نور الدين الصايل
ضيف سلسلة «تذكرة سفر»
الحلقة الثانية
حين وصلنا إلى الجامعة في أواسط الستينات وبداية السبعينات كانت البالد تعرف غليانا سياسيا كبيرا ،ونحن كنا في طنجة نتوفر على وعي وقراءات للواقع ،لكننا كنا معزولين نوعا ما عن هذا الغليان السياسي الذي يعيشه المغرب وتحديدا عاصمته االقتصادية ،وهنا اقتحمنا مباشرة حياة الفكر والنضال السياسي والنقابي الذي كان عبر «االتحاد الوطني لطلبة المغرب».
نفق المغرب -إسبانيا وخط أنابيب الغاز النيجيري -المغربي
أوهام أم حقائق؟
الصفحة 20
جل�ســة مـع
رحيل اإلعالمي
مصطف اليزناسي صفحة 16
صفحة 8
إعالم جهوي متقدم املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 : العدد 1021ـ الثمن 4دراهم ـ الثالثاء 28ربيع الأول 26 / 1441نوفمرب �إلى 5دي�سمرب 2019
رشيدة
بنمسعود
صفحة 13
قلق الثقافة والمجتمع والسياسية
جريدة «الشمال» وموقع «أنفو طنجة» وجها لوجه مع الروائي والفاعل السياسي
محمد األشعري
كلمة الشمال عبد اإلله المويسي
نظمت جريدة الشمال وموقع «أنفو طنجة» يوم الجمعة 22نونبر 2019بفندق «المنزه» لقاء حواريا جماهيريا مع الروائي والفاعل السياسي محمد األشعري حول القضايا العالقة التي تشغل الرأي العام الوطني في السياق الثقافي والسياسي والمجتمعي. وقد تنوعت المطارحات الحوارية مع األشعري بدء من أسئلة األدب والمتعلقة بروايته األخيرة «العين القديمة» ،التي فيما يبدو أنها قراءة لواقع المجتمع المغربي المنفصم ،ورؤية روائية سردية لزمنه السياسي المرهق بازدواجية يعيشها بين شعارات المحافظة والحداثة وبين الطهرانية والفساد وبين التوق إلى العصرنة وإعادة إنتاج التخلف .حسب ما أشار إلى ذلك األشعري. من جهة أخرى شهد اللقاء إثارة العديد من المواقف الشخصية التي يتبناها األشعري سياسيا بخصوص الوضع المتأزم التي يعيشه حزب االتحاد االشتراكي حاليا ،وبخصوص إمكانات الخروج منها. وفي سياق التفاعل مع الكثير من القضايا التي عرفها المشهد الحقوقي والسياسي العام بالمغرب مؤخرا ،وعلى رأسها مسألة الحريات الفردية وما كان قد أثارته من جدل على خلفية اعتقال اإلعالمية هاجر الريسوني بتهمة «اإلجهاض» غير القانوني ،عبر األشعري عن إيمان صريح بضرورة صيانة هذه الحريات والذود عنها ،إال أنه أشار أيضا بشكل صريح إلى أن هذه الحريات ينبغي أن تنضبط للحريات الجماعية وتراعيها كما هو الشأن حتى بالنسبة للدول العريقة ديموقراطيا. ْ ولم يفت األشعري وفي نفس سياق التفاعل مع األسئلة الحارقة سياسيا للمجتمع المغربي اإلعراب عن مواقفه غير المطمَئِنَّة تجاه صيغ التحالفات الحزبية التي تعرفها ممارساتنا السياسية الراهنة ،وتجاه المادة 9من قانون المالية لسنة .2020 وستعمل جريدة «الشمال» في عدد الحق على نقل األطوار التفصيلية لكل فقرات الحوار.
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
العدد 1021
2
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين :
الطبيعة االنقسامية مغارات..
محمد سدحي sadhimed@gmail.com
أخنوش 100في 100 وحتى العثماني ‘’ما شي سويهل»!!
كل من حضر ونظر ،أو شاهد وبصر فيديو التجمع الذي نظمه حزب العدالة التنمية ،مؤخراً، بجماعة «السويهلة» بضواحي مراكش ،سيقف وقفة تأمل وتمهل وتفكر وتمعن في الصورة المفاجئة التي ظهر بها زعيم الحزب الحاكم (بأمر غيره) سعد الدين العثماني الفقيه الكتوم والطبيب البسّام، وهو يخطب (يوم األحد) أمام جمع غفير من األنصار والمحبين «المدرحين» بالفضوليين والمخبرين وبعض المتتبعين من الصحافيين و’’المتصاحفين’’ والمدونين والمغردين خارج األسراب أو داخلها... وهكذا ،يكون العثماني «ما شي سويهل حتى هـو» ..وال تحسبـنً الرجـل الضاحــك دومـاً عبيـطــاً، وال شك أن رئيس الحكومة الذي يضغط على «النكاصة» كلما أراد إشعال الضوءَّ ، تمكن ،من خالل هذا اللقاء الحاشد ،من تسديد ضربات ،في الفم أساساً، لخصومه في الداخل قبل الخارج ...بزّ سلفه عبد االله بنكيران (الظاهرة الصوتية علة مر زمن السياسة المغربية) في ديباجاته وعروضه (البهلوانية) التي يقفز من خاللها على الحواجز ويجرأ على اللعب والنط أمام قماقم العفاريت عازفاً لحن أغنيته الشهيرة التي مطلعها« :أنا أو ال أحد»... أما عن عزيز أخنوش غريمه يوم تبلى الحكومة الحالية ،فحرج وحديث ال يهضم وال «يدوز» بجغمة ماء... ً دائما ،كنا نقول :إن قوة حزب العدالة والتنمية مستمدة ،في جزء كبير ،من أخطاء خصومه ...ويتأكد ذلك اليوم ،قبل أن يتمم « حزب األحرار» العدّ من واحد إلى ثالثة ،في متوالية حسابية تؤول إلى العدد مائة ،في سلم اللقاءات والتجمعات التي توفر لها اإلمكانات المالية واللوجستيكية وتنتخب لحضورها العناصر المؤهلة للتصفيق والهتف بما يليق بمجالس النخب وسامي الرتب ،في القاعات الفخمة والشاليهات الفخمة ،مع تأمين النقل واألكل والشرب وعدم التجشؤ (تجشؤ الوقوف)... بينما نشامى وماجدات «البيجيدي» في تقشفهم يتنافسون وفي زهدهم يحلقون عالياً ويتكبدون عناء التنقل والتوقف طوي ً ال أمام المنصة الشرفية حباً َ وطواعية ،وينصتون إلى صوت الزعيم الرخيم الذي يصدح بما يخلب األلباب ويهز القلوب و «ينغنغ» األمخاخ في الرؤوس ...وفي اليوم الموعود ،يذهبون زرافات وفرادى إلى مكاتب التصويت لملء الصناديق، دون الجيوب ،بتمائم طرد (التماسيح والعفاريت) سعياً إلى (محاربة الفساد واالستبداد) تحت شعار (مواصلة اإلصالح في ظل االستقرار)... االستقرار واالستمرار في المناصب عرفناه ،ويخصنا أن نعرف طرق وأدوات اإلصالح... بتقويم جدتي «الغرافية» عليها أوسع الرحمات، اإلصــالح ال يحتــاج إ ّال إلى «مصالح» أي «شطابة وماء» إلى قاع البحر المديد المهجور :فاعالتن فاعلن فاعالتن...
• نلتقي !
www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
محمد العطالتي
عبد الإلـه املـوي�سـي
atlati.mohammed@gmail.com
بعد إعالن االستعمــار األوروبي انسحابه على التوالي من دول عربية،كان قد أعلنها محميــات أو مستعمـــرات تابعـــة لــه على امتداد عقود ،اتجهت هذه الدول ،المسماة «عربية» ،نحو إقامة أنظمة تباينت طبائعها في مقابل بهلوانيـــات العــرب ،وتحديدا في الظاهر بين واحدة تتبنى «خطابات» الشرق االشتراكي ،وأخرى تميل نحو الغرب بالضفة الشمالية ،حيث يفكر الناس هناك الرأسمالي،لكن ما جمع بين جميع البلدان بمنطق العلم والمعرفة،انتظم األوروبيـــون «المستقلة» حديثا هو خطاب واحد ينهل في «سوقهم المشتركة» كمشروع اقتصادي من بئر جافة إسمها «الوحدة» ،ولذلك وسياسي ناجح ،ودون إطالق العنان للبهرجة سارعت لتأسيس إطار مكتمل األركان لكنه أو الشعارات ،وقعت الدول مجتمعة معاهدة فارغ المحتوى ،وأطلقت على هذا المولود روما لتعلن رسميا وفي تاريخ يتزامن ،مع إسم «جامعة الدول العربية» واعتبرته إطارا تاريخ إعالن «الوحدة» بين مصر وسوريا ، إقليميا يعكس هذه الوحدة المزعومة ،عن قيام السوق األوروبية المشتركة ،وبعد واعتقد الجميع أن نهضة العرب لن تتم ،بعد مرور زهاء أربعة عقود على إعالن «السوق» حول اهلل ،إال بوحدتهم واتحادهم ،وهكذا لم نحج األوروبيون في تجاوز مرحلة «السوقية» تكف تلك األنظمة البهلوانية ،على اختالف وانخرطوا فعليا باتفاقية «ماسترخت» في بناء مذاهبها وعلى امتداد األزمنة ،عن ترديد شعار كيان اقليمي جديد اسمه «االتحاد األوروبي». «الوحدة» وأنها ستكون العصا السحرية التي الواقــع العربــي الراهــن ال يكشـف عورة ستُن ِز ُل ،بعون اهلل ،غيث النماء من السماء على الشعوب! العرب في مزاعمهم الوحدوية الغبية ،بل البلدان التي صنِّفت في خانة «الرِّجعيات» يثبت طبيعتهم «االنقسامية» ،والدليل على مارست خطاب الوحدة ،على األقل في دوائرها ذلك ما أتى به هذا «الفصل» المُروع من القطرية ،ورافعت بصوت الوحدة وإيقاعها تاريخ العرب الذي أصرُّوا على تسميته أيضا الرتيب والمُمِل»قبل كل دفع أو دفاع» كما ب «ربيعا عربيا». يقول رجال المحاماة ،أما البلدان التي استولى بلدان هــذا الربيــع استعادت عافيتها فيها على الحكــم ذوو التوجهــات الناصريــة «االنقسامية»،و يبدو أن عدد دول «الجامعة» والبعثية ،فإنها رفعت سقف «الوحدة» ليشمل قد يكون مرشحا للتضاعف ،وهكذا سنصبح كل األقطار التي تعتبر ،بحسـب تنظيراتهم في غضون سنوات معدودة أمام ضيوف جدد المدهشة ،دوال «عربية». في «نادي الوحدة العربية». «ظاهرة الوحدة المزعومــة» تبين ،فيما و بلد المغرب ،وإن لم يكن مرشحا بعد ،أنها لم تكن مؤسسة على رؤية علمية استشرافية تنهل من العلوم الحديثة ،بل لالنقسام ،ألسباب متعددة ،فإنه أيضا استعاد كانت مجرد شعار فارغ المحتوى ،مُوَجَّهٍ طبيعته «االنقسامية» بسبب استمرار سيادة درجة ثقافة القبيلة التي تحدث عنها الجابري مطوال، ُ الستهالك الجماهير التي تفوق وهكذا انتقل الحديث السياسي بين النخب من بَالدَتِها َغبا َء ّ حُكامِها . معالجة القضايا «الوطنية» إلى سياق مناقشة هزالة مشروع «الوحدة العربية» اتضح سريعا باإلعالن عن إنشاء ما سُمّيَ في حينه مواضيع «الجهوية» وصار الجميع ينصب «الجمهورية العربية المتحدة» بين مصـر نفسه مدافعا عن الجهوية الحقيقية ،أي تلك وسوريا كتحقيق فعلي لواحدٍ من أحالم جمال الجهوية التي تمنح لقبيلته أو عشيرته ،أو عبد الناصــر أواخر الخمسينات ،حيث أعلنت حتى لحاضرته ،موقع الصدارة ،بل إن عدوى «الوحدة» سنة 1958بميثاق وقعه شكري الصراع البين ـ قبلي انتقلت لتشمل مناطق القوتلي وجمال عبد الناصر ،قبل أن «يرتد» كانت تعتبر موحدة تاريخيا ،لغ ًة ،ثقاف ًة وحتى عبد الكريم النحالوي ،بانقالب عسكري ،على تضاريساً ،وربما سنكون قد شرعنا في العودة «وحدة» ولدت ميتة ،ويعلن بدوره عن قيام من تلك الوحــدة الوهميــة نحو «الطبيعة الجمهورية العربية السورية ،والمضحك في االنقسامية». األمر أن مصر احتفظت ،رغم االنفصال ،باسم «الجمهورية العربية المتحدة» وذلك حتى بداية السبعينات وقبل أن تُبدِّلهُ باسم «جمهورية مصر العربية».
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هدى املجاطـي محمد �إمغــران محمد وطـــا�ش محمد العطـالتي محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح م�صطفى ال�سباعي اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات اإلخراج والتصفيف:
«جريدة ال�شمال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مـكـــرر ،زنقـة عمــر بــن عبد العزيز ـ طنجــة ـ الهاتــف : 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 الفاكــ�س : 05.39.94.57.09 الربيد الإلكرتوين : info@achamal.com achamal2000 @gmail.com سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
العدد 1021
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
درد
دردشة ما أن صافحتُه ،حتى طلب مني أن أبتعد عنه ،ألن عينيه أصيبتا بـ (سوَّاح)، وقد أخبرني أن دخول هذا المرض إلى العين يستوجب أسبوعا ،وعالجه يتطلب أسبوعا ،وخروجه يستلزم أسبوعا .ثالثة أسابيع هي المدة التي يستوطن فيها هذا الداء اللعينَ حسبما قال له الطبيب. ثم إنه إذا دخل داراً ،فإنه ال يبارحها إال إذا وزَّع فيروسه بالقسطاس المستقيم على األسرة بأكملها. صاحبي هذا يضع اآلن نظارة سوداء على عينيه ،اتقاء تفا ُقم المرض ،وهو يستعمل عادة عدة نظارات طبية :نظارتان للبعد ،ونظارتان للقرب ،وحاول إدماج القرب والبعد في نظارة واحدة ،فلم يتكيف معها.
شة
م�صطفى حجاج
وله حساسية مفرطة في العين ،فلقد حكى لي أنه وقف أمام المرآة ذات صباح، فرأى عينيه وقد تورمتا ،وبعد دقائق معدودة ،شعُر ببرودة تسري في جسمه ،فلما فتح عينيه ،وجد نفسه طريح األرض .لم يدر كيف سقط ،ولكنه يذكر أن نظرته إلى عينيه وهما على هذه الصورة من االنتفاخ والحمرة ،كانت كافية إلغمائه. وأخوف ما يخاف منه ،طبيب العيون ،وأخوف ما يخاف ،أن ينصحه باستعمال القطرات ،فكيف سيتمكن من استعمالها إذا كان ال يستطيع فتح جفنيه؟ في الصغر ،كان يشاهد والدته تُدخل مِرْوَدَ الكحول في عينيها ،فيشفق عليها مما قد يصيبها من جراء إدخال هذا العود في عينيها بين الحين والحين. إنها حالة ال ُغ ُلوَّ فيها وال مبالغة ،يعيشها هذا الصديق ويعاني منها ،ويحسب الحساب ليوم قد يضطر فيه إلى إجراء عملية جراحية على إحدى عينيه. ٍ فاللهم نسألك العفو والعافية والمعافاة في الدنيا واآلخرة.
الوطن أو ًال وأخيراً.. كلما سمعنا كلمة وطن إال وتلبست أجسادنا أحاسيس دافئة واستدعي في عقولنا شريط من الرموز الراسخة ،العلم الوطني ،النشيد الوطني ،خريطة الوطن ،تاريخ الوطن ،بطوالت وأمجاد الوطن التي كان وراءها نساء ورجال خلدوا أسماءهم في صفحاته المشرقة... وكلما سافرنا خارج الوطن إال وكان السؤال الرئيسي الذي يواجهنا هو البلد أو الوطن الذي ننتمي إليه قبل االسم أو المهنة أو ماشابه ذلك من أسئلة تدور حول الهوية؛ ويكون الجواب دائما باعتزاز وافتخار :أنا أنتمي إلى المغرب أو أنا مغربي ،وحتى الذين فرضت عليهم الهجرة المقام في بلدان أخرى وتجنسوا بجنسيتها يكون جوابهم :أنا مغربي فرنسي أو فرنسي من أصول مغربية ،ومغربي هولندي أو هولندي من أصول مغربية ...إن لم تكن اإلجابة باختصار أنا مغربي. لماذا أسـوق هذا الكالم الذي قد يبدو من البديهيات أو من نافل القول الذي ال طائل من إثارته عند البعض؟. ال يتعلــق األمر بحـــدث بعينــه كحرق العلم الوطني الذي يصنف في خانة الكبائــر أو الجرائــم في حق الوطن والذي كان الرد عليه شافيا وكافيـــا بمختلـــف الطــرق والوسائل ،وإنمــا بما يمكــن تسميته «عقــوق الوطــن» والذي يتمظهر في تعبيرات شتى والتي يمكن أن تصل إلى نزعة أو ظاهرة لها مشجعوها الذين ينفخون في الرماد وجمهورها الذي يصفق ويؤيد بسبب إيديولوجية عدمية أو غالبا اتباعا لـ «جياللة بالنافخ» كما يقال. النزعة أو الظاهرة تتمثل في القول إن ال شيء في هذا الوطن يسير على ما يرام وإن ال مستقبل في هذا الوطن، ويتمثل أيضا في القول إن فتحت الحدود فمعظم المغاربة سيهجرون بلدهم ولن تبقى فيه إال أقلية مستفيدة... صحيح أن المغرب ليس جنة ،ولكنه ليس جهنم ،لقد حقق مكتسبات وتقدما قي مستويات ،وتأخر في خطوات وكبا في تحديات رفعها منذ االستقالل؛ لقد كبا في تعميم التعليم ومحاربة األمية التي عانت منها أجيال متعاقبة والتي تؤثر سلبا على األجيال الحالية ،وتأخر في بناء نظام صحي جيد مالئم
3
عبد الحي مفتاح
لجميع فئات المجتمع ،وفشل في توفير حماية اجتماعية أو نظام اجتماعي عادل يقي من التهميش واإلقصاء والهشاشة، وتذبذب في نسج قطاع خاص وطني قوي جاذب للكفاءات ومحفز لها ،ومشجع للشباب على اإلبداع والمغامرة واالستثمار والثقة في مؤهالت الوطن ،بدل التفكير في الهجرة وخدمة األوطان األخرى... ومما يؤلم كثيرا ويمكن اعتباره من المؤشرات السلبية الخطيرة هو انخفاض منسوب األمل في المستقبل والثقة في الوطن ،رغم أن معظم العيون التي تتابع المغرب تدرك أنه قادر على النهوض وله طاقة ليكون أحسن مما هو عليه إن علت إرادة اإلصالح والتعبئة الشاملة وتوفرت شروط لذلك بقليل من الحكمة من المجتمع والحكامة من الدولة... إن الرؤية المتبصرة لما يحيط بنا وبما يستجـد في جميع أقطار المعمور التي أخطأت مواعيدها مع التاريخ بسبب األنانية التي أصابت جل نخبهــا والتذمــر الذي تغلغل في القلوب ،والعدمية التي سيطرت على العقول، ال تترك المجال لمزيــد من األخطـــاء وغـــض الطـــرف عن المحبطـــات السياسية واالقتصاديــة واالجتماعيـــة والثقافية ،والكوابح النفسية واألخالقية والقيمية والسلوكية، بل تحتم من باب المسؤولية مواجهة كبوات التأخر بمزيد من الوطنية الصادقة وبترسيخ اإليمان بحب الوطن كقيمة من ركائز القيم. فالوطن هو القارب الذي يجمعنا في خضم هذا العالم المتالطم ،ال بديل لنا عنه رغم اختالفاتنا ،وهو المرآة التي تعكس صورتنا أينما حللنا وارتحلنا ،وهو التراب والهواء والماء الذي علينا أن نحميه جميعا ،وهو الحاضر والمستقبل الذي من واجبنا ،كل حسب طاقته ،أن نبنيه حجرا حجرا ،وهو البيت الكبير الذي من حقنا أن نعيش فيه كلنا كرماء أعزاء دون مركب نقص أو خوف...
شاعر توضأ بماء الغيب.. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
في صبيحة يوم السبت سادس عشر نوفمبر الجاري دعيت لحضور لقاء ثقافي في موضوع «الشعـر الصوفي واألمن الروحي» بمندوبية وزارة الثقافة بطنجة. سعدت باإلنصات إلى حديث مفتـوح أجراه الصديـق الدكتور علي الورياغلي بنباهته المعتادة مع الشاعر المصري محمد محمد الشهاوي . انجذبت لقراءات شعرية موسومة بحسن إيقاع هذا الشاعر الكبير ؛ خاصة قصيدتيه الرمزيتين « من أنت ؟» و «المرأة االستثناء» وغيرهما من لوامعه وبوارقه التي ليست حبا حسيا ،بل هي مراق لعوالم سامقة.. ما شدني في حديث الشهاوي : أوال ـ حديثه عن التصوف ؛ الذي عده : • ارتكازا على الشريعة. • مخبرا ال يعلم سره اال عالم الغيوب. • أحواال وصبرا ورياضات.. • إعادة لخلق وجدان اإلنسان. • مجاهدات ال يراها إال ذووها ،كما تبين شاعرة : أيها الناس :ما جننت ولكن أنا سكرانــــــة وسكري صاح أنا مفتونة بحب حبـــــــيبي ليس لي من بــــــابه من براح • روحا ناقلة من حال الى حال.. • حياة ؛ رافدها األساس تجربة مهذبة. • ذوقا مشدودا لعوالم غيبية. • قنوات عبادات ومجاهدات وقربات.. • تحليا بكماالت.. • انخالعا عن الذات : أخرج من ذاتك تطهر وابعد من نفسك تكبر الليل القابع في جنبيك حجاب.. استجمع فطرتك األولى .. واطلبني • متسعا قلبيا للمعرفة الربانية. • امتثاال لتوجيهات شيوخ عارفين باهلل ،دالين عليه. • معبرا من مقام التلوين ؛ وهو مقام طلب وفحص عن طريق االستقامة إلى مقام التمكين ؛وهو مقام رسوخ وثبات على االستقامة • استحقاقا جماليا مبهجا.. ثانيا ـ حديثه عن تجربته الشعرية ؛ حيث قال عن نفسه : • « شاعر ،عبد هلل ،مسكين .».. • «حلمي الدائم الذائب أن أكتب قصيدة تبقى بعد رحيلي ؛ يذكرني بها الناس». • « الشعر حالة تأتيني من البعيد البعيد.».. • « قصيدتي ترجمان تلق ..يتحول في داخلي كما تصنع النحلة ؛ فشعري منحل رباني يخرج مصفى .».. • « أنا ابن منظومة نورانية ؛ عناوينها الكبرى : ـ القرآن الكريم حفظا وتجويدا. ـ حلق الذكر.. ـ قراءة األوراد.. ـ مأثورات عربية.. ـ ما نقل إلى العربية مترجما.. ـ قراءات عامة شكلت زاده ومزوده : « ال أملك سوى مكتبة ال يملكها وزير ثقافة بها مائة ألف كتاب.».. « لم أهتم في يوم ما إال بشراء كتاب.».. ثالثا :مشيرات موجهة : • العالم في حاجة إلى قيم روحية بانية.. • الوطن هو الدنيا كلها ملخصة في شبر من األرض • االستقامة الحقيقية ال تبنى بالمسالك البسيكولوجية وال بالعقالنيات الصارمة ،بل بالمسالك الطهرانية التي يشرف عليها منقذون إنسانيون كمل . • التربية الصوفية ترياق شاف وعالج كاف .. وبعد ، فقد تحدث الشاعر المصري المجيد محمد محمد الشهاوي في هذه الصبيحة المباركة وأصاب ؛ لكونه توضأ بماء الغيب .
الشمال الفني
ح و ا ر
4
مع
إشراف الفنان يوسف سعدون
العدد 1021ـ الثالثاء 26نوفمبر إلى 5ديسمبر 2019
ال�سينمائي
محسن الناظفي • أجرى الحوار يوسف سعدون
محسن الناظفي ،واحد من السينمائيين المغاربة الشباب الذين أتوا للسينما عن حب ورغبة ،هو فنان متعدد يجمع بين التمثيل واإلخراج ومجاالت أخرى ،وهو مؤسس أول مؤسسة خاصة لتعليم تقنيات العمل السينمائي بمختلف مشاربه من التمثيل واإلخراج وكتابة السيناريو وغيرها من التقنيات ،ولتقريب قراء الشمال من هذا الفنـان الواعـد، أجرينا معه الحوار التالي : -من يكون محسن الناظفي ،وكيف أتى لعالم السينما ؟ :
محسن الناظفي ،مبدع شغوف بعالم السينما وتقنياتها الساحرة، عالقتي بهذا العالم ابتدأت منذ الصغر حيث شاركت في التمثيل في فيلم كلمات أسير للمخرج نورالدين الخماري وعمري لم يتجاوز 13سنة، وبعده توالت الفرص حيث كنت حاضرا في مجموعة من األفالم كفيلم Le regard والقضية ،حضرت أيضا مع حفصية هرزي في «فرونسيز» ومع سعيد التغماوي وطوماس كريشمان ،في ،Mogadiscioمع والدي -رحمه اهلل -اكتشفت عالم الديكور في اإلنتاج المشترك لفيلم كازا نيكرا الذي أنتج سنة , 2008لكن لألسف،والدي غادرنا إلى دار البقاء مباشرة بعد العرض ماقبل األول للفيلم ،في نفس السنة ،كتبت وأنتجت فيلمي القصير األول إهداء الروح الفقيــد والدي رحمــه اهلل .بعد هـذه التجارب ،قررت تطوير مهاراتي في السينما عن طريق الدراسة حيث كان لي ذلك بمونريال بكندا،وهناك شاركت في إنتاج فيلمي القصير الرابع L’esclave du mâl والذي مثل فيه إدريس الروخ وأنس الباز والذي صورت الكثير من مشاهده بالمغرب .وهناك أيضا كان لي شرف المشاركة في لجن انتقــاء الممثلين لمجموعة من األفـالم .كانــت لي موازاة مع ذلك أنشطة في مجال اإلنتاج ومساعدة مجموعــة من المخرجين الشباب في هذا المجال. بجانب كل هذا اقوم بالتمثيــل من حين آلخــر كمشاركتي في فيلم The spy de Gideon Raff وهذا األمر فتح شهيتي لالنغمـاس في تأسيس مشروع كبير هو ACTING INSTITUTE والذي يهـدف إلى تكويـن ممثليـن ومخرجيـــن وتقنيين للمستقبل.
تتوزع اهتماماتك بين اإلنتاج واإلخراج والتمثيل ،ماذا عنهذا االهتمام المتعدد ؟ :
من خالل الفرص المتعددة المتاحة لي للتعامل مع الكاميرا كممثل أو كمخرج أو مهام أخرى كمدير تقني ومشرف على انتقاء الممثلين،تمكنت من استيعاب كل أسرار هذا الفن الرائع ،وكذا الوقوف على المفاهيم األساسية التي تؤثث المشاريع الفنية السينمائية،وكل هذا مسؤوليات جسيمة يجب تحملها بجد وجدية تحترم الجمهور...
