Achamal n° 1024 le 17 Décembre 2019

Page 1

‫نور الدين الصايل‬

‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫أرقام مثيرة للقلق حول اإلدمان‬ ‫المتعدد‬

‫الحلقة‬ ‫الرابعة‬

‫كـان الهـدف هو إعــادة النظـر في طـرق تدريـس‬ ‫الفلسفة بالمغرب مما يجعلها تؤدي دورا أفضل وأعمق‪.‬‬ ‫والطريقة التي كنا قد توخيناها وقتها هي طريقــة‬ ‫تدريسها بالنصوص‪.‬‬ ‫الصفحة ‪20‬‬

‫ضـد النـزول في الجحيم‬ ‫صفحة ‪17‬‬

‫حوار مع‬

‫اختتام المهرجان الدولي‬ ‫الخامس لمدارس السينما بتطوان‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫مصطفى الغاشي‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬

‫صفحة ‪4‬‬

‫العدد ‪ 1024‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثاء ‪ 20‬ربيع الثاين ‪� 17 / 1441‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫الكاتب وال�صحايف‬

‫محمد بوخزار‬ ‫صفحة ‪16‬‬

‫اليـوتوبـرز‬ ‫«نخب» البعد‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫قبل عقود من الزمن كنا‪ ،‬نحن األجيال السابقة التواقة إلى تلبية احتياجاتها التواصلية بكل أصنافها‪ ،‬كنا نلتف حول أسماء «رمزية» بعينها‪ ،‬استطاعت‬ ‫برسوخها أن تشد انتباهنا وتعلقنا بكل ما تنتجه من مواد تواصلية‪ ،‬راكمتها بتجربتها المستندة إلى الخبرة والمعرفة والعلم الدقيق باألشياء‪ .‬وتتقاطر على‬ ‫ذهني هنا أسماء قوية ارتبطت بإعالم الراديو وأخرى بالتلفزيون وأخرى بالمنشورات والصحف والمجالت المكتوبة‪ ،‬سيضيق المجال بذكر أسماءها تفصيليا‪.‬‬ ‫مرد هذا التذكير‪ ،‬هو الهجمة الشرسة التي يعرفها الحقل التواصلي االفتراضي أو الرقمي المعاصر من قبل وجوه تتصدر واجهاته التفاعلية االجتماعية‬ ‫بتحطيم أرقام مهولة في نسب المشاهدة والمتابعة‪ ،‬ومنها طبعا المتابعة الحية المباشرة‪ ،‬وجوه ما يسمى بـ « اليوتوبرز»‪.‬‬ ‫هذه الوجوه المفتقرة إلى أبسط متطلبات التواصل‪ ،‬من معرفة تخصصية مجالية‪ ،‬وقدرات مهنية مميزة في األداء التواصلي‪ ،‬وأحيانا إلى المظهر‬ ‫«الفزيولوجي» المقنع‪ ،‬هذه الوجوه تتحدث بجراءة منقطعة النظير في مختلف مجاالت االنشغاالت العمومية‪ .‬تتحدث في االقتصاد والسياسات الوطنية‬ ‫والدولية‪ ،‬وتتحدث في االجتهادات الحقوقية والدينية واإليكولوجية‪ ،‬وغيرها مما يفترض أنه موكول إلى أهل االختصاص‪ .‬وتتشكل هذه الوجوه من مختلف‬ ‫الشرائح‪ ،‬العمرية واالجتماعية والفئوية واألجناسية‪.‬‬ ‫مطلقا‪ ،‬لسنا ضد حق الناس‪ ،‬كل الناس‪ ،‬في التعبير عن آرائهم وتفاعالتهم مع محيطات الحياة‪ ،‬لكننا أيض ًا لسنا بالبالهة إياها التي يفترضها فينا‬ ‫المهندسون السياسيون الخفيون‪ ،‬والتي تقتضي أن تجعلنا نرضخ إلرادات هدفها االستراتيجي هو تسطيح التواصل اإلنساني من جهة‪ ،‬وهدفها األسمى‬ ‫هو صناعة «نخب» بائسة تدعمها بنسب المشاهدة المتعالية جدا في أفق القضاء الكامل والنهائي على أي إمكانية مستقبلية لمزيد من الحديث عن‬ ‫«األنتلجنسيات»‪ ،‬التي تهدد األنظمة بقوتها التواصلية المعرفية العقالنية الراسخة‪.‬‬ ‫أثار الكتاب األخير للفيلسوف الكندي «أالن دونو» «‪ ،»La Médiocratie‬الذي ترجم تحت عدة عنوان منها «سيطرة التافهين» أو «نظام التفاهة»‪ ،‬أثار‬ ‫العديد من اإلشكاالت المقلقة المتعلقة بتصدر هذه الوجوه المشهود لها بالسطحية والتفاهة والهزال‪ ،‬للمنصات العمومية‪.‬‬ ‫وطبعا الحقل التواصلي المعاصر غير مستثنى من « نظام التفاهة» هذا‪ ،‬حيث أصبحنا نجد أنفسنا يوميا محاصرين بمظاهره المستفحلة‪ ،‬ألننا مضطرون‬ ‫لولوج وسائط التواصل االجتماعي الحديثة‪.‬‬ ‫إنها فعال «نخب» البعد‪ ...‬البعد المعرفي‪ ،‬والبعد التفاعلي العقالني‪.‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتـا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫العدد ‪1024‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫المدرسة العليا‬ ‫لألساتذة ‪/‬تطوان‬

‫فرقة البحث‪ :‬تحليل الخطاب واللغات‬ ‫وحوار الثقافات‬

‫سلسلة كاتب وكتاب‬

‫جائزة المدرسة العليا لألساتذة تطوان‬ ‫للدراسات النقدية‬

‫دورة «زهور كرام»‬ ‫مارس ‪2020‬‬

‫في إطار «سلسلة كاتب وكتاب» تنظم فرقة البحث في تحليل‬ ‫الخطاب واللغات وحوار الثقافات بالمدرسة العليا لألساتذة‪ ،‬تطوان‬ ‫التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان‪ ،‬المغرب‪،‬‬

‫جائزة المدرسة العليا لألساتذة تطوان للدراسات النقدية‬ ‫دورة «زهور كرام»‬

‫ستقام فعاليات الدورة خالل شهر مارس ‪ ،2020‬احتفاء‬ ‫بالكاتبة‪ :‬مبدعة وناقدة‪ ،‬وستفتح أمام النقاد الشباب العرب تحت‬ ‫سن األربعين‪ .‬وستخصص للجائزة مكافأة مالية‪ ،‬مجموعها ‪5000‬‬ ‫درهما وشهادة تقديرية‪ ،‬وستنشر األوراق النقدية الحاصلة على‬ ‫الرتبة األولى والثانية والثالثة‪ ،‬في عدد من أعداد مجلة «عيون‬ ‫السرد» المحكمة‪ ،‬التي تصدر عن فرقة البحث بالمدرسة العليا‬ ‫لألساتذة‪ .‬تطوان‪.‬‬ ‫ينبغي أن تكون المقالة النقدية حول عمل روائي أو نقدي‬ ‫للمبدعة‪ ،‬زهور كرام‪ ،‬متضمنة لــ ‪ 10000‬كلمة إلى ‪ 16000‬كلمة‬ ‫على األكثر‪ ،‬وأن تراعي الضوابط العلمية واألكاديمية‪ ،‬وترسل‬ ‫المقاالت مرفقة بسيرة علمية للمترشح‪ ،‬وبنسخة من بطاقة‬ ‫الهوية (بطاقة وطنية أو جواز السفر) قبل ‪ 15‬فبراير ‪ 2020‬إلى‬ ‫البريد اإللكتروني الخاص بالجائزة‪:‬‬ ‫‪livrecrivain@gmail.com‬‬ ‫الدكتورة زهور كرام‪ ،‬أستاذة جامعية بكلية اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانية أكدال‪ ،‬الرباط‪/‬عضو في لجان تحكيم متعددة؛ منها‪:‬‬ ‫جائزة العويس وجائزة الكتاب لوزارة الثقافة المغربية‪ ،‬وجائزة‬ ‫كتارا ولجان تحكيم أخرى‪/‬عضو في هيئات استشارية وعلمية‬ ‫لمجالت مغربية وعربية‪/‬عضو لجان قراءة مخطوطات لدور نشر‬ ‫مغربية وعربية‪/‬منظمة لمؤتمرات وندوات عربية ودولية‪ /‬رئيسة‬ ‫مشاريع بحثية ووحدات دكتوراه‪/‬حصلت على توشيح ملكي‬ ‫للكفاءة الوطنية ‪/2012‬مسؤولة عن سلسلة روابط رقمية‪...‬‬ ‫صدر لها‪ :‬غيثة تقطف القمر‪ ،‬دار األمان الرباط‪ /‬ربات‬ ‫الخدور‪ ،‬مقاربة في القول النسائي العربي والمغربي عن دار الرؤيا‬ ‫بالقاهرة‪ /‬األدب الرقمي أسئلة ثقافية وتأمالت مفاهيمية‪ ،‬عن دار‬ ‫الرؤيا بالقاهرة‪ /‬مولد الروح (مجموعة قصصية) منشورات مجموعة‬ ‫البحث في القصة القصيرة بالمغرب بالدارالبيضاء‪ /‬بيبليوغرافيا‬ ‫المبدعات المغاربيات‪ ،‬دار األمان‪ ،‬الرباط باالشتراك مع الدكتور‬ ‫محمد قاسمي‪ /‬قالدة قرنفل (رواية) دار الثقافة‪/‬السرد النسائي‬ ‫العربي مقاربة في المفهوم والخطاب (نقد) منشورات مدارس‪/‬في‬ ‫ضيافة الرقابة (دراسة نقدية) عن منشورات الزمن (المغرب)‪/ .‬سفر‬ ‫في اإلنسان‪( .‬شذرات‪-‬نصوص) عن منشورات البوكيلي (المغرب)‪.‬‬ ‫‪/‬جسد ومدينة (رواية) عن دار وليلي (المغرب)‪.‬‬

‫ت من‬

‫كتاب»‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫«هل اإلسالم‬ ‫دين و دولة ؟»‬

‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫محمد العطالتي‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫‪atlati.mohammed@gmail.com‬‬ ‫طوال مختلــف العصور البشريــة‪ ،‬ومنــذ بدء‬ ‫الخليقة على هــذه األرض‪ ،‬شكل الديـن ظاهرة‬ ‫إنسانية واجتماعية ممتـــدة في الزمان والمكــان‪،‬‬ ‫بحيث وجد اإلنسان نفسه‪ ،‬على الدوام‪ ،‬مجبرا على‬ ‫البحث عن «دين ما» ِّ‬ ‫يمكنه من االحتماء بظالله‬ ‫في مواجهة «قضايــا» كبرى مثـــل أصل الوجود‬ ‫والغاية منه‪ ،‬أو إشكاالت معرفيــة تتعلق بمصير‬ ‫اإلنسان بعد الموت‪ ،‬باعتباره اللغز المجهول األكبر‪،‬‬ ‫وغير ذلك من القضايا الوجودية‪.‬‬ ‫و بالرغم من أن إشكاالت مثــل هذه تحولت‪،‬‬ ‫في فترة الحقة‪ ،‬لتشكل تلك المواضيع األساسية‬ ‫للفلسفة‪ ،‬إال أن اإلنسان ظــل‪ ،‬على امتداد وعيه‬ ‫بالوجود‪ ،‬وفيا ومخلصا لفكرة الدين‪ ،‬بل وبضرورة‬ ‫وجوده‪ ،‬حتى ولو حصل ذلك بدون امتالك اإلنسان‬ ‫قوة فكرية قادرة على تفسير هذا «الدين» وتبرير‬ ‫ضرورته بأدوات العقل وقواعد المنطق‪ .‬وقد يكون‬ ‫هذا ما جعل الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون‬ ‫يقول بأنه «وُجدت وتوجد جماعات إنسانية من غير‬ ‫علوم وفنون وفلسفات‪ ،‬ولكنه لم توجد قط جماعة‬ ‫بال ديانة»‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬ظهرت في تاريـخ البشريـة أصنــاف‬ ‫عديدة من األديان وأشكال متنوعــة من التدين‪،‬‬ ‫وهي أديان ومعتقـدات يستعصـي‪ ،‬بشكل مطلق‪،‬‬ ‫أمر تعدادها وتمييز بعضها عن بعض‪ .‬غير أن‬ ‫التاريخ درج‪ ،‬وبشكل يكاد يكون مطلقا‪ ،‬على التمييز‬ ‫بين تلك‪ :‬األديان «األرضية» التي ابتكرها الناس‪،‬‬ ‫وبين األديان «السماوية التوحيدية» التي تفضل‬ ‫الرب بإنزالها على عباده‪ ،‬وهـذه‪ ،‬تشكلت من ثالث‬ ‫ديانات‪ ،‬أولها اليهودية‪ ،‬تليها المسيحية‪ ،‬وذلك‬ ‫َ‬ ‫قبل أن‬ ‫يُنْزل اإلسالمُ مُعلنا عن ختم نزول مزيد‬ ‫من الديانات‪.‬‬ ‫بعيدا عن الغوص في تاريخ األديان أو محاوالت‬ ‫دراستها من خالل علم مستقل هو «علم األديان»‪،‬‬ ‫فإن اإلحصائيات تقدر أن «المسيحية» تعتبر ديانة‬ ‫ثلث سكان العالم‪ ،‬فيما تعتبـــر «اليهودية» ديانة‬ ‫نسبة ال تبلغ الواحد بالمائة من ساكنة العالم‪،‬‬ ‫وهذا في الوقت الذي يشكـل فيه «اإلسالم» ديان ًة‬ ‫لِ ِنسْبةٍ تفوقُ خُمُس سكان العالم‪.‬‬ ‫رغم اعتبار هذه اإلحصائيات غير دقيقة بما‬ ‫يكفي‪ ،‬بالنسبة ألعداد المتدينين بمختلف الديانات‬ ‫السماوية‪ ،‬فإن السؤال الذي يجب أن يطرح بإلحاح‪،‬‬ ‫وبالضبط في حالة دين «اإلسالم»‪ ،‬يتعلق أساسا‬ ‫بالبحث عن هذا الســر الذي جعلــه دينا «مُهاب‬

‫الجانب»‪ ،‬سـواء كــان ذلك بالنسبــة لمعتنقيــه أو‬ ‫بالنسبة لمخالفيه؟‬ ‫لقد ظهر اإلسالم في العقــد األول من القرن‬ ‫السابع لميالد المسيح‪ ،‬واستطاع‪ ،‬بعد سنوات من‬ ‫ظهوره‪ ،‬وتحديدا خالل فترة خالفة أبي بكر وعمر‪،‬‬ ‫أستطاع االنتقال من مجرد «فرقة» إلى دين مكتمل‬ ‫األركان‪ ،‬وذلك بشكل‬ ‫متواز مع تأسيس نواة دولة‬ ‫ٍ‬ ‫الخالفة التي امتدت حدودها الجغرافية إلى أقصى‬ ‫أرجاء العالم المعروف آنذاك‪.‬‬ ‫و بالطبع فقد مرت «الدولة» الجديدة بمراحل‬ ‫سياسية متوترة وبصراعات دامية ابتدأت أطوارها‬ ‫منذ وفاة الرسول محمد غير أنها تمكنت مع توالي‬ ‫السنين من تحقيق توسع كبير وتأسيس حضارة‬ ‫جديدة تحت لواء دين جديد‪ ،‬وذلك قبل أن تتغير‬ ‫األحوال وتتحول الدولــة «اإلسالمية الخليفية»‪،‬‬ ‫بفعل قوانين التاريخ‪ ،‬إلى حالة االنهيار واألفول‪.‬‬ ‫و بالرغم من أن أفول نجم الحضارة اإلسالمية‬ ‫قد انعكس بصورة سلبية على واقع دين اإلسالم‪،‬‬ ‫إال أن ذلك لم يضع نهاية تاريخية لهذا الدين‪،‬‬ ‫رغم تراجعه وتوقفه عن االنتشار‪ ،‬بل بقي حيا حتى‬ ‫اكتشف المسلمون أن قطار حياة األمم البشرية قد‬ ‫فاتهم‪ ،‬وأنهم يقبعون اآلن في «الدرك األسفل من‬ ‫النار»‪.‬‬ ‫بعد «اكتشافهــم» األمر‪ ،‬وبدل البحــث في‬ ‫األسباب الحقيقية لهذا النزول من قمة الحضارة‬ ‫نحو حضيض التخلف‪ ،‬اعتقد المسلمون أنهم لم‬ ‫يبلغوا هذا الدرك المخزي إال بعــد حيادهـــم عن‬ ‫طريق اإلسالم القويــم‪ ،! ‬فالتخلي عن اإلسالم‪،‬‬ ‫بالنسبة لهم‪ ،‬هو تخل عن كل شيء‪ ،‬فاإلنسان لن‬ ‫يؤسس دولة بغير دين اإلسالم‪ ،‬ولن يسعد بغير‬ ‫اإلسالم دينا‪ ،‬ولن يتطور بغير اإلسالم عقيدة‪ ،‬ومن‬ ‫هنا‪ ،‬طرح هؤالء فكرة إعادة بناء «الدولة اإلسالمية»‬ ‫التي تكونت في مخيلتهـم عبر مختلف القصص‬ ‫والروايات التي صورت عصــر «الدولة االسالمية»‬ ‫كمجتمع أفضل من «المدينة الفاضلة» نفسها‪،‬‬ ‫ولهذا لن يكون غريبا أبدا ظهور المزيد من القادة‬ ‫على شاكلة البغدادي يتولون إعادة نشر اإلسالم‬ ‫من جديد وفرضه على الجميع‪.‬‬ ‫رغم بــؤس المصدر الفكري الذي تنهل منه‬ ‫كائنــات تفكــر بطريقـة معجــزة «إحياء الموتى»‪،‬‬ ‫إال أن األمر مع ذلك‪ ،‬يفرض سؤاال محوريا وضخما‬ ‫أمام الناس يقول ‪« :‬هل اإلسالم دين ودولة؟»‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫محمد وطـــا�ش‬ ‫محمد العطـالتي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬

‫«وبعد ؛ فإني لما شرعت في جمع أخبار األذكياء‪ ،‬وذكرت بعض المنقول عنهم ليكون مثا ًال يُحتذى‪ ،‬آثرت‬ ‫أن أجمع أخبار الحمقى والمغفلين‪ ،‬هكذا قدم جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن‪ ،‬المعروف بابن الجوزي‪،‬‬ ‫الذي عاش في القرن السادس للهجرة‪ ،‬مؤلفه‪« :‬أخبار الحمقى والمغفلين‪ ،‬من الفقهاء و المفسرين‪ ،‬والرواة‬ ‫والمحدثين‪ ،‬والشعراء والمتأدبين‪ ،‬والكتاب والمتعلمين‪ ،‬والتجار والمتسببين‪ ،‬وطوائف تتصل بالغفلة بسبب‬ ‫متين»‪.‬‬ ‫في هذا الركن‪ ،‬سننشر مقتطفات من هذا الكتاب التراثي باعتباره يستحق إمتاع القارئ‪.‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬

‫في الحمق و الجنون‏‬

‫التوزيع‪:‬‬

‫ُ‬ ‫�صر ْف ُت ُم ْغ َ�ضب ًا ومل‬ ‫ن‪:‬‏ تدرون ما جرى بيني وبني �أمري امل�ؤمنني هرون الر�شيد ؟ كان يل �إليه ذَ ْن ٌب‪،‬‬ ‫« قال امل�أمو ‏‬ ‫فان َ‬ ‫فدخلت ُم�س ِّلم ًا عليه فقال‏‪:‬‏ � ْأغ ُر ْب يا � ْأح َمق‏‪...‬‏ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫مَ‬ ‫خُ‬ ‫خُ‬ ‫ف�س ْر ُت‬ ‫م‬ ‫ُك‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫إن‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫‪.‬‬ ‫اهلل‬ ‫فا‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫َنا‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫تك‬ ‫إن‬ ‫�‬ ‫؟‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫كان‬ ‫أم‬ ‫�‬ ‫ريط‬ ‫ف‬ ‫الت‬ ‫ك‬ ‫ِن‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫‪.‬‬ ‫الهجر‬ ‫بك‬ ‫ادى‬ ‫ت‬ ‫وقد‬ ‫عري‬ ‫�ش‬ ‫ت‬ ‫لي‬ ‫‪:‬‬ ‫رقعة‬ ‫إيل‬ ‫�‬ ‫فكتب‬ ‫� ْأدخُ ل �إليه �أيام ًا‪،‬‬ ‫فاع ُف َع ّني‪ِ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‪:‬‏ ُق ْل َت يل ‪ :‬يا �أحمق‪ ،‬ولو ُق ْل َت يل‪ :‬يا �أر َعن كان � َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‪.‬‏‪..‬فقال‏‪:‬‏ ما الفرق بينهما ؟‬ ‫أ�سهل َع َل َّ ‏‬ ‫فرناه‏‪...‬‏ فقلت ل ‏‬ ‫غ‬ ‫فقد‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫كان‬ ‫إن‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫ناك‪،‬‬ ‫فر‬ ‫َغ‬ ‫ت‬ ‫ا�س‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫لنا‬ ‫نب‬ ‫الذ‬ ‫كان‬ ‫�إليه فقال‏ ‏‪ْ � :‬إن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫و�صاحب ُف َ‬ ‫هُ‬ ‫حول الرجال زالت عنه‪ ،‬و�أما ا ُحلمق ف�إنه غريزة»‏‪.‬‏‬ ‫ن‬ ‫ق‬ ‫فار‬ ‫إذا‬ ‫�‬ ‫ف‬ ‫بتهن‪،‬‬ ‫ح‬ ‫�ص‬ ‫طول‬ ‫من‬ ‫الرجل‬ ‫فتلحق‬ ‫الن�ساء‬ ‫عن‬ ‫تتولد‬ ‫الرعونة‬ ‫قلت له‏ ‏‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫الو�سيلة ّ‬ ‫�صود �إال ب َِك ْ�ش ِف املَ ْعنى فنقول‏‪:‬‏ َم ْعنى ا ُحل ْم ِق َّ‬ ‫ريق �إىل املَطلوب‪َ ،‬معَ ِ�ص َّحة‬ ‫والط ِ‬ ‫املق ُ‬ ‫«‪ ...‬وقد ذَ َكرنا ما يتعلق بال ُّلغة يف هذا‪ ،‬وال َي ْظ ُ‬ ‫هر ْ‬ ‫والت ْغفيل هو ال َغ َل ُط يف َ‬ ‫َ‬ ‫الو ّ�صال �إىل‬ ‫�صود ُه �صحيح‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫املَ ْق�صود‪ ،‬ب ِ​ِخ ِ‬ ‫ولكن ُ�سلو َكهُ‬ ‫الو�سي َلةِ واملَ ْق�صودِ جميع ًا ‪ ...‬فال ْأح َم ُق َم ْق ُ‬ ‫ور ْ�ؤ َيتُه يف الطريق َ‬ ‫بار ٌة عن ا َخل َل ِل يف َ‬ ‫فا�سد ُ‬ ‫الف ا ُجلنون ف�إنه عِ َ‬ ‫الطريق ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫�صود هذا الرجل‬ ‫طار‬ ‫ا‬ ‫طائر‬ ‫أن‬ ‫�‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‬ ‫‏‬ ‫ذلك‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫ختار‪...‬‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ما‬ ‫تار‬ ‫يخ‬ ‫فهو‬ ‫د‪،‬‬ ‫فا�س‬ ‫ت‬ ‫إ�شار‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫�ص‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫واملجنون‬ ‫�صحيحة‪،‬‬ ‫غري‬ ‫مِ‬ ‫ِ‬ ‫ِهِ‬ ‫من �أمري‪ ،‬ف�أ َم َر �أن ُيغ َلق ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال َغ َر�ض ُ‬ ‫فم ْق ُ‬ ‫باب املدينة‏ ‏! َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِح ْف ُظ الطائر‏‪.»! ‬‏‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫قتطفا‬

‫«م‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫درد‬

‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫حين نتناول موضوع التقاعد‪ ،‬فإننا نتطرق لفئة عريضة من المواطنين‪ ،‬أعطت للوطن‬ ‫معظم سنوات عمرها‪ ،‬مقابل رواتب هزيلة‪ ،‬التسمن وال تغني من جوع‪ .‬فلما أحيلت على‬ ‫المعاش‪ ،‬تجمدت رواتبها‪ ،‬بدعوى اإلكراهات الراهنة‪ ،‬والظرفية االقتصادية الصعبة‪.‬‬ ‫والمبرران ال يترددان على أفواه المسؤولين‪ ،‬إال إذا همَّ األمر هذه الشريحة من‬ ‫المستضعفين‪ .‬أما كبار القوم‪ ،‬فيعيشون في بحبوحة من العيش‪ ،‬ال نحسدهم عليها‪،‬‬ ‫بقدر ما نطلب القليل من التقشف‪ ،‬الذي قد يشعر الجميع بأننا في مركب واحد‪ ،‬وفي وطن‬ ‫واحد‪ ،‬وأن ما يمس البسطاء‪ ،‬قد يلقي بظالله على األغنياء‪.‬‬ ‫والحديث عن سيناريوهات إعادة الحياة لصناديق التقاعد‪ ،‬يعلو حينا‪ ،‬ويخفتُ أحيانا‪.‬‬ ‫فإذا خَ َفتَ قلنا‪ :‬إن األمور تسير‪ ،‬وإذا ارتفع‪ ،‬وضعنا أيدينا على قلوبنا خوفا ووجال‪.‬‬ ‫وبين تناول الموضوع‪َ ،‬‬ ‫وغضّ الطرف عنه‪ ،‬ننتظـر اليــد التي ستمتــد إلى هــذه‬ ‫الصناديق‪ ،‬فتضخ فيها ما يضخ أحيانا في بعض المؤسسات إذا أوشكت على اإلفالس‪،‬‬ ‫فتستعيد عافيتها ونشاطها‪ ،‬وتسترجع حيويتها وعنفوانها‪.‬‬ ‫والحكومة الحالية ليست المسؤولة عما وصلت إليه األمور في هذا الصندوق‪ ،‬وفي‬ ‫صناديق مماثلة‪ .‬فهذا إرث ثقيل ورثته عن األسالف‪ .‬واألسالف كانوا إذا استعصى عليهم‬ ‫أمر‪ ،‬تركوه لمن يأتي بعدهم من الخَلف‪.‬‬ ‫وهكذا نسمع عن التعليم ما نسمع‪ ،‬ونرى في مستشفياتنا ما نرى‪ ،‬ونقرأ على صدور‬ ‫الجرائد والمجالت ما ارتكبه بعض المسؤولين من تجاوزات مسَّت المال العام‪ ،‬ونتوجس‬ ‫خيفة مما يرُوج عن صندوق المقاصة‪ ،‬ونعيش حالة من عدم االستقرار‪ ،‬مردها هذا‬ ‫التشويش الممارس علينا من وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫والكل يدّعي المواطنة‪ ،‬والكل يتحلى – أو يتظاهـر بالتحلي – بروح المسؤوليـة‪،‬‬ ‫والكل يزعُم أنه يعمل للصالح العام‪.‬‬ ‫فأين العقدة إذن؟ وأين الحل؟ وما هو السبيل؟ وما هوَ المخرَج في وقت استعصى‬ ‫علينا فيه تلمُّس الطريق‪ ،‬والخروجُ إلى بر األمان؟‬ ‫فاللهم اجعل لنا من كل ضيق مخرجاً‪ ،‬وفي كل شدة فرَجاً‪.‬‬

‫دوائـر الغربـة‬ ‫‪-‬‬

‫أرقب من شرفتي ما تبقى من غمام السنة اآلفلة‪ ،‬أفرك يدي‪ ،‬ففي‬ ‫اليد خطوط الحكايات واالنكسارات واآلمال‪ ،‬ثم أسهو وسط دخان لعين‬ ‫ينحرق توهجا وهو يحرق ماء الغربة الذي يجري منذ أن كان نطفة‪.‬‬ ‫أتابع مجرى الماء فينسرب في اتجاهات شتى‪ ،‬يسمق‪ ،‬يغور‪ ،‬يتبدد‪،‬‬ ‫يتكاثف‪ ،‬أحاول جاهدا كل مرة أن أجمع تالبيبه‪ ،‬فيستعصي علي األمر‬ ‫كمن ينقض غزله وهو مصمم على قطف النجوم‪.‬‬ ‫تطل شرارة هنا أو يشير قبس هناك أو يلمع نور هنالك‪ ،‬أتأهب كنمر‬ ‫يشتم طريدته‪ ،‬أنصت‪ ،‬أتنفس من الداخل‪ ،‬أضبط حركات جسدي‪ ،‬فأرى‬ ‫وال أرى‪ ،‬والمنفذ لي إال أن أرتكز على نقطة ألستطيع المسك بخيط‬ ‫الدائرة‪.‬‬ ‫أسمع من ينادي من الداخل فال أرد؛ تزداد قوة المناداة فتشوش‬ ‫على ما أنا فيه؛ وألتفت كمن يرمش‪t ،‬يزداد رماد الدخان كثافة‪ ،‬تضيع‬ ‫النقطة فأعيد الكرة علني أظفر بأخرى‪.‬‬ ‫يأتي صوت متقطع من بعيد كتراخي أوتار سمفونية‪ ،‬بعد شد‪،‬‬ ‫تتهادى على أمواج المقامات‪ ،‬تهب ريح خفيفة باردة يعقبها انتثار حبات‬ ‫من السماء على مسام األديم فيعبق مسك التراب‪.‬‬ ‫كم تطربه رائحة ذاك المسك وتروي عطشه تلك الحبات‪ ،‬ال يدري‬ ‫كيف تنسج تلك الكيمياء بينه وبين السماء واألرض‪ ،‬لكنه يحسب أن‬ ‫ذلك بعضا من ماء غربته كصمت أبيه الذي ورثه عن جده‪ ،‬وانحباس‬ ‫حبل الرواية بين األجيال في بيته‪ ،‬وتناثر جذور عائلته في البادية‪،‬‬ ‫واستعصاء التجذر في الحاضرة كعسر الهضم‪ ،‬وإصرار جدته منانة على‬

‫‪3‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫العودة للمقام في بيت الطين البدوي بعد أن قضت سنوات في بيت‬ ‫ابنها القرميدي السقف‪ ،‬وكأنها لم تطق سنين الغربة التي تحملتها على‬ ‫مضض تعلقا بابنها الوحيد قبل رحيله‪...‬‬ ‫أتابع انهمار حبات المطر دون توقف‪ ،‬في الشارع الخالي من المارة إال‬ ‫من بعض القطط التائهة‪ ،‬والذي أصبح جداول صغيرة‪ ،‬حيث إن المصباح‬ ‫الشحيح أضفى عليه شحوبا وجوديا‪ ،‬وربما هالة رومانسية بالنسبة آلخر‬ ‫يطل مثلي من شرفة بعيدة‪.‬‬ ‫هذا الشحوب ساعده كمشهد على ربط الخيط بنقطة من النقط‬ ‫الستعادة الدائرة‪ ،‬و باستغراب قبض على غربة الحكايات الطفولية‬ ‫المفتقدة «عل بنا ياحجار د دي الحسنى واألجار»‪ ،‬ثم صعقته غربة اليتم‬ ‫المبكر‪ ،‬وقبلها غربته أمام اللوح وهو قد تعود على حرية المروج والبراري‬ ‫ودفء البيت وشغب األصدقاء في األزقة والمالعب‪ ،‬ثم غربة األيام األولى‬ ‫في المدرسة‪...‬‬ ‫وأنا أنتقل من غربة إلى غربة كما أنتقل من مقطورة قطار إلى أخرى‪،‬‬ ‫كنت أتعصر عبثا ألعثر على المحرك والوقود‪ ،‬فهذه الغربة مستمرة‪ ،‬رغم‬ ‫تجارب الحياة وخبراتها التي علمتني الكثير و قربتني أكثر من نفسي؛ إنها‬ ‫رمادية‪ ،‬ومتحركة كالرمال‪ ،‬كلما حسبت أنك مسكت بخيط منها ضاعت‬ ‫خيوط أخرى‪.‬‬ ‫علت المناداة‪ ،‬فصفق الباب تاركا وراءه خيوط دخان والمشهد‬ ‫الشتوي الحالم‪ ،‬مر كشبح نحو عشه‪ ،‬غرق في رواية «السكينة» ألتيال‬ ‫بارتيش التي ليس لها من السكينة إال العنوان‪...‬‬

