Achamal n° 1020 le 19 Novembre 2019

Page 1

‫نور الدين الصايل‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫األولى‬

‫بعد الحصول على اإلجازة والشهادة التكميلية دخلت إلى‬ ‫المدرسة العليا لألساتذة التي قضيت بها سنة واحدة‪ ،‬بعدها‬ ‫أصبحت أدرس الفلسفة مباشرة بثانوية موالي يوسف وأنا ما‬ ‫أزال يافعا جدا ولربما في سن العشرين عاما‪.‬‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫صدى الخطاب الملكي‬

‫من المسيرة الخضراء‬ ‫إلى مسيرة التقدم‬ ‫شمال ‪/‬جنوب‬ ‫صفحة ‪8‬‬

‫حوار مع النا�شر‬

‫حوار مع‬ ‫الفنانة القديرة‬

‫صباح الشنا‬ ‫صفحة ‪5 - 4‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 1020‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثاء ‪ 21‬ربيع الأول ‪� 19 / 1441‬إلى ‪ 25‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫طارق السليكي‬

‫على هام�ش م�شاركته مبعر�ض‬ ‫بلغراد ب�صربيا‬ ‫صفحة ‪13‬‬

‫نهاية التلفزيون‬ ‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫كل المؤشرات الواقعية اآلن تؤكد على أن التلفزيون‪ ،‬في كل دول العالم‪ ،‬صار وسيلة تقليدية متأخرة جدا في أداء المهام اإلخبارية والتواصلية والتثقيفية‬ ‫والترفيهية‪ .‬وعلى الرغم من كل التطورات التقنية واالستطيقية المهولة التي تعرفها صناعة التلفزيون‪ ،‬فإن أرقام الواقع تؤكد على أن المجتمع اإلنساني لم يعد‬ ‫يشعر بأنه في حاجة إلى هذا الجهاز الذي تحول فجأة إلى قطعة أثرية تؤثت ديكور البيت‪.‬‬ ‫تطبيقات أخرى على مختلف األجهزة الرقمية الجديدة أصبحت تضلع بهذه األدوار‪ ،‬وفي مختلف الوضعيات التي يمكن أن يوجد عليها اإلنسان‪ ،‬وفي أسرع اآلماد‬ ‫الممكنة‪ ،‬تطبيقات تأتي على رأسها المواقع اإللكترونية وصفحات التواصل االجتماعي وبرامج المحادثات الخاصة‪..‬وغيرها‪.‬‬ ‫في الشارع العام‪ ،‬على كراسي المقاهي‪ ،‬أثناء السياقة‪ ،‬على متن القطارات والبواخر والطائرات‪ ،‬في المنتزهات‪ ،‬بل وحتى داخل مكاتب العمل واألقسام الدراسية‬ ‫صار التواصل ممكنا وسريعا ومباشرا يغني عن التلفزيون‪ .‬يمكنك أن تتخابر وأن تحصل على المعلومة وأن تحظى بحقك في التثقيف وأن تتابع بالنقل الحي كل‬ ‫أحداث الكون فقط من جهاز بحجم اليد تحمله في جيب سترتك‪.‬‬ ‫على المستوى االجتماعي األسري لم يعد بإمكان التلفزيون أن يمارس سطوته وإغراءاته على أفراد البيت الغارقين أصال وسط أضواء شاشاتهم بين أيديهم‪.‬‬ ‫على المستوى السياسي واالستراتيجي لنتذكر كلنا السيناريو الرهيب الذي حصل إبان االنقالب العسكري الفاشل في تركيا‪ .‬ففي الوقت الذي التجأت فيه القوات‬ ‫العسكرية االنقالبية بشكل تقليدي إلى احتالل مقرات التلفزيونات قصد بث بيانها االنقالبي‪ّ ،‬‬ ‫تمكن أردوغان وعبر تطبيق «فيس تايم» من إجراء اتصال هاتفي‬ ‫مباشر مع مذيعة قناة أخبار «سي أن أن ترك»‪ ،‬وأطلق دعوة طمأنة لشعبه بأنه ال يزال في مأمن‪ ،‬بل ودعا الشارع وجها لوجه إلى النزول لمعارضة االنقالب‪.‬‬ ‫وهكذا هزمت مكالمة سريعة على جهاز صغير جدا مقر تلفزيون بكل معداته الضخمة‪ ،‬ليتمكن الرئيس في صبيحة يوم ‪ 16‬يوليو من العودة إلى إسطنبول‬ ‫وإعالن القضاء على المحاولة التي لم تكن لتفشل إال بعدما نجح أردوغان في الظهور عبر هذه الخدمة اإللكترونية الذكية «فيس تايم»‪.‬‬ ‫لسنا في حاجة إلى التذكير بمزيد من األمثلة على مستوى استراتيجيات أخرى‪.‬‬ ‫انتهى التلفزيون فعال‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫نقطة نقطة‬ ‫«يضيع الحليب»‬

‫من فترة إلى أخرى يطفو فوق السطح الحديث عن‬ ‫التبرع بالدم‪ ،‬هذه المادة الثمينة جدا الستمرار الجسم‬ ‫البشري في أداء وظائفه كاملة وبالتالي استمرار حياة‬ ‫البشر‪.‬وبمعنى آخر‪ ،‬لوال الدم وخاصة الصحي والسليم‬ ‫منه لما انتعش الجسم البشري ولما عانق الحياة في‬ ‫أمن وسالم‪.‬وبالرغم من قيمـة هذه المـادة الحيويــة‬ ‫التي أودعها اهلل في عروق وشرايين عباده‪ ،‬فإن أمورها‬ ‫ليست على ما يرام والسيما بمدينة في حجم طنجة التي‬ ‫تكبر كل يوم وتمتلئ بالبشر‪ ،‬القادمين من كل حدب‬ ‫وصوب‪ ،‬فضال عن المزدادين والساكنين بها الكثر‪ ،‬أبا‬ ‫عن جد‪.‬ذلك أنه كلما أثير الحديث عن الدم إال وذكرمعه‬ ‫مركزتحاقن الدم بطنجة أو ما يعرف ب‪«:‬نقطة الحليب»‪،‬‬ ‫هذه التسمية الغريبة التي يجهل الكثيرون أمرها‪ ،‬مع‬ ‫أن «كراطن لحليب» موجودة في السوق وفي كل مكان‬ ‫وهناك من يتبرع بها‪ ،‬بكميات وافرة‪ ،‬لفائدة األمهات‬ ‫واألطفال من المعوزين واليتامى‪ ،‬فلماذا «نقطة» فقط‬ ‫من الحليب ؟‬ ‫وبالمناسبة‪ ،‬فالمركــز المذكـــور بــات ال يغطــي‬ ‫حاجيات المواطنين والمرضى‪ ،‬بالشكل المطلوب‪ ،‬في‬ ‫«طنجة الكبرى»‪ ،‬ســواء على مستوى بنايتــه الضيقة‬ ‫وطاقته االستيعابية المحدودة أو على مستوى موارده‬ ‫البشرية التي تعرف الخصاص‪ ،‬مما يؤثر على المداومة‬ ‫المفترضة والعمل المتواصل للمركز‪ ،‬فضال عن بعض‬ ‫العقليات اإلدارية به التي تحتكم إلى «المزاج» في‬ ‫تعاملها وخاصة عندما يتعلق األمر بالمواطنين الذين‬ ‫ينظمون حمالت للتبرع بالدم‪ ،‬بهدف إنقاذ حياة قريب‬ ‫لهم في حالة مستعجلة‪ ،‬فال يجدون آذانا صاغية‬ ‫والخدمات إيجابية بهذا المركزالذي يبدو أنه ال يتجاوب‬ ‫في مثل هذه الظروف والمواقف مع رغبات وتوسالت‬ ‫مرتاديه وزواره‪.‬أكثر من هذا‪ ،‬حتى أولئك المتطوعين‬ ‫والمتبرعبين بدمائهم لوجه اهلل ـ وليس بالضرورة أن‬ ‫يضحوا ب‪« :‬حليبهم األحمر» لفائدة أقاربهم ـ يالمسون‬ ‫عدم التجاوب اإليجابي معهم بالمركز ذاته‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عن صبرهم على طابوراالنتظار والملل والرتابة القاتلة‬ ‫«عرق بعرق»‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فهذه األمور إذا ما استفحلت‪ ،‬فإن‬ ‫التبرع بالدم من طرف المواطنين سوف يعرف تراجعا‬ ‫أكبر‪ ،‬مما سيعقد األمور أكثـــر فأكثر‪ ،‬بخصوص هذه‬ ‫المادة الحيوية التي قد يحتاجها المواطن اإلنسان في‬ ‫لحظة من اللحظات والتي يتساءل الرأي العام من حين‬ ‫آلخرحول مجراها ومستقرها وهو يالحظ العدد الكبير‬ ‫للمتبرعين بدمائهم في كثير من المناسبات‪ ،‬غير أنهم‬ ‫عندما يكونون في حاجة إليها‪ ،‬يضطرون إلى البدء من‬ ‫الصفر‪ ،‬بطرق األبواب والقيام بالحمالت إلنقاذ حياة‬ ‫شخص في خطر‪ ،‬أجره عند اهلل‪.‬‬ ‫وعلى سبيل المثال‪ ،‬ال الحصر‪ ،‬منذ بضع سنوات‪ ،‬حل‬ ‫مواطن بمقرهذه الجريدة راغبا في نشر شكايته ضد‬ ‫مسؤول بالمركز المذكور وكان المشتكي ينوي أيضا‬ ‫اللجوء إلى القضاء والسبب هو أنــه «مشى غير يتبرع‬ ‫بدمو‪ ،‬لقى راسو معصب وفتاح فمو»‪.‬‬ ‫وخالصة القول‪ ،‬أن التبرع بالدم واحدة من أساليب‬ ‫شكرنعمة الصحة وليديمها اهلل على المتبرع‪ ،‬فرجاء أال‬ ‫يعبث المعنيون باألمر بهذه «الرسالة النبيلة»‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬

‫كم يستحق ذلك‬ ‫الجرم من عقاب ؟‬

‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬

‫ال شك أمـــام الناظــر في أن التأثيــرات‬ ‫المباشرة لوسائط التواصل الحديثة على سلوك‬ ‫المجتمعات البشرية قد أصبحت أكثر وضوحا‬ ‫للعيان بشكل يظهر أن تلك الوسائط‪ ،‬التي‬ ‫يتداول الجمهور من خاللها في كل القضايا‪،‬‬ ‫ممسكة فعال بزمام قيادة وتوجيه النقاشات‬ ‫العامة قبل االنتهاء والخروج بخالصات معينة‬ ‫يتبناها الجمهور‪ ،‬ويشتغل‪ ،‬سواء بوعي منه أو‬ ‫بدونه‪ ،‬تحت مظلتها وتأثيرها المباشر‪ ،‬وهذا‬ ‫يدفع للقول بأن الوسائط الحديثة للتواصل هي‬ ‫في واقع األمر عامل مركزي بالنسبة إلحداث‬ ‫«تحول ثقافي»‪ ،‬تحول يشمل بدرجة أولى‬ ‫أنماط التفكير السائدة لدى الجمهور والعامة‪،‬‬ ‫ويهيؤنها‪ ،‬تبعا لذلك‪ ،‬إلنتاج «نمط جديد‬ ‫للتفكير»‪ ،‬نمط يتجه حتما نحو عدم إقامــة أي‬ ‫اعتبار يذكر أمام أية « طابوهـات» محتملة‪.‬‬ ‫و لعل الجميع يعرف أننا‪ ،‬إلى زمن قريب‪ ،‬كنا‬ ‫ال نستطيع‪ ،‬على سبيل التمثيل‪ ،‬الحديث عالنية‬ ‫وجهرا عن طبيعة العالقات الثنائية التي تجمع‬ ‫بين الجنسين‪ ،‬سواء تلك الواقعة منها في دائرة‬ ‫«الشرعية» أو القائمة منها خارج تلك الدائرة‪،‬‬ ‫لكننا اآلن‪ ،‬بسبب انتشار وذيــوع استعمال‬ ‫الوسائط التواصليـــة‪ ،‬أصبحنـــا نملك القدرة‬ ‫بمجرد ضغطة زر على «نشــر» و «استقبال»‬ ‫التفاصيل الكاملة لما كان يعتبر حتى أمد قريب‬ ‫من فصيلة «المحرمات» و«الفواحش»‪.‬‬ ‫آخر ضحايا «التعرية»‪ ،‬المنسوبة لوسائل‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬هو الشيخ محمد الفيزازي‪،‬‬ ‫فقد علم «الجمهور» أن الرجل الشيخ متعدد‬ ‫الزيجات‪ ،‬فقد تزوج األولى في عشرينات سنه‬ ‫وهي ابنة خمس عشرة سنة‪ ،‬ثم الثانية‪ ،‬وكانت‬ ‫ثالثينية‪ ،‬وبعدهما الثالثة وكانت فلسطينية‪،‬‬ ‫وذلك قبل أن يعلم الجمهــور أن فتـــاة أخرى‬ ‫زعمت أن الشيخ تزوج بها من دون عقد موثق‪.‬‬ ‫لكن األمر لم يقف عند هذا المستوى من‬ ‫التعريف بأحوال الشيخ المدنية‪ ،‬بل تعداه إلى‬ ‫درجة كشفت للجمهور صورة ومضمون وثيقة‬ ‫فريدة تحمل توقيعي الشيخ وسيدة أخرى‪،‬‬ ‫ويشهد اإلثنان بمقتضى هذه الورقة أنهما‬

‫متزوجان منذ تاريخ معين‪ ،‬لكن المفاجأة كانت‬ ‫غير متوقعة‪ ،‬إذ بدل تمرير هـــذه «الوثيقة‬ ‫الزوجية» أمام الجهــة العدليـــة والقضائية‬ ‫لتكتسب الشرعية المفترضة‪ ،‬فإن الشيخ كفى‬ ‫نفسه عنــاء المساطـر التوثيقية وتقدم أمام‬ ‫أول ضابــط إداري في مكتب لــــ «تصديق‬ ‫اإلمضاءات» قبل أن ينطلق لالحتفال بشهر‬ ‫مُح ّلى تمام التحلية‪.‬‬ ‫األسئلة التي يفترض طرحها بخصوص‬ ‫النازلة متعددة‪ ،‬ولعل أولها هو التساؤل عن‬ ‫الطبيعة القانونيـــة لهــذا التصرف‪ ،‬ومـا إذا‬ ‫كان فعال فريدا أم متكررا ومتعارفا عليه بين‬ ‫الجمهور ؟ وهل تقوم وثيقة «إدارية» مقام‬ ‫الوثيقة العدلية ؟‪ .‬ومن جهة الفقه اإلسالمي‪،‬‬ ‫يفترض طرح أسئلة تتعلق بمدى صحة هذا‬ ‫«الزواج اإلداري» ؟ وما إذا كان مستوفيا حقيق ًة‬ ‫ألركان الزواج الخمســة ‪ :‬الصيغــة‪ ،‬الصداق‪،‬‬ ‫العاقِدَيْن‪ ،‬الشهود والولي ؟‬ ‫لكن السؤال المركزي‪ ،‬الذي يُغفلـــه أو‬ ‫يتناساه الجميع‪ ،‬يتعلق بمدى توافق التصرف‬ ‫القانوني لمحمد الفيزازي عبر تلك الوثيقة مع‬ ‫«دين اإلسالم»‪ ،‬فالرجل «مسلم»‪ ،‬لكن الناس‬ ‫الذين اعتادوا فهم اإلسالم على بناء على‬ ‫تفسيرات فقهائهم و مفسريهم‪ ،‬ال يعيرون‬ ‫اهتماما للموضوع‪ ،‬إذ سيوقعهم في ارتباك‬ ‫فقهي لن يستطيعوا أمامــه إقامــة مُفاضلة‬ ‫بين نص وضعي دنيوي يفرض شروطا معينة‬ ‫لصحة نوع من العقود وبين نص سماوي‬ ‫مطلق الداللة يقول‪َ « :‬و�إِ ْن خِ ْفت ُْم �أَ اَّل ُتقْ�سِ ُطوا‬ ‫انك ُحوا َما َط َ‬ ‫اب َل ُ‬ ‫ن‬ ‫يِف ا ْل َيتَا َمى َف ِ‬ ‫كم ِّم َ‬ ‫اع َف إِ� ْن خِ ْفت ُْم �أَلاَّ‬ ‫َ‬ ‫الن َِّ�سا ِء َم ْثنَى َو ُث اَلث َو ُر َب َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ت أ� مْيَان ُ‬ ‫ت َْعدِ ُلوا َف َواحِ َد ًة أَ� ْو َما َم َل َ‬ ‫ُك ْم‬ ‫َذل َ‬ ‫ِك أَ� ْدنَى أَ� اَّل ت َُع ُولوا»‪.‬‬ ‫فهل خالف الشيخ محمد الفيزازي تعاليم‬ ‫اإلسالم وسنة رسوله؟ أم أنه التزم بتعاليمــه‬ ‫؟ وهل انضبط الرجل للقوانين الوضعية أم أنه‬ ‫خالفها وناهضها ؟ وكم يستحق لقاء ذلك الجرم‬ ‫من عقاب ؟‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد وطـــا�ش‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫دردشة‬ ‫كلما زار الرباط‪ ،‬وجد نفسه يزورها لعيادة صديق‪ ،‬أو االطمئنان على قريب‪.‬‬ ‫لذا تكون ِوجهته ‪ -‬غالباً ‪ -‬مصحة أكدال‪ ،‬أو مصحة حسان‪ ،‬أو مستشفى الشيخ‬ ‫زايد‪ ،‬أو المستشفى المتعدد التخصصات‪.‬‬ ‫وفي كل مرة يغشى فيها هذه األماكن‪ ،‬يلمس المعاملة الالإنسانية التي‬ ‫يتعامل بها بعض األطباء والممرضين مع مرضاهم‪ .‬فبدال من أن ترى على‬ ‫شفاههم بسمة األمل‪ ،‬وعلى وجوههم إشراقة التفاؤل‪ ،‬تراهم يتصرفون تصرفات‬ ‫ال تتالءم مع مالئكة الرحمة‪ ،‬ورجال السماحة والشهامة‪.‬‬ ‫لِمَ طغت األرقام على هذه الفضاءات؟ ما الذي غيَّر النفوس؟ وما الذي جعل‬ ‫األمراض تكشّر عن أنيابها وتتوعد المرضى بأسوأ العواقب وأوخم النتائج؟‬ ‫هل انعكست هذه الصورة على وجوه بعض أفراد الطاقم الطبي‪ ،‬فصيَّرتها‬ ‫عبوسا قمطريرا‪ ،‬تتوجس منها الخيفة‪ ،‬وتتوقع الشر المستطير؟‬ ‫أما آن األوان لتتغير هذه الصورة‪ ،‬وتغدو مصحاتنا جنان الرحمة‪ ،‬ورياض األمل‪،‬‬ ‫على غرار مستشفيات الدول المجاورة لنا؟‬ ‫فاللهم ربَّ الناس‪ ،‬أذِهب الباس‪ ،‬اشْف أنت الشافي‪ ،‬ال شفاء إال شفاؤك‪ ،‬شفا ًء‬ ‫ال يغادر س َقما‪.‬‬

‫في أجواء االحتفال بعيد االستقالل‬ ‫المجلس اإلقليمي لشفشاون يدعم فضاء‬ ‫الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير‬ ‫وجمعيات المجتمع المدني بشفشاون‬ ‫ عبد الحي مفتاح‬‫بمقر عمالة إقليم شفشاون عقد المجلس اإلقليمي لشفشاون دورة‬ ‫استثنائية يوم األربعاء ‪ 13‬نونبر ‪ 2019‬تحت رئاسة عبد الرحيم بوعزة‬ ‫رئيس المجلس وبحضور محمد علمي ودان عامل اإلقليم‪.‬‬ ‫في هذه الدورة درس المجلس وصادق على اتفاقية شراكة مع‬ ‫المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بخصوص‬ ‫تجهيز فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بشفشاون‪.‬‬ ‫ويأتي إبرام هذه االتفاقية في إطار الجهود المبذولة لتأهيل هذا‬ ‫الفضاء ليلعب الدور المنوط به في ترسيخ القيم الوطنية والتعريف بكفاح‬ ‫الشعب وتضحياته‪ ،‬رجاال ونساء‪ ،‬دفاعا عن استقالل الوطن وحرمته‪ ،‬وكذا‬ ‫العمل من أجل ربط الحاضر الواعد بالماضي المشرق وإشاعة الروح التي‬ ‫زرعها جيل المقاومة وسط األجيال الحالية والمقبلة‪.‬‬ ‫وكان المجلس اإلقليمي‪ ،‬وعيا منه بما للذاكرة الوطنية والتاريخية‬ ‫من أهمية وبما قدمته منطقة جبالة عامة وإقليم شفشاون خاصة في‬ ‫مسار الكفاح الوطني‪ ،‬قد ساهم في بناء فضاء الذاكرة العتباره من‬ ‫المؤسسات التي يجب أن تحتل مكانة فعلية‪ ،‬رمزية وثقافية على صعيد‬ ‫اإلقليم في صيانة الهوية الوطنية والتاريخ المجيد للشعب المغربي‪.‬‬ ‫وانطالقا من الحاجيات التي يعبر عنها المجتمع المدني‪ ،‬ومن أجل‬ ‫دعم الدينامية التي أبان عنها منذ سنوات‪ ،‬يستمر المجلس اإلقليمي في‬ ‫توجهه الرامي إلى بلورة عالقة مؤسساتية مع الجمعيات الفاعلة باإلقليم‬ ‫سواء منها العاملة في المجال الخيري واإلنساني أو النشيطة في المجال‬ ‫الرياضي واالجتماعي‪ ،‬حيث صادق في هذه الدورة على ثالثة مشاريع‬ ‫مقررات تتعلق باتفاقيات شراكة مع هذه الجمعيات‪.‬‬ ‫وينعكس الدعم الذي يقدمه المجلس اإلقليمي للجمعيات في‬ ‫االرتفاع المطرد ألرقام االعتمادات المخصصة بالميزانية والتي من‬ ‫المتوقع أن تفوق أربعة ماليين وسبعمائة ألف درهم في السنة المقبلة ‪.‬‬ ‫تقديرات مشروع ميزانية إقليم شفشاون لسنة ‪ 2020‬الذي صودق‬ ‫عليه في هذه الدورة‪ ،‬تتوقع تراجعا في المداخيل بما يقارب مليون‬ ‫وخمسمائة ألف درهم( سنة ‪ 39018800 :2019‬درهم‪ ،‬سنة‪:2020‬‬ ‫‪ 37500000‬درهم) ‪ ،‬رغم أن تحمالت اإلقليم تزداد على مستوى النفقات‬ ‫في مجال الدعم (المساهمة بمايفوق مليون وتسعمائة ألف درهم في‬ ‫مجموعات الجماعات الترابية لحفظ الصحة وبوهاشم و «التعاون»‪،‬‬ ‫ولفائدة الجامعات)‪ ،‬وتستمر فيما يخص فوائد القروض من صندوق‬ ‫التجهيز الجماعي والتي خصصت لمشاريع التأهيل الحضري للمراكز‬ ‫القروية‪ ،‬باإلضافة إلى حاجيات التنمية االجتماعية وخاصة ما يتعلق‬ ‫باإلعانات المقدمة للجمعيات والمؤسسات المحلية‪ ،‬وتغطية مصاريف‬ ‫التسيير اإللزامية‪.‬‬ ‫المجلس اإلقليمي انتخب ثالثة مناديب لتمثيله في مجموعة‬ ‫الجماعات الترابية» التعاون» وهم السادة‪ :‬مخلوف مرزوق‪ ،‬أحمد أوطلي‬ ‫وعبدالحي الطيار‪ ،‬وقد كان المجلس في دورة سابقة وافق على االنضمام‬ ‫لهذه المجموعة‪ ،‬و تعتبر هذه المؤسسة الجماعية التي صدر القرار‬ ‫بإحداثها من طرف السلطة المختصة أداة تضامنية هامة لفك العزلة‬ ‫بإقليم شفشاون الصعب ذي الطبيعة القروية والجبلية‪ ،‬ومن شأن‬ ‫االستثمار األمثل للوسائل واآلليات التي تتوفر عليها هذه المجموعة‪،‬‬ ‫وكذا تعزيزها بالموارد المالية والبشرية المؤهلة‪ ،‬خاصة التقنية‪ ،‬الرفع‬ ‫من منسوب الحكامة والفعالية والمردودية على اعتبار أن الحاجيات المعبر‬ ‫عنها من طرف الجماعات القروية والسكان تتطور سواء فيما يرتبط‬ ‫بالمهام التقليدية المتمثلة في فتح المسالك وصيانتها أو بالمهام‬ ‫الجديدة المرتبطة بتأهيل الشبكة الطرقية الجماعية باإلقليم إلخ‪.‬‬ ‫وسيساهم المجلس اإلقليمي في هذه المجموعة بمليون درهم‬ ‫سنويا‪ ،‬وهو ما سيشكل دعما ماليا لها‪ ،‬وربما سيفتح آفاقا جديدة لشراكات‬ ‫أكثر قوة بما يخدم مصلحة اإلقليم وسكانه في مجال النقل الذي يبقى‬ ‫عصيا في كثير من األحيان و بما يساهم أيضا في إنعاش االقتصاد وفي‬ ‫تحسين مستوى العيش‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫نبوية‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫‪..‬وأنا متوجه الى مداغ ؛ موطن السر المحمدي وصلتني‬ ‫هدية كريمة من الصديق األستاذ الدكتور عبد اهلل السعيدي؛‬ ‫المواطن العماني ‪ .‬وأما القصيدة فنبوية للشاعر جمال المال؛‬ ‫نسجهــــا في بحر متسع األفق‪ ،‬ممتد الرقعة‪ ،‬جميل اإليقاع‬ ‫هو البسيط‪ ،‬وأنشدها صوت نافذ لماجد الغافـري‪ ،‬فأردت‬ ‫تعميم الفائدة بها في ظرفية الجالل والجمال والفرح بميالد‬ ‫رسول اهلل‪.‬‬

‫النبـي‬ ‫أنسل من عتمة المعنى‪ ،‬أغيب سدى‬ ‫خلعت نعلي ‪ ،‬ال ظال‪ ،‬وال جسدا‬ ‫أمشي على الماء‪ ،‬هل في الماء من قبس ؟‬ ‫لما بدوت اختفى‪ ،‬لما اختفيت بدا ؟‬ ‫يرتد صوت من النار التي اتقدت ‪،‬‬ ‫يا رب‪ ،‬يا رب ‪ :‬من فينا الذي اتقدا ؟‬ ‫أكان صوتك إذ ناديتني ولها ؟‬ ‫أم كنت من صاح بي‪ ،‬والنار محض صدى ؟‬ ‫وثم ألف نبي‪ ،‬دونهم أمم ‪،‬‬ ‫ووحده كان مشهودا ومنفردا ؛‬ ‫كان اللواء رفيعا وهو يحمله ‪،‬‬ ‫وكان في ظله العشاق والشهدا‬ ‫تروي النقوش القديمات التي نسيت‬ ‫في حائط البحر أن البحر قد نفدا‪،‬‬ ‫وأي أم نبي مثل آمنة ؛‬ ‫وقد تراءت قصور الروم إذ ولدا‬ ‫أضاعك العقال من كل خاطرة ‪،‬‬ ‫وضيعتك قلوب في الذي اعتقدا‬ ‫نقول ‪ :‬كان بسيطا‪ ،‬ها هنا حجر‪،‬‬

‫عبدالرحيم بوعزة‬

‫هنا توضأ‪ ،‬صلى‪ ،‬ها هنا سجدا‬ ‫يا أيها القدم المنسي داخلنا ‪:‬‬ ‫فتشت عنك وكلي منك قد وجدا‬ ‫يا من له كانت األخالق معجزة‬ ‫ما عاب قط طعاما‪ ،‬ال‪ ،‬وما انتقدا‬ ‫ال تبك يا عمر الفاروق إن ترك الحصير في جنبه ختما إذا رقدا‬ ‫فذاك من لغة في أبجديتها ؛‬ ‫أن الحرير يساوي ذلك اللبدا‬ ‫محمد‪ ،‬واستوى الرحمن وهو على‬ ‫عرش عظيم فسمى نفسه الصمدا‬ ‫محمد ‪ :‬يا مقامات معمدة ‪:‬‬ ‫بالطين عبدا رسوال كيفما عبدا‬ ‫سواد عينيك ليل العارفين سروا‬ ‫به‪ ،‬فغابوا‪ ،‬أضاعوا الدرب والبلدا‬ ‫أتوا إلى البئر مشدوهين وارتحلوا‬

‫المجلس اإلقليمي‬

‫وأشعلوا في الغياب القلب والكبدا‬ ‫وافيت بابك حيث األرض متعبة‬ ‫أقول شعرا كثيرا فيك مجتهدا‬ ‫فلست كعبا وإن بانت سعاد وإن‬ ‫أبقتني اليوم متبوال بها سهدا‬ ‫وال الذي أشرقت شعرا كواكبه‬ ‫درية لم يسعها في الفضاء مدى‬ ‫كل القصائد ـ مهما قيل ـ ناقصة‬ ‫فالعفو إال من النقاد والرشدا‬ ‫والعفو منك رسول اهلل معذرة‬

‫فضاء الذاكرة التاريخية‬

‫إن حملوها على غير الذي قصدا‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫مع‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1020‬ـ الثالثاء ‪ 19‬إلى ‪ 25‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫الفنانة القديرة‬

