Achamal n° 1042 le 21 Avril 2020

Page 1

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات‬

‫المستشفيات‬ ‫في التاريخ اإلسالمي‬

‫ص‪5‬‬

‫ـ رئي�س التحرير‪ :‬عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪ 05.39.94.57.09 :‬ـ العدد ‪ 1042‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثــاء ‪� 27‬شعـبـان ‪� 21 / 1441‬إلى ‪� 27‬أبـريــل ‪2020‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫“الشمال” تنشر في حلقات‬ ‫كتاباً حول الجوائح الطبيعية‬ ‫الباحثة‬ ‫في العصر الوسيط‬ ‫رشيدة الشانك‬ ‫(‪)3/2‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ص‪8‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫«كورونا»‬ ‫و�صحتنا النف�سية‬ ‫«كورونـا» و ‪ 18‬أبريل اليوم‬ ‫العالمي للمآثر والمواقع التاريخية ‪:‬‬

‫«راحة ا�ضطرارية عاملية‬ ‫ال مثيل لها يف التاريخ‬ ‫• فاطمة بوشمال‬

‫(محافظة المدينة العتيقة‬ ‫لشفشاون وقصبتها األثرية)‬ ‫ص ‪7‬‬

‫حـوار مفتـوح مـع‬

‫الدكتورة عتيقة مكاي�سي‬ ‫يف زمن «كورونا»‬ ‫الجزء الثاني واألخير‬

‫صفحة ‪16‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫الوهم ن�صف الداء‬

‫كورونا و�صحتنا النف�سية‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬

‫‪mouissijaridatchamal.2019@gmail.com‬‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬

‫• محمد إمغران‬

‫ما جاء يف باب «الكمامات»‬ ‫من قرارات وا�ستنتاجات‬ ‫تداولت منابر إعالمية‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬أن عددا من التجار‪ ،‬نعتتهم‬ ‫ب»تجارالمآسي»‪ ،‬المشتغل بعضهم في قطاع النسيج يضغطون‬ ‫بشكل كبير‪ ،‬بهدف أن تتراجع وزارة الصناعة والتجارة واالقتصاد‬ ‫األخضر والرقمي عن قراريقضي بمنع تصدير الكمامات إلى‬ ‫الخارج‪ ،‬مشيرة إلى أن هـــذه الضغــوط التي يمارسهـــا عدد‬ ‫من أرباب مصانع النسيج‪ ،‬يسعون من خاللها إلى الحصول‬ ‫على موافقة الوزارة الوصيـــة‪ ،‬قصد التصدير إلى الخارج‪ ،‬في‬ ‫هذا الظرف الذي يشهد إقباال كبيراعلى الكمامات‪ ،‬بسبب‬ ‫فيروس»كورونا» المستجد‪.‬‬ ‫وحددت الوزارة قائمة السلع التي تستوجب الحصول على‬ ‫تراخيص خاصة‪ ،‬قبل استيرادها أو تصديرها في وقت منعت فيه‬ ‫استيراد األقنعة الجراحية في الفترة الحالية‪ .‬ودخل هذا القرارحيز‬ ‫التنفيذ‪ ،‬ابتداء من نشره في الجريدة الرسمية في الثاني من‬ ‫شهر مارس الماضي‪.‬‬ ‫وكان قرار لوزيرالتجارة والصناعة واالقتصاد الرقمي قد‬ ‫حدد قائمة السلع‪ ،‬بما فيها الكمامات الطبية‪ ،‬التي تتخذ في‬ ‫شأنها تدابير تهدف إلى وضع قيود كمية على تصديرها وبعد‬ ‫استطالع رأي وزير الصحة‪ ،‬معتبرا أنه «يتمم القائمة الخاصة‬ ‫بالسلع الخاضعة للترخيص بالتصدير والملحقة بقرار باألقنعة‬ ‫الجراحية»‪.‬‬

‫يقول بن سينا «الوهم نصف الداء»‪.‬‬ ‫أكيد أن االلتزام بالحجر الصحي أدخل الناس في نوع من‬ ‫العزلة االجتماعية واالنقطاع عن التواصل الحيــــوي اإلنساني‪،‬‬ ‫وأكيد أن هذا االلتزام المفاجئ هو خروج عن العديد من العادات‬ ‫االجتماعية التي عادة ما كان كثير من الناس يلتجئـــون إليها‬ ‫للتخفيف من الضغط النفسي الناتــج عن ظروف العمل والحياة‬ ‫القاهرة التي تلم بهم‪.‬‬ ‫إن التواجــد في مساحــة جغرافيــة محــدودة‪ ،‬وفي عالقات‬ ‫إنسانية مقننة جدا يفرض نوعا من االنكفاء عن النفس والتي‬ ‫غالبا ما تتصاحب مع الشعور بالتوتر والضيق التي قد تصل إلى‬ ‫حالة الشعور باالكتئاب‪.‬‬ ‫ما يهمنا في هذا السياق هو أن األمر طبيعي جدا بالنظر إلى‬ ‫العزلة النفسية التي اقتضتها ظروف انتشار وباء كورونا‪ ،‬وطبيعي‬ ‫جدا‪ ،‬وال يدعو ألية مخاوف‪ ،‬بالنظر إلى تقلص فرص الترويح عن‬ ‫النفس‪.‬‬ ‫كل األطباء النفسييـــن أكدوا على أن األمر متعلق بمغادرة‬ ‫عادات سابقة‪ ،‬واكتساب عادات جديدة‪ ،‬ومتعلق بأجواء مشحونة‬ ‫اقتضتها هيمنة األجواء الكئيبة العامة المتعلقة بحاالت المرض‪.‬‬ ‫جانب آخر من أجواء الحالة النفسية التي تعصف بالناس‪ ،‬في‬ ‫مثل هذا الظروف‪ ،‬هو تناسل األخبار ذات الطبيعة السلبية المتلقة‬ ‫بوباء كورونا‪ .‬فاألكيد أن مختلف الشرائح المجتمعية شعرت من‬ ‫قريب أو بعيد أنها مهددة بالتقاط هذا الوباء‪ ،‬وهو ما رفع من‬ ‫مستويات الخوف لديهم أججت من حدتها توارد األخبار المغلوطة‬ ‫أحيانا عن حقيقة الوباء‪ .‬وهكذا بات الناس يعيشون في حالة هلع‬ ‫شديدة انعكست على أمزجتهم ونفسياتهم وأدخلتهم في جو من‬ ‫االضطراب النفسي‪ .‬كثيرة هي الحاالت التي أصيبت بالهستيريا‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫سكرتارية التحرير ‪:‬‬

‫محمد �إمغران‬ ‫محمد وطـا�ش‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬

‫ظنا منها أنها مصابة بكورونا لمجرد أنها توهمت‪ ،‬تحت تأثير‬ ‫األخبار المشحونة‪ ،‬بذلك‪.‬‬ ‫الخبراء النفسيين الذين يواكبــون الحالـة الصحية لعموم‬ ‫الناس ينصحون بعدم متابعة مثل هذه األخبار المشوشة التي‬ ‫تخلق حالة الهلع لدى الناس‪ ،‬وينصحون بالبحث عن األجواء التي‬ ‫تبعث على األمل‪.‬‬ ‫أكيد أنها جهات متعددة كانت وراء خلق هذا الجو المشحون‬ ‫لدى عامـة النـاس‪ ،‬منها بعـض التفسيـرات العلمية السطحية‬ ‫التي ربطت انتشار الوباء بأمور ال تمت بالعلم بأية صلة متعلقة‬ ‫بالتغذية أو نظام العيش‪ ،‬مما جعل الناس يعيشون في حيرة من‬ ‫النظام الواجب اتباعه‪ ،‬والتجائهم إلى خيارات غذائية كانت لها‬ ‫اآلثار السلبية أحيانا على صحتهم‪.‬‬ ‫جهــات أخــرى مغرضة التجـــأت إلى نشر فيديوهــات وصور‬ ‫ومحاضرات وخطب دينيـة وحوارات مع علمــاء‪ ،‬أغلبهــا ثبت أن‬ ‫تواريخ صدورها يعود إلى ماض ال عالقة له بوباء كورونا‪ ،‬أثرت في‬ ‫الحالة النفسية لعموم الناس وهددت حالتهم الصحية‪.‬‬ ‫السلطات المعنية قامـت بدورها‪ ،‬وتتبعـت كل الذين يقفون‬ ‫وراء انتشار مثـل هـذه المغالطـات التي أقلقت الناس وهددتهم‬ ‫وهم داخل حجرهم الصحي‪.‬‬ ‫كثير من الحاالت هي اآلن في حالة متابعة قضائية جراء ما‬ ‫سببوه من حالة عدم االستقرار لدى المواطنين‪.‬‬ ‫ابن سينا قال أن «الوهم نصف الداء» في إشارة واضحة إلى‬ ‫أن الهشاشة النفسية قد توقع الناس في المرض‪.‬‬ ‫ولذلك فعلى الناس أن تتجنب كل ما من شأنه أن يزيد حدة‬ ‫اضطراب حالتهم النفسية من أخبار سلبية‪ ،‬وأجواء مشحونة‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هـدى املجـاطـي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬

‫«جريـدة ال�شمـال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز‬ ‫ـ طنجــة ـ‬

‫وأفاد مصدرنا أن قرار منع تصدي «الكمامات» ال رجعة‬ ‫فيه‪ ،‬موضحا أن «الضغوط التي يحاول بعض «تجار المآسي»‬ ‫ممارستها تتنافى مع روح التضامن في هذه الظرفية»‪ .‬والحق‬ ‫أقول أن هؤالء الضاغطين اليستحقون جرعة ماء‪ ،‬تحت لفحات‬ ‫شمس ساطعة‪ ،‬في يوم متعب وطويل‪ ،‬ألن الرحمة ال أصل‬ ‫لها في قلوبهم وما أكثرأمثالهم الذين يتاجرون في احتياجات‬ ‫الناس الملحة وآالمهم ومعاناتهم المرهقة‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي أكد فيه مصدر الجريدة أن الضغط على‬ ‫السلطات في هذا التوقيت‪ ،‬لتحقيق مكاسب شخصية‪ ،‬يعد نقصا‬ ‫في الوطنية‪ ،‬بل وانعداما للشهامة والمروءة‪ ،‬أعلن المقرب من‬ ‫الوزير حفيظ العلمي «أنه قرر مواجهة أي ضغط ومحاربته‪،‬‬ ‫بشكل واضح وعلني»‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬أكد المصدر ذاته‪ ،‬أن قرار منع تصدير‬ ‫الكمامات للخارج وضع استثناء واحدا للتصدير إلى هذا الخارج‬ ‫والذي ال يمكن أن يتجاوز ‪ 50‬في المائة من إنتاج أي مصنع‪،‬‬ ‫رابطا ذلك بضرورة أن تكون الوحدة الصناعية قد استوردت‬ ‫ثوب التصنيع من الخارج‪ ،‬نظرا لجودته‪ ،‬وذلك في إطار االستيراد‬ ‫المؤقت؛ وهو األمر الذي تم اشتراطه على شركة إيطالية أرادت‬ ‫التصدير‪.‬‬ ‫كما أكد مصدر الجريدة أنه بالنسبة إلى المصانع التي‬ ‫تستعمل الثوب المحلي المغربي‪ ،‬فإنه ليس هناك مجال‬ ‫للتصدير حاليا‪ ،‬مشددا على أن هذه المصانع مطالبة بتخصيص‬ ‫إنتاجها كامال للسوق المغربية‪ ،‬وأن إخراجها خارج المغرب أمر‬ ‫مرفوض وغير مرخص له‪ ،‬إذ ربما يفهم من هذا أن «زبلنا يبقى‬ ‫عندنا» لكي نقضي به ما تيسرفي ظل الحاجة الملحة والحافظ‬ ‫هو اهلل عز وجل وال داعي لتصدير»شوهتنا» !‬ ‫وآخرا‪ ،‬ولإلشارة‪ ،‬فإن عشرة مصانع في المغرب هي التي‬ ‫تصنع الكمامات في المغرب‪ ،‬حيث بلغ اإلنتاج اإلجمالي‪ ،‬خالل‬ ‫منتصف األسبوع الماضي‪ ،‬ما مجموعـــه ‪ 5.7‬ماليين كمامـــة‪،‬‬ ‫يوميا‪ ،‬وألزمت الوزارة الوصية بضرورة تسويقها في السوق‬ ‫الداخلية فقط‪.‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬

‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬

‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪1042‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫دردشة‬ ‫ال أعتقد أن هناك حديثاً يعلو على حديث هذه الجائحة التي اجتاحت العالمَ من‬ ‫أقصاه إلى أقصاه‪.‬‬ ‫وال أعتقد أنها ستمرُّ‪ ،‬دون أن تترك آثاراً ترسبت في نفوسنا‪ ،‬وعل َقتْ بأذهاننا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ولربما سيأتي وقتٌ تصبح فيه ً‬ ‫وحكاية تحكى‪ ،‬سيأخذ منها الرُّواة‬ ‫رواية تروَى‪،‬‬ ‫والمت َل ّقون‪ ،‬العبرَ والدروس‪.‬‬ ‫من هذه العبر‪ ،‬أن العالم وقف مكتوف األيدي في وجه هذا الفيروس‪ ،‬وأقصى‬ ‫ُ‬ ‫إعالن حالة الطوارئ‪ ،‬واللجو ُء لتدابير الحجر الصحي‪ ،‬للتقليص من األضرار‪،‬‬ ‫ما فعله‪،‬‬ ‫اإلصابات‪.‬‬ ‫من‬ ‫والتقليل‬ ‫ِ‬ ‫وهذه اإلجــراءات‪ ،‬أصابت الدول والشعـوب على الســواء‪ ،‬بما يشبـــه الشلل‪.‬‬ ‫والقطاعات التي أصابها الشلل‪ :‬قطاع الصناعة‪ ،‬وقطاع السياحة‪ ،‬وقطاع التجارة‪.‬‬ ‫وسيتوقف ُ‬ ‫الحاكون ‪ -‬وال شكَّ ‪ -‬عند اإلجراء الذي مس المقدسات الدينية‪ ،‬بدءاً‬ ‫بإغالق الحرمين الشريفين‪ ،‬وانتها ًء بإغالق بيوت اهلل‪.‬‬ ‫صحيحٌ أن األذان لم يتوقف‪ ،‬والمؤ ّذنين لم يأخذوا العطلة‪ ،‬التي أخذها القيمون‬ ‫ظلت َّ‬ ‫الدينيون‪ ،‬لكنَّ تلبيته َّ‬ ‫معلقة‪ ،‬إلى أن يقضي اهلل أمراً كان مفعوال‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صفحة جديدة‪،‬‬ ‫ومن هذه العبر‪ ،‬أن عدداً من الناس رجعوا إلى اهلل‪ ،‬وفتحوا معه‬ ‫وواظبوا على الوقوف بين يديه خمس مرات في اليوم والليلة‪ .‬وأخذوا يرتلون القرآن‬ ‫ال‪ ،‬ويذكرون اهلل ويستغفرونه بكرة وأصي ً‬ ‫ترتي ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫ومن هذه العبر‪ ،‬أن ُ‬ ‫األسر‪ ،‬عاد إليها دفءها‪ ،‬وتكت ُلها واجتماعها‪ .‬وجاءت الدراسة‬ ‫عن بعد‪ ،‬لتش ِرك أرباب البيوت ورباتها في المعمعة‪.‬‬ ‫ومن هذه العبر‪ ،‬أن المواطنين في وطننا الحبيب‪ ،‬تجندوا لمحاربة هذا العدو‬ ‫الخفي‪ ،‬وأبانوا عن وطنيتهم‪ ،‬وساهموا في صندوق الدعم الذي رصده ملكنا الهمام‪،‬‬ ‫لردع هذا الوباء‪ ،‬والعناية بالمرضى والمصابين‪ ،‬وتقديم المساعدة للمتضررين من‬ ‫إجراءات الحجر الصحي‪.‬‬

‫قيامة «كورونا» لم تقم‪...‬‬ ‫‪ -‬عبد الحي مفتاح‬

‫شهر مضى على بداية الحجر الصحي‪ .‬الزمن ينفلت من بين‬ ‫أصابعنا ولو ببطء‪ .‬كلنا كان يتشهى أن يرى في هذا الشهر بصيص‬ ‫األمل ونحن نعبر النفق الذي دخلناه كما معظم بلدان العالم‪.‬‬ ‫قبل اإلعالن عن اإلصابة األولى بقليل وبعـد اإلعـــالن عنها مباشرة‬ ‫سارت الحمى في الشارع المغربي كما الغليان‪ .‬كانت الحالة تشبه القيامة‬ ‫التي ستقوم رغم التطمينات الرسمية بالتزام الهدوء والحكمة‪ ،‬كان‬ ‫الناس مهيئين نفسيا لشيء قادم‪ .‬وال شك أن انتشار وسائل التواصل‬ ‫وتوسعها كان وراء ذلك‪ .‬فأخبار كورونا سادت على جميع األخبار منذ‬ ‫مدة وأينما وليت وجهك تجد الحديث عن الفيروس التاجي وغرابته‬ ‫واجتياحاته وخسائره‪ .‬حتى إن الكثير من قادة الدول المسماة بالعظمى‬ ‫وصفت مواجهة الوباء الذي نتج عن الفيروس التاجي بالحرب‪ .‬وفعال لقد‬ ‫استعملت في هذه الحرب الوسائل البرية والبحرية والجوية‪ ...‬في سباق‬ ‫ضد الساعة مع الفيروس المستجد والموت‪...‬‬ ‫نعم القيامة كادت أن تقوم‪ ،‬ولو أن البعض ممن حباه اهلل‬ ‫بالطمأنينة والقناعة كان يجد ذلك غريبا‪ ،‬فاألسواق الكبرى والصغرى‬ ‫امتألت عن آخرها‪ ،‬الصيدليات أفرغ مخزونها من الكمامات والكحول‬ ‫ومواد التعقيم في ظرف وجيز‪ .‬حتى أنك كنت ترى من يحمل الكمامة‬ ‫هنا وهناك إظهارا لسرعة االستعداد وربما‪ ‬نكاية في اآلخرين قبل حتى‬ ‫أن يعطى أمر الحجر الصحي‪.‬وسائل التواصل االجتماعي خيمت عليها‬ ‫أجواء القيامة بفنونها المختلفة‪...‬‬ ‫عند اإلعالن عن حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬خرجت جماعات بعدة مدن‬ ‫رئيسية ليال وكأن القيامة ستقوم‪ ،‬وتعالت أصوات من فوق السطوح‬ ‫بخطب وكأن الفناء موشك‪...‬‬ ‫عند اإلعالن عن ضرورة الحصول على رخصة تسمح بالخروج من‬ ‫المنزل كادت أن تقوم القيامة‪ ،‬ربضت تجمعات هنا وهناك بحثا عن‬

‫‪3‬‬

‫الرخصة‪...‬وكثر الهرج والمرج‪...‬خفتت األجواء شيئا فشيئا ولم تقم‬ ‫القيامة‪...‬‬ ‫عند اإلعالن عن تقديم الدعم والمساعدات كادت القيامة أن تقوم‪،‬‬ ‫وكان ضروريا شرح األمور وإعادة شرحها حتى ال تقوم القيامة‪...‬ثم علت‬ ‫البسائر محيا البسطاء‪...‬‬ ‫بعد اإلعالن عن إلزامية حمل الكمامات خارج المنزل كادت أن تقوم‬ ‫القيامة‪ ،‬وكان على من سعى مشكورا لتوفير الكمامات بالعدد الكافي‬ ‫في بالدنا أن يطمئن الجمهور باستمرار أن التموين سيكون كافيا حتى‬ ‫ال تقوم القيامة‪...‬لم تقم القيامة والوجوه زينها التلثم بالكمامات‪...‬‬ ‫رأينا صور خروج متعافين من مصحات أو مستشفيات في أجواء‬ ‫االزدحام كما رأينا أسواقا وشوارع تعيش نفس االزدحام وكأن القيامة‬ ‫لن تقم‪ ...‬أو ستقوم‪...‬؟!‪ ...‬فهنيئا لكل المتعافين ونسأل اهلل الشفاء‬ ‫للمصابينوالعافيةللجميع‪...‬‬ ‫شهر مــن األحداث‪ ‬والصور المؤلمــة والمفرحة‪ ‬والتحذيـــرات‬ ‫والدعاء واألخبار الزائفة والمبادرات اإلنسانية الشافية‪...‬‬ ‫لم تقوم القيامة بعد‪ ...‬شهر عشناه مختلفا وبدأنا نبرد شيئا فشيئا‬ ‫وكأننا مع القلق الذي نعيشه تيقننا أن القيامة لن تقوم‪...‬‬ ‫شهر تعلمنا منه الصبر وإن كان البعض منا خارج السياق‪ ،‬وأن‬ ‫علينا أن نحافظ على المخزون الذي في جعبتنا ألننا لم نقطع الوادي‬ ‫ونشفو رجلنا‪..‬ربما القيامة لم تقم بعد‪ ...‬ولن تقوم‪...‬إال في مخيلتنا‬ ‫الخائفة؟!‪ .‬فعلينا بمزيد من الحذر والحكمة حتى ال نسقط في الفخ‪.‬‬ ‫وعلينا االلتزام بالحجر الصحي فهو أنجع دواء لقيامة كورونا التي أفزعتنا‬ ‫وهزتنا وأربكتنا‪ ...‬حفظ اهلل بلدنا‪ ‬الذي نكن له كل الحب والعرفان‪...‬‬ ‫ورمضان مبارك كريم‪...‬‬

‫اشتدي أزمة‬ ‫تنفرجي‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫‪ /1‬ال يجد العبد بابا لكشف غمته وانفراج أزمته سوى باب رب‬ ‫العالمين ؛ باب الرحمة الواسعة ‪.‬‬ ‫قال تعالى ‪..« :‬قال عذابي أصيب به من أشاء ‪ ،‬ورحمتي وسعت كل‬ ‫شيء ‪ ،‬فسأكتبها للذين يتقون‪ ( »..‬األعراف ‪) 156 /‬‬ ‫وقال جل جالله ‪ ..« :‬ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما ‪ ،‬فاغفر للذين‬ ‫تابوا واتبعوا سبيلك ‪ ،‬وقهم عذاب الجحيم‪( »..‬غافر ‪)7 /‬‬ ‫ففي اآلية األولي ثالث دالالت مؤكدة ‪:‬‬ ‫• المشيئة الربانية ‪« :‬عذابي أصيب به من أشاء‪»..‬‬ ‫• الرحمة الواسعــة ‪ « :‬رحمتي تعم جميع خلقي‪»..‬‬ ‫• الرحمة الخاصة في اآلخرة ؛ بالذين يتقون الكفر والمعاصي‪..‬‬ ‫وفي اآلية الثانية وصف ودرس‪:‬‬ ‫• وصف للرحمة والعلم الربانيين بالوسع‪..‬‬ ‫• درس لعباد اهلل ؛ يؤدبهم بآداب الدعاء الستمطار األفضال والنعم‬ ‫والصفح‪..‬‬ ‫‪ « /2‬اشتدي أزمة تنفرجي‪»..‬‬ ‫المنظومات التربوية الصوفية حافلة بمعاني استمداد اللطف وطلب‬ ‫الرجاء ؛ ولعل منفرجة العارف باهلل أبي الفضل يوسف بن محمد بن‬ ‫يوسف المعروف بابن النحوي ( ت‪ 513‬ه ) من عناوين بالغة خير متوارثة‬ ‫منذ ما يناهزعشرة قرون ‪ ،‬وهذا يسمها بقوة تداولية عظمى‪..‬‬ ‫كان ابن النحوي عالما عامال‪..‬ومما يحكى عنه ‪ ،‬أنه لما عزم على‬ ‫الذهاب للحجاز‪ ،‬شكا أهله ضياع حالهم في غيبته ‪ ،‬فكتب لهم في رقعة‪،‬‬ ‫وأوصاهم أن يتحفظوا عليها‪ ..‬فكان لهم شخص في غيبته يأتيهم‬ ‫بمتطلباتهم اليومية ‪ ،‬ولما رجع الشخص ‪،‬فتشوا عن الرقعة ‪ ،‬فوجدوا‬ ‫مكتوب ابن النحوي ‪:‬‬ ‫إن الذي وجهت وجهي لـه هو الذي خلفت في أهلـــي‬ ‫فإنه أرفق منـي بهـــــــم وفضله أوسـع من فضلــي‬ ‫ومما يحكي عنه‪ ،‬أن طالب علم قصده ‪ ،‬فبادره بالسالم ‪ ،‬وأراق‬ ‫الحبر على ثوبه ‪ ،‬فخجل الطالب ‪ ،‬فقال له أبو الفضل ‪ :‬كنت مفكرا في‬ ‫أي لون أصبغ به هذا الثوب ؟ فاآلن أصبغه حبريا منفرجة تتضمن مزايا‪،‬‬ ‫فهي ‪:‬‬ ‫مشتملة على اسم اهلل األعظم‪.‬‬ ‫كل من دعا بها استجيب له‪.‬‬ ‫من قرأها على طهارة وحضور قلب ‪ ،‬وسأل اهلل حاجته قضيت‪.‬‬ ‫نظمت في بحر الخبب‪ .‬وشرحت شروحا عديدة خالل عصور؛‬ ‫وتمت معارضتها وتخميسها‪ ..‬مما أكد مركزيتها في الوجدان التربوي‬ ‫والعلمي‪..‬‬ ‫‪ / 3‬براعة استهالل‪..‬‬ ‫اشتدي أزمة تنفرجـــي قد آذن ليلـك بالبلـــج‬ ‫الالفت في براعة هذا االستهالل ‪:‬‬ ‫• مخاطبة ابن النحوي األزمة خطابا موجها لعاقل بصيغة أمرية ؛‬ ‫ليس طلبا الشتداد ؛ بل طلبا النفراج‪..‬‬ ‫• تشبيه الليل بالشدة ؛ لكونه جامع كرب وقلق ؛ وفي منطق وتعليل‬ ‫البالغة المعيارية األثيرة عند علماء البيان ومتذوقي الكالم ‪ ،‬فإطالق اسم‬ ‫المشبه به على المشبه استعارة تصريحية ‪..‬‬ ‫• ذكر البلج ـ وهو وضوح الصبح ـ ترشيح ‪ ،‬باق على أصله أو مستعار‬ ‫للفرج بجامع البلج؛ بمعنى أن ضوء الصبح مذهب للظلمة ‪ ،‬والفرج‬ ‫مذهب للحزن ‪:‬‬ ‫إذا اشتــدت بك العسرى ففكر في ألــم نشـــرح‬ ‫فعســر بيــن يسريـــن إذا فـكــرتـــــه فافــرح‬ ‫• بين االشتداد واالنفراج وبين الليل والبلج طباق‬ ‫• إسناد اإليذان إلى الليل مجاز عقلي‬ ‫• تلميح بمعان قرآنية وحديثية شريفة على وجه االقتباس وقصص‬ ‫أنبياء ‪:‬‬ ‫ـ فسيدنا يونس عليه السالم امتحن في بطن الحوت بقاع البحر‪..‬‬ ‫ـ وسيدنا موسى عليه السالم وبنو إسرائيل فلق لهم رب العزة البحر‬ ‫وأنجاهم من فرعون‪..‬‬ ‫ـ وسيدنا إبراهيم ألقي في النار ولم تحرق منه سوى قيده‪..‬‬ ‫توقع صنع ربك ســوف يأتي بما تهواه من فرج قريـــــــــب‬ ‫وال تيأس إذا ما نــاب خطب فكم في الغيب من عجب عجيب‬ ‫• حمل النفس على الصبر في هذا االستهالل تصريح بمقام الصبر ؛‬ ‫وهو أحد مقامات اليقين ‪ ،‬وهو‪ :‬ترك الشكوى من ألم البلوى‪..‬‬ ‫ـ قال المحاسبي ‪ « :‬لكل شيء جوهر ؛ وجوهر العقل الصبر‪.»..‬‬ ‫ـ قال يحي بن معاذ الرازي ‪« :‬عند نزول البالء تظهر حقائق‬ ‫الصبر‪ ،‬وعند مكاشفة المقدور تظهر حقائق الرضا»‪.‬‬ ‫كتبت هذا العمود فجرهذه الجمعة األخيرة من شعبان ‪ ،‬وفي صباحها‬ ‫ـ سبحان اهلل العظيم ـ بعث الي صديقي األعز الدكتور موالي يوسف‬ ‫البحيري ؛ المقيم في عاصمة سبعة رجال‪ ..‬بهذه األبيات المستلهمة من‬ ‫منفرجة ابن النحوي‪ ،‬وهي للفقيه ابن يجبش التازي ‪:‬‬ ‫مهما اشتدت بك نـــــــازلة فاصبر‪ ،‬فعسى التفريج يجـي‬ ‫موالك ارغب فإجــــــــــابته للمضطـريــــــــن على درج‬ ‫وألح عليـــــــــــــه بمسألة فهو الجـــواد ‪ ،‬فاسأل وهـج‬ ‫من تشف شف‪،‬من تكف كف فاللطف خفي ‪ ،‬فعساه يجـي‬ ‫اللهم يا ذا الفضل العظيم عجل لنا بالفرج العميم‪..‬‬


‫العدد ‪1042‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫‪4‬‬

‫الروح اإليجابية في زمن األوبئة‬ ‫• محمد البوشوكي (دكتور في القانون العام)‬ ‫أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ .‬جامعة محمد الخامس ـ الرباط ـ‬

‫حسب دراسات و بحوث أنجزت حول الروح اإليجابية أو الطاقة اإليجابية‪ ,‬اعتبرت هاته األخيرة كنوع من‬ ‫الطرق التي توفر التفاؤل للحياة الجيدة السعيدة‪ ،‬أو الجوانب اإليجابية للتجربة اإلنسانية التي تجعل حياة‬ ‫اإلنسان تستحق العيش‪ ،‬إذ ّ‬ ‫يركز علم النفس اإليجابي على كل من الرفاهية الفردية والمجتمعية والصحة‬ ‫النفسية‪ ،‬وقد بدأت دراسة الموضوعات المتعلقة باإلجابة عن سؤال‪ :‬ما هي الطاقة اإليجابية بمختلف‬ ‫مجاالتها‪ ،‬وذلك في عام ‪ 1998‬م‪ ،‬إذ اعتمد الباحثون في علم النفس اإليجابي في دراستهم على مقدار تكيف‬ ‫اإلنسان وسلوكياته بالتعامل مع المواقف المختلفة‪ ،‬والتي شجعت التركيز على السعادة والرفاهية واإليجابية‪،‬‬ ‫وبالتالي خلق األساس لما يعرف اآلن باسم علم النفس اإليجابي‪.‬‬ ‫فقد واجهت المجتمعات اإلنسانية ‪-‬عبر التاريخ‪ -‬بعض األوبئة التي انتشرت على نطاق واسع‪ ،‬وأصابت‬ ‫أعدادًا هائلة من البشر‪ ،‬وأودت بحياة الماليين في فترة زمنية قصيرة‪ .‬وقد ّأثرت هذه األزمات على األفراد‬ ‫الذين عاشوا هذه الخبرة االستثنائية‪ ،‬إذ غيّرت جانبًا من اتجاهاتهم القِيمية‪ ،‬وأثارت لديهم العديد من‬ ‫األسئلة الوجودية التي ال إجابات لها‪ ،‬بل وتركت في بعض الحاالت تأثيرات على التركيبة النفسية ألجيال‬ ‫كاملة‪ ،‬والتي وإن استطاعت النجاة البدنية من الوباء‪ ،‬فإنها لم تتعافَ من آثاره النفسية واالجتماعية و الحال‬ ‫هو ما نحن عيه اآلن و ما نعيشه من تبعات الوباء المسمى «كورونا»‪ ,‬إذ ينصح كل المختصين و الباحثين‬ ‫في هذا المجال بالتحلي بالروح اإليجابية و االبتعاد ما أمكن من األفكار السلبية التي ال يمكن إال أن تزيد‬ ‫الوباء وباء‪.‬‬ ‫فالمواطنون و المجتمع ككل مدعو في هاته الظروف‪ ،‬أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬إلى التحلي بالروح اإليجابية‬ ‫و عدم االنسياق وراء مجموعة من الشائعات و األخبار الزائفة التي يطلقها البعض وينجرف خلفها ماليين على‬

‫استعداد لتلقي أي شائعة لتفسير ما يحدث حولها‪ .‬وتعد هذه الفترات البيئة الخصبة لصعود نظرية المؤامرة‪،‬‬ ‫ليس فقط بين الشعوب وبعضها‪ ،‬بل أيضًا بين الدول‪ .‬ولعل االتهامات المتبادلة بين الصين والواليات‬ ‫المتحدة األمريكية دليل على ذلك‪.‬‬ ‫لقد استبشرنا خيرا بتصاعد نسبة الشعور الجماعي اإليجابي‪ ،‬عبر ذلك الحس التضامني بين أفراد‬ ‫المجتمع مما يرسخ ثقافة و مفهوم الضمير الجماعي الحي‪ ,‬الذي يتطلع إلى نكران الذات و اإلحساس باآلخر‪،‬‬ ‫وتحفيز بعضنا البعض على مواصلة المواجهة والحفاظ على التوازن وبث مشاعر األمل والتضامن‪ ،‬فتظهر‬ ‫مبادرات لمد يد العون في الظروف الصعبة ‪ ,‬مثل ما قام به بعض المهندسين المغاربة بإنجاز آليات التنفس‬ ‫االصطناعي و صناعة كمامات واقية تساعد على عدم نقل العدوى‪ ،‬و لتدعيم الموارد اللوجستيكية للصحة‬ ‫العمومية بالمغرب‪.‬‬ ‫أكيد أن العالم ما بعد الجائحة بحاجة إلى تقييم و الوقوف عند دروسها و الدول التي ستنتصر في معركة‬ ‫كورونا‪ ،‬وأدارت أزمتها بنجاح‪ ،‬وأظهرت بشكل جليّ قدرتها على محاصرة أزمة كورونا هي من سيتسنى لها‬ ‫أن تكون الفاعل األبرز في النظام الدولي المقبل‪ ,‬زيادة على أن مفهوم التضامن سوف يتغير شكله وسيتجاوز‬ ‫الحدود الجغرافية‪ ,‬إذ سيكون سببا هاما في تغيير األولويات‪ ,‬و فرض إعادة صياغة مخططات الدول و أولويات‬ ‫مستقبلها سواء في عالقاتها الدولية أو برامجها الداخلية‪.‬‬ ‫الروح اإليجابية إذن هي التخلص من األفكار السلبية خصوصا في زمن األوبئة باتخاذ القرار من الداخل‬ ‫مع القناعة التامة به و تثبيت قيم التضامن‪ ،‬فمن شأن ذلك أن يعطي العقل و الضمير الجماعيين الوقت‬ ‫الكافي إليجاد الحلول الناجعة و االطمئنان على مستقبل أفضل‪.‬‬

‫كيف ستتعامل معها الجماعات الترابية بالمملكة ؟‬

‫دورة ماي العادية أي إجراء في ظل أجواء «كورونية» ؟‬ ‫أيام قليلة تفصل الجماعات الترابية على المستوى الوطني عن انعقاد دورة ماي العادية ‪ ،‬غير أن رؤساء‬ ‫هذه الجماعات الشك أنهم حائرون‪ ،‬بل ويوجدون في موقف صعب‪ ،‬بسبب الظروف المعقدة التي يمر‬ ‫منها المغرب كغيره من الدول والمرتبطة بانتشار فيروس العصر‪.‬ذلك أن القانون التنظيمي للجماعات‬ ‫« ‪ »113.14‬واضح في هذا الصدد‪ ،‬حيث ينص على وجوب عقد ثالث دورات عادية في السنة‪ ،‬وبالتحديد‬ ‫في األسبوع األول من أشهر فبراير وماي وأكتوبر‪ ،‬إال أن اقتراب شهرماي جعل رؤساء هذه الجماعات في‬ ‫حيرة من أمرهم‪ ،‬تائهين بخصوص الكيفية التي‬ ‫سيعتمدونها‪ ،‬لعقد الجلسات‪ ،‬كما تنص على ذلك‬ ‫المادة ‪ 33‬من القانون المذكور‪.‬‬ ‫وحسب مصدرنا‪ ،‬فإن العديــد من رؤســـاء‬ ‫المجالس الجماعية وجدوا أنفسهم شبه عاجزين‬ ‫خالل الطوارئ الحالية‪ ،‬إذ لم يسطروا بعد جدول‬ ‫األعمال الخاص بدورة ماي؛ فضال عن عدم إيجاد‬ ‫الصيغة التي ستمكنهم من عقده‪ ،‬مشيرين إلى‬ ‫أنهم ينتظرون تدخال من وزارة الداخلية لمعرفة‬ ‫الطريقة التي سيتم التعامل بها لعقـــد الدورة‬ ‫المقبلة‪ ،‬رغم كونهم شرعوا في عقد اجتماعات‬ ‫مكاتبهم المسيرة عبر تقنية «الفيديو» لتهييء‬ ‫النقط الخاصة بالدورة‪ ،‬في وقــت شارفت المدة‬ ‫القانونية المطلوبة‪ ،‬لتوجيه نقط جدول األعمال‬ ‫إلى السلطات اإلقليمية على االنتهاء‪.‬‬ ‫وتنص الفقــرة الثانيــة من المـــادة ‪ 38‬من‬ ‫القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات على أنه‬ ‫«يبلغ رئيس المجلس جــدول أعمال الدورة إلى‬ ‫جماعة طنجة‬ ‫عامل العمالة أو اإلقليم‪ ،‬عشرين يوما‪ ،‬على األقل‪،‬‬ ‫قبل تاريخ انعقاد الدورة»‪.‬‬ ‫وفِي وقت يطالب منتخبون بالجماعات بضرورة عقد دورة ماي من أجل تقييم عمل المجالس في عملية‬ ‫مواجهة تداعيات فيروس «كورونا»‪ ،‬فإن بعض الرؤساء يَرَوْن أنه لم يعد مجدياعقدها على اعتبار أن‬ ‫مراسلة وزارة الداخلية السابقة الخاصة بإجراء تحويالت في الميزانيات‪ ،‬جعلت من هذه الدورات ال تحظى‬ ‫بجدوى معينة‪.‬‬

‫• محمد إمغران‬

‫ولإلشارة‪ ،‬وحسب ذات المصدر‪ ،‬فقد وجه بعض العمال على مستوى عماالت وأقاليم بالمملكة مراسالت‬ ‫اجتهدوا فيها بخصوص الدورات‪ ،‬إذ طالبوا المجالس‪ ،‬عبر مكاتبها المسيرة‪ ،‬بعقد اجتماعات لتهييء جدول‬ ‫أعمال الدورة العادية لشهر ماي‪ ،‬غير أنهم اشترطوا التقيد بشروط السالمة التي توصي بها وزارة الصحة في‬ ‫هذا الشأن من حمل إجباري للكمامات‪ ،‬مع ترك مسافات األمان بين األشخاص وغيرها‪.‬‬ ‫وحسـب مراســـالت في الموضـــوع‪ ،‬يشيــــر‬ ‫المصدر ذاتــه إلى أن بعــض العمـــال لفتوا إلى‬ ‫أنه في ما يتعلـق باجتماع المجالس المنتخبة‬ ‫في إطار جمعها العام‪ ،‬يتعين انتظار ما ستؤول‬ ‫إليه الوضعية الوبائية واإلجراءات التي سيتم‬ ‫إعالنها بخصوص انتهاء حالة الطوارئ الصحية‬ ‫في التاريخ المحدد أو تمديدهــا‪ ،‬مضيفا أنه‬ ‫رغم الوضعية الوبائيــة‪ ،‬ال يجــوز خرق القانون‪،‬‬ ‫ويتوجب عقــد الجلســـات لمساءلـــة المكاتـــب‬ ‫المسيرة عن الطريقة التي تم التعامل بها في‬ ‫هذه الجائحة‪ ،‬وكيفية دعم المجالس للسلطات‬ ‫في هذه األزمة التي تمر منها البالد‪ ،‬خصوصا‬ ‫أن رجال السلطة هم من يقومون بالدور والجهد‬ ‫الكبيرين في ساحة المعركة ضد وباء «كورونا»‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬لفت منتخبون إلى أنه يمكن‬ ‫اتباع الطريقة ذاتها التي دبّر بها مجلس النواب‬ ‫االجتماع الخاص بافتتـــاح الجلســة التشريعية‬ ‫وذلك عن طريق تقليص عدد الحضور أو االتفاق‬ ‫مع المستشارين حول إمكانية حضور عضو عن‬ ‫كل حزب‪ ،‬أو بحث سبل عقد الدورة عن بعد‪،‬‬ ‫باعتماد التطبيقات الذكية المتوفرة‪.‬وهذا كما يبدو هو الحل األمثل في ظل األجواء «الكورونية» التي البد‬ ‫من تضافر جهود جميع المستشارين لمواجهتها‪ ،‬مع استحضار روح التضامن والمواطنة واإلخاء وبالتالي‬ ‫القيام بالواجب الوطني وخدمة الصالح العام‪ ،‬دون أي تعقيدات أو مزايدات‪ ،‬عسى اهلل القدير يرفع عنا‬ ‫البالء العظيم‪.‬‬


‫العدد ‪1042‬‬

‫‪5‬‬

‫الثالثاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫المستشفيات في التاريخ اإلسالمي‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬راغب السرجاني‬ ‫عن موقع إسالم سطوري‬ ‫كما رأينا فإن إسهامات المسلمين في مجال الطب ال تُحصى‪ ..‬ولعل من ِّ‬ ‫أجَل‬ ‫هذه اإلسهامات وأعظمها غير ما سبق أن المسلمين هم أول من أسسوا المستشفيات في‬ ‫العالم‪ ،‬بل إنهم سبقوا غيرهم في ذلك األمر بأكثر من تسعة قرون!!‬ ‫سِس أول مستشفى إسالمي في عهد الخليفة األموي الوليد بن عبد الملك‪ ،‬الذي حكم‬ ‫فقد أُ ّ‬ ‫من سنة ‪86‬هـ إلى سنة ‪96‬هـ‪ ،‬وكان هذا المستشفى متخصصًا في الجذام ‪ ،‬وأنشئت بعد‬ ‫ذلك المستشفيات العديدة في العالم اإلسالمي‪ ،‬وبلغ بعضها شأوًا عظيمًا‪ ،‬حتى كانت هذه‬ ‫المستشفيات تُعدّ قالعًا للعلم والطب‪ ،‬وتُعتبر من أوائل الكليات والجامعات في العالم‪ ..‬بينما‬ ‫أُنشِئ أول مستشفى أوربي في باريس بعد ذلك بأكثر من تسعة قرون!!‬ ‫وكانت المستشفيات تُعرف بـ(البيما ِرسْتانات)‪ ،‬وكان منها الثابت ومنها المتن ّقل؛ فالثابت هو‬ ‫الذي يُنشَأ في المدن‪ ،‬وق َّلما تجد مدينة إسالمية ‪-‬ولو صغيرة‪ -‬بغير مستشفى‪ ،‬أما المستشفى‬ ‫المتنقل فهو الذي يجوب القرى البعيدة والصحارى والجبال‪!!..‬‬ ‫الجمال (وصلت في بعض‬ ‫وكانت المستشفيات المتن ّقلة تُحمَل على مجموعة كبيرة من ِ‬ ‫األحيان إلى أربعين جم ً‬ ‫ال!! وذلك في عهد السلطان محمود‬ ‫السلجوقي‪ ،‬الذي حكم من سنة ‪511‬هـ إلى سنة ‪525‬هـ)‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه القوافل مُزوَّدة باآلالت العالجية واألدوية‪ ،‬ويرافقها عدد من‬ ‫األطباء‪ ،‬وكان بمقدورها الوصول إلى كل رقعة في األمة اإلسالمية ‪.‬‬ ‫وقد وصلت المستشفيات الثابتة في المدن الكبرى إلى درجة‬ ‫جدًا في المستوى‪ ،‬وكان من أشهرها المستشفى العضُدي‬ ‫راقية ّ‬ ‫ببغداد الذي أنشئ في سنة ‪371‬هـ‪ ،‬والمستشفى النوري بدمشق‬ ‫الذي أنشئ في سنة ‪549‬هـ‪ ،‬والمستشفى المنصوري الكبير‬ ‫بالقاهرة الذي أُنشئ سنة ‪683‬هـ‪ ،‬وكان بقرطبة وحدها أكثر من‬ ‫خمسين مستشفى !!‬ ‫وكانت هذه المستشفيات العمالقة تُقسّم إلى أقسام بحسب‬ ‫التخصص؛ فهناك أقسام لألمراض الباطنة‪ ،‬وأقسام للجراحة‪،‬‬ ‫وأقسام لألمراض الجلدية‪ ،‬وأقسام ألمراض العيون‪ ،‬وأقسام‬ ‫لألمراض النفسية‪ ،‬وأقسام للعظام والكسور وغيرها‪.‬‬ ‫ولم تكن تلك المستشفيات مجرد دور عالج‪ ،‬بل كانت ك ّليات طب‬ ‫حقيقية على أرقى مستوى؛ فكان الطبيب المتخصص (األستاذ) يمرُّ‬ ‫على الحاالت في الصباح‪ ،‬ومعه األطباء الذين هم في أولى مراحلهم‬ ‫الطبية‪ ،‬فيع ّلمهم‪ ،‬ويدوّن مالحظاته‪ ،‬ويصف العالج‪ ،‬وهم يراقبون‬ ‫ويتعلمون‪ ،‬ثم ينتقل األستاذ بعد ذلك إلى قاعة كبيرة ويجلس‬ ‫حوله الطالب فيقرأ عليهم الكتب الطبية‪ ،‬ويشرح ويوضّح‪ ،‬ويجيب‬ ‫عن أسئلتهم‪ ..‬بل إنه يعقد لهم امتحانًا في نهاية كل برنامج‬ ‫مَ‬ ‫تعليمي معين ينتهون من دراسته‪ ،‬ومن َث ّ‬ ‫يعطيهم إجازة في الفرع الذي تخصصوا فيه‪.‬‬ ‫وكانت المستشفيات اإلسالمية تضم في‬ ‫داخلها مكتبات ضخمة تحوي عددًا هائ ً‬ ‫ال من‬ ‫الكتب المتخصصة في الطب والصيدلة وعلم‬ ‫التشريح ووظائف األعضاء‪ ..‬إلى جانب علوم‬ ‫الفقه المتعلقة بالطب‪ ،‬وغير ذلك من علوم‬ ‫تهمّ الطبيب‪.‬‬ ‫ومما يذكر على سبيل المثال ‪-‬لنعرف‬ ‫ضخامة هذه المكتبات‪ -‬أن مكتبة مستشفى‬ ‫ابن طولون بالقاهرة كانت تضم بين جنباتها‬ ‫أكثر من مائة ألف كتاب!!‬ ‫وكانت تزرَع ‪ -‬إلى جوار المستشفيات ‪-‬‬ ‫المزارع الضخمة التي تنمــو فيها األعشاب‬ ‫الطبية والنباتـــات العالجية؛ وذلك إلمداد‬ ‫المستشفى بما يحتاجه من األدوية‪.‬‬ ‫أما اإلجراءات التي كانــت تُتخـــذ فـــي‬ ‫المستشفيات لتجنـــب العدوى فكانـــت من‬ ‫نوع خاص فريد؛ فكان المريــض إذا دخــل‬ ‫المستشفى يسلـم مالبسه التي دخل بها‪ ،‬ثم‬ ‫َ‬ ‫يُعطى مالبس جديدة مجانية لمنع انتقال‬ ‫العدوى عن طريق مالبسه التي كان يرتديها‬ ‫حين مرض‪ ،‬ثم يدخل كل مريض في عنبر مختص بمرضه‪ ،‬وال يُسمح له بدخول العنابر األخرى‬ ‫لمنع انتقال العدوى أيضًا‪ ،‬وينام كل مريض على سرير خاص به‪ ،‬وعليه مالءات جديدة وأدوات‬ ‫خاصة!!‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫قارن كل ذلك بالمستشفى الذي أنشئ في باريس بعد هذه المستشفيات اإلسالمية بقرون‪،‬‬ ‫حيث كان المرضى يُجبرون على اإلقامة في عنبر واحد‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن نوعية أمراضهم‪،‬‬ ‫سرير واحد!! فتجد مريض‬ ‫بل ويُضطرون لنوم ثالثة أو أربعة‪ ،‬وأحيانًا خمسة من المرضى على‬ ‫ٍ‬ ‫الجدري إلى جوار حاالت الكسور إلى جوار السيدة التي تلد!! كما كان األطباء والممرضون ال‬ ‫يستطيعون دخول العنابر إال بوضع كمّامات على األنف من الرائحة شديدة العفونة في داخل‬ ‫ً‬ ‫ساعة على‬ ‫أربع وعشرين‬ ‫هذه العنابر! بل كان الموتى ال يُنقلون إلى خارج العنابر إال بعد مرور ٍ‬ ‫األقل من الوفاة!! ولك أن تتخيل مدى خطورة هذا األمر على بقية المرضى !!‬ ‫وإذا أردنا أن نستعرض بعضًا من المستشفيات الرائدة في التاريخ اإلسالمي‪ ،‬فكان من‬ ‫أعظمها‪ :‬المستشفى العضُدي‪ ،‬الذي أنشأه عضد الدولة ابن بويه عام ‪371‬هـ في بغداد‪،‬‬

