Achamal n° 1021 le 26 Novembre 2019

Page 1

‫نور الدين الصايل‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫الحلقة‬ ‫الثانية‬

‫حين وصلنا إلى الجامعة في أواسط الستينات وبداية السبعينات كانت‬ ‫البالد تعرف غليانا سياسيا كبيرا‪ ،‬ونحن كنا في طنجة نتوفر على وعي وقراءات‬ ‫للواقع‪ ،‬لكننا كنا معزولين نوعا ما عن هذا الغليان السياسي الذي يعيشه المغرب‬ ‫وتحديدا عاصمته االقتصادية‪ ،‬وهنا اقتحمنا مباشرة حياة الفكر والنضال السياسي‬ ‫والنقابي الذي كان عبر «االتحاد الوطني لطلبة المغرب»‪.‬‬

‫نفق المغرب ‪ -‬إسبانيا‬ ‫وخط أنابيب الغاز النيجيري ‪ -‬المغربي‬

‫أوهام أم حقائق؟‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫جل�ســة مـع‬

‫رحيل اإلعالمي‬

‫مصطف اليزناسي‬ ‫صفحة ‪16‬‬

‫صفحة ‪8‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬ ‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 1021‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثاء ‪ 28‬ربيع الأول ‪ 26 / 1441‬نوفمرب �إلى ‪ 5‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫رشيدة‬

‫بنمسعود‬

‫صفحة ‪13‬‬

‫قلق الثقافة والمجتمع والسياسية‬

‫جريدة «الشمال» وموقع «أنفو طنجة»‬ ‫وجها لوجه مع الروائي والفاعل السياسي‬

‫محمد األشعري‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫نظمت جريدة الشمال وموقع «أنفو طنجة» يوم الجمعة ‪ 22‬نونبر ‪ 2019‬بفندق «المنزه» لقاء حواريا جماهيريا مع الروائي والفاعل السياسي محمد‬ ‫األشعري حول القضايا العالقة التي تشغل الرأي العام الوطني في السياق الثقافي والسياسي والمجتمعي‪.‬‬ ‫وقد تنوعت المطارحات الحوارية مع األشعري بدء من أسئلة األدب والمتعلقة بروايته األخيرة «العين القديمة»‪ ،‬التي فيما يبدو أنها قراءة لواقع المجتمع‬ ‫المغربي المنفصم‪ ،‬ورؤية روائية سردية لزمنه السياسي المرهق بازدواجية يعيشها بين شعارات المحافظة والحداثة وبين الطهرانية والفساد وبين التوق‬ ‫إلى العصرنة وإعادة إنتاج التخلف‪ .‬حسب ما أشار إلى ذلك األشعري‪.‬‬ ‫من جهة أخرى شهد اللقاء إثارة العديد من المواقف الشخصية التي يتبناها األشعري سياسيا بخصوص الوضع المتأزم التي يعيشه حزب االتحاد‬ ‫االشتراكي حاليا‪ ،‬وبخصوص إمكانات الخروج منها‪.‬‬ ‫وفي سياق التفاعل مع الكثير من القضايا التي عرفها المشهد الحقوقي والسياسي العام بالمغرب مؤخرا‪ ،‬وعلى رأسها مسألة الحريات الفردية وما‬ ‫كان قد أثارته من جدل على خلفية اعتقال اإلعالمية هاجر الريسوني بتهمة «اإلجهاض» غير القانوني‪ ،‬عبر األشعري عن إيمان صريح بضرورة صيانة هذه‬ ‫الحريات والذود عنها‪ ،‬إال أنه أشار أيضا بشكل صريح إلى أن هذه الحريات ينبغي أن تنضبط للحريات الجماعية وتراعيها كما هو الشأن حتى بالنسبة للدول‬ ‫العريقة ديموقراطيا‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ولم يفت األشعري وفي نفس سياق التفاعل مع األسئلة الحارقة سياسيا للمجتمع المغربي اإلعراب عن مواقفه غير‬ ‫المطمَئِنَّة تجاه صيغ التحالفات‬ ‫الحزبية التي تعرفها ممارساتنا السياسية الراهنة‪ ،‬وتجاه المادة ‪ 9‬من قانون المالية لسنة ‪.2020‬‬ ‫وستعمل جريدة «الشمال» في عدد الحق على نقل األطوار التفصيلية لكل فقرات الحوار‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫الطبيعة‬ ‫االنقسامية‬ ‫مغارات‪..‬‬

‫محمد سدحي‬ ‫‪sadhimed@gmail.com‬‬

‫أخنوش ‪ 100‬في ‪100‬‬ ‫وحتى العثماني‬ ‫‘’ما شي سويهل»‪!! ‬‬

‫كل من حضر ونظر‪ ،‬أو شاهد وبصر فيديو‬ ‫التجمع الذي نظمه حزب العدالة التنمية‪ ،‬مؤخراً‪،‬‬ ‫بجماعة «السويهلة» بضواحي مراكش‪ ،‬سيقف وقفة‬ ‫تأمل وتمهل وتفكر وتمعن في الصورة المفاجئة‬ ‫التي ظهر بها زعيم الحزب الحاكم (بأمر غيره) سعد‬ ‫الدين العثماني الفقيه الكتوم والطبيب البسّام‪،‬‬ ‫وهو يخطب (يوم األحد) أمام جمع غفير من األنصار‬ ‫والمحبين «المدرحين» بالفضوليين والمخبرين‬ ‫وبعض المتتبعين من الصحافيين و’’المتصاحفين’’‬ ‫والمدونين والمغردين خارج األسراب أو داخلها‪...‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬يكون العثماني «ما شي سويهل حتى‬ ‫هـو»‪ ..‬وال تحسبـنً الرجـل الضاحــك دومـاً عبيـطــاً‪،‬‬ ‫وال شك أن رئيس الحكومة الذي يضغط على‬ ‫«النكاصة» كلما أراد إشعال الضوء‪َّ ،‬‬ ‫تمكن‪ ،‬من خالل‬ ‫هذا اللقاء الحاشد‪ ،‬من تسديد ضربات‪ ،‬في الفم أساساً‪،‬‬ ‫لخصومه في الداخل قبل الخارج‪ ...‬بزّ سلفه عبد االله‬ ‫بنكيران (الظاهرة الصوتية علة مر زمن السياسة‬ ‫المغربية) في ديباجاته وعروضه (البهلوانية) التي‬ ‫يقفز من خاللها على الحواجز ويجرأ على اللعب والنط‬ ‫أمام قماقم العفاريت عازفاً لحن أغنيته الشهيرة التي‬ ‫مطلعها‪« :‬أنا أو ال أحد‪»...‬‬ ‫أما عن عزيز أخنوش غريمه يوم تبلى الحكومة‬ ‫الحالية‪ ،‬فحرج وحديث ال يهضم وال «يدوز» بجغمة‬ ‫ماء‪...‬‬ ‫ً‬ ‫دائما‪ ،‬كنا نقول‪ :‬إن قوة حزب العدالة والتنمية‬ ‫مستمدة‪ ،‬في جزء كبير‪ ،‬من أخطاء خصومه‪ ...‬ويتأكد‬ ‫ذلك اليوم‪ ،‬قبل أن يتمم « حزب األحرار» العدّ من‬ ‫واحد إلى ثالثة‪ ،‬في متوالية حسابية تؤول إلى العدد‬ ‫مائة‪ ،‬في سلم اللقاءات والتجمعات التي توفر لها‬ ‫اإلمكانات المالية واللوجستيكية وتنتخب لحضورها‬ ‫العناصر المؤهلة للتصفيق والهتف بما يليق بمجالس‬ ‫النخب وسامي الرتب‪ ،‬في القاعات الفخمة والشاليهات‬ ‫الفخمة‪ ،‬مع تأمين النقل واألكل والشرب وعدم التجشؤ‬ ‫(تجشؤ الوقوف)‪...‬‬ ‫بينما نشامى وماجدات «البيجيدي» في تقشفهم‬ ‫يتنافسون وفي زهدهم يحلقون عالياً ويتكبدون عناء‬ ‫التنقل والتوقف طوي ً‬ ‫ال أمام المنصة الشرفية حباً‬ ‫َ‬ ‫وطواعية‪ ،‬وينصتون إلى صوت الزعيم الرخيم الذي‬ ‫يصدح بما يخلب األلباب ويهز القلوب و «ينغنغ»‬ ‫األمخاخ في الرؤوس‪ ...‬وفي اليوم الموعود‪ ،‬يذهبون‬ ‫زرافات وفرادى إلى مكاتب التصويت لملء الصناديق‪،‬‬ ‫دون الجيوب‪ ،‬بتمائم طرد (التماسيح والعفاريت) سعياً‬ ‫إلى (محاربة الفساد واالستبداد) تحت شعار (مواصلة‬ ‫اإلصالح في ظل االستقرار)‪...‬‬ ‫االستقرار واالستمرار في المناصب عرفناه‪ ،‬ويخصنا‬ ‫أن نعرف طرق وأدوات اإلصالح‪...‬‬ ‫بتقويم جدتي «الغرافية» عليها أوسع الرحمات‪،‬‬ ‫اإلصــالح ال يحتــاج إ ّال إلى «مصالح» أي «شطابة‬ ‫وماء» إلى قاع البحر المديد المهجور‪ :‬فاعالتن فاعلن‬ ‫فاعالتن‪...‬‬

‫• نلتقي !‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬

‫بعد إعالن االستعمــار األوروبي انسحابه‬ ‫على التوالي من دول عربية‪،‬كان قد أعلنها‬ ‫محميــات أو مستعمـــرات تابعـــة لــه على‬ ‫امتداد عقود‪ ،‬اتجهت هذه الدول‪ ،‬المسماة‬ ‫«عربية»‪ ،‬نحو إقامة أنظمة تباينت طبائعها‬ ‫في مقابل بهلوانيـــات العــرب‪ ،‬وتحديدا‬ ‫في الظاهر بين واحدة تتبنى «خطابات»‬ ‫الشرق االشتراكي‪ ،‬وأخرى تميل نحو الغرب بالضفة الشمالية‪ ،‬حيث يفكر الناس هناك‬ ‫الرأسمالي‪،‬لكن ما جمع بين جميع البلدان بمنطق العلم والمعرفة‪،‬انتظم األوروبيـــون‬ ‫«المستقلة» حديثا هو خطاب واحد ينهل في «سوقهم المشتركة» كمشروع اقتصادي‬ ‫من بئر جافة إسمها «الوحدة»‪ ،‬ولذلك وسياسي ناجح‪ ،‬ودون إطالق العنان للبهرجة‬ ‫سارعت لتأسيس إطار مكتمل األركان لكنه أو الشعارات‪ ،‬وقعت الدول مجتمعة معاهدة‬ ‫فارغ المحتوى‪ ،‬وأطلقت على هذا المولود روما لتعلن رسميا وفي تاريخ يتزامن‪ ،‬مع‬ ‫إسم «جامعة الدول العربية» واعتبرته إطارا تاريخ إعالن «الوحدة» بين مصر وسوريا ‪،‬‬ ‫إقليميا يعكس هذه الوحدة المزعومة‪ ،‬عن قيام السوق األوروبية المشتركة‪ ،‬وبعد‬ ‫واعتقد الجميع أن نهضة العرب لن تتم‪ ،‬بعد مرور زهاء أربعة عقود على إعالن «السوق»‬ ‫حول اهلل‪ ،‬إال بوحدتهم واتحادهم‪ ،‬وهكذا لم نحج األوروبيون في تجاوز مرحلة «السوقية»‬ ‫تكف تلك األنظمة البهلوانية‪ ،‬على اختالف وانخرطوا فعليا باتفاقية «ماسترخت» في بناء‬ ‫مذاهبها وعلى امتداد األزمنة‪ ،‬عن ترديد شعار كيان اقليمي جديد اسمه «االتحاد األوروبي»‪.‬‬ ‫«الوحدة» وأنها ستكون العصا السحرية التي‬ ‫الواقــع العربــي الراهــن ال يكشـف عورة‬ ‫ستُن ِز ُل‪ ،‬بعون اهلل‪ ،‬غيث النماء من السماء‬ ‫على الشعوب‪! ‬‬ ‫العرب في مزاعمهم الوحدوية الغبية‪ ،‬بل‬ ‫البلدان التي صنِّفت في خانة «الرِّجعيات» يثبت طبيعتهم «االنقسامية»‪ ،‬والدليل على‬ ‫مارست خطاب الوحدة‪ ،‬على األقل في دوائرها ذلك ما أتى به هذا «الفصل» المُروع من‬ ‫القطرية‪ ،‬ورافعت بصوت الوحدة وإيقاعها تاريخ العرب الذي أصرُّوا على تسميته أيضا‬ ‫الرتيب والمُمِل»قبل كل دفع أو دفاع» كما ب «ربيعا عربيا»‪.‬‬ ‫يقول رجال المحاماة‪ ،‬أما البلدان التي استولى‬ ‫بلدان هــذا الربيــع استعادت عافيتها‬ ‫فيها على الحكــم ذوو التوجهــات الناصريــة «االنقسامية»‪،‬و يبدو أن عدد دول «الجامعة»‬ ‫والبعثية‪ ،‬فإنها رفعت سقف «الوحدة» ليشمل قد يكون مرشحا للتضاعف‪ ،‬وهكذا سنصبح‬ ‫كل األقطار التي تعتبر‪ ،‬بحسـب تنظيراتهم‬ ‫في غضون سنوات معدودة أمام ضيوف جدد‬ ‫المدهشة‪ ،‬دوال «عربية»‪.‬‬ ‫في «نادي الوحدة العربية»‪.‬‬ ‫«ظاهرة الوحدة المزعومــة» تبين‪ ،‬فيما‬ ‫و بلد المغرب‪ ،‬وإن لم يكن مرشحا‬ ‫بعد‪ ،‬أنها لم تكن مؤسسة على رؤية علمية‬ ‫استشرافية تنهل من العلوم الحديثة‪ ،‬بل لالنقسام‪ ،‬ألسباب متعددة‪ ،‬فإنه أيضا استعاد‬ ‫كانت مجرد شعار فارغ المحتوى‪ ،‬مُوَجَّهٍ طبيعته «االنقسامية» بسبب استمرار سيادة‬ ‫درجة ثقافة القبيلة التي تحدث عنها الجابري مطوال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الستهالك الجماهير التي تفوق‬ ‫وهكذا انتقل الحديث السياسي بين النخب من‬ ‫بَالدَتِها َغبا َء ّ‬ ‫حُكامِها ‪.‬‬ ‫معالجة القضايا «الوطنية» إلى سياق مناقشة‬ ‫هزالة مشروع «الوحدة العربية» اتضح‬ ‫سريعا باإلعالن عن إنشاء ما سُمّيَ في حينه مواضيع «الجهوية» وصار الجميع ينصب‬ ‫«الجمهورية العربية المتحدة» بين مصـر نفسه مدافعا عن الجهوية الحقيقية‪ ،‬أي تلك‬ ‫وسوريا كتحقيق فعلي لواحدٍ من أحالم جمال الجهوية التي تمنح لقبيلته أو عشيرته‪ ،‬أو‬ ‫عبد الناصــر أواخر الخمسينات‪ ،‬حيث أعلنت حتى لحاضرته‪ ،‬موقع الصدارة‪ ،‬بل إن عدوى‬ ‫«الوحدة» سنة ‪ 1958‬بميثاق وقعه شكري الصراع البين ـ قبلي انتقلت لتشمل مناطق‬ ‫القوتلي وجمال عبد الناصر ‪ ،‬قبل أن «يرتد» كانت تعتبر موحدة تاريخيا‪ ،‬لغ ًة ‪ ،‬ثقاف ًة وحتى‬ ‫عبد الكريم النحالوي‪ ،‬بانقالب عسكري‪ ،‬على تضاريساً‪ ،‬وربما سنكون قد شرعنا في العودة‬ ‫«وحدة» ولدت ميتة‪ ،‬ويعلن بدوره عن قيام من تلك الوحــدة الوهميــة نحو «الطبيعة‬ ‫الجمهورية العربية السورية‪ ،‬والمضحك في االنقسامية»‪.‬‬ ‫األمر أن مصر احتفظت‪ ،‬رغم االنفصال‪ ،‬باسم‬ ‫«الجمهورية العربية المتحدة» وذلك حتى‬ ‫بداية السبعينات وقبل أن تُبدِّلهُ باسم‬ ‫«جمهورية مصر العربية»‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد وطـــا�ش‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫درد‬

‫دردشة‬ ‫ما أن صافحتُه‪ ،‬حتى طلب مني أن أبتعد عنه‪ ،‬ألن عينيه أصيبتا بـ (سوَّاح)‪،‬‬ ‫وقد أخبرني أن دخول هذا المرض إلى العين يستوجب أسبوعا‪ ،‬وعالجه يتطلب‬ ‫أسبوعا‪ ،‬وخروجه يستلزم أسبوعا‪ .‬ثالثة أسابيع هي المدة التي يستوطن فيها هذا‬ ‫الداء اللعينَ حسبما قال له الطبيب‪.‬‬ ‫ثم إنه إذا دخل داراً‪ ،‬فإنه ال يبارحها إال إذا وزَّع فيروسه بالقسطاس المستقيم‬ ‫على األسرة بأكملها‪.‬‬ ‫صاحبي هذا يضع اآلن نظارة سوداء على عينيه‪ ،‬اتقاء تفا ُقم المرض‪ ،‬وهو‬ ‫يستعمل عادة عدة نظارات طبية‪ :‬نظارتان للبعد‪ ،‬ونظارتان للقرب‪ ،‬وحاول إدماج‬ ‫القرب والبعد في نظارة واحدة‪ ،‬فلم يتكيف معها‪.‬‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫وله حساسية مفرطة في العين‪ ،‬فلقد حكى لي أنه وقف أمام المرآة ذات صباح‪،‬‬ ‫فرأى عينيه وقد تورمتا‪ ،‬وبعد دقائق معدودة‪ ،‬شعُر ببرودة تسري في جسمه‪ ،‬فلما‬ ‫فتح عينيه‪ ،‬وجد نفسه طريح األرض‪ .‬لم يدر كيف سقط‪ ،‬ولكنه يذكر أن نظرته‬ ‫إلى عينيه وهما على هذه الصورة من االنتفاخ والحمرة‪ ،‬كانت كافية إلغمائه‪.‬‬ ‫وأخوف ما يخاف منه‪ ،‬طبيب العيون‪ ،‬وأخوف ما يخاف‪ ،‬أن ينصحه باستعمال‬ ‫القطرات‪ ،‬فكيف سيتمكن من استعمالها إذا كان ال يستطيع فتح جفنيه؟‬ ‫في الصغر‪ ،‬كان يشاهد والدته تُدخل مِرْوَدَ الكحول في عينيها‪ ،‬فيشفق‬ ‫عليها مما قد يصيبها من جراء إدخال هذا العود في عينيها بين الحين والحين‪.‬‬ ‫إنها حالة ال ُغ ُلوَّ فيها وال مبالغة‪ ،‬يعيشها هذا الصديق ويعاني منها‪ ،‬ويحسب‬ ‫الحساب ليوم قد يضطر فيه إلى إجراء عملية جراحية على إحدى عينيه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫فاللهم نسألك العفو والعافية والمعافاة في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫الوطن أو ًال وأخيراً‪..‬‬ ‫‬‫كلما سمعنا كلمة وطن إال وتلبست أجسادنا أحاسيس‬ ‫دافئة واستدعي في عقولنا شريط من الرموز الراسخة‪ ،‬العلم‬ ‫الوطني‪ ،‬النشيد الوطني‪ ،‬خريطة الوطن‪ ،‬تاريخ الوطن‪ ،‬بطوالت‬ ‫وأمجاد الوطن التي كان وراءها نساء ورجال خلدوا أسماءهم في‬ ‫صفحاته المشرقة‪...‬‬ ‫وكلما سافرنا خارج الوطن إال وكان السؤال الرئيسي الذي‬ ‫يواجهنا هو البلد أو الوطن الذي ننتمي إليه قبل االسم أو‬ ‫المهنة أو ماشابه ذلك من أسئلة تدور حول الهوية؛ ويكون‬ ‫الجواب دائما باعتزاز وافتخار‪ :‬أنا أنتمي إلى المغرب أو أنا‬ ‫مغربي‪ ،‬وحتى الذين فرضت عليهم الهجرة المقام في بلدان‬ ‫أخرى وتجنسوا بجنسيتها يكون جوابهم‪ :‬أنا مغربي فرنسي أو‬ ‫فرنسي من أصول مغربية‪ ،‬ومغربي هولندي أو هولندي من‬ ‫أصول مغربية‪ ...‬إن لم تكن‬ ‫اإلجابة باختصار أنا مغربي‪.‬‬ ‫لماذا أسـوق هذا الكالم‬ ‫الذي قد يبدو من البديهيات‬ ‫أو من نافل القول الذي ال‬ ‫طائل من إثارته عند البعض؟‪.‬‬ ‫ال يتعلــق األمر بحـــدث‬ ‫بعينــه كحرق العلم الوطني‬ ‫الذي يصنف في خانة الكبائــر‬ ‫أو الجرائــم في حق الوطن‬ ‫والذي كان الرد عليه شافيا‬ ‫وكافيـــا بمختلـــف الطــرق‬ ‫والوسائل‪ ،‬وإنمــا بما يمكــن‬ ‫تسميته «عقــوق الوطــن»‬ ‫والذي يتمظهر في تعبيرات‬ ‫شتى والتي يمكن أن تصل‬ ‫إلى نزعة أو ظاهرة لها مشجعوها الذين ينفخون في الرماد‬ ‫وجمهورها الذي يصفق ويؤيد بسبب إيديولوجية عدمية أو‬ ‫غالبا اتباعا لـ «جياللة بالنافخ» كما يقال‪.‬‬ ‫النزعة أو الظاهرة تتمثل في القول إن ال شيء في هذا‬ ‫الوطن يسير على ما يرام وإن ال مستقبل في هذا الوطن‪،‬‬ ‫ويتمثل أيضا في القول إن فتحت الحدود فمعظم المغاربة‬ ‫سيهجرون بلدهم ولن تبقى فيه إال أقلية مستفيدة‪...‬‬ ‫صحيح أن المغرب ليس جنة‪ ،‬ولكنه ليس جهنم‪ ،‬لقد حقق‬ ‫مكتسبات وتقدما قي مستويات‪ ،‬وتأخر في خطوات وكبا في‬ ‫تحديات رفعها منذ االستقالل؛ لقد كبا في تعميم التعليم‬ ‫ومحاربة األمية التي عانت منها أجيال متعاقبة والتي تؤثر سلبا‬ ‫على األجيال الحالية‪ ،‬وتأخر في بناء نظام صحي جيد مالئم‬

‫‪3‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫لجميع فئات المجتمع‪ ،‬وفشل في توفير حماية اجتماعية أو‬ ‫نظام اجتماعي عادل يقي من التهميش واإلقصاء والهشاشة‪،‬‬ ‫وتذبذب في نسج قطاع خاص وطني قوي جاذب للكفاءات‬ ‫ومحفز لها‪ ،‬ومشجع للشباب على اإلبداع والمغامرة واالستثمار‬ ‫والثقة في مؤهالت الوطن‪ ،‬بدل التفكير في الهجرة وخدمة‬ ‫األوطان األخرى‪...‬‬ ‫ومما يؤلم كثيرا ويمكن اعتباره من المؤشرات السلبية‬ ‫الخطيرة هو انخفاض منسوب األمل في المستقبل والثقة في‬ ‫الوطن‪ ،‬رغم أن معظم العيون التي تتابع المغرب تدرك أنه قادر‬ ‫على النهوض وله طاقة ليكون أحسن مما هو عليه إن علت‬ ‫إرادة اإلصالح والتعبئة الشاملة وتوفرت شروط لذلك بقليل‬ ‫من الحكمة من المجتمع‬ ‫والحكامة من الدولة‪...‬‬ ‫إن الرؤية المتبصرة لما‬ ‫يحيط بنا وبما يستجـد في‬ ‫جميع أقطار المعمور التي‬ ‫أخطأت مواعيدها مع التاريخ‬ ‫بسبب األنانية التي أصابت‬ ‫جل نخبهــا والتذمــر الذي‬ ‫تغلغل في القلوب‪ ،‬والعدمية‬ ‫التي سيطرت على العقول‪،‬‬ ‫ال تترك المجال لمزيــد من‬ ‫األخطـــاء وغـــض الطـــرف‬ ‫عن المحبطـــات السياسية‬ ‫واالقتصاديــة واالجتماعيـــة‬ ‫والثقافية‪ ،‬والكوابح النفسية واألخالقية والقيمية والسلوكية‪،‬‬ ‫بل تحتم من باب المسؤولية مواجهة كبوات التأخر بمزيد من‬ ‫الوطنية الصادقة وبترسيخ اإليمان بحب الوطن كقيمة من‬ ‫ركائز القيم‪.‬‬ ‫فالوطن هو القارب الذي يجمعنا في خضم هذا العالم‬ ‫المتالطم‪ ،‬ال بديل لنا عنه رغم اختالفاتنا‪ ،‬وهو المرآة التي‬ ‫تعكس صورتنا أينما حللنا وارتحلنا‪ ،‬وهو التراب والهواء والماء‬ ‫الذي علينا أن نحميه جميعا‪ ،‬وهو الحاضر والمستقبل الذي‬ ‫من واجبنا‪ ،‬كل حسب طاقته‪ ،‬أن نبنيه حجرا حجرا‪ ،‬وهو البيت‬ ‫الكبير الذي من حقنا أن نعيش فيه كلنا كرماء أعزاء دون مركب‬ ‫نقص أو خوف‪...‬‬

‫شاعر توضأ‬ ‫بماء الغيب‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫في صبيحة يوم السبت سادس عشر نوفمبر الجاري دعيت‬ ‫لحضور لقاء ثقافي في موضوع «الشعـر الصوفي واألمن الروحي»‬ ‫بمندوبية وزارة الثقافة بطنجة‪.‬‬ ‫سعدت باإلنصات إلى حديث مفتـوح أجراه الصديـق الدكتور‬ ‫علي الورياغلي بنباهته المعتادة مع الشاعر المصري محمد محمد‬ ‫الشهاوي ‪.‬‬ ‫انجذبت لقراءات شعرية موسومة بحسن إيقاع هذا الشاعر‬ ‫الكبير ؛ خاصة قصيدتيه الرمزيتين « من أنت ؟» و «المرأة االستثناء»‬ ‫وغيرهما من لوامعه وبوارقه التي ليست حبا حسيا‪ ،‬بل هي مراق‬ ‫لعوالم سامقة‪..‬‬ ‫ما شدني في حديث الشهاوي ‪:‬‬ ‫أوال ـ حديثه عن التصوف ؛ الذي عده ‪:‬‬ ‫• ارتكازا على الشريعة‪.‬‬ ‫• مخبرا ال يعلم سره اال عالم الغيوب‪.‬‬ ‫• أحواال وصبرا ورياضات‪..‬‬ ‫• إعادة لخلق وجدان اإلنسان‪.‬‬ ‫• مجاهدات ال يراها إال ذووها‪ ،‬كما تبين شاعرة ‪:‬‬ ‫أيها الناس ‪ :‬ما جننت ولكن أنا سكرانــــــة وسكري صاح‬ ‫أنا مفتونة بحب حبـــــــيبي ليس لي من بــــــابه من براح‬ ‫• روحا ناقلة من حال الى حال‪..‬‬ ‫• حياة ؛ رافدها األساس تجربة مهذبة‪.‬‬ ‫• ذوقا مشدودا لعوالم غيبية‪.‬‬ ‫• قنوات عبادات ومجاهدات وقربات‪..‬‬ ‫• تحليا بكماالت‪..‬‬ ‫• انخالعا عن الذات ‪:‬‬ ‫أخرج من ذاتك تطهر‬ ‫وابعد من نفسك تكبر‬ ‫الليل القابع في جنبيك حجاب‪..‬‬ ‫استجمع فطرتك األولى ‪..‬‬ ‫واطلبني‬ ‫• متسعا قلبيا للمعرفة الربانية‪.‬‬ ‫• امتثاال لتوجيهات شيوخ عارفين باهلل ‪ ،‬دالين عليه‪.‬‬ ‫• معبرا من مقام التلوين ؛ وهو مقام طلب وفحص عن طريق‬ ‫االستقامة إلى مقام التمكين ؛وهو مقام رسوخ وثبات على االستقامة‬ ‫• استحقاقا جماليا مبهجا‪..‬‬ ‫ثانيا ـ حديثه عن تجربته الشعرية ؛ حيث قال عن نفسه ‪:‬‬ ‫• « شاعر ‪ ،‬عبد هلل ‪ ،‬مسكين ‪.»..‬‬ ‫• «حلمي الدائم الذائب أن أكتب قصيدة تبقى بعد رحيلي ؛‬ ‫يذكرني بها الناس»‪.‬‬ ‫• « الشعر حالة تأتيني من البعيد البعيد‪.»..‬‬ ‫• « قصيدتي ترجمان تلق ‪..‬يتحول في داخلي كما تصنع النحلة ؛‬ ‫فشعري منحل رباني يخرج مصفى ‪.»..‬‬ ‫• « أنا ابن منظومة نورانية ؛ عناوينها الكبرى ‪:‬‬ ‫ـ القرآن الكريم حفظا وتجويدا‪.‬‬ ‫ـ حلق الذكر‪..‬‬ ‫ـ قراءة األوراد‪..‬‬ ‫ـ مأثورات عربية‪..‬‬ ‫ـ ما نقل إلى العربية مترجما‪..‬‬ ‫ـ قراءات عامة شكلت زاده ومزوده ‪:‬‬ ‫« ال أملك سوى مكتبة ال يملكها وزير ثقافة بها مائة ألف كتاب‪.»..‬‬ ‫« لم أهتم في يوم ما إال بشراء كتاب‪.»..‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬مشيرات موجهة ‪:‬‬ ‫• العالم في حاجة إلى قيم روحية بانية‪..‬‬ ‫• الوطن هو الدنيا كلها ملخصة في شبر من األرض‬ ‫• االستقامة الحقيقية ال تبنى بالمسالك البسيكولوجية وال‬ ‫بالعقالنيات الصارمة‪ ،‬بل بالمسالك الطهرانية التي يشرف عليها‬ ‫منقذون إنسانيون كمل ‪.‬‬ ‫• التربية الصوفية ترياق شاف وعالج كاف ‪..‬‬ ‫وبعد ‪،‬‬ ‫فقد تحدث الشاعر المصري المجيد محمد محمد الشهاوي في‬ ‫هذه الصبيحة المباركة وأصاب ؛ لكونه توضأ بماء الغيب ‪.‬‬


‫الشمال الفني‬

‫ح‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ر‬

‫‪4‬‬

‫مع‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1021‬ـ الثالثاء ‪ 26‬نوفمبر إلى ‪ 5‬ديسمبر ‪2019‬‬

‫ال�سينمائي‬

‫محسن الناظفي‬ ‫• أجرى الحوار يوسف سعدون‬

‫محسن الناظفي‪ ،‬واحد من السينمائيين المغاربة الشباب الذين أتوا للسينما عن حب‬ ‫ورغبة‪ ،‬هو فنان متعدد يجمع بين التمثيل واإلخراج ومجاالت أخرى‪ ،‬وهو مؤسس أول‬ ‫مؤسسة خاصة لتعليم تقنيات العمل السينمائي بمختلف مشاربه من التمثيل واإلخراج‬ ‫وكتابة السيناريو وغيرها من التقنيات‪ ،‬ولتقريب قراء الشمال من هذا الفنـان الواعـد‪،‬‬ ‫أجرينا معه الحوار التالي ‪:‬‬ ‫‪ -‬من يكون محسن الناظفي ‪ ،‬وكيف أتى لعالم السينما ؟ ‪:‬‬

‫محسن الناظفي‪ ،‬مبدع شغوف بعالم السينما وتقنياتها الساحرة‪،‬‬ ‫عالقتي بهذا العالم ابتدأت منذ الصغر حيث شاركت في التمثيل في‬ ‫فيلم كلمات أسير للمخرج نورالدين الخماري وعمري لم يتجاوز ‪ 13‬سنة‪،‬‬ ‫وبعده توالت الفرص حيث كنت حاضرا في مجموعة من األفالم كفيلم‬ ‫‪Le regard‬‬ ‫والقضية‪ ،‬حضرت أيضا مع حفصية هرزي في «فرونسيز» ومع سعيد‬ ‫التغماوي وطوماس كريشمان‪ ،‬في ‪ ،Mogadiscio‬مع والدي ‪ -‬رحمه‬ ‫اهلل ‪ -‬اكتشفت عالم الديكور في اإلنتاج المشترك لفيلم كازا نيكرا الذي‬ ‫أنتج سنة ‪, 2008‬لكن لألسف‪،‬والدي غادرنا إلى دار‬ ‫البقاء مباشرة بعد العرض ماقبل األول للفيلم‪ ،‬في‬ ‫نفس السنة‪ ،‬كتبت وأنتجت فيلمي القصير األول‬ ‫إهداء الروح الفقيــد والدي رحمــه اهلل‪ .‬بعد هـذه‬ ‫التجارب‪ ،‬قررت تطوير مهاراتي في السينما عن طريق‬ ‫الدراسة حيث كان لي ذلك بمونريال بكندا‪،‬وهناك‬ ‫شاركت في إنتاج فيلمي القصير الرابع‬ ‫‪L’esclave du mâl‬‬ ‫والذي مثل فيه إدريس الروخ وأنس الباز والذي‬ ‫صورت الكثير من مشاهده بالمغرب‪ .‬وهناك أيضا‬ ‫كان لي شرف المشاركة في لجن انتقــاء الممثلين‬ ‫لمجموعة من األفـالم‪ .‬كانــت لي موازاة مع ذلك‬ ‫أنشطة في مجال اإلنتاج ومساعدة مجموعــة من‬ ‫المخرجين الشباب في هذا المجال‪.‬‬ ‫بجانب كل هذا اقوم بالتمثيــل من حين آلخــر‬ ‫كمشاركتي في فيلم‬ ‫‪The spy de Gideon Raff‬‬ ‫وهذا األمر فتح شهيتي لالنغمـاس في تأسيس‬ ‫مشروع كبير هو‬ ‫‪ACTING INSTITUTE‬‬ ‫والذي يهـدف إلى تكويـن ممثليـن ومخرجيـــن‬ ‫وتقنيين للمستقبل‪.‬‬

‫ تتوزع اهتماماتك بين اإلنتاج واإلخراج والتمثيل‪ ،‬ماذا عن‬‫هذا االهتمام المتعدد ؟ ‪:‬‬

‫من خالل الفرص المتعددة المتاحة لي للتعامل مع الكاميرا‬ ‫كممثل أو كمخرج أو مهام أخرى كمدير تقني ومشرف على انتقاء‬ ‫الممثلين‪،‬تمكنت من استيعاب كل أسرار هذا الفن الرائع ‪،‬وكذا الوقوف‬ ‫على المفاهيم األساسية التي تؤثث المشاريع الفنية السينمائية‪،‬وكل‬ ‫هذا مسؤوليات جسيمة يجب تحملها بجد وجدية تحترم الجمهور‪...‬‬

‫بفضل تجربتي كممثل ‪،‬استطعت كذلك استيعاب تردد الممثل وتخوفه‬ ‫أثناء أداء الدور ‪،‬وتراكم التجربة ساعدني على صقل قدراتي ومهاراتي‬ ‫وتوجيهها التوجيه الصحيح ‪،‬واإلنتاج واإلخراج بالنسبة لي هما قبل كل‬ ‫شيء المعرفة والدراسة وتكريس الوقت لآلخر وإبراز طاقاته ومهاراته‬ ‫‪،‬اإلنتاج أيضا معرفة التنسيق بين كل مكونات الفعل السينمائي من‬ ‫تقنيين وممثلين ومخرجين من أجل منح فسحة للسينما لكي تعبر‬ ‫‪،‬أمارس اإلنتاج واإلخراج بشغف ألنه لحظة تقاسم آمالي ومتمنياتي‬ ‫وأحالمي ‪،‬وهو وسيلتي للتعبيروطرح األفكار السامية وطريقة للتعبير‬ ‫عن هواجسي ومخاوفي إزاء وضع الحريات وغياب العدل االجتماعي‪.‬‬