‫صباح الشنا‬

‫اسم الفنانة صباح الشنا من األسماء التي وشمت بحضورها الفني القوي وجدان المغاربة على‬ ‫امتداد سنوات من العطاء‪ .‬قد يكون ذلك نابع من اختيارها وميلها إلى طبيعة الفن الطربي األصيل الذي‬ ‫يحظى عادة بالتقدير الكبير‪ ،‬غير أن ما تمتلكه الفنانة صباح من خصوصيات على مستوى خامة صوتها‬ ‫وطريقتها في األداء وحرصها على أن تجد لنفسها أسلوبا يميزها عن غيرها هو الذي جعلها تؤسس اسما‬ ‫تعلق به المستمع المغربي‪ ،‬وجعلها تحفر تجربة أملت احترامها على األذواق‪.‬‬ ‫أكيد أن هذا االسم يحضر في مشاعر المغاربة‪ ،‬لكن ما يحتاج إلى التأكيد أكثر هو الدور الذي ينبغي‬ ‫أن تضطلع به الجهات المسؤولة عن دعم تجربة الفن المغربي وإيالئه ما هو جدير به من تتويج الزم‪،‬‬ ‫خصوصا أن مثل هذه التجارب هي في أصلها دبلوماسية موازية تخدم صورة المغرب ومكانته أمام باقي‬ ‫الشعوب‪.‬‬ ‫ولدت الفنانة صباح الشنا بمدينة بالرباط وترعرعت بها‪ ،‬غير أنها خاضت مشوارها الدراسي في‬ ‫المرحلة االبتدائية وألثانوية بمدينة بسال‪ ،‬لتلتحق بعدها باآلفاق الجامعية بالرباط‪.‬‬ ‫تقيم الفنانة صباحا حاليا بمدينة سال‪ ،‬وهي أم لطفل عمره‪ 13‬سنة‪ .‬كما تتميز حياتها باهتمامات‬ ‫بالطفولة والشباب والمجتمع المدني‬ ‫• أجرى الحوار عبد اإلله المويسي‬ ‫التقت بها الشمال وأجرت معها الحوار التالي‪.‬‬

‫فنانتنا صباح نبدأ معك بالسؤل التقليدي حول البدايات األولى‬ ‫التي مهدت لمجيئك إلى عالم الغناء؟‬

‫الرائد عبد النبي اجلرياري‬

‫بدايتي األولى كانت منذ الطفولة عبر برامج متعددة إذاعية‬ ‫وتلفزيونية خاصة ببرامج األطفال‪ ،‬وأذكر انني خالل هذه المرحلة‬ ‫قدمت عروضا مسرحية رلى جانب الفنانة الممثلة الكبيرة آمال الثمار‬ ‫وعدة ممثلين ومسرحيين رواد آنذاك‪.‬‬ ‫بعدها أخذت مسيرتي تطلعات أخرى ستطبع حياتي وتؤثر فيها‬ ‫بشكل قوي‪ ،‬ولعل أهمها مشاركتي ببرنامج «مواهب» المدرسة‬ ‫العصامية الشهيرة التي كان يشرف عليها أستاذنا وأبونا الروحي‬ ‫المرحوم عبد النبي الجراري‪.‬‬ ‫وما يزال عالقا في ذهني إلى اآلن‪ ،‬ويمنحني إحساسا روحيا قويا‬ ‫أنني كنت أصغر مشاركة‪ ،‬ربما في سن التاسعة‪ ،‬ولعل أدائي كان مقنعا‬ ‫الشيء الذي أثار انتباه الموسيقار والفنان الكبير عبد الوهاب الدكالي‪،‬‬ ‫ودفعه إلى اختياري ضمن مجموعة كورال األطفال للمشاركة الى جانبه‬ ‫في أغنية وطنية‪.‬‬ ‫وهكذا استمر األمر تلقائيا في التطور إلى أن بلغت سن الرابعة عشر‬ ‫وخضت تجربة برنامج مواهب‪ ،‬وحظيت بفرصة قلدت فيها أغنية وعدي‬ ‫للفنانة سميرة بن سعيد‪.‬‬

‫حضرت الفنانة صباح بقوة في وجدان المستمعين المغاربة‪،‬‬ ‫غير أنها على ما يبدو توارت عن األنظار‪ ..‬إلى ماذا تعزو الفنانة‬ ‫صباح هذا ؟‬

‫صحيح‪ ،‬فقد كنت قد غبت عن ميدان الغناء لمدة أكثر من عشر‬ ‫سنوات‪ ،‬وذلك ألسباب عائلية محضة‪ ،‬غير أنني وإليماني القوي بدور‬ ‫الفن في حياة األشخاص وفي حياة األمم وجدتني ربما بدوافع روحية‬ ‫أنساق نحو العودة‪ ،‬وهكذا جاءت العودة القوية‪ ،‬أوال تحقيقا لحب قوي‬ ‫بداخلي للغناء‪ ،‬وثانيا نزوال عند طلب جمهوري ومجموعة من األصدقاء‪،‬‬ ‫وأيضا رغبة في إرضاء ابني‪.‬‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى كذلك لما ارتأيت بأنني ماتزال في‬ ‫جعبتي ما يمكن أن أقدمه كعطاءات فنية قد أخدم بها المجتمع من‬ ‫خالل تناول مجموعة من المواضيع بإمكانها الرقي بشبابنا وأبنائنا‬ ‫رجال المستقبل‪.‬‬

‫أيـــن يمكـن تصنيـف تجربــة الغنــاء عـند الفنانة صبـــاح‬ ‫الشنا؟‬ ‫في جملة بسيطة أنا أعتبر نفسي مطربة األجيال‪ ،‬ذلك أنني أجد في‬ ‫نفسي القدرة على مسايرة ومعايشة جميع األعمار‪ ،‬وذلك بحكم التجربة‬

‫مع الفنانة الكبرية نعيمة �سميح‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫الشمال الفني‬

‫«المنجز في مطلقه»‪..‬‬ ‫جديد عبد الكبير ربيع‬

‫التي اكتسبتها وأنا أعاصر الرواد منذ بدايتي‪ .‬أكيد أن تجربة‬ ‫الغناء لدي تصنف ضمن الغناء الطربي‪ ،‬غير أنني قادرة على‬ ‫جعل صفة «الطربية» هذه تستجيب لذوق كل األجيال‪.‬‬

‫هل الفنانة القديرة صباح راضية عما قدمته لحد اآلن‬ ‫من منجز غنائي؟‬

‫الحمد هلل لحد اآلن أعتبر نفسي أعطيت ما يمكن إعطاؤه‪،‬‬ ‫غير أنني أعتبر أن الفنان الحقيقي هو الذي يكون دائم البحث‬ ‫عما هو أكمل‪ ،‬ويبذل الجهد لتحقيق ذلك‪ .‬وشخصيا مازال في‬ ‫جعبتي الكثير مما يمكن أن أغني به تجربة األغنية المغربية‬ ‫والعربية وحتى اإلنسانية‪ ،‬فقط ينقصني الدعم المادي‪ .‬فلدي‬ ‫مشاريع وتطلعات تخص أعماال جد هادفة تنتظر الدعم‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يجعل األمور تمشي ببطء‪.‬‬

‫• عزالدين بوركة‬ ‫ضمن منشورات «‪ »H2 / 61.26‬بالدار البيضاء‪ ،‬وتحت إشراف‬ ‫وتنسيق الفنان والناقد محمد رشدي‪ ،‬صدر المنجز الفني النقدي «عبد‬ ‫الكبير ربيع‪ ..‬المنجز في مطلقه»‪ ،‬وهو مجلد ضخم‪ ،‬من الحجم الكبير‬ ‫يمتد على مدى ‪ 276‬صفحة‪ ،‬بضمن في طياته إلى جانب صور أعمال‬ ‫الفنان التشكيلي الرائد عبد الكبير ربيع‪ ،‬نصوصا دراسية وقرائية تتراوح‬ ‫بين الفلسفية والظاهراتية والشاعرية‪ ،‬من إنجاز ثلة من الباحثين‬ ‫الجماليين‪ ،‬كل من إليزابيث شامبون وجان كلود غويك وجان النكري‬ ‫ومصطفى الشباك وآالن فالمان‪ ،‬هذا باإلضافة لنصوص الفنان نفسه‪،‬‬ ‫حول تجربته الشخصية وما راكمه من خبرات تنعشها الذاكرة‪ ،‬وما أبهر‬ ‫بصره ونظره من موضوعات وأماكن‪ ،‬إذ يعدّ عبد الكبير ربيع من فناني‬ ‫جيله المغاربة القالئل الذي‪ ،‬باإلضافة لنشاطه الفني‪ ،‬قد طور نشاطا‬ ‫للكتابة وندوات تركز على أعماله الخاصة‪ ،‬وكذلك أعمال اآلخرين‪ ....‬ما‬ ‫يجعله مؤلفا فريدا من حيث االشتغال‪ ،‬يؤسس لتجربة تأليفية رائدة في‬ ‫المجال الجمالي بالمغرب‪.‬‬

‫ما تقييمك لألغنية المغربية الطربية؟‬

‫أظن أنه بعد تغييب وتهميش استمر طويال لألغنية‬ ‫الطربية‪ ،‬فإننا نراها جميعاً تحقق عودتها القوية من جديد‪،‬‬ ‫وذلك تحقيقا لطلبات الجمهور المغربي‪ ،‬صاحب األذن‬ ‫الموسيقية الذواقة‪ ،‬وهذا ما يجعلنا نرى الشباب يعيدون أداء‬ ‫األغاني المغربية والعربية الطربية بلمسة شبابية‪ ،‬وذلك في‬ ‫نظري اقتناع بقوتها‪.‬‬

‫ما تقييمك لألغنية الشبابية؟‬

‫األغنية الشبابية لعبت دورا في إيصال الفن المغربي إلى‬ ‫العالمية عبر بعض الفنانين الذين استعملوا أساليب جديدة‬ ‫في التوزيع واحتفظوا بالخصوصية المغربية‪ ،‬الشيء الذي‬ ‫جعل فنانين عربا من جميع الدول يقلدون األغنية المغربية‬ ‫ويشاركون بمهرجــان موازيـــن وهــم يؤدون ويرددون الفن‬ ‫المغربي األصيل‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد يقول الفنان محمد رشدي في تقديمه للمؤلف‬ ‫الجمالي‪ « ،‬تو ّلدت وبرزت فكرة إنجاز هذه المونوغرافيا حول النشاط‬ ‫الفني لعبد الكبير ربيع‪ ،‬عن تلك اللقاءات الودية والفكرية التي كانت‬ ‫جمعتني به‪ ،‬بشكل مستمر وبال انقطاع‪ ،‬والتي كانت تحُ ّفها ُ‬ ‫متعة تبادل‬ ‫أطراف الحديث عن الفن والحياة‪ .‬فسعيت بالتالي‪ ،‬وبشكل مباشر‪ ،‬إلى‬ ‫قياس صعوبة إنجاز مشروع افتتاحيةٍ من هذا الحجم‪ .‬ويرجع هذا األمر‬ ‫إلى جانب الصداقة التي تجمعني به‪ ،‬إلى كونه فنانا كبيرا تجاوز مساره‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الفني النصف قرن من الزمن‪ٌ .‬‬ ‫عميقة‬ ‫إبداعية‬ ‫فنان راكمَ وراءه خبر ًة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتجربة حياتية أكيدة»‪ .‬مضيفا‪ ،‬اقترحتُ عليه أال نرضى بتأليف‬ ‫ومكثفة‬

‫تميزت الفنانة صبـــاح بأدائهــا للفن الطربي األصيل‪،‬‬ ‫هل تفكرين في تغيير المسار عبر تبني أساليب توظف‬ ‫التقنيات الحديثة؟‬

‫أكيد‪ ،‬فأنا مع التغيير ومسايرة العصر‪ ،‬لكن شريطة أن أقدم‬ ‫أعماال أحافظ فيها على النكهة الطربية‪ ،‬وإن شئت القول أن‬ ‫أحقق األصالة والمعاصرة‪.‬‬

‫كيف تقيم الفنانة صباح اهتمام التلفزيون المغربي‬ ‫ووسائل اإلعالم بشكل عام باألغنية المغربية؟‬

‫الحمد هلل في وقت طغت األغنية الشبابية على الساحة‬ ‫الفنية إال أن اإلعالم والتلفزيون المغربي أدركا أنه ال يجب‬ ‫أن يكون هناك أي فصل بين الشباب والرواد وجيل الوسط‪،‬‬ ‫فأصبحوا يعطون لكل ذي حق حقه‪.‬‬

‫ما الذي تطالــب بــــه صبـــاح الشنــا المعنييــن‬ ‫باألغنية المغربية‪ ...‬مسؤوليــن‪ ..‬ملحنين ‪....‬منتجين‪...‬‬ ‫مستمعين‪...‬كتاب كلمات ‪ ...‬وغيرهم؟‬ ‫حتى نبقي على األغنية المغربية‪ ،‬أظن أنه يجب على‬ ‫المسؤولين والمهتمين بهذا القطاع منحه الدعم الكامل‪،‬‬ ‫واالهتمام الالزم‪ ،‬خصوصا عندما يتعلق األمر باألغنية الهادفة‪،‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫وذلك ألن الفن رسالة علينا أن نقوم بإيصالها على أكمل وجه‪.‬‬

‫ما هي آخر مستجدات الفنانة صباح؟‬

‫طبعا الجديد هو أغنية «سال مدينتي»‪ ،‬وهي من كلمات‬ ‫مدير أعمالي السيد بدر الدين األشهب‪ ،‬ومن ألحان مصطفى‬ ‫هالل‪ ،‬وإعادة التوزيع الموسيقي للمايسترو رضى االدريسي‪،‬‬ ‫وهي بمثابة عمل مشترك مهدى لمدينة سال العريقة‪ .‬هذا من‬ ‫جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فأنا اآلن بصدد تهييئ «ألبوم» جديد‬ ‫سيحاول أن يلبي أذواق كل األعمار‪.‬‬ ‫طبعا دون أن أنسى مشاركتي في افتتاح األوبرا بمصر‬ ‫ضمن وفد مغربي يتكون من الفنانين‪ ،‬مطربين وممثلين‪.‬‬ ‫إضافة إلى أغنية «ولد ميمتو» من كلمات الشاعر الغنائي‬ ‫المميز عبيري بوشعيب وألحان الملحن المخضرم محمد شفيق‪.‬‬ ‫وأيضا «أغنية صباح الخير» من كلمات الشاعر صاحب القلم‬ ‫الذهبي‪ ،‬مصطفى بنزهرة الحراث وألحان محمد شفيق‪.‬‬

‫كلمة اخيرة لقراء جريدة الشمال؟‬

‫تحياتي وشكري وامتناني لجريدة الشمال الفني على هذا‬ ‫الحوار‪ ،‬وعلى االعتراف بمساري وتدوينه‪ .‬أما للجمهور المغربي‬ ‫وقراء جريدة «الشمال» الفني أقول لهم شكرا على حبكم‬ ‫وتشجيعكم ودعمكم المتفاني‪ ،‬ولهذا أعدكم بالجديد الذي‬ ‫سينال إعجابكم‪.‬‬ ‫أحبكم من كل قلبي‪ ،‬تحياتي‪.‬‬

‫مع الفنانة العربية‬ ‫�سمرية توفيق‬

‫مع املو�سيقار عبد القادر الرا�شدي‬

‫صُوَّر» ‪ Beau-livre‬مشابه لما يتمّ اقتراحه يوما بعد آخر‬ ‫«مج ّلدِ‬ ‫ٍ‬ ‫في المغرب‪ .‬إذ إن الغرض من هذا العمل ال يكمن في القيام بوسيلة‬ ‫تسويقية جذابة قد تخاطر بالتضحية بالنص التحليلي‪ ،‬لصالح كتابة‬ ‫تملقية‪ ،‬وصور جميلة ألعمال أسيئة قراءتها»‪.‬‬ ‫ركزت إليزابيث شامبون اهتمامها‪ ،‬على إشكالية الرسم كصباغة‬ ‫والصباغة كرسم‪ ،‬مع التأكيد على المقاربة الغرافيكية للفنان‪،‬‬ ‫وخصوصية كتابته التشكيلية والطريقة الذي يخلق بها عالمات ذات‬ ‫قيمة فنية‪ ،‬بينما إجابة عن سؤال‪ :‬ما هي فرادة الفعل اإلبداعي عند‬ ‫هذا الفنان واشتغاله الشعري؟ وما هي محصلتهما التشكيلية والفنية؟‬ ‫وانطالقا من مقاربة شعرية‪ ،‬طوّر جان‪-‬كلود لوغويك تحليله ألعمال‬ ‫الفنان التجريدية‪ .‬إذ يسعى في بحثه إلى الكشف عن أهمية المراحل‬ ‫المختلفة في نشأة أعمال الفنان‪ .‬هذا ويعمل عبد الكبير ربيع على إنشاء‬ ‫فضاءات تشكيلية تسجل زمن سيرورة إبرازها للوجود منفتحة على‬ ‫بعض األبعاد الميتافيزيقية‪ ،‬مستكشفا بال أي انقطاع العالقة القائمة‬ ‫بين الظل والضوء‪ .‬إذ بحثا عن الضور عبر الظل كان هذا هو المسعى‬ ‫الذي حاول جان النكري إيضاحه‪ ،‬بدءاً من تحليل ظاهراتي للحركية‬ ‫التي ينتهجها ربيع وهو ينجز أعماله‪ .‬وبالمقابل يوضح ميشيل غيران‪،‬‬ ‫من خالل النزعتين التعبيريتين ال ّلتين اعتدنا وضعهما في مواجهة‬ ‫بعضهما البعض‪ ،‬التشخيصية والتجريدية‪ ،‬كيف أن الفن لدى ربيع‬ ‫يستقي مصادره من ذاكرة حية لألماكن واألزمنة‪ .‬أما مصطفى الشباك‬ ‫فحاول اإلجابة عن إشكالية‪ ،‬ما هي الغاية من هذه الحركة الدؤوبة بين‬ ‫التشخيصية والتجريدية في منجز ربيع‪ ،‬وكيف يغذي هذا األمر االستيعاب‬ ‫الذاتي في انفتاحه على الروحانية؟ ويوضح أالن فالمان في نهاية‬ ‫المطاف بأن أيّ لوحة لـعبد الكبير ربيع ال تُنجَز إال كصيرورة شعرية‬ ‫خالصة‪ ،‬لتكشف عن سيمفونية بمقدورها أن ينبثق عنها الضوء لتمسنا‬ ‫بشكل أفضل‪ ،‬بل في أعماق أنفسنا‪ ،‬في أقصى أعماقنا الوجودية‪ ،‬وتو ّلد‬ ‫فينا طاقة عاطفية عالية‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫قطاع السياحة بالمغرب يحتاج إلى تدخل جراحي‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫تنقيالت جديدة في صفوف المسؤولين‬ ‫القضائيين بالحسيمة‬

‫أفرج المجلس األعلى للسلطة القضائية‪،‬‬ ‫اليوم الثالثاء ‪ 12‬نوفمبر الجاري‪ ،‬عن الحركة‬ ‫االنتقالية الجديدة لقضاة ووكالء الملك ورؤساء‬ ‫المحكمة بعدد من المدن‪ ،‬والتي شملت ‪32‬‬ ‫مستشارا ووكيل عاما ووكيال للملك‪.‬‬ ‫وتم تعيين أحمد البنوضي نائب وكيل‬ ‫الملك لدى المحكمة اإلبتدائية بتطوان في‬ ‫منصب وكيل الملك بالمحكمة اإلبتدائية‬

‫بالحسيمة‪ ،‬واألستاذ عبد اللطيف الهدان القاضي‬ ‫بالمحكمة التجارية بطنجة في منصب رئيس‬ ‫نفس المحكمة (المحكمة التجارية بطنجة)‪.‬‬ ‫وعين إسماعيل حمدي وكيل الملك لدى‬ ‫المحكمة االبتدائية بسوق أربعاء الغرب‪ ،‬للقيام‬ ‫بمهام وكيل عام لدى محكمــة اإلستئناف‬ ‫بالحسيمة‪.‬‬

‫الغيام يدعو لتطوير آليات المالحقة الجنائية‬ ‫في الجريمة العابرة للحدود‬

‫في اآلونة األخيرة عرف المغرب موجة‬ ‫غالء وركود مست بعمق القطاع السياحي‬ ‫وخصوصا المدن التي تعتمد على السياحة‪...‬‬ ‫هذه األزمة التي خلفت استياء وسط المغاربة‬ ‫حيث أن نتيجة تضافر العديد من العوامل‪،‬‬ ‫وعلى رأسها إقناع المواطن بالسياحة الداخلية‬ ‫وهذه مسؤولية وزارة السياحة‪ ،‬التي تتحملها‬ ‫على عاتقها‪ ،‬ومن جراء ذلك نرى أن ناقوس‬ ‫الخطر يدق على االنعكاسات السلبية على‬ ‫بعض المدن‪ ،‬حيث يتميز المغرب بمؤهالت‬ ‫سياحة متنوعة‪.‬‬ ‫وهي مسؤولية وزارة السياحة عن ضبط‬ ‫األسعار وتحسين الخدمات والمواصالت‬ ‫والطرق وكذا خلق منتزهات ترفيهية وتحسين‬ ‫الفنادق وأسعارها‪ ...‬والشقق المفروشة‪ ...‬لكن‬

‫هذا أمر جد صعب‪ ،‬حيث النشاط السياحي مازال‬ ‫في حاجة إلى التطور‪ ،‬فما هي مؤهالت المغرب‬ ‫السياحية؟ وما الشروط المطلوبة لتطوير‬ ‫هذا القطاع؟ من بين المشاكل التي تواجه‬ ‫تطور السياحة المغربية‪ :‬موسمية القطاع‪،‬‬ ‫حيث ترتفع الليالي السياحيـة فقط خالل‬ ‫الصيف‪ ،‬عدم احترام الوكاالت لعامــل الزمن‬ ‫وعدم انتظام الرحالت الجوية‪ ،‬تعرض السياح‬ ‫للمضايقات في أماكن تجمعاتهم‪ ،‬ضعف جودة‬ ‫الخدمات المرتبطة بالسياحة‪ ،‬ضعف وسائل‬ ‫التنشيط مما يشعر السياح بالملل‪.‬‬ ‫وللنهوض بالقطاع السياحي‪ ،‬يجب اتخاذ‬ ‫عدة تدابير‪ ،‬من بينها‪ :‬تطوير البنيات التحتية‬ ‫كالطرق ‪ -‬المطارات ‪ -‬وسائل النقل واالتصال‪،‬‬ ‫تشجيع االستثمار من أجل بناء وترميم الفنادق‬

‫وتجهيز المركبات السياحية الفنادق‪ ،‬تطوير‬ ‫التنظيم واإلشهار على مستوى وزارة السياحة‬ ‫ووكاالت األسفار‪ ،‬تنويع السياحة باستغالل‬ ‫كافة أنواع المؤهالت الطبيعية للبالد‪ ،‬تشجيع‬ ‫السياحة الداخلية علما أنها تكلفه أمواال أكثر‬ ‫مما يدفعه خارج بلده‪ ،‬للتخفيف من موسمية‬ ‫السياحة الدولية وتراجعها خالل فترة األزمات‪...‬‬ ‫واالهتمام بالعنصر البشري بتوعية السكان‬ ‫بأهمية السياحة وتكوين العاملين في القطاع‪،‬‬ ‫وكذا االهتمام بالمدن الساحلية‪.‬‬ ‫في اآلونة األخيرة عرف المغرب موجة غالء‬ ‫وركود مست بعمق القطاع السياحي وخصوصا‬ ‫المدن التي تعتمد على السياحة‪...‬‬

‫فكري ولد علي‬

‫افتتاح المهرجان الدولي للسينما بالناظور بتكريم‬ ‫شخصيات صحافية وسينمائية‬

‫افتتح المهرجان الدولي للسينما والذاكرة‬ ‫المشتركة‪ ،‬يوماالثنين بالناظور‪ ،‬فعاليات دورته‬ ‫الثامنة‪ ،‬بتكريم كل من المخرج المغربي أحمد‬ ‫بوالن‪ ،‬والمنتج عبد الرحيم هربال‪ ،‬والكاتب‬ ‫االمازيغي محمد بودهان‪ ،‬إضافة إلى المصورة‬ ‫والصحافية زليخة أسيدون باعتبارها أول مصورة‬ ‫صحافية في المغرب‪.‬‬ ‫المهرجان الذي اختار لنسختــه الحالية‬ ‫من ‪ 11‬إلى ‪ 16‬نونبر الجاري‪ ،‬شعـار «ذاكرة‬ ‫المستقبل»‪ ،‬عرف حفل افتتاحه حضور عدد من‬ ‫الفاعلين السياسيين والحقوقيين‪ ،‬وقد حظي‬ ‫أيضا بزيارة خاصة من طرف الرئيس الكولومبي‬ ‫السابق خوان مانويل سانتوس‪ ،‬الذي قدم‬ ‫خصيصا لتسلم الجائزة الدولية «ذاكرة من أجل‬ ‫الديمقراطية والسلم»‪ ،‬عرفانا لما قام به من‬ ‫جهود لتثبيت أسس المصالحة في بالده‪.‬‬ ‫وذكر عبد الســـالم بوطيــب‪ ،‬رئـيس‬ ‫المهرجان‪ ،‬في كلمته االفتتاحية الموجهة‬ ‫للحاضرين‪ ،‬بأن اشتغال المركز على قضايا‬ ‫الذاكرة والديمقراطية والسلم‪ ،‬ال يهدف بأن‬ ‫يجعل من هذا األخير تيارا حقوقيا رجعيا يتشبث‬ ‫بالماضي‪ ،‬ويحاول إعادة تكراره بدون استحضار‬ ‫سياقات األحداث‪.‬‬ ‫وأضاف ’’بل وجب علينا‪ ،‬وهذا منهجنا‬ ‫واختيارنا‪ ،‬أن نجعل الماضي بجميع انجازاته‬ ‫وأخطائه وإجابياته و سلبياته الحطب النبيل من‬ ‫أجلالمستقبل‘‘‪.‬‬ ‫وثاني األشياء‪ ،‬التي شدد عليها بوطيب‬ ‫ودعا إلى أن تكون حاضرة بقوة‪ ،‬تتجلى في‬ ‫تحقيق الحفاظ على المكتسبات الثقافية‬ ‫والحقوقية‪ ،‬وخلق فضاءات اضافية للتعبير الحر‬

‫الهادف إلى استعمال الذكاء الجماعي ’’من أجل‬ ‫المساهمة في انتقال بلدنا إلى البلد الذي نريده‪،‬‬ ‫أال وهو وطن يتسع للجميع وراء القيادة الرشيدة‬ ‫للملك محمد السادس‘‘‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬استحضر رئيس المهرجان‪،‬‬ ‫في كلمته االفتتاحية‪ ،‬سياق حصول على جائزة‬ ‫ايميليو كاستالر الدوليـــة للدفاع عن حقوق‬ ‫االنسان و الحريات بالجارة اسبانيا‪ ،‬وعلق على‬ ‫هذا التتويج قائال‪’’ :‬لم أجد أبلغ من قصيدة ألعبر‬ ‫بها عن تقييم ما نشتغل عليه في مركز الذاكرة‬ ‫أكثر من استحضار قصيدة الراحل الشاعر محمود‬ ‫درويش والتي قال في مطلعها على هذه األرض‬ ‫ما يستحق الحياة‘‘‪.‬‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬اعتبر بوطيب‪ ،‬المساهمة في بناء‬

‫الوطن بنفس تصالحي يستحضر المستقبل‬ ‫بقوة من ضمن األهداف التي يروم المهرجان‬ ‫تحقيقها‪ ،‬وذلك دون االلتفــات إلى الماضي‪،‬‬ ‫إال ألخذ العبر والدروس منــه‪ ،‬ألن المستقبل‬ ‫هو األهم بالنسبة لألبناء واألحفاد‪ ،‬لذا فاختيار‬ ‫تيمة «ذاكرة المستقبل» وفقا للمتحدث‪ ،‬ليس‬ ‫اعتباطيا او نزوة‪ ،‬بل هو اختيار بعد تفكير عميق‬ ‫و استشارات واسعة‪.‬‬ ‫جدير بالذكــر‪ ،‬أن حفل االفتتـــاح قد تم‬ ‫نقله من منتجع أطاليون إلى المركب الثقافي‬ ‫بالناظور بسبب سوء األحوال الجوية‪ ،‬وقد عرف‬ ‫تنظيم فقرات تراثية من الريف وإسبانيا‪ ،‬قدمت‬ ‫كلوحات فنية الستقبال الحاضرين‪.‬‬