‫جدًا‪ .‬كما‬ ‫وكان يقوم بالعالج فيه عند إنشائه أربعة وعشرون طبيبًا‪ ،‬تزايدوا بعد ذلك ّ‬ ‫كان يضم مكتبة علمية فخمة وصيدلية ومطابخ‪ ،‬وكان يخدم فيه عدد ضخم من الموظفين‬ ‫والفرَّاشين‪ ،‬وكان األطباء يتناوبون على خدمة المرضى بحيث يكون هناك أطباء بالمستشفى‬ ‫أربعًا وعشرين ساعة يومياً‪.‬‬ ‫ومن المستشفيات اإلسالمية العظمى أيضًا‪ :‬المستشفى النوري الكبير بدمشق‪ ،‬الذي أنشأه‬ ‫السلطان العادل نور الدين محمود الشهيد‪ ،‬وذلك في سنة ‪549‬هـ‪ ،‬وكان من ّ‬ ‫أجَل المستشفيات‬ ‫جدًا من الزمان‪ ،‬حيث بقي يستقبل المرضى حتى سنة‬ ‫وأعظمها‪ ،‬واستمر في العمل فترة طويلة ّ‬ ‫‪1317‬هـ (‪1899‬م) أي ُقرابة ثمانمائة سنة!!‬ ‫كذلك من أعظم المستشفيات في تاريخ اإلسالم‪ :‬المستشفى المنصوري الكبير‪ ،‬الذي أنشأه‬ ‫الملك المنصور سيف الدين قالوون في القاهرة‪ ،‬وذلك سنة ‪683‬هـ‪ ،‬وكان آية من آيات الدنيا‬ ‫في الدقة والنظام والنظافة‪ ،‬وكان من الضخامة بحيث إنه كان يعالج في اليوم الواحد أكثر من‬ ‫أربعة آالف مريض!!‬ ‫وال ننسى في هذا المضمار مستشفى مراكش‪ ،‬الذي أنشأه‬ ‫المنصور أبو يوسف يعقوب ~‪ ،‬ملك دولة الموحدين بالمغرب‪ ،‬والذي‬ ‫حكم من ‪580‬هـ إلى ‪595‬هـ‪ ،‬وكان بناء هذا المستشفى آية من آيات‬ ‫اإلتقان والروعة! فقد ُغرست فيه جميع أنواع األشجار والزروع‪ ،‬بل‬ ‫عال‬ ‫كانت في داخله أربع بحيرات صناعية صغيرة!! وكان على مستوى ٍ‬ ‫جدًا من حيث اإلمكانيات الطبية واألدوية الحديثة واألطباء المهرة ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لقد كان ‪-‬بحق‪ -‬درّة في جبين األمة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ليس هذا فقط‪ ،‬بل كانت هناك المستشفيات المتخصصة‪،‬‬ ‫التي ال تعالج إال نوعًا معينًا من األمراض؛ كمستشفيات العيون‪،‬‬ ‫ومستشفيات الجذام‪ ،‬ومستشفيات األمراض العقلية‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬ ‫وأعجب منه وأغرب‪ :‬أنه كانت توجد في بعض المدن اإلسالمية‬ ‫حدَث ابن جبير في رحلته التي‬ ‫الكبرى أحياء طبية متكاملة؛ فقد ّ‬ ‫قام بها في سنة ‪580‬هـ تقريبًا‪ ،‬أنه رأى في بغداد ‪-‬عاصمة الخالفة‬ ‫العباسية‪ -‬حيًّا كام ً‬ ‫ال من أحيائها يشبه المدينة الصغيرة‪ ،‬يتوسطه‬ ‫قصر فخم جميل‪ ،‬تحيط به الحدائق والبيوت المتعددة‪ ،‬وكان كل‬ ‫ذلك وق ًفا على المرضى‪ ،‬وكان يؤمّه األطباء من مختلف التخصصات‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن الصيادلة وطلبة الطب‪ ،‬وكانت النفقة جارية عليهم من‬ ‫الدولة ومن األوقاف التي يجعلها األغنياء من األمة لعالج الفقراء‬ ‫وغيرهم ‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فهذه نماذج أربعة من مئات المستشفيات التي كانت‬ ‫منتشرة في شرق العالم اإلسالمي وغربه‪،‬‬ ‫يوم كانت أوربا تتيه في ظالم الجهل‪ ،‬وال‬ ‫تعرف شي ًئا من هذه المستشفيات ودقتها‬ ‫ونظافتها وسموّ العاطفة اإلنسانية فيها‪.‬‬ ‫وإليك ما قاله المستشرق األلماني ماكس‬ ‫مايرهوف عن حالة المستشفيات في أوربا‬ ‫في العصر الذي كانت فيه المستشفيات‬ ‫في حضارتنا كما وصفناها‪ ...‬قال الدكتور‬ ‫ماكس‪ :‬إن المستشفيات العريية ونظم‬ ‫الصحة في البالد اإلسالمية الغابرة لتلقي‬ ‫علينا اآلن درسًا قاسيًا مُرًّا ال نقدره حق‬ ‫قدره إال بعد القيام بمقارنة بسيطة مع‬ ‫مستشفيات أوربا في ذلك الزمن نفسه‪.‬‬ ‫مرّ أكثر من ثالثة قرون على أوربا‪ ،‬اعتبارًا‬ ‫من زمننا هذا‪ ،‬قبل أن تعرف للمستشفيات‬ ‫العامة معنى‪ ،‬وال نبالغ إذا قلنا بأنه حتى‬ ‫القرن الثامن عشر (‪1710‬م) والمرضى‬ ‫يعالجون في بيوتهم أو في دور خاصة‬ ‫كانت المستشفيات األوربية قبلها عبارة‬ ‫عن دور عطف وإحسان‪ ،‬ومأوى لمن ال‬ ‫مأوى لديه‪ ،‬مرضى كانوا أم عاجزين‪.‬‬ ‫وقالت زيجريـــد هونكـــه ‪« :‬إن كل‬ ‫مستشفى مع ما فيه من ترتيبات ومختبر‪ ،‬وكل صيدلية ومستودع أدوية في أيامنا هذه‪ ،‬إنما هي‬ ‫مذهَبة أو‬ ‫في حقيقة األمر نصب تذكارية للعبقرية العربية‪ ،‬كما أن كل حَبَّة من حبوب الدواء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫يُذكِرنا باثنين من أعظم أطباء العرب ‪ ،‬ومُعلِّمي‬ ‫مسكرة‪ ،‬إنما هي ‪-‬كذلك‪ -‬تذكار صغير ظاهر‪،‬‬ ‫بالد الغرب» ‪.‬‬ ‫ونختم هذا الحديث بالنتائج التي نحب أن نلفت األنظار إليها بعد هذه المقارنات‪ ،‬أننا‬ ‫في حضارتنا كنا أسبق من الغربيين إلى تنظيم المستشفيات بتسعة قرون على األقل‪ ،‬وأن‬ ‫مستشفياتنا قامت على عاطفة إنسانية نبيلة ال مثيل لها في التاريخ وال يعرفها الغرييون حتى‬ ‫حدًا لم تبلغه الحضارة الغربية حتى اليوم؛ حين‬ ‫اليوم‪ ،‬وأننا بلغنا في تحقيق التكافل االجتماعي ّ‬ ‫بالمجَان‪ ،‬بل حين كنا نعطي الفقير الناقه من المال ما‬ ‫نجعل الطب والعالج والغذاء للمرضى‬ ‫ّ‬ ‫ينفق على نفسه حتى يصبح قادرًا على العمل‪ ..‬إن هذه نزعة إنسانية بلغنا فيها الذروة يوم كنا‬ ‫نحمل لواء الحضارة‪ ،‬فأين نحن منها اليوم؟! وأين منها هؤالء الغرييون؟!‬ ‫المصدر‪ :‬كتاب (قصة العلوم الطبية في الحضارة اإلسالمية) للدكتور راغب السرجاني‪.‬‬


‫العدد ‪1042‬‬

‫الثالثاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫‪6‬‬

‫زمن الوبا ِء‬ ‫فروضُ الكفاياتِ في ِ‬ ‫«متوزِّع ٌة على العبادِ في البالدِ»‬ ‫• بقلم‪ :‬الدكتور قطب الريسوني (أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة الشارقة)‬ ‫الكفائيَّة التي تســدُّ شغورَ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الثغو ِر‪،‬‬ ‫لكل وقتٍ فروضهُ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫يحفظ‬ ‫محال‬ ‫وحاجاتِ األمَّةِ بما يُح ّلها من االستكفا ِء‬ ‫الواجب أُزيل عن‬ ‫هيبَتَها وسيادَتها‪ .‬لكنَّ هذا الضَّرب من‬ ‫ِ‬ ‫المفاهيم ما يحجبُ عن الناس محاسنَهُ‬ ‫وجههِ‪ ،‬وغشيهُ من‬ ‫ِ‬ ‫وبعدَهُ الرساليَّ‪ ،‬وإذا كان تشخيصُ ذلك يخرج بنا عن جادَّة‬ ‫َ‬ ‫المقصود‪َّ ،‬‬ ‫التَّمثيل بما ينبغي تصحيحهُ‬ ‫فإن المقامَ ال يأبى‬ ‫من مفاهيمَ في هذا الباب‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الفصل بين المباشرةِ واإلحسانِ في ممارسةِ الفرض‬ ‫ـ أو ًال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫كفاية بدون إحسانٍ‪..‬‬ ‫الكفائيِّ‪ ،‬وال‬ ‫بأحكام تجهيز‬ ‫التَّمثيل للكفايات‬ ‫ـ ثانيًا‪ :‬توسيعُ دائرةِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الجنائزية حدّاً‬ ‫الموتى وانتشال الغرقى‪ ،‬حتى صارت ُّ‬ ‫الطقوسُ‬ ‫فاص ً‬ ‫ال بين العينيِّ والكفائيِّ في بعض المدوَّنات األصوليَّة‪.‬‬ ‫ـ ثالثًا‪ :‬إقصا ُء غير القادرين على المباشــرةِ من دائـــرة‬ ‫النهوض بالفروض الكفائيةِ؛ َّ‬ ‫ألن األصل في‬ ‫المشاركةِ في‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بالتخصّص وقائما عليه‪ ،‬فللفقه‬ ‫المباش ِر أن يكون مضطلعا‬ ‫ِ‬ ‫أهله‪ ،‬وللفلك أهله‪ ،‬وللطب أهله‪ ..‬بيد أن هذا اإلقصاء يأباه‬ ‫التكييف التضامنيُّ للكفاياتِ عنــــد الشاطبيِّ؛ إذ غير القادر‬ ‫السبل‪ ،‬أو بذل الوسائل‪ ،‬أو التشجيع بالكلمة‬ ‫يقيم القادر بتعبيد‬ ‫ِ‬ ‫الطيبة‪.‬‬ ‫ـ رابعاً‪ :‬الخوضُ في مفاضالتٍ أصوليَّةٍ بين الواجب العينيِّ‬ ‫والواجب الكفائيِّ‪ ،‬إلى الحدِّ الذي يسلبُ أحدَ الواجبين فضله‪،‬‬ ‫أو يطمسُ دورَهُ في المنظومة‬ ‫التكليفيَّة‪ ،‬ولو قيل‪ :‬هما في الفضيلةِ‬ ‫سواء لكان متجِّهاً كما قال المرداويُّ ‪.‬‬ ‫الوعـــي بأبــــعـــادِ‬ ‫وتجــــديـــدُ‬ ‫ِ‬ ‫الفروض الكفــــائيـــةِ وحركيَّتِها‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مداخل‬ ‫الحضاريَّةِ بابٌ واســـعٌ‪ ،‬وذو‬ ‫متعدِّدةٍ ‪ ،‬ومن أوج ِبها‪ :‬االنتصابُ‬ ‫ُ‬ ‫والتَّمثيـــل‬ ‫للفروض العامَّة النَّاجزةِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بما كان مهجوراً منها في المدوناتِ‬ ‫األصوليّةِ‪ ،‬تنبيهـــاً على خطــــورة‬ ‫ُ‬ ‫وإقامة غير‬ ‫ومآل اهتضامِها‪،‬‬ ‫شأنها‬ ‫ِ‬ ‫القادرين عليها للقادرين على سبيل‬ ‫التكافل واستثما ِر المواهب المتنوِّعةِ‬ ‫ِ‬ ‫المودَعةِ في الخالئق‪.‬‬ ‫والنــوازل‬ ‫وفي ساحـــةِ الملماتِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫نُدْحة عن‬ ‫تجدُّ فروضٌ كفائي ٌة ال‬ ‫بمصالح األمة‪،‬‬ ‫االنتداب لها وفا ًء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وليس كنازلــةِ الوبـــاء مـن مُلمَّةٍ‬ ‫العـــالج في‬ ‫تستدعي ضروباً من‬ ‫ِ‬ ‫كنفِ الجهــــودِ العلميَّةِ والطبيَّةِ‬ ‫واإلعالميَّةِ والماديَّةِ‪ ،‬وال عـــالجَ إال‬ ‫إذا قامَ للكفايةِ أه ُلها من القادرين‪،‬‬ ‫وشدَّ أزرهم بإقامةِ غير القادرين‪،‬‬ ‫حتّى تتوزّعَ فروضُ الكفايات (على العباد في البالد) بحسب‬ ‫الميول والطاقات‪ .‬يقول الشاطبي‪( :‬القيام بذلك الفرض قيامٌ‬ ‫بمصلحةٍ عامةٍ‪ ،‬فهم مطلوبون بسدّها على الجملة‪ ،‬فبعضهم‬ ‫هو قادرٌ عليها مباشرة‪ ،‬وذلك من كان أه ً‬ ‫ال لها‪ ،‬والباقون وإن‬ ‫لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين)‪.‬‬ ‫وإذا نظرنا إلى حاجاتِ األمةِ المرابطةِ في ثغو ِر محاربةِ‬ ‫ٌ‬ ‫الوباء (الكورونيِّ)‪ ،‬نلفي َّ‬ ‫مرهــون بممارســـةِ‬ ‫أن الوفـــاء بها‬ ‫الفروض الكفائيةِ اآلتية‪:‬‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫الدينية بأحكام وباء (كورونا)‬ ‫‪ .1‬التوعية‬

‫فروض الوقــتِ انتـــدابُ طائفةٍ من العلماء لإلفتــاء‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫واإلرشاد الدينيِّ؛ إذ الحاجة ناجز ٌة إلى‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫المتعلقة بالوباء كالقنوت الفرديِّ‬ ‫النوازل‬ ‫* معرفة أحكام‬ ‫ِ‬ ‫في البيوت‪ ،‬والصالة على جنازة المتوفى بالوباء‪ ،‬وإعطاء الزكاة‬ ‫لصناديق تدبير الجائحة‪ ،‬وهلمّ جراً‪..‬‬ ‫* معرفة آداب التعامل مع الوباء من حيث التحرّز واألخذ‬ ‫بأسباب العافية‪ ،‬والتماس أعمال الخير والبر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وبيان حكم‬ ‫* التحذير من خرق األوامر الصحيَّة للدولة‪،‬‬

‫المواكب للواقع وأسبابه‬ ‫التأصيل‬ ‫الشرع في ذلك على سبيل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الدائرة‪.‬‬

‫‪ .3‬دعمُ البحث العلميِّ في مجال األوبئةِ‬

‫ُ‬ ‫لقاح لوباء‬ ‫يتسابق‬ ‫الباحثون في العالم الغربيِّ إلى اكتشافِ ٍ‬ ‫(كورونا)‪ ،‬وتتسارع الخطى إلى التبشير به على سبيل َّ‬ ‫الظفر‬ ‫َ‬ ‫البحثيَّة‬ ‫القلوب أن الطاقاتِ‬ ‫بفتح طبيٍّ مشهودٍ‪ ..‬ومن حوازِّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اإلسهام في هذا الباب‪ ،‬وما ذلك‬ ‫في دول اإلسالم متقاعد ٌة عن‬ ‫ِ‬ ‫معط ً‬ ‫إال لكون الفروض الكفائيةِ َّ‬ ‫لة في حقل البحثِ الوبائيٍّ‪،‬‬ ‫نعدّ منها وال نعدّدها‪:‬‬

‫وقد كان لعلمائنا جهدٌ مشكورٌ في التأليفِ في أحكام‬ ‫الطاعون طبّاً وفقهاً‪ ،‬ويمكن لعلماء العصر االستفادة من‬ ‫أوضاعهم في هذا الباب‪ ،‬كـ (تحصيل غرض القاصد في تفصيل‬ ‫المرض الوافد ) البن خاتمة األندلسي (ت‪770‬هـ)‪ ،‬و(مقنعة‬ ‫السائل عن المرض الهائل) البن الخطيب الغرناطي (ت ‪776‬هـ)‪،‬‬ ‫و(تقييد النصيحة) لمحمد بن علي الشقوري (ت؟)‪،‬و(األجوبة‬ ‫التونسية عن األسئلة الغرناطية)‪ ،‬و(عمدة الراوين في أحكام‬ ‫الطواعين) لمحمد بن محمد الحطاب (ت‪954‬هـ)‪ ،‬و(أجوبة في‬ ‫أحكام الطاعون) لمحمد بن أحمد الرهوني (ت‪1230‬هـ)‪ ،‬و(بذل‬ ‫الماعون في فضل الطاعون) البن حجر العسقالني (ت‪852‬هـ)‪،‬‬ ‫وهو من ِّ‬ ‫أجل ما أُ ِّلف في الباب ضبطاً لآلثار وتف ّقهاً فيها‪.‬‬

‫ألفضل األعمال البحثيَّة في المجال‬ ‫* رصدُ جوائزَ سنويةٍ‬ ‫ِ‬ ‫الوبائيِّ‪.‬‬

‫‪ .2‬التوعية اإلعالمية بمخاطر الوباء ( الكوروني) وسبل‬ ‫الوقاية منه‬

‫* إسهامُ المياسي ِر بأموالهم في دعم البحث الوبائيِّ‬ ‫بإنشا ِء مراكزه‪ ،‬ورعايةِ تجاربه‪ ،‬واإلنفاق على باحثيه‪.‬‬

‫إن اإلعالم بوقٌ صالحٌ ِّ‬ ‫لبث التوعيــــةِ الطبيةِ في زمـــان‬ ‫ِّ‬ ‫والبث‬ ‫الوباء‪ ،‬ومن الواجب الكفائيِّ على قنواته ذات الصِّيت‬ ‫الواسعين أن تضطلع بذلك‪ ،‬وتسدّ الحاجات اآلتية‪:‬‬ ‫* التبصير بالمآالتِ الضررية لكسر الحجر الصحيِّ‪ ،‬والسعي‬ ‫إلى أماكن التجمعات‪.‬‬

‫* توفير المراكز العلمية المتخصصة في البحث الوبائيِّ‪.‬‬

‫* وضع خططٍ استشرافيَّةٍ لتطوير البحث الوبائيِّ وإدارة‬ ‫تحدياته المستقبلية‪.‬‬

‫الخصاص‬ ‫‪ .4‬انتصابُ بعض أطبا ِء العيادات الخاصةِ لسدِّ‬ ‫ِ‬ ‫في المستشفياتِ الحكوميَّةِ‬

‫لما كان تكاثرت أعداد المصابين بوباء (كورونا)‪ ،‬وضاقتِ‬ ‫ُ‬ ‫الطبية عن استيعابهــا‪ ،‬صار من فروض الكفايـــات‬ ‫األطرُ‬ ‫بعـــض أطبــاء العيــادات الخاصةِ لســدِّ العوز في‬ ‫انتصابُ‬ ‫ِ‬ ‫المستشفيات الحكوميــة‪ ،‬ولهم من‬ ‫الخبرةِ والدربةِ ما يسعفهــم على‬ ‫االضطالع بهذا الواجب‪ .‬وإذا ما َّ‬ ‫ظل‬ ‫هذا ّ‬ ‫الثغرُ الطبيُّ شاغراً‪ ،‬ولم يسعَ‬ ‫ُ‬ ‫الكفاية‪ ،‬أثم‬ ‫إلى سدّه من تقومُ به‬ ‫الجميعُ؛ بل إن البلد إذا لم يوجد فيه‬ ‫إال طبيبٌ خــاصٌ واحدٌ تعيّن هذا‬ ‫االنتصابُ على جهةِ الوجوب العينيِّ‪.‬‬

‫‪ .5‬انتصابُ بعـــض األطبـــاء‬ ‫النفســـييـــن لعـــالج الحـــاالت‬ ‫المتأثرة بأزمة الوباء‬

‫* التبصير بسبل الوقاية من وباء (كورونا) عند الخروج إلى‬ ‫اقتناء الضروريات‪ ،‬أو عند ولوج المنازل‪.‬‬ ‫* التبصير باألساليب الصحيحة للتنظيف وتعقيم األيدي‬ ‫والثياب واألسطح‪.‬‬ ‫* التبصير بالسبل الغذائية والرياضية لتقوية المناعة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والجدير باإللماع هنا َّ‬ ‫ومكتوبة‪،‬‬ ‫مسموعة‬ ‫وسائل‬ ‫أن لإلعالم‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفضائية‪ ،‬وهي متفاوتة في القوة والفضل‪ ،‬فإذا تأتَّى‬ ‫وأرضية‬ ‫بغرض التَّوعية فحسنٌ‪ ،‬وإذا لم‬ ‫استعمالها جميعاً في الوفا ِء‬ ‫ِ‬ ‫يتأتَّ الجمع بينها عند التزاحم أو ضيق الوقت‪ ،‬فاألصل أن‬ ‫يُتوسَّل بالفاضل منها‪ ،‬وهو كان ما قوياً في اإلفضاء إلى‬ ‫المقصود؛ إذ (كلما قويت الوسيلة في األداء إلى المصلحة كان‬ ‫أجرها أعظم من أجر ما نقص عنها)‪ ،‬أما التوسل بالمفضول‬ ‫ناقص أو‬ ‫مع القدرة على الفاضل فال يفضي إال إلى مقصودٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫مختل أو مُرجَأ ! وهنا ال نجد مفرّاً من التأكيد على أن وسائل‬

‫الصحيح‬ ‫التواصل االجتماعيِّ إذا استثمرت في وجهها اإلعالميِّ‬ ‫ِ‬ ‫كانت خير وسيلةٍ إلى خير مقصدٍ‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫عاقل في العواقب‬ ‫ال يماري‬ ‫كاالكتئاب‬ ‫النفسيَّةِ النتشـــا ِر الوبا ِء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والوسواس والهلوسةِ‪ ،‬وربمــا كـــان‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫المرضُ قديماً‬ ‫فاستفحـــل أمــرهُ‬ ‫بسبب المكوثِ في البيــوتِ‪ ،‬والبعدِ‬ ‫ِ‬ ‫اإلجمام‬ ‫فرص‬ ‫وفواتِ‬ ‫األقارب‪،‬‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الواجب على بعض‬ ‫فمن‬ ‫والتَّرويح‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫األطباء النفسيين التصدّي لعالج‬ ‫ِّ‬ ‫المـتأثرةِ بأزمـــة الوبــاء عن‬ ‫الحاالت‬ ‫طريق محادثات هاتفيةٍ أو نحوها من‬ ‫ُ‬ ‫والمصلحة‬ ‫وسائل التواصل الحديث‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫محققـــ ٌة بإنقاذ ما يمكن‬ ‫من ذلك‬ ‫إنقاذه من المرضى‪ ،‬وبعضهم قد يصل به المـــرض إلى حدِّ‬ ‫التفكير في االنتحار! ُّ‬ ‫وكل وسيلةٍ تفضي إلى هذا اإلنقاذ فهي‬ ‫على حكمه‪.‬‬

‫وإذا كانت مباشر ُة هذه الفروض الكفائيـــةِ ـ على تباين‬ ‫مشاربها ـ تقتضي انتصابَ المتخصّصين في الطب والبحث‬ ‫والفتوى‪ ،‬وإحسانَهم فيما انتصبوا له‪ ،‬فإن غير المتخصِّص‬ ‫ال يُقصى من دائرة المشاركةِ مطلقاً؛ بل يقيمُ المتخصِّص‬ ‫رجل‬ ‫على اإلحسان والكفايةِ الموجبة لسقوط المأثم‪ ،‬فربَّ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وثالث‬ ‫مُكنة على النقد‪،‬‬ ‫مُكنة على التخطيط‪ ،‬وآخر أوتي‬ ‫أوتي‬ ‫ً‬ ‫مُكنة على تمهيد الوسائل واألسباب‪ ..‬وهذا ما ألمح إليه‬ ‫أوتي‬ ‫الشاطبيُّ بقوله‪( :‬والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على‬ ‫إقامة القادرين)‪ ،‬وكأني به كان ينظر من طرفٍ خفيٍّ إلى قول‬ ‫الجوينيِّ‪( :‬وأما سائر فروض الكفايات؛ فإنها متوزِّع ٌة على‬ ‫المواهب‬ ‫العباد في البالد)‪ ،‬وهذا التوزعُّ مدارهُ على تناصــ ِر‬ ‫ِ‬ ‫واستحصال الكفاية‪،‬‬ ‫المصالح العامةِ‬ ‫واالستعداداتِ في اقتنا ِء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وما أحوجنا ـ في زمن الوباء ـ إلى عظةِ الفقيــه‪ ،‬وعبقريةِ‬ ‫ومال الموســر‪..‬‬ ‫الباحث‪ ،‬وبصيرةِ اإلعالميِّ‪ ،‬ورعايةِ الطبيب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والمأمول في أم ِر إنجا ِزها أن‬ ‫فإن فروضَ المرحلةِ تدقُّ أبوابنا‪،‬‬ ‫وبصر في‬ ‫األوائل‪،‬‬ ‫علوم‬ ‫من‬ ‫وهدْي‬ ‫نكون على إرثٍ من الدِّين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الواقع وحركيَّته الدَّائبــة‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫«كورونا» و ‪ 18‬أبريل اليوم العالمي للمآثر والمواقع التاريخية ‪:‬‬ ‫راحة اضطرارية عالمية ال مثيل لها في التاريخ‬ ‫• بقلم‪ :‬فاطمة بوشمال‬

‫(محافظة المدينة العتيقة لشفشاون وقصبتها األثرية)‬

‫التعريف بالتراث الثقافي للفئات الصغرى من طرف السيدة محافظة المدينة العتيقة وقصبتها لشفشاون‪ ،‬برسم شهر الترث ‪2019‬‬ ‫منذ إقرار اليونيسكـــو الحتفالية اليـــوم العالمي للمآثر‬ ‫والمواقع التاريخية في ‪ 18‬أبريل‪ ،‬بموجــب الميثاق العالمي‬ ‫للحفاظ على التراث الثقافــي والطبيعي سنة ‪ ،1972‬لم يخطر‬ ‫ببال مهنيي التراث والثقافة أنه سيأتي يوم تغلق فيـها هذه‬ ‫المعالم التاريخية والمواقع األثرية أبوابها‪ ،‬وتنأى بذلك عن‬ ‫االحتفال المباشر مع زوارها بهذا اليوم العالمي‪ ،‬فينطق لسان‬ ‫حالهم بما نظم المتنبي‪:‬‬ ‫« عيـد بأي حال عدت يا عيـــد‬ ‫بما مضى أم بأمر فيك تجديد‬ ‫أما األحبة فالبيـداء دونهــــم‬ ‫فليت دونك بيدا دونها بيــد»‬ ‫فلقد أغلقت مآثر ومواقع إسبانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا‬ ‫أبوابها‪ ،‬وسبقتها قبل ذلك معالم مدينة ووهان الصينية‬ ‫وعددها ‪ 350‬معلمة مصنفة ضمن التراث الصيني‪.‬‬ ‫وعلى غرار ما الحظه علماء المنــاخ على الصعــيد الدولي‬ ‫من تحسن حالة ثقب األوزون في الفضاء‪ ،‬نتيجة انخفاض‬ ‫كمية اإلنبعاثات الغازية خالل فترة الحجر الصحي بسبب أزمة‬ ‫كرونا‪ ،‬بعدما فشلت كل المؤتمرات الدولية الخاصة بالمناخ‪،‬‬ ‫تحت رعاية األمم المتحدة في إقناع القوى العظمى بضرورة‬ ‫تخفيض انبعاث ثاني أوكسيد الكربون‪ .‬وبالتالي‪ ،‬نجح فيروس‬ ‫كرونا المجهري فيما فشل فيه اإلنسان بكل مهارته وإمكانياته‬ ‫المادية واللوجيستيكية‪.‬‬