‫تقنيات القتال وكتابة السيناىيو واإلدارة الفنية وغيرها‪.‬وهناك مؤطرون‬ ‫أكفاء من ذوي االختصاص كالفنانة سميرة أقريو وإدريس الروخ ومالك‬ ‫أخميس وإسماعيل الفالحي وآخرين‪.‬‬ ‫بجانب التكوين‪ ،‬يكتسب طلبتنا مهارات تقنية وفنية كبيرة‬ ‫لالندماج السلس في عالم السينما‪،‬ويستطيع الطالب منذ شهره الرابع‬ ‫االستفادة من فرص التقدم الختبارات االنتقاء عبر ربوع المغرب من‬ ‫أجل المشاركة في مشاريع سينمائية‪ ،‬والفضل يرجع للمعهد الذي‬ ‫يساعدهم على تجاوز كل الصعوبات في هذا المجال‪،.‬وهناك طلبة‬ ‫استطاعوا النجاح على المستوى التقني منذ شهرهم السادس وشاركوا‬ ‫في تصوير أعمال سينمائية مهمة‪.‬‬ ‫الخالصة هي أن مؤسستنا هي مؤسسة خاصة تعمل‬ ‫على تكوين أجيال من سن التاسعة إلى سن التاسعة‬ ‫والتسعين في كل ما يتعلق بمجال الفن السابع‪.‬‬

‫‪ -‬رأيك في السينما بالمغرب ؟ ‪:‬‬

‫ عملتم على خلق مركز للتكوين السينمائي‪ ،‬ماذا عن هذا‬‫المركز ؟ ‪ACTING INSTITUTE :‬‬

‫هو أول مؤسسة خاصة بالمغرب تعنى بتكوين الممثلين أمام‬ ‫الكاميرا ‪،‬مقره بالدار البيضاء‪،‬لنا طموح لتوسيع آفاقه وتحويله ألكاديمية‬ ‫دولية متخصصة ومنفتحة وجامعة‪...‬الدروس بهذه المؤسسة تمنح كل‬ ‫الوسائل الضرورية للمبتدئين والهواة والمحترفين من أجل إتقان مهنة‬ ‫التمثيل والتشخيص‪،‬سواء بالسينما أو التلفـــزة‪ ،‬والتكوين يشمل أيضا‬ ‫فروعا أخرى كتقنيات التواصل وتاريخ السينما والتعليم اإليكوغرافي في‬

‫الحديث عن واقع السينما بالمغرب حديث يخلق فينا‬ ‫الكثير من الحسرة واألسى سواء بالنسبة لإلمكانيات‬ ‫المتاحة أو البنيات التحتية للممارسة والترويج‬ ‫السينمائي‪،‬والمتضرر األكبر من هذا األمر هم العاملون‬ ‫بكل أطيافهم‪،‬حيث ال يتوفر هؤالء على مدراء أعمال أو‬ ‫محتضنين‪،‬فمثال يضطر المخرج لطرق األبواب بنفسه‬ ‫من أجل الحصول على دعم من مركز إنتاج ‪،‬ويضطر‬ ‫للمفاوضات شخصيا من أجل الظفر بالعقد‪،‬وهذا يحدث‬ ‫فقط عندنا في المغرب‪،‬والمشكلة أفظع في التلفزة حيث‬ ‫أن الميزانيات المرصودة قليلة وتهتم بالكم في غياب‬ ‫الجودة‪،‬حيث عوض أن تخصص تلك الميزانية إلنتاج عدد‬ ‫قليل من األفالم بشكل يراعي شروط الجودة‪،‬فاالهتمام‬ ‫ينصب على إنتاج غزير همه الوحيد هو تغطية مساحات‬ ‫البث التلفزي‪،‬هل يعقل مثال ان ينتج شريط تلفزي من‬ ‫‪ 90‬دقيقة في أسبوع ويصور في أسبوعين‪..‬هذا مخجل‬ ‫جدا‪،‬وهذا الوضع يسيء للكثير من الطاقات التي تجد‬ ‫نفسها مجبرة لالنخراط في هذا المشهد البئيس لدراما التلفزة‪..‬ونظرا‬ ‫لهذه الظروف والشروط المتاحة‪،‬وجدت نفسي مضطرا لعدم التعامل‬ ‫واالشتغال مع التلفزة‪.‬‬

‫‪ -‬كلمة أخيرة ‪:‬‬

‫شكرا لكم في جريدة الشمال على هذه الفرصة التي أتحتموها لي‬ ‫لكي أبسط للقراء تجربتي المتواضعة في مجال السينما وتقريبهم من‬ ‫كل اهتماماتي وانشغاالتي ومشاريعي‪.‬‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫الشمال الفني‬

‫«بيـــان فـنـي »‬ ‫« بيــان‬ ‫فـنـــي»‬ ‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم‬ ‫عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعه السينمائي املن�صوري الإدري�سي �سيدي محمد‬ ‫أنا الموقع أسفله‪:‬‬ ‫ـ من مواليد ‪ 1962/02/21‬في الرباط – المغرب‬ ‫ـ فنان تشكيلي‬ ‫ـ رئيس النقابة المغربية للفنانين التشكيليين‬ ‫المحترفين‬ ‫ـ رئيس جمعية الفكر التشكيلي ‪.‬‬ ‫ـ نائب الكاتب العام للجمعية المغربية للفنون‬ ‫التشكيلية‪.‬‬ ‫ـ عضو المجلس اإلداري لإلتالف المغربي للثقافة‬ ‫والفنون‬ ‫رئيس األكاديمية األوروبية للفنون ببروكسل‪-‬‬ ‫بلجيكا ‪ -‬فرع المغرب‬ ‫ـ عضو الرابطة الدولية للكتاب والفنانين ‪ -‬توليدو‬ ‫ الواليات المتحدة األمريكية‪.‬‬‫المسار الفني‬ ‫منذ الصبى تعلمت أبجدية الصباغة من محل لقريب‬ ‫لي معروف لدى فناني المغرب كمحج لصنع إطارات اللوحات‪..‬‬ ‫ومنذ السبعينات‪ ،‬تعرف كطفل على مختلف التجارب التشكيلية‬ ‫المغربية االستشراقية منها أو المحلية ‪ ..‬معظم أوقات فراغي‬ ‫وإلى ساعات متأخرة من الليل أقضيها في مساعدة المرحوم «الحاج‬ ‫مكوار» في صنع إطارات أعمال فنية للعديد من األسماء التي بصمت‬ ‫على سجل التشكيل المغربي المعاصر‪ .‬فهذا المحل هو الوحيد الذي‬ ‫كان يختص في هذه المهن األساسية للتشكيل‪ ،‬وكان يختص‬ ‫أيضا في بيع القماش الخاص بالرسم‪ ..‬و لهذا السبب‬ ‫كان محج فنانين مغاربة وعرب وأجانب معروفين‬ ‫على المستوى العالمي‪ :‬محمد الحمري‪،‬‬ ‫المكي مورسيا‪ ،‬بن كمون‪ ،‬محمد خصيف‪،‬‬ ‫الهبولي‪ ،‬القاسمي‪ ،‬المالخ‪، ،‬الحريري‪،‬‬ ‫وميلود األبيض ‪ ،‬الفنان العراقي الفذ خالد‬ ‫الجادر والدريسي ومونتيل وألبير بيلو‬ ‫وغيرهم من الذين كانوا يفضلون الرسم في عين المكان‪...‬‬ ‫هذه العالقة تطورت لتتجاوز المحل باتجاه مراسم بعض الفنانين‬ ‫المشهورين‪ ،‬وبفضل تأثيرهم المادي والتوجيهي‪ ،‬إذ كان محمد القاسمي يهدى‬ ‫لي في كل زيارة صباغة وأدوات وتوجيهات ‪ ،‬مما أصابني بعدوى األلوان‪.‬‬ ‫هذه العدوى ستمكنني من الفوز بأول جائزة في الرسم كانت قد نظمتها‬ ‫مدرسته اإلعدادية «عبدالسالم السايح» بالرباط‪ ،‬ومن ثمة التقطتني أعين‬ ‫السلطة الرابعة‪ ،‬فكتب عني الصحافي السوادني الراحل أبو بكر الصديق‬ ‫الشريف اإلدريسي‪ ..‬ومن «جوطية» باب األحد بالرباط سترتسم معالم فنان‬ ‫شاب قادم‪...‬‬ ‫في مراحلي األولى‪ .‬انشغلت ‪ ،‬وكأي فنان شاب‪ ،‬بتمثل قواعد وضوابط‬ ‫التشكيل المدرسية واألكاديمية‪ ،‬وكان تأثير ألبير بيلو كبيرا‪ ،‬إذ كان مدرسه بامتياز‪.‬‬ ‫وألن هذه المرحلة كانت متميزة برسم مظاهر الفولكلور والصناعة التقليدية‬ ‫ومشاهد الطبيعة‪ ،‬فإنني قد تدرب على رسم الواقع‪ ،‬وكان يعرض كل أعمالي على‬ ‫ألبير بيلو الذي اكتشف في فنانا واعدا‪ .‬ومن ثمة عرفني بصديقه الفنان الفرنسي‬ ‫جان غوستاف مونتيل الذي كان بارعا في رسم الطبيعة‪ ،‬ومنهما متحت وتشربت‬ ‫وتمثلت قواعد العمل التشكيلي‪.‬‬ ‫وبالموازاة مع هذا األفق التشكيلي المبلسم تارة ببصمة غربية استشراقية‬ ‫وتارة ببصمة محلية‪ ،‬تعرفت على مبدعين كبار‪ ،‬كانوا يرافقون فنانين تشكيليين‬ ‫مغاربة وأجانب‪ :‬محمد شكري وبول بولز األمريكي‪..‬‬ ‫وكان من المفترض أن أنتمي إلى مدرسة للفنون الجميلة‪ ،‬فقد كانت في‬ ‫المغرب وال تزال مدرستان‪ ،‬مدرسة الفنون الجميلة بتطوان باتجاهاتها الواقعية‬ ‫الماتحة من المدرسة االسبانية‪ ،‬ومدرسة الدارالبيضاء التي تمتح من التجربة‬ ‫الفرنسية ذات التوجه التجريدي والتعبيري‪ ،‬ولكن بسبب رفض والدي‪ ،‬تابعت‬ ‫دارستي الجامعية بفرنسا حيث حصلت في جامعة بوردو على دبلوم في اللغة‬ ‫االنجليزية‪ ،‬ثم عدت إلى المغرب وحصلت على إجازة في التاريخ والجغرافيا الريفية‪،‬‬ ‫أللتحق بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية‪ ،‬كما حصلت على تكونين فني‬ ‫وتقني في ميدان الطباعة (الملصقات الفنية ذات الجودة العالية) بباريس لمدة‬ ‫سنتين‪..‬‬ ‫وبسبب عدوى الفن رفضت أن أنخرط في سلك الوظيفة العمومية‪ ،‬إيمانا‬ ‫مني بكون امتهان أي نشاط خارج الفن التشكيلي هو إعدام وقتل لروح الفن‬ ‫وحريته‪ ،‬ولذلك اخترت زواجا كاتوليكيا بالفن التشكيلي‪ ،‬وأمتهنه لمدة تربو عن‬ ‫أربعة عقود‪..,‬ومنذ ذلك الوقت وبالضبط انطالقا من ‪،1977‬نظمت مجموعة‬ ‫من المعارض الفردية والجماعية داخل أرض الوطن وخارجه‪ ،‬وحصلت على جوائز‬ ‫وشواهد تقديرية وطنية ودولية‪،‬وأصدرت مجموعة من المؤلفات والمقاالت‬ ‫الصحفية حول قضايا الفن والجماليات‪.‬‬ ‫المشروع الفني‬ ‫إن قوة المشروع التشكيلي الجديد الذي أشتغل عليه‪ ،‬يقاس بالتقطيع‬ ‫«التشكيلي»‪ ،‬الذي أفرضه على األشياء‪ ،‬وعلى األفعال‪ ،‬ويقاس بكتلة األحاسيس‬ ‫المعبر عنها‪ ،‬باعتماد هذا االتصال المرتد بين اللوحة والناظر‪ .‬كما يقاس بالتجديد‬ ‫الذي أمارسه في اكتشاف الطبيعة وقوتها‪ ،‬ومنحها السمك الذي يالئمها‪ ،‬مثلما‬ ‫أحاول جعل اإلنسان قادرا على النفاذ إلى هذا السمك‪.‬‬ ‫باعتبار األشكال الثابتة مجرد ذكى‪ ،‬فإن جوهر العملية اإلبداعية لدي‬ ‫تستبطن منطق األحوال واألشياء‪ ،‬ال يهمني مطبوع الطبيعة وأحوالها وتحوالتها‪،‬‬ ‫بقدر ما يهمني طابعها الطابع‪ ،‬أي منطقها‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬فأنا فيلسوف بالقوة تبعا‬ ‫لمقولة «بول كلي»‪.‬‬ ‫أتحدث ‪ ،‬من خالل لوحاتي‪ ،‬لغة تكاد تكون خاصة بي‪،‬ال يأتي منها للمتلقي‪،‬‬ ‫أول األمر‪ ،‬إال بعض من زخمها‪ ،‬إلى أن يألف مفرداتها‪ ،‬وأبجديتها‪ ،‬ويبدأ بفهم هذه‬ ‫التراتبية المشحونة بحركتها‪ ،‬فتأخذه معها‪.‬‬ ‫هذه التجربة ال تتكرر كثيرا‪ ،‬هي تجربتي ‪ ،‬الذي أتكبد أتجسم عناء مضاعفا‬ ‫عندما قارعت لمدة طويلة نصوصا فلسفية وصوفية صعبة وملغزة‪ ،‬درت علي‬ ‫صحوتي ومنامي‪،‬مسترشدا بآراء أصدقائي الفالسفة والجماليين‪....‬‬ ‫تجربتي الصباغية الراهنة تنطوي ‪ ،‬ضمن أفق فلسفي و صوفي ينفتح على‬ ‫لعبة األشكال واأللوان‪.‬‬ ‫منذ الوهلة األولى يمكن الحديث عن انطباعية جديدة‪ ،‬بامتداد األلوان‬ ‫واألشكال‪ .‬هو فضاء للصمت‪ ،‬فضاء يغري بفراغاته المملوءة وامتالءاته الفارغة‪ ،‬بل‬ ‫سند متحول على البدايات والنهايات»‪.‬‬

‫بين المرئي والالمرئي‪ ،‬والمروي والالمروي تنهض تجربتي‬ ‫الصباغية‪ ،‬مفردة أجنحتها الحالمة في سماء كبريات النظرات‬ ‫الفلسفة والتصوف‪ ،‬مستجيبة لغريزة التشكيل وتشكيل‬ ‫الغريزة‪.‬‬ ‫اكتشفت في حواريتي مع الفلسفة و الصوفية‪:‬‬ ‫جيل دولوز‪ ،‬هنري كوربان‪،‬ميشيل فوكو‪ ،‬ابن عربي‪،‬‬ ‫وفرنسوا داسيز‪ ،‬وجالل الدين الرومي‪ ،‬موضوع أعمالي‬ ‫األخيرة و الجديدة‪ ،‬اكتشافا مذهال‪ - :‬الحلم قوة‬ ‫الفنان‪ -‬الحلم كآلة خالقة لألشكال‪ ،‬بل وكشرط‬ ‫لكل إبداع تشكيلي‪ ،‬بكل معاني الوجود‪ ،‬أتماهى‬ ‫مع كلمة ابن عربي القائلة‪ :‬ومن ال يعرف مرتبة‬ ‫الخيال‪ ،‬فال معرفة له جملة واحدة‪ ،‬إذ ال يمسك‬ ‫الحلم الخيال‪ ،‬إال ما له صورة محسوسة أو مركبة‬ ‫من أجزاء محسوسة تركبها القوة المصورة‪ ،‬فتعطي‬ ‫صورة لم يكن لها في الحس وجود أصال‪ .‬بهذا المعنى‬ ‫فإن الحلم‪ /‬الخيال شريط ذهني يبدع عالم الصور‬ ‫واألشكال‪ ،‬وينتج سحره التجلي الجميل‪ ،‬الذي يمنح‬ ‫للنفس غبطة الرؤيا أو المبشرات بلغة ابن عربي‪.‬‬ ‫فأنتقل ‪ ،‬في أعمالي الجديدة‪ ،‬من حلم اإلنسان‬ ‫إلى حلم الطبيعة‪ ،‬من حلم إنسان مبدع للصورة‬ ‫إلى ما يشبه قوة الوجود الخالقة للصور‬ ‫واألشكال‪.‬‬ ‫العمل النقابي والتشكيل‬ ‫من أجل دينامية جديدة لخدمة‬ ‫والثقافةوالفنانينالتشكيليينيطمح‬ ‫الفنون‬ ‫المكتب الجديد للنقابة المغربية‬ ‫للفنانين التشكيليين المحترفين إلى‬ ‫إعطاء نَ َفس جديد لهذه ال ِبنْيَة‬ ‫التمثيليةللفانينالتشكيليين‪.‬‬ ‫يندرج عمل النقابة المغربية‬ ‫للفنانين التشكيليين المحترفين كليا‪ ،‬في الدينامية المُوَجَّهَة من قبل صاحب‬ ‫الجَاللة الملك محمد السادس‪ ،‬من أجل منح الثقافة والفنون مكانها الحقيقي في‬ ‫وسط المجتمع المغربي‪ .‬وهي الحَرَكِيَّة الملكية التي تتَّسع على مستوى إنجاز‬ ‫الحُظوَة َ‬ ‫بنيات ْ‬ ‫المُكرَّسة للثقافة‪ ،‬بقدر ما تتسع على صعيد وضع مقاييس الدعم‬ ‫لمختلف التعبيرات اإلبداعية‪.‬‬ ‫إن المكتب الجديد – القوي بالثقة المعَبَّر عنها – واع بمسؤولياته‪ ،‬ويحرص‬ ‫على أن يقود مهمته إلى جو التعاون والمشاركة والتشاور مع الفنانين التشكيليين‬ ‫والفاعلين في المشهد الثقافي بعامة أكانوا في القطاع العام أو الخاص‪.‬‬ ‫تظل النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين مقتنعة بكون الفنون‬ ‫على اختالفها‪ ،‬تلعب دورا جوهريا في التربية وتقدم أي مجتمع‪ .‬في هذا السياق‪،‬‬ ‫فإن النقابة واعية بدورها كمُوَجِّه لتكوين الذائقة الفنية للجمهور‪ ،‬بقدر وعيها‬ ‫بمسؤوليتها على الصعيديْن االجتماعي والثقافي‪ ،‬علما أن الفنون تُدَعِّم قِيَم‬ ‫االنفتاح والتسامح بما فيها منح إشعاع دولي لخصوصيات هويتنا الثقافية‪ ،‬وذلك‬ ‫في إطار حوار متعدد الثقافات‪.‬‬ ‫تبقى حي ِويَّة الفنون وأدوارها االجتماعية وثيقة االرتباط بـ «الوجود‬ ‫الجيد» للفنانين‪ ،‬ولذلك تنبغي استفادتهم من كل المنافع القانونية واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية من أجل تَ َفتُّح مواهبهم‪.‬‬ ‫إن النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين تعرف أن «القانون‬ ‫رقم ‪ 68-16‬الخاص بالفنانين وبالمِهَن الفنية» بتاريخ ‪ 25‬غشت ‪ 2016‬مُ َقدَّمٌ‬ ‫مهم‪ .‬فهي تعتَ ِبر أن هذا اإلطار القانوني الجديد ينبغي أن ِّ‬ ‫يُشَكل موضوع تطبيق‬ ‫فعّال ودقيق‪ .‬فيما يجب أيضا‪ ،‬أن يكتمل بمقاييس أخرى بهدف خلق الظروف‬ ‫المالئمة لـ «عمل» الفنانين‪.‬‬ ‫وضمن ته ِن َئة أنفسنا على االستقبال المنتظر من قِبل اليونيسكو بخصوص‬ ‫القانون الجديد‪ ،‬فإن النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين مقتنعة بأن‬ ‫اعتراف اليونيسكو في ‪ 27‬أكتوبر ‪ 1980‬حول قانون الفنان‪ ،‬يبقى قابال للتحيين‬ ‫باستمرار‪ ،‬بحيث َ‬ ‫يُكوِّن نصا جوهريا يقتضي االستمرارية في دَ ْفع السلطات‬ ‫العمومية لمتابعة تحسين أوضاع اشتغال وحياة الفنانين‪.‬‬ ‫إن هذه التوصية تؤكد على أن مفهوم «العامِل الثقافي» يمكن أن ينطبق‬ ‫على الفنان أيضا‪ ،‬ما يتيح له االستفادة من كل المنافع المُتَ َفرِّعَة عن قانون‬ ‫َّ‬ ‫«العُمَّال»‪ .‬فيما تستدعي مَنْح اإلمكانات‬ ‫للمُنَظمات االحترافية ونقابات الفنانين‬ ‫للقيام بدورهم‪.‬‬ ‫في المُقابل‪ ،‬يتوجَّب على النقابة المغربية للفنانين التشكيليين المحترفين‬ ‫والجمعيات األكثر تمثيلية– من بينها الجمعية المغربية للفنون التشكيلية األكثر‬ ‫قِدَما (تأسست في ‪ – )1970‬االنضمام حول كل ما يمس مِهَ ِن ِهم‪َ .‬فوَحْدَهُم‬ ‫المَعْ ِنيّين سَواسية في إحداث اإلضاءات المالئمة لتقنين حقوقهم وواجباتهم‪.‬‬ ‫إن االجتماعي والقانوني والديونطولوجي وقضايا الضرائب والتواصل‪،‬‬ ‫هي الملفات التي يعتبرها المكتب الجديد للنقابة المغربية للفنانين التشكيليين‬ ‫المحترفين هدفا لمعالجة ذات أوْ َل ِويَّة‪.‬‬ ‫واقع التشكيل في المغرب‬ ‫آن ألوان أن ننظر إلى الفن التشكيلي كأداة تمثيلية وأنه إذا قدمنا له اإلطار‬ ‫القانوني ووجهنا له التشريع المناسب‪ ،‬والبنية التحتية المالئمة في قاعات خاصة‬ ‫للعرض في جميع المدن‪ ،‬ومتاحف وإشراك جميع الفاعلين والمنظرين والمفكرين‪،‬‬ ‫وطبع موسوعة كاملة ومستفيضة وشاملة لفننا األصيل والحديث‪ ،‬فإننا سنضع‬ ‫هذا الفن في مساره الحقيقي المساهم بشكل مباشر في التنمية االجتماعية‬ ‫واالقتصادية والفكرية لبالدنا‪.‬‬ ‫فالفن التشكيلي على هذا األساس ليس مجانا وال منعزال بل إنه أحد‬ ‫الوظائف التي تغذي جسم المجتمع فهو مساهما‪ ،‬مهتما‪ ،‬ومشاركا وال يمكن أن‬ ‫يكون منفصال عن تطور المجتمعات‪ ،‬فهو أحد األنشطة الفكرية الدائمة الضرورية‬ ‫لكل إنسان يعيش داخل مجتمع ما‪ ،‬فالمبدع ال يكتفي فقط بتسجيل‪ ،‬إخبار أو إبالغ‬ ‫تمثيالت معرفية معروفة بل اكتشاف معارف جديدة‪.‬‬ ‫فكيف لنا أن نتصور فنا مغربيا‪ ،‬بجميع اتجاهاته‪ ،‬بدون إطار قانوني تشريعي‪،‬‬ ‫وتنظيمي‪ ،‬واجتماعي وتنظيري تحفيزي وأدبي؟ ‪.......‬هنا يأتي دور النقابة‪.‬‬ ‫مع تحياتي‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نوفمرب�إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫تنظيم الدورة الواحدة والعشرين‬ ‫للمهرجان الوطني للمسرح‬ ‫بتطوان‬

‫تحتضن مدينة تطوان فعاليات المهرجان‬ ‫الوطني للمسرح في دورته الواحدة والعشرون‬ ‫والتي تمتد ما بين ‪ 15‬و‪ 22‬من نونبر الجاري‬ ‫والمنظم من طرف وزارة الثقافة واالتصال‬ ‫وتحت الرعاية السامية لصاحب الجاللة محمد‬ ‫السادس‪ ،‬ما يميز هذه الدورة هو عدد الفرق‬ ‫المسرحية المشاركة من مختلف ربوع الوطن‬ ‫والتي تتنوع تجاربها ومدارسها المسرحية ‪.‬‬ ‫الحفل االفتتاحي الذي شهده فضاء مسرح‬ ‫إسبانيول الجميل شهد تكريم مجموعة من‬ ‫المسرحيين المغاربة الذين تركوا والزالوا‬ ‫بصمتهم الواضحة في المجال المسرحي‬ ‫‪،‬حيث تم تكريم الفنانة نجاة الخطيب‪،‬واحدة من‬ ‫أهم وجوه التلفزة المغربية والمسرح من خالل‬ ‫مجموعة من المسلسالت واالعمال المسرحية‬ ‫الرائدة نذكر منها نتا وزهرك‪،‬ودموع إبليس‬ ‫وغيرها‪،‬كما تم تكريم الفنان الكبير والرائد احمد‬ ‫العلوي الذي عشق المسرح ووهبه حياته بزهد‬ ‫كبير منذ تكوينه فرقة هاوية للمسرح في بداياته‬ ‫وعبر مروره بعاصمة المسرح أفينيون بفرنسا‬ ‫وانتمائه لفرقة التمثيل المغربي ومشاركته في‬ ‫عدة افالم عالمية وحضوره القوي في المسرح‬ ‫المغربي بأسلوبه الكوميدي المتميز‪ .‬والفنان‬ ‫أنور الجندي كان أيضا من بين المكرمين اعترافا‬ ‫بمساره المسرحي الشخصي المتميز وبانتمائه‬ ‫ألسرة مسرحية عريقة رائدها والده رحمه اهلل‬ ‫محمد حسن الجندي‪،‬في نفس اإلطار تم تكريم‬ ‫الفنان حميد البوكيلي الذي تميز بمشاركته في‬ ‫العديد من األعمال المسرحية ‪،‬كممثل ومخرج‪.‬‬ ‫وتشارك في المسابقة الرسمية مجموعة‬ ‫من الفرق المسرحية هي النورس للفن والثقافة‬ ‫من سال وفرقة معمل التكوين والبحث الدرامي‬ ‫من أكادير‪،‬وفرقة شارع الفن من الدار البيضاء‬ ‫وفرقة المسرح المفتوح من الرباط وفرقة‬ ‫الفكاهيين المتحدين للثقافة والفنون من‬ ‫فاس وفرقة أكون للثقافات والفنون من الرباط‬ ‫ومسرح غرناطة من الدار البيضاء وفرقة مسرح‬ ‫المدينة الصغيرة من شفشاون وفرقة فركانيزم‬ ‫من سال وفرقة الريف للمسرح األمازيغي‬

‫من الحسيمة وفرقة محترف الفدان للمسرح‬ ‫والتنشيط الثقافي من تطوان وفرقة ثفسوين‬ ‫للمسرح االمازيغي من الحسيمة‪،‬‬ ‫وعلى هامش المسابقة الرسمية تقام‬ ‫مجموعة من العروض المسرحية لمجموعة‬ ‫من الفرق نذكر منها فرقة مسرح األفق‬ ‫بتطوان وفرقة الحبشي للمسرح الحساني من‬ ‫السمارة وفرقة ومضات للمسرح من اكادير‪.‬‬ ‫كما تنظم ندوة فكرية موضوعها المهرجانات‬ ‫العربية من المحلية إلى نهضة مسرحية عربية‬ ‫بمشاركة مجموعة من النقاد والمهتمين بأمور‬ ‫المسرح هم األساتذة حسن النفالي‪،‬مدير إدارة‬ ‫المهرجانات بالهياة العربية للمسرح‪،‬وناصر‬ ‫عبدالمنعم رئيس لجنة اختيار العروض‬ ‫بمهرجان القاهرة للمسرج وعبدالحق افندي‬ ‫مدير سابق للمهرجان الوطني للمسرح ومحمد‬ ‫المومني رئيس قسم المسرح بوزارة الثقافة‬ ‫األردنية‪.‬كما تنظم أيضا ورشات في التشخيص‬ ‫وتوقيع بعض اإلصدارات‪.‬وتتكون لجنة التحكيم‬ ‫من السادة أحمد بدري رئيسا‪،‬وعضوية كل‬ ‫من حسن الصميلي وعبدالحق أفندي‪،‬وبوليانا‬ ‫برودوت والسعدية ازكون وإدريس اإلدريسي‬ ‫وسليمة بنمومن‪.‬وبخصوص الجوائز فهي تتوزع‬ ‫بين الجائزة الكبرى وجائزة اإلخراج‪،‬وجائزة الن‬ ‫ص‪،‬وجائزةالسنوغرافيا‪،‬وجائزةالتشخيص ذكورا‬ ‫وإناثا وجائزة المالبس وجاىزة األمل‪.‬كما تجدر‬ ‫اإلشارة إلى ان هذه العروض تقام بمسرح سينما‬ ‫إسبانيول ‪،‬والمركز الثقافي بتطوان ومسرح اللة‬ ‫عائشة بالمضيق والمركز الثقافي بالفنيدق‪.‬‬ ‫ويراهن جل المشاركين من المسرحيين‬ ‫في هذه الدورة على الحفاظ على هذا المهرجان‬ ‫كمكسب وكحدث فني وطني وأن يعطى له‬ ‫المزيد من األهمية واالعتبارمن أجل الوفاء‬ ‫للتاريخ المسرحي المغربي العريق من جهة‪،‬ومن‬ ‫جهة أخرى العمل على دعم وتطوير الحركة‬ ‫المسرحية عبر هذا الملتقى الوطني الذي‬ ‫يجسد فرصة مناسبة للوقوف على حال المسرح‬ ‫المغربي ‪.‬‬

‫أبو عاطف‬

‫بالغ صحفي إلدارة مهرجان‬ ‫تطوان الدولي لمدارس السينما‬ ‫بمناسبة فعاليات الدورة الخامسة‬ ‫للمهرجان‬ ‫تحتضن مدينة تطوان في الفترة ما بين ‪ 25‬و ‪ 30‬نونبر ‪ 2019‬فعاليات الدورة الخامسة‬ ‫لمهرجان تطوان الدولي لمدارس السينما (فيداك)‪.‬‬ ‫ينظم فيداك من طرف كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان (جامعة عبد المالك السعدي)‬ ‫وجمعية بدايات للفن والسينما بدعم من المركز السينمائي المغربي ‪.‬‬ ‫فمن بين ‪ 3200‬فيلم‪ ،‬اختارت لجنة االنتقاء ‪ 75‬فيلما للمسابقة الرسمية‪ ،‬تمثل ‪ 63‬مدرسة‬ ‫سينمائية‪ ،‬تنتمي إلى ‪ 33‬دولة من مختلف بقاع العالم‪ ،‬وهو رقم استثنائي يُميز هذه الدورة‪.‬‬ ‫يشكل توليفة فنية متنوعة مكونة من ‪ 39‬فيلما روائيا‪ ،‬و‪ 21‬فيلما وثائقيا‪ ،‬و‪ 15‬فيلما تحريكيا‪.‬‬ ‫أفالم تحمل قيما إنسانية وعالمية مثل التسامح‪ ،‬االحترام‪ ،‬التضامن‪ ،‬العدالة‪ ،‬اإلخاء والحب‪ .‬كما‬ ‫تغطي مجموعة واسعة من المواضيع في مختلف المجاالت‪ :‬الهوية‪ ،‬الهجرة‪ ،‬الشباب‪ ،‬أزمات‬ ‫المراهقة‪ ،‬الطفولة‪ ،‬العزلة‪ ،‬السينما‪ ،‬الشيخوخة و المحن‪ .‬موضوعات غالبا ما تكون مرسخة في‬ ‫الواقع المحلي والوطني‪.‬‬ ‫سينمائيون جدد ومواهب جديدة من أفضل المدارس السينمائية العالمية تضرب‬ ‫للجمهور المغربي موعدا الكتشافها في فيداك على شاشة مسرح سينما اسبانيول التاريخية‪.‬‬

‫إدارة المهرجان‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫‪6‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫تدابير وإجراءات من عامل الحسيمة للتخفيف‬ ‫من آثار موجة البرد‬ ‫عقد مؤخرا بمقر عمالة الحسيمة السيد‬ ‫فريد شوراق عامل إقليم الحسيمة اجتماعا‬ ‫موسعا وذلك في إطار االستعدادات لموجة‬ ‫البرد التي تعرفها المناطق الجبلية باالقليم‬ ‫وشكل السيد العامل مجلس قيــادة يشرف‬ ‫عليه شخصيامكون من مصالح التجهيز والنقل‬ ‫ومختلف األجهزة األمنية والعسكرية التي‬ ‫سيعهد إليها تقديم كل أشكال المساعــدة‬ ‫واالغاتة للمواطنين‪ .‬وقد تم اتخاذ كل التدبير‬ ‫االستباقية للتخفيـــف من آثار موجة البـــرد‬ ‫المرتقبة هذه األيام‪.‬‬ ‫وفي فصل الشتاء عمومــا إذ تم توزيــع‬ ‫‪ 1300‬فرن لساكنة المناطق الجبلية وتزويد‬ ‫المدارس بحطب التدفئــة وكدا دور األمومة‬ ‫التي تم تزويدها بأغطية وأجهزة التدفئة تم‬ ‫تجنيد جميع أعوان السلطة لحث األسر على‬ ‫إيواء النساء الحوامل بدور االمومة‪ .‬وستعمل‬ ‫مندوبية الصحة على إعــداد برنامج للقيام‬ ‫بقوافل طبية على امتداد‪ .‬فصل الشتاء‪.‬‬

‫أما بالمدن فقد كلفت مصالح الوقايـــة‬ ‫المدنية والسلطة المحلية بالتكفــل بكـــل‬ ‫األشخــاص بدون مأوى بالمراكز االجتماعيـة‬ ‫التي تم تزويدها بكل مايلزم وكذا المختلين‬ ‫العقليين بالمستشـــفــى اإلقليمــي وذلـــك‬ ‫لصيانـــة كرامــة المواطنين مهمــا كانــت‬ ‫وضعيتهـــــم االجتماعية‪ .‬وبالموازاة مع ذلك‬ ‫جندت مصالح التجهيز والجماعـات الترابيــة‬ ‫كل معداتهـــا اللوجستية لضمان االستجابة‬

‫متميزة حضرهــا العديــد من وجوه الثقافة؛‬ ‫اإلعالم؛ السيـــاســــة؛ العمـــل الجمعـــوي؛‬ ‫المنتخبون ومسؤولـــي القطاعات والمصالح‬ ‫اإلدارية بالمنطقة خاصة وأنهـــا خصصت‬ ‫لتكريم واحد من األسماء الوازنة في عالم‬ ‫األدب والديبلوماسية واالمر يتعلق بالكاتب‬ ‫والديبلوماسي المغربي محمد محمد خطابي‬ ‫الذي منح له «درع الخزامى» لهذه الدورة‬ ‫ليليه فينا بعد أظاء وصالت من فن السماع‬ ‫والمديح من قدمتها مجموعة سيدي جمال‬ ‫عمار التيةأتحفت مسامع الحاضرين بمقاطع‬ ‫من مدح خير البرية‪.‬‬ ‫وبالمناسبــة صرح محمــود المسناوي‪،‬‬ ‫رئيس منتدى الريف للسياحة والتنمية‪ ،‬لوكالة‬ ‫المغرب العربي لألنباء‪ ،‬أن الهدف من تنظيم‬ ‫هذه الدورة هو محاولة البحـــث عن مساحة‬

‫محمد بودرا رئيساً لمنظمة المدن‬ ‫والحكومات المحلية‬

‫الفورية لكل نــداء استغاثــة في حالة انقطاع‬ ‫الطرق‪.‬‬ ‫هذا وقـــد تم وضــع الرقـم الهاتفــــي‬

‫‪0539982018‬‬

‫رهن إشارة المواطنين ‪ 24/24‬لتلقي كل‬ ‫نداء استغاثة محتمل‪.‬‬

‫الحسيمة‪ :‬إسدال الستار عن فعاليات الدورة األولى‬ ‫من منتدر الريف للسياحة والتنمية‬