بفضل تجربتي كممثل ،استطعت كذلك استيعاب تردد الممثل وتخوفه أثناء أداء الدور ،وتراكم التجربة ساعدني على صقل قدراتي ومهاراتي وتوجيهها التوجيه الصحيح ،واإلنتاج واإلخراج بالنسبة لي هما قبل كل شيء المعرفة والدراسة وتكريس الوقت لآلخر وإبراز طاقاته ومهاراته ،اإلنتاج أيضا معرفة التنسيق بين كل مكونات الفعل السينمائي من تقنيين وممثلين ومخرجين من أجل منح فسحة للسينما لكي تعبر ،أمارس اإلنتاج واإلخراج بشغف ألنه لحظة تقاسم آمالي ومتمنياتي وأحالمي ،وهو وسيلتي للتعبيروطرح األفكار السامية وطريقة للتعبير عن هواجسي ومخاوفي إزاء وضع الحريات وغياب العدل االجتماعي.
تقنيات القتال وكتابة السيناىيو واإلدارة الفنية وغيرها.وهناك مؤطرون أكفاء من ذوي االختصاص كالفنانة سميرة أقريو وإدريس الروخ ومالك أخميس وإسماعيل الفالحي وآخرين. بجانب التكوين ،يكتسب طلبتنا مهارات تقنية وفنية كبيرة لالندماج السلس في عالم السينما،ويستطيع الطالب منذ شهره الرابع االستفادة من فرص التقدم الختبارات االنتقاء عبر ربوع المغرب من أجل المشاركة في مشاريع سينمائية ،والفضل يرجع للمعهد الذي يساعدهم على تجاوز كل الصعوبات في هذا المجال،.وهناك طلبة استطاعوا النجاح على المستوى التقني منذ شهرهم السادس وشاركوا في تصوير أعمال سينمائية مهمة. الخالصة هي أن مؤسستنا هي مؤسسة خاصة تعمل على تكوين أجيال من سن التاسعة إلى سن التاسعة والتسعين في كل ما يتعلق بمجال الفن السابع.
-رأيك في السينما بالمغرب ؟ :
عملتم على خلق مركز للتكوين السينمائي ،ماذا عن هذاالمركز ؟ ACTING INSTITUTE :
هو أول مؤسسة خاصة بالمغرب تعنى بتكوين الممثلين أمام الكاميرا ،مقره بالدار البيضاء،لنا طموح لتوسيع آفاقه وتحويله ألكاديمية دولية متخصصة ومنفتحة وجامعة...الدروس بهذه المؤسسة تمنح كل الوسائل الضرورية للمبتدئين والهواة والمحترفين من أجل إتقان مهنة التمثيل والتشخيص،سواء بالسينما أو التلفـــزة ،والتكوين يشمل أيضا فروعا أخرى كتقنيات التواصل وتاريخ السينما والتعليم اإليكوغرافي في
الحديث عن واقع السينما بالمغرب حديث يخلق فينا الكثير من الحسرة واألسى سواء بالنسبة لإلمكانيات المتاحة أو البنيات التحتية للممارسة والترويج السينمائي،والمتضرر األكبر من هذا األمر هم العاملون بكل أطيافهم،حيث ال يتوفر هؤالء على مدراء أعمال أو محتضنين،فمثال يضطر المخرج لطرق األبواب بنفسه من أجل الحصول على دعم من مركز إنتاج ،ويضطر للمفاوضات شخصيا من أجل الظفر بالعقد،وهذا يحدث فقط عندنا في المغرب،والمشكلة أفظع في التلفزة حيث أن الميزانيات المرصودة قليلة وتهتم بالكم في غياب الجودة،حيث عوض أن تخصص تلك الميزانية إلنتاج عدد قليل من األفالم بشكل يراعي شروط الجودة،فاالهتمام ينصب على إنتاج غزير همه الوحيد هو تغطية مساحات البث التلفزي،هل يعقل مثال ان ينتج شريط تلفزي من 90دقيقة في أسبوع ويصور في أسبوعين..هذا مخجل جدا،وهذا الوضع يسيء للكثير من الطاقات التي تجد نفسها مجبرة لالنخراط في هذا المشهد البئيس لدراما التلفزة..ونظرا لهذه الظروف والشروط المتاحة،وجدت نفسي مضطرا لعدم التعامل واالشتغال مع التلفزة.
-كلمة أخيرة :
شكرا لكم في جريدة الشمال على هذه الفرصة التي أتحتموها لي لكي أبسط للقراء تجربتي المتواضعة في مجال السينما وتقريبهم من كل اهتماماتي وانشغاالتي ومشاريعي.
العدد 1021
الشمال الفني
«بيـــان فـنـي » « بيــان فـنـــي» إعداد :يوسف سعدون
بيان فني ،هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين ،يقدم عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم ،وهو غير ملزم ألي جهة.. بيان هذا العدد يوقعه السينمائي املن�صوري الإدري�سي �سيدي محمد أنا الموقع أسفله: ـ من مواليد 1962/02/21في الرباط – المغرب ـ فنان تشكيلي ـ رئيس النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين ـ رئيس جمعية الفكر التشكيلي . ـ نائب الكاتب العام للجمعية المغربية للفنون التشكيلية. ـ عضو المجلس اإلداري لإلتالف المغربي للثقافة والفنون رئيس األكاديمية األوروبية للفنون ببروكسل- بلجيكا -فرع المغرب ـ عضو الرابطة الدولية للكتاب والفنانين -توليدو الواليات المتحدة األمريكية.المسار الفني منذ الصبى تعلمت أبجدية الصباغة من محل لقريب لي معروف لدى فناني المغرب كمحج لصنع إطارات اللوحات.. ومنذ السبعينات ،تعرف كطفل على مختلف التجارب التشكيلية المغربية االستشراقية منها أو المحلية ..معظم أوقات فراغي وإلى ساعات متأخرة من الليل أقضيها في مساعدة المرحوم «الحاج مكوار» في صنع إطارات أعمال فنية للعديد من األسماء التي بصمت على سجل التشكيل المغربي المعاصر .فهذا المحل هو الوحيد الذي كان يختص في هذه المهن األساسية للتشكيل ،وكان يختص أيضا في بيع القماش الخاص بالرسم ..و لهذا السبب كان محج فنانين مغاربة وعرب وأجانب معروفين على المستوى العالمي :محمد الحمري، المكي مورسيا ،بن كمون ،محمد خصيف، الهبولي ،القاسمي ،المالخ، ،الحريري، وميلود األبيض ،الفنان العراقي الفذ خالد الجادر والدريسي ومونتيل وألبير بيلو وغيرهم من الذين كانوا يفضلون الرسم في عين المكان... هذه العالقة تطورت لتتجاوز المحل باتجاه مراسم بعض الفنانين المشهورين ،وبفضل تأثيرهم المادي والتوجيهي ،إذ كان محمد القاسمي يهدى لي في كل زيارة صباغة وأدوات وتوجيهات ،مما أصابني بعدوى األلوان. هذه العدوى ستمكنني من الفوز بأول جائزة في الرسم كانت قد نظمتها مدرسته اإلعدادية «عبدالسالم السايح» بالرباط ،ومن ثمة التقطتني أعين السلطة الرابعة ،فكتب عني الصحافي السوادني الراحل أبو بكر الصديق الشريف اإلدريسي ..ومن «جوطية» باب األحد بالرباط سترتسم معالم فنان شاب قادم... في مراحلي األولى .انشغلت ،وكأي فنان شاب ،بتمثل قواعد وضوابط التشكيل المدرسية واألكاديمية ،وكان تأثير ألبير بيلو كبيرا ،إذ كان مدرسه بامتياز. وألن هذه المرحلة كانت متميزة برسم مظاهر الفولكلور والصناعة التقليدية ومشاهد الطبيعة ،فإنني قد تدرب على رسم الواقع ،وكان يعرض كل أعمالي على ألبير بيلو الذي اكتشف في فنانا واعدا .ومن ثمة عرفني بصديقه الفنان الفرنسي جان غوستاف مونتيل الذي كان بارعا في رسم الطبيعة ،ومنهما متحت وتشربت وتمثلت قواعد العمل التشكيلي. وبالموازاة مع هذا األفق التشكيلي المبلسم تارة ببصمة غربية استشراقية وتارة ببصمة محلية ،تعرفت على مبدعين كبار ،كانوا يرافقون فنانين تشكيليين مغاربة وأجانب :محمد شكري وبول بولز األمريكي.. وكان من المفترض أن أنتمي إلى مدرسة للفنون الجميلة ،فقد كانت في المغرب وال تزال مدرستان ،مدرسة الفنون الجميلة بتطوان باتجاهاتها الواقعية الماتحة من المدرسة االسبانية ،ومدرسة الدارالبيضاء التي تمتح من التجربة الفرنسية ذات التوجه التجريدي والتعبيري ،ولكن بسبب رفض والدي ،تابعت دارستي الجامعية بفرنسا حيث حصلت في جامعة بوردو على دبلوم في اللغة االنجليزية ،ثم عدت إلى المغرب وحصلت على إجازة في التاريخ والجغرافيا الريفية، أللتحق بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية ،كما حصلت على تكونين فني وتقني في ميدان الطباعة (الملصقات الفنية ذات الجودة العالية) بباريس لمدة سنتين.. وبسبب عدوى الفن رفضت أن أنخرط في سلك الوظيفة العمومية ،إيمانا مني بكون امتهان أي نشاط خارج الفن التشكيلي هو إعدام وقتل لروح الفن وحريته ،ولذلك اخترت زواجا كاتوليكيا بالفن التشكيلي ،وأمتهنه لمدة تربو عن أربعة عقود..,ومنذ ذلك الوقت وبالضبط انطالقا من ،1977نظمت مجموعة من المعارض الفردية والجماعية داخل أرض الوطن وخارجه ،وحصلت على جوائز وشواهد تقديرية وطنية ودولية،وأصدرت مجموعة من المؤلفات والمقاالت الصحفية حول قضايا الفن والجماليات. المشروع الفني إن قوة المشروع التشكيلي الجديد الذي أشتغل عليه ،يقاس بالتقطيع «التشكيلي» ،الذي أفرضه على األشياء ،وعلى األفعال ،ويقاس بكتلة األحاسيس المعبر عنها ،باعتماد هذا االتصال المرتد بين اللوحة والناظر .كما يقاس بالتجديد الذي أمارسه في اكتشاف الطبيعة وقوتها ،ومنحها السمك الذي يالئمها ،مثلما أحاول جعل اإلنسان قادرا على النفاذ إلى هذا السمك. باعتبار األشكال الثابتة مجرد ذكى ،فإن جوهر العملية اإلبداعية لدي تستبطن منطق األحوال واألشياء ،ال يهمني مطبوع الطبيعة وأحوالها وتحوالتها، بقدر ما يهمني طابعها الطابع ،أي منطقها ،ومن هنا ،فأنا فيلسوف بالقوة تبعا لمقولة «بول كلي». أتحدث ،من خالل لوحاتي ،لغة تكاد تكون خاصة بي،ال يأتي منها للمتلقي، أول األمر ،إال بعض من زخمها ،إلى أن يألف مفرداتها ،وأبجديتها ،ويبدأ بفهم هذه التراتبية المشحونة بحركتها ،فتأخذه معها. هذه التجربة ال تتكرر كثيرا ،هي تجربتي ،الذي أتكبد أتجسم عناء مضاعفا عندما قارعت لمدة طويلة نصوصا فلسفية وصوفية صعبة وملغزة ،درت علي صحوتي ومنامي،مسترشدا بآراء أصدقائي الفالسفة والجماليين.... تجربتي الصباغية الراهنة تنطوي ،ضمن أفق فلسفي و صوفي ينفتح على لعبة األشكال واأللوان. منذ الوهلة األولى يمكن الحديث عن انطباعية جديدة ،بامتداد األلوان واألشكال .هو فضاء للصمت ،فضاء يغري بفراغاته المملوءة وامتالءاته الفارغة ،بل سند متحول على البدايات والنهايات».
بين المرئي والالمرئي ،والمروي والالمروي تنهض تجربتي الصباغية ،مفردة أجنحتها الحالمة في سماء كبريات النظرات الفلسفة والتصوف ،مستجيبة لغريزة التشكيل وتشكيل الغريزة. اكتشفت في حواريتي مع الفلسفة و الصوفية: جيل دولوز ،هنري كوربان،ميشيل فوكو ،ابن عربي، وفرنسوا داسيز ،وجالل الدين الرومي ،موضوع أعمالي األخيرة و الجديدة ،اكتشافا مذهال - :الحلم قوة الفنان -الحلم كآلة خالقة لألشكال ،بل وكشرط لكل إبداع تشكيلي ،بكل معاني الوجود ،أتماهى مع كلمة ابن عربي القائلة :ومن ال يعرف مرتبة الخيال ،فال معرفة له جملة واحدة ،إذ ال يمسك الحلم الخيال ،إال ما له صورة محسوسة أو مركبة من أجزاء محسوسة تركبها القوة المصورة ،فتعطي صورة لم يكن لها في الحس وجود أصال .بهذا المعنى فإن الحلم /الخيال شريط ذهني يبدع عالم الصور واألشكال ،وينتج سحره التجلي الجميل ،الذي يمنح للنفس غبطة الرؤيا أو المبشرات بلغة ابن عربي. فأنتقل ،في أعمالي الجديدة ،من حلم اإلنسان إلى حلم الطبيعة ،من حلم إنسان مبدع للصورة إلى ما يشبه قوة الوجود الخالقة للصور واألشكال. العمل النقابي والتشكيل من أجل دينامية جديدة لخدمة والثقافةوالفنانينالتشكيليينيطمح الفنون المكتب الجديد للنقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين إلى إعطاء نَ َفس جديد لهذه ال ِبنْيَة التمثيليةللفانينالتشكيليين. يندرج عمل النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين كليا ،في الدينامية المُوَجَّهَة من قبل صاحب الجَاللة الملك محمد السادس ،من أجل منح الثقافة والفنون مكانها الحقيقي في وسط المجتمع المغربي .وهي الحَرَكِيَّة الملكية التي تتَّسع على مستوى إنجاز الحُظوَة َ بنيات ْ المُكرَّسة للثقافة ،بقدر ما تتسع على صعيد وضع مقاييس الدعم لمختلف التعبيرات اإلبداعية. إن المكتب الجديد – القوي بالثقة المعَبَّر عنها – واع بمسؤولياته ،ويحرص على أن يقود مهمته إلى جو التعاون والمشاركة والتشاور مع الفنانين التشكيليين والفاعلين في المشهد الثقافي بعامة أكانوا في القطاع العام أو الخاص. تظل النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين مقتنعة بكون الفنون على اختالفها ،تلعب دورا جوهريا في التربية وتقدم أي مجتمع .في هذا السياق، فإن النقابة واعية بدورها كمُوَجِّه لتكوين الذائقة الفنية للجمهور ،بقدر وعيها بمسؤوليتها على الصعيديْن االجتماعي والثقافي ،علما أن الفنون تُدَعِّم قِيَم االنفتاح والتسامح بما فيها منح إشعاع دولي لخصوصيات هويتنا الثقافية ،وذلك في إطار حوار متعدد الثقافات. تبقى حي ِويَّة الفنون وأدوارها االجتماعية وثيقة االرتباط بـ «الوجود الجيد» للفنانين ،ولذلك تنبغي استفادتهم من كل المنافع القانونية واالجتماعية واالقتصادية من أجل تَ َفتُّح مواهبهم. إن النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين تعرف أن «القانون رقم 68-16الخاص بالفنانين وبالمِهَن الفنية» بتاريخ 25غشت 2016مُ َقدَّمٌ مهم .فهي تعتَ ِبر أن هذا اإلطار القانوني الجديد ينبغي أن ِّ يُشَكل موضوع تطبيق فعّال ودقيق .فيما يجب أيضا ،أن يكتمل بمقاييس أخرى بهدف خلق الظروف المالئمة لـ «عمل» الفنانين. وضمن ته ِن َئة أنفسنا على االستقبال المنتظر من قِبل اليونيسكو بخصوص القانون الجديد ،فإن النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين مقتنعة بأن اعتراف اليونيسكو في 27أكتوبر 1980حول قانون الفنان ،يبقى قابال للتحيين باستمرار ،بحيث َ يُكوِّن نصا جوهريا يقتضي االستمرارية في دَ ْفع السلطات العمومية لمتابعة تحسين أوضاع اشتغال وحياة الفنانين. إن هذه التوصية تؤكد على أن مفهوم «العامِل الثقافي» يمكن أن ينطبق على الفنان أيضا ،ما يتيح له االستفادة من كل المنافع المُتَ َفرِّعَة عن قانون َّ «العُمَّال» .فيما تستدعي مَنْح اإلمكانات للمُنَظمات االحترافية ونقابات الفنانين للقيام بدورهم. في المُقابل ،يتوجَّب على النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين والجمعيات األكثر تمثيلية– من بينها الجمعية المغربية للفنون التشكيلية األكثر قِدَما (تأسست في – )1970االنضمام حول كل ما يمس مِهَ ِن ِهمَ .فوَحْدَهُم المَعْ ِنيّين سَواسية في إحداث اإلضاءات المالئمة لتقنين حقوقهم وواجباتهم. إن االجتماعي والقانوني والديونطولوجي وقضايا الضرائب والتواصل، هي الملفات التي يعتبرها المكتب الجديد للنقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين هدفا لمعالجة ذات أوْ َل ِويَّة. واقع التشكيل في المغرب آن ألوان أن ننظر إلى الفن التشكيلي كأداة تمثيلية وأنه إذا قدمنا له اإلطار القانوني ووجهنا له التشريع المناسب ،والبنية التحتية المالئمة في قاعات خاصة للعرض في جميع المدن ،ومتاحف وإشراك جميع الفاعلين والمنظرين والمفكرين، وطبع موسوعة كاملة ومستفيضة وشاملة لفننا األصيل والحديث ،فإننا سنضع هذا الفن في مساره الحقيقي المساهم بشكل مباشر في التنمية االجتماعية واالقتصادية والفكرية لبالدنا. فالفن التشكيلي على هذا األساس ليس مجانا وال منعزال بل إنه أحد الوظائف التي تغذي جسم المجتمع فهو مساهما ،مهتما ،ومشاركا وال يمكن أن يكون منفصال عن تطور المجتمعات ،فهو أحد األنشطة الفكرية الدائمة الضرورية لكل إنسان يعيش داخل مجتمع ما ،فالمبدع ال يكتفي فقط بتسجيل ،إخبار أو إبالغ تمثيالت معرفية معروفة بل اكتشاف معارف جديدة. فكيف لنا أن نتصور فنا مغربيا ،بجميع اتجاهاته ،بدون إطار قانوني تشريعي، وتنظيمي ،واجتماعي وتنظيري تحفيزي وأدبي؟ .......هنا يأتي دور النقابة. مع تحياتي
الثالثـاء 26نوفمرب�إلى 05دي�سمرب 2019
5
تنظيم الدورة الواحدة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان
تحتضن مدينة تطوان فعاليات المهرجان الوطني للمسرح في دورته الواحدة والعشرون والتي تمتد ما بين 15و 22من نونبر الجاري والمنظم من طرف وزارة الثقافة واالتصال وتحت الرعاية السامية لصاحب الجاللة محمد السادس ،ما يميز هذه الدورة هو عدد الفرق المسرحية المشاركة من مختلف ربوع الوطن والتي تتنوع تجاربها ومدارسها المسرحية . الحفل االفتتاحي الذي شهده فضاء مسرح إسبانيول الجميل شهد تكريم مجموعة من المسرحيين المغاربة الذين تركوا والزالوا بصمتهم الواضحة في المجال المسرحي ،حيث تم تكريم الفنانة نجاة الخطيب،واحدة من أهم وجوه التلفزة المغربية والمسرح من خالل مجموعة من المسلسالت واالعمال المسرحية الرائدة نذكر منها نتا وزهرك،ودموع إبليس وغيرها،كما تم تكريم الفنان الكبير والرائد احمد العلوي الذي عشق المسرح ووهبه حياته بزهد كبير منذ تكوينه فرقة هاوية للمسرح في بداياته وعبر مروره بعاصمة المسرح أفينيون بفرنسا وانتمائه لفرقة التمثيل المغربي ومشاركته في عدة افالم عالمية وحضوره القوي في المسرح المغربي بأسلوبه الكوميدي المتميز .والفنان أنور الجندي كان أيضا من بين المكرمين اعترافا بمساره المسرحي الشخصي المتميز وبانتمائه ألسرة مسرحية عريقة رائدها والده رحمه اهلل محمد حسن الجندي،في نفس اإلطار تم تكريم الفنان حميد البوكيلي الذي تميز بمشاركته في العديد من األعمال المسرحية ،كممثل ومخرج. وتشارك في المسابقة الرسمية مجموعة من الفرق المسرحية هي النورس للفن والثقافة من سال وفرقة معمل التكوين والبحث الدرامي من أكادير،وفرقة شارع الفن من الدار البيضاء وفرقة المسرح المفتوح من الرباط وفرقة الفكاهيين المتحدين للثقافة والفنون من فاس وفرقة أكون للثقافات والفنون من الرباط ومسرح غرناطة من الدار البيضاء وفرقة مسرح المدينة الصغيرة من شفشاون وفرقة فركانيزم من سال وفرقة الريف للمسرح األمازيغي
من الحسيمة وفرقة محترف الفدان للمسرح والتنشيط الثقافي من تطوان وفرقة ثفسوين للمسرح االمازيغي من الحسيمة، وعلى هامش المسابقة الرسمية تقام مجموعة من العروض المسرحية لمجموعة من الفرق نذكر منها فرقة مسرح األفق بتطوان وفرقة الحبشي للمسرح الحساني من السمارة وفرقة ومضات للمسرح من اكادير. كما تنظم ندوة فكرية موضوعها المهرجانات العربية من المحلية إلى نهضة مسرحية عربية بمشاركة مجموعة من النقاد والمهتمين بأمور المسرح هم األساتذة حسن النفالي،مدير إدارة المهرجانات بالهياة العربية للمسرح،وناصر عبدالمنعم رئيس لجنة اختيار العروض بمهرجان القاهرة للمسرج وعبدالحق افندي مدير سابق للمهرجان الوطني للمسرح ومحمد المومني رئيس قسم المسرح بوزارة الثقافة األردنية.كما تنظم أيضا ورشات في التشخيص وتوقيع بعض اإلصدارات.وتتكون لجنة التحكيم من السادة أحمد بدري رئيسا،وعضوية كل من حسن الصميلي وعبدالحق أفندي،وبوليانا برودوت والسعدية ازكون وإدريس اإلدريسي وسليمة بنمومن.وبخصوص الجوائز فهي تتوزع بين الجائزة الكبرى وجائزة اإلخراج،وجائزة الن ص،وجائزةالسنوغرافيا،وجائزةالتشخيص ذكورا وإناثا وجائزة المالبس وجاىزة األمل.كما تجدر اإلشارة إلى ان هذه العروض تقام بمسرح سينما إسبانيول ،والمركز الثقافي بتطوان ومسرح اللة عائشة بالمضيق والمركز الثقافي بالفنيدق. ويراهن جل المشاركين من المسرحيين في هذه الدورة على الحفاظ على هذا المهرجان كمكسب وكحدث فني وطني وأن يعطى له المزيد من األهمية واالعتبارمن أجل الوفاء للتاريخ المسرحي المغربي العريق من جهة،ومن جهة أخرى العمل على دعم وتطوير الحركة المسرحية عبر هذا الملتقى الوطني الذي يجسد فرصة مناسبة للوقوف على حال المسرح المغربي .
أبو عاطف
بالغ صحفي إلدارة مهرجان تطوان الدولي لمدارس السينما بمناسبة فعاليات الدورة الخامسة للمهرجان تحتضن مدينة تطوان في الفترة ما بين 25و 30نونبر 2019فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان تطوان الدولي لمدارس السينما (فيداك). ينظم فيداك من طرف كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان (جامعة عبد المالك السعدي) وجمعية بدايات للفن والسينما بدعم من المركز السينمائي المغربي . فمن بين 3200فيلم ،اختارت لجنة االنتقاء 75فيلما للمسابقة الرسمية ،تمثل 63مدرسة سينمائية ،تنتمي إلى 33دولة من مختلف بقاع العالم ،وهو رقم استثنائي يُميز هذه الدورة. يشكل توليفة فنية متنوعة مكونة من 39فيلما روائيا ،و 21فيلما وثائقيا ،و 15فيلما تحريكيا. أفالم تحمل قيما إنسانية وعالمية مثل التسامح ،االحترام ،التضامن ،العدالة ،اإلخاء والحب .كما تغطي مجموعة واسعة من المواضيع في مختلف المجاالت :الهوية ،الهجرة ،الشباب ،أزمات المراهقة ،الطفولة ،العزلة ،السينما ،الشيخوخة و المحن .موضوعات غالبا ما تكون مرسخة في الواقع المحلي والوطني. سينمائيون جدد ومواهب جديدة من أفضل المدارس السينمائية العالمية تضرب للجمهور المغربي موعدا الكتشافها في فيداك على شاشة مسرح سينما اسبانيول التاريخية.
إدارة المهرجان
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
العدد 1021
6
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
تدابير وإجراءات من عامل الحسيمة للتخفيف من آثار موجة البرد عقد مؤخرا بمقر عمالة الحسيمة السيد فريد شوراق عامل إقليم الحسيمة اجتماعا موسعا وذلك في إطار االستعدادات لموجة البرد التي تعرفها المناطق الجبلية باالقليم وشكل السيد العامل مجلس قيــادة يشرف عليه شخصيامكون من مصالح التجهيز والنقل ومختلف األجهزة األمنية والعسكرية التي سيعهد إليها تقديم كل أشكال المساعــدة واالغاتة للمواطنين .وقد تم اتخاذ كل التدبير االستباقية للتخفيـــف من آثار موجة البـــرد المرتقبة هذه األيام. وفي فصل الشتاء عمومــا إذ تم توزيــع 1300فرن لساكنة المناطق الجبلية وتزويد المدارس بحطب التدفئــة وكدا دور األمومة التي تم تزويدها بأغطية وأجهزة التدفئة تم تجنيد جميع أعوان السلطة لحث األسر على إيواء النساء الحوامل بدور االمومة .وستعمل مندوبية الصحة على إعــداد برنامج للقيام بقوافل طبية على امتداد .فصل الشتاء.
أما بالمدن فقد كلفت مصالح الوقايـــة المدنية والسلطة المحلية بالتكفــل بكـــل األشخــاص بدون مأوى بالمراكز االجتماعيـة التي تم تزويدها بكل مايلزم وكذا المختلين العقليين بالمستشـــفــى اإلقليمــي وذلـــك لصيانـــة كرامــة المواطنين مهمــا كانــت وضعيتهـــــم االجتماعية .وبالموازاة مع ذلك جندت مصالح التجهيز والجماعـات الترابيــة كل معداتهـــا اللوجستية لضمان االستجابة
متميزة حضرهــا العديــد من وجوه الثقافة؛ اإلعالم؛ السيـــاســــة؛ العمـــل الجمعـــوي؛ المنتخبون ومسؤولـــي القطاعات والمصالح اإلدارية بالمنطقة خاصة وأنهـــا خصصت لتكريم واحد من األسماء الوازنة في عالم األدب والديبلوماسية واالمر يتعلق بالكاتب والديبلوماسي المغربي محمد محمد خطابي الذي منح له «درع الخزامى» لهذه الدورة ليليه فينا بعد أظاء وصالت من فن السماع والمديح من قدمتها مجموعة سيدي جمال عمار التيةأتحفت مسامع الحاضرين بمقاطع من مدح خير البرية. وبالمناسبــة صرح محمــود المسناوي، رئيس منتدى الريف للسياحة والتنمية ،لوكالة المغرب العربي لألنباء ،أن الهدف من تنظيم هذه الدورة هو محاولة البحـــث عن مساحة
محمد بودرا رئيساً لمنظمة المدن والحكومات المحلية
الفورية لكل نــداء استغاثــة في حالة انقطاع الطرق. هذا وقـــد تم وضــع الرقـم الهاتفــــي
0539982018
رهن إشارة المواطنين 24/24لتلقي كل نداء استغاثة محتمل.
