املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات
المستشفيات في التاريخ اإلسالمي
ص5
ـ رئي�س التحرير :عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 :ـ العدد 1042ـ الثمن 4دراهم ـ الثالثــاء � 27شعـبـان � 21 / 1441إلى � 27أبـريــل 2020
إعالم جهوي متقدم
“الشمال” تنشر في حلقات كتاباً حول الجوائح الطبيعية الباحثة في العصر الوسيط رشيدة الشانك ()3/2
الشمال من
ص8
• عبد اإلله المويسي
«كورونا» و�صحتنا النف�سية «كورونـا» و 18أبريل اليوم العالمي للمآثر والمواقع التاريخية :
«راحة ا�ضطرارية عاملية ال مثيل لها يف التاريخ • فاطمة بوشمال
(محافظة المدينة العتيقة لشفشاون وقصبتها األثرية) ص 7
حـوار مفتـوح مـع
الدكتورة عتيقة مكاي�سي يف زمن «كورونا» الجزء الثاني واألخير
صفحة 16
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
2
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
الشمال من
الوهم ن�صف الداء
كورونا و�صحتنا النف�سية • عبد اإلله المويسي
mouissijaridatchamal.2019@gmail.com
قطرات مداد ُ
• محمد إمغران
ما جاء يف باب «الكمامات» من قرارات وا�ستنتاجات تداولت منابر إعالمية ،مؤخرا ،أن عددا من التجار ،نعتتهم ب»تجارالمآسي» ،المشتغل بعضهم في قطاع النسيج يضغطون بشكل كبير ،بهدف أن تتراجع وزارة الصناعة والتجارة واالقتصاد األخضر والرقمي عن قراريقضي بمنع تصدير الكمامات إلى الخارج ،مشيرة إلى أن هـــذه الضغــوط التي يمارسهـــا عدد من أرباب مصانع النسيج ،يسعون من خاللها إلى الحصول على موافقة الوزارة الوصيـــة ،قصد التصدير إلى الخارج ،في هذا الظرف الذي يشهد إقباال كبيراعلى الكمامات ،بسبب فيروس»كورونا» المستجد. وحددت الوزارة قائمة السلع التي تستوجب الحصول على تراخيص خاصة ،قبل استيرادها أو تصديرها في وقت منعت فيه استيراد األقنعة الجراحية في الفترة الحالية .ودخل هذا القرارحيز التنفيذ ،ابتداء من نشره في الجريدة الرسمية في الثاني من شهر مارس الماضي. وكان قرار لوزيرالتجارة والصناعة واالقتصاد الرقمي قد حدد قائمة السلع ،بما فيها الكمامات الطبية ،التي تتخذ في شأنها تدابير تهدف إلى وضع قيود كمية على تصديرها وبعد استطالع رأي وزير الصحة ،معتبرا أنه «يتمم القائمة الخاصة بالسلع الخاضعة للترخيص بالتصدير والملحقة بقرار باألقنعة الجراحية».
يقول بن سينا «الوهم نصف الداء». أكيد أن االلتزام بالحجر الصحي أدخل الناس في نوع من العزلة االجتماعية واالنقطاع عن التواصل الحيــــوي اإلنساني، وأكيد أن هذا االلتزام المفاجئ هو خروج عن العديد من العادات االجتماعية التي عادة ما كان كثير من الناس يلتجئـــون إليها للتخفيف من الضغط النفسي الناتــج عن ظروف العمل والحياة القاهرة التي تلم بهم. إن التواجــد في مساحــة جغرافيــة محــدودة ،وفي عالقات إنسانية مقننة جدا يفرض نوعا من االنكفاء عن النفس والتي غالبا ما تتصاحب مع الشعور بالتوتر والضيق التي قد تصل إلى حالة الشعور باالكتئاب. ما يهمنا في هذا السياق هو أن األمر طبيعي جدا بالنظر إلى العزلة النفسية التي اقتضتها ظروف انتشار وباء كورونا ،وطبيعي جدا ،وال يدعو ألية مخاوف ،بالنظر إلى تقلص فرص الترويح عن النفس. كل األطباء النفسييـــن أكدوا على أن األمر متعلق بمغادرة عادات سابقة ،واكتساب عادات جديدة ،ومتعلق بأجواء مشحونة اقتضتها هيمنة األجواء الكئيبة العامة المتعلقة بحاالت المرض. جانب آخر من أجواء الحالة النفسية التي تعصف بالناس ،في مثل هذا الظروف ،هو تناسل األخبار ذات الطبيعة السلبية المتلقة بوباء كورونا .فاألكيد أن مختلف الشرائح المجتمعية شعرت من قريب أو بعيد أنها مهددة بالتقاط هذا الوباء ،وهو ما رفع من مستويات الخوف لديهم أججت من حدتها توارد األخبار المغلوطة أحيانا عن حقيقة الوباء .وهكذا بات الناس يعيشون في حالة هلع شديدة انعكست على أمزجتهم ونفسياتهم وأدخلتهم في جو من االضطراب النفسي .كثيرة هي الحاالت التي أصيبت بالهستيريا
المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين : www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة
عبد الإلـه املـوي�سـي سكرتارية التحرير :
محمد �إمغران محمد وطـا�ش م�صطفى ال�سباعي
ظنا منها أنها مصابة بكورونا لمجرد أنها توهمت ،تحت تأثير األخبار المشحونة ،بذلك. الخبراء النفسيين الذين يواكبــون الحالـة الصحية لعموم الناس ينصحون بعدم متابعة مثل هذه األخبار المشوشة التي تخلق حالة الهلع لدى الناس ،وينصحون بالبحث عن األجواء التي تبعث على األمل. أكيد أنها جهات متعددة كانت وراء خلق هذا الجو المشحون لدى عامـة النـاس ،منها بعـض التفسيـرات العلمية السطحية التي ربطت انتشار الوباء بأمور ال تمت بالعلم بأية صلة متعلقة بالتغذية أو نظام العيش ،مما جعل الناس يعيشون في حيرة من النظام الواجب اتباعه ،والتجائهم إلى خيارات غذائية كانت لها اآلثار السلبية أحيانا على صحتهم. جهــات أخــرى مغرضة التجـــأت إلى نشر فيديوهــات وصور ومحاضرات وخطب دينيـة وحوارات مع علمــاء ،أغلبهــا ثبت أن تواريخ صدورها يعود إلى ماض ال عالقة له بوباء كورونا ،أثرت في الحالة النفسية لعموم الناس وهددت حالتهم الصحية. السلطات المعنية قامـت بدورها ،وتتبعـت كل الذين يقفون وراء انتشار مثـل هـذه المغالطـات التي أقلقت الناس وهددتهم وهم داخل حجرهم الصحي. كثير من الحاالت هي اآلن في حالة متابعة قضائية جراء ما سببوه من حالة عدم االستقرار لدى المواطنين. ابن سينا قال أن «الوهم نصف الداء» في إشارة واضحة إلى أن الهشاشة النفسية قد توقع الناس في المرض. ولذلك فعلى الناس أن تتجنب كل ما من شأنه أن يزيد حدة اضطراب حالتهم النفسية من أخبار سلبية ،وأجواء مشحونة.
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هـدى املجـاطـي محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح
اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات التصفيف واإلخراج :
«جريـدة ال�شمـال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مكـرر ،زنقة عمـر بـن عبد العزيز ـ طنجــة ـ
وأفاد مصدرنا أن قرار منع تصدي «الكمامات» ال رجعة فيه ،موضحا أن «الضغوط التي يحاول بعض «تجار المآسي» ممارستها تتنافى مع روح التضامن في هذه الظرفية» .والحق أقول أن هؤالء الضاغطين اليستحقون جرعة ماء ،تحت لفحات شمس ساطعة ،في يوم متعب وطويل ،ألن الرحمة ال أصل لها في قلوبهم وما أكثرأمثالهم الذين يتاجرون في احتياجات الناس الملحة وآالمهم ومعاناتهم المرهقة. وفي الوقت الذي أكد فيه مصدر الجريدة أن الضغط على السلطات في هذا التوقيت ،لتحقيق مكاسب شخصية ،يعد نقصا في الوطنية ،بل وانعداما للشهامة والمروءة ،أعلن المقرب من الوزير حفيظ العلمي «أنه قرر مواجهة أي ضغط ومحاربته، بشكل واضح وعلني». وفي هذا الصدد ،أكد المصدر ذاته ،أن قرار منع تصدير الكمامات للخارج وضع استثناء واحدا للتصدير إلى هذا الخارج والذي ال يمكن أن يتجاوز 50في المائة من إنتاج أي مصنع، رابطا ذلك بضرورة أن تكون الوحدة الصناعية قد استوردت ثوب التصنيع من الخارج ،نظرا لجودته ،وذلك في إطار االستيراد المؤقت؛ وهو األمر الذي تم اشتراطه على شركة إيطالية أرادت التصدير. كما أكد مصدر الجريدة أنه بالنسبة إلى المصانع التي تستعمل الثوب المحلي المغربي ،فإنه ليس هناك مجال للتصدير حاليا ،مشددا على أن هذه المصانع مطالبة بتخصيص إنتاجها كامال للسوق المغربية ،وأن إخراجها خارج المغرب أمر مرفوض وغير مرخص له ،إذ ربما يفهم من هذا أن «زبلنا يبقى عندنا» لكي نقضي به ما تيسرفي ظل الحاجة الملحة والحافظ هو اهلل عز وجل وال داعي لتصدير»شوهتنا» ! وآخرا ،ولإلشارة ،فإن عشرة مصانع في المغرب هي التي تصنع الكمامات في المغرب ،حيث بلغ اإلنتاج اإلجمالي ،خالل منتصف األسبوع الماضي ،ما مجموعـــه 5.7ماليين كمامـــة، يوميا ،وألزمت الوزارة الوصية بضرورة تسويقها في السوق الداخلية فقط.
الهاتــف :
05.39.94.30.08 06.22.45.30.67
الفاكــ�س :
05.39.94.57.09
الربيد الإلكرتوين :
info@achamal.com achamal2000 @gmail.com
سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress
الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
العدد 1042
درد شة
م�صطفى حجاج
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
دردشة ال أعتقد أن هناك حديثاً يعلو على حديث هذه الجائحة التي اجتاحت العالمَ من أقصاه إلى أقصاه. وال أعتقد أنها ستمرُّ ،دون أن تترك آثاراً ترسبت في نفوسنا ،وعل َقتْ بأذهاننا. ً ولربما سيأتي وقتٌ تصبح فيه ً وحكاية تحكى ،سيأخذ منها الرُّواة رواية تروَى، والمت َل ّقون ،العبرَ والدروس. من هذه العبر ،أن العالم وقف مكتوف األيدي في وجه هذا الفيروس ،وأقصى ُ إعالن حالة الطوارئ ،واللجو ُء لتدابير الحجر الصحي ،للتقليص من األضرار، ما فعله، اإلصابات. من والتقليل ِ وهذه اإلجــراءات ،أصابت الدول والشعـوب على الســواء ،بما يشبـــه الشلل. والقطاعات التي أصابها الشلل :قطاع الصناعة ،وقطاع السياحة ،وقطاع التجارة. وسيتوقف ُ الحاكون -وال شكَّ -عند اإلجراء الذي مس المقدسات الدينية ،بدءاً بإغالق الحرمين الشريفين ،وانتها ًء بإغالق بيوت اهلل. صحيحٌ أن األذان لم يتوقف ،والمؤ ّذنين لم يأخذوا العطلة ،التي أخذها القيمون ظلت َّ الدينيون ،لكنَّ تلبيته َّ معلقة ،إلى أن يقضي اهلل أمراً كان مفعوال. ً صفحة جديدة، ومن هذه العبر ،أن عدداً من الناس رجعوا إلى اهلل ،وفتحوا معه وواظبوا على الوقوف بين يديه خمس مرات في اليوم والليلة .وأخذوا يرتلون القرآن ال ،ويذكرون اهلل ويستغفرونه بكرة وأصي ً ترتي ً ال. ومن هذه العبر ،أن ُ األسر ،عاد إليها دفءها ،وتكت ُلها واجتماعها .وجاءت الدراسة عن بعد ،لتش ِرك أرباب البيوت ورباتها في المعمعة. ومن هذه العبر ،أن المواطنين في وطننا الحبيب ،تجندوا لمحاربة هذا العدو الخفي ،وأبانوا عن وطنيتهم ،وساهموا في صندوق الدعم الذي رصده ملكنا الهمام، لردع هذا الوباء ،والعناية بالمرضى والمصابين ،وتقديم المساعدة للمتضررين من إجراءات الحجر الصحي.
قيامة «كورونا» لم تقم... -عبد الحي مفتاح
شهر مضى على بداية الحجر الصحي .الزمن ينفلت من بين أصابعنا ولو ببطء .كلنا كان يتشهى أن يرى في هذا الشهر بصيص األمل ونحن نعبر النفق الذي دخلناه كما معظم بلدان العالم. قبل اإلعالن عن اإلصابة األولى بقليل وبعـد اإلعـــالن عنها مباشرة سارت الحمى في الشارع المغربي كما الغليان .كانت الحالة تشبه القيامة التي ستقوم رغم التطمينات الرسمية بالتزام الهدوء والحكمة ،كان الناس مهيئين نفسيا لشيء قادم .وال شك أن انتشار وسائل التواصل وتوسعها كان وراء ذلك .فأخبار كورونا سادت على جميع األخبار منذ مدة وأينما وليت وجهك تجد الحديث عن الفيروس التاجي وغرابته واجتياحاته وخسائره .حتى إن الكثير من قادة الدول المسماة بالعظمى وصفت مواجهة الوباء الذي نتج عن الفيروس التاجي بالحرب .وفعال لقد استعملت في هذه الحرب الوسائل البرية والبحرية والجوية ...في سباق ضد الساعة مع الفيروس المستجد والموت... نعم القيامة كادت أن تقوم ،ولو أن البعض ممن حباه اهلل بالطمأنينة والقناعة كان يجد ذلك غريبا ،فاألسواق الكبرى والصغرى امتألت عن آخرها ،الصيدليات أفرغ مخزونها من الكمامات والكحول ومواد التعقيم في ظرف وجيز .حتى أنك كنت ترى من يحمل الكمامة هنا وهناك إظهارا لسرعة االستعداد وربما نكاية في اآلخرين قبل حتى أن يعطى أمر الحجر الصحي.وسائل التواصل االجتماعي خيمت عليها أجواء القيامة بفنونها المختلفة... عند اإلعالن عن حالة الطوارئ الصحية ،خرجت جماعات بعدة مدن رئيسية ليال وكأن القيامة ستقوم ،وتعالت أصوات من فوق السطوح بخطب وكأن الفناء موشك... عند اإلعالن عن ضرورة الحصول على رخصة تسمح بالخروج من المنزل كادت أن تقوم القيامة ،ربضت تجمعات هنا وهناك بحثا عن
3
الرخصة...وكثر الهرج والمرج...خفتت األجواء شيئا فشيئا ولم تقم القيامة... عند اإلعالن عن تقديم الدعم والمساعدات كادت القيامة أن تقوم، وكان ضروريا شرح األمور وإعادة شرحها حتى ال تقوم القيامة...ثم علت البسائر محيا البسطاء... بعد اإلعالن عن إلزامية حمل الكمامات خارج المنزل كادت أن تقوم القيامة ،وكان على من سعى مشكورا لتوفير الكمامات بالعدد الكافي في بالدنا أن يطمئن الجمهور باستمرار أن التموين سيكون كافيا حتى ال تقوم القيامة...لم تقم القيامة والوجوه زينها التلثم بالكمامات... رأينا صور خروج متعافين من مصحات أو مستشفيات في أجواء االزدحام كما رأينا أسواقا وشوارع تعيش نفس االزدحام وكأن القيامة لن تقم ...أو ستقوم...؟! ...فهنيئا لكل المتعافين ونسأل اهلل الشفاء للمصابينوالعافيةللجميع... شهر مــن األحداث والصور المؤلمــة والمفرحة والتحذيـــرات والدعاء واألخبار الزائفة والمبادرات اإلنسانية الشافية... لم تقوم القيامة بعد ...شهر عشناه مختلفا وبدأنا نبرد شيئا فشيئا وكأننا مع القلق الذي نعيشه تيقننا أن القيامة لن تقوم... شهر تعلمنا منه الصبر وإن كان البعض منا خارج السياق ،وأن علينا أن نحافظ على المخزون الذي في جعبتنا ألننا لم نقطع الوادي ونشفو رجلنا..ربما القيامة لم تقم بعد ...ولن تقوم...إال في مخيلتنا الخائفة؟! .فعلينا بمزيد من الحذر والحكمة حتى ال نسقط في الفخ. وعلينا االلتزام بالحجر الصحي فهو أنجع دواء لقيامة كورونا التي أفزعتنا وهزتنا وأربكتنا ...حفظ اهلل بلدنا الذي نكن له كل الحب والعرفان... ورمضان مبارك كريم...
اشتدي أزمة تنفرجي.. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
/1ال يجد العبد بابا لكشف غمته وانفراج أزمته سوى باب رب العالمين ؛ باب الرحمة الواسعة . قال تعالى ..« :قال عذابي أصيب به من أشاء ،ورحمتي وسعت كل شيء ،فسأكتبها للذين يتقون ( »..األعراف ) 156 / وقال جل جالله ..« :ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ،فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ،وقهم عذاب الجحيم( »..غافر )7 / ففي اآلية األولي ثالث دالالت مؤكدة : • المشيئة الربانية « :عذابي أصيب به من أشاء».. • الرحمة الواسعــة « :رحمتي تعم جميع خلقي».. • الرحمة الخاصة في اآلخرة ؛ بالذين يتقون الكفر والمعاصي.. وفي اآلية الثانية وصف ودرس: • وصف للرحمة والعلم الربانيين بالوسع.. • درس لعباد اهلل ؛ يؤدبهم بآداب الدعاء الستمطار األفضال والنعم والصفح.. « /2اشتدي أزمة تنفرجي».. المنظومات التربوية الصوفية حافلة بمعاني استمداد اللطف وطلب الرجاء ؛ ولعل منفرجة العارف باهلل أبي الفضل يوسف بن محمد بن يوسف المعروف بابن النحوي ( ت 513ه ) من عناوين بالغة خير متوارثة منذ ما يناهزعشرة قرون ،وهذا يسمها بقوة تداولية عظمى.. كان ابن النحوي عالما عامال..ومما يحكى عنه ،أنه لما عزم على الذهاب للحجاز ،شكا أهله ضياع حالهم في غيبته ،فكتب لهم في رقعة، وأوصاهم أن يتحفظوا عليها ..فكان لهم شخص في غيبته يأتيهم بمتطلباتهم اليومية ،ولما رجع الشخص ،فتشوا عن الرقعة ،فوجدوا مكتوب ابن النحوي : إن الذي وجهت وجهي لـه هو الذي خلفت في أهلـــي فإنه أرفق منـي بهـــــــم وفضله أوسـع من فضلــي ومما يحكي عنه ،أن طالب علم قصده ،فبادره بالسالم ،وأراق الحبر على ثوبه ،فخجل الطالب ،فقال له أبو الفضل :كنت مفكرا في أي لون أصبغ به هذا الثوب ؟ فاآلن أصبغه حبريا منفرجة تتضمن مزايا، فهي : مشتملة على اسم اهلل األعظم. كل من دعا بها استجيب له. من قرأها على طهارة وحضور قلب ،وسأل اهلل حاجته قضيت. نظمت في بحر الخبب .وشرحت شروحا عديدة خالل عصور؛ وتمت معارضتها وتخميسها ..مما أكد مركزيتها في الوجدان التربوي والعلمي.. / 3براعة استهالل.. اشتدي أزمة تنفرجـــي قد آذن ليلـك بالبلـــج الالفت في براعة هذا االستهالل : • مخاطبة ابن النحوي األزمة خطابا موجها لعاقل بصيغة أمرية ؛ ليس طلبا الشتداد ؛ بل طلبا النفراج.. • تشبيه الليل بالشدة ؛ لكونه جامع كرب وقلق ؛ وفي منطق وتعليل البالغة المعيارية األثيرة عند علماء البيان ومتذوقي الكالم ،فإطالق اسم المشبه به على المشبه استعارة تصريحية .. • ذكر البلج ـ وهو وضوح الصبح ـ ترشيح ،باق على أصله أو مستعار للفرج بجامع البلج؛ بمعنى أن ضوء الصبح مذهب للظلمة ،والفرج مذهب للحزن : إذا اشتــدت بك العسرى ففكر في ألــم نشـــرح فعســر بيــن يسريـــن إذا فـكــرتـــــه فافــرح • بين االشتداد واالنفراج وبين الليل والبلج طباق • إسناد اإليذان إلى الليل مجاز عقلي • تلميح بمعان قرآنية وحديثية شريفة على وجه االقتباس وقصص أنبياء : ـ فسيدنا يونس عليه السالم امتحن في بطن الحوت بقاع البحر.. ـ وسيدنا موسى عليه السالم وبنو إسرائيل فلق لهم رب العزة البحر وأنجاهم من فرعون.. ـ وسيدنا إبراهيم ألقي في النار ولم تحرق منه سوى قيده.. توقع صنع ربك ســوف يأتي بما تهواه من فرج قريـــــــــب وال تيأس إذا ما نــاب خطب فكم في الغيب من عجب عجيب • حمل النفس على الصبر في هذا االستهالل تصريح بمقام الصبر ؛ وهو أحد مقامات اليقين ،وهو :ترك الشكوى من ألم البلوى.. ـ قال المحاسبي « :لكل شيء جوهر ؛ وجوهر العقل الصبر.».. ـ قال يحي بن معاذ الرازي « :عند نزول البالء تظهر حقائق الصبر ،وعند مكاشفة المقدور تظهر حقائق الرضا». كتبت هذا العمود فجرهذه الجمعة األخيرة من شعبان ،وفي صباحها ـ سبحان اهلل العظيم ـ بعث الي صديقي األعز الدكتور موالي يوسف البحيري ؛ المقيم في عاصمة سبعة رجال ..بهذه األبيات المستلهمة من منفرجة ابن النحوي ،وهي للفقيه ابن يجبش التازي : مهما اشتدت بك نـــــــازلة فاصبر ،فعسى التفريج يجـي موالك ارغب فإجــــــــــابته للمضطـريــــــــن على درج وألح عليـــــــــــــه بمسألة فهو الجـــواد ،فاسأل وهـج من تشف شف،من تكف كف فاللطف خفي ،فعساه يجـي اللهم يا ذا الفضل العظيم عجل لنا بالفرج العميم..
