املدير امل�سوؤول :عبد احلق بخات
التعاون جنوب جنوب..
ـ رئي�س التحرير :عبد الإله املوي�سي ـ الهاتف 05.39.94.30.08 :ـ الفاك�س 05.39.94.57.09 :ـ العدد 1052ـ الثمن 4دراهم ـ ال�سبت 5ذو القعدة 27 / 1441يونيــو 2020
الدر�س املغربي امللحق القانوين
إعالم جهوي متقدم
ال�سياحة باملغرب
القلق املرتقب..
عودة القت�ساد الوطني
مرا�سالت اأ�سبوعية خا�سة بجريدة «ال�سمال» من فرن�سا بلجيكا وهولندا اأحداث جهة طنجة تطوان احل�سيمة ال�سرطة الإدارية واملحلية باملغرب يف ظل كورونا
جريدة يوميـة جهـوية وطنية ت�سدر موؤقتـ ًا كـل اأ�سبـوع • الإدارة ،التحريـر ،الإ�سهـار 7 :مكرر ،زنقة عمر بن عبد العزيـز • الربيد الإلكـرتونـي info@achamal.ma :ـ املوقع الإلكرتوين www.achamal.ma :
2
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma الشمال من
عودة االقت�صاد الوطني • عبد اإلله المويسي mouissijaridatchamal.2019@gmail.com
أكيد أن وتيرة االقتصاد المغربي عرفت تقهقرا سيئا إبان مرحلة هيجان وباء كرورنا ،وأكيد أن مرافق اقتصادية عديدة تضررت من ذلك .فاألمر مسّ تقريبا كل القطاعات الحيوية ...في الصناعة في الفالحة وفي التجارة. غير أننا ،ومع قرار الرفع التدريجي للحجر الصحي ،وتقسيم المملكة إلى منطقتين وبائيتين ،قصد محاصرة االنتشار العشوائي للوباء ،فإن قطاعات اقتصادية كثيرة بدأت عودتها للدوران من جديد .طبعا وفق االلتزام الحازم بالشروط الصحية المنصوص عليها من قبل الخبراء الصحيين بالمغرب .فبعد أكثر من ثالثة أشهر تمرّ على ولوج المملكة حالة العزل الكامل ،ها نحن نالحظ إيقاعا مضطردا في شروع العديد من الشركات والمحالت التجارية والمقاهي والمطاعم وعموم المرافق ذات المصلحة العمومية في فتح أبوابها مع المغاربة لقضاء شتى أشكال احتياجاتهم .غير أن األمر يستدعي توضيحا مفصليا ،وهو أن هذه العودة االقتصادية لم تعدم أبدا استراتيجية االستناد إلى طقوس وتقاليد جديدة في دينامية سوق العمل ،ولم تعدم تبني شروط صحية أشد صرامة في ما يتعلق بااللتزام بجميع مستلزمات الوقاية من ارتداء للكمامات وتحقيق للتباعد الجسدي الجغرافي ،وتوفير كل متطلبات وسائل التعقيم ووضع الحواجز الواقية وتهوية فضاءات التجمعات العملية. وبالتوازي مع ذلك ،أطلق المغرب حملة وطنية لتشخيص وباء «كوفيد »-19لدى العمال في مجموع شركات القطاع الخاص ،قصد تحقيق المحاصرة الشديدة النتشار الوباء من جانب ،وقصد معاينة حجم التزام مسؤولي هذه الشركات بالقرارات الحكومية الوقائية.. ومعلوم أن جاللة الملك محمد السادس ،وفي أفق استئناف األنشطة االقتصادية في ظروف آمنة كليا ،دعا وزارة الصحة لجعل جميع مواردها المادية والبشرية في الخدمة العاجلة من أجل القيام بعملية تشخيص واسعة.
المدير المسؤول :
عبد احلــق بخــات رئيس التحرير :
يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً ؤقتا كل �أ�سبوع
املوقع الإلكرتوين : www.achamal.com ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة
عبد الإلـه املـوي�سـي سكرتارية التحرير :
محمد �إمغران محمد وطـا�ش م�صطفى ال�سباعي
Journal Achamal 2000
من جانبه كان السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قد عقد في األيام األخيرة لقاءات مكثفة مع األحزاب والنقابات وممثلي الشركات والفئات المهنية لتدبير مرحلة ما بعد رفع الحجر الصحي ومواجهة التداعيات االقتصادية واالجتماعية التي خ ّلفها التوقف االقتصادي في مرحلة الطوارئ الصحية. ومعلوم أيضا أن جمعية اتحاد التجار والمستوردين بالدار البيضاء كانت بدورها قد عرضت في لقائها مع الحكومة اإلجراءات التي تقترحها من أجل إنجاح عودة النشاط االقتصادي المغربي إلى الواجهة. من بين هذه االقتراحات التي اعتمدتها الجمعية تنظيم حمالت توعوية في صفوف التجار تشدد على إجراءات الوقاية األساسية وتنظيم العمل بشكل يراعي التباعد الجسدي ،واعتماد التكنولوجيا في التواصل مع عمالئهم. وتعمل الحكومة حسب ما أعلن رئيسها سعد الدين العثماني في لقاءات مختلفة على وضع خطة إلنعاش االقتصاد تقوم باألساس على تعديل موزانة ،2020وهي الخطة التي ينتظر تقديمها في األسابيع القليلة المقبلة. وتراعي الموازنة المعدلة توقعات تراجع معدل النمو وانخفاض المداخيل الضريبية وتركز على االستثمارات العمومية ،وينتظر عرض التوجهات العامة لهذه الموازنة قريبا على المجلس الوزاري الذي يترأسه الملك المغربي وبعده على المجلس الحكومي ثم إحالتها إلى البرلمان. وستكون أولوياتها -حسب رئيس الحكومة -هي التعليم والبحث العلمي والصحة والتشغيل والحماية االجتماعية ودعم اإلنتاج الوطني والتحول الرقمي.
هيئة التحرير :
عبد اللطيف �شهبون زبيـدة الورياغلـي �أ�سامـة الزكــاري ر�ضوان احدادو هـدى املجـاطـي محمد �سـدحــي عبد احلـي مفتـاح
اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة :
محمد طارق بخات التصفيف واإلخراج :
ح�سن �أ« .جريـدة ال�شمـال» عنوان التحرير والمراسالت والتسويق واإلشهار :
7مكـرر ،زنقة عمـر بـن عبد العزيز ـ طنجــة ـ
قطرات مداد ُ
• محمد إمغران
مبعزل عن اجلائحة
القطاع ال�صحي يحتاج �إلى كبريعمل... هل ستأخذ السلطات المغربية العبرة من جائحة «كورونا» خاصة على مستوى المنظومة الصحية ،للعمل غدا ما بعد الوباء ،بنفس جديد واستراتيجية جديدة وبروح المواطنة ،إلنصاف قطاع الصحة «المهلوك» وكذا العاملين فيه والمحتاجين إلى خدماته من أبناء هذا الوطن ؟ صحيح أن خالد أيت الطالب ،وزير الصحة ،كان أشارإلى أن الوضعية الوبائية التي تمر منها بالدنا اليوم« ،جد مطمئنة» ،وذلك بفضل التعليمات النيرة لصاحب الجاللة الملك محمد السادس التي مكنت من تجنيب بالدنا أسوأ االحتماالت المرتبطة بفيروس «كورونا» المستجد ،وذلك خالل ندوة افتراضية ،فتحت ،مؤخرا ،أمام مهنيي الصحة واإلعالم ،نظمتها الجمعية الوطنية للمصحات الخاصة حول موضوع «جائحة كورونا :حصيلة المصحات الخاصة». وأعرب الوزير عن ارتياحه لكون المنظومة الصحية استطاعت التفوق في تجاوز هذه المحنة بكل قوة و شجاعة ،مقارنة مع أنظمة صحية في بلدان متقدمة وقوية اقتصاديا ولها إمكانيات كبرى في هذا الباب ،من خالل االعتماد على تعبئة وتظافر جهود جميع المتدخلين ،مبرزا في هذا السياق أن نسبة التعافي من اإلصابة بالفيروس بلغت 90في المائة ،بينما لم تتجاوز نسبة الوفيات 5ر 2في المائة.لكن كل هذا اليعني بأن قطاعنا الصحي بألف خير ،بل هومحتاج كثيرا إلى جرعات عالجية على أكثر من مستوى ،بدليل صورة المعيش اليومي التي أراها أنا وأنت وهو وهي ونحن وأنتم من السواد األعظم من المواطنين. ورجوعا إلى الندوة ذاتها أوضح الوزير أن عملية إجراء اختبارات الكشف عن هذا الفيروس في أوساط األجراء والمهنيين ستمكن من تدارك العجز االقتصادي الذي تم تسجيله خالل فترة الحجر الصحي ،وستسمح بعودة الدورة االقتصادية إلى ديناميتها وحياتها الطبيعية تدريجيا ،مذكرا في هذا الصدد بضرورة الحرص على احترام التدابير الوقائية للحيلولة دون انتشار العدوى، وعلى رأسها التباعد الجسدي ووضع الكمامات والحرص على النظافة والتعقيم ،لكي تخرج بالدنا ،منتصرة صحيا واقتصاديا واجتماعيا .وارتباطا بموضوع الندوة ،نوه الوزير بانخراط المصحات الخاصة إلى جانب باقي المتدخلين في مواجهة هذه الجائحة ،مبرزا أنها أبلت بالء حسنا ،إذ ساهمت من جانبها بمجموعة من التجهيزات والمعدات، وتكلفت باحتضان وعالج عدد من المرضى ،كما أن أطرها انخرطوا إلى جانب زمالئهم في القطاع العمومي ،لمتابعة الوضع الصحي للمرضى بمصالح اإلنعاش والعناية المركزة .كما أضاف المتحدث أن المصحات الخاصة عبرت وطنيا عن استعدادها للسيرعلى نفس المنوال بالدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وفاس وغيرها من المدن، ووضعت نفسها رهن إشارة وزارة الصحة ،لخدمة المغاربة في هذه األزمة الصحية ،موضحا أن هذه المجهودات تأتي لتؤكد أن المنظومة الصحية متماسكة وأن القطاع الصحي جسد واحد ،مدنيا كان أو عسكريا ،عموميا أو خاصا ،أساتذة وأطباء وغيرهم من المهنيين ،الكل في خندق واحد ،مؤكدا ضرورة تعزيز هذا العمل المشترك ورص صفوف هذا البنيان وتقويته لمواجهة كل اإلكراهات التي تعترض سبل تطوير المنظومة الصحية ببالدنا من أجل تلبية االحتياجات الصحية للمواطنات والمواطنين ولضمان ولوجهم السلس إلى العالج. والحق أقول إن كل ما تداوله الوزيرالمحترم ،خالل الندوة المذكورة ،أمريثلج الصدر ،لكنه يدخل في إطار التصريحات الرسمية المألوفة لدى كل وزير في قطاعه، بينما الواقع «الصحي»ببالدنا ،كما يراه عموم الناس، يحتاج وبمعزل عن الجائحة إلى كبيرعمل ،من تفان وإخالص ومواطنة وأمانة وإنصاف وضخ إضافي في ميزانية القطاع.
الهاتــف :
05.39.94.30.08 06.22.45.30.67
الفاكــ�س :
05.39.94.57.09
الربيد الإلكرتوين :
info@achamal.com achamal2000 @gmail.com
سحب من هذا العدد :
� 10آالف ن�سخــة التوزيع:
�سبـريــ�س Sapress
الإيداع القانوين99/10 : ر.د.م.ك:
I.S.S.N : 1114-1832
3
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
درد شة
م�صطفى حجاج
دردشة تخطى عتبة السبعين بأشواط وأشواط ،ومع هذا لم يبارح مرحلة الرجولة ،وظل متماسكا قوي البنيان ،متفائال بالحياة ،وبما تحمل في طياتها من مستجدات. وكم تساءل خلطاؤه ورفقاؤه عن الوصفة السحرية التي يتناولها في خُفية عن األعين ،فلم يجدوا إليها سبيال. ولو فكروا وقدروا ،وفكروا ثم قدروا ،وراقبوا حركاته وسكناته ،الهتدوا إلى السر، وللمسوه بأيديهم ،إنه برودة الدم ،أو ضبط النفس ،وهو الوصفة الطبية التي وصفها الرسول االكرم لصحابي حين قال له« :ال تغضب». هذا هو شعاره ،وقد طبقه في كافة أطوار حياته. طبقه مع زوجته ورفيقة دربه ،فمهما بلغت درجة غليانها وانفعالها ،إال وتجده يتمسك باآلية الكريمة« :ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة» رغبة منه في أن تسير حياته الزوجية سيرة األولين من السلف الصالح وطبقه مع أبنائه ،فيلبي طلباتهم على قدر المستطاع ،ويوفر حاجياتهم في الحدود التي يسمح بها دخله ،فإذا فلتت أعصابهم ،حاول ضبطهم بالحكمة والموعظة الحسنة وتمسك بهذا الشعار في عالقته بأصدقائه ،فال يجاريهم إذا ما رفعوا أصواتهم ،وال يقابل السيئة بالسيئة ،وإنما يضع الصداقة موضع التقدير والتقديس ،فرب أخ لك لم تلده أمك. والنتيجة ،أنه ظل محتفظا بلياقته البدنية والنفسية ،محافظا على مظهره ،حامدا اهلل على نعمة العافية. وخوفا من أعين الحساد ،يُكثر من قراءة المعوذتين باألسحار ،وآناء الليل وأطراف النهار ،وإذا سأل اهلل في سجوده ،سأله العافية. قد يعتقد البعض ،أن الرجل زاهد في الحياة ومتاعها ،واعتقادهم هذا خاطئ ،فهو متابع جيد لبرامج التلفاز ،يجلس الساعات الطوال ،يشاهد مباريات كرة القدم ،ويتابع بعض المسلسالت الجادة الهادفة ،وهو من الذين يفتحون الكتب بين الحين والحين، ويتصفحون الجرائد والمجالت في كل وقت وحين. فلنمسك الخشب ،ولنردد :اللهم ال حسد.
في حوار مع رئيس الجماعة القروية بني أحمد الشرقية
«نطمح �إلى �أن نكون يف م�ستوى تطلعات �سكان اال�ستثنائية» اجلماعة يف هذه الظروف -
أجرى الحوار عبدالحي مفتاح
°خليل النعواش تقلد منصب رئيس جماعة بني أحمد الشرقية عن حزب التجمع الوطني لألحرار منذ فاتح من غشت 2018خلفا لمحمد عسو الذي قدم استقالته لكبر سنه و فضل ترك المجال للكفاءات الشابة لخوض تجربة قيادة سفينة الجماعة ،ويشتغل خليل النعواش حاليا مديرا لثانوية إعدادية بمدينة شفشاون بعد أن قضى سنوات مدرسا في القسم. وقد كان لنا معه هذا الحوار المقتضب إلطالع قراء الجريدة بإقليم شفشاون خاصة على مساهمة جماعته في مكافحة وباء كورونا إلى جانب السلطات الترابية والمجتمع المدني وباقي الفاعلين. س :لقد اتخذت السلطات ببالدنا عدة إجراءات استباقية ع��ل��ى ال��م��س��ت��وى ال��وق��ائ��ي والصحي واالجتماعي والمالي لتطويق اآلث����ار الوخيمة المحتملة لوباء كورونا على المنظومة الصحية وبالتالي على الحق في الحياة والسالمة الصحية للمواطنين ،وقد حظيت هذه اإلجراءات بتنويه كبير من مختلف دول العالم، وخاصة بأوروبا .ما تقييمكم ل��ه��ذه اإلج������راءات ،و كيف ساهمت الجماعة القروية التي تترأسونها في هذا المجهود الوطني إلى جانب السلطات اإلدارية وباقي الفاعلين. ج :أدركت الدولة حجم الخطر الذي يمثله فيروس كورونابعدما عاينت
بأم عينها كيف طأطأ الوباء بسرعة رؤوس دول صناعية أوروبية كبرى،وجعل أنظمتها الصحية المتطوّرة شبه عاجزة عن مواجهة زحف الفيروس األحمر، حتى بات حالها أقرب ما يكون إلى الوضع المألوف في البلدان النامية. لذا تبنّت السلطات المغربية خطة استباقية ،بنية على قرارات وخطوات واجراءات ،رامية إلى التخفيف من وقع هذه الجائحة وتأثيرها على مناحي الحياة في البلد. جاءت التدابير المتخذة تباعا ،بدءا من إجالء المواطنين المغاربة العالقين في مدينة ووهان الصينية استجابة لنداء الذي أطلقوه إلى وزارة الخارجية المغربية قصد التدخل ،ثم تعليق الدراسة بالمؤسسات التعليمية ابتداء من 16مارس 2020وإغالق المساجد والمقاهي والمطاعم ،فمنع كل األنشطة الرياضية والثقافية والسياسية والتجمعات الكبرى ،وإحداث صندوق خاص لمواجهة تداعيات جائحة كورونا ،وإعالن حالة الطوارئ الصحية شهرا. على الرغم من هذه اٌإلجراءات وما تفرضه من تقييد للحريات والحقوق
مثل حركة التنقل التي أصبحت خاصة ببعض الفئات لطبيعة عملهم،مقيدة بالضرورة ومشروطة بترخيص،حيث أصبح كل مخالف لحالة الطوارئ معرض لالعتقال والعقوبة ،إال أنه أمام كل هذا تلقى المغاربة قاطبة هذه اإلجراءات بالقبول الحسن عكس ما كان مألوف من توجيه االنتقادات الالذعة خاصة للسلطة المعهود إليها الحرص على تطبيق هذه اإلج��راءات ،فلم تحل ً سابقة في حياة أجيال من المغاربة دون قساوة هذه المقتضيات التي مثلت استحسان وترحيب الجميع بها ،والثناء على نهج الدولة االستباقي قصد تطويق وباء كورونا ،إلى درجة أن باحثين ومراقبين تحدثوا عن لحظة إجماع وطني كبرى حيث مثله البعض بزمن المسيرة الخضراء .فحتى األصوات والتيارات المحسوبة على المعارضة الراديكالية أرجأت االختالفات السياسية، واصط ّفت إلى جانب الدولة ،مشيدة بكيفية تدبير األزمة. وليس من المبالغة في شيء القول إن الدولة عرفت قدر نفسها ،فد ّقت ن��اق��وس الخطر مبكرا ،واتخذت قرارات مصيرية واستثنائية ،حولت اللحظة إلى لحظة إجماع وطني له طبيعة خاصة .لحظة ال ينبغي لها مطلقا أن تحجب عنا رؤية النصف اآلخ��ر من الكأس ،فهذه الجائحة كشفت حقيقة السياسة الصحية، ببرامجها القطاعية ومخططاتها المندمجة التي تغنى بها وزراء تعاقبوا على قطاع الصحة ،طوال عقدين .وفضحت الواقع المتردّي لقطاع تراه الحكومة غير منتج ،ما حدا بها ،على الرغم مما يشهده من مشكالت ،إلى تخفيض ميزانيته في قانون المالية أخيرا ،تأكيدا منها على التزام سياسة الترشيد والتقيد بقواعد الحكامة. ً مكرهة كان لقطاع التعليم ب��دوره نصيب ،بعدما ق��رّرت الحكومة دول تحولت فيها تطبيق نظام التعليم عن بعد ،خوفا من تكرار سيناريو ٍ المدارس إلى بؤر لنشر الوباء ،فظهرت األعطاب بالجملة على كل األصعدة، فال إمكانات لوجستيكية ،وال معدّات تقنية ،وال م��وارد بشرية متخصصة ...وما إلى ذلك من الضروريات الالزمة إلنجاح خيار الرقمنة .وافتضح واقع التعليم الرقمي الذي تروّجه الوزارة ،بعد االستعانة بقنوات اإلعالم العمومي لبث الدروس للتالميذ ،فالفوارق ،اجتماعيا ومجاليا ،في المدرسة المغربية ،لم ولن تترك أي فرصةٍ أمام نجاح هذا التوجه في المنظومة التعليمية. أمام كل هذه اإلكراهات واإلرادة في العمل على تنزيل هذه اإلجراءات استدعت إخراج وحدات من الجيش أي األطباء العسكريون إلى المستشفيات العمومية ،بهدف التنازيل األمثل إلجراءات الحماية من الوباء ،فالدولة تدرك جيدا أنها ال تتوفر على المعدّات اللوجستيكية ،وال على البنية التحتية الكافية لمواجهة الوباء. (تتمة الحوار في العدد القادم)
Journal Achamal 2000
اقتصاد وانعراج.. عبد اللطيف �شهبون
abdelchahboun@hotmail.com
فإذا
الفاء؛ عاطفة تفيد ترتيبا في المعنى اذا؛ أداة شرط وجزاء في المستقبل ،تختص بالدخول على الجمل الفعلية
اقتصدت :
االقتصاد في أمر توسط بين إسراف وتقتير
ثم :
عاطفة مرتبة
انعرجت:
االنعراج انعطاف عن قصد ،أو ميل ،أو خروج؛ اما إلى اكتمال أو انتقاص؛ والمقتصد والمنعرج (بفتح ما قبل آخرهما اسما مفعول)؛ بمعنى محل االقتصاد أو االنعراج؛ وهو الشخص ،أو (بكسر ما قبل آخرهما اسما فاعل)؛ والمعنى واحد عليهما؛ وهو الشخص المقضي عليه بهما .
وأحوال العبد ثالثة :
حال أول؛ لمن اقتصدت عليه معيشته؛ بمعنى توسطت بين ،افراط وتفريط ،فرزق كفافا وعفافا، وهواألفضل ،ولذلك قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :اللهم اجعل قوت آل محمد كفافا». إذ اإلفراط يطغى ،مصداقا لقوله تعالى « :كال، إن اإلنسان ليطغى أن رآه استغنى». حال ثان؛ لمن انعرجت معيشته ،فمالت إلى اكتمال ،فإن فاضت عليه قناطير مذهبة ومفضضة خشي عليه ،كما في حديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :ال أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخشى أن تنبسط عليكم الدنيا كما انبسطت على من كان قبلكم ،فتنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم». وفي هذا السياق ،فأهل البداية ضعفاء حال، أما أهل النهاية؛ الذين تزكت نفوسهم ،وكملت أخالقهم ،وسمت أحوالهم ،فال يخشى عليهم منها؛ لذلك حصل الغنى التام لكثير من الصحابة والعارفين.. حال ثالث؛ لمن انعرجت معيشته ميال النتقاص؛ بأن كان مقترا عليه ،ضاقت عليه معيشته ،فرمته في فقر وافتقار ،وفيه قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم « :كاد الفقر أن يكون كفرا». أي ،م��ا ع��دا م��ن أي���ده اهلل بصبر جميل . والموصوف بهذين :فقر وصبر؛ من سبق في علم اهلل أنه منعرج ( بالفتح) أي محل االنعراج ( بالكسر ) أي يليق به ذلك لحكمة ربانية.. واإلنسان إذا اقتصدت معيشته ابتداء ،ثم انعرجت الى كمال أو نقصان ،فهو محل لذلك ،الئق به ما هنالك؛ لما سبق في علمه تعالى ومقتضى حكمته ،فالواجب عليه متى مالت معيشته لنقصان الصبر.
وحاصل المعنى :
أن اإلنسان يصير باقتصاد المعيشة مقتصدا؛ أي يطلب منه ذلك ،مصداقا لقوله تعالى « :وال تجعل يدك مغلولة الى عنقك ،وال تبسطها كل البسط ،فتقعد ملوما محسورا» وقوله « :والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا» وقوله « :لينفق ذو سعة من سعته ،ومن قدر عليه رزقه ،فلينفق مما أتاه اهلل».
4
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
تشغل أكثر من نصف مليون شخص وتمثل ما مجموعه 7في المائة من الناتج الداخلي الخام
�أما �آن لل�سياحة الوطنية �أن تنف�ض عنها غباراحلجر ال�صحي ؟ • محمد إمغران /صحفي بجريدة الشمال
ال يجادل اثنان في كون السياحة تعتبر محركا مهما لالقتصاد ،ولهذا تحاول العديد من البلدان نصف مليون شخص ،يطالبون بمعرفة تاريخ فتح الحدود ،إلعادة االهتمام بهذا القطاع المدرللدخل ،من خالل البحث عن استراتيجية مالئمة له ،باستغالل عناصر تحريك عجلة هذا القطاع المتضرر ،فضال عن مراهنتهم على رجوع التميزلكل بلد ،من إرث تاريخي وحضاري وثروات طبيعية وغيرذلك مما يمكن استغالله ،لجلب حرية التنقل.وكانت مدينتا طنجة ومراكش ،المدينتان السياحيتان السياح من مختلف أنحاء العالم ،علما أن هناك دوال استطاعت أن تنعش سياحتها من الشيء .بينما بامتياز ،ضمن منطقة التخفيف المشدد رقم ،2تخضعان لقيود المغرب له مؤهالت كبيرة وقوية،يمكن أن تفيد االستثمارفي القطاع ،بشكل أفضل من ذي قبل ،مع تتمثل في ضرورة التوفر على رخصة استثنائية للتنقل ،وجميع استغالل انتشارجائحة «كورونا» التي لم يتأثر بها إال ال��ق��ي��ود األخ���رى قليال جدا ،مقارنة مع عدة دول كبرى ،تفوقه في كثير التي تم إقرارها من القطاعات والمجاالت .ورغم ما يتمتع به المغرب، في حالة الطوارئ من موقع استراتيجي وتاريخ وحضارة ضاربين في الصحية ،قبل أن القدم وث��روات طبيعية هائلة ،فإن مهنيي وممثلي يتم تحديثها ،يوم القطاع السياحي ببالدنا الزالت تسيطرعليهم نوبات األح���د الماضي. القلق ،بل واإلحباط ،بخصوص مستقبل مهنتهم وضمن كلمة له ومستجداتها ،ما بعد مرحلة الحجر الصحي ،خاصة ف��ي اللقاء ذات��ه، وأن اللقاء الذي عقده سعد الدين العثماني ،رئيس كان سعد الدين العثماني أشارإلى أن الحكومة واعية الحكومة ،خالل األسبوع الماضي ،مع مهنيي السياحة بصعوبة المرحلة التي تمر منها السياحة الوطنية، لم يثمرشيئا ،بعدما كان عدد من المعنيين يعلقون شأنها في ذلك شأن ما يقع في دول العالم ،بسبب كبير اآلمال في الحصول على وصفة أو جرعة ،تأهبا تأثيرات جائحة كورونا ،وأن هناك تحدياً بضرورة إنجاح لمرحلة ما بعدهذا الوباء العالمي. مرحلة الخروج من الحجر الصحي ،وعودة السياحة إلى اللقاء الذي حضرته نادية فتاح العلوي ،وزيرة حالتها الطبيعية ،عبر خطوات عملية مضبوطة ،حسب ما السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية واالقتصاد تمليه الحالة الوبائية ببالدنا ،لكن على رئيس الحكومة االجتماعي ،وممثلون عن الكونفدرالية الوطنية ومعاونيه المقربين ،بما في ذلك الوزارة الوصية ،أن نادية فتاح العلوي ،وزيرة السياحة للسياحة وعن مجموعة من الهيئات المهنية بقطاع يعلموا أن المغرب وهلل الحمد لم يتأثركثيرا بجائحة السياحة ،لم يقدم فيه «كورونا» خاصة على مستوى حصد األرواح أوشل حركة االقتصاد ،كليا ،األمرالذي جعل كيفية تعامله الناجح مع سعد الدين العثماني ما يمكن أن يثلج صدور مهنيي قطاع السياحة ،الذي يعتبر أكبر قطاع متضرر من أزمة فيروس «كورونا» المستجد ،بسبب الجائحة ،محط إشعاع دولي ،بامتياز.وبالتالي عليه أن يستغل هذا التميزلصالحه و»أن يتوكل على اهلل» اضطرار المغرب إلى إغالق حدوده وتقييد حرية التنقل ،بداخل ربوعه.وكما تابع الرأي العام المغربي ،في تكسير قيود الحجرالصحي ،مع أخذه للتدابيراالحترازية ،بشكل أكثر جرأة وابتكارا وإبداعا من أجل عبر مختلف وسائل اإلعالم أن رئيس الحكومة أكد ،خالل اللقاء ذاته ،أن اقتصاد البالد تأثر سلباً جراء تحريك عجلة السياحة وتحقيق أرقام ،غيرمسبوقة ،في هذا القطاع ،خالل السنة الحالية. هذه األزمة ،وأن قطاع السياحة هو األكثر تضرراً؛ لكنه لم يكشف عن تاريخ فتح الحدود أمام الحركة وبهذا سيتمكن المغرب من إنجاح تدبير المرحلة المقبلة ،وفق خطة مُحكمة وبتشاور مع كل ً وعالمة إيجابية للسياحة المغربية؛ كما الجوية ،مما ترك المهنيين في حيرة من أمرهم ،تائهين أمام مسألة استعدادهم لما بعد مرحلة المعنيين ،مما سيُشكل ال محالة مرتكزاً قوياً للسياحة الوطنية، «كوفيد ،»19حيث اكتفى رئيس الحكومة ،يومها ،بدعوة مهنيي قطاع السياحة إلى التحلي بالصبر ،جاء في كلمة رئيس الحكومة ،لكن ينبغي أن يتحقق ذلك ،قوال وفعال ،وبجرعة فعالة ونظرة متيقظة ،من لمدة تمتد من أسبوع إلى أربعة أسابيع حتى تتضح له الرؤية حول الموضوع. أجل نجاح بلدنا في خروجه من الجائحة بطريقة مجكمة ،وفي فتحه للسياحة الداخلية والخارجية ،في وكان العاملون في قطاع السياحة ،الذي يمثل 7في المائة من الناتج الداخلي الخام ويشغل أكثر من ظروف آمنة ومطمئنة.
ال�شرطة االدارية املحلية باملغرب يف ظل جائحة كوفيد 19
ما بني الن�ص القانوين والواقع العملي • مريم فضال /دكتوراه في القانون العام
تعد الشرطة االدارية أحد أهم األجهزة اإلدارية التي لعبت دورا محوريا مند بداية انتشار فيروس كورونا المستجد بالمغرب في الحيلولة دون تفاقم الوضع الوبائي بالبالد ،فالشرطة االدارية أو ما يصطلح على تسميته بالضبط اإلداري ،هي تلك الوسيلة القانونية التي تتيح لإلدارة التدخل للمحافظة على النظام العام بمدلوالته الثالثة (الصحة العامة ،األمن العام ،السكينة العامة) عن طريق اصدار القرارات التنظيمية و الفردية ،واستخدام القوة المادية لما ينتج عن ذلك من فرض قيود على الحريات الفردية والجماعية ،من أجل المحافظة على الحياة االجتماعية. وتمارس الشرطة االداري��ة على المستوى الوطني والمحلي ،فوطنيا يختص بممارستها رئيس الحكومة بمقتضى الفصل 90من الدستور الذي يخول له السلطة التنظيمية ،ويمكن له عند االقتضاء تفويض بعض سلطاته للوزراء في الميادين التي يشرفون عليها ،كما المرسوم رقم 2.19.1086الصادر في 30يناير 2020المتعلق باختصاصات وزارة الداخلية ،أوكل لوزير الداخلية مهمة السهر على الحفاظ على النظام واألمن العموميين . وعلى المستوى الترابي ،فإن مهام الشرطة اإلدارية تتوزع ما بين السلطة المعنية العمال مثال بمقتضى المادة 110من القانون التنظيمي ،14-113ورؤساء المجالس الجماعية بمقتضى المادة 100 من نفس القانون ،إذ تنص على أن ( :يمارس رئيس مجلس الجماعة صالحيات الشرطة اإلدارية في ميادين الوقاية الصحية و النظافة والسكينة العمومية وسالمة المرور ،وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية أو بواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في االذن أو األمر أو المنع).... وعليه في ظل جائحة كوفيد 19بالمغرب شكلت األجهزة الممارسة للشرطة االدارية أحد الوسائل القانونية لتنزيل أحكام حالة الطوارئ الصحية المنصوص عليهما في كل من المرسوم رقم 292-2-20 الصادر بتاريخ 23مارس 2020و المرسوم رقم -2-20 293الصادر بتاريخ 24مارس ، 2020إذ أتاحت المادة 3من المرسوم األخير لوالة الجهات وعمال العماالت واألقاليم اتخاذ كافة التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي في ظل حالة الطوارئ الصحية سواء كانت هذه التدابير ذات طابع توقعي أو وقائي أو حمائي أو كانت ترمي إلى فرض أمر حجر صحي اختياري أو إجباري ،أو فرض قيود مؤقتة على إقامة األشخاص بمساكنهم او تنقالتهم أو منع تجمعهم أو إغالق المحالت المفتوحة للعموم، أو إقرار أي تدبير آخر من تدابير الشرطة اإلدارية.
من خالل استقراء ما سبق ،فإن األصل في ممارسة مهام الحفاظ على النظام العام موكول به للسلطة المنتخبة ،و ما يرتبط باألمن العمومي هو من اختصاص السلطة المعنية ،لكن في الواقع العملي ومنذ بداية انتشار وباء كورونا بالمغرب ومن خالل مقتضيات المرسومين المذكورين أعاله ،يمكن القول أن الشرطة االدارية في حالة الطوارئ الصحية تعرف حضورا بارزا وتنفيذيا لرجال السلطة التنفيذية ( الوالة – العمال -القواد .الباشوات)... واحترازيا لرؤساء المجالس الجماعية ،على اعتبار الدور الفعال الذي تلعبه الشرطة االدارية المعنية في تنزيل مختلف التدابير واالجراء المنصوص عليها في المادة 2من المرسوم رقم ، 293-2-20التي تهدف الى الحفاظ على األمن الصحي للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض وايضا مختلف الصالحيات الواسعة الممنوحة لها لتدبير الوضع األمني في ظل هذه الظرفية االستثنائية التي تعيشها البالد ،في حين أن الشرطة اإلدارية لرؤساء المجالس الجماعية اتسمت بطابع وقائي في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية باتخاذ مختلف التدابير االحترازية الالزمة للوقاية من انتشار فيروس كورونا . ومن جانب آخر نضيف أن عمل الشرطة االداري��ة على المستوى المحلي تعترضه العديد من االشكاليات نذكر منها: إشكالية تنازع االختصاص ،السلطات اإلدارية في مجال الشرطة اإلدارية المحلية. إشكالية تعدد المتدخلين صعوبة حصر عناصر النظام العام بشكل محدد بسبب خضوع هذا التحديد لتطور مستمر تداخل في االختصاصات ما بين الشرطة االدارية الممارسة من قبل السلطة المحلية من جهةوالسلطة المنتخبة من جهة اخرى وقد يعزى هذا التداخل الى النص القانوني أو الممارسة وختاما ،فإنه بالرغم من الصالحيات الواسعة الممنوحة لرجال السلطة المحلية لممارسة مهام الشرطة اإلدارية في ظل حالة الطوارئ الصحية للحفاظ على النظام العام ،فإنها ال تفلت من رقابة القضاء اإلداري على االعمال الصادرة عنها.