الحسيمة :إسدال الستار عن فعاليات الدورة األولى من منتدر الريف للسياحة والتنمية
كانت الحسيمة خــالل الفتـــرة الممتدة من 15الى 17نونبر 2019على مــــوعــد من فعاليات الدورة األولى من منتدى الريف للسياحة والتنمية التي نظمــت تحـت شعــار “نحو تنويع مداخل التنمية المحلية :إدماج الموروث الثقافي في السياحة نموذجا” ،بحضور ومشاركة من الخبراء واألكاديميين واألساتذة الباحثين وممثلي المؤسســات ذات الصلـــة بالقطاع السياحي والثقافـــي وممثلي بعض المجالس المنتخبة ومهنيي القطاع. ورفع منظمو المنتدى خالل هذه الدورة شعار «إدماج الموروث الثقافي في السياحـــة كمدخل للتنمية المحلية ورافدا من روافد تنويع المداخل المؤدية الى التنمية اقتناعا بما سيشكله هذا الجانب من خلق فرص تنموية حقيقية عن طريق استثمار عناصر غير متنافس حولها في مجال تقديم العروص ااسياحية.. وأشار المتدخلون خالل هذه الجلسات الموضوعاتية إلى جملة من القضايا والتحديات التي تهم موضوع إدماج الموروث الثقافي في السياحة واألدوار التي يمكن أن تفوم بها المؤسسات “ذات الصلة” بالسياحة عن طريق وضع خطط التقائية لتفعيل الترويج السياحي للموروث الثقافي ،إضافة الدور المنوط بمهنيي قطاع السياحة والمجالس المنتخبة بصفتها مؤسسات اوكل إليها مهمة التنمية المحلية. واعتبر المشاركون في المنتدى أن خلق آلية جديدة و جسر تواصل دائم يجمع مختلف المتدخلين في القطـــاع السياحي ومواكبته بالنقاش األكاديمي والمهني أصبح ضرورة ملحة؛ وهو ما يستوجب تدخل الجهات الوصية وكافة المتدخلين اوال لحماية الموروث الثقافي وثانيا إدماجه في القطاع السياحي عبر خلق تظاهرات ثقافية وفنيــة وعلميــة ذات بعد إشعاعــي. برنامج الدورة األولى المنظمة من قبل ملتقى شباب األلفية للسياحة والتنمية بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة-قطاع الثقافة ومساهمة المجلس اإلقليمي للسياحة وفاعلين آخرين من القطاعين العام والخاص، عرف أيضا تنظيم معرض للمنتجات الفالحية والصناعة التقليدية ،وتنظيم أمسية للتراث األمازيغي ،وزيارة إلى فضاء الذاكرة التاريخية، وتنظيم خرجة لزيارة مجموعة من المواقع التاريخية باسنادة. وكـان حفـــل افتتــــاح المنتــدى -الذي احتضنته دار الثقافــة موالي الحسن -لحظة
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
مشتركة بين المتدخلين في القطاع السياحي لفتح نقاش جدي حول القطاع وسبل وضع خطط التقائية تضمن تحقيــق توازن في التنمية المحلية عبر تنويع مداخل التنمية بإدماج الموروث الثقافي في السياحة . وأكد السيد الغلبزوري السكناوي ،إعالمي مهتم بالتراث وفي تصريح لنفس الوكالة بأن اختيار موضوع إدمــاج المـوروث الثقافي في السياحة كمدخل للتنمية لم يكن انجذابا للشعارات البراقة ،بل هو قناعة راسخة ألهمية ودور الموروث الثقافي وقدرته في المساهمة في تنويع عناصر الجذب السياحي .وبالتالي المساهمة في فتـــح مسارات تنموية جديدة ومستمدة من نماذج محلية تحترم خصوصيات كل جهة وتستثمرها إيحابيا..
انتخـــب المغربــي محمد بودرا ،رئيــس المجلس الجماعي لمدينة الحسيمة ،من طرف المشاركين في القمة العالمية للقادة المحليين واإلقليميين المنعقدة في جنوب أفريقيا ،ليكون رئيساً لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة ،متقدماً على عدد من عمد كبريات المدنالعالمية. وأعلن انتخاب بودرا البالغ من العمر 59 عاماً ،بعد أن انسحب المرشح الروسي ،عمدة مدينة كازان ،إلسور ميتشين ،الذي حل في المرتبة الثانية بعد بودرا في الشوط األول من االنتخابات ،ما تطلب اللجوء إلى شوط ثاني. وكان بودرا قد حصل في الشـوط األول على 100صـوت ،مقابــل 66صوتاً لصالح المرشح الروسي ،بينما حصل عمدة مدينة لشبونه البرتغالية على 55صوتاً ،بينما انسحب عمدة مدينة برشلونه من السباق. وقال بودرا في أول تصريح صحفي عقب انتخابه إن «المهمة كبيرة» ،داعياً إلى انخراط الجميع من أجل صون الكوكب وتحقيق الرخاء للجميع. وأضاف بودراً مخاطباً المشاركين في القمة ويبلغ عددهم 3آالف فاعل محلي« :لقد اجتمعنا هنا رغبة منا في تعزيز اتحادنا المقدس ،الذي يعتبر عماد التزاماتنا الجماعية والتزام كل منا
مليار و 300مليون لبناء مقر جديد للمجلس اإلقليمي للحسيمة
الفساد يطيح برئيس بلدية الناظور و اثنين من نوابه قررت المحكمــة اإلدارية بوجدة ،اليوم األربعاء، 20نونبر رسمياً عزل سليمان حوليش رئيس المجلس البلدي بالناظور من حزب األصالة والمعاصرة ونائبيه فارس عالل عن العدالة والتنمية والحسين أوحلي عن األصالة والمعاصرة ،بعد ما توبعوا قضائيا بتهمة تتعلق بـ «الفساد في التعمير» وجاء هذا ،بعد أن قدم الوكيل القضائي للمملكة مذكراته الجوابية خالل آخر جلسة. وكان عامل إقليم الناظـور ،قد أودع لدى رئيـس المحكمة اإلدارية بوجدة ،ملف الدعوة القضائية ضد رئيس المجلس البلدي بالمدينة ونائبيه ،بغرض عزلهم. و طالب عامل إقليم الناظور ،بعزل ومتابعة رئيس البلدية المنتمي لحزب األصالة والمعاصرة قضائيا وفق اإلجراءات القانونية المعمول بها في هذا االطار.
على حدة ،ومن أجل التحدث بصوت واحد في المحافل الدولية ،ولتعزيز مقترحاتنا المستدامة، في إطار عشرية التنفيذ». وأثار انتخاب محمد بودرا لهذا المنصب العالمي ،ردود فعل إيجابية واسعة ،وهو الذي يتولى في نفس الوقت رئاسة الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات. وفي هذا السياق اعتبر سفير المغرب لدى جنوب إفريقيا ،يوسف العمراني ،أن انتخاب بودرا يعكس ما سماه «طموحاً إفريقياً مشتركاً»، واصفاً ما جرى بأنه «تجسيد لدينامية قارية محمودة وتضامن نشط». وأضاف السفير المغربي في تصريح صحفي أن انتخاب المغربي محمد بودرا «يعكس الصورة اإليجابية لقارة تمضي قدما بخطوات واثقة وبطموح» ،مشددا على أن هذا الحدث يحمل «داللة خاصة للمغرب». وأشـــار السفيــر المغربــي إلى الرؤيـة التي يحملهــا العاهـل المغربي الملك محمد السادس بخصوص «نموذج الحكم» ،وقال إن المغرب «حزم أمره على االختيار االستراتيجي المتمثل في الجهوية المتقدمة ،المتماسكة في مضامينها والشاملة في نطاقها ،من أجل تحسين آليات اإلدارة الترابية وتعزيز الحكامة المحلية» ،على حد تعبيره.
رصد المجلس اإلقليمي للحسيمة ،أكثر من مليار و 300مليون سنتيم ،إلشغال بناء مقر جديد للمجلس ،والذي يوجد حاليا مقره بعمالة االقليم. وسيخصص هذا المبلغ لإلشغال الكبرى المتعلقة بالبناء ،إضافة إلى باقــي االشغـال المتعلقة بالطالء ،والخشـب ،وتثبيت شبكة والكهربائي ،والماء… وسيتم فتــح األظــرف المتعلقــة بطلــب
عروض الخاصة بهذه الصفقة يوم الثالثاء 17 دجنبر 2019على الساعة العاشرة صباحا ،بقاعة االجتماعات بالمجلس اإلقليمي للحسيمة. ويُشار إلى أن إقليم الحسيمة يعرف دينامية غير مسبوقـــة في إطالق المشاريع المتعلقة ببناء وتجديـــد المرافـق اإلداريـة وغيرها من المشاريـــع المتعلقـــة بالتنمية المجالية ،تشمل مختلف الجماعات الحضرية والقروية لإلقليم.
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
العدد 1021
7
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير/العرائش)
قافلة « 100يوم 100مدينة» لحزب التجمع الوطني لألحرار بالقصر الكبير
حلت مساء يوم السبت 16نونبر 2019بمدينة القصر الكبير قافلة حزب التجمع الوطني لألحرار 100يوم 100مدينة التي تعتبر الثالثة من نوعها على الصعيد الوطني والمحطة األولى بجهة طنجة تطوان الحسيمة في إطار سياسة الحزب التواصلية الهادفة إلى اإلنصات لمتطلبات وانتظارات ساكنة المدن الصغيرة والمتوسطة بمختلف جهات وأقاليم المملكة. وحضر هذا اللقاء ما يقــارب 400مشــارك ومشاركة ،إلى جانب عضو المكتب السياسي والمنسق الجهوي للحزب بالجهة ،الطالبي العلمي و أعضاء المكتب السياسي للحزب ،ورئيس الفريق بالبرلمان عبد السالم البكوري وأعضاء جهوية للحزب . وبالمناسبة أكد السيد الطالبي العلمي عضو المكتب السياسي والمنسق الجهوي للحزب ،أن استمرار برنامج 100يوم 100مدينة بجهة طنجة تطوان الحسيمة هو امتــداد لسياسة اإلنصات والتواصل التي ينهجها الحزب مع المواطنين بهذه الجهة المعروفة بخصوصياتها ،كما شــدد على أن الزيارات المتواصلة لعدد من المدن الصغيرة والمتوسطة ،تندرج في سياق البرنامج التشاوري والتشاركي الذي أطلقه الحزب للنزول للميدان واالستماع لهموم ومشاكل السكان . المنسق المحلي لحزب التجمع الوطني لألحرار لمدينة القصر الكبير السيد حسن الحسناوي في كلمته أن هذا البرامج جاء لإلنصات إلى انتظارات المواطنات والمواطنين بالمدينة وإقليم العرائش في أفق مواصلة الحزب مرافعته من أجل مصالحهم، معبّرا في الوقت ذاته عن سعادته بأن يكون الحزب رهن إشارة ساكنة هذه المدينة ،التي يفتخر بها ،منوّها كذلك بالحضور النوعي للمواطنات
والمواطنين الحاضرين في هذا اللقاء التواصلي كما تقدم بالشكر إلى كل من األمين العام للحزب والمكتب السياسي الختيار مدينة القصر الكبير . وخلص اللقاء الذي شمل ما يزيد عن 30ورشة إلى شبه إجماع على ثالثة محاور :الصحة و التعليم والتشغيل و بعض المالحظات التي تروم معالجة البطالة وقطاع الفالحة والصناعة خصوصا وأن موقع المدينة يعد من أخصب المناطق في المغرب ،وعلى ضفاف نهر لوكوس ،ووقوعها عند ملتقى السهل والجبل وكذا موقعها القاري القريب من البحر إذ ال تبعد عن ميناء العرائش إال بحوالي 35كلم الشيء
الذي يفتح أمامها أفاقا مستقبلية واعدة في الصناعة الغذائيةوالتصدير. ويستهدف هذا البرنامج التواصلي االعتماد على مخرجات وتصورات كل اللقاءات بالمدن ،إعداد برنامج لتأهيل المدن الصغيرة اعتمادا على استشارة عمومية واسعة ،خصوصا في العينة التي اختيرت من طرف الحزب ،بناء على مؤشرات مضبوطة ،والختم بخالصات حول واقع عدد من القضايا التنموية واالجتماعية ،التي سيُبنى عليها البرنامج السياسي للحزببالمدينة.
الحزب االشتراكي الموحد ينظم مائدة مستديرة حول «الوضع الصحي بمدينة القصر الكبير وآفاق العمل المشترك»
عقد الحزب االشتراكـــــي الموحد بالقصر الكبير مائـــدة مستديـــرة يوم األحد 17نونبر 2019بالمركز الثقافي البلدي ،لتدارس الوضع الصحي محليا بحضور فعاليات حزبية ونقابية وفعاليات من المجتمع المدني ومجموعة من المتتبعين. أكد جميع المتدخلين والمشاركين خالل اللقاء على كارثة الوضع الصحي المحلي و بعد رصد مجموع االختالالت تم التأكيد على ضرورة توحيد الجهود والطاقات المناضلة سياسية نقابية وحقوقية قصد التصدي للوضع المتردي وللخصاص الكبير في مجال الصحة كخدمة عمومية ،كما تم الوقوف على الوضع الصحي المتردي محليا وإقليميا والذي يتجلى في قلة األطر الطبية وضعف الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين . وقد عرفت المائدة المستديرة نقاشا نوعيا يتسم بالغيرة على المدينة من طرف إطارات المجتمع المدني كما طرحت فيه جميع القضايا المتعلقة بمشاكل وتنمية القطاع الصحي بالمدينة ،و تقديم خدمات صحية متكاملة داخل المؤسسات الصحية وخارجها.
و خلصت المائدة المستديرة إلى توصيات تمثلت في تنظيم يوم دراسي ،وتشكيل لجنة لمناقشة الوضع الصحي بالمدينة مع المسؤولين محليا وإقليميا ووطنيا تضم في عضويتها ممثلين
نظمت جمعية التواصل لألعمال االجتماعية والثقافية والرياضية بالقصر الكبير بشراكة مع المدرسة العليا للتجارة والتسيير بطنجة وجمعية تنمية التعاون المدرسي بالعرائش ,حفال تكريميا على شرف لمتقاعدي نساء ورجال التعليم بمدينة العرائش مساء يوم األحد 17نونبر 2019بفضاء الثانوية التاهيلية محمد بن عبد اهلل بالعرائش . عرف الحفل حضور مجموعة من األساتذة واألستاذات المتقاعيدين وحضور ممثلي المديرية اإلقليمية بالعرائش ،وأسر وعائالت المحتفى بهم. افتتح الحفل بآيات بينات من الذكر الحكيم ، بعدها فسح المجال إللقاء كلمات للجمعيات المنظمة بالمناسبة التي تضمنت شكر عميق للمتقاعدين على كل المجهودات التي بذلوها والخدمات التي أسدوها. يأتي هذا الحفل التكريمي في إطار تكريس ثقافة التضامن والتآزر واالعتراف بالعطاءات طيلة
مدة الخدمة ،كما أن الحفل فرصة للتأكيد على القيم المجتمعية النبيلة . تخلل الحفل وصالت إنشادية لتلميذات وتالميذ
عن جمعيات المجتمع المدني وحقوقيين ونقابيين، وتنظيم وقفات احتجاجية انذارية ،وإصدار بيان استنكاري ،وتوقيع عرائض للتنديد بالوضع الصحي بالمدينة .
حفل تكريم نساء ورجال التعليم المحالين على التقاعد بمدينة العرائش
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
مؤسسة وسيط المملكة تعقد لقاءاً تواصلياً بالقصر الكبير
نظمت مؤسسة وسيـــط المملكــة بشراكة مع المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير ،يوم الخميس 21نونبر 2019بقاعة دار الثقافة محمد الخمار الكنوني ،لقاء تواصليا مع ممثلي المجتمع المدني ورؤساء الجماعات الترابية حول موضوع “الوساطة المؤسساتية ،دعامة للحكامة المحلية ”. بالمناسبة أبرز المندوب الجهوي لمؤسسة وسيط المملكة ،عبد الرحيم الهاني ،في كلمة له خالل افتتاح اللقاء التواصلي ،أن هذا اللقاء يندرج ضمن إستراتيجية المؤسسة 2023 – 2019الرامية للتواصل مع مختلف القطاعات واإلدارات الجهوية إلبراز دور واختصاصات وآليات تدخل المؤسسة التي من شأنها تطوير منهجية عمل اإلدارات الجهوية. كما أشار إلى أنه سيتم خالل هذه الحلقة العلمية مناقشة العالقة بين المؤسسة والهيئات المعنية بمجال تدخلها بهدف التوصل إلى حلول في أقرب اآلجال للشكايات والتظلمات وطلبات التسوية التي وضعت لدى المندوبية الجهوية لمؤسسة الوسيط ،باعتبارها مؤسسة دستورية مستقلة وقوة اقتراحية.
يوم دراسي حول آفاق سوق الشغل والتشغيل الذاتي بعمالة العرائش
في إطار تنزيل برامج المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشريـــة ،وتثمينــاً لدور التحسيس بأهمية إدماج الشباب في التنمية االقتصادية واالجتماعية ،وتعزيز مبادئ الحوار والتشاور بين مختلـــف الفعاليـــات والقطاعات المعنية بسوق الشغل والتشغيل الذاتي ،ترأس السيد عامل إقليم العرائش صبيحة الثالثاء 19نونبر ،2019فعاليات اليوم الدراسي حول آفاق سوق الشغل والتشغيل الذاتي تحت شعار“ اإلدماج االقتصاديللشباب وحكامة سياسةالتشغيل”. وقـــد حضر أشغـــال هذا اليـــوم الدراسي كذلك ،مجــمــوعـــة من األساتـذة والباحثيــــن الجامعيين ،والمســــؤوليـــن عنالمصالـــحالخارجية للدولة ورؤساء الجماعــات الترابيـــة والفاعليــن الج معوييـــن ومجموعة من الخبـــراء والمهتمين. وتم خالل هذا اللقاء ،تسليط الضــوء على مجموعة من المحاور واآلليات الكفيلة بإنعاش سوق الشغل والتشغيل الذاتي ،وفتح آفاق واعدة في وجه الشباب الباحث عن فرص العمل باإلقليم ،وذلك من خالل المداخالت والمحاور التالية:
مؤسسة المهدي بن تومرت واختتم الحفل بتوزيع شواهد تقديرية على المحتفى بهم باإلضافة إلى هدايا تذكارية .
واعتبر المسؤول أن هذا اليوم التواصلي، الذي جاء تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الداعية لالستجابة إلى تظلمات المواطنين ،يهدف إلى تحديد إطار للتعاون والتنسيق الفعالين من أجل إيجاد تسوية لمختلف القضايا التي تديرها اإلدارات اإلقليمية وتقوية الحكامة الترابية. بهذا الصدد ،ذكر بأن الجماعات الترابية المشاركة مدعوة إلى االنخراط الفعلي في هذه الجهود بهدف تشجيع إنجاز المشاريع التنموية بالجهة ،الفتا إلى أن الوساطة المؤسساتية تعتبر ضرورة ملحة إليجاد حلول مالئمة تتسم باالستعجالية نظرا لطبيعة القضايا المطروحة على أنظارها . وتخلل هذا اللقاء التواصلي ،المنظم بشراكة مع المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير ،نقاش حول العالقة بين مؤسسة الوسيط والجماعات المحلية والمديريات الجهوية للمؤسسات العمومية ،وحول سبل تعزيز معالجة طلبات التسوية والشكايات التي يضعها المواطنون ،بهدف تعزيز الدينامية التنموية بالجهة ،واالرتقاء بالديبلوماسية الخضراء حتى تستجيب النتظارات المواطنين .
- 1مداخلة السيد كريم العتابي؛ مدير الوكالة الوطنية إلنعاش التشغيل والكفاءات بالعرائش كانت حول موضوع ” برامج وأفاق إنعاش التشغيل بإقليم العرائش “،
- 2مداخلة السيد محمد العربي كركب :عميد الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش حول موضوع “مالئمة التكوين مع حاجيات سوق الشغل وآليات اإلدماج المهني للخريجين”، - 3مداخلة السيد محمد المالكي :مدير مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل بالعرائش حول موضوع ” خارطة الطريق المتعلقة بتطوير التكوين المهني وإحداث “مدن المهن والكفاءات“، - 4مداخلة السيد مومن الصبيحي :رئيس جمعية إيكوديل للتنمية العادلة حول “منصة اإلدماج االقتصادي للشباب :التحديات والرهانات”، - 5مداخلـــة السيد عبد الحميــد بنداود: مديــــر دار المقـــاول التابعــــة لمؤسســـــة التجاري وافابنك بطنجة حول”مراحلإنشاءالمقاوالت ومصادر التمويل” وقد تضمن برنامــج اليوم الدراسي توزيع المشاركيـــن على ورشتيـــن :األولى اهتمـــت بموضوع إمكانيات خلق فرص التشغيل بإقليم العرائش ،والثانية حول موضوع روح المبادرة وسيلة فعالة إلنعاش التشغيل. وقد خلص هذا اليــــوم الدراسي إلى اتخاذ مجموعة من التوصيات التي من شأنها تفعيل برامج االلتقائية والشراكة بين كافة المتدخلين ،للمساهمة في صياغة واعتماد استراتيجية إقليمية للنهوض بقطاع الشغل والتشغيل الذاتي.
