املدير امل�س�ؤول :عبد احلق بخات ـ رئي�س التحرير :عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 :ـ العدد 1051ـ الثمن 4دراهم ـ ال�سبت � 28شوال 26-20 / 1441يونيــو 2020
�أ�سامة الزكاري در�س التاريخ
�إميان �أغوتان �إعالمية Medi 1 TV
إعالم جهوي متقدم
ملف العدد
برنامج ال�سجل االجتماعي املوحد
املجل�س الوطني لل�صحافة
مرا�سالت خا�صة بجريدة «ال�شمال» من فرن�سا بلجيكا وهولندا �أحداث جهة طنجة تطوان احل�سيمة جدل املدار�س اخل�صو�صية يف املغرب ما بعد كورونا
ملف خا�ص الذكرى اخلام�سة لرحيل العالمة
عبد اهلل املرابط الرتغي
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�صدر م�ؤقتـ ًا كـل �أ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�شهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
2
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma الشمال من
التقرير املرحلي للمجل�س الوطني لل�صحافة • عبد اإلله المويسي mouissijaridatchamal.2019@gmail.com
تضمن التقرير المرحلي للمجلس الوطني للصحافة المرتبط برصد أخالقيات مهنة الصحافة خالل أزمة كورونا التي عاشتها بالدنا مجموعة من التوصيات والقرارات والتوجيهات ،حيث أكد على أن «االلتزام بأخالقيات المهنة ركيزة من ركائز الممارسة الصحافية؛ لكنه يكتسي خالل الكوارث واألزمات والجوائح أهمية قصوى ،خاصة مع ما يمكن أن تسجله مثل هذه األزمات من انتشار كبير للشائعات أو األخبار الكاذبة أو المضللة ،لذلك يعتبر دور الصحافيات والصحافيين خالل جائحة «كوفيد »-19محوريا ،على اعتبار أن من شأن العمل الصحافي المهني واألخالقي أن يساهم في إنقاذ األرواح في حاالت الطوارئ الصحية». وبناء عليه فإن لجنته المختصة بأخالقيات المهنة قررت تتبع جميع الخروقات المخلة بميثاق أخالقيات المهنة الصادر بالجريدة الرسمية .وذلك من أجل ثني العاملين بالقطاع عن التورط في ممارسات غير أخالقية ،مشيرة إلى أنها تعتزم فتح حلقات للنقاش الحقا حول أخالقيات مهنة الصحافة، خاصة إبان أوقات األزمات. من جانب متصل ثمن المجلس في تقريره عاليا المبادرة ذات الحس الوطني القوي التي تبنتها الصحافة الورقية من خالل قرارها االستمرار في الصدور إلكترونيا وبالمجان ،بغض النظر عما يستتبع ذلك من آثار سلبية على مردوديتها المالية مع التوقف الورقي وما يرتبط به من توزيع واستشهار ،وعلى الرغم من أنه «لم تسجل أي حاالت مؤكدة في العالم تثبت احتماالت تلوث الصحف أو انتقال الفيروس عن طريقها». وفي السياق المرتبط بأخالقيات مهنة الصحافة مع األزمة التي عصفت ببالدنا ،أدان التقرير الممارسات الصحافية التي نحت منحى المتاجرة بموضوع وباء كورونا مما يتنافى مع الرسالة النبيلة للعمل الصحافي. وفي إطار مواصلة تتبع احترام الصحافة المغربية لميثاق أخالقيات المهنة ،رصد المجلس الوطني للصحافة مجموعة من خروقات أخرى ألحكام الميثاق ومبادئه ،خاصة ما يتعلق بتهم المسؤولية المهنية ،والمسؤولية إزاء المجتمع ،واالستقاللية والنزاهة. وعالقة باألخبار الكاذبة والتضليل ،أكد التقرير أن «البعض عمد إلى استغالل الهويات البصرية لمنابر إعالمية من أجل فبركة وإذاعة صور تنقل أخبارا زائفة أو مضللة ونسبها لهذه المنابر ،في خرق سافر ألخالقيات المهنة». ولم تفت التقرير اإلشارة إلى أن منابر إعالمية قامت بسرقات أدبية
المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين : www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة
عبد الإلـه املـوي�سـي سكرتارية التحرير :
محمد �إمغران محمد وطـا�ش م�صطفى ال�سباعي
Journal Achamal 2000
لمواد إعالمية تخص منابر أخرى ،مذكرا بأن «السطو على مقاالت ومواد الزمالء الصحافيين ،باإلضافة إلى كونه خرقا سافرا ألخالقيات المهنة يستوجب التنديد والمساءلة ،ويمكن أن يؤثر على صورة ومصداقية الصحافيين والمنابر اإلعالمية التي يشتغلون بها ،بشكل خاص ،ومكانة الصحافة الوطنية لدى المواطنين ،بشكل عام ،عالوة على إخالله وتأثيره على مبدأ التضامن والتآزر المفترض بين الصحافيين والسعي بشكل دؤوب إلى تعزيز أواصر الزمالة داخل المهنة ،كما ينص على ذلك ميثاق أخالقيات المهنة». وفي إطار صيانة حرمة الطفولة وبراءتها أكد التقرير على أنه «بخصوص حماية القاصرين التي يكرسها ميثاق أخالقيات مهنة الصحافة ،يذكر المجلس ،أمام توالي نشر فيديوهات وصور األطفال ،ومن بينها نشر مقطع فيديو لطفل مصاب بفيروس كورونا ،أنه ينبغي في جميع األحوال مراعاة المصالح الفضلى للطفل وإعطائها األولوية على أي اعتبار آخر واجتناب كل ما يمكن أن يعرض الطفل ألي وصم أو أذى أو إساءة مدى الحياة». وتفاديا الستمرارية مثل هذه الممارسات المعيبة والمسيئة للقطاع نبه التقرير إلى أن المجلس الوطني للصحافة ولجنة أخالقيات المهنة بصدد وضع خارطة طريق لتطوير الممارسات اإلعالمية خالل الظروف االستثنائية. وأكد على أن من بين ما تتضمنه هذه الخارطة« ،تكثيف اللقاءات مع الجسم الصحافي حول القواعد المهنية واألخالقية» ،و«تنظيم دورات تكوينية موضوعاتية يساهم في تأطيرها خبراء في تدبير الكوارث الطبيعية وحاالت الطوارئ الصحية» ،و»تنظيم ورشات تكوينية حول إعالم األزمات والحق في الخصوصية وفي الصورة» ،و»إعداد دالئل عملية ،بتعاون مع المنظمات المهنية والمختصة ،الوطنية منها والدولية ،لفائدة الصحافيين حول بعض المواضيع والقضايا والظواهر االجتماعية والسياسية والقانونية والبيئية ،وغيرها ،يكون الهدف منها تعميم وتبسيط تناولها إعالميا من طرف المهنيين». واختتم التقرير بالتذكير على أن «المجلس الوطني للصحافة يعتبر أن من بين أدواره الرئيسية التحسيس والتوعية بضرورة احترام أخالقيات المهنة؛ لكن هذا لن يحجب تفعيل اختصاصاته لحماية المجتمع وسمعة األشخاص وكرامتهم ،في مواجهة الخروقات السافرة ،وترتيب الجزاءات التي ينص عليها قانونه».
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هـدى املجـاطـي محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح
اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات التصفيف واإلخراج :
«جريـدة ال�شمـال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مكـرر ،زنقة عمـر بـن عبد العزيز ـ طنجــة ـ
قطرات مداد ُ
• محمد إمغران
هل ميكن رف�ضك الختبارالك�شف عن فريو�س «كورونا» ؟ كثر الحديث ،هذه األيام ،عن مسألة الخضوع الختبارالكشف عن هذا الفيروس بين العاملين في الشركات والمقاوالت وباقي أماكن الشغل التي تعرف اكتظاظا بالمستخدمات والمستخدمين ،حيث أن كل واحد منهم يدلي ،عن وعي أوغيروعي ،في الموضوع الذي أثارالكثيرمن الجدل .وكما هو معلوم ،فقداختارت بالدنا تطبيق خطة تشخيص مكثفة للكشف عن فيروس «كورونا» بين مستخدمي القطاع الخاص. ويهدف هذا اإلجراء إلى تمكين أرباب المقاوالت المغربية من حماية مستخدميهم والحد من المخاطر االتي تهدد بانتقال أوتفشي الفيروس ،حفاظا على نشاط العمل في ظروف صحية آمنة ،حيث أن هناك العديد من األسئلة التي تشغل بال المشغلين باألساس ،من قبيل هل يحق للمستخدم رفض إجراء اختبار الكشف عن كوفيد-19؟ ..ما الذي قد يواجهه في حالة الرفض؟ ..ماذا يقول قانون الشغل في هذه الحالة؟ وفي هذا اإلطار ،ندلي برأي خبراء في القانون االجتماعي وقانون الشغل ،توضيحا لهذه المسألة، إذ يرون أن رفض المستخدم إجراء اختبارالكشف عن كوفيد -19يمكن أن يعتبر «خطأ جسيما « يبررتسريحه من العمل ،خاصة وأن األخطاء الجسيمة الواردة في المادة 39من قانون الشغل جاءت «على سبيل المثال فقط» ،مشيرين إلى أن أي فعل من شأنه اإلضراربالغيرأو بالمقاولة يمكن أن يترتب عنه «خطأ جسيم» موضحين أن هذا ما يبررلجوء أرباب المقاوالت إلى هذا اإلجراء.وفي هذا اإلطار كذلك ،يشير األخصائيون االجتماعيون إلى أن المادة 39من قانون الشغل أوردت األخطاء الجسيمة التي قد يرتكبها المستخدم «على سبيل اإلرشاد»، وذلك على غرار «عدم مراعاة المستخدم للتعليمات الالزم اتباعها ،لحفظ السالمة في الشغل وسالمة المؤسسات ،تترتب عنه خسارة جسيمة « ،مضيفين أنه ،وفقا لذلك ،فإن المستخدم الذي يسعى إلى التهرب من االختبار يمكن أن يعاقب.وأما مسالة تحديد درجة الجسامة ،فتقع ضمن السلطة التقديرية للقاضي ،وهو ما ذهب إليه المختصون ،موضحين أن ممارسة هذه «السلطة التأديبية» من قبل المشغل تخضع بصفة دائمة لسلطة القاضي الذي يمكنه تأكيد أو رفض هذا القرار. ولإلشارة ،فإن اختبار «كوفيد »19ال يدخل في نطاق «الحرية الشخصية» للمستخدم ،علما وحسب بعض المصادر ،أن بعض الخبراء يعتقدون أن مسألة الرفض ال ينظمها التشريع االجتماعي المغربي، ولكن عند االطالع على بعض أحكام قانون الشغل تتجلى مسألة االلتزام بأمن المقاولة الذي يفرض على المشغل «اتخاذ كافة التدابير الالزمة للحفاظ على سالمة وصحة وكرامة المستخدمين أثناء أداء مهامهم « ،وانطالقا من ذلك ،يمكن استنتاج أن هذا الفحص اليدخل في نطاق الحرية الشخصية للمستخدم ،على اعتبار أن األمر يتعلق بصحة وسالمة الجميع ،بما في ذلك المستخدم والمشغل ،دون إلحاق أي ضرربأحد منهما.
الهاتــف :
05.39.94.30.08 06.22.45.30.67
الفاكــ�س :
05.39.94.57.09
الربيد الإلكرتوين :
info@achamal.com achamal2000 @gmail.com
سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress
الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
3
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
درد شة
م�صطفى حجاج
دردشة «خِفة الدم» -كما يقول فكري أباظة -خِلقة طبيعية ،من عند اهلل ،ال من عند الناس .وقد تنبعث من العينين ،أو من الصوت ،أو من تركيب مالمح الوجه وأجزاء الجسم. والذي سأتحدث عنه في هذه الدردشة ،مِن هؤالء الذين منحهم اهلل هذه المنحة ،فهو «نْكايتي» وهب نفسه للنكتة ،يبحث عنها في مظانها ،أو يتلقفها من رواتها ،فإذا أدخلها إلى قاموسه ،صار لها طعم آخر ،ونكهة خاصة. لذا أصبح مرجعا في الطرائف والمستملحات ،اليمل من سردها ،وال يكف عن روايتها ،وسعادته أن يرى البسمة مرسومة على الشفاه ،ويسمع الضحكة تتردد في المجامع والمنتديات. أما السياسة ،والرياضة ،وأخبار اإلثارة ،وما شئتَ من اهتمامات الناس وهواياتهم ،فقد تركها لغيره :يتجادلون ،يتصايحون ،يتخاصمون ،هم في واد، وهو في واد آخر .لهم دينهم -كما يقول -وله دينه. ما تعصّب قط لفريق ،وما أسلس قياده لحزب أو جمعية ،وما شغل نفسه بقضية ،وإنما أخذ الحياة ببساطة ،فمنحتْه الوجه البشوش ،ووسمتْه ِب ِسمةِ القناعة وحافظت على شكله وبنيانه ،فظل كما عرف منذ ثالثين سنة أو أكثر، الشخص الضاحك المضحك. حاول في شبابه أن يغشي عدة مجاالت ،ويتقلب في عدة مناصب ،إال أن التوفيق جانبه ،وسافر من أجل تحسين دخله ،لكنه افتقد األهل واألصدقاء ،وافتقد الجلسات الحميمية ،فأعاده الحنين والشوق إلى مسقط الرأس. وهو اآلن يعيش كما يعيش المتقاعدون ،لكنه يتميز عنهم -كما قلت آنفا - بخفة الروح ،والتفنن في إلقاء النكت ّ والطرَف. وهذا هو سر حفاظه على رشاقته ،وسر احتفاظه بمظهره ومخبره ،فليحفظه اهلل بعيدا عن أمراض هذا العصر ،وليمدّه بالمدد العديد من المستملحات ،حتى يَسعَد ويُسعِد.
في حوار مع عبدالباري الطيار رئيس جماعة تمورت القروية
«إجراءات الحكومة لمواجهة وباء «كورونا» كانت إيجابية إال أنها أخطأت في تدبير ملف العالقين بالخارج» -
عبد الباري الطيار من مواليد 1953بجماعة تمروت باقليم شفشاون. تابع دراسته بتمروت ثم بباب برد فتطوان حيث حصل على شهادة الباكلوريا سنة .1972ساهم في نضاالت التالميذ والطلبة في السبعينيات وانخرط في العمل السياسي عبر منظمة الى االمام ليتم اعتقاله في ماي 1976ويحكم عليه ب 22سنة سجنا قضى منها 13سنة وراء القضبان .وخالل فترة االعتقال حصل على االجازة في علم االجتماع من جامعة محمد الخامس بالرباط. في سنة 1989تم إطالق سراحه ليستأنف نشاطه السياسي من جديد ولكن هذه المرة بشكل علني وسلمي فساهم في تأسيس حزب الحركة من جل الديموقراطية ثم حزب اليسار االشتراكي الموحد. في سنة 2002جمد عمله السياسي ليتفرغ للعمل الصحافي حيث أصدر جريدة (الصحيفة الشمالية) ثم جريدة (الجسر الشمالي) مع عبد العزيز الطريباق واألمين مشبال. على الواجهة الفكرية ساهم بعدة مقاالت نشرت في بعض الجرائد والمجالت الوطنية كما أصدر كتابين (:ثوار وأنبياء من غمارة) سنة 1997و (دفاعا عن الحرية)سنة 2014في صيف .2015وبدعوة من بعض شباب تمروت سيعود لمزاولة النشاط السياسي إذ سيتم انتخابه رئيسا لجماعة تمروت. ورغ��م أن��ه لم تمض على رئاسته لهذه الجماعة إال خمس س��ن��وات فقد حقق لها وبمساهة مجلسها مشاريع كبيرة لم تعرفها منذ نشأتها في الستينيات ،وهكذا بنيت طرق وقناطر جديدة وأن��ش��ات مصحات وم��دارس جديدة الخ .وال زالت عدة مشاريع مقررة تنتظر اإلنجاز والبناء. ويأتي هذا الحوار عن بعد مع عبدالباري الطيار لتسليط الضوء على مساهمة جماعته إلى جانب السلطات اإلدارية والمجتمع المدني و باقي الفاعلين المحليين في التخفيف من آثار وباء كورونا في جماعته.
س :لقد اتخذت بالدنا عدة إجراءات استباقية على المستوى الوقائي والصحي واالجتماعي والمالي لتجنيب بالدنا اآلثار الوخيمة لوباء كورونا على المنظومة الصحية وبالتالي على الحق في الحياة والسالمة الصحية للمواطنين ،وقد حظيت هذه اإلجراءات بتنويه كبير من مختلف دول العالم ،وخاصة بأوروبا. ما تقييمكم لهذه اإلجراءات ،و كيف ساهمت الجماعة القروية التي تترأسونها في هذا المجهود الوطني إلى جانب السلطات اإلدارية وباقي الفاعلين المحليين؟ ومن جهة أخرى ماذا أعدت الجماعة التي تترأسونها، للتخفيف من آثار الحجر الصحي على معيش سكان الجماعة ونشاطهم االقتصادي خاصة؟ ج :أوال أشكر جريدتكم عل هذا االستجواب المقتضب ،وأتمنى لها كامل النجاح؛ فالصحافة مهنة محترمة؛ و الصحفي له دور كبير جدا في المجتمع والمتمثل في توجيه الناس و نشر المعلومة ،وهذه المهمة ليست سهلة، ونحن محتاجون لها في بلدنا الذي يسير في طريق النمو إن شاء اهلل.
أجرى الحوار عبدالحي مفتاح م
وجوابا على السؤالين سأحاول إدماجهما في جواب واحد .أقول فعال اإلجراءات التي اتخذتها الحكومة كانت إيجابية خاصة الحجر الصحي وإحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا إلخ .ونتمنى أن تكون نتائج هذه اإلج��راءات مرضية في المستقبل القريب ،رغم أن بعض اإلج��راءات طالتها اختالالت مثل قرار إغالق الحدود ،وعدم حل مشكل العالقين الذين كنت واحدا منهم حيث ال زلت عالقا بإشبيلية لمدة تزيد عن ثالثة أشهر ونصف ،والحكومة لم تبادر بأية خطوة لحل هذا المشكل رغم أن له نتائج وانعكاسات سلبية على المستوى النفسي والمالي لألشخاص المعنيين ،فعال لقد استطاع البعض حل مشاكله بطريقة أو أخرى سواء عن طريق البنك أو العائالت الموجودة بالدول العالقين بها ،لكن البعض اآلخر ،كما تم نشره وإذاعته في بعض وسائل اإلعالم انتهى به أمر الضائقة إلى حد التسول كما وقع في تركيا حيث وجد العالقون في هذا البلد أنفسهم مطوقين بإغالق الحدود الجوية والبحرية والبرية بعد أن كان برنامجهم للسفر ال يتعدى 10أو 15يوما من أجل السياحة ،و فرض عليهم البقاء حيث هم إكراها لمدة تتعدى الثالثة أشهر .إذن هذا الملف لم تدبره الحكومة بشكل إيجابي ،كذلك تم تسجيل بعض األخطاء من طرف بعض أعوان السلطة سواء بممارسة العنف تجاه المواطنين أو بالتمييز في توزيع اإلعانات و المساعدات بالنسبة للفقراء والمحتاجين ،في هذا الجانب الثاني أعتقد أن األخطاء كانت فلتات و ال تشكل اتجاها عاما ،ولكن فيما يخص ملف العالقين ارتكبت الحكومة خطئا كبيرا ،أتمنى أن اليكون له انعكاسات سلبية على المستويين المتوسط والبعيد. بالنسبة لجماعتنا فقد قام السادة نواب الرئيس وموظفوا الجماعة بعملهم على أحسن وجه ،ومن هذا المنبر أشكرهم جميعا دون استثناء، حيث خصصنا كجماعة من أجل المساعدات مقدارا ماليا كبيرا لدعم المحتاجين بتوزيع القفة عليهم تحت إشراف السلطة المحلية طبعا .وفي هذا الصدد أقول إن هذا المجال يطاله خلل حيث إن الناس كانوا ينتظرون من الجماعات الترابية أن تقوم بدورها في التقليل من اآلثار السلبية للجائحة ،فإذا بوزارة الداخلية أبعدت هذه المؤسسات الدستورية التي تجسد الالمركزية وتقوم بمهام وخدمات القرب ،من الناحية القانونية وكذا من الناحية العملية ،الشيء الذي خلق نوعا من سوء الفهم لدى السكان ألنهم يعرفون الجماعة و لألسف هذه األخيرة منعت من القيام بدورها خاصة على المستوى العملي من خالل المساهمة في عملية التوزيع وما يرتبط بها ، مما خلق واقعا غير إيجابي. من جهة أخرى فقد ساهمنا في النظافة وفي توعية السكان ،فرغم أنني شخصيا كنت بعيدا عن الجماعة لوجودي بإشبيلية مكرها ،فقد كنت أتواصل مع السكان وأحثهم على احترام االجراءات التي قررتها الحكومة والدولة المغربية سواء تلك المتعلقة بالحجر الصحي أو بالنظافة ،وكنا نساهم جميعا، كل من موقعه وحسب إمكانياته ،في توعية السكان .وال أنسى أن أشير أن عددا من الجمعيات النشيطة العاملة في الجماعة قامت بدورها كامال فيما يتعلق بالتحسيس وكذا توزيع المساعدات على المحتاجين ،.لذلك فهي تستحق منا كل التنويه .وأخيرا أجدد شكري للجريدة.
Journal Achamal 2000
حكم نسجت .. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
حكم :
جمع حكمة؛ وهي صواب الرأي وسداده ..ومن دالالت الحكم :العدل ،والكالم الذي يقل لفظه ويجل معناه ، والنعمة ،وإصابة الحق في قول أو عمل ببصيرة نافذة وخالصة تجربة ،أو بوحي من اهلل ،كما وقع لألنبياء عليهم السالم. وردت الحكمة في كتاب اهلل العزيز ،اما مقرونة بالكتاب المنزل؛ أي بالوحي ،مصداقا لقوله سبحانه وتعالى «ونعلمه الكتاب والحكمة والتوراة واالنجيل» ،واما للداللة على اصابة الحق ،كما في قوله تعالى «وشددنا ملكه ،وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب» ولفظ «حكم» في بيت الناظم خبر لمبتدا محذوف؛ تقديره :معايشهم وعواقبهم حكم. والحكمة عند أهل اهلل هي الحقيقة المحمدية ،والحقيقة المحمدية مشكاة النبوة ،وهذه الحكمة ال تتنزل على العقول ،بل على القلوب؛ لكونها علم مكاشفة صادرة من قلب الولي .وحكم في البيت تحيل على موافقة وجريان على مقتضى مقادير ربانية..
نسجت :
بمعنى خالصة النسج؛ وهو ضم شيء آلخر .ومن دالالت النسج :الحياكة ،والسير ،واإلنبات ،والنظم ،والتلخيص، والصياغة..
بيد :
الباء خافضة واليد تعني :النعمة ،واالحسان ،والسلطان ،والقدرة ، والقوة ،والملك ،والحوزة ،والكفالة..
حكمت :
جملة حكمت واقعة صفة ليد؛ بمعنى :يد حاكمة ..وفي إسناد الحكم إلى اليد مجاز
ثم :
عاطفة ،دالة على ترتيب مع تراخ في الزمن؛ والترتيب جعل األشياء الكثيرة منتظمة في نسق عام ،يجمع بينها في منظومة شمالة ..والترتيب بالغيا ايراد أوصاف الموصوف على ترتيبها في الخلقة الطبيعية؛ كما جاء في قوله تعالى «هو الذي خلقكم من تراب ،ثم من نطفة ،ثم من علقة ،ثم يخرجكم طفال ،ثم لتبلغوا أشدكم ،ثم لتكونوا شيوخا» وهذا هو جوهر الترتيب.
انتسجت :
بمعنى صارت خالصة انتساج واختالط والتحام فعليين؛ واالنتساج مطاوع النسج بفتح الواو وكسره .وفي المطاوعة موافقة؛ وهي تعني عند النحويين والصرفيين ما تدل عليه من صيغ بعض األفعال المزيدة في اللغة العربية من قبول أثر الفاعل .تقول :كسرت االن��اء فانكسر؛ وهذا مدلول المطاوعة؛ بمعنى قبول أثر الفعل المتعدي.
بالمنتسج :
االنتساج متراخ في رتبة النسج ألنه مطاوعه ،واالنتساج تعلق تنجيزي ،وهو حاصل ..وفي البيت استعارة لشدة ارتباط المقادير بالعبد؛ بحيث ال انفكاك له عنها ،وال انفكاك لها عنه؛ فكأنها ملتحمة به؛ كما في قول القائل : «ما أصابك من مصيبة لم يكن ليخطئك ،وما أخطأك لم يكن ليصيبك» أو قول الشاعر : فوض األمر الى رب البشـــــــر واترك الهم ودع عنك الكـــــدر أو قول الشاعر : ما قدر اهلل آت ،كنت في سفـــر أو في مقرك بين األهل والحشم أو قول آخر : هي المقادير تجري في أعنتهـا فال تبيتن إال خــــــالي البـــــال
وحاصل المعنى :
ما يجري على العبد من خير أو شر هو بتقدير من اهلل وإرادته؛ منتسج به؛ ملتحم به؛ ال انفكاك له عنه؛ فقد يجري على العبد ما يكرهه ،وان بالغ في دفعه وتنحيته عنه ،وقد ينصرف ما يحب ،وإن اجتهد في أسباب تحصيله .واهلل جلت قدرته موجد لما سبق في علمه وقضائه وقدره .وعين العقل أن نكون راضين بقضائه وقدره في إيجاد كل الممكنات..
4
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
ملف العدد
Journal Achamal 2000
ال�سجل االجتماعي املوحد.. وانتظارات الفئات اله�شة؟. • محمد البوشوكي (دكتور في القانون العام) أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال .جامعة محمد الخامس ـ الرباط ـ
المتتبع للوضع االجتماعي المغربي يقف دائما أمام عدة مالحظات ,أهمها تباين اجتماعي ومناطقي كبير ،على خلفية انتشار الفقر الشديد في العديد من المناطق أبرزها المناطق المعزولة في الهوامش والجبال ،وأيضًا انتشار البطالة بنسب مرتفعة بين الشباب ،خاصة الحاملين لشهادات جامعية عليا، فض ً ال عن تردّي الوضع الصحي في المملكة وتراجع جودة التعليم. ويرى جل المغاربة ،أن النخبة السياسية في بالدهم فشلت في وضع اللبنات األولى للممارسة الديمقراطية وللنجاعة السياسية والتأصيل لسلوك سياسي حضاري حديث قوامه المنافسة الشريفة بين المشاريع والبرامج واألفكار ،األمر الذي انعكس سلبًا على الوضع االجتماعي في المملكة. لذلك فالمغرب عرف و ال يزال صعوبات االرتقاء االجتماعي تطال بشكل جلي بعض الفئات التي تعرف التمييز ,من جهة أخرى تبين ان الحركية االجتماعية تتوقف على عوامل :سنوات الدراسة ,الخبرة المهنية ,و الوضعية المهنية و االجتماعية لألسر .لذلك اعتبر خطاب العرش لسنة 2018خارطة طريق مهمة في سياسة الدولة من حيث مجال الدعم االجتماعي الموجه إلى الفقراء ،حيث أعلن الملك محمد السادس إحداث “السجل االجتماعي الموحد” ،لتحسين مردودية البرامج االجتماعية تدريجيا ،وعلى المدى القريب والمتوسط. وقد أكد الملك أنه “نظام وطني لتسجيل األسر ،قصد االستفادة من برامج الدعم االجتماعي ،على أن يتم تحديد تلك التي تستحق ذلك فعال عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، وباستعمال التكنولوجيا الحديثة. مستقبال سيكون السجل االجتماعي الموحد كما سمي, هو المنطلق الوحيد لدخول أي برنامج اجتماعي ،وسيتم إحداث سجل وطني للسكان ،حيث كل مقيم في المغرب سيصبح له معرّف رقمي مدني واجتماعي .وسيعتمد المغرب أنظمة معلوماتية بمجرد إدخال الرقم الخاص بكل مواطن مغربي أو أجنبي مقيم بالمغرب ،يتم التعرف على الوضعية االجتماعية له. مع ذلك الزال خروج برنامج السجل االجتماعي الموحد، يعرف تأخرا في التنزيل بسبب تضارب األرقام بين الحكومة، والمندوبية السامية للتخطيط وكذا وزارة الداخلية ،نظرا لعدم االتفاق حول كيفية إحصاء المواطنين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر أو الفقراء جدا ,رغم أن الحكومة قد صادقت في يناير من سنة ،2019على مشروع قانون رقم 72.18والمتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم االجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجالت ،الذي بموجبه سيتم إحداث سجل وطني للسكان وسجل اجتماعي موحد ،إضافة إلى إحداث مؤسسة عمومية لتدبير هذه المنظومة.
فالسجل االجتماعي الموحد ،وهو سجل رقمي لـتسجيل الفقراء من أجل االستفادة من مختلف البرامج االجتماعية سواء التي تعود إلى الحكومة أو اإلدارات والمؤسسات الرسمية المختلفة. وتنصّ المادة األولى من مشروع القانون ،وفق النص المنشور في األمانة العامة للحكومة ،على «وضع منظومة وطنية لتسجيل األسر واألفراد الراغبين في االستفادة من برامج الدعم االجتماعي ،وإحداث سجل اجتماعي موحد ،وسجل وطني للسكان ،يتم في إطاره تسجيل ومعالجة كل المعطيات ذات الطابع الشخصي بالنسبة للمغاربة أو األجانب المقيمين فوق التراب الوطني ،بطريقة إلكترونية ،حيث سيتم تجميع تلك المعطيات وحفظها وتحيينها ،وتغييرها عند االقتضاء». ويمنح القانون رقماً إلكترونياً لكل مواطن ومواطنة ،يصبح معروفاً به لدى أجهزة الدولة ،وال يمكن إعادة منح الرقم نفسه ألي شخص آخر .وانطالقاً من ذلك الرقم اإللكتروني أو «المعرف الرقمي الموحد» ،سيتم التأكد من صحة معطيات األشخاص المؤهلين لالستفادة من برامج الدعم االجتماعي، باعتبار أنه يتيح التأكد من هويتهم والتثبت من تدقيق المعلومات والمعطيات المتعلقة بهم. وبحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط ،فإن الشخص الذي يعتبر األشد فقرا بالمغرب ،من له دخل بـ10 دراهم يوميا ،والذين يبلغ عددهم أكثر من 450ألف شخص، بينما يعتبر شخصا فقيرا بحسب المندوبية من لديه دخل يبلغ 20درهما يوميا ،أما الذين يبلغ دخلهم الشهري 3000درهم فيدخلون في حكم الطبقة المتوسطة ،والممكن أن تصل إلى 8000درهم في الشهر حسب المستويات المتعددة ،وفق معايير األمم المتحدة والمؤسسات التابعة لها. يبقى سؤال وجيه يطرح نفسه بشكل ملفت ,هل هذا السجل االجتماعي يبقى كافيا لتجاوز االختالالت االجتماعية المتفشية في بالدنا؟ ,أم يلزمنا عقد اجتماعي جديد يمكن من خالله التطلع لمغرب مستقر نسبيا اجتماعيا ؟ لكن انعدام األمان االقتصادي وفجوات التفاوت اليوم تُـعَـد من المشاكل البنيوية .تعمل االتجاهات البعيدة األمد في التكنولوجيا والعولمة على تجويف منطقة منتصف توزيع العمالة .والنتيجة هي المزيد من الوظائف السيئة التي ال توفر االستقرار واألجر الكافي والتقدم المهني ،وأسواق العمل الكاسدة بشكل دائم خارج المراكز الحضرية الكبرى. يتطلب التصدي لهذه المشكالت االستعانة باستراتيجية مختلفة تعالج تحدي خلق الوظائف الجيدة بشكل مباشر .ويجب أن يقع العبء على الشركات في ما يتصل باستيعاب التداعيات االقتصادية واالجتماعية التي تتسبب في إحداثها .ومن هنا فإن القطاع اإلنتاجي يجب أن يكون في قلب االستراتيجية الجديدة.
بمنطق أخر ،يتعين علينا أن نغير ما ننتج ،وكيف ننتجه، ومن له حق إبداء الرأي في هذه القرارات ,وهذا ال يتطلب سياسات جديدة وحسب ،بل يستلزم أيضا إعادة تشكيل السياسات الحالية. على سبيل التفاؤل ,يمكن للجائحة أن تكون نعمة ألنها كشفت عن إمكانيات مهمة لدى بعض الدول و منها المغرب على تحدي الصعاب و األزمات ,كذلك بروز قيم التضامن و التآزر و االنتماء الوطني و روح المسؤولية ,مما يوحي بإمكانية بزوغ عالم أفضل و أقوى ,بدروس غالية من هكذا أزمات. إضافة لما سبق وحتى يكون األثر مباشرا وملموسا للسجل االجتماعي الموحد ،شدد جاللة الملك على ضرورة التركيز على المبادرات المستعجلة في ما يتعلق بإعطاء دفعة قوية لبرامج دعم التمدرس ،ومحاربة الهدر المدرسي ،ابتداء من الدخول الدراسي المقبل ،بما في ذلك برنامج «تيسير» للدعم المالي للتمدرس ،والتعليم األولي ،والنقل المدرسي ،والمطاعم المدرسية والداخليات. كما يمكن أن تعطي دفعة قوية للحد من التكاليف المثقلة على األسر و دعم األطفال في التمدرس و محاربة الهدر المدرسي ,ويتعلق األمر أيضا بإطالق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ،بتعزيز مكاسبها ،وإعادة توجيه برامجها للنهوض بالرأسمال البشري لألجيال الصاعدة، ودعم الفئات في وضعية صعبة ،وإطالق جيل جديد من مما المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل. قد يفرز تصحيح االختالالت التي يعرفها تنفيذ برنامج التغطية الصحية «راميد» ،بموازاة مع إعادة النظر ،بشكل جذري ،في المنظومة الوطنية للصحة ،التي تعرف فوارق صارخة ،وضعفا في التدبير ،فضال عن اإلسراع بإنجاح الحوار االجتماعي. خالصة القول ,فالسجل االجتماعي الموحد ال يعتبر إال لبنة أولى في بناء مجتمع مغربي يأمل في ظروف العيش الكريم, فقد أصبح أولى األولويات بعد تداعيات الجائحة ,أملين اإلسراع في إخراج السجل مع ضمان الشفافية أثناء التسجيل في السجل االجتماعي الموحد ،خاصة أن األمر تتدخل فيه مجموعة من العوامل التواصلية ،من تدخل ظاهرة الوساطة والرشوة من طرف بعض العائالت التي تريد التسجيل في السجل االجتماعي الموحد. بذلك يكون المغرب قد اقترب من عتبة 120برنامجا للدعم االجتماعي ،أبرزها صندوق المقاصة الذي يدعم أسعار الدقيق والسكر وغاز البوتان ،إضافة إلى برامج أخرى تستهدف فئات مجتمعية معوزة ،من قبيل نظام المساعدة الطبية “راميد” ،ونظام “تيسير” لدعم التمدرس ،ودعم األرامل ,فال ينقصه إال اإلرادة السليمة لمواجهة التحديات المستقبلية في تتبيث دولة الحق و القانون ,و دعم تكافئ الفرص.
5
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
ملف العدد هل خال�ص املغاربة يف م�شروع قانون ال�سجل االجتماعي املوحد ؟
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
محمد إمغران صحافي بجريدة الشمال2000 إذا لم تتحسن الظروف االجتماعية للمواطنين ،ولم يحسوا باستقرار ،أساسه مسكن ومأكل ومشرب وملبس وعمل وتطبيب ،فإن كل المجاالت األخرى اليمكن الحديث عنها ،بل ستكون مضيعة للوقت وإتالفا لألغلفة المالية المرصودة لها ،فكيف يمكن ،مثال ،النهوض بالتعليم أو بالرياضة أوبالفنون أوبالثقافة إذا كانت هذه القطاعات موجهة لخدمة شريحة واسعة جدا من المواطنين الذين يتضورون جوعا ويسكنون بيوتا غير الئقة ،يكترونها ويؤدون ثمنها ،بشق األنفس ،كما يتألمون بسبب أمراضهم المتنوعة، دون تمكنهم من ولوج المؤسسات االستشفائية العمومية، فباألحرى المؤسسات الخاصة ،لتلقي عالجهم.وما أكثراألسرالتي تعاني إكراهات جمة ،لتتفاقم أحوالها ،أكثر فأكثر ،جراء تداعيات جائحة «كوفيد »19وتأثيرها على األخضر واليابس والتي لم تستثن حتى أولئك الذين لهم موارد معيشية قوية ومتميزة وكانوا يعيشون في يسر ورخاء ملموس.ذلك أن الظروف االجتماعية للمغاربة هي المقياس الحقيقي لسياسات الحكومات المتعاقبة ،دون استثناء ،لمالمسة فشلها أو نجاحها في توفير العيش الكريم لهم وضمان حاجياتهم في شتى مناحي الحياة. وهي الظروف التي يستشعر المغاربة قساوتها فيما بينهم ويلمسونها في معيشهم اليومي ومن خالل احتكاكهم ببعضهم البعض ،دون الحاجة إلى معرفة األرقام واإلحصاءات الرسمية الخاصة بأمورهم وال إلى معرفة أرقام وإحصائيات المنظمات والمؤسسات الدولية ،سواء كانت جميعها دقيقة وصائبة أوكانت مغلوطة ومزايدة ،إذ يكفي المغاربة الكادحين أنفسهم ما يرونه وما يحسونه وما ينتظرونه من تغييرات وإصالحات، تنعكس إيجابا ،فعال وواقعا ،على نمط عيشهم وحياتهم. لقد شهد المغاربة ،على مر عقود ،مجموعة من المحطات، شملت إحصاءات خاصة بنموهم الديموغرافي ومستوى عيشهم وشكل حياتهم ،إال أن الفوارق االجتماعية كانت تزداد في كل مرة ،إلى درجة أن المواطنين فقدوا الثقة في كل ما يتعلق بأخذ معلومات شخصية عنهم من طرف السلطات المختصة ،تهم شؤونهم الخاصة ،وضعيتهم االجتماعية واالقتصادية ،ألن أمور حياتهم تظل هي هي ،إن لم تتعقد أكثر. صحيح ،أنه خالل العقد األخير ،وبالضبط مع «ثورة» دستور ،2011تم اعتماد إصالحات نفذت بسرعة قياسية ،كان الهدف منها تحقيق االستقرارفي البالد.ورغم أن الدولة كافحت وحاربت الفقر ،بإنشاء مجلس اقتصادي ومجلس اجتماعي ،كما نهضت بالبنية التحتية ،بمختلف مستوياتها ،وقامت بأوراش اقتصادية كبرى ،إال أن أحوال المواطنين التتغير ،فهم يشكون من البطالة وغالء المعيشة وضعف األجور وضعف القدرة الشرائية وانسداد
األفق ،ليبقى الجانب االجتماعي لديهم مقلقا في انتظار ما ال يأتي. ويأمل المغاربة في أن يكون خالصهم في مشروع «السجل االجتماعي الموحد» بعد تنزيله وتفعيله ،غدا ،آملين أال يكون مصيره يضاهي مصير بطاقة «الراميد» وغيرها من البطائق التي لم ترق إلى مستوى تطلعات المستفيدات والمستفيدين.
مجلس المستشارين يصادق رسميا على مشروع القانون المتعلق بالسجل االجتماعي الموحد وافقت الغرفة الثانية بالبرلمان ،يوم الثالثاء على مشروع قانون السجل االجتماعي ،المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم االجتماعي وإحداث الوكالة الوطنية للسجالت. وحضي المشروع ،خالل عرضه على جلسة تشريعية للدراسة والتصويت ،بموافقة 55من المستشارين البرلمانيين ،من مختلف الفرق والمجموعات النيابية ،في حين لم يعارضه أي أحد، مقابل امتناع 6مستشارين هم أعضاء فريق االتحاد المغربي للشغل. وكانت لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات األساسية، صادقت الخميس الماضي باألغلبية ،على مشروع القانون المذكور. وبحسب المذكرة التقديمية لمشروع القانون ،فإن “السجل االجتماعي الموحد” ،هو نظام وطني لتسجيل األسر ،قصد االستفادة من برامج الدعم االجتماعي ،على أساس تحديد المستفيدين ،عبر اعتماد معايير دقيقة ،وموضوعية ،وباستعمال التكنولوجيات الحديثة.
المنظومة تقوم على أربعة مرتكزات
ترى المذكرة التقديمية أن مشروع القانون المذكور ،أحدث آليات لتعزيز التناسق بين برامج الدعم االجتماعي ،من خالل وضع تصور موحد لتنفيذ هذه البرامج بشكل منصف ،وشفاف. وشددت الوثيقة على «ضرورة تجاوز اإلشكاالت التقنية ،التي تعيق إيصال االستفادة الفعلية من هذه البرامج إلى الفئات ،التي تستحقها فعليا».
وتقوم المنظومة على أربعة مرتكزات أساسية ،وهي السجل الوطني للسكان ،والسجل االجتماعي الموحد ،ثم ضمان حماية المعطيات الشخصية لألشخاص المقيدين في السجالت ،وأخيرا، إحداث الوكالة الوطنية للسجالت.
سجل السكان
يهدف السجل ،بحسب مشروع القانون ،إلى توفير المعطيات ذات الطابع الشخصي ،المتعلقة بالمغاربة واألجانب المقيمين بالتراب المغربي بطريقة إلكترونية. وينص المشروع على فتح باب التقييد في السجل ،للمواطنين المغاربة ،واألجانب وتكلل عملية التقييد بمنح معرف مدني، واجتماعي رقمي ،يمكن من التحقق من صدقية المعطيات الشخصية ،المدلى بها من قبل األشخاص الراغبين في التقييد في السجل االجتماعي الموحد ،من أجل االستفادة من برامج الدعم االجتماعي.
السجل االجتماعي
يعتبر السجل االجتماعي الموحد بمثابة سجل رقمي ،يتم في إطاره تسجيل األسر قصد االستفادة من برامج الدعم االجتماعي، بناء على طلب يقدمه الشخص المصرح باسم األسرة. ويرى القانون أن هذا السجل ،سيشكل المنطلق الوحيد للولوج إلى كافة برامج الدعم االجتماعي ،من خالل تحديد مدى قابلية االستفادة منها ،عبر اعتماد معايير دقيقة تتم وفق عملية تنقيط.
الوكالة الوطنية
ينص القانون أيضا على إحداث وكالة وطنية للسجالت، لتدبير السجل الوطني للسكان ،والسجل االجتماعي الموحد. وتتولى المؤسسة العمومية مهمة السهر على ضمان حماية المعطيات الرقمية ،وسالمة المنظومة المعلوماتية. كما تتولى المؤسسة مهمة منح المعرف المدني واالجتماعي الرقمي لألشخاص ،المقيدين في السجل الوطني للسكان، باإلضافة إلى تقديم خدمات التحقق من صدقية المعطيات. وسيدير الوكالة مجلس إداري ،وسيعين مدير عام لها ،وفق أحكام القانون الجاري به العمل.
(إضاءة حول المشروع) رقم مدني واجتماعي لكل مواطن
سيصبح السجل هوالمنطلق الوحيد لدخول أي برنامج اجتماعي ،وسيتم إحداث سجل وطني للسكان ،حيث كل مقيم في المغرب سيصبح له معرّف رقمي مدني واجتماعي. وسيعتمد المغرب أنظمة معلوماتية بمجرد إدخال الرقم الخاص بكل مواطن مغربي أو أجنبي مقيم بالمغرب ،يتم التعرف على الوضعية االجتماعية له.
تسهيل التعامل
يرى بنيونس المرزوقي ،الباحث في العلوم السياسية في جامعة محمد األول في وجدة ،أن»السجل سيسهل طريقة التعامل مع اإلشكاالت الكبرى ،خاصة صندوق المقاصة» ،موضحا ،في حديثه لوسائل اإلعالم أن هذا سيحدث «من خالل العمل بنظام البطاقة على غرارعدد من الدول ،ولتتمكن الفئات المستهدفة من اقتناء السلع بالثمن المدعم ،فإن هناك عمال ينتظر الحكومة
لتدقيق أرقام برامجها االجتماعية». ولم تحسم الحكومة طريقة الدعم ،إذ هناك سيناريوهات ما تزال قيد النقاش ،مثل الدعم المالي المباشر ،أو بطاقات تسمح باقتناء سلع. ودعا المرزوقي الحكومة إلى تدقيق األرقام والمعطيات واإلحصاءات االجتماعية ،ألن مختلف البرامج االجتماعية والصناديق والمشاريع تعطي أرقاما منفصلة (مختلفة) عن بعضها البعض ،وبالتالي تعطي صورة مغلوطة عن الواقع االجتماعي.
6
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
ملف العدد
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
مراسَلة من فرنسا
نجاة الكاضي
العودة املتك�سرة
ال�سجل االجتماعي املوحد بني الواقع والإكراهات أبحكان أسماء
دكتورة في القانون العام رئيسة مركز الدراسات القانونية والسياسية والتجارب المقارنة
يعتبر الدعم االجتماعي الركيزة األساسية التي يقوم عليها العقد االجتماعي ورابط األخذ والعطاء والتضامن داخل المجتمعات ،بحيث شكلت موضوع نقاش دولي الذي انبثقت عنه فكرة الدخل األساسي المعمم وغير المشروط وهي فكرة مفادها أنه بما أن الحماية االجتماعية حق أساسي من حقوق اإلنسان ،وأن لكل شخص حقوق على المجتمع فيجب أن يوفر لكل مواطن وسيلة عيش نقدية،وذلك دون أي مقابل فمزايا هدا النقاش أنه يتيح التفكير من جديد في موقع الدعم االجتماعي في السياسات العمومية والمكانة التي تمنحها هده السياسات للتماسك اإلجتماعي ويعتبر هدا تحدي ليس دو طبيعة تقنية فقط بل يجب وضع برامج للمساعدة االجتماعية وتنفيذها بما يتماشى مع مبادئ احترام كرامة األفراد وحقوقهم األساسية في إطار منطق اإلدماج والوقاية من مظاهر التمييز والتقليص من حدتها وترسيخ تكافئ الفرص ،وحضر موضوع الدعم االجتماعي بقوة مع جائحة كرونا والتي ساهمت في ضخ سيل من المبادرات التضامنية لتحصين النسيج المجتمعي من آثارها وتداعياتها سواء بالمجال االقتصادي أو االجتماعي ،كما دفعت إلى تحديد األولويات للخروج من هاته الظرفية العصيبة ،والتدبدب التي عرفته عملية توزيع الدعم لعدم توفر أوال إطار قانوني مرجعي لمثل هده العمليات ،ثانيا عدم توفر قاعدة بيانات بأسماء األشخاص المستحقين ،وأعادت إلى الواجهة مدى الحاجة إلى سجل اجتماعي موحد وعملياتي لمواكبة ودعم األسر المتضررة من الجمود التجاري جراء إجراءات التباعد االجتماعي لردع انتشار الوباء،وبالرغم من أن الحديث عن إحداث سجل اجتماعي مرت عليه أكثر من سنة .بحيث سبق وأن صادق المجلس الحكومي بتاريخ 31يناير 2019على مشروع قانون رقم 72.18يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم االجتماعي وإحداث الوكالة الوطنية
للسجالت،هدا المشروع الذي عاد بقوة لواجهة النقاش مؤخرا ألهميته وراهنيته ،ووفق ما جاء في هدا المشروع فهو يهدف إلى وضع منظومة وطنية لتسجيل األسر واألفراد الراغبين في االستفادة من برامج الدعم االجتماعي التي تشرف عليها اإلدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية من خالل إحداث سجل اجتماعي موحد وسجل وطني للسكان،يكون الغرض منها تحديد الفئات المستهدفة،من أجل تمكينها من االستفادة من البرامج المذكورة،وكدا إحداث وكالة وطنية لتدبير السجالت المتعلقة بهده المنظومة ،هدا المشروع الذي يهدف الى تنقيط اآلسر عبر منح قيمة عددية لكل أسرة مقيدة في السجل االجتماعي الموحد ،تحتسب بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها االجتماعية واالقتصادية ،مع منح األسر إمكانية مراجعة التنقيط الممنوح لها من طرف الوكالة،ليكون هدا التحيين للمعطيات مساهما في تشخيص وتقييم الوضعية االجتماعية بشكل مستمر.هدا اإلجراء سيمكن من توفير قاعدة بيانات مهمة من أجل االستفادة منها لتقديم الدعم. إال أن هدا المشروع وحسب المادة 13منه يشترط التسجيل في السجل الوطني للسكان والذي في إطاره تتم معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة باألشخاص الذاتيين المغاربة واألجانب ،من أجل منح المعرف الرقمي الذي سيستعمل في جميع السجالت والوثائق التي تمسكها أو تمنحها اإلدارات العمومية أو الجماعات الترابية أو الهيئات العمومية التي تشرف على برامج الدعم االجتماعي كما سيستعمل المعرف كما جاء في المادة التاسعة من مشروع قانون 72.08كرابط بيني في قواعد معطياتها،بحيث عدم التسجيل في هدا األخير يلغي االستفادة من التسجيل في السجل االجتماعي الموحد ،هنا قد يحدث تخوف أو خلط مابين هل الهدف هو المساعدة االجتماعية أم حصر السكان والممتلكات مما قد يجعل فئة عريضة تتخلف عن التسجيل وهو تخوف راسخ في عقلية مجموعة من المواطنين كما يقع في عملية إحصاء السكان نجد تهرب من التصريح أو منح معطيات غير صحيحة ،هي أشياء نسمعها في حياتنا اليومية فهناك من يبرر التصريح أنه من أجل إحصاء الثروة أو فرض ضريبة .فلكي ينجح مثل هدا المشروع ويأتي أكله وال يضل حبيس الرفوف أو أن ال يصل إلى الهدف المتوخى منه يجب اعتماد الحكامة وإشراك جميع الفاعلين وحتى الذين تم تغييبهم في التحضير لهدا المشروع ،في تنزيل مقتضيات هدا القانون ،وما يتطلبه من وضع إستراتيجية تواصلية مع المواطنين والساكنة لشرح وتبسيط الطرق والوسائل الجديدة وأن يصاحبه حملة تحسيسية بأهميته وتوضيح بطريقة مبسطة آليات األجرأة ،كما أن تحدي السرية والحفاظ على المعلومات الشخصية للمرتفقين والمستفيدين من الخدمات ،أصبح تحديا أمام اإلدارة والساهرين عليه وطبعا ال ننسى أن نستحضر اإلرادة السياسية للفاعلين الوطنيين أو المحليين الذين سيسهرون على األجرأة اإلدارية . و لنتذكر أن التحديات الكبيرة تصنع الفرص الجديدة والجيدة
عودة المهاجر المغربي إلى أرض الوطن بعد التقاعد تكاد أن تكون قاعدة عند الجيل األول والثاني والثالث في فرنسا ،أي كل من هاجر في الستينات و السبعينات والثمانينات .هذه القاعدة تخص الجانب الذكوري أو بصفة أدق األزواج و ليس الزوجات اللواتي يفضلن التناوب نصف سنة في المغرب والنصف الثاني في فرنسا ،فالواجب األسروي يحتم عليهن مساعدة األبناء خصوصا بعد زواجهم إال أن هذا االختالف في الرغبة يؤدي في معظم األحيان إلى الطالق في سن متأخر جدا .السؤال المطروح ماهي وضعية المرأة المغربية المهاجرة بعد الطالق ؟ ما هي وضعيتها بعد أكثر من أربعين سنة زواج ؟ ال أتكلم عن وضعها االجتماعي واالقتصادي داخل فرنسا ،القانون الفرنسي يحمي حتى المغفالت منهن .المرأة المغربية المهاجرة عندما ترفض االستقرار النهائي في المغرب فهي تفتح باب الزواج لزوجها الذي يدعمه القانون المغربي ،أسطر على جملة يدعمه القانون المغربي أي له الحق في الزواج و دون موافقة الزوجة ما دامت تعيش في دولة أخرى ،طبعا ترفض الزوجة التعدد فيتم الطالق احتراما لها و لسنها .جل زوجات ذاك الجيل ال يعتبرن الزواج مؤسسة بين زوجين ،فالعادات والتقاليد المغربية علمتها أن طاعة الزوج بعد طاعة اهلل و ال يحق لها الشك في هذا الرابط و أن ( نقطة على نقطة كيحمل الواد الذي ستشرب منه ال ان تغرق فيه .و ان كلشي غير لوالدك و طبعا ليس للزوجة الثانية ) .المهاجرة وإن لم تعمل خصوصا األم يكون لها راتب شهريا يكاد يفوق راتب الزوج الذي يستحود عليه ( لدواير الزمان ) هذا الزمان الذي ال ينصفها اآلن .ستطرد من بيت الزوجية خاوية الوفاض وإن كانت قد ساهمت في جميع ممتلكات الزوج .تلطمها بعد الطالق أسئلة القانون - :هل لديك وثائق تتبث مشاركتك في كل ما يملك زوجك ؟ -كال أيها القانون كنت أعمل خارج البيت وداخله ،كنت أمده بكل ما أحصل عليه ليضمن مستقبلنا ومستقبل األبناء ،كنت متأكدة عندما يبيض شعري سأكون دافئة بما اكتسبنا معا وليس على عتبة المحكمة أستجدي عطف قانون الكد والسعاية ليجود علي ببعض الدراهم .لن أرفع أي دعوة ضد الزوج ،أرفعها ضد مدونة األحوال الشخصية التي ال تحمي المرأة ،تجعلنا تتيه بين بنودها ،كان عيها أن تقول لنا بلغة بسيطة - :انتبهن الزواج شركة والشركة تعتمد على الوثائق .اصطدام القانون المغربي و قانون البلد المضيف يجعل مغاربة العالم يعيشون حالة انفصام و ضربا من ضروب الغرابة بين قانون يحميك دون ان تطلب ذلك وقانون تطلب منه الحماية دون االستجابة .
7
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
جهة طنجة تطوان الحسيمة مجتمع -سياسة -حقوق -اقتصاد
عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير/العرائش)
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
الجـامعة المغـربية المواطنة و جائحة كورونا»
موضوع الندوة المنظمة من طرف الكلية متعددة التخصصات بإقليم العرائش بشراكة مع مجلس المجتمع المدني نظمت الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش بتعاون م��ع جمعية مجلس المجتمع المدني لتتبع تدبير الشأن المحلي إلقليم العرائش ي��وم الثالثاء 9يونيو 2020ندوة علمية عن بعد تحت عنوان « :الجـامعة المغـربية المواطنة و جائحة كورونا» بضيافة نخبة من األسماء الوازنة في مجاالت العلوم و السياسة و االقتصاد و الفكر ،تم ذلك عبر تطبيقGOOGLE . :MEET ال��ن��دوة تدخل ف��ي إط��ار االستعداد لتنفيذ المشروع الذي تم توقيعه مع اإلتحاد األوروب��ي والذي سينجز بشراكة مع كلية متعددة التخصصات بالعرائش و الذي يهدف إلى تكوين مجموعة من الطلبة في ميدان الديمقراطية التشاركية. كما شارك في الندوة كل من عميد كلية العرائش الدكتور محمد العربي كركب، ونائب رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد اهلل بفاس الدكتور إبراهيم أقديم ،عميد كلية العلوم والتقنيات بالحسيمة الدكتور محمد البقالي ،األستاذة أمينة مكدود أستاذة باحثة بكلية العلوم االجتماعية بفاس ،الدكتور أحمد الوزاني أستاذ باحت بالكلية المتعددة التخصصات بالعرائش، نائب رئيسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة األستاذ سعيد خيرون ،نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بجهة طنجة تطوان الحسيمة األستاذ عبد الحميد حسيسن ،و رئيس جمعية مجلس المجتمع المدني لتتبع تدبير الشأن المحلي إلقليم العرائش األستاذ رشيد الوزاني .
سقوط رافعة بعاملي بشارع القاهر بالعرائش
تعرض عاملي ظهر يوم الخميس 11يونيو 2020إلى إصابات متفاوتة الخطورة بعد سقوط رافعة بهما من علو شاهق. فإن العاملين كانا بصدد صباغة واجهة منزل مكون من عدة طوابق ،بحي القاهرة المقابل لسوق القرب البركة “جنان فرانسيس” ،حيث سقطت رافعة كانا على متنها ،ليصابا بإصابات مختلفة الخطورة في أنحاء مختلفة من جسمهما. و قد تم نقل العاملين إلى المستشفى اإلقليمي لالمريم لتلقي العالجات الضرورية.
وفاة أحد مؤسسي جمعية البحث التاريخي واالجتماعي المرحوم الكاتب والمؤرخ والعالم استئناف األنشطة النقابية لالتحاد المغربي للشّغل الحاج عبد السالم القيسي الحسني
وفق البالغ اإلخباري لالتحاد المغربي للشّغل و القاضي باستئناف األنشطة النقابية حضوريا بفتح المقرّات الجهوية و المحلية و المهنية ،قام االتحاد المغربي للشغل بفتح مقرّه الكائن بالميناء قرب عمالة إقليم العرائش. وبعد اتخاذ كافة اإلجراءات االحترازية و الوقائية ،أهمّها تنظيف و تعقيم المقر، تمّ يوم الخميس 11يونيو الجاري عقد اجتماعين تنظيميين لقطاعين أساسيين، هما قطاع النّقل و النّظافة ،و قد أشرف على تأطير هاذين االجتماعين كل من الكاتب العام لالتحاد المح ّلي ،السّيد عبد الخالق الحمدوشي ،و عضو االتحاد المحلي ،السيد فؤاد أخريف ،و عضو المجلس النقابي ،السيد محمد الريبي. و قد تدارس المجتمعون اإلهمال و الالمباالة التي تنهجها السلطات المحّلية اتجاه الملفات النقابية العاجلة ،و بالتالي عدم التعامل الجدّي مع المراسالت النقابية ،و نظرا للمصير المجهول و الحالة االنتظارية الرّهيبة التي يعيشها
عمّال شركة النّظافة و عدم إشراكهم في عملية التفويت التي تهمّ القطاع ،فقد تمّ ترك الصالحية لالتحاد المحلي من أجل تحديد موعد تنظيم معركة محلية من أجل الدّفاع عن مكتسبات و حقوق هذه الفئة خالل عملية التفويت. أما بالنسبة لقطاع سيارات األجرة الصّنف األول ،وأمام الوضعية المزرية التي أصبح عليها السائقون و عائالتهم من جرّاء التوقف االضطراري عن العمل
لمدّة ثالثة أشهر بسبب جائحة كورونا، وما لهذا التوقف من انعكاس اجتماعي و اقتصادي ،ناهيك عن تراكم الدّيون و المشاكل ،باإلضافة إلى اإلهمال و الحرمان الذي عرفه هذا القطاع من مساعدات ومن أي تعويض إسوة بباقي الشرائح االجتماعية ،فقد قرّر قطاع سيارات األجرة الصّنف األول تنظيم وقفة احتجاجية إنذارية أمام مقر باشوية العرائش يوم األربعاء 17يونيو 2020لمدّة ساعتين من 12زواال إلى 14زواال.
العثور على قنبلة يستنفر السلطات بالقصر الكبير
عثر صباح يوم الثالثاء 10يونيو ،2020بأرض خالء محادية لحي السالم ( الزكاكرة ) بالقصر الكبير ،على قنبلة حربية مكسوة بالصدأ تعود إلى فترة طويلة . واستنفر األمر السلطة المحلية وعناصر القوات المساعدة واألمن الوطني التي عملت على معاينة القنبلة وفرض حراسة على مكان العثور عليها. وحسب مصادر مطلعة فإن خبراء من القوات المسلحة الملكية بالحامية العسكرية بطنجة حلت إلى عين المكان وقامت بنقل القنبلة إلى منطقة خالء بدوار أوالد يشو جماعة قصر بجير وتم تفجيرها
ببالغ األسى والحزن ،تلقت جمعية البحث التاريخي واالجتماعي نبأ وفاة أحد مؤسسيها، المرحوم بكرم اهلل المؤرخ والمربي والكاتب األستاذ الشريف عبد السالم القيسي ،الذي وافته المنية يوم ،09/06/2020ودفن بالزاوية البدوية يوم .10/06/2020والمرحوم أحد أعضائها المرموقين، وأحد أبناء هذه المدينة البررة .وأحد مؤسسي الجمعية. وهو من مواليد سنة 1930م بالقصر الكبير، نشأ في ظل أسرة دين وصالح وكرم وشرف ،تلقى تعليمه األولي في كتاب الفقيه محمد الغافقي الجزار بحي القطانين ،ثم التحق بأول فوج بالمدرسة األهلية الحرة الحسنية التي فتحت أبوابها ألول مرة في فندق بنيس بالشطاوطيين سنة ،1939 وتابع دراسته بها في لال عائشة الخضراء ،وفي مقرها الرسمي بمقر المدرسة البوعنانية المرينية التاريخية بالمدينة .ثم تابع دراسته بالمعهد الديني بالمسجد األعظم بالمدينة .والتحق بالتدريس بنفس المدرسة التي تعلم وتربى بها سنة 1948م .وتولى إدارتها سنة 1953 خلفا لألستاذ أحمد الجباري ،وبقي في مهامه إلى أن أدمجت المدرسة في التعليم الرسمي سنة .1963 اتسمت مسيرته الثقافية بالعصامية ،فقد استطاع عن طريق المطالعة الحرة ،والتكوين الشخصي ،في مختلف العلوم والفنون ،أن يصبح عالمة ثقافية ،ومرجعا في حقول معرفية شتى، خاصة في مجال تاريخ المدينة .فأنت كنت ال تراه إال متأبطا كتبا أو مجالت .كان المرحوم مرجعا ال ينضب معينه في تاريخ وتراث األسر القصرية وقد تميز رحمه اهلل بذاكرة قوية .وفي سنة 1988كان من جملة ثلة أسست جمعية البحث التاريخي واالجتماعي بهذه المدينة ،وأصبح من أهم رموزها ،حيث دعمها بأفكاره وأعماله وعطاءاته التاريخية. لعب المرحوم دورا أساسيا في الحركة الوطنية بفرع القصر الكبير .وبعد إعالن االستقالل تقلد وظيفة الكاتب األول بالباشوية ،ثم انتقل للعمل بالبلدية ،وعمل على ملء الفراغ الذي تركه اإلسبان بعد رحيلهم .ثم عين خليفة بالباشوية ،ورقى لدرجة قائد سنة .1979وعمل بقيادة الساحل .وبقي يعمل بإخالص ووفاء إلى أن أحيل على المعاش سنة .1990 خلف رحمه اهلل :مكتبته تعد اليوم من أهم المكتبات الخاصة بمدينة القصر الكبير ،وهي تضم مئات المجلدات في التاريخ والفقه والتصوف واآلداب وغيرها من ألوان المعارف. وخلف عدة مقاالت تهم تاريخ مدينة القصر الكبير ومجتمعها ،وعلى رأسها كتابه المعنون بـ« :مدينة القصر الكبير تاريخ ومجتمع ووثائق» الذي نشرته جمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر الكبير. ِنعْمَ ما ترك لمدينته التي كان يحبها وتحبه .المدينة التي ولد فيها ،ودرس فيها ،وعاش فيها ،وأرخ لها ،ومات فيها ،ما أجمله من وفاء لهذه المدينة الولودة لرجال العلم والمبدعين عبر العصور. وبهذه المناسبة األليمة ،يتقدم كافة أعضاء الجمعية لكافة أفراد أسرته الفاضلة بأحر التعازي والمواساة ،راجين من اهلل عز وجل للفقيد المغفرة والرضوان ،وألسرته الكريمة الصبر والسلوان. غفر اهلل لنا ولكم وله ،ولكل محبيه ،ومحبي هذه المدينة ،ولكل الباحثين. ّ راجعون)) صدق هلل وإنَّا إليْه َّابرينَ ا ّلذينَ َإذا أصَابتْهم مُصِيب ٌة قا ُلوا إنّا ِ ((وبَشِّ ِر الص ٍ اهلل العظيم .البقرة.155 .
8
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
جهة طنجة تطوان الحسيمة فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
مجتمع -سياسة -حقوق -اقتصاد
مؤسسة فندقية بشفشاون وروح المواطنة والتضامن
عبرت إحدى الوحدات الفندقية الراقية بشفشاون ،منذ اإلعالن عن الطوارئ الصحية ببالدنا ،عن روح التضامن الوطني باستقبال عدد من األطر الصحية لإلقامة بالغرف مجانا وبدون مقابل مادي. وهذه المؤسسة الفندقية المرموقة التي لم تبخل على المقيمين بها في توفير شروط اإلقامة الراقية والجيدة، رغم أنها تعد في الوقت الحالي مؤسستها من أكبر المتضررين من جائحة فيروس كورونا بسبب الظروف الصعبة التي صارت تعانيها السياحة على الصعيد الوطني ،والدولي بعد إغالق الحدود وتوقف الرحالت الجوية. يوم الخميس 11يونيو الجاري دعت السلطات االقليمية بعض األطر الصحية إلى إفراغ غرف الفندق التي كانت تشغرها لما يزيد عن شهرين ،وتوقيف االستفادة من الوجبات الغذائية التي كانوا يتناولونها بالمجان من إحدى المطاعم بالمدينة على حساب ميزانية خاصة لعمالة االقليمية والتي كلفتها أمواال طائلة ،إال أن البعض منهم لم يستسغ قرار السلطات االقليمية وبدأ يحتج . إلى هنا ،من قام بعمل تضامني بروح وطنية ..يحتاج منا إلى الشكر والتقدير ال أن نستنكر ،ونحتج ... وندين ،فالمؤسسات السياحية بدورها متضررة ،وعليها أن تستعد من اآلن السترجاع أنفاسها والستئناف نشاطها السياحي لتعويض خسارتها الكبيرة في ظل تداعيات أزمة فيروس كورونا. واآلن وكما يقال الشكر فضيلة ، وأن من لديه إمكانيات مادية محترمة
واستفاد من إقامة مجانية بفندق فاخر مع وجبات بالمجان وبال مقابل مادي ،عليه أن يشكر من قدم له هذه الخدمات ال أن يستنكر ويطالب بضرورة استمرار نعمتمها كأنها ريع . ومن لديه مشكله في أزمة السكن، أو يعمل بشفشاون في عمل وظيفي ويتقاضى عليه أجرته بصفة دائمة بإقليم شفشاون عليه أن يبحث له عن سكن مثل باقي المواطنين المغاربة الذين إما يملكون سكنا أو يؤجرونه ..ففيروس كورونا مستمر وسنتعايش معه ...والنعرف متى سيتم القضاء عليه ... لهذا من الواجب شكر المؤسسة الفندقية على خدماتها المجانية .وعلى روحها الوطنية التضامنية. ويشار أن هذه المؤسسة تضررت أكثر مع األزمة التي تعيشها السياحة، حيث أن عليها اآلن إعادة تهيئة الغرف بعد إفراغها بطلب من السلطات االقليمية حيث وجدت بعض الغرف بعد
إفراغها في وضعية سيئة جدا وتحتاج إلى إعادة صيانتها وتهيئتها من جديد، لتعود كما كانت عليه في السابق. ومن الطرائف التي وقعت في الوحدة الفندقية ...خالل الطوارئ الصحية أن بعض المقيمين من ()... في الفندق وفي ذروة تفشي فيروس كورونا والتزام ساكنة شفشاون بقرار قانون الطوارئ الصحية التي عملت على تطبيقها السلطات العمومية .. هناك من كان يمارس االستجمام والسباحة بمسبح الفندق ،وبمجرد ما علمت السلطات االقليمية بذلك أقدمت على توقيف هذا السلوك الذي اليتناسب الظرفية واألزمة التي تمر بها البالد . ويشار أن المؤسسة الفندقية المذكورة اليزال يقيم فيها بعض األطر الصحية العسكرية ،وطبعا هي غير مقيمة في شفشاون وتعمل في قسم كوفيد 19بمستشفى محمد الخامس بشفشاون لذا تحتاج إلى التضامن معها بروح وطنية
مطار الحسيمة في أتم االستعداد الستئناف الرحالت الجوية
أكد مدير المطار الدولي الشريف االدريسي بالحسيمة مختار دهراوي ،اليوم اإلثنين ،أن هذه المنشأة المطارية في أتم الجاهزية واالستعداد الستئناف الرحالت الجوية. وأضاف السيد دهراوي ،في تصريح لوكالة المغرب العربي لألنباء ،أنه تم إنهاء جميع التحضيرات واالستعدادات التي انطلقت منذ نحو 20يوما الستئناف الرحالت الجوية الداخلية والدولية وضمان استقبال آمن للمسافرين وحماية مستعملي المطار من مسافرين ومستخدمين. وتابع أن المكتب الوطني للمطارات أعد مخططا الستئناف أنشطته استعدادا الستئناف الرحالت الجوية يقوم على تدبير المخاطر لضمان ظروف استقبال سليمة ومطمئنة للمسافرين عبر تدابير
جيدة تالئم تدابير االستغالل المطاري مع اإلكراهات المتعلقة بتدبير الوضعية الوبائية بتنسيق مع مختلف الشركاء بالمطار ،بتفعيل التباعد االجتماعي بين المسافرين. وأضاف أن مطار الشريف اإلدريسي انخرط في هذه اإلجراءات عبر وضع واقيات باألماكن الثابتة التي تعرف تفاعال مع األشخاص بنقاط التسجيل وقاعات اإلركاب ونقاط المراقبة األمنية ،واعتماد الوقوف الطوعي المتتالي والمتباعد بنقاط التسجيل ومراكز المراقبة وذلك باحترام التشوير األرضي. كما تم وضع موزعات أوتوماتيكية لمعقمات األيدي مجانا بمختلف مرافق المطار ،وتباعد المقاعد بقاعات اإلركاب احتراما للتباعد الجسدي ،وتكثيف عملية تنظيف وتحسين منظومة تنقية الهواء،
باإلضافة إلى التعقيم المكثف لمختلف مرافق المطار وقياس درجة حرارة المسافرين بواسطة كاميرا حرارية بمنطقة اإلنزال الدولية وإعداد غرفة مخصصة لعزل الحاالت المشتبه في إصابتها بوباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد . )19 في سياق متصل ،سجل السيد الدهراوي أن مطار الحسيمة اعتمد إجراءات هامة وحصرية تتمثل في استعمال صنابير أوتوماتيكية للمياه بمختلف المرافق الصحية تعمل بواسطة األشعة تحت الحمراء ،واعتماد إضاءات أوتوماتيكية بهذه المرافق. وخلص إلى أن المطار جاهز بشكل تام الستئناف الرحالت الداخلية والجوية فور اإلعالن الرسمي من قبل السلطات المختصة عن التاريخ الرسمي النطالق هذه العملية.
Fikri.press@gmail.comTél 0661986707
موظف شرطة يضطر الستخدام سالحه الوظيفي لتوقيف شخص هدد سالمة األشخاص والممتلكات بالحسيمة
اضطر موظف شرطة يعمل باألمن الجهوي بالحسيمة الستخدام سالحه الوظيفي، بعد منتصف ليلة االثنين 15يونيو الجاري ،وذلك في تدخل أمني لتوقيف شخص من ذوي السوابق القضائية ،كان في حالة غير طبيعية وهدد سالمة االشخاص والممتلكات بواسطة السالح األبيض. وذكر بالغ للمديرية العامة لألمن الوطني أن دورية للشرطة كانت قد تدخلت لتوقيف المشتبه فيه ،الذي كان تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة وأحدث الضوضاء بالشارع العام، حيث أبدى مقاومة عنيفة باستخدام السالح األبيض ،مما اضطر موظف شرطة الستخدام سالحه الوظيفي ،مطلقا رصاصتين تحذيريتين قبل أن تصيب الرصاصة الثالثة المشتبه فيه على مستوى الفخد. وأضاف البالغ أنه تم نقل المشتبه فيه المصاب للمستشفى لتلقي العالجات الضرورية، وذلك في انتظار تماثله للشفاء ليتسنى إخضاعه لبحث تمهيدي تحت إشراف النيابة العامة المختصة ،لتحديد أسباب وظروف ومالبسات هذه القضية.
تار جيست /..الحسيمة إيقاف شخصين بتهمة ترويج الكوكايين
تمكنت عناصر الفرقة المحلية للشرطة القضائية التابعة لمفوضية الشرطة بتارجيست يوم الجمعة 12يونيو الجاري من ايقاف شخص بحوزته كمية من المخدرات الصلبة كوكايين وذكرت المصادر أن األبحاث قادت إلى إيقاف المزود الرئيسي بدوار عالل بجماعة زرقت التابعة لقيادة سيدي بوتميم دائرة تارجيست ،ويرتقب تقديم المشتبه فيهما أمام أنظار النيابة العامة في حالة اعتقال بتهمة ترويج وحيازة المخدرات الصلبة.
الحسيمة..سنتان حبسا نافذا في حق متهم بترويج الكوكاكيين
أدانت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة االبتدائية بالحسيمة ،في بداية األسبوع الجاري ،متهما من أجل االتجار في الكوكايين ،وحكمت عليه بالسجن والغرامة. وكان المتهم قد تم توقيفه منتصف شهر ماي الماضي بجماعة أجدير ،من طرف عناصر الدرك الملكي ،متلبسا بترويج الكوكاكيين ،ليتقرر وضعه تحت تدبير الحراسة النظرية ،قبل عرضه امام أنظار وكيل الملك الذي قرر متابعته بتهم مسك واستهالك وترويج المخدرات القوية والحيازة غير القانونية للمخدرات والمواد المخدرة في حالة العود ،وخرق القرارات الصادرة
عن السلطة العمومية في إطار حالة الطوارئ الصحية وعدم وضع الكمامة الواقية ،ليتم الحكم عليه بعد ثالث جلسات بسنتين حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 1000درهم مع تحميله الصائر واالجبار في األدنى وباتالف المخدرات المحجوزة طبقا للقانون وبمصادرة المبلغ المالي لفائدة الخزينة العامة وبمصادرة باقي المحجوز لفائدة األمالك المخزنية. كما قضت بأداء المتهم غرامة مالية قدرها 81.158.400,00 درهم مجبرة في سنة واحدة عند عدم األداء مع تحميله الصائر مجبرا في األدنى لفائدة إدارة الجمارك.
9
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
سيدي عبد اهلل المرابط الترغي.. سنة خامسة من الغياب ودهر ممتد من الحضور -أسامة الزكاري
الفهارس ،وهذه أمور قل أن تجتمع في شخص واحد» .وتقول هدى المجاطي« :الحديث عن أستاذنا الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي ال ينصرف إلى وجهة واحدة ،فهو نموذج لألستاذ المتمكن ،والباحث الرصين ،والخبير بالتراث األدبي .ورغم تنوع اهتماماته ودراساته في األدب والشروح والرحالت واللغة والتصوف والتاريخ ،فإن علم التراجم حظي عنده بالنصيب األكبر .»...ويقول أبو الخير الناصري: «حينما أتأمل حرصه هذا على تحصيل العلم بالجديد في موضوع التراجم ،مع ما كانت عليه حالته الصحية من اعتالل ،يخيل إلي أن أستاذنا الجليل كان –رحمه اهلل تعالى -يلقننا بذلك درسا جميال أجريه على لسانه في العبارة اآلتية« :اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ،واطلبوا العلم في الصحة والمرض» .»...ويقول عبد الحفيظ األشهب« :كان المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي– كما وصفه الفقيه العالمة محمد المنوني رحمة اهلل عليه- فارس حلبة المغربيات ،وقد انشغل بالدراسات المغربية في عدة مستويات :مستوى البحث الفهرسيوالترجمي، ومستوى دراسة القضايا اللغوية واألدبية والفكرية من موقع األستاذية الممتدة ،ومستوى تحقيق النصوص.»... وذلك ،أصبح الفقيد العزيز منارة للعلم وللمعرفة ،نجح في نشر أريج عطائه على نطاق جغرافي واسع تجاوز منطقة الشمال وعموم بالد المغرب ،ليمتد على أفق جغرافي واسع وممتد على امتداد خريطة الوطن العربي الواسع .كان، رحمه اهلل ،رجال للمعرفة وللعطاء ،لم يكن يمل من البحث ومن السؤال ،ولم يكن يتعب من التنقيب ومن السعي نحو تعزيز معارف تخصصه .كان عالم زمانه ،ترك مدرسة قائمة األركان ،أساسها إصداراته الغزيرة ورصيد منجزه األكاديمي، ودعائمها أف��واج من الخريجين ومن المتمدرسين ومن الطلبة الذين تشربوا من عطائه ،وآفاقها هذا النهج القويم في الجمع بين مشاق العطاء األكاديمي وبين نعمة التواضع ومكرمة األخ�ل�اق ،وهي النعمة والمكرمة التي ارتبطت باسمه ،بعد أن أصبحت صفة مالزمة له طيلة تقلبات ح��ي��ات��ه ال��م��ل��ي��ئ��ة بالعطاء وبالبذل وباالستعداد
المتواصل الحتضان كل األصوات الباحثة عن المعرفة العلمية وعن أصول التكوين في المجاالت األكاديمية التي ارتبطت بسيرته العلمية. إنها صفة العلماء الكبار التي جعلت من صاحبها عالما مشاركا لفظة «م��ش��ارك» من دالالت حضارية بكل م��ا تحمله عميقة ،وميسما ناصعا لرصيد منجز الفقيد ال��م��راب��ط الترغي ،بل هي عالمة ف��ارق��ة ع��ل��ى أن األم���ر يتعلق بأحد مظاهر «ال��ن��ب��وغ المغربي» داخ������ل ا لمشهد ا لثقا في والعلمي ا لو طني الراهن.
يبدو أن الكتابة عن السيرة العلمية واإلنسانية للفقيد عبد اهلل المرابط الترغي لن تتوقف ولن تصل إلى مستوى اإلشباع، مادام طلبة الفقيد وأصدقائه ومحبيه الزالوا يحملون جذوة العلم واألخالق التي اختزلها اسم عبد اهلل المرابط الترغي .وعلى الرغم من صدور عدة أعمال توثيقية وتركيبية حول سيرة الرجل خالل المرحلة التي أعقبت رحيله المفجع سنة ،2015فإن مجال البحث والتنقيب في حصيلة منجزه األكاديمي يظل أمرا متجددا ،وقابال لتوسيع دوائر التأمل والتشريح ،كشفا في المدونات غير المطبوعة، وتجميعا لرصيد منشورات األستاذ المرابط الترغي ،وتصنيفا لقيمها الرمزية والعلمية الرفيعة .وإذا أضفنا إلى ذلك ،آفاق البعد اإلنساني واألخالقي في سيرة الفقيد المرابط الترغي ،أمكن القول إن األمر يتعلق بسيرة أحد أعالم الفكر والثقافة والمعرفة بمدينة طنجة المعاصرة ،ممن كان لهم شرف اإلسهام في صناعة بهائها وتميزها الحضاري الكبير ،إلى جانب رجاالتها الكبار من أمثال عبد اهلل كنون ،وعبد الصمد العشاب ،وعبد العزيز التمسماني خلوق، وعبد العزيز بن الصديق ،ومحمد األمين البزاز...، وإل��ى جانب ه��ذا االن��غ��راس األصيل في التربة الثقافية والمعرفية لمدينة طنجة ،استطاع الفقيد أن يجعل من اسمه علما في مجاالت دراسة علم المخطوطات وتحقيقها ،وكذا في مجال علم األنساب واألعالم والمناقب ،إلى جانب رواد هذا المجال وطنيا من أمثال محمد المنوني ،ومحمد بنشريفة ،وعباس الجراري ،ونجاة المريني ...،ونكاد نجزم أن إضافات المرحوم المرابط الترغي في المجاالت العلمية المشار إليها ،ظلت تحمل كل عناصر الجدة والتميز داخل محيطها المغربي والعربي ،بشكل نكاد ال نجد مثيال له داخل حقل تلقي علوم المخطوطات ،ومناهج التحقيق، وسير األعالم ،وتصنيفات المناقب .باختصار ،فاألمر يتعلق بسيرة رجل تحول إلى مدرسة قائمة الذات في مجال التأطير العلمي، والتنقيب األكاديمي ،والتوجيه التربوي ،وقبل كل ذلك ،مدرسة في األخالق وفي تواضع العلماء الكبار .لذلك ،لم يكن غريبا أن يشعر الجميع بحجم الخسارة في رحيل سيدي عبد اهلل المرابط الترغي ،وكذا بحجم الفراغ الذي لن يكون من السهل ملء دروبه العلمية وأفضاله المعرفية المتداخلة .وما تواتر صدور سلسلة األعمال التوثيقية لعناصر توهج سيرته العلمية ،إال دليل على نبل الموقف الذي ظل يحمله طلبة الفقيد ورفاقه ومجايليه ،تجاه هذه الروح الطاهرة التي بصمت وجه البحث الجامعي الوطني المعاصر، وخاصة في المجاالت والتخصصات التي أشرنا إليها أعاله. في سياق جهود االعتراف برصيد التراكم العلمي الرفيع لفقيدنا الكبير ،سيدي عبد اهلل المرابط الترغي ،يقول األستاذ عدنان الوهابي في كتابه «حفريات التراث المغربي :سيدي عبد اهلل المرابط الترغي منارة علم ونبع أفضال» ،الصادر سنة ،2018 ما يلي« :والدكتور عبد اهلل المرابط الترغي ،كما نعرف جميعا ،وكما يعرف محبوه وأصدقاؤه وطلبته ،ليس بالنكرة وال الفضلة ،وليس بالمغمور وال المقل ،فهو في باب العلم واألدب علم مشهور يقصده القاصي والداني ،ومنهل عذب يغترف منه األدباء والمتأدبون وغير األدباء والمتأدبين ،وهو في باب السلوك واآلداب مثال الرجل العفيف ...لم يكذب أهله أزيد من ربع قرن ،ظل خاللها موئل بحث ،ومركز إشعاع ،في التدريس والتأطير واإلش��راف والتسيير ،وكيف يكذبهم وهو الزاهد إال في كتاب أو مخطوط ،والمتغافل إال حين يعن في الميدان بحث ،أو يشيم في األفق رسالة...، والمتفاني في خدمة الجميع إال حين يحول عنه قانون .رحل وقد ترك أعماال مختلفة في األدب والتاريخ والتعريف بالمخطوطات والرجال، والعشرات من المقاالت في موضوعات متنوعة .كانت له مشاركات في عدد هائل من الندوات واللقاءات العلمية ،باإلضافة إلى حوارات ،وألقى محاضرات وأحاديث إذاعية ،وأشرف على رسائل وأطاريح جامعية ،وساهم في مناقشات علمية في عدد من الجامعات المغربية»... (ص ص.)12 - 11 . وعن هذا النهر الدافق للرصيد المعرفي لفقيدنا العزيز ،يقول أحمد هاشم الريسوني في الكتاب الصادر سنة ،2017تحت عنوان «المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي :أيقونة قيم ونبراس علم»« :كان المرحوم األس��ت��اذ الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط الترغي عالمة فارقة في مجال الدراسات األدبية عندنا في شمال المغرب خالل العقود الثالثة األخ���ي���رة» .وي��ق��ول محمد حافظ الروسي« :كان -رحمه اهلل تعالى- جماعا للكتب وللمخطوطات ،وقد حباه المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي خالل مشاركته في ندوة ثقافية بمدينة أصيال يوم 5شتنبر ،1999إلى جانب األساتذة مصطفى الغاشي ،وعبد الخالق أحمدون، اهلل –عز وجل -بحافظة قوية ،واطالع وعبد الرحيم الجباري ،وأسامة الزكاري ،وعبد السالم شقور ،ومصطفى زيان واس���ع ،ومعرفة بالتراجم ،وكتب
10
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
عبد اهلل المرابط الترغي أفق معرفي • مرت على وفاة األستاذ عبد اهلل المرابط الترغي ،رحمه اهلل، خمسة أعوام .لكن أثره العلمي ظل يوجهنا إلى االقتراب منه ومصاحبته لبناء أسئلة تفتح القراءة على «مشاريع» واجتهادات تفهم قصود هذا األثر المضمرة .وتسهم في مدّها بمقاربات جديدة تكمل استراتيجيتها. كان األدب المغربي القديم بمخطوطاته وعصوره وقضاياه التوثيقية الشائكة َ حقل انشغاله العلمي الذي ّ ظل تجذبه ُ مسالكه الوعرة ويقيم فيها ،يسدده في مساعيه فكرٌ نير ال ُ السبل الموصلة .زانته المعرفة وهو يقيمها في حق تخفى معه موضوعها ،وأكبرَه حسنُ التواضع فيها .وأمّا ما تفرّد به من قدرة على اكتشاف ممتلكات تراثية و النفاذِ إلى إدراك أنساقها ووظائفِها ومقاصدِها من أجل فهمها في أصولها ،فقد أبلغه حاجتَه وروى ظمأ روحِه ،وأما إيثارُه الترفعَ عن َّ خِفةِ األحالم العجلى ،واختيارَ الصمت المحاذي للصخب ،قبل ذلك وبعده، َ المحبّة والوقار. فقد أكسبه دأب عبد اهلل المرابط الترغي على مُساءلة األدب واللغة ،في صيرورة تواصلية دائمة بين قديم المعارف وجديد أسئلته المعاصرة التي لم تدركها الدراسات النقدية خالل حياته َ بمُحكم التحقيق وبعدها ،كان ،رحمه اهلل ،يرى ضرورة العودة والتأليف والتصنيف إلى تاريخ تحقق الذخائر التراثية وإلى سياقاتها وإشكاالتها الح ّقة ،فما من ظاهرة أدبية أو علمية إال واندغمت ،في تصوره ،بشرطها التاريخي ،الذي يرسم حدودا زمنية ومفهومية لقولها ولحدوثها ،ويكشف بذلك عن أهم إبداالتها وجدواها. يكدّ ليقرأ ما بين السطور ،يضاعف جهوده ويد ّقق لكي يستقصي العوامل الخفية التي قد تجلي الحقيقة في الوثائق والنصوص .إن عملية فهم نصوص التراث المغربي من خالل العدة العلمية الحقة ومن خالل وضعها في سياقها التاريخي أمر َ إمكانية الكشف عن المعاني المضمرة يتيح للمحقق المتحقق أو المشتبهة التي يمكن أن تكون أفقية انطالقا من حدود
عبد الرحيم اإلدريسي
جنسها ولغتها ،أو عمودية مستمدة من شروط إنتاجها .وفي الحالتين معاً لم يكن األستاذ عبد اهلل الترغي يس ّلم باإلظهار العلمي للنصوص التراثية إال بتوافر مادة مصدرية متنوعة و دقيقة حول موضوعاتها وحقولها ،علما أن كل ذلك لم يكن يعفيه ،وهو العالم بمجاله ،من اللجوء إلى حدسه اللغوي و التاريخي وكفاياته المعرفية في بناء روابط واستيعاب عالقات وإيجاد األدلة المناسبة التي تمكنه من اإلجابة عن تساؤالته العلمية في التحقيق والتأليف. إنها األلفة العالمة مع النصوص ،يتوسل بها ليتوصل إلى معرفة مؤكدة للمعاني والمغازي والقيم ،و لصور ماضيها الذي تحتويه .كان األستاذ دؤوب الحيوية ،يتدفق في حديثه، ال يمّل وال يتوقف ،يحيط بجوانب المسألة المطروحة ،ويعدّد اآلراء واألقوال ،ويحيل على المصادر ويكشف عن المخطوطات ويعرِّف بها ليقدم لسائله ما ينير الطريق ،ويرشده إلى القصد، بل حتى في حواراته كان ،كما يصفه صفيُّه أستاذنا وعزيزنا عبد اللطيف شهبون ،متو ّقدَ الحس ،حادّ الذهن إزاء ما يسمع، ينطبع المتن موضوعُ الحوار في ذاكرته وصدره. أدرك أن التحقيب المحلي للتاريخ األدبي تفريعٌ علمي للنسق الثقافي العام ،وتجذرٌ للتنوع في امتداد الكلي .منح مفهوم المحليّة ماهيتَه وحال دون تداخله مع مصطلحات أخرى تجاوره ،لذلك كان توجُّهه األساس نحو األدبين المغربي واألندلسي ،وكانت جهوده لتحقيق أمهات الكتب المغربية واألندلسية وإنجا ِز دراسات حول أعالم هذا األدب وأجناسه مرجعا علميا وشرطا لجدوى أسئلة الكتابة التاريخية والدراسات األدبية واللغوية. إن التراث السردي المغربي واألندلسي ،كما تجليه آثار األستاذ عبد اهلل الترغي زاخر بأشكال تعبيرية وأجناس أدبية بكر ،ومتى تضافرت الجهود النقدية المتفرقة وأفلحت الدراسات المعاصرة في تأملها وتجديد فهمها يمكنها أن تسهم ،مثال في حقل المحكيات ،في إثراء نظرية السرد العالمية وتقلب
خريطة النقد السردي المغربي والعربي رأساً على عقب .وهذا ما أكده أستاذنا محمد أنقار ،رحمه اهلل ،في مقاله «التـرغـي وتـودوروف» عندما أشار إلى أن ما تستوعبه مصنفاته من حقول التراث الفسيحة مثل «الكرامات ،والمنامات، والرحالت الخيالية ،واألحاجي ،واأللغاز ،واألسمار ،والمناظرات، والمالعب ،والمقامات ،والحكايات الشعبية ،وحكايات الجان، والعجائب ،والغرائب ،والطرائف ،والملح ،والسير ،وتراجم الرجال وغيرها من األشكال السردية ...تحتاج إلى دراسات معمقة من أجل استخالص طرائق بنائها وأنماط سماتها .هي أشكال مفعمة بألوان من البالغة المكيفة بسمات من الخصوصية المغربية والعربية واإلسالمية» ومما ال شك فيه أن منجز عبد اهلل المرابط الترغي العلمي المتنوع ،موضوعٌ ما يزال بحاجة إلى مزيد من الدراسات واألبحاث التي تكشف وتضيء باقي جوانبه وضفافه ،وتُعمق البحث فيها بما يجعلها مختبرا للمعرفة األدبية ،يُسعف في فهم مالئم للتاريخ الثقافي والعلمي المغربي ،ويُمِدُّ وعيَنا به ٍ بكل الموارد الضرورية ألجل اإلفادة منه. إن االقتراب من القضايا األدبية واللغوية والتاريخية التي تظهرها تآليف عبد اهلل المرابط الترغي أو تضمرها ،يُعدّ تحديا معرفيا معاصرا ،يكرس اإلحساس بحدود الوضع العلمي للباحثين اليوم .لكنه يدعوهم إلى توطيد العزم على المغامرة. أما إذا ارتفعت دون هذا المُنجَز حُجبُ الغفلة واسترخت على عَطل االستعجال واالختزال ،فذلك وضعٌ ّ مخل يحرم خمول ِ الدراسات األدبية المعاصرة من استثمار ما ينطوي عليه اجتهاد ُّ وتَعق ِب المسالك العلمية التي نحتها، عبد اهلل المرابط الترغي رحمه اهلل ،وأقام أبنيتها وتركها وراءه ورحل.
المرحوم عبداهلل المرابط الترغي: مدرسة كبرى في العلم واألخالق
• هدى المجاطي
تعرفت إلى األستاذ المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي منذ ما يناهز العقدين؛ حينما انتظمت طالبة بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان .كان المرحوم يومئذ رئيسا لشعبة اللغة العربية وآدابها. في السنة الرابعة من النظام القديم للدراسة الجامعية ،تلقيت على يده وعلى يد المرحوم محمد أنقار دروسا كان لها أثر كبير في اهتمامي باألدب المغربي القديم والحديث ،وقد أنجزت بإشراف المرحوم سيدي عبد اهلل بحثا لنيل اإلجازة في اللغة العربية وآدابها ؛ في موضوع :أبو عبد اهلل محمد العلمي الحسني الشفشاوني الحوات:حياته وتراثه األدبي. ثم شاء اهلل أن أنتظم في سلك الدراسات العليا المعمقة؛ تخصص األدب المغربي ،وكان هذا المسلك أول بنية للتكوين العالي بجامعة عبد المالك السعدي وتعزز ببنية بحثية رائدة هي ملتقى الدراسات المغربية واألندلسية التي أسسها األستاذ المرحوم الدكتور حسن الوراكلي ،وكان المسلك المذكور متميزا بأطره العالمة ذات الدربة في علوم التدريس؛ السادة الدكاترة :حسن الطريبق ،عبد السالم شقور ،أحمد الطريبق اليدري ،أحمد بلشهاب ،حسن بنزيان ،والمرحومان ميلودة الحسناوي ومحمد مفتاح ،سعيد بن األحرش ،وعبد اللطيف شهبون .وكللت جهودي العلمية بإعداد بحث في موضوع « الدرر المرصعة في أخبار أعيان درعة :تحقيق وتقديم» بإشراف المرحوم سيدي عبد اهلل المرابط الترغي وكان رحمه اهلل هو الذي اقترح علي هذا الموضوع ،وألزمني بالسفر إلى الرباط للحصول على نسخة مصورة له من الخزانة العامة ،ولم تكن للمخطوط سوى نسخة فريدة مما رفع مسؤوليتي في تحقيقه ،لكنني بعون اهلل وتوجيه أستاذي سيدي عبد اهلل تمكنت من تحقيقه وفق القواعد العلمية المطلوبة .وال أخفي أن هذا العمل جعلني أوسع خبرتي في ذخاتئر األدب المغربي أوال وتقدير جهود المحققين للتراث المغربي .وكان المرحوم سيدي عبد اهلل نبراسي في فك معميات ذلك النص الناصري. ولعل هذا البحث قد رسخ اقتناعي باالشتغال بتاريخ األدب والثقافة المغربية خاصة على عهد الدولة العلوية أصوال وامتدادات. . وفي غمرة انشغالي بأطروحتي في تاريخ الثقافة بشمال المغرب بإشراف أستاذي الدكتور عبد اللطيف شهبون أكرمه اهلل استوقفتني أسماء وذوات لها قدح معلى في تطوير الكتابة األدبية ،فقررت البحث والتعريف بهؤالء الرواد،وفكان البد لي من الرجوع المنتظم إلى أستاذي المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي لكونه من المؤصلين علميا وفنيا لعلم التراجم األدبية في المغرب ،وأنا أسعد ألني تتلمذت عليه واستفدت من دروسه وأبحاثه وتوجيهاته التي ساعدتني كثيرا على االنغمار في هذا المجال .، مازلت أتذكر جملة من اللقاءات العلمية والثقافية التي جمعتني بالمرحوم؛ أذكر منها على سبيل المثال: -لقاء الثالثاء 11نوفمبر :2014في مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي ،فحدثته
عن إمكانية كتابة تقديم لكتاب كنت مقبلة على طبعه ،فقبل رحمه اهلل بصدر رحب ،وشجعني كثيرا على المضي في هذا الطريق ،مؤكدا على أهمية التراجم وقيمتها في التعريف بأعالم العلم واألدب والدين .م. لقاء الجمعة 17أبريل : 2015كان لي شرف المشاركة إلى جانبه –رحمه اهلل -في ندوة علمية فيموضوع ”أعالم من شفشاون” نظمتها الجمعية المغربية للثقافة األندلسية بشفشاون ،مع تقديم وتوقيع كتابه ” من أعالم شمال المغرب” .وعلى هامش اللقاء ،حدثني عن مشروعه العلمي الذي يتابعه بصبر دؤوب ،وأطلعني على مسودة الجزء الثاني من كتابه ،متوقفا عند أسماء ألعالم من شفشاون. وقد دعا خالل هذا اللقاء كل الباحثين والمهتمين بالشأن الثقافي إلى ضرورة البحث والتعريف بأعالم شفشاون وأحوازها.ا. لقاء االثنين 11ماي : 2015كان لقاء مميزا بكل المقاييس ،خصص لتوقيع وثيقة تحبيس مكتبتهعلى مؤسسة عبد اهلل كنون للثقافة والبحث العلمي .وقد تشرفت –إلى جانب ثلة من األساتذة األجالء- باإلدالء بشهادة في حقه ،بصفته رائدا في علم التراجم ومنها التراجم األدبية ،بدءا من أطروحته األولى ” فهارس علماء المغرب” فكتابه «من أعالم شمال المغرب». وعن هذا اللقاء كتبت مقاال بعنوان :عبد اهلل المرابط الترغي :ذخيرة علمية وإنسانية ،نشر في جريدة الشمال (العدد . )785 كان توقيعه لوثيقة التحبيس موقفا مؤثرا جدا ،أخذت له صورا كثيرا ،لكن الصورة المعبرة المفعمة بالمعاني هي الصورة التي يظهر فيها –رحمه اهلل -مبتسما رافعا يديه وقد أنهكه السيرحد بلوغه قمة العطاء .كانت الصورة المذكورة عنوان وداع لكن سيدي عبد اهلل مازال حيا في قلوب المخلصين من العلماء الفضالء. بعد انتقال سيدي عبد اهلل إلى عفو اهلل قدر اهلل لي أن أنسق بعض شهادات طالبه ومحبيه وإصدار كتيب في الموضوع بعنوان «عبد اهلل المرابط الترغي :أيقونة قيم ونبراس علم». ما زال سيدي عبد اهلل حيا في ضمائر طالبه الذين أحبوه بتجرد عن كل الغايات والفصول. كانت رسالة المرحوم سيدي عبد اهلل تقول: ها قد أنهيت مهمتي التي بدأتها منذ عقود ..قضيت عمرا في البحث والتحقيق والتأليف والتدريس وخدمة األجيال وحثها على االلتفاف بتراث األمة المغربية دفاعا عن هوية مميزة. رحم اهلل سيدي عبد اهلل ،كان عالما متواضعا في علمه وأخالقه،هادئ الطبع ،لم يره قط يثور في وجه من قصده من طالبه وطالباته.. نسأل اهلل سبحانه وتعالى أن يثيبه خير ثواب.
11
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
شذرات عرفان وامتنان في الذكرى الخامسة لوفاة أستاذي العالمة الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط الترغي رحمة اهلل عليه بقلم :د .لطيفة الوزاني الطيبي
إنه من الصعب حقا دون مبالغة أو مجاملة أو رياء الكتابة عن قامة سامقة من القامات العلمية الرصينة التي تفانت في عملها بكل إخالص خدمة لهذا الوطن األمين؛ فتركت وراءها ما تركت من تاريخ لن ينسى، وذخيرة علمية لن تفنى ،وأجر كبير لن يبلى .وقد ُطرِّز فضاء الجامعات المغربية بأسماء وازنة في عالم البحث والتأليف والتحقيق والتدريس والتأطير والتنظير والتقعيد إلخ ...مما تناقلته العقول واألقالم ،وتاقت للنهل منه النفوس العطشى من داخل المملكة الشريفة وخارجها كذلك. وإن من تلك األعالم الدالة على العلم ومراتبه ،الفانية عمرها في التربية والتعليم والتكوين والتوجيه أستاذنا -المشمول برحمة اهلل -الفقيد العالمة ،وقدوتنا في البحث والتحقيق المحقق الفهامة ،األديب األريب، المربي اللبيب ،صاحب التحقيقات الكثيرة ،والمؤلفات العديدة ،أستاذنا الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط الترغي جدد اهلل عليه الرحمات ،ونفعه من علمه بشذي النفحات ،بجاه من َّ يُصلى عليه من فوق سبع سماوات ،بأزكى التسليم وأقدس الصلوات. رحل عنا جسدا وبقيت سيرته تتضوع مسكا ،وذكراه تفوح عطرا بأخالقه قبل علمه ،وبعلمه قبل شهرته ،وبعطائه قبل أجره .ولكنه مع كل هذا لم ينل حقه المستحق في التعريف به كع َلم بارز من أعمدة األدب المغربي المعاصر بعدما فرض نفسه بكل أريحية في سماء هذا األدب وما يتفرع عنه بما يضاهي به كبار أسمائه المعروفة الرنانة .وقد سبق له رحمه اهلل أن عرَّف -في إطار اشتغاله بالتراجم -بمجموعة كبيرة من العلماء األجالء واألدباء األفاضل كان يمكن أن يطالهم النسيان لوال تنقيبه عنهم ضمن نصوص غميسة في عدد كبير من المخطوطات ،دون أن َّ تُؤلف بالمقابل، حول فضيلته ترجمة وافية شافية تفي بغرض التعريف به تعريفا شامال يليق بمكانته العلمية الرفيعة ومنزلته األكاديمية السامية .وبما أن المجال هنا ال يتسع لذكر الكثير ،سوف أكتفي بإيراد شذرات عن شخصيته المحترمة - اعترافا وامتنانا كطالبة من طالبه سابقا – حول نقطتين إثنتين هما:
lمكانته العلمية: كان آية اهلل بين أقرانه يعز نظيره ،غزير المعرفة بمجاالتها المتشعبة، حاد الذكاء ،قوي الذاكرة ،سريع البديهة .تخاله مكتبة متحركة ضمت بين رفوفها كتاب اهلل (حفظا وتفسيرا) والفقه والبالغة والنحو والعروض وعلم التراجم واألدب (المغربي واألندلسي) والشعر والنقد والتاريخ والرياضيات ...فكلما حضرتَ له درسا أو محاضرة أو مناقشة إال وجدتَه يبهر الجميع بتمكنه من علومه دون تكلف عناء ،ملما بشكل عجيب بالتواريخ الدقيقة لكل األحداث والحوادث والوفيات والمحطات الزمنية لمقاطع التراجم الفردية أو الجماعية ،وكل ذلك من مخزون ذاكرته؛ ناهيك عن استحضار أبيات شعرية دفينة لم يسمع بها حتى من يُحسبون على التخصصات الشعرية .وقد حضرت له مواقف طريفة في مناقشات ألطاريح الدكتوراه، وكان زمالؤه المخلصون المحبون أعضاء لجان المناقشة ينبهرون به غير ما مرة كما الحضور .وكم مرة بادره المرحوم أستاذنا الدكتور القدير محمد مفتاح رحمه اهلل مازحا بقوله« :من أين لك هذا؟ ليتك سيدى عبد اهلل تطلعنا على «خابيتك» التي كل مرة تأتينا بدرر من قعرها ،أم أنها خاصة بك حتى تتركنا كل مرة نتشوف ونتشوق لمزيدك» فيرد بابتسامته المعهودة التي لم تكن تفارق محياه.
المخلصين لألمانة العلمية المفروضة في التعامل مع المخطوط ،وأن الكثير من المخطوطات القيمة التي حققت تحت إشرافه وتوجيهاته النيرة هي في الحقيقة من أفضاله على طلبته خاصة منهم الدكاترة الذين انتشر عدد معتبر منهم داخل المؤسسات التعليمية بسلكيها الثانوي التأهيلي والجامعي ،وهذا ما يحسب في صحيفة أعماله المباركة. إنه بحق ودون مغاالة عالم مشارك جُمع فيه ما تفرق في غيره .وانعكس ذلك على مؤلفاته وتحقيقاته القيمة وما خلف من رجاالت العلم والثقافة من بعده .والختم مسكي يتمثل في تبرعه في حياته بمكتبته الضخمة التي تضم أنفس الكتب والمخطوطات لمؤسسة األستاذ عبد اهلل كنون بطنجة.
أطلق عليه لقب «شيخ المحققين المغاربة» عن جدارة واستحقاق بعد إنجازاته في تحقيق المخطوط المغربي خدمة لتراثنا الغني الذي ال زال أغلبه عرضة للتلف في المكتبات العامة والخاصة .فقد كان حجة في التحقيق ومرجعا هاما في كل ما يتعلق بعلم المخطوط .وكان عضوا بارزا في جائزة الحسن الثاني للمخطوطات .فال يعقل أن ينكر معروفه في هذا الجانب حتى الجاحد من الناس علما أنه اشتغل بالتحقيق على طريقة األوفياء
lأستاذيته: يعتبر الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط الترغي -رحمة اهلل عليه -أستاذا نموذجيا واستثنائيا من الصعب أن يجود الزمان بمثله .فقد اقترنت مكانته العلمية العالية بمجموعة من القيم األخالقية الرفيعة أهمها التواضع الذي هو شيمته .يشهد به الخاص والعام من األساتذة والباحثين وعموم الطلبة .وكان رحمه اهلل على كثرة مسؤولياته وانشغاالته منضبط الحضور، ملتزما بجميع حصصه الدراسية لطلبته .وغالبا ما يحضر الحصة قبل عدد منهم .تمتاز حصصه باجتماع اإلمتاع والفائدة ،والحث على الجد والعمل وطلب العلم دون أن يستثقل الطلبة منه ذلك .يحببهم في المواد دون عناء منه ،يساعده في ذلك محبة الطلبة له وتقديرهم الكبير للين جانبه وطيبوبة نفسه ونقاء صدره .كان إنسانا قبل أن يكون أستاذا أو عالما. تتمتع شخصيته كأستاذ في القسم أو محاضر في المدرج بجميع شروط إنجاح الحصص لعل أهمها :التمكن المعرفي والتواصل المشترك وتشويق الطلبة في إبداع رزين دون تمييز بين أحد .قدم علمه لطلبته في سخاء منقطع النظير بكل تفان وإخالص .وساعدهم ماديا ومعنويا على الوصول ألهدافهم التي كانت في األصل من تخطيطه :فقد كان منهجه -رحمة اهلل عليه -في إشرافه على البحوث كانت تأليفا أو تحقيقا أن يوجه طلبته للبحث في موضوع له ارتباط بالمنطقة التي ينحدر منها كل واحد منهم ،أو األسرة التي ينتمون إليها ،إيمانا منه أنه لو اعتُمِدت هذه المنهجية في كل الجامعات المغربية ،ستُغطى كل ربوع المملكة الشريفة بالدراسة والبحث والتحقيق دون تغليب جهة على أخرى .لذلك ،كان يقدم جميع المساعدات لطلبته بعد توجيههم في اختيار البحوث لبلوغ الهدف المنشود تصل إلى فتح مكتبته الخاصة في وجوههم ،أو تزويدهم بمصورات من مخطوطاتها القيمة يحضرها لهم بنفسه إلى الكلية .وهو بهذا يصدق فيه قول سيدنا َ علي كرم اهلل وجهه لما قال« :العلم يُكسب العالمَ ً وجميل طاعة في حياته، الثناء بعد وفاته ،وهل بعد هذا من خلف». وتبقى هذه األسطر مجرد شذرات متناثرة من سيرة عالم كبير جادت به مدينة تطوان على باقي الوطن .قدم خدمات جليلة لكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان مما عاد مجدا وإشعاعا عليها وعلى «الحمامة البيضاء» أو «بنت غرناطة» ،كما أثرى الخزانة المغربية بتحقيق أنفس المخطوطات في األدب نثره وشعره وفي التراجم الفردية والجماعية والمنقبية وفي التصوف وغيرها ،وكذلك بمؤلفاته العديدة والمتنوعة والتي ال تزال ترى النور بعد رحيله .وهو بإرثه الغني الذي خلفه لنا سيظل حيا بيننا على قول الشاعر: ففز بعلم تعش حيا به أبدا 3 3الناس موتى وأهل العلم أحياء
قيمة المحقق عند المرحوم الترغي (أعالم مالقة) أول ما يجب اإلشارة إليه هو أن النصوص التي اشتغل على تحقيقها المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي اختصت بالتميز والفرادة ؛ فأعالم مالقة مثال «كتاب نفيس طالما تشوق إليه الباحثون في التراث العربي» ,1وإن كان موضوعه هو تراجم أعالم الحاضرة األندلسية «مالقة»أو الطارئين عليها؛ فإن تحقيقه يسد ثغرة كبيرة في تاريخ وأدب األندلس ،فيختص بالتعريف برجال هذا القطر وما أنتجوه من علم وأدب .فهو يسهم عموما في تجلية الصورة الثقافية العامة والخاصة باألندلس. وجاء تحقيق هذا الكتاب ليبرز بجالء تفوق أعالم المدرسة المغربية على نظيرتها المشرقية في تحقيق النصوص األندلسية نظرا لدقتها في ضبط النصوص وهوامش الكتب وحرصها الشديد على تتبع األعالم ووضع الفهارس .فالمحقق المرحوم الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي أظهر قدرة فائقة بعلم التراجم الستطاعته التعريف بعدة أعالم مغمورين ،أبان عن سعة اطالعه على كتب التراجم قبل ابن عسكر« :وأبرز طاقة كبيرة في تحقيق النصوص ،فرغم اعتماده على نسخة وحيدة فإنه استطاع تحقيقها تحقيقا جيدا فضبط األشعار والنصوص النثرية الموجودة فيها وترجم لألعالم التي ألبست على الكثير ممن حاول تحقيق هذا المخطوط قبله بهوامش مختصرة ودقيقة ومعبرة».2 وجملة القول أن الكتاب المحقق يضم بين
عبد الحفيظ األشهب محمد أملح -أحمد هاشم الريسوني -عبد اللطيف شهبون دفتيه تراجم لسبعة وأربعين ومئة علم من رجال مالقة ،بل ويتعداهم إلى ذكر أخبار رجال البالد المغربية وال سيما سبتة مرتبين على حروف المعجم على الطريقة المغربية .والمترجمون هم حفاظ وأدباء وقراء وأمراء وطوائف وثوار متمردون على السلطان؛ كما أن من ألفوا في رجاالت األندلس قد نقلوا عنه مثل ابن الخطيب الذي اعتمد عليه في تأليفه لإلحاطة». عموما ،جاء نص «أعالم مالقة» بتحقيق الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي رحمه اهلل في
أقرب صورة ارتضاها مؤلفاه .وكان إخراجه بهذه الصورة إضافة بالغة األهمية إلى المكتبة األدبية والتاريخية األندلسية والعربية على السواء .وعلى هذه الشاكلة من السعي نحو الضبط واإلتقان وتجويد العمل ،جاءت أيضا باقي النصوص األخرى التي أخرجها الدكتور سيدي عبد اهلل المرابط الترغي سائغة للقراء المهتمين .وال يسع الناظر فيها جميعها إال أن ينوه بها ،ويشيد بالجهود الكبيرة التي بذلها في ضبط نصوصها والتعليق عليها.
عبد الحفيظ األشهب --------
أعالم مالقة – تقديم – ص . 7 الدكتور محمد مفتاح – الدورة التكوينية حول التحقيقوتقنياته بكلية االداب بتطوان ،النهار المغربية ،عدد 30 ، 621 – . 2006 – 5 -أعالم مالقة ،التقديم – ص . 45
12
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
Journal Achamal 2000
www. Achamal.ma
المرحوم سيدي عبد اهلل المرابط الترغي :شيخ مبرز.. عبد اللطيف شهبون في مارس 2016أصدرت كتيبا بعنوان « ذكريات صداقة « ضمن منشورات بنية البحث « ملتقى الدراسات المغربية واألندلسية « بآداب تطوان ،سلسلة :مقامات كتابية ع 6/بعد معاناة ومعاسرة مع عميد الكلية وقتئذ.. امتدت ألمور أخرى لم أكن أتوقعها..وال يسمح المقام بذكرها ؛ لكونها مؤلمة ..وفي ذلك الكتيب جمعت بعضا من ذكرياتي مع المرحوم سيدي عبد اهلل المرابط الترغي في مراحل الدراسة والتدريس والمسير العلمي ..ومحطات حياتية دالة جمعتنا ،وعلى رأسها حجنا المشترك ..صدرت الكتيب بكلمة جاء فيها : « نزل صديقي العزيز من قطار دار التواء..وآب جسده الطاهر الى تراب..لكن روحه انثالت الى دار استواء ..كان رحيله موجعا..لكن تراثه العلمي واألخالقي ما زال جسرا لأللفة والمحبة».. تألف الكتيب المذكور من ثالثة عشر عنوانا جمعت فيها ذكريات لن تمحي مع سيدي عبد اهلل رحمه اهلل : • أستاذية شامخة.. • روح معناك معنا.. • مرفوع السمت.. • حقيقة واحدة.. • تاريخ أعاد نفسه.. • رؤية اهلل في األشياء.. • هيأه اهلل.. • أمهلني حتى أستوعب فقدك.. • هكذا همة الرجال تكون.. • امتاع بما يحصل به انتفاع.. • وكانت لنا.. • بين الترغي وتودروف وأنقار.. • رثاء رجل صالح.. واكبت جل األعمال العلمية للمرحوم سيدي عبد اهلل المرابط الترغي ؛ ما طبع منها وما لم يطبع وهي من الغزارة والدقة وشمول االطالع وعمق النظر؛ مما يشهد به علماء فضالء وطلبة أوفياء وخالن أصفياء.. أتوقف في هذا المقام التكريمي لروح عزيزنا سيدي عبد اهلل ـ الراحل عن دنيانا منذ خمسة أعوام ـ على أطروحته غير المسبوقة في مجالها ؛ وهي : « حركة األدب في المغرب على عهد المولى اسماعيل 1082 :ـ « 1139 وهي في الحقيقة أطاريح : • حركة األدب :المظاهر والمكونات والمراكز.. • الحركة النقدية..
• الدرس البالغي.. • الشروح األدبية.. • أدب الرحلة.. طبع المرحوم سيدي عبد اهلل منها « الشروح األدبية « مرتين الشتداد الطلب عليها داخل المغرب وخارجه . وبعد انتقاله الى عفو اهلل تعالى حرصت األستاذة الفاضلة الشريفة لال خديجة الريسوني أرملة المرحوم على طبع كتابه « أدب الرحلة « ويستعد سيدي األمين المرابط الترغي ـ شقيق عزيزنا المرحوم ـ على طبع األجزاء الثالثة المتبقية بتعاون مع دار سليكي أخوين للطباعة والنشر بطنجة. كان لي شرف تنسيق مواد كتاب « أدب الرحلة « الذي أقامه المرحوم على معمار جمع فيه خالصة أثر مقروئه الرحلي منذ العصر المريني حتى العصر العلوي متوقفا عند دواعي التأليف واتجاهات الكتابة بنظر ثاقب مقارن..وأكمله على أساسين : • األول خاص بالرحلة الحجازية • الثاني مفرد لبقية أصناف الرحلة مع تحليله لنماذج
أنت أنت سيدي عبد اهلل • أن تطفو على أس��اري��ر محياك اعتماالتك الفطرية نابعة من صفاء عمق سريرتك.. فأنت سيدي عبداهلل المرابط الترغي .. • أن تحفظ ال��ود مقايضا خالنك بما ترجح به كفة ودك.. فأنت متمثل ال��وداد الحق سيدي عبد اهلل.. • أن ت��س��ك��ن ل��ك نفوس مجالسيك ف��ي غير توجس وال ارتياب في مآتيك عند الجد وساعة الترويح فأنت أنت سيدي عبد اهلل.. • أن ت��ش��م��ر ف��ي مضمار التنقيب عن ساعد الجد تتلبسك جالليب الخشوع غير عابئ بوعورة المسالك ،ال تسكن لك حال ،وال يهدأ لك خاطر ما لم تنل مبتغاك من االمساك بلب ما شمرت من أجل ادراكه سيدي عبد اهلل.. • أن تبذ مسابقيك في حلبة التحقيق الحق.. مستسهال مدارجها.. مستقصرا متوتر مسالكها.. ت��ن��ام م���لء ج��ف��ون��ك عن شواردها.. مطوعا ملتوياتها.. مستغورا دفائنها.. فأنت هو سيدي عبد اهلل.. • أن تنزل بعفة بعفة نزول الى مستشرفي عطائك من األقران أو من طلبة المعرفة فتحضر لهم غائبها.. وتقيد شاردها.. فلن يمكنهم من ذلك اال أنت سيدي عبد اهلل.. • أن تتملك أح���دا جذبة االغ��ت��راف ف��ي ظما أب���دي الى ارتشاف زالل معين العلم الفياض في غير ملل من االرتواء.. فلن يكون اال أنت سيدي عبد اهلل.. • أن تنعم م��ن دن��ي��اك في منتظرك من عالم البرزخ بنعماء
حسن بنزيان
مختارة ..سالكا منهجا تاريخيا.. وأما كتابه « :حركة األدب في المغرب :المظاهر والمكونات والمراكز « فيوجد قيد الطبع ؛ وهو مخصص لبسط معالم الحركة األدبية في عهد المولى اسماعيل ومظاهرها وما تولد عنها من آداب شعرا ونثرا وتآليف أدبية وعلوم لغوية ونقدية.. توقف سيدي عبد اهلل رحمه على األحداث السياسية واالجتماعية والثقافية الفاعلة ..مؤكدا أن العصر االسماعيلي كان غنيا بأحداث سياسية ساهمت في خلق ثراء علمي وثقافي وبنى معمار هذا الكتاب على : • معالم الحياة السياسية واالجتماعية والثقافية • حركة الدرس األدبي :حلقات..مصنفات..طرائق التدريس..مؤثرات وموجهات.. • مراكز الدرس والعلم في بوادي وحواضر المغرب وقتئذ. وأما كتابه « :أصناف الكتابة النقدية والبالغية « ـ وهو قيد الطبع ايضاـ فيتضمن مختلف األنماط الثقافية
التي روج لها األدب وتهيأت لها أسباب التلقي واالنتشار . ورصد سيدي عبد اهلل أهم معالم النشاط النقدي : • مجاالت الكتابة النقدية.. • مصنفات نقدية خالصة.. • مصنفات أدبية /نقدية.. • الكتابة البالغية.. • المساءالت واألجوبة.. • أشكال الممارسة النقدية والبالغية: أ ـ المخاصمات ب ـ التوجيه ج ـ التصحيح د ـ التأليف البالغي • مفاهيم وقضايا رائجة.. • مظاهر الكتابة النقدية والبالغية ومميزاتها.. أ ـ المفاهيم: بناء البالغة ومطابقة مقتضى الحال عند الواللي الداللة اللفظية بين مفهومي التضمين وداللة العام ب ـ القضايا : قضايا في التوجيه األدبي والبالغي عنصر القصد ومقاييس فصاحة الكالم تعيين القصد اللغوي في صنع المجاز والكناية قضايا في الصناعة األدبية والبالغية : 1ـ اليوسي وقضايا المشاكلة واالقتباس والتوجيه 2ـ عبد اهلل جسوس وقضية االقتباس 3ـ محمد بن حمدون بناني وقضايا التقفية والموازنات الصوتية والتفريع الشعري.. • االتجاهات النقدية والبالغية أ ـ االتجاه العقلي :تحليل مواهب الفتاح للواللي ب ـ االتجاه الفني :تحليل ابن زاكور لبديعية الحلي كان سيدي عبد اهلل ذا سمت مرفوع رواية ودراية.. كان رحمه اهلل فارس حلبة الدراسات األدبية المغربية القديمة..عالما بأسرار اللغة معجما ونحوا وصرفا..محتكما لبالغة معيارية سواء في مجردات أومشخصات..مشدودا ألقيسة وأنظمة ..ولم يكن متحلال من معايير األخالق .. كان رحمه اهلل مؤمنا بأن المعيار مقياس وجودي للحكم على كل األشياء..وما دون ذلك فباطل وقبض ريح.. كان سيدي عبد اهلل رحمه اهلل عمدة شعبة اللغة العربية وآدابها علما وأخالقا منذ استحداثها في آداب تطوان الى أن وافاه األجل المحتوم.
سيدي عبد اهلل
ما زلنا في ظلك الوارف..
أحمد هاشم الريسوني
اآلن السنون تكاد تمر عجافا ..كأن فوق رؤوسها الطير ..مذ سرتَ في طريقك صوب األبدية حيث ينشر اهلل األجزاء الواسعة من رحمته ونحن هنا في ديمومة االنتظار ننظر في بقايا ظلك الوارف ..ذلك الظل الذي ما نزال نستظل به على مشارف كلية آداب مرتيل ..نستظل به في صقيع المدرجات ..في مرافئ بنية البحث في الدكتوراه النص األدبي العربي والذي ما يزال يزرع الغلة ويقطف الثمرة بمحبة موصولة دون كلل ..ونستظل به على ضفاف ماستر األدب العربي في المغرب العلوي والذي يعد أيقونة من أيقونات أثرك ..كما نستظل به من صهد التحوالت القيصرية تحت شجرة المعرفة القلبية التي أينعت في حديقة ملتقى الدراسات المغربية األندلسية ..كيف نراك اآلن بعد هذه السنون البرقية ..أم كيف ترانا أنت أيها األستاذ ..األستاذ صفة جميلة وجليلة ال يحملها إال القلة القليلة في التاريخ ..نستظل بحبك الالمتناهي ونترحم على روحك الطاهرة الطيبة كل لحظة في مسيرنا ،سيدي عبد اهلل...
هيبة عالم ..وينبوع معرفة ...
عبد الجواد الخنيفي
الحمد الخالص هلل تعالى ،وأنت تتأمل حيا أثر عطائك العلمي في مسترفديه طلبة وأندادا.. م��ش��ه��ودا ل���ك أب���دا باستمرارك حاضرا على مسطبة العطاء.. مشعا على أرجائها بساطع أن��واره ،بشهادة سيد العارفين سيدنا محمد صلى اهلل عليه وسلم: «اذا م��ات اب��ن آدم انقطع عمله اال من ثالث».. وأشرفها وأضمنها الستمرار صاحبها .. « :أو علم ينتفع به «
• طوبى لك بالتنعم بأفضال ربنا عليك في الحياة.. وفي المعبر البرزخي.. وعند لقاء رب��ك سيدي عبد اهلل.. • تغمدك اهلل بوافي رحمته.. وأسكنك فسيح جنتك..وأحلك م��ق��ام ص���دق ع��ن��ده ،محفوفا ب��زم��رة األصفياء واألت��ق��ي��اء من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين ،وحسن أولئك رفيقا.. يا عزيزنا الغائب /الحاضر في أفئدتنا سيدي عبد اهلل المرابط الترغي..
حينما أستحضر أستاذي الع ّ المة الجليل ،الدكتور عبد اهلل المرابط الترغي وهو في محراب العلم بكلية اآلداب بتطوان يلقي علينا محاضراته المستفيضة والغنيّة ..استحضر نبعاً معرفياً مُتد ّفقاً ،جمع بين هيبة العالم والقلب العامر .. وبين غزارة الرّؤى واألفكار وقوّة اإلقناع ..تلك القوّة التي تمضي إلى مداها تصاعداً وتعبيراً وتحليال وتفاعال ،متلمّسة األفق المُختلف والمتجدّد.. رحمه اهلل برحمته الواسعة، وجزاه اهلل خير الجزاء على عطاءاته الكبيرة والغزيرة التي ال تُحصى والتي لن تفنى ..
من اليمين : هدى المجاطي .المرحوم عبد اهلل المرابط الترغي .عبد اللطيف شهبون. الشاعر عبد الكريم الطبال .الفنانة التشكيلية نزيهة البشير العلمي. عبد الجواد الخنيفي
13
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
مأساة حقوق اإلنسان في الدول «العظمى»
Journal Achamal 2000
مراسَلة من بروكسيل
عبد اهلل أحمد الخراز
سقط القناع ،وانكشفت الحقيقة المرة أمام أعين العالم، وتحطم تمثال الحرية وانكفأ على نفسه خجوال صاغرا مذموما، بعدما تم العبث بحق الحياة في مشهد وحشي كارثي بئيس ،اطلع عليه وتابع أطواره ماليين المشاهدين في مختلف أنحاء المعمور. نعلم يقينا أن الحدث المتمثل في اختناق مواطن أمريكي من أصول افريقية تحت ركبة شرطي أمريكي أبيض ،في لحظة إصرار ونية إيذاء واعتداء ،استمرت حوالي ثمان دقائق ،ال يمثل إال تلك الشجرة التي تخفي الغابة ،فكم من روح أزهقت من غير حق بدعوى بسط األمن وفرض النظام ،وكم من حقوق صودرت تحت غطاء الحماية واالضطرار ،وكم من تجاوزات مطبوعة بالعنف والوحشية المفرطة ،ارتكبت ضد مواطنين عزل مارسوا حقهم في التظاهر والمشاركة في المسيرات السلمية التي عرفتها مختلف المناطق والمدن األمريكية ،كما عرفتها عدد من المدن في أوربا والعالم المتمدّن الذي يعتمد الديمقراطية منهجا ،وحقوق اإلنسان التزاما وتعهدا. ألم تكن الواليات المتحدة األمريكية وغيرها من الدول «العظمى» وراء إصدار اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،واشترك ممثلوها في لجنة الصياغة لبنوده ومواده ،بعد مروره بعدة مراحل على مدى سنتين من تصوره ،ألم تترأس السيدة اِليانور روزفلت أرملة الرئيس األمريكي فرانكلين د.روزفلت لجنة الصياغة بمشاركة نائبها في اللجنة السيد رونيه كاسين عن فرنسا الذي وضع مشروع الوثيقة..؟ كما ضمت اللجنة ممثلين لعدد من الدول هي المملكة المتحدة واالتحاد السوفياتي والصين واستراليا والشيلي ،إضافة إلى مندوب دولة لبنان كمقرر للجنة.. ذلك المشروع الذي وضع أمام أنظار لجنة حقوق اإلنسان بجنيف وسمي آنذاك بمشروع جنيف،واعتمدته الجمعية العامة لألمم المتحدة في 10ديسمبر 1948كإعالن عالمي لحقوق اإلنسان. وقد وُصِف اإلعالن حينها بأنه حدث هام ،يتضمن التوصل إلى توافق في اآلراء بشأن ما يتسم به الشخص اإلنساني من أهمية قصوى ،وهذه األهمية ال ترجع إلى قرار صادر عن دولة أو جهة معينة ،بل إنها نابعة من إرادة جماعية انسانية عامة، تنصب على بني اإلنسان ،وترجع إلى حقيقة وجود الشخص ذاته، مما يفضي إلى ذلك الحق الغير القابل للتصرف ،الذي يتمثل في الحياة بمبعد عن العوز واالضطهاد ،مع تنمية الشخصية اإلنسانية على أكمل وجه. إن اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان يشكل أساس القانون الدولي لحقوق اإلنسان ،وقد كان مصدر إلهام لمجموعة من معاهدات حقوق اإلنسان الدولية ذات اإللزام القانوني ،وكذلك لتطوير حقوق اإلنسان على صعيد العالم بأسره ،وهو لم يزل قبساً تهتدي به الهيآت التشريعية والقانونية عند وضعها للقوانين المحلية والوطنية ،وحين تصدّيها للمظالم في المجتمعات التي تعاني من القمع ،أو عند بذل الجهود الرامية إلى تحقيق تمتع مواطنيها بالحقوق األساسية والحريات الرئيسية التي تعد متأصلة لدى كافة البشر ،وتنطبق على الجميع في إطار من المساواة والكرامة اإلنسانية ،مهما كان هناك اختالف فيما يتعلق بالجنسية أو النوع أو الجنس أو اللون أو الدين أو اللغة أو أي اختالف آخر. لقد رأينا بأم أعيننا حقوق اإلنسان وهي تداس وتنتهك على يد من يدّعون الديمقراطية والعدالة والمساواة ،بل وينصّبون أنفسهم شرطة للعالم وقضاة نزهاء للدفاع عن المهمشين والمعذبين في األرض ،والذين يطالهم القهر والظلم واإلبعاد، لكن مكيالهم دائما مطفف ،وحكمهم غالبا ما يكون جائرا محابيا مجانبا للصواب ،تبعا ألهوائهم ومصالحهم المادية والسلطوية، وحتى إذا رأيتهم في يوم ما قد امتطوا الجادة وسلكوا سواء السبيل ،فاعلم أن ذلك من تمام الخداع وذر الرماد في العيون. لقد رأينا ذلك في فلسطين ومسألة مساندة العدوان والوقوف حجر عثرة في وجه الحق الفلسطيني ،كحق العودة ،والحق في حياة الحرية ،والحق في االنعتاق واالستقالل ،كما لمسناه في مساندة ضمّ األراضي إلى الكيان الصهيوني واالعتراف له بالقدس عاصمة لكيانه ،وتتبعنا عبر مجلس األمن الموقف المخزي والمتخاذل لهذه الدولة «العظيمة»وهي تلوّح بانتهازية مفضوحة باستعمال حق النقض أوالفيتو المشؤوم في عدد من القضايا المصيرية للدول ،بعد حصولها على شبه اجماع داخل مؤتمرات الجمعية العامة لألمم المتحدة .وذلك ما يتناقض كليا مع ما يقرره الفصل الثالث من المادة 21من اإلعالن العالمي ُ مناط لحقوق اإلنسان الذي ينص على أن «إرادة الشعب هي سلطة الحكم». نفس المواقف المتجاهلة لحقوق االنسان تقفها هذه الدولة أيضا في مواجهة مواطنيها من الدرجة الثانية أو الملوّنين ذوي البشرة السمراء ،أو من هم من أصول افريقية ،فتعاملهم معاملة عنصرية مقيتة ،رغم ادعاءاتها المتكررة بأنها ضد سياسة األبرتايد التي كانت سائدة في جنوب افريقيا وفي بعض بؤر الميز العنصري في العالم .ورغم خلوّ الدستور األمريكي من هذا التصنيف فهذا األخير موجود على أرض الواقع ،وال يزال يتغلغل في نفسية األمريكي األبيض وفي شعور دهاقنته وجبابرته من أصحاب السلطة والمال ،يتأكد ذلك سنة بعد أخرى في أكثر من مناسبة وأكثر من موقف .لقد عرفت الساحة األمريكية واألوربية العديد من حوادث االعتداء بالضرب المبرّح واالعتقال التعسفي واإلهانة والنيل من الكرامة اإلنسانية واقتحام المساكن وغيرها،
وذلك دون سند قانوني وال مسوغ حقوقي ،وكثيرا من األحيان يفقد فيها هؤالء حياتهم وحياة ذويهم دون أن يشكل ذلك أدنى حرج للمعتدين وال أي متابعة قانونية تطالهم أو محاسبة يخضعون لها .وتعتبر حالة جون فلويد مثاال صارخا لهذه الممارسات الوحشية والتصرفات الهمجية ،علما أن عددا من مواد اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان نصت على ضرورة احترام هذه الحقوق والحرص على صيانتها .نذكر منها على سبيل المثال: المادة .1يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق .وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح اإلخاء. لكل إنسان ّ المادة ِّ .2 حقُ التمتُّع بجميع الحقوق والح ِّريات أي نوع ،وال سيما المذكورة في هذا اإلعالن ،دونما تمييز من ِّ الدِين، التمييز بسبب العنصر ،أو اللون ،أو الجنس ،أو اللغة ،أو ّ أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي ،أو األصل الوطني أو االجتماعي ،أو أي وضع آخر..... الثروة ،أو المولد ،أو ِّ ّ المادة ِّ .3 الحقُ في الحياة والح ِّرية وفي األمان لكل فرد على شخصه. المادة .5ال يجوز إخضاعُ أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو َّ الحاطة بالكرامة. المادة .7الناسُ جميعًا سوا ٌء أمام القانون ،وهم يتساوون في ِّ حق التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز ،كما يتساوون في ّ ِّ َ أي ومن اإلعالن هذا ينتهك تمييز أي من بالحماية ع ُ التمت حق ِّ ِّ تحريض على مثل هذا التمييز. ّ تعسُفي في المادة .12ال يجوز تعريضُ أحد لتدخُل ّ حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو بمراسالته ،وال ولكل شخص ّ تمسُ شرفه وسمعتهِّ . حقٌ في أن يحميه لحمالت ّ ّ ُ التدخُل أو تلك الحمالت. القانون من مثل ذلك لكل شخص ّ المادة ِّ .19 حقُ التمتُّع بح ِّرية الرأي والتعبير، ّ الحقُ ح ِّريته في اعتناق اآلراء دون مضايقة ،وفي ويشمل هذا التماس األنباء واألفكار وتلقِّيها ونقلها إلى اآلخرين ،بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود. لكل شخص ّ المادة ِّ )1( .20 حقٌ في ح ِّرية االشتراك في االجتماعات والجمعيات السلمية..... لقد أمست حقوق اإلنسان في أحضان بعض الدول العظمى ـ مع األسف ـ متجاوزة ،وتعيش مأساة حقيقية بفعل التسلط والتجبر ،والتنكر ألبسط قواعدها ،وبات أمر انتهاكها والقفز عليها عادة تقترفها سواء مع مواطنيها من الدرجة الثانية ـ في نظرها ـ أومع الدول الفقيرة ،وأصبحت هذه الدول ـ كما قيل ـ تشرّع القوانين ثم تدوس عليها ،متبعة سياسة الميز العنصري التي تأباها الشعوب المتحضرة واألديان السماوية وفي مقدمتها اإلسالم. لقد حارب الدين اإلسالمي التمييز بين بني البشر ،وحارب العبودية واتخذ لها من األسباب والحلول ما أدى بها إلى االنقراض واالندثار .ويحفل القرآن الكريم والسنة النبوية بعدد من النصوص التي تحث على العدل في الحقوق ،والمساواة في األحكام ،والحرية في المعتقد والتصرف .ففي ذم العنصرية والتكبّر ،قوله تعالى{:يَا أَيُّهَا َّالذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ َقوْمٌ مِّن َقوْم عَسَىٰ أَن ُ يَكونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ ِنسَا ٌء مِّن ٍ َ لاَ ُ عَسَىٰ أَن ُ ُ ْ يَكنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ،وَ تَلمِزُوا أنفسَكمْ نِّسَا ٍء أَْ اب}الحجرات .11وفي مجال تقريرالمساواة وَلاَ تَنَابَزُوا ِبال ْل َق ِ بين البشر قوله تعالى{:ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَ َل ْق ُ نَاكمْ مِنْ َذ َك ٍر َ وَأُ َ نَاكمْ شُعُوبًا وَ َق َ بَائِل لِتَعَارَ ُفوا إِ َّن أ ْك ُ نْثى وَجَعَ ْل ُ رَمَكمْ َ للهَّ عِنْدَ ا ِ أتْ َق ُ اكمْ} الحجرات .13وقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم من حديث جابر بن عبداهلل( :يا أيُّها الناسُ َّ إن ربَّكمْ َ فضل لِعر ِبيٍّ على عجَمِيٍّ ،وال واحِدٌ ،وإن أباكم واحد ،أال ال لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ،وال ألحمرَ على أسْودَ ،وال ألسودَ على ُ أحمرَ إلاَّ بالتَّقوَىَّ ، أتْقاكمْ) .أخرجه أبو هلل إن أكرَمكمْ عند ا ِ نعيم في «حلية األولياء» والبيهقي في «شعب اإليمان» وصححه األلباني. وفي تحريم القتل من غير حق ،قوله تعالى...{:مَن َق َ تَل نَ ْفسًا بغَيْ ِر نَ ْفس أَوْ َفسَادٍ فِي أَْ رْض َف َكَأنَّمَا َق َ تَل النَّاسَ ال ِ ِ ٍ جَمِيعًا ،وَمَنْ أَحْيَاهَا َف َكَأنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}المائدة (. )34وقوله تعالى {:وال تقتلوا النفس التي حرم اهلل إال بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون}األنعام (.)152 هذا وإن خالصَ البشرية ونجاتَها ،وضمانَها للعيش الكريم، وظفرَها بالسعادة والسالم واألمن واألمان ،ال يمكن أن يتحقق إال بسيادة المثل العليا واألخالق الفاضلة ،واحترام حقوق اإلنسان كما قررتها الشرائع السماوية ،وأقرتها المعاهدات واألوفاق الدولية .وكل خروج على هذا الخط وتمرد على هذا النهج ،إال ويجعل اإلنسانية تسقط في براثن الحروب وأزماتها ،وتنغمس من جديد في ظلمات الجهل والظلم والعداء .ومن شأن الدول «العظمى» التي تعبث بحقوق اإلنسان وتتنكر لها ،أن تضيّع على نفسها ما اكتسبته لعدة عقود من احترام دولي ،ومن مركز الئق بين األمم ،ومكانة رفيعة بين الشعوب.
عزيز العمارتي
Café du Dernier Voyage
وضع فرانسوا Françoisفنجان اإلكسبريسو على طاولتي بصمت حذر صحبتها جملة قصيرة تلخصت في “صباح الخير صديقي “ وهو الذي كان من المستخدمين الثرثارين في مقهى الرحلة األخير ة �café Le Dernier Voy ، ageسألته عن سبب تجهمه ،مازحته هل لهذا الحزن ارتباط بالكورونا ألتساءل بدوري ،ماذا تغير فينا بعد أن بدأ هذا الوباء القاتل الالمرئي يلفظ أنفاسه األخيرة ؟ بعدما خنق أنفاسنا بعثر الهواء في مددنا النائية ،جعلنا نختنق في صم ،نحترف اللهاث وراء عبثية وجودنا ،صيرنا مجرد راكضين وراء حياواتنا الواهنة ،أصبحنا نحترف علوما لم ندرسها في أي مرحلة من مراحل التحصيل ،أخصائيين مبتدئين نعد الموتى هنا وهناك على رقعة هذه البسيطة التي تحتوي أحالمنا والعديد من أوهامنا ،محللين بارعين النتشار البؤس بكل تجلياته حولنا ،معالجين نفسانيين لحاالت استعصت على اإلخصائيين أنفسهم ،منجمين لما سيحدث غدا أو بعد غد بعدما سنكتشف أننا كنا فئران تجارب في مختبر ضخم ،كراكيز صغيرة تحركها أيادي قذرة ،ضحايا ساذجين لمكائد تدبر في الخفاء من قبل هذه الكتلة أو تلك ،وأن اللقاح المنتظر كنبي طال بزوغ أقماره هو مجرد راصد أوتوماتيكي مجهري لتحركاتنا ،رغباتنا الطفولية وطريقة تفكيرنا ،أن نصبح افتراضيين انزوائيين أكثر مما نحن عليه ، أن ننسلخ عن عاداتنا البدائية ونصبح استهالكيين لما سيفرض علينا اقتناؤه ، مهيئين للعيش خارج المجرة حين سيلفض كوكبنا األرضي األزرق ٱخر ذبذباته في الكون العريض ،بعد أن أصابتنا فوبيا الخالص المقدس وكأننا فارون من لحظة القيامة . ماذا سيتغير في سلوكاتنا اليومية ؟ وما هي أولوياتنا القادمة ؟ حتما سنصبح أكثر أنانية من السابق ,ال نفكر إال في شخصنا وليندثر العالم من حولنا ،متناسين في سقوطنا في الهاوية أننا سبب كل هذه المآسي ،وأننا من حفر بجشعه هذه الحفرة العميقة وأغلق النعش ..عاد إلي فرنسوا François من جديد واالبتسامة تغمر محياه صاح في وجهي :أنت من تأثر أكثر بالكورونا يا صديقي وسبب تأثرك أنت لحد الساعة لم ترتشف ولو رشفة من فنجانك لقد سرحت بخيالك في السماوات البعيدة تبدو متعبا وكأنك تحمل جباال على ظهرك ،عد إلينا المس بأصابعك النحيفة هذه الحياة بكل ما تحمل من تناقضات ،ال تفلسف األمور ال تزدها تعقيدا أكثر مما نحن عليه ،لن يزيد ولن ينقص من عمرنا شيء ولن يغير من عبثية هذا العالم السخيف شيء ،ستتعدد األسباب يا صديقي لكن الموت واحدة ،هي من سينتصر في النهاية ..
14
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
الشمال التربوي
حول جدل التعليم الخصوصي بمواقع التواصل االجتماعي
حوار مع الأ�ستاذ
جواد احل�ضري
م�ؤ�س�س م�ؤ�س�سة خ�صو�صية للتعليم أجرى الحوار :عبداإلله المويسي األستاذ جواد ..نود أن نعرف من خاللك ،وفي عجالة ،السياقات التي تحكمت في تبني سياسة التعليم الخصوصي عندنا بالمغرب؟
السياسة التعليمية جزء ال يتجزأ من السياسات العمومية التي وضعها المغرب منذ االستقالل ،وهي سياسات تعكس خيارات مجتمعية معينة اتُّخِذت إمّا اختياراً وإمّا اضطرارا .وال تعدو المدرسة الخصوصية أن تكون نتاج ذلك ! فقد حدد الميثاق الوطني للتربية والتعليم الصادر في 1999هدفا يتمثل في تمدرس 20%من تالميذ األقسام االبتدائية والثانوية بالتعليم الخصوصي عند نهاية سنة !2010هذا في الوقت الذي لم تكن تشكل هذه النسبة غداة صدور الميثاق سوى ،4%ممّا يعكس رسوخ هذا االختيار ،وهو اختيار تمّ تكريسه في البرنامج االستعجالي الذي صدر في ،2009والمخطط االستراتيجي .2030 - 2015 وتحكمت في هذا االختيار عدة عواملّ ، لعل من أهمها تاريخيا اضطرار المغرب إلى تطبيق سياسة التقويم الهيكلية للمؤسسات الدولية الدائنة ،التي من ضمن بنودها التخفيف من عجز الموازنة العامة وميزان األداءات ،وهي أهداف لن تتحقق إ ّال بتخلي الدولة عن جزء من اإلنفاق العمومي الذي يستهلك التعليم العمومي جزءا ال يستهان منه
هل يمكن للمدرسة الخصوصية ،في تقديركم، أن تكون بديال عن المدرسة الوطنية العمومية؟
قطعا ال يكمن ! ألن الدور الذي أُنيط بالمدرسة الخصوصية هو دورُ الشريك ال دورَ البديل ! وهو دور ما فتئت الوزارة الوصية تؤكد عليه وكذا النصوص القانونية المنظمة لقطاع التعليم ،كقانون ( 06-00الصادر سنة )2000والقانون -اإلطار ( 51-17الصادر سنة )2019وكذا مختلف النصوص التنظيمية ،كما أن اإلحصائيات المتعلقة بالدخول المدرسي 2020 - 2019تحصر عدد تالميذ التعليم الخصوصي االبتدائي واإلعدادي والثانوي في 1.150.000 تلميذ ،مما يشكل نسبة 14٪من مجموع التالميذ المُمَدرسين في هذه األسالك ( أي ما يقرب من 8.208.000تلميذ) ،وهي نسبة تبقى بعيدة عن نسبة 20%التي كان مُخططا بلوغها سنة ،2010أي رغم مرور عشر سنوات على ذلك! أعتقد أن هذه النسبة ( )% 14مرشحة لالنخفاض ألن واقع المدرسة الخصوصية الحالي ال يشكل عامل جذب نظرا للصورة السلبية التي أصبحت رهينة له بفعل تداعيات قانون الطوارئ الصحية و عملية التعليم عن بعد التي قامت بشأنها الدنيا ولمّا تقعد
معلوم أن المدرسة العمومية كانت دائما مجاال خصبا لالستثمار في القيم الوطنية وفي العنصر البشري ،هل يمكن لتعليم خصوصي أن يلعب نفس الدور؟ بالتأكيد وإن كنت ال أخفي استغرابي لهذا السؤال ! وكأن المدرسة الخصوصية نبتة غريبة في محيطها! فال يجب أن ننسى الدور الذي قامت به المدارس الحرة في عهد االستعمار ! فقد ساهمت في خلق ثقافة مواطنة ومقاومة ،وكانت عامل جذب لكثير من األسر التي سجلت أبناءها في هذه المدارس. طبعا السياق غير السياق! ذكرته فقط ألبرز أن التعليم الخصوصي هو جزء من هذا الوطن ويحمل نفسَ قِيمه ،وال يكمن أن يكون إ ّال كذلك! هذا بغض النظر عن المقررات الدراسية التي هي نفسها التي تُدرس بالتعليم العمومي وكل المواد الحاملة للقيم تزخر بمعاني الوطنية الحقة التي تعمل األطر التربوية واإلدارية على تكريسها. ويكفي أن تزور مواقع التواصل االجتماعي ومنصات األنترنت
لمؤسسات التعليم الخصوصي خالل المناسبات الوطنية الدينية والوطنية ليتضح لك مدى االهتمام بهذه المناسبات والمجهودات الكبيرة التي يبذلها فريقها التربوي من أجل ترسيخ القيم الوطنية والدينية لدى التالميذ.
كيف نفسر إقبال المغاربة على التعليم الخصوصي؟ اإلقبال اسم مشتق من فعل أقبل الذي يفيد التوجه اإلرادي نحو شخص أوجهة ! هل يتعلق األمر إذا بتوجه إرادي أم هو في الواقع إدبار عن التعليم العمومي ؟ أي مكرهٌ أخاك ال بطل ! اإلحصائيات المذكورة سابقا تفيد هذا المنحى بانتقال نسبة التمدرس في التعليم الخصوصي من 4%إلى 14%في غضون العشرين سنة األخيرة ال شك أن تطور التعليم الخصوصي ارتبط بتشجيع الدولة كما ذكرت سابقا ،كما أن جاذبيته ارتبطت أساسا بظهور طبقة متوسطة جديدة رأت في التعليم الخصوصي فرصة لتمكين أبنائها من امتطاء المِصعد االجتماعي ،خصوصا من خالل تركيز هذه المدارس على اللغات األجنبية ،أساسا اللغة الفرنسية ،منذ التعليم األولي وتزامن هذا التوجه مع الجاذبية التي فقدتها المدرسة العمومية لعل من أبرزها المغادرة الطوعية والتقاعد النسبي التي أفرغتها من ألمع أطرها دون أن يتزامن ذلك مع تجديد هذه األطر بوتيرة مناسبة في الزمان والمكان ممّا خلق اكتظاظا ال زالت تعاني منه المدرسة العمومية إلى اآلن .يضاف إلى ذلك شعور اآلباء بأمان أكثر لدى وضع أبنائهم في المدرسة الخصوصية العتبارات موضوعية تتعلق بنسبة التأطير وعدد المتدخلين في عملية الحراسة مقارنة بالمدرسة العمومية
خالل أزمة كورونا عاشت المدرسة الخصوصية جدال قويا جراء مطالبة بعض مسؤوليها بالتعويض المالي من صندوق محاربة الوباء ،ونتيجة ذلك قوبل مطلبها باستهجان كبير من قبل المغاربة من جانب ،ومن جانب آخر أحدث نوعا من سوء التواصل بين اآلباء والمؤسسات الخصوصية جراء مطالبتها باالستمرار في أداء الواجبات الشهرية .هل ممكن ان تضعنا في حقيقة ما حصل؟ تعيش المدرسة الخصوصية منذ صدور قانون الطوارئ الصحية وتفعيل عملية التدريس عن بعد أسوأ فتراتها منذ صدور أول قانون يتعلق بالتعليم الخصوصي سنة ( 1959ظهير رقم 1-59-049 الصادر بتاريخ 1يونيو !)1959 وال شك أن تداعيات أزمة كورونا أربكت عددا من الفاعلين بالقطاع التعليمي الخاص والعام ،من ضمنها بعض الجمعيات الممثلة للقطاع الذي كان خروجها غير موفقا ،تحت ضغط اإلكراهات التي واجهها القطاع ،غير أنها سرعان ما اعتذرت عن ذلك! لكن ذلك لم يشفع لها! وزاد الطين بلة تصريح وزير التشغيل بخصوص المدارس الخصوصية التي طلبت االستفادة من صندوق التضامن الذي أنشئ ،
رغمَ أنطلبها قوبل بالرفض ،بل وصدر مرسوم مؤخرا يلزم المدرسة الخصوصية باالستمرارية البيداغوجية إلى نهاية السنة ،وبالتالي عدم أحقيتها في الصندوق باعتبار أن هذه المدارس لم ولن تتوقف عن الخدمة .بعد تصريح الوزير هذا ،ازداد اشتعال النار في القطاع، وال زالت النار لم تخمد إلى اآلن وال أحد يعلم إن كانت ستُخمد أم سيزيد أوارها هذه األزمة تعكس عالقة «غير رضائية» منذ البداية بين أولياء أمور التالميذ وبين المدرسة الخصوصية .فعند كل دخول مدرسي يتجدد النقاش حول المدرسة الخصوصية وشروطها المادية المجحفة وتضج الجرائد ووسائط االتصاالت االجتماعية باالنتقادات والسب والقذف في حقها وفي حق مؤسسيها ،يتبارى في ذلك رجل الشارع والمثقف وأولياء أمور التالميذ « اللي قاريين» ! وأقصد بالعالقة الغير الرضائية تلك العالقة التي ذكرتها في السؤال السابق التي لم تبن على اإلقبال على التعليم الخصوصي ،بل على اإلدبار من التعليم العمومي. هذا هو األساس في نظري! أما الباقي فهو تفاصيل .فلو كانت العالقة رضائية ومبنية على الثقة المتبادلة بين الطرفين ( المدرسة بمؤسسها وكافة أطرها من جهة ،وأولياء األمور من جهة أخرى) لما اتخذت هذه العالقة طابع الصراع الوجودي بين الطرفين ُ الحرية المنفلتة التي تتيحها وسائط التواصل االجتماعي زادته حد ًة وعدد ال يستهان به من بعض أصحاب البذلة السوداء الذين عجّت بتصريحاتهم هذه المواقع دون استحضار أي حسّ تحليلي وقانوني يناسب ظروف الطوارئ الصحية ،اللهم استحضار بعض المسوغات العقلية (وليست القانونية ) ال تغيب حتى عن تلميذ السنة النهائية من الثانوي. لكن ظاهر المشكل مادي ،و يتعلق بأداء كلي أو جزئي أو إعفاء كلي للرسوم المدرسية المتعلقة بثالثة أشهر ( أبريل وماي ويونيو). 3أشهر كانت كافية إلعادة النظر في عالقة تمتد 140شهرا وهي المدة التي يقضيها التلميذ بالمدرسة منذ التحاقه بالتعليم األولي إلى حين حصوله على شهادة الباكالوريا! وكأن تعَ ّلمات ومهارات هذه األشهر الثالثة ستحدد مسار التعلمات المستقبلية ،بل ستهدد نفسه إن لم يتمكن من اكتسابها حضوريا ! مستقبل التلميذ ِ تضررت صورة المدرسة الخصوصية ضررا بالغا رغم المجهودات التي قامت بها األطر التربوية .فقد تضاعف جهدها واستطاعت أن تتكيف بسرعة مع ظروف الحجر الصحي وقامت بالتدريس عن بعد آخذة بعين االعتبار محدودية هذه الطريقة ،لكن ذلك لم يشفع لها لدى شريحة واسعة من أولياء أمور التالميذ الذين اعتبروا أن التعليم عن بعد ال يعدل التعليم الحضوري ،وبالتالي المطالبة بتخفيضات جماعية وغير واقعية بل وإعفاءات كلية ،في حين أن معظم المدارس الخصوصية تبنت مقاربة تضامنية لكن فردية ،حسب تغير الحالة المادية لكل ولي أمر ،وهي المقاربة األنجع في نظري ألنها تكرس مبدأ التضامن الذي يجب أن يتحلى به كل مواطن مغربي وكل مؤسسة مغربية ،كما تروم تحقيق العدل في تقاسم آثار هذه الجائحة. أعتبر شخصيا أن من حسنات هذه الجائحة أنها أظهرت ما كان خامدا بخصوص هذه العالقة الضد الطبيعية بين المدرسة الخصوصية وأولياء أمور التالميذ. وهي فرصة حقيقية لبناء عالقة جديدة مع كل ما يقتضيه البناء الجديد من هندسة جديدة !
15
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
حوار مع الأ�ستاذ
جواد احل�ضري
م�ؤ�س�س م�ؤ�س�سة خ�صو�صية للتعليم
تتحدث بعض األوساط اإلعالمية عن أن «السومات» المالية التي تطالب بها المدارس الخصوصية مرتفعة بالنظر إلى ميزانية األسر المغربية؟
الحديث عن الرسوم المدرسية بالتعليم حديث ال ينتهي ! ألنه يالمس في العمق الفوارق اإلجتماعية بالمغرب ومبدأ تكافئ الفرص ،وال يتسع حيز هذا الحوار إلحاطة الموضوع من كافة جوانبه فقط أريد أن أنبه إلى مقاربتين اثنتين: المقاربة القانونية وهي مقاربة محسومة ألن موضوع الرسوم المدرسية مؤطر بالقانون رقم 104-12المتعلق بحرية األسعار والمنافسة ،وهو القانون الذي يسمح باعتماد السعر المراد تطبيقه بكل حرية شريطة إشهاره وبيان عناصره .وفي هذا الصدد ،ال يوجد أي التباس في األمر ما عدا رسوم التسجيل التي يتعمّد البعض تسميتها برسوم التأمين ،لتكريس الصورة السلبية لدى الناس لتبرير جشعها! في حين أن المدرسة الخصوصية تسمي ذلك رسوما للتسجيل! وهي تغطي أساسا التجهيزات الالزمة وأداء شهري يوليوز وغشت ،وذلك ضمانا لالستقرار المنادي والنفسي لألطر التربوية، على غرار اإلطر العاملة بالتعليم العمومي .وفي هذا اإلطار تتراوح السومة المدرسية الشهرية من 400,00درهم إلى 4.000,00درهم أو أكثر ! وهو فرق يقتضي أن نتكلم عن المدرسة الخصوصية بصيغة الجمع! وهو ما يجرني إلى المقاربة الثانية وهي مقاربة تربوية وسوسيولوجية، وهي أن المدرسة المغربية الخصوصية والعمومية انعكاس أمين للمستوى االقتصادي لمختلف مكوناته االقتصادية واالجتماعية ،وهو اختالف بيّن وصارخ بين مختلف فئاته .فال يجب أن نطلب من المدرسة الخصوصية أن تعكِس صور ًة لغير واقعها! هي مرآة ! والمرآة تظهر ذواتنا ،فإذا تغيرت ذواتنا عكست المرآة هذا التغيير بكل أمانة. ال يجب أن يفهم مما قلت أن هذا التفاوت في الرسوم أمر طبيعي! بالتأكيد أن األمر غيرُ ذلك ،كما أن اعتماد آلية محاسباتية تحليلية و قانونية تحدد طريقة احتساب بنية الرسوم وليس الرسوم بكل شفافية ممكنة! يبقى إعمال ذلك من شأن الفاعل السياسي واإلقتصادي ومدى تقديره لراهنية وآنية التغيير.
ما هي في نظرك اإلجراءات الالزمة لبناء الثقة بين المدرسة الخصوصية والمواطنين؟
الثقة حالة فردية و مجتمعية قبل أن تكون مسألة قطاعية ،لذا يتعسّر خلق مناخ من الثقة بين المدرسة الخصوصية وآباء التالميذ داخل فضاء عام سِمتُه عدم الثقة أو التوجس في الفاعل السياسي والفاعل االقتصادي ومؤسسة القضاء والمنظومة الصحية العمومية والخاصة ،فالمدرسة الخصوصية مكون من مكونات المجتمع المغربي ويعتريها ما يعتريه .غير أن االحتقان الحالي مع اآلباء أضاع ما تب ّقى من سمعة المدرسة الخصوصية دون ذنب جنته لتحصد هذا الدفق الهائل من الكراهية والتشويه والشيطنة ! وال سبيل لبناء الثقة بين المدرسة الخصوصية وآباء التالميذ بعد هذا الذي حصل سوى خلق تعاقد جديد ،تقوم فيه الدولة بدور محوري ،تعاقد تكون بوصلته الوحيدة مصلحة التلميذ التربوية والتعليمية .والدور األساسي المطلوب من الدولة هو تكوين أساتذة أكفاء وبلورة عقد شغل خاص بقطاع التربية والتكوين مُلزم للطرفين .فال سبيل لتعاقد جديد مُنتج و فعال دون كرامة رجل التعليم المادية و المعنوية ،فهي المبتدأ و الخبر ! كما وجب التذكير أن الثقة ليست ترفا! فهناك حقل معرفي وعلمي قائم بذاته يسمى اقتصاد الثقة ،يسعى إلبراز دور الثقة في الرفاه االقتصادي واالجتماعي للشعوب .ويعتبر كينز( ) Keynesمن أشهر االقتصاديين الذين قعّدوا للعالقة بين الثقة و االستثمار.
كلمتك األخيرة في هذا الشأن.
اليمكن للتعاقد الجديد وحده بناء عالقة صحية بين المدرسة الخصوصية وباقي الفاعلين المهتمين من ضمنهم أولياء األمور .فأي عالقة تعاقدية مهما بلغت درجة عصريتها وشموليتها وتوازنها ستكون حتما غير مكتملة .فقد طور عالم االقتصاد أوليفر حارت Oliver HARTنظرية العقود غير المكتملة ،نال بها جائزة نوبل لالقتصاد سنة ( ، )2016مفادها أن أي تعاقد كيفما كان نوعه هو بالضرورة غيرمكتمل ،لتعذر الحصول على كافة المعلومات والتوقع القبلي لكافة الحاالت التي سيشملها هذا التعاقد. بعبارة أخرى ،إذا كان بناء صرح الثقة يمر عبر تعاقد جديد ،فالتعاقد وحده ال يكفي ،لكنه ضروري للمرور من عالقة الثقة إلى ثقافة الثقة ،وحدها الكفيلة بحل كل إشكاالت التعاقد البعدية.
كيف تعالجين اضطرابات التواصل عند طفلك؟
د:نجيب محمد الجباري
يعتبر االهتمام بالطفولة جزءا من االهتمام بالواقع والمستقبل معا ،حيث يشكل األطفال شريحة واسعة في المجتمع ،كما يشكلون الجيل التالي ،لذا فإن ما يبذل من جهود من أجلهم يؤلف مطلبا من مطالب التغيير االجتماعي المخطط الذي تعتبر التنمية البشرية إحدى صوره ومظهرا من مظاهره. وتؤلف الطفولة مرحلة حاسمة في تشكيل شخصية الفرد،كما أن هناك إجماعا على أن السنوات الخمس األولى من حياة الطفل هي الفترة األكثر خصوبة وأهمية، والتي تنجم عنها مالمح شخصية الفرد ،كما أن بعض السمات الثقافية التي تدخل في كيان شخصية الطفل يصعب تغيير البعض منها ،لذا تركز التربية الحديثة على هذه المرحلة لبناء شخصية الطفل بناء سليما ،فأطفال اليوم رجال الغد وداخل كل طفل يوجد رجل المستقبل. وليس ثمة من مجال آخر الستشراف مستقبل أي أمة غير استقراء طفولتها وما يحاط بها من عناية واهتمام. إال أن��ه ولألسف نجد بعض أطفالنا يعانون من اضطرابات ومشاكل ومعيقات في تواصلهم مع الطرف اآلخر ،فما هي أسباب هذه الظاهرة ؟ وما الحلول الممكنة؟
أسباب اضطرابات التواصل عند الطفل:
يمكن أن نوجز اضطرابات التواصل ومعيقاته في األسباب التالية: • عضوية -وظيفية :وهي عبارة عن إصابات في الحبال الصوتية أو الحنجرة أو سقف الفم أو الشفاه بالقياس مع من هم في مثل سنه،أو صعوبة في النطق بسبب اضطرابات عضوية في الجهاز العصبي مما يؤثر على األداء الحركي. • اجتماعية-نفسية؛ تتمثل في االنطوائية والخجل والميل إلى االنعزال عن اآلخرين وعدم اإلختالط بهم، بمعنى اإلنسحاب من المشاركة االجتماعية أو األسرية والمشاركة الشفوية بالصف وغيرها.فضال عن الحرمان العاطفي مع الوالدين أو أحدهما ،وهذا الحرمان من أكثر األسباب شيوعا في تأخر الكالم واإلنجاز اللغوي .كما ال ننسى ونحن نبحث عن األسباب الخوف من اآلخرين مما يؤدي إلى ظهور التهتهة الموقفية ،باإلضافة إلى التنشئة اإلجتماعية الخاطئة التي قد يكون الطفل عرضة لها عندما يرضخ ألساليب القسوة أو التدليل. • لغوية؛ تتمثل في صعوبات استعمال اللغة نتيجة تأخر النمو اللغوي على مستوى التواصل اللفظي والنطق ،أي عدم قدرة الطفل على نطق أصوات بطريقة سليمة إما نتيجة مشكالت في التناسق العضلي أو عيب في مخارج األصوات والحروف أو قصر في الكفاءة الصوتية. ويمكن أن نضيف إلى كل هذه األسباب أسبابا أخرى تتعلق بمثلث العنف التربوي حيث تبلغ السلبية التربوية مداها في ممارسة الثالوث المحظور في العملية التربوية وهو الضرب باعتباره عقابا جسديا ،والشتم كإهانة معنوية والصراخ بصفته إرهابا نفسيا.فالعنف التربوي قد ينتج 10%من األطفال العدوانيين ،وإنه يكون من بين هؤالء 90%سلبيين أي تابعين منقادين فيشكل هذا مظهرا من
مظاهر فشل التواصل.
حلول واقتراحات:
يمكن اقتراح بعض األساليب للعالج فيما يعرف ببرنامج التحفيز اللغوي والمتمثل في فحص أعضاء جهاز النطق كاللسان وسقف الحلق والشفتين واألسنان ..مع استشارة اختصاصي النطق واللغة إذا لوحظ أي شيء مثير للشك حول الطفل من ناحية اإلستيعاب، فهم اللغة ،السمع والتطور النطقي ثم إعطاء الفرصة للطفل لإلستماع حينما تعطيه إرشادات وتأكدي من أنه يصغي لما تقولين ويفهمه .حاولي كذلك أن تشجعي طفلك على اإلستجابة لك لفظيا أو صوتيا ،مع تعزيز محاوالته إلصدار األلفاظ أو األصوات مهما كانت بسيطة. ال تتوقعي من طفلك نتائج كاملة وفي وقت وجيز، بل ابتسمي وكرري الصوت أو بيني له بأي طريقة بأنك فهمت ما قاله .وال تنسي أن تفادي التنبؤ باحتياجات الطفل وتزويده بما يحتاج أو ما يريد ،يعتبر مهما لكي ال يصبح الكالم غير ضروري ،واجعلي طفلك يشعر بالراحة الستخدام األلفاظ للتواصل. إن االستماع لما يقوله الطفل أو يحاول أن يقوله بانتباه شديد ومحاولة فهم ما يريد التعبير عنه باالستفادة من تعابير الوجه والجسد ونص الحوار يعتبر أسلوبا مهما في معالجة هذه االضطرابات التي قد يعاني منها الطفل. البد من أن تقدمي له نماذج لغوية صحيحة تشجيعا له على التواصل ،وكذلك تقليد أصوات الحيوانات واآلالت وغير ذلك أمامه وتشجيعه على محاكاتها يعد مفيدا في هذا األمر. حاولي أيتها األم وأيها األب أن ال تنتقدا الطفل وأن ال تناقشا مشكلته بحضوره وال تتوقعا أن ينطق صوتا أو كلمة وال تطلبا منه أن يبطئ في الكالم أو أن يبدأ من جديد وال تكمال عنه جملة أو عبارة .وباختصار ينبغي استغالل الفترات التي يكون فيها لدى الطفل الرغبة في التواصل والمشاركة في الكالم وفي الحوار. على سبيل الختم؛ نظرا لكوني مربي ومدرس وأب قبل كل شيء ،وبحكم تجربتي في مجال التربية والتعليم تعلمت بأنه يجب على اآلب��اء واألم��ه��ات والمدرسين والمربين احترام شخصية األطفال ومعرفة احتياجاتهم وميولهم الشخصية حتى أوف��ر لهم ج��وا من الحب والحنان لكي يكون التواصل إيجابيا وفعاال بيني وبينهم وعلي اكتشاف مواهبهم وقدراتهم وإعطائهم الفرصة الكتشافها وتنميتها في جو خال من الصرامة والقسوة ،ولعل عظمة التربية والتواصل الحقيقيين تكمن في أننا نكون كبارا أو صغارا شاهدين على نجاح أو إخفاق بعضنا البعض وممارسة حقنا في الخطأ ،فمن األخطاء يتعلم الناس.
16
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
إعالم
www. Achamal.ma
حوار مع اإلعالمية المغربية
إيمان أغوتان
Journal Achamal 2000
حاورها عبد اإلله المويسي
نبدأ بالسؤال التقليدي ،وهو كيف تقدمين اإلعالمية إيمان أغوتان إلى القراء المغاربة الواقعيين ،والقراء العرب االفتراضيين على مواقع االنترنت؟
في البداية أودّ أن أتوجه بالشكر الجزيل لمنبركم اإلعالمي المحترم على هذه المبادرة التي أسعدتني وتشرفني ..إيمان أغوتان صحفية مغربية متيمة بمهنتي التي اخترتها واختارتني عن حب وشغف ومسكونة بعشق هذا الوطن الذي أتمنى أن أراه ومواطنيه دائما بخير ...في رصيدي 16سنة من العمل اإلعالمي أفتخر بما راكمته من تجارب وخبرات لكن مصدر سعادتي األول هو أن هذه المهنة لم تبح لي بعد بأسرارها وأتعلم منها كل يوم شيئا جديدا يبقيني على قيد الحماس والطموح لألفضل..
ننتقل اآلن إلى الحديث عن البدايات األولى التي مهدت لمجيئك إلى اإلعالم ؟ قلتها مرارا والبأس من تكرارها لم أتصور نفسي يوما أمتهن مهنة أخرى وحالفني حظ لم يحالف ربما كثيرين بأن يعملوا في المجال الذي يحبونه ..أنا خريجة المعهد العالي لإلعالم واالتصال تخصص سمعي بصري ومنذ السنة األولى كنت محظوظة مرة أخرى بإجراء تدريب مهني في جريدة العلم التي اشتغلت معها ألعوام بعد ذلك كمتعاونة وقد استفدت كثيرا من التأطير على يد صحفيي الجريدة وفِي مقدمتهم
الصحفي واألديب رئيس تحرير الجريدة المرحوم عبد الجبار السحيمي الذي أذكر باستمرار فضله علي ألنه آمن بي وراهن علي وأنا بعد طالبة وقد تعلمت كثيرا من هذه التجربة في جريدة ورقية واقتنعت أن الصحفي يجب أن يمر من المكتوب أوال وحتما قبل خوض تجارب أخرى في اإلذاعة أو التلفزيون..
ما هي أهم المحطات في مشوارك اإلعالمي؟
محطتان حتى اآلن لكنهما غنيتان جدا نظرا الختالف كل مرحلة عن األخرى حيث اشتغلت لسنتين مراسلة تلفزيون أبوظبي في المغرب وخالل هذه الفترة خبرت العمل الميداني بكل ضوابطه وإكراهاته، غطيت العديد من األحداث وأنجزت ربورتاجات ميدانية في كل بقاع الوطن وفِي العالم 2006قدمت استقالتي لاللتحاق بقناة ميدي آن سات آنذاك قبيل انطالقها في شهر دجنبر ومنذ ذلك الوقت وأنا أشتغل في هذه المؤسسة التي قدمت لي الكثير في كل المحطات التي مرت بها كقناة متوسطية في البداية ثم ميدي ان تي في القناة العامة وقبل أعوام قليلة عادت لألصل كقناة إخبارية وطنية مغاربية وإفريقية .. اشتغلت كصحفية محررة وكرئيس تحرير لنشرات األخبار وكمنتجة ومقدمة لبرنامج بدون حرج واليوم أنا مقدمة أخبار وبرامج في ميدي ان تي في ..
هل تنتمي إيمان أغوتان إلى مدرسة إعالمية معينة؟
أعتبر أن اإلعالم مدرسة واحدة يجب أن ننتمي إليها جميعا كإعالميين في المغرب وفِي العالم بأسره هي مدرسة ضوابط المهنة وأخالقياتها المتعارف عليها كونيا ألن ممارسة إعالمية خارج الروابط واألخالقيات هو فعل يهدد تماسك المجتمع واستقراره... الفرنسية المدارس بين اختالفات هناك واألنكلوساكسونية في بريطانيا والواليات المتحدة لكنها اختالفات في الشكل ال تمس جوهر المهنة ورسالتها ..
من اإلعالمية أو اإلعالمي الذي يشكل مثلك األعلى؟! الكثير من األسماء الملهمة في وطني وخاصة األسماء النسائية في السنوات األولى التي تلت انطالقة القناة الثانية وفِي مقدمتها اإلعالمية القديرة الراحلة مليكة مالك ،والجريئة الواثقة فاطمة لوكيلي والقريبة من نبض المغاربة بالواضح وبصراحة نسيمة الحر.. كنت وماأزال أعجب باإلعالمي القوي دون تسلط الجريء دون وقاحة ،العميق دون تكلف والبسيط دون سطحية وهي معادلة صعبة حققتها الكثير من االسماء أتطلع أن أكون من بينها..
يعرف المجال اإلعالمي نوعا من الترامي الفوضوي بخصوص مزاولته ،إلى الحد الذي اعتبره البعض مهنة من ال مهنة له ،باعتبارك جئت إلى اإلعالم من البحث العلمي والدراسات المختصة كيف تنظرين إلى هذه الظاهرة؟؟ صدقت في أنها تحولت إلى مهنة من ال مهنة له والترامي الفوضوي هو الوصف الدقيق لما يجري فقد
استبيحت هذه المهنة وخيل لكثيرين أن مجرد الحصول على كاميرا وميكروفون ومنصة لبث ما يقترفونه يمنحهم صفة الصحافي ويشرع في التنظير لحرية الرأي والتعبير دون أن يقرنها بالمسؤولية االجتماعية والمهنية ..ال مانع لدي من أن يمتهن االعالم أناس قدموا من مسارات أكاديمية مختلفة لكنهم تمرسوا على ضوابط المهنة وتشبعوا بأخالقياتنا وقدم حضورهم قيمة مضافة لهذا المجال ،لكنني ضد كل من يستسهل هذا المجال ويقتحمه عَنْوَة أو جبهة كما نقول وكل من حوله إلى وسيلة لالبتزاز واالسترزاق الرخيص وما أكثرهم مع األسف ..
إلى أي حد تفترضين أن هناك خصوصيات دقيقة بين الصحافة المكتوبة والسمعية ثم البصرية؟
األصل واحد والقواعد هي نفسها واالختالف في شكل تقديم المضمون اإلعالمي للقارئ أو المستمع أو المشاهد ...في المعهد أتذكر أننا ندرس الصحافة المكتوبة والتلفزيون واإلذاعة لثالث سنوات كجذع مشترك وفِي العام األخير في المكتوب أو السمعي البصري ..في اإلعالم المكتوب ورقي أو إلكتروني الرهان على التفصيل وعمق المضامين وأسلوب الكتابة الذي يجعل للصحفي قراءا أوفياء لعموده أو لربورتاجاته أو للبورتريهات أو الحوارات وفِي اإلذاعة تنضاف قوة الصوت وسحره وتأثيره على المستمع ،أما التلفزيون فالشيء يعلو فوق قوة وسلطة الصورة وخطورتها أيضا ..هي مجاالت متكاملة تشتغل كلها بنفس الضوابط والهواجس والغايات وان اختلفت اإلكراهات والتحديات..
17
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
مراسَلة هولندا
في ميدي ان تي في نشتغل بجد كطاقم صحفي وتقني لكننا مقيدون بقلة الموارد ونسعى جاهدين لتجاوز كل اإلكراهات من أجل تقديم عمل مهني يحترم ذكاء المشاهد الوفي فإن أصبنا لنا أجران وإن أخطأنا يكفينا أجر المجتهد..
ما هي المشاكل التي يعرفها القطاع؟ ومن الناحية النقابية كيف يتم التعاطي معها ،وإلى أي حد تتم االستجابة النتظارات العاملين بالقطاع؟ يعرف التلفزيون منافسة شرسة من قبل الوسائط الرقمية ،كيف تنظرين إلى مستقبل التلفزيون في ضوء هذه التطورات ؟ صحيح جدا وهو معطى ال تخطئه عين ومن الزال يكابر فهو يدير للحقيقة ،لكن هذه الوسائط ال تهدد التلفزيون في وجوده بقدر ما تفرض عليه تطوير أداءه واستثمار ما يتيحه التحول الرقمي المتسارع من أجل مواصلة الحضور القوي الوازن في المشهد ..ظهور اإلذاعة لم يؤد إلى انقراض المكتوب والتلفزيون لم ينل من شعبية الراديو والوسائط الرقمية لن تطوي عهد التلفزيون لكنها تدفعه إلى تجديد أدواته وإعادة النظر في إيقاع اشتغاله ومن المفروض أن تحفزه على المزيد من اإلبداع واالبتكار مع االحتفاظ بروح الرسالة اإلعالمية الجادة والهادفة المرافقة لطموح كل مجتمع في التطور والنماء..
كيف تجدين ظاهرة «اليوتوبرز» ،التي انتشرت مؤخرا؟ هل هناك ضوابط قانونية ومهنية وأخالقية لهذه الظاهرة؟ مع كامل األسف تعرفت على هذا العالم من خالل النماذج السيئة التي تعتلي التوندونس في غالب األحيان واكتشفت أشخاصا هاجسهم الربح المادي ولو قفزوا في سبيل هذا الهدف على كل ضابط قانوني أو أخالقي ..لكنه ولحسن الحظ الجزء الفارغ من الكأس فقط وهلل ألن المحتوى الرقمي الجيد موجود أيضا وفِي مجاالت متعددة وهناك خيرة من شباب هذا الوطن يبدعون في هذا المجال من قبيل تبسيط العلوم أو المعلومة التكنولوجية أو القانونية أو الطبية والتاريخية وغيرها ،وقد اكتشفت أيضا شبابا خالقين ومبدعين بما تحمله الكلمة من معنى يرفعون علم الوطن عاليا في العديد من المحافل ومن بينهم عادل تاويل الفائز قبل أشهر بلقب أفضل صانع محتوى في العالم العربي -سديم -وأود استغالل هذه الفرصة ألناشد المسؤولين على تقديم الدعم لصناع المحتوى الرقمي الجيد كما أطلب من المغاربة جميعا دعمهم وااللتفاف حول مشاريعهم من أجل محاصرة التفاهة والرداءة وتكريم اإلبداع والتميز .. كما أضم صوتي إلى األصوات المطالبة بتقنين هذا المجال وليس تقييده كما جاء في مشروع التكميم سيّء الذكر ..
كيف تنظرين إلى أداء التلفزيون المغربي بشكل عام وقناة ميدي 1تيفي مقارنة بالقنوات العالمية ،خصوصا وأنت ترين هذا االنفجار العددي في القنوات الدولية التي أصبح يلتقطها المشاهد المغربي ؟ كمهنية وكمشاهدة لست راضية عن أداء التلفزيون في بلدي ألنني من جهة أعتبر أن المشاهد المغربي يستحق أفضل ،ومن جهة أخرى أثق في كفاءة زمالئي وأعرف أن بإمكانهم تقديم أجود من الموجود بكثير في حال توفرت إمكانيات االشتغال وظروف أفضل لإلنتاج التلفزيوني ... التلفزيون هو موارد وإمكانيات أوال وهو أيضا هامش كبير من الحرية واالستقاللية في تناول القضايا والمواضيع القريبة من اهتمامات المواطنين ومعالجتها من زوايا مختلفة وبحضور الرأي والرأي اآلخر قريبا من روح االعالم ورسالته بعيدا عن البروباغاندا الفجة المتجاوزة ومتى آمن صناع القرار في بكل أركان المعادلة سيتحقق المنشود خاصة في ظل هذا التنافس الشرس والمحموم لجلب المشاهدين ورفع نسب المشاهدة..
مشاكل كثيرة ومعقدة ولكل صنف مشاكله مكتوب ورقي أو إلكتروني ،وسمعي بصري ،مشاكل في الموارد المادية ،وفِي تمثل المفاهيم والقيم المؤطرة لهذه المهنة حرية ،مسؤولية ، أخالقيات ،قانون ..هناك أيضا أوضاع اجتماعية صعبة يعيشها الكثير من الصحافيين في ظل تعثر بعض المقاوالت أو إجهاز أصحابها على حقوق األجراء كما وقع في زمن الجائحة ،هناك نوع من التردد السياسي في حسم شكل وغايات اإلعالم الذي نريد وهو ما يخلق حالة من التخبط غير المفهوم ..العمل النقابي موجود لكنه ضعيف ومحدود التأثير في المعادلة ،ألن دوره ترافعي ونحن كإعالميين نراهن في المرحلة المقبلة على المجلس الوطني للصحافة كمؤسسة دستورية بصالحيات واسعة بوصفها قاضي المهنة ومحاميها األول..
تعرف التجربة التلفزية المغربية حالة تشبيب واسعة .كيف تتعاطين مع األمر؟
يسعدني األمر من الناحية المبدئية ألن الرهان على الشباب ،لكن ذلك ال يعني التطبيع مع حرق المراحل ألن التقديم التلفزيوني في حاجة دائمة للوجوه الشابة الجديدة لكن المقصود هو الشباب الذي تدرج في المهنة وخبر تفاصيلها اشتغل في الميدان وفِي قاعات التحرير وطور من موهبته ومن أدوات اشتغاله ليتوج كل هذا المجهود بظهور موفق على الشاشة .. أحذر كل الشباب من استعجال األمر ألني ال أومن بأن مسيرة مهنية في المستوى تنطلق أمام الكاميرا دون أدنى رصيد سابق في العمل اإلعالمي وحبذا لو كانت البدايات في االعالم المكتوب ..
كيف وجدت صيغة العمل عن بعد خالل الحجر الصحي؟
لم يقدر لي أن أعيش تجربة العمل عن بعد بحكم طبيعة عملي كمقدمة أخبار وبرامج إخبارية وحوارية ،تجندت رفقة زمالئي في القناة لتقديم الخدمة اإلخبارية المهنية ومحاربة األخبار الزائفة خالل هذه الفترة العصيبة واالستثنائية التي مر منها الوطن ...اشتغلت بالكثير من الحماس وبروح مواطنة عالية بسبب حساسية الظرف وتفاعل المواطنين اإليجابي مع العمل اإلعالمي الجاد والمسؤول وتصالحهم مع المنابر الجادة في زمن الجائحة وهي واحد من المنح التي أسعدتني خالل محنة كورونا...
ما هو البرنامج التلفزي الذي تمنيت لو أنك من تقديمه؟ تمنيت وتحققت أمنيتي هو برنامج بدون حرج الذي اشتغلت ضمن طاقم إعداده في البداية وكنت من ينجز ربورتاجات حلقاته طيلة أشهر الست األولى قبل أن تستقيل مقدمته الزميلة الجزائرية ليلى بوزيدي من القناة وتكلفني اإلدارة بتقديمه وطيلة سبع مواسم متتالية ..وقد نال هذا البرنامج شعبية كبيرة في أوساط المغاربة فاجأتني وتفاجئني حتى اآلن عندما ألتقي بمتابعين أوفياء مازالوا يسألون عنه بعد مرور ثالثة أعوام على توقفه ...
ما هو البرنامج الذي تحلمين أن تقدميه مستقبال؟ برنامج حواري سياسي موجه لعموم المغاربة يصالحهم مع النقاش السياسي والفعل السياسي برنامج بهامش كبير من الحرية وبدون ذرة لغة خشب .حلمي أن أعيد تجربة بدون حرج وهذه المرة في السياسة.
من قلب أمستردام نادية بوخيزو
م�شاهدة جميع �أفالم مهرجان MENAعرب الإنرتنت
سينما المهجر تحاور الجمهور في زمن الكورونا من قلب الهاي ،حيث شهدت حدثا سينمائيا مميزا وهو مهرجان “مينا الدولي للسينما” الذي جرى من 11إلى 13 يونيو .2020والجميل في األمر ،هذه المرة ،هو أنه كان باإلمكان مشاهدة جميع أفالم هذا المهرجان عبر األنترنت و التصويت لفائدة جائزة الجمهور .وقد جاء هذا القرار تزامنا مع األجراءات التي اتخذتها الحكومة الهولندية لمنع تفشي فيروس كورونا .من جانب آخر ،وفي ارتباط بالسياق ذاته ،تضمنت القائمة عرضا واحدا على أرض الواقع ،جرى بالمسرح يوم السبت المنصرم ،حضره 20شخصاً فقط .وبناء على االستطالعات األولية ،فقد كان مرجحا أن يفوز الفيلم اإليراني “ البحث عن فريدة “ الٔزاده موسى المرشح لجوائز األوسكار لعام .2020وتدور أحداث هذا الفيلم حول قصة تبنى زوجان هولنديان لطفلة اسمها فريدة ،التي ستتوق مع توالي السنين إلى البحث عن والديها البيولوجيين ،وهو ما سيدفعها إلى نشر إعالن البحث عنهما في صحيفة إيراني. ومعلوم أن المهرجان عرف مشاركة أفالم عديدة ،من ضمنها األفالم القصيرة واألفالم الوثائقية .و للتذكير فإن الحضور السينمائي المغربي كان بعدة أفالم .وكانت
إدارة المهرجان قد أكدت أنه سيمنح ثماني جوائز على أن تكون الجائزة األخيرة هي جائزة العدالة والسالم .وهذه قائمة بالجوائز: ـ جائزة العدالة والسالم للفيلم اإليراني “البحث عن فريدة” - :جائزة اإلخراج للفيلم الوثائقي الطويل “السمكة الذهبية” للمخرج الفرنسي “توماس كراند”. ـ جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل الفيلم التونسي “الرجل الذي صار متحفا” للمخرج مروان طرابلسي. ـ جائزة أفضل وثائقي قصير لفيلم “الكناوي” للمخرج العراقي محمد توفيق. ـ جائزة الجمهور للفيلم اإلسباني القصير “لست أنا” من إخراج مجيد حنا. ـ جائزة أفضل فيلم روائي طويل لفيلم “بين التالل” لمحمد رضوان كيوانفر من إيران. ـ جائزة اإلخراج للفيلم الروائي الطويل كانت مناصفة بين المخرج العراقي قتيبة الجنابي عن فيلم “قصص العابرين” والمخرج المغربي عبداالله الجوهري عن فيلمه “ولولة الروح”. ـ جائزة أفضل فيلم روائي قصير للفيلم المغربي “وشم” لفاطمة اكالر. ـ جائزة أفضل إخراج للمخرج العراقي قتيلة الجنابي “قصص العابرين “ مناصفة مع المخرج المغربي عبد االله الجواهري عن فلمه “ولولة الروح”. من جهتها كانت قد أكدت إدارة مهرجان مينا أن اختياراتها لهذا العام ألقت الضوء على قضايا مصيريّة تحت شعار “الهُوّيات واألقليات” ،معلنة عن لجنة تحكيم للمهرجان تتكون من الناقد واألكاديمي المغربي حبيب الناصري والناقد واالعالمي العراقي عرفان رشيد والناقد صفاء الصالح . وتنافس في دورة هذا العام 26فيلما من العراق واسبانيا وبلجيكيا وفرنسا والدنمارك والمغرب والجزائر وسوريا ولبنان وإيران. أما عن كيف حاورت السينما مهاجرة من الشمال ،وبالضبط من حمامة السالم تطوان مدينة الحضارة والثقافة واألصالة ،فهذا يرجع ربما إلى طفولتي بتطوان، وبفضل المركز الثقافي اإلسباني و سينما إسبانيول اللذان يقعان قرب مدرستي االبتدائية سيدي الصعيدي خالل حيث كنت أدرس .وكان لوالدي رحمة اهلل عليه األثر األكبر في حبي للسينما ،حيث كنت أشاهد معه عدة أفالم و خاصة أفالم شارلي شابلين الصامتة التي ال زلت أحبها كثيراً لحد اآلن أما في مرحلة الثانوي فكنت أتردد كثيراً على المركز الثقافي الفرنسي بتطوان الذي كنت عضوة فيه و الذي كان يقدم عروضا سينمائية.
18
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
االحتياالت العلمية أم النيل من العلماء ؟ • بقلم :عبد المجيد اإلدريسي ...من المنهج الوضاء ،من أجل ْ أن ينأى العلماء بأنفسهم عن االحتياالت العلمية ،وهي ذات الفيروس الذي يهدّد البحث العلمي في المجال الطبي (جوهان مونتان ) .وهوموضوع ساخن من أحداث الساعة ،تتراقص كتلة اإلصدارات حوله ،بقيم غير متكافئة ،التحمتْ بجائحة «كوفيد.»-19 كان هذا موضوع منتديات انبعثتْ عند مجالس من األطباء حافلة بأهل االختصاص في العالم. فمنذ أيام في منتدى بعنوان «الطبُّ ال يخضع للعبة البوكر» .هذا موضوع تدليس علمي ،إذ العلمية ليستْ لها قافية مع الصدق من حيث المنشورات. – ما قبل النشر وما بين الحروف المسبقة تشملها قراءات متتالية الستعراضها لقريناتها، وبدون مجموعة التحكيم ،قد يتمُّ انجاز ذلك إلى العمى المضاعف ل «كوفيد ،»-19ليحدث نوعاً من الغثيان .فكيف أجدني من حيث الصالحية ؟ قبل أيام يسيرة خصصتْ «مجلة الطبّ الداخلي» مقا ًال يشير إلى االحتياالت العلمية التيتعمل على تهديد هذا الزمان .ثلة من ناشري مقال نقدي ،يميّزون بين فئتين من االحتياالت المختلفة .أولها :االحتيال العلمي الفعلي ،الصانع للبيانات االنتحالية .وثانيهما :االحتيال الشكلي، أي التالعبات بالبيانات من المراجع ومؤلفي الرضا .إال َّ أن هذين النوعين من االحتياالت العلمية تكتنفها نسب متفاوتة ،تأتي على التوالي ب 2في المائة (العلمي الفعلي) و33في المائة (االحتيال الشكلي) .وهذه الصفات القبيحة ال تليق باألطباء ،وال بالعلماء الذين يفقدون المصداقية ،وحتى المرضى الذين يتحملون مصاريف هذه المنشورات التي تعود من حيث أتتْ .وبالتالي َّ فإن عالمين من بين مائة ،يعترفان بتصنيعمها وتزويرهما للبيانات العلميةَّ ، وأن أربعة عشر بالمائة من زمالئهم ،أقبلوا على هذه الصنيعة مرَّ ًة واحد ًة على األقل .ومن مصدر آخر أحْصيَ في مقال ،قدَّرَ َّ أن 1إلى 2بالمائة مقال محتال من بين 1400000منشورات سنوياً في العالم .ولم يتوقف األمر عند هذا الحدّ ،إذ بعض المحررين يذهبون إلى تأكيد نصف البيانات يمكن ْ أن تكون مشوهة. هذا شيء مخيف ،يشرح ذلك لنا شاب داخلي بمستشفى «بيشاط» بباريس .واألسوأ من ذلك ْ أن يحدث هذا اآلن ،ويعزى إليه ،لمن المصلحة في القيام به .جميع المؤسسات يضفون قيمة على عدد هائل من المنشورات .إذا كان هذا ما يقترحونه لألجيال القادمة التي أنتسب إليها فإنها تفضل االبتعاد .هناك إذاً حاجة إلى تغيير ثقافي ودستوري .من الممارسات التي ترومها الريبة، فئة يحوم حولها الشك ،تستجمع أبحاث بها ارتياب ،وعلى حدّ قول محرري المنشورات في بعض األحيان يكون متسامحاً .يذكرون على سبيل المثال ،ليستشهدوا بتقسيم عمل البحث بعدَّة مقاالت ،عندما يتعلق األمر بدراسات وسطية مخطط لها في «البروتوكول» ،أواالنتحال الذاتي ،أي السرقة األدبية للمادة العلمية ،ليتمم عمل غيره جزئياً وينسبه إلى نفسه ! في مساءلة للباحثين، إذ يقيمون نسبة 72بالمائة من الممارسات التي تطيب نفوسهم إليها المشكوك فيها ،ونسبة 33 بالمائة يعترفون بأنهم لجأوا إلى استخدامها .وليس شيئاً كذلك لتلك العواقب ؟ االنتحال والسرقة األدبية هي الغش المحتمل الذي يعاقب عليها القانون من خالل المحاكم .ومع ذلك ال يرتدي أن عواقب هذه االحتياالت المختلفة يمكن ْ الضرر إال ذووا السرقة .إال َّ أن تكون ثقيلة ،للمؤاخذة عليها .اإليمان بالبحث قبل كل شيء يمكنه ْ أن يتلقى ضربة قاسية .ال زال يظل بذكراه ذلك المقال حول «الهيدروكسي كلوروكين» ،للمجلة الشهيرة «النسيت» ،وآثارها السلبية ،بعد رفعه من معالجة المصابين ب «كوفيد ،»-19رغم جودة بياناته .وقاعدة المؤسسة التي تجني المحصول المادي من ورائه .االحتياالت العلمية تلحق ضرراً بقيمة الباحثين .ووفقاً الستطالع بفرنسا لسنة 2017مَّ ، فإن 65بالمائة فقط من المستجوبين يثقون في العلماء الذين يبدون احتراماً للقواعد والقوانين التي تتحكم إليها األبحاث .ثم قد يكون هناك آثاراً سلبية على الصحة العامة .دون ذكر اإلقبال المتزايد للمصابين ،في انتظار وصفة البروفيسور «راوولت» ،أمام مصحته بمدينة مرسيليا. ومن الفضول العلمي ْ أن نتذكر منشوراً آخر ل «النسيت» لسنة 1998م ،هذه األخيرة أنشأتْ ارتباطا بين اللقاح ضدّ الحصبة ،والغدد النكافية (هوفيروس بين األذن والفك) ،والحصبة األلمانية (روبيول) ،مع بداية مرض التوَحُّد عند اثنى عشر طف ً ال بريطانياً .المنشور انسحب وتراجع بعدما حصل الضرر .وقد تمَّ إيقاف التطعيم ،فإذا بنسبة التحصين تتراجع من 92بالمائة إلى 73بالمائة. لمراقبة درجة حرارة المقاالت العرجاء ،نألوا إلى نسبة التراجع ،وهومؤشر جيّد .عدد المنشورات العلمية للسنوات األخيرة انفجرت ! الحالة األولى منها وردتْ سنة 1973م .وفي 2011م كان عدد المنشورات التي انسحبت وتراجعتْ ،قد بلغ عددها .4449إذا ب 21بالمائة من هذه الحاالت كانت
على سبيل األخطاء .بيد َّ أن 67بالمائة منها ألسباب سلوك علمي سيء43 .بالمائة منها تبثتْ عنها االحتياالت ،و14بالمائة للمنشورات المقسمة ،و10بالمائة للسرقات األدبية .وقد انبجستْ بمعدَّل 33شهراً بين النشر والتراجع .فنعثر على مجموعة من المنشورات التي تراجعت على كتلة «مشاهدة التراجع» ،حيث وصل عددهم سنة 2019م إلى عشرين ألفاً .وحسب دراسة لسنة 2012م ،نصف المقاالت قد تراجعتْ من بين جميع المجاالت المجتمعة (المختلطة) ،التي تعنى بعالم الطبّ .ومع ذلك يبقى العمل مقياساً لكل البحث العلمي .مكتب البحث للنزاهة العلمية أحصى من مائتيْ حالة سلوكاً سيئاً علمياً بين سنتيْ 2007م و2017م ،إحدى وأربعين منهم لم نشروا إشعار التراجع، على الرغم من صدور في حق 35منهم تقرير ،منذ عامين على األقل – .التصرُّف من حيث األسباب :على الباحثين ضغط مقدَّسٌ من أجل النشر قدْرَ المستطاع ،على حدّ قول «تنشر أوتهلك». في سيراتهم الذاتية «عامل التأثير» الصحيفة مع المرتبة التي يحتلها في النشر ،وتفحص ّ بكل دقة .توجد بفرنسا مؤسسة «نظام استجواب اإلدارة وتحليل المنشورات العلمية» تخضع لحسابات هذه الشروط .الدكتور «ناتهان بيفير-سمادجا» وبمؤلف مشترك ،وهم يسلطون الضوْ َء على انعدام تدريب محدَّد للنزاهة العلمية ،خالل دراسة الطبّ.ال وجود لتدريب إجباري لطلبة الطبّ في بدايتهم ألولى نشراتهم العلمية.ا التدريب اإلجباري ال يوجد إال للطلبة الذين هم بصدد اجتياز أطروحة في العلوم .لذا فالمؤلفون يوصون بإعداد تعليم النزاهة العلمية ،لمختلف االحتياالت في دراسة الطبّ .في حالة االحتيال اقترح عميد سابق لكلية الطبّ «إيلي كوكان» (ثالثة نقط على الكاف الثاني)ُّ ، يحث فيه على التفكير عند ثبوته .وقد شارك هوفي إعداد نصّ لموضوع «النزاهة العلمية» ،تمَّ اعتمادُهُ من لدن المجلس اإلداري للوحدات الفرنكفونية .فال وجود إطالقاً ألي تدريب إجباري للنزاهة العلمية في دراسة الطبّ. – مسار للتطوير من خالل تساؤل :لماذا ال نقيّم الباحثين أيضاً من خالل الجوْدة في أعمالهم، عوَضَ عدد المنشورات التي يعلنون عنها ؟ وقد أوْصتْ األكاديمية الفرنسية للعلوم عن ذلك سنة 2011م .ها هي ذي منشورات لحلول من اقتراح أطباء شباب داخليين .من سخريات أهل االحتياالت، لشاهد إثبات على دفاعهم عن الدقة العلمية ضدّ المشعودين والمنتحيلين. – وإذا كان لي أن أذكر شيئاً حول هذه الجائحةَّ ، فإن الصين تسعى إلى لقاح لها بأي ثمن رغم الفضائح التي شابتها .فالصين دأبتْ خيمتها لتقييم محاوالت على اإلنسان بصيغة عسكرية، وبإجراءات استعجالية وفي «مشوار أمامي» للقاح ضدَّ «كوفيد . »-19يجب على المختبرات تجاوز الصورة المشوَّهة للعديد من الفضائح الصحية.وهي تسعى إلى تحصين السكان بأسرع وقت من أجل الحصول على اعتراف دولي .بيجين تعين الشركات وتوَفرُ لهم سالالت فيروسية أوتمكينهم من إعانات مالية بمبالغ سرية .أسلوب أعطى أكله اآلن ،ومن بين عشرة لقاحات حالياً ،في المختبر السريري على البشر في العالم ،خمسة منهم صينيون .األبحاث االستعجالية قد تشكل تلك الخاصية بأكاديمية العلوم الطبية ،التي تتعاون مع الشركة الصيدالنية «كان سينوبيو» .المشروع يصاحبه إشعار ودعاية برئاسة لقسم األبحاث ،االختصاصية في الوبائيات الجنيرال «شين ويَيْ» ّذي األربع وخمسين عاماً ،والتي تظهر على شاشة التلفاز بلباس عسكري وبشكل منتظم .بينما المتطوعون للتجارب المخبرية السريرية ،لديهم بالفعل دميتهم (التعويض) .حسب المنشور الطبي ل «النسيت» وبعد ستة أشهر من ظهور جائحة «ووهان» ،النتائج األولية لللقاحات مشجعة .وللعمل بشكل أسرع، الصين ترخص بإجراءات استعجالية .وبالتالي يمكن للمختبرات أن ينتهوا إلى مراحل قبل السريرية بالموازاة .بينما يتمُّ ذلك عادة األولى تلوَ األخرى .هذا أسلوب من شأنه اصطكاك بعض األسنان ! وقد تمَّ نقد ذلك من مدير مؤسسة الصيدلة «ديك شينيك» التابعة للجامعة المرموقة «تشين كوا» ب بيجين ،على هذه الطريقة الغير التقليدية .أفهم َّ أن الناس ينتظرون بفارغ الصبر لقاحاً ل «كوفيد .»-19لكن ال يمكن من وجهة النظر العلميةْ ، أن نرَخص ألنفسنا شروطاً يندى لها الجبين. حتى ولوفي حالة الطوارئ .وذلك مناشدة من يومية الشعب ،صحيفة الحزب الشيوعي .حسب «ديك شينك» ،مبادرة أخرى مشكوك فيهاّ ، أن السلطات الصينية رخصتْ بمجموعة من األذونات ل «المرحلة األولى والمرحلة الثانية بما تسمح للباحثين ،تدريب المرحلتين دون التحقق من صحة الوسيط بينهما .يجب ترك التناطح في المنهج العلمي بل بالتنافس ،والعمل بالنزاهة العلمية، وهي األسلم ،وترك التشبيه والتدليس .واعتبار المصالح المادية تأتي في الدرجة الثانية بعد حياة اإلنسان .منهج الصدق واإلخالص وصفاء السريرة .فعظم الجزاء بعظم البالء..
الليلة الثامنة عشر من اإلمتاع • محمد العطالتي تعال حتى نجْعل ليلتنا هذه مُجونية ،و َ و قال مرة َ : بنصيب وافر ،فإن الجدَّ قد نأخُذ من الهزْل ٍ ونال من ُقوانا ،و َ كدّناَ ، مألنا قبْضاً و َكربا ،هاتِ ما عندَك .قلت :قال حسنون المجنون بالكوفة لذاتِ الدنيا ــ فقال :أما أنا َ كل واحدٍ منهم ّ يوما ـــ و قد اجْتمعَ إليه المُجّان يصِفُ ُّ فأصِفُ ما جرّبتُه .فقالوا :هات .فقال :األمنُ و العافية ،وص ْفعُ الصُّ ْلع الزُّرْق ،وحكُّ الجَرب ،و ْ أك ُل الرُمّان في الصّيف ،و الطال ُء في كل شهرين ،و ُ إتيان النسا ِء الرُّعْن و الصِّبيان الزُّعْر ،و المَشيُ بال َ سراويل بين يدي من ال تحْتشِمُه ،و العرْبد ُة على الثقيل ،و قِ ّل ُة خِالفِ من تُحبّهُ ،و التمرُّسُ بالحمقى ،و مُؤاخاة ذوي الوفاء ،و ترْكُ مُعاشرَة السّف َلة. َ فدخل الحمّامَ يوما فقال للقيِّم أين كان محمد بن الحسن الجرجاني مُتقعِّرا في كالمه، الجُليد ُة التي تُسْلخُ بها الضويْطة من اإلخْفيق؟ قال :فصَفعَ القيِّمُ قفاهُ بج ْلدة النّورة و خرج هاربا ،فلما خرج من الحمّام وجّهَ إلى صاحب الشُّرطة َ فأخذ القيِّمَ و حبَسَه ،فلما كان عشاء ذلك اليوم كتب إليه القيّمُ ر ْق ً عة يقول فيها :قد أبْرمني المحْبوسون بالمسْألةِ عن السّبب الذي أطل َقه ،و اتّصَل الخبرُ بال َفتْح فحدَّثَ حُ ِبسْتُ له ،فإمّا خ ّليْتني و إما عَرّ ْفتُهم ،فوجّهَ مَنْ ْ ّ المُتوكل ،فقال :ينبغي أن يغْنى هذا القيِّمُ عن الخِدمة في الحمّام .و أمَرَ لهُ بمائتي دينار . ٌ َ قال :و كان بالبصرة مخنث يجمع و يعْشق بعضَ المَهالبة ،فلمْ يَزَل المُخنث ِبهِ حتى أوْ َقعَه ،قال :فلقيتُه منْ َغدٍ ف ُقلتُ له :كيف كانت و ْقعة الجُ ْفرة عندكم البارحة؟ فقال :لما تدانَت األشْخاص ،ورقّ الكالم ،و ا ْلت ّفتِ السّاقُ بالسّاقْ ،و ُل ِّطخَ باطِنُها بالبُزاق ،و ُق ِرعَ البيضُ بالذكور، و جَعَ َلتِ الرّماحُ تَمور؛ صَبَرَ الكريمُ و لم يجْزَعْ ،وس ّلمَ طائِعا ف َلمْ يخْدَع .ثم انْصَرف القومُ ضَل ُغنْم ،وشُفيت الصدورَ ، وسكنت حرار ُة النفوس ،و ماتَ ُّ كل وجْد ،و أُصيبَ م ْق ُ تَل على سِ ْلم ،بأ ْف ِ َ لِمسْألتي َ َ ّ قبْل ذلك اتّصل الحَبْل ،و انْع َقد الوصْل .قال :فلو كان أعَدّ هذا الكالم كل هجْر ،و ِبدَهْر َ لكان قدْ أَجادَ. و قال أبو فرعون الشاشي:
َ َّ َ وسْط حُجْرتـــــــــي حَل أبو عمْر َة فرعون فاعْ ِرفْ ُكنْيتــــــي أنا أبو َ َ و ّ أعْشَبَ تنّوري و ق ّلتْ حِنْطتـــــــي حَل نسْجُ العنكبوت بُرْمَتـــي َ ُ ضرْطتــــــي و ضَعُ َفتْ منَ الهُزال القمْل زماناً لِحْيتـــــي و حا َلفَ و صار تِبّاني كفافَ خِصْيتـــي أيرُ حِمار في حِر أمِّ عيشَتـــــــــــي و أنشدَ بشر بن هارون في أبي طاهر: أبا عبد اإلله و أنت حــــــــــــــرٌّ من األحْرار منْزوعُ القِــــــــــــالدة أجَهْ ُلكَ مُستفـــــــــــــادٌ أمْ ِوالدة؟ سَألتُكَ باإلله لِتُخْ ِبرنــــــــي فإن يكُ فيك مولودا فعـــــــذرٌ و ْ ْ إن يَكُ حادِثا لك باسْتِفـــــــــادَة و أنت تزيدُ ن ْقصاً بالزَيــــــــــــادَة! فواعجباً يزيدُ الناسُ فضْـــــال ٌ مخنث يُ َل ّقبُ مِشْمشة ــ و كان أميّا ــــ فكتب حكى الصولي :حدثنا ميمون بن مهران قال :كان معنا ُ صديق لهُ كتابا ،فقال المُخنثْ : بحضْرتِه ٌ مِشْمشة يَ ْقرأُ عليك السالم ،فقال :قد اكتُبْ إليه : رجل إلى ٍ َ ْ داخِل شَبَهُ الكتاب في اسمي هيهات، : فقال اسمُك. هذا : فقال ني. ر أ فقال: ــــ عَل ف كان َفع ْلت ـــ و ما ِ ِ ُ عَجبْنا من جوْدَة تشْبيهه. األ ُذنَ .ف ِ رجل مع امرأة إلى القاضي ومعهما ٌ و َقدِم ٌ طفل فقالت :هذا ابنُه .فقال الرجل :أعزّ اهلل القاضي ،ما اتّق َ فإن النبي ُ اهلل ّ يقول :الولدُ للفِراش ،و للعاه ِر الحَجَر .فهذا و أمه على فراشِك. القاضي: أعْ ِر ُفهُ.فقال ِ قال الرجل :ما ْ تنايكنا إال في اإلسْت .فمِنْ أين لي ولد؟ فقالت المرأة :أعزَّ اهلل القاضيُ ،قل له :ما رأيت؟ الرجل ،و َ يُعَرّ ُفهَ . ُ أخَذ ِبيَدِ و َلدِه و انْصرفْ. فكفّ َ َ ً ُ سَنَة ،ثم رَضي ْ يمْضَغ الع ْلكَ الذي أن الجارية راسَ َلها الرجل فيما مضى إذا عَشِق قال مَزيد :كان تمْضغُهُ ،ثم إذا تالقيا تحدّثا و تناشَدا األشْعار ،فصارَ الرجُل اليومَ إذا عشِقَ الجارية لم ُ يكنْ له همٌّ إال أن يرْ َفع ِرجْلها كأنّهُ أشْهَدَ على ِنكاحها أبا هُريْرة»
19
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
تتمة الحوار مع الباحث في تاريخ منطقة الشمال ~أين يمكن تصنيف أبحاث أسامة الزكاري داخل مدارس البحث التاريخي؟
ال أعتقد أن مثل هذا التصنيف سيكون إجرائيا ،فالتاريخ ال يمكن أن يكون تدوينا تقنيا أو توثيقيا استنساخيا للوقائع الماضية وفق مناهج مدرسية «حديدية» ،بقدر ما أنه صنعة مكتملة األركان قائمة على مبادئ مهيكلة أهمها الزمان والمكان واإلنسان، ومستندة إلى عدة منهجية واضحة أبرزها التجميع أو التوثيق ثم التفكيك والتحليل فالتركيب .وعلى هذا األساس ،فعملية التوثيق ال يمكن أن تكون إال حلقة فريدة في عملية بناء المادة التاريخية المستثمرة في الدراسة العلمية .ولعل هذا ما انتبه له المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون وهو يوضح –في مقدمته الشهيرة -على أن التاريخ علم «للنظر» و»للتدقيق» .وبما أن األمر كذلك ،فقد أضحى مثيرا تطاول كتاب وباحثين من مجاالت علمية مختلفة على هذا الحقل المعرفي ،ليس بهدف النهل من نتائج درس التاريخ، ولكن –أساسا -من أجل التحول إلى مؤرخين مفترضين ،يؤطرون نقاشات تاريخية ويخوضون في قضايا ماضية ويستخلصون ما يريدون استخالصه من دون أي تسلح بالزاد المنهجي الضروري لهذا المجال .لقد كان المؤرخ المغربي الراحل جرمان عياش محقا عندما صرخ في إحدى ندواته العلمية برحاب كلية اآلداب بالرباط نهاية ثمانينيات القرن الماضي صيحته الشهيرة« :حذار من تاريخ ال يكتبه المؤرخون» .كما كان المفكر المغربي عبد اهلل العروي دقيقا وهو يميز في كتابه المؤسس «مفهوم التاريخ» بين ما سماه بوظيفة «األراخ» وبين وظيفة المؤرخ .فاألراخ اإلسطوغرافي يظل مهووسا بالتجميع التقني وبالتدوين التحنيطي ،منهجيا ومعرفيا ،في ظل منطلقات تقليدانية تعيد كتابة النصوص والمدونات المتوارثة وفق رؤى دائرية في تتبع مسار نشأة الدول وتطورها وانهيارها ،...تركيزا على الرصد الكرونولوجي الحلقي المتمركز حول سير الحاكمين والنخب وطبقات األعيان ومجمل السلط المتحكمة في المسار العام لتطور الدولة والمجتمع محليا ووطنيا .أما «التاريخ اآلخر» ،تاريخ الهامش ،أو ما يسمى في بعض المدارس الغربية والعالمية بالتاريخ من أسفل أو بالتاريخ المنسي أو بتاريخ الحياة اليومية أو بمدرسة الحوليات أو بمدرسة الميكروتاريخ أو بمدرسة دراسات «التابع» ،حيث حياة المجتمع الواقعة في ظل التطورات الكبرى للدولة المركزية ،فيظل بعيدا عن مجال التداول ،نظرا ألن «األراخ» أو المؤرخ التقليداني يعتبره مجاال ألمور تقع في الهامش وقضايا من إنتاج «العامة» ،لذلك فقد أضحى ينظر إليها بتبخيس كبير جعلها بدون أي قيمة تستحق أن تكون موضوعا للبحث وللتأمل ولالشتغال.
-ما هي صفات المؤرخ الحق حسب تقديركم ؟
ليست هناك وصفة «إدارية» مرجعية تحدد صفات المؤرخ، وليست هناك ضوابط «حديدية» لرسم حدود صنعة كتابة التاريخ، بقدر ما أن ثمة ضوابط إجرائية متعارف عليها تجعل المادة العلمية المحصل عليها ،تكتسب قيمة محكمة يمكن االعتماد عليها في الدراسة األكاديمية التخصصية .تقوم هذه الضوابط اإلجرائية على اختزال أدوات الدراسة ،كل األدوات ،في نتائج الطفرات الهائلة التي يعرفها علم التاريخ خالل زماننا الحاضر. في هذا اإلطار ،ال يكون للمؤرخ أي والء إال لصدقية الضوابط النقدية العلمية المشار إليها أعاله ،وهي الضوابط التي تشكل ثورة معرفية ومنهجية داخل نسق اشتغال الكتابة الكالسيكية األرسطوغرافية في مستويات متداخلة ،أبرزها االبتعاد عن الكتابة النزوعية التي تنتج مادة تحت الطلب لتوظيفها في مجال التدافع السياسي والمجتمعي والثقافي ،وتوسيع مفهوم الوثيقة لتشمل الشواهد غير المدونة مثل التراث الرمزي الجماعي والمعتقدات الشعبية واإلبداع الشفاهي والتعبير اإليقوني الفطري ،ثم تحديث ذهنيات قراءة النصوص التاريخية عبر إخضاعها ألدوات النقد الداخلي والنقد الخارجي المتالزمين بشكل عضوي في أي قراءة للنصوص وللوثائق ،واالبتعاد عن تقديس األموات للتخلص من سلطهم الرمزية التي تستغلها النخب الكتساب الشرعيات أو لتبرير اإلخفاقات أو الختالق الزعامات .وقبل كل ذلك ،أضحى علم التاريخ منفتحا على نتائج العلوم األخرى وعلى عطاء األعمال اإلبداعية المدونة والشفاهية والتجسيدية على اختالف أنواعها وعلى تعدد مصادرها .ونتيجة لذلك ،بدأنا نسمع حديثا عن تاريخ السحر أو عن نظيمة األحالم أو عن بنية الفقر أو عن قضايا الجنس ...إلى غير ذلك من االهتمامات التي لم تكن لتخطر – إطالقا -في ذهن «األراخ» التقليداني المهووس بالوقائع الحدثية وبسير الملوك واألمراء والنخب والسلط المتحكمة في الدولة والمجتمع .ونتيجة لهذه الطفرة المنهجية والمعرفية ،أضحى علم التاريخ أكثر التحاما مع مجال العلوم الحقة أو الدقيقة ،من دون أن يفقد هويته المميزة كأحد روافد العلوم اإلنسانية الرحبة.
~وماذا عن إشكاالت المادة الوثائقية ودورها االرتكازي في البحث وفي التنقيب؟ نتحدث عن الوثيقة في مستوى أول ،ثم نتحدث عن قراءة الوثيقة في مستوى ثان .فوجود الوثيقة ،أو الشاهدة ،ال يمكن اعتباره –بأي حال من األحوال– دليال على صدقية النتائج المحصل عليها .فالمؤكد أن ما يصنع قوة الوثيقة ،يظل أمرا مرتبطا بأدوات الباحث وبعدته المنهجية في قراءة الوثيقة وفي تفكيك مضامينها
وفي مقارنة سياقاتها وفي إبراز تناقضاتها أو عناصر انسجامها. ولعل من األخطاء المسترسلة للعديد من الكتابات المنفتحة على حقل التاريخ ،وخاصة اإلعالمية منها ،اكتفاؤها بالتركيز على النص وعلى نقل مضامينه ،معتقدة أن مجرد الوقوف على وثيقة ما، يمكن أن يشكل عنصرا داعما للموقف وللرأي ،واألمثلة على ذلك دالة وكثيرة في واقعنا اليومي .األمر ليس كذلك على اإلطالق من زاوية البحث التاريخي المتخصص الذي يسائل التفاصيل ويبحث في البياضات ويستنطق المسكوت عنه .وعلى أساس ذلك، يمكن أن يقدم المؤرخ خالصاته التي تبقى أسئلة متجددة وال متناهية ،بتجدد المواد المصدرية أو الوثائقية الداعمة/أو المفندة للمضامين وللسياقات .لكل ذلك ،يبدو أن وظيفة التوثيق هي أعقد مما يعتقده الكثير ممن يستعمل هذا المصطلح في سياق االستهالك اإلعالمي التحنيطي.
~يجرنا ذلك للحديث عن انشغاالتكم بالبحث في تاريخ منطقة الشمال .كيف تقرؤون رصيد منجزكم؟
ال شك أن قراءة هذا الرصيد تجرنا –بالضرورة -إلى استحضار ظاهرة تعاقب األجيال في الكتابة عن تاريخ المنطقة .فاألمر يتعلق بسلسلة غير منقطعة الحلقات من األعمال المؤسسة التي وضعت بذرة دوحة العطاء العلمي الخاص بهذا المجال .ال أتحدث عن الكتابات العامة التي تناولت قضايا المنطقة داخل االهتمامات الوطنية الواسعة ،ولكن بأعمال تأصيلية اتخذت من مجاالت منطقة الشمال ،ومن سير أعالمها ،ومن ثراء ثرواتها المكانية، ومن غنى تراثها الرمزي ،أفقا مشرعا أمام البحث المونوغرافي والتنقيب التشريحي والسؤال التفكيكي .أسوق هذا التحديد اإلجرائي ،وأنا أستحضر كتابات الرواد المؤسسين ،من أمثال الفقيه اسكيرج صاحب كتاب «رياض البهجة في أخبار طنجة» ،والفقيه الرهوني صاحب كتاب «عمدة الراوين في تاريخ تطاون» ،والفقيه محمد داود صاحب كتاب «تاريخ تطوان» ،والعالمة عبد اهلل كنون صاحب كتاب «النبوغ المغربي» ،والمفكر الصوفي الشيخ التهامي الوزاني صاحب كتاب «الزاوية» .بعد ذلك ،ومنذ منتصف ستينيات القرن الماضي ،تعزز المجال بصعود أسماء الجيل الموالي الذي حمل لواء تطوير الكتابة التاريخية بمنطقة الشمال ،زاده في ذلك، تكوين أكاديمي متين ،وسنده في البحث استغالل مكين لذخائر األرشيفات الوطنية والدولية ،وسالحه في العمل انفتاح على تطور مجاالت البحث التاريخي ومناهجه العلمية حسب ما أنتجته أرقى التجارب العالمية المتنوعة .وبفضل جهود هذا الرعيل ،أمكن الحديث عن إعادة مقاربة القضايا الكبرى لمنطقة الشمال ،في مختلف الحقب التاريخية ،القديمة والوسيطة والحديثة والمعاصرة والراهنة .أستشهد في هذا الباب ،على سبيل المثال ال الحصر، بأعمال محمد األمين البزاز ،وعبد العزيز خلوق التمسماني ،ومحمد ابن عزوز حكيم ،وامحمد بن عبود ،وعبد المجيد بنجلون ،ومحمد الشريف ،ومصطفى غطيس ،ومحمد خرشيش ،وعبد الحفيظ حمان ،ومحمد مغراوي ،وعبد اهلل المرابط الترغي ...،واستمر تدفق نهر التطور والعطاء وإنضاج تجارب البحث األكاديمي مع التحاق متوال لخريجي الجامعات المغربية الراهنة وتعزيزهم لهذا المسار ،مثلما هو الحال مع تجارب األساتذة رشيد العفاقي، ومصطفى المرون ،وخالد طحطح ،وأنس الفياللي ،وسعيد الحاجي، وعمر أشهبار...، ولعل من األمور المثيرة بالنسبة للمنطقة ،ذاك الجمع الفريد بين العطاء األكاديمي من جهة ،وبين تطوير سوق النشر اإلعالمي المتخصص ،بشكل قد ال نجد مثيال له في باقي جهات المغرب ،مثلما هو الحال مع «مجلة دار النيابة» التي كان يصدرها المرحومان عبد العزيز خلوق التمسماني ومحمد األمين البزاز، ومجلة «الطنجيون» التي كان يصدرها المرحوم عبد العزيز خلوق التمسماني ،ومجلة «الوثائق الوطنية» ومجلة «الجيوب المغربية السليبة» وجريدة «الحياة» وجريدة «الريف» ...التي كان يصدرها المرحوم محمد ابن عزوز حكيم .والزال األمر متواصال بصدور
دوريات متخصصة ،ومحكمة ،مختصة في قضايا التراث الحضاري لمنطقة الشمال ،مثلما هو الحال مع مجلة «الزقاق» التي يشرف عليها األستاذ رشيد العفاقي ،ومجلة «سيميائيات» التي يشرف عليها األستاذ نزار التجديتي ،و»مجلة الذاكرة» التي يصدرها مركز الريف للتراث والدراسات واألبحاث بالناظور...، وأضيف إلى ذلك ،أن البحث التاريخي بمنطقة الشمال، عرف انفتاحا على العمل الجمعوي وعلى استثمار ممكناته الكفيلة بإسناد درس التاريخ داخل الجامعة وتوفير الحضن المالئم لالنتشار ولتحقيق التواصل الضروري مع الوسط الحي والمتغير للمجتمع. في هذا اإلطار ،برزت الكثير من المؤسسات والجمعيات المحلية التي أصبح لها دور مركزي في تعميم تداول المعرفة التاريخية، نشرا وتدوينا واحتفاءا ،مثلما هو الحال –على سبيل المثال ال الحصر -مع جمعية تطاون أسمير ومؤسسة امحمد أحمد بن عبود ومؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة بمدينة تطوان ،وجمعية ابن خلدون للبحث التاريخي واالجتماعي بأصيال ،وجمعية ذاكرة الريف بالحسيمة ،وجمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر الكبير ...،كما برزت العديد من األسماء التي أضحت تكتسي صيتا وطنيا ،وأحيانا دوليا ،بفضل هذا العمل الراشد والمؤسس ،من أمثال األساتذة محمد أخريف ومحمد العربي العسري ومصطفى الطريبق وعبد السالم القيسي ومحمد بنخليفة بمدينة القصر الكبير ،وامحمد بن عبود وعبد العزيز السعود وإسماعيل شارية بمدينة تطوان ،وعمر لمعلم وفؤاد الغلبزوري بمدينة الحسيمة، ومصطفى زيان ومصطفى المهماه بمدينة أصيال ،وعزيز قنجاع بمدينة العرائش...، ولعل من حسنات تزايد الوعي المدني والمؤسساتي بقيمة االهتمام باإلرث التاريخي لمنطقة الشمال في أفق جعله قاعدة لتحقيق التنمية الثقافية المنشودة ،تواتر صدور اإلصدارات الثقافية والمتخصصة ذات الصلة بهذا المجال ،إلى جانب تزايد الوعي بضرورة تأهيل الفضاءات التاريخية للمدن العتيقة ،حفاظا عليها من عوادي اإلنسان والزمن .وأستحضر –في هذا اإلطار- المشروع الهام الذي اشتغل عليه األستاذ امحمد بن عبود لمدة زمنية طويلة داخل جمعية تطاون أسمير ،متخذا أبعادا تراثية معمارية متعددة وشواهد رمزية غنية ،أهمها ،إعادة ترتيب المواقع األثرية للمدينة العتيقة لتطوان ،وتصنيفها ،لدى اليونسكو، تراثا ثقافيا عالميا ،وإعادة تهيئة مقابر المدينة العتيقة ،وإصدار أقراص مدمجة حول المواقع األثرية لمدينتي تطوان وشفشاون. وفي نفس اإلطار ،أستحضر كذلك عمليات الترميم الشاملة التي خضعت لها األسوار والقالع البرتغالية بمدينة أصيال ،وهي العملية التي أشرفت عليها «مؤسسة منتدى أصيلة» بدعم من شركاء برتغاليين ،وعلى رأسهم مؤسسة كالوست كولنبكيان المتخصصة في صيانة التراث العمراني البرتغالي الموجود خارج حدود دولة البرتغال ،أي الموجود بالمناطق التي سبق وأن خضعت لالحتالل البرتغالي ،مثل البرازيل وأنغوال والمدن الساحلية األطلنتية المغربية .وأستحضر في نفس السياق ،العمل التنقيبي الهام الذي قام به األستاذ محمد أخريف عند اكتشافه لمطفية الجامع الكبير بالقصر الكبير .وإذا أضفنا تزايد عدد البعثات األركيولوجية، المغربية والدولية ،المشتغلة في العديد من المواقع األثرية القديمة والوسيطية ،إلى جانب إصدار المعهد الوطني لعلوم اآلثار والتراث بالرباط ألول خريطة أركيولوجية لمنطقة الشمال، أمكن القول إن األمر يتعلق –في نهاية المطاف -بوعي حضاري متزايد ،البد وأن يعيد تثمين عطاء درس التاريخ وربطه بانتظاراتنا الجماعية في تحقيق التنمية الثقافية المؤجلة. وبطبيعة الحال ،فإن ترسخ هذا الوعي ارتبط باإلشعاع الذي أضحى لشعبة التاريخ داخل كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بتطوان ،وبمبادراتها العلمية الرفيعة التي اتخذت شكل إصدارات متخصصة ولقاءات وندوات وأيام دراسية وأطاريح جامعية مسترسلة فتحت الباب مشرعا أمام جيل جديد من الباحثين الشباب لالنخراط في مشاريع كتابة تاريخ المنطقة وفي تثمين قيمها الحضارية الكبرى... (تتمة الحوار في العدد القادم)
20
العدد n 1051ال�سبت 26 - 20يونيو 2020
ال�شمـال
األخيرة في حوار مع الباحث في تاريخ منطقة الشمال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
األستاذ أسامة الزكاري.. درس التاريخ ..مناهج ورؤى وقضايا ،وتراكمات البحث في ماضي منطقة الشمال
حاوره :عبد اإلله المويسي
~األستاذ أسامة الزكاري ،مرحبا بكم ضيفا على قراء جريدة «الشمال» ،في حوار نريده أن يكون مفتوحا على مجمل اهتماماتكم الثقافية. في البداية ،أود أن أتوجه إليكم صديقي الكاتب والمبدع عبد اإلله المويسي ،بتشكراتي الصادقة وبامتناني الكبير ،على مبادرتكم بإعداد هذا الحوار مع شخصي المتواضع .وهي مناسبة أستغلها ألشد على أيديكم بحرارة ،منوها بالطاقة الجديدة وبالنفس الفعال الذي أضفتموه لجريدة «الشمال» ،بعد تحملكم مسؤولية رئاسة هيئة تحريرها ،ففي ذلك تجسيد لحلمنا الجماعي في ضمان استمرار جذوة جريدة «الشمال» متقدة ،مؤثرة ،وراقية ،داخل وسط موبوء يحمل في طياته كل عوامل اإلحباط والتيئيس والتبخيس.
الشمال ،كما تالقحت تاريخيا ،واغتنت معرفيا ،وتبلورت في شكل مشاريع ثقافية وفكرية مجددة. والحقيقة ،أني أدين للمرحوم خالد مشبال بالشيء الكثير ،فمنه تعلمت معنى اإلخالص في حب القضايا التي نؤمن بها ،ومعنى الوفاء في الكتابة ،ومعنى الصدق في التقصي ،وقبل كل ذلك ،معنى احترام المتلقي في كل ما نكتب وفي كل ما ننتج وما ننشر .لذلك ،فخالد مشبال يظل مدرس إعالمية رائدة ،جمعت بين االحترافية العالية من جهة أولى ،وبين األخالق السامية من جهة ثانية ،وبين الولع بعشق منطقة الشمال باعتبارها قضيته المركزية في الوجود من جهة رابعة. التقت إرادته مع إرادة رفيقه عبد الحق بخات ،باستثمار شبكة هائلة من العالقات اإلنسانية ومن الصداقات الحميمية ومن الثقة المتبادلة ومن المصداقية غير المتنازع حولها ،لتثمر هذه الدوحة السامقة المسماة
~نبدأ بسؤال تقليدي ،أريد من خالله أن أضع القارئ أمام أسامة الزكاري .وهذا المطلب هو في الحقيقة ضروري لوضع القارئ ضمن سياقات هذا الحوار على امتداد خريطة جمهور التلقي العربي واإلنساني الذي يتابعنا.
أشير إلى أنني من مواليد سنة 1966بمدينة أصيال ،حيث تلقيت تعليمي االبتدائي والثانوي ،قبل أن ألتحق بجامعتي تطوان ثم الرباط لمتابعة التكوين الجامعي .وأعتقد أن سيرتي الشخصية ال تحمل عناصر االختالف أو التميز عن ما كان سائدا بالنسبة لجيل نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الماضي ،خاصة على مستوى شروط التكوين الموازي داخل اإلطارات الجمعوية والحزبية ،في مرحلة تاريخية كانت تعرف تصاعد الخطاب اليساري وامتداداته على مختلف مجاالت الفعل السياسي والنقابي والثقافي .هي مرحلة المد االشتراكي التي صنعت الكثير من التجارب الفكرية والثقافية ،وطنيا وعالميا ،وجعلتها تتحول إلى إطار مرجعي ناظم في مجمل عناصر بناء شخصيتنا الثقافية .وبموازاة تصاعد المد االشتراكي وسطوته اإلعالمية والتواصلية الواسعة للمرحلة المذكورة ،تفاعلنا بشكل كبير –كذلك– مع تصاعد الخطابات القومية التي كانت تهب رياحها من المشرق العربي تحت تسميات متعددة وبحموالت إيديولوجية شتى، جعلت من القضية الفلسطينية محورها المركزي في التنظير لواقع «األمة العربية» وفي خلق استيهاماتها وتمثالتها الطوباوية لواقع الحال وآلفاق المآل .وبطبيعة الحال ،فإن نرجسية الخطاب ودوغمائية الموقف في ظل سطوة التيارات االشتراكية والقومية ،جعلتني أنخرط –كما هو حال الغالبية الساحقة من أبناء الجيل الذي أنتمي إليه– في مغامرة «تغيير العالم» انطالقا من قناعات استنساخية وسريعة ،كان البد أن نعود لمراجعتها ولمساءلتها خالل المراحل الموالية ،وإلى حدود المرحلة الراهنة.
~واكبتم تجربة جريدة «الشمال» منذ بدايتها. كيف تقرؤون الحصيلة؟ لقد كان لي شرف مواكبة تجربة جريدة «الشمال» منذ صدور أول عدد منها يوم 15نوفمبر من سنة ،1999كمنبر مبادر ،اعتبره المتابعون واإلعالميون أول جريدة جهوية بمعناها االحترافي الخالص .وال شك أن الفضل في صناعة تميز الجريدة ،وفي ريادتها للتأصيل لقضايا منطقة الشمال ،تاريخيا وثقافيا وسياسيا وحقوقيا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا، يعود إلى مهندس الفكرة ،ومنفذ المشروع ،وصانع توهج المبدأ ،المرحوم خالد مشبال .لقد استطاع األستاذ مشبال تحقيق حلم طال تأجيله ،عندما نجح في استقطاب نخبة من كتاب منطقة الشمال ومن مبدعيها ومن مؤرخيها ومن فنانيها ومن مثقفيها ،ليجعلوا من الجريدة منتدى مفتوحا على قضايا الفكر والحوار الكفيلة بالتأصيل للهوية الثقافية لمنطقة
جريدة «الشمال» ،خيمتنا الجماعية في االرتقاء بالجهة وفي االحتفاء بذاكرتها وفي تعزيز مكانتها. لقد أتاحت لي الكتابة في الجريدة في كل أعدادها منذ سنة 1999 إلى يومنا هذا ،فرصا ثمينة للتعرف على أسماء وازنة من األقالم التي صنعت تميز الجريدة داخل بهاء الحقل المعرفي والثقافي واإلعالمي للشمال ،من أمثال خالد مشبال ،وأمينة السوسي ،ومحمد ابن عزوز حكيم ،وعبد الصمد العشاب ،ومحمد العياشي الحمدوني ،وعبد العزيز التمسماني خلوق ،وعبد القادر الرزيني ،ورضوان احدادو ،ومحمد الحبيب الخراز ،ومصطفى المرون ،وعبد اللطيف شهبون ،وزبيدة الورياغلي، والبشير المسري ،ومحمد العربي المساري ،وأحمد إحدوثن ،وعمر أجانا، وعبد اهلل المرابط الترغي ،وخالد سليكي ،ورشيد العفاقي ،وإدريس علوش ،وبوزيد بوعبيد ،وأحمد بن يسف ،وهدى المجاطي ،وأبو الخير الناصري ،ونبوية العشاب ،ومحمد أبو الوفاء ،وعبد الرحيم الجباري...، والالئحة طويلة. أسماء على أسماء ،وتجارب على تجارب ،ومبادرات على مبادرات،
احتضنتها جريدة «الشمال» ،بعد أن جعلت منها منبرا مفتوحا أمام تلقيح اإلسهامات ،وتجديد الصلة بالتراث اإلبداعي الخالد لمنطقة الشمال في مجال النشر الراشد ،وفي مجال سوق تلقي المعرفة والفكر والفن والثقافة والتوجيه السياسي النزيه ،في ما يمكن أن أصفه باالمتداد األصيل لعمل جرائد مرحلة االستعمار ومجالتها الصادرة بالمنطقة الخليفية ،مثل جرائد «الحرية» و»األخبار» و»الريف» ومجلة «المعتمد» ومجلة «األنيس» ...ففي ظل حالة التردي في مشاريع العمل اإلعالمي الجهوي ،ظل صوت جريدة «الشمال» صادحا بالتميز ،وبالعطاء ،وبالقدرة على ضمان االستمرارية الناجعة في تنظيم االشتغال على مكونات الهوية الثقافية لمنطقة الشمال ،بجناحيها الرئيسيين ،منطقة جبالة ومنطقة الريف.
~من المعروف أن األستاذ أسامة الزكاري من أهم الباحثين المهتمين بحقل الذاكرة الوطنية ،حيث أصدرتم عدة أعمال بهذا الخصوص .في نظركم ،ما هي حدود العالقة بين التاريخ والذاكرة؟
بطبيعة الحال« ،فدرس التاريخ» الراهن ،أضحى يكتسي الكثير من عناصر التجديد والجرأة على طرح األسئلة المغيبة من بين متون الكتابات واإلسطوغرافيات التقليدية ،وكذلك المجددة .وكما تعرفون، فعلم التاريخ عرف تطورات منهجية هائلة ،جعلت البعض ينحو إلى تصنيفه في مرتبة أعلى من العلوم اإلنسانية ،وقريبا من سقف اشتغال العلوم الحقة .وداخل هذا المنحى ،كان البد أن يكتسب مجال الدراسة حسا نقديا مؤسسا ،يسائل الشواهد ،ويفكك المتون ،ويعيد تركيب الوقائع على أساس الرؤى التشريحية الفاحصة التي ال تطمئن لليقينيات ،في مقابل تقديسها لقيمة السؤال ولفضيلة الشك ،وهما من العناصر التي ينهض عليها النقد التاريخي المعاصر ،سواء على مستوى طرق تجميع مواد الدراسة ،أم على مستوى تصنيفها وتحليلها وتشريحها وتفكيك بناها ،ثم إعادة تركيب خالصاتها ونتائجها .وهي الخالصات والنتائج التي تبقى –دائما– مفتوحة على رحابة السؤال وعلى أدوات النقد التاريخي ،الداخلي والخارجي ،كما هو معروف ومتداول لدى الباحثين والمتخصصين. في هذا اإلطار ،أصبح الباحثون المتخصصون في ما يعرف اليوم بتاريخ الزمن الراهن ،يميزون بين الذاكرة الجماعية من جهة أولى، ثم بين الذاكرة التاريخية من جهة ثانية .فالذاكرة الجماعية تنهض على مجموع التراكمات والمرويات وأنساق التعبير الجماعية التي يحققها المجتمع في سياق تطوراته التاريخية الطويلة المدى ،حسب التفسير الذي يقدمه المؤرخ الفرنسي فرنان بروديل .هي ذاكرة تجمع «كل شيء» وتقول «كل شيء» ،تستجيب لنهم العاطفة والنزياحات الذات نحو تحقيق عوالمها النرجسية ونحو «الدفن الرمزي» ألعطابها المزمنة على مستوى الفكر والممارسة .لذلك ،فإن الذاكرة الجماعية تحمل كل عناصر التمايز والتنافر والتناقض ،بفعل تحررها من صرامة التعاطي العلمي ،وبحكم نزوعها نحو االحتفاء بزعاماتها وببطوالتها وبفتوحاتها ،داخل سياقات وظيفية تنتج ركاما من التعبيرات الجماعية غير المتجانسة حول الواقع والتاريخ والوجود .ولعل في سيل المذكرات الشخصية التي تصدر هنا وهناك ،خير تأكيد على آفاق هذا النمط من الكتابة على قاعدة استثمار عناصر الذاكرة الجماعية ،بأنساقها الثقافية والرمزية المجردة ،وبتعبيراتها السلوكية والمادية المباشرة. أما الذاكرة التاريخية ،فهي استقراء تشريحي لمضامين الذاكرة الجماعية ،وفق رؤى تفكيكية علمية ،تسعى إلى مساءلة المضامين من زاوية القراءة النقدية التي حددنا أهم معالمها أعاله .فهي ال تقبل باليوطوبيات وال باالستيهامات الشوفينية وال باألحالم العاطفية النرجسية ،بقدر ما أنها تعيد تقييم الوقائع والسياقات واالمتدادات من زاوية النقد التاريخي المخلص ألدواته ولمناهجه وآلفاقه ،أوال وأخيرا. تتمة الحوار (ص )19