‫ندوة ‪ :‬التطرف‬ ‫العنيف بالمغرب‬ ‫‪4/3‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫في موضوع «المقاربة االستباقية في مواجهة التطرف العنيـف»‬ ‫قدم السيد رشيد السميري؛ ممثل المديرية العامة لألمن الوطني‪،‬‬ ‫عرضا حول التجربة المغربية في محاربة اإلرهاب بين في بدايته أن‪:‬‬ ‫ اإلرهاب يهدد السالم واألمن الدوليين وهو في اتساع‪!..‬‬‫ موقف المغرب واضح حازم إزاء هذا الخطر؛ وهو منخرط في‬‫كافة الجهود الدولية الرامية إلى نشر قيم التسامح واالعتدال‪.‬‬ ‫ العقل اإلرهابي منذ سنة ‪ 2003‬يلبس «قناع الدين»‬‫ قانون ‪ 03-03‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب يعالج‪:‬‬‫• تجريم األفعال الداخلية ضمن الجرائم‪.‬‬ ‫• القواعد المسطرية المتعلقة بالجرائم اإلرهابية‪.‬‬ ‫• المعلومات المالية‪.‬‬ ‫ أحداث ‪ 16‬ماي ‪ 2003‬حتمت على المغرب وضع استراتيجية‬‫متعددة األبعاد تنبني على‪:‬‬ ‫• النهوض بالجوانب االجتماعية والتربوية والدينية‪.‬‬ ‫• العمليات االستباقية‪.‬‬ ‫ خطة العمل لتنزيل االستراتيجية المذكورة تقوم على‪:‬‬‫• التعاون مع مختلف المصالح األمنية‪.‬‬ ‫• تعزيز الترسانة القانونية‪.‬‬ ‫• تأهيل العنصر البشري‪.‬‬ ‫• إنشاء مكتب وطني لمحاربة اإلرهاب‪.‬‬ ‫• استحداث مركز وطني لنفس الغاية‪.‬‬ ‫• معالجة المعلومات المالية (تمويل اإلرهاب)‬ ‫ أسس عمل المصالح األمنية ترتكز على‪:‬‬‫• تعزيز الموارد البشرية األمنية‪..‬‬ ‫• تبادل المعلومات األمنية محليا ووطنيا‪.‬‬ ‫• تكثيف المراقبة األمنية‪.‬‬ ‫• مراقبة األنترنيت‪.‬‬ ‫• تتبع ذوي السوابق القضائية‪.‬‬ ‫• تنظيم حمالت أمنية استباقية‪.‬‬ ‫• إعداد برامج تحسيسية خاصة بالوسطين المدرسي والمدني‪.‬‬ ‫• تقوية قدرات الرصد في مواقـع العبـور بالحـدود (الموانئ‪-‬‬ ‫المواقع البرية)‬ ‫• اعتماد تعاون مع الدول الصديقة‪.‬‬ ‫•التعاون مع المنظمات الدولية‪.‬‬ ‫ استغالل الجماعات اإلرهابية للمتغيرات االجتماعية التي عرفتها‬‫الساحة العربية سنة ‪ 2011‬لتأسيس قواعـد خلفيـة والحصول على‬ ‫موارد إعالمية خاصة شبكـــات التواصل االجتماعي للترويــج «لدولة‬ ‫الخالفة»‪.‬‬ ‫ استقطاب العديد من أبناء الجاليات المقيمة في الخارج وكذا‬‫أبناء مواطني الدولة المغربية‪.‬‬ ‫ المملكة المغربية لم تكن في منأى عن نتائج هذه المتغيرات‪.‬‬‫ قانون ‪ 86.14‬بتاريخ ‪ 2015/06/01‬المرتبط بظاهرة االلتحاق‬‫ببؤر التوتر‪.‬‬ ‫ تلقي المستقطبين من الخاليا اإلرهابية لتداريب داخل أو خارج‬‫المملكة الرتكاب جرائم إرهابية‪.‬‬ ‫ تزايد أعداد المقاتلين اإلرهابيين العائدين بعد اندحار تنظيم‬‫«الدولة اإلسالمية» «داعش»‪ ..‬مما يطرح تحديات جديدة بالنظر إلى‪:‬‬ ‫أ‪ -‬مراكمتهم خبرة إرهابية‪.‬‬ ‫ب‪ -‬تكوينهم اإليديولوجي المتطرف‪.‬‬ ‫ج‪ -‬كونهم قنابل موقوتة قابلة للتفعيل‪.‬‬ ‫د‪ -‬استعمالهم لجوازات سفر مزورة‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬تصريحهم وحملهم لجوازات سفر مغلوطة‪..‬‬ ‫و‪ -‬استخدامهم لمسارات الهجرة غير الشرعية‪..‬‬ ‫ تصنيف المجموعات اإلرهابية إلى‪:‬‬‫أ‪ -‬صنف قاتل حتى قتل‪..‬‬ ‫ب‪ -‬صنف غادر عبر الحدود التركية‪.‬‬ ‫ج‪ -‬صنف اختفى دون معرفة وجهته!؟‬ ‫ المقاربة األمنية المعتمدة تستند إلى‪:‬‬‫• شراكات من التعاون الصادق‪.‬‬ ‫• مقاربة تشاركية‪.‬‬ ‫• تفعيل اتفاقيات التعاون الدولي‪.‬‬ ‫• تفعيل نظام المعلومات‪.‬‬ ‫• تفعيل الجهود الوطنية لتطوير آليات مراقبة الحدود (مدريد‪/‬‬ ‫الرباط‪/‬باريس‪/‬بروكسيل)‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 1024‬ـ الثالثاء ‪ 17‬إلى ‪ 23‬ديسمبر ‪2019‬‬

‫عرفت تطوان تنظيم الدورة اخلام�سة للمهرجان الدويل ملدار�س ال�سينما املنظم من طرف‬ ‫كلية الآداب والعلوم الإن�سانية بتطوان يف دورته اخلام�سة‪ ،‬والذي �صار منا�سبة للوقوف على‬ ‫م�ستوى م�ساهمة مدار�س ال�سينما عرب العامل يف تطور احلركة ال�سينمائية العاملية باعتبارها‬ ‫ج�سرا للفعل ال�سينمائي املحرتف‪ ،‬ولهذه الدورة خ�صو�صيات متعددة نقف عندها عرب هذا‬ ‫امللف اخلا�ص التي �أعدته ال�شمال الفني ‪.‬‬ ‫* ي‪ .‬س‬ ‫عميد كلية اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانية بتطوان الدكتور‬

‫مصطفى الغاشي‬

‫المهرجان الدولي الخامس لمدارس السينما بتطوان‬

‫للشمال ‪:‬‬

‫“‬

‫نحن بصدد تأسيس‬ ‫فعل سينمائي جاد‬ ‫مفتوح على املستقبل‬ ‫عرب هذا املهرجان‬

‫”‬

‫هي مناسبة للذكرى الخامسة نجتمــع‬ ‫فيها لالحتفـــاء بالسينمــا من خـــالل‬ ‫مهرجان مدارس السينمــا المنظم كـل‬ ‫سنة من طـــرف جمعيــة بدايات وكلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانيــة بتطوان‪،‬هي‬ ‫احتفاء بالسينما أيضا‪ ،‬احتفاء بالشبـاب‬ ‫الذين يشتغلـون بالسينمـــا بالمغرب‬ ‫وخــــارج المغـــرب‪ ،‬يتنـــافســون على‬ ‫جوائز رمزيـة‪ ،‬ولكن بإحســاس للحب‬ ‫للسينما‪،‬هي محاولة أيضا للتعبير عن‬ ‫عشق وتقدير هذا الفن وتأسيس مدرسة‬ ‫بخصوصية مغربية مفتوحة على العالم‬ ‫العربـي والدولي عبر هـــذا المهرجـان‬ ‫الناجح على المستوى التنظيمي بصورة‬ ‫احترافية والمتمثلــة في لجنة التحكيم‬ ‫التي لها بصمتها المتوسطيـة والعربية‬ ‫واألوروبية‪،‬‬ ‫نحن في هذا اللقــاء‪ ،‬نؤســس لفعل‬ ‫سينمائـي جديـــد إن شاء اهلل بالنسبة‬ ‫للمغــرب عبــر هــؤالء الشبــاب الذيـن‬ ‫يشتغلون بالسينما في اإلجازة والماستر‬ ‫والدكتوراه‪ .‬وهذا شــيء جديد تتميز به‬ ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان ‪..‬‬ ‫إننا عبر هذه الكلية ومنذ زمن طويل‬ ‫نحاول التأسيــس للفعــل السينمائـــي‬ ‫الجاد رغم ضعـف اإلمكانيات وبالمجهود‬ ‫الذاتي‪ ..‬نحاول المساهمة في التأسيس‬ ‫لفعل سينمائي مفتوح على المستقبل‪.‬‬

‫عرفت تطــوان انطالق‬ ‫مهرجان مدارس السينمـــا‬ ‫والمنظم من طــرف كلـيـة‬ ‫اآلداب والعلــوم اإلنسانيــة‬ ‫بتطـوان وجمعيــة بدايات‬ ‫يــوم ‪ 26‬نوــنبـــر ‪2019‬‬ ‫بمشاركة ‪ 75‬فيلمـا يمثــل‬ ‫‪ 63‬مدرسة ومعهدا للتكوين‬ ‫السينمائي ب ‪ 33‬بلدا في‬ ‫فعاليات الدورة الخامســـة‬ ‫للمهرجان الدولي لمدارس‬ ‫السينما بتطوان‪.‬‬ ‫وانطلــقـــت فعاليــــات‬ ‫المهرجان‪ ،‬مســــاء اإلثنين‬ ‫بقاعــة سينما «إسبانيول»‬ ‫بتطوان‪ ،‬في تظاهرة تحتفي‬ ‫بمدارس السينما عبر العالم‬ ‫وبإبداعـات طلبـــة الفــــن‬ ‫السابع‪ ،‬من خــالل مشاركة‬ ‫‪ 39‬فيلما روائيا و‪ 21‬فيلما‬ ‫وثائقيا و‪ 15‬فيلما تحريكيا‬ ‫في المسابقة الرسمية للمهرجان‪.‬‬ ‫وصار المهرجان‪ ،‬المنظم بمبادرة من طلبة‬ ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان بشراكة‬ ‫مع جمعية بدايات وبدعم من المركز السينمائي‬ ‫المغربي‪ ،‬يشكــل مرجعـــا في العالم العربـــي‬ ‫واإلفريقي‪ ،‬كما يفرض نفسه بقوة كموعد متميز‬ ‫على المستوى الدولي‪.‬‬ ‫وأكد مدير المهرجان‪ ،‬حميد العيدوني‪ ،‬في‬ ‫تصريح لوكالة المغرب العربي لألنباء‪ ،‬أن هذه‬ ‫الدورة الخامسة تكتسي «داللة خاصة» لكونها‬ ‫تتزامن مع الذكرى العاشرة النطالق التكوينات‬ ‫السينمائية بجامعة عبد المالك السعدي‪.‬‬ ‫وسجل أن هــذه الدورة تتميز بنجاحها في‬ ‫استقطاب عدد كبير من األفالم المنتجة بمختلف‬ ‫مدارس ومعاهد السينما عبر العالم‪ ،‬موضحا أن‬ ‫المشاركة في المهرجان انتقلت من ‪ 20‬مدرسة‬ ‫من ‪ 35‬بلدا ب ‪ 35‬فيلما خالل الدورة السابقة‬

‫إلى ‪ 63‬مدرسة من ‪ 33‬بلدا من القارات الخمس‬ ‫خالل الدورة الحالية‪ ،‬حيث تم انتقاء األفالم ال ‪75‬‬ ‫المشاركة من بين حوالي ‪ 3200‬طلبا تلقته إدارة‬ ‫المهرجان‪.‬‬ ‫كما أشار حميد العيدوني إلى أن الدورة الحالية‬ ‫ستعرف انفتاحا على المدرسة العمومية بإطالق‬ ‫تكوين بشراكة مع المديريتين اإلقليميتين للتربية‬ ‫الوطنية بكل من تطوان والمضيق – الفنيدق‬ ‫في مجال التربية على الصورة بإشراف من خبراء‬ ‫فرنسيين‪ ،‬إلى جانب برمجة عروض فنية لألطفال‪.‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬اعتبر رئيس المهرجان وعميد‬ ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بمرتيل‪ ،‬مصطفى‬ ‫الغاشي‪ ،‬أن هذا التظاهرة ولدت من رحم جامعة‬ ‫عبد المالك السعدي‪ ،‬معتبرا أن المهرجان تتويج‬ ‫لجهود كبيرة بذلت منذ عام ‪ 1987‬من طرف‬ ‫مجموعة البحث والدراسات السينمائية والسمعية‬ ‫البصرية بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪،‬‬ ‫التابعة للجامعة‪.‬‬

‫والحــــــــظ أن جـامـــعـــة‬ ‫عبد المالك السعدي كانت‬ ‫سباقــة إلى االهتمـام بهــذا‬ ‫الجنس اإلبداعي والثقافي‪،‬‬ ‫حيــث تم إحداث سنة ‪2009‬‬ ‫إجازة مهنية فــي الدراســــات‬ ‫السينمائية‪ ،‬أعقبهــــا سنــة‬ ‫‪ 2012‬ماســتـــر متخصص‬ ‫في الفيلـــم الوثائقـــي‪ ،‬ثم‬ ‫إطالق دكتــــوراه متخصصة‬ ‫فـــي الفــنـــون والدراســـات‬ ‫السينمائية والسمعية البصرية‬ ‫والمشهدية‪ ،‬وهي األولى من‬ ‫نوعها على الصعيد الوطني‪.‬‬ ‫وتميز حفــل االفتتاح‪ ،‬الذي‬ ‫حضره ثلة من عشـــاق الفن‬ ‫السابع ونخبة من المختصيـن‬ ‫واألســــاتــــذة الجامعيـــين‪،‬‬ ‫بتكريم كـــل من السينمائي‬ ‫واألكاديمي المغربـي حمــادي‬ ‫كيروم والسينمائية األلمانية‬ ‫المتخـــصصـــة في األفـــالم الوثائقية فيوال‬ ‫شفيق‪.‬‬ ‫كما عرف االفتتاح تقديم لجنة التحكيم الخاصة‬ ‫بالمهرجان‪ ،‬والتـــي ترأسها األستاذة الجامعية‬ ‫فيالريتي فوستي من اليونان بعضوية كل من‬ ‫المخرجة فيوال شفيق من ألمانيا وروكسان ريو من‬ ‫فرنسا وحمادي كيروم من المغرب‪.‬‬ ‫وتخلل فقـرات حفل االفتتاح عرض فيلمين‬ ‫قصيرين األول بعنـــوان «صديقتي المدرسة»‪،‬‬ ‫لمخرجه العربي بنشقرون (‪ ،)1956‬والثاني بعنوان‬ ‫«فيروز فنهارها» لمخرجيه فؤاد الزعري وهشام أيت‬ ‫أوكراب (‪.)2016‬‬ ‫وتواصل فقرات المهرجان‪ ،‬الذي امتد إلى غاية‬ ‫يوم ‪ 30‬نونبر الجاري‪ ،‬ببرنامج غني ضم إلى جانب‬ ‫عروض المسابقة الرسمية دروسا في السينما‬ ‫وتكوينات تطبيقية لفائدة الطلبة‪ ،‬من بينها ماستر‬ ‫كالس في جمالية الصورة السينمائية وآخر حول‬ ‫األفالم الوثائقية والربيع العربي‪.‬‬


‫العدد ‪1024‬‬

‫الشمال الفني‬

‫اختتام الدورة الخامسة للمهرجان‬ ‫الدولي لمدارس السينما بتطوان‬

‫«فيداك»‬

‫اختتمــت يوم السبت ‪ 30‬نونبــر ‪ 2019‬بمدينة تطــوان فعاليــات الدورة‬ ‫الخامسة من المهرجان الدولي لمدارس ومعاهد السينما (فيداك) الذي ينظم من‬ ‫طرف جمعية بدايات‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ ،‬جامعة عبد المالك‬ ‫السعدي‪ ،‬وبدعم من المركز السينمائي المغربي‪ .‬المهرجان يهدف إلى تشجيع‬ ‫أعمال المبدعين الشباب من مختلف أنحاء العالم المنتمين لمختلف مدارس‬ ‫السينما والجامعات‪ ،‬ويصبو ألن يكون بمثابة قاعدة لتبادل المعارف والتجارب‬ ‫بين هؤالء الشباب‪.‬‬ ‫وتعتبر كلية اآلداب بتطــوان متفــردة ورائــدة على مستــوى التكوينــات‬ ‫السينمائية مثل اإلجازة المهنية‪ ،‬الماستر المتخصص في السينما الوثائقية‪،‬‬ ‫وتكوين الدكتوراه في الدراسات السينمائية السمعية البصرية والمشهدية‪ ،‬كما‬ ‫مكنت المجهودات التي قام بها مختبر األبحاث والدراسات السينمائةية�‪GRECA‬‬ ‫‪ LAB‬منذ سنة ‪ 1987‬في مجال البحث والتكوين على حد سواء من جعل السينما‬ ‫محور بحث أولوي وميدان اختصاص معترف به بالجامعة‪.‬‬ ‫وعرف»فيداك» هذه الدورة مشاركة ‪ 75‬فيلما في المسابقة الرسمية اختيرت‬ ‫من بين ‪ 3200‬فيلم‪ ،‬تمثل ‪ 63‬مدرسة سينمائية‪ ،‬تنتمي إلى ‪ 33‬دولة من مختلف‬ ‫بقاع العالم‪ ،‬والتي تشكل توليفة فنية متنوعة مكونة من ‪ 39‬فيلما روائيا‪ ،‬و‪21‬‬ ‫فيلما وثائقيا‪ ،‬و‪ 15‬فيلما تحريكيا‪ ،‬أفالم تحمل قيما إنسانية وعالمية‪ ،‬تنافست‬ ‫أمام لجنة تحكيم مكونة من أربعة أعالم سينمائية‪ ،‬وأمام جمهور استثنائي عودنا‬ ‫على إقباله الكبير والمتفرد على العروض الفيلمية‪.‬‬ ‫كما عرف المهرجان تكريم شخصيات بارزة من المغرب وأوروبا من أهمهم‬ ‫الناقد والباحث السينمائي حمادي كيروم ومؤرخة السينما األلمانية فيوال شفيق‪.‬‬ ‫و عرف المهرجان انطالق قطب «التربية على الصورة» بتكوينات خصت أساتذة‬ ‫التعليم االبتدائي و طلبة ماستر السينما الوثائقية أشرف عليهما اختصاصيون من‬ ‫مارسيليا و لندن فيلم سكول‪ .‬وتوجت أعمال هذا القطب بعرض سينمائي خاص‬ ‫بالجمهور الناشئ عرف حضورا استثنائيا فاق ‪ 900‬مشاهد‪ .‬و يمكن اعتبار هذا‬ ‫العرض من العالمات المضيئة و المميزة لهذه الدورة‪.‬‬ ‫كما عرفت الدورة عرض فيلم مصطفى الدرقاوي «أحداث بدون داللة»‬ ‫وتقديم مشروع رقمنة األفالم المغربية و خاصة فيلم فريدة بنليزيد‪.‬‬ ‫و كان االحتفاء بمرور ‪ 10‬سنوات من انطالق التكوينات السينمائية بكلية‬ ‫آداب تطوان مناسبة لعرض ‪ 10‬أفالم تخرج حازت على جوائز وطنية و دولية تم‬ ‫إصدارها في قرص مدمج‪.‬‬ ‫وفي حفل بهيج وحضور وازن‪ ،‬أعلنت رئيسة لجنة التحكيم اليونانية فيالري‬ ‫تيكوتسي نتائج المسابقة الرسمية والتي كانت على الشكل اآلتي‪:‬‬ ‫• الجائزة الكبرى‪ :‬فيلم ‪ THE SHEPHERD‬للمخرج النرويجي ‪Brwa‬‬ ‫‪.Vahabpour‬‬ ‫• جائزة لجنة التحكيم‪ :‬فيلم ‪ HER NAME WAS‬للمخرجة البلجيكية‬ ‫‪.Helena Dalemans‬‬ ‫• جائزة أحسن فيلم روائي‪ :‬فيلم ‪ THE CULTURE‬للمخرج النرويجي‬ ‫‪.Ernst De Geer‬‬ ‫• جائزة أحسن فيلم وثائقي‪ :‬فيلم ‪ NOT FOR REAL‬للمخرجة الفرنسية‬ ‫‪.Mona Maire‬‬ ‫• جائزة سينما التحريك‪ :‬فيل م ‪ INANIMATE‬للمخرجة�‪Lucia Bulghe‬‬ ‫‪.roni‬‬ ‫• جائزة حقوق اإلنسان‪ :‬فيلم زوج بغال للمخرجة هدى رحماني من ماستر‬ ‫السينما الوثائقية بتطوان‪.‬‬ ‫• جائزة الجمهور‪ :‬فيلم ريتا للمخرجة لبنى بريق من ماستر السينما‬ ‫الوثائقية بتطوان‪.‬‬ ‫• تنويه خاص‪ :‬فيلم ‪ CROSS FILM‬للمخرج اليوناني ‪Konstantinos‬‬ ‫‪.Stathis‬‬ ‫وأشار مدير المهرجان األستاذ حميد العيدوني في كلمته الختامية‪،‬‬ ‫مستشهدا بمحمود درويـــش‪ ،‬و قال مخاطبا الحضور ان الحلم متواصـل بجعل‬ ‫السينما في قلب مشروع ثقافي‪ ،‬حداثي ومنفتح على المستقبــل «على قدر حلمنا‬ ‫تتسع األرض» وأضاف وهــو يقدم الفريق الشــاب الذي سهر على إعداد و تنفيــذ‬ ‫برنامج الدورة عن فخــره و اعتزازه بهم و قال مخاطبا إياهم مستشهدا بالشاعر‬ ‫أدونيس ‪:‬‬

‫الشباب طريقنا إلى األكثر إضاءة وجما ً‬ ‫ال‬ ‫الشباب جوهرة األزمنة والتواريخ‬ ‫أنتم جوهرة األزمنة والتواريخ‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫«بيـــان فـنـي »‬ ‫« بيــان‬ ‫فـنـــي»‬ ‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫بيان فني‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم‬ ‫عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪..‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعه الفنان التشكيلي‬

‫محمد اجلعماطي‬

‫أنا الموقع أسفله‪:‬‬

‫محمد الجعماطي‪،‬فنان تشكيلي‪ ،‬من مواليد تطوان في ‪ 16‬يونيو ‪,1961‬‬ ‫خريج شعبة الفنون التطبيقية بفاس والمركز التربوي الجهوي بطنجة‪ ،‬والسلك‬ ‫الخاص للفنون التشكيلية بالرباط‪ ،‬حاصل على دبلوم مفتش ممتاز في التعليم‬ ‫الثانوي للتربية التشكيلية والفنون التطبيقية بالرباط ‪.‬شاءت األقدار أن ال أتابع‬ ‫دراستي بالمدرسة العليا للفنون التطبيقية بروبي بفرنسا لظروف خاصة‪ ،‬حيث‬ ‫قبلت لمتابعة الدراسة بها بعد حصولي على الدبلوم التقني المغربي في الفنون‬ ‫التطبيقية من الثانوية التقنية البوليفالون ابن الهيثم بفاس‪ ،‬حينها لم يكن‬ ‫أمامي غير ولوج المراكز التربوية الجهوية آنذاك والتي تخرجت منه بعد سنتين من‬ ‫التكوين أستاذا للتربية التشكيلية‪ ،‬في سن مبكر تحملت مهمة التدريس كأغلبية‬ ‫أقراني من جيلي المتخرجين من الفنون التطبيقية ‪.‬‬ ‫بعد سنتين اجتزت مباراة السلك الخاص الملحق بالمدرسة العليا لألساتذة‬ ‫آنذاك بالرباط للترقي لدرجة أستاذ السلك الثاني من التعليم الثانوي ‘ التأهيلي‬ ‫حاليا ‘ بعد التكوين ‪ ،‬درست بثانوية الحسن الثاني بتطوان‪ ،‬ثم اجتزت مرة ثانية‬ ‫مباراة التوظيف المباشر لمفتشي التعليم الثانوي‪ ،‬نجحت وتم تعييني رسميا مفتشا‬ ‫إقليميا بنيابة بتطوان والتي كانت تشرف على شفشاون‪ ،‬العرائش والقصر الكبير‬ ‫ووزان سنة ‪.1990‬‬ ‫ثم عينت مرة أخرى مفتشا وطنيا لشعب الفنون التطبيقية‪ ،‬لينتهي مساري‬ ‫المهني بتقاعد نسبي اضطررت لتقديمه بعد طلبي اإلعفاء من التفتيش وتأطير‬ ‫أساتذة الشعب التقنية للفنون التطبيقية وطنيًا‪ ،‬ألسباب يعلمها المهتمون‪،‬‬ ‫بعدها مفتشًا للفنون التطبيقية والتربية التشكيلية بجهة طنجة تطوان الحسيمة‪،‬‬ ‫ًثم قدمت طلب التقاعد النسبي وأستجيب له‪ ،‬فعدت لالشتغال كليا بمرسمي في‬ ‫تطوان‪ ،‬بعيدًا عن مشاكل التعليم المستعصية الفهم والحل غالبا بسبب شرذمة‬ ‫من اإلنتهازيين الذين ال تهمهم غير التعويضات والساعات اإلضافية‪ ،‬واإلشتغال‬ ‫بربع الساعات الواجبة أو دخول متاهات‪ .‬البيروقراطية ‪.‬‬

‫المسار الفني‬

‫لم يكن مساري الفني مرتبطا بمساري التربوي‪ ،‬ولو كان كذلك لما استطعت‬ ‫بفضل اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬االستمرار منذ أربعة عقود في العمل الدؤوب والمستمر‬ ‫في التشكيل وصباغة المحمول تحديدا‪ ،‬إضافة للقلق الفكري والوجداني‪ ،‬الذي‬ ‫يمتح من متابعتي لإلبداع األدبي (القصة والرواية) والفكر اإلنساني (نيتش ‪...‬فوكو‬ ‫وسارتر‪ ،‬وكتابات‪ .‬العروي وعابد الجابري‪ ،‬والخطيبي ‪ )..‬كما كانت تستهويني‬ ‫الكتابات الشعرية واألدبية لدرويش‪ ،‬وروايات زفزاف وشكري‪ ،‬وعبد الرحمان منيف‬ ‫‪ )...‬أما الرسم الكاريكاتوري فكنت أمارسه منذ المرحلة الثانوية حيث راكمت لدي ‘‬ ‫بلوكات’ عديدة أحتفظ بها من سبعينيات القرن الماضي وما زلت أتابع رسمها إلى‬ ‫اليوم ‪،‬التي تشكل بالنسبة لي قراءات فنية لمجريات أحداث آنية‪ ،‬شكلت في الواقع‬ ‫جزء من ذاكرتي الفنية التي نشرت منها القليل على مواقع التواصل اإلجتماعي‪،‬‬ ‫وكتب عنها صديقي األستاذ محمد الخشين مقاالت‪ ،‬وصديقي األستاذ محمد‬ ‫الشاوي مقالاً طويلاً ‪ ،‬كما زميلي صديقي الناقد والتشكيلي محمد خصيف بمقال‬ ‫افتتاحي على كاتالوك فخم بمعرضي بقاعة مؤسسة محمد السادس لألعمال‬ ‫االجتماعية والثقافية بالرباط ‪.‬‬ ‫أما تجربتي الصباغية فكتب عنها في البدايات الصحفي محمد الصوصي‬ ‫العلوي ومحمد أحمد امغارة باإلسبانية‪ ،‬وعبد العزيز المرابط بالفرنسية‪ ،‬كما تتسم‬ ‫كتابات صديقي الشاعر الفرانكوفوني محمد الجرودي بشاعرية نقدية فنية عميقة‪،‬‬ ‫وأعتذر بالمناسبة ان نسيت من وثق لمساري الفني ‪.‬‬ ‫تنبني تجربتي التشكيلية المتواضعة من الناحية التقنية المهاراتية على‬ ‫أسس ذات أبعاد تشخيصية تعبيرية انطباعية غالبًا‪ ،‬تأثرت بشكل مباشر بالمحيط‬ ‫المباشر ومدرسة تطوان تحديدا‪ ،‬التي عملت أقالم وأسماء معينة على تهميش‬ ‫وجودها كنقطة مضيئة في حركة التشكيل المغربي‪ ،‬بل عمل بعض من داخل بناية‬

‫‘ مدرسة الفنون الجميلة بتطوان ‘ ألن مدرسة تطوان ال ترتبط بهذه المؤسسة‬ ‫فقط بل بتطوان التي عرفت تواجدا تاريخيا أكثر من فنان جاؤوا من الخارج واآلخر‬ ‫منها من جهات من المغرب‪ ،‬تطوان ونواحيها لوحدها تشكل منبع مصدر إلهام‬ ‫نوراني لكل من مرٌَ بها فباألحرى من عشقها حتى الجنون وسكنت وجدانه وفكره ‪.‬‬ ‫لكن مع األسف الشديد من قدم تاريخها الفني بخصوصياته ‘ قربانا ‘‬ ‫لتوجهات مغلوطة ادعت المعاصرة زي ًفا‪ ،‬وباسم الحداثة وروح العصر والتجديد‬ ‫لقضاء مآرب شتى كلها تصب في مصالحها الضيقة والشخصية‪ ،‬ومن كان‬ ‫يعارضها تم إقصاؤه خارج دائرة األضواء التي كانت تأتي خيوط أشعتها من مراكز‬ ‫أكاديميات ومؤسسات عالمية للتشارك والتعاون الفني‪ ،‬حولتها بعض األسماء‬ ‫المعروفة وسيلة للمشاركة في بييناالت ومعارض وطنية ودولية دون المرور عبر‬ ‫الطرق الديموقراطية الشفافة الختيار من يمثلها فنيا‪ ،‬وهذا ليس بمعلومة نكرة‬ ‫بل أضحت قاعدة عامة لهذا المجال‪ ،‬وهي التي شملت منذ بدايات تاريخ التشكيل‬ ‫المغربي ما يسميه العامة التشكيليون ‘ لوبيات ‘تشتغل ‘بالفن ‘ في الفن ومن أجل‬ ‫الفن والمتفانون في اإلقصاء ‘‪.‬‬ ‫في وقتنا الحالي لم تعد هناك نفس الفرص وبنفس الصيغ كما كانت سابقا‪،‬‬ ‫وحامل المشروع الفني تشابه مع حامل مشروع مقاولتي‪ ،‬ألن توجهاته يحكمها‬ ‫منطق وقانون ‘سواقة’ الفن الذين بدورهم تحكمهم آلة الرأسمالية المتوحشة‬ ‫ومراكز ذات نفس المسارات واإلستراتيجيات‪،‬األهم عندها بلوغ ‘ األهداف ‘�‪objec‬‬ ‫‪ tifs‬كالمؤسسات المالية ‪.‬‬ ‫لكن تظل التجارب الفردية والتعاون بين الفنانين السبيل الوحيد واألوحد‬ ‫للخروج من متاهات وضعتهم فيها ظروف زادها تعقيدًا تدني المستوى النظري‬ ‫والتطبيقي الفني للفاعلين وشركاء في المجال مع ضيق األفق الذي أفرزته‬ ‫السياسات العمومية في مجال التربية والثقافة والفنون ‪.‬‬

‫واقع الفنون التشكيلية بالمغرب ‪:‬‬

‫واقع التشكيل بالمغرب يتسم عمومًا بنوع من التقهقر على مستوى مواكبة‬ ‫الفكر والمعرفة‪ ،‬بسبب انسالخه عن حركية وديناميكية باقي الفنون واآلداب‪ ،‬بل‬ ‫وبعد التشكيليين عن المثقفين والمفكرين الجادين الملتزمين‪ ،‬كما كان الشأن‬ ‫في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ‪،‬بالرغم من االنشغاالت المختلفة والنوعية‬ ‫التي تعرفها مراسم ومشاغل بعض الفنانين‪ ،‬الملتقيات والمعارض هنا وهناك‬ ‫بربوع الوطن‪ ،‬وتحولت ‘ لمواسم ‘ هي أقرب الحتفالية سياحية منها لفنية وإبداعية‬ ‫تروم البحث العميق ‪.‬‬ ‫كذلك نعيش شيزوفرينيا فنية كانعكاس حتمي لمؤثرات النظم والقيم‬ ‫والتحوالت المجتمعية الثقافية‪ ،‬بفعل توالي أزمات القطاعات المرتبطة مباشرة‬ ‫بتكوين شخصية الفرد المغربي‪ ،‬منها مناهج التعليم التي زاد فيها تهميش التربية‬ ‫الفنية مع حكومة يقودها حزب ال اهتمامات ابداعية وفنية له ‪.‬‬ ‫كما تشكل قضية ‘ الفن المعاصر ‘ بصيغتها المغربية‪ ،‬والتي لها توجهات‬ ‫يتحكم في خيوطها سوق الفن عبر آليات ووسائط متعددة ترتبط بقاعدة الفن‬ ‫المعاصر الفرنكفوني‪ ،‬ولكم مرجعية ما أدعيه في الواقع وما أفرز من مواقف آخرها‪،‬‬ ‫تعاطف تشكيليين مع الصهاينة ومشاركتهم‬ ‫بيينال لتهويد القدس ضدًا على قرارات‬ ‫منظمة األمم المتحدة والجامعة العربية ‪.‬‬ ‫و يظل مشروعي هو العمل وليس غيره‬ ‫من أجل التشكيل ورقي الذوق العام ‪.‬‬

‫مع تحياتي‬


‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫‪ ‬هل من حضر للتمييز بسبب اإلعاقة في ورش‬ ‫تأهيل شوارع وزان؟‬

‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬

‫ال قيمــة للوثيقــة الدستورية التي‬ ‫توافق عليها المغاربـــة في شهــر يوليوز‬ ‫‪ ،2011‬إن لــــم يلمــس المواطنـــات‬ ‫والمواطنون بأن أحكام القانون األسمــى‬ ‫المذكور تبوصل السياسات العمومية التي‬ ‫يتم تنزيلها على أكثر من مستوى ‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار وجب التذكير ‪ -‬ما دام‬ ‫التذكير ينفع المؤمنات والمؤمنين ‪ -‬بأن‬ ‫المؤسسة المنتخبـــة التي أطلقــت ورش‬ ‫تأهيل بعض شوارع دار الضمانة مطالبة‬ ‫باالنتصار للمقاربة الحقوقية في اإلنجاز ‪، ‬‬ ‫وذلك بتنزيلها لما جاء في تصدير الدستور‬ ‫من التزام المملكة المغربية ب «حضر‬ ‫ومكافحة كل أشكال التمييز‪ ،‬بسبب الجنس‬ ‫أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو االنتماء‬ ‫االجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو اإلعاقة‬ ‫أو أي وضع شخصي‪ ،‬مهما كان»‪ ،‬وتقيدها‬ ‫الصارم بما هو مفصل بالقانون ‪03-10‬‬ ‫المتعلق بالواوجيات ‪.‬‬ ‫الورش المذكــور الذي يشــرف على‬ ‫إنجازه المجلس اإلقليمــي ‪ ‬يتعلــق بتأهيل‬ ‫بعض شوارع وزان التي ريف وجهها‪ ،‬التدبير‬ ‫العشوائي لشأنها المحلي‪ ،‬وأفقدها ذلك‬ ‫هويتها البصرية ‪ .‬وحسب مصدر على إلمام‬ ‫بالمشروع‪ ،‬فإن الغالف المالي المخصص‬ ‫لذلك يقدر بماليير السنتيمات‪ ،‬الجزء األكبر‬ ‫من هذا الغالف المالي موروث من الزيارة‬ ‫الملكية لدار الضمانة نهاية ‪ ، 2006‬حيث‬ ‫كان جاللته قد أشرف على إعطاء انطالقة‬ ‫ورش تأهيل دار الضمانة‪ ،‬وهو التأهيل الذي‬ ‫نسفته الحسابات السياسوية الساقطة‪ ،‬وال‬ ‫زالت بعض مشاريعه معطلة إلى اليوم ‪،‬لكن‬ ‫المقتضى الدستوري الذي يتحدث عن ربط‬

‫مدخل باب المسجد‬ ‫المسؤولية بالمحاسبة لم ينجح في اختراق‬ ‫الحواجز المنتصبة عند مدخل المدينة وهو‬ ‫ما حفز أكثر من جهة ادارية ومنتخبة على‬ ‫االستمرار في التدبير المبني على خنق‬ ‫الحكامة في أدنى مستوياتها ‪.‬‬ ‫ولتجنيب مشروع التأهيل الحالي من‬ ‫«التمييز بسبب اإلعاقة» وجبت اإلشارة إلى‬ ‫أن التنوع البشري الذي يشكــل المشهد‬ ‫السكاني لدار الضمانة‪ ،‬يستوجب أن تقدم‬