8
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
العدد 1021
نفق المغرب -إسبانيا وخط أنابيب الغاز النيجيري -المغربي
أوهام أم حقائق؟ • بقلم :الدكتور عبد الحق بخـات
مشروع يخفي اآلخر! إن خط أنابيب الغاز النيجيري -المغربي العمالق لعام 2017يعيد إلى ذاكرتنا مشروع الربط الثابت بين أفريقيا وأوروبا ،والذي كان يربط المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق ،والذي يبدو أنه قد ولد مجددا من تحت الرماد .. في الواقعً ، وفقا للصحافة اإلسبانية خالل هذا الشهر نوفمبر ، 2019مشروع الربط بين إفريقيا وأوروبا أكثر ضرورة من أي وقت مضى فيما يتعلق بالتبادالت التصاعدية بين الشاطئين. أما بالنسبة لخط أنابيب الغاز ،فقد كان المشروع على قائمة النسخة الثانية من منتدى األعمال المغربي النيجيري الذي انعقد يومي 14و 15نوفمبر في الرباط. هذا يعني أن مشروع النفق الذي ينبغي أن يربط بين إفريقيا وأوروبا لم يعد ميت ًا تمام ًا ،كما نعتقد ،وأن خط األنابيب هذا ، في كل مرة ،يتم طرحه على طاولة المفاوضات. لذا فإن السؤال هو ما إذا كان هذان الثعبانان البحريان الظخمان سيعرفان الحياة في يوم من األيام ،أم هل سيتم إدراجهما في التاريخ على أنهما مجرد وهم أو حلم عبر عقول هذا الجيل األول من القرن الحادي والعشرين؟ في فاس ،بين 14و 16يونيو ،1979حيث سيتم ذكر مشروع الربط الثابت ألول مرة .الملك خوان كارلوس ،الذي كان قد تربع على العرش لتوه ،والملك الحسن الثاني دشنا مشاورات حول إمكانية ربط بالديهما عبر مضيق جبل طارق، بمشروع هيكلي ضخم. بعد مرور أربعين عامًا ،تؤكد صحيفة « »El Confidencialاإلسبانية أن «المشروع لم يتم تعريفه كما هو اليوم» .يعرض هذا المقال وجهة نظر ،Angeles Alastruéرئيس جمعية ( )SECEGSAبمدريد .وقد ولد هذا األخير في عام ،1980أي في نفس تاريخ ظهور la Société nationale d’études du détroit de Gibraltarفي الرباط. أعادت صحيفة « »El Confidencialللوجود اهتمام الرأي العام بهذه الفكرة الطموحة ،في حين أن البيانات الفنية لم تتبلور بشكل جذري. منذ عام ،1996ثبت أن الجسر المعلق سيكون أغلى بكثير من النفق بل ويمكن أن يؤثر على المالحة وبعض الخدمات البحرية .هناك صعوبة أخرى، وهي أن هاتين النقطتين الواقعتين على بعد خمسة عشر كيلومتراً من بعضهما البعض ،ال يمكن توصيلها بواسطة نفق :فالعمق سحيق للغاية في هذا المستوى من المضيق. توضح وثيقة 2013الصادرة عن SECEGSA و SNEDهذه الخطة :سيكون النفق 38.7كم ، منها 27.8تحت الماء ،ويصل أعمق جزء منها إلى 175متراً تحت مستوى سطح البحر ،وبين المحطتين يسافر المسافرون على مسافة 42كم .ومع ذلك ،فإن SNEDيحذر« :عبور المضيق بواسطة رابط ثابت يطرح مشاكل هندسية استثنائية ،غير مسبوقة على ما يبدو» .غير أن الصعوبات بين الرباط ومدريد ليست فقط مسألة تقنيات ،بل تمتد إلى ما هو أكبر.فالعالقات الدبلوماسية بين البلدين ليست جيدة دائمًا .ولعل من بين نقاط التوتر :الصراع في الصحراء المغربية، ومشكلة اإلرهاب في إسبانيا ،وجيوب سبتة ومليلية، وغيرها. اعتبار آخر :مثل هذا المشروع من المرجح أن يكون مكلفا .ما ال يقل عن 65مليار درهم ( 6مليارات يورو) ، وربما أكثر من 150مليار درهم ،وف ًقا لتقديرات مختلفة .تحتاج المملكتان إلى دعم مالي وأوروبي بكل أشكاله .في عام ، 2007دعا رئيس الوزراء اإلسباني، خوسيه لويس رودريغيز زاباتيرو ،وهو ديمقراطي اشتراكي ،االتحاد األوروبي لدعم هذا المشروع الذي «سيغير أفريقيا وأوروبا». تشكك الدول األعضاء في االتحاد األوروبي في مزايا مثل هذه الخطة، والتي من الواضح أنها يمكن أن تسهل نقل الركاب والبضائع بين القارتين ،ولكن أيضًا كبح تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون إلى أوروبا من المغرب وإسبانيا. منذ ذلك الحين ،تم اتخاذ مجموعة من الخطوات :التشخيص على وجه الخصوص .حوالي 40عملية همت أخذ عينات من قاع البحر والحفر. من الجانب المغربي ،مع استثمار الملك محمد السادس ،استثمرت المملكة عن طيب خاطر في أعمال كبرى أخرى. تباطأت أنشطة SNEDثم توقفت. اليوم ،إذا كانت الصحافة اإلسبانية قد أثارت اهتمامًا متجددًا بالمشروع ،فذلك ألنه يبدو أن هناك بيانات جديدة تظهر حول المشروع مع العلم أن حركة نقل الركاب والبضائع تأخذ كل عام حجماً يؤثر أيضا على عدة ماليين من المسافرين المغاربة الذين يمرون عبر إسبانيا إلى المغرب. من ناحية أخرى ،شهدت طنجة ،عاصمة المنطقة الشمالية من المغرب، المهمشة منذ فترة طويلة ،ثورة في العقد األخير ،ال سيما من حيث التنمية الصناعية والسياحية .حيث أصبحت واحدة من أكثر المدن عولمة في البالد .ولقد تم بهذه المدينة إطالق ميناء «طنجة ميد» عام ، 2004والذي يعد اليوم أكبر ميناء في إفريقيا ،ثم وصول مصنع «رينو» ،الذي افتتح في عام ، 2012إلى إنتاج مليون سيارة ،سيجد خط السكة الحديدية فائق السرعة ( )TGVبين طنجة والدار البيضاء عبر الرباط ،والذي ظل في الخدمة بنجاح كبير منذ عام ،امتدادًا طبيعيًا لهدفه من خالل نفق سكة حديد إلى إسبانيا ،وهذا من شأنه أن يقلل من زمن الرحلة بين الدار البيضاء ومدريد لبضع ساعات. باإلضافة إلى ذلك ،تحتل إسبانيا المرتبة األولى بين أكبر شركاء المغرب التجاريين .يتجاوز حجم التدفقات التجارية 14000مليون يورو ،حيث تعتبر
األندلس منطقة مركزية في التجارة بين البلدين ،وستكون السياحة أكثر تطوراً مما هي عليه اآلن في .Coste del Sol كل هذه البيانات الجديدة أيقظت شهية SECEGSAو SNEDاللذين يعتزمان االستفادة من هذه الديناميكية التي ستتعزز من خالل إنشاء نفق مغربي إسباني ،مع وصلة سكة حديد تسمح بمرور ما يزيد قلي ًال عن 13مليون طن منالبضائع و 12مليون مسافر سنويا بحلول عام .2050 سيتم التصميم «لربط حركة السكك الحديدية العادية بين الشبكتين المغربية واإلسبانية ،إضافة إلى النقل البحري للسيارات عبر قطارات مكوكية»... سيكتسب المشروع مصداقية أكثر ،وليس من المستغرب أن يتم فتح الملف من جديد ووضعه مرة أخرى على طاولة المفاوضات. سوفى نتمنى ذلك بقليل التفاؤل! دعونا نرى اآلن ،ما هو مشروع خط أنابيب الغاز الضخم الذي يجب أن يربط المغرب ونيجيريا عن طريق ساحل المحيط األطلسي. أعلن هذا المشروع الضخم ،الذي أثار ضجة كبيرة أواخر عام ، 2016 وعرف خطوته األولى يوم اإلثنين 15ماي 2017في الرباط بتوقيع مذكرة تفاهم بحضور الملك محمد السادس ووزير الخارجية النيجيري Geoffrey Onyeamaوفي غياب الرئيس النيجيري ،Muhammadu Buhari ،الذي كان قد دخل المستشفى في لندن. وف ًقـــا للمديرة العامةـــ للمكتـــب الوطنـــي للهيدروكربونات والمناجم ( ، )Onhymأمينـــة بن خضرة « ،إنه مشروع استراتيجي وهيكلي يمثل حجر الزاوية للتكامل اإلقليمي في غرب إفريقيا ،وحافز للتنمية االجتماعية واالقتصادية في 16دولة بالمنطقة ،يمثل إجمالي الناتج المحلي 670مليار دوالر ». بالنسبة لفاروق غاربا سعيد ،مدير العمليات في شركة البترول الوطنية النيجيرية (« :)NNPCهذا مشروع كبير لديه القدرة على خلق فرص جديدة للغاز النيجيري وبالتالي يشكل تأثيرا إيجابيا كبيرا على الصادرات ،من نيجيريا إلى مختلف دول العالم». من المتوقع أيضا أن يسرع خط األنابيب مشاريع كهربــة جميع أنحاء منطقة غرب إفريقيا ،وأن يكون له تأثير إيجابي مباشر على أكثر من 300مليون شخص في منطقة غرب إفريقيا ،ويلبي الحاجة المتزايدة إلى الكهرباء بأوروبا لتنويع مصادر الطاقة لديها. إن خط أنابيــب الغــاز الذي يمتد بطول 5000كيلومتر على طول ساحل غرب إفريقيا إلى المغرب ،مع امتداد إلى أوروبا عبر إسبانيا ،يهدف إلى استنباط مساحــات شاسعـــة من االقتصـــادات األفريقية. سيتم تمويل خط أنابيب الغاز في المستقبل ،والذي من المتوقع أن يكلف 20 مليار دوالر ،بصيغة مشتركة بين المغرب ونيجيريا ،كما سيفتح المجال لمستثمرين آخرين باالنضمام إلى طاولة اعتماد التكلفة واإلعداد المالي للمشروع. ومع ذلك ،ووف ًقا لتعليالت قدمها خبير صحيفة «لوموند» الفرنسية باعتبارها «خبيرًا جيدًا في الملف» ،فإن «تحقيق هذا المشروع يبدو معقدًا للغاية» .لماذا؟ «أو ًال وقبل كل شيء ،هناك سبب أمني كبير :ال أحد سيخصص ما يتراوح بين 15و 20مليار دوالر في مشروع تقع نقطة انطالقه في دلتا النيجر ،وهي منطقة في جنوب نيجيريا معروفة بالعنف المتكرر .وإذا كان األمر كذلك ،في حالة حدوث معجزة ،سيتعين على خط األنابيب أن يعبر ،وف ًقا لطريقه « ،عشر دول من بينها بعض الدول التي تواجه أوضاعًا صعبة للغاية» يوضح الخبير الذي يستشهد بعد ذلك بمنطق اقتصادي-إستراتيجي مفاده أن «التطورات األخيرة في مجال الغاز في موريتانيا والسنغال هائلة وهي أقرب إلى المغرب» .باإلضافة إلى ذلك ،فإن مشروع خط أنابيب الغاز المغربي-النيجيري ينافسه حوالي 40دولة أفريقية ،قائلاً إن المشروع «ال يصب في مصلحة الدول اإلفريقية» ،بحجة أن بناء هذا الخط سوف يتطلب زيادة استخراج واستهالك ، gaz fossileوهو من األسباب الرئيسية لالحتباس الحراري. باإلضافة إلى ذلك ،في بعض الدول األوروبية مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا ،يُقال أيضًا أن «استخراج gaz fossileونقله واستخدامه له تداعيات بيئيةكبيرة». كل هذا يعيدنا إلى السؤال األساسي وهو «ما إذا كان مشروع هذان الثعبانين البحريين الكبيرين سيعرفان النور يوما ما ،أم سيتم إدراجهما في التاريخ على أنهما مجرد أوهام عبرت خيال هذا الجيل األولي من القرن.21؟
قطرات مداد ُ • محمد إمغران
من قصص دراويش الوطن
ما أكثر الدراويش الذين يزداد عددهم في هذا الوطن بمئات اآلالف ،سنة عن أخرى ،حيث يغرقون في ظروف حياتية صعبة ،يكدون ويتعبون في الحصول بالكاد على القوت اليومي الذي قد تكون ضمنه نسبة من التسول أو نسبة من القروض.ومن هؤالء من يفقد عمله البسيط ،ومنهم من الزال يبحث عن عمل ،منذ فترات طويلة ،رغم خوضه معركة االقتتال والحالة هاته، من أجل الشهادة الدراسية أو الدبلوم المحصل عليه. أما عدد المرضى العاجزين عن تطبيب أنفسهم ،فتلك حكاية ،أولها عذاب ودمعة وآخرها كفن ومأتم حزين، األمرالذي يدفع بالرأي العام إلى التساؤل حول الجدوى من المجالس الوزارية والغرف النيابية والمجالس الجماعية التي تستهلك المال العام وتستنزف الزمن الطويل ،المنقوص من أعمارالدراويش ،قبل أن يبدأ الحديث مجددا حول انتخابات مقبلة وحكومة مرتقبة. صحيح أن وطننا الحبيب أفضل بكثيرمن دول مجاورة وإقليمية لها ثروات معدنية هائلة وثمينة ،لكن الدروايش العريضة من مواطني بالدنا يشكلون واقعا مرا يفضحه المعيش اليومي الذي ليس في حاجة إلى إحصاءات رسمية ،تحاول أن تبين «المغرب المزوق». والمثيرهوأن دراويش الوطن ،هذا كثيرا ما يقع ،حتى إذا ما كان القدريخبئ لهم أمورا مفرحة ،من قبيل وصية خيرية أو هبة ،ومن طرف أجانب ياللغرابة ،قد تغيرمن مجرى حياة بؤسهم ،فإن هناك ديناصورات سلطوية ومالية ونفوذية تستطيع الوقوف ضد «القدر» لتفويت «الخير» لنفسها ،أما الدراويش فليشربوا ماء البحر.إال أن الدراويش «عزازين عند اهلل وشوكتهم حادة» ولو بعد عمر طويل ،حيث يتم حاليا التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ،بتعليمات من الوكيل العام، مع موثق وموظفين ومحام وقاض سابق ،بخصوص ملف سطو على عقارات قنصل شرفي إنجليزي كان بطنجة، أيام زمان ،وعلى كنيسة بالمدينة ذاتها.وهذا الملف سبق لجريدتي طنجة والشمال أن تناولتاه مرارا ،حيث يحظى باهتمام خاص من قبل رئيس النيابة العامة ،بعد استقباله ورثة القنصل اإلنجليزي ،المنحدرمن األسرة الملكية البريطانية ،إذ قدموا جميع الوثائق القاطعة التي تخول لهم استرجاع أمالك والدهم ،خصوصا شركته العقارية التي ما زالت مسجلة باسمه إلى اليوم، سواء بالمحكمة التجارية بطنجة أو بالمحافظة العقارية. ومما زاد الطين بلة هودخول كنيسة بريطانية بطنجة على الخط ومتابعتها لمجريات التحقيق ،بهدف استرجاع أمالكها ،سبق للقنصل الشرفي أن وهبها لها في وصية، قبل وفاته ،عبارة عن فيالت وعقارات تم السطو عليها، بواسطة االستيالء على شركته العقارية ،بعقود مزورة، وراءها أفراد أسرة وعائلة ،نافذة بطنجة. بيت القصيد في هذا الملف الساخن هوأن القنصل الشرفي البريطاني لم ينس دراويش طنجة ولم يستثنهم من أخذ نصيبهم على شكل مبادرات ومشاريع خيرية ،وهو يوقع وصاياه ،قبل رحيله عن الوجود، الموبوء بديناصورات ،تحلل لنفسها وتحرم للناس، وباألحرى للدراويش ،المهمشين في جميع الحاالت ،فيا عجبا !
امللحـق الثقافـي 9
العدد 1021ـ الثالثاء 26نوفمبر إلى 5ديسمبر 2019
لماذا أكتب؟ جينيفر إيغان ترجمة :ريوف خالد جنيفر ايجان ( ،)Jennifer Eganروائية وكاتبة قصص أمريكية من مواليد6 سبتمبــر عـام .1962حائزة على جائـزة البولتيـرز لألدب لعام 2011عن روايتهـا « .»A Visit From the Goon Squad عاشت في سان فرانسيسكو .بعد تخرجها من ثانوية لويل (Lowell High ، )Schoolالتحقت بجامعة بنسلفانيا -قسم األدب اإلنجليزي .تلتها سنتان زمالة في كلية سانت جون ،كامبريدج. نشرت عدة قصــص في مجلـة نيويروكــر ( ،)The New Yorkerهاربرز ( ،)Harper’sوأماكن أخرى. حين ال أكتب ،يجتاحني شعورٌ بفقد شيء ٍما .إذا طالت بي الحال ،تزداد األمور مصيريٌ سو ًءا ،وأصاب باكتئاب .حينها ،أمرٌ ّ ّ يكفُ عن الحدوث ،عطبٌ بطيء يشرع في التكوّن .كما لو أنني أهبط من ت ّلة ،بفعل الجاذبية وحدها ،لبعض الوقت ،لكن بعد ذلك ،تصاب أطرافي بالخدر .أمرٌ سيء يحدث ،أعرفهُ .وكلما طال انتظاري ،صعب علي البدء بالكتابة مجدّدًا. ً حين أكتب، خاصة إذا كان سير الكتابة جيدًا ،أعيش في بُعدين مختلفين؛ هذا العالم الذي أعيش فيه ،اآلن ،وأستمتع به كثيرًا؛ والعالم المختلف كليًا الذي أُقيم فيه
نصـان عبد الرحيم الخصار
دون أن يعرف به أحد ،وال أظن أن زوجي حتّى يمكنه التنبؤ به .حياة مضاعفة هذه التي أعيشها ،دون أن أمس زواجي وجنّته بسوء. بشكل خاص، أكتب المسودّة األولى، ٍ أشعر بأنني نُقلت خارج ذاتي ،هذه الحالة التي أسعـــى إلى تحقيقهــا دائماً .حتى نص أدبي ،فأنا كصحافيّة ،إذا لم أعمل على ٍ ال أشرع في الكتابة مباشر ًة .أقوم بالبحث ألشهر ،ثم أكتب النص في بضعة أيام. نص أدبي ،أنسى حين أقوم بكتابة ٍ من أكون ومن أينَ جئت .أتس ّلل إلى وضع انهمار مطلق .أهوى شعور ارتباطي بالعالم
اآلخر ،حيث أتنصّل برفق من صِالتي بهذا العالم .إذا اضطررت لالنتقال من حالة الكتابة ،إلى جلب أطفالي من المدرسة، بضيق حادٍ ،كما لو كنت مصابة فأنا أُصاب ٍ بالتحنّي (شلل الغواص) وما أن يحضر أطفالي ،ونصير معًا ،حتى يختفي الضيق كليًا ،وأشعر مجدّدًا بالسعادة .أحيانا، أنسى أن لدي أطفال ،األمر شديد الغرابة. أشعر بالذنب حيال هذا ،كما لو أن غفلتي ستتسبّب بحدوث مكروه لهم .حتى لو لم أكن المسؤولة عنهم ،فإن اهلل سيعاقبني. حين تسير الكتابة على ما يرام -ولستُ أرغب بتقديمها كفكرة مبتذلة -فإنني
أشعر بمصدر خ ّفي يزوّدني بالوقود .أثناء ٍ هذه األوقات ،طالما أن مصدر طاقتــي البديلة ٌ نشط ،ال يهمني إذا ما كانت األمور في حياتي تتم بسوء .لكن يوم تسير الكتابة بشكل ركيك ،فاألمر سيء ،بل إنه أسوأ من ٍ عدم الكتابة من األساس .كما لو أن ش ًقا أو تسريبًا تندلق من خالله الطاقة بعيدًا. حينها حتى لو كانت بقيّة أمور حياتي بخطب بالغ السوء يالزمني. جيّدة ،فالشعور ٍ َ ّ يقل وقتها جَلدي على السوء ،ويصبح سروري من األشياء الحسنة ضئيلاً .األوضاع كانت أسوأ قبل إنجابي ألطفالي ،اآلن ممتنة لهم ألنهم ينسونني ما يحدث باحترافيّة.
قيثار إسباني لعله قيثار إسباني حزين يغادر البيت بمفرده ،وقد اهترأت أوتاره بعد ستين عاما من األنين .الرجل العجوز الذي شاخت يداه وتشققت أنامله من عزف طويل وحارّ ،يجلس وحيدا في غرفة الخشب ،يحدّق في ساعة الحائط ،وفي السنوات التي نفقت ،في نتوءات الليل ،في صدوع العتبة ،في ُ األصُص والمناضد ومزاهر الطين واألعشاب اليابسة. بعكازته المعقوفة يعدّ األبنا َء واألحفاد والطرقاتِ والجسورَ والعيون التي تخ ّلت. وئيد ًة تتلمّسُ يدُه مقبضَ الباب وترتجف ،فيما عيناه جامدتان ،كما لو أنه الشاهد الوحيد على الفاجعة .تحت كرسيه الرجراج يتلوّى الحنين ،وقبالة بيته المنسيّ يقيم الوهمُ ويبني قلعة .يتناهى إليه من حين آلخر صرير الباب تدفعه يد زوجته، ووقعُ حذائها ،وهفيف الريح التي تسبقها ،وأزيز آلة الخياطة في الطابق األرضي، حيث سِيرُها الجلديّ مازال يدور .يتف ّقد البيت فال أحد .وحين ترتعش دمعة كتيم ٌة على طرف العين ،تدنو منه زوجته وفي يدها منديل ،زوجتُه التي ماتت منذ سنين. الرجل العجوز الذي تخلى عنه قيثاره القديم ،يواري مرارتَه ِبنظرة ،يدفن الحسر َة في حديقة البيت ،ويُخفي الدّمع في األكمام.
الساعاتيّ برغيّ في اليد ،نوابضُ ودبابيسُ من فوالذ ،وعقربان لحياة لم تعد المياه تجري فيها .يسيل الزمن في ميناء الساعة بال ّ مفكات ،وينسحق العمر بين الدواليب المسننة .ينزل الشتاء غزيرا خارج الدكان ،وتسقط قطرة من السقف على الحاجب األشيب المقوّس ،حاجب العين التي رأت ّ كل شيء ،ثم نسيته. كان طفال حين وطأت قدماه هذا الزقاق ،لكنّ عقارب الساعات ظلت تدور وتدور، إلى أن صارت المالقط ترتعش في يديه ،إلى أن شابت ثيابه ،وغطت التجاعيدُ بابَ الحديد وكراسي الخشب.
الشمال الثقافي
العدد 1021
الثالثـاء 26نوفمرب�إلى 05دي�سمرب 2019
10
قصة قصيرة
تذكرة ضائعة إلى لشبونة
ً سريرَة تراني هدى الهرمي
محمد بوجبيري
كاتبة و قاصة ـ تونس
هَ ْم ً�سا َملأَ َّ الط ُ فا�سا. يف ا ْل َب ْي َت �أَ ْن ً
َر ْح َم ًة ِب َ ك، َلن َتراين،
َل ْو َف َع ْل ُت َ�س َت ْعمى. اِ ْ�س َم ْع :ل َّأن َ ك يل،
َو َل ْ�س َت ِل َغ رْيي، كون َل َ ك مْالَ َ �أَ ُ الذ،
كون َل َ �أَ ُ ال�سدادَ ، ك ا ْل ِو�سادَ َو َّ لك ْن اِ ْ�س َم ْع: ِ
ل َّأن َ اخ رَ ْ ك ْ ت َتني، تح َ لك ُغربَتي، �أَ ْف ُ َكما ِع َّزتي. رير ًة َتراين. ُا ْد ُن َ�س َ تدين. ت ْب ب َ اِ ْق رَ ِ َ�صري ًة جَ ِ َكما �أُ ُ ريد،
ريد أ�َنْ َ�أ َ �أُ ُ راك، ال �أَنْ � َ أراك،
َكما �أ ْن َت ُتريد. الر ؤْ�يا، �أَنا ُّ
َو�أَ ْن َت ب َْع ٌ �ض ِم ْن َعمى.
با�سا، ُك ْن يل ِل ً كون َ �أَ ُ لك ا ْل َب َد َن. ُك ْن يل ِدثا ًرا، كون َل َ ك خْ َ �أَ ُ ال ْي َم َة، ُك ْن ُ�شرودً ا بي، ُق ْربًا َتراين.
�أَنا َّ الط ُ ريق، هيل َو مْال َ ال�ص ُ �سافة. َو�أَ ْن َت َ
سريرة تراني
َ قال:
شيء ما ،مُبهر وشهيّ مُرابط في ذهني وأنا مستسلمة ألشعــة الشمس لتغازل بشرتي الحنطيّة وتقتات من رغبتي الطافحة في ضمّها اكثر ،عسى أن يخترق جسدي دفء الظهيرة في هذا اليوم الذي يتخذ رنّة مدويّة ومجهولة. إنه شعور مُبهج ،يجعلني أرغب في التقاط سيلفي واصافح ظ ّلي الراقص ،وأنا أجلس ُقبالة البحيرة على مقعد رخاميّ متهالك يَجلِده الضوء ،وال أهبه لضوضاء الشارع وال لجوقة العملة أثناء أشغالهم في بناية قريبة. لفح وجهي نسيم فاتر وأنا أرفعه وأنظر للعالم بنصف إغماضة ،ثم تن ّفست الهواء المُشبع بالرطوبة ملء رئتايَ. لقد اعتدت أن أستحضر مقاطع من يومياتي مرة تلو األخرى ،أحيانا بدون إثارة تذكر وال سبب مقنع ،كمن يستجدي في اعماقه سرّا عسى أن تطفو تلك االسئلة المتشدقة وصوتي المكتوم داخلي ،إنها تزدحم برأسي وتدغدغ ذاكرتي ليتردد صداهــا كل مرة أختلي فيها بنفسي. تط ّلعت إلى ساعتي بشكل خاطف لكنني لم ألتقط الوقت ،لقد سيطر عليّ هاجس ،انتشلني من مكاني فصار ظهري باردا وأطرافي متح ّفزة كأنها تشمئز من لذعة ما ،ونظري يمتد بشكل ضائع في األفق الرحب. إنه الخوف من أن ّ تظل حياتي غير مكتملة .يَصعُب عليّ ان أصنّفها ! أكاد ال أطيق فكرة الفشل وأنا ذات نهمة و لم أنظر أبدا إلى القعر ،لكن افتقد إلى تط ُلعات ِ متانة ما ،ككومة مالبس استند إليها على أرضية الواقع حتى ال يتهدّل وعيي وينساق إلى متاهة غير مسبوقة. منذ وقت قريب ،اقتطعت تذكرة إلى فيلم « قطار الليل إلى لشبونة» لبسكال ميرسيه .كنت سمعت عنه الكثير من سمر ،أختى الصغيرة المُغرمة بالسينما. اتذكر انها ارهقتني بثرثرتها المعتادة وهي تسترجع مشاهد من الفيلم .وانتظرت ليومين حيــن نفذت التذاكر في قاعة «زفير»بضاحية المرسى بعد أن ع ّلقت بوستير الفيلم في واجهة المركز الثقافي. لكن اختفت التذكرة يوم العرض وضاعت مني ،وأنا ألعن ّ حظي العاثر .بعدها قرّرت أن اقتني الرواية بما أنها متوفرة بالمكتبات وصدرت عن إحدى دور النشر. هذه المرّة ،كنت أرغب حصرا أن أجد شعارا يقود حياتي إلى وجهة ما .كيف يتسنى لي أن أعرف ما أكون وما ابحث عنه ! َغ ّلفت رأسي غشاوة من الرؤى التي تسوقها رمزية الصور وانا اشق طريقي بين فصول
الرواية وأمنع نفسي من تخيل ما يحتمل أن أجده حين أصل إلى النهاية. لم اكن متيقنة تماما الى اي مدى يمكن أن أشتبك مع حدسي بأن الرواية تقودني إلى مقاطـع معقــدة ومتعددة لكنني أعول كثيــرا على تذكر األشياء ،وهي مهارة رفيعة اكتسبها منذ صغري. غير أن الرواية استغرقت نصف يوم من الخلوة في غرفتي ،ولم يسبق لي أن شعـرت بمثل هذه الشراهـة في القراءة. كــان من الجليّ أن رسائل الدكتور «أماديو دو برادو» الثائر البرتغالي ،قد بدأت تصرعني وتؤوب إلى مفاهيم وجودية تغمغم في عقلي ،وانا اتساءل ماذا كان يودّ ان يترك وراءه ! من السهل أن أؤيده وال أنهي هذا الحوار الدائر بيننا ،وربما ابتكر لي شعارا أردده في هذا اليوم بالضبط. صرت متيقنة أن ما مرّ به البروفيسور غريغوريوس استاذ اللغات القديمة في كلية برن ،لم يحصل عرضا حين قرر ترك عالمه الرتيب ،وبوسعي أن أكتشف وعلى مدى برهة معينة ،أنه التقط هذه الكلمات بعد ترجمتها الماديو «إذا كان صحيحا أننا ال نعيش إ ّال بجزء صغير مماّ يعتمل دواخلنا فما هو مصير بقيّة األجزاء إذن» . فكرت أنني كسبت هذه المرة ،وبات الشك حقيقة، ان الطريق اليضيق كلما نمضي ُقدما ،بل ينتهي ببوابة شاسعة. يمكنني اآلن أن أشعر ببطل الرواية حينما قرّر أن يغادر قوقعته ويؤدي ذلك إلى أن يفوته موعد القطار الليلي الى لشبونة. ما كان بوسعه أن يتركني وهو يشعر بالتوتر يعتمل داخلي وينبش في أعماقي حين أغمض عيناي ويزول كل تعبير من وجهـي ،غير أنه يخترق حاجز الطريــق في داخلي فتخرح أنفاس غريغوريوس وتشرع شفتاه بالتحرك كأنه يرتكب شيئا مهوال ،ليمدّ يده إلى ظهر الكرسي ويسحبني منه وزنا مستسلمة بشكل غريب. تطلعت اليه قائلة : ــ معذرة ...جعلتك تتأخر حتى قبل أن انهي جملتي ،أشار إلى المحطة قبالتنا واستشار ساعته اليدوية وهو يخاطبني قائال : ــ لقد عثرت على تذكرتك الضائعة إلى لشبونة... أترغبين في الرحلة معي ؟
العدد 1021
الشمال الثقافي
مسألة وقت سعيدة لقراري بعيدا عن البيت ،ال يدري إلى أين ستحمله الخطوات ،تك تاك ..بين الصمت والكالم يضيع الصدى وترتبك الحواس صوت الساعة الحائطية يثقل رأسه وصوت الطبيب أيضا يرتفع به: • بمجرد حصولك على نتائج التحاليل سيُحْسَم ما يراودنا من شكوك بشأن مرضك. تك تاك يعود صوت الساعة الحائطية يطفو على صوت الطبيب. التستهن بما طلبه الطبيب منك ،أعرف أنك ال تحب الذهاب عنده ،رائحة الدواء تزعجك..لكن الصحة ياولدي تخون خطى الجسد فتسقطه« ،بْحال دْنيا». تك..تاك صوت األم يرتدي دقات الساعة الحائطية ،يرتفع ،يتسع ،على جدار الذاكرة يتكسر.. السيجارة هي الحل ،يهمس لنفسه وهو يقترب من بائع «ديتاي».. «جوجْ ما ْلبورو ،اهلل يخليك» مستعجال ،وبدون استئذان ،يتناول والعة البائع ،بيدين مرتجفتين يشعل سيجارة المالبورو ،بشراهة ،يسحب أنفاسها وكأنه يستعد للغطس بمياه عميقة ..ثم يخرجها دخانا كثيفا من فمه وأنفه. بين أنامله التي يزحف عليها االصفرار ،يمسك بإحكام ما تبقى من السيجارة ،ينظر إليها ،يمعن التأمل فيها ،إنها تذكره بنفسه.. السيجارة تقتل..يردد العبارة ساخرا ويضيف متمتما ..كيف تقتل السيجارة ميتا؟! أْ فلمُت إذا ،الموت يقلص عمر الخسارات ،ويقطع الطريق أمام القادم من الخيبات .. تبا لي ،أردد ذلك و أحب الحياة ! كرات ثلج نحن ،نتدحرج ،يكبر حجمنا عند كل محطة من محطات الحياة.. إلى أين؟ ،إلى متى؟ وهل سيكون االصطدام هو المصير. أم ستفاجئنا أشعة شمس دافئة؟ يده تنقب عن الفرح والعين شاردة! الهروب يحوم به في دائرة مغلقة ،يعود به إلى نقطة االنطالق حيث بدأت المتاهة في نسج خيوطها .. يعلم من طبيبه الخاص أن الموت في جسده واضح المعالم ،وهو إلى نهاية قريبة يتجه ،يجهل حجم ذلك الزحف ،لكن ما ال يشوبه شك – حسب قول الطبيب – أن حياته أصبحت قصيرة جدا بأجندة األيام.. شعور قوي يلح على تواجد صديق بجانبه ،تك..تاك صوت الحيرة يعيد إلى رأسه تكات الساعة الحائطية.. كيف يكون صديقا ألحد وهو لنفسه عدو؟..! فالطيور ال تحط على األغصان اآليلة للسقوط! يراوده التساؤل وضجيج كاإلعصار يقتحم تفكيره المزدحم يعود إلى السيجارة ،يحول ما تبقى برئتيها من أنفاس إلى رماد.. للرماد طريقته الخاصة في التذكير بالموت ،على متن الريح يفضل السفر ،يحط على سطح األشياء ويذكرها بما تحمل من أعماق.. .بعد موتي أحب أن تحرق جثتي ،كما يفعل الهندوس بموتاهم.. بدل أن أدفن في التراب ويلتهمني الدود ،أريد من النار أن تلتهمني وتحولني إلى رماد ،وليس إلى جثة نصف مفحمة تطفو على نهر مقدس.. في وصيتي سأشير إلى هذا القرار ملِحّا ومصِرا ،ثم يُحمل رمادي إلى قمة طبقال حيث سيطلق سراحه وينوب عني في تحقيق أمنيتي في التحليق بهذا المكان ،رفقة الطيور الجارحة ،فأصبح عنقاء تبعث من رماد موتها ،وأذكر من أخطأهم الموت ،أن األحالم التشيخ ،ال تمرض وال تموت ،في وصيتي التي سأكتبها ،سأوصي بأن ال يرافق جثتي إلى المحرقة إال أشخاص ثالثة ،أمي، أختي ،وصديقي وحيد ..هؤالء هم من تبقوا له بعدما أسقط الكثير من عيون القلب ليكنسهم بالنسيان.. طالئع دموع ساخنة تطل من عينيه ،يحول اتجاهها ويجبرها على الصعود ،يريد مما به من ألم أن يكون بارعا مترفعا عما يحوم حوله من شفقة..ليبقى الهروب منه إليه آخر الحصون اآلمنة ..تحميه من خوف دورَ الموت يتقمص القلب ،يكنسه النسيان..ما يسقط من عيون القلب ،يكنسه النسيان..