5
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
امللحق القانوين إعداد وإشراف الدكتور
محمد البوشوكي..
دكتور في القانون العام أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية أكدال -جامعة محمد الخامس-الرباط
العالقات جنوب /جنوب ....الدرس المغربي سعى المغرب دائما وال يزال إلى تعزيز منطق التعاون عبر تفعيل عالقاته مع الدول اإلفريقية الشقيقة والمنهمكة في بناء عالقات التعاون المتبادل والمفيد ،مصممة على االنخراط بشكل ال يمكن التراجع عنه في المساهمة الملموسة في نهضة القارة اقتصاديا واجتماعيا. لذلك فتوطيد روابط التضامن والتعاون بكل أبعادهما مع القارة اإلفريقية التي تشكل محورا رئيسيا من السياسة الخارجية المغربية كما حددها صاحب الجاللة الملك محمد السادس تعبير متجدد على الطابع اإلفريقي للمغرب الذي يندرج في سياق استمرارية تاريخية عمادها العديد من المبادالت المثمرة على مستويات عدة. مع اجتياح فيروس كورونا القارة اإلفريقية وتفعيال لسياسته التضامنية تجاه القارة قرر المغرب بتعليمات من الملك محمد السادس يوم األحد 14يونيو ،2020إرسال مساعدات طبية إلى عدة دول إفريقية شقيقة، بحسب ما أفادت به وزارة الشؤون الخارجية والتعاون اإلفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج .وهي مساعدات تتكون من حوالي ثمانية ماليين كمامة ،و 900ألف من األقنعة الواقية ،و 600ألف غطاء للرأس ،و 60ألف سترة طبية ،و 30ألف لتر من المطهرات الكحولية ،وكذا 75ألف علبة من الكلوروكين ،و 15ألف علبة من األزيتروميسين وهي مساعدات شملت خمس عشرة دولة. بديهيا ،هذا العمل التضامني يندرج في إطار تفعيل المبادرة التي أطلقها العاهل المغربي في 13نيسان/ أبريل ،2020باعتبارها نهجا براغماتيا موجها نحوالعمل ،لفائدة البلدان اإلفريقية ،مبرزة أن هذه المبادرة تمكن من تقاسم التجارب والممارسات الفضلى وتتوخى إرساء إطار عملي لمواكبة جهود هذه البلدان في مختلف مراحل تدبير الجائحة. معلوم أن هاته المساعدات القت استحسانا كبيرا من لدن صناع القرار اإلفريقي ،وقد أكد مدير “معهد تمبكتو– المركز اإلفريقي لدراسات السالم ”بكاري سامبي” ،أن مبادرة الملك محمد السادس لتقديم مساعدات طبية لمواكبة بلدان إفريقية في جهودها لمواجهة جائحة كوفيد ،19تكتسي أهمية خاصة وهي التفاتة ذات حمولة رمزية في سياق خاص وغير مسبوق .وسجل أن هذه العملية التضامنية البين -إفريقية والتي تستهدف الشركاء التقليديين للمغرب ،وتشمل أيضا بلدانا أخرى بالقارة ،تدل على أن التوجه اإلفريقي للدبلوماسية المغربية ،ليس مقاربة نظرية فحسب ،ولكنه أيضا يندرج ضمن سياسة براغماتية موجهة تمضي قدما نحوالواقع .وكان جاللة الملك قد أعطى تعليماته السامية إلرسال مساعدات طبية إلى عدة بلدان إفريقية شقيقة لمواكبة جهودها في مواجهة جائحة كوفيد.-19 كما أشاد رئيس برلمان عموم إفريقيا ،روجي نكودودانغ ،واألمين العام التنفيذي لمنتدى فوبريل، سانتياغوريفاس لوكلير ،بمبادرة المغرب إلرسال مساعدات طبية للعديد من بلدان القارة اإلفريقية .وأكد أن هذه المبادرة ،التي لقيت استحسانا واسعا ،تعكس االلتزام القوي لجاللة الملك ،وللشعب المغربي قاطبة، للعمل من أجل إفريقيا موحدة ومتضامنة ،طبقا للنموذج الذي سعى من أجله اآلباء المؤسسون للعمل اإلفريقي المشترك”. كما صرحت الخبيرة الجنوب اإلفريقية في القضايا اإلفريقية ليسل لووفوودران ،إن مبادرة المغرب تقديم مساعدات طبية من أجل مواكبة البلدان اإلفريقية في جهودها لمواجهة فيروس كورونا « التفاتة قوية» تنم عن حرص المملكة في إعالء قيم التضامن القاري ،وتابعت القول على أن المبادرة الملكية تندرج في إطار السياسة القارية للمغرب ،التي يحتل فيها البعد اإلنساني مكانة متميزة ،مشيرة إلى ان المغرب يحرص دوما على إيالء العنصر البشري أهمية كبرى في أي مخطط تنموي سواء على المستوى المحلي أوالقاري. استحسان أخر دولي حضيت به تلك االلتفاتة ،حيث أشادت منظمة الصحة العالمية بمبادرة صاحب الجاللة الملك محمد السادس المتعلقة بمنح مساعدات طبية للبلدان اإلفريقية ،حيث رحبت بهذا العمل الخيري السخي“ ،الذي يشكل صورة حية لقيم التعاون ودليال ملموسا للتضامن اإلقليمي” في مكافحة جائحة فيروس كورونا. وأكدت الوكالة األممية في مذكرة وجهتها إلى بعثة المملكة بجنيف “أن سخاء صاحب الجاللة الملك محمد السادس ،المتمثل في إرسال مساعدات طبية إلى مجموعة من الدول في المنطقة اإلفريقية ،قصد دعم جهودها في محاربة كوفيد ،-19يشكل تمظهرا أصيال وملموسا للتضامن اإلقليمي ،المندرج في إطار التضامن العالمي الذي ما فتئت تدعوإليه منظمة الصحة العالمية. شخصيا أعتبر المبادرة درسا في العالقات الدولية ،بصفة خاصة العالقات جنوب،جنوب التي ما فتئ المغرب ينادي بها في جميع المحافل الدولية ،فاألزمات وحدها ما تبرز مدى مصداقية التعاون فيما بين الدول وخصوصا داخل القارة اإلفريقية التي الزالت تعاني من ويالت الهشاشة والفقر وقلة الموارد المالية والبشرية لمكافحة هكذا أوبئة وجوائح ،عجزت أقوى الدول في محاربتها وتطويقها ،علما أن هذا التعاون المغربي اإلفريقي لدرء أزمة كورونا يعد امتدادا لتمتين أواصر الثقة وتحقيق مكاسب في المستقبل ،فأصبح من البديهي ،اليوم، الحديث عن امتداد أواصر التعاون المغربي اإلفريقي ،إذ أخذ المغرب على عاتقه جعل ما تعيشه القارة اإلفريقية من أولويات السياسة الخارجية المغربية. زيادة على ما سبق ،فمثل تلك المبادرات تترك بصمات مهمة على المستوى الوطني ،حيث تعزز هذه االلتفاتات الشعور باالعتزاز الوطني ،وباالنتماء إلى دولة قوية قادرة على تقاسم التجارب ومد يد العون في تدبير األزمات ،كما تساعد على تعزيز ما يصطلح عليه بالدبلوماسية الصحية خدمة لقضيتنا األولى ،الصحراء المغربية. ختاما ،يمكن القول أن تحركات المغرب واألدوار الدبلوماسية التي لعبها في ظل الجائحة ،سوف تمنحه بدون أدنى ريب دفعة معنوية وإيجابية للتموقع بشكل قوي ما بعد الخروج من األزمة ،حيث أن هذه األزمة منحت بعض الدول القدرة على التحرك الدبلوماسي الفعال من خالل تلك المساعدات اإلنسانية ،وتمكنت بعض الدول كذلك من وضع لمستها على المشهد العام للمساعدات لمكافحة الوباء ،مما سيترك الحقا تكتالت جديدة اقتصاديا وسياسيا في المنتظم الدولي ،وعلى المغرب االستعداد للعب دور ريادي إقليميا ودوليا وأن يعرف كيف يستغل تحركاته السابقة خدمة لمصالحه الداخلية والخارجية في المستقبل القريب.
محمد البوشوكي..
الو�صايا الع�شر يف تدبري ما بعد احلجر
فيروز فوزي : دكتورة مختصة في علوم المجتمع والثقافة و الهجرة « مونتريال كندا»
يفرح الواحد منا لقريب أو صديق أثبتت الفحوصات المجهرية أن «كوفيد »19لم يتسلل إلى خالياه الرئوية،حينها نحتفي به وهو عائد يتأبط نتيجته «السلبية» دليال على أنه سليم من الجائحة،دليال عليه كمن يبعث من رماد الجائحة. وماذا بعد؟ فيغضون أيام قليلة سيخرج الناس أفواجا أفواجا،من محاجرهم الظليلة،طلبا للحياة المفتقدة ،وفي أغلب األحوال طلبا للقمة العيش وقد طفح الكيل بالمياومين والباعة المتجولين والعجزة المتسولين وأمست أوض��اع محدودي الدخل من ا لمواطنين قاب قوسين أو أدنى من شظف العيش والفاقة التي أشد من الكفر. بعد أن استأنسنا بالخوف ونحن تحت الحجر، يلوح اليوم في اآلف��اق خوف ج��دي��د !!..إنه الخوف من العودة إلى الحياة بنهم متبل ببهار الخوف من الطاعون !!..عودة قد تكلفنا كثيرا ولن تنفع معها ال لجنة يقظة وال قايدة وال وصالت تحسيسية متلفزة، إذ أن المغاربة ،أسوة برئيس الحكومة« ،المخلوع» من زمن ما بعد الحجر،يمنون نفوسهم بالعودة إلى حياتهم «الطبيعية» وهم يستحضرون مظاهر تلك الحياة الضاجة شوارعها بصخب الحياة،بأسواقها الشعبية وموالتها الباذخة المكتظة بالفضوليين. يأملون استنشاق ه��واء مترع باألدخنة والروائح المنبعثة من عوادم الحافالت والسيارات المهترئة ،وهم يسرحون في أرض اهلل ،مدججين بكماماتهم وقارورات التعقيم. فهل سنربح الرهان والتشالنج ،بالعودة إلى «الحياة» بنفس نمط العيش والتدبير المعتاد لشؤوننا اليومية ،في الشارع العام كما في مقار العمل؟ هل ستفي ماليين الكمامات بالغرض وتجنبنا حدوث كارثة ال قدر اهلل ,ونحن نستعيد حياتنا الطبيعية بتدابير وسلوكات غير طبيعية؟حتما،ال!!.. العودة إلى حياة «طبيعية» معناه،أوال :أن نحترم معايير النظافة واألمن في مقار العمل كما في الشارع العام ونحترم الطبيعة واإلنسان والقانون الذي نحتكم إليه سواسية كأسنان المشط .ثانيا :أن ندبر ثروة الوقت بما ينفعنا وينفع الوطن وال نبذرها في المقاهي والحانات و كل األماكن المشبوهة التي ال تجلب إال المهالك ،خراب البيوت وخرف العقول .ثالثا :أن نتسلح بالحكمة القديمة :العقل السليم في الجسم السليم، إذ علينا أن نعيد النظر في نظامنا الغذائي بالتصالح مع األطعمة الصحية ومع حصص الرياضة المفيدة لعقولنا وأبداننا ونعيد النظر في نظامنا القرائي ونعقد صلحا ال رجعة فيه مع الكتاب ومع المعرفة الحقة .رابعا: أن نعتني بتعليم وتربية ذريتنا ،نساء ورجال الغد، ونغرس فيهم قيم ومعاني الصدق والمحبة والعمل
الصالح ونذكرهم بحكمة آبائنا وأجدادنا التى ال تبلى معانيها :من جد وجد ومن زرع حصد. خامسا :أن نعود إلى اهلل ونتذكر أننا مجرد عابرين على هذه األرض الخراب و أننا ال محالة راحلون ولو بعد حين ومالقونا ربنا «ي��وم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى اهلل بقلب سليم» صدق اهلل العظيم. علينا نعيد النظر في ذواتنا وأخالقنا وقيمنا اإلنسانية ونستعيد آدميتنا،بمنأى عن الجشع والكذب والخوض في أعراض الناس والسعي بغير صالح في األرض. العودة إلى حياة «طبيعية» معناه،سادسا :أن تعتبر الحكومة من تجربة «كورونا» وتعي أننا مقبلون على عصر جديد ،لذلك عليها أن تعتني بالبحث العلمي لمواجهة األوبئة والجائحات وترصد له ميزانية محترمة ،وتعتني بالتعليم الذي ينجب الطبيب ،ورجل األمن والقاضي والعامل والمفكر والشاعر والفنان وكل بناة الوطن ،ببناء مدارس حديثة تتوفر على كل الوسائل الديداكتيكية واللوجيستيكية الكفيلة بتسهيل مهمة األستاذ ،أن تستحدث برامج تعليمية بهدف تطوير ذكاءات التلميذ وال ترهقه بكثرة المواد والمطبوعات التجارية. سابعا :أن تعتني الحكومة بقطاع الصحة الذي لوال أطقمه الطبية التي واجهت الجائحة بالنيابة عنا لتحول الوطن إلى غرفة إنعاش كبيرة دون عناية مركزة .نحتاج أطباءنا كما يحتاج القمح مطر يناير. ال نتمن أن نرى ليوم وزرة بيضاء مجنحة ،تطير إلى أعشاش بعيدة. ثامنا :على الحكومة أن تضاعف من عنايتها وميزانيتها المرصودة ألمن الوطن والمواطنين ،ال قيمة لشوارع نظيفة وحدائق غناء إذا افتقدت إلى ضوابط أمنية لتصير مرتعا للتحرش والنهب واإلرهاب في وضح النهار. تاسعا :على الحكومة أن تحترم وتعمل على احترام كل فصول وبنود الدستور عند تنزيله بما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين ،وأن تربط المسؤولية بالمحاسبة حتى تقطع الطريق على لصوص المال العام وعشائر االنتهازيين ،المندسين في المؤسسات التشريعية واإلدارات العمومية. عاشرا :على الحكومة أن تقطع دابر الريع وتثمن العمل المثمر وتراجع بتنسيق مع النقابات المهنية سياسة األجور وتكافئ كل من يشتغل على أساس عادل وتقلص من الفوارق المهولة في األجور بإعادة االعتبار للمشتغلين بالمهن الشاقة وفي ظروف صعبة تترك ندوبا في نفوسهم وأبدانهم.. بكذا تدابير سنعيش حياة جد طبيعية وكريمة ولن نحتاج كمامة أو لقاحا.
6
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
ال�سجل االجتماعي املوحد ..بوابة العي�ش الكرمي
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
ذ .زينب الخروف /باحثة ومحامية متمرنة بهيئة المحامين بطنجة السجل االجتماعي الموحد هو مبادرة جاءت بدعوة من الملك محمد السادس في خطاب عيد العرش لسنة 2018الذي ورد فيه « ..وفي هذا الصدد فإننا نعتبر المبادرة الجديدة إلحداث “السجل االجتماعي الموحد” بداية واعدة ،لتحسين مردودية البرامج االجتماعية ،تدريجيا وعلى المدى القريب والمتوسط». و عرفه الخطاب الملكي بعد ذلك بأنه نظام وطني لتسجيل األسر قصد االستفادة من برامج الدعم االجتماعي على أن يتم تحديد تلك التي تستحق ذلك فعال ،عبر اعتماد معايير دقيقة موضوعية ،وباستعمال التكنولوجيات الحديثة. وقبل ذلك ،بالتحديد في نونبر سنة 2017قام وفد مغربي برئاسة نور الدين بوطيب الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية بزيارة الهند من أجل االطالع على تجربة النظام الموحد للتعريف المعروف لديهم باسم Aadhaarوبعد االقتناع بالتجربة تم التوصل إلى السير على نهج نفس النظام المعلوماتي ،وفي 27 غشت سنة 2018تم توقيع اتفاقية برئاسة نور الدين بوطيب بين المغرب والهند بحضور ممثلي البنك الدولي ،تخص تصميم منصة MOSIPالتي تشكل قاعدة السجل الوطني للسكان . واستجابة لتعليمات الملك محمد السادس تم إعداد مشروع قانون والذي تمت المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي ثم مجلس المستشارين، الذي بموجبه سيتم إحداث السجل الوطني للسكان والسجل االجتماعي الموحد والذي من المرتقب أن يزيل عبءاً كبيرا من على عاتق العديد من األسر المعوزة والفقيرة يتم تدبيرهما و اإلشراف عليهما من طرف مؤسسة تحدث بمقتضى نفس القانون وهي الوكالة الوطنية للسجالت. يعتبر السجل الوطني للسكان حسب مشروع قانون 18-72بمثابة قاعدة بيانات إلكترونية يتم من خالله تجميع ومعالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي للمواطنات والمواطنين المغاربة وكذلك األشخاص المقيمين داخل التراب الوطني ،ويتم عبره منح المعرف الرقمي الشخصي والوحيد لكل شخص والذي أطلق عليه نفس القانون« :المعرف المدني واالجتماعي الرقمي» ،وإرفاقه
بمجموعة من البيانات والمعطيات المنصوص عليها في المادة 6التي يتم تجميعها والحرص على صحتها ،كما يعتبر التقييد في السجل أمرا اختياريا وهو ما يظهر بمفهوم المخالفة من خالل المادة 13حيث تشترط ضرورة تسجيل كافة أفراد األسرة في السجل الوطني للسكان من أجل التسجيل في السجل االجتماعي ويعتبر هذا األخير سجال رقميا خاصا باألسر الراغبة في االستفادة من برامج الدعم االجتماعي التي تشرف عليها اإلدارات المخول لها ذلك قانونا.كما سيتم تدبير السجلين معا من طرف الوكالة الوطنية للسجالت ،من بين المهام التي ستناط بها ،تنقيط األسر حسب الوضع االجتماعي ،اعتمادا على معايير علمية دقيقة، وكذا ممارسة الرقابة على المعلومات المدلى بها بجميع السبل من أجل ضمان استفادة الفئات المستحقة فعال. إن الغاية األساسية التي يتوخاها جميع المغاربة هي تحقيق العيش الكريم لكافة شرائح المجتمع وخاصة الفئات الهشة والفقيرة منها وكذا االهتمام بحاجياتهم ،ونظرا لألهمية القصوى التي يوليها المغرب لهذه الطبقة والتي تمثل فئة ال بأس بها داخل المجتمع بحيث بلغ معدل الفقر في سنة 2014نسبة 4.8في المائة ومعدل الهشاشة 12.5في المائة حسب المندوبية السامية للتخطيط. يسعى المغرب جاهدا وفي جميع الظروف إلى الحد من الفوارق الطبقية التي تعرفها المنظومة االجتماعية للمغرب فأزمة وباء كورونا التي ال تزال تحيط بنا، بما أظهرته من التزام ودعم مادي من أجل الفئات المعسرة ،أثبتت أننا بحاجة ماسة إلى قاعدة صلبة يمكن من خاللها تحقيق كافة االستراتيجيات واألهداف االجتماعية الكبرى و التصدي لجميع األزمات المتوقعة وغير المتوقعة ،وأيضا من أجل تمكين األفراد من االستفادة من البرامج االجتماعية التي وصلت وتلك التي لم تصل إلى علمهم ،بحيث جاء في مختصرات المندوبية السامية للتخطيط عدد 13 .11دجنبر 2019بخصوص تصورات المغاربة للحماية االجتماعية الذي أنجزه عبد الرحمان ياسين وهو باحث في اإلحصاء والديمغرافيا أن «ما يقارب واحد من
كل مغربيين ال يعلم بوجود برامج اجتماعية لمحاربة الفقر». إن فكرة السجلين م��ع��ا وك���ل ال��ش��روط المرتبطة بنجاعتهما ب���م���ا ف����ي ذل���ك
التحقق من صحة التصريحات و الصرامة في الحفاظ على سرية المعلومات المدلى بها من جهة والتصريح بمعلومات حقيقية من طرف األفراد من جهة أخرى ستؤدي الى المساهمة في إصالح اإلدارة على نحو يسير وتوجه المغرب الرقمي، والتوجيه السليم والديمقراطي للدعم المباشر ،لضمان توزيع عادل لثروات البالد ثم على المستوى النقابي إنجاح وتمكين الحوار االجتماعي بين األطراف الموكول إليها تدبير األزمة االقتصادية واالجتماعية ومن ثم تحقيق الحكامة الجيدة. كما أن السجل االجتماعي سيعد واجهة متطورة لمحاربة الفساد واالنتقائية في استراتيجية التوجه نحو الفئات المعوزة وإنجاح البرامج العمومية ،وضمان الشفافية المرجوة ،وكذا تجاوز معضلة غياب الرؤية الواضحة في تحديد األولويات، إضافة إلى استهداف المستحقين وترشيحهم لبرامج تنموية مستقبال.
قراءة يف قانون
تب�سيط الإجراءات و امل�ساطر الإدارية رقم 19-55 أحمد الجراري: دكتور في الحقوق – تخصص العلوم اإلدارية و المالية .إطار بوزارة التعليم العالي و البحث العلمي لقد شكل هاجس تبسيط اإلجراءات والمساطر اإلدارية منذ نهاية التسعينات أحد أولويات عمل الحكومة والبرلمان في مجال تحديث اإلدارة ،كما أنه أصبح اليوم يحظى بأهمية استراتيجية في مجال تطوير جودة الخدمات العمومية ودعم شفافية العالقة بين اإلدارة والمرتفقين وتحسين مناخ األعمال الذي يشجع االستثمار بالوطن. وانطالقا من التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى إصالح وتحديث اإلدارة العمومية جعلت القطاع المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث اإلدارة قبل التعديل الحكومي األخير والذي ألحق بوزارة االقتصاد والمالية ،من تبسيط اإلجراءات والمساطر اإلدارية أحد المحاور األساسية ضمن استراتيجية هذه الوزارة المعتمدة في مجال تحديث اإلدارة حتى ترتقي بأدائها إلى مستوى النجاعة والفعالية والمردودية ،والتخفيف من العناء الذي يتلقاه المرتفق داخل دواليب هذه اإلدارات .فتعدد اإلجراءات والمساطر اإلدارية يؤدي إلى تفشي مجموعة من السلوكيات والممارسات السلبية التي تؤثر على صورة اإلدارة من جهة ،وإعاقة مسلسل التنمية من جهة ثانية. وقد مرت اإلدارة بعدة محاوالت إلصالح ميكانيزماتها ،فكانت أوالها سنة 1997وقبلها ،حيث تمت مراجعة بعض األنظمة والتراخيص والمساطر ،وأمام االنتقادات التي كان يوجهها العموم وكذا اإلداريون أنفسهم إلى اإلدارة التي تميزت في فترة معينة بالبطء والتعقيد والبيروقراطية وضعف المردودية ،فجاءت الندوة الوطنية لتخليق المرفق العام بتاريخ 30-29أكتوبر 1999والتي تمت تحت الرعاية السامية لجاللة الملك الذي خصها بتوجيهات هامة ،وقد توالت محاوالت اإلصالح العديدة بعد هذا التاريخ إلى أن استقر اليوم إجماع الحكومة والبرلمان على إخراج قانون مهم حول تبسيط اإلج��راءات والمساطر اإلدارية رقم 19-55الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 19مارس 2020بعد نشره بالجريدة الرسمية عدد .6866 وحول هذا القانون سوف نتطرف إلى أهم محدداته ومبادئه األساسية في محور أول ،ثم المضامين والجديد الذي حمله هذا القانون في محور ثاني؟ المحور األول:مبادئ وأهداف قانون 19-55 يهدف القانون رقم 19-55الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 06-20-1 بتاريخ 6مارس 2020المتعلق بتبسيط اإلجراءات والمساطر اإلدارية إلى تحديد المبادئ واألهداف والقواعد التي تنظم المساطر واالجراءات اإلدارية المتعلقة بالقرارات اإلدارية التي يطلبها المرتفقون من اإلدارات العمومية ،والجماعات الترابية ومجموعاتها والمؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري آخر خاضع للقانون العام والهيئات المتعلقة بمهام المرفق العام .كما يهدف هذا القانون إلى تقوية أواصر الثقة بين اإلدارة والمرتفقين وإعادة تأسيس هذه العالقة على أسس مرجعية محددة تؤطر عمل المرافق العمومية ،بناء على مساطر دقيقة وشفافة ومختزلة. ويتوخي هذا النص القانوني أيضا إدخال نوع من التحسينات على المساطر واإلجراءات اإلدارية لصالح أغلبية فئات المرتفقين ،وتحفيز اإلدارة» العمومية» بصفة عامة واإلدارة بصفة خاصة لخلق جوصافي ومالئم للتنمية المستدامة وتحسين مناخ االعمال وجلب االستثمار. وقد تضمن القانون رقم 19-55مستجدات مهمة شملت عشر نقط أومبادئ من ضمنها تحديد المساطر واإلج��راءات والمبادئ العامة المنظمة للعالقة الجديدة التي يتوجب أن تتعامل بها اإلدارة مع مرتفقيها كمعيار الثقة والشفافية والمساواة ،وتبسيط المساطر واإلجراءات المتعلقة بالقرارات اإلدارية، السيما حذف المساطر واإلج��راءات غير المبررة ،وتوحيد وتحسين مقروئية المصنفات المتعلقة بالقرارات التي تصدرها اإلدارة والعمل على التخفيض من المصاريف والتكاليف المترتبة عليها بالنسبة للمرتفق واإلدارة ،مع الحرص على تيسير الولوج إلى المعلومة بكل الوسائل القانونية المالئمة ،ال سيما اإللكترونية منها ؛ وكذا تحديد اآلجال لدراسة طلبات المرتفقين ومعالجتها والرد عليها من قبل اإلدارة ،واعتبار سكوتها بعد انصرام اآلجال المحدد بمثابة موافقة ضمنية، كما حدد هذا القانون أيضا مراعاة التناسب بين موضوع القرار اإلداري والوثائق والمستندات والمعلومات المطلوبة ،مع الحرص على تحسين جودة الخدمات اإلدارية المقدمة ،من خالل العمل على تسريع وثيرة األداء ،والرفع من فعالية
معالجة الطلبات ورقمنة المساطر واإلجراءات اإلدارية من خالل استخدام التقنيات الجديدة في مجال نظم المعلومات واالتصال ،إضافة إلى تقريب اإلدارة من المرتفقين فيما يخص إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات اإلدارية ومعالجتها وتسليمها داخل اآلجال المعقولة مع تعليل السلبية منها ،وإخبار المعنيين بها بكل الوسائل المتاحة. وحسب ذات القانون فإنه لم يعد بإمكان اإلدارة مطالبة المرتفق بتصحيح إمضائه بخصوص وثائق االستثمارات والوثائق اإلدارية المطلوبة ،ويبقى لها الحق فقط في متابعة المرتفق قضائيا في حالة إخالله بالقوانين واألنظمة الجاري بها العمل ،كما أن مطالبته ب��اإلدالء بنسخ مطابقة ألصل الوثائق والمستندات المكونة لملف طلبه لم تعد ذات جدوى. المحور الثاني :مضامين قانون 19-55 لقد تضمن قانون رقم 19-55مجموعة من المستجدات الجوهرية التي أدخلت تغييرا عميقا فيما يخص التدابير واإلج��راءات والمساطر اإلدارية على مختلف مستوياتها ،والتي تجلت في المضامين التالية: • تدوين وتوثيق القرارات اإلداري��ة :حيث ألزمت مواد ومقتضيات قانون رقم 19-55جميع اإلدارات بالقيام بجرد لجميع القرارات اإلدارية التي تدخل في مجال اختصاصها وتصنيفها وتوثيقها وتدوينها في مصنفات يحدد نموذجها بنص تنظيمي ،ويتعين على هذه اإلدارات نشر هذه المصنفات بالبوابة الوطنية المحدثة لهذا الغرض ،وال حق لهذا اإلدارات بمطالبة المرتفقين بالقرارات اإلدارية إذا لم تكن موثقة أومدونة. • القواعد المؤطرة للمساطر واإلجراءات اإلدارية :لقد نص قانون 19-55 لكي يتسنى تفعيل اإلصالح العميق والشامل لإلدارة وجعلها قادرة على تقريب خدماتها من المرتفقين وتحسين جودتها وتأمين استمراريتها ،على مجموعة من القواعد التي تهدف إلى تبسيط المساطر واالجراءات االدارية من أجل خلق مناخ من الثقة بين المرتفق واإلدارة؛ وفي هذا اإلطار نص القانون على أنه يتعين على االدارات أن تتبادل فيما بينها الوثائق والمستندات الالزمة لدراسة ومعالجة طلبات المرتفقين المتعلقة بالقرارات اإلدارية ،وبعدم مطالبتهم باإلدالء بوثائق إدارية ذات طابع عمومي وال تعنيهم بصفة شخصية. وعالوة على هذا ،ألزم القانون رقم 19-55اإلدارات عند إيداع المرتفقين لطلباتهم المتعلقة بالقرارات اإلدارية تسليمهم وصال بذلك ليعتد به عند تقديم الطعون أوعند المطالبة بتطبيق مبدأ اعتبار سكوت اإلدارة بمثابة موافقة حسب ما نصت عليه المادة 12من هذا القانون ،وقد حدد المشرع نموذج هذا الوصل بنص تنظيمي حسب المادة 11لم يخرج بعد للوجود. ج -تحديد آجال لمعالجة الطلبات اإلدارية للمرتفقين :وفي هذا اإلطار فقد نصت المادة 16من هذا القانون على ضرورة تحديد اإلدارات ألجل لمعالجة الطلبات وتسليم كل قرار إداري للمعني باألمر ،وال يمكن بالرغم من جميع األحكام التشريعية والتنظيمية المخالفة ،أن يتعدى هذا األجل مدة أقصاها 60 يوما .وقد قلصه المشرع إلى نصف المدة أي 30يوما فيما يتعلق بمعالجة طلبات المرتفقين للحصول على القرارات اإلدارية المحددة الئحتها بنص تنظيمي، وخاصة منها الضرورية إلنجاز مشاريع االستثمار؛ وحسب المادة 17من هذا القانون ،فال يمكن تمديد األجل المذكور إال مرة واحدة عندما تقتضي معالجة طلب المرتفق إنجاز خبرة تقنية أوبحث عمومي. د -سكوت اإلدارة :والغاية من هذا المضمون هواحترام اآلجال القانونية ومعالجة طلبات المرتفقين وعدم السكوت عليها دون رد ،وكذا حث اإلدارة على تقديم ج��واب شافي بخصوص هذه الطلبات دون تماطل ،فقد نصت المادة 19من قانون 19-55في بابه السادس على اعتبار سكوت اإلدارة بعد انقضاء اآلجال المحددة بخصوص الطلبات المتعلقة بالقرارات االدارية المحددة الئحتها بنص تنظيمي هي بمثابة موافقة ضمنية وبقوة القانون .ففي هذه الحالة يجب على المسؤول التسلسلي لإلدارة العمومية المعنية أوالمسؤول التسلسلي عن المؤسسة العمومية أوعن الشخص االعتباري الخاضع للقانون العام ،أوعن الهيئة المكلفة بمهام المرفق العام المعنيين أورئيس الجماعة الترابية المعني أورئيس مجموعة الجماعات الترابية أوهيئة الجماعة الترابية المعنية أن يسلم المرتفق بطلب منه ،القرارات اإلدارية موضوع الطلب داخل أجل
أقصاه 07أيام ابتداء من تاريخ إيداع الطلب .وإذا لم يتم تسليم القرار اإلداري للمرتفق أمكن لهذا األخير اللجوء حسب الحالة إلى السلطة الحكومية المعنية بالقرار اإلداري على الصعيد المركزي والجهوي والمحلي داخل أجل 15يوما من تاريخ عرض األمر على المسؤول المعني. هـ -إرساء حق المرتفق في تقديم الطعون اإلدارية :لكي يتسنى الحفاظ على حقوق المرتفقين وتوفير جميع الضمانات اإلدارية لهم ،فقد نصت المادة 21من قانون 19-55على إمكانية تقديم المرتفق للطعن اإلداري أمام الجهة المختصة في حالة سكوت اإلدارة داخل اآلجال المحددة قانونا ،أوردها السلبي بخصوص طلبه المتعلق بالقرار اإلداري ،وذلك داخل أجل ال يتعدى 30يوما ابتداء من تاريخ انقضاء اآلجال المحددة لتسليم القرار ،أومن تاريخ تلقي الرد السلبي حسب الحالة أمام الجهات المعنية ،وهي السلطة الحكومية المعنية أوالشخص المفوض من قبلها لهذا الغرض على الصعيد المركزي .أوالمسؤول عن المؤسسة العمومية أوعن الشخص االعتباري الخاضع للقانون العام ،أوعن الهيئة المكلفة بمهام المرفق العام المعني بالقرارات اإلدارية ،أووالي الجهة أوعامل العمالة أواإلقليم، حسب الحالة بالنسبة للقرارات اإلدارية المسلمة من قبل المصالح الالممركزة للدولة ،أورئيس الجماعة الترابية أومجموعة الجماعات الترابية أوهيئة الجماعة الترابية المكلفة بتسليم القرار اإلداري موضوع الطلب. وقد أعطى المشرع من خالل هذا القانون مدة أجل 15يوما للرد وإخبار المرتفق ابتداء من تاريخ عرض األمر على هؤالء المسئولين حسب كل اختصاص. و -رقمنة المساطر اإلدارية :فيما يخص هذا اإلجراء فقد نص القانون رقم 19-55في مادته 26على إحداث بوابة وطنية للمساطر واالجراءات االدارية بعد أن تعمل اإلدارات المعنية على رقمنة المساطر واإلجراءات المتعلقة بالقرارات االدارية التي تدخل في مجال اختصاصها ،ورقمنة أداء المصاريف اإلدارية ذات الصلة ،وذلك في أجل محدد ابتداء من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ، وإحداث اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر واالجراءات اإلدارية وتتبع تنفيذها، وكذا تتبع تقدم ورش رقمنة المساطر واإلج��راءات االداري��ة والمصادقة على مصنفات القرارات االدارية باستثناء تلك المتعلقة بالجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها التي تتحقق السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية بمطابقتها للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ،وتعمل هذه اللجنة تحت رئاسة رئيس الحكومة حسب ما نصت عليه المادة 27من هذا القانون .وعلى االدارات المذكورة القيام سنويا بإعداد المؤشرات المتعلقة بمعالجة وتسليم القرارات االدارية التي تدخل في مجال اختصاصها والعمل على نشرها بالبوابة الوطنية حسب منطوق المادة 28من قانون .19-55 • وفي األخير يمكن القول أنه بالرغم من أهمية قانون 19-55حول تبسيط اإلجراءات والمساطر اإلدارية الصادر حديثا من حيث المضمون وتأثيراته مستقبال ،يبقى مجال تطبيقه متوقفا على اإلرادة القوية للقائمين على تدبير وتسيير المرافق العمومية بشتى أنواعهم ودرجاتهم اإلدارية من أجل اإلسراع بتطبيق محتوى ومضمون هذا القانون للرقي ب��اإلدارة وإخراجها من النظرة السلبية التي رسمت حولها في الماضي والحاضر ،وذلك لزرع الثقة بين اإلدارة والمرتفق التي فقدت الكثير من منسوب هذه الثقة. • كما على الحكومة االس��راع بإخراج كل النصوص التنظيمية الالزمة الستكمال هذا القانون لكل مقوماته ،وبالتالي الحكم على هذا القانون بالجدوى أوعدمها.
