Achamal n° 1046 le 19 Mai 2020

Page 1

‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات‬

‫املدر�سـة‬ ‫الوطنية‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬ ‫ص‪2‬‬

‫هذا التدخل الغري‬ ‫املفهوم لوزير التجارة‬ ‫واالقت�صاد الرقمي �أمام‬ ‫الربملان‪...‬‬ ‫ص‪4‬‬

‫ـ رئي�س التحرير‪ :‬عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪ 05.39.94.57.09 :‬ـ العدد ‪ 1046‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثــاء ‪ 25‬رم�ضان ‪� 19 / 1441‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫احلجر ال�صحي‬

‫بني الرفع والتمديد‪...‬‬ ‫القرار ال�صعب؟؟‬

‫الدكتور محمد البوشوكي‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫ص‪4‬‬

‫من البيت‪ ..‬مثقفون عرب يكتبون عن يومياتهم‬

‫ص ‪ 7‬ـ ‪11‬‬

‫‪10‬‬

‫ع�رش �سنوات على رحيل‬

‫محمد عابد‬

‫الجــــابـري‬

‫املفكر وال�سيا�سي وال�صحايف‬ ‫اإلعالمي عبد الرحيم التوزاني‬

‫(انظر الصفحة األخيرة)‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬مـــاي ‪2020‬‬

‫العدد ‪1045‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫املدر�سة الوطنية‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬ ‫‪mouissijaridatchamal.2019@gmail.com‬‬

‫في تطور مفاجئ‪ ،‬قدم السيد السيد سعيد أمزازي وزير التربية‬ ‫الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أمام‬ ‫البرلمان تصوره لتدبير المرحلة المقبلة من الحجر الصحي المتعلق‬ ‫بتنظيم الدراسة وإجراء االمتحانات‪ ،‬والذي قرر على إثره إرجاء االلتحاق‬ ‫بالمدارس وإجراء االمتحانات إلى غاية شهر شتنبر‪ ،‬باستثناء السنة‬ ‫الثانية الباكلوريا التي قرر أن تجرى في شهر يوليوز‪.‬‬ ‫وقد لقيت هذه اإلجراءات االحترازية استحسانا واسعا لدى عموم‬ ‫المغاربة‪ ،‬على اعتبار أن الوضعية الوبائية بالمملكة لم تعرف بالشكل‬ ‫القطعي ما يسمح بالرفع الكلي للحجر‪.‬‬ ‫هذه اإلجراءات في عمقهـــا التربــوي والسياسي والحقوقــي‬ ‫واإلنساني نمت عن وعي وطني عميق لدى الوزارة بالمصلحة العليا‬ ‫للوطن‪.‬‬ ‫من جانب آخر عبرت هذه اإلجراءات عن وعي بمصلحة الوطن‬ ‫العليا متمثلة في العمل على حماية أرواح أبناءنا من التالميذ وأطرنا‬ ‫من العاملين بالحقـل التربــوي وكل المصالح اإلدارية الموزايــة‬ ‫المرتبطة بها‪.‬‬ ‫إن استحضار الصورة الواقعية ألغلب مؤسساتنا التربوية‪ ،‬على‬ ‫مستوى ما تعرفه من اكتظاظ شري‪ ،‬وعلى مستوى ما تعرفه من‬ ‫ضعق على مستوى بنياتها االستقبالية‪ ،‬خصوصا منها الصحية‪،‬‬ ‫وغيرها من االعتبارات االخرى‪ ،‬يجعلنا نشعر باالطمئنان الكامل تجاه‬ ‫السياسة التدبيرية الصحية التي انتهجتها الوزارة من خالل هذه‬ ‫القرارات‪.‬‬ ‫كثير من اآلبـــاء واألمهــات واألطــر التربويـة واإلدارية كانت‬ ‫متوجسة‪ ،‬خالل اآلونة األخيرة‪ ،‬بخصوص سيناريوهات الولوج إلى‬ ‫مؤسساتنا التعليمية‪ ،‬مع رواج فكرة رفع الحجر الصحي وإنهاء حالة‬ ‫الطوارئ‪.‬‬

‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫‪2‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫سكرتارية التحرير ‪:‬‬

‫محمد �إمغران‬ ‫محمد وطـا�ش‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬

‫كما أن العديد من الخبراء الطبيين والسوسيولوجيين كانوا‬ ‫قد عبروا عن تحفظهم تجاه فكرة الخروج من العزل والتغاضي عن‬ ‫الوضعية الوبائية التي تعرف‪ ،‬كما سبق أن اشرنا‪ ،‬موشرات علمية‬ ‫مدققة تسمح بذلك‪.‬‬ ‫إن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي‬ ‫والبحث العلمي‪ ،‬في حقيقة األمر لم تدعن للضغط االقتصادي‬ ‫والسياسي الذي كان يسير في تجاه رفع الحجر‪ ،‬إعماال للمصلحة‬ ‫االقتصادية والسياسية‪ ،‬بل إنها عبرت عن جرأة غير مسبوقة‬ ‫بخصوص التحفظ أمام فكرة فتح المؤسسات التعليمية الوطنية‪.‬‬ ‫مرة اخرى تعطي المملكة المغربة النموذج األخالقي العميق أمام‬ ‫المحافل الدولية بخصوص عملها على صيانة أرواح أبناءها‪.‬‬ ‫قبل هذا‪ ،‬ومع بداية انتشار وباء كرورنا‪ ،‬كانت المملكة سباقة في‬ ‫اتخاذ ما كان يلزم من أجل الدود عن المصلحة الصحية للوطن‪ ،‬عبر‬ ‫قرارات وصفت بأنها استثنائية متشبعة بروح الوطنية‪.‬‬ ‫في جلساته االخيرة‪ ،‬عرف البرلمان الفرنسي جدال قويا جراء إثارة‬ ‫بعض البرلمانيين استثناية النموذج المغربي في التعاطي مع وباء‬ ‫كورونا‪ ،‬نقلته مختلف الوسائل اإلعالمية الفرنسية‪.‬‬ ‫كل هذا وغيره‪ ،‬بجعلنا نشعر حقا اننا امام نموذج للمدرسة‬ ‫الوطنية‪ ،‬التي هدفها األول واالخير هو االستثمار في العنصر البشري‬ ‫ورأسماله الرمزي‪ ،‬وليس فقط في ما قد تدره المدرسة من مكاسب‬ ‫وأرباح مالية‪.‬‬ ‫هنيئا لنا أوال وأخيرا بهذا الحس االخالقي الذي ميز موقف وزارة‬ ‫التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي‪.‬‬ ‫وسيظل ذلك موشوما في ذاكـرة في األجيـال الالحقة من أبناء‬ ‫المملكة‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هـدى املجـاطـي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬

‫«جريـدة ال�شمـال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز‬ ‫ـ طنجــة ـ‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬

‫• محمد إمغران‬

‫من ياترى على حق‬ ‫يف زمن «كورونا» ؟‬

‫ال زالت جائحة «كورونا» تدوخ العالم وتلهيه عن‬ ‫كثيرمن األمور األخرى‪ ،‬المرتبطة بتحسين ظروف عيش‬ ‫سكانه وبخدمتهم على جميع المستويات‪.‬كما انقسمت‬ ‫عقول العالم حول فهم سـر وطبيعة ومصدر هذه‬ ‫«الكورونا» التي هناك من يتاجر بها وهناك من يهدد‬ ‫بها وهناك من يحارب بها ويقضي مآربه ‪...‬وأيضا هناك‬ ‫من يدغدع بواسطتها عواطف األصحاء والمرضى على‬ ‫حد سواء‪ ،‬مثل شركة أمريكية في والية «كاليفورنيا»‬ ‫صرحت‪ ،‬مؤخــرا‪« ،‬وبــال مـــا تحشـم» بأنها تمكنت‬ ‫من تحقيق اختراق كبير في مجال البحوث العالجية‬ ‫المتعلقة بالفيروس الحالي‪ ،‬حيث أن شركة «سورينتو‬ ‫ثيرابيوتكس» ستطرح‪ ،‬هذه األيام‪ ،‬عالجا حقيقيا وفعاال‬ ‫يقضــي على «كورونــا» خـالل أربعـة أيام‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي يبدو رئيس الواليات المتحدة األمريكية تائها‬ ‫وحائرا‪ ،‬بل ويتباكى يوميا‪ ،‬عبر القنوات الفضائية‪ ،‬فمرة‬ ‫يتهم الصين ومرة يتهم دوال أخــرى‪ ،‬حسب مزاجــه‪،‬‬ ‫وذلك بتورط هذه الدول في ملف «كورونا» وما يتبع‬ ‫ذلك من قضايا وشؤون أخرى‪ ،‬مع العلم أن «ترامب»‬ ‫يتوفر على دواء بوالية «كاليفورنيا» يداوي المصاب‪،‬‬ ‫خالل أربعة أيام فقط «هاذو ماشي مساخيط‪ ،‬فمن‬ ‫يقول الحقيقة؟»‪ .‬ودائما في سياق الحديث حول الوباء‪،‬‬ ‫قال الطبيب الفرنسي المعروف «ديدييه راؤول «إن‬ ‫المعطيات العلمية كافة تؤكد أن فيروس «كورونا»‬ ‫المستجد على وشك االنتهاء‪ ،‬مستبعدا ظهور موجات‬ ‫ثانية للوباء‪ .‬كمــا أضــاف الطبيب الفرنسي الشهير‬ ‫«اللي كلشي ولى كيبغيه وكيرتاحلو» ألنه تعاطف مع‬ ‫الدراويش‪ .‬وباسم اإلنسانية‪ ،‬كان نصح األفارقة‪ ،‬منذ‬ ‫بداية انتشار الوباء‪ ،‬بعدم تنــاول دواء‪ ،‬تم تصنيعه‬ ‫خصيصا لتجريبه عليهم‪ ،‬ربما ألن حياتهم رخيصة أمام‬ ‫حياة األوروبيين واألمريكيين‪ .‬هذا الطبيب الذي يرأس‬ ‫مصلحة األمراض المعدية في مستشفى «مارسیلیا»‬ ‫بفرنسا «اهلل يفرجها عليه‪ ،‬فهاذ العواشر» صرح من‬ ‫خالل فيديو نشـره‪ ،‬قبل أيــام على حسابـــه الرسمي‬ ‫على «تويتر»‪ ‬بأن‪ ‬الفيروس يتراجع بشكـــل ملحـوظ‬ ‫عالميا‪ ،‬متوقعا أال تسجل إصابات جديدة بشكل كبير‪،‬‬ ‫بل انتهاء هذه األزمة التي اجتاحت العالم برمته‪ .‬وأوضح‬ ‫الطبيب ذاته الذي تبدو عليه مالمح وصفات عديدة‬ ‫للمؤمن أن ‪ ‬المعطيات العلميـة كافة تؤكد أن الفيروس‬ ‫في طريقه إلى االنتهاء‪ ،‬مشيرا إلى أن‪ ‬بعض الحاالت‬ ‫ستظهر بطبيعة الحال‪ ،‬هنا وهناك‪ ،‬لكن لن يشهد‬ ‫العالم‪ ،‬بعد اليـوم‪ ،‬موجات تفـــش كالسابق‪ ،‬معتبــرا‬ ‫أن ديناميكية الجائحة تراجعت بشكل كبير‪ ،‬مضيفا أنه‬ ‫قد يستمر تسجيل عدد من الوفيات‪ ،‬جراء كوفيد ‪19‬‬ ‫نتيجة بعض الحاالت المتأزمة‪ .‬وعن مدينة «مارسيليا»‬ ‫الفرنسية‪ ،‬كشـــف المتحـدث أن «كورونـا» بدأ ينتهي‬ ‫فيها‪ ،‬مع تسجيل حالة واحدة‪ ،‬يوم اإلثنين الماضي‪،‬‬ ‫على الرغم من خضوع أكثر من ‪ 1200‬شخص لالختبار‪،‬‬ ‫بحسب قوله‪.‬‬ ‫وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت‪ ،‬يوم األربعاء‬ ‫الماضي‪ ،‬من أن فيروس «كورونا» قد ال يختفي أبدا‪.‬‬ ‫وتأتي تلك التصريحات في الوقت الذي وصل فيه عدد‬ ‫الوفيات‪ ،‬نتيجة اإلصابة بهذا الفيروس المستجد حول‬ ‫العالم‪ ،‬يوم الجمعة الماضي‪ ،‬إلى أكثر من ‪ 302‬ألف‬ ‫حالة وفاة‪ ،‬بينما بلغ عدد المصابين بالمرض نحو ‪4‬‬ ‫ماليين و‪ 444‬ألف شخص‪ ،‬وف ًقا لجامعة «جونز هوبكنز‬ ‫األمريكية»‪.‬فمن ياترى على حق في زمن «كورونا» ؟‪.‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬

‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬

‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫العدد ‪1046‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫استرعت انتباهي ‪ -‬وأنا أشاهد برنامجا في قناة فرنسية ‪ -‬مقبرة صممت كأحدث ما‬ ‫يكون التصميم‪ ،‬وهيكلت كأحسن ما تكون الهيكلة‪ ،‬فجاءت آية في االخضرار‪ ،‬وآية في‬ ‫التنظيم والتنسيق‪ ،‬القبور مصطفة كما يصطف الجنود في عرض عسكري‪ ،‬ال تستطيع‬ ‫أن تميز بين قبر وقبر‪ ،‬إال بالرقم المثبت عليه‪ ،‬أو باإلسم الذي يحمله‪ ،‬والطرق تبدو بين‬ ‫هذا الصف أو ذاك‪ ،‬وكأنها خطوط رسمت بالقلم والمسطرة‪.‬‬ ‫قال لي جاري الذي كان يشهد معي هذه اللوحة‪ :‬هذه مقبرة يتمنى اإلنسان لو‬ ‫مات ليتمدد فيها قرير العين‪ ،‬مطمئن البال‪ ،‬ال يعكر صفوه متشرد‪ ،‬أو يقتحم عليه‬ ‫خلوته مقتحم‬ ‫قلت له‪ :‬إنها مصنفة في خانة الفنادق ذات النجوم الخمسة‪ ،‬أما مقبرتنا فلعلها‬ ‫كانت هي األخرى مصنفة‪ ،‬وأكيد أن نجومها كانت أقل‪ ،‬ولكنها كانت توفر للمقيمين‬ ‫بها كل شروط اإلقامة المريحة‪ ،‬وتستعين في ذلك بطاقم من اإلداريين األمناء‪،‬‬ ‫والحراس الذين ال يغمض لهم جفن‪ .‬أما اآلن فحين تدفن فيها عزيزا لديك‪ ،‬فال تدري‬ ‫هل سيستقر به المقام في الحفرة التي وضعته فيها‪ ،‬أم ستمتد له يد قطاع الطرق‪،‬‬ ‫فتنتشله من هناك‪ ،‬أو تجرده من كفنه‪ ،‬وتنتهك حُرمته؟‬ ‫هي أسئلة تنتصب أمامي‪ ،‬وعالمات استفهام ترد على خاطري‪ ،‬كلما أهلنا التراب‬ ‫على قريب‪ ،‬أو وضعنا اللحد على صديق‪ .‬فكيف لمقبرة ال تتوفر على باب وال بواب‪ ،‬وال‬ ‫سور وال شباك‪ ،‬أن تظل بمنأى عن اللصوص‪ ،‬ومدمني المخدرات والخمور؟ كيف تراعى‬ ‫حرماتها‪ ،‬وتحترم ساكنتها وهي على هذا الحال؟‬ ‫قال‪ :‬لم ال تُس ّلم ‪ -‬كما كانت في أيام مضت ‪ -‬للجمعية الخيرية اإلسالمية‪ ،‬أو‬ ‫لنظارة األوقاف والشؤون اإلسالمية؟ لم ال تعامَل كمكان مقدس‪ ،‬يُعهد به إلى‬ ‫المجلس العلمي المحلي مثال؟‬ ‫قلت‪ :‬أهم ما في الموضوع‪ ،‬توفير األمن‪ ،‬وإعادة الطمأنينة إلى نفوسنا ونفوس‬ ‫موتانا‪ .‬وما دامت والية أمن تطوان‪ ،‬تفكر في فتح مفوضيات للشرطة بالمدينة العتيقة‪،‬‬ ‫فلم ال تخص المقبرة من جهة سيدي المنظري بمفوضية‪ ،‬تنشر األمن‪ ،‬وتحفظ النظام؟‬ ‫إن التفكير في األحياء‪ ،‬ال يعفينا من مد يد المساعدة لموتانا‪ ،‬فإذا أمنا لهم‬ ‫المحيط الذي يرقدون فيه وسيّجناه‪ ،‬فسنكون قد وفرنا لهم الراحة والسكينة‪ ،‬والرقدة‬ ‫المناسبة‪ ،‬وأشعرناهم بأنهم ينامون في روضة‪ ،‬خاصة ونحن نطلق على المقبرة اسم‬ ‫الروضة‪ ،‬وعسى أن تكون ‪ -‬إن شاء اهلل‪ -‬روضة من رياض الجنة‪.‬‬

‫رماد العشق‪...‬‬ ‫ عبد الحي مفتاح‬‫جالسا تحت ظالل شجرة التين بربوة «المعزة»(بفتح العين وتشديد الزاي)‬ ‫كما يسميها أهل القرية‪ ،‬سرح نظره الشارد في األفق البعيد‪ ،‬ويده ترمي الحجرة‬ ‫تلو الحجرة دون هدف كما كان يفعالن معا بحس طفولي حينما يلتقيان في رحاب‬ ‫الطبيعة‪ .‬كانت الشجرة والربوة المتزاوجتان كامتزاج الماء بالمدام ملجأه المفضل‬ ‫كلما ضاقت نفسه واستعرت لواعج الحنين‪.‬‬ ‫يدها الرقيقة األنامل تلوح من وراء غبش زجاج الحافلة وسرعان ما بعدت‬ ‫كخيط دخان إلى أن اختفت‪ .‬منذ تلك اللحظة وهو يحسبها بجانبه وإن كان البعد‬ ‫يقسو عليه فقد كانت لمدة غير قصيرة ظال له كما كان ظال لها إلى أن وقع ما وقع‪.‬‬ ‫في قريته الصغيرة‪ ،‬الحياة التي تعود عليها بسيطة كأحالم أهلها المتجسدة‬ ‫في دورة الخصب؛ رواء وحصاد‪ ،...‬فمعهما يحل الخير والرخاء‪ ،‬وتطمئن النفوس‬ ‫وتهدأ‪ ،‬وتزهو المواسم و تزهر األعراس‪...‬‬ ‫قبل الجامعة لم يذق مصطفى طعم العشق ؛ فقد سمع عنه الكثير من‬ ‫خالنه الفطنين مبكرا في اإلعدادية ثم الثانوية وداخليتهما‪ ،‬كما قرأ عنه نصوصا‬ ‫رومانسية مثيرة‪ ،‬لكن دون أن يظفر بكنهه الروحي‪...‬؛ فحياته شبه الصارمة‬ ‫أنذاك وهو الذكر الوحيد بين أخواته الصغيرات‪ ،‬تركزت في الدراسة ومساعدة‬ ‫األب في أشغاله الشاقة غير المنتهية‪ .‬لذلك فهو ال يرتاح من الجهد الذهني في‬ ‫العطل إال ليعوضه بالعمل اليدوي‪ .‬لكن أثناء العطل الجامعية‪ ،‬عندما شرع في شق‬ ‫طريقة نحو االستقاللية الذاتية وتشكيل عالمه الخاص‪ ،‬اختلفت األمور حيث كان‬ ‫يعود بلحيته الكثة‪ ،‬محمال بحقيبتيه المثقلتين بالكتب وبما اختارته له فدوى من‬ ‫بدالت‪ ،‬وقد أضحت عيون بنات عمومته المندهشة تراقبه عن بعد وإن باحتشام‬ ‫يشبه التلصص‪ ،‬و قلت خرجاته المحسوبة وإن لم يتخل عن مد يد العون ألبيه‪...‬‬ ‫فالكتب التي حملها معه و الراديو الصغير يؤنسانه في غياب فدوى وشلة الرفاق‬ ‫واألصدقاء‪...‬‬ ‫لقد تبدلت نظرته لكل ما في قريته الصغيرة‪ ،‬و لم تكن في هذه النظرة‬ ‫انتقاص او استصغار‪ ،‬وإنما هي نظرة نابعة من فهم جديد للحياة والعالم‪ ،‬وإلى‬ ‫حد ما من التحليل الملموس للواقع الملموس‪ ،‬فمنذ أن ألتحق بالجامعة انفتح على‬ ‫عوالم أخرى جديدة ‪ ،‬واطلع على مؤلفات مهمة في المادية التاريخية واالقتصاد‬ ‫السياسي والسوسيولوجيا القروية وسياسات إعداد التراب والسياسة الفالحية‬ ‫ونظريات التنمية و قرأ روايات تكشف عن تجارب إنسانية متعددة‪ ،‬كما خاض‬ ‫نقاشات غنية وجداالت متواصلة مع رفاقه وأصدقائه‪ ،‬عمقت مداركه ووسعت أفقه‬ ‫وحمته من السقوط في فخاخ سطحية األحكام المحنطة والركون إلى المظاهر‬ ‫والدعايةالحربائية‪..‬‬ ‫منذ حصوله على ماستر في سوسيولوجيا التنظيمات‪ ،‬عاد إلى بيت والديه في‬ ‫استراحة محارب كان يظن أنها لن تطول‪ ،‬مر الوقت كالرصاص في غياب فدوى و‬ ‫ضبابية المستقبل وندرة الشغل المناسب لتخصصه‪ ،‬لم يكن له من عزاء إال حزمة‬ ‫الذكريات والصور التي جمعتهما‪ ،‬كان يرجع إليها من حين آلخر‪ ،‬ففدوى هي شعلة‬ ‫الحاضر والماضي القريب و اآلتي‪ ،‬اطمأن لكل شيء فيها؛ إلى رقتها‪ ،‬وهدوئها‬ ‫وذوقها الرفيع و حفظها للمواعيد باستثناء صمتها وشرودها فلم يكن يجد لهما‬ ‫تفسيرا وينفثان في دواخله قلقا متجددا‪.‬‬ ‫عند بدايات عودته‪ ،‬كانت الرسائل تتواصل بينهما بمعدل رسالة في الشهر‬ ‫يسلمها له بارتياب السي علي مقدم القرية لبعد مصلحة البريد و الهاتف‪ ،‬فالقرية‬ ‫ستستفيد بالكاد من الربط الكهربائي في مطلع السنة القادمة إذا صحت األخبار‬ ‫ونفذ المشروع في إبانه‪ .‬وسرعان ما انقطع هذا الخيط الرابط المنتظم بينهما‬ ‫دون سابق إنذار بعد السنة األولى من العودة؛ في الشهر األول اعتقد أن األمر‬ ‫ال يعدو أن يكون مجرد تأخر لسهو او انشغال عائلي او طارئ؛ و»الغابب حجتو‬ ‫معه» كما تقول مرارا أمه فاطمة التي ال تستسلم أبدا لهواجس االنتظار والتوقعات‬ ‫الشيطانية‪ .‬الرسائل كانت وتيرتها منتظمة رسالة‪ ،‬جواب‪ ،...‬ثم تحولت بعد صمت‬ ‫فدوى إلى ما يشبه المونولوج الحارق‪ ،‬لكنه لم يستسلم بل كل مرة يجتهد ليبدع‬ ‫في الكتابة مستعينا بأسلوب كبار األدباء لعله يعثر على تعويذة إلحياء عالقة‬ ‫تحتضر‪...‬‬ ‫في ذلك المساء‪ ،‬الذي لم يكن مساء عاديا‪ ،‬كما يحكي بحميمية لقلة ممن‬