الثالثـاء 26نوفمرب�إلى 05دي�سمرب 2019
11
رَغ ُ ْ وَة الزّمرُّدِ محمد بودويك اِ مر� ٌأة تخرج عاريةً ُ الغمو�ض لذيذ َة ِ كعيني ِخ ْ�ش ٍف حتت ْ الر ؤوم، � ر ع ر الع �شجر َ ْ َ ِ َّ ِ أول النَّ ديف، ِ كالثلج يف � ِ التكوين. كبدايات الن�ش� ِأة َو ِ ِ َت ْ خ ُر ُج، ً با ًة ر�شيقة ُم رْ َ الزبد يغ�سل ك�أنها ُ �شاطيء أقدام � ٍ َ مهجور. دائي ِب ِ ٍّ ً بغتة، ال�سهم، أنها � ك ُ ُ ينطلق من : ودان منحوتات ُر ِ ْ ح ْدب ًا، ها ع �س الذي � ْأو َ َ َ ح َّرى َو َب َّل َلها �أنفا�سا َ َ ميل وعناية �إزْ ٍ حمموم، عا�شق ٍ ٍ َ ُق َّد ِم ْن َ أ�شياء، ال �ش ْي ِء ال ِ ِم ْن ُن َ أنامل، ط ِف ال ِ َو ُن ْ�سغ َّ مان. الال َز ِ َ تلك املر� ُأة ،ليِ . هي ما ْ ا�ش َت َه ُ يت. َ ِه َي َما َ ي ُّ �ضني. ظ َّل مُ ِ �صى ا�س َت ْع َ ِه َي ما ْ على لغتي،
يدي من قلة التحية �أ�صبحت ثقيلة . -------ياه كم �صرت بعيدا عن املطبخ . -؛------هذا العامل كبري جدا لكنني �أراه كامال يف ال�شا�شة . ---------من �شدة العزلة �أم�سيت �أ�صغي لأنني الثالجة . ---------وما بها ترمقني بن�صف عني �ساعة اجلدار . --------وما الذي يخططه ال�صنبور يف غياب �إبريق ال�شاي . ---------حتى �أنت �أيتها الأقدام ت�ساومينني يف رحلتي �صوب ال�سرير . ---------هذا نوع �سيء من العزلة وما �أخ�شاه �أن ميوت ب�سببي ع�صفور جر�س الباب . .
ف�أنقذين ُ ودان املل ِْه ُم ُر ْ �ضاي ـ ـ عليه ِر ْ خالل �إحدى ُعزْ َ التي، اد ٌر َ�س ٍاه َ ال ٍه، َو�أنا َ�س ِ �أُ َ خ ِّو ُ املادة، عجني �ض يف ِ ِ َ َ املحفوظ، اللوح فوق ْقر ِ َو�أن ُ ِ يف جاروري ُ توا َر ِث، امل َ الق�صب ُ امل َف َّدى بالقلم ـ ِ الذي علقته ـ َز َمن ًا - اهيتي، َ ح ْول َم َّ ً َ يمة ت ِقيني العنيَ ، مَت َ وترفعني �إلى �أعلى حتى �أرى؛ فالر� ُ ؤية ُ ُ تقول �أ ّمي، كانت َ�ش ٌّر فيما ْ َ باملحبة، َو َل ْو َد َّث ْرتها ِ لة، َو الب�س َم ِ ْ َو َ طيط. الغ ِ ....................... ــ ُا ْد ُخلي، �أيتها املر� ُأة، داري، َم ِ َو ْ اط ُر ِقي ُ�س ُبلي. َ�س َ�أ ْ ح َي ْي ُت، خ ِد ُم ِك َما َ َو َما َف ُ �ض َل ِم ْن ُع ُمـري.
نوع سيء من العزلة حميد عالم
الشمال الثقافي
العدد 1021
الثالثـاء 26نوفمرب�إلى 05دي�سمرب 2019
12
أشعار من دفتر ياباني
قصائد
(ق�صائد هايكو)
نهى الموساوي بيروت /لبنان من حتوّ الت اجل�سد
قصائد
()1 كل هذا ّ هذا احلرير املن�سي من �أين له ّ ال�شجن...؟ ال�صخري... هذه احلوا�س املتك�سرة على ال�ضلع ّ ّ كيف يتالعب بها احللم على هام�ش امل�شهد ...؟ ُ العمر املنذورُ ّ للناي. ي�شهق الريح، ُ مع ّ ّ ّ هفة، آلف مع يت ُ نحيب الل ِ الروح املت� ِ ن�صل ّ كىء على ِ ِ املتكاثف، العبث حدود وعلى ِ ِ ِ ُ تنزف �أ�صابعُ الوله َ طيف عني جائرة. يف غرف الفقد منتظرة الر�ؤية، جائرة ّ جائرة ال ّلهفة، قاتلة املعنى ّ �صويف ال ّ يغني يف وجد ملعارجَ �أبعد من اجل�سد. حب واحدة يف زهرة ّ يتج ّلى اهلل لعابده ّ فالزهرة تنبت يف قلب اهلل، ويف قلب امر�أة ال تعرف � ْأن تغفو اال يف ح�ضن حبيب رمادا ّ مت ً يقتلها وت�صري ً حدا يف رحلة عودة الى اهلل. ّ يحدثني املاء ُ إ�شارات متيط اخلوف، عن � ٍ ّ ال�صبا نبي غري �آثم يورّ د خد ّ عن ّ يُ دخلني حرمَ ه ّ املقد�س. ينظف حجرات ّ م�سك ّ ال�شجن عن ٍ الهال يف �أحداق الفجر. كعبق ِ ِ َ مت�س ر ّنة �إبتهايل يف �آخر بيت، عن ق�صائد مرمريّ ٍة ُّ ّ َ بنبيذ ريح تنقعُ العجني ٍ عن كف ٍ َ خجل الغواية ي�ستدرجُ ّ للإلتحاق برق�صات اللذة. ** ()2 يُ ّ حدثني عن �إ�شارات خ�ضراء، ج�سد دوائر على ًا ب رط تتقاطر ُ ٍ م� ّؤزر بحبّ ات املواويل. عن �سرير يبيت ملء البيا�ض �أغان م�ستدرجا كرنفاالت مرتفة بجنونه. ً ُ ال�سفر عن ف�ساتني حترتف ّ على م�سامات جلده. ** �أيّ ها املاء ب�سر مَ ْن ع ّلمك �أحجيته ّ ّ ال�سر جذف يف مراي ّ بخفة ّ واحم ْله ّ ال�ضوء .. ْ وكن خال�ص ترابيّ تي الداكنة.
ق�صيدة الهواء الهواء جناح طائر حزين يحلق يف الأعايل م�سرعا وال يكرتث بالعوا�صف ... *** الهواء خفقة قلب عا�شق حني يرى طيف احلبيبة ولو يف املنام ... *** الهواء �أحالم يقظة تخرتق ر�أ�س �شاعر م�ضى عليه الزمن ... *** الهواء رق�صة البجع يف �ضفاف البحريات على نغمات ناي �سحري *** الهواء ابت�سامة طفلة ترق�ص خفية عن �أمها على مو�سيقى املذياع *** الهواء حلظة تفكري لرجل مي�شي متكئا على عكاز عتيق ... *** الهواء �أغنية ع�صفور يريد �سماع �صوته يف عنان ال�سماء ...
*** الهواء تلويحة عا�شق يركب �سفينة الوداع وال يتلفت وراءه ... *** الهواء �صيحة الديك وهو ينتظر بزوغ ال�شم�س من وراء اجلبال ... *** الهواء م�شية الطاوو�س حني يريد �إغواء �أنثاه بكربياء الفحولة ... *** الهواء حكاية عابر �سبيل منقو�شة على حجر الطريق دون �أن يقر�أها املارة ... *** الهواء امتداد روحي يف ج�سدين يعي�شان يف غرام ... *** الهواء خفقة قلب عا�شق الهواء ترنيمة ناي �سحري الهواء غاية يف ذاته *** الهواء حكاية �شعرية الفل�سفة فيها حا�ضرة واخليال حملق
نور الدين محقق ب�أجنحة ... *** الهواء كتاب بال �أوراق الهواء �شجر �أخ�ضر الهواء ع�شق عابر للأزمنة *** الهواء ال مكان الهواء ال زمان الهواء �أبدية بينهما ... *** الهواء ق�صيدة مبهمة الغمو�ض مق�صود فيها واملعنى ال وجود له ... *** الهواء نبع مائي ي�أتي من حيث ال ندري ويذهب �إلى حيث ي�شاء ... *** الهواء بداية احلياة الهواء ن�سيم الروح والهواء �أنت حني ترق�صني ... *** الهواء حتية من بعيد الهواء لطف امر�أة وهي تعرب طريق الع�شق ... *** الهواء كلمات ال ترى
نح�س بها كلما م�شينا يف �أدراج احلياة ... *** الهواء �سكنية الروح حني تغادر اجل�سد باكية على فراق ... *** الهواء ماء �سحري الهواء نبات روحي الهواء �أر�ض �سماوية *** الهواء عبور الهواء مرور والهواء و�شم الذاكرة *** الهواء كتابة بالإبر الهواء حمو م�ستمر لكل احلروف ... *** الهواء فل�سفة الفكر فيها �شقي واجل�سد مر�آة *** الهواء حلم يقظة النائم ي�ستمتع به وامل�ستيقظ ي�سعى لت�أويله ... *** الهواء هذه الكلمات التي تقر�أها الآن و�أنت ال تعرف كاتبها
العدد 1021
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
13
أن تجالس األستاذة والمناضلة رشيدة بنمسعود ،فتلك فرصة لإلنصات لبوح بمسار مزدوج يتداخل فيه عشق السياسي والثقافي ،هما عندها توأم يحدد معالم شخصيتها.. وحضور هذا التوأم ،لم يوجد صدفة ،بل ولد معها منذ خطواتها األولى بفضاءات القصر لكبير بعبقه التاريخي ورمزية فضاءاته ،وعبر رحلتها في الحياة وعبر محطات مختلفة من فاس وباريس وغيرها من األماكن ،ظل هذا التوأم يرسم كل ظاللها.. بوح رشيدة،يسافر بنا عبر الزمن ،ويمنحنا متعة المتابعة :
السياسي والثقافي في تجربة
رشيدة
بنمسعود * إعداد :يوسف سعدون
رشيدة والسياسي :
قبل أن أتحدث عن عالقتي بالسياسة ،البد أن أشير بإيجاز إلى السياق الذي تشكلت فيه مالمح ذاتيتي ،وكذا حلمي الذي كان بوصلة مساري السياسي والثقافي ،في هذا اإلطار أرى ضرورة االنطالق من الحضن األول أو اللبنة األولى لوعيي بذاتيتي والجماعة المحيطة بي ،كاألسرة أوال ،ثم ،المدينة ثانية ،األسرة لما تمثله من أدوار تربوية توجيهية، والمدينة لما تشغله من فضاء بمواصفات جغرافية ،تاريخية وثقافية، فعائلتي التي أنتمي إليها ،يحضرني في تبرير رمزية اسمها ،أنها كانت «يطرق بابها فجرا من طرف بعض السكان المتوجهين ألداء مناسك الحج ،فيلجؤون إلى طلب التبرك باالسم بحثا عن سعد يرافقهم عند الذهاب واإلياب لتأدية مناسك الحج . أعتز باالنتماء إلى عائلتي وبما أحاطتني به من عناية ،كي أكون ما أنا عليه ،وذلك بسبب اهتمامات بعض أفرادها بالمجال الثقافي السياسي ،والتي كانت الموجه األول لي ،لالهتمام بما يجري من أحداث محلية ووطنية ،سياسية واجتماعية ،نظرا النغماسهم في العمل الوطني قبل وبعد االستقالل .وعالقتي كذلك بوالدي ،رحمه موَجهة وحاسمة في توجيهي اهلل ،كانت ِ الشخصي ،ألنها كانت مبنية على الحوار والمذاكرة الناصحة ،محفزة إياي على اتخاذ المبادرة الهادفة في الوقت المناسب، واالعتماد على قدرات الذات والحرص على التعلم إلي اللحد ،وكان لقرار والدي الحاسم، في مرحلة دقيقة من حياتي طعم خاص ،عند موافقته على متابعتي للدراسة العليا بفرنسا أواخر السبعينات من القرن الماضي ،خاصة وأن الوسط المحلي بمدينة(القصر الكبير) آنذاك ،لم يكن في تلك المرحلة يجازف بإرسال بناته إلى الخارج ،هكذا تحقق حلمي بمتابعة دراستي العليا بجامعة السربون بمدينة األنوار باريس ،كما كان لوالدتي (االستقاللية االنتماء) دور خاص ومميز في توجيهي ،من خالل تكرارها لنصيحتها التي مازلت أسترجعها لحد اللحظة» أنت أنا ،وال أريدك أن تكوني كما أرادوا لي أن أكون، أريدك أن تكوني أنا بشكل مغاير ،لن أعلمك اإلمساك باإلبرة والسكين ،لن اترك البصل يدمع عينيك ،في عيد ميالدك ،سأهديك قلما كي تكتبين اسمي ،وهويتي التي ال أعرف تركيب أحرفها «. ال شك أن أجواء المناخ الثقافي والسياسي للحركة الوطنية الذي تشبع به أفراد أسرتي، قد انعكس إيجابا على تربيتي ،وكذا على بنات جيلي في ما مرحلة ما بعد االستقالل. وفي أوائل الستينات من القرن الماضي ،حدث أن عرفت مدينة القصر الكبير زيارة قام بها الشاعر الكبير نزار قباني ،وألقى قصائده الرومانسية من على خشبة سينما بيريس كالدوس التي لم يعد لها وجود إال في الذاكرة المحلية ،استمتعت بانبهار طفولي إلى أشعاره، ولم يبق منها في ذاكرتي سوى جملة شاردة ،استنفرت أفق انتظاري، «مدينتكم قصر من قصور ألف ليلة وليلة» .يومها ضيعتني العبارة، وتملكني عشق اللوكوس وصارت أحالمي تعلو على سور «الجامع األعظم» .إن مدينة القصر الكبير العريقة ،تاريخا وثقافة ومعقال لمقاومة لالحتالل االسباني ،عرَفت العديد من األحداث التي كان لها الدور الكبير في انجذابي بعفوية بريئة إلى خوض مغامرة االنتماء إلى االختيار السياسي ،مثل :مظاهـرات التالميـذ سنـة 1965التي وصلنا صداها. من العاصمة االقتصادية فجرت هذه األحداث في خاطري السؤال الذي اتسعت مداراته مع توالي سلسلة من األحداث المفصلية ،اختطاف المهدي بن بركة سنة
،1965الهزيمة العربية سنة ،1967الطرود الملغومة التي استهدفت بعض قادة األحزاب :عمر بنجلون ،محمد اليازغي ،ومحمد الدويري .وفي كلية اآلداب ظهر المهراز بفاس ،حيث كنت أتابع دراستي الجامعية أوائل السبعينات من القرن الماضي ،وجدت نفسي مع مجموعة من الزمالء الطلبة في خضم أوج العمل النضالي ،ألن مناخ السبعينات في ظهر المهراز كان يجعل كل الطلبة تقريبا عبارة عن كائنات سياسية بامتياز ،فاخترت أن أنتمي وأناصر فصيل الشبيبة االتحادية ،المنضوية في إطار االتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي كان المدرسة التي علمتني أبجدية المشاركة الفعلية في الشأن العام ،وعندما انتقلت إلى باريس سنة 1976-1977وفي إطار فيدرالية أوروبا الغربية للطلبة االتحاديين اتخذت قرار االنخراط في التنظيم الحزبي ضمن خلية المهدي بن بركة
الحصري القيرواني ،وكثير من أسماء سلسلة «أعالم العرب» ،وعديد من الكتب األخرى ،التي كانت تؤثث خزانة عمي ،و كنت أستفيد منها. وفي كلية اآلداب ،ظهر المهراز ،انصهر طموحي بحُرقة السؤال الذي تكاثر وتناسل ،فبدأت مالمح مشروع ثقافي تسكنني ،وفي باريس أثناء متابعة دراستي العليا ،كانت محاضرات النقاد الكبار ،أمثال روالند بارت، كريماس ،وتودوروف ،وأندري ميكيل ،التي واظبت على حضورها بمثابة «مادلين بروست» التي أعادتني إلى أجواء دروس قديمة حول ابن قتيبة واالمدي والجرجاني ،فبدأت أنفتح على بوابة معرفية جديدة ،تغريني بالكتابة ،فامتطيت ناصية الكالم بممارسة سلطة الكلمة في مجال النقد األدبي ،الذي يميل إلى تمجيد الفحولة الثقافية باعتبارها قيمة مهيمنة و مركزية ،فالكتابة بالنسبة لى شيء مقدس ،والنشر يغريني، بقدر ما يصيبني بالرهبة ،من هنا انطلق مشروعي الثقافي الذي تشكل فيه الكتابة النسائية وسؤال الخصوصية واالختالف ،الركن األساس واألطروحة المركزية التي قاربتها في كتابي األول من زاوية نقدية جديدة ،ولقد ثمن مشروعي النقدي ،أساتذة أجالء ،كالدكتور حسن المنيعي والدكتورة مارلين نصر والدكتور الناقد معجب الزهراني الذي بَوَأني صفة الريادة في مقالة نقدية بعنوان « الرواية النسائية والخطاب الثقافي الجديد» يقول فيها « ....فالكتاب وصاحبته مستحقان لصفة الريادة في السياق العربي حسبما أظن» .واستمررت في نهج هذا االتجاه الواسع ،الذي طريقه صعب ،لكنه ال يخلوا من لذة االندهاش والكشف اإلبداعي.
جدليـــة الثقــافـي والسياســي في تجربة رشيدة:
في مرحلة كانت تتسم بحدة الصدام السياسي لما سيعرف الحقا بزمن الرصاص والقمع المنظم ،والتي لم يكن فيها اختيار العمل السياسي باعتباره مجرد ترف سياسي.
رشيدة والثقافة:
بخصوص عالقتي بالفعل الثقافي ،أؤكد على ما سبق اإلشارة إليه،المتمثل أساسا في حرص والدي على أن أتابع دراستي العليا .ولقد كان لوالدي ،رحمه اهلل ،دور حاسم في بلورة حلم معانقة الفعل الثقافي عن طريق وصولي إلى الجامعة في الداخل والخارج ،ومنذ التحاقي بدار «الفقيهة» العتبة األولى التي طوحت بي في متاهة الحرف ،الذي قادني إلى عوالم سحرية ،بعدها تعددت العتبات وتناسلت ،ففي ابتدائية سيدي أبو أحمد بمدينة القصر الكبير ،استوى القلم بين أناملي ،وفي ثانوية المحمدي ،استأنست بمالمسة األسفار ،مبتهجة بغواية الحبر المنساب على بياض الصفحة الصقيلة ،و ِبنَهم طفولي تصفحت العديد من الكتب وأنا دون مستوى إدراك فحواها وفك رموزها ،مثل «العقد الفريد» البن عبد ربه األندلسي ،وكتاب «زهر االداب وثمر األلباب» ألبي إسحاق
عن جدلية الثقافي والسياسي في تجربتي المتواضعة ومآلي لما يجب أن أكون عليه ،تجدر اإلشارة ،أن التمييز في تلك المرحلة بين السياسي والثقافي ،لم يكن سؤاال واعيا ،فأنا لم أكن أمام حماس الفعل السياسي أميز بين أسبقية الوعي الفكري والممارسة السياسية ،فهل الوعي بضرورة ممارسة االلتزام السياسي هو ما حفزني على تعميق وإغناء وعيي بأهمية المكون الثقافي ،أم العكس هو الصحيــح؟ في هذا السيـاق يمكن القول إن العالقة بين السياسي والثقافي بخصوص تجربتي الشخصية ،كانت عالقة متوازنة ومتداخلة ومركبة. خصوصا عندما نفهم الثقافي في معناه الشمولي العام ،كرؤية بصيرة لليومي وللحياة وللعالم ،ألن دور الثقافة يساعد على إدراك مضمرات بعض األحداث والوقائع الكبرى ،وفهم بعض التجارب الحياتية بعد أخذ مسافة تأملية عنها ،واالسترشاد بها في تجربتنا السياسية الخاصة ،من جهة ثانية، إن للمكون الثقافي أحيانا ،تأثير في توجيه قراءتنا، وما يمكن تسجيله حاضرا ،بخصوص المشهد السياسي المغربي ،أنه يعاني من محدودية في االجتهاد الفكري واإلبداع الثقافي ،بسبب واقع االنفصال الحاصل بين الفاعل السياسي والمثقف ،الذي عرف بدوره تعددا في أدواره واتساعا في وظائفه الثقافية. إن الفعل الثقافي ،في مجال القراءة على سبيل المثال ،يجعل من مداومة قراءة األعمال األدبية العظيمة واالستمتاع بلذة القصائد الباذخة ،يساهم في أنسنة وتخليق سلوكنا واالرتقاء بخطابنا ومواقفنا السياسية ،التي أصبحت تتطلب تجديدا لوعينا الفكري من اجل إغناء الممارسة السياسية التي أصبح خطابها يعاني القدر الكبير من النفور والفتور وتخشب اللغة ،وال يمكن تخليصه بما علق به من مطبات منيعة ،أدت إلى فقدان الثقة في وظيفة الفاعل السياسي ،وبإيجاز أعتقد أن ممارسة الفعل السياسي واالستلذاذ بمتعة القراءة والكتابة، ال يختلفان من حيث الدرجة والنوع ،فإذا كانت السياسة بما تمثله من إقامة في الحاضر وتفاعل مع اآلني واللحظي ،فإن الثقافة باستشرافها للمستقبل ،تشكل الخلفية المعرفية والمهاد الفكري لكل فعل سياسي واعد ومتجدد.
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
العدد 1021
�أعالم ال�شمال : من
14
الزجال “مالك بنونة” وسيرة حياته • بقلم :الدكتور يوسف الحزيمري
بأعلى هضبة من حي الطويلع وبمنزله كرمة شيخ الجبل( )1حيث تطوان على مرمى النظر التقينا بالزجال التطواني مالك بنونة الذي استقبلنا بأبيات زجلية قائال: أنا بياع الحروف مابين الوراق متلوف بالشياطين ( )2محفوف وعلى الفصول نطوف جلسنا معه بغرض النبش في ذاكرته التي ال تنضب ،ذاكرة مزدوجة ،تحمل ذكريات والده امحمد بنونة( ،)3وذكرياته هو ،الينتظر منك سؤاال ليتكلم ،بل الكالم يسري منه بعفوية ،منتقال بك بين أحداث سياسية ال تجدها عند غيره ،وبين فوائد لغوية وأدبية وشعرية فصيحة وزجلية ،وما بين سؤال وجواب أطلعنا الزجال مالك بنونة على سيرته الذاتية.
عائلة “بنونة”(:)4
جاء في معلمة المغرب”:بنونة ،أسرة نابهة توجد في فاس وتطوان والرباط وغيرها، قال عنها األستاذ الطيب بنونة التطواني ”:التوجد عندنا وثائق تاريخية في شأنه ـ النسب ـ وإن كان المرحوم الحاج عبد السالم بنونة قد وقف على شهادة تثبت انتسابهم إلى شخصية عربية إسالمية شهيرة ،لكنه زهد في اقتنائها من الشخص الجزائري الذي أطلعه عليها وحاول أن يستفيد من هذه الفرصة ماديا ،ونحن نأبى أن ندعي هذا االنتساب دون أن تكون تحت يدنا حجة ،ونكتفي بحمد اهلل باالنتساب إألى أسرة مسلمة وكل ما هو ثابت عندنا أن عائلة بنونة كانت في األندلس” (.)5 وفي مقال حول العائالت البلدية منشور بجريدة المساء لسنة 2013مَ ، و”تنطق أيضا «ابن نونة» ،هو اسم مؤنّث قد يكون تصغيرا السم «أمينة» .كما تطلق لفظة «نونة» على أسارير الجمال التي تقع على الخد أو الذقن ،وفق التفسير الذي قدّمه عبد السالم بن نونة لشكيب أرسالن .كما ّ أن ابن نون هو االسم التلمودي للنبي يوسف في التوراة.. وعموماّ ، فإن بنونة هي فخذة لقبيلة «كزناية» .هي عائلة من أصل أندلسيّ ،هاجرت إلى تلمسان ،حيث توجد مقبرة العائلة بجانب ضريح سيدي بومدين ،وفي المقابل ّ فإن المؤرخ ابن زيدان أدرج آل بنونة ضمن «بلديّي» مكناس ،بذكره جماعة الحاج إبراهيم بن عبد اهلل بنونة ،التي تحدّر منها العديد من الفقهاء والمُحَدّثين .وقد توزعت عائلة بنونة على العديد من ّ الشُعَب في الحاضرة اإلدريسية فاس ،حسب عبد الكبير الكتاني ،مثل أهل درب الحمام ،أهل راسْ الجنان ،وأوالدْ الحرنيط ..كما ظهر بين أعالم العائلة متصوفة ،مثل عبد السالم بن عبد القادر بنونة ،مريد الشّيخ العربي الدرقاوي وسيدي علي جمل عمراني. احترف بعض أعالم العائلة األنشطة التجارية في كل من مدن خنيفرة وتازة ومكناس ،وصوال حتى السنغال .كما نشط محمد الحاج بنونة في أعمال الوساطة التجارية في جبل طارق بتكليفٍ من السلطان الذي عيّنه ممثال له حتى وفاته سنة 1898م 1316 -ه ،وشغل آل بنونة مناصب مهمّة في إدارة المخزن ،مثل محمد ابن عزوز بنونة ،الذي عمل أمينا للجمارك في عهد السلطانين سيدي محمد بن عبد الرحمان وموالي الحسن األول .وتبقى أهمّ الشخصيات التي انتمت إلى هذه األسرة في المغرب الحديث هي شخصية الوطني الحاج عبد السالم بنونة ،المتوفى في «الرّوندة» سنة 1935م 1353 -هـ (.)6 وفي كتاب “عائالت تطوان” لمحمد داود ورد ما يلي”: عائلة بنونة أصلها من مدينة فاس ،وتوجد اآلن بتطوان ثالثة فروع وكلها تجتمع في أصل واحد هو عبد الواحد بنونة الفاسي ،والجد الوارد على تطوان من فاس هو الجد األعلى للفروع المذكورة وهو الفقيه السيد الحاج محمد فتحا بن عبد الواحد بنونة ،ونظن أنه قدم تطوان قبل سنة 1150هـ” (.)7 ومن إحدى هذه الفروع الثالثة انحدر مترجمنا مالك بنونة.