7
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
«التنمية» حق وم�شاركة ...يف جتاوز خطاب ال�شعارات:
مقاربة حقوقية قانونية د.سمير الشحواطي
أستاذ القانون العام كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بتطوان
غدا وهما الحديث عن التنمية دون االستحضار الفعلي لإلنسان/المواطن(ة) ،وال تنمية دون االستناد إلى مرتكز أولوي يجعل المواطن(ة) محورا للتنمية ،فالمواطن(ة) بداية ونهاية كل حلقة من حلقات العمليات التنموية ،وفق ثالوث ال انفصام للبناته «الحق فيالتنمية»«-المواطن(ة)»« -الحق في المشاركة»، وكل باراديغم تنموي ينشد تحقيق غاياته ليس له إال القيام على «حق مشاركة» «المواطن(ة)» في «التنمية» ،مشاركة في الجهود واألعباء التنموية ،تحضيرا وإع��دادا وإنجازا ،وتقييما وتقويما النطالق حلقة تنموية جديدة (التغذية الراجعة ،)Feedback ومشاركة في العوائد والمنافع التنموية بالشكل الذي يحقق عدالة توزيعية ترفع أسهم العدالة االجتماعية ،وكلها مداخل لضمان االستدامة التنموية واالستقرار المجتمعي. إن التماس براديغم تنموي ،مستجيب للخطاطة السالفة، يقوم على المشاركة من منظور مقاربة هذه األخيرة كحق من حقوق التنمية ،يقتضي بالضرورة مرتكزا ثانيا لصيقا به متمثال في تمتع المواطن(ة) بحقوقه/ا وحياته/ا من منطلق تداخل الحقوق والحريات وتكاملها ،وصعوبة فصلها عن بعضها أو تجزئتها ،وكل خلل أو تقييد يطال جزءا منها ينعكس بالسلب على باقي المنظومة الحقوقية المتسمة بالتنوع والتفرع ،وهي الحقوق والحريات التي تطورت بفعل حضور وتأثير مقترب المشاركة على المنظومة الحقوقية؛ فتم تجاوز المنظومة النظرية التقليدية ،إما بوصف المنظومة كمجموعة حقوق تقتضي من الدولة امتناعا عن التدخل ( )Droits - Abstensionأي بوصفها حقوقا/حريات ( )Libertés-Droitsأو حقوقا-حمايات ،وهذا منظور أنصار الحقوق المدنية والسياسية ،وهي الحقوق التي تعرف بـ«الجيل األول لحقوق اإلنسان» ،أو «الجيل األول لحقوق المواطنة» بتعبير ، Dawn Oliverالمتمثلة في مجمل الحقوق التي تطرق إليها «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» ،وهذه المقاربة التقليدية ،التي تنظر إلى الحقوق باعتبارها حريات تستوجب الحد من تدخل الدولة ،كان لها ما يبررها تاريخيا وفلسفيا ،الرتباطها بإعالنات الحقوق في القرن 18م التي ركزت على الحقوق الطبيعية لإلنسان ،كحقوق وحريات ال يجوز أن تعتدي عليها سلطات الدولة ،ومع صعود الفكر االشتراكي في القرن 19م اتجه إلى نقد هذه المقاربة التقليدية الليبرالية دون نفيها أو تجاوزها ،واإللحاح على أن الحقوق-الحريات تحتاج إلى تمتع األفراد بحد أدنى من الحقوق االقتصادية واالجتماعية، بوصفها مجموعة حقوق تقتضي من الدولة تدخال إيجابيا لمد األفراد بخدمات ،أي بوصفها حقوقا -ديونا على الدولة (Droits- )Créancesوهذا منظور أنصار الحقوق االقتصادية واالجتماعية، أو ما يعرف بـ«الجيل الثاني لحقوق اإلنسان» ،أو«الجيل الثاني لحقوق المواطنة» ،المتمثلة في مجمل الحقوق التي تطرق إليها «العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية» ،إال أن المأخذ األساسي الذي يمكن توجيهه لهذا المنظور التقليدي هو أنه يقيم فصال قاطعا بين الدولة والفرد، وبين السلطة والمجتمع ،إنه يعتبر الفرد موضوعا ( )Objetغير نشيط ( )Passifيطالب بكل شيء من الدولة ،وبشكل متناقض نوعا ما ،فهو يطالب بالحماية من سلطتها وفي نفس الوقت يطالب بتدخلها ومساعدتها؛ وهو ما يسمح لها ببسط سلطتها بشكل خطير كما أثبتت التجربة ،خصوصا في ظل غياب اعتماد «مقاربة المشاركة» ،فكانت الحاجة تدعو إلى تركيب جديد يتجاوز المقاربة التقليدية دون نفيها مطلقا ،فالحقوق-الحريات (الحقوق المدنية والسياسية) تحتاج إلى مشاركة األفراد ومساهمتهم لممارستها (حق المشاركة) ،كما أن هذه المشاركة تبقى قاصرة ودون معنى (غير ممكنة تقريبا) دون تمتع األفراد بحد مقبول من الحقوق-الديون (الحقوق االجتماعية واالقتصادية والثقافية) ،وهو الوضع الذي أفسح المجال لظهور «الحق في التنمية» وفق مقاربة المشاركة ،ما يعرف بـ»الجيل الثالث لحقوق اإلنسان» ،أو»الجيل الثالث لحقوق المواطنة» ،المتمثلة في مجمل الحقوق التي تطرق إليها «إعالن الحق في التنمية» ،المعتمد من لدن الجمعية العامة لألمم المتحدة بموجب القرار 41/128بتاريخ 4دجنبر ،1986 وفق مفهوم ينظر إلى هذه الحقوق والحريات ال بصفتها مطالب بالحماية (الحقوق-الحريات) أو الخدمات (الحقوق-الديون) من هيأة متعالية ومنفصلة عن المجتمع ومتعالية عليه (الدولة) ،بل بمنظور كونها نتيجة طبيعية للممارسة الديمقراطية ،فالفرد من خالل مشاركته يساهم في إقرار وتقرير حقوقه وواجباته ،وفي حمايتها ،والرقابة عليها ،ووفق هذا المنظور الجديد في الحقوق يصير الحق في التنمية -عبر مقترب المشاركة -حقا «مؤسِّسا» للحقوق كما ذهب ،Pellet Alainيدعمها ويعمقها ،إنه يجعل حقوق المواطن حقوقا في السلطة أو «حقوقا -سلطات» ،وحقوقا في المشاركة ،وهكذا غدا الترابط وثيقا بين ثالثية «التنمية»، و»التمتع بالحقوق والحريات والنهوض بالمسؤوليات»، و»المشاركة» في السيرورة التنموية ،فالحق في التنمية كحق من حقوق المواطن(ة) ،بموجبه يحق له/ا المشاركة الفعالة في مختلف جوانب التنمية الشاملة ،سياسية واقتصادية اجتماعية وثقافية وبيئية ،واإلسهام في إحداث هذه التنمية ،سواء بالحصول على الموارد التنموية ،مادية ومعنوية ،ومساهمة وتأثيرا في صنع مختلف قراراتها ،بشكل يحفظ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين والمواطنات ،دون استثناء أو إقصاء ،وكذا المساهمة في توفير متطلبات هذه التنمية بشكل يحترم مبدأ المساواة ويحقق اإلنصاف ،كما للمواطن كذلك حق التمتع بالعوائد التنموية ،عبر إعمال جميع حقوقه وحرياته إعماال تاما وكامال ،وضمان توزيع تلك العوائد بشكل عادل ،وأي تأثير يمس تلك الحقوق والحريات،
ينعكس بالضرورة ع��ل��ى «ال��ت��ن��م��ي��ة» و»م�����ش�����ارك�����ة» ال��م��واط��ن(ة) فيها، إن سلبا أو إيجابا، فإذا كان إقرار الحق ف��ي التنمية بغية تمتع ال��م��واط��ن(ة) بحقوقه بشكل يعزز حق مشاركته/ا التنموية ،وإغناء هذا الحق األخير بأبعاد جديدة وفتح آفاقا لتقويته ،فإنه بالمقابل أي انتهاك أو تضييق على الحقوق هو إجهاز على مشاركته/ا في التنمية ،بل ومدخل لتفاقم التحديات والكوابح التنموية وإعاقة مجهوداتها ،واألنكى من ذلك فـ»انتهاك الحقوق هو انتهاك إلنسانية المواطن(ة)» ،على اعتبار أن تلك الحقوق لصيقة بشخصه/ا ،وأن كمال إنسانيته/ا ونقصانها يرتهنان بالقدر الذي يتمتع/تتمتع به من حقوق ،وما ينعم/تنعم به من حريات ،فاإلنسان كلما امتلك حقوقا وحريات ومارسها اقتربت إنسانيته لتكون كاملة ،وإذا انتقصت حقوقه بالتعدي واالنتهاك ،تنقص إنسانيته بالقدر المسلوب من حقوقه وحرياته ،وفي ظل وضع يفتقر فيه المواطن(ة) إلى حقوقه/ا وحرياته/ا ال مجال للحديث عن «المشاركة» وإحداث «التنمية»، إذ ال ريب فيه أن اإلنسان الذي انتهكت حقوقه وحرياته يفتقد إلى االندماج السياسي واالقتصادي واالجتماعي والثقافي ،...ويتنامى شعور االغتراب لديه ،وما يترتب عن ذلك من المباالة وعدماكتراث بقضايا مجتمعه ،وكبح إبداعه ومساهمتة المجتمعية ،بل وقد يناصب العداء لواقعه وينحو تجاه العنف المادي و/أو المعنوي ،وحينها ال يمكننا الحديث عن «إنسان فعال في مجتمعه» ،أو «مواطن(ة) تنموي(ة)» ،ومما يستوجب الوقوف عنده أن تمتع المواطن بحقوقه ال يقتصر على مجرد النص عليها، بل بالتفعيل األمثل لها والحرص على ضمانها وكفالتها ،دون أن يتناقض الواقع مع النصوص بما يفرغ هذه األخيرة من مغزاها، فالحقوق والحريات التي ترتبط بغاية إحداث التنمية وفق منظور المشاركة ،ال تتم إال في صورتها الموحدة والكاملة المتداخلة، وفق ثالثية «مشاركة /دمقرطة – تنمية – حقوق». فتحقيق التنمية يبقى رهينا بإعمال الحقوق والحريات كمرتكز أساسي ،وعلى قدم المساواة ،بما يحقق مشاركة كافة المواطنين/ات في سيرورة عملية التنمية وإحاطتهابالضمانات الفعلية لألجرأة ،والحق في التنمية إذا كان يثير حق المشاركة كضمانة لتلك الحقوق والحريات من جهة ،فهو يطرح كذلك مبدأ المساواة؛ إذ يعد توفير الفرص المتساوية معيارا أساسيا لشرعية المناهج واآلليات التنموية ،بما يحتم أيضا إيجاد ضمانات تطبيق القوانين في إطار «دولة الحقوالقانون» ،عندها يستطيع الفرد ممارسة حقوقه وحرياته بشكل يجعل منه قادرا على المشاركة في بناء التنمية ،وتحمل المسؤوليات المترتبة على مواطنته؛ حيثالضرورات التنموية تقتضي تبادلية التمتع بالعوائدوتحمل المسؤوليات واألعباء التنموية بما يتناسب والقدرات دون تهرب أو تملص. هكذاتغدو «التنمية» بصفتها «حقا» وليست مجرد «حاجة» أو «مطلب» أو «تطلع» ،والحق يستدعي بالضرورة استيفاءه، ما يعني وجوب تمكين المواطنات والمواطنين من المشاركة الفعلية والحقيقية في بناء تنميتهم،تخطيطا وتنفيذا ومواكبة، كتنمية حقيقية مؤسسة على الحقوق والمواطنة ،على منوال يعطي الحقوق والحريات بعدها الحقيقي؛ حيث «ال تمت بصلة إلى الصدقة واإلح��س��ان» التي يمكن أن «تجود بها» جهة ما ،فالمشاركة حق للجميع ال يمكن التنازل عنه تحت طائلة «التهميش أو التطاول» ،لصاح «طائفة» تراكم هذه الحقوق «المتنازل عنها» أو «المسلوبة» من اآلخرين وتترجمها إلى «امتيازات غير مشروعة»»/ريع» ،أو إلى «سلطات» عبر «مسلسل غير ديمقراطي» ،األمر الذي يقتضي بداية توعية المواطن بحقوقه ،وتوضيح واجباته بما يجعله فعال محورا للتنمية ويؤهله للفعل فيها والتفاعل معها؛ حيث تمسي إشاعة الثقافة الحقوقية ،وتحقيق «اليقظة المجتمعية» ضرورة أولية ،وهو ماسيحقق تسريع وثيرة العمليات التنموية ،والمشاركة الفعلية في مسلسلها ،وفي إطار تفاعل وانعكاس متبادل بين التنمية والمشاركة ،كل منهما يشد عضد اآلخر ،وفق «عملية إخصاب متبادل وتفاعل بناء» بحسب األستاذ عبد العزيز النويضي. باالنطالق من الخطاطة النظرية أعاله ،ومن واقع الهشاشة التي تعلو مالمح السياقات المجتمعية ببالدنا ،والتي أمعنت جائحة كوفيد 19في إبرازها أكثر ،وباالستناد إلى المقتضيات الدستورية، السيما الديباجة والفصول 31و 39و ،40أال يمكن القول أنه قد حان الوقت لتبني براديغم موجه لـ»النموذج التنموي» ينهل من مقاربة التنمية كحق للمواطن ،ومن حقه المشاركة فيها فعليا؟ في أفق إقرار التوزيع العادل والمنصف لألعباء وللعوائد التنموية، هل يمكن أن نحول سياق الجائحة إلى النقلة التنموية المرجوة في التجربة المغربية؟ ليس بإعادة النظر في «النموذج» السالف فقط ،بل في البراديغمات والعقيدة المؤطرة له ،ونحقق ما يمكننا تسميته بـ «الدفعة التنموية» ،أو ما سماه بول روزنشتاين رودان Paul Narcyz RosensteinRodanبـ «الدفعة القوية»؛ حيث يرى أن هذه الدفعةأو سلسلة من الدفعات القوية ،هي الكفيلة بتحقيق اإلقالع التنموي .ما سنحاول التعاطي معه في فرصة قادمة بحول اهلل.
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
النظام القانوين لإحداث وت�سيري�شركات التنمية املحلية واجلهوية د .يونس ابالغ باحث في القانون العام
تلجأ الجماعات الترابية عند إحداث أو تدبير المرافق العمومية التابعة لها، وخاصة المرافق ذات الطبيعة الصناعية والتجارية والخدماتية ،إلى سبل التحديث في التدبير المتاحة لها ،والسيما عن طريق التدبير المفوض أو إحداث شركات التنمية أو التعاقد مع القطاع الخاص .وفي هذا الصدد كرست القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لسنة 2015نمطا حديثا في التدبير ،يسمى شركة التنمية كطريقة إلحداث وتدبير المرافق العمومية التابعة للوحدات الترابية ،وذلك عن طريق إحداث الهيئات الالمركزية لشخصية معنوية خاصة ،تتم في الحالة الغالبة عن طريق شركات التنمية الجهوية أو شركات التنمية أو شركات التنمية المحلية أو حتى عبر شركات االقتصاد المختلط. وطبقا لمضامين القوانين التنظيمية المشار إليها (القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات على سبيل المثال)؛ يمكن للجماعات ومؤسسات التعاون بين الجماعات أو مجموعة الجماعات الترابية أن تُحدث شركات مساهمة في شكل شركة التنمية طبقا للمواد 130و 131و 132من القانون التنظيمي رقم 113.14المذكور .كما يمكنها أن تساهم في رأسمالها بشراكة مع شخص أو عدة أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام أو الخاص. غير أن المسطرة التي تلجأ لها الجماعات الترابية من أجل إحداث هذه الشركات المساهمة التي تسمى شركات التنمية المحلية بالنسبة للجماعات وشركات التنمية بالنسبة للعماالت واألقاليم وشركات التنمية الجهوية بالنسبة للجهات ،وإن كانت تخضع في المبدإ العام للمبادئ الواردة في القوانين التنظيمية سالفة الذكر ،إال أنها تظل مقيدة بمقتضيات القانون رقم 17.95المتعلق بشركات المساهمة ،وفي الوقت ذاته غير ملزمة بالمادتين 8 و 9من القانون رقم 39.89المؤذن بموجبه في تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص، بمقابل خضوعها لمقتضيات القانونرقم 69.00المتعلقبالمراقبةالماليةللدولةعلىالمنشآتا لعامةوهيئات أخرى. وغني عن البيان بأن هذا التنوع في القواعد والمقتضيات بين القانونين العام والخاص الذي يخضع له إحداث شركات التنمية ،نابع منطبيعة تدخلها ونشاطهاالذي تمارسه ،والذي يكونمتسم بصبغة اقتصادية كانت صناعية أو تجارية أو خدماتية ،ومن جهة ثانية ،يؤدي لنوع من االختالف فيما يتعلق بتسييرها وتدبيرها ،وذلك حسب طبيعة نشاط المرافق التي تديرها شركات التنمية ،وبالتبعية يمكن أن ينبت عن هذا التنوع إشكالية تنازع االختصاص القضائي بشأن المنازعات التي قد تترتب عن كيفيات تدبير المرافق العمومية المحلية عبر هذه الشركات ،وذلك بشأن الزيادة في رأسمال وتحرير األسهم وتفويتها والحقوق وااللتزامات المترتبة عنها وكذا في عالقتها مع الجماعة الترابية المعنية ومع باقي الشركاء/ مجلسها اإلداري (.)... بذلك ،واعتبارا لتنوع وتشعب نشاط الجماعات الترابية بالنظر لالختصاصات المخولة لها بموجب القوانين التنظيمية المذكورة ،تبين للمشرع بأن شركات التنمية وسيلة ومنهج حديث في التدبير يمكن للمستويات الترابية من خالله أن تسند لهذه الشركات تدبير المرافق العمومية التابعة لها باستثناء تدبير األمالك الخاصة للجماعات الترابيةأو المساهمة في رأسمال شركات أخرى. أما فيما يتعلق بمساهمة الجماعة الترابية المعنية في إحداث هذا النوع من الشركات، فإنها ال تقل (مساهمة الجماعةإذا ما تم أخذها على سبيل المثاألو مؤسسات التعاون بين الجماعات أومجموعة الجماعات الترابية) عن نسبة ،34%وفي جميع األحوال ،يجب أن تكون أغلبية رأسمال الشركة في ملك أشخاص اعتبارية خاضعة للقانون العام .وعموما ،ال يمكن أن يقل رأسمال شركات التنمية عن 300ألف درهم في حال كانت ال تدعو الجمهور إلى االكتتاب، وعن 3ماليين درهم في حال كانت تدعو لذلك. وتمر مسطرة إحداث شركات التنمية بتحديد الهدف منها بدقة وكذا الحاجيات ،ليليها البحث عن شركاء عبر التفاوض المباشر ( )Négociation directeأو اإلعالن عن المنافسة ( ،)Mise en concurrenceوفي مرحلة موالية يأتي إعداد وثائق إحداث الشركة بتشاور مع الشركاء(النظام األساسي – -Statutsالمحدد للشروط والقواعد االحترازية وميثاق المساهمين )-Pacte d’actionnaires- -ثم وثائق تدبير المرفق (االتفاقية –�Conven -tionودفتر التحمالت )-Cahier des charges-حيث يتم عرض الوثائق المذكورةعلى المجلس .وأخيرا تنتهي المسطرة بتأشيرةالسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إذا لم يتبين لها غير ذلك داخل أجل 20يوما من تاريخ توصلها بمقررات اإلحداث على النظام األساسي ثمعلى االتفاقية بعد توقيعها من قبل مدير الشركة. وفي حالة تأشير سلطة المراقبة اإلدارية (السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية) على إحداث شركة من هذه الشركات المساهمة ،فإن تسييرهايخضع فيما يتعلق باإلحداث والحل وخفض أو رفع رأس المال أو تفويته أو حل الشركة أو تغيير غرضها أو المساهمة في رأس المال إلى مداوالت المجلس ثم تأشيرة السلطة الحكومية المذكورة ،وذلك تحت طائلة البطالن. وإذا كانت هذه أهم النقاط المتعلقة بالنظام القانوني إلنشاء شركات التنمية المحلية والجهوية ،فإن تسييرها يظل مرهونا بتبليغ محاضر اجتماعات األجهزة المسيرة لها،للجماعة (على سبيل المثال) أومؤسسات التعاون بين الجماعات أومجموعة الجماعات الترابية المساهمة في رأسمالها ،وإلى عامل العمالة أو اإلقليم داخل أجل 15يوما الموالية لتاريخ االجتماعات.ويحاط المجلس المعني علما بكل القرارات المتخذة في الشركة عبر تقارير دورية يقدمها ممثل الجماعة بأجهزتها. أما فيما يتصل بتعويض ممثل الجماعة الترابية المعنية عن مهمة تمثيل الوحدة الترابية ،حسب الحالة ،باألجهزة المسير للشركة فتخضع لنص تنظيمي محدد لمبلغ وكيفيات التعويضات التي يمكن منحها له ،وهو المرسوم رقم 2.16.493بتاريخ 6أكتوبر 2016 متعلق بتحديد شروط منح التعويضات ومقاديرها لرؤساء مجالس الجماعات والمقاطعات ونوابهم وكتاب مجالس الجماعات والمقاطعات ونوابهم ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم فيما يتعلق بتعويض ممثل الجماعة ،وبالنسبة للجهات والعماالت واألقاليم ،فهناك مرسومين خاصين بهما. وفي حالة توقيف مجلس الجماعة أو حله ،يستمر ممثل الجماعة في تمثيلها داخل مجلس إدارة الشركة إلى حين استئناف مجلس الجماعة لمهامه أو انتخاب من يخلفه.ويمنع على كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع شركات التنمية التابعة لها (إبرام األعمال وعقود الكراء أو االقتناء أو التبادل أو كل معاملة أخرى تهم أمالك الجماعة، أو إبرام صفقات األشغال أو التوريدات أو الخدمات أو كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح)، سواء كان ذلك بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيال عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه.
8
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
دور الدولة واملجتمع يف تدبري ما بعد الزمن «الكوروين» سمير الصمدي: دكتور في القانون العام باحث في القانون اإلداري و العلوم اإلدارية
تطرح فترة األزمات مجموعة من اإلشكاليات والتساؤالت بخصوص ضمان استمرارية المرفق العام ،والبحث عن الوسائل القانونية والقضائية لضمان هذه االستمرارية .فاألزمة التي نعيشها األن بسبب تفشي فيروس كورونا كوفيد 19جعلت إشكالية ضمان استمرارية المرفق العام تبرز من جديد خاصة مع اإلجراءات والتدابير التي تم اتخاذها من أجل حماية صحة المواطنين في خطوة استباقية الهدف منها محاصرة هذا الوباء والعمل على الحد من انتشاره وكذا الحرص على تفادي التجمعات هذا األمر هوالذي دفع الحكومة إلصدار مجموعة من المراسيم،مرسوم رقم 2.20.292صادر في 28رجب 23( 1441مارس )2020يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات اإلعالن عنها. ثم المرسوم رقم 2020.399صادر في 29رجب 24( 1441مارس )2012بإعالن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد .19 ومرسوم رقم 2.20.330بتاريخ 18أبريل 2020بتمديد سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا –كوفيد .19 هذه المراسيم ولتأمين استمرارية المرفق العام في حالة الطوارئ الصحية بسبب تفشي الوباء ورغم كونها نصت على مجموعة من التدابير واالجراءات االستثنائية فإنها في المقابل أكدت على ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين،واستمرارية المرفق العام باعتباره حاجة لضمان تقديم الخدمات خاصة في فترات األزمات كيفما كان نوعها مثل هذه األزمة التي نعيشها بسبب انتشار الفيروس. وفي ظل الظروف االستثنائية التي تمر بها بالدنا نتيجة التداعيات الصحية واالقتصادية واالجتماعية النتشار الجائحة وفي إطار الجهود الرامية إلى تمكين المرافق العمومية من االستمرار في تقديم خدماتها مع الحفاظ على صحة وسالمة العاملين بها والوافدين عليها ووقايتهم من انتشار هذا الوباء فقد تقرر بموجب منشوري وزير االقتصاد والمالية وإصالح االدارة رقم ،1/2020و 2/2020المؤرخين على التوالي في 16مارس وفاتح أبريل 2020إعادة تنظيم العمل بإدارات الدولة من خالل تطوير وتنويع الوسائل المتاحة للعمل عن بعد بما يضمن استمرارية العمل بالمرافق العموميةمع ضمان سالمة الموظفين والمرتفقين،ومن أجل التنزيل السليم لمضامين هذا المنشور وضمان استمرارية تقديم مختلف الخدمات للمواطنين ،قامت وزارة االقتصاد والمالية وإصالح االدارة –قطاع إصالح االدارة -بإعداد دليل يهدف الى تحديد التدابير االساسية الواجب اتخادها من قبل االدارات العمومية بهدف تطبيق نظام العمل عن بعد في ظل هذه الظروف االستثنائية،مع مراعاة طبيعة وخصوصية مهام االدارات المعنية وااللتزام بالتعليمات الصادرة عن «المديرية العامة ألمن نظم المعلومات»،خاصة المذكرة رقم 20/24100304حول األمن السيبراني المتعلقة بالعمل عن بعد وبالتوجيهات الوطنية ألمن نظم المعلومات موضوع منشور رئيس الحكومة رقم ،03/2014وكذا االلتزام بمقتضيات القانون رقم 09.08المتعلق بحماية األشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي . وفي نفس السياق تم اإلعالن عن مشروع مرسوم يضبط العمل عن بعد بإدارات الدولة وتقديم الخدمات في مختلف الظروف .ويعتمد في مرجعيته على الدستور والسيما الفصل 90 منه ،وعلى الظهير الشريف بمثابة النظام األساسي للوظيفة العمومية ومرسوم ميثاق الالتمركز االداري وجاء في المذكرة التقديمية لهذا المرسوم أن العمل عن بعد يعتبر أحد العناصر المرتبطة بمفهوم االدارة الحديثة إذ يندرج ضمن تطوير وتنويع أساليب العمل باعتباره شكال من أشكال تنظيم هذا العمل ويمكن بواسطته إنجاز المهام خارج مقرات العمل الرسمية التابعة لإلدارة باستخدام تكنولوجيات المعلومات واالتصال،مما سيمكن من تحقيق التوازن بين حاجيات االدارة من جهة المتمثلة أساسا في ضرورة استمرارية الخدمات بالنجاعة والفعالية الالزمتين وبين الظروف الخاصة للموظفين من جهة ثانية بما يوفره من مرونة في ساعات العمل،مع الحفاظ على المعدل اليومي لساعات العمل الرسمية. وحسب مقتضيات هذا المرسوم ،فإن كل عمل يؤدى خارج مقرات العمل الرسمية التابعة لإلدارة إما بشكل دائم أومؤقت،كلي أوجزئي ،بتكليف من االدارة يكون فيه االتصال بين الموظف واالدارة عبر استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة يعتبر عمال عن بعد. ويتم العمل عن بعد في مقر سكنى الموظف المعني أوعند االقتضاء في مقرات أخرى تحددها اإلدارة غير مقار العمل الرسمية التابعة لها ،لكن اليخول العمل عن بعد أينما تم إنجازه الحق في الحصول على أي تعويض عن اإلقامة أوعن التنقل أوأي تعويض آخر خارج المقتضيات والشروط الجاري بها العمل. وقد أشار المرسوم إلى إمكانية تحديد مدة تجريبية أقصاها ثالثة أشهر لتقييم مدى قدرة الموظف المعني بالعمل عن بعد وتقدير انعكاسات العمل عن بعد على سير المرفق المعني. مع إمكانية مراجعة هذه الحصة والمدة كلما دعت الضرورة الى ذلك . وبناء على المادة الثامنة من مشروع المرسوم فإنه يمكن لإلدارة الترخيص للموظف لمدة أقصاها سنة وفق كيفيات وشروط متفق عليها بمزاولة العمل عن بعد ،بناء على طلب مكتوب يعبر فيه عن رغبته مبرزا دواعي طلب مزاولة العمل عن بعد وبناء على ذلك تقوم اإلدارة بدراسة الطلب من خالل مؤشر تقييم مدى توافق الطلب مع طبيعة المهام والواجبات واألنشطة الممارسة من طرف الموظف المعني ومع مصلحة اإلدارة وكذا مطابقة التجهيزات المتوفرة لديه للمواصفات التقنية المحددة من طرفها في حاالت تنظيم العمل عن بعد ويمكن تجديد الترخيص لمدة التتجاوز سنة بناء على طلب المعني باألمر موجه لإلدارة 60يوما قبل انقضاء مدة الترخيص السابق وفي نظرنا ينبغي أن يكون الطلب مرفوقا بمخطط آلية العمل دقيق ،يتضمن خالصة لالستراتيجية المتبناة من أجل تدبير المكتب أوالمهمة بنجاح خالل مرحلة معينة،مستعرضا مجمل اإلجراءات والوسائل الكفيلة لبلوغ األهداف كما تكمن أهمية المشروع في توضيح معالم الخطة المتبعة والتحقق من استراتيجيتها وتقييم المخاطر المحدقة به.
كما تقوم االدارة عند انتهاء مدة كل ترخيص بتقييم عمل الموظف عن بعد ومدى تحقيق النتائج المحددة سلفا وهي معيار أساسي لتجديد هذا الترخيص،كما يمكن إنهاء العمل في أي وقت بقرار لرئيس اإلدارة بمبادرة منه أوبطلب من الموظف مع أجل إشعار يحدد شهرين،ويخفض إلى شهر واحد في الفترة التجريبية. كما تتحمل اإلدارة التكاليف المتعلقة بشكل مباشر بمزاولة العمل عن بعد السيما تكلفة االجهزة والبرمجيات واالشتراكات واالتصاالت وأدوات العمل ذات الصلة بموضوع العمل عن بعد،كما تتحمل تكاليف الصيانة والدعم التقني في حالة عدم ثبوت خطأ أوسوء استعمال من طرف الموظف العامل عن بعد . كما يجب على الموظف الذي يشتغل عن بعد إخبار االدارة فورا في حالة حدوث عطل في التجهيزات التي يستخدمها عن بعد أووجود قوة قاهرة تحول دون قيامه بمهمته. وبحسب مشروع المرسوم ،ستُحدث تحت إشراف السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية ،لجنة وطنية للتتبع وتقييم العمل عن بعد بإدارات الدولة تتكون من ممثلي السلطة الحكومية المكلفة بالمالية واألمانة للحكومة وممثلي الوكالة الوطنية للتنمية الرقمية ،فضال عن إعداد البرامج التكوينية ذات الصلة ،وإعداد تقرير سنوي يُرفع إلى رئاسة الحكومة. والبد من اإلشارة الى أن نص المشروع أشار إلى استفادة موظفي العمل عن بعد من نفس الحقوق المخولة للموظفين الذين يزاولون مهامهم في مقار عملهم السيما المتعلقة برخص المرض واألمراض المهنية وحوادث الشغل...وإن كان وقوع حادثة أثناء العمل عن بعد تطرح التساؤل حول ما إذا كانت الحادثة التي تقع للموظف الذي يعمل عن بعد تعتبر حادثة شغل أم ال ؟؟وهوسؤال يبقى مطروحا على اعتبار أن تكييف الحادثة على أنها حادثة شغل تترتب عنها آثار قانونية مهمة تتجلى أساسا في الحق في التعويض. انطالقا مما سبق وعلى ضوء المقتضيات التي تعرضنا لها والمرتبطة بمنشور وزير االقتصاد والمالية فيما يتعلق بالعمل عن بعد بإدارات الدولة ومشروع المرسوم حول العمل عن بعد بإدارات الدولة نخلص الى ما يلي: األمر بات يستدعي تدخال من المشرع من أجل العمل على إخراج نصوص قانونية تنظم مسطرة وحاالت اللجوء للعمل عن بعد،واالثار المترتبة عليه وكذلك توفير الضمانات الكفيلة بحماية الموظف وصيانة حقوقه من أجل خلق توازن ينعكس على العالقات الوظيفية وبالتالي استقرار االوضاع االجتماعية للموظف والمساهمة في التنمية المندمجة خاصة وأن المغفور له الحسن الثاني سبق له وأن دعا الى التوجه الى هذا النوع من العمل في رسالته الموجهة الى المشاركين في االيام الوطنية الثانية لالتصاالت المنعقدة بالرباط خالل يومي 16و 17ماي 1994جاء فيها «إن العمل البعدي كأسلوب جديد لتنظيم العمل يعكس بحق التطور الذي أفرزته التكنولوجيات الحديثة لإلعالم والتواصل» .كما أن موضوع العمل عن بعد باإلدارات العمومية يطرح وبشدة إشكالية التأهيل الرقمي للموظف في ظل العمل عن بعد بحيث بات ضروريا إدراج مجزوءات التكوين في العمل عن بعد في معاهد تكوين الموظفين وبالنسبة للموظفين الممارسين برمجة تكوينات في العمل عن بعد تحسبا للظروف الطارئة واستعدادا لتفعيل مرسوم العمل عن بعد،وفي إطار التفاعل االيجابي واالنخراط الفعلي في كل الخطوات التي تقررها السلطات االدارية والصحية والقيام بكل ما من شأنه تيسير ولوج المرتفقين لمختلف الخدمات اإلدارية نشير إلى انضمام 6وزارات و 5جماعات ترابية و 5مؤسسات عمومية إلى المبادرة الرقمية «الحامل االلكتروني»التي أطلقتها وكالة التنمية الرقمية لتشجيع العمل عن بعد وتقليص التبادل المادي للمراسالت والوثائق االدارية نظرا لحالة الطوارئ الصحية التي تم تفعيلها لمواجهة الجائحة .واعتماد األكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني مالل خنيفرة «مكتب الضبط الرقمي» بتاريخ 27أبريل ،2020وهو منصة رقمية وطنية مخصصة للمتعاملين مع االدارات العمومية تسمح لهم بإيداع المراسالت بطريقة إلكترونية أمنة بحيث تعفي المرتفقين من التنقل الى مقر االدارة لتسليم مراسالتهم إذ يتوصل المرتفق مباشرة بعد وضع ملفه من خالل خدمة مكتب الضبط الرقمي إشعار التوصل عبر البريد االلكتروني للمرتفق يتضمن رقم المراسلة وتاريخها مما سيمكنه الحقا من تتبعها سواء عن طريق البريد االلكتروني أوالهاتف.