‫إن الحديث عن بعض الظواهر اإلجتماعية‬ ‫بالمنطق القانوني يجب أن ال يثير االستغراب‬ ‫لطالما أن القاعدة القانونية تتصف بكونها‬ ‫قاعدة إجتماعية باألساس تتفاعل إيجابا وسلبا‬ ‫مع محيطها والواقع المعاش ومنه فإن المقاربة‬ ‫الجنائية لبعض األفعال المتمثلة سواءا في‬ ‫تدنيس العلم الوطني أو المس برموزه عن‬ ‫طريق التحريض على بث كراهية الوطن‬ ‫باستغالل ماكر لبعض األوضاع االجتماعية‬ ‫واإلقتصادية يجعلنا محل مسائلة مشروعة‬ ‫تالمس بشكل أو بآخر مفهوم النجاعة الجنائية ؟‬ ‫فالمعلوم أن قواعد القانون الجنائي‬ ‫المحددة ال تعدوا أن تكون مجرد جملة من‬ ‫األفعال المتفق على مخالفتها واستهجان‬ ‫وقوعها هذا الذي يسمى بمبدأ التجريم المالزم‬ ‫لمفهوم العقاب أو الردع بيد أن ألي مجتمع‬ ‫قيم وأيما مجتمع ضاعت قيمه ضاع إال أن‬ ‫الواقع المعاش فرض ضرورة تسليط الضوء‬ ‫على التطور الملحوظ الجريمة العابرة للحدود‪،‬‬ ‫التي يستغل فيها سهولة الولوج للوسائط‬ ‫االجتماعية تارة والتواجد المادي خارج أرض‬ ‫الوطن بغرض للتملص من المسؤولية الجنائية‬ ‫يجعلنا ال محالة أمام تحديات كبرى تدفع في‬ ‫اتجاه التفكير لتطوير أدوات وأساليب المالحقة‬ ‫الجنائية والتصدي لمثل هاته اآلفة اإلجرامية‬ ‫والعمل على إيجاد مضادات تشريعية تحد من‬ ‫انتشارها والتي يظهر فيها الخيار الدبلوماسي‬ ‫أو البروتوكولي كخيارين ال محيد عنهما اسوة‬ ‫بتجارب دول أخرى التي لم تكتفي بين تشريعات‬ ‫داخلية زاجرة بقدر ما عززت ترسانتها القانونية‬ ‫االتفاقيات ثنائية أو جماعية لفرض نفاذ‬ ‫قانونها على مواطنيها ولو تواجدوا خارج أراضي‬ ‫أوطانهم متى عمدوا لمخالفة قانون بلدهم‬ ‫وعالقة بهذا الموضوع جاءت مقتضيات‬ ‫الفصل ‪ 267/1‬الذي نص على أنه ‪« :‬يعاقب‬ ‫من ستة أشهر الى ثالث سنوات حبسا وبغرامة‬ ‫من ‪10.000‬درهم الى ‪ 100.000‬درهم كل من‬ ‫أهان بإحدى الوسائل المشار إليها في الفصل‬ ‫‪ 263‬أعاله ‪،‬أو بأي وسيلة أخرى علم المملكة‬ ‫ورموزها كما هو منصوص عليه في الفصل‬ ‫‪ 267/4‬أدناه ‪.‬‬ ‫واذا إرتكبت االهانة خالل إجتماع أو تجمع‬ ‫فإن العقوبة تكون بالحبس من سنة إلى خمس‬ ‫سنوات حبسا وبغرامة من ‪ 10.000‬درهم إلى‬ ‫‪ 100.000‬درهم ‪»...‬‬ ‫فالبين من خالل النص المشار إليه أعاله أن‬ ‫المشرع المغربي إنتهج مبدأ التدرج في العقوبة‬ ‫مميزا بين ذات الفعل المكون لجريمة إهانة علم‬ ‫المملكة أو رموزها وبين ظروف ارتكابها‬ ‫ذلك أن مجرد إتيانها بشكل مجرد شئ‬ ‫وبين اتيانها خالل إجتماع وتجمع شئ آخر‪،‬‬ ‫كأن األمر يتعلق بظروف تشديد أو صور من‬ ‫صور ارتكاب الجريمة دون تحديد ما إذا ارتكبت‬ ‫داخل أرض الوطن أم خارجه مما يجعله نافذا‬ ‫بكال الحالتين معا ‪ ،‬إال أن صعوبة نفاذ قوانين‬ ‫دولة خارج حدودها الترابية في بعض الجرائم‬ ‫الماسة باالوطان والمجتمعات يفرض علينا‬ ‫اليوم بمناسبة مراجعة مجموعة القانون الجنائي‬ ‫والمسطرة الجنائية التفكير في تدارك مثل‬

‫شريف الغيام‬ ‫أستاذ زائر بكليات الحقوق‬

‫هاته الظواهر المستجدة ذات الطبيعة الجرمية‬ ‫الماسة بالشعور الوجداني للمغاربة وترابطهم‬ ‫الوطني الذي دون شك يعد من أهم األولويات‬ ‫الحمائية لكونه يرتبط ارتباط الوجود والعدم‬ ‫بالكيان الواحد والوطن الواحد‬ ‫كما أن استباحة التطاول على رموزه أمر غير‬ ‫مقبول بتاتا فما بالك إن كانت هاته االستباحة‬ ‫بدوافع عدائية واضحة تنم على إعالء أعالم‬ ‫أخرى بغض النظر عن طبيعتها في مقابل إحراق‬ ‫علم وطني الشئ الذي خلف استفزازا عميقا‬ ‫وماسا بالوجدان الجماعي للمواطنين واهانة‬ ‫هويتهم عن طريق نشر مقاطع الفيديوا الذي‬ ‫وثق بموجبه األفعال الجريمية بمختلف صفحات‬ ‫التواصل اإلجتماعي وتداوله المفرط التي‬ ‫أماطت اللثام على معالم الجريمة المتطورة التي‬ ‫تنهل من التطور التكنولوجي والربط بشبكات‬ ‫األنترنت وما صاحبه بالعالم االفتراضي المتعدد‬ ‫األلوان بغاية تمرير مغالطات مقصودة لدفع‬ ‫المتلقين رشداء كانوا أو قاصرين لتحريضهم‬ ‫على إتيان أفعال مجرمة قانونا تحت اسم الحرية‬ ‫أو الديموقراطية أو غيرها من األمور المشروعة‪.‬‬ ‫فاالستظالل بالحقوق المشروعة تحت‬ ‫مطية ارتكاب أفعال غير مشروعة ال يجب أن‬ ‫تنال من الموازنة في الحقوق المقرونة بإتيان‬ ‫الواجبات التي يظل فيها ممارسة الحق مالزما‬ ‫للوفاء بالواجب ال يمكن أن تؤتى عن طريق‬ ‫مخالفة القانون أو إشاعة عدم اإلحترام الواجب‬ ‫له‪ ،‬ألنه ميثاق آمر بين كل مكونات المجتمع‬ ‫كما أن التعطش للحق أو وجوده ال يعطي‬ ‫االحقية لمرتكبه اإلفالت من المسؤولية الجنائية‬ ‫متى كانت مخالفته لها تستوجب ذلك‪.‬‬ ‫لذلك فصناعة المناعة الفكرية للمتلقين‬ ‫سواءا كانوا أفراد أو جماعات من بث بعض‬ ‫الدعايات او االستغالل الماكر للعواطف أو أي من‬ ‫الحاالت االجتماعية أو اإلنسانية أصبحت واجبا‬ ‫على عاتق الجميع بما في ذلك المشرع الذي‬ ‫يظل السبيل األخير لردع مرتكبي هاته األفعال‬ ‫عن طريق تطوير اآلليات الجنائية من جهة‬ ‫وقبل منها لما ال تطوير المرجعيات األخالقية‬ ‫والتربوية بغرض حمايتها من االنجراف وإعادة‬ ‫اإلعتبار للواجبات قبل الحقوق دون إغفال ضرورة‬ ‫محاربة التطبيع مع بعض األفعال واألعمال التي‬ ‫قد تكون مخالفة للقانون مهما كانت البواعث‬ ‫والدوافع الرتكابها ‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫وفد برتغالي هام في زيارة تاريخية‬ ‫لمدينة القصر الكبير‬

‫مدينة القصر الكبير تعيش يوما مشهودا في‬ ‫تعزيز العالقات المغربية البرتغالية وفتح أفاق واعدة‬ ‫لتنمية مدينتنا العريقة ‪ ،‬مدينة القصر الكبير بعد‬ ‫معركة الملوك الثالثة تفتح صفحة جديدة في تاريخ‬ ‫العالقات المغربية البرتغالية وبعد مرحلة الصراع في‬ ‫الماضي البعيد ‪.‬‬ ‫هناك اليوم وفي الحاضر والمستقبل صفحة‬ ‫مبنية على التعاون واألمل وترسيخ السالم في منطقة‬ ‫البحر األبيض المتوسط الذي كان ملتقى الحضارات‬ ‫اإلنسانية وتنمية العالقات لما فيه خير الشعوب‬ ‫وتقدمها ونماؤها ‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق عاشت مدينة القصر الكبير‬ ‫يوم الجمعة ‪ 08‬نونبر ‪ 2019‬حدثا تاريخيا متميزا من‬ ‫خالل زيارة وفد برتغالي ضم فخامة سفيرة البرتغال‬ ‫وعمدة مدينة الغوس وعدد من رؤساء الجماعات‬ ‫المحلية‪ -‬البرتغالية وعدد من البرلمانيين يمثلون‬ ‫البرلمان البرتغالي ونخبة من رجال الثقافة والفكر‬ ‫والبحث التاريخي من أرقى الجامعات البرتغالية وذلك‬ ‫في إطار تدعيم مسار توأمة مدينة القصر الكبير‬ ‫بمدينة الغوس ‪.‬‬ ‫هذا الحدث الهام الذي اشرف عليه المجلس‬ ‫الجماعي لمدينة القصر الكبير بتنسيق مع الجامعة‬ ‫للجميع يهدف إلى النهوض بالمدينة على كافة‬ ‫المستويات والسيما في إطار تثمين الرصيد الحضاري‬ ‫والتاريخي وتيسير انفتاحه على الموروث اإلنساني‬ ‫واستشراف مستقبل واعد لمنطقة حوض اللوكوس‬ ‫في إطار تصور متكامل اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا‬ ‫وبيئيا وفق تنمية مجالية مستدامة‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة أن هذه المبادرة المتعلقة بتوأمة‬ ‫مدينتنا العريقة مع مدينة الغوس قد حظيت بالعناية‬ ‫والموافقة الشريفة لصاحب الجاللة محمد السادس‬ ‫نصره اهلل ‪ ،‬بما يستلزم متابعة دائمة للتوجيهات‬

‫الملكية السامية في هذا اإلطار بما ينسجم ورؤية‬ ‫جاللته في ترسيخ ثقافة التعاون و السلم بين‬ ‫الشعوب وبما يدعم مواصلة مسيرة النماء واالزدهار‬ ‫لبلدنا الغالي ‪.‬‬ ‫رئيس المجلس الجماعي محمد السيمو عبر عن‬ ‫سعادته واعتزازه لهذا الحدث الهام وبما يحمله من‬ ‫دالالت عميقة وكذا انعكاساته االيجابية الكبرى على‬ ‫المسار التنموي لمدينتنا االصيلة ‪ ,‬وفتح افاق واعدة‬ ‫في افق تثمين رصيدها التاريخي والحضاري وتعزيز‬ ‫فرص التنمية المحلية عالوة على االشعاع الثقافي‬ ‫والحضاري واعتبار كل ذلك قيمة مضافة لكل ماسبق‪.‬‬

‫برنامج هذا الحدث الهام عرف جولة للوفد‬ ‫البرتغالي بأرض المعركة التاريخية بالجماعة الترابية‬ ‫السواكن عالوة على حفل استقبال بدار الرميقي‬ ‫بمدينة القصر الكبير ومعاينة دار القائد السفياني‬ ‫سابقا بحي باب الواد قبالة المسجد األعظم حيث‬ ‫محل االحتفاظ بجثمان الملك البرتغالي سبيستيان‬ ‫حيث من المقرر أن يجعل من هذا العقار مركزا ثقافيا‬ ‫للبحث التاريخي في العالقات المغربية البرتغالية ‪.‬‬ ‫كما تضمن فعاليـــات هذا اليوم الهام تدشين‬ ‫اللوحة الرسمية المتعلقة بإطالق اسم مدينة الغوس‬ ‫على شارع البلدية بالمدينة ‪.‬‬

‫التوجهات الجديدة للسياسة الجنائية بالمغرب‬ ‫محور الندوة العلمية بالقصر الكبير‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫ابن مدينة القصر الكبير يوسف العزوزي يتوج‬ ‫بلقب أفضل مخترع في العالم العربي مخترع‬ ‫دعامة تعديل تدفق الدم‬

‫فـــاز المغربــي يوسف العــزوزي‪ ،‬بلقـــب‬ ‫أفضل‪ ‬مخترع‪ ‬في العالم العربي‪ ،‬عن الموسم الحادي‬ ‫عشر لبرنامج تلفزيون الواقع التعليمي الترفيهي‬ ‫«نجوم العلوم»‪ ،‬الذي أطلق بمبادرة من مؤسسة قطر‬ ‫للتربية والعلوم وتنمية المجتمع‪.‬‬ ‫وشهدت الحلقة الختامية إسدال الستار على‬ ‫موسم آخر من «نجوم العلوم» الذي يبثه «التلفزيون‬ ‫العربي» وسبع قنوات تلفزيونية في المنطقة‪.‬‬ ‫وبعد منافسة شرسة‪ ،‬نجح الطبيب المغربي‬ ‫الذي يبلغ من العمر ‪ 27‬عاماً في االستحواذ على‬ ‫النسبة الكبـــرى من أصوات الجمهــور ولجنــــة‬ ‫التحكيم‪.‬‬ ‫وقد حصل مشروعه «دعامة لتعديل تدفق‬ ‫الدم»‪ ،‬على أعلى العالمات‪ ،‬وبلغت ‪ 93.8‬ليحصد لقب‬

‫العرائش ‪ :‬وزير الدفاع اإلسباني األسبق‬ ‫يزور العرائش‬

‫قــام وزيـر الدفــاع اإلسباني اأسبـق خوسيه‬ ‫أنطونيو ألونسو منتصف األسبوع الماضي ‪ ،‬بزيارة‬ ‫مدينة العرائش وكان برفقته عدد من المسؤولين‬ ‫اإلسبان إلى جانب بعض أصدقائه‪ ،‬من ضمنهم‬ ‫مسؤولي إحدى القنوات التلفزيونية اإلسبانية‪.‬‬ ‫فإن خوسيه أنطونيو ألونسو وصل إلى مدينة‬ ‫طنجة حيث أقام لبضعة أيام قبل أن يبدأ جولته بكل‬ ‫من مدينتي العرائش و تطوان‪ ،‬حيث زار مجموعة من‬ ‫المناطق التاريخية كساحة دار المخزن و المدينة‬ ‫القديمة بالعرائش كما انه نزل بمعيـــة مرافقيه‬ ‫بأحد مطاعم المدينة المشهور بتقديمه وجبــات‬ ‫السمك‪.‬‬ ‫و ظهر وزير الدفاع اإلسباني السابق في مدينة‬

‫نظم المركز الوطني للدراســات و األبحـــاث‬ ‫القانونية والقضائية بالقصر الكبير ندوة علمية وطنية‬ ‫حول موضوع «التوجهات الجديدة للسياسة الجنائية‬ ‫بالمغرب « ‪ -‬محاولة التقييم‪ -‬وذلك يوم الجمعة ‪8‬‬ ‫نونبر ‪ 2019‬بقاعة دار الثقافة الخمار الكنوني بالقصر‬ ‫الكبير‪.‬‬ ‫افتتحت الندوة بآيات بينات من الذكر الحكيم‬ ‫تلتها كلمة رئيس المركز األستاذ عزيز العروسي‪ ،‬الذي‬ ‫عبر عن ترحيبه بالسادة الحاضرين والمؤطرين‪ ،‬التي‬ ‫عرفت تكريم أحد رجاالت القانون بالمغرب الدكتور‬ ‫محمد اإلدريسي العلمي المشيشي وزير العدل‬ ‫األسبق‪ .‬لتعطى انطالقة الندوة العلمية من طرف‬ ‫الدكتور عبد اللطيف الشنتوف رئيس نادي قضاة‬ ‫المغرب مسير الجلسة العلمية ‪ ،‬معبرا عن أهمية هذا‬ ‫الموضوع في ظل ما يعرفه المشهد القضائي من‬ ‫تحوالت أبرزها استقالل النيابة العامة‪ ،‬والرتباطه بعدة‬ ‫قوانين أهمها القانون الجنائي وقانون المسطرة‬ ‫الجنائية وقانون السجون‪.‬‬ ‫المحتفى به الدكتور العلمي المشيشي اعتبر‬ ‫تكريمه تكريما للمعرفة يتقاسمها مع الجميع‪ ،‬وأوضح‬ ‫أن السياسة الجنائية بالمغرب هي الطريقة التي يقرر‬ ‫بها المشرع الوضعية اإلجرامية والوسائل التي يمكن‬ ‫بها معالجة هدا اإلجرام‪ ،‬وفي سياق متصل أعتبر‬ ‫الدكتور هشام مالطي مدير الشؤون الجنائية والعفو‬ ‫بوزارة العدل‪ ،‬أن نشأة السياسة الجنائية بدأت مع‬ ‫الحياة البشرية‪ ،‬فال يمكن الحديث عن سياسة جنائية‬ ‫واحدة‪ ،‬فهي تتعدد بتعدد المفاهيم والمرجعيات‬ ‫والتي تتوافق على عنصر مكافحة الجريمة من خالل‬ ‫تدابير تتخذها الدولة‪ ،‬ليضيف بعد ذلك بأن المغرب‬ ‫في منعطف يتميز باكراهات ومتغيرات أهمها استقالل‬ ‫النيابة العامة وتضخم عدد القضايا وتدخل المنتظم‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫أما المداخلة التالية تحدت فيها الدكتور جعفر‬ ‫العلوي أستاذ بكلية الحقوق بفاس عن مراحل‬

‫السياسة الجنائية التشريعية المغربية مند سنة ‪1959‬‬ ‫إلى سنة ‪ ،2002‬مع إبراز المالمح المحددة لكل‬ ‫مرحلة‪،‬وتكلم المتدخل عما سماه بمرحلة عودة الروح‬ ‫للقانون الجنائي سنة ‪ ،2002‬بحيث حاول استرداد جزء‬ ‫من الصرح الليبرالي بتكريس االنفتاح على مستوى‬ ‫احترام الحقوق الفردية‪ ،‬وضمانات المحاكمة العادلة‬ ‫ومالئمة واقع البالد مع قوانين جديدة‪ .‬أما األستاذ‬ ‫الجامعي بكلية الحقوق بطنجة ومنسق ماستر العلوم‬ ‫الجنائية والدراسات األمنية وحقوق اإلنسان الدكتور‬ ‫هشام بوحوص‪ ،‬فاعتبر تكريم الدكتور العلمي‬ ‫المشيشي هو بمثابة عرفان لما قدمه المحتفى به من‬ ‫سخاء علمي كبير‪ ،‬مبرزا أن السياسة الجنائية بالمغرب‬ ‫عرفت تحوالت كبرى سواء على المستوى الدستوري أو‬ ‫المؤسساتي و التشريعي‪ ،‬وقد تحدث عن التوجهات‬

‫الحديثة للسياسة الجنائيــة المغربيـــة وارتباطها‬ ‫بالمضمون والمحتوى‪ ،‬وأبرز التوجهات القادرة على‬ ‫تحصين وحماية السياسة الجنائية المغربية وحددها‬ ‫في الدسترة‪ ،‬والتدويل والموازنة بين الخصوصيات‬ ‫المحلية واالتفاقيات الدولية‪.‬‬ ‫وفي ختام الندوة تم تقديم شهادات في حق‬ ‫المحتفى به لما قدمه للساحة العلمية والقضائية‬ ‫مبرزة محاسن الدكتــور العلمــي المشيشــــي‬ ‫والمحطات التي مر منها بعد ذلك تم تقديم هدايا‬ ‫ودروع تذكارية وشواهد تقديرية للمحاضرين من‬ ‫طرف مسؤولين قضائييين وإداريين ومستشارين‬ ‫ومحامين ومجتمع مدني ليسدل الستار عن الندوة‬ ‫بحفلة شاي على شرف الحضور‪.‬‬

‫موكب الشريف المصباحي يجوب شوارع مدينة‬ ‫العرائش احتفاال بذكرى المولد النبوي الشريف‬

‫تقليد سنوي وطقوس احتفالية شعبية تحتضنها‬ ‫مدينة العرائش كل سنة بمناسبة حلول ذكرى المولد‬ ‫النبوي الشريف‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار شهدت المدينة يوم الثالثاء ‪12‬‬

‫نونبر ‪ 2019‬طقوسا احتفالية بأحد أطفال أسرة “لال‬ ‫منانة المصباحية” ‪ ،‬وسط حضور شعبي غفير وعلى‬ ‫أنغام الفرق الموسيقية التراثية المختلفة من أمثال‬ ‫“عيساوة” و “كناوة”‪ ،‬وهو احتفال بات يحظى بمتابعة‬ ‫وإقبال كبير سنة تلو األخرى ‪.‬‬

‫البرنامج‪ ،‬باإلضافة إلى جائزة نقدية بقيمة ‪ 300‬ألف‬ ‫دوالر أميركي‪.‬‬ ‫وتهدف دعامة تعديل تدفق الدم إلى مساعدة‬ ‫مرضى فشل القلب االحتقاني ‪ ،‬عبر تحسين كفاءة‬ ‫توزيع الدم ‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن الطالب «يوسف‬ ‫العزوزي» من أسرة علمية فوالده هو البروفسور‬ ‫«مصطفى العزوزي» الجراح العالمي في أمراض‬ ‫الدماغ واألعصاب المزداد بمدينة القصر الكبير‪ ،‬وابنه‬ ‫«يوسف» ولد بمدينة الرباط وهو خريج المدرسة‬ ‫األمريكية بالرباط‪ ،‬وانتقل بعدها لجامعة أوكسفورد‬ ‫البريطانية الشهيرة ودرس هناك لمدة ثالث سنوات‪،‬‬ ‫وانتقل بعدها إلى جامعة بوسطن األمريكية‪ ،‬ودرس‬ ‫الطب باللغة اإلنجليزية في الجامعات التركية ليبصم‬ ‫على اختراعه في تخصص القلب والشرايين‪..‬‬

‫العرائش بمالبس مغربية تقليدية‪ ،‬كما تناول غداءه‬ ‫رفقة مجموعة من مرافقيه اإلسبان بمطعم تقليدي‬ ‫بالمدينة‪.‬‬

‫السلطات المحلية بمدينة القصر الكبير‬ ‫تحجز أزيد من طنين ونصفاً من األكياس‬ ‫البالستيكية الممنوعة من االستعمال‬

‫تمكنت السلطات المحلية بمدينة القصر‬ ‫الكبير من حجز طنين ‪ 620‬كيلو غرام مِن األكياس‬ ‫البالستيكية المعدة لالستعمال يوم األربعاء ‪13‬نونبر‬ ‫‪.2019‬‬ ‫وجاءت هذه العملية بناء على معلومات‬ ‫ومعطيات توصلت بها كل من السلطات المحلية‬ ‫والشرطة اإلدارية ‪ ،‬تفيد أن أحد المحالت المتواجدة‬ ‫بشارع ‪ 16‬بحي السالم المرينة تحول إلى مستودع‬ ‫لألكياس البالستيكية المحظور استعمالها‪ ،‬حيث‬ ‫كان الواقفون وراءه يشتغلون ليال‪ ،‬من أجل إنتاج‬ ‫وإعداد كميات من األكياس البالستيكية التي يتم‬ ‫ترويجها بعدد من األسواق والمحالت التجارية ‪ ،‬رغم‬ ‫الحظر القانوني المفروض عليها من طرف السلطات‪.‬‬ ‫وقد مكنت هذه العملية‪ ،‬إضافة إلى حجز الكميات‬ ‫المهمة من األكياس البالستيكية ‪ ،‬من حجز اآللتين‬ ‫تستعمالن في عملية التصنيع‪ ،‬إضافة إلى ميزانين‬ ‫كبيرين للوزن يستعمالن في وزن المحجوز مع كمية‬ ‫قليلة من البالستيك الغير المصنع ‪.‬‬ ‫وقد جاءت عملية التوقيف بعد تتبع وترصد من‬ ‫طرف السلطات المحلية والشرطة اإلدارية للمحل‬ ‫بتعاون مع جمعية حماية المستهلك ‪ ,‬وبعد التأكد‬ ‫من أن المحل يستعمل لتخزين األكياس البالستيكية‬ ‫حاصرت الشرطة اإلدارية والسلطات المحلية في‬ ‫دورية عربة مملوءة باألكياس البالستيكية كانت‬ ‫قد غادرت المستودع فتدخلت لجنة مختلطة يقودها‬ ‫رئيس الدائرة الحضرية المرينة وقائد المقاطعة‬

‫الخامسة وخليفة قائد المقاطعة الخامسة وأعوانه‬ ‫والشرطة اإلدارية ورئيس الدائرة الثانية لألمن‬ ‫ونائبه وعناصره ورجال القوات المساعدة وبحضور‬ ‫ممثلي جمعية حماية المستهلك ‪ ،‬فتم تطويق المحل‬ ‫والتنسيق مع النيابة العامة ألخذ اإلدن بالدخول وبعد‬ ‫توصلهم بالترخيص من النيابة العامة طالبت اللجنة‬ ‫مالك المحل بفتحه أو إستعمال القوة فتم تلبية طلب‬ ‫اللجنة وقام بفتح المستودع فتفاجؤوا بالكمية الكبيرة‬ ‫التي كانت مخزنة هناك ‪.‬‬ ‫وعلى إثر هدا العمل تم إعتقال صاحب المحجوز‬ ‫من طرف رجال األمن ونقله لمفوضية األمن بمدينة‬ ‫القصر الكبير إلتمام البحث تحت رئاسة النيابة العامة‬ ‫وحجز جميع األكياس البالستيكية التي تم العثور‬ ‫عليها في المستودع ونقلها بشاحنتان إلى الميزان‬ ‫البلدي لوزنها وتسليمها لعمالة إقليم العرائش‬ ‫للتكفل بإتالفها ‪ ،‬وفي نفس السياق قامت السلطات‬ ‫المحلية بتحرير محاضر قانونية للمتورط ‪ ،‬وسيتم‬ ‫إحالتهم إلى الجهات المعنية ‪.‬‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪8‬‬

‫صدى الخطاب الملكي‬

‫• بقلم ‪ :‬الدكتور‬ ‫عبد الحق بخـات‬

‫من المسيرة الخضراء‬ ‫إلى مسيرة التقدم شمال ‪/‬جنوب‬

‫لقد عمل المغرب‪ ،‬الذي نبذ العنف دائما وانحاز حضاريا إلى خيار الحوار‪ ،‬واهتم بتحقيق التقدم واالزدهار لبالده‪ ،‬عمل بال كلل لمدة ‪ 44‬عامًا على إضفاء الشرعية‬ ‫بكل السالم على وحدته الترابية من طنجة إلى كويرة‪.‬‬ ‫ظهرت هذه الروح الحكيمة والعقالنية مرة أخرى في الخطاب المهم الذي ألقاه الملك محمد السادس في السادس من نوفمبر‪ ،‬بمناسبة االحتفال بالذكرى السنوية‬ ‫الرابعة واألربعين للمسيرة الخضراء ويمكن اعتباره عالمة فارقة في عملية استكمال الوحدة الترابية للمملكة‪.‬‬ ‫في هذا الخطاب المتجه نحو المستقبل‪ ،‬أكد جاللته على أن «المسيرة الخضراء كانت وستظل الرمز المطلق للتعايش الذي يوحد العرش والشعب بشكل ال ينفصم»‪.‬‬ ‫أعلن صاحب الجاللة الذي أصر على وحدة المملكة غير القابلة للتجزيء‪ ،‬عن خطط لتعزيز التنمية الشاملة على المستوى الوطني‪ ،‬مكررًا إرادة الملك والشعب في‬ ‫االلتزام السلمي بعملية األمم المتحدة وقرارات مجلس األمن‪ ،‬من أجل حل توافقي لـ «مغربية ال جدال فيها» ألقاليمنا الجنوبية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫موقفا واضحًا‪ ،‬مستوحى من إيمان ال يتزعزع بالعدالة في قضيتها وشرعية حقوقها»‪،‬‬ ‫وقال جاللته‪« :‬فيما يتعلق بمغربية الصحراء‪ ،‬فقد أظهرت المملكة دائمًا‬ ‫ً‬ ‫مضيفا أن هذا المنظور تعززه حقيقة أن عدد الدوب الساحبة العترافها يتنامى باستمرار‪ ،‬بعد أن وصل اليوم إلى ‪ 163‬دولة‪ ،‬ال تعترف بهذا الكيان الوهمي‬ ‫«البوليساريو»‪ .‬هذا باإلضافة إلى االتفاقيات االستراتيجية المهمة التي تربط المغرب بالقوى الكبرى وبعدد من البلدان األخرى‪ ،‬والتي تغطي جميع أنحاء المملكة‪،‬‬ ‫بما في ذلك األقاليم الجنوبية الموحدة‪.‬‬ ‫إن الصدى اإليجابي للخطاب الملكي وصل مداه إلى الجزائر وموريتانيا‪ ،‬حيث ظهرت مواقف جديدة لمسؤولي نواكشوط وقادة سياسيين كبار في الجزائر لصالح‬ ‫مغربية الصحراء التي ال جدال فيها‪.‬‬ ‫إيمان المملكة الذي ال يتزعزع بعدالة قضيتها الوطنية األولى‪ ،‬وااللتزام الدولي الكبير بحقوق المغرب الثابتة في صحرائه يجعله في موقع القوة من إدارة‬ ‫التفاوض على نتيجة سياسية واقعية لهذا النزاع المصطنع الموروث من عصر الحرب الباردة البائد‪.‬‬ ‫«اإليمان الذي جعل استعادة الصحراء ممكنًا في عام ‪ 1975‬ال يزال مستمراً حتى اليوم‪ ،‬وما‬ ‫زالت روح المسيرة الخضراء تدفعنا إلى األمام ونحن نلتزم بتطوير ناجح للمغرب» قال الملك مؤكدا‬ ‫من جديد طموح المغرب في أقاليمه الجنوبية التي «تشكل حلقة وصل حقيقية بين المغرب وبقية‬ ‫إفريقيا»‪ .‬جغرافيا وإنسانيا واقتصاديا‪،‬‬ ‫مشددا على أنه‪ ،‬منذ ذلك الحين‪ ،‬تغيرت خريطة المغرب حيث أشار محمد السادس إلى أن‬ ‫إعدادات الوطن‪ ،‬حيث الرباط في الطرف الشمالي من التراب الوطني‪ ،‬وأكادير في وسطها‪ ،‬ما تزال‬ ‫في إطار االستيعاب‪ .‬مع وضع ذلك في االعتبار‪ ،‬دعا جاللته إلى التفكير الجاد في إنشاء خط سكة حديد‬ ‫بين مراكش وأكادير‪ ،‬مع األخذ في الحسبان إمكانية توسع يشمل بقية األقاليم الجنوبية‪.‬‬ ‫وقال الملك «ندعو أيضًا إلى تطوير شبكة الطرق التي نعززها بالفعل من خالل إنشاء الطريق‬ ‫السريع أكادير الداخلة» ‪ ،‬شريطة أن يسهم هذا الخط ليس فقط في فتح المجال بأكمله أمام‬ ‫المنطقة‪ ،‬ولكن خاصة تنميتها وتطويرها اقتصاديا‪.‬‬ ‫«يجـــــب أن يعــزز نــــقـــل‬ ‫األشخاص والبضائع من خــالل‬ ‫دعم القطاعات االقتصادية بشكل‬ ‫عام‪ ،‬وأنشطة التصدير والسياحة‬ ‫بشكـــل خاص‪ ،‬مع العلم أن البنية‬ ‫التحتية هي وسيلة أساسية لخلق‬ ‫العديد من فرص العمل ليس فقط‬ ‫في جهة سوس‪ ،‬ولكن أيضا في‬ ‫جميع المناطق المجاورة‪ ،‬مضيفا‪:‬‬ ‫«المغرب الذي نريده يجب أن يبنى‬ ‫بروح من الوئام والتكامــل بيــن‬ ‫المناطق»‪ .‬أصــر محمـــد السادس‬ ‫على أن التنمية الترابيــة يجــب أن‬ ‫تستنـــد إلى التعاون بين المناطق‬ ‫وتكاملها‪.‬‬ ‫«إن اهتمامنا بضمان تنمية‬ ‫متوازنة وعادلة‪ ،‬تستفيد منه جميع‬ ‫مناطق المملكــة يوازيه التزامنا‬ ‫بإقامة عالقــات صحيـة قويـــة مع‬ ‫الدول الشقيقة المغاربية»‬ ‫في هذا الصدد‪ ،‬تجدر اإلشارة‬ ‫إلى أنه من بين فقرات الخطاب‬ ‫الملكي التي حظيت باهتمام خاص‪ ،‬تلك التي تعلقت بتوحيد المغرب الكبير‪ ،‬حيث دعا القادة‬ ‫المغاربيين الجدد إلى الخروج من «الجمود» المزمن في ما يتعلق بالصراع المصطنع الذي نشأ حول‬ ‫الصحراء‪ ،‬وذلك من أجل تفعيل البناء المغاربي الذي تطمح إليه شعوب المنطقة‪.‬‬ ‫لقد كان لهذا النداء صدى قوي في عواصم البلدان المعنية‪.‬‬ ‫في نواكشوط‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬تبنى وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل أحمد ولد أحمد‬ ‫موق ًفا إيجابيًا وبنا ًءا على الفور‪ ،‬والذي يعتقد أن الوقت قد حان إلغالق فصل الصراع المصطنع حول‬ ‫قضية الصحراء‪.‬‬ ‫وقال الوزير «موريتانيا ال يمكن أن تظل محصورة في موقف المتفرج في ما يتعلق بالصراع في‬ ‫الصحراء»‪ ،‬مضي ًفا‪« :‬نريد حل هذا النزاع في أسرع وقت ممكن‪ ،‬ألن الوقت قد حان إليجاد حل عادل‬ ‫ومستدام ومقبول لجميع األطراف‪ .‬هذا الصراع تسبب في الكثير من المعاناة لشعوب المنطقة أدت‬ ‫إلى تعطيل اتحاد المغرب العربي‪.‬‬ ‫في الجزائر أيضًا‪ ،‬على الرغم من عدم وجود صدى على المستوى الرسمي‪ ،‬فإن الرد الذي يتعارض‬