وبذلك قدم ذ .مالك للمعنيين باآللة دارسين وهواة نسخة فريدة محررة من كنانيش الحايك ،تولت نشره أكاديمية المملكة المغربية” ( ،)9كما له تحقيق بعض مخطوطات الحايك كما أفادنيه األستاذ “المهدي الشعشوع” إضافة إلى هذا العمل قام الباحث مالك بنونة بدراسة الفكر الصوفي المقارن لكناش الحايك ،من خالل طرر العلماء على الكناش سماه “المنتقى المديحي من صنائع الموسيقى األندلسية المغربية” طبع بمطبعة تطوان وقدم له صاحبها الدكتور حسن الوراكلي رحمه اهلل قائال“ :وحدد األستاذ مالك عمله في المنتقى بجمع (طرر نسخ الحايك على صنعة ما من المديح التي وردت بجانب الصنائع التغزلية) معتمدا في ذلك على ما وقع له من نسخ الحايك مثل نسخة السيار الطنجي، وابن منصور ،وبنجلون... وال بد كذلك من التنويه بما ذيل به األستاذ مالك عمله من فهارس شمل بها أشعار الطبوع بمقدمات النوبات وقوافي األشعار والموشحات واألزجال متوجا إياها بفهرسة عامة مستوعبة بالغة الفائدة” (.)10 وقد قام بإنجاز دراسة على “صنعة الغناء األندلسي” من ثالثة أجزاء يشمل قسم الشعر، وقسم التوشيح ،وقسم الزجل ،لم يطبع. كما قام بعمل فهرسة مقارنة بين المدرسة المغربية ومدرسة الغناء الغرناطي بالجزائر ومدرسة المالوف بتونس لم يطبع بعد. وقام بتحقيق كتاب “الروضة الغناء في أصول الغناء” لمجهول عن ثالث نسخ من المغرب وتونس وإسبانيا ،قدمه لمنظمة اإليسيسكو ولم يتلق جوابا إلى اآلن. وقام هو ومصطفى منجد بهجت من الموصل بجمع أشعار الرحالة ابن جبير ،وقد اطلعت عليه وهو في غاية الجودة واللطف. كما لزجالنا مالك بنونة عدة مقاالت منتظمة بمجلة دعوة الحق المغربية ومقاالت أخرى بغيرها من المجالت.
تجربته الزجلية :
عن تجربته الزجلية أخبرنا أن والده قد ترك بصمة كبيرة على تجربته فقد كان بالنسبة له صديقا حميما ،وكان يطلعه على قصائده الزجلية فيطلب منه أن يراجعها دون أن يشير عليه بمواضع الخطأ حيث كان يقول له أن الفنان ينبغي أن يشعر بالنقص منه وفيه ،وقد قام والده بتسجيل قطعة من زجله بصوته مسماة (غلطة) ،وأيضا كانت له عالقة وطيدة بالزجال حسن المفتي الذي كان يطلب منه كلما التقى به أن يقرأ عليه آخر قصائده ،وكان يقول له ال نعرف أأنت زجال من هذا العصر أو من العصر الماضي. ولزجالنا مالك بنونة حضور كبير في المشهد الزجلي بالمغرب عامة وبمدينة تطوان خاصة ،حيث شارك في العديد من الملتقيات والمهرجانات الوطنية والمحلية. وعن كتابته الشعرية أخبرنا أن تجربته تطورت إلى الشعر العمودي والموشحات حيث أنجز لحد الساعة إثنى عشر موشحة ،كما يكتب الشعر باللغة اإلسبانية. ولما سألناه عن ديوانه الزجلي ولمَ لمْ يخرجه للجمهور حتى اآلن ،أخبرنا أن ديوانه مجموع لكنه مبعثر يحتاج إلى التنسيق واإلعداد للنشر ،وجملة ما أنتجه يتوزع إلى القسم العربي عمودي وموشحات وأشعار نثرية ،وقسم زجلي ،وثالث باللغة اإلسبانية. ومن قصائده الزجلية“ :أنا مزاوك” و”أموالتي اللة حن عليا” و”هلل هلل براك” و”في كيفارط” ،و”أنا في عارك” و”الطوبيس”وغيرها.... ومنها سداسية الحضارة التي قرأها علينا بمكتبته العامرة وهي: هذا ّ مقطع وهذا مربول وهذا عامل روحه مهبول وهذا خ ّال اشعارو يطول ورجعت سيفته فحال الغول وهذا لسانو في الناس يطول ماشي ابهادو بناو الناس الحضارة هذاك شكله فحال المسمار خارج مرعوب هربان من الدار
مولده ونشأته :
هو مالك بن امحمد بنونة من مواليد مدينة تطوان شهر ماي سنة 1939م تلقى تعليمه األولي بالمدرسة الخيرية محمد الخامس ومنها نال شهادته اإلبتدائية ،وعن التعليم التقليدي أخبرنا أنه لم ينتظم فيه بصورة منتظمة حيث كان والده حريصا على تدريس أبنائه بالمدارس التابعة للحركة الوطنية المغربية ،انتقل بعدها إلى التعليم األصيل بالمعهد الديني الذي كان يشرف عليه التهامي الوزاني لينتقل بعدها إلى المعهد الرسمي (ثانوية القاضي عياض حاليا) حيث مكث فيه إلى الثانية ثانوي حيث تابع دراسته بثانوية الشويخ بدولة الكويت بواسطة صديق والده آنذاك “جابر الصباح” لينال من هناك شهادته الثانوية ،وسوف يعود إلى المغرب بسبب إصابته بالمالريا ،حيث سينتظم بعدها بكلية القانون شعبة العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط عام 1961م ،ولما تم فتح فرع كلية التربية بالدار البيضاء باتفاق بين المغرب ودولة العراق سينتقل إلى هذه الكلية حيث سيجتاز إمتحانها بنجاح وامتحان آخر بالمدرسة العليا لألساتذة ليعود بعدها إلى تطوان لمالزمة والده المريض وقتئذ.
وظائفه :
كان تعيينه بمدينة الدار البيضاء ،ثم استفاد من االنتقال إلى مدينة تطوان ليعين بثانوية القاضي ابن العربي للتعليم األصيل ،وبقي فيها إلى أن جاءه تعيين االنتقال إلى دار الثقافة بتطوان ،وبقي فيها إلى أن انتقل بعدها إلى المتحف التقليدي بباب العقلة (المتحف االثنوغرافي). وبقي موظفا في المتحف إلى أن أطلعه “محمد بلمليح” بأن األكاديمية المغربية مشرفة على إخراج “كناش الحايك” فكتب تقريرا ودفعه إلى الديوان الملكي واألكاديمية ،فكان النجاح من حليفه حيث كلف من قبل الحسن الثاني رحمه اهلل بتحقيق النسخة ،فكان عمله هذا هو الباب الذي دخل منه إلى األكاديمية التي سيظل خبيرا بها إلى أن ينال تقاعده.
أعمالـه :
الزجال مالك بنونة باحث متفرد في مجاله يهتم بالشعر والغناء األندلسي وما صنفه وأنجزه من مؤلفات تشهد بذلك، فقد قام بتحقيق “كناش الحايك” لمؤلفه أبو عبد اهلل محمد بن الحسين التطواني األندلسي مراجعة :عباس الجراري وقد طبعته األكاديمية المغربية ،وقد أخبرني( )8األستاذ مالك بنونة أنه قد عثر على النسخة التطوانية أخيرا حيث توصل بنسخة مصورة عنها من إسبانيا وهي نسخة بقلم الفقيه محمد بوعسل التطواني وقد قام بتحقيقه وسينشر في القريب. يقول عنه الدكتور حسن الوراكلي رحمه اهلل“ :واألستاذ مالك له الفضل في تحقيق كتاب “الكناش” لصاحبه محمد بن الحسين الحائك (ق 12هـ) الذي جمع فيه صنائع اآللة المتداولة في عصره من أشعار وموشحات وأزجال وبراويل أندلسية ومغربية وتدوينها حسب نوباتها اإلحدى عشرة وموازينها المعروفة.
ايبرح ويقول اعيا يصبار وهو يحصد األرض منكر يخلي مراتو في النسا يختار ماشي بهادو بناو الناس الحضارة انتهينا من الحديث مع الزجال مالك بنونة على أمل لقاء آخر معه نغوص في أزجاله وأشعاره ،حيث ودعنا قائال بأن داره ترحب بمن يحبها وهي تعرف من يحبها ،وبصورة من شرفة بيته المطلة على سهل مرتيل ودعناه على أمل لقاء آخر. الهوامش: شيخ الجبل هو اإلسم المستعار الذي كان والده امحمد بنونة يوقع به مقاالته متوريا بها عن أنظار اإلسبان واإلنجليز. الشياطين مقصود بهم األطفال الصغار كما في دارج كالمنا. امحمد بنونة صاحب كتاب “سفرتي إلى فاس” من منشورات جمعية تطاون أسمير. انظر :معلمة المغرب ،الزء الخامس ،ص1490 : معلمة المغرب ،الجزء الخامس ،إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة و النشر ،مطابع سال1413 ،هـ 1992م ،ص:
1ـ 2ـ 3ـ 4ـ 5ـ 1490 أهم العائالت «البلدية» ،مقال منشور بجريدة المساء بتاريخ 2013 – 06 - 03م. 6ـ عائالت تطوان ،لمحمد داود ،ص214 : 7ـ كناش الحايك .حققه األستاذ مالك بنونة وأصدرته أكاديمية المملكة المغربية ضمن منشوراتها 1419هـ 1999 -م. 8ـ وكان الدكتور عباس الجراري قد أشرف على هذا التحقيق وراجعه وقدم له ،نشر التقديم في كتابه “النغم المطرب بين األندلس والمغرب” ابتداء من صفحة ( 59منشورات النادي الجراري رقم 22-الرباط 1422هـ 2002 -م).انظر :كلمات تقديـم ،الجزء الثاني ،جمع وتقديم، حميدة الصائغ الجراري ،منشورات النادي الجراري ،-38- ،ص11 : المنتقى المديحي من صنائع الموسيقى األندلسية المغربية ،مالك بنونة ،مطبعة تطوان ،ص.11 : 9ـ 10ـ المنتقى المديحي من صنائع الموسيقى األندلسية المغربية ،مالك بنونة ،مطبعة تطوان ،ص.11 :
15
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
العدد 1021
موائدُ الحرفِ
(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)
بين دفتيّ هذا َ شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ الك ِ ُ ُ ونخيلـــة حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ، واللغـــة واألدب ،وهـــي ٌ وبـــاعــــث على لإلينــاس، تحقيقاتٍ وجواباتٍ ،وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة ِ َ ّ التروّح؛ َّ التنقــل بين وتستـــروحُ إلى النمط الواحدَ، ألن النفس تسأمُ ِ ِ ّ أفانين الكالم ..ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ، ِ ُ الوحشة ..واهلل الهادي إلى سواء السبيل. واستفرغتهُ
بقلم :قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ ٌ طريفة .90
.87فتوى يف العقيدة سُئلتُ :ما مصير أطفال الكفار الذين ماتوا صغاراً ،هل يلحقون بآبائهم في النار؟ فأجبتُ :حكم أطفال الكفار في الدنيا أنهم تبعٌ آلبائهم ،وبمنزلتهم في أحكام الشرع ،فال يغسلون وال يكفنون وال يُص ّلى عليهم وال يدفنون في مقابر المسلمين ،أما مصيرهم في اآلخرة فبيد اهلل تعالى، وهو أعلم بما كانوا عاملين كما قال النبي صلى اهلل عليه وسلم(.)1 وقد ذهب البيهقيُّ وجماع ٌة من المحققين إلى أنهم يُمتحنون في اآلخرة ،فمن أطاع اهلل تعالى دخل الجنة ،ومن عصى دخل النار ،ومن العلماء من قال (:إنهم خَدَمٌ ألهل الجنة) ،وال أصل لهذا القول كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في فتاويه ( ،)2والوارد فيه ضعيفٌ ال ينهض لالحتجاج. خبر صحيح والذي أقول به في هذه المسألة :أن القطع بمصير أطفال الكفار في اآلخرة يحتاج إلى ٍ ٍ صريح يتعيّن المصير إليه ،واهلل تعالى أعلم بحالهم ومآلهم. ٍ
ٌ فقهية . 88فائد ٌة
ذهب جمهور المالكية إلى أنه إذا تعارض كالم ابن رشد الجد وكالم اللخميُ ،قدّم كالم ابن رشد، وقد نصَّ ابن عرفة على هذه القاعدة ،وشدّد في مراعاتها ،والحطاب في(مواهب الجليل)( )3وغيرهما. لكن التنبكتي تعقب ابن عرفة بقوله( :الذي نقله ابن عرفة وإن كان له وجه ما إال أنه قد ال يوافق عليه، فقد مشى خليل في مختصره في مواضعَ عديدةٍ على كالم اللخمي دون ابن رشد ،مع وقوفه على كالمه في ذلك الموضعَّ .)4().. ولعل التنبكتيَّ رامَ تقييد القاعدة بأن كالم ابن رشد ال يقدَّم فيما تبيّن ضعفه فيه ،ورجحان كالم اللخمي عليه ،وهذا الوجه ارتضاه التسوليُّ في (البهجة في شرح التحفة)(.)5
.89فائدة �أدبية من أعمالي السردية المخطوطة مجموعة( :هديل تطوان :مقاطع من سيرة غير منسية) ،وقد ضمّنتها نتفاً من ذكريات الصبا والشباب ،وألواناً من عادات المدينة في األفراح واألتراح .وإليك المقطع األول من المجموعة بعنوان « :والد ٌة في أحضان الهديل»: َّ الجبلين بين الملفعةِ بجلبابها حضن الحاضرةِ المنظريَّةِ «في الحارسين.. ِ األبيض ،الرَّاقدةِ ِ ِ ِ ِ لثمتُ نورَ الحياةِ ..كانت أُمِّي ،يوم الوالدةِ ،تُغالبُ آالمَ الوضع بفرحةِ وفادةِ طفلها األوَّل ،وكان ِ ً هاربة من ديوانهِ األوَّل ..ليخلدَّ الذكرى بالنَّغم أبي يطاردُ قصيد ًة الشَّجيِّ الحُ ْل ِو ! وفي اليوم الثاني ِ ُ ُ َّ َّ أنيق رقيق: بمطلع )، مطيّةِ(الكامل على النور دنيا إلى ت وزُف لقانصِها، ة ريد الط / ة القصيد استسْ َلمتِ ِ ٍ ٍ أن قدْ باتَ لي ٌ جا َء البشيرُ مهنِّئاً ومباركاً إيايَّ ْ طفل قمَرْ ُ التَّفاصيل لحفل( العقيقةِ ) ،وتدعو لها الجارات والقريبات ،وعلى عينها تجري أما أمي فكانت ترتّب ِ الكبير ُة والصَّغير ُة ..وحين تفتَّحَ الوعيُ وشببتُ عن َّ وْق روتْ لي طرفاً من ذكرياتِ هذا الحفل ِ الط ِ ُ األندلسيَّة.. الذي اتَّسعت أكنافُ مائدتهِ ،وطابتْ أنغامهُ ُ األوَّل بمدينتي تطوان.. تآكلتْ أيامٌ وأيامٌ ..وفي حيِّ(االترنكات) كان لقائي ُ ُ ُ التراثيّة المعمار ،وصويحباتُها في هذا الدَّرب أو ذاك.. القديمة فدارُنا والجيران المنحدرون من سالالتٍ شريفةٍ ،أو أندلسيّةٍ ،أو ريفيّةٍ ..وبابُ التُّوت الذي يغري اسمهُ بالقطافِ ..وبابُ المقابر ال وشابَّاً ـ على عرصاتِ المدينةَِ .. ُ نوافذ أطللتُ منها ـ طف ً الذي يُشيَّع إليه الموتى عصراً: قبل أن أصبحَ متيَّماً بنافورتها الكبرى ،وأبوابها السَّبعةِ.. ُ كان يحلو لي دائماً ال ّلعبُ مع األقرانِ بساحة الفدَّان، وممارسة هوايةِ كرةِ القدم ،وليس واحدٌ منا يقدّرُ لهذه التُّحفةِ المعماريَّةِ رُوا َءها ونَسَبها األندلسيَّ! لكن عصا الحارس طاردتنا مرَّاتٍ ،ويدهُ مزَّقتْ الكر َة مرَّاتٍ ..فال نجد متسَّعاً الستئناف المباراة إال في ساحةٍ بباب المقابر ،وهناك الموتى ال َّ يتكلمون ،وال حارسَ للقبور !!».
األصل والنَّبعة ،وكان عميداً لكلية الشريعة حدّثني األستاذ الدكتور القرشي عبد الرحيم السودانيُّ ِ بجامعة الشارقة ،بأن عُمَّا ًال باشروا إصالح غرفة مكتبته ،فأزيحت الكتب عن الرفوف ،وحفظت في غرفة أخرى ،ولما انتهت أعمال الصِّيانة ،تولى العمال ترتيب الكتب في رفوفها بحسب ألوان األغلفة، فالمجلدات السوداء في جناح ،والمجلدات الحمراء في جناح ،...وكانوا بذلك مغتبطين ! ..
. 91فائدة تاريخية
من مراسالت الوالد التي ضمَّنها كتابه المخطوط (بيني وبين كتاب العصر) ،مراسل ٌة يتيمة بينه وبين مؤرخ العصر األديب الكاتب خير الدين الزركلي ،وهذا نصُّ رسالته: « الرباط في 12ذي الحجة 1380الموافق 13يونيو 1961 حضرة السيد محمد المنتصر الريسوني المحترم بعد التحية ،أشكركم على رسالتكم المؤرخة في 6يونيو الجاري ،وأخبركم بأن صورة الريسوني التي أوردتها في الجزء األول من كتابي « األعالم « كانت هي المعروفة بأنها صورته عند طبع الكتاب. وإذا تكرمتم مشكورين بإرسال ما ذكرتم أنه الصورة الحقيقية ،وأنتم أعلم بها ،فيمكنني استدراكها قريب إن شاء اهلل. في مستقبل ٍ وتفضلوا بقبول أطيب التحيات. خير الدين الزركلي سفير المملكة العربية السعودية بالمغرب. قلت :وقد أرسلت إليه الصورة الحقيقية لزعيم المنطقة الجبلية « الريسوني « ،وتم استدراكها في طبعة الحقة ،وتحتها شكر خاص للسيد الوالد.
.92حكمة من رائق شعر األخطل الصغير ،وهو داخل في باب الحكمة قوله: إذا أساءت إلى اآلداب مملك ٌة فاصبر عليها فقد قامت نواعيها وكأني بالرجل يريد القول :التجني على األدب واألدباء مؤذن بخراب العمران ،وهذا على السَّنن الخلدونيِّ في تتبع عوارض االجتماع ،وتنزيل األحكام على ِوزان ذلك.
ٌ لغوية .93فائد ٌة ّ يخطي بعض المصححين اللغويين استعمال لفظ (األولويات) ،ويرون أن الصواب هو( :األوليات)، فيقال ( :جاء ٌ فالن في أولية الناس ،أي :جاء في أولهم) ،وهذا تعنّتٌ يضيِّق واسعاً في أمر اللغة ،وقد وجد اللفظ دائراً عند أئمة النحو كابن هشام في (مغني اللبيب) ،فقد قال في (باب كيف)( :إلفادة األولوية بالحكم)( .)6وكم من خطأ ُقطع به عند أصحاب (قل وال تقل) ،وله وجه في لغة العرب ،أو دوران عند الفصحاء ،وما أحوج اللغة ،اليوم ،إلى معجم ضخم يواكب تاريخها المتطور ،أما التخطئة فال يصار إليها إال عند القطع بمخالفة القواعد الصريحة ،وقد قرأت للعالمة اللغوي إبراهيم السامرائي كالماً قريباً من هذا في مجلة (الفيصل) السعودية ،ويحضرني ،اآلن ،معناه دون لفظه.