‫خدمات هذا المشروع على طبق الحقوق‬ ‫لكل األشخاص‪ ،‬ومن هذه الحقوق‪ ،‬الحق‬ ‫في الولوج دون االعتماد على اآلخر ‪.‬‬ ‫لذلك يشدد الطيف الحقوقي الذي يتابع‬ ‫تنزيل التأهيل المذكور بأن تعزز األرصفة‬ ‫بالولوجيات‪ ،‬نفس مطلب الولوجيات يجب‬ ‫أن يشمل مدخل بناية مقاطعة حي العدير‪،‬‬ ‫والمسجد المجاور لها‪ ،‬بعد أن كان العشرات‬ ‫من المواطنات والمواطنين محرومين‬

‫مدخل مقاطعة حي العدير‬ ‫من الصالة بالمسجد المذكور‪ ،‬ومن إنجاز‬ ‫وثائقهم بالملحقة االدارية بعين المكان ‪.‬‬ ‫وبمناسبة إطالق ورش تأهيل بعض‬ ‫شوارع وزان التي كان التأهيل المشوه قد‬ ‫شملها قبل سنوات‪ ،‬فإن أصوات كثيرة‬ ‫تلتمس من والي جهة طنجة ـ تطوان ـ‬ ‫الحسيمة الدخول على مسار هذا المشروع‬ ‫الذي قد يشكل مدخال لمصالحة وزان مع‬ ‫هويتها البصرية والحضرية‪ ،‬وذلك بإقناع‬

‫مدير أكاديمية وزارة التربيـة الوطنيـــة‬ ‫بالسماح للمجلس اإلقليمي باعتباره صاحب‬ ‫مشروع التأهيل‪ ،‬بتوسيع الرصيف المحاذي‬ ‫لقطعة أرضية توجد في حوزة ثانوية ابن‬ ‫زهر‪ ،‬وتمتد من باب المقر المؤقت للعمالة‬ ‫إلى مدخل الملعب البلدي‪ ،‬خصوصا وأن‬ ‫القطعة األرضية غير صالحة ألي استعمال‬ ‫غير توسيع الرصيف الذي يمتد على طول‬ ‫شارع موالي الحسن‪.‬‬

‫جماعة بني حرشان خارج المخططات الوطنية والجهوية لفك‬ ‫العزلة وتقليص الفوارق المجالية‬ ‫قــد ال يصدق عاقــل أن جماعـــة من‬ ‫جماعات جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪،‬‬ ‫المائة والخمسين‪ ،‬توجد على هــذه الحــال‬ ‫من اإلهمال والالمباالة من جانب السلطات‬ ‫المحلية والمجالس المنخبة ‪.‬‬ ‫يتعلق األمر بجماعة بني حرشـــان‪،‬‬ ‫الواقعة بين مدينتي طنجة وتطوان‪ ،‬يؤدي‬ ‫إليها منعرج برأس العقبة‪ ،‬على الطريق‬ ‫الوطنية رقم ‪ ،2‬قبل المنحدر المؤدي إلى‬ ‫جماعة عين الحصن‪.‬‬ ‫الطريق الرابطة بين رأس العقبة‬ ‫واثنين بني حرشان‪ ،‬والتي تربط أكثر من‬ ‫عشر دواوير بالسوق األسبوعي الذي يعتبر‬ ‫منصة أساسية للترويج التجاري ولحركة‬ ‫التبادل بالنسبة لسكان تلك الدواوير‪ ،‬كما‬ ‫هو الشأن بالنسبة لسائر الجماعات القروية‬ ‫بالجهة ‪ ،‬والتي هي في الواقع مسلك قروي‬ ‫تقليدي‪ ،‬تم نحته باإلستعمال المتواصل‬ ‫للسكان ودوابهم‪ ،‬توجد في حالة يرثى‬ ‫لها من التدهور واإلهمال‪ ،‬حيث إن هذه‬ ‫الطريق بتعذر استعمالها شهورا في السنة‬ ‫حيث إنها تتحول إلى أرض حرث غير سالكة‬ ‫تماما‪ ،‬بما يتجمع على طولها من مياه‬ ‫األمطار‪ ،‬وما تجرفه المياه من طوب وأوحال‬ ‫وأحجار وأشجار‪ ،‬ما يشكل عزلة حقيقية‬ ‫لسكان كافة دواوير الجماعة ويوقف حركة‬ ‫الحياة االجتماعية بالنسبة إليهم‪ ،‬بعد أن‬ ‫تتعذر المواصالت‪ ،‬ويصعب إنقاذ المرضى‬

‫والحوامل الالئي يضطر السكان إلى نقلهن‬ ‫داخل توابت أو محامل الموتى‪ ،‬وفي ذلك‬ ‫انكسار لمعنوياتهن‪ ،‬وزعزعة لتوازنهن‬ ‫النفساني ‪ ،‬وهن على وشك الوضع‪ ،‬بما‬ ‫يشكله ذلك من خطورة على حياتهن‪.‬‬ ‫ونفس الصعوبة في التعامل من كبار‬ ‫السن‪ ،‬الذين تتطلب حلتهم الصحية نقلهم‬ ‫غرة للمراكز الصحية أو المستشفيات‪ .‬أما‬ ‫التمدرس فيشهد في هذه الجماعن ما‬ ‫يشهده في غيرها من الجماعات التي توجد‬ ‫في نفس وضعيتها المتدهورة‪.‬‬

‫وكثيرا مت نسمع عن برامج وطنية‬ ‫ودهوية لفك العزلة عن وداخل المجال‬ ‫القروي‪ ،‬في إطار العدالة المجالية‪ ،‬ومنها‬ ‫البرنامجالوطنيالثانيللطرقالقروية‪،‬األذي‬ ‫يهدف إلى الرفع من مستوى الولوجية‬ ‫الترابية والذي خصص له غالف مالي بقيمة‬ ‫‪ 14,4‬ماليير درهم‪ .‬والذي حقق نسبة‬ ‫تفوق ‪ 80‬بالمائة‪ ،‬بالنسبة للطرق القروية‪،‬‬ ‫في انتظار البرنامج الثالث‪ ،‬الذي نرجو أن‬ ‫تستفيد منه جهة طنجة‪ ،‬والدواوير المحيطة‬ ‫بها‪ ،‬اعتبارا إلى أن التوسع العمراني سوف‬ ‫يشملها وهو ما يفرض الشروع في إنجاز‬ ‫البنيات التحتية الكفيلة بتهيئها الحضري‪.‬‬

‫وإذا كان البرنامج الحكومي قد جعل‬ ‫من تقليص الفوارق المجالية إحدى أولوياته‪،‬‬ ‫فإن مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة‪،‬‬ ‫وهو األقرب للوقوف على مشاكل الولوج‬ ‫بالعالم القروي بهذه الجهة أعلن عقب‬ ‫اجتماع دورة أكتوبر الماضي أنه خصص‬ ‫مبلغ ‪ 118‬مليون و ‪ 248‬ألف درهم لتمويل‬ ‫مشاريع تندرج في مخطط تنمية العالم‬ ‫القروي وفك العزلة عن سكانه في األقاليم‬ ‫الثمانية لجهة‪ .‬كما خصص مجلس الجهة‬ ‫غالفا ماليا بقيمة ‪ 20‬مليون درهم لتأهيل‬ ‫العالم القروي‪ ،‬ومبلغ ‪ 7‬ماليين درهم لدعم‬ ‫مشاريع التزود بالماء الصالح للشرب والربط‬

‫بالشبكة الوطنية للكهرباء‪ ،‬و مبلغ ‪ 3‬ماليين‬ ‫درهم لحفر اآلبار واألثقاب المائية وتجهيزها‬ ‫وقد استبشرنا خيرا بهذا القرار وعاد‬ ‫إلينا األمل في أن يتم‪ ،‬أخيرا‪ ،‬االلتفات إلى‬ ‫معاناتنا اليومية مع الطريق الذي يعتبر‬ ‫شريان الحياة‪ ،‬واعتبرنا أن برنامج الجهة‬ ‫البد وأن يوجه اهتماماته لجوار مدينتي‬ ‫طنجة وتطوان‪ ،‬ويعالـــج مشكلة الولوج‬ ‫الترابي داخل هذه المنطقــة التي تعتبر‬ ‫قاطرة التنمية االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والسياحيةللجهة‪.‬‬ ‫وبخصوص السياحة‪ ،‬ف‘ن جماعة بني‬ ‫حرشان ومحيطها يتوفران على مؤهالت‬ ‫سياحية هـــامــة يمكــن استغاللها في‬ ‫مخططات للتنمية المجالية بالنسبة لهذه‬ ‫المنطقة التي توجد بين ثالثة أقطاب‬ ‫سياحية‪ ،‬طنجة‪ ،‬تطوان والشاون ‪.‬‬ ‫وإن سكان هذه الجماعــة ليطالبون‬ ‫عبر هذا المنبر مجلس جهة طنجة ـ تطوان ـ‬ ‫الحسيمة ووزارة التجهيز‪ ‬‬ ‫والنقل واللوجستيك والماء‪ ،‬والسلطات‬ ‫الجهوية واإلقليمية والمحلية‪ ،‬باإلهتمام‬ ‫بجماعة بني حرشان والتعجيل ببناء مقطع‬ ‫الطريق بين رأس العقبة والجماعة‪ ،‬احتراما‬ ‫لحقوق المواطنين في عيش كريم وبيئة‬ ‫سليمة وظروف مناسبة لممارسة حقوق‬ ‫المواطنة الكريمة ‪.‬‬

‫مواطنون من سكان الجماعة‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫«وحدة اليسار و الحركات االحتجاجية»‬ ‫موضوع ندوة سياسية لحركة الشبيبة الديمقراطية‬ ‫التقدمية فرع القصر الكبير‬

‫نظمت حركــة الشبيبــة الديمقراطيــة‬ ‫التقدمية فرع القصر الكبير يوم السبت ‪7‬دجنبر‬ ‫‪2019‬بالقاعة الكبرى المجاورة لمقر جماعة‬ ‫القصر الكبير‪ ،‬ندوة سياسية ‪،‬تحت عنوان ‪”:‬وحدة‬ ‫اليسار والحركات االحتجاجية ”‬ ‫وقد أطر هذه الندوة كل من ‪:‬‬

‫* محمد مجاهد األمين العام السابق‬ ‫للحزب االشتراكي الموحد‪:‬‬

‫* عبد السالم العزيز اآلمين العام لحزب‬ ‫المؤتمر الوطني االتحادي‪:‬‬

‫* مصطفى البراهمة الكاتب الوطني لحزب‬ ‫النهجالديمقراطي‪.‬‬ ‫* حكيمة الشاوي نائبة األمين العام لحزب‬ ‫الطلبة الديمقراطي االشتراكي‪:‬‬ ‫* عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية‬ ‫لحقوق اإلنسان ‪.‬‬ ‫* عبد الوهاب التذموري المنسق العام‬ ‫لمنتدى حقوق اإلنسان لشمال المغرب‪.‬‬ ‫انصبت جل التدخالت حول تشخيص واقع‬ ‫اليسار المغربي وضرورة تجاوز المعيقات الذاتية‬

‫والموضوعية من أجل خلق قطب يساري ممانع‬ ‫خصوصا في ظل التراجع المسجل‪ ،‬سواء على‬ ‫المستوى السياسي أو الحقوقي ‪ ،‬وضرورة خلق‬ ‫جبهة ديمقراطية تقدمية من شأنها حلحلة‬ ‫الوضع السياسي الراهن ‪.‬‬ ‫كما تناولت الندوة دور الفاعل السياسي‬ ‫في تنشيط ودعم الحركات االحتجاجية‪ ،‬حيث‬ ‫تمحورت جل التدخالت على ضرورة انخراط‬ ‫اليسار في دينامية الحركات االحتجاجية ‪ ،‬من‬ ‫أجل تحقيق دولة الكرامة والحريات وتدعيم‬ ‫لدولة الحق والقانون ‪.‬‬

‫احتفال بذكرى المسيرة الخضراء وعيد االستقالل بالمركز‬ ‫الثقافي البلدي بالقصر الكبير‬

‫تحت شعـــار ‪« :‬لنرتق بمواهب أطفالنا»‪ ،‬واحتفاال بذكرى المسيرة الخضراء وعيد االستقالل‬ ‫وتنفيذا لبرنامجها السنوي التربوي والثقافي ‪ ،‬نظمت رابطة كاتبات المغرب فرع القصر الكبير‬ ‫وجمعية أمهات وآباء وأولياء تلميذات مدرسة فاطمة األندلسية بشراكة مع المركز الثقافي‬ ‫البلدي ‪ ‬يوم األحد ‪ 8‬دجنبر ‪2019‬بالمركز الثقافي البلدي السويقة نشاطا تربويا خاصا باألطفال‪،‬‬ ‫وذلك لترسيخ قيم المواطنة والتحسيس بأهمية الوحدة الترابية والهوية المغربية‪ ،‬لالعتزاز‬ ‫باالنتماء إلى الوطن واالفتخار بتاريخه العريق وإنجازاته الخالدة‪ ...‬نشاطا احتفاليا بهيجا عمت فيه‬ ‫الفرحة أرجاء المركز الثقافي البلدي للتعريف بالمناسبة الغالية على قلوب كل المغاربة ‪ ,‬وقد كانت‬ ‫فرصة لعرض إبداعات تالميذ المؤسسة التربوية خالل اللقاء الذي تميز بتنوع فقراته وتقديم‬ ‫عروض مسرحية‪ ‬و أناشيد وطنية وتربوية ولوحات تعبيرية‪ ‬من أداء تلميــذات مدرســة فاطمـــة‬ ‫األندلسية‪.‬‬ ‫وبالمناسبة اعتبرت األستاذة أمل طريبق ‪ ،‬واألستاذة جميلة الوديني ‪ ،‬واألستاذة بشرى‬ ‫األشهب هذا النشاط فرصة يستحضر خاللها التالميذ واألجيال الصاعدة السياق التاريخي‬ ‫لألحداث التاريخية العظيمة والملحمة الكبرى الحافلة بفصول مشرقة وعبر ودروس عميقة ‪،‬‬ ‫وبطوالت عظيمة وتضحيات جسيمة ومواقف تاريخية خالدة صنعتها ثورة الملك والشعب التي‬ ‫تفجرت طاقاتها إيمانا والتزاما ووفاء بالعهد وتشبتا بالوطنية الخالصة في أسمى مظاهرها ‪.‬وقد‬ ‫عبر كل من أباء وأولياء التالميذ والسادة األساتذة والضيوف‪ ،‬عن مدى إعجابهم بمستوى التنظيم‬ ‫ونجاح الحفل ‪.‬‬ ‫واختتم الحفل بتكريـــم رابطة كاتبات المغرب لألستاذة جميلة الوديني‪ ،‬رئيسة جمعية‬ ‫أمهات وآباء وأولياء أمور التالميذ لمدرسة فاطمة األندلسية‪ ،‬اعترافا بمجهوداتهـا في االرتقــاء‬ ‫بجودةالمتعلمات‪.‬‬

‫وقد تناول في مداخلته األرشفة اإللكترونية وضرورة‬ ‫تقعيدها واستغالل آلياتها لتوثيق التراث الثقافي‬ ‫والبحث التاريخي بمدينة العرائش‪ ،‬مستعرضا رؤية‬ ‫الجمعية ومشروعها الطموح في هذا االتجاه‪.‬‬ ‫• األستاذ رشيد الركراك‪ ،‬الكاتب العام لجمعية‬ ‫األطر التقنية واإلدارية لجماعة العرائش‪ ،‬الذي قدم‬ ‫من خالل مداخلته قراءة في قانون ‪ 69/99‬المنظم‬ ‫لألرشيف الوطني‪.‬‬

‫السجن المدني بالقصر الكبير‬ ‫يحتفل باليوم الوطني للسجين‬

‫في إطار التوجيهات الرامية للنهوض بمنظومة‬ ‫إدماج وإرساء فلسفة إعادة إدماج السجناء وتكريس‬ ‫المفهوم اإلصالحي داخل المؤسسات السجنية‪،‬‬ ‫وبمناسبة االحتفال باليوم الوطني للسجين ومدى‬ ‫تأثيره على نفسية النزالء‪ ،‬نظمت المؤسسة السجنية‬ ‫بمدينة القصر الكبير بشراكة مع إدارة المركز الثقافي‬ ‫البلدي ‪ ،‬يوم االثنين ‪ 9‬دجنبر ‪ 2019‬لقاءا تواصليا‬ ‫ثقافيا لفائدة النزالء ‪ ،‬وتميّز اللقاء الثقافي بفقرات‬ ‫فنية متنوعية وإلقاء قصائد شعرية‪ ،‬وعرف الحفل‬ ‫تميزا‪ ، ،‬تجاوب معه جل النزالء نظرا لما تخلل الحفل‬ ‫من وصالت فنية وسكيشات هزلية من تقديم جمعية‬ ‫سفراء الفن برئاسة الفنان البهي عصام الحيطي وقد‬ ‫سطع نجم الفنان الواعد‪ ‬يونس بلمفتاح كما شهدت‬ ‫األمسية مسابقات في األمثال والحكم لفائدة النزالء‬ ‫والتي تعتبر فرصة للمبدعين في ممارسة هوايتهم‬ ‫وتنمية قدراتهم واكتساب مهارات جديدة لتشجيعهم‬ ‫على تهذيب سلوكهم‪ ،‬إيمانا بأن المواهب تحتاج إلى‬ ‫من يرعاها ويرقى بها ويشعرها بأهميتها وقيمتها‪.‬‬ ‫أشار السيد علي الكواز في كلمة عن المؤسسة‬ ‫السجنية إلى أهمية هذا االحتفال الذي يأتي في إطار‬ ‫السياسةواإلستراتيجيةالعامةالتيتنهجهاالمندوبية‬ ‫العامة إلدارة السجون وإعادة اإلدماج ‪ ،‬ومن جهته‬ ‫ابرز كذلك مثل هذه األنشطة الثقافية والتربوية‬

‫هي مناسبة لتهييئ الظروف المالئمة إلعادة إدماج‬ ‫السجناء وربطهم بمحيطهم االجتماعي وتيسير‬ ‫ظروف إيوائهم وصون كرامتهم وجعــل الفضـاء‬ ‫السجني فضاء للتأهيل وإعادة اإلدماج‪ ،‬مضيفا ‪ ‬أن‬ ‫تخليد اليوم الوطني للسجين يشكل محطة لتقييم‬ ‫ما تم تحقيقه خالل السنة الماضية وباألخص على‬ ‫مستوى الحقل التربوي ‪ ‬والثقافي والتكويني‪ ،‬كما‬ ‫أنه مناسبة لوضع البرامج المستقبلية وخلق جسور‬ ‫التواصل مع القطاعات الحكومية الشريكة وجمعيات‬ ‫المجتمع المدني المهتمة بالموضوع‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أوضحــت األستـــاذة بشرى‬ ‫األشهـــب مديرة المركز الثقافي‪ ،‬أهمية هـــذه‬ ‫األنشطة والتي تروم ربـــط الصلــة بين السجين‬ ‫والمجتمع‪ ،‬والعمـــل على ربط النزيل بمحيطه‬ ‫االجتماعي‪ ،‬عبر تحقيق المقاربة التشاركية مع مختلف‬ ‫شركاء ‪ ‬والفعاليات الداعمة لفلسفة اإلصالح وإعادة‬ ‫اإلدماج بعد اإلفراج عنه ‪ .‬‬ ‫ويبقى الهدف األسمى من تنظيم مثل هذه‬ ‫األنشطة داخل أسوار المؤسسة الحبسية فرصة‬ ‫لتطوير ذات السجين ‪ ،‬ونافذة تمنحه إطاللة على‬ ‫الغذ الذي يجب أن يكون فاعال فيه‪ ،‬ويكون إنسانا‬ ‫ايجابيا محققا اندماجا فعليا يمكنه من تحقيق تغير‬ ‫في حياته مستفيدا من تجربته ‪.‬‬

‫تزويج القاصرات‬ ‫عنف ضد الطفالت مشرعن بالقانون‬

‫العرائش ‪« :‬األرشيف ذاكرة األمم»‬ ‫ندوة علمية بالمركز السوسيو ثقافي ليكسوس‬

‫بمناسبة اليوم الوطني لألرشيف‪ ،‬شاركــت‬ ‫جمعية أرشيف العرائش لتوثيق التراث الثقافــي‬ ‫والبحث التاريخي إلى جانب مؤسسة أرشيف المغرب‬ ‫في ندوة علمية حول موضوع‪“ :‬األرشيف ذاكرة األمم”‬ ‫والتي نظمها القسم الثقافي واالجتماعي والرياضي‬ ‫بجماعة العرائش يوم الخميس ‪ 5‬دجنبــر ‪2019‬‬ ‫بالمركز السوسيو ثقافي ليكسوس‪ ،‬الندوة التي‬ ‫عرفت مشاركة السادة األساتذة‪:‬‬ ‫• الدكتور خالد عيش‪ ،‬رئيس مصلحة البحث‬ ‫الوثائقي واالطالع بمؤسسة أرشيف المغرب‪ ،‬والذي‬ ‫تمحورت مداخلته حول تفكيك بعض االصطالحات‬ ‫والمفاهيم المتداخلة من قبيل األرشفة واألرشيف‬ ‫والذاكرة والتاريخ‪ ،‬مستعرضا الكرونولوجية التاريخية‬ ‫لألرشيف في إطارها المفاهيمي ووفق سياقاتها‬ ‫الوظيفية‪ ،‬ثم ختم كلمته بتقديم عرض شامل عن‬ ‫مؤسسة أرشيف المغرب‪.‬‬ ‫• األستاذ محمد عزلي‪ ،‬رئيس جمعية أرشيف‬ ‫العرائش لتوثيق التراث الثقافي والبحث التاريخي‪،‬‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫وكان اللقاء الذي سيره األستاذ مراد الجوهري‬ ‫وحضره نخبة من أطر الجماعة وبعض المهتمين‬ ‫الذين شاركوا في خلق نقاش جاد في مجمله‬ ‫ومثمر‪ ،‬قد افتتح بكلمة للسيدة نادية رحال‪ ،‬نائبة‬ ‫رئيس المجلس الجماعي المفــوض لها بالقسم‬ ‫الثقافي االجتماعي والرياضـــي‪ ،‬واختتم بكلمة‬ ‫الدكتور مشيــج القرقــري‪ ،‬النائب األول لرئيــس‬ ‫جماعة العرائش‪.‬‬

‫أمام تنامي ظاهرة تزويج القاصرات واستفحالها‬ ‫بين أوساط المجتمع المغربي ‪ ،‬نظمت جمعية األنوار‬ ‫النسوية لألعمال االجتماعية والتربوية والثقافية‬ ‫بالقصر الكبير ‪،‬بتنسيق مع اللجنة الجهوية لحقوق‬ ‫اإلنسان لجهة‪ ‬طنجة تطوان الحسيمة ‪ ‬ندوة علمية‬ ‫حول موضوع «تزويج القاصرات عنف ضد الطفالت‬ ‫مشرعن بالقانون « وذلك تخليدا لليوم العالمي‬ ‫لمناهضة العنف ضد النساء ‪،‬واليوم العالمي لحقوق‬ ‫اإلنسان وذلك يوم السبت ‪7‬دجنبر ‪ 2019‬بدار‬ ‫الثقافة محمد الخمار الكنوني ‪ ‬بمشاركة حقوقيين‬ ‫وإعالميين ودكاترة متخصصين في الطب النفسي‬ ‫وفعاليات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫وفي كلمتها االفتتاحية أثارت األستاذة نسيبة‬ ‫الطود رئيسة جمعية األنوار النسوية لألعمال‬ ‫االجتماعية والتربوية والثقافية من المنحى‬ ‫التصاعدي الذي يعرفه زواج الطفالت القاصرات‬ ‫خصوصا بالجهة‪ ‬التي تعرف انتشارا واسعا‬ ‫للظاهرة والذي تؤكده التحقيقات التي أجريت من‬ ‫طرف قوافل طبية وحقوقية فضال عن بحوث في‬ ‫هذا الشأن‪ ،‬مشيرة إلى االنعكاسات السلبية التي‬ ‫تؤثر على النواة األولى للمجتمع والمتمثلة في‬ ‫األسرة للتداعيات السلبية على مستقبل األسرة‬ ‫والمجتمع ما يستدعي العمل على توفير إمكانيات‬ ‫للحد من ظاهرة تزويج القاصرات والتعاطي معه‬ ‫باعتباره انتهاكا لحقوق الطفل والذي يقتضي‬ ‫معالجة شمولية تراعي أبعاد الظاهرة ‪،‬وأسبابها‬ ‫ومضاعفاتها الصحية واالجتماعية التي تنطلق من‬ ‫مسؤولية الدولة في حماية حقوق الطفل ضد العنف‬ ‫والتمييز على أساس الجنس‪ ،.‬وضمان سالمتهن‬ ‫النفسية والجسدية‪.‬‬ ‫كما تضمن برنامج الندوة العلمية العروض‬ ‫التالية‪:‬‬

‫ــ العرض األول‪ :‬لألستاذة سلمى الطود حول‬ ‫تزويج القاصرات‪ :‬عنف وانتهاك للحقوق اإلنسانية‬ ‫للطفالت‪.‬‬ ‫ــ العرض الثاني‪ :‬لألستاذة نزهة الصقلي وزيرة‬ ‫سابقة وفاعلة نسائية وحقوقية حول موضوع تزويج‬ ‫القاصرات جريمة ضد الطفالت وضد المجتمع ‪.‬‬ ‫ــ العرض الثالث‪ :‬لألستاذ عبد الوهاب رفيقي‪،‬‬ ‫الباحث في الفكر اإلسالمي تزويج القاصرات بين‬ ‫الفقه والمجتمع ‪.‬‬ ‫ــ العرض الرابع ‪ :‬لألستاذة سعاد النجار‪،‬‬ ‫ممثلة المجلس الجهوي لحقوق اإلنسان طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة‪ ،‬الذي تطرق إلى ضرورة مواصلة‬ ‫التعبئة للحد من ظاهرة تزويج الطفالت عبر اعتماد‬ ‫تشريعات تروم نبذ تزويج المبكر للقاصرات ‪.‬‬ ‫ويهدف هذا اللقاء الذي يندرج في إطار تفعيل‬ ‫اختصاصات المجلس الوطني لحقوق اإلنسان‬ ‫الرامية إلى تعزيز حماية حقوق اإلنسان والنهوض‬ ‫بها‪ ،‬وعمله على مالءمة القوانين الوطنية مع‬ ‫المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬إلى تسليط‬ ‫الضوء على إشكالية تزويج الطفالت والوقوف‬ ‫على أهم مؤشرات هذه الظاهرة وطنيا‪ ،‬وتدارس‬ ‫مسبباتها وتداعياتها وآثارها التي تمس بحقوق‬ ‫الطفالت األساسية كالتعليم والرعاية والحماية‬ ‫الصحية واألسرية وغيرها من الحقوق االقتصادية‬ ‫واالجتماعية التي تنص عليها اتفاقية األمم المتحدة‬ ‫لحقوق الطفل والتي صادق عليها المغرب في ‪1993‬‬ ‫وكذلك الدستور المغربي لسنة ‪. 2011‬‬ ‫كما عرفت الندوة نقاشا مستفيضا المس‬ ‫كل الجوانب المؤثرة في موضوع التزويج القصري‬ ‫للقاصرات كما تمحورت جل المداخالت حول نبذ كل‬ ‫أشكال العنف ضد الطفالت خاصة اإلجبار في الزواج‬ ‫في سن مبكر ‪.‬‬


‫العدد ‪1024‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪8‬‬

‫�أطاريح جامعية‬

‫قبيلة أنجرة واالستعمار اإلسباني ‪ 1912‬ـ ‪1956‬م‬ ‫شهدت مؤخرا بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية جامعة عبدالملك السعدي بتطوان‪ ،‬مناقشة أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه (مركز الدكتوراه في اآلداب والعلوم اإلنسانية والترجمة ـ‬ ‫تكوين الدكتوراه‪ :‬شمال المغرب وعالقته بحضارات الحوض المتوسطي)‪ ،‬تقدم بها الطالب الباحث سعيد اغزيل‪ ،‬وقد تألفت لجنة المناقشة من السادة األساتذة‪:‬‬ ‫ـ الدكتور جمال عاطف رئيساً ـ الدكتور عبدالحفيظ حمان مشرفاً ـ الدكتور مصطفى الغاشي عضواً ـ الدكتور محمد العمراني بوخبزة عضواً ـ الدكتور عبد الواحد أكمير عضواً‪.‬‬ ‫وبعد المداولة أعلنت اللجنة منح الطالب الباحث سعيد اغزيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬بميزة مشرف جدّا مع التوصية بالطبع‪.‬‬ ‫وفيما يلي نص التقرير المختصر الذي تقدم به الباحث بين يدي اللجنة العلمية المشرفة على مناقشة األطروحة‪:‬‬

‫تزايد اهتمام الباحثين المغاربة بالدراسات المنوغرافية التي تتناول التاريخ المحلي و تسلط األضواء‬ ‫بشكل مركز على منطقة محددة في الزمان و المكان‪ ،‬كما تعمل على تقصي تطور األوضاع السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية فيها‪ .‬وتبعا لذلك فهذه الدراسة هي ألوضاع قبيلة أنجرة سياسيا واقتصادياً‬ ‫واجتماعياً وثقافياً ولظروف االحتالل االسباني ودور المقاومة الذي لعبته هذه القبيلة في التصدي للتغلغل‬ ‫االستعماري عموما منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر ‪.‬‬

‫مما يجعل التساؤل مشروعا عن أسباب ذلك أوال وثانيا عن محطات االحتالل الرئيسية واالستراتيجية التي‬ ‫نهجتها إسبانيا في ذلك في الفصل األول ‪ .‬لقد كانت مواجهة االحتالل في سياق المقاومة المسلحة أمرًا‬ ‫تلقائيا ألهبته نداءات الجهاد ضد االحتالل االسباني‪ ،‬مع خصوصية بارزة ميزت هذه المقاومة و تتمثل في‬ ‫غياب قيادات ذات كاريزما مؤثرة وموحدة للمقاومة هذا إذا استثنينا أحمد الريسوني المثير للجدل بين‬ ‫األنجريين والمؤرخين وهو ما تناول الفصل الثاني ‪.‬‬

‫وقد استدعى ذلك اإلجابة عن مجموعة من التساؤالت من قبيل هل كان لظروف حرب تطوان أثر على‬ ‫تطور األوضاع التي عرفتها القبيلة الحقا؟ هل طول مدة مقاومة االحتالل اإلسباني تدل فعال على وجود‬ ‫مقاومة منظمة؟ هل أحدث األجنبي‪ /‬اآلخر بالقبيلة ما يدعم نظريتها الكولونيالية المتمثلة في النهوض‬ ‫بالواقع المتخلف للمغرب عموما بحيث ساهم في تفاعل حضاري بين المستعمر والمستعمر؟ هل ستتوقف‬ ‫تداعيات المرحلة الكولونيالية عند خروج االستعمار المباشر أم ستستمر تداعياتها إلى ما بعد ذلك؟‬

‫وبما أن المشروع االمبريالي قائم على بنية فكرية تسعى إلى تغيير الواقع و تأطيره انطالقا من‬ ‫قاعدة فكرية جديدة فقد سعى االحتالل االسباني إلى إدخال مجموعة من التنظيمات اإلدارية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية تمت محاولة رصدها من خالل األرشيف اإلسباني ضمن ما ادعاه مشروعا حضاريا‪ .‬إن هذه‬ ‫المتغيرات ستكون لها تداعيات كبرى على صعيد البنية التقليدية للقبيلة و تفكيكها تدريجيا حيث أثرت‬ ‫بشكل كبير على ذهنية اإلنسان األنجري و الجبلي عموما وهو ما خصص له الفصل الثالث‪ .‬إال أن هذه اآلثار‬ ‫سوف لن تتوقف مع انحسار االحتالل اإلسباني بعد ‪1956‬م بل ستستمر ذبذباتها لم تتوقف طيلة العقود‬ ‫الالحقة مما يدفع إلى االنفتاح على أفاق هذه التداعيات على ما بعد ‪1956‬م وهو ما تم رصده الفصل الرابع ‪.‬‬

‫لقد تميز النصف الثاني من القرن التاسع عشر بحدة التنافس بين القوى اإلمبريالية حول المغرب كسياق‬ ‫عام‪ .‬أما السياق الخاص فيبدأ مع وضع إسبانيا أقدامها التوسعية بشمال المغرب من جهة مليلية ومن جهة‬ ‫سبتة‪ .‬و هذه األخيرة تقع ضمن المجال الترابي ألنجرة حيث شكلت القبيلة عبءا ثقيال إلسبانيا أثناء حرب‬ ‫تطوان ‪1860‬و ذكرى سيئة مع انطالق مشروعها التوسعي‪ ،‬هذا إضافة كونها تشكل مجالها القبلي المباشر‬ ‫حيث الولوج من وإلى سبتة من أنجرة شبه يومي ‪.‬‬ ‫وإذا تم تجاوز هذه العالقة الوثيقة بين سبتة وأنجرة فإن هذه األخيرة أيضا تمتد إلى مجال آخر شديد‬ ‫الحساسية لدوره الديبلوماسي إنها مدينة طنجة التي عرفت وضعية سياسية استثنائية خالل القرن التاسع‬ ‫عشر تمثلت في الدور الدبلوماسي الذي لعبته على مدار قرن من الزمان حيث أصبحت مركزا للسياسة‬ ‫الخارجية للمخزن المغربي ومقرا للقناصل األجانب الذين كان لهم ـــ إلى جانب جالياتهم ــــ تأثير على‬ ‫مختلف مناحي الحياة االجتماعية والسياسية بالمدينة و بمحيطها المجاور لها جهة الشمال الشرقي‪ .‬هذا في‬ ‫وقت كانت عالقة القبيلة مع المخزن في مد و جزر منذ حرب تطوان ‪1860‬؛ فال هي قبيلة تنتمي إلى عوالم‬ ‫السيبة و ال هي قبيلة تدخل ضمن قبائل الكيش رغم دور حراسة حدود سبتة الذي أوكل لها‪ ،‬الشيء الذي‬ ‫انعكس بشكل واضح على بنية القبيلة الداخلية فتجاذبتها النعوت‪ :‬تارة هي قبيلة متمردة وتارة أخرى هي‬ ‫قبيلة طائعة‪ .‬لقد تفاعل العامل الخارجي المتمثل في إسبانيا و مشاريعها مع الواقع الداخلي المتخلف البئيس‬ ‫الذي يعيش على اقتصاد الكفاف ليساهم في نسج عالقات متباينة بين الفعل و رد الفعل‪.‬‬ ‫تمت معالجة هذا الموضوع بتقسيمه إلى قسمين‪ ،‬حيث خصص القسم األول للسياق العام لالحتالل‬ ‫اإلسباني لشمال المغرب و قبيلة أنجرة منذ ‪1860‬م من خالل االعتماد على مقاربة االنتقال من العام إلى‬ ‫الخاص‪ ،‬فتضمن الفصل األول تقعيدا مفاهيميا للعالقة بين القبيلة والمخزن عموما ثم موقع المغرب في‬ ‫المخططات الكولونيالية اإلسبانية كفصل ثاني‪ ،‬وشمال المغرب ضمن سياق المشروع االمبريالي اإلسباني‬ ‫في الفصل الثالث‪ ،‬ثم الفصل الرابع الذي تضمن وصفا للحالة العامة لجبالة و أنجرة قبل االحتالل اإلسباني‪.‬‬ ‫واختتم هذا القسم بخالصة تركيبية شكلت االنطالق نحو المحطة المحورية من هذه األطروحة أال وهي‬ ‫االحتالل اإلسباني للقبيلة والسياسة االستعمارية وتداعياتها وهو محور القسم الثاني‪.‬‬ ‫مثل االحتالل المباشر للقبيلة واقعا جديدا‪ ،‬ذلك أن األنجريين كانوا متعودين على االحتالل األوروبي‬ ‫للثغور وعلى مهاجمتهم من الضفة األخرى بين الفينة و األخرى‪ .‬إال أن الجديد هذه المرة يتمثل في احتالل‬ ‫شامل مع مشروع إداري واقتصادي وثقافي استغرق سنوات عدة يمكن تحديد مجالها بين ‪1912‬م و‪1927‬م‬