‫مع السياسة العدوانية التي يتبعها النظام العسكري الجزائري تجاه المغرب يقدمه لنا علي بن فليس‪،‬‬ ‫رئيس الوزراء السابق والمرشح لالنتخابات الرئاسية دجنبر المقبل‪ ،‬الذي استوعب يد ملك المغرب‬ ‫الممدودة للجزائر لتسوية الخالفات الثنائية‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال بشكل تلقائي‪« :‬تطبيع العالقات بين الجزائر‬ ‫والرباط يعتمد على إنشاء لجنة مغربية جزائرية مشتركة مكلفة بدراسة سبل إصالح الخالفات الثنائية‬ ‫بين البلدين‪ .‬إن المغاربة هم إخواننا وجيراننا والجزائريون ليسوا أعداء المغرب وال خصوم الشعب‬ ‫المغربي »‪.‬‬ ‫ولدى سؤاله عن مسألة إغالق الحدود المشتركة منذ عام ‪ ،1994‬قال بنفليس بأنه يؤيد إعادة‬ ‫فتح الحدود‪ ،‬مقدرا بأنه «يجب طرح هذا السؤال في سياق ملف كامل»‪.‬‬ ‫وحث قائ ً‬ ‫ال «علينا التفاوض والمناقشة»‪ ،‬دون استثناء إمكانية الوصول إلى «حلول من خالل‬ ‫الحوار واالجتماعات»‪.‬‬ ‫إن هذا االخروج الصريـــح للسيد علي بنفليــس شكــل صدى ينضـاف إلى تصريـــح القائد‬ ‫الجزائري عمار سعداني الزعيم‬ ‫السابق لجبهة التحرير الوطنــي‬ ‫(‪ )FLN‬والرئـــــيـــس السابــــق‬ ‫للبرلمـــان الجزائري)‪ ،‬والذي قبل‬ ‫أقل من شهر‪ ،‬قال بكل بوضوح‪:‬‬ ‫«الصحراء كانت وال تزال مغربية!»‬ ‫شكـراً لجبهـــة البوليساريو‬ ‫التي لم تثمـــن خــروج الوزيــر‬ ‫الموريتـــانـــي متهــمـــة إيــــاه‬ ‫بتأييد موقــف الربــــاط بشــأن‬ ‫النزاع الصحراوي‪ .‬ومــع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫االنفصاليين يعيشون في ظل‬ ‫صمت حــذر‪ ،‬إذ أن البيانات ذات‬ ‫الصلـــة من الزعيمين الجزائريين‬ ‫تقوض حسابـــات البوليساريـــو‬ ‫المدعومة علنيــا من قبل الجيش‬ ‫الجزائري‪ ،‬وغير المعتبرة من قبل‬ ‫الشعب الجزائري‪ ،‬والمتجاهلة على‬ ‫نحو متزايد في العالم‪.‬‬ ‫على الجبهة القارية‪ ،‬أكد الملك‬ ‫عزم المغرب على أن يصبح العباً‬ ‫رئيسياً في بناء إفريقيا الغد‪« .‬تريد‬ ‫بالدنا زيادة مستوى التجارة‪ ،‬وكذلك حجم االستثمارات المغربية في جميع أنحاء القارة‪ ،‬بنا ًء على‬ ‫المصالح المتبادلة النافعة‪.‬‬ ‫وقال الملك «الصحراء المغربية هي بوابة المغرب إلى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى‪ ،‬وتحتل‬ ‫المملكة اآلن مكانة بارزة في إفريقيا من خالل العالقات اإلنسانية واالقتصادية والسياسية والثقافية‬ ‫والدينية»‪.‬‬ ‫هذه هي الخطوط الرئيسية للخطاب الملكي‪ ،‬والتي تشكل فرصة جديدة لتسليط الضوء أيضًا‬ ‫على نموذج التنمية االقتصادية ألقاليمنا الصحراوية‪ ،‬حيث حشدت استثمارات ضخمة بلغت ‪ 7.7‬مليار‬ ‫يورو خالل الفترة ‪ 2021-2015‬والتي تدعم مجموعة من ‪ 650‬مشروعًا كجزء من سياسة متكاملة‬ ‫تركز على تعزيز التأثير االقتصادي واالجتماعي لألقاليم الجنوبية‪ ،‬والتي من المقرر أن تصبح مركزًا‬ ‫رئيسيًا للخدمات اللوجستية ومركزًا إقليميًا حقيقيًا‪.‬‬ ‫نخلص إلى القول أنه بإمكان أعداء الوحدة الترابية للمملكة تخيل األمر! المغرب بخير في‬ ‫صحرائه‪ ،‬والصحراء مغربية !‬


‫امللحـق الثقافـي‬ ‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1020‬ـ الثالثاء ‪ 19‬إلى ‪ 25‬نوفمبر ‪2019‬‬

‫خـا�ص‬

‫الشعر‬ ‫الثمانيني‬

‫الق�صيدة‬ ‫الثمانينية‬ ‫باملغرب �أ�سئلة املـ�آل‬ ‫�إعداد وتن�سيق ‪:‬‬

‫ـــ عبدال�سـالم امل�سـاوي‬ ‫ـــ عبدالإله الـمويـ�سي‬

‫ال�شعر الثمانيني يف املغرب‬ ‫المرجعيات‪ ..‬والمتخيل‬ ‫بالتركيز على فترة الثمانينيات التي يستهدف هذا الملف‬ ‫مساءلتها‪ ،‬نستطيع القول إن مرجعية الثمانينيين تتكون‬ ‫أساسا من رصيد المقروء الغربي إبداعا وفـكرا‪ ،‬خصوصا بعد‬ ‫انفتاح المناهج التعليـمية على الثقافتين الفرنسية واإلنجليزية‪،‬‬ ‫وبتوجيه من النماذج الشعرية التي أخذت تفرض وجودها‬ ‫كاتجاهات فنية قائمة الذات لشـعراء من سوريا (أدونيس)‬ ‫وفلسطين (محمود درويش) والـعراق (السياب والبياتي وسعدي‬ ‫يوسف)‪ .‬باإلضافة ــ طبعا ــ إلى مرجعية المعيش في الزمن‬ ‫المغربي المعاصـر‪ ،‬تلـك التـي تعطـي للنص نكهته الحيوية‪.‬‬ ‫لقد أدرك الشعراء الثمانينيون أن النص الحقيقي ال يكتسب‬ ‫شرعيته كفن من الرفض الجاهز والموقف المهيأ في أروقة‬ ‫المقرات الحزبية‪ ،‬ذلك أن النص ليس شارة احتجاج تعمل في‬ ‫السطح‪ ..‬بل هو الشكل األخير الذي تسفر عنه مواجهة الذات‬ ‫للعالم باللغة المنفتحة على تعدديتها‪.‬‬ ‫إن أول خصوصية تصادفنا في الشعر الثمانيني هي‬ ‫أن المعنى محروس بأقفال الصياغة وألغاز العبور إلى داخل‬ ‫النص‪ ،‬بمعنى أنه ال مجال لالستهالك المجاني والسريع الذي‬ ‫عودنا عليه النص السبعيني أيام كان العنوان يكفي لنقل‬ ‫صورة مختصرة عنه‪ ،‬علما بأن لهذا التوجه مبرراته في الثقافة‬ ‫والمجتمع‪ .‬وعندما نقول أقفال الصياغة وألغاز العبور إلى النص‬ ‫فإننا نقصد ــ بالطبع ــ الوظيفة الشعرية التي أصبحت هاجسا‬ ‫أساسيا عند الشعراء‪ ،‬ألنها هي القادرة على احتضان تلك العالقة‬ ‫المعقدة بين اللفظ والمعنــى التي طالمـا أرقت حبر النقــاد‬ ‫القدامى والمحدثـيـــن‪ .‬والوظيفة الشعرية تستهدف في النص‬ ‫الثمانيني تقييد المعنى بالمعنى أو تكثيف اللغة بحثا عن شكل‬

‫فني يرتفع بالتجربة إلى أفق تمتين األواصر بين الداللة والرؤية‪.‬‬ ‫إنه لما كان الوزن العروضي هو المكون الرئيس في الشعر‬ ‫المغربي الستيني والسبعيني أو هو شفيع الشعراء أمام نقادهم‪،‬‬ ‫فإن التطويح به جزئيا أو كليا في النص الثمانيني كان عالمة‬ ‫دالة على أن ثمة مكونات أخرى ستكتسب مكانة الوزن من‬ ‫دون أن تكون هذه المكونات محددة بشكل دقيق أو حاضرة‬ ‫في وعي الشاعر سلفا‪ .‬ولربما أسعفنا المصطلح الذي عبر عنه‬ ‫الشاعر محمد بنيس بـ (الشعرية المفتوحة)؛ ألن مكونات النص‬ ‫الثمانيني متعددة ويصعب ضبطها بلغة واصفة مباشرة‪ ،‬أو‬ ‫حصرها في خانات معدودة‪ .‬وفي اعتقادنا أن النقاد لم يبارحوا‬ ‫أفقا سهال متيسرا‪ ،‬وهم يعيدون كالم بعضهم البعض أثناء‬ ‫ادعائهم الكتابة عن هذه التجربة؛ ألن الخلفية النظرية التي‬ ‫يصدرون عنها‪ ،‬ما تزال أسيرة التصورات النقدية التقليدية‪.‬‬ ‫بمعنى أنها ال تساير ذلك المدى المفتوح الذي تخترقه اللغة‬ ‫الشعرية‪.‬‬ ‫لقد تحدد مصير هذه اللغة بمصير المفهوم الشعري‬ ‫وتوجهات الوظيفة‪ ..‬فالشاعر الثمانيني ال يهمه أن يسمى شاعرا‬ ‫بقدر ما ينشغل بمواجهة مفارقات الوجود والمجتمع بمفارقات‬ ‫لغوية أقوى وأحدّ؛ وهو يركب أقصى درجات المكر التعبيري من‬ ‫أجل تحقيق هذه الغاية متمثال في ذلك كل ما تتيحه اللغة من‬ ‫وسائل الكشف‪ ،‬وما توفره كذلك من أستار اإلخفاء‪ .‬إنها لعبة‬ ‫تتراوح بين اإلفصاح عندما يدعو المألوف إلى التكتم‪ ،‬وبين‬ ‫اإللغــاز والطمس عندما يتعلق األمر بالمعروف والسائد‪.‬‬ ‫وإذا كانت النماذج النصية السابقة عليه‪ ،‬تركب مطية‬ ‫األساطير الجاهزة ركوبا متعثرا في غالب األحيان‪ ،‬فقد كان على‬

‫• عبد السالم المساوي‬ ‫النص الثمانيني أن يخلق إطارا جماليا خارج المتخيل الموطوء‪،‬‬ ‫وذلك بواسطة إيجاد أساطيره الخاصة التي ينتمي أبطالها‬ ‫الخارقون إلى المعيش اليومي دون أن يفتقدوا إلى العجائبية‬ ‫التي وسمت مواقف األبطال الميثولوجيين وأفعالهم‪ .‬فليس‬ ‫شرطا أن يكبر المعنى ويتضخم إال إذا تدخلت اآللهة وأنصافها‬ ‫في حياة البشر على النحو الذي نقرأه في كتب األساطير القديمة‪.‬‬ ‫إن اإليقاع الجديد للحياة أوجد من المفاهيم واألنماط ما‬ ‫يدهش صناع النماذج العليا أنفسهم في األزمنة المقدسة‪.‬‬ ‫لذلك تختفي تلك القضايا الكبرى لتعوضها القضايا الصغرى‬ ‫المدعومة بالتدفق المنساب لألشياء والناس والكائنات في‬ ‫الحياة الحقيقية‪ ،‬دون الوقوع ــ طبعا ــ في شرك المباشرة‬ ‫والتقرير‪ .‬كما أن المتخيل في هذه النصوص ال يساوم على‬ ‫عمقه بالرغم من تراجع الحضور الشكلي للصورة الشعرية؛ بل‬ ‫نستطيع القول إن الصورة لم تعد تتغذى على بهرجة البالغة‪..‬‬ ‫البالغة التي جرى التقعيد لها اعتمادا على النصوص الرسمية‬ ‫(النصوص المقدسة وشبه المقدسة‪ .)..‬وهكذا حلت الصورة‬ ‫الذهنية محل الصورة اللفظية التي تدفع بالمعنى إلى التضخم‬ ‫تشبيها أو مجاورة أو مبالغة؛ ألن الصورة الذهنية تراهن أساسا‬ ‫على اختمار التجارب ونضجها في وجدان الشاعر وفكره بالقدر‬ ‫المطلوب فنيا‪.‬‬ ‫إن المتخيل الجديد يراهن على التحول الحقيقي للمعنى‪،‬‬ ‫وتحول المعنى كفيل بأن يخترع لغته معجما وتركيبا ورموزا‪..‬‬ ‫هذا هو الحد الجوهري الذي تتأسس به الحساسية الجديدة التي‬ ‫تؤشر على وجود وعي شعري مختلف‪ ،‬وإن كان هذا الوعي ال‬ ‫يجحد خلفياته المرجعية المتنوعة‪.‬‬

‫(البقية ص ‪)10‬‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫ال�شعر الثمانيني يف املغرب‬ ‫المرجعيات‪ ..‬والمتخيل‬ ‫(تتمة ص ‪)9‬‬ ‫قد تطرح مسألة اإليقاع في النص الثمانيني موضوعا إشكاليا لم‬ ‫يحسم فيه إلى اآلن‪ ،‬وإن حاول بعض الشعراء والنقاد أن يعلنوا في حقل‬ ‫التداول عن مصطلح يختزل التشعبات ويرضي الباحثين عن الحلول‬ ‫الجاهزة‪ .‬وهو مصطلح (قصيدة النثر)‪ .‬وهو حل وجد ــ فيما يبدو لنا ــ‬ ‫مشروعيته المؤقتة في غياب الدراسة الشمولية التي ينبغي أن تنطلق‬ ‫من أسس نظرية غير محكومة بالقوانين السالفة‪ ،‬وغير متكئة على‬ ‫استراتيجية المقارنة الظالمة‪ ،‬بل يجب أن تخلق منهجها الخاص‪ ،‬ذاك‬ ‫الذي توجد مالمحه األولية في رحم النصوص اإلبداعية ذاتها‪ .‬فأمام‬ ‫توسع مفهوم اإليقاع وتعدد مستوياته‪ ،‬فإنه لم يعد من مبرر لالكتفاء‬ ‫بمقارنة العروضين ــ القديم والحديث ــ بالبنيات اإليقاعية المفتوحة‬ ‫التي تبشر بها هذه النصوص‪.‬‬ ‫وإذا كنا قد سلمنا بوجود شعرية داخلية مختلفة عن الشعرية‬ ‫الخارجية المحددة في قوانين علمية سبق تركيمها في كتب البالغة‬ ‫والعروض‪ ،‬فإن محك السؤال سيظل مرهونا بالحفر في هذه الشعرية‬ ‫الداخلية والكشف عن طبقاتها المتداخلة‪ .‬وما نقوله‪ ،‬هنا‪ ،‬عن النصوص‬ ‫الثمانينية ال يعني التعميم والتعويم‪ ،‬ألن ثمة نصوص أخرى تظل‬ ‫منضبطة لتعاليم القواعد السالفة وإن كانت تنتسب في تاريخيتها إلى‬ ‫عقد الثمانينيات‪ .‬إن المعيار ال بد أن يستند إلى رؤية نقدية شمولية تضع‬ ‫في اعتبارها قضية تداخل أزمنة شعرية في مرحلة زمنية واحدة‪ .‬وربما‬ ‫يكمن هنا سر المغالطات التي تنطوي عليها فكرة التجييل أو التحقيب‪.‬‬ ‫سيكون‪ ،‬إذا‪ ،‬من باب التكرار التذكير بأن النص الشعري ال ينوجد‬ ‫باإليقاع فحسب‪ ،‬أو ال تتحدد وضعيته باإلطار الخارجي الجاهز‪ ،‬فهذا تصور‬ ‫سبق التنصيص عليه من قبل الرومانسيين ودعاة التجديد بعدهم‪ ،‬كما‬ ‫أن بيانات أدونيس الشعرية وزمالئه في مجلة (شعر) كيوسف الخال‬ ‫وإنسي الحاج‪ ،‬قد أتخمتنا بتصورات نظرية ــ متطرفة أحيانا ــ كانت في‬ ‫الغالب تفوق المتحقق من نصوصهم اإلبداعية؛ ولكننا لن نغامر إذا قلنا‬ ‫إن السبق النظري عندهم قد أتى أكله في نصوص الشعراء المغاربة‬ ‫الموسومين بالثمانينيين‪ .‬ليس ألنهم تلقفوا بشائر التجديد وطبقوها‪،‬‬ ‫ولكن ألن الشروط الذاتية والموضوعية قد وجدت ــ أخيرا ــ طريقها إلى‬ ‫حالتهم‪ ،‬ال سيما بعد أن تشبع وعيهم بتلك الخلفيات‪.‬‬ ‫إننا‪ ،‬ونحن نرصد تحوالت النص الثمانيني‪ ،‬ال نعني سيادة النمط‬ ‫الواحد لدى كل األسماء‪ ،‬كما ال نصادر على التحوالت التي عرفتها نصوص‬ ‫الشعراء السابقين عليهم ممن ظهرت أسماؤهم في ساحة التداول‬ ‫الشعرية في المغرب إبان عقدي الستينات والسبعينات؛ ألن من هؤالء‬ ‫من أدركه إعصار التحول فقرر شن القطيعة مع التجربة السابقة‪ ،‬التي‬ ‫فرضها منطق التوجه اإليديولوجي‪ ،‬لينخرط في تجربة أخرى تستجيب‬ ‫للوعي الجمالي الجديد‪ .‬وربما فاق بعضهم في ذلك النماذج التي يكتبها‬ ‫الثمانينيون‪ .‬من يقرأ اليوم نصوص الشعراء‪ :‬محمد السرغيني‪ ،‬ومحمد‬ ‫بنطلحة‪ ،‬ومحمد بنيس‪ ،‬ومحمد األشعري‪ ،‬والمهدي أخريف‪ ،‬ورشيد‬ ‫المومني‪ ،‬وأحمد بلبداوي وغيرهم‪ ،‬سيعــرف أن نصوصهم الحالية أكثر‬ ‫جدة وانفتاحا على أفـــق شعري مختلـــف من نصوص بعض الشعراء‬ ‫المنتميــن بالفعــل إلى الثمانينيات‪.‬‬ ‫ثمة مؤشر آخر ال ينبغي استبعاده‪ ،‬ونحن نحاول االقتراب من الشعر‬ ‫الثمانيني‪ ،‬وهو ما يمكن أن نصطلح عليه بـ «المقصدية»‪ ،‬ذلك أن أية‬ ‫تجربة فنية مهما غالت في توجهاتها الحداثية‪ ،‬فإنها تظل مرهونة بما‬ ‫يريد وعي المبدع أو الوعيه توصيله إلى المتلقي‪ ،‬ألن النص الشعري هو‬ ‫قبل كل شيء خطاب يستوعب أطرافه التداولية؛ والوجود الضروري لهذه‬ ‫األطراف يحتم قيام الجدوى من وجود التجربة النصية‪ .‬وهكذا تتواشج‬ ‫العالئق المتنوعة ليسفر األمر عن حمولة معنوية شديدة الكثافة تعطي‬ ‫متلقيها بحسب قدرته المعرفية والحدسية‪ ،‬وتبعا لصبره على اختراق‬ ‫األدغال الرمزية كي يتمكن من استخالص المعنى الذي يبقى بحاجة‬ ‫إلى معنى‪.‬‬

‫جيل‬ ‫الثمانينيات‬ ‫«جيل الثمانينيات‪ ،‬حقق تحوالت مشهودا لها في‬ ‫بنية القصيدة المغربية‪ ،‬رغم تقصير النقد حاليا في‬ ‫االنتباه إليها‪ ،‬إذ شكلت تلك المرحلة انتقاال بين الجيل‬ ‫السبعيني الذي ّ‬ ‫مثل البداية الحقيقية لشعر الحداثة‬ ‫بالمغرب وجيل التسعينيات الذي وجد أمامه طريقا‬ ‫معبدة الختيار آفاق مغايرة‪ .‬وككل مرحلة انتقالية وجد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ ‬نابعة من السؤال الرئيسي‬ ‫متنوعة‬ ‫جيلنا أمامه تحدياتٍ‬ ‫ٌ‬ ‫جدال‬ ‫حول عالقة المثقف بالواقع‪ ،‬نجم عن هذا السؤال‬ ‫ثقافي عميق حول عالقة القصيدة من جهة بتحوالت‬ ‫العصر‪ ،‬بعد طغيان ما سمِّيَ بشعر االلتزام عند شعراء‬ ‫السبعينات‪ ،‬ومن جهة أخرى في مدى حفاظها على‬ ‫مائها الشعري الجمالي وانسيابها المطلق في عوالم‬ ‫الذات الشاعرة‪ ..‬وبين الحفاظ على قصيدة التفعيلة أو‬ ‫االنسياق وراء قصيدة النثر‪ ..‬جيل الثمانينات عرف نقاشا‬ ‫طويال على صفحات المجالت والجرائد الجادة حول‬ ‫قضايا ثقافية‪ ..‬الشيء الذي يفتقد اآلن‪..‬‬ ‫كان الظرف السياسي حارقا نهاية السبعينات‪،‬‬ ‫وصادفت بداية الثمانينات بداية دراستي الجامعية‪،‬‬ ‫وبالتالي بداية االنخراط مع الطلبة في قضايا‬ ‫سياسية‪ ..‬فكان طبيعيا أن تأتي أولى القصائد محملة‬

‫ثريا ماجدولين‬ ‫بعشق الوطن‪ ،‬ولم أجد كبير عناء في نشر قصائدي‬ ‫على صفحات الجريدة رغم سني المبكرة‪( ‬سبعة‬ ‫عشر سنة)‪ ‬خاصة وأن األقالم النسائية كانت قليلة‬ ‫جدا آنذاك‪ ..‬ولم يكن الظرف الثقافي بمنأى عن‬ ‫السياسي‪ ..‬بل كان رديفا له‪ ..‬وكان أغلب ما نشرته‬ ‫في هذه البدايات عبارة عن قصائدَ نضاليةٍ وعن‪ ‬واقع‬ ‫سياسي موقوت‪ .. ‬في هذه الفترة‪ ‬لم يكن هناك تساهل‬ ‫مع المبدعين الشباب‪..‬كنا ننشر في جريدة المحرر‪،‬‬ ‫ومنا من كان ينشر في جريدة العلم أو البيان‪ ،‬وكانت‬ ‫هناك متابعة دائمة لما نكتب من طرف النقاد‪ ،‬حيث‬ ‫تتولى تلك الجرائد نشر مقاالت نقدية عن كتاباتنا‬ ‫الشعرية‪ ،‬وغالبا ما كانت تلك القراءات قاسية‪..‬لم تكن‬ ‫هناك مجامالت‪ ،‬إذ لم يكن هناك تواصل أو معرفة‬ ‫مسبقة بأوالئك النقاد‪ ،‬كانت كتاباتهم عبارة عن تقييم‬ ‫للقصائد المنشورة‪ ،‬شكال وموضوعا ولغة وبنية وتخييال‬ ‫وصورة وإيقاعا‪ ..‬كأنما هي امتحان لنا للمضي أو للتوقف‬ ‫عن كتابة القصيدة‪ ..‬ومازلت أحتفظ بنسخ من تلك‬ ‫األعداد من جريدة المحرر الرائدة‪ ..‬وأقول اآلن ليت تلك‬ ‫المتابعة النقدية استمرت اآلن‪ ،‬بنفس الن َفس‪ ،‬لعلها‬ ‫تفيد في غربلة المشهد الشعري الراهن‪. »...! ..‬‬

‫حة ِّ‬ ‫رائ َ‬ ‫واء البَعيدة وَال‬ ‫ال�ش ِ‬ ‫ال � ْأ�ستطيعُ �أن � ْأمنعَ ِ‬ ‫عات ُ‬ ‫َّ‬ ‫عن ُلغتي‪ .‬كلما َح ُ‬ ‫اخل ْبز ْ‬ ‫أم�سك ِبك‬ ‫اولت � ْأن � ِ‬ ‫بائ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫و ْ‬ ‫لما‬ ‫ال�سريعة‪ .‬ك َ‬ ‫ت�سبقني �إلى ُّ‬ ‫ال�صور َّ‬ ‫َجدت �صورة � ِأبي ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رَ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َحاولت � ْأن �أعتف باحل ّب‬ ‫تبيعُ‬ ‫وجدت �أمِّ ي َجال�سة ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫�ضج‬ ‫وحدي و َر�أ�سي ُ�سوق قروية ت ُّ‬ ‫اخل ْب َز‪ .‬وها �أ َنذا ْ‬ ‫دائم ًا هذا َّ‬ ‫الناعم َّ‬ ‫ال�ضجيج َّ‬ ‫النائي ي َْقرتب‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫عاقب الن ْ�سيان‪ ،‬وَهذا االغ ِتباط‬ ‫الذي يُ ِ‬ ‫َهذا التذكر ِ‬ ‫يت ِبال عَ زاء‪.‬‬ ‫يُ‬ ‫وجه مَ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وجهي‪ ،‬ك�أ َّنه ْ‬ ‫�ضيء ْ‬

‫من ديوان‪:‬‬ ‫�أذى كاحلب‬

‫حسن نجمي‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫أحمد العمراوي‬ ‫ٌ‬ ‫تخلف �أ َنا‬ ‫مُ‬ ‫فهم العالقة‬ ‫عن ْ‬ ‫ال�صفر َّ‬ ‫بينْ‬ ‫والدائرة‬ ‫ِّ‬ ‫واالم ِتداد‬ ‫بني ا ْلعتبة‬ ‫ْ‬ ‫بينْ َهاء الآه‬

‫و�ألف االبتداء‬ ‫مُ ِّ‬ ‫تخلف‬ ‫اع رِتايف‬ ‫لعدم ْ‬ ‫ِب َج ْدوى � َ‬ ‫إدخال �آلة‬ ‫كن�س � ْأفكاري‬ ‫َت ِ‬ ‫بوَ �سائل جديدة‬ ‫يف �أ�سفل خُ ّ‬ ‫مي‬

‫حيث ال َ‬ ‫أر�ضة‬ ‫ْ‬ ‫تجمام ًا‬ ‫ا�س ْ‬ ‫مُت ِار�س ْ‬ ‫ياحي ًا‬ ‫ِ�س‬ ‫ّ‬ ‫راق ْ‬ ‫�صفراء‬ ‫عَ لى � ْأو ٍ‬ ‫ُ‬ ‫أتوهمها‬ ‫يوم �‬ ‫ُ‬ ‫كنت ذات ْ‬ ‫املِ فتاح‬ ‫غي ٍب‬ ‫َن ْحو ْ‬ ‫َك�ش ُفني‬ ‫ي ِ‬

‫الر�أْ�س‬ ‫ِب َ‬ ‫اب بينْ َّ‬ ‫حج ٍ‬ ‫َو� ْأ�ستار ما اخرتتها‬ ‫من ق�صيدة‪:‬‬ ‫�أنا مغربي ومتخلف طبع ًا‬