العدد 1042
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
4
الروح اإليجابية في زمن األوبئة • محمد البوشوكي (دكتور في القانون العام) أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال .جامعة محمد الخامس ـ الرباط ـ
حسب دراسات و بحوث أنجزت حول الروح اإليجابية أو الطاقة اإليجابية ,اعتبرت هاته األخيرة كنوع من الطرق التي توفر التفاؤل للحياة الجيدة السعيدة ،أو الجوانب اإليجابية للتجربة اإلنسانية التي تجعل حياة اإلنسان تستحق العيش ،إذ ّ يركز علم النفس اإليجابي على كل من الرفاهية الفردية والمجتمعية والصحة النفسية ،وقد بدأت دراسة الموضوعات المتعلقة باإلجابة عن سؤال :ما هي الطاقة اإليجابية بمختلف مجاالتها ،وذلك في عام 1998م ،إذ اعتمد الباحثون في علم النفس اإليجابي في دراستهم على مقدار تكيف اإلنسان وسلوكياته بالتعامل مع المواقف المختلفة ،والتي شجعت التركيز على السعادة والرفاهية واإليجابية، وبالتالي خلق األساس لما يعرف اآلن باسم علم النفس اإليجابي. فقد واجهت المجتمعات اإلنسانية -عبر التاريخ -بعض األوبئة التي انتشرت على نطاق واسع ،وأصابت أعدادًا هائلة من البشر ،وأودت بحياة الماليين في فترة زمنية قصيرة .وقد ّأثرت هذه األزمات على األفراد الذين عاشوا هذه الخبرة االستثنائية ،إذ غيّرت جانبًا من اتجاهاتهم القِيمية ،وأثارت لديهم العديد من األسئلة الوجودية التي ال إجابات لها ،بل وتركت في بعض الحاالت تأثيرات على التركيبة النفسية ألجيال كاملة ،والتي وإن استطاعت النجاة البدنية من الوباء ،فإنها لم تتعافَ من آثاره النفسية واالجتماعية و الحال هو ما نحن عيه اآلن و ما نعيشه من تبعات الوباء المسمى «كورونا» ,إذ ينصح كل المختصين و الباحثين في هذا المجال بالتحلي بالروح اإليجابية و االبتعاد ما أمكن من األفكار السلبية التي ال يمكن إال أن تزيد الوباء وباء. فالمواطنون و المجتمع ككل مدعو في هاته الظروف ،أكثر من أي وقت مضى ،إلى التحلي بالروح اإليجابية و عدم االنسياق وراء مجموعة من الشائعات و األخبار الزائفة التي يطلقها البعض وينجرف خلفها ماليين على
استعداد لتلقي أي شائعة لتفسير ما يحدث حولها .وتعد هذه الفترات البيئة الخصبة لصعود نظرية المؤامرة، ليس فقط بين الشعوب وبعضها ،بل أيضًا بين الدول .ولعل االتهامات المتبادلة بين الصين والواليات المتحدة األمريكية دليل على ذلك. لقد استبشرنا خيرا بتصاعد نسبة الشعور الجماعي اإليجابي ،عبر ذلك الحس التضامني بين أفراد المجتمع مما يرسخ ثقافة و مفهوم الضمير الجماعي الحي ,الذي يتطلع إلى نكران الذات و اإلحساس باآلخر، وتحفيز بعضنا البعض على مواصلة المواجهة والحفاظ على التوازن وبث مشاعر األمل والتضامن ،فتظهر مبادرات لمد يد العون في الظروف الصعبة ,مثل ما قام به بعض المهندسين المغاربة بإنجاز آليات التنفس االصطناعي و صناعة كمامات واقية تساعد على عدم نقل العدوى ،و لتدعيم الموارد اللوجستيكية للصحة العمومية بالمغرب. أكيد أن العالم ما بعد الجائحة بحاجة إلى تقييم و الوقوف عند دروسها و الدول التي ستنتصر في معركة كورونا ،وأدارت أزمتها بنجاح ،وأظهرت بشكل جليّ قدرتها على محاصرة أزمة كورونا هي من سيتسنى لها أن تكون الفاعل األبرز في النظام الدولي المقبل ,زيادة على أن مفهوم التضامن سوف يتغير شكله وسيتجاوز الحدود الجغرافية ,إذ سيكون سببا هاما في تغيير األولويات ,و فرض إعادة صياغة مخططات الدول و أولويات مستقبلها سواء في عالقاتها الدولية أو برامجها الداخلية. الروح اإليجابية إذن هي التخلص من األفكار السلبية خصوصا في زمن األوبئة باتخاذ القرار من الداخل مع القناعة التامة به و تثبيت قيم التضامن ،فمن شأن ذلك أن يعطي العقل و الضمير الجماعيين الوقت الكافي إليجاد الحلول الناجعة و االطمئنان على مستقبل أفضل.
كيف ستتعامل معها الجماعات الترابية بالمملكة ؟
دورة ماي العادية أي إجراء في ظل أجواء «كورونية» ؟ أيام قليلة تفصل الجماعات الترابية على المستوى الوطني عن انعقاد دورة ماي العادية ،غير أن رؤساء هذه الجماعات الشك أنهم حائرون ،بل ويوجدون في موقف صعب ،بسبب الظروف المعقدة التي يمر منها المغرب كغيره من الدول والمرتبطة بانتشار فيروس العصر.ذلك أن القانون التنظيمي للجماعات « »113.14واضح في هذا الصدد ،حيث ينص على وجوب عقد ثالث دورات عادية في السنة ،وبالتحديد في األسبوع األول من أشهر فبراير وماي وأكتوبر ،إال أن اقتراب شهرماي جعل رؤساء هذه الجماعات في حيرة من أمرهم ،تائهين بخصوص الكيفية التي سيعتمدونها ،لعقد الجلسات ،كما تنص على ذلك المادة 33من القانون المذكور. وحسب مصدرنا ،فإن العديــد من رؤســـاء المجالس الجماعية وجدوا أنفسهم شبه عاجزين خالل الطوارئ الحالية ،إذ لم يسطروا بعد جدول األعمال الخاص بدورة ماي؛ فضال عن عدم إيجاد الصيغة التي ستمكنهم من عقده ،مشيرين إلى أنهم ينتظرون تدخال من وزارة الداخلية لمعرفة الطريقة التي سيتم التعامل بها لعقـــد الدورة المقبلة ،رغم كونهم شرعوا في عقد اجتماعات مكاتبهم المسيرة عبر تقنية «الفيديو» لتهييء النقط الخاصة بالدورة ،في وقــت شارفت المدة القانونية المطلوبة ،لتوجيه نقط جدول األعمال إلى السلطات اإلقليمية على االنتهاء. وتنص الفقــرة الثانيــة من المـــادة 38من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات على أنه «يبلغ رئيس المجلس جــدول أعمال الدورة إلى جماعة طنجة عامل العمالة أو اإلقليم ،عشرين يوما ،على األقل، قبل تاريخ انعقاد الدورة». وفِي وقت يطالب منتخبون بالجماعات بضرورة عقد دورة ماي من أجل تقييم عمل المجالس في عملية مواجهة تداعيات فيروس «كورونا» ،فإن بعض الرؤساء يَرَوْن أنه لم يعد مجدياعقدها على اعتبار أن مراسلة وزارة الداخلية السابقة الخاصة بإجراء تحويالت في الميزانيات ،جعلت من هذه الدورات ال تحظى بجدوى معينة.
• محمد إمغران
ولإلشارة ،وحسب ذات المصدر ،فقد وجه بعض العمال على مستوى عماالت وأقاليم بالمملكة مراسالت اجتهدوا فيها بخصوص الدورات ،إذ طالبوا المجالس ،عبر مكاتبها المسيرة ،بعقد اجتماعات لتهييء جدول أعمال الدورة العادية لشهر ماي ،غير أنهم اشترطوا التقيد بشروط السالمة التي توصي بها وزارة الصحة في هذا الشأن من حمل إجباري للكمامات ،مع ترك مسافات األمان بين األشخاص وغيرها. وحسـب مراســـالت في الموضـــوع ،يشيــــر المصدر ذاتــه إلى أن بعــض العمـــال لفتوا إلى أنه في ما يتعلـق باجتماع المجالس المنتخبة في إطار جمعها العام ،يتعين انتظار ما ستؤول إليه الوضعية الوبائية واإلجراءات التي سيتم إعالنها بخصوص انتهاء حالة الطوارئ الصحية في التاريخ المحدد أو تمديدهــا ،مضيفا أنه رغم الوضعية الوبائيــة ،ال يجــوز خرق القانون، ويتوجب عقــد الجلســـات لمساءلـــة المكاتـــب المسيرة عن الطريقة التي تم التعامل بها في هذه الجائحة ،وكيفية دعم المجالس للسلطات في هذه األزمة التي تمر منها البالد ،خصوصا أن رجال السلطة هم من يقومون بالدور والجهد الكبيرين في ساحة المعركة ضد وباء «كورونا». وفي هذا السياق ،لفت منتخبون إلى أنه يمكن اتباع الطريقة ذاتها التي دبّر بها مجلس النواب االجتماع الخاص بافتتـــاح الجلســة التشريعية وذلك عن طريق تقليص عدد الحضور أو االتفاق مع المستشارين حول إمكانية حضور عضو عن كل حزب ،أو بحث سبل عقد الدورة عن بعد، باعتماد التطبيقات الذكية المتوفرة.وهذا كما يبدو هو الحل األمثل في ظل األجواء «الكورونية» التي البد من تضافر جهود جميع المستشارين لمواجهتها ،مع استحضار روح التضامن والمواطنة واإلخاء وبالتالي القيام بالواجب الوطني وخدمة الصالح العام ،دون أي تعقيدات أو مزايدات ،عسى اهلل القدير يرفع عنا البالء العظيم.
العدد 1042
5
الثالثاء � 21إلى � 27أبريل 2020
المستشفيات في التاريخ اإلسالمي أ.د .راغب السرجاني عن موقع إسالم سطوري كما رأينا فإن إسهامات المسلمين في مجال الطب ال تُحصى ..ولعل من ِّ أجَل هذه اإلسهامات وأعظمها غير ما سبق أن المسلمين هم أول من أسسوا المستشفيات في العالم ،بل إنهم سبقوا غيرهم في ذلك األمر بأكثر من تسعة قرون!! سِس أول مستشفى إسالمي في عهد الخليفة األموي الوليد بن عبد الملك ،الذي حكم فقد أُ ّ من سنة 86هـ إلى سنة 96هـ ،وكان هذا المستشفى متخصصًا في الجذام ،وأنشئت بعد ذلك المستشفيات العديدة في العالم اإلسالمي ،وبلغ بعضها شأوًا عظيمًا ،حتى كانت هذه المستشفيات تُعدّ قالعًا للعلم والطب ،وتُعتبر من أوائل الكليات والجامعات في العالم ..بينما أُنشِئ أول مستشفى أوربي في باريس بعد ذلك بأكثر من تسعة قرون!! وكانت المستشفيات تُعرف بـ(البيما ِرسْتانات) ،وكان منها الثابت ومنها المتن ّقل؛ فالثابت هو الذي يُنشَأ في المدن ،وق َّلما تجد مدينة إسالمية -ولو صغيرة -بغير مستشفى ،أما المستشفى المتنقل فهو الذي يجوب القرى البعيدة والصحارى والجبال!!.. الجمال (وصلت في بعض وكانت المستشفيات المتن ّقلة تُحمَل على مجموعة كبيرة من ِ األحيان إلى أربعين جم ً ال!! وذلك في عهد السلطان محمود السلجوقي ،الذي حكم من سنة 511هـ إلى سنة 525هـ) ،وكانت هذه القوافل مُزوَّدة باآلالت العالجية واألدوية ،ويرافقها عدد من األطباء ،وكان بمقدورها الوصول إلى كل رقعة في األمة اإلسالمية . وقد وصلت المستشفيات الثابتة في المدن الكبرى إلى درجة جدًا في المستوى ،وكان من أشهرها المستشفى العضُدي راقية ّ ببغداد الذي أنشئ في سنة 371هـ ،والمستشفى النوري بدمشق الذي أنشئ في سنة 549هـ ،والمستشفى المنصوري الكبير بالقاهرة الذي أُنشئ سنة 683هـ ،وكان بقرطبة وحدها أكثر من خمسين مستشفى !! وكانت هذه المستشفيات العمالقة تُقسّم إلى أقسام بحسب التخصص؛ فهناك أقسام لألمراض الباطنة ،وأقسام للجراحة، وأقسام لألمراض الجلدية ،وأقسام ألمراض العيون ،وأقسام لألمراض النفسية ،وأقسام للعظام والكسور وغيرها. ولم تكن تلك المستشفيات مجرد دور عالج ،بل كانت ك ّليات طب حقيقية على أرقى مستوى؛ فكان الطبيب المتخصص (األستاذ) يمرُّ على الحاالت في الصباح ،ومعه األطباء الذين هم في أولى مراحلهم الطبية ،فيع ّلمهم ،ويدوّن مالحظاته ،ويصف العالج ،وهم يراقبون ويتعلمون ،ثم ينتقل األستاذ بعد ذلك إلى قاعة كبيرة ويجلس حوله الطالب فيقرأ عليهم الكتب الطبية ،ويشرح ويوضّح ،ويجيب عن أسئلتهم ..بل إنه يعقد لهم امتحانًا في نهاية كل برنامج مَ تعليمي معين ينتهون من دراسته ،ومن َث ّ يعطيهم إجازة في الفرع الذي تخصصوا فيه. وكانت المستشفيات اإلسالمية تضم في داخلها مكتبات ضخمة تحوي عددًا هائ ً ال من الكتب المتخصصة في الطب والصيدلة وعلم التشريح ووظائف األعضاء ..إلى جانب علوم الفقه المتعلقة بالطب ،وغير ذلك من علوم تهمّ الطبيب. ومما يذكر على سبيل المثال -لنعرف ضخامة هذه المكتبات -أن مكتبة مستشفى ابن طولون بالقاهرة كانت تضم بين جنباتها أكثر من مائة ألف كتاب!! وكانت تزرَع -إلى جوار المستشفيات - المزارع الضخمة التي تنمــو فيها األعشاب الطبية والنباتـــات العالجية؛ وذلك إلمداد المستشفى بما يحتاجه من األدوية. أما اإلجراءات التي كانــت تُتخـــذ فـــي المستشفيات لتجنـــب العدوى فكانـــت من نوع خاص فريد؛ فكان المريــض إذا دخــل المستشفى يسلـم مالبسه التي دخل بها ،ثم َ يُعطى مالبس جديدة مجانية لمنع انتقال العدوى عن طريق مالبسه التي كان يرتديها حين مرض ،ثم يدخل كل مريض في عنبر مختص بمرضه ،وال يُسمح له بدخول العنابر األخرى لمنع انتقال العدوى أيضًا ،وينام كل مريض على سرير خاص به ،وعليه مالءات جديدة وأدوات خاصة!! ُ ْ قارن كل ذلك بالمستشفى الذي أنشئ في باريس بعد هذه المستشفيات اإلسالمية بقرون، حيث كان المرضى يُجبرون على اإلقامة في عنبر واحد ،وذلك بصرف النظر عن نوعية أمراضهم، سرير واحد!! فتجد مريض بل ويُضطرون لنوم ثالثة أو أربعة ،وأحيانًا خمسة من المرضى على ٍ الجدري إلى جوار حاالت الكسور إلى جوار السيدة التي تلد!! كما كان األطباء والممرضون ال يستطيعون دخول العنابر إال بوضع كمّامات على األنف من الرائحة شديدة العفونة في داخل ً ساعة على أربع وعشرين هذه العنابر! بل كان الموتى ال يُنقلون إلى خارج العنابر إال بعد مرور ٍ األقل من الوفاة!! ولك أن تتخيل مدى خطورة هذا األمر على بقية المرضى !! وإذا أردنا أن نستعرض بعضًا من المستشفيات الرائدة في التاريخ اإلسالمي ،فكان من أعظمها :المستشفى العضُدي ،الذي أنشأه عضد الدولة ابن بويه عام 371هـ في بغداد،
جدًا .كما وكان يقوم بالعالج فيه عند إنشائه أربعة وعشرون طبيبًا ،تزايدوا بعد ذلك ّ كان يضم مكتبة علمية فخمة وصيدلية ومطابخ ،وكان يخدم فيه عدد ضخم من الموظفين والفرَّاشين ،وكان األطباء يتناوبون على خدمة المرضى بحيث يكون هناك أطباء بالمستشفى أربعًا وعشرين ساعة يومياً. ومن المستشفيات اإلسالمية العظمى أيضًا :المستشفى النوري الكبير بدمشق ،الذي أنشأه السلطان العادل نور الدين محمود الشهيد ،وذلك في سنة 549هـ ،وكان من ّ أجَل المستشفيات جدًا من الزمان ،حيث بقي يستقبل المرضى حتى سنة وأعظمها ،واستمر في العمل فترة طويلة ّ 1317هـ (1899م) أي ُقرابة ثمانمائة سنة!! كذلك من أعظم المستشفيات في تاريخ اإلسالم :المستشفى المنصوري الكبير ،الذي أنشأه الملك المنصور سيف الدين قالوون في القاهرة ،وذلك سنة 683هـ ،وكان آية من آيات الدنيا في الدقة والنظام والنظافة ،وكان من الضخامة بحيث إنه كان يعالج في اليوم الواحد أكثر من أربعة آالف مريض!! وال ننسى في هذا المضمار مستشفى مراكش ،الذي أنشأه المنصور أبو يوسف يعقوب ~ ،ملك دولة الموحدين بالمغرب ،والذي حكم من 580هـ إلى 595هـ ،وكان بناء هذا المستشفى آية من آيات اإلتقان والروعة! فقد ُغرست فيه جميع أنواع األشجار والزروع ،بل عال كانت في داخله أربع بحيرات صناعية صغيرة!! وكان على مستوى ٍ جدًا من حيث اإلمكانيات الطبية واألدوية الحديثة واألطباء المهرة . ّ لقد كان -بحق -درّة في جبين األمة اإلسالمية. ليس هذا فقط ،بل كانت هناك المستشفيات المتخصصة، التي ال تعالج إال نوعًا معينًا من األمراض؛ كمستشفيات العيون، ومستشفيات الجذام ،ومستشفيات األمراض العقلية ،وغير ذلك. وأعجب منه وأغرب :أنه كانت توجد في بعض المدن اإلسالمية حدَث ابن جبير في رحلته التي الكبرى أحياء طبية متكاملة؛ فقد ّ قام بها في سنة 580هـ تقريبًا ،أنه رأى في بغداد -عاصمة الخالفة العباسية -حيًّا كام ً ال من أحيائها يشبه المدينة الصغيرة ،يتوسطه قصر فخم جميل ،تحيط به الحدائق والبيوت المتعددة ،وكان كل ذلك وق ًفا على المرضى ،وكان يؤمّه األطباء من مختلف التخصصات، فض ً ال عن الصيادلة وطلبة الطب ،وكانت النفقة جارية عليهم من الدولة ومن األوقاف التي يجعلها األغنياء من األمة لعالج الفقراء وغيرهم . وبعد ،فهذه نماذج أربعة من مئات المستشفيات التي كانت منتشرة في شرق العالم اإلسالمي وغربه، يوم كانت أوربا تتيه في ظالم الجهل ،وال تعرف شي ًئا من هذه المستشفيات ودقتها ونظافتها وسموّ العاطفة اإلنسانية فيها. وإليك ما قاله المستشرق األلماني ماكس مايرهوف عن حالة المستشفيات في أوربا في العصر الذي كانت فيه المستشفيات في حضارتنا كما وصفناها ...قال الدكتور ماكس :إن المستشفيات العريية ونظم الصحة في البالد اإلسالمية الغابرة لتلقي علينا اآلن درسًا قاسيًا مُرًّا ال نقدره حق قدره إال بعد القيام بمقارنة بسيطة مع مستشفيات أوربا في ذلك الزمن نفسه. مرّ أكثر من ثالثة قرون على أوربا ،اعتبارًا من زمننا هذا ،قبل أن تعرف للمستشفيات العامة معنى ،وال نبالغ إذا قلنا بأنه حتى القرن الثامن عشر (1710م) والمرضى يعالجون في بيوتهم أو في دور خاصة كانت المستشفيات األوربية قبلها عبارة عن دور عطف وإحسان ،ومأوى لمن ال مأوى لديه ،مرضى كانوا أم عاجزين. وقالت زيجريـــد هونكـــه « :إن كل مستشفى مع ما فيه من ترتيبات ومختبر ،وكل صيدلية ومستودع أدوية في أيامنا هذه ،إنما هي مذهَبة أو في حقيقة األمر نصب تذكارية للعبقرية العربية ،كما أن كل حَبَّة من حبوب الدواء، ّ ّ َّ يُذكِرنا باثنين من أعظم أطباء العرب ،ومُعلِّمي مسكرة ،إنما هي -كذلك -تذكار صغير ظاهر، بالد الغرب» . ونختم هذا الحديث بالنتائج التي نحب أن نلفت األنظار إليها بعد هذه المقارنات ،أننا في حضارتنا كنا أسبق من الغربيين إلى تنظيم المستشفيات بتسعة قرون على األقل ،وأن مستشفياتنا قامت على عاطفة إنسانية نبيلة ال مثيل لها في التاريخ وال يعرفها الغرييون حتى حدًا لم تبلغه الحضارة الغربية حتى اليوم؛ حين اليوم ،وأننا بلغنا في تحقيق التكافل االجتماعي ّ بالمجَان ،بل حين كنا نعطي الفقير الناقه من المال ما نجعل الطب والعالج والغذاء للمرضى ّ ينفق على نفسه حتى يصبح قادرًا على العمل ..إن هذه نزعة إنسانية بلغنا فيها الذروة يوم كنا نحمل لواء الحضارة ،فأين نحن منها اليوم؟! وأين منها هؤالء الغرييون؟! المصدر :كتاب (قصة العلوم الطبية في الحضارة اإلسالمية) للدكتور راغب السرجاني.