‫و تضمنت الخالصة التركيبة للقسم الثاني الوقوف على أهمية المقاومة و الصعوبات التي واجهها‬ ‫االحتالل اإلسباني وتداعيات هذا االحتالل االقتصادية والسياسية والثقافية على المنطقة خالل وبعد مرحلة‬ ‫نهاية الحماية و آثارها العامة‪.‬‬ ‫وقد انتهت األطروحة إلى مجموعة من النتائج حول طبيعة عالقة المخزن بالقبيلة وطبيعة المقاومة‬ ‫الشعبية التي ستشكل في مرحلة من المراحل امتدادا لمقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي التي وصلت‬ ‫إلى مشارف سبتة وطنجة حيث لم تكن مقاومة محمد بن عبد الكريم مقاومة ريفية بل مقاومة للقائل‬ ‫الريفية والغمارية والجبلية ومنها المقاومة بأنجرة‪ ،‬لذا فتسميتها بمقاومة الريف وجبالة أقرب للصواب من‬ ‫مصطلح المقاومة الريفية‪ .‬وأخيرا ال تخفى أهمية األرشيف اإلسباني‪ .‬فالوثائق تظل مصدرا مهما لدراسة‬ ‫وإلعادة إنتاج تاريخ تلك المرحلة‪ ،‬فال دراسة تاريخية في غياب الوثائق وال أجوبة عن الفرضيات المقترحة‬ ‫في أي أطروحة بدون استنطاق الوثيقة التاريخية وهو ما ساهم به هذا األرشيف بنسبة مهمة من االستقراء‬ ‫والتحليل‪ .‬ولألسف لم يتم االنتباه إلى توثيق الروايات الشفهية خالل هذه المرحلة‪ ،‬فقد كانت ستزيد الكتابة‬ ‫التاريخية إضاءة للمرحلة وتأكيداً أو نفياً لما وثقته هذه المذكرات والمراسالت والتي بنت كل ما كتبته بناء‬ ‫على الرواية الشفهية المحلية‪.‬‬ ‫فاألطروحة إذن تحكم في صيرورتها إيقاع وصفي سردي يعتمد على المقاربة التاريخية مع االشتغال‬ ‫على تقنية تحليل المضمون والمقابلة مع من عايشوا جزءا من هذه المرحلة‪ .‬هذا الوصف واكبته دراسة‬ ‫تحليلية للوثائق مع الرهان على الموضوعية والصرامة العلمية من خالل التفاعل بين ما هو سياسي‬ ‫وسوسيواقتصادي وبين ما هو ثقافي وفكري حينما يستدعي المقام ذلك‪ .‬لقد كان منحى هذه األطروحة‬ ‫مونوغرافيا مع محاولة التركيز على الكتابة التاريخية النسقية التركيبية حتى يتمكن من كتابة التاريخ برؤيا‬ ‫جديدة تتجاوز مرحلة ما بعد الكتابة التاريخية لالستقالل‪ .‬لذا كان الدفع في اتجاه التجديد مع اعتبار ما تم‬ ‫التوصل إليه من نتائج‪ ،‬ما هو إال مقدمات لبحوث قادمة‪ .‬فما زال هناك العديد من القضايا تحتاج إلى الدراسة‬ ‫و التمحيص إذا كنا بالفعل نتلبس حقيقة بفعل التأريخ‪.‬‬ ‫و اهلل و لي التوفيق‪.‬‬


‫امللحـق الثقافـي‬ ‫‪9‬‬

‫الكتابة غامضة وموحشة‬ ‫ولكنّ أحدًا ال يجبرك‬ ‫عليها‬

‫العدد ‪ 1024‬ـ الثالثاء ‪ 17‬إلى ‪ 23‬ديسمبر ‪2019‬‬

‫• بقلم ريتشارد فورد‬ ‫• ترجمة منى الرفاعي‬

‫ؤخرا‪�« :‬أنا ال �أكتب‪� ،‬إنه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عمل م�سبب للك�آبة‪� ،‬أنا فقط �أجت ّول يف �أنحاء املنزل بدون معرفة ما �أفعل‪ .‬العامل يبدو رتي ًبا جد ًا»‪.‬‬ ‫�أخربين‬ ‫�صديق من «مونتانا» م� ً‬ ‫ّ‬ ‫�شيء عن الكتابة مبجرد �أن يبد�أ برنامج «مركز الريا�ضة»‪ .‬‬ ‫دائما‪� ،‬أن�سى متا ًما كل‬ ‫ٍ‬ ‫“جرب �أن ت�شغل التلفاز‪ ،‬هذا ينفع معي ً‬ ‫ن�صحته وقلت‪ّ :‬‬ ‫ً‬ ‫فرتات طويلة قد تبدو فيها حياتي الكتابية �أحيا ًنا غري منتجة كتاب ًيا �أكرث من كونها منتجة‪،‬‬ ‫طويلة‪،‬‬ ‫لفرتات‬ ‫الكتابة‬ ‫عن‬ ‫ا‬ ‫بعيد‬ ‫البقاء‬ ‫يف‬ ‫جنحت‬ ‫هذه‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫عا‬ ‫الثالثني‬ ‫خالل‬ ‫و�أنا �أعني ذلك‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وهي حقيقة �أ�ؤ ّيدها ب�شدّ ة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫متفق عل ْيه‪ .‬وبال �شك �سوف جتادل بع�ض الأنف�س املغرورة‬ ‫ابتهاج نقدي‬ ‫يف احلقيقة‪ ،‬طوال هذه الفرتة كتبت فقط �سبعة كتب‪ ،‬وب�ش�أن تلك ال�سبعة الكتب مل ين�ش�أ حتى اللحظة �أي هتاف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫مما‬ ‫أف�ضل‬ ‫�‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫كات‬ ‫أكون‬ ‫�‬ ‫ف�سوف‬ ‫في‪،‬‬ ‫ق‬ ‫تو‬ ‫فرتات‬ ‫من‬ ‫أنق�صت‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫أقل‬ ‫�‬ ‫ب�شكل‬ ‫أ�سا�سيات‬ ‫بجهد �أكرب‪ ،‬ع ّما لو اعتمدت على ال‬ ‫هو�سا‪ ،‬عما لو عملت على نف�سي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عما لو كنت كتبت �أكرث‪ ،‬ع ّما لو كنت �أكرث ً‬ ‫�أنا عليه الآن‪.‬‬

‫�صمتك �شا�سع ثقيل‪.‬‬ ‫�صمتك يخيفني‪ ،‬يرهقني‪.‬‬

‫ينفلت من بني ذراعيك ت�ضمني‬ ‫حيث قد �أموت يف �أي حلظة‬ ‫منذ �أبدية‪.‬‬

‫مل تعد �شفتاك يل‪،‬‬ ‫وال يديك التي �أع�شق‪،‬‬ ‫ال �صدرك حيث ا�ستمعت ‪،‬‬ ‫ل�ضربات قلبك‪.‬‬

‫�صمتك الطويل ي�ؤملني‪.‬‬ ‫الكثري من الأمل ي�سببه �صمتك القاتل‬ ‫ي�ؤملني �أكرث من غيابك‪.‬‬

‫�صمتك يقتلني كل �ساعة‬ ‫كل يوم ‪ ،‬بني الأحالم ‪� ،‬أموت‪.‬‬ ‫�أنا �أعي�ش ميتة‪ ...‬دونك بجانبي‪.‬‬

‫قصيدة‬

‫صدى الصمت‬ ‫‪ECOS DEL SILENCIO‬‬ ‫‪Alicia Rosell Vega/ España‬‬ ‫• ترجمة عبد الإله املوي�سي‬

‫‪Tu silencio es largo y espeso.‬‬ ‫‪Tu silencio me asusta y hiere.‬‬ ‫‪Ya resbalé de tus brazos amados‬‬ ‫‪donde creía morir a cada instante‬‬ ‫‪desde hacía una eternidad...‬‬ ‫‪Ya no tengo tu boca cerca‬‬ ‫‪ni tus manos que yo adoraba,‬‬ ‫‪ni tu pecho donde escuchaba,‬‬ ‫‪-hecho eco-, el latir de tu corazón.‬‬ ‫‪Tu largo silencio me hace daño.‬‬ ‫‪Tanto dolor me causa tu mortal silencio‬‬ ‫‪que me hiere más que tu ausencia.‬‬ ‫‪Tu silencio me mata a cada hora‬‬ ‫‪cada día, -entre sueños-, yo muero.‬‬ ‫‪Vivo muerta... sin ti a mi lado.‬‬

‫بكل احلذر �أثناء االنتظار‬ ‫�أن�صت �إلى ال�صوت املفارق‬ ‫لب�سمتك احلنوة املميتة‪...‬‬

‫‪Rompí mi cautela en la espera‬‬ ‫‪por escuchar el sonido distante‬‬ ‫‪de tu dulce y amorosa risa...‬‬

‫لكن ب�صمات يديك‬ ‫ما زالت على يدي الفارغة‪.‬‬ ‫وقبالت فمك احلارقة‬ ‫ُتثلــج �شفتــي‪.‬‬

‫‪Pero las huellas de tus manos‬‬ ‫‪siguen en mis manos vacías.‬‬ ‫‪Y los besos de tu boca ardiente‬‬ ‫‪yacen helados en mis labios.‬‬

‫تركت فراغا بداخلي ‪،‬‬ ‫ك�سرت جوهر املر�أة‪.‬‬ ‫�أع�ضائي تفتقدك هناك ‪،‬‬ ‫حيث مرقد الوليد‬ ‫الذي �أبدا لن نح�صل عليه‪.‬‬

‫‪Dejaste un vacío en mi interior,‬‬ ‫‪rompiste mi esencia de mujer.‬‬ ‫‪Mis órganos te extrañan allí,‬‬ ‫‪donde queda el hueco del hijo‬‬ ‫‪que jamás podremos tener.‬‬

‫�صمتك القاتل وح�شي ال�صدى‬ ‫املفقود ل�صوتك احلبيب‬ ‫بعد �أجمل معركة خ�ضتها‪.‬‬

‫مل يعد لدي حديقة لقبالتك‪.‬‬ ‫كم �أفتقد زهرة �شفتيك‬ ‫على �شرنقة فمي‪.‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫�إذا �أعطيتني كلمة واحدة فقط ‪...‬‬ ‫�إذا فقط �أ�سمعتني بع�ض �صراخك ‪،‬‬ ‫�سيكون كافيا كي حتييني ‪...‬‬ ‫رغم �أن ال �شيء يعيدك �إيل‪.‬‬

‫‪Tu silencio mortal es requiebro‬‬ ‫‪del eco perdido de tu voz amada‬‬ ‫‪tras la más bella batalla que libré.‬‬ ‫‪Ya no tengo el jardín de tus besos.‬‬ ‫‪Cuánto extraño la flor de tus labios‬‬ ‫‪sobre el capullo de la boca mía.‬‬ ‫‪Si me brindaras tan solo una palabra...‬‬ ‫‪Si lanzaras un grito de tu garganta,‬‬ ‫‪sería suficiente para resucitarme...‬‬ ‫‪Aunque nada te devuelva a mí.‬‬


‫العدد ‪1024‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫إبراهيم بالعواد‬

‫مل �أكن �أتوقع �أن �أموت‬

‫جئت فقط لأزور احلياة فوق كر�سيها الف�ضي‬ ‫و�أُ َط ْم ِئن عكازها �أن ظهري �صالح للنكز‬ ‫و�صدري يت�سع لتدريب جيو�شك على الطاعة‬ ‫و�أحاول �أن �أدُ ل هذه احل�شود من املالئكة‬ ‫التائهني مثلي‪..‬‬ ‫الباحثني عن لقمة عي�ش حتت رعايتك‪,‬‬ ‫عن رائحة الدم يف املجازر‬ ‫عن وخز الن�سيان يف دمي‬ ‫عن مكان جيد ملالقاتك‬ ‫عن �سيدة تبكي لأن زوجها عاد �سليما من احلرب‬ ‫ومل ت�صبه �أي ر�صا�صة من الر�سائل التي تبعث بها دائما‬ ‫نهاية كل يوم‪,‬‬ ‫ويف كل مرة تت�سلق فيه الوحدة �أ�سوار البيت‪,‬‬ ‫دون تقدمي ر�شوة لكهنوتك العائدين من العمل‪..‬‬ ‫دون موعد ل�صالة‬ ‫وال نفري �إلى ار�ض يقطنها ال�ضجر‪.‬‬ ‫ال ت�صلح حتى للموت‪.‬‬ ‫�إنني �أ�شبه احلطابني يا اهلل‬ ‫مثل �أي غيمة تعي�سة‬ ‫�ألب�س كوابي�سي الثقيلة‬ ‫و�أخرج �إلى جدول قريب‬ ‫حيث يعوي كلب هرم وتن�صت له الأودية‬ ‫و�أنظر �أي�ضا �إليك‪,‬‬ ‫�أنظر مطوال �إليك لأرو�ض الي�أ�س‬ ‫الذي يحفر بئرا عميقا لأمنياتنا‬ ‫و�أحاول خلع مالب�سي‬ ‫لرتى كم طفح احلب عن الكلمات‬ ‫كم ارتع�ش الوعد من املفردات الباردة‪.‬‬ ‫كم يكفي هذا الثقب املتحرك يف ج�سد الدنيا‬ ‫ليتوقف عن ال�سهر ‪.‬‬

‫َن ِز ٌ‬ ‫يف‬

‫صالح الدين بشر‬ ‫�ص ْو َب َكوَ ِاك َب‬ ‫فيِ مَ ْو ٍج َه ِارب ٍ َ‬ ‫ُق َّد ْت ِم ْن َ�سوَ ِاد المَ َعَ ان‬

‫َن ِز ٌ‬ ‫يف‬ ‫ي َْر ُك ُ‬ ‫الر ْم ِل‬ ‫�ض َك َد َّوامَ ِة ّ‬ ‫اب ا ْلعُ ْم ِر‬ ‫َ�س َر ُ‬ ‫َهيُ َ‬ ‫اء‬ ‫ولى َ‬ ‫�ص ْح َر َ‬

‫فيِ يمَ ٍّ ِم َن َّ‬ ‫ال�ش ْم ِ�س‬ ‫َو َزو َِابعَ ِم َن َّ‬ ‫ال�ض ْي ِم‬ ‫و َّ‬ ‫َالزمَ ِن‬ ‫َالَمَ ِل‬ ‫و ْ أ‬

‫المْ ُ ث َا ِخ ِم ِلوَ َج ِع المْ ُ ُد ِن‬ ‫و خَ َ‬ ‫الَ ْنهُ ٍر‬ ‫ا�ض ْ أ‬ ‫َم ِ‬ ‫َّ‬ ‫ا�ش‬ ‫الث ِاوي ِ‬ ‫َات فيِ أَ� ْح َر ِ‬ ‫الَ ْحلاَ ِم‬ ‫ْ أ‬ ‫َت�أْ ُك ُل َّ‬ ‫النا َر‬ ‫اء‬ ‫َت ْ�ش َر ُب المْ َ َ‬ ‫الرمَ ادَ‬ ‫َت ِّ�س ُف َّ‬

‫َت ْذرَع ُ ُّ‬ ‫وب‬ ‫الد ُر َ‬ ‫يح‬ ‫يم ِّ‬ ‫َه ِائ َم ًة عَ َلى َه ِ�ش ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫وح‪...‬‬ ‫و َ​َهب ِ‬ ‫َاء ُّ‬ ‫الر ِ‬

‫ُتعَ انيِ‬ ‫ل�س ِان‬ ‫ِم ْن عَ ْج ِز ِّال َ‬ ‫و َُع ْ�س ِر َّ‬ ‫الت َدانيِ ‪...‬‬ ‫****‬

‫نــــز يــــف‬

‫ها �أنت يا �إلهي تنظر �إلينا‬ ‫حفاة‪..‬عراة‪..‬‬ ‫نقطع ال�شوارع‬ ‫ونرتك خلفنا جراحا على الطريق‬ ‫و�أخرى على ظاللنا‪,‬‬ ‫ومن �أعني الهواء ت�سقط رغباتنا‬ ‫وترك�ض خلف اخلريف‪.‬‬ ‫ها �أنت تنظر �إلينا يا اهلل‬ ‫ورغم �أنني مل �أراك من قبل‬ ‫ومل ي�سبق يل �أنا �ألقيتك يف مطعم‬ ‫وال قر�أت عنك يف جملة �أو جريدة‪.‬‬ ‫�أنظر �إليك‪..‬‬ ‫وتكرب يف داخلي غابة ال�سكينة‬ ‫و�أحاول ترتيب الليل يف عيوين‬ ‫والنهار �أمام �صوت �أمي‬ ‫عندما يبدو النهار م�ستحيال‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫****‬ ‫ي َْر ُك ُ‬ ‫اح َن ِم ْن َهوَ اء‪...‬‬ ‫�ض ا ْلعُ ْم ُر َطوَ ِ‬ ‫مُ َّدنيِ «‪ِ »Don Quijotte‬ب َ�س ْي ِف َك‬ ‫اق‬ ‫اب َه ِذي َْ أ‬ ‫أَ� ْق َطعُ ِر َق َ‬ ‫ال ْع َن ِ‬ ‫َاحا‬ ‫َت ْ�ص َط ُّف �أَ ْ�شب ً‬ ‫ود‬ ‫ِم ْن لحُ ُ ٍ‬ ‫ود‬ ‫و َُعهُ ٍ‬

‫يم‬ ‫َو ر َِم ٍ‬ ‫جَ ُ‬ ‫ال�سبُ ِل ‪،‬‬ ‫ت ُ‬ ‫و�س َف َر ِاد َ‬ ‫ي�س ُّ‬ ‫ُت ْر ِع ُب َج َن ِائ َن الحْ ُ ْل ِم ‪،‬‬ ‫�ض مَ َ‬ ‫َت ُق ُّ‬ ‫اجعَ الحْ َ ْر ِف ‪،‬‬ ‫�ض ِ‬

‫‪10‬‬

‫َت ِه ُ‬ ‫و جُ ْ‬ ‫�ض ُن ْ�س َغ َّ‬ ‫الد ْم ِع ‪...‬‬

‫****‬ ‫ي َْر ُك ُ‬ ‫ات َغ ْي ٍم َ�ش ِاردَ ٍة‬ ‫�ض ا ْلعُ ْم ُر َح َّب ِ‬ ‫الط َ‬ ‫َت ْر َك ُب ُ�س ُف َن ُّ‬ ‫وف ِان‬

‫ي َْر ُك ُ‬ ‫�ض ا ْلعُ ْم ُر َج َح ِاف َل ِم ْن أَ� ْعوَ ٍام‬ ‫ا�س َ‬ ‫�ض ِام َر ٍة‪...‬‬ ‫َو�أَ ْف َر ٍ‬

‫َج َث ْو َت «‪ »Don Quijotte‬عَ َلى ُر ْك َب َت ّْي‬

‫َه ِزمي ٍَة‪،‬‬ ‫و َ​َكب َْو َت عَ َلى مَ ْدمَ ِع �أَ ْ�سوَ ٍار َح ِزي َن ٍة‬ ‫ات‬ ‫فيِ ِح َد ٍاد عَ َلى َ‬ ‫�ص ْهوَ ٍ‬ ‫اء‬ ‫ب َْك َم َ‬ ‫َو َن ْخلاَ ٍت عَ ْج َفاء‬ ‫مُ َ‬ ‫�ض َّم َخ ٍة ِب ِح َّناء‬ ‫�ص َخ ْل َخ اً‬ ‫ال َج ِريح ًا‬ ‫َت ْر ُق ُ‬ ‫عَ َلى عَ ْو َ�س ٍج َق ِائ ٍظ‬

‫ِم ْن َج ْم ٍر َو َظ ِهري ٍَة‪...‬‬ ‫****‬

‫ي َْر ُك ُ‬ ‫َا�س ُّ‬ ‫وب‬ ‫�ض ا ْلعُ ْم ُرمُ ْث َخن ًا فيِ َيب ِ‬ ‫الد ُر ِ‬ ‫هوب‬ ‫حَ ْ‬ ‫وم ِل ّ‬ ‫ال�س ِ‬ ‫َاب‬ ‫ُت ْ�ش ِب ُه ُ�س ْح َن ِ‬ ‫ات َيب ٍ‬

‫و َ‬ ‫اب‬ ‫َخ َر ٍ‬ ‫الَ ْج َ�س ِاد‬ ‫يل ْ أ‬ ‫فيِ َت َف ِ‬ ‫ا�ص ِ‬ ‫َو ا ْل ِبلاَ ِد‬

‫َت ِئ ُّن ِم ْن َف ْر ِط َ�س ْو ِط جْ َ‬ ‫ال اَّل ِد‬ ‫ِب ُق َّف ٍاز‬

‫َان‬ ‫ير َو ُق ْ�ضب ٍ‬ ‫ِم ْن َح ِر ٍ‬ ‫و َِع َظ ٍام‬ ‫ا�س…‬ ‫َو�أَ ْع َر ْ‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫القاتل‬ ‫زليخة موساوي‬

‫محمد العربي غجو‬ ‫* (�شاعر ومرتجم)‬

‫الإعالم الثقايف احللقة الأ�ضعف يف‬ ‫جممل املمار�سة الإعالمية الوطنية‬ ‫يعترب الإعالم الثقايف احللقة الأ�ضعف يف جممل املمار�سة‬ ‫الإعالمية الوطنية ب�أقطابها ال�سمعية والب�صرية والورقية‪.‬‬ ‫�أوال لأن �سيا�سة الدولة يف هذا املجال منذ كانت مل تول الثقافة‬ ‫املرتبة التي ت�ستحقها ومل تعتربها الرافعة اال�سرتاتيجية‬ ‫ال�ضرورية للنهو�ض ب�سائر املجاالت بل اعتربتها يف كثري من‬ ‫الأحيان ن�شاطا هام�شيا فولكلوريا‪ ،‬هذا �إن مل تكن يف مراحل‬ ‫معينة قد حاربتها ونا�صبت رموزها العداء‪.‬‬ ‫حني نتحدث عن الإعالم الثقايف عامة والورقي حتديدا‬ ‫تنت�صب �أمام �أعيننا جتربة املالحق الثقافية لل�صحف الوطنية‬ ‫وما قدمته يف مراحل طويلة وممتدة من تاريخنا احلديث من‬ ‫خدمات ثقافية انعك�ست ب�شكل وا�ضح ومبا�شر على احلركية‬ ‫الثقافية والإبداعية ببالدنا و�ساهمت يف ظهور العديد من‬ ‫الأ�صوات الإبداعية التي كان لها باعها الطويل يف ال�ساحة‬ ‫الثقافية الوطنية والعربية ‪.‬‬ ‫جتربة املالحق الثقافية بعد �أن كانت مقت�صرة على بع�ض‬ ‫ال�صحف ذات االمتداد احلزبي (العلم ‪ -‬االحتاد اال�شرتاكي –‬ ‫البيان – املنعطف ‪ -‬امليثاق ‪� )..‬أ�صبحت اليوم ويف ظل تعدد‬ ‫امل�شهد الإعالمي تقليدا معمما وم�ساحة لالبتكار واالجتهاد‬ ‫ورهانا ممكنا وقائما لتوفري مادة ثقافية قادرة على جذب‬ ‫و�إثارة انتباه قارئ مفرت�ض تت�أكد يوما عن يوم حقيقة هجرته‬ ‫املتوا�صلة ملا هو ورقي نحو الف�ضاء الرقمي‪ .‬حقيقة يتعني على‬ ‫مهند�سي ومالكي امل�شاريع الإعالمية التكيف معها وابتكار‬ ‫ال�صيغ الكفيلة بتجويد وع�صرنة املنتوج الثقايف ا�ستجابة‬ ‫لتحديات املناف�سة بكل �أ�شكالها و�ألوانها ‪..‬‬ ‫وطرح «جريدة ال�شمال» ملو�ضوع «جتربة املالحق الثقافية»‬ ‫يف هذا الظرف بالذات ال�شك نابع من �إدراكها كون هذه التجربة‬ ‫مبا لها وما عليها تقف يف «مفرتق طرق» حا�سم وم�صريي‪ .‬فهي‬ ‫�إما �أن ت�صوغ لنف�سها هوية وم�سارا جديدين فتكون مواكبة‬ ‫وم�سايرة للنب�ض املت�سارع ملفردات الواقع الإعالمي والرقمي‬ ‫اجلديد �أو �أنها ب�إبقائها على موا�صفاتها التقليدية املعروفة‬ ‫�ستكون معر�ضة للتهمي�ش واالنزواء �إن مل نقـــل لالنقرا�ض‬ ‫والزوال وهو ما ال نتمناه على �أية حال‪.‬‬

‫و�ضعت الكتـــاب على املن�ضدة‬ ‫ال�صغرية جنب ال�سرير وا�ستغرقت‬ ‫يف نوم عميق‪.‬‬ ‫كان كتابـــا لكوليــت حتكـــي‬ ‫فيه االردة املراهـقـة ثم املــر�أة‬ ‫املتزوجة بقرار عائلي عن وحدتها‬ ‫و جنونهـا‪.‬‬ ‫تتخيلهـــا‬ ‫تغــرق يف ق�صــ�ص‬ ‫ّ‬ ‫على مـــدار ال�ساعـــة‪ ،‬ق�صـــ�ص‬ ‫فظيعة مليئــة بالدم واجلرائم‬ ‫واالختطـــاف‪ .‬تغــرق فيهــا كــي‬ ‫تن�ســى‪ ،‬لكنهـــا ال تن�سى‪ .‬كانــت‬ ‫حتلم باحلب‪ ،‬ذلك احلب العا�صف‬ ‫كربكــــان الذي يقتلـــع العا�شق‬ ‫واملع�شوق من اجلذور ويرمي بهما‬ ‫يف غياهــب اجلنون‪ .‬حب طــاغ ال‬ ‫يخ�ضع للم�ألوف‪ ،‬حب يجرجـــر‬ ‫�صاحبيه يف الطني‪.‬‬ ‫عبـاد �إلى‬ ‫ينظر املعتمــــد بن ّ‬ ‫زوجته اعتمــــاد وبناتهـا يرفعن‬ ‫الأثواب احلريرية عن �سيقانهن‬ ‫العاجية‪ ،‬يت�ضاحكن ويتقافزن‬ ‫يف بركــة العنرب‪ ،‬امل�سك والكافور‬ ‫املعجون مباء الورد‪ .‬لكل واحد‬ ‫طينه‪ .‬هكذا تكون تراتبية الطني‪.‬‬ ‫� ّ‬ ‫أعدي يل الطني كي �أحيا �شعرا‪.‬‬ ‫�صنع الريح من املاء زرد‬ ‫هذا ما قاله املاء ذات م�ساء للأمري حممد بن عباد وهو ي�سري جنب النهر مع �صاحبه ابن‬ ‫عمار‪.‬‬ ‫عمار‪ .‬كانت لعبتهما املف�ضلة �أن يتناوبا على �صدر �أو عجز البيت‪.‬‬ ‫اكمل البيت يا ابن ّ‬ ‫نّ‬ ‫وجم ابن عمار ومل ت�سعفه خميلته‪� .‬أطلت اجلارية التي كانت ت�صب �أغرا�ض موالتها زوجة‬ ‫الرميك بن احلجاج ثم �أكملت البيت وهي تنظر �إلى الأمري بعينيها ال�ساحرتني‪:‬‬ ‫�أي درع لقتال لو جمد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عجز البيت جعل الأمري ي�سقط يف احلب مثلما �سقط يو�سف يف اجلب‪ .‬حتولت اجلارية رمودة‬ ‫�إلى �صاحبة اجلاللة اعتماد الرميكية و ا�شتق امللك ا�سمه اجلديد من حروف ا�سمها‪.‬‬ ‫طلب الدليل ال�سياحي من ليلى �أن تقول كلمة بعد �أن انتهى من �سرد حكاية املعتمد بن عباد‪.‬‬ ‫يفنى امللك ويفنى امللوك ويبقى ال�شعر‪ .‬قالت ليلى دون �أن يرف لها جفن‪.‬‬ ‫من يقف يف �أغمات على قرب املعتمد بن عباد وزوجته اعتماد الرميكية ي�سمع احلكاية‬ ‫بحذافريها كما �سمعتها ليلى ال�شاعرة التي �أتت من تون�س كي تزور قرب امللك العا�شق‪.‬‬ ‫غادرت ال�ساردة يف رواية كوليت �صفحات اجلريدة التي كانت تخبئها حتت كتاب التاريخ‪ .‬يف‬ ‫املدر�سة نال التاريخ عالمة توبيخ‪.‬‬ ‫دائما يف�شل التاريخ �أمام احلب‪� .‬أمل يحك هومريو�س كيف �أ�شعل باري�س نار االقتتال يف مدينة‬ ‫طروادة ملا اختطف فاتنته هيلني؟‬ ‫ت�سلل الرجل الو�سيم الذي كانت �شرطة باري�س تبحث عنه‪ ،‬ت�سلل من �صفحات اجلريدة‬ ‫�إلى ر�صيف ال�شارع الذي متر منه الفتاة ذاهبة وعائدة من مدر�ستها‪ .‬ع�شقته و�أ�سرتها نظراته‬ ‫ال�ساحرة‪.‬‬ ‫وعدها �أن ي�أتي يوما ويخطفها كي يعي�شا ق�صة حبهما‪.‬‬ ‫قدمت مني ورقة و قلما لأنطوان ابن خالها‪ ،‬ع�شيقها و زوجها امل�ستقبلي ‪.‬‬ ‫اكتب يل ر�سالة �إلى حبيبي‪� .‬أنا حممومة وال �أ�ستطيع �أن �أفعل ذلك بنف�سي‪.‬‬ ‫ذات م�ساء ملحت مني ظال مي�شي حتت نافذتها‪.‬بل �سمعت خطواته‪ .‬عرفته من خطواته‪.‬‬ ‫�ضيعتها حا�سة �سمعها‪ .‬مل تدر كيف وجدت نف�سها جتري بحثا عن القاتل يف �شوارع باري�س‪.‬‬ ‫يف ليل ماطر‪ ،‬كانت الدروب �ضيقة و ال�ساحات فارغة �إال من بع�ض املوم�سات و قوادين من‬ ‫الدرجة الثالثة‪ .‬مل تخف من الريح تعربد يف ال�شوارع املقفرة وال حتى من ظالم القناطر‪ .‬كل ما‬ ‫كانت تخاف منه هو �أال جتد حبيبها الذي كانت تنتظره حممومة ومتقدة احلوا�س‪ .‬مل جتده‬ ‫لكنها فتحت عينيها على باري�س الليل‪ ،‬باري�س الظالم‪ ،‬تلك الباري�س الأخرى التي كانت جتهلها‬ ‫كما كانت جتهل �أنها تع�شق القاتل‪..‬‬


‫العدد ‪1024‬‬

‫صة قصيرة‬

‫ق‬

‫الشمال الثقافي‬

‫ال�ســ َّقــــــاء‬ ‫َّ‬

‫هناك‪ ،‬عند مدخل ذاك احلي العتيق‪ ،‬كان ي�ضع بَّ ا براهيم كر�س ّ ًيا �أخر�سا‪َ ،‬عمَّ ر حينا‬ ‫من الدهر‪ ،‬حتى ْ‬ ‫اهترَ�أ واختفى لون �صباغته‪ ،‬رفيقه الوحيد يف زقاق �ضيق منعزل‪ ،‬يجل�س‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫عليه لي�ست�أن�س باملا ّ َرة‪ ،‬بعينني غارقتني يف الذبول‪ ،‬حتكيان ق�سوة �سنوات ق�ضاها من عمره‪،‬‬ ‫قبل �أن ينطق ل�سانه بحرف‪ .‬خلف بيته املت�آكل‪ ،‬التفت ُ�ش َجيرْ ة ب�أغ�صان ياب�سة‪ ،‬زرعها منذ‬ ‫مدة طويلة‪ ،‬كان ي�سقيها ُ‬ ‫وي َق ِّلم ما َت َ�شعَّ َب منها‪ ،‬فكانت مر�آة يرى فيها رغبته يف اال�ستمرار‬ ‫والبقاء‪ ،‬وهي حتاول �أن تقاوم مثله نوازل الدهر‪.‬‬ ‫غطى َّ‬ ‫برونزي غامق‪ّ ،‬‬ ‫كان ِل ِ�س ْح َنة بَّ ا براهيم ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫كل وجهه تقريبا‪ ،‬مل يح�صل عليه‬ ‫لون‬ ‫من َحمَّ امَ ات اال�ستجمام ال�صيفية‪� ،‬أو من انبطاحه فوق رمال �شاطئ ترفيهي‪ � ،‬مّإنا �أهدته‬ ‫�إيّ اه َل َ�س ُ‬ ‫عات ال�شم�س احلارقة‪ ،‬مقابل عمله الكادح حتت �أ�شعتها‪ ،‬فقد �أفنى الرجل �شبابه‬ ‫يعمل بجد‪ ،‬كي ُي ؤَ� ِّمن لقمة عي�ش نظيفة لأبنائه الأربعة‪َّ ،‬‬ ‫ك�سقاء �أو كبائع ماء يف الأ�سواق‬ ‫الأ�سبوعية املتنقلة‪ ،‬ب�ضواحي مدينة الق�صر الكبري‪ ،‬يتكئ ال�سبعني‪ ،‬ويحمل فوق ظهره‬ ‫ُامل ْح َدو َْدب وعاءً من جلد املعز‪ ،‬يغيب بني احلني والآخر‪ ،‬ليملأ �أح�شاءه مبياه عذبة �صافية‪،‬‬ ‫كالنيا�شني‪َ ،‬‬ ‫وعلى �صدره ا�ستقرت �أكواب ال ُعروة لها َّ‬ ‫وت َد َّلى بع�ضها الآخر من حزام بدلته‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫املزرك�شة‪ ،‬وبيده ناقو�س نحا�سي‪ ،‬يقرعه مع كل خطوة �أو خطوتني يخطوهما‪ ،‬وينادي‬ ‫ب�صوت �أَبَحٍّ ‪:‬‬ ‫ �أيها العطا�شى‪ ..‬املاء هلل‪!..‬‬‫َ‬ ‫َّ‬ ‫مل تكن َب َ�ش ُ‬ ‫رة بَّ ا براهيم املحروقة‪ ،‬الهديّ ة الوحيدة التي ت�سلمها من الزمن‪ ،‬بل �أهدته‬ ‫ميّ اه‪ ،‬ف�أ�صبحت تلك الأخاديد ُ‬ ‫ال�سنون �أي�ضا‪ ،‬جتاعيد ومل�سات ظهرت على حُ َ‬ ‫واحل َفر‪ ،‬تر�سم‬ ‫كفاح طويل‪ ،‬عا�شها بَّ ا براهيم العجوز‬ ‫حكاية‬ ‫خارطتها على وجنتيه وحتت عينيه‪ ،‬تروي‬ ‫ٍ‬ ‫ب�صرب و�إميان‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫م�شيت نحوه بخطوات متثاقلة‪ ،‬وك�أنني أ�ق ِبل على �شخ�ص معتوه‪ ،‬قد ال تكون ردة فعله‬ ‫حممودة العواقب‪ ،‬حتى �إذا دنوت منه‪َ ،‬حيَّ يْ ته حتية �إجالل‪ ،‬و�أنا �أنحني فوق ر�أ�سه لأُ َقبِّ َله‪،‬‬