‫وفاء العمراني‬ ‫كي ال � ْأق ِط َ‬ ‫ف َّ‬ ‫الزبَد‪ ‬‬ ‫ِل ْ‬ ‫َو�أ�سكن الزوايا‪ ‬‬ ‫�أو كالعُ ّليق‪ ‬‬ ‫ُ‬ ‫باجل ْدران‪ ‬‬ ‫�أَ ْ�ص َطدم‬ ‫علي �أن �أعدو �إلى حريتي – َ‬ ‫�ض ْوئي‬ ‫ّ‬ ‫حيث تركتني‪ ‬‬ ‫� ُ‬ ‫أ�سكن اجلذوة وال َ�س ْقف يل‪ ‬‬ ‫�أَ ْ�سكن َّ‬ ‫�سي ُجني‪ ‬‬ ‫الظن وال ي َِقني يُ ّ‬

‫� ُ‬ ‫املوج‪ ‬‬ ‫أ�سكن ْ‬ ‫العا�شقني‪ ‬‬ ‫وقلوب‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ�ضفايف‪ ‬‬ ‫هان يف رجِّ امل�ألوف ‪:‬‬ ‫قال يل �آخري – ِر يِ‬ ‫اخرجي مني وحملك‪ ‬‬ ‫َاك‬ ‫�أنت وحبك الأخري – �أَ ْرو ِ‬ ‫اخرجا من جنتي‪!! ‬‬

‫من ديوان‪ :‬حني ال بيت‬

‫أوزع ُّ‬ ‫فا�صلي‬ ‫النجوم يف مَ ِ‬ ‫َ�س� ِ‬

‫أ�شرعُ يف القلب ُج�سور الغياب‬ ‫وَ�س� ِ‬ ‫رجفة املَوت‬ ‫�أداري ْ‬ ‫الليل‬ ‫حني تخبو يف مَ ِ‬ ‫فاتن ْ‬ ‫�سحاب مينحني ِخيامَ ه‬ ‫تك�سو ينابيع َ‬ ‫ُ‬ ‫واملوت زنبقة ْ‬ ‫اجل�سد‬ ‫كيف �أخرج من مثواك‬ ‫ْ‬

‫ثم �أن�شر �سوادي يف ف�ضائك َّ‬ ‫ال�شجي‬ ‫تة ْ‬ ‫املنفى‬ ‫كنب ِ‬ ‫وَحيدة ْ‬ ‫يف � ْأجرا�س ُتعلن دوم ًا بُ كائي‬

‫نجيب خداري‬ ‫اقرتبي‬ ‫الغرفة‪ ،‬الآن‪� ،‬أكرث ابرتاداً‬ ‫والقلب‪...‬‬ ‫زادت �أحزانه‬ ‫والطيور‪ ،‬التي يف اللوحة‬ ‫ْ‬ ‫غادرت‬ ‫اقرتبي‬ ‫ما الذي ي�ؤجج الرغبة‬ ‫يف زمن حتت ال�صفر؟‬ ‫هل هو مكر ال�سرير ‬ ‫�أم‬ ‫بئر‬ ‫عميقة‬ ‫بيننا؟‬ ‫من ديوان‪ :‬يد ال ت�سمعني‬

‫ُ‬ ‫الغارق يف َج�سدي‬ ‫الكون‬ ‫وهذا ْ‬ ‫ُ‬ ‫نزيف َزنابق‬ ‫َّ‬ ‫حطت يف مدافن الق ْلب‬ ‫ي�صغر هذا َ‬ ‫اجل�سد‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫اجلدران الغافيات يف َ�شكلها ال َّل ْولبي‬ ‫و�أنا َرمادٌ‬ ‫نا�سخ يف املِ ر�آة‬ ‫� َأت َ‬ ‫أك�ش ُف ْ‬ ‫عنف الجْ َ �سد‬ ‫و� ِ‬ ‫َ‬ ‫وخوائي‬ ‫قدمية‬ ‫�أُغنية َ‬ ‫غجر ِ‬ ‫ْ‬ ‫كانت َت�سرق َج�سدي‬ ‫ُ‬ ‫وتودعه َن�شيد المْ َاء‬

‫ُ‬ ‫كنت �أحفظ ُحزنها‬ ‫ُ‬ ‫فا�صيلها‬ ‫ام ْت َت‬ ‫َف حَّ‬

‫من ديوان‪ :‬تراتيل‬

‫الزهرة المنصوري‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫يف املوت‪ ،‬يف احلياة‬ ‫املا�ضية‬

‫عبد السالم المساوي‬

‫ُ‬ ‫ت َت َّ‬ ‫احد ًا حَ ْ‬ ‫ً‬ ‫اّ‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫ال�ش ْم ِ�س‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫يد‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫�أ ِ ِ‬ ‫الَ ْم ِك َ‬ ‫نة ا ْل َق ِدمي َ​َة‬ ‫َت َر ْك ُت َل ُه ْ أ‬ ‫اهي‬ ‫َوالمْ َ َق ِ‬

‫اء ا ْل ُق َدامَ ى‬ ‫َت َر ْك ُت َل ُه ْ أ‬ ‫الَ ْ�ص ِد َق َ‬

‫عزيز أزغاي‬ ‫ثانية‪ .‬يف � َّ‬ ‫ْ‬ ‫الوا�ضحة‪ .‬يف‬ ‫اللحظة‬ ‫ثانية‪ .‬يف‬ ‫أقل من‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التام‪ .‬يف مَ ْ�ش َت ِل َ‬ ‫ْ‬ ‫اخليانات‪.‬‬ ‫ا�سرتاحة‬ ‫الغ َز ْل‪ .‬يف‬ ‫الغمو�ض‬ ‫ّْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ارمتاءة‬ ‫من نحو العدمْ ‪ .‬يف العدمْ ‪ .‬يف‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫التفاتة ُامل ْؤ� ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مظالت‪.‬‬ ‫بعيد بال‬ ‫�شتاء‬ ‫الليل‪ .‬يف‬ ‫تواتر‬ ‫البهلوان احلر ْة‪ .‬يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫ْ‬ ‫الكورال‪ .‬يف املو�سيقى‪ .‬يف‬ ‫�شجن‬ ‫العزف املنفردْ ‪ .‬يف‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫التبا�س‬ ‫الرتاتيل‪ .‬يف‬ ‫الة املاكر ْة‪ .‬يف‬ ‫مو�سيقى اجلا ْز‪ .‬يف َّ‬ ‫ال�ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ�صابع‪.‬‬ ‫أطراف ال‬ ‫الأحاجي‪ .‬يف الت�سلل على �‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الغمو�ض‬ ‫الغياب‪ .‬يف‬ ‫املي ِت‪ .‬يف‬ ‫ْ‬ ‫يف ال�شرودْ ‪ .‬يف احل�ضور ّ‬ ‫ِ‬ ‫الناعم‪ .‬يف �سواد الأدعية‪ .‬يف احلرب اخلفي‪ .‬يف ر�سائل‬ ‫ْ‬ ‫اجلراحني‪.‬‬ ‫املنتحرين‪ .‬يف م�شارط القطن‪ .‬يف مق�صات‬ ‫َّ‬ ‫الل ِعب على احلبال‪ .‬يف ُامل َت ِع َّ‬ ‫يف َّ‬ ‫اله�شة‪ .‬يف الهدايا املاكر ْة‪.‬‬ ‫يف الأموال‪ .‬فيما تبقى من ر�أ�س املال‪ .‬يف الغمو�ض الذي‬ ‫ُ‬ ‫يربك املالئكة‪ .‬يف َ�ش َر ِك القنا�صني‪ .‬يف املوت‪ .‬يف احلياة‬ ‫املا�ضية‪..‬‬ ‫(‪)...‬‬

‫ثم‬ ‫كانت ُ‬ ‫ْ‬ ‫يد اهلل و َُد َ‬ ‫ود ًة‪،‬‬ ‫ود ُخطى املجروح َ‬ ‫وهي َت ُق ُ‬ ‫ني‬ ‫ْ‬ ‫ثانية‪.‬‬ ‫�سماء‬ ‫نحو‬ ‫ٍ‬

‫و َّ‬ ‫َالن َدامَ ى‬ ‫ا�س َت ْغ َل َق‬ ‫َك ْي َي�أْ ُخ َذ عَ ْنهُ ْم مَ ا ْ‬ ‫ِم ْن �أَ ْ�س َر ِاري‪..‬‬ ‫ُر ْك ِني فيِ الجْ َ ِر َ‬ ‫يد ِة‬ ‫لَ ْو َه ِام ِه‬ ‫َت َر ْك ُت ُه ِ أ‬ ‫َوالمْ ِ َن َّ�صات ا َّل ِتي َه َج ْر ُتهَا‬ ‫�صا َر يُ َر ِّددُ فيها‬ ‫َ‬ ‫ب َْع َ‬ ‫�ض �أَ ْ�ص َد ِائي‪..‬‬ ‫َت َر ْك ُت َل ُه ُك َّل َ�ش ْي ٍء‬ ‫وَا ْنعَ َط ْف ُت مِ َ‬ ‫اج ِعي‬ ‫بوَ ِ‬

‫َن ْحوَ َز ِاوي ٍَة فيِ المْ َ ِدي َن ِة‬ ‫�ص ِاد ُف ِظ ِّلي‬ ‫َلعَ ِّلي �أُ َ‬

‫�س و َِحيداً‬ ‫َو�أَ ْج ِل ُ‬ ‫وحي‪..‬‬ ‫ِبا ْل ُق ْر ِب ِم ْن ُر ِ‬

‫َك ِرهْ ُت ِّ‬ ‫الظلاَ َل ا َّلتي يمَ ْ ِ�شي ِبهَا وفيها‬ ‫َاحداً تحَ ْ َت َّ‬ ‫يد ِظ ًّ‬ ‫�أُ ِر ُ‬ ‫ال�ش ْم ِ�س‪..‬‬ ‫ال و ِ‬ ‫ُك ْن ُت �أَ ْح ِم ُل ُه عَ َلى َك ِت ِفي‬

‫يزيف‬ ‫َك َ‬ ‫�ص ْخ َر ِة ِ�س ِ‬ ‫و�س َ‬ ‫أُ� َه ْد ِه ُدهُ مِ ُ‬ ‫يقى‪:‬‬ ‫ب ِ‬ ‫َ‬ ‫(ل ْي ِلي َط ِويل‬ ‫مَ ا عَ ْن ُدو ِنهَايَة‪)...‬‬ ‫ات ِع َن ٍب َن ِاد ٍر‬ ‫َو أُ� ْل ِق ُم ُه َح َّب ِ‬ ‫ِم ْن بُ ْ�س َت ِان َنا ا ْلعَ ِتيق‪..‬‬

‫ي َْومَ هَا‬

‫َ‬ ‫َكا َن ِت َّ‬ ‫َاب ب َِار َز ٍة‬ ‫ال�شوَ ِارعُ ِب�أ ْني ٍ‬ ‫و َ​َك َ‬ ‫ا�صي ِدمَ اء‬ ‫�س مَ َّ�ص ِ‬ ‫ان وَا ْلعَ َ�س ُ‬

‫اح َة المْ ُ َقاوَمَ ِة‬ ‫َو�أَ َنا أَ� ْعبرُ ُ ِب ِه َ�س َ‬ ‫يح َت ْع ِز ُف فيِ ال َّل ْي ِل‬ ‫َالر ُ‬ ‫و ِّ‬ ‫وع‪..‬‬ ‫و ْ‬ ‫َ�ص َل َة ا ْلبرَ ْ ِد وَالجْ ُ ِ‬

‫َك َ‬ ‫َجهُ ُه َك ِط ْف ٍل َخ ِائ ٍف‬ ‫ان و ْ‬ ‫ا�س ِت ْج َداء‬ ‫وفيِ عَ ْي َن ْي ِه أَ� ْل ُف ْ‬ ‫يما ب َْعد‬ ‫عَ َّل ْم ُت ُه ِف َ‬ ‫َك ْي َ‬ ‫ف يُ ْف ٍر َغ ا ْل ِق ِّني َن َة‬ ‫َّ‬ ‫الد ْور َِق‬ ‫فيِ‬ ‫دُ َ‬ ‫ون أَ� ْن ي َُثو َر بُ ْر َك ُانهَا‬ ‫وَعَ َّل ْم ُت ُه َك ْي َ‬ ‫ف ي َُح ُّل‬ ‫مُ عَ ادَ َل ًة فيِ الحْ َ يَاة‬ ‫َلة‬ ‫ِب ُن ُق ٍ‬ ‫ود َق ِلي ٍ‬ ‫و َِب ْ�ض ِع �أُ ْم ِن َّيات‬

‫و َ​َك ْي َ‬ ‫وع‬ ‫ف ي َِ�سريُ َبينْ َ الجْ ُ ُم ِ‬ ‫و َ‬ ‫َال ي َْن َح ِني لأحد‪..‬‬ ‫َل ِك َّنه َغ َفا َذ َ‬ ‫ات َل ْي َل ٍة‬ ‫َو َر�أَى فيِ المْ َ َنام‬

‫�أَ َّن ُه ي ْ‬ ‫دان‬ ‫َخ ُط ُب يف المْ َ ْي ِ‬

‫�صار كل ليلة يحلم‬ ‫َ‬ ‫فل ْم َيبرْ َْح ِو َ�سادَ َة ُ‬ ‫اجل ُنون‬ ‫ِل َذ ِلك َفهوَ مَ ا ي َ​َزال‬ ‫ِإ� َلى ْال َآن ي ْ‬ ‫َخ ُط ُب فيِ المْ َ َنام!!‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫‪13‬‬

‫حوار‬ ‫لنا�شر‬ ‫مع ا‬

‫طارق السليكي‬

‫دار �سليكي �أخوين‬ ‫على هام�ش م�شاركته مبعر�ض بلغراد ب�صربيا‬

‫شاركــت دار «سليكي أخويـن» في العديد من المعـارض‬ ‫الدولية‪ ،‬غير أن مشاركتها هذه السنة تميزت باقتحامها لفضاء‬ ‫جغرافي يبدو أكثر إثارة‪ ،‬ويتعلق األمر بالمشاركة في المعرض‬ ‫الدولي للكتاب بصربيا‪ .‬كيــف تبلورت فكـرة السفر بالكتاب‬ ‫المغربي إلى أفق بهذا البعد؟‬

‫في الواقع كان المغرب السنة الفارطة ‪ 2019‬ضيف شرف الدورة‬ ‫وعرف حضور مجموعة من دور النشر المغربية وسألت العديد هذه‬ ‫السنة إن كان أحدا سيسجل حضوره في معرض بلغراد فعلمت أن ال‬ ‫أحد سيحضر فقررنا كمؤسسة أن نحضر ولنركب هذا التحدي إذ ال يحق‬ ‫أن يكون المغرب ضيفا للشرف والسنة الموالية لن تعرف حضورا مغربيا‬ ‫البتة وفكرنا أن تكون تجربة من بين التجارب فرصة الكتشاف اآلخر‬ ‫ومعرفة هذا القطر من العالم كيف يشتغل وفي كل حال من األحوال‬ ‫ستكون مفيدة‪ ،‬خصوصا وأن ضيف شرف هذه السنة هو دولة مصر‬ ‫الشقيقة قلت ربما أتقاسم معهم بعضا من زوارهم‪.‬‬

‫أول ما يتبادر إلى الذهن في مثل هذه المشاركة هو عائق‬ ‫اللغة‪ ،‬كيف تنظرون إلى القدرة التنافسية للغة العربية أمام‬ ‫اللغة الصربية‪ ،‬أو كيف قدرتم إمكانية جلب قارئ بعيد تماما‬ ‫لغويا؟‬

‫فحسب التجربة‪ ،‬القارئ باللغة العربية موجود في كل بقـاع الدنيا‬ ‫وال أعني بالضرورة القارئ العربي‪ ،‬والمستقبل ينبغي التأسيس له والذي‬ ‫اليجازف بشيء ال يمكن أن يربح أي شيء وكما أقول دائما أن طموحنا‬ ‫في الدار وربما يشاركني في هذا العديد من دور النشر أن الكتــاب‬ ‫المغربي ال ينبغي أن تغيب عنه الشمس‪ ،‬وهذا يتطلب كثيرا من الحب‬ ‫والشغف واإليمان بمقولة من سار على الدرب وصل‪ ،‬في صربيا‪ ،‬وفي‬ ‫الصين وفي كل الدنيا الناس متشبعة بلغتها ومؤمنة بها وتتطور بها‬ ‫ومن خاللها‪ ،‬هذه عقدة العربي‪ ،‬يظل طول الوقت يعبر عن إعجازها‬ ‫وإمكاناتها المذهلة ويخجل من جهله للغات أخرى أو يتبجح بها على‬ ‫حساب اللغة األم‪ .‬دعنا نركب هذا التحدي الجميل ولنتمسك بأن األرض‬ ‫كروية الشكل مهما حاول المتشككون‪.‬‬

‫أريد أن تضعنا في قلب األجواء التنظيمية لمعرض بلغراد؟‬

‫وبالمناسبة كانت تجربة استثنائية بكل المقاييس جعلتني أستبشر‬ ‫خيرا في المستقبل وكما يقول‪« :‬درويش على هذه األرض ما يستحق‬ ‫الحياة»‪.‬‬

‫الحظت تواجدا عينيا للسفير المغربي برواقكم‪ .‬مـــا هــي‬ ‫تقديراتكم لوعي هذا الرجل بالدور الذي يمكن أن تلعبــه‬ ‫الثقافة في التعريف بالمغرب ديبلوماسيا؟‬

‫سفير المملكة بصربيا السيد أمين بلحاج كان حاضرا حتى قبل‬ ‫االفتتاح بمعية مجموعة من موظفي السفارة لتجهيز الرواق معي‬ ‫والسهر على كل صغيرة وكبيرة وأقام حفل عشاء على شرف المشاركة‬ ‫المغربية أنا واألستاذ المدالوي الذي قدم محاضرتين هناك تحت عنوان‬ ‫التعدد الثقافي والهوية‪ ،‬إذ عبر عن فرحه وشكره على مشاركتي لهذه‬ ‫السنة‪ ،‬وال أخفيك سرا إن قلت لك أنني أول مرة أحس بدفء الوطن‪،‬‬ ‫الديبلوماسيا المغربية يمكن أن تجعل من أي مكان من العالم وطنا‪.‬‬

‫ما هي الصعوبات التي تتصورون أنها قد تواجـه ترويـــج‬ ‫الكتاب المغربي دوليا؟‬

‫المطلوب حسب اعتقادي هو أن تكون هناك عزيمة وإرادة حقيقية‬ ‫من لدن صناع الكتاب؛ الكتاب بضاعة يجب تسويقها كما تسوق كل‬ ‫بضاعات الدنيا لذلك يجب البحث عن بدائل عوض الجلوس والبكاء‬ ‫والنحب‪ ،‬رب ضارة نافعة‪ ،‬أزمة التوزيع هي التي جعلت العديد من‬ ‫دور النشر تركب مغامرة المعارض‪ ،‬وفي هذا اليفوتني أن أحيي وزارة‬ ‫الثقافة على مجهودات الكبيرة في دعم الكتاب حتى العديد من‬ ‫المعارض الجهوية والدولية وشكري وامتناني للسيد عبد اهلل صديق‬ ‫مدير المعارض على سعة صدره ودعمه وأحمد السرغيني كذلك‪ ،‬ويبقى‬ ‫أن النجاح اليمكن أن يتحقق إال بتضافر المجهودات وتغييب الذاتية‬ ‫واألنانية واستحضار المهنية‪.‬‬ ‫وحتى نكون منصفين فالمغرب حاضر في العديد من المعارض‬ ‫الدولية في انتظار أن نغطي القرات الخمس ونتغلب على المخاوف التي‬ ‫تسكننا وأن نكف عن االنتقاص من ذواتنا ونركب البحور دون الخوف‬ ‫من الغرق‪.‬‬

‫مع هذه المشاركات الدولية المتعددة والنوعية‪ ،‬كيف ترون‬ ‫إمكانية تطوير أداء المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء؟‬

‫أول ماينبغي اإلشارة إليه هو أن هناك مبنى ضخم مخصص للمعارض‬ ‫بشتى أنواعها إذ يشتغل على مدى السنة مكون من عدة أجنحه القاعة‬ ‫الكبرى دائرية على شكـل ملعب للثيران بقبة عالية وبهندسة مبتكرة‬ ‫وتعود لعقود من الزمن والتزال البنايات بكل فضاءاتها تحتفظ بكامل‬ ‫بهائها وجمالها والمعرض يجانب نهــر الدانوب األروقــة واألرضيـــة‬ ‫والترتيب والنظافة وكأنك في عرس حقيقي‪ .‬‬ ‫هناك أشياء أثارتني وربما مميزة لهــذا المعرض بالذات إذ تجد‬ ‫جناحا كبيرا في طابق علوي خصص للكتـاب المستعمل بأثمنــة جد‬ ‫زهيدة وهناك جناح خاص بالكنائس والكاتدرائيات تبيع فيها منتوجاتها‬ ‫وكتبها وحتى وزارتي الدفاع والشرطة لهما أروقتهما‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫قاعات للمحاضرات والندوات‪ .‬باختصار معرض يفتح شهيتك بشراهة‬ ‫لتعانق الجمال والمحبة وتغير نظرتك للعالم‪.‬‬

‫الجمال هو سر العالم‪ ،‬الشكل اليمكن إلى ينجح أو يفشل العملية‬ ‫برمتها حتى القنابل يتفننون في تشكيلها وتزينها فما بالك بالثقافة‪،‬‬ ‫أال يحق للكِتاب ُ‬ ‫والكتّاب واإلنسان المغربي بشكل عام أن يلج فضاء‬ ‫نظيفا جميال كل رفوفه وأروقته تنشد القديم والحب والجمال‪ ،‬لذلك‬ ‫فضاء المعرض ينبغي أن يكون محفزا‪ ،‬الرهان الحقيقي هو في الجيل‬ ‫الصاعد وأطفال اليوم هم كفاءات الغد‪ ،‬هؤالء هم المغرب المأمول‪،‬‬ ‫الكتاب بجميع فروعه ومعارفه وفنونه لن يغير العالم ولكن يمكن أن‬ ‫يغير نظرتنا إلى هذا العالم‪ ،‬وهذا هو المهم‪ ،‬كما يقول أخي الكبير‬ ‫والمؤسس للدار خالد سليكي‪« ‬جاليلي اكتشف أن األرض كروية فغير‬ ‫نظرة اإلنسان إلى العالم ومن هنا بدأت الرحلة»‪.‬‬

‫حضور مؤسسة سليكي أخوين حاضرة بقوة في العديد من‬ ‫المعارض العربية أيضا‪ ،‬فهناك مواعيد سنوية قارة مثل معرض الدار‬ ‫البيضاء وتونس والجزائر والشارقة والدوحة والكويت وآخرين إذ ال‬ ‫ينبغي نسيان أننا نتقاسم نفس اللغة وبفضل الحضور المغربي وفي‬ ‫هذا أحيي جميع الدور المغربية بالدور الجبار الذي تقوم به في نشر‬ ‫الثقافة المغربية في دول المشرق‪ ،‬إذ صار الكِتاب والمبدعون المغاربة‬ ‫منافسين أقوياء على المستوى العربي بل ويحصدون األلقاب في كل‬ ‫مجاالت المعرفة‪.‬‬ ‫ومن هنا أحيي‪ ،‬كريم سليكي‪ ،‬أخي ورفيق الدرب على صبره وتحمله‬ ‫عناء السفر من معرض إلى آخر دون كلل‪ ،‬ونرسم معا مستقبال نؤمن‬ ‫بأنه أحسن‪.‬‬

‫صناعة الكتاب في المغرب تسير بخطى واثقة وفي تحسن كبير‬ ‫شكال ومضمونا وهناك إقبال مثير على الكتاب المغربي وبدأ اإليمان‬ ‫بأن الكتاب صناعة يتداخل فيها عدة شركاء من الكاتب أو المبدع إلى‬ ‫الناشر إلى المطبعة إلى الموزع إلى المكتبة وصوال عند القارئ ونحن‬ ‫قطعنا شوطا طويال بدأت خيوط هؤالء الشركاء تتضح وظيفة كل واحد‬ ‫منهم؛ ولكن لي اليقين أن المستقبل أجمل ونحن اآلن نؤسس لهذا‬ ‫المستقبل‪.‬‬

‫ماذا عن المشاركات العربية األخرى؟‬

‫هل حظيت مشاركة «دار سيليكي أخوين» بالعناية الالئقة‬ ‫من قبل السفارة المغربية ببلغراد بصفتها دبلوماسية موازية؟‬

‫من هذا المنبر أتقدم بشكري العميق إلى السيد محمد األمين بلحاج‬ ‫سفير المملكة المغربية بصربيا وحرمه السيدة صفاء السجلماسي وكذا‬ ‫السيد أمين العزاوي على حضورهم ودعمهم الالمحدود ومواكبتهم‬ ‫للمعرض طيلة المدة‪ ،‬كما كانو ا حريصين على أن يكون المغرب‬ ‫حاضرا بطريقة مشرفة‪ ،‬إذ نظم حفل استقبال في الرواق المغربي‬ ‫حضره العديد من السفراء والشخصيات الديبلوماسية‪ ،‬كما تم تنظيم‬ ‫لقاء مفتوح مع أعضاء المقهى األدبي الفرنكفوني ببلغراد لمناقشة‬ ‫مجموعة من المنشورات وكذا التعريف بمهنة الناشر ووضعهم في‬ ‫التجربة‪ .‬‬

‫في نفــس السيـاق‪ ،‬ومع غنى مشاركتكــم‪ ،‬كيـــف ترون‬ ‫صناعة الكتاب في المغرب؟‬

‫كيف تتخيلون الصورة الممكنة التي يمكن أن تدعمكم‬ ‫بها وزارة الثقافة بالمغرب الكتاب المغربي على مستوى النشر‬ ‫والتوزيع واالستهالك؟‬

‫كما أشرت من قبل يجب اعتبار الوزارة الوصية على القطاع شريكا‬ ‫وهي أيضا داعم أساسي للمشاريع الثقافية بالبالد ولكنها ليست الوزارة‬ ‫الوحيدة المعنية فكل الوزارات والهيآت الحكومية والخاصة هي معنية‬ ‫بتنمية الثقافة وينبغي أن يكون هم الجميع بدون استثناء‪ ،‬الكفاءات‬ ‫والنخب التصنعها المختبرات‪ ،‬الكفـــاءات والنخــب استثمار مضمون‬ ‫تنتجها المعاهد والمؤسسات التعليمية والمكتبات والثقافة‪ ،‬لذلك‬ ‫مثلما وزارة الثقافة معنية‪ ،‬فكل القطاعات األخرى معنية‪.‬‬

‫كلمة أخيرة بخصوص االقبال على الكتاب المغربي؟‬

‫الكتاب المغربي بخير‪ ،‬مهنة النشر تمشي نحو أفق أجمل‪ ،‬نطمع في‬ ‫أن تكون كل الدبلوماسيات المغربية خارج الوطن حاضرة فنحن نمثل‬ ‫المغرب فليكُ في صدرنا مغرب واحد‪.‬‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫من �أعالم طنجة املعا�رصين‬