9
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
امللحق الثقايف والفني
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
حوار مع الفنان الت�شكيلي املغربي
فؤاد شردودي حاوره :عبد اإلله المويسسي
في مبادرة جمعت بيت الشعر في المغرب ومؤسسة الرعاية التابعة لصندوق اإليداع والتدبير ،شاركت ،قبل أشهر ،إلى جانب زميليك الفنانين عزيز أزغاي وعبد اهلل الهيطوط في معرض «ورد أكثر» التشكيلي ،الذي كان لحظة احتفائية كبرى بالشاعر العربي محمود درويش في ذكرى رحيله العاشرة .كيف حضر الشاعر الكبير في أعمالك الصباغية ،باعتبارك شاعرا وفنانا تشكيليا؟ وما السر في التئامكما أنتم الثالثة ،على اختالف لمساتكم الفنية في مجموعة إبداعية؟
إنها تجربة مميزة جدا ،قادتنا إلى عوالم جمالية مدهشة ،والفضل في ذلك يعود إلى بيت الشعر الذي احتضن التجربة ودعمها ،وشخصيا أستطيع القول إن محمود درويش رافقني في محطات أساسية من مسار كانت فيه القصيدة وآفاقها الرحبة محورا أساسا في اشتغال بصري لم يبتعد يوما عن تصور شعري للتشكيل وتشكيلي للشعر ،فقد قرأت لدرويش في سن مبكرة أعماله التي كانت متاحة آنذاك،وتوطد لدي ذلك اإلحساس بالنموذج الشعري الكوني اإلنساني الذي يمثله رفقة شعراء آخرين ،ذلك ما سيتجلى في معرضي ( أيادي الظالل ) 2010الذي استحضرت فيه شعر درويش وعوالمه وأسئلته ،اآلن أستطيع القول : إن شعر محمود درويش ال يزال يدعونا إلى المزيد من القراءة والسبر والتمثل بشكل أكثر عمقا وجدوى .إن تصوري الستحضار محمود درويش تشكيليا نابع من عتبات القراءة القصوى لنصه ،فأحيانا يكون العمل اصطحابا ومصاحبة وأحيانا أخرى أعطي لنفسي فرصة استئناف المتخيل بصريا ،بحيث تصير الجمل الشعرية كتال لونية وخطوطا وأشكاال يهندس أفقها ذلك اإليقاع التجريدي النابض في عمق النص عبر امتالءاته وفراغاته .لقد كان النص الدرويشي مخبرا بصريا غنيا ومدهشا بالتفاصيل والدالالت .وألن صورة درويش الشاعر طبعت في ذاكرتي البصرية عبر ما كان يحمله ذلك الوجه من قلق ومن حساسية أيضا فقد انجذبت إلى تأمل بورتريه الشاعر عبر حوارات لونية متحررة تحاول خلق تماه بين النص /القصيدة والبورتريه /الشاعر. بالنسبة للشق الثاني من السؤال ،فالحقيقة أن خيارنا اإلبداعي والفكري هومن طرز هذه العالقة ،الصديقان الرائعان عزيز أزغاي وعبد اهلل الهيطوط ،فنانان من طينة الكبار ،وما جعل هذا الثالثي يصير ذا قوة وأهمية في نظري ليس سوى جدية االشتغال والبحث المشترك عن منجز بصري يقلب الطاولة على المتاح ،منذ عقود ،مغربيا وعربيا على األقل .فكرة المجموعة البد أن تنطلق من أسس معرفية وفلسفية مشتركة ،بحيث يحصل ذلك التكامل المنشود ،والذي يظهر جليا في المنجز الجماعي ،نحن كفنانين ننتمي إلى الجيل ذاته وجدنا أنفسنا دون أن نخطط لذلك ،منخرطين في تصور موحد تقريبا للعملية اإلبداعية، ووجدنا أيضا العديد من الروابط الفكرية والفلسفية التي دعمت رؤيتنا الجماعية كل من داخل مخبره الخاص وكل بحمولته اإلبداعية وبأسلوبه وطرائق اشتغاله .
تجمعك مسيرة إبداعية حافلة بالفنان المغربي المشهور فؤاد بالمين .ما سر هذه العالقة؟ جمعتني بالفنان الكبير فؤاد بالمين صداقة إنسانية وإبداعية،
2/2
امتدت لعقد من الزمن والزالت مستمرة، اتسمت في فترة طويلة منها باشتغال يومي داخل مرسمه بالرباط ،حيث كان الفضاء الملهم والمكون ( من التكوين ) ،وكان فؤاد المعلم الكبير الذي كلما لمس شيئا أضاءه ،رجل ذوخبرة وتجربة ومعرفة ،قضينا أياما وليال في الرسم وفي الحديث عن تاريخ الفن ومدارسه وخصوصياتها ،وأعتبر مرسمه جامعة حقيقية شكلت جانبا مهما من وعيي البصري والتشكيلي ،نظريا وتقنيا .مما انعكس على مساري الفني وعلى العديد من الخيارات التي شكلت معالم اشتغالي ،لذلك أعتبر نفسي مجظوظا جدا بهذه العالقة الغنية والبانية .
كيف تجري تقييمك للمجال التشكيلي المغربي حاليا؟
المجال التشكيلي بالمغرب يعد بالكثير من الضوء برغم المشكالت العديدة التي تتربص به،وأتساءل دائما ،ماذا لوكانت األجواء في المغرب أكثر دعما ووقوفا إلى جانب الفن والفنانين ؟ حتما سيكون الواقع الفني ببالدنا رائدا وسينال احترام العالم وتقديره .لقد قطع التشكيل بالمغرب مسارا مهما في إطار تأسيس ذاته مع العلم أنه ال يزال في بدايته ،فال يمكن الحديث عن خطاب تشكيلي في المغرب إال من داخل مسافة زمنية تفوق نصف قرن بقليل ،وبالتالي فما أنجزه هذا الخطاب إلى حد اآلن يعتبر حصيلة مهمة .هناك في المغرب حساسية تشكيلية جديدة واعية بشرطها الزمني واإلبداعي ،تناقش إبداعها من منطلقات معرفية يحكمها التجريب ،هذه الحساسية لم تظل حبيسة المنطق الجغرافي وال الثقافي الضيق ،بل شكلت حوارا بناء وتجاوبا مع المنجز البصري على الصعيد الكوني .وبالتالي صار العديد من المهتمين بالفن خارج المغرب يتابعون المنجز الصباغي الجديد وقد لعبت منصات التواصل االجتماعي دورا مهما في إثارة االنتباه إلى الخطاب التشكيلي الجديد بالمغرب ،فحظيت بعض التجارب باهتمام ومتابعة من المغرب والمشرق أيضا ،ضف إلى ذلك حضور الفنانين المغاربة في الملتقيات والسمبوزيومات الدولية والذي شكل نقطة ضوء .على المستوى الشخصي أحاول دائما الحضور خارج المغرب وفتح أفق كوني النتشار أعمالي ،توج ذلك بدخول بعضها في مزادات علنية عالمية مؤخرا ،كما هوالشأن بالنسبة لفنانين مغاربة آخرين.
كيف تقيم اهتمام التلفزيون المغربي ووسائل اإلعالم بشكل عام بالفن التشكيلي؟ اإلعالم المغربي وخصوصا المرئي غائب تماما عما ينجز تشكيليا على أرض الواقع ،هناك فراغ مهول قد يكون له عواقب وخيمة على الذوق الجمالي ألجيال الحقة ،نحن أمام إعالم ينتصر للتسلية وللمتعة العابرة شانه في ذلك شان باقي اإلعالم العربي وأذكر ذات مرة أنني زرت مكتب صاحب مجموعة قنوات فضائية عربية معروفة بدبي ،وفي إطار حديثنا اقترحت عليه برنامجا عن التشكيل العربي برؤية جديدة ومختلفة كليا ،فكان الجواب إن المواطن العربي مثقل بالتعاسات والهموم وال يمكن أن ينجح برنامج يحتاج من متلقيه رصانة وجدية ،إنه زمن الترفيه
ال غير .إعالمنا المرئي ال يخرج عن هذه القاعدة ،وال يقدم شيئا كثيرا عن الفن التشكيلي عدا بعض التغطيات للمعارض وبشكل سريع ومرتجل . أما بالنسبة للصحافة الورقية والرقمية فقد ألمس بعض االهتمام النابع اساسا من مبادرات نخبة من المثقفين الذين يكتبون عادة عن أصدقاء لهم من التشكيليين وليس هناك – إعالميا -استقراء ومتابعة حقيقية لنبض المجال البصري بالمغرب إال فيما ندر .ولعل وسائط التواصل االجتماعي شكلت نقطة ضوء ومجاال حيا لتداول أخبار الفن والفنانين على الرغم من بعض النقائص .
ما العمل الفني الذي تتمنى لوأنك من أنجزه؟
كثيرة هي األعمال التي أتمنى لوكنت من أنجزها إما لعظمتها أوألنها شكلت بالنسبة لي نموذجا مثاليا لخطاب تشكيلي باعث على الدهشة والسؤال ،وإن كان البد أن أذكر عمال ما في هذا الصدد فإنني سأذكر ‘ موائد اآللهة لفؤاد بالمين . les tables des dieuxهذه التجربة الطليعية التي شكلت لحظة إنجازها فارقا مهما في المنجز التشكيلي بالمغرب .
ما الذي تطالب به المعنيين بالفن التشكيلي... مسؤولين ..فنانين ....نقادا...ومتلقين ...وغيرهم؟ أتمنى من كل المتدخلين في المجال التشكيلي والثقافي عموما إعادة النظر في سياسات التعامل مع هذا المجال وسبل االهتمام به وترويجه على أسس تضمن الوضع االعتباري الالزم للمبدع والظروف المالئمة الشتغاله ولعمله أيضا ،وأتمنى كذلك دعم الصناعات المواكبة لإلبداع الفني والتي يدخل فيها إنشاء األروقة والمتاحف واإلعالم الفني والمزادات ،كل ذلك من شأنه إنعاش تداول األعمال الفنية وتسويق المنتوج الفني .فكلنا نعلم أنه في العقد األخير أغلقت العديد من األروقة وأفلست ،وهذا راجع لخلل كبير في تدبير سوق الفن ،لقد عانت أجيال من الفنانين في هذا البلد من أجل تربية جمهور ما على تذوق العمل الفني واقتناءه ،فصار الكثيرون يفكرون في اللوحة مثلما يفكرون في اللوازم األخرى لتهيئ البيت ،.ولكن مع ذلك يلزمنا ان نبذل جهودا مضاعفة من أجل استقطاب جمهور أوسع ،وهنا يتداخل عمل الفنان بعمل الناقد واإلعالمي والقيمون الفنيين ..
ما هي آخر مشاريعك؟
في الحقيقة كانت لدي مشاريع مهمة في هذه السنة شاءت األقدار أن تتأجل إلى مواعيد الحقة بسب نازلة كورونا،منها معرضان بفرنسا ومشاركة ضمن معرض عالمي بنيويورك ومشاركة أخرى بمهرجان جرش باألرد .على أية حال ،أنا أشتغل بشكل مستمر وجعلت الحجر الصحي فرصة لتهييئ مشاريع أخرى باإلضافة إلى اشتغالي الدائم بالمرسم وتحضير تجارب يتماهى فيها الشعري والصباغي ،شعريا أنتظر صدور ديوان شعري جديد بإحدى دور النشر العربية ..
كلمة أخيرة لقراء جريدة الشمال؟
بداية أشكر جريدة الشمال على إنصاتها العميق لما يعتمل بالساحة التشكيلية في المغرب ،وأتوجه بالشكر لقرائها لكونهم يساهمون في انتشار وعي رصين ومختلف عما هومتداول إعالميا ،أتمنى التوفيق واالستمرار لهذا المنبر المحترم .
10
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
َ ْ ــــر ب ل ا ــ�س م �ش َحْ ْ ُ ِ ــــرا َت َت َك َّل ُ ــم َفجْ ً
ــلــج ُ َج َ ــلــة الــ�سّ ــكــون
الدكتور يحيى عمارة وق َّ َح ِّر ْك ُع ُر َ الش َجر الريح. َك ْي َت ْس َم َع َأ ِننيَ ِّ َت َذ َّك ْر َقل ًْبا َي ْح َت ِر ُق ِع ْشقً ا، اح ُبهُ َل ْم َي ِج ْد ِم ْن ِديال؛ َص ِ ي ُح َو َأ َث َر َ األ َل ِم النَّ ِاز ِف َك ْي مَ ْ النل. من أقدام مَّ ْ لمِ َ ْن َت ْش ُكو الحْ ُ ُر ُ وف ُج ْر َح َها، ات َت َت َك َّل ُم َق ْبرا؟ َو ُك ُّل ال ُّل َغ ِ َقا َل ْت َش ْم ُس ال َْب ْح ِر َف ْجراً:
ِلي َب َي ٌ ت َت َش َج ِر وس حَ ْ اض ُي ِح ُّب الجْ ُ ُل َ الص ْد ِق، ِّ وح َو َي ْش َر ُب ِم ْن َكا ِْس ُّ الر ِ َط ْي َف المْ َ ِاء؛ ون ني الجْ ُ نُ ِ ِل َيكْ ُب َر َح َج ُل الحْ ُ ل ِْم فيِ ِط ِ َو ِحيد ًا َي ْن َت ِشي ِب َر ِائ َح ِة الأْ َ ْر ِض. َّ ص لحَ ْ َظ ًة َد ْو َر َأ ُّي َها ال َْع ِاب ُر فيِ الظ ِ المَ ،تقَ َّم ْ َ األ ْع َمى؛ يخ َو ْ اص ِغ َج ِّيد ًا ِلل َْع َصا ال َِّتي َأت َْع ْب َت َها ِب َت ِار ِ ال َْك ِذ ِب َق ْب َل َف َو ِات َ األ َو ِان. با َغد ًا َس َتفْ َت ُح َع ْينَ ْي َك، ُر مَّ َ َس َت َرى ُج ُي َ م َش َ اك. وش ال َْه ِّم َق ْد َأثْ قَ َل ْت مَ ْ َقا َل ْت َش ْم ُس ال َْب ْح ِر َف ْجراً:
امى النَّ ِائ ِمنيَ ِمل ُْح الجْ ُ ْر ِح َف ِاك َه ُة ال َْي َت َ الر ْم ِل، َع َلى َأ ْر ِصفَ ِة َّ الد ْف ِء َي ْن َت ِظ ُرونَ ِإ ْطال َل َة ِّ َّ اب. ِم ْن َو َط ٍن َغ ِائ ٍب فيِ الض َب ِ ال َب ِر، ِق َط ٌط َن ِحيفَ ُة ْ األض ُل ِع َك ِظ ِ الل إِ ِ ت ِّر ُك َأذْ َيا َل َها فيِ جِّ َ حُ َ ات ِاه ا َمل ْر َك ِب. الس ْج ِن. َذ ِل َك المْ َ ْر َكب َص ْد ُر ُه َأ ْض َي ُق ِم ْن َن ِاف َذ ِة ِّ ُأ َف ِّك ُر فيِ ال َْب َّح َار ِة المْ َ ْن ِس ِّينيَ ، ِح مَ َ ودونَ ِب ُخفيَّ ْ ُحنَ ينْ ِ . ينا َي ُع ُ /الس ِاب ُح/النَّ ِاز ُف/ الس َم ُك ،النَّ ِائ ُم َأ ُّي َها َّ َّ َّ الض ِائ ُع/ التَّ ِائهُ /ا لمْ َ ْشنُ ُ ور /ا لمْ َ ْنفيِ ُّ / وق /ا لمْ ُ ْن َت ِح ُر /ا لمْ َ ْه ُج ُ المْ ُ َه ِاد ُن/ المْ ُ ْن َد ِه ُش/المْ ُ َغ َب ُّر/المْ َ ْن ِس ُّي/المْ ُ َع َّذب ُ، َأ ِج ْب ِني ِب ِصفَ ِة ُّ ور الط ُي ِ السفَ ِر ال َِّتي َت ُصوغُ َم ْعنَ ى َّ الس َم ِاء: فيِ ِك َت ِ اب َّ لمِ َ َ يادونَ المْ َ ِاه ُرونَ الص ُ اذا َّ
Journal Achamal 2000
المْ َ ِاك ُرونَ أ ْب َد ُعوا ِب َوداَعة الغدر ور ِإ َلى ِضفَّ ِة ال َْب ْحر، الع ُب ِ َ مواسم ُ و َأن َْت َل ْم َت ْد ِر َب ْع ُد َب ْس َم َة َ األ ْر ِض؟ م َل َك َة ا َمل ِاء، لمِ َاذ َا الفُ ْر َس ُ ان َض َّي ُعوا مَ ْ َواتَّ َب ُعوا َط ْي َش ُ الغ َب ِار؟ الس ِاك ِن فيِ َق ِاب َ يل، الس ْه ِو َّ ِب َذ ِل َك َّ وس َع ِت النَّ فْ َس َش ْه َو ُة ُ اخل ْس َران؛ َّ َ َ َحتَّ ى ْار مَ َ الع ِار َوأ َنا النَّ ِار. تى َبينْ َ أن َا َ اب َ لمِ َ َ اذا ُ األ ِن ُ يد اد ِم ْن َج ِد ِ يق َع َ الغ َر ُ َه ِذ ِه ا َمل َّر َة َي ْح ِف ُر َ األ ْر َ ض ب ْنقَ ِار ِه ا ُمل َل َّو ِث مِ ِ يس َخ ُر ِم ْن سوءة َق ِاب َ يل َو ْ احر ِمثْ َل َب ْه َل َو ٍان َس ِ يف َي ْن ُش ُر ِس ْح َر ُه َل ْي ً يج َخ ِف ٍ ال ِبالتَّ ْد ِر ِ َي ْح ُض ُن َ األ ْر َ ض تفَ َتينْ ِ ِمثْ َل َر ْع ٍد ُم ْر ِع ٍب ِب َي َد ْي ِه المْ ُ ْر جَ ِ ين؟؟ صي ُح َنه َار ًا ِب َر ْق َص ِة ا َمل ِاك ِر َ َو َي ِ يل» اس َم ُعهُ فيِ ِ «م ْه َر َج ِان ا َمل َه ِاب ِ َو ْ ي ِّد ُد َص ْو َتهُ ِإ َلى َأ ْع َلى الجْ َ َب ِل: مُ َ وب َ احل ِائ َر ِة، ُأ ِر ُ يد َز ْر َع َع َس ٍل فيِ ا ْلقُ ُل ِ ت َث ِال ِّ اج ِم يد َر ْس َم مِ ْ ُأ ِر ُ الش ْع ِر ِم ْن َج َم ِ ُ الغ َر َب ِاء. الب ْح ِر َف ْجراً: َقا َل ْت َش ْم ُس َ اء ال ُت َص ِّد ْق َد َّو َام ًة َع ْم َي َ الر َت َاب ِة، َخ َر َج ْت ِم ْن ِفكْ ِر َّ َتل َْم ُع َع َل ْي َها َب َ الغ ُة ال ُّل َغ ِة ال َِّتي ال َتكْ َت ِر ُث ُ باحلل ِْم. يد النَّ َو ِار ِس، اح ِبي ِإ َلى َن ِش ِ َأن ِْص ْت َيا َص ِ اح َها ِم َن الفَ ْج ِر ِإلى َها ِه َي ُت َك ِّد ُس َأفْ َر َ ر، الفَ ْج ِ يش ُ احل ِّب حُ َ ت ِّل ُق َع ِالي ًا َها ِه َي ِب ِر ِ َبينْ َ َ الس َم ِاء؛ األ ْر ِض َو َّ يح َع َلى َر ْم ِل ُت َه ْد ِه ُد َص ْد َر َ الب ْح ِر ا ُمل ْس َت ِر ِ يدةِ . ا ْلقَ ِص َ َق ِائ َل ًة: وب ُنكْ َه ُة ال َْو َد ِاع ِلل ُْغ ُر ِ ِلل ُْغ َر ِاب ُنقْ َط ُة ال َْك ْه ِف يالد َّ الض ْو ِء ِللْفَ ْج ِر ِم ُ يش ُح ِّر ُ ليق ية التَّ ْح ِ لر ِ ِل ِّ يد ا َمل ِاء ِلل َْب ْح ِر َن ِش ُ الس َؤ ِال. َو ِلي َأ َنا ُح َّمى ُّ
جمال أزراغيد 1ــ أمـــنـــيــة:
مه ٍل... على ْ البهاء كو ًنا من َ أبني ْ حفظة ا ْبني ا ُملدل َِّل يف َ اخلفاء، مِبا تبقّ ى ،يف ِم ِ لفيف احللوى أوراق َت ِ ِمن ٍ ذهبة من ٍ خيوط ُم ّ إلي غاويتي َ أهدتها ّ ذكرى حنيَ أعلنْ ُت قلبي رار العذارى أس ِ ِإماما ُيفتي يف ْ ربا َه ً شرارة من ٍ سع أملي ِ تش ّع ُو َ قعة الضياء. على ُر ِ
2ــ المدينـة:
ُ تنام حضن املدينة كانت يف البحر ُ ِ ِ تتج َّر ُع امللوحة أما ِ شوار ُعها فظلت َ داءة الر ِ على َمرأى ِ العابرين يف ُطقوس ّ ُ مذعورةً تستيقظ املوج ِمن فرط َهدير ِ أبحروا يف أرواحنا ِبسالم صارخة :ــ ِ ِ َ أوراقه فاء ُيرتّ ب الص َ َع َّل ّ حائرة. سع مدينة ِ ٍ ُو َ
3ــ األلـوان:
األلوان ُ ضم ُ األمواج ضة َم َ ِ العالم أروقة يف ِ ِ األحجار شارع ُغ َّم ْت يف جانبه ُ ْ وحدي يف ٍ َ ُ بالشمس أصبغ الليل ِ ضو َءا ِّ متوه ًما ْ ُ السائرين خطو يليق ِب ِ ِ إلى حافة اجلائحة.
4ــ صيحة:
ظه ِر َص َ رخة على ْ َ وف َ الغمام مقذوف ٍة يف َج ِ جال ًسا ِّ أرت ُق الكون ِ أنغام مِبا تبقّ ى يف قلبي ِمن ٍ صامتً ا أرتّ ُل ظلّي ِ شفاه العالم على ِ العدم صيحات َ كأنّي َ أصفِّ ُف ْ فوق جناحي اليَمام.
5ــ مرعى الحياة:
صباح،، ٌ الريح يف ُش ِ رفة ّ ُي ِط ّل الهائمني يف َمرعى َ احلياة على ِ ِبال أقْ ِم َص ٍة ّلعنات َت ِ قيهم َش َّر ال َ أفواه املوتى. يف ِ
11
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
�شعرية الف�ضاء وانزياحاته يف رواية « ال�شطار» ملحمد �شكري
www. Achamal.ma
د.ة :خديجة البوعزاوي يعتبر مفهوم الفضاء من المفاهيم النقدية الحديثة ،التي حازت اهتمام كثير من النقاد والدارسين الغربيين ،قبل أن ينتقل ،عبر وسيط الترجمة ،إلى حقل الدراسات النقدية العربية المعاصرة .حيث توسل إليه كثير من النقاد العرب في مقاربتهم للنصوص اإلبداعية ،في أفق الكشف عن ديناميته إن في إغناء المعنى أو في تفكيك مضمرات الخطاب. لذلك ،سنسعى في هذه الورقة إلى تجريب بعض ما توصلت إليه اجتهادات الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة – في ارتباط بمفهوم «الفضاء» – عبر مقاربتنا لرواية «الشطار» 1للروائي المغربي محمد شكري ،الذي راهن ،في بناء عوالم هذا العمل السردي ،على إعطاء امتدادات مجتهدة وطموحة لمفهوم «المكان» ،الذي تبين لنا ،أنه يتخذ ،في أحايين كثيرة ،أبعادا تخييلية ورمزية، مما يجعل ديناميته تؤشر على مستوى آخر أعم ،وأعمق وأشمل. تنبغي اإلشارة ،في البداية ،إلى أن ما يميز هذا العمل الروائي ،كونه يستحضر مدينة طنجة ،كفضاء – فضاءات ،في سياق تسلسل الحكي وتدرجه، وفق تقنية االسترجاع ( ) Flash – backالذهنية ،بما هي تذكر ألحداث وقعت في الماضي ،أو أشخاص عاشوا في فترات سابقة .كما أن هذا «الفضاء» قد تحول ،داخل العمل ،من مجرد دال عن المكان كجغرافيا ،إلى معادل أكثر انزياحا وشساعة ودينامية ،بحيث يطال الذاكرة والجوانب الحسية والمتخيل على حد سواء ،بما جعل منه – عطفا على ذلك – مفهوما يختزل حيوات البشر ومصائرهم وأحاسيسهم الفردية والجماعية ،أي تحول إلى فضاء تخييلي رمزي، تجاوز الواقع ،ولم يكتف بتصويره فقط .نحن ،إذن ،أمام «فضاءات طنجية» متعددة -إذا ما صحت هذه التوليفة اللغوية -وليس فضاء واحدا فحسب. لذلك ،ارتأينا أن نركز ،في هذا المقترح القرائي ،على فضاءين اثنين فقط من بين كل األفضية التي يزخر بها هذا العمل السردي ،هما: –1طنجــة فضاء البحث عن الذات، – 2طنجة بحضورها كفضاء للخيبة واللعنة. على الرغم من كون مدينة طنجة قد خضعت ،كغيرها من المدن المغربية ،لعوامل التغير السريعة ،ولدينامية الحياة الهادرة والمتقلبة ،إال أنها ظلت – مع ذلك – تشد بإغرائها أرواح كل من شربوا من مائها أو عاشوا في منازلها المقابلة للجنوب األوروبي ،أو المفتوحة على األندلس ،ذلك الفردوس المفقود .ومن ذلك أنها ظلت تحتفظ بما يشبه السر المكنون ،الذي جعل منها مثاال لتلك الذاكرة المفقودة -المستعادة ،أو باألحرى ذلك الفضاء الذي يستمد فتنته من ماضيها البعيد أو القريب -على حد سواء -الذي ال زال يلجم طموح الحالمين بمخاصمتها أو مغادرتها نحو وجهة أخرى بديلة. وكمثال على هذه الجاذبية اآلسرة ،التي ظلت تختزلها المدينة عبر السنين ،تحوُّ ُلها إلى ما يشبه األيقونة التي كانت تهيمن على وجدان الكاتب محمد شكري ،كما باتت تشكل لغزا تأسست عليه عوالمه السردية ،إلى حدٍّ كان ال يغادرها إال سهواً ليعود إليها وقد تملكه شوق عارم إلى أمكنتها العزيزة على نفسه ،إلى أناسها الهامشيين ،وإلى لياليها الحالمة .ولعل هذه العالقة الغامضة هي ما جعل محمد شكري يصبح كاتب طنجة الكبير ،الذي تميز عن كل مجايليه من الكتاب المغاربة ،بكونه أحيا ،في وقتنا المعاصر، تلك الصفة المغرية التي كانت لطنجة في الماضي القريب ،باعتبارها مدينة ُكوسْمُوبُولِيتِية تغري كتاب وفناني وموسيقيي العالم من الحالمين، الباحثين عن طمأنينتهم المفتقدة. ومن الحكايات الطريفة التي كانت تحدث له ،ارتباطا بهذا العشق الغامض لـ «طنجته» (كما كان يفضل تسميتها) ،أنه كلما كان يتلقى دعوة للمشاركة في بعض األنشطة الثقافية ،التي كانت تنظم في هذه المدينة المغربية أو تلك ،غالبا ما كان يستقل القطار ،وسيلته المحببة في السفر ،وبمجرد ما يصل إلى مدينة أصيلة ،أقرب محطة إلى طنجة ،كان يغادر القطار عائدا إلى بيته ،إلى ليل طنجة وإلى حبل سرتها األثير ،الذي جعل منه سمكة طنجة البرية .أليس هو القائل «القطار يقترب من المحطة .هنا أصيلة هنا ننزل .وداعا الرباط. ليست هذه أول مرة أفعل فيها هذه النزوة الجميلة». األكيد أن هناك شيئا سحريا وغامضا ،وجده شكري في طنجة ولم يجده في أي مكان آخر غيرها ،شيء جعله ال يقوى على فراقها أو الغياب عنها ولو لفترة زمنية قصيرة ،شيء جعل إمكانية استبدال فضاءات طنجة بفضاءات مدينة أخرى ،خاصة في أعماله السردية ،يقع -على األقل في تقديره الخاص في خانة األمور المستحيلة .فكيف ال وهذه األيقونة الشمالية تجعل كل منزارها يقع في حبها من أول نظرة ،أجنبيا كان أو مغربيا ،فما بالك بمن خبر حياة العَوَ ِز والحاجة في أزقتها ،قبل أن تشهد والدتَه الثقافية القيصرية المغايرة.
- 1طنجة فضاء البحث عن الذات :
ال شك أن لفضاء طنجة سحرا خاصا يجعلها تحظى بطابع مميز لدى مجموعة كبيرة من الروائيين ،لدرجة أصبح معها هذا الفضاء خليقا -دون غيره -ببناء عالقات عشقية بين الشخصيات التي يختارها كل روائي لعمله اإلبداعي ،كما شكل فضاء للبحث عن الذات. وعلى الرغم من أن محمد شكري سبق له أن ألمح ،غير ما مرة ،إلى ما قد يعتبر خيبة أمل بالنسبة للذين يأتون إليها وفي تقديرهم أنهم سيعثرون فيها على نفس نمط الحياة التي عاشها الذين من قبلهم ،إال أن ذلك ال يمنع هؤالء – مع ذلك – من محاولة اكتشاف ما كانت تزخر به من حياة هانئة سابقة ،وما كانت تمنحه لعشاقها من إمكانات إعادة ترتيب أوراقهم المبعثرة. فما يهم هؤالء ،في تقدير شكري دائما ،هو أن يعيشوا ولو على ذكرى ما تبقى فيها من آثار السابقين. ولعل هذا اإلحساس باالحتواء ،الذي تسبغه طنجة على وجدان ساكنتها وعلى زائريها ،والذي يغمر النفس والروح باالطمئنان بل بالتماهي مع فضاءاتها السحرية ،ما نجد له أثرا بليغا في بعض المشاهد من رواية «الشطار» ،حين يقوم الكاتب بنقل مشاعر أهاليها وهم يعبَرون عما يشدهم إلى حبل سرتها اآلسر .ومن ذلك ما ينقله على لسان السارد بعد وصوله إلى سوق الكبيبات. فبعدما يقوم بالسؤال عن قهوة السي عبد اهلل ،ويطلب شايا بالنعناع، يأخذ له مكانا بجانب أشخاص يلتفون حول طاولة كبيرة وهم يلعبون الورق ،ويدخنون الكيف ،والبؤس باد على سحناتهم ،لينخرط ،بعد ذلك ،في مشاركتهم السمر .حيث يقول« :في الليل غلبني الكيف ،والجوع ،والغربة. رشفت من كؤوس شاي بعضهم ورشفوا من كأسي .أحسست باأللفة بينهم. حدثتهم عن تطوان وطنجة ووهران ،وحدثوني عن العرائش .قال أحدهم: كيقولو طنجة اللي ما شافهاشي كتبكي عليه ،واللي شافها كيبكيعليها. إنها عريقة تهزم كل من يعشقها. العهر الفاحش َقبَّح أجمل ما فيها. -لكنها جميلة وتاريخها عريق».
وفي حوار داخلي للسارد ،يعكس نوعا من القدر المحتوم في ارتباطه، روحيا ووجدانيا ،بالمدينة ،وهو يتأمل حاضرها الذي شهد استحداث حانات جديدة تفتقد إلى روح وحرارة الحانات القديمة ،يخيل إليه أن ذلك الليل الذي ألفه فيها سينمحي ويغيب بظهور البنايات الجديدة والحانات الممسوخة. فيتولد لديه الخوف من اإلحساس باالغتراب داخل طنجة التي عشقها ولم يستطع االبتعاد عنها. إال أن هذا اإلحساس الضاغط باالغتراب وضياع الوجهة واالستعداد لهجرانها ،سرعان ما يبدده السارد باعترافاته التي تعيد التأكيد على تجذره في تربة المدينة واقتران مصيره بليلها؛ ليله الخاص ،ال ليل اآلخرين الذين لم يتوحدوا مع روحها .ومن ذلك قوله« :أكتب هذه المذكرات في حانة جديدة ممسوخة .إنها من الحانات الجديدة التي أقحمت في المدينة .هل جاء ليل وداعك يا طنحة؟ أبدا ال .إن ليل طنجة هو ليلي .ال يودعها من عاش فيها حتى تأذن له سرتها .كم عدت إليها مهما كان تناسلها وما أكثر ما سافرت وعدت من نصف طريقي إليها .الحقيقة هي المستقبل .ال أحد شاهد على ما أقول. إني وحيد ليلي .ال أحد يغزو وحدتي».