‫كانت الحسيمة خــالل الفتـــرة الممتدة‬ ‫من ‪ 15‬الى ‪ 17‬نونبر ‪ 2019‬على مــــوعــد‬ ‫من فعاليات الدورة األولى من منتدى الريف‬ ‫للسياحة والتنمية التي نظمــت تحـت شعــار‬ ‫“نحو تنويع مداخل التنمية المحلية ‪ :‬إدماج‬ ‫الموروث الثقافي في السياحة نموذجا”‪ ،‬بحضور‬ ‫ومشاركة من الخبراء واألكاديميين واألساتذة‬ ‫الباحثين وممثلي المؤسســات ذات الصلـــة‬ ‫بالقطاع السياحي والثقافـــي وممثلي بعض‬ ‫المجالس المنتخبة ومهنيي القطاع‪.‬‬ ‫ورفع منظمو المنتدى خالل هذه الدورة‬ ‫شعار «إدماج الموروث الثقافي في السياحـــة‬ ‫كمدخل للتنمية المحلية ورافدا من روافد‬ ‫تنويع المداخل المؤدية الى التنمية اقتناعا بما‬ ‫سيشكله هذا الجانب من خلق فرص تنموية‬ ‫حقيقية عن طريق استثمار عناصر غير متنافس‬ ‫حولها في مجال تقديم العروص ااسياحية‪..‬‬ ‫وأشار المتدخلون خالل هذه الجلسات‬ ‫الموضوعاتية إلى جملة من القضايا والتحديات‬ ‫التي تهم موضوع إدماج الموروث الثقافي‬ ‫في السياحة واألدوار التي يمكن أن تفوم بها‬ ‫المؤسسات “ذات الصلة” بالسياحة عن طريق‬ ‫وضع خطط التقائية لتفعيل الترويج السياحي‬ ‫للموروث الثقافي‪ ،‬إضافة الدور المنوط بمهنيي‬ ‫قطاع السياحة والمجالس المنتخبة بصفتها‬ ‫مؤسسات اوكل إليها مهمة التنمية المحلية‪.‬‬ ‫واعتبر المشاركون في المنتدى أن خلق‬ ‫آلية جديدة و جسر تواصل دائم يجمع مختلف‬ ‫المتدخلين في القطـــاع السياحي ومواكبته‬ ‫بالنقاش األكاديمي والمهني أصبح ضرورة‬ ‫ملحة؛ وهو ما يستوجب تدخل الجهات الوصية‬ ‫وكافة المتدخلين اوال لحماية الموروث الثقافي‬ ‫وثانيا إدماجه في القطاع السياحي عبر خلق‬ ‫تظاهرات ثقافية وفنيــة وعلميــة ذات بعد‬ ‫إشعاعــي‪.‬‬ ‫برنامج الدورة األولى المنظمة من قبل‬ ‫ملتقى شباب األلفية للسياحة والتنمية بدعم‬ ‫من وزارة الثقافة والشباب والرياضة‪-‬قطاع‬ ‫الثقافة ومساهمة المجلس اإلقليمي للسياحة‬ ‫وفاعلين آخرين من القطاعين العام والخاص‪،‬‬ ‫عرف أيضا تنظيم معرض للمنتجات الفالحية‬ ‫والصناعة التقليدية‪ ،‬وتنظيم أمسية للتراث‬ ‫األمازيغي‪ ،‬وزيارة إلى فضاء الذاكرة التاريخية‪،‬‬ ‫وتنظيم خرجة لزيارة مجموعة من المواقع‬ ‫التاريخية باسنادة‪.‬‬ ‫وكـان حفـــل افتتــــاح المنتــدى ‪ -‬الذي‬ ‫احتضنته دار الثقافــة موالي الحسن‪ -‬لحظة‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫مشتركة بين المتدخلين في القطاع السياحي‬ ‫لفتح نقاش جدي حول القطاع وسبل وضع‬ ‫خطط التقائية تضمن تحقيــق توازن في‬ ‫التنمية المحلية عبر تنويع مداخل التنمية‬ ‫بإدماج الموروث الثقافي في السياحة ‪.‬‬ ‫وأكد السيد الغلبزوري السكناوي‪ ،‬إعالمي‬ ‫مهتم بالتراث وفي تصريح لنفس الوكالة‬ ‫بأن اختيار موضوع إدمــاج المـوروث الثقافي‬ ‫في السياحة كمدخل للتنمية لم يكن انجذابا‬ ‫للشعارات البراقة‪ ،‬بل هو قناعة راسخة ألهمية‬ ‫ودور الموروث الثقافي وقدرته في المساهمة‬ ‫في تنويع عناصر الجذب السياحي‪ .‬وبالتالي‬ ‫المساهمة في فتـــح مسارات تنموية جديدة‬ ‫ومستمدة من نماذج محلية تحترم خصوصيات‬ ‫كل جهة وتستثمرها إيحابيا‪..‬‬

‫انتخـــب المغربــي محمد بودرا‪ ،‬رئيــس‬ ‫المجلس الجماعي لمدينة الحسيمة‪ ،‬من طرف‬ ‫المشاركين في القمة العالمية للقادة المحليين‬ ‫واإلقليميين المنعقدة في جنوب أفريقيا‪ ،‬ليكون‬ ‫رئيساً لمنظمة المدن والحكومات المحلية‬ ‫المتحدة‪ ،‬متقدماً على عدد من عمد كبريات‬ ‫المدنالعالمية‪.‬‬ ‫وأعلن انتخاب بودرا البالغ من العمر ‪59‬‬ ‫عاماً‪ ،‬بعد أن انسحب المرشح الروسي‪ ،‬عمدة‬ ‫مدينة كازان‪ ،‬إلسور ميتشين‪ ،‬الذي حل في‬ ‫المرتبة الثانية بعد بودرا في الشوط األول من‬ ‫االنتخابات‪ ،‬ما تطلب اللجوء إلى شوط ثاني‪.‬‬ ‫وكان بودرا قد حصل في الشـوط األول‬ ‫على ‪ 100‬صـوت‪ ،‬مقابــل ‪ 66‬صوتاً لصالح‬ ‫المرشح الروسي‪ ،‬بينما حصل عمدة مدينة‬ ‫لشبونه البرتغالية على ‪ 55‬صوتاً‪ ،‬بينما انسحب‬ ‫عمدة مدينة برشلونه من السباق‪.‬‬ ‫وقال بودرا في أول تصريح صحفي عقب‬ ‫انتخابه إن «المهمة كبيرة»‪ ،‬داعياً إلى انخراط‬ ‫الجميع من أجل صون الكوكب وتحقيق الرخاء‬ ‫للجميع‪.‬‬ ‫وأضاف بودراً مخاطباً المشاركين في القمة‬ ‫ويبلغ عددهم ‪ 3‬آالف فاعل محلي‪« :‬لقد اجتمعنا‬ ‫هنا رغبة منا في تعزيز اتحادنا المقدس‪ ،‬الذي‬ ‫يعتبر عماد التزاماتنا الجماعية والتزام كل منا‬

‫مليار و‪ 300‬مليون لبناء مقر جديد‬ ‫للمجلس اإلقليمي للحسيمة‬

‫الفساد يطيح برئيس بلدية‬ ‫الناظور و اثنين من نوابه‬ ‫قررت المحكمــة اإلدارية بوجدة‪ ،‬اليوم األربعاء‪،‬‬ ‫‪ 20‬نونبر رسمياً عزل سليمان حوليش رئيس المجلس‬ ‫البلدي بالناظور من حزب األصالة والمعاصرة ونائبيه‬ ‫فارس عالل عن العدالة والتنمية والحسين أوحلي عن‬ ‫األصالة والمعاصرة‪ ،‬بعد ما توبعوا قضائيا بتهمة تتعلق‬ ‫بـ «الفساد في التعمير»‬ ‫وجاء هذا‪ ،‬بعد أن قدم الوكيل القضائي للمملكة‬ ‫مذكراته الجوابية خالل آخر جلسة‪.‬‬ ‫وكان عامل إقليم الناظـور‪ ،‬قد أودع لدى رئيـس‬ ‫المحكمة اإلدارية بوجدة‪ ،‬ملف الدعوة القضائية ضد‬ ‫رئيس المجلس البلدي بالمدينة ونائبيه‪ ،‬بغرض عزلهم‪.‬‬ ‫و طالب عامل إقليم الناظور‪ ،‬بعزل ومتابعة رئيس‬ ‫البلدية المنتمي لحزب األصالة والمعاصرة قضائيا وفق‬ ‫اإلجراءات القانونية المعمول بها في هذا االطار‪.‬‬

‫على حدة‪ ،‬ومن أجل التحدث بصوت واحد في‬ ‫المحافل الدولية‪ ،‬ولتعزيز مقترحاتنا المستدامة‪،‬‬ ‫في إطار عشرية التنفيذ»‪.‬‬ ‫وأثار انتخاب محمد بودرا لهذا المنصب‬ ‫العالمي‪ ،‬ردود فعل إيجابية واسعة‪ ،‬وهو الذي‬ ‫يتولى في نفس الوقت رئاسة الجمعية المغربية‬ ‫لرؤساء مجالس الجماعات‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق اعتبر سفير المغرب لدى‬ ‫جنوب إفريقيا‪ ،‬يوسف العمراني‪ ،‬أن انتخاب بودرا‬ ‫يعكس ما سماه «طموحاً إفريقياً مشتركاً»‪،‬‬ ‫واصفاً ما جرى بأنه «تجسيد لدينامية قارية‬ ‫محمودة وتضامن نشط»‪.‬‬ ‫وأضاف السفير المغربي في تصريح صحفي‬ ‫أن انتخاب المغربي محمد بودرا «يعكس‬ ‫الصورة اإليجابية لقارة تمضي قدما بخطوات‬ ‫واثقة وبطموح»‪ ،‬مشددا على أن هذا الحدث‬ ‫يحمل «داللة خاصة للمغرب»‪.‬‬ ‫وأشـــار السفيــر المغربــي إلى الرؤيـة‬ ‫التي يحملهــا العاهـل المغربي الملك محمد‬ ‫السادس بخصوص «نموذج الحكم»‪ ،‬وقال إن‬ ‫المغرب «حزم أمره على االختيار االستراتيجي‬ ‫المتمثل في الجهوية المتقدمة‪ ،‬المتماسكة‬ ‫في مضامينها والشاملة في نطاقها‪ ،‬من أجل‬ ‫تحسين آليات اإلدارة الترابية وتعزيز الحكامة‬ ‫المحلية»‪ ،‬على حد تعبيره‪.‬‬

‫رصد المجلس اإلقليمي للحسيمة‪ ،‬أكثر‬ ‫من مليار و‪ 300‬مليون سنتيم‪ ،‬إلشغال بناء مقر‬ ‫جديد للمجلس‪ ،‬والذي يوجد حاليا مقره بعمالة‬ ‫االقليم‪.‬‬ ‫وسيخصص هذا المبلغ لإلشغال الكبرى‬ ‫المتعلقة بالبناء‪ ،‬إضافة إلى باقــي االشغـال‬ ‫المتعلقة بالطالء ‪ ،‬والخشـب ‪ ،‬وتثبيت شبكة‬ ‫والكهربائي ‪ ،‬والماء…‬ ‫وسيتم فتــح األظــرف المتعلقــة بطلــب‬

‫عروض الخاصة بهذه الصفقة يوم الثالثاء ‪17‬‬ ‫دجنبر ‪ 2019‬على الساعة العاشرة صباحا ‪ ،‬بقاعة‬ ‫االجتماعات بالمجلس اإلقليمي للحسيمة‪.‬‬ ‫ويُشار إلى أن إقليم الحسيمة يعرف‬ ‫دينامية غير مسبوقـــة في إطالق المشاريع‬ ‫المتعلقة ببناء وتجديـــد المرافـق اإلداريـة‬ ‫وغيرها من المشاريـــع المتعلقـــة بالتنمية‬ ‫المجالية‪ ،‬تشمل مختلف الجماعات الحضرية‬ ‫والقروية لإلقليم‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫‪7‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫قافلة «‪ 100‬يوم ‪ 100‬مدينة»‬ ‫لحزب التجمع الوطني لألحرار بالقصر الكبير‬

‫حلت مساء يوم السبت ‪ 16‬نونبر ‪ 2019‬بمدينة‬ ‫القصر الكبير قافلة حزب التجمع الوطني لألحرار‬ ‫‪ 100‬يوم ‪ 100‬مدينة التي تعتبر الثالثة من نوعها‬ ‫على الصعيد الوطني والمحطة األولى بجهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة في إطار سياسة الحزب التواصلية‬ ‫الهادفة إلى اإلنصات لمتطلبات وانتظارات ساكنة‬ ‫المدن الصغيرة والمتوسطة بمختلف جهات وأقاليم‬ ‫المملكة‪.‬‬ ‫وحضر هذا اللقاء ما يقــارب ‪ 400‬مشــارك‬ ‫ومشاركة‪ ،‬إلى جانب عضو المكتب السياسي والمنسق‬ ‫الجهوي للحزب بالجهة‪ ،‬الطالبي العلمي و أعضاء‬ ‫المكتب السياسي للحزب ‪،‬ورئيس الفريق بالبرلمان‬ ‫عبد السالم البكوري وأعضاء جهوية للحزب ‪.‬‬ ‫وبالمناسبة أكد السيد الطالبي العلمي عضو‬ ‫المكتب السياسي والمنسق الجهوي للحزب ‪ ،‬أن‬ ‫استمرار برنامج ‪ 100‬يوم ‪ 100‬مدينة بجهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة هو امتــداد لسياسة اإلنصات‬ ‫والتواصل التي ينهجها الحزب مع المواطنين بهذه‬ ‫الجهة المعروفة بخصوصياتها ‪ ،‬كما شــدد على‬ ‫أن الزيارات المتواصلة لعدد من المدن الصغيرة‬ ‫والمتوسطة ‪ ،‬تندرج في سياق البرنامج التشاوري‬ ‫والتشاركي الذي أطلقه الحزب للنزول للميدان‬ ‫واالستماع لهموم ومشاكل السكان ‪.‬‬ ‫المنسق المحلي لحزب التجمع الوطني لألحرار‬ ‫لمدينة القصر الكبير السيد حسن الحسناوي في‬ ‫كلمته أن‪ ‬هذا البرامج جاء لإلنصات إلى انتظارات‬ ‫المواطنات والمواطنين بالمدينة وإقليم العرائش‬ ‫في أفق مواصلة الحزب مرافعته من أجل مصالحهم‪،‬‬ ‫معبّرا في الوقت ذاته عن سعادته بأن يكون‬ ‫الحزب رهن إشارة ساكنة هذه المدينة‪ ،‬التي يفتخر‬ ‫بها‪ ،‬منوّها كذلك بالحضور النوعي للمواطنات‬

‫والمواطنين الحاضرين في هذا اللقاء التواصلي‬ ‫كما تقدم بالشكر إلى كل من األمين العام للحزب‬ ‫والمكتب السياسي الختيار مدينة القصر الكبير ‪.‬‬ ‫وخلص اللقاء الذي شمل ما يزيد عن ‪ 30‬ورشة‬ ‫إلى شبه إجماع على ثالثة محاور ‪ :‬الصحة و التعليم‬ ‫والتشغيل و بعض المالحظات التي تروم معالجة‬ ‫البطالة وقطاع الفالحة والصناعة خصوصا وأن موقع‬ ‫المدينة يعد من أخصب المناطق في المغرب‪ ،‬وعلى‬ ‫ضفاف نهر لوكوس‪ ،‬ووقوعها عند ملتقى السهل‬ ‫والجبل وكذا موقعها القاري القريب من البحر إذ ال‬ ‫تبعد عن ميناء العرائش إال بحوالي ‪ 35‬كلم الشيء‬

‫الذي يفتح أمامها أفاقا مستقبلية واعدة في الصناعة‬ ‫الغذائيةوالتصدير‪.‬‬ ‫ويستهدف هذا البرنامج التواصلي االعتماد‬ ‫على مخرجات وتصورات كل اللقاءات بالمدن‪ ،‬إعداد‬ ‫برنامج لتأهيل المدن الصغيرة اعتمادا على استشارة‬ ‫عمومية واسعة‪ ،‬خصوصا في العينة التي اختيرت من‬ ‫طرف الحزب‪ ،‬بناء على مؤشرات مضبوطة‪ ،‬والختم‬ ‫بخالصات حول واقع عدد من القضايا التنموية‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬التي سيُبنى عليها البرنامج السياسي‬ ‫للحزببالمدينة‪.‬‬

‫الحزب االشتراكي الموحد ينظم مائدة مستديرة حول‬ ‫«الوضع الصحي بمدينة القصر الكبير وآفاق العمل‬ ‫المشترك»‪ ‬‬

‫عقد الحزب االشتراكـــــي الموحد بالقصر‬ ‫الكبير مائـــدة مستديـــرة‪ ‬يوم‪ ‬األحد ‪ 17‬نونبر‬ ‫‪ 2019‬بالمركز الثقافي البلدي ‪ ،‬لتدارس الوضع‬ ‫الصحي محليا بحضور فعاليات حزبية ونقابية وفعاليات‬ ‫من المجتمع المدني ومجموعة من المتتبعين‪.‬‬ ‫‪ ‬أكد جميع المتدخلين والمشاركين خالل‬ ‫اللقاء على كارثة الوضع الصحي المحلي و بعد رصد‬ ‫مجموع االختالالت تم التأكيد على ضرورة توحيد‬ ‫الجهود والطاقات المناضلة سياسية نقابية وحقوقية‬ ‫قصد التصدي للوضع المتردي وللخصاص الكبير‬ ‫في مجال الصحة كخدمة عمومية‪ ،‬كما تم الوقوف‬ ‫على الوضع الصحي المتردي محليا وإقليميا والذي‬ ‫يتجلى في قلة األطر الطبية وضعف الخدمات الصحية‬ ‫المقدمة للمواطنين ‪.‬‬ ‫وقد عرفت المائدة المستديرة نقاشا نوعيا‬ ‫يتسم بالغيرة على المدينة من طرف إطارات المجتمع‬ ‫المدني كما طرحت فيه جميع القضايا المتعلقة‬ ‫بمشاكل وتنمية القطاع الصحي بالمدينة‪ ،‬و تقديم‬ ‫خدمات صحية متكاملة داخل المؤسسات الصحية‬ ‫وخارجها‪.‬‬

‫و خلصت المائدة المستديرة إلى توصيات‬ ‫تمثلت في تنظيم يوم دراسي ‪ ،‬وتشكيل لجنة‬ ‫لمناقشة الوضع الصحي بالمدينة مع المسؤولين‬ ‫محليا وإقليميا ووطنيا تضم في عضويتها ممثلين‬

‫نظمت جمعية التواصل لألعمال االجتماعية‬ ‫والثقافية والرياضية بالقصر الكبير بشراكة مع‬ ‫المدرسة العليا للتجارة والتسيير بطنجة وجمعية‬ ‫تنمية التعاون المدرسي بالعرائش ‪ ,‬حفال تكريميا‬ ‫على شرف لمتقاعدي نساء ورجال التعليم بمدينة‬ ‫العرائش مساء يوم األحد ‪17‬نونبر ‪ 2019‬بفضاء‬ ‫الثانوية التاهيلية محمد بن عبد اهلل بالعرائش ‪.‬‬ ‫عرف الحفل حضور مجموعة من األساتذة‬ ‫واألستاذات المتقاعيدين وحضور ممثلي المديرية‬ ‫اإلقليمية بالعرائش ‪ ،‬وأسر وعائالت المحتفى بهم‪.‬‬ ‫افتتح الحفل بآيات بينات من الذكر الحكيم ‪،‬‬ ‫بعدها فسح المجال إللقاء كلمات للجمعيات المنظمة‬ ‫بالمناسبة التي تضمنت شكر عميق للمتقاعدين على‬ ‫كل المجهودات التي بذلوها‪ ‬والخدمات التي أسدوها‪.‬‬ ‫يأتي هذا الحفل التكريمي في إطار تكريس‬ ‫ثقافة التضامن والتآزر واالعتراف بالعطاءات طيلة‬

‫مدة الخدمة ‪ ،‬كما أن الحفل فرصة للتأكيد على القيم‬ ‫المجتمعية النبيلة ‪.‬‬ ‫تخلل الحفل وصالت إنشادية لتلميذات وتالميذ‬

‫عن جمعيات المجتمع المدني وحقوقيين ونقابيين‪،‬‬ ‫وتنظيم وقفات احتجاجية انذارية ‪ ،‬وإصدار بيان‬ ‫استنكاري ‪ ،‬وتوقيع عرائض للتنديد بالوضع الصحي‬ ‫بالمدينة ‪.‬‬

‫حفل تكريم نساء ورجال التعليم المحالين‬ ‫على التقاعد بمدينة العرائش‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫مؤسسة وسيط المملكة تعقد‬ ‫لقاءاً تواصلياً بالقصر الكبير‬

‫نظمت مؤسسة وسيـــط المملكــة بشراكة‬ ‫مع المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير ‪ ،‬يوم‬ ‫الخميس ‪ 21‬نونبر ‪ 2019‬بقاعة دار الثقافة محمد‬ ‫الخمار الكنوني ‪ ،‬لقاء تواصليا مع ممثلي المجتمع‬ ‫المدني ورؤساء الجماعات الترابية حول موضوع‬ ‫“الوساطة المؤسساتية‪ ،‬دعامة للحكامة المحلية ”‪.‬‬ ‫بالمناسبة أبرز المندوب الجهوي لمؤسسة‬ ‫وسيط المملكة‪ ،‬عبد الرحيم الهاني‪ ،‬في كلمة له‬ ‫خالل افتتاح اللقاء التواصلي‪ ،‬أن هذا اللقاء يندرج‬ ‫ضمن إستراتيجية المؤسسة ‪ 2023 – 2019‬الرامية‬ ‫للتواصل مع مختلف القطاعات واإلدارات الجهوية‬ ‫إلبراز دور واختصاصات وآليات تدخل المؤسسة التي‬ ‫من شأنها تطوير منهجية عمل اإلدارات الجهوية‪.‬‬ ‫كما أشار إلى أنه سيتم خالل هذه الحلقة‬ ‫العلمية مناقشة العالقة بين المؤسسة والهيئات‬ ‫المعنية بمجال تدخلها بهدف التوصل إلى حلول‬ ‫في أقرب اآلجال للشكايات والتظلمات وطلبات‬ ‫التسوية التي وضعت لدى المندوبية الجهوية‬ ‫لمؤسسة الوسيط‪ ،‬باعتبارها مؤسسة دستورية‬ ‫مستقلة وقوة اقتراحية‪.‬‬

‫يوم دراسي حول آفاق سوق‬ ‫الشغل والتشغيل الذاتي‬ ‫بعمالة العرائش‬

‫في إطار تنزيل برامج المرحلة الثالثة من‬ ‫المبادرة الوطنية للتنمية البشريـــة‪ ،‬وتثمينــاً‬ ‫لدور‪ ‬التحسيس‪ ‬بأهمية إدماج الشباب في التنمية‬ ‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتعزيز مبادئ الحوار‬ ‫والتشاور بين مختلـــف الفعاليـــات والقطاعات‬ ‫المعنية بسوق الشغل والتشغيل الذاتي‪ ،‬ترأس‬ ‫السيد عامل إقليم العرائش صبيحة الثالثاء‬ ‫‪ 19‬نونبر‪ ،2019‬فعاليات اليوم‪ ‬الدراسي‪ ‬حول آفاق‬ ‫سوق الشغل والتشغيل الذاتي تحت شعار‪“ ‬اإلدماج‬ ‫االقتصاديللشباب‪ ‬وحكامة‪ ‬سياسةالتشغيل”‪.‬‬ ‫وقـــد حضر أشغـــال هذا اليـــوم الدراسي‬ ‫كذلك‪ ،‬مجــمــوعـــة من األساتـذة والباحثيــــن‬ ‫الجامعيين‪ ،‬والمســــؤوليـــن‪ ‬عنالمصالـــحالخارجية‬ ‫للدولة ورؤساء الجماعــات الترابيـــة والفاعليــن‪ ‬الج‬ ‫معوييـــن‪ ‬ومجموعة من الخبـــراء والمهتمين‪.‬‬ ‫وتم‪ ‬خالل هذا اللقاء‪ ،‬تسليط الضــوء على‬ ‫مجموعة من المحاور واآلليات الكفيلة بإنعاش سوق‬ ‫الشغل والتشغيل الذاتي‪ ،‬وفتح آفاق واعدة في وجه‬ ‫الشباب الباحث عن فرص العمل باإلقليم‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل المداخالت والمحاور التالية‪:‬‬

‫مؤسسة المهدي بن تومرت واختتم الحفل بتوزيع‬ ‫شواهد تقديرية على المحتفى بهم باإلضافة إلى‬ ‫هدايا تذكارية ‪.‬‬

‫واعتبر المسؤول أن هذا اليوم التواصلي‪،‬‬ ‫الذي جاء تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الداعية‬ ‫لالستجابة إلى تظلمات المواطنين‪ ،‬يهدف إلى تحديد‬ ‫إطار للتعاون والتنسيق الفعالين من أجل إيجاد تسوية‬ ‫لمختلف القضايا التي تديرها اإلدارات اإلقليمية‬ ‫وتقوية الحكامة الترابية‪.‬‬ ‫بهذا الصدد‪ ،‬ذكر بأن الجماعات الترابية‬ ‫المشاركة مدعوة إلى االنخراط الفعلي في هذه‬ ‫الجهود بهدف تشجيع إنجاز المشاريع التنموية‬ ‫بالجهة‪ ،‬الفتا إلى أن الوساطة المؤسساتية تعتبر‬ ‫ضرورة ملحة إليجاد حلول مالئمة تتسم باالستعجالية‬ ‫نظرا لطبيعة القضايا المطروحة على أنظارها ‪.‬‬ ‫وتخلل هذا اللقاء التواصلي‪ ،‬المنظم بشراكة مع‬ ‫المجلس الجماعي لمدينة القصر الكبير ‪ ،‬نقاش حول‬ ‫العالقة بين مؤسسة الوسيط والجماعات المحلية‬ ‫والمديريات الجهوية للمؤسسات العمومية‪ ،‬وحول‬ ‫سبل تعزيز معالجة طلبات التسوية والشكايات التي‬ ‫يضعها المواطنون‪ ،‬بهدف تعزيز الدينامية التنموية‬ ‫بالجهة‪ ،‬واالرتقاء بالديبلوماسية الخضراء حتى‬ ‫تستجيب النتظارات المواطنين ‪.‬‬

‫‪ - 1‬مداخلة السيد كريم‪ ‬العتابي؛ مدير الوكالة‬ ‫الوطنية إلنعاش التشغيل والكفاءات بالعرائش كانت‬ ‫حول موضوع ” برامج وأفاق إنعاش التشغيل بإقليم‬ ‫العرائش “‪،‬‬

‫‪ - 2‬مداخلة السيد محمد العربي كركب‪ :‬عميد‬ ‫الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش حول موضوع‬ ‫“مالئمة التكوين مع حاجيات سوق الشغل وآليات‬ ‫اإلدماج المهني للخريجين”‪،‬‬ ‫‪ - 3‬مداخلة السيد محمد المالكي‪ :‬مدير مكتب‬ ‫التكوين المهني وإنعاش الشغل بالعرائش حول‬ ‫موضوع ” خارطة الطريق المتعلقة بتطوير التكوين‬ ‫المهني وإحداث “مدن المهن والكفاءات“‪،‬‬ ‫‪ - 4‬مداخلة السيد‪ ‬مومن‪ ‬الصبيحي‪ :‬رئيس‬ ‫جمعية‪ ‬إيكوديل‪ ‬للتنمية العادلة حول “منصة اإلدماج‬ ‫االقتصادي للشباب‪ :‬التحديات والرهانات”‪،‬‬ ‫‪ - 5‬مداخلـــة السيد عبد الحميــد‪ ‬بنداود‪:‬‬ ‫مديــــر دار المقـــاول التابعــــة لمؤسســـــة‬ ‫التجاري‪ ‬وافابنك‪ ‬بطنجة‪ ‬حول”مراحلإنشاءالمقاوالت‬ ‫ومصادر التمويل”‬ ‫وقد تضمن برنامــج اليوم الدراسي توزيع‬ ‫المشاركيـــن على ورشتيـــن ‪ :‬األولى ‪ ‬اهتمـــت‬ ‫بموضوع إمكانيات خلق فرص التشغيل بإقليم‬ ‫العرائش‪ ،‬والثانية‪ ‬حول موضوع روح المبادرة وسيلة‬ ‫فعالة إلنعاش التشغيل‪.‬‬ ‫وقد خلص هذا اليــــوم الدراسي إلى اتخاذ‬ ‫مجموعة من التوصيات التي من شأنها تفعيل برامج‬ ‫االلتقائية والشراكة بين كافة المتدخلين‪ ،‬للمساهمة‬ ‫في صياغة واعتماد‪ ‬استراتيجية‪ ‬إقليمية للنهوض‬ ‫بقطاع الشغل والتشغيل الذاتي‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫نفق المغرب ‪ -‬إسبانيا‬ ‫وخط أنابيب الغاز النيجيري ‪ -‬المغربي‬

‫أوهام أم حقائق؟‬ ‫• بقلم ‪ :‬الدكتور عبد الحق بخـات‬

‫مشروع يخفي اآلخر!‬ ‫إن خط أنابيب الغاز النيجيري ‪ -‬المغربي العمالق لعام ‪ 2017‬يعيد إلى ذاكرتنا مشروع الربط الثابت بين أفريقيا وأوروبا‪ ،‬والذي‬ ‫كان يربط المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق‪ ،‬والذي يبدو أنه قد ولد مجددا من تحت الرماد ‪..‬‬ ‫في الواقع‪ً ،‬‬ ‫وفقا للصحافة اإلسبانية خالل هذا الشهر نوفمبر ‪ ، 2019‬مشروع الربط بين إفريقيا وأوروبا أكثر ضرورة من أي وقت‬ ‫مضى فيما يتعلق بالتبادالت التصاعدية بين الشاطئين‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لخط أنابيب الغاز ‪ ،‬فقد كان المشروع على قائمة النسخة الثانية من منتدى األعمال المغربي النيجيري الذي انعقد‬ ‫يومي ‪ 14‬و ‪ 15‬نوفمبر في الرباط‪.‬‬ ‫هذا يعني أن مشروع النفق الذي ينبغي أن يربط بين إفريقيا وأوروبا لم يعد ميت ًا تمام ًا ‪ ،‬كما نعتقد ‪ ،‬وأن خط األنابيب هذا ‪،‬‬ ‫في كل مرة ‪ ،‬يتم طرحه على طاولة المفاوضات‪.‬‬ ‫لذا فإن السؤال هو ما إذا كان هذان الثعبانان البحريان الظخمان سيعرفان الحياة في يوم من األيام‪ ،‬أم هل سيتم إدراجهما في‬ ‫التاريخ على أنهما مجرد وهم أو حلم عبر عقول هذا الجيل األول من القرن الحادي والعشرين؟‬ ‫في فاس‪ ،‬بين ‪ 14‬و ‪ 16‬يونيو ‪ ،1979‬حيث سيتم ذكر مشروع الربط الثابت‬ ‫ألول مرة‪ .‬الملك خوان كارلوس ‪ ،‬الذي كان قد تربع على العرش لتوه‪ ،‬والملك‬ ‫الحسن الثاني دشنا مشاورات حول إمكانية ربط بالديهما عبر مضيق جبل طارق‪،‬‬ ‫بمشروع هيكلي ضخم‪.‬‬ ‫بعد مرور أربعين عامًا ‪ ،‬تؤكد صحيفة «‪ »El Confidencial‬اإلسبانية‬ ‫أن «المشروع لم يتم تعريفه كما هو اليوم»‪ .‬يعرض هذا المقال وجهة نظر‬ ‫‪ ،Angeles Alastrué‬رئيس جمعية (‪ )SECEGSA‬بمدريد‪ .‬وقد ولد هذا األخير‬ ‫في عام ‪ ،1980‬أي في نفس تاريخ ظهور ‪la Société nationale d’études du‬‬ ‫‪ détroit de Gibraltar‬في الرباط‪.‬‬ ‫أعادت صحيفة «‪ »El Confidencial‬للوجود اهتمام الرأي العام بهذه‬ ‫الفكرة الطموحة‪ ،‬في حين أن البيانات الفنية لم تتبلور بشكل جذري‪.‬‬ ‫منذ عام ‪ ،1996‬ثبت أن الجسر المعلق سيكون أغلى بكثير من النفق بل‬ ‫ويمكن أن يؤثر على المالحة وبعض الخدمات البحرية‪ .‬هناك صعوبة أخرى‪،‬‬ ‫وهي أن هاتين النقطتين الواقعتين على بعد خمسة عشر كيلومتراً من بعضهما‬ ‫البعض‪ ،‬ال يمكن توصيلها بواسطة نفق‪ :‬فالعمق سحيق للغاية في هذا المستوى‬ ‫من المضيق‪.‬‬ ‫توضح وثيقة ‪ 2013‬الصادرة عن ‪SECEGSA‬‬ ‫و ‪ SNED‬هذه الخطة‪ :‬سيكون النفق ‪ 38.7‬كم ‪،‬‬ ‫منها ‪ 27.8‬تحت الماء‪ ،‬ويصل أعمق جزء منها إلى‬ ‫‪ 175‬متراً تحت مستوى سطح البحر‪ ،‬وبين المحطتين‬ ‫يسافر المسافرون على مسافة ‪ 42‬كم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫‪ SNED‬يحذر‪« :‬عبور المضيق بواسطة رابط ثابت‬ ‫يطرح مشاكل هندسية استثنائية‪ ،‬غير مسبوقة على‬ ‫ما يبدو»‪ .‬غير أن الصعوبات بين الرباط ومدريد ليست‬ ‫فقط مسألة تقنيات‪ ،‬بل تمتد إلى ما هو أكبر‪.‬فالعالقات‬ ‫الدبلوماسية بين البلدين ليست جيدة دائمًا‪ .‬ولعل‬ ‫من بين نقاط التوتر‪ :‬الصراع في الصحراء المغربية‪،‬‬ ‫ومشكلة اإلرهاب في إسبانيا‪ ،‬وجيوب سبتة ومليلية‪،‬‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫اعتبار آخر‪ :‬مثل هذا المشروع‬ ‫من المرجح أن يكون مكلفا‪ .‬ما ال يقل‬ ‫عن ‪ 65‬مليار درهم (‪ 6‬مليارات يورو) ‪،‬‬ ‫وربما أكثر من ‪ 150‬مليار درهم‪ ،‬وف ًقا‬ ‫لتقديرات مختلفة‪ .‬تحتاج المملكتان إلى‬ ‫دعم مالي وأوروبي بكل أشكاله‪ .‬في‬ ‫عام ‪ ، 2007‬دعا رئيس الوزراء اإلسباني‪،‬‬ ‫خوسيه لويس رودريغيز زاباتيرو ‪ ،‬وهو‬ ‫ديمقراطي اشتراكي ‪ ،‬االتحاد األوروبي‬ ‫لدعم هذا المشروع الذي «سيغير‬ ‫أفريقيا وأوروبا»‪.‬‬ ‫تشكك الدول األعضاء في االتحاد‬ ‫األوروبي في مزايا مثل هذه الخطة‪،‬‬ ‫والتي من الواضح أنها يمكن أن تسهل نقل الركاب والبضائع بين القارتين ‪ ،‬ولكن‬ ‫أيضًا كبح تدفق المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون إلى أوروبا من المغرب‬ ‫وإسبانيا‪.‬‬ ‫منذ ذلك الحين ‪ ،‬تم اتخاذ مجموعة من الخطوات‪ :‬التشخيص على وجه‬ ‫الخصوص‪ .‬حوالي ‪ 40‬عملية همت أخذ عينات من قاع البحر والحفر‪.‬‬ ‫من الجانب المغربي ‪ ،‬مع استثمار الملك محمد السادس‪ ،‬استثمرت المملكة‬ ‫عن طيب خاطر في أعمال كبرى أخرى‪.‬‬ ‫تباطأت أنشطة ‪ SNED‬ثم توقفت‪.‬‬ ‫اليوم ‪ ،‬إذا كانت الصحافة اإلسبانية قد أثارت اهتمامًا متجددًا بالمشروع‬ ‫‪ ،‬فذلك ألنه يبدو أن هناك بيانات جديدة تظهر حول المشروع مع العلم أن‬ ‫حركة نقل الركاب والبضائع تأخذ كل عام حجماً يؤثر أيضا على عدة ماليين من‬ ‫المسافرين المغاربة الذين يمرون عبر إسبانيا إلى المغرب‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى ‪ ،‬شهدت طنجة ‪ ،‬عاصمة المنطقة الشمالية من المغرب‪،‬‬ ‫المهمشة منذ فترة طويلة ‪ ،‬ثورة في العقد األخير ‪ ،‬ال سيما من حيث التنمية‬ ‫الصناعية والسياحية‪ .‬حيث أصبحت واحدة من أكثر المدن عولمة في البالد‪ .‬ولقد‬ ‫تم بهذه المدينة إطالق ميناء «طنجة ميد» عام ‪ ، 2004‬والذي يعد اليوم أكبر‬ ‫ميناء في إفريقيا‪ ،‬ثم وصول مصنع «رينو» ‪ ،‬الذي افتتح في عام ‪ ، 2012‬إلى إنتاج‬ ‫مليون سيارة‪ ،‬سيجد خط السكة الحديدية فائق السرعة (‪ )TGV‬بين طنجة والدار‬ ‫البيضاء عبر الرباط ‪ ،‬والذي ظل في الخدمة بنجاح كبير منذ عام‪ ،‬امتدادًا طبيعيًا‬ ‫لهدفه من خالل نفق سكة حديد إلى إسبانيا‪ ،‬وهذا من شأنه أن يقلل من زمن‬ ‫الرحلة بين الدار البيضاء ومدريد لبضع ساعات‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬تحتل إسبانيا المرتبة األولى بين أكبر شركاء المغرب‬ ‫التجاريين‪ .‬يتجاوز حجم التدفقات التجارية ‪ 14000‬مليون يورو ‪ ،‬حيث تعتبر‬