‫األستاذ الدكتور محمد علي بن الصديق‬

‫(‪)1‬‬

‫• إعداد‪ :‬عنان الوهابي‬ ‫ولد األستاذ الدكتور محمد علي بن الصديق بطنجة صبيحة يوم الخميس ثاني جمادى األولى‬ ‫‪1373‬هـ الموافق ‪ 7‬يناير ‪1954‬م‪.‬‬ ‫تربى المترجم له في أحضان أسرة اشتهر أفرادها بالعلم والتصوف والصالح‪ ،‬فوالده هو‬ ‫العالمة الفقيه المفتي أبو المجد السيد الحسن بن محمد المنصور بن الصديق الغماري الطنجي‬ ‫(ت ‪ 2010‬م)‪ .‬ووالدته هي أم لبابة زينب بنت الحاج محمد جابر من مريدي الشيخ سيدي محمد‬ ‫بن الصديق في السلوك والتصوف ( ت‪2017‬م)‪.‬‬ ‫اشتهر أجداده من جهة األب بالوالية والصالح‪ ،‬منهم السيد عبد المؤمن الكبير‪ ،‬الذي كان‬ ‫من أولياء القرن التاسع الهجري‪ ،‬الخامس عشر الميالدي‪ ،‬ومدفنه بقبيلة بني يزناسن‪ ،‬ويعرف بأبي‬ ‫القبرين‪ ،‬وكذا حفيده السيد عبد المؤمن الصغير دفين تجكان‪ ،‬وجد والده األدنى القطب الشهير‬ ‫السيد أحمد بن عبد المومن ( ت ‪1262/1845‬م)‬ ‫أما جده محمد بن الصديق فقد كان غزير العلم‪ ،‬سالكا طريق التصوف على نهج الطريقة‬ ‫الدرقاوية الشاذلية‪ ،‬وكان شيخا لها بمدينة طنجة‪ ،‬حيث بنى زاوية جمعت بين التربية الصوفية‬ ‫وتدريس العلم‪ ،‬وكان له أتباع وتالمذة من جل أنحاء المغرب‪.‬‬ ‫في هذا الجو العلمي تربى الدكتور محمد علي بن الصديق ونشأ‪ ،‬فبدأ دراسته االبتدائية‬ ‫بمدرسة سيدي المنظري بتطوان سنــة ‪1960‬م‪ ،‬قبل أن تستقر أسرته الصغيرة بطنجة فدرس‬ ‫بمدرسة مرشان سابقا “الحسن األول” حاليا‪،‬‬ ‫ثم بإعدادية ابن األبار‪ ،‬وحين أتم دراسته‬ ‫اإلعدادية ولج ثانوية ابن الخطيب وبها‬ ‫حصّل على شهادة الباكلوريا‪.‬‬ ‫وبموازاة مع دراستـه النظامية كان‬ ‫المترجم له يتلقى دروسا خاصة على‬ ‫علماء أسرته الصديقية‪ ،‬فأخـــذ عن والده‬ ‫العالمة سيدي الحسن بن الصديـق‪ ،‬دروسا‬ ‫في النحو والصرف واألصول‪ ،‬وحضر بعض‬ ‫دروسه في التفسير والسيرة والمنطق وشرح‬ ‫بردة البوصيري التي كان يلقيها بالزاوية‬ ‫الصديقية‪ .‬كما حضر دروس عمه العالمة‬ ‫سيدي ابراهيم بن الصديــق‪ ،‬فدرس عليه‬ ‫مصطلح الحديث ودروس الحديـــث من‬ ‫كتاب “إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري‬ ‫للقسطالني”‪ .‬مع صحبة وزمالــة علمية‬ ‫امتدّت من سنة ‪1985‬م إلى سنة ‪2003‬م‪،‬‬ ‫فاعتبره المترجم له أستاذه الثاني بعد‬ ‫والده‪ ،‬رحمهما اهلل تعالى‪ .‬كما حضر دروس‬ ‫عمه الحافظ السيد أبي الفضل عبد اهلل‬ ‫بن الصديق الغماري الطنجي‪ ،‬فدرس عليه‬ ‫أجزاء من سنن الترمذي‪ ،‬وأخرى من كتاب‬ ‫نيل األوطار للحافظ الشوكاني‪ ،‬بالزاوية‬ ‫الصديقية بعد صالة الصبح ‪ .‬ودرس عليه‬ ‫بمفرده بسطح الزاوية رسالة “نخبة الفكر”‬ ‫للحافظ ابن حجر‪.‬‬ ‫هذه الحلقات العلمية النيرة التي جلس‬ ‫فيها إلى علماء األسرة الصديقية األفذاذ‪،‬‬ ‫أهلته ليستمد منهم المشروعية‪ ،‬فأجازوه‬ ‫رواية ودراية‪ ،‬فأجازه والده أبو المجد الحسن بن الصديق بجميع ما أجازه به شيوخه في العلم‬ ‫ومنها إجازاته من طرف أخويه سيدي أحمد وسيدي عبد اهلل والعالمة األديب مسند زمانه عبد‬ ‫الحي الكتاني وجميع كبار علماء القرويين الذين درس عليهم‪ .‬وأجازه شيخه وعمه الحافظ أبو‬ ‫الفضل عبد اهلل بن الصديق الغماري إجازتين ‪ :‬عامة وخاصة وعنه أخذ النسبة في الطريقة‬ ‫بعد حصوله على شهادة الباكالوريا سافر المترجم له إلى فرنسا لمتابعة دراسته بمدينة‬ ‫تولوز بجامعة بول ساباتيي شعبة رياضيات‪ -‬فيزياء‪ ،‬لكنه لظروف خاصة لم يكمل دراسته بها‪.‬‬ ‫فعاد إلى طنجة وعمل بها مدرسا بإعدادية محمد الخامس‪.‬‬ ‫وتاقت نفسه بعد ذلك إلى متابعة دراسته‪ ،‬فالتحق بكلية أصول الدين بتطوان وتخرّج منها‪.‬‬ ‫وقد درس بها على مجموعة من الشيوخ منهم‪ :‬الشيخ ابراهيم بن الصديق‪ ،‬والشيخ امحند‬ ‫الورياغلي‪ ،‬والشيخ محمد الشاط‪ ،‬واألستاذ عبد السالم الكنوني‪ ،‬واألستاذ عبد اهلل التمسماني‪،‬‬ ‫واألستاذ اسماعيل الخطيب‪ ،‬األستاذ أحمد الخطابي‪ ،‬واألستاذ محمد كركب‪ ،‬واألستاذ أحمد‬ ‫الخياطي‪ ،‬واألستاذ محمد العاقل‪ ،‬واألستاذ محمد شالبي‪ ،‬واألستاذ بوزلماط‪ ،‬واألستاذ عبد‬ ‫الكريم شهبون‪ ،‬والشيخ محمد بن يعيش‪ ،‬والشيخ عبد الهادي احسيسن‪ ،‬واألستاذ أحمد‬ ‫العسري‪...‬‬ ‫عيّن األستاذ محمد علي بن الصديق بعد ذلك أستاذا للغة العربية بالتعليم الثانوي‪ ،‬ورغم‬ ‫انشغاالته المهنية فإن صلته بالدراسة لم تنقطع وظل شغف وحب العلم يتملكانه فقرر متابعة‬ ‫دراسته العليا‪ ،‬فالتحق بدار الحديث الحسنية وتخرّج منها حاصال على الشهادة المعمّقة تخصص‬ ‫علوم القرآن والحديث‪ ،‬وكان بحث تخرجه في موضوع “علو السند المغربي من خالل فهرست‬ ‫التاودي بن سودة”‪.‬‬

‫انتسب بعد ذلك األستاذ محمد علي بن الصديق إلى كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط‬ ‫وتخلى عن مشروع الدبلوم من دار الحديث الحسنية‪ ،‬لكنه لم يتخل عن الدراسة فحصل على‬ ‫الشهادة المعمّقة في الدراسات اإلسالمية بها‪ ،‬ثم دبلوم الدراسات العليا (دكتوراه السلك الثالث)‬ ‫في اآلداب (تخصص حديث) ثم دكتوراه الدولة في اآلداب (تخصص فقه مالكي) ‪.‬‬ ‫وقد درس في هذه الكلية على مجموعة من األساتذة األعالم منهم‪ :‬فاروق حمادة ‪،‬مهدي‬ ‫بن عبود‪ ،‬عصمت عبد اللطيف دندش‪ ،‬محمد المنوني‪ ،‬د‪.‬سلطان‪ ،‬عبد اهلل الداودي‪ ،‬محمد العطار‪،‬‬ ‫محمد بلبشير‪ ،‬التهامي الراجي‪ ،‬الشاهد البوشيخي‪...‬‬ ‫فعين إثر ذلك أستاذا مساعدا متدربا بكلية اآلداب جامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة‪ ،‬ثم‬ ‫انتقل سنة ‪1988‬م للتدريس بكلية أصول الدين جامعة القرويين‪ -‬وقد غيّر اسمها بظهير رسمي‬ ‫إلى “ كلية أصول الدين وحوار الحضارات”‪ -‬ثم أستاذا محاضرا بها ثم أستاذا للتعليم العالي بنفس‬ ‫الكلية‪ ،‬والزال يمارس التدريس بالكلية إلى يومنا هذا‪ ،‬بارك اهلل في عمره‪ ،‬حيث عمل بالتعليم‬ ‫العالي لمدّة اثنين وثالثين سنة تخرّج على يديه جم غفير من الطلبة حملوا مشعل المعرفة‬ ‫والعلم بربوع المغرب الحبيب‪.‬‬ ‫وأشـــرف على العديـــد من البحــوث‬ ‫الجامعية‪ ،‬وقد تجاوز عدد األطاريح التي أشرف‬ ‫عليها أو ساهم في تقويمها أو مناقشتها‬ ‫المائة بحث على مستوى الدكتوراه والدبلوم‬ ‫فقط‪ ،‬بله ما دونها من مشاريع الماستر‬ ‫واإلجازة وهي تتسم بالجدّة والطرافة وقد‬ ‫توزعت موضوعاتها في علوم شتى مثل علم‬ ‫الكالم والتفسير والحديث والفقه وأصوله‬ ‫والمقاصد‪ ،‬لكن الغالب عليها أطاريح في‬ ‫علمي الحديــث والفقــه المالكــي العتبار‬ ‫التخصص‪.‬‬ ‫شارك الدكتور محمد علي بن الصديق‬ ‫في نـدوات ومؤتمرات عديــدة ومتنوعـة‬ ‫امتدّت ألكثر من ثالثــة عقــود‪ ،‬بالمغرب‬ ‫وخارجه سواء بأوربا أو دول الخليج‪.‬‬ ‫وله مجموعــة كبيرة من المؤلفـــات‬ ‫والكتب منها ما خرج إلى الوجــود ومنها‬ ‫المرقون الذي ينتظر الطبع والنشر‪ ،‬ونجد‬ ‫من بين هذه المؤلفات‪:‬‬ ‫• كتاب “صحيفتا عمرو بن شعيب وبهز بن‬ ‫حكيم عن أبيهما عن جدهما “‪ -‬جمع ودراسة‬ ‫وتحقيق – طبعة وزارة األوقاف المغربية سنة‬ ‫‪1991‬م‪.‬‬ ‫• كتاب “ عبد الرحمن بن القاسم وآثره في‬ ‫الفقه المالكي – أصله أطروحة دكتوراه‬ ‫الدولة في الفقه المالكي سنة ‪1995‬م ‪.‬‬ ‫• كتاب “الصحيفة الصادقة لعبد اهلل بن عمرو بن العاص”‪-‬أول تدوين للحديث النبوي في‬ ‫عهد النبي صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬جمع ودراسة وتحقيق‪ “ ،‬تحت الطبع‪.‬‬ ‫ • “صحيفة معاوية بن حيدة من أوائل ما دون من حديث رسول اهلل “‪،‬‬ ‫ • كتاب إتحاف القاري بدرر من صحيح البخاري مرقون قيد الطبع‪.‬‬ ‫ • كتاب “علو السند المغربي من خالل فهرست التاودي بن سودة ‪ -‬وأصله الرد على الحافظ‬ ‫السّخاوي في الفتح المغيث‪ .“ -‬مرقون لم يكمل‪.‬‬ ‫ • كتاب منهجية االستنباط عند اإلمام مالك –دراسة أصولية مقارنة ‪ -‬مرقون‪.‬‬ ‫ • الدرر والفوائد في ترجمة السيد الوالد أبي المجد الحسن بن محمد بن الصديق الغماري”‬ ‫قيد الطبع‪.‬‬ ‫ • كتاب “ ما ال يسع جهله لطالب الفقه واألصول على مذهب اإلمام مالك وغيره من‬ ‫المذاهب” مرقون‪ ،‬قيد الطبع ‪.‬‬ ‫الهامش ‪:‬‬ ‫‪ )1‬مصادر ترجمة الدكتور محمد علي بن الصديق‪ :‬معلومات شخصية أمدني بها ـ مشكورا ـ المترجم‬ ‫له – في ضيافة كاتب‪ ،‬سلسلة من اللقاءات التي يجريها األستاذ عمر قرباش وتنشر في جريدة طنجة‪.‬‬


‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪ ،‬وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ألن النفس تسأمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫‪� . 83‬شهاد ٌة‬ ‫نف ً‬ ‫عرفتُ عبد الواحد أخريف التطوانيَّ شاعراً مكثراً‪ ،‬ونحوياً بارعاً‪ ،‬ومدرّساً َّ‬ ‫اعة‪ ،‬وباحثاً‬ ‫في تاريخ تطوان‪ ،‬وصوفيّاً طرقيّاً في فكره ومشربهِ‪ ..‬إال َّ‬ ‫أن صيته كان مقروناً بالشعر الذي‬ ‫أخلص له وتبتّل في محرابه عقوداً من الزمن؛ بل إن الرجل لم يزاحمه مزاحمٌ في اعتالء منابر‬ ‫ديوان ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫حافل لم ير‬ ‫الرثاء‪ ،‬وتصدّر قوافل المنشدين في األعياد الوطنية‪ .‬وقد التأم له من ذلك‬ ‫األهل والصِّحابُ في طباعته ونشره‪ ،‬فكان َّ‬ ‫ُ‬ ‫يتعلل باإلعوا ِز الماديِّ‪،‬‬ ‫النور بعد‪ ،‬وكم ألحَّ عليه‬ ‫وضيق ذات اليد !‬ ‫وقد شغفت في ريِّق الشباب وأوائل الطلب بأحاديثه اإلذاعية عن أعالم تطوان‪ ،‬وكنت‬ ‫أجلس إليها مصغياً مستفيداً‪ ،‬فيروقني منها حسن التلخيص‪ ،‬وصفاء الديباجة‪ ،‬ووكوف‬ ‫الفائدة‪ ..‬ومن هذه األحاديث استصفى كتابه من (من أعالم تطوان)‪ ،‬وهو كتاب يسدّ ً‬ ‫ثلمة في‬ ‫تاريخ المدينة على هناته الهيّنات‪ ،‬ومبالغته الممجوجة في خلع التحليات على المترجمين لهم!‬ ‫وكانت دروسه النحوية والتفسيرية والحديثية ذات صدى مرنان في مساجد تطوان وزواياها‪،‬‬ ‫ال وتحقيقاً للمناط‪ ،‬وتكراراً‬ ‫يعكف على تجويدها‪ ،‬ويتأنق في إلقائها‪ ،‬ويطيل النفس شرحاً وتمثي ً‬ ‫للعبارة‪ ،‬فإذا بالمتن المدروس كالقمر في ليلة إضحيان‪.‬‬ ‫ونشاطه في الصحافة موفورٌ مشكورٌ‪ ،‬فقد رأس تحرير مجلة (األمانة)‪ ،‬وأذاع مقاالته‬ ‫وقصائده في منابر شتى كـ‪( :‬دعوة الحق)‪ ،‬و(النصر)‪ ،‬و(المناهل)‪ ،‬و(األنيس)‪ ،‬و(األنوار)‪ ،‬و(العلم)‬ ‫و (النور)‪ ..‬وما زلت أذكر جيداً مقاله النقديَّ عن كتاب (الثابت والمتحول)‪ ،‬وكيف فوّق‬ ‫سهامه النقدية لمنظومة أدونيس ومنطقه االستغرابي‪ ،‬منكراً عليه اجتراءه على الثوابت‪،‬‬ ‫وزهده في تراث األمة!‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫محبوه وعارفوه بكلمات رثاء ووفاء‪ ،‬وبايعه من بايعه بحتريَّ تطوان‪ ،‬وليس هذا اللقب بهين‪!..‬‬ ‫وكانت األمنية التي تجيش في النفس أن يكرَّم الرجل في حياته؛ فإن الحدا َة جميعاً يحبون أن‬ ‫يسمعوا لحدوهم ً‬ ‫رنَّة وصدى بين رفقاء المسير وإخوان الدَّرب‪...‬‬ ‫رحم اهلل أديب النحاة عبد الواحد أخريف‪ ،‬وأدام عقبه األدبيَّ‪ ،‬وعوّض تطوان خيراً ‪ ،‬وألهم‬ ‫أبناءها الصبر والسلوان‪ ،‬وإنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫طريفة‬ ‫‪.84‬‬

‫من طرائف البحوث الجامعية ـ أو من طوامِّها ـ أن طالباً قال في رسالتهـ وكنت عضواً‬ ‫مناقِشاً ـ‪( :‬كما قلت في موسوعتي الفقهية)‪ ،‬وقد وردت العبارة في تضاعيف كالم طويل‬ ‫ٍ‬ ‫عزو ! فسألت الطالب وقت المناقشة‪( :‬هل ألفت موسوعة فقهية) ؟ فأجاب‪:‬‬ ‫الذيول من غير ٍ‬ ‫(ال‪ ..‬أنا ما زلت مبتدئاً‪ ،‬وهذه الرسالة باكورتي)‪ ،‬فقلت له‪( :‬فمن أين لك هذه العبارة ؟)‪ ،‬فبهت‬ ‫وبهت مشرفه‪ !..‬والعبارة للبورنو صاحب (موسوعة القواعد الفقهية)‪ ،‬وقد نقل عنه الطالبُ‬ ‫صفحات ولم يعز! ولو تصفح المشرف الرسالة حق التص ّفح‪ ،‬لما جاز عليه هذا السَّلخ‪ ..‬ومصائب‬ ‫اإلشراف فنون!‬

‫ٌ‬ ‫أ�صولية‬ ‫‪ .85‬فائد ٌة �‬

‫من بواكير النظم األصولي عند المالكية رجزٌ مشطورٌ مزدوجٌ ألبي عبد اهلل محمد بن‬ ‫علي بن عبد الكريم الفندالوي المعروف بابن الكتاني (ت ‪597‬هـ)‪ ،‬وقد احتفظ اللبليُّ بأوله‪،‬‬ ‫وضمَّنه فهرسته‪:‬‬ ‫الباطل‬ ‫لقمع‬ ‫الفاضــــل= مبتعثِ‬ ‫الحكيـم‬ ‫الحمد هلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرسْل ِ‬ ‫ِ‬

‫وتعجبني من شعره قصيدة (الشعر والحياة)‪ ،‬وقد نسج فيها على نول الشعراء الحالمين‪،‬‬ ‫وكأني به رضيع المدرسة المهجرية أو العصبة األندلسية‪ ،‬ومن أبياتها الجياد‪:‬‬

‫اعلمْ َّ‬ ‫اعتبار ثانِ‬ ‫بأن الفقهَ في اللسـانِ= العلـمُ من غي ِر‬ ‫ٍ‬

‫يا ظــــالل الحيــاة في ألوانــهِ = ونشيدَ الخلود في ألحانـهِ‬

‫بالقطع‬ ‫الشرع = علمٌ لحكـم ثابتٍ‬ ‫أهل‬ ‫وهو في‬ ‫اصطالح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫وزهو افتتانهِ‬ ‫نْـ=ـن وفي سحره‬ ‫الجمال في لوحةِ ال َف‬ ‫ومجالي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـ=ـب سروراً بهِ‪ ،‬وفي أشجانهِ‬ ‫وحديث الشعو ِر من رعشةِ الق ْل ِ‬ ‫الربيع في إبّانـــــــــــــهِ‬ ‫وربيعاً يدومُ حسْناً إذا وَ ْلـ=ــ َلتْ زهورُ‬ ‫ِ‬ ‫وعبيراً يذكي النفوس السكـــارى=عاشقاتِ القصيدِ في أوزانهِ‬ ‫الكئيب من أحزانهِ‬ ‫الحُبْـ=ـب‪،‬ودمعُ‬ ‫أنتَ همسُ الشِّفاهِ في معبدِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلى أن يقول‪:‬‬ ‫امرؤ القيس في ظاللكَ يخطو = والمعري يشجيه شدو حنانهِ‬ ‫القريض يخطــــــرُ تيهـاً = ويُميل الدنا بسحـ ِر بيانـهِ‬ ‫ونبيُّ‬ ‫ِ‬ ‫عمرُ الشع ِر والعذارى مُناهُ = معجباتٌ بشعرهِ وجُمانـهِ‬ ‫(لم تسر أمة إلى الحـــــق إال = بهدى الشعر أو خطى شيطانهِ)‬ ‫ُ‬ ‫الزمان من ألحانـهِ‬ ‫ذاك شوقي ومن كشوقي إذا َغنْـ=ـنى فغنّى‬ ‫بيد أن هذا النَّفسَ الشعريَّ المضواعَ ٌ‬ ‫قليل في شعره على وفرته‪ ،‬ولذلك كان شعره ـ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫المصفى !‬ ‫القريض المعسول‬ ‫المقفى من‬ ‫عندي ـ أقربَ إلى الكالم الموزون‬ ‫ِ‬ ‫وآخر لقاء جمعني بالفقيد كان بدارة األديب الدكتور حسن الوراكلي ـ رحمه اهلل ـ؛ إذ َّ‬ ‫حل‬ ‫ضيفاً مكرَّماً على ندوة (زمزم)‪ ،‬وتصدَّر للحديث عن مساره الشعريِّ‪ ،‬وذكرياته في الصبا‬ ‫والمنشأ والتكوين األدبي‪ .‬ومن طرائف ما ذكر أنه تقدّم بقصيدة في مدح الخليفة السلطاني‬ ‫موالي الحسن بن المهدي العلوي‪ ،‬فاستدعاه وزيره الشاعر الفحل محمد ابن موسى المنبهي‪،‬‬ ‫وراجعه في أشياء من القصيدة‪ ،‬ومنها تذكيرُ اليد‪ ،‬وكان سبق قلم من الشاعر!‬ ‫ٍ‬ ‫وقد عقدت جمعية تطاوين أسمير ـ مشكور ًة مأجور ًة ـ تكريماً لألديب الراحل‪ ،‬أدلى فيه‬

‫ثم أصوله على المواضعــــهْ = أدل ٌة تفضي إليهِ قاطعهْ‬

‫وكان هذا الرجز من المرويات األصولية الدائرة باألندلس‪ ،‬ويرويه اللبليُّ عن (الشيخ‬ ‫الزاهد الورع أبي بكر يحيى بن ثابت البهراني عن العالم الزاهد أبي عبد اهلل محمد بن علي‬ ‫بن عبد الكريم الفندالوي المعروف بابن الكتاني) صاحب الرَّجز‪ .‬وقد وقف عليه المراكشيُّ صاحب (الذيل‬ ‫والتكملة) واستنبله (‪.)1‬‬

‫ٌ‬ ‫تاريخية‬ ‫‪ .86‬فائد ٌة‬

‫لعلماء المغرب عناية بالغ ٌة بتدوين الكناشات‪ ،‬والكناشة دفترٌ يودعه المدوِّن النوادر‬ ‫والغرائب واإلفادات والنقول المستحسنة والفوائد الملتقطة‪ ،‬وقد تزخر بمعلوماتٍ تاريخيةٍ‬ ‫تضنّ بها تصانيف المؤرخين أنفسهم‪ .‬وقد حرّر المؤرخ األستاذ محمد المنوني ـ رحمه اهلل ـ‬ ‫مقا ًال نفيساً عن (الكناشات المغربية ودورها في الكشف عن الدفائن التاريخية)‪ ،‬وهو منشورٌ‬ ‫بمجلة (المناهل) المغربية‪.‬‬ ‫وقد يكون للعالم كناشاتٌ متعدد ٌة كمحمد بن أحمد العبدي الكانوني الذي وُجد له ما‬ ‫يربو على (‪ )15‬كناشة كما أفاده ابن سودة في (دليل مؤرخ المغرب األقصى)‪ ،‬وقد يكون للعالم‬ ‫كناشة واحد ٌة حفيل ٌة ذات أجزاء‪ ،‬ومن هذا الصنف كناشة الوزير محمد بن أحمد اليحمدي (ت ؟)‪،‬‬ ‫وهي من محفوظات الخزانة الزيدانية بمكناس في عشر مجلدات ضخام‪.‬‬ ‫وإن عجبت فاعجب أن المنونيَّ عدّ مجموعات عبد اهلل كنون‪( :‬التعاشيب)‪ ،‬و(واحة الفكر)‪ ،‬و‬ ‫(خل وبقل)‪ ،‬و (أزهار برية) في نمط الكناشات(‪ ،)2‬وفي هذا التصنيف نظرٌ؛ ألن هذه المجموعات‬ ‫كتاب على العادة‬ ‫ـ في أصلها ـ مقاالتٌ منشورة في منابر الصحافة‪ ،‬فجمعت بين جانحتي‬ ‫ٍ‬ ‫الفاشية بين كتاب مصر‪ :‬طه حسين‪ ،‬والعقاد‪ ،‬والمازني‪ ،‬ومحمود شاكر‪ ..‬إذ كانت الصحافة‪،‬‬ ‫آنذاك‪ ،‬حضناً أثيراً للكتبة والباحثين‪..‬‬ ‫ــــــــــــ‬

‫‪ )1‬الذيل والتكملة‪.332 / 8 ،‬‬ ‫‪ )2‬المصادر العربية لتاريخ المغرب‪.102 / 2 ،‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)920‬‬

‫‪16‬‬

‫“أصيال‪ :‬رؤى محلقة في األعالي”‬ ‫(ديوان شعر)‬

‫استطاعت مدينة أصيال أن تشكل مصدرا لإللهام اإلبداعي لدى قطاعات‬

‫عريضة من زوارها ومن مريديها ومن ضيوفها‪ .‬واستطاعت فضاءاتها‬ ‫المكانية أن تفتح أبواب التأمل وملكات التخييل‪ ،‬قصد إنتاج نصوص‬ ‫وأعمال اكتست الكثير من القيم اإلنسانية السامية التي تصنع للمدينة‬ ‫بهاءها الحضاري المتوارث عبر األزمنة والعصور‪ .‬ال يتعلق األمر بكتابات‬ ‫نوسطالجية حالمة‪ ،‬وال بأعمال نرجسية مغرقة في تماهيها مع ذاتها‬ ‫ومع عناصر حميمياتها المخصوصة‪ ،‬بقدر ما أنها أعمال تنحو نحو‬ ‫االحتفاء بخصوبة المكان وبطراوة الوجوه وبعمق الرموز‪ ،‬ثم تحويلها‬ ‫إلى مجال رحب لالشتغال وللتفكيك واالستثمار‪ ،‬سردا وشعرا وتشكيال‬ ‫ومسرحا‪...‬‬ ‫وإذا كانت مبادرة ترسيخ هذا النهج قد ارتبطت بتجارب الكتابة‬ ‫لدى أبناء المدينة من مبدعين ومثقفين‪ ،‬مثلما هو الحال –على سبيل‬ ‫المثال ال الحصر‪ -‬مع أعمال أحمد عبد السالم البقالي ومحمد البوعناني‬ ‫والمهدي أخريف وأحمد هاشم الريسوني ومحمد المليحي وخليل‬ ‫الغريب ومحمد أوالد محند وإدريس علوش‪ ،...‬فالمؤكد أن األمر يظل‬ ‫أكثر ارتباطا بتجارب رواد المدينة وعشاقها ومريديها‪ ،‬ممن رمت بهم‬ ‫الصدف إلى ضفاف أحضانها الشاعرية‪ ،‬فخلفوا عنها كتابات وأعمال‪ ،‬ال‬ ‫شك وأنها أصبحت مصدرا للبحث في صور التمثالت الذهنية الجماعية‬ ‫التي تخلقها فضاءات المدينة ومكنونات المخيال الجماعي‪ ،‬مما يسهم‬ ‫في القبض بمعالم الهوية الثقافية المحلية التي تطلب أمر صقلها‬ ‫وترصيصها عقودا زمنية طويلة‪ ،‬قبل أن تصبح عنوانا لهذا االنتماء الحضاري الذي نستظل‬ ‫بظالله الوارفة تحت اسم مدينة أصيال‪ .‬ولعل في نصوص إبداعية وتأملية مرجعية لمبدعين‬ ‫مغاربة وأجانب‪ ،‬خير مثال على هذه الخاصية‪ ،‬ذلك أن الزوار يلتفتون –في الغالب األعم‪ -‬إلى‬ ‫الكثير من الجزئيات والتفاصيل المجهرية التي قد ال تثير أدنى اهتمام لدى أبناء المدينة‪،‬‬ ‫بحكم انتظامها داخل نسق الحياة اليومية االعتيادية‪ ،‬والذي ال يستحق –في نظرهم‪ -‬أن يكون‬ ‫موضوعا للتدوين أو للتوثيق أو لالستثمار‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬إن ما قد يبدو اعتياديا لدى صانعي‬ ‫هذه التفاصيل‪ ،‬قد ال يكون كذلك لدى المريدين من الزوار‪ ،‬بحكم طابعه المخصوص بسمات‬ ‫قد ال تكون موجودة في أي جزء آخر من العالم غير هذه المدينة‪ .‬نقول هذا الكالم‪ ،‬ونحن‬ ‫نستحضر نصوصا تأسيسية في مجال توظيف غنى المكان في إنتاج أعمال وتجارب إبداعية‪ ،‬كان‬ ‫لها دور مركزي في تخليد الكثير من عناصر التراث الرمزي للمدينة‪ ،‬مثلما هو الحال مع رواية‬ ‫“المجرى الثابت” إلدمون عمران المالح‪ ،‬أو مع نص “المقهى األزرق” لنفس المبدع‪ ،‬أو مع رواية‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫“رحيل البحر” لمحمد عز الدين التازي‪ ،‬أو مع نص “خرائط تمشي في‬ ‫رأسي” ألحمد المديني‪ ،‬أو مع رواية “أصيال” لجميل عطية إبراهيم‪ ،‬أو‬ ‫مع نصوص “أصيلة‪ ...‬أصيلة” لشاكر نوري‪...،‬‬ ‫في سياق تدفق نهر “كتابة أصيال”‪ ،‬يندرج صدور ديوان “أصيال‪..‬‬ ‫رؤى محلقة في األعالي”‪ ،‬باللغة اإلسبانية‪ ،‬للشاعر اإلسباني المتيم‬ ‫بحب أصيال خابيير بارييو دي الموطا‪ ،‬سنة ‪ ،1992‬في شكل احتفاء‬ ‫باذخ بمعشوقة مارست سلطة رهيبة على ذات المبدع وجعلته يترجم‬ ‫ذلك في نصوص ال شك وأنها تعيد اإلنصات لنبض التحول العميق‬ ‫داخل مكونات المكان الثري وعبر مالمح وجوه الناس البسطاء‪ .‬تحضر‬ ‫فضاءات مدينة أصيال داخل نصوص الديوان كشواهد على أصالة‬ ‫االنتماء وعلى جمال العين الملتقطة لعناصر الخصب والتميز‪ ،‬مثلما هو‬ ‫الحال مع نص “باب القصبة” أو مع نص “القريقية”‪.‬‬ ‫ولعل من مالمح التميز في هذا النمط من التوظيف الشاعري‪،‬‬ ‫ابتعاده عن تقديم كليشيهات كارطبوسطالية (بطائق بريدية)‬ ‫براقة‪ ،‬وكذا عن تقديم رؤى مفرطة في االنغالق وفي التمركز حول‬ ‫شوفينياتها وفي االطمئنان إلى يقينياتها‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬نحا المؤلف –‬ ‫بشكل واضح‪ -‬نحو التوثيق لما ال يمكن التوثيق له خارج منطق اشتغال‬ ‫الكتابة اإلبداعية التخييلية‪ .‬وهي قضايا‪ ،‬يجد الكاتب المتخصص‪،‬‬ ‫بمعناه الحصري الضيق‪ ،‬الكثير من الصعوبة لإلمساك بتفاصيلها‬ ‫ولتدوينها ولتطويعها في سعيه لتحويلها إلى أرضية للتأمل وللتفكيك‬