- 2طنجة فضاء الخيبة واللعنة :
نفس النغمة المتشائمة ،لكن هذه المرة بإيقاع مغاير ،نترصدها في حديث محمد شكري في «الشطار» ،حين يصل بين عالمين مختلفين ،بل متعارضين :عالم النساء والجنس والمتع ،من جهة ،ثم عالم المقابر واألموات والخالص من جهة ثانية ،كأنما ليؤشر على نوع من الفرار من هذا العالم، عالم الليل غير الصادق والمُ ْفتَقِد للسلم والطمأنينة ،مقابل عالم األموات المسالم ،الذي يوفر فسحة استسالم حقيقية للنوم العميق .هذا اإلحساس بالسّكينة في عالم المقبرة يذهب به السارد إلى حد ربطه بحب دفين ،أي حب الموت. ولعل ذلك ما يبدو واضحا من قوله« :طنجة :ذكريات األفخاذ ،والربوات الجميلة ،والصدور الناهدة ،فأستمني .إن هذا المزيج من الذكريات المنثالة، يسلمني إلى غفوة أتجول بين ممرات قبورها .أجد إمتاعا ،في محاولة قراءتها وال أفهمها .ال أعرف ما يحفزني دائما إلى التجول في المقابر؟ أهو سالمها أم هي عادتي أيام نومي فيها؟ أم حبا في الموت؟». لكن هذا النفور وهذا الخوف من لعنة طنجة ومن جحيمها ،ال يفتأ أن يختفي أمام حجم ونوع المتع واألفراح واإلغراءات ،التي تقدمها ألبنائها ،ممن طوحت بهم األقدار خارجها؛ إنه نوع من الحب القاسي ،الذي كلما ذقنا مراراته ومرارة االبتعاد عنه ،كلما اشتقنا إليه أكثر .فها هو شكري ،وهو نزيل مدينة العرائش ،يقوم بتذكرها بألم شديد وبحزن واضح ،على الرغم من الويالت والظروف السيئة التي لقيها بين ظهرانيها .إذ يقول« :اشتياقي إلى لعينتي طنجة يحزنني .لها عندي طعم مغر حتى في أحقر ظروفي فيها مهانة .ال أكاد أغادرها سَئِماً منها حتى يُوتِرُني حنين جنوني بها كما كنت في وهران أشتاق إلى تطوان». هذا الحنين الجارف لـ «طنجته» يتأكد من كالمه ،مرة أخرى ،وهو يصف لحظة اجتيازه المتحان التخرج من معهد تكوين المعلمين في مدينة العرائش، حيث كان أول شيء قام به هو االستنجاد بأحد أصدقائه الذي وفر له تذكرة العودة سريعا إلى طنجة ،تلك «اللعينة» التي ال يستطيع عليها ابتعادا ،مهما جفا أحدهما عن اآلخر. وفي ذلك يقول« :بعض رموز العالم بدأتُ أجد لها معانٍ فيما أقرأه، نجحت في امتحان االلتحاق بالتعليم الثانوي .نقلتُ من تلميذ في مادة الحساب .قيل لي إن بعضهم نجح بالرشوة أو الوساطة .قلت لنفسي :أنا أيضا غششت في مادة الحساب .ساعدني المطعمي السلهامي على شراء تذكرة السفر وعدت إلى طنجة« :لعينتي» ،مهما جفا كالنا من اآلخر». وفي الليل؛ ليل طنجة ،التي عاد إليها من العرائش ،يستسلم شكري المفلس ألقدارها المفاجئة ،بما قد تجود عليه به ،مثلما على غيره ،من متع تحملها المصادفات فقط .إذ يقول: «يجاورني هينينج سكرام .كالنا يترك بابه منفرجا :أنا أنتظر حظي في امرأة ،وهو في رجل .إنها الرغبة المفاجئة التي قد يجود بها ،على أحدنا ،ليل الممر .إنه الليل :ليل طنجة». أن مفاجآت طنجة وكرمها ال يأتيان ،في ّ إال ّ كل مرّة ،بما تشتهيه نفوس قاصديها -نساء ورجاال -ليس فقط من الباحثين عن المتع الرخيصة الواقعة في متناول الرّغبات واألهواء ،وإنما أيضا ممن يطمحون إلى بناء أمجادهم الفنية واألدبية اإلبداعيةْ . بل يحدث أن تكون لعنتها أكثر وباال على طموحاتهم وعلى رغباتهم ،التي تنكسر على صخرها الصلد ،من سخائها الزّئبقيّ المنفلت. ولعل هذا األمر هو ما سيؤكد ،مرة أخرى ،طبيعة المدينة المخاتلة، العصية على الترويض أو النفاذ إلى سرها المكنون ،رغم كونها تقدم نفسها على أنها حلم من ال حلم له ،وأنها العارية ،الرنانة ،الشفافة ...األسطورة. إنها ،في كلمة واحدة ،تستطيع أن تسحق كل من لم يقدر سحر مائها .حيث يكون مصيره الضياع في دوامة حاناتها ومواخيرها الكاسرة .يقول شكري عن هذا األمر« :ليست هذه هي المرة األولى التي تجيء فيها سالية إلى طنجة من مدينتها الصغيرة .تجيء زائرة ،لكنها هذه المرة ،تريد أن تُقيم .طنجة الحلم، طنجة العارية ،الرنانة ،الشفافة مثل كأس من البلور ،طنجة األسطورة ،والجبل لكل صوت ،لكن سالية ال تعرف أن طنجة تسحق من ال يعرف كيف يشرب خمرها المسحور .إنها مثل كيركا الساحرة .عرفت من جاءها ليكتب الشعر فلم يتعلم حتى لغة الحانات ،ومن جاء ليرسم فلم يعرف حتى كيف يمزج األلوان. جاءت سالية هذه المرة من مدينتها لتخسر كل شيء من أجل أن تكسب كل شيء .إنها تراهن بأسفلها على أعالها الهش». نفس الحقيقة يكررها شكري في مقطع آخر من « الشطار « ،حين يصف طبيعة المتاهة التي أصبحت تعيشها «سالية» ،التي باتت مقيمة في ليل طويل ،داعر ،ملعون وقبيح ،هو ليل طنجة ،بينما تجهد النفس في العثور عمن ينتشلها من هذا المستنقع ،الذي تنكسر على صخره األحالم ،أحالم المتشابهات .حتى الشعر والشعراء والحالمون يتكبدون نفس الخسارة ،في ً مُخاتِلة وفي منتهى الوضوح ،كما أنها مدينة تمشي فيها الهزيمة مزهو ًة تستوطن كل األمكنة. ففي وصفه لهذه الحالة الميؤوس منها ،حالة «سالية» وغيرها من المنتحرين في ليل طنجة ،يرد على لسان شكري قوله« :لم يعد لسالية رائحة النهار .كل ليل ال نهار له .يُ َقبِّحُها النهار ويُجَمِّ ُلها الليل .لم يعد يَهُمُّها إال أن تعيش حتى تعثر على من يهواها وتهواه ،لكن العشق في طنجة ليس من أحالم العذارى .إنها ،هنا ،فقدت نفسها لتصير مثل األخريات». قبل أن يضيف في نفس السياق« :إنه زمن الشعر ،وزمن الحلم في طنجة، لكن أين الشعراء ،وأين الحالمون؟ إن الهزيمة تمشي في منتهى بؤس عرائها أينما شئت».
Journal Achamal 2000
لكن لعنة طنجة تصبح ،على لسان شكري ،بمثابة مأواه األخير المحتوم، الذي سيقبل عليه إذا لم يحالفه الحظ في إتمام دراسته في العرائش .حيث يعرف ،مسبقا ،ما سيكون عليه مصيره ،في نهاية األمر ،إنها نهاية داعرة عنوانها البؤس والفناء في عوالم القوادة أو اللصوصية أو اإلجرام .وفي ذلك يقول « :لقد َق ِبل مدير المعهد تسجيلي مستمعا .إذا سقطتُ فسأعود إلى طنجة ألصير أكبر قواد أو لص أو مجرم». وفي حوار دار بين السارد وصديقه «حميد» ،وبعدما أبدى األول رغبته في العودة إلى القسم الداخلي تجنبا لتسجيل غيابه ،في حين كان يطلب منه حميد الجلوس رفقته في انتظار عودة «عائشة» و«سعيدة» لتمضية الليلة بمعيتهما ،أبدى شكري موافقته بما يؤكد استعداده لكل العواقب والمغامرات، مادام سيجد ضالته في طنجة الملعونة .حيث كان جوابه كاآلتي: «طز في الغيابات إذن .كسب العيش ينتظرنا دائما في طنجة». هذا األمر يتأكد بعد االختبار الذي أجرته لجنة في ثانوية موالي عبد اهلل بالعرائش لشكري -السارد ،والذي كانت نتيجته إيقافه عن االستمرار في الدراسة ،إلى جانب تالميذ آخرين ،لكبر سنهم ،ليقرر ،بعدها مباشرة ،العودة إلى طنجة. إال أن هذه العودة المكرهة جعلته يستشعر ذلك التحول والتغير الواضحين والمفاجئين في ليل طنجة .لقد انقضى زمن وحل محله آخر .لقد ذهب ليل طنجة السهل ،الذي كانت تؤثثه عوالم بسيطة وفي متناول اليد. ذهبت نساء األمس اللواتي أصابهن الهرم ،بل نمت لبعضهن شوارب وظهر عليهن اإليمان .في المقابل ،جددت المدينة دماءها ،وبناءها ومتعها .حيث تبدو سطوة هذه الحقيقة المرة في نفس السارد مما جاء واضحا في كالمه المحبط ،حين يقول: «انتهى في طنجة زمن الدعارة الجميل .المواخير الخاضعة للرقابة الطبية منعت منذ سنوات .دورٌ سرية وفنادق حقيرة حلت محلها لتمارس فيها المحترفات الهرمات مهنتهن مع الوافدين من البادية ،بحثا عن عمل، وفقراء المدينة ،بأبخس األثمان ،بعضهن تُبْنَ ،إنقاذا لكرامة شيخوختهن ودينهن ،فصرن يعملن في المطاعم ،والفنادق ،ومنازل مُحْدَثِي النعمة. لقد نَمَتْ لبعضهن شوارب خفيفة ،أو زغيبات متفرقة خشنة وتساقطت أسنانهن .قليالت هن اللواتي اغتنين بدعارتهن فاشترين دورا وأراضي أيام عودة األجانب فتقاعدن في نعمة .واألخريات ،األكثر شبابا وجماال ،هاجرن إلى إسبانيا ،فرنسا...وفي أواخر الستينات كان جيل جديد من المحترفات الشابات ،المتحررات في لباسهن ،وتعابيرهن ،وأوضاعهن الجنسية ،قد اكتمل نمو أجسادهن واستوى .غزين المدينة مثل الجراد ،جئن من كل المدن .إنه جيل الفنادق الفخمة ،والعلب الليلية ،والمخدرات ،وأهل التدعر مع أهل البلد واألجانب». هذا الحنين الجارف دفع السارد إلى تقمص لغة ودور الشاعر ،بعدما أحس، ربما ،بأن لغة الحكي البسيط والمباشر لن تسعفه في نقل مواجعه وآالمه وآهاته الكاسرة .ومن ذلك هذه القصيدة التي عنونها ب «طنجيس « ،في إحالة على زمن بعيد ولى ،زمن يمتح من ماء الخرافة واألسطورة ومحكيات العابرين .ومما جاء فيها: «يحكون عنك :أن طينة الخالص منك وأن نوحا فيك قد تفيأ األمان، وأنه حمامة ،أو هدهد، وبين موجتين تناسلت طنجة ملء زبد البحر *** تعاقبت على بكارتك مباضع الشبق والغزاة مناسك الحلول والتناسخ وان عيد باخوس يفجر الجنون في األصالب، والهذيان في ثغاء البحر، كأنما طروادة يرثها الحصان، كأنها في موتها عروس أججها خامدة زيوس». هكذا ،إذن ،تتمظهر طنجة في هذا المبحث؛ باعتبارها فضاء ينكأ الجراح ويقلب المواجع ،فضاء يذكر الهاربين من آالمهم وذكرياتهم السيئة بما هربوا منه ،ليجدوه شاخصا أمامهم ،ماثال في الفضاءات كما على وجوه العابرين. إنها ،بذلك ،مدينة حمالة أوجه ومشاعر متضاربة ،فقد تتحول ،في لحظة سحرية خاطفة ،إلى ساحة تتضاعف فيها حدة القلق وتتناسل فيها مسببات الحيرة ،وتتوسع فيها هوة انشطار الذات في عالقتها بأسئلتها الوجودية وهويتها الخاصة.. ربما كان محمد شكري وهو يكتب «الشطار» ،قد حدس طبيعة وهول تلك التحوالت الجذرية التي كانت تعيشها «طنجته» ،والتي تشبه ستارا هائال وقاتما كان ينزل على خشبتها ليحجب تاريخا وعادات ونمط حياة ،كانت جميعها تميز المدينة ،كما كانت عنوان خصوصيتها األبرز بين كل مدن المتوسط المنذورة للمتع والخالص من جحيم العالم .لتحل محلها عادات بشعة وسيئة ،أتت على كثير من معالمها الخاصة .وبذلك يكون هذا العمل السردي الهائل شهادة حية تعكس تحول مدينة طنجة من ملجأ للبحث عن الذات ،إلى لعنة تتناسل بسببها مشاعر الخيبة واللعنة واالنحسار ،التي تضاعف من عزلة الكائن َ وتُك ِّلسُ مشاعره الجَسُورة.
-----------
( )1شكري محمد ،الشطار ،الساقي ،ط 2009 ،7 حكاية متداولة بين أصدقاء الكاتب ومعارفه ،حتى إنها أصبحت بمثابة طرفةمشهورة لصيقة بشخصه. ( )2محمد شكري «وجوه» ،سليكي إخوان ،ط – 1طنجة ،2000ص83 : (« )3الشطار» ،ص6: ( « )4الشطار « ،ص175: (« )5الشطار» ،ص28 : (« )6الشطار» ،ص32 : ( )7نفسه ،ص38 : (« )8الشطار» ،ص151: ( )9نفسه ،ص205: (« )10الشطار» ،ص209 : ( )11نفسه ،ص67: ( )12نفسه ،ص71: (« )13الشطار» ،ص132 - 131: ( )14نفسه ،ص214 213- :
12
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
املغربي عبد الإله املوي�سي يبحث عن مناطق جديدة لل�شعر عبد الرحيم الخصار
يعرف عبد اإلله المويسي القواعد الكالسيكية والحديثة لكتابة الشعر ،فمهمّته هي تدريس األدب بشقيه القديم والحديث ،لكنه يسعى باستمرار إلى تجاوز هذه القواعد ،متناغما أكثر مع ما أتاحته التجارب األحدث في أميركا وأوروبا من مساحات تجريبية متعاقبة. إن رهانه مختلف عن الكثيرين ،فهو ال يعوّل على قصيدة تريح القارئ ،وتجلب تعاطفه ،وال يفكر في بناء متماسك يحترم األعراف المتداولة للكتابة الشعرية .إنه منشغل على الدوام بالبحث عن مناطق جديدة يقيم فيها الشعر. هذا االنشغال يتلمسه القارئ بشكل متدرج في أعمال المويسي السابقة ،خصوصاً مجموعته الشعرية ما قبل األخيرة «أقتني الشعر باستعمال الماستر كارد» ،لكنه يبدو له جلياً في عمله األحدث «أقرأ كاي جاميسون وأفكر في قابضة السوبر ماركت» الصادر عن بيت الشعر في المغرب .فالعنوان في حد ذاته مفتاح أساس لعوالم الكتابة عند هذا الشاعر .ال يتصنع المويسي التجديد في الجدّة فحسب ،بل إنه ،ببساطة ووضوح ،يكتب الكتابة تعقباً لوهم ِ ما يعيشه ،ينقل إلينا تجاربه في الحياة ،حياته هو التي سيلحظ المتلقي أنها حياة معاصرة بالفعل ،عمّقتها تجاربُه في السفر والتقاطع مع كائنات وأمكنة وأشكال وأساليب حياة من جغرافيات متنوعة ،فضال عن مرجعيته القرائية التي تعتمد على أكثر من لغة. في كتابه الجديد يبدو الشعر حاضناً لفنون وثقافات أخرى ،إذ يتجاور التشكيل مع الموسيقى والسينما والسوسيولوجيا واالقتصاد والفلسفة واألزياء والسياحة والرقص ووسائط التواصل الجديدة. منذ نصه األول «جولتي المسائية في باريس مع Alain ّ «نفكر معاً في »Badiouيكشف المويسي عن تصوره للكتابة: أن نجعل القصيدة ّ أقل أفالطونية /نفكر في أن نجعلها أقل قدرة على البكاء مسا ًء حين تغادر البولفار /قاصد ًة ش ّقتها الصغيرة حاملة كيسها ال��ورق��يّ بين ذراع��ي��ه��ا» .إن��ه يتغيّا تلك القصيدة الرشيقة التي تشبه نفسها وتشبه كاتبها« :أفضل القصيدة خفيفة الظل /خفيفة ال���وزن /وخفيفة المالبس/ قصيدة تلبس الشورت وتضع ن���ظ���ارات Ray-banف��وق رأس��ه��ا» .يحاول الشاعر ،في عمله التجربيي ،أن يكتب نصوصاً تواكب الحياة الجديدة، من دون التستر وراء بالغات ثقيلة وإيغال في مشاعر درامية تفوق حقيقة ال��وض��ع .وه��ذا رهان صعب في الحقيقة ،فتاريخ الشعر العربي منذ بداياته إلى عصرنا مبني في معظمه ،من حيث الشكل ،على البالغة واالشتغاالت اللغوية ،ومن جهة الداللة على الجانب الفجائعي، حتى في المتون التي تنهل من تجارب الحب .وهذه «الخفة» ف��ي ن��ص��وص المويسي قد تواجه من لدن الذائقة العامة بالنفور وعدم الترحيب ،بل قد تتلقى أحكاماً إقصائية ،مثل االستسهال والتسطيح. ال يتأخر الشاعر على قارئه ف��ي تفسير ت��ص��وره للكتابة بشكل أوض���ح ،ففي النص الثاني «أدير االستعارات مثلما أدير األموال السوداء» يدخلنا جميعاً إلى ورشة الكتابة لديه، كاشفاً عن خلطته السحرية التي تتشكل منها نصوصه التي تبدو كما لو أنها ضرب من المغامرة في أرض الكتابة العربية، وهو كشف يشبه البيان ،والمقطع التالي كاف للتدليل على ذلك: « 53سنة وأنا أمارس األحتيال الشعري /أسرق الكلمة وأدخل فيها/ أغير في حمضها النووي /وأتقمصها /أدخل خالياها /وأتالعب بها/ أضيف في جيناتها /وأجعلها تناسبني /أسرق الفكرة أيضاً ،أقضي معها ليلتي األولى وأغادرها /أتركها مبعثرة في فراش الصباح وأنزل المصعد /أترك كأسها منتصفة وأخرج أقطع الشارع أعلق سترتي على كتفي 53 /سنة وأنا ادير االستعارات مثلما أدير األمول السوداء /أتابع االنخفاض المهول في المؤشرات والسندات في بورصة قلبي اليومية وأكتب». وكتنويع وتفريع لبيان الكتابة هذا ،وضمن النصوص األولى من الكتاب ،يرفع إهدا ًء إلى حنّة أرندت يخبرها فيه أن كل ما يفعله حين يكتب هو تحرير اللغة من ثاني أوكسيد الكربون .وفي نص عنوانه «أقطن بالضبط في 1920بالضاحية 55من باريس» يصرّح أيضاً« :أكتب وأدقّ األرض برجلي...أكتب إلبقاء الصور حيّة في خيالي» .وفي نص « »Rock and rollيعلن« :سأظل أكتب ،أخالف /أضواء المرور /وأضواء النيون /وأضواء النجوم» .في
ن��ص عنوانه «مصلح أب��واب. منظف زج���اج أع��ل��ى ب���رج في نيويورك .ص��رّاف دولي» ي��ج��ع��ل االس��ت��ه�لال على النحو التالي: «أحياناً عليك أن تتجاهل القواعد/ ال أق���رأ للكتّاب ال��م��ت��ح��ول��ي��ن جنسياً /ال أحب االن��ت��ظ��ار ط��وي� ً لا ف��ي غ��رف��ة جلوس العبور الدولية بين األج��ن��اس األدب��ي��ة... ال أق��رأ أيضاً للشعراء الذين يكتبون بصوت منخفض». إننا أمام كتابة صاخبة فع ً ال ،ال تهادن األدب «الهادئ» وال َ المحيط الذي خرج منه ،ومن داخل الشعر يتم توجيه النقد إلى كتابة أخرى ،يسعى الشاعر باستمرار إلى تجاوزها ،أو على األقل إلى توسيع المسافة معها. األنثى التي تحضر في نصوص المويسي هي أنثى واقعية، وليست مستوحاة من الخيال .وهذه الواقعية ال تشمل العالقات العاطفية فحسب ،بل تنسحب على ّ كل أشكال الحياة الضاجة التي يحفل بها الكتاب .في نص «ليس ممكناً أن تخبريني أي شكل أخذت رائحتي في فراشك أمس» يخبرها أنه لم يقرأ رسائلها اإللكترونية، ألن حاسوبه معطل ،ولم يفتح حسابه على فيسبوك ،ويتقاسم معها ذوق��ه الموسيقي ،ويحدثها ع��ن صعوبة الكتابة ،وعن شهوته الباردة. إن اختيار الواقعية في الكتابة له ما يبرره ،فالحياة الجديدة قرّبت كل شيء، وجعلته متاحاً ،وبالتالي فهذا الثراء الواقعي يجب استثماره والنهل منه ،فهو من جهة يتيح إب��داالت شعرية جديدة مرتبطة بتجارب ومظاهر حياتية أكثر راهنية ،ومن جهة ثانية يكاد يُعفي الكاتب والمتلقي معاً من تعب الخيال. ي��ض��م��ر ال��ش��اع��ر ول��ع �اً بالعناوين الطويلة والغريبة: «أضع سماعات على أذني في الشارع العام أبتهج بأغاني Nina Simoneأمشي وأنا أهتز»« ،أسلق البيض أنظف أظافر رجلي أعزف على قيثار مستعمل وأفكر في ساقي ،»Alicia Vikanderأجمل م��ا يمكن أن يظل عالقاً بذهنك بباريس هو احتساء les moulesرفقة عينيها ت��رم��ش��ان ب��ب��طء» ،وغيرها م��ن العناوين التي تحمل في الغالب أسماء أعالم دالة على أمكنة أجنبية أو على شخصيات من السينما واألدب وال��م��وس��ي��ق��ى .وم��ا تحمله العناوين ف��ي ه��ذا الشأن تترجمه النصوص عبر صور شعرية مركبة وأخاذة ،وأحياناً صادمة .ويبدو أنه من الضروري على قارئ شعر المويسي في كتابه الجديد أن يكون على مقربة من لوحة المفاتيح ،كي يتعقب مع الشاعر أسماء األعالم التي يحفل بها الكتاب ،وهي أسماء غزيرة تحيل بالضرورة على شساعة الحياة التي يعيشها الشاعر سواء في الواقع أو على الورق. وفي هذا السياق يبدو أن إيراد الشاعر اسم عالمة النفس األميركية كاي جاميسون في عنوان الكتاب لم يكن من باب اإلقحام المجاني ،بل له ما يبرره .فالكتاب هو رصد للتحوالت النفسية لدى الكائن المعاصر ،هذه التحوالت الداخلية المرتبطة أساساً بتحوالت أخرى خارجية اجتماعية واقتصادية وسياسية ،وبالتالي فالشاعر هو الترجمة المعبرة لما يوجد داخل المجتمع ،وهو الشاهد على كل هذا التحوالت التي يعرفها العالم الجديد بأضوائها وبظلماتها. إننا أمام تجربة قد نتشابك معها بشكل إيجابي ،وقد نختلف معها أيضاً .لكننا ال نملك إال أن نقدّرها ،ذلك أن القارئ المواكب لتحوالت الكتابة في أطراف العالم يعرف المضمار الذي يركض فيه الشاعر ،ويملك بالتالي القدرة على ضبط المسافة وعلى مسايرة اإليقاع.
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
قصة قصيرة
انفالت الزمن
مشلين بطرس لبنان /بيروت ّ �ال إال من �ارع خ� ٍ في الشرفة التي تطل على ش� ٍ سياراتٍ تنام على أكتاف أرصفة م ّلت صمتها ...جلستُ ووالدتي نتسامر في أحوال الناس ،ونتساءل عن أخبار كورونا وجديدها من أزمة عالمية أفتُعلت لمآرب شلل إقتصادي بالعالم أجمع ...ضوء خافتٌ من هاتفي يشير إلى وصول رسالةٍ من ديستويفسكي يخبرني فيها« :أن الروح لن تشفى إال بصحبة األطفال» ما شدّتْ انتباهي تلك الشاحنة الغافية منذ الصباح تحت شرفتي ،لكنني اآلن أقف وأحدّق بها ،وقد تسمّرت عيناي على ل ّفلوفة بيضاء بداخلها طفل صغير يغفو بأمان ويبتسم بسالم ...إنّه طفل ..نعم إنه «بيبي» ...هو متروكٌ منذ زمن وال أحد في الشاحنة ،سوف أحضره إلى هنا ،قلتُ لوالدتي ،وهُرعت إلى مدخل البناء ...فوجئتُ بظالم دامس يحيط بالمكان جعلني ً متسائلة أين أنا؟ لماذا تغير كل أتلفت يمنة ويسارًا، شيْ أين رحلت مقابس اإلنارة؟ وأين أين ...وكم من الزمن أسرتنا كورونا حتى غطت خيوط العنكبوت السقف؟ غيومٌ تتكاثف أمام الباب ،ودخان يتصاعد دون شيء يشي بحريق سوى بركان من الزمن يغلي بين أضلعي ...أبخر ٌة تتالشى ،وغيومٌ تتباعد وأنا في ذهول تام أمام باب وحده ُفتح على مصراعيه ،وأركضُ ٍ ٍ ً صارخة بأعلى صوتي توقف ...توقف أصعد إلى الشاحنة ً صارخة :إنها ابنتي ... إليها وأحمل الطفل بين ذراعيّ نعم هي ابنتي إلى أين تأخذونها؟ ينظر السائق إليّ مشدوهًا وقد قلب شفته السفلى إشارة بلهاء ّ تؤكد عدم معرفته بما حصل ،يدير محرك المركبة ويرحل ُ بحر أمواجُه كنجوم تتألأل ...أفاجأ بأنني على شاطئ ٍ ٍ بدر قرر أن يستحمّ الليلة في البحر ...أ ُلقي من ضوء ٍ ّ نظر ًة على البناء ،ألتأكد من أنني ال أحلم ،فأجدني عند مدخل منزلي مازلتُ أقف والطفل بين ذراعيّ ً ... إذا متى جاء البحر إلى شارعنا ،وكيف أصبح الرصيف شاط ًئا، ومنذ متى ومتى ..؟ وتتراكض األسئلة على درجات صعودي ...تتلقف والدتي الطفل من بين يديّ وقد مأل الحبور عينيها مؤكد ًة :نعم هذه حفيدتي ...هي ابنتكِ يا حبيبتي أفتح هاتفي كي ألتقط سيلفي ،وإذ بصورة الطفل التي أرسلتَها لي منذ مدة تظهر أمامي على الشاشة وقد دوّنتَ تحتها انظري هذا هو الشقي الذي ال يدعني أنام ...ياله من تشابه بين الطفلين ال بل هو نفس الطفل ...إنها ابنتي التي وجدتُها توًا في الشاحنة ...تقفز ماري كورن كالغزالن أمامي ً قائلة :ماما ماما ...باركي لي يا ماما ،ها قد حصلتُ على جائزة نوبل للمرة الثانية في الكيمياء والفيزياء ُ تأخذ الهاتف من يدي وتقبلني مستطرد ًة« :إننا نخاف فقط ما نجهله ،ال يوجد ما يخيفنا على اإلطالق بعد أن نفهمه ترافقني ماري إلى غرفتي حيث أنتَ تغفو أو ال تغفو ،تقب ُلني على جبيني هامسًا - :إن قو َة الفكر قادر ٌة على إحداث المرض والشفاء منه أضع ً خطا تحت مقولة ابن سينا ،أغلقُ كتابي ،وأبحرُ إلى تأمّل جديد.
13
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
جهة طنجة تطوان الحسيمة مجتمع -سياسة -حقوق -اقتصاد
عبد العالي بن ربوحة
(مراسل من القصر الكبير/العرائش)
benrebouha01@gmail.com Tél : 0641794991
عامل إقليم العرائش يتفقد إجراءات السالمة بمراكز االمتحان بكل من العرائش والقصر الكبير قام السيد عامل إقليم العرائش العالمين بوعاصم والوفد المرافق له بزيارة لبعض مراكز االمتحان بكل من مدينة العرائش والقصر الكبير ،يوم االثنين 15 يونيو الجاري. حيث تفقد عن قرب اإلجراءات الوقائية والتدابير االحترازية المتخذة في هذه المراكز وفق مقتضيات البروتوكول الصحي في ظل الوضعية االستثنائية التي تعرفها البالد في مواجهة وباء كوفيد 19المستجد كما قدم السيد المدير اإلقليمي لعامل اإلقليم والوفد المرافق له بمقر هذه المراكز ،مختلف البيانات واإلجراءات والتدابير الكفيلة بتأمين سالمة وصحة المترشحين والمترشحات ،وكذا األطر العاملة بالقطاع وفق بروتوكول صحي معد في موضوع تنظيم هذا االستحقاق الوطني الكبير ،وبدوره السيد العامل ،دعا
إلى تكثيف الجهود و الحرص على االلتزام بمختلف التوصيات الصادرة عن السلطات
الصحية فيما يتعلق بالجانب المرتبط بالتدابير االحترازية والوقائية.
فدرالية رابطة حقوق النساء تطالب بحماية عامالت حقول الفراولة من فيروس كورونا تقدمت كل من فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة جمعيات التنمية ،بمراسلة لكل من السيد عامل اقليم العرائش والسيد المدير اإلقليمي ل��وزارة الشغل واإلدم��اج المهني بالعرائش ،ح��ول حماية النساء العامالت في الضيعات الفالحية والوحدات اإلنتاجية من فيروس كورونا وضمان شروط السالمة في مقرات العمل ،وتأتي هذه المراسلة ،بعد تفشي فيروس كوفيد 19بين عامالت الفراولة بمنطقة اللة ميمونة التابعة إلقليم القنيطرة ،لتمتد إلى عامالت الفراولة بإقليم العرائش ،وقد طالبت المراسلة كال من عامل إقليم العرائش والمدير اإلقليمي لوزارة الشغل ،اتخاذ كافة السبل المتاحة من اجل ضمان سالمة العامالت بحقول الفراولة كما جاء في المراسلة التالية : إلى السيد :عامل عمالة إقليم العرائش الموضوع :حماية النساء العامالت في الضيعات الفالحية والوحدات اإلنتاجية من فيروس كورونا وضمان شروط السالمة في مقرات العمل تحية طيبة وبعد , السيد العامل ,كما تعلمون أن المغرب بدأ عملية تخفيف الحجر الصحي مع استمرار حالة الطوارئ الصحية على مستوى مجموع ال��ت��راب الوطني م��ن أج��ل ع���ودة الحياة االجتماعية واالقتصادية بشكل تدريجي مع ضرورة احترام التدابير الصحية الصادرة عن وزارتي الشغل والصحة. لكن مع األسف عرفت الوضعية الوبائية المرتبطة بفيروس كورونا المستجد على مستوى إقليم العرائش ارتفاعا متزايدا في عدد الحاالت المصابة بالفيروس وذلك راجع على ظهور بؤرمهنية وعائلية في صفوف العامالت في قطاع توت األرض. ونخص بالذكر السيد العامل المحترم إصابة عدد من العامالت بإقليم العرائش في مجموعة من الدواوير التابعة لجماعة العوامرة ,خميس الساحل ,ريصانة الجنوبية وأوالد حميد بالقصر الكبير أوالد وشيح واللواتي يشتغلن بوحدات صناعية خارج اإلقليم .
وبناء عليه وللحد من تفشي الوباء في اإلقليم ولتفادي ارتفاع اإلصابات في صفوف العامالت في الضيعات الفالحية والوحدات الصناعية واإلنتاجية التي الزالت تشغل العامالت نلتمس منكم السيد العامل بالتدخل العاجل بمعية القطاعات المعنية التخاذ كافة التدابير االزمة من أجل حماية النساء العامالت بمختلف القطاعات الصناعية والفالحية للحد من تفشي فيروس كورونا وضمان شروط السالمة لهن ولعائلتهن من هذا الوباء وذلك من خالل ما يلي : – اعتبار سالمة النساء العامالت أولوية على تحقيق األرب��اح االقتصادية ،وبالتالي إيقاف العمل بالضيعات والوحدات الصناعية واإلنتاجية التي ظهر فيها الوباء باإلقليم مع اتخاذ كافة اإلجراءات والتدابير والعقوبات في حق المشغلين الذين تبت تالعبهم بسالمة وحياة النساء.
العامالت :
– ض��م��ان السالمة الصحية للنساء العامالت في وسائل النقل التي تحملهن من والى مقرات العمل داخل وخارج اإلقليم مع تشديد دوريات المراقبة الطرقية عليها . – ضمان دوري��ات المراقبة والتفتيش الدائم للضيعات الفالحية وحث أربابها على احترام شامل لحقوق العامالت وتحسين ظروفهن بما يضمن كرامتهن وش��روط العمل الالئق واالنسجام مع القوانين الجاري بها العمل بما فيها منع تشغيل القاصرات .
– تدبير وتنظيم ن��وب��ات العمل مع التخفيف من أع��داد العامالت حماية لهن وألسرهن – .تشديد المراقبة على الوحدات الصناعية والضيعات الفالحية التي تشغل النساء دون مراعاة شروط السالمة الصحية مع تكتيف دورمفتشي الشغل في مراقبة ضمان حقوق العامالت في المجاالت في ظل انتشار الوباء في صفوفهن . – تفعيل إجراءات التعقيم والتطهير في وسائل النقل التي تحملهن من وإلى مقرات العمل . وف��ي انتظار تدخلكم العاجل السيد العامل المحترم من أجل توفير الحماية الالزمة في صفوف العامالت وتجنب ظهور بؤر مهنية جديدة وتفشي فيروس كوفيد 19المستجد ،تفضلوا بأسمى عبارات التقدير واالحترام . – فدرالية رابطة حقوق النساء المكتب الجهوي طنجة تطوان الحسيمة. – شبكة جمعيات التنمية بشمال المغرب – .RADEV – جمعية تنمية المرأة القروية جماعة الساحل عضوشبكة نساء متضامنات.
العرائش :مختبر متنقل إلجراء 400تحليلة يوميا كشفت مصادر طبية عن وصول وحدة متنقلة إلجراء تحاليل كوفيد -19بإقليم العرائش. هذا المختبر المتنقل ،الذي تم تركيبه على متن شاحنة مجهزة خصيصًا إلجراء االختبارات ،لديه مهمة رئيسية هي جمع وتحليل اختبارات الفيروسات في بؤر التلوث ،وكذلك في المناطق التي تتطلب تدخلاً عاجال ، كما أن المختبر سيجري 400تحليلة يوميا.
تشيد إجراءات التنقل بين جماعات إقليم العرائش
بعد قرار عامل إقليم العرائش إغالق حدود اإلقليم الجنوبية مع إقليم القنيطرة من جهتي العوامرة و عرباوة ،اصدر السيد عامل إقليم العرائش بتاريخ 21يونيو الجاري قرارات عاملية جديدة تهم تقسيم إقليم العرائش إلى ثالثة أقسام مع تشديد التنقل بينها ،حيث تم التشديد على الدخول او الخروج من جماعة العوامرة ،كما تم غلق الطريق الرابطة بين مدينتي العرائش والقصر الكبير ومنع التنقل بينهما من التاسعة مساء إلى السابعة صباحا ،مع استثناء تنقالت المهنيين الحاملين لرخص التنقل االستثنائية. وتأتي هذه القرارات في إطار عملية المحاصرة للوباء داخل اإلقليم خصوصا وأن اإلقليم مجاور ألحد أكبر البؤر الوبائية على المستوى الوطني – بؤرة حقول الفراولة اللة ميمونة – كما أن هذه الخطة ترمي إلى احتواء الوباء الذي جعل اإلقليم يصنف من األقاليم الموبوءة على المستوى الوطني . وسيتم العمل بهذه القرارات ابتداء من تاريخ صدورها ،إلى أن يصدر قرار جديد يعيد فتح مسالك اإلقليم و حدوده الجنوبية.
• مكتب الضبط الرقمي جماعة القصر الكبير تيسر التعامل مع اإلدارات وكل المرتفقين
أطلقت جماعة القصرالكبيرعدة مبادرات رقمية لتشجيع وتيسير العمل عن بعد باإلدارة وذلك بهدف مواكبة اإلدارة التي اعتمدت األداة الرقمية لتشجيع العمل عن بعد وتقليص التبادل المادي للمراسالت والوثائق اإلدارية ،نظرا لحالة الطوارئ الصحية التي تم تفعيلها لمواجهة جائحة فيروس كورونا. وأوضح رئيس المجلس الجماعي للقصر الكبير محمد السيمو ،أن المبادرة األولى تتمثل في «بوابة مكتب الضبط الرقمي للمراسالت اإلدارية» ،ويتعلق األمر بمنصة لرقمنة مكتب الضبط بشكل يسمح لإلدارة بإحداث مكتب ضبط رقمي من أجل التدبير اإلليكتروني لتدفقات المراسالت الواردة والصادرة .وبذلك يصبح بوسع المواطنين والمقاوالت واإلدارات والهيئات العمومية إيداع مراسالتهم باإلدارات المعنية مقابل وصل رقمي بتأكيد االستالم .ويمكن الولوج إلى بوابة مكتب الضبط انطالقا من رابط األنترنت التاليwww.ksarelkebir.ma/bo : أما المبادرة الثانية ،فتتعلق ب«الخدمة اإلليكترونية للمراسالت اإلدارية» ،التي تسمح لإلدارة بمعالجة المراسالت آليا .وتمكن هذه الخدمة أعوان اإلدارة من معالجة وتتبع المراسالت الواردة والصادرة عبر إدارة سير العمل Gestion des workflowsالخاصة بالبحث والمصادقة.
14
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
جهة طنجة تطوان الحسيمة مجتمع -سياسة -حقوق -اقتصاد فكري ولد علي
(مراسل من الحسيمة /الناظور)
مراسَلة من بروكسيل
Fikri.press@gmail.comTél 0661986707
المغرب يترأس تحالف «الشراكة العالمية للكهرباء المستدامة» في 2021
أعلن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ،يوم الثالثاء 23 يونيو الجاري ،أن مديره العام ،عبد الرحيم الحافظي ،سيتولى ،ابتداء من سنة ،2021 رئاسة مجلس إدارة تحالف “الشراكة العالمية للكهرباء المستدامة” الذي يضم أكبر شركات الكهرباء في العالم. وأوض��ح المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في بالغ له ،أنه، بعدما أصبح عضوا مراقبا سنة 2018في هذا التحالف ،تم قبول المكتب باإلجماع سنة 2019كعضو له الحق في التصويت بمجلس إدارة “الشراكة العالمية للكهرباء المستدامة” ،مضيفا أن المكتب سيتولى رئاسة هذه المنظمة المرموقة ابتداء من سنة .2021 وأضاف المصدر ذاته أنه من خالل توليه رئاسة هذا التحالف ،سيسعى المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب إلى تعزيز تبادل األفكار والمعلومات االستراتيجية حول العوامل التي سيكون لها تأثير على التحول العميق لقطاع الطاقة الكهربائية بالعالم خاصة الجوانب المتعلقة بالحد من انبعاثات الكربون والرقمنة والالمركزية وكٍذا
عزيز العمارتي
تحرير قطاع الكهرباء .مشيرا إلى أنه من المقرر أيضا االستفادة من رئاسة التحالف ل��ت��دارس المواضيع الخاصة بإفريقيا والتحديات التي يتعين مواجهتها لتعميم الولوج إلى الكهرباء في هذه القارة. وحسب البالغ ،فإن هذه هي المرة األولى التي تترأس فيها مؤسسة إفريقية هذا التحالف مما سيتيح للمغرب تعبئة
خبرات عالية وعالمية لخدمة القارة اإلفريقية. وتعد الشراكة العالمية للكهرباء المستدامة تحالفا لشركات الكهرباء ال��رائ��دة في العالم هدفها وض��ع رؤية مشتركة ومهمتها الرئيسية تعزيز تنمية الطاقة المستدامة من خ�لال تعميم الولوج إلى الكهرباء.
رئيس المنتدى المتوسطي للسياحة يكتب:
من أجل سياحة داخلية آمنة ونظيفة
بقلم :عبد المالك بوغابة
السياحة في المغرب ..استعدادات ج��اري��ة ..إجتماعات متواصلة ..الصيف على األب��واب .المكتب الوطني المغربي للسياحة يدعو لعقد اجتماع مع رؤساء المجالس الجهوية حول حملة تسويق مشترك للسياحة بهدف دع��م وتأطير جميع الفاعلين بالقطاع ،بعد ما كان مهني القطاع والجمعيات العاملة في السياحة قد قاموا بحمالت دعائية من أجل تسويق منتجاتهم المحلية هنا وهناك بمبادرة انفرادية. عقد رئيس الحكومة جلسة عمل مع وزيرة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية واالقتصاد االجتماعي ،قصد مناقشة واق��ع وآف��اق قطاع السياحة في المغرب في ظل تداعيات جائحة كورونا، ودراسة الحلول الناجعة لتجاوز الواقع الذي فرضته الجائحة على مهنيي السياحة. وقد عرضت فيها السيد الوزيرة مشروع مخطط إنعاش قطاع «السياحة» والنقل الجوي ،واإلجراءات االحتياطية المتخذة من أجل سياحة آمنة. كثر الحديث عن السياحة الداخلية التي كانت غابة من مخططات السياحة وكان التركيز على الطلب الخارجي والرهان على السياحة الدولية.. أم��ا اآلن فالتركيز على السياحة الداخلية واآلمنة بعد إعالن عن رفع الحجر الصحي تدريجيا وتصنيف المناطق إلى 1
و .. 2على كل الحال الحمد هلل مع تحسن الوضع الوبائي في المغرب رغم تأثير تداعياته على القطاع السياحي ،الذي نعتبره درس��ا مهما يمكن ان نستفيد منه الدروس في برامج ومخططات وزارة السياحة المغربية من خالل التفكير في إحداث المعهد المغربي لجودة السياحة ( )IMQTمن شأنه اختيار المدن او مناطق “السياحة اآلمنة” كضمان للمؤسسات السياحية ،وال��ذي يمثل رؤي��ة تسويقية مستقبلية للقطاع السياحي في ظل األزمة االقتصادية والسياحية التي مرت منها البالد ،وأيضا كنظام للوقاية من المخاطر ضد فيروس كورونا 19-COVIDمن أجل كسب ثقة السائح من خالل ضمان
أم��ن وسالمة المناطق السياحة التي سوف يسافر إليها دون أن تشكل له هاته الوجهة أي مشاكل صحية ،في ظل العمل على السيطرة على فيروس كورونا بكامل تراب المملكة ..ويجب على المؤسسات السياحية االلتزام بالتدابير االحترازية من أجل أن تكون كل الظروف مناسبة لسياحة “أمنة ونظيفة”. أصبحت السياحة الداخلية ضمن اول��وي��ات ال���وزارة المعنية ،لكن تبقى اإلشكاالت الكبيرة التي تواجهها السياحة الداخلية تتمثل ف��ي ع��دم وج��ود سعر تشجيعي للمواطن المغربي .اختلطت األوراق وغابت الرؤية بشأن السياحة في المغرب متى ..ومن أين تبدأ.؟
إقليم الحسيمة 3935 :مرشحة ومرشحا الجتياز امتحانات البكالوريا
يبلغ ال��ع��دد اإلج��م��ال��ي للمرشحين والمرشحات للدورة العادية لالمتحان الوطني الموحد للبكالوريا برسم دورة 2020بإقليم الحسيمة ما مجموعه 3935مرشحة ومرشحا. وأف��ادت معطيات للمديرية اإلقليمية لوزارة التربية الوطنية بالحسيمة بأن هؤالء المترشحين يتوزعون على 2278مرشحا متمدرسا و 1657مرشحا في فئة األح��رار، مشيرة إلى أنه تم تخصيص 27مركزا إلجراء هذه االمتحانات. وأضاف المصدر ذاته أنه تمت تعبئة 413
قاعة إلج��راء االمتحانات ( 251قاعة خاصة بالمتمدرسين و 162قاعة لألحرار) وثالثة مراكز للتصحيح ،باإلضافة إلى 1365أستاذا مكلفا بالحراسة. وف��ي سياق متصل ،اتخذت المديرية مجموعة من التدابير واإلج���راءات المهمة لضمان اجتياز امتحانات البكالوريا في أحسن ال��ظ��روف ،في ظل مواجهة جائحة فيروس ك��ورون��ا ،من بنيها على الخصوص ،توفير الكمامات الوقائية والسائل المعقم لأليدي واألحذية ،وتعقيم الحجرات الدراسية ومختلف
الفضاءات ،وتوفير جميع اللوازم الضرورية لضمان سالمة رواد مراكز وفضاءات إجراء االمتحانات ،باإلضافة إلى تعقيم حافالت النقل المدرسي. كما ستتم االستعانة بمحرار رقمي لقياس درجة حرارة المترشحين والمترشحات واألطر اإلدارية والتربوية عند ولوج مركز االمتحان قبل بداية كل اختبار ،وتقليص عدد المترشحين والمترشحات بكل قاعة إلى 10مترشحين فقط لتفادي االزدحام وتجنب انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد (كوفيد – .)19
Journal Achamal 2000
جورج فلويد يمسح الغبار عن التاريخ االستعماري المظلم لبلجيكا في الكونغو ..ال حديث يجوب العالم بأسره اليوم إال عن مأساة جورج فلويد الذي لقي حتفه تحت وطأة ركبة شرطي مشهود له بالعنصرية والتعسف في حق كل من هو ليس أبيض البشرة ،صار هذا االسم نشيدا يهتف بالحرية والمساواة في كل أرجاء العالم،ثمان دقائق وثمانية وأربعون ثانية من المعاناة أفضت بحياة إنسان كان كل مطلبه أن يستنشق هواء ولو ملوث ليستمر في الحلم واألمل بغد أفضل ،بعدما رمت به أزمة الكورونا إلى الشارع ،صيرته مجرد شبح من األشباح التي تزايدت وسرعت بتضخيم طوابير العاطلين عن العمل .لم تسلم بلجيكا وخصوصا العاصمة بروكسيل من موجة التنديد واالحتجاجات تخليدا لروح هذا المواطن األفروأمريكي جورج فلويد الذي صار أيقونة للظلم الذي يتعرض له السود في أمريكا، بل ذهبت األمور إلى أبعد مدى في بعض البلدان حول العالم إلى التنديد بالقوى االستعمارية ،باألطماع التي ساقت الدول العظمى إلى التوقيع على صفحات تاريخ أسود باستعباد الدول المستضعفة ،بترحيل البشر واستخدامهم في ظروف خلت من اإلنسانية ،لتوسيع نفوذها واالغتناء، وكيف تمت إبادة شعوب بأكملها لتحقيق ذلك ،باإلضافة إلى المواجهات التي شهدتها شوارع بروكسيل بين المتظاهرين وقوات حفظ األمن، تشكلت خاليا تناهض بتاريخ بلجيكا االستعماري في القارة السمراء وكل ما رافقه من أعمال مخزية يندى لها الجبين من الملك ليوبولد الثاني حيث تسببت سياسته التوسعية من نهب للخيرات واستعباد ألهالي مستعمرة الكونغو ،حيث تفنن المعمرون في اختراع أساليب للتعذيب ال تخطر على بال أبشع كتاب سيناريوهات الرعب ،حيث أمروا بقطع أيادي األهالي الذين ال يحصلون على محصول جيد في مزارع المطاط عقابا لهم ولتحفيز وتهويل األبرياء وما ينتظرهم من عقاب إن قل المحصول ،بل لم يقتصر التعذيب وبتر األيادي على الكبار حيث طال كذلك األطفال ،باإلضافة إلى أن الملك كان يملك حديقة يعرض فيها السود والذي بلغ عددهم المئات على أنهم مجرد حيوانات بشرية عديمة العقل و اإلحساس .بالموازاة مع حمالت التنديد التي طالت معظم األقطار صدرت في بلجيكا وخصوصا بروكسيل حملة تنديد واسعة وخروج اآلالف للتظاهر رغم إجراءات الحجر،، طالب فيها المتظاهرون بإدانة الممارسات القمعية الهمجية للشرطة وما يصدر عنها من خروقات في حق من يطالبون بحقوقهم المشروعة ،وذهبت إلى أبعد مدى مطالبة الحكومة لكشف الغطاء عن الماضي الكولونيالي لبلجيكا وما رافقها من أعمال وحشية ذهب ضحيتها اآلالف من السود في الكونغو ،بل طالت حملة السخط األوساط السياسية داخل قبة البرلمان البلجيكي والتي دعت وعلى لسان رئيس الغرفة السيد باتريكودو وال الذي طالب بتقديم اعتذار رسمي عن هذا الماضي المرعب ،وأن ال يقتصر األمر على ذلك بل اقترح أن يكون مرفقا بقرارات تدعمه ،حيث تمت المطالبة بتشكيل لجنة للمتابعة في هذا األمر وقد أسندت المهمة للجنة الشؤون الخارجية داخل الغرفة التي ستبدأ أول اجتماع لها يوم األربعاء المقبل .غير أن األمر ليس بالسهل ،فاالعتراف بكون ما وقع هو جرائم حرب سيكون من تداعياته إجراء محاكمات وما يترتب عليها من صرف تعويضات مادية ربما ستقدر بالماليير ،أو ضرورة تقديم اعتذار رسمي من طرف الملك الحالي وهذه أمور ربما ستكون موضع نقاشات في األيام المقبلة ،في حين نادى الفريق الليبرالي في البرلمان البروكسيلي بعدم إزالة رموز الماضي الكولونيالي التي تعرضت للتدنيس من قبل المحتجين و التي تزين بعض الساحات والحدائق ،وإنما بوضع تماثيل بجوارها مناهضة للميز العنصري، وكذا نصبا الستحضار أرواح كل هؤالء األبرياء الذين لقوا حتفهم إبان هذه المرحلة حتى ال تنسى األجيال القادمة ما تعرضوا له من إقصاء وتعذيب..
15
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
كتابات في تاريخ منطقة الشمال:
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
مراسَلة هولندا
()949
«احلومر يف معلمة املغرب»
من قلب أمستردام نادية بوخيزو
�أ�سامـة الزكاري zougariousama@gmail.com
ظلت منطقة الحومر الواقعة في محيط مدينة أصيال تثير على إبراز األدوار الجهادية الكبرى التي اضطلعت بها المنطقة اهتمام المؤرخين البرتغاليين والمغاربة الذين اهتموا بالبحث على مستوى محيطها الجهوي الواسع .ومما قاله في هذا الصدد: في وقائع ظاهرة الغزو اإليبيري الذي ضرب بالدنا منذ مطلع «الحمر ،حصن ومعركة ،يقع حصن الحمر (وهو اليوم مدشر) في القرن 15م .كما ظلت العديد من سياقات بروز األعالم البشرية قبيلة الساحل التي تحد غربا بالمحيط األطلسي وشماال بقبيلة والمكانية لمدينة أصيال مجهولة أو ملتبسة ،في غياب أي ربط الغربية وشرقا وجنوبا بالخلط .وأهم مدينة في قبيلة الساحل لتحوالت ماضي هذه المدينة بواقع محيطها المباشر المتمثل هي أصيال .وقعت في المنطقة عدة معارك بين قائد القصر الكبير في منطقة الحمر الواقعة في قلب قبيلة الساحل .ويمكن القول عبد الواحد العروسي ـ في عهد الوطاسيين ـ بدعم من القبائل إن خصوصيات التطور المجالي والتاريخي لهذه المنطقة أو المجاورة وبين البرتغاليين .يقول الحسن الوزان« :ويضايق قائد المدشر ،قد توارت خلف وقع الهزات المتتالية التي عرفتها مدينة القصر البرتغاليين كثيرا ،إذ تحت تصرفه ثالثمائة فارس يغير أصيال خالل العصور الحديثة ،ولم تعد تذكر إال في سياق التأثيرات بهم ويتوغل إلى أن يصل أحيانا إلى أبواب أصيال» ...كما أشار ال��م��ف��ت��رض��ة التي إلى هذه المعركة يمكن أن تمارسها ص���اح���ب ك��ت��اب المدينة ـ أي مدينة «القصر الكبير» ـ ع��ل��ى أح���وازه���ا بما ملخصه ،السيد المباشرة .وكانت أحمد العروسي كان النتيجة ،أن أصبحنا أكبر نبالء مملكة نجهل الكثير من فاس ،كان يقضي ت��ف��اص��ي��ل األدوار جل أوقاته بفاس... ال��م��وج��ه��ة ال��ت��ي ولو أنه كان يعود اض��ط��ل��ع��ت ب��ه��ا مرات للغارات على م��ن��ط��ق��ة ال��ح��وم��ر البرتغاليين في داخ������ل ال��ف��ض��اء أص��ي�لا لطمأنة المجالي ال��واس��ع ال��م��دي��ن��ة .ولهذا الذي يطوق مدينة ع��ي��ن��ه السلطان أصيال من جهاتها المختلفة .ورغ��م ع��ل��ى ت�����ازا ،وق��د اس��ت��م��رار انتصاب س����اع����د م��ح��م��د م��ع��ال��م ت��اري��خ��ي��ة ال��ب��رت��غ��ال��ي أث��ن��اء ف��ي قلب المدينة مهاجمته ألصيال أصيال بمدينة البرتغالية الحومر باب معلمة ش��اه��دة على هذا س��ن��ة ...،1517 التأثير ،مثلما هو ولما قتل ...حوالي ال��ح��ال م��ع معلمة ،1530خلفه أخوه على النفتاحها نظرا �م � اإلس بهذا عرفت التي «ب��اب الحمر» عبد الواحد الذي قام بحملة على أصيال سميت بمعركة الحمر الخصوص بهذا الوطني المنجز رصيد فإن المذكورة، المنطقة التي مات فيها الشيخ المشهور أبو الحسن بن عثمان دون أن في �واردة � ال المتفرقة �ارات � اإلش بعض باستثناء شحيحا، يظل يرضى إعطاء ظهره للنصارى ،فكان السيف في يده وهو يتلو بعض مصنفات اإلسطوغرافيا العربية اإلسالمية التي تحدثت البردة .وتعرض أيضا لمعارك الحمر صاحب «حوليات أصيال» حيث عن معارك الحمر ضد الغزو البرتغالي ،مثلما هو الحال مع كتاب تعرض لها في عدة صفحات ،فأثناء تحدثه في الفصل 16عن غزو «وصف إفريقيا» للحسن الوزان أو مع كتاب «دوحة الناشر» البن عكر الشفشاوني .وفي مقابل ذلك ،تحفل المصنفات البرتغالية أصيال وقتل مانويل دي كوستا ،تحدث عن الحمر باعتبارها حصنا للقرنين 15و 16الميالديين بالكثير من التفاصيل ذات الصلة للقائد المغربي الذي حاول البرتغاليون التجسس عليه.»... هذه إشارات متفرقة يمكن أن تسعف في كشف النقاب عن بهذا الموضوع ،بل وتتجاوز ذلك إلبراز مكانة منطقة الحمر في تشديد الخناق على برتغاليي أصيال وفي استقطاب العديد من حقيقة األدوار الجهادية التي اضطلعت بها منطقة الحمر في المجاهدين من مختلف جهات المغرب ،والذين كانوا يستهدفون وجه االحتالل البرتغالي لمدينة أصيال خالل بعض عقود القرنين 15و 16الميالديين .وال شك أن تجميع شتات المظان اإليبيرية تكثيف هذا الضغط ،واألمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة. وبخصوص مادة «الحمر» في «معلمة المغرب» ،فقد وردت ذات الصلة بالموضوع ،سيساهم في إعادة مقاربة عالقة مدينة في الجزء رقم ،11الصادر سنة ،2000بالصفحتين رقم 3582أصيال بأحوازها في سياق حالة االستنفار الوطني الشامل الذي و ،3583بتوقيع الباحث محمد أخريف .وقد سعى هذا الباحث إلى ارتبط باالنقالب العميق في موازين القوى التي طبعت العالقات تقديم خالصات تنقيباته بهذا الخصوص ،اعتمادا على مضامين التفاعلية بين الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر األبيض الكتابات التاريخية الكالسيكية العربية اإلسالمية واإليبيرية ،مركزا المتوسط خالل مطلع العصور الحديثة.
ماذا عن لقاح الكوفيد 19؟
جري البحث في جميع أنحاء العالم حول لقاحات ضد فيروس كورونا ،أكثر من 100لقاح قيد التطوير ،بعضها في مرحلة البحث السريري. يستغرق تطوير لقاح ضد األمراض المعدية الجديدة وقتًا طوي ً ال بسرعة من 5إلى 10سنوات .يتم تعديل جميع األشرعة لتطوير لقاح بشكل أسرع. ومع ذلك ،قبل أن تتمكن من تطوير لقاح يعمل بشكل صحيح ،يجب إجراء الكثير من األبحاث حول الفيروس نفسه .باإلضافة إلى ذلك ،يجب أيضًا اختبار اللقاح المحتمل سريريًا لدى البشر من أجل السالمة والفعالية .كل هذا يستغرق وقتاً طوي ً ال .هذا هو السبب في أنه كان ال يزال من الصعب القول أنه هناك لقاح فعال. في المجموع ،هناك أكثر من 100لقاح مختلف ضد فيروس كورونا قيد التطوير .تم تطوير عدد صغير إلى درجة أنه يمكن اختبار اللقاحات في البشر (األبحاث السريرية) .تنقسم هذه الدراسة السريرية إلى ثالث مراحل. يجب أن تكتمل جميع المراحل بشكل صحيح ،ولكن يمكن أن تتم في نفس الوقت .خاصة إذا كانت هناك حاجة للقاح بسرعة ،كما هو الحال مع فيروس كورونا الجديد.
ذكرت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 9يونيو أن اللقاحات التي هي في مرحلة الـ clinical evaluationعددهم 10فقط. ه��ذا الرسم يوضح المراحل التي وصلت لها اللقاحات المضادة لكوفيد ... -19وعدد اللقاحات في كل مرحلة حتى اآلن: - 1لقاح جامعة أكسفورد بالتعاون مع أسترازينيكا انتقل الى تجارب المرحلة الثانية/الثالثة في إنجلترا والبرازيل. التوقعات :قد يتيح المشروع لقاح جاهز لالستخدام بموافقة طارئة بحلول أكتوبر القادم. أسترازينيكا أعلنت توصلها إلتفاقية مع فرنسا و المانيا و ايطاليا و هولندا ..إلنتاج 400مليون لقاح ضد فايروس كورونا .. المرحلة الرابعة :هي عادة مرحلة مراقبة للموقف بعد بدء حمالت التطعيم الفعلية للمجتمع ..يتم فيها جمع المعلومات باستمرار عن االستخدام الفعلي للقاح بعد الترخيص باستخدامه ...و تتبع اي شكاوى عن اآلثار السلبية ..ومتابعة قدرته على تحقيق مناعة طويلة المدى بدرجة كافية حول العالم. - 2تتطلع شركة مودرنا األمريكية إلى البدأ في تجارب المرحلة الثالثة في يوليو التوقعات :قد يكون لقاح الشركة جاهزاً بحلول أوائل عام .2021 BioNTechBبالتعاون مع شركة �Pfi 3 zerاألمريكية وشركة Fosun Pharmaالصينية بدأ في مرحلة التجارب البشرية االولى/الثانية . التوقعات :تأمل شركة Pfizerفي توفير بضعة ماليين من الجرعات لالستخدام في حاالت الطوارئ في الخريف.
16
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
الشمال التربوي
Journal Achamal 2000
ال�شراكة �آلية فعالة لتحقيق اجلودة
دة .فدوى أحماد
«اجلمعيات املهتمة بال�ش�أن العام واملنظمات غري احلكومية ت�ساهم يف �إطار الدميقراطية الت�شاركية يف �إعداد قرارات وم�شاريع لدى امل�ؤ�س�سات املنتخبة وال�سلطات العمومية ،وكذا يف تفعيلها وتقييمها» الفصل الثاني عشر من دستور المملكة المغربية لسنة 2011
الشراكة صيغة تعاون جامعة لموارد مادية وبشرية وتقنية في مرفق عمومي أوخصوصي ،وهي ركيزة أساس النفتاح المؤسسات على المحيط االجتماعي واالقتصادي ولالستفادة من خبرات وتجارب شتى بهدف تمهير راق و تدبير معتمد على قدرات وعناصر تفاعل أكثر جودة .وتتمثل الشراكة في إنشاء عالقة بين شريكين ،ال تكون بالضرورة عالقة مساعدة وعَوْن على قدر المساواة؛ وهي بالتالي تهدف إلى االعتراف المتبادل بالحقوق والواجبات على أساس متعادل ،وعصرنا الحالي هو عصر «الشراكة» التي حلت محل «المساعدة»؛ ولهذا يشكل مفهوم الشراكة تجديدا مهماً في مجال التعاون من أجل التنمية ،فهي إطار جديد تتقاسم فيه مسؤوليات جميع األطراف ،وفق نظام يقوم على مبدأي التشاور والتعاون في إعداد برامج واستراتيجيات للتنمية من أجل تعاون حقيقي. ضمن هذا المفهوم العام تندرج الشراكة التربوية؛ لكونها تجديدا متقاطعا مع مشاريع تنموية مستدامة ،وقد أدرجت ضمن الميثاق الوطني للتربية والتكوين أداة انفتاح على آفاق وتجارب هادفة لتحقيق الجودة المطلوبة في التربية والتعليم.
مفهوم الشراكة التربوية
إذا كانت الشراكة تعاونا وتشاركا وتفاعال وتآزرا بين اثنين أو أكثر من أجل أهداف مشتركة في قطاعات الشركات والمقاوالت واالتحادات والروابط ..فإنها تعني في مجال التربية والتعليم تعاونا بين أطراف العمل التربوي والتعليمي داخل فضاء واحد أوخارجه ،ويكون الهاجس في كل ذلك التماس حلول مالئمة لوضعيات قائمة.ويؤكد الباحث د. محمد الدريج أن الشراكة تفترض »:بين المؤسسات إحصاء ومالحظة المشاكل المشتركة وتشخيص أهمية النشاط المشترك وتحديد مهام محددة في الزمان وتوزيع المسؤولية وتخطيط مجاالت التدخل بالنسبة لكل طرف ،وكذا أساليب ضبط اإلنجازات وتقويم النتائج حسب المعايير المتفق عليها والمقبولة من كل األطراف».وتأسيسا على هذا ،فهي عملية تتم في إطار مشروع محدد توظف له إمكانات مادية و موارد بشرية بين طرفي الشراكة. وفي مذكرة لوزارة التربية الوطنية في الموضوع (رقم 27بتاريخ 24فبراير )1995فالشراكة« :تقتضي التعاون بين األطراف المعنية وممارسة أنشطة مشتركة وتبادل المساعدات ،واالنفتاح على اآلخر مع احترام خصوصياته .أما في الميدان التربوي ،فالشراكة تندرج ضمن دينامية مشاريع المؤسسات وتتطلب مجموع الفاعلين التربويين من مفتشين وإدارة تربوية وأساتذة ،وتالميذ وآباء »..ومن خالل ما تقدم يتأكد أن للشراكة التربوية أشكال تعاون مميزة بين متدخلين من داخل وخارج المؤسسة في إطار شبكات وبنيات مرنة ،وهي تتيح تفاوضا وإبرام اتفاقيات يكون ذات أثر ملموس.
الشراكة التربوية:سياق تاريخي
الشراكة التربوية مفهوم و إجراء ظهر أواسط ثمانينيات القرن الماضي في الواليات المتحدة األمريكية وكندا،وقد تم العمل به في
فضاءات أوروبية خاصة فرنسا وإسبانيا ..وفي المغرب تم تداول هذا المفهوم في ندوات ولقاءات منذ بداية التسعينيات ،وبادرت وزارة التربية الوطنية بإعداد أدبيات خاصة بالشراكة التربوية ،وبسطت ذلك في مذكرتين (:رقم 73بتاريخ 12أبريل )1994و (رقم 27 بتاريخ 24فبراير .)1995
أنواع الشراكة التربوية
يتيح العمل بمفهوم الشراكة التربوية -كما ألمعت سابقا- إمكانية الشراكة بين مؤسسات تعليمية وطنية ومنظمات دولية مثل اليونيسيف أو اليونيسكو أو اإليسيسكو ومؤسسات البعثات التعليمية والمراكز الثقافية األجنبية ..في إطار أهداف الرفع من مرودية التعليم وجودته ،و التماس حلول لمشاكل قائمة..وثمة أنماط أخرى من الشراكة تتم بين مؤسسات تعليمية ومرافق اجتماعية وثقافية واقتصادية..لسد حاجيات تربوية وتعليمية.
بعض عوامل نجاح الشراكة التربوية
الشراكة التربوية عمل مطلوب في كل الظرفيات بما تتيحه من إمكانيات التغلب على إكراهات شتى والتماس تحقيق االندماج والتواصل والتكامل واالنفتاح على المحيط ،وهي بهذا المعنى رؤية استراتيجية مرتكزة على جملة أسس منها: التخطيط :يروم مواجهة المستقبل بخطط معدة سلفا لتحقيقأهداف محددة؛ التنظيم :يشكل أهم مراحل العملية التشاركية،لكونه وعاءلخطة كفيلة بتحقيق أهداف؛ القيادة :ترتكز على مقاربة تشاركية مع جميع األطرافالمساهمة في الشراكة ،على أساس تعاون ومشاركة،وتستدعي توفر: المرونة ،التشخيص ،التعاقد ،مواصفات مهنية وسلوكية وفكرية لدى المسؤولين. التنسيق :توحيد الجهود الجماعية لضمان وحدة التصرفات فياتجاه هدف مشترك ؛ التنفيذ :يرتكز على مقومات التحفيز والتأهيل والتواصل. التتبع :عملية تقويمية قبلية ومصاحبة وبعدية للموارد الماديةوالمالية والبشرية المستثمرة والنتائج المحصل عليها . الحكامة الجيدة :تقتضي االلتزام بالتسيير والتدبير الشفافين،واعتماد مقاربة التدبير بالنتائج.
خطوات إلنجاح الشراكة
تفعيل الشراكة مرتبط بترسيخ ثقافة التدبير المشترك والرقي به محليا وجهويا ووطنيا ،بعد أن تخضع جميع مشاريع الشراكة لعملية انتقاء وتتبع وفق مسطرة قانونية وتنظيمية. وإلنجاح الشراكة التربوية يمكن اعتماد جملة من التحديدات؛وهي: تحديد األهداف. تحديد الشركاء واألدوار. تحديد الموارد المادية والبشرية. تحديد الغالف الزمني للشراكة. تحديد خطة للتقويمات المطلوبة التي تسهر عليها لجنةتوجيه وتتبع .Comission d’ Orientation et de Suivi
آفاق ورهانات الشراكة التربوية
تم اعتماد الشراكة التربوية وربطها بالسياق التنموي ضمن رؤية استراتيجية هادفة لسد الخصاص واالرتقاء بالمؤسسة التربوية والتعليمية،مما فرض نسج عالقات جديدة مع الشركاء األساسيين: األسرة ،جمعيات أمهات وآباء وأولياء التالميذ ،الجماعات المحلية، الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين..ارتكازا على توجيهات ومقتضيات القانون اإلطار 51-17المتعلق بمنظومة التربية والتكوين ،وخصوصا الباب المتعلق بتمويل منطومة التربية والتكوين والبحث العلمي المادتان 46و، 48حيث تم التأكيد على تنويع مصادر تمويل المنظومة بشكل يضمن إسهام مختلف الفاعلين والشركاء في دعم القطاع التربوي والتعليمي.إن الشراكة التربوية بهذا المعنى اختيار استراتيجي لقطاع التربية الوطنية بإشراك كل الفاعلين والمتدخلين..كما أنها تحقق جانبا حيويا من التواصل اإليجابي مع الشركاء وتضمن دعما منتظما ووقوفا فعليا على جملة إكراهات بهدف التماس حلها.. الشراكة التربوية انفتاح مدروس على المحيط إن ما تجدر اإلشارة إليه في خاتمة هذا الحديث المركز هو أن تفعيل الشراكة التربوية يترجم انفتاحا على المحيط لتحقيق أهداف مشتركة وفق استراتيجية مستندة إلى الحكامة والتدبير الجيد .. وهذا يقتضي أن يكون الرهان حول نجاح المشروع رهانا جماعياً، تتآلف الجهود في إنجازه ،وتتكاثف اإلرادات في إنجاحه خدمة لألجيال المنتظمة في المؤسسة التربوية والتعليمية بوصفها إطارا جامعا لتطلعات المجتمع برمته . ---------مرجعيات مؤطرة:
mدستور المملكة المغربية لسنة 2011؛ mقانون الحريات العامة لسنة 1958كما تم تتميمه وتغييره ؛ mالميثاق الوطني للتربية الوطنية؛ mالقانون رقم 00.07المتعلق بإحداث األكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ( 19ماي )2000؛ mالمرسوم 2.02.382المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التربية الوطنية ( 17يوليو )2002؛ mالمرسوم 2.02.376 ،المتعلق بالنظام األساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي ( 17يوليو )2002؛ mدورية الوزير األول رقم 2003/7في شأن الشراكة بين الدولة والجمعيات؛ mالقانون التنظيمي للجماعات الترابية )2014(113،111،112؛ mالقانون رقم 00.78المتعلق بالميثاق الجماعي ؛ mالمذكرة رقم 73بتاريخ 12أبريل 1994في شأن مشروع المؤسسة؛ mالمذكرة رقم 27بتاريخ 24فبراير 1995بشأن الشراكة التربوية؛ mالمذكرة 10 ( 59ماي ) 2002حول مبادرات الشراكة؛ mالمذكرة 03(02فبراير )2005؛ mالوثيقة اإلطار 2005في سياق منتديات اإلصالح؛ mالمذكرة 09 (76يونيو )2005حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ mالدليل المرجعي لمبادرات الشراكات بقطاع التربية الوطنية، mمقرر السيد وزير التربية الوطنية عدد 14961بتاريخ 20أكتوبر 2014 بشأن المصادقة على الدليل المسطري الستغالل فضاءات مؤسسات التربية والنكوين، mالرؤية االستراتيجية 2030 / 2015؛ mالقانون اإلطار 51-17المتعلق بمنظومة التربية والتكوين،
17
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
جتديد مكتب جمعية حقوق الإن�سان باملغرب العربي� ..أي م�صري؟!
عبد القادر أحمد بن قدور
لماذا ال يجدد مكتب جمعية حقوق اإلنسان بالمغرب العربي في الوقت الذي يزداد إلحاح الشعوب حاليا للمطالبة بحقوق اإلنسان في العالم والمغرب؟... ساهمت كل الشعوب واألمم عبر مر الزمان في بناء فكرة حقوق اإلنسان، ودافعت عن الكرامة البشرية ضد الطغيان واالستبداد والعبودية ،من خالل صراعات مريرة وثورات متواصلة وأحداث كبرى. ومع اتساع رقعة التجمعات البشرية ،ازداد النضال من أجل حقوق اإلنسان والكفاح الستخالص الحرية والمساواة والعدل والسالم. ولذلك يمكن القول أن تنمية حقوق اإلنسان لها تاريخ طويل تنغرس جذورها في كل الحضارات اإلنسانية والشرائع السماوية) (( )1ص 9من كتاب حقوق اإلنسان الجزء األول – 1المبادئ والمعايير من سلسلة الخدمات التربوية واإلدارية لألستاذ الجليل والمدير العام لمنظمة العفو الدولية بالمغرب حاليا محمد السكتاوي. (ـ ومن مجلة ((روز اليوسف)) إلى صحيفة ((القدس العربي)) التي نشرت من قبل تقريرا لمراسلها في مدريد ((حسني مجذوبي)) تحدث فيه عن الحوار الذي أجرته صحيفة ((الباييس)) اإلسبانية مع األمير موالي هشام بن عبد اهلل العلوي ،ونشرته في عددها األسبوعي ليوم األحد.. ((وقد أكد األمير في هذا الحوار أن ((الديمقراطية لم تصل بعد إلى المغرب)) وأن الملكية ((يجب أن تتحول إلى رمز وطني موحد بعد ترسيخ الديمقراطية)) وقال إن الملك محمد السادس ((يتعاطى باإليجاب مع ملف حقوق اإلنسان الذي يحتاج إلى مصالحة بعيدا عن روح االنتقام)). وأشار األمير إلى أن ((المؤسسة الملكية يجب أن تترك التسيير اليومي لقضايا البالد لحكومة مسؤولة نابعة عن إرادة شعبية ومؤسسات شفافة)) وأن تحتفظ بدور الحكم والفصل وأن تتحول بعد ترسيخ الديمقراطية إلى رمز للتوحيد الوطني لجميع المغاربة .وقال إن(( :المغرب يعيش مرحلة دقيقة من تاريخه ويواجه مشاكل بنيوية في إطار محيط متفجر اجتماعيا .فالمغرب بدأ في بداية التسعينيات انفتاحا سياسيا ولكنه لم ينته بمشروع ديمقراطي)). وأضاف ((لقد كانت هناك آمال كبيرة ،ونحن في انتظار أشياء محددة، حيث يوجد قلق في المجتمع وبدأ شعور اإلحباط ينتشر ويسيطر على الناس، ويجب أن نتفادى فقدان األمل .وإذا حدث العكس فإن المغرب سيواجه على المدى القصير مخاطر جمة)) من جريدة «األحداث المغربية» الغراء ،العدد: 865ليوم األحد 3يونيو .2001ص .7 حينما تذكرت كل هذا اآلن ،أتساءل هل الزال يحدث بالمغرب هذا اآلن أم ماذا؟ وفي المغرب العربي كيف نحمي فيه المناضلين والحقوقيين الحقيقيين الثوريين ضد الفساد والظلم واالضطهاد ،وخاصة ضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان الذين عذبوا العذاب األليم والمبرح أحيانا كثيرة، وخاصة في الفترات العصيبة من تاريخ الجزائر وتونس الشقيقتين والمغرب األقصى وليبيا وموريتانيا ...كيف سنعمل للدفاع المستميت عن ما تعرضوا له من قساوة الحكام والحكم منذ سنوات وسنوات ونعوض لهم ما فات ونحقق أحالم الكرامة والحرية والعدالة الحقة والديمقراطية والحقوق التامة... سأرجع اآلن إلى بعض السنوات من قبل إلى ما أراد بعض الوطنيين األحرار والخلص والحقوقيين المتجذرين والمضحين بالغالي والنفيس بالمغرب العربي الذين عملوا ويعملون منذ سنين عديدة للدفاع عن كل هذا بصبر وتأن ،فقد أعلن رسميا من قبل في يوم السبت 2006/04/01بالرباط، عن تأسيس التنسيقية المغاربية لحقوق اإلنسان ،التي تضم التنظيمات الحقوقية الكبرى الناشطة ببلدان المغرب العربي .وتم هذا اإلعالن :خالل ندوة صحفية عقدتها الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ،في ختام أشغال ندوة دولية نظمتها بتعاون مع الوكالة الكاطالنية للتعاون والتنمية حول موضوع «حقوق اإلنسان بالبلدان المغاربية» من 29إلى 31مارس سنة .2006 وأبرز المنظمون أن الهدف من إحداث هذه التنسيقية يتمثل في توحيد عمل المنظمات الحقوقية ،بالمنطقة المغاربية .والسعي نحو ترسيخ ثقافة حقوق اإلنسان واحترام كرامة المواطنين. وقد تم اختيار (آنذاك) المناضل الكبير والفذ عبد الحميد أمين رئيس الجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ،منسقا عاما لهذه الهيئة ،لمدة سنتين، وعضو من المنظمة المغربية لحقوق اإلنسان نائبا له ،باإلضافة إلى إحداث سكرتارية إدارية لتسيير أنشطة التنسيقية. وتضم هذه التنسيقية مختلف المنظمات الحقوقية المغربية ،بصفة عضو مؤسس كامل العضوية ،بينما منحت لكل من «منتدى الحقيقة واإلنصاف» و«تجمع عائالت المفقودين بالجزائر» صفة عضو مالحظ». كما تقرر آنذاك أن تحتضن تونس االجتماع الثاني للتنسيقية التي ستتداول على رئاستها المنظمات الحقوقية ببلدان المغرب العربي على رأس كل سنتين. هذا وكان قد أوضح آنذاك عبد اإلله بنعبد السالم عضو تلك الفترة اللجنة اإلدارية للجمعية المغربية لحقوق اإلنسان ،في تصريح لوكالة المغرب العربي لألنباء ،أنه على الرغم من تفاوت أوضاع حقوق اإلنسان بالبلدان المغاربية، فإنها ما تزال تعرف عدة انتهاكات ،وهو ما يتطلب ضرورة «التنسيق وتكثيف الجهود من أجل أن يكون عملنا أكثر مردودية وإنتاجية». وكانت هاته الهيئة الجديدة ترمي إلى تنسيق العمل الحقوقي بالبلدان المغاربية ،والمساهمة في بناء وتفعيل المنتدى االجتماعي المغاربي وبناء الوحدة المغاربية .وقد شارك في الندوة التي تم خاللها تأسيس هذه التنسيقية 11تنظيما حقوقيا من موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا، وثالث تنظيمات حقوقية مغاربية من فرنسا باإلضافة إلى ستة تنظيمات غير حكومية دولية وجهوية لحقوق اإلنسان. وال يفوتني أن أذكر أنه لتأسيس التنسيقية لحقوق اإلنسان بالمغرب العربي من جديد ـ كان منتظرا أن يجتمع حقوقيون بتونس في سنة ،2009 ولما وصل األستاذ الجليل والحقوقي الكبير المتمرس في هذا الميدان السيد عبد الحميد أمين إلى مطار عاصمة تونس لحضور هذا االجتماع المغاربي قصد تأسيس «مؤسسة الجمعية المغاربية لحقوق اإلنسان بالمغرب العربي» أمر الرئيس آنذاك (المخلوع) والراحل زين العابدين بنعلي بإرجاعه في الحال إلى المغرب دون أن يتمكن من القيام بذلك ـ المأسوف على هذا ـ وآنذاك في اللقاء التشاوري حول واقع مدينة القصر الكبير (الكلمة منشورة لي بجريدة «السياسة المغربية بالعدد 05-06 :من 10إلى 25دجنبر 2009ص 15تحت عنوان« :اللقاء التشاوري بين الفاعلين بالمركز الثقافي البلدي بالقصر الكبير، في البداية وبحضور كل فعاليات هاته المدينة أشرت في كلمتي التي ألقيتها في هذا اللقاء الهام والتاريخي آنذاك بعد قولي :بسم اهلل القوي الجبار والقهار لكل الظالمين والفاسدين والمفسدين والمضطهدين للوطنيين المخلصين األوفياء لهذا الوطن أينما كانوا ضد الفساد والظلم وكل المهتمين بالشأن المدني والحقوقي والجمعوي والمثقفين المبدعين الحاضرين في هذا الملتقى الهام وكذلك المكتب اإلداري «لجمعية ملتقى الكرامة والمواطنة» بمدينة المناضلين والمجاهدين األحرار على تنظيمهم لهذا اللقاء الذي كنا ننتظر مثله منذ زمن طويل ،ولتدافع عن هذه المدينة الصامدة والعريقة بدون جدوى ،هل هذه المدينة كانت نسيا منسيا أم ماذا؟! هل ليس لها
رجال يدافعون عنها وعن هذا التهميش الممنهج عليها وهذا الجحود لها ولماضيها وحاضرها التاريخي المجيد والنضالي المشهود لها ،ألن الكثير من المشاكل بها دون إصالح لم يعتريها ...وعن عديد من المطالب كالبطالة المستفحلة بالمدينة وغيرها ...إذ كان ساكنة القصر الكبير ينتظرون بفارغ الصبر منذ سنوات عديدة الزيارة الملكية الميمونة لها لتدشين مشاريع هامة بها في أمس الحاجة إليها ...إلخ.. وفي ختام كلمتي هذه البليغة والعميقة بالمطالب العديدة الحقوقية والمجالية واالجتماعية .طالبت شفاهيا من الجمعية التي نظمت هذا اللقاء األساسي بالمدينة وبالمغرب الحبيب ولكل الحاضرين معنا من مثقفين وإعالميين ومبدعين وجمعويين وكل المجتمع المدني بأن يبعثوا برقية أو رسالة مستعجلة إلى رئيس الجمهورية التونسية (زين العابدين بنعلي) آنذاك «المخلوع والراحل» لالستنكار وضدا على استبداده المعهود واضطهاده للحقوقيين والمناضلين األحرار المتكررة وخاصة عن مطاردة المناضل الفذ السيد :عبد الحميد أمين الحقوقي المتميز الذي ـ منحه الرئيس التونسي المؤقت بعد الثورة التونسية الدكتور السيد المحترم منصف المرزوقي وسام شرف واالستحقاق للجمهورية التونسية بحضوره في تونس الشقيقة ـ وتم إرجاعه إلى المغرب دون أن يتركه للمشاركة والحضور في اجتماع تأسيس الجمعية المغاربية لحقوق اإلنسان التي كان من المقرر آنذاك اجتماعها وتأسيسها من جديد من لدن دول المغرب العربي وألححت في هذا الطلب والكل ساندني في هذا وأيد إرسال هذه البرقية أو الرسالة إلرسالها إلى الرئيس المذكور آنذاك عن هذا االستفزاز واالستبداد ـ وخاصة رئيس هاته الجمعية الذي وعد الجميع بإرسالها في الحال ،وصفق لها الجميع بحرارة كبيرة ،ولم أدر مآل هذا آنذاك ،كما كنت عدة مرات أرسل مناشدات والتماسات عديدة إلى فخامة رؤساء الدول كعضو منظمة العفو الدولية بالمغرب ـ فرع الرباط ـ للدفاع عن بعض المناضلين األقحاح لما لحقهم من ظلم أو حيف أو محاكمة غير عادلة ،أو إلسقاط بعض التهم الملفقة أو الموجهة إليهم للظلم الذي لحق بهم أو للتخفيف عنهم أو لمؤازرتهم في محنتهم ...الخ مثل مناشدة والتماس الذي وجهته برسالة مضمونة إلى فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية المرادية بالجزائر آنذاك بتاريخ 2008/11/1وذلك إلسقاط التهم الموجهة إلى المحامي المدافع عن حقوق اإلنسان السيد :أمين سيدهم والمناشدة وااللتماس الذي أرسلته بتاريخ: 2010/04/13إلى عزيزي الرئيس مد فيديف روسيا االتحادية لتحديد مكان وجود زليمخان مرد الوف وضمان للقبض على رجال الشرطة المسؤولين عن اختفائه ...الخ وااللتماسات األخرى المضمونة كذلك التي أرسلتها إلى رئيس الجمهورية التونسية آنذاك (المخلوع) بعد ذلك زين العابدين بنعلي وإلى رئيس الجمهورية المصرية الشقيقة سابقا بشأن مناضلين وحقوقيين وغير ذلك من رؤساء الدول للدفاع عن الحقوقيين والوطنيين المظلومين والمضطهدين في قضاياهم أو حقوقهم المهضومة... وقد كتبت هذا المقال لاللتماس والمطالبة من جديد لكافة الحقوقيين والجمعيات الحقوقية للعمل على إرجاع تأسيس منظمة حقوقية هامة وأساسية وعتيدة بالمغرب العربي الكبير ،وذلك من أجل الدفاع عن مطالب الحقوق والعدالة والديمقراطية والحرية والكرامة لكل أبناء شعوب المغرب العربي الكبير ـ وخاصة وأننا في حاجة ماسة لهذا أكثر من أي وقت مضى للعوامل والمتغيرات ،العربية والدولية ،وانتكاسة الجائحة ـ فيروس كورونا، (كوفيد )19ـ هذا الوباء القاتل أحيانا ،وكثير من الحقوق التي تطالب بها الشعوب واألمم أكثر من أي وقت مضى ...والظلم الذي زاد عن حده... الخ ...وذلك لتفعيل نقاش جدي وصريح وعميق عن المطالب العديدة اآلنية للشعوب وخاصة المغرب العربي والعالم أجمع ،وللدفاع عن قضايانا ذات الطابع السياسي واالجتماعي والحقوقي ،وفتح حوار متواصل بين السلطات العمومية والدولة وهيئات الجمعيات الحقوقية لبحث أنجع السبل للتقدم باألوطان المغاربية والعربية والدولية قصد تسوية ماضي االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان وقصد التتويج الموضوعي والوقائي لهذا حتى ال يتكرر الماضي األليم .ليواكب تحوال سياسيا يتطور ويستثمر المكتسبات في المجال الحقوقي ،وليؤسس ويواكب تحوال سياسيا عميقا ،يتجه نحو تعميق الديمقراطية وترسيخ دول القانون والتشبت بحقوق اإلنسان ،وذلك في إطار استمرارية نظام الحكم العادل والمؤسسات وتطبيق بنود الدستور وضرورة التطور الستشراف المستقبل ،والتوجه نحو ترسيخ الديمقراطية والوحدة المغاربية والسلم واإلنصاف والمصالحة على أساس عادل ومنصف للجميع، ولنندد كذلك باإلجهاز على كل المكتسبات الحقوقية ،ونهج القمع في مواجهة األصوات المدافعة عن حقوق اإلنسان بهاته الدول المغاربية خاصة والعالمية عامة ،وإخالل بعض الدول كالمغرب بالتزاماتها بتنفيذ توصيات هيئة اإلنصاف والمصالحة ،وعدم اتخاذها الخطوات الالزمة إلبداء اعتذارها العلني عن الجرائم السياسية والحقوقية ،بما فيها المسؤولية عن التعذيب الجهنمي بالكهرباء وغيره واالحتجاز واالختفاء القسري ،والكشف عن الحقيقة كاملة، وجبر الضرر الفردي والجماعي والقيام بنظام ديمقراطي حقيقي ،والعمل على فضح كل تجاوزات الدول المغاربية اآلنية خاصة وغيرها واالنتهاكات المتواصلة للحريات ،وإخفاق بعض الدول الذريع في إقرار سياسات عمومية ناجحة في مجال الحقوق االجتماعية واالقتصادية والثقافية وتحذير هاته الدول من مغبه االستمرار في تجاهل مطالب كل الحقوقيين ،ومطالب مختلف الحركات االحتجاجية ،ألن األوضاع االجتماعية المتردية والهاشة مهددة باالنفجار في كل وقت وحين ،ألن العنف الذي تشنه على الحقوقيين خاصة باعتبارهم ضمير األمم وملح الديمقراطية الحقيقية ،ولنعمل على وضع حد إلمكانية وضع حد لوقوع انتهاكات لحقوق اإلنسان مستقبال بجلها ،ولنعرف أكثر تجارب الدول األخرى التي شهدت انتقاال ديمقراطيا مثل المملكة اإلسبانية والبرتغال واألرجنتين والشيلي وجنوب إفريقيا ،ونعمل على إثرهم مع التأكيد على أن المصالحة إذا كانت فعليا ينبغي أن نتجه نحو المستقبل لعدم تكرار ما جرى .ولنواكب بكل جدية مستجدات واقع حقوق اإلنسان بالمغرب العربي انطالقا من روح المواثيق الدولية لحقوق اإلنسان ولنساهم كذلك في إشراك مكونات المجتمع بموضوع حقوق اإلنسان السامية... وهكذا ،لنرجع األمور لنصابها باتحادنا ألن حقوق اإلنسان بدولنا شهدت تقدما في بعض جوانبها ،وتراجعا في جوانب أخرى ،ففي الوقت الذي عرفت فيه الحقوق االقتصادية واالجتماعية تدهورا بسبب انتشار الفقر المذقع والهشاشة ،ومعاناة فئات اجتماعية واسعة ،عرفت بعض الحقوق السياسية والمدنية تطورا بعض الشيء. هكذا وكثيرا من المناضلين والحقوقيين والسياسيين سجنوا أحيانا بدون حق ،فكلما توسعت حرية المواطن واحترمت حقوقه وكرامته واعترفت بها الدولة إال وتربت في وجدانه وسلوكه جذور المسؤولية ألنه أنصف... وقد كان الحقوقيون والمناضلون الثوريون بالمغرب دائما يساندون الوطنيين والجمعيات الحقوقية وما يتعرضون له من انتهاكات جسيمة لحقوق اإلنسان في دول المغرب العربي كافة بالمساندات القيمة والمتابعة ألحوالهم مثل «بيان المنظمة المغربية لحقوق اإلنسان» بعنوان« :ارفعوا أيديكم عن نشطاء حقوق اإلنسان بتونس» المنشور بجريدة «بيان اليوم» العتيدة في يوم الخميس 28يونيو 2001ص 2بالعدد 3401 :في السنوات الحالكة والصعبة بتونس ،ومما جاء فيه( :إن المحاكمات الصورية التي زج فيها كل من الدكتور (منصف المرزوقي) الذي أصبح رئيسا مؤقتا للجمهورية
التونسية بعد اإلطاحة بالرئيس التونسي الراحل السابق الذكر ـ والمحامي األستاذ نجيب الحسني ،واالعتداءات الوحشية التي كان ضحيتها أعضاء من الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (وهن يعبرن عن تضامنهن مع الرابطة) والحصار المضروب على كل نشطاء حقوق اإلنسان تشكل غيضا من فيض الخروقات التي تطال الحريات الفردية والجماعات واالنتهاكات لحقوق اإلنسان بتونس .إن المنظمة لطالما عبرت عن انشغالها باألوضاع المتردية لحقوق اإلنسان بتونس وطالبت السلطات العمومية التونسية بوضع حد لالنتهاكات التي تطال المدافعين عن حقوق اإلنسان وضمان ممارسة الحراسات الفردية والعامة طبقا لما هو مقرر في القانون ،وفي المواثيق الدولية المصادق عليها من طرف الحكومة التونسية). ...الخ .. والبد من الذكر بأن بعض المناضلين من ضحايا سنوات الرصاص الوطنيين والتقدميين من أجل مغرب الديمقراطية والحرية والعدالة الحقة والعيش الكريم ،والحقوق التي يجب أن تعطي وتقدم ألصحابها ،الذين تعرضوا لشتى أنواع االضطهاد والتعذيب الجهنمي ،مثل ما وقع لي بالتعذيب المبرح والكبير الذي لحقني بالصدمات الكهربائية في رأسي وأثر علي وعلى رأسي ونفسي لمدة أكثر من 50سنة وأنا الزلت أتابع العالج من جراء ذلك والذي منحه لي الدكتور الجليل السواف التونسي ـ ربما كان الجئا بالمملكة البلجيكية الديمقراطية والعادلة ـ في صيف سنة 1972وقد قال لي آنذاك قدم دعوة بالمحكمة في المغرب أو لدى محكمة العدل الدولية ـ إن أمكن لك ذلك ـ ضد الدولة المغربية ألنهم أرادوا أن يصفوك ويقضون على حياتك بهذا التعذيب الجهنمي والقاسي الذي ال يطاق ـ ومن جراء هذا أحيانا كثيرة ال أنام الليل كله ،وذلك خالل تلك الفترة الحالكة والسوداء من التاريخ الحديث للمغرب األقصى ،كما تعرض لهذا التعذيب مجموعة كبيرة من مناضلي تلك الحقبة الرهيبة في السبعينيات والثمانينيات الماضية وغيرهما ،وقد قاموا (وعبد ربي معهم) بعدة اعتصامات وإضرابات واحتجاجات عديدة عند تنظيمهم لكل ذلك تحت شعار «التنفيذ الفوري لكل توصيات هيئة اإلنصاف والمصالحة لكل ضحايا سنوات الرصاص والجمر المتقد من القرن الماضي وغيرها» ولكن لم تلق االعتبار الذي تستحقه ،كما أنه لم يتم تفعيل مقررات وتوصيات هيئة اإلنصاف والمصالحة التي تم تقديم أشغالها إلى جاللة الملك المفدى محمد السادس نصره اهلل وأيده في 30نونبر ،2005كما أن الدولة المغربية لم تحترم التزاماتها بتحقيق التفعيل الكامل لتوصيات هاته الهيئة ـ مع العلم أن جاللة الملك محمد السادس أبدى منذ اعتالئه العرش ،رغبة في تحقيق مصالحة بين الماضي والحاضر ،وتم اإلقرار بحدوث خبايا سنوات الرصاص ،والكشف عن جرائم الماضي الرهيب وتعويض الضحايا عن سنوات االعتقاالت في السجون واألقبية في سنوات الرصاص لضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان ،وليستجيب المسؤولون وخاصة المجلس الوطني لحقوق اإلنسان لنداءات جاللة الملك المحبوب بالعمل الجاد على تنفيذ كل توصيات هيئة اإلنصاف والمصالحة لفائدة هؤالء الضحايا المذكورين بـ: ـ اإلسراع بإصدار توصيات تكميلية خاصة باإلدماج االجتماعي للذين لم يحصلوا عليه. ـ إصدار توصيات باإلدماج االجتماعي بالنسبة ألصحاب الملفات المصنفة خارج األجل. ـ التسوية العاجلة للوضعية اإلدارية والمالية لكل ضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان... وبمناسبة النجاح التام للعملية الجراحية على القلب لجاللة الملك المحبوب محمد السادس حفظه اهلل والتي أجريت له يوم األحد 14يونيو الجاري 2020والذكرى 21لعيد العرش المجيد والتي ستحل يوم الخميس 30يوليوز 2020نستعطف ونلتمس من السدة العالية باهلل جاللة الملك المعظم محمد السادس رعاه اهلل وأيده أن ينعم علي قريبا جدا بالتسوية اإلدارية العاجلة وجبر الضرر الذي أستحقه عن التعذيب الجهنمي الذي تعرضت له وال مثيل له دون محاكمة أو جرم ارتكبته ،وكنت أقول والزلت، لو أن المسؤولين الذين أمروا بتعذيبي ظلما وجورا بدون محاكمة لو حكموا علي بـ 30سنة أو 20سنة ظلما في السجن لما كنت مقررا عاما لمجلس القاطنين األول الذي أنشيء بالحي الجامعي بالرباط في المغرب التابع لكل الطلبة ولالتحاد الوطني لطلبة المغرب آنذاك وألتممت دراستي بالسجن الظالم وألصبحت فقيها في القانون الدستوري بالمغرب ألفيد وطني العزيز والعالم أجمع بآرائي وأفكاري القانونية والدستورية والفكرية ...وألكون محاميا مقتدرا ومحنكا أدافع عن كل المظلومين والمضطهدين والضعفاء أينما كانوا... ويطالب الضحايا المذكورون دائما والوطنيون بمدينة القصر الكبير بالكشف عن الحقيقة الكاملة التي تعرضت لها هاته المدينة من انتهاكات جسيمة وحساسة إبان سنوات1984 – 1963 – 1959 - 1958 – 1956 : وغيرها وتحديد المسؤوليات وإقرار عدم اإلفالت من العقاب مع تقديم االعتذار العلني والرسمي للدولة ولضحايا االنتهاكات الجسمية لحقوق اإلنسان ،ونتساءل عن لماذا كل هذا التهميش واإلقصاء االجتماعي لمدينة القصر الكبير ،كما نلتمس وندعو كافة المنظمات واإلطارات الحقوقية والديمقراطية والوطنية والنقابية والسياسية والجمعوية واإلعالمية المعنية بحقوق اإلنسان في المغرب األقصى والمغرب العربي والعالم أجمع وكل المناضلين والمناضالت الشرفاء الغيورين لمساندة هذه الفئة من ضحايا سنوات الجمر والرصاص حتى ننتزع جميع حقوقنا .وبتأسيس الجمعية الحقوقية المغاربية تجمع كل الدول المغاربية تونس والمغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا ،حتى ننتزع هذا وجميع حقوقنا المشروعة والعادلة وتتم االستجابة لكافة مطالبنا األكيدة... والبد من اإلشارة إلى ذكر كم من االستعطافات واالستنجادات وااللتماسات التي أرسلتها بالبريد المضمون وسجلتها كذلك بالصوت والصورة أمام قبة البرلمان في عدد من المرات مستنجدا ومستغيثا ومستعطفا بالسدة العالية باهلل لجاللة الملك محمد السادس دام له السؤدد والنصر والعزة ومتعه بالصحة والعافية وطول العمر بأن يمنحنا نحن ضحايا االنتهاكات الجسيمة لحقوق اإلنسان حقوقنا المهضومة والتي نطالب بها منذ عقود عديدة ،دون جدوى تذكر ،هل لم تصل هاته االستغاثات واالستنجادات وااللتماسات لجاللته بأن يعطف علينا األعطاف المولوية السامية ويعطي تعليماته السديدة والحريصة على منح الحقوق العادلة ألصحابها. وختاما أؤكد (أنا عبد ربه) لست ضد أي كان ،حتى الذين عذبوني العذاب الذي ال يتصوره العقل البشري ،أو أمروا بذلك ،أو الذين منعوا عني الحصول على حقوقي المادية واإلدارية وغيرها لست ضدهم ،إنني فقط أدافع عن قضايا الوطن والسالم والوحدة والمجتمعات اإلنسانية كافة ،وقضية فلسطين السليبة والحبيبة والمصيرية...
18
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
دار الشعر والحجر الصحي • بقلم :عبد المجيد اإلدريسي ...في المتحف األثري ،شالالت مياه دار الشعر بتطوان ،شذر األدباء قصائدهم بها ًء. وهي رحلة من الجنس األدبي ،الذي يكاد يلجأ معظم األدباء والعلماء والشعراء ،إلى وسائل التواصل االجتماعي في العالم االفتراضي أثناء الحجر الصحي ،وهي سابقة من نوعها ،وعلى غير العادة ،على نحوما قال أبوتمام : ُ وطول مقام المرْء في الحيّ مُخلقٌ ~ لديباجتيه فاغتربْ تتجدَّد فإني رأيتُ ً الشمسَ زيدتْ محبَّة ~ إلى الناس ْ أن لستُ عليهم بسرْمد وإذا كانت هذه النوعية من اإلبداعات التي تؤرّخ للحجر الصحي ،وتعكس منهجاً فريداً تاريخياً لوباء «كوفيد.»-19 وقد انتهجتْ دار الشعر بتطوان ،لكتابات تمارس الفنّ الرفيع بتلقائية وعفوية ،وتسلط الذاكرة على اإلبداع .إذ ينشدُ األديب االستمساك بالجوْدة ..ليتهيأ لمدير دار الشعر، لتلك السلسلة التي كانت لوناً جديداً من فنون األدب وباباً من قصص شعرية بالحجر الصحي .إذ ألفتْ اللقاء األوَّل أثناء الحجر الصحي بين ثلة من الشعراء ،من بينهم األستاذ األدي���ب حسن مرْصووقصيدته «لمنْ» (بكسر الالم) ،وليختمها ب «مألتُ سمائي» .لتتعقبه الشاعرة الرقيقة فاطمة مرغيش ،بقصيدتها «غ��رب��ة» ،التي ك��ان مسك ختامها «للغربة وجهُ حبّ غير عاداته وشبَّ عن ط��وْق البداية» .ثمَّ يأتي دور الشاعر األنيق ناصر العلوي وهويشدو بقصيدة اختار لها عنوان «ع��ادة شعرية» ،وبسحر ال��ك�لام يختتم، «أدف��نُ ظلي في البياض ،وأرس��م صوتي بممحاتي» ..هوالشاعر الذي ينادي القلوب والعقول ،وفيه شي ٌء شيء،وكوْن من ّ من ّ ٌ كل كوْن .ليقدم الشاعر مخلص األمسية وهواألديب لمعظم كل الوقت ،ومبدعٌ َّ جل الوقت ،وبهيٌّ ّ كل الوقت ..أقامت دار الشعر بتطوان أمسية شعرية عن بعد بعنوان «حدائق الشعر» ،في فضاء حديقة دار الشعر والمتحف األثري بالمدينة، وبحضور افتراضي .وصادفت األمسية الذكرى الرابعة لتأسيس دار الشعر بتطوان ،في فضاء هذه الحديقة التاريخية. شارك في أمسية «حدائق الشعر» ،الشاعر حسن مرصو والشاعرة فاطمة مرغيش والشاعر ناصر العلوي ،وهم يمثلون أجياال مؤتلفة وأشكاال مختلفة في الكتابة الشعرية بالمغرب .ووجهت دار الشعر بتطوان تحية لجمهورها الحاضر الغائب ،بسبب ظروف الحجر الصحي ،مؤكدة أنها لن تتوقف عن التواصل مع جمهورها ،عبر منصات وقنوات التواصل االجتماعي ،لتنقل لهم قصائد الشعراء ورسائل الشعر الجميلة .واعتبر مخلص الصغير،
مدير دار الشعر بتطوان أن الحديقة طالما شكلت امتدادا شعريا للبيت .وهوامتداد جميل شكلت فيه الحديقة مصدر إلهام وارتياح ،ومنبعا لإلبداع واإلصرار على معانقة الحياة. بينما تبقى القصائد «أصداء الحديقة» بعبارة الشاعر الكبير إليوت .كما يأتي برنامج «حدائق الشعر» الذي انطلق قبل سنتين ،ليواصل نشر الشعر وصداه في مختلف حدائق تطوان األندلسية ،وليجدد العالقة الطبيعية والحضارية بين الشعر والحديقة ،كما حدث في اللحظة الحضارية األندلسية ،عندما أصبحت الحدائق غرضا شعريا مستقال بذاته وموضوعاً. وتعد أمسية «حدائق الشعر» أول تظاهرة شعرية يحضرها الشعراء في زمن الحجر الصحي ،في غياب الجمهور ،ومع مراعاة شروط التباعد االجتماعي ومختلف اإلجراءات االحترازية والصحية المرعية .كما قامت بعض القنوات التلفزيونية والمنابر اإلعالمية بالتغطية المباشرة لهذه األمسية . واس���ت���ه���ل ال���ش���اع���ر ح��س��ن مرصواألمسية بقصيدة «لمن» ،وهي تحمل تساؤالت شعرية قوية ،حين يردد :لِمَنْ َ سَأ ْلبَسُ َثوْ ِبي /لِمَنْ ُ ُ سَأهْدي مَسَائِي .لِمَنْ أ ِّ صَففُ َ شَعْ ِري /وَأسْتَعِيدُ بَهَائِي .لِمَنْ لِمَنْ ُ ُّ يَسْتَلِذ غِنَائِي. سَأ َغنِّيَ /ف ويَنْتَشِي في ِرحَا ِبي /وَيَسْتَطِيبُ لِ َقائِيْ . خُذ ِني إِ َليْكَ حَ ِبي ِبيُ / وَكنْ َ هَوَائِي وَمَائِي .مَا أضْيَعَ العُمْرَ إِ َّال /إِ َذا ْ مَألتَ سَمَائِي. وصدحت الشاعرة فاطمة مرغيش بمجموعة من القصائد الشعرية في حديقة دار الشعر ،ومنها قصيدة «غربة» ،وفيها تقول الشاعرة :أَنحازُ َ أخطأني المطر /.أُسَبِّح باسم المسافات /المُتَورِّدة على هامات إلى سحائبي /كلما وجهل غربة ما ِرقةٍ /تُزاحم الوهم /على الجنَبات .للغربة /وجه رسم الوقت /.وأحاول ٍ مدينة /فاض يَمُّها /من دمع العابرين /الواقفين حُفا ًة على طلل /ما وَشَم الذكرى إال ِبرَماد لهفةٍ حائرة .للغربة وجه حبٍّ /غيَّر عاداته /وشبَّ عن طوق البداية» .وختم الشاعر ناصر قراءاته بقصيدة «عادة شعرية» ،ومنها :أرتاد صوتي وإذني سكاتي /وأصغي لذاتي بمنأى عن صفاتي .أستدرج للنداء صداه وأخفي عن رجعه إنصاتي .عن شمالي مآرب قلبي/ عن يساري جديد احتماالتي .موطن كلما آنست هدأته /زاد نشاط ارتعاشاتي .برزخ كلما آثرت موقعه /علي بعث إحدى حبيباتي .أقيم الدليل على دعواي /يوقعني الدليل في شرك البدايات .أدفن ظلي في البياض /وأرسم صورتي بممحاتي. (يتبع)
ليلة اإلمتاع الخامسة و العشرون: ٌ فصل في النثر و النظم • محمد العطالتي «وقال ـ أدام اهلل دولته ـ ليلة :أحب أن أسمع كالما في مراتب النثر والنظم ،وإلى أي حد ينتهيان، وعلى أي شكل يتفقان ،وأيهما أجمع للفائدة ،وأرجع بالعائدة ،وأدخل في الصناعة ،وأولى بالبراعة. فكان الجواب :إن الكالم على الكالم صعب .قال :ولِم ؟ قلت :ألن الكالم على األمور المعتمد فيها على صور األمور وشكولها التي تنقسم بين المعقول وبين ما يكون بالحس ممكن ،وفضاء هذا متسع والمجال فيه مختلف .فأما الكالم على الكالم فإنه يدور على نفسه ،ويلتبس بعضه ببعضه ،ولهذا شق النحو وما أشبه النحومن المنطق ،وكذلك النثر والشعر. وقد قال الناس في هذين الفنين ضروبا من القول لم يبعدوا فيها من الوصف الحسن ،واإلنصاف المحمود ،والتنافس المقبول ،إال ما خالطه من التعصب والمحك ،ألن صاحب هذين الخلقين ال يخلومن بعض المكابرة والمغالطة ،وبقدر ذلك يصير له مدخل فيما يراد تحقيقه من بيان الحجة أوقصورها عما يرام من البلوغ بها ،وهذه آفة معترضة في أمور الدين والدنيا ،وال مطمع في زوالها ،ألنها ناشئة من الطبائع المختلفة ،والعادات السيئة ،لكني مع هذه الشوكة الحادة والخطة الكادة ،أقول ما وعيته عن أرباب هذا الشأن والمنتمين لهذا الفن ،وإن عنَّ شيء يكون شكال لذلك وصلته به تكميال للشرح، واستيعابا للباب ،وصمدا للغاية ،وأخذا بالحياطة ،وإن كان المنتهى منه غير مطموع فيه ،وال موصول إليه ،واهلل المعين. قال شيخنا أبوسليمان :الكالم ينبعث في أول مبادئه إما عن عفوالبديهة ،وإما من كد الروية ،وإما مركبا منهما وفيه قواهما باألكثر واألقل .ففضيلة عفو البديهة أنه يكون أصفى ،وفضيلة كد الروية أنه يكون أشفى ،وفضيلة المركب منهما أنه يكون أوفى ،وعيب عفوالبديهة أن تكون صورة العقل فيه أقل ،وعيب كد الروية أن تكون صورة الحس فيه أقل ،وعيب المركب منهما بقدر قسطه منهما : األغلب واألضعف .على أنه إن خلص هذا المركب من شوائب التكلف ،وشوائن التعسف ،كان بليغا مقبوال،
رائعا حلوا ،تحتضنه الصدور ،وتختلسه اآلذان ،وتنتهبه المجالس ،ويتنافس فيه المنافس بعد المنافس. والتفاضل الواقع بين البلغاء في النظم والنثر إنما هوفي هذا المركب الذي يسمى تأليفا ورصفا .وقد يجوز أن تكون صورة العقل أ ْلوَح ،إال أن ذلك من غرائب آثار النفس ونوادر أفعال الطبيعة ،والمدار على العمود الذي سلف نعته ورسا أصله. وسمعت أبا عائذ الكرخي صالح بن علي يقول :النثر أصل الكالم والنظم فرعه ،واألصل أشرف من الفرع والفرع أنقص من األصل ،لكن لكل واحد منهما زائنات وشائنات ،فأما زائنات النثر فهي ظاهرة ،ألن جميع الناس في أول كالمهم يقصدون النثر ،وإنما يتعرضون للنظم في الثاني بداعية عارضة ،وسبب باعث ،وأمر معين. قال :ومن شرفه أيضا أن الكتب القديمة والحديثة النازلة من السماء على ألسنة الرسل بالتأييد اإللهي مع اختالف اللغات كلها؛ منثورة مبسوطة ،متباينة األوزان ،متباعدة األبنية ،مختلفة التصاريف ،ال تنقاد للوزن ،وال تدخل في األعاريض .هذا أمر ال يجوز أن يقابله ما يدحضه ،أويُعْترض عليه بما يُحْرضه. قال :ومن شرفه أيضا أن الوحدة فيه أظهر ،وأثرها فيه أشهر ،والتكلف منه أبعد ،وهوإلى الصفاء أقرب ،وال توجد الوحدة غالبة على شيء إال كان ذلك دليال على حسن ذلك الشيء وبقائه ،وبهائه ونقائه. قال :ومن فضيلة النثر أيضا كما أنه الهي بالوحدة ،كذلك هوطبيعي بالبدأة ،والبدأة في الطبيعيات وحدة ،كما أن الوحدة في اإللهيات بدأة ،وهذا كالم خطير. قال :أال ترى أن اإلنسان ال ينطق في أول حاله من لدن طفوليته إلى زمان مديد إال بالمنثور المتبدد، والميسور المتردد .وال يلهم إال ذاك ،وال يُناغى إال بذاك .وليس كذلك المنظوم ،ألنه صناعي ،أال ترى أنه داخل في حصار العروض وأسر الوزن وقيد التأليف ،مع توقي الكسر ،واحتمال أصناف الزحاف ،ألنه لما هبطت درجته عن تلك الربوة العالية دخلته اآلفة من كل ناحية»
19
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
ال�شمـال
www. Achamal.ma
تتمة الحوار مع الباحث في تاريخ منطقة الشمال تتمة (ص )20
~كيف جاء اهتمامكم بتاريخ هذه المدينة؟ يلتقي اهتمامي المتواصل بالبحث في تاريخ مدينة أصيال ،أمران اثنان ،أولهما مرتبط بعشقي للمدينة التي أنتمي إليها وأرتبط بها عاطفيا بشكل وثيق ،وثانيهما مرتبط بانشغاالتي العلمية والجمعوية المهتمة بالبحث في تاريخ المدينة العريق ،سواء منه المادي أم الرمزي. فعشقي للمدينة ال حدود له ،وشغفي بتجميع كل ما يقع بين يدي من مواد وتدوينات ووثائق ومحكيات لها صلة بماضي أصيال ،يظل هاجسي األساسي.
~لذلك ،كنتم من بين مؤسسي إطار ثقافي متخصص في هذا المجال... بالفعل ،فقد كان لي شرف المشاركة في تأسيس جمعية ابن خلدون للبحث التاريخي واالجتماعي بمدينة أصيال سنة ،1994وهي الجمعية التي استطاعت تحقيق تراكم هام من األعمال المرجعية والمؤسسة لترشيد جهود البحث في تاريخ المدينة ،وللتحول إلى قوة اقتراحية أمام كل الجهات المسؤولة عن تهيئة الفضاء العام للمدينة. شخصيا ،نشرت عدة أعمال ضمن منشورات هذه الجمعية
الرائدة ،أذكر من بينها كتاب «أصيال :حصيلة البحث التاريخي واألركيولوجي» سنة ،2007وكتاب «مع األديب أحمد عبد السالم البقالي :حوار السيرة والذاكرة» سنة ،2010وكتاب «أصيال :دراسات بيبليوغرافية تصنيفية» سنة ،2017وكتاب «أصيال ..ذاكرة العمل الوطني المغربي -وثائق محمد بن عبد السالم الناصري» سنة .2019كما نشرت الجمعية أعماال أخرى لكتاب المدينة ومثقفيها ،من أمثال المهدي أخريف ،وأحمد عبد السالم البقالي ،وإدريس علوش ،ومغيث عبد السالم البوعناني، ومحمد األمين المليحي ،وعبد الواحد منتصر...،
~كيف تحضر مدينة أصيال لدى الباحث أسامة الزكاري؟ أصيال المنشأ والمآل ،في بحرها أجد دوائي ،وفي هوائها أتنفس معاني وجودي ،وتحت سمائها أحقق أحالمي ،وفي تربتها تنبث مشاريعي ،ومن مائها أروي عطشي .أنا ضمآن في عشق المدينة ،ولن أتعب في التعبير عن هذا العشق الصوفي ما حييت .تسكنني مدينة أصيال وأنا بعيد عنها .لم أشعر أبدا بغربتي عن عوالم المكان وعن فضاءات العمق في المدينة ،فأنا أحمل رموزها المميزة ووجوه أناسها البسطاء معي حيثما ذهبت وحيثما انتهى بي المقام .أفبعد هذا الحلول يوجد الوجد؟ أفبعد هذا الكشف يوجد التجلي؟ يوجد هذا «التجلي» في التعبيرات المتعددة المعبرة عن مضامينه ،من خالل العمل الجمعوي واإلصدارات التاريخية ،ثم –أساسا -من خالل االحتكاك اليومي بالتغيرات الجزئية اليومية للمدينة ،وبتفاصيل وقائعها االنسيابية التي يصنعها الناس في سياق نظيمة مسلكياتهم االعتيادية وأنساقهم الفكرية والثقافية والرمزية المركبة .وأعتقد أن هذا العشق للمكان ،يساعد على تجسير العالقة مع مواضيع البحث ومع أسئلة الكتابة، وهو األمر الذي نزعم أننا نتقاطع فيه مع تجارب تأصيلية لعالقة المكان باإلبداع وبالكتابة ،سواء في أرصدة األدب المغربي المعاصر ،أم في مجمل التراكمات العالمية المستثمرة لخصوبة المكان ،قصد إنتاج األعمال التوثيقية أو الكتابات التخييلية أو المونوغرافيات التاريخية. وبهذه الصفة ،تصبح أصيال مآلي المنشود ،وسكينة
Journal Achamal 2000
مراسَلة من فرنسا
روحي الكتشاف ذاتي الهاربة داخل مخاضات «اليومي»، وإلعادة تركيب هويتنا الجماعية ،هوية مدينة أصيال األصيلة.
~أصدرتم كتابا عن المجاهد المرحوم الهاشمي الطود .هل يمكن أن تضعنا في سياق اختيار هذه الشخصية ،وكذا عن أهمية صدور هذا الكتاب؟ يعود األمر بالدرجة األولى إلى اقتناعي الراسخ بأهمية العمل المنظم إلنقاذ ذاكرة المجاهد الهاشمي الطود، بالنظر لقيمتها الكبرى في فهم العديد من منعرجات العمل التحرري الذي عرفته بالدنا ،وعموم البلدان المغاربية خالل عقود القرن .20أضف إلى ذلك ،أن الرجل كانت له مبادرات جمة داخل دهاليز قيادة الثورة الجزائرية ومع تنظيماتها المتعددة والمتواترة ،مثل حزب الشعب ثم جبهة التحرير الوطني الجزائري .كما كانت له إسهامات متميزة تحت إشراف األمير محمد بن عبد الكريم الخطابي بمصر وبفلسطين وبالعراق وبالسودان وبليبيا وبتونس. وبفضل هذه المهام والمسؤوليات ،استطاع االنخراط في بعض تفاصيل صنع القرار داخل تنظيمات العمل التحرري
بالعديد من األقطار العربية ،والزالت وثائقه المادية تشهد على ذلك .ومن جهة أخرى ،فال شك أن تآمر متنفذي مغرب ما بعد رحيل االستعمار ،وخاصة في صفوف حزب االستقالل وداخل ما سمي ب»جيش التحرير» ،ضد كل المرتبطين بالمشروع التحرري لمحمد بن عبد الكريم الخطابي ،قد جعل يد الغدر تمتد لتنتقم من العقيد الهاشمي الطود، من خالل التنكيل بأفراد أسرته بالمغرب .وهو التنكيل الذي بلغ ذروته مع اختطاف والده عبد السالم الطود بمدينة القصر الكبير يوم 12يونيو من سنة ،1956ثم اختطاف خاله عبد السالم بمدينة تطوان يوم 14يونيو من نفس السنة ...واستمرت المؤامرة ،بسعي جهات متعددة للتآمر على ذاكرة الرجل وقتل معالم توهجها ،ضمن آلة المحو المقيتة والمرتبطة بحسابات ضيقة ألحقت بالرجل الكثير من أشكال الظلم والتضييق .وإنصافا للحق ،ووفاءا للتاريخ ،كان البد أن نعيد تنظيم قراءة ذخائر وثائق هذا الرجل الفذ ،باالشتغال على مذكراته لتعميم تداول مضامينها ووثائقها بين الباحثين والمهتمين ،وذلك في إطار رؤى علمية خالصة ،بعيدا عن منطق االنتقام وعن حوافز تصفية الحسابات...
~أخيرا ،ما هي المشاريع العلمية لألستاذ أسامة الزكاري التي يمكن أن ترى النور قريبا؟
أنا اآلن منهمك في االشتغال على عملين تصنيفيين مختلفين ،أولهما خاص بتحوالت ماضي مدينة أصيال انطالقا من حصيلة البحث العلمي التاريخي المتخصص من داخل المغرب ومن خارجه ،وثانيهما مرتبط بعمل بيبليوغرافي تقييمي لحصيلة عطاء الذاكرة األندلسية داخل رصيد منجز النخب المعاصرة بالضفتين المغربية واإليبيرية .أما العمل الذي قطعت فيه أشواطا هامة، فيتعلق برصيد البيبليوغرافيات الخاصة باإلسطوغرافيات التاريخية لمنطقة الشمال ،سواء منها المكتوبة باللغة العربية ،أم بمختلف اللغات األجنبية .هذا العمل الذي وهبت له الكثير من فترات عمري ،يشكل حلمي المشرع على رحابة البحث والسؤال العلميين المرتبطين بشغفي الفطري بالبحث في إبداالت ماضي منطقة الشمال المديد.
نجاة الكاضي
ال�شيباين
كان لتعديل القانون المالي الفرنسي لعام 2019الذي اتخذه رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب ،والذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يوليو من هذه السنة ،انتصار للشيبانيين الذين خاضوا معركة دامت عدة عقود السترجاع حقوقهم ،والتي اغتصبت منهم لمجرد أنهم من جنس غير فرنسي. الشيبانيون لغة هم المسنون ،لكن في فرنسا أطلقت على المهاجرين من أصل مغاربي وسكان جنوب أفريقيا وعلى جنود الحرب العالمية الذين زاولوا مهنا بعقود عمل خاصة وبأجور جد منخفضة بالنسبة لزمالئهم العمال من أصل فرنسي .و أغلب الشيبانين إن لم أقل جلهم يعيشون بصورة انفرادية داخل فرنسا في بيوت خصصت للمهاجرين (سوناكوترا) ،والتي أخذت إسما آخر بعد اإلصالح(ادوما). العيش في فرنسا كان إجباريا بعد التقاعد ،عليه إثبات العيش سنويا ستة شهور ويوم واحد على األقل ليستفيد من المساعدات االجتماعية والطبية والتمتع بحقوق المعاش التقاعدي ،في حين إن أغلب هؤالء لهم أمراض مزمنة تستدعي الرعاية األسرية .كل هذه األضرار أدت إلى انتفاضة هذه الطبقة من العمال وخلق جمعيات حقوقية من أبناء الجالية تخصصت في البداية في مساعدتهم إداريا ثم نحو كفاح مشدد أكثر من أجل استعادة حقوقهم الكاملة مثلهم مثل المتقاعد من أصل فرنسي .ويقول المثل «ماضاع حق وراءه طالب» .فبعد جهود مغربية وفرنسية انتصر الشيبانيون وتمكن 330.000متقاعد بعد إثبات أنه عاش في فرنسا ما بين 1946- 1975من االستفادة من التأثير اإليجابي لهذا اإلجراء من الحكومة الفرنسية .منهم 175.000متقاعد مغربي ،عادوا إلى الوطن األم بعد سنوات عديدة بفرنسا .السؤال المطروح :لماذا عاد بعض هؤالء إلى فرنسا بعد نضالهم الطويل من أجل العيش في بلدانهم األصلية ؟ هل االندماج كان صعبا ؟ هل مستوى العيش والتطبيب لم يكن بقدر المطلوب ؟ هل الظروف االجتماعية كانت أكثر فاقة مما كان عليه في فرنسا ؟ هذا ال يمنع أن العديد من الشيبانين التحقوا بعائلتهم و تأتينا منهم صور تزينها فرحة اللمة والعائلة.
20
ال�سمـال
العدد n 1052ال�سبت 27يونيو 2020
األخيرة
www. Achamal.ma
Journal Achamal 2000
الجزء الثاني من الحوار مع الباحث في تاريخ منطقة الشمال
األستاذ أسامة الزكاري..
درس التاريخ ..مناهج ورؤى وقضايا ،وتراكمات البحث في ماضي منطقة الشمال حاوره :عبد اإلله المويسي ~ربما كان ذلك دليال على خصوبة مجال الدراسة...
بالفعل ،فالبحث في تاريخ منطقة الشمال ،يظل من الخصوبة ومن التنوع بشكل يجعل من الصعب اإلحاطة بكل تفاصيله .ومع ذلك، فواقع الحال يثبت أن حصيلة المنجز الذي حققه مؤرخو المنطقة يفتح آفاقا مسترسلة لالستمرار في النبش في الوثائق الدفينة ،وفي تحقيق النصوص الغميسة ،وفي تجميع البيبليوغرافيات ،وفي استثمار الروايات الشفوية ،وفي تكثيف البحث األركيولوجي والطوبونيمي ،وفي االنفتاح على التراث الرمزي غير المدون ،وفي تدقيق النظر في األعمال اإلبداعية والتخييلية والفنية .وبفضل هذا الجهد ،أمكن إنجاز أطاريح جامعية رائدة، مرجعية ومؤسسة ،أستشهد -في هذا الباب على سبيل المثال ال الحصر- بأطروحة األستاذ محمد األمين البزاز حول المجلس الصحي بطنجة ،أو أطروحة األستاذ عبد العزيز خلوق التمسماني حول حركة أحمد الريسوني بمنطقة جبالة ،أو أطروحة األستاذ محمد خرشيش حول حرب الريف ،أو أطروحة األستاذ محمد الشريف حول مدينة سبتة خالل العصر الوسيط، أو أطروحة األستاذ حسن الفكيكي حول قبيلة قلعية بالريف ،أو أطروحة األستاذ المختار الهراس حول قبيلة األنجرة ،أو أطروحة األستاذ رضوان العزيفي حول أدوار مصب وادي مرتيل خالل التاريخ القديم ،أو أطروحة األستاذ عثمان المنصوري حول العالقات المغربية البرتغالية ،أو أطروحة األستاذ مصطفى غطيس حول موقع تمودة في سياق التاريخ القديم للمنطقة ،أو أطروحة األستاذ إدريس شهبون حول مدينة العرائش قبل عهد الحماية ،أو أطروحة األستاذ عبد الرحمان الطيبي حول واقع منطقة الريف قبل االستعمار....،
~هل من مؤشرات حول الوقع العام لنتائج هذا الجهد العلمي إذا أخذنا بعين االعتبار مكانة المنطقة داخل عمقها التاريخي وامتدادها الجغرافي
من المؤكد أن المنطقة ظلت تضطلع بأدوار كبرى داخل «التاريخ الطويل المدى» .فمنذ العهد القديم ،ظلت المنطقة محطة أساسية في استقبال حضارات البحر األبيض المتوسط المختلفة ،وفي إنتاج مراكز اإلشعاع الحضاري المرتبط بالشعوب األخرى ،مثل الفنيقيين والقرطاجيين والرومان والوندال .في هذا اإلطار ،برزت مراكز اإلشعاع الحضاري المرتبطة بتحوالت الماضي السحيق للمنطقة ،مثلما هو الحال مع مراكز تمودة (تطوان) وتنجي وأشقار (طنجة) وزليل وعين مصباح وامزورة (أصيال) وليكسوس (العرائش) وأبيدوم نوفوم (القصر الكبير) واألقواس (ابرييش) ...أما في العصر الوسيط ،فقد أصبحت المنطقة قاعدة للدولة المغربية الفتية ،منها انطلقت الفتوحات اإلسالمية نحو بالد األندلس خالل القرن السابع الميالدي ،وإليها استقرت المكونات العربية المنضوية داخل القبائل الكبرى المهاجرة من المشرق ،مثل قبائل بني هالل وبني سليم .وفي عهد دولة األدارسة ،أصبحت المنطقة مجاالت ترابية مركزية في التقسيم الذي اعتمده األمير محمد بن إدريس بإيعاز من جدته كنزة األوربية .وفي العصر الحديث ،برز اسم المنطقة قويا عندما أصبحت بعض مدنها عواصم للدولة المغربية ،مثلما هو الحال مع الدولة الوطاسية التي انطلقت خالل القرن الخامس عشر الميالدي من مدينة أصيال ،أو مع «اإلمارة الراشدية» التي أسسها أبو الحسن علي المنظري الغرناطي بمدينة شفشاون بعد سقوط مدينة غرناطة في يد اإلسبان سنة 1492م في سياق موجة حروب االسترداد التي أنهت الوجود السياسي اإلسالمي باألندلس ،أو مع «إمارة السيدة الحرة» بتطوان .وإذا كانت مجمل ثغور المنطقة قد خضعت لالحتالل اإليبيري خالل القرنين 15و 16الميالديين ،مثلما وقع مع مدينة سبتة سنة 1415م ،ومع مدينتي طنجة وأصيال سنة 1471م ،أو مع مدينة مليلية سنة 1497م ،ثم مع مدن أخرى مثل القصر الصغير والعرائش، فإن ساكنتها ومجموعاتها اإلثنية سجلت دروسا بليغة في الوطنية، من خالل مجابهتها لمشاريع الغزو البرتغالي واإلسباني للمنطقة ،وقد
توج ذلك بتحقيق االنتصار المغربي الكبير في معركة وادي المخازن ،أو معركة القصر الكبير ،سنة 1578م ،مما ساهم في إعادة وضع المنطقة في صلب التحوالت الجيوستراتيجية لمنطقة غرب البحر األبيض المتوسط .في هذا اإلطار ،أفرزت المنطقة تجارب وأسماء رائدة للمقاومة الوطنية التي أفشلت مشاريع الغزو اإليبيري لبالدنا .أستحضر في هذا المقام ،أسماء خالدة ،من قبيل سيدي طلحة الدريج ،وسيدي المنظري، والخضر غيالن ...،مما أفرز تراكما هائال من السير والمحكيات ذات الصلة بالموضوع ،وأنتجت تضخما في «السرديات المغربية» داخل المصنفات اإليبيرية للعصر الحديث ،وخاصة البرتغالية منها ،مثلما عكسته كتابات رواد هذا المجال من أمثال أدولفو غيفارا ،وبرناردو رودريغيش ،وفيرناندو دي مينيسيس ...،بل إن وقائع االنتصارات المغربية أضحت مراجع أساسية في ذاكرة الغزو البرتغالي للشمال ،مثلما هو حال وقائع حاسمة مثل معركة جزيرة المليحة ،أو معركة الحومر ،أو معركة وادي المخازن، أو أدوار رباطات جهادية مثل عياشة وتازروت وقلعية وبني ورياغل... وفي الفترة المعاصرة ،ومع ازدياد وقع الضغط االستعماري الموجه ،أصبحت المنطقة قبلة ألطماع جهات عدة .فمدينة طنجة –مثال- أضحت عاصمة ديبلوماسية لكل بالد المغرب خالل القرن ،19وعلى أبواب مدينة تطوان ،انهزم الجيش المغربي أمام نظيره اإلسباني سنة 1859م ،وعند أبواب مدينة مليلية جرت معارك طاحنة بين قبيلة قلعية واإلسبان سنة ...،1897وبعد خضوع البالد رسميا لالستعمار الفرنسي واإلسباني والدولي سنة ،1912انطلقت حركات المقاومة العنيفة بمنطقتي جبالة والريف ،وبرزت أسماء فجرت صرخة المغاربة في وجه المشروع اإلمبريالي اإلسباني فوق األرض المغربية ،مثلما هو الحال مع الشريف محمد أمزيان ،ومحمد بن عبد الكريم الخطابي ،ومحمد التازية الوهابي ،وأحمد بن محمد الحزمري (أخريرو) ،واحميدو السكان...، أما خالل الزمن الراهن ،فقد ظلت المنطقة بؤرة للتجديد وللتنوير الحداثي ،من خالل ظهور التنظيمات الحزبية األولى ،وعلى رأسها حزب اإلصالح الوطني وحزب الوحدة المغربية وحزب المغرب الحر. وبها ظهرت أولى الجمعيات الحقوقية والثقافية والهيآت االستثمارية الحديثة ،بمبادرات غير مسبوقة لرواد هذا المجال ،من أمثال الحاج عبد السالم بنونة ،وعبد الخالق الطريس ،ومحمد المكي الناصري، والتهامي الوزاني ،وعبد اهلل كنون ...،وهي النخبة التي أنشأت هيآت مدنية للتأطير العصري ،المنفتح على مستجدات العالم وعلى مكتسباته الحضارية الكبرى .وأذكر في هذا الباب ،تجارب كل من «المعهد الحر» الذي أنشأه األستاذ عبد الخالق الطريس ،و»معهد موالي المهدي» الذي أنشأه الشيخ محمد المكي الناصري ،و»جمعية الطالب المغربية»، وفرقة «المسرح األدبي» ومعها العديد من الفرق المسرحية في مختلف مدن الشمال ،وأول جمعية للدفاع عن حقوق اإلنسان ،والفرق الرياضية، وتنظيمات حركة الكشفية ،والمؤسسات اإلعالمية ،وأعياد الكتاب، والبعثات التعليمية نحو الخارج ،والمسابقات الثقافية ...،فمثل هذه المبادرات ،أعطت للمنطقة ألقها وتميزها داخل محيطها الوطني الواسع والدولي الممتد على ضفاف حوض البحر األبيض المتوسط.
~وماذا عن المدينة التي تخصصتم في البحث في تاريخها ،وأقصد –في هذا المقام -مدينة أصيال؟
اضطلعت مدينة أصيال بوظائف منسجمة مع السياقات التاريخية الكبرى التي أشرت إليها أعاله .تقع هذه المدينة بشمال المغرب على الساحل األطلنتي على بعد حوالي 40كلم جنوب مدينة طنجة ،وعلى بعد نفس المسافة –تقريبا– شمال مدينة العرائش .وهي من أعرق حواضر المغرب التي اضطلعت بأدوار تاريخية كبرى ،غطت بإشعاعها مجاالت جغرافية واسعة داخل فضاء الضفة الجنوبية للبحر األبيض المتوسط. وتمتد عبر الطريق الرئيسية رقم 2في شكل تجمع حضري صغير محاذي للساحل األطلنتي ،يثير االنتباه بطابعه المعماري اإلسالمي والمتوسطي الذي تطغى عليه الدور البيضاء المتراصة المحتضنة من طرف اللون األزرق الغامق .يختلف المؤرخون حول تاريخ بناء مدينة أصيال ،حيث
كانوا يعتقدون أنها تطابق مدينة زيليس الرومانية ،لكن الدراسات األركيولوجية المعاصرة أثبتت أن زيليس ال عالقة لها بموقع أصيال الحالي ،بل توجد بالمنطقة المعروفة اليوم ب»الدشر الجديد» بتراب جماعة احد الغربية .وقد برز اسمها ألول مرة عند نهاية مرحلة حكم دولة األدارسة ،حيث كانت عاصمة للمنطقة التي آل أمرها لألمير القاسم بن إدريس الثاني ،قبل أن تنتقل السلطة فيها إلى ملوك قرطبة الذين أعادوا بناءها وتجهيزها .وقد أشار العديد من المؤرخين ،مثل ابن حوقل والبكري والحسن الوزان ،إلى غنى ظهير المدينة خالل هذه المرحلة وإلى أهمية أسوارها ورواج أسواقها وأمن مينائها .وابتداء من القرن 14 الميالدي كانت سفن الجنويين والكطالنيين والميورقيين تفد على ميناء أصيال ،بل أقام تجارهم فنادق لهم بالمدينة ،وأصبحوا يعتمدون عليها للحصول على العديد من السلع الهامة مثل التبر والحبوب والصوف، مقابل ترويج سلع مختلفة أهمها التوابل والعقاقير الشرقية .وإلى جانب التجارة ،فقد امتهنت ساكنة المدينة نشاط الجهاد البحري ،مما أكسبها مناعة وصيتا عالميين تردد صداهما في مصنفات التاريخ اإلسالمي واألوربي. أنجبت مدينة أصيال خالل مرحلة العصور الوسطى الكثير من العلماء والمفكرين الذين اخترقت شهرتهم اآلفاق ،وعلى رأسهم العالمة اإلمام األصيلي الذي كان من أشهر رواة «صحيح البخاري» بكل منطقة الغرب اإلسالمي .وفي سنة 1471م ،تعرضت لالحتالل البرتغالي ،وفي سنة 1578م كانت قاعدة للحملة العسكرية التي قادها الملك البرتغالي ضون سبستيان على المغرب ،والتي انتهت بالمواجهة الشهيرة في معركة وادي المخازن .وإذا كانت المدينة قد عادت إلى حظيرة الوطن سنة 1550م ،أي قبل المعركة المذكورة ،فإنها رزحت من جديد تحت االحتالل البرتغالي قبيل واقعة وادي المخازن ،بعد أن سلمها لهم صهر السلطان المخلوع محمد المتوكل ،وبقيت على هذه الحالة إلى أن عادت إلى السيادة المغربية سنة 1589م بعد اتفاق بين فيليب الثاني والسلطان السعدي أحمد المنصور .ومنذ القرن 17م ،تراجعت أهميتها السياسية واالقتصادية ،لتعيش تحت تقاطب وتأثير مدن شمال المغرب المجاورة .وظلت على هذا الحال إلى أن وقعت تحت االحتالل اإلسباني عند بداية القرن ،20شأنها في ذلك شأن باقي مناطق شمال المغرب. تحافظ مدينة أصيال –حاليا– على العديد من المآثر التاريخية ذات األصول الرومانية واإلسالمية واليهودية والبرتغالية واإلسبانية .من اشهرها الجامع األعظم وجامع السعيدة وبرج التشريف (أو برج القمرة كما هو متداول لدى الساكنة) وقصر الريسوني واألسوار واألبراج البرتغالية والثكنة اإلسبانية والكنيسة الكاثوليكية ...وتبلغ ساكنتها –حسب إحصاء سنة –2014ما مجموعه 31054نسمة ،وتعتمد في أنشطتها االقتصادية على القطاعات الخدماتية والصيد البحري ،إلى جانب تحويالت الجالية المقيمة بالخارج .اشتهرت بأنشطتها الثقافية والفنية ،خاصة خالل فصل الصيف ،وتضم بنيات ثقافية مهمة ،على رأسها قصر الريسوني (أصبح يعرف باسم قصر الثقافة) ،ومركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية ،ومكتبة األمير بندر بن سلطان ...وتشتغل بها العديد من الجمعيات المحلية الفاعلة مثل مؤسسة منتدى أصيلة، وجمعية قدماء تالميذ ثانوية اإلمام األصيلي ،وجمعية آفاق الثقافية، وجمعية اللقاء المسرحي ،وجمعية األصيل ،وجمعية ابن خلدون للبحث التاريخي واالجتماعي ...أنتجت المدينة الكثير من األسماء الفاعلة في المجال الثقافي والفني ممن اكتسبت شهرة وطنية -أحيانا دولية- واسعة ،من أمثال األديب أحمد عبد السالم البقالي ،واإلعالمي محمد البوعناني ،والشاعر مغيث البوعناني ،والتشكيلي خليل الغريب ،والشاعر المهدي أخريف ،والتشكيلي محمد المليحي ،والشاعر محمد الجباري، والشاعر أحمد هاشم الريسوني ،والشاعر إدريس علوش ،والناقد يحيى بن الوليد ،والتشكيلي معاذ الجباري ،والمبدع عبد اإلله بوعود ،والفنانة أمينة أسينسيو ،والمؤرخ عبد الرحيم الجباري ،والفنان محمد األمين المليحي ،والفنانة المسرحية نورة الصقلي ،والتشكيلي حكيم غيالن...، تتمة الحوار (ص )19