‫زيارة أطفال المخيمات خالل فصل الصيف للمعالم التاريخية بجهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‪ ،‬قصبة شفشاون نموذجاً‬

‫ومثلما الحظ علماء األحياء أن البيئة كانت هي األخرى‬ ‫المستفيد األول من هذه األزمة بظهور كائنات حية مختلفة‬ ‫ألول مرة‪ ،‬ظن العلماء والباحثون أنها انقرضت منذ عقود‪ .‬فلم‬ ‫يكن بد للمآثر خالل هذه الجائحة اإل أن تغلق أبوابها بعدما‬ ‫أغلق الزائر مسبقا بابه عنها‪ .‬ومن ثمة‪ ،‬فإن لهذه األزمة أيضا‬ ‫عوارض إيجابية على بعض المعالم التاريخية والمواقع األثرية‬ ‫والتي عانت في صمت‪ ،‬من ضغط االكتظاظ السياحي طيلة أيام‬ ‫األسبوع‪ ،‬ليال ونهارا عبر كل فصول السنة‪ ،‬إضافة إلى احتضانها‬ ‫ألنشطة فنية وثقافية ال تناسب بالضرورة البنية األثرية الهشة‬ ‫لهذه المعالم والمواقع‪ .‬وبالتالي‪ ،‬شكل الحجر الصحي فرصة‬ ‫لها للراحة من ضغط األنشطة البشرية المقامة بداخلها أو‬ ‫في محيطها مثل‪ :‬السياحة‪ ،‬التجارة‪ ،‬التطور العمراني‪ ،‬التلوث‬ ‫الجوي وحركية السير والجوالن‪.‬‬ ‫وفي انتظار اإلفــراج عن الزائــر من الحجر الصحـي عما في‬ ‫قريب‪ ،‬تأمل المعالم والمواقع أن تأخذ حقها في الترميم ورد‬ ‫االعتبار‪ ،‬خصوصا وأنها ساهمت عبر ربوع العالم في نهضة‬ ‫السياحة الثقافية عبر ضخ مداخيل مهمة لفائدة القطاعات‬ ‫والهيئات الوصية في فترات تاريخية طويلة‪ .‬كما أنها بحاجة أن‬ ‫تساهم في تربية األجيال الالحقة من خالل إدماجها وبقوة في‬ ‫برامج تربوية وثقافية هادفة للمحافظة على جزء من الحضارة‬ ‫المغربية‪ ،‬حتى تكون شاهـــدا على عوائد الزمن من كوارث‬ ‫وأوبئة‪.‬‬

‫وضعية القصبة بعد االنتهاء من ورش الصيانة استعدادا لتخليد فعاليات اليوم العالمي للمآثر والمعالم التاريخية‬ ‫برسم سنة ‪2019‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫الجوائح الطبيعية في العصر الوسيط‬ ‫من خالل المصادر التاريخية‬

‫كتاب تنشره جريدة «الشمال» في حلقات حول الجوائح الطبيعية‬

‫الباحثة رشيدة الشانك‬

‫ج‪ .‬آثار وانعكاسات هذه األزمات الطبيعية ‪:‬‬ ‫نعرف ما تخلفه المجاعات باعتبارها من الجوائح الكبرى خالل العصر الوسيط‪،‬من نقص كبير‬ ‫في المواد الغذائية وخاصة المواد الضرورية كالحبوب وارتفاع أسعارها وهذا الغالء حسب ابن‬ ‫هيدور لحدوثه سببان «إما الحتباس المطر إما لظهور الفتن والحروب «وانقطع الغيث وعدمت‬ ‫األقوات وتراجع المستوى المعيشي إضافة إلى الوفيات المتعددة بين الفقراء خاصة»وكثر الموتى‬ ‫في الضعفاء»‪،‬وغالبا ما يؤدي ذلك إلى اضطراب العالقة بين السلطة السياسية والرعية التي‬ ‫أحيانا تفضل االنزواء والتصوف كأداة احتجاج على الوضع القائم «فأصبح الغالبية من الناس‬ ‫يتخذون التصوف كأداة لالحتجاج على الوضع القائم فأضحت كراماتهم السالح الذي يمكن‬ ‫أن يهدد السلطة السياسية خاصة أن التصوف لعب دورا أساسيا في عملية تشكيل الشخصية‬ ‫التاريخية والمخيال الجمعي للمجتمع المغربي‪.‬‬ ‫الحديث عن أثر هذه المجاعات وما خلفته يمكن التقاطها من بعض اإلشارات التي أمدنا‬ ‫بها ابن عذاري حول مجاعة ‪534‬ه‪1139/‬م وفي هذه السنة أنجلى أهل المغرب انجالء عظيما‬ ‫إلى األندلس ‪،‬جعلت أهل المغرب يهاجرون نحو األندلس وخاصة بعد أن استفحلت األزمة‬ ‫اإلقتصادية بسبب ثورات ضد الموحدين ومخلفات الجفاف‪،‬وحركة النزوح وفرار الرعية تعني‬ ‫فراغا للقرى والمدن من أهلها‪ ،‬مما سينعكس على اقتصاد المدينة‪ ،‬وبنيتها السكانية وتوقف‬ ‫األشغال والوظائف بها‪ ،‬خاصة أن طول مدة الجفاف يعني طول فترة معاناة المستضعفين من‬ ‫الناس‪»،‬فكان الضعفاء يخرجون إلى األبواب فإن البلد ضــاق بهم فأثروا الفرار بأنفسهم ولم‬ ‫يبق بالبلـــد إال القليل ممن لم يستطع‬ ‫خروجا ‪.‬‬ ‫إشــارة أخرى مهمــة عن مخلفــــات‬ ‫الجفــاف الــذي كــــان يعــرفــه المغــرب‬ ‫بشكل دوري‪ ،‬نجدها لدى ابن الزيات‪ ،‬والذي‬ ‫كتب» قلت المياه فكان الناس يرحلون من‬ ‫بالدهم إلى مواضع الماء فكان النزوح‬ ‫بحثــا عن مجاالت بديلة بهدف الوقايــــة‬ ‫من نوائــب القحــط والجوع واألمراض‬ ‫والموت البطيء ‪.‬‬ ‫قبل حصار الموحديــــن لمدينـــة‬ ‫مراكش عرف المغرب استفحال مجاعة امتد‬ ‫ضغطها خمس سنوات إلى سنة ‪540‬ه‪.‬‬ ‫األمــر الذي زاد من معانـــاة سكان مراكش‬ ‫من جراء تالزم المجاعة مع حصار المدينة‬ ‫سنة ‪541‬ه‪ ،‬والذي دام ألكثر من تسعــة‬ ‫أشهــر حتى «اضطـــر السكــان إلى أكــل‬ ‫الجيف‪ ،‬وعدمت الحيوانات وعدمت الحنطة‬ ‫بأسره»‪ ،‬يقول ابن األثير «انتصبت المجاعة ومات من العامة من الجوع ما يزيد عن مائة ألف ‪.‬‬ ‫فالحصار يعني خراب المدينة وخراب مرافقها من قنوات وسواقي وآبار وتوقف لحرفها وأنشطتها‪.‬‬ ‫مجاعات متكررة يصاحبها‪ ،‬تدني كبير في مستوى عيش السكان ففي مجاعة ‪632‬ه يذكر‬ ‫ابن عذاري» «لم يبق ألحد سند وال لبد وال طارف وال تالد وال ذخيرة وال مال وال عقار واستولت‬ ‫المجاعة على جمهور الناس ورأوا محنا يستعاد اهلل بها»»‪»،‬فعم الخوف وانعدم األمن وفشا‬ ‫الفساد والخراب وخيفت الطرقات ‪.‬‬ ‫إن المظاهر الصارخة آلفة المجاعات واألوبئة تتضح أكثر في المدينة ذلك أن هذه اآلفة كانت‬ ‫تخلف خسائر بشرية جسيمة فاإلشارات المصدرية تزكي هذا األمر‪،‬إذ نجد ابن عذاري يتحدث عن‬ ‫ذلك بخصوص المدينة الموحدية بشكل عام حينما يذكر أنه»هلكت أمم ال تحصى»وبطريقة‬ ‫أدق حينما يقول»وانتهى عدد األموات في كل يوم مائة إلى مائة وتسعين شخصا وأكثر ‪،‬وفي‬ ‫السياق نفسه نجد ابن خلدون يقول»فإن الموتان يكون في المدن الموفورة العمران أكثر من‬ ‫غيرها بكثير كمصر بالمشرق وفاس بالمغرب واهلل يقدر ما يشاء‪.‬‬ ‫ظاهرة النزوح الجماعي‪ ،‬بسبب المجاعات تؤثر سلبا على المدن والقرى وتؤدي إلى إخالئهما‪،‬‬ ‫بل تكون مسؤولة إلى حد كبير عن عدم االستقرار االجتماعي الذي يدوم لسنوات ‪.‬كانت القبائل‬ ‫بالمجال المغربي تعيش في صراع مع الطبيعة‪،‬فتكون غنية إذا ما جاءت الظروف الطبيعية‬ ‫باألمطار فقيرة إذا ما شحت‪ »،‬حينها تضطر إلى التنقل والترحال بحثا عن مصادر للغداء وتعويض‬ ‫ندرة الموارد لديهم‪ ،‬أو تطرد لتحل محلها قبائل اخرى‪ .‬ففي بداية الدولة المرابطية أثر القحط‬ ‫لذي ضرب البالد سنة ‪450‬ه‪1058/‬م فقد» أمر ابن ياسين ضعفاءهم بالخروج إلى السوس‬ ‫وأخد الزكاة» وتعد هذه أول هجرة تمت بقرار سياسي رأى فيها البعض أكبر هجرة صنهاجية‬ ‫باتجاه الشمال لدرجة أنها غيرت خريطة المغرب الساللية بل استمر النزوح السكاني‪ ،‬بشكل‬ ‫متكرر طيلة حكم الدول الوسيطية بالمغرب‪ .‬فالقحط والمجاعة قوتان بوسعهما أن تسلكا‬

‫احللقة‬

‫(‪)3/2‬‬

‫بالجماعات البشرية مسالك غريبة وتجعلها تنساق على غير هدى إلى غايات مجهولة بسبب‬ ‫الجوع القاتل الذي يعذبها على حد تعبير جوزيه دي كاسترو‪ .‬وسوف تستغل القبائل العربية‬ ‫التي استوطنت المغرب األقصى هذه األوضاع الصعبة (القحط) للتوسع وتزداد سيطرتها‬ ‫على المناطق عندما تكون الدولة في طورها النهائي‪،‬وهنا تتكرر جملة معبرة على انعكاسات‬ ‫هذه الجوائح» انجالء عظيما «»و» خال أكثر بالد المغرب» حيث امدنا ابن عذاري بنص صريح‬ ‫يعبر عن مدى معاناة المغاربة من مجاعة ‪534‬ه‪1139/‬م وتحركهم في هجرة جماعية إلى بالد‬ ‫األندلس حيث يقول»وفي هذه السنة انجلى أهل المغرب إلى إنجالء عظيما إلى األندلس‪ .‬ويقول‬ ‫صاحب البيان كذلك نقال عن ابن صاحب الصالة أن هذا األخير وأثناء مرورهم من قصر عبد‬ ‫الكريم(قصر الكبير) «ليس فيه إال القليل من الناس في المخيمات وحانوت واحد كان سوقهم‬ ‫به‪ ،‬و األسود تزأر حواليه واألرض موحشة قفرة ‘وهذا يوضح فعال مدى الفراغ الذي أحدثته هذه‬ ‫الهجرات االضطرارية على المستوى المحلي لدرجة أنها ظلت خاوية على عروشها ‪ .‬ونص ابن‬ ‫خلدون يشير إلى ذلك «تقول العامة في البالد إذا تناقص عمرانها‪ ،‬قد ذهب رزقها حتى االنهار‬ ‫والعيون ينقطع جريها في القفر (‪)...‬وانظره في البالد التي تعهد فيها العيون أليام عمرانها ثم‬ ‫يأتي عليها الخراب كيف تغور مياهها جملة كأنها لم تكن ‪.‬‬ ‫يشير ميشو بيلير‪ micho bilair‬في كتابه»تاريخ ناحية دكالة دراسة جغـــرافيـــة وتاريخيـــة‬ ‫واجتماعيـــة‪ ،‬للعديـــد مـــن المـــدن الساحليــة التي اختفــــت معتمــدا على عـــدة مصادر‬ ‫تاريخية وأبحاث أركيولوجية ويفسرهذا‬ ‫االختفـاء بعدة أسباب منها القحـــط الذي‬ ‫أصاب بعـض المــدن كالمدينة الغربية‪.‬‬ ‫ففي دراسته لهذه المدينة يحدد «أن من‬ ‫أسباب خلو هذه المدينة من السكان إلى‬ ‫قحط الذي أصاب البالد في عام ‪1512‬م‬ ‫قائال أن السكان أصابهم قحط مهول‬ ‫فاضطر أكثرهم إلى بيع أنفسهم وأوالدهم‬ ‫للحصول على ما يقتاتون به بحيث أصبحت‬ ‫المدينة خالية من أهلها إنه لمنظر كئيب‬ ‫حقا أن يرى اإلنسان هذه المدينة الفائقة‬ ‫الجمال تستحيل الى ركام من األطالل‬ ‫‪،‬كما أن ندرة الماء تسببت في زوال واندثار‬ ‫مجموعة من المدن الوسيطية كالبصرة‬ ‫وسجلماسة‪.‬‬ ‫من الطبيعي إذن أن يترتب عن هذه‬ ‫السنوات العجاف خراب واسع للعمران‪ ،‬خاصة إذ تزامن مع فترات عدم االستقرار السياسي وتوالي‬ ‫الفتن والحروب‪،‬هناك من اعتبر أن كارثة العقاب كانت في حد ذاتها نتيجة لسنوات عجاف‬ ‫بالمغرب‪،‬وأصبحت وثيرة األزمة بعدها متسارعة وامتدت لسنوات طويلة ‪،‬كما أن الوباء حينما‬ ‫تزامن مثال مع معركة العقاب أعطى جوا مالئما لالكتساح المريني‪ ،‬وفي السنة التالية‪610‬ه‪،‬‬ ‫وقع الوباء العظيم في المغرب واألندلس»‪ ،‬وقبل هذه المعركة وبعدها عرف المغرب مجموعة‬ ‫من الكوارث؛ جفاف‪ ،‬سيول‪ ،‬مع هجوم الجراد وغالء األسعار ببالد المغرب واألندلس سنة ‪617‬ه‪.‬‬ ‫ولكن أشدها كان سنة ‪625‬ه‪1228/‬م حين اشتد الوباء والمجاعة التي على إثرها «خال أكثر بالد‬ ‫المغرب تلتها سنوات عجفاء دامت معظم فترة حكم الخليفة عبدالواحد الرشيد‪.‬‬ ‫أحيانا يكون خالء بعض المدن وتضرر السكان ونزوحهم الكبير االضطراري‪ ،‬بسبب القرارات‬ ‫السياسية للحكام‪،‬وهذا ما وضحه محمد حجاج الطويل في مقال له بعنوان دكالة بين الشدة‬ ‫والرخاء « حيث أشار كمثال إلى العالقة الغير متينة بين الموحدين وسكان دكالة حتى بعد‬ ‫نهاية المرابطين‪ ،‬إذ تحكم فيها العداء التقليدي بين مصامدة الجبل ومصامدة السهل لذلك‬ ‫أجهز الموحدون على ساكنة تامسنا ودكالة في عهد الخليفة يعقوب المنصور وأجلوهم عن‬ ‫أراضيهم محدثين فراغا ديموغرافيا كبيرا وتعطيال لإلنتاج الفالحي في سهلين اعتبرا منذ‬ ‫القديم مطمورتي المغرب‪ .‬أي سهلي (تامسنا ودكالة)‪.‬‬ ‫يضاف الى الجفاف كارثة السيول‪ ،‬غير أن المصادر غالبا ما تقتصرعلى تلك التي تضرب‬ ‫المدن الكبرى كفاس ومراكش وتهمل المدن األخرى‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫‪9‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫الممرضة‬ ‫والعب كرة القدم‬ ‫فؤاد العروي‬ ‫ترجمة ‪ :‬نور الدين زويتني‬

‫لنقرر أنه بعد اآلن لن يحصل أي العب كرة قدم على سنتيم واحد في الشهر أكثر من‬ ‫صديقي طبيب التخدير‪.‬‬ ‫هل تذكرون؟ قبل أشهر‪ ،‬أي قبل قرون‪ .‬كنا نسجل إعجابنا برونالدو ونحن ملتصقون‬ ‫بكراسي المقاهــي أو متمددون على األرائــك‪ .‬تقولون من؟ بلى‪َ ،‬‬ ‫تذ َّكروا‪ :‬ذلك الالعب‬ ‫البرتغالي المتعجرف النرجسي الذي كان يظن نفسه مركز العالم‪.‬‬ ‫ستقولون لي‪:‬‬ ‫ نعم‪ ،‬ولكنه كان موهوبا‪.‬‬‫ً‬ ‫أية موهبة؟ الركض أسرع قليال من شخص آخر؟ امتالك مرونة رأسية بضعة سنتيمترات‬ ‫أكثر من ابن عمه؟ خبط الكرة مثل شخص أصم؟‬ ‫لقد جذب إليه كل األنظار‪ -‬والدوالرات أيضا‪ .‬خالل ذلك‪ ،‬كان أطباء وممرضون يكرسون‬ ‫أنفسهم بشكل يومي إلنقاذ أرواح بشرية‪ .‬وقد خمن صديقي طبيب التخدير المقيم‬ ‫بمراكش أن دخله السنوي يعادل ما يجنيه رونالدو في ‪ ...‬نصف يوم‪ .‬لكن يبدو أن ال أحد‬ ‫كان يرى األمر مخزيا‪.‬‬ ‫هل تذكرون؟ قبل أشهر‪ ،‬أي قبل قرون‪ .‬أولئك الذين كانوا يجلسون في منازلهم جاحظي‬ ‫األعين أو يرابطون في مقاهي االنترنيت‪ ،‬متأملين بإعجاب البنية التشريحية لجسد كيم‬ ‫كارداشيان‪ ،‬المشهورة ألنها فقط مشهورة‪ .‬امرأة ال تمتلك أية موهبة محددة‪ ،‬وال أدنى‬

‫شيء يميزها‪ ،‬وتكاد تكون أميّة‪ ،‬لكنها غنية‪ ،‬صاحبة مليارات‪ ،‬ألن لها‪ ،‬هي ومؤخرتها‪،‬‬ ‫«متتبعين»‪ ،‬ماليين من الخُشُب المسَنَّدة والحمقى‪.‬‬ ‫في تلك األثناء‪ ،‬كان الباحثون وعمال المختبرات يعملون بجد لتطوير األدوية واللقاحات‬ ‫والعالجات‪ .‬وكانوا يحصلون على أجر شهري ال يتعدى ثمن زوج أحذية مما تلبسه التافهة‬ ‫كارداشيان‪.‬‬ ‫هل تذكرون؟ قبل أشهر‪ ،‬أي قبل قرون‪ ،‬إعجابنا بالمهرجين من الدرجة الثالثة‪ ،‬وبنجوم‬ ‫اليوتوب‪ ،‬والمضاربين‪ ،‬وصاحب الفيراري‪ ،‬والدجالين باعة المياه السحرية ‪...‬‬ ‫خالل ذلك…‬ ‫لكن ما الفائدة من االستمرار في مثل هذا الحديث؟ كانت الصحوة قاسية‪ .‬هل رونالدو‪،‬‬ ‫هل التافهة كارداشيان بماكياجها السمج‪ ،‬هما اللذان سينقذان العالم؟ لنأمل أن تكون‬ ‫هذه األزمة بداية الترتيب الحقيقي للقيم‪.‬‬ ‫على أية حال‪ ،‬إليكم اقتراحا ملموسا‪ :‬لنقرر أال يحصل العب كرة قدم بعد اآلن‪ ،‬أو نجمة‬ ‫معتمدة على جسدها‪ ،‬أو رئيس بلدية‪ ،‬على سنتيم واحد في الشهر أكثر من صديقي‬ ‫طبيب التخدير ‪ -‬الذي يكون ربما أنقذ حيوات في هذه األثناء‪.‬‬ ‫ولن يهم أبدا إن لم نفز بكأس إفريقيا‪ ،‬إن ارتدينا مالبس عادية جدا‪ ،‬إن لم يركب‬ ‫رئيس البلدية سيارة مرسيدس‪.‬‬ ‫على األقل سنعيش في مجتمع فهم أخيرًا من هم أبطاله الحقيقيون‪.‬‬

‫تحية إكبار وإجالل‬ ‫لألطر الصحية‬

‫هنا الناس‬ ‫هنا النا�س‬ ‫و اخلوف قيتارة الروح‬ ‫العازفون مروا من حتت الغيم‬ ‫يعزفون ملن يخبيء �آالمه حتت ال�صدر‬ ‫ويتكيء على حمبته للحياة‬ ‫فنحن هنا كي نعي�ش‬ ‫وكي نلد ن�سال يربي الورد‬

‫الصادق الرمبوق‬

‫طنجة‪ ،‬اجلمعة ‪� 16‬شعبان ‪1441‬ه ‪� 10 /‬أبريل ‪2020‬م‬

‫ميكن �أن يكون الرتاب مرا‬

‫ــاء‬ ‫و�س َنا �أَ ْ�س َمــى ا ْن ِح َن ِ‬ ‫ِل َت ِاج ُر�ؤُ ِ‬

‫يب ِم َن ُّ‬ ‫الدعَ ِاء‬ ‫�ص مَ ا ي َِط ُ‬ ‫َو�أَ ْخ َل ُ‬

‫َــــار‬ ‫ِل َ�سادَ ِاتـي َْ أ‬ ‫ال ِط َّب ِ‬ ‫اع ِتب ٌ‬ ‫ــاء ْ‬

‫ـــل عَ ِن ا ْل ِعبَار َِة يِف َّ‬ ‫ي َِج ُّ‬ ‫ــاء‬ ‫الث َن ِ‬

‫و لأن الكهف يتدثر بالي�أ�س‬

‫ــد َ‬ ‫َ�ص ُّ‬ ‫و َ​َ�س ِائ ِر مَ ْ‬ ‫ون المْ َ َنايَـــا‬ ‫ــن ي ُ‬

‫و َِب ْ أَ‬ ‫َـــــاء‬ ‫َاح َجادُ وا يِف ا ْلوَ ب ِ‬ ‫��ال ْرو ِ‬

‫ميكن �أن يكون ال�صمت بكاءا‬

‫ال�شهَـامَ ُ‬ ‫َف ِل َّل ِه َّ‬ ‫ــــــال‬ ‫ـــــة يِف ِر َج ٍ‬

‫لِهَّ‬ ‫ال�ش َجـــاعَ ُ‬ ‫َل َّ‬ ‫ــــاء‬ ‫ـــة يِف ِن َ�س ِ‬ ‫و ِ‬

‫ِب�أَ ْن ُف ِ�س ِه ْم يُ َ‬ ‫ــون ْ‬ ‫�ض ُّح َ‬ ‫اف ِت َ‬ ‫اء‬ ‫ــــد ً‬

‫�س يِف ا ْل ِف َد ِاء‬ ‫َو َر�أْ ُ‬ ‫�س ا ْلب َْذ ِل َن ْف ٌ‬

‫وَمَ ْن يُ ْ�س ِل ْم ِب َ�س ِاح َّ‬ ‫الد ْف ِع ُروح ًا‬

‫َف َما عَ ْن ُر ْتب َِة ُّ‬ ‫ـــاء‬ ‫ال�شه َ​َد ِاء َن ِ‬

‫حتب احلياة‬

‫َام ِت َ‬ ‫ــــد ٍِاح‬ ‫َ�س َن ْح ِم ُل َح َّق ُ�ش ْك ٍر و ْ‬

‫اج ِر وَا ْر جِ َ‬ ‫مِ ُ‬ ‫ــاء‬ ‫ت ِ‬ ‫ب ْك ٍث يِف المْ َ َح ِ‬

‫�أيها العازفون حتت الغيم‬

‫َلعَ َّل الحْ ِ ْف َ‬ ‫ــــر ٍز‬ ‫ظ ي َْك َ أ‬ ‫لُ ُك ْم ِب ِح ْ‬

‫ــر ا ْلبَـــلاَ ِء‬ ‫ـــــع َ�ش َّ‬ ‫َح ِ�ص ٍ‬ ‫ني مَ ِان ٍ‬

‫وف ُ‬ ‫ــــم َح ّقـــ ًا و َ​َل ِك ِ ْ‬ ‫ـــن‬ ‫يك ُ‬ ‫وَمَ ـــا ُن ِ‬

‫ـــادي ِف ُ‬ ‫ــــاء‬ ‫ال�س َم ِ‬ ‫ُن َن ِ‬ ‫يك ُم ر ََّب َّ‬

‫لأن ماء ال�سماء �أ�صبح غريبا‬

‫لأن لل�سان نا�شف‬ ‫ولأن بائع اللغة ك�سر احلروف‬ ‫هنا النا�س‬ ‫كل النا�س‬

‫�إنه حلن احلياة‬

‫عبد العزيز حاجوي‬ ‫الدار البي�ضاء‬


‫‪10‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬ ‫(‪)942‬‬

‫جديد دراسات السرد المغربي الحديث‪..‬‬ ‫سناء غيالن وعوالم مدينة أصيال العجيبة‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫التي تعانق الشمس والبحر ومعالمها التاريخية واألثرية التي تحتضن مواسم‬ ‫الزالت مدينة أصيال تلهم قطاعات واسعة من مثقفي المغرب المعاصر‪،‬‬ ‫بحثا في تفاصيل خصوبة المكان وفي غنى التراث الرمزي الذي يصنع‬ ‫اإلبداع والفن‪ ،‬فقد تابعت المشهد الثقافي من نعومة أظافري‪ ،‬ومنذ أن‬ ‫للمدينة هويتها الثقافية المميزة‪ ،‬الفريدة والمركبة‪ ،‬األصيلة والمتجانسة‪.‬‬ ‫صرت أجدل أولى ضفائري‪ ...‬فمن شغب الريشة واأللوان على الجدران‬ ‫وإذا كان اسم المدينة الثقافي والحضاري واإلنساني قد ارتبط بحصيلة‬ ‫بباحة قصر الثقافة إلى أماسي وسهرات ساحة القمرة‪ ،‬إلى لقاءات وندوات‬ ‫تراكم المنجز اإلبداعي الذي حققته نخب المدينة‪ ،‬مما اكتسى بعدا إشعاعيا‬ ‫مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية التي تنظمها جامعة المعتمد بن‬ ‫واسعا تجاوز المجال الجغرافي الضيق للمدينة مثلما هو الحال مع تجارب كل‬ ‫عباد الصيفية في إطار موسم أصيلة الثقافي والفني‪ .‬أما خالل أيام الدراسة‬ ‫من أحمد عبد السالم البقالي ومحمد البوعناني والمهدي أخريف ومحمد‬ ‫والتحصيل فكانت جمعية قدماء ثانوية اإلمام األصيلي‪ ،‬هي العراب األول‪.‬‬ ‫المليحي وخليل غريب‪ ،‬فالمؤكد أن المواكبة النقدية التفكيكية تشكل خير‬ ‫أما من جهة أخرى‪ ،‬فإن الحكاية الشعبية أضحت العالم األمثل واألجمل‬ ‫أداة لعقلنة شروط التعاطي مع قيم هذه األرصدة‪ .‬ال يتعلق األمر بدراسات‬ ‫الذي نشأت في كنفه‪ ،‬فقد أتيحت لي فرصة أعتبرها نواة تكويني األدبي‬ ‫ما‬ ‫ولمسلماتها‪ ،‬بقدر‬ ‫استيهامية مطمئنة لنوسطالجياتها‬ ‫الميموني‬ ‫وليقينياتها ‪ :‬فاطمة‬ ‫حوار وتقديم‬ ‫خاصة على مستوى الكتابة التخييلية‪ ،‬وهي فرصة القراءة منذ الطفولة‪...‬‬ ‫أنها أعمال أكاديمية تسعى لتطويع المكان ولتحويله إلى أرضية للتشريح‬ ‫وللتأمل على ضوء مناهج النقد المعاصر وتطوراتها الراهنة‪ ،‬ثم على ضوء‬ ‫فتكون لدي وعي بأننا جزء من الحكاية الكبرى‪ ،‬وهي حكاية اإلنسان والعالم‪،‬‬ ‫التقاطعات الكبرى التي أضحت لعلم التاريخ مع مختلف مظاهر عطاء التراث‬ ‫فالحكاية الشعبية هي حكايتنا جميعا‪ ،‬وهي المشترك بين كل الذين اختلفوا‪،‬‬ ‫الرمزي الناظم لما أضحى يعرف اليوم بتاريخ الذهنيات وتطور أنساق‬ ‫وهي نقطة التقاطع لكل الثقافات ولكل األجناس‪ .‬إنها اللغة التي توحد آالم‬ ‫الرموز الجماعية بحقولها الداللية المتشعبة‪ .‬وقد كانت لألستاذ مصطفى‬ ‫وآمال الشعوب‪ ،‬فهي بذلك التعبير اإلنساني األصدق‪( ”...‬ص ص‪.)13-12 .‬‬ ‫يعلى عناصر ريادية في اإلسهام في التأسيس ألرضية علمية صلبة لهذا‬ ‫واستنادا إلى هذا المرتكز المتين‪ ،‬استطاعت سناء غيالن إحكام تطويعها‬ ‫التحول العلمي األصيل‪ ،‬بعد أن استطاع تقديم دراسات أكاديمية عميقة‬ ‫لموضوع بحثها من خالل االنفتاح‪ ،‬في الباب األول من الكتاب‪ ،‬على الشق‬ ‫اختارت عوالم المبدع أحمد عبد السالم البقالي مجاال أساسيا للتأمل‬ ‫النظري المرتبط باستثمار نتائج الدراسات النقدية والفكرية المنجزة بهذا‬ ‫ولالستقراء وللتشريح النقدي‪ .‬وعلى أساس ذلك‪ ،‬أضحى األستاذ يعلى مرجعا‬ ‫الخصوص‪ ،‬داخل المغرب وخارجه‪ ،‬قبل أن تنتقل لتجريب عدتها المنهجية‬ ‫لكل األعمال النقدية الالحقة المشتغلة على الموضوع‪ ،‬وخاصة بالنسبة‬ ‫للتقاطعات القائمة‪/‬والمفترضة بين قيم الحكي الشعبي في عمقها المحلي‪،‬‬ ‫وأدواتها النقدية للبحث في تفاصيل التقاطعات الكبرى بين البعدين المحلي‬ ‫وبين قيمه اإلنسانية في امتداداتها الجغرافية والمجالية الواسعة والممتدة‬ ‫والكوني في أرصدة الحكي الشعبي المرتبط بالمدينة‪ ،‬وعلى رأسها تلك‬ ‫من جهة ثانية‪ .‬ولقد تعزز هذا المنحى‪ ،‬بانخراط جهات مختلفة لتأطير هذا‬ ‫التي أنجزها المرحوم أحمد عبد السالم البقالي‪ .‬وإلضفاء بعد إجرائي على‬ ‫الورش العلمي األصيل‪ ،‬عبر إسهامات مجددة‪ ،‬جمعت بين البعد األكاديمي‬ ‫عدتها المنهجية‪ ،‬اختارت الباحثة استثمار نتائج جهدها النظري لتفكيك متن‬ ‫المرتبط بسلسلة األطاريح الجامعية التي بدأت تنحو –أكثر فأكثر‪ -‬نحو‬ ‫محكيات “مائة حكاية وحكاية من أصيال”‪ ،‬للفنان محمد األمين المليحي‪،‬‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫االنفتاح على الموضوع من خالل قراءات متنوعة بتنوع الرؤى اإلبداعية أو‬ ‫الصادرة سنة ‪ ،2013‬وهي المحكيات التي يعود لها الفضل في “إنقاذ” الكثير‬ ‫التاريخية أو اللسانية أو السوسيولوجية‪ ،‬ثم بين البعد المدني من خالل ظهور‬ ‫إطارات جمعوية محلية وذوات فردية بدأت في تثمين التراكم المصدري للمظان وللنصوص وللمحكيات‪ .‬من مكنونات “الجدات”‪ ،‬بعد أن طالتها آلة النسيان الرهيبة‪ ،‬بفعل عوادي التكنولوجيا التواصلية الحديثة‪،‬‬ ‫ويمكن أن نستشهد –في هذا المقام‪ -‬بتجربة جمعية ابن خلدون للبحث التاريخي واالجتماعي بأصيال وبحكم –كذلك‪ -‬النظرة التبخيسية التي ظلت تحكم رؤى الكثير من نخب الثقافة والفكر بالمغرب تجاه‬ ‫في نشر العديد من األعمال والمحكيات التراثية‪ ،‬وكذلك بتجارب مبدعي المدينة ممن يستلهمون األفق مكنونات التراث الشعبي غير المدون‪.‬‬ ‫العام للذاكرة الشعبية في مسار إنتاجها للرموز وللمحكيات ولمختلف التعبيرات الذهنية المجردة‪ ،‬مثلما‬ ‫لقد استطاعت األستاذة سناء غيالن تقديم عمل غير مسبوق‪ ،‬نجح في اقتحام قالع التحصينات‬ ‫هو الحال مع أعمال الشاعر المهدي أخريف واألستاذ مصطفى المهماه والفنان محمد األمين المليحي‪.‬‬ ‫األكاديمية للجامعة المغربية‪ ،‬بعد أن أعادت للموضوع عذريته‪ ،‬وأضفت عليه صفات اإلثارة الضرورية لكل‬ ‫نقدية”‪،‬‬ ‫في إطار هذا التوجه العام‪ ،‬يندرج صدور كتاب “القصص الشعبي في أصيلة‪ -‬دراسة ثقافية‬ ‫عمل علمي يتوخى التجديد والتأصيل لضوابط نبشه وآلفاق اشتغاله‪ .‬هي كتابة تأسيسية تستفيد من‬ ‫مطلع سنة ‪ ،2020‬لمؤلفته األستاذ سناء غيالن‪ ،‬ضمن منشورات مؤسسة منتدى أصيلة‪ ،‬وذلك في ما نتائج آخر االجتهادات المتخصصة وطنيا ودوليا‪ ،‬وتسعى إلى تبيئتها مع الوسط المحلي الضيق لالرتقاء‬ ‫مجموعه ‪ 286‬من الصفحات ذات الحجم الكبير‪ .‬والكتاب‪ ،‬في األصل‪ ،‬أطروحة جامعية دافعت عنها صاحبتها بتراثه الرمزي إلى مستوى الخلود والتثمين‪ .‬ال يتعلق األمر بدراسة نقدية أدبية في معناها التخصصي‬ ‫لنيل شهادة الدكتوراه في اآلداب‪ ،‬ثم ارتأت نشرها لتعميم مضامينها بين الباحثين والمهتمين‪ .‬ويمكن‬ ‫الحصري الضيق‪ ،‬بقدر ما إنها إسهام وازن في تعزيز حقل تاريخ الذهنيات باعتباره فرعا مميزا لمجمل‬ ‫القول‪ ،‬إن العمل يجسد خيطا رفيعا ناظما بين تجليات العشق الفطري والصوفي لمعالم المكان ولوجوه‬ ‫الناس لدى نخب المدينة ومثقفيها من جهة أولى‪ ،‬ثم بين النزوعات العلمية الهادفة إلى استثمار تعبيرات التطورات المنهجية الهائلة التي أصبحت تعرفها مجاالت كل من علم التاريخ وعلم السوسيولوجيا وعلم‬ ‫هذا “العشق المزمن” في أعمال قطاعية لها مصداقيتها العلمية في تفكيك طراوة التعبيرات الرمزية اللسانيات والنقد الثقافي الحديث‪ .‬وفي هذا الجانب بالذات‪ ،‬تكمن أصالة أطروحة األستاذة سناء غيالن‪،‬‬ ‫للموروثات الحضارية من جهة ثانية‪ .‬ولقد أجملت األستاذة سناء غيالن معالم هذا التداخل بين غزارة كعمل يروم مد الجسور بين تخصصات شتى داخل حقول العلوم اإلنسانية الحديثة‪ ،‬مما يفتح المجال‬ ‫التراث المادي والرمزي وبين مؤثرات التنشئة الثقافية المدنية الكثيفة‪ ،‬عندما قالت في كلمتها التقديمية‪ :‬واسعا أمام تطوير نتائج العمل وخالصاته الكبرى‪ ،‬في أفق تحويل ورش “ذاكرة أصيال” إلى مصدر لإللهام‬ ‫“وألن الطفولة التي عشتها بهذه المدينة العتيقة‪ ،‬باتت معلقة بجدرانها وأسوارها وأزقتها وشرفاتها المتواصل‪ ،‬وللعطاء المجدد‪ ،‬وللتخييل األخاذ‪ ،‬وللنقد المنتج لقيم الجمال واإلبداع واالنتماء لإلنسان‪.‬‬

‫بــــالغ‬

‫بغالف مالي يفوق ‪ 28‬مليون درهم ‪“ ..‬جهة الشمال”‬ ‫تدعم صمود األسر وقدرات الجماعات أمام جائحة “كورونا”‬

‫جعل مجلس جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪ ،‬من تخفيف معاناة األسر المتضررة من تداعيات‬ ‫حالة الطوارئ الصحية‪ ،‬مدخال أساسيا لتفعيل انخراطه في الجهود المبذولة لمواجهة وباء‬ ‫“كوفيد‪ ،”-19‬كما أخذ المجلس‪ ،‬على عاتقه مأمورية المساهمة في توفير احتياجات الجماعات‬ ‫الترابية باألقاليم الثمانية في الجهة‪ ،‬من خالل توفير مواد وآليات التعقيم الالزمة للحد من‬ ‫انتشار الجائحة‪.‬‬ ‫ولهذا الغرض‪ ،‬خصص مجلس الجهة‪ ،‬اعتمادات مالية مهمة‪ ،‬للوفــاء بمتطلبات هذه‬ ‫التدابير‪ ،‬بلغ مجموعها ما يفوق ‪ 28‬مليون درهم‪ ،‬من أجل دعم الساكنــة المتضررة بالجهة‬ ‫بالمواد الغذائية‪ ،‬وكذا لتعزيز التدابير الصحية المتخذة في مجال مكافحة هذا الوباء‪ ،‬والسيما‪،‬‬ ‫عبر توفير آليات ومواد التعقيم بتراب الجهة‪.‬‬ ‫واوضحت رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬السيدة فاطمة الحساني‪ ،‬في هذا‬ ‫اإلطار‪ ،‬أن مجلس الجهة ركز في انخراطه في جهود محاربة فيروس “كورونا”‪ ،‬على الجانب‬ ‫االجتماعي واإلنساني‪ ،‬بالنظر للتداعيات االقتصادية لحالة الطوارئ الصحية على عدد كبير من‬ ‫األسر‪ ،‬في الوقت الذي تفاقمت فيه االزمة االقتصادية في بعض المناطق التي كانت قد تضررت‬ ‫من إغالق باب سبتة‪ ،‬على غرار إقليم فحص أنجرة وعمالة المضيق الفنيدق ونواحيهما‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬تضيف السيدة الحساني‪ ،‬ان مجلس الجهة خصص لهذا الجانب موارد مالية بقيمة‬ ‫‪ 16‬مليون درهم من مجموع المخصصات المرصودة‪ ،‬بمعدل مليوني درهم لفائدة كل إقليم‪،‬‬ ‫على أن يتم التركيز بشكل أساسي على العالم القروي‪ ،‬على اعتبار أن اغلب األسر المتضررة‬ ‫اقتصاديا من تفشي الجائحة تقطن في البوادي والقرى‪.‬‬ ‫وشددت رئيسة المجلس‪ ،‬إلى أن مجلس الجهة‪ ،‬حريص على إيصال المساعدات الغذائية‬ ‫لألسر المستحقة‪ ،‬بشكل مباشر من خالل التنسيق مع السلطات المحلية بمختلف األقاليم‬ ‫الثمانية‪.‬‬

‫دعم احتياجات الجماعات الترابية باألقاليم الثمانية‪،‬من آليات ومعدات ومواد التعقيم‪ ،‬يمثل‬ ‫الشق الثاني من انخراط مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬في مواجهة جائحة “كوفيد‪،”-19‬‬ ‫إذ تم تخصيص ما يفوق ‪ 7‬ماليين درهم لهذا الجانب‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬باشرت مصالح مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬منذ األسبوع الماضي‪،‬‬ ‫عملية توزيع مواد التعقيم على أقاليم الجهة الثمانية‪ ،‬التي تضم ‪ 146‬جماعة ترابية‪ ،‬تستفيد‬ ‫جميعها من كمية إجمالية من هذه المعقمات‪ ،‬تبلغ ‪ 16‬طن‬ ‫ويؤكد مجلس جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪ ،‬أن هذه الخطوة‪ ،‬تأتي تفاعال مع المبادرة‬ ‫الملكية السامية السباقة والموسومة بروح المواطنـة العاليــة‪ ،‬والقاضية بإحداث صندوق‬ ‫لمواجهة جائحة كورونا‪ ،‬وتفاعال مع ما تشهده مختلف جهات المملكة من عمليات دعم األسر‬ ‫التي تعاني من الهشاشة‪ ،‬والتي انخرطت فيها كل مكونات الشعب المغربـي من مؤسسات‬ ‫عمومية وخاصة وجمعيات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد‪ ،‬نوه المجلس بمختلف الجهود المبذولة من قبل مختلف المتدخلين‬ ‫ببالدنا‪ ،‬وفي مقدمتهم األطر الطبية‪ ،‬وشبه الطبية‪ ،‬والسلطات العمومية‪ ،‬والقوات العمومية‪،‬‬ ‫وعامة الشعب المغربي‪ ،‬الذين انخرطوا بكل وعي ومسؤولية‪ ،‬على التوالي‪ ،‬في تنفيذ واحترام‬ ‫التدابير الوقائية من أجل الحد من مخاطر هذا الوباء الفتاك‪.‬‬ ‫هذا وتجدر اإلشارة إلى أن رئيسة مجلس الجهة وأعضاء المكتب ورؤساء الفرق السياسية‬ ‫واللجان ونوابهم‪ ،‬قـــد قرروا التنــازل عن تعويضاتهم عن المهام االنتدابية لشهر لفائدة‬ ‫الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد‪ ،‬الذي تم إحداثه بتعليمات سامية من‬ ‫طرف صاحب الجاللة الملك محمد السادس‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫عامل إقليم الحسيمة يتدخل لحماية قطاع‬ ‫الصيد البحري من تداعيات كورونا‬ ‫عقدت يوم اإلثنين ‪ 13‬أبريل الجاري لجنة‬ ‫اليقظة بميناء الحسيمة‪ ،‬اجتماعا خصص لبحث‬ ‫اإلجراءات والتدابير الرامية إلى حماية قطاع‬ ‫الصيد البحري باإلقليم من تداعيات جائحة‬ ‫كورونا‪ .‬وانعقد هذا االجتماع بتعليمات من‬ ‫عامل إقليم الحسيمة‪ ،‬فريد شوراق‪ ،‬بحضور‬ ‫كل من نائب رئيس غرفــة الصيـــد البحري‬ ‫المتوسطية‪ ،‬والمندوب اإلقليمي للصيد البحري‪،‬‬ ‫والمندوبة اإلقليمية للمكتب الوطني للصيد‬ ‫البحري بالحسيمة‪ ،‬وممثل السلطة المحلية‪.‬‬ ‫وأقر االجتماع عددا من التدابير الرامية إلى‬ ‫الحد من تداعيات جائحة كورونا على مستوى‬ ‫ميناء الحسيمة‪ ،‬من بينها تحديد العدد األقصى‬ ‫للبحارة المسموح لهم بالولوج إلى مختلف أنواع‬ ‫مراكب الصيد في ‪ 17‬بحارا بالنسبة لمراكب‬ ‫صيد السردين‪ ،‬وما بين ‪ 8‬و ‪ 12‬بحارا بالنسبة‬ ‫لمراكب الصيد بالجر‪ ،‬و‪ 7‬بحارة كحد أقصى‬ ‫بالنسبة لمراكب الصيد بالخيط ‪ .‬واستعرض‬ ‫المشاركون في االجتماع أهمية اإلجراءات التي‬ ‫تم اتخاذها في وقت سابق على مستوى الميناء‬ ‫والتي مازالت سارية المفعول‪ ،‬السيما ما يتعلق‬

‫بتعقيم مراكب الصيد كل ‪ 48‬ساعة‪ ،‬وقرار‬ ‫إلزامية ارتداء الكمامات الواقية في حق كل من‬ ‫يلج بوابة الميناء أو يقصد سوق بيع السمك به‪.‬‬ ‫كما تم التأكيد‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬على ضرورة تضافر‬

‫مكتب الحافظي يشرع في استغالل‬ ‫مشروع مهم لتقوية تزويد‬ ‫مدينة ورززات بالماء الشروب‬

‫الجهود من أجل الحفاظ على صحة وسالمة‬ ‫البحارة ومهنيــي الصيـــد البحري باإلقليـــم‬ ‫ووقايتهـم من خطـــر العــدوى بفيـــروس‬ ‫كورونـــا‪.‬‬

‫إعفاء مجموعة من المسؤولين في مندوبية الصحة‬ ‫بالحسيمة من مهامهم وهذه التفاصيل‬ ‫أكدت مصادر جد مطلعة للجريدة أن وزير‬ ‫الصحة أشر يوم األربعاء ‪ 15‬ابريل على عن‬ ‫إعفاء كل من رئيسة قطب الشؤون اإلدارية‪،‬‬ ‫ورئيس المصلحة اإلدارة والشؤون االقتصادية‬ ‫بالمندوبيةاالقليميةللصحةبالحسيمة‪.‬‬ ‫ويذكــر أنه ايضــا أعفـي الوزير المندوب‬ ‫االقليمي للصحة بالحسيمة الذي تم تنقيله الى‬ ‫مدينة سيدي قاسم ‪ ،‬ليشتغل نفس المنصب‬ ‫وفي نفس السياق سيلتحق المندوب االقليمي‬ ‫السابق لمدينة جرادة لشغل كمندوب الصحة‬ ‫للحسيمة‪ .‬كما تك إعفاء مندوب الصحة بسيدي‬ ‫قاسم من مهامه‬ ‫وترجح المصادر أن تكــون تقارير لجنة‬ ‫تحقيق تابعة لوزارة الصحة قد حلت مؤخرا‬ ‫باإلقليم وأعدت ملف عن مجموعة من الصفقات‬ ‫التي تم ابرامها مع شركات لتزويد مستشفى‬ ‫القرب بإمزورن بالمعدات التقنية واللوجستيكية‬ ‫الخاصة بالمستشفيات وراء قرار االعفاء من‬ ‫المهام في حق المسؤولين السابق ذكرهم‪.‬‬

‫الحبس والغرامة في حق ‪ 3‬أشخاص لخرقهم‬ ‫حالة الطوارئ الصحية بالحسيمة‬

‫أصدرت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة االبتدائية‬ ‫بالحسيمة‪،‬يوم اإلثنين حكما بالسجن والغرامة‪ ،‬في حق‬ ‫ثالثة أشخاص‪ ،‬لخرقهم حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت‬ ‫عنها السلطات يوم ‪ 19‬مارس الماضي ودخلت حيز التنفيذ‬ ‫يوم‪ 20‬من الشهر ذاته‪ ،‬لمواجهة تفشي فيروس كورونا‬ ‫بالمغرب‪.‬‬ ‫وأفاد مصدر للجريدة أن أحد المتهمين تمت متابعته‬ ‫في حالة اعتقال‪ ،‬فيما توبع اإلثنين اآلخرين في حالة سراح‪،‬‬ ‫وذلك بعد أن وجهت لهم النيابة العامة جميعا‪ ،‬تهم خرق‬ ‫القرارات الصادرة عن السلطة العمومية في إطار حالة‬ ‫الطوارئ الصحية‪ ،‬وإهانة موظف عمومي خالل مزاولته‬ ‫لمهامه‪ ،‬ومقاومة تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة‬ ‫ومخالفة قرار صادر عن السلطة اإلدارية بصورة قانونية كل‬ ‫حسب المنسوب اليه‪.‬‬ ‫وقضت المحكمة بإدانة المتهم االول بشهر حبسا نافذا‬ ‫وغرامة نافذة قدرها ‪ 1000‬درهم‪ ،‬فيما حكمت على كل واحد‬ ‫من باقي المتهمين بغرامة نافذة قدرها ‪ 1000‬درهم‪ ،‬مع‬ ‫تحميلهم الصائر تضامنا فيما بينهم وتحديد مدة اإلجبار في‬ ‫األدنى‪.‬‬ ‫يذكر أن المصالح األمنية بامزورن بني بوعياش بإقليم‬ ‫الحسيمة‪ ،‬كانت قد اعتقلت‪ ،‬المحكوم عليهم الثالثة خالل‬ ‫األسبوع ما قبل الماضي لخرقهم إجراءات حالة “الطوارئ‬ ‫الصحية‪.‬‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫في إطار التعبئة الوطنية من أجل مواجهة‬ ‫«جائحة كورونا»‪ ،‬واستجابة منه للواجب‬ ‫الوطني في هذا الظرف االستثنائي‪ ،‬يواصل‬ ‫المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب‬ ‫تعبأته الشاملة لضمان تزويد كافة المواطنين‬ ‫والمواطنات بالكهرباء والماء الشروب وخدمة‬ ‫التطهيرالسائل‪.‬‬ ‫لهذه الغاية‪ ،‬أعد المكتب خطة عمل تهدف‬ ‫إلى تأمين استمرارية خدمات الكهرباء والماء‬ ‫الشروب والتطهير السائل وكذا حماية موارده‬ ‫البشرية ضد مخاطر هذه الجائحة‪.‬‬ ‫كما وضع المكتب مجموعة من التدابير‬ ‫لفائدة زبنائه بهدف تيسير تواصلهم مــع‬ ‫المكتب خالل فترة حالة الطوارئ الصحية والحد‬ ‫من تنقالتهم‪.‬‬ ‫واستمرارا لهذه الجهود‪ ،‬يواصل مهندسو‬ ‫وأطر وتقنيو المكتب تعبأتهم القوية لتلبية‬ ‫الطلب على الماء الشروب والكهرباء وتسريع‬ ‫وتيرة إنجاز المشاريع المبرمجة‪.‬‬ ‫في إطار هذه التعبئة‪ ،‬شرع المكتب‪ ،‬منذ‬ ‫‪ 27‬مارس ‪ ،2020‬في استغــالل مشروع جديد‬ ‫لتقوية تزويد مدينة ورززات بالماء الشروب‬ ‫انطالقا من سد السلطان موالي علي الشريف‪.‬‬ ‫ويندرج إنجاز هذا المشروع الكبير في إطار‬ ‫رؤية صاحب الجاللة الملك محمد السادس‬ ‫نصره اهلل من أجل تعميم وتأمين التزويد بالماء‬ ‫الشروب بجميع ربوع المملكة كما يندرج في‬

‫إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب‬ ‫ومياه السقي ‪.2027-2020‬‬ ‫وسيكون لهذا المشروع الكبير‪ ،‬الذي تبلغ‬ ‫كلفته ‪ 220‬مليون درهم‪ ،‬آثار إيجابية على‬ ‫مستوى مدينة ورززات من خالل تلبية الطلب‬ ‫على الماء الشروب لفائدة ساكنة يبلغ عددها‬ ‫‪ 140.000‬نسمة‪.‬‬ ‫وقد شمل المشروع إنجاز مجموعة من‬ ‫المنشآت الرئيسية التالية‪:‬‬ ‫ قناة الماء الخام على طول ‪ 5،8‬كلم؛‬‫ محطة لمعالجة المياه بسعة إلنتاج الماء‬‫الشروب تبلغ ‪ 250‬لتر‪/‬الثانية؛‬ ‫ خزان الماء بسعة ‪ 500‬متر مكعب؛‬‫ قناة للمياه المعالجة على طول ‪ 40‬كلم؛‬‫ خط كهربائي على طول ‪ 35‬كلم‪.‬‬‫وسيمكن هذا المشروع الكبير من تأمين‬ ‫تزويد مدينة ورززات والمراكز المجاورة بالماء‬ ‫الشروب في أفق ‪( 2035‬مركز غسات والدواوير‬ ‫المجاورة‪ ،‬جماعة آيت زينب‪ ،‬جماعة تارميكت‪،‬‬ ‫مركز تازناخت والدواوير المجاورة‪ ،‬وحظيرة‬ ‫الطاقة الشمسية نور ورززات)‪ .‬كما سيساهم‬ ‫في تحسين الظروف المعيشية للسكان ومواكبة‬ ‫التنمية االقتصادية واالجتماعية للمنطقة‪.‬‬

‫القبض على حالق رفقة زبنائه‬ ‫ببني بوعياش بالحسمية لخرقهم‬ ‫حالة الطوارئ الصحية‬

‫أفـــادت مصادر مطلعـــة للجريدة أن‬ ‫السلطات األمنية ببني بوعياش‪ ،‬تمكنت أمس‬ ‫الثالثاء‪ 14‬ابريل ‪ ،2020‬من إلقاء القبض على‬ ‫حالق ببني يوعياش نواحي الحسيمة رفقة ‪3‬‬ ‫من زبنائه‪ ،‬لمخالفتهم تدابير حالة الطوارئ‬ ‫الصحية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية يوم‬ ‫‪ 19‬مارس الماضي‪ ،‬للحـد من انتشار فيروس‬ ‫كورونا‪.‬‬ ‫وأكد نفس المصدر الحــالق الذي ضُبط‬ ‫من طرف رجال االمن وهو يزاول عمله داخل‬ ‫محله‪ ،‬وبرفقته ثالثة من زبنائــه‪ ،‬في خرق‬ ‫للتدابير واإلجراءات التي اتخذتها السلطات‬ ‫والتي دخلت حيز التنفيذ يوم ‪ 20‬مارس‬ ‫الماضي‪ ،‬والمحتمل أن تستمر حتى ‪ 20‬أبريل‬ ‫الجاري‪ ،‬أو يتم تمديدها من جديد‪.‬‬ ‫وأضـاف المصــدر ذاته‪ ،‬أن الموقوفيــن‬ ‫تم وضعهم رهـن تدابير الحراسة النظرية‬

‫لدى عناصر الضابطة القضائية بعــد إشعار‬ ‫النيابــة العــــامــة‪ ،‬في انتظـار تقديمهـــم‬ ‫أمــام القضاء‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫ثمانينية تهزم فيروس كوفيد ـ ‪19‬‬

‫سجل المستشفى اإلقليمي اللة مريم بالعرائش تعافي مسنة‬ ‫تبلغ من العمر ‪ 84‬سنة من فيروس كورونا المستجد‪ ،‬ويتعلق األمر‬ ‫بسيدة تنحدر من مدينة القصر الكبير حيث تعتبر أول حالة سجلت‬ ‫بهذه المدينة‪.‬‬ ‫و قد غادرت المستشفى اإلقليمي لال مريم زوال يوم األحد ‪12‬‬ ‫أبريل ‪ ، 2020‬وهذا بعدما تماثلت للشفاء تبعا للبروتكول المعمول به‬ ‫مع الحاالت المصابة بفيروس كوفيد ‪.19‬‬

‫فقد ودعت المستشفى بعدما مكثت به ألكثر من أسبوع ‪ ،‬حيث‬ ‫تلقت فيه العالج والتتبع من طرف األطر الطبية الذين استحسنوا‬ ‫حالتها وتفاعلها مع العالج‪ ،‬علما أنها كانت تعاني من أمراض مزمنة‪.‬‬ ‫إذن فتحية لكل األطر الساهرة على تتبع الحاالت المصابة من‬ ‫أجل مواكبة عالجها واستشفائها‪ ،‬ونتمنى لباقي الحاالت أن تستجيب‬ ‫للعالج‪.‬‬

‫الهالل األحمر المغربي فرع العرائش حاضر‬ ‫في المشهد التضامني والتوعوي‬ ‫في زمن «كورونا»‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫إبداع طلبة كلية العرائش في تصميم‬ ‫نموذج واقيات وصمامات خاصة بأقنعة‬ ‫التنفس اإلصطناعي‬

‫تم يوم اإلثنين ‪ 13‬أبريل تقديم النموذج األولي وكذا خط إنتـــاج الواقيات والصمامات‬ ‫الخاصـــة بأقنعـــة التنفـــس اإلصطناعي المنجزة من طرف طلبة الكلية المتعددة اإلختصاصات‬ ‫بالعرائش تحت إشراف األستاذ العربي السطي والتي تدخل في إطار الجهود المبدولة لمكافحة‬ ‫وباء ‪. covid-19‬‬ ‫التقديم تم بحضور السيد باشا العرائش والدكتور مشيج القرقري والدكتور محمر الرزامي‬ ‫كنواب لرئيس جماعة العرائش والدكتور فهدالصافي اختصاصي التخذير واإلنعاش بمستشفى‬ ‫العرائش‪.‬‬

‫حس إنساني متميز لتنسيقية تجار مدينة‬ ‫العرائش خالل ظرفية «كورونا»‬

‫في عمل إنسانـي كبير‪ ،‬استطاعت تنسيقيــة تجــار مدينــة العرائش‪ ،‬توزيع عشـــرات‬ ‫المساعداتالعينية لمجموعة من االسرة المحتاجة بمدينة العرائش ‪ ،‬طيلة أيام الحجر الصحي‪،‬‬ ‫وقد أشرفت خلية نشيطة من التنسيقية على توصيل المساعدات للمحتاجين إلى منازلهم ‪.‬‬ ‫كل هذا يحدث بعيدا عن الترويج اإلعالمي احتراما لخصوصية الناس‪ ،‬ووعيا بحساسية‬ ‫المرحلة التي دفعت مجموعة من األسر العرائشية إلى العوز والحاجة‪ ،‬بعد توقف مصد رزقها‬ ‫بسبب الحجر الصحي ‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة أن العرائش نيوز عرضت على التنسيقية مواكبة حملتها الخيرية دون‬ ‫التعرض للمستفيدين إال أن التنسيقية أصرت على أن يبقى عملها سري من أوله إلى آخره‪.‬‬

‫في مواكبة لجنود الظل بالعرائش‬

‫في إطار برنامج التصدي النتشار فيروس كورونا كوفيد ‪،19‬‬ ‫تستمر عمليات المكتب اإلقليمي للهالل األحمر المغربي بالعرائش‬ ‫والتي تمثلت اليوم في المساهمة في تنظيم عمليات التسوق بكل‬ ‫من السوق المركزي ( البالصا)‪ ،‬سوق القرب جنان فرانسيس‪ ،‬وسوق‬ ‫الرحمة‪ ،‬حيث همت هذه العمليات توعية المتسوقين بضرورة احترام‬ ‫مسافة األمان وكذا ضرورو ارتــداء الكمامات إضافـة إلى عــدد من‬ ‫الرسائل الوقائيــة‪.‬‬ ‫إضافة إلى ما سبق قام المكتب اإلقليمي للهالل األحمر المغربي‬ ‫بالعرائش إلى المساهمة في تنظيم عمليــات سحب أموال الدعــم‬

‫العمومي من طرف المواطنين بالوكاالت البنكيــة ووكاالت تحويــل‬ ‫االموال‪ ،‬وذلك تجنبا لالكتظاظ الذي يهدد سالمة المواطنين‪.‬‬ ‫بجانب ذلك ساهم متطوعوا الهالل األحمر المغربي بالعرائش في‬ ‫تنظيم عمليات أداء فواتير الماء و الكهرباء بالوكالة المستقلة لتوزيع‬ ‫الماء و الكهرباء بجنان فرانسيس‪.‬‬ ‫هذا وقـــد عمل الهالل األحمــر المغربـــي عبر متطوعيه على‬ ‫تشوير السوق المركزي مساهمة منه في دعم جهود تنظيم عمليات‬ ‫التسوق‪ ،‬كما استفادت من التشوير بعض المؤسسات البنكية تسهيال‬ ‫النتظام وتنظيم الزبائن وتجنبا لالكتظاظ‪.‬‬

‫قامت العرائش نيوز بتصوير شريط فيديو يوثق عمل رجال النظافة في خرجاتهم الليلية‬ ‫بمدينة العرائش‪ ،‬وهذا من أجل تسليط الضوء على هؤالء الذين يقومون بعمل جبار في هذه‬ ‫الظروف العصيبة التي نعيشها منذ اإلعالن عن حالة الطوارئ بالمغرب‪.‬‬ ‫وقد واكبت كاميرا العرائش نيوز عملهم عن قرب‪ ،‬كالتفاتة منها لهؤالء األبطال الذين هم‬ ‫معرضين بشكل يومي لإلصابة بالفيروس نظرا لطبيعة عملهم‪.‬‬ ‫لهم ألف تحية و إكبار لكم أيها األبطال!!!‬


‫العدد ‪1042‬‬

‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫رافقت قدوم الوباء لبالدنا آراء مستفزة لمواطنين‬ ‫مغاربة اتجاه إخوان لهم مقيمين بالمهجر ‪..‬‬ ‫ــ األديب المغربي المقيم بالديار الهولندية األستاذ محمد التطواني لم يستسغ ذلك ‪ ،‬فما كان منه إال أن يعبر عن رأيه‪ ،‬داعيا إلى‪ ‬المصالحة بين‬ ‫جيل الغربة وجيل أرض الوطن‪....‬‬ ‫ــ الطالب الباحث بالديار البلجيكية الشاب أحمد بن قدور عقب على رأي األستاذ محمد التطواني متماهيا وهو يقول ‪« :‬واجب علينا نشر الفأل‬ ‫والطمأنينة‪ ،‬وال يكن منا‪ ،‬من هو مذياعا أو فزاعة‪.»...‬‬ ‫إليكم الرأي وتعقيبه؟‬

‫* محمد التطواني ‪ :‬كتبة بدون ضمير؟‬ ‫من خالل هيمنة العديد من منتجي‪ ‬سرد أجندة لما تحمله من‬ ‫قيم ال تربوية عبر شبكة‪ ‬التواصل االجتماعي أو ال تواصل عائلي‪،‬‬ ‫التي من جعبتها‪ ،‬نسمع المساس بجاليتنا المغربية‪ ‬المقيمة خارج‬ ‫الوطن‪ ،‬تبدأ بالخصومة الجارحة‪ ،‬والكراهية الى السب والشتيمة‪ ‬‬ ‫والقدح‪.‬والمطالبة بصد أبواب الجمارك من طنجـــة الى لكويرات‬ ‫في وجه الجالية المغربية المهاجرة ومنعهم زيارة الوطن وأسرهم‬ ‫ومرضاهم ‪ .‬مع االستغناء عن هذه الفئة المهجرية‪ ‬التي اختارت‬ ‫العيش في الرفاهية كما جاء على لسان عشـرات تغاريد‪ ‬همجيــة‬ ‫منحطة خلقيا وتربويا مستخدمين أهازيجهم العفنة‪ ،‬مكشرين‬ ‫أنيابهم‪ .‬‬ ‫أطالت أألعراف والتقليد والرحمة والشفقة‪ ،‬ووصايا ديننا الحكيم‪،‬‬ ‫وكأن الجالية المغربية بأوروبا أقوام وحدهم ينحدرون من ساللة‬ ‫يأجوج ومأجوج‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫بينما هذه الوَيْلة والزَعازع‪ ،‬أضحت ويلة‪ ‬عالمية وصلت حتى‬ ‫الرُّضع‪ ‬واهلل وكيلها ‪.‬‬ ‫هل هذه األبواق المُهْتاجة‪ ،‬ضـــد الجاليــة المغربية بالخارج‪،‬‬ ‫التي يأتي طنينها‪ ‬من ربوع وطننا الحبيب والغريب من بني جلدتنا‪،‬‬ ‫تشاركها‪ ‬جميع األعمار‪ ،‬هل هي من مستنقع الجيفة ؟ وفي اَي حصن ترعرع ؟‪.‬‬ ‫إن تربة وطننا ومن يتربعوا على بساطها من شرفاء علماءنا الى آخِر الحرفيين ال يرضون‬ ‫بمس بني جلدتهم بالكالم الجارح المشين ‪.‬‬ ‫ال أدري إن كنت على حق‪ ،‬أن أوجه‪ ‬نصيحتي لكل زائر مغترب للوطن الحبيب‪ ،‬أن يحمل‬ ‫معه بطاقة (فنان وعضو موازين) ربما تكون أرحم من جواز سفر ‪ .‬على األقل تجد من يقدم لك‬ ‫عند نزولك من الطائرة قبالت على طبق من مختلف المعجبات‪ .‬في حين يشهد جيل هذا القرن‬ ‫الكوروني‪ ،‬نقلة نوعية‪ ،‬تراه يقلب كفيه‪ ،‬مشحون بالفراغ متسائال ‪ :‬أين المفر؟؟‬ ‫وقد يضيق صدري عندما أراجع حالة شريحة ميؤوس منها‪ ،‬من مبدعي األدب‪ ‬وسرد‪ ‬القيل‬ ‫والحكي عن من أين تفرخ الذبابة‪ ‬‬ ‫وأفواههم مكممة‪ ،‬وأقالمهم معطلة‪ ،‬وتجاهلوا‪ ‬انهم يراعي ومعسكر في السلم والحرب‬ ‫بحكم ثقافتهم وعلمهم وأخالقهم ومكانتهم داخل المجتمع ‪.‬وهم صناع التربية الخلقية‪.‬‬ ‫هذه الفئة‪ ،‬لي اليقين انها تتابع اخبار الشارع‪ ،‬وتطلع عبر التواصل االجتماعي‪ ،‬مما يقال عن‬

‫الجالية المغربية ببالد العجم ‪.‬وما تعانيه من معاناة المهاجَرة ‪.‬‬ ‫أنا ال أطلب منكم أن تمدننا بنسخة من القعقاع‪ ،‬أو من عمر‬ ‫بن الخطاب‪ ‬وحسان بن تابث‪ .‬وكذلك الكالم موجه لمن يدعون‬ ‫بادباء‪ ‬المهجر المعربون او المفرنسون‪ ‬او باي لغة‪ ،‬قدر ما‬ ‫نطلب التدخل في هذه الهجمة الطاعونية التي تصلنا من بني‬ ‫جلدتنا عبر التواصل االجتماعي‪ ،‬بالتوعية‪ ،‬والنهي عن سبنا عبر‬ ‫االعالم الرديء الوسخ والعنصري‪.‬‬ ‫ليس االمر فقط بين أيدي العلماء ‪ .‬ولو ‪..‬‬ ‫انتم‪ ،‬فيكم من المعلمين واألساتذة والمربيين ردع هذه‬ ‫الهجمة الشرسة الموجهة لأليدي العاملة المغربية بالخارج ‪.‬‬ ‫إعتبروها صدقة‪ ،‬أو فسحة بين ال ُقرْطاس‪ ،‬الموسوم‬ ‫بالصحيفة‪ ،‬وبين تجوال حول القراطيس بجميع أصنافها وكبر‬ ‫حجمها وخرافاتها تحت سقـــف وخيم معرض الكتــاب بالدار‬ ‫البيضاء وغيرها‪.‬‬ ‫إعتبروها دعوة تكريم وزبونية بدافع اإلشهار والتبجيل‪ ،‬وان‬ ‫كلفتكم سفرًا شا ًقا‪.‬‬ ‫اعتبرها أيها األديب المبدع‪ ( ،‬بروباغاندا ) تديرها عبر مقابلة‬ ‫متلفزة‪ ،‬وانت ترتدي بدلة اخر مُديل وشياكة‪ ،‬وآخر حالقة‬

‫وتجميل ‪.‬‬ ‫اعتبرها فرحة وكرنفاالت جنونية‪ ،‬وكأنك تلقيت مكالمة هاتفية من مؤسسة الطباعة‬ ‫من الوقواق‪ ،‬تخبرك انه تم طبع عملك‪ ،‬دَعْ ما بيدك‪ ،‬وأخر صالتك‪ ،‬واجل عمل الخير‪ ،‬وتعال‬ ‫لتخلف بصمتك من بين الكتاب والشعراء واألمجاد‪ ،‬بينما اسمك سيعلق في جميع مطاعم (‬ ‫الماكدونالت ) والفنادق‪ ،‬ومحالت اإلقامة السكنية ليطلع عليها جيرانك‪ ،‬وفوق األبراج ‪ .‬وسيتم‬ ‫حجب اسمك من مدرجات المسافرين والقادمين من مدن كورونا‪.‬‬ ‫عـيبٌ‪ ..‬عيب ياحملة القلم ‪ ..‬بداخل المغرب وخارجه ‪.‬‬ ‫عند االمتحان يعز المرء او يهان‪.‬‬ ‫أُخرجوا من جحوركم‪ ،‬وأيقظوا ضمائركم أصلحوا ذات البين‪ ،‬بين المواطنين بالداخل‬ ‫والخارج ‪.‬‬ ‫استثمروا ثقافتكم في خدمة ضد من أراد الخصومة بين مواطن مستقر بالوطن‪ ،‬وبين‬ ‫مواطن كتب اهلل ان يعيش مغربًا من اجل لقمة العيش ‪،‬اإلبداع ينطلق من عتبة بيتك ‪.‬‬

‫* رد الطالب الباحث ببلجيكا ‪ :‬أحمد بن قدور ‪ :‬‬ ‫سالم اهلل أستاذنا ومرشدنا الغالي‪،‬‬ ‫لقد اشتقت إلى نصائحك وتوجيهاتك‪..‬‬ ‫أما بعد‪ ،‬لقد كان لي الشرف في قراءة هذا العمل المتين‪ ،‬فبخلقكم الرفيع أرجوا أن تسمحوا لي بإبداء وجهة نظري المتواضعة‬ ‫وتقبلوا أسلوبي هذا ولغتي الركيكة ‪.‬‬ ‫فالمقال ال يدل على تتبعك وإهتمامك البالغ فيما يجري في وطننا األم فقط‪ ،‬بل أيضا في تحليلك الرصين لألحداث ونقدها‬ ‫نقدا بناءا‪ ،‬منطقيا وهادفا إلى ردء الصدع وسد هذه الثلمة بين مغاربة قاطنين بأرض الوطن الحبيب‪ ،‬وآخرين اختاروا العيش‬ ‫خارج تراب المملكة‪ ،‬ضحوا بالنفيس ( اإلبتعاد عن األسرة والوالدين خصوصا‪ )...‬من أجل استكمال الدراسة أو لسد رمق العيش‪،‬‬ ‫لهم ولعائالتهم المقيمة على بساط الوطن‪،‬وهناك من فضل االغتراب فقط ألجل استرجاع كرامته‪ ،‬حريته‪ ،‬أدميته وإنسانيته التي‬ ‫كادت أن تفقد داخل الوطن األم‪ ،‬وجل ‪ -‬إن لم نقل كل ‪ -‬هذه األسباب تصب إلى المساهمة في رفعة ورقي بلدنا الغالي (علميا‪،‬‬ ‫خلقيا‪ ،‬ماديا‪.)...‬‬ ‫أما بخصوص هذه المحنة وإن شئنا قلنا‪ ،‬هذه المنحة الربانية‪ .‬فاألوبئة تكون ثم تهون‪ ،‬وكم من أوبئة ح َّلت ثم اضمح َّلت‪ ،‬وج َّلت ثم ج َلت‪ ،‬وتوالت ثم تو َّلت‪ .‬عن أنس بن مالك ‪ -‬رضي‬ ‫اهلل عنه ‪ -‬أن النبي ص َّلى ُ‬ ‫قال‪َ :‬‬ ‫هلل‪ ،‬وما ال َف ْأ ُل؟ َ‬ ‫َ‬ ‫الفأل َ‬ ‫ُ‬ ‫الك ُ‬ ‫ُ‬ ‫يعجبني ُ‬ ‫أحدكمْ» (متفق عليه)‪ ،‬والعرب تسمي اللديغ سليما‪ ،‬والكسير‬ ‫الصالحة يسمعها‬ ‫لمة‬ ‫قيل‪ :‬يا‬ ‫رَسول ا ِ‬ ‫اهلل عليه وس َّلم قال‪« :‬و ِ‬ ‫جبيرا؛ تفاؤال‪ ،‬وتسمي الجماعة الناهضة المنشئة للسفر‪ ،‬قافلة‪ ،‬تفاؤال بقفولها‪ ،‬أي رجوعها‪ .‬‬ ‫فواجب علينا نشر الفأل والطمأنينة‪ ،‬وال يكن منا‪ ،‬من هو مذياعا أو فزاعة‪ ،‬كلما سمع خبرا أطاره وأشاعه‪.‬‬ ‫فأحيي وأقدر وأشد على يديك الطاهرة هذه المبادرة النبيلة لإلصالح ذات البين بين أبناء ذات الوطن الواحد والعقيدة المشتركة وهلم جرا فقد سمعت وأطعت قوله سبحانه }�إِ مّ َناَ‬ ‫ك ْم{ [الحجرات ‪ ،]10 :‬ففزت بأعظم األجر لقوله تعالى اّ َ‬ ‫مْ ُ‬ ‫ِري ّ ِمن َجّْ‬ ‫}ل َخيرْ َ يِف َ‬ ‫ي َ�أ َخ َو ْي ُ‬ ‫ِ�ص َد َق ٍة �أَ ْو َم ْع ُر ٍ‬ ‫ا�س‬ ‫وف �أَ ْو �إِ ْ�ص اَل ٍح َب نْ َ‬ ‫ون �إِ ْخ َو ٌة َف َ�أ ْ�صل ُِحوا َب نْ َ‬ ‫ن �أَ َم َر ب َ‬ ‫ن َواهُ ْم �إِ اّ َل َم ْ‬ ‫ال�ؤْ ِم ُن َ‬ ‫كث ٍ‬ ‫ي ال ّ َن ِ‬ ‫هّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الل َف َ�س ْو َ‬ ‫َاء َم ْر َ‬ ‫ۚ َو َمن َيفْ َع ْل َذٰل َ‬ ‫�ض ِ‬ ‫ات ِ‬ ‫ف ُن�ؤْتِي ِه �أ ْج ًرا َع ِظي ًما{ [النساء ‪.]114 :‬‬ ‫ِك ا ْب ِتغ َ‬ ‫ونلت من األعمال أفضل الدرجات ‪-‬إن شاء الكريم‪ -‬وذلك لقول رسولنا وقدوتنا «أال أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصالة والصدقة؟» قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪« :‬إصالح ذات البين‪ ،‬وفساد‬ ‫ذات البين الحالقة»‪( .‬رواه أبو داود وصححه ابن حبان)‪.‬‬ ‫هّ‬ ‫هّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كنت ُْم �أ ْع َد ًاء َف�أ ّ َل َ‬ ‫ك ُروا ن ِْع َم َ‬ ‫الل َجمِي ًعا َو اَل َتف ّ َ​َر ُقوا ۚ َو ْ‬ ‫ي ُق ُلوب ُ‬ ‫ك ْم ِ�إ ْذ ُ‬ ‫الل َع َل ْي ُ‬ ‫اذ ُ‬ ‫اعت ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫َ�ص ُموا ب َِح ْب ِل ِ‬ ‫ِك ْم َف�أ ْ�ص َب ْحتُم‬ ‫ف َب نْ َ‬ ‫وأخيرا وليس آخرا‪ ،‬لم أجد خيرا من آية أختم بها { َو ْ‬ ‫ِبن ِْع َم ِ‬ ‫تهِ ِ�إ ْخ َوانًا} [آل عمران ‪.]103 :‬‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫‪14‬‬