‫وللتحليل ولالستثمار‪.‬‬ ‫يحضر التاريخ بين صفحات هذا الديوان‪ ،‬كمعالم شاهدة الزالت تبسط سلطتها التاريخية‬ ‫على الساكنة وعلى الزوار‪ ،‬كما يحضر كوجوه مرت من هنا وتركت بصمات ال تمحى‪ ،‬مثلما‬ ‫هو الحال مع الملك البرتغالي دون سبستيان الذي قتل في معركة وادي المخازن سنة ‪،1578‬‬ ‫بعد أن كان قد مر من مدينة أصيال في الظروف التاريخية المعروفة‪ ،‬مخلفا وقائع الزالت كتب‬ ‫التاريخ اإليبيري والمغربي تحفظ تفاصيلها ووقائعها‪ ،‬وهي الوقائع التي استطاع خابيير باريو‬ ‫دي الموطا توظيف دالالتها التاريخية داخل إحدى نصوصه التخييلية واالستلهامية للديوان‪ .‬وال‬ ‫شك أن قراءة مثل هذه التوظيفات تساهم في توفير المادة الخام الضرورية للبحث في خصوبة‬ ‫عطاء التاريخ الثقافي المنتج للرموز وللتعبيرات الفنية والجمالية المرتبطة بفضاءات المدينة‬ ‫وبتحوالت تاريخها المديد‪ ،‬ليس فقط بالنسبة ألبناء المدينة‪ ،‬ولكن ‪-‬كذلك – بالنسبة لكل‬ ‫مريديها ولكل عشاقها الذين أصابتهم لوثة فتنة المكان وعمق الرموز وروعة الوجوه‪.‬‬

‫المهرجان الدولي لسينما المدارس بتطوان في دورته الخامسة‬ ‫‪ 30 – 25‬نونبر ‪2019‬‬

‫ندى المسري ‪ -‬تطوان‬ ‫تنظم كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان (جامعة عبد المالك السعدي) وجمعية بدايات‬ ‫بدعم من المركز السينمائي المغربي الدورة الخامسة للمهرجان الدولي لسينما المدارس‬ ‫بتطوان‪ ،‬وذلك من اإلثنين ‪ 25‬إلى السبت ‪ 30‬نونبر ‪ 2019‬بقاعة المسرح اإلسباني التاريخية‬ ‫بتطوان‪..‬‬ ‫هذا المهرجان الذي يعتبر ملتقى سينمائيا بامتياز لطلبة معاهد ومدارس السينما‬ ‫بالمغرب وخارجه‪ ،‬يهدف إلى تشجيع المبدعين الشباب من جميع أنحاء العالم سواء كانوا‬ ‫ينتمون لمدارس السينما أو الجامعات أو معاهد التكوين في مهن الصورة السينمائية‪.‬‬ ‫وحسب البالغ الصحفي للمهرجان‪ ،‬فقد عرفت هذه الدورة مشاركة كبيرة وإقباال مهما‬ ‫وهو ما يؤكد نجاح المهرجان وانتشاره وأثره وسمعته االحترافية والمهنية على المستوى‬ ‫الدولي‪ ،‬حيث تم تسجيل ‪ 3200‬فيلما عبر الموقع الرسمي للمهرجان‪ ،‬سيتبارى منها ‪ 75‬فيلما‬ ‫تم اختياره من طرف لجنة االنتقاء للمشاركة في المسابقة الرسمية ‪ 39 :‬فيلما روائيا و‪21‬‬ ‫فيلما وثائقيا و‪ 15‬فيلما تحريكيا‪ .‬هذه األفالم المتبارية التي تمثل ‪ 33‬بلدا و ‪ 63‬مدرسة‬ ‫ومعهدا سينمائيا من جميع أنحاء العالم‪ ،‬تحمل في طياتها مضامينا وقيما إنسانية وكونية‬ ‫نبيلة كالتسامح واالحترام والتضامن والعدالة واألخوة والمحبة‪ ،‬وتتناول عدة تيمات‪ : ‬الهوية‪،‬‬ ‫الهجرة‪ ،‬الشباب‪ ،‬أزمات المراهقة‪ ،‬الطفولة‪ ،‬الوحدة‪ ،‬السينما‪ ،‬الشيخوخة‪ ،‬المصاعب‪...،‬‬ ‫يشار إلى أن تنظيم هذا الحدث الثقافي الهام يأتي كتتويج للمجهودات الكبيرة التي‬ ‫تبذلها منذ سنة ‪ ،1987‬مجموعة البحث‪ ‬والدراسات السينمائية والسمعية البصرية بكلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ .‬وهي رائدة في مجال البحث السينمائي في المغرب‪ .‬والفضل‬ ‫في ذلك يرجع لمدير المهرجان ورئيس جمعية بدايات األستاذ حميد العيدوني الذي أدمج‬ ‫منذ سنوات‪ ،‬البحث والتكوين واإلبداع السينمائي ‪ :‬اإلجازة المهنية في الدراسات السينمائية‪،‬‬ ‫ماستر متخصص في السينما الوثائقية‪ ،‬دراسات الدكتوراه في الفنون والدراسات السينمائية‬ ‫والسمعية البصرية والمشهدية وتنظيم هذا المهرجان الدولي‪.‬‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫م�ست�رشقون‬ ‫�أن�صفوا العرب‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫فيديريكو أرابوس‬ ‫مستعرب إسباني أحب العرب ودافع عن قضاياهم‬

‫مدخل‪:‬‬ ‫ربما كانت إسبانيا أخصب دول أروبا في االنفتاح على الثقافة العربية واإلسالمية منذ سقوط غرناطة سنة ‪1492‬م‬ ‫وإلى اليوم‪ .‬وقد تنامت هذه الثقافة بين مد وجزر‪ ،‬وكان االهتمام أكثر باألندلس حضارة وثقافة وعلما وأدبا وفنا‪ .‬وكما يرى‬ ‫للمستعرب (خوسي ميكيل بويرتا) «أن دراسة العربية والتاريخ العربي ال تعني دراسة ثقافة أجنبية‪ ،‬وإنما هي جزء من تاريخ‬ ‫إسبانيا‪ ...‬فأنا أدرس تاريخ بالدي المكتوب من اليمين إلى اليسار»(‪.)1‬‬ ‫إذا فإن االستعراب اإلسباني له مزاياه الخاصة التي هي نتائج التاريخ وأيضا نتاج ألعمال المستعربين أنفسهم‪ ،‬وعدد‬ ‫هذه األعمال والدراسات في تزايد مضطرد دائما‪ ،‬وتطورت مهامه داخل مجموعة من المستعربين المعاصرين‪ .‬تقول‬ ‫الدكتورة نيبيس باراديال الباحثة والكاتبة وأستاذة بجامعة أوتونوما إنه خالل عقد السبعينيات من القرن الماضي تداعى‬ ‫فريق من المدرسين الجامعيين المتحمسين حول بيدرو مارتنيث مونتابيث في جامعة «أوتونوما» بمدريد‪ ،‬التي كانت‬ ‫سباقة إلى هذا التوجه الجديد لالستعراب االسباني‪ ،‬وفتحوا قاعات الجامعة الستقبال المعارف المتعلقة بالثقافة العربية‬ ‫الحديثة‪ ،‬ولم يهملوا دراسة التاريخ وال الثقافة والفكر الكالسيكي‪ ،‬لكنهم فتحوا المجال لدراسة األدب العربي الحديث‪،‬‬ ‫وعلم االجتماع في العالمين العربي اإلسالمي والفكر اإلسالمي المعاصر‪ .‬وقد طرحت للبحث قضايا الشعوبية‪ ،‬أو ملوك‬ ‫الطوائف‪ ،‬وكذلك القومية العربية وموضوع المرأة العربية‪ ،‬وبدأت دراسة وتحليل آثار الجاحظ وطه حسين وفدوى طوفان‬ ‫والبياتي والسياب‪ ،...‬ألن الهدف كان التوسع وليس االختزال واألهم من ذلك‪ ،‬كان المقصود هو الحصول على االعتراف‬ ‫من الجامعات اإلسبانية والمجتمع اإلسباني ككل بهذه المهمة لكي يبدأ االهتمام بالتطورات الجارية في عالم قريب جدا‬ ‫منا جغرافيا وثقافية ومتابعتها‪ ...‬عالم متزايد األهمية ومجهول المصير في الوقت ذاته»(‪ .)2‬ومن بين هؤالء المستعربين‬ ‫الذين اتجهوا نحو هذه الوجهة الجديدة نذكر المستعرب فيديريكو أربوس الباحث والمترجم‪ ،‬له نشاط علمي وجماهيري‬ ‫ملحوظ في مجال الدراسات االستعرابية‪ ،‬وخاصة في ميدان الشعر العربي المعاصر‪.‬‬ ‫من هو فيديريكو آربوس؟‬ ‫من مواليد ‪ 13‬فبراير ‪1946‬م‪ ،‬حاصل على شهادة الدكتوراه في اللغات السامية من جامعة مدريد (كومبلوتنسي)‬ ‫شغل أستاذا لألدب العربي الحديث والمعاصر بنفس الجامعة‪ .‬تقلد بعد ذلك مناصب مهمة بوزارة الخارجية اإلسبانية‬ ‫(مترجما ومحررا بقسم الشرق األوسط)‪ .‬مارس الكتابة والترجمة من اللغة العربية إلى اإلسبانية‪ ،‬وخصوصا الشعر العربي‬ ‫المعاصر‪( .‬ترجم لعبد الوهاب البياتي ‪ -‬وأدونيس وشفيق الكمالي‪ ،‬وحسن عبد اهلل القرشي (سعودي)‪ ،‬ومحمد بنيس‪،‬‬ ‫ونجيب محفوظ‪ ،‬وبنسالم حميش‪ .)...‬كان مسؤوال عن المركز الثقافي اإلسباني‬ ‫في االسكندرية (‪ )1997 - 1993‬ومديرا لمعهد سيرفانطيس بالقاهرة (‪2000‬‬ ‫ ‪2003‬م) وفي الدار البيضاء بالمغرب‪ .‬ومديرا لنفس المعهد في بالرباط منذ‬‫سنة ‪2007‬م‪ ،‬إلى أن أحيل على التقاعد‪ .‬كانت مواقفه المناصرة للقضايا العربية‬ ‫بكل ما لها من تبعات تحسب عليه من بعض الدوائر المناهضة للعرب‪ .‬وقد‬ ‫عرف بذلك داخل إسبانيا وخارجها‪ .‬كم جادل وناهض ودافع وناظر على شاشة‬ ‫التلفيزيون اإلسبانية أو في مؤتمرات وندوات ومحاضرات عن العرب وقضاياهم‬ ‫الشائكة منها أو العابرة‪.‬حصل على جائزة الترجمة سنة ‪1988‬م وهي جائزة ذات‬ ‫أهمية كبيرة تشرف عليها وزارة الثقافة واألكاديمية الملكية للغة باسبانيا‪.‬‬ ‫ترجم إلى اللغة اإلسبانية مع األستاذ (سيرافين فانخول) رحلة ابن بطوطة‬ ‫تحت عنوان (ابن بطوطة من خالل اإلسالم)‪ .‬وصدرت عن دار‪EDITORA:‬‬ ‫‪ NACIONAL‬بمدريد سنة ‪1981‬م‪.‬‬ ‫لقاء صدفة بالعالم العربي‪:‬‬ ‫يقول آربوس في حوار معه‪ ...« :‬كانت بداية لقائي بالعالم العربي مصادفة‪،‬‬ ‫فقد بدأت دراستي الجامعية في كلية الطب ولكني لم استمر بها سوى أربعة‬ ‫أشهر ثم في كلية الطب ولكني لن استمر بها سوى أربعة أشهر ثم التحقت‬ ‫بكلية الفلسفة واآلداب للتخصص في اآلداب اإلسباني‪ ،‬ولكن القدر تدخل ليحول‬ ‫مجرى حياتي إذ كان أستاذ األدب اإلسباني سيئا للغاية بينما جدب انتباهي‬ ‫أسلوب أستاذ اللغة العربية كما جذبتني اللغة كلغة غنية في التعبير وكونها لغة‬ ‫ذات إمكانيات عظيمة وكانت هذه بداية الطريق»(‪.)3‬‬ ‫جذبته اللغة العربية بسحرها وغناها لينغمس في شعرها الحديث الذي استأثر به واهتم بجماله ومعانيها‪ ،‬فاختار‬ ‫الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي فترجم أشعاره (ثمانية دواوينه) وأعد رسالة الماجستير عن شعره في المنفى‪،‬‬ ‫والدكتوراه عن األسطورة في شعره‪« .‬إن تخصصي في ترجمة الشعر العربي المعاصر وخاصة شعر عبد الوهاب البياتي‬ ‫وأدونيس يرجع إلى اهتمامي باألدب العربي عامة وبالشعر خاصة‪ ،‬وعند اختيار موضوع بحث التخرج تناولت مع أستاذي‬ ‫بيدرومارتنيث مونتابيث عدة موضوعات من بينها البياتي كواحد من كبار الشعراء في ذلك الحين‪ ،‬أي في أواخر الستينات‪.‬‬ ‫ومن خالل دراستي لهذا النوع من الشعر تفتحت لي مجاالت جمة لتعريف القارئ اإلسباني بوجه من أوجه األدب العالمي‪.‬‬ ‫ومازلت أبذل جهدا في هذا الطريق الشاق ألن ترجمة الشعر من لغة إلى أخرى عمل شاق ولكنه في الوقت ذاته عمل مرض‬ ‫خاصة عندما تتوصل إلى التعبير عن المعنى بدقة»(‪.)4‬‬ ‫هل يترجم الشعر؟‬ ‫فعال‪ ،‬إن ترجمة الشعر صعبة وقد نبه إلى ذلك الجاحظ منذ قرون‪ ،‬ويرى (أوكتافيوبات) في دراسة له عن (الترجمة‪:‬‬ ‫األدب واألدبية) التي يقول فيها « إن الحكم الكبير حول إمكانية الترجمة سقط على الشعر‪ ،‬وهو حكم فريد‪ ،‬وإذا تذكرنا‬ ‫بأن الكثير من األشعار الممتازة في كل لغة من لغات الغرب هي ترجمات‪ ،‬وإن الكثير من تلك الترجمات هي أعمال لشعراء‬ ‫كبار‪ .‬منذ سنوات حدد الناقد واللغوي الفرنسي (جورج مونان) في كتابه الذي عالج فيه قضية الترجمة المدلوالت الدالة‬ ‫للنص‪ ،‬غير أنه يكاد يكون اإلجماع جول الرأي الذي يحكم على استحالة ترجمة المدلوالت التي تدل على أكثر من معنى‪.‬‬ ‫إن واقع األصداء واالنعكاسات والعالقات بين الصوت والمعنى‪ ،‬فالشعر هو نسيج من الدالالت‪ ،‬إذا فهو ال يترجم‪ ...‬والكثير‬ ‫من الشعراء المعاصرين يؤكدون باستحالة ترجمة الشعر‪ ،‬أحيانا يهز مهم حب غير معتدل للمادة الشفاهية أو ألنهم وقعوا‬ ‫في فخ الذاتية»(‪.)5‬‬ ‫وللمستعرب اإلسباني بيدرومارتنيث مونتابيث رأي أصبح راسخا في تجربته ومواقفه وهو يتمثل بضرورة أن تكون‬ ‫الترجمة بصيغ شعرية‪ ،‬كما ينبغي أن توضع المترجمات في إطار شعري‪ ،‬وإن أكثرية النصوص العربية المعاصرة التي‬ ‫ترجمت إلى بعض اللغات‪ ،‬وبالذات اللغة اإلسبانية تحس فيها بغياب البعد الشعري‪ ،‬وهي في بعض األحيان تكون خالية‬ ‫من أية مادة أدبية أو شعرية بمعنى الفن‪ ...‬والمترجم ينبغي أن يأخذ في االعتبار ضرورة إبراز المستويات األسلوبية‬ ‫واللغوية المتباينة في النصوص األدبية‪ ،‬وأن يبرز المستوى الشخصي الفني لكل أديب(‪.)6‬‬ ‫ويبدو أن المنهجية التي ينهجها فيدريكو آربوس في تعامله مع ترجمة الشعر يمكن تلخيصها حسب رأيه‪ ،‬وهي‬ ‫محاولة فهم القصيدة أوال‪ ،‬ليس فقط معاني الكلمات‪ ،‬بل كل ما يتعلق بها من ثقافة‪ ،‬ثم يترجمها بحيث يقرأها القارئ‬ ‫اإلسباني كما لو كانت قصيدة مكتوبة أصال باللغة اإلسبانية‪ ،‬كذلك يحاول الحفاظ على اإليقاع الداخلي للقصيدة وتجنب‬ ‫أي محاولة نقل آلي للوزن أو القافية حتى ال تتحول الترجمة إلى مجرد شرح للقصيدة وهذا بعيد عن مهمة الترجمة(‪.)7‬‬ ‫ولكن هذا ال يخلو من الصعوبات‪ ،‬ولعل أبرزها اختالف البنية في اللغتين‪ :‬العربية واإلسبانية‪ .‬فهناك تركيبات في‬ ‫قواعد اللغة العربية تستخدم في الشعر ألنها تتوافق مع اإليقاع الشعري والعروض كذلك بالنسبة ألوزان الشعر الحر «ولهذا‬ ‫يلجأ المترجم أحيانا إلى محاورة الجملة حتى يتوصل إلى نقل المعنى الصحيح‪ .‬أنا أترجم القصيدة ترجمة حرفية أوال ثم‬ ‫أحول التركيبات اللغوية والشعرية إلى أبيات إسبانية مع وجود األصل العربي كمرجع»(‪.)8‬‬ ‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن آربوس كان سباقا إلى ترجمة الشعر السعودي المعاصر إلى اللغة اإلسبانية‪ ،‬فقد ترجم‬ ‫مختارات من أشعار حسن عبد اهلل القرشي‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫لماذا التركيز أكثر على شعر البياتي؟‬ ‫«ركزت جهودي على الدراسة وترجمة الشعر العربي المعاصر وبشكل خاص من خالل أعمال الشاعر العراقي عبد‬ ‫الوهاب البياتي‪.)9(»...‬‬ ‫وقد خص هذا الشاعر بدراسة قيمة تحت عنوان (الموت في الحياة) كتعبير عن المواضيع المحورية في شعر عبد‬ ‫الوهاب البياتي) ألقاها في مدريد يوم ‪ 29‬فبراير ‪1980‬م بمناسبة األسبوع الثقافي العربي‪ ،‬ومما جاء فيها‪:‬‬ ‫في سنة ‪1968‬م‪ ،‬نشر عبد الوهاب البياتي ديوانه (الموت في الحياة) الذي نعمل على تحليله في هذه الدراسة‪ ،‬حيث‬ ‫نجد أن األساطير التي تستخدم كما هي في صفحاته هي أساسا أساطير تموز وعشتار والمجموعة األسطورية البطولية‬ ‫كملحمة جلجامش التي ترغمنا على طرح قضيتين سابقتين حول األساطير عموما وحول األساطير البابلية خصوصا‪ ...‬إن‬ ‫البياتي يكثف كل هذه المادة األسطورية في ديوانه وذلك في عالقة جدلية من توتران وتناقضات‪ :‬التناقض المضاعف‬ ‫موت ‪ -‬حياة ‪ /‬موت ‪ -‬بعث‪ ،‬التي تعبر عنها استعاريا األساطير المتداخلة ل‪ :‬عشتار وتموز‪.‬‬ ‫تبدو دائما مقترنة بالتوتر طبيعة ‪ -‬ثقافة ‪ /‬حرية ‪ -‬نفي تمثلها ملحمة جلجامش التي يأخذ منها الشاعر جمال وحتى‬ ‫أبياتا كاملة‪ .‬وأكثر من ذلك داخل هذه الثنائية األخيرة يورد توثرا جديدا‪ .‬التوتر الذي أحدثته الثقافة ‪ -‬النفي المعبر عنها‬ ‫بواسطة الرمز األسطوري للمدينة «هي ستيل» في مواجهة الثقافة ‪ -‬الحرية التي تعكسها أسطورة المدينة المثالية‪ .‬كل‬ ‫ذلك يبقى مؤشرا في إطار فسيح جدا أمام المكان‪ -‬زماني‪ .‬ابتداء من اآلثر الذي تركته في أبيات وقصائد تلميحات أدبية ‪-‬‬ ‫ثقافية وآيات قرآنية معينة حتى انتقال وانصهار هذا العالم األسطوري والرمز في عصر الحالي‪ .‬معناه أن البياتي يعيد خلق‬ ‫وإعداد األساطير السالفة الذكر في مدلول ثوري‪ .‬على أي حال‪ .‬ثالثة هي النماذج األسطورية الرئيسية التي نجدها ماثلة‬ ‫في ديوان (الموت في الحياة) وهي ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬المدينة المثالية ونقيضها المدينة العدائية‬ ‫‪ - 2‬البطل «الثوري»‬ ‫‪ - 3‬رمز الحب الخالد‪ :‬منبع أولي للوجود‪ .‬للذي تجسده عائشة(‪.)10‬‬ ‫كما خصص ترجمة (الذي يأتي وال يأتي) للبياتي إلى اللغة اإلسباني‪ .‬بمقدم رائعة‪ ،‬باعتباره أول عمل كامل للشاعر‬ ‫يترجم إلى اللغة اإلسبانية‪ ،‬فقد فضلت أن أقدم للقارئ اإلسباني العمل األكثر تكامال في بنيته‪ .‬والذي رسمت فيه النماذج‬ ‫األسطورية والرمزية بدقة أكبر‪ .‬والحق أن كثيرا من التعبيرات (الموتيفات) والموضوعات الرئيسية التي جاءت في ديوان‬ ‫(الذي يأتي وال يأتي) نجدها مصوغة من جديد أو متوسعا فيها في ديوان (الموت في الحياة) وليس هذا فقط وإنما تأتي‬ ‫أيضا متبلورة كعنصر رئيسي في القصائد األكثر أهمية‪ .‬والبنية الشعرية التي‬ ‫بدأت مع ديوان (الذي يأتي وال يأتي) ندخل بنا في إحداثيات تاريخية أسطورية‪.‬‬ ‫وتجعلنا نفكر في طبيعة العمل األدبي نفسه(‪.)11‬‬ ‫ابن بطوطه من خالل اإلسالم‪:‬‬ ‫قام المستعرب اإلسباني فيديريكو آربوس بتوجيه اهتمامه أيضا إلى األعمال‬ ‫الكالسيكية العربية في القرون الوسطى‪ ،‬فترجم «رحلة ابن بطوطة» مصحوبة‬ ‫بدراسة ومقدمة بالتعاون مع رفيقة األستاذ سيرافين فانخول في سبعين صفحة‬ ‫مرفوقة بثماني خرائط للطرق التي سلكها في تنقالته ابن بطوطة انطالقا من‬ ‫مدينة طنجة مسقط رأسه‪ ،‬وصوال إلى مصر والشام والجزيرة العربية وإفريقيا‬ ‫الوسطى والشرقية وتركيا وجنوب روسيا‪ ،‬وبالد فارس والهند والجزر المجاورة لها‬ ‫واندونيسيا والصين وقد تطرق المترجمات لدراسة تحليلية ألدب الرحالت العربي‬ ‫وحياة ابن بطوطة ورحلته مع تقييم ألدبه واألهمية التاريخية للكتاب‪.‬‬ ‫وتمكن المترجمات كذلك من تحقيق وإنجاز عمل جدي في محاولة لدعم‬ ‫التقارب بين الثقافتين العربية واإلسبانية وتسليط الضوء على كتاب له أهميته‬ ‫التاريخية والعملية واألدبية والسوسيولوجيا‪.‬‬ ‫والغريب في الموضوع هو أن عددا من الشعوب التي زارها ابن بطوطة‬ ‫وجدت في رحلته مرجعا أساسيا الكتشاف جزء مهم من تاريخها‪ .‬كما أن اللغة‬ ‫المستعملة في الترجمة سليمة وسهلة مما يجعل فهمها في متناول جميع القراء‬ ‫إن عملهما يستحق التنويه‪.‬‬ ‫إن أعمال آربوس إلى جانب أعمال أخرى لمستعربين إسبان أمثال مونتابيث‪،‬‬ ‫وكارمن رويث برافو‪ ،‬وماريا خيسوس فيغيرا‪ ،‬وخوسي ماريا فورنياس‪ ،‬وخوليو‬ ‫كورتيس وغيرهم الذين يشكلون نخبة ممتازة‪ ،‬عرفوا بجديتهم على مستوى الثقافة اإلسبانية ليس في إسبانيا وحدها‪،‬‬ ‫وإنما في العالم الناطق باللغة اإلسبانية‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن اإلهتمام بالثقافة العربية في إسبانيا في السنوات األخيرة يدعو‬ ‫إلى التفاؤل‪ ،‬ويندر أن يمر شهر دون أن يصدر كتاب عن الثقافة العربية تأليفا أو ترجمة‪ .‬ويرى آربوس إنه‪:‬‬ ‫ابتداء من عام ‪1960‬م‪ ،‬ازداد عدد الدراسات العامة والتراجم األدبية بشكل ملحوظ ألسباب مختلفة؛ كما أن األجيال‬ ‫الجديدة من المستعربين اإلسبان‪ ،‬وغالبيتهم من الجامعيين وأيضا من الباحثين والمترجمين غير الجامعيين‪ ،‬بدأوا في‬ ‫االهتمام بالمشرق األدنى واألوسط بشكل عام‪ ،‬وبالعالم العربي المعاصر بشكل متزايد‪.‬‬ ‫كما أن ٌ‬ ‫األقسام األكاديمية المتخصصة في دراسة اللغة واألدب العربي تزايدت وتعددت موادها الدراسية‪ ،‬ليس فقط‬ ‫في جامعات مدريد وبرشلونة‪ ،‬ولكن أيضا في كليات اآلداب بجنوب إسبانيا (غرناطة إشبيلية ومالقة) أو في الشرق اإلسباني‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن دور النشر العامة والخاصة بدأت في اإلهتمام بشؤون العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬حيث نرى ظهور‬ ‫سالسل من المطبوعات التي تركز على ترجمة النصوص األدبية العربية من العصور الوسطى والمعاصرة بشكل خاص‪.‬‬ ‫إن أعمال االستعراب اإلسباني الجديد التي تحول كصر الدائرة الضيقة للعلماء والمتخصصين سواء عن طريق دور النشر‬ ‫أو النشر الدوري‪ ،‬هي نتاج عمل البروفيسور مارتينيث مونتابيث ومجموعة من المستعربين الذين اجتازوا مرحلة التأهيل‪،‬‬ ‫خالل منتصف أو نهاية الستينات مثل‪ :‬فيغيرا‪ ،‬بييغاس‪ ،‬فانخول‪ ،‬ديل آمو‪ ،‬غارولو‪ ،‬رويث برابو‪ ،‬وأنا أيضا من بين آخرين‬ ‫عديدين(‪.)12‬‬ ‫ويبرئ االستعراب اإلسباني من احتمال ولو من بعيد عن استغالله كدعامة فكرية أو ثقافية لإلمبريالية بأي شكل‬ ‫من األشكال‪ .‬فهدفه كان وما زال هو االهتمام بالبحث ومعرفة العالم العربية المعاصر‪ ،‬وتعريف المواطن اإلسباني عامة‬ ‫والجامعي اإلسباني خاصة بهذا العالم(‪.)13‬‬

‫الهوامش ‪:‬‬ ‫‪ )1‬صحيفة (العلم) عدد‪1/6/2002:‬م‪.‬‬ ‫‪ )2‬حوار معه في مجلة آفاق عربية ‪ /1986 - 4‬ص‪.122 :‬‬ ‫‪ )3‬انظر صحيفة الشرق األوسط‪ ،‬عدد‪12/1994 /4 :‬م‪ ،‬ص‪.17:‬‬ ‫‪ )4‬نفس المرجع‪.‬‬ ‫‪ )5‬انظر‪CUADERNOS MARGINAKES -N 18 :‬وقمنا بترجمة الدراسة إلى اللغة العربية مع إدريس‬ ‫المصمودي‪ ،‬نشر في (االتحاد االشتراكي) ‪ -‬الملحق الثقافي ‪ -‬عدد‪ 4 :‬يوليوز ‪1993‬م‪ ،‬ص‪.6-7 :‬‬ ‫‪ )6‬انظر حوار معه في مجلة آفاق عربية ‪ /‬عدد‪ /1986 /4 :‬ص‪.122 :‬‬ ‫‪ )7‬حوار معه ‪ /‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪ )8‬المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪ )9‬حوار معه في صحيفة (العلم) المغربية ‪ /‬عدد‪ / 24 :‬نونبر ‪1996‬م ‪ /‬ص‪.12 :‬‬ ‫‪ )10‬أنظر ترجمة هذه الدراسة إلى العربية في صحيفة (الميثاق الثقافي) في ثالث حلقات‪ :‬ماي ‪1994‬م ترجمها‪ :‬عبد‬ ‫السالم مصباح ومصطفى عائشة‪.‬‬ ‫‪ )11‬انظر المقدمة مترجمة إلى العربية في مجلة (فنون العراقية) عدد‪ :‬نونبر ‪1981‬م ص‪ .53 – 52 :‬قام بترجمتها حامد‬ ‫أبو أحمد‪.‬‬ ‫‪ )12‬حوار معه في صحيفة (العلم) مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪ )13‬المرجع نفسه‪.‬‬


‫العدد ‪1020‬‬

‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫الديمقراطية التشاركية‬ ‫في ضيافة مخيم شبابي بوزان‬