‫األندلس منطقة مركزية في التجارة بين البلدين ‪ ،‬وستكون السياحة أكثر تطوراً‬ ‫مما هي عليه اآلن في ‪.Coste del Sol‬‬ ‫كل هذه البيانات الجديدة أيقظت شهية ‪ SECEGSA‬و ‪ SNED‬اللذين‬ ‫يعتزمان االستفادة من هذه الديناميكية التي ستتعزز من خالل إنشاء نفق مغربي‬ ‫ إسباني ‪ ،‬مع وصلة سكة حديد تسمح بمرور ما يزيد قلي ًال عن ‪ 13‬مليون طن من‬‫البضائع و ‪ 12‬مليون مسافر سنويا بحلول عام ‪.2050‬‬ ‫سيتم التصميم «لربط حركة السكك الحديدية العادية بين الشبكتين‬ ‫المغربية واإلسبانية ‪،‬إضافة إلى النقل البحري للسيارات عبر قطارات مكوكية‪»...‬‬ ‫سيكتسب المشروع مصداقية أكثر‪ ،‬وليس من المستغرب أن يتم فتح الملف‬ ‫من جديد ووضعه مرة أخرى على طاولة المفاوضات‪.‬‬ ‫سوفى نتمنى ذلك بقليل التفاؤل!‬ ‫دعونا نرى اآلن ‪ ،‬ما هو مشروع خط أنابيب الغاز الضخم الذي يجب أن يربط‬ ‫المغرب ونيجيريا عن طريق ساحل المحيط األطلسي‪.‬‬ ‫أعلن هذا المشروع الضخم ‪ ،‬الذي أثار ضجة كبيرة أواخر عام ‪، 2016‬‬ ‫وعرف خطوته األولى يوم اإلثنين ‪ 15‬ماي ‪ 2017‬في الرباط بتوقيع مذكرة‬ ‫تفاهم بحضور الملك محمد السادس ووزير الخارجية‬ ‫النيجيري ‪ Geoffrey Onyeama‬وفي غياب الرئيس‬ ‫النيجيري‪ ،Muhammadu Buhari ،‬الذي كان قد دخل‬ ‫المستشفى في لندن‪.‬‬ ‫وف ًقـــا للمديرة العامةـــ للمكتـــب الوطنـــي‬ ‫للهيدروكربونات والمناجم (‪ ، )Onhym‬أمينـــة بن‬ ‫خضرة ‪« ،‬إنه مشروع استراتيجي وهيكلي يمثل حجر‬ ‫الزاوية للتكامل اإلقليمي في غرب إفريقيا‪ ،‬وحافز للتنمية‬ ‫االجتماعية واالقتصادية في ‪ 16‬دولة بالمنطقة ‪ ،‬يمثل‬ ‫إجمالي الناتج المحلي ‪ 670‬مليار دوالر »‪.‬‬ ‫بالنسبة لفاروق غاربا سعيد ‪ ،‬مدير العمليات في‬ ‫شركة البترول الوطنية النيجيرية (‪« :)NNPC‬هذا مشروع‬ ‫كبير لديه القدرة على خلق فرص جديدة للغاز النيجيري‬ ‫وبالتالي يشكل تأثيرا إيجابيا كبيرا على الصادرات‪ ،‬من‬ ‫نيجيريا إلى مختلف دول العالم»‪.‬‬ ‫من المتوقع أيضا أن يسرع خط‬ ‫األنابيب مشاريع كهربــة جميع أنحاء‬ ‫منطقة غرب إفريقيا ‪ ،‬وأن يكون له تأثير‬ ‫إيجابي مباشر على أكثر من ‪ 300‬مليون‬ ‫شخص في منطقة غرب إفريقيا ‪ ،‬ويلبي‬ ‫الحاجة المتزايدة إلى الكهرباء بأوروبا‬ ‫لتنويع مصادر الطاقة لديها‪.‬‬ ‫إن خط أنابيــب الغــاز الذي يمتد‬ ‫بطول ‪ 5000‬كيلومتر على طول ساحل‬ ‫غرب إفريقيا إلى المغرب ‪ ،‬مع امتداد إلى‬ ‫أوروبا عبر إسبانيا ‪ ،‬يهدف إلى استنباط‬ ‫مساحــات شاسعـــة من االقتصـــادات‬ ‫األفريقية‪.‬‬ ‫سيتم تمويل خط أنابيب الغاز في المستقبل ‪ ،‬والذي من المتوقع أن يكلف ‪20‬‬ ‫مليار دوالر ‪ ،‬بصيغة مشتركة بين المغرب ونيجيريا‪ ،‬كما سيفتح المجال لمستثمرين‬ ‫آخرين باالنضمام إلى طاولة اعتماد التكلفة واإلعداد المالي للمشروع‪.‬‬ ‫ومع ذلك ‪ ،‬ووف ًقا لتعليالت قدمها خبير صحيفة «لوموند» الفرنسية باعتبارها‬ ‫«خبيرًا جيدًا في الملف» ‪ ،‬فإن «تحقيق هذا المشروع يبدو معقدًا للغاية»‪ .‬لماذا؟‬ ‫«أو ًال وقبل كل شيء ‪ ،‬هناك سبب أمني كبير‪ :‬ال أحد سيخصص ما يتراوح‬ ‫بين ‪ 15‬و ‪ 20‬مليار دوالر في مشروع تقع نقطة انطالقه في دلتا النيجر ‪ ،‬وهي‬ ‫منطقة في جنوب نيجيريا معروفة بالعنف المتكرر‪ .‬وإذا كان األمر كذلك ‪ ،‬في حالة‬ ‫حدوث معجزة ‪ ،‬سيتعين على خط األنابيب أن يعبر ‪ ،‬وف ًقا لطريقه ‪« ،‬عشر دول من‬ ‫بينها بعض الدول التي تواجه أوضاعًا صعبة للغاية» يوضح الخبير الذي يستشهد‬ ‫بعد ذلك بمنطق اقتصادي‪-‬إستراتيجي مفاده أن «التطورات األخيرة في مجال الغاز‬ ‫في موريتانيا والسنغال هائلة وهي أقرب إلى المغرب»‪ .‬باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬فإن‬ ‫مشروع خط أنابيب الغاز المغربي‪-‬النيجيري ينافسه حوالي ‪ 40‬دولة أفريقية ‪ ،‬قائلاً‬ ‫إن المشروع «ال يصب في مصلحة الدول اإلفريقية» ‪ ،‬بحجة أن بناء هذا الخط‬ ‫سوف يتطلب زيادة استخراج واستهالك ‪ ، gaz fossile‬وهو من األسباب الرئيسية‬ ‫لالحتباس الحراري‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك ‪ ،‬في بعض الدول األوروبية مثل المملكة المتحدة وفرنسا‬ ‫وإسبانيا ‪ ،‬يُقال أيضًا أن «استخراج ‪ gaz fossile‬ونقله واستخدامه له تداعيات‬ ‫بيئيةكبيرة»‪.‬‬ ‫كل هذا يعيدنا إلى السؤال األساسي وهو «ما إذا كان مشروع هذان الثعبانين‬ ‫البحريين الكبيرين سيعرفان النور يوما ما‪ ،‬أم سيتم إدراجهما في التاريخ على أنهما‬ ‫مجرد أوهام عبرت خيال هذا الجيل األولي من القرن‪.21‬؟‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬ ‫• محمد إمغران‬

‫من قصص‬ ‫دراويش الوطن‬

‫ما أكثر الدراويش الذين يزداد عددهم في هذا‬ ‫الوطن بمئات اآلالف‪ ،‬سنة عن أخرى‪ ،‬حيث يغرقون في‬ ‫ظروف حياتية صعبة‪ ،‬يكدون ويتعبون في الحصول‬ ‫بالكاد على القوت اليومي الذي قد تكون ضمنه نسبة‬ ‫من التسول أو نسبة من القروض‪.‬ومن هؤالء من يفقد‬ ‫عمله البسيط‪ ،‬ومنهم من الزال يبحث عن عمل‪ ،‬منذ‬ ‫فترات طويلة‪ ،‬رغم خوضه معركة االقتتال والحالة هاته‪،‬‬ ‫من أجل الشهادة الدراسية أو الدبلوم المحصل عليه‪.‬‬ ‫أما عدد المرضى العاجزين عن تطبيب أنفسهم‪ ،‬فتلك‬ ‫حكاية‪ ،‬أولها عذاب ودمعة وآخرها كفن ومأتم حزين‪،‬‬ ‫األمرالذي يدفع بالرأي العام إلى التساؤل حول الجدوى‬ ‫من المجالس الوزارية والغرف النيابية والمجالس‬ ‫الجماعية التي تستهلك المال العام وتستنزف الزمن‬ ‫الطويل‪ ،‬المنقوص من أعمارالدراويش‪ ،‬قبل أن يبدأ‬ ‫الحديث مجددا حول انتخابات مقبلة وحكومة مرتقبة‪.‬‬ ‫صحيح أن وطننا الحبيب أفضل بكثيرمن دول‬ ‫مجاورة وإقليمية لها ثروات معدنية هائلة وثمينة‪ ،‬لكن‬ ‫الدروايش العريضة من مواطني بالدنا يشكلون واقعا‬ ‫مرا يفضحه المعيش اليومي الذي ليس في حاجة إلى‬ ‫إحصاءات رسمية‪ ،‬تحاول أن تبين «المغرب المزوق»‪.‬‬ ‫والمثيرهوأن دراويش الوطن‪ ،‬هذا كثيرا ما يقع‪ ،‬حتى‬ ‫إذا ما كان القدريخبئ لهم أمورا مفرحة‪ ،‬من قبيل وصية‬ ‫خيرية أو هبة‪ ،‬ومن طرف أجانب ياللغرابة‪ ،‬قد تغيرمن‬ ‫مجرى حياة بؤسهم‪ ،‬فإن هناك ديناصورات سلطوية‬ ‫ومالية ونفوذية تستطيع الوقوف ضد «القدر» لتفويت‬ ‫«الخير» لنفسها‪ ،‬أما الدراويش فليشربوا ماء البحر‪.‬إال أن‬ ‫الدراويش «عزازين عند اهلل وشوكتهم حادة» ولو بعد‬ ‫عمر طويل‪ ،‬حيث يتم حاليا التحقيق من طرف الفرقة‬ ‫الوطنية للشرطة القضائية‪ ،‬بتعليمات من الوكيل العام‪،‬‬ ‫مع موثق وموظفين ومحام وقاض سابق‪ ،‬بخصوص ملف‬ ‫سطو على عقارات قنصل شرفي إنجليزي كان بطنجة‪،‬‬ ‫أيام زمان‪ ،‬وعلى كنيسة بالمدينة ذاتها‪.‬وهذا الملف‬ ‫سبق لجريدتي طنجة والشمال أن تناولتاه مرارا‪ ،‬حيث‬ ‫يحظى باهتمام خاص من قبل رئيس النيابة العامة‪ ،‬بعد‬ ‫استقباله ورثة القنصل اإلنجليزي‪ ،‬المنحدرمن األسرة‬ ‫الملكية البريطانية‪ ،‬إذ قدموا جميع الوثائق القاطعة‬ ‫التي تخول لهم استرجاع أمالك والدهم‪ ،‬خصوصا‬ ‫شركته العقارية التي ما زالت مسجلة باسمه إلى اليوم‪،‬‬ ‫سواء بالمحكمة التجارية بطنجة أو بالمحافظة العقارية‪.‬‬ ‫ومما زاد الطين بلة هودخول كنيسة بريطانية بطنجة‬ ‫على الخط ومتابعتها لمجريات التحقيق‪ ،‬بهدف استرجاع‬ ‫أمالكها‪ ،‬سبق للقنصل الشرفي أن وهبها لها في وصية‪،‬‬ ‫قبل وفاته‪ ،‬عبارة عن فيالت وعقارات تم السطو عليها‪،‬‬ ‫بواسطة االستيالء على شركته العقارية‪ ،‬بعقود مزورة‪،‬‬ ‫وراءها أفراد أسرة وعائلة‪ ،‬نافذة بطنجة‪.‬‬ ‫بيت القصيد في هذا الملف الساخن هوأن القنصل‬ ‫الشرفي البريطاني لم ينس دراويش طنجة ولم‬ ‫يستثنهم من أخذ نصيبهم على شكل مبادرات ومشاريع‬ ‫خيرية‪ ،‬وهو يوقع وصاياه‪ ،‬قبل رحيله عن الوجود‪،‬‬ ‫الموبوء بديناصورات‪ ،‬تحلل لنفسها وتحرم للناس‪،‬‬ ‫وباألحرى للدراويش‪ ،‬المهمشين في جميع الحاالت‪ ،‬فيا‬ ‫عجبا !‬


‫امللحـق الثقافـي‬ ‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 1021‬ـ الثالثاء ‪ 26‬نوفمبر إلى ‪ 5‬ديسمبر ‪2019‬‬

‫لماذا أكتب؟‬ ‫جينيفر إيغان‬ ‫ترجمة‪ :‬ريوف خالد‬ ‫جنيفر ايجان (‪ ،)Jennifer Egan‬روائية وكاتبة قصص أمريكية من مواليد‪6‬‬ ‫سبتمبــر عـام ‪ .1962‬حائزة على جائـزة البولتيـرز لألدب لعام ‪ 2011‬عن روايتهـا‬ ‫« ‪.»A Visit From the Goon Squad‬‬ ‫عاشت في سان فرانسيسكو‪ .‬بعد تخرجها من ثانوية لويل (‪Lowell High‬‬ ‫‪ ، )School‬التحقت بجامعة بنسلفانيا ‪ -‬قسم األدب اإلنجليزي‪ .‬تلتها سنتان زمالة‬ ‫في كلية سانت جون ‪ ،‬كامبريدج‪.‬‬ ‫نشرت عدة قصــص في مجلـة نيويروكــر (‪ ،)The New Yorker‬هاربرز‬ ‫(‪ ،)Harper’s‬وأماكن أخرى‪.‬‬ ‫حين ال أكتب‪ ،‬يجتاحني شعورٌ بفقد‬ ‫شيء ٍما‪ .‬إذا طالت بي الحال‪ ،‬تزداد األمور‬ ‫مصيريٌ‬ ‫سو ًءا‪ ،‬وأصاب باكتئاب‪ .‬حينها‪ ،‬أمرٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يكفُ عن الحدوث‪ ،‬عطبٌ بطيء يشرع في‬ ‫التكوّن‪ .‬كما لو أنني أهبط من ت ّلة‪ ،‬بفعل‬ ‫الجاذبية وحدها‪ ،‬لبعض الوقت‪ ،‬لكن بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬تصاب أطرافي بالخدر‪ .‬أمرٌ سيء‬ ‫يحدث‪ ،‬أعرفهُ‪ .‬وكلما طال انتظاري‪ ،‬صعب‬ ‫علي البدء بالكتابة مجدّدًا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حين أكتب‪،‬‬ ‫خاصة إذا كان سير الكتابة‬ ‫جيدًا‪ ،‬أعيش في بُعدين مختلفين؛ هذا‬ ‫العالم الذي أعيش فيه‪ ،‬اآلن‪ ،‬وأستمتع به‬ ‫كثيرًا؛ والعالم المختلف كليًا الذي أُقيم فيه‬

‫نصـان‬ ‫عبد الرحيم الخصار‬

‫دون أن يعرف به أحد‪ ،‬وال أظن أن زوجي‬ ‫حتّى يمكنه التنبؤ به‪ .‬حياة مضاعفة هذه‬ ‫التي أعيشها‪ ،‬دون أن أمس زواجي وجنّته‬ ‫بسوء‪.‬‬ ‫بشكل خاص‪،‬‬ ‫أكتب المسودّة األولى‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أشعر بأنني نُقلت خارج ذاتي‪ ،‬هذه الحالة‬ ‫التي أسعـــى إلى تحقيقهــا دائماً‪ .‬حتى‬ ‫نص أدبي‪ ،‬فأنا‬ ‫كصحافيّة‪ ،‬إذا لم أعمل على ٍ‬ ‫ال أشرع في الكتابة مباشر ًة‪ .‬أقوم بالبحث‬ ‫ألشهر‪ ،‬ثم أكتب النص في بضعة أيام‪.‬‬ ‫نص أدبي‪ ،‬أنسى‬ ‫حين أقوم بكتابة ٍ‬ ‫من أكون ومن أينَ جئت‪ .‬أتس ّلل إلى وضع‬ ‫انهمار مطلق‪ .‬أهوى شعور ارتباطي بالعالم‬

‫اآلخر‪ ،‬حيث أتنصّل برفق من صِالتي بهذا‬ ‫العالم‪ .‬إذا اضطررت لالنتقال من حالة‬ ‫الكتابة‪ ،‬إلى جلب أطفالي من المدرسة‪،‬‬ ‫بضيق حادٍ‪ ،‬كما لو كنت مصابة‬ ‫فأنا أُصاب‬ ‫ٍ‬ ‫بالتحنّي (شلل الغواص) وما أن يحضر‬ ‫أطفالي‪ ،‬ونصير معًا‪ ،‬حتى يختفي الضيق‬ ‫كليًا‪ ،‬وأشعر مجدّدًا بالسعادة‪ .‬أحيانا‪،‬‬ ‫أنسى أن لدي أطفال‪ ،‬األمر شديد الغرابة‪.‬‬ ‫أشعر بالذنب حيال هذا‪ ،‬كما لو أن غفلتي‬ ‫ستتسبّب بحدوث مكروه لهم‪ .‬حتى لو لم‬ ‫أكن المسؤولة عنهم‪ ،‬فإن اهلل سيعاقبني‪.‬‬ ‫حين تسير الكتابة على ما يرام ‪ -‬ولستُ‬ ‫أرغب بتقديمها كفكرة مبتذلة ‪ -‬فإنني‬

‫أشعر‬ ‫بمصدر خ ّفي يزوّدني بالوقود‪ .‬أثناء‬ ‫ٍ‬ ‫هذه األوقات‪ ،‬طالما أن مصدر طاقتــي‬ ‫البديلة ٌ‬ ‫نشط‪ ،‬ال يهمني إذا ما كانت األمور‬ ‫في حياتي تتم بسوء‪ .‬لكن يوم تسير الكتابة‬ ‫بشكل ركيك‪ ،‬فاألمر سيء‪ ،‬بل إنه أسوأ من‬ ‫ٍ‬ ‫عدم الكتابة من األساس‪ .‬كما لو أن ش ًقا‬ ‫أو تسريبًا تندلق من خالله الطاقة بعيدًا‪.‬‬ ‫حينها حتى لو كانت بقيّة أمور حياتي‬ ‫بخطب بالغ السوء يالزمني‪.‬‬ ‫جيّدة‪ ،‬فالشعور‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫يقل وقتها جَلدي على السوء‪ ،‬ويصبح‬ ‫سروري من األشياء الحسنة ضئيلاً ‪ .‬األوضاع‬ ‫كانت أسوأ قبل إنجابي ألطفالي‪ ،‬اآلن ممتنة‬ ‫لهم ألنهم ينسونني ما يحدث باحترافيّة‪.‬‬

‫قيثار إسباني‬ ‫لعله قيثار إسباني حزين يغادر البيت بمفرده‪ ،‬وقد اهترأت أوتاره بعد ستين‬ ‫عاما من األنين‪ .‬الرجل العجوز الذي شاخت يداه وتشققت أنامله من عزف طويل‬ ‫وحارّ‪ ،‬يجلس وحيدا في غرفة الخشب‪ ،‬يحدّق في ساعة الحائط‪ ،‬وفي السنوات التي‬ ‫نفقت‪ ،‬في نتوءات الليل‪ ،‬في صدوع العتبة‪ ،‬في ُ‬ ‫األصُص والمناضد ومزاهر الطين‬ ‫واألعشاب اليابسة‪.‬‬ ‫بعكازته المعقوفة يعدّ األبنا َء واألحفاد والطرقاتِ والجسورَ والعيون التي تخ ّلت‪.‬‬ ‫وئيد ًة تتلمّسُ يدُه مقبضَ الباب وترتجف‪ ،‬فيما عيناه جامدتان‪ ،‬كما لو أنه الشاهد‬ ‫الوحيد على الفاجعة‪ .‬تحت كرسيه الرجراج يتلوّى الحنين‪ ،‬وقبالة بيته المنسيّ‬ ‫يقيم الوهمُ ويبني قلعة‪ .‬يتناهى إليه من حين آلخر صرير الباب تدفعه يد زوجته‪،‬‬ ‫ووقعُ حذائها‪ ،‬وهفيف الريح التي تسبقها‪ ،‬وأزيز آلة الخياطة في الطابق األرضي‪،‬‬ ‫حيث سِيرُها الجلديّ مازال يدور‪ .‬يتف ّقد البيت فال أحد‪ .‬وحين ترتعش دمعة كتيم ٌة‬ ‫على طرف العين‪ ،‬تدنو منه زوجته وفي يدها منديل‪ ،‬زوجتُه التي ماتت منذ سنين‪.‬‬ ‫الرجل العجوز الذي تخلى عنه قيثاره القديم‪ ،‬يواري مرارتَه ِبنظرة‪ ،‬يدفن الحسر َة‬ ‫في حديقة البيت‪ ،‬ويُخفي الدّمع في األكمام‪.‬‬

‫الساعاتيّ‬ ‫برغيّ في اليد‪ ،‬نوابضُ ودبابيسُ من فوالذ‪ ،‬وعقربان لحياة لم تعد المياه‬ ‫تجري فيها‪ .‬يسيل الزمن في ميناء الساعة بال ّ‬ ‫مفكات‪ ،‬وينسحق العمر بين الدواليب‬ ‫المسننة‪ .‬ينزل الشتاء غزيرا خارج الدكان‪ ،‬وتسقط قطرة من السقف على الحاجب‬ ‫األشيب المقوّس‪ ،‬حاجب العين التي رأت ّ‬ ‫كل شيء‪ ،‬ثم نسيته‪.‬‬ ‫كان طفال حين وطأت قدماه هذا الزقاق‪ ،‬لكنّ عقارب الساعات ظلت تدور وتدور‪،‬‬ ‫إلى أن صارت المالقط ترتعش في يديه‪ ،‬إلى أن شابت ثيابه‪ ،‬وغطت التجاعيدُ بابَ‬ ‫الحديد وكراسي الخشب‪.‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نوفمرب�إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫قصة قصيرة‬

‫تذكرة ضائعة‬ ‫إلى لشبونة‬

‫ً‬ ‫سريرَة تراني‬ ‫هدى الهرمي‬

‫محمد بوجبيري‬

‫كاتبة و قاصة ـ تونس‬

‫هَ ْم ً�سا َملأَ َّ‬ ‫الط ُ‬ ‫فا�سا‪.‬‬ ‫يف ا ْل َب ْي َت �أَ ْن ً‬

‫َر ْح َم ًة ِب َ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫َلن َتراين‪،‬‬

‫َل ْو َف َع ْل ُت َ�س َت ْعمى‪.‬‬ ‫اِ ْ�س َم ْع‪ :‬ل َّأن َ‬ ‫ك يل‪،‬‬

‫َو َل ْ�س َت ِل َغ رْيي‪،‬‬ ‫كون َل َ‬ ‫ك مْالَ َ‬ ‫�أَ ُ‬ ‫الذ‪،‬‬

‫كون َل َ‬ ‫�أَ ُ‬ ‫ال�سدادَ ‪،‬‬ ‫ك ا ْل ِو�سادَ َو َّ‬ ‫لك ْن اِ ْ�س َم ْع‪:‬‬ ‫ِ‬

‫ل َّأن َ‬ ‫اخ رَ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ت َتني‪،‬‬ ‫تح َ‬ ‫لك ُغربَتي‪،‬‬ ‫�أَ ْف ُ‬ ‫َكما ِع َّزتي‪.‬‬ ‫رير ًة َتراين‪.‬‬ ‫ُا ْد ُن َ�س َ‬ ‫تدين‪.‬‬ ‫ت ْب ب‬ ‫َ‬ ‫اِ ْق رَ ِ‬ ‫َ�صري ًة جَ ِ‬ ‫َكما �أُ ُ‬ ‫ريد‪،‬‬

‫ريد أ�َنْ َ�أ َ‬ ‫�أُ ُ‬ ‫راك‪،‬‬ ‫ال �أَنْ � َ‬ ‫أراك‪،‬‬

‫َكما �أ ْن َت ُتريد‪.‬‬ ‫الر ؤْ�يا‪،‬‬ ‫�أَنا ُّ‬

‫َو�أَ ْن َت ب َْع ٌ‬ ‫�ض ِم ْن َعمى‪.‬‬

‫با�سا‪،‬‬ ‫ُك ْن يل ِل ً‬ ‫كون َ‬ ‫�أَ ُ‬ ‫لك ا ْل َب َد َن‪.‬‬ ‫ُك ْن يل ِدثا ًرا‪،‬‬ ‫كون َل َ‬ ‫ك خْ َ‬ ‫�أَ ُ‬ ‫ال ْي َم َة‪،‬‬ ‫ُك ْن ُ�شرودً ا بي‪،‬‬ ‫ُق ْربًا َتراين‪.‬‬

‫�أَنا َّ‬ ‫الط ُ‬ ‫ريق‪،‬‬ ‫هيل َو مْال َ‬ ‫ال�ص ُ‬ ‫�سافة‪.‬‬ ‫َو�أَ ْن َت َ‬

‫سريرة تراني‬

‫َ‬ ‫قال‪:‬‬

‫شيء ما‪ ،‬مُبهر وشهيّ مُرابط في ذهني وأنا‬ ‫مستسلمة ألشعــة الشمس لتغازل بشرتي الحنطيّة‬ ‫وتقتات من رغبتي الطافحة في ضمّها اكثر‪ ،‬عسى أن‬ ‫يخترق جسدي دفء الظهيرة في هذا اليوم الذي يتخذ‬ ‫رنّة مدويّة ومجهولة‪.‬‬ ‫إنه شعور مُبهج‪ ،‬يجعلني أرغب في التقاط سيلفي‬ ‫واصافح ظ ّلي الراقص‪ ،‬وأنا أجلس ُقبالة البحيرة على‬ ‫مقعد رخاميّ متهالك يَجلِده الضوء‪ ،‬وال أهبه لضوضاء‬ ‫الشارع وال لجوقة العملة أثناء أشغالهم في بناية قريبة‪.‬‬ ‫لفح وجهي نسيم فاتر وأنا أرفعه وأنظر للعالم‬ ‫بنصف إغماضة‪ ،‬ثم تن ّفست الهواء المُشبع بالرطوبة‬ ‫ملء رئتايَ‪.‬‬ ‫لقد اعتدت أن أستحضر مقاطع من يومياتي مرة تلو‬ ‫األخرى‪ ،‬أحيانا بدون إثارة تذكر وال سبب مقنع‪ ،‬كمن‬ ‫يستجدي في اعماقه سرّا عسى أن تطفو تلك االسئلة‬ ‫المتشدقة وصوتي المكتوم داخلي‪ ،‬إنها تزدحم برأسي‬ ‫وتدغدغ ذاكرتي ليتردد صداهــا كل مرة أختلي فيها‬ ‫بنفسي‪.‬‬ ‫تط ّلعت إلى ساعتي بشكل خاطف لكنني لم ألتقط‬ ‫الوقت ‪ ،‬لقد سيطر عليّ هاجس‪ ،‬انتشلني من مكاني‬ ‫فصار ظهري باردا وأطرافي متح ّفزة كأنها تشمئز من‬ ‫لذعة ما‪ ،‬ونظري يمتد بشكل ضائع في األفق الرحب‪.‬‬ ‫إنه الخوف من أن ّ‬ ‫تظل حياتي غير مكتملة‪ .‬يَصعُب‬ ‫عليّ ان أصنّفها ! أكاد ال أطيق فكرة الفشل وأنا ذات‬ ‫نهمة و لم أنظر أبدا إلى القعر‪ ،‬لكن افتقد إلى‬ ‫تط ُلعات ِ‬ ‫متانة ما‪ ،‬ككومة مالبس استند إليها على أرضية الواقع‬ ‫حتى ال يتهدّل وعيي وينساق إلى متاهة غير مسبوقة‪.‬‬ ‫منذ وقت قريب‪ ،‬اقتطعت تذكرة إلى فيلم « قطار‬ ‫الليل إلى لشبونة» لبسكال ميرسيه‪ .‬كنت سمعت عنه‬ ‫الكثير من سمر‪ ،‬أختى الصغيرة المُغرمة بالسينما‪.‬‬ ‫اتذكر انها ارهقتني بثرثرتها المعتادة وهي تسترجع‬ ‫مشاهد من الفيلم‪ .‬وانتظرت ليومين حيــن نفذت‬ ‫التذاكر في قاعة «زفير»بضاحية المرسى بعد أن ع ّلقت‬ ‫بوستير الفيلم في واجهة المركز الثقافي‪.‬‬ ‫لكن اختفت التذكرة يوم العرض وضاعت مني‪ ،‬وأنا‬ ‫ألعن ّ‬ ‫حظي العاثر‪ .‬بعدها قرّرت أن اقتني الرواية بما‬ ‫أنها متوفرة بالمكتبات وصدرت عن إحدى دور النشر‪.‬‬ ‫هذه المرّة ‪ ،‬كنت أرغب حصرا أن أجد شعارا يقود‬ ‫حياتي إلى وجهة ما‪ .‬كيف يتسنى لي أن أعرف ما أكون‬ ‫وما ابحث عنه ! َغ ّلفت رأسي غشاوة من الرؤى التي‬ ‫تسوقها رمزية الصور وانا اشق طريقي بين فصول‬