‫‪3‬‬

‫يصافيهم‪ ،‬كانت سينما الريكس مألى عن آخرها‪ ،‬عشاق السينما الملتزمة كانوا‬ ‫هناك‪ ،‬فدوى لها ميل فطري متأصل للسينما ووجودها في قاعة السينما يسعدها‬ ‫ألنه يضفي على عالقتها مع مصطفى جوا من الدفء واالنزياح‪ .‬لما كانت بطلة‬ ‫الفيلم تعانق البطل بشوق وكبرياء النتصارهما في معركة شرسة خاضاها معا‬ ‫في قضية حقوقية ضد لوبيات مصالحية قوية‪ ،‬تعيث في األرض فسادا‪ ،‬القيم‬ ‫إنسانية لها وال رحمة‪ ،‬شدت على يديه بحرارة كما لم تفعل من قبل‪ ،‬أحس بتماس‬ ‫كهربائي يخترقه من األعلى إلى األسفل‪ ،‬نظر إليها كأنه لم يرها من قبل‪ ،‬كانت‬ ‫شاردة كعادتها في أقوى اللحظات‪ .‬في باب الحي عانقته ألول مرة‪ ،‬وبقدرما كان‬ ‫سعيدا كانت الحيرة تأكل قلبه‪.‬‬ ‫وهو يختلي بنفسه في غرفته البسيطة بساطة حياة القرية بعد انصرام يوم‬ ‫آخر من العطالة المفروضة‪ ،‬أصابه السهاد كما في تلك الليلة بعدما شدت على يديه‬ ‫وعانقته ألول مرة‪ ،‬أعاد قراءة رسائلها واحدة واحدة على ضوء الشمع‪ ،‬لم يكن شيئا‬ ‫فيها يلمح أن فدوى ستهجره‪ ،‬كانت كل مرة تستعيد بتفصيل اللحظات الجميلة‬ ‫التي عاشاها معا في ظهر المهراز‪ ،‬لوحدهما أو مع الرفاق و األصدقاء‪ ،‬في رسالة‬ ‫تحدثت فقط عن تلك الليلة التي لم ينقطع فيها سيل الضحك حتى ودعها عندما‬ ‫تبين الخيط األبيض من األسود‪ ،‬وفي أخرى تحدثت عن تلك األمسية الغنائية‬ ‫الفنية الحماسية الرائقة كصوت فيروز العذب و التي كاد أن يفسدها المندفعون‬ ‫لسبب تافه لوال حكمة بعض الرفاق‪.‬كانت لكل رسالة قصة تشبه قصص ألف ليلة‬ ‫وليلة برعت في طرزها بثقافتها السينمائية وحسها السردي الذكي‪...‬‬ ‫تمكن اليأس من مصطفى‪ ،‬بتوالي أيام االنتظار والوحدة‪ ،‬حتى لم يعد قادرا‬ ‫على التذكر ففدوى كانت تبعد كخيط دخان‪ ،‬ولم يبق له كصلة وصل تربطه بما‬ ‫هو خارج قريته إال جريدتين واحدة بالفرنسية وأخرى بالعربية يطل منهما على‬ ‫المباريات وعروض الشغل‪ ،‬حتى الراديو الذي كان من الرموز القليلة العزيزة من‬ ‫إرثه الجامعي لم يعد يجذبه إال لماما‪ ،‬كان كل تركيزه حاليا ينصب على البحث‬ ‫عن الخالص الشخصي‪ ،‬على وسيلة للخروج بكرامة من أسره الذي طال وثقل على‬ ‫النفس‪ ،‬فقدرته على تحمل االنتظار باستحضار الذكريات والنهل من الماضي‬ ‫الجميل نفذ مخزونهما‪ ،‬وقلق والديه كبر وهو يرى شفقتهما عليه في الوجهين‬ ‫اللذين كانا إلى وقت قريب يقطران افتخارا وأمال في المستقبل الواعد‪...‬‬ ‫في تلك الظهيرة وهو بين بين‪ ،‬وعيناه مثقلتان بدين الليالي الساهدة‪ ،‬سمع‬ ‫المقدم علي ينادي عليه على غير العادة من مسافة بعيدة‪ ،‬وكأنه شعر بما كان‬ ‫يشعر به من يأس‪ .‬في باب البيت الطيني تسلم الرسالة شاكرا‪ ،‬لم تكن كما خمن‬ ‫رسالة من فدوى‪ ،‬فامتقع وكاد أن يمزقها لوال شيء من الروية ورثه عن حكمة أمه‪.‬‬ ‫مكث في العاصمة التي حملته إليها تلك الرسالة التي كان قاب قوسين أن‬ ‫يمزقها حتى أعلنت النتائج النهائية‪ ،‬ثم عاد لبضعة أيام لقريته ليحمل معه الزاد‬ ‫الخفيف الذي كان يحمله معه أيام الجامعة وليتبرك بدعوات أمه وتفاؤلها وصبر‬ ‫أبيه و تفانيه في العمل خدمة لعائلته وحماية لكرامة عياله ‪...‬‬ ‫في هذه المدينة التي احتضنته وفتنته بسحر تناقضاتها‪ ،‬رغم كل مايقال‬ ‫عن مروقها البيروقراطي‪ ،‬التقى صدفة بفدوى يوما ما وهو يجوب متسكعا إحدى‬ ‫الشوارعالرئيسية‪.‬‬ ‫‪ ،‬كانت في مهمة جمعوية تطوعية بالمغرب‪ ،‬كما حكت له‪ ،‬لقد أغوتها‬ ‫السينما أكثر من كل الغوايات فهاجرت إلحدى الدول الغربية إلكمال الدراسة في‬ ‫ذلك الفن بعد حصولها على إجازتها في اإلنجليزية‪ ،‬احتسيا القهوة معا في ذلك‬ ‫المقهى األثير لديه والذي يجتمع فيه برفاق وأصدقاء الزمن الجميل‪ ،‬أسرت له أنها‬ ‫كانت قد دافعت عن اختيار قريته ضمن القرى التي ستسفيد من مشاريع الجمعية‬ ‫التي تعمل فيها و وفاء لعشق اكتمل‪ ،‬كانت ابتسامتها التي افتقدها لألبد تقول‬ ‫الشيء الكثير‪ ،‬عانقته كما في ذلك اليوم بباب الحي كان عناقها حارا وبادلها نفس‬ ‫اإلحساس وإن بمرارة عشق لم يكتمل‪ ،‬ثم لوحت له بأناملها الرقيقة و صارت تبتعد‬ ‫كخيط دخان ولم تزدها السنون إال سرا ورقة وسحرا‪...‬‬

‫ولها أرج محيي‬ ‫أبدا‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫ولهـا أرج محيـي أبـدا‬

‫فاقصد محيى ذاك األرج‬

‫وأما لها ‪:‬‬ ‫فالضمير فيها يعود للفوائد؛ وفوائد موالنا جمل‪..‬‬ ‫وأما األرج ‪:‬‬ ‫فمن الفعل أرج الطيب أرجا وأريجا؛ بمعنى فاح‪ .‬وأرج‬ ‫المكان انتشر فيه الطيب وزكا‪ ،‬فطهر‬ ‫وجاد‪ ،‬وحسن‪ ،‬وتضمخ طيبا‪..‬‬ ‫وأما محيي ‪:‬‬ ‫اللُ‬ ‫فمن الفعل أحيا؛ بمعنى جعله حيا‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬و هَّ‬ ‫َ‬ ‫ى َب َلدٍ َّم ِّي ٍ‬ ‫ِري َ�س َحا ًبا َف ُ�سقْ َن ُ‬ ‫ت‬ ‫اه �إِ َل ٰ‬ ‫الر َي َ‬ ‫اح َف ُتث ُ‬ ‫ا َّلذِ ي �أ ْر َ�س َل ِّ‬ ‫ك َ ٰذل َ‬ ‫ال ْر�� َ�ض َب ْع َد َم ْوت َِها َ‬ ‫ور{ ؛‬ ‫َف�أَ ْح َي ْي َنا ِب ِه َْ أ‬ ‫ِك ال ُّن ُ�ش ُ‬ ‫فقدرة اهلل وحكمته ترسل رياحا مبشرة بغيث لبلد مجدب‬ ‫فيحييه؛ كما يحيي الموتى من قبور‪ ..‬وتلك آيته في‬ ‫خلقه‪..‬‬ ‫ومن دالالت االحياء في هذا السياق ‪:‬‬ ‫• االنتعاش‬ ‫• االعتدال‬ ‫• النشاط‬ ‫• النهوض بعد فتور أو غفلة‪..‬‬ ‫وأما أبدا ‪:‬‬ ‫فظرف زمان لالستقبال في حالتي إثبات ونفي‪ ،‬وهو‬ ‫ظرف يفيد االستمرارية‪ ،‬مصداقا لقوله تعالى ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ت�� ِ�ري ِم��ن حَ ْ‬ ‫�ات جَ ْ‬ ‫}و ُي� ْ�د ِخ � ْل��هُ َج � َّن� ٍ‬ ‫�ار‬ ‫ت� ِت� َ�ه��ا أ‬ ‫ال ْن � َ�ه � ُ‬ ‫ِيها �أب��دا‪َ ،‬ذل��ك الفوز العظيم{ بمعنى‬ ‫ين ف َ‬ ‫َخالِدِ َ‬ ‫مقيمين فيه أبد الحياة‪ ،‬ال يموتون‪ ،‬وال يخرجون منها‪..‬‬ ‫وأما فاقصد ‪:‬‬ ‫فمن القصد وما يدخل في حقله الداللي من ‪:‬‬ ‫• توجه‬ ‫• عدم ميل في أي ناحية‬ ‫• مواصلة‬ ‫• استقامة ‪« ،‬استقم كما أمرت»‪.‬‬ ‫وأما محيى ‪:‬‬ ‫فمفعل من الحياة؛ يطلق عليها وعلى مكانها وزمانها؛‬ ‫واإلضافة من أضافة المسبب إلى السبب؛‬ ‫والمعنى ‪ :‬أقصد تلك الحياة المسببة عن ذاك األرج أو‬ ‫زمانها هذا‪ ..‬فإذا كانت نعم الدنيا وخيراتها سبب انتعاش‬ ‫البدن وحياته وقوته على الطاعة‪..‬ففوائد األخرى من علم‬ ‫وعمل صالحين يحصل بها احياء وانتعاش القلب‪ ..‬ومفتاح‬ ‫السعادة األبدية هو هذا التوازن الحاصل بين شبح وروح ‪:‬‬ ‫يا خادم الجسم ‪ :‬كم تسعى لخدمته‬ ‫وتطلب الربح ممــــــا فيه خســـران‬ ‫عليك بالنفس ‪ ،‬فاستكمل فضائلها‬ ‫فأنت بالنفس ال بالجسم إنســــــان‬ ‫ولعل المقصود أيضا بمحيى األرج انتشار الفوائد‬ ‫الربانية بأريج التقوى‪..‬‬ ‫والتقوى ‪:‬‬ ‫• احتراز بطاعة اهلل عن عقوبته‪..‬‬ ‫• اخالص في حال الطاعة‪..‬‬ ‫• حذر في حال المعصية‪..‬‬ ‫• ترك لحظوظ النفس وهواها‪..‬‬ ‫• تخلية القلب من التعلق بما سوى اهلل‪ ،‬وتصفيته‬ ‫بالذكر المتواصل‪..‬‬ ‫ولها أرج‪..‬‬


‫العدد ‪1046‬‬

‫‪4‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫هذا التدخل الغير المفهوم لوزير التجارة واالقتصاد الرقمي‬ ‫أمام البرلمان‪...‬‬ ‫التدخل غير العادي لوزير التجارة والصناعة‬ ‫واالقتصاد الرقمي أمام البرلمان حول قضية‬ ‫مخزون الكمامات التي تم اكتشافها‪ ،‬مؤخرا من‬ ‫طرف اللجنة المسؤولة عن فحص اإلجــراءات‬ ‫األمنية والصحية هو إشكالية تستحق أكثر‬ ‫من عنوان‪ ،‬مما يدل على أن الوزيــر المحترم‬ ‫دافع بكل روــحه وجسمـــه عن المصالـــح‬ ‫المتعثرة وذات الرنين السيء لصديقه بطنجة‪،‬‬ ‫محمد بوبوح‪ ،‬المتـــورط الرئيسي في قضية‬ ‫الكمامات‪.‬‬ ‫والذين تحملوا مثلنا المشقــة لتتبع هذا‬ ‫التدخل للوزير المذكور‪ ،‬تحت قبة البرلمان‪،‬‬ ‫ربما توصلوا إلى أن السيـــد موالي حفيظ‬ ‫العلمي ذكـي ويحسن قراءة ما بين السطور‪،‬‬ ‫إذ يعرف كيف يظهر بعض التحفظات في‬ ‫تصريحاته‪.‬وبدال من الوزيرالمعتاد‪ ،‬فإن الرأي‬ ‫العام من حقه الحصول على مبرر حقيقي أو‬ ‫إجابة شافية حول هذه الكمامات‪ ،‬بمعطياتها‬ ‫المغلوطة‪ ،‬خاصــة وأن تدخــل الوزير أمام‬ ‫البرلمان للدفاع عن رجل واحد ونعته بالوطنية‬ ‫والذكاء‪ ،‬ليس لتلميع صورته مجانا‪ ،‬بل ربما‬ ‫سلوك الوزيرهذا وراءه أهداف‪ ،‬منها إعداده‬ ‫األرضية لتصدير الكمامات نحو أوروبا‪ ،‬علما أن «كبير» صناع النسيج بطنجة الذي هو صديقه‬

‫القانونية للدولة‪.‬‬

‫كان يخبئ بمعمله كمية كبيرة منها في انتظار‬ ‫الوقت المناسب لتصديرها إلى الخارج‪,‬‬ ‫ولإلشــارة‪ ،‬فإن مصلحـة المهنيين والعاملين‬ ‫في قطـاع النسيــج واأللبسـة الجاهزة‪ ،‬وخاصة‬ ‫في هذه القضية وفي هذه الظرفيــة‪ ،‬المرتبطة‬ ‫بإكراهات جائحة «كورونا» يرغبون في أن ينصت‬ ‫الوزير إليهم جميعــا وليس فقــط إلى صديقـه‬ ‫«الخالد» بوبوح‪ ،‬وهذا مما يشكل أكبرمشكل في‬ ‫القطاع برمته‪.‬‬ ‫وبالمناسبة‪ ،‬فإن أعضــاء الجمعيـة المهنيــة‬ ‫لصناعة النسيج واأللبسة بالشمال كانوا قدموا‪،‬‬ ‫يوم الخميس الماضي‪ ،‬استقاالتهم‪ ،‬تعبيرا عن‬ ‫استنكارهم لقضية الكمامات‪ ،‬ومن المنتظر أن‬ ‫تعقبها استقاالت أخـرى في القــادم من األيام‪،‬‬ ‫خاصة إذا لم يتم الكشف عن حقيقة ما جرى‪،‬‬ ‫مقابل أخــذ مصلحة المهنييــن جميعا بعين‬ ‫االعتبار والتقدير‪ ،‬وربما الزال الوقت الكافي أمام‬ ‫وزيرنا لكي يفتح عينيه جيدا‪ ،‬لتفادي فضيحة‬ ‫مماثلة كانت تتعلق بشركته للتأمين‪ ،‬حيث أن‬ ‫هذه األخيرة «لعبت» مع عامل الوقت‪ ،‬لتستفيد‬ ‫من قيمـــة كبيرة كانــت مخصصة من الناحية‬

‫ج‪.‬ش‬

‫الحجر الصحي بين الرفع و التمديد‪ ...‬القرار الصعب؟؟‬ ‫• محمد البوشوكي (دكتور في القانون العام)‬ ‫أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ .‬جامعة محمد الخامس ـ الرباط ـ‬ ‫مع بداية ظهور أولى إصابات فبروس كورونا وفي ظل عدم توافر عالج أولقاح مؤكد لجائحة‬ ‫كوفيد‪ ،-19‬اتجهت حكومات بعض الدول إلى فرض اإلجراءات التقييدية‪ ،‬مثل العزل والتباعد‬ ‫االجتماعي والحجر الصحي‪ ،‬للحفاظ على الصحة العامة‪ ،‬باإلضافة إلى تدابير وقائية أخرى‪ ،‬كغلق‬ ‫المدارس والمراكز التجارية والمسارح والمساجد‪ ،‬ووضع قيود على السفر‪ ،‬وتعليق الكثير من‬ ‫األنشطة‪« .‬الحجر الصحي» يذكر أن الحجر الصحي هوعزل األشخاص المخالطين لحاالت مؤكدة‬ ‫أولحاالت يُحتمل إصابتها بالمرض لفترة زمنية تحدد وف ًقا لفترة حضانة المرض ‪-‬الفترة ما بين‬ ‫حدوث العدوى وظهور األعراض‪ -‬وقد ُقدرت بـ‪ 14‬يومًا في حالة كوفيد‪ ،-19‬أما «العزل» فيُعرف‬ ‫بأنه حجز المرضى الذين ظهرت عليهم األعراض بالفعل بعيدًا عن األشخاص األصحاء‪ .‬ويوصف‬ ‫«التباعد االجتماعي» بأنه الحفاظ على مسافة ‪-‬متر واحد على األقل‪ -‬بين األفراد األصحاء‪.‬‬ ‫المغرب وعلى غرار باقي دول المعمور نهج‬ ‫نفس التدابير‪ ,‬وربما قبل دول أخرى عانت‬ ‫فيما بعد من تداعيات الجائحة صحيا‪ ,‬وهواآلن‬ ‫‪,‬وحسب بعض اآلراء يستعد لفترة ثالثة من‬ ‫الحجر الصحي‪ ,‬علما أن التمديد لمرحلة ثالثة‬ ‫يبقى رهينا بتقييم الوضع الصحي للوباء بجميع‬ ‫جهات المملكة من طرف السلطات الصحية‬ ‫المختصة‪ ،‬موضحا في اتصال مع «العلم» أن‬ ‫التحكم في الوضع الوبائي يتطلب الوصول إلى‬ ‫نتائج كبيرة في نسبة احتوائه‪.‬‬ ‫اقتصاديا‪ ,‬يرى بعض الخبراء أن التمديد‬ ‫لفترة ثالثة ستكون له تكلفة باهظة وبشكل‬ ‫أكبر على نسيج االقتصاد الوطني‪ ،‬بدليل أن‬ ‫مجموعة من التقارير والدراسات سبق أن‬ ‫أشارت إلى هول حجم الخسائر التي تكبدها‬ ‫االقتصاد المغربي خالل المرحلتين السابقتين‬ ‫للحجر الصحي‪ .‬خبراء اقتصاديون ينبهون إلى‬ ‫أن الوقت قد حان ليشرع المغرب في رفع حالة‬ ‫الطوارئ الصحية تدريجياً‪ ،‬موردا أن «المرحلة المقبلة تتطلب تعايش االقتصاد مع الوباء ألن هذا‬ ‫الوضع وفق العديد من المعطيات سيطول أكثر‪.‬‬ ‫صحيا‪ ,‬ومع ظهور بؤر جديدة سواء عائلية أومهنية سيكون من الصعب التحدث عن رفع شامل‬ ‫للحجر الصحي‪ ,‬وأي رفع لحجر صحي يجب أن يكون منطبقا للتدابير المعمول بها دوليا من انخفاض‬ ‫في معدل انتشار العدوى‪ ,‬الحد من ظهور اإلصابات الجديدة‪ ,‬تجنب االنتشار الجماعي بالمناطق‬ ‫التي تتواجد فيها حاالت متفرقة‪.‬‬ ‫فالقرار إذن‪ ,‬ليس بالسهل تماما‪ ,‬فالمواطنون كانوا ينتظرون من رئيس الحكومة المغربية‬ ‫سعد الدين العثماني من خالل خرجته األخيرة أن يكون حاسما‪ ,‬أوعلى األقل طرح سيناريوهات‬ ‫الخروج من الحجر‪ ,‬والواقع أن الحالة الوبائية السائدة آنذاك كانت تتسم بالضبابية ‪ ,‬وكرأي شخصي‬ ‫من الالزم أن تكون هناك إستراتيجية للخروج من الحجر الصحي بشكل تدريجي باعتماد تدابير‬ ‫خاصة مع مراعاة السن ووجود أمراض أخرى‪ ,‬إمكانية إعادة إطالق األنشطة األساسية خصوصا‬

‫بالجهات األقل تضررا من الفيروس‪ ,‬ارتداء الكمامات وإلزامية التباعد االجتماعي‪ ,‬التطهير ومسافة‬ ‫األمان يجب فرضها على وسائل النقل العمومي‪.‬‬ ‫هذا وقد شدد وزير الصحة ‪ ،‬من خالل رده على أسئلة البرلمانيين‪ ،‬على أنه «لوتم التراخي‬ ‫في تمديد الحجر الصحي لتعرضنا النتكاسة كبيرة وظهرت بؤر جديدة‪ ،‬لذلك تم تمديد حالة‬ ‫الطوارئ حتى يكون هناك يقين أننا وصلنا لمرحلة تحقيق السالمة للمواطنين‪ ،‬الفتاً إلى أن تفعيل‬ ‫البروتوكول العالجي لدواء «الكلوروكين»‪ ،‬وتأهيل المختبرات الطبية للكشف عن حاالت اإلصابة‬ ‫بفيروس كورونا‪ ،‬ساهم في تقليل عدد الوفيات بالمغرب»‪.‬كما أضاف أن مسألة رفع الحجر الصحي‬ ‫صعبة‪ ،‬بل هي أصعب من فرضه‪ ،‬ويجب أن تكون في إطار استراتيجي‪ ،‬الفتاً إلى أن من بين الشروط‬ ‫لرفع حالة الطوارئ القدرة على إجراء عدد كبير من االختبارات يومياً‪ ،‬وهوما بدأ يتحقق تدريجياً‬ ‫في المغرب‪ ،‬بعد أن باتت األطقم الطبية قادرة على‬ ‫إجراء ما يقارب ألفي تحليل يومياً‪ ،‬وهوالمعدل الذي‬ ‫سيتحسن‪ ،‬خالل األيام المقبلة‪ ،‬بوصول معدات طبية‬ ‫جديدة لالختبارات السريعة‪.‬‬ ‫سيناريوهات وبرامج تنجز في إطار الخروج من‬ ‫األزمة بأقل الخسائر‪ ,‬ومن بين السيناريوهات األقرب‬ ‫إلى التحقق‪ ،‬الرفع التدريجي للحجر الصحي في مدة‬ ‫ال تقل عن ‪ 100‬يوم‪ ،‬تنطلق من ‪ 20‬مايوالجاري‪،‬‬ ‫وتنتهي بنهاية غشت المقبل‪ ،‬شرط أن يلتزم‬ ‫المواطنون‪ ،‬خالل هذه المدة بالتدابير المقررة من‬ ‫الحكومة‪.‬‬ ‫ويعتمد هذا السيناريوعلى االستقرار النسبي‬ ‫للحالة الوبائية في الفترة السابقة وتراجع قياس‬ ‫العدوى األساسي من واحد على ‪ 2.53‬في بداية‬ ‫انتشار الفيروس في المغرب‪ ،‬بداية مارس الماضي‪،‬‬ ‫إلى واحد على ‪ ،1.17‬وهومعطى مشجع‪ ،‬لكن يأمل‬ ‫السيناريونفسه أن يصل القياس إلى ‪ 1‬على ‪ 1‬فقط‪،‬‬ ‫ما سيمكن من التحكم في الوضعية على نحوواضح‬ ‫جدا‪ ،‬وبأقل هامش من الخطأ‪.‬‬ ‫شخصيا وتحسبا لكل ما من شانه أن يمس بالسالمة الصحية للمواطنين ومراعاة للتكلفة‬ ‫االقتصادية التي من الممكن أن يدفعها المغرب‪ ,‬فالحل يمكن أن يكون مع الرفع التدريجي للحجر‬ ‫الصحي‪ ,‬خصوصا بالجهات األقل تضررا من الفيروس‪ ,‬إلعطاء الفرصة لنوع من االنتعاش ولونسبيا‬ ‫لألنشطة االقتصادية كفرصة للعمل على تفعيل منطق الجهوية تحت المراقبة الصارمة واحترام‬ ‫قواعد التباعد‪.‬‬ ‫بالفعل أن األمر ليس بالهين‪ ,‬سواء بالنسبة للدولة أوالمواطنين‪ ,‬فكل قرار يتخذ في هكذا‬ ‫ظروف يجب أن يراعي البعدين‪ ,‬الصحي منه واالقتصادي كذلك‪ ,‬فالسالمة الصحية للمواطنين‬ ‫أولوية وحق من حقوق اإلنسان‪ ,‬واالقتصاد من جهة أخرى ركيزة أساسية لتوفير وضمان اآلمن‬ ‫الغذائي للجميع‪.‬‬


‫العدد ‪1046‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫‪5‬‬

‫العنف األسري‪ ..‬أية حماية ؟‬ ‫من المواضيع التي شغلت الناس في الظرفية األخيرة موضوع شائك أثار جدال‬ ‫واسعا ‪،‬ويحتاج أن يعالج ويناقش من وجهة نظر دينية إسالمية انطالقا مما جاء به‬ ‫ديننا الحنيف ومن توجيهات الرسول صلى اهلل عليه وسلم تطبيقا لسنته ‪،‬ذلك ما‬ ‫يعرف بالعنف أو التعنيف األسري ‪،‬وكيف لنا أال نتحدث عن هذا الموضوع وقد أصبح‬ ‫لألسف ظاهرة شنيعة ومزعجة في زمننا هذا لما تنتجه من مشاكل اجتماعية ‪،‬ويمكن‬ ‫تعريف هذا األخير بالسلوك العنيف الذي ينطوي على استخدام القوة من الطرف القوي‬ ‫ضد الطرف الضعيف الذي ال حول له وال قوة ‪،‬كتعنيف الزوج لزوجته أو تعنيف الزوجة‬ ‫ألطفالها أو تعنيف األخ ألخته‪ ....‬وهناك من األمثلة الكثيرة في عصرنا هذا ‪،‬وذلك عبر‬ ‫ممارسات اعتداءات جسدية قاصية كضرب الزوجة واألطفال بقسوة وعنف لألسباب‬ ‫مختلفة قد تكون سخيفة في مجملها ‪،‬أو الجرح أو التعذيب الجسدي أو اعتداءات نفسية‬ ‫كالتخويف والتوبيخ والسيطرة‪ ..‬أو اعتداءات سلبية مثل الحرمان المادي الذي قد يؤدي‬ ‫إلى ارتكاب جرائم السرقة ‪،‬وتشكل هذه الصور من العنف العديد من النتائج الخطيرة‬ ‫على المعتدى عليه أو ما يسمى بالضحية ‪،‬مما يسبب له الكثير من األمراض النفسية‬ ‫مثل اإلحباط واليأس واالكتئاب‪، ...‬وجل هذه الحاالت والصور التي تمثل العنف داخل‬ ‫األسرة قد تسبب حاالت مرضية جد حادة والتي تحتاج إلى عالج مكثف ‪،‬وقد تؤدي بهم‬ ‫في األخير إلى وضع حد لحياتهم لعدم القدرة على تحمل حياة قاصية على اعتبار أن‬ ‫في الموت راحة ‪،‬وهذا ما نعيشه في الوقت الراهن إذ نجد العديد من حاالت االنتحار‬ ‫والعديد من المرضى النفسانيين والعديد من المتشردين والمنحرفين والمدمنين‬ ‫على المخدرات التي أفسدت عقولهم ‪،‬وهذه كلها نتائج العنف األسري أو التفكك‬ ‫األسري الذي أنعكس في في طياته االنحطاط األخالقي والفقر االقتصادي وضعف‬ ‫الحجة والبرهان ‪،‬ألن اإلنسان السوي خلقيا والقوي فكرياً ال يحتاج إلى عنف بل الحجة‬ ‫والبرهان وهذا خير ما أوصى به ديننا الحنيف والذي نهى عن جميع أشكال العنف‬ ‫والممارسات السلبية التي تؤثر على وحدة األسرة و المجتمع بسبب خلل في التربية‬ ‫أهمها التربية اإليمانية ‪،‬فضعف اإليمان باهلل والجهل به وبأحكام دينه يورث اإلهمال‬ ‫من اآلباء بالقيام بواجبهم في التربية فينشأ األبناء على الجهل ويتسلطون على اآلباء‬ ‫عند كبرهم‪.‬‬ ‫فقد توعد اهلل عز وجل باللعن من اتخذ ما فيه روح عرضا ‪،‬وأخبر النبي صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم عن تعذيب امرأة بسبب حبسها لقطة حتى ماتت ‪،‬فكيف بمن يعتدي بالضرب أو‬ ‫الجرح أو بالتعذيب أو القتل أقرب الناس إليه ؟‬ ‫البد هنا من نظرة قانونية ألن معظم الناس ال يقتدون بما جاء به ديننا الحنيف‬ ‫ألن عقوبته إلهية ‪،‬في حين أن الخضوع للقانون أمر قسري ‪،‬هنا جاءت الحاجة لتوضيح‬ ‫حيثية مهمة وهي أن القانون المغربي لم يغفل أي جريمة إال وجعل لها عقوبة ‪،‬‬ ‫والمشرع المغربي لم يقتصر على تناول العنف األسري بل تناول ما هو في حجم العنف‬ ‫األسري في جانبه القانوني بحيث صنف بعض الجرائم على أنها عنف واضح مثل القتل‬ ‫العمد والقتل الخطأ والضرب والجرح والتسميم والتعذيب وقتل األطفال وتعريضهم‬ ‫للخطر‪ ،‬وهي أشكال متعددة من العنف وضمنها للعنف األسري‪ ،‬أما ما هو في حجم‬ ‫العنف األسري مثل الجنايات التي تحول دون التعرف على هوية األطفال وجرائم إهمال‬ ‫األسرة وجرائم انتهاك اآلداب كلها جرائم عنيفة ‪،‬وقد عالجها القانون الجنائي أما‬ ‫إثباتها فقد عالجته المسطرة الجنائبة‪.‬‬ ‫وباستعراض لبعض الجرائم أؤكد أنه من الناحية المبدئية أن المشرع في حالة‬ ‫العالقة األسرية يتدخل إما للرفع من العقوبة أو تخفيضها والمحدد في غالب األحيان‬ ‫هو صفة الجاني‪ ،‬وأحيانا تتدخل صفة المجني عليه لترفع من العقوبة ومثال على ذلك‬ ‫األطفال ‪،‬وهذا ما أكد الفصل ‪ 408‬من القانون الجنائي حيث نص على ما يلي «يعاقب‬ ‫بالحبس من سنة إلى ثالث سنوات كل من جرح أو ضرب عمدا طفال دون سن الخامس‬ ‫عشر من عمره أو تعمد حرمانه من التغذية أو العناية أو ارتكب ضده أي نوع من العنف‬ ‫أو اإليذاء «‪،‬مع العلم أن هذه العقوبة إذا تعلقت بغير الطفل تكون أقل من ذلك بكثير‪،‬‬

‫نورة الفقيهي‬ ‫باحثة في القانون الخاص‬

‫ومن جهة ثانية فقد الحظ المشرع أن االعتداء على اإلنسان واألطفال في ثنام شديد‬ ‫لذلك أعاد تنظيم هذا الموضوع بما يضمن الحماية الالزمة ‪،‬ولذلك أود أن أشير إلى‬ ‫أن جاللة الملك نصره اهلل كان قد كلف المجلس االستشاري لحقوق اإلنسان بأن يراجع‬ ‫القانون الجنائي بما يؤدي إلى سد الثغرات التي يمكن أن توجد فيه والمتعلقة بجرائم‬ ‫العنف ‪،‬على اعتبار أن موضوع حقوق اإلنسان يأخد حيزا كبير من اهتمامات النخب‬ ‫والمفكرين والسياسيين والمثقفين الرتباطه بتكوين المجتمع واألفراد ولكونه أحد‬ ‫مؤشرات التحول الديمقراطي‪.‬‬ ‫ورغم صدور العديد من المواثيق الدولية والتوجيهات التي تمنع جميع أشكال‬ ‫العنف فإن الموضوع الزال يحتاج إلى عناية خاصة ومجهودات دولية واجتماعية وفردية‬ ‫وجماعية وفردية للحد من ظاهرة العنف األسري هذا السلوك المرفوض دينيا وقانونيا‬ ‫‪،‬وفي بلدنا الحبيب حظي هذا الموضوع باهتمام الكثير من الفعاليات الحقوقية من‬ ‫جمعيات ومؤسسات مناهضة لألسباب والعوامل التي تهيئ فرص ارتكاب العنف‬ ‫بصفته ظاهرة اجتماعية مرضية ‪،‬وهو ما جعل المشرع يحرص على مالئمة تشريعاته‬ ‫الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق اإلنسان حتى يعمل القضاء على ضمان حماية‬ ‫هذه الحقوق وفق ما يقتضيه القانون ‪،‬ومن جانب أخر فأكثر من عقد مناصرة منظمات‬ ‫حقوق المرأة المغربية اعتمد المغرب القانون رقم ‪ 103.13‬المتعلق بمحاربة العنف‬ ‫ضد النساء كونهن هن من يتعرضن للعنف في هذا المجتمع الذكوري بثقافته‬ ‫والمكرس لسلطة الرجل في اطار القوانين واألعراف المنظمة للعالقات األسرية ‪،‬لذا‬ ‫غفلت غالبية الدول العربية اإلشارة إلى أن العنف مبني على النوع االجتماعي ‪،‬وفي‬ ‫ظل الثقافة المجتمعية السائدة يظل العنف ضد المرأة أمرا عائليا وال يتم التبليغ عن‬ ‫معظم حاالته مما يفلت الجاني من العقاب ‪،‬ولهذا قدمت الحكومة مشروع القانون‬ ‫إلى مجلس النواب وصادق عليه وأصبح نافدا حيث تضمن أحكاما إيجابية ألن غايته‬ ‫األسمى هو توفير الحماية القانونية الالزمة دون أن تثار بشأنه أية إشكاالت ‪،‬فإلى أي‬ ‫حد استجابة هذا القانون لمطالب الحركة النسائية ؟وهل تتالءم مقتضياته والمعايير‬ ‫الدولية خاصة دليل التشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة ؟‬


‫العدد ‪1046‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫فضل ليلة القدر وعالماتها‪...‬‬ ‫من فضل اهلل على األمة االسالمية أن اختصها بخصائص عظيمة وفضائل كريمة‪ ،‬وفضلها على‬ ‫غيرها من األمم بأن أرسل إليها خير الرسل وأنزل إليها أبلغ الكتب السماوية ؛ القرآن كتاب اهلل‬ ‫العظيم كالم رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي اصطفاها اهلل واختصها بأن تكون العبادة‬ ‫فيها خير من عبادة ألف شهر‪..‬هي ليلة القدر‪..‬ومعناها ليلة الحكم والتقدير ‪ ،‬سميت بذلك ألن اهلل‬ ‫سبحانه وتعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره الى مثلها من السنة المقبلة من أمر الموت والرزق‬ ‫واألجل وغيره‪..‬سميت بليلة القدر لعظمها وشرفها وقدرها‪..‬وألن للطاعات فيها قدرا عظيما وثوابا‬ ‫جزيال‪..‬وأن من لم يكن له قدر وال حظر يصير في هذه الليلة المباركة ذا قدر إذا أحياها‪..‬سميت‬ ‫بذلك أيضا ألنه أنزل فيها كتاب ذو قدر على رسول ذي قدر على أمة ذات قدر‪..‬سميت كذلك ألنها‬ ‫أنزلت فيها مالئكة ذوو قدر وشأن‪ »..‬إنا أنزلناه في ليلة القدروما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير‬ ‫من ألف شهر تنزل المالئكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سالم هي حتى مطلع الفجر»‪.‬وقال‬ ‫في سورة الدخان‪ »:‬إنا أنزلناه في ليلة مباركة‪.»..‬‬ ‫ولكن السؤال هو‪ :‬أية ليلة هي في شهر‬ ‫رمضان؟ القرآن الكريم لم يحدد ليلة القدر‬ ‫بأي ليلة‪ ،‬وأن الرسول العظيم لم يحددها‬ ‫تحديدا تاما ودقيقا وإنما حددها على وجه‬ ‫التقريب عندما قال ‪ « :‬تحروا ليلة القدر في‬ ‫السبع األواخر» ومعنى التحري أي الطلب‬ ‫بجد في العبادة‪ ،‬ثم يقرب الرسول األمر‬ ‫أكثر من ذلك فيقول‪ »:‬تحروا ليلة القدر‬ ‫في الوتر من العشر األواخر من رمضان «‬ ‫‪.‬ومحاوالت الصحابة والفقهاء والمحدثين‬ ‫مثيرة وطريفة ‪ ،‬منها مثال ما قاله بعضهم‬ ‫من أن عدد كلمات سورة القدر ثالثون‬ ‫كلمة كعدد أيام رمضان وكلمة «هي» التي‬ ‫تشير الى ليلة القدر في قوله تعالى «سالم‬ ‫هي» هذه الكلمة تمام سبعة وعشرين ‪.‬هذا‬ ‫تأويل‪..‬وهناك تأويل آخر يقول إن حروف ليلة‬ ‫القدر تسعة حروف وقد ذكرت ليلة القدر في‬ ‫السورة ثالث مرات ‪ ،‬وثالثة في تسعة تساوي‬ ‫سبعا وعشرين‪ .‬أما الشيخ أحمد زرق فإنه‬ ‫يقول فيها إنها ال تفارق ليلة جمعة من أوتار‬ ‫آخر الشهر‪.‬وقد روى مثل ذلك أيضا ابن العربي ‪ .‬هذه كلها تأويالت ومحاوالت ‪ ،‬أما الثابت واليقين‬ ‫هو أن القرآن لم يحددها تحديدا تاما وأن الرسول لم يعينها بوضوح ألن اهلل عز وجل قد أخفاها كما‬ ‫أخفى العديد من األمور كساعة االجابة في الجمعة ليدعو الناس في جميعها والصالة الوسطى في‬ ‫الصلوات ليحافظ عليها كلها واالسم األعظم من أسمائه سبحانه وتعالى ليدعى بالكل ورضاه في‬ ‫طاعته ليحرص العبد على جميع الطاعات ‪ ،‬وأخفى وقت الساعة للخوف منها دائما ‪..‬وهكذا أخفى ليلة‬ ‫القدر في الليالي لتحيى جميعها‪..‬‬ ‫وفي خفاء هذه الليلة هناك الكثير من التجلي الذي يبدو في بعض عالماتها كأن يالحظ المسلم‬ ‫قوة االضاءة والنور في تلك الليلة ؛ قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ »:‬ليلة القدر ليلة طلقة ال حارة‬ ‫وال باردة‪ ،‬تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة « ‪..‬كما يشعر المسلم فيها بطمأنينة القلب وانشراح‬ ‫الصدر أكثر مما يشعربه في بقية الليالي وذلك بسبب نزول المالئكة ؛ قال الرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم‪ »:‬إن المالئكة في تلك الليلة أكثر في األرض من عدد الحصى» ‪..‬وعن أنس قال‪ »:‬قال النبي‬

‫‪6‬‬

‫• د نجيب محمد الجباري‬

‫صلى اهلل عليه وسلم ‪ »:‬إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في‬ ‫كبكبة من المالئكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو‬ ‫قاعد يذكر اهلل تعالى» ‪..‬فضال عن أن الرياح تكون فيها ساكنة‬ ‫أي ال عواصف فيها وال قواصف بل يكون الجو هادئا والنسيم‬ ‫عليال‪ ،‬قال عليه الصالة والسالم‪ »:‬إني كنت أريت ليلة القدر‬ ‫ثم نسيتها‪ ،‬وهي في العشر األواخر ‪ ،‬وهي طلقة بلجة ال حارة‬ ‫وال باردة‪،‬كأن فيها قمرا يفضح كواكبها‪ ،‬ال يخرج شيطانها‬ ‫حتى يخرج فجرها»( رواه ابن حبان)‪.‬وفي األثر ال يقدر اهلل في‬ ‫ليلة القدر اال السعادة والنعم‪.‬وورد أن الرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم قال‪ »:‬من صلى صالة المغرب والعشاء اآلخرة من ليلة‬ ‫القدر في جماعة فقد أخذ بحظه منها» وعن عائشة رضي اهلل عنها ‪ »:‬قلت يا رسول اهلل إن وافقت‬ ‫ليلة القدر فما أقول؟ قال‪ :‬قولي اللهم إنك‬ ‫عفو تحب العفو فاعف عني»‪.‬‬ ‫وعن مالك رضي اهلل عنه في الموطأ أنه‬ ‫قال‪ »:‬سمعت من أثق به يقول‪ :‬إن رسول‬ ‫اهلل عليه الصالة والسالم أري‪ ،‬أي أراه اهلل‬ ‫سبحانه وتعالى أعمار الناس قبله وأوما شاء‬ ‫اهلل من ذلك فتقاصر أعمار أمته‪ ،‬ال يبلغوا‬ ‫من العمل مثل ما بلغ غيرهم من األمم‬ ‫السابقة لطول العمرألنه قال صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم أعمار أمتي مابين الستين والسبعين‬ ‫وأقلهم من يجوز ذلك ‪ ،‬وهم بلغوا من‬ ‫األعمار أضعافا مضاعفة ‪ ،‬أعطاه اهلل تعالى‬ ‫ليلة القدر وجعلها خيرا من ألف شهر‬ ‫«‪..‬وجعل المالئكة ترغب وتشتاق النزول‬ ‫إلى المسلمين مع علمهم بكثرة ذنوبهم‬ ‫ومعاصيهم‪.‬وروي أنهم يطلعون على اللوح‬ ‫المحفوظ فيرون طاعة المكلف مفصلة فإذا‬ ‫وصلوا إلى المعاصي أرخى اهلل الستر فال‬ ‫يرونها فحينئذ يقولون‪ :‬سبحانه من أظهر‬ ‫الجميل وستر القبيح ‪.‬وألنهم يرون في‬ ‫األرض من أنواع الطاعات ما لم يروها في عالم السماوات كإطعام الطعام وعيادة المريض والمشي‬ ‫خلف الجنازة وأنين العصاة وغير ذلك‪..‬وفي الحديث القدسي‪« :‬ألنين المذنبين أحب إلي من زجل‬ ‫المسبحين» فيقولون ‪ :‬تعالوا نذهب الى األرض فنسمع صوتا هو أحب الى ربنا من صوت تسبيحنا‬ ‫وكيف ال يكون أحب وزجل المسبحين إظهار لكمال حال المطيعين ‪ ،‬وأنين العصاة إظهار لغفران رب‬ ‫العالمين‪.‬فال يمرون بمؤمن إال ويسلمون عليه ويصافحونه‪.‬‬ ‫إن ليلة بهذا القدر والشأن والفضل عند اهلل تعالى لجديرة – أخي الصائم أختي الصائمة‪ -‬بأن ال‬ ‫نتكاسل فيها من العمل والطاعة بل ينبغي أن نجتهد فيها بجميع العبادات والطاعات كاالعتكاف في‬ ‫ليلتها والذكر والقيام وتالوة القرآن‪..‬وأن نجتهد فيها بالدعاء فيما يهمنا من أمر الدين والدنيا وأن‬ ‫نأمر أهلنا وذوينا وإخواننا لالحتفال بهذه الليلة المباركة وإحيائها حتى نكون ممن قال فيهم رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪»:‬خيركم خيركم ألهله وأنا خيركم ألهلي» ‪.‬جعلنا اهلل ممن شاهد ليلة القدر‬ ‫وأحياها وأقامها وغفر لنا إنه بعباده لغفور رحيم‪.‬‬

‫ليالي اإلمتاع‬ ‫« ثم حضرته ليلة أخرى فأول ما فاتح به‬ ‫المجلس أن قال ‪ :‬أتفضل العرب على العجم أم‬ ‫العجم على العرب؟‬ ‫قلت ‪ :‬األمم عند العلماء أربع ‪ :‬الروم‪ ،‬والعرب‪،‬‬ ‫وفارس‪ ،‬والهند ؛ وثالث من هؤالء عجم‪ ،‬وصعب‬ ‫أن يقال ‪ :‬العرب وحدها أفضل من هؤالء الثالثة‪،‬‬ ‫مع جوامع ما لها‪ ،‬وتفاريق ما عندها‪.‬‬

‫قال ‪ :‬إنما أريد بهذا ال ُفرس ‪.‬‬ ‫فقلت ‪ :‬قبل أن أحكم بشيء من تلقاء نفسي‪ ،‬أروي كالما البن المقفع‪ ،‬وهوأصيل في‬ ‫الفرس عريق في العجم‪ ،‬مفضل بين أهل الفضل‪ ،‬؛ وهوصاحب (اليتيمة) القائل ‪ :‬تركت‬ ‫أصحاب الرسائل بعد هذا الكتاب في ضحضاح من الكالم‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬هات على بركة اهلل وعونه‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬قال شبيب بن شبة‪ :‬إنا لوقوف في عرصة المربد ـ وهوموقف األشراف ومجتمع‬ ‫الناس وقد حضر أعيان المصر ـ إذ طلع ابن المقفع‪ ،‬فما فينا أحد إال هش له‪ ،‬وارتاح إلى‬ ‫مساءلته‪ ،‬وسررنا بطلعته؛ فقال ‪ :‬ما يقفكم على متون دوابكم في هذا الموضع ؟ فواهلل‬ ‫لوبعث الخليفة إلى أهل األرض يبتغي مثلكم ما أصاب أحدا سواكم‪ ،‬فهل لكم في دار ابن‬ ‫برثن في ظل ممدود‪ ،‬وواقية من الشمس‪ ،‬واستقبال من الشمال‪ ،‬وترويح للدواب والغلمان‪،‬‬ ‫ونتمهد األرض فإنها خير بساط وأوطؤه‪ ،‬ويسمع بعضنا من بعض فهوأمدُّ للمجلس‪ ،‬وأدرُّ‬ ‫للحديث‪ .‬فسارعنا إلى ذلك‪ ،‬ونزلنا عن دوابنا في دار ابن برثن نتنسم الشمال‪ ،‬إذ أقبل‬ ‫علينا ابن المقفع‪ ،‬فقـال ‪ :‬أي األمم أعقل ؟ فظننا أنه يريد الفرس‪ ،‬فقلنا ‪ :‬فارس أعقل األمم‪،‬‬ ‫نقصد مقاربته‪ ،‬ونتوخى مصانعتــه‪ .‬فقــال ‪ :‬كال‪ ،‬ليس ذلك لها وال فيهــا‪ ،‬هم قـوم علموا‬

‫• محمد العطالتي‬

‫فتعلموا‪ ،‬ومثل لهم فامتثلوا واقتدوا وبُدِئوا بأمر فصاروا إلى اتباعه‪ ،‬ليس لهم استنباط‬ ‫وال استخراج‪ .‬فقلنا له ‪ :‬الروم ‪ .‬فقال ‪ :‬ليس ذلك عندها‪ ،‬بل لهم أبدان وثيقة وهم أصحاب‬ ‫بناء وهندسة‪ ،‬ال يعرفون سواهما‪ ،‬وال يحسنون غيرهما‪ .‬قلنا ‪ :‬فالصين ‪ .‬قال ‪ :‬أصحاب أثاث‬ ‫وصنعة‪ ،‬ال فكر لها وال روية ‪ .‬قلنا ‪ :‬فالترك ‪ .‬قال ‪ :‬سباع للهراش ‪ .‬قلنا ‪ :‬فالهند‪ .‬قال ‪ :‬أصحاب‬ ‫وهم ومخرقة وشعبذة وحيلة‪ .‬قلنا ‪ :‬فالزنج‪ .‬قال ‪ :‬بهائم هاملة ‪ .‬فرددنا األمر إليه ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫العرب ‪ .‬فتالحظنا وهمس بعضنا إلى بعض‪ ،‬فغاضه ذلك منا‪ ،‬وامتقع لونه‪ ،‬ثم قال ‪ :‬كأنكم‬ ‫تظنون في مقاربتكم‪ ،‬فواهلل لوددت أن األمر ليس لكم وال فيكم ولكن كرهت إن فاتني‬ ‫األمر أن يفوتني الصواب‪ ،‬ولكن ال أدعكم حتى أبين لكم لِمَ قلت ذلك‪ ،‬ألخرج من ظنة‬ ‫المداراة‪ ،‬وتوهم المصانعة؛ إن العرب ليس لها أول تؤمه وال كتاب يدلها‪ ،‬أهل بلد قفر‪،‬‬ ‫ووحشة من اإلنس‪ ،‬احتاج كل واحد منهم في وحدته إلى فكره ونظره وعقله؛ وعلموا أن‬ ‫معاشهم من نبات األرض فوسموا كل شيء بسمته‪ ،‬ونسبوه إلى جنسه وعرفوا مصلحة ذلك‬ ‫في رطبه ويابسه‪ ،‬وأوقاته وأزمنته‪ ،‬وما يصلح منه في الشاة والبعير؛ ثم نظروا إلى الزمان‬ ‫واختالفه فجعلوه ربيعيا وصيفيا‪ ،‬وقيظيا وشتويا؛ ثم علموا أن شربهم من السماء‪ ،‬فوضعوا‬ ‫لذلك األنواء؛ وعرفوا تغير الزمان فجعلوا له منازله من السنة؛ واحتاجوا إلى االنتشار في‬ ‫األرض‪ ،‬فجعلوا نجوم السماء أدلة على أطراف األرض وأقطارها‪ ،‬فسلكوا بها البالد؛ وجعلوا‬ ‫بينهم شيئا ينتهون به عن المنكر‪ ،‬ويرغبهم في الجميل‪ ،‬ويتجنبون به الدناءة ويحضهم‬ ‫على المكارم؛ حتى إن الرجل منهم وهوفي فج من األرض يصف المكارم فما يبقي من نعتها‬ ‫شيئا‪ ،‬ويسرف في ذم المساوئ فال يقصر؛ ليس لهم كالم إال وهم يتحاضون به على اصطناع‬ ‫المعروف ثم حفظ الجار وبذل المال وابتناء المحامد‪ ،‬كل واحد منهم يصيب ذلك بعقله‪،‬‬ ‫ويستخرجه بفطنته وفكرته فال يتعلمون وال يتأدبون‪ ،‬بل نحائز مؤدبة‪ ،‬وعقول عارفة‪ ،‬فلذلك‬ ‫قلت لكم ‪ :‬إنهم أعقل األمم‪ ،‬لصحة الفطرة واعتدال البنية وصواب الفكر وذكاء الفهم »‪.‬‬


‫العدد ‪1046‬‬

‫كلمة املثقفني العرب‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫‪7‬‬

‫من البيت‪ ..‬مثقفون عرب يكتبون عن يومياتهم‬ ‫العالم بسرعتين‬

‫الشاعرة التونسية سنيا الفرجاني‬ ‫جزيرة جربة ‪ /‬تونس‬

‫الدكتورة ثريا بن الشيخ‬ ‫استاذة مكونة بالمركز الجهوي‬ ‫لمهن التربية والتكوين بالرباط‬

‫تذهب الدراسات العلمية إلى أن السرعة مقياس كبير‬ ‫لتحديد إيقاع الحياة على العموم ‪ ،‬ولها تأثير كبير على‬ ‫أشياء هذا العالم ‪ .‬فكلما ارتفعت ‪ ،‬غيبت المادة وق ّللت من‬ ‫أهميتها ‪ .‬ونحن اليوم ندرك هذه العالقة من خالل اإليقاع‬ ‫الذي ُفرض علينا أثناء الحجر الصحي ‪ .‬أصبحنا نكتشف‬ ‫أشياء ما كنا نعبا بها سابقا ‪ .‬فالجميع في بحث مستمر عن‬ ‫سبل التالؤم مع أوضاع في تغير مستمر ‪ ،‬ولم يكن يسمح‬ ‫لنا بإعادة النظر في بعض أمور حياتنا ‪ ،‬خاصة وأننا نركز‬ ‫على ما كنا نعتبره ضمن األولويات ‪ .‬اآلن ‪ ،‬تجاوزنا شهرين‬ ‫ونحن في الحجر الصحي ‪ .‬تمكنا من إدراك ما حصل في‬ ‫العالم من حولنا وما يعترينا من الداخل ‪ .‬لذلك أصبح لزاما‬ ‫علينا وضع برنامج يومي نرتب خالله اهتماماتنا بعيدا‬ ‫عن السرعة واإلسراع الذي كنا في مواجهته باستمرار ‪.‬‬ ‫الغريب في األمر أننا اكتشفنا جميعا أننا بدأنا نتشكل من‬ ‫جديد ‪ ،‬نتشكل ونحن ندرك ابتعادنا كثيرا أو قليال عن‬ ‫األهداف والرهانات الكبرى التي كنا قد وضعناها سابقا‬ ‫نُصب أعيننا‪ .‬نعم أدركنا أهمية حقوقنا ومكتسباتنا كما‬ ‫أدركنا ضرورة التمسك بالقيم االنسانية العليا بعيدا عن‬ ‫العنصرية العرقية أو العقدية أو اإلجتماعية‪..‬‬ ‫الحجر واستمرار العمل والتكوين ؛ تعودنا في المركز‬ ‫الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط على ثالثة‬ ‫أساليب أساسية أثناء العمل‪ ،‬هناك التكوين الحضوري‬ ‫والتكوين عن بعد والتكوين الذاتي‪ .‬لذلك فإننا لم نجد أي‬ ‫صعوبة في استمرار مصاحبة األساتذة المتدربين وذلك‬ ‫عبر الواتس أو البريد اإللكتروني وأحيانا أخرى نعتمد على‬ ‫لقاءات مباشرة عبر النت وما يخوله لنا من تقنيات ذات‬ ‫قيمة عالية ؛ من ثم فإننا نساير طلبتنا في تطور أعمالهم‬ ‫بما يلزم من توجيه وتصحيح وتقويم ‪ ...‬لقد قمنا بتوزيع‬ ‫متساو‬ ‫المكونات على الطلبة حسب المجموعات بشكل‬ ‫ٍ‬ ‫جعل الجميع يتفاعلون بمسؤولية ومحبة ‪.‬‬ ‫تكلمت بضمير «نا « الدالة على الفاعل الجماعي ألن‬ ‫العمل موزع بيني وبين أحد زمالئي في العمل وهو صديق‬ ‫عزيز ‪.‬‬ ‫حصة القراءة والكتابة ‪ :‬تكاد هذه الحصة تبتلع معظم‬ ‫أوقاتي ‪ ،‬فالقراءة وحدها تمكنني من السفر عبر العالم‬ ‫وعبر األفكار ‪ ،‬وهذه فرصة كبيرة لقراءة عدة كتب أَجّلت‬ ‫قراءتَها لسبب أو آلخر ‪ .‬وال تنحصر هذه القراءات في‬ ‫شكل معرفي محدد ‪ ،‬وإنما تشمل الفكر والنقد واإلبداع‬ ‫والفلسفة ‪ .‬كما أنني أقرأ عدة ملفات علمية في مجاالت‬ ‫التدبير والطب والكيمياء العضوية والباراسايكولوجيا‬ ‫وغيرها ‪ .‬اما عن الكتابة ‪ ،‬فهي وحي والهام وهوس ورغبة‬ ‫ال تخضع لتخطيط مسبق ‪ ،‬فحين تكون منذورا للكتابة ‪ ،‬ال‬ ‫شيء يحول دونها وال شيء يضمن خضوعها ألمر أو طلب‬ ‫أو فعل قسري ‪ .‬وقد كتبت عدة مقاالت وقصائد وقمت‬

‫بإعداد كتب جديدة للنشر ‪ ،‬أنوي دفعها مباشرة للمطبعة‬ ‫بعد التنقيح إن شاء اهلل ‪.‬‬ ‫حصة الرياضة ‪:‬أصبحنا نعيش بسرعة أخرى ‪ ،‬وبالرغم‬ ‫مما نعرفه من قلق وترقب ‪ ،‬وجدت نفسي أمام تخطيط‬ ‫محكم لكل ما أقوم به من أعمال أو أنشطة ‪ .‬فحصة‬ ‫الرياضة البدنية تمكنني من الخروج من حالة الضجر‬ ‫التي تعتريني من حين آلخر ‪ ،‬وتجعلني أتخلص من شدة‬ ‫الضغط الذي تفرضه علي األوض��اع بين أشغال البيت‬ ‫ومسؤولياته المتعددة وبين طموحاتي ومخاوف المرحلة‬ ‫الحرجة التي اقتسمها مع الجميع ‪..‬‬ ‫إن مفهوم الحجر الصحي ال ينحصر في البقاء في‬ ‫البيت تجنبا النتشار الوباء بين الناس ‪ ،‬وإنما هي مرحلة‬ ‫انتقالية في حياتنا جميعا ‪ .‬وقد عشنا عمرا ينقسم إلى‬ ‫مرحلتين ‪ :‬مرحلة الطفولة والدراسة التي كنا نسعى من‬ ‫خاللها إلى تحقيق ذواتنا وتحمل مسؤولية بناء مجتمع‬ ‫سليم قائم على العمل والمثابرة ‪ ،‬ومرحلة التأسيس‬ ‫التي أصبحنا فيها آباء وامهات ‪ ،‬أصبحنا نتحمل مسؤولية‬ ‫تربية أبنائنا وممارسة الدور الكبير الذي نضطلع به في‬ ‫تعليم أبناء وطننا الحبيب ‪ .‬تحملنا مسؤولية االستاذية‬ ‫وعبر مراحل متعددة ‪ ،‬وبالرغم مما واجهنا من صعوبات‬ ‫وتحديات ‪ ،‬كان عزاؤنا الكبير أننا نرد لوطننا ما قدمه لنا‬ ‫من خدمات بحب وتفان ونكران الذات ‪ .‬كنت دائما أشعر‬ ‫بالسعادة مع طلبتي ‪ ،‬وقد كنا نحتفل بكل نجاحاتنا بصبر‬ ‫وتحد واعتزاز ‪..‬‬

‫كورونا ضارة نافعة ؛‬

‫من هنا نبدأ عمرا جديدا ‪ ،‬تشكلنا معه جميعا‬ ‫وفي نفس الوقت ‪ ،‬ونحن ندرك أهمية دورنا في إعادة‬ ‫التأسيس لمجتمع جديد قادر على كسب كل الرهانات ‪،‬‬ ‫فمرحلة الحجر جعلتنا وألول مرة نرى لون السماء ونسمع‬ ‫زخات المطر كما ننصت لدقات قلوبنا ونحن نتتبع مراحل‬ ‫انتشار الوباء وما يلزمنا لمواجهة ما تقتضيه المرحلة‪ .‬إننا‬ ‫مازلنا داخل مرحلة الحجر ‪ ،‬ومازلنا نسعى إلى التخطيط‬ ‫لمستقبل أبنائنا بعد الجائحة ؛ والشك أن مرحلة التأمل‬ ‫هذه سوف تجعلنا ندرك أهمية كفاءات وطننا الحبيب من‬ ‫األطباء واألساتذة والعمال ورجال السلطة واألمن بمختلف‬ ‫درجاتهم ‪ ،‬مما سوف يحتم على وطننا من أجل نهضة‬ ‫حقيقية ضرورة إعادة النظر في مؤسساته وفي إسناد‬ ‫األدوار لرجال ونساء يشهد لهم بالوطنية الصادقةو‬ ‫بالقدرة على خدمة أبناء الشعب بجد وصدق ونزاهة بعيدا‬ ‫عن جشع الطامعين ومكر الوصوليين الذين يعتبر الوطن‬ ‫بالنسبة لهم غنيمة ينعمون بها هم وأبناؤهم مدى‬ ‫الحياة‪...‬‬

‫أعاني كورونا الشعر منذ أكثر من عام وكنت أعتقد أن الوضع كارثيّ‪.‬‬ ‫ال أكتب ‪،‬ال رغبة لي في القراءة‪،‬ال أستطيع أن أداوم الجلوس في‬ ‫مكتبي‪،‬أشعر بتثاقل حين أفرض على نفسي فتح دفاتري ومل ّفاتي سواء‬ ‫الورقية أو تلك التي على ضفة الحاسوب‪.‬‬ ‫شعور بالموت البطيء بائس‪.‬‬ ‫استمرّ طويال‪،‬وهو مستمرّ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مختل‪.‬شعر‬ ‫حتى النص الذي كتبته بعد قحولة عام ‪،‬أعرف أنه شعر‬ ‫مريض‪.‬‬ ‫أقرأ تعليقاتكم وتوقيعاتكم وتفاعالتكم ‪،‬فأشفق على نفسي ‪،‬أنا أعرف‬ ‫أنكم تريدون حمايتي من أعراض كورونا الشعر ‪،‬أو لعلكم ترهبون من‬ ‫العدوى فتسمون ما أكتبه نصا باذخا كي ال يتشوّه العالم بنسخ تشبهه‬ ‫وتسمى العدوى انتشار الشعر الجميل‪.‬‬ ‫ما كتبته منذ أشهر وقبل يومين ‪،‬ليس شعرا‪،‬‬ ‫هو ما شوّهتني به كورونا الشعر ‪،‬بعد أن امتصت عروقي العميقة فيه‬ ‫ِّ‬ ‫يُصفر ‪،‬لكن ال أعرف أين هذا الفم أو في أي كائن‪.‬‬ ‫وسحبتها نحو فم‬ ‫هل توجد أفواه فقط على الوجوه أم يمكن أن يكون مثال للكورونا أفواه‬ ‫كثيرة وبأحجام وأشكال شديدة اإلعوجاج تتناطر على كل شيء فيصبح حتى‬ ‫لقفازة الميكانيكي فم؟‬ ‫أمس كنت عند العجّال‪،‬‬ ‫كان يصلح ثقبا بالعجلة اليسرى األمامية لسيارتي التي بدأت تشيخ‪.‬‬ ‫كانت قفازاته بأفواه كثيرة ‪،‬وسمعت لها أصواتا متداخلة ومتناحرة ‪،‬قفز‬ ‫أحدها على مقود سيارتي وتسمّر‪،‬‬ ‫يشبه هذا الفم شكل كورونا التي يتحدث عنها العالم منذ شهرين‪،‬‬ ‫كورونا التي شاهدتها في فيلم امريكي سخيف ال أعرف عنوانه ألني‬ ‫كنت بكل بساطة مضطرة لمشاهدته ذات سبت بعيد على قناة عربية بحكم‬ ‫أن األسرة تجتمع في قاعة الجلوس لمتابعة األفالم والبرامج المتشابهة ‪.‬‬ ‫في ذلك الفيلم ‪،‬أصيبت سيدة بمرض خطير أصل تركيبته خفاش ترك‬ ‫فضالته قرب خنزير فأكلها الخنزير والمرأة أكلت لحم ذلك الخنزير في سهرة‬ ‫في آسيا‪،‬وحين عادت لوطنها كانت عالمات المرض تتزايد ‪،‬وانتشر مرضها‬ ‫في العالم وحصلت الطامة ودخل العالم حالة تصفية ‪.‬‬ ‫فم الكورونا تسيبس على المقود‪.‬‬ ‫ثقبته بالمسمار الذي أخرجه العجّال من العجلة اليمنى ‪،‬‬ ‫ربما مات‪.‬‬ ‫كأنني أرى العالم مسامير تنقر أفواه كورونا المستجدة ‪،‬أو المستحدثة‪.‬‬ ‫كورونا الشعر أقل خطورة ‪،‬وإني على قلق ألن القصائد تهجرني‪،‬‬ ‫التصدّقوا أني شاعرة ‪،‬أو ال تجعلوني أصدّق ذلك‪،‬‬ ‫أنا لم أعد أصلح للكتابة ‪،‬وهذا القحط يحزني‪ ،‬ويخجلني ‪.‬‬ ‫ركاكتي في الكتابة تتزايد وأنا بطمّ طميمي أشبه مسمارا صدئا إعوجّ‪،‬‬ ‫ال يصلح لتثبيت شيء‪.‬‬ ‫لعل أمريكا صنعت فيلمها السخيف ذلك لتهدد العالم كما فعلت قبل‬ ‫انفجارات وولستريت ‪،‬بانتاج فيلم يصور سقوط المبنيين بفعل اختراق‬ ‫طاىرتين‪،‬وهو ما كان بعد سنوات وهو ما يكون ايضا االن بعد فيلم الوباء‪.‬‬ ‫تصنع هوليود أفالمها السخيفة لتهدد العالم‪،‬وتهددني كورونا الشعر ‪،‬‬ ‫البد من قصيدة تنقذني‪،‬‬ ‫لكن الشعر لم يعد يحبني‪،‬‬ ‫المعضلة هي نقص منسوب الحب في هذا العالم الموبوء‪.‬‬


‫العدد ‪1046‬‬

‫كلمة املثقفني العرب‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫‪8‬‬

‫الناقد السينمائي المغربي سليمان الحقيوي‬

‫الصورة ليست كالصورة والكلمة ليست كالكلمة‬ ‫ عن مشاهدة األفالم وقراءة الكتب‬‫في عزلة كورونا ‪-‬‬

‫مرّة‪ ،‬قرأت خبراً على األنترنيت‪ّ ،‬‬ ‫أن بعض الدّول‪ ،‬توصّلت إلى‬ ‫سياسية عظيمة لمعالجة مسألة اكتظاظ سجونها والمساهمة في‬ ‫إعادة إدماج السجناء بعد انقضاء مدّة حبسهم‪ ،‬فكل سجين يستطيع‬ ‫تقليص فترة عقوبته بقراءة عدد معين من الكتب‪...‬حسنا لم اتفاعل‬ ‫مع المعلومة العظيمة بالطريقة التي فعلها كثيرون‪...‬بإلقاء محاضرة‬ ‫في جدوى القراءة‪ ،‬لكن هذا لم يمنع أبدا من التفكير في األمر من‬ ‫زاوية أخرى‪ّ ،‬‬ ‫مهمّ ٌة ميكانيكية‪ ،‬على السجين‬ ‫إن القراءة أصبحت هنا ِ‬ ‫أن يقوم بها‪ ،‬إن هو أراد تخفيف مدّة عقوبته‪...‬إن السؤال الذي‬ ‫طرحته آنذاك هو هل يحتفظ فعل القراءة بجوهره؟ هل تحقق الكتب‬ ‫غايتها‪ ،‬بمعنى هل يتأثر شخص ما في السجن بكتاب لم يختر أن‬ ‫يقرأه بحرية؟ التجربة تحتاج الى تتبع عينة من المسجونين ودراسة‬ ‫سلوكهم داخل السجن وخارجه كي نخرج باستنتاجات دقيقة‪.‬‬ ‫أستحضر هذا الكالم‪ ،‬ونحن في وضعية مشابهة من حيث تقييد‬ ‫حرية الحركة واالختيار بيننا وبين السجين‪ ،‬حيث تكون أفعالك رهينة‬ ‫بقانون يتحكم في مكان وزمان عيشك‪ ،‬وفي هذا السياق أستحضر‬ ‫أمنيتنا التي لن تتح ّقق أبدا‪ ،‬أن نحظى بأكثر من حياة واحدة لمشاهدة‬ ‫كل ما نريده من أفالم ونقرا كل الكتب التي فوّتنا قراءتها!‬ ‫عمليا‪ ،‬وجدنا أنفسنا بسبب فيروس كورونا‪ ،‬أمام فائض في‬ ‫الوقت‪ ،‬فنحن ألسباب خارجة عن إرادتنا خلف جذران منازلناـ بعدما‬ ‫كنا أغلب األوقات خارجها وحتى عندما كنّا نتواجد داخل البيت فألننا‬ ‫اخترنا ذلك‪ ،‬هل تح ّقق شيء من هذه األمنية المستحيلة عن حياة‬ ‫ثانية؟ هل تح ّقق شيء من مشروعنا المؤجل ؟ بمعنى هل قرأنا كتبا‬ ‫كثيرة؟ وهل شاهدنا قوائم األفالم المتراكمة ‪ .‬األكيد أن أغلب الناس‬ ‫حاولوا استغالل هذه الفرصة وتحقيق هدف مؤجل بتع ّلم شيء جديد‪،‬‬ ‫أو إتقان مهارة‪ ،‬وكانت األفالم والكتب وجهتان مفضلتان بالنسبة‬ ‫للكثير من البشر‪ ،‬فماليين الكتب ُقرأت وماليين األفالم شُوهدت‪،‬‬ ‫واجتهدنا في تعويض الجانب الثقافي الواقعي بجانب آخر افتراضي‪،‬‬ ‫وهذا أمر جيدا دون شك‪.‬‬ ‫أعود هنا لحالة السجين المشابهة لحالتنا‪ ،‬هل يظل فعل‬ ‫المشاهدة هو نفسه؟ باستحضار عنصر اإلجبار! هل كانت مشاهدة‬ ‫الفيلم تحتاج فقط إلى وقت فراغ وإنسان مستعد لمأله؟ السينما أو‬ ‫األفالم ‪-‬خصوصا التي تُغَ ّلب جانب الفن‪-‬تحتاج أكثر من ذلك‪ .‬هل‬ ‫كان الكتاب يحتاج فقط إلى شخص يمرّ بعينيه على صفحاته لمأل‬ ‫فجوة زمنية في يوم كثير الملل؟‬

‫لنعد إلى مقارنة طقس المشاهدة هذا‪ ،‬بطقس المشاهدة في‬ ‫الحياة العادية‪ .‬في حياتك العادية أنت حر في الخروج من بيتك في‬ ‫ساعة تختارها‪ ،‬وأحيانا دون تفكير مسبق في نشاطك اليومي‪ ،‬هكذا‬ ‫تجعل الصدفة تقرّر نيابة عنك بين أن تتمشّى على الشاطئ أو أن‬ ‫تجلس في مقهى تراقب الناس‪ ،‬أو أن تحتك بهم أكثر في األسواق‪...‬‬ ‫يفترض أن تمدّك األنشطة التي مررت بها خالل يومك بمشاعر‬ ‫كثيرة ومختلطة فتتولد لديك حالة نفسية تحفزك وتدفعك نحو‬ ‫نشاطك الثقافي سواء كان قراءة أو كتابة أو مشاهدة‪...‬إن خالفك مع‬ ‫مديرك في العمل قد يدفعك إلى نسيان اليوم بفيلم كوميدي‪ ،‬بينما‬ ‫قد يدفعك خالفك مع زوجتك إلى مشاهدة فيلم لوودي آالن‪ .‬أفالم‬ ‫تاركوفسكي مثال‪ ،‬قد تكون اختيارا أنسب نهارا‪ ،‬بخالف أفالم سيرجيو‬ ‫ليون‪ .‬جلوسك في المقهى نهاية أسبوع مشمس قد يكون بصحبة‬ ‫رواية قصّة مدينتين‪ ،‬لديكينز وليس بصحبة البحث عن الزمن‬ ‫المفقود لبروست‪ ،‬بينما إذا بدأت يومك في المنزل بكسل قد تّحب‬ ‫أن تقرا بروست دون مشكلة‪!..‬‬ ‫إن الحياة التي نحياها خارج البيت في حالتي الفرح أو الحزن‬ ‫تكون مسؤولة بطريقة أو بأخرى عن تحديد الحياة داخله‪ ..‬هنا‬ ‫يكتسب فعل المشاهدة والقراءة ّ‬ ‫لذته‪ ،‬ويصير جزءا من الحياة وتجربة‬ ‫فردية‪ .‬وبحسب عالم النفس سيمينوفيتش فيجوتسكي‪« :‬يجب النظر‬ ‫في المقام األول إلى المجتمع كعامل محدّد لسلوك اإلنسان»‪ .‬هذا‬ ‫يعني أن شخصية الفرد تتشكل في عالقتها باآلخر وليس اعتمادا على‬ ‫تجربة ذاتية صرفة‪.‬‬ ‫إن حالتنا في زمن الحجر ساهمت في توحيد صفاتنا وحاجاتنا‬ ‫وأخفت الفوارق الفردية‪ ،‬فانتقلنا إلى نمط تفكير الجماعة‪ ،‬التي يتو ّلد‬ ‫فيها بحسب غوستاف لوبون « صفات تخالف كثيرا صفات األفراد‪،‬‬ ‫حيث تختفي الذات الشاعرة وتتوجّه مشاعر جميع األفراد نحو صوب‬ ‫واحد‪ ،‬فتتوّلد من ذلك روح عامّة وقتية بالضراوة‪ ،‬إ ّال أنها ذات صفات‬ ‫مميزة واضحة تمام الوضوح‪ .‬فكأن ذلك اللفيف ذات واحدة‪ ،‬وبذلك‬ ‫يصير خاضعا لناموس الوحدة الفكرية الذي تخضع الجماعة لفكره»‪.‬‬ ‫إن الفوارق هي التي تقود في أغلب األحيان إلى األذواق المختلفة‬ ‫والمتمنعة على المشاع‪ ،‬لذلك يرفض الكثير من الناس الوصول إلى‬ ‫األفالم والكتب عبر القوائم المختارة التي تضيع معها متعة االكتشاف‬ ‫والتي هي جزء من متعة القراءة‪ ،‬القوائم التي تشكل أراء متقاربة‬ ‫مكرّرة ونمطية‪ ،‬وهي سمة خاصّة بجماهير التلفزيون‪ .‬هنا تسلب‬

‫ليست العزلة طارئة عليَّ‪،‬‬ ‫فغالباً ما أعزل نفسي طوعياً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تلبية لحاجة داخليــة ورغبــة‬ ‫عميقة ف��ي اإلص��غ��اء لندا ٍء‬ ‫بوعي مَن يسير‬ ‫داخلي‪ ،‬أتبعه‬ ‫ِ‬ ‫على خيط دقيق ورهيف‪.‬‬ ‫ولكن في هــذه المرحلة‬ ‫بالذات اختلفَ الوضع‪ .‬فالعزلة‬ ‫قسرية والبال مشتَّت والقلق‬ ‫على الوضع العام هو الغالب‪،‬‬ ‫والحزن على ضحايـا الوبــاء‬ ‫كبير‪ .‬أح��اول بقدر اإلمكان‬ ‫أن أحميَ نفسي من التأثير‬ ‫السلبي المشحــون المحيط‬ ‫بنا من كل ص��وب‪ ،‬وأفلـتَ‬ ‫من أسْره بالقراءة والكتابة‬ ‫والموسيقى والمشي في‬ ‫الطبيعة والتصوير والصالة‪.‬‬ ‫الشاعرة اللبنانية ندى الحاج‬ ‫أن����ا ش��خ��ص ت��أمّ��ل��ي‬ ‫ بيروت ‪-‬‬‫ول��مْ يتغير أسلوب حيــاتي‬ ‫بشكـــل كبيــر‪ .‬لكني ككل‬ ‫إنسان ُف��رضَ عليه الحجْر‬ ‫اإلجتماعي‪ ،‬أعاني من اشتياقي ألفراد عائلتي ولحضْنهم‪ ،‬وللتجوّل بحرية واستعادة‬ ‫نعمة التمتع برفقة اآلخرين مع تفاصيل الحياة الطبيعية‪ ،‬ولالختالط اإلجتماعي الثقافي‬ ‫بجميع أبعاده‪.‬‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬أما من جهة أخرى‪ ،‬فقد َّ‬ ‫تأثر كتابي األخير «عابرُ الدهشة» بالوضع‬ ‫العام‪ .‬لدى صدوره في بداية ‪ 2020‬عن دار المتوسط‪ ،‬توقفتْ رحلته في معارض الكتب‬ ‫بعد مشاركته في معرضَي القاهرة والدار البيضاء‪ ،‬ولم أتمكن حتى من إجراء حفل توقيع‬

‫من بعض األعمال الفنية قيمتها وتبرز أعمال أقل قيمة فتفقد مقولة‬ ‫نيكوالس روباكين‪« :‬للكتاب الواحد أو الكالم الواحد مضامين مختلفة‬ ‫بقدر اختالف قرائه» جماليتها ويصبح لدينا أنماط محدودة من القراء‪،‬‬ ‫وهو أمر يسرّع في انتشاره التطور التكنولوجي وتحوّل الثقافة إلى‬ ‫مجال اقتصادي يفوق هدفه الربحي جوانبه األخرى‪ .‬وهذا الجانب هو‬ ‫األكثر نشاطا بسبب العزلة‪.‬‬ ‫ليس من المفترض أن يكون القراء‪ ،‬إن تحدثنا عن الكتب‪ ،‬وال‬ ‫المشاهدون في حالة السينما صنفا واحدا‪ ،‬وهذه إحدى منازعات‬ ‫السينما والفن مع التلفزيون‪ ،‬فكلما حضرت الفوارق الفردية اكتسب‬ ‫النص حيوات مختلفة بسبب تعدّد القراءات‪ ،‬وكلما طغى فكر الجماعة‬ ‫عاش النص حياة صاخبة لكنها عمودية و غير ممتدة‪ .‬هل يعني هذا‬ ‫الكالم أنّنا نعيش فكر الجماعة؟ ثم ما الجديد في األمر؟ لإلجابة‬ ‫علينا أن نذكر أن علم النفس القرائي يصنف القراء بحسب مجموعة‬ ‫من السمات‪ ،‬منها؛ القدرات والمزاج والطباع‪ ،‬فإذا استحضرنا جانب‬ ‫التراكم في القدرات‪ ،‬والجانب النفسي في الطباع وجانب الذوق في‬ ‫المزاج فسنخلص إلى تداخل مكونات الخبرة الحياتية وارتكازها على‬ ‫المختلف وليس المؤتلف‪ ،‬ولهذا االختالف دور كبير على مستوى‬ ‫تذوقنا للعمل‪ .‬لكن ما نعيشه اليوم من تشابه‪ ،‬بسبب اتحاد عناصر‬ ‫البيئة التي نحيى داخلها بسبب فيروس كورونا جعل مشاعر الخوف‬ ‫واالنتظار والهواجس والتطلعات هي نفسها في العالم‪ ،‬فأصبح الفرد‬ ‫يسبح داخل زمن متد ّفق بنمط موحّد‪ .‬لن ّ‬ ‫تظل معه مشاهدة الفيلم‬ ‫هي نفسها ولن تنعكس بالتبعية على المتلقي كما هي العادة‪ ،‬كما‬ ‫أن الحالة النفسية التي يعيشه اإلنسان اليوم لن تمدّه بمحفزات‬ ‫مالئمة لإلقبال على العمل األدبي أو الفني باستعداد يليق به‪ .‬ألننا‬ ‫صرنا متشابهين تقريبا في الحالة النفسية التي ‪-‬ال يفترض انها‬ ‫تسعد شخصا‪-‬على مدى الثالثة أشهر األخيرة فالعالم يشارك نفس‬ ‫األخبار والهواجس والمخاوف‪ ،‬ويتوجّس من نفس المصير‪ .‬هذا يدفع‬ ‫إلى التقليل من قيمة تفكير الفرد وتغليب تفكير الجماعة تفكير كان‬ ‫سمة من سمات العصر لكن أزمة كورونا جعلته أكثر سوداوية وبؤسا‪.‬‬ ‫إن مشاهدة نفس العمل في ظروف مختلفة قد تؤدي إلى نتائج‬ ‫ّ‬ ‫يتشكل عبر التجربة‬ ‫تلقي مختلفة أيضا‪ .‬فجزء كبير من الحالة النفسية‬ ‫الحياتية التي يحياها االنسان خارج بيته بالتأثير والتأثر بمحيطه‪ .‬هذا‬ ‫يعني أننا نشاهد الكثير من األفالم ونقرأ الكثير من الكتب‪ ،‬دون يقين‬ ‫إن كنّا نقوم بذلك فعال‪.‬‬

‫له في بيروت‪ .‬مع تغيُّر الزمن‪ ،‬علينا أن نتكيف ونبتكر أساليب جديدة للتواصل‪ .‬فالكتابة‬ ‫لن تتوقف والشاعر سيظل يكتب‪ ،‬واإلنسان يحتاج للقراءة كحاجته للقوت والكساء والدواء‬ ‫والصداقة والسفر‪ .‬الكتابة والقراءة هي عالقة حب تحتاج الثنين في تماوُج الحياة‪.‬‬ ‫بشكل يوميّ في الساعات المتقدمة من الليل‪ ،‬فالكتابة سرُّ وجودي‬ ‫ال أزال أكتبُ‬ ‫ٍ‬ ‫وأدا ُة كشْفي‪.‬‬ ‫كما أني في هذه الفترة من الحجْر‪ ،‬أعيدُ قراءة مقاالت «خواتم ‪ »٣‬لوالدي الشاعر‬ ‫أنسي الحاج‪ ،‬تلك التي لم يتسنَ له جمْعها في كتاب‪.‬‬ ‫• وهي كانت آخر ما كتبَه بين ‪ 2006‬و‪ 2013‬قبل رحيله في ‪ .2014‬ضمَّنها عصارة‬ ‫حياته وحكمتها ورحيقها وألمها ورجاءها‪ .‬أترافقُ معه اليوم من خاللها‪ ،‬بشحنات‬ ‫عاطفية قوية ولقاء روحيّ َّ‬ ‫مكثف وتواصل فكري ووجوديّ عميق‪ .‬على أمل أن أتشارك‬ ‫بها مع مُحبّي أنسي الحاج‪ ،‬وذلك بإصدارها في كتاب «خواتم ‪ ٣‬عن دار المتوسط‪ ،‬التي‬ ‫أعمل معها على إعادة نشر كتُب والدي الكاملة‪.‬‬ ‫ما يهمني اليوم فوق كل شيء وككل إنسان في الكرة األرضية‪ ،‬هو إيقاف مسلسل‬ ‫الموت من جرّاء كوفيد ‪ ،19‬بصَرف النظر إن كان الفيروس مخترَعاً أم ال‪.‬‬ ‫ربما هو زمنٌ عتيق تلفظه البشرية واألرض‪ ،‬كطوفان ينقلب على الجشع والقهر‬ ‫والظلم‪ ،‬والكوكب لم يعد يَحتمل‪ .‬ال بدّ أن ينجلي النور من هذا الظالم الخانق وتتّقد‬ ‫شعلة تعي جوهرها‪ ،‬فتلتصق به وتشفى فتشفي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صرخة النجدة‬ ‫البشرية جمعاء في مركب واحد بوجه الطوفان‪ .‬واإلنسانية تصرخ‬ ‫الموحَّدة‪.‬‬ ‫مبلسمة تنبثق من‬ ‫وكما لكل زمن روحه فلكل عهد رجاؤه‪ .‬أؤمن بإنسانية جديدة‬ ‫ِ‬ ‫هذا المخاض األليم‪ ،‬وبروحانية تمدُّ آفاقها لآلخر وللعناصر الكونية‪ ،‬أبعد من مقاييس‬ ‫مادية نفعية ومحدودة‪ ،‬حجَرَت اإلنسان وحجَّرتْه بعيداً عن تحقيق ذاته العميقة بكل‬ ‫أمْدائها‪.‬‬