‫لعبة السودوكو (‪)481‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‪ ‬‬

‫‪ ‬إذا كان « الشباب هو الزمن الذي أمامنا» كما سبق‬ ‫وجاء ذلك على لسان الرئيس الفرنسي فراسوا ميتران‪،‬‬ ‫وهو يقدم تعريفا دقيقا لهذه الفئة‪ ،‬فإن بالدنا التي تمد‬ ‫جسور التواصل مع العالم‪ ،‬في حاجة ماسة لتأطير هذه‬ ‫الفئة العريضة من بناتها وأبنائها‪ ،‬وتقوية قدراتهم‪،‬‬ ‫والتفاعل السريع وااليجابي مع انتظاراتهم لمواجهة‬ ‫كل تحديات المستقبل‪ ،‬وجعلهم في منأى عن التيارات‬ ‫الهدامة التي تصطاد في بركة أوضاعهم االجتماعية‬ ‫الصعبة ‪.‬‬ ‫‪ ‬في هذا السياق‪ ،‬ومساهمة منها في تسليط كشافات‬ ‫الضوء على ما جاء به دستور ‪ 2011‬من أحكام أفاضت‬ ‫في توسيع المشاركة المواطنة‪ ،‬ومن أجل االرتقاء بأداء‬ ‫المجتمع المدني بإقليم وزان‪ ،‬نظمت المديرية اإلقليمية‬ ‫لوزارة الثقافة والشباب والرياضة مخيما شبابيا خالل‬ ‫أيام ‪ 12/11/10/9‬نونبر الجاري‪ ،‬تمحورت ورشاته حول‬ ‫«المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية »‪.‬‬ ‫المخيم الشبابي الذي استضــاف أشغالــه وفقراته‬ ‫الفنية‪ ،‬المركز المتعدد االختصاصات‪ ،‬بجماعة عين بيضاء‬

‫الترابية‪ ،‬الواقعة تحت النفوذ الترابي إلقليم وزان‪ ،‬كان‬ ‫الشباب المشارك فيه القادم من مختلف الجماعات الترابية‬ ‫باإلقليم‪( ،‬كان) على موعــد مع أربـــع ورشات تكوينية‪،‬‬ ‫أحاطت الورشة األولى بموضوع اإلطار القانوني المنظم‬ ‫للجمعيات‪ .‬ومنها سينتقـــل المشاركـــات والمشاركون‬ ‫في ورشتين الحقتين إلى تعميــق النقاش في مفهوم‬ ‫الديمقراطية التشاركية وسياق اعتمادها في دستور‬ ‫‪ ،2011‬والقوانين المنظمة آللياتها المتعددة ‪ .‬وألن‬ ‫الديمقراطية التشاركية لم تأتي كبديل عن الديمقراطية‬ ‫التمثيلية فقد التقى شباب المخيم مع رئيس جماعة عين‬ ‫بيضاء في ورشة الشباب والعمل الجماعي ‪.‬‬ ‫‪ ‬يذكر بأن المخيم الشبابي انطلقت أشغاله بجلسة‬ ‫افتتاحية ترأستها المديرة اإلقليمية لوزارة الثقافة‬ ‫والشباب والرياضة بوزان‪ ،‬كما أن مختلــف الورشات‬ ‫صادقت على جملة من التوصيات تتجه كلها نحو جعل‬ ‫الشباب فاعال في مسلسل التنمية‪ ،‬وذلك بتعزيز وتوسيع‬ ‫دائرة المشاركة المواطنة‪ ،‬وضخ جرعات من المصداقية‬ ‫في هذه اآلليات التي تشكل هيئات المساواة وتكافؤ‬ ‫الفرص ومقاربة النوع للجماعات الترابية إحداها ‪ .‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪481‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫صفحة‬

‫‪19‬‬ ‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫الثالثاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نوفمرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫هل هي بداية نهاية‬ ‫المدرب الوطني خاليلوزيتش‬

‫رغم األداء الضعيف والنتائج السلبية في المباريات األربــع الودية التي‬ ‫خاضها مع أسود األطلس حاولنا قدر المستطاع عدم التسرع والحكم على مصير‬ ‫المنتخب الوطني حتى ال نتهم بالسوداوية ومحاولة عرقلة مسيرة المدرب وحيد‬ ‫خاليلوزيتش‪.‬‬ ‫لكن من خالل أول مباراة رسمية لالسود مع منتخب موريتانيا وهو من‬ ‫المنتخبات الصاعدة التي الزالت تحاول شق طريقها أن نتعادل بميداننا وأمام‬ ‫جماهيرنا ونضيع نقطتين ثمينتين فهذا أمر ال يبشر بخير‪.‬‬ ‫ويجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا بخصوص مصير الفريق الوطني في‬ ‫هذه التصفيات وخاصة إذا ما انهزمنا يوم الثالثاء خارج الميدان أمام منتخب‬ ‫بوروندي الذي انهزم بثالثية أمام منتخب إفريقيا الوسطى ويسعى للتعويض‪.‬‬ ‫والسؤال الذي بدأ يطرح بقوة بعد التعادل أمام منتخب موريتانيــا هل‬ ‫سيستمر خاليلو زيتش في منصبه؟‬ ‫إنه هو المسؤول األول عن هذا التعثر ومن جاء به وتعاقد معه ونصبـــه‬ ‫يتحمل هو اآلخر المسؤولية ألن أي نتيجة من غير االنتصار أمام بوروندي وهو‬ ‫أيضا من المنتخبات الضعيفة قاريا سيعيدنا إلى الصفر وسيجعل إقالة المدرب‬ ‫وحيد خاليلوزيتش أمرا ضروريا ويصبح التساؤل عن المبلغ الذي يتوجب على‬ ‫الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم دفعه إلقالته‪ ،‬وهل سنبقي عليه حتى ولو‬ ‫تعثر مستقبال تالفيا ألداء الشرط الجزائي؟‬ ‫أسئلة أصبحت تطرج بإلحاح بعد اإلخفاق أمام منتخب موريتانيا‪.‬‬ ‫المدرب خاليلوزيتش وفي محاولة منه المتصاص غضب الجميع وتهدئة‬ ‫األوضاع‪ ،‬قال في المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباراة‪.‬‬ ‫«المنتخب المغربي يحتاج للدعم لتفادي ممارسة الضغط على الالعبين‬ ‫من خالل االنتقادات التي تشتت تفكيرهم‪.»..‬‬ ‫وختم بالقول‪« :‬المنتخب المغربي يحتاج إلى انتصار واحد من أجل استعادة‬ ‫الثقة وإعادة االستقرار»‪.‬‬ ‫إذن انتظروا االنتصار األول‪...‬‬

‫‪ 3‬مدربين على رادار اتحاد طنجة‬ ‫لكرة القدم‬

‫هشام الدميعي‬

‫محمد أمين بنهاشم‬

‫عزيز العامري‬

‫بعد فشل المفاوضات مع اإلطار الوطني جمال السالمي الذي انتقل رسميا لتدريب الرجاء‬ ‫الرياضي فتحت اللجنة المؤقتة المكلفة بتصريف األعمال باتحاد طنجة مفاوضات جديدة من أجل‬ ‫التعاقد مع مدرب جديد لخالفة الجزائري نبيل نغيز الذي تم اال نفصال عنه بعد اإلقصاء من مربع‬ ‫نهاية كأس العرش على يد فريق حسنية أكادير ‪.‬‬ ‫وعلمت «المنتخب» أن ثالثة مدربين مغاربة يوجدون حاليا على رادار اتحاد طنجة ويتعلق‬ ‫األمر بكل من هشام الدميعي و محمد أمين بنهاشم وعزيز العامري‪.‬‬

‫تأجيل الجمع العام للمغرب التطواني‬ ‫قرر فريق المغرب التطواني‬ ‫تأجيل جمعه العام السنوي العادي‬ ‫للموسم الر ياضي‪ 2019-2018‬إلى‬ ‫يوم الخميس ‪ 5‬دجنبر المقبل بعد‬ ‫أن كان مقررا عقده الخميس ‪14‬‬ ‫نونبر الجاري‪.‬‬ ‫ويأتي قرار التأجيل رغبة من‬ ‫المكتب المديري للنادي في‬ ‫احترام جميع الضوابط القانونية‬ ‫والتنظيمية المتعلقة بالجموع‬ ‫العامة وفقا لنظامه األساسي‬ ‫ولقانون التربية البدنية ‪.30.09‬‬

‫بعد تراجع الرئيس عن االستقالة‪ ...‬أزمة‬ ‫اتحاد طنجة في طريقها إلى الحل‬

‫احتضنت قاعــة الندوات بملعب ابن بطوطـة مساء‬ ‫الجمعة اشغال الجمع العام االستثنائي لفريق اتحاد طنجة‬ ‫لكرة القدم‪.‬‬ ‫هذا الجمع الذي جاء بعد فترة فراغ عاشها النادي جراء‬ ‫االستقالة الجماعية التي قدمهــا المكتب المديري بعد‬ ‫الهزيمة اإلقصاء من كأس العــرش والتي كان من مخلفاتها‬ ‫االنفصال عن المدرب الجزائري نبيل نغيز بعد أربع دورات‪.‬‬ ‫افتتح الجمع بكلمة للسيد سيف الدين النايب رئيس‬ ‫لجنة تصريف اال عمال اوضح فيها أن طنجة تعيش لحظة‬ ‫مع التاريخ ومع التصحيح معلنا افتتاح أشغال هذا الجمع‬ ‫االستثنائي‪ .‬مبرزا أن مهمة اللجنة كانت تتمثل في سد الفراغ‬ ‫ومحاولة التفاوض مع مدرب جديد لإلشراف على الطاقم‬ ‫الفني للفريق‪.‬‬ ‫وأوضح ضرورة الحسم في الوضعية التي يعيشها الفريق‬ ‫مؤكداان اتحاد طنجة فريق كبير‪.‬‬ ‫إثر ذلك تنــاول الكلمة السيد عبد الحميد أبرشان‬ ‫الرئيس المستقيل وبنبرة حزينة أشار إلى المجهودات التي‬ ‫بذلها برفقة المكتب المسير لمدة سبع سنوات والنجاحات‬ ‫التي تحققت وأدت إلى الظفر بلقب البطولة االحترافية‬ ‫ألول مرة في تاريخ فارس البوغاز رغم قلة اإلمكانيات حيث‬ ‫بذل المكتب المسير جهودا جبارة وقام باتصاالت شخصية‬ ‫بمؤسسات ومحتضنين من أجل إيجاد موارد مالية بعد توقف‬ ‫منح السلطات المحلية‪.‬‬ ‫وبعد هذه الجهــود الجبارة كنـــا نتمنى ونأمل ألن‬ ‫يساندنا الجميع وتكون لدينا ميزانية قوية بعدما أحرزنا‬ ‫المرتبة الخامسة بمبلغ ‪ 26‬مليون درهم‪ ...‬لكن عوض أن‬ ‫نجد المساندة والدعم لم نجد سوى من يتهمنا و يهدم كل‬ ‫ما بنيناه في سنوات‪.‬‬ ‫لقد سمعنا السب والشتم والرشق بالحجارة‪ ..‬هل هذا هو‬ ‫الجزاء‪.‬‬ ‫لذلك يقول أبرشان لم أعد قادرا على الذهاب إلى الملعب‬ ‫الذي أصبح بالنسبة لي وألوالدي نقطة سوداء ومصدر إهانة‬ ‫ألعضاء المكتــب وحتى مداخيل الملعــب اصبحت هزيلة‬ ‫بفعـــل بعض التصرفات الطائشــة مثل اطالق الشهب‬ ‫االصطناعية مما يؤدي إلى غرامات مالية تثقل كاهل‬ ‫الفريق‪.‬‬ ‫وأمام كل ذلك قررت تقديــم االستقالة و طلبت من‬ ‫الجميع تحمل المسؤولية ووضع القطيعة مع مثل هذه‬

‫األعمال حتى يتمكن الفريق من مواصلة السير‪.‬‬ ‫وبعد أن شكر لجنة تصريف األعمال على ماقامت به‬ ‫طيلة اسبوعين أكد أبرشان أن استقالته الرجعــة فيها وشكر‬ ‫كل من له نية حسنة من رجال أمن ووقاية مدنية وقوات‬ ‫مساعدة ورجال إعـــالم وكل من واكــب مسيرة الفريق‬ ‫وأعلن انسحابه‪.‬‬ ‫وتنـاول ممثل وزارة الثقافـــة والشبيبـــة والرياضة‬ ‫الكلمة فأكد أنه بعد التاكيد تم اإلعالن عن استقالة الرئيس‬ ‫دون التوصل باستقالة المكتب مشيرا إلى أن للمنخرطين‬ ‫الحق فيطلب النظر في استقالة الفريق‪.‬‬ ‫وإثر ذلك تناول الكلمة عدد من المنخرطين فطلبوا من‬ ‫الر ئيس سعة الصدر رغم ما تعرض له من سب وقذف وكالم‬ ‫ساقط وألحوا على ‪:‬‬ ‫ ضمان مواصلة مشواره كرئيس للفريق إلى غاية انتهاء‬‫الموسم الكروي الحالي‪.‬‬ ‫ إجراء عملية مسح شاملة للفريق‪.‬‬‫ ضرورة وضع النقاط على الحروف بخصـوص شيء‬‫غامض بين الجماهير واحد األعضاء غير المرغوب فيه من‬ ‫قبلهم‪.‬‬ ‫ رسم خطة طريق على المدى المتوسط‪-‬‬‫ هيكلة جديدة للمكتب المسير‪.‬‬‫ تخفيض ثمن االنخراط لتوسيع قاعدة المنخرطين‪.‬‬‫ إنقاذ الموسم من الضياع‪.‬‬‫ تهديد المستشهرين باال بتعاد نظرا ال رتباظهم‬‫بشخص أبرشان‪.‬‬ ‫ تشكيل لجنة إلعادة ترتيب البيت الداخلى التحاد طنجة‪.‬‬‫وتعيين مدرب جديد للفريق‪.‬‬ ‫الرئيس شكر المنخرطيــن وطالب بضرورة محاسبة‬ ‫الذين يبثـون الفوضى وهــددو سيف الدين النايب أمام‬ ‫الجميغ أن الرئيس عبد الحميــد أبرشان وأمــام ضغط‬ ‫الجميع قرر التراجع عن االستقالة‪.‬‬ ‫وباإلجماع رفض المنخرطون استقالة الرئيس الذي غادر‬ ‫القاعة‪.‬‬ ‫وبعد انتظــار أعلن سيــف الدين النايب أن الرئيس‬ ‫ورضوخا عند طلب الجميـــع تراجــع عن قرار االستقالة‬ ‫وسيعقد ندوة صحفية في القريب‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬نـوفمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1020‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة األولى‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫اإلعالمي والناقد السينمائي‬

‫نور الدين ال�صايل‬ ‫المحور األول ـ المسار الخاص ـ‬

‫يحضر األستاذ نورالدين الصايل‪ ،‬في مخيــــال المغاربــة والمشتغلين بالحقــل اإلعالمي والسينمائي‬ ‫والمجتمعي الوطني‪ ،‬بصيغة تمنحه نوعا من التعددية في االهتمام‪ .‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الباحث والكاتب‬ ‫واإلعالمي والمهتم بأسئلة السينما‪ ،‬وهو المدير السابق لقناة ‪ 2M‬والذي انعطف بمشروع التلفزة الوطنية‬ ‫نحو أفق اتسمت فيه بالدينامية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة مهرجـان مراكـش الدولـي‬ ‫للسينما لدورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل إشعاعها‪.‬‬ ‫تستضيفه «جريدة الشمال» ضمن صفحتها األخيرة «تذكرة سفر»‪ ،‬من خالل جلسات حوارية حول‬ ‫مشوارات حياته نقدمها للقارئ تباعا‪.‬‬

‫ـ األستاذ نورالدين سنبدأ معك الحديث‪،‬‬ ‫بصفتك واحدا من الشخصيات العمومية‬ ‫بالمغرب والتي شغلت الرأي العام بحضورها‬ ‫الالفت‪ ،‬عن المراحل األولى من حياتك‪.‬‬ ‫أكيد أن الكثير من المغاربة يرغبون في‬ ‫معرفة حياة هذه الشخصية‪ ،‬خصوصا بعض‬ ‫التفاصيل المؤثرة في مسارك‪ .‬واسمح لي أن‬ ‫أبدأ معك من خصوصيات طفولتك؟‬ ‫ـ نعم‪ ،‬وكما يعلم الجميع فإن بداياتي‬ ‫األولى كانت بمدينة طنجة حيث ولدت‪ .‬وأنا‬ ‫أتصور أن التأثير األول الذي يمكن أن أكون‬ ‫قد خضت له في طنجة هو أن هذه المدينة‬ ‫كانت مدينة االنفتاح واالختالط‪ ،‬وكانت‪ ،‬وقت‬ ‫طفولتي‪ ،‬ما تزال تنعم بالصفة الدولية التي‬ ‫عرفت بها‪ .‬ولذلك فأنا عشت بها‪ ،‬وبالتحديد‬ ‫قبل االستقالل‪ ،‬وتشربت هذه القيم منذ‬ ‫البداية‪ .‬وأذكر جيدا وأنا الأزال في عمر الرابعة‬ ‫أو الخامسة كيف أني كنت أخرج إلى فضاءاتها‬ ‫العمومية وأنا أنعم بكل األمن الذي كان‬ ‫يطبعها‪ ،‬بعيدا عن أية مخاطرة للتعرض‬ ‫للتعنيف‪ .‬بل إن حياتي الطفولية بدت منذ‬ ‫البداية غنية بهذا التنوع العرقي أو االثني أو‬ ‫الثقافي‪ ،‬وما أزال أذكر جيدا أني كنت أخرج‬ ‫للعب فأجد نفسي أتقاسم ذلك مع اطفال من‬ ‫جنسيات مختلفة‪...‬إسبان وفرنسيين ومغاربة‬ ‫مسلمين ومغاربة يهود‪ .‬ما أريد أن أقوله‬

‫بالضبط هو أن هذا االنفتاح على مستوى تعدد‬ ‫العالئق االجتماعية انعكس على مستوى انفتاح‬ ‫تفكيري منذ البداية‪ .‬ولربما هذه خاصية تطبع‬ ‫جيال كامال من أبناء طنجة الذين عايشوا هذه‬ ‫المرحلةالدولية‪.‬‬ ‫وللتذكير فأنا ازددت بحي معروف بطنجة‬ ‫هو حي «المصلى»‪ ،‬غير أن األسرة فيمـــا بعد‬ ‫انتقلـــت إلى حي آخــر هـــو حي «خوصافـــات»‬ ‫المؤدي إلى حي «مرشان»‪ ،‬وكنت وقتها ما أزال‬ ‫أجتاز مراحل طفولتي األولى‪ .‬ولذلك فإن اغلب‬ ‫الذكريات التي ما أزال أحتفظ بها تأتيني من‬ ‫مراحل طفولتي بحي «خوصافات»‪ ،‬وقد كان‬ ‫حيا بطابع إسباني قوي‪ ،‬وكانت خاصيته أنه‬ ‫يجمع في تكويناته الجغرافية الواسعة انتماءات‬ ‫رياضية أو اختيارات كروية‪ ،‬فمثال نصف أبناء‬ ‫شارع «إيطاليا» من اليمين كانوا مدريديين‪،‬‬ ‫فيما النصف األيسر مناصرون لبرشلونة‪ ،‬بينما‬ ‫كانت أقلية صغيرة جدا تقطن حيث كانت توجد‬ ‫مدرسة ابن الخطيب تؤيد فريق «ريال بيتيس»‪.‬‬ ‫وهكذا فطبيعي جدا أن تكون التأثيرات األولى‬ ‫ذات طبيعة كروية‪.‬‬ ‫بعدما وصلت إلى سن السادسة أو السابعة‬ ‫كانت قد بدأت خطواتي الطفولية تتسع بعيدا‬ ‫إلى أن أخذت أتجول وأعرف جيدا «حي إيطاليا»‬ ‫حيث كانت توجد به قاعتان للسينما هما‬ ‫«ألكازار» و «دوكابيطول»‪ ،‬وهنا سيبدأ التأثير‬

‫الثاني في حياتي‪ ،‬وهو االكتشاف واالنبهار‬ ‫بالمادة السينمائية‪ .‬وأذكر أنه كان يسمح لنا‬ ‫في هذه السن المبكرة بأن نقتني نصف تذكرة‬ ‫الدخول لنحظى بمتعة مشاهدة األفالم‪.‬‬ ‫في السنة السادسة كنت قد التحقت أيضا‬ ‫بالدراسة بإيعاز من والدتي التي كانت تفضل‬ ‫التحاقي بتعليم معاصر تأسيا بإخوانها الذين‬ ‫كانوا قد التحقوا من قبل بالمدارس العمومية‬ ‫التي كانت تدرس فيها المواد العصرية مزدوجة‬ ‫اللغة‪ .‬فيما كان والدي يفضل أن أتابع تعليمي‬ ‫بـ «المسيد»‪ ،‬وطبعا كان ربما حلمه‪ ،‬وبحكم‬ ‫المسار الذي اختطه هو حيث كان إماما و»عدال»‬ ‫في نفس الوقت‪ ،‬أن أسير في نفس المسار الذي‬ ‫سار فيه هو‪ .‬ولكن فيما يبدو أن أمر دراستي‬ ‫خضع لنقاش أسري انتهى في نهاية المطاف‬ ‫بانتصار رغبة والدتي وهكذا التحقت بالتعليم‬ ‫العموميالعصري‪.‬‬ ‫ومما أذكره جيدا هو أنني كنت أجتاز وقتها‬ ‫مرحلة الدراسة االبتدائية‪ ،‬وكنـــا نتوجــه إلى‬ ‫المدرسة على شكل أفواج أو مجموعات مقتربة‬ ‫من بعضها‪ ،‬وهي نفس المجموعة التي كنت‬ ‫أقصد معها قاعات السينما‪ ،‬حيث كنا أحيانا‬ ‫نقتسم التذكرة الواحدة بين اثنين‪.‬‬ ‫والواقع أني خضعت لثالثـــة تأثيــرات في‬ ‫حياتي تعالقت فيما بينهـــا‪ ،‬وهي الريـــاضة‬ ‫والسينما ثم المدرسة‪.‬‬ ‫وعلى ذكـــر المدرســـة وعالقتهــــا‬ ‫بالمؤثرين اآلخرين‪ ،‬أذكر جيدا أن اتفاقا جرى‬ ‫بيني وبين والدي لضمان استمرارية تمتعي‬ ‫بامتيازات خوض االختيارات األخرى‪ .‬وكان مفاد‬ ‫هذا االتفاق هو أن والدي اشترط علي أن أحقق‬ ‫التفوق الدراسي طيلة األيام األولى من األسبوع‬ ‫كي أتمكن من الظفر بنهاية األسبوع والتصرف‬ ‫فيها كما أشاء‪ .‬وهو االتفاق الذي وجدت فيه‬ ‫تحفيزا‪ ،‬إذا ما كنت فعال أرغب في أن أتمتع بباقي‬ ‫مواهبي‪ .‬وأذكر أن االتفاق قد تم احترامه من‬ ‫قبل الطرفين‪.‬‬ ‫وهكذا تفوقت في دراستي من جانب‪،‬‬ ‫وتمتعت من جانب آخر بكل حقوقي في الخروج‬ ‫مع األصدقاء والذهاب إلى السينما‪ ،‬وفي مزاولة‬ ‫رياضة كرة القدم‪ ،‬وبذلك شعرت أنني أحقق كل‬ ‫التسليات الممكنة والمتاحة أمامي‪.‬‬ ‫المرحلة الثالثة إذا شئت القول‪ ،‬هو أنني‬

‫فيما بعد بدأت مع أصدقائي أبتعد قليال عن‬ ‫شارع “إيطاليا»‪ ،‬وبدأت أصل إلى حدود « السوق‬ ‫الداخلي» حيث كانت توجد سينما «فوكس»‪،‬‬ ‫وقليال أبعد من ذلك إلى أن استطعت أن أشكل‬ ‫ما يشبه الخطاطة عن قاعات السينما في طنجة‬ ‫بأكملها‪ .‬فقاعة «ألكازار أوكابيطول» مختصة‬ ‫بالسينما األمريكية الناطقة باإلسبانية‪ ،‬وقاعة‬ ‫«فوكس» بطابع أفالمها المصرية الناطقة‬ ‫بالعربية‪.‬‬ ‫خالصة القول‪ ،‬هــذه هي المقاربـــات‬ ‫األساسية التي عشتها وأنا طفل‪ .‬السينما‬ ‫بتوجهات العامة‪ ،‬كرة القدم ما بين فضاءات‬ ‫«مرشان» و «المصلى» و «السوانـــي»‪ ،‬ثم‬ ‫المدرسة العمومية العصرية خصوصا وأني‬ ‫ارتبطت خاللها بأسماء مدرسين أثروا في‬ ‫شخصيتي خصوصا في السنوات الثالث األولى‬ ‫من مشواري الدراسي بمدرسة عصرية مزدوجة‬ ‫«بشارع بنجيو» قرب مدرسة «عبداهلل كنون»‪،‬‬ ‫الموجودة ما بين «خوصافات» و«مرشان»‪.‬‬ ‫وأستحضر بشكل دقيق األستاذ السي بنسعيد‬ ‫واألستاذ الزواوي ثم السي الزرهوني‪ .‬وأكيد أن‬ ‫هناك أستاذة أخرون تلوا في حياتي غير أنني‬ ‫أستحضر هؤالء الثالثة بشكل خاص‪ ،‬وكان‬ ‫تأثيرهم كبيرا في حياتي ألنهم جعلوني أرغب‬ ‫أكثر في الدراسة أوال‪ ،‬وفي التعلق باللغة العربية‬ ‫والفرنسية ثانيا‪ .‬وأركز هنا أكثر على ترغيبي في‬ ‫اللغة الفرنسية خصوصا إذا ما علمنا أن مجال‬ ‫تداولنا اللغوي بطنجة كان إسبانيا محضا‪،‬‬ ‫بل وحتى في حياتنا اليومية كنا محاصرين‬ ‫بالمصطلحاتاإلسبانية‪.‬‬ ‫ـ هذا الســي نور الديـن عن المرحلة‬ ‫االبتدائية‪ ،‬ومـــاذا عن المرحلــة الثانويــة‬ ‫والجامعية‪ ،‬وماهي المواد التي تفوقــت أو‬ ‫تميزت فيها خالل هذه المرحلة وهل كان‬ ‫توجهك علمياً أم أدبياً؟‬ ‫ـ أنا في الحقيقة كنت أحاول أن أتميز في‬ ‫كل المواد‪ ،‬غير أنني ولربما طلبا من الوالد‬ ‫الذي كان يميل إلى اللغة العربية‪ ،‬وحيث‬ ‫كان بارعا في نحوها وعلومها التي يدرسها‬ ‫بالمعهد اإلسالمي‪ ،‬اخترت أن أجتاز الباكلوريا‬ ‫في تخصص أدبي على الرغم من أنني كنت‬ ‫مميزا في مواد الشعبة العلمية‪ .‬وأتذكر أنني‬ ‫لما سافرت إلى الرباط في أكتوبر سنة ‪1964‬‬

‫األخيرة‬

‫الستكمال دراستي الجامعية فكرت في أن أدخل‬ ‫شعبة الرياضيات كاختيار أول بحكم أنني كنت‬ ‫قد غادرت األسرة وبدأت أتخلص من وصاياتها‪.‬‬ ‫غير أن األمر آل بي إلى شعبة الفلسفة لما رأيت‬ ‫أنها تتقاطع مع المنطق والرياضيات اللذين‬ ‫كنت أميل إليهما‪ .‬وهكذا خضت مضماري‬ ‫مع الفلسفة في السنة األولى التي عادة ما‬ ‫تكون مشتركة‪ ،‬ثم بعدها السنة الثانية التي‬ ‫وجهني التخصص فيها نحو المنطق الرياضي‬ ‫واالبستمولوجيا‪ .‬وهكذا تعلقت بالفلسفة‬ ‫باعتبارها فكرا شموليا يهتم بكل ما يمكن أن‬ ‫يتبلور في اإلنتاجات العقلية عند اإلنسان‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى أن الجامعة أخذتني إلى اهتمامات أخرى‬ ‫متعلقة بالحياة النقابية وغيرها‪.‬‬ ‫وللتذكير فقط أنني ما بين ‪ 1965‬و‪1967‬‬ ‫كنت قد حصلت على شهادة اإلجازة في سنتين‬ ‫بعدما استطعت بتركيز مجهوداتي أن أدمج‬ ‫هاتين السنتين معا وأحصل على شهادتهما‬ ‫في سنة واحدة‪ ،‬إضافة إلى الشهادة التكميلية‬ ‫في تاريخ الفلسفة‪.‬‬ ‫بعد الحصول على اإلجازة والشهادة‬ ‫التكميلية دخلت إلى المدرسة العليا لألساتذة‬ ‫التي قضيت بها سنة واحدة‪ ،‬بعدها أصبحت‬ ‫أدرس الفلسفة مباشرة بثانوية موالي يوسف‬ ‫وأنا ما أزال يافعا جدا ولربما في سن العشرين‬ ‫عاما‪ .‬وهنا أضيف أنني التحقت بمجال الوظيفة‬ ‫في هذا الوقت المبكر‪ ،‬ألنني كنت أجد نفسي‬ ‫أكثر في تحقيق استقاللي االقتصادي‪ ،‬وتخلصي‬ ‫من عبء مساعدات األسرة‪ ،‬وللتخفيف أيضا على‬ ‫األسرة التي كان يعيل فيها والدي ثمانية أفراد‪.‬‬ ‫ومن الطرائف التي كنت ما فتئت أصادفها‬ ‫في حياتي‪ ،‬أنني مثال وأنا في سن العشرين كنت‬ ‫أدرس تالميذ في سنة الثامنة العشر‪ ،‬ولربما كنا‬ ‫نتقاسم نفس الحياة المعيشية على الرغم من‬ ‫الفارق في الوظائف بيننا‪..‬أنا أستاذ وهم تالميذ‪.‬‬ ‫وما أزال لحد اآلن ألتقي ببعضهم وأفتخر بهم‪.‬‬ ‫ودعني أعترف لك بأن هؤالء التالميذ كانوا‬ ‫على مستوى عال من المعرفة والثقافة‪ ،‬وهو‬ ‫األمر الذي كان يدفعني إلى المزيد من البحث‬ ‫واالطالع لمواكبة شغفهم المعرفي ولتوفير‬ ‫االحترام لديهم‪ .‬وهكذا استمر األمر إلى أن‬ ‫غادرت التدريس بالقسم ‪ 1976‬وأصبحت‬ ‫مفتشا لمادة الفلسفة واستمر عملي بهذه‬ ‫الصفة إلى سنة ‪.1983‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.