‫البكاء بين يدي «الكورونا»‬ ‫‪-‬‬

‫بقلم ‪ :‬نجيب الجباري‬

‫اآلن فقط عرفنا كم كنا مغفلين‪ ..‬غافلين عن النعم التي كنا نرفل في بحبوحتها‪ ...‬نعم ال تعد وال تحصى «و�إِن ت َُع ُّدوا‬ ‫ن ِْع َم َ‬ ‫وم َ‬ ‫ار»‪..‬‬ ‫ت هّ َ ِ‬ ‫ك ّ َف ٌ‬ ‫ن�س َ‬ ‫ان َل َظ ُل ٌ‬ ‫الل اَل حُْت ُ�صوهَ ا �إِ ّ َن ْ إِ‬ ‫ال َ‬ ‫اآلن فقط عرفنا كم كنا أغبياء عندما كنا نرى هذه النعم مجرد حاالت عادية‪..‬مملة‪..‬روتينية ال تحتاج منا جزاء وال‬ ‫شكورا‪...‬‬ ‫اآلن فقط ‪...‬وبعد أن اجتاحنا هذا الوباء اللعين والفيروس الخبيث المسمى كورونا ‪..‬أصبحنا نحن إلى المساجد‬ ‫لتأدية الصلوات ‪...‬نسمع مؤذنيها ينادون حي على الصالة حي على الفالح حي على الفجر حي على الظهر حي العصر حي‬ ‫على المغرب حي على العشاء‪...‬وال من مستجيب‪..‬يصلي االمام وحيدا دون مصلين‪..‬يسود الصمت الرهيب وتئن المنابر‬ ‫وتشكو المحاريب‪ ...‬خلت المساجد وخفت األصوات‪..‬اليوم ال تهاليل وال ترانيم‪..‬فقط على الجدران بدا عنكب وتراب‪..‬‬ ‫أين تلك الجمع التي كنا نتطهر فيها ونغتسل؟ وثيابا جديدة نلبس؟ وطيبا طيبا نتطيب؟ نبكر الى المسجد نذكر‬ ‫اهلل ونتلو آياته وننصت بخشوع لخطبة الجمعة‪..‬أين تلك الخطب؟ أين حالوة تالوة الحزب بعد صالتي الفجر والمغرب‬ ‫وأصوات األطفال ترتل آيات الذكر الحكيم مجلجلة عبر األرجاء‪..‬ليس هناك اآلن غير دموع تنهمر وآهات تتحسر‪ ..‬نشوة‬ ‫وسعادة باتت في خبر كان‪...‬‬ ‫اآلن فقط أضحينا نتوظأ بماء الحزن ونصلي في محراب االنكسارات واألماني المرتقبة‪..‬‬ ‫كم كنا تعساء عندما لم نكن نقدر روعة الذهاب الى المساجد لمضاعفة حسناتنا وتكفير سيئاتنا ورفع درجاتنا ‪..‬نقف‬ ‫في صفوف متراصة متساوية كالبنيان المرصوص ‪ ..‬نركع ونسجد جنبا الى جنب خاشعين متضرعين ‪ ..‬نصنع المحبة‬ ‫واأللفة بيننا ونبعث رسائل الخير والمساواة والتسامح والعدل والتضامن والفضيلة‪..‬نطهر األرض والنفوس من األنانية‬ ‫والتعصب والكراهية‪..‬‬ ‫المساجد االن تبكي‪..‬تئن‪..‬وتنتحب وتشكو الى اهلل المصاب‪..‬نفرح عندما نسمع اآلذان ونحزن عندما يقول المؤذن‬ ‫صلوا في بيوتكم‪..‬يا له من شقاء ما بعده شقاء‪..‬ويا لها من لوعة ما بعدها لوعة‪...‬‬ ‫اآلن فقط عرفنا كم كنا مقصرين في القيام بشكر اهلل على هذه النعمة كما يجب وقد تغيرت مالمح طقوسنا الدينية‬ ‫بعد تعليق الجماعات وفرض قيود على الحركات‪..‬‬ ‫اآلن فقط عرفنا قيمة الحرية واالحساس العذب بامتالك أنفسنا والخروج من منازلنا متى أردنا وكيفما أردنا‪..‬وعلى‬ ‫امتداد جرحنا ابتلعنا ريقنا وخوفنا ورعبنا‪...‬بات صوت الحرية يتسلل الينا اآلن كالصدى الراجع من بعيد يحمل معه كل‬ ‫معاني العشق التي تثوي في قلوبنا وفي ضمائرنا‪..‬صوتها اآلن يأتينا حارا محمال بعبق األدغال معطرا برائحة السمك‬ ‫والبحار وبألوان الحقول الخضراء وشموخ الجبال‪...‬‬ ‫اآلن فقط عرفنا أن صوت الحرية ينقي الروح ويطهر‬ ‫القلب‪...‬هاهي اآلن أيامنا أضحت ثقيلة متباطئة‪..‬وتحولت‬ ‫منازلنا الى مصحات كبرى بقضبان وهمية ‪..‬في إقامة‬ ‫إجبارية في غرفة العزلة وفضاء االنطواء‪..‬أصبحت حياتنا‬ ‫بين حدي الوحدة والمنفى ‪...‬بين إحساس المرض‬ ‫والفقد‪...‬‬ ‫اآلن فقط عرفنا كم كنا سعداء عندما كنا نعانق أفق‬ ‫السماء ونداعب رائحة األرض‪..‬من النافذة نتعكز سويعات‬ ‫االنتظار ونفتح أعيننا على كهولة آتية وعلى حائط الغرفة‬ ‫المنسية نعلق وحدتنا كلوحة بئيسة ‪..‬أصبحت العزلة‬ ‫تعنينا كثيرا‪..‬لقد أصبحت تأكل معنا في الصحن نفسه‬ ‫وتشرب معنا في الكأس نفسها‪..‬نراها وترانا‪ ...‬نلعنها‬ ‫وتلعننا‪..‬نسخر منها وتسخر منا‪..‬ثم في األخير نتصالح‬ ‫رغم أنفنا‪...‬يا لفجيعتنا‪..‬‬ ‫اآلن فقط بدأنا ننظر الى الماضي القريب‪..‬الى الوراء‬ ‫قبيل الجائحة‪..‬ونرى أفراحا ومسرات لم نكن نوليها‬ ‫أهمية‪...‬هكذا نحن بنو االنسان دائما ال نستطيع أن نرى‬ ‫كل جمال الصورة اال إذا ابتعدت عنا‪..‬واألضواء الساطعة‬ ‫تعمينا عن مشاهدة الحقيقة ولم نكن نعلم أن االمتحان‬ ‫الحقيقي كان بالجوار منتظرا الفرصة لالنقضاض‪..‬‬ ‫اآلن فقط علمنا كم كانت الحياة جميلة وكم كانت السعادة ترفرف في جنباتنا‪...‬‬ ‫اآلن فقط أصبحت العتمة تقف هناك في الخارج تتربص بنا الدوائر ‪..‬تسلبنا ما حصدناه من حبات الضوء باختيارنا‬ ‫للحجر‪...‬هاهي الشوارع بدت وكأنها مشهد من أفالم الرعب والكوارث‪..‬تتخطفنا الفراغات‪..‬ويفرخ فينا الوهم‪..‬ها أنا أخبئ‬ ‫انخطافاتي في دهاليز الروح‪..‬أصابتني حمى حب الناس وعشق المناطق الشعبية واألسواق العمومية‪...‬األسواق‪..‬نعم‪...‬‬ ‫أسواقنا تتضمخ بالطيوب وبالضجيج الجميل‪..‬حيث تمتزج الروائح باأللوان وباألزمان وباألجناس‪...‬كم اشتقت اليك أيها‬ ‫السوق وحرمت لذة االقتناء ومتعة التسوق‪..‬‬ ‫اآلن فقط أدركنا ‪-‬متأخرين‪-‬جمالية هذا المكان المبهراآلهل بالحركة والحياة‪..‬‬ ‫المدينة‪..‬مدينتنا شاحبة أصيبت بالبكم والصمم‪..‬مدينة تنتحب كأنها سجين في أحد المعتقالت والسياط تنهال‬ ‫عليه من كل جانب وهو يصرخ ويصرخ وال أحد ينقذه‪...‬كم استروحنا منها نسائم أيامنا األولى وذكرياتنا األولى وروائح‬ ‫الشوارع والدروب واألزقة التي فتحنا أعيننا عليها‪..‬كنا نغرف منها ما يشبه الزاد ونرتشف منها إكسير الحياة‪...‬كم كنا‬ ‫مسحورين بليلها وجماله ‪..‬مفتونين بهدأته‪..‬‬ ‫الشارع خال مرعب كأنه قطعة هاربة من زمان آخر‪ ..‬زمن الحروب ‪ ...‬ساكنا درجة الجنون‪...‬اآلن فقط تذكرنا كيف‬ ‫كان وديعا كحبات المطر الهادئ يوم كانت أحالمنا ترتع فيه بكل انسيابيتها العذبة‪...‬كم افتقدنا مشاهدة األطفال وهم‬ ‫يلعبون ويمرحون ‪...‬ينشرون الفرح والصخب والملهاة ‪...‬يعيدوننا بالذاكرة الى الربع األول من عمرنا ‪..‬ويشدنا الحنين‬ ‫الى تلك المربعات شغفا وشوقا لما كنا أنقياء كالثلج مقبلين على الحياة كالخيول البرية وهي تجوب السهول تلهو‬ ‫وتسابق الريح‪...‬اآلن فقط تحدونا شهوة بأن نصنع كما كنا جماال وقصورا من رمال‪...‬ويمألنا اشتياق ألصغر لحظات‬ ‫ذالك الماضي‪..‬لما كنا نتجول داخل مدينتنا للمغامرة في شرايينها‪..‬والجلوس في مقاهينا المفضلة‪..‬آه كم اشتقنا الى‬ ‫ارتشاف فنجان قهوة يمنحنا انتعاشا ووسنا‪..‬نضاحك الوقت كما يحلو لنا ‪..‬نعتصر الجلوس قرب شمس الزوال ثم نرمي‬ ‫أقدامنا في طرق وشوارع أرضعتنا جملة وتفصيال‪..‬طقس القهوة يأخذ بعدا مختلفا في المقهى ألنها من أهم األماكن‬ ‫التي تتوشج فيها أواصر بالغة الشدة ‪...‬تحتوي هواجسنا ويومياتنا بكل آالمها وأفراحها‪..‬وكأن شيئا يبقى منا في المقهى‬ ‫بعد أن نغادره أو نفارقه ‪...‬وربما علق بين طيات جدرانها ما اختزنته ذاكرتنا وماضينا المتخم بكل التفاصيل الدقيقة‪..‬‬ ‫اآلن فقط أدركنا كم كانت سعادتنا ونحن نحتفل بفصل الربيع ونأمل في إطاللته البهية ‪...‬يطل علينا بوجهه‬ ‫الضاحك وتبتسم أشجاره في وجوهنا وتفتر ثغور الينابيع في أيدينا فيسيل ماؤها عذبا رقراقا‪..‬والعصافير تحيي بأجنحتها‬ ‫المرفرفة المروج الزاهية واألغصان المتراقصة على أغنيات الحب والجمال‪..‬يا لغفلتنا‪..‬‬ ‫اآلن فقط أصبحت أيامنا بال عناوين‪..‬طافحة بالمرارة واالختناق‪..‬أحالمنا ذابلة وكلماتنا مبعثرة على الورق‪...‬ننصت‬ ‫لموسيقى الذات ونتوه في دروب أعياها الظالم‪..‬ننظر الى أحذيتنا ومالبسنا‪...‬هي هي كما وضعناها آخر مرة تنوح‬ ‫وتشتكي وال من فارس ينقذها‪....‬كأننا نكتشف ألول مرة بهاءها وجمالها ونستعيد عبر شفافيتها المختومة بآيات األناقة‬ ‫والجمال‪..‬وا حسرتاه على األيام الماضية الضائعة‪..‬‬

‫اآلن فقط أدركنا كم كانت حياتنا رائعة قبل‪..‬وها نحن اآلن نعود أنفسنا على الجلوس وحيدين داخل هذه المخابئ‬ ‫التي تقاسمناها‪...‬الحياة التي كنا نعرفها ماتت وأصبحت قوسا من األقواس في جملة غير مفيدة‪..‬‬ ‫اآلن فقط عرفنا كم نحن ضعفاء كالدموع واهنين كقصور من رمال‪..‬لمسة واحدة تكفي لتجعلنا مجرد حطام‪..‬ما نحن‬ ‫إال كنملة صغيرة تدب في األرض ‪..‬كويكب متناهي الصغر مثل هذا الفيروس اللعين‪..‬‬ ‫اآلن فقط أصبحنا نتوق الى معانقة أوالدناوإخواننا وأصدقائنا وأحبابنا وطلبتنا وتالميذنا ومصافحتهم ملء صدورنا‬ ‫بدون خوف ‪...‬نتبادل قبلنا ونوزع على األرصفة فرحنا‬ ‫اآلن فقط بتنا نهرب من العيون ‪..‬ومن األيدي أن تالمسنا‪..‬القبالت واألحضان أصبحت سالحا فتاكا ‪...‬زيارة الوالدين‬ ‫واألقارب عمل متهور محفوف بالمخاطر‪..‬ياللعجب !‬ ‫اآلن فقط تذكرنا أن الصحة تاج على رؤوس األصحاء ال يراه اال المرضى‪...‬وأنها خير من الثراء والغنى وأعظم نعمة‬ ‫ربانية ‪..‬ويا لسعادة االنسان اذا سلم من األسقام والباليا واألوبئة ‪..‬وهي سعادة المرء في دنياه فمن أدركها فقد أدرك‬ ‫خيرا كثيرا‪..‬‬ ‫الساعة اآلن تزحف نحو وقتها المعتاد‪..‬ال أرى شيئا من وراء هذه النافذة المشرعة باتساع إال هذه األعمدة الكهربائية‬ ‫المصطفة على الشارع مثل جنود منكسرين‪..‬رياح الشارع الرهيب بدأت تصلني هسهساتها الى الداخل‪..‬ال أمل لي وال‬ ‫شوق لي اآلن إال استعادة مالمحك ور سم وجهك بلذة استثنائية ‪..‬من المؤكد أن البحر مازال في مكانه ولم يجف ولن‬ ‫يجف‪..‬وأن الشمس مازالت تشرق كل صباح وتغرب كل مساء‪..‬والقمر ما زال يسطع كل مساء ‪..‬والنجوم مازالت تقيم‬ ‫أعراسها كل ليلة‪..‬واألزهار لم تذبل بعد‪..‬والطيور واألسماك والنوارس لم تنقرض‪...‬الطبيعة كلها لم تفقد شيئا من‬ ‫بهائها وألقها وسحرها‪..‬العيب فينا نحن وال شك ‪..‬نحن فقدنا الكثير‪..‬فقدنا االيمان‪..‬الشكر ‪.‬وراحة البال‪..‬فقدنا أغلب‬ ‫صفاتنا االنسانية‪...‬فقدنا الثقة باهلل‪..‬فقدنا االعتراف بالجميل‪..‬كل شيء لدينا أصبح باهثا ‪..‬باردا‪...‬لم يعد لحياتنا ذلك‬ ‫السحر وتلك الرومانسية التي عشناها ولم نتذوقها ‪...‬كم كنا تعساء‪..‬أغبياء‪..‬ال مبالين‪..‬مغفلين‪..‬غافلين‪...‬‬ ‫اآلن فقط يراودنا شعور غريب ألن نخاطب حياتنا ‪..‬نتودد اليها‪..‬نعيش معها الى األبد‪..‬نبحث في دفاترها عن رسائل‬ ‫العاشقين وأنفاسهم ‪..‬ونفتش بين شذاها عن هواجس المسهدين وأرقهم‪..‬وعن آهات المهمشين والمستضعفين في‬ ‫هذه الليالي العصيبة‪..‬‬ ‫عذرا أيتها الحياة‪..‬ما أحقرنا وما أشرفك‪..‬ما أصغرنا وما أكبرك‪..‬ما أضيقنا وما أوسعك‪.‬‬ ‫اآلن فقط عرفنا كم كنا ال مبالين بقيمة الخروج الى العمل كل صباح واللقاء بتالميذنا وطلبتنا والحديث معهم‬ ‫‪...‬كم كان حديثنا شيقا ومفيدا كما أشجار الزيتون تورق‬ ‫وتثمر‪...‬اآلن فقط فهمنا معنى السعادة ونحن نستمع‬ ‫لكلمات تالميذنا و عباراتهم الملهمة وروحهم المعطاء‪..‬أي‬ ‫سعادة كانت تغمرنا ونحن نرى في عيون تالميذنا سمات‬ ‫الخير وقد برزت مقرونة بمعالم الجد‪...‬وأي حلم لذيذ كنا‬ ‫نرسمه في قسمات وجوههم المشرقة وهم منكبون على‬ ‫القراءة والتحصيل مستشعرين أهمية الدروس المباشرة‪...‬‬ ‫حريصين على تنمية لغتهم وأدبهم ومعرفتهم‪..‬كم هو‬ ‫جاف قاحل هذا التعليم عن بعد !! وما أحلى فضاء القسم‬ ‫‪..‬ذلك المكان الدافئ حيث يمكن للحروف والكلمات أن‬ ‫تمارس حريتها كاملة‪..‬‬ ‫اآلن فقط بدأت تستهويني رغبة جارفة الى تلك‬ ‫العالقة الحميمية بيني بين تالميذي‪...‬ال أخفي كم افتقدت‬ ‫لرؤية وجوههم التي أرى من خاللها العالم كله‪..‬أشعر االن‬ ‫بأن الجفاف يحاصرني‪...‬‬ ‫ولى زمن وحل زمن آخر‪..‬زمن الحسرة والوله واأللم‬ ‫‪..‬هذا الموال الشجي يغني كما البكاء‪..‬ويتراءى له الحب‬ ‫نارا‪...‬وتبدو إطاللة الضوء مستحيال ال يطال‪...‬لحظات‬ ‫العبث والتيه التي بتنا نعيشها‪..‬ولى زمن عرفنا فيه قيمة‬ ‫االبتسامات الودودة والروح المرحة التي كنا نفتح أعيننا‬ ‫عليها في كل الصباحات‪..‬‬ ‫اآلن فقط بدأنا نأسف على قيمة النوم وحالوته‪...‬إنه رغبة ملحاحة‪..‬وفعل رتيب‪..‬هكذا كنا نظنه‪..‬أما اآلن فقط فها‬ ‫نحن ننام وعقلنا مستيقظ‪..‬ننام وعيوننا مفتوحة‪..‬نترك جسدنا المنهك فوق السرير لكننا ال نستطيع النوم‪..‬في مخيلتنا‬ ‫تبسط األيادي المتعبة أردية رحيلها اليومي وتبدو النجوم كعيون مطفأة لتماثيل حجرية‪...‬ها نحن االن عندما يعلو صوت‬ ‫الديكة معلنا والدة نهار جديد نكون قد قضينا ليلة بكاملها في ضيافة األرق ‪...‬لقد هجر النوم أجفاننا وحاصرتنا هواجس‬ ‫سوداء واحتشدت في ذاكرتنا هموم وآهات‪..‬أصبح االرق مالزما لنا كظلنا الى درجة أصبحنا نخاف أن تنتقل إلينا عدوى‬ ‫أهالي مالكون( اسم القرية التي تجري فيها أحداث رواية مائة عام من العزلة لغارسيا ماركيز) والذين ألم بهم أرق مزمن‬ ‫مثل عدوى الصين التي أصابتنا على حين غرة‪..‬‬ ‫أرسلت عيني الى النافذة تهربا من الظالم‪...‬اتجهت نحو مكتبتي أقلب مجموعة من الكتب الموزعة بغير انتظام‪...‬‬ ‫رفعت كتابا فقرأت على غالفه»موطن األلم» وتحته خط رفيع «رواية لبرافكا أوجاريسك» ‪..‬بدأت أتصفحه ساعتها كان‬ ‫الصبح قد بدأ يتنفس‪..‬والشمس طفقت تصبغ بحمرتها القانية وجه السماء وهدوء ناعس يغمر الشارع الخالي‪..‬متى ننام‬ ‫ملء جفوننا؟ متى نحلم بال قيود وال قرارات وال أوامر وال بالغات؟‬ ‫اآلن فقط أصبح النوم واألحالم الجميلة أمنية غالية‪...‬واألمنية مفردات األمل‪..‬واألمل صورة مستقبلية لغد مشرق‬ ‫وصباح جميل‪...‬اآلن فقط بتنا نفيق منقبضي النفس كأن خفافيش الدهاليز السود تمسك باعصابنا وليل امرئ القيس‬ ‫ينيخ على صدورنا‪...‬إن شظايا هذا الوضع تخترقني‪..‬تبعثرني‪..‬تجعلني مهووسا باآلتي الغامض‪...‬‬ ‫اآلن فقط أعترف وال أنكر ما أصابني من هوس متابعة االبتسامة أوال ثم عدم القدرة على الضحك ثانيا‪...‬لقد كان‬ ‫الضحك بالنسبة لنا قرارا نابعا من ذات راضية فائقة المحبة‪..‬عبارة عن نور ساطع باهر بداخلنا يقول لنا ‪ :‬اضحكوا ابتسموا‬ ‫‪..‬إن لديكم من االرادة ما يمكنكم من خلق مخزون فرح نفرح به ونستعين به في هذه األوقات العصيبة‪...‬هذا المخزون‬ ‫هو الذي يساعدنا على المقاومة التي نحتاج إليها كل لحظة سواء ألنفسنا أو لغيرنا‪..‬هذا المخزون له ينابيع شتى فاغرفوا‬ ‫منه ما تشاؤون‪!..‬‬ ‫نعم اآلن فقط عرفنا أن الضحك يرفع جهاز مناعتنا ألن هذا الجهاز هو المسؤول الحقيقي عن كل مرض أو وباء‬ ‫يصيبنا‪..‬والضحك يزيد إفراز هرمون االندروفين في المخ هذا الهرمون هو المسؤول عن مقاومة األلم والتوتر كما يقول‬ ‫العلماء‪..‬ثم ماذا ؟ أيا كان اتصلوا بي أعينوني على أن نضحك معا‪...‬‬ ‫ستعود الحياة كما كانت وسنرى كل شيء كأننا نراه أول مرة‪...‬نستشعر عظم هذه النعم ونتعظ من هذه األزمة‪..‬‬ ‫سنحس فعال بالجمال بنفس عميق وبقلب مفعم بالحب‪..‬و سنجازف بكل شيء من أجل اإلمساك بنجمة أو شمس بحرية‬ ‫أو مجرد النظر إليهما كل مساء قبل التوغل في حالوة النوم وسعادة العمل واإلحساس بمتعة الحياة‪...‬نحن الذين نمتلك‬ ‫هذه اإلرادة بإيجاد الخير ‪..‬نخلق التفاؤل بامتالك‪.‬طاقة مزح ومرح‪..‬شجرة التفاؤل جذورها ممتدة مترامية عبر اإليمان‪..‬‬ ‫القناعة‪..‬الرضى‪..‬أما ثمارها فهي الحب‪..‬الفرح‪..‬الفرح الحقيقي الذي يزهر ابتسامات وأحالما‪...‬‬ ‫اآلن فقط عرفنا كم كنا مقصرين في القيام بشكر اهلل ألن بالشكر تحفظ النعم من الزوال بل وتزداد‪..‬وان تعدوا‬ ‫نعمة اهلل ال تحصوها ان اهلل لغفور رحيم‪. ..‬‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫االنتقال إلى حضارة‬ ‫المستقبل ؟‬

‫لعبة السودوكو (‪)502‬‬ ‫أصل اللعبة‬ ‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫ُ‬ ‫فيُسدَل الستار‬ ‫‪ ...‬ويمضي بنا الليل ونحن نيام‪،‬‬ ‫على عالمنا ‪ ،‬لنستيقظ غداً في عالم آخر‪ .‬بوضع ال‬ ‫يٌفهم له معنى‪ ،‬إذ الليل نائمٌ في «ووهان»‪ ،‬بالصين‬ ‫وقد أصبح للناس حلوق جافة والتنفس زفير والشفاه‬ ‫ُ‬ ‫والسُعال شديدٌ‪ .‬أعراض تقصف بحياة اإلنسان‬ ‫ظامئة‬ ‫لمن ارتمى في أحضان «فيروس كورونا»‪ .‬فالحائط‬ ‫الصيني لم يعدْ حصناً ‪.‬‬ ‫أضحى الجمال والمال ال يساوي شيئاً‪ ،‬ولن يستطيع‬ ‫ْ‬ ‫أن يمنح لبني البشر جرعة من األكسيجين ‪،‬بل وُضع‬ ‫األناسي في قفص كالعصافير (منازلهم)‪ ،‬وحُرموا من‬ ‫القبالت واألحضان التي أصبحتْ سالحاً فتاكاً ومُعدياً‬ ‫‪ ،‬من جرّاء كائنات صغيرة بمقياس (‪10‬نمو متر)‪.‬‬ ‫مُنعتْ الزيارات لآلباء واألبناء واألصدقاء ‪،‬و تحوَّلتْ‬ ‫إلى الهواتف النقالة‪ .‬صار اإلنسان ضيفاً على األرض‪.‬‬ ‫أقفلتْ الكنائس والدير والمساجد وبيت اهلل الحرام‪،‬‬ ‫ومسجد رسول هلل (ص)‪ .‬باتتْ شعوب األرض‪ ،‬ليستْ‬ ‫ضرورية ‪،‬و ليتذكروا أنهم ضيوف‪ .‬لم يعدْ لإلنسان‬ ‫ٌ‬ ‫مكان تحت الشمس‪ .‬فغداً يكون اليوم مشمساً والقمر‬ ‫بازغاً‪ .‬وتستمرُّ الحياة‪ ..‬فقد ابتالهم اهلل ليعافيهم‪.‬‬ ‫هموا العباد الذين بغوا في األرض‪.‬‬ ‫و قد يصعب على اإلنسان فهم واستيعاب الحدث‬ ‫الذي يعتقدُهُ شراً بل هو خيراً له‪ُّ .‬‬ ‫كل من كان يبدو‬ ‫شرّاً ‪،‬يصرفه اهلل عن اإلنسان دون ْ‬ ‫أن يدْرك الحكمة‬ ‫من وراء ذلك‪ .‬ورغم فراره من القدَر ‪،‬فلن يستطيع‬ ‫الصبر عليه ‪ ،‬إال بقوة اإليمان باهلل ‪،‬لشرّ يراه فيحسبه‬ ‫كذلك ‪،‬ليكشفَ اهلل له أنه كان خيراً ‪ ..‬فكيف يبينُ عالم‬ ‫الغيب ‪،‬العليم الخبير ‪،‬له بعد حين ناموس الحياة ؟‬ ‫جاء في محكم كتاب اهلل َّ‬ ‫جل في عاله‪ ،‬عند سورة‬ ‫الكهف ‪،‬و قد جاء القدَرُ على لسان العبد الصالح سيدنا‬ ‫الخضر ‪،‬في حوار مع النبي موسى عليه السالم عند مجمع‬ ‫البحرين‪ .‬لبيان فضل األحداث الثالث كعبر لما عرفَ ب‬ ‫«فيروس كورونا» ‪ ،‬الشرّيـــر ظاهريـاً فقط‪ .‬ولفهم‬ ‫المتناقضات بين الشرّ النسبي والخير المطلق ‪( ،‬ليس‬ ‫هناك شرٌّ مُطلق)‪ .‬نلجأ إلى ثالثية أحداث سورة الكهف‬ ‫بذهن صافي ‪ ،‬إلدراك معنى امتالء الكوْن بالمآسـي‪.‬‬ ‫فكان هـذا اللقـاء الربـاني بين نبـيّ من أولي العـزْم‬ ‫وعبد صالح‪ ،‬الذي قال اهلل في حقه ‪« :‬فوجدا عبداً من‬ ‫عبادنا‪ ،‬آتيناه رحمة من عندنا وعلمناهُ من لدُنا‬ ‫علم ًا‪ »..‬صدق اهلل العظيم (سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.)65‬‬ ‫فيجيب موسى عليه السالم ‪ :‬قال له موسى ‪ ،‬هل اتبعكَ‬ ‫على ْ‬ ‫أن تعلمني مما علمتَ رُشداً ‪ ..‬صدق اهلل العظيم‬ ‫‪(،‬س‪،‬الكهف اآلية ‪ .)66‬فاستجاب الخضر لموسي قائال‬ ‫‪ :‬إنك لن تستطيع معي صبراً ‪ ،‬وكيف تصبر على ما لم‬ ‫تحط به خبراً‪ ..‬صدق اهلل العظيم (الكهف ‪ .)67‬فامتثل‬ ‫إن شاء اهلل صابراً‬ ‫موسى عليه السالم مجيباً ‪ :‬ستجدني ْ‬ ‫وال أعصي لك أمراً‪ .‬صدق اهلل العظيم ‪(.‬الكهف‪.)69،‬‬ ‫ثمَّ انصاع له الخضر بقوله ‪ :‬فإن اتّبعتني فال تسألني‬ ‫عن شيء حتى أُ َ‬ ‫حدث لك منه ذكراً ‪ ..‬صدق اهلل العظيم‬ ‫(الكهف‪ .)70،‬وينتقل بهما الحديث إلى الفعل ‪ :‬فانطلقا‬ ‫حتى ركبا في السفينة خرَقها (الخضر)‪ ،‬قال (موسى)‬

‫أخرقتها لتغرقَ أهلها ‪،‬لقد جئتَ شيئاً إمراً ‪..‬صدق اهلل‬ ‫أن دَوْر القدَر هنا ‪،‬و ْ‬ ‫العظيم ‪(،‬الكهف‪ .)71،‬وكيف َّ‬ ‫إن‬ ‫كان شكله شرّاً فجوهره خيراً ‪ ،‬ويظهر األمر جلياً في‬ ‫اآلية الكريمة ‪ :‬أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون‬ ‫في البحر فأردْتُ ْ‬ ‫أن أعيبها (الخضر) ‪،‬و كان ورائهم ملك‬ ‫يأخذ َّ‬ ‫كل سفينة غصباً‪ ..‬صدق اهلل العظيم ‪(،‬الكهف‪.)79،‬‬ ‫وقبل ْ‬ ‫أن يطرُق السمع ذاك السؤال أتى هنا الجواب‬ ‫‪،‬لكي يعرف األمر ويكبر قدَرهُ‪ .‬فانطلق الخضر ثانية‬ ‫بصحبة النبي موسى عليه السالم ‪،‬لقول اهلل َّ‬ ‫جل وعال ‪:‬‬ ‫فانطلقا حتى إذا لقيا غالما فقتله(الخضر) ‪،‬قال (موسى)‬ ‫أقتلتَ نفسا زكية بغير نفس ‪،‬لقد جئتَ شيئا نكراً‪..‬‬ ‫صدق اهلل العظيم‪( ،‬الكهف‪ .)73،‬وليرفعَ الحجاب لبيان‬ ‫الحكمة عن ذلك القدَر‪ ،‬جاءت هذه اآلية من آيات اهلل‬ ‫‪ :‬أمّا الغالم فكان أبواهُ مؤمنين فخشينا ْ‬ ‫أن يرْهقهما‬ ‫طغياناً وكفراً‪ ..‬صدق اهلل العظيم‪( ،‬الكهف‪ .)70،‬وهو‬ ‫(الخضر) الذي أطلعه اهلل تعالى على الغيب‪ .‬وكم من‬ ‫آيات ليدرْك اإلنسان الغاية من قدَر اهلل‪ .‬في ثالثة‬ ‫حادثة ‪،‬إلدراك الحكمة والعبرة ‪،‬لكل حادث حديث ‪،‬بين‬ ‫العبد الصالح ونبي اهلل موسى عليه السالم فانطالقا‬ ‫بعد المرَّتين األوليين ‪،‬و هي األخيرة ‪،‬لقول الحق‬ ‫سبحانه ‪ :‬فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها‬ ‫أن يضيفوهما ‪،‬فوجدا فيها جداراً يريد ْ‬ ‫فأبوا ْ‬ ‫أن ينقضَّ‬ ‫ً‬ ‫فأقامه ‪،‬قال(موسى) لو شئتَ التخذتَ عليه أجرا ‪..‬صدق‬ ‫اهلل العظيم‪( ،‬س‪ .‬الكهف‪ ،‬اآلية‪ .)77‬بل كان األمرُ من‬ ‫أجل يتيمين ‪،‬و ليستوقف القارئ قيمة اإليمان باهلل‬ ‫‪،‬جزا ًءا ألبويهما الصالحين المؤمنين‪ ،‬الذيْن تركا لهما‬ ‫كنز تحت جدار ‪،‬فأراد ربهما ْ‬ ‫أن يستخرجاه منحة منه‬ ‫َّ‬ ‫جل في عاله‪ .‬وقد أخذ العبد الصالح (الخضر) باألسباب‬ ‫‪،‬عند قوله تعالى ‪ :‬فأما الجدار فكان لغالمين يتيمين في‬ ‫المدينة وكان تحته كنز لهما ‪،‬و كان أبوهما صالحا فأراد‬ ‫ربُّك ْ‬ ‫أن يبلغا أشدَّهما ويستخرجا كنزهما رحمة من‬ ‫ربّك‪ ،‬وما فعلته عن أمري ‪ ،‬ذلك ما لم تسطع عليه صبراً‬ ‫‪..‬صدق اهلل العظيم‪ ( ،‬سورة الكهف ‪،‬اآلية ‪ .)82‬والكنز‬ ‫‪ ،‬واهلل أعلم‪ ،‬قيل عنه‪ ،‬فيه علم أو صحف علم أو لوح‬ ‫من ذهب كتبتْ فيه البسملة‪ .‬وقد رُفع الحجاب لبيان‬ ‫الحكمة من ذلك‪ .‬اهلل َّ‬ ‫جل شأنه يداوي عباده بأدوية‬ ‫المحنة واالبتالء‪ .‬والقدَرُ هنا في ثالثية األحداث في‬ ‫سورة الكهف ‪،‬إيقاظا للغافلين ‪ ،‬ومن هنا جاءت جائحة‬ ‫وباء «فيروس كورونا» كرسالة للعالم أجمع لالنتقال إلى‬ ‫حضارة المستقبل بتربية الروح لشفائها من الذغائن‬ ‫واألحقاد‪ ،‬وبما تحمد عواقبه ‪ ..‬إذ بها عبر ودروس آليات‬ ‫تبحث عن الضوْء‪ ،‬في عالم ظلمات الحروب والطغيان ‪..‬‬ ‫وقد نعجبُ لمن يتيقن من الموت وكيف يفرح‪ ،‬ولمن‬ ‫يعرف مصائب الدنيا ويطمئن إليها ‪ ،‬وذلك هو اإليمان‬ ‫باهلل تعالى ‪ ..‬لقوله َّ‬ ‫جل وعال ‪ :‬وكان اهلل على ّ‬ ‫كل شيء‬ ‫مقتدراً ‪ ..‬صدق اهلل العظيم‪ ،‬سورة الكهف‪ ،‬اآلية ‪.. )45‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫‪15‬‬

‫رقم ‪502‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪� 27‬أبريل ‪2020‬‬

‫العدد ‪1042‬‬

‫ار مفتوح‬ ‫حو‬ ‫مع‬

‫األخيرة‬

‫الدكتورة عتيقة مكايسي‬

‫• ماهي قراءتك النتشار وبـاء كورونــا الذي هــز‬ ‫العالم‪ ،‬؟‬

‫تابعت طبعا باهتمام كبير تسلسل األحداث التي صاحبت ظهور‬ ‫هذا الفيروس الذي اجتاح العالم بأسره مخترقا الحدود الجوية والبحرية‬ ‫والبرية‪ ،‬بدون تمييز ال بين دولة عظمى وال دولة نامية وال بين غني‬ ‫وفقير وال بين متدين والديني‪ .‬ومما الشك فيه أننا نعيش لحظة‬ ‫تاريخية يختزل فيها العالم في كتلة واحدة داخل دائرة مغلقة‪ .‬هذه‬ ‫الجائحة لم يشاهد جيلنا مثيال لها إال في االفالم واذكر على سبيل‬ ‫المثال فيلم ‪ contagion‬او العدوى» وكذلك فيلم» انا اسطورة ‪I’m.‬‬ ‫‪»legend‬ولم يقرأ عنها إال في الروايات‪ .‬واذكر كذلك اشهر الروايات‬ ‫في هذا المجال»الحب في زمن الكوليرا لغارسبا ماركيز»» والعمى‬ ‫لساراماغو» و»الطاعون طبعا اللبير كامو «‪ .‬ولم يسمع عنها إال في‬ ‫حكايات جداتنا والتي كنا نسمعها عن عام بوكليب اي الكوليرا والذي‬ ‫نقله الحجاج في أواسط القرن ‪ 19‬من مكة إلى المغرب‪ ،‬وكذلك عام‬ ‫الجوع او عام البون‪ ،‬او باالمازيغية «اسكاس نبوهيوف»‪ ،‬والذي اجتاحت‬ ‫فيه المجاعة المغرب سنة ‪ .1945‬وقد كتب المؤرخون عن مختلف‬ ‫األزمات الوبائية التي تعرض لها المغرب على مر التاريخ‪.‬‬ ‫كما انه من الصعب التنبؤ بما سيصير عليه عالم ما بعد كورونا‬ ‫حيث علينا االنتظار والترقب حتى تتضح آثار هذه الجائحة‪ .‬لكن رغم‬ ‫انني لست مختصة في مجال االقتصاد ‪ ،‬فانه من الواضح جدا ان‬ ‫االقتصاد العالمي قد تأثر بشكل كبير حيث تراجعت السياحة بنسبة‬ ‫‪ 100%‬وارتفع معدل البطالة وافلست العديد من الشركات‪ .‬كما ان‬ ‫اهتمام كل دول العالم وبدون استثناء متجه في هذه المرحلة نحو‬ ‫تغطية التكاليف العالجية المكلفة لهذا الوباء من استيراد للكمامات‬ ‫والمعدات الطبية واجهزة التنفس االصطناعي او تصنيعها‪ ،‬باالضافة‬ ‫الى تقديم المساعدات للعمال الذين توقفوا عن العمل تطبيقا للحجر‬ ‫الصحي‪ .‬طبعا باإلضافة إلى الخسائر في األرواح التي تتزايد يوما بعد‬ ‫يوم‪ .‬وربما هذه المرة هي األولى التي يكون فيها العالم موحدا حول‬ ‫فكرة وتدابير معينة‪.‬‬ ‫وقد تعددت القراءات والتاويالت حول ظهور هذا المرض ومن‬ ‫الصعب تبني هذا الطرح او ذاك لقلة المعطيات‪ ،‬والوقت وحده كفيل‬ ‫بإظهار الحقيقة‪.‬‬ ‫في نظري كان والبد للعالم ان يقف هذه الوقفة التي أعتبرها لحظة‬ ‫تأمل وإعادة حسابات‪ ،‬سواء على المستوى الدولي او الوطني او حتى‬ ‫الفردي‪ ،‬بعد ان ابتلعتنا الرأسمالية المتوحشة‪ ،‬وسفكت الدماء وسادت‬ ‫الفوضى وصار يحكمنا قانون الغاب حيث البقاء لالقوى‪.‬‬ ‫وقد أشار «كيسنجر» إلى أن قادة العالم يتعاطون مع األزمة الناجمة‬ ‫عن الوباء على اساس وطني بحث‪ ،‬إال أن تداعيات التفكك االجتماعي‬ ‫المترتب على نفس الفيروس التعترف بالحدود‪.‬‬

‫في زمن «كورونا»‬

‫الصحية المغربية وكذلك قطاع التعليم‪ ،‬واتمنى ان تهتم الدولة في‬ ‫المستقبل بهذين القطاعين وكذلك قطاع البحث العلمي وان تخصص‬ ‫ميزانية مهمة لهذه القطاعات ألنها هي التي ستقود قطار التنمية إلى‬ ‫االمام‪ ،‬كما أن السلطات صارت تتفقد العديد من األحياء الراقية منها‬ ‫والهشة الشيء الذي أسقط الضوء على فئات الشعب المغربي التي‬ ‫تعاني الفقر والتهميش‪ .‬وكل هذه االمور يجب أن تؤخذ بعين االعتبار‬ ‫أثناء بلورة النموذج التنموي الجديد‪.‬‬ ‫على المستوى العربي اتمنى ان تهتم الدول العربية بالبحث‬ ‫العلمي بدل انفاق ماليير الدوالرات في التسلح‪ ،‬وعليها ان تحاول‬ ‫التفكير في تكتالت تعود بالنفع عليها بدل التطاحن وسفك الدماء‪ .‬وان‬ ‫تعيد هيكلة وتفعيل المؤسسات التي لم يبق منها إال االسم مثل جامعة‬ ‫الدول العربية واتحاد المغرب العربي‪.‬‬ ‫اما على المستوى الدولي فما علينا إال ترقب ماسيؤول اليه الصراع‬ ‫بين القوى االقتصادية الكبرى‪ ،‬وهل سيكون لهذه الجائحة أثر في‬ ‫تغيير الخارطة االقتصادية للعالم ام ال‪.‬‬

‫حاورها عبداإلله المويسي‬

‫المواطنين المغاربة‪ ،‬وذلك لحرصه على اتخاذ التدابير االستباقية كغلق‬ ‫جميع الحدود‪ ،‬وفرض الحجر الصحي ونزول الجيش للشارع من اجل‬ ‫ضمان تطبيق الحظر او المساعدة في تقديم الخدمات الصحية‪ ،‬كما‬ ‫اشكره كذلك على استماعه لشكاوي المواطنين المصابين بفيروس‬ ‫كورونا‪ ،‬والتلبية الفورية لكل مطالبهم‪ ،‬كما احيي روح المواطنة‬ ‫والمسؤولية التي ابان عنها رجال السلطة وهو يجوبون الشوارع للتأكد‬ ‫من تطبيق الحظر‪ ،‬باستثناء بعض الحاالت الفردية المعزولة التي‬ ‫مارس فيها بعض رجال السلطة العنف على بعض المواطنين‪ .‬كما‬ ‫اشكر المواطنين على التزامهم بالتعليمات وعلى الصورة التالحمية‬ ‫الرائعة التي جمعت المواطنين والسلطات باستثناء تجاوزات بعض‬ ‫المواطنين غير الناضجين الذين يستغلون هذا الظرف للترويج لبعض‬ ‫األكاذيب واألخبار الملفقة‪ ،‬وكذلك بعض المراهقين الذين يستهزأون‬ ‫عبر الهاتف بمن يستقبلون مكالمات المصابين بفيروس كورونا وهذا‬ ‫تصرف غير مسؤول ‪ .‬وقد اتخذت في حقهم التدابير الالزمة‪.‬‬ ‫اإلجراء الذي اقترح ان تضيفه وزارة الصحة والوزارات المعنية على‬ ‫مجمل االجراءات المتخذة حاليا والذي اتمنى ان تأخذ به حتى لو تطلب‬ ‫األمر ان نتطوع ونساهم في انزاله على أرض الواقع وهو انشاء وحدات‬ ‫متنقلة مجهزة بكل ما يلزم إلجراء التحاليل الفورية‪ ،‬لتجوب المدن‬ ‫واألحياء التي تعرف اكبر عدد من اإلصابات بهذا الفيروس والقيام‬ ‫بالتحاليل للموظفين في البنوك واإلدارات والمؤسسات ولم ال البيوت‬ ‫وهذا من شأنه أن يساهم في الكشف المبكر عن بؤر الفيروس في وقت‬ ‫قياسي مما سيساهم في التقليص من عدد الوفيات والرفع من عدد‬ ‫المتعافين فكلنا نالحظ أن عدد المتعافين وعدد المتوفين يسيران‬ ‫بشكل متوازي‪ .‬وانا متأكدة ان هذا اإلجراء سيعطي أكله‪ .‬ويجعل‬ ‫المغاربة يستعيدون حياتهم بشكل طبيعي‪.‬‬

‫• ما هي التطمينـات التي يمكن أن تقدميهــا‬ ‫للمغاربة بخصوص هذه الجائحة؟‬ ‫ما يمكنني قوله انه ليس أمامنا إال االلتزام بالبيوت وتدابير‬ ‫النظافة واتباع نصائح وزارة الصحة للحد من انتشار هذا الوباء الذي‬ ‫ال عالج له وال تلقيح ويمكننا القول انه ولحد االن وبفضل التدابير‬ ‫المتخذة فالوضع اليدعو للقلق مقارنة بما هو عليه الحال في باقي‬ ‫دول الجوار حتى المتقدمة منها‪ .‬وكلما التزم المغاربة بالحجر الصحي‬ ‫والتزام البيوت واتباع نصائخ وزارة الصحة كلما ارتفعت حظوظ المغرب‬ ‫في العودة إلى الحياة الطبيعية في اقرب وقت‪ .‬ولنا في هونح كونج‬ ‫وسنغافورة وكوريا الجنوبية خير اسوة‪ .‬حيث استطاعت ان تحد من‬ ‫انتسار الوباء في وقت قياسي‪.‬‬

‫• ما هو تقييمك لمستوى تجاوب المغاربة مع‬ ‫اإلجراءات االحترازية؟‬

‫طبعا نالحظ أن أغلب المغاربة ملتزمون بالحظر‪ ،‬هناك فئة قليلة‬ ‫صعب عليها استيعاب الوضع وذلك راجع للوضعية الهشة التي تعيش‬ ‫فيها‪ ،‬وهذا امر مفهوم ومشروع فهناك من يكسب قوته بشكل يومي‬ ‫فيصعب عليه االلتزام بالحجر الصحي‪ ،‬واتمنى ان تساهم المساعدات‬ ‫التي ستقدمها الدولة لمن اليتوفرون على تغطية صحية في جعلهم‬ ‫يلتزمون بالحجر الصحي لوقاية أنفسهم وذويهم من هذا المرض‪،‬‬ ‫كما استغل هذه الفرصة لتثمين روح التضامن التي عبر عنها المغاربة‬ ‫في مساندتهم للفئات المعوزة سواء كانت مبادرات جمعوية او فردية‬ ‫وكذلك احيي روح التالحم بين السلطات والمواطنين وقد تابعنا على‬ ‫منصات التواصل االجتماعي فيديوهات بمظاهر هذا التالحم الذي‬ ‫تقشعر له األبدان‪.‬‬

‫• كيف تعاملت الدكتورة عتيقة مع االمر؟‬

‫بالنسبة لي فقد ارتأيت كما باقي الزمالء ان المسؤولية والواجب‬ ‫يحتمان علي اغالق العيادة لعدم قدرتي مهما حاولت على ضمان جو‬ ‫يمكنه توفير الحماية لي ولمساعدتي ولزبائني‪ ،‬وهذا القرار اكدته‬ ‫وزارة الصحة فيما بعد تنفيدا لتعليمات المنظمة العالمية للصحة‪ ،‬حيث‬ ‫وجهت رسالة لهيئة اطباء االسنان تطلب فيها اغالق جميع العيادات‬ ‫على أن تبقى واحدة فقط في كل مدينة لتوفير العالجات للحاالت‬ ‫المستعجلة‪ ،‬حيث اننا نشتغل في الفم وبمعدات تساهم في انتشار‬ ‫الرذاذ بشكل يصعب التحكم فيه‪ .‬مما قد يساهم في انتشار العدوى‪.‬‬ ‫ورغم ما سيكون لهذا اإلغالق من تبعات سلبية على المستوى‬ ‫المادي‪ ،‬بحكم انني ليس لدي اي مورد اخر للرزق غير عملي في العيادة‪،‬‬ ‫اال ان المصلحة العليا للمواطن تعلو على المصلحة الفردية‪ .‬وهذا ال‬ ‫يعتبر تملصا من المسؤولية كما قد يظن البعض بل هو عين العقل‪.‬‬ ‫ومع ذلك فنحن رهن اشارة مرضانا في اي استشارة او حالة مستعجلة‪.‬‬ ‫هذا من جهة من جهة اخرى فهذا الحجر الصحي بالنسبة لي هو‬ ‫بمثابة عطلة مستحقة‪ ،‬فكل من يشتغل في القطاع الخاص يعرف انه‬ ‫من الصعب أن ينعم بإجازة مطولة‪ ،‬وانا استغل هذا الوقت في قراءة‬ ‫العديد من الكتب والروايات التي كانت في الئحة االنتظار‪ ،‬وواظبت على‬ ‫مشاهدة االفالم العربية والغربية‪ ،‬بعيدا عن وسائل التواصل االجتماعي‬ ‫التي أعتبرها مضيعة للوقت‪ ،‬والتي ال استمد منها إال طاقة سلبية‪ .‬وال‬ ‫يفوتني هنا ان اذكر بما قاله نعوم تشومسكي إلحدى القنوات بان‬ ‫االستخدام لوسائل التواصل االجتماعي جعل من الناس كائنات معزولة‬ ‫بعضها عن بعض‪، .‬كما أنني استمتع كذلك بتعلم اللغاتيين‪ ،‬االسبانية‬ ‫والتركية‪ .‬واتمنى ان أتمكن من تعلم لغات أخرى في المستقبل‪ ،‬كما‬ ‫أنني استمتع بالوقت الذي اقضيه سواء مع ابني او في المطبخ او في‬ ‫القيام ببعض االمور التي لطالما اجلتها‪ .‬وبين هذا وذاك اترقب موعد‬ ‫الساعة السادسة مساء لالطالع على التطورات اليومية باالرقام ببالدنا‬ ‫وباقي بلدان العالم‪ ،‬واقارن بين الوضع في هذا البلد وذاك‪.‬‬ ‫على المستوى الوطني ابانت جائحة كورونا عن هشاشة المنظومة‬

‫‪2/2‬‬

‫• ماهي االحترازات الدقيقة في نظــرك لتفــادي‬ ‫انتشار هذا الوباء بين االفراد؟‬

‫• في الوقت الحالي ال نملك إال االلتزام بالحجر الصحي وان يلزم كل‬ ‫فرد بيته وال يخرج إال للضرورة القصوى‪.‬‬ ‫• وكل من يخرج عليه االلتزام بارتداء الكمامة وعدم رميها أينما‬ ‫كان بل يجب الحرص على وضعها في كيس والتأكد من رميها في سلة‬ ‫النفايات ومن االحسن استعمال غطاء للراس ايضا‪.‬‬ ‫• عدم لمس النقود باليدين بل بمنديل ورقي إلى حين العودة إلى‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫• غسل اليدين جيدا فور الدخول إلى البيت وتعقيم المشتريات‬ ‫والنقود وما ال يمكن تعقيمه يمكن تمرير منشف الشعر عليه على حرارة‬ ‫قصوى‪.‬‬

‫• ما هي في نظرك اإلجراءات األكثر فعالية التي‬ ‫ينبغي أن تتخذها الدولة؟‬ ‫اوال وقبل كل شيء ‪ ،‬ال يسعني من خالل جريدتكم إال أن أثمن‬ ‫المجهودات الجبارة التي تقوم بها الحكومة تنفيذا للتعليمات الصارمة‬ ‫لصاحب الجاللة الملك محمد السادس الذي اشكره باسمي وباسم كل‬

‫• رسالتك طبيبة للمغاربة؟‬

‫• كمواطنة وكطبيبة اطلب من كل مغربي ان يعتبر هذا الحظر‬ ‫فرصة للجلوس مع الذات وتقييم مساره‪ ،‬ومسأءلة نفسه هل هو راض‬ ‫على حياته السابقة قبل كورونا‪ ،‬وأن يرسم لحياته خريطة طريق تكون‬ ‫اول خطوة فيها التحلي بروح المواطنة والمباديء االنسانية الكونية ‪،‬‬ ‫وأن يتأمل ما قامت به الدولة للحفاظ على حياته وحياة عائلته وجيرانه‬ ‫الشيء الذي جعل المغرب يصبح حديث المنصات االعالمية العربية‬ ‫والدولية ويعطي درسا في التالحم وااللتزام واالنضباط‪ ..‬مما جعلنا‬ ‫نفخر اننا مغاربة‪..‬اقول له ماذا ستقدم انت لهذا الوطن بعد هذه‬ ‫الجائحة‪ ،‬هل ستذهب الى العمل بكسل ام بنشاط‪ ،‬هل سيرمي االزبال‬ ‫في الشارع ام سيبحث عن صندوق قمامة‪ ،‬هل سيدرس بجد للوصول‬ ‫الى اسمى المناصب اللمساهمة في تقدم هذا البلد ‪،‬ام ان حلم الهجرة‬ ‫الزال يراوده‪ ،‬هل سيساهم في مكافحة الفساد والرشوة ام سيزيد في‬ ‫انتشارها‪،‬‬ ‫• يجب أن تكون هذه الجائحة مناسبة الستعادة الدفء العائلي‬ ‫واالبتعاد قدر المستطاع عن وسائل التواصل االجتماعي التي استعبدتنا‬ ‫بشكل مرضي‪ ،‬وان نعرف حجمنا الحقيقي واالبتعاد عن الغرور واحتقار‬ ‫الغير وان نناضل من اجل تحقيق الحرية والعدالة االجتماعية ليرسو بنا‬ ‫المركب في بر األمان‪.‬‬

‫(انتهى)‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.