العدد 1042
الثالثاء � 21إلى � 27أبريل 2020
6
زمن الوبا ِء فروضُ الكفاياتِ في ِ «متوزِّع ٌة على العبادِ في البالدِ» • بقلم :الدكتور قطب الريسوني (أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة الشارقة) الكفائيَّة التي تســدُّ شغورَ ّ ِّ ُ الثغو ِر، لكل وقتٍ فروضهُ ًّ ُ يحفظ محال وحاجاتِ األمَّةِ بما يُح ّلها من االستكفا ِء الواجب أُزيل عن هيبَتَها وسيادَتها .لكنَّ هذا الضَّرب من ِ المفاهيم ما يحجبُ عن الناس محاسنَهُ وجههِ ،وغشيهُ من ِ وبعدَهُ الرساليَّ ،وإذا كان تشخيصُ ذلك يخرج بنا عن جادَّة َ المقصودَّ ، التَّمثيل بما ينبغي تصحيحهُ فإن المقامَ ال يأبى من مفاهيمَ في هذا الباب: ُ الفصل بين المباشرةِ واإلحسانِ في ممارسةِ الفرض ـ أو ًال: َ كفاية بدون إحسانٍ.. الكفائيِّ ،وال بأحكام تجهيز التَّمثيل للكفايات ـ ثانيًا :توسيعُ دائرةِ ِ ِ ُ الجنائزية حدّاً الموتى وانتشال الغرقى ،حتى صارت ُّ الطقوسُ فاص ً ال بين العينيِّ والكفائيِّ في بعض المدوَّنات األصوليَّة. ـ ثالثًا :إقصا ُء غير القادرين على المباشــرةِ من دائـــرة النهوض بالفروض الكفائيةِ؛ َّ ألن األصل في المشاركةِ في ِ ً ً بالتخصّص وقائما عليه ،فللفقه المباش ِر أن يكون مضطلعا ِ أهله ،وللفلك أهله ،وللطب أهله ..بيد أن هذا اإلقصاء يأباه التكييف التضامنيُّ للكفاياتِ عنــــد الشاطبيِّ؛ إذ غير القادر السبل ،أو بذل الوسائل ،أو التشجيع بالكلمة يقيم القادر بتعبيد ِ الطيبة. ـ رابعاً :الخوضُ في مفاضالتٍ أصوليَّةٍ بين الواجب العينيِّ والواجب الكفائيِّ ،إلى الحدِّ الذي يسلبُ أحدَ الواجبين فضله، أو يطمسُ دورَهُ في المنظومة التكليفيَّة ،ولو قيل :هما في الفضيلةِ سواء لكان متجِّهاً كما قال المرداويُّ . الوعـــي بأبــــعـــادِ وتجــــديـــدُ ِ الفروض الكفــــائيـــةِ وحركيَّتِها ِ َ مداخل الحضاريَّةِ بابٌ واســـعٌ ،وذو متعدِّدةٍ ،ومن أوج ِبها :االنتصابُ ُ والتَّمثيـــل للفروض العامَّة النَّاجزةِ، ِ بما كان مهجوراً منها في المدوناتِ األصوليّةِ ،تنبيهـــاً على خطــــورة ُ وإقامة غير ومآل اهتضامِها، شأنها ِ القادرين عليها للقادرين على سبيل التكافل واستثما ِر المواهب المتنوِّعةِ ِ المودَعةِ في الخالئق. والنــوازل وفي ساحـــةِ الملماتِ ِ َ نُدْحة عن تجدُّ فروضٌ كفائي ٌة ال بمصالح األمة، االنتداب لها وفا ًء ِ ِ وليس كنازلــةِ الوبـــاء مـن مُلمَّةٍ العـــالج في تستدعي ضروباً من ِ كنفِ الجهــــودِ العلميَّةِ والطبيَّةِ واإلعالميَّةِ والماديَّةِ ،وال عـــالجَ إال إذا قامَ للكفايةِ أه ُلها من القادرين، وشدَّ أزرهم بإقامةِ غير القادرين، حتّى تتوزّعَ فروضُ الكفايات (على العباد في البالد) بحسب الميول والطاقات .يقول الشاطبي( :القيام بذلك الفرض قيامٌ بمصلحةٍ عامةٍ ،فهم مطلوبون بسدّها على الجملة ،فبعضهم هو قادرٌ عليها مباشرة ،وذلك من كان أه ً ال لها ،والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين). وإذا نظرنا إلى حاجاتِ األمةِ المرابطةِ في ثغو ِر محاربةِ ٌ الوباء (الكورونيِّ) ،نلفي َّ مرهــون بممارســـةِ أن الوفـــاء بها الفروض الكفائيةِ اآلتية: ِ
ُ الدينية بأحكام وباء (كورونا) .1التوعية
فروض الوقــتِ انتـــدابُ طائفةٍ من العلماء لإلفتــاء من ِ واإلرشاد الدينيِّ؛ إذ الحاجة ناجز ٌة إلى: ِّ المتعلقة بالوباء كالقنوت الفرديِّ النوازل * معرفة أحكام ِ في البيوت ،والصالة على جنازة المتوفى بالوباء ،وإعطاء الزكاة لصناديق تدبير الجائحة ،وهلمّ جراً.. * معرفة آداب التعامل مع الوباء من حيث التحرّز واألخذ بأسباب العافية ،والتماس أعمال الخير والبر. ُ وبيان حكم * التحذير من خرق األوامر الصحيَّة للدولة،
المواكب للواقع وأسبابه التأصيل الشرع في ذلك على سبيل ِ ِ ِ الدائرة.
.3دعمُ البحث العلميِّ في مجال األوبئةِ
ُ لقاح لوباء يتسابق الباحثون في العالم الغربيِّ إلى اكتشافِ ٍ (كورونا) ،وتتسارع الخطى إلى التبشير به على سبيل َّ الظفر َ البحثيَّة القلوب أن الطاقاتِ بفتح طبيٍّ مشهودٍ ..ومن حوازِّ ِ ٍ اإلسهام في هذا الباب ،وما ذلك في دول اإلسالم متقاعد ٌة عن ِ معط ً إال لكون الفروض الكفائيةِ َّ لة في حقل البحثِ الوبائيٍّ، نعدّ منها وال نعدّدها:
وقد كان لعلمائنا جهدٌ مشكورٌ في التأليفِ في أحكام الطاعون طبّاً وفقهاً ،ويمكن لعلماء العصر االستفادة من أوضاعهم في هذا الباب ،كـ (تحصيل غرض القاصد في تفصيل المرض الوافد ) البن خاتمة األندلسي (ت770هـ) ،و(مقنعة السائل عن المرض الهائل) البن الخطيب الغرناطي (ت 776هـ)، و(تقييد النصيحة) لمحمد بن علي الشقوري (ت؟)،و(األجوبة التونسية عن األسئلة الغرناطية) ،و(عمدة الراوين في أحكام الطواعين) لمحمد بن محمد الحطاب (ت954هـ) ،و(أجوبة في أحكام الطاعون) لمحمد بن أحمد الرهوني (ت1230هـ) ،و(بذل الماعون في فضل الطاعون) البن حجر العسقالني (ت852هـ)، وهو من ِّ أجل ما أُ ِّلف في الباب ضبطاً لآلثار وتف ّقهاً فيها.
ألفضل األعمال البحثيَّة في المجال * رصدُ جوائزَ سنويةٍ ِ الوبائيِّ.
.2التوعية اإلعالمية بمخاطر الوباء ( الكوروني) وسبل الوقاية منه
* إسهامُ المياسي ِر بأموالهم في دعم البحث الوبائيِّ بإنشا ِء مراكزه ،ورعايةِ تجاربه ،واإلنفاق على باحثيه.
إن اإلعالم بوقٌ صالحٌ ِّ لبث التوعيــــةِ الطبيةِ في زمـــان ِّ والبث الوباء ،ومن الواجب الكفائيِّ على قنواته ذات الصِّيت الواسعين أن تضطلع بذلك ،وتسدّ الحاجات اآلتية: * التبصير بالمآالتِ الضررية لكسر الحجر الصحيِّ ،والسعي إلى أماكن التجمعات.
* توفير المراكز العلمية المتخصصة في البحث الوبائيِّ.
* وضع خططٍ استشرافيَّةٍ لتطوير البحث الوبائيِّ وإدارة تحدياته المستقبلية.
الخصاص .4انتصابُ بعض أطبا ِء العيادات الخاصةِ لسدِّ ِ في المستشفياتِ الحكوميَّةِ
لما كان تكاثرت أعداد المصابين بوباء (كورونا) ،وضاقتِ ُ الطبية عن استيعابهــا ،صار من فروض الكفايـــات األطرُ بعـــض أطبــاء العيــادات الخاصةِ لســدِّ العوز في انتصابُ ِ المستشفيات الحكوميــة ،ولهم من الخبرةِ والدربةِ ما يسعفهــم على االضطالع بهذا الواجب .وإذا ما َّ ظل هذا ّ الثغرُ الطبيُّ شاغراً ،ولم يسعَ ُ الكفاية ،أثم إلى سدّه من تقومُ به الجميعُ؛ بل إن البلد إذا لم يوجد فيه إال طبيبٌ خــاصٌ واحدٌ تعيّن هذا االنتصابُ على جهةِ الوجوب العينيِّ.
.5انتصابُ بعـــض األطبـــاء النفســـييـــن لعـــالج الحـــاالت المتأثرة بأزمة الوباء
* التبصير بسبل الوقاية من وباء (كورونا) عند الخروج إلى اقتناء الضروريات ،أو عند ولوج المنازل. * التبصير باألساليب الصحيحة للتنظيف وتعقيم األيدي والثياب واألسطح. * التبصير بالسبل الغذائية والرياضية لتقوية المناعة. َ ً ً والجدير باإللماع هنا َّ ومكتوبة، مسموعة وسائل أن لإلعالم ٌ ً ً وفضائية ،وهي متفاوتة في القوة والفضل ،فإذا تأتَّى وأرضية بغرض التَّوعية فحسنٌ ،وإذا لم استعمالها جميعاً في الوفا ِء ِ يتأتَّ الجمع بينها عند التزاحم أو ضيق الوقت ،فاألصل أن يُتوسَّل بالفاضل منها ،وهو كان ما قوياً في اإلفضاء إلى المقصود؛ إذ (كلما قويت الوسيلة في األداء إلى المصلحة كان أجرها أعظم من أجر ما نقص عنها) ،أما التوسل بالمفضول ناقص أو مع القدرة على الفاضل فال يفضي إال إلى مقصودٍ ٍ ٍّ مختل أو مُرجَأ ! وهنا ال نجد مفرّاً من التأكيد على أن وسائل
الصحيح التواصل االجتماعيِّ إذا استثمرت في وجهها اإلعالميِّ ِ كانت خير وسيلةٍ إلى خير مقصدٍ.
ٌ عاقل في العواقب ال يماري كاالكتئاب النفسيَّةِ النتشـــا ِر الوبا ِء، ِ والوسواس والهلوسةِ ،وربمــا كـــان ِ َ المرضُ قديماً فاستفحـــل أمــرهُ بسبب المكوثِ في البيــوتِ ،والبعدِ ِ اإلجمام فرص وفواتِ األقارب، عن ِ ِ الواجب على بعض فمن والتَّرويح. ِ األطباء النفسيين التصدّي لعالج ِّ المـتأثرةِ بأزمـــة الوبــاء عن الحاالت طريق محادثات هاتفيةٍ أو نحوها من ُ والمصلحة وسائل التواصل الحديث، َّ محققـــ ٌة بإنقاذ ما يمكن من ذلك إنقاذه من المرضى ،وبعضهم قد يصل به المـــرض إلى حدِّ التفكير في االنتحار! ُّ وكل وسيلةٍ تفضي إلى هذا اإلنقاذ فهي على حكمه.
وإذا كانت مباشر ُة هذه الفروض الكفائيـــةِ ـ على تباين مشاربها ـ تقتضي انتصابَ المتخصّصين في الطب والبحث والفتوى ،وإحسانَهم فيما انتصبوا له ،فإن غير المتخصِّص ال يُقصى من دائرة المشاركةِ مطلقاً؛ بل يقيمُ المتخصِّص رجل على اإلحسان والكفايةِ الموجبة لسقوط المأثم ،فربَّ ٍ ٌ ً ً وثالث مُكنة على النقد، مُكنة على التخطيط ،وآخر أوتي أوتي ً مُكنة على تمهيد الوسائل واألسباب ..وهذا ما ألمح إليه أوتي الشاطبيُّ بقوله( :والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين) ،وكأني به كان ينظر من طرفٍ خفيٍّ إلى قول الجوينيِّ( :وأما سائر فروض الكفايات؛ فإنها متوزِّع ٌة على المواهب العباد في البالد) ،وهذا التوزعُّ مدارهُ على تناصــ ِر ِ واستحصال الكفاية، المصالح العامةِ واالستعداداتِ في اقتنا ِء ِ ِ وما أحوجنا ـ في زمن الوباء ـ إلى عظةِ الفقيــه ،وعبقريةِ ومال الموســر.. الباحث ،وبصيرةِ اإلعالميِّ ،ورعايةِ الطبيب، ِ ُ والمأمول في أم ِر إنجا ِزها أن فإن فروضَ المرحلةِ تدقُّ أبوابنا، وبصر في األوائل، علوم من وهدْي نكون على إرثٍ من الدِّين، ِ ٍ ٍ الواقع وحركيَّته الدَّائبــة.
7
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
«كورونا» و 18أبريل اليوم العالمي للمآثر والمواقع التاريخية : راحة اضطرارية عالمية ال مثيل لها في التاريخ • بقلم :فاطمة بوشمال
(محافظة المدينة العتيقة لشفشاون وقصبتها األثرية)
التعريف بالتراث الثقافي للفئات الصغرى من طرف السيدة محافظة المدينة العتيقة وقصبتها لشفشاون ،برسم شهر الترث 2019 منذ إقرار اليونيسكـــو الحتفالية اليـــوم العالمي للمآثر والمواقع التاريخية في 18أبريل ،بموجــب الميثاق العالمي للحفاظ على التراث الثقافــي والطبيعي سنة ،1972لم يخطر ببال مهنيي التراث والثقافة أنه سيأتي يوم تغلق فيـها هذه المعالم التاريخية والمواقع األثرية أبوابها ،وتنأى بذلك عن االحتفال المباشر مع زوارها بهذا اليوم العالمي ،فينطق لسان حالهم بما نظم المتنبي: « عيـد بأي حال عدت يا عيـــد بما مضى أم بأمر فيك تجديد أما األحبة فالبيـداء دونهــــم فليت دونك بيدا دونها بيــد» فلقد أغلقت مآثر ومواقع إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا أبوابها ،وسبقتها قبل ذلك معالم مدينة ووهان الصينية وعددها 350معلمة مصنفة ضمن التراث الصيني. وعلى غرار ما الحظه علماء المنــاخ على الصعــيد الدولي من تحسن حالة ثقب األوزون في الفضاء ،نتيجة انخفاض كمية اإلنبعاثات الغازية خالل فترة الحجر الصحي بسبب أزمة كرونا ،بعدما فشلت كل المؤتمرات الدولية الخاصة بالمناخ، تحت رعاية األمم المتحدة في إقناع القوى العظمى بضرورة تخفيض انبعاث ثاني أوكسيد الكربون .وبالتالي ،نجح فيروس كرونا المجهري فيما فشل فيه اإلنسان بكل مهارته وإمكانياته المادية واللوجيستيكية.
زيارة أطفال المخيمات خالل فصل الصيف للمعالم التاريخية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة ،قصبة شفشاون نموذجاً
ومثلما الحظ علماء األحياء أن البيئة كانت هي األخرى المستفيد األول من هذه األزمة بظهور كائنات حية مختلفة ألول مرة ،ظن العلماء والباحثون أنها انقرضت منذ عقود .فلم يكن بد للمآثر خالل هذه الجائحة اإل أن تغلق أبوابها بعدما أغلق الزائر مسبقا بابه عنها .ومن ثمة ،فإن لهذه األزمة أيضا عوارض إيجابية على بعض المعالم التاريخية والمواقع األثرية والتي عانت في صمت ،من ضغط االكتظاظ السياحي طيلة أيام األسبوع ،ليال ونهارا عبر كل فصول السنة ،إضافة إلى احتضانها ألنشطة فنية وثقافية ال تناسب بالضرورة البنية األثرية الهشة لهذه المعالم والمواقع .وبالتالي ،شكل الحجر الصحي فرصة لها للراحة من ضغط األنشطة البشرية المقامة بداخلها أو في محيطها مثل :السياحة ،التجارة ،التطور العمراني ،التلوث الجوي وحركية السير والجوالن. وفي انتظار اإلفــراج عن الزائــر من الحجر الصحـي عما في قريب ،تأمل المعالم والمواقع أن تأخذ حقها في الترميم ورد االعتبار ،خصوصا وأنها ساهمت عبر ربوع العالم في نهضة السياحة الثقافية عبر ضخ مداخيل مهمة لفائدة القطاعات والهيئات الوصية في فترات تاريخية طويلة .كما أنها بحاجة أن تساهم في تربية األجيال الالحقة من خالل إدماجها وبقوة في برامج تربوية وثقافية هادفة للمحافظة على جزء من الحضارة المغربية ،حتى تكون شاهـــدا على عوائد الزمن من كوارث وأوبئة.
وضعية القصبة بعد االنتهاء من ورش الصيانة استعدادا لتخليد فعاليات اليوم العالمي للمآثر والمعالم التاريخية برسم سنة 2019
8
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
الجوائح الطبيعية في العصر الوسيط من خالل المصادر التاريخية
كتاب تنشره جريدة «الشمال» في حلقات حول الجوائح الطبيعية
الباحثة رشيدة الشانك
ج .آثار وانعكاسات هذه األزمات الطبيعية : نعرف ما تخلفه المجاعات باعتبارها من الجوائح الكبرى خالل العصر الوسيط،من نقص كبير في المواد الغذائية وخاصة المواد الضرورية كالحبوب وارتفاع أسعارها وهذا الغالء حسب ابن هيدور لحدوثه سببان «إما الحتباس المطر إما لظهور الفتن والحروب «وانقطع الغيث وعدمت األقوات وتراجع المستوى المعيشي إضافة إلى الوفيات المتعددة بين الفقراء خاصة»وكثر الموتى في الضعفاء»،وغالبا ما يؤدي ذلك إلى اضطراب العالقة بين السلطة السياسية والرعية التي أحيانا تفضل االنزواء والتصوف كأداة احتجاج على الوضع القائم «فأصبح الغالبية من الناس يتخذون التصوف كأداة لالحتجاج على الوضع القائم فأضحت كراماتهم السالح الذي يمكن أن يهدد السلطة السياسية خاصة أن التصوف لعب دورا أساسيا في عملية تشكيل الشخصية التاريخية والمخيال الجمعي للمجتمع المغربي. الحديث عن أثر هذه المجاعات وما خلفته يمكن التقاطها من بعض اإلشارات التي أمدنا بها ابن عذاري حول مجاعة 534ه1139/م وفي هذه السنة أنجلى أهل المغرب انجالء عظيما إلى األندلس ،جعلت أهل المغرب يهاجرون نحو األندلس وخاصة بعد أن استفحلت األزمة اإلقتصادية بسبب ثورات ضد الموحدين ومخلفات الجفاف،وحركة النزوح وفرار الرعية تعني فراغا للقرى والمدن من أهلها ،مما سينعكس على اقتصاد المدينة ،وبنيتها السكانية وتوقف األشغال والوظائف بها ،خاصة أن طول مدة الجفاف يعني طول فترة معاناة المستضعفين من الناس»،فكان الضعفاء يخرجون إلى األبواب فإن البلد ضــاق بهم فأثروا الفرار بأنفسهم ولم يبق بالبلـــد إال القليل ممن لم يستطع خروجا . إشــارة أخرى مهمــة عن مخلفــــات الجفــاف الــذي كــــان يعــرفــه المغــرب بشكل دوري ،نجدها لدى ابن الزيات ،والذي كتب» قلت المياه فكان الناس يرحلون من بالدهم إلى مواضع الماء فكان النزوح بحثــا عن مجاالت بديلة بهدف الوقايــــة من نوائــب القحــط والجوع واألمراض والموت البطيء . قبل حصار الموحديــــن لمدينـــة مراكش عرف المغرب استفحال مجاعة امتد ضغطها خمس سنوات إلى سنة 540ه. األمــر الذي زاد من معانـــاة سكان مراكش من جراء تالزم المجاعة مع حصار المدينة سنة 541ه ،والذي دام ألكثر من تسعــة أشهــر حتى «اضطـــر السكــان إلى أكــل الجيف ،وعدمت الحيوانات وعدمت الحنطة بأسره» ،يقول ابن األثير «انتصبت المجاعة ومات من العامة من الجوع ما يزيد عن مائة ألف . فالحصار يعني خراب المدينة وخراب مرافقها من قنوات وسواقي وآبار وتوقف لحرفها وأنشطتها. مجاعات متكررة يصاحبها ،تدني كبير في مستوى عيش السكان ففي مجاعة 632ه يذكر ابن عذاري» «لم يبق ألحد سند وال لبد وال طارف وال تالد وال ذخيرة وال مال وال عقار واستولت المجاعة على جمهور الناس ورأوا محنا يستعاد اهلل بها»»»،فعم الخوف وانعدم األمن وفشا الفساد والخراب وخيفت الطرقات . إن المظاهر الصارخة آلفة المجاعات واألوبئة تتضح أكثر في المدينة ذلك أن هذه اآلفة كانت تخلف خسائر بشرية جسيمة فاإلشارات المصدرية تزكي هذا األمر،إذ نجد ابن عذاري يتحدث عن ذلك بخصوص المدينة الموحدية بشكل عام حينما يذكر أنه»هلكت أمم ال تحصى»وبطريقة أدق حينما يقول»وانتهى عدد األموات في كل يوم مائة إلى مائة وتسعين شخصا وأكثر ،وفي السياق نفسه نجد ابن خلدون يقول»فإن الموتان يكون في المدن الموفورة العمران أكثر من غيرها بكثير كمصر بالمشرق وفاس بالمغرب واهلل يقدر ما يشاء. ظاهرة النزوح الجماعي ،بسبب المجاعات تؤثر سلبا على المدن والقرى وتؤدي إلى إخالئهما، بل تكون مسؤولة إلى حد كبير عن عدم االستقرار االجتماعي الذي يدوم لسنوات .كانت القبائل بالمجال المغربي تعيش في صراع مع الطبيعة،فتكون غنية إذا ما جاءت الظروف الطبيعية باألمطار فقيرة إذا ما شحت »،حينها تضطر إلى التنقل والترحال بحثا عن مصادر للغداء وتعويض ندرة الموارد لديهم ،أو تطرد لتحل محلها قبائل اخرى .ففي بداية الدولة المرابطية أثر القحط لذي ضرب البالد سنة 450ه1058/م فقد» أمر ابن ياسين ضعفاءهم بالخروج إلى السوس وأخد الزكاة» وتعد هذه أول هجرة تمت بقرار سياسي رأى فيها البعض أكبر هجرة صنهاجية باتجاه الشمال لدرجة أنها غيرت خريطة المغرب الساللية بل استمر النزوح السكاني ،بشكل متكرر طيلة حكم الدول الوسيطية بالمغرب .فالقحط والمجاعة قوتان بوسعهما أن تسلكا
احللقة
()3/2
بالجماعات البشرية مسالك غريبة وتجعلها تنساق على غير هدى إلى غايات مجهولة بسبب الجوع القاتل الذي يعذبها على حد تعبير جوزيه دي كاسترو .وسوف تستغل القبائل العربية التي استوطنت المغرب األقصى هذه األوضاع الصعبة (القحط) للتوسع وتزداد سيطرتها على المناطق عندما تكون الدولة في طورها النهائي،وهنا تتكرر جملة معبرة على انعكاسات هذه الجوائح» انجالء عظيما «»و» خال أكثر بالد المغرب» حيث امدنا ابن عذاري بنص صريح يعبر عن مدى معاناة المغاربة من مجاعة 534ه1139/م وتحركهم في هجرة جماعية إلى بالد األندلس حيث يقول»وفي هذه السنة انجلى أهل المغرب إلى إنجالء عظيما إلى األندلس .ويقول صاحب البيان كذلك نقال عن ابن صاحب الصالة أن هذا األخير وأثناء مرورهم من قصر عبد الكريم(قصر الكبير) «ليس فيه إال القليل من الناس في المخيمات وحانوت واحد كان سوقهم به ،و األسود تزأر حواليه واألرض موحشة قفرة ‘وهذا يوضح فعال مدى الفراغ الذي أحدثته هذه الهجرات االضطرارية على المستوى المحلي لدرجة أنها ظلت خاوية على عروشها .ونص ابن خلدون يشير إلى ذلك «تقول العامة في البالد إذا تناقص عمرانها ،قد ذهب رزقها حتى االنهار والعيون ينقطع جريها في القفر ()...وانظره في البالد التي تعهد فيها العيون أليام عمرانها ثم يأتي عليها الخراب كيف تغور مياهها جملة كأنها لم تكن . يشير ميشو بيلير micho bilairفي كتابه»تاريخ ناحية دكالة دراسة جغـــرافيـــة وتاريخيـــة واجتماعيـــة ،للعديـــد مـــن المـــدن الساحليــة التي اختفــــت معتمــدا على عـــدة مصادر تاريخية وأبحاث أركيولوجية ويفسرهذا االختفـاء بعدة أسباب منها القحـــط الذي أصاب بعـض المــدن كالمدينة الغربية. ففي دراسته لهذه المدينة يحدد «أن من أسباب خلو هذه المدينة من السكان إلى قحط الذي أصاب البالد في عام 1512م قائال أن السكان أصابهم قحط مهول فاضطر أكثرهم إلى بيع أنفسهم وأوالدهم للحصول على ما يقتاتون به بحيث أصبحت المدينة خالية من أهلها إنه لمنظر كئيب حقا أن يرى اإلنسان هذه المدينة الفائقة الجمال تستحيل الى ركام من األطالل ،كما أن ندرة الماء تسببت في زوال واندثار مجموعة من المدن الوسيطية كالبصرة وسجلماسة. من الطبيعي إذن أن يترتب عن هذه السنوات العجاف خراب واسع للعمران ،خاصة إذ تزامن مع فترات عدم االستقرار السياسي وتوالي الفتن والحروب،هناك من اعتبر أن كارثة العقاب كانت في حد ذاتها نتيجة لسنوات عجاف بالمغرب،وأصبحت وثيرة األزمة بعدها متسارعة وامتدت لسنوات طويلة ،كما أن الوباء حينما تزامن مثال مع معركة العقاب أعطى جوا مالئما لالكتساح المريني ،وفي السنة التالية610ه، وقع الوباء العظيم في المغرب واألندلس» ،وقبل هذه المعركة وبعدها عرف المغرب مجموعة من الكوارث؛ جفاف ،سيول ،مع هجوم الجراد وغالء األسعار ببالد المغرب واألندلس سنة 617ه. ولكن أشدها كان سنة 625ه1228/م حين اشتد الوباء والمجاعة التي على إثرها «خال أكثر بالد المغرب تلتها سنوات عجفاء دامت معظم فترة حكم الخليفة عبدالواحد الرشيد. أحيانا يكون خالء بعض المدن وتضرر السكان ونزوحهم الكبير االضطراري ،بسبب القرارات السياسية للحكام،وهذا ما وضحه محمد حجاج الطويل في مقال له بعنوان دكالة بين الشدة والرخاء « حيث أشار كمثال إلى العالقة الغير متينة بين الموحدين وسكان دكالة حتى بعد نهاية المرابطين ،إذ تحكم فيها العداء التقليدي بين مصامدة الجبل ومصامدة السهل لذلك أجهز الموحدون على ساكنة تامسنا ودكالة في عهد الخليفة يعقوب المنصور وأجلوهم عن أراضيهم محدثين فراغا ديموغرافيا كبيرا وتعطيال لإلنتاج الفالحي في سهلين اعتبرا منذ القديم مطمورتي المغرب .أي سهلي (تامسنا ودكالة). يضاف الى الجفاف كارثة السيول ،غير أن المصادر غالبا ما تقتصرعلى تلك التي تضرب المدن الكبرى كفاس ومراكش وتهمل المدن األخرى.
(يتبع)
9
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
الممرضة والعب كرة القدم فؤاد العروي ترجمة :نور الدين زويتني
لنقرر أنه بعد اآلن لن يحصل أي العب كرة قدم على سنتيم واحد في الشهر أكثر من صديقي طبيب التخدير. هل تذكرون؟ قبل أشهر ،أي قبل قرون .كنا نسجل إعجابنا برونالدو ونحن ملتصقون بكراسي المقاهــي أو متمددون على األرائــك .تقولون من؟ بلىَ ، تذ َّكروا :ذلك الالعب البرتغالي المتعجرف النرجسي الذي كان يظن نفسه مركز العالم. ستقولون لي: نعم ،ولكنه كان موهوبا.ً أية موهبة؟ الركض أسرع قليال من شخص آخر؟ امتالك مرونة رأسية بضعة سنتيمترات أكثر من ابن عمه؟ خبط الكرة مثل شخص أصم؟ لقد جذب إليه كل األنظار -والدوالرات أيضا .خالل ذلك ،كان أطباء وممرضون يكرسون أنفسهم بشكل يومي إلنقاذ أرواح بشرية .وقد خمن صديقي طبيب التخدير المقيم بمراكش أن دخله السنوي يعادل ما يجنيه رونالدو في ...نصف يوم .لكن يبدو أن ال أحد كان يرى األمر مخزيا. هل تذكرون؟ قبل أشهر ،أي قبل قرون .أولئك الذين كانوا يجلسون في منازلهم جاحظي األعين أو يرابطون في مقاهي االنترنيت ،متأملين بإعجاب البنية التشريحية لجسد كيم كارداشيان ،المشهورة ألنها فقط مشهورة .امرأة ال تمتلك أية موهبة محددة ،وال أدنى
شيء يميزها ،وتكاد تكون أميّة ،لكنها غنية ،صاحبة مليارات ،ألن لها ،هي ومؤخرتها، «متتبعين» ،ماليين من الخُشُب المسَنَّدة والحمقى. في تلك األثناء ،كان الباحثون وعمال المختبرات يعملون بجد لتطوير األدوية واللقاحات والعالجات .وكانوا يحصلون على أجر شهري ال يتعدى ثمن زوج أحذية مما تلبسه التافهة كارداشيان. هل تذكرون؟ قبل أشهر ،أي قبل قرون ،إعجابنا بالمهرجين من الدرجة الثالثة ،وبنجوم اليوتوب ،والمضاربين ،وصاحب الفيراري ،والدجالين باعة المياه السحرية ... خالل ذلك… لكن ما الفائدة من االستمرار في مثل هذا الحديث؟ كانت الصحوة قاسية .هل رونالدو، هل التافهة كارداشيان بماكياجها السمج ،هما اللذان سينقذان العالم؟ لنأمل أن تكون هذه األزمة بداية الترتيب الحقيقي للقيم. على أية حال ،إليكم اقتراحا ملموسا :لنقرر أال يحصل العب كرة قدم بعد اآلن ،أو نجمة معتمدة على جسدها ،أو رئيس بلدية ،على سنتيم واحد في الشهر أكثر من صديقي طبيب التخدير -الذي يكون ربما أنقذ حيوات في هذه األثناء. ولن يهم أبدا إن لم نفز بكأس إفريقيا ،إن ارتدينا مالبس عادية جدا ،إن لم يركب رئيس البلدية سيارة مرسيدس. على األقل سنعيش في مجتمع فهم أخيرًا من هم أبطاله الحقيقيون.
تحية إكبار وإجالل لألطر الصحية
هنا الناس هنا النا�س و اخلوف قيتارة الروح العازفون مروا من حتت الغيم يعزفون ملن يخبيء �آالمه حتت ال�صدر ويتكيء على حمبته للحياة فنحن هنا كي نعي�ش وكي نلد ن�سال يربي الورد
الصادق الرمبوق
طنجة ،اجلمعة � 16شعبان 1441ه � 10 /أبريل 2020م
ميكن �أن يكون الرتاب مرا
ــاء و�س َنا �أَ ْ�س َمــى ا ْن ِح َن ِ ِل َت ِاج ُر�ؤُ ِ
يب ِم َن ُّ الدعَ ِاء �ص مَ ا ي َِط ُ َو�أَ ْخ َل ُ
َــــار ِل َ�سادَ ِاتـي َْ أ ال ِط َّب ِ اع ِتب ٌ ــاء ْ
ـــل عَ ِن ا ْل ِعبَار َِة يِف َّ ي َِج ُّ ــاء الث َن ِ
و لأن الكهف يتدثر بالي�أ�س
ــد َ َ�ص ُّ و ََ�س ِائ ِر مَ ْ ون المْ َ َنايَـــا ــن ي ُ
و َِب ْ أَ َـــــاء َاح َجادُ وا يِف ا ْلوَ ب ِ ��ال ْرو ِ
ميكن �أن يكون ال�صمت بكاءا
ال�شهَـامَ ُ َف ِل َّل ِه َّ ــــــال ـــــة يِف ِر َج ٍ
لِهَّ ال�ش َجـــاعَ ُ َل َّ ــــاء ـــة يِف ِن َ�س ِ و ِ
ِب�أَ ْن ُف ِ�س ِه ْم يُ َ ــون ْ �ض ُّح َ اف ِت َ اء ــــد ً
�س يِف ا ْل ِف َد ِاء َو َر�أْ ُ �س ا ْلب َْذ ِل َن ْف ٌ
وَمَ ْن يُ ْ�س ِل ْم ِب َ�س ِاح َّ الد ْف ِع ُروح ًا
َف َما عَ ْن ُر ْتب َِة ُّ ـــاء ال�شه ََد ِاء َن ِ
حتب احلياة
َام ِت َ ــــد ٍِاح َ�س َن ْح ِم ُل َح َّق ُ�ش ْك ٍر و ْ
اج ِر وَا ْر جِ َ مِ ُ ــاء ت ِ ب ْك ٍث يِف المْ َ َح ِ
�أيها العازفون حتت الغيم
َلعَ َّل الحْ ِ ْف َ ــــر ٍز ظ ي َْك َ أ لُ ُك ْم ِب ِح ْ
ــر ا ْلبَـــلاَ ِء ـــــع َ�ش َّ َح ِ�ص ٍ ني مَ ِان ٍ
وف ُ ــــم َح ّقـــ ًا و ََل ِك ِ ْ ـــن يك ُ وَمَ ـــا ُن ِ
ـــادي ِف ُ ــــاء ال�س َم ِ ُن َن ِ يك ُم ر ََّب َّ
لأن ماء ال�سماء �أ�صبح غريبا
لأن لل�سان نا�شف ولأن بائع اللغة ك�سر احلروف هنا النا�س كل النا�س
�إنه حلن احلياة
عبد العزيز حاجوي الدار البي�ضاء
10
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
كتابات يف تاريخ منطقة ال�شمال : ()942
جديد دراسات السرد المغربي الحديث.. سناء غيالن وعوالم مدينة أصيال العجيبة
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
التي تعانق الشمس والبحر ومعالمها التاريخية واألثرية التي تحتضن مواسم الزالت مدينة أصيال تلهم قطاعات واسعة من مثقفي المغرب المعاصر، بحثا في تفاصيل خصوبة المكان وفي غنى التراث الرمزي الذي يصنع اإلبداع والفن ،فقد تابعت المشهد الثقافي من نعومة أظافري ،ومنذ أن للمدينة هويتها الثقافية المميزة ،الفريدة والمركبة ،األصيلة والمتجانسة. صرت أجدل أولى ضفائري ...فمن شغب الريشة واأللوان على الجدران وإذا كان اسم المدينة الثقافي والحضاري واإلنساني قد ارتبط بحصيلة بباحة قصر الثقافة إلى أماسي وسهرات ساحة القمرة ،إلى لقاءات وندوات تراكم المنجز اإلبداعي الذي حققته نخب المدينة ،مما اكتسى بعدا إشعاعيا مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية التي تنظمها جامعة المعتمد بن واسعا تجاوز المجال الجغرافي الضيق للمدينة مثلما هو الحال مع تجارب كل عباد الصيفية في إطار موسم أصيلة الثقافي والفني .أما خالل أيام الدراسة من أحمد عبد السالم البقالي ومحمد البوعناني والمهدي أخريف ومحمد والتحصيل فكانت جمعية قدماء ثانوية اإلمام األصيلي ،هي العراب األول. المليحي وخليل غريب ،فالمؤكد أن المواكبة النقدية التفكيكية تشكل خير أما من جهة أخرى ،فإن الحكاية الشعبية أضحت العالم األمثل واألجمل أداة لعقلنة شروط التعاطي مع قيم هذه األرصدة .ال يتعلق األمر بدراسات الذي نشأت في كنفه ،فقد أتيحت لي فرصة أعتبرها نواة تكويني األدبي ما ولمسلماتها ،بقدر استيهامية مطمئنة لنوسطالجياتها الميموني وليقينياتها :فاطمة حوار وتقديم خاصة على مستوى الكتابة التخييلية ،وهي فرصة القراءة منذ الطفولة... أنها أعمال أكاديمية تسعى لتطويع المكان ولتحويله إلى أرضية للتشريح وللتأمل على ضوء مناهج النقد المعاصر وتطوراتها الراهنة ،ثم على ضوء فتكون لدي وعي بأننا جزء من الحكاية الكبرى ،وهي حكاية اإلنسان والعالم، التقاطعات الكبرى التي أضحت لعلم التاريخ مع مختلف مظاهر عطاء التراث فالحكاية الشعبية هي حكايتنا جميعا ،وهي المشترك بين كل الذين اختلفوا، الرمزي الناظم لما أضحى يعرف اليوم بتاريخ الذهنيات وتطور أنساق وهي نقطة التقاطع لكل الثقافات ولكل األجناس .إنها اللغة التي توحد آالم الرموز الجماعية بحقولها الداللية المتشعبة .وقد كانت لألستاذ مصطفى وآمال الشعوب ،فهي بذلك التعبير اإلنساني األصدق( ”...ص ص.)13-12 . يعلى عناصر ريادية في اإلسهام في التأسيس ألرضية علمية صلبة لهذا واستنادا إلى هذا المرتكز المتين ،استطاعت سناء غيالن إحكام تطويعها التحول العلمي األصيل ،بعد أن استطاع تقديم دراسات أكاديمية عميقة لموضوع بحثها من خالل االنفتاح ،في الباب األول من الكتاب ،على الشق اختارت عوالم المبدع أحمد عبد السالم البقالي مجاال أساسيا للتأمل النظري المرتبط باستثمار نتائج الدراسات النقدية والفكرية المنجزة بهذا ولالستقراء وللتشريح النقدي .وعلى أساس ذلك ،أضحى األستاذ يعلى مرجعا الخصوص ،داخل المغرب وخارجه ،قبل أن تنتقل لتجريب عدتها المنهجية لكل األعمال النقدية الالحقة المشتغلة على الموضوع ،وخاصة بالنسبة للتقاطعات القائمة/والمفترضة بين قيم الحكي الشعبي في عمقها المحلي، وأدواتها النقدية للبحث في تفاصيل التقاطعات الكبرى بين البعدين المحلي وبين قيمه اإلنسانية في امتداداتها الجغرافية والمجالية الواسعة والممتدة والكوني في أرصدة الحكي الشعبي المرتبط بالمدينة ،وعلى رأسها تلك من جهة ثانية .ولقد تعزز هذا المنحى ،بانخراط جهات مختلفة لتأطير هذا التي أنجزها المرحوم أحمد عبد السالم البقالي .وإلضفاء بعد إجرائي على الورش العلمي األصيل ،عبر إسهامات مجددة ،جمعت بين البعد األكاديمي عدتها المنهجية ،اختارت الباحثة استثمار نتائج جهدها النظري لتفكيك متن المرتبط بسلسلة األطاريح الجامعية التي بدأت تنحو –أكثر فأكثر -نحو محكيات “مائة حكاية وحكاية من أصيال” ،للفنان محمد األمين المليحي، غالف الكتاب االنفتاح على الموضوع من خالل قراءات متنوعة بتنوع الرؤى اإلبداعية أو الصادرة سنة ،2013وهي المحكيات التي يعود لها الفضل في “إنقاذ” الكثير التاريخية أو اللسانية أو السوسيولوجية ،ثم بين البعد المدني من خالل ظهور إطارات جمعوية محلية وذوات فردية بدأت في تثمين التراكم المصدري للمظان وللنصوص وللمحكيات .من مكنونات “الجدات” ،بعد أن طالتها آلة النسيان الرهيبة ،بفعل عوادي التكنولوجيا التواصلية الحديثة، ويمكن أن نستشهد –في هذا المقام -بتجربة جمعية ابن خلدون للبحث التاريخي واالجتماعي بأصيال وبحكم –كذلك -النظرة التبخيسية التي ظلت تحكم رؤى الكثير من نخب الثقافة والفكر بالمغرب تجاه في نشر العديد من األعمال والمحكيات التراثية ،وكذلك بتجارب مبدعي المدينة ممن يستلهمون األفق مكنونات التراث الشعبي غير المدون. العام للذاكرة الشعبية في مسار إنتاجها للرموز وللمحكيات ولمختلف التعبيرات الذهنية المجردة ،مثلما لقد استطاعت األستاذة سناء غيالن تقديم عمل غير مسبوق ،نجح في اقتحام قالع التحصينات هو الحال مع أعمال الشاعر المهدي أخريف واألستاذ مصطفى المهماه والفنان محمد األمين المليحي. األكاديمية للجامعة المغربية ،بعد أن أعادت للموضوع عذريته ،وأضفت عليه صفات اإلثارة الضرورية لكل نقدية”، في إطار هذا التوجه العام ،يندرج صدور كتاب “القصص الشعبي في أصيلة -دراسة ثقافية عمل علمي يتوخى التجديد والتأصيل لضوابط نبشه وآلفاق اشتغاله .هي كتابة تأسيسية تستفيد من مطلع سنة ،2020لمؤلفته األستاذ سناء غيالن ،ضمن منشورات مؤسسة منتدى أصيلة ،وذلك في ما نتائج آخر االجتهادات المتخصصة وطنيا ودوليا ،وتسعى إلى تبيئتها مع الوسط المحلي الضيق لالرتقاء مجموعه 286من الصفحات ذات الحجم الكبير .والكتاب ،في األصل ،أطروحة جامعية دافعت عنها صاحبتها بتراثه الرمزي إلى مستوى الخلود والتثمين .ال يتعلق األمر بدراسة نقدية أدبية في معناها التخصصي لنيل شهادة الدكتوراه في اآلداب ،ثم ارتأت نشرها لتعميم مضامينها بين الباحثين والمهتمين .ويمكن الحصري الضيق ،بقدر ما إنها إسهام وازن في تعزيز حقل تاريخ الذهنيات باعتباره فرعا مميزا لمجمل القول ،إن العمل يجسد خيطا رفيعا ناظما بين تجليات العشق الفطري والصوفي لمعالم المكان ولوجوه الناس لدى نخب المدينة ومثقفيها من جهة أولى ،ثم بين النزوعات العلمية الهادفة إلى استثمار تعبيرات التطورات المنهجية الهائلة التي أصبحت تعرفها مجاالت كل من علم التاريخ وعلم السوسيولوجيا وعلم هذا “العشق المزمن” في أعمال قطاعية لها مصداقيتها العلمية في تفكيك طراوة التعبيرات الرمزية اللسانيات والنقد الثقافي الحديث .وفي هذا الجانب بالذات ،تكمن أصالة أطروحة األستاذة سناء غيالن، للموروثات الحضارية من جهة ثانية .ولقد أجملت األستاذة سناء غيالن معالم هذا التداخل بين غزارة كعمل يروم مد الجسور بين تخصصات شتى داخل حقول العلوم اإلنسانية الحديثة ،مما يفتح المجال التراث المادي والرمزي وبين مؤثرات التنشئة الثقافية المدنية الكثيفة ،عندما قالت في كلمتها التقديمية :واسعا أمام تطوير نتائج العمل وخالصاته الكبرى ،في أفق تحويل ورش “ذاكرة أصيال” إلى مصدر لإللهام “وألن الطفولة التي عشتها بهذه المدينة العتيقة ،باتت معلقة بجدرانها وأسوارها وأزقتها وشرفاتها المتواصل ،وللعطاء المجدد ،وللتخييل األخاذ ،وللنقد المنتج لقيم الجمال واإلبداع واالنتماء لإلنسان.
بــــالغ
بغالف مالي يفوق 28مليون درهم “ ..جهة الشمال” تدعم صمود األسر وقدرات الجماعات أمام جائحة “كورونا”
جعل مجلس جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة ،من تخفيف معاناة األسر المتضررة من تداعيات حالة الطوارئ الصحية ،مدخال أساسيا لتفعيل انخراطه في الجهود المبذولة لمواجهة وباء “كوفيد ،”-19كما أخذ المجلس ،على عاتقه مأمورية المساهمة في توفير احتياجات الجماعات الترابية باألقاليم الثمانية في الجهة ،من خالل توفير مواد وآليات التعقيم الالزمة للحد من انتشار الجائحة. ولهذا الغرض ،خصص مجلس الجهة ،اعتمادات مالية مهمة ،للوفــاء بمتطلبات هذه التدابير ،بلغ مجموعها ما يفوق 28مليون درهم ،من أجل دعم الساكنــة المتضررة بالجهة بالمواد الغذائية ،وكذا لتعزيز التدابير الصحية المتخذة في مجال مكافحة هذا الوباء ،والسيما، عبر توفير آليات ومواد التعقيم بتراب الجهة. واوضحت رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ،السيدة فاطمة الحساني ،في هذا اإلطار ،أن مجلس الجهة ركز في انخراطه في جهود محاربة فيروس “كورونا” ،على الجانب االجتماعي واإلنساني ،بالنظر للتداعيات االقتصادية لحالة الطوارئ الصحية على عدد كبير من األسر ،في الوقت الذي تفاقمت فيه االزمة االقتصادية في بعض المناطق التي كانت قد تضررت من إغالق باب سبتة ،على غرار إقليم فحص أنجرة وعمالة المضيق الفنيدق ونواحيهما. وهكذا ،تضيف السيدة الحساني ،ان مجلس الجهة خصص لهذا الجانب موارد مالية بقيمة 16مليون درهم من مجموع المخصصات المرصودة ،بمعدل مليوني درهم لفائدة كل إقليم، على أن يتم التركيز بشكل أساسي على العالم القروي ،على اعتبار أن اغلب األسر المتضررة اقتصاديا من تفشي الجائحة تقطن في البوادي والقرى. وشددت رئيسة المجلس ،إلى أن مجلس الجهة ،حريص على إيصال المساعدات الغذائية لألسر المستحقة ،بشكل مباشر من خالل التنسيق مع السلطات المحلية بمختلف األقاليم الثمانية.
دعم احتياجات الجماعات الترابية باألقاليم الثمانية،من آليات ومعدات ومواد التعقيم ،يمثل الشق الثاني من انخراط مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ،في مواجهة جائحة “كوفيد،”-19 إذ تم تخصيص ما يفوق 7ماليين درهم لهذا الجانب. وفي هذا السياق ،باشرت مصالح مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ،منذ األسبوع الماضي، عملية توزيع مواد التعقيم على أقاليم الجهة الثمانية ،التي تضم 146جماعة ترابية ،تستفيد جميعها من كمية إجمالية من هذه المعقمات ،تبلغ 16طن ويؤكد مجلس جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة ،أن هذه الخطوة ،تأتي تفاعال مع المبادرة الملكية السامية السباقة والموسومة بروح المواطنـة العاليــة ،والقاضية بإحداث صندوق لمواجهة جائحة كورونا ،وتفاعال مع ما تشهده مختلف جهات المملكة من عمليات دعم األسر التي تعاني من الهشاشة ،والتي انخرطت فيها كل مكونات الشعب المغربـي من مؤسسات عمومية وخاصة وجمعيات المجتمع المدني. وفي هذا الصدد ،نوه المجلس بمختلف الجهود المبذولة من قبل مختلف المتدخلين ببالدنا ،وفي مقدمتهم األطر الطبية ،وشبه الطبية ،والسلطات العمومية ،والقوات العمومية، وعامة الشعب المغربي ،الذين انخرطوا بكل وعي ومسؤولية ،على التوالي ،في تنفيذ واحترام التدابير الوقائية من أجل الحد من مخاطر هذا الوباء الفتاك. هذا وتجدر اإلشارة إلى أن رئيسة مجلس الجهة وأعضاء المكتب ورؤساء الفرق السياسية واللجان ونوابهم ،قـــد قرروا التنــازل عن تعويضاتهم عن المهام االنتدابية لشهر لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد ،الذي تم إحداثه بتعليمات سامية من طرف صاحب الجاللة الملك محمد السادس.
11
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
عامل إقليم الحسيمة يتدخل لحماية قطاع الصيد البحري من تداعيات كورونا عقدت يوم اإلثنين 13أبريل الجاري لجنة اليقظة بميناء الحسيمة ،اجتماعا خصص لبحث اإلجراءات والتدابير الرامية إلى حماية قطاع الصيد البحري باإلقليم من تداعيات جائحة كورونا .وانعقد هذا االجتماع بتعليمات من عامل إقليم الحسيمة ،فريد شوراق ،بحضور كل من نائب رئيس غرفــة الصيـــد البحري المتوسطية ،والمندوب اإلقليمي للصيد البحري، والمندوبة اإلقليمية للمكتب الوطني للصيد البحري بالحسيمة ،وممثل السلطة المحلية. وأقر االجتماع عددا من التدابير الرامية إلى الحد من تداعيات جائحة كورونا على مستوى ميناء الحسيمة ،من بينها تحديد العدد األقصى للبحارة المسموح لهم بالولوج إلى مختلف أنواع مراكب الصيد في 17بحارا بالنسبة لمراكب صيد السردين ،وما بين 8و 12بحارا بالنسبة لمراكب الصيد بالجر ،و 7بحارة كحد أقصى بالنسبة لمراكب الصيد بالخيط .واستعرض المشاركون في االجتماع أهمية اإلجراءات التي تم اتخاذها في وقت سابق على مستوى الميناء والتي مازالت سارية المفعول ،السيما ما يتعلق
بتعقيم مراكب الصيد كل 48ساعة ،وقرار إلزامية ارتداء الكمامات الواقية في حق كل من يلج بوابة الميناء أو يقصد سوق بيع السمك به. كما تم التأكيد ،بالمناسبة ،على ضرورة تضافر
مكتب الحافظي يشرع في استغالل مشروع مهم لتقوية تزويد مدينة ورززات بالماء الشروب
الجهود من أجل الحفاظ على صحة وسالمة البحارة ومهنيــي الصيـــد البحري باإلقليـــم ووقايتهـم من خطـــر العــدوى بفيـــروس كورونـــا.
إعفاء مجموعة من المسؤولين في مندوبية الصحة بالحسيمة من مهامهم وهذه التفاصيل أكدت مصادر جد مطلعة للجريدة أن وزير الصحة أشر يوم األربعاء 15ابريل على عن إعفاء كل من رئيسة قطب الشؤون اإلدارية، ورئيس المصلحة اإلدارة والشؤون االقتصادية بالمندوبيةاالقليميةللصحةبالحسيمة. ويذكــر أنه ايضــا أعفـي الوزير المندوب االقليمي للصحة بالحسيمة الذي تم تنقيله الى مدينة سيدي قاسم ،ليشتغل نفس المنصب وفي نفس السياق سيلتحق المندوب االقليمي السابق لمدينة جرادة لشغل كمندوب الصحة للحسيمة .كما تك إعفاء مندوب الصحة بسيدي قاسم من مهامه وترجح المصادر أن تكــون تقارير لجنة تحقيق تابعة لوزارة الصحة قد حلت مؤخرا باإلقليم وأعدت ملف عن مجموعة من الصفقات التي تم ابرامها مع شركات لتزويد مستشفى القرب بإمزورن بالمعدات التقنية واللوجستيكية الخاصة بالمستشفيات وراء قرار االعفاء من المهام في حق المسؤولين السابق ذكرهم.
الحبس والغرامة في حق 3أشخاص لخرقهم حالة الطوارئ الصحية بالحسيمة
أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة االبتدائية بالحسيمة،يوم اإلثنين حكما بالسجن والغرامة ،في حق ثالثة أشخاص ،لخرقهم حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت عنها السلطات يوم 19مارس الماضي ودخلت حيز التنفيذ يوم 20من الشهر ذاته ،لمواجهة تفشي فيروس كورونا بالمغرب. وأفاد مصدر للجريدة أن أحد المتهمين تمت متابعته في حالة اعتقال ،فيما توبع اإلثنين اآلخرين في حالة سراح، وذلك بعد أن وجهت لهم النيابة العامة جميعا ،تهم خرق القرارات الصادرة عن السلطة العمومية في إطار حالة الطوارئ الصحية ،وإهانة موظف عمومي خالل مزاولته لمهامه ،ومقاومة تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة ومخالفة قرار صادر عن السلطة اإلدارية بصورة قانونية كل حسب المنسوب اليه. وقضت المحكمة بإدانة المتهم االول بشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 1000درهم ،فيما حكمت على كل واحد من باقي المتهمين بغرامة نافذة قدرها 1000درهم ،مع تحميلهم الصائر تضامنا فيما بينهم وتحديد مدة اإلجبار في األدنى. يذكر أن المصالح األمنية بامزورن بني بوعياش بإقليم الحسيمة ،كانت قد اعتقلت ،المحكوم عليهم الثالثة خالل األسبوع ما قبل الماضي لخرقهم إجراءات حالة “الطوارئ الصحية.
Fikri.press@gmail.com Tél 0661986707
في إطار التعبئة الوطنية من أجل مواجهة «جائحة كورونا» ،واستجابة منه للواجب الوطني في هذا الظرف االستثنائي ،يواصل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب تعبأته الشاملة لضمان تزويد كافة المواطنين والمواطنات بالكهرباء والماء الشروب وخدمة التطهيرالسائل. لهذه الغاية ،أعد المكتب خطة عمل تهدف إلى تأمين استمرارية خدمات الكهرباء والماء الشروب والتطهير السائل وكذا حماية موارده البشرية ضد مخاطر هذه الجائحة. كما وضع المكتب مجموعة من التدابير لفائدة زبنائه بهدف تيسير تواصلهم مــع المكتب خالل فترة حالة الطوارئ الصحية والحد من تنقالتهم. واستمرارا لهذه الجهود ،يواصل مهندسو وأطر وتقنيو المكتب تعبأتهم القوية لتلبية الطلب على الماء الشروب والكهرباء وتسريع وتيرة إنجاز المشاريع المبرمجة. في إطار هذه التعبئة ،شرع المكتب ،منذ 27مارس ،2020في استغــالل مشروع جديد لتقوية تزويد مدينة ورززات بالماء الشروب انطالقا من سد السلطان موالي علي الشريف. ويندرج إنجاز هذا المشروع الكبير في إطار رؤية صاحب الجاللة الملك محمد السادس نصره اهلل من أجل تعميم وتأمين التزويد بالماء الشروب بجميع ربوع المملكة كما يندرج في
إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي .2027-2020 وسيكون لهذا المشروع الكبير ،الذي تبلغ كلفته 220مليون درهم ،آثار إيجابية على مستوى مدينة ورززات من خالل تلبية الطلب على الماء الشروب لفائدة ساكنة يبلغ عددها 140.000نسمة. وقد شمل المشروع إنجاز مجموعة من المنشآت الرئيسية التالية: قناة الماء الخام على طول 5،8كلم؛ محطة لمعالجة المياه بسعة إلنتاج الماءالشروب تبلغ 250لتر/الثانية؛ خزان الماء بسعة 500متر مكعب؛ قناة للمياه المعالجة على طول 40كلم؛ خط كهربائي على طول 35كلم.وسيمكن هذا المشروع الكبير من تأمين تزويد مدينة ورززات والمراكز المجاورة بالماء الشروب في أفق ( 2035مركز غسات والدواوير المجاورة ،جماعة آيت زينب ،جماعة تارميكت، مركز تازناخت والدواوير المجاورة ،وحظيرة الطاقة الشمسية نور ورززات) .كما سيساهم في تحسين الظروف المعيشية للسكان ومواكبة التنمية االقتصادية واالجتماعية للمنطقة.
القبض على حالق رفقة زبنائه ببني بوعياش بالحسمية لخرقهم حالة الطوارئ الصحية
أفـــادت مصادر مطلعـــة للجريدة أن السلطات األمنية ببني بوعياش ،تمكنت أمس الثالثاء 14ابريل ،2020من إلقاء القبض على حالق ببني يوعياش نواحي الحسيمة رفقة 3 من زبنائه ،لمخالفتهم تدابير حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية يوم 19مارس الماضي ،للحـد من انتشار فيروس كورونا. وأكد نفس المصدر الحــالق الذي ضُبط من طرف رجال االمن وهو يزاول عمله داخل محله ،وبرفقته ثالثة من زبنائــه ،في خرق للتدابير واإلجراءات التي اتخذتها السلطات والتي دخلت حيز التنفيذ يوم 20مارس الماضي ،والمحتمل أن تستمر حتى 20أبريل الجاري ،أو يتم تمديدها من جديد. وأضـاف المصــدر ذاته ،أن الموقوفيــن تم وضعهم رهـن تدابير الحراسة النظرية
لدى عناصر الضابطة القضائية بعــد إشعار النيابــة العــــامــة ،في انتظـار تقديمهـــم أمــام القضاء.
12
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير/العرائش)
ثمانينية تهزم فيروس كوفيد ـ 19
سجل المستشفى اإلقليمي اللة مريم بالعرائش تعافي مسنة تبلغ من العمر 84سنة من فيروس كورونا المستجد ،ويتعلق األمر بسيدة تنحدر من مدينة القصر الكبير حيث تعتبر أول حالة سجلت بهذه المدينة. و قد غادرت المستشفى اإلقليمي لال مريم زوال يوم األحد 12 أبريل ، 2020وهذا بعدما تماثلت للشفاء تبعا للبروتكول المعمول به مع الحاالت المصابة بفيروس كوفيد .19
فقد ودعت المستشفى بعدما مكثت به ألكثر من أسبوع ،حيث تلقت فيه العالج والتتبع من طرف األطر الطبية الذين استحسنوا حالتها وتفاعلها مع العالج ،علما أنها كانت تعاني من أمراض مزمنة. إذن فتحية لكل األطر الساهرة على تتبع الحاالت المصابة من أجل مواكبة عالجها واستشفائها ،ونتمنى لباقي الحاالت أن تستجيب للعالج.
الهالل األحمر المغربي فرع العرائش حاضر في المشهد التضامني والتوعوي في زمن «كورونا»
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
إبداع طلبة كلية العرائش في تصميم نموذج واقيات وصمامات خاصة بأقنعة التنفس اإلصطناعي
تم يوم اإلثنين 13أبريل تقديم النموذج األولي وكذا خط إنتـــاج الواقيات والصمامات الخاصـــة بأقنعـــة التنفـــس اإلصطناعي المنجزة من طرف طلبة الكلية المتعددة اإلختصاصات بالعرائش تحت إشراف األستاذ العربي السطي والتي تدخل في إطار الجهود المبدولة لمكافحة وباء . covid-19 التقديم تم بحضور السيد باشا العرائش والدكتور مشيج القرقري والدكتور محمر الرزامي كنواب لرئيس جماعة العرائش والدكتور فهدالصافي اختصاصي التخذير واإلنعاش بمستشفى العرائش.
حس إنساني متميز لتنسيقية تجار مدينة العرائش خالل ظرفية «كورونا»
في عمل إنسانـي كبير ،استطاعت تنسيقيــة تجــار مدينــة العرائش ،توزيع عشـــرات المساعداتالعينية لمجموعة من االسرة المحتاجة بمدينة العرائش ،طيلة أيام الحجر الصحي، وقد أشرفت خلية نشيطة من التنسيقية على توصيل المساعدات للمحتاجين إلى منازلهم . كل هذا يحدث بعيدا عن الترويج اإلعالمي احتراما لخصوصية الناس ،ووعيا بحساسية المرحلة التي دفعت مجموعة من األسر العرائشية إلى العوز والحاجة ،بعد توقف مصد رزقها بسبب الحجر الصحي . وتجدر اإلشارة أن العرائش نيوز عرضت على التنسيقية مواكبة حملتها الخيرية دون التعرض للمستفيدين إال أن التنسيقية أصرت على أن يبقى عملها سري من أوله إلى آخره.
في مواكبة لجنود الظل بالعرائش
في إطار برنامج التصدي النتشار فيروس كورونا كوفيد ،19 تستمر عمليات المكتب اإلقليمي للهالل األحمر المغربي بالعرائش والتي تمثلت اليوم في المساهمة في تنظيم عمليات التسوق بكل من السوق المركزي ( البالصا) ،سوق القرب جنان فرانسيس ،وسوق الرحمة ،حيث همت هذه العمليات توعية المتسوقين بضرورة احترام مسافة األمان وكذا ضرورو ارتــداء الكمامات إضافـة إلى عــدد من الرسائل الوقائيــة. إضافة إلى ما سبق قام المكتب اإلقليمي للهالل األحمر المغربي بالعرائش إلى المساهمة في تنظيم عمليــات سحب أموال الدعــم
العمومي من طرف المواطنين بالوكاالت البنكيــة ووكاالت تحويــل االموال ،وذلك تجنبا لالكتظاظ الذي يهدد سالمة المواطنين. بجانب ذلك ساهم متطوعوا الهالل األحمر المغربي بالعرائش في تنظيم عمليات أداء فواتير الماء و الكهرباء بالوكالة المستقلة لتوزيع الماء و الكهرباء بجنان فرانسيس. هذا وقـــد عمل الهالل األحمــر المغربـــي عبر متطوعيه على تشوير السوق المركزي مساهمة منه في دعم جهود تنظيم عمليات التسوق ،كما استفادت من التشوير بعض المؤسسات البنكية تسهيال النتظام وتنظيم الزبائن وتجنبا لالكتظاظ.
قامت العرائش نيوز بتصوير شريط فيديو يوثق عمل رجال النظافة في خرجاتهم الليلية بمدينة العرائش ،وهذا من أجل تسليط الضوء على هؤالء الذين يقومون بعمل جبار في هذه الظروف العصيبة التي نعيشها منذ اإلعالن عن حالة الطوارئ بالمغرب. وقد واكبت كاميرا العرائش نيوز عملهم عن قرب ،كالتفاتة منها لهؤالء األبطال الذين هم معرضين بشكل يومي لإلصابة بالفيروس نظرا لطبيعة عملهم. لهم ألف تحية و إكبار لكم أيها األبطال!!!
العدد 1042
13
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
رافقت قدوم الوباء لبالدنا آراء مستفزة لمواطنين مغاربة اتجاه إخوان لهم مقيمين بالمهجر .. ــ األديب المغربي المقيم بالديار الهولندية األستاذ محمد التطواني لم يستسغ ذلك ،فما كان منه إال أن يعبر عن رأيه ،داعيا إلى المصالحة بين جيل الغربة وجيل أرض الوطن.... ــ الطالب الباحث بالديار البلجيكية الشاب أحمد بن قدور عقب على رأي األستاذ محمد التطواني متماهيا وهو يقول « :واجب علينا نشر الفأل والطمأنينة ،وال يكن منا ،من هو مذياعا أو فزاعة.»... إليكم الرأي وتعقيبه؟
* محمد التطواني :كتبة بدون ضمير؟ من خالل هيمنة العديد من منتجي سرد أجندة لما تحمله من قيم ال تربوية عبر شبكة التواصل االجتماعي أو ال تواصل عائلي، التي من جعبتها ،نسمع المساس بجاليتنا المغربية المقيمة خارج الوطن ،تبدأ بالخصومة الجارحة ،والكراهية الى السب والشتيمة والقدح.والمطالبة بصد أبواب الجمارك من طنجـــة الى لكويرات في وجه الجالية المغربية المهاجرة ومنعهم زيارة الوطن وأسرهم ومرضاهم .مع االستغناء عن هذه الفئة المهجرية التي اختارت العيش في الرفاهية كما جاء على لسان عشـرات تغاريد همجيــة منحطة خلقيا وتربويا مستخدمين أهازيجهم العفنة ،مكشرين أنيابهم . أطالت أألعراف والتقليد والرحمة والشفقة ،ووصايا ديننا الحكيم، وكأن الجالية المغربية بأوروبا أقوام وحدهم ينحدرون من ساللة يأجوج ومأجوج. َ ّ بينما هذه الوَيْلة والزَعازع ،أضحت ويلة عالمية وصلت حتى الرُّضع واهلل وكيلها . هل هذه األبواق المُهْتاجة ،ضـــد الجاليــة المغربية بالخارج، التي يأتي طنينها من ربوع وطننا الحبيب والغريب من بني جلدتنا، تشاركها جميع األعمار ،هل هي من مستنقع الجيفة ؟ وفي اَي حصن ترعرع ؟. إن تربة وطننا ومن يتربعوا على بساطها من شرفاء علماءنا الى آخِر الحرفيين ال يرضون بمس بني جلدتهم بالكالم الجارح المشين . ال أدري إن كنت على حق ،أن أوجه نصيحتي لكل زائر مغترب للوطن الحبيب ،أن يحمل معه بطاقة (فنان وعضو موازين) ربما تكون أرحم من جواز سفر .على األقل تجد من يقدم لك عند نزولك من الطائرة قبالت على طبق من مختلف المعجبات .في حين يشهد جيل هذا القرن الكوروني ،نقلة نوعية ،تراه يقلب كفيه ،مشحون بالفراغ متسائال :أين المفر؟؟ وقد يضيق صدري عندما أراجع حالة شريحة ميؤوس منها ،من مبدعي األدب وسرد القيل والحكي عن من أين تفرخ الذبابة وأفواههم مكممة ،وأقالمهم معطلة ،وتجاهلوا انهم يراعي ومعسكر في السلم والحرب بحكم ثقافتهم وعلمهم وأخالقهم ومكانتهم داخل المجتمع .وهم صناع التربية الخلقية. هذه الفئة ،لي اليقين انها تتابع اخبار الشارع ،وتطلع عبر التواصل االجتماعي ،مما يقال عن
الجالية المغربية ببالد العجم .وما تعانيه من معاناة المهاجَرة . أنا ال أطلب منكم أن تمدننا بنسخة من القعقاع ،أو من عمر بن الخطاب وحسان بن تابث .وكذلك الكالم موجه لمن يدعون بادباء المهجر المعربون او المفرنسون او باي لغة ،قدر ما نطلب التدخل في هذه الهجمة الطاعونية التي تصلنا من بني جلدتنا عبر التواصل االجتماعي ،بالتوعية ،والنهي عن سبنا عبر االعالم الرديء الوسخ والعنصري. ليس االمر فقط بين أيدي العلماء .ولو .. انتم ،فيكم من المعلمين واألساتذة والمربيين ردع هذه الهجمة الشرسة الموجهة لأليدي العاملة المغربية بالخارج . إعتبروها صدقة ،أو فسحة بين ال ُقرْطاس ،الموسوم بالصحيفة ،وبين تجوال حول القراطيس بجميع أصنافها وكبر حجمها وخرافاتها تحت سقـــف وخيم معرض الكتــاب بالدار البيضاء وغيرها. إعتبروها دعوة تكريم وزبونية بدافع اإلشهار والتبجيل ،وان كلفتكم سفرًا شا ًقا. اعتبرها أيها األديب المبدع ( ،بروباغاندا ) تديرها عبر مقابلة متلفزة ،وانت ترتدي بدلة اخر مُديل وشياكة ،وآخر حالقة
وتجميل . اعتبرها فرحة وكرنفاالت جنونية ،وكأنك تلقيت مكالمة هاتفية من مؤسسة الطباعة من الوقواق ،تخبرك انه تم طبع عملك ،دَعْ ما بيدك ،وأخر صالتك ،واجل عمل الخير ،وتعال لتخلف بصمتك من بين الكتاب والشعراء واألمجاد ،بينما اسمك سيعلق في جميع مطاعم ( الماكدونالت ) والفنادق ،ومحالت اإلقامة السكنية ليطلع عليها جيرانك ،وفوق األبراج .وسيتم حجب اسمك من مدرجات المسافرين والقادمين من مدن كورونا. عـيبٌ ..عيب ياحملة القلم ..بداخل المغرب وخارجه . عند االمتحان يعز المرء او يهان. أُخرجوا من جحوركم ،وأيقظوا ضمائركم أصلحوا ذات البين ،بين المواطنين بالداخل والخارج . استثمروا ثقافتكم في خدمة ضد من أراد الخصومة بين مواطن مستقر بالوطن ،وبين مواطن كتب اهلل ان يعيش مغربًا من اجل لقمة العيش ،اإلبداع ينطلق من عتبة بيتك .
* رد الطالب الباحث ببلجيكا :أحمد بن قدور : سالم اهلل أستاذنا ومرشدنا الغالي، لقد اشتقت إلى نصائحك وتوجيهاتك.. أما بعد ،لقد كان لي الشرف في قراءة هذا العمل المتين ،فبخلقكم الرفيع أرجوا أن تسمحوا لي بإبداء وجهة نظري المتواضعة وتقبلوا أسلوبي هذا ولغتي الركيكة . فالمقال ال يدل على تتبعك وإهتمامك البالغ فيما يجري في وطننا األم فقط ،بل أيضا في تحليلك الرصين لألحداث ونقدها نقدا بناءا ،منطقيا وهادفا إلى ردء الصدع وسد هذه الثلمة بين مغاربة قاطنين بأرض الوطن الحبيب ،وآخرين اختاروا العيش خارج تراب المملكة ،ضحوا بالنفيس ( اإلبتعاد عن األسرة والوالدين خصوصا )...من أجل استكمال الدراسة أو لسد رمق العيش، لهم ولعائالتهم المقيمة على بساط الوطن،وهناك من فضل االغتراب فقط ألجل استرجاع كرامته ،حريته ،أدميته وإنسانيته التي كادت أن تفقد داخل الوطن األم ،وجل -إن لم نقل كل -هذه األسباب تصب إلى المساهمة في رفعة ورقي بلدنا الغالي (علميا، خلقيا ،ماديا.)... أما بخصوص هذه المحنة وإن شئنا قلنا ،هذه المنحة الربانية .فاألوبئة تكون ثم تهون ،وكم من أوبئة ح َّلت ثم اضمح َّلت ،وج َّلت ثم ج َلت ،وتوالت ثم تو َّلت .عن أنس بن مالك -رضي اهلل عنه -أن النبي ص َّلى ُ قالَ : هلل ،وما ال َف ْأ ُل؟ َ َ الفأل َ ُ الك ُ ُ يعجبني ُ أحدكمْ» (متفق عليه) ،والعرب تسمي اللديغ سليما ،والكسير الصالحة يسمعها لمة قيل :يا رَسول ا ِ اهلل عليه وس َّلم قال« :و ِ جبيرا؛ تفاؤال ،وتسمي الجماعة الناهضة المنشئة للسفر ،قافلة ،تفاؤال بقفولها ،أي رجوعها . فواجب علينا نشر الفأل والطمأنينة ،وال يكن منا ،من هو مذياعا أو فزاعة ،كلما سمع خبرا أطاره وأشاعه. فأحيي وأقدر وأشد على يديك الطاهرة هذه المبادرة النبيلة لإلصالح ذات البين بين أبناء ذات الوطن الواحد والعقيدة المشتركة وهلم جرا فقد سمعت وأطعت قوله سبحانه }�إِ مّ َناَ ك ْم{ [الحجرات ،]10 :ففزت بأعظم األجر لقوله تعالى اّ َ مْ ُ ِري ّ ِمن َجّْ }ل َخيرْ َ يِف َ ي َ�أ َخ َو ْي ُ ِ�ص َد َق ٍة �أَ ْو َم ْع ُر ٍ ا�س وف �أَ ْو �إِ ْ�ص اَل ٍح َب نْ َ ون �إِ ْخ َو ٌة َف َ�أ ْ�صل ُِحوا َب نْ َ ن �أَ َم َر ب َ ن َواهُ ْم �إِ اّ َل َم ْ ال�ؤْ ِم ُن َ كث ٍ ي ال ّ َن ِ هّ َ َ الل َف َ�س ْو َ َاء َم ْر َ ۚ َو َمن َيفْ َع ْل َذٰل َ �ض ِ ات ِ ف ُن�ؤْتِي ِه �أ ْج ًرا َع ِظي ًما{ [النساء .]114 : ِك ا ْب ِتغ َ ونلت من األعمال أفضل الدرجات -إن شاء الكريم -وذلك لقول رسولنا وقدوتنا «أال أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصالة والصدقة؟» قالوا :بلى ،قال« :إصالح ذات البين ،وفساد ذات البين الحالقة»( .رواه أبو داود وصححه ابن حبان). هّ هّ َ َ َ َ َ كنت ُْم �أ ْع َد ًاء َف�أ ّ َل َ ك ُروا ن ِْع َم َ الل َجمِي ًعا َو اَل َتف ّ ََر ُقوا ۚ َو ْ ي ُق ُلوب ُ ك ْم ِ�إ ْذ ُ الل َع َل ْي ُ اذ ُ اعت ِ ت ِ َ�ص ُموا ب َِح ْب ِل ِ ِك ْم َف�أ ْ�ص َب ْحتُم ف َب نْ َ وأخيرا وليس آخرا ،لم أجد خيرا من آية أختم بها { َو ْ ِبن ِْع َم ِ تهِ ِ�إ ْخ َوانًا} [آل عمران .]103 :
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
14
البكاء بين يدي «الكورونا» -
بقلم :نجيب الجباري
اآلن فقط عرفنا كم كنا مغفلين ..غافلين عن النعم التي كنا نرفل في بحبوحتها ...نعم ال تعد وال تحصى «و�إِن ت َُع ُّدوا ن ِْع َم َ وم َ ار».. ت هّ َ ِ ك ّ َف ٌ ن�س َ ان َل َظ ُل ٌ الل اَل حُْت ُ�صوهَ ا �إِ ّ َن ْ إِ ال َ اآلن فقط عرفنا كم كنا أغبياء عندما كنا نرى هذه النعم مجرد حاالت عادية..مملة..روتينية ال تحتاج منا جزاء وال شكورا... اآلن فقط ...وبعد أن اجتاحنا هذا الوباء اللعين والفيروس الخبيث المسمى كورونا ..أصبحنا نحن إلى المساجد لتأدية الصلوات ...نسمع مؤذنيها ينادون حي على الصالة حي على الفالح حي على الفجر حي على الظهر حي العصر حي على المغرب حي على العشاء...وال من مستجيب..يصلي االمام وحيدا دون مصلين..يسود الصمت الرهيب وتئن المنابر وتشكو المحاريب ...خلت المساجد وخفت األصوات..اليوم ال تهاليل وال ترانيم..فقط على الجدران بدا عنكب وتراب.. أين تلك الجمع التي كنا نتطهر فيها ونغتسل؟ وثيابا جديدة نلبس؟ وطيبا طيبا نتطيب؟ نبكر الى المسجد نذكر اهلل ونتلو آياته وننصت بخشوع لخطبة الجمعة..أين تلك الخطب؟ أين حالوة تالوة الحزب بعد صالتي الفجر والمغرب وأصوات األطفال ترتل آيات الذكر الحكيم مجلجلة عبر األرجاء..ليس هناك اآلن غير دموع تنهمر وآهات تتحسر ..نشوة وسعادة باتت في خبر كان... اآلن فقط أضحينا نتوظأ بماء الحزن ونصلي في محراب االنكسارات واألماني المرتقبة.. كم كنا تعساء عندما لم نكن نقدر روعة الذهاب الى المساجد لمضاعفة حسناتنا وتكفير سيئاتنا ورفع درجاتنا ..نقف في صفوف متراصة متساوية كالبنيان المرصوص ..نركع ونسجد جنبا الى جنب خاشعين متضرعين ..نصنع المحبة واأللفة بيننا ونبعث رسائل الخير والمساواة والتسامح والعدل والتضامن والفضيلة..نطهر األرض والنفوس من األنانية والتعصب والكراهية.. المساجد االن تبكي..تئن..وتنتحب وتشكو الى اهلل المصاب..نفرح عندما نسمع اآلذان ونحزن عندما يقول المؤذن صلوا في بيوتكم..يا له من شقاء ما بعده شقاء..ويا لها من لوعة ما بعدها لوعة... اآلن فقط عرفنا كم كنا مقصرين في القيام بشكر اهلل على هذه النعمة كما يجب وقد تغيرت مالمح طقوسنا الدينية بعد تعليق الجماعات وفرض قيود على الحركات.. اآلن فقط عرفنا قيمة الحرية واالحساس العذب بامتالك أنفسنا والخروج من منازلنا متى أردنا وكيفما أردنا..وعلى امتداد جرحنا ابتلعنا ريقنا وخوفنا ورعبنا...بات صوت الحرية يتسلل الينا اآلن كالصدى الراجع من بعيد يحمل معه كل معاني العشق التي تثوي في قلوبنا وفي ضمائرنا..صوتها اآلن يأتينا حارا محمال بعبق األدغال معطرا برائحة السمك والبحار وبألوان الحقول الخضراء وشموخ الجبال... اآلن فقط عرفنا أن صوت الحرية ينقي الروح ويطهر القلب...هاهي اآلن أيامنا أضحت ثقيلة متباطئة..وتحولت منازلنا الى مصحات كبرى بقضبان وهمية ..في إقامة إجبارية في غرفة العزلة وفضاء االنطواء..أصبحت حياتنا بين حدي الوحدة والمنفى ...بين إحساس المرض والفقد... اآلن فقط عرفنا كم كنا سعداء عندما كنا نعانق أفق السماء ونداعب رائحة األرض..من النافذة نتعكز سويعات االنتظار ونفتح أعيننا على كهولة آتية وعلى حائط الغرفة المنسية نعلق وحدتنا كلوحة بئيسة ..أصبحت العزلة تعنينا كثيرا..لقد أصبحت تأكل معنا في الصحن نفسه وتشرب معنا في الكأس نفسها..نراها وترانا ...نلعنها وتلعننا..نسخر منها وتسخر منا..ثم في األخير نتصالح رغم أنفنا...يا لفجيعتنا.. اآلن فقط بدأنا ننظر الى الماضي القريب..الى الوراء قبيل الجائحة..ونرى أفراحا ومسرات لم نكن نوليها أهمية...هكذا نحن بنو االنسان دائما ال نستطيع أن نرى كل جمال الصورة اال إذا ابتعدت عنا..واألضواء الساطعة تعمينا عن مشاهدة الحقيقة ولم نكن نعلم أن االمتحان الحقيقي كان بالجوار منتظرا الفرصة لالنقضاض.. اآلن فقط علمنا كم كانت الحياة جميلة وكم كانت السعادة ترفرف في جنباتنا... اآلن فقط أصبحت العتمة تقف هناك في الخارج تتربص بنا الدوائر ..تسلبنا ما حصدناه من حبات الضوء باختيارنا للحجر...هاهي الشوارع بدت وكأنها مشهد من أفالم الرعب والكوارث..تتخطفنا الفراغات..ويفرخ فينا الوهم..ها أنا أخبئ انخطافاتي في دهاليز الروح..أصابتني حمى حب الناس وعشق المناطق الشعبية واألسواق العمومية...األسواق..نعم... أسواقنا تتضمخ بالطيوب وبالضجيج الجميل..حيث تمتزج الروائح باأللوان وباألزمان وباألجناس...كم اشتقت اليك أيها السوق وحرمت لذة االقتناء ومتعة التسوق.. اآلن فقط أدركنا -متأخرين-جمالية هذا المكان المبهراآلهل بالحركة والحياة.. المدينة..مدينتنا شاحبة أصيبت بالبكم والصمم..مدينة تنتحب كأنها سجين في أحد المعتقالت والسياط تنهال عليه من كل جانب وهو يصرخ ويصرخ وال أحد ينقذه...كم استروحنا منها نسائم أيامنا األولى وذكرياتنا األولى وروائح الشوارع والدروب واألزقة التي فتحنا أعيننا عليها..كنا نغرف منها ما يشبه الزاد ونرتشف منها إكسير الحياة...كم كنا مسحورين بليلها وجماله ..مفتونين بهدأته.. الشارع خال مرعب كأنه قطعة هاربة من زمان آخر ..زمن الحروب ...ساكنا درجة الجنون...اآلن فقط تذكرنا كيف كان وديعا كحبات المطر الهادئ يوم كانت أحالمنا ترتع فيه بكل انسيابيتها العذبة...كم افتقدنا مشاهدة األطفال وهم يلعبون ويمرحون ...ينشرون الفرح والصخب والملهاة ...يعيدوننا بالذاكرة الى الربع األول من عمرنا ..ويشدنا الحنين الى تلك المربعات شغفا وشوقا لما كنا أنقياء كالثلج مقبلين على الحياة كالخيول البرية وهي تجوب السهول تلهو وتسابق الريح...اآلن فقط تحدونا شهوة بأن نصنع كما كنا جماال وقصورا من رمال...ويمألنا اشتياق ألصغر لحظات ذالك الماضي..لما كنا نتجول داخل مدينتنا للمغامرة في شرايينها..والجلوس في مقاهينا المفضلة..آه كم اشتقنا الى ارتشاف فنجان قهوة يمنحنا انتعاشا ووسنا..نضاحك الوقت كما يحلو لنا ..نعتصر الجلوس قرب شمس الزوال ثم نرمي أقدامنا في طرق وشوارع أرضعتنا جملة وتفصيال..طقس القهوة يأخذ بعدا مختلفا في المقهى ألنها من أهم األماكن التي تتوشج فيها أواصر بالغة الشدة ...تحتوي هواجسنا ويومياتنا بكل آالمها وأفراحها..وكأن شيئا يبقى منا في المقهى بعد أن نغادره أو نفارقه ...وربما علق بين طيات جدرانها ما اختزنته ذاكرتنا وماضينا المتخم بكل التفاصيل الدقيقة.. اآلن فقط أدركنا كم كانت سعادتنا ونحن نحتفل بفصل الربيع ونأمل في إطاللته البهية ...يطل علينا بوجهه الضاحك وتبتسم أشجاره في وجوهنا وتفتر ثغور الينابيع في أيدينا فيسيل ماؤها عذبا رقراقا..والعصافير تحيي بأجنحتها المرفرفة المروج الزاهية واألغصان المتراقصة على أغنيات الحب والجمال..يا لغفلتنا.. اآلن فقط أصبحت أيامنا بال عناوين..طافحة بالمرارة واالختناق..أحالمنا ذابلة وكلماتنا مبعثرة على الورق...ننصت لموسيقى الذات ونتوه في دروب أعياها الظالم..ننظر الى أحذيتنا ومالبسنا...هي هي كما وضعناها آخر مرة تنوح وتشتكي وال من فارس ينقذها....كأننا نكتشف ألول مرة بهاءها وجمالها ونستعيد عبر شفافيتها المختومة بآيات األناقة والجمال..وا حسرتاه على األيام الماضية الضائعة..
اآلن فقط أدركنا كم كانت حياتنا رائعة قبل..وها نحن اآلن نعود أنفسنا على الجلوس وحيدين داخل هذه المخابئ التي تقاسمناها...الحياة التي كنا نعرفها ماتت وأصبحت قوسا من األقواس في جملة غير مفيدة.. اآلن فقط عرفنا كم نحن ضعفاء كالدموع واهنين كقصور من رمال..لمسة واحدة تكفي لتجعلنا مجرد حطام..ما نحن إال كنملة صغيرة تدب في األرض ..كويكب متناهي الصغر مثل هذا الفيروس اللعين.. اآلن فقط أصبحنا نتوق الى معانقة أوالدناوإخواننا وأصدقائنا وأحبابنا وطلبتنا وتالميذنا ومصافحتهم ملء صدورنا بدون خوف ...نتبادل قبلنا ونوزع على األرصفة فرحنا اآلن فقط بتنا نهرب من العيون ..ومن األيدي أن تالمسنا..القبالت واألحضان أصبحت سالحا فتاكا ...زيارة الوالدين واألقارب عمل متهور محفوف بالمخاطر..ياللعجب ! اآلن فقط تذكرنا أن الصحة تاج على رؤوس األصحاء ال يراه اال المرضى...وأنها خير من الثراء والغنى وأعظم نعمة ربانية ..ويا لسعادة االنسان اذا سلم من األسقام والباليا واألوبئة ..وهي سعادة المرء في دنياه فمن أدركها فقد أدرك خيرا كثيرا.. الساعة اآلن تزحف نحو وقتها المعتاد..ال أرى شيئا من وراء هذه النافذة المشرعة باتساع إال هذه األعمدة الكهربائية المصطفة على الشارع مثل جنود منكسرين..رياح الشارع الرهيب بدأت تصلني هسهساتها الى الداخل..ال أمل لي وال شوق لي اآلن إال استعادة مالمحك ور سم وجهك بلذة استثنائية ..من المؤكد أن البحر مازال في مكانه ولم يجف ولن يجف..وأن الشمس مازالت تشرق كل صباح وتغرب كل مساء..والقمر ما زال يسطع كل مساء ..والنجوم مازالت تقيم أعراسها كل ليلة..واألزهار لم تذبل بعد..والطيور واألسماك والنوارس لم تنقرض...الطبيعة كلها لم تفقد شيئا من بهائها وألقها وسحرها..العيب فينا نحن وال شك ..نحن فقدنا الكثير..فقدنا االيمان..الشكر .وراحة البال..فقدنا أغلب صفاتنا االنسانية...فقدنا الثقة باهلل..فقدنا االعتراف بالجميل..كل شيء لدينا أصبح باهثا ..باردا...لم يعد لحياتنا ذلك السحر وتلك الرومانسية التي عشناها ولم نتذوقها ...كم كنا تعساء..أغبياء..ال مبالين..مغفلين..غافلين... اآلن فقط يراودنا شعور غريب ألن نخاطب حياتنا ..نتودد اليها..نعيش معها الى األبد..نبحث في دفاترها عن رسائل العاشقين وأنفاسهم ..ونفتش بين شذاها عن هواجس المسهدين وأرقهم..وعن آهات المهمشين والمستضعفين في هذه الليالي العصيبة.. عذرا أيتها الحياة..ما أحقرنا وما أشرفك..ما أصغرنا وما أكبرك..ما أضيقنا وما أوسعك. اآلن فقط عرفنا كم كنا ال مبالين بقيمة الخروج الى العمل كل صباح واللقاء بتالميذنا وطلبتنا والحديث معهم ...كم كان حديثنا شيقا ومفيدا كما أشجار الزيتون تورق وتثمر...اآلن فقط فهمنا معنى السعادة ونحن نستمع لكلمات تالميذنا و عباراتهم الملهمة وروحهم المعطاء..أي سعادة كانت تغمرنا ونحن نرى في عيون تالميذنا سمات الخير وقد برزت مقرونة بمعالم الجد...وأي حلم لذيذ كنا نرسمه في قسمات وجوههم المشرقة وهم منكبون على القراءة والتحصيل مستشعرين أهمية الدروس المباشرة... حريصين على تنمية لغتهم وأدبهم ومعرفتهم..كم هو جاف قاحل هذا التعليم عن بعد !! وما أحلى فضاء القسم ..ذلك المكان الدافئ حيث يمكن للحروف والكلمات أن تمارس حريتها كاملة.. اآلن فقط بدأت تستهويني رغبة جارفة الى تلك العالقة الحميمية بيني بين تالميذي...ال أخفي كم افتقدت لرؤية وجوههم التي أرى من خاللها العالم كله..أشعر االن بأن الجفاف يحاصرني... ولى زمن وحل زمن آخر..زمن الحسرة والوله واأللم ..هذا الموال الشجي يغني كما البكاء..ويتراءى له الحب نارا...وتبدو إطاللة الضوء مستحيال ال يطال...لحظات العبث والتيه التي بتنا نعيشها..ولى زمن عرفنا فيه قيمة االبتسامات الودودة والروح المرحة التي كنا نفتح أعيننا عليها في كل الصباحات.. اآلن فقط بدأنا نأسف على قيمة النوم وحالوته...إنه رغبة ملحاحة..وفعل رتيب..هكذا كنا نظنه..أما اآلن فقط فها نحن ننام وعقلنا مستيقظ..ننام وعيوننا مفتوحة..نترك جسدنا المنهك فوق السرير لكننا ال نستطيع النوم..في مخيلتنا تبسط األيادي المتعبة أردية رحيلها اليومي وتبدو النجوم كعيون مطفأة لتماثيل حجرية...ها نحن االن عندما يعلو صوت الديكة معلنا والدة نهار جديد نكون قد قضينا ليلة بكاملها في ضيافة األرق ...لقد هجر النوم أجفاننا وحاصرتنا هواجس سوداء واحتشدت في ذاكرتنا هموم وآهات..أصبح االرق مالزما لنا كظلنا الى درجة أصبحنا نخاف أن تنتقل إلينا عدوى أهالي مالكون( اسم القرية التي تجري فيها أحداث رواية مائة عام من العزلة لغارسيا ماركيز) والذين ألم بهم أرق مزمن مثل عدوى الصين التي أصابتنا على حين غرة.. أرسلت عيني الى النافذة تهربا من الظالم...اتجهت نحو مكتبتي أقلب مجموعة من الكتب الموزعة بغير انتظام... رفعت كتابا فقرأت على غالفه»موطن األلم» وتحته خط رفيع «رواية لبرافكا أوجاريسك» ..بدأت أتصفحه ساعتها كان الصبح قد بدأ يتنفس..والشمس طفقت تصبغ بحمرتها القانية وجه السماء وهدوء ناعس يغمر الشارع الخالي..متى ننام ملء جفوننا؟ متى نحلم بال قيود وال قرارات وال أوامر وال بالغات؟ اآلن فقط أصبح النوم واألحالم الجميلة أمنية غالية...واألمنية مفردات األمل..واألمل صورة مستقبلية لغد مشرق وصباح جميل...اآلن فقط بتنا نفيق منقبضي النفس كأن خفافيش الدهاليز السود تمسك باعصابنا وليل امرئ القيس ينيخ على صدورنا...إن شظايا هذا الوضع تخترقني..تبعثرني..تجعلني مهووسا باآلتي الغامض... اآلن فقط أعترف وال أنكر ما أصابني من هوس متابعة االبتسامة أوال ثم عدم القدرة على الضحك ثانيا...لقد كان الضحك بالنسبة لنا قرارا نابعا من ذات راضية فائقة المحبة..عبارة عن نور ساطع باهر بداخلنا يقول لنا :اضحكوا ابتسموا ..إن لديكم من االرادة ما يمكنكم من خلق مخزون فرح نفرح به ونستعين به في هذه األوقات العصيبة...هذا المخزون هو الذي يساعدنا على المقاومة التي نحتاج إليها كل لحظة سواء ألنفسنا أو لغيرنا..هذا المخزون له ينابيع شتى فاغرفوا منه ما تشاؤون!.. نعم اآلن فقط عرفنا أن الضحك يرفع جهاز مناعتنا ألن هذا الجهاز هو المسؤول الحقيقي عن كل مرض أو وباء يصيبنا..والضحك يزيد إفراز هرمون االندروفين في المخ هذا الهرمون هو المسؤول عن مقاومة األلم والتوتر كما يقول العلماء..ثم ماذا ؟ أيا كان اتصلوا بي أعينوني على أن نضحك معا... ستعود الحياة كما كانت وسنرى كل شيء كأننا نراه أول مرة...نستشعر عظم هذه النعم ونتعظ من هذه األزمة.. سنحس فعال بالجمال بنفس عميق وبقلب مفعم بالحب..و سنجازف بكل شيء من أجل اإلمساك بنجمة أو شمس بحرية أو مجرد النظر إليهما كل مساء قبل التوغل في حالوة النوم وسعادة العمل واإلحساس بمتعة الحياة...نحن الذين نمتلك هذه اإلرادة بإيجاد الخير ..نخلق التفاؤل بامتالك.طاقة مزح ومرح..شجرة التفاؤل جذورها ممتدة مترامية عبر اإليمان.. القناعة..الرضى..أما ثمارها فهي الحب..الفرح..الفرح الحقيقي الذي يزهر ابتسامات وأحالما... اآلن فقط عرفنا كم كنا مقصرين في القيام بشكر اهلل ألن بالشكر تحفظ النعم من الزوال بل وتزداد..وان تعدوا نعمة اهلل ال تحصوها ان اهلل لغفور رحيم. ..
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
االنتقال إلى حضارة المستقبل ؟
لعبة السودوكو ()502 أصل اللعبة لعبة السودوكو اليابانية األصل « ،»SUDOKUكانت معروفة منذ الثمانينيات في اليابان ،إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة .2005
• بقلم :عبد المجيد اإلدريسي ُ فيُسدَل الستار ...ويمضي بنا الليل ونحن نيام، على عالمنا ،لنستيقظ غداً في عالم آخر .بوضع ال يٌفهم له معنى ،إذ الليل نائمٌ في «ووهان» ،بالصين وقد أصبح للناس حلوق جافة والتنفس زفير والشفاه ُ والسُعال شديدٌ .أعراض تقصف بحياة اإلنسان ظامئة لمن ارتمى في أحضان «فيروس كورونا» .فالحائط الصيني لم يعدْ حصناً . أضحى الجمال والمال ال يساوي شيئاً ،ولن يستطيع ْ أن يمنح لبني البشر جرعة من األكسيجين ،بل وُضع األناسي في قفص كالعصافير (منازلهم) ،وحُرموا من القبالت واألحضان التي أصبحتْ سالحاً فتاكاً ومُعدياً ،من جرّاء كائنات صغيرة بمقياس (10نمو متر). مُنعتْ الزيارات لآلباء واألبناء واألصدقاء ،و تحوَّلتْ إلى الهواتف النقالة .صار اإلنسان ضيفاً على األرض. أقفلتْ الكنائس والدير والمساجد وبيت اهلل الحرام، ومسجد رسول هلل (ص) .باتتْ شعوب األرض ،ليستْ ضرورية ،و ليتذكروا أنهم ضيوف .لم يعدْ لإلنسان ٌ مكان تحت الشمس .فغداً يكون اليوم مشمساً والقمر بازغاً .وتستمرُّ الحياة ..فقد ابتالهم اهلل ليعافيهم. هموا العباد الذين بغوا في األرض. و قد يصعب على اإلنسان فهم واستيعاب الحدث الذي يعتقدُهُ شراً بل هو خيراً لهُّ . كل من كان يبدو شرّاً ،يصرفه اهلل عن اإلنسان دون ْ أن يدْرك الحكمة من وراء ذلك .ورغم فراره من القدَر ،فلن يستطيع الصبر عليه ،إال بقوة اإليمان باهلل ،لشرّ يراه فيحسبه كذلك ،ليكشفَ اهلل له أنه كان خيراً ..فكيف يبينُ عالم الغيب ،العليم الخبير ،له بعد حين ناموس الحياة ؟ جاء في محكم كتاب اهلل َّ جل في عاله ،عند سورة الكهف ،و قد جاء القدَرُ على لسان العبد الصالح سيدنا الخضر ،في حوار مع النبي موسى عليه السالم عند مجمع البحرين .لبيان فضل األحداث الثالث كعبر لما عرفَ ب «فيروس كورونا» ،الشرّيـــر ظاهريـاً فقط .ولفهم المتناقضات بين الشرّ النسبي والخير المطلق ( ،ليس هناك شرٌّ مُطلق) .نلجأ إلى ثالثية أحداث سورة الكهف بذهن صافي ،إلدراك معنى امتالء الكوْن بالمآسـي. فكان هـذا اللقـاء الربـاني بين نبـيّ من أولي العـزْم وعبد صالح ،الذي قال اهلل في حقه « :فوجدا عبداً من عبادنا ،آتيناه رحمة من عندنا وعلمناهُ من لدُنا علم ًا »..صدق اهلل العظيم (سورة الكهف ،اآلية .)65 فيجيب موسى عليه السالم :قال له موسى ،هل اتبعكَ على ْ أن تعلمني مما علمتَ رُشداً ..صدق اهلل العظيم (،س،الكهف اآلية .)66فاستجاب الخضر لموسي قائال :إنك لن تستطيع معي صبراً ،وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً ..صدق اهلل العظيم (الكهف .)67فامتثل إن شاء اهلل صابراً موسى عليه السالم مجيباً :ستجدني ْ وال أعصي لك أمراً .صدق اهلل العظيم (.الكهف.)69، ثمَّ انصاع له الخضر بقوله :فإن اتّبعتني فال تسألني عن شيء حتى أُ َ حدث لك منه ذكراً ..صدق اهلل العظيم (الكهف .)70،وينتقل بهما الحديث إلى الفعل :فانطلقا حتى ركبا في السفينة خرَقها (الخضر) ،قال (موسى)
أخرقتها لتغرقَ أهلها ،لقد جئتَ شيئاً إمراً ..صدق اهلل أن دَوْر القدَر هنا ،و ْ العظيم (،الكهف .)71،وكيف َّ إن كان شكله شرّاً فجوهره خيراً ،ويظهر األمر جلياً في اآلية الكريمة :أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردْتُ ْ أن أعيبها (الخضر) ،و كان ورائهم ملك يأخذ َّ كل سفينة غصباً ..صدق اهلل العظيم (،الكهف.)79، وقبل ْ أن يطرُق السمع ذاك السؤال أتى هنا الجواب ،لكي يعرف األمر ويكبر قدَرهُ .فانطلق الخضر ثانية بصحبة النبي موسى عليه السالم ،لقول اهلل َّ جل وعال : فانطلقا حتى إذا لقيا غالما فقتله(الخضر) ،قال (موسى) أقتلتَ نفسا زكية بغير نفس ،لقد جئتَ شيئا نكراً.. صدق اهلل العظيم( ،الكهف .)73،وليرفعَ الحجاب لبيان الحكمة عن ذلك القدَر ،جاءت هذه اآلية من آيات اهلل :أمّا الغالم فكان أبواهُ مؤمنين فخشينا ْ أن يرْهقهما طغياناً وكفراً ..صدق اهلل العظيم( ،الكهف .)70،وهو (الخضر) الذي أطلعه اهلل تعالى على الغيب .وكم من آيات ليدرْك اإلنسان الغاية من قدَر اهلل .في ثالثة حادثة ،إلدراك الحكمة والعبرة ،لكل حادث حديث ،بين العبد الصالح ونبي اهلل موسى عليه السالم فانطالقا بعد المرَّتين األوليين ،و هي األخيرة ،لقول الحق سبحانه :فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها أن يضيفوهما ،فوجدا فيها جداراً يريد ْ فأبوا ْ أن ينقضَّ ً فأقامه ،قال(موسى) لو شئتَ التخذتَ عليه أجرا ..صدق اهلل العظيم( ،س .الكهف ،اآلية .)77بل كان األمرُ من أجل يتيمين ،و ليستوقف القارئ قيمة اإليمان باهلل ،جزا ًءا ألبويهما الصالحين المؤمنين ،الذيْن تركا لهما كنز تحت جدار ،فأراد ربهما ْ أن يستخرجاه منحة منه َّ جل في عاله .وقد أخذ العبد الصالح (الخضر) باألسباب ،عند قوله تعالى :فأما الجدار فكان لغالمين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما ،و كان أبوهما صالحا فأراد ربُّك ْ أن يبلغا أشدَّهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربّك ،وما فعلته عن أمري ،ذلك ما لم تسطع عليه صبراً ..صدق اهلل العظيم ( ،سورة الكهف ،اآلية .)82والكنز ،واهلل أعلم ،قيل عنه ،فيه علم أو صحف علم أو لوح من ذهب كتبتْ فيه البسملة .وقد رُفع الحجاب لبيان الحكمة من ذلك .اهلل َّ جل شأنه يداوي عباده بأدوية المحنة واالبتالء .والقدَرُ هنا في ثالثية األحداث في سورة الكهف ،إيقاظا للغافلين ،ومن هنا جاءت جائحة وباء «فيروس كورونا» كرسالة للعالم أجمع لالنتقال إلى حضارة المستقبل بتربية الروح لشفائها من الذغائن واألحقاد ،وبما تحمد عواقبه ..إذ بها عبر ودروس آليات تبحث عن الضوْء ،في عالم ظلمات الحروب والطغيان .. وقد نعجبُ لمن يتيقن من الموت وكيف يفرح ،ولمن يعرف مصائب الدنيا ويطمئن إليها ،وذلك هو اإليمان باهلل تعالى ..لقوله َّ جل وعال :وكان اهلل على ّ كل شيء مقتدراً ..صدق اهلل العظيم ،سورة الكهف ،اآلية .. )45
حل السودوكو لجميع إعالناتكم اإلشهارية واإلدارية يف جريدة
االتصال على الرقم : 0539943008
15
رقم 502
معنى كلمة سودوكو
كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية ()Nikagiru Sujiwa Dokushin وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة .وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة .Nikol
كيف تلعبها ؟
اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة ،وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل منطقة مكونة من تسع خانات ،وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من 1إلى ،9حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه أو السطر أو القطر ،وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات.
مفيدة لكن معقدة
اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق ،ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد ،حسب الفئة المستهدفة.
سرعة المالحظة
بين الصورة واألصل 7اختالفات ،حاول أن تهتدي إليها.
الثالثـاء � 21إلى � 27أبريل 2020
العدد 1042
ار مفتوح حو مع
األخيرة
الدكتورة عتيقة مكايسي
• ماهي قراءتك النتشار وبـاء كورونــا الذي هــز العالم ،؟
تابعت طبعا باهتمام كبير تسلسل األحداث التي صاحبت ظهور هذا الفيروس الذي اجتاح العالم بأسره مخترقا الحدود الجوية والبحرية والبرية ،بدون تمييز ال بين دولة عظمى وال دولة نامية وال بين غني وفقير وال بين متدين والديني .ومما الشك فيه أننا نعيش لحظة تاريخية يختزل فيها العالم في كتلة واحدة داخل دائرة مغلقة .هذه الجائحة لم يشاهد جيلنا مثيال لها إال في االفالم واذكر على سبيل المثال فيلم contagionاو العدوى» وكذلك فيلم» انا اسطورة I’m. »legendولم يقرأ عنها إال في الروايات .واذكر كذلك اشهر الروايات في هذا المجال»الحب في زمن الكوليرا لغارسبا ماركيز»» والعمى لساراماغو» و»الطاعون طبعا اللبير كامو « .ولم يسمع عنها إال في حكايات جداتنا والتي كنا نسمعها عن عام بوكليب اي الكوليرا والذي نقله الحجاج في أواسط القرن 19من مكة إلى المغرب ،وكذلك عام الجوع او عام البون ،او باالمازيغية «اسكاس نبوهيوف» ،والذي اجتاحت فيه المجاعة المغرب سنة .1945وقد كتب المؤرخون عن مختلف األزمات الوبائية التي تعرض لها المغرب على مر التاريخ. كما انه من الصعب التنبؤ بما سيصير عليه عالم ما بعد كورونا حيث علينا االنتظار والترقب حتى تتضح آثار هذه الجائحة .لكن رغم انني لست مختصة في مجال االقتصاد ،فانه من الواضح جدا ان االقتصاد العالمي قد تأثر بشكل كبير حيث تراجعت السياحة بنسبة 100%وارتفع معدل البطالة وافلست العديد من الشركات .كما ان اهتمام كل دول العالم وبدون استثناء متجه في هذه المرحلة نحو تغطية التكاليف العالجية المكلفة لهذا الوباء من استيراد للكمامات والمعدات الطبية واجهزة التنفس االصطناعي او تصنيعها ،باالضافة الى تقديم المساعدات للعمال الذين توقفوا عن العمل تطبيقا للحجر الصحي .طبعا باإلضافة إلى الخسائر في األرواح التي تتزايد يوما بعد يوم .وربما هذه المرة هي األولى التي يكون فيها العالم موحدا حول فكرة وتدابير معينة. وقد تعددت القراءات والتاويالت حول ظهور هذا المرض ومن الصعب تبني هذا الطرح او ذاك لقلة المعطيات ،والوقت وحده كفيل بإظهار الحقيقة. في نظري كان والبد للعالم ان يقف هذه الوقفة التي أعتبرها لحظة تأمل وإعادة حسابات ،سواء على المستوى الدولي او الوطني او حتى الفردي ،بعد ان ابتلعتنا الرأسمالية المتوحشة ،وسفكت الدماء وسادت الفوضى وصار يحكمنا قانون الغاب حيث البقاء لالقوى. وقد أشار «كيسنجر» إلى أن قادة العالم يتعاطون مع األزمة الناجمة عن الوباء على اساس وطني بحث ،إال أن تداعيات التفكك االجتماعي المترتب على نفس الفيروس التعترف بالحدود.
في زمن «كورونا»
الصحية المغربية وكذلك قطاع التعليم ،واتمنى ان تهتم الدولة في المستقبل بهذين القطاعين وكذلك قطاع البحث العلمي وان تخصص ميزانية مهمة لهذه القطاعات ألنها هي التي ستقود قطار التنمية إلى االمام ،كما أن السلطات صارت تتفقد العديد من األحياء الراقية منها والهشة الشيء الذي أسقط الضوء على فئات الشعب المغربي التي تعاني الفقر والتهميش .وكل هذه االمور يجب أن تؤخذ بعين االعتبار أثناء بلورة النموذج التنموي الجديد. على المستوى العربي اتمنى ان تهتم الدول العربية بالبحث العلمي بدل انفاق ماليير الدوالرات في التسلح ،وعليها ان تحاول التفكير في تكتالت تعود بالنفع عليها بدل التطاحن وسفك الدماء .وان تعيد هيكلة وتفعيل المؤسسات التي لم يبق منها إال االسم مثل جامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي. اما على المستوى الدولي فما علينا إال ترقب ماسيؤول اليه الصراع بين القوى االقتصادية الكبرى ،وهل سيكون لهذه الجائحة أثر في تغيير الخارطة االقتصادية للعالم ام ال.
حاورها عبداإلله المويسي
المواطنين المغاربة ،وذلك لحرصه على اتخاذ التدابير االستباقية كغلق جميع الحدود ،وفرض الحجر الصحي ونزول الجيش للشارع من اجل ضمان تطبيق الحظر او المساعدة في تقديم الخدمات الصحية ،كما اشكره كذلك على استماعه لشكاوي المواطنين المصابين بفيروس كورونا ،والتلبية الفورية لكل مطالبهم ،كما احيي روح المواطنة والمسؤولية التي ابان عنها رجال السلطة وهو يجوبون الشوارع للتأكد من تطبيق الحظر ،باستثناء بعض الحاالت الفردية المعزولة التي مارس فيها بعض رجال السلطة العنف على بعض المواطنين .كما اشكر المواطنين على التزامهم بالتعليمات وعلى الصورة التالحمية الرائعة التي جمعت المواطنين والسلطات باستثناء تجاوزات بعض المواطنين غير الناضجين الذين يستغلون هذا الظرف للترويج لبعض األكاذيب واألخبار الملفقة ،وكذلك بعض المراهقين الذين يستهزأون عبر الهاتف بمن يستقبلون مكالمات المصابين بفيروس كورونا وهذا تصرف غير مسؤول .وقد اتخذت في حقهم التدابير الالزمة. اإلجراء الذي اقترح ان تضيفه وزارة الصحة والوزارات المعنية على مجمل االجراءات المتخذة حاليا والذي اتمنى ان تأخذ به حتى لو تطلب األمر ان نتطوع ونساهم في انزاله على أرض الواقع وهو انشاء وحدات متنقلة مجهزة بكل ما يلزم إلجراء التحاليل الفورية ،لتجوب المدن واألحياء التي تعرف اكبر عدد من اإلصابات بهذا الفيروس والقيام بالتحاليل للموظفين في البنوك واإلدارات والمؤسسات ولم ال البيوت وهذا من شأنه أن يساهم في الكشف المبكر عن بؤر الفيروس في وقت قياسي مما سيساهم في التقليص من عدد الوفيات والرفع من عدد المتعافين فكلنا نالحظ أن عدد المتعافين وعدد المتوفين يسيران بشكل متوازي .وانا متأكدة ان هذا اإلجراء سيعطي أكله .ويجعل المغاربة يستعيدون حياتهم بشكل طبيعي.
• ما هي التطمينـات التي يمكن أن تقدميهــا للمغاربة بخصوص هذه الجائحة؟ ما يمكنني قوله انه ليس أمامنا إال االلتزام بالبيوت وتدابير النظافة واتباع نصائح وزارة الصحة للحد من انتشار هذا الوباء الذي ال عالج له وال تلقيح ويمكننا القول انه ولحد االن وبفضل التدابير المتخذة فالوضع اليدعو للقلق مقارنة بما هو عليه الحال في باقي دول الجوار حتى المتقدمة منها .وكلما التزم المغاربة بالحجر الصحي والتزام البيوت واتباع نصائخ وزارة الصحة كلما ارتفعت حظوظ المغرب في العودة إلى الحياة الطبيعية في اقرب وقت .ولنا في هونح كونج وسنغافورة وكوريا الجنوبية خير اسوة .حيث استطاعت ان تحد من انتسار الوباء في وقت قياسي.
• ما هو تقييمك لمستوى تجاوب المغاربة مع اإلجراءات االحترازية؟
طبعا نالحظ أن أغلب المغاربة ملتزمون بالحظر ،هناك فئة قليلة صعب عليها استيعاب الوضع وذلك راجع للوضعية الهشة التي تعيش فيها ،وهذا امر مفهوم ومشروع فهناك من يكسب قوته بشكل يومي فيصعب عليه االلتزام بالحجر الصحي ،واتمنى ان تساهم المساعدات التي ستقدمها الدولة لمن اليتوفرون على تغطية صحية في جعلهم يلتزمون بالحجر الصحي لوقاية أنفسهم وذويهم من هذا المرض، كما استغل هذه الفرصة لتثمين روح التضامن التي عبر عنها المغاربة في مساندتهم للفئات المعوزة سواء كانت مبادرات جمعوية او فردية وكذلك احيي روح التالحم بين السلطات والمواطنين وقد تابعنا على منصات التواصل االجتماعي فيديوهات بمظاهر هذا التالحم الذي تقشعر له األبدان.
• كيف تعاملت الدكتورة عتيقة مع االمر؟
بالنسبة لي فقد ارتأيت كما باقي الزمالء ان المسؤولية والواجب يحتمان علي اغالق العيادة لعدم قدرتي مهما حاولت على ضمان جو يمكنه توفير الحماية لي ولمساعدتي ولزبائني ،وهذا القرار اكدته وزارة الصحة فيما بعد تنفيدا لتعليمات المنظمة العالمية للصحة ،حيث وجهت رسالة لهيئة اطباء االسنان تطلب فيها اغالق جميع العيادات على أن تبقى واحدة فقط في كل مدينة لتوفير العالجات للحاالت المستعجلة ،حيث اننا نشتغل في الفم وبمعدات تساهم في انتشار الرذاذ بشكل يصعب التحكم فيه .مما قد يساهم في انتشار العدوى. ورغم ما سيكون لهذا اإلغالق من تبعات سلبية على المستوى المادي ،بحكم انني ليس لدي اي مورد اخر للرزق غير عملي في العيادة، اال ان المصلحة العليا للمواطن تعلو على المصلحة الفردية .وهذا ال يعتبر تملصا من المسؤولية كما قد يظن البعض بل هو عين العقل. ومع ذلك فنحن رهن اشارة مرضانا في اي استشارة او حالة مستعجلة. هذا من جهة من جهة اخرى فهذا الحجر الصحي بالنسبة لي هو بمثابة عطلة مستحقة ،فكل من يشتغل في القطاع الخاص يعرف انه من الصعب أن ينعم بإجازة مطولة ،وانا استغل هذا الوقت في قراءة العديد من الكتب والروايات التي كانت في الئحة االنتظار ،وواظبت على مشاهدة االفالم العربية والغربية ،بعيدا عن وسائل التواصل االجتماعي التي أعتبرها مضيعة للوقت ،والتي ال استمد منها إال طاقة سلبية .وال يفوتني هنا ان اذكر بما قاله نعوم تشومسكي إلحدى القنوات بان االستخدام لوسائل التواصل االجتماعي جعل من الناس كائنات معزولة بعضها عن بعض، .كما أنني استمتع كذلك بتعلم اللغاتيين ،االسبانية والتركية .واتمنى ان أتمكن من تعلم لغات أخرى في المستقبل ،كما أنني استمتع بالوقت الذي اقضيه سواء مع ابني او في المطبخ او في القيام ببعض االمور التي لطالما اجلتها .وبين هذا وذاك اترقب موعد الساعة السادسة مساء لالطالع على التطورات اليومية باالرقام ببالدنا وباقي بلدان العالم ،واقارن بين الوضع في هذا البلد وذاك. على المستوى الوطني ابانت جائحة كورونا عن هشاشة المنظومة
2/2
• ماهي االحترازات الدقيقة في نظــرك لتفــادي انتشار هذا الوباء بين االفراد؟
• في الوقت الحالي ال نملك إال االلتزام بالحجر الصحي وان يلزم كل فرد بيته وال يخرج إال للضرورة القصوى. • وكل من يخرج عليه االلتزام بارتداء الكمامة وعدم رميها أينما كان بل يجب الحرص على وضعها في كيس والتأكد من رميها في سلة النفايات ومن االحسن استعمال غطاء للراس ايضا. • عدم لمس النقود باليدين بل بمنديل ورقي إلى حين العودة إلى البيت. • غسل اليدين جيدا فور الدخول إلى البيت وتعقيم المشتريات والنقود وما ال يمكن تعقيمه يمكن تمرير منشف الشعر عليه على حرارة قصوى.
• ما هي في نظرك اإلجراءات األكثر فعالية التي ينبغي أن تتخذها الدولة؟ اوال وقبل كل شيء ،ال يسعني من خالل جريدتكم إال أن أثمن المجهودات الجبارة التي تقوم بها الحكومة تنفيذا للتعليمات الصارمة لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الذي اشكره باسمي وباسم كل
• رسالتك طبيبة للمغاربة؟
• كمواطنة وكطبيبة اطلب من كل مغربي ان يعتبر هذا الحظر فرصة للجلوس مع الذات وتقييم مساره ،ومسأءلة نفسه هل هو راض على حياته السابقة قبل كورونا ،وأن يرسم لحياته خريطة طريق تكون اول خطوة فيها التحلي بروح المواطنة والمباديء االنسانية الكونية ، وأن يتأمل ما قامت به الدولة للحفاظ على حياته وحياة عائلته وجيرانه الشيء الذي جعل المغرب يصبح حديث المنصات االعالمية العربية والدولية ويعطي درسا في التالحم وااللتزام واالنضباط ..مما جعلنا نفخر اننا مغاربة..اقول له ماذا ستقدم انت لهذا الوطن بعد هذه الجائحة ،هل ستذهب الى العمل بكسل ام بنشاط ،هل سيرمي االزبال في الشارع ام سيبحث عن صندوق قمامة ،هل سيدرس بجد للوصول الى اسمى المناصب اللمساهمة في تقدم هذا البلد ،ام ان حلم الهجرة الزال يراوده ،هل سيساهم في مكافحة الفساد والرشوة ام سيزيد في انتشارها، • يجب أن تكون هذه الجائحة مناسبة الستعادة الدفء العائلي واالبتعاد قدر المستطاع عن وسائل التواصل االجتماعي التي استعبدتنا بشكل مرضي ،وان نعرف حجمنا الحقيقي واالبتعاد عن الغرور واحتقار الغير وان نناضل من اجل تحقيق الحرية والعدالة االجتماعية ليرسو بنا المركب في بر األمان.
(انتهى)