Achamal n° 970 le 04 Décembre 2018

Page 1

‫األميرة البلجيكية أستريد بطنجة‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 970‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 26‬ربيع الأول ‪� 04 / 1440‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫اطلعت األميرة أستريد البلجيكية ‪ ،‬الخميس الماضي في طنجة‪ ،‬على العديد من مظاهر التقدم‬ ‫العمراني والتكنولوجي و النهضة االقتصادية والصناعية التي تشهدها هذه المدينة‪ ،‬وذلك خالل‬ ‫قيامها‪ ،‬والوفد المرافق لها بزيارة لميناء طنجة المتوسط‪ ،‬حيث انعقدت ندوة حول فرص األعمال‬ ‫بمدينة طنجة‪ ،‬ووقفت على التجارب الناجحة لعدد من الشركات البلجيكية المستثمرة بهذه المدينة‪.‬‬ ‫وقد عبرت األميرة عن إعجابها بالنجاح الباهر الذي حققه ميناء طنجة المتوسط‪ ،‬والمؤهالت‬ ‫الكبيرة التي يتوفر عليها وفرص االستثمار الهائلة التي يوفرها‪.‬‬ ‫وأشاد الوفد البلجيكي بنتائج هذه الزيارة للمغرب التي مكنت من ربط عالقات متينة مع‬ ‫الفاعلين االقتصاديين المغاربة و «إبرام عالقات أعمال قوية» مع نظرائهم المغاربة ‪.‬كما أشادوا‬ ‫بالتنمية الهائلة والمثيرة لإلعجاب التي تشهدها طنجة التي أصبحت قطبا تنمويا هائال بشمال‬ ‫المغرب‪.‬‬

‫‪ 29‬نوفمبر من كل عام‬

‫اليوم العالمي ألطفال الشوارع‬ ‫• المغرب يطلق مبادرة «مدن بدون أطفال الشوارع»‬ ‫• ضمان التكفل واإليـواء واإلدمـاج في حياة جديدة‬

‫مر يوم ‪ 28‬نوفمبر دون أن يلتفت إليه أحد‪ ،‬ال بالحكومة وال بالبرلمان وال بالمنظمات األهلية المهتمة بحقوق الطفل ‪....‬على الرغم من أهميته‪ ،‬وأسبقيته‪ ،‬وحمولته‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬إذ األمر يخص األنسان وحقوقه األساسية في الحياة‪ .‬يوم يسائلنا‪ ،‬جميعا‪ ،‬عما أعددنا للطفولة من فرص للمستقبل‪ ،‬وما وفرنا له من أسباب الرقي والنجاح‪ ،‬وما‬ ‫ادخرنا له من خيرات العالم التي نبددها ‪ ،‬سفها‪ ،‬في الحروب والهالك والدمار !‪.‬‬ ‫إنه «يوم أطفال الشوارع» الذي أعلنته األمم المتحدة منذ ‪ 29‬سنة ووضعت له اتفاقية دولية سنة ‪ ،1989‬كان المغرب من بين المصادقين عليها األوائل‪ ،‬وجعلت منه‬ ‫يوما دوليا إلثارة انتباه شعوب العالم إلى أن ماليين األطفال‪ ،‬عبر العالم‪ ،‬يعيشون ويشتغلون ويعانون في الشارع ‪ ،‬منهم األطفال المتخلى عنهم‪ ،‬ومنهم من تعرضوا‬ ‫لقساوة أوليائهم الذين «زهدوا» في رعايتهم أو طردوهم من البيت‪ ،‬نتيجة فقر أوجهل أوتخلف من أنجبوهم وألقوا بهم في الشوارع كالحيوانات‪ ،‬أو بسبب انفجار األسرة‬ ‫أو كانوا ضحايا األوضاع السياسية واالقتصادية واالجتماعية في بلدانهم ألسباب مختلفة‪ ،‬ما عرضهم للعنف واالضطهاد والفقروالجوع ودفعهم إلى «معانقة» الشوارع‬ ‫وامتهان التسول‪ ،‬والتعاطي المبكر لـ «المنشطات» والكحول‪ ،‬و هيأهم ‪ ،‬نفسانيا‪ ،‬لحياة القسوة والقوة والشدة والعنف‪ ،‬في معاداة صريحة للمجتمع وللنظام المجتمعي‪،‬‬ ‫وعرضهم للعنف الجسدي أو االعتداءات الجنسية أو أن يسقطوا فريسة لشبكات الدعارة أو لبارونات االتجار بالمخدرات‪ ،‬ليجعل كل ذلك منهم قنابل موقوتة عالية الخطورة‬ ‫بالنسبة للمجتمع‪.‬‬

‫(البقية على الصفحة األخيرة)‬


‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫العدد ‪970‬‬

‫بوليف في قفص االتهام بعد منع السلطات‬ ‫المينائية بطريفة باخرة أنتيرشيبين من اإلبحار‬ ‫منعت السلطات المينائية بمدينة طريفة‬ ‫اإلسبانية صباح يوم الثالثاء (‪ 27‬نونبر)‪ ،‬باخرة‬ ‫«البراق» المملوكة لشركة «ألنتيرشيبين» من‬ ‫اإلبحار في اتجاه مدينة طنجة‪.‬‬ ‫وعلمت جريـــدة «طنجــة» من مصادر‬ ‫مطلعة أن السلطات بالميناء اإلسباني عملت‬ ‫على إنزال الركاب‪ ،‬قبل أن يتموا رحلتهم عبر‬ ‫باخرة «‪.»FRS‬‬ ‫وأرجعت المصادر ذاتها سبب هذا المنع‬ ‫إلى عدم توفر باخرة «البـراق» على شروط‬ ‫السالمة المطلوبة في مجال المالحة البحرية‪.‬‬ ‫وأث��ار ق��رار المنـع استغـراب المتتبعين‬ ‫لشؤون المالحة التجارية ببالدنا‪ ،‬حول كيفية‬ ‫السماح لهاته الباخرة باإلبحار من طنجة في‬ ‫وقت يمنعها اإلسبان‪.‬‬ ‫وبسبب هذا اإلجراء الذي اتخذته السلطات‬ ‫االسبانية يجد كاتـب الدولة المكلف بالنقل‪،‬‬ ‫نجيـب بوليــف‪ ،‬نفســه في قفــص االتهـام‬ ‫إلى جانــب المسؤول عن مديريـة المالحة‬ ‫التجارية لهذا األم��ر‪ ،‬علما أن لجنة تفتيش‬ ‫مركزية قد حلت قبل أسابيع بمينــاء طنجة‬ ‫المدينة‪ ،‬وأخضعت هاته الباخرة لالفتحاص‪،‬‬ ‫حيث وقفت على عدة اختالالت السيما تلك‬ ‫المتعلقة بشروط السالمة‪ ،‬ذلك أنها تبحر فقط‬ ‫بمحركين اثنين من أصل أربعة‪ ،‬فيما المحركان‬ ‫اآلخران أصابهما العطب منذ ما يزيد عن سنة‪،‬‬

‫ولم تبادر الشركة إلى إصالحهما‪ ،‬وهو ما يشكل‬ ‫خطورة جدية على سالمة المسافرين‪ ،‬وتهديدا‬ ‫للمالحة التجارية بالمضيق‪ ،‬الذي يعرف حركية‬ ‫كبيرة للبواخر‪ ،‬ومع ذلك تم السماح لها باإلبحار‬ ‫أمام اندهاش الجميع‪.‬‬ ‫ويأتي منع سلطات ميناء طريفة لهاتــه‬ ‫الباخرة من اإلبحار وسط تساؤالت حــول من‬ ‫يوفر الحماية لهاته الشركــة ويجعلها فــوق‬ ‫المحاسبة؟!‪.‬‬ ‫وكانت مصادر متطابقة بمينـاء طنجـة‬ ‫المدينة‪ ،‬أكدت أن الشركة‪ ،‬التي تتوفر على‬ ‫باخرتين‪ ،‬مدينة للسلطة المينائية بأزيد من‬ ‫مليار و ‪ 500‬مليون سنتيم كمصاريف الرسو‬ ‫بالميناء‪ ،‬ما دفع هاته األخيرة إلى اللجوء للحجز‬ ‫التحفظي على الباخرة لضمان حقوقها‪ ،‬كما‬

‫سؤال كتابي‬ ‫موجه للسيد وزير الداخلية‬

‫أن ذات الشركة بذمتها أيضا ما يناهز ‪300‬‬ ‫مليون سنتيــم كتعويضات لعناصر الشرطـة‪،‬‬ ‫الذين يؤمنون عملية ختم الجوازات على ظهر‬ ‫باخرتيها‪.‬‬ ‫كما أن الشركة المذكورة لم تؤد واجب‬ ‫ك��راء إح��دى الباخرتين‪ ،‬اللتين تؤمنان خط‬ ‫«طنجة ـ طريفة»‪ ،‬منذ ما يزيد عن ثالثة أشهر‪،‬‬ ‫وهو ما حدا بالشركة المالكة إلى سحب باخرتها‪،‬‬ ‫علما أن دفتــر التحمـالت يلـزم إنتيرشيبين‬ ‫بامتالك أسطول النقل البحري لالستمرار في‬ ‫استغالل هذا الخط‪ ،‬لكن وبعد مرور ازيد من ‪8‬‬ ‫سنوات فإنها الزالت مكترية للبواخر!!!‪.‬‬

‫ارتياح في صفوف رجال األمن بعد تشديد‬ ‫استئنافية طنجة أحكامها في حق عصابة‬ ‫لترويج الكوكايين‬

‫أص��درت استئنافية طنجة‪ ،‬أحكامها في‬ ‫حق أربعة أعضاء ينشطون في أخطر شبكة‬ ‫لترويج الكوكايين بطنجة‪ ،‬المعروفة بعصابة‬ ‫«جيمي إي»‪ ،‬والذين كانوا قد تم اعتقالهـم‬ ‫متلبسين بحيازة الكوكايين‪ ،‬وسيــوف من نـوع‬ ‫السامـوراي‪ ،‬كما تم حجز سيارات يستعملونها‬ ‫في أنشطتهم اإلجرامية‪ ،‬تبين أن وثائقها‬ ‫م��زورة‪ .‬حيث رفعت العقوبة من سنتين إلى‬ ‫خمــس سنوات في حـق زعيمــي العصابـــة‬ ‫الشقيقين (محمد ومحسن)‪ ،‬فيما رفعت العقوبة‬ ‫من ‪ 6‬أشهر إلى سنتيــن في حق إثنيـن من‬ ‫مساعديهما‪.‬‬ ‫وقوبلت هاته األحكام بارتياح كيير في‬ ‫صفوف رج��ال األم��ن العاملين بوالية أمن‬ ‫طنجة‪ ،‬وبصفة خاصة عناصر الفرقة الوالئية‬ ‫للشرطة القضائية‪ ،‬الذي يبذلون مجهودات‬ ‫كبيرة لتفكيك هاته الشبكات اإلجرامية التي‬ ‫تبيع سمومها ألبناء المدينة‪ ،‬حيث يخاطرون‬ ‫بأرواحهم في سبيل الواجب الوطني‪ ،‬ومن شأن‬ ‫هاته األحكام أن تبعث الحماس في نفوسهم‬ ‫وان تدفعهم لمضاعفة أدائهم‪.‬‬ ‫وكانت األحكام االبتدائية قـد اعتبرهـا‬ ‫البعض مخففة‪ ،‬وقوبلت بغضب كبير من طرف‬

‫‪2‬‬

‫م‪.‬ع‬

‫الموضوع‪ :‬عدم انطـالق العمــل بالمحطتينـ الطرقيتين‬ ‫بمدينتي تارجيست وإمزورن بإقليم الحسيمة رغم جاهزيتهما‪.‬‬ ‫في إطار إنجاز مشروع التأهيل الحضري لمدينتي تارجيست وإمزورن بإقليم الحسيمة‪،‬‬ ‫وتقوية البنية التحتية السيما في مجال النقل الطرقي‪ ،‬الزال لحد الساعة لم يتم انطالق‬ ‫العمل بالمحطتين الطرقيتين‪ ،‬بكل من تارجيست وإمزورن‪ ،‬رغم جاهزيتهما‪ ،‬مما أثار‬ ‫استغراب ودهشة الساكنة المحلية‪ ،‬وطرح تساؤلها المشروع حول الجدوى من إحداث‬ ‫هذين المشروعين؟ إذا لم يتم استغاللهما وفق األهداف المرجوة؟‬ ‫ونظرا ألهمية المحطتين في تعزيز البنية الطرقية باإلقليم‪ ،‬وخلق التنمية‬ ‫االقتصادية والمحلية‪ ،‬والرفع من فرص الشغل‪ ،‬عالوة على الحد من الضغط الذي‬ ‫أصبحت تعرفه المدينتان‪ ،‬بسبب االزدحام والضجيج الذي تسببه حافالت النقل الطرقي‪،‬‬ ‫وما يترتب أيضا عن ذلك من آثار سلبية على البيئية‪.‬‬ ‫وحيث أن هذا الموضوع‪ ،‬أصبح محط تساؤالت الساكنة المحلية وخلف لديها استياء‬ ‫عارما‪ ،‬فإننا نسائلكم السيد الوزيـر عن األسباب الكامنة وراء عدم إطالق العمل‪ ،‬تشغيل‬ ‫المحطتين رغم جاهزيتهما؟ ومتى سيتم الشروع في ذلك؟‬

‫نورالدين مضيان‬

‫رفيعة المنصوري‬

‫الفريق االستقاللي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب‬

‫رجال األمن بمدينة طنجة‪ ،‬الذين اعتبروها غير‬ ‫متوازية مع خطورة األفعال المتورطين فيها‪،‬‬ ‫وأن المحكمة كان يفترض أن تتجه إلى تشديد‬ ‫العقوبة‪ ،‬خاصة وأنها أتت في سياق تفكيك‬ ‫عناصر البسيج ألخطر شبكة إجرامية بطنجة‪،‬‬ ‫تم رصد تقاطعات لبعض عناصرها مع خاليا‬ ‫إرهابية‪ ،‬وتنشط في مجال االختطاف واالحتجاز‬ ‫وترويج المخدرات‪ .‬ويطالــب المواطنون من‬

‫القضاء أن يكون صارما ومتشددا في التعاطي‬ ‫مع المتهمين باالتجار في السموم البيضاء‪،‬‬ ‫بالنظر إلى كونهم يتسببون في إدمان اآلالف‬ ‫من الشباب‪ ،‬الذين يتحولون إلى مجرمين‬ ‫خطيرين‪ ،‬إذ بسبب تعاطيهم للمخدرات القوية‬ ‫يتورطون في ارتكاب جرائم جد خطيرة‪.‬‬

‫ساكنة تبرانت بالحسيمة‬ ‫تطالب عامل صاحب الجاللة‬ ‫بتنفيذ وعوده‬

‫م‪.‬ع‬

‫وزارة االتصال تدعو الصحف اإللكترونية التي لم‬ ‫تسوِّ وضعيتها إلى التوقف عن النشر‬

‫ذكرت وزارة الثقافــة واالتصال ‪ -‬قطــاع‬ ‫االتصال ‪ -‬أن المنابر اإللكترونية التي لم تخضع‬ ‫بعد لمقتضيات قانون الصحافة والنشر المتعلقة‬ ‫بوجوب التصريح بالنشر داخل اآلجال القانونية‪،‬‬ ‫ملزمة بعدم االستمرار في النشر إال بعد استيفاء‬ ‫هذه اإلجراءات‪.‬‬ ‫وأوضــح بــالغ للوزارة أنه استحضــــارا‬ ‫لمقتضيات المادة ‪ 24‬من نفس القانون‪،‬‬ ‫وخصوصا الفقرة الثانية منها‪ ،‬فإن الصحف‬ ‫اإللكترونية ملزمة بعدم االستمرار في النشر‬ ‫إال بعد القيام باإلجراءات المنصوص عليها في‬ ‫المادة ‪ ،21‬مضيفا أن الوزارة تدعو كافة المنابر‬ ‫اإللكترونية التي لم تخضع للتدابير اإلجرائية‬ ‫الواردة في المادة ‪ 21‬أنها ملزمة بتنفيذ‬ ‫مقتضيات المادة ‪ 24‬من القانون المذكور‪،‬‬ ‫مع ترتيب جميع اآلثار القانونية الواردة في‬ ‫مقتضياته‪.‬‬ ‫وذكر البالغ‪ ،‬الموجه لمالكي الصحـــف‬ ‫اإللكترونية ومضيفــي ومقدمـي خدمــات‬ ‫المواقع اإللكترونيــة‪ ،‬في هــذا الصـــدد‬

‫بمقتضيات القانون القاضية بوجوب التصريح‬ ‫بنشر أي صحيفـــة إلكترونية داخل اآلجال‬ ‫القانونية‪ ،‬وكذا الحصول على شهادة اإليداع‪،‬‬ ‫طبقا لمقتضيات الباب الثالث من القانون‬ ‫‪ 88.13‬المتعلق بالصحافة والنشر المتعلق‬ ‫بالتصريح القبلي والبيانـــات المتعلقــة به‪،‬‬ ‫مؤكدا أن حرية خدمات الصحافة اإللكترونية‬ ‫مكفولة ومضمونة‪.‬‬

‫وأوضحت الوزارة أن ذلك يأتي تنزيــــال‬ ‫للمقتضيات القانونية الواردة في هذا القانون‪،‬‬ ‫وال سيما تلك المرتبطة بخدمات الصحافة‬ ‫اإللكترونية‪ ،‬وحرصا منها على ضمان شروط‬ ‫ممارسة الصحافة وحماية حقوق الصحفيات‬ ‫والصحفيين والمؤسسات الصحفية‪ ،‬وكــذا‬ ‫ضمان وحمايـة حـق المواطنيـن في إعالم‬ ‫مسؤول ومهني‪.‬‬

‫بعد مرور سنة كاملة على الفياضانات‬ ‫األخيرة التي عرفتها جماعة تبرانت بإقليم‬ ‫الحسيمة ؛ والتي أسفرت حينها عن خسائر‬ ‫مادية جسيمة في الممتلكات تمثلت‬ ‫أساسا في انهيار دور سكنية وهالك‬ ‫ماشية إحدى األسر التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها بدون مأوى بسبب االنجرافات‬ ‫واالنهيارات الترابية التي سببتها االمطار الطوفانية آنذاك‪ ،‬تتسائل الساكنة المحلية عن‬ ‫وعود السيد عامل إقليم الحسيمة الذي كان أوفد حينها عدة لجان إقليمية إلى عين المكان‬ ‫لجرد الخسائر والتزم بإعادة بناء وإصالح الدور المنهارة وتعويض الخسائر ‪ ،‬لكن إلى حد اليوم‬ ‫لم يتم إصالح أي أضرار ؛ ولم يف السيد العامل بالتزاماته اتجاه األسرة المشردة البالغ عدد‬ ‫أفرادها ‪10‬أفراد التي كان وعدها ببناء مسكن خاص يؤويها ويقيها شدة وقساوة البرد‪ ،‬خاصة‬ ‫بعد حلول فصل الشتاء مبكرا هذه السنة‪!!!...‬‬ ‫التزامات ووعود ربما ذهبت أدراج الرياح رغم تعدد اللجان الموفدة إلى عين المكان‬ ‫وطلبات المتضررين من السكان واستفهامهم عن مآل ووعود السيد عامل اإلقليم التي ربما‬ ‫أصبحت في خبر كان‪.‬‬


‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫العدد ‪970‬‬

‫درد‬ ‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬

‫شة‬

‫ودعت في األسبوع الفارط‪ ،‬أخا عزيزا‪ ،‬جمعتني وإياه فترة تجاوزت الثالثين سنة‪.‬‬ ‫جاءني نعيه وأنا أصل الرحم بابني بالخميسات‪ ،‬فاضطررت للعودة إلى تطوان‪،‬‬ ‫ألشارك في توديعه إلى مقره األخير‪.‬‬ ‫على قبره بمقبرة زيانة‪ ،‬أخذت أردد مع المرددين « اللهم إن صاحبنا قد نزل‬ ‫بك‪ ،‬وخلف الدنيا وراء ظهره وافتقر إلى ما عندك‪ ،‬اللهم ثبت عند المسألة منطقه‪،‬‬ ‫وال تبتله في قبره بما ال طاقة له به ‪ ،‬وألحقه بنبينا عليه السالم»‪.‬‬ ‫وإن يكن هناك مشهد يقشعر له بدني ‪ ،‬وتدمع عيني ‪ ،‬ويظل محفورا في ذهني‬ ‫أليام وأيام ‪ ،‬فهو مشهد هذه الحفرة‪ ،‬وهي تستقبل الميت‪ ،‬الذي يلقى أو يحشر‬ ‫فيها‪ ،‬ثم يهال عليه التراب‪ ،‬دون شفقة وال رحمة‪،‬‬ ‫فإن كان المحشور من أعز الناس لديك‪ ،‬فإن وقع هذا المشهد‪ ،‬يكون أقسى‬ ‫على النفس وأشد‪.‬‬ ‫وتجدني في هذه المناسبة أتساءل عن المسافة التي تفصلني عن القبر‬ ‫والمقبرة‪ ،‬فيكون الجواب ‪ :‬أكيد أنها مسافة قصيرة‪ ،‬وقصيرة جدا‪.‬‬ ‫ويوم انتقلت لمسكني الحالي بباب العقلة‪ ،‬التقاني ابن عمي معاذ حجاج‪ ،‬وكان‬ ‫يسكن بزيانة‪ ،‬فقال لي ‪ :‬لقد اقتربنا من المقبرة‪ .‬فقلت له ‪ :‬حسا ومعنى ‪ ،‬اقتربنا‬ ‫مسكنا وسنا‪ ،‬فالمسافة بيننا وبين المقبرة على هذا األساس‪ ،‬مسافة قصرت مكانا‬ ‫وزمنا‪.‬‬ ‫الشخص الذي ودعته هو ابن خالتي المرحوم برحمة اهلل محمد عزت بن عبد‬ ‫الوهاب ‪ ،‬وقد جمعتني وإياه ذكريات أهمها أننا اشتركنا في مطلع شبابنا في هواية‬ ‫المطالعة‪ ،‬وقد كانت الكتب المحببة إليه كتب إحسان عبد القدوس‪ ،‬واشتركنا‬ ‫في هواية المراسلة‪ ،‬خصوصا مع المصريين‪ ،‬واشتركنا في حب الفن‪ ،‬من سينما‬ ‫وموسيقى‪ ،‬وكان عبد الحليم حافظ من أحب المطربين لديه‪.‬‬ ‫وكانت القاعة التي تجمعنا ونجد فيها لذة ومتاعا‪،‬قاعة سينما المنصور‪ ،‬فقد‬ ‫تابعنا فيها تاريخ السينما المصرية منذ فيلم خالد بن الوليد إلى نهر الحب لفاتن‬ ‫حمامة‪.‬‬ ‫وكانت المدينة المحببة لدينا‪ ،‬مدينة طنجة‪ ،‬نتردد عليها في األعياد والمناسبات‪.‬‬ ‫وحين اشتد به المرض‪ ،‬كنت أتردد عليه‪ ،‬ألذكره بهذه الفترة الذهبية من‬ ‫عمرنا‪ ،‬فأبعث فيه دماء التفاؤل قوية حارة‪ ،‬وترتسم على محياه ابتسامة الرضا‬ ‫بالواقع‪ ،‬وتفويض األمر هلل‪.‬‬ ‫رحمه اهلل رحمة واسعة‪ ،‬وألهم زوجته وابنه وابنتيه وّأقاربه وأحبابه الصبر‬ ‫والسلوان‪.‬‬

‫يطرق الباب‪...‬ال أحد‬ ‫‪-‬‬

‫يطرق الباب‪ ،‬ال أحد‪ ،‬فقط رجع الصدى‪ ،‬بعد خمسة‬ ‫أشهر على رحيلها األبدي‪ ،‬البيت الذي كان ملجأ للدفئ‪،‬‬ ‫والذي يقصده أحيانا مساء‪ ،‬وأحيانا أخرى ليال‪ ،‬ومرات صباحا‬ ‫او ظهرا أو عصرا‪ ،‬يتحول شيئا فشيئا إلى شبه صقيع حارق‪،‬‬ ‫إلى حجر بالروح‪.‬‬ ‫يقف‪ ،‬كالعادة‪ ،‬منتظرا مترقبا‪ ،‬وضباب المشاعر يلفه‬ ‫من كل جانب لعل صوتا أو قبسا من شعاعها يأتيه من فوق‪،‬‬ ‫من تلك النافذة التي كانت تفتح على مهل لبطء حركتها‬ ‫الذي يناقض خفة سنين الوهج؛ االنتظار كان يطول أكثر‬ ‫إذا كانت في خشوع الصالة التي تتبعها بما يلزم من الدعاء‬ ‫والتسبيح‪.‬‬ ‫يعيد الطرق‪ ،‬و يترك مسافة من الزمن يحس بها‬ ‫كافية بين كل طرقة وطرقة‪ ،‬حتى ال يوخزه لوم التسرع‪،‬‬ ‫فلطالما طأطأ رأسه منسحبا من الباب األول الذي يترك‬ ‫دائما مفتوحا؛ باب المدخل الذي حافظ على بعض الخضرة‬ ‫بعد أن اجتاح االسمنت حدائق المنازل السبعينية‪ ،‬وقبل أن‬ ‫ينحرف به الطريق في اتجاه آخر‪ ،‬يسمع صرير النافذة أو‬ ‫«من يا اوالدي؟» حانية متعبة‪ ،‬فيعود مسرعا فإذا وجدها‬ ‫دخلت‪ ،‬ذهب إلى غير رجعة ناقما على نفسه‪ ،‬متفاديا الطرق‬ ‫من جديد‪ ،‬حتى ال يحملها تعبا على تعب‪.‬‬ ‫كم مرة لم يكد يلثم يدها ورأسها‪ ،‬حتى تعاتبه على‬ ‫غيابه ليوم أو يومين‪...‬وتشتكي كعادتها من الوحدة التي ال‬ ‫تجد لها مبررا ولو لساعات وهي تعيش بين بناتها وأبنائها‬ ‫أو قريبة منهم‪ ،‬فيتذكر أنه ربما كان بجانبها في تلك‬ ‫اللحظة أو اللحظات التي كانت فيها وحيدة‪ ،‬لكن تسرعه‪،‬‬ ‫غير الضروري‪ ،‬حرمه من أن يخفف عنها شيئا من ذلك‬ ‫الشعور القاسي‪ ،‬ولو أنه مقتنع استحالة أن يكون هناك في‬ ‫كل األوقات التي تكون فيها وحيدة‪.‬‬ ‫الوحدة قد تتلون مع تعاقب مراحل العمر‪ ،‬وتزيد أو‬ ‫تنقص حدة حسب حاالت النفس‪ ،‬وطقس المزاج‪ ،‬لكن‬ ‫صعوبة الحركة أو عدم القدرة عليها دون عون اآلخرين‪،‬‬ ‫والعجز عن المشي دون قيود في رحاب الكون‪ ،‬واإلحساس بانكسار‬ ‫الجناحين وعدم القدرة على الطيران‪ ،‬يضيف إلى الشعور بالوحدة‬ ‫اإلحساس بفقدان الحرية‪ ،‬وربما القيمة في الحياة‪ ،‬ثم الرغبة الزائدة‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫أنا أمام الباب الحديدي الموصد والصمت يخترف صميم الفؤاد‪،‬‬ ‫أشعر بما هو أفدح من الوحدة‪ ،‬أشعر بهول الفقدان‪ ،‬بالحرمان من‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫ر�سائل النادي‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫اللقاء التكريمي الذي نظمه النادي الثقافي عبد القادر‬ ‫الشمشام بتطوان بفندق بريستيج لألستاذين الصديقين‬ ‫العزيزين رضوان احدادو والعياشي أبو الشتاء منذ أسبوع‬ ‫ونيف كان حدثا ثقافيا استثنائيا بكل قيم الجودة ؛ إعدادا‬ ‫متقنا‪ ..‬ونخبا ثقافية‪ ..‬ومضامين حديث‪ ..‬وتفاعال مغنيا‪..‬‬ ‫وتغطية إعالمية‪..‬وجميل ذكر وأثر‪..‬‬ ‫قدم األستاذ سعيد يفلح العمراني المكرم األول األستاذ‬ ‫العياشي تقديما ركز فيه على مالمحه اإلنسانية والعلمية‬ ‫والثقافية بجمل وعبارات دالة على مكانته في المشهدين‬ ‫األكاديمي واإلبداعي‪ ..‬عبر صديقنا العياشي عن سعادته‬ ‫باللقاء ‪..‬مؤكدا في اآلن ذاته أنه فرصة لحوار مفتوح على‬ ‫غرار أحاديث مارونية على األثير؛ أحاديث «على الطائر»‪..‬‬ ‫أحاديث لتكسير جدران صمت رهيب‪..‬‬ ‫قال العياشي ‪ « .. :‬مثل هذه اللقاءات اإلبداعية والثقافية‬ ‫المغربية بكل رموزها وأسمائها في حاجة إلى أن تترسخ في‬ ‫حياة الناس على غرار ما هو ثابت في البلدان األجنبية ‪.»..‬‬ ‫وأضاف ‪..« :‬أصعب شيء هو الصمت ؛ الصمت صدأ‪..‬‬ ‫والثقافة المغربية إذا لم نقم بتلميعها ؛ بنفض غبارها‬ ‫وإزالة الصدأ عنها سقطت في نسيــان ‪..‬لذا فإن إحيــاء‬ ‫مئويات وألفيات أدباء ومفكرين وفنانين استعادة لجوهر‬ ‫معناهم الممتد في ضمائرنا‪ ..‬وهذا ما يسعى إليه النادي‬ ‫الثقافي عبد القادر الشمشام بتطوان» بحوافز حضارية‪..‬‬ ‫تساهم في رد االعتبار للرأسمال الالمادي لشقيقة غرناطة‪..‬‬ ‫وقدم األستاذ محمد الفهري نبـذا من مسيــر حياتي‬ ‫لألستاذ رضوان احدادو ؛ ميالدا ونشأة وتكوينا بتطوان‬ ‫ثم في قاهرة المعز‪..‬فإنتاجا أدبيا زاخرا في المسرح والسرد‬ ‫تأريخا وتنظيرا وتأليفا‪ ..‬حد أن التقديم الفهري أضحى‬ ‫موجها لمن سمع أو أراد الغوص في التجربة الرضوانية‪..‬‬ ‫وأما حديــث األستـاذ رضوان فكان متعـة ومؤانســة‬ ‫مفتوحتين على حميميات وحقائق غير معتادة في أحاديث‬ ‫جبلت على أحكام صنعات كالمية وتطريز حذلقات لسانية‬ ‫تخفي المخبوء وتتلهى بالمستور‪..‬‬ ‫شكر األستاذ رضوان نادي عبد القادر الشمشام‬ ‫وشكر نخبة حاضرة لواقعة التكريم‪ ..‬دون أن ينسى شكر‬ ‫والدته التي أنجبته في مدينة بيضاء ؛ هي تطاون ؛ مدينة‬ ‫المسرح‪ ..‬وقد عرفته وكانت رائدته في العالم العربي‪ ..‬أتاها‬ ‫في حقائب مهجري األندلس‪.‬‬ ‫قال سيدي رضوان ‪« :‬المسرح قدري‪ ..‬وهو رسالة‬ ‫حضارية ونضال وطني»‪.‬‬ ‫واسترسل في تقديم بيانات نادرة وذات فائدة عظمي‬ ‫عن تاريخ المسرح في تطوان منذ منتصف القرن التاسع‬ ‫عشر الميالدي إلى يوم الناس هذا بمعرفة وخبرة ودربة‬ ‫عزيزة النظير‪..‬‬

‫دعائها التلقائي بغير حساب‪ ،‬من الوجود بجانب من تشعرني بالطمأنينة‬ ‫واألمان حتى ولو بقي الصمت يرفرف دهرا بيننا‪.‬‬ ‫كلما طرقت نفس الباب أرى ما أراه دائما‪ ،‬أشعر بما شعرت به‪،‬‬ ‫أحس بنفس اإلحساس‪...‬يرقرق الدمع في عيني‪ ،‬أعود مهزوما مضطربا‪،‬‬ ‫وشذى الذكرى يحملني إلى شطآن بعيدة يصعب علي الرسو في واحد‬ ‫منها‪...‬يطرق الباب‪ ،‬أو أدق الجرس‪...‬ال أحد‪.‬‬

‫كان لحديث سيدي العياشي وسيدي رضوان وقع حسن‬ ‫في المستمعين ـ وهم جمع قلة ـ مما أضفى على الحدث‬ ‫التكريمي قيمة جديرة بالمتابعة‪.‬‬ ‫شكرا للسيدة العزيزة الشمشام على نبل مبادرتها‬ ‫وتحية تقدير لرئيس النادي األستاذ سعيد وكاتبه العام‬ ‫األستاذ محمد وإلى اللقاء في مبادرة جديدة من رسائل‬ ‫النادي الثقافي عبد القادر الشمشام بحول اهلل‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫العدد ‪970‬‬

‫من دفاتري‬

‫�أوراق‬ ‫مغربية‬

‫�سل�سة جديدة‬ ‫‪ 04‬دي�سمبـر ‪2018‬‬

‫يا مح�سنني هلل‪ ،‬بيوت اهلل تنتظر الرتميم !‬

‫كالم‬

‫عابر‬

‫بمنطق رئيس الحكومة‬

‫هل القطار �إذا و�صل‬ ‫يف وقته خرب ي�ستحق الن�شر‬

‫?‬

‫بمنطق رئيس الحكومة‪ ،‬إن خبر القطار الذي يأتي في الوقت‪ ،‬خبرٌ يستحق النشر‪ .‬هذا‬ ‫التعريف «العجيب»‪ ،‬يعود بنا إلى منطق «التزمير والتطبيل» الذي تسعى إليه بعض الحكومات‬ ‫فيما يخص تعاطي الشعوب مع منجزاتها «اإليجابية» التي «يجب» من منطقها طبعا‪ ،‬أن تكون‬ ‫موضوع «إشادة وتنويه»‪ .‬إنه منطق «البوقات» اإلعالمية في تلك األوطان‪ .‬على قول المتنبي‬

‫إذا‪ ‬كان‪ ‬بعض‪ ‬الناس‪ ‬سيفا‪ ‬لدولة‪ ‬ففي‪ ‬الناس‪« ‬بوقات»‪ ‬لها‪ ‬وطبول‬

‫ولعلها المرة األولى التي تجمع فيها كلمة «بوق» على «بوقات» بدل أبواق‪ ،‬ولكنه‬ ‫المتنبي‪...! ‬‬ ‫والذي «يجب» أن يعلمه حكام تلك األوطان‪ ،‬أن القطار الذي يصل في وقته‪ ،‬ال يشكل‬ ‫«خبرا» صالحا للنشر‪ ،‬انطالقا من منطق أن هذا «القطار» إنما «ينفذ» المأمورية التي وُضع‬ ‫ألجلها والتي تدخل في منظومة «الخدمة العمومية» التي انتُدب لها المسؤولون‪ ،‬من مختلف‬ ‫درجات مسؤولية تدبير الشأن العام‪.‬‬ ‫الخبر الذي يعتبر مادة إخبارية صالحة للنشر‪ ،‬هو خبر «القطار» الذي يتأخر باستمرار عن‬ ‫«دخول المحطة» متسببا في ذلك للمستعملين‪ ،‬في متاعب احتاطوا لها بتوفير الموارد البشرية‬ ‫والمادية لضمان تشغيله على الوجه األحسن‪ ،‬إال ما قد تتسبب فيه حتمية التآكل واالنجراف‬ ‫الناتجين عن االستعمال‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فإن الحكومة‪ ،‬أية حكومة‪ ،‬ال يجب أن تنتظر من الرأي العام أن «يطبل ويزمر»‬ ‫كلما «تحركت» لفتح طريق أو تدشين منجزة أو إطالق مشروع ذي منفعة اجتماعية‪ ،‬كثيرا ما‬ ‫يتضح أنه «ال منفعة وال اجتماعية»‪! ‬‬ ‫الخطاب الذي يعتبره العثماني «تيئيسيا» ويطالب بالعدول عنه أو تفاديه‪ ،‬هو تلك‬ ‫الصرخات المدوية التي تطلقها ماليين الحناجر المبحوحة‪ ،‬مطالبة بالخبز والكرامة‪ ،‬في بلد‬ ‫غني‪ ،‬شعبه فقير فقير‪ ،‬يرى «الخيرات» تمر تحت أنفه‪ ،‬وبصره دون أن يقدر على «مد يده»‪ .‬بلد‬ ‫بدأ أهله يقتاتون من القمامة‪ ،‬في كل مدينة وحارة‪ ،‬ولعل جولة في أزقة وشوارع طنجة الكبرى‬ ‫بمصانعها ومعاملها واآلالف من العمال في صناعاتها‪ ،‬تقنع المتأمل بأن المدينة «مسكونة»‬ ‫«مسحورة» تحولت شوارعها و «بوليفاراتها» من السوق الداخل إلى نهاية الكورنيش‪ ،‬مرورا‬ ‫بالمصلى والمكسيك‪ ،‬وشارع الحرية‪ ،‬وما جاورها‪ ،‬إلى مآو مفتوحة ليل نهار‪ ،‬في وجه متسكعي‬ ‫المغرب‪ ،‬ومجانينه‪ ،‬ومخبوليه‪،‬ولصوصه و»منغميه» كيفا وحشيشا و مخدرات‪ ،‬و سيليسيون‪،‬‬ ‫وأقراص مهلوسة‪ ،‬حتى أن المواطن «السوي» لم يعد قادرا على تناول قهوته او شايه في‬ ‫مقهى مركزي‪ ،‬خوفا على «سويته» وسالمته من اعتداء مجنون أوعنف «منغّـم» (! )‪.‬‬ ‫حقيقة إن االحتجاجات الشعبية ونزول الناس إلى الشوارع‪ ،‬والممارسات «المعلومة»‬ ‫للقوات العمومية في مواجهة كل «زايغ» عنيد‪ ،‬من األمور التي قد توحي للمستثمرين األجانب‪،‬‬ ‫بأن األوضاع «هشة»‪ ،‬وهي على غير ذلك‪ ،‬ألن المغاربة شعب مسؤول‪ ،‬وصبور ومنضبط‪ ،‬إال‬ ‫حين «يُستفز» ككل شعوب العالم المتحضر‪ ،‬وما يحصل في فرنسا هذه األيام خير دليل‬ ‫على أن الشعوب المتحضرة ال تغضب أو تتحرك إال حين يبلغ السيل الزبى ويصل السيف إلى‬ ‫العظم‪ ...! ‬وهذا ما حصل ويحصل في فرنسا ‪« ،‬المثل األعلى» لفئات «متنورة» عريضة في بلدنا‬ ‫المفتون بحضارة وإنسانية المستعمر القديم ‪ -‬الجديد‪....! ‬‬ ‫و قد صدق العثماني حين اعتبر أن التحوالت االجتماعية التي حدثت في اآلونة األخيرة‪،‬‬ ‫تأثرت بـ «الثورة الرقمية» ووسائل التكنولوجيا‪ ،‬وفي مقدمتها مواقع التواصل االجتماعي (التي‬ ‫اليقدر أي حاجز أن يمنعها من الوصول إلى حيث تريد)‪ .‬وكان صادقا أيضا حين اعتبر أن «عالم‬ ‫اليوم ليس هو عالم األمس»‪ ،‬ونضيف من جهتنا أن شعب المغرب اليوم‪ ،‬ليس كشعب األمس‪،‬‬ ‫حيث إنه اكتسب مناعة ال تقهر‪ ،‬ضد الخطب الجوفاء والوعود الرنانة و «المسكنات» التي فقدت‬ ‫مفعولها بالكامل‪ ،‬من فرط «االستعمال» واالستهالك‪....!!! ‬‬ ‫وحين كان رئيس الحكومة يستعرض‪ ،‬تحت قبة البرلمان‪ ،‬منجزات حكومته في مجال‬ ‫تحسين مؤشر مناخ األعمال‪ ،‬الذي حقق قفزة نوعية في التصنيف العالمي‪ ،‬كنت أفكر باألحوال‬ ‫االجتماعية الصعبة بالنسبة لفئات عريضة من المجتمع‪ ،‬التي تقاسي في صمت من كوارث‬ ‫المستشفيات‪ ،‬التي شبهها «فيسبوكيون»‪ ،‬ساخرون بــ«القنصلية السعودية» (!) وفشل‬ ‫المدرسة العمومية‪ ،‬وعجز التجهيزات األساسية في مناطق عدة‪ ،‬خاصة في البوادي وقرون‬ ‫الجبال‪ ،‬وتراجع الرعاية االجتماعية‪ ،‬وبطالة الشباب التي تعتبر كارثة وطنية عظمى‪ ،‬خاصة‬ ‫الشباب المتعلم‪ ،‬وغزو عشرات اآلالف من الشباب المتشرد الذين أصبحت شوارع مدننا تضيق‬ ‫بأعدادهم المتصاعدة‪ ،‬وهم يشكلون اليوم «قنبلة موقوتة» بالنسبة للسلم االجتماعية التي‬ ‫ال زال المغرب يحافظ عليها ‪ ،‬دون أن تبدو بادرة مطمئنة لحل مرتقب لما يمكن أن تصبح‬ ‫«فاجعة» اجتماعية كبرى‪....‬‬ ‫وحين كان العثماني يتحدث‪ ،‬صادقا‪ ،‬عن اإلصالحات الكبرى السياسية واالقتصادية ‪،‬‬ ‫واإلصالحات المهيكلة‪ ،‬وعن مكاسب تحسن مناخ األعمال‪ ،‬وإطالق آلية لقياس هذا التحسن‬ ‫وأثر ذلك على خلق الثروة وتوفير فرص الشغل ‪،‬وعن االنفتاح االقتصادي‪ ،‬وجاذبية االستثمارات‬ ‫األجنبية‪ ،‬وعن ولوج المغرب المرتقب لدائرة االقتصاديين الخمسين األوائل بالعالم‪ ،‬بعد‬ ‫ثالث سنوات من اآلن‪ ،‬كنت أتساءل‪ ،‬عن أثر كل ذلك على الشارع ‪ ،‬على الفقر المدقع الذي‬ ‫ينخر فئات عريضة من الشعب في الحواضر والبوادي‪ ،‬وعلى التشرد الذي أصبح قدر العديد من‬ ‫«الهامشيين»‪ ،‬وعلى الفساد المستشري في كل مكان‪ ،‬وعلى األمن الذي بدأنا نفتقده‪ ،‬تحت‬ ‫ضغط الوضع االجتماعي المقلق‪.....‬دون أن يلوح في األفق ما يطمئن إلى أن سياسات الحكومة‬ ‫ومنجزاتها ومخططاتها الراهنة‪ ،‬وطرق تعاطيها مع الوضع المحرج الذي تمر به بالدنا‪ ،‬ستفضي‬ ‫إلى انفراج حقيقي في المنظور القريب‪ ،‬دون استحضار حلول «صدمة» تستوعب الوضع من‬ ‫كل جوانبه وتحاصره وتطلع بحلول ناجعة تخرج البالد من حالة الشك التي تنتابه في الوقت‬ ‫الراهن‪ ،‬وتفتح باب األمل على مصراعيه أمام الجيل الصاعد واألجيال القادمة‪.‬‬

‫ع‪ .‬كنوني‬

‫الوزير التوفيق الذي يتربع على كرسي األحباس وتتصرف وزارته‬ ‫في ماليير الوقف اإلسالمي «الخاص» و«العام» و«المعقب» (ظهير‬ ‫يونيه ‪ )1915‬الذي يعتبر أحد أهم الموارد التمويلية لقطاعات دينية‬ ‫كالتعليم‪ ،‬والصحة والشؤون االجتماعية‪ ،‬وفق «استراتيجيتها»‬ ‫المرتكزة على «الحفاظ على سالمة العقيدة وتقوية القيم اإلسالمية‬ ‫ووحدة المذهب المالكي»‪( ،‬ندوة ‪ 25‬ديسمبر ‪( )2013‬والتي برمجت‪،‬‬ ‫في إطار ميزانية ‪ ،2018‬ما يفوق ‪ 321،4‬مليار سنتيم لتغطية‬ ‫نفقات التسيير‪ ،‬و ‪ 167.8‬مليار سنتيم لميزانية االستثمار و ‪7،3‬‬ ‫ماليير سنتيم لبناء وترميم المساجد العتيقة‪ ،‬و مليار و‪ 700‬مليون‬ ‫سنتيم لتأهيل المساجد المتضررة‪ ،‬هو نفس الوزير الذي يمد اليوم‬ ‫يده إلى المحسنين داعيا إياهم للتبرع من أجل إصالح المساجد التي‬ ‫تحتاج إلى ترميم‪ ،‬وإلى االلتفات إلى المساجد المغلقة إلصالحها‬ ‫والتي يفوق عددها األلف مسجد‪ ،‬ويتطلب مائة مليون درهم‪ ،‬إلعادة‬ ‫فتحها مع التنبيه إلى ضرورة احترام التصاميم الهندسية األصلية‬ ‫لتلك المساجد‪ ،‬وعدم التصرف في المرافق الموازية للمساجد «ألن‬ ‫ذلك يخالف القواعد الوقفية»‪.‬‬ ‫وأثنى الوزير الموفق باهلل على المغاربة الذين «ما زالوا يبذلون‬ ‫مالهم في سبيل بناء المساجد»‪ ،‬مضيفا «أن سنة الوقف وبناء‬ ‫المساجد ال تزال‪ ،‬بحمد اهلل ‪ ،‬قائمة»‪.‬‬ ‫إال أن مشكل مراقبة صرف ميزانية األوقاف ال زال قائما منذ‬ ‫أن أثير هذا الموضوع بالبرلمان وتناقله اإلعالم الوطني بالدرس‬ ‫والتحليل‪ ،‬اعتبارا ألن األمر يتعلق بتدبير شأن عام يتطلب الشفافية‬ ‫والمراقبة واإلفتحاص من طرف المجلس األعلى للحسابات الذي‬ ‫تخضع لمراقبته مجموع الميزانيات العمومية‪ .‬وفقا لمقتضيات‬ ‫الدستور‪ .‬ويعتقد الكثيرون أن تدبير شؤون الوقف االسالمي يكتنفه‬ ‫بعض الغموض وأن «مدونة األوقاف» ال يمكنها أن تخرج عن‬ ‫أحكام الدستور أو تقوم مقامه‪.‬‬ ‫والزال المغاربة يتذكرون «فضيحة» تفويت عقار حبسي بمدار‬ ‫تارودانت‪ ،‬سنة ‪ ،2007‬لبعض النافذين‪ ،‬مساحته ‪ 40.376‬مترا‬ ‫مربعا‪ ،‬و بثمن بخس برأي العارفين‪ ،‬مقارنة مع أثمان العقارات رواج‬ ‫وقته‪ ،‬وبدون طلب عروض‪ ،‬يعني ‪ ،à l’amiable‬بلغ صداها إلى‬ ‫البرلمان وتناقلتها وسائل اإلعالم الوطنية بالكثير من االستغراب!‪.‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫�أكلة حلوم الكالب واحلمري‬ ‫واملوا�شي املري�ضة‬

‫عصابات مروجي لحوم الكالب والحمير والمواشي المريضة‬ ‫والدجاج النافق‪ ،‬بطاعون الدواجن‪ ،‬غالبا‪ ،‬تنشط في «أمن وأمان»‪،‬‬ ‫بمختلف مدن المغرب‪ ،‬خاصة بالعاصمة الرباط‪ ،‬حيث يوجد مقر‬ ‫المكتب الوطني المركزي للسالمة الصحية‪ ،‬الذي نشهد له نشاطا‬ ‫قويا خالل شهر رمضان تجتهد التلفزة لـ «تغطيته» لتؤكد لنا‬ ‫نحن الذين ننتظر «الزالفة» على أحر من الجمر‪ ،‬بأن سالمة المواد‬ ‫الغذائية‪ ،‬ليست متوفرة فحسب‪ ،‬وأيضا مضمونةالجودة‪ ،‬وأنها‬ ‫«تحت السيطرة» الكاملة !‬ ‫إحدى هذه العصابات التي تؤثث «مطاعم الهواء الطلق‪ ،‬في‬ ‫الفضاءات العامة بمختلف جهات البالد‪ ،‬وقعت‪ ،‬بالصدفة طبعا‪ ،‬في‬ ‫قبضة األمن‪ ،‬بعد أن باغث درك الدار البيضاء‪ ،‬بعض عناصرها بجهة‬ ‫خالء‪ ،‬وهم منهمكون في عمليات الذبح والسلخ وإعداد «الكفوت»‬ ‫المنسمة‪ ،‬والنقانق المعطرة‪« ،‬البينتشيطوس» القطبان المتبلة‪،‬‬ ‫و«الساندويتشات» الوافرة بـــ «الكوامخ» من لحم وإدام ومخلالت‬ ‫ومشتهيات الطعام لتطييبه ‪.‬‬ ‫ولتذكيركم‪ ، ،‬فالكوامخ جمع كامخ‪ ،‬وهو كل ما يحشر من‬ ‫طعام داخل «الشاطر والمشطور»‪ ،‬كما ورد ذكره في بعض المعاجم‬ ‫المحدثة‪ ،‬كترجمة لـكلمة ‪ Sandwich‬اإلنجليزية‪.‬‬ ‫ولو أنه ليس في هذا الخبر ما يباغت أو يقلق‪ ،‬بعد أن اعتادت‬ ‫جماهير غفيرة من «قصارى اليد» استهالك تلك الشطائر‪ ،‬من‬ ‫المطاعم المكرسسة‪ ،‬التي تتحرك بانتظام‪ ،‬عمال بمبدأ «تقريب‬ ‫الهالك من المسته َلكين‪ ،‬في اتجاه نقط االستهالك‪ ،‬وأيضا للقيام‬ ‫بـ «مهمة» التوزيع على األسواق التقليدية التي تنشط فيها «تجارة»‬ ‫الذبح السري‪« ،‬على عينك يا ابن عدي» فإن البعض «تقزز» من‬ ‫فكرة أن يكون قد حشر في مصارينه الدقيق منها والغليظ واألعور‪،‬‬ ‫«شرائح» من لحم الكالب أو الحمير أو األبقار المصابة ببكتيريا‬ ‫«كوك» المسببة ألمراض السل والعياذ باهلل !‪.‬‬ ‫عناصر العصابة وعددهم‪ ،‬لآلن‪ ،‬سبعة» اقتيدوا لمخافر الدرك‬ ‫وبقية القصة يسهل تصورها دون توضيح أو بيان !‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫الداودي يعرتف ويهدد‬

‫بعد أن أصم أذنيه عن سماع انتقادات المواطنين واحتجاجاتهم‬ ‫بسبب أثمان المحروقات‪ ،‬خاصة وأن هذه األثمان لم تتوقف عن‬ ‫«اإلرتفاع» بالرغم من أنها سجلت انخفاضا كبيرا في اآلونة األخيرة‪،‬‬ ‫بسبب «الضغط األمريكي» على المنتج األول للنفط بالعالم‪،‬‬ ‫ولألسباب التي يدعي البعض أن لها ارتباطا بالقنصلية السعودية‬ ‫بتركيا‪ ،‬ها هو الوزير الداودي الذي واجه البرلمانيين بحدة حين‬ ‫ووجه بمشكل المحروقات‪ ،‬يعترف أمام المأل‪ ،‬بأن قرار تحرير أسعار‬ ‫المحروقات كان فيه «ضرر» في إشارة إلى االرتفاع الصاروخي الذي‬ ‫سجلته بالمغرب األمر الذي طلع به تقرير صادم للجنة االستطالعية‬

‫عزيز گنوني‬

‫‪azizguennouni@hotmail.com‬‬ ‫البرلمانية التي سجلت أن أرباح الشركات الموزعة‪ ،‬حققت ارتفاعا‬ ‫قاربت األلف بالمائة‪ ،‬بعد «التحرير»‪.‬‬ ‫وحتى يجد لنفسه ولحزبه مخرجا «مقبوال»‪ ،‬استدرك قائال إن‬ ‫حكومة بنكيران كانت مضطرة إلى هذا اإلجراء‪ ،‬لمواجهة ارتفاع‬ ‫تكاليف صندوق المقاصة ‪.‬‬ ‫ومع اعترافه الصريح بـ «الضرر» وبأحقية المطالب الشعبية‬ ‫بمواجهة شركات التوزيع التي دافع عنها في السابق معتبرا أن‬ ‫أرباحها ليست بالمستوى الذي يتم اإلعالن عنه‪ ،‬هاهو «يهدد» هذه‬ ‫الشركات في حالة عدم تخفيضها ألسعار البنزين والغازوال نهاية‬ ‫الشهر الجاري‪ ،‬حيث إنه أعلن تحت قبة البرلمان أن «سعر البترول‬ ‫يتراجع‪ ،‬وفي آخر الشهر يجب أن ينعكس ذلك على المغرب‪ ،‬وإذا لم‬ ‫تتراجع األسعار‪ ،‬فإن التسقيف هو الحل»‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬طمأن الداودي المتشائمين بشأن الغالء‪،‬‬ ‫إلى أن حكومته أحدثت من مناصب الشغل ما يفوق المناصب‬ ‫المحدثة على عهد الحكومات السابقة‪ ،‬من حكومة جطو إلى حكومة‬ ‫بنكيران‪ ،‬مرورا بحكومة الفاسي‪ ،‬وسيرا على نهج رئيسه وزعيم حزبه‪،‬‬ ‫العثماني‪ ،‬قال الداودي إن المغرب سوف يصبح أحسن من إيطاليا‬ ‫في إنتاج السيارات‪ ،‬ألن المغرب ينتج اليوم ‪ 400‬ألف سيارة وبعد ‪3‬‬ ‫سنوات سيصل إنتاجنا إلى ‪ 700‬ألف سيارة‪ ،‬وهو رقم يتجاوز إنتاج‬ ‫إيطاليا السنوي من السيارات‪....‬ا‬ ‫استنتاج سخيف‪ ،‬ألنه ال يأخذ في الحساب معطى أساسيا وهو‬ ‫أنها قوة صناعية عالمية‪ ،‬وأنها تنتج‪ ،‬سواء فوق جغرافيتها أو داخل‬ ‫وحداتها الصناعية عبر العالم‪ ،‬أنواعا متعددة من الماركات‪ ،‬مثل‬ ‫«فياط»‪ ،‬و «النسيا» و «ألفا»‪ ،‬و «أوريليا»‪ ،‬و فلوفيا»‪ ،‬و «الدولتش‬ ‫فيتا»‪ ،‬و «فيراري إينزو»‪ ،‬و«المبورغيني»‪ ،‬و «ماسيراطي» وغيرها‪،‬‬ ‫وأن صناعة السيارات اإليطالية التي تملك أغلب أسهم سيارات‬ ‫«كريزلير» األمريكية‪ ،‬لن «تركد» خالل السنوات الثالث القادمة‪،‬‬ ‫حتى يفوق إنتاج المغرب من السيارات األجنبية «المركبة» ‪ ،‬إنتاجها‬ ‫الوطنيالعالمي‪.‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫يف بالدي ظلموين‬ ‫صدحت حناجر اآلالف من جماهير الشباب المغربي بـ «نشيد»‬ ‫«في بالدي ظلموني» خالل مباراة الرجاء األخيرة‪ ،‬بملعب الدار‬ ‫البيضاء الذي تحول في لحظات إلى منصة «نضالية» للتنديد‬ ‫بأوضاع الشباب المغربي االجتماعية‪ ،‬وقلة االهتمام بقضاياهم‬ ‫والعمل على تخفيف معاناتهم اليومية مع البطالة والفقر والحكرة‪،‬‬ ‫وتوفير ظروف الحياة الكريمة لهم ‪ ،‬والتعبير أيضا عن حالة اإلحباط‬ ‫التي يعيشونها حيث لم يبق أمامهم سوى «الشكوى للرب العالي» !‬ ‫وبودي أن أقدم بعض أبيات هذه «األنشودة» المؤثرة‪ ،‬إلى كل‬ ‫أولئك الذين يملؤون الدنيا صراخا بأن «كل شيء على ما يرام»‪ ،‬في‬ ‫بلد الكثير من أوضاعه السياسية واالجتماعية «تصرخ» أن «كل»‬ ‫شيء ليس على ما يرام !!!‪......‬‬ ‫فبالدي ظلموني‬

‫لمن نشكي حالي‬ ‫الشكوى للرب العالي‬ ‫غير هو اللي داري‬ ‫فهاد البالد عايشين فغمامة‪ ،‬طالبين السالمة‬ ‫نصرنا يا موالنا‬ ‫صرفو علينا حشيش كتامة‪ ،‬خالونا كي اليتامى‪ ،‬نتحاسبو فالقيامة‬ ‫مواهب ضيعتوها بالدوخة هرستوها‬ ‫كيف بغيتو تشوفوها‬ ‫فلوس البالد كع كليتوها للبرّاني عطيتوها‬ ‫‪ Génération‬قمعتوهـا‬ ‫‪ La passion‬قتلتـوهــا‬ ‫‪ Provocation‬بديتوها‬ ‫نسيتو شحال صفقتو بشهور الحبس جازيتو‬ ‫رجاوي ضيعتو حياتو فخدمتو وقرايتو‬ ‫يا حبابي غير فهموني ‪ ،‬عالش بغيتو تفرقوني‬ ‫على الرجاء اللي تواسيني‬ ‫هادي آخر كلمة عندي نكتبها من قلبي والدمعة في عيني‬ ‫التوبة رب العالي‬ ‫توب علينا يا ربي‬

‫عزيز كنوني‬


‫العدد ‪970‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫‪5‬‬

‫الجرائم اإللكترونية‪...‬‬

‫ت�شهري و �سب و قذف و حتري�ض‪ ...‬عندما يبد�أ العنف‬ ‫يف الأذهان قبل �أن ي�صل �إلى الأبدان‬ ‫يجد السنجاب في العالم االفتراضي ملعبه األثير‪ ،‬فها هو الجبان الخامل يصبح اً‬ ‫بطل هناك‪ ،‬ينتقي‬ ‫لنفسه أسماء وهمية ويدخل بها العالم اإللكتروني‪ ،‬يشن من خاللها حمالت التشهير‪ ،‬يسب‪ ،‬يكيل التهم‪،‬‬ ‫ويتزعم غارات القدح والذم والتخوين‪ ،‬أساليب حديثة لتواكب معارك العصر الحديث‪ ،‬ليكرّس بعد كل‬ ‫هذه الخسائر اإلنسانية في حمالت التشهير تلك‪ ،‬اسمين مستعارين‪« ،‬أبو قتادة» ذو المرجعية الدينية‪،‬‬ ‫و«ولد الشعب» ذو المرجعية الوطنية والخطاب الشعبوي‪ ،‬وهكذا يحيط ّ‬ ‫الظل ذاته بحصانة دينية وطنية‬ ‫شعبوية ستالقي نجاحا الفتا لدى عموم القرّاء والمع ّلقين اآلخرين‪« ،‬المهم أن ولد الشعب صار نجم‬ ‫الموقع بال منازع‪ .‬‬ ‫تعتبر ظاهرة التشهير عبر اإلنترنت من أبرز سلبيات الشبكة العنكبوتية‪ ،‬فلقد كثرت المهازل التي‬ ‫يتداولها (خفافيش اإلنترنت) عن أفراد من المجتمع‪ ،‬بغرض التشهير بهم‪ ،‬وهز صورتهم أمام اآلخرين‪،‬‬ ‫وأصبح كل من لديه حقد أو ثأر على أحد المسؤولين أو أحد مشاهير الكتاب‪ ،‬أو الدعاة أو اإلعالميين‬ ‫يستخدمه كخميرة دسمة لدسائس وأكاذيب يعجنها أحدهم بماء‪ ‬الكذب‪ ‬والبهتان‪ ،‬ويخبزها بأفران‬ ‫المنتديات على المأل‪ ،‬ثم يوزعها زاعماً أن صنيعه هذا من باب النصيحة والغيرة العامة على‪ ‬األخالق‪ ‬والدين!‬ ‫كما شملت هذه الظاهرة أيضا نشر معلومات‬ ‫شديدة الخصوصيـة عن األفـراد والمؤسسات‪ ،‬أو‬ ‫نشر ما يدعــي أنه أسرار شركـة ما‪ ،‬واتهـام بعض‬ ‫الشخصيــات المعـروفـــة‪ ،‬أو نشـــر قصص عنهــم‬ ‫تحتمل‪ ‬الصدق‪ ‬أو الكذب‪ ،‬أو فضح‪ ‬ممارسة مسؤول‬ ‫أو إدارة ما‪ ،‬أو نشـر هواتــف أو عنـاويــن البعـض‬ ‫والتشنيـع عليهم‪ ،‬وقـد يصل ذلك إلى ما في حكــم‬ ‫قذف المحصنات الغافالت‪.‬‬ ‫يرى علم النفس أن الشخصية التي تشهر بزمالء‬ ‫العمل أو بمنافسين أو بشخصيات عامة هي شخصية‬ ‫ناقمة على المجتمع‪ ،‬تعمل ضد القيــم االجتماعية‬ ‫واألخالقية‪ ،‬ألنها تعاني من بعض العقد النفسية‬ ‫التي ربما تكونـت‪ ،‬منذ الطفـولـة نتيجة أساليب‬ ‫تربوية خاطئة‪ ،‬أدت إلى الشعور بالنقص والدونية‬ ‫أمام اآلخرين‪ ،‬وبأنها أقل منهم جهدا وخبرة وعمال‬ ‫وإخالصا‪ ،‬و بالتالي يعتقد الشخـص المشهـــر أنه‬ ‫لو فعل ذلك وشهر بغيره أو بمنافسه استطاع أن‬ ‫يكسب األصوات ‪ ،‬وال يعلم أنه بذلك يكون قد خسر‬ ‫نفسه ألنه بهذا العمل شوه سمعة وسيرة من يشهر‬ ‫بهم وقد يكونـون أبريـاء‪ ،‬وبالتالي فهناك ضرورة‬ ‫إليجاد واستحداث مواد تربوية في المدارس مثال «التربية االجتماعية» حيث‪ ‬يتم عن طريقها إيصال‬ ‫الرسائل الهادفة للتالميذ‪ ،‬السيما في ظل القصور الواضح في‪ ‬أدوار األسرة التربوية واالجتماعية داخل‬ ‫المجتمع الذي قد يكون له دور في انتشار مثل‪ ‬هذه الظواهر السلبية‪.‬‬ ‫واكب تطور المجتمعات البشرية عبر التاريخ تطورا في نوع الجرائم التي تعانيها هذه المجتمعات‪،‬‬ ‫األمر الذي كان يدعو إلى تبني التشريعات والقوانين التي تحد من اآلثار السلبية لهذه الجرائم على الفرد‬ ‫والمجتمع‪ ،‬وإن كانت العقود األخيرة من عمر البشرية تعتبر عصراً فرضت فيه التكنولوجيا نفسها وبكل‬ ‫أشكالها على الجميع‪ ،‬فقد فتحت هذه التكنولوجيا باباً جديداً ألنواع لم تكن معهودة من الجرائم‪ ،‬جرائم‬ ‫قد يغيب عن العيان مشهد مرتكبها‪ ،‬بل ويغيب حتى الجاني عن مكان الضحية‪ ،‬جرائم عابرة للقارات‪،‬‬ ‫سالح المجرم فيها خبرة تكنولوجية عالية يوظفها في خدمة أهداف غير مشروعة‪ ،‬بعيداً عن أي نوع من‬ ‫الرقابة‪ ،‬مستهدفاً مصالح األفراد والمؤسسات والدول‪،‬‬ ‫مستغ ً‬ ‫ال قدرته على إتـالف األدلة ليحاول الهـرب من‬ ‫العقاب‪ ،‬لينتقل عبر الشبكة إلى مكان آخر في العالــم‬ ‫يمارس فيه جرائمه اإللكترونية ‪.‬‬ ‫‪ ‬وإن كان المجـرم القائم بالجريمـة اإللكترونيـة‬ ‫يستطيع أن يبقى مخفياً حتى عن أقرب الناس إليه ألنه‬ ‫ال يحمل مواصفات المجرم التقليدي‪ ،‬األمر الذي يع ّقد‬ ‫من مهمة متع ّقبي هذا النوع من الجرائم‪ ،‬ويتطلب أن‬ ‫يكون مطبقو العدالة في مجال محاربة هذا النوع من‬ ‫الجرائم على معرفة علمية عالية‪ ،‬متابعين لكل جديد‬ ‫في عالم التقنية‪ ،‬ليستطيعوا حماية المجتمع من هذا‬ ‫الخطر الدائم‪ ،‬و من هؤالء المرضى النفسيين‪.‬‬ ‫يجدها البعض مكسباً سه ً‬ ‫ال ال يتطلب جهداً من‬ ‫أجل اإلنجاز‪ ،‬ويراها آخرون تسلية ومتعة أثناء تصفح‬ ‫صفحات «اليوتيوب» أو أحد مواقع التواصل االجتماعي‪،‬‬ ‫بينما يراها المتخصصون جريمـــة تنتهك حقــوق المشاهير وتستغل أسماءهم من أجل الكسب المادي‬ ‫السهل‪ ،‬وتلطخ سمعتهم وتتجرأ عليهم بطريقة مستفزة و منافية لألخالق والقانون‪.‬‬ ‫جريمـة التشهيـر اإللكتروني التي انتشـرت بالمغـرب مؤخـراً بطريقة سريعـة‪ ،‬يزيد عددها و عدد‬ ‫المعجبين بها حسب طريقة ترويجها‪ ،‬يذهب ضحيتها من كتبوا أسماءهم بالخط العريض على صفحات‬ ‫الجرائد والمجالت‪ ،‬ويستغل مرتكب الجريمة شهرة أسمائهم من أجل جلب الكثير من المشاهدات‪ ،‬لتزيد‬ ‫نسبة الربح‪.‬‬ ‫اعتبرت الكثير من الدول «التشهير اإللكتروني» جريمة في حق مواطنيها‪ ،‬ونصت على عقوبات في‬ ‫حق مرتكبيه‪ ،‬حتى وإن عارضت ذلك بعض المنظمات الحقوقية كـ «هيومن رايتس» باعتباره جزءا من‬ ‫حرية الرأي و التعبير‪ ،‬و الذي اعتبرتها كل القوانين الدولية أنها جرائم تستحق العقاب الشديد للحد منها‬ ‫قبل أن تتحول إلى ممارسات همجية كسائر الممارسات التي بات اإلنسان يسلكها طريقا من أجل إفراغ ما‬

‫إعداد ‪ :‬لمياء السالوي‬ ‫‪lamiae.s.81@gmail.com‬‬

‫في قلبه و نفسيته من حقد و غل على المجتمع بأفراده و مؤسساته‪.‬‬ ‫أهمية تقنينه جاءت من تأثيره على الواقع المعاش للمتضررين منه‪ ،‬حيث استطاعت التغيرات التي‬ ‫تتصل بالجرائم اإللكترونية التأثير على السياسة الجنائية في العديد من الدول‪ ،‬وبدأت تظهر التعديالت‬ ‫على القوانين و تطرح النقاشات بقوة في هذا الصدد‪.‬‬ ‫وقد تابع المغرب هذه التطورات‪ ،‬وجرّم هذه األفعال ‪ ،‬وحاول جعلها مؤطرة بنصوص قانونية‪ ،‬سواء‬ ‫تعلق األمر بالجنائية منها أو بقانون حماية المعلومات الخاصة‪ ،‬وما يمكن استنتاجه بهذا الصدد حسب‬ ‫األستاذ محمد رقوش‪ ،‬محامي بهيئة الرباط‪ ،‬أن تواتر القضايا المتعلقة بالعالم اإللكتروني في السنوات‬ ‫األخيرة بكثرة على المحاكم المغربية من تشهير وقذف عبر اإلنترنيت‪ ،‬هو ما دفع بالمشرع المغربي‬ ‫للتفكير بوضع قوانين بهذا الخصوص كي ال يسود الفراغ و تتفشى الفوضى»‪.‬‬ ‫وبالنسبة لألحكام التي يواجهها مرتكبو هذه الجرائم‪ ،‬فهناك أحكام تكون سالبة للحرية عندما تكون‬ ‫أضرارها كبيرة‪ ،‬كانتهاك الحرمة أو التشهير أو نشر صور تمس بالحياة الخاصة‪ ،‬بينما هناك قضايا اكتفت‬ ‫فيها المحاكم بإدانة المتهمين بعقوبات موقوفة التنفيذ‪.‬‬ ‫ال بد لمقاطع الفيديو ذات الحمولة التشهيرية‬ ‫من تأثير ولو بسيط على صورة الشخص المستهدف‬ ‫في ذهنية المجتمع ‪ ،‬و ال أدل على ذلك من التعليقات‬ ‫السلبية التي ترافقهــا‪ ،‬و في هذا الصــدد يرى رشيد‬ ‫جرموني المتخصص في علم االجتمـاع‪ ،‬أننـا حاليـــا‬ ‫نعيش في زمن الصورة‪ ،‬والصورة تتداول أكثر من‬ ‫أي شيء آخر‪ ،‬وتصل إلى أكبر عدد من الناس‪ ،‬بشتى‬ ‫فئاتهم ومكانتهم ومجاالتهم وبيئاتهم‪ ،‬والصورة‬ ‫هي التي تحسم المعـــارك حاليــا‪ ،‬في عالم الساسية‬ ‫واالقتصاد والبيئة واالجتماع والثقافة‪.‬‬ ‫وعن استعمـــال الدين والتركيـــز عليه في كل‬ ‫الفيديوهات التي تمس سمعــة المشاهيـــر‪ ،‬فيرى‬ ‫جرموني أن استعمال الدين في هذه الحاالت له عدة‬ ‫تفسيرات‪ ،‬أولها ضعـــف التكوين الفكري والمنطق‬ ‫االستداللي واإلقناعــي والنقــدي عند من يستعمل‬ ‫الدين في هذه المعارك‪ ،‬فبكل بساطة عندما يخالفه‬ ‫اآلخر في الرأي أو السلوك أو في القول‪ ،‬يمر مباشرة‬ ‫لالحتماء بالدين‪ ،‬وهذا راجع إلى وجود حالة من الخواء‬ ‫المعرفي في قضايا الدين‪.‬‬ ‫وأكــد جرمونـي أن لهذه الطرق في التشهيـــر‬ ‫أضراراً مجتمعية خاصة إذا أخذنا بعين االعتبار ردود األفعال القوية التي تسببها في مجتمعنا‪ ،‬فهي ترسخ‬ ‫ثقافة التقليد واالستسالم والتشهير المجاني‪ ،‬وتوقف ملكة العقل وقدرته على المحاججة‪ ،‬وخطر هذا النوع‬ ‫يتمثل أيضا في وجود حاالت من العنف والعنف المضاد الذي يوّلد استقطابات حادة‪ ،‬وقد يتطور األمر لنوع‬ ‫من الحرب الكالمية التي نحن في غنى عنها في مغرب اليوم‪ ،‬حسب تعبيره‪ ،‬لينتهي المتحدث ذاته بالقول‬ ‫إن «العنف يبدأ في األذهان قبل أن يصل إلى األبدان»‪.‬‬ ‫و قد تم في السنوات األخيرة أحداث مكاتب تابعة للشرطة الوطنية‪ ،‬مهمتها تتبع وترصد ومن ثمة‬ ‫اقتفاء أثر مرتكبي الجرائم اإللكترونية سواء منها تلك المتعلقة بالهاتف النقال أو بالحاسوب المتصل‬ ‫مباشرة بالشبكة العنكبوتية األنترنيت‪،‬بحيث أن هذه المكاتب تعتمد على تقنية المراقبة اإللكترونية‬ ‫المعتمدة على برنامج الترصد الخاص بنظام ‪ipa� « ‬‬ ‫‪ »dress‬الخ‪ ،...‬إال أنه ومع التطور التكنلوجي الالمحدود‬ ‫الذي تعرفه مختلف دول العالم التي توحد فيما بينها‬ ‫تحديات العولمة المفرطة ‪،‬فان معظم الحلول المتوصل‬ ‫إليها في مجال مكافحة الجريمة اإللكترونية تظل جد‬ ‫محدودة األمر الذي يتطلب معه وضع ترسانة قانونية‬ ‫مرنة يمكن تطويعها مع التغيـرات الدوليـــة المتغيرة‬ ‫والمرتبطة مباشرة بعوامل الثورة التكنلوجية‪ ،‬و خلق‬ ‫شبكات معلوماتية دولية موحدة تكون مهمتها التتبع‬ ‫والترصد الدوليين لمظاهر الجريمة اإللكترونية ومن‬ ‫ثمة إيجاد حلول كفيلة بمواجهتها‪ ،‬مع ضرورة ربط‬ ‫سوق التكنلوجيا المغربية بنظيرتها الدولية ال لشيء‬ ‫إال من أجل االستفادة المستمرة من التجارب األجنبية‬ ‫االحترازية في هذا المجال ولماال عقد شراكات دولية‬ ‫ثنائية أو متعددة األطراف بهدف تبادل الخبرات األجنبية‬ ‫في مجال مكافحة الجرم اإللكتروني‪ ،‬و ضرورة خلق‬ ‫محاكم توكل إليها مهمة النظر في القضايا المتعلقة بالجرائم اإللكترونية‪ ،‬ووضع آليـات حديثـة للمراقبـة‬ ‫عن بعد مجهزة بنظام «‪ »ipadress ‬يعهد إليها بمهمة المراقبة المستمرة للتطبيقات المعلوماتية‬ ‫اإللكترونية‪ ،‬والحرص على تكوين أطر وكفاءات بشرية قادرة على مكافحة الجريمة اإللكترونية وذلك‬ ‫بخلق وحدات للتكوين الجامعي والتقني في هذا المجال‪ ،‬و ضمان مواكبة الشركات المعلوماتية الوطنية‬ ‫للمستجدات الخاصة بتتبع الجرم اإللكتروني األمر الذي ال يمكن أن يتم تحقيقه إال عبر تكوين أطرها‬ ‫تكوينا مستمرا يتماشى وتطور الوسائط التكنلوجية اإللكترونية‪.‬‬ ‫إن المغرب مطالب بنهج جهود كبيرة في مجاالت مكافحة الجريمة اإللكترونية‪ ،‬مما يعني بأن الحاجة‬ ‫ملحة إلى تكوين موارد بشرية مختصة في المجال وتزويدها بالموارد المالية واللوجستية الكفيلة بتوفير‬ ‫األجواء المالئمة للقيام بمهامها أحسن قيام‪ ،‬فالتعدي على الناس بالتشهير و السب و القذف لم يعد‬ ‫مقبوال في مغرب اليوم ‪ ،‬و لسنا بحاجة للتفنن في الجرائم ‪ ،‬فيكفينا ما وصلنا إليه إلى حد اآلن من جرائم‬ ‫باتت تقشعر لها األبدان من قتل لألصول و زنا المحارم و اغتصاب لألطفال و الشباب و الشيب‪.‬‬


‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫العدد ‪970‬‬

‫والحداثة إذا عربـت‪!! ...‬‬ ‫‪-1‬‬‫على واجهة اإلعالم العربي والدولي‪ ،‬وفي المنابر‬ ‫األكاديمية العالمية‪ ،‬تردد ‪ /‬يتردد مصطلح « الحداثة»‬ ‫بكثافة‪ ،‬على ألسنة المفكرين السياسيين واالقتصاديين‪،‬‬ ‫كما على ألسنة الشعراء واألدباء والفنانين‪.‬‬ ‫وعلى أن مصطلح الحداثة‪ ،‬صعب التحديد لغويا‬ ‫وعلميا‪ ،‬إال أنه أصبح يستخدم إعالميا لتحديد مرحلة‬ ‫فنية ‪ /‬صناعية ‪ /‬حضارية متميزة آخذة في التالشي‬ ‫واالضمحالل‪ ،‬وظهور مرحلة جديدة ‪ ،‬ذات مواصفات‬ ‫وقيم حديثة‪.‬‬ ‫«الحداثة» في مفاهيمها الغربية‪ ،‬ليست مفهوما‬ ‫اجتماعيا أو سياسيا أو تاريخيا فقط‪ ،‬وإنما هي منهج مميز‬ ‫للحضارة الحديثة‪ ،‬يعارض منهج التقليد‪ ،‬بل يعارض كل‬ ‫الثقافات التقليدية السابقة األخرى‪ ،‬إنها في الموسوعات‬ ‫األكاديمية‪،‬هي ذلك الوعي المتجدد بمتغيرات الحياة ‪/‬‬ ‫هي تلك المستجدات الحضارية المتوالية ‪ /‬هي االنسالخ‬ ‫من الماضي‪ ،‬ومن هيمنة أفكاره ومنجزاته واالنخراط‬ ‫الشامل في العصر الحديث بقيمه الثقافية والحضارية‪.‬‬ ‫والحداثة في هذه المفاهيم‪ ،‬ليست ظاهرة مقصورة‬ ‫على فئة أو طائفة أو نخبة أو جنس معين‪ ،‬فهي استجابة‬ ‫حضارية للقفز على الثوابت‪ ،‬وتأكيد مبدأ استقاللية‬ ‫العقل الفاعل‪ ،‬تجاه التجارب واالنجازات السابقة في كل‬ ‫المجاالت ولدى كل الشعوب‪.‬‬ ‫إن مرتكزات الحداثة الغربية في نظر العديد من‬ ‫الباحثين(‪ ،)1‬تمثلت في ظواهر كبرى بارزة للعيان هي ‪:‬‬ ‫الثورة العلمية والتقنية الهائلة التي غيرت جذريا نظام‬ ‫المعارف و حورت وقلبت الوضع اإلنساني نفسه بما‬ ‫وفرته من أدوات تحكم وتسيطر على الوسط الطبيعي‪/‬‬ ‫الدولة المدنية الحديثة بنظمها المؤسسية وعقالنيتها‬ ‫البيروقراطية وشرعيتها المجتمعية في مقابل الدولة‬ ‫االستبدادية الفردية ‪ /‬هي المثل والقيم اإلنسانية التي‬ ‫شكلت القاعدة الفكرية واإليديولوجية لمسار الحداثة‬ ‫من حيث هي إعالن لشأن اإلنسان وتكريس لحريته‬ ‫الذاتية‪.‬‬ ‫والواقع أن هذه الظواهر الثالث تتلخص فلسفيا‬ ‫في منطلقين أساسيين هما ‪:‬‬ ‫• النموذج الرياضي‪-‬التجريبي ‪ :‬أي إعادة بناء‬ ‫المعارف والعلوم على معيار القابلية للتحقق التجريبي‪،‬‬ ‫واعتبار الطبيعة من هذا المنظور مخزون طاقة يستغل‬ ‫لتكريس سيطرة اإلنسان‪ ،‬وبالتالي تحويل المعرفة إلى‬ ‫وظيفة نفعية أداتية ليست في ذاتها مقولة علمية‪ ،‬وان‬ ‫كانت المصادرة الميتافيزيقية التي يقتضيها معيار»‬ ‫اليقين العلمي» كما بين ذلك الفيلسوف األلماني‬ ‫هايدغر‪.‬‬ ‫• مفهوم « الذاتية» الذي اعتبره هيغل مفتاح فهم‬ ‫العصور الحديثة‪ ،‬ويعني هذا المفهوم تكريس مرجعية‬ ‫الذات ومحوريتها في مسار المعرفة من حيث هو تأمل‬ ‫وتفكير للوصول لليقين عبر حركية داخلية تتم ضمن‬ ‫الوعي نفسه‪ ،‬سواء اعتبرت مفاهيم الوعي أفكارا تنتمي‬ ‫عضويا إليه أو ترد إليه عبر التجربة‪ ،‬أو هي مركب منهما‪.‬‬ ‫ويعني هذا المفهوم في ما وراء هذه التحديات‬ ‫األنطولوجية تكريس حرية اإلنسان في تجسيد إرادته‬ ‫«المطلقة» في بناء وعيه واختيار مؤسساته وإدارة‬ ‫حرياته الشخصية‪.‬‬ ‫ومن الواضح ان هذا اإلطار المرجعي‪ -‬القيمي‬ ‫للحداثة أصبح اليوم‪-‬في الظاهر على األقل‪ -‬ملكا مشاعا‬ ‫بين األمم والثقافات‪ ،‬فالجميع يتحدث عن امتالك ناصية‬ ‫العلوم والتقنيات شرطا للتقدم والتحديث والنمو‪،‬‬ ‫والدول كلها تتبنى قيم الحريات العامة وحقوق اإلنسان‬ ‫واحترام إرادة المواطن‪.‬حتى ولو كانت الجذور الفلسفية‬ ‫والنظرية لهذه المفاهيم تظل غائبة ومسكوتا عنها (‪.)2‬‬

‫‪-2-‬‬

‫‪6‬‬

‫التاريخ» في هذا العالم الذي هو عالمنا‪ ،‬ويفهم من هذا‬ ‫أن الحداثة‪ ،‬استمرارية الزمن الحاضر في أفق األزمنة‬ ‫الحديثة التي تشكل تجددا مستمرا(‪.)4‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬كان هيغل أول فيلسوف طور مفهوم‬ ‫الحداثة ووضع مدلوال للعالقة الداخلية القائمة بين‬ ‫الحداثة والعقالنية‪ ،‬واستخدام هذه العالقة ضمن سياق‬ ‫تاريخي للداللة على األزمنة الحديثة‪ ،‬واعتبارها مفهوما‬ ‫زمنيا يعبر عن القناعة بالزمن المعاش والمرهون‬ ‫بالمستقبل والمنفتح على الجديد اآلتي‪ ،‬الذي يتضمن‬ ‫وعيا تاريخيا جديدا يفصل بين الزمن القائم الذي‬ ‫يعاصره‪ ،‬والذي يبدأ مع عصر األنوار والثورة الفرنسية‬ ‫وحركات اإلصالح الديني التي جاءت الحقة لذلك‪.‬‬ ‫يعني هذا في نظر العديد من الباحثين المختصين‬ ‫(‪ ،)5‬أن الفكر الغربي يتميز منذ عصر النهضة إلى‬ ‫اآلن بكونه ال يتوقف عن مساءلة مقوماته وأساليب‬ ‫اشتغاله‪ ،‬األمر الذي جعل من النقد مكونا من مكونات‬ ‫النظر إلى الذات واألشياء والزمن‪.‬حتى أن عصر األنوار‬ ‫كرس هذا اإلجراء الفكري وأعطاه بعده العقلي‪ .‬ومنذ‬ ‫بدايات ما يسمى بالحداثة الفكرية وهذه الحداثة ال‬ ‫تكف عن محاسبة نتائجها بأساليب تسترشد بمقاييس‬ ‫العقل والعلم ألن الفكر الفلسفي الغربي‪ ،‬منذ ديكارت‬ ‫الى الستينيات من القرن الماضي‪ ،‬استبعد عموما كل‬ ‫الملكات اإلنسانية األخرى من أهواء وخيال واعتبرها‬ ‫مصدرا للخطأ وعنصرا مشوشا على المعرفة الحقة‪.‬‬ ‫هكذا يمكن النظر للحداثة من جهتين متكافئتين‪،‬‬ ‫بمكن النظر إليها كانفتاح لحقل إمكاني أي لحقل‬ ‫من الممكنات التاريخية انطالقا من تمازج وانصهار‬ ‫الروحين ‪ :‬العلمية والتحررية السياسية‪ ،‬ويمكن النظر‬ ‫إليها كتجربة ثقافية خصوصية في فهم وتأويل هذا‬ ‫االنفتاح وفي تأسيس عالم تاريخي جديد انطالقا من‬ ‫هذا التأويل(‪ ،)6‬وفي هذه الحالة يمكن القول بأن‬ ‫الحداثة كتجربة خصوصية غربية لم تستنفذ هذا الحقل‬ ‫اإلمكاني الناشئ من تمازج الروحين العلمية والتحررية‬ ‫وليست اإلمكانية الوحيدة داخله‪ ،‬وهذا التمييز الذي‬ ‫قمنا به بين هاتين الداللتين غير المتكافئتين للحداثة‬ ‫يفتح مسلكين كبيرين للتفكير‪:‬‬ ‫• إعادة النظر الجذري في الحقل اإلمكاني اآلنف‬ ‫الذكر‪ ،‬وفي ممكناته التي استنفذت خارج إكراهات‬ ‫التأويل الخصوصي الثقافي الغربي له‪.‬‬ ‫• وأما المسلك الثاني فيتمثل في إعادة تشكيل‬ ‫الوعي الفلسفي لألزمنة الحديثة بذاتها وفي الفحص‬ ‫النقدي لفعلها التأسيسي المؤطر لمساراتها الالحقة‬ ‫والمتمثل في تأويل تمازج الروحين العلمية والتحررية‬ ‫وفي النظر في هذه المسارات وفي مفضياتها ومآالتها‬ ‫التاريخية وفي المطالب التي انتهت إليها‪.‬‬

‫‪-3-‬‬

‫عربيا‪ ،‬يعود ظهور مصطلح الحداثة الى مطلع‬ ‫القرن الثامن عشر‪ ،‬مع ظهور القوافل االستعمارية‬ ‫األولى على الخريطة العربية‪ ،‬التي أشعرت األمة العربية‪،‬‬ ‫أنها متخلفة عن الركب الحضاري اإلنساني‪ ،‬والتي‬ ‫حفزت همم عربية عديدة ونخب عربية عديدة لمواجهة‬ ‫القوافل الغازية من جهة‪ ،‬والدعوة الى االنخراط في‬ ‫العصر الحديث‪ ،‬واالستفادة من منجزاته وصنائعه‬ ‫وقيمه الحضارية‪ .‬وما انفكت هذه النخب والهمم منذ‬ ‫محمد عبده وحتى اآلن‪ ،‬وطوال قرنين من الزمان‬ ‫تناضل من أجل الخروج من أزمات التخلف‪ ،‬واالنخراط‬ ‫في العهد الحضاري الجديد‪ ،‬مع التمسك بالهوية‬ ‫العربية ‪ /‬اإلسالمية‪.‬‬ ‫في كتابه « العرب والحداثة‪...‬دراسة في مقاالت‬ ‫الحداثيين» يضع الدكتور عبد اإلله بلقزيز أفكار هؤالء‪،‬‬ ‫وسمات خطابهم‪ ،‬ومدى عقالنيته‪ ،‬ونقاط ضعفه وقوته‪،‬‬ ‫موضع تساؤل في محاولة جادة إلعادة كتابة تاريخ‬ ‫الحداثة في الفكر العربي المعاصر‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يميز‬ ‫الكاتب بين طورين رئيسين مر بهما‪ +‬الفكر الحداثي‬ ‫العربي‪ ،‬األول ‪ :‬يتمثل في نشأة خطاب الحداثة إبان‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬وانتهاء منتصف القرن العشرين‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬يطلق عليه طور النضوج الفكري للحداثيين‬ ‫العرب‪ ،‬الذي يتميز على خالف الطور البدائي األول‪،‬‬ ‫بسريان النزعة العقالنية في شتى مفاصله الفكرية‪،‬‬ ‫وهو يبدأ من النصف الثاني من القرن العشرين‪ ،‬وحتى‬ ‫اآلن‪ .‬وقد اقتصر المؤلف في كتابه هذا على تحليل‬ ‫الطور األول ويأمل التعرض للطور الثاني في جزء آخر‬ ‫يأمل في إصداره قريبا‪.‬‬

‫والسؤال الذي مازال يطرح نفسه بقوة على عالم‬ ‫اليوم ‪ :‬ماهي الحداثة؟ هل هي مشروع تحديث يقوم‬ ‫أساسا على العلم والتقنية‪ ،‬في رؤية عقالنية تتغلب‬ ‫فيها الثقافة على الطبيعة ويصبح اإلنسان فيها مركزا‬ ‫للكون ومصدرا للقيم‪ .‬أي تلك الرؤية التي أحدثت‬ ‫قطيعة بين اإلنسان وماضيه‪ ،‬عن طريق ضبط عقالني‬ ‫للتطور العلمي‪-‬التقني‪ ،‬أم الحداثة هي سلسلة عمليات‬ ‫للتحديث تقوم على فعاليات تراكمية يدعم بعضها‬ ‫بعضا‪ ،‬وتتجه نحو نمو علمي وفني وسياسي واقتصادي‪،‬‬ ‫« في درب العقلنة التي اختص بها الغرب» الذي يربط‬ ‫وجوده»رابط داخلي» لم يكن عرضيا‪ ،‬والذي أنتج بدوره‬ ‫علمنة الثقافة وعقلنتها‪ ،‬بالتوازي مع نمو المجتمعات‬ ‫وقواها المنتجة وزيادة انتاجية العمل وتمركز السلطات‬ ‫السياسية وكذلك تشكيل الهويات الوطنية ومبادئ‬ ‫حقوق اإلنسان(‪.)3‬‬

‫تتوزع اهتمامات المؤلف ما بين رصد األطوار التي‬ ‫مر بها الحداثيون العرب‪ ،‬وما بين تحليل الخطابات‬ ‫السائدة تجاه الحداثة‪ ،‬وبديهي أن ينصب النقد في‬ ‫مجمله على خطاب األصالة المناهض للحداثة‪ ،‬والذي‬ ‫وافق ظهوره بروز تيارات اإلحيائية اإلسالمية في‬ ‫الثالثينيات من القرن الماضي‪.‬‬

‫بدأت الحداثة‪ ،‬بحسب هيغل‪ ،‬مع عصر األنوار‪،‬‬ ‫بفعل أولئك الذين أظهروا وعيا وبصيرة‪ ،‬باعتبار أن‬ ‫هذا العصر هو « حد فاصل» أو «مرحلة نهائية في‬

‫في سياق نقده لهذا التيار‪ ،‬يرى المؤلف أن مثل‬ ‫هذه الدعوات تعد بمثابة تراجع الوعي العربي من حالة‬ ‫اليقظة والتفاعل التي دشنها اإلصالحيون اإلسالميون‬

‫الكبار وعلى رأسهم كل من رائد التجديد في الدنيا‬ ‫والدين اإلمام محمد عبده‪ ،‬وجمال الدين األفغاني‪ ،‬وعبد‬ ‫الرحمان الكواكبي‪ ،‬إلى حالة التراجع الحضاري والتقوقع‬ ‫حول الذات والتذرع بإيديولوجيات الهوية واالسلمة‪ ،‬مع‬ ‫االنصراف الكامل عن الممكنات األخرى والتي‪ ،‬بحسب‬ ‫الكاتب‪ ،‬يمكن أن تؤدي وظيفة الممانعة االيجابية‬ ‫دونما تغريم المجتمع والثقافة بغرامة االنكماش‬ ‫واالنكفاء والتشرذق على الذات‪ ،‬وفي كل األحوال‪ ،‬يؤكد‬ ‫الكاتب ارتفاع المنسوب اإليديولوجي لدى الفريقين‪،‬‬ ‫حيث ذهبت إيديولوجيا األصالة إلى « التشنيع على‬ ‫مدنية اآلخر وثقافته واصمة إياها بالجاهلية‪ ،‬كما انتقلت‬ ‫من الدفاع عن الهوية في وجه األجنبي إلى الهجوم على‬ ‫دعاة المعاصرة باسم الجهاد»‪.‬‬ ‫وفي مقابل ذلك‪ ،‬تحول االهتمام بالحداثة من‬ ‫صعيد اإلطار النظري إلى مستوى االيدولوجيا‪ ،‬األمر‬ ‫الذي فتح الباب على مصراعيه أمام إفقار معرفي لفكرة‬ ‫الحداثة نفسها في السياق العربي‪ ،‬حتى بالنسبة‬ ‫للداعين لها‪ ،‬ومن ثم باتت الحداثة في مجملها عبارة‬ ‫عن مجموعة من األفكار النخبوية التي تتخندق في‬ ‫خطاب النخبة الثقافية دون ان تجد لها رصيدا مؤازرا‬ ‫بين القطاعات الجماهيرية العريضة‪ ،‬ما اضطرها‪ ،‬في‬ ‫النهاية‪ ،‬إلى االنكفاء على الذات واالكتفاء بموقع الدفاع‬ ‫في وجه تيار اإلحياء والتقليد المتجدد‪ .‬على الرغم من ان‬ ‫خطاب الحداثة‪ ،‬بحد ذاته‪ ،‬ليس خطابا برانيا أو مفروضا‬ ‫من الخارج‪ ،‬حتى لو أرجعنا نشأته إلى االحتكاك بأوروبا‪،‬‬ ‫إضافة إلى أن المطلوب حاليا وفي كل وقت مضى‬ ‫ليس التغريب أو «التغربن»‪ ،‬وإنما القيام بنقد تركيبي‬ ‫لخطابي الماضوية الزمنية (خطاب التيار اإلحيائي)‬ ‫واالرتحال إلى الغرب (خطاب التغريب) وعندها فقط‪ ،‬يبدأ‬ ‫تاريخ الحداثة العربية في احتالل الموقع الذي يليق به‪.‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬لم يدخل مفهوم الحداثة الساحة‬ ‫العربية من باب الفكر أو اإلنتاج النظري‪ ،‬اللهم إال لدى‬ ‫القلة من الرواد األوائل ممن كانوا مستعدين لتحمل‬ ‫أعباء السير في االتجاه المعاكس‪ .‬فمن الالفت للنظر‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬ان الحداثة قد طرقت األبواب العربية‬ ‫من المدخل األدبي والفني في حقول المسرح والشعر‬ ‫والرواية والسينما والموسيقى‪ ،‬ولم تستطع أن تؤلف‬ ‫تيارا عريضا على صعيدي الفكر والسياسة‪ .‬وربما لهدا‬ ‫السبب‪ ،‬ال يزال سؤال الحداثة مطروحا على الوعي‬ ‫العربي (‪.)7‬‬ ‫غير أن الكاتب يرجع هذا األمر لسببين ‪ ،‬أولهما‪:‬‬ ‫تجذر التيار التقليدي بقوة في المجتمعات اإلسالمية‪،‬‬ ‫واندفاعه المتجدد الذي يتغذى من أعراض أزمة الدولة‬ ‫الوطنية الحديثة‪ ،‬بما تشمله من ظواهر اإلقصاء‬ ‫والتهميش االجتماعيين‪ ،‬فضال عن فشل البرامج‬ ‫التنموية‪ ،‬والتصدعات الحادة في منظومة القيم‪.‬‬ ‫وثانيهما ‪ :‬هشاشة الحداثة العربية ذاتها وعدم قدرتها‬ ‫على االستيعاب التام لفلسفة مثيلتها الغربية القائمة‬ ‫على تغليب عنصري العقالنية والنزعة اإلنسانية‪ ،‬بما‬ ‫يعني تنزيل العقل منزلة السلطة المرجعية المعرفية‬ ‫واألخالقية بصفة خاصة‪ .‬الممانعة الثقافية الالحقة أو‬ ‫البعدية‪ ،‬حيث ارتد المجال االجتماعي إلى تجديد أصوله‬ ‫المحلية بعد انتصار الحداثة في تلك المجتمعات‪ ،‬إذ‬ ‫شهدت مصر وإيران منذ سبعينيات‪ ،‬بصفة خاصة‪ ،‬عودة‬ ‫اإليديولوجيات الرافضة لمضمون الحداثة بعد أن كانتا‬ ‫مركزين مهمين من مراكز الحداثة الثقافية اإلسالمية‪.‬‬ ‫وبالمثل‪ ،‬حدث تراجع للحداثة الثقافية إبان عقد‬ ‫ثمانينيات القرن المنصرم في كل من ‪ :‬تونس وتركيا‬ ‫وباكستان واندونيسيا‪ ،‬مع تزايد وتيرة تأثير الحركات‬ ‫الصحوية الداعية للتمسك بالتراث الحضاري اإلسالمي‬ ‫ونبذ كل ما يمت بصلة للحداثة (‪ )8‬بمفاهيمها وقيمها‬ ‫الغربية‪.‬‬

‫‪-4-‬‬

‫من خالل الصياغات المتعددة لهذه الكلمة‬ ‫البسيطة والمشعة باآلمال (الحداثة) يبدو أن العديد‬ ‫من الكتاب والباحثين واألكاديميين العرب‪ ،‬ما زالوا ال‬ ‫يفرقون بين « الحداثة» و»التحديث» ومازالت الكتابات‬ ‫النقدية واإلعالمية تخلط بينهما‪ ،‬مع أن الفرق بينهما‬ ‫واسع وشاسع‪.‬‬ ‫إن الحداثة‪ ،‬كما يحددها علماء اللغة‪ ،‬وعلماء النقد‬ ‫األدبي هي الوجه اآلخر لألصالة‪ ،‬بينما التحديث هو قلع‬ ‫الجذور الحضارية واستبدالها بالنموذج البديل‪...‬وهو‬ ‫نفسه المصطلح الذي استعمله المصلحون في بداية‬ ‫هذا القرن في المشرق والمغرب للتعبير عن احتياج‬ ‫األمة إلى التجديد والتنمية والتحديث‪ ،‬للخروج من عهد‬ ‫« التخلف» الماضي إلى عهد « التقدم « الجديد‪ ،‬وهو‬ ‫أيضا‪ ،‬نفسه المصطلح الذي ما زلنا نعاني من بقايا‬ ‫مؤثراته في شتى المجاالت حتى زمننا الراهن‪ ،‬على‬ ‫المستوى السياسي كما على المستويات االقتصادية‬ ‫واالجتماعية والثقافية‪.‬‬ ‫فال حداثة إذن بدون جذور حضارية‪ ،‬وألنها ترتبط‬ ‫ارتباطا وثيقا باألصالة‪ ،‬ال يمكنها أن تبقى في زوايا‬ ‫المتاحف التاريخية‪ ،‬فهي في حاجة مستمرة إلى التفاعل‬

‫• محمد أديب السالوي‬ ‫مع الحاضر والخروج بنماذج مناسبة للفكر والسلوك كما‬ ‫للحياة والحضارة والفنون‪.‬‬ ‫وألن «الحداثة» ارتبطت دائما بالتجاذب‬ ‫وبالمثاقفة وباألخذ والعطاء‪ ،‬كان خوف العديد من‬ ‫مفكرينا التقليديين ومن قادتنا السياسيين‪ ،‬من أن‬ ‫تصبح الحداثة بوابة للغزو الفكري والحضاري عموما‪،‬‬ ‫وكان من حقنا دائما أن نخشى على حضارتنا من الغزو‪،‬‬ ‫وأن نعمل باستمرار على مكافحته‪.‬‬ ‫وال شك‪ ،‬أن فعالية وحيوية التحرك ضد الغزو‪ ،‬من‬ ‫شأنها إحالة هذا الغزو إلى عنصر إيجابي في حداثة‬ ‫حضارتنا وثقافتنا وشخصيتنا‪ ،‬فاألمر كان وال يزال يتوقف‬ ‫على المواقف التي نتخذها من أنفسنا والعالم‪ ،‬أكثر مما‬ ‫يتوقف على القوة الغازية‪ ،‬سواء منها التي تحملها لنا‬ ‫روح المثاقفة الحديثة‪ ،‬أو روح التقنولوجيا الحديثة‪،‬‬ ‫فاستسالمنا للعجز وخوفنا من ممارسة حقنا في التجديد‬ ‫واإلصالح بوعي ومسؤولية‪ ،‬وعدم قدرتنا على مجابهة‬ ‫الواقع بالواقع والفكر بالفكر والنظام بالنظام والوعي‬ ‫بالوعي‪ ،‬قد كان وال زال أكثر فتكا بنا وبأصالتنا من أي‬ ‫غزو‪.‬‬ ‫وألننا أمة أصيلة في تراثها وفي حضارتها وفي‬ ‫قيمها االجتماعية والثقافية‪ ،‬فإن حداثتها ال بد وأن‬ ‫تطمح بإشهار أصول ماضيها في وجه حاضرها‪ ،‬وإعطاء‬ ‫ذلك الماضي األصيل حضوره الواضح على فضاء الحاضر‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫إن الحداثة هنا‪ ،‬تعني بكل وضوح‪ ،‬إضافة أصول‬ ‫الماضي على أصول الحاضر وإعطاء ذلك صيغة‬ ‫موضوعية‪ ،‬تميز عالقة الماضي بالحاضر‪...‬وعالقة‬ ‫الحاضر بالمستقبل‪.‬‬ ‫ال أحد يستطيع أن ينكر الهوة القائمة باستمرار‬ ‫بين األجيال‪ ،‬وال أحد يمكنه ذلك‪ ،‬لكن األمم الحريصة‬ ‫على تراثها وعلى أصالتها ال تعتبر «التراث» و»األصالة»‬ ‫مختومين بالتمتع‪.‬فاإلنسان هو تراثه وأصالته‪ ،‬ولكن‬ ‫مع ذلك يبقى من شروط بقائه‪ ،‬تفاعله‪ ،‬انفتاحه على‬ ‫نفسه وعلى العالم‪ ،‬فما يؤدي إلى حفظ شخصيته‬ ‫وصيانة روحه وقيمه يبقى ويصبح تراثا‪ ،‬وماعدا ذلك‬ ‫يصبح زبدا ويذهب إدراج الرياح‪.‬‬ ‫من هنا تصبح العالقة بين األجيال‪ ،‬مرتبطة‬ ‫بالوعي والنضج والحرص على استمرارية اإلنسان‬ ‫وتراثه الماضي وتراثه الحاضر‪ ،‬كما تصبح العالقة بين‬ ‫الحداثة وما قبلها محكومة بنفس الضوابط التي تحكم‬ ‫العالقة بين جيل وآخر‪.‬‬ ‫إن أصحاب الحداثة في القصيدة‪...‬وفي اللوحة‪،‬‬ ‫وفي القطعة الموسيقية‪ ،‬كما في السياسة واالقتصاد‬ ‫والمجتمع ال يمكنهم أن يستخرجوا أعمالهم الحديثة‬ ‫كما يستخرج الساحر األرنب من كمه‪ ،‬أنهم يرتبطون‬ ‫بشروط إنسانية وجودية‪ ،‬لغة وحضارة‪ ،‬وتربية وعلوما‬ ‫وتقنولوجيا‪ ،‬وال يمكنهم التنكر لهذه الشروط‪ .‬فاإلبداع‬ ‫الفني كما اإلبداع السياسي أو االقتصادي أو االجتماعي‪،‬‬ ‫ال يأتي من فراغ وال من خواء‪ ،‬انه نتاج معرفي ‪ /‬إنساني‪/‬‬ ‫مجتمعي ‪ /‬حضاري‪ ،‬يخضع ألحكام اإلنسان المبدع‬ ‫ولمجتمعه وقيمه وثقافته ومعاييره الذوقية والجمالية‪،‬‬ ‫لكن هذه األحكام والمعايير ليست ثابتة‪ ،‬فهي مثل‬ ‫اإلنسان متحركة‪ ،‬متطورة‪ ،‬متحولة من جيل إلى آخر‪،‬‬ ‫ومن مجتمع إلى آخر‪ ،‬ومن ثقافة إلى ثقافة‪.‬‬ ‫فال توجد حداثة لكل العصور‪ ،‬كما ال توجد قصيدة‬ ‫أو لوحة لكل األزمنة‪ ،‬وال موسيقى لكل األجيال‪ ،‬فلكل‬ ‫عصر فنونه واختراعاته وصنائعه‪ ،‬ولكل جيل إبداعاته‪،‬‬ ‫ولكل زمن حداثته‪ ،‬ولكن هناك حوار خفي يربط بين‬ ‫اإلبداعات واألجيال واألزمنة‪ / ،‬بين التراث الماضي‬ ‫والتراث الحديث‪...‬وهو حوار حقيقي يقوم على مبدأ‬ ‫التناوب والمغايرة والتأصيل‪ ،‬يعطي لالنتماء الحضاري‬ ‫‪ /‬االنتماء اإلبداعي معناه وجوهره بعيدا عن الخلط بين‬ ‫الحداثة والتحديث‪.‬‬ ‫‪---------------------------‬‬‫‪ )1‬السيد ولد الباه ‪ /‬هل الحداثة مشروع حضاري‬ ‫غربي – جريدة الشرق االوسط ‪ 11‬يونيو ‪ / 2002‬ص‬ ‫‪22‬‬ ‫‪ )2‬السيد ولد الباه ‪ /‬المرجع السابق‬ ‫‪ )3‬ابراهيم الحيدري ‪ /‬الحداثة كمشروع لم يكتمل‬ ‫بعد – جريدة الحياة (لندن) ‪ 3‬ماي ‪ / 19999‬ص ‪21‬‬ ‫‪ )4‬ابراهيم الحيدري ‪ /‬المرجع السابق‬ ‫‪ )5‬نور الدين افاية – في مفارقات الحداثة ‪ /‬جريدة‬ ‫العلم ‪ 17‬شتنبر ‪ / 1999‬ص ‪12‬‬ ‫‪ )6‬حسن بن حسن ‪ /‬الحداثة لم تستنفذ الحقل‬ ‫اإلمكاني الناشئ من تمازج الروحين العلمية والتحررية‬ ‫– جريدة األحداث المغربية ‪ 5‬فبراير ‪2005‬‬ ‫‪ )7‬نفس المرجع‬ ‫‪ )8‬نفس المرجع‪.‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫‪7‬‬

‫حصل الشاعر موالي رشيد العلوي على شهادة الدكتوراه وذلك بعد مناقشة أطروحته الموسومة‬ ‫روحة‬ ‫أط‬ ‫بعـنوان‪« :‬الخصائص األسلوبية في الشعر العربي بالمغرب إبان القرن التاسع عشر الميالدي»‪ ،‬بكلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية تطوان بجامعة عبد المالك السعدي وحدة تكوين ‪ :‬النص األدبي العربي‬ ‫القديم‪ ،‬بإشراف األديبة الشاعرة الدكتورة سعاد الناصر‪ .‬وتتكون لجنة المناقشة من السادة األساتذة‪:‬‬ ‫ األستاذ الدكتور محمد الحافظ الروسي‪ :‬رئيسا ‪ -‬األستاذة الدكتورة سعاد الناصر‪ :‬مشرفة ومقررة ‪ -‬األستاذة الدكتورة‬‫جميلة رزقي‪ :‬عضوا ‪ -‬األستاذ الدكتور عبد السالم بوحجر‪ :‬عضوا ‪ -‬األستاذ الدكتور عبد اإلله كنفاوي‪ :‬عضوا‬ ‫وبعد دفاع الطالب الباحث موالي رشيد العلوي عن مشروعه ومناقشة اللجنة له في الموضوع والمنهج والعنوان والفهرس‬ ‫والمراجع في حدود ثالث ساعات ونصف‪ ،‬قررت منح الطالب درجة الدكتوراه بتقدير مشرف جدا مع التوصية بالطبع‪ ،‬وأشادت‬ ‫لجنة المناقشة بالجهد الذي بذله الباحث موالي رشيد العلوي‪ .‬هذا وقد حضر المناقشة الشاعر األديب الدكتور عبد اللطيف‬ ‫شهبون‪ ،‬باإلضافة إلى عائلة وأصدقاء الباحث من نقاد وباحثين‪.‬‬ ‫وفيما يَلي ‪ ،‬ملخص بالتقديم الذي أدَلى به الباحث بين يدي اللجنة ‪:‬‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫أن َ‬ ‫إنه َلمِن أسباب سعادتي الغامرة ْ‬ ‫أمثل في‬ ‫هذا اليوم األغر المحجل بين يديْ لجنتكم الموقرة‬ ‫بهذا المحفل األكاديمي ألحظى بشرف مناقشتكم‬ ‫لألطروحة التي أنجزتها بعنوان «الخصائص‬ ‫األسلوبية في الشعر العربي بالمغرب إبان القرن‬ ‫التاسع عشر الميالدي «‬ ‫اسمحوا لي‪ ،‬أيها السادة أساتذتي أعضاء‬ ‫اللجنة العلمية الموقرة أن أستهل هذا التقرير‬ ‫بكلمة أوجهها ألستاذتي الجليلة العالمة الدكتورة‬ ‫سعاد الناصر التي تفضلت بقبول اإلشراف على‬ ‫هذا البحث ورعايته منذ كان فكرة إلى أن استوى‬ ‫خلقا أتمناه سويا‪ .‬فكم أرجو أن تسعفني الكلمات‬ ‫ألعرب عن خالص شكري وتقديري ألستاذتي‬ ‫الدكتورة سعاد الناصر على ما خصتني به من كريم العناية‬ ‫وعظيم االهتمام‪ .‬وكم كانت تستنهض همتي وتوقد وتوقظ‬ ‫العزم والطموح وتذلل الصعاب‪ ،‬أشكر ثقتها الغالية راجيا أن‬ ‫تجد في نتائج البحث بعضا من غرسها الطيب‪ .‬لقد كان لصائب‬ ‫توجيهاتها وثاقب تصويباتها ما شد من أزري وأطلق وسيلتي‪.‬‬ ‫والشكر كذلك موصول إلى أعضاء اللجنة العلمية الموقرة‬ ‫أساتذتي العلماء األعالم‪ :‬الدكتور أحمد هاشم الريسوني‬ ‫والدكتور محمد الحافظ الروسي والدكتورة جميلة رزقي والدكتور‬ ‫عبد اإلله الكنفاوي والدكتور عبد السالم بوحجر ‪ ،‬فكلهم من‬ ‫أساطين العلم عهدتهم متمرسين باألدب المغربي قديمه‬ ‫وحديثه‪ .‬أشكر لهم جميعا لتشريفهم لي بقراءة هذه األطروحة‬ ‫وقبول مناقشتها وتقويمها‪.‬‬ ‫وأتوجه بخالص الشكر واالمتنان إلى جميع من مد لي يد‬ ‫العون من أجل إنجاز هذا البحث وفي مقدمتهم‪ :‬زوجتي الحبيبة‬ ‫الشاعرة والروائية حليمة اإلسماعيلي التي كانت عيني وبها‬ ‫كنتُ قويا على البحث‪ ،‬وال يفوتني أن أشكر عمي موالي العربي‬ ‫اإلسماعيلي و خالتي أمينة اإلسماعيلي وهما والدا زوجتي وأن‬ ‫أشكر خالها السيد موالي الجياللي اإلسماعيلي وزوجته السيدة‬ ‫فاطمة زيانو الذين تحملوا وعثاء السفر لمشاركتي هذه اللحظة ‪.‬‬ ‫وأشكر جميع الحاضرين الذين شرفوني بحضورهم‬ ‫ومتابعتهم‪.‬‬ ‫يقول رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ « :‬إن من الشعر‬ ‫لحكمة وإن من البيان لسحر‏ا «‪ .‬ولم ال! والشعر ديوان العرب‬ ‫وسجل أحسابهم وأنسابهم وأيامهم ومآثرهم ومفاخرهم‬ ‫ومستودع حكمتهم وبالغتهم‪ ،‬وحُق لعبد القاهر الجرجاني‬ ‫أن يقول عن الشعر في كتابه « دالئل اإلعجاز» ‪ ... :‬فيه الحق‬ ‫والصدق والحكمة وفصل الخطاب‪ ،‬وأنه مجنى ثمر العقول‬ ‫واأللباب‪ ،‬ومجتمع فرق اآلداب‪ ،‬والذي قيد على الناس المعاني‬ ‫الشريفة‪ ،‬وأفادهم الفوائد الجليلة‪ ،‬وترسل بين الماضي والغابر‪،‬‬ ‫ينقل مكارم األخالق إلى الولد عن الوالد‪ ،‬ويؤدي ودائع الشرف‬ ‫عن الغائب إلى الشاهد‪ ،‬حتى ترى به آثار الماضين مخلدة في‬ ‫الباقين‪ ،‬وعقول األولين مردودة في اآلخرين‪ ،‬وترى لكل من رام‬ ‫األدب وابتغى الشرف وطلب محاسن القول والفعل منارا مرفوعا‪،‬‬ ‫وعلما منصوبا‪ ،‬وهاديا مرشدا‪ ،‬ومعلما مسددا‪ ،‬وتجد فيه للنائي‬ ‫عن طلب المآثر والزاهد في اكتساب المحامد داعِياً ومُحَ ِّرضاً‪،‬‬ ‫كِراً وَمُعَ ِّرفاً‪ ،‬وَواعِظاً َ‬ ‫وَمُحَضِضاً‪َ ،‬‬ ‫وَمُذ ّ‬ ‫وباعِثاً‬ ‫ّ‬ ‫وَمُثقِّفاً وهو‬ ‫الذي صور لنا الحياة والمجتمع الذي يعيشه الشاعر فمثال عن‬ ‫العصر الجاهلي لم نعرف عنه شيئا لوال شعر شعرائها فقد كان‬ ‫التدوين منعدماً آنذاك‪ ،‬ولذلك عرفنا قصة داحس والغبراء‪ ،‬وعنترة‬ ‫وعبلة وغيرها‪.‬‬ ‫وكان الشعر العربي في هذا العصر ديوان العرب حقاً‪،‬‬ ‫وعلمهم الذي لم يكن لهم علم أصح منه‪ ،‬واستمر بعد تلك‬ ‫الحقبة فنا أدبيا بارزا‪ ،‬وكانت العرب تقيم األفراح إن برز من أبنائها‬ ‫شاعر مبدع‪ ،‬وكان الشعر عند العرب قديما يرفع من شأن القبيلة‬ ‫ويحط من قيمة األخرى‪.‬‬ ‫وأما في عصر صدر اإلسالم فكان وسيلة من وسائل‬ ‫الدفاع عن الوحي المنزل على رسولنا ‪ ،‬وال يخفى دور الشعر في‬ ‫نشر اإلسالم ونصرة الحق‪ ،‬ودوره في العصور التي أتت بعده‪،‬‬ ‫ولهذا انبرى شعراء الرسول ‪:‬‬ ‫حسّان بن ثابت‪ ،‬وعبد اهلل بن رواحة‪ ،‬وكعب بن مالك إلى‬ ‫اإلشادة بفضائل العقيدة والدعوة إليها والتصدي للمشركين‬ ‫وهجائهم والرد عليهم‪ ،‬وكان الرسول يحث الشعراء المسلمين‬ ‫على الرد على هجاء المشركين‪.‬‬ ‫وكان يحث حسانا على ذلك فيقول له‪ :‬اهْجُهُمْ أَوْ‬ ‫وَجبْ ِر ُ‬ ‫يل مَعَكَ ‪ ،‬كما كان الشعر في عهد بني أمية‬ ‫هَاج ِهمْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وعصر بني العباس وسيلة من وسائل الفرق السياسية والفكرية‬ ‫المتنازعة‪ ،‬قصد تبليغ آرائها‪ ،‬والدفاع عن أفكارها في مواجهة‬ ‫خصومها‪.‬‬ ‫ومما يؤكد فضل الشعر وأهميته أن به إثبات إعجاز القرآن‪،‬‬ ‫فقد كان ذروة بالغتهم وفصاحتهم‪ ،‬ولهذا قالوا عن النبي ‪:‬‬ ‫شاعر؛ لما تبينت بالغة القرآن فقد كان الشعر أبلغ القول وأفصحه‬ ‫وأجوده‪.‬‬ ‫ويربط األديب البهبيتي قدسية الشعر عند العرب باالعتقاد‬ ‫الذي كانت العرب تعتقده من أن الشاعر كان يقوم في قومه‬ ‫مقام النبي‪ ،‬ويحتج بقول أبي عمرو بن العالء الذي يرويه أبو حاتم‬ ‫الرازي في الزينة إذ كان الشعراء في الجاهلية يقومون من العرب‬ ‫مقام األنبياء وغيرهم‪.‬‬ ‫ومعلوم أن مقياس التغيـير والتقدم للشعـوب يبدأ من‬ ‫اللغة فهي مقياس رقي الشعـوب‪ ،‬وألننا في مرحلة فاصلة كلها‬ ‫صراعات بين األفكار والقيم ‪ ،‬فإن الواجب يقضي أن نكون مع‬ ‫الجمال واإلبداع‪ ،‬لنظهر هويتنا العربية األصيلة‪.‬‬ ‫من هذا المنطلق نقول‪ :‬إن الشعر تعبير عن التجارب‬ ‫اإلنسانية وما يصحبها من انفعاالت ومشاعر إزاء مشاهد الكون‬ ‫المحيطة؛ ألنه متصل بالبيئة التي تشكل مصدرا ومنبعا للصور‬ ‫الفنية والخيال الجامح‪.‬‬ ‫فإننا منذ التحاقنا بالجامعة نحمل على عاتقنا البحث في‬ ‫األدب المغربي واستكشافه والدخول إلى أراضيه الخصبة‪ ،‬وآفاقه‬ ‫الرحبة‪ ،‬إيمانا منا بجدواه وقيمته الفنية والجمالية وغِناه‪.‬‬ ‫ففي بحثنا لنيل اإلجازة من «كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫جامعة القاضي عياض» عقدنا العزم على أن يكون موضوع‬

‫بحثنا «فن المعارضة الشعرية عند حبيبة الصوفي» وفي «دبلوم‬ ‫الدراسات العليا المعمقة» ب»كلية اللغة العربية بمراكش التابعة‬ ‫لجامعة القرويين بفاس»‪ ،‬وجهنا همتنا إلى إنجاز بحث وسمناه‬ ‫ب»دراسة إيقاعية لنصوص من الشعر المغربي المعاصر»‪.‬‬ ‫واستمر اقتناعنا باألدب المغربي وبأهميته وبجدوى دراسته‪،‬‬ ‫فارتأينا أن نمضي بجهدنا إلى البحث في شعر القرن التاسع عشر‬ ‫لِما يكتنزه ويختزنه من أسرار جمالية وأسلوبية فكان بحثنا‬ ‫موسوما ب « الخصائص األسلوبية في الشعر العربي بالمغرب‬ ‫إبان القرن التاسع عشـر الميالدي»‪.‬‬ ‫‪ .1‬مسوغات الدراسة ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫إن الشعر المغربي في القرن التاسع عشر لم يحظ بدراسةٍ‬ ‫كافيةٍ تسبر أغواره‪ ،‬وتكشف أسراره وخصائصه األسلوبية‬ ‫ومقوماتهالجمالية‪.‬‬ ‫‪- .2‬أهمية الدراسة ‪:‬‬ ‫تروم هذه الدراسة تبيان الخصائص األسلوبية والمقومات‬ ‫الجمالية في الشعر المغربي إبان القرن التاسع عشر الميالدي‪،‬‬ ‫وإبراز مدى القدرة اإلبداعية واإلمكانيات الشعرية لدى كل شاعر‬ ‫من شعرائنا الثالثة‪.‬‬ ‫وتعدّ هذه الدراسة فيما نعلم الدراسة األولى التي تضع‬ ‫األسلوبية في مقاربة الشعر المغربي في هذه الحقبة ‪.‬‬ ‫‪- 3‬الدراسات السابقة ‪:‬‬ ‫عند العمراوي ‪ :‬إننا لم نعثر إال على رسالتين جامعيتين ‪،‬‬ ‫األولى ‪ :‬ديوان أبي عبد اهلل ابن إدريس العمراوي المتوفى ‪1264‬‬ ‫ه‪ /‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في اآلداب تحقيق الطالب‬ ‫التهامي شهيد‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،85 84-‬جامعة محمد الخامس‬ ‫كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية الرباط‪.‬‬ ‫والثانية ‪ :‬ديوان أبي عبد اهلل ابن إدريس العمراوي (ت‬ ‫‪1264‬هــ ‪1847 ،‬م) ‪ :‬دراسة وتحليل‪ ،‬إنجاز الطالب عبد الرزاق‬ ‫امجنح السنة الجامعية ‪ ، 96-97‬جامعة القاضي عياض كلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية مراكش ‪.‬‬ ‫أما الشاعران محمد أكنسوس والعربي بن السايح ‪ ،‬لم نعثر‬ ‫على أي دراسة تناولت شعرهما‬ ‫ولكن وجدنا كتابين ضم كل واحد منهما قصائدهما‬ ‫وتعرض إلى سيرتيهما‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬ترجمة معلمة معالم سوس‪ ،‬للفقيه أبي عبد اهلل‬ ‫سيدي محمد أكنسوس‪ ،‬الجزء الثاني ‪ ،‬تأليف‬ ‫ذ‪ .‬محمد الراضي كنون اإلدريسي الحسني‪ ،‬مطبعة ياديب‬ ‫‪ / yadib‬الرباط (د‪ .‬ت)‪.‬‬ ‫والثاني ‪ :‬إتحاف أهل المراتب العرفانية بذكر بعض رجال‬ ‫الطريقة التجانية ‪ ،‬ج ‪ 4‬دار األمان للتوزيع – الرباط ‪( .‬د‪ .‬ت)‪،‬‬ ‫للعالمة الحافظ محمد الحجوجي الحسني ‪ ،‬تحقيق ذ‪ .‬محمد‬ ‫الراضي كنون ‪.‬‬ ‫وكان هذان الكتابان مصدرين معتمدين في هذه الدراسة ‪.‬‬ ‫‪.4‬المنهج ‪:‬‬ ‫إننا اعتمدنا في هذه الدراسة المنهج األسلوبي إيمانا منا‬ ‫بجدواه ‪ ،‬وألنه يعتمد على العلوم اآلتية ‪ :‬النحو ‪ ،‬الصرف ‪ ،‬البالغة‬ ‫‪ ،‬والعروض‪.‬‬ ‫‪.5‬خطة الدراسة ‪:‬‬ ‫تألفت هذه الدراسة من مقدمة ومدخل وخمسة فصول‬ ‫فخاتمة‪.‬‬ ‫الفصل األول كان نظريا ‪ ،‬وسَمْناهُ بِـــ‪« :‬األسلوبية‪:‬‬ ‫إشكالية العلم والمنهج» وهو فصل تأسيسي‪ ،‬إذ ال يمكن إجراء أي‬ ‫دراسة تطبيقية دون أساس نظري تقوم عليه‪.‬‬ ‫وقد افتُتِح بمدخل ناقش إشكالية األسلوبية‪ :‬أهي علم‬ ‫أم منهج؟ محاورا بعض اآلراء التي حكمت بموت األسلوبية‪،‬‬ ‫ثم ُقسِّمَ إلى مبحثين ضم كل منهما مطلبين‪ ،‬تناول المبحث‬ ‫األول في أول مطلبيه «حدّ العلم وموضوعه»‪ ،‬وتعرضَ في‬ ‫ثانيهما إلى «موضوع العلم» وتطرق المبحث الثاني إلى «‬ ‫اتجاهات األسلوبية» في المطلب األول‪ ،‬ووضح «منهجية التحليل‬ ‫األسلوبي» في المطلب الثاني‪.‬‬ ‫والفصل الثاني وُسِمَ ِبــــ‪« :‬الخصائص األسلوبية في‬ ‫البنيةاإليقاعية»‪.‬‬ ‫وقد صُدِّرَ بمدخل انصرفنا فيه إلى مفهوم اإليقاع‪،‬‬ ‫وعناصره ‪ ،‬ثم ُقسِّمَ إلى مبحثين درس أوُلهما‪ « :‬الخصائص‬ ‫األسلوبية في اإليقاع الخارجي»‪ ،‬متمثال في األوزان في المطلب‬ ‫األول وإيقاع المطالع في المطلب الثاني‪.‬‬ ‫وفي المبحث الثاني تصدينا للخصائص األسلوبية في‬ ‫اإليقاع الداخلي» في إطار اللفظ» فجاء المطلب األول متناوال «‬ ‫استصحاب الدال والمدلول»‪ :‬التكرار‪ ،‬المبالغة‪ .‬وانصب المطلب‬ ‫الثاني على «استصحاب الدال دون المدلول»‪( :‬الجناس‪ ،‬الطباق‬ ‫والمقابلة) ‪.‬‬ ‫وانصرف الفصل الثالث إلى دراسة «الخصائص األسلوبية‬ ‫في البنى الصرفية» وقد تشكل من مبحثين‪ :‬ضم المبحث األول‬ ‫مطلبين‪ ،‬درسنا في المطلب األول‪ « :‬الخصائص األسلوبية في‬ ‫توظيف األفعال» ‪ ،‬وفي المطلب الثاني‪ « :‬الخصائص األسلوبية‬ ‫في توظيف الصفات» وانكب المبحث الثاني على «دراسة‬ ‫الخصائص األسلوبية في توظيف المصادر» في المطلب األول ‪،‬‬ ‫و» اختيار في توظيف الصيغ الصرفية» في المطلب الثاني‬ ‫واتجه الفصل الرابع إلى» دراسة الخصائص األسلوبية في‬ ‫البنى التركيبية» ‪.‬‬

‫وقد زاوجنا فيه بين دراسة النحو والمعاني‪ ،‬واعتمدنا تصنيف‬ ‫الجمل على أساس نظامها وأساليبها‪ ،‬وحددنا أنماطها وصورها‪،‬‬ ‫وأبرزنا معانيها البالغية‪.‬‬ ‫وصَدَّرْنا هذا الفصل بمدخل تعرض إلى مفهوم الجملة‬ ‫بوصفها موضوعَ دراسة التراكيب اللغوية‪ ،‬ثم قسَّمناه إلى‬ ‫مبحثين‪ :‬جاء األول في مطلبين‪ :‬المطلب األول انبرى إلى دراسة‬ ‫«الجملة الخبرية بأساليبها ‪ :‬المثبتة‪ ،‬والمؤكدة»‪.‬‬ ‫وتك ّفل المطلب الثاني بدراسة « الجملة اإلنشائية بنوعيها‪:‬‬ ‫الطلبيةواإلفصاحية‪».‬‬ ‫ودلفنا إلى الفصل الخامس واألخير لدراسة « الخصائص‬ ‫واسْتُه َّل بمدخل تطرق إلى‬ ‫األسلوبية في الصورة الفنية»‬ ‫ِ‬ ‫مفهوم الصورة الفنية‪.‬‬ ‫وقام الفصل على مبحثين‪ :‬المبحث األول تصدى إلى «‬ ‫مصادر الصورة « ‪ ،‬وجاء في مطلبه األول ‪« « :‬الخيال والبيئة» وفي‬ ‫مطلبه الثاني‪« :‬المصادر الثقافية واالستعداد الفِطري» واهتم‬ ‫المبحث الثاني ِبــ‪« :‬أنماط الصورة « ‪ ،‬ونهض على ثالثة مطالب‬ ‫‪ ،‬وسعى المطلب األول إلى دراسة « الصورة المفردة» والمطلب‬ ‫الثاني إلى «الصورة المركبة» وتولى المطلب الثالث دراسة‬ ‫«الصورة ُ‬ ‫الك ّلية»‪.‬‬ ‫وختمنا بخاتمة تضمنت أهم الخالصات والنتائج التي انتهت‬ ‫إليها هذه الدراسة ؛ فجاءت في صنفين من النتائج ‪:‬‬ ‫نتائج عامة‪ ،‬تتعلق بمختلف القضايا‪ :‬المنهجية‪ ،‬واإليقاعية ‪،‬‬ ‫والبالغيةوالنحوية‪.‬‬ ‫ونتائج خاصة‪ :‬تتعلق بالخصائص األسلوبية في شعر‬ ‫الشعراء الثالثة موضوع الدراسة‪.‬‬ ‫ونوجز تلك النتائج في اآلتي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬النتائج العامة‪:‬‬ ‫‪ . 1‬ضرورة التمييز بين األسلوبية «علم األسلوب» التي هي‬ ‫علم وصفي يُعدُّ جزءاً َ‬ ‫مُكمِّال للسانيات واألسلوبية بوصفها‬ ‫منهجا نقديا‪.‬‬ ‫‪ .2‬على المحلل األسلوبي أن يرسم حدود علم األسلوب‪،‬‬ ‫من أين تبدأ وأين ينبغي أن تنتهي لئال تستحيل الدراسة نقدية‬ ‫وبالغية أو لسانية‪.‬‬ ‫‪ .3‬ضرورة االستفادة من كل االتجاهات األسلوبية بما يخدم‬ ‫موضوع الدراسة‪ ،‬مع تفادي َليِّ أعناق النصوص‪ ،‬إلثبات نظرية‬ ‫ما‪ ،‬أو مقولة سابقة‪.‬‬ ‫‪ .4‬خطورة اإلحصاء في الدراسات النصية‪ ،‬فهو ِنعْمَ األداة‬ ‫للكشف عما في أغوارها من خصائص أسلوبية تُحَوِّ ُلها من‬ ‫مجرد رسالة لسانية إلى عمل فني متفرد‪.‬‬ ‫‪ .5‬دراسة الشعر العربي اعتمادا على نظام المقاطع الصوتية‪،‬‬ ‫يُبينُ عن حقيقة اإليقاع أكثر من اعتماد التقطيع العروضي‪.‬‬ ‫‪ .6‬زحافات القبض‪ ،‬والخبن والطي‪ ،‬ال ينتج عنها تغيير‬ ‫في عدد المقاطع الصوتية‪ ،‬العصب‪ :‬ينتج عنه نقصان مقطعين‬ ‫قصيرين وزيادة مقطع متوسط‪ ،‬أما اإلضمار فينتج عنه نقصان‬ ‫مقطع صوتي قصير‪ ،‬وتحوُّل مقطع قصير إلى مقطع متوسط‪.‬‬ ‫‪ .7‬عِ َلل الحذف والقطع والتشعيث‪ ،‬ينتج عنها نقصان في‬ ‫عدد المقاطع الصوتية‪ ،‬فعلة ال َق ْطع ينجم عنها نقصان مقطع‬ ‫قصير‪ ،‬أما علة الحذف فينتج عنها نقصان مقطع متوسط‪ .‬وينتج‬ ‫عن علة ْ‬ ‫القطع نقصان مقطعين قصيرين وزيادة مقطع متوسط‪.‬‬ ‫‪ .8‬ضرورة إعادة النظر في تصنيف بعض األساليب اإلنشائية‬ ‫غير الطلبية‪ ،‬ومنها أسلوب القسم الذي هو أسلوب خبري وليس‬ ‫بإنشائي‪ ،‬فما هو إال وسيلة من وسائل التوكيد‪.‬‬ ‫‪ .9‬جملة التحسر ليست مجرد غرض بالغي من أغراض‬ ‫أسلوب النداء‪ ،‬وإنما هي جملة إفصاحية مستقلة بمعناها‪.‬‬ ‫‪ .10‬إعراب االسم المرفوع بعد أدوات الشرط مبتدأ‪ ،‬ال فاعال‬ ‫لفعل محذوف‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬النتائج الخاصة‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬في مستوى البنية اإليقاعية‪:‬‬ ‫‪ .1‬اختيار الشعراء الثالثة األوزان الطويلة والكثيرة المقاطع‪،‬‬ ‫فالبحور الموظفة في القصائد انحصر عدد مقاطعها الصوتية‬ ‫بين األربعة والعشرين ‪ 24‬والثالثين ‪ 30‬مَ ْق َطعا‪ .‬وذلك راجع إلى‬ ‫طبيعة الموضوعات ومراعاتهم مقام الخطاب وأحوال متلقي هذا‬ ‫الخطاب‪.‬‬ ‫‪ .2‬ميل الشعراء إلى التطويل في القصائد‪.‬‬ ‫‪ .3‬تقارب عدد الزحافات بين الشطرين‪ ،‬إذ وصل إلى حَدِّ‬ ‫التطابق في بعض القصائد‪ ،‬مما أضفى على أشعارهم نوعا من‬ ‫التوازن الصوتي العددي اإليقاعي‪.‬‬ ‫‪ .4‬اختيار األلفاظ ذات األصوات المتجانسة في البيت الواحد‪،‬‬ ‫أو مجموعة من األبيات المتجاورة‪ ،‬بتَكرار صوت بعينه أو تكرار‬ ‫مجموعة صوتية تتسم بالصفات نفسها‪ ،‬واتخاذها أداة من أدوات‬ ‫تشكيل اإليقاع الداخلي‪.‬‬ ‫‪ .5‬حضور ظاهرة التكرار حضورا الفتا وال سيما عند العمراوي‪.‬‬ ‫ب‪ -‬في مستوى البنى الصرفية‪:‬‬ ‫‪- 1‬طغيان توظيف وزن الفعل الثالثي المجرد‪ ،‬ويليه الثالثي‬ ‫المزيد بحرف ( المزيد بالهمزة‪ ،‬ثم المزيد بتضعيف العين)‪.‬‬ ‫‪- 2‬خلو شعر الشعراء الثالثة من األوزان اآلتية‪:‬‬ ‫الثالثي المزيد بحرفين (ا ْف َّ‬‫عَل)‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫و(افعَال)‪.‬‬ ‫عَوْعَل) و(ا ْفعَوَّل)‬ ‫الثالثي المزيد بثالثة أحرف (ا ْف‬‫الرباعي المزيد بحرف ( تَ َفعْ َل َل )‪.‬‬‫‪-‬الرباعي المزيد بحرف (ا ْفعَنْ َل َل)‪.‬‬

‫ومن الواضح أن الزمن الماضي قد طغى على بقية‬ ‫األزمنة بنسبة كبيرة‪ ،‬ويمكن تفسير ذلك بحنين الشعراء‬ ‫الى الماضي وهروبهم من الحاضر والمستقبل ‪.‬‬ ‫ت‪ -‬في مستوى البنى التركيبية ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬احتلت الجملة االستفهامية الرتبة األولى بين‬ ‫األساليبالطلبية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬احتلت أداتا االستفهام ( هل و متى ) مطالع‬ ‫القصائدوالمقطوعات‪.‬‬ ‫‪ - 3‬جاءت في الغالب أدوات االستفهام تتصدر‬ ‫األفعال المضارعة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬لم يوظف االستفهام للداللة على غرضه‬ ‫الحقيقي‪ ،‬في حين خرج للداللة على أغراض حددها‬ ‫السياق‪.‬‬ ‫ج‪ -‬في مستوى الصورة الفنية ‪:‬‬ ‫ توصلنا إلى ما يلي ‪:‬‬‫‪ - 1‬الصورة من العناصر األساسية في كل عمل أدبي‪،‬‬ ‫بها يدخل إلى منطقة الشعرية واإلبداع‪ ،‬والصورة تستند على‬ ‫استعمال الخيال بوصفه عنصرا مهما وذا فاعلية في بناء الصورة‬ ‫واستحضار المرئيات ومزجها مع االنفعاالت والمشاعر واألفكار‬ ‫والمواقف‪.‬‬ ‫وللشعراء حظ كبير في توظيف الخيال واستدعائه إلعطاء‬ ‫أشعارهم شحنات شعرية تحلق بالمتلقي في سماوات مقولهم‬ ‫الشعري‪.‬‬ ‫‪ - 2‬للبيئة دور كبير في حياة اإلنسان فمنها تتغذى ذاكرته‬ ‫فتلتقط ما تزخر به هذه البيئة‪ ،‬فيظهر هذا في كتابات األديب ‪،‬‬ ‫وبطبيعة الحال إن الشعراء الثالثة امتاحوا من البيئة التي عاشوا‬ ‫فيها وتنفسوا هواءها وسعوا في مناكبها فجاءت أشعارهم تحتفي‬ ‫بالطبيعة وبتوظيف عناصرها في صورهم الشعرية سواء في‬ ‫تغزلهم أو مدحهم أو فخرهم‪...‬‬ ‫‪ - 3‬المصادر الثقافية لها أبلغ األثر في تكوين شخصية‬ ‫األديب لبلورة أفكاره ورؤاه وإغناء أخيلته واالرتقاء بها وتطويرها‪،‬‬ ‫فهذه المصادر الثقافية لدى الشعراء الثالثة تجلت بشكل واضح‬ ‫في قصائدهم فجاءت مشحونة بثقافتهم الدينية خاصة في‬ ‫نبوياتهم وصوفياتهم وفي مقدمات بعض مدائحهم‪.‬‬ ‫‪ - 4‬االستعداد الفطري من العناصر المهمة لدى الشاعر‬ ‫فهو المحرك إلنتاج العمل الشعري وقدح زناده‪ ،‬وهو الذي يقوم‬ ‫باستدعاء العناصر األخرى للتفاعل فال غنى للشاعر عن االستعداد‬ ‫الفطري‪ ،‬ولذلك اكتنز شعر هؤالء الشعراء الثالثة صورا فنية‬ ‫تنطلق من محيطهم وثقافتهم ومعتقدهم‪.‬‬ ‫‪ - 5‬لقد سخر هؤالء الشعراء الثالثة قدراتهم الخيالية‬ ‫وعناصر بيئتهم وثقافتهم بمختلف مصادرها واستعدادهم‬ ‫الفطري إلنتاج شعر يعبر عن ذواتهم ومجتمعهم وهموم أمتهم‪،‬‬ ‫فكانت قصائدهم وثائق تنطق بما في عصرهم‪.‬‬ ‫‪ - 6‬إن الشعراء الثالثة قد استثمروا حواسهم في بناء‬ ‫الصورة الفنية وغناها في نقل تجاربهم ورؤاهم ومواقفهم إلى‬ ‫المتلقي‪ ،‬قصد التأثير فيه أو استدرار تعاطفه‪ ،‬وتماهيه معهم في‬ ‫مقولهم الشعري ‪.‬‬ ‫‪ - 7‬إن الشعراء الثالثة قد حشدوا مجموعة من الصور‬ ‫تعمل على بناء صورة مركبة متكاملة متآزرة فيما بينها لتعطي‬ ‫تصوّرا معينا للمتلقي وتجعل أجزاء القصيدة أكثر ترابطا وتكامال‬ ‫وتماسكا‪.‬‬ ‫‪ - 8‬إن الشعراء الثالثة كانوا أصحاب قدرة عالية على صوغ‬ ‫القصة الوجدانية‪ ،‬فلم يكرروا المشاهد أو الصور‪ ،‬وكل قصة لها‬ ‫مكانها وزمانها وظروفها وأبطالها؛ فهم يلتقون في الهدف‪ ،‬وهو‬ ‫الحب وشقاؤه‪ ،‬ويختلفون في طريقة عرض القصة؛ فلكل منهم‬ ‫أسلوبه الخاص‪.‬‬ ‫‪ - 9‬إن الحوار عند العمراوي وأكنسوس كان وسيلة تعبيرية‬ ‫مهمة في البناء الدرامي‪ ،‬حيث أسهم في رسم صورة الزمان‬ ‫والمكان واإليحاء بطبيعة الشخصيات وحركاتها والكشف عن‬ ‫أفكارها وعواطفها وهمومها ووصف المشاهد التي تدفع الحبكة‬ ‫إلى مرحلة أكثر تقدما‪ ،‬فقد كان الحوار عندهما قوة دافعة للحدث‬ ‫ومحركة للفعل الدرامي وأداة داللية وجمالية‪ ،‬تفضي بمكنونات‬ ‫المتحاورين وتكشف هواجسهم وهمومهم وأزماتهم التي تحمل‬ ‫الداللــة للمتلقي وتجذب انتباهه لمتابعة الفعل الدرامي والدخول‬ ‫فيه لمشاركة المبدع في تطوير الحدث والكشف عن أداء أشخاصه‬ ‫ومواقفهم من المجتمع والفرد والحياة من خالل الحب‪.‬‬ ‫كما اتسم حوارهما بالكثافة والتركيز‪ ،‬ونبض بالحركة‬ ‫والحيوية وابتعد عن التكلف واالفتعال‪ ،‬فهو موضوع فني منبثق‬ ‫عن أفكار الشخصيات الدرامية بكل أبعادها الجمالية ومستوياتها‬ ‫الداللية‪ .‬أما الحوار عند ابن السايح فيمكن القول‪ :‬إنه كان عملية‬ ‫إنشاء خطابي يجذب نحو درامية حدثه‪ ،‬ولكنه يظل متمركزا حول‬ ‫شخصية واحدة وهي الشاعر نفسه‪.‬‬ ‫فهذا ما استطعنا الوصول إليه في هذه الرحلة الماتعة التي‬ ‫سعدنا بها في مغاني الشعر المغربي إبان القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫فألفيناه منبعا َثرّاً للواردين والقاصدين ‪ ،‬ومَدَداً غير ممنون لكل‬ ‫من جاء إليه باحثا ‪ ،‬سابراً أغواره ‪ ،‬ومنقبا في مناجمه ‪ ،‬ومُتأم ً‬ ‫ال‬ ‫ومُتملياً بسحر جالله وسرّ جماله ‪.‬‬ ‫وقد انصرفنا عنه ونحن مكرهون دون أن يخبوَ اإلعجاب‬ ‫به ‪ ،‬وينقطع االنبهار بفنّيَّته وجمالياته التي جاءت بها أنساقه‬ ‫المتواشجة لفظاً ومعنًى ومبنَى؛ ولو مضينا نتتبع دُرَرَهُ لما‬ ‫انتهت بنا هذه الرحلة ‪ ،‬ولكن لكل رحلة نهاية فالظفر بالكمال‬ ‫من المحال ‪.‬‬ ‫ولم يبقَ لنا إال أن نردد مع القاضي عبد الرحيم البيساني‬ ‫عبارة بعث بها في رسالة إلى العماد األصفهاني يعتذر فيها عن‬ ‫كالم استدركه األخير عليه ‪:‬‬ ‫« إني رأيت أنه ال يكتب إنسان كتاباً في يومه إال قال في‬ ‫غده لو ُغيِّر هذا لكان أحسن‪ ،‬ولو زيد هذا لكان يستحسن‪ ،‬ولو‬ ‫ُقدِّم هذا لكان أفضل‪ ،‬ولو تُ ِرك هذا لكان أجمل‪ ،‬وهذا لعمري من‬ ‫أعظم العبر‪ ،‬وهو دليل على استيالء النقص على جملة البشر»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نسأل أن نكون قد وضعنا لبنة ًفي صرح األدب‬ ‫واهلل‬ ‫المغربي‪.‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته ‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫العدد ‪970‬‬

‫الطائر البحري للشاعر المعتمد الخراز‬ ‫في ضيافة وزان‬

‫سيرة األرجوان‬

‫هذه إضمام ٌة من النصوص‪ ،‬موسوم ٌة بعنوان‪( :‬سيرة األرجوان)‪،‬‬ ‫آثرت نشرَها في صحيفة (الشمال) الغراء‪ ،‬قبل إذاعتها في كتاب مطبوع‪،‬‬ ‫وفصولها ثالثة‪ :‬فصل التَّوشيات‪ ،‬وفصل السانحات‪ ،‬وفصل الصبابات‪.‬‬ ‫وقد كانت في البال قصيد ًة‪ ،‬ثم فقدت أوزانها في آخر قطرةٍ من قطرات‬ ‫َ‬ ‫القلم‪ ..‬لكنني أرجو لها أن َ‬ ‫وزُرقة عينيه‪..‬‬ ‫تأخذ من الشعر بها َءهُ‪ ،‬ورُوا َءهُ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الخيال بي في صورةٍ أو عبارة؛ َّ‬ ‫فإن في أوديته‬ ‫وليعذرني القارى ُء إذا جنح‬ ‫َّ‬ ‫متنفس ًا‪ ،‬ومستراح ًا‪ ،‬ومهرب ًا من أضغاث الواقع‪..‬‬

‫ف�صل التو�شيات‬

‫تطوان تودّع خطيبها‪..‬‬ ‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين‪ .‬ال�شارقة‬

‫المغرب ‪ -‬وزان‬ ‫نظمت «جمعية أساتذة اللغة العربية‬ ‫بوزان» يوم السبت ‪ 24‬نونبر ‪2018‬‬ ‫بمدينة وزان‪ ،‬لقاء نقديا حول ديوان‬ ‫«رقصة الطائر البحري» للشاعر المعتمد‬ ‫الخراز الذي صدر عن بيت الشعر في‬ ‫المغرب‪ ،‬بتصميم وإخراج التشكيلي‬ ‫والشاعر عزيز أزغاي‪ ،‬ومقدمة الشاعر‬ ‫محمد الشيخي موسومة ب»شعر يستريح‬ ‫على غيمة»‪.‬‬ ‫فاطمة مرغيــش‪ :‬يستدعي ديــوان‬ ‫المعتمد قارئا له القدرة على الكشف‬ ‫اللقاء النقدي الذي انعقد في ثانوية‬ ‫موالي عبد اهلل الشريف التأهيلية‪ ،‬قامت‬ ‫بتقديمه وتسييره األستاذة عزيزة‬ ‫لغويبي التي أكدت في كلمتها اهتمام‬ ‫الجمعية بتقديم اإلصدارات الجديدة‬ ‫واالحتفال بها من خالل تنظيم جلسات‬ ‫نقدية‪ ،‬وذلك مساهمة منها في إغناء‬ ‫الحركة الثقافية بمدينة وزان‪ .‬وقد جاءت‬ ‫المداخلة األولى للدكتورة والشاعرة‬ ‫فاطمة مرغيش بعنوان‪« :‬بالغة التكثيف‬ ‫في ديوان (رقصة الطائر البحري)»‪،‬‬ ‫اعتبرت فيها أن السمة المميزة لهذا‬ ‫الديوان هي سمة «التكثيف»‪ ،‬التي مثلت‬ ‫آلية بالغية خدمت رؤية الشاعر الفنية‪.‬‬ ‫ومن خالل استقراء مجموعة من نصوص‬ ‫الديوان قامت الناقدة مرغيش بمقاربة‬ ‫ظاهرة التكثيف من زاويتين‪ :‬وهما «اللغة‬ ‫المجردة» في عالقتها غير المألوفة داخل‬ ‫تراكيب لغوية جديدة‪ ،‬حيث عوضت هذه‬

‫العالقات ما قام الشاعر بحذفه وتشطيبه‬ ‫ليترك اللفظة ملغمة بالداللة‪ ،‬ثم «الرمز»‬ ‫الذي أطر الصورة الشعرية‪ ،‬مما أسس‬ ‫لدالالت جديدة‪ ،‬وهو ما جعل النصوص‬ ‫نابعة من نفس الرؤية لكنها مختلفة‬ ‫األشكال‪ ،‬وقد أشارت الدكتورة فاطمة‬ ‫في مداخلتها إلى اعتماد الشاعر المعتمد‬ ‫لتقنية الومضة‪ ،‬واستناده إلى الدهشة‬ ‫التي تخلق المفارقة‪ ،‬وهو ما اعتبرته‬ ‫يستدعي قارئا له القدرة على الكشف‬ ‫والغوص في المعاني‪.‬‬ ‫محسن أخريف‪ :‬نصوص المعتمــد‬ ‫تبحث عن ممكنات الشعر‬ ‫المداخلة الثانيــة جـــاءت بتوقيـــع‬ ‫الدكتور والشاعر محسن أخريف الذي‬ ‫وسمها ب «احتماالت الرؤية وجمالية‬ ‫اإليقاع الشعري في ديوان (رقصة الطائر‬ ‫البحري)»‪ ،‬وقد أكد في مستهلها أن‬ ‫نصوص المعتمد الخراز نصوص صعبة‪،‬‬ ‫ال تهب نفسها من الناحية المعنوية‬ ‫بسهولة للقارئ‪ ،‬لذلك فهي تحتاج إلى‬ ‫تمحيص وإعمال فكر وتقليب نظر في‬ ‫جوانبها المتعددة للوصول إلى المعنى‬ ‫الحدسي األول‪ ،‬وقد توزعت مداخلة‬ ‫الشاعر والروائي محسن أخريف على ثالثة‬ ‫محاور‪ ،‬تعرض المحور األول إلى «معمار‬ ‫نصوص المجموعة»؛ حيث أكد رهانها‬ ‫على تنويع البناء المعماري‪ ،‬وتحررها في‬ ‫التشكيل البصري‪ ،‬وذلك في أفق البحث‬ ‫عن ممكنات الشعر في البناء‪ ،‬وفي‬ ‫هذا السياق قدم أخريف قراءة تأويلية‬ ‫لعناوين بعض القصائد مستثمرا بنيتها‬

‫ودالالتها‪ ،‬ثم تعرض لظاهرة توثيق‬ ‫النصوص مكانيا وزمنيا‪ ،‬أما المحور‬ ‫الثاني فقد خصصه أخريف «للبحث عن‬ ‫معنى الرؤية»‪ ،‬وقد أشار فيه إلى أن ما‬ ‫يميز نصوص «رقصة الطائر البحري»‬ ‫هو تأدية المعنى الشاسع بالكالم القليل‪،‬‬ ‫وانفتاح المعنى على أطياف معان تمثل‬ ‫جزءا من الممكنات التأويلية للنص‪ ،‬وقد‬ ‫ركز أخريف في هذا المحور على تجليات‬ ‫الذات الكاتبة من خالل تيمة السفر‬ ‫والقول الشعري‪ ..‬أما المحور الثالث من‬ ‫المداخلة فركز فيه على «جمالية اإليقاع‬ ‫الشعري» في الديوان‪ ،‬حيث حاول الكشف‬ ‫عن المستويات اإليقاعية للديوان‪،‬‬ ‫المتمثلة في التفعيلة‪ ،‬والتكرار والتوزاي‬ ‫والتقفية‪..‬‬ ‫المعتمد الخــراز‪ :‬ساهـــم الترحال‬ ‫والسفر في إغناء تجربتي الشعرية‬ ‫وفي نهاية هذا اللقاء النقدي‪ ،‬ألقى‬ ‫الشاعر المعتمد الخراز كلمة بالمناسبة‬ ‫تحدث فيها عن أهمية الترحال والسفر‬ ‫والتنقل بين األمكنة في إغناء تجربته‬ ‫الشعرية‪ ،‬ومد قصائده بطاقة تخييلية‬ ‫وجمالية‪ ،‬مثل مدينة تطوان التي تمثل‬ ‫منشأه‪ ،‬ومرتيل مكان دراسته‪ ،‬وغرناطة‬ ‫التي سافر إليها وارتبط بها وجدانيا‬ ‫وحضاريا‪ ،‬وأخيرا وزان التي أقام فيها‬ ‫سنوات عدة‪ ،‬بعد ذلك قرأ الشاعر المعتمد‬ ‫قصائد منتقاة من ديوانه «رقصة الطائر‬ ‫البحري»‪ ،‬ليختم اللقاء‪ ،‬الذي حضره عدد‬ ‫من مثقفي المدينة ومحبي الشعر‪ ،‬بحفل‬ ‫توقيع الديوان‪.‬‬

‫مهرجان طنجة الدولي للفنون المشهدية يعلن‬ ‫عن مشروع «بيت الفرجة» خالل حفل افتتاح‬ ‫دورته الرابعة عشرة‬

‫وقع المركز الدولي لدراسات الفرجة خالل حفل‬ ‫افتتاح مهرجانه الدولي «طنجة للفنون المشهدية»‬ ‫اتفاقية شراكة مع المديرية الجهوية لوزارة الشباب‬ ‫والرياضة بجهة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬حول مشروع‬ ‫«بيت الفرجة» الذي يروم من خالله المركز إحداث‬ ‫فضاء متعدد االختصاصات‪ ،‬يتيح للباحثين والفنانين في‬ ‫المسرح وفنون األداء إمكانية للتواصل والحوار في فضاء‬ ‫خاص بالبحث والتكوين المسرحيين‪ .‬وقد وقع االتفاقية‬ ‫عن المركز الدولي لدراسات الفرجة رئيسه الدكتور خالد‬ ‫أمين‪ ،‬وعن المديرية الجهوية لوزارة الشباب‪ ،‬المدير‬ ‫الجهوي السيد عبد الواحد اعزيبو‪.‬‬ ‫كما تم التوقيع في الوقت نفسه‪ ،‬على اتفاقية‬ ‫شراكة أخرى بين الجهتين‪ ،‬وتتعلق بمشروع «نقرة‬ ‫الحمامة» الذي أطلقه المركز قبل ثالث سنوات‪ .‬وهو‬ ‫مشروع يهدف إلى نبذ العنف في الوسط المسرحي‬ ‫من خالل المسرح وفنون األداء‪ ،‬ومن تم المساهمة‬ ‫في تأطير الناشئة فنيا‪ ،‬وكذا تربيتها على قيم حقوق‬ ‫اإلنسان المدنية واالجتماعية‪.‬‬

‫جهاد ياسين‬

‫ُ‬ ‫�صباح قائظٍ ‪ ..‬وتفتَح عين َيها على ح�شودٍ كح�شودِ احلجيج‬ ‫ت�ستيقظ � ُّأم الهديلِ على‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أمواج متناوحةٍ من‬ ‫بال�سوادِ ري�شة يف‬ ‫ت� ُّؤم املقربة العموم ّية‪ ..‬وال ّنع�ش امللف ُع َّ‬ ‫ِّ‬ ‫خ�ضم � ٍ‬ ‫بع�ض‪..‬‬ ‫رش يتك َّف�أ بع�ضها على ٍ‬ ‫الب� ِ‬ ‫الله �أكرب‪ ..‬الله �أكرب‪ ..‬الله �أكرب‪..‬‬ ‫تخرج ِّ‬ ‫مهيب‪،‬‬ ‫جنائزي‬ ‫موكب‬ ‫لوداع خطيبِها الأول يف‬ ‫وق�ضي�ضها‬ ‫بق�ضها‬ ‫تطوان‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫املمزوجة بالدّموع‪( :‬الله يرحمك يا �إ�سماعيل)‪( ،‬اجلنة �إن �شاء الله يا‬ ‫ّعوات‬ ‫جت ِّل ُلهُ الد ُ‬ ‫�إ�سماعيل)‪ ( ،‬الله يرحمها من روح)‪....‬‬ ‫َ‬ ‫ُخ ِّيل � َّ‬ ‫ال�سبعةِ ‪ُّ ،‬‬ ‫والريحان‪..‬‬ ‫إيل �أن‬ ‫تزف خطي َبها �إلى عري�ش ّ‬ ‫الر ْو ِح َّ‬ ‫املدينة ب�أبوابها َّ‬ ‫أ�سمار رواتها !‬ ‫واء كتبها‪ ،‬و�‬ ‫�صار ُر َ‬ ‫َ‬ ‫بعد �أن َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫حتوطهُ‬ ‫والرحمات‪..‬‬ ‫رض‬ ‫وخ ِّيل �إيل �أن النع�ش‬ ‫�شموع الد ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّعوات‪ّ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫هودج �أخ� ُ‬ ‫وخ ِّي َل � َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫للخطيب‪،‬‬ ‫مي‬ ‫واعرتاف ب�أياديهِ‬ ‫ِ‬ ‫إيل �أن اجلناز َة بح�شودها املحت�شد ِة تكر ٌ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫فتي العود‪َّ ،‬‬ ‫غ�ض الإهاب‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫�شا‬ ‫كان‬ ‫مذ‬ ‫والوعظـ‬ ‫طابة‪،‬‬ ‫واخل‬ ‫ِ‪،‬‬ ‫ة‬ ‫ّعو‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫البي�ضاء‬ ‫ّ َّ‬ ‫َ‬ ‫�إلى �أن واثبتهُ‬ ‫�صحيفة‬ ‫املر�ض ب�أَ َخر ٍة من عمره‪ .‬فمن ال يذكر من هذه احل�شود‬ ‫مخالب‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ظلمات بع�ضها فوق بع�ض؟‬ ‫أ�رسج قناديلها يف‬ ‫�‬ ‫وقد‬ ‫(النور)‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫درو�سهُ التف�سري َّية يف م�سجد احل�سن الثاين‪ ..‬يج ّلي‬ ‫اجلموع‬ ‫ومن ال يذكر من هذه‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫معاين ال ِآي‪ ،‬ومقا�ص َد ال ّتنزيل ؟‬ ‫بها‬ ‫َ‬ ‫درو�سهُ الوعظ َّية مب�سجد ال�سوق الفوقي‪ ..‬ير�ش ُد‬ ‫ومن ال يذكر من هذه الوفودِ‬ ‫َ‬ ‫بها �أقوام ًا‪ ،‬ويهدي نفو�س ًا‪ ،‬بعام َّيتهِ املح َّب َبةِ ‪ُ ،‬‬ ‫وغ ّنتهِ احل ْلو ِة ؟‬ ‫ومن ال يذكر من ه�ؤالء امل�ش ّيعني خطبتَهَ‬ ‫القلوب‪،‬‬ ‫باجلامع الكبري‪ ..‬تخ�شع لها‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وت�رشئب الأعناق‪ ،‬ف�إذا بامل�ص ّلني َّ‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫عر�س‬ ‫يف‬ ‫‪،‬‬ ‫كل يوم‬ ‫ٍ‬ ‫جمعةٍ‬ ‫طابي دائ ِم االزهرارِ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍّ‬ ‫واالخ�رضار ؟‬ ‫مختاره من « امل ّنة» و«املعيار»‪،‬‬ ‫ومن ال يذكر من ه�ؤالء املحبني الأوفياء‬ ‫َ‬ ‫وجمهر َة بحوثه يف الفقه وال�سيا�سة واالجتماع‪ ،‬و�أطروحته عن احلركة العلمية يف‬ ‫َ‬ ‫�سبتة ؟‬ ‫ومن ال يذكر من ه�ؤالء الربرة املخل�صني تنزُّ َلهُ للعامة‪ ،‬وتف ّقده للمر�ضى‪،‬‬ ‫وت�شييعه للجنائز‪ ،‬وو�ساطته بني املتخا�صمني ؟‬ ‫َ‬ ‫هُ‬ ‫وابت�سامته الر�ض َّية‪ ،‬ودُ عابته‬ ‫ومن ال يذكر م ّنا جميع ًا جلبابهُ ‪ ،‬وطربو�ش ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الــمزن؟‬ ‫ّ‬ ‫الرخيم املعن َدل‪ ،‬و�رسيرتَهُ النق َّي َة نقاوة ماء ُ‬ ‫الرقيقة‪ ،‬و�صوتَهُ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫وتكر بي �إلى م�سارح املا�ضي البعيد‪ ..‬حني‬ ‫هن‪،‬‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫تنثال‬ ‫ى‬ ‫ت‬ ‫�ش‬ ‫خواطر‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بحي‬ ‫كنت �صب ّي ًا �أخ� َ‬ ‫رض العود‪ ،‬وكان الفقي ُد يزور الوال َد ـ رحمه الله ـ يف بيتنا القدمي ِّ‬ ‫اجلل�سات بغرفة املكتبة‪ ،‬ويت�شاجنُ احلديث‪ ،‬وحتلو الد ُ‬ ‫ّعابة‪،‬‬ ‫االترنكات‪ ،‬فتطول‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٍّ‬ ‫طفويل‬ ‫ال�س‬ ‫أختل�س‬ ‫�‬ ‫كنت‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫عائل‬ ‫أ�رسار‬ ‫�‬ ‫الرجلني‬ ‫وربمّ ا دارت بني‬ ‫مع �إليها بف�ضولٍ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫رب !‬ ‫�‬ ‫التقاط‬ ‫يف‬ ‫أفلح‬ ‫ِ‬ ‫رس �أو خ ٍ‬ ‫بريءٍ ‪ ،‬فال � ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ورثاء ُه له يف �صحيفة (النور)‬ ‫أكربت فيه ح َّبهُ للوالد‪ ،‬وحزنَهُ عليه يوم وفاته‪،‬‬ ‫وقد � ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫اخل�شبي)‪ ،‬وق َّب َل‬ ‫(‬ ‫على‬ ‫وقف‬ ‫إذ‬ ‫�‬ ‫ى‬ ‫احلر‬ ‫عن‬ ‫ت�سل‬ ‫وال‬ ‫‪..‬‬ ‫كليمات‬ ‫بكلمات‬ ‫املحملِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫دموعهِ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫الدعوي‬ ‫جبينه‪ ،‬ثم هرول خارج ًا �إلى باب البيت‪ ،‬ال يكاد ي�ص ِّدق �أن �صف َّيه‬ ‫َ‬ ‫ورفيق دربهِ‬ ‫ِّ‬ ‫قد حزم حقائبه‪ ،‬ورحل عن دنيا الأحياء‪..‬‬ ‫أكربت كذلك ح َّبه يل‪ ،‬وت�شجيعه لقلمـي؛ �إذ حر�ص ــ مع �شدّة مر�ضه ووهنه ــ‬ ‫و� ُ‬ ‫ال�سفر �إلى طنجة‪ ،‬وح�ضور حفل توزيع جوائز عبد الله كنون‪ ،‬وكنت احلائز على‬ ‫على َّ‬ ‫ت�ستحق‬ ‫جائزة الدرا�سات الإ�سالمية؛ بل �إنه ه ّن�أين بهذه العبارة العطرة‪ ( :‬كل كتبك‬ ‫ّ‬ ‫الفوز باجلوائز)‪.‬‬ ‫ويكر‪ ..‬و�أما يف ما ي�شبه الغفوة �أو حلم‬ ‫يكر‬ ‫والذكريات‬ ‫اخلواطر‬ ‫�رشيط‬ ‫ما زال‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫بنف�س‬ ‫الكرى‪ ..‬مل ينت�شلني من غفوتي �إال م�شه ُد امل�ش ِّيعني وقد و ّلوا عن قرب الفقي ِد‬ ‫ٍ‬ ‫خفق نعالهم وقلوبهم !‬ ‫خا�شعةٍ ‪ ،‬وعنيٍ دامعةٍ ‪ ..‬و�إ َّنه‬ ‫لي�سمع َ‬ ‫ُ‬ ‫وحوقلت‪ْ ،‬‬ ‫ومتت َْم ُت يف وليجةِ نف�سي‪:‬‬ ‫ا�سرتجعت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫اخلطيب‬ ‫مات‬ ‫الراحل العزيزُ �أن ُتكتب على لوحةِ قربك عبارة واحدة‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫« �أمت َّنى �أيها َّ‬ ‫َ‬ ‫وترك املن َرب وحيد ًا‪.»..‬‬

‫ــــــــــــــــــــ‬

‫�ألقيت الكلمة يف حفل تكرمي الأ�ستاذ اخلطيب رحمه اهلل‪ ،‬وكان مببادرة كرمية من‬ ‫املجل�س العلمي للم�ضيق والفنيدق‪.‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫م الحديث‬ ‫ل‬ ‫ع ف بطنجة‬ ‫الشري‬

‫عبد الحفيظ كنون‬

‫‪9‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫أشهر أعالمه‪ ،‬وأبرز مجالسه‬ ‫(‪)3/2‬‬

‫مصطفى بلقات‬

‫المطلب الثاني‪ :‬آل كنون‬

‫وهذه األسرة أيضا كان لها وما زال صيت علمي واسع داخل المغرب وخارجه‪ ،‬عبر أعالمها‪ ،‬وبرز منهم في هذا‬ ‫ ‬ ‫الفن‪ ،‬الشيخ العالمة عبد الحفيظ كنون‪.‬‬

‫ عبد الحفيظ كنون( ‪)1‬‬‫هو العالمة عبدالحفيظ بن عبدالصمد كنون الحسني‪.‬‬ ‫ولد بفاس سنة ‪1321‬هـ‪1902/‬م‪ .‬ولما احتل المغرب سنة ‪1912‬م هاجر به والده واألسرة كلها إلى مدينة طنجة‪،‬‬ ‫ومنها كانت النية للهجرة إلى المدينة المنورة‪ ،‬ولكن ظروف الحرب العالمية األولى حالت دون تحقيق تلك الرغبة‪ ،‬فاستقرت‬ ‫األسرة بطنجة‪ ،‬وكان عمره آنذاك عشر سنين‪.‬‬ ‫تلقى حفظ القرآن الكريم في أحد كتاتيب طنجة‪ ،‬وتلقى مبادئ العلوم على والده الشيخ عبدالصمد‪ ،‬وعلى عمه الشيخ‬ ‫سيدي محمد‪ ،‬وكذا على بعض علماء طنجة‪ ،‬ثم عكف على تكوين نفسه في علوم الفقه والتفسير والحديث واألدب‪ ،‬حتى‬ ‫اكتمل نضجه‪ ،‬فشرع في عقد مجالس الدرس للطلبة ومجالس الوعظ والتوعية لعامة الناس بمختلف مساجد طنجة‪،‬‬ ‫ومارس العدالة زمنا‪ ،‬ثم تخلى عنها‪ ،‬ولم يتقلد وظيفا غير التعليم‪ ،‬فقد عرضت عليه الفتوى والقضاء‪ ،‬ولكنه آثر التعليم‪ ،‬فكان‬ ‫مدرسا رسميا بالمعهد الديني منذ إنشائه بطنجة سنة ‪1943‬م‪ ،‬وكان خطيبا للجمعة بالمسجد األعظم سنوات طويلة وظل‬ ‫كذلك في حيوية ونشاط إلى أن أعجزته الشيخوخة عن الحركة‪ ،‬فلزم بيته حتى لبى نداء ربه يوم ‪ 10‬ذي القعدة ‪1416‬هـ‬ ‫موافق فاتح أبريل ‪1996‬م‪.‬‬ ‫وقد خلف مجموعة من الكتب والرسائل‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫ إتحاف ذي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه‪ :‬يقع في ‪ 9‬أجزاء‪ ،‬نشرته وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‬‫بالمغرب سنة ‪2009‬م‪.‬‬ ‫ وخاتمة الشمائل المحمدية والخصائل المصطفوية ألبي عيسى الترمذي (خ)‪.‬‬‫ االبتهاج بذكر أحاديث اإلسراء والمعراج (خ)‪.‬‬‫المطلب الثالث‪ :‬علماء أفراد‬ ‫وأقصد علماء الحديث الشريف الذين لم تنتظمهم أسرة علمية‪ ،‬أعرف منهم حسب اطالعي‪:‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى بلقات‪:‬‬ ‫هو المحدّث القاضي مصطفى بن الحاج محمد بلقات التطواني مولدًا و منشأ وإقبارًا‪ ،‬الطنجي دارا ووفاة وقرارا‪.‬‬ ‫ولد بتطوان في ‪ 9‬جمادى األولى ‪1359‬هـ‪ ،‬موافق ‪14/6/1940‬م‪.‬‬ ‫نشأ بتطوان‪ ،‬ثم رحل في طلب العلم إلى الحجاز حيث انتظم بالجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة‪.‬‬ ‫وبعد رجوعه من المشرق أتم دراسته بجامع القرويين إلى أن حصل على شهادة اإلجازة من كلية الشريعة‪.‬‬ ‫استفاد من مجموعة من األساتذة والشيوخ منهم‪ :‬الفقيه أحمد الحداد الصدر األعظم بالمنطقة الخليفية‪ ،‬والقاضي‬ ‫عبد السالم بلقات‪ ،‬والعابد الفاسي و عبد العزