Achamal n° 1048 le 02 Juin 2020

Page 1

‫الدكتورة‬ ‫�سناء بلح�سن‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات‬

‫فرن�سا‬ ‫خطط للإنقاذ �سوق‬ ‫الكتاب وخ�سائر الأجيال‬

‫ص ‪8‬‬

‫اجلامعة يف زمن‬ ‫جائحة كورونا‬ ‫ص ‪15‬‬

‫ص ‪8‬‬

‫ـ رئي�س التحرير‪ :‬عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪ 05.39.94.57.09 :‬ـ العدد ‪ 1048‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثــاء ‪� 10‬شـوال ‪� 02 / 1441‬إلى ‪ 08‬يونـيــو ‪2020‬‬

‫إعالم جهوي متقدم‬

‫هجرة الكفاءات‬ ‫مدننا تتعافى‬ ‫املغربية‬ ‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫عزيز بالل‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫رمز وطني وثوري يف ذاكرة الأجيال‬ ‫ص ‪15‬‬

‫• عبد اإلله المويسي‬ ‫ص‪2‬‬

‫ص ‪13‬‬

‫الدكتور سعيد يقطين‬

‫ص ‪14‬‬

‫ص ‪12‬‬

‫جريدة ال�شمال تنقل �أجواء �إ�سبانيا وهولندا وبلجيكا بعد رفع احلجر‬

‫�ضمن امللحق الثقايف والفني‬

‫فريوز‬ ‫لن متوت‬ ‫ص‪7‬‬

‫فاتن حمامة‬ ‫الرهافة الأبدية‬ ‫َّ‬ ‫ص‪6‬‬

‫جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع • الإدارة‪ ،‬التحريـر‪ ،‬الإ�شهـار ‪ 7 :‬مكرر‪ ،‬زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي ‪ info@achamal.ma :‬ـ املوقع الإلكرتوين ‪www.achamal.ma :‬‬


‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫‪ ‬‬ ‫الشمال‬ ‫من‬ ‫‪ ‬‬

‫ ‬

‫‪ ‬‬

‫مدننا تتعافى‬ ‫• عبد اإلله المويسي‬ ‫‪mouissijaridatchamal.2019@gmail.com‬‬

‫عرفت دينامية التعافي من وباء «كورون» بالمغرب‬ ‫تطورات سارت في اتجاه إيجابي مطرد‪ ،‬حيث أنه‪ ،‬ومنذ‬ ‫االنتشار األولي للوباء ببالدنا عمدت السياسة الصحية‬ ‫على محاصرته بشتى أنواع االستراتيجيات االحترازية‪،‬‬ ‫بدءا باالنعزال المنزلي والتباعد االجتماعي‪ ،‬مرورا بحالة‬ ‫الطوارئ التي أنهت حركة التواصل بين الناس بشكل‬ ‫قطعي‪ ،‬وانتهاء بالحملة التوعوية التي اضطلعت بها‬ ‫مختلف الفعاليات اإلعالمية والمدنية والسياسية ببالدنا‪.‬‬ ‫وهكذا منذ الشهور األولى نجحت السياسية الصحية‬ ‫الوقائية بالمغرب في إنقاص عدد اإلصابات بشكل مثير‬ ‫لالنتباه‪ .‬وهو ما سيتطور معه االمر لنبدأ في سماع مدن‬ ‫بعينها استطاعت هزم الفيروس ودحره‪.‬‬ ‫فباإلضافة إلى جهات ومدن معينية لم تعرف أصال أية‬ ‫إصابة بفيروس كورونا‪ ،‬التحقت على التوالي مدينة تطوان‬ ‫ومكناس والقصرالكبير والصويرة وغيرها من مدن أخرى‬ ‫بصفوف الفضاءات التي لم يعد للوباء أي وجود بها‪.‬‬ ‫قد يكون ساعد على األمر تميز هذه المدن بمجموعة‬ ‫من الخصوصيات رشحتها لذلك مثل كونها ليست مدنا‬ ‫لتجمعات صناعية أو تجارية‪ ،‬أو لكونها ليست مدنا ذات‬ ‫طابع سياحي محض‪ ،‬غير أن ذلك ال يعدم كون سكان هذه‬ ‫المدن أعربوا عن تجاوب واع جدا مع استراتيجية المملكة‬ ‫الصحية االحترازية‪.‬‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬

‫‪2‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫سكرتارية التحرير ‪:‬‬

‫محمد �إمغران‬ ‫محمد وطـا�ش‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬

‫ويأتي هذا بكل تأكيد في اتجاه معاكس لبعض‬ ‫المدن التي شهدت بعض التجاوزات والخروقات لإلجراءات‬ ‫المتخذة من قبل الدولة المغربية‪.‬‬ ‫إن مدينة الدار البيضاء‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬لم تعرف ما‬ ‫عرفته من ارتفاع في عدد اإلصابات بوباء كورونا‪ ،‬إال بسبب‬ ‫التسيب الذي تحلت به العديد من الشرائح االجتماعية‬ ‫التي لم تنصع‪ ،‬في تحد سافر‪ ،‬النتظارات الدولة‪ ،‬ولم‬ ‫تتجاوب معنا‪.‬‬ ‫ليس السياق يسمح اآلن بالخوض في األسباب التي‬ ‫دفعت بهؤالء إلى المخاطرة بأرواحهم‪ ،‬وأرواه غيره من‬ ‫ذويهم ومن عموم المواطنين‪ ،‬ما يهمنا اآلن أكثر هو هذا‬ ‫المناخ الداعي للتفاؤل والشعور باالطمئنان نتيجة اطراد‬ ‫أعداد المدن التي أعلن عن تعافيها تماما من وباء كورونا‪.‬‬ ‫ال يسعنا‪ ،‬في مثل هذا الشعور بالفخر‪ ،‬إال ان نهنئ بلدنا‬ ‫على كل ما بذلته من جهود حثيثة جنبتنا األفق الكارثي‬ ‫المحتمل‪ ،‬كما ال يسعنا إال أن نهنئ عموم المواطنين على‬ ‫ما تحلوا به من صبر ووعي وتفهم‪ ،‬وما تحلوا من إحساس‬ ‫بالوطنية الحقة وهم يتجندون وراء اإلرادات الحكومية‬ ‫الغيورة إلنجاح انتقالنا إلى مرحلة التعافي ومرحلة األمان‪.‬‬ ‫إن المملكة المغربية ضربت عبر التاريخ مثاال نموذجيا‬ ‫في تضافر الجهود بين عموم فئات الشعب وإرادات‬ ‫القائمين بأموره لتحقيق الخير للبالد‪.‬‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هـدى املجـاطـي‬ ‫محمد �سـدحــي‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫التصفيف واإلخراج ‪:‬‬

‫«جريـدة ال�شمـال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مكـرر‪ ،‬زنقة عمـر بـن عبد العزيز‬ ‫ـ طنجــة ـ‬

‫قطرات مداد‬ ‫ُ‬

‫• محمد إمغران‬

‫�سجينات و�سجناء‬ ‫ي�ساهمون يف احلد‬ ‫من انت�شار فريو�س‬ ‫«كورونا»‪...‬‬

‫يحاول سُجناء مغاربة «تبارك اهلل عليهم»‬ ‫المشاركة في اإلجراءات الوقائية للحد من انتشار‬ ‫فيروس «كورونا»‪ ،‬من خالل صنع ما مجموعه ‪20‬‬ ‫ألف كمامة يوميا‪ ،‬في مبادرة الفتة‪ ،‬حيث تعتبرهذه‬ ‫العملية طريقة لتأهيل السجناء إلعادة اندماجهم في‬ ‫المجتمع من خالل تلقينهم قيم التآزر والتضامن‪.‬‬ ‫ويحصل المشاركون كذلك على مكافآت مالية‬ ‫تحفيزية‪ ،‬بحسب عدد أيام العمل‪ ،‬لم تحدد قيمتها‪.‬‬ ‫وهذا « خير وخمير‪ ،‬وفرته كورونا»‪ .‬وبحسب تقرير‬ ‫نشرته وكالة « فرانس بريس» لألنباء‪ ،‬فإن السجناء‬ ‫يفخرون بما يقدمونه‪ ،‬ويقول أحدهم بالمناسبة‪:‬‬ ‫«نشعربالفخر‪ ،‬ألننا نؤدي نحن أيضا واجبنا تجاه‬ ‫بلدنا ولو وراء أسوار السجن»‪.‬كما أن من بين‬ ‫المشاركين في هذه العملية حرفيين سبقت لهم‬ ‫ممارسة الخياطة‪ ،‬قبل االعتقال‪ ،‬مثل مصطفى‪،‬‬ ‫البالغ من العمر ‪ 54‬سنة والذي يعرب عن سعادته‬ ‫بالمشاركة في مبادرة «تجعله فعاال في المجتمع»‬ ‫إذ يقول ‪ »:‬أنا أيضا لدي غيرة على بالدي «‪.‬وتوكل‬ ‫لمشاركين‪ ،‬حديثي العهد‪ ،‬بالتدريب على الخياطة‬ ‫«‪ ،‬مهام»تكميلية» مثل تقطيع الثوب وتحضيره‬ ‫لباقي مراحل التصنيع‪ ،‬فوق طاولة تتوسط الورشة‪،‬‬ ‫كما هو شأن «وفاء» البالغة من العمر ‪ 37‬سنة‬ ‫والتي اختارت المشاركة في المبادرة قائلة ‪ « :‬األمر‬ ‫بالنسبة لي وسيلة لكي أطور مهاراتي وأكتسب‬ ‫خبرات جديدة‪».‬‬ ‫وهذا في رأينا ليس بأمر غريب‪ ،‬سواء بالمغرب‬ ‫أو بباقي بلدان العالم‪ ،‬ألن «كورونا» أقسمت بأغلظ‬ ‫األيمان على تغيير مجموعة من األمور واألشياء‪،‬‬ ‫فإذا كان اإلنسان متراخيا متكاسال‪ ،‬فإنه قد يصبح‬ ‫متحركا ومنشغال بأمرما‪ ،‬وإذا كان «معفونا»‪ ،‬فإنه قد‬ ‫يصبح نظيفا طاهرا‪ ،‬وإذا كان قاسي القلب ‪ ،‬عنيف‬ ‫السلوك‪ ،‬فقد يصير طيب القلب‪ ،‬سياال للدموع‪...‬‬ ‫واضرب ماشئت من عجائب األمثال وغرائب األمور‪..‬‬ ‫وتتيح هذه المبادرة‪ ،‬الخاصة بصنع الكمامات‪،‬‬ ‫لهؤالء الموقوفين والموقوفات فرص الحصول على‬ ‫مكافآت مالية لفائدة السجناء في المندوبية العامة‬ ‫مقابل عمل‪ ،‬وفقاً لمدير العمل االجتماعي والثقافي‬ ‫لفائدة النزالء بالمندوبية المذكورة‪ .‬بدوره أشار‬ ‫مديرأحد السجون إلى معاييرإنتاج الكمامات حيث‬ ‫يقول إنها «مطابقة للمواصفات «‪ ،‬مؤكدا في الوقت‬ ‫نفسه على «الصرامة في تطبيق اإلجراءات الوقائية‬ ‫المعتمدة داخل السجون»‪.‬‬ ‫ودعت منظمات حقوقية‪ ،‬منذ بداية األزمة خالل‬ ‫شهرمارس الماضي‪ ،‬إلى العفوعن سجناء‪ ،‬لتجنب‬ ‫مخاطر تفشي المرض‪ ،‬خصوصا في ظل مشكلة‬ ‫االكتظاظ الذي تعانيه السجون المغربية‪ ،‬حيث‬ ‫تخصص مساحة ‪ 1,2‬متر مربع لكل نزيل‪ ،‬مقابل‬ ‫‪ 3‬أمتارمربعة بالنسبة للمعاييرالدولية‪ ،‬بحسب‬ ‫تقرير سابق للمجلس األعلى للحسابات‪.‬وكان قد تم‬ ‫اإلفراج‪ ،‬مطلع أبريل الماضي‪ ،‬عن أكثر من ‪ 5‬آالف‬ ‫سجين‪ ،‬بموجب عفو ملكي‪ ،‬لتقليل مخاطر انتشار‬ ‫الوباء داخل مراكز االعتقال‪.‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬

‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬

‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬

‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬

‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫أظن أننا كنا نتحدث عن المشاريع التي تهيئها مجالسنا البلدية على عجل‪،‬‬ ‫إلظهار حنّة أياديها في حُسن التدبير والتسيير‪ ،‬حين انبرى أحدُنا ليقص علينا‬ ‫قصة ساحةٍ كانت محط اهتمام ثالثة مجالس بلدية‪ ،‬تعاقبت على تسيير شؤون‬ ‫مدينة من مدننا‪.‬‬ ‫فالمجلس األول‪ ،‬رأى أن حاضرته ال تتوفر على نافورة تتباهى بها بين‬ ‫قريناتها من الحواضر األخرى‪ ،‬فقرر في اجتماع من اجتماعاته المباركة‪ ،‬أن يقيم‬ ‫هذا الصرح الفني في ساحة من ساحات المدينة‪ ،‬وخصّه بميزانية ضخمة‪ ،‬كان‬ ‫يمكن أن تُصرَف في وجوه أخرى أهم وأجدى وأنفع‪.‬‬ ‫وجاء المجلس البلدي الثاني‪ ،‬فلم يجد في جعبة مشاريعه‪ ،‬إال هذه الساحة‪،‬‬ ‫فقد الحظ أن النافورة المقامة بها‪ ،‬ضيّقت الخناق على الراجلين والراكبين‬ ‫معا‪ ،‬وأن المرور بها ال يسير بالسالسة واالنسياب المطلوبين‪ ،‬فقرر في اجتماع‬ ‫خُصص لهذه النقطة الهامة‪ ،‬إزالتها‪.‬‬ ‫وبعد ست سنوات‪ ،‬جاء المجلس الثالث‪ ،‬ليكتشف أن هذه الساحة‪ ،‬أنسب‬ ‫مكان إلقامة نافورة‪ ،‬تضاهي نافورات المدن الراقية‪ ،‬فأصدر قراراً بإنجاز هذه‬ ‫المَعلمة‪ ،‬التي ستُحسَب له ‪-‬وال شك ‪-‬في صناديق االنتخاب‪ ،‬يوم يُعز المرء‬ ‫أو يُهان‪.‬‬ ‫وسواء كانت هذه القصة صحيحة مائة في المائة‪ ،‬أو على قدر كبير من‬ ‫الصحة‪ ،‬أو بها نسبة من الصحة‪ ،‬فإن دالالتها ال تخفى على أحد‪.‬‬ ‫من هذه الدالالت‪ ،‬أن مجالسنا البلدية والقروية‪ ،‬تفتقر إلى المشاريع‪،‬‬ ‫والمشاريع المدروسة خاصة‪ .‬لذا فإن أغلبها ال يتوخى في صرف الميزانيات‬ ‫المرصودة‪ ،‬األهمَّ فاألهمّ‪ ،‬واألوْلى فاألوْلى‪ ،‬وإنما يصرفها بطريقة اعتباطية‪ ،‬ال‬ ‫تراعي خصوصيات الجهة وال احتياجاتها‪ ،‬وال متطلبات أبنائها‪.‬‬ ‫وغالبا ما تُصرف هذه الميزانيات في الوقت الميت‪ ،‬أي في نهاية السنة‬ ‫المالية‪ ،‬في سفاسف األمور‪ ،‬کترصيف ما كان مُرّصفا‪ ،‬أو إعادة تشجير ما كان‬ ‫مُشجّراً‪.‬‬ ‫أما ما كان يحتاج لدراسة وتشخيص‪ ،‬وتسوية وتجسيم‪ ،‬فقد ظل في‬ ‫األدراج‪ ،‬يعلوه غبار النسيان‪ ،‬وتتوالى علیه السنون واألعوام‪.‬‬ ‫وهذا ال ينتقص من قدر طاقاتنا الخالقة‪ُ ،‬‬ ‫وأطرنا المؤهَّلة‪ ،‬بقدر ما يشير‬ ‫إلى انعدام الكفاءة‪ ،‬وروح المسؤولية لدى عدد من ممثلينا عفا اهلل عنهم وغفر‬ ‫لهم‪.‬‬

‫تمديد الحجر الصحي‬ ‫وأشياء أخرى‪..‬‬ ‫ عبد الحي مفتاح‬‫صادف اليوم األخير من التمديد األول للحجر الصحي يوما مباركا يحتفل‬ ‫فيه المغاربة كعادتهم بليلة ‪ ٢٦‬رمضان أوليلة القدر‪...‬‬ ‫كنا نعد أنفسنا بأن يكون االحتفال مزدوجا‪ :‬أن نحتفل أوال بليلة ليست‬ ‫كباقي الليالي‪ ،‬إذ لها في نفوسنا شأن عظيم وترتبط بطقوس خاصة أثيلة‬ ‫وبأمل في السماء المفتوحة حينما تخيب األرض وتقسو‪ ،‬وبالرجاء في اهلل‬ ‫لحمايتنا من ضيق الوجود‪...‬‬ ‫ونحتفل ثانيا برفع الحجر الصحي حينما تكون سطوة الوباء قد خفت‬ ‫ومخالبه قد قصت‪ .‬لكن تجري الرياح بما ال تشتهيه السفن‪ ،‬فالبؤر المتناسلة‬ ‫حرمتنا من الفرحة المزدوجة‪ ،‬ويبقى الرجاء في اهلل مفتوحا ‪...‬دائما ما أضيق‬ ‫العيش لوال فسحة األمل‬ ‫‪vvv‬‬

‫بقدرما صفق الناس لسرعة اتخاذ قرار الحجر الصحي بقدرما انتقدوا‬ ‫تمديده الثاني لثالثة أسابيع‪ .‬فقد اصاب العياء النفوس وأخذ منها مأخذه‪،‬‬ ‫كما أن شرائح واسعة من التجار والحرفيين والممتهنين للمهن الحرة‪،...‬‬ ‫والبروليتاريا الرثة وأشباه العاطلين ضحايا الليبرالية المتوحشة‪ ...‬أصاب جيوبها‬ ‫الجفاف وأخذ منها ضيق ذات اليد مأخذه وتضاعف وضع الهشاشة التي تعاني‬ ‫منها أصال يوما عن يوم‪...‬‬ ‫االنتقاد انصب على غياب خارطة طريق لدى الحكومة وربما تعاملها مع‬ ‫الحالة الوبائية بنفس المقاييس بالنسبة لجميع التراب الوطني‪ .‬في حين أن‬ ‫مدنا ومناطق بقيت خالية من الفيروس ويمكن أن يتعامل معها بمقاييس‬ ‫مختلفة عن المناطق والمدن التي هدها الوباء‪...‬‬ ‫االنتقاد انصب أيضا على قلة االنضباط لصرامة تنفيذ الحجر الصحي في‬ ‫بعض المناطق والمدن واألحياء‪ ،‬مما صعب التحكم في وتيرة الوباء على قدم‬ ‫المساواة‪...‬‬ ‫‪vvv‬‬

‫ما يالحظ هوأن المنهجية التي تنهجها سلطاتنا الصحية للتحكم في الوباء‬ ‫في فترة الحجر الصحي‪ ،‬هي ربما نفس المنهجية التي تنهجها بعض الدول‬ ‫عند رفعه؛ والمتمثلة في محاصرة البؤر وتتبع المخالطين والكشف المبكر عن‬ ‫الحاالت ثم التأكيد على االلتزام بالتدابير الوقائية والحاجزية بالوحدات االنتاحية‬ ‫‪...‬والخدماتية والتجارية ووسائل النقل‬ ‫سلطاتنا ربما لها الفراسة التي نفتقدها وقراءتها التي ال نستطيعها‪ ،‬بحكم‬ ‫توفرها على المعطيات التي ال نتوفر عليها‪ ،‬فالكثير منا مستعجل‪ ،‬والعجلة من‬ ‫الشيطان‪ ،‬وحفظ األبدان مقدم على حفظ األديان‪ ،‬فإذا كان بلدنت حظي بميزة‬ ‫االستثناء في محاصرة الوباء رغم إمكانياتنا المادية والصحية المتواضعة فعلينا‬ ‫أن نحافظ على هذه الميزة بحكم أوضاعنا المقلقة والمفارقة من حيث الوعي‬ ‫الصحي والمدني التي تتركنا في المنطقة الرمادية حيارى ونضرب ألف حساب‬ ‫حتى ال ننقض ما غزلناه‪...‬‬ ‫‪vvv‬‬

‫‪3‬‬

‫التواصل له دور أساسي في التخفيف من االحتقانات الناتجة عن وضعيات‬ ‫شاذة واستثنائية وغريبة سببتها حالة الوباء واإلجراءات المصاحبة له‪ .‬فمن حق‬ ‫الناس على حكومتهم أن تستمع وتنصت إليهم وتعالج مشاكلهم واحدا واحدا‬ ‫في هذه الفترة؛ فما أثقل على النفس من أن ال يجد المواطن أمامه إال الصمت‬ ‫والحيرة وغياب المعلومة أوشحها والتجاهل‪ ،‬وأن ال بجد من يرشده ويأخذ بيده‬ ‫ويعزيه ويكفكف دموعه في وطنه‪...‬‬ ‫وفي هذا الصدد يبدوأنه من الضروري بل من المستعجل إحداث مركز‬

‫اتصال وطني متعدد التخصصات الستقبال شكايات وتظلمات وطلب معلومات‬ ‫وتدخالت‪ ...‬فيما يخص قضايا وح��االت إداري��ة خاصة فردية تهم مختلف‬ ‫القطاعات األخرى التي ال تستوعبها الخطوط المفتوحة حاليا‪ ،‬والتي تهم ما‬ ‫هوصحي أومالي(اإلعانات وغيرها) فقط‪...‬‬ ‫‪vvv‬‬

‫يقبل التالميذ والطلبة على اجتياز امتحانات الباكالوريا والمباريات الوطنية‬ ‫والدولية‪ ،‬إن هذا الرهان الذي يعتبر تحديا كبيرا في هذه الظروف االستثنائية‬ ‫ينبغي أن يحاط بجميع التدابير الوقائية والتسهيالت على مستوى النقل والتنقل‬ ‫وفي بعض الحاالت اإلقامة واإلطعام‪ ،...‬لذلك فمن واجب وزارة التربية الوطنية‬ ‫والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي أن تفتح قلبها أكثر‪ ،‬في هذا‬ ‫الوضع االستثنائي‪ ،‬للتالميذ والطلبة وأسرهم واألساتذة عبر قنوات تواصل‬ ‫فعالة‪ ،‬وأن تجيب على أسئلتهم واستفساراتهم وتساعد على التخفيف من‬ ‫قلقهم لكي تؤدي االمتحانات والمباريات األهداف المرجوة منها في جومن‬ ‫الوضوح والشفافية والطمأنينة وتكافؤ الفرص‪...‬‬ ‫‪vvv‬‬

‫ويبقى العيد عيدا‪ ،‬سيفتقد الناس صالة العيد الجماعية واللقاء والزيارات‪،‬‬ ‫سيفتقد األطفال فرحة البدلة الجديدة وخرجة العيد وقفزاته ولعبه وومشاكساته‪،‬‬ ‫كلنا سيبحث عن البدائل‪ ،‬ربما ستكون وسائل التواصل االجتماعي هي القناة‬ ‫للتعويض عن الحرمان من الخروج والتالقي الواقعي بالتالقي االفتراضي عبر‬ ‫الصور والفيديوهات التي تسير في مشارق األرض ومغاربها‪...‬نتمنى أن يعد‬ ‫منذ اآلن صبيب األنترنت ليوم العيد‪ ،‬فال إحباط يشبه تقطعات الكونيكسيون‬ ‫في يوم العيد‪...‬‬ ‫من قال إن األنترنت نعمة صدق وخاصة في ظرف الحجر الصحي وتربص‬ ‫الوباء‪ ،...‬لكنها نعمة تتخللها عدة سلبيات للعين بإضعافها وللعقل بتشتته‬ ‫وللجسم بجموده وترهله‪ ،‬ولليدين بافتقاد النشاط والمهارة والحرفية‪،‬‬ ‫وللعالقات األسرية بالتشظي المنزلي‪ ،‬وللعالقات االجتماعية بالوحدة واالنعزال‬ ‫في معظم أماكن اللقاء العمومية رغم وجود الجماعة‪...‬‬ ‫‪vvv‬‬

‫شفشاون كان حظها سعيدا لخلوها من الوباء‪ ،‬سنظل نبتهل بالدعاء حتى‬ ‫ال تذهب هذه النعمة‪ ،‬وإن كان البعض منا يخاف من «التقويس عليها»‪ ،‬ال خوف‬ ‫على وال هم يحزنون من اآلن فصاعدا على شفشاون إن شاء اهلل‪ ،‬فجارتنا تطوان‬ ‫حن عليها اهلل المنان بذهاب الوباء كما ذهب من وزان وسيذهب من الحسيمة‬ ‫ومن باقي مدن الجيران‪...‬‬ ‫عيوننا كلها متجهة لطنجة عاصمة الجهة وقلوبنا معها وأيدينا مرفوعة‬ ‫للدعاء‪ ،‬فسيكون من الرائع أن تنتهي فترة تمديد الحجر الصحي وتخلوجهتنا‬ ‫من الوباء وتصنف جهتنا ضمن الجهات المستفيدة مبكرا من الرفع التدريجي‬ ‫للحجر الصحي بتصنيفها ضمن المناطق البيضاء أوالخضراء‪...‬اقتداء بما فعلته‬ ‫صديقتنا التاريخية فرنسا بأقاليمها لتحديد تفاوت سرعات الرفع التدريجي للحجر‬ ‫الصحي ‪ .‬ربما إذا تحقق هذا الحلم‪ ،‬وما هوعلى اهلل بعزيز‪ ،‬سيكون من حق أهل‬ ‫الجهة أن ينعموا بعطلة صيفية داخل جهتهم‪ ،‬وسيكون بالتالي من واجبهم أن‬ ‫يفكروا عالميا وينزلوا وينفذوا ويعملوا محليا‪...‬‬ ‫وكل عيد أنتم بخير‪...‬‬

‫والخلق جميعا‬ ‫في يده‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫والخلق جميع فــي يده فذوو سعة وذوو حرج‬

‫والخلق ‪:‬‬ ‫ال��واو حرف عاطف؛ يعطف الشيء على مصاحبه وعلى‬ ‫سابقه‪ ،‬والخلق هو كل مخلوق‪ ،‬وجميعا بمعنى مجتمعا‪.‬‬ ‫في يده ‪:‬‬ ‫في مقبضه وقبضته وسلطانه وقدرته وقوته ونعمته‬ ‫ورحمته‪..‬‬ ‫فذوو‪:‬‬ ‫الفاء حرف عاطف‪ ،‬يفيد ترتيبا؛ لكون المعطوف بها متصال‬ ‫بما قبله‪.‬؛ والخلق جميعا في يده‪..‬‬ ‫ذوو‪ :‬أصحاب‬ ‫سعــة ‪:‬‬ ‫طاقة‪ ،‬قوة‪ ،‬دعة‪ ،‬غنى‪ ،‬يسر‪ ،‬رفاهية‪..‬‬ ‫حرج ‪:‬‬ ‫شدة‪ ،‬ضيق‪ ..‬وفي جمع السعة والحرج طباق‪ .‬وفي البيت‬ ‫مجاز مرسل مؤداه نقل األلفاظ من معنى الى آخر‪.‬‬ ‫وتوسعت البالغة المعيارية في التعريف به؛ من حيث ‪:‬‬ ‫مفهومه‪ ،‬أقسامه‪ ،‬أمثلته‪ ،‬أثره في الكالم‪ ..‬وإذا كان المجاز‬ ‫أهم ركن بالغي‪ ،‬فعبد القاهر الجرجاني منظر أكبر لفلسفة‬ ‫المجاز في كتابيه ‪« :‬دالئل االعجاز» و«أسرار البالغة»‪.‬‬ ‫والمجاز المرسل يستعمل الكلمات في غير ما وضعت في‬ ‫األصل؛ استنادا لمناسبة أو تعلق‪ ،‬مثل إطالق اليد على النعمة‪.‬‬ ‫ومن هذا االستعمال قوله صلى اهلل عليه وسلم ألزواجه ‪:‬‬ ‫«أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا»؛ وهو حديث أخرجه اإلمام‬ ‫مسلم من حديث عائشة رضي اهلل عنها في فضائل فاطمة‬ ‫الزهراء؛ إذ المراد بأطولكن يدا؛ أكثرهن عطاء وصدقة‪..‬‬ ‫في البيت مجاز مرسل ‪ :‬والخلق جميعا في يده؛ وعالقته‬ ‫التعلق؛ نحو ‪ :‬هذا خلق اهلل‪.‬‬ ‫وأل في الخلق استغراقية‪ ،‬ومن ثم أكد ابن النحوي منحاه‬ ‫بقوله ‪ :‬جميعا؛ فهو حال مؤكدة من المبتدا على من أجازه‪ ،‬أو‬ ‫من الضمير المستكن في الخبر ‪ ،‬والخبر ‪ :‬في يده‪ ،‬والضمير‬ ‫فيه عائد على موالنا‪ ،‬وهو رب العزة‪.‬‬ ‫وفي هذا البيت تكثيف لمعاني كمال القدرة وعموم‬ ‫السلطنة‪ ،‬منها ‪:‬‬ ‫اعتناء الخالق بشؤون خلقه‪..‬‬ ‫كل مخلوقات الخالق في قبضته وقدرته‪ ،‬يتصرف فيها‬ ‫كيف يشاء‪..‬‬ ‫اهلل يتولى أمور ملكه وملكوته‪ ،‬وهو مستو على عرشه‬ ‫بجاللية بال تكييف أو تمثيل‪..‬‬ ‫كل شيء في الكون خاضع لتدبير رباني وفق ما تقتضيه‬ ‫حكمة الخالق ‪:‬‬ ‫ـ إيجادا وإعداما ‪..‬‬ ‫ـ إحياء واماتة‪..‬‬ ‫ـ إحسانا ورحمة‪ ..‬ألنه الرحمن الذي ما لخلقه من ناصر أو‬ ‫شفيع سواه‪..‬‬ ‫انغمار المخلوقات في نعمة اهلل تعالى ‪:‬‬ ‫ـ نعمة وجود‪..‬‬ ‫ـ نعمة امتداد‪..‬‬ ‫اهلل هو المتكفل ب��األرزاق «وم��ا من داب��ة اال على اهلل‬ ‫رزقها»؛ ما من شيء يمشي على وجه األرض من المخلوقات‬ ‫إال ويتكفل اهلل برزقه تفضال منه وكرما‪..‬‬ ‫واجب ذي السعة هو الشكر‪ ،‬وداللته في هذا المقام صرف‬ ‫الوسع في أوجه البر واإلحسان‪..‬‬ ‫واجب ذي الحرج هو الصبر على فقد‪ ،‬والشكر على ما وجد؛‬ ‫ذلك أن الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر؛ لزيادة األول‬ ‫على الثاني بالصبر مع اشتراكهما في أصل الشكر‪..‬‬ ‫والخلق جميعا في يده‪..‬‬


‫العدد ‪1048‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫‪4‬‬

‫اآلثار االقتصادية و االجتماعية للجائحة‪ ...‬الرهان األكبر؟؟‬ ‫• محمد البوشوكي (دكتور في القانون العام)‬ ‫أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال‪ .‬جامعة محمد الخامس ـ الرباط ـ‬ ‫ما زال فيروس كورونا المستجد يستبد بجميع دول العالم‪ ،‬مخلفا آالف اإلصابات الجديدة‪،‬‬ ‫ومئات الوفيات كل يوم‪ .‬وبسبب هذا الوباء عاشت مدن كاملة حالة عزلة وإغالق تام وتم إلغاء‬ ‫الرحالت الجوية واألحداث الدولية والمهرجانات السنوية‪.‬‬ ‫المالحظ أن هناك بعض البلدان لربما تمكنت‪ ،‬من احتواء االنتشار المفاجئ للفيروس‪،‬‬ ‫ونجحت في إدارة تداعيات األزمة الصحية‪ ،‬ألنها تصرفت بسرعة واستباقية وطبقت سياسات‬ ‫مبتكرة‪ .‬بينما أخفقت بلدان أخرى وحدث انفالت صحي للجائحة‪.‬‬ ‫لكل ذلك‪ ,‬من المتوقع أن تكون اآلثار‬ ‫االقتصادية النتشار فيروس كورونا الجديد‬ ‫عديدة وعميقة‪ ،‬حيث أنّه من المتوقع تراجع‬ ‫معدالت نمو االقتصاد العالمي‪ ،‬كنتيجة لثالث‬ ‫قنوات رئيسية‪ .‬أولاً ‪ :‬يتأثر جانب العرض بسبب‬ ‫تعطل اإلنتاج نتيجة لإلصابات بالفيروس‪،‬‬ ‫وكذلك إجراءات احتوائه‪ .‬ثانيًا‪ :‬يتأثر جانب‬ ‫الطلب عالميًا وخصوصًا في قطاع السياحة‬ ‫وصناعة الترفيه‪ً .‬‬ ‫ثالثا‪ :‬انتشار هذه اآلثار عالميا‬ ‫نتيجة النتقال الفيروس عبر الحدود‪ ،‬وكذلك‬ ‫نتيجة لتراجع معدالت الطلب العالمية في الدول‬ ‫الصناعية الكبرى والصين‪ .‬وستتأثر االقتصادات‬ ‫العربية سلبًا من خالل العديد من القنوات‬ ‫أهمها السياحة‪ ،‬وعائدات صادرات النفط‪ .‬كما‬ ‫ّ‬ ‫أن هناك بعض المستفيدين من انتشار فيروس‬ ‫كورونا‪ ،‬فقد تراجعت معدالت انبعاث ثاني‬ ‫أكسيد الكربون نتيجة لتراجع النشاط الصناعي‬ ‫العالمي‪ ،‬وكذلك إمكانية استفادة العديد من‬ ‫القطاعات األخرى مثل‪ :‬األدوية‪ ،‬واالتصاالت‪،‬‬ ‫وشركات التجارة اإللكترونية‪ .‬وستحتاج الدول‬ ‫والمؤسسات االقتصادية إلى مجموعة من‬ ‫السياسات التي من شأنها التخفيف من حدة‬ ‫اآلثار االقتصادية السلبية النتشار فيروس كورونا الجديد‪.‬‬ ‫فالمغرب ليس بمنأى عن تلك التبعات وستكون صناعة السياحة في البالد من أبرز القطاعات‬ ‫المتأثرة بانتشار الوباء عالميا خاصة في األسواق الرئيسة للمغرب‪ ،‬ممثلة باالتحاد األوروبي وأمريكا‪،‬‬ ‫ودول جنوب وجنوب شرق آسيا‪.‬‬ ‫ويتوقع مراقبون مغاربة‪ ،‬تضرر القطاع السياحي الذي يعتبر ثاني أكبر مصدر للعملة األجنبية‪،‬‬ ‫خصوصا أن أغلبية السياح الذين يزورون البالد يأتون من أوروبا‪ ،‬التي سجلت معدالت مرتفعة‬ ‫من حاالت اإلصابة بالفيروس‪ .‬وقبل أسابيع مضت‪ ،‬قال أحمد الحليمي‪ ،‬رئيس المندوبية السامية‬ ‫للتخطيط (جهة رسمية مكلفة باإلحصاء)‪ ،‬إنه «يتوقع تراجع نمو االقتصاد المغربي ألدنى مستوى‬ ‫منذ ‪ 20‬عاما‪ ،‬بسبب الجفاف‪ ،‬وانتشار فيروس كورونا‪,‬وأضاف الحليمي في تصريح لوكالة بلومبيرغ‬ ‫االقتصادية‪« :‬مندوبية التخطيط ستخفض توقعاتها لمعدل نمو االقتصاد المغربي لعام ‪2020‬‬ ‫بنسبة الثلث‪ ،‬إلى ‪ 2.2‬بالمائة‪.‬‬ ‫صناعيا‪ ,‬سيتأثر قطاع الصناعة أيضاً في ظل تفشي انتشار وباء كورونا؛ حيث يهدد الفيروس‬

‫بتقليص ‪ 35‬في المائة من أرباح نيسان السنوية‪ ،‬مما يعرض تحالفها مع رونو لضغوط مالية‬ ‫شديدة‪ ,‬علما أن تحالف روينو ‪ /‬نيسان هو أكبر مستثمر داخل المغرب في ما يتعلق بصناعة‬ ‫السيارات‪ ،‬كما ينتظر من المشروع الجديد لشركة رونو الذي تبلغ قيمته االستثمارية ‪ 10‬ماليير‬ ‫درهم والذي تشترك فيه كل من رونو وموردوها اآلخرون بإحداث ‪ 50.000‬منصب شغل قار ذي‬ ‫مهارات عالية‪ ،‬أي ما يمثل ثالثة أضعاف عدد المستخدمين حاليا من طرف المجموعة‪.‬‬ ‫هذا الوضع سيساهم بدون أدنى شك في تقليص المشروعات االستثمارية‪ ،‬وتزايد الديون‬ ‫المعدومة‪ ,‬ويزيد من تكلفة المخاطر على البنوك‪ ،‬وبالتالي يؤثر على نتائجها المستقبلية‪ .‬وخاصة‬ ‫أنه مرفوق بهبوط سوق األسهم الذي له أيضًا تأثير على أنشطة السوق عالميا‪.‬‬ ‫لذلك و حسب تقرير غرفة التجارة األوروبية الذي نشر في فبراير ‪ ،2020‬فإن ما يحصل‬ ‫اآلن سيؤدي إلى إعادة النظر في طريقة إجراء‬ ‫األعمال مستقبال‪ ،‬نظرا لما أظهره فيروس كورونا‬ ‫من هشاشة على مستوى الشركات الدولية‪ ,‬لذلك‬ ‫فإن العديد من الشركات ستعمل في المستقبل على‬ ‫المزيد من التوزيع والتموقع في العديد من الدول‪،‬‬ ‫وهذا يدل على أن النظرة إلى العولمة ستختلف‪ ،‬أو‬ ‫ستتغير ممارستها‪.‬‬ ‫القطاع الخاص مدعو في إطار نموذج تنموي‬ ‫جديد مغربي خالص‪ ,‬إلى زرع روح التنافسية‬ ‫المواطنتية للعمل على خلق فرص شغل للشباب‪,‬‬ ‫و تشجيع االستثمارات الداخلية‪ ,‬تثمين المنتوج‬ ‫الداخلي‪ ,‬مع المساهمة في تجويد البحث العلمي‬ ‫خصوصا في القطاع الصحي و استغالل الموارد‬ ‫البشرية الوطنية في إنجاح مرحلة ما بعد الجائحة‪.‬‬ ‫صحيح أن التدابير الوطنية تنصب في الوقت‬ ‫الحاضر على التصدي لآلثار المباشرة لهذه الجائحة‪،‬‬ ‫حيث تسارع القوى الحية للبالد التخاذ إجراءات صحية‬ ‫ووقائية احترازية‪ ،‬مقرونة بحزمة من اإلجراءات‬ ‫االقتصادية والمالية للتخفيف‪ .‬بيد أن أهمية التفرغ‬ ‫لهذا المجهود ال يمنع من استشراف مرحلة ما بعد‬ ‫كورونا باعتبار المسألة أصبحت هاجسا يشغل بال‬ ‫الجميع دوال وجماعات وأفرادا على مستوى العالم قاطبة‪.‬‬ ‫لذلك فنحن اآلن في أمس الحاجة إلى سياسة اقتصادية دقيقة‪ ,‬من تخفيف ضريبي‪ ،‬بحيث‬ ‫تُ َقدَّم المساعدة للناس على تلبية احتياجاتهم ولمؤسسات األعمال لكي تحافظ على سالمة‬ ‫أوضاعها‪ ,‬و أن تظل البنوك المركزية مستعدة لتقديم سيولة وفيرة للبنوك والشركات المالية‬ ‫غير المصرفية‪ ،‬والسيما لتلك التي تقرض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة‪ .‬مع اإلشارة إلى الدور‬ ‫الريادي الذي من المفروض أن يلعبه المجتمع الدول عبر مساعدة البلدان التي لديها قدرات‬ ‫محدودة في مجال الصحة لكي تتجنب وقوع كارثة إنسانية‪ .‬على أن يبقى صندوق النقد الدولي‬ ‫على أهبة االستعداد لدعم البلدان المعرضة للخطر من خالل تسهيالت اإلقراض المختلفة‪ ،‬بما‬ ‫فيها تلك التي تتيح صرف الموارد على أساس عاجل في حالة الطوارئ ال قدر اهلل مستقبال‪.‬‬ ‫ختاما يمكن الجزم أن تبعات و دروس الجائحة‪ ,‬أفرزت ذكاء جماعيا مغربيا اليمكن إال أن‬ ‫يستخلص العبر و يحول تلك األزمة لتقييم و إعادة النظر في جميع المسارات‪ ,‬و بث روح جديدة‬ ‫في معالم التنمية الشاملة عبر الديمقراطية التشاركية و التضامن و تثبيت دولة الحق و القانون‪.‬‬

‫وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية وتأطيرها الديني في ظل الجائحة‪..‬‬

‫• محمد إمغران‬

‫أكثر من ستين يوما تمرعلى إغالق المساجد بالمملكة والناس متلهفون‪ ،‬على أحر من‬ ‫الجمر‪ ،‬إلى متى سيحين وقت صالتهم فيها‪ ،‬وخاصة المسنون الذين يجدون عالجهم وراحتهم‬ ‫النفسية في ولوج بيوت اهلل‪ ،‬ألداء الصلوات الخمس‪.‬هم الذين كانوا في األيام الماضية والعادية‬ ‫يحضرون مبكرا عند اقتراب موعد كل صالة ويجلسون بجنبات المساجد‪ ،‬حتى قبل أن تفتح‬ ‫أبوابها‪ ،‬بفارق زمني ليس بالقصير‪ ،‬وكأنهم يستمدون من محيطها «أوكسجينا» عجيبا أوطاقة‬ ‫روحانية تتعززبها صحة أبدانهم ونفوسهم‪ .‬وبالمناسبة‪ ،‬قال‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬أحمد التوفيق‪ ،‬وزيراألوقاف‬ ‫والشؤون اإلسالمية‪ ،‬خالل عرض قدمه في اجتماع لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون‬ ‫اإلسالمية والمغاربة المقيمين في الخارج لدراسة التدابير التي اتخذتها الوزارة لتمنيع وتحصين‬ ‫مختلف األنشطة التي تسهر عليها‪ ،‬وخاصة ما يتعلق بدعم وتقوية التأطيرالديني للمواطنين في‬ ‫ظل جائحة «كورونا»‪ ،‬إنه «يجب طمأنة المواطنين بأن هذا اإلجراء لن يستمر واألمور ستعود‬ ‫إلى نصابها‪ ،‬بإقامة الصالة بالمساجد‪ ،‬بمجرد قرار السلطات المختصة بعودة الحالة الصحية‬ ‫إلى وضعها الطبيعي‪.‬وأن العودة إلى هذه المساجد ستكون بقرارمن الجهات المختصة اإلدارية‬ ‫والصحية‪ ،‬وليس من الوزارة‪ ،‬موضحا أنه سيتم فتحها أمام كل المصلين بشكل عادي عند صدور‬ ‫القرار بذلك‪ ،‬إذ ال يمكن فتحها بكيفية خاصة من خالل تحديد عدد المصلين أو تصوركيفية‬ ‫أخرى لذلك»‪.‬وبخصوص الحج‪ ،‬أكد الوزيرأنه «ليس لدينا إشارة أو إبالغ رسمي من وزارة الحج‬ ‫السعودية‪ ،‬بشأن ما سيقع في األيام المقبلة (…) ولدينا فقط منذ شهر مارس مراسلة لوزير‬ ‫الحج السعودي تطالب بالتريث في إمضاء العقود‪ .‬وأنه لحد اآلن لم نمض العقود المتعلقة‬ ‫بالسكن واإلعاشة والنقل الداخلي وأن الحج ينظم‪ ،‬عبرعدد كبير من اإلجراءات التي يلزمها‬ ‫الوقت (‪ …( .‬والمسألة تتوقف على قرارالسلطات السعودية»‪.‬وبخصوص عيد األضحى‪ ،‬قال‬ ‫الوزير أن الوقت ما يزال مبكرا للحديث عن العيد‪« ،‬ألن ال أحد يعلم ما ستسفر عنه األمور غدا»‬ ‫‪.‬أما في ما يتعلق بقضية الزكاة‪ ،‬وبعد أن أشار إلى التضامن الذي أبان عنه المغاربة في هذه‬ ‫األزمة‪ ،‬أكد الوزير أن «مسألة الزكاة‪ ،‬مثل الصالة‪ ،‬يؤديها الفرد وهو مكلف ومطالب بها شرعا‪،‬‬ ‫غيرأن تنظيمها يظل مسألة يقررفيها أميرالمؤمنين‪ ،‬صاحب الجاللة الملك محمد السادس في‬ ‫الوقت الذي يراه والكيفية التي يراها‪.‬وأضاف بالقول «منذ مدة‪ ،‬أمرنا أميرالمؤمنين بإعداد جميع‬ ‫الوثائق والتصورات المتعلقة بالزكاة ودليل خاص بها وهي وثائق موجودة «‪ .‬وأشارالوزيرذاته‬

‫أن جاللة الملك «سيقرر في تنظيمها بالكيفية التي يراها مناسبة للشرع ولالجتهاد»‪.‬وفي ما‬ ‫يتعلق بصدور بعض اآلراء غير الرسمية في الشأن الديني‪ ،‬اعتبر الوزير أنه وعلى الرغم من كون‬ ‫الحرية شعار العصر‪ ،‬السيما ما يتصل بحرية التعبير في السياسة وفي أمور المجتمع‪ ،‬غير أنه وفي‬ ‫ما يتعلق بقضية الدين‪ ،‬يؤكد الوزير فإن «المؤمن مطالب بحكم الكتاب والسنة أن يحرص على‬ ‫أن يستهلك البضاعة المناسبة السليمة أكثر من استهالكه لبضاعته التي يغذي بها جسمه‪،‬‬ ‫ويتعين الوعي بما يستهلك‪.‬وبعد أن شدد على ضرورة تعاون الجميع لحماية المواطن من «أوبئة‬ ‫الغلو والجهل وتدعيم مناعة الفرد»أكد أن مسألة األخبارالزائفة عن الدين تشكل هما بالنسبة‬ ‫لمدبري الشأن الديني‪ ،‬ألن الواقع ليس سهال‪ ،‬واليمكن مراقبة كل ما يروج في وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫مشيرا إلى أن الوزارة منفتحة أمام كل االقتراحات واآلراء‪ ،‬بشأن الحلول لتجاوز هذه األزمة‪.‬وفي ما‬ ‫يتعلق بمسألة التدابيرالمتخذة للحد من تفشي» كوفيد ‪ ،19″‬أكد الوزيرأن مصالح الوزارة اتخذت‬ ‫كل التدابيرالمتعلقة بالجانب الصحي وأيضا في مجال التعليم‪ ،‬موضحا أن الوزارة ال تتدخل في‬ ‫المضمون الشرعي‪ ،‬باعتباره شأنا خاصا بالمجلس العلمي الذي يتدخل في الوقت الذي يلزم فيه‬ ‫التدخل‪.‬وأشار أيضا‪ ،‬في إطار اإلجراءات والتدابير التي اتخذتها الوزارة لمواجهة تفشي جائحة «‬ ‫كوفيد ‪ 19″‬إلى أنه تم إغالق ‪ 52‬ألف مسجد والزوايا التي يبلغ عددها ما يقرب من ‪ 1500‬زاوية‪،‬‬ ‫فضال عن األضرحة التي يزيدعددها عن ‪ 5000‬ضريح ومؤسسات التعليم العتيق التي يقارب‬ ‫عددها ‪ 300‬مؤسسة والكتاتيب القرآنية التي يبلغ عددها ما يقارب ‪ 14‬ألف كتاب‪ ،‬وكذا التجمعات‬ ‫المتعلقة بدروس محواألمية‪ ،7077‬المساجد ثم معاهد جامعة القرويين وكل ما يتعلق بمؤسسة‬ ‫محمد السادس للعلماء األفارقة وبنشاط مؤسسة محمد السادس لألعمال االجتماعية للقيمين‬ ‫الدينيين‪.‬وفي ما يتعلق بالجانب اإلعالمي‪ ،‬أبرزالسيد التوفيق أن الوزارة قامت بإنجاز عدد من‬ ‫البرامج على مستوى قناة محمد السادس للقرآن الكريم وإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم‪،‬‬ ‫مضيفا أن المملكة كانت ملهمة في ما يتعلق باالستباقية واإلجراءات‪ ،‬معربا عن أمله في الخروج‬ ‫من هذه األزمة بأقل األضرار‪ ،‬السيما فيما يتعلق بإعادة نشاط المعاش والمعيشة‬


‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫‪5‬‬

‫مجتمع ـ سياسة ـ حقوق ـ اقتصاد‬ ‫فكري ولد علي‬

‫(مراسل من الحسيمة‪ /‬الناظور)‬

‫عامل الحسيمة فريد شوراق يترأس اجتماعا‬ ‫حول البرنامج الجهوي للطرق القروية‬ ‫ت��رأس مؤخرا عامل إقليم الحسيمة‪،‬‬ ‫فريد شوراق‪ ، ،‬اجتماعا بمقر عمالة اإلقليم‪،‬‬ ‫حول البرنامج الجهوي للطرق القروية‪.‬‬ ‫االجتماع عرف حضور أعضاء مجلس‬ ‫جهة طنجة تطوان الحسيمة المنتمين‬ ‫لإلقليم‪ ،‬حيث عرف االجتماع أيضا احترام‬ ‫التدابير الوقائية من فيروس كورونا‪،‬‬ ‫كارتداء الكمامات وتباعد الحاضرين فيما‬ ‫بينهم‪.‬‬ ‫وكان بالغ سابق لمجلس جهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة‪ ،‬تطرق الى تعبئة أزيد‬ ‫من ‪ 700‬مليون درهم لتنفيذ سلسلة من‬ ‫المشاريع الخاصة بالعالم القروي‪ ،‬موضحا‬ ‫أن األم��ر يتعلق بتخصيص ‪ 400‬مليون‬ ‫درهم لبرنامج بناء وتهيئة الطرق في العالم‬ ‫القروي‪.‬‬ ‫البالغ نفسه أضاف أنه سيتم تخصيص‬

‫اعتماد مالي بقيمة ‪ 150‬مليون درهم لربط‬ ‫الجماعات القروية بشبكة الماء الصالح‬ ‫للشرب والكهرباء‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 150‬مليون‬

‫انتشار البعوض‪ ،‬شملت المناطق التي تعرف‬ ‫انتشارا كثيفا للغطاء النباتي ومستنقعات‬ ‫ومجاري المياه وغابة السواني التابعة‬ ‫للجماعة‪.‬‬ ‫في سياق متصل ‪ ،‬سطر مكتب حفظ‬ ‫الصحة التابع لجماعة بني بوعياش برنامجا‬ ‫لمحاربة انتشار البعوض على مستوى تراب‬ ‫الجماعة يستهدف الحد من انتشار هذه‬ ‫الحشرة التي تقلق راحة السكان‪.‬‬ ‫وأوضحت الجماعة في ب�لاغ لها أن‬

‫عملية رش المبيدات التي يشرف عليها‬ ‫مكتب حفظ الصحة وانطلقت مؤخرا وينتظر‬ ‫أن تتواصل بصفة منتظمة طيلة فصل‬ ‫الصيف‪ ،‬ستستهدف جميع أحياء المدينة‬ ‫التي تعاني من انتشار وتكاثر البعوض‪.‬‬ ‫تجدر اإلشارة أن البعوض ينتشر بكثرة‬ ‫في أماكن تجمع المياه واألماكن التي تكثر‬ ‫فيها األعشاب الطفيلية بجانب الوديان‪،‬‬ ‫السميا في ظل ارتفاع درجات الحرارة‪.‬‬

‫ابنة الحسيمة خيرة لكزناي تشارك في مسابقة‬ ‫الخطاب الذهبي ‪2020‬‬

‫تشارك ابنة الحسيمة خيرة لكزناي‬ ‫في الموسم الثاني من مسابقة الخطاب‬ ‫الذهبي ‪ 2020‬التي تنظمها المنظمة‬ ‫الدولية للتنمية والريادة االجتماعية‪.‬‬ ‫ويتبارى المشاركون في المسابقة في‬ ‫خمس فئات هي العلوم اإلنسانية والتاريخ‬ ‫واآلداب والعلوم واالقتصاد والسياسة‬ ‫وقضايا المجتمع والتكنولوجيا واإلبداعات‬ ‫والخطاب التحفيزي والمهارات الذاتية‬ ‫والكوتشينغ‪.‬‬ ‫وتتبارى خيرة لكزناي‪ ،‬التي تتابع‬ ‫دراستها بالمعهد المتوسطي للصحافة‬ ‫ومهن السمعي البصري بتطوان‪ ،‬إلى‬ ‫جانب خمس مشاركات ومشاركين من‬ ‫م��دن مختلفة للوصول إل��ى المراحل‬ ‫النهائية من المسابقة في فئة الخطاب‬ ‫التحفيزي والمهارات الذاتية والكوتشينغ‪.‬‬ ‫ويقوم المشاركون بإرسال فيديو من‬ ‫إعدادهم تتراوح مدته بين ‪ 3‬و‪ 4‬دقائق‬ ‫باللغات العربية أو األمازيغية أو الفرنسية‬ ‫أواإلنجليزية بالموقع الرسمي للمنظمة‬

‫الدولية للتنمية والريادة االجتماعية على‬ ‫شبكة األنترنيت وبمختلف مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬على أن يحظى بأكبر نسبة‬ ‫من التفاعل والتصويت من قبل رواد هذه‬ ‫المواقع‪.‬‬

‫ألمن الحسيمة ينفي‬ ‫«اعتداء شرطي» على شخص‬ ‫من ذوي االحتياجات الخاصة‬ ‫مكتب الوطني للكهربا ء‬ ‫يحقق في صحة‬

‫درهم القتناء ما يزيد عن ‪ 400‬حافلة للنقل‬ ‫المدرسي من أجل تغطية جميع الجماعات‬ ‫القروية الواقعة بتراب الجهة‪.‬‬

‫حمالت مكثفة لمحاربة انتشار البعوض بعدد من‬ ‫الجماعات الترابية إلقليم الحسيمة‬ ‫أطلقت عدد من الجماعات الترابية‬ ‫التابعة إلقليم الحسيمة خالل األيام األخيرة‬ ‫حمالت تروم محاربة انتشار حشرة البعوض‬ ‫الذي يؤرق الساكنة‪.‬‬ ‫وب��اش��رت ج��م��اع��ات إم����زورن وبني‬ ‫بوعياش وأيت يوسف وعلي برش عملية‬ ‫رش المبيدات في األم��اك��ن التي تعرف‬ ‫انتشارا كثيفا لهذه الحشرات الضارة بصحة‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وينتظر أن تتواصل هذه العملية‬ ‫خالل األيام واألسابيع المقبلة‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬أعلنت مصلحة األشغال‬ ‫التابعة لجماعة ام��زورن عن إطالق حملة‬ ‫لمحاربة الحشرات الضارة ومنها البعوض‬ ‫ببعض أحياء المدينة عقب االنتشار الكثيف‬ ‫لهذه الحشرة مع االرت��ف��اع المسجل في‬ ‫درجات الحرارة خالل األيام الماضية وتكاثر‬ ‫المستنقعات‪.‬‬ ‫وق��ام��ت المصلحة المعنية برش‬ ‫المبيدات في األماكن التي تعرف انتشارا‬ ‫وتكاثرا لهذه الحشرات‪ ،‬استجابة لنداءات‬ ‫ع��دد من المواطنين الذين اشتكوا من‬ ‫االنتشار الكثيف للبعوض‪.‬‬ ‫ب��دوره��ا‪ ،‬أطلقت جماعة اي��ت يوسف‬ ‫وعلي خالل االيام الماضية حملة لمحاربة‬

‫‪Fikri.press@gmail.com‬‬ ‫‪Tél 0661986707‬‬

‫ويمر المشاركون الثالثة األوائ��ل‬ ‫من كل صنف أو فئة إلى األدوار الموالية‬ ‫على أن يتأهل متبار أو متبارية واحدة‬ ‫إلى األدوار النهائية التي ستجرى في‬ ‫وقت الحق‪ ،‬وفق ما تحدده لجنة تحكيم‬ ‫المسابقة وتصويت الجمهور‪.‬‬ ‫وتهدف المسابقة‪ ،‬حسب القائمين‬ ‫عليها‪ ،‬إلى صناعة قادة مؤثرين قادرين‬ ‫على بلورة خطاب مؤثر وه��ادف وإتاحة‬ ‫الفرصة للشباب للتعبير عن آرائهم بكل‬ ‫حرية وطالقة‪.‬‬ ‫كما تروم تسليط الضوء على العديد‬ ‫من القضايا التي تتناولها المسابقة في‬ ‫مختلف المواضيع العلمية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية واإلبداعية والتكنولوجية‬ ‫ويفتح باب المشاركة في المسابقة‬ ‫للشباب والشابات المتراوحة أعمارهم ما‬ ‫بين ‪ 18‬و‪ 36‬سنة شريطة أال تتضمن‬ ‫الفيديوهات المشاركة أي نوع من التمييز‬ ‫أو العنصرية أو خطاب الكراهية‪.‬‬

‫فند األمن الجهوي بالحسيمة‪ ،‬تدوينة منشورة في إحدى الصفحات على مواقع التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬تزعم بأن شرطيا عرض شخصا من ذوي االحتياجات الخاصة العتداء جسدي بحي‬ ‫مرموشة بالمدينة‪.‬‬ ‫ووفق بالغ للمديرية العامة لألمن الوطني‪ ،‬يؤكد األمن الجهوي بالحسيمة أنه فتح بحثا‬ ‫بشأن الواقعة ليتبين أن األمر ليس كما صورته التدوينة التي كذبت على األمن‪ ،‬ولم يتم‬ ‫االعتداء على أي شخص في وضعية إعاقة‪ ،‬بل أصيب بنوبة صرع وسقط بشكل تلقائي‪ ،‬مما‬ ‫استدعى نقله إلى المستشفى المحلي لتلقي العالج‪.‬‬ ‫وتعود وقائع القضية إلى يوم الجمعة الموافق لـ ‪ 22‬ماي الجاري‪ ،‬حين تلقت قاعة‬ ‫المواصالت باألمن الجهوي بمدينة الحسيمة اتصاالت هاتفية عبر الخط ‪ ،19‬للتبليغ عن‬ ‫خرق لحالة الطوارئ الصحية من طرف أشخاص يستهلكون المخدرات ويحدثون الفوضى ليال‬ ‫بالشارع العام بحي مرموشة‪ ،‬حيث تم توجيه دورية تابعة للفرقة الجهوية للشرطة القضائية‬ ‫من أجل االستجابة لطلب النجدة الصادر عن ساكنة الحي المذكور‪.‬‬ ‫وقد أوقفت عناصر الشرطة القضائية بعين المكان شخصا يبلغ من العمر ‪ 21‬سنة‪ ،‬وهو‬ ‫متلبس بخرق حالة الطوارئ الصحية وإحداث الضوضاء‪ ،‬وذلك قبل أن يتدخل أفراد أسرته في‬ ‫محاولة للحيلولة دون القيام بمهمة الضبط والتوقيف‪.‬‬ ‫وقامت عناصر األمن بمنع أسرة الشخص الموقوف من تحريره دون اللجوء إلى استعمال‬ ‫العنف‪ ،‬غير أن أحد أقاربه‪ ،‬في وضعية إعاقة‪ ،‬أصيب بنوبة صرع وسقط بشكل تلقائي مما‬ ‫استدعى نقله إلى المستشفى المحلي للعالج‪.‬‬ ‫وأبرز األمن الجهوي بالحسيمة أن جميع إجراءات البحث المنجزة في هذه القضية تحت‬ ‫إشراف النيابة العامة المختصة تؤكد واقعة السقوط العرضي للضحية دون أي تدخل من‬ ‫جانب عناصر الشرطة‪.‬‬

‫مصرع أب لـ‪ 5‬أبناء بسبب سقوطه‬ ‫من جبل ضواحي الحسيمة‬

‫استقبل مستودع األموات بمستشفى محمد الخامس بالحسيمة يوم األربعاء‪ ،‬جثة شخص‬ ‫أربعيني‪ ،‬متزوج وأب لخمسة أبناء‪ ،‬وذلك إثر سقوطه من‪ ‬أحد الجبال ضواحي الحسيمة‪.‬‬ ‫وأفاد مصدر للشمال أن الراحل فارق الحياة بنواحي جماعة تامساوت بإقليم الحسيمة‪،‬‬ ‫إثر سقوطه من أحد المرتفعات الجبلية بالجماعة المذكورة‪ ،‬مشيرا إلى أن الضحية لفظ‬ ‫أنفاسه جراء حادث التكركب وال عالقة له بأي حادث شجار أو تعنيف‪.‬‬ ‫وأضاف المصدر ذاته‪ ،‬أن ممثلي السلطات المحلية ورجال الدرك الملكي انتقلوا لعين‬ ‫المكان‪ ،‬وتمت معاينة الواقعة كما تم فتح تحقيق لتحديد مالبسات وظروف وقوعها تحت‬ ‫إشراف النيابة العامة المختصة‪.‬‬ ‫كما تم نقل جثة الهالك لمستودع األموات بالمستشفى اإلقليمي بالحسيمة‪ ،‬قصد‬ ‫إخضاعها للتشريح الطبي‪.‬‬

‫نشطاء من حراك الريف يعانقون‬ ‫الحرية بعد ثالث سنوات من السجن‬

‫غادر اربعة من معتقلي حراك الريف‪ ،‬صباح اليوم االربعاء ‪ 27‬ماي‪ ،‬السجن المحلي بالحسيمة‪ ،‬بعد‬ ‫قضاء ثالث سنوات سجنا على خلفية االحتجاجات التي عرفتها المنطقة في سنة ‪.2016‬‬ ‫ويتعلق االمر بكل من الشقيقين عثمان بوزيان‪ ،‬وابراهيم بوزيان‪ ،‬اضافة الى فؤاد السعيدي‪ ،‬وعبد‬ ‫الحق صديق‪ ،‬فيما ينتظر ان يغادر المعتقل يوسف الحمديوي سجن الحسيمة ايضا خالل االيام القليلة‬ ‫المقبلة‪.‬‬ ‫وكان في استقبال المفرج عنهم عدد من افراد اسرهم ونشطاء من حراك الريف‪ .‬‬ ‫وقضى هؤالء المعتقلين ثالث سنوات سجنا نافذا‪ ،‬وهو الحكم الذي صدر في حقهم من طرف‬ ‫محكمة االستئناف بالدار البيضاء‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫امللحق الثقايف والفني‬

‫‪6‬‬

‫العدد ‪ 1048‬ـ الثالثاء ‪ 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫الرَّهافة األبديّة‬ ‫بورتريه لفاتن حمامة‬ ‫عبد الرحيم الخصار‬ ‫كان صوت فاتن حمامة فريدا‪ ،‬ويمكن معرفته وسط حشد هائل‬ ‫من األصوات‪ .‬من بين كل الممثالت اللواتي مألن شاشة القرن‬ ‫الماضي كانت تصل إلى أذن المشاهد وقلبه تلك الرهافة التي‬ ‫تغ ّلف صوتها ّ‬ ‫وتبطنه‪ ،‬الصوت الذي ينساب كما لو أنه سرد طويل‬ ‫لتفاصيل قصة حب مجروحة‪ ،‬أو كما لو أنه تعاقب أنغام بدايتها‬ ‫ونهايتها الشجن‪.‬‬ ‫كانت فاتن حمامة تملك تلك القدرة الرهيبة التي تجعلنا‬ ‫نصدق فعال ما يحدث لها على الشاشة الكبيرة‪ ،‬كما لو أنه يحدث‬ ‫في الواقع‪ ،‬فنتعاطف معها ونتأثر لكل ما يجرح رهافتها‪ ،‬ونغار من‬ ‫البطل الذي يحيط جيدها بذراعه‪ ،‬أو يدنو من شفتيها‪ .‬لم تكن‬ ‫تعيش الدور المسند إليها فحسب‪ ،‬بل إننا كنا نحس بأنها خلقت‬ ‫لتكون نجمة سينما‪ ،‬ولتؤدي تلك األدوار الكبيرة في تاريخ السينما‬ ‫العربية بذلك االنسياب وبتلك المرونة‪ ،‬حتى أن من يشاهدها وهي‬ ‫تجسد شخصية ما كان يحس أنها تقوم بذلك دون عناء‪ ،‬دون تصنع‬ ‫وتكلف‪ ،‬دون أن تتعب نفسها أو تتعب أحدا معها‪.‬‬ ‫رغم تعاقب السنوات ظل في صوتها الكثيرُ من صوت تلك‬ ‫الطفلة التي وصلت إلى أرض السينما منذ عامها التاسع‪ ،‬وحظيت‬ ‫برعاية محمد عبد الوهاب الذي وقفت أمام الكاميرا إلى جانبه في‬

‫م��س��رع��ة س��ع��ي��دة‬ ‫ب��وص��ول حبيبها‪،‬‬ ‫أو ح��ي��ن تخاطبه‬ ‫ب���ذل���ك ال���ص���وت‬ ‫المتقطع الخجالن‪،‬‬ ‫أو حين تبسط يدها‬ ‫المرتعشة لتحضنها‬ ‫ي����دان ع��اش��ق��ت��ان‬ ‫أخ���ري���ان‪ ،‬أو حين‬ ‫يصلها عبر الهاتف‬ ‫نبأ ال يسر عن رجل‬ ‫تحبه‪ ،‬أو حين تجلس‬ ‫وحيدة تحت شجرة‬ ‫أو على شاطئ أو في شرفة تفكر في الحب وفي الخذالن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حمامة بالفعل‪ ،‬وكان عشها هو السينما‪،‬‬ ‫كانت فاتن حمامة‬ ‫فقد كانت تسكن هناك إذا جاز تشبيه حالتها بالسكن‪ ،‬ويكفي أن‬ ‫نستعيد على سبيل المثال أنها ما بين ‪ 1950‬و‪ 1954‬شاركت في‬ ‫‪33‬فيلما‪ ،‬وهو رقم يؤكد أنها كانت تقف أمام الكاميرا أكثر من‬

‫فيلم «يوم سعيد» مطلع األربعينيات‪ ،‬وحظيت بعدها بحنان يوسف‬ ‫وهبي الذي أمسك بيدها وسحبها معه إلى االستوديو لتجسد دور‬ ‫ابنته في «مالك الرحمة»‪ ،‬ولتتوالى بعدها أعمالها الفنية التي‬ ‫ج��اوزت مائة فيلم سينمائي جمعت ما بين الرومانسي الحالم‬ ‫والواقعي االجتماعي‪ ،‬وتعاملت عبرها مع الجميع تقريبا من أهل‬ ‫السينما في مصر‪.‬‬ ‫لم يكن الصوت وحده ما يحمل رهافة فاتن حمامة وينقلها إلينا‪،‬‬ ‫بل كان أيضا حجمها وطولها اللذان يتناسبان مع حجم عصفورة‬ ‫ترتعش في البرد‪ ،‬أما شعرها القصير فقد كان دليال آخر إلى العفوية‬ ‫والبساطة‪.‬‬ ‫عدا ذلك فعيناها كانتا حزينتين على الدوام‪ ،‬حتى وهما تلمعان‬ ‫من حين آلخر في إشراقة عابرة‪ ،‬ذلك الحزن الذي كان كافيا للتأثير‬ ‫على المُشاهد‪ ،‬ولمس النقط الدفينة فيه‪ ،‬وتحريك مياهه الراكدة‪.‬‬ ‫كانت تمارس نوعا من األسر الذي لم يكن متاحا للكثيرات من‬ ‫مجايالتها‪.‬‬ ‫في كل حركة وفي كل مشهد تسبقها رهافتها‪ :‬حين تنزل الدرج‬

‫وقوفها في أي مكان آخر‪ ،‬بل كانت تقيم في االستوديو ربما أكثر‬ ‫من إقامتها في بيتها‪.‬‬ ‫استطاعت فاتن حمامة التي حازت لقب «أجمل طفلة في مصر»‬ ‫سنة ‪ ،1940‬أن تبقى أجمل وأفضل ممثلة على مدار كل السنوات‬ ‫التي مرت‪ ،‬صحيح أن أول أجر تقاضته عن أول دور لها كان عشر‬ ‫جنيهات فقط‪ ،‬لكنها ظلت الحقا هي الممثلة األغلى أجرا وسط‬ ‫زميالتها ونجمات جيلها‪ ،‬وقد حصدت الكثير من الجوائز والتقديرات‬ ‫واألوسمة‪ ،‬واستطاعت بالتالي أن تدخل إلى قلوب محبيها وتسكن‬ ‫فيها لألبد‪ ،‬وتمارس عليها سطوتها المرهفة‪ ،‬بدون غنج ودالل‪،‬‬ ‫بدون إثارة وإغراء‪ .‬كانت بدل هذه الكلمات التي تتكئ عليها معظم‬ ‫ممثالث عصرها تملك كلمة أخرى هي «الرّقة»‪ .‬وبسبب هذه‬ ‫«الرقة» لم يكن أحد يجرؤ على أن يجرح فاتن حمامة‪ ،‬أو يومئ إليها‬ ‫بما يكدر صفو صورتها‪ ،‬تلك الصورة التي ظلت كما هي منذ الزمن‬ ‫األول إلى عصرنا الراهن‪ ،‬وستظل إلى العصور التي تليه‪ ،‬الصورة‬ ‫التي تليق بامرأة حملت لقب «سيدة الشاشة»‪.‬‬

‫ندى الحاج ‪ /‬بيروت‬

‫عابرُ الدهشة‬ ‫َ‬ ‫نار وماء؟‬ ‫كيف لنا أن نلتقيَ حول مائدةِ ٍ‬ ‫لمعزول عن وجْدِه أن يسافرَ في سمَواتِ عشقِهِ؟‬ ‫ٍ‬ ‫لِ َلمسةٍ أن تحرقَ وتَشفي؟‬ ‫أعمار مديدة؟‬ ‫لدمْع أن يرويَ واحاتِ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كيف لي أن أكتبَ وال أخدِشَ الينابيع؟‬ ‫لحبّيَ أن يعيشَ من ُفتات العصافير؟‬ ‫لخطواتي أن تحصيَ َ‬ ‫رمل الطريق؟‬ ‫لسالمي أن يلبسَ المطر؟‬ ‫سكنتُ الغيمَ‪ ،‬وأكثرتُ بيوتَهُ‪ ،‬فال األرضُ أرضي‬ ‫وال عادَ الترابُ يعر ُفني‪.‬‬ ‫كل خلجةٍ منِّي‬ ‫أين أنتَ في انخطافِ الثواني في ِ‬ ‫وانجذاب العناصر‬ ‫في أ َل ِق الشعلة‬ ‫ِ‬ ‫وتواصل األرواح‬ ‫في ك ّليةِ الحضو ِر‬ ‫ِ‬ ‫في رحابةِ الكونِ ونقطةِ القلب‬ ‫في معموديَّةِ الجسدِ بنا ِر الحب؟‬ ‫أيَّتها الريحُ المُشِعَّة‬ ‫يا مَن تن ُفثينَ هُداكِ‬ ‫أيَّتها الريحُ المعجزة‬ ‫لو تدرينَ كم غالفٍ طوَيْنا‬ ‫لو تدرينَ السرَّ الذي َل َّفنا واحتَوانا‬ ‫كم عميق ٌة ُلجَجُهُ ومشتعلة!‬ ‫كم غريب ٌة لطائِ ُفهُ ومسكونة!‬ ‫لو تدرينَ كم َ‬ ‫أن العمرَ يبدأُ في عبَق‪ ،‬وال ينختِمُ إال به‬ ‫تعا َلي إلى سكينتي‪ُ ،‬‬ ‫واركني فيها‬ ‫احضُنيني حتى أسقي الترابَ بمِل ِء قلبي!‬ ‫ذاتَ يوم سيشتدُّ العناقُ وتتحرَّرُ الروح‬ ‫سيعيدُ الشعرا ُء خ ْلقَ العا َلم‪ ،‬وتفرحُ األرضُ بالزُّرقة‬ ‫المنبع وإليه‬ ‫ويسيرُ الحبُّ في طريقهِ من‬ ‫ِ‬ ‫طائراً عابراً الدهشة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫‪7‬‬

‫فيروز لم تمت‪..‬‬ ‫انتشرت يوم الجمعة األسبق شائعة وفاة فيروز غي وسائل‬ ‫التواصل االجتماعي عن عمر يناهز ‪ 85‬سنة‪ .‬وما أن شاع الخبر بين‬ ‫الناس حتى بادر إعالميون باالتصال بعائلة الفنانة فيروز لالطمئنان‬ ‫على صحة الخبر‪ ،‬ليتضح أنها مجرد إشاعة ال أساس لها من الصحة‪،‬‬ ‫وأنها تتمتع بصحة جيدة‪.‬‬ ‫أكيد أنها ليست المرة األولى‪ ،‬وال األخيرة التي تنتشر فيها‬ ‫شائعة وفاة السيدة فيروز‪ ،‬ولذلك لجلب االنظار والمتابعات‬ ‫اإلعالمية بالنظر إلى المكانة الكبيرة التي تتمتع بها فيروز في‬ ‫الوجادن العربي‪ .‬ويتذكر المتتبعون أنه فقبل عامين تداول‬ ‫ناشطون على مواقع التواصل االجتماعي شائعة مماثلة‪ ،‬تبين فيما‬ ‫بعد أنها أيضا مجرد «بروباغاندا» إعالمية ال غير الهدف منها حصد‬ ‫المردودية التواصلية بالنسبة للمنابر الضحلة العاجزة أن تقديم‬ ‫مواد إعالمية جادة للمتتبعين‪.‬‬ ‫وفي السياق ذاته استنكر العديد من المهتمين والمنتمين‬ ‫للحق الفني شناعة هذا الدأب الحقير الذي يتاجر في أرواح الفنانين‬ ‫ويصوغ األكاذيب المؤلمة في حقهم‪ .‬مذكرين ان ذلك خلق فزعا‬ ‫شديدا لدى أقارب الفنانة البعيدين عنها‪ ،‬ولدى المعجبين بها‪،‬‬ ‫ولدى الفنانة فيروز نفسها التي سعت وال تزال إلى غسعاد الناس‬ ‫في الوقت الذي يسعون فيه هم إلى إلحا األذى بها عبر الشائعات‪.‬‬

‫األديبة والباحثة وداد نبي‬ ‫ألمانيا‪ /‬برلين‬

‫وكانت آخر اطاللة للسيدة فيروز مطلع أبريل الماضي‪ ،‬وهي‬ ‫تؤدي الصالة من أجل العالم لمواجهة فيروس كورونا‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل قناتها الشخصية على موقع “يوتيوب ” التي تديرها ابنتها‬ ‫«ريما الرحباني»‪.‬‬

‫ومع أن ظهور فيروز في اإلعالم نادر‪ ،‬إال أن صوتها يبقى‬ ‫رفيق الناس كل صباح على اإلذاعات المحلية وشاشة تلفزيون‬ ‫لبنان‪ ،‬إضافة الى ساعات طويلة على شاشة ‪ senses tv‬التي ّ‬ ‫تبث‬ ‫أغانيها مترافقة مع مناظر طبيعية لقرى وبلدات لبنانية‪.‬‬

‫كوفيد الصغير‬ ‫القاصة لطيفة لبصير‬

‫أستاذة جامعية‪ /‬كلية اآلداب بنمسيك سيدي عثمان‬

‫فتحت الباب‪ ،‬وجدت أبي يصطحب معه طفال صغيرا‪ ،‬يبدو أنه‬ ‫في حوالي السابعة من العمر‪ ،‬شبيه باألطفال الفقراء الذين قرأت‬ ‫عنهم في إحدى القصص الجميلة‪ .‬تذكرت بعض العبارات التي‬ ‫كنت أحفظها ألن المدرسة كانت تصر على ذلك! ربما كي نكتب‬ ‫إنشاء سليما‪ ،‬فبدأت توا أرددها في نفسي وأنا أحدق في الطفل‪:‬‬ ‫مشعث الشعر‪ ،‬متسخ الوجه‪...‬لكن عيني أمي جعلتني أتساءل معها‬ ‫من يكون هذا الطفل؟ !‬ ‫وجه أبي مرح أكثر من المعتاد‪ ،‬قال لنا دون أن يكترث كثيرا‪:‬‬ ‫هيا نهيئ حماما ساخنا لهذا الحمل الصغير؟‬ ‫بدأت أمي تضجر من إصراره الغريب‪ ،‬واحتدت نبراتها فقالت‪:‬‬ ‫من يكون هذا الطفل؟ ولم هو هنا؟‬ ‫أجاب أبي وقد زادت عيناه بريقا وكأنه اكتشف قارة ما‪:‬‬ ‫إنه بدون مأوى‪ ،‬وجدته وحيدا يبكي والشارع فارغ فجئت به‬ ‫كي يعيش معنا‪...‬‬ ‫كانت أمي قد بدأت تفقد صبرها فصرخت في وجهه‪:‬‬ ‫أنت أحمق يا رجل ! في زمن الكورونا تحضر لنا «كورونا»‬ ‫تمشي على قدميها‪...‬‬ ‫وبسرعة بدأت أمي تهيئ حقيبتها للرحيل‪ ،‬لكنني اعترضت‬ ‫طريقها وقلت ‪:‬‬ ‫هل تتركينني وحدي يا ماما‪...‬مع هذا الكو‪..‬؟‬ ‫من الغريب أن أبي لم يلتفت إلينا‪ ،‬أدخل الطفل إلى الحمام‬ ‫وترك الباب مواربا‪ ،‬أطللت برأسي وباغتتني الدهشة‪ ،‬كان أبي‬ ‫يفرك الطفل كأنه يفرك خضرا تعفرت بالتراب‪ ،‬وكان الطفل منتشيا‬ ‫بالماء يصدر حركات مرحة‪ ،‬وحين أكمل حمامه أخرجه وقص شعره‬ ‫فبدا طفال آخر جذابا و مختلفا‪.‬‬ ‫غضبت أمي من فعلته‪ ،‬لكنها لم تشأ أن تتركني‪...‬كان أبي قد‬ ‫اتخذ قراره بهذا الشأن‪ ،‬وقال لها بلطف‪:‬‬ ‫إنه فعل خير يا امرأة وسيكون أخا لوحيدنا كريم‪...‬‬ ‫أمي وقد بدا عليها الهلع‪:‬‬ ‫يا رجل‪ ،‬نحن في زمن أغبر‪ ،‬ال نكلم أحدا وال نسلم على أحد‪،‬‬ ‫وأنت أحضرت لنا الكورونا إلى المنزل؟‬ ‫بدت مالمح الطفل جميلة وآسرة وهو يبتسم ابتسامة صغيرة‪.‬‬ ‫كنت قد بدأت أدور الفكرة في رأسي‪ :‬كيف يصير لي أخ بهذه‬ ‫السرعة؟ أين نبت حتى بلغ لهذا السن؟ ولماذا لم أره من قبل!؟‬ ‫وللتو خطرت ببالي فكرة ماكرة‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫أبي‪ ،‬لم ال نسميه كورونا؟‬ ‫قطبت أمي حاجبيها مستغربة‪ ،‬ضحك أبي عاليا ثم قال ‪:‬‬ ‫واهلل فكرة‪ ،‬لكن يستحسن أن نطلق عليه اسم كوفيد‪ ،‬كوفيد‬ ‫أجمل‪...‬‬ ‫واتجه نحو الطفل وقال له‪:‬‬ ‫من اليوم أنت اسمك كوفيد‪ ،‬ما رأيك باالسم؟‬

‫ابتسم الطفل ابتسامة رضا واسعة‪ ،‬يبدو أنه أعجب باالسم‪،‬‬ ‫لكنه بقي ساكتا‪ ،‬كرر أبي السؤال‪:‬‬ ‫ما رأيك؟‬ ‫لم يجب الطفل‪ ،‬بل تمتم بما يشبه كلمات متقطعة‪ ،‬أدركنا من‬ ‫خاللها أن الطفل ال يستطيع أن يكون جملة واحدة مبينة‪ ،‬فقط‪،‬‬ ‫بعض الحروف بالكاد تسمع ‪...‬ربت أبي على كتفه‪ ،‬وقال لي‪:‬‬ ‫ها صديق لك‪ ..‬يمكنك اللعب معه‪ ،‬رغم أنه يصغرك قليال‪ ،‬لكن‬ ‫ال بأس‪...‬‬ ‫كنت دوما أتمنى أن يكون لي أخ‪ ،‬فلطالما شاهدت أبناء‬ ‫الجيران‪ ،‬ورأيت اإلخوة يلعبون معا‪ ،‬وكثيرا ما انتابني الملل حين‬ ‫ألعب وحدي‪ ،‬خاصة حين قالت لي أمي بأننا سنحبس في المنزل‬ ‫ألن هناك حيوانا شرسا بالخارج يخطف األطفال‪ ،‬أما اليوم فمعي‬ ‫طفل صغير يلعب معي اسمه كوفيد وإن كنت ال أفهم غمغماته‪.‬‬ ‫كانت أمي مغتاظة‪ ،‬وبدت على غير عادتها مرعوبة‪ ،‬وهمست‬ ‫في أذني بأن هذا الطفل هو من تتحدث عنه األخبار وبأنه ينقل‬ ‫العدوى والمرض والموت‪ ،‬تملكني الرعب‪ ،‬حتى أنني وضعت‬ ‫الكحول بجانب اللعب فصار الطفل كلما حمل لعبة في يده؛ آخذها‬ ‫منه‪ ،‬أمسحها بالكحول‪ ،‬ألعب بها‪ ،‬ثم أعيدها إليه‪.‬‬ ‫كنا نقضي اليوم كله ونحن نلعب‪ ،‬لكن يدي ال تنفكان‬ ‫تمسحان بالكحول‪ ،‬ثم أذهب بين الفينة واألخرى ألغسل يدي‬ ‫بالصابون مرات ومرات حتى السأم‪ ،‬لكن كوفيد كان لطيفا جدا‪،‬‬ ‫وكان يحدق في بدهشة توحي أنه ال يفهم شيئا مما أقوم به! لكن‪،‬‬ ‫شيئا فشيئا‪ ،‬بدأت أعتاد عليه في المنزل وأحصن نفسي منه ألن‬ ‫عيني أمي ونظرتها الغاضبة كانت تخيفني جدا‪ ..‬ثم حدث أن بدأت‬ ‫أسمع هذا االسم كثيرا في نشرات األخبار وعلى رسائل الوتساب‬ ‫أو حين أتصفح فيديوهات اليوتوب‪ ،‬حتى أن اسم هذا الطفل بدأ‬ ‫يطاردني في كل مكان‪ ،‬فأصرخ في الليل دون أن أشعر‪:‬‬ ‫كوفيد ‪...‬كوفيد‪...‬كوفيد‪...‬‬ ‫وأستيقظ خائفا‪ .‬وقبل أن تصل أمي‪ ،‬أجد وجه الطفل وأسنانه‬ ‫الحادة تطل علي‪ ،‬فينتابني الرعب‪ ،‬فتبعده أمي عني بغير رفق‪ ،‬وهي‬ ‫تقول لي‪:‬‬ ‫اهلل ال يسامح والدك الذي ابتالنا بكوفيد هذا في زمن‪...‬‬ ‫لكن كوفيد بدا سعيدا‪ ،‬أحضر لي كأس ماء‪ ،‬وهو يبتسم‪...‬أمي‬ ‫تنظر إليه وتأمره بأن يعود إلى فراشه بينما أستأنس أنا بوجهه‬ ‫البريء‪.‬‬ ‫في هذه األيام العصيبة التي حبست فيها في المنزل‪ ،‬صار‬ ‫كوفيد صديقا لي‪ ،‬بل إنه كثيرا ما أدخل البهجة في قلبي‪ ،‬حتى‬ ‫أن أمي بدأت تغير نظرتها نحوه‪ ،‬وشيئا فشيئا‪ ،‬أخذت توصينا نحن‬ ‫االثنان بغسل اليدين وتعقيمهما‪ ،‬بل إنها قالت لنا بأن نغسل‬ ‫األيادي سبع مرات ونمسح أدواتنا سبع مرات‪ ...‬فصرنا نمسح‬ ‫المائدة سبع مرات ونغسل أطرافنا سبع مرات‪ ،‬ومع مرور الوقت‬ ‫صار كوفيد أبيض قليال وبرزت مالمحه الشقراء التي كانت مختفية!‬ ‫لكننا‪ ،‬كلما سمعنا عدد األموات يعود الهلع إلى مالمح أمي‪ ،‬وتضجر‬

‫من كوفيد الصغير؛ تطارده وتضربه‪ ،‬حتى استحال تعيسا ومرهقا!‬ ‫وفي يوم ما‪ ،‬استيقظت صباحا وفتشت عنه كثيرا لكنني لم أجده‪،‬‬ ‫كان قد غادر إلى المجهول‪.‬‬ ‫حزنت كثيرا إذ لم يعد هناك أخ صغير يلعب معي‪ ،‬وصارت‬ ‫اللحظات التي نجتمع فيها على المائدة ثقيلة جدا‪ ،‬و مرة قال أبي‪:‬‬ ‫إن كوفيد هذا بريء لم يرتكب ذنبا سوى أن العالم أهمله واستهان‬ ‫به‪...‬‬ ‫ومن مدة‪ ،‬لم يتغير شيء‪ ،‬كنا ننتظر في كل يوم أن يحدث‬ ‫شيء ما‪ ،‬حتى أن أمي منعتني من إطاللة خفيفة من النافذة‪ ،‬وبدا‬ ‫الشارع بعيد المنال!‬ ‫أتذكر هؤالء األطفال الذين يعيشون تحت ظل القمر‪ ،‬وال يرون‬ ‫أشعة الشمس‪ .‬القصة تقول إنهم أبناء القمر‪ ...‬يبدو ذلك خرافيا‪.‬‬ ‫‪ ...‬في مساء هذا اليوم‪ ،‬كان على الشاشة شريط عن أبوين‬ ‫توفيا من جراء كورونا‪ ،‬وكان ابنهما الصغير يبكي بحرقة ‪ ...‬تغير‬ ‫مزاج أمي ودخلت في نوبة عصبية وراحت تحتج على هذا الشر الذي‬ ‫اجتاح العالم والذي ال يرحم ال الصغير وال الكبير‪.‬‬ ‫لها ‪ :‬كان ينبغي إذن ال تطردي كوفيد الصغير من منزلنا يا‬ ‫ماما‪..‬‬ ‫نظرت أمي إلي باستغراب وسألت‪:‬‬ ‫من كوفيد الصغير ؟ !‬ ‫الطفل الذي أحضره بابا وعاش معنا أياما ‪...‬‬ ‫كان أبي ينظر إلى بدهشة وهو يقول لي‪:‬‬ ‫عن أي طفل تتحدث ؟ أنا لم أحضر أي طفل للمنزل يا صغيري !‬ ‫ارتسمت عالمات الذعر في عيني أمي وبسرعة تحسست‬ ‫جبهتي وصرخت‪:‬‬ ‫يا إلهي‪ ،‬الطفل يهذي‪ ،‬إن حرارته مرتفعة‪ ،‬ما الذي يجب علينا‬ ‫ان نفعله ؟؟‬


‫العدد ‪1048‬‬

‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫سوق الكتاب في فرنسا‬ ‫خطط لإلنقاذ وخسائر بالجملة‬ ‫نجيب مبارك‬

‫بعد إغالق اضطراري لمدة شهرين كاملين‪ ،‬بسبب الحجر الصحّي‪،‬‬ ‫عادت دور النشر والمكتبات الفرنسية الستئناف أنشطتها يوم ‪ 11‬مايو‪/‬‬ ‫أيار الحالي‪ .‬وحسب استطالع أجرته مؤخّرًا النقابة الوطنية للنشر‪ ،‬تكبّد‬ ‫قطاع النشر والكتاب في فرنسا خسائر بالجملة‪ ،‬بينما ارتفعت أصوات‬ ‫مختلف الفاعلين للمطالبة بتفعيل ّ‬ ‫خطة الحكومة إلنقاذ سوق الكتاب في‬ ‫الشهور المقبلة‪.‬‬ ‫خطة إلنقاذ الكتاب‬

‫من النادر في فرنسا أن يطالب الكتّاب والناشرون‬ ‫الفرنسيون بتدخّل رئيس الجمهورية شخصيًّا في أمور‬ ‫تخصّ وضعية النشر والكتاب في البالد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬في‬ ‫عمود نُشر يوم السبت ‪ 23‬مايو‪ /‬أيار على موقع جريدة‬ ‫«لوموند»‪ ،‬بعنوان «سيدي الرئيس‪ ،‬ال تنسوا الكتاب!»‪،‬‬ ‫طلب ‪ 625‬مؤل ًفا وناشرًا وبائعًا للكتب من الرئيس‬ ‫الفرنسي إيمانويل ماكرون التفكير في ّ‬ ‫خطة عاجلة‬ ‫إلنعاش سوق الكتاب‪ .‬ومن بين الموقعين كتاب وناشرون‬ ‫بارزون مثل مايليس دي كيرانغال‪ ،‬وبيير لو ميتر‪ ،‬وكارين‬ ‫طويل‪ ،‬وفرانسواز نيسن‪ ،‬وفنسنت مونتاني‪ ،‬وأنطوان‬ ‫غاليمار‪ ،‬وكزافييه موني‪ .‬وتأتي هذه الدعوة بعد إجراءات‬ ‫أعلن عنها رئيس الجمهورية لدعم المجال الثقافي في ‪6‬‬ ‫مايو‪/‬أيار الماضي‪ .‬لكن هذه اإلجراءات «غاب عنها الكتاب‬ ‫بشكل غريب»‪ ،‬بحسب رأي بيير دوتيول‪ ،‬المدير العام‬ ‫للنقابة الوطنية للنشر‪ ،‬في حوار مع مجلة «ليفر إيبدو»‪.‬‬ ‫ويرى هؤالء الموقعون أن اإلغالق الكامل لمحالت بيع‬ ‫الكتب «قد أدى إلى فقدان كل مبيعاتها تقريبًا‪ ،‬وفقدان‬ ‫أكثر من ‪ 80%‬بالنسبة لدور النشر والموزعين والمطابع‪.‬‬ ‫بينما يواجه المؤلفون المحرومون من مبيعات الكتب‬ ‫واللقاءات مدفوعة األجر خسائر غير مسبوقة في الدخل‪ .‬وإن عالم الكتب في خطر»‪.‬‬ ‫وتدعو خطة اإلنعاش المقترحة إلى تبنّي «سياسة دعم قوي للعرض‪ -‬عن طريق اإلعانات‬ ‫والقروض واإلعفاء من الرسوم والضرائب االجتماعية‪ -‬من خالل زيادة الطلب حسب مواقع البيع‪،‬‬ ‫ودعم طلبات أكبر من قبل المكتبات واألفراد عبر استخدام «بطاقة الثقافة» أو قسيمة القراءة»‪ .‬كما‬ ‫يطلب الموقعون من إيمانويل ماكرون توفير «مساعدات بمئات الماليين من اليوروهات»‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى تفعيل خطة الطوارئ التي اعتمدها المركز الوطني للكتاب يوم الجمعة ‪ 3‬أبريل‪/‬نيسان‪ ،‬والبالغة‬ ‫قيمتها خمسة ماليين يورو‪ ،‬مع التذكير بأن «هناك ضرورة ملحة للتدخل قبل الصيف»‪.‬‬ ‫منذ رفع الحجر تدريجيًا في فرنسا‪ ،‬بد ًءا من‪ 11‬مايو‪/‬أيار الجاري‪ ،‬وإعادة فتح المكتبات‪ ،‬قفز عدد‬ ‫القراء إلى مستويات قياسية‪ .‬فقد زادت المبيعات بنسبة ‪ 233%‬من حيث القيمة و‪ 178%‬من حيث‬ ‫الحجم خالل األسبوع األول من رفع الحجر من ‪ 11‬إلى ‪ 17‬مايو‪/‬أيار‪ ،‬مقارنة باألسبوع السابق عليه‪ ،‬وف ًقا‬ ‫لتقديرات مكتب لإلحصاء‪ .‬وبالنسبة للمقارنة السنوية‪ ،‬ارتفعت مبيعات الكتب خالل األسبوع العشرين‬ ‫من هذا العام بنسبة ‪ 2.7%‬من حيث القيمة و‪ 6.8%‬في الحجم مقارنة بعام ‪2019‬‬

‫التأثير االقتصادي للحجر‬

‫أدى اإلغالق اإلداري للمكتبات لمدة شهرين تقريبًا إلى انخفاض كبير في عائدات المكتبات‬ ‫واستنزاف أموال الناشرين‪ .‬ويخشى هؤالء الناشرون من انخفاض في حجم التداول بين ‪ 20‬و‪ 40‬بالمئة‬ ‫على مدار العام‪ ،‬وف ًقا لمسح أجرته النقابة الوطنية للنشر‪ .‬وعلى الرغم من االنتعاش القوي على ما‬ ‫يبدو في نقاط البيع المختلفة‪ ،‬إال أن العديد من األصوات ارتفعت للمطالبة بتنفيذ خطة إنعاش قطاع‬ ‫الكتاب بأكمله‪ ،‬وستكون األولوية فيها لدعم المتاجر مباشرة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬أعلن وزير الثقافة‬

‫فرانك ريستر‪ ،‬في جواب أمام الجمعية الوطنية في ‪ 19‬مايو‪/‬أيار‪ ،‬أنه يعمل على مثل هذا البرنامج‪،‬‬ ‫وسيكشف عنه في األسابيع المقبلة‪.‬‬ ‫في ‪ 19‬مايو‪/‬أيار الماضي‪ ،‬كشفت النقابة الوطنية للنشر عن نتائج استطالع أجرته مع الناشرين‬ ‫عن مدى تأثير األزمة الصحية على دور النشر‪ .‬وقد شمل هذا االستطالع حول التأثير االقتصادي‬ ‫واالجتماعي للحجر ‪ 132‬شركة‪ ،‬تمثل ‪ 250‬دارًا للنشر‪ ،‬وهو يقدّم لمحة جزئية‪ ،‬ولكنها جوهريّة‪،‬‬ ‫عن الوضع المقلق للناشرين أو المستق ّلين أو المجموعات التحريرية خالل هذه الفترة من استئناف‬ ‫النشاط‪ .‬وعمومًا‪ ،‬بالنسبة لنتائج االستطالع‪ ،‬لم يكن مفاج ًئا تدنّي إيرادات الناشر في األشهر األخيرة‪.‬‬ ‫إذ يتو ّقع نصف عدد دور النشر انخفاضًا في حجم التداول يتراوح بين ‪ 20‬و‪ 40‬بالمئة هذا العام مقارنة‬ ‫بعام ‪ .2019‬بينما اعترفت ربع المؤسسات األخرى التي شملها االستطالع بأنّها ستفقد هذا العام‬ ‫أكثر من ‪ 40%‬من رقم األعمال‪ .‬وكلها تتّفق على ّ‬ ‫أن شهر أبريل كان هو الشهر األصعب خالل فترة‬ ‫الحجر‪ ،‬حيث أعلنت ‪ 73%‬من دور النشر عن انخفاض الدخل بأكثر من ‪ 60%‬خالل هذه الفترة مقارنة‬ ‫بالعام السابق‪ .‬أما بالنسبة لشهر مارس‪ ،‬فقد كشف ‪63%‬‬ ‫من الناشرين عن خسائر بين ‪ 20‬و‪ 60‬بالمئة من حجم‬ ‫مبيعاتهم‪ .‬وعلى الرغم من االنتعاش القويّ في المكتبات‬ ‫منذ رفع الحجر‪ ،‬إال أن أكثر من ثلث المؤسسات تتو ّقع‬ ‫انخفاضًا بنسبة ‪ 60%‬في دخلها خالل الشهر الجاري‪.‬‬

‫مساعدات غير كافية‬

‫ال شك ّ‬ ‫أن األثر االقتصادي للحجر ستكون له عواقب‬ ‫متوسّطة وطويلة األمد على الناشرين‪ .‬وفي هذا السياق‪،‬‬ ‫يشير أكثر من نصف المشاركين في االستطالع إلى تراجع‬ ‫ّ‬ ‫المخطط‬ ‫المداخيل النقدية وتأجيل أو إلغاء االستثمارات‬ ‫أن األزمة الصحية ّ‬ ‫لها‪ .‬كما يعتقد ثلث المؤسسات ّ‬ ‫تشكل‬ ‫تهديدًا للعمالة المشتغلة لديها‪ ،‬بل اعترفت ‪ 18‬مؤسسة‬ ‫بأنّها تواجه خطر اإلغالق فعليًا‪ .‬كما أدّى الحجر الطويل‬ ‫إلى تعطيل النشاط التحريري إلى حد كبير‪ .‬حيث أفاد‬ ‫أغلب المستجوبين أنهم قاموا في المتوسط بإلغاء أو‬ ‫ّ‬ ‫المخطط لها لعام‬ ‫تأجيل ‪ 18%‬من منتجاتهم الجديدة‬ ‫‪ .2020‬وإضافة إلى ذلك‪ ،‬حرم إلغاء معارض الكتب الدولية‬ ‫الرئيسية الناشرين من مداخيل مهمة كان سيوفرها بيع الحقوق األجنبية‪.‬‬ ‫ولتجاوز هذه األزمة‪ ،‬يدعو غالبية الناشرين الفرنسيين إلى تفعيل خطط الدعم المختلفة التي‬ ‫وضعتها الدولة والسلطات المحلية‪ ،‬ومن بينها اللجوء إلى البطالة الجزئية‪ ،‬والمطالبة بتأجيل دفع‬ ‫المساهمات االجتماعية واالقتراض عن طريق السلف الخاص بالشركات والمضمون من الدولة‪ ،‬والذي‬ ‫تمّ تأمينه بمبلغ إجمالي يصل إلى ‪ 300‬مليار يورو‪ .‬ومع ذلك‪ّ ،‬‬ ‫فإن أكثر من نصف الذين شملهم‬ ‫االستطالع اعتبروا ّ‬ ‫أن إجراءات الطوارئ هذه غير كافية ومبالغها محدودة جدًا‪ .‬بينما أشار بعض‬ ‫الناشرين بأصابع االتهام إلى معايير االستحقاق الصارمة والمقيِّدة بشكل مفرط‪.‬‬ ‫أمّا بالنسبة لتقييم شروط استئناف بيع الكتب‪ ،‬خالل األسبوعين الماضيين‪ ،‬فقد أجمع ّ‬ ‫كل‬ ‫المشاركين تقريبًا على صعوبة إعادة تشغيل المكتبات ونقاط البيع األخرى‪ .‬ووف ًقا للعائدات األولى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن تقاطر الحشود على المكتبات كان إشارة جيّدة في األسبوع األول من استئناف العمل‪ .‬لكن ما‬ ‫يدعو إلى القلق أكثر‪ ،‬وإلى عدم اليقين أيضًا‪ ،‬هو الطلب غير الكافي من القرّاء‪ ،‬ونقص الموارد المالية‬ ‫ألغلبهم‪ ،‬وانخفاض الميزانيات الخاصّة بشراء الكتب على العموم‪ .‬لهذا يبدو منطقيًّا أن تطالب‬ ‫الغالبية بدعم قويّ من الدولة والبلديات للمكتبات حتى تستأنف نشاطها‪ ،‬من خالل إمكانية تعليق‬ ‫ضريبة القيمة المضافة على الكتب‪ ،‬ودعم الكتب المدرسية وتوزيع قسائم القراءة‪ .‬بينما يجب أن ّ‬ ‫يركز‬ ‫الجزء الثاني من ّ‬ ‫خطة االنعاش على مساعدة الناشرين المستقليّن‪ ،‬من خالل إلغاء مساهمات الضمان‬ ‫االجتماعي‪ ،‬والمساعدة المالية على التكاليف الثابتة والصيانة المؤقتة (اإليجار‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬إلخ) والبطالة‬ ‫الجزئية‪ .‬وباإلضافة إلى تدابير دعم المقاوالت‪ ،‬يؤيّد معظم الناشرين حلولاً سياسة وثقافية أكثر‬ ‫شمولية‪ ،‬مثل اعتماد سعر الكتب البريدية‪ ،‬وإطالق نظام عام لتوزيع الكتب على المكتبات العمومية‬ ‫والمؤسسات التعليمية‪ .‬أو القيام بحملة دعائية وطنية كبرى لدعم اقتناء الكتب والقراءة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫ْ‬ ‫عُق ُ‬ ‫دَة السِّحْ ِر‬ ‫‪ 1‬اَ‬ ‫_للّة تَاجَة‬ ‫ذَ َه ْب ُت إلَى َّ‬ ‫يب‬ ‫الط ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫َفزَادَنِي‬ ‫َمرَضَ ا!‬ ‫‪..‬‬ ‫َ‬ ‫اء‬ ‫َعرَ ْج ُت إِلى َّ‬ ‫الس َم ِ‬ ‫َفلَ ْم حُتَرِّ ْك َسا ِكنا ً‬ ‫لَ ْفظا ً وَ اَل حَلْ َظا!‬ ‫‪..‬‬ ‫حْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫يب‬ ‫ب‬ ‫عج ُ َ‬ ‫ُو ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫لَ َعلَّ ُه لَ ِك َّن ُه وَلَّى‬ ‫ض َعابِسا ً َف َّظا!‬ ‫وَأ َ ْعرَ َ‬ ‫‪..‬‬ ‫وَ ُع ْذ ُت ب ُك ِّل أ َْ‬ ‫اب الْ َورَى‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعزُّوا وَ َجلُّوا ب َ ْين َُه ْم َقهْ را ً‬ ‫ضا!‬ ‫وَبَزُّوا ب َ ْع َ‬ ‫ض ُه ْم بُ ْغ َ‬ ‫‪  ..‬‬ ‫َاج ٍة»‬ ‫َكـ «لَ اَّل ت َ‬ ‫اج ٍة أَبَدا ً‬ ‫ْض أَي َّ َة َح َ‬ ‫لَ ْم تَق ِ‬ ‫ضى!‬ ‫اج ٍة» َق َّ‬ ‫اضي َح َ‬ ‫وَ اَل َم ْو اَل َي « َق ِ‬ ‫‪..‬‬ ‫وَثُ ْب ُت إِلَ َّي‬ ‫َان‬ ‫يك‬ ‫د‬ ‫ِفي حَتْن ِ ِ ٍ‬ ‫ضا!‬ ‫اج ٍة ب َ ْي َ‬ ‫اضنا ً َك َد َج َ‬ ‫َح ِ‬ ‫‪-----‬‬‫_ اللة تاجة‪ :‬تطوانية األص��ل‪ ،‬ضريحها في المدينة‬ ‫القديمة‪ ،‬بالدار البيضاء‪ ،‬بيتها جوار القنصلية البلجيكية‪ ،‬كان‬ ‫خيرية لرعاية اليتامى‪ ،‬المساكين‪ ،‬المشردين‪ ،‬عابري السبيل‪،‬‬ ‫اتهمت بالتجسس‪ ،‬والزنا مع موظف القنصلية‪ ،‬التي ساعدتها‬ ‫في عملها اإلحساني اإلنساني‪ ،‬هوجمت‪ ،‬من الذكور خاصة‪،‬‬ ‫أهدر دمها‪ ،‬رجم بيتها‪ ، ،‬جردت من لقب اللة‪ ،‬وفرت لها‬ ‫القنصلية الحماية من القتل‪ ،‬وحدهن النساء وثقن ببراءتها‬ ‫من كل التهم‪ ،‬طولب برأسها‪ ،‬توفيت داخل القنصلية‪ ،‬رفض‬ ‫دفنها في مقبرة المسلمين‪ ،‬طالبت النساء بدفنها في أرض‬ ‫القنصلية‪ ،‬ضريحها مزار النساء الباكيات على نكبتها و «ما‬ ‫دير حسنة ما يطرا باس»!‬ ‫سيدي قاضي حاجة‪ :‬ربي يحيى بن يحيى‪ ،‬ضريحه‬ ‫بقصبة تادلة‪ ،‬على ضفة أم الربيع‪ ،‬أحد الطلبة العشرة‪ ،‬عند‬ ‫حاخام‪ ،‬امتحنوه في علمه‪ ،‬ببتر فقرة من النصوص المقدسة‪،‬‬ ‫فطردهم‪ ،‬وتنبأ لهم بعيشة منبوذة‪ ،‬محرومين من شرف‬ ‫االنتساب لليهود‪ ،‬وبالدفن في أرض بعيدة‪ ،‬يزوره للشفاء‬ ‫اليهود والمسلمون دون نفي يهوديته‪ .‬ومنه «نسخ» في‬ ‫مدن أخرى‪ ،‬كسيدي قاضي حاجة في آسفي حاضرة الصلحاء!‬

‫ُ‬ ‫مَانْدْرَاغورَا‬ ‫‪_2‬‬

‫(إلى الجرادة السارحة في البراري)‬ ‫ُك ُّل مَا فِيكِ يُغْ ِري‬ ‫وَيَ ْفتِنُ مَعْنًى وَمَغْنَى!‬

‫‪9‬‬

‫إدريس الملياني‬

‫حُ ْلوَ ٌة أَنْتِ‪ ،‬نَاعِمَ ٌة‪،‬‬ ‫مَ ْلمَساً َ‬ ‫وَمَذاقاً وَ َلوْنَا!‬ ‫‪..‬‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫اح ُة الْ ِع ْطرِ وَال َّث ْغرِ‪،‬‬ ‫وَ َّ َ‬ ‫وَ َّ‬ ‫الشهْ َو ِة النَّائ ِ َح ْة!‬ ‫مْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت ُْس ِكرِي َن اللوك بِخَ ْمرِ‬ ‫اك وَ ُق ْبلَ ِت ِك اَّ‬ ‫الل ِف َح ْة!‬ ‫مَل َ ِ‬ ‫‪..‬‬ ‫وَ ُس ْب َحا َن!‬ ‫يك ِج ّنا ً وَإِن َْسا!‬ ‫بَار ِ ِ‬ ‫اك!‬ ‫ب‬ ‫وَ ُطو َ ِ‬ ‫ْسا!‬ ‫ت َْش ِف َ‬ ‫ني ُح ّبا ً وَ ِجن َ‬ ‫‪..‬‬ ‫َف َم ْن أَن ِْت؟ َمان ْ ْدرَا ُغورَا؟‬ ‫إْالِلَ ِه َّي ُة الْقَا َم ِة الْ َفار ِ َه ْة!‬ ‫أ َ ْم تُرَى ُع ْ‬ ‫ش َب ُة خْالُلْ ِد‪،‬‬ ‫السا َّم ِة الْ َفا ِكهَ ْة!‬ ‫وَاجلَ َّن ِة َّ‬ ‫‪..‬‬ ‫ص ِب‪،‬‬ ‫رَب َّ ُة حُالُ ِّب وَ خْالِ ْ‬ ‫وَالْ ُع ْ‬ ‫الصائ ِ َح ْة!‬ ‫ش َب ُة ا مْل ُ ْت ِئ ُم َّ‬ ‫َ‬ ‫ول ولُ َّفا َح ن َْس ٍل‪،‬‬ ‫ُم َبار َ َك ٌة أن ِْت‪ ،‬تُ ُّفا َح ُغ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْة»‬ ‫س ًة» ُكن ِْت أ ْم َ‬ ‫و» َعا ِق َ‬ ‫«ص حِ‬ ‫‪---‬‬‫«أ َ ْجرَادَة َم حْ‬ ‫الَ ْة!‬ ‫ني ُكن ِْت َسارْ َح ْة»!‬ ‫ِف ْ‬ ‫‪----‬‬‫_م��ان��دراغ��ورا ‪ mandragora‬نبتة غريبة عجيبة‪،‬‬ ‫على شكل جسم اإلنسان‪ ،‬لها رأس وأعضاء‪ ،‬حتى القضيب‬ ‫الذكري‪ ،‬وأنثى وخنثى‪ ،‬عديدة األسماء‪ :‬بيضة الغول‪ ،‬تفاح‬ ‫الجن‪ ،‬تفاح الشيطان‪ ،‬والمجانين‪ ،‬يبروح‪ُ ،‬ل ّفاح‪ ،‬باألمازيغية‬ ‫تارياال‪ ،‬عند استخراجها تطلق صرخة كل من يسمعها يموت‪،‬‬ ‫لذلك يضحون بحيوان‪ ،‬كلب‪ ،‬حمار‪ ،‬يربطونه بها ويقلعها‬ ‫ويموت شهيدا‪ ،‬حين يفتح بطنها يظهر شكل توأمين‬ ‫متعانقين‪ ،‬استخدمت في السحر األسود‪ ،‬والطب الشعبي‪،‬‬ ‫والعالم أيضا‪ ،‬شفاء العقم‪ ،‬وأمراض شتى‪ ،‬مقوية جنس‪،‬‬ ‫مكبرة مؤخرة‪ ،‬أكسيد الغرام‪ ،‬حتى أفروديت إلهة الحب‬ ‫والخصب أطلق عليها اسم سيدة بيضة الغول‪ ،‬بل وتصنع‬ ‫منها خمرة فاخرة للملوك‪ ،‬مسكنة‪ ،‬مخدرة‪ ،‬منومة‪ ،‬ناعمة‪،‬‬ ‫ملساء‪ ،‬مغرية باألكل‪ ،‬وشراب محبة‪ ،‬مهلوسة‪ ،‬وقاتلة‪ ،‬سامة‪،‬‬ ‫تؤدي للجنون‪ ،‬والموت‪ ،‬مذكورة في الكتاب المقدس بعهديه‬ ‫القديم والجديد‪ ،‬في إنجاب هاجر‪ ،‬ونشيد األنشاد‪ ،‬وفي‬ ‫إبداعات كثيرة‪ ،‬األوديسة‪ ،‬شكسبير‪ ،‬وأعمال فنية‪ ،‬أوراقها‬ ‫أزهارها ثمارها صفراء خضراء‪ ،‬برتقالية‪ ،‬بنفسجية‪ ،‬لذيذة‬ ‫المذاق‪ ،‬طيبة الرائحة‪ ،‬معالجة للشم‪ ،‬قاتلة قبلتها ولذتها‪،‬‬ ‫ولها ارتباط بحكاية الجرادة المالحة السارحة _ «واش كليتي‬ ‫واش شربتي غير التفاح والنفاح»_ الساحرة العاقسة سارقة‬ ‫الرضيعين‪ ،‬التوأمين‪ ،‬طفلي الصالحة ‪ ،‬ونهاية سعيدة‪،‬‬ ‫بالتخلص من الساحرة الممسوخة إل��ى ج��رادة وع��ودة‬ ‫التوأمين ألمهما الصالحة ثم الرقص والغناء‪ .‬فمن هي هذه‬ ‫العشبة السحرية الغريبة العجيبة!‬

‫أدفن فراغ يدي‪..‬‬ ‫وأنوي‬ ‫نضال القاضي‪ /‬العراق‬ ‫صار غامقا الفراغُالذي وضعتُهُ تحت رأسي‬ ‫في خلطتهِ رواح و رواح مقيمان‬ ‫هما سرّبا يدي وهي تهلوس بمارّةٍ‬ ‫في أحدٍمحاطٍ بأراض‪...‬‬ ‫عندما نظر الضو ُء الى النظر‬ ‫وفزُّتْ الريح‪..‬‬ ‫التهزّيها !‪..‬‬ ‫سمعتُ !‬ ‫بشعب بقيَ من ناحية األمّ‬ ‫لن تخيّم‬ ‫ٍ‬ ‫وال ببضعةِ فراسخَ من أب أخذهُ البحر‬ ‫ال ّ‬ ‫يتذكر‪..‬‬ ‫لكنه حين يضحكُ ‪..‬‬ ‫يبدو عليه ّ‬ ‫كلُحطام السفن ‪،‬‬ ‫ماكان بردا ‪..‬‬ ‫بل مثل برد وعجوز تقضم‬ ‫أكلتْ ِر َ‬ ‫جْل فتاة‪..‬‬ ‫جْل واحدةٍ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫يقفز‬ ‫الملح‬ ‫صار‬ ‫َِ ٍ‬ ‫رَ ّقصتْ المدينةَ ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫المسموعةَمن غرفة الحطب‬ ‫كِسْر َة الماء‬ ‫الحفر َة التي يعيش فيها الصفر‬ ‫كائناتِ المأوى القديم ليوم معثورٌعليهِ في ساعاتِهِ األخيرةِ‬ ‫ٍ‬ ‫خطو ًة لم يمدَّها النهر‪..‬‬ ‫ففخَرَها الهوا ُء في طريقِهِ وهو يق ّلدُ صوتَ القطار‬ ‫من عربةٍ أخيرةٍ تخط بزنجير‬ ‫أرض طويلةٍ ال يأتي وراءها أحد‬ ‫على ٍ‬ ‫وال الساعاتُ التي نعرف ‪..‬‬ ‫المحطة ُّ‬ ‫ّ‬ ‫تنطرُ الزمن‪..‬‬ ‫الساعاتُ التي مكثت في‬ ‫يتأتئ‪:‬‬ ‫المتأتئ‬ ‫حارسُها‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫غروب في األساسات‬ ‫ثور من الجصّ يتساقط ‪..‬‬ ‫في المقطع النحيل القاني لموسيقى عليها سمكة نافقة !‬ ‫الظالم كذلك نطر‪..‬‬ ‫ليال يعودُ لمزرعة ‪..‬‬ ‫تدرّزُهُ س ّقاطات ردّا على طرقات أعقبتها طرقات‬ ‫ال الليل وصل من المزرعة‬ ‫وال وراءه صرت أبواب‬ ‫فقط ماء لم يُتعَرَّفْ عليه‪..‬‬ ‫نخَرَهُ نمل ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫مُسنّ‬ ‫كان‬ ‫الحديث عابرا وبملمس لحا ٍء ِ‬ ‫ّ‬ ‫المحط ُة تربو على سما ٍء قديمة‬ ‫والذين ذهبوا الى السماء ندموا‬ ‫لم تكن البحر حين استيقظوا من الزرقة‬ ‫جْل واحدة‬ ‫ال ترقصُ مثل الملح ب ِر ٍ‬ ‫ال تعوي مثل قطار‪..‬‬ ‫ليس فيها جنوب !‬ ‫البرازيل ‪ -‬بورتو اليكري‪ /‬أيلول ‪2019‬‬


‫العدد ‪1048‬‬

‫‪10‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫حوار مع‬

‫الفنان التشكيلي المغربي عبدالسالم القوسي‬ ‫الفنان واألستاذ عبد السالم القوسي؛ من مواليد ‪1954‬بمدينة القصر الكبير العريق‪ ،‬وخو أحد أبرز األسماء في‬ ‫المشهد التشكيلي المغربي المعاصر‪ .‬انتمي للجيل الذهبي للفن المغربي المعاصر؛ حيث واكب واشتغل وعاصر‬ ‫رواده بين فترة أواخر السبعينات والثمانينات والتسعينيات‪ ،‬التي خاللها عرف فيه المغرب بروز مدارس عديدة وأسماء‬ ‫بارزة في الفن المغربي‪.‬‬ ‫تخرج من المدرسة الوطنية للفنون التطبيقية بالدار البيضاء؛ والتحق بعدها بالمركز التربوي الجهوي بالرباط؛‬ ‫بعدها عين أستاذا للفن التشكيلي بالقصر الكبير‪.‬‬ ‫بعدها اختار عبدالسالم القوسي تتويج مساره الدراسي عبر السلك الخاص شعبة الديكور وفن اإلشهار في‬ ‫نفس المدرسة‪.‬‬ ‫قدم العديد من المعارض الفنية في مختلف المدن المغربية‪،‬و في الدول األوربية‪ .‬كما شارك في العديد من‬ ‫التظاهرات الفنية بالمغرب ذات طابع وطني من عيد العرش وذكرى المسيرة الخضراء‪ ....‬وذات طابع ثقافي من‬ ‫أسابيع ثقافية وتربوية تعليمية‪ .‬وله إصدار على شكل بحث في فن الحديد في القصر الكبير وغيرها من اإلصدارات‬ ‫المتواضعة في نفس السياق الذي يخدم الموروث الثقافي لبلدنا المغربي‪.‬‬ ‫عبداإلله المويسي ‪ /‬رئيس التحرير‬

‫نبدأ معك بالسؤل التقليدي حول البدايات األولى‬ ‫التي مهدت لمجيئك إلى عالم الفن التشكيلي؟‬

‫ظهر شغفي ومهاراتي في الرسم منذ نعومة األظافر‪ ،‬حيث‬ ‫كنت جد منبهر بالرسومات التي كانت في المقررات المدرسية‬ ‫لبوكماخ؛ وكنت أقوم برسمها وإضافة لمساتي الخاصة وأنا أسافر‬ ‫بمخيلتي في األشكال واأللوان التي تركبها‪ .‬بعدها شاءت األقدار‬ ‫أن انتقلت مع عائلتي لمدينة طنطان لظروف عمل الوالد رحمه‬ ‫اهلل؛ فكانت نقلة نوعية في حياتي؛ حيث الصدفة قادتني أن التقيت‬ ‫بفنان كان يرسم بورتريه في الشارع العام ويتقاضى من خالله أجرا‬ ‫محترما‪ ،‬وكنت يوميا اجلس أمامه وأعود إلى المنزل ألرسم ماكنت‬ ‫أشهاده من تقنيات ومهارات‪ .‬حينها علمت أن الفن ليس فقط‬ ‫هواية بالنسبة لي‪ ،‬بل سيكون هويتي في المستقبل‪ .‬بعدا؛ زاد‬ ‫سفري إلى الدول األوروبية من رصيدي المعرفي خصوصا وكنت وال‬ ‫زلت دائما مبهورا بالرسامة الذين يرسمون‬ ‫في أشهر الشوارع األوروبية‪.‬‬

‫كيد راض عن مساري الفني‪ ،‬وشعلة الفن لن تنطفئ مادامت‬ ‫الموهبة موجودة‪ .‬كما يقال‪« :‬عملي المفضل هو العمل اآلتي‬ ‫مستقبال»‪ ،‬فبالرغم من انشغالي بتعليم الجيل الصاعد إال أن‬ ‫اختياراتي الفنية اآلن هي أكثر انتقائية‪ ،‬فال أريد أن يكون فني هو‬ ‫للديكور فقط كما هو مشاع‪ ،‬بل وأريد ألعمالي ان تكون لها رسالة‬ ‫وأميل أن تأخد مسار تعليمي بعد سنوات عديدة من االحتراف‪.‬‬ ‫ما تقييمك للفن التشكيلي المغربي اآلن؟‬ ‫الفن التشكيلي المغربي االن أخد مسارا آخر عما كان عليه‬ ‫الجيل الذي أنتمي اليه‪ .‬فقد واكب الجيل الجديد التقلبات الفكرية‬ ‫ألواخر القرن العشرين والواحد والعشرين‪ ،‬وأصبح أكثر انحيازا‬ ‫وتأثرا بالمدرسة الحديثة والمعاصرة لما تعبر عنه من حرية في‬ ‫التعبير بالخروج عن الواقع وإحداث تواصل قوي بين الرسام‬ ‫والمتلقي‪ .‬ولكنني مازلت أرى أن انتقال الفنان إلى الفن التجريدي‬

‫أين يمكن تصنيف تجربة الفنان‬ ‫عبدالسالم القوسي؟‬ ‫أوال يمكن أن أنصف نفسي كفنان واقعي‪،‬‬ ‫تشخيصي وانطباعي بامتياز كما أني أتقن فن‬ ‫البورتريه بمختلف تقنياتها‪ .‬فبالرغم من أني‬ ‫انتقلت بين العديد من المدارس الفنية من‬ ‫التجريدي إلى التعبيري مثال‪ ،‬إال أن مدرسة‬ ‫الواقع واالنطباعية‪ ،‬تبقيا هما القريبتان إلى‬ ‫هويتي الفنية التي ما فتئت ان وجدت نفسي‬ ‫فيها منذ السنوات األولى من احترافي للفن‬ ‫بالنسبة لتجربتي الفنية‪ ،‬فيمكن أن‬ ‫أصنفها بالثقافية؛ حيت كان يطبعها الطابع‬ ‫الثقافي عبر البحث عن هوية للفن المغربي‪،‬‬ ‫حيث أن واجبنا كفنانون مغاربة بعد التحصيل‬ ‫العلمي الغني الذي تعلمناه من تاريخ الفن‬ ‫العالمي‪ ،‬أن نقوم ببلورة الهوية الثقافية‬ ‫المغربية عبر اإليديولوجيات الثقافية الفنية‬ ‫للرسم‪ .‬وهذا ما يمكن أن تالحظه عبر أعمالي‬ ‫مند بداياتي إلى االن‪ ،‬كالفنتازيا مثال أو‬ ‫المشاهد التعبيرية ذات رمزية عالية للهوية‬ ‫الثقافية المغربية‬

‫أنجزت مؤخرا مجموعة من اللوحات الجديدة‬ ‫تحتفي فيها بمدينة طنجة ما هو سياق هذا‬ ‫االختيار؟ من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر كيف ينظر‬ ‫الفنان عبدالسالم إلى عالقة التشكيل بالمدينة؟‬ ‫باإلضافة إلى فن الرسم؛ فأنا جد مهتم بالهندسة المعمارية‬ ‫وبالمشاهد الحضارية للمدينة كوجه آخر للتعبير عن الثقافة‬ ‫والتاريخ وتزامن األحداث اإلنسانية والثقافات في مكان واحد‪.‬‬ ‫بالرغم من أن التوجه المعماري المعاصر يتلخص في انسالخ‬ ‫المكان عن التميز الثقافي واالجتماعي غبر العالم إال أني مازلت أجد‬ ‫أن بالرغم من الحداثة إال أن لكل مدينة طابعها الخاص الذي أريد‬ ‫إبرازه عبر أعمالي‪ ،‬وال أجد أحسن من تقنية الكواري بالخصوص‬ ‫للتعبير عن ذلك‪ .‬وهذا الفن كان في بداية القرن العشرين والزال‬ ‫دارجا عبر ما يسمى ب ‪ carnet de voyage des artistes‬وخير‬ ‫مثال على ذلك ‪ Eugène delacroix‬في مدينة طنجة‪ .‬إال أن‬ ‫أعمالي يطبعها طابع الواقعية وليس التعبيرية‪.‬‬

‫هل الفنان عبد السالم القوسي راض عما قدمه‬ ‫لحد اآلن من أعمال فنية؟‬

‫وأعمال كثيرة من التجريدي؛ إال أني غالبا كما قلت لكم سابقا‪ ،‬أميل‬ ‫إلى توظيف الهوية المغربية في أعمالي؛ فتجد الخط العربي الذي‬ ‫أتقنه في لوحاتي التجريدية وأيضا أستحضر النقوش والرسومات‬ ‫المغربية كالزخرفة وغيرها‪ .‬وفي بعض األحيان أضيف بعد المواد‬ ‫الجديدة للوحة كالرمل‪ ،‬والمعدن؛ وروق الذهب وغيرها‪.....‬‬ ‫أما فيما يخص التقنيات التي أمارسها؛ فأنا في انتقال دائم‬ ‫بين الصباغة الزيتية و األكوار يل و أكريليك و األقالم الملونة‬ ‫عالية الجودة و الخبر األسود؛ و قلم الرصاص و ‪.pastel‬‬

‫كيف تقيم اهتمام التلفزيون المغربي ووسائل‬ ‫اإلعالم بشكل عام بالفن التشكيلي؟‬ ‫أجد اليوم اهتام مهم بالفن والفنانين المغاربة في جميع‬ ‫المجاالت‪ .‬فتجد بعض البرامج الخاصة واألخبار اليومية تتطرق‬ ‫إلى المسار الفني لبعض الفنانين المغاربة‪.‬‬ ‫فتقرب المشاهد المغربي لهذا الفن الراقي؛‬ ‫وبدورهم؛ على الفنانين ان يتقربوا أيضا‬ ‫للصورة الفنية بالمغرب بإقامة ورشات‬ ‫ومعارض‪ ،‬مع مواكبة الصحافة السمعية‬ ‫والبصرية وأيضا اإللكترونية لهاته‬ ‫التظاهرات‬

‫ما العمل الفني الذي تتمنى لو‬ ‫أنك من أنجزه؟‬

‫سؤال صعب و ذكي جدا‪ ،‬لكن لي عمل‬ ‫قد أبهرني جدا للفنان اإلسباني ‪José‬‬ ‫‪ tapiró y baró‬و هو تحت عنوان ‪pré� :‬‬ ‫‪paration pour le mariage de la fille‬‬ ‫‪ du chérif‬و أيضا يمكن أن أقول الصورة‬ ‫التعبيرية للنقود المغربية‬

‫ما الذي تطالب به المعنيين‬ ‫بالفن التشكيلي‪ ...‬مسؤولين‪..‬‬ ‫فنانين ‪ ....‬نقاد‪...‬ومتلقين‪...‬‬ ‫وغيرهم؟‬

‫مباشرة البد أن يسبقه إتقانه لما سبقه‪ ،‬بمعنى أن الفنان القادر‬ ‫على إتقان الواقع ويختار التجريدي كتوجه هو فنان شامل‪ .‬وخير‬ ‫مثال لدي هو الفنان العالمي بيكاسو‬ ‫االن‪ ،‬الفن المعاصر في العالم عامة وفي المغرب خاصة شكل‬ ‫نقزة نوعية للفن عبر الصورة والفيديو وغيرها‪ ،‬التي أخدت األضواء‬ ‫من الفن التشكيلي‪ .‬ويجب اإلشارة أيضا إلى فن الكاريكاتير‬ ‫والرسوم المتحركة والرسوم ثالثية األبعاد‪ .‬فلقد انبهرت بمستوى‬ ‫هذا الجيل من الشباب المغاربة في هذا النوع من الرسم الذين‬ ‫يضاهون الرسامة العالمين‪ .‬كل الفخر بالجيل القادم؛ فله طابعه‬ ‫الخاص الذي سيبصم بصمة قوية في التاريخ اإلنساني‬

‫تميز الفنان عبد السالم القوسي بارتباطه بالفن‬ ‫التشخيصي‪ ،‬هل تفكر في تغيير المسار عبر تبني‬ ‫أساليب توظف التقنيات التجريدية ولربما تنتقل‬ ‫بتجربتك إلى آفاق مغايرة لما عرفت به؟‬ ‫نعم؛ فمنذ احترافي للفن التشكيلي‪ ،‬شكل الفن التشخيصي‬ ‫توجه محوري في مساري الفني بعد الواقعي‪ ،‬بالخصوص في فن‬ ‫البورتريه‪ ،‬أيضا مررت بالعديد من التقنيات األخرى كالطبيعي‬ ‫واالنطباعي والخيالي‪ .‬أما فيما يخص التجريدي فأكيد أن لي لوحات‬

‫ان المجتمعات التي ال تهتم بالفن‬ ‫هي مجتمعات ال روح لها وال ابداع فيها‪ .‬فال يجب مشاهدة الفن‬ ‫التشكيلي من منظور بعيد وكما قلت كديكور للتزيين فقط؛ فطالما‬ ‫كان الفن التشكيلي مواكبا للتوجهات الفكرية التي عرفها اإلنسان‬ ‫عبر الزمن؛ فألتمس من المسؤولين أن يعلم الفن التشكيلي في‬ ‫المدارس كمادة أساسية؛ دون انسالخها عن توجهاتها الفكرية‪.‬‬ ‫فهذا سيربي في جيلينا الصاعد ان يكون مسؤوال في اختياراته‬ ‫المستقبلية‪ ،‬فليس المهم ان يكون الفن جميال؛ بل أن يكون من‬ ‫ورائه فكرة‪ ،‬إبداع‪ ،‬تواصل‪ ....‬و من هنا تتأثر اختيارات اإلنسان في‬ ‫المستقبل و يصبح أكثر نضجا و إبداعا‪.‬‬ ‫وأطالب الفنانين بإحداث ملتقيات فكرية كثيرة مع المعارض‬ ‫والتظاهرات الثقافية ذلك من أجل تقريب المواطن المغربي و‬ ‫بلورة أفكاره لتصبح أكثر انتفاحا وإبداعا ‪.‬‬

‫ما هي آخر مشاريعك؟‬

‫اني اآلن في صدد التعداد لمعرض فني تشكيلي حول الفنتازيا‬ ‫المغربية بجميع تقنياتها‪ .‬كما أن لي مشروع ذو طابع ثقافي‬ ‫وتعليمي أظن أنه سينال استحسان النقاد و المتلقي‪.‬‬

‫كلمة اخيرة لقراء جريدة الشمال؟‬

‫أتمنى أن يكون هذا اللقاء مثمرا وخفيفا على القراء األعزاء‪ ،‬و‬ ‫أتمنى لهم عيدا سعيدا و أيام مباركة‪.‬‬


‫‪11‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫‪BIG MOSLEM‬‬ ‫رزئ الشعر هذا األسبوع في وفاة واحد من أهم شعراء أمريكا‬ ‫هو الشاعر مايكل ماكلور ‪Michael McClure (1932-‬‬ ‫‪ )2020‬أحد االعمدة الخمسة لجيل البيت األمريكي ‪The Beat‬‬ ‫‪ ( Generation‬إلى جانب آلن غنسبرغ وجاك كرواك)‪.‬‬ ‫أذكر أن ماكلور سنة ‪ 2015‬في إطار حملة ‪ 100‬شاعر إلنقاد‬ ‫الشاعر الفلسطيني أشرف فياض الذي كان يقبع محكوما‬ ‫باإلعدام في السجون السعودية‪ ،‬كان أرسل قصيدة تضامن‬ ‫ترجمتها له ونشرت في أنطولوجيا لنفس الغرض‪ .‬القصيدة‬ ‫بعنوان ‪ .BIG MOSLEM SOULS‬أعيد نشر القصيدة هنا‬ ‫مع الترجمة‪...‬‬ ‫لروحه السالم والسكينة‪.‬‬

‫‪Michael McClure‬‬

‫نفوس مسلمة كبيرة‬ ‫أيتها النفوس المسلمة الكبيرة‬ ‫أشرف فياض‬ ‫واحد منكم‬ ‫افتحوا باب رحمتكم‬ ‫عدلكم‪،‬‬ ‫سماحتكم العظيمة‬ ‫أشرف فياض‬ ‫واحد منكم‬ ‫أيتها النفوس المسلمة الكبيرة‬ ‫شخص جدير بالفخر‬ ‫على باب رحمتكم‬ ‫باب عدلكم‬ ‫سماحتكم العظيمة‪،‬‬ ‫لط ُف ُكم زهر ُة الذهب‬ ‫ألجل إنقاذه‬ ‫افتحوا باب سماحتكم العظيمة‪،‬‬ ‫كبرياؤه هو كبرياؤكم‬ ‫وقد أحناه جالل الروح‬ ‫سماحتكم العظيمة‬

‫‪will save Ashraf Fayahd‬‬ ‫‪to be the child of your‬‬ ‫‪kind, proud justice‬‬ ‫‪The poets of the centuries‬‬ ‫‪the Proud and the Modest‬‬ ‫‪entreat Big Moslem Souls‬‬ ‫‪all ask you for Mercy, Justice,‬‬ ‫‪kindness, for Asraf Fayahd‬‬ ‫‪let your justice smile upon‬‬ ‫‪this poet‬‬ ‫‪as a Kind Heart‬‬ ‫‪of a Big Moslem Soul‬‬

‫مايكل ماكلور‬ ‫إلى الشاعر أشرف فياض‬

‫وقد أحناها جالل الروح‬ ‫ستنقذه فيحيا‬ ‫ستنقذ أشرف فياض‬ ‫فيكون ابنا‬ ‫للطف وكبرياء عدلكم‬ ‫شعراء كل العصور‬ ‫الفخورون البسطاء‬ ‫يتوسلون نفوس المسلمين الكبيرة‬

‫‪for your Mercy‬‬ ‫‪your Justice‬‬ ‫‪your Great Heartedness‬‬ ‫‪your kindness is the golden‬‬ ‫‪flower‬‬ ‫‪to save him‬‬ ‫‪Open your Great Heartedness‬‬ ‫‪his pride is your pride‬‬ ‫‪bent by spirit‬‬ ‫‪bent by spirit‬‬ ‫‪your Great Heartednesss‬‬ ‫‪will save him to be‬‬

‫جميعهم يطلبون الرحمة‪ ،‬العدل‪،‬‬ ‫اللطف ألشرف فياض‬ ‫دعوا بسمة العدل تفيض‬ ‫على هذا الشاعر‬ ‫بقلب سمح‬ ‫جدير بنفس مسلمة كبيرة‬

‫‪BIG MOSLEM SOULS‬‬ ‫‪Michael McClure‬‬ ‫‪Big Moslem Souls,‬‬ ‫‪Ashrsaf Fayahd‬‬ ‫‪is one of you‬‬ ‫‪open your Mercy‬‬ ‫‪your Justice‬‬ ‫‪your Great Heartedness‬‬ ‫‪Ashraf Fayahd‬‬ ‫‪is one of you‬‬ ‫‪Big Moslem Souls‬‬ ‫‪A proud figure‬‬


‫‪12‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫«الحجر الصحي الذكي»‬ ‫أو اإلغالق الكامل الذكي‪،‬‬ ‫هكذا أسماه الوزير األول‬ ‫»‪«Mark Ruttee‬‬ ‫نادية بوخيزو‬

‫أمستردام ‪ /‬هولندا‬ ‫بهولندا‪ ،‬بأن ‪ 47%‬من الوفيات بهولندا بسبب كوفيد ‪ 19‬هي من‬ ‫المسنين المهاجرين‪ ،‬وخاصة المغاربة واألت��راك‪ ،‬بينما ‪ 38%‬من‬ ‫الوفيات هي من المسنين الهولنديين‪ .‬والسبب يرجع حسب عالمة‬ ‫االجتماع السيدة «طانيا» إلى نوع العمل الذي يقوم به المهاجرين‪،‬‬ ‫وتعدد أفراد األسرة الواحدة‪ ،‬واالتصاالت االجتماعية‪ ،‬مما يجعل‬ ‫الفيروس يتفشى في صفوفهم أكثر من الفئة األخرى أو الفئة الواعية‪.‬‬ ‫و في نظري‪ ،‬أرى أن السبب نفسي أيضاً‪ ،‬فنفسية «الغريب» غابة‬ ‫موحشة‪ ،‬والضغوطات النفسية لها دور كبير في إضعاف المناعة‪.‬‬ ‫لن أكون متشائمة و أقول أن ليس هناك «عالم» بعد الحجر‬ ‫الصحي أو بعد الكورونا‪ ،‬وفيما إذا كانت كورونا ستبقى بيننا إلى‬ ‫األبد‪ ،‬مثل ما صرحت به منظمة الصحة العالمية‪ .‬على األرجح ستبقى‬ ‫كورونا معنا مثلها مثل أي فيروس آخر‪ ،‬و لربما سيعود فيروس كورونا‬ ‫خالل الشتاء المقبل مثله مثل أي إنفلونزا عادية تقتضي ضرورة‬ ‫تطبيق اللقاح على كل شخص‪.‬‬ ‫هي نظريات ألختم به قولي كما قال «توماس جفرسون»‪ :‬قيمة‬ ‫الصحة أكبر كثيراً من قيمة التعليم ‪ .‬لهذا لنعتني بصحتنا و نتبع‬ ‫الوقاية االزمة و الوقاية دائما أفضل من العالج‪.‬‬

‫هولندا تعتمد نطرية «‪ « Herd Immumity‬في استراتيجيتها‬ ‫لمقاومة فيروس كورونا الجديد‪ ،‬و هي أن إصابة ‪ 60%‬من المجتمع‬ ‫كافية إلحداث مناعة جماعية تكفي إليقاف سلسلة انتقال العدوى‬ ‫من شخص آلخر ‪ .‬خففت هولندا اإلجراءات تدريجياً لمواجهة فيروس‬ ‫كورونا التي لم تكن قاسية بل ذكية مع مراعاة حرية الشخص و‬ ‫اقتصاد البلد‪.‬‬ ‫ما تفعله الحكومات حالياً من إجراءات ليس لمواجهة الفيروس‪ ،‬بل‬ ‫من أجل منع تدفق مئات آالف من المصابين على المستشفيات دفعة‬ ‫واحدة‪ ،‬ألن هذا سيؤدي إلى انهيار المنظومة الصحية ألي بلد‪ .‬مشكلة‬ ‫العالم هي توفير سرير العناية المركزة لكل حالة حرجة‪ .‬هولندا بلد‬ ‫ديموقراطي و إنساني و حق العالج مضمون للجميع‪ .‬النظام الصحي‬ ‫بالعالم أجمعه ليس مهيئاً لمواجهة جائحة كورونا‪ ،‬فكل اإلجراءات‬ ‫المتخذة هي نظريات تحت التمرين والمالحظة‪.‬‬ ‫في نظري من أنجح اإلج��راءات الصارمة التي اتخذتها هولندا‬ ‫لمواجهة تفشي فيروس كورونا بين المسنين‪ ،‬وهي الفئة الهشة األكثر‬ ‫تعرضاً لفيروس كوفيد ‪ ،19‬هي إقفال كل دور الرعاية في وجه الزوار‪،‬‬ ‫و منع زيارة العائالت طيلة الحجر الصحي الذكي‪ .‬و كل مسن مصاب‬ ‫بفيروس كوفيد ‪ 19‬يتم نقله إلى جناح خاص بالمصابين بفيروس‬ ‫الكوفيد ‪ 19‬والذي وفرته الدولة بالتعاون مع دار الرعاية والمستشفى‬ ‫حتى ال يتفشى الفيروس بين المسنين‪ ،‬ويرتفع عدد الوفيات بين‬ ‫المصابين‪ ،‬مع األخذ في االعتبار بالحاالت التي تحتضر‪ ،‬حيث يسمح‬ ‫لها بالزيارة الخاطفة تحت‬ ‫إجراءات صارمة لتوديع خاطف‬ ‫قبل الوفاة‪ .‬وفي هذا السياق‬ ‫ُقدمت للوزير األول عريضة من‬ ‫قبل عائالت المسنين الذين‬ ‫يريدون زيارة ذويهم المسنين‪،‬‬ ‫و اعتبرت فيها قرار منع الزيارات‬ ‫ق��رارا غير إنساني‪ .‬وأم��ام هذا‬ ‫الوضع اإلنساني اضطرت كل‬ ‫دار للرعاية و مركز صحي إلى‬ ‫توفير غرفتين منعزلتين عن‬ ‫ال��ج��ن��اح‪ ،‬وف��ي وس��ط الغرفة‬ ‫حائط زجاجي عازل تستطيع‬ ‫العائلة من خالله زيارة األقرباء‬ ‫وخاصة المسنين منهم مع‬ ‫احترام مسافة ‪ 1,5‬متر‪ ،‬كما أنه‬ ‫تم منع كل األنشطة الجماعية‬ ‫التي يقومون بها من رحالت‬ ‫مث ً‬ ‫ال او أنشطة فنية وترفيهية‪.‬‬ ‫أذك���ر ه��ن��ا‪ ،‬حسب مركز‬ ‫اإلح��ص��اء لجامعة أمستردام‬

‫إضاءات‪.‬‬

‫ـ خبر بمليون جنيه طازة‪.‬‬

‫بروكسيل بعد الحجر الصحي‬ ‫عزيز لعمارتي‬

‫قضيت شهرين متتاليين من الحجر الصحي‬ ‫مختبئا في منزلي كذب مدلل أعد العناكب التي‬ ‫سكنت مخيلتي ونسجت من خوفي قصصا خيالية‬ ‫كنت بطلها الوحيد ‪،‬وبعدما تفننت في اعداد طبخات‬ ‫لن يأكلها غيري ‪ ،‬كنت بصريح العبارة فأر تجارب‬ ‫لذاتي ‪ ،‬وفي غالب األحيان كنت احضر المقادير‬ ‫وأترك كل شيء على الطاولة وأنصرف للنوم كمن‬ ‫أصابته التخمة بمجرد التفكير في فشله الذريع من‬ ‫نتيجة هذا التهور اإلنفعالي ‪.‬‬ ‫ها هي ذي حكومة بلدي الثاني تقرر الرفع‬ ‫التدريجي للحجز وال أخفيكم سرا ان هاجسي األول‬ ‫واألخير كان يتمثل في كيفية عبوري لحدود بيتي‬ ‫وكيف سأواجه هذا المجهول الذي هو الشارع كصبي‬ ‫يتمرن على المشي ‪ ،‬كمن أصابته إغماءة واستيقظ‬ ‫فاقدا كل حواسه األساسي‪.‬‬ ‫لقد مضت ثالثة أيام من السماح بالخروج وأنا‬ ‫أروض نفسي على القفز في الفراغ كمضلي فاشل ‪،‬‬ ‫كان الجو مشمسا بما يكفي ألقنع قدماي بالمضي‬ ‫بي إلى وسط المدينة ‪ ،‬كنت أحملق في الوجوه‬ ‫أقرأ في تقاسيم العابرين أبحث في اعينهم عن سر‬ ‫هذا الخوف الذي ال زال يعشش في األذمغة ‪ ،‬ألقنع‬

‫بروكسيل‪ /‬بلجيكا‬

‫رفعت ال��م��دارس الرياضية‬ ‫بهولندا قضية ض��د الحكومة‬ ‫تطالبها بفتح أبوابها قبل الموعد‬ ‫المحدد لها ي��وم ‪ 1‬شتنبر‪ .‬كل‬ ‫ش��يء ممكن في هولندا‪ .‬وعلى‬ ‫ه��ذا األس��اس‪ ،‬ستفتح المدارس‬ ‫الرياضية أبوابها اب��ت��داء من ‪1‬‬ ‫يوليوز‪ ،‬وابتداء من األسبوع القادم‬ ‫ستقرر الحكومة الهولندية في‬ ‫شأن إمكانية السفر إلى الخارج‪.‬‬ ‫ـ س��ت��ق��وم ه��ول��ن��دا ب��إج��راء‬ ‫اختبارات مجانية لإلصابة بكورونا‬ ‫لكل من لديه أعراض العطس أو‬ ‫السعال أو ضيق التنفس بدءاً من‬ ‫‪ 1‬يونيو‪ .‬وق��د تسمح الحكومة‬ ‫الهولندية ب��إع��ادة فتح ص��االت‬ ‫الرياضة في ‪ 1‬يوليو قبل تاريخ ‪1‬‬ ‫سبتمبر‪ .‬و سيصدر مجلس الوزراء‬ ‫األسبوع القادم قراراً حول العطالت‬ ‫إلى الخارج‪.‬‬

‫نفسي أنني لست الوحيد الذي كان يقاوم هذا الوباء‬ ‫ألالمرئي وأنني لست الجبان الوحيد على وجه هذه‬ ‫األرض وإنما العالم برمته ‪ ،‬لم أكن ألتوقع أن تكون‬ ‫‪ la grande place‬هذه الجوهرة التي تزين وسط‬ ‫مدينة بروكسيل ‪ Bruxelles‬بهذا السحر وهي‬ ‫شبه خالية من رواده��ا وكذا الشوارع التي تصب‬ ‫في مداخلها ‪ ،‬كانت خطواتي حذرة وأنا أعبر أزقتها‬ ‫الضيقة ألفضي بفسحتي إل��ى متحف ج��اك بريل‬ ‫‪ Jacques Brel‬ألسئل تمثاله الصدئ عن سر‬ ‫التالقي إذا فقدنا بعضا منا ونحن نبحث عن ظاللنا‬ ‫المفقودة في متاهات الحجر ‪ ،‬لينتهي بي المطاف‬ ‫إلى محطة الوسط ‪ la gare du midi‬الشهيرة‬ ‫والتي كانت مالذي المفضل للتأمل في أحوال الناس‬ ‫وإتمام قصيدة بطعم اإلكسبريسو ألرقب عن قرب‬ ‫مدى تأثر العابرين بهذا الوباء ‪ ،‬كل العيون شاردة‬ ‫تبحث عن ظاللها المفقودة ‪ .‬وألتساءل هل كان هذا‬ ‫الوباء حقيقة أم خياال علميا كنا أبطاله وضحاياه رغما‬ ‫عنا ‪ ..‬؟؟ ‪.. ..‬‬


13

2020 ‫ يونيو‬08 ‫ �إلى‬02 ‫الثالثـاء‬

1048 ‫العدد‬

RETOMANDO LOS CAMINOS* • Alicia Rosell©, Galdakao-Bilbao

E

ra dos de mayo cuando España despertó de su letargo de sesenta días. Pero como en el cuento de Monterroso, ‟cuando despertó, el dinosaurio todavía estaba allí»; solo que este otro monstruo no era gigante sino invisible. Invisible y por ello, mil veces malévolo: una pesadilla de la cual el mundo entero aún no despertaba al unísono. Pero era dos de mayo en mi país y las calles empezaron a lucir un paisaje con figuras inédito, de tan insólito, extrañamente impoluto. Llegaba, al fin, el día señalado y salíamos con cautela; algunos no lo haríamos el primer día. Aún temerosos, nos escondíamos tras las puertas intentando asimilar que nada volvería a ser como antes si no lográbamos acostumbrarnos al peso de la sombra que nos caería encima al traspasar el umbral del hogar. Otros, los jóvenes y niños, ya habían empezado a colonizar un nuevo mundo con recuerdos de bullicio de tiempos no tan lejanos. Había prisa rebosante de una inconsciente y obscena valentía por volver a pisar el asfalto de las ciudades que se habían limpiado de polución. Al principio nos hemos estado mirando con incredulidad al cruzarnos -a veces sin reconocernos en pueblos donde todos nos conocemos-, intentando atisbar al vecino, al amigo o al compañero de trabajo que se esconde tras la mascarilla, las gafas o la pantalla de plástico. En dos meses todo había cambiado: nuestro ánimo y economía, la salud del planeta, el hábitat de los animales y nuestras costumbres, tradiciones y fiestas. Todo quedó relegado al olvido más ingrato, el mismo que nos recordaba que la invisibilidad del mal había cercenado decenas de miles de vidas humanas y esa misma invisibilidad que nos había hecho encerrarnos, ahora había que vivirla con otra normalidad más distópica que real, porque parecíamos personajes sacados de un libro de ciencia ficción paseando como autómatas, distanciados y silenciosos. Así ha sido este regreso paulatino. Pero el ser humano se adapta a los cambios y sobrevive a las contrariedades cuando está compartiendo la desgracia con un objetivo común: «vencer al virus», que era la consigna contra el monstruo que aún sigue pululando a nuestro alrededor con la misma furia que antes del encierro. Pero los días han pasado y el mes de mayo va claudicando. Ya no tomamos el refresco o el aperitivo en los balcones sino en las terrazas al aire libre y hemos vuelto a juntarnos para charlar aunque seguimos sin tocarnos. Esta tierra mía de gente tan afable, hecha de besos y abrazos al amparo de soles y noches de luna, ha sufrido teniendo que prescindir del contacto físico, de la soledad y las ausencias. Gracias al paso de los días, como todos los seres de este planeta Tierra, esquivaremos el miedo al virus. Lo hacemos aprendiendo a reconocernos por los ojos, detrás de las gafas o sin ellas. Y hacemos lo propio con el gesto camuflado de la boca tras la mascarilla. Es otro lenguaje, otra relación, pero bajo un único deseo. Un nuevo despertar. El siguiente paso lo hemos dado al empezar a visitar otras ciudades. Así, cuando he llegado a Bilbao, mi capital, he sentido la sensación de haber estado no solo ausente, sino en otro planeta; es el efecto que provoca redescubrir las bellezas arquitectónicas de la ciudad y sus amplias avenidas después de permanecer entre cuatro paredes. Que, de pronto, la ciudad es más grande ante nuestros ojos. Y hemos pasado del ostracismo a la imperiosa necesidad de hacerlo más grande todavía a base de sonrisas desdibujadas tras mascarillas que ocultan

el rictus de nuestras bocas, claro indicador de nuestro estado de ánimo. Pero es con la expresión de los ojos donde, al cruzarnos paseando a lo largo del Paseo de Uribitarte o de Campo Volantín, -junto a la ría del Nervión- cuando apreciamos mejor el sentir del prójimo y se acotan las distancias de seguridad. El gentío ha vuelto a transitar las calles que siempre dieron a nuestra Villa y Corte de Bilbao el espíritu autóctono que todo bilbaíno conoce y siente en su corazón.

Nuestra ciudad no sería nunca la misma si no regresamos al tapeo por bares y tabernas, a degustar cocina vasca en los restaurantes con más solera o relacionarnos entre bares y restaurantes de calles tan emblemáticas como Ledesma o Pozas, lugares de tránsito obligado tanto para paisanos como transeúntes. Ya regresarán los turistas a visitar nuestro Museo Guggenheim o el Museo de Bellas Artes cuando el mundo entero deje atrás este mal sueño, que ahora somos nosotros quienes reconquistamos nuestras calles con el corazón transido

de amor y orgullo, el mismo que siempre hemos transmitido por nuestro equipo de fútbol, el Athletic de Bilbao que tiene su campo en San Mamés, al final de la Gran Vía. Hay tanto por ver, visitar y disfrutar en esta ciudad que quedó dormida para despertar a un nuevo mundo...

A pesar de tanto dolor y alegría que nos atenaza se puede luchar y vencer a la muerte que acecha. Es la paradoja del antes, durante y el después de esta epidemia: mil sentimientos contradictorios llevándonos en volandas desde el cuarto de estar a las terrazas de las cafeterías en pleno centro, el bulevar o la alameda de cualquier otra capital española, sea Madrid, Sevilla o Barcelona. Y el paseo constante, ese desaforado e irrefrenable deseo que muchos han tenido de romper las normas sin un atisbo de civismo y mucho de egoísmo. Desde dentro de nuestras casas éramos más leales a la causa común que ahora cuando no respetamos la distancia o prescindimos de protección para evitar contagiarnos. Somos un pueblo llano el español con serias dificultades para no disfrutar de la vida como siempre hemos hecho. Hemos salido a la calle y el monstruo sigue ahí, pero nada nos importa excepto recuperar el tiempo perdido, ni siquiera conocer las dramáticas cifras de defunciones. Nos hemos lanzado al desafuero del paseo, retomando los caminos que habíamos abandonado y lo hacemos como un ejército de extraños seres que intentan perder el miedo para recobrar la confianza en un nuevo mundo. Hoy iniciamos luto nacional mientras unos lloran por sus muertos y otros ríen y festejan el regreso a una normalidad que puede ser contraproducente si extremamos la sociabilidad, aunque la paradoja sea que es una de las cosas que más está en juego. Somos animales de costumbres y olvidamos pronto. Aprendamos la lección o de otro modo, de nada habrá servido tanto confinamiento y muerte. Vivamos, entonces. Retomemos los caminos. Alicia Rosell©, Galdakao-Bilbao, 27 mayo 2020. Primer día de luto en España por las víctimas de la pandemia Covid-19. *El título es una frase que empleó mi primo hermano el 2 de mayo (fallecido este mes tras el confinamiento) por causas ajenas a la pandemia. Es por ello que este texto lo dedico en su memoria. En España, a día de hoy, se cuentan unas 43.000 personas víctimas de coronavirus.


‫العدد ‪1048‬‬

‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫كورونا‪ :‬هجرة الكفاءات المغربية‬ ‫الدكتور سعيد يقطين‬ ‫أعادت جائحة كورونا إلى األذهان قضية‬ ‫هجرة األدمغة المغربية‪ ،‬وكانت المناسبة‬ ‫وقوف الباحث المغربي األصل منصف السالوي‬ ‫إلى جانب ترامب‪ ،‬وهو يقدم وعودا بإيجاد لقاح‬ ‫للفيروس تحت إشرافه‪.‬‬ ‫تناقلت الخبر وك��االت األنباء المغربية‬ ‫والعربية والدولية‪ .‬وك��ان أن تم االلتفات‬ ‫إلى الكفاءات المغربية المهاجرة‪ ،‬والمواقع‬ ‫العالمية التي تحتلها في مناصب حساسة‪،‬‬ ‫واختصاصات نادرة‪ ،‬واألدوار التي تضطلع بها‬ ‫على مستوى البحث العلمي العالمي‪ .‬فصارت‬ ‫الجرائد الوطنية‪ ،‬وهي تتقدم إلينا «عن بعد»‪،‬‬ ‫وكذلك بعض القنوات العربية‪ ،‬والمجالت‬ ‫األجنبية‪ ،‬ومواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬تمطرنا‬ ‫بواقع األدمغة المغربية‪ ،‬معرِّفة بأسمائها‪،‬‬ ‫وباختصاصاتها‪ ،‬وأعدادها الهائلة‪ ،‬منوهة‬ ‫بمجهوداتها‪ ،‬ومفتخرة بعطاءاتها وتميزها‪،‬‬ ‫وهلم جرا‪.‬‬ ‫أال يمكن اعتبار هذا من المحاسن التي‬ ‫كشفت عنها الجائحة‪ ،‬وهي تقدم لنا صورة‬ ‫نابضة بالحياة عن مساوئ واقعنا؟ فما الذي‬ ‫دفع هؤالء إلى الهجرة؟ ومن المسؤول عن‬ ‫تفكير أولئك في االغتراب؟ وعن تغييبهم من‬ ‫الذاكرة والحضور المغربيين؟ بل حتى عن‬ ‫وجودهم؟ وهل يحق لنا أن نفتخر بهؤالء الذين‬ ‫يشرفون المغرب الذي أهدر طاقاتهم‪ ،‬وتركهم‬ ‫عرضة الختيار بدائل عن وطنهم؟ أرى أن‬ ‫االفتخار بهؤالء واالهتمام بهم إعالميا‪ ،‬بقدر ما‬ ‫فيه من اعتراف بظلم ذوي القربى‪ ،‬فيه اعتراف‬ ‫أيضا بأن الهوى الوطني‪ ،‬رغم ما يمكن أن‬ ‫يعتوره من تنكر لهؤالء‪ ،‬يظل مشدودا إلى من‬ ‫ربطته بالمغرب آصرة االنتماء‪ .‬كما أنني أرى أن‬ ‫االفتخار الحقيقي يحق لتلك النخب المهاجرة‪،‬‬ ‫ألنها ظلت تحمل الوطن بين ثناياها‪ ،‬وفي‬ ‫سويداء قلوبها‪ ،‬وإن صارت تحمل جنسيات‬ ‫البلدان التي احتضنتها‪ .‬لن أناقش أسباب‬ ‫الهجرة لمن صاروا يسمون «مغاربة العالم»‪،‬‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬واألدمغة المهاجرة بصورة خاصة‪.‬‬ ‫فاألسباب متعددة ذاتيا وموضوعيا‪ .‬ولو توفرت‬ ‫األسباب التي تبقيهم في أوطانهم لما فكر‬

‫واحد منهم في الهجرة‪.‬‬ ‫تقول إحصاءات جديدة بأن أعداد الطلبة‬ ‫والكفاءات المغربية في الخارج يخطئها العد‪،‬‬ ‫وهي تتزايد سنويا‪ ،‬وفي كل االختصاصات‪.‬‬ ‫ألم يخلد المثل المغربي الذي يشيد بالوطن‬ ‫قولته‪« :‬قطران ب�لادي‪ ،‬وال عسل البلدان»؟‬ ‫فمن أوصلنا إلى جعل «عسل» الغربة‪ ،‬أفضل‬ ‫من «قطران» البلد؟ ال شك في أن هجرات‬ ‫الكفاءات المغربية منذ السبعينيات‪ ،‬مختلفة عن‬ ‫نظيراتها في األلفية الجديدة‪ .‬فالهجرات األولى‬ ‫جاءت تحت طائلة اإلكراه‪ .‬فأغلب المهاجرين‪،‬‬

‫له الشروط المالئمة لتفجير الطاقات‪ ،‬واإلعالن‬ ‫عن المواهب واالستعدادات‪.‬‬ ‫أبانت الجائحة عن كفاءات مغربية وعربية‬ ‫ال حصر لها‪ .‬لكن هناك كفاءات مهجّرة في‬ ‫الداخل‪ ،‬وال مَن يلتفت إليها؟‬ ‫أما النوع الثاني من هجرة الكفاءات‪ ،‬فجاء‬ ‫مرتبطا بتوجه سياسي للمسألة التعليمية‪ ،‬عمل‬ ‫من أجل إقبار المدرسة العمومية وإفراغها من‬ ‫محتواها‪ ،‬لفائدة التعليم الخاص‪ .‬ولكي يقدم‬ ‫هذا التعليم نفسه بديال عن التعليم الحكومي‬ ‫ادعى الجودة‪ ،‬والكفاءة‪ ،‬وتوفير مناصب الشغل‪.‬‬

‫تلقوا أوال تعليمهم في المدارس الحكومية‪،‬‬ ‫حين كانت فعال في المستوى‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫كانت المدارس الحرة‪ ،‬خاصة فعال‪ ،‬فقط بمن‬ ‫لم يتمكنوا من مواصلة تمدرسهم‪ ،‬لعدم‬ ‫قدرتهم على مواصلة التعليم في المدارس‬ ‫العامة‪ .‬كما أن أغلب هؤالء‪ ،‬ثانيا‪ ،‬كانوا ينتمون‬ ‫إلى األوساط الشعبية‪ ،‬أو الطبقة الوسطى‪ .‬عاد‬ ‫العديد من هؤالء إلى الوطن بعد التخرج‪ ،‬ولما‬ ‫لم يجدوا ما يمكنهم من البقاء إلثبات الحضور‪،‬‬ ‫آثروا الغياب بحثا عن منافذ وأوطان أخرى‪ ،‬توفر‬

‫رأينا ذلك في كون كل المدارس العليا الخاصة‪،‬‬ ‫تركز في إشهاراتها ودعاياتها مع نهاية كل‬ ‫موسم دراسي‪ ،‬وبداية أي موسم جامعي بأنها‬ ‫تفتح أفقا للطالب‪ ،‬بعد تخرجه‪ ،‬لمتابعة دراسته‬ ‫في الخارج‪ ،‬مع إمكانية القيام بتدريبات تؤهله‬ ‫للحصول على وظيفة‪ ،‬عن طريق الشراكة مع‬ ‫جامعات خاصة أجنبية‪ .‬وفي الوقت الذي بدأت‬ ‫قضية الهجرة غير الشرعية تتحول إلى واقع‬ ‫يؤرق الدول األوروبية‪ ،‬وبرزت قوارب الموت‬ ‫التي كانت تدفع في اتجاه انتهاج سياسة طارق‬

‫بن زياد‪ ،‬عن طريق «الحريق»‪ ،‬بسبب ما عرفته‬ ‫المدرسة الحكومية من تراجع‪ ،‬وجدنا ساركوزي‪،‬‬ ‫وهو يتذمر من الهجرة السرية‪ ،‬يرحب بالهجرة‬ ‫المنتقاة‪ ،‬ولم يكن المقصود بها سوى هجرة‬ ‫الكفاءات واألدمغة‪.‬‬ ‫من كان بإمكانه تسجيل أحد أبنائه في‬ ‫المدارس الخاصة‪ ،‬سواء في الثانوي أو العالي؟‬ ‫إننا أم��ام طبقة وسطى جديدة تتحمل كل‬ ‫المصاريف الباهظة لضمان مستقبل أبنائها‪،‬‬ ‫أو طبقة األثرياء التي ال يؤثر ثمن التمدرس‬ ‫في رفاهية حياتها‪ .‬وقلة قليلة ممن درسوا‬ ‫في المدارس الحكومية‪ ،‬وسمح لهم تفوقهم‬ ‫بمتابعة دراستهم في الخارج‪ ،‬إما بتضحية من‬ ‫أولياء أمورهم‪ ،‬أو بالحصول على منح من الدول‬ ‫المضيفة‪ .‬فما الفرق بين الهجرة عبر قوارب‬ ‫الموت بسبب البطالة‪ ،‬والهجرة المنتقاة عبر‬ ‫التفوق؟ ال فرق بين هجرة أبناء الفقراء‪ ،‬واألغنياء‬ ‫إال في ما يمكن أن تمنحه تلك الهجرة‪ .‬إنهما‬ ‫يتساويان في تفضيل «العسل» على القطران‪،‬‬ ‫وإن كان بعض العسل هناك أمرّ من الحنظل‬ ‫هنا‪ .‬إن عسل الهجرة المنتقاة يتيح جنسية‬ ‫ثانية للمهاجر‪ ،‬وإمكانية الجنسية للوالدين‬ ‫بعد تقاعدهما‪ ،‬عدا االمتيازات الخاصة لذوي‬ ‫الكفاءات والتميز‪ .‬وال داعي للحديث عن أخبار‬ ‫المهاجرين اآلخرين‪ ،‬فالرواية المغربية تضطلع‬ ‫بالسرد عما يعانونه من عنصرية‪ ،‬ومحن‬ ‫ومعاناة‪.‬‬ ‫أبانت الجائحة عن كفاءات مغربية وعربية‬ ‫ال حصر لها‪ .‬لكن هناك كفاءات مهجّرة في‬ ‫الداخل‪ ،‬وال مَن يلتفت إليها؟‬

‫اإلعالمي محمد أحمد عدة‬ ‫والباحثة زينب الخروف‬ ‫نورا تومي‬ ‫الجزائر‬

‫يبدو الحجر الصحي كنفيّ للحرّية‪ ،‬صنو‬ ‫السجن هو‪ ،‬المكان المحفوف بالحصار داخل الوقت‪،‬‬ ‫اإلحساس ّ‬ ‫بأن حرّيتك قد خضعت لحتمية معيّنة هو‬ ‫الفشل األول في سطر حياة جديدة‪.‬‬ ‫فجأة حاصرنا الوباء‪ ،‬عليك بإيقاع حياة تتجاوز به‬ ‫شعور السجين الذي ال حول وال قوة له‪ ،‬وجدنا أنفسنا‬ ‫داخل غياب مكرّر‪ ،‬تراجعت دفقة الحياة‪ ،‬اضمحلت‬ ‫قيمة الحضور‪ ،‬خبت نار الفعل‪ ،‬محكومة اآلن كغيري‬ ‫بالتفاصيل الجديدة‪ ،‬ارتبك النوم بالصحو‪ ،‬ال اليقظة‬ ‫تدل على حضورك وال النوم يشي بغيابك‪ ،‬مع تس ّلل‬ ‫الزمن تحوّلنا إلى كائنات مصابة بالخواء والقلق‬ ‫واالنتظار‪ ،‬أخبار الموتى وحصيلة من أصيبوا ومن‬ ‫تماثلوا للشفاء هي ما ّ‬ ‫يشكل نقاط ارتكاز أيامنا‪ ،‬حتى‬ ‫أعمال البيت فقدت شهية األداء‪ ،‬العالم من حولنا‬ ‫يعيش لحظات حصاره وعسره وقلقه‪ ،‬الحياة تأتينا‬ ‫في جرعات قليلة‪ ،‬كيف بإمكاننا أن نحوّل الوحشة‬ ‫إلى امتالء‪ ،‬والعزلة إلى اندماج؟‪..‬‬ ‫أخيرًا نتمكن من معايشة أنفسنا في عتمة‬ ‫الصمت‪ ،‬نفحص حياتنا تحت نور اإليمان بما قدّره‬ ‫اهلل لنا‪ ،‬لن ينقطع الرجاء مع القضاء‪ ،‬وجدتني أبني‬

‫أيامي برؤية أعمق تجاوزت بها ما كنت فيه‪..‬‬ ‫اآلن أنا في أتون فعل الحياة كأداء بيتيّ يدل‬ ‫على مسؤوليتي‪ ،‬مشاغل البيت وقضاء حاجات ومآرب‬ ‫األس��رة‪ ،‬تأثيث المكان بالفرح واللمسة األنثوية‬ ‫الخالقة للحياة‪ ،‬أداء األمومة الجميل‪ ،‬أهرب أحيانا إلى‬ ‫القراءة‪ ،‬قراءة ما ّ‬ ‫يغذي العقل ويلهم الرّوح ويحيي‬ ‫القلب‪ ،‬أحيانا أتحوّل إلى الكتابة كما تتحوّل فراشة‬ ‫من دالل الطيران فوق أزهار برّية إلى مراقبة ماء‬ ‫ج��دول‪ ،‬أجد دنياي الجديدة ت��زدان بلمسة القوة‬ ‫والرضا بقضاء اهلل وق��دره‪ ،‬في خالل ذلك بلغني‬ ‫إصابة والدتي بالفايروس‪ ،‬حزنتُ كثيرا وخفتُ‪ ،‬ثم‬ ‫س ّلمت أمري إلى اهلل‪ ،‬بعد أيام محنة شفيت بحمده‬ ‫وبدعوات األصدقاء وبتآزر أطباء بلدي‪ ،‬فرحتُ كما‬ ‫لم أفرح من قبل‪ ،‬داخلني شعور بقيمة حياة أخرى‬ ‫أعيشها بكل دقائقها وتفاصيلها في ظل عزلة‬ ‫بدأت تمتلئ‪ ،‬خصوصا بعد أن ّ‬ ‫حط رمضان بأجنحته‬ ‫البيضاء في ساح أيامنا‪ ،‬اهلل اهلل‪ ..‬أخذت الحياة صوت‬ ‫المحبّة‪ ،‬ونفحة اإليمان‪ ،‬ونفخة ذلك العشق النوراني‬ ‫الذي يصلك بالحبّ‪ ،‬بجوهر المحبّة البيضاء‪ ،‬وأضاء‬ ‫اهلل‪ ،‬نور سالم داخلي حيث الفرح الكبير‪ ،‬حيث األصل‪،‬‬ ‫حيث الحقّ‪..‬‬

‫في الحجر أصبحت لغتنا داخل البيت أكثر شراسة‬ ‫وال مجال للمهادنة أو االعتدال‪ ،‬صرنا أكثر تطرفا‬ ‫في الحب كما في الخوف‪ ،‬عمدا نصمت عن الحصار‬ ‫ووخزه الحاد في الروح‪ ،‬وتفاديا للجدل المدمر حول‬ ‫الحب والموت والوفاء والتيليكوموند‪..‬‬ ‫في الحجر وبعد سجال دامي توصلت وزينب إلى‬ ‫خريطة للمسلسالت واألفالم‪ ،‬والى الئحة لألطعمة‬ ‫والكتب‪ ،‬لكننا لم نضع أي أجندة للثورات المتوالية‬ ‫بيننا‪ ،‬خصوصا تلك التي تعقب الندوة اليومية‬ ‫لحصيلة الوباء‪..‬‬ ‫شخصيا لم أكن تحت الحجر الصحي عمليا‪،‬‬ ‫فطيلة حالة الطوارئ عملت بدوام كامل ‪ -‬رغم أن‬ ‫قلة تحدثت عن تضحياتنا كإعالميين ‪ -‬اال أننا كنا‬ ‫نتواجد ‪ 24‬ساعة على ‪ 24‬ساعة في مقرات القناة‪،‬‬ ‫لنقل األخبار وآخر المعطيات واألرق��ام والبالغات‪،‬‬ ‫ومحاربة األخ��ب��ار الزائفة وس���ؤال الخبراء وبث‬ ‫الطمأنينة وسط المواطنين‪ ،‬ونشر منجزات الجبهات‬

‫األولى لمكافحة كورونا‪ .‬إال أنني عندما كنت أعود إلى‬ ‫البيت مثقال بالجائحة كنت أجد زوجة متفهمة واعية‬ ‫تكافح معي العزلة واالنتظار‪ ،‬وتقترح طرقا جديدة‬ ‫لمحاربة النكوص النفسي فكانت السينما والقراءة‬ ‫والموسيقى والزالت أنسنا وألفتنا‪ ..‬عدنا (أنا وزينب)‬ ‫بالخصوص إلى الرواية العالمية والى التاريخ‪ ،‬وربما‬ ‫كنا نبحث عن مدد في تاريخ اإلنسانية‪ ،‬وعن دعم في‬ ‫انتصارات األبطال العظام‪..‬‬ ‫يعرف الكثير م��ن األص��دق��اء ولعي بالطبخ‬ ‫والطعام‪ ،‬وفي الحجر كانت هناك فرصة إلقامة‬ ‫مسابقات مع زينب في الطبخ وتجريب ابتكارات‬ ‫جريئة في المطبخ‪ ،‬ويبدو انها بدأت تقترب من‬ ‫منافستي‪..‬‬ ‫افتقدنا الوالدين وأهلنا واقتفدنا المقاهي‬ ‫واألص��دق��اء‪ ،‬لكننا كنا ننعش األم��ل وسط الرعب‬ ‫واليأس وأظن أننا نجحنا في ذلك الى حدود الساعة‪.‬‬


‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫عزيز بالل‪ ..‬رمز وطني وثوري في ذاكرة األجيال‬ ‫عبد الرحيم التوراني‬ ‫عندما ودع األستاذ عزيز بالل أسرته الصغيرة المكونة من زوجته‬ ‫عفيفة وابنه الصغير يوسف‪ ،‬لم تكن الزوجة الشابة تظن أنها ستستقبله‬ ‫عائدا من آخر رحالته خارج المغرب في كفن‪ ،‬وأنه لن يكتب لها مرة‬ ‫أخرى معانقته‪ ،‬إذ عاد الرجل جثمانا في تابوت مشمع‪ ،‬عاد من الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية‪ ،‬التي أصيب بها في حريق‪ ،‬وشمل الحريق فقط جناحا‬ ‫من طابق فندق «هيلتون» بشيكاغو‪ ،‬الفندق الذي كان ينزل به عزيز‬ ‫بالل‪.‬‬ ‫لقد أرخ يوم ‪ 23‬ماي من عام ‪ 1982‬لموت سيظل غامضا رغم مرور‬ ‫‪ 38‬سنة من وقوعه‪ ،‬خصوصا أن من سافروا معه ورافقوه ونزلوا معه‬ ‫في نفس الفندق‪ ،‬من أعضاء الوفد المغربي‪ ،‬عادوا جميعا إلى وطنهم‬ ‫وأهلهم سالمين‪.‬‬ ‫***‬ ‫بعد أيام من الحادث المميت‪ ،‬ستصل طائرة الخطوط الجوية‬ ‫الملكية المغربية القادمة من مطار أوهير الدولي المصنف في المرتبة‬ ‫الثانية عالميا من ناحية حركة النقل الجوي‪ ،‬إلى المطار‬ ‫األول في المغرب‪ ،‬مطار محمد الخامس ‪ -‬الدار‬ ‫البيضاء‪ ،‬ومن ضمن منقوالتها تابوت به رجل‬ ‫ميت‪ ،‬ال نقدر درج��ة تشويه جثمان صاحبه‬ ‫المحروق‪ ،‬إذ لم يتم فتح الصندوق‪.‬‬ ‫تم تشييع جنازة المفكر االقتصادي‬ ‫والباحث األكاديمي المغربي الكبير من منزله‬ ‫في شارع الجيش الملكي بالدار البيضاء‪ ،‬كان‬ ‫األستاذ عزيز بالل يقطن بشقة متواضعة تقع‬ ‫بالطابق الثامن من عمارة عالية‪ ،‬توجد تحتها‬ ‫مكاتب شركة الخطوط الجوية الفرنسية «إير‬ ‫فرانس»‪.‬‬ ‫وأغلقت حركة السير والمرور بالشارع‪ ،‬في المقطع‬ ‫الرابط ما بين شركة «إير فرانس» وسينما‬ ‫الريف وفندق روايال المنصور‪.‬‬ ‫وبما أن مكتب الجريدة‬ ‫المحلية «الدار البيضاء» كان‬ ‫على مسافة خطوات وقريبا‬ ‫بنفس الشارع‪ ،‬فقد تابعت‬ ‫مراسيم تشييع الزعيم‬ ‫اليساري‪ ،‬برفقة الزميل‬ ‫عبد اهلل العمراني (مدير الجريدة)‪ ،‬والزميل حسن العلوي (فريموس)‪.‬‬ ‫قمنا بتغطية الحدث الجلل‪ ،‬وخصصنا له مساحة مهمة تليق به‪ ،‬تضمنت‬ ‫صفحة كاملة بروبورتاج مصور لمراسيم التشييع والدفن‪ ،‬بعدسة‬ ‫المصور المرحوم عبد السالم الزهوي‪.‬‬ ‫ما أتذكره أننا نشرنا نبذة مختصرة عن الفقيد الوطني الكبير‪،‬‬ ‫جاء فيها أن الدكتور عزيز بالل شارك في إصدار مؤلف صدر بفرنسا‬ ‫مع الشهيد المهدي بنبركة وآخرين‪ ،‬وجاء من يرهبنا بكوننا ربما‬ ‫نكون بصدد ارتكاب خطأ سياسي جسيم‪ ،‬حين وصفنا المهدي بنبركة‬ ‫ب»الشهيد»‪ .‬لم يكن النظام قد طبع بعد مع صاحب «االختيار الثوري»‪،‬‬ ‫وكان التلفزيون يعمد إلى قص المشاهد التي يظهر فيها بنبركة لما‬ ‫كان إلى جانب محمد الخامس والحسن الثاني‪ .‬ولم يتم هذا التطبيع‬ ‫إال سنة ‪ ،1995‬عندما أمر الحسن الثاني وزيره القوي إدريس البصري‬ ‫بترأس تدشين شارع المهدي بنبركة في الرباط‪ ،‬بحضور عبد الرحمان‬ ‫اليوسفي وعلي يعتة ومحمد بنسعيد أيت يدر‪...‬‬

‫***‬ ‫ببوابة مقبرة الشهداء تقدمت موكب التشييع امرأة تحاول التماسك‬ ‫والتغلب على حزنها‪ ،‬كانت هي الطبيبة عفيفة الهاللي‪ ،‬أرملة الفقيد‪ ،‬ولم‬ ‫تكن مرتدية اللباس التقليدي األبيض الذي تلبسه األرامل في مثل هذه‬ ‫المناسبة‪ ،‬مشت السيدة بين قادة األحزاب الوطنية وممثلي السلطات‬ ‫الرسمية‪ ،‬تحضن بين يديها صورة كبيرة مؤطرة بالزجاج للراحل عزيز‬ ‫بالل‪ .‬وهو أمر غير مألوف وغير مسبوق‪ ،‬إذ وفق التقاليد الدينية عندنا‬ ‫يمنع أن تتبع النساء الجنائز‪ ،‬باألحرى ترؤسها‪.‬‬ ‫قام بالتأبين األمين العام للحزب وألقى كلمة مؤثرة‪ ،‬كان علي يعته‬ ‫في حالة تأثر شديدة‪ ،‬لم أشاهده عليها إال يوم تشييع ابنه نادر‪ .‬لقد‬ ‫غاب فجأة المنظر اإليديولوجي للحزب‪ ،‬واختفى إلى األبد واحد من أهم‬ ‫دعامات وقادة حزب التقدم واالشتراكية‪ ،‬مفكر عضوي ربط بين النضال‬ ‫الفكري والممارسة الميدانية‪ ،‬مناضل تميز بالتواضع فأحبه الناس‪ ،‬وكان‬ ‫قدوة للشباب‪ ،‬خاصة من طالبه بالجامعة‪.‬‬ ‫ال يختلف أحد أن وفاة الدكتورعزيز بالل أتت مفاجئة واكتنفها‬ ‫غموض كبير‪ ،‬إذ في يوم صادف ‪ 23‬ماي ‪ 1982‬توفي بشيكاغو في‬ ‫حريق بفندق «هيلتون»‪ ،‬عندما كان يحضر لتوقيع اتفاقية توأمة‬ ‫بين المدينة األمريكية وبلدية عين الدياب بالدارالبيضاء‪ ،‬التي‬ ‫كان مستشارا بها ونائبا لرئيسها االتحادي الراحل مصطفى‬ ‫القرشاوي‪.‬‬ ‫عندما تقررت مشاركة مسؤول من بلدية عين الدياب‪،‬‬ ‫تم تعيين االتحادي صالح سعد اهلل‪ ،‬وهو أيضا من نواب‬ ‫الرئيس‪ ،‬لكن الملك الحسن الثاني اختار أن يذهب بدله‬ ‫الدكتور عزيز بالل‪ .‬لما تم إخبار المفكر اعتذر بسبب ارتباطاته‬ ‫الحزبية والعائلية‪ ،‬وأيضا العملية‪ ،‬فامتحانات نهاية العام‬ ‫الدراسي الجامعي لم تبق أمامها سوى أسابيع قليلة‪ .‬لكن‬ ‫اقتراح الملك كان أمرا وقرارا‪...‬‬ ‫ك��ان��ت ال��ح��رب ال���ب���اردة بين‬ ‫ال��والي��ات المتحدة األمريكة‬ ‫واالتحاد السوفييتي ال زالت‬ ‫مشتعلة‪ ،‬وكانت السفارات‬ ‫األمريكية ال تمنح بسهولة‬ ‫تأشيرات سفر لبالد العم‬ ‫س��ام للشيوعيين ولمن‬ ‫يتعاطفون مع الشيوعية‪،‬‬ ‫ك��ان ملف الحصول على‬ ‫التأشيرة يتضمن سؤاال حول صلة الراغب فيها‪ ،‬بالشيوعية‪ .‬لكن تأشيرة‬ ‫عزيز بالل القائد الشيوعي كانت جاهزة تنتظره من غير طلب‪ ،‬وتنتظر‬ ‫جواز سفره األخضر‪.‬‬ ‫***‬ ‫حظيت باالستماع إلى الدكتور عزيز بالل مرات وهو يحاضر في الدار‬ ‫البيضاء‪ ،‬لوحده أو في ندوات‪ ،‬مثل التي جمعته باالتحادي فتح اهلل ولعلو‬ ‫واالستقاللي عبد الحميد عواد في قاعة عبد الصمد الكنفاوي بحديقة‬ ‫الجامعة العربية بالدار البيضاء في السبعينيات‪.‬‬ ‫وألن عزيز بالل المفكر والمناضل السياسي الصلب والنقابي الفذ‪،‬‬ ‫آمن مع حزبه بما سمي ب»المسلسل الديمقراطي»‪ ،‬فقد دعا إلى‬ ‫االنخراط في التجربة من أجل تعميقها‪ ،‬هكذا في انتخابات البلدية القتراع‬ ‫‪ 12‬نوفمبر ‪ ،1976‬تقدم مرشحا عن حزب التقدم واالشتراكية لنيل مقعد‬ ‫ببلدية عين الدياب‪ ،‬ونزل مع الشبيبة للقيام بالحملة االنتخابية‪ ،‬ولما‬

‫وصل إلى ساحة مرس السلطان‪ ،‬التي كانت جزءا من الدائرة التي ترشح‬ ‫بها‪ ،‬لم يتردد في دخول مقاهي وحانات الساحة‪« ،‬الكونكورد» و»مدام‬ ‫غيران» و»مون مارتر»‪ ،‬لمحاورة الزبائن‪ ،‬كنت بحانة «مرس السلطان»‬ ‫لما دخل عزيز بالل‪ ،‬فأشاع فرحة كبرى عبر عنها رواد المقهى‪ ،‬وتم تبادل‬ ‫األنخاب بين الجميع‪ .‬وفاز عزيز بالل بمقعد خوله منصب نيابة الرئاسة‪،‬‬ ‫إذ حصل اليسار على أغلبية لقيادة البلدية‪.‬‬ ‫***‬ ‫عندما بلغ الراحل عزيز بالل الثامنة عشرة من عمره وجد نفسه عضوا‬ ‫بالحزب الشيوعي المغربي‪ ،‬وبعد منع الحزب ظل ملتزما بالسرية‪ ،‬وتولى‬ ‫قيادة فرع الرباط لما اتخذ الحزب تسمية «حزب التحرر واالشتراكية» قبل‬ ‫أن يمنع‪ ،‬وبعد رفع الحظر كان ضمن قيادة «حزب التقدم واالشتراكية»‬ ‫عضوا فعاال بالمكتب السياسي‪ .‬ورحل في عنفوان شبابه دون العقد‬ ‫الخمسين‪.‬‬ ‫***‬ ‫فقد المغرب وحزب التقدم واالشتراكية والنقابة الوطنية للتعليم‬ ‫العالي والجمعية المغربية لالقتصاديين‪ ،‬برحيل عزيز بالل رمزا وطنيا‪،‬‬ ‫ومناضال ثوريا‪ ،‬وقائد عماليا‪ ،‬وباحثا مفكرا ال يضاهى‪ ،‬صعب تعويضه‪،‬‬ ‫ال زالت أصداء نضاله وفكره تتردد بين المناضلين ولدى الطلبة الذين‬ ‫عاشوا زمنه في الجامعة‪.‬‬ ‫كان األمل بأن يحظى عزيز بالل‪ ،‬وغيره من الشخصيات الكبيرة‬ ‫التي غادرتنا‪ ،‬بما يليق بمكانتهم‪ ،‬أن تصدرعنهم كتب وتعد أفالم‬ ‫وثائقية‪ ،‬تتناول سيرتهم النضالية‪ ،‬والجوانب المتعددة من شخصياتهم‬ ‫االستثنائية ومزاياهم اإلنسانية والعملية ومنهج تفكيرهم‪ ،‬واسهاماتهم‬ ‫الوطنية والكفاحية والنقابية والفكرية‪ ،‬واآلم��ال التي حملوها خالل‬ ‫حياتهم‪.‬‬ ‫***‬ ‫تحضرني اآلن بالمناسبة أسماء أصدقاء وزمالء ورفاق أعزاء عاشرتهم‬ ‫ورافقتهم وجالستهم وحاورتهم من مناضلي حزب التقدم واالشتراكية‪،‬‬ ‫مثل عبد المجيد الدويب وعمر محيي الدين ومصطفى اليزناسني ومحمد‬ ‫أنيق وسيمون ليفي وميمون حبريش وشعيب الريفي وعبد اهلل العياشي‬ ‫ومحمد الغربي ومحمد بن الصديق ومحمد فرحات‪ ،‬ولطيفة مكرامي‪..‬‬ ‫السالم األبدي ألرواحهم العالية‪..‬‬

‫الجامعة في زمن جائحة كورونا‬ ‫الدكتورة سناء بلحسن‬ ‫تعد الجامعة المؤسسة التي تشكل مفترق‬ ‫الطرق الحتضان محاضن ومجمعات الفكر والعلم‬ ‫وتالقح االف��ك��ار وتبير االخ��ت�لاف بطرق سلمية‬ ‫وحضارية‪ .‬ففي فضاء الجامعة ومؤسساتها يزدهر‬ ‫التعليم في معناه األعمق للكلمة‪ .‬وهي أيضا‬ ‫المدينة العلمية ومصير المعرفة داخل المجتمع‪،‬‬ ‫كونها مكرسة لمملكة العقل ومقاولة إلنتاج الفكر‪.‬‬ ‫فالجامعة‪ ،‬منذ نشأتها وحتى اليوم‪ ،‬مرت‬ ‫بمتغيرات عدة على مستوى البنيات والوظائف‪،‬‬ ‫فبالرغم من أن إرث األكاديمية األفالطونية‪ ،‬وكذا‬ ‫الجامعة القروسطية‪ ،‬فللجامعة الحديثة مالمحها‬ ‫وخصائصها‪ ..‬فجامعة ما بعد الحداثة ستعرف‬ ‫تطورا منقطع النظير مع مرور الزمن‪ ،‬هذا التطور‬ ‫الذي شهدته الجامعة سيكسبها خصائص معينة‪،‬‬ ‫حيث ستصبح مكان لالمتياز العقلي‪ ،‬والمعرفة‬ ‫الموضوعية‪ ،‬وفضاء متميزا لجميع ومختلف‬ ‫التيارات الفكرية‪ ،‬حيث يسود النقاش واالختالف‪،‬‬ ‫هذه الخصائص والسمات ستصير من محددات‬ ‫هوية الجامعة الجديدة‪ ،‬التي ستشكل المنطق‬ ‫الخاص المتحكم في بنياتها و صيرورة تطورها‪.‬‬ ‫وإذا كانت الجامعة في ال��دول المتقدمة‬ ‫تضطلع بمهام متعددة‪ ،‬في مقدمتها صناعة‬ ‫اإلن��س��ان وتغيير ال��واق��ع‪ ،‬إل��ى جانب المهام‬ ‫الكالسيكية المتمثلة في التكوين والبحث العلمي‬

‫والتأطير‪ ،‬فإن الجامعة عندنا‪ ،‬فشلت تقريبا في‬ ‫الكثير من الوظائف المنوطة بها‪ .‬فهي تختزل‬ ‫جميع العناصر المكونة ألزمة النظام التعليمي‪.‬‬ ‫يمكن القول معها إن أزمة جامعتنا هي نتاج ‪-‬ألزمة‬ ‫النظام التربوي‪ -‬وهي أزمة بنيوية شمولية متعددة‬ ‫األبعاد والدالالت‪ .‬فهاته الجامعة‪ ،‬ظلت بعيدة جدا‬ ‫عن تحقيق وظائفها وأدوارها من أهداف معلنة‪،‬‬ ‫فهناك تراجع كبير لدورها في التنمية االجتماعية‬ ‫بسبب الفشل في إقامة عالقات تبادلية وتكاملية‬ ‫مع محيطها االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬ومع مختلف‬ ‫المؤسسات والقطاعات اإلنتاجية واالجتماعية‬ ‫بشكل ع��ام‪ ،‬وك��ذا عدم قدرتها على أن تشكل‬ ‫فضاء للتفكير الحر‪ ،‬والبحث العلمي وتكوين األطر‪،‬‬ ‫والمواطنة المستنيرة‪ ،‬ومراكمة ممنهجة للمعارف‬ ‫والخبرات والتجارب الوطنية والكونية‪ ،‬وتحويل كل‬ ‫هذا التراكم المعرفي والقيمي إلى منتوج ثقافي‬ ‫واجتماعي من شأنه المساهمة في تغيير الواقع‬ ‫وصناعة اإلنسان الذي نريد‪ .‬وهذا راجع باألساس‬ ‫إلى تعدد البرامج واختالفها وعدم استقرارها‪،‬‬ ‫فضال عن عدم دمقرطة التدبير‪.‬‬ ‫إن أزمة المآل الذي تعرفه جامعتنا يجعلنا‬ ‫نتساءل ‪:‬‬ ‫ما العمل للخروج بالمدينة العلمية من األزمة‬ ‫التي تعيشها راهنا؟ وكيف نصل إلى جامعة مفعمة‬

‫‪ /‬أستاذة جامعية‬

‫بالحياة تعمل على تجاوز نظام يعتمد على التلقي‬ ‫السلبي‪ ،‬وتتحول من منطق التدريس والتلقين إلى‬ ‫منطق التكوين والبحث العلمي؟ وكيف نستطيع‬ ‫تبني مشروع فكري عملي يغير الجامعة ومن تم‬ ‫الواقع؟‬ ‫نعتقد بأن الجامعة هي الكفيلة بخلق مجتمع‬ ‫متقدم وعصري ‪ ،‬فهي الوحيدة القمينة بتشكيل‬ ‫صمام أمان يضمن الحد األدنى من االستقرار‪،‬‬ ‫ويخرجها من واقع مصاب بالجمود إلى واقع جديد‬ ‫يجعل منها تملك الحضور التأسيسي في بناء‬ ‫وتغيير الواقع‪ .‬لهذا فان مهمة بناء مجتمع متنور‪،‬‬ ‫هي عملية غاية في التعقيد‪ ،‬والجامعة بجميع‬ ‫مؤسساتها هي المخولة وحدها للقيام بهذه‬ ‫المهمة‪ .‬لكن شريطة إصالح الجامعة‪ ،‬والتي هي‬ ‫في حاجة إلى تغيير جذري في بنياتها في ظل‬ ‫األزم��ة التي يعرفها العالم اليوم بسبب جائحة‬ ‫كورونا‪ ،‬والتي سرعت من منسوب االنفتاح على‬ ‫التكنولوجيا وإنعاش التعليم عن قرب‪.‬‬ ‫وقد جاءت الظروف االستثنائية المصاحبة‬ ‫لوباء كورونا لتفرض واقعا جديدا وصعبا على‬ ‫الجامعة‪ ،‬والتي لم تكن مؤهلة له ولم يكن أحدا‬ ‫يتوقعه‪ ،‬وفي كل بقاع العالم‪.‬‬ ‫ومع ذلك فقد بذلت الدولة وكذا المؤسسات‬ ‫الجامعية المغربية مجهودا جبارا لتتكيف مع‬

‫الظروف الجديدة وك��ذا إك��راه الحجر الصحي‪،‬‬ ‫واستطاعت هذه الجامعات وبشكل سريع االستجابة‬ ‫لمتطلبات المرحلة‪ ،‬كما استطاع األساتذة التأقلم‬ ‫مع النمط التدريسي الجديد‪ ،‬من خالل التدريس‬ ‫عن بعد ومحاولة تقديم المحاضرات بأفضل طريقة‬ ‫ممكنة‪ ،‬للحفاظ على استمرارية التعليم الجامعي‪.‬‬ ‫مما يؤكد بالملموس أن الجامعة المغربية تزخر‬ ‫بأطر بكفاءات عليا‪ ،‬األمر الذي يستوجب تشجيع‬ ‫هذه الكفاءات وتحفيزها‪ ،‬وقانون المالية التعديلي‬ ‫ال ينبغي أن يتجاهل التعليم‪ ،‬البحث العلمي‬ ‫والقطاع الصحي‪.‬‬ ‫فال يمكن النهوض بالمجتمع إال من خالل‬ ‫تعليم جيد‪ ،‬ينصب على صناعة اإلنسان المواطن‬ ‫المتشبع بقيم االح��ت��رام واالل��ت��زام‪ ،‬والمدرسة‬ ‫بمفهومها الواسع‪ ،‬هي اآللية القادرة على خلق‬ ‫هذا اإلنسان‪.‬‬


‫العدد ‪1048‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬ ‫(‪)947‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫“المغرب‪:‬‬ ‫“سلسلة في حلقات من النضال الجبلي (‪”)2‬‬

‫تابع األستاذ المريني العياشي سلسلة تنقيباته المعنونة ب”صور من التاريخ البطولي لمنطقة‬ ‫جبالة”‪ ،‬بإصدار جزء ثان من هذا الكتاب تحت عنوان “النضال الجبلي” (بدون تاريخ)‪ ،‬وذلك في ما‬ ‫مجموعه ‪ 216‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ ،‬حافظ فيها المؤلف على نفس نمط اإلخراج‬ ‫العام الذي اعتمده في الجزء األول‪ .‬ومن دون العودة للتذكير بمجمل خصائص الكتابة التوثيقية‬ ‫التي امتاز بها المريني العياشي‪ ،‬سواء على مستوى المنهج أم على مستوى طرق استقراء المضامين‬ ‫وتوظيفها‪ ،‬فإننا نكتفي باإلشارة إلى أن المؤلف قد حاول –في هذا الجزء الثاني‪ -‬التأريخ للحركات‬ ‫الجهادية بمنطقة جبالة خالل الفترة الزمنية الممتدة بين سنتي ‪ 1911‬و‪ ،1912‬معتمدا في ذلك‬ ‫على استغالل نتائج التقصي الميداني الذي قاده للتنقل بين مجاالت بعض القبائل والقرى الجبلية‬ ‫النائية والمواقع التي شهدت أشهر المعارك والمواجهات‬ ‫العسكرية‪ .‬وقد مكنه ذلك من تجميع ركام هام من الوقائع‬ ‫والشهادات الشفوية التي استقاها من شخصيات المنطقة‬ ‫بمختلف األصقاع الجبلية والمداشر المتناثرة بالشمال‪ ،‬مع‬ ‫التركيز –بشكل خاص‪ -‬على توظيف رصيد األشعار المحلية‬ ‫واألهازيج الشعبية واألمثال والحكم والقصص الشفوية‬ ‫التي كانت ترددها ساكنة جبالة‪ ،‬بشكل سمح بتقديم‬ ‫صورة دقيقة عن واقع المجتمع الجبلي في انشغاالته اآلنية‪،‬‬ ‫وفي تطلعاته المعيشية والجهادية‪ ،‬وفي إبداعاته الذهنية‬ ‫التي اصطبغت ب”ظروف الوقت” عاكسة –بذلك‪ -‬أسمى‬ ‫تعبير عن آالم الساكنة المحلية وآمالها‪ .‬ولتعزيز مصداقية‬ ‫هذا النبش الحفري‪ ،‬استعان المؤلف بمضامين العديد‬ ‫من المجالت والمؤلفات المتخصصة والتقاييد والكنانيش‬ ‫المخطوطة والصحف المتداولة والوثائق الدفينة من‬ ‫رسوم عقارية وظهائر سلطانية وخطب رسمية ورسائل‬ ‫مخزنية ومحلية وغيرها من المواد التي ساعدت على‬ ‫تنقيح مضامين الروايات الشفوية “حتى تكون المرويات‬ ‫مؤيدة بالمكتوبات”‪ ،‬حسب تعبير المؤلف في تقديمه‬ ‫للكتاب‪ .‬نسوق هذه المعطيات‪ ،‬ونحن نؤكد على ضرورات‬ ‫االحتراس العلمي عند استغالل رصيد الروايات الشفوية‪،‬‬ ‫وعلى ضرورة التأني والتريث قبل استخالص األحكام العامة‬ ‫من هذه الروايات بما لذلك من انعكاس على مصداقية أي‬ ‫عمل تأريخي يتوخى الصدق والحقيقة‪.‬‬ ‫تتوزع مضامين كتاب “النضال الجبلي” بين مقدمة‬ ‫منهجية عامة وأربعة فصول متراتبة في سردها للوقائع‬ ‫الكرونولوجية وفي تناولها لقضايا موضوعاتية ارتبطت‬ ‫بمحطات أساسية في تاريخ المنطقة وفي سير بعض أعالمها الفاعلين‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬انطلق المؤلف‬ ‫–في الفصل األول‪ -‬من تحليل مكونات الخريطة الحربية لمناطق الجبال الغربية والهبط‪ ،‬مع التركيز‬ ‫على التمييز بين مختلف مراحل الزحف اإلسباني على المنطقة أوال‪ ،‬ثم بين محاور الغزو االستعماري‬ ‫وكذا بين محاور تحرك المقاومة الجبلية البطولية ثانيا‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬توقف المؤلف طويال للحديث‬ ‫عن المعارك التي دارت رحاها في نواحي تطوان‪ ،‬وعن مكونات المقاومة الشعبية على الجبهة‬ ‫الشمالية الغربية‪ ،‬وعن سيرة الشريف الوهابي العلمي سيدي محمد ولد سيدي الحسن العروسي‪،‬‬ ‫وعن حيثيات وبوادر التفرقة التي تسربت إلى رباط دار بن قريش‪ ،‬وعن المساهمات الجهادية لقبائل‬ ‫األنجرة وبني ودراس وبني يدر‪ .‬وقد ختم المؤلف هذا الفصل بالكشف عن مساهمة المرأة الجبلية في‬ ‫أعمال المقاومة العسكرية الجهادية التي أشعلتها ساكنة المنطقة في وجه جحافل الغزو االستعماري‬ ‫اإلسباني‪ ،‬مثلما هو الحال مع معارك الخلوة‪ ،‬صف الحمام‪ ،‬سيدي اهالل‪ ،‬الوهارنة‪...،‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫وفي الفصل الثاني من الكتاب‪ ،‬انتقل المؤلف إلى رصد تحركات الشريف الريسوني‬ ‫ ‬ ‫بين القصر الكبير وفندق العين الجديدة‪ ،‬وكذا تحركاته بين أوساط القبائل الجبلية والتي كانت‬ ‫تستهدف إما إجبار هذه القبائل على المشاركة في العمليات الجهادية‪ ،‬وإما توجيه حمالت تأديبية‬ ‫ضد الخارجين عن سلطته ألسباب مختلفة مرتبطة بتدهور األوضاع العامة بمنطقة جبالة وبتداعيات‬ ‫تفكك رموز السيادة المخزنية بين مكونات المجتمع‪ .‬وفي نفس السياق كذلك‪ ،‬اهتم المؤلف بتتبع‬ ‫مواقف العلماء المعارضة لالحتالل اإلسباني‪ ،‬كما أبرز دور شرفاء طاردان داخل المقاومة الجبلية‪،‬‬ ‫قبل أن يفصل الحديث عن موقف الريسوني من االحتالل اإلسباني وذلك على ضوء التجاء الجنرال‬ ‫سلفستري إلى مساومة القائد المذكور على منصب الخليفة بالمنطقة الشمالية الغربية من المغرب‪،‬‬ ‫عقب اللقاء التفاوضي الذي تم بين الرجلين بمدينة أصيال‬ ‫يوم ‪ 19‬أكتوبر من سنة ‪ .1911‬وفي الفصل الثالث من‬ ‫الكتاب‪ ،‬قدم المريني العياشي وصفا مستفيضا عن تطور‬ ‫األوضاع بمحور أصيال‪-‬تازروت‪ ،‬مع التركيز –بشكل خاص‪-‬‬ ‫على إبراز أهم األحداث التي وقعت بنواحي أصيال واثنين‬ ‫سيدي اليمني وذلك في سياق الحرب المفتوحة بين قوات‬ ‫االحتالل ومجاهدي المنطقة‪ .‬أما في الفصل الرابع‪ ،‬فقد‬ ‫انتقل المؤلف إلى رصد تطورات الصراع على طول المحور‬ ‫الممتد من اثنين سيدي اليمني إلى سبت بني كرفط‬ ‫وحتى ملتقى محور أصيال‪-‬تازروت بوادي أساق‪ .‬في هذا‬ ‫اإلطار‪ ،‬ركز المؤلف على التعريف بأهم المواجهات التي‬ ‫قادها مجاهدو بني كرفط وآل سريف وسماتة على طول‬ ‫المحور المذكور‪ ،‬كما أبرز أهمية االستراتيجية العسكرية‬ ‫التي تبناها اإلسبان –بالنسبة لمشاريعهم االستعمارية‪-‬‬ ‫وذلك باتخاذهم لكل من أصيال والعرائش كقواعد ارتكازية‬ ‫وكنقاط خلفية النطالق عمليات احتالل باقي منطقة جبالة‪.‬‬ ‫وبكل هذا التنقيب‪ ،‬قدم المؤلف تجميعا غزيرا من‬ ‫المعلومات والوقائع التي ال شك وأنها تساهم في إلقاء‬ ‫الضوء على سجالت النضال ومفاخر الجهاد التي ميزت‬ ‫سيرة القادة الحقيقيين المغمورين في تاريخ جبالة‬ ‫البطولي‪ .‬وإذا كان المؤلف قد أعرض عن الحديث عن‬ ‫العديد من الرباطات الجهادية األخرى التي كانت تزخر‬ ‫بها منطقة جبالة وكذا عن ظروف مرحلة ما بعد احتالل‬ ‫تازروت‪ ،‬فألنه كان يريد تخصيص هذه القضايا والوقائع‬ ‫للجزء الثالث من الكتاب‪ ،‬حسب ما أشار إلى ذلك في كلمته‬ ‫التقديمية‪ .‬وعموما‪ ،‬يمكن القول إن المريني العياشي قد‬ ‫قدم عمال غير مسبوق في مجال المصنفات والحوليات التاريخية الخاصة بمنطقة جبالة‪ .‬وتزداد هذه‬ ‫القيمة وضوحا إذا علمنا أن المؤلف قد اعتمد في متنه على مظان مختلفة من حيث نوعيتها‪ ،‬ومتكاملة‬ ‫في معطياتها السردية‪ ،‬من قبيل الروايات الشفوية والوثائق الدفينة والمخطوطات غير المنشورة‬ ‫واإلصدارات المتداولة حول الموضوع‪ ،‬مرفقا كل ذلك بتفكيك لمضامين خرائطية أساسية‪ ،‬وبتحليل‬ ‫للسياقات العامة للوقائع‪ ،‬وبشرح للمعطيات المرتبطة باللهجة المحلية للمنطقة‪ ،‬وبتقديم جداول‬ ‫بيانية ولوائح تفصيلية باألعالم وبالقبائل وبالوقائع العسكرية وبالسير الذاتية‪ .‬وبذلك قدم المريني‬ ‫العياشي مادة أولية تأريخية هامة تساهم في نفض الغبار عن خبايا ماضينا الجهادي المنسي‪ ،‬وفي‬ ‫فتح المجال أمام جهود المتخصصين الستكمال حلقات الدراسة‪ ،‬ولتصحيح الهفوات المتداولة – بما‬ ‫في ذلك تلك التي احتواها الكتاب موضوع هذا التقديم‪ ،-‬والستثمار المادة الخام الغنية التي بذل‬ ‫المؤلف جهودا مضنية في عمليات تجميعها وفي غربلتها وفي تصنيفها‪.‬‬

‫الليلة التاسعة « عن اإلنسان و الحيوان‬ ‫• محمد العطالتي‬ ‫«وعدت ليلة أخرى فقال ‪ :‬فاتحة الحديث معك‪ ،‬فهات ما عندك‪.‬‬ ‫فكان من الجواب ‪ :‬أن أخالق أصناف الحيوان الكثيرة مؤتلفة في نوع اإلنسان‪ ،‬وذلك أن اإلنسان‬ ‫صفو الجنس الذي هو الحيوان‪ ،‬و الحيوان كدر النوع الذي هو اإلنسان و اإلنسان صفو الشخص‬ ‫الذي هو واحد من النوع‪ ،‬و ما كان صفوا و مُصاصا (عصارة) بهذا النظر انتظم فيه من كل ضرب‬ ‫من الحيوان خُلقٌ و خُ ُلقان و أكثر‪ ،‬وظهر ذلك عليه و بطن أيضا باألقل و األكثر و األغلب و‬ ‫األضعف‪ ،‬كالكمون الذي في طباع السبع و الفأرة‪ ،‬و الثبات الذي في طباع الذئب‪ ،‬و التحرز الذي في‬ ‫طباع الجاموس من بنات الليل‪ ،‬و الحذر الذي في طباع الخنزير‪ ،‬و التقدم الذي في طباع الفيل أمام‬ ‫قطيعه تمثال بصاحب المقدمة‪.‬‬ ‫و كذلك ضد ذلك في الخنزير تمثال بصاحب الساقة‪ ،‬و كالحراسة التي في طباع الكلب‪ ،‬و كأوب‬ ‫َ‬ ‫شَب (األخالط) و الغِياض (اآلجام)‬ ‫الطير إلى أوكارها التي تراها كالمعاقل وغيرها بالدغل و األ ِ‬ ‫و لهذا قال بعض الحكماء‪ :‬خذ من الخنزير بكوره في الحوائج‪ ،‬و من الكلب نصحه ألهله‪ ،‬و من‬ ‫الهرة لطف نفسها عند المسألة‪.‬‬ ‫و قالت التُّرك ‪ :‬ينبغي للقائد العظيم أن يكون فيه عشر خِصال من ضروب الحيوان ‪ :‬سخا ُء‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رَوغان الثعلب‪ ،‬و صبرُ الكلب‪ ،‬وحِراسة‬ ‫حمْلة الخنزير و‬ ‫الديك‪ ،‬وتَحنُّنُ الدجاجة‪ ،‬ونجْد ُة األسد‪ ،‬و‬ ‫الكرْكي‪ ،‬و َ‬ ‫ٌ‬ ‫حَذرُ الغُراب‪ ،‬وغارَ ُة الذئب‪ ،‬و سَمْنُ بَعْرَوا‪ ،‬و هي دابة بخراسان تَسْمَنُ على التعب‬ ‫و الشقاء ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و لما وُهِب اإلنسان الفطرة‪ ،‬و أعينَ بالفكرة؛ و رُفِد بالعقل‪ ،‬جمع هذه الخصال و ما هو أكثر‬ ‫نفسه‪ ،‬و بسبب هذه المَزية الظاهرة َف َ‬ ‫ضَل جميعَ الحيوان حتى صار يبلغ منها‬ ‫منها لِن ْف ِسه وفي ِ‬ ‫مُرادَه بالتسخير و اإلعمال و استخراج المنافع منها و إدراكِ الحاجات بها؛ وهذه المَزية التي له‬

‫ُ‬ ‫والطبيعة ينبوعُ الصناعات‪ ،‬و ْ‬ ‫مُسْتَمْل‬ ‫الفِكرُ بينهما‬ ‫مُسْتَفادة بالعقل‪ ،‬ألن العقل ينبوعُ العلم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫منهما و مُؤدٍّ بعضُهما إلى بعض بالفيْض اإلمكاني و التوزيع اإلنساني؛ فصوابُ بديهة الفكرة‬ ‫ُ‬ ‫وصحة الطباع من موافقة المَزاج‪،‬‬ ‫من سالمة العقل‪ ،‬وصوابُ روية الفكرة من صحةِ الطباع‪،‬‬ ‫ومُوافقة المَزاج بالمدد االتفاقي و االتفاق الغيبي؛ أعني بهذا أن وجه الحادث المجهول عندنا‬ ‫لبَطل االتفاق‪ ،‬و لو ُ‬ ‫اتفاق‪ ،‬ووجه الحادث المعلوم عند اهلل عزوجل غيب؛ فلو ظهر هذا الغيب ُ‬ ‫بطل‬ ‫االتفاق الرْتفع الغيب‪.‬‬ ‫فانقسمت األحداث بين ما هو على جديلة واحدة معروفة‪ ،‬وبين نادر ال يدوم العهد به‪ّ ،‬‬ ‫فدل ما‬ ‫ظهر و استمر على ما جاد به و وَهَب‪ّ ،‬‬ ‫ودل ما غاب و استتر على ما تفرَّدَ به و غ َلب‪.‬‬ ‫و لما كان الحيوان كله يعمل صنائعه باإللهام على وتيرة قائمة‪ ،‬وكان اإلنسان يتصرف فيها‬ ‫باالختيار‪ ،‬صح له من اإللهام نصيبٌ حتى يكون ِر ْفداً له في اختياره‪ ،‬وكذلك يكون النحل أيضا‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫قِسْط في إلهامه حتى يكون ذلك مُعينا في اضطراره‪ ،‬إال أن نصيبَ اإلنْسان‬ ‫صح له من االختيار‬ ‫َ‬ ‫من اإللهام ّ‬ ‫أقل كما أن قسْط سائ ِر الحيوان من االختيار أنْزَر؛ وثمر ُة اختيار اإلنسان إذا كان مُعانا‬ ‫باإللهام أشرفُ و أدْوَمُ و أجْدى و أنْ َفع و أبْقى و أرْفعُ من ثمرة غيره من الحيوان إذا كان مرْفودا‬ ‫باالختيار ‪ ،‬ألن قو َة االختيار في الحيوان كالحُ ْلم كما أن قوة اإللهام في اإلنسان ّ‬ ‫كالظل‪.‬‬ ‫و مراتبُ اإلنسان في العلم ٌ‬ ‫ثالث تظهر في ثالثِ أنْ ُفس‪ ،‬فأحدهُم مُ ْلهَمٌ فيتعلمُ و يعْمَل‪،‬‬ ‫ويصيرُ مبدأً للمُقت ِبسين منه‪ ،‬المُ ْقتدين به‪ ،‬اآلخذين عنه‪ ،‬الحاذينَ على مِثاله‪ ،‬المارّين على‬ ‫غِراره‪ ،‬القافينَ على آثاره؛ و واحدٌ يتع ّلمُ و ال يُلهم فهو يُماثل َ‬ ‫األول في الدرجة الثانية‪ ،‬أعني‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫بقليل ما يتعلم مُكثرا للعمَل‬ ‫التعلم؛ و واحد يتع ّلمُ و يُ ْلهَم‪ ،‬فتجْتمِعُ له هاتان الخَ ّلتان‪ ،‬فيصيرُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫و العِ ْل ِم بقوة ما يُ ْلهَم ويعودُ بكثرة ما يُ ْلهَم مُص ّفيا لكل ما يتع ّلمُ و يعْمَل‪».‬‬


‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫العدد ‪1048‬‬

‫فرض ترخيص عام ل ‪« ،‬كوفيد‪..»19 -‬‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪...‬كيف السبيل إلى هزيمة «كورونا‪-‬فيروس» ‪ ،‬وإذا‬ ‫باألسلوب الوحيد هو فرض ترخيص عام ‪ ،‬لحماية اللقاح القابل‬ ‫ضد «كوفيد‪ ، »-19‬لكي يكون متاحاً وفي متناول جميع البشر ‪.‬‬ ‫االتصاالت راسخة وجيّدة ‪ ،‬ثمَّ التوقيت هام وفي منتهى‬ ‫الدقة ‪ ،‬فقبل افتتاح الجمعية العالمية للصحة بمعية العديد من‬ ‫المنظمات التابعة لها ‪ ،‬التي تدقُّ ناقوس اإلنذار ‪ ،‬وليس بسبب‬ ‫«كورونا‪-‬فيروس» فقط بل بجميع «فيروي‪-‬سارس» ‪ .‬وللمرة‬ ‫األولى في تاريخ المنظمة العالمية للصحة يتمُّ الجمع على‬ ‫الخط «اسكايب» ‪ .‬من بين المنظمات الحاضرة (س‪.‬ن‪.‬س‪.‬د)‬ ‫‪ ،‬وهي منظمة لتطوير السياسات التي تعنى باألمراض الغير‬ ‫المُعديَة ‪ ،‬وبالتعاون مع المنظمات الغير الحكومية في حملتها‬ ‫(‪ ، )11.11.11‬واإلعاقة الدولية ‪ ،‬وكلهم يرغبون في لقاح ضد‬ ‫«كوفيد‪ ، »-19‬وأن ال تكون له ‪ ،‬أو (لها) صفة حماية لبراءة‬ ‫االختراع ‪ ،‬صيغة احتكارية ‪ ،‬لمجموعات الصيدالنية العالمية‬ ‫الكبيرة ‪ .‬قصد تفادي هذه اإلشكالية (اللوبية) ‪.‬‬ ‫للوصول إلى هذا المسعى ‪ ،‬تحتاج هذه المنظمات إلى‬ ‫تعاون عمالق ‪ ،‬ضخم ودولي ‪ ،‬بين الشركات المختصة ودول‬ ‫ذات سيادة ‪ .‬جاء ذلك شرحه على لسان «نيكوالس فني نوفل‬ ‫« رئيس قسم (س‪.‬ن‪.‬د‪ ، ).‬للمناصرة والدعوة والتعبئة من أجل‬ ‫التنمية الوطنية في إطار حملة (‪ ، ).11.11.11‬المنظمات الغير‬ ‫مع التأكيد َّ‬ ‫أن نتيجة اللقاح يمكن وضعها في‬ ‫الحكومية ‪.‬‬ ‫المجال العام دون احتكارها ‪ ،‬ال من دولة «قوية» وال حتى من‬ ‫شركة «كبيرة» ‪ – ..‬المنظمة العالمية للتجارة لها كل الصالحية‬ ‫لفرض رخصة عامة ‪ ،‬حتى ال يختلف عليها ‪ ،‬ذوو المصالح‬ ‫االقتصادية ‪ .‬فاألغنياء مع الفقراء يمكنهم الحصول سوية دون‬ ‫تمييز على هذا اللقاح بمجرد توَفره ‪ – .‬الطريقة الوحيدة هي‬ ‫عَبْرَ قواعد المنظمة الدولية للتجارة المتعددة الجنسيات ‪،‬‬ ‫وهي الكفيلة للتغلب على هذا الوباء‪-‬المادي ‪ ،‬وهو أخطر من‬ ‫«كوفيد‪ »-19‬نفسه ‪ .‬وهم يعجبون أشدَ العجب (االحتكاريون) ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫يُخوّل الشفاء لجميع البشر ‪ ،‬ليؤكد لنا معنى‬ ‫عند ترخيص عام‬ ‫من معاني اإلخاء ‪ ،‬والدافع إلى القضاء على الجائحة ‪ .‬الهدف من‬ ‫وراء تلك الجائحة ‪ ،‬فقد تمَّ تطوير سبعين لقاحا بالمختبرات‬ ‫الجامعية ‪ ،‬والشركات الخاصة المتخصصة ‪ .‬بينما خمسة منهم‬ ‫في المرحلة السريرية ‪ .‬إضافة إلى جهود تبذل لتطوير لقاح‬ ‫فعال ‪ .‬آملين ‪ ،‬وقد عاودني شعور الثقة بالنفس ‪ ،‬لحصول‬ ‫العلماء على لقاح في أقرب وقت في غضون اثنى عشر شهرا أو‬ ‫ثمانية عشر شهرا ‪ ..‬فإذا لم يتمَّ التعاقد والموافقة على األثمان‬ ‫عند توافر اللقاح ضد «كوفيد‪ ، »-19‬يبقى الخطر قائم ‪ْ ،‬‬ ‫إن لم‬ ‫تتوفر وزارات الصحة ‪ ،‬على اإلرادة ‪ ،‬كيْ ال تجعل المقارنة بين‬ ‫مصالح الصناعات الصيدالنية وبين السكان ‪ .‬وهذا ما تخشاه‬ ‫المنظمات الغير الحكومية ومنظمة الصحة الدولية ‪ .‬وذلك ذنب‬ ‫كبير في حق الشعوب ‪َّ .‬‬ ‫ألن عالم صناعات األدوية تتوخى أسبقية‬ ‫المكاسب المالية ‪َّ ..‬‬ ‫وألن المنظمات اإلنسانية أيضاً تستوجب‬ ‫تحديد القواعد ‪ ،‬حتى ال يكتنفها الغموض ‪ .‬الجمعيات الموقعة‬ ‫هي «صول‪-‬صول»‪ ..‬المنظمات الغير الحكومية ‪ ،‬و«شبكة عمال‬ ‫الشوارع» و«سامواز»‪ ،‬وقد صنّفتْ من جانب األمم المتحدة من‬ ‫فئة أوَّل البلدان نموّاً ‪ ،‬ثم «عالم المرأة» م «اإلعاقة الدولية»‬ ‫و«اإلنسانية واالندماج» (‪ )11.11.11‬وأيضاً «أطباء العالم» ‪،‬‬ ‫(س‪.‬ن‪.‬س‪.‬د – ‪ ، )11011011‬و«المساعدة واألخوة المتبادلة»‬ ‫أو «أوكسام» ‪ ،‬ومهمتها القيام بتشييد المنازل وتوزيع المالبس‬ ‫‪..‬‬ ‫و قد يرى البعض في هذا السباق للحصول على لقاح‬ ‫«كوفيد‪ ، »-19‬تطوُراً وتقدُماً علمياً في مجال الصحة والطب‬ ‫‪ ، ،‬وقد يرى اآلخرون إمكانية الفوْز بالجائزة الكبرى اقتصادياً‬ ‫ومرْطعاً خصباً يمكنهم من جيوب «المرضى» ‪ ..‬شركات‬ ‫األدوية الكبرى ‪ ،‬أمثال «جونسون&جونسون»و «ج‪.‬س‪.‬ك»‬ ‫و«بفيزير» ‪ ،‬وهم يعملون بجدّية صباح مساء ‪ ،‬ليكون أوَّلهم‬ ‫من يضع منتوجه للتسويق ‪ .‬ألوَّل وهلة ‪ ،‬وقبل هذا السباق‬ ‫لم يبدو على هذه الشركات أي اهتمام ‪ ،‬ولم يكن لها نفس‬ ‫الحماس ‪ ،‬وال الجهود التي تبذلها اآلن ‪ ،‬إال من أجل االستغالل‬ ‫التجاري للقاح ! أشار إلى ذلك جميع الموقعين في بيان صحفي‬ ‫مشترك ‪ .‬كان العلماء في الماضي القريب أقرب ما يكون من‬ ‫تقدم هام ‪ ،‬ل «كورونا‪-‬فيروس» مثل «س��ارس» ‪ 2002‬م‬ ‫و«سارس» ‪2012‬م ‪ ،‬لكن في ذلك الوقت كان العلماء مستاؤون‬ ‫لعدم االهتمام التام من طرف المجموعات الصيدالنية ‪ ،‬التي ال‬ ‫ترى في األرباح المحتملة ‪ ،‬إال بوجود لقاح ل «فيروس» يمكنها‬ ‫افتراضاً ‪ ،‬إذ لهدفها الرئيسي من إنتاج اللقاح ‪ ،‬هو المحصول‬ ‫المادي الصرْف ‪ ،‬بينما احتياجات الناس وصحتهم تأتي في‬

‫الدرجة الثانية ! مالذها الوحيد هو السيطرة على أسواق‬ ‫األدوية كي تصبَّ األموال الطائلة في حساباتها المصرفة !‬ ‫االتحاد األروبي في األربع الشهور األخيرة استطاع ْ‬ ‫أن يجمع‬ ‫من األموال مبلغ ‪4،7‬مليار ‪ €‬عن طريق ماراطون عالمي من‬ ‫المانحين ‪ .‬وخصصت الحكومة البلجيكية لوحدها في تسريع‬ ‫االستثمار من أجل األبحاث العلمية ‪ ،‬مبلغ ‪20‬مليون ‪– .. €‬لم‬ ‫يغيب عن «البروفيسور راوُلت» َّ‬ ‫أن وباء «كورونا‪-‬فيروس» ‪ ،‬هذا‬ ‫األخير قد اختار لألغنياء المنية أكثر مما اختارته للفقراء ‪ .‬ويُعلل‬ ‫ذلك باألسباب اآلتية ‪ ،‬أنه يبدو ومنذ ستة أشهر و«كوفيد‪»-19‬‬ ‫يُرْهب العالم أجمع ‪ ،‬إذ به (أوْ بها) وقد تسبب ّ‬ ‫لكل الدول في‬ ‫خسائر بشرية فادحة ‪ ،‬على شكل «الجنّ» يُظهر نفسه سريعاً‬ ‫‪ ،‬ومع ذلك يعجل بمزيد من الضحايا ألخذ جلهم إلى مقابر‬ ‫«األغنياء» ‪ ،‬دون مكان آخر ! لعل تلك الخدعة المأثورة َّ‬ ‫أن أمريكا‬ ‫قطعة من أروبا ‪ ،‬وحدت موتى «كورونا» المهول والمرتفع ‪ ،‬في‬ ‫أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا ‪ ،‬وقبل ذلك الصين‬ ‫‪ ،‬وأبانت هذه الدول عن نسب الوفاة واالتهابات أعلى بكثير ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫لشأن عجيب ‪ ،‬يقول «الدكتور‬ ‫مقارنة مع الدول الفقيرة ‪ .‬وإنه‬ ‫ألن منطقياً يقتضي ‪َّ ،‬‬ ‫راوُلت» في شرحه للظاهرة ‪َّ .‬‬ ‫ان أوالئك‬ ‫الذين يملكون ‪ ،‬ولديهم المزيد من الوسائل واإلمكانيات‬ ‫الطبية ‪ ،‬قد تكون لهم القدْرة على التصدي للجائحة ‪ ،‬إليجاد ما‬ ‫يحتمون به من «كورونا‪-‬فيروس ‪ .‬يتفرَّدُ «د‪.‬راوُلت ديديي»‬ ‫بذكر قدُرات هذه الدُوَّل على االستجابة بشكل سيئ على هذا‬ ‫الشر في وقتنا هذا ! وقد امتطت الدول النامية صهوة الجواد‬ ‫للعالج الكالسيكي التي تقود إلى النجاة بسرعة قبل توفر لقاح‬ ‫«كوفيد‪ ، »-19‬لالستجابة لألزمة الصحية الجديدة بواسطة‬ ‫حلول عالجية معتادة ‪ .‬في حين َّ‬ ‫أن الدول «الغنية» تنتظر إيجاد‬ ‫حل مثالي ‪ ،‬له ُّ‬ ‫ّ‬ ‫كل الضمانات يكفل لها النجاح حتى قبل الشروع‬ ‫في العالج ‪ .‬وقد نهجوا المبدأ الوقائي السائد عندهم ‪ .‬نهج‬ ‫غير متأقلم مع وضع حالة الطوارئ لمشاهدة عدد الموتى وهي‬ ‫تتضاعف في هذه األثناء ‪ .‬إال َّ‬ ‫ان الدوَل «الفقيرة» تعالج مرضاها‬ ‫بالوسائل المتاحة وبأدوية بسيطة منخفظة التكلفة وفعالة‬ ‫بقدر اإلمكان ‪....‬‬ ‫– المنظمة العالمية للصحة في اجمتاعها العالمي األخير‬ ‫يوم ‪20/05/2020‬م ‪ ،‬حوْل لقاح ضدّ « كوفيد‪ ، »-19‬خلصتْ‬ ‫وتوصلتْ إلى إنشاء خارطة طريق من أربعة محاور ‪ ،‬واضحة‬ ‫المعالم ألنشطتها من أجل إجراءات مناسبة وأساسية التي يجب‬ ‫اتخاذها ‪ ،‬لتسريع االستجابة على المستويين الوطني والدولي ‪..‬‬ ‫– أوال ‪ :‬على المستوى العالمي ينبغي ضمان توسيع‬ ‫التكنولوجيا الصحية العادلة وأساسية ذي ج��ودة ضرورية‬ ‫لمحاربة جائحة «كوفيد‪.. »-19‬‬ ‫– ثانيا ‪ :‬يجب االستفاذة ‪ ،‬عند الضرورة ‪ ،‬من المعاهدات‬ ‫الدولية ذات الصلة ‪ .‬خصوصاً بما في ذلك أحكام االتفاق عل‬ ‫«أ‪ .‬د‪ .‬ب‪ .‬إي‪ .‬س‪ ( ».‬في سياق المنظمة العالمية للتجارة ‪ ،‬وفي‬ ‫سياق الملكية الفكرية ‪ ،‬ضمن احترام وحماية الحقوق ) ‪ – .‬ثالثا‬ ‫‪ :‬من أجل وضع نهاية لجائحة «كورونا‪-‬فيروس» ‪ ،‬يجب اعتبار‬ ‫لقاح ضدّ «كوفيد‪ »-19‬على أساس الملكية العامة الدولية‬ ‫المتعلقة بالصحة ‪.‬‬ ‫– رابعا ‪ :‬ينبغي تشجيع التعاون يهدف إلى تعزيز أنشطة‬ ‫البحث العلمي في هذا المجال ‪ ،‬والتنمية التي سيتمُّ تمويلها‬ ‫بواسطة القطاع العام أوْ الخاص ‪ .‬يُفترض ْ‬ ‫أن يخلق فتح مجال‬ ‫االبتكار في جميع المجاالت المعنية وتبادل المعلومات مع‬ ‫المنظمة العالمية للصحة ‪..‬‬ ‫– المغرب من جرَّاء هذه التجربة ‪ ،‬وهي القطار الذي وصل‬ ‫بالعديد من شبابنا خريج الجامعات إلى قنطرة هذه المحطة‬ ‫‪ ،‬وعلى غرار العالم المغربي ذي الجنسية األمريكية الدكتور‬ ‫منصف السالوي ‪ ،‬لجالء الظالم الدامس للتخلف عن الركب‬ ‫العالمي ‪ ،‬وهو السرطان المُدمّر وأكثر شرّاً من «كوفيد‪»-19‬‬ ‫‪ .‬أخشى فيما أخشاه ْ‬ ‫أن تكون المسافة بيننا وبين الدول‬ ‫«المتقدمة» شاسعة ‪ .‬وقد بدتْ للبروفيسور منصف السالوي‬ ‫أصغر اآلن من ذي قبل ‪ .‬يجب ْ‬ ‫أن ال نكون مذبذبين بين ذلك ‪،‬‬ ‫ال إلى األمام وال إلى الخلف ‪ .‬وهذا ما يحملنا نرفع هذا التحدي ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ألن الذين يتقدَّمون أسرع فأسرع وبعيداً في مجال البحث عن‬ ‫المعرفة العلمية ‪..‬‬ ‫أن يُ��راد في هذا الشرح ‪ ،‬ما ي� ُّ‬ ‫– على ْ‬ ‫�دُل على المعنى‬ ‫المطلوب ‪..‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫لجميع إعالناتكم‬ ‫اإلشهارية واإلدارية‬ ‫يف جريدة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬ ‫‪0539943008‬‬

‫رقم ‪505‬‬

‫‪17‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)505‬‬ ‫أصل اللعبة‬ ‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫العدد ‪1048‬‬

‫الثالثـاء ‪� 02‬إلى ‪ 08‬يونيو ‪2020‬‬

‫األخيرة‬

‫عصور اإللهاء‪...‬‬

‫لسنا وحدنا؛ الجميع كانوا كذلك‬ ‫يُحاصرنا صعود اإلنترنت‪ ،‬واالنتشار الواسع للتكنولوجيا الرقميَّة‪ ،‬بمصادر ال حصر لها لإللهاء؛ الرسائل النصيَّة‪ ،‬المشوّش‪ ،‬قدم ويكورد نوعاً من التدريب في القرن الثامن عشر‪ .‬ووصف الحليب الرائب‪ ،‬ومسحوق الحديد‪ ،‬وركوب الخيل‪،‬‬ ‫ورسائل البريد اإللكتروني‪ ،‬واالنستغرام‪ ،‬والواتساب‪ ،‬وتغريدات األصدقاء‪ ،‬وتشغيل ملفات الموسيقى والفيديو‪ ،‬واألخبار‪ ،‬كعالج‪.‬‬ ‫والمزيد من األخبار اآلنيَّة‪ ،‬وسيل من أسعار األسهم المتغيِّرة باستمرار‪ .‬وألداء عملنا الواجب القيام به‪ ،‬نحاول إيقاف تيار‬ ‫وخالل القرن التاسع عشر‪ ،‬أصبحت حالة عدم االنتباه أخالقيَّة بشكل كامل‪ .‬وكان ينظر إلى الغفلة كتهديد للتقدُّم‬ ‫الرقمنة هذا‪ ،‬ولكن سرعان ما نكتشف صعوبة القيام بذلك عندما يدهمنا المزيد من فيض المعلومات‪ ،‬ونُعاني من الخوف الصناعي‪ ،‬والتقدُّم العلمي‪ ،‬واالزدهار‪ .‬وخَصَّ الخبير االقتصادي السياسي االسكتلندي ويليام باليفير اإلجماع السائد‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المتجدِّد من أن نفقد شيئا‪ .‬ممَّا يجعل بعض الناس يعتقدون أن لدينا إرادة ضعيفة جدا‪ ،‬وأصابتنا الغفلة‪ ،‬ألن أدمغتنا برؤيته الخاصَّة حول هذا الموضوع عندما قال‪َّ :‬‬ ‫“إن تدهور الشخصيَّة األخالقيَّة‪ ،‬وفقدان االنتباه للمبادئ األولى‪ ،‬التي‬ ‫تضرَّرت بفعل الضوضاء الرقميَّة‪ .‬ولكن إلقاء اللوم كله على التكنولوجيا في ارتفاع هذه الغفلة في غير مح ّ‬ ‫فالتاريخ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ل‬ ‫يدين بها المجتمع لرخائه وسالمته؛ وكالهما يرافقان الثروة‪ ،‬هما أكثر العوامل قوَّة في تراجع األمم‪ ”.‬بل أدعى باليفر‬ ‫ْ‬ ‫يُظ ِهر أن القلق تجري تغذيته‪ ،‬ليس فقط من الشيء الجديد القادم‪ ،‬ولكن عن طريق التهديد‪ ،‬الذي يطرحه هذا الشيء‪،‬‬ ‫أنه في فرنسا ” كان عدم انتباه النبالء لواجبهم أحد أسباب الثورة”‪ .‬وبحلول نهاية القرن التاسع عشر‪ ،‬كان عدم االنتباه‬ ‫أياً‬ ‫القائمة‪.‬‬ ‫َّة‬ ‫ي‬ ‫األخالق‬ ‫السلطة‬ ‫على‬ ‫كان‪،‬‬ ‫بمثابة عالمة على االنحطاط العرقي‪ .‬ففي كتابه‪“ :‬اإلنحطاط الكالسيكي”‪ ،‬الصادر عام ‪َّ ،1895‬‬ ‫حذر الناقد االجتماعي‬ ‫إنَّه اإللهاء‪ ،‬الذي يجعل كل واحد مِنَّا مشغول‪ ،‬ومذهول‪ ،‬وغافل‪ .‬فهل نحن وحدنا الذين أصيبوا بمثيرات عدم ماكس نورداو من أن “نشاط الدماغ المتدهور والهستيري هو نشاط غير َّ‬ ‫منظم وغير مقيّد‪ ،‬وغير متجانس‪ ،‬وبدون قصد‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫االنتباه؟ يقول عالم االجتماع‬ ‫والمعلق االجتماعي فرانك فوريدي‪ ،‬الذي عمل سابقاً أستاذاً لعلم االجتماع في جامعة كينت أو هدف”‪.‬‬ ‫في كانتربري‪ِّ ،‬‬ ‫ومؤلف لـ‪ 17‬كتاباً‬ ‫َّ‬ ‫منذ‬ ‫األقل‬ ‫وعلى‬ ‫الجميع‪،‬‬ ‫إن‬ ‫يقول‬ ‫‪،2015‬‬ ‫عام‬ ‫في‬ ‫صدر‬ ‫والذي‬ ‫القراءة”‪،‬‬ ‫َّة‬ ‫و‬ ‫“ق‬ ‫آخرها‬ ‫كان‬ ‫‪،‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬حتى السبعينيات من القرن الماضي‪ ،‬عندما دخل التشخيص الطبي الحديث الضطراب نقص االنتباه‬ ‫اجتماعي‪،‬‬ ‫كتهديد‬ ‫عهدها‪،‬‬ ‫ألول‬ ‫الغفلة‪،‬‬ ‫ظهرت‬ ‫فقد‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫إثبات‬ ‫باستطاعتهم‬ ‫الذين‬ ‫الفالسفة‪،‬‬ ‫ومنهم‬ ‫كذلك‪،‬‬ ‫‪ ،1710‬كانوا‬ ‫إلى الثقافة العامَّة السائدة‪ ،‬وكان يستخدم لفهم مجموعة فرعيَّة من ذوي اإلعاقة الحقيقيَّة‪َّ ،‬‬ ‫فإن حالة عدم االكتراث‬ ‫ً‬ ‫واألسطورة‪.‬‬ ‫الدين‬ ‫ضدّ‬ ‫يضغطان‬ ‫والعلم‬ ‫المنطق‬ ‫كان‬ ‫كما‬ ‫ا‬ ‫تمام‬ ‫التنوير‪،‬‬ ‫عصر‬ ‫خالل‬ ‫أوروبا‪،‬‬ ‫في‬ ‫عشر‬ ‫الثامن‬ ‫في القرن‬ ‫االجتماعي كانت ِّ‬ ‫تمثل واحدة من الضوابط األخالقيَّة المعيبة‪ .‬وقد َّ‬ ‫ركزت المحاضرات الرائدة لجورج ستيل‪ ،‬التي قدَّمها‬ ‫ويقدم قاموس أوكسفورد اإلنجليزي‪ ،‬للتدليل على ذلك‪ ،‬اقتباساً من تاتلر‪ ،‬عام ‪ ،1710‬كأوَّل إشارة لهذه الكلمة‪ ،‬يقترن‬ ‫عام ‪ ،1902‬حول “بعض الظروف النفسيَّة غير الطبيعيَّة عند األطفال”‪ ،‬على سمات سلبيَّة مثل “القسوة والتعنيف والغياب‬ ‫فيها اإللهاء مع الكسل؛ ربطاً لهما بالرذائل األخالقيَّة الخطيرة‪ ،‬والمثيرة للقلق العام‪.‬‬ ‫واالضطهاد والخداع الوحشي والتشويش والظلم والخيانة الجنسيَّة والفظاظة”‪ .‬غير أن هذا الشعور لم يختف‪ ،‬بل َّ‬ ‫إن‬ ‫غير أن النصّ األول‪ ،‬الذي يتناول مرض عدم االنتباه‪ ،‬هو التحقيق الذي أجراه ألكسندر كريشتون‪ ،‬عام ‪ ،1798‬حول استمراره يؤيِّد ما ذهب إليه ماغي جاكسون في كتابه‪“ :‬تآكل االنتباه والعصر المظلم القادم”‪ ،‬الذي نُشِر عام ‪ ،2008‬مع‬ ‫طبيعة وأصل االنحالل العقلي‪ .‬إذ رأى كريشتون أن اضطراب عدم االنتباه ينتمي إلى “مجال الطب”‪ ،‬ولكنه َّ‬ ‫تأثر بالعوامل ادّعاءاته بأن “ترويض الوحش الداخلي لدينا” هو “جزء ال يتجزَّأ من تطوير الضمير”‪.‬‬ ‫أن االنتباه يمكن أن َّ‬ ‫االجتماعيَّة والثقافيَّة‪ .‬وادَّعى َّ‬ ‫والتقاليد‬ ‫الحافز‪،‬‬ ‫يتأثر سلباً بسوء التربية‪ ،‬وضعف التعليم‪ ،‬ونقص‬ ‫لقد شهدت العقود األخيرة انعكاساً دراماتيكياً في مفهوم عدم االنتباه؛ على عكس ما حدث في القرن الثامن عشر‪،‬‬ ‫لدرجة‬ ‫التركيز؛‬ ‫على‬ ‫القدرة‬ ‫إضعاف‬ ‫إلى‬ ‫االنتباه‪،‬‬ ‫في‬ ‫اإلفراط‬ ‫وكذلك‬ ‫المعتادة‪،‬‬ ‫الغفلة‬ ‫من‬ ‫العائليَّة‪ .‬ويمكن أن تُؤدي كل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عندما كان يُنظر إليه على أنه أمر غير طبيعي‪ ،‬إذ غالبا ما يتمّ عرض عدم االنتباه اليوم كحالة عاديَّة‪ .‬وكثيرا ما يتميَّز‬ ‫من‬ ‫َّة‬ ‫ي‬ ‫طبيع‬ ‫غير‬ ‫“درجة‬ ‫ِّكهم‬ ‫ر‬ ‫تح‬ ‫قد‬ ‫االنتباه‪،‬‬ ‫نقص‬ ‫من‬ ‫عانوا‬ ‫الذين‬ ‫أولئك‪،‬‬ ‫أن‬ ‫كريشتون‬ ‫يُص ِبح معها مرضاً طبياً‪ .‬وأكد‬ ‫كعَرَض يصيب َّ‬ ‫قلة من الناس‪ .‬ففي الوقت‬ ‫العصر الحالي بأنَّه عصر “التشتيت”‪ ،‬أو “اإللهاء”‪ ،‬ولم يعد يصوِّر عدم االنتباه‬ ‫ٍ‬ ‫…”‬ ‫مشاعرهم‬ ‫لحالة‬ ‫خاص‬ ‫“اسم‬ ‫لديهم‬ ‫المنهكة‬ ‫الحالة‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫يعانون‬ ‫الذين‬ ‫أولئك‬ ‫إن‬ ‫القلق العقلي”‪ .‬وكتب يقول‬ ‫الحاضر‪ ،‬يُصَوَّر تآكل قدرة البشريَّة على االنتباه كمشكلة وجوديَّة‪ ،‬ترتبط باآلثار المزعومة للتد ّفقات الرقميَّة الهائلة‬ ‫إنهم يَدَّعُون أنهم يمتلكون األدوات المناسبة لمساعدة أنفسهم‪.‬‬ ‫من المعلومات‪ ،‬التي تتسرَّب إلينا باستمرار‪ ،‬وبال هوادة‪ .‬يقول نيكوالس كار في كتابه‪“ :‬الظالل‪ :‬كيف تُغَيِّر اإلنترنت‬ ‫أكد كريشتون أن أولئك‪ ،‬الذين عانوا من نقص االنتباه‪ ،‬قد تحرِّكهم “درجة غير طبيعيَّة من القلق العقلي”‪ .‬وكتب الطريقة التي نقرأ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫“إن الشبكة ال تستحوذ على اهتمامنا إال لتبعثره”‪ .‬ووفقاً‬ ‫ونتذكر بها”‪ ،‬الذي صدر عام ‪َّ ،2010‬‬ ‫ونفكر‬ ‫يقول إن أولئك الذين يعانون من هذه الحالة المنهكة لديهم “اسم خاص لحالة مشاعرهم …” إنهم يَدَّعُون أنهم لِعَالِم األعصاب األمريكي دانييل ليفيتين‪ ،‬فإن الملهيات في العالم الحديث يمكن أن تخرِّب أدمغتنا فع ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫يمتلكون األدوات المناسبة لمساعدة أنفسهم‪.‬‬ ‫كعَرَض يصيب‬ ‫كثيراً ما يتميَّز العصر الحالي بأنَّه عصر “التشتيت”‪ ،‬أو “اإللهاء”‪ ،‬ولم يعد يصوِّر عدم االنتباه‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫قلة من الناس‪ .‬ففي الوقت الحاضر‪ ،‬يُصَوَّر تآكل قدرة البشريَّة‬ ‫لقد كان الفالسفة وعلماء األخالق في طليعة من أسهموا‬ ‫على االنتباه كمشكلة وجوديَّة‪ ،‬ترتبط باآلثار المزعومة للتد ّفقات‬ ‫في البناء الثقافي‪ ،‬فوصفوا “عادة الغفلة”‪ ،‬ال كمجرد فشل‬ ‫أخالقي مستقل‪ ،‬ولكن كمصدر للرذائل األخرى‪ .‬ففي “مقال‬ ‫الرقميَّة الهائلة من المعلومات‪ ،‬التي تتسرَّب إلينا باستمرار‪ ،‬وبال‬ ‫عن الحقيقة”‪ ،‬نُشر عام ‪ ،1770‬وضع الفيلسوف األخالقي‬ ‫هوادة‪.‬‬ ‫االسكتلندي جيمس بيتي‪ ،‬الذي اكتسب سمعة في الحديث‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال تزال المخاوف األخالقيَّة‪ ،‬التي دأبت على ترسيخ‬ ‫عن القلق األخالقي للعصر‪ ،‬وصف الغفلة كمصدر للـ”عادات‬ ‫انشغال المجتمع بعدم االنتباه‪ ،‬كامنة في خلفيَّة تفكيرنا حول هذه‬ ‫اإلجراميَّة”‪ ،‬التي ِّ‬ ‫تقلل من “القيم األخالقيَّة”‪َّ .‬‬ ‫وأكد أنَّنا‬ ‫المعضلة‪ .‬كما اعترف الناقد األدبي األمريكي سفين بيركيرتس‬ ‫االهتمام‬ ‫مع‬ ‫التي‪،‬‬ ‫الشريرة‪،‬‬ ‫العادات‬ ‫“اكتسبنا العديد من‬ ‫مؤخراً‪“ :‬ما أعرفه هو أن كالم االنتباه واألخالق تالزمانني بشكل‬ ‫الغفلة‬ ‫بين‬ ‫ربط‬ ‫وقد‬ ‫تجنّبها”‪.‬‬ ‫يُمكن‬ ‫المناسب‪ ،‬كان‬ ‫فوري وتلقائي”‪ .‬وبالنسبة ألي مؤرخ‪ ،‬يُعَدُّ هذا األمر منطقيّاً‪.‬‬ ‫و”القسوة وعدم الرضا”‪ ،‬وحذر من أنه إذا سمح لهذا المرض‬ ‫فعلى مدار تاريخه‪ ،‬خدم عدم االنتباه بمثابة تركيز متصاعد على‬ ‫أن يتطوَّر‪ ،‬سيضعف النظام االجتماعي‪.‬‬ ‫المخاوف بشأن السلطة األخالقيَّة‪ .‬إن اكتشافه في القرن الثامن‬ ‫ِّ‬ ‫المعلقون المهتمُّون باألدب‪ ،‬في‬ ‫وفي إنكلترا‪ ،‬اعتبر‬ ‫عشر ليس مفاجئاً‪ .‬فقد رفض المزاج الفكري في عصر العقل‬ ‫القرن الثامن عشر؛ مثل مؤسِّس صحيفة الغارديان ريتشارد‬ ‫الحقائق المقدَّسة للتقاليد‪ ،‬وأصَرَّ على أن الحجج يجب أن تستند‬ ‫ستيل‪ ،‬والمعلق واألخالقي‪ ،‬صامويل جونسون‪ ،‬عدم االنتباه‬ ‫إلى َّ‬ ‫األدلة والمنطق‪ .‬وكما يعلم التربويُّون على مرِّ التاريخ‪َّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫كأحد أعراض “طريقة تفكير غير محدَّدة”‪ .‬وقدَّموا نصائح‬ ‫جذب انتباه الشباب ِّ‬ ‫يشكل تحدِّياً دائماً لهم‪ .‬ولكن بمجرَّد أن‬ ‫حول طرق مواجهة “ذلك العقل المتعجِّل”‪ ،‬إلى “ما هي‬ ‫أصبحت السلطة المعنويَّة على الشباب عرضة للشدِّ والجذب‪،‬‬ ‫بعض األرواح المشغولة‪ ،‬التي يتعرَّضون لها”‪ .‬وكان أحد‬ ‫أصبحت مسألة من يكتسب انتباههم مسألة ملحَّة‪ .‬وهذا هو أحد‬ ‫مصادر االستشهاد األكثر ترجيحاً في القرن الثامن عشر‪ ،‬حول‬ ‫األسباب المهمَّة‪ ،‬التي دفعت الفالسفة األخالقيين إلى االنتباه إلى‬ ‫َّ‬ ‫المهذب‪ :‬المختارة‬ ‫مشكلة عدم االنتباه‪ ،‬هي “عناصر التعليم‬ ‫مشكلة عدم االنتباه‪ .‬وكانت هذه حقيقة اعترف بها جون ديوي‬ ‫إيرل‬ ‫رسائل‬ ‫عن‬ ‫ستانهوب‪،‬‬ ‫بعناية من كتاب فيليب دورمر‬ ‫في كتابه‪“ :‬سايكولوجيَّة الجهد”‪ ،‬الذي صدر عام ‪ ،1897‬والذي‬ ‫تشيسترفيلد‬ ‫كتب‬ ‫فقد‬ ‫‪”.1774‬‬ ‫تشيسترفيلد‪ ،‬إلى ابنه‪ ،‬عام‬ ‫أشار فيه إلى أننا ندرك االنتباه عندما يُواجَه المجتمع بالمطالبات‬ ‫في مارس ‪“ :1746‬ال أعلم شيئاً واحداً أكثر إزعاجاً لشركة‪ ،‬من‬ ‫المتنافسة لذلك‪.‬‬ ‫الغفلة واإللهاء”‪ .‬وفي خطاب مكتوب في يناير ‪ ،1752‬ساوى‬ ‫لهذا‪ ،‬على الرغم من أن عدم االنتباه يتمّ تمثيله على‬ ‫الغضب مع “كسل العقل”‪ ،‬وزعم أن كالهما “أعداء المعرفه”‪.‬‬ ‫أنه عكس قطبي لالنتباه‪ ،‬إال أنه من المفيد أكثر إدراك مسائل‬ ‫* دبلوماسي‪ ،‬األمين العام السابق لمنتدى الفكر العربي‪ ،‬عمان‪.‬‬ ‫فكان الموضوع الناظم ألفكار تشيسترفيلد حول هذا األمر هو‬ ‫“اإللهاء” كمخاوف حول عدم حضور الناس لما ّ‬ ‫يمثله التركيز‬ ‫َّ‬ ‫أن الفشل في إيالء االنتباه االهتمام الالزم يؤدِّي إلى تآكل‬ ‫األمثل لالنتباه‪ .‬كما يعبِّر عن الخوف من أن عدم االنتباه قد‬ ‫التسلسل الهرمي االجتماعي والنظام األخالقي‪.‬‬ ‫لقد احتفلت ثقافة التنوير‪ ،‬في الواقع‪ ،‬باالنتباه باعتباره أهم مَ َل َكة ذهنيَّة لممارسة العقالنيَّة‪ .‬وجادل المؤرخ مايكل يدفع للكثير من التركيز على النصوص والممارسات الثقافيَّة الخاطئة‪ .‬وهذه النقطة انتبهت إليها شيري توركلي‪ ،‬من‬ ‫هاغنر في كتابه‪“ :‬نحو تاريخ من االهتمام بالثقافة والعلوم”‪ ،‬الذي صدر عام ‪ ،2003‬أنه بحلول نهاية القرن الثامن عشر‪ ،‬معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا‪ ،‬التي تَدْرُس العالقة اإلنسانيَّة مع العالم عبر اإلنترنت‪ .‬وقالت في كتابها‪“ :‬استعادة‬ ‫يُنْظرُ إليه أيضاً كوسيط للتعليم‪ ،‬وكذلك للتطور المطالبة”‪ :‬بقوَّة الكالم في العصر الرقمي”‪ ،‬الذي صدر عام ‪ ،2015‬إننا “حيث نضعه” هو في “كيف ْ‬ ‫نُظ ِهر ما نُ ْقدِرُه”‪ ،‬إذ‬ ‫أصبح “االنتباه أكثر من استعارة مناسبة لطموحات مستنيرة”‪ .‬فكان َ‬ ‫الروحي واألخالقي‪ .‬وقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي كلود أدريان هلفيتيوس االنتباه كمصدر مهم للتنوير‪ .‬ففي كتابه‪ :‬هناك الكثير من “االهتمام باالنتباه”‪.‬‬ ‫“الروح‪ ،‬أو مقاالت في العقل‪ ،‬ومَ َل َكاتِه المتعددة”‪ ،‬الصادر عام ‪ ،1758‬ربط “االنتباه المستمر” بـ “العقل المتفوق”‪ .‬ومع‬ ‫َّ‬ ‫إن مفهوم عصر “اإللهاء” يرتبط بعدم اليقين بشأن اإلجابة على سؤال “االنتباه إلى ماذا‪ ،‬أو لمن”‪ .‬وقد اكتسب‬ ‫ذلك‪ ،‬وعلى عكس معظم المعجبين اآلخرين باالنتباه‪ ،‬كان هذا المفكر الملحد المتطرِّف ينتقد ميل المجتمع إلى إدانة التسامح مع المخاوف بشأن السلطة األخالقيَّة؛ عبر صنم إلها ٍء مدفوع بالناحية التكنولوجيَّة‪ ،‬نسباً كبيرة فيما َّ‬ ‫يتعلق‬ ‫عدم االنتباه باعتباره رذيلة أخالقيَّة‪ .‬وتساءل قبل أن يرفض طقوس هذه الرقابة األخالقيَّة‪“ :‬ما األهميَّة التي ِّ‬ ‫فإن األطفال الذين ال ينتبهون ِّ‬ ‫لمعلميهم غالباً‬ ‫يمثلها باألطفال والشباب‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وكما يفهم معظم المراقبين العقالنيّين‪َّ ،‬‬ ‫استمرار عدم االنتباه كجريمة؟” غير أنه لم يقدِّم إجابة على تساؤله االستنكاري هذا‪.‬‬ ‫ما يدمنون االنتباه للرسائل النصيَّة‪ ،‬التي يتل ّقونها من اآلخرين‪ .‬ويمكن تفسير الرثاء المستمرّ للشباب الغافل‪ ،‬والجيل‬ ‫ِّ‬ ‫المتعلقة بممارسة سلطة الكبار‪.‬‬ ‫وقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي كلود أدريان هلفيتيوس االنتباه كمصدر مهم للتنوير‪ .‬ففي كتابه‪“ :‬الروح‪ ،‬أو مقاالت الضائع‪ ،‬في العالم على أنه أحد أعراض المشكالت‬ ‫في العقل‪ ،‬ومَ َل َكاتِه المتعددة”‪ ،‬الصادر عام ‪ ،1758‬ربط “االنتباه المستمر” بـ “العقل المتفوق”‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬وعلى عكس‬ ‫َّ‬ ‫إن مفهوم عصر “اإللهاء” يرتبط بعدم اليقين بشأن اإلجابة على سؤال “االنتباه إلى ماذا‪ ،‬أو لمن”‪ .‬وقد اكتسب‬ ‫باعتباره‬ ‫معظم المعجبين اآلخرين باالنتباه‪ ،‬كان هذا المفكر الملحد المتطرِّف ينتقد ميل المجتمع إلى إدانة عدم االنتباه‬ ‫التسامح مع المخاوف بشأن السلطة األخالقيَّة؛ عبر صنم إلها ٍء مدفوع بالناحية التكنولوجيَّة‪ ،‬نسباً كبيرة فيما َّ‬ ‫يتعلق‬ ‫رذيلة أخالقيَّة‪.‬‬ ‫باألطفال والشباب‪.‬‬ ‫أن الترويج لالنتباه‪ ،‬باعتباره إنجازاً أخالقياً‪ ،‬كان ضرورياً‬ ‫أن معارضيه يرون َّ‬ ‫بيد َّ‬ ‫جادل‬ ‫فقد‬ ‫سليمة‪.‬‬ ‫َّة‬ ‫ي‬ ‫شخص‬ ‫لغرس‬ ‫بيد أنه‪ ،‬في بعض األحيان‪ ،‬يلقي الناس اللوم بالفشل على جنوح الشباب وتصورات خيالهم‪ ،‬وحالة تفكيرهم غير‬ ‫الفيلسوف توماس ريد‪ ،‬وهو المؤسِّس األبرز لبرنامج “الحسّ العام” االسكتلندي‪ ،‬في القرن الثامن عشر‪ ،‬في كتابه حول‬ ‫ً المباليَّة‪ .‬وفي كثير من األحيان‪ ،‬استجاب اختصاصيو التوعيَّة لهذا الشرط من خالل اتباع نهج حميد في استيعاب‬ ‫“القوى النشطة للعقل البشري”‪ ،‬الصادر عام ‪ ،1788‬بأن “هناك قواعد أخالقيَّة تحترم االنتباه”‪ ،‬التي “ليست أقل وضوحا‬ ‫وتتطلب هذه القواعد األخالقيَّة لالنتباه الغرس والتدريب‪ ،‬على أن يضمن اختصاصيو التوعية ممارسات القراءة الالمباليَّة المفترضة للمداومين على الوسائط الرقميَّة‪ .‬ويتَّضح هذا النمط في التعليم العالي‪ ،‬حيث‬ ‫َّ‬ ‫من بدهيات الرياضيات”‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫يُنْظر إلى عدم االنتباه بشكل متزايد كعقبة أمام التنشئة االجتماعيَّة للشباب‪ .‬أدَّى االفتراض َّ‬ ‫المتوقع أن يقرأوا نصوصاً طويلة وصعبة‪ ،‬أو أن يهتموّا بالمحاضرات‬ ‫بأن طالب الجامعات لم يعد من‬ ‫حماية الشباب من “عادات الغفلة”‪ .‬إذ كان َ‬ ‫وأصبحت مكافحة عادة عدم االنتباه بين األطفال والشباب الشغل الشاغل لعلم التربية في القرن الثامن عشر‪ ،‬واكتسبت الجادَّة‪ ،‬قد أدى إلى تكييف مواد الدورة الدراسيَّة مع العقليَّة الالمباليَّة للمدمن الرقمي‪ .‬وأصبحت الدعوات لتغيير البيئة‬ ‫هذا القضيَّة أهميَّة غير مسبوقة‪ .‬وكان ينظر إلى االنتباه على أنه مهم لتغذية المنطق العقلي‪ ،‬وكذلك للتطوّر الروحي التعليميَّة “لمالءمة الطالب” واسعة االنتشار في التعليم العالي‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬كيف يختلف هذا عن ردّ فعل فالسفة األخالق؛ مثل دوغالد ستيوارت‪ ،‬الذي يشعر بالقلق أيضاً لمشكلة الطالب‬ ‫واألخالقي‪ .‬وأصرَّت كتب المشورة الموجَّهة إلى اآلباء‪ ،‬مثل مدرسة ماريا إيدجوورث للتعليم العملي‪ ،‬عام ‪ ،1798‬على أن‬ ‫المشتَّت الذهن؟ إذ يعبِّر ستيوارت‪ِّ ،‬‬ ‫غرس التركيز واالنتباه يتط ّلبان جهداً ومهارة ال بد من تع ّلمهما‪.‬‬ ‫مؤلف كتاب‪“ :‬الخطوط العريضة لفلسفة أخالقيَّة‪ :‬الستخدام الطالب في جامعة‬ ‫ووسط االحتفال باالنتباه كفضيلة‪ ،‬أعرب المع ّلمون والمع ّلقون الدينيّون والمهنيّون الطيّبون باستمرار عن أدنبرة”‪ ،‬الذي صدر عام ‪ ،1793‬عن اعتقاده َّ‬ ‫بأن مشكلة عدم االنتباه يمكن التغ ّلب عليها من خالل التربية األخالقيَّة‪.‬‬ ‫أن هذه العادة ترجع إلى “وقت ّ‬ ‫مبكر من الغفلة”‪ ،‬وهي مشكلة يجب َّ‬ ‫مخاوفهم من األضرار األخالقيَّة المترتّبة على عدمه‪ .‬فمنذ أواخر القرن الثامن عشر‪ ،‬وما بعده‪ ،‬تزايدت المخاوف بشأن وخالفاً لبعض األكاديميين المعاصرين‪ ،‬اعتبر َّ‬ ‫حلها‬ ‫“عادة عدم االنتباه” كمرض أخالقي‪ .‬وفي كتابه الطبي‪ ،‬الصادر عام ‪ ،1775‬قام األلماني ملكيور آدم ويكورد بتشخيص بد ًال من االستسالم لواقع غير قابل للتغيير لوجودها‪ .‬ويعتقد هيلفيتيوس بشدة أن الجميع لديه القدرة على الحصول‬ ‫حالة ما شَخَّصَهُ “بعدم االنتباه”‪ .‬إذ تحوَّل وصفه له باستمرار بين العجز الطبي والمعنوي‪ .‬ووفقاً لويكورد‪ ،‬يفتقر الناس على “مداومة االنتباه”‪ ،‬و”االنتصار على الكسل”‪ .‬ولكن‪ ،‬لألسف‪َّ ،‬‬ ‫فإن تفاؤل هيلفيتيوس قد أفسح المجال لمزاج االستقالة‪،‬‬ ‫الغافلون لالستقرار والتماسك األخالقي الضروري للتركيز‪ .‬وقد وُصِ َفت هذه الحالة بأنها “غير حميميَّة‪ ،‬وغير مباليَّة‪ ،‬إذ ال يزال يُنظر إلى االنتباه كأمر مرغوب فيه‪ ،‬ولكن يكاد يكون من المستحيل تحقيقه‪ .‬وكما يحذر أحد هذه المؤشِّرات‬ ‫صُورَت بأنها غير ناضجة نسبياً‪ ،‬ومتهوّرة‪ ،‬وغير موثوقة‪ .‬ويعتقد أن ممارسات تربية األطفال المثيرة للقلق‪ ،‬التي وردت سابقاً‪ ،‬فإن “تآكل االنتباه الوبائي هو عالمة َّ‬ ‫مؤكدة على وجود عصر مظلم وشيك”‪ ،‬األمر الذي‬ ‫وقاسية‪ ،‬ومشوّشة”‪ .‬وقد ِ‬ ‫ً‬ ‫الضعيفة كانت مصدراً لمرض عدم االنتباه‪ ،‬وأن الحالة كانت أكثر شيوعاً بين الشباب‪،‬‬ ‫مقارنة بكبار السن‪ .‬ولعالج العقل كان سيزعج هيلفيتيوس بسبب هذه القدريَّة‪ ،‬التي جرى التعبير عنها في هذا الرثاء على حال الشباب والمجتمعات الحديثة‪.‬‬

‫الدكتور الصادق الفقيه‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.