الهوامش: 1ـ أخرجه أبو داود برقم ، 3924 :وحسنه األلباني في ( صحيح سنن أبي داود ). 2ـ مجموع الفتاوى.279 / 4 ، 3ـ مواهب الجليل .50 /1 4ـ نيل االبتهاج.1/279 ، 5ـ مغني اللبيب .106 /1 6ـ ص .207
إبداعات السجناء بالمعرض الجهوي للصناعة التقليدية بوزان وزان :محمد حمضي لماذا شد رواق منتوجات وابداعات السجناء بالمعرض الجهوي للصناعة التقليدية بوزان أنظار الزوار والزائرات ؟ هل ألن ما كان معروضا بهذا الرواق كان مميزا عن باقي المنتوجات بباقي األروقة ،أم ألن تلك االبداعات خلخلت الصورة النمطية عن السجين التي تسكن أذهاننا؟ وما غاية المؤسسة السجنية من المشاركة في هذا المعرض بإنتاجات أشخاص يقبعون وراء القضبان بسبب مخالفاتهم/ن للقانون ؟ يمكن الجزم بأن مشاركة ادارة السجن المحلي بوزان بالمعرض الجهوي المذكور ،وذلك بعرضها ما أبدعته وأنتجته أنامل السجينات والسجناء يدخل ضمن استراتيجية المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج ،غايتها تسويق صورة جديدة عن المؤسسة السجنية ،وذلك بتذكيرها للمجتمع بأن المؤسسة السجنية اذا كانت تحرم السجناء من حريتهم/ن ،فإنها في نفس اآلن وبقوة المرجعيات الدولية والوطنية ذات الصلة مطالبة بحماية حقوقهم، وتوفير كل الشروط ألنسنة الحياة بفضاءاتها .كما أن هذه المشاركة الغاية منها كذلك تكسير الصورة النمطية المرعبة التي يرسمها المجتمع عن السجين/ة ،وهي الصورة النمطية التي تعتبر من بين االكراهات الكبرى التي تعقد عملية ادماج السجين/ة في المجتمع مع ما يترتب عن لفظ المجتمع للسجين/ة من كلفة نفسية واجتماعية ومالية . يذكر بأن النسخة 14للمعرض الجهوي للصناعة التقليدية الذي غطت مساحته الزمنية أسبوعين ( االفتتاح يوم 6 نونبر) قد خلف نقاشا بين الصناع التقليديين المشاركين ،وكذا الفعاليات المهتمة بالشأن المحلي .فقد أثير موضوع في غاية من األهمية يتعلق بالغاية من تنظيم هذا المعرض وغيره من المعارض والمهرجانات التي احتضنتها دار الضمانة في السنوات األخيرة ،إن لم تحدث رجة اقتصادية تلمس آثارها الساكنة على جيوبها ،وإن لم تنجح في تسويق مدينة وزان التي رغم توفرها على حزمة من المؤهالت ال تجد لها صدى في السوق الوطنية .فهل تعي الجهات التي تقف وراء تنظيم هذه المهرجانات والمعارض لماذا ال تتعدى دائرة الزائرات والزوار ساكنة اإلقليم على أكثر تقدير وبأعداد محتشمة ؟
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
العدد 1021
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال :
()921
16
“أنوار اإليمان ومواهب الرحمان”
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
تستحق مدينة طنجة أن تفتخر باسم فقيدها الكبير ،األستاذ المربي ،والمثقف النزيه ،والمنقب الصارم ،المرحوم سيدي عبد الصمد العشاب .فالرجل ظل منارة للعلم وللمعرفة وللعطاء ،أرخت بظاللها على حقول تلقي البحث والمعرفة على امتداد رقعة الوطن ومجموع البالد العربية .لقد استطاع سيدي عبد الصمد أن يؤسس مدرسة قائمة الذات ،مرت منها أسماء على أسماء ،وتبلورت داخلها تجارب على تجارب ،واغتنت في ثناياها إبداعات على إبداعات .هي مدرسة العالمة سيدي عبد اهلل كنون التي أحسن عبد الصمد العشاب رعايتها إلى أن أينعت دوحة سامقة من العطاء ومن التجلي ومن الخصب الذي ظل يميز وجه مدينة طنجة الثقافي والعلمي .لذلك، أصبح اسم سيدي عبد الصمد عنوانا لحقل البهاء الثقافي الذي ارتبط باسم مدينة طنجة خالل زماننا الراهن ،بل يمكن أن نجزم مع المهتمين والمؤرخين والمتتبعين بأنه ال يمكن –بأي شكل من األشكال -التوثيق لتحوالت التاريخ الثقافي المعاصر لمدينة طنجة ومحيطها الجهوي بمنطقة شمال المغرب ،بدون اإلحالة المستمرة على عطاء الرجل وعلى إسهاماته الجمة والغزيرة ،على مستوى البحث والتأليف ،وعلى مستوى اإلشراف على معلمة مكتبة كنون ،وعلى مستوى العطاء اإلعالمي الدوري وخاصة بجريدتي “الميثاق” و”الشمال” ،وعلى مستوى الفعل الجمعوي الميداني، وعلى المستوى التلقيني والتربوي ،وعلى مستوى التأطير العلمي المباشر في الندوات العلمية والمنتديات الثقافية التي كان دائم المشاركة فيها واإلسهام في أعمالها بمختلف جهات البالد. ونظرا لتزايد الوعي بأهمية التوثيق لحصيلة شتات منجز سيدي عبد الصمد ،كان البد من العودة لالنكباب على تجميع ذخائر فقيدنا العزيز الموزعة عبر مختلف المنابر اإلعالمية والثقافية التي كان ينشر بها أعماله .وقد كان لنجلته األستاذة نبوية العشاب ،الفضل الواسع في االحتفاء بالتراث الفكري لوالدها ،عبر إعادة تجميع مظانه وطبعه وتعميم تداوله بين الباحثين والمهتمين .في هذا اإلطار ،يندرج صدور كتاب “أنوار اإليمان ومواهب الرجمان” ،مطلع سنة ،2019في ما مجموعه 187 من الصفحات ذات الحجم المتوسط .فالكتاب ،تجميع لسلسلة من المقاالت و”الوقفات” التأملية التي سبق للفقيد العشاب نشرها في فترات سابقة بخصوص مواكبته للعديد من القضايا العلمية ذات الصلة بالمجال الديني اإلسالمي .كما تضم مواد الكتاب –كذلك -سلسلة مشاركاته في ندوات ومحاضرات كان الفقيد العشاب قد ساهم بها ضمن فعاليات لقاءات المجلس العلمي المحلي بطنجة، أو عبر أثير إذاعة طنجة ضمن برنامج “يسألونك” .وفي كل هذه المحطات ،برزت ريادة األستاذ العشاب
وداعاً سي اليزناسني في جو شتائيّ حزين ،وتحت قطرات خفيفة للمطر ،وبقلوب مكلومة، ودّع الجسم الصحافي المغربي ،مساء يوم 19نونبر ،2019بمقبرة الشهداء بالرباط ،وجها صحافيا متميزا ،من بين ألمع األسماء التي كابدت كثيرا في سبيل النهوض بمهنة الصحافة والرفع من شأنها في بلدنا. إنه األستاذ والصديق والزميل سي مصطفى اليزناسني ،رحمه اهلل، المدير السابق لصحيفتي “الميثاق الوطني” و”المغرب” ،الناطقتين بلسان حزب التجمع الوطني لألحرار ،علما بأنه يجر وراءه رصيدا صحافيا مهما تراكم لديه من خالل اشتغاله في العديد من المنابر على امتداد مساره المهني الطويل ،وقد زاده رسوخا إلمامه بالعديد من اللغات. منذ أن رحلــت زوجته الزميلة زهور السباعــي، في حادث انهيار العمـارة المأساوي فــوق جسمها، تراجعت صحتــه بشكــل م��ق��ل��ق ،بفعل اش��ت��داد ال��م��رض عليه ،إل��ى أن دفن على مقربة منها في المقبرة نفسها ،ليجمعهما المــوت كمـــا جمعتهما الحياة في مكان واحد. ك�������ل ال������زم���ل��اء الصحافييــن والمناضلين الحقوقيين ،الذين حضروا جنازته بعد صالة العصر، أجمعـــوا على طيبوبتـــه من اليمين إلى اليسار محمد رشدي الملقب ومهنيته وأخالقه الحميدة بإبراهيم مدير مطابع ميثاق المغرب والمرحوم مصطفى اليزناسني وبوشعيب الضبار وع����زة ن��ف��س��ه ون��ض��ال��ه ال��ن��ق��اب��ي وال��ح��ق��وق��ي واس��ت��م��ات��ه ف��ي ال��وف��اء للمبادئ التي كرس لها حياته كلها ،سواء عبر النقابة الوطنية للصحافة أو المنظمة المغربية لحقوق اإلنسان أو هيئة اإلنصاف والمصالحة أو المجلس الوطني لحقوق اإلنسان. رجل فاضل متشبع بالفعل بقيم الرجولة والشهامة والنبل ،حريص دائما على أناقته ومظهره ،هادئ في طبعه ،ومترفع في سلوكه عن االنفعال أو التشنج ،على الرغم من تحديات ومصاعب اإلصدار اليومي للصحيفتين في سباق الهث مع الزمن. لقد كان لي الشرف أن اشتغلت تحت إدارته ،ولم يسبق لي أبدا أن شاهدته يتفوه بأيّ كلمة غضب في حق أيّ زميل أو عضو بهيئة التحرير؛ بل كان يتكلم بلباقة وأدب ،للتعبير عن مالحظة قصد التصويب أو التصحيح. جمعتني معه بعض الرحالت خارج الرباط ،لتغطية بعض التظاهرات والندوات ،وخاصة نحو الصحراء المغربية؛ فلمست عن كثب مدى تمسكه بالثوابت الوطنية ،وضمنها الوحدة الترابية للمملكة. كان مهموما دائما بقضايا مجتمعه ،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفنيا .ولذلك ،أطلق على ركنه اليومي في الصفحة األولى لصحيفة “الميثاق الوطني” عنوان “هموم”؛ وهو عنوان يحمل أكثر من داللة ومعنى،
كباحث متمكن وكمثقف غيور وكعالم مشارك ،ترك تراثا علميا يستحق أن يكون موضوعا متجددا للبحث وللتجميع وللتأمل .ولعل هذا ما أدركه األستاذ عبد اللطيف شهبون بعمق ،عندما قال في كلمته التقديمية“ :يشكل الموضوع المحمدي بؤرة نظر واستعبار لدى سيدي عبد الصمد ،تناظره وقفات في مفهوم التوحيد عقيدة وسلوكا ..وتنظيم التكافل االجتماعي ،وأسس فلسفة تدبير الحياة االقتصادية.. وتنفتح هذه الوقفات على قضايا في غاية األهمية بالنسبة للمجتمعات اإلنسانية برمتها ،خاصة ما يتعلق بسؤال ترجمة أنساق المعاني القرآنية .سيدي عبد الصمد في كل هذا ،عالم مشارك ،وبحاثة خبير ،ومرب عظيم ..يستند على فهم سليم ،بقلب سليم ،وحجاج قويم ،وأسلوب إبالغ يراعي مقتضيات أحوال كل المتطلعين( ”...ص. .)8-7 في إطار هذا النهر المتدفق ،تنساب مواد الكتاب ،لتقدم باقة عطرة من التأمالت العميقة ،الفاحصة ،والمدققة ،في منطلقات التأصيل لتحيين أسئلة الشريعة في زماننا الراهن .توزعت هذه المواد بين بواعثها اإليمانية المحضة، وبين نزوعاتها الفلسفية التنظيرية ،وبين قدراتها الحجاجية المثيرة في مساءلة قضايا اللحظة .وبذلك استطاعت عين سيدي عبد الصمد إتقان االلتفات لقضايا االنحرافات التي مست عقيدة الناس من خالل التركيز على قضايا بعينها مثل خرافات أهل الضالل الطرقيين ،إلى جانب العودة للتأمل في أبعاد التوحيد وطهرانية شهر الصيام ودالالت االحتفال بعيد المولد النبوي وقضايا ترجمة القرآن الكريم... وفي كل ذلك ،ظل سيدي عبد الصمد ممتلكا جيدا لناصية اللغة ولقدرة هائلة على تكريس مبدأ الحوار الهادئ والجدل المثمر والنقاش البناء ،خاصة فيما يتعلق بالقضايا الخالفية التي ظل يحسن تفكيك مرتكزاتها باألدلة الشرعية الواضحة ،مع االرتكاز إلى البعد التأويلي التاريخي المستند إلى أمهات المصنفات العلمية في مجاالت الفقه والتاريخ واآلداب واللغة. هذا هو عبد الصمد العشاب الذي عرفناه ،وهذا هو سيدي عبد الصمد الذي وجد امتداده في نجلته الدكتورة نبوية التي بذلت/وتبذل الكثير من الجهد من أجل صيانة تراث والدها من الضياع ومن النسيان .لقد قلتها في مناسبات سابقة ،وأعيدها اآلن ،سيدي عبد الصمد العشاب لم يمت مادامت األستاذة نبوية تعمل بجد من أجل صيانة ذاكرته العلمية .سيدي عبد الصمد لم يمت، وأعماله العلمية ،وخاصة في مجاالت الفكر اإلسالمي والتاريخ ،تعود للصدور من جديد ،حاملة ذكرى رجل اجتهد فثابر ،أعطى فأخلص ،صاحب فأوفى ،رحمه اهلل تعالى وأكرم مثواه.
ذ .بوشعيب الضبار رئيس تحرير يومية “الميثاق الوطني المتوقفة عن الصدور.
التزم فيه دائما أن يفكر بصوت عال ،متحدثا عن أحزان مختلف الفئات االجتماعية وآمالها وأحالمها ،مدافعا عن قيم الحرية والكرامة اإلنسانية والعدالة االجتماعية.
***
إن مكتب الفقيد مصطفى اليزناسني ،المدير السابق لصحيفتي “الميثاق الوطني و”المغرب” ،مثل قلبه تماما .كان مفتوحا دائما في وجه الجميع. لم يكن يتردد أبدا في استقبال أي أحد ،خاصة إذا كان إعالميا أو مثقفا أو شاعرا أو فنانا أو معتقال سياسيا سابقا أو قارئا عابرا أو مواطنا بسيطا أو طالب مساعدة. عرف عن الفقيد عشقه الكبير للفنون وللثقافـــة بصفة عامة ،بمختلـــف ت��ع��ب��ي��رات��ه��ا وأش��ك��ال��ه��ا وألوانها وإيقاعاتها. أذك��ر أن اليزناسني كان يحفــظ جيدا بعـض أشعار أحمـد فؤاد نجـــم، التي غناهــا رفيقــه في رحلة الكفاح والفن الشيخ إم��ام ،ولطالمـــا ردده��ا أمامنـا بكل حماس .كمــا كــان يكن إعجابـا فنيـــا خاصا بتجــربــة نــاس الغيـــوان وجيـــل جياللة، إضافة إلى ميــله لسمـاع المقطوعات الموسيقيــــة الكالسيكيــة العالمية. ووعيــــا من الفقيـــد مصطفى اليزناسني بأهمية تهذيب الوجدان لدى المتلقي ،كان يلح على ضرورة ارتقاء أجهزة اإلعالم العمومية بالذوق العام من خالل ما تبثه من فقرات فنية ،داعيا إلى الحفاظ على الهوية المغربية األصيلة ،واالنفتاح في نفس الوقت على كل األنماط األخرى. كان الفقيد متابعا يقظــا لمختلـــف المعارض التشكيلية ،ومهتما بالتيارات الفكرية واألساليب الجديدة في الشعر والمسرح والسينما من خالل المواكبة الدائمة ،واالرتباط الوثيق بعالقات مع عدد من المبدعين المغاربة. وقد كان بإمكان الفقيد مصطفى اليزناسني أن يصبح كاتبا من الطراز الرفيع لو أن طاحونة الصحافة لم تسرق عمره ،بعد أن تفرغ لها تماما واستحوذت على كل وقته وتفكيره؛ غير أنه ظل دائم الحنين إلى عالم األدب. ولعل هذا ما يفسر انضمامه ،في مرحلة ما ،إلى اتحاد كتاب المغرب كعضو سابق ضمن المكتب الوطني. عاش مصطفى اليزناسني في هدوء ورحل في هدوء ،تاركا وراءه حزنا عميقا في نفوس كل الذين عرفوه عن قرب .رحم اهلل فقيدنا العزيز ،وأسكنه فسيح جنانه وألهم أسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان.
بـيـــــان 11نونرب 2019 عقدت المنسقيــة الوطنيـــة لدكاتــرة المراكـــز الجهوية لمهن التربية والتكوين بالمغرب جمعا عاما استثنائيا يوم اإلثنين 11نونبر 2019بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط لتدارس قضيتها العادلة .وبعد االطالع على اآلثار االجتماعية والمادية والمالبسات القانونية واإلدارية للملف ،خلص الجمع العام إلى ما يأتي: • مطالبة الجهات المسؤولــة بالتسوية العاجلة لملـف الدكاترة العاملين بالمراكز الجهوية لمهـن التربية والتكوين الذي عمر طويال، وذلك بتغيير إطارهم إلى إطار أستاذ التعليم العالي مساعد؛ • تثمين مواقف كل الفرقــاء والنقابات الداعمة لملف الدكاترة العاملين بالمراكز الجهوية ودعوتهم لمزيد من الدعم والمؤازرة؛ • التنويه بالمجهودات التي تبذلها بعض القوى الحية في إطار التعريف بالملف والدفاع عنه؛ • تنويهه واعتزازه بالوعي النضالي الذي أبان عنه دكاترة المراكز؛ • التنويه بالمجهـــودات المتميزة والخدمــات العلمية والتربوية التي يقدمها دكاترة المراكز بمعية زمالئهم في خدمة منظومة التربية والتكوين؛ • دعوة الرأي العام التعليمي والوطني وكافة الهيئات الحقوقيــة إلى مسانــدة المنسقية من أجل إحقـاق الحــق وإنصــاف األساتــذة المتضررين. وإذ ندعو دكاترة المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين إلى االلتفـــاف حول منسقيتهم ،باالنخراط المسؤول في العمل النقابــي والمؤسساتي والنضال المشروع للتعبير عن المطالب العادلة ،فإننا نؤكد تشبثنا الراسخ بمطالبنا المشروعة واستعدادنا للتعاطي مع القضية بشتى اآلليات النضالية المتاحة.
العدد 1021
رسائل تطوانية
17
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
من أرشيف الدبلوماسي األديب
سيدي التهامي أفيالل التطواني حفظه اهلل ()35
إعداد وتقديم :الدكتور يونس السباحYounes_sebbah@hotmail.com
تقديم
تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ ،باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة ،والفوائد الغميسة النادرة ،التي ال توجد في غيرها ،ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن، كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً ًّ مستقال بنفسه ،بما تحمله من صادق التعبير ،وجميل اإلحساس ،وحسن اإلنشاء ،وبديع السّبك ،وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط ،ورونق الحرف ،وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية ،والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً ال ،أو بين تلميذ وشيخه ،أو الصديق وصديقه... ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات ،ما تحتويه خزانة األديب الشاعر ،والدبلوماسي السابق ،أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد ،سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل ،وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ كمّا هائ ً ال من الرسائل ،معظمها صادرة عن أفراد أسرته ،كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل ،أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي ،أو أخيه األديب ،سيدي البشير أفيالل ،أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا البيت. ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية ،ولم يسبق أن رأت النور ،أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس ،استأذنّا صاحب األرشيف ،الشريف المذكور ،في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة الشمال الغراء ،التي تستأثر بنشرها ،فوافق مشكوراً مأجوراً ،وقمنا نحن برقن هذه الرسائل ،وصنّفناها حسب ّ كل شخص (منه/عليه) ،وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً ،فكان صاحب السبق هو القاضي الشهير ،والفقيه الكبير ،سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت1339:هـ) ،وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه -في الحلقات الماضية من هذه الجريدة ،ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه.
[الرسالة]123 :
[ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل ،يجيبه فيها عن ما ورد عليه من سؤال يتعلق بهذا الدين ،واشراط الساعة وذهاب األخيار وبقاء األشرار] سيادة األخ العزيز ،الصّفيّ الوفي ،الع ّ المة المشارك الن ّقاد ،ذي الذهن الثاقب والفكر ّ الوقاد ،سيّدي الشريف األجل األمثل ،سيدي البشير أفيالل ،حفظ اهلل مهجتكم ،ووصل باآلمال بهجتكم ،وسالم عليكم ورحمة اهلل. وصلتني مراجعتكم القيّمة التي أبنتم فيها على علوّ مدارككم ،ونبل أفهامكم ،وإصابة أفكاركم ،إذ بررتم بذلك في ميدان التّحرير ،وأبرزتم نكتاً يستجيدها كل عائم نحرير ،وال غرو في ذلك ،حيث إنكم استقيتم في تلك األبحاث من معين القرآن معان [ ]...واإليمان ،وينبوع المعارف والعرفان ،الكتاب الذي لم يغادر من أمر الدين والدنيا صغيرة وال كبيرة إ ّ ال أحصاها، والذكر الحكيم الذي بلغت به هذه األمّة المحمدية أدنى مقاصدها ،وأقصاها الورد العذب الذي تتوارد على االستقاء منه أفكار العلماء والبحر الثجاج الذي تستعذب مشربه أفهام الفقهاء النّبالء ،الكنز الذي من [ ]...بغير دخائره فهو عابد مقل ،إذ ترك أرضه واستقى من نهر معقل. نعم سيدي ،لكالم العارفين من أهل اهلل سرّ يكسبه قبو ًال في القلوب ،إذ هو حديث عهد بع ّ الم الغيوب ،ولهذا لمّا سمع اإلمام عزّ الدين بن عبد السالم وهو اإلمام المجمع على علمه وجاللته ،حتّى اختص بلقب سلطان العلماء ،كالم أبي العباس المرسي في تقرير مسألة ،وكان قبل من المنتقدين عليه ،صار يزحف في الحلقة ويقول :اسمعوا هذا الكالم الذي هو حديث عهد بربّه. ونحوه ما وقع إلمام الدنيا المرجوع إليه في الحديث والفتيا، أبي عبد اهلل ابن حنبل ،مع العارف المحاسبي ،وكان أيضاً من المنتقدين عليه ،لمّا حضر محتفيا في مجلسه ،وسمع كالمه مع الفقراء ،تأثر من ذلك ،ووقع ما يمليه في ذلك من قلبه الموقع، وقال :ما أعلم أنّي سمعت في علم الحقائق مثل كالم هذا الرجل [ ،]...ويشهد له الذوق ،وتح ّققه التجربة. ولقد كنت أحضر يا أخي بفاس مجلس شيخنا العالمة العارف باهلل سيدي محمد بن جعفر الكتاني في قراءة كتاب الشفا ،وهو ّ يحل المتن بكالم الشرّاح ،وهذا شيء عادي ،ولكنّ الشيء الخارق للعادة هو أنّي كنت أجد نفسي في حال غير الحال التي أعتادها في دروس غيره من نفس الكتاب ،فكنت عند إمالئه يقفّ شعري ،وتقشعرّ جلدي ،ويستولي على قلبي الخشوع حتّى تكفّ عيني بالدّموع ،وهذه هي النكتة الخفية، والسرّ المكنون الذي كان [ ]...العالمة ابن المبارك في سؤاله الشيخ العارف الدباغ ،إذ موضوع كتابه السرّي هو طلب ما عند شيخه من الكشف عما أشكل عليه من كالم اهلل ،أو كالم رسول اهلل ،أو كالم العارفين سواه ،أو ترجيع ما تعارض فيه النقل. ومصيبتنا هذه من ذلك ،إذ ورد ما يفيد ّ أن هذا الدين ال يزال محفوظاً إلى أن تقوم الساعة كما في الحديث الصحيح( :ال تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق) الخ. وأن قواعده ستختلّ ، أن الدين قبل الساعة سيقتلّ ، وورد ما يفيد ّ وأن بناءه سينهدّ ، وأن طريق اإليمان سينسد ،إذ قال عليه السالم( :دخل الناس في الدين أفواجاً) ،وقالّ : (إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم ،يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ،ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً) ،وقال( :لتتّبعن سَنن من كان قبلكم شبراً بشبر ،وذراعاً بذراع ،حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه ،فقالوا :يا رسول اهلل ،اليهود والنصارى ،قال فمن) ،وفي رواية :وحتّى لو إن أحدهم جامع امرأته بالطريق ،لفعلتموه ،وقال( :ال يأتي زمان ،إ ّ ّ ال بعده شرّ منه) ،وقال( :ال تقوم الساعة حتّى ال يبقى على األرض من يقول :اهلل ،اهلل) ،وفي رواية( :حتّى ال يقول :ال إله إّ ال اهلل) .وقال( :ال تقوم الساعة حتى تعبد الالت والعزّى) ،وقال( :ال تقوم الساعة إ ّ ال على شرار النّاس) ،فهذا التعارض وما كان يشاهده في زمانه من ضعف اإليمان ،وانهيار قواعد اإلسالم، واستخفاف النّاس باألوامر ،واقتحامهم مسالك النواهي ،كان يوقع في نفسه خيفة من ارتداد هذه األمّة ،وإحاطة الكفر بها ،وهو نحو ما يقع لنا اآلن .فألقى سؤا ًال على شيخه في الموضوع ّ على أن يجيبه بما يزيل خوفه، ويحل إشكاله ،ويرفع عنه ما يراه من التعارض ،ويسمع من شيخه كالماً لم تطمئن إليه نفسه. وأثار بين يدي بحثُا في قوله تعالى( :هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدّين ك ّله) الخ ،فأجابه بقوله :هذا الدّين الظاهر أظهره اهلل على األديان ك ّلها من ّ كل وجه من جهة أنّه ناسخ ،أما ومن جهة سطوع حجته ،ومن جهة [ ]...على وجه األرض ،حتّى ّ إن األديان بالنّسبة إليه كال شيء ،وذلك ّ أن من فتح اهلل بصيرته ،ونظر إلى وجه األرض]...[ ، رأى في ّ كل موضع أقواماً يعبدون اهلل ،ويقدّسونه ،وهم على الدّين المحمّدي ،واألرض عامرة بهؤالء السادات رضي اهلل عنهم ،فهم في هذا البر وذاك البر يعني [ ]...الكفر ،وفي الكهوف والجبال والسهول ،وفي عامر األرض وغامرها ،ثمّ أفاض الشيخ رضي اهلل عنه في الموضوع الذي يرغب فيه السّائل فقال :ومن نظر إلى ال ّلوح المحفوظ ،ونظر فيه إلى المرسلين وإلى شرّ أنفسهم التي هي مكتوبة فيه علم دوام شريعة نبيّنا محمد صلى اهلل عليه وسلم ،وعدم أن اهلل عزّ ّ ارتداد أمّته ،وذلك ّ وجل خلق النّور ،وخلق الظالم ،ثمّ خلق العباد واألمم ،ثمّ جعل
للنور أبواباً يدخل منها على ذواتهم ،ثمّ شرع الشرائع ،وأرسل المرسلين بها ،ليفتح بها أبواب النّور ،وهي األوامر التي فيها ،وليسدّ بها أبواب الظالم عن ذواتهم ،وهي النواهي التي فيها. فاألوامر تفتح أبواب النّور ،والنواهي تسد باب الظالم ،ولم يستوف في شريعة األوامر الفاتحة للنور ،والنواهي السادة للظالم ،إال في شريعة نبيّنا محمد صلى اهلل عليه وسلم ،ولهذا كانت فوق الشرائع ك ّلها ،وكانت أمّته [ ]...فوق سائر األمم ،وإلى ذلك أشار النبيّ بقوله( :ال تجتمع أمّتي على ضاللة) الخ كالمه. ّ وهذا كالم بحسب ظاهره قريب المعنى ،سهل المأخذ ،شواهده كلها ثابتة ،ومشروحة في كالم علماء الظاهر ،ولكن في طيه أسرارا تلوح منها لوائح األنوار ،وذاك هو مغزى السائل ،وإ ّ ال فأهل الحديث ذكروا األحاديث الواردة في ذلك وما فيها من التعارض ،وأجابوا عن ذلك بأجوبة، منها :هذا الحديث ما أشبهه ليس المراد به ّ أن الدّين ينقطع ك ّله في جميع أقطار األرض، أن اإلسالم يبقى إلى قيام السّاعة ،إ ّ حتّى ال يبقى منه شيء ،ألنّه ثبت ّ ال أنّه يضعف ويعود قريباً كما بدأ ،ثمّ ذكر حديث( :ال تزال طائفة من أمتي) الخ ،قال :فتبيّن من هذا الحديث، تخصيص األحاديث األخرى. ومنها :أن يكون معنى إلى قيام الساعة ،أي :إلى قرب قيامها ،أي :عند ظهور أشراطها الكبرى ،إذ يرسل اهلل ريحا طيبة فتقبض روح كل من في قلبه مثقال حبة من خرذل من إيمان ،فيبقى من ال خير فيه ،وهم شرار الخلق ،فيرتدّون على اإليمان ،ويرجعون إلى الكفر ،ففي صحيح مسلم ( :ال يذهب الليل والنهار ،حتّى تعبد الالت والعزّى) ،وفيه( :يبعث اهلل ريحاً طيّبة فتوفي كل من في قلبه مثقال حبّة من خرذل من إيمان، فيبقى من ال خير فيه).]...[ ، اللهمّ احفظ علينا اإليمان ،واحرسنا من االفتنان بمحدثات هذا الزمان ،واكألنا يا موالنا من اضالل المضلين ،وأباطل الملحدين( ،ربّنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ،إنّك أنت الوهاب) .والسالم من صفيّكم: محمد المرير
[الرسالة]124 :
[ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل، يدعوه فيها لقطف ثمرة المشماش ،وتجاذب أطراف الحديث في النوارد والطرائف واآلداب]... الحمد هلل صديقي األوفى ،وخليلي القرير األصفى ،الفقيه العالمة الشريف المنيف ،أبو الفرَح ،سيدي البشير أفيالل ،وصل اهلل بالسّرور مسعاكم ،ومدّ في النعيم والرفاهية عمركم ،وسالم عليكم ورحمة اهلل. أمّا بعد فقد وصلني كتابكم األنيق ،وخطابكم اللطيف الرقيق ،فكانت طلعته مطلعا للسرور ،ومناجاة ألفاظه ومعانيه قرة للعيون ،وشفاء لما في الصدور. به جمـع اهلل األماني لناظـــري
وسمعي وفكري فهو سحر وال سحـر
وال غرو أن أبدي العجائـب ربــه
وفــي ثوبــــه بر وفي كفـــه بـحــر
أسفرتم في كتابكم عن وصول تلك التذكرة المتواضعة الضئيلة ،التي أعليتم قدرها بحسن تفنّنكم وأغنيتم قيمتها بإبداء فرحكم بها ،وبهجتكم ،مع أنها ال تستحن جزاء وال شكوراً ،بل ّ إن أخاكم خجل من قلتها ،معتذر إليكم من نزارة كميتها ،إ ّ ال أنّه يتمثل بقول القائل: قد بعثنا إليك أيدك اللـــ ــه ببر فكن له ذا قبـول واغتفر قلة الهديـــة مني ّ إن جهد المقل غير قليل وأما ما لمحت إليه من االتفاق العجيب ،فذلك في حقّ المتصافين غير غريب: َ الناظرون قلوب الصادقين لها عيون ترى ما ال يراه وأمّا ما أبديته من االشتياق إلى االجتماع والتالق ،فأخوكم واهلل أكبر ،أشدّ تشوّقاً لذلك وأكثره ،ولكن الحقيقة ّ أن األفكار قد صديت بالخوض في قضايا اإلقرار واإلنكار .واألفهام قد سقمت مما تستجليه من علل بينات [ ]...واألعشار ،ونور العقل قد حجبه حجاب جَلد هذا ورجم هذا باألحجار ،والقلوب قد ختم عليها بخاتم تصحيح حكم هذا وإسقاط حكم هذا باالعتبار. أفال نعرض عن هذه األخطار ،وننسخ ظالمها بنيرات األسجاع ،ونبرات األوتار واألشعار، ونفارق مقارفة أوزار هذه األتعاب بمنادمة غرائب األخبار ورقائق اآلداب ،ونو ّلي وجهنا شطر الحدائق المبهجة باألزهار ،ونستحلي غشاوة أبصارنا بحضرة الجنات التي تجري من تحتها األنهار ،عسى أن تستدرك من النّشاط الزمن الباقي ،ونسترجع رُوح السرور التي بلغت التراقي، فإن صحّ العزم ،فما ذلك علينا بعزيز ،والسالم عليكم من صفيكم: محمد المرير
العدد 1021
18
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
بدَأ وَلعاً وَ صارَ دَلعاً ! • بقلم :عبد المجيد اإلدريسي
لعبة السودوكو ()482 أصل اللعبة
لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
معنى كلمة سودوكو
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
...أيها العرب لماذا ثقلتْ عليكم المعرفة و خفَّ عليكم القيل والقال ؟! ...ألم تتعظوا بقول الشاعر : جمال ذي الدار كانوا يف احلياة وهم بعد املمات جمالُ ال�سي. و ُب ت الك رَّ و لـ «تولستوي» قولة مشهورة « :قراءة الكتب تداوي جراحات الزمن» .فالقراءة الراشدة لألحداث العربية سوف تنتهي بكم إلى االطالع على خفايا ما يُحاك ضدَكم ،كما حيك بأمراء ال ُفرْقة و ملوك الطوائف.و قد ينقضي العمر في الحروب بين اإلخوة ،ليقدّموا إلسرائيل على إناء من الفضة خريطة فلسطين ،ولمزيد من تشريــح الدُوَل العربية .فال بُدَّ من تعرية عقل بعض الحكام المبنجين بألسن المدَّاحين و زعيق أبواق بعض القنوات العربية، ودعاياتهم السخيفة المتواطئة مع استراتيجية الدولة العميقة .وهي ترَوّج لبضاعتهم في سوق النخَّاسة، بينما القضاء اإلسرائيلي يتهم و يدين حُكامهُ .و بوجه آخر ترتكب أبشع الجرائم في بالد اإلسراء والمعراج .وإذا ُ تُفصل أقمشة مصمَّمة لحروب عربية بها (إسرائيل) بالوكالة.و ُّ كل ما يشغل اإلدارة األمريكية الحالية هو تقرُّب مواقف دول الخليج العربي و مصر من إسرائيل ! حتى َّ إن الراصدين لما يجري في بعض البالد العربية ً ُّ ابتكروا شعارا للتعبير عن سوء الوضع ب «كل يعني ُّ كل» ،فتمرَّدَ الشارع العربي و تمرَّدتْ اللغة العربية .إذ ً الجمهور يخرجُ بزاده اللغوي مستنبطا ملفوظة الشارع، ليلتقي بساحات الحريةو هي الحاضنة لها .فضاءات تعبيرية جديدة تختزل الحزن العميق لتخاطب المجتمع كيْ يستنهض ،من أجل فتح ملف الديمقراطية في الشرق األوسط بالموْجة الثانية من الربيع العربي .و المضي قدُماً على االنفتاح السياسي ضدَّ رؤيا اإلدارة األمريكية الحالية التي ال ترى في الشرق األوسط إال التجارة و المال و ماذا ستكسب من ورائهم (دول الخليج) ،و تبارك األنظمة الشمولية التي تحققُ «االستقرار»! على مدى ستين عاماً للعالقات السعودية األمريكية ،ال ترى فيها هذه األخيرة إال الناحية االقتصاديةو النفط فقط .أما الدبلوماسية الخارجية فهي مُهمشة «بالكامل» ! أم تريد إعادة صياغة العالقات الدولية ؟ ألم تكن هي التي شرَّعتْ العوْلمةو التحالفات ،و االتفاقات المتعدّدة األطراف و السوق و َ لتحدث لدول العوْلمة ،الذي تستفيد منه الدول الغنية العالم الثالث الخراب ؟و هي األكاذيب التي تحكمُ العالم ! فهي اآلن تهدمُ َّ كل شيء ؟ المؤسسات األمريكية لم تكن فعالة في نظر رئيسهاَّ ، ألن العمال فقدوا مناصبهم، وهو اآلن يريد استرجاع هذه المناصب لألمريكيين ! لعله أن ينسف ّ يريد ْ كل ما قام به الرئيس «أوباما» ؟! اإلدارة األمريكية تسعى إلى منع صدور النفط اإليراني ،و هي تغرق العالم بالنفط ! و هي التي تضغط على «أوبيك» و السعودية من أجل ْ أن تنخفض أسعار النفط في أمريكا لكي يفوز «ترامب» في االنتخابات بفترة ثانيةو يحصل
على األغلبية في «الكونجريس» .و لكي يلعب بهذه الورقة وطبيعة استراتيجيته ،لم يكن ليحترم قرارات األمم المتحدة ومجلس األمن في القضية المحوَرية ويسعى إلى نسفها .وهي قضية احتالل إسرائيل لفلسطين .من خالل هذه المعطيات وأخريات كالضغط على السعودية (و لما جلبه من أموال منها) بالد الخليج و األردن و مصر و على الرئيس عباس ،لكي يصل إلى إعادة طرح صفقة القرن كما يريدها لصالح إسرائيل ! هل الرئيس «ترامب» ال يؤمن «بالفقيد مَن فقد األدب ال من فقد الذهب» ؟ و الستغالل األزمات ال حلها؟ وقد بدأ مع إسرائيل دَلعاً و أفضى وَلعاًًَ .لم تفكر اإلدارة األمريكية الحالية بتغيير سياستها في الشرق األوسط ،بل هي مُجرَّدَ «أنظمة» َّ ألن الدولة بحاجة إلى نظام ؟ وهي التي تزعم تأييد الحكومات الديمقراطية ،التي تحمي الحقوق و الحريات العامة للمواطنين ! وهي ال تبالي بانعدام الثقة و سيادة القانون لحكومات «تنهب» شعوبها ،و ذلك الستنزاف خيراتهم ،و ما ضاقت المؤسسات في الواليات المتحدة أن َّ األمريكية التي يمكن ْ تظل عن منآى آراء «ترامب»، وهي قد اندمجتْ في منظومة ديمقراطية عريقة .لماذا له «ترامــب» ْ أن يؤيد االنتخابــات الحرَّة في الدول العربية ،التي سوف تأتي بالتيارات اإلسالمية ،التي يمكن ْ أن تنسج خيوطا خطيرة على الديمقراطية األمريكية !و للرئيس أيضاً معارضة قوية من لدُن الحزب الديمقراطي األمريكي .على سبيل المثال ،قضية خاشقجي ال تهمهُ كقضية حرية الرأي وهو يتحـدث عنهــا سرّاً ،والمالية يتحدَّث عنها عالناً .شعاره كم سيجلب من المال !؟ و سوف تنهــال العصا على من عصــى!؟ أما القضيـة الفلسطينية ،و ُّ كل أبناء فلسطين مُهدَّدون بالجرائم اإلسرائيلية ،واإلدارة األمريكية الحالية تنهج الستمرار األزمة ،ال حلها ؟ فمهما اقترفت إسرائيل من جرائم ضدّ اإلنسانية ،تلتمس لها األعذار ،و ْ إن اقتضى الحال تتسلل على استحياء الستعمال حق «النقض» ،ضدّ أيّ مشروع يُدينُ إسرائيل .فهو الرئيس الذي جاء من «السماء» ليدافع عن «حقّ» إسرائيل في الوجود على حساب الحق الفلسطيني ال في الداخل و ال في العوْدة! وقد بدأ األمرُ دَلعاً و صارَ وَلعاً! ألم يعلم فخامة الرئيسَّ ، أن رئيس الوزراء اإلسرائيلي «إسحاق شامير» ،أنشد قصيدة في «الكنيسيت» لمحمود درويش ،بعنوان :عابرون في كلمات عابرة،و هو يصيح هيستيرياً : «فاخرجوا من أرضنا من برّنا ،من بحرنا من قمحنا ،من ملحنا من جرحنا من ّ كل شيء واخرجوا من مفردات الذاكرة أيها المارون من الكلمات العابرة»...
حل السودوكو لجميع إعالناتكم اإلشهارية واإلدارية يف جريدة
االتصال على الرقم : 0539943008
رقم 482
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
سرعة المالحظة
بين الصورة واألصل 7اختالفات ،حاول أن تهتدي إليها.
صفحة
19 �إعداد :م�صطفى ال�سباعي
العدد 1021
الثالثاء 26نوفمرب �إلى 5دي�سمرب 2019
رئيس جديد للجنة المؤقتة لتسيير جامعة كرة السلة عين وزير الثقافة و الشباب والرياضة حسن عبيابة عبد الرزاق العكاري مدير المعهد الملكي لتكوين األطر على رأس اللجنة المؤقتة التي ستسهر على تسيير شؤون الجامعة الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة خلفا للمستقيل عبد المجيد بورة الذي فشل في إنقاذ كرة السلة الوطنية من الموت السريري خصوصا بعد تجميد أنشطة المكتب المديري الذي كان يرأسه مصطفى أوراش. وسيسعى عبد الرزاق العكاري إلى تحقيق اإلقالع المنشود والخروج من المستنقع الذي تتخبط فيه كرة السة المغربية منذ سنوات حيث سيحاول إشراك جميع الكفاءات القادرة على بلورة أفكار بناءة ومبدعة دون إقصاء أي طرف من المعنيين باإلصالح.
مجرد رأي :
الالعبون ينقذون رأس المدرب خاليلوزيتش
فارس البوغاز بدأ يتخطى األزمة
بعد الظهور المتواضع ألسود األطلس أمام منتخب موريتانيا برسم الجولة األولى من التصفيات المؤهلة إلى كأس إفريقيا لألمم 2021بالكامرون ...وبعد تخوفات الجماهيرو ومطالبها بضرورة تصحيح األوضاع قبل فوات األوان ومنها من طالب برأس المدرب وحيد خاليلوزيتش وحمله مسؤولية اإلخفاق وتدني مستوى النخبة المغربية. بعد تلك العثرة جاء رد الفعل سريعا بعد أيام خالل المباراة الثانية للتصفيات في بوجمبورا فرغم أن الرحلة إلى بوروندي فاقت العشر ساعات ورغم رداءة أرضية الملعب المكسوة بالعشب االصطناعي فإن ظهور المنتخب الوطني كان جيدا حيث تمكن من تسجيل 3أهداف نظيفة في شباك منتخب الذي ليس بالهين بحطم تأهله لنهائيات كأس إفريقيا األخيرة وبلوغه دور المجموعات الخاصة بالكأس المقبلة بالكامرون. ومن خالل العرض المقــدم اتضح أن المدرب وحيد خاليلوزيتش وجد مكامن الخلل وعرف كيفية التغلب على ما غاب في المباريات الودية ومقابلة موريتانيا ..وعمل من أجل منتخب فعال يعرف كيف يستغل الفرص ويحقق ما يتمناه الجمهور المغربي. لقد كان لزاما على األسود الخروج من نفق النتائج السلبية وكانوا يدركون أنهم مطالبون بالفوز فتعاملوا مع مباراة بوروندي بذكاء وحققوا الفوز الذي رفع عنهم وعن مدربهم الضغط وأكدوا أنهم يتوفرون على اإلمكانيات لتقديم األفضل في المباريات المقبلة. وأظهروا أنهم يتوفرون على الشخصية والحضور والتالحم وكان همهم الوحيد الفوز والشيء غير الفوز وإنقاذ سمعتهم ورأس مدربهم خاليلوزيتش الذي كان قريبا من المقصلة.
موضة إقالة المدربين بدأت مبكراً في الدوري المغربي ظاهرة إقالة المدربين بدأت مبكرا في الدوري االحترافي المغربي لكرة القدم.. وبإقالة األرجنتيني ميغيل غاموندي من تدريب حسنية أكادير ارتفع عدد المدربين المقالين إلى 5من بينهم 3خالل الشهر الحالي. وكان منير الجعواني مدرب النهضة البركانية في صدارة األسماء التي عصفت بها رياح اإلقالة بعد الخروج من منافسات كأس العرش ..وأعقبه حسن بنعبيشة الذي غادر سريع وادي زم. ومؤخرا تم االنفصال عن 3مدربين استهلهم اتحاد طنجة بانفصاله عن المدرب الجزائري نبيل نغيز بعد اإلقصاء من منافسات كأس العرش على يد حسنية أكادير.. وأعقبه الرجاء البيضاوي باقالة المدرب الفرنسي باتريس كارتيرون وصوال الى ميغيل غامو ندي الذي اقيل من تدريب حسنية اكاديربعد الهزيمة في نهائي كأس العرش بوجدة امام االتحاد البيضاوي من أندية القسم الثاني. وبخروج المدربين األجانب تعزز تواجد المدربين المغاربة بواقع 12مقابل 4أجانب فقط. وحسب المتتبعين للشأن الكروي المغربي فمن المحتمل جدا أن تتوالى رقصة المدربين في الدوري المغربي خالل الدورات القادمة.
في أول مباراة له مع مدربه الجديد هشام الدميعي.. ورغم ضيق الوقت (ثالثة أيام فقط) تمكن اتحاد طنجة من تحقيق فوز هام كان في أمس الحاجة إليه. فارس البوغاز خاض مباراة بطولية واستمات كثيرا من أجل معانقة أول فوز له هذا الموسم. خالل الجولة األولى كان المحليون هم األكثر احتكارا للكرة ومما ساعدهم على ذلك الهدف المبكر الذي كان وراءه الالعب نعمــان أعــراب في الدقيقـة 12بقذيفــة صاروخية استقرت في شباط الحارس الحسين الشاذلي. هدف بعثـر أوراق فريق يوسفية برشيد الذي لم يتمكن من مجاراة إيقاع الجولة األولى وترك المبادرة التحاد طنجة الذي أهدر فرصا عديدة السيما بعدما خرج الفريق الحريزي من قوقعته الدفاعية بحثا عن هدف التعادل. وفي الشوط الثاني غير المدرب هشام الدميعي من نهجه التكتيكي السيما في غياب العديد من الالعبين األساسيين لإلصابة أو التوقيف. فريق يوسفية خلق فرصا عديدة أمام تراجع االتحاد لتأمين دفاعه والحفاظ على تقدمه لكنه لم يتمكن من استثمارها . الالعب موكوكو كاد أن يضيف الهدف الثاني للفريق المحلي في الدقيقة 56إثر حملة مضادة. واستمر اللعب بين أخــذ ورد وفي الوقــت البديــل الكعداوي الذي خلق متعب جمة للزوار يصطاد ركلة جزاء بعد إسقاطه داخل المربع. الحكم عبد العزيز المسلك الذي كان قريبـــا من العملية لم يتردد في اإلعالن عنها حيث حولها الالعب
طار ق استاتي إلى هدف ثان قضى تماما على آمال الفريق الحريزي. وبهذا الفوز األول من نوعه هذا الموسم بدأ اتحاد طنجة يتخطى األزمة التي مر منها نسبيا حيث ينتظر أن يشهد الفريق عدة تغييرات في األسابيع القادمة وال سيما في الدفاع بعد شفاء المدافع الخالطي الذي كان بمثابة قطب الدفاع أمام يوسفية برشيد.
هشام الدميعي مدرب اتحاد طنجة
لعبنا بايقاع سريــع وخلقنا متاعــب جمة لفريق يوسفية برشيد وسجلنا هدفا مبكرا مما اعطى شحنة لالعبين وجعلهم يدافعون باستماتة قبل أن نوقع الهدف الثاني الذي منحنا نوعا من االرتياح. كان علينا في ظرف وجيز (ثالثة أيام) أن نلملــم جراحنــا بعد الخسارة القاسية أمام الوداد الرياضي البيضاوي ،وقد عملنا على استغالل هذا الحيز الزمني القصير لمحو العدد الهائل من األخطاء.. وكانت لدينا العديد من الفرص للتسجيل فسجلنا ولم نستقبل أهداف. وعودة المدافع المهــدي الخالطـي بعد غياب ليس بالقصير منحت شحنة من الفعالية لخط الدفـاع وهذا ما سنعمل عليه. ومن خالل معاينتي للفريق وجدت أننا بحاجــة ماسة إلى أربعة عناصر لتعزيز الوسط والدفاع. وأتمنى أن نوفق في عملنا خالل األيام المقبلة وأشكر الالعبين على المجهود الكبير الذي بذلوه من أجل تحقيق هذا الفوز األول .
اليوم تقام مباراة حسنية أكادير -المغرب التطواني بالخميسات
استجابـــت لجنـــة البرمجة التابعة للعصبة الوطنية االحترافية لطلب حسنيـة أكادير وقررت تأجيـل مباراة فريقه مع المغرب التطواني وذلك للمرة الثانية في ظرف 48ساعة. وقررت اللجنة المذكورة إجراء المباراة يومه الثالثاء بداية من الساعة الثالثة عصرا بدال من األحد وذلك لمنح الحسنية الوقت الكافي لالستعداد خاصة وأن الفريق السوسي خاض نهاية كأس العرش يوم اإلثنين 18نونبر بمدينة وجدة. هذه المباراة تعتبر هامة جدا بالنسبة للمغرب التطواني فهي مباراة ثأرية ألن فريق الحسنية هو الذي أقصاه من منافسات كأس العرش وألحق به أول هزيمة في الموسم إضافة إلى كونه أصبح مهددا في صدارة الدوري االحترافي بعد فوز الدفاع الجديدي على رجاء بني مالل حيث أصبح يتقاسم معه الصدارة بمجموع 12نقطة.
العدد 1021
األخيرة
الثالثـاء 26نـوفمرب �إلى 05دي�سمرب 2019
تذكرة سفر
احللقة الثانية
لقاءات حوارية ،في حلقات متسلسلة ،مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي والعربـي واإلنساني ،تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة ،وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل. • عبد اإلله المويسي
اإلعالمي والناقد السينمائي
نور الدين ال�صايل المحور األول ـ المسار الخاص ـ
يحضر األستاذ نور الديـن الصايــل ،في مخيــــال المغاربــة والمشتغلين بالحقــل اإلعالمي والسينمائي والمجتمعي الوطني ،بصيغة تمنحه نوعا من التعددية في االهتمام .فهو اإلنسان أوال ،وهو الباحث والكاتب واإلعالمي والمهتم بأسئلة السينما ،وهو المدير السابق لقناة 2Mوالذي انعطف بمشروع التلفزة الوطنية نحو أفق اتسمت فيه بالدينامية ،وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة مهرجـان مراكـش الدولـي للسينما لدورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل إشعاعها. تستضيفه «جريدة الشمال» ضمن صفحتها األخيرة «تذكرة سفر» ،من خالل جلسات حواريــة حــول مشوارات حياته نقدمها للقارئ تباعا.
مومن ال�سميحي األستاذ نورالدين ،يفهم من كل هذا أن اهتمامك األولي بالسينما كان ربما عفويا، أو انشددت إليه بحكم الدهشة التي خلفتها في ذهنك كطفل أو ربما كمراهق ،لكن متى اتخذ اهتمامك بالسينما شكال علميا إذا صح التعبير ،وكيف تم ذلك مؤسساتيا؟ السينما كانت من األمور التي عايشتها وأنا طفل ،لذلك ال أطرح اهتمامي بالسينما كسؤال، فسؤال كيف بدأ اهتمامي بموضوع السينما، بالنسبة لي ،هو سؤال غير ذي موضوع ،فحين شرعنا في ولوج قاعات السينما مثل سينما كابيتول و ألكازار بشارع إيطاليا كـان عمرنــا ال يتجاوز الست أو سبع سنوات ،وكان ذلك في بداية مرحلة االستقالل وكانت مدينة طنجة ما تزال بنفحتها الدولية وبذلك التنوع اللغوي، حيث ظهرت ،على سبيل التمثيل ،أفالم أمريكية
كاري كوبري
وظهرت معها فئة من المتفرجين ترغب في مشاهدتها مدبلجة إلى اللغة اإلسبانية ،لدرجة أنه ذات مرة حين شاهدت كاري كوبر يتحدث بالفرنسية ،حدثت لي صدمة كبيرة ،ألن كاري كوبر بالنسبة لي كان يتحدث باللغة اإلسبانية، فإذا بي أشاهده متحدثا باللغة الفرنسية ،وبعد ذلك سأراه يتحدث بلغته األصلية األمريكية، فهذه العالقة مع الصورة والصوت السينمائي عشتها وأنا في مرحلـة بداية طفولتي ،وكنا منبهرين بكيفية تلقائية وبدون «تساؤالت مسبقة» وأنك فقط تشاهد قصة أو تشاهد فيلم ويسترن ،وترى خوسي ليتو يغني ،يعني تشاهد أفالما غنائية إسبانية ،وننتقل إلى سينما فوكس التي كانت تسترجع تلك األفالم القديمة حيث كنا نشاهد أفالم محمد عبد الوهاب وأسمهان وذلك موازاة مع أفالم جديدة في حينه أي في
فترة أواخر الخمسينات ،فقد ترعرعنا في هذا الجو وكان ذلك بالنسبة لنا أمرا طبيعيا وعاديا جدا ولم يكن اكتشافا ،بخالف من ولج السينما مرة واحدة وهو في سن الخامسة عشر ويصاب بانبهار شديد .وبنفس الكيفية أتحدث عن كرة القدم ،وأذكر ذات يوم أن أحدهم قال لي، بخصوص مباراة للكرة ،إنك ال تعرف قوانين هذه اللعبة ،والحال أني عشتها بشكل طبيعي، فقوانين لعبة كرة القدم تعرفنا عليها ونحن في بداية مرحلة طفولتنا ،إذن فالعالقة مع السينما كانت طبيعية جدا ،وباعتبارنا مجموعة أصدقاء حيث لم أكن بمفردي ،كنا مجموعة من األطفال تتراوح بين ستة أو سبعة أفراد نذهب للفرجة واالستمتاع ونصفق على ذلك الجندي األمريكاني الذي يحارب الهنود الحمر ،عشنا هذا كأمر عادي ،لنعود بعد ذلك إلى عالمنا الحقيقي والواقعي . و حين بلغنا مرحلة الدراسة الثانوية كان األساتذة ينصحوننا بولوج النادي السينمائي بطنجة التابع للجامعة الفرنسية لألندية السينمائية وكنا نتردد على هذه األمكنة ،لكن هناك ستحدث «مشكلة» ،فاألفالم التي كانت تعرض بالنادي لم تكن عادية بل كانت غريبة وليست كمثل األفالم التي سبق أن عشنا مع أجوائها ،وكانت تتضمن أغاني خوسي ليستو أو أغاني مصرية أو أفالم قراصنة البحر واألفالم البوليسية ،في حين أننا بدأنا نشاهد أفالما بإيقاعات أخرى مغايرة لما اعتدناه في السابق، ومن هنا بدأنا نتساءل بأن وراء السينما التي عرفناها توجد سينما أخرى شرعنا شيئا فشيئا نحس بأنها تستحق االهتمام ،بعد أن كنا نستغربها ،ومن بين هؤالء الزمالء والرفاق المنتمين لذلك الجيل هناك من أصبح سينمائيا، كمومن السميحي مثال ،الذي كان والده أيضا عالما ومدرسا للغة العربية ،فكنا نخرج معا لنبحث عن الجديد في هذه األفالم التي ينصحنا مدرسونا بمشاهدتها وهكذا كانت السينما شيئاً طبيعيا وليس مقحما علي ،وكذلك األمر بالنسبة للكتب ،الفرنسية أو العربية ،التي كان ينصحنا األساتذة بمطالعتها ،وهنا أود التأكيد على الدور الممتاز الذي قام به هؤالء األساتذة الذين حببوا لنا القراءة وسبر المعاني والدالالت من خالل قصص كقصص الفونتين وكيف أننا استفدنا من هذه النصائح بعد تجربتها، والغريب في األمر أن تجربة المطالعة أعجبتني بما يتبعها من روح البحث واالكتشاف ،وكانت مطالعات بسيطة جدا ،وكان لدينا أساتذة ممن أحسنوا تبليغنا بعض األمور التي كانت بالنسبة لنا ال يمكن فهمها بيسر وسهولة ،فأتذكر أستاذا فسر لنا كيف أن حكاية مثل حكاية جون دو الفونتين هي أمر هام جدا ،وأنها توحي بأشياء كان قد عاشها فعال في قصر لويس .14
وموازاة مع ذلك كان بعض األساتذة يشرحون لنا كيف أن ابن المقفع لديه كتابات يستعمل فيها الحيوانات كشخصية للقصة وتعلمنا من ذلك أن التعبير شيء مهم. وبعد التحاقنا بالطور األخير من الدراسة الثانوية ،أصبح تعاملنا مع نصوص الجاحظ، مثال ،طبيعيا ،والجاحظ من أذكى وأفقه من كتب بالعربية ،لقد عشنا مرحلة كان فيها التعليم ،بالنسبة لنا ال يبعث على النفور ،فقد كنا نلتحق بمدارسنا بصورة عادية ونفس الكيفية كنا نذهب للعب كرة القدم وبنفس الكيفية أيضا نتوجه لمشاهدة األفالم السينمائية، وهذا التناسق ،بين عالم «الدراسة» والحياة الشخصية كان متماسكا ،وال وجود للنفور بين أشياء نسميها «مجرد لعب» ،فهو لعب كان فيه استثمار ،مثل الكرة والسينما وغيرهما، وبين أشياء تعتبر بمثابة «مهنة» كما هو الحال بالنسبة للدراسة ،والفضل يرجع هنا ،بالنسبة لي ،أوال ،لنمط الحياة العام الذي كنا نعيش فيه ،وهذا أكيد ،ولكن أيضا كان الفضل أساسا يعود لألساتذة والمعلمين. الجامعة المغربية لم تكـن مجرد مجــال للتحصيل والتكوين العلميين ،بل كانت ،إذا صح التعبير، فضاء سياسيا حقيقيا للوعي باألسئلة التفصيلية الحارقة للواقع المغربي واإلنساني. هل استأثرت الجامعـة بدور استثنائي في مسارك التكويني ،أم أن فضاء آخر لعب هذا الدور في مشـوارك؟ وماهي المشارب والمؤثرات والمرجعيات األوليــة التي انفتح عليها األستاذ نورالدين ،بوعي فردي أو جماعي وقتها؟ حين وصلنا إلى الجامعة في أواسط الستينات وبداية السبعينات كانت البالد تعرف غليانا سياسيا كبيرا ،ونحن كنا في طنجة نتوفر
خو�صيليطو
على وعي وقراءات للواقع ،لكننا كنا معزولين نوعا ما عن هذا الغليان السياسي الذي يعيشه المغرب وتحديدا عاصمته االقتصادية ،وهنا اقتحمنا مباشرة حياة الفكر والنضال السياسي والنقابي الذي كان عبر «االتحاد الوطني لطلبة المغرب» حيث كانت التجمعات والكلمات التي تلقى في الحي الجامعي .وكانت هناك تنظيمات سياسية معروفة في الساحة كالحزب االشتراكي والحزب الشيوعي وحزب االستقالل طبعا ،وأحزاب أخرى كذلك ،لكن األساس كانت هي األحزاب المذكورة ،وكنا واعين بأنه يوجد يسار ويمين ،هذا إضافة إلى التنظيمات الطالبية األساسية كأوطم وأوجم التابعة لحزب االستقالل ،وكان هناك صراع ،والبد أن نتأثر بتلك التيارات ،ونحن بفعل ذلك االختالط الذي عايشناه في طنجة ،فإننا دخلنا مباشرة في األمر بكيفية هادئة وطبيعية ،وشيئا فشيئا انغمسنا في النضال واإلضرابات والتجمعات العامة ، وانطالقا من وجهة النظر هاته واعتبارا لتوفري على تقارب فكري مع حزب التحرر واالشتراكية حيث انضممت له لحوالي سنة أو سنتين وعبره انضممت لمكتب االتحاد الوطني لطلبة المغرب وأصبحت مهتمـا بالقطــاع الثقافــي ألوطم ومن هناك ناديت بضرورة الدخول إلى النادي السنيمائي على مستوى أوطم وتعاملت مع هذه األمور بكل الجدية إلى أن انقطعت عالقتي مع حزب التحرر واالشتراكية بسبب أننا أصبحنا أقلية داخل التنظيم وغير مقبولة من طرف األغلبية وانسحبنا حيث منا من انضم للتيار القاعدي وآخرون التحقوا وساهموا في تشكيل منظمة إلى األمام ،وبذلك ،ومع بداية السبعينات عشت فترة عملي السياسي المباشر. وفي سنـــة 1971توجهت إلى الخارج وبالضبط نحو لبنان وعشت فترة بعيدا عن المغرب وانغمست في ما عرف بالحركة القومية العربية سيما أن لبنان كان في تلك الفترة مركزا للنضاالت العربية .