‫الرواية وأمنع نفسي من تخيل ما يحتمل أن أجده حين‬ ‫أصل إلى النهاية‪.‬‬ ‫لم اكن متيقنة تماما الى اي مدى يمكن أن أشتبك‬ ‫مع حدسي بأن الرواية تقودني إلى مقاطـع معقــدة‬ ‫ومتعددة لكنني أعول كثيــرا على تذكر األشياء‪ ،‬وهي‬ ‫مهارة رفيعة اكتسبها منذ صغري‪.‬‬ ‫غير أن الرواية استغرقت نصف يوم من الخلوة في‬ ‫غرفتي‪ ،‬ولم يسبق لي أن شعـرت بمثل هذه الشراهـة‬ ‫في القراءة‪.‬‬ ‫كــان من الجليّ أن رسائل الدكتور «أماديو دو‬ ‫برادو» الثائر البرتغالي‪ ،‬قد بدأت تصرعني وتؤوب إلى‬ ‫مفاهيم وجودية تغمغم في عقلي‪ ،‬وانا اتساءل ماذا كان‬ ‫يودّ ان يترك وراءه !‬ ‫من السهل أن أؤيده وال أنهي هذا الحوار الدائر‬ ‫بيننا‪ ،‬وربما ابتكر لي شعارا أردده في هذا اليوم بالضبط‪.‬‬ ‫صرت متيقنة أن ما مرّ به البروفيسور غريغوريوس‬ ‫استاذ اللغات القديمة في كلية برن‪ ،‬لم يحصل عرضا‬ ‫حين قرر ترك عالمه الرتيب‪ ،‬وبوسعي أن أكتشف وعلى‬ ‫مدى برهة معينة‪ ،‬أنه التقط هذه الكلمات بعد ترجمتها‬ ‫الماديو «إذا كان صحيحا أننا ال نعيش إ ّال بجزء صغير‬ ‫مماّ يعتمل دواخلنا فما هو مصير بقيّة األجزاء إذن» ‪.‬‬ ‫فكرت أنني كسبت هذه المرة‪ ،‬وبات الشك حقيقة‪،‬‬ ‫ان الطريق اليضيق كلما نمضي ُقدما‪ ،‬بل ينتهي ببوابة‬ ‫شاسعة‪.‬‬ ‫يمكنني اآلن أن أشعر ببطل الرواية حينما قرّر أن‬ ‫يغادر قوقعته ويؤدي ذلك إلى أن يفوته موعد القطار‬ ‫الليلي الى لشبونة‪.‬‬ ‫ما كان بوسعه أن يتركني وهو يشعر بالتوتر يعتمل‬ ‫داخلي وينبش في أعماقي حين أغمض عيناي ويزول‬ ‫كل تعبير من وجهـي‪ ،‬غير أنه يخترق حاجز الطريــق‬ ‫في داخلي فتخرح أنفاس غريغوريوس وتشرع شفتاه‬ ‫بالتحرك كأنه يرتكب شيئا مهوال‪ ،‬ليمدّ يده إلى ظهر‬ ‫الكرسي ويسحبني منه وزنا مستسلمة بشكل غريب‪.‬‬ ‫تطلعت اليه قائلة ‪:‬‬ ‫ــ معذرة‪ ...‬جعلتك تتأخر‬ ‫حتى قبل أن انهي جملتي‪ ،‬أشار إلى المحطة قبالتنا‬ ‫واستشار ساعته اليدوية وهو يخاطبني قائال ‪:‬‬ ‫ــ لقد عثرت على تذكرتك الضائعة إلى لشبونة‪...‬‬ ‫أترغبين في الرحلة معي ؟‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫مسألة‬ ‫وقت‬ ‫سعيدة لقراري‬ ‫بعيدا عن البيت‪ ،‬ال يدري إلى أين ستحمله الخطوات‪ ،‬تك تاك‪ ..‬بين‬ ‫الصمت والكالم يضيع الصدى وترتبك الحواس صوت الساعة الحائطية‬ ‫يثقل رأسه وصوت الطبيب أيضا يرتفع به‪:‬‬ ‫• بمجرد حصولك على نتائج التحاليل سيُحْسَم ما يراودنا من شكوك‬ ‫بشأن مرضك‪.‬‬ ‫تك تاك يعود صوت الساعة الحائطية يطفو على صوت الطبيب‪.‬‬ ‫التستهن بما طلبه الطبيب منك‪ ،‬أعرف أنك ال تحب الذهاب عنده‪ ،‬رائحة‬ ‫الدواء تزعجك‪..‬لكن الصحة ياولدي تخون خطى الجسد فتسقطه‪« ،‬بْحال‬ ‫دْنيا»‪.‬‬ ‫تك‪..‬تاك صوت األم يرتدي دقات الساعة الحائطية‪ ،‬يرتفع‪ ،‬يتسع‪ ،‬على‬ ‫جدار الذاكرة يتكسر‪..‬‬ ‫السيجارة هي الحل‪ ،‬يهمس لنفسه وهو يقترب من بائع «ديتاي»‪..‬‬ ‫«جوجْ ما ْلبورو‪ ،‬اهلل يخليك»‬ ‫مستعجال‪ ،‬وبدون استئذان‪ ،‬يتناول والعة البائع‪ ،‬بيدين مرتجفتين‬ ‫يشعل سيجارة المالبورو‪ ،‬بشراهة‪ ،‬يسحب أنفاسها وكأنه يستعد للغطس‬ ‫بمياه عميقة‪ ..‬ثم يخرجها دخانا كثيفا من فمه وأنفه‪.‬‬ ‫بين أنامله التي يزحف عليها االصفرار‪ ،‬يمسك بإحكام ما تبقى من‬ ‫السيجارة‪ ،‬ينظر إليها‪ ،‬يمعن التأمل فيها‪ ،‬إنها تذكره بنفسه‪..‬‬ ‫السيجارة تقتل‪..‬يردد العبارة ساخرا‬ ‫ويضيف متمتما ‪..‬كيف تقتل السيجارة ميتا؟!‬ ‫أْ‬ ‫فلمُت إذا‪ ،‬الموت يقلص عمر الخسارات‪ ،‬ويقطع الطريق أمام القادم‬ ‫من الخيبات ‪..‬‬ ‫تبا لي‪ ،‬أردد ذلك و أحب الحياة !‬ ‫كرات ثلج نحن‪ ،‬نتدحرج‪ ،‬يكبر حجمنا عند كل محطة من محطات الحياة‪..‬‬ ‫إلى أين؟‪ ،‬إلى متى؟ وهل سيكون االصطدام هو المصير‪.‬‬ ‫أم ستفاجئنا أشعة شمس دافئة؟‬ ‫يده تنقب عن الفرح والعين شاردة‪! ‬‬ ‫الهروب يحوم به في دائرة مغلقة‪ ،‬يعود به إلى نقطة االنطالق حيث‬ ‫بدأت المتاهة في نسج خيوطها ‪..‬‬ ‫يعلم من طبيبه الخاص أن الموت في جسده واضح المعالم‪ ،‬وهو إلى‬ ‫نهاية قريبة يتجه‪ ،‬يجهل حجم ذلك الزحف‪ ،‬لكن ما ال يشوبه شك – حسب‬ ‫قول الطبيب – أن حياته أصبحت قصيرة جدا بأجندة األيام‪..‬‬ ‫شعور قوي يلح على تواجد صديق بجانبه‪ ،‬تك‪..‬تاك صوت الحيرة يعيد‬ ‫إلى رأسه تكات الساعة الحائطية‪..‬‬ ‫كيف يكون صديقا ألحد وهو لنفسه عدو؟‪..! ‬فالطيور ال تحط على‬ ‫األغصان اآليلة للسقوط‪! ‬‬ ‫يراوده التساؤل وضجيج كاإلعصار يقتحم تفكيره المزدحم‬ ‫يعود إلى السيجارة‪ ،‬يحول ما تبقى برئتيها من أنفاس إلى رماد‪..‬‬ ‫للرماد طريقته الخاصة في التذكير بالموت‪ ،‬على متن الريح يفضل‬ ‫السفر‪ ،‬يحط على سطح األشياء ويذكرها بما تحمل من أعماق‪.. .‬بعد موتي‬ ‫أحب أن تحرق جثتي‪ ،‬كما يفعل الهندوس بموتاهم‪..‬‬ ‫بدل أن أدفن في التراب ويلتهمني الدود‪ ،‬أريد من النار أن تلتهمني‬ ‫وتحولني إلى رماد‪ ،‬وليس إلى جثة نصف مفحمة تطفو على نهر مقدس‪..‬‬ ‫في وصيتي سأشير إلى هذا القرار ملِحّا ومصِرا‪ ،‬ثم يُحمل رمادي إلى قمة‬ ‫طبقال حيث سيطلق سراحه وينوب عني في تحقيق أمنيتي في التحليق بهذا‬ ‫المكان‪ ،‬رفقة الطيور الجارحة‪ ،‬فأصبح عنقاء تبعث من رماد موتها‪ ،‬وأذكر من‬ ‫أخطأهم الموت‪ ،‬أن األحالم التشيخ‪ ،‬ال تمرض وال تموت‪ ،‬في وصيتي التي‬ ‫سأكتبها‪ ،‬سأوصي بأن ال يرافق جثتي إلى المحرقة إال أشخاص ثالثة‪ ،‬أمي‪،‬‬ ‫أختي‪ ،‬وصديقي وحيد‪ ..‬هؤالء هم من تبقوا له بعدما أسقط الكثير من عيون‬ ‫القلب ليكنسهم بالنسيان‪..‬‬ ‫طالئع دموع ساخنة تطل من عينيه‪ ،‬يحول اتجاهها ويجبرها على‬ ‫الصعود‪ ،‬يريد مما به من ألم أن يكون بارعا مترفعا عما يحوم حوله من‬ ‫شفقة‪..‬ليبقى الهروب منه إليه آخر الحصون اآلمنة ‪ ..‬تحميه من خوف دورَ‬ ‫الموت يتقمص القلب‪ ،‬يكنسه النسيان‪..‬ما يسقط من عيون القلب‪ ،‬يكنسه‬ ‫النسيان‪..‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نوفمرب�إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫رَغ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وَة‬ ‫الزّمرُّدِ‬ ‫محمد بودويك‬ ‫اِ مر� ٌأة‬ ‫تخرج عاريةً‬ ‫ُ‬ ‫الغمو�ض‬ ‫لذيذ َة‬ ‫ِ‬ ‫كعيني ِخ ْ�ش ٍف حتت‬ ‫ْ‬ ‫الر‬ ‫ؤوم‪،‬‬ ‫�‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫الع‬ ‫�شجر َ ْ َ ِ َّ ِ‬ ‫أول النَّ‬ ‫ديف‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كالثلج يف � ِ‬ ‫التكوين‪.‬‬ ‫كبدايات الن�ش� ِأة َو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َت ْ‬ ‫خ ُر ُج‪،‬‬ ‫ً‬ ‫با ًة‬ ‫ر�شيقة ُم رْ َ‬ ‫الزبد يغ�سل‬ ‫ك�أنها‬ ‫ُ‬ ‫�شاطيء‬ ‫أقدام‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫مهجور‪.‬‬ ‫دائي‬ ‫ِب‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ً‬ ‫بغتة‪،‬‬ ‫ال�سهم‪،‬‬ ‫أنها‬ ‫�‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ينطلق من ‪:‬‬ ‫ودان‬ ‫منحوتات ُر‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ح ْدب ًا‪،‬‬ ‫ها‬ ‫ع‬ ‫�س‬ ‫الذي � ْأو َ َ‬ ‫َ‬ ‫ح َّرى‬ ‫َو َب َّل َلها �أنفا�سا َ‬ ‫َ‬ ‫ميل‬ ‫وعناية �إزْ ٍ‬ ‫حمموم‪،‬‬ ‫عا�شق‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُق َّد ِم ْن َ‬ ‫أ�شياء‪،‬‬ ‫ال �ش ْي ِء ال‬ ‫ِ‬ ‫ِم ْن ُن َ‬ ‫أنامل‪،‬‬ ‫ط ِف ال ِ‬ ‫َو ُن ْ�سغ َّ‬ ‫مان‪.‬‬ ‫الال َز ِ‬ ‫َ‬ ‫تلك املر� ُأة‪ ،‬ليِ ‪.‬‬ ‫هي ما ْ‬ ‫ا�ش َت َه ُ‬ ‫يت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِه َي َما َ‬ ‫ي ُّ‬ ‫�ضني‪.‬‬ ‫ظ َّل مُ ِ‬ ‫�صى‬ ‫ا�س َت ْع َ‬ ‫ِه َي ما ْ‬ ‫على لغتي‪،‬‬

‫يدي‬ ‫من قلة التحية �أ�صبحت‬ ‫ثقيلة ‪.‬‬ ‫‪-------‬‬‫ياه‬ ‫كم �صرت بعيدا عن املطبخ ‪.‬‬ ‫‪-‬؛‪------‬‬‫هذا العامل كبري جدا‬ ‫لكنني‬ ‫�أراه كامال يف ال�شا�شة ‪.‬‬ ‫‪---------‬‬‫من �شدة العزلة‬ ‫�أم�سيت �أ�صغي لأنني الثالجة ‪.‬‬ ‫‪---------‬‬‫وما بها‬ ‫ترمقني بن�صف عني‬ ‫�ساعة اجلدار ‪.‬‬ ‫‪--------‬‬‫وما الذي‬ ‫يخططه ال�صنبور‬ ‫يف غياب �إبريق ال�شاي ‪.‬‬ ‫‪---------‬‬‫حتى �أنت‬ ‫�أيتها الأقدام‬ ‫ت�ساومينني يف رحلتي‬ ‫�صوب ال�سرير ‪.‬‬ ‫‪---------‬‬‫هذا‬ ‫نوع �سيء من العزلة‬ ‫وما‬ ‫�أخ�شاه‬ ‫�أن ميوت ب�سببي‬ ‫ع�صفور جر�س الباب ‪. .‬‬

‫ف�أنقذين ُ‬ ‫ودان‬ ‫املل ِْه ُم ُر‬ ‫ْ‬ ‫�ضاي ـ‬ ‫ـ عليه ِر‬ ‫ْ‬ ‫خالل �إحدى ُعزْ َ‬ ‫التي‪،‬‬ ‫اد ٌر َ�س ٍاه َ‬ ‫ال ٍه‪،‬‬ ‫َو�أنا َ�س ِ‬ ‫�أُ َ‬ ‫خ ِّو ُ‬ ‫املادة‪،‬‬ ‫عجني‬ ‫�ض يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫املحفوظ‪،‬‬ ‫اللوح‬ ‫فوق‬ ‫ْقر‬ ‫ِ‬ ‫َو�أن ُ‬ ‫ِ‬ ‫يف جاروري ُ‬ ‫توا َر ِث‪،‬‬ ‫امل َ‬ ‫الق�صب ُ‬ ‫امل َف َّدى‬ ‫بالقلم ـ‬ ‫ِ‬ ‫الذي علقته ـ َز َمن ًا ‪-‬‬ ‫اهيتي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ح ْول َم َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫يمة ت ِقيني العنيَ ‪،‬‬ ‫مَت َ‬ ‫وترفعني �إلى �أعلى‬ ‫حتى �أرى؛ فالر� ُ‬ ‫ؤية‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تقول �أ ّمي‪،‬‬ ‫كانت‬ ‫َ�ش ٌّر فيما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫باملحبة‪،‬‬ ‫َو َل ْو َد َّث ْرتها‬ ‫ِ‬ ‫لة‪،‬‬ ‫َو‬ ‫الب�س َم ِ‬ ‫ْ‬ ‫َو َ‬ ‫طيط‪.‬‬ ‫الغ‬ ‫ِ‬ ‫‪.......................‬‬ ‫ــ ُا ْد ُخلي‪،‬‬ ‫�أيتها املر� ُأة‪،‬‬ ‫داري‪،‬‬ ‫َم ِ‬ ‫َو ْ‬ ‫اط ُر ِقي‬ ‫ُ�س ُبلي‪.‬‬ ‫َ�س َ�أ ْ‬ ‫ح َي ْي ُت‪،‬‬ ‫خ ِد ُم ِك َما َ‬ ‫َو َما َف ُ‬ ‫�ض َل ِم ْن‬ ‫ُع ُمـري‪.‬‬

‫نوع سيء من العزلة‬ ‫حميد عالم‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نوفمرب�إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫أشعار من‬ ‫دفتر ياباني‬

‫قصائد‬

‫(ق�صائد هايكو)‬

‫نهى الموساوي‬ ‫بيروت‪ /‬لبنان‬ ‫من حتوّ الت اجل�سد‬

‫قصائد‬

‫(‪)1‬‬ ‫كل هذا ّ‬ ‫هذا احلرير املن�سي من �أين له ّ‬ ‫ال�شجن‪...‬؟‬ ‫ال�صخري‪...‬‬ ‫هذه احلوا�س‬ ‫املتك�سرة على ال�ضلع ّ‬ ‫ّ‬ ‫كيف يتالعب بها احللم على هام�ش امل�شهد ‪...‬؟‬ ‫ُ‬ ‫العمر املنذورُ ّ‬ ‫للناي‪.‬‬ ‫ي�شهق‬ ‫الريح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هفة‪،‬‬ ‫آلف مع‬ ‫يت ُ‬ ‫نحيب الل ِ‬ ‫الروح املت� ِ‬ ‫ن�صل ّ‬ ‫كىء على ِ‬ ‫ِ‬ ‫املتكاثف‪،‬‬ ‫العبث‬ ‫حدود‬ ‫وعلى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تنزف �أ�صابعُ الوله‬ ‫َ‬ ‫طيف عني جائرة‪.‬‬ ‫يف غرف الفقد منتظرة‬ ‫الر�ؤية‪،‬‬ ‫جائرة ّ‬ ‫جائرة ال ّلهفة‪،‬‬ ‫قاتلة املعنى‬ ‫ّ‬ ‫�صويف ال ّ‬ ‫يغني‬ ‫يف وجد‬ ‫ملعارجَ �أبعد من اجل�سد‪.‬‬ ‫حب واحدة‬ ‫يف زهرة ّ‬ ‫يتج ّلى اهلل لعابده‬ ‫ّ‬ ‫فالزهرة تنبت يف قلب اهلل‪،‬‬ ‫ويف قلب امر�أة ال تعرف � ْأن تغفو اال يف ح�ضن حبيب‬ ‫رمادا ّ‬ ‫مت ً‬ ‫يقتلها وت�صري ً‬ ‫حدا يف رحلة عودة الى اهلل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يحدثني املاء‬ ‫ُ‬ ‫إ�شارات متيط اخلوف‪،‬‬ ‫عن �‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ال�صبا‬ ‫نبي غري �آثم يورّ د خد ّ‬ ‫عن ّ‬ ‫يُ دخلني حرمَ ه ّ‬ ‫املقد�س‪.‬‬ ‫ينظف حجرات ّ‬ ‫م�سك ّ‬ ‫ال�شجن‬ ‫عن‬ ‫ٍ‬ ‫الهال يف �أحداق الفجر‪.‬‬ ‫كعبق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مت�س ر ّنة �إبتهايل يف �آخر بيت‪،‬‬ ‫عن‬ ‫ق�صائد مرمريّ ٍة ُّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫بنبيذ‬ ‫ريح تنقعُ العجني‬ ‫ٍ‬ ‫عن كف ٍ‬ ‫َ‬ ‫خجل الغواية‬ ‫ي�ستدرجُ‬ ‫ّ‬ ‫للإلتحاق برق�صات اللذة‪.‬‬ ‫**‬ ‫(‪)2‬‬ ‫يُ ّ‬ ‫حدثني عن �إ�شارات خ�ضراء‪،‬‬ ‫ج�سد‬ ‫دوائر‬ ‫على‬ ‫ًا‬ ‫ب‬ ‫رط‬ ‫تتقاطر‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫م� ّؤزر بحبّ ات املواويل‪.‬‬ ‫عن �سرير يبيت ملء البيا�ض �أغان‬ ‫م�ستدرجا كرنفاالت مرتفة بجنونه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ال�سفر‬ ‫عن ف�ساتني حترتف ّ‬ ‫على م�سامات جلده‪.‬‬ ‫**‬ ‫�أيّ ها املاء‬ ‫ب�سر مَ ْن ع ّلمك �أحجيته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�سر‬ ‫جذف يف مراي‬ ‫ّ‬ ‫بخفة ّ‬ ‫واحم ْله ّ‬ ‫ال�ضوء ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫وكن خال�ص ترابيّ تي الداكنة‪.‬‬

‫ق�صيدة الهواء‬ ‫الهواء جناح طائر‬ ‫حزين‬ ‫يحلق يف الأعايل‬ ‫م�سرعا‬ ‫وال يكرتث بالعوا�صف‬ ‫‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء خفقة قلب‬ ‫عا�شق‬ ‫حني يرى طيف‬ ‫احلبيبة‬ ‫ولو يف املنام ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء �أحالم يقظة‬ ‫تخرتق ر�أ�س �شاعر‬ ‫م�ضى عليه الزمن ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء رق�صة البجع‬ ‫يف �ضفاف البحريات‬ ‫على نغمات ناي‬ ‫�سحري‬ ‫***‬ ‫الهواء ابت�سامة طفلة‬ ‫ترق�ص خفية عن �أمها‬ ‫على مو�سيقى املذياع‬ ‫***‬ ‫الهواء حلظة تفكري‬ ‫لرجل مي�شي متكئا‬ ‫على عكاز عتيق ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء �أغنية ع�صفور‬ ‫يريد �سماع �صوته‬ ‫يف عنان ال�سماء ‪...‬‬

‫***‬ ‫الهواء تلويحة عا�شق‬ ‫يركب �سفينة الوداع‬ ‫وال يتلفت وراءه ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء �صيحة الديك‬ ‫وهو ينتظر بزوغ‬ ‫ال�شم�س‬ ‫من وراء اجلبال ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء م�شية الطاوو�س‬ ‫حني يريد �إغواء �أنثاه‬ ‫بكربياء الفحولة ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء حكاية عابر‬ ‫�سبيل‬ ‫منقو�شة على حجر‬ ‫الطريق‬ ‫دون �أن يقر�أها املارة ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء امتداد روحي‬ ‫يف ج�سدين يعي�شان‬ ‫يف غرام ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء خفقة قلب‬ ‫عا�شق‬ ‫الهواء ترنيمة ناي‬ ‫�سحري‬ ‫الهواء غاية يف ذاته‬ ‫***‬ ‫الهواء حكاية �شعرية‬ ‫الفل�سفة فيها حا�ضرة‬ ‫واخليال حملق‬

‫نور الدين محقق‬ ‫ب�أجنحة ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء كتاب بال �أوراق‬ ‫الهواء �شجر �أخ�ضر‬ ‫الهواء ع�شق عابر‬ ‫للأزمنة‬ ‫***‬ ‫الهواء ال مكان‬ ‫الهواء ال زمان‬ ‫الهواء �أبدية بينهما‬ ‫‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء ق�صيدة مبهمة‬ ‫الغمو�ض مق�صود فيها‬ ‫واملعنى ال وجود له ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء نبع مائي‬ ‫ي�أتي من حيث ال‬ ‫ندري‬ ‫ويذهب �إلى حيث‬ ‫ي�شاء ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء بداية احلياة‬ ‫الهواء ن�سيم الروح‬ ‫والهواء �أنت حني‬ ‫ترق�صني ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء حتية من بعيد‬ ‫الهواء لطف امر�أة‬ ‫وهي تعرب طريق‬ ‫الع�شق ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء كلمات ال ترى‬

‫نح�س بها كلما م�شينا‬ ‫يف �أدراج احلياة ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء �سكنية الروح‬ ‫حني تغادر اجل�سد‬ ‫باكية على فراق ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء ماء �سحري‬ ‫الهواء نبات روحي‬ ‫الهواء �أر�ض �سماوية‬ ‫***‬ ‫الهواء عبور‬ ‫الهواء مرور‬ ‫والهواء و�شم الذاكرة‬ ‫***‬ ‫الهواء كتابة بالإبر‬ ‫الهواء حمو م�ستمر‬ ‫لكل احلروف ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء فل�سفة‬ ‫الفكر فيها �شقي‬ ‫واجل�سد مر�آة‬ ‫***‬ ‫الهواء حلم يقظة‬ ‫النائم ي�ستمتع به‬ ‫وامل�ستيقظ ي�سعى‬ ‫لت�أويله ‪...‬‬ ‫***‬ ‫الهواء هذه الكلمات‬ ‫التي تقر�أها الآن‬ ‫و�أنت ال تعرف كاتبها‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪13‬‬

‫أن تجالس األستاذة والمناضلة رشيدة بنمسعود‪ ،‬فتلك فرصة لإلنصات لبوح بمسار‬ ‫مزدوج يتداخل فيه عشق السياسي والثقافي‪ ،‬هما عندها توأم يحدد معالم شخصيتها‪..‬‬ ‫وحضور هذا التوأم‪ ،‬لم يوجد صدفة‪ ،‬بل ولد معها منذ خطواتها األولى بفضاءات القصر‬ ‫لكبير بعبقه التاريخي ورمزية فضاءاته‪ ،‬وعبر رحلتها في الحياة وعبر محطات مختلفة من‬ ‫فاس وباريس وغيرها من األماكن‪ ،‬ظل هذا التوأم يرسم كل ظاللها‪..‬‬ ‫بوح رشيدة‪،‬يسافر بنا عبر الزمن ‪ ،‬ويمنحنا متعة المتابعة ‪:‬‬

‫السياسي والثقافي في تجربة‬

‫رشيدة‬

‫بنمسعود‬ ‫* إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫رشيدة والسياسي ‪:‬‬

‫قبل أن أتحدث عن عالقتي بالسياسة‪ ،‬البد أن أشير بإيجاز إلى السياق‬ ‫الذي تشكلت فيه مالمح ذاتيتي‪ ،‬وكذا حلمي الذي كان بوصلة مساري‬ ‫السياسي والثقافي‪ ،‬في هذا اإلطار أرى ضرورة االنطالق من الحضن‬ ‫األول أو اللبنة األولى لوعيي بذاتيتي والجماعة المحيطة بي ‪ ،‬كاألسرة‬ ‫أوال‪ ،‬ثم‪ ،‬المدينة ثانية‪ ،‬األسرة لما تمثله من أدوار تربوية توجيهية‪،‬‬ ‫والمدينة لما تشغله من فضاء بمواصفات جغرافية‪ ،‬تاريخية وثقافية‪،‬‬ ‫فعائلتي التي أنتمي إليها‪ ،‬يحضرني في تبرير رمزية اسمها‪ ،‬أنها كانت‬ ‫«يطرق بابها فجرا من طرف بعض السكان المتوجهين ألداء مناسك‬ ‫الحج‪ ،‬فيلجؤون إلى طلب التبرك باالسم بحثا عن سعد يرافقهم عند‬ ‫الذهاب واإلياب لتأدية مناسك الحج ‪.‬‬ ‫أعتز باالنتماء إلى عائلتي وبما أحاطتني‬ ‫به من عناية‪ ،‬كي أكون ما أنا عليه‪ ،‬وذلك‬ ‫بسبب اهتمامات بعض أفرادها بالمجال‬ ‫الثقافي السياسي‪ ،‬والتي كانت الموجه‬ ‫األول لي‪ ،‬لالهتمام بما يجري من أحداث‬ ‫محلية ووطنية‪ ،‬سياسية واجتماعية‪ ،‬نظرا‬ ‫النغماسهم في العمل الوطني قبل وبعد‬ ‫االستقالل‪ .‬وعالقتي كذلك بوالدي‪ ،‬رحمه‬ ‫موَجهة وحاسمة في توجيهي‬ ‫اهلل‪ ،‬كانت ِ‬ ‫الشخصي‪ ،‬ألنها كانت مبنية على الحوار‬ ‫والمذاكرة الناصحة‪ ،‬محفزة إياي على اتخاذ‬ ‫المبادرة الهادفة في الوقت المناسب‪،‬‬ ‫واالعتماد على قدرات الذات والحرص على‬ ‫التعلم إلي اللحد‪ ،‬وكان لقرار والدي الحاسم‪،‬‬ ‫في مرحلة دقيقة من حياتي طعم خاص‪ ،‬عند‬ ‫موافقته على متابعتي للدراسة العليا بفرنسا‬ ‫أواخر السبعينات من القرن الماضي‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن الوسط المحلي بمدينة(القصر الكبير)‬ ‫آنذاك‪ ،‬لم يكن في تلك المرحلة يجازف‬ ‫بإرسال بناته إلى الخارج‪ ،‬هكذا تحقق حلمي‬ ‫بمتابعة دراستي العليا بجامعة السربون‬ ‫بمدينة األنوار باريس‪ ،‬كما كان لوالدتي‬ ‫(االستقاللية االنتماء) دور خاص ومميز في‬ ‫توجيهي‪ ،‬من خالل تكرارها لنصيحتها التي‬ ‫مازلت أسترجعها لحد اللحظة» أنت أنا‪ ،‬وال‬ ‫أريدك أن تكوني كما أرادوا لي أن أكون‪،‬‬ ‫أريدك أن تكوني أنا بشكل مغاير‪ ،‬لن أعلمك‬ ‫اإلمساك باإلبرة والسكين‪ ،‬لن اترك البصل‬ ‫يدمع عينيك‪ ،‬في عيد ميالدك‪ ،‬سأهديك قلما‬ ‫كي تكتبين اسمي‪ ،‬وهويتي التي ال أعرف‬ ‫تركيب أحرفها «‪.‬‬ ‫ال شك أن أجواء المناخ الثقافي والسياسي‬ ‫للحركة الوطنية الذي تشبع به أفراد أسرتي‪،‬‬ ‫قد انعكس إيجابا على تربيتي‪ ،‬وكذا على بنات جيلي في ما مرحلة ما‬ ‫بعد االستقالل‪.‬‬ ‫وفي أوائل الستينات من القرن الماضي‪ ،‬حدث أن عرفت مدينة‬ ‫القصر الكبير زيارة قام بها الشاعر الكبير نزار قباني‪ ،‬وألقى قصائده‬ ‫الرومانسية من على خشبة سينما بيريس كالدوس التي لم يعد لها‬ ‫وجود إال في الذاكرة المحلية‪ ،‬استمتعت بانبهار طفولي إلى أشعاره‪،‬‬ ‫ولم يبق منها في ذاكرتي سوى جملة شاردة‪ ،‬استنفرت أفق انتظاري‪،‬‬ ‫«مدينتكم قصر من قصور ألف ليلة وليلة»‪ .‬يومها ضيعتني العبارة‪،‬‬ ‫وتملكني عشق اللوكوس وصارت أحالمي تعلو على سور «الجامع‬ ‫األعظم»‪ .‬إن مدينة القصر الكبير العريقة‪ ،‬تاريخا وثقافة ومعقال لمقاومة‬ ‫لالحتالل االسباني‪ ،‬عرَفت العديد من األحداث التي كان لها الدور‬ ‫الكبير في انجذابي بعفوية بريئة إلى خوض مغامرة االنتماء إلى االختيار‬ ‫السياسي‪ ،‬مثل ‪ :‬مظاهـرات التالميـذ سنـة ‪ 1965‬التي وصلنا صداها‪.‬‬ ‫من العاصمة االقتصادية‬ ‫فجرت هذه األحداث في خاطري السؤال الذي اتسعت مداراته مع‬ ‫توالي سلسلة من األحداث المفصلية‪ ،‬اختطاف المهدي بن بركة سنة‬

‫‪ ،1965‬الهزيمة العربية سنة ‪ ،1967‬الطرود الملغومة التي استهدفت‬ ‫بعض قادة األحزاب‪ :‬عمر بنجلون‪ ،‬محمد اليازغي‪ ،‬ومحمد الدويري‪ .‬وفي‬ ‫كلية اآلداب ظهر المهراز بفاس‪ ،‬حيث كنت أتابع دراستي الجامعية‬ ‫أوائل السبعينات من القرن الماضي‪ ،‬وجدت نفسي مع مجموعة من‬ ‫الزمالء الطلبة في خضم أوج العمل النضالي‪ ،‬ألن مناخ السبعينات في‬ ‫ظهر المهراز كان يجعل كل الطلبة تقريبا عبارة عن كائنات سياسية‬ ‫بامتياز‪ ،‬فاخترت أن أنتمي وأناصر فصيل الشبيبة االتحادية‪ ،‬المنضوية‬ ‫في إطار االتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي كان المدرسة التي علمتني‬ ‫أبجدية المشاركة الفعلية في الشأن العام‪ ،‬وعندما انتقلت إلى باريس‬ ‫سنة ‪ 1976-1977‬وفي إطار فيدرالية أوروبا الغربية للطلبة االتحاديين‬ ‫اتخذت قرار االنخراط في التنظيم الحزبي ضمن خلية المهدي بن بركة‬

‫الحصري القيرواني‪ ،‬وكثير من أسماء سلسلة «أعالم العرب»‪ ،‬وعديد‬ ‫من الكتب األخرى‪ ،‬التي كانت تؤثث خزانة عمي‪ ،‬و كنت أستفيد منها‪.‬‬ ‫وفي كلية اآلداب‪ ،‬ظهر المهراز‪ ،‬انصهر طموحي بحُرقة السؤال الذي‬ ‫تكاثر وتناسل‪ ،‬فبدأت مالمح مشروع ثقافي تسكنني‪ ،‬وفي باريس أثناء‬ ‫متابعة دراستي العليا‪ ،‬كانت محاضرات النقاد الكبار‪ ،‬أمثال روالند بارت‪،‬‬ ‫كريماس‪ ،‬وتودوروف‪ ،‬وأندري ميكيل‪ ،‬التي واظبت على حضورها بمثابة‬ ‫«مادلين بروست» التي أعادتني إلى أجواء دروس قديمة حول ابن قتيبة‬ ‫واالمدي والجرجاني‪ ،‬فبدأت أنفتح على بوابة معرفية جديدة‪ ،‬تغريني‬ ‫بالكتابة‪ ،‬فامتطيت ناصية الكالم بممارسة سلطة الكلمة في مجال‬ ‫النقد األدبي‪ ،‬الذي يميل إلى تمجيد الفحولة الثقافية باعتبارها قيمة‬ ‫مهيمنة و مركزية‪ ،‬فالكتابة بالنسبة لى شيء مقدس‪ ،‬والنشر يغريني‪،‬‬ ‫بقدر ما يصيبني بالرهبة‪ ،‬من هنا انطلق مشروعي‬ ‫الثقافي الذي تشكل فيه الكتابة النسائية وسؤال‬ ‫الخصوصية واالختالف‪ ،‬الركن األساس واألطروحة‬ ‫المركزية التي قاربتها في كتابي األول من زاوية‬ ‫نقدية جديدة‪ ،‬ولقد ثمن مشروعي النقدي ‪ ،‬أساتذة‬ ‫أجالء‪ ،‬كالدكتور حسن المنيعي والدكتورة مارلين‬ ‫نصر والدكتور الناقد معجب الزهراني الذي بَوَأني‬ ‫صفة الريادة في مقالة نقدية بعنوان « الرواية‬ ‫النسائية والخطاب الثقافي الجديد» يقول فيها‬ ‫«‪ ....‬فالكتاب وصاحبته مستحقان لصفة الريادة في‬ ‫السياق العربي حسبما أظن»‪ .‬واستمررت في نهج‬ ‫هذا االتجاه الواسع‪ ،‬الذي طريقه صعب‪ ،‬لكنه ال‬ ‫يخلوا من لذة االندهاش والكشف اإلبداعي‪.‬‬

‫جدليـــة الثقــافـي والسياســي‬ ‫في تجربة رشيدة‪:‬‬

‫في مرحلة كانت تتسم بحدة الصدام السياسي لما سيعرف الحقا بزمن‬ ‫الرصاص والقمع المنظم‪ ،‬والتي لم يكن فيها اختيار العمل السياسي‬ ‫باعتباره مجرد ترف سياسي‪.‬‬

‫رشيدة والثقافة‪:‬‬

‫بخصوص عالقتي بالفعل الثقافي‪ ،‬أؤكد على ما سبق اإلشارة‬ ‫إليه‪،‬المتمثل أساسا في حرص والدي على أن أتابع دراستي العليا‪ .‬ولقد‬ ‫كان لوالدي‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬دور حاسم في بلورة حلم معانقة الفعل الثقافي‬ ‫عن طريق وصولي إلى الجامعة في الداخل والخارج‪ ،‬ومنذ التحاقي بدار‬ ‫«الفقيهة» العتبة األولى التي طوحت بي في متاهة الحرف‪ ،‬الذي قادني‬ ‫إلى عوالم سحرية ‪ ،‬بعدها تعددت العتبات وتناسلت‪ ،‬ففي ابتدائية سيدي‬ ‫أبو أحمد بمدينة القصر الكبير‪ ،‬استوى القلم بين أناملي‪ ،‬وفي ثانوية‬ ‫المحمدي‪ ،‬استأنست بمالمسة األسفار‪ ،‬مبتهجة بغواية الحبر المنساب‬ ‫على بياض الصفحة الصقيلة‪ ،‬و ِبنَهم طفولي تصفحت العديد من‬ ‫الكتب وأنا دون مستوى إدراك فحواها وفك رموزها‪ ،‬مثل «العقد الفريد»‬ ‫البن عبد ربه األندلسي‪ ،‬وكتاب «زهر االداب وثمر األلباب» ألبي إسحاق‬

‫عن جدلية الثقافي والسياسي في تجربتي‬ ‫المتواضعة ومآلي لما يجب أن أكون عليه‪ ،‬تجدر‬ ‫اإلشارة‪ ،‬أن التمييز في تلك المرحلة بين السياسي‬ ‫والثقافي‪ ،‬لم يكن سؤاال واعيا‪ ،‬فأنا لم أكن أمام‬ ‫حماس الفعل السياسي أميز بين أسبقية الوعي‬ ‫الفكري والممارسة السياسية‪ ،‬فهل الوعي بضرورة‬ ‫ممارسة االلتزام السياسي هو ما حفزني على تعميق‬ ‫وإغناء وعيي بأهمية المكون الثقافي‪ ،‬أم العكس‬ ‫هو الصحيــح؟ في هذا السيـاق يمكن القول إن‬ ‫العالقة بين السياسي والثقافي بخصوص تجربتي‬ ‫الشخصية‪ ،‬كانت عالقة متوازنة ومتداخلة ومركبة‪.‬‬ ‫خصوصا عندما نفهم الثقافي في معناه الشمولي‬ ‫العام ‪،‬كرؤية بصيرة لليومي وللحياة وللعالم‪ ،‬ألن‬ ‫دور الثقافة يساعد على إدراك مضمرات بعض‬ ‫األحداث والوقائع الكبرى‪ ،‬وفهم بعض التجارب‬ ‫الحياتية بعد أخذ مسافة تأملية عنها‪ ،‬واالسترشاد‬ ‫بها في تجربتنا السياسية الخاصة‪ ،‬من جهة ثانية‪،‬‬ ‫إن للمكون الثقافي أحيانا‪ ،‬تأثير في توجيه قراءتنا‪،‬‬ ‫وما يمكن تسجيله حاضرا‪ ،‬بخصوص المشهد السياسي المغربي‪ ،‬أنه‬ ‫يعاني من محدودية في االجتهاد الفكري واإلبداع الثقافي‪ ،‬بسبب واقع‬ ‫االنفصال الحاصل بين الفاعل السياسي والمثقف‪ ،‬الذي عرف بدوره‬ ‫تعددا في أدواره واتساعا في وظائفه الثقافية‪.‬‬ ‫إن الفعل الثقافي‪ ،‬في مجال القراءة على سبيل المثال ‪ ،‬يجعل من‬ ‫مداومة قراءة األعمال األدبية العظيمة واالستمتاع بلذة القصائد‬ ‫الباذخة‪ ،‬يساهم في أنسنة وتخليق سلوكنا واالرتقاء بخطابنا ومواقفنا‬ ‫السياسية‪ ،‬التي أصبحت تتطلب تجديدا لوعينا الفكري من اجل إغناء‬ ‫الممارسة السياسية التي أصبح خطابها يعاني القدر الكبير من النفور‬ ‫والفتور وتخشب اللغة‪ ،‬وال يمكن تخليصه بما علق به من مطبات‬ ‫منيعة ‪،‬أدت إلى فقدان الثقة في وظيفة الفاعل السياسي‪ ،‬وبإيجاز‬ ‫أعتقد أن ممارسة الفعل السياسي واالستلذاذ بمتعة القراءة والكتابة‪،‬‬ ‫ال يختلفان من حيث الدرجة والنوع‪ ،‬فإذا كانت السياسة بما تمثله من‬ ‫إقامة في الحاضر وتفاعل مع اآلني واللحظي‪ ،‬فإن الثقافة باستشرافها‬ ‫للمستقبل‪ ،‬تشكل الخلفية المعرفية والمهاد الفكري لكل فعل سياسي‬ ‫واعد ومتجدد‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫�أعالم‬ ‫ال�شمال ‪:‬‬ ‫من‬

‫‪14‬‬

‫الزجال “مالك بنونة” وسيرة حياته‬ ‫• بقلم‪ :‬الدكتور يوسف الحزيمري‬

‫بأعلى هضبة من حي الطويلع وبمنزله كرمة شيخ الجبل(‪ )1‬حيث تطوان على مرمى النظر التقينا بالزجال التطواني‬ ‫مالك بنونة الذي استقبلنا بأبيات زجلية قائال‪:‬‬ ‫أنا بياع الحروف‬ ‫مابين الوراق متلوف‬ ‫بالشياطين (‪ )2‬محفوف‬ ‫وعلى الفصول نطوف‬ ‫جلسنا معه بغرض النبش في ذاكرته التي ال تنضب‪ ،‬ذاكرة مزدوجة‪ ،‬تحمل ذكريات والده امحمد بنونة(‪ ،)3‬وذكرياته‬ ‫هو‪ ،‬الينتظر منك سؤاال ليتكلم‪ ،‬بل الكالم يسري منه بعفوية‪ ،‬منتقال بك بين أحداث سياسية ال تجدها عند غيره‪ ،‬وبين‬ ‫فوائد لغوية وأدبية وشعرية فصيحة وزجلية‪ ،‬وما بين سؤال وجواب أطلعنا الزجال مالك بنونة على سيرته الذاتية‪.‬‬

‫عائلة “بنونة”(‪:)4‬‬

‫جاء في معلمة المغرب‪”:‬بنونة‪ ،‬أسرة نابهة توجد في فاس وتطوان والرباط وغيرها‪،‬‬ ‫قال عنها األستاذ الطيب بنونة التطواني‪ ”:‬التوجد عندنا وثائق تاريخية في شأنه ـ النسب‬ ‫ـ وإن كان المرحوم الحاج عبد السالم بنونة قد وقف على شهادة تثبت انتسابهم إلى‬ ‫شخصية عربية إسالمية شهيرة‪ ،‬لكنه زهد في اقتنائها من الشخص الجزائري الذي أطلعه‬ ‫عليها وحاول أن يستفيد من هذه الفرصة ماديا‪ ،‬ونحن نأبى أن ندعي هذا االنتساب دون‬ ‫أن تكون تحت يدنا حجة‪ ،‬ونكتفي بحمد اهلل باالنتساب إألى أسرة مسلمة وكل ما هو ثابت‬ ‫عندنا أن عائلة بنونة كانت في األندلس” (‪.)5‬‬ ‫وفي مقال حول العائالت البلدية منشور بجريدة المساء لسنة ‪2013‬م‪َ ،‬‬ ‫و”تنطق أيضا‬ ‫«ابن نونة»‪ ،‬هو اسم مؤنّث قد يكون تصغيرا السم «أمينة»‪ .‬كما تطلق لفظة «نونة»‬ ‫على أسارير الجمال التي تقع على الخد أو الذقن‪ ،‬وفق التفسير الذي قدّمه عبد السالم‬ ‫بن نونة لشكيب أرسالن‪ .‬كما ّ‬ ‫أن ابن نون هو االسم التلمودي للنبي يوسف في التوراة‪..‬‬ ‫وعموما‪ّ ،‬‬ ‫فإن بنونة هي فخذة لقبيلة «كزناية»‪ .‬هي عائلة من أصل أندلسيّ‪ ،‬هاجرت إلى‬ ‫تلمسان‪ ،‬حيث توجد مقبرة العائلة بجانب ضريح سيدي بومدين‪ ،‬وفي المقابل ّ‬ ‫فإن المؤرخ‬ ‫ابن زيدان أدرج آل بنونة ضمن «بلديّي» مكناس‪ ،‬بذكره جماعة الحاج إبراهيم بن عبد‬ ‫اهلل بنونة‪ ،‬التي تحدّر منها العديد من الفقهاء والمُحَدّثين‪ .‬وقد توزعت عائلة بنونة على‬ ‫العديد من ّ‬ ‫الشُعَب في الحاضرة اإلدريسية فاس‪ ،‬حسب عبد الكبير الكتاني‪ ،‬مثل أهل درب‬ ‫الحمام‪ ،‬أهل راسْ الجنان‪ ،‬وأوالدْ الحرنيط‪ ..‬كما ظهر بين أعالم العائلة متصوفة‪ ،‬مثل‬ ‫عبد السالم بن عبد القادر بنونة‪ ،‬مريد الشّيخ العربي الدرقاوي وسيدي علي جمل عمراني‪.‬‬ ‫احترف بعض أعالم العائلة األنشطة التجارية في كل من‬ ‫مدن خنيفرة وتازة ومكناس‪ ،‬وصوال حتى السنغال‪ .‬كما‬ ‫نشط محمد الحاج بنونة في أعمال الوساطة التجارية في‬ ‫جبل طارق بتكليفٍ من السلطان الذي عيّنه ممثال له حتى‬ ‫وفاته سنة ‪ 1898‬م ‪ 1316 -‬ه‪ ،‬وشغل آل بنونة مناصب‬ ‫مهمّة في إدارة المخزن‪ ،‬مثل محمد ابن عزوز بنونة‪ ،‬الذي‬ ‫عمل أمينا للجمارك في عهد السلطانين سيدي محمد بن‬ ‫عبد الرحمان وموالي الحسن األول‪ .‬وتبقى أهمّ الشخصيات‬ ‫التي انتمت إلى هذه األسرة في المغرب الحديث هي‬ ‫شخصية الوطني الحاج عبد السالم بنونة‪ ،‬المتوفى في‬ ‫«الرّوندة» سنة ‪1935‬م ‪ 1353 -‬هـ (‪.)6‬‬ ‫وفي كتاب “عائالت تطوان” لمحمد داود ورد ما يلي‪”:‬‬ ‫عائلة بنونة أصلها من مدينة فاس‪ ،‬وتوجد اآلن بتطوان‬ ‫ثالثة فروع وكلها تجتمع في أصل واحد هو عبد الواحد‬ ‫بنونة الفاسي‪ ،‬والجد الوارد على تطوان من فاس هو الجد‬ ‫األعلى للفروع المذكورة وهو الفقيه السيد الحاج محمد‬ ‫فتحا بن عبد الواحد بنونة‪ ،‬ونظن أنه قدم تطوان قبل سنة‬ ‫‪1150‬هـ” (‪.)7‬‬ ‫ومن إحدى هذه الفروع الثالثة انحدر مترجمنا مالك‬ ‫بنونة‪.‬‬

‫وبذلك قدم ذ‪ .‬مالك للمعنيين باآللة دارسين وهواة نسخة فريدة محررة من كنانيش الحايك‪ ،‬تولت نشره أكاديمية‬ ‫المملكة المغربية” (‪ ،)9‬كما له تحقيق بعض مخطوطات الحايك كما أفادنيه األستاذ “المهدي الشعشوع”‬ ‫إضافة إلى هذا العمل قام الباحث مالك بنونة بدراسة الفكر الصوفي المقارن لكناش الحايك‪ ،‬من خالل طرر العلماء‬ ‫على الكناش سماه “المنتقى المديحي من صنائع الموسيقى األندلسية المغربية” طبع بمطبعة تطوان وقدم له صاحبها‬ ‫الدكتور حسن الوراكلي رحمه اهلل قائال‪“ :‬وحدد األستاذ مالك عمله في المنتقى بجمع (طرر نسخ الحايك على صنعة ما من‬ ‫المديح التي وردت بجانب الصنائع التغزلية) معتمدا في ذلك على ما وقع له من نسخ الحايك مثل نسخة السيار الطنجي‪،‬‬ ‫وابن منصور‪ ،‬وبنجلون‪...‬‬ ‫وال بد كذلك من التنويه بما ذيل به األستاذ مالك عمله من فهارس شمل بها أشعار الطبوع بمقدمات النوبات وقوافي‬ ‫األشعار والموشحات واألزجال متوجا إياها بفهرسة عامة مستوعبة بالغة الفائدة” (‪.)10‬‬ ‫وقد قام بإنجاز دراسة على “صنعة الغناء األندلسي” من ثالثة أجزاء يشمل قسم الشعر‪،‬‬ ‫وقسم التوشيح‪ ،‬وقسم الزجل‪ ،‬لم يطبع‪.‬‬ ‫كما قام بعمل فهرسة مقارنة بين المدرسة المغربية ومدرسة الغناء الغرناطي بالجزائر‬ ‫ومدرسة المالوف بتونس لم يطبع بعد‪.‬‬ ‫وقام بتحقيق كتاب “الروضة الغناء في أصول الغناء” لمجهول عن ثالث نسخ من‬ ‫المغرب وتونس وإسبانيا‪ ،‬قدمه لمنظمة اإليسيسكو ولم يتلق جوابا إلى اآلن‪.‬‬ ‫وقام هو ومصطفى منجد بهجت من الموصل بجمع أشعار الرحالة ابن جبير‪ ،‬وقد‬ ‫اطلعت عليه وهو في غاية الجودة واللطف‪.‬‬ ‫كما لزجالنا مالك بنونة عدة مقاالت منتظمة بمجلة دعوة الحق المغربية ومقاالت‬ ‫أخرى بغيرها من المجالت‪.‬‬

‫تجربته الزجلية ‪:‬‬

‫عن تجربته الزجلية أخبرنا أن والده قد ترك بصمة كبيرة على تجربته فقد كان بالنسبة‬ ‫له صديقا حميما‪ ،‬وكان يطلعه على قصائده الزجلية فيطلب منه أن يراجعها دون أن يشير‬ ‫عليه بمواضع الخطأ حيث كان يقول له أن الفنان ينبغي أن يشعر بالنقص منه وفيه‪ ،‬وقد‬ ‫قام والده بتسجيل قطعة من زجله بصوته مسماة (غلطة)‪ ،‬وأيضا كانت له عالقة وطيدة‬ ‫بالزجال حسن المفتي الذي كان يطلب منه كلما التقى به أن يقرأ عليه آخر قصائده‪ ،‬وكان‬ ‫يقول له ال نعرف أأنت زجال من هذا العصر أو من العصر الماضي‪.‬‬ ‫ولزجالنا مالك بنونة حضور كبير في المشهد الزجلي بالمغرب عامة وبمدينة تطوان‬ ‫خاصة‪ ،‬حيث شارك في العديد من الملتقيات والمهرجانات الوطنية والمحلية‪.‬‬ ‫وعن كتابته الشعرية أخبرنا أن تجربته تطورت إلى‬ ‫الشعر العمودي والموشحات حيث أنجز لحد الساعة إثنى‬ ‫عشر موشحة‪ ،‬كما يكتب الشعر باللغة اإلسبانية‪.‬‬ ‫ولما سألناه عن ديوانه الزجلي ولمَ لمْ يخرجه‬ ‫للجمهور حتى اآلن‪ ،‬أخبرنا أن ديوانه مجموع لكنه مبعثر‬ ‫يحتاج إلى التنسيق واإلعداد للنشر‪ ،‬وجملة ما أنتجه يتوزع‬ ‫إلى القسم العربي عمودي وموشحات وأشعار نثرية‪ ،‬وقسم‬ ‫زجلي‪ ،‬وثالث باللغة اإلسبانية‪.‬‬ ‫ومن قصائده الزجلية‪“ :‬أنا مزاوك” و”أموالتي اللة‬ ‫حن عليا” و”هلل هلل براك” و”في كيفارط”‪ ،‬و”أنا في عارك”‬ ‫و”الطوبيس”وغيرها‪....‬‬ ‫ومنها سداسية الحضارة التي قرأها علينا بمكتبته‬ ‫العامرة وهي‪:‬‬ ‫هذا ّ‬ ‫مقطع وهذا مربول‬ ‫وهذا عامل روحه مهبول‬ ‫وهذا خ ّال اشعارو يطول‬ ‫ورجعت سيفته فحال الغول‬ ‫وهذا لسانو في الناس يطول‬ ‫ماشي ابهادو بناو الناس الحضارة‬ ‫هذاك شكله فحال المسمار‬ ‫خارج مرعوب هربان من الدار‬

‫مولده ونشأته ‪:‬‬

‫هو مالك بن امحمد بنونة من مواليد مدينة تطوان‬ ‫شهر ماي سنة ‪1939‬م تلقى تعليمه األولي بالمدرسة‬ ‫الخيرية محمد الخامس ومنها نال شهادته اإلبتدائية‪ ،‬وعن‬ ‫التعليم التقليدي أخبرنا أنه لم ينتظم فيه بصورة منتظمة حيث كان والده حريصا على تدريس أبنائه بالمدارس التابعة‬ ‫للحركة الوطنية المغربية‪ ،‬انتقل بعدها إلى التعليم األصيل بالمعهد الديني الذي كان يشرف عليه التهامي الوزاني لينتقل‬ ‫بعدها إلى المعهد الرسمي (ثانوية القاضي عياض حاليا) حيث مكث فيه إلى الثانية ثانوي حيث تابع دراسته بثانوية الشويخ‬ ‫بدولة الكويت بواسطة صديق والده آنذاك “جابر الصباح” لينال من هناك شهادته الثانوية‪ ،‬وسوف يعود إلى المغرب‬ ‫بسبب إصابته بالمالريا‪ ،‬حيث سينتظم بعدها بكلية القانون شعبة العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط عام‬ ‫‪1961‬م‪ ،‬ولما تم فتح فرع كلية التربية بالدار البيضاء باتفاق بين المغرب ودولة العراق سينتقل إلى هذه الكلية حيث سيجتاز‬ ‫إمتحانها بنجاح وامتحان آخر بالمدرسة العليا لألساتذة ليعود بعدها إلى تطوان لمالزمة والده المريض وقتئذ‪.‬‬

‫وظائفه ‪:‬‬

‫كان تعيينه بمدينة الدار البيضاء‪ ،‬ثم استفاد من االنتقال إلى مدينة تطوان ليعين بثانوية القاضي ابن العربي للتعليم‬ ‫األصيل‪ ،‬وبقي فيها إلى أن جاءه تعيين االنتقال إلى دار الثقافة بتطوان‪ ،‬وبقي فيها إلى أن انتقل بعدها إلى المتحف التقليدي‬ ‫بباب العقلة (المتحف االثنوغرافي)‪.‬‬ ‫وبقي موظفا في المتحف إلى أن أطلعه “محمد بلمليح” بأن األكاديمية المغربية مشرفة على إخراج “كناش الحايك”‬ ‫فكتب تقريرا ودفعه إلى الديوان الملكي واألكاديمية‪ ،‬فكان النجاح من حليفه حيث كلف من قبل الحسن الثاني رحمه اهلل‬ ‫بتحقيق النسخة‪ ،‬فكان عمله هذا هو الباب الذي دخل منه إلى األكاديمية التي سيظل خبيرا بها إلى أن ينال تقاعده‪.‬‬

‫أعمالـه ‪:‬‬

‫الزجال مالك بنونة باحث متفرد في مجاله يهتم بالشعر والغناء األندلسي وما صنفه وأنجزه من مؤلفات تشهد بذلك‪،‬‬ ‫فقد قام بتحقيق “كناش الحايك” لمؤلفه أبو عبد اهلل محمد بن الحسين التطواني األندلسي مراجعة‪ :‬عباس الجراري وقد‬ ‫طبعته األكاديمية المغربية‪ ،‬وقد أخبرني(‪ )8‬األستاذ مالك بنونة أنه قد عثر على النسخة التطوانية أخيرا حيث توصل بنسخة‬ ‫مصورة عنها من إسبانيا وهي نسخة بقلم الفقيه محمد بوعسل التطواني وقد قام بتحقيقه وسينشر في القريب‪.‬‬ ‫يقول عنه الدكتور حسن الوراكلي رحمه اهلل‪“ :‬واألستاذ مالك له الفضل في تحقيق كتاب “الكناش” لصاحبه محمد بن‬ ‫الحسين الحائك (ق ‪12‬هـ) الذي جمع فيه صنائع اآللة المتداولة في عصره من أشعار وموشحات وأزجال وبراويل أندلسية‬ ‫ومغربية وتدوينها حسب نوباتها اإلحدى عشرة وموازينها المعروفة‪.‬‬

‫ايبرح ويقول اعيا يصبار‬ ‫وهو يحصد األرض منكر‬ ‫يخلي مراتو في النسا يختار‬ ‫ماشي بهادو بناو الناس الحضارة‬ ‫انتهينا من الحديث مع الزجال مالك بنونة على أمل لقاء آخر معه نغوص في أزجاله وأشعاره‪ ،‬حيث ودعنا قائال بأن‬ ‫داره ترحب بمن يحبها وهي تعرف من يحبها‪ ،‬وبصورة من شرفة بيته المطلة على سهل مرتيل ودعناه على أمل لقاء آخر‪.‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫شيخ الجبل هو اإلسم المستعار الذي كان والده امحمد بنونة يوقع به مقاالته متوريا بها عن أنظار اإلسبان واإلنجليز‪.‬‬ ‫الشياطين مقصود بهم األطفال الصغار كما في دارج كالمنا‪.‬‬ ‫امحمد بنونة صاحب كتاب “سفرتي إلى فاس” من منشورات جمعية تطاون أسمير‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬معلمة المغرب‪ ،‬الزء الخامس‪ ،‬ص‪1490 :‬‬ ‫معلمة المغرب‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة و النشر‪ ،‬مطابع سال‪1413 ،‬هـ ‪1992‬م‪ ،‬ص‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ‬ ‫‪ 2‬ـ‬ ‫‪ 3‬ـ‬ ‫‪ 4‬ـ‬ ‫‪ 5‬ـ‬ ‫‪1490‬‬ ‫أهم العائالت «البلدية»‪ ،‬مقال منشور بجريدة المساء بتاريخ ‪2013 – 06 - 03‬م‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ‬ ‫عائالت تطوان‪ ،‬لمحمد داود‪ ،‬ص‪214 :‬‬ ‫‪ 7‬ـ‬ ‫كناش الحايك‪ .‬حققه األستاذ مالك بنونة وأصدرته أكاديمية المملكة المغربية ضمن منشوراتها ‪ 1419‬هـ ‪1999 -‬م‪.‬‬ ‫‪ 8‬ـ‬ ‫وكان الدكتور عباس الجراري قد أشرف على هذا التحقيق وراجعه وقدم له‪ ،‬نشر التقديم في كتابه “النغم المطرب بين األندلس والمغرب”‬ ‫ابتداء من صفحة ‪( 59‬منشورات النادي الجراري رقم ‪ 22-‬الرباط ‪1422‬هـ ‪2002 -‬م)‪.‬انظر‪ :‬كلمات تقديـم‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬جمع وتقديم‪،‬‬ ‫حميدة الصائغ الجراري‪ ،‬منشورات النادي الجراري‪ ،-38- ،‬ص‪11 :‬‬ ‫المنتقى المديحي من صنائع الموسيقى األندلسية المغربية‪ ،‬مالك بنونة‪ ،‬مطبعة تطوان‪ ،‬ص‪.11 :‬‬ ‫‪ 9‬ـ‬ ‫‪ 10‬ـ المنتقى المديحي من صنائع الموسيقى األندلسية المغربية‪ ،‬مالك بنونة‪ ،‬مطبعة تطوان‪ ،‬ص‪.11 :‬‬


‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪ ،‬وتنـــوُّعهـا مجلبـــ ٌة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫التنقــل بين‬ ‫وتستـــروحُ إلى‬ ‫النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ألن النفس تسأمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تملكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫ٌ‬ ‫طريفة‬ ‫‪.90‬‬

‫‪ .87‬فتوى يف العقيدة‬ ‫سُئلتُ‪ :‬ما مصير أطفال الكفار الذين ماتوا صغاراً‪ ،‬هل يلحقون بآبائهم في النار؟‬ ‫فأجبتُ‪ :‬حكم أطفال الكفار في الدنيا أنهم تبعٌ آلبائهم‪ ،‬وبمنزلتهم في أحكام الشرع‪ ،‬فال يغسلون‬ ‫وال يكفنون وال يُص ّلى عليهم وال يدفنون في مقابر المسلمين‪ ،‬أما مصيرهم في اآلخرة فبيد اهلل تعالى‪،‬‬ ‫وهو أعلم بما كانوا عاملين كما قال النبي صلى اهلل عليه وسلم(‪.)1‬‬ ‫وقد ذهب البيهقيُّ وجماع ٌة من المحققين إلى أنهم يُمتحنون في اآلخرة‪ ،‬فمن أطاع اهلل تعالى‬ ‫دخل الجنة‪ ،‬ومن عصى دخل النار‪ ،‬ومن العلماء من قال‪ (:‬إنهم خَدَمٌ ألهل الجنة)‪ ،‬وال أصل لهذا القول‬ ‫كما قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في فتاويه (‪ ،)2‬والوارد فيه ضعيفٌ ال ينهض لالحتجاج‪.‬‬ ‫خبر‬ ‫صحيح‬ ‫والذي أقول به في هذه المسألة‪ :‬أن القطع بمصير أطفال الكفار في اآلخرة يحتاج إلى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صريح يتعيّن المصير إليه‪ ،‬واهلل تعالى أعلم بحالهم ومآلهم‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫ٌ‬ ‫فقهية‬ ‫‪ . 88‬فائد ٌة‬

‫ذهب جمهور المالكية إلى أنه إذا تعارض كالم ابن رشد الجد وكالم اللخمي‪ُ ،‬قدّم كالم ابن رشد‪،‬‬ ‫وقد نصَّ ابن عرفة على هذه القاعدة‪ ،‬وشدّد في مراعاتها‪ ،‬والحطاب في(مواهب الجليل)(‪ )3‬وغيرهما‪.‬‬ ‫لكن التنبكتي تعقب ابن عرفة بقوله‪( :‬الذي نقله ابن عرفة وإن كان له وجه ما إال أنه قد ال يوافق عليه‪،‬‬ ‫فقد مشى خليل في مختصره في مواضعَ عديدةٍ على كالم اللخمي دون ابن رشد‪ ،‬مع وقوفه على كالمه‬ ‫في ذلك الموضع‪َّ .)4()..‬‬ ‫ولعل التنبكتيَّ رامَ تقييد القاعدة بأن كالم ابن رشد ال يقدَّم فيما تبيّن ضعفه‬ ‫فيه‪ ،‬ورجحان كالم اللخمي عليه‪ ،‬وهذا الوجه ارتضاه التسوليُّ في (البهجة في شرح التحفة)(‪.)5‬‬

‫‪ .89‬فائدة �أدبية‬ ‫من أعمالي السردية المخطوطة مجموعة‪( :‬هديل تطوان‪ :‬مقاطع من سيرة غير منسية)‪ ،‬وقد‬ ‫ضمّنتها نتفاً من ذكريات الصبا والشباب‪ ،‬وألواناً من عادات المدينة في األفراح واألتراح‪ .‬وإليك‬ ‫المقطع األول من المجموعة بعنوان‪ « :‬والد ٌة في أحضان الهديل»‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫الجبلين‬ ‫بين‬ ‫الملفعةِ بجلبابها‬ ‫حضن الحاضرةِ المنظريَّةِ‬ ‫«في‬ ‫الحارسين‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫األبيض‪ ،‬الرَّاقدةِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لثمتُ نورَ الحياةِ‪ ..‬كانت أُمِّي‪ ،‬يوم الوالدةِ‪ ،‬تُغالبُ آالمَ‬ ‫الوضع بفرحةِ وفادةِ طفلها األوَّل‪ ،‬وكان‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫هاربة من ديوانهِ األوَّل‪ ..‬ليخلدَّ الذكرى بالنَّغم‬ ‫أبي يطاردُ قصيد ًة‬ ‫الشَّجيِّ الحُ ْل ِو ! وفي اليوم الثاني‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أنيق رقيق‪:‬‬ ‫بمطلع‬ ‫)‪،‬‬ ‫مطيّةِ(الكامل‬ ‫على‬ ‫النور‬ ‫دنيا‬ ‫إلى‬ ‫ت‬ ‫وزُف‬ ‫لقانصِها‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ريد‬ ‫الط‬ ‫‪/‬‬ ‫ة‬ ‫القصيد‬ ‫استسْ َلمتِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫أن قدْ باتَ لي ٌ‬ ‫جا َء البشيرُ مهنِّئاً ومباركاً إيايَّ ْ‬ ‫طفل قمَرْ‬ ‫ُ‬ ‫التَّفاصيل‬ ‫لحفل( العقيقةِ )‪ ،‬وتدعو لها الجارات والقريبات‪ ،‬وعلى عينها تجري‬ ‫أما أمي فكانت ترتّب‬ ‫ِ‬ ‫الكبير ُة والصَّغير ُة‪ ..‬وحين تفتَّحَ الوعيُ وشببتُ عن َّ‬ ‫وْق روتْ لي طرفاً من ذكرياتِ هذا‬ ‫الحفل‬ ‫ِ‬ ‫الط ِ‬ ‫ُ‬ ‫األندلسيَّة‪..‬‬ ‫الذي اتَّسعت أكنافُ مائدتهِ‪ ،‬وطابتْ أنغامهُ‬ ‫ُ‬ ‫األوَّل بمدينتي تطوان‪..‬‬ ‫تآكلتْ أيامٌ وأيامٌ‪ ..‬وفي حيِّ(االترنكات) كان لقائي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫التراثيّة المعمار‪ ،‬وصويحباتُها في هذا الدَّرب أو ذاك‪..‬‬ ‫القديمة‬ ‫فدارُنا‬ ‫والجيران المنحدرون من‬ ‫سالالتٍ شريفةٍ‪ ،‬أو أندلسيّةٍ‪ ،‬أو ريفيّةٍ‪ ..‬وبابُ التُّوت الذي يغري اسمهُ بالقطافِ‪ ..‬وبابُ المقابر‬ ‫ال وشابَّاً ـ على عرصاتِ المدينةِ‪َ ..‬‬ ‫ُ‬ ‫نوافذ أطللتُ منها ـ طف ً‬ ‫الذي يُشيَّع إليه الموتى عصراً‪:‬‬ ‫قبل أن‬ ‫أصبحَ متيَّماً بنافورتها الكبرى‪ ،‬وأبوابها السَّبعةِ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫كان يحلو لي دائماً ال ّلعبُ مع األقرانِ بساحة الفدَّان‪،‬‬ ‫وممارسة هوايةِ كرةِ القدم‪ ،‬وليس واحدٌ منا‬ ‫يقدّرُ لهذه التُّحفةِ المعماريَّةِ رُوا َءها ونَسَبها األندلسيَّ! لكن عصا الحارس طاردتنا مرَّاتٍ‪ ،‬ويدهُ‬ ‫مزَّقتْ الكر َة مرَّاتٍ‪ ..‬فال نجد متسَّعاً الستئناف المباراة إال في ساحةٍ بباب المقابر‪ ،‬وهناك الموتى ال‬ ‫َّ‬ ‫يتكلمون‪ ،‬وال حارسَ للقبور !!»‪.‬‬

‫األصل والنَّبعة‪ ،‬وكان عميداً لكلية الشريعة‬ ‫حدّثني األستاذ الدكتور القرشي عبد الرحيم السودانيُّ‬ ‫ِ‬ ‫بجامعة الشارقة‪ ،‬بأن عُمَّا ًال باشروا إصالح غرفة مكتبته‪ ،‬فأزيحت الكتب عن الرفوف‪ ،‬وحفظت في‬ ‫غرفة أخرى‪ ،‬ولما انتهت أعمال الصِّيانة‪ ،‬تولى العمال ترتيب الكتب في رفوفها بحسب ألوان األغلفة‪،‬‬ ‫فالمجلدات السوداء في جناح‪ ،‬والمجلدات الحمراء في جناح‪ ،...‬وكانوا بذلك مغتبطين ‪! ..‬‬

‫‪ . 91‬فائدة تاريخية‬

‫من مراسالت الوالد التي ضمَّنها كتابه المخطوط (بيني وبين كتاب العصر)‪ ،‬مراسل ٌة يتيمة بينه‬ ‫وبين مؤرخ العصر األديب الكاتب خير الدين الزركلي‪ ،‬وهذا نصُّ رسالته‪:‬‬ ‫« الرباط في ‪ 12‬ذي الحجة ‪ 1380‬الموافق ‪ 13‬يونيو ‪1961‬‬ ‫حضرة السيد محمد المنتصر الريسوني المحترم‬ ‫بعد التحية‪ ،‬أشكركم على رسالتكم المؤرخة في ‪ 6‬يونيو الجاري‪ ،‬وأخبركم بأن صورة الريسوني‬ ‫التي أوردتها في الجزء األول من كتابي « األعالم « كانت هي المعروفة بأنها صورته عند طبع الكتاب‪.‬‬ ‫وإذا تكرمتم مشكورين بإرسال ما ذكرتم أنه الصورة الحقيقية‪ ،‬وأنتم أعلم بها‪ ،‬فيمكنني استدراكها‬ ‫قريب إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫في مستقبل ٍ‬ ‫وتفضلوا بقبول أطيب التحيات‪.‬‬ ‫خير الدين الزركلي‬ ‫سفير المملكة العربية السعودية بالمغرب‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬وقد أرسلت إليه الصورة الحقيقية لزعيم المنطقة الجبلية « الريسوني «‪ ،‬وتم استدراكها في‬ ‫طبعة الحقة‪ ،‬وتحتها شكر خاص للسيد الوالد‪.‬‬

‫‪ .92‬حكمة‬ ‫من رائق شعر األخطل الصغير‪ ،‬وهو داخل في باب الحكمة قوله‪:‬‬ ‫إذا أساءت إلى اآلداب مملك ٌة فاصبر عليها فقد قامت نواعيها ‬ ‫وكأني بالرجل يريد القول‪ :‬التجني على األدب واألدباء مؤذن بخراب العمران‪ ،‬وهذا على السَّنن‬ ‫الخلدونيِّ في تتبع عوارض االجتماع‪ ،‬وتنزيل األحكام على ِوزان ذلك‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫لغوية‬ ‫‪ .93‬فائد ٌة‬ ‫ّ‬ ‫يخطي بعض المصححين اللغويين استعمال لفظ (األولويات)‪ ،‬ويرون أن الصواب هو‪( :‬األوليات)‪،‬‬ ‫فيقال‪ ( :‬جاء ٌ‬ ‫فالن في أولية الناس‪ ،‬أي ‪ :‬جاء في أولهم)‪ ،‬وهذا تعنّتٌ يضيِّق واسعاً في أمر اللغة‪ ،‬وقد‬ ‫وجد اللفظ دائراً عند أئمة النحو كابن هشام في (مغني اللبيب)‪ ،‬فقد قال في (باب كيف)‪( :‬إلفادة األولوية‬ ‫بالحكم)(‪ .)6‬وكم من خطأ ُقطع به عند أصحاب (قل وال تقل)‪ ،‬وله وجه في لغة العرب‪ ،‬أو دوران عند‬ ‫الفصحاء‪ ،‬وما أحوج اللغة‪ ،‬اليوم‪ ،‬إلى معجم ضخم يواكب تاريخها المتطور‪ ،‬أما التخطئة فال يصار إليها إال‬ ‫عند القطع بمخالفة القواعد الصريحة‪ ،‬وقد قرأت للعالمة اللغوي إبراهيم السامرائي كالماً قريباً من هذا‬ ‫في مجلة (الفيصل) السعودية‪ ،‬ويحضرني‪ ،‬اآلن‪ ،‬معناه دون لفظه‪.‬‬

‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ أخرجه أبو داود برقم‪ ، 3924 :‬وحسنه األلباني في ( صحيح سنن أبي داود )‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ مجموع الفتاوى‪.279 / 4 ،‬‬ ‫‪ 3‬ـ مواهب الجليل ‪.50 /1‬‬ ‫‪ 4‬ـ نيل االبتهاج‪.1/279 ،‬‬ ‫‪ 5‬ـ مغني اللبيب ‪.106 /1‬‬ ‫‪ 6‬ـ ص ‪.207‬‬

‫إبداعات السجناء بالمعرض الجهوي للصناعة التقليدية بوزان‬ ‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬ ‫لماذا شد رواق منتوجات وابداعات السجناء بالمعرض الجهوي للصناعة‬ ‫التقليدية بوزان أنظار الزوار والزائرات ؟ هل ألن ما كان معروضا بهذا الرواق‬ ‫كان مميزا عن باقي المنتوجات بباقي األروقة‪ ،‬أم ألن تلك االبداعات خلخلت‬ ‫الصورة النمطية عن السجين ‪ ‬التي تسكن أذهاننا؟ وما غاية المؤسسة‬ ‫السجنية من المشاركة في هذا المعرض بإنتاجات أشخاص يقبعون وراء‬ ‫القضبان بسبب مخالفاتهم‪/‬ن للقانون ؟‬ ‫يمكن الجزم بأن مشاركة ادارة السجن المحلي بوزان بالمعرض الجهوي‬ ‫المذكور‪ ،‬وذلك بعرضها ما أبدعته وأنتجته أنامل السجينات والسجناء يدخل‬ ‫ضمن استراتيجية المندوبية العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج ‪،‬غايتها‬ ‫تسويق صورة جديدة عن المؤسسة السجنية‪ ،‬وذلك بتذكيرها للمجتمع بأن‬ ‫المؤسسة السجنية اذا كانت تحرم السجناء من حريتهم‪/‬ن‪ ،‬فإنها في نفس‬ ‫اآلن وبقوة المرجعيات الدولية والوطنية ذات الصلة مطالبة بحماية حقوقهم‪،‬‬ ‫وتوفير كل الشروط‪ ‬ألنسنة الحياة بفضاءاتها‪ .‬كما أن هذه المشاركة الغاية‬ ‫منها كذلك تكسير الصورة النمطية المرعبة التي يرسمها المجتمع عن‬ ‫السجين‪/‬ة‪ ،‬وهي الصورة النمطية التي تعتبر من بين االكراهات الكبرى التي‬ ‫تعقد عملية ادماج السجين‪/‬ة في المجتمع مع ما يترتب عن لفظ المجتمع‬ ‫للسجين‪/‬ة من كلفة نفسية واجتماعية ومالية ‪.‬‬ ‫يذكر بأن النسخة ‪ 14‬للمعرض الجهوي للصناعة التقليدية الذي غطت مساحته الزمنية أسبوعين ( االفتتاح يوم ‪6‬‬ ‫نونبر) قد خلف نقاشا بين الصناع التقليديين المشاركين‪ ،‬وكذا الفعاليات المهتمة بالشأن المحلي‪ .‬فقد أثير موضوع في‬ ‫غاية من األهمية يتعلق بالغاية من تنظيم هذا المعرض وغيره من المعارض والمهرجانات التي احتضنتها دار الضمانة في‬ ‫السنوات األخيرة‪ ،‬إن لم تحدث رجة اقتصادية تلمس آثارها الساكنة على جيوبها‪ ،‬وإن لم تنجح في تسويق مدينة وزان التي‬ ‫رغم توفرها على حزمة من المؤهالت ال تجد لها صدى في السوق الوطنية‪ .‬فهل تعي الجهات التي تقف وراء تنظيم هذه‬ ‫المهرجانات والمعارض لماذا ال تتعدى دائرة الزائرات والزوار ساكنة اإلقليم على أكثر تقدير وبأعداد محتشمة ؟ ‪ ‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)921‬‬

‫‪16‬‬

‫“أنوار اإليمان ومواهب الرحمان”‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫تستحق مدينة طنجة أن تفتخر باسم فقيدها الكبير‪ ،‬األستاذ المربي‪ ،‬والمثقف‬ ‫النزيه‪ ،‬والمنقب الصارم‪ ،‬المرحوم سيدي عبد الصمد العشاب‪ .‬فالرجل ظل منارة‬ ‫للعلم وللمعرفة وللعطاء‪ ،‬أرخت بظاللها على حقول تلقي البحث والمعرفة على امتداد‬ ‫رقعة الوطن ومجموع البالد العربية‪ .‬لقد استطاع سيدي عبد الصمد أن يؤسس‬ ‫مدرسة قائمة الذات‪ ،‬مرت منها أسماء على أسماء‪ ،‬وتبلورت داخلها تجارب على‬ ‫تجارب‪ ،‬واغتنت في ثناياها إبداعات على إبداعات‪ .‬هي مدرسة العالمة سيدي عبد اهلل‬ ‫كنون التي أحسن عبد الصمد العشاب رعايتها إلى أن أينعت دوحة سامقة من العطاء‬ ‫ومن التجلي ومن الخصب الذي ظل يميز وجه مدينة طنجة الثقافي والعلمي‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫أصبح اسم سيدي عبد الصمد عنوانا لحقل البهاء الثقافي الذي ارتبط باسم مدينة‬ ‫طنجة خالل زماننا الراهن‪ ،‬بل يمكن أن نجزم مع المهتمين والمؤرخين والمتتبعين‬ ‫بأنه ال يمكن –بأي شكل من األشكال‪ -‬التوثيق لتحوالت التاريخ الثقافي المعاصر‬ ‫لمدينة طنجة ومحيطها الجهوي بمنطقة شمال المغرب‪ ،‬بدون اإلحالة المستمرة‬ ‫على عطاء الرجل وعلى إسهاماته الجمة والغزيرة‪ ،‬على مستوى البحث والتأليف‪ ،‬وعلى‬ ‫مستوى اإلشراف على معلمة مكتبة كنون‪ ،‬وعلى مستوى العطاء اإلعالمي الدوري‬ ‫وخاصة بجريدتي “الميثاق” و”الشمال”‪ ،‬وعلى مستوى الفعل الجمعوي الميداني‪،‬‬ ‫وعلى المستوى التلقيني والتربوي‪ ،‬وعلى مستوى التأطير العلمي المباشر في الندوات‬ ‫العلمية والمنتديات الثقافية التي كان دائم المشاركة فيها واإلسهام في أعمالها‬ ‫بمختلف جهات البالد‪.‬‬ ‫ونظرا لتزايد الوعي بأهمية التوثيق لحصيلة شتات منجز سيدي عبد الصمد‪ ،‬كان البد من‬ ‫ ‬ ‫العودة لالنكباب على تجميع ذخائر فقيدنا العزيز الموزعة عبر مختلف المنابر اإلعالمية والثقافية التي‬ ‫كان ينشر بها أعماله‪ .‬وقد كان لنجلته األستاذة نبوية العشاب‪ ،‬الفضل الواسع في االحتفاء بالتراث‬ ‫الفكري لوالدها‪ ،‬عبر إعادة تجميع مظانه وطبعه وتعميم تداوله بين الباحثين والمهتمين‪ .‬في هذا‬ ‫اإلطار‪ ،‬يندرج صدور كتاب “أنوار اإليمان ومواهب الرجمان”‪ ،‬مطلع سنة ‪ ،2019‬في ما مجموعه ‪187‬‬ ‫من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ .‬فالكتاب‪ ،‬تجميع لسلسلة من المقاالت و”الوقفات” التأملية‬ ‫التي سبق للفقيد العشاب نشرها في فترات سابقة بخصوص مواكبته للعديد من القضايا العلمية‬ ‫ذات الصلة بالمجال الديني اإلسالمي‪ .‬كما تضم مواد الكتاب –كذلك‪ -‬سلسلة مشاركاته في ندوات‬ ‫ومحاضرات كان الفقيد العشاب قد ساهم بها ضمن فعاليات لقاءات المجلس العلمي المحلي بطنجة‪،‬‬ ‫أو عبر أثير إذاعة طنجة ضمن برنامج “يسألونك”‪ .‬وفي كل هذه المحطات‪ ،‬برزت ريادة األستاذ العشاب‬

‫وداعاً سي اليزناسني‬ ‫في جو شتائيّ حزين‪ ،‬وتحت قطرات خفيفة للمطر‪ ،‬وبقلوب مكلومة‪،‬‬ ‫ودّع الجسم الصحافي المغربي‪ ،‬مساء يوم ‪ 19‬نونبر ‪ ،2019‬بمقبرة الشهداء‬ ‫بالرباط‪ ،‬وجها صحافيا متميزا‪ ،‬من بين ألمع األسماء التي كابدت كثيرا في‬ ‫سبيل النهوض بمهنة الصحافة والرفع من شأنها في بلدنا‪.‬‬ ‫إنه األستاذ والصديق والزميل سي مصطفى اليزناسني‪ ،‬رحمه اهلل‪،‬‬ ‫المدير السابق لصحيفتي “الميثاق الوطني” و”المغرب”‪ ،‬الناطقتين بلسان‬ ‫حزب التجمع الوطني لألحرار‪ ،‬علما بأنه يجر وراءه رصيدا صحافيا مهما تراكم‬ ‫لديه من خالل اشتغاله في العديد من المنابر على امتداد مساره المهني‬ ‫الطويل‪ ،‬وقد زاده رسوخا إلمامه بالعديد من اللغات‪.‬‬ ‫منذ أن رحلــت زوجته‬ ‫الزميلة زهور السباعــي‪،‬‬ ‫في حادث انهيار العمـارة‬ ‫المأساوي فــوق جسمها‪،‬‬ ‫تراجعت صحتــه بشكــل‬ ‫م��ق��ل��ق‪ ،‬بفعل اش��ت��داد‬ ‫ال��م��رض عليه‪ ،‬إل��ى أن‬ ‫دفن على مقربة منها في‬ ‫المقبرة نفسها‪ ،‬ليجمعهما‬ ‫المــوت كمـــا جمعتهما‬ ‫الحياة في مكان واحد‪.‬‬ ‫ك�������ل ال������زم���ل��اء‬ ‫الصحافييــن والمناضلين‬ ‫الحقوقيين‪ ،‬الذين حضروا‬ ‫جنازته بعد صالة العصر‪،‬‬ ‫أجمعـــوا على طيبوبتـــه من اليمين إلى اليسار محمد رشدي الملقب‬ ‫ومهنيته وأخالقه الحميدة بإبراهيم مدير مطابع ميثاق المغرب والمرحوم‬ ‫مصطفى اليزناسني وبوشعيب الضبار‬ ‫وع����زة ن��ف��س��ه ون��ض��ال��ه‬ ‫ال��ن��ق��اب��ي وال��ح��ق��وق��ي‬ ‫واس��ت��م��ات��ه ف��ي ال��وف��اء‬ ‫للمبادئ التي كرس لها حياته كلها‪ ،‬سواء عبر النقابة الوطنية للصحافة أو‬ ‫المنظمة المغربية لحقوق اإلنسان أو هيئة اإلنصاف والمصالحة أو المجلس‬ ‫الوطني لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫رجل فاضل متشبع بالفعل بقيم الرجولة والشهامة والنبل‪ ،‬حريص‬ ‫دائما على أناقته ومظهره‪ ،‬هادئ في طبعه‪ ،‬ومترفع في سلوكه عن االنفعال‬ ‫أو التشنج‪ ،‬على الرغم من تحديات ومصاعب اإلصدار اليومي للصحيفتين في‬ ‫سباق الهث مع الزمن‪.‬‬ ‫لقد كان لي الشرف أن اشتغلت تحت إدارته‪ ،‬ولم يسبق لي أبدا أن‬ ‫شاهدته يتفوه بأيّ كلمة غضب في حق أيّ زميل أو عضو بهيئة التحرير؛ بل‬ ‫كان يتكلم بلباقة وأدب‪ ،‬للتعبير عن مالحظة قصد التصويب أو التصحيح‪.‬‬ ‫جمعتني معه بعض الرحالت خارج الرباط‪ ،‬لتغطية بعض التظاهرات‬ ‫والندوات‪ ،‬وخاصة نحو الصحراء المغربية؛ فلمست عن كثب مدى تمسكه‬ ‫بالثوابت الوطنية‪ ،‬وضمنها الوحدة الترابية للمملكة‪.‬‬ ‫كان مهموما دائما بقضايا مجتمعه‪ ،‬سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‬ ‫وثقافيا وفنيا‪ .‬ولذلك‪ ،‬أطلق على ركنه اليومي في الصفحة األولى لصحيفة‬ ‫“الميثاق الوطني” عنوان “هموم”؛ وهو عنوان يحمل أكثر من داللة ومعنى‪،‬‬

‫كباحث متمكن وكمثقف غيور وكعالم مشارك‪ ،‬ترك تراثا علميا يستحق أن يكون‬ ‫موضوعا متجددا للبحث وللتجميع وللتأمل‪ .‬ولعل هذا ما أدركه األستاذ عبد اللطيف‬ ‫شهبون بعمق‪ ،‬عندما قال في كلمته التقديمية‪“ :‬يشكل الموضوع المحمدي بؤرة‬ ‫نظر واستعبار لدى سيدي عبد الصمد‪ ،‬تناظره وقفات في مفهوم التوحيد عقيدة‬ ‫وسلوكا‪ ..‬وتنظيم التكافل االجتماعي‪ ،‬وأسس فلسفة تدبير الحياة االقتصادية‪..‬‬ ‫وتنفتح هذه الوقفات على قضايا في غاية األهمية بالنسبة للمجتمعات اإلنسانية‬ ‫برمتها‪ ،‬خاصة ما يتعلق بسؤال ترجمة أنساق المعاني القرآنية‪ .‬سيدي عبد الصمد‬ ‫في كل هذا‪ ،‬عالم مشارك‪ ،‬وبحاثة خبير‪ ،‬ومرب عظيم‪ ..‬يستند على فهم سليم‪ ،‬بقلب‬ ‫سليم‪ ،‬وحجاج قويم‪ ،‬وأسلوب إبالغ يراعي مقتضيات أحوال كل المتطلعين‪( ”...‬ص‪.‬‬ ‫‪.)8-7‬‬ ‫في إطار هذا النهر المتدفق‪ ،‬تنساب مواد الكتاب‪ ،‬لتقدم باقة عطرة‬ ‫ ‬ ‫من التأمالت العميقة‪ ،‬الفاحصة‪ ،‬والمدققة‪ ،‬في منطلقات التأصيل لتحيين أسئلة‬ ‫الشريعة في زماننا الراهن‪ .‬توزعت هذه المواد بين بواعثها اإليمانية المحضة‪،‬‬ ‫وبين نزوعاتها الفلسفية التنظيرية‪ ،‬وبين قدراتها الحجاجية المثيرة في مساءلة‬ ‫قضايا اللحظة‪ .‬وبذلك استطاعت عين سيدي عبد الصمد إتقان االلتفات لقضايا‬ ‫االنحرافات التي مست عقيدة الناس من خالل التركيز على قضايا بعينها مثل خرافات‬ ‫أهل الضالل الطرقيين‪ ،‬إلى جانب العودة للتأمل في أبعاد التوحيد وطهرانية شهر‬ ‫الصيام ودالالت االحتفال بعيد المولد النبوي وقضايا ترجمة القرآن الكريم‪...‬‬ ‫وفي كل ذلك‪ ،‬ظل سيدي عبد الصمد ممتلكا جيدا لناصية اللغة ولقدرة هائلة على تكريس‬ ‫ ‬ ‫مبدأ الحوار الهادئ والجدل المثمر والنقاش البناء‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالقضايا الخالفية التي ظل‬ ‫يحسن تفكيك مرتكزاتها باألدلة الشرعية الواضحة‪ ،‬مع االرتكاز إلى البعد التأويلي التاريخي المستند‬ ‫إلى أمهات المصنفات العلمية في مجاالت الفقه والتاريخ واآلداب واللغة‪.‬‬ ‫هذا هو عبد الصمد العشاب الذي عرفناه‪ ،‬وهذا هو سيدي عبد الصمد الذي وجد امتداده‬ ‫ ‬ ‫في نجلته الدكتورة نبوية التي بذلت‪/‬وتبذل الكثير من الجهد من أجل صيانة تراث والدها من‬ ‫الضياع ومن النسيان‪ .‬لقد قلتها في مناسبات سابقة‪ ،‬وأعيدها اآلن‪ ،‬سيدي عبد الصمد العشاب لم‬ ‫يمت مادامت األستاذة نبوية تعمل بجد من أجل صيانة ذاكرته العلمية‪ .‬سيدي عبد الصمد لم يمت‪،‬‬ ‫وأعماله العلمية‪ ،‬وخاصة في مجاالت الفكر اإلسالمي والتاريخ‪ ،‬تعود للصدور من جديد‪ ،‬حاملة ذكرى‬ ‫رجل اجتهد فثابر‪ ،‬أعطى فأخلص‪ ،‬صاحب فأوفى‪ ،‬رحمه اهلل تعالى وأكرم مثواه‪.‬‬

‫ذ‪ .‬بوشعيب الضبار‬ ‫رئيس تحرير يومية “الميثاق الوطني‬ ‫المتوقفة عن الصدور‪.‬‬

‫التزم فيه دائما أن يفكر بصوت عال‪ ،‬متحدثا عن أحزان مختلف الفئات‬ ‫االجتماعية وآمالها وأحالمها‪ ،‬مدافعا عن قيم الحرية والكرامة اإلنسانية‬ ‫والعدالة االجتماعية‪.‬‬

‫***‬

‫إن مكتب الفقيد مصطفى اليزناسني‪ ،‬المدير السابق لصحيفتي “الميثاق‬ ‫الوطني و”المغرب”‪ ،‬مثل قلبه تماما‪ .‬كان مفتوحا دائما في وجه الجميع‪.‬‬ ‫لم يكن يتردد أبدا في استقبال أي أحد‪ ،‬خاصة إذا كان إعالميا أو مثقفا‬ ‫أو شاعرا أو فنانا أو معتقال سياسيا سابقا أو قارئا عابرا أو مواطنا بسيطا أو‬ ‫طالب مساعدة‪.‬‬ ‫عرف عن الفقيد عشقه‬ ‫الكبير للفنون وللثقافـــة‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬بمختلـــف‬ ‫ت��ع��ب��ي��رات��ه��ا وأش��ك��ال��ه��ا‬ ‫وألوانها وإيقاعاتها‪.‬‬ ‫أذك��ر أن اليزناسني‬ ‫كان يحفــظ جيدا بعـض‬ ‫أشعار أحمـد فؤاد نجـــم‪،‬‬ ‫التي غناهــا رفيقــه في‬ ‫رحلة الكفاح والفن الشيخ‬ ‫إم��ام‪ ،‬ولطالمـــا ردده��ا‬ ‫أمامنـا بكل حماس‪ .‬كمــا‬ ‫كــان يكن إعجابـا فنيـــا‬ ‫خاصا بتجــربــة نــاس‬ ‫الغيـــوان وجيـــل جياللة‪،‬‬ ‫إضافة إلى ميــله لسمـاع‬ ‫المقطوعات الموسيقيــــة‬ ‫الكالسيكيــة العالمية‪.‬‬ ‫ووعيــــا من الفقيـــد‬ ‫مصطفى اليزناسني بأهمية تهذيب الوجدان لدى المتلقي‪ ،‬كان يلح على‬ ‫ضرورة ارتقاء أجهزة اإلعالم العمومية بالذوق العام من خالل ما تبثه من‬ ‫فقرات فنية‪ ،‬داعيا إلى الحفاظ على الهوية المغربية األصيلة‪ ،‬واالنفتاح في‬ ‫نفس الوقت على كل األنماط األخرى‪.‬‬ ‫كان الفقيد متابعا يقظــا لمختلـــف المعارض التشكيلية‪ ،‬ومهتما‬ ‫بالتيارات الفكرية واألساليب الجديدة في الشعر والمسرح والسينما من‬ ‫خالل المواكبة الدائمة‪ ،‬واالرتباط الوثيق بعالقات مع عدد من المبدعين‬ ‫المغاربة‪.‬‬ ‫وقد كان بإمكان الفقيد مصطفى اليزناسني أن يصبح كاتبا من الطراز‬ ‫الرفيع لو أن طاحونة الصحافة لم تسرق عمره‪ ،‬بعد أن تفرغ لها تماما‬ ‫واستحوذت على كل وقته وتفكيره؛ غير أنه ظل دائم الحنين إلى عالم األدب‪.‬‬ ‫ولعل هذا ما يفسر انضمامه‪ ،‬في مرحلة ما‪ ،‬إلى اتحاد كتاب المغرب كعضو‬ ‫سابق ضمن المكتب الوطني‪.‬‬ ‫عاش مصطفى اليزناسني في هدوء ورحل في هدوء‪ ،‬تاركا وراءه حزنا‬ ‫عميقا في نفوس كل الذين عرفوه عن قرب‪ .‬رحم اهلل فقيدنا العزيز‪ ،‬وأسكنه‬ ‫فسيح جنانه وألهم أسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان‪.‬‬

‫بـيـــــان‬ ‫‪ 11‬نونرب ‪2019‬‬ ‫عقدت المنسقيــة الوطنيـــة لدكاتــرة المراكـــز‬ ‫الجهوية لمهن التربية والتكوين بالمغرب جمعا عاما‬ ‫استثنائيا يوم اإلثنين ‪ 11‬نونبر ‪ 2019‬بالمركز الجهوي‬ ‫لمهن التربية والتكوين بالرباط لتدارس قضيتها‬ ‫العادلة‪ .‬وبعد االطالع على اآلثار االجتماعية والمادية‬ ‫والمالبسات القانونية واإلدارية للملف‪ ،‬خلص الجمع‬ ‫العام إلى ما يأتي‪:‬‬ ‫ • مطالبة الجهات المسؤولــة بالتسوية العاجلة‬ ‫لملـف الدكاترة العاملين بالمراكز الجهوية‬ ‫لمهـن التربية والتكوين الذي عمر طويال‪،‬‬ ‫وذلك بتغيير إطارهم إلى إطار أستاذ التعليم‬ ‫العالي مساعد؛‬ ‫ • تثمين مواقف كل الفرقــاء والنقابات الداعمة‬ ‫لملف الدكاترة العاملين بالمراكز الجهوية‬ ‫ودعوتهم لمزيد من الدعم والمؤازرة؛‬ ‫ • التنويه بالمجهودات التي تبذلها بعض القوى‬ ‫الحية في إطار التعريف بالملف والدفاع عنه؛‬ ‫ • تنويهه واعتزازه بالوعي النضالي الذي أبان‬ ‫عنه دكاترة المراكز؛‬ ‫ • التنويه بالمجهـــودات المتميزة والخدمــات‬ ‫العلمية والتربوية التي يقدمها دكاترة المراكز‬ ‫بمعية زمالئهم في خدمة منظومة التربية‬ ‫والتكوين؛‬ ‫ • دعوة الرأي العام التعليمي والوطني وكافة‬ ‫الهيئات الحقوقيــة إلى مسانــدة المنسقية‬ ‫من أجل إحقـاق الحــق وإنصــاف األساتــذة‬ ‫المتضررين‪.‬‬ ‫وإذ ندعو دكاترة المراكز الجهوية لمهن التربية‬ ‫والتكوين إلى االلتفـــاف حول منسقيتهم‪ ،‬باالنخراط‬ ‫المسؤول في العمل النقابــي والمؤسساتي والنضال‬ ‫المشروع للتعبير عن المطالب العادلة‪ ،‬فإننا نؤكد‬ ‫تشبثنا الراسخ بمطالبنا المشروعة واستعدادنا للتعاطي‬ ‫مع القضية بشتى اآلليات النضالية المتاحة‪.‬‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)35‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقد استوفينا رسائله –حسبما عثرنا عليه‪ -‬في الحلقات الماضية من هذه الجريدة‪ ،‬ونثنّي برسائل ولده العالمة الوزير سيدي‬ ‫محمد أفيالل الصادرة منه والواردة عليه‪.‬‬

‫[الرسالة‪]123 :‬‬

‫[ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل‪ ،‬يجيبه فيها عن ما ورد عليه من سؤال‬ ‫يتعلق بهذا الدين‪ ،‬واشراط الساعة وذهاب األخيار وبقاء األشرار]‬ ‫سيادة األخ العزيز‪ ،‬الصّفيّ الوفي‪ ،‬الع ّ‬ ‫المة المشارك الن ّقاد‪ ،‬ذي الذهن الثاقب والفكر‬ ‫ّ‬ ‫الوقاد‪ ،‬سيّدي الشريف‬ ‫األجل األمثل‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬حفظ اهلل مهجتكم‪ ،‬ووصل باآلمال‬ ‫بهجتكم‪ ،‬وسالم عليكم ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫وصلتني مراجعتكم القيّمة التي أبنتم فيها على علوّ مدارككم‪ ،‬ونبل أفهامكم‪ ،‬وإصابة‬ ‫أفكاركم‪ ،‬إذ بررتم بذلك في ميدان التّحرير‪ ،‬وأبرزتم نكتاً يستجيدها كل عائم نحرير‪ ،‬وال غرو‬ ‫في ذلك‪ ،‬حيث إنكم استقيتم في تلك األبحاث من معين القرآن معان [‪ ]...‬واإليمان‪ ،‬وينبوع‬ ‫المعارف والعرفان‪ ،‬الكتاب الذي لم يغادر من أمر الدين والدنيا صغيرة وال كبيرة إ ّ‬ ‫ال أحصاها‪،‬‬ ‫والذكر الحكيم الذي بلغت به هذه األمّة المحمدية أدنى مقاصدها‪ ،‬وأقصاها الورد العذب‬ ‫الذي تتوارد على االستقاء منه أفكار العلماء والبحر الثجاج الذي تستعذب مشربه أفهام الفقهاء‬ ‫النّبالء‪ ،‬الكنز الذي من [‪ ]...‬بغير دخائره فهو عابد مقل‪ ،‬إذ ترك أرضه واستقى من نهر معقل‪.‬‬ ‫نعم سيدي‪ ،‬لكالم العارفين من أهل اهلل سرّ يكسبه قبو ًال‬ ‫في القلوب‪ ،‬إذ هو حديث عهد بع ّ‬ ‫الم الغيوب‪ ،‬ولهذا لمّا سمع‬ ‫اإلمام عزّ الدين بن عبد السالم وهو اإلمام المجمع على علمه‬ ‫وجاللته‪ ،‬حتّى اختص بلقب سلطان العلماء‪ ،‬كالم أبي العباس‬ ‫المرسي في تقرير مسألة‪ ،‬وكان قبل من المنتقدين عليه‪ ،‬صار‬ ‫يزحف في الحلقة ويقول‪ :‬اسمعوا هذا الكالم الذي هو حديث‬ ‫عهد بربّه‪.‬‬ ‫ونحوه ما وقع إلمام الدنيا المرجوع إليه في الحديث والفتيا‪،‬‬ ‫أبي عبد اهلل ابن حنبل‪ ،‬مع العارف المحاسبي‪ ،‬وكان أيضاً من‬ ‫المنتقدين عليه‪ ،‬لمّا حضر محتفيا في مجلسه‪ ،‬وسمع كالمه مع‬ ‫الفقراء‪ ،‬تأثر من ذلك‪ ،‬ووقع ما يمليه في ذلك من قلبه الموقع‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬ما أعلم أنّي سمعت في علم الحقائق مثل كالم هذا‬ ‫الرجل [‪ ،]...‬ويشهد له الذوق‪ ،‬وتح ّققه التجربة‪.‬‬ ‫ولقد كنت أحضر يا أخي بفاس مجلس شيخنا العالمة‬ ‫العارف باهلل سيدي محمد بن جعفر الكتاني في قراءة كتاب‬ ‫الشفا‪ ،‬وهو ّ‬ ‫يحل المتن بكالم الشرّاح‪ ،‬وهذا شيء عادي‪ ،‬ولكنّ‬ ‫الشيء الخارق للعادة هو أنّي كنت أجد نفسي في حال غير‬ ‫الحال التي أعتادها في دروس غيره من نفس الكتاب‪ ،‬فكنت‬ ‫عند إمالئه يقفّ شعري‪ ،‬وتقشعرّ جلدي‪ ،‬ويستولي على قلبي‬ ‫الخشوع حتّى تكفّ عيني بالدّموع‪ ،‬وهذه هي النكتة الخفية‪،‬‬ ‫والسرّ المكنون الذي كان [‪ ]...‬العالمة ابن المبارك في سؤاله‬ ‫الشيخ العارف الدباغ‪ ،‬إذ موضوع كتابه السرّي هو طلب ما عند‬ ‫شيخه من الكشف عما أشكل عليه من كالم اهلل‪ ،‬أو كالم رسول‬ ‫اهلل‪ ،‬أو كالم العارفين سواه‪ ،‬أو ترجيع ما تعارض فيه النقل‪.‬‬ ‫ومصيبتنا هذه من ذلك‪ ،‬إذ ورد ما يفيد ّ‬ ‫أن هذا الدين ال يزال‬ ‫محفوظاً إلى أن تقوم الساعة كما في الحديث الصحيح‪( :‬ال تزال‬ ‫طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق) الخ‪.‬‬ ‫وأن قواعده ستختل‪ّ ،‬‬ ‫أن الدين قبل الساعة سيقتل‪ّ ،‬‬ ‫وورد ما يفيد ّ‬ ‫وأن بناءه سينهد‪ّ ،‬‬ ‫وأن‬ ‫طريق اإليمان سينسد‪ ،‬إذ قال عليه السالم‪( :‬دخل الناس في الدين أفواجاً)‪ ،‬وقال‪ّ :‬‬ ‫(إن بين‬ ‫يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم‪ ،‬يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً‪ ،‬ويمسي مؤمناً‬ ‫ويصبح كافراً)‪ ،‬وقال‪( :‬لتتّبعن سَنن من كان قبلكم شبراً بشبر‪ ،‬وذراعاً بذراع‪ ،‬حتّى لو دخلوا‬ ‫جحر ضبّ لدخلتموه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول اهلل‪ ،‬اليهود والنصارى‪ ،‬قال فمن)‪ ،‬وفي رواية‪ :‬وحتّى لو‬ ‫إن أحدهم جامع امرأته بالطريق‪ ،‬لفعلتموه‪ ،‬وقال‪( :‬ال يأتي زمان‪ ،‬إ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال بعده شرّ منه)‪ ،‬وقال‪( :‬ال‬ ‫تقوم الساعة حتّى ال يبقى على األرض من يقول‪ :‬اهلل‪ ،‬اهلل)‪ ،‬وفي رواية‪( :‬حتّى ال يقول‪ :‬ال إله‬ ‫إّ‬ ‫ال اهلل)‪ .‬وقال‪( :‬ال تقوم الساعة حتى تعبد الالت والعزّى)‪ ،‬وقال‪( :‬ال تقوم الساعة إ ّ‬ ‫ال على شرار‬ ‫النّاس)‪ ،‬فهذا التعارض وما كان يشاهده في زمانه من ضعف اإليمان‪ ،‬وانهيار قواعد اإلسالم‪،‬‬ ‫واستخفاف النّاس باألوامر‪ ،‬واقتحامهم مسالك النواهي‪ ،‬كان يوقع في نفسه خيفة من ارتداد‬ ‫هذه األمّة‪ ،‬وإحاطة الكفر بها‪ ،‬وهو نحو ما يقع لنا اآلن‪ .‬فألقى سؤا ًال على شيخه في الموضوع‬ ‫ّ‬ ‫على أن يجيبه بما يزيل خوفه‪،‬‬ ‫ويحل إشكاله‪ ،‬ويرفع عنه ما يراه من التعارض‪ ،‬ويسمع من‬ ‫شيخه كالماً لم تطمئن إليه نفسه‪.‬‬ ‫وأثار بين يدي بحثُا في قوله تعالى‪( :‬هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره‬ ‫على الدّين ك ّله) الخ‪ ،‬فأجابه بقوله‪ :‬هذا الدّين الظاهر أظهره اهلل على األديان ك ّلها من ّ‬ ‫كل‬ ‫وجه من جهة أنّه ناسخ‪ ،‬أما ومن جهة سطوع حجته‪ ،‬ومن جهة [‪ ]...‬على وجه األرض‪ ،‬حتّى‬ ‫ّ‬ ‫إن األديان بالنّسبة إليه كال شيء‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫أن من فتح اهلل بصيرته‪ ،‬ونظر إلى وجه األرض‪]...[ ،‬‬ ‫رأى في ّ‬ ‫كل موضع أقواماً يعبدون اهلل‪ ،‬ويقدّسونه‪ ،‬وهم على الدّين المحمّدي‪ ،‬واألرض عامرة‬ ‫بهؤالء السادات رضي اهلل عنهم‪ ،‬فهم في هذا البر وذاك البر يعني [‪ ]...‬الكفر‪ ،‬وفي الكهوف‬ ‫والجبال والسهول‪ ،‬وفي عامر األرض وغامرها‪ ،‬ثمّ أفاض الشيخ رضي اهلل عنه في الموضوع‬ ‫الذي يرغب فيه السّائل فقال‪ :‬ومن نظر إلى ال ّلوح المحفوظ‪ ،‬ونظر فيه إلى المرسلين وإلى‬ ‫شرّ أنفسهم التي هي مكتوبة فيه علم دوام شريعة نبيّنا محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وعدم‬ ‫أن اهلل عزّ ّ‬ ‫ارتداد أمّته‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫وجل خلق النّور‪ ،‬وخلق الظالم‪ ،‬ثمّ خلق العباد واألمم‪ ،‬ثمّ جعل‬

‫للنور أبواباً يدخل منها على ذواتهم‪ ،‬ثمّ شرع الشرائع‪ ،‬وأرسل المرسلين بها‪ ،‬ليفتح بها أبواب‬ ‫النّور‪ ،‬وهي األوامر التي فيها‪ ،‬وليسدّ بها أبواب الظالم عن ذواتهم‪ ،‬وهي النواهي التي فيها‪.‬‬ ‫فاألوامر تفتح أبواب النّور‪ ،‬والنواهي تسد باب الظالم‪ ،‬ولم يستوف في شريعة األوامر‬ ‫الفاتحة للنور‪ ،‬والنواهي السادة للظالم‪ ،‬إال في شريعة نبيّنا محمد صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬ولهذا‬ ‫كانت فوق الشرائع ك ّلها‪ ،‬وكانت أمّته [‪ ]...‬فوق سائر األمم‪ ،‬وإلى ذلك أشار النبيّ بقوله‪( :‬ال‬ ‫تجتمع أمّتي على ضاللة) الخ كالمه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وهذا كالم بحسب ظاهره قريب المعنى‪ ،‬سهل المأخذ‪ ،‬شواهده كلها ثابتة‪ ،‬ومشروحة في‬ ‫كالم علماء الظاهر‪ ،‬ولكن في طيه أسرارا تلوح منها لوائح األنوار‪ ،‬وذاك هو مغزى السائل‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال‬ ‫فأهل الحديث ذكروا األحاديث الواردة في ذلك وما فيها من التعارض‪ ،‬وأجابوا عن ذلك بأجوبة‪،‬‬ ‫منها‪ :‬هذا الحديث ما أشبهه ليس المراد به ّ‬ ‫أن الدّين ينقطع ك ّله في جميع أقطار األرض‪،‬‬ ‫أن اإلسالم يبقى إلى قيام السّاعة‪ ،‬إ ّ‬ ‫حتّى ال يبقى منه شيء‪ ،‬ألنّه ثبت ّ‬ ‫ال أنّه يضعف ويعود‬ ‫قريباً كما بدأ‪ ،‬ثمّ ذكر حديث‪( :‬ال تزال طائفة من أمتي) الخ‪ ،‬قال‪ :‬فتبيّن من هذا الحديث‪،‬‬ ‫تخصيص األحاديث األخرى‪.‬‬ ‫ومنها‪ :‬أن يكون معنى إلى قيام الساعة‪ ،‬أي‪ :‬إلى قرب‬ ‫قيامها‪ ،‬أي‪ :‬عند ظهور أشراطها الكبرى‪ ،‬إذ يرسل اهلل ريحا‬ ‫طيبة فتقبض روح كل من في قلبه مثقال حبة من خرذل من‬ ‫إيمان‪ ،‬فيبقى من ال خير فيه‪ ،‬وهم شرار الخلق‪ ،‬فيرتدّون على‬ ‫اإليمان‪ ،‬ويرجعون إلى الكفر‪ ،‬ففي صحيح مسلم‪ ( :‬ال يذهب‬ ‫الليل والنهار‪ ،‬حتّى تعبد الالت والعزّى)‪ ،‬وفيه‪( :‬يبعث اهلل ريحاً‬ ‫طيّبة فتوفي كل من في قلبه مثقال حبّة من خرذل من إيمان‪،‬‬ ‫فيبقى من ال خير فيه)‪.]...[ ،‬‬ ‫اللهمّ احفظ علينا اإليمان‪ ،‬واحرسنا من االفتنان بمحدثات‬ ‫هذا الزمان‪ ،‬واكألنا يا موالنا من اضالل المضلين‪ ،‬وأباطل‬ ‫الملحدين‪( ،‬ربّنا ال تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك‬ ‫رحمة‪ ،‬إنّك أنت الوهاب)‪ .‬والسالم من صفيّكم‪:‬‬ ‫محمد المرير‬

‫[الرسالة‪]124 :‬‬

‫[ من محمد المرير إلى صديقه السيد البشير أفيالل‪،‬‬ ‫يدعوه فيها لقطف ثمرة المشماش‪ ،‬وتجاذب أطراف الحديث‬ ‫في النوارد والطرائف واآلداب‪]...‬‬ ‫الحمد هلل‬ ‫صديقي األوفى‪ ،‬وخليلي القرير األصفى‪ ،‬الفقيه العالمة‬ ‫الشريف المنيف‪ ،‬أبو الفرَح‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬وصل اهلل‬ ‫بالسّرور مسعاكم‪ ،‬ومدّ في النعيم والرفاهية عمركم‪ ،‬وسالم‬ ‫عليكم ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫أمّا بعد فقد وصلني كتابكم األنيق‪ ،‬وخطابكم اللطيف‬ ‫الرقيق‪ ،‬فكانت طلعته مطلعا للسرور‪ ،‬ومناجاة ألفاظه ومعانيه‬ ‫قرة للعيون‪ ،‬وشفاء لما في الصدور‪.‬‬ ‫به جمـع اهلل األماني لناظـــري‬

‫وسمعي وفكري فهو سحر وال سحـر‬

‫وال غرو أن أبدي العجائـب ربــه‬

‫وفــي ثوبــــه بر وفي كفـــه بـحــر‬

‫أسفرتم في كتابكم عن وصول تلك التذكرة المتواضعة الضئيلة‪ ،‬التي أعليتم قدرها بحسن‬ ‫تفنّنكم وأغنيتم قيمتها بإبداء فرحكم بها‪ ،‬وبهجتكم‪ ،‬مع أنها ال تستحن جزاء وال شكوراً‪ ،‬بل ّ‬ ‫إن‬ ‫أخاكم خجل من قلتها‪ ،‬معتذر إليكم من نزارة كميتها‪ ،‬إ ّ‬ ‫ال أنّه يتمثل بقول القائل‪:‬‬ ‫قد بعثنا إليك أيدك اللـــ ــه ببر فكن له ذا قبـول‬ ‫واغتفر قلة الهديـــة مني ّ‬ ‫إن جهد المقل غير قليل‬ ‫وأما ما لمحت إليه من االتفاق العجيب‪ ،‬فذلك في حقّ المتصافين غير غريب‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الناظرون‬ ‫قلوب الصادقين لها عيون ترى ما ال يراه‬ ‫وأمّا ما أبديته من االشتياق إلى االجتماع والتالق‪ ،‬فأخوكم واهلل أكبر‪ ،‬أشدّ تشوّقاً لذلك‬ ‫وأكثره‪ ،‬ولكن الحقيقة ّ‬ ‫أن األفكار قد صديت بالخوض في قضايا اإلقرار واإلنكار‪ .‬واألفهام قد‬ ‫سقمت مما تستجليه من علل بينات [‪ ]...‬واألعشار‪ ،‬ونور العقل قد حجبه حجاب جَلد هذا ورجم‬ ‫هذا باألحجار‪ ،‬والقلوب قد ختم عليها بخاتم تصحيح حكم هذا وإسقاط حكم هذا باالعتبار‪.‬‬ ‫أفال نعرض عن هذه األخطار‪ ،‬وننسخ ظالمها بنيرات األسجاع‪ ،‬ونبرات األوتار واألشعار‪،‬‬ ‫ونفارق مقارفة أوزار هذه األتعاب بمنادمة غرائب األخبار ورقائق اآلداب‪ ،‬ونو ّلي وجهنا شطر‬ ‫الحدائق المبهجة باألزهار‪ ،‬ونستحلي غشاوة أبصارنا بحضرة الجنات التي تجري من تحتها‬ ‫األنهار‪ ،‬عسى أن تستدرك من النّشاط الزمن الباقي‪ ،‬ونسترجع رُوح السرور التي بلغت التراقي‪،‬‬ ‫فإن صحّ العزم‪ ،‬فما ذلك علينا بعزيز‪ ،‬والسالم عليكم من صفيكم‪:‬‬ ‫محمد المرير‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫بدَأ وَلعاً وَ صارَ دَلعاً !‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫لعبة السودوكو (‪)482‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫‪ ...‬أيها العرب لماذا ثقلتْ عليكم المعرفة و خفَّ‬ ‫عليكم القيل والقال ؟!‪ ...‬ألم تتعظوا بقول الشاعر ‪:‬‬ ‫جمال ذي الدار كانوا يف احلياة وهم‬ ‫بعد املمات جمالُ‬ ‫ال�سي‪.‬‬ ‫و‬ ‫ُب‬ ‫ت‬ ‫الك‬ ‫رَّ‬ ‫و لـ «تولستوي» قولة مشهورة ‪« :‬قراءة الكتب تداوي‬ ‫جراحات الزمن»‪ .‬فالقراءة الراشدة لألحداث العربية سوف‬ ‫تنتهي بكم إلى االطالع على خفايا ما يُحاك ضدَكم‪ ،‬كما‬ ‫حيك بأمراء ال ُفرْقة و ملوك الطوائف‪.‬و قد ينقضي العمر‬ ‫في الحروب بين اإلخوة‪ ،‬ليقدّموا إلسرائيل على إناء من‬ ‫الفضة خريطة فلسطين‪ ،‬ولمزيد من تشريــح الدُوَل‬ ‫العربية‪ .‬فال بُدَّ من تعرية عقل بعض الحكام المبنجين‬ ‫بألسن المدَّاحين و زعيق أبواق بعض القنوات العربية‪،‬‬ ‫ودعاياتهم السخيفة المتواطئة مع استراتيجية الدولة‬ ‫العميقة‪ .‬وهي ترَوّج لبضاعتهم في سوق النخَّاسة‪،‬‬ ‫بينما القضاء اإلسرائيلي يتهم و يدين حُكامهُ‪ .‬و بوجه‬ ‫آخر ترتكب أبشع الجرائم في بالد اإلسراء والمعراج‪ .‬وإذا‬ ‫ُ‬ ‫تُفصل أقمشة مصمَّمة لحروب عربية‬ ‫بها (إسرائيل)‬ ‫بالوكالة‪.‬و ُّ‬ ‫كل ما يشغل اإلدارة األمريكية الحالية هو‬ ‫تقرُّب مواقف دول الخليج العربي و مصر من إسرائيل‬ ‫! حتى َّ‬ ‫إن الراصدين لما يجري في بعض البالد العربية‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ابتكروا شعارا للتعبير عن سوء الوضع ب «كل يعني‬ ‫ُّ‬ ‫كل»‪ ،‬فتمرَّدَ الشارع العربي و تمرَّدتْ اللغة العربية‪ .‬إذ‬ ‫ً‬ ‫الجمهور يخرجُ بزاده اللغوي مستنبطا ملفوظة الشارع‪،‬‬ ‫ليلتقي بساحات الحريةو هي الحاضنة لها‪ .‬فضاءات‬ ‫تعبيرية جديدة تختزل الحزن العميق لتخاطب المجتمع‬ ‫كيْ يستنهض‪ ،‬من أجل فتح ملف الديمقراطية في الشرق‬ ‫األوسط بالموْجة الثانية من الربيع العربي‪ .‬و المضي‬ ‫قدُماً على االنفتاح السياسي ضدَّ رؤيا اإلدارة األمريكية‬ ‫الحالية التي ال ترى في الشرق األوسط إال التجارة و المال و‬ ‫ماذا ستكسب من ورائهم (دول الخليج)‪ ،‬و تبارك األنظمة‬ ‫الشمولية التي تحققُ «االستقرار»! على مدى ستين عاماً‬ ‫للعالقات السعودية األمريكية‪ ،‬ال ترى فيها هذه األخيرة‬ ‫إال الناحية االقتصاديةو النفط فقط‪ .‬أما الدبلوماسية‬ ‫الخارجية فهي مُهمشة «بالكامل» ! أم تريد إعادة صياغة‬ ‫العالقات الدولية ؟ ألم تكن هي التي شرَّعتْ العوْلمةو‬ ‫التحالفات‪ ،‬و االتفاقات المتعدّدة األطراف و السوق و‬ ‫َ‬ ‫لتحدث لدول‬ ‫العوْلمة‪ ،‬الذي تستفيد منه الدول الغنية‬ ‫العالم الثالث الخراب ؟و هي األكاذيب التي تحكمُ العالم‬ ‫! فهي اآلن تهدمُ َّ‬ ‫كل شيء ؟ المؤسسات األمريكية لم‬ ‫تكن فعالة في نظر رئيسها‪َّ ،‬‬ ‫ألن العمال فقدوا مناصبهم‪،‬‬ ‫وهو اآلن يريد استرجاع هذه المناصب لألمريكيين ! لعله‬ ‫أن ينسف ّ‬ ‫يريد ْ‬ ‫كل ما قام به الرئيس «أوباما» ؟! اإلدارة‬ ‫األمريكية تسعى إلى منع صدور النفط اإليراني‪ ،‬و هي‬ ‫تغرق العالم بالنفط ! و هي التي تضغط على «أوبيك»‬ ‫و السعودية من أجل ْ‬ ‫أن تنخفض أسعار النفط في أمريكا‬ ‫لكي يفوز «ترامب» في االنتخابات بفترة ثانيةو يحصل‬

‫على األغلبية في «الكونجريس»‪ .‬و لكي يلعب بهذه‬ ‫الورقة وطبيعة استراتيجيته‪ ،‬لم يكن ليحترم قرارات األمم‬ ‫المتحدة ومجلس األمن في القضية المحوَرية ويسعى‬ ‫إلى نسفها‪ .‬وهي قضية احتالل إسرائيل لفلسطين‪ .‬من‬ ‫خالل هذه المعطيات وأخريات كالضغط على السعودية‬ ‫(و لما جلبه من أموال منها) بالد الخليج و األردن و مصر‬ ‫و على الرئيس عباس‪ ،‬لكي يصل إلى إعادة طرح صفقة‬ ‫القرن كما يريدها لصالح إسرائيل ! هل الرئيس «ترامب»‬ ‫ال يؤمن «بالفقيد مَن فقد األدب ال من فقد الذهب» ؟‬ ‫و الستغالل األزمات ال حلها؟ وقد بدأ مع إسرائيل دَلعاً‬ ‫و أفضى وَلعاً‪ًَ .‬لم تفكر اإلدارة األمريكية الحالية بتغيير‬ ‫سياستها في الشرق األوسط‪ ،‬بل هي مُجرَّدَ «أنظمة»‬ ‫َّ‬ ‫ألن الدولة بحاجة إلى نظام ؟ وهي التي تزعم تأييد‬ ‫الحكومات الديمقراطية‪ ،‬التي تحمي الحقوق و الحريات‬ ‫العامة للمواطنين ! وهي ال تبالي بانعدام الثقة و سيادة‬ ‫القانون لحكومات «تنهب» شعوبها‪ ،‬و ذلك الستنزاف‬ ‫خيراتهم‪ ،‬و ما ضاقت المؤسسات في الواليات المتحدة‬ ‫أن َّ‬ ‫األمريكية التي يمكن ْ‬ ‫تظل عن منآى آراء «ترامب»‪،‬‬ ‫وهي قد اندمجتْ في منظومة ديمقراطية عريقة‪ .‬لماذا‬ ‫له «ترامــب» ْ‬ ‫أن يؤيد االنتخابــات الحرَّة في الدول‬ ‫العربية‪ ،‬التي سوف تأتي بالتيارات اإلسالمية‪ ،‬التي يمكن‬ ‫ْ‬ ‫أن تنسج خيوطا خطيرة على الديمقراطية األمريكية !و‬ ‫للرئيس أيضاً معارضة قوية من لدُن الحزب الديمقراطي‬ ‫األمريكي‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬قضية خاشقجي ال تهمهُ‬ ‫كقضية حرية الرأي وهو يتحـدث عنهــا سرّاً ‪ ،‬والمالية‬ ‫يتحدَّث عنها عالناً‪ .‬شعاره كم سيجلب من المال !؟‬ ‫و سوف تنهــال العصا على من عصــى!؟ أما القضيـة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬و ُّ‬ ‫كل أبناء فلسطين مُهدَّدون بالجرائم‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬واإلدارة األمريكية الحالية تنهج الستمرار‬ ‫األزمة‪ ،‬ال حلها ؟ فمهما اقترفت إسرائيل من جرائم ضدّ‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬تلتمس لها األعذار‪ ،‬و ْ‬ ‫إن اقتضى الحال تتسلل‬ ‫على استحياء الستعمال حق «النقض»‪ ،‬ضدّ أيّ مشروع‬ ‫يُدينُ إسرائيل‪ .‬فهو الرئيس الذي جاء من «السماء»‬ ‫ليدافع عن «حقّ» إسرائيل في الوجود على حساب الحق‬ ‫الفلسطيني ال في الداخل و ال في العوْدة! وقد بدأ األمرُ‬ ‫دَلعاً و صارَ وَلعاً! ألم يعلم فخامة الرئيس‪َّ ،‬‬ ‫أن رئيس‬ ‫الوزراء اإلسرائيلي «إسحاق شامير»‪ ،‬أنشد قصيدة في‬ ‫«الكنيسيت» لمحمود درويش‪ ،‬بعنوان ‪ :‬عابرون في‬ ‫كلمات عابرة‪،‬و هو يصيح هيستيرياً ‪:‬‬ ‫«فاخرجوا من أرضنا‬ ‫من برّنا‪ ،‬من بحرنا‬ ‫من قمحنا‪ ،‬من ملحنا‬ ‫من جرحنا‬ ‫من ّ‬ ‫كل شيء واخرجوا‬ ‫من مفردات الذاكرة‬ ‫أيها المارون من الكلمات العابرة»‪...‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪482‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫صفحة‬

‫‪19‬‬ ‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1021‬‬

‫الثالثاء ‪ 26‬نوفمرب �إلى ‪ 5‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫رئيس جديد للجنة المؤقتة لتسيير‬ ‫جامعة كرة السلة‬ ‫عين وزير الثقافة و الشباب والرياضة حسن عبيابة‬ ‫عبد الرزاق العكاري مدير المعهد الملكي لتكوين األطر‬ ‫على رأس اللجنة المؤقتة التي ستسهر على تسيير شؤون‬ ‫الجامعة الجامعة الملكية المغربية لكرة السلة خلفا‬ ‫للمستقيل عبد المجيد بورة الذي فشل في إنقاذ كرة‬ ‫السلة الوطنية من الموت السريري خصوصا بعد تجميد‬ ‫أنشطة المكتب المديري الذي كان يرأسه مصطفى‬ ‫أوراش‪.‬‬ ‫وسيسعى عبد الرزاق العكاري إلى تحقيق اإلقالع المنشود والخروج من المستنقع الذي تتخبط‬ ‫فيه كرة السة المغربية منذ سنوات حيث سيحاول إشراك جميع الكفاءات القادرة على بلورة أفكار‬ ‫بناءة ومبدعة دون إقصاء أي طرف من المعنيين باإلصالح‪.‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫الالعبون ينقذون رأس المدرب‬ ‫خاليلوزيتش‬

‫فارس البوغاز بدأ يتخطى األزمة‬

‫بعد الظهور المتواضع ألسود األطلس أمام منتخب موريتانيا برسم الجولة‬ ‫األولى من التصفيات المؤهلة إلى كأس إفريقيا لألمم ‪ 2021‬بالكامرون‪ ...‬وبعد‬ ‫تخوفات الجماهيرو ومطالبها بضرورة تصحيح األوضاع قبل فوات األوان ومنها‬ ‫من طالب برأس المدرب وحيد خاليلوزيتش وحمله مسؤولية اإلخفاق وتدني‬ ‫مستوى النخبة المغربية‪.‬‬ ‫بعد تلك العثرة جاء رد الفعل سريعا بعد أيام خالل المباراة الثانية للتصفيات‬ ‫في بوجمبورا فرغم أن الرحلة إلى بوروندي فاقت العشر ساعات ورغم رداءة‬ ‫أرضية الملعب المكسوة بالعشب االصطناعي فإن ظهور المنتخب الوطني كان‬ ‫جيدا حيث تمكن من تسجيل ‪ 3‬أهداف نظيفة في شباك منتخب الذي ليس‬ ‫بالهين بحطم تأهله لنهائيات كأس إفريقيا األخيرة وبلوغه دور المجموعات‬ ‫الخاصة بالكأس المقبلة بالكامرون‪.‬‬ ‫ومن خالل العرض المقــدم اتضح أن المدرب وحيد خاليلوزيتش وجد‬ ‫مكامن الخلل وعرف كيفية التغلب على ما غاب في المباريات الودية ومقابلة‬ ‫موريتانيا‪ ..‬وعمل من أجل منتخب فعال يعرف كيف يستغل الفرص ويحقق ما‬ ‫يتمناه الجمهور المغربي‪.‬‬ ‫لقد كان لزاما على األسود الخروج من نفق النتائج السلبية وكانوا يدركون‬ ‫أنهم مطالبون بالفوز فتعاملوا مع مباراة بوروندي بذكاء وحققوا الفوز الذي‬ ‫رفع عنهم وعن مدربهم الضغط وأكدوا أنهم يتوفرون على اإلمكانيات لتقديم‬ ‫األفضل في المباريات المقبلة‪.‬‬ ‫وأظهروا أنهم يتوفرون على الشخصية والحضور والتالحم وكان همهم‬ ‫الوحيد الفوز والشيء غير الفوز وإنقاذ سمعتهم ورأس مدربهم خاليلوزيتش‬ ‫الذي كان قريبا من المقصلة‪.‬‬

‫موضة إقالة المدربين بدأت مبكراً‬ ‫في الدوري المغربي‬ ‫ظاهرة إقالة المدربين بدأت مبكرا في الدوري االحترافي المغربي لكرة القدم‪..‬‬ ‫وبإقالة األرجنتيني ميغيل غاموندي من تدريب حسنية أكادير ارتفع عدد المدربين‬ ‫المقالين إلى ‪ 5‬من بينهم ‪3‬خالل الشهر الحالي‪.‬‬ ‫وكان منير الجعواني مدرب النهضة البركانية في صدارة األسماء التي عصفت بها‬ ‫رياح اإلقالة بعد الخروج من منافسات كأس العرش‪ ..‬وأعقبه حسن بنعبيشة الذي غادر‬ ‫سريع وادي زم‪.‬‬ ‫ومؤخرا تم االنفصال عن ‪ 3‬مدربين استهلهم اتحاد طنجة بانفصاله عن المدرب‬ ‫الجزائري نبيل نغيز بعد اإلقصاء من منافسات كأس العرش على يد حسنية أكادير‪..‬‬ ‫وأعقبه الرجاء‬ ‫البيضاوي باقالة المدرب الفرنسي باتريس كارتيرون وصوال الى ميغيل غامو ندي‬ ‫الذي اقيل من تدريب حسنية اكاديربعد الهزيمة في نهائي كأس العرش بوجدة امام‬ ‫االتحاد البيضاوي من أندية القسم الثاني‪.‬‬ ‫وبخروج المدربين األجانب تعزز تواجد المدربين المغاربة بواقع ‪ 12‬مقابل ‪ 4‬أجانب‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫وحسب المتتبعين للشأن الكروي المغربي فمن المحتمل جدا أن تتوالى رقصة‬ ‫المدربين في الدوري المغربي خالل الدورات القادمة‪.‬‬

‫في أول مباراة له مع مدربه الجديد هشام الدميعي‪..‬‬ ‫ورغم ضيق الوقت (ثالثة أيام فقط) تمكن اتحاد طنجة‬ ‫من تحقيق فوز هام كان في أمس الحاجة إليه‪.‬‬ ‫فارس البوغاز خاض مباراة بطولية واستمات كثيرا‬ ‫من أجل معانقة أول فوز له هذا الموسم‪.‬‬ ‫خالل الجولة األولى كان المحليون هم األكثر احتكارا‬ ‫للكرة ومما ساعدهم على ذلك الهدف المبكر الذي كان‬ ‫وراءه الالعب نعمــان أعــراب في الدقيقـة ‪ 12‬بقذيفــة‬ ‫صاروخية استقرت في شباط الحارس الحسين الشاذلي‪.‬‬ ‫هدف بعثـر أوراق فريق يوسفية برشيد الذي لم‬ ‫يتمكن من مجاراة إيقاع الجولة األولى وترك المبادرة‬ ‫التحاد طنجة الذي أهدر فرصا عديدة السيما بعدما خرج‬ ‫الفريق الحريزي من قوقعته الدفاعية بحثا عن هدف‬ ‫التعادل‪.‬‬ ‫وفي الشوط الثاني غير المدرب هشام الدميعي من‬ ‫نهجه التكتيكي السيما في غياب العديد من الالعبين‬ ‫األساسيين لإلصابة أو التوقيف‪.‬‬ ‫فريق يوسفية خلق فرصا عديدة أمام تراجع االتحاد‬ ‫لتأمين دفاعه والحفاظ على تقدمه لكنه لم يتمكن من‬ ‫استثمارها ‪.‬‬ ‫الالعب موكوكو كاد أن يضيف الهدف الثاني للفريق‬ ‫المحلي في الدقيقة ‪ 56‬إثر حملة مضادة‪.‬‬ ‫واستمر اللعب بين أخــذ ورد وفي الوقــت البديــل‬ ‫الكعداوي الذي خلق متعب جمة للزوار يصطاد ركلة جزاء‬ ‫بعد إسقاطه داخل المربع‪.‬‬ ‫الحكم عبد العزيز المسلك الذي كان قريبـــا من‬ ‫العملية لم يتردد في اإلعالن عنها حيث حولها الالعب‬

‫طار ق استاتي إلى هدف ثان قضى تماما على آمال الفريق‬ ‫الحريزي‪.‬‬ ‫وبهذا الفوز األول من نوعه هذا الموسم بدأ اتحاد‬ ‫طنجة يتخطى األزمة التي مر منها نسبيا حيث ينتظر أن‬ ‫يشهد الفريق عدة تغييرات في األسابيع القادمة وال سيما‬ ‫في الدفاع بعد شفاء المدافع الخالطي الذي كان بمثابة‬ ‫قطب الدفاع أمام يوسفية برشيد‪.‬‬

‫هشام الدميعي مدرب اتحاد طنجة‬

‫لعبنا بايقاع سريــع وخلقنا متاعــب‬ ‫جمة لفريق يوسفية برشيد وسجلنا هدفا‬ ‫مبكرا مما اعطى شحنة لالعبين وجعلهم‬ ‫يدافعون باستماتة قبل أن نوقع الهدف‬ ‫الثاني الذي منحنا نوعا من االرتياح‪.‬‬ ‫كان علينا في ظرف وجيز (ثالثة أيام)‬ ‫أن نلملــم جراحنــا بعد الخسارة القاسية‬ ‫أمام الوداد الرياضي البيضاوي‪ ،‬وقد عملنا على استغالل‬ ‫هذا الحيز الزمني القصير لمحو العدد الهائل من األخطاء‪..‬‬ ‫وكانت لدينا العديد من الفرص للتسجيل فسجلنا ولم‬ ‫نستقبل أهداف‪.‬‬ ‫وعودة المدافع المهــدي الخالطـي بعد غياب ليس‬ ‫بالقصير منحت شحنة من الفعالية لخط الدفـاع وهذا ما‬ ‫سنعمل عليه‪.‬‬ ‫ومن خالل معاينتي للفريق وجدت أننا بحاجــة ماسة‬ ‫إلى أربعة عناصر لتعزيز الوسط والدفاع‪.‬‬ ‫وأتمنى أن نوفق في عملنا خالل األيام المقبلة وأشكر‬ ‫الالعبين على المجهود الكبير الذي بذلوه من أجل تحقيق‬ ‫هذا الفوز األول ‪.‬‬

‫اليوم تقام مباراة‬ ‫حسنية أكادير‪ -‬المغرب التطواني بالخميسات‬

‫استجابـــت لجنـــة البرمجة التابعة للعصبة الوطنية االحترافية لطلب حسنيـة أكادير وقررت تأجيـل مباراة فريقه مع‬ ‫المغرب التطواني وذلك للمرة الثانية في ظرف ‪ 48‬ساعة‪.‬‬ ‫وقررت اللجنة المذكورة إجراء المباراة يومه الثالثاء بداية من الساعة الثالثة عصرا بدال من األحد وذلك لمنح‬ ‫الحسنية الوقت الكافي لالستعداد خاصة وأن الفريق السوسي خاض نهاية كأس العرش يوم اإلثنين ‪ 18‬نونبر‬ ‫بمدينة وجدة‪.‬‬ ‫هذه المباراة تعتبر هامة جدا بالنسبة للمغرب التطواني فهي مباراة ثأرية ألن فريق الحسنية هو الذي أقصاه من‬ ‫منافسات كأس العرش وألحق به أول هزيمة في الموسم إضافة إلى كونه أصبح مهددا في صدارة الدوري االحترافي‬ ‫بعد فوز الدفاع الجديدي على رجاء بني مالل حيث أصبح يتقاسم معه الصدارة بمجموع ‪ 12‬نقطة‪.‬‬


‫العدد ‪1021‬‬

‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬نـوفمرب �إلى ‪ 05‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة الثانية‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر‬ ‫معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫اإلعالمي والناقد السينمائي‬

‫نور الدين ال�صايل‬ ‫المحور األول ـ المسار الخاص ـ‬

‫يحضر األستاذ نور الديـن الصايــل‪ ،‬في مخيــــال المغاربــة والمشتغلين بالحقــل اإلعالمي والسينمائي‬ ‫والمجتمعي الوطني‪ ،‬بصيغة تمنحه نوعا من التعددية في االهتمام‪ .‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الباحث والكاتب‬ ‫واإلعالمي والمهتم بأسئلة السينما‪ ،‬وهو المدير السابق لقناة ‪ 2M‬والذي انعطف بمشروع التلفزة الوطنية نحو‬ ‫أفق اتسمت فيه بالدينامية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة مهرجـان مراكـش الدولـي للسينما‬ ‫لدورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل إشعاعها‪.‬‬ ‫تستضيفه «جريدة الشمال» ضمن صفحتها األخيرة «تذكرة سفر»‪ ،‬من خالل جلسات حواريــة حــول مشوارات‬ ‫حياته نقدمها للقارئ تباعا‪.‬‬

‫مومن ال�سميحي‬ ‫األستاذ نورالدين‪ ،‬يفهم من كل هذا‬ ‫أن اهتمامك األولي بالسينما كان ربما عفويا‪،‬‬ ‫أو انشددت إليه بحكم الدهشة التي خلفتها‬ ‫في ذهنك كطفل أو ربما كمراهق‪ ،‬لكن متى‬ ‫اتخذ اهتمامك بالسينما شكال علميا إذا صح‬ ‫التعبير‪ ،‬وكيف تم ذلك مؤسساتيا؟‬ ‫السينما كانت من األمور التي عايشتها وأنا‬ ‫طفل‪ ،‬لذلك ال أطرح اهتمامي بالسينما كسؤال‪،‬‬ ‫فسؤال كيف بدأ اهتمامي بموضوع السينما‪،‬‬ ‫بالنسبة لي‪ ،‬هو سؤال غير ذي موضوع‪ ،‬فحين‬ ‫شرعنا في ولوج قاعات السينما مثل سينما‬ ‫كابيتول و ألكازار بشارع إيطاليا كـان عمرنــا‬ ‫ال يتجاوز الست أو سبع سنوات‪ ،‬وكان ذلك في‬ ‫بداية مرحلة االستقالل وكانت مدينة طنجة ما‬ ‫تزال بنفحتها الدولية وبذلك التنوع اللغوي‪،‬‬ ‫حيث ظهرت‪ ،‬على سبيل التمثيل‪ ،‬أفالم أمريكية‬

‫كاري كوبري‬

‫وظهرت معها فئة من المتفرجين ترغب في‬ ‫مشاهدتها مدبلجة إلى اللغة اإلسبانية‪ ،‬لدرجة‬ ‫أنه ذات مرة حين شاهدت كاري كوبر يتحدث‬ ‫بالفرنسية‪ ،‬حدثت لي صدمة كبيرة‪ ،‬ألن كاري‬ ‫كوبر بالنسبة لي كان يتحدث باللغة اإلسبانية‪،‬‬ ‫فإذا بي أشاهده متحدثا باللغة الفرنسية‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك سأراه يتحدث بلغته األصلية األمريكية‪،‬‬ ‫فهذه العالقة مع الصورة والصوت السينمائي‬ ‫عشتها وأنا في مرحلـة بداية طفولتي‪ ،‬وكنا‬ ‫منبهرين بكيفية تلقائية وبدون «تساؤالت‬ ‫مسبقة» وأنك فقط تشاهد قصة أو تشاهد فيلم‬ ‫ويسترن‪ ،‬وترى خوسي ليتو يغني‪ ،‬يعني تشاهد‬ ‫أفالما غنائية إسبانية‪ ،‬وننتقل إلى سينما فوكس‬ ‫التي كانت تسترجع تلك األفالم القديمة حيث‬ ‫كنا نشاهد أفالم محمد عبد الوهاب وأسمهان‬ ‫وذلك موازاة مع أفالم جديدة في حينه أي في‬

‫فترة أواخر الخمسينات‪ ،‬فقد ترعرعنا في هذا‬ ‫الجو وكان ذلك بالنسبة لنا أمرا طبيعيا وعاديا‬ ‫جدا ولم يكن اكتشافا‪ ،‬بخالف من ولج السينما‬ ‫مرة واحدة وهو في سن الخامسة عشر ويصاب‬ ‫بانبهار شديد‪ .‬وبنفس الكيفية أتحدث عن‬ ‫كرة القدم‪ ،‬وأذكر ذات يوم أن أحدهم قال لي‪،‬‬ ‫بخصوص مباراة للكرة‪ ،‬إنك ال تعرف قوانين‬ ‫هذه اللعبة‪ ،‬والحال أني عشتها بشكل طبيعي‪،‬‬ ‫فقوانين لعبة كرة القدم تعرفنا عليها ونحن‬ ‫في بداية مرحلة طفولتنا‪ ،‬إذن فالعالقة مع‬ ‫السينما كانت طبيعية جدا‪ ،‬وباعتبارنا مجموعة‬ ‫أصدقاء حيث لم أكن بمفردي‪ ،‬كنا مجموعة من‬ ‫األطفال تتراوح بين ستة أو سبعة أفراد نذهب‬ ‫للفرجة واالستمتاع ونصفق على ذلك الجندي‬ ‫األمريكاني الذي يحارب الهنود الحمر‪ ،‬عشنا هذا‬ ‫كأمر عادي‪ ،‬لنعود بعد ذلك إلى عالمنا الحقيقي‬ ‫والواقعي ‪.‬‬ ‫و حين بلغنا مرحلة الدراسة الثانوية كان‬ ‫األساتذة ينصحوننا بولوج النادي السينمائي‬ ‫بطنجة التابع للجامعة الفرنسية لألندية‬ ‫السينمائية وكنا نتردد على هذه األمكنة‪ ،‬لكن‬ ‫هناك ستحدث «مشكلة»‪ ،‬فاألفالم التي كانت‬ ‫تعرض بالنادي لم تكن عادية بل كانت غريبة‬ ‫وليست كمثل األفالم التي سبق أن عشنا مع‬ ‫أجوائها‪ ،‬وكانت تتضمن أغاني خوسي ليستو‬ ‫أو أغاني مصرية أو أفالم قراصنة البحر واألفالم‬ ‫البوليسية ‪ ،‬في حين أننا بدأنا نشاهد أفالما‬ ‫بإيقاعات أخرى مغايرة لما اعتدناه في السابق‪،‬‬ ‫ومن هنا بدأنا نتساءل بأن وراء السينما التي‬ ‫عرفناها توجد سينما أخرى شرعنا شيئا فشيئا‬ ‫نحس بأنها تستحق االهتمام‪ ،‬بعد أن كنا‬ ‫نستغربها‪ ،‬ومن بين هؤالء الزمالء والرفاق‬ ‫المنتمين لذلك الجيل هناك من أصبح سينمائيا‪،‬‬ ‫كمومن السميحي مثال‪ ،‬الذي كان والده أيضا‬ ‫عالما ومدرسا للغة العربية‪ ،‬فكنا نخرج معا‬ ‫لنبحث عن الجديد في هذه األفالم التي ينصحنا‬ ‫مدرسونا بمشاهدتها وهكذا كانت السينما‬ ‫شيئاً طبيعيا وليس مقحما علي‪ ،‬وكذلك األمر‬ ‫بالنسبة للكتب‪ ،‬الفرنسية أو العربية‪ ،‬التي كان‬ ‫ينصحنا األساتذة بمطالعتها‪ ،‬وهنا أود التأكيد‬ ‫على الدور الممتاز الذي قام به هؤالء األساتذة‬ ‫الذين حببوا لنا القراءة وسبر المعاني والدالالت‬ ‫من خالل قصص كقصص الفونتين وكيف‬ ‫أننا استفدنا من هذه النصائح بعد تجربتها‪،‬‬ ‫والغريب في األمر أن تجربة المطالعة أعجبتني‬ ‫بما يتبعها من روح البحث واالكتشاف‪ ،‬وكانت‬ ‫مطالعات بسيطة جدا‪ ،‬وكان لدينا أساتذة ممن‬ ‫أحسنوا تبليغنا بعض األمور التي كانت بالنسبة‬ ‫لنا ال يمكن فهمها بيسر وسهولة‪ ،‬فأتذكر‬ ‫أستاذا فسر لنا كيف أن حكاية مثل حكاية جون‬ ‫دو الفونتين هي أمر هام جدا‪ ،‬وأنها توحي‬ ‫بأشياء كان قد عاشها فعال في قصر لويس ‪.14‬‬

‫وموازاة مع ذلك كان بعض األساتذة يشرحون‬ ‫لنا كيف أن ابن المقفع لديه كتابات يستعمل‬ ‫فيها الحيوانات كشخصية للقصة وتعلمنا من‬ ‫ذلك أن التعبير شيء مهم‪.‬‬ ‫وبعد التحاقنا بالطور األخير من الدراسة‬ ‫الثانوية‪ ،‬أصبح تعاملنا مع نصوص الجاحظ‪،‬‬ ‫مثال‪ ،‬طبيعيا‪ ،‬والجاحظ من أذكى وأفقه من‬ ‫كتب بالعربية‪ ،‬لقد عشنا مرحلة كان فيها‬ ‫التعليم‪ ،‬بالنسبة لنا ال يبعث على النفور‪ ،‬فقد كنا‬ ‫نلتحق بمدارسنا بصورة عادية ونفس الكيفية‬ ‫كنا نذهب للعب كرة القدم وبنفس الكيفية‬ ‫أيضا نتوجه لمشاهدة األفالم السينمائية‪،‬‬ ‫وهذا التناسق‪ ،‬بين عالم «الدراسة» والحياة‬ ‫الشخصية كان متماسكا‪ ،‬وال وجود للنفور بين‬ ‫أشياء نسميها «مجرد لعب»‪ ،‬فهو لعب كان‬ ‫فيه استثمار‪ ،‬مثل الكرة والسينما وغيرهما‪،‬‬ ‫وبين أشياء تعتبر بمثابة «مهنة» كما هو الحال‬ ‫بالنسبة للدراسة‪ ،‬والفضل يرجع هنا‪ ،‬بالنسبة‬ ‫لي‪ ،‬أوال‪ ،‬لنمط الحياة العام الذي كنا نعيش‬ ‫فيه‪ ،‬وهذا أكيد‪ ،‬ولكن أيضا كان الفضل أساسا‬ ‫يعود لألساتذة والمعلمين‪.‬‬ ‫الجامعة المغربية لم تكـن مجرد مجــال‬ ‫للتحصيل والتكوين العلميين‪ ،‬بل كانت‪ ،‬إذا‬ ‫صح التعبير‪،‬‬ ‫فضاء سياسيا حقيقيا للوعي باألسئلة‬ ‫التفصيلية الحارقة للواقع المغربي واإلنساني‪.‬‬ ‫هل استأثرت الجامعـة بدور استثنائي‬ ‫في مسارك التكويني‪ ،‬أم أن فضاء آخر لعب‬ ‫هذا الدور في مشـوارك؟ وماهي المشارب‬ ‫والمؤثرات والمرجعيات األوليــة التي انفتح‬ ‫عليها األستاذ نورالدين‪ ،‬بوعي فردي أو جماعي‬ ‫وقتها؟‬ ‫حين وصلنا إلى الجامعة في أواسط‬ ‫الستينات وبداية السبعينات كانت البالد تعرف‬ ‫غليانا سياسيا كبيرا‪ ،‬ونحن كنا في طنجة نتوفر‬

‫خو�صيليطو‬

‫على وعي وقراءات للواقع‪ ،‬لكننا كنا معزولين‬ ‫نوعا ما عن هذا الغليان السياسي الذي يعيشه‬ ‫المغرب وتحديدا عاصمته االقتصادية‪ ،‬وهنا‬ ‫اقتحمنا مباشرة حياة الفكر والنضال السياسي‬ ‫والنقابي الذي كان عبر «االتحاد الوطني لطلبة‬ ‫المغرب» حيث كانت التجمعات والكلمات‬ ‫التي تلقى في الحي الجامعي‪ .‬وكانت هناك‬ ‫تنظيمات سياسية معروفة في الساحة كالحزب‬ ‫االشتراكي والحزب الشيوعي وحزب االستقالل‬ ‫طبعا‪ ،‬وأحزاب أخرى كذلك‪ ،‬لكن األساس‬ ‫كانت هي األحزاب المذكورة‪ ،‬وكنا واعين بأنه‬ ‫يوجد يسار ويمين‪ ،‬هذا إضافة إلى التنظيمات‬ ‫الطالبية األساسية كأوطم وأوجم التابعة لحزب‬ ‫االستقالل‪ ،‬وكان هناك صراع ‪ ،‬والبد أن نتأثر‬ ‫بتلك التيارات‪ ،‬ونحن بفعل ذلك االختالط الذي‬ ‫عايشناه في طنجة‪ ،‬فإننا دخلنا مباشرة في األمر‬ ‫بكيفية هادئة وطبيعية ‪ ،‬وشيئا فشيئا انغمسنا‬ ‫في النضال واإلضرابات والتجمعات العامة ‪،‬‬ ‫وانطالقا من وجهة النظر هاته واعتبارا لتوفري‬ ‫على تقارب فكري مع حزب التحرر واالشتراكية‬ ‫حيث انضممت له لحوالي سنة أو سنتين‬ ‫وعبره انضممت لمكتب االتحاد الوطني لطلبة‬ ‫المغرب وأصبحت مهتمـا بالقطــاع الثقافــي‬ ‫ألوطم ومن هناك ناديت بضرورة الدخول إلى‬ ‫النادي السنيمائي على مستوى أوطم وتعاملت‬ ‫مع هذه األمور بكل الجدية إلى أن انقطعت‬ ‫عالقتي مع حزب التحرر واالشتراكية بسبب أننا‬ ‫أصبحنا أقلية داخل التنظيم وغير مقبولة من‬ ‫طرف األغلبية وانسحبنا حيث منا من انضم‬ ‫للتيار القاعدي وآخرون التحقوا وساهموا في‬ ‫تشكيل منظمة إلى األمام‪ ،‬وبذلك‪ ،‬ومع بداية‬ ‫السبعينات عشت فترة عملي السياسي المباشر‪.‬‬ ‫وفي سنـــة ‪ 1971‬توجهت إلى الخارج‬ ‫وبالضبط نحو لبنان وعشت فترة بعيدا عن‬ ‫المغرب وانغمست في ما عرف بالحركة القومية‬ ‫العربية سيما أن لبنان كان في تلك الفترة مركزا‬ ‫للنضاالت العربية ‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.