‫العدد ‪1046‬‬

‫كلمة املثقفني العرب‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫‪9‬‬

‫الروائية والباحثة‬

‫سلمى مختار أمانة اهلل‬ ‫المغرب ‪ /‬الرباط‬

‫الشاعرة واإلعالمية اللبنانية‬

‫جولييت أنطونيوس‬ ‫بيروت لبنان‬

‫دعوت األصدقاء والصديقات على صفحتي‬ ‫الفايسبوكية قبل البداية الرسمية للحجر‬ ‫الصحي عبر تدوينة مقتضبة‪ ،‬للتزود مع المواد‬ ‫الغذائية بالعدد الكافي من الكتب لعزلة‬ ‫تلوح في األفق ‪ .‬كانت مجرد تدوينة عادية ال‬ ‫تخلو من تلقائية وعفوية كأغلب ما أنشر على‬ ‫صفحتي‪ ،‬تأثرت ربما وقتها بما يصلنا من أخبار‬ ‫عن فيروس قاتل يهدد سكان الصين البعيدة‪،‬‬ ‫وما فرض عليها من اجرآت احترازية تقتضي‬ ‫حجر صحي تام ‪ ،‬رضخ له النمل األصفر بالتزام‬ ‫صارم‪ .‬دون أن أتوقع للحظة أن تلك الصين‬ ‫البعيدة بخفافيشها ووبائها وحجرها كانت‬ ‫بالفعل تقف على عتبة بيتنا وهي تطرق بقوة‬ ‫وعنف بابه الموارب‪.‬‬ ‫لم أكن أتوقع بأي حال من األحوال أن‬ ‫نصير لما صاروا إليه‪ ،‬و اإلختالف بيننا أوسع من‬ ‫المسافة الشاسعة التي تفصل بيننا وبينهم‪. .‬‬ ‫تسارعت األحداث بعد ذلك وتالحقت وقبل‬ ‫أن نستفيق من صدمتنا لنستعيذ بعضا من‬ ‫ادراكنا‪ ،‬وجدنا أنفسنا كما العالم بأسره نخضع‬ ‫لهذه العزلة االجبارية بل وتطول وتتمدد‬ ‫وتصير بدل األسبوع أو األسبوعين كأقصى ما‬ ‫ذهب إليه تصوري‪ ،‬تصبح شهرين مشرعين‬ ‫على المجهول‪.‬‬ ‫كيــف قضيـت ما مر من أيـام وكيف أرى‬ ‫القادم منها ؟‬ ‫بصراحة وبعيدا عن مساحيق التجميل‬ ‫وهي بالمناسبة تعتبر أهم المتضررين من‬ ‫هذا الحجر ‪ .‬بعد سقوط حاجتنا إليها وقد‬ ‫اعتكفنا مع صورنا األخرى تلك التي نتركها‬ ‫عادة خلفنا بالبيت لنواجه عالما صار يحتفي‬ ‫فقط بالزيف والمزيفين ‪ .‬قلت بعيدا عن تلك‬ ‫الصورة المثالية للمثقف النموذج الذي يجد‬ ‫لديه فجأة فائض من الوقت فيأخذ في تصريفه‬ ‫كما تصرف زوجة حكيمة معاش زوجها اليسير‪..‬‬ ‫ال ‪.‬لم أقسم وقتي كما المفروض بين عناوين‬ ‫الكتب التي سبق وانتقيتها بكثير من حب ثم‬ ‫تركتها مهملة تنظر إلى بضجر من فوق رفوف‬ ‫مكتبتي‪ ..‬وبين مشروع الرواية التي شارفت‬ ‫على انهائها‪ ،‬ومع ذلك تركتها هي األخرى‬ ‫لشخوصها وأحداثها تصارعهم ويصارعونها‬

‫بعيدا عن رأسي المسلوب بأمور أخرى‪ .‬كم‬ ‫هائل من األخبار والمعلومات واالحصائيات‬ ‫والفيديوهات جعلت من الجائحة موضوعها‬ ‫الوحيد‪ .‬وما تخلل ذلك من قفشات ونكات‬ ‫اعتبرتهــا شخصيــا من أهم إبداـعات هذه‬ ‫الفترة الوبائية وهو امر طبيعي فغالبا ما يلجأ‬ ‫اإلنسان للمزحة والنكتة لينفس ويخفف من‬ ‫تلك الضغوط النفسية الذي تثقل عليه‪ .‬قلت‬ ‫صرفت بداية الحجر بين كل ذلك في محاولة‬ ‫لتجاوز الصدمة واالقتراب من حقيقة ما يقع ‪.‬‬ ‫بعد ذلك وبعد أن بدأت األيام تتسرب بدورها‬ ‫متشابهة ال تحمل سوى نفس الموضوع الذي‬ ‫لم يعد خبرا عاجال بل واقعا معاشا‪ .‬كان من‬ ‫الطبيعي ان انتقل إلى مرحلة التعايش والترقب‬ ‫وطرح األسئلة وفرز الصحيح والمنطقي من‬ ‫المعلومات التي غصنا فيها حتى لودنينا ‪..‬‬ ‫طبعا خالل المرحلتين السابقتين كنت‬ ‫فاقدة تماما لألي رغبة في الكتابة أو حتى مجرد‬ ‫القراءة الجادة وجدتني أقضي جل وقتي بين‬ ‫الطبخ الذي أعشقه وأعتبره ملجأ إبداعيا ال يخلو‬ ‫من شغف‪ ،‬يمنحني بدوره توازنا حقيقيا وبين‬ ‫مشاهدة بعض األفالم العالمية التي فاتني أن‬ ‫أتابعها سابقا‪.‬‬ ‫أما ونحن على بعد شهرين من الحجر وبعد‬ ‫كل تلك المراحل التي مر منها من صدمة ثم‬ ‫محاولة الفهم وأخيرا تعايش واستكانة فقد‬ ‫تمكنت أخيرا من استعادة العديد من عاداتي‬ ‫السابقة وأهمها طبعا القراءة ومحاولة الكتابة‪.‬‬ ‫ثم وربما وهو األهم استعدت القدرة على‬ ‫التأمل وااللتقاط بحياد كبير دون الخضوع لكل‬ ‫تلك المؤثرات الخارحية التي حولتنا في زمن‬ ‫قياسي إلى مجرد أشخاص بعقول اسفنجية‬ ‫تمتص بسهولة لتصارع بشراسة عدوا غير‬ ‫مرئي يهدد حياتها وسالمتها الصحية‪ .‬عدو‬ ‫تراه في كل كف ممدودة أو حضن مشرع أو أي‬ ‫طارق يقف على عتبة البيت قريبا كان أم غريب‬ ‫‪ .‬أنا اآلن أنتظر ويدي على قلبي( المعقم)‬ ‫أنتظر رؤية العالم بعد أن تفتح في وجوهنا‬ ‫األبواب من جديد ‪ .‬أنتظر بلهفة ال تخلو من‬ ‫غصة أنتظر رؤية ذاك االنسان القادم بعد‬ ‫كورونا‪...‬‬

‫ّ‬ ‫إن تجربة الحجر المنزلي في مواجهة‬ ‫جائحة كورونا قد أيقظت فينا جميعا حسّ‬ ‫المسؤولية تجاه سالمة بعضنا كأفراد في‬ ‫المجتمع‪ ،‬وأثبتت ّ‬ ‫أن الحرّية المقدّسة‬ ‫مكانها في النفوس وال تحتاج إلاّ لمساحة‬ ‫كافية من التأمّل لتنطلق بفكرنا وأفكارنا‬ ‫فتكسر حواجز الزمان والمكان ‪.‬‬ ‫في زمن فيروس كورونا القاتل‬ ‫بالمحافظة على‬ ‫مسؤوليتنا كبيرة‬ ‫اإلنسان وعلى المجتمع‪ ،‬وال سبيل لنا‬ ‫لتحقيق اإلنتصار سوى استنباط األمل‬ ‫من داخل الجدران لضمان استمرارية‬ ‫الحياة‪ .‬جميعنا يدرك ّ‬ ‫بأن األمر ليس‬ ‫بهذه السهولة‪ّ ،‬‬ ‫وإن تو ّقف عجلة الحياة‬ ‫ّ‬ ‫تؤثر سلبا على حياتنا ولكنه واجب علينا ْ‬ ‫أن‬ ‫تؤدّيه لحفظ سالمتنا وسالمة اآلخرين‪.‬‬ ‫الجلوس في المنزل‪ ،‬تو ّقف عجلة‬ ‫الحياة واإلنفصال القسري عن حياتنا‬ ‫اإلجتماعية والعمليّة ألسابيع أو ألشهر‪،،‬‬ ‫الفكرة أرعبتني في البداية‪ ،‬فكلمة عزل‬ ‫تستدعي الشعور بالوحدة واإلنغالق على‬ ‫العالم وربّما اإلنهزام ‪ ،‬لكنّ اختبار العزل‬ ‫جاء مختلفا في الواقع‪،‬واكتشفت ّ‬ ‫بأن العزلة‬ ‫تح ّفز على تجديد الذات و التجدد يحتاج‬ ‫إلى قوّة‪ ،‬والقوّة ال تأتي من الضجيج‬ ‫بل تحتاج إلى التأمّل والهدوء كي تنضج‪،‬‬ ‫فوجدتني ألجأ إلى ما أحبّه فعال‪ ،‬أستعيد‬ ‫الحياة األسرية التقليديّة الجميلة التي‬

‫عاشها أهلي وأجدادي‪ ،‬أستمتع بوقتي مع‬ ‫عائلتي وأقضي أوقات جميلة في مطبخي‬ ‫أحضّر المأكوالت كما القصائد بشغف‬ ‫وحب‪ ،‬أتواصل عن بعد مع األصدقاء‬ ‫المقرّبين لإلطمئنان‪ ،‬أمارس هواية‬ ‫المشي في الطبيعة الستنشاق بعض‬ ‫الجمال‪،‬والتقرّب إلى اهلل وأستغل الليل‬ ‫للقراءة حيث أجد العالم األكثر رحابة‪،‬‬ ‫كما أحاول إنهاء بعض مشاريع الكتابة‪،‬‬ ‫فهذه فرصة مثالية‪ ،‬مُحفزة لإلبداع رغم‬ ‫كل التوجّسات المحيطة ‪.‬‬ ‫بالنسبة لي مع ّ‬ ‫كل الخوف واإلضطراب‬ ‫الذي يجتاح العالم بسبب هذا الفيروس‬ ‫القاتل علينا أن نستفيد من الوقت أن‬ ‫نتأمّل قليال في حياتنا ونراجع أولوياتنا‪،‬‬ ‫وننظر إلى الحجر المنزلي كاستعداد‬ ‫مؤسّس لمرحلة جديدة ال بدّ أن نبدأها‬ ‫بنظرة جديدة‪ ،‬تختلف فيها األولويات عمّا‬ ‫كانت عليه قبل زمن الكورونا ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إن تجربة الحجر المنزلي وإن كانت‬ ‫في ظاهر األمر قاسية إلاّ أنها من التجارب‬ ‫اإلنسانيّة اإلستثنائيّة التي سوف تترك‬ ‫أثرا كبيرا في حياتنا اإلجتماعية والعائليّة‬ ‫والفرديّة ‪.‬‬ ‫لنتواصل ولكن عن بعد ففي ذلك‬ ‫اعتراف بأهمّية احترامنا للحياة وحماية‬ ‫لنا جميعا ‪.‬‬

‫مملة هي االيام غدونا ننتظر قدوم الغيث الذي يذهب بنا خارج اسوار هذه الجدران اصبحت الشمس ال تشبه‬ ‫ذاتها واصبحنا نشبه االشياء وال شيء يشبهنا‪..‬كنا ال نعرف ان الشمس جميلة وبأن االفق اجمل‪ ..‬اصبحنا نخاف‬ ‫الموت المتربص بنا خارج االبواب في الحجز اصبح المنزل اجمل والمطبخ اجمل واصبحت اللوحات على الجدران‬ ‫مختلفة استطعت ان اتعرف على كل ركن في منزلي واصبحت انا ومكتبتي اقرب وعدت الى كتب اهملتها لزمن‪..‬‬ ‫هناك على شرفتي اصبح المدى فارغاً اال من موت يتربص بالطرقات وبكل ماهو متحرك عجبي كيف يتحول الخوف‬ ‫من الموت يشبه برتقالة هاربة من بستان او تفاحة نبحث عنها عند بائع او كمامة ترهق انفاسنا عجبي كي كيف‬ ‫لفايروس متناهي في الصغر ان يطوق هذا العالم بقبضة يده وجعلنا ان نغير عاداتنا وما نحب وغير مفهومنا لما‬ ‫نكره اليوم انهيت رواية يوري اله السمكة السوداء وهذه القراءة التانيه لها والتي نالت افضل رواية عربية في كندا‬ ‫وجائزة جبران الدولية وجوائز اخرى وكنت قد انهيت رواية وهم االنا الروايتان للكاتب عبد الحكيم حمود‪ ..‬وقرأت‬ ‫كتبا وروايات كثيرة‬

‫الكاتبة واالعالمية‬

‫نجالء أبو جهجه‬ ‫‪ -‬بيروت ‪-‬‬

‫الحجر ساعدني في ان انجز الكثير في كتابة روايتي الفا وكذلك انجزت الكثير في كتابين احدهم لاليقونه فيروز‬ ‫واالخر للشاعر محمود درويش‪...‬‬ ‫العالم في الخارج اجمل وتوهج الشمس اجمل واالزدحام اصبح اجمل انتظر هبوب الرقص فوق الرمال انتظر‬ ‫عرس الوقت كي يزهر فوق شوراع بالدي وفوق العالم اجمع‪.‬‬


‫العدد ‪1046‬‬

‫كلمة املثقفني العرب‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫‪10‬‬

‫الشاعر والفنان التشكيلي المغربي‬

‫عزيز أزغاي‬

‫الشاعر والروائي المغربي‬

‫نزار كربوط‬ ‫ـ‪1‬ـ‬ ‫كل يوم يشبه الذي قبله وفي ظل تطاير األرقام‬ ‫المهولة هنا وهناك صرت أتشبث بأبسط األشياء‬ ‫المحيطة وأعمقها ليس بحثا عن السطح المليء‬ ‫بالهواء الملوث لكن أمال في الغوص إلى أعماق‬ ‫اليومي‪ .‬فبين واجباتي كرب أسرة والطبيب الذي‬ ‫يتقاذف بين المكالمات الهاتفية‪ ،‬أحاول جاهدة‬ ‫اإلمساك بخيط العقل والهروب بنفسي إلى قراءة‬ ‫الكتب التي تشكل خط الدفاع األمامي في وجه‬ ‫الجائحة‪ .‬هذه المرحلة بالذات هي فرصة لمراجعة‬ ‫الثابت فينا والمتحول في غيرنا‪ .‬هذا ما أقوله‬ ‫لنفسي عندما أنظر من نافذة البيت في اتجاه شارع‬ ‫فارغ كانت قبل مدة تمأله الظالل والخطوات‪ .‬بدات‬ ‫أفكر في عدوى الخوف الذي بات يهدد حياتنا أكثر‬ ‫من الكورونا نفسه‪ ،‬في تلك المشاهد السينمائية‬ ‫التي تظهر في أفالم نهاية العالم أو األبوكاليبس‬ ‫والتي تعبّر عن حاالت الهيستيريا الجماعية التي‬ ‫يخلفها الشعور بالذعر فتدفع الكثيرين إلى إقتراف‬ ‫أشياء لم تكن تخطر على بال‪ .‬تذكرت سلسلة‬ ‫شاهدتها مؤخرا تتطرق إلى نهاية العالم الذي‬

‫نعرفه جراء جائحة خلفها انتشار فيروس يجعل‬ ‫الناس كالزومبي لكن المحك الرئيسي والخطير‬ ‫في نفس الوقت هو أولئك الذين نجوا من الكارثة‬ ‫وفعلوا المستحيل من أجل البقاء‪ ،‬كيف صارت‬ ‫الصراعات بينهم تربك واقعهم اليومي وكيف أن‬ ‫الغريزة الحيوانية تدمر في دقائق ما يمكن للعقل‬ ‫بناءه في عقود من الزمن‪.‬‬ ‫ـ‪2‬ـ‬ ‫نحن في أمسّ حاجة إلى القصيدة أكثر من‬ ‫أي وقت مضى‪ ،‬صرنا نعيش في زمن الفراغ‪ ،‬فراغ‬ ‫الروح من الروح وفراغ الذات من إنسانيتها‪ .‬مثلما‬ ‫يعمل األطباء وعلماء البيولوجيا على إيجاد لقاحات‬ ‫ضد األوبئة‪ ،‬للشعراء واألدباء لمسة سحرية ترسم‬ ‫المرايا في صباحاتنا الداكنة وتزين جدران الغرف‬ ‫باألبواب والنوافذ والشرفات‪ ،‬المجتمعات التي ال‬ ‫شعراء فيها هي مجتمعات ميتة إكلنيكيا وتلك‬ ‫التي أنجبت لنا أعالما أدبية هي حية ال تموت‪.‬‬ ‫الشعراء هم ذلك الخيط الرفيع المصنوع من‬ ‫الضوء‪ ،‬الذي يخيط أجسادنا وأرواحنا إذا أصابتها‬ ‫خناجر األزمان‪.‬‬

‫ـ‪1‬ـ‬ ‫أعتبر نفسي مواطنا محظوظا كوني اعتدت‪،‬‬ ‫قبل سنوات من انتشار الوباء اللعين‪ ،‬على نمط‬ ‫حياة خاص بي هيأني‪ ،‬عن غير قصد أو تخطيط‬ ‫مسبقين‪ ،‬ألن أكون مستعدا للوضعية الحالية‪ .‬ومن‬ ‫ذلك‪ ،‬أساسا‪ ،‬أنني كائن بيتي بامتياز‪ .‬فباستثناء‬ ‫التزامي المهني‪ ،‬عادة ما كنت أقضي بعض فتراتي‬ ‫الصباحية في المقهى أقرأ وأكتب وأطالع الصحف‪،‬‬ ‫قبل أن أعود‪ ،‬في حدود الساعة الثانية عشرة من‬ ‫منتصف النهار‪ ،‬إلى البيت وال أغادره إال في اليوم‬ ‫الموالي‪ .‬وقد يحدث أن أخرق هذا النظام إما من‬ ‫أجل التبضع أو لقضاء بعض المهام المتصلة‬ ‫بالمصالح اإلدارية أو الخدماتية أو لمالقاة بعض‬ ‫أصدقائي الليليين‪ .‬أما األيام التي أمكث فيها في‬ ‫البيت‪ ،‬فعادة ما أقضيها موزعا بين الرسم والقراءة‬ ‫والكتابة ومشاهدة التلفزيون والطبخ‪ .‬وأزعم‬ ‫أني كائن مطبخي بامتياز وال يضيرني في شيء‬ ‫أن أقضي صباحاتي في تحضير الوجبات وغسل‬ ‫األواني وتنظيف الجنبات وهي أشياء يقوم بها‬ ‫كل أفراد أسرتي الصغيرة بعدل من خالل توزيع‬ ‫المهام وبمحبة غامرة وليست من قبيل ادعاء‬ ‫واجب التخفيف عن سيدة بيتنا أو مشاركتها بعض‬ ‫الواجبات المنزلية‪ .‬هذا النظام الصارم في تدبير‬ ‫شؤوني الخاصة والقيام بواجبات ومصالح البيت‬ ‫جعلني في وضعية مريحة في ظل الحجر الصحي‪.‬‬

‫اوال كانسان يحب الجلوس بالبيت ‪،‬لم أجد صعوبة الني اعتدت على ذك ولم أشعر بالفرق‬ ‫فيما يخص البقاء في البيت‪ .‬الشيء الذي تغير هو عدم الخروج من أجل السفر لزيارة األقرباء‬ ‫واألصدقاء ‪ .‬وهكذا اقضي وقتي ما بين مشاهدة التلفاز لتتبع األخبار عبر العالم‪ ،‬ومشاهدة‬ ‫افالم سينمائية وبعض البرامج الثقافية وحتى إذا أصابني الملل أبحث عن قنوات وثائقية‬ ‫تبعدني عن األخبار التي تعكر المزاج وتصيبنا بالذعر ‪ ،‬ثم اعود الى قراءة كتاب ‪rêves de‬‬ ‫‪ femmes‬لفاطمة المرنيسي والذي وجدت فيه بعض المحطات تذكرني بطفولتي كمحطة‬ ‫عرباوة التي كانت آنذاك تمثل الحدود بين المغرب اإلسباني والمغرب الفرنسي في عهد‬ ‫االستعمار‪ .‬ثم اخذ قسطا من الراحة بالعزف على آلتي الموسقية «العود» واعزف ما طاب‬ ‫لي من الخالدات الم كلثوم ومحمد عبدالوهاب او اترك ألناملي تعزف ما يخالج أحاسيسي‬ ‫ودواخلي ‪ .‬هي في الحقيقة فترة استراحة للتأمل ليس إال‪.‬‬ ‫و بين هذا وداك أقوم ببعض الحركات الرياضية للحفاظ على صحة الجسم مثلما كنت‬ ‫افعل في النادي الرياضي وهذا مفيد جدا لصحة البدن والروح ‪ .‬بطبيعة الحال هناك ايضا‬ ‫استعمال الهاتف الذكي للتواصل مع ابنائي الموجودين في المهجر عبر الواتساب صوت‬ ‫وصورة ثم أقوم بإطاللة على الرسائل االلكترونية غالبا ليال حتى أجيب على الرسائل المهمة‬ ‫‪ .‬في الحقيقة هذه الشبكات االجتماعية أصبحت تنهك طاقة االنسان لوفرة الفيديوهات‬ ‫التي تتطلب وقتا كثيرا لتصفحها ‪ .‬فأحمد اهلل النني اعيش فقط مع زوجتي وننعم براحة‬ ‫شاملة في بيتنا المتواضع وهذا من فضل اهلل ونحن في هذا السن نطل على السبعين من‬ ‫العمر‪ ،‬والكل يعلم انه كلما ازداد عدد افراد العائلة في نفس البيت كلما تزداد المشاكل‪،‬‬ ‫ومع ذالك نحاول بين الفينة واالخر ان نفتعل مشاكل بيننا ههههه حيث أقتسم معها سلطة‬ ‫المطبخ ‪ .‬في البداية كان هناك ازعاج لزوجتي اال ان أقنعتها بان تترك لي ولو غسل األواني‬ ‫وتحضير الشاي والقهوة وتحضير طاولة الفطور ثم غسل األواني بعد األكل وكانت هذه‬ ‫نقطة حسنة ‪ .‬أتمنى للجميع حجر صحي كله صبر وحب وتأخي وتعاون وتضامن وان يرفع‬ ‫اهلل عنا هذا الوباء حتى تعود الحياة لطبيعتها‪...‬‬

‫فلم أحس‪ ،‬إلى غاية كتابة هذه الكلمات‪ ،‬بالملل‬ ‫يتسرب إلى روحي‪.‬‬ ‫ـ‪2‬ـ‬ ‫فعلى الرغم من أنني لم أحس بوطأة هذا‬ ‫الجو المشبع بالفراغ على الحياة العامة؛ في األزقة‬ ‫والشوارع والجادات واألماكن العامة‪ ،‬إال أنني فقدت‬ ‫شهية اإلقبال على القراءة والكتابة والرسم بالوثيرة‬ ‫المحمومة التي كنت أعيشهما قبل الجائحة‪ .‬األمر‬ ‫فيه ما يشبه التضامن التلقائي مع ما يحدث ألناس‬ ‫آخرين ليس فقط في بالدنا ولكن أيضا في كل‬ ‫جغرافيات العالم‪ .‬إنها حالة من التردد التي أتمناها‬ ‫أن تكون مخرجاتها إيجابية بعد زوال الجائحة‪.‬‬ ‫ـ‪3‬ـ‬ ‫ربما من األشياء القليلة التي بدت لي مختلفة‬ ‫عن ذي قبل كوني أصبحت مدمنا على التلفزيون‪،‬‬ ‫وبخاصة مشاهدة األعمال الدرامية والسينمائية‬ ‫والوثائقية‪ .‬كما الحظت أيضا أنني بت أوفر‪ ،‬بطريقة‬ ‫ال إرادية‪ ،‬بعض المال الزهيد على غير ما كان يحدث‬ ‫معي في الماضي القريب رغم سعيي الحثيث لذلك‪.‬‬ ‫على أن ما أفتقده حقيقة هو رياضة المشي‪ ،‬تلك‬ ‫العادة الصحية الجميلة التي كنت أحرص عليها‬ ‫مساء كل يوم‪ .‬ما عدا ذلك‪ ،‬ال شيء تغير تقريبا‪،‬‬ ‫كما أنني ال أحن‪ ،‬على العموم‪ ،‬إلى أي شيء محدد‬ ‫ينتمي لزمن ما قبل الوباء المدعو كورونا‪.‬‬

‫الفنان السينمائي‬

‫محمد بوصبع‬


11

2020 ‫ مـــاي‬25 ‫ �إلى‬19 ‫الثالثـاء‬

‫كلمة املثقفني العرب‬

1046 ‫العدد‬

‫كالصاعقة بضرورة التزام البيوت‬-‫ال زلت أتذكر ذاك الخبر الذي نزل على المغاربة –وأنا منهم‬ .‫كمرحلة أولية فرضتها الجهات الطبية للوقاية من فيروس كورونا الذي هدد العالم أجمع‬ ‫أنا الذي عشت‬، ‫كيف يعقل أن أبقى في منزلي دون حراك وال أسفار‬،‫لم أستسغ الخبر أول األمر‬ ‫حياتي كلها كالطائر الحر الذي ال تغويه حتى األقفاص الذهبية فما بالك باألقفاص الحجرية !!؟‬ .. ‫كم من نقمة في طياتها نعمة‬: ‫كما يقال‬،‫لكن‬ ‫بدأت أفكر في طريقة تجعلني أستأنس في وحدتي وأنا الذاكر الذي تربى في مجالس أهل‬،‫لهذا‬ ..‫اهلل والمادح لجناب رسول اهلل‬ ‫فإذا بي أهتدي إلى تسجيل مجموعة من األعمال الخاصة باالبتهاالت واألدعية والمديح النبوي‬ ‫والسماع الصوفي التي تدخل البهجة والسرور والطمأنينة إلى نفس كل من له ذوق‬ .. ‫راق وتعطش إلى سماع إسم المحبوب وأنزلتها في صفحتي الخاصة على اليوتوب والفيس‬ ‫فوجدت تفاعال غير مسبوق من طرف جمهور محب عرف أن مالذه الوحيد هو ذكر اهلل‬ ‫الفنان المغربي‬ :‫يقول اهلل سبحانه وتعالى‬،‫تعالى الذي يمثل البلسم الشافي والدواء الكافي لكل العلل واألسقام‬ .}‫{أال بذكر اهلل تطمئن القلوب‬ ‫سعيد بلقاضي‬ ‫وال تكون إال بمجالسة اهلل في خلوة‬،‫الطمأنينة هي ما يبحث عنها المهموم في هذه الظروف‬ - ‫ طنجة‬..‫ربانية كلها تأمل وصمت‬ ‫ (حُبِّبَتْ العزلة‬:‫ومن هنا عرفت قدر الخلوة التي قال فيها أبو سليمان الخطابي رحمه اهلل‬ ‫ وبها ينقطع عن‬،‫ وهي معينة على التفكر‬،‫إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ألن معها فراغ القلب‬ ‫ وترك مخالطة السفهاء وبعض أهل العلم الذين‬،‫ فعليه بالخلوة وقلة األكل‬،‫ ويرزقه العلم‬،‫ ويتخشع قلبه)وكما قال اإلمام الشافعي رضي اهلل عنه (من أحب أن يفتح اهلل قلبه‬،‫مألوفات البشر‬ .)‫ليس معهم إنصاف وال أدب‬ ‫فتجدني ال أخرج من منزلي إال بعد خمس أو ستة أيام لتسوق الضروريات والعودة مسرعا‬ ..‫إلى خلوتي التي أخرجت مني أعماال لم تكن الحرية المطلقة لتخرجها‬ .‫ وهذا هو المقصد الصحيح من هذا الحجر‬..‫ال يسمى الحجر الصحي بهذا اإلسم إال إذا خرج منه الفرد بما ينفعه وينفع مجتمع ومحيطه‬،‫وعليه‬ ‫يجب أن يستغل كل واحد منا هذه الظروف لتهذيب نفسه وصقلها والتأمل في الخيرات والنعم التي كنا دائما محاطين بها وأولها (الصحة) التي هي تاج على رؤوس األصحاء ال يراها إال‬ ..‫المرضى‬ ..‫لكن جاء وقت التذكر والتذكير‬،‫ من ملك شيئا أهانه‬: ‫وكما يقال‬ .‫فاللهم فرج عنا في كل حين وارزقنا اليقين وألهمنا أن نكون لك من الشاكرين الحامدين‬

‫ومن جملة النعماء قولي لك الحمد‬

‫لك الحمد موالنا على كل نعمة‬

Viviendo tiempos convulsos - ¿El fin de una Era? «El mundo está bajo cuarentena a causa de una pandemia que nos ha cogido desprevenidos nada más comenzar 2020. Para la inmensa mayoría de personas está siendo difícil sobrellevarlo, pero no parece ser mi caso. Como escritora no puedo decir que lo esté pasando mal, al contrario, las largas jornadas me resultan cortas porque puedo disfrutar con más tranquilidad de todas las actividades creativas que practicaba solo cuando disponía de tiempo, al que yo denomino concepto y que siempre defino como inexistente pero que se esfuma raudo y sin previo aviso. Para una escritora es difícil conciliar vida familiar con profesional, pero el uso de las nuevas tecnologías y el poder realizarlas desde la comodidad del hogar me está permitiendo diversificar mis tareas, poner en orden mis notas y papeles almacenados durante años −al menos de una década en que no pude dedicarme de lleno a mi carrera literaria porque lanzaba la carrera de otros escritores−; a leer, releer, corregir mis textos o planificar trabajos que dejé a medias y que espero poder poner en marcha cuando me sienta con más ánimo frente al dolor moral que nos está causando tanta muerte de seres humanos. Antes de la pandemia siempre me sentí ante un gran dilema porque tenía poco tiempo para diversificar mi trabajo intelectual o creativo, que va desde la literatura y el periodismo independiente a las artes plásticas. Durante la cuarentena estoy pudiendo realizar con más serenidad un poco de cada una de ellas y esto me brinda la alegría que pierdo con las malas noticias diarias. Añadiría que durante las primeras semanas me costaba mucho concentrarme porque esas noticias sobre las miles de muertes diarias de mi país y luego en todo el mundo, eran abrumadoras. Pero todo

ser humano se acaba adaptando a las circunstancias y este ha sido mi caso, como creo que está siendo el de la mayoría de profesionales de todos los ámbitos y disciplinas. Confinarse o retirarse durante un tiempo también tiene sus ventajas, siempre y cuando la mente esté equilibrada. Haber hallado ese equilibrio es lo que me permite ser resiliente. Resumo diciendo que me ha costado mucho concentrarme en mi trabajo literario durante el primer mes, después he empezado a aprovechar mejor el tiempo escuchando menos noticias trágicas para no caer en la desesperanza, pues ya la vida sin coronavirus (nCovid-19) era bastante difícil como para angustiarse más; sabemos que todo pasará aunque hay que fomentar la paciencia, pues no existe un día que señale su fin en el calendario. Por eso, yo vivo el instante de cada fragmento de instante. Salir a la calle no me está causando tanta angustia como creí en un principio. Cuando yo abro mis ventanas y el aire entra, tengo el privilegio de escuchar el canto de los pájaros, el balido de las ovejas e incluso el sonido del arroyo que discurre monte abajo con sus aguas cantarinas. Es la suerte de vivir frente a la montaña y que una hilera de árboles decore mi paisaje tras los cristales. Pero una carretera se interpone entre mis árboles y esa montaña. Cuando comenzó la cuarentena total y dejé de escuchar el ruido de los coches, esos sonidos se acrecentaron y me llevaron a la paz y el sosiego espiritual. En general, estoy llevando bastante bien el confinamiento forzoso. Lo único que echo en falta es no poder viajar a la tierra de mis padres (a setecientos kms. de Bilbao) donde me espera una casa

• Por Alicia Rosell con pozo, patio y un huerto con árboles frutales. La nostalgia que siento por esa casa vacía a la que no puedo desplazarme sí me perturba porque siento la llamada de la tierra donde nacieron mis antepasados. No puedo viajar hasta allí y debo hacerlo a través de vídeos o fotos; esta espera es mi segunda cuarentena… Hoy es un día más y volveré a encerrarme en mi estudio con mis libros y mis papeles; el confinamiento no es tan duro para ningún escritor porque siempre estamos confinados en mayor o menor grado. No he logrado escribir ninguna obra durante este confinamiento, como sí hicieron otros grandes autores en otros tiempos de pandemia en siglos pasados, pero voy logrando centrarme poco a poco y esto ya es un gran paso para comenzar a escribir una novela. Al aceptar vivir bajo la incertidumbre sin desesperar, se empiezan a desbloquear mentalmente las trabas de un retiro no deseado y se aprovecha el tiempo en lo que más felices nos hace; esto es, sin duda, lo que me está sucediendo o así es como personalmente yo estoy viviendo estos tiempos convulsos.» --Alicia Rosell®© Galdakao-Bilbao, a 14 mayo 2020.


‫‪12‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫العدد ‪1046‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫جوالت ليلية لعامل اقليم الحسيمة لمراقبة‬ ‫تنفيذ اجراءات حالة الطوارئ‬ ‫شوهد عامل إقليم الحسيمة السيد‬ ‫فريد شوراق وهو يقوم بجوالت ليلية في‬ ‫مجموعة من ش��وارع اإلقليم عبر سيارته‬ ‫الخاصة من أجل الوقوف على مدى تنفيذ‬ ‫السلطات المحلية حالة الطوارئ الصحية‬ ‫ومنذ بداية فرض الحجر الصحي على‬ ‫بلدنا وعامل اإلقليم يسهر شخصيا على أن‬ ‫تمر هذه العملية في ظروف سليمة‪،‬‬ ‫وتجدر اإلشارة أن السلطات اإلقليمية‬ ‫بعمالة الحسيمة تسهر في شخص السيد‬ ‫فريد ش��وراق عامل صاحب الجاللة على‬ ‫اإلقليم والقوات العمومية‪ ،‬من أمن وطني‬ ‫ودرك ملكي وقوات مساعدة‪ ،‬على تفعيل‬ ‫إجراءات المراقبة‪ ،‬بكل حزم ومسؤولية‪ ،‬في‬ ‫حق أي شخص يتواجد بالشارع العام‪ ،‬حيث‬ ‫يتعين على كل مواطنة ومواطن التقيد‬ ‫وجوبا بهذه اإلج���راءات اإلجبارية‪ ،‬تحت‬ ‫طائلة توقيع العقوبات المنصوص عليها في‬ ‫مجموعة القانون الجنائي‪.‬‬

‫المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب‬ ‫يحقق في صحة صفقات‬ ‫شراء معدات صحية‬

‫أمرت اإلدارة العامة للمكتب الوطني‬ ‫للكهرباء والماء الصالح للشرب‪ ،‬المصالح‬ ‫المختصة بالمكتب بإجراء التحقيقات‬ ‫الضرورية للتأكد من صحة أخبار تتعلق‬ ‫بصفقات شراء معدات صحية‪.‬‬ ‫وذكر بالغ للمكتب‪ ،‬اليوم الخميس‪ ،‬أن‬ ‫بعض الجرائد الرقمية نشرت أخبارا تتعلق‬ ‫بصفقات شراء المعدات الصحية من طرف‬ ‫المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح‬ ‫للشرب‪.‬‬ ‫وأوضح البالغ أنه « من أجل الكشف‬ ‫عن مدى صحة هذه األخبار‪ ،‬أمر المدير العام‬ ‫للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح‬ ‫للشرب المصالح المختصة بالمكتب بإجراء‬ ‫التحقيقات الضرورية »‪.‬‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫حنكة أمنية ومسار مهني متميز‬ ‫يبوئان عبد الخالق زداوي رتبة‬ ‫والي أمن الحسيمة‬

‫لم يكن قرار ترقية والي أمن الحسيمة‪ ،‬عبد الخالق زداوي‪ ،‬من رتبة مراقب عام بالمديرية‬ ‫العامة لألمن الوطني‪ ،‬إلى منصب وال لألمن‪ ،‬مفاجئا بالنسبة للمتتبعين لمسار هذا المسؤول‬ ‫األمني “الذي برهن على حنكته وتفاعله اإليجابي مع المواطنين”‪ ،‬كما يرى ذلك مراقبون‬ ‫للشأن المحلي في المدينة‪.‬‬ ‫وفي نظر متابعين محليين‪ ،‬فإن هذه الترقية لم تأتي بمحض الصدفة‪ ،‬إذ إن المسار‬ ‫المهني المتميز لعبد الخالق زداوي‪ ،‬والذي راكم تجربة طويلة في التجربة المهنية أهلته‬ ‫والطاقم المشتغل بمعيته للعب األدوار الطالئعية المنوطة باألمـن بالمدينة‪ ،‬كان لها تأثير‬ ‫حاسم في اتخاذ هذا القرار الذي يعتبره في محله‪.‬‬ ‫وترصد العديد من المصادر المحلية في الحسيمة‪ ،‬ارتياحا كبيرا في أوسالط المواطنين‬ ‫الذين يقصدون مختلف المؤسسات األمنية في المدينة‪ ،‬بالنظر للتفاعل اإليجابي الذي يبديه‬ ‫الموظفون األمنيون مع جميع قضاياهم سواء كانت شكايات أو مصالح إدارية‪.‬‬ ‫إلى ذلك تؤكد مؤشرات مختلفة‪ ،‬أن الحالة األمنية تبقى مستقرة وأن معدل الجريمة‬ ‫يعتبر من أضعف المعدالت على الصعيد الوطني‪ ،‬وذلك بفضل سياسة القرب التي تتمثل في‬ ‫فتح الباب أمام المجتمع المدني والساكنة لالنخراط في توفير الجو المناسب لالستتباب األمن‬ ‫والطمأنينة‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬تشير معطيات رسمية‪ ،‬إلى أن مصالح األمن بالحسيمة‪ ،‬قامت خالل سنة‬ ‫‪ 2019‬بمعالجة ‪ 4971‬قضية تتعلق بمختلف مظاهر االنحراف والجنوح‪.‬‬ ‫فيما حققت التدابير الوقائية والزجرية‪ ،‬نسبة نجاح ‪ 94.25‬في المئة‪ ،‬تم على إثرها‬ ‫تقديم ‪ 3‬آالف و‪ 751‬شخصا للعدالة لتورطهم في جنايات وجنح مختلفة‪ .‬مما مكنه من رصد‬ ‫كل كبيرة وصغيرة بالمدينة‪ ،‬األمر الذي انعكس إيجابا على أمن وأمان المواطنين‪.‬‬

‫صراع حول أرض نواحي‬ ‫بالحسيمة ينتهي بجريمة قتل‬

‫أمن الحسيمة يوقف أشخاص رفضوا الخضوع‬ ‫لقانون الطوارئ‬

‫علم من مصدر موثوق أن مصالح أمن بني بوعياش (إقليم‬ ‫الحسيمة ) أوقفت اليوم اإلثنين ‪ 11‬ماي ‪ 5 ،2020‬أشخاص بتهمة‬ ‫خرق قانون الطوارئ‪ ،‬وذكرت مصادر محلية أن الموقوفين تم ضبطهم‬ ‫خارج بيوتهم دون توفرهم على رخص للتنقل االستثنائي‪ ،‬نهايك عن‬ ‫عدم ارتدائهم الكمامات‪ ،‬مشيرة أن عناصر الضابطة القضائية وبعد‬ ‫إشعارها النيابة العامة المختصة‪ ،‬وضعت الموقوفين الخمسة رهن‬ ‫تدابير الحراسة النظرية‪ ،‬في انتظار تقديمهم أمام أنظار القضاء‪.‬‬ ‫كما أوقفت عناصر الضابطة القضائية في نفس اليوم شخص‬ ‫آخر بحي ازكيرن بالحسيمة‪ ،‬من أجل حيازة وترويج المخدرات‬ ‫واإلفطار العلني في نهار رمضان وخرق قانون الطوارئ الصحية وبعد‬ ‫إشعار وكيل الملك بابتدائية الحسيمة‪ ،‬أمر بإيداعه السجن المحلي‬ ‫بالحسيمة ومتابعته في حالة اعتقال‪.‬‬

‫إصابتين جديدتين بكوفيد ‪ 19‬بالحسيمة والسلطات‬ ‫تحصي المخالطين‬ ‫أك��دت نتائج التحاليل المخبرية التي‬ ‫خضع لها ‪ 37‬شخصا أول أمس الثالثاء ‪12‬‬ ‫ماي الجاري إصابة حالتين جديدتين بداء‬ ‫كوفيد ‪ 19‬بإقليم الحسيمة‪.‬‬ ‫وحسب مصادر مطلعة فإن هذه التحاليل‬ ‫تعود ل ‪ 10‬أشخاص بإحدى الوحدات لصناعة‬ ‫الحلويات‪ ،‬و‪ 15‬شخصا بسجن الحسيمة‪،‬‬ ‫و ‪ 8‬مستخدمين بمركز االت��ص��ال‪ ،‬وحالة‬

‫بالحسيمة‪ ،‬باإلضافة لتحليل ثان خضع له ‪4‬‬ ‫أشخاص قدموا من مدينة طنجة‪.‬‬ ‫وبذلك ترتفع الحصيلة اإلجمالية لكوفيد‬ ‫‪ 19‬بإقليم الحسيمة إلى ‪ 15‬إصابة مؤكدة‬ ‫بفيروس كورونا‪ ،‬مقابل تسجيل ‪ 10‬حاالت‬ ‫شفاء‬ ‫‪ .‬واك���دا م��ص��ادر عليمة للشمال ان‬ ‫السلطات اإلقليميــة والصحيـــة مباشرة‬ ‫بعد اإلع�لان عن نتائج التحاليل المخبرية‬

‫لشخصين بالحسيمة‪ ،‬والتي أكدت إصابتهما‬ ‫بفيروس ك��ورون��ا‪ ،‬شرعت في اتخاذ عدة‬ ‫إجراءات لمحاصرة الوباء باإلقليم والحد من‬ ‫انتشاره‪.‬‬ ‫واض����اف ن��ف��س ال��م��ص��در أن جميع‬ ‫األشخاص المخالطين للحالتين المصابتين‬ ‫بالفيروس سيخضعون لإلجراءات المعمول‬ ‫بها‪،‬‬

‫أفاد مصدر جد مطلع للشمال أن شخص أربعيني لقي مصرعه يوم األحد ‪ 10‬ماي ‪،2020‬‬ ‫بالمستشفى اإلقليمي بالحسيمة‪ ،‬بعد تلقيه ضربة على مستوى الرأس من قبل شخص دخل‬ ‫معه في نزاع حول على أرض توجد بضواحي الحسيمة‪.‬‬ ‫وحسب نفس المصادر فإن األرض موضوع النزاع تقع بدوار “وارك” التابع لجماعة موالي‬ ‫احمد الشريف‪ ،‬مضيفة بأن الضحية نقل على وجه السرعة إلى قسم المستعجالت بالمستشفى‬ ‫اإلقليمي بالحسيمة‪ ،‬حيث مكث فيه نحو ‪ 5‬أيام‪ ،‬ليفارق الحياة‪.‬‬ ‫وقد فتحت عناصر الدرك الملكي تحقيقا معمق في النازلة تحت اشراف النيابة العامة‬ ‫المختصة‬

‫مصرع شخص بمصلحة للطب‬ ‫النفسي بالحسيمة‬

‫اهتز ت الحسيمة يوم اإلثنين على حادث انتحار شاب ( ‪ 29‬سنة ) داخل مصلحة الطب‬ ‫النفسي بالمركز االستشفائي محمد الخامس‬ ‫وذكرت مصادر للجريدة أن الشاب وضع حدا لحياته شنقا داخل غرفته‪ ،‬مستعمال قطعة‬ ‫من مالبسه‪ ،‬قام بربطها في إحدى البوابات الحديدة للمصلحة‪.‬‬ ‫وأضاف نفس المصدر أن النزيل ينحدر من ضواحى سيدي بوتميم إقليم الحسيمة‪،‬‬ ‫مشيرة إلى أنه يعد من النزالء الجدد بمصحلة األمراض العقلية والنفسية‪ ،‬حيث لم يمضي‬ ‫على وجوده في نفس المصلحة أكثر من ‪ 3‬أشهر‪.‬‬ ‫وفور علمها بالخبر إنتقلت الى عين المكان عناصر الشرطة القضائية والشرطة العلمية‬ ‫لكشف حيثيات وظروف الحادث ومعاينة جثة الهالك‪ ،‬وفتح تحقيق في النازلة‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫العدد ‪1046‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫(مراسل من القصر الكبير‪/‬العرائش)‬

‫‪benrebouha01@gmail.com‬‬ ‫‪Tél : 0641794991‬‬

‫عامل إقليم العرائش يقوم بزيارة خاصة للوحدات اإلنتاجية‬ ‫الثالث التابعة لشركة خيل كوميس‬

‫أجرى يوم األربعاء ‪ 06‬ماي ‪ 2020‬السيد‬ ‫العالمين بوعاصم عامل إقليم العرائش‬ ‫بزيارة خاصة للوحدات اإلنتاجية الثالث‬ ‫التابعة لشركة خيل كوميس وكذا مؤسسة‬ ‫دمجيكند لالطالع والوقوف على اإلجراءات‬ ‫والتدابير المتخذة في إطار خطة متدرجة‬ ‫تتمكن من خاللها الشركات من استئناف‬ ‫عملية اإلن��ت��اج م��ع التقيد بالمتطلبات‬ ‫الوقائية الالزمة واتخاذ االحتياطات الصحية‬ ‫الواجبة‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد قام السيد العامل‬ ‫رفقة اللجنة اإلقليمية المكونة من المصالح‬ ‫ذات الصلة بجولة عبر مرافق المؤسسات‬ ‫التابعة للشركات السالفة الذكر حيث زار كل‬ ‫الحلقات المرتبطة بسلسلة اإلنتاج الخاصة‬ ‫بكل وحدة ‪.‬‬ ‫في البداية أكد السيد العامل على‬ ‫ض��رورة التقيد باإلجراءات االحترازية عبر‬ ‫تقليص عدد العمال بالوحدات اإلنتاجية إلى‬ ‫الحد األدنى الذي يضمن استئناف اإلنتاج‪،‬‬ ‫وتفادي االزدح��ام داخل المعمل‪ ،‬وضمان‬ ‫مسافة أالم��ان مع إعمال مبدأ التقسيم‬ ‫والعزل حسب المجموعات داخ��ل أجنحة‬ ‫العمل‪ ،‬وتنظيم آليات االشتغال وإع��ادة‬

‫توضيب القاعات والفضاءات التابعة للمعمل‬ ‫حتى تستجيب لشروط خلق المسافات‬ ‫الالزمة والمطلوبة وقائيا‪ ،‬وتعقیم وسائل‬ ‫النقل المستخدمة في نقل العمال مع‬ ‫تقليص حمولتها إلى الثلث‪ ،‬وأشار أيضا‬ ‫إلى ضرورة إعادة النظر في تركيبة مصلحة‬ ‫التطبيب بالوحدات اإلنتاجية وفي آليات‬ ‫اشتغالها لتتجاوب وال��ظ��روف الوبائية‬ ‫الطارئة‪.‬‬

‫وف��ي ه��ذا الصدد أش��ار إل��ى ض��رورة‬ ‫إحداث لجنة خاصة بكوفيد ‪ 19‬منبثقة من‬ ‫داخل إدارة المعمل تنحصر مهمتها في‬ ‫مراقبة مدى مالئمة اإلجراءات المتخذة مع‬ ‫المتطلبات االحترازية و الوقائية المعمول‬ ‫بها‪ .‬كما طالب بضرورة تشديد المراقبة‬ ‫الصحية للعمال من طرف طبيب الشركة‬ ‫المتعاقد معه‬

‫القصر الكبير ‪:‬‬

‫مواصلة عملية التعقيم والتدابير الوقائية‬

‫مساء يوم الجمعة ‪ 8‬ماي ‪ 2020‬تم‬ ‫م��رة أخ��رى إط�لاق عملية تعقيم مكثفة‬ ‫لمدينة القصر الكبير في إط��ار التدابير‬ ‫المتواصلة التي تقوم بها الجماعة الترابية‬ ‫للتصدي لوباء كوفيد ‪19‬‬ ‫العملية عبأت لها الجماعة العديد‬ ‫من اآلليات والوسائل البشرية المهمة‬ ‫‪ ،‬بعدما ت��ع��ززت ه��ذه العملية بتوصل‬ ‫الجماعة بشاحنتين كبيرتين من طرف‬ ‫والي الجهة الذي قام باإلشراف على تنسيق‬ ‫وتوزيع دعم مجلس جهة طنجة تطوان‬ ‫الحسيمة التي قدمت ع��دد من اآلليات‬ ‫والمعدات المخصصة للتعيقم وذلك في‬ ‫إطار انخراطها لدعم الجماعات الترابية في‬ ‫مجهوداتها للتصدي للجائحة الوبائية ‪.‬‬ ‫رئيس المجلس الجماعي أكد على‬ ‫أن الجماعة منخرطة بكل فعالية في‬ ‫ال��م��ج��ه��ودات ال��ج��ب��ارة ال��ت��ي ت��ق��وم بها‬ ‫السلطات العمومية وكذا األطر والعاملين‬ ‫في القطاع الصحي الذين يتواجدون في‬ ‫الجبهة األمامية لمواجهة الوباء ‪.‬‬ ‫مقدما شكره العميق لكل الداعمين‬ ‫لهذه المبادرة وخاصة والي الجهة ورئيسة‬ ‫مجلس الجهة ‪ .‬مع توجيه التقدير الصادق‬ ‫للسلطات العمومية و الصحية على‬ ‫مجهوداتهم الجبارة في اإلشراف والتتبع‬ ‫الصارم والدقيق لحملة التصدي للجائحة‬

‫الوبائية كوفيد ‪. 19‬‬ ‫خاصة وان الوضع الراهن بمدينة‬ ‫القصر الكبير يقتضي أقصى درجات اليقظة‬ ‫والحذر وتظافر جهود الجميع في هذه‬ ‫الظرفية الصعبة واالستثنائية مع تجديد‬ ‫النداء للساكنة للتقيد الصارم بالتدابير‬ ‫االحترازية ‪.‬‬ ‫و ان عملية التعقيم المكثفة سوف‬ ‫تشمل كل الفضاءات العمومية بالمدينة‬ ‫والشوارع واألزق��ة واإلحياء وس��وف تبقى‬ ‫مستمرة ومتواصلة وفق جدولة دقيقة‬

‫وشاملة حتى تؤدي كل اهادفها الوقائية‬ ‫المرجوة في ضمان تعقيم المدنية ‪ ،‬داعين‬ ‫ساكنة المدينة إلى مواصلة انخراطهم‬ ‫المسؤول في عملية إنجاح الحجر الصحي‬ ‫مشيدين بالجدية والمواطنة الصادقة‬ ‫التي عبرت عنها المواطنات والمواطنين‬ ‫في هذه الظروف الصعبة وان ذلك كفيل‬ ‫بإنجاح التحدي ال��ذي يرفعه كل شرفاء‬ ‫الوطن اليوم في وقف زحف الوباء والقضاء‬ ‫عليه وان تخرج بالدنا من هذه المرحلة‬ ‫بكل أمان وسالم‪.‬‬

‫حاالت شفاء جديدة بإقليم بالعرائش‬ ‫بينهم طفلة‬

‫تماثل يوم االثنين ‪ 11‬ماي ‪ 7‬مصابين‬ ‫بفيروس كورونا بشكل كامل بيهم طفلة‬ ‫صغيرة كانوا يتلقون عالجهم بالمستشفى‬ ‫المحلي بالقصر الكبير ‪ ،‬كما تماثل يوم‬ ‫الثالثاء ‪ 12‬ماي ‪ 10‬مصابين بفيروس كورونا‬ ‫كانوا يخضعون للعالج بمستشفيات إقليم‬ ‫العرائش فإن حاالت الشفاء تتعلق بعامالت‬ ‫بمعمل تصبير األسماك ومخالطين لهم‪،‬‬ ‫كان ‪ 5‬منهم يتلقون عالجهم بالمستشفى‬ ‫اإلقليمي بالعرائش و ‪ 5‬آخرين بالمستشفى‬ ‫المحلي بالقصر الكبير‪.‬‬ ‫و قد وصل عدد المتعافين بإقليم‬ ‫العرائش إلى ‪ ،74‬بنسبة شفاء وصلت إلى‬ ‫‪ ،52%‬و بقي عدد المصابين ثابتا في ‪،143‬‬

‫بعدما لم تسجل العرائش أية حالة جديدة‪،‬‬ ‫كما بقي قسم اإلنعاش المخصص للمصابين‬

‫بكوفيد‪ 19‬خالي من أية حالة و استقر عدد‬ ‫الوفيات في حالتين‪.‬‬

‫والس��ت��ئ��ن��اف نشاطها االق��ت��ص��ادي‬ ‫ومعاودة تشغيل وحداتها اإلنتاجية طالب‬ ‫السيد العامل إدارات الشركات المعنية‬ ‫بضرورة إعداد خطة عمل مدروسة خالية‬ ‫م��ن احتماالت م��ع��اودة انتشار العدوى‬ ‫بمؤسساتها‪ ،‬تاخد بعين االعتبار المالحظات‬ ‫المثارة خالل هذه الزيارة‪ ،‬ستعرض على‬ ‫لجنة إقليمية مختصة قصد إبداء الرأي و‬ ‫الموافقة عليها‬

‫وفي هذا الصدد ولغرض أجرأة التدابير‬ ‫المقررة في خطة استئناف العمل التي‬ ‫ستعدها إدارة الشركات المعنية‪ ،‬ستقوم‬ ‫لجنة إقليمية بالسهر على التتبع الحثيث‬ ‫والمراقبة ومصاحبة المعامل خالل عملية‬ ‫الشروع في نشاطها وتتبع مدى مالئمة‬ ‫التدابير المتخذة والتوصيات المتفق‬ ‫بشأنها ‪.‬‬

‫دار الشباب‬ ‫العوامرة‬ ‫تنظم‬ ‫مسابقة‬ ‫إبداعية‬ ‫للرواد‬ ‫الشباب‬ ‫أجبر الحجر الصحي الشباب و الرواد‬ ‫و الطلبة و الطالبات على البقاء في المنزل‬ ‫طوال اليوم‪ ،‬وبالتأكيد من الصعب دائما‬ ‫العثور على طرق جديدة لقضاء الوقت وتجنب‬ ‫العصبية داخل األسرة بأكملها في هذه األيام‬ ‫الصعبة بعد تفشي فيروس كورونا وتقييد‬ ‫الحركة وضرورة البقاء في البيت‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬قدمت ” المديرية اإلقليمية‬ ‫لوزارة الثقافة والشباب والرياضة قطاع‬ ‫الشباب والرياضة بالعرائش وبشراكة مع دار‬ ‫الشباب العوامرة ” مسابقة إبداعية بشأن‬ ‫كيفية قضاء الوقت مع الرواد الشباب وتجنب‬ ‫الملل وخلق فرص للنمو والمرح والتواصل‬ ‫وإبداع الفني الثقافي والرياضي‪.‬‬

‫يؤكد مدير دار الشباب العوامرة أن‬ ‫المديرية اإلقليمية لوزارة الثقافة و الشباب‬ ‫والرياضة بالعرائش بالتنسيق مع دار الشباب‬ ‫العوامرة تقوم بتنظيم مسابقة إبداعية من‬ ‫داخل المنزل من أجل االقتراب من روادنا‬ ‫الشباب و احترام التدابير االحترازية لمحاربة‬ ‫وباء كوفيد ‪.19‬‬ ‫إبدع معنا في أحسن صورة أو أحسن‬ ‫فيديو‪ ،‬أحسن تعليق ‪،‬حصة رياضية ‪،‬فلم‬ ‫قصير‪ ،‬صورة فوتوغرافية‪ ،‬قصة‪ ،‬وصلة‬ ‫موسيقية ‪،‬مسرح فردي ‪،‬حصة تدريبية ‪،‬إعداد‬ ‫أكلة‪ ،‬و قم بإرسالها مع نبذة عنك و مجال‬ ‫إبداعك إلى الرابط‪.‬‬ ‫‪jeuneildaelar@gmail.com‬‬

‫جمعية “مدينتي” وشباب “علينا‬ ‫العمدة” يشكرون الساهرين‬ ‫على مواجهة جائحة كورونا‬

‫عرفانا وتقديرا منها للمجهودات الكبيرة التي يقوم بها كل الساهرين على حصر وباء‬ ‫كورونا و القيام بكل التدابير و اإلجراءات من أجل محاصرة هذا الوباء المنتشر‬ ‫قامت جمعية “مدينتي” وشباب “علينا العمدة” يوم الجمعة ‪ 8‬ماي ‪ 2020‬بتقديمهما لتذكار‬ ‫وعربون تقدير وشكر لكل من السيد باشا مدينة العرائش ممثال عن السلطة المحلية و القسم‬ ‫الصحي التابع للمجلس الجماعي للعرائش و أطر القسم ورجال الوقاية المدنية ورجال القوات‬ ‫المساعدة‪.‬‬ ‫وقد جاءت هذه البادرة الطيبة كتشجيع على العمل المتفاني الذي تقوم به كل األطر‬ ‫المعنية في مواجهة هذه الجائحة‪ ،‬و التي وجدت نفسها في الصفوف األمامية لمواجهة هذا‬ ‫الوباء‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫العدد ‪1046‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬ ‫(‪)946‬‬

‫‪14‬‬

‫“سبتة‪ :‬متى وكيف اغتصبتها إسبانيا”‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫صدر كتاب “سبتة‪ :‬متى وكيف اغتصبتها إسبانيا” لمؤلفه محمد ابن عزوز حكيم‪ ،‬سنة الثاني‪ ،‬فقد انتقل للحديث عن ظروف احتالل البرتغال للمدينة سنة ‪1415‬م‪ ،‬مركزا سرده‬ ‫‪ ،1985‬وذلك في ما مجموعه ‪ 98‬من الصفحات ذات الحجم الصغير‪ .‬والعمل‪ ،‬محاولة دقيقة على مختلف أشكال المقاومة التي أعلنها المغاربة منذ أول يوم من احتالل المدينة‪ .‬وارتباطا‬ ‫لتقريب القارئ من مجمل التطورات التاريخية اتي مرت منها مدينة سبتة السليبة قبل بهذا المعطى الجهادي الكبير‪ ،‬خصص المؤلف الفصل الثالث لتوضيح تداعيات الهزيمة‬ ‫اغتصابها‪ ،‬ثم بعد سقوطها تحت االحتالل البرتغالي سنة ‪ .1415‬ولقد سعى المؤلف في الكبرى التي لحقت بجيش البرتغال في معركة وادي المخازن سنة ‪1578‬م‪ ،‬والتي أدت –من‬ ‫ذلك إلى الرد على الكثير من االفتراءات واألكاذيب التي ظلت ترددها كتب التاريخ اإلسبانية بين ما أدت إليه‪ -‬إلى مبايعة الملك اإلسباني فيليبي الثاني ملكا على البرتغال حسب ما‬ ‫ووسائل اإلعالم اإليبيرية‪ ،‬بشكل ساهم في شحن المتلقي‬ ‫يوضحه الفصل الرابع‪ .‬وفي الفصل الخامس‪ ،‬استفاض المؤلف‬ ‫ذهنية‬ ‫بركام كبير من األحكام الخاطئة التي ترسخت في‬ ‫في توضيح أشكال تمهيد إسبانيا لعملية اغتصاب سبتة‪ ،‬الشيء‬ ‫غير‬ ‫ونهائية‬ ‫المواطن اإلسباني‪ ،‬ولتتحول إلى أحكام قطعية‬ ‫الذي تحقق بالفعل منذ سنة ‪ 1640‬حسب ما يوضح سياقاته‬ ‫الحقيقي‬ ‫التاريخ‬ ‫قابلة للجدال وللشك‪ ،‬مثلما هو الحال مع قضية‬ ‫التاريخية الفصل السادس‪ .‬وفي الفصل السابع‪ ،‬انتقل المؤلف‬ ‫فاطمة‬ ‫‪:‬‬ ‫وتقديم‬ ‫الحتالل المدينة‪ ،‬أو مع قضية الوسيلةحوار‬ ‫االحتالل‪،‬‬ ‫في‬ ‫المعتمدة‬ ‫لتوضيح موقف دولة البرتغال من االغتصاب اإلسباني لمدينة‬ ‫أو مع حكاية غياب الدولة المغربية المركزية خالل الفترة التي‬ ‫سبتة‪ ،‬وكيف أنها لم تعترف بهذا االغتصاب وبذلت الكثير من‬ ‫بأن‬ ‫سقطت فيها المدينة تحت االحتالل‪ ،‬أو مع االدعاء القائل‬ ‫الجهد من أجل وضع حد له‪ ،‬كما تدل على ذلك مواقف الملك‬ ‫ابن‬ ‫سبتة جزء ال يتجزء من التراب اإلسباني‪ ...،‬والحقيقة‪ ،‬إن‬ ‫البرتغالي الجديد خوان الرابع‪ .‬ولم تستسلم البرتغال لألمر‬ ‫مستندا‬ ‫عزوز حكيم كان دقيقا في رده على كل هذه األباطيل‪،‬‬ ‫الواقع إال بعد تدخل مباشر من ملك بريطانيا العظمى الذي نجح‬ ‫والبرتغالية‬ ‫في ذلك إلى استقراء عميق للوثائق اإلسبانية‬ ‫في التوفيق بن ملك البرتغال ألفونصو السادس وملك إسبانيا‬ ‫نجح‬ ‫وبذلك‬ ‫ولرصيد ضخم من المصنفات اإليبيرية المدونة‪.‬‬ ‫كارلوس الثاني‪ ،‬حيث تم إبرام معاهدة صلح بين البلدين يوم‬ ‫عموم‬ ‫من‬ ‫نتائجها‬ ‫في تقديم خالصات اجتهاداته وتقريب‬ ‫‪ 13‬فبراير ‪1668‬م التي فوتت مدينة سبتة “رسميا” إلسبانيا‬ ‫عمل‬ ‫أي‬ ‫في‬ ‫له‬ ‫مثيال‬ ‫المؤرخين والمهتمين‪ ،‬بشكل ال نجد‬ ‫وفق شروط ومصالح استعمارية متبادلة‪.‬‬ ‫تصنيفي سابق‪ ،‬سواء داخل المغرب أم خارجه‪ .‬ويقينا إن عموم‬ ‫وإذا كان المغرب قد رفض كل هذه المؤامرات والمساومات‪،‬‬ ‫أعمال ابن عزوز حكيم حول احتالل مدينة سبتة –ومن ضمنها‬ ‫فإن المقاومة لم تتوقف في أي فترة من الفترات الماضية‪،‬‬ ‫الكتاب موضوع هذا التقديم‪ -‬قد أصبحت مراجع ال غنى عنها‬ ‫وظلت تفرض حصارا شديدا على المدينة استمر لعقود زمنية‬ ‫بالنسبة لكل الباحثين في تحوالت ماضي المدينة السليبة‪،‬‬ ‫طويلة‪ ،‬وفي ذلك تأكيد لمغربية المدينة بشكل ال يقبل أي‬ ‫منذ مطلع القرن ‪ 15‬وإلى يومنا هذا‪ .‬وبخصوص السقف العام‬ ‫جدال‪ .‬وفي كل المحطات الجهادية الداعمة للحق المغربي‪ ،‬ظل‬ ‫الذي تحكم في عمل ابن عزوز حكيم أثناء اشتغاله على موضوع‬ ‫ابن عزوز حكيم حريصا على تقديم الحجج الوثائقية اإلسبانية‬ ‫الكتاب‪ ،‬فقد سعى إلى التواصل –من خالله‪ -‬مع الرأي العام‬ ‫التي تؤكد عدم اعتراف اإلسبان أنفسهم بشرعية احتاللهم‬ ‫الداخلي قصد تنويره بحقيقة الموقف وبصدقية الحجج الكفيلة‬ ‫للمدينة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬نذكر –هنا‪ -‬المرسوم الذي أصدره‬ ‫بإبراز زيف االدعاءات اإلسبانية‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬يقول في تقديمه‬ ‫الملك كارلوس الثاني يوم ‪ 7‬دجنبر ‪ ،1691‬والذي جاء فيه –ردا‬ ‫للكتاب‪...“ :‬إذا اعتمد الرأي العام على خريطة إسبانيا وحكم بأن‬ ‫على بعض مطالب سكان سبتة‪ -‬أنه‪“ :‬ليس ألبناء سبتة الحق‬ ‫جبل طارق يكون جغرافيا جزءا ال يتجزء من التراب اإلسباني‪ ،‬فإنه‬ ‫في مزاولة الوظائف الخاصة باإلسبانيين إال إذا غادروا مدينتهم‬ ‫سوف لن يتعب نفسه في البحث عن خريطة أخرى‪ ،‬بل سيجد‬ ‫واستقروا بصفة نهائية فوق التراب اإلسباني‪ .‬كما أن سبتة‬ ‫في نفس الخريطة ما يحتم عليه أن يحكم بأن سبتة ومليلية‬ ‫نفسها ال تعتبر بمثابة مدينة إسبانية كباقي المدن اإلسبانية‬ ‫تكونان جزءا من التراب المغربي‪ .‬وبما أن المغاربة مع األسف ال‬ ‫حتى يكون لها حاكم مدني وقاضي مدني مثل ما هو الحال‬ ‫يجدون في كتبهم التاريخية ما يمكنهم من معرفة دقائق جميع‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫بخصوص مدينتي قادس ومالقة مثال‪ .‬وأخيرا أنه ال حق لسكان‬ ‫األمور المتعلقة باحتالل مدينة سبتة وال يتوفرون على معلومات‬ ‫كافية إلدحاض األقاويل واالفتراءات واألكاذيب اإلسبانية‪ ،‬وبما أني أتوفر على معلومات في سبتة في أن يكون لهم من يمثلهم في مجلس الكورطيس مثل ما هو جاري به العمل في‬ ‫هذا الجانب‪ ،‬فقد رأيت أنه من الواجب علي أن أخصص هذه الدراسة لقضية اغتصاب مدينة المدن اإلسبانية‪ .‬ولذلك فعندما يكون لهم أي مطلب لدى الكورطيس يجب أن يعبروا عنه‬ ‫سبتة من طرف إسبانيا بغية إقامة الدليل على بطالن تلك االدعاءات المغرضة‪ ،‬ألن إسبانيا بواسطة مدينة مالقة أو إشبيلية‪( ”...‬ص‪.)51 .‬‬ ‫لم تقم أبدا باحتالل المدينة المغربية المذكورة ال على الشكل الذي تدعيه وال في الوقت‬ ‫وعلى غرار هذا النوع من الوثائق اإلسبانية‪ ،‬اعتمد ابن عزوز حكيم على رصيد هام‬ ‫ ‬ ‫الذي تزعمه‪( ”...‬ص ص‪.)11-10 .‬‬ ‫من المظان التي تؤكد عدم شرعية ما قامت به إسبانيا من احتالل في حق المدينة وفي حق‬ ‫تتوزع مضامين كتاب “سبتة‪ :‬متى وكيف اغتصبتها إسبانيا” بين ثمانية فصول متكاملة‪ ،‬المغرب‪ .‬ويقينا إن نشر مثل هذه الوثائق سيساهم في إلقاء المزيد من الضوء على خبايا‬ ‫تدرجت عبرها الوقائع حسب تسلسلها التاريخي‪ ،‬إلى جانب الملحق الفوتوغرافي والخرائطي التاريخ المغيب في ماضي المدينة السليبة‪ .‬وتلك أهم وسيلة يمكن –من خاللها‪ -‬مقارعة‬ ‫التوثيقي الهام والتقديم العام للكتاب‪ .‬ففي الفصل األول‪ ،‬سعى المؤلف إلى تقديم أباطيل االستعمار اإلسباني وحمالته الدعائية التي الزالت تنفث الكثير من سمومها بشكل‬ ‫المعطيات األساسية حول واقع مدينة سبتة قبل االحتالل البرتغالي والتي جعلت منها مدينة يومي وموجه‪ ،‬لتتردد أصداؤها في منابر إعالمية مختلفة‪ ،‬بل وفي مؤسسات جامعية وعلمية‬ ‫مغربية خالصة انصهرت مع مجاالتها الجهوية والوطنية العربية اإلسالمية‪ .‬أما في الفصل إسبانية معاصرة‪.‬‬

‫أثر الخلوة في زمن الحجر الصحي‬ ‫•‬

‫د عبد الهادي الخمليشي عضو المجلس العلمي لعمالة المضيق الفنيدق‬

‫وعوامل االستجابة ُّ‬ ‫ُ‬ ‫كلها متوافرة‪ :‬انقطاعُنا‬ ‫نحن في هذه األيام أحوجُ ما نكون للدعاء ‪ ،‬ال سيما‬ ‫أو كثير منا عن شواغل الدنيا بفعل الحَجر الصحي‪ ،‬وضعفُ حيلتنا باعتراف الكون بمن فيه بالعجز‬ ‫أمام قدرة اهلل‪ُّ .‬‬ ‫وذلنا وتسليمُنا ألمر هلل‪ ،‬واعترا ُفنا بعدم الحول والقوة‪ .‬ثم خصوصية الزمان حيث‬ ‫شهرُ الصيام والقيام وتوخي المغفرة والنجاة‪.‬‬ ‫لكل هذه األسباب العامةِ‪ ،‬والخاصة المقتضيةِ للدعاء والتضرع‪ ،‬وجب االمتثال لقول المولى‬ ‫يَة إِنَّهُ لاَ‬ ‫سبحانه وتعالى‪“ :‬ادْعُوا رَبَّ ُكمْ تَضَرُّعًا وَخُ ْف ً‬ ‫يُحِبُ ا ْلمُعْتَدِينَ” األعراف ‪ .54‬و‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وْل‬ ‫“وَاذ ُكر رَّبَّكَ فِي نَ ْف ِسكَ تَضَرُّعًا وَخِي َف ًة‬ ‫لقوله عز مِن قائل ‪:‬‬ ‫وَدُون ا ْلجَهْ ِر مِنَ ا ْل َق ِ‬ ‫ِبا ْلغُدُ ِّو آْ‬ ‫صَال وَلاَ ُ‬ ‫تَكن مِّنَ ا ْلغَافِلِينَ” األعراف ‪ .205‬وال بأس أن نستحضر قراءة خيفة‬ ‫وَال ِ‬ ‫بالكسر ومعناها االستكانة‪.‬‬ ‫وعلينا أن نستحضر حديث البخاري ومسلم حيث قال الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪“ :‬أيها الناس‬ ‫ارْبَعوا على أنفسكم‪ ،‬فإنكم ال تدعون أصمَّ وال غائبا‪ ،‬تدعون سميعا بصيرا قريبا‪ ...‬الحديث”‬ ‫إن هذه النصوص تؤصل للخلوة‪ ،‬واإلقبال على النفس في لحظة صفاء روحي في نَجْوةٍ من‬ ‫واالتصال بالخالق جل عاله في عَليائه‪ ،‬بشعور ِّ‬ ‫يُجل ُله االفتقار‪ ،‬والتضرع‪ ،‬وصدقُ‬ ‫أعين الخلق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫المناجاة في بث الهموم والتسلي عن اآلالم واألسقام‪.‬‬ ‫إن هذه الخلو َة تناسب الواقع المعيش لجل الناس‪ ،‬فهي تسمح للمرء بالعبادة خفية‪ ،‬ولوحده‪،‬‬ ‫وفي منزله بل في مخدعه أو بيت نومه‪ .‬حتى يعبد اهلل مختفيا وفي تصوره كأنه يراه‪ ،‬فيرتقي بذلك‬ ‫صُعُدا في درجات اإلحسان‪.‬‬ ‫ولكي يحصل المرء على فضائل الخلوة في زمن الحجر الصحي‪ ،‬عليه أن يلتزم بآدابها‪ ،‬و لعل‬ ‫من أهمها‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫التجمل لها واإلكثار من الصالة قدرَ االستطاعة والوسع‪ .‬يقول الرسول ص فيما يرويه مسلم‬ ‫•‬ ‫« عليكم بالصالة في بيوتكم‪ ،‬فإن خير صالة المرء في بيته‪ ،‬إال المكتوبة»‬

‫ُ‬ ‫التلذذ بمناجاة اهلل‪ ،‬كما هو شأن‬ ‫• ومن اآلداب‬ ‫الملقب‬ ‫األصفياء من األولياء ‪ :‬يقول مسلم بن يسار‬ ‫ِ‬ ‫بعروس الزهاد – وهو ممن أدرك التابعين وروى عنهم ‪:-‬‬ ‫«ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة اهلل عز وجل»‪.‬‬ ‫ويقول الفقيه الزاهد العابد الورع المحدث محمد بن‬ ‫يوسف‪ :‬من أراد تعجيل النعم فليكثر من مناجاة الخلوة»‬ ‫وهي شهادات ممارسين من خير القرون ‪ ،‬ومن ذاق عَرف‪.‬‬ ‫• ومنها عدمُ االنشغال بالخلوة عن التكسب وأداء الواجبات والتكاليف في مجاالت الحياة‪ .‬وهذا‬ ‫األمر متاح في زمن الحجر الصحي أكثر من أي وقت مضى أو يعود‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫تزكية النفس ومحاسبتها وتطهيرها‪ ،‬وتمتين العالقة بخالقها‪ ،‬والقربُ‬ ‫وغاية العبد من الخلوة‬ ‫من بارئها بالعبادة والدعاء والشكوى‪.‬‬ ‫ويكفي باعثا على الخلوة ومرغبا فيها أن يكون من ثمارها‪:‬‬ ‫ ُ‬‫نيل صاحبها لمحبة اهلل تعالى مصداقا لقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم فيما يرويه مسلم‬ ‫“إن اهلل يحب العبد التقي‪ ،‬الغني‪ ،‬الخفيَ”‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يَخْشَوْن‬ ‫ ثم حصو ُله على المغفرة واألجر الوفير ‪ ،‬وعْداً من المولى ال يتخلف « إِ َّن ا َّلذِينَ‬‫غَيْب َلهُم مَّغْفِرَ ٌة وَأَجْرٌ َك ِبيرٌ «الملك‪.13‬‬ ‫رَبَّهُم ِبا ْل ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ ومن الثمار كذلك االستظالل في ظل الرحمان يوم ال ظل إال ظله ‪ ،‬فقد جاء في الحديث المتفق‬‫عليه‪ :‬سبعة يظلهم اهلل يوم ال ظل إال ظله‪ :‬ومنهم ٌ‬ ‫رجل ذكر اهلل خاليا ففاضت عيناه»‬ ‫جعلني اهلل وإياكم ممن يغتنم فرصة الحجر الصحي للخلوة في أيام رمضان الفاضلة وسواها‪،‬‬ ‫تحقيقا لمقاصدها واجتِناء لثمارها آمينَ آمين ‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـــاي ‪2020‬‬

‫العدد ‪1046‬‬

‫في قلب رحاب البحث العلمي‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫ُ‬ ‫يحمل العالم على كاهله تبعات «كوفيد‪ .»-19‬إذ‬ ‫‪ ...‬وقد‬ ‫بيننا وبين العالم اآلن وحدة الجائحة‪ ،‬وليست هناك عاطفة الجوار‬ ‫وال آصرة اللغة وال النسب‪ ،‬إال مع العالم العربي واإلسالمي الذي‬ ‫يوَحدُنا‪ ،‬وهوأعظم وأقوى من محطات الكوارث‪ .‬وقد تجمعنا‬ ‫خطبة الوداع لرسول اهلل(ص) حين قال ‪ :‬كلكم آلدم وآدم من‬ ‫تراب‪ .‬وفي محكم كتاب اهلل َّ‬ ‫جل في عاله ‪ ،‬جاء هذا الخطاب ‪:‬‬ ‫وما أرسلناك إال كافة للناس (س‪..‬سبإ‪ ،‬اآلية ‪ ،)28‬وقال أيضًا ‪:‬‬ ‫وما أرسلناك إال رحمة للعالمين (س‪..‬األنبياء‪،‬أآلية ‪ ،)107‬صدق‬ ‫اهلل العظيم‪ .‬من هنا تكبر قدر اإلنسانية وتتوحد‪ ،‬قبل ْ‬ ‫أن تمزّقنا‬ ‫الحروب وتوحدنا «كورونا»‪..‬‬ ‫«كورونا‪-‬فيروس» التي هي في حجم ‪10‬نمومتر‪ ،‬تسبب‬ ‫ألكبر قوة على األرض فقدان مناصب شغل لعدد بالماليين من‬ ‫األمريكيين‪ ،‬وأخطر من ذلك لن يكون في متناولهم حتى الماء‬ ‫الصالح للشرب‪ ،‬على الرغم من تهديدها للصحة العامة‪ .‬ثالثة‬ ‫عشر والية هي التي فرضتْ وقف هذه العملية‪.‬وقد يكون حرمان‬ ‫بعض الواليات من الوصول إلى التيار (صحيفة الجارديان)‪.‬‬ ‫بينما العديد من العمال يواجهون تنازالت اقتصادية وصحية‪،‬‬ ‫بسبب هذه الجائحة‪ ،‬والتي أحدثت وما زالت عديدا من الموتى‬ ‫والمصابين بالماليين في دولة ذات أساطيل وسالح نووي‪،‬‬ ‫وعلماء باآلالف في بيئة حضارية‪ ،‬وإذا بها لم تقوعلى «كورونا‪-‬‬ ‫المستجدَة ! وحتى تتمكن البالد للخروج من هذه‬ ‫فيروس»‬ ‫َ‬ ‫األزمة التي ليست لها سابقة لثلث األمريكيين‪ .‬عن صحيفة‬ ‫(الجارديان البريطانية)‪َّ ،‬‬ ‫أن حوالي مائة وعشرين مليون شخص‬ ‫قد يتمُّ انقطاع المياه عنهم في بحر األشهر القادمة‪.‬‬ ‫«كوفيد‪ ،»-19‬في ضوء هذا البحث‪ ،‬أفضى إلى نوع من‬ ‫إحداث جلطة في الدم‪ ،‬وقد تمتْ مالحظات عند بعض المرضى‪،‬‬ ‫إذ ل��م ي��ك��ن ل��ه��م أيُّ‬ ‫عامل خطر من بين أمور‬ ‫أخ��رى‪ ،‬إال عند اإلصابة‬ ‫ب»ك��ورون��ا‪-‬ف��ي��روس»‬ ‫المستجدَّة‪..‬‬ ‫بعد ثمانية عشر‬ ‫يوماً في العناية المركزة‪،‬‬ ‫وفي حالة خطيرة‪ ،‬الممثل‬ ‫«نيك كورديرو» المصاب‬ ‫ب��ال��ج��ائ��ح��ة‪ ،‬اض��ط��رَّ‬ ‫ال��م��ع��ال��ج��ون األط��ب��اء‬ ‫بتر ساقه األيمن‪.‬هذه‬ ‫الجلطة الراسخة تمنع‬ ‫جريان ال��دورة الدموية‪،‬‬ ‫وهي إحدى االكتشافات‬ ‫المظلمة للجائحة‪ ..‬في‬ ‫البداية كان يُنظر ل»كوفيد‪ »-19‬كحالة تنفسية خبيثة‪ .‬إذ‬ ‫كان المستوى المعرفي أنها تهاجم أكثر الرئتين وبشكل خطير‪.‬‬ ‫لوحظ بالفعل َّ‬ ‫أن أعضا ًء أخرى كالكليتين قد تأثرتْ بالوباء‪،‬‬ ‫َّن الجلطات داخل األوْعية الدموية من شأنها ْ‬ ‫فتتكو ُ‬ ‫أن تسبب‬ ‫ُ‬ ‫تتشكل في أوردة السيقان (التهاب الوريد)‪ .‬يمكن‬ ‫اختناقاً‪ ،‬عندما‬ ‫للجلطات أيضاً اإلزاح��ة والصعود نحوالرئتين‪ ،‬لسدّ الشريان‬ ‫وإغالقها لتحدث بعد ذلك انسداد رئوي‪ .‬وعلى القلب يمكنهم ْ‬ ‫أن‬ ‫يُحدثوا نوْبات قلبية‪ .‬بينما إذا وصلوا إلى الدماغ‪ ،‬تلك هي السكتة‬ ‫الدماغية‪ .‬جميع هذه السيناريوهات تمتْ مالحظتها عند مرضى‬ ‫«كوفيد‪ ،»-19‬الذي لم يكن لهم‪ ،‬أيُّ عامل خطر إال بإصابتهم‬ ‫ب»كورونا‪-‬المستجدة» (جامعة نيويورك «النكون» مستشفى‬ ‫بروكلين )‪« .‬شاري بروشان» دكتورة اإلنعاش المتخصصة في‬ ‫الرئتين‪ ،‬في تصريح لها للوكالة الفرنسية لألنباء‪َّ ،‬‬ ‫أن األمر ما زال‬ ‫نادراً‪.‬غير َّ‬ ‫أن عدد حاالت الجلطات التي تأخذ طريقها عبر األوردة‬ ‫تضاعفتْ عند المرضى في حاالت حرجة‪ .‬في شرحها للوضع‪،‬‬ ‫قائلة ‪َّ :‬‬ ‫إن لها شخصان في سن األربعين في العناية المركزة‪ ،‬وإذا‬ ‫بأحدهما تضيع منه يدُهُ والآلخر ضاعتْ منه األعضاء األربعة‪.‬‬ ‫فاألصابع غالباً ما تصاب ب»الغرغرينا» الجافة‪.‬‬ ‫هي جلطات غير عادية‪ .‬بين هذه الجلطات والجلطات العادية‬ ‫فرق مختلف‪ ،‬إذ هذه األخيرة تعالج بمضادات ك»اليبارين»‪،‬‬ ‫وهودوا ٌء مضاد للجلطة‪ ،‬يعالج بها مرضاها‪ .‬لكن ال يُعمل بهذا‬ ‫العالج دائماً ألنه يكون في بعض األحيان سبباً في نزيف داخلي‪،‬‬ ‫كما حصل للفنان «نيك كورديرو»‪ ،‬حسب ما صرحتْ به زوجته‬ ‫لمحبيه على «اإلنستيغرام»‪ .‬وتعقب على ذلك الدكتورة «شاري‬ ‫بروشان»‪ ،‬في ضوْء هذه األبحاث َّ‬ ‫أن هذا النوع من الجلطات ال‬ ‫يُشبهُ الجلطة العادية‪ .‬العديد من المرضى لهم جلطات دقيقة‬

‫على حدّ قول الدكتورة –إلى الشعيرات الدموية‪ -‬وهي أصغر‬ ‫األوعية الدموية عند اإلنسان‪ .‬إذ االستحالة خضوعها لعمليات‪،‬‬ ‫خالفا للجلطات الكبيرة‪ْ ،‬‬ ‫إن كانت في الرئتين أوفي الدماغ‪ .‬فالبتر‬ ‫غالبا ما تكون هي الحلول المحتملة‪ .‬في المستشفى بنيويورك‬ ‫لقدماء المحاربين‪ ،‬ذكرتْ الدكتورة «سيسيليا ميرانت‪-‬بورد»‬ ‫أن ّ‬ ‫طبيبة اإلنعاش منذ ‪25‬سنة‪َّ ،‬‬ ‫جل المرضى في مصلحتها‪،‬‬ ‫يُعالجون بمضادات الجلطة وهم الذين يفككونها ويقضون‬ ‫عليها‪ .‬وقد اكتشفت هي أيضاً العدد الكبير الذي ال يحصى من‬ ‫الجلطات الدقيقة في الرئات‪ ،‬مما يتضحُ بالمناسبة‪ ،‬خبيء آخر‬ ‫ل»كوفيد‪ .»-19‬لماذا أجهزة التنفس االصطناعي تبدوغير فعالة‬ ‫؟ في الواقع ولعلة الجلطات الدقيقة في الرئات مما يُعرقل دوران‬ ‫الدم بشكل جيّد‪ .‬ويُعاودُ (الدم) االنتشار في الجسم دون ْ‬ ‫أن‬ ‫ينال حظه من األوكسيجين‪.‬‬ ‫األطباء في الصين ثم في أوروب��ا واآلن في األمريكتين‬ ‫يدرسون في ضوء هذه األح��داث‪ ،‬لتوثيق هذه الظاهرة‪ .‬وقد‬ ‫أدلتْ بتصريح للوكالة الفرنسية لألنباء‪ ،‬الدكتورة «ابن هنود‬ ‫بيكالي» المتخصصة في الطب الباطني بالمركز الطبي الجامعي‬ ‫بكلومبيا‪ ،‬قائلة ‪ :‬إنها تعرَّفتْ على مئات الحاالت في الجلطات‪،‬‬ ‫ولم تشهد قط هذه الحاالت الناذرة والشاذة‪ .‬وأسباب ذلك ؟ ربما‬ ‫يرجع األمر إلى سوابق مرضية للقلب واألوعية أم رئوية للعديد‬ ‫من المرضى على لسان األطباء‪ّ .‬‬ ‫ولعل أيضاً ذلك راجع إلى نتيجة‬ ‫تفشي االلتهابات المرتبطة بهذا المرض‪ُّ - .‬‬ ‫وكل مرض حاد في‬ ‫ذاته مؤهل لخلق جلطات دموية ‪ .-‬تقولها ببساطة الدكتورة‬ ‫«ابن هود بيكالي»‪ .‬ثم آخر فرضية ْ‬ ‫أن «الكورونا‪-‬فيروس»‬ ‫تتصرَّفُ مباشرة نحوالجلطة‪ .‬لكن إلى هذه المرحلة لم يثبتْ‬ ‫أيُّ ش��يء بعد‪ .‬وغالبا‬ ‫ما تفعل «الفيروس»‬ ‫أش��ي��اء غ��ري��ب��ة‪ .‬لقول‬ ‫ال��دك��ت��ور «إبستياين‬ ‫ب�������ار» وه���وي���ذك���ر‬ ‫ف���ي���روس ال��ك��ري��ات‬ ‫ال��ب��ي��ض��اء ف���ي ال���دم‪،‬‬ ‫المرتبطة مع سرطان‬ ‫ال��دم»ل��وس��ي��م��ي��ا»‪،‬‬ ‫أوفيروس الورم (سرطان‬ ‫عنق الرحم)‪ ،‬وقد يسبب‬ ‫اإلصابة بأنواع مختلفة‬ ‫م��ن ال��س��رط��ان‪ .‬نحن‬ ‫فقط (الدكتور) نحاول‬ ‫اك��ت��ش��اف التغييرات‬ ‫الغريبة التي ينتجها هذا‬ ‫«الفيروس»‪ ،‬والتنوعات ثم المضاعفات التي تحدثها «كوفيد‪-‬‬ ‫‪ ،»19‬وقد تبدومربكة‪ ،‬إال َّ‬ ‫أن البحث المعملي على اآلليات الطبية‬ ‫العميقة‪ ،‬لم تبدأ إال منذ أربعة أشهر‪ .‬ولعل كل شيء قد يكون‬ ‫وأن هناك حال يوجد وحيداً‬ ‫سببه شيء وحيد وفريد من نوعد‪َّ ،‬‬ ‫وفريداً تتخيله الدكتورة «شاري بروسنهان»‪ ،‬دكتورة اإلنعاش‬ ‫ذي التخصص في الرئة‪ .‬الواقع يشهد اآلن اختبارات للقاح جديد‬ ‫ضدّ «فيروس‪-‬كورونا»‪ ،‬في المختبرات العالمية‪ ،‬منها األلمانية‬ ‫التي يمكن أن تمنح للعالم لقاحاً للتسويق في نهاية السنة‬ ‫الحالية‪ .‬من خالل سباق محموم إليجاد لقاح‪ ،‬استبانتْ هذه‬ ‫الشركة الصغيرة األلمانية‪ ،‬متخصصة في التكنولوجيا الحيوية‪،‬‬ ‫مرتبطة بثاني أكبر مجموعة في صناعة األدوية في العالم (فايزر‬ ‫الصيدالنية)‪ ،‬الختبار اللقاح الذي يمكن ْ‬ ‫أن يتمَّ إنتاجه بماليين‬ ‫الجرعات بدءاً من سنة ‪2021‬م ‪ْ .‬‬ ‫إن كانت النتائج جيّدة‪ ،‬من أجل‬ ‫محاولة استثمارها بعد إضفاء الشرعية عليها‪ ،‬يمكن لإلنتاج ْ‬ ‫أن‬ ‫يصل إلى مئات الماليين من الجرعات‪ .‬هذه الشركة للتكنلوجيا‬ ‫الحيوية المتخصصة في عالج السرطان‪ ،‬واألم��راض الوراثية‬ ‫عن طريق العالج المناعي‪( ،‬حمض الريبونوكليك‪ ،‬عن طريق‬ ‫الحمض النووي الريبي المكودي )‪ ،‬بمعني أنَّها جسيمات ريبية‬ ‫تتواجد بكثرة في سيتوبالزما الخاليا‪ ،‬ترجمة للمادة الوراثية )‪.‬‬ ‫هي مصانع متنقله إذا بأطبائها يحاولون قراءة رسالة الحمض‬ ‫الريبي النووي المكودي‪ ،‬أي ليجعلوا له رقما ورمزاً (كود) يُعرَفُ‬ ‫به‪ .‬مقرها «ماينز ب ريناني‪-‬ب االتينات»‪ .‬وقد تحولت منذ‬ ‫منتصف شهر مارس لتركز في عملها على تطوير لقاح الجائحة‬ ‫«كوفيد‪ .»-19‬وقد يحمل العالم على كاهله تبعات «كورونا‪-‬‬ ‫فيروس‪-‬المستجدة»‪ ،‬في ضوء هذه األبحاث العلمية الكامنة‬ ‫للمعرفة في بنية العقل‪...‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪506‬‬

‫‪15‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)506‬‬ ‫أصل اللعبة‬ ‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬مـاي ‪2020‬‬

‫العدد ‪1046‬‬

‫عشر سنوات على رحيل‬

‫األخيرة‬ ‫‪2/1‬‬

‫محمد عابد الجابـري‬ ‫المفكر والسياسي والصحافي‬

‫تحدث محمد عابد الجابري (‪ )2010 - 1935‬عن سيرته األولى ونشأته في كتاب حمل عنوان «حفريات» (دار‬ ‫النشر المغربية‪ ،)2004 ،‬كتاب عرض فيه ذكرياته الشخصية‪ ،‬وغرف من معين مخزونه الثقافي والحياتي‪ ،‬موظفا‬ ‫الصورة واإلشارة والتلميح والرمز‪ ،‬بتدفق ال يخلو من عفوية ومن إبداع‪.‬‬ ‫كما نجد صفحات ضافية من حياة محمد عابد الجابري ونضاله السياسي والفكري‪ ،‬ضمن المنجز الثوثيقي الذي‬ ‫أشرف هو بنفسه على جمع وترتيب مقاالته واالستجوابات التي أجريت معه ونشرت في الصحف والمجالت المختلفة‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬وأضاف إليها هوامش وملحوظات وتعليقات خاصة بآرائه‪ ،‬في سلسلة شهرية‪ ،‬تضمنتها كتيبات‬ ‫شعبية ال يتجاوز سعرها العشرة دراهم والخمسة عشر درهما‪ ،‬وحملت عنوان‪« :‬أضواء ومواقف»‪.‬‬ ‫اشتهر عابد‪ ،‬أو عابد الجابري‪( ،‬هذا هو االسم المشهور به بين رفاقه وأصدقائه‪ ،‬من دون لفظ محمد)‪ ،‬بصفته‬ ‫مفكرا بارزا من أعالم الفكر العربي الذين ظهروا في نهاية القرن العشرين‪ ،‬وذاع صيت أطروحته حول نقد العقل‬ ‫العربي‪ ،‬كما ذاعت دعوته إلى ما يسمى ب»الكتلة التاريخية»‪ ،‬وكان هو مترجم فكرة رفيقه الفقيه محمد البصري‬ ‫بهذا الشأن‪ ،‬إذ ربطت الرجلين عروة وثقى لم تنفك حتى الممات‪.‬‬

‫***‬

‫لكن الناس يجهلون محمد عابد الجابري اآلخر‪ ،‬الجابري الصحفي‪ ،‬وهو موضوع ما يليق بإنجاز أكثر من دراسة‬ ‫وبحث رصين بصدده‪.‬‬ ‫إن اإلعالم االتحادي مدين لهذا الرجل بالكثير‪ ،‬منذ تأسيس جريدة «التحرير» إلى جريدة «المحرر»‪ ،‬قبل منعها‬ ‫بسنة‪ ،‬إثر انتفاضة ‪ 20‬جوان ‪.1981‬‬ ‫شغل الجابري مهمة سكرتارية التحرير‪ ،‬وكان الحزب‬ ‫يعتمد عليه أكثر من غيره في تحرير البالغات والبيانات‬ ‫والتقارير والنشرات الداخلية الصادرة عن االتحاد الوطني‬ ‫للقوات الشعبية‪ ،‬واستمر الجابري في القيام بهذا الدور‬ ‫بعد منع «التحرير» واستبدال ترويستها بترويسة «الرأي‬ ‫العام» لصاحبها أحمد بنسودة‪ ،‬لما اندمج بنسودة داخل‬ ‫االتحاد الوطني للقوات الشعبية‪ ،‬هو وصديقه الدكتور عبد‬ ‫الهادي بوطالب‪ ،‬قادمين من حزب الشورى واالستقالل‪،‬‬ ‫وقبل عودتهما سريعا إلى أحضان النظام بتعيينهما في‬ ‫مهام سامية ووزارية‪ ،‬وقد أصبحا مستشارين للملك‬ ‫الراحل الحسن الثاني‪.‬‬

‫***‬

‫في صحيفة «المحرر»‪ ،‬التي تولى مديريتها بالتتالي‬ ‫كل من الشاعر والمناضل محمد الحبيب الفرقاني‪،‬‬ ‫والمحامي ابراهيم العمراني‪ ،‬الذي كنت ألتقي به في‬ ‫مقهى الساتيام في آخر حياته‪ ،‬لما كان يجيء إلى الدار‬ ‫البيضاء من مدينة بني مالل‪ ، ،‬كان يعاني من جحود‬ ‫اإلخوة والرفاق وتقلبات األيام‪ ،‬كان يشكو بألم وحزن‬ ‫شديدين لم يعرف وسيلة لمداراتهما إال بدفنهما في‬ ‫الشرب واإلدمان‪.‬‬

‫***‬

‫في صيف سنة ‪ ،1974‬تم رفع الحظر عن نشاط‬ ‫االتحاد الوطني للقوات الشعبية‪( ،‬جناح الرباط بقيادة‬ ‫عبد الرحيم بوعبيد)‪ ،‬وتقرر استئناف صحيفة «المحرر»‬ ‫في إصدار ها اليومي بإدارة عمر بنجلون‪ .‬استأنف عابد الجابري مهمته‪ :‬المحرر الرئيسي لالفتتاحيات والمقاالت‪،‬‬ ‫ومحرك البوليميك الذي كان يحصل مع حزب االستقالل ومع المخزن‪ .‬كان عابد الجابري في الدار البيضاء‪ ،‬حيث‬ ‫مكاتب الجريدة‪ ،‬على اتصال دائم بعبد الرحيم بوعبيد في الرباط عبر الهاتف الثابث‪ ،‬للتشاور معه حول فكرة أو‬ ‫مقال‪ ،‬وكان أحيانا يقرأ عليه نص افتتاحية أو موقف سيصدر في عدد الغد‪.‬‬

‫***‬

‫عند إعداد وثيقة التقرير اإليديولوجي التي ستقدم في المؤتمر االستثنائي بالدار البيضاء (‪ 12 ،11 ،10‬يناير‬ ‫‪ )1975‬تكلف عابد الجابري بصياغة التقرير‪ ،‬الذي تشكلت لجنة إعداده أساسا من عمر بنجلون وأحمد الحليمي‬ ‫وعابد الجابري ومحمد الناصري (الجغرافي)‪ .‬وكان أحمد الحليمي هو من ترأس لجنة التقرير اإليديولوجي في‬ ‫المؤتمر‪.‬‬ ‫الجابري لم يحرر فقط التقرير االيديولوجي بلغته العلمية وأسلوبه الصقيل فقط‪ ،‬بل هو من كتب التمهيد‬ ‫التاريخي للتقرير‪ ،‬وانبرى للدفاع عن أطروحة المؤتمر بكتابة مجموعة من المقاالت التي كانت تصدر يوميا‬ ‫ب»المحرر» تحت عنوان‪« :‬حقائق أكدها المؤتمر»‪ ،‬كان يوقعها باسم (أبو عصام)‪ ،‬في حين اختار الشهيد عمر‬ ‫بنجلون توقيع مقاالته في نفس الزاوية باسم (أبو سهام)‪ ،‬كما شارك المرحوم مصطفى القرشاوي برأيه في بسط‬ ‫حقائق المؤتمر واختار التوقيع باسم (أبوغادة)‪.‬‬ ‫بعد احتدام الصراع الداخلي داخل الحزب‪ ،‬وارتفاع منسوب الدسائس واالنزالقات‪ ،‬سيضطر عابد الجابري إلى‬ ‫االستقالة‪ ،‬لقد هزمه الثعلب محمد اليازغي‪ .‬اليازغي الذي ال يكتب‪ ،‬وال يملك مستوى عاليا في فن الخطابة‪ ،‬لكنه‬ ‫يستعيض عنها بموهبته ودهائه في فن التنظيم والتواصل السري‪ ،‬هو من قدم التقرير التنظيمي في المؤتمر‬ ‫االستثنائي عام ‪ .1975‬وحرص على بناء تنظيم داخل التنظيم‪ ،‬مشكل من أتباعه ومن مريديه‪ ،‬وجلهم من الطامعين‬ ‫في «كعكعة المخزن»‪ ،‬أو بالتعبير البهجاوي المراكشي في شدق من»خبزة سيدي بلعباس»‪.‬‬

‫• عبد الرحيم التوراني‬

‫اضطر الجابري إلى رفع الراية البيضاء‪ ،‬وعاد في سيارته «البوجو» الزرقاء إلى بيته في حي بولو الهادئ‪ ،‬حيث‬ ‫حول مرأب السيارة الفسيح إلى مكتب ضاقت به خزانة كبيرة من الكتب وصناديق المطبوعات والوثائق واألوراق‪،‬‬ ‫ليعتكف على ما سعى دائما إلى تأجيله وإهماله دون استكمال‪ ،‬وليؤلف وينجز مشروعه الكبير‪ ،‬الذي «ساهم في‬ ‫صدوره»‪ ،‬إذا شئنا أو أبينا محمد اليازغي من خالل دفعه «ناقد العقل العربي» إلى االستقالة وإلى االبتعاد‪.‬‬

‫***‬

‫بعد نيله شهادة البكالوريا‪ ،‬مرشحا حرا‪ ،‬دون أن يمر بسنوات الدراسة الثانوية كلها‪ ،‬سافر عابد الجابري إلى‬ ‫دمشق‪ ،‬حيث تسجل لمتابعة دراسته الجامعية في شعبة الرياضيات‪ ،‬لكنه سيعود في السنة الموالية إلى المغرب‪،‬‬ ‫بإلحاح من الحزب‪ ،‬من المهدي بنبركة والفقيه محمد البصري تحديدا‪ ،‬لالستعانة بمواهبه في الكتابة والتحرير‬ ‫الصحفي‪.‬‬

‫***‬

‫كان عابد الجابري ينشر مقاالت فكرية وسجالية بمجلة «أقالم»‪ ،‬التي أشرف عليها أستاذا الفلسفة ابراهيم بوعلو‬ ‫وأحمد السطاتي‪ ،‬وتولى المحامي عبد الرحمان بنعمرو مهمة مديرية النشر‪.‬‬ ‫وقد جمع محمد عابد الجابري مقاالته المنشورة ب»أقالم» مقاالته حول التعليم في كتاب بعنوان‪« :‬أضواء على‬ ‫مشكل التعليم في المغرب»‪ .‬وقد استهل الجابري هذا الكتاب الذي يعد أول كتاب بالعربية يعالج قضايا التعليم في‬ ‫المغرب (دار النشر المغربية ‪ ،)-1973‬كما اختتمه بنفس العبارة‪« :‬ثمة‪ ،‬في المغرب الراهن‪ ،‬مشكل مزمن؛ مشكل‬ ‫يحتل الصدارة ضمن مجموعة المشاكل األخرى التي لم تعرف بعد طريقها نحو المعالجة الجدية‪ ،‬والحل الصحيح‪..‬‬ ‫إنه‪ ،‬بال نزاع‪ ،‬مشكل التعليم «‪.‬‬ ‫أما أول كتاب صدر للجابري فكان أطروحته لنيل‬ ‫الدكتوراه في الفلسفة حول ابن خلدون‪ ،‬وكان عابد‬ ‫الجابري أول مغربي يناقش دكتوراه الدولة بالجامعة‬ ‫المغربية في كلية اآلداب بالرباط سنة ‪ ،1970‬وظهرت‬ ‫األطروحة ضمن كتاب في طبعتها األولى ‪ ،1971‬تحت‬ ‫عنوان‪« :‬فكر ابن خلدون‪ ،‬العصبية والدولة‪ ،‬معالم‬ ‫نظرية خلدونية في التاريخ اإلسالمي» (دار النشر‬ ‫المغربية‪ -‬الدار البيضاء)‪.‬‬ ‫انطلق الباحث محمد عابد الجابري من فكرة‬ ‫دراسته هذه حول معالم نظرية ابن خلدون في العصبية‬ ‫والدولة من منظور إسالمي‪ ،‬متوخياً «تقديم آراء ابن‬ ‫خلدون كما هي‪ ،‬وكما فكر فيها هو‪ ،‬انطالقاً من نظرة‬ ‫شمولية‪ ،‬ترص على أن تجد لألجزاء مكانها في الكل‪،‬‬ ‫حرصها على النظر إليها على ضوء مشاغله الشخصية‬ ‫وتجربته االجتماعية‪ ،‬وعلى اعتبار أنها امتداد وتطور‬ ‫لمنازع الفكر العربي السياسي واالجتماعي من خاصة»‪.‬‬ ‫مؤكدا على أن التراث الخلدوني لربما يشكل «بنفس‬ ‫الدرجة من القوة والعمق‪ ،‬جانباً مهماً من جوانب واقعنا‬ ‫العربي الراهن‪ ،‬هذا الواقع نتواجد فيه جنباً إلى جنب‬ ‫بنيات القرون الوسطى‪ ،‬والبنيات الجديدة التي خلقها‬ ‫عالم اليوم»‪.‬‬

‫***‬

‫حرص عابد الجابري دائما على طباعة كتبه في‬ ‫المغرب في مؤسسة الحزب «دار النشر المغربية» التي أصبح أخوه األصغر عمر الجابري مديرا لها‪ ،‬قبل إفالسها‬ ‫وتفويتها بالبيع (!) في بداية األلفية الحالية‪.‬‬ ‫كما كلف عابد الجابرى أحد قدماء عمال دار النشر المغربية صار صاحب مطبعة هو بوعزة بنشرة المتحدر من‬ ‫المغرب الشرقي‪ ،‬بطباعة أحد كتبه‪.‬‬ ‫وغالبا ما كان الجابري يحتفظ بحقوق كتبه‪ ،‬حتى تلك التي نشرها له مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت‪،‬‬ ‫حيث كان الجابري عضوا بارزا في المؤتمر القومي العربي‪ .‬وعضواً بمجلس أمناء المؤسسة العربية للديمقراطية‪.‬‬

‫***‬

‫ظل عابد الجابري يمارس التعليم بثانوية الرميطاج (ألزهر) وتولى مهمة تسييرها‪ ،‬لما كانت تابعة للحزب‬ ‫االستقالل‪ ،‬قبل إدماجها في مؤسسات وزارة التربية الوطنية‪ ،‬هناك سيقترن بإحدى تلميذاته‪ ،‬السيدة مليكة زكري‬ ‫أم أوالده‪.‬‬ ‫عمل معلما باالبتدائي‪ ،‬وأستاذا وناظرا وموجها بالتعليم الثانوي‪ ،‬ثم أستاذا للفلسفة والفكر العربي اإلسالمي في‬ ‫كلية اآلداب بالرباط‪ .‬وخالل فترة عمله بالثانوي ألف كتابا موجها لتالميذ الفلسفة بعنوان‪« :‬دروس في الفلسفة»‪،‬‬ ‫شاركه في إعداده كل من المرحوم أحمد السطاتي ومصطفى العمري األزموري‪ ،‬ولهواة الكرة‪ ،‬فاألستاذ مصطفى‬ ‫العمري األزموري هو شقيق نجم نادي الرجاء الرياضي البيضاوي والعب المنتخب الوطني الموهوب «بوتي عمر»‪.‬‬ ‫وخالل عمله بالتعليم الثانوي تولى عابد الجابري مهمة الكتابة العامة لمنظمة التضامن الجامعي المغربي (؟)‪،‬‬ ‫وكان معه بمكتب «التضامن» المرحوم محمد الوالدي‪ ،‬الذي اشتغل بالتعليم في مدينتي أسفي والدار البيضاء‪ ،‬قبل‬ ‫مزاولته مهنة المحاماة ورئاسته للمنظمة المغربية لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫(يتبع)‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.