‫ة من الواقع‬

‫قص‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫• سعيد نعام‪ /‬إسبانيا‬

‫معلمي‪ ،‬و�أ�ساتذتي‪،‬‬ ‫وكان هذا د�أبي مع كل من �أ�صادف من‬ ‫َّ‬ ‫و�أ�صدقاء والدي رحمه اهلل‪ ،‬و�س�ألته عما �إذا كان ما يزال‬ ‫يتذكرين‪ ،‬ف�أجاب‪:‬‬ ‫ كيف ال �أتذكر كرميا ابن كرمي‪..‬؟!‬‫ان�شرحت نف�سي وابتهجت ل�سماع هذه الكلمات‪ ،‬لكنني‬ ‫حاولت �أن ال ينعك�س ذلك على مالحمي‪ ،‬فاكتفيت بابت�سامة خفيفة يف وجهه‪ ،‬ثم ر�أيت‬ ‫ً‬ ‫طريقا لنهايتها‪،‬‬ ‫دمعة َت ِف ُّر من عينيه‪ ،‬عجز عن كبحها‪ ،‬وتاهت بني الأخاديد‪ ،‬قبل �أن تعرف‬ ‫َّ‬ ‫وتتحدث عن حجم القهر الذي كابده بَّ ا براهيم امل�سكني‪ ،‬وعن العَوَ ز والإمالق الذي وقع‬ ‫اتفاقه مع احلياة‪ ،‬ب�صالحية غري منتهية الأجل‪ ،‬وا�سرت�سل قائال‪:‬‬ ‫ لقد كان والدك رحمه اهلل رجال �سخيا‪ ،‬حنونا‪ ،‬يحب اخلري للنا�س‪ ،‬واليتوانى َقيْ دَ‬‫أُ� مْ ُ‬ ‫نلة عن مَ ِّد يد امل�ساعدة للجميع‪ ،‬كنت مبجرد ما �أقرتب من «ر َْحب َِته»* و�أدق الناقو�س‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الباعة واملارَّة على ح�سابه‪ ،‬ف�أروي ظم أ� كل من حويل‪،‬‬ ‫ينادي علي‪ ،‬ويطلب مني �أن أَ� ْ�س ِق َي‬ ‫حتى �إذا مل يتبق من يطلب ماءً ‪� ،‬أمرين �أن �أُ ْف ِر َغ َّ‬ ‫اجلراب على الأر�ض‪َ ،‬تيَمُّ نا‬ ‫الثمالة الباقية يف ِ‬ ‫بربكة ال�سماء‪ ،‬ورحمة اخلالق لعباده‪ ،‬ثم ُي�سرع �إلى حمفظته املعلقة بعنقه‪ُ ،‬‬ ‫ويخرج منها‬ ‫«الربكة»‪� ،‬أو كما كان يحلو له �أن ُي َ�سمِّ يَها‪ ،‬ف�أُ�سَ ُّر مبا مينحني دون �أن �أ�ستعطيَه‪..‬‬ ‫يا َل ِت ْل َك الأيام اجلميلة‪!..‬‬ ‫وقف بَّ ا براهيم متململاً ‪ ،‬ي�ستند بيده اليمنى �إلى احلائط‪ ،‬و َي َّت ِكئ بالي�سرى على كتفي‪،‬‬ ‫بال‪ ،‬ك�أ�سماله التي كان يبتاعها من �سوق املتال�شيات‪ ،‬برُ َق ٍع طافت فيها هنا‬ ‫بج�سد منهك ٍ‬ ‫وهناك‪ ،‬وكانت تبدو عليها مل�سة �أنامله املرتع�شة‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬

‫* «الرحبة» بقعة �أر�ضية �صغرية خم�ص�صة لعر�ض منتوج الفوم َ‬ ‫والق َّطانيات‪� ،‬أمام جتار‬ ‫اجلملة‪ ،‬بالأ�سواق الأ�سبوعية املتنقلة‪ ،‬مبدينة الق�صر الكبري‪.‬‬

‫حار�س القطـار‬

‫تبا‪� ،‬صارت تراودين ومنذ مدة لي�ست بالق�صرية وب�إحلاح غريب فكرة مثرية جدا‬ ‫وخطرية‪ :‬بت �أخطط �أن �أترك عنوة القطار القادم من ال�شمال ي�صطدم بالقطار الآخر‬ ‫الآتي من اجلنوب يف هذه املحطة النائية والثانوية‪ .‬كان القطاران يلجان املحطة يف‬ ‫نف�س التوقيت مرتان يف اليوم وميران ب�سرعة كالربق كل واحد يف �سكته التي ال تبعد‬ ‫عن ال�سكة الأخرى �إال ب�أقل من ن�صف مرت ‪ ،‬الكثري من النا�س ال ي�ستوعب جيدا �أهمية‬ ‫وظيفة حار�س قطار‪ ،‬تخيلوا معي حجم الكارثة وامل�صيبة لو �أن حار�س القطار تقاع�س �أو‬ ‫ن�سي �ضبط ال�سكة ب�شكل �صحيح فلن ينجو �أحد من امل�سافرين حني ي�صطدم القطاران‬ ‫ببع�ضهما البع�ض ليتحوال بعد ذلك �إلى ركام من حديد ونار و�أ�شالء ب�شرية ممزقة‪ .‬قبل‬ ‫ن�صف �ساعة من ولوج القطار املحطة كانت ت�صلني �إ�شارة �إنذار على �شكل جر�س يرن يف‬ ‫مكتبي ال�صغري فكنت �أجته مبا�شرة �إلى �آلة حديدية منت�صبة بالقرب من ال�سكة وهي‬ ‫عبارة عن عمودين حديديني �شبه متقاطعني فكنت �أم�سك مبقب�ض العمود احلديدي‬ ‫الأول و�أ�سحبه بقوة �إلى الأ�سفل فتتباعد ال�سكتان عن بع�ضهما بعدما كانتا �سكة واحدة‪،‬‬ ‫املو�ضوع برمته لن يكلفني �أي جمهود‪ ،‬يكفيني فقط �أن �أجتاهل �إ�شارة �إنذار اجلر�س‬ ‫و�أترك ال�سكة يف و�ضعيتها الأولى‪ ،‬خط واحد ال غري لتحل الفاجعة با�صطدام قطارين‬ ‫�سيجدان �أنف�سهما فج�أة وجه لوجه!‬ ‫�أعتقد �أن �أ�سو�أ قرار اتخذته يف حياتي حني كنت مراهقا يف املرحلة الأولى من التعليم‬ ‫الثانوي يوم طاوعت �صديقي املغفل والأبله فيليب يف الذهاب �إلى �إدارة ال�سكة احلديدية‬ ‫وولوج قاعة االمتحانات من �أجل اجتياز مباراة وظيفة «حار�س قطار»‪ ،‬كان فيليب ك�سوال‬ ‫جدا ويعاين من �ضعف �شديد يف الريا�ضيات واللغات الأجنبية وهما املادتان الأ�سا�سيتان‬ ‫يف االمتحان‪ ،‬اتفقنا قبل ولوج القاعة �أن �أكتب ا�سمه الثالثي يف ورقة االمتحان اخلا�صة‬ ‫بي بينما هو ي�ضع �إ�سمي يف ورقته‪ ،‬كنت متيقنا من جناح فيليب لأين �أجبت على كل‬ ‫التمارين مبهارة و�إتقان كما كنت متيقنا �أكرث من ر�سوبي ليقيني من توا�ضع م�ستوى‬ ‫�صديقي فليب الذي لن يفلح �أبدا يف �أي مترين ب�سيط‪ ،‬ويف الأخري �سي�سلم للجنة امل�شرفة‬ ‫على املباراة ورقة االمتحان التي حتمل ا�سمي بي�ضاء كما ت�سلمها �أول مرة‪ ،‬لكن النتيجة‬ ‫كانت �صادمة‪ ،‬جنحت �أنا ور�سب فليب وك�أن �إدارة مكتب ال�سكك احلديدية كانت تبحث عن‬ ‫املر�شحني الأكرث بالدة‪ .‬مل تكن يل يف بادئ الأمر �أدنى رغبة يف �أن �أ�شتغل « حار�س قطار»‬ ‫لكن املو�ضوع مع مرور الوقت �صار مغريا جدا حني علمت �أين �سوف �أتقا�ضى عند نهاية‬ ‫كل �شهر ورقة مالية من ثالثني خلدة‪ ،‬والتي ال ميكن �أبدا مقارنتها مب�صرويف الهزيل الذي‬ ‫�أح�صل عليه من والدي العجوز املقبل على التقاعد‪� ،‬إذا كان م�صرويف الآن ال يتعدى خلدة‬

‫واحدة كل �أ�سبوعني‬ ‫كيف �سيكـون عليه‬ ‫احلــــــال عنـــدمـــا‬ ‫يتقـــاعـــد والــــدي‬ ‫ويتقلـــــ�ص راتبــــه‬ ‫�إلى الن�صف؟ كمــا‬ ‫�أن البذلـة الأنيقة‬ ‫حلار�س قطار والتي‬ ‫ت�شبه �إلى حد ما زي‬ ‫• محمد الجباري‪/‬هولندا‬ ‫�ضباط اجلي�ش كان‬ ‫لها ت�أثيــر كبيــر يف‬ ‫ح�سم م�س�ألة اختياري والتحاقي بفوج املتدربني مبدر�سة ال�سكك احلديدية مبدينة‬ ‫الهاي‪.‬‬ ‫مرت �سريعا فرتة التدريب والتي مل تتجاوز ثالثة �شهور ووجدت نف�سي ذات يوم‬ ‫خريفي �أ�شتغل يف حمطة ثانوية ونائية على مقربة من احلدود الأملانية‪ ،‬رمبا �شعرت‬ ‫يف بداية الأمر ببع�ض االرتياح وب�أين حمظوظ جدا �أ�شتغل يف حمطة للعبور ال تتوقف‬ ‫بها القطارات فلن �أكون معنيا �إذن ب�شغب و�ضجيج امل�سافرين وم�شاكلهم التي ال تنتهي �أو‬ ‫جمربا على الدخول يف معارك طوال النهار مع بع�ض الل�صو�ص الذين يركبون القطار‬ ‫بدون تذكرة �سفر ولن �أ�صطدم مطلقا مع بع�ض النازيني الأملان الهاربني من العدالة نحو‬ ‫الأرا�ضي الهولندية‪� .‬إن عملي مريح فيكفيني �أن �أنتبه �إلى رنني جر�س الإنذار لتغيري‬ ‫من و�ضعية ال�سكة كلما �صادف مرور قطارين باملحطة‪ ،‬لكني مع مرور الوقت اكت�شفت‬ ‫�أن �أ�سو أ� مكان ميكن �أن ي�شتغل فيه حار�س قطار حني يجد نف�سه وحيدا يف مكان خال‬ ‫من النا�س‪ ،‬منظر الأ�شجار املنت�صبة �أمامي كل يوم وال�ساعة الكبرية املعلقة تتدلى من‬ ‫ال�سقف هذا هو امل�شهد الوحيد الذي كان يتكرر مبلل ورتابة قاهرة ‪ ،‬كان الأمر �أ�شبه‬ ‫بزنزانة انفرادية‪ ،‬الذين خربوا ال�سجن ي�ستوعبون جيدا املعنى الكارثي والدرامي �أن‬ ‫تق�ضي �أياما من احلب�س منعزال عن امل�ساجني وحيدا يف زنزانة قامتة حيث يتكرر امل�شهد‬ ‫ذاته يف روتني بئي�س طول الوقت‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫العدد ‪1024‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)924‬‬

‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫“التاريخ وما بعد‬ ‫الكولونيالية”‬

‫من معالم قوة “درس التاريخ” المعاصر‪ ،‬هذا النزوح الجماعي نحو مساءلة المحددات‬ ‫النظرية المؤطرة لمهنة صناعة كتابة التاريخ‪ ،‬سواء على المستوى العالمي أم العربي‬ ‫أم المغربي‪ .‬لم تعد الكتابة التاريخية مجرد نزوة عاطفية إلرضاء شغف “الذاكرة الجماعية”‬ ‫الراغبة في االنتشاء بعناصر “المشترك الوطني” كمبرر للشرعيات وللسلط وللمقدس‪ ،‬بقدر‬ ‫ما أنها تحولت إلى “ذاكرة تاريخية”‪ ،‬بحس نقدي مبادر‪ ،‬وبروح علمية مجددة‪ ،‬وبأسئلة‬ ‫تفكيكية ال تكتفي بإعادة تقليب المتون واإلسطوغرافيات‪ ،‬ولكنها تتجاوز ذلك إلى مستوى‬ ‫مساءلة اليقينيات واليوطوبيات وعناصر المسكوت عنه أو الموجهة في أرصدة المنجز الوطني‬ ‫والعالمي ذي الصلة‪ .‬وإذا كان الحقبة الكولونيالة التي سلخت فترة طويلة من عمر شعوب‬ ‫إفريقيا وآسيا وأمريكا الالتينية‪ ،‬قد خلفت تراكما هائال من األعمال الوظيفية التي أطرت مهام‬ ‫الغزو واالحتالل االستعماريين‪ ،‬فإن الرد على تهافت تخريجاتها وعلى تقييم حصيلة منجزها‬ ‫قد استنفذ أدواره مع تبلور معالم الكتابة التاريخية الوطنية المرتبطة بصدمة التحول نحو‬ ‫االستقالل‪ ،‬مثلما عكسته –على سبيل المثال ال الحصر‪ -‬نماذج المدرسة الوطنية التي برزت‬ ‫بالمغرب عند فجر االستقالل‪ ،‬وأنتجت رصيدا غنيا من األعمال المؤسسة التي ظلت مشغولة‬ ‫بهاجس الرد على أطروحات االستعمار‪ ،‬وبمنحى تفنيد أحكامه الجاهزة التي اختيرت كقوالب‬ ‫جاهزة لتحنيط مجمل حلقات تاريخ المغرب الطويل‪ .‬ولعل في رصيد أعمال مرجعية مثل تلك‬ ‫التي خلفها أعالم كبار من أمثال المختار السوسي ومحمد داود وعبد الرحمان بن زيدان وعبد‬ ‫اهلل كنون ومحمد المنوني‪ ،‬خير دليل على ما نقول‪.‬‬ ‫ومع تطور ذهنيات الكتابة التاريخية‪ ،‬اتضح أن أسئلة هذا المنحى المفرط في اإلخالص‬ ‫“لوطنيته” وفي الوفاء “ألصالته” وفي تمثل “مغربيته”‪ ،‬قد استنفذ أدواره واستوعب جل‬ ‫تناقضات واقعه بعد أن أشبع نهمه في التماهي مع عظمة األمس في مقابل انتكاسات الراهن‪.‬‬ ‫وتزامن ذلك مع بروز توجهات عالمية في كتابة التاريخ لم تعد تقبل بالسباحة داخل دوائر‬ ‫النسق الكولونيالي المجدد‪ ،‬وخاصة على مستوى إنتاج الخطابات ما بعد الكولونيالية وأدواتها‬ ‫االستيعابية واالختزالية المهيمنة‪ .‬وقد كان ألعمال المفكر األمريكي‪ -‬الفلسطيني إدوارد‬ ‫سعيد‪ ،‬دوره في بلورة رؤى بديلة لهذه الخطابات‪ ،‬انطالقا من مداخل نقده آلفة االستشراق‬ ‫وللصور النمطية للشرق‪ ،‬الساكن‪ ،‬الهادئ‪ ،‬الخاضع لمسلماته‪ ،‬والمطمئن ليقينياته‪ ،‬والمستكين آلليات سقوطه‪ .‬لقد نجح‬ ‫إدوارد سعيد في خلق تيار جارف لنقد ثقافي بديل‪ ،‬أعاد تفكيك مسلمات الخطاب ما بعد الكولونيالي‪ ،‬في أفق إبراز سقطاته‬ ‫المنهجية والمعرفية كمدخل إلعادة اكتشاف “الشرق” لذاته أوال‪ ،‬ثم التحرر من سلط الدوائر التي أطرها “الغرب” لكي‬ ‫يتقمصها “الشرق” ويستوعبها ويحولها إلى أساس وحيد للتأصيل لقيم الحداثة والنهوض وتجاوز إكراهات الراهن‪.‬‬ ‫لم يعد من المقبول أن يسجن الشرق ذاته وإبداعه وانتظاراته وشروط تحوله الحضاري داخل القفص البراق الذي‬ ‫أنتجه الغرب ما بعد الكولونيالي‪ .‬فهل سنقبل –مثال‪ -‬بإخضاع التحقيب األوربي الذي يوزع مسار أوربا بين العهود األربعة‪،‬‬ ‫القديمة والوسيطة والحديثة والمعاصرة‪ ،‬لتقديم تنميط جاهز على حلقات ماضينا؟ كيف أمكن اختزال التراكم اإلبداعي‬ ‫البشري في عطاء عصر األنوار األوربي؟ وهل يستطيع الشرق إنتاج عصر أنواره الخاص وحداثته الخاصة وعقالنيته المميزة؟‬ ‫لماذا يراد للعالم أن يضفي على مداخل الحداثة الغربية صفة إنسانية وكونية تجعلها صالحة لكل زمان ولكل مكان؟ وما‬ ‫نصيب باقي شعوب األرض من هذا اإلرث اإلنساني؟ أال تحمل إسهامات هذه الشعوب معالم خطابات مؤسسة لمناحي ما‬ ‫بعد الحداثة؟ وكيف أمكن إضفاء بعد كوني على تحول مجتمعي ظل يعكس سيرورة تطور المجتمعات الغربية‪ ،‬في مقابل‬ ‫تبخيس عطاء “التابع”؟ أال يمكن اعتبار ذلك تجديدا للخطاب الكولونيالي الفاقع‪ ،‬الموجه‪ ،‬والمهيمن‪ ،‬والجارف؟‬ ‫في إطار االنشغال بهذه القضايا المدخلية‪ ،‬وقع االنفتاح على ممكنات النقد الثقافي المنتج للرموز األصيلة وللقيم‬ ‫المحلية وألشكال تساكن الشعوب األصلية مع مجاالتها الجغرافية ومع شواهد أمكنتها ومع أنساق إبداعها الرمزي ومع‬ ‫نظمها المعيشية اليومية‪ .‬فكانت النتيجة‪ ،‬تفكيك علمي ألساطير “المركز والهامش”‪ ،‬في مقابل انبثاق ذات “التابع”‬ ‫والمهمش والمنسي المتطلع إلسماع صوته‪ ،‬وذلك في إطار جهد علمي رصين إلعادة اإلنصات لنبض “التاريخ من أسفل”‪.‬‬ ‫هذا التاريخ الذي ظل يصر على التمرد على مسلمات الغرب وعلى أسئلته المركزية في الفكر وفي الوجود وفي التاريخ‪ ،‬مقابل‬ ‫البحث عن آفاق جديدة للتأصيل للتاريخ المحلي وللذاكرة المحلية وللرموز المحلية‪ ،‬وقبل كل ذلك للمسارات المحلية التي‬ ‫تصنع لعطاء الشعوب عمقها الفرداني‪ ،‬بعيدا عن آفة تعميم تالوين الخطاب التاريخاني التحنيطي‪ ،‬وبعيدا عن بريق خطابات‬ ‫الحداثة التي سجنت أسئلة “التابع” داخل دوائر االنشغاالت الثقافية للغرب المهيمن أوال وأخيرا‪.‬‬ ‫لقد كان لبروز هذه الرؤى المتمردة على نظيمة الفكر اإلطالقي ما بعد الكولونيالي‪ ،‬آثاره الكبرى على مجال الكتابة‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫التاريخية الوطنية المغربية الراهنة‪ .‬فبرزت أعمال سعت إلى استيعاب التحوالت النقدية‬ ‫العميقة للحظة المغربية‪ ،‬عبر الجمع بين الزاد النظري المتين المستلهم ألنساق تطور‬ ‫مدارس الكتابة التاريخية العالمية من جهة أولى‪ ،‬ثم عبر البحث عن وضع الجسور‬ ‫الضرورية نحو مغربة مكتسبات هذه المدارس وتوفير البيئة العلمية المغربية الضرورية‬ ‫إلضفاء طابع إجرائي أكاديمي على مختلف أشكال التعاطي مع خصوبة حقل الدراسة من‬ ‫جهة ثانية‪ .‬ولعل من األمثلة الدالة والمؤسسة بهذا الخصوص‪ ،‬تلك التي راكمها –على‬ ‫سبيل المثال ال الحصر‪ -‬كل من األساتذة عبد األحد السبتي ومحمد حبيدة وعبد المجيد‬ ‫القدوري ومحمد القبلي وعبد الرحمن المودن‪ .‬هي أعمال تسائل الكتابة التاريخية‪ ،‬لتجعل‬ ‫من “صناعها” ومن روادها مجاال للدراسة وللتأمل وللتشريح‪ ،‬مما يعطي للبحث التاريخي‬ ‫هويته المجددة وألقه المستدام‪ .‬هي أسئلة تفكيكية‪ ،‬ال تقبل بالجاهز عنوانا‪ ،‬وال بالعلم‬ ‫صنما‪ ،‬وال بالبريق مرجعا‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬فإنها تحسن اإلنصات لنبض التحول العلمي‪ ،‬قبل‬ ‫أن تستوعب مرجعياته الحداثية الغربية وتتجاوزها بأسئلتها التأسيسية وبرؤاها التفكيكية‬ ‫للسلط المقدسة لألموات والماسكة بخناق األحياء‪ ،‬تحت عناوين براقة‪ ،‬تتقاطع مع‬ ‫ارتدادات تيارات “الحداثة المعطوبة”‪ ،‬حسب التعبير األثير للشاعر المغربي محمد بنيس‪.‬‬ ‫في إطار تزايد االهتمام بالبحث في خبايا هذا التحول داخل مجال العطاء األكاديمي‬ ‫التخصصي المغربي‪ ،‬يندرج صدور كتاب “التاريخ وما بعد الكولونيالية”‪ ،‬لألستاذ خالد‬ ‫طحطح‪ ،‬عند مطلع سنة ‪ ،2019‬في ما مجموعه ‪ 231‬من الصفحات ذات الحجم الكبير‪.‬‬ ‫ولقد لخصت الكلمة التقديمية األفق العام للبحث الذي انشغل به المؤلف عندما قالت‪:‬‬ ‫“بعد االستشراق‪ ،‬تطورت نظرية الخطاب ما بعد الكولونيالي مع عدد من الباحثين‬ ‫والمختصين في اتجاهات معرفية متعددة‪ ،‬وهو ما وفر اآلليات الضرورية لتفكيك المركزية‬ ‫الغربية وسردياتها الكبرى‪ ،‬وتم بذلك تجاوز ثنائية المركز والهامش التي كانت من‬ ‫أساسيات الخطاب الكولونيالي‪ ،‬لتبدأ بذلك مرحلة إتاحة المجال أمام التابع للتعبير عن‬ ‫ذاته بأشكال متعددة‪ ،‬فظهرت كتابات جديدة عبرت عن الثقافات المحلية دون أن تقع‬ ‫أسيرة “الحداثة األوربية”‪ .‬وهو ما يعني أن التمثيل التاريخي خالل مرحلة الكولونيالية لم يكن سوى خطاب للهيمنة‪ ...‬إن‬ ‫تفكيك المركزية الغربية وسردياتها الكبرى‪ ،‬وتجاوز ثنائية المركز والهامش في الخطاب الكولونيالي هو مشروع ما بعد‬ ‫حداثي‪ ،‬ومشروع ما بعد استعماري‪ ،‬وأيضا هو مشروع دراسات التابع‪ ،‬ووليد التجربة االستعمارية والتحديات التي طرحتها‪”...‬‬ ‫(ص ص‪.)16-15 .‬‬ ‫ولالستجابة لهذا األفق العام في مقاربة الموضوع‪ ،‬نحا األستاذ طحطح نحو توزيع مضامين عمله بين فصلين‬ ‫متكاملين في الرؤية وفي المنهج‪ .‬ففي الفصل األول‪ ،‬حرص المؤلف على تقديم اإلطار النظري الناظم لعناصر الدراسة‪،‬‬ ‫بحثا عن معالم “التاريخ المجدد”‪ ،‬من خالل قضاياه الكبرى‪ ،‬مثل إدوارد سعيد وانبثاق دراسات ما بعد الكولونيالية‪ ،‬والبنوية‪:‬‬ ‫من الصعود إلى األفول‪ ،‬والتخييل التاريخي‪ :‬أو ما وراء السرد التاريخي‪ ،‬وأفول صرح التاريخانية‪ ،‬ومواطن الحداثة في صحوة‬ ‫دراسات التابع‪ ،‬وقضايا البسيكوتاريخ‪ ،‬والكتابة األنوية‪ ،‬وذاكرة األماكن‪ .‬أما في الفصل الثاني‪ ،‬فقد انتقل المؤلف لتجريب‬ ‫عدته المنهجية لمقاربة عدة “مسارات متقاطعة” في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر‪ ،‬مثلما هو الحال مع صراعات الزوايا‬ ‫والسلطة في المغرب خالل عهد الدولة العلوية‪ ،‬وظاهرة التكفير في المغرب خالل القرن ‪ ،19‬والمعتقدات القديمة في شمال‬ ‫إفريقيا من خالل تعبيراتها المتمثلة في طقوس االستمطار‪ ،‬والعالقات المغربية العثمانية بين القرنين‪16‬و‪.19‬‬ ‫وفي مجمل هذه المحاور‪ ،‬ظل المؤلف حريصا على تعزيز متنه بزاد نظري غزير‪ ،‬سعى إلى البحث عن أساليب التعبير‬ ‫عن حموالته من خالل قضايا تاريخ المغرب وتحوالته المجالية والسياسية والثقافية واألنتروبولوجية المتداخلة‪ .‬وقد عزز‬ ‫نبشه‪ ،‬باالنفتاح على رصيد هائل من المادة البيبليوغرافية األصلية‪ ،‬بعد إخضاعها ألسئلة تفكيكية فاحصة‪ ،‬صنعت العين‬ ‫الثاقبة للمؤلف‪ ،‬وهي العين التي ال تقبل بالمسلمات‪ ،‬وال تغض الطرف عن التفاصيل‪ ،‬وال تقبل بسقف األسئلة ما بعد‬ ‫الكولونيالية‪ .‬هي أسئلة النقد الثقافي الذي ينفتح على عطاء مجمل المعارف والعلوم واآلداب والثقافات واإلبداعات‪ ،‬ليدمجها‬ ‫داخل نظيمة التفكير والسؤال والبحث والتشريح‪ .‬وفي ذلك‪ ،‬تجاوز صريح لنمط االستكانة لإلسطوغرافيات الكالسيكية‬ ‫والمتوارثة والمجددة‪ ،‬وصيحة من أجل االنخراط في العصر والفعل فيه وتوجيه مساراته‪ ،‬بعيدا عن دوائر “المركز”‪ ،‬وبعيدا‬ ‫عن أصنامه المفروضة‪ ،‬وقريبا من مكامن الذات ومن أسئلتها الحارقة والمنتجة لعناصر الخصب والتميز‪.‬‬

‫«من العين» عنوان معرض للجيل الجديد من الفنانين‬ ‫بـغاليري «كينت» طنجة‬ ‫«انخراط في أسئلة الهوية والصراع واالستهالك واالحتراق والتآكل والذوبان والتشويش المؤبد لرؤية األفراد للمحيط ولآلخرين»‬

‫(الرباط)‪ -‬يشارك نخبة من الفنانين في المعرض الفني األول «من العين» الذي يستغور تجارب تشكيلية حالمة ومتباينة في طرائق اشتغالها‬ ‫انطالقا من قوى هذه الحاسة التي تعد منبعا أساسا للفنون جميعها؛ حيث سيتحول رواق «كينيت» بطنجة إلى أثر فني مفتوح على كل االحتماالت‬ ‫الجمالية المعاصرة مثلما عودتنا طنجة التي خلدها فنانون كبار في ذاكرة وحاضر ومستقبل الفنون التشكيلية؛ وذلك انسجاما مع فلسفة المعهد‬ ‫الوطني للفنون الجميلة بتطوان وسعيه الدائم إلى بناء عالقات التناسج بين الفضاء األكاديمي وفضاءات العرض داخل المجال العمومي‪ .‬إن هذا‬ ‫المعرض المنظم من طرف المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان ورواق « كينيت» ومعهد سيرفانتس بطنجة يفتتح يوم ‪ 13‬دجنبر‪ 2019‬في‬ ‫الساعة السابعة مساء‪ ،‬ويستمر إلى غاية ‪ 13‬يناير من الشهر القادم يقوم – حسب المنظمين‪ -‬على فكرة ضرورة تقديم أسماء فنية من الجيل‬ ‫الجديد للمشهد الفني الوطني بهدف «ضخ تعابير وأفكار لها طرافتها‪ ،‬والتعريف بمساراتها ورهاناتها التجريبية منذ مشاريع تخرجها‪ ،‬وعلى‬ ‫امتداد المدة الزمنية القصيرة‪ ،‬لدخولها حيز االحتراف التشكيلي‪ ،‬بإسهاماتها المميزة عبر إقامات فنية‪ ،‬ومسابقات‪ ،‬وتتويج بعضها بجوائز وطنية‬ ‫ودولية كما يشير إلى ذلك المهدي الزواق مدير المعهد‪.‬‬ ‫وعن هذا المعرض يصرح األستاذ الجامعي‪ ،‬والناقد األدبي والفني د‪.‬شرف الدين ماجدولين‪« :‬تعود عالقتي بأعمال هذه المجموعة إلى‬ ‫مرحلة إشرافي على مشاريع تخرج بعضهم (خديجة الجايي وأميمة الكرسيفي ومحسن رحاوي) أو تدريسي ومناقشتي لمشاريع الباقين (محمد‬ ‫نجمي وإنصاف العسري)‪ ،‬ولعل ما يلفت االنتباه في هذه األعمال منذ الوهلة األولى هو رهانها على تطويع األداة المألوفة والمتداولة‪ ،‬الختيارات‬ ‫صعبة‪ ،‬ضمن حقول أنهكتها المهارات الراسخة‪ ،‬فمن الرسم إلى التصوير إلى النحت المعاصر إلى التجهيز تتوالى المقترحات المراهنة على‬ ‫تنويع السند والشكل واألسلوب اللتقاط موضوعات تتخطى نطاق الدوائر الذاتية والمحلية‪ ،‬واالنخراط في أسئلة الهوية والصراع واالستهالك‬ ‫واالحتراق والتآكل والذوبان والتشويش المؤبد لرؤية األفراد للمحيط ولآلخرين»‪.‬‬ ‫كما يؤكد الفنان التشكيلي عمر سعدون مفوض المعرض أن القاسم المشترك في اختيار الفنانين المشاركين في هذه النسخة األولى ينطلق‬ ‫من مساحات االشتغال داخل المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان وفلسفته الرامية إلى بناء أسئلة خاصة لدى هؤالء الفنانين الجدد بما يتيح‬ ‫تجديد الرؤية الجمالية والتشكيلية وجعلها تختلف عن المعهود وعن أساليب المعالجة‪ ،‬وتنسجم مع روح االبتكار في الفن المعاصر‪.‬‬ ‫إن هذه المبادرة االستثنائية التي تغير منهاج العالقة التي عادة ما تسم عالقة الفضاء الجامعي بالمبدعين‪ ،‬لهي دافع قوي نحو براديغمات‬ ‫فنية معاصرة قابلة ألن تشكل هويات فنية جديدة في مسير التشكيل المغربي وفنونه المعاصرة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪14‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)36‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬

‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪،‬‬ ‫كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة‬ ‫اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي‬ ‫يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمّه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى‬ ‫أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو‬ ‫القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬ثمّ ثنّينا برسائل ولده العالمة الوزير محمد‪ ،‬وبعدها ثلثنا بما عثرنا عليه من رسائل العالمة شيخ العلوم‪ ،‬سيدي محمد المرير‬ ‫رحمه اهلل‪ .‬وننتقل في هذه الحلقات إلى رسائل العالمة شيخ الجماعة سيدي أحمد الزواقي رحمه اهلل‪.‬‬

‫[الرسالة‪]125 :‬‬

‫[ من العالمة شيخ الجماعة أحمد الزواقي إلى تلميذه العالمة األديب سيدي البشير أفيالل يطمئن عليه‪،‬‬ ‫ويستفسره في شأن مناقلة‪] ...‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫سيادة الشريف األجل‪ ،‬الفقيه العالم المبجّل‪ ،‬موالي البشير أفيالل رعاك اهلل وسالم عليك ورحمة اهلل‬ ‫ ‬ ‫وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فال زائد على ما قدمناه لك جوابُا عن كتابك‪ ،‬سوى السؤال عنك‪ ،‬وعن كل من له تعلق بأذيالك‪،‬‬ ‫ ‬ ‫واإلعالم بمجيء حِبّنا الفقيه األديب سيدي محمد الرقيواق‪ ،‬واعلم بأنه ترك لك على يد الحاج عمر الشقور خمسمائة‬ ‫ريال بنفسه‪ ،‬وسألني هل كتبت لي بذلك؟ فقلت له‪ :‬لم يعرّج لي عن هذا في كتابه‪ ،‬فلعله كتب قبل قبض ذلك‪.‬‬ ‫هذا وقد ظهر لي أنه إذا تعذرت المناقلة إ ّال بعوض كثير فلتترك اآلن ريثما تقل الرغبات‪ ،‬وربك يفعل ما يشاء‬ ‫ويختار‪ ،‬مسلمُا على كافة إخوتك‪ ،‬والمؤمل منكم صالح األدعية‪ ،‬والسالم في ‪ 17‬شعبان عام ‪1349‬هـ‪.‬‬ ‫أحمد الزواقي‬

‫[الرسالة‪]126 :‬‬

‫[ من العالمة شيخ الجماعة أحمد الزواقي إلى تلميذه العالمة األديب سيدي‬ ‫البشير أفيالل يطمئن عليه‪ ،‬ويستفسره في شأن اختيار دار‪] ...‬‬

‫وصلى اهلل على سيّدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫ّ‬ ‫محمل ولدنا البار‪ ،‬الشريف األطهر‪ ،‬البركة األنور‪ ،‬الفقيه‬ ‫حفظ اهلل بمنّه وعمّ بجميل ستره سيادة‬ ‫ ‬ ‫األديب‪ ،‬العالم األلمعي األريب‪ ،‬موالي البشير أفيالل‪ ،‬وسالم على مقامه الرّفيع ورحمة موالنا تعمّ جانبك المنيع‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد قبضت كتابك األعزّ مؤذناً بعافيتك والحمد هلل‪ ،‬وبما عانيته وقاسيته في خدمة حبّكم ح ّقاً‬ ‫ ‬ ‫وصدقاً‪ ،‬التي لوال كمال محبتكم التي يكافئكم المولى ّ‬ ‫جل جالله عليها‪ ،‬لكان جنابكم ينزّه عنها‪ ،‬وذلك في األسباب‬ ‫المحصّلة لشراء ‪ 3/4‬ما لورثة بوسلهام في الدار المعهودة‪ ،‬إلى أن حصل الظفر بذلك بريال ‪ 6700‬بإضافة ‪،200‬‬ ‫جعال لعبد القادر السالوي على تكميله الصفقة الخ‪ ،‬ما شرحته‪ ،‬داعياً لمنوبكم بأن يمتّع بطول الحياة هو وذرّيته‪،‬‬ ‫بعد التهنئة بالتم ّلك‪ ،‬فهنأكم اهلل ّ‬ ‫بكل خير‪ ،‬وتقبّل دعاكم‪ ،‬وأطال عمركم في طاعة اهلل ورضاه‪ ،‬وما عثرتم عليه‬ ‫بواسطة سيدي محمد أخريف من [‪ ]...‬وهو بليون ونصف في ّ‬ ‫كل شهر الخ‪ ،‬فأنت سيّدي الزلت وال تزال على ما تقدّم‬ ‫من التفويض فيها لمجادتك‪ ،‬فما استحسنته استحسنتُه والعكس بالعكس‪ ،‬ثمّ إن استروحتم من جانب سيادة‬ ‫الشريف العالمة صنوكم سيدي محمد بعد أتمّ السالم عليه وعلى أخويكما موالي أحمد وموالي عبد السالم‪ ،‬أو من‬ ‫غيره [‪ ]...‬لحضرتكم وأراحتني مما [‪ ]...‬عن ريب‪ ،‬فلتُبق فارغة للنزول فيها من أوّل األمر‪ ،‬وإال فلتتفضل بإكرائها‬ ‫ممن ال يتعذر إخراجه متى دعت الحاجة إلى ذلك‪ ،‬مس ّلماً أيضاً على ّ‬ ‫كل من هو منكم وإليكم‪ ،‬طالباً صالح أدعيتكم‬ ‫والسالم‪ .‬في ‪ 22‬ذي الحجة الحرام‪ ،‬متمّ عام ‪1348‬هـ‪.‬‬ ‫أحمد الزواقي كان اهلل له وتواله بمنّه‬

‫[الرسالة‪]129 :‬‬

‫وصلى اهلل على سيدنا‬

‫الحمد هلل وحده‬ ‫محمد وآله وصحبه‬ ‫سيادة الشريف الجليل‪ ،‬العالم البركة األثيل‪ ،‬موالي البشير بن موالي‬ ‫ ‬ ‫التهامي أفيالل‪ ،‬رعى اهلل مجادتك‪ ،‬وحرس بمنه نجابتك‪ ،‬وسالم تام على مقامك‪،‬‬ ‫ورحمة اهلل تؤم كريم جنابك‪ ،‬وبركاته تخيم بسمي فنائك‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فيومه وصلني األعز كتابك‪ ،‬شارحا ما لم يتقدم شرحه من‬ ‫ ‬ ‫أمر الدار‪ ،‬ومن ذلك أنه انحصر طلب الورثة فيها في ‪ 7000‬ريال‪ ،‬بحيث سيدي‬ ‫أنه غاية مطلبهم‪ ،‬وأعجبتكم وال سيما حيث انظم إلى ذلك نظر صنوكم األجل‬ ‫موالي أحمد بعد أتم السالم عليه كباقي األخوة سيدي محمد وموالي عبد‬ ‫السالم‪ ،‬فال بأس باإلمضاء من غير توقف على حضوري الذي هو اآلن متعذر‬ ‫وعيدكم سيدي مبارك سعيد‪ ،‬أعاده اهلل علينا وعلى سائر المسلمين بما تحمد‬ ‫عاقبته في الدارين‪ ،‬والمولى يقيكم ملجأ األنام‪ ،‬بجاه جدكم سيدنا محمد وعلى‬ ‫آله وأصحابه وأفضل الصالة والسالم آمين‪ .‬في ‪ 9‬حجة الحرام متم عام ‪1348‬هـ‪.‬‬ ‫أخوكم وصديقكم أحمد الزواقي‪.‬‬

‫[ من العالمة شيخ الجماعة أحمد الزواقي إلى تلميذه العالمة األديب سيدي‬ ‫البشير أفيالل يطمئن عليه‪ ،‬ويستفسره في أمور بيع وشراء]‬

‫[الرسالة‪]127 :‬‬

‫[ من العالمة شيخ الجماعة أحمد الزواقي إلى تلميذه العالمة األديب سيدي‬ ‫البشير أفيالل يطمئن عليه‪ ،‬ويعلمه بحاله‪]...‬‬

‫الفقيه العالمة‬ ‫سيدي أحمد بن الطاهر الزواقي‬

‫الحمد هلل وحده‬ ‫أنعم اهلل صباح سيدنا الشريف البركة موالي البشير أفيالل وسالم عليك‬ ‫ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فالمؤمل من على جنابك اإلخبار أوّال عما نزل بذاتك الكريمة من النزلة الجوية التي هي أحد‬ ‫ ‬ ‫العارضين المانعين مجادتك من زيارة األخ‪ ،‬ثم اإلخبار ثانيا بما كان من الع ْلوي‪ ،‬ثم ثالثا هل كان من سيادتك لقى‬ ‫لبنونة وساكن الدار‪ ،‬وقد كنت عزمت على النزول لمالقاتك ولكن حيث إن اليوم يوم الجمعة يقتضي االشتغال‬ ‫بالنظر في الخطبة وغير ذلك‪ ،‬وبه وجب إعالمك والسالم‪.‬‬ ‫من كاتبه أحمد الزواقي‪.‬‬

‫[الرسالة‪]128 :‬‬

‫[ من العالمة شيخ الجماعة أحمد الزواقي إلى تلميذه العالمة األديب سيدي البشير أفيالل يطمئن عليه‪ ،‬ويبارك‬ ‫له شهر القيام]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫سيادة الشريف االجل‪ ،‬ومحل الوالد العالم المبجل‪ ،‬موالي البشير أفيالل حفظ اهلل مجادتك‪ ،‬وحرس بمنه‬ ‫نجابتك‪ ،‬وسالم عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد وصل األعز كتابك مبيّنا بطلوع هذا الشهر المبارك الذي أكرم به هذه األمة المحمدية‪،‬‬ ‫ ‬ ‫فهناكم اهلل بكل خير‪ ،‬وتفضل على جميعنا بالقيام بحرمته‪ ،‬وإنا لنا الحظ األوفر من مشاهدة عظمته‪ ،‬ويصلك‬ ‫صحبة حامله شبلتان‪ ،‬المؤمل منك التفضل بقبولهما على قلتهما‪ ،‬فإنك أهل لذلك‪ ،‬مسلما على كافة اإلخوة األجلة‪،‬‬ ‫والسيدة المباركة والدتكم‪ ،‬وعلى صهركم ابن عمكم موالي الحسن‪ ،‬وكل من هو منكم وإليكم‪ ،‬طالبا من الجميع‬ ‫صالح أدعيتكم‪ ،‬والسالم‪.‬‬ ‫في ‪ 5‬رمضان المعظم عام ‪1349‬هـ‪.‬‬ ‫أحمد الزواقي‪.‬‬

‫[الرسالة‪]128 :‬‬

‫وصلى اهلل على سيّدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫ّ‬ ‫محل الولد البارّ األمجد‪ ،‬الشريف العالم البركة األسعد‪ ،‬أبا السرور‬ ‫ ‬ ‫موالي البشير أفيالل الحسني العلمي‪ ،‬رعى اهلل مجادتك‪ ،‬وحرس بمنّه نجابتك‪،‬‬ ‫وسالم على سيادتك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد وافاني األعزّ كتابك بتاريخ ‪ 28‬من الماضي‪ ،‬مجدّدا العهد‪،‬‬ ‫وسائ ًال عن األحوال‪ ،‬ومعلماً بوصولك لتطوان‪ ،‬وصو ًال مصحوباً ‪-‬والحمد هلل‪-‬‬ ‫بالسالمة والعافية‪ .‬أمّا السؤال فنحن بخير والحمد هلل‪ ،‬واألمر بفضل اهلل في‬ ‫االزدياد على ما تركتم‪ ،‬نسأله سبحانه أن يؤدّي عنّا شكر نعمائه‪ ،‬وأمّا اإلعالم‬ ‫بوصولكم كما ذكرتم‪ ،‬فذاك غاية المُنى‪ ،‬وأمّا ثناؤكم بالمجاملة التي قوبلتم‬ ‫أن عين الرضى عن ّ‬ ‫بها فمعلوم ّ‬ ‫كل عيب كليلة‪ ،‬ولوال ما تتحققه من صدق‬ ‫مودتكم‪ ،‬وخلوص محبّتكم لعُدّ ما ذكرتموه ازدراء‪ ،‬إذ ال مناسبة بين ما كان‬ ‫من جنابكم‪ ،‬وما رأيتموه‪ ،‬لكنّي أرجوا اهلل أن يتولى مكافأتكم بما هو أهله‪ ،‬وأن‬ ‫يتفضل علينا جميعاً بالجمع في مقعد صدق عند مليك مقتدر‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وما أعلمت به سيدي مما كان منك من المذاكرة مع‬ ‫ ‬ ‫ابن عمك وصهرك موالي الحسن في شأن الرخصة الخ‪ ،‬فقد ظهر ّ‬ ‫أن األولى‬ ‫التأخير ألوّل شعبان ليكون النّزول بالدّار التي جعلكم الكريم المفضال سبباً‬ ‫في تحصيلها‪ ،‬وإن ظهر لك خالف هذا أعلمني‪ ،‬وقد سرّني لقاؤكم محبّنا وصديقنا الفقيه األديب سيدي محمّد‬ ‫الرقيواق‪ ،‬وما توسمتموه فيه من ظهور محبّته لجانبنا فهو الذي نعتقده‪ ،‬جعلنا اهلل جميعاً من المتحابين في اهلل‪،‬‬ ‫مس ّلما على الشرفاء األج ّلة كافة أخوتكم‪ ،‬وعلى السيدة المباركة الصالحة المحبّة لموالنا رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم والدتكم‪ ،‬طالبا منها ومنكم صالح الدعوات‪ ،‬وعلى رفيقكم الفقيه المدرّس سيدي الحاج عبد السالم‪ ،‬وقد ترك‬ ‫هنا الموسى‪ ،‬وعن قريب يصله بحول اهلل‪ ،‬ودمتم بخير‪ ،‬والسالم‪ .‬في ‪ 3‬ربيع الثاني عام ‪1349‬هـ‪.‬‬ ‫أحمد الزواقي‬

‫[ من العالمة شيخ الجماعة أحمد الزواقي إلى تلميذه العالمة األديب سيدي البشير أفيالل يطمئن عليه‪،‬‬ ‫ويشرح له بعض ما جرى بينهما من أمور البيع والشراء]‬

‫[الرسالة‪]130 :‬‬

‫[ من العالمة شيخ الجماعة أحمد الزواقي إلى تلميذه العالمة األديب سيدي البشير أفيالل يطمئن عليه‪،‬‬ ‫ويبارك له عيد الفطر السعيد]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫سيادة ّ‬ ‫محل الولد األبر‪ ،‬الشريف األطهر‪ ،‬العالم األغر‪ ،‬موالي البشير أفيالل حفظ اهلل مجادتك‪ ،‬وحرس بمنه‬ ‫نجابتك‪ ،‬وسالم عليك ورحمة اهلل‪ ،‬ما دامت تتلى آيات اهلل‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فيومه وصلني األعزّ كتابك مهنيا بهذا العيد السعيد‪ ،‬والموسم المبارك الحميد‪ ،‬هنأكم اهلل ّ‬ ‫بكل خير‪،‬‬ ‫ووقاكم ّ‬ ‫كل شرّ وضير‪ ،‬وجعل جميعنا ممّن تقبل اهلل صيامهم وقيامهم بمحض فضله وكرمه‪ ،‬وأطال عمركم في‬ ‫ً‬ ‫عافية وأمان‪ ،‬وقد رئي عندنا الهالل بعد الغروب من يوم األربعاء‪ ،‬كما رئي عندكم‪ ،‬وكانت أيضا والحمد هلل رؤية‬ ‫عامّة‪ ،‬مس ّلماً على كا ّفة اإلخوة السادة األج ّلة‪ ،‬وعلى السيّدة المباركة والدتكم‪ ،‬متّعكم اهلل برضاها‪ ،‬والتمس من‬ ‫جميعكم صالح أدعيتكم‪ ،‬والسالم‪ .‬في يوم الجمعة ثاني شوال األبرك عام ‪1349‬هـ‪.‬‬ ‫أحمد الزواقي‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫موائدُ الحرفِ‬

‫(ديوان فوائد وعوائد ومحا�ضرات)‬

‫‪15‬‬

‫بين دفتيّ هذا َ‬ ‫شكــول فوائـــدُ في الفقــه واألصول والتاريـخ‬ ‫الك‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ونخيلـــة‬ ‫حصيلــــة مطالــعـــاتٍ وسماعــاتٍ‪،‬‬ ‫واللغـــة واألدب‪ ،‬وهـــي‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وبـــاعــــث على‬ ‫لإلينــاس‪،‬‬ ‫ة‬ ‫مجلبـــ‬ ‫ُّعهـا‬ ‫و‬ ‫وتنـــ‬ ‫تحقيقاتٍ وجواباتٍ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫التروّح؛ َّ‬ ‫وتستـــروحُ إلى التنقــل بين‬ ‫ألن النفس تسأمُ النمط الواحدَ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أفانين الكالم‪ ..‬ولعـل القارىء يجـد فيها متنفسـهُ إذا تم ّلكه الضجرُ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الوحشة‪ ..‬واهلل الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬ ‫واستفرغتهُ‬

‫حديثي‬ ‫كتاب‬ ‫‪ .99‬تقريظ ٍ‬ ‫ٍ‬

‫الغماري �أن � َ‬ ‫ُّ‬ ‫أقرظ حتقيقه‬ ‫طلب مني الأخ الأود الزاهد العابد املحدث حممد �أحنا�ش‬ ‫املالكي‪ ،‬فبادرت جميباً‬ ‫لكتاب ( املقرتح يف �شرح �أبيات ابن فرح ) لأبي حف�ص عمر الفا�سي‬ ‫ِّ‬ ‫وم�سعف ًا‪ ،‬وكيف يل �أن � ُأكعَّ والرجل من خرية �شباب �أهل احلديث‪ ،‬و�أحر�صهم على تلقينه‬ ‫ن�ص التقريظ‪:‬‬ ‫والعمل به‪ .‬ودونك ُّ‬ ‫«�إن َّ‬ ‫احلديثي ٌّ‬ ‫فن �أثريٌ عند علماء ال�سنة‪ ،‬ومدرِّ �سي علومها‪ ،‬وقد كان‬ ‫امل�صطلح‬ ‫النظمَ يف‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫املحدثني‪ ،‬وي�ضبط �أزمَّ ة ا�صطالحهم �ضبطا يقطع‬ ‫لل�سان‬ ‫لبع�ضهم‬ ‫يقر ُب الفهمَ‬ ‫به ِّ‬ ‫ارتيا�ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫عودُ‬ ‫ها �إال بعد‬ ‫دابر االلتياث و�سوء الفهم‪ .‬وكذلك ال�ش�أن يف العلوم جميعا ال ي�ستح�صد‬ ‫ا�ستقرار امل�صطلحات واملفاهيم‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫جهارة �ش� ٍأن يف هذا ِّ‬ ‫الفن‪،‬‬ ‫إ�شبيلي (ت ‪699‬هـ) من‬ ‫وال يختلف اثنان فيما حازه ابن فرح ال‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫نّ‬ ‫أعلم من يزاحمه فيها �إال حممد بن �أحمد‬ ‫�‬ ‫فال‬ ‫والتفن مع ًا‪� ،‬أما الريادة‬ ‫الريادة‬ ‫ُ‬ ‫مرجعها �إلى ِّ‬ ‫بن خليل اخلويي مبنظومته‪� ( :‬أق�صى الأمل وال�سول يف علوم �أحاديث الر�سول )‪ ،‬و�أما‬ ‫نُّ‬ ‫التفن فكفى به �شاهداً‬ ‫بح�سن البيان‪ ،‬مع ا�شتمالها على �ألقاب‬ ‫غزلية �إذا َن ِ�س ْم َتها َف َغ َم ْت َك‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫احلديث‪ ،‬وان�صرافها �إلى غر�ض التعليم‪ .‬و�إذا وزانتها بالأنظام التعليمية الذائعة يف جمال‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فحمة ّ‬ ‫ال�صبح !‬ ‫الدجى‬ ‫التفاوت ما بني‬ ‫ألفيت من‬ ‫والوق ِع �‬ ‫ال�ص ْوغ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وطلعة ّ‬

‫فاق ال�سوق َّ‬ ‫وقد َن َفق �سوق منظومة ( غرامي �صحيح )‪ ،‬و َن ُ‬ ‫جال ٌب‪ ،‬فعكف على �شرحها‬ ‫ّ‬ ‫حذ ٌ‬ ‫متباينة‪ ،‬كابن عبد الهادي احلنبلي (ت ‪744‬هـ)‪ ،‬وابن جماعة‬ ‫م�شارب‬ ‫اق كبارٌ من‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ال�شافعي (ت ‪819‬هـ)‪ ،‬وابن قنفد الق�سنطيني املالكي (ت ‪810‬هـ)‪ ،‬وابن قطلوبغا احلنفي‬ ‫(ت ‪879‬هـ)‪ ،‬وحممد بن �إبراهيم التتائي املالكي (ت ‪942‬هـ)‪ ،‬و�أبي حف�ص عمر الفا�سي‬ ‫�سماه ب ( املقرتح يف �شرح �أبيات‬ ‫م�ستح�س ٌن‬ ‫�شرح‬ ‫املالكي (ت ‪1188‬هـ)‪ .‬ولهذا الأخري‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫مليح ّ‬ ‫الغماري‪ ،‬ف�صالَ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫حمدث مرتيل الأ�ستاذ حممد �أحنا�ش‬ ‫لتحقيقه �أخونا‬ ‫ونهد‬ ‫ابن فرح )‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وات�ساع دائرة املقابلة‪ ،‬لكنه كان‬ ‫الن�سخ‪،‬‬ ‫د‬ ‫تعد‬ ‫مع‬ ‫أوائه‪،‬‬ ‫ل‬ ‫على‬ ‫ا‬ ‫�صابر‬ ‫‪،‬‬ ‫امليدان‬ ‫جملي ًا يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي�ستحلي َّ‬ ‫حب‬ ‫خلدمة‬ ‫املحب‬ ‫ا�ستحالء‬ ‫�صب‬ ‫حمبوبه‪ ،‬وكيف ال وهو الذي فطمَ على ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الن َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ذوق‪،‬‬ ‫عافية‬ ‫قلمه‬ ‫من‬ ‫آن�س‬ ‫�‬ ‫إذا‬ ‫�‬ ‫حتى‬ ‫يها‪..‬‬ ‫د‬ ‫وه‬ ‫داها‬ ‫أ�شد‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫وبلغ‬ ‫حجرها‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ال�سنة‪ ،‬وربا‬ ‫بهُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫قريحة‪� ،‬أجراه يف ت�صانيف ح�سان‪ ،‬م�سجوعة العنوان‪( :‬الفتوحات الوهبية يف‬ ‫و�شباب‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫�شرح املنظومة البيقونية)‪ ،‬و(في�ض اللطيف من �أحكام احلديث ال�ضعيف) و(الإجابة عما‬ ‫�أ�شكل من خمالفات ال�صحابة) ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫والبالغي للمنظومة‪،‬‬ ‫اللغوي‬ ‫حتف ُل ُه بال�ضبط‬ ‫حتقيق الأخ املذكور‬ ‫وامل�ستجادُ من‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫وا�صطيادُ هُ جلواهر النقول من بحار امل�صادر الأ�صيلة‪ ،‬فال تعلق بيده ٌ‬ ‫درة من درر العلماء‬ ‫ُ‬ ‫تذييل �شرح‬ ‫ود�سها يف كتابه على �سبيل الإحتاف والإطراف‪ .‬ومن �إحتافه و�إطرافه‬ ‫�إال ّ‬ ‫ألقاب احلديث من اثنتني وع�شرين بيت ًا‪،‬‬ ‫�‬ ‫يف‬ ‫الفا�سي‬ ‫لعمر‬ ‫مبنظومة‬ ‫الغرامية‬ ‫املنظومة‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ظاهر ال تخطئه‬ ‫نول ابن فرح‪ ،‬ومل يفر فريه يف الإجادة والتفنن‪ ،‬مع تك ّلف‬ ‫ن�سج فيها على ْ‬ ‫ٍ‬ ‫يف �أنظام الفقهاء !‬ ‫ِّ‬ ‫عني‬ ‫الفا�سي‪ ،‬لكان يف ذلك‬ ‫ن�ص منظومة‬ ‫ولو تب َّل َغ �أخونا‬ ‫املحقق ب�إيراد ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ا�ستكفاء َّ‬ ‫وقر ُة ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وافية‪ ،‬حتى ليقومُ من‬ ‫للباحثني‪ ،‬لكنه �أبى �إال �أن يحققها على ن�سختني‪ ،‬و يذيِّ لها بتعاليق‬ ‫ٍ‬ ‫ٌّ‬ ‫العافية‬ ‫أ�صحاب‬ ‫�‬ ‫يف‬ ‫إال‬ ‫�‬ ‫أعهده‬ ‫علمي مل �‬ ‫�سخاء‬ ‫م�ستقل بر�أ�سه‪ ،‬وهذاـ لعمري ـ‬ ‫�شرح‬ ‫الهوام�ش ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫واجللد‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ال�ستا َر � َ‬ ‫املحقق _ وقد �أوتي من خ�صال ال�صرب والإح�سان ما مل‬ ‫ألفت‬ ‫أرخي ّ‬ ‫وقبل �أن � َ‬ ‫يُ �ؤت غريه _ �إلى �أن َّ‬ ‫َّ‬ ‫وجدته يف الفن الذي‬ ‫املخطوط‬ ‫نفا�سة‬ ‫أولويات تدور مع‬ ‫للتحقيق �‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫يديل �إليه‪ ،‬و�أقول له‪ّ :‬‬ ‫فارد‬ ‫نفي�س �أو‬ ‫علق‬ ‫يدك _ يف‬ ‫�شد‬ ‫كتاب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫م�ستقبل الأيام _ على ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بحبوحة من ِنعَ ِم ِه‬ ‫العفي‪ ،‬و�إ َّنك لفي‬ ‫القلم‬ ‫يقوم‬ ‫هذا‬ ‫فلمثل‬ ‫‪،‬‬ ‫احلديثية‬ ‫ال�صنعة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫كتب َّ‬ ‫ُّ‬ ‫من ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫توجب زكاة الن�شر والبالغ‪.»..‬‬

‫‪ .100‬فتوى من م�سائل املعامالت‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫عمال‬ ‫مواطن و�إن مل ي�شرتطها �أو يعرقل‬ ‫للموظف �أن يقبل الهدية من‬ ‫�سئلت‪ :‬هل يجوز‬ ‫ٍ‬ ‫من �أعماله؟ و�إين لأ�شجع زوجي على قبول الهدايا؛ لأنني ال �أرى يف ذلك ب�أ�س ًا �إال �أن يكون‬ ‫متعدي ًا متعمِّ داً عرقلة الأعمال ا�ستجالب ًا للمال‪ .‬فما ر�أيكم ؟‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ف� ُ‬ ‫معاملة‬ ‫ر�شوة‪ ،‬و�إن كان املوظف ال ي�شرتطها وال يعرقل‬ ‫أجبت‪ :‬حكم هذه الهدية �أنها‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ا�ستقباال‪ ،‬وهذه‬ ‫حاال �أو‬ ‫ذريعة �إلى حماباة املهدي‬ ‫إدارية ا�ستجالب ًا للمال؛ ذلك �أن الهدية‬ ‫�‬ ‫ُ‬ ‫الذريعة ّ‬ ‫�سدها الر�سول �صلى اهلل عليه و�سلم عندما قال للرجل الذي ا�ستعمله على‬ ‫�صدقات بني �سليم‪ ( :‬فهال جل�ست يف بيت �أبيك و�أمك حتى ت�أتيَك هديتك �إن كنت �صادق ًا)‬ ‫اخلطابي من هذا احلديث قاعدة‪�( :‬إن كل �أمر يتذرع به �إلى حمظور فهو‬ ‫(‪ .)1‬وانتزع‬ ‫ُّ‬ ‫حمظورٌ ) (‪.)2‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عري�ض‬ ‫ف�ساد‬ ‫ذريعة �إلى‬ ‫ا�ستبان �أن فتح باب الهدايا للموظفني‬ ‫ا�ستمهد هذا‪،‬‬ ‫و�إذا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرت�ش‬ ‫م�شروطة فهو‬ ‫يف الواليات والإدارات احلكومية‪ ،‬ومن قبل هدية م�شروطة �أو غري‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ملعون‪ ،‬و� ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حرام‪.‬‬ ‫مال‬ ‫آكل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ولتكف عن حتري�ضه على‬ ‫ك�سب زوجها وقوت عيالها‪،‬‬ ‫ولتتقي الأخت اهلل تعالى يف‬ ‫ِ‬ ‫ا�ستجالب الهدايا �أو قبولها‪ ،‬ولتجعل قدوتها ف�ضليات الن�ساء من ال�سلف ‪ ،‬فقد كانت تقول‬

‫بقلم ‪ :‬قطب الري�سوين ـ ال�شارقة ـ‬ ‫وال�ضر‪ ،‬وال ن�صرب على‬ ‫الواحدة منهن لزوجها‪�( :‬إياك وك�سب احلرام ف�إنا ن�صرب على اجلوع‬ ‫ّ‬ ‫النار)‪ .‬واهلل �أعلم‪.‬‬

‫‪ .101‬فائد ٌة � ٌ‬ ‫أدبية‬ ‫ُ‬ ‫الرافعي � ّ‬ ‫أ�شد الولع‪ ،‬وحر�صت على اقتناء �آثاره منذ ريّ ق ال�شباب‪ ،‬و�إن كنت‬ ‫أدب‬ ‫ِّ‬ ‫ولعت ب� ِ‬ ‫ّ‬ ‫الفتية من العمر �أ�ست�صعب ن�سجه العايل‪ ،‬و�إ�شارته البعيدة‪ ،‬ومع ذلك �أجله‪،‬‬ ‫يف هذه املرحلة‬ ‫ّ‬ ‫وم�سرتاح‬ ‫لب‪،‬‬ ‫و�أجد له يف نف�سي حظوة �أي‬ ‫حظوة‪ ،.‬وكيف ال و�أدبه لطالب العربية منتزه ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫وطرفة من طرف القلم‪ ..‬وكان من ثمار هذه ال�صلة الوثقى ب�أدبه �أنني ا�ستظهرت‬ ‫خاطر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫عرج يف قلمي‪ ،‬ويف كل مرة �أحوم وال �أرد‪،‬‬ ‫من �أ�ساليبه ال�شيء الكثري‪ ،‬وحاكيت �صوغه على ٍ‬ ‫و�أرمي وال �أقرط�س !‬ ‫وقد َّ‬ ‫ال�س ْوق‬ ‫كالم‬ ‫الكنا�شة درراً من‬ ‫عن يل �أن �أ�سوق يف هذه‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫الرافعي‪ ،‬وال �أريد بهذا َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫بهارج‬ ‫اعم �أن �أدبه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫جمرد الإطراف والإمتاع؛ و�إمنا �أق�صد بالق�صد الأول �إدحا�ض زعمَ الز ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أمل‬ ‫�شاغرة من‬ ‫�صور‪،‬‬ ‫ومعار�ض‬ ‫لفظ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫احلكمة واملعنى ال�شريف ! ومن ت�أمل هذا الأدب ف�ضل ت� ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫عربي مبني‪،‬‬ ‫بل�سان‬ ‫ورواح‪ ،‬ويجلوها‬ ‫�سراح‬ ‫الرافعي ي�شك الفكرة الرائعة يف‬ ‫ال مياري يف �أن‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ال�سري‪ ،‬والإيقاع احل ْلو ! وهاك‬ ‫الرائق‪ ،‬واملخرج‬ ‫ف�إذا باملعاين تختال يف‬ ‫مطارف من ال َّلفظ َّ‬ ‫ً‬ ‫قليال من كثري‪:‬‬ ‫من درره ال َّلوامع‬ ‫ٌ‬ ‫تروه النف�س �أ�صبحَ ق�صيف ًا‪( .‬تاريخ �آداب العرب‪.)1/4 :‬‬ ‫روحي ف�إن مل‬ ‫غ�صن‬ ‫القلم‬ ‫‪.1‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫‪� .2‬إمنا كان العلم كالرو�ض‪ :‬يق�صر بع�ض �أغ�صانه في�سهل على كل متناول‪ ،‬ويطول‬ ‫ّ‬ ‫فيكد يد الفارع املتطاول‪( .‬تاريخ �آداب العرب‪.)1/12 :‬‬ ‫بع�ض فروعه‬ ‫‪ .3‬كثرياً ما جتود عيوب النوابغ بالقواعد التي ّ‬ ‫تعد حما�سن العلوم‪( .‬تاريخ �آداب‬ ‫العرب‪.)1/313 :‬‬ ‫‪ .4‬من �ش�ؤم الكذب �أنه ال ي�ستغني منه �شيء بنف�سه �إال افت�ضح‪ ،‬ولذا حتتاج الكذبة‬ ‫كثري‪ ( .‬تاريخ �آداب العرب‪.)344 / 1 :‬‬ ‫كذب‬ ‫الواحدة يف �إثباتها �إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪� .5‬آفة الرواية رقة الأمانة‪( .‬تاريخ �آداب العرب‪.)1/344 :‬‬ ‫النا�س مَ ْن ٌ‬ ‫بهة‪( .‬تاريخ �آداب العرب‪.)1/345 :‬‬ ‫‪ .6‬االنفراد يف ا�صطالح‬ ‫ِ‬

‫‪ .7‬من حذق �شيئ ًا مل ي�صرب على الزيادة منه‪( .‬تاريخ �آداب العرب‪.)1/360 :‬‬ ‫‪ .8‬العلم منذ وُ جد �إمنا تخل�ص حقائقه باجلدال‪ ،‬فرحم اهلل الغالب فيه واملغلوب‪.‬‬ ‫(تاريخ �آداب العرب‪.)1/410 :‬‬ ‫ثوب لب�سته الغانية فهو معر�ضها‪ .‬وهو‬ ‫‪� .9‬أح�سن ال�شعر ما كانت زينته منه‪ ،‬وكل‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫أبيات‪ :‬بيت يُ �ستح�سن‪ ،‬وبيت ي�سري‪ ،‬وبيت يندر‪ ،‬وبيت يُ جن به جنونا‪ ،‬وما‬ ‫عندي �أربعة � ٍ‬ ‫حمتط ٌب‪( .‬على‬ ‫وجني زهرها‪ ،‬ال يرغب فيها �إال‬ ‫عدا ذلك فكال�شجرة التي ُنف�ض ثمرها‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ال�سفود‪� :‬ص ‪.)23‬‬ ‫‪ .10‬ال�شعراء كامل�صابيح‪ ،‬ما على �أحدها �أن يت�ألق بنور غريه ما دام يف كل م�صباح‬ ‫زيته‪ ،‬غري �أن �أكرث م�صابيح اليوم كهربائية‪ ،‬ي�ستوي اجلمع منها يف اال�ستمداد من م�صدر‬ ‫واحد‪( .‬على ال�سفود‪� :‬ص ‪.)30‬‬ ‫ٍ‬ ‫املخرب‪ ،‬وال دين ملن ال ت�شمئز‬ ‫‪ .11‬النف�س �أ�سمى من املادة الدنيئة‪ ،‬و�أقوى من الزمن‬ ‫ِّ‬ ‫ثابتة‪( .‬وحي القلم‪:‬‬ ‫بقوة‬ ‫احلياة‬ ‫طبيعية‪ ،‬وحتمل هموم‬ ‫أنفة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫نف�سه من الدناءة ب� ٍ‬ ‫‪.)1/267‬‬ ‫ثالث‪ :‬عمل الرجل على �أن يكون يف مو�ضعه من الواجبات‬ ‫خالل‬ ‫‪� .12‬إمنا الرجولة يف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك ّلها قبل �أن يكون يف هواه‪ ،‬وقبوله ذلك املو�ضع بقبول العامل الواثق من �أجره العظيم‪،‬‬ ‫والثالثة‪ :‬قدرته على العمل والقبول �إلى النهاية‪( .‬وحي القلم‪.)273 /1 :‬‬ ‫عم هذا الدين ب�أخالقه ف�شمل الأر�ض �أو �أكرثها‪ ،‬ف�إن‬ ‫يعم ال�سالم �إال �إذا ّ‬ ‫‪ .13‬فلي�س ّ‬ ‫َ‬ ‫منتزع ًا من طبيعة الرتاحم‪ ،‬ف�إما انت�سخ به قانون التنازع‬ ‫قانون العامل حينئذ ي�صبح‬ ‫الطبيعي‪ ،‬و�إما ك�سر ِ�ش َّرته‪ ،‬ويولد املولود يومئذ وتولد معه الأخالق الإن�سانية‪( .‬وحي‬ ‫القلم‪.)300 /1 :‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫إقباال‬ ‫بالت�سليم الذي يخرج به من ال�صالة؛ يقبل امل�سلم على الدنيا و�أهلها �‬ ‫‪.14‬‬ ‫جديداً‪ :‬من جهتي ال�سالم والرحمة‪ ( .‬وحي القلم‪.)1/305 :‬‬ ‫ً‬ ‫قوة ُ‬ ‫متقلقال يف‬ ‫اخللق هي التي جتعل الرجل العظيم ثابت ًا يف مركز تاريخه ال‬ ‫‪ّ .15‬‬ ‫تواريخ النا�س‪( .‬وحي القلم‪.)316 /1 :‬‬ ‫حي ًا يف الوجود كله‪ ،‬ومتى �سلمت‬ ‫‪ .16‬متى ا�ستنار القلب كان حي ًا يف �صاحبه‪ ،‬وكان ّ‬ ‫ٌ‬ ‫احلياة من تعقيد اخليال الفا�سد مل يكن بني الإن�سان وبني اهلل �إال حياة هي احلق واخلري‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫حياة هي الرحمة واحلب‪ ( .‬وحي القلم‪.)324 /1 :‬‬ ‫ومل يكن بينه وبني النا�س �إال‬ ‫ــــــــــــــــ‬

‫الهوام�ش‪:‬‬ ‫(‪ )1‬رواه البخاري برقم‪ ،6979 »:‬وم�سلم برقم‪.1832 :‬‬ ‫(‪ )2‬معامل ال�سنن‪.3/8 ،‬‬


‫العدد ‪1024‬‬

‫وار‬ ‫ح‬

‫مع‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫‪16‬‬

‫الكاتب وال�صحايف‬

‫محمد بوخزار‬

‫(‪)2/1‬‬

‫يعد الأ�ستاذ حممد بوخزار �أحد الوجوه الإعالمية العريقة باملغرب‪ ،‬ر�سخ جتربة مهنية تراكمت على امتداد عقود من الزمن ا�شتغل خاللها مبجموعة‬ ‫من ال�صحف الوطنية والعربية الرئي�سة‪...‬العلم‪ ،‬االحتاد اال�شرتاكي‪ ،‬التحرير‪ ،‬ال�شرق الأو�سط‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫وكان ال�سي حممد بوخزار‪ ،‬بحكم ثقافته و�إتقانه للغات الأجنبية‪ ،‬من الإعالميني الذي ا�ستطاعوا �أن ي�شدوا �إليهم القراء بقوة بحكم امتالكه لأ�سلوب‬ ‫مميز يف �صياغة مواده ال�صحفية من جانب‪ ،‬وبحكم احرتامه لذكاء القراء عرب اختياراته التي ات�سمت باملهنية واجلدية والعمق املعريف‪.‬‬ ‫مبنا�سبة ح�صوله على « اجلائزة التقديرية الوطنية الكربى لل�صحافة» هذا الأ�سبوع‪ ،‬التقت به جريدة «ال�شمال» و�أجرت معه احلوار التايل‪.‬‬ ‫• كيف تقدم اإلعالمي‪ ،‬محمد بوخزار‪ ،‬إلى القراء المغاربة وإلى قراء العالم االفتراضي الذين‬ ‫يتابعونك؟‬ ‫•• تسمية أو صفة «إعالمي» كبيرة علي؛ فهذا تخصص أصبحت له قواعد علمية ال تتوفر‬ ‫جميعها في شخصي المتواضع؛ بالنظر إلى أنني لست خريج معهد متخصص‪ ،‬وبالتالي فإن الصفة‬ ‫التي أطمئن إليها هي كاتب صحافي‪ ،‬حريص على االستزادة من الجديد في الميدان ومحاولة‬ ‫مواكبته قدر اإلمكان‪ .‬ليس هذا تواضعا زائفا مني ولكنها الحقيقة التي ال أسعى إلى تغييرها‪.‬‬ ‫• نبدأ بالسؤال عن بداياتك األولى في مجال اإلعالم‪.‬‬ ‫•• الصدفة هي التي قادتني إلى هواية غلبت المهنة‪ ،‬والتعرف على عوالمها الجذابة ‪ .‬لو عينت‬ ‫مدرسا في مدينة أخرى غير الرباط ‪ ،‬لكنت في أحسن األحوال قارئا عاديا للصحف‪.‬‬ ‫إن تعرفي الشخصي على كتاب وصحافيين مرموقين في بداية السبعينيات ‪ ،‬مثل محمد العربي‬ ‫المساري‪ ،‬وعبد الجبارالسحيمي‪ ،‬أتاح لي الولوج إلى مطبخ جريدة «العلم»‪ ،‬وكانت الصحيفة‬ ‫الوحيدة األكثر توزيعا وانتشارا بل مرجعا ودليال عن الحياة الثقافية والسياسية‪ ،‬في تلك الفترة‬ ‫المحتقنة سياسيا المتوترة اجتماعيا‪.‬‬ ‫أكيد أن شغفي بالصحافة‪ ،‬ذلل الصعوبات في طريقي ألصبح محررا متدربا منذ بداية اشتغالي‬ ‫متعاونا مع «العلم» وبتعويض رمزي مشجع‪.‬‬

‫تعلمت في «العلم» القواعد األولى للتحرير الصحفي‪ :‬التزام الموضوعية والتعبير بلغة بعيدة‬ ‫عن العاطفة والمبالغة ‪ ،‬والحرص على اإلحاطة بكل جوانب الموضوع مع االحتفاظ بالٍرأي الشخصي‬ ‫خاصة إن كان مخالفا لخط تحرير الجريدة ؛ كذلك أن أضع في االعتبار دائما سلطة رقابة القارئ‪.‬‬ ‫وفرت « العلم» وهي لسان حال حزب االستقالل‪ ،‬مساحات من الحرية المعقولة للمحررين‬ ‫العاملين بها‪ ،‬خاصة حينما تكون المادة الصحافية من إنتاجهم ال تتعارض مع توجهات الحزب‬ ‫(تحقيق‪ /‬رأي ‪ /‬تحليل‪ )...‬وتلك أجناس يكون مسموحا فيها بجرعة من بهارات الذاتية وبنصيب من‬ ‫الخيال وتجويد في األسلوب‪.‬‬ ‫انشغلت بالقضايا العربية والدولية ‪ ،‬مستفيدا من إلمامي باللغتين اإلسبانية والفرنسية ‪،‬‬ ‫اللتين أتاحتا لي االستفادة من تقنية التحرير المتبعة في وكاالت األخبار‪ ،‬بما فيها وكالة المغرب‬ ‫العربي لألنباء‪ ،‬في عهد مؤسسها الراحل المهدي بنونة‪ ،‬قبل أن تضع الدولة عليها يدها بالكامل ‪،‬‬ ‫على إثر فشل محاولتين انقالبيتين‪ .‬كان بنونة يسير فوق خطين متعارضين حاول التوفيق بينهما‬ ‫بصعوبة اعترف بها بعد تأميم الوكالة‪ ،‬محاولة الجمع بين مقتضيات المهنة ومتطلبات السلطة‪.‬‬ ‫من جهته ‪ ،‬شجعني عبد الجبار السحيمي‪ ،‬على االنضمام إلى القسم الثقافي والصفحة األخيرة‬ ‫في الجريدة التي عكست ذوقه الرفيع في انتقاء المواد الخفيفة واستكتابه لعدد من كتاب المغرب‬ ‫إلمداد الصفحة بمذكراتهم وكتابة األعمدة المركزة ‪.‬‬ ‫قضيت في «العلم» حوالي ثالث سنوات‪ .‬اعتبرتني الجريدة واحدا من أسرة تحريرها‪ ،‬وفيها‬ ‫توثقت عالقات الصداقة مع المساري والسحيمي‪ .‬وحين تعاونت بعد «العلم» مع جريدة «المحرر»‪،‬‬ ‫لم أشعر بأني غيرت المكان‪ ،‬فالجريدتان معارضتان والعالقة كانت جيدة بين االستقالل واالتحاد‬ ‫االشتراكي في إطار تحالف الكتلة الوطنية ‪ .‬وفي هذه الفترة كنت أوافي المطبوعة االتحادية‬ ‫بموضوعات مختلفة لم تخرج عن السياسة والثقافة ‪.‬‬ ‫• هل يمكن الحديث عن تيار إعالمي معين ينتمي إليه السي محمد بوخزار ؟‬ ‫•• ال أحب أن ال أسجن نفسي داخل قفص إعالمي‪ .‬الصحافة وأقصد بها المكتوبة تستند على‬ ‫دعامتين كبيرتين ‪...‬تحكم األولى قواعد المهنة كما هي متعارف عليها في البيئات التي نشأت‬ ‫بها الصحافة‪ ،‬وأعني بالقواعد هنا المصداقية والموضوعية واحترام الحياة الشخصية واالبتعاد كلية‬ ‫عن الكذب وقلب الحقائق وعدم االستسالم لإلغراءات‪ ،‬وبذلك حازت صفة ومرتبة السلطة الرابعة‬ ‫وأطلق عليها لقب صاحبة الجاللة‪.‬‬ ‫أما الدعامة الثانية‪ ،‬فتتسم بمرونة أكثر تتيح قدرا من الحرية للممارس من أجل االجتهاد‬ ‫والمبادرة واالبتكار وإعمال الذاتية دون تجاوز للقواعد األصلية بصورة مضمرة أو صريحة ‪.‬‬

‫جربت حظي مع كل األلوان دون ادعاء القدرة على اإلجادة فيها ‪ .‬يخامرني االعتقاد أو الوهم‬ ‫أني كنت موفقا في إجراء الحوارات وكتابة البورتريهات وإنجاز تغطيات لظواهر وأنشطة ثقافية‪.‬‬ ‫• حصل السي محمد‪ ،‬هذه السنة على الجائزة التقديرية للصحافة الوطنية ‪ .‬كيف تلقيتم‬ ‫المبادرة ؟ أال تعتبرون أنها جاءت متأخرة‪ ،‬بالنظر إلى ما قدمتموه لإلعالم ارتبط بالعمر كله؟‬ ‫•• أوال لم تأت الجائزة متقدمة وال متأخرة ‪ .‬ثانيا ‪ ،‬هذا سؤال يحرجني ذاتيا‪ .‬لم أحلم في يوم‬ ‫بهذه الجائزة وال سعيت إليها بأي شكل من األشكال‪ .‬وحيث إنها جاءت بسالسة وبمحض إرادة‬ ‫وقناعة زمالء ‪ ،‬فإني سررت بها غاية السرور‪ .‬وبعيدا عن أي تواضع زائف ‪ ،‬أقول إن الحظ وقف إلى‬ ‫جانبي‪ ،‬مؤمنا أن هذا التكريم الذي أشكر عليه اللجنة رئيسا وأعضاء ‪ ،‬ليس هبة أو مجاملة لشخصي‬ ‫ألني لم أملك سلطة على قرار اللجنة‪.‬‬

‫نعم ‪ .‬أعتبر نفسي ضمن قائمة المستحقين لها وفي مستوى بعض من نالوها قبلي عل األقل؛‬ ‫وبالتالي فال يمكن لي إال أن أعبر عن شكري وامتناني لكل من كان سببا فيما حدث‪..‬‬ ‫إنك تعلم أخي‪ ،‬أن الجوائز التقديرية تمنح مكافأة العتبارات وحيثيات شتى ‪ ،‬يختلط فيها اإلنجاز‬ ‫المحقق بمنعرجات المسار المهني ومدى الوفاء واإلخالص للمهنة والتضحية من أجل إعالء قيمها‬ ‫المرجعية‪.‬‬ ‫ال أحب أن أضفي على ما بذلته من جهد في ورش الصحافة أوصافا خارقة ‪ .‬استفدت من مؤازرة‬ ‫وتشجيع قامات سامقة في مجالي الفكر والصحافة‪ .‬جازاهم اهلل عني خيرا ‪.‬‬ ‫• عرفت الممارسة اإلعالمية المغربية ‪ ،‬بروز إعالميين استطاعوا تشكيل حالة «كاريزما»‬ ‫ارتبط بها المغاربة‪ .‬هل تسمح الحالة اليوم بالحديث عن هذه الطينة من الصحافيين؟‬ ‫•• أتساءل عن جواز إطالق نعت « الكاريزما» على المشتغلين في حقل الصحافة ‪ .‬الكاريزما أو‬ ‫قوة الجاذبية وسحرها ‪ ،‬يمكن حصرها في المؤهالت والصفات الشخصية على التواصل التفاعلي‬ ‫مع الجمهور (الوسامة ‪ ،‬قوة اإلقناع ‪ ،‬الفصاحة ‪ ،‬استمالة الجمهور وكذا امتالك الشخص الكاريزمي‬ ‫لكيمياء خاصة تفتح له قلوب الناس وعقولهم)‪.‬‬

‫نعم‪ ،‬يمكن أن يتسم الصحافي بصفات مماثلة ‪ ،‬حين يكون مقنعا وموضوعيا وذا مصداقية‬ ‫وعلى خلق مهني‪ ،‬ومعبرا عن قيم الضمير الجمعي ؛ فضال عن تحكمه في أسرار وليس أدوات‬ ‫المهنة ‪.‬قلم الصحافي وأسلوبه الجذاب واقتحامه صعاب المغامرة وقدرته على التجديد المستمر؛‬ ‫كلها بالتأكيد عالمات «الكاريزما» األمثلة في المغرب موجودة ‪ .‬أذكر من الراحلين ‪ :‬المساري‪،‬‬ ‫السحيمي‪ ،‬غالب‪ ،‬محمد باهي ‪ ،‬محمد الطنجاوي ومصطفى القرشاوي وغيرهم ‪ .‬تميز كل واحد من‬ ‫هؤالء الراحلين الكبار بأسلوبه المتفرد‪ ،‬فمنحه صفة «كاريزما» وحظوة لدى القراء‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫أرقام مثيرة للقلق حول اإلدمان المتعدد‬

‫ضـد النـزول في الجحيم‬ ‫• بقلم ‪ :‬الدكتور عبد الحق بخـات‬ ‫خلصت دراسة حديثة إلى وجود ما ال يقل عن ‪ 800000‬مدمن مخدرات بالمغرب‪ .‬وأشارت إلى أن هذا الرقم يخص‬ ‫مستهلكي المخدرات على األقل مرة واحدة يومياً‪ ،‬و بأن ‪ ٪ 74‬منهم ال يدركون المخاطر التي يتعرضون لها‪.‬‬ ‫هذه الظاهرة منتشرة على نطاق واسع بين الفئة العمرية من ‪ 18‬إلى ‪ 28‬عام‪ ،‬وتمتد إلى القاصرين دون سن ‪15‬‬ ‫عام ًا‪.‬‬ ‫وعموماً‪ ،‬يأتي هؤالء المدمنون من أحزمة البؤس المحيطة بالمدن الكبرى‪ ،‬حيث يكون استهالك المنشطات العقلية‬ ‫المختلفة مرتفعا ًجداً‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬هناك أيض ًا ما يقرب من ‪ 20000‬مدمن يتعاطون المخدرات القوية ‪ ،‬مثل الهيروين‬ ‫والكوكايين‪.‬‬ ‫تتوزع أنواع العقاقير الـ ‪ 17‬المستخدمة في المغرب ما بين الكحول إلى األمفيتامينات ثم القنب و السجائر اإللكترونية‪.‬‬ ‫ويحتل «القرقوبي»‪ ،‬الذي يعرف باسم مخدرات العنف ‪ ،‬المكان المفضل الترتيب‪.‬‬ ‫سؤال واحد هو‪ :‬لماذا يتم استهالك المخدرات ؟‬ ‫تختلف األسباب من شخص آلخر ‪ ،‬وسنحاول ‪ ،‬أدناه ‪ ،‬تحديد مختلف المداخل التي تؤدي إلى الجحيم ‪.‬‬

‫لإلجابة عن السؤال «لماذا يتم استهالك المخدرات؟ غالبا ما يظهر في‬ ‫الواجهة األولية الدورًا الحاسم للبيئة والمحيط المتعلقة بكل فرد‪ ،‬حيث تبرز‬ ‫التأثيرات النفسية أو االجتماعية القادمة من األسرة أو األصدقاء أو الرفاق في‬ ‫الشوارع أو زمالء العمل أو غيرهم‪ ،‬مما يتسبب في تعاطي المخدرات‪.‬‬ ‫في مثل هذه الحاالت‪ ،‬يمكن اعتبار استهالك المخدرات وسيلة لتخفيف‬ ‫الضغط عن األسرة أو التوتر المهني أو الزوجي‪ .‬فالمدمن يعتبرها ح ًال يتيح‬ ‫له مواجهة صعوبات حياته من ناحية‪ ،‬ومن ناحية ثانية كطريقة لفصله عن‬ ‫الواقع الذي يحيط به‪.‬‬ ‫يعد االكتئاب والتوتر جز ًءا من االضطرابات النفسية التي يمكن أن تدفع‬ ‫بعض األشخاص إلى اإلدمان على المخدرات‪ .‬وجها لوجه مع حالة الحزن‬ ‫العميق‪ ،‬وخيبات األمل‪ ،‬يمكن أن ينظر إلى المخدرات على أنها قوة ساحرة‬ ‫جالبة للمتعة ومخففة لآلالم‪.‬‬ ‫سبب آخر يتأتى من الشارع‪ ،‬وخاصة بالنسبة للمراهقين عندما يرغبون‬ ‫في تجربة المخدرات عن طريق الفضول‪ ،‬أو لتقليد األصدقاء الذين يرغبون في‬ ‫الهروب من القلق والملل‪ ،‬وهو أمر شائع للغاية في سن البلوغ‪ .‬ولكن أيضا‬ ‫لتغيير المزاج أو مسايرة الموضة‪ .‬وهذا ما يسمى تعاطي المخدرات الترفيهية‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬يُقال إن آثار نعاطي المخدرات تظل عرضية ومحدودة في‬ ‫الزمان والمكان‪ ،‬حتى اليوم الذي يدرك فيه المرء أنه محاصر تدريجياً من خالل‬ ‫الشعور بالحاجة الملحة إلى تناول المخدرات خارج المناسبات االحتفالية أو‬ ‫االجتماعات الودية‪.‬‬ ‫من هناك يصبح استخدام المخدرات جز ًء ال يمكن السيطرة عليه من‬ ‫حياة األفراد‪ ،‬مما يؤدي إلى اإلدمان والحاجة المفرطة‪ ،‬إلى درجة االعتقاد بعدم‬ ‫القدرة على العمل بدون هذا المخدر‪.‬‬ ‫األسوأ هو أن بعض الناس يتعاطون أكثر من مخدر في وقت واحد؛ وهذا‬ ‫هو ما يعرف باسم «‪ ،»polytoxicomania‬حيث تتراكم اآلثار الجانبية‬ ‫تشير األرقام إلى أن ‪ 3.93٪‬من المدمنين المغاربة الذين تزيد أعمارهم‬ ‫عن ‪ 15‬سنة يستهلكون الحشيش؛ و ‪ ٪ 2‬من المشروبات الكحولية‪ .‬و‪،٪ 0.18‬‬ ‫من المهيجــات العقليــة‪ .‬و‪ ٪ 0.04‬من المذيبـات‪ .‬و‪ ٪ 0.05‬من الكوكاييـن‬ ‫و ‪ 0.02‬من المواد األفيونية‪.‬‬ ‫على أي حال‪ ،‬تكون النتائج ضارة بالصحة ألن استخدام المخدرات يزيد‬ ‫من خطر عدم انتظام ضربات القلب والنوبات القلبية ويمكن أن يؤدي إلى‬ ‫الوفاة المبكرة‪.‬‬ ‫على المستوى االجتماعي‪ ،‬تكون العواقب وخيمة أيضًا عندما تدرك أن‬ ‫سلوك مدمن المخدرات ال يمكن التنبؤ بنتائجه في المجتمع‪ ،‬ويمكنه الوقوع‬ ‫دون وعي في الفجور‪ ،‬وحتى الجريمة‪ ،‬وتعريض حياته وحياة اآلخرين للخطر‬ ‫ومستقبله إلى االنحراف‪.‬‬ ‫«القرقوبي» وحده‪ ،‬يُعتبر سالح دمار شامل‪ ،‬وبخلط مزيجً من المهيجات‬ ‫العقلية والفيوم والكحول والحشيش والغراء يصبح السلوك عنيفــا للغاية‬ ‫يؤدي إلى الجنون و ردود فعل عدوانية جدا وعندما يتعلق األمر بالمدمنيــن‬ ‫من النساء‪ ،‬فإن ذلك يزج بهن إلى اإلقصاء االجتماعي والبغاء‪.‬‬

‫ولعل األخطر هو أن ال يمر يوم واحد دون أن نسمع عن أطفال الصغار‬ ‫مسلحين بالشظايا الزجاجية ينشرون الذعر تحت تأثير المخدرات‪ ،‬ويرتكبون‬ ‫العنف والسرقة واالغتصاب واالعتداء وحتى القتل للحصول على جرعاتهم‬ ‫المخدرة‪.‬‬ ‫هناك اآلن أحياء بأكملها محتجزة كرهينة من قبل هذا النوع من‬ ‫المجرمين‪.‬‬ ‫األشخاص المتعاطون «للقرقوبي» هم مرضى نفسيين بالفعل؛ فهذا‬ ‫المنتوج يجردهم من كل قدراتهم‪ ،‬ويجعلهم مستعدين إليذاء أنفسهم‪،‬‬ ‫ويمكن أن يموتوا بعد عامين من االستهالك‪.‬‬ ‫وفقا للخبراء‪ ،‬لمكافحة آفة إدمان المخدرات تبقى الوقاية السالح المركزي‬ ‫األكثر فعالية‪ .‬ولكن عندما يكون الوباء قد تجذر‪ ،‬فإنه يتطلب تصديا عنيفا‬ ‫لكبح أو على األقل إلبطاء الوقوع في الجحيم‪.‬‬ ‫في تقريرها السنوي األخير عن المخدرات‪ ،‬ركزت األمم المتحدة على‬ ‫سلسلة من التدابير األساسية‪ .‬إنهم يهتمون بشكل خاص بالوقاية من‬ ‫تعاطي المخدرات في البيئة األسرية والمدارس‪ .‬يجب أن تأخذ التدخالت في‬ ‫االعتبار مواطن الضعف الفردية والبيئية للسكان‪.‬‬ ‫في المغرب‪ ،‬على الرغم من الجهود التي تبذلها الدولة وجمعيات المجتمع‬ ‫المدني‪ ،‬انتشرت آفة المخدرات‪ ،‬وأحدثت الدمار‪ ،‬خاصة بين الشباب‪.‬‬ ‫نعتبر إذن أن التحدي الكبير يكمن في زيادة الوعي بين السكان الذين‬ ‫ال يدركون الطبيعة الخطرة لتعاطي المخدرات بجميع أشكاله‪ .‬ال يوجد مخدر‬ ‫خطير وآخر أقل خطورة‪ .‬إنها جميعها كارثية على الصحة وعلى المجتمع إذا‬ ‫أخذنا في الحسبان الفوضى التي تولدها باعتبارها مخاطر قصوى في نقل‬ ‫األمراض مثل اإليدز والتهاب الكبد واألمراض المنقولة جنسياً والسل‪ ،‬من بين‬ ‫أمور أخرى‪.‬‬ ‫هذا البيان األسود محفوف بالمخاطر ويتطلب استجابة سريعة وفعالة‪.‬‬ ‫إذا ما اعتبرنا أن بناء مراكز العالج مهم للغاية ألنه يساهم في إزالة هذه‬ ‫السموم وإعادة تأهيل مدمني المخدرات‪ ،‬فإن أولويات أخرى تبقى قائمة مثل‬ ‫توعية الشباب‪ ،‬والوقاية على مستوى األسرة والمدرسة والجمعيات التي يمكن‬ ‫أن تسهم بشكل فعال في هذا الدور الوقائي‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬هناك الترسانة القانونية المرتبطة بتعاطي المخدرات‪،‬‬ ‫ويجب على مدمني المخدرات الخضوع لها نتيجة جرائمهم المرتكبة في‬ ‫انتهاك للقانون‪ ،‬لكنهم يحتاجون أيضاً إلى مراقبة طبية على مستوى المرافق‬ ‫الصحية‪ ،‬وكذلك في السجن‪ .‬هذا سوف يعالج هذه الظاهرة كمشكلة صحية‬ ‫عامة‪ ،‬مع اتباع نهج يحترم حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫الجانب اآلخر‪ ،‬واألهم من ذلك‪ ،‬هو مطاردة هؤالء العمالقة الكبار الذين‬ ‫يستوردون المخدرات إلى بالدنا‪ ،‬ثم هؤالء التجار الذين يزرعون المخدرات في‬ ‫شوارعنا‪ ،‬في األماكن الشعبية بين شبابنا وحتى في مدارسنا‪.‬‬ ‫على الرغم من جهود الشرطة‪ ،‬تنتشر المخدرات كالنار في الهشيم‪.‬‬ ‫وهذا يحتاج إلى دراسة أخرى‪ .‬جرح آخر قد ينفتح أمامنا‪.‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬

‫?‬

‫• محمد إمغران‬

‫هل هو‬ ‫عطش قـادم‬

‫كما أسلفنا في أحد أعدادنا السابقــة من هــذه‬ ‫الجريدة‪ ،‬يبدو أن خطـر شــح الميــاه الشروب قادم‪،‬‬ ‫ال قدر اهلل‪.‬فهل ستعود أزمة الماء الصالح للشرب‪ ،‬مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬لتعيد إلى األذهان األزمـة التي عرفتها مدينة‬ ‫طنجة‪ ،‬أواخر التسعينــات؟ ففي هذا الصــدد‪ ،‬وحســب‬ ‫العديد من المصادر اإلعالمية‪ ،‬استدعى‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬محمد‬ ‫تمهيدية‪ ،‬والي جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪ ،‬المدير‬ ‫العام للمكتب الوطني للماء والكهرباء‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫عمال مدن الجهة ورؤساء أقاليمها في اجتماع‪ ،‬وصف‬ ‫بالمستعجل لتدارس وتدارك أزمة العطش التي باتت‬ ‫تهدد الجهة‪ ،‬بسبب تراجع حقينة سدي ابن بطوطة‬ ‫والحاشف‪ ،‬بنسب تتفاوت‪ ،‬وصلت إلى ‪ 25‬في المئة‪ ،‬ألول‬ ‫مرة‪ ،‬منذ فترة طويلة جدا‪.‬وأضافت المصادر ذاتها أن‬ ‫المشكل الينحصر‪ ،‬فقط‪ ،‬في طنجة‪ ،‬بل يتعداها إلى‬ ‫باقي مدن وقرى الجهة‪ ،‬حيث شهدت ‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬مصالح‬ ‫جماعات إقليم وزان هي األخرى اجتماعات لتدارس أزمة‬ ‫الماء الشروب بكل من جماعتي «زومي» وقلعة «بوقرة»‬ ‫التابعتين لدائرة «زومي» في محاولة للبحث عن سبل‬ ‫تنفيذ مشاريع‪ ،‬ذات صلة‪ .‬وبحضور عامل هذا اإلقليم‪،‬‬ ‫فقد تم تحسيس بعض المنتخبيــن بضرورة القيام‬ ‫بزيارات ميدانية والوقوف عن قرب لمعرفة إلى أي حد‬ ‫تقدمت األشغال المتعلقــة بتزويـــد عدد من الدواوير‬ ‫الكائنة بالجماعتين بالماء الصالح للشرب‪ ،‬انطالقا من‬ ‫سد الوحدة ‪.‬‬ ‫هذه المعضلة جعلت وزارة الداخلية تدخل على‬ ‫الخط داعية إلى إيجاد حــل وبالتالي البحث عن أسباب‬ ‫فشل مشاريع ملكية‪ ،‬ذات صلة‪ ،‬في الوقت الذي كان من‬ ‫المفروض أن يجد سكان جماعة «زومي» الماء الشروب‬ ‫خالل شهر يونيو الماضي‪ ،‬بنـاء على الربط المفترض‬ ‫للسقايات بالدواوير العطشى‪ ،‬حيث الزال مشكل التدخل‬ ‫المحدود مطروحا‪ ،‬دون الحسم فيه‪ .‬وأضافت المصادر‬ ‫نفسها أن هذا الملف تم طرحـه‪ ،‬تحت قبة البرلمان‪،‬‬ ‫إذ تضمن خروقات شابت مشروعا ملكيا خاصا بتزويد‬ ‫جميع الدواوير المجاورة إلقليم وزان بالمــاء الصالح‬ ‫للشرب‪ ،‬بهدف مواجهة األزمة‪ ،‬إذ توصلــت المصالح‬ ‫الوزارية المختصة بهذا الملف‪ ،‬للتحقيــق في حيثياته‬ ‫وبالتالي اتخاذ اإلجراءات الالزمة التي حالت‪ ،‬دون إنجاح‬ ‫المشروع الذي رصد له غالف مالي كبير‪ ،‬ورغم ذلك فقد‬ ‫تم إهماله‪.‬‬ ‫وتبقى الصراعات السياسية بإقليــم وزان السبب‬ ‫الرئيس لهذا المشكــل‪ ،‬فكل طرف يرمي بالكرة في‬ ‫مرمى اآلخر‪ ،‬وكأنهم ينتظــرون أن تنــزل مائدة من‬ ‫السماء‪ ،‬ترضي تواكلهم‪.‬وهذا في المجمل هو العمل‬ ‫السياسي في المغــرب الذي يشهد تراشقات بإظهار‬ ‫الحقد‪ ،‬تارة‪ ،‬وبالرغبة في االنتقام‪ ،‬تارة أخرى‪ ،‬والضحية‬ ‫في نهاية المطاف هو المواطن الذي يجوع ويعطش‬ ‫ويتعب وينتظر ما اليأتي‪ ،‬فهل نعمة الماء يليق بها‬ ‫استهتار السياسيين وتقاعــس المسؤولين إلى هذه‬ ‫الدرجة ؟‬ ‫وآخيرا‪ ،‬البـأس من القول لمن يستهتــرون بهـذه‬ ‫النعمة‪« :‬التضيعوا الماء ولو كنتم على نهر جار‪.‬أليس‬ ‫بالماء تستمر الحياة ؟»‪.‬‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)485‬‬

‫أحبُّ السينما‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫‪...‬شدَّتني قصة فيلم من الخيال العلمي بعنوان «ماذا‬ ‫يريدُ الرجال؟»‪ .‬من بطولة «تارجي هينسون» و«إخراج «آدم‬ ‫شالكمان» ومن تأليف المبدع «ناسني مايرز»‪ .‬تتعرَّضُ فيها‬ ‫البطلة «آلي ديفز»‪ ،‬في عملها من مديريها إلى حساسية‬ ‫التهميش الممنهج‪ ،‬إلى ْ‬ ‫أن تصابَ بحادثة‪ ،‬فيها على ما‬ ‫يُغايرها‪ ،‬إلى سماع أفكار مَنْ حولها‪ ،‬فتُصبحَ على مسافة‬ ‫ُ‬ ‫يُخوّل لها أن تكون سيدة‬ ‫مما يتبادرُ إلى ذهنهم من تفكير‪،‬‬ ‫المواقف‪ .‬وقد تمَّ عرض الفيلم خالل شهر فبراير ‪2019‬م‪.‬‬ ‫على لسان مُقدّمة المهرجان الدولي لمدارس السينما‬ ‫بتطوان‪ ،‬سُالف السْرايي‪ ،‬سيّدة الحفل‪ ،‬جاءتْ التفاصيل الدالة‬ ‫للسهر على عمل دؤوب‪ ،‬كالنمل حول كثيب النمال (بكسر‬ ‫النون)‪ ،‬لتقديم اللجنة المنظمة التي تكوَّنتْ من اثنى عشر‬ ‫أستاذ وعشرين مساهمة ومساهم‪ .‬ثمَّ لجنة التحكيم الرباعية‬ ‫من «فيوال شفيق» و«د‪.‬فيالرتي كونري» و«روكسان ريو» و«د‪.‬‬ ‫حمادي كروم» ‪ ..‬تالها عرْضٌ شيّقٌ لقصة فيلم واقعي‪ ،‬كانت‬ ‫بطلتها معلمة بمدرسة على تخوم الجبال النائية‪ .‬لتنتهي إلى‬ ‫تساؤل‪ ،‬أنها لم تتخيل قط نفسها مُدَرسة في البادية‪ ،‬وسوف‬ ‫تعيش في أعالى الجبال التي تفتقد إلى ألبسط وسائل الحياة !‬ ‫ولسوء حظها كانتْ فائضة وليس لها قسم رسمي‪ ،‬مما جعلها‬ ‫«وهي التي تحكي» تنتقل من مدرسة إلى مدرسة بين الفيافي‬ ‫والقفار‪ ،‬والتقلب في أوضاع المعاناة‪ ،‬من قساوة المكان إلى‬ ‫األخطار المُحدقة بها‪ ،‬لعل َّ ذئب يفترسها‪ ،‬أو تصبح فريسة‬ ‫لخنزير‪ ،‬أو طائش يلتهمها ‪ ..‬عُرض الفيلم على نغمات موسيقى‬ ‫األخوان الرحباني لصوت فيروز المالئكي في أغنية «زروني ّ‬ ‫كل‬ ‫سنة مرّة‪ ،‬حرام تنسوني بالمرَّة»‪ .‬بملكة متألقة أثناء إلقاء‬ ‫دروسها وبوسائل اإليضاح المسرحية‪ ،‬أحبَّتْ التالميذ‪ ،‬ومن‬ ‫خاللهم استهوها سحرُ الكالم في التمثيل‪ .‬فالتحقت بالمعهد‬ ‫العالي للتمثيل بالرباط رغم معارضة والديْها ‪.‬فصافحتْ‬ ‫المسرح بمسرح الشارع تحت عنوان «فاطمـــة في نهارها»‪،‬‬ ‫لتعبّرَ عن حساسية السلوك السيئ والعالقات المخالفة بين‬ ‫البشر وارتدائهم األقنعة‪ ..‬ولالطالع على اإلطــار المعرفـــي‬ ‫لمحاربة األمية‪ ،‬عُرض فيلم «هذه مدرستنا» لسنة ‪1956‬م‬ ‫بمدارسة مجموعة محمد الخامس بالرباط ‪ ..‬ثم جاءتْ لحظة‬ ‫التكريم‪ ،‬بدْءاً بالدكتور حمادي كروم (بثالث نقط على الكاف)‬ ‫الكتشاف كنه شخصيته‪ .‬فقد يخشى ْ‬ ‫أن يلتفت حوله فتضيع منه‬ ‫شخصيته‪ .‬وهو الذي كان بواسطة السينما‪ ،‬يُهربها إلى الكلية‬ ‫في الوقت الفائض الما وراء الساعة الخامسة والعشرين ليتجاوز‬ ‫الحياة اليومية‪ .‬هو حبه للسينما من الفئة الرئيسية وجمالية‬ ‫األفالم والناقد المستفز‪ ،‬ليجرؤ على العيش محاوال نحث الصورة‬ ‫واختياره ْ‬ ‫أن يتواصل مع الصورة‪ ،‬لالنفتاح على اآلخر‪ .‬إذ تغرد‬ ‫مقدمة المهرجان بتكريم السيدة «فيوليا شفيق» من الفئة‬ ‫الرئيسية أيضاً للسينما الوثائقية والثورات الربيعية‪ .‬وقد راكم‬ ‫المهرجان الدولي لماستر مدارس السينما في دورته الحالية إلى‬ ‫مقتطفات لعشر سنوات من التدريب السنيمائي ليضيئ مصابيح‬ ‫عدة أفالم إلثنان وثالثين سنة من السينما (‪ )2019/1987‬بكلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‬ ‫‪ ..‬قطب التميُز من البحث والتكوين واإلبداع ‪..‬فمنذ اللقاء‬

‫الدولي األول لمدارس السينما الذي سيؤول إلى الثاني والثالث‬ ‫والرابع‪ ،‬إلى الدورة الخامسة لهذه السنة تحت شعار»أميرايْ»‪.‬‬ ‫هي السينما التي تمثل أحد أعمدة العالم الثقافي‪ ،‬وإحدى‬ ‫مقامات الرسالة النبيلة‪ .‬نفحة من عطر المهرجان وهو يضيئ‬ ‫الشمعة الخامسة بعرض من األفالم بلغ عددهم»‪»36« .»75‬‬ ‫من إبداع الخيال العلمي‪ ،‬و«‪ »17‬من األفالم الوثائقية و «‪»14‬‬ ‫فيلم للرسوم المتحركة‪ ،‬واألفالم األخرى التجريبية وللمقاومة ‪..‬‬ ‫تبدتْ إنتاجاتها من مدارس السينما من القارات الخمس منها‪:‬‬ ‫«التركية‪/‬البولونية‪/‬الواليات المتحدة األمريكية‪/‬الرومانية‪/‬‬ ‫اإلسبانية‪/‬النرويجية‪/‬اللبنانية‪/‬اإلفريقيةالجنوبية‪/‬الفرنسية‪/‬‬ ‫ا لبلجيكية ‪ /‬ا لنمسا و ية ‪ /‬ا لتشيكية ‪ /‬أ با خستا نية ‪ /‬أ ر جا نتينية ‪/‬‬ ‫المجرية‪/‬الكلومبية‪/‬اإليرانية‪/‬السوفاكية‪/‬التونسية‪/‬البرطانية‪/‬‬ ‫ا لبو سنية ‪ /‬ا لهر ز كو فينية ‪ /‬ا ال لما نية ‪ /‬ا لبر تغا لية ‪ /‬ا لتا نز ا نية ‪/‬‬ ‫اليونانية‪ .»/‬وقد كان من تنوَّعتْ مواضيع األفالم‪ ،‬وكيف أن‬ ‫السيدة سالف السرايي أضحتْ تشحن تعابيرها بأوتار صوتية‬ ‫ناعمة تناسب فضاء سينما «إسبانيول» البهيج لتتويج المهرجان‬ ‫بعرض فيلم لقصة من الواقع لسيدة مغربية من المقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬بعنوان «ريتا»‪ ،‬اسم الطفلة التي أنجبتها من زوجها‬ ‫المقاوم الفلسطيني‪ .‬األب واألمُّ فدوى ينتميان إلى المقاومة‬ ‫الفلسطينية وهي تحكي عن جرائم االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬وهي‬ ‫شاهدة إثبات «للجينوسيد» الذي يرتكبه الكيان الصهيوني ‪..‬‬ ‫وقد فاز هذا الفيلم بجائزة الجمهور ‪..‬من إخراج وإنتاج ماستر‬ ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية برئاسة المايسترو الدكتور حميد‬ ‫العيدوني وجمعية بدايات‪ .‬تتجددُ الفرجة كلما عرضت األفالم‬ ‫المشوقة لإلبداع السينمائي لتتنافس على ثمانية جوائز رسمية‬ ‫للمهرجان «ماستر السينما» ‪ 1-:‬الجائزة الكبرى‪2- /‬الجائزة‬ ‫الخاصة بلجنة التحكيم‪ 3- /‬جائزة الرسوم المتحركة‪ 4- /‬جائزة‬ ‫أحسن فيلم وثائقي‪ 5- /‬جائزة أحسن فيلم للخيال العلمي‪/‬‬ ‫‪ 6‬جائزة حقوق اإلنسان‪ ،‬من إخرج طالبة في الماستر‪ ،‬هدى‬‫الرحماني ‪ ،‬تحت عنوان»زوج بغال»‪ 7- /‬جائزة مسابقة دولية‪/‬‬ ‫‪ 8‬جائزة تطوان الوثائقية‪ .»/‬تشهد رحاب كلية اآلداب صبيحة‬‫كل اليوم التالي للعروض بقاعة العميد الكتاني مناقشات‬ ‫ألساتيذ العارفين بصناعة السينما‪ .‬كما تم تكريم الفئة‬ ‫الرئيسة لرواد السينما المغربية للمقاومة في شخص المبدع‬ ‫مصطفى الدرْقاوي المحترف في صناعة فيلم الخيال العلمي‪،‬‬ ‫واستحضار نبذة عن الذاكرة وسيرته الذاتية‪ .‬كما ينعم الحضور‬ ‫ويستشعر أنه في حضرة المبدعين‪ ،‬كاألستاذ أحمد المعنوني‬ ‫الراعي للترويج منذ سنة ‪2017‬م‪ ،‬للمهرجان وهو مدير‬ ‫الصورة والسيناريست والمخرج المتخصص في صناعة السينما‬ ‫الوثائقية ‪ ..‬أدرك الجمهور معنى حرية السينما عندما شاهد‬ ‫عرض فيلم «الميخور‪ -‬األجود»‪ ،‬بتقنية عالية مع سحر اإلبداع‬ ‫الوثائقي‪ ،‬إذ به يعالج قضية «الحركة» من شواطئ العرائش إلى‬ ‫الضفة األخرى‪ ،‬وكان قد نال الجائزة األولى بالمهرجان الدولي‬ ‫للسينما بمراكش ‪ ..‬بحكم منصب الدكتور حميد العيدوني‪ ،‬وهو‬ ‫أعمق إدراكا لمعنى الماستر والدكوراة لصناعة السينما في كلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية ‪..‬فهناك أهل العلم الذين يُحسنون‬ ‫الظنَّ بمستقبل األيام ‪ ..‬وأيُّ إنجاز تختزله هذه الكلمة ‪..‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪485‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫صفحة‬

‫‪19‬‬ ‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫الثالثاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫دور الصحافة الرياضية في الحد من شغب المالعب‬

‫نظم المركــز اإلعالمــي المتوسطي بطنجة ندوة وطنيـة في موضـوع ‪« :‬دور‬ ‫الصحافة الرياضية في الحد من شغب المالعب»‪ .‬شارك فيها األساتذة بدر الدين‬ ‫اإلدريسي ومنصف زواغي والمدرب هشام اإلدريسي وممثل عن إدارة األمن الوطني‪...‬‬ ‫ونشطها الزميل عبد اهلل الجعفري‪.‬‬

‫إشادة دولية بمركز محمد السادس لكرة القدم‬

‫كالسيكو األرض لمن يبتسم‬ ‫غدا لبرشلونة أم للريال‬

‫الحديث إال عن كالسيكو األرض الذي سيجمـــع غدا األربعاء الغريميـــن‬ ‫التقليديين برشلونة وريال مدريد على ملعب نوكامب‪ .‬وهو الديربي الذي تأجل‬ ‫عن موعده بسبب األحداث التي شهدها إقليم كتالونيا‪.‬‬ ‫كالسيكو هذا الموسم يأتي في ظرف يعرف فيه الفريقان انتعاشة كروية‪،‬‬ ‫سواء على صعيد الليغا أو دوري أبطال أوربا‪.‬‬ ‫كما يأتي بعد تتويج األرجنتيني ليونيل ميسي بالكرة الذهبية للمرة‬ ‫السادسة‪.‬‬ ‫ومما يعطي أهمية كبرى لمباراة األربعاء أنها تأتي أيضا في ظرف يتقاسم‬ ‫خالله الفريقان صدارة الليغا برصيد ‪ 34‬نقطة لكل منهما مع امتياز للريال‬ ‫بالنسبة العامة لألهداف‪.‬‬ ‫وبالنسبة للهدافين ميسي في الصدارة بمجموع ‪12‬هدفا وبفارق هدف‬ ‫وحيد عن الفرنسي كريم بنزيمة مما يؤجج الصراع بينهما‪.‬‬ ‫مباراة الغد ستكون هامة بالنسبة للمدرب الفرنسـي زين الدين زيدان‬ ‫لكونها سترسم معالم فريق ريال مدريد خالل الموسم الحالي بشكل عام‪.‬‬ ‫فالفوز يعني مواصلة تصدر الليغـــا بمفرده وبفــارق نقـــاط‪ ....‬والهزيمة‬ ‫تساوي العكس لبرشلونة والتعادل يبقي األمور على ما هي عليه‪.‬‬ ‫لكن الفوز يبقى مهما للغاية بالنسبة للفريق األبيض لتأكيد مجهودات‬ ‫زيدان خالل الفترة الماضية بعد استالمه مقاليد فريق شبه ميت ثم محاولة‬ ‫بعثه من جديد‪.‬‬ ‫وبعيدا عن كل ذلك هناك مباراة أخرى وسط الميدان وستكون نارية بكل‬ ‫ما تحمله الكلمة من معنى‪.‬‬ ‫فضمن صفوف الفريقين عناصر قوية على الصعيدين الدفاعي وعلى صعيد‬ ‫ربط الخطوط ‪.‬‬ ‫وقد الحظنا أن وسط ميدان األبيض في حالة بدنية وفنية رائعـــة‪.‬‬ ‫وفي الهجــوم تتجه األنظار إلى األرجنتيني ليونيل ميسي الذي سيقود‬ ‫الخط األمامي لبرشلونة وكريم بنزيمة هداف ريال مدريــد والتي يأتي في‬ ‫المرتبة الثانية وراء الزئبق بفارق هدف وحيد‪.‬‬ ‫إذن كل القرائن تشير أن مباراة األربعاء ستكون شيقة وسيطبعها الصراع‬ ‫والتنافس من الفريقين‪.‬‬

‫تحدث فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربي لكرة‬ ‫القدم عن الشروط الضرورية التي يستوجب معها الولوج إلى‬ ‫مركز محمد السادس لكرة القدم‪.‬‬ ‫وأشار رئيس الجامعــة إلى أن الكفــاءة والخبرة والتجربة‬ ‫والتاريخ الكروي من بين الشروط األساسية لكل من يريــد‬ ‫العمل داخل هذه المؤسسة الوطنيـة و التي ستكون فرصة‬ ‫لصنع جيل جديد من المواهب الكرويــة المعول عليها لحمل‬ ‫المشعل في المستقبل و تحقيق النتائج المرجوة‪.‬‬ ‫ووضع لقجع التكوين كخيار استراتيجي ومحوري ضمن‬ ‫برنامج عمله‪ ..‬حيث أكد على ضرورة تفعيل هــذا المعطى من‬ ‫خالل مراكز التكوين ومساعدة الفرق الوطنية وفرض دفتر‬ ‫التحمالت‪.‬‬ ‫وأوضح أنه ال يوجد أي مبـــرر للمكتب الجامعي في حال‬ ‫فشله في تدبير ملف المنتخب األول حيث قال أن جميع الشروط‬ ‫والظروف متوفرة للمكتب الجامعي المقبل النجاح تجربة الفريق‬ ‫الوطني المقبل على استحقاقات مهمة‪.‬‬ ‫وتطرق لقجع لإلشــادة الدولية التي لقيها افتتاح مركــز‬ ‫محمد السادس لكرة القدم وقال إن الجامعة تلقت العديد من‬

‫مدافع فرنسي‬ ‫على رادار اتحاد طنجة‬

‫االتصاالت تهنئها على إنجاز هذه المعلمة الرياضية التي ستقفز‬ ‫بالبنية التحتية الرياضية وستقدم دفعة قوية للمنتخب‪.‬‬ ‫كما أشـــار إلى أن لجنــة عن االتحــاد الدولي لكرة القدم‬ ‫«فيفا» زارت مركب محمد السادس لكرة القدم عشرة أيام قبل‬ ‫افتتاحه وتدشينه من قبل الملك محمد السادس‪ ..‬حيث أكدت‬ ‫أنه من أفضل ما يوجد بالعالم لكونه يتوفر على مرافق ذات‬ ‫جودة عالمية ويستجيب لكل المعايير التي تعتمدها الفيفا‪ ...‬لذا‬ ‫يحق لكل مغربي أن يفتخر بهذه المعلمة‪ ،‬كونها األفضل على‬ ‫المستوى القاري والعالمي‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن الملك كان قد دشن مركب محمد‬ ‫السادس لكرة القدم الذي بني على مساحــة ‪ 29.3‬هكتــــار‬ ‫بمنطقة حصين بسال ويحتوي على بنيات وتجهيــزات حديثـــة‬ ‫ومتطورة‪ .‬وبه إقامات للمنتخب الوطني و ‪ 4‬أجنحة و‪3‬وحدات‬ ‫لإليواء‪.‬‬ ‫ويشتمل على أربعة مالعب بالعشـــب الطبيعي وثالثـــة‬ ‫بالعشب االصطناعي وملعب لكرة القدم داخل القاعة ومسبحا‬ ‫أولمبيا في الهواء الطلق وملعبين لكرة المضرب وملعب لكرة‬ ‫القدم الشاطئية‪.‬‬

‫المغرب التطواني يحتج على الحكم زوراق‬

‫نهضة بركان تواجه اتحاد طنجة اليوم‬

‫يحتضن الملعب البلدي ببركان مساء يومه الثالثاء مباراة مؤجلة بين فريقي نهضة‬ ‫بر كان واتحاد طنجة‪.‬‬ ‫فارس البوغاز الذي اليزال يعيش على إيقاع الفوز الذي حققه على حساب رجاء بني‬ ‫مالل استعد طيلة األسبوع وسافر األحد إلى وجدة بالطائرة ومنها إلى بركان‪.‬‬

‫تغريم اتحاد طنجة بسبب جماهيره‬

‫غرمت لجنة االنضباط والروح الرياضية التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة‬ ‫القدم فريق اتحاد طنجة مبلغ مليوني سنتيم بسبب استعمال جماهيره للشهب‬ ‫االصطناعية خالل مواجهته لفريق رجاء بني مالل برسم مؤجل الجولة الثالثة لبطولة‬ ‫الدوري االحترافي‪.‬‬ ‫كما سلطت غرامة على المغرب التطواني بقيمة ‪ 3000‬درهم بسبب جمع العبيه‬ ‫أربعة إنذارات خالل مباراة مؤجلة أمام الفتح الرباطي‪.‬‬

‫سيخوض المدافـــع الفرنســي ذو األصــل‬ ‫المغربي سفيان الموذن فترة اختبـــار مع اتحــاد‬ ‫طنجة مباشرة بعد مباراة نهضة الزمامرة في أفق‬ ‫التعاقد معه في حال إقتناع الطاقم الفني لفارس‬ ‫البوغاز بمؤهالته‪.‬‬ ‫سفيان الموذن يلعب كمتوسط ميدان دفاعي‬ ‫وهو خريج مدرسة نادي سانتيتين الفرنسي‪.‬‬ ‫وقد لعب لبعض أنديـــة الدرجــة الثانية في‬ ‫فرنسا قبل االنتقال إلى نادي سيسكا السلوفاكي‬ ‫حيث لعب ‪15‬مباراة من أصل ‪ 18‬سجل خاللهـــا‬ ‫‪ 3‬أهداف‪.‬‬ ‫وكان هشــام الدميعــي مدرب اتحاد طنجة‬ ‫قد أعلن مرارا أنه سيسعى خالل فترة االنتقاالت‬ ‫الشتوية إلى تعزيز ترسانة االتحاد البشرية بأربعة‬ ‫العبين على األقل في المراكز التي يشكو فيها‬ ‫الخصاص‪.‬‬

‫أبدى المكتب المسير لفريــق المغرب التطواني امتعاضه من الطريقة‬ ‫التي أدار بها الحكم «عادل زوراق» مباراته أمـام الرجــاء التي انهزم فيها‬ ‫بهدف دون رد برسم مؤجل الجولة الثالثـــة لبطولــة الدوري االحترافــي‬ ‫المغربي‪.‬‬ ‫وأكد المكتب في بيان له أن فريقه تعرض لظلم تحكيمي من الحكم‬ ‫زوراق مؤكدا أنها ليست المرة األولى التي يتعرض فيها لظلم مشابه‪.‬‬ ‫وأضاف أن الحكم زوراق قام بكل ما في وسعه ليحرم المغرب التطواني‬ ‫من تسجيل نتيجة إيجابية‪ ..‬معتبرا أن طرد العبه «سيسوكو» كان قاسيـــا‬ ‫مـع حرمان الفريق من هــدف مشروع‪.‬‬ ‫وعبر فريق الحمامــة عن استغرابه من عدم األخــذ بعيـــن االعتبار‬ ‫الشكايات التي تقدم بها إلى اللجنة المركزية للتحكيم في مناسبات سابقة‪.‬‬ ‫وأكد أنه سيعقــد اجتماعا من أجل تحديد التدابيـــر التي سيتخذها‬ ‫للدفاع عن مصالحه‪.‬‬ ‫وكانت المباراة المؤجلة عن الجولـــة الرابعة قد انتهت لصالح الرجــاء‬ ‫بهدف الالعب ماالنغو‪ .‬وعرفت طرد ال عب المغرب التطواني سيسوكو‪.‬‬ ‫ورغم الهزيمة فقد احتفظ فريق الحمامة بالصدارة ‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 17‬إلى ‪ 23‬دي�سمرب ‪2019‬‬

‫العدد ‪1024‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫األخيرة‬

‫احللقة الرابعة‬

‫لقاءات حوارية‪ ،‬في حلقات متسلسلة‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربـي‬ ‫والعربـي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة الخاصة والعامة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة‬ ‫سفر معنوية وروحية إلى الماضي والمستقبل‪.‬‬ ‫• عبد اإلله المويسي ـ محمد العطالتي‬

‫نور الدين ال�صايل‬ ‫اإلعالمي والناقد السينمائي‬

‫المحور األول ـ المسار الخاص ـ‬

‫يحضر األستاذ نور الديـن الصايــل‪ ،‬في مخيــــال المغاربــة والمشتغلين بالحقــل اإلعالمي والسينمائي‬ ‫والمجتمعي الوطني‪ ،‬بصيغة تمنحه نوعا من التعددية في االهتمام‪ .‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الباحث والكاتب‬ ‫واإلعالمي والمهتم بأسئلة السينما‪ ،‬وهو المدير السابق لقناة ‪ 2M‬والذي انعطف بمشروع التلفزة الوطنية‬ ‫نحو أفق اتسمت فيه بالدينامية‪ ،‬وهو الذي سبق أن شغل قبلها منصب رئاسة مهرجـان مراكـش الدولـي‬ ‫للسينما لدورات عرفت خاللها هذه المؤسسة أقوى مراحل إشعاعها‪.‬‬ ‫تستضيفه «جريدة الشمال» ضمن صفحتها األخيرة «تذكرة سفـر»‪ ،‬من خالل جلسات حواريــة حــول‬ ‫مشوارات حياته نقدمها للقارئ تباعاً‪.‬‬ ‫• السـي نور الديــن ‪ :‬في الحلقـات‬ ‫الثالث السابقة‪ ،‬وبعد األسئلة المتعلقة‬ ‫بالمسار الشخصــي لألستــاذ نــور الدين‪،‬‬ ‫بداية في طنجة وبعدها في مدينة الرباط‬ ‫واشتغاله في مجال التدريس ومعرفته‬ ‫بالكثير من الحيثيات‪ ،‬وبعد ذلك سفره‬ ‫إلى لبنان واطالعه على مرجعيات فكرية‬ ‫وسياسية قد يكون تأثر بها قبل عودته‬ ‫إلى المغرب‪ ،‬انطلقــت مرحلــة متميزة‬ ‫في حياتــك‪ ،‬وهــي التي أسس فيها‬ ‫السي نور الدين تجربة النادي السينمائي‬ ‫بالمغرب‪ ،‬تلك المؤسسة التي لعبت دورا‬ ‫مهما في التأطير السينمائي لدى الطلبة‬ ‫والمثقفين‪،‬‬ ‫السـؤال اآلن هــو حول الممهـدات‬ ‫التي هيأت السي نور الدين ليصبح مشرفا‬ ‫على مؤسســة وطنية كبــرى مهتمة‬ ‫بالمجال السينمائي والفني وأيضا بالمجال‬ ‫السمعي البصري وهي مؤسسة ‪ ،2M‬يريد‬ ‫القراء المغاربة أن يعرفوا بداية كيف‬ ‫جاءت فكــرة ترشيح الصايل لتقلد هذا‬ ‫المنصب‪ ،‬وبعده سنتحدث عن أهم ما ميز‬ ‫اشتغالك بها‪.‬‬ ‫•• الحقيقة أنه بعد أن تحملت مسؤولية‬ ‫إدارة البرامج في التلفزة المغربية بالقناة‬ ‫األولى ابتداء من سنة ‪ ،1984‬وبعد أن توقف‬ ‫مسار تدريسي لمادة الفلسفة على يد وزير‬ ‫التعليم آنذاك‪ ،‬حصلت أمور كثيرة‪ ،‬سأحاول‬ ‫ان أستحضر البعض منها مما أعتبره قد أثر‬ ‫على تطورات مساري‪.‬‬ ‫ابتداء من سنـــة ‪ 1979‬كان قـــد تم‬ ‫تعييني رئيسا للجنة برمجة تدريس الفلسفة‬ ‫بصفتي مفتشا للمادة‪ ،‬واخترت بتنسيق مع‬

‫عز الدين العراقي‬

‫الوزارة بعض مدرسي الفلسفة للعمل معي‬ ‫في هذه اللجنة‪ ،‬ممن كانوا على مستوى‬ ‫مشرف في مجال الفلسفة‪ .‬وكان الهدف هو‬ ‫إعادة النظر في طرق تدريس هذه المادة‬ ‫بالمغرب مما يجعلها تؤدي دورا أفضل‬ ‫وأعمق‪ .‬والطريقة التي كنا قد توخيناها‬ ‫وقتها هي طريقــة تدريسها بالنصوص‪.‬‬ ‫وكانـــت الخلفيــة من وراء ذلك هي أن‬ ‫يتحول دور األستاذ إلى إرشاد التالميذ إلى‬ ‫النصوص‪ ،‬ومعانيها ومستويات الفهم فيها‪،‬‬ ‫وطبعا فهذا ال ينفي كون األستاذ هو من‬ ‫يقوم بإعداد الدرس وخطاطاته العامة‪ ،‬لكن‬ ‫األساس في العملية كلها كان هو التعامل‬ ‫المباشر مع النصوص الكبرى للفلسفة‪ ،‬بدءاً‬ ‫من أفالطون مرورا إلى كانط وابن خلدون‬ ‫وإلى الفارابي وابن رشد وديكارت‪ ،‬وكان‬ ‫يفترض أيضا التعامل على أساس اعتبار‬ ‫الفلسفة مادة لتعميق التفكير الشخصي‬ ‫إزاء واقع يكون بشكل دائم واقعا قابال‬ ‫للفهم والتغيير‪ .‬فالتلميذ حين يلتحق بقسم‬ ‫دراسة الفلسفة يكون متعطشا لمعرفة هذه‬ ‫األفكار ومصدرها‪ .‬وفكرة تدريس الفلسفة‬ ‫بالنصوص بالنسبة لنا كانت قضية مهمة‬ ‫للغاية‪ ،‬وألجل هذا كانت اللجنة تسهر على‬ ‫اختيار النصوص‪ ،‬وأحيانا على ترجمة هذه‬ ‫النصوص‪ ،‬وكنا نقوم بإرسال هذه األوراق‬ ‫التي نقوم بطبعها‪ ،‬داخل هذه اللجنة‪ ،‬إلى‬ ‫كل المؤسسات التي تقوم بدورها بإعادة‬ ‫طبعها وتوزيعها‪ ،‬بحيث كانت هناك حيوية‬ ‫كبيرة غريبة جدا وإرادة عميقة صارت معها‬ ‫الفلسفة‪ ،‬أكاد أقول‪ ،‬وكأنهــا شــيء حـــي‬ ‫في التدريس‪ ،‬بمعنى أن عمل اللجنة منح‬ ‫«الحياة» لتدريس الفلسفة‪.‬‬ ‫و بخصوص‪ ،‬اإلخوة الذيـــن قمــــت‬ ‫باختيارهم لاللتحاق بي في اللجنة المذكورة‬ ‫هم ‪ :‬السي أحمد المتمسك‪ ،‬وهو ال زال‬ ‫يشتغل إلى اليوم بالدار البيضاء‪ ،‬والسي‬ ‫محمد العيادي رحمه اهلل الذي كان من أبرز‬

‫مدرسي مادة الفلسفة‪ ،‬ونعيمة الشرقاوي‬ ‫وكانت أستاذة بالرباط آنذاك‪ ،‬والسي أحمد‬ ‫السباعي وكان أيضا مدرسا للفلسفة هنا‬ ‫بالرباط‪ ،‬إذن كان معي مدرسان من الدار‬ ‫البيضاء ومدرسان من الرباط‪ ،‬بينما أتولى‬ ‫أنا مهمة اإلشراف ‪.‬‬ ‫هذه اللجنة قامت بعمل رائع وهائل‬ ‫خالل فترة بداية الثمانينات‪ ،‬إلى أن أصبح‬ ‫التعامل مع الفلسفة بواسطة النصوص‬ ‫شيئا طبيعيا‪ .‬وهكذا الحظنا أن التالميذ‬ ‫وجدوا أمامهم جسورا للتعمق في بحث‬ ‫مواضيع الفلسفة من أصولها‪ ،‬وبالطبع‪،‬‬ ‫فالمسألة لم تكن هينة وسهلة‪ ،‬إذ تطلب‬ ‫األمر إعادة النظر في تكوين المدرسين‪،‬‬ ‫وكنا نشرف عليه عبر ورشات عمل وتنقلنا‬ ‫إلى مختلف بقاع المغرب لتقديم شروحات‬ ‫وتفسيرات حول هذه الطريقة المعتمدة‪،‬‬ ‫وطبعا فإن مجموعة من المفتشين الذين‬ ‫جرى توظيفهم لهذه الغاية‪ ،‬كانوا معنا‬ ‫في العملية‪ ،‬وتولوا شـرح أهــداف وطــرق‬ ‫هذه العملية‪ ،‬التي بدأت تعطي نتائــج‬ ‫يمكن القول أنها ال بأس بها‪ .‬إال أنه في‬ ‫مرحلة الحقة‪ ،‬تقريبا ما بين ‪ 83‬و‪ 84‬على‬ ‫ما أتذكر‪ ،‬فإن الوزير الــذي تولى حقيبة‬ ‫التربية والتعليم وقتها وهو األستاذ عز‬ ‫الدين العراقي‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬أراد أن يفرض‬ ‫علينا‪ ،‬ال أريد أن أقول وصاية بل نوعا من‬ ‫التفتيش المضاد من طرف بعض األساتذة‬ ‫الذين استقدمهم من مصر‪ ،‬اثنان منهم‬ ‫من جامعة األزهر‪ ،‬واآلخر هو مفتش لمادة‬ ‫الفلسفة في األقسام العادية بمصر‪ .‬وتعاملنا‬ ‫معهم بكيفية طبيعية استمعوا إثرها إلينا‪،‬‬ ‫واستمعنا إليهم‪ ،‬ولم نكن نظن أن هؤالء‬ ‫جاؤوا لتقييم عملنا بل اعتقدنا أن الوزير‬ ‫لديه رغبة في التعامل اإليجابي مع مبادرتنا‪،‬‬ ‫فإذا باألمر أن هؤالء جاؤوا إلجراء رقابة‬ ‫وتفتيش على طاقتنا الفلسفية والفكرية‪،‬‬ ‫ومن المؤكد أنهم قدموا للوزير تقريرا‬ ‫بشأن ذلك‪ ،‬ومن المؤكد أن الوزير رأى‬ ‫أن التقرير المقدم له أفهمه بأن تدريس‬ ‫الفلسفة ربما كان يُخالف «شيئاً» لم نتمكن‬ ‫من معرفة طبيعته‪ ،‬قد يكون متعلقا بما هو‬ ‫إيديولوجي شخصي على ما أظن‪ ،‬ولكنه‬ ‫في الواقع لم يخالف أسس الفكر الفلسفي‪.‬‬ ‫وهكذا تطورت األمور إلى أن اجتمعنا مرة‬ ‫بالوزير‪ ،‬وكنا حوالي ‪ 15‬أو ‪ 20‬شخصا في‬ ‫إحدى قاعات الوزارة‪ ،‬وفسر لنا بأنه بناء على‬ ‫المعلومات التي توصل بها‪ ،‬وعلى جدية‬ ‫التقارير المنجزة في الموضوع تبين أن‬

‫تدريس الفلسفة بواسطة النصوص يعتبر‬ ‫أمرا لم يحــظ بنــوع من الشرعية تجعله‬ ‫قابال للتعميم‪ ،‬وحاولنا من جانبنا أن نقنع‬ ‫السيد الوزير بأن تلك الطريقة هي األنجع‬ ‫في جعل التلميذ يطلع على نصوص ربما قد‬ ‫ال تتاح له الفرصة لالطالع عليها من جانب‪،‬‬ ‫ومن جانب آخر فمن التالميذ من قد يتجه‬ ‫نحــو دراسـة الصيدلة أو الطب أو البيطرة أو‬ ‫الرياضيـات المعمقة أو في التاريخ والجغرافيا‬ ‫أو في العلوم السياسية أو القانون‪ ،‬ولن يجد‬ ‫نفسه مع نصوص فلسفية حية ستساعده‬ ‫بكل تأكيد‪ ،‬على اعتبار أن الفلسفة هي‬ ‫جامعة لكل العلوم والمعارف‪ .‬غير أن هذا‬ ‫لم يكن على ما يبدو مقنعا بالنسبة للوزير‪،‬‬ ‫الذي أخبرنا‪ ،‬في نهاية االجتماع‪ ،‬بأن قراره‬ ‫سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من الدخول‬ ‫المدرسي القادم‪ ،‬وبأنه سيلغي تدريس‬ ‫الفلسفة باعتبارها مـادة مستقلة بهذا‬ ‫اإلسم‪ ،‬وسيصبح تدريسها باسم آخر هـو‬ ‫«الفكر اإلسالمي» الذي يحتوي ضمنيا على‬ ‫الفلسفة بكيفية شاملة‪ ،‬وأخبرنا بأنه ليــس‬ ‫من الضـروري أن يتم تدريس الفلسفة‬ ‫بالطريقة التي أردناها نحن في اللجنة‪،‬‬ ‫وأضاف بأننا نحن العرب لدينا فكرنا‬ ‫الفلسفي ولدينا فالسفتنا‪ ،‬وطبعا نحن في‬ ‫اللجنة لم ننف ذلك‪ ،‬بل إن النصوص التي‬ ‫كنا نوزعها على التالميذ‪ ،‬تضمنت فالسفة‬ ‫مسلمين وعرب‪ ،‬كالكندي وابن رشد‬ ‫وغيرهما‪ ،‬فهذه أسماء يعترف بها الجميع‬ ‫في تاريخ الفلسفة‪ ،‬حتى في الغرب‪ ،‬وما بالك‬ ‫نحن‪ ،‬ربما ال يوجد فالسفة عرب امتدوا إلى‬ ‫القرن ‪ ،19‬وذلك فقط ألننا لم نجدهم‪،‬‬ ‫وحتى إن وجــدوا فإنهم غير مقيدين في‬ ‫اإلنجازات المعاصرة‪ ،‬بينما في نفس القرن‬

‫تجد فالسفـــة ألمــان وفالسفة فرنسيين‬ ‫وفالسفة اإلنجليز‪ ،‬فنحــن لم ندخـــل في‬ ‫تدريس الفلسفة بكيفية «إقليمية»‪ ،‬نحن‬ ‫ندرس الفكــر الفلسفي بمعنـاه الواسع‪.‬‬

‫في النهايــة لم يقتنــع الوزير‪ ،‬وقال‬ ‫نحن سندرس الفكر اإلسالمي‪ ،‬وتدريس‬ ‫الفلسفة ال يمر بالضرورة عبــر طريقتكم‪،‬‬ ‫وهكذا أصبحنا نحن األعضاء الخمسة في‬ ‫تلك اللجنة بدون عمل‪ ،‬وفي هذه اللحظة‪،‬‬ ‫أواخر سنة ‪ ،1983‬تبين لي أنه من األفضل‬ ‫أن أبحث عن مكان آخر لالشتغال‪ ،‬ألنه أصبح‬ ‫من غير الممكن أن أستمر مفتشا لمادة‬ ‫لم تعد موجودة في البرامــج والمقررات‬ ‫الدراسية‪ ،‬فهذا سيكـون أمـــرا مفتقدا ألي‬ ‫معنى‪.‬‬

‫هنا انتقلــت‪ ،‬بفضل بعض األصدقاء‬ ‫الذين قدموني لوزير اإلعالم آنذاك السيد‬ ‫عبد اللطيف الفياللـــي رحمه اهلل‪ ،‬والذي‬ ‫أخذ الفكرة بجدية حيث عرض علي بداية‬ ‫االشتغـــال معــه في ديوانـه ريثما تتبين‬ ‫األمور‪ .‬وعلمت بعدها أن الرجل قد كان من‬ ‫متابعي البرامج التي كنت أعدها لإلذاعة‪،‬‬ ‫الشاشة السوداء‪ ،‬والمجلة السينمائية‪ ،‬وقبل‬ ‫ذلك بقليل كنت في التلفيزيون أعد برنامج‬ ‫النادي السينمائي‪ ،‬وكان السي الفياللي من‬ ‫الناس الذين تابعوا هذه الحصص‪ ،‬وهكذا‬ ‫اشتغلت معه في الديوان لمدة تقارب الشهر‬ ‫فقط من أجل التأقلم‪ ،‬وذلك قبل أن يخبرني‬ ‫بأنه سيقوم بتعييني مديرا للبرامج باإلذاعة‬ ‫والتليفزيون‪ ،‬وقال لي‪ :‬إن النصيحة التي‬ ‫أقدمها لك هي أننا ال نتوفر على اعتمادات‬ ‫مالية كافية ولذلك فنحن نريد عمال يجذب‬ ‫اهتمام الناس‪ ،‬وكانت خاللها قناة ‪ 2M‬تنجز‬ ‫فقط ‪ 7‬أو ‪ 8‬ساعات من البث في اليوم‪.‬‬

‫عبد اللطيف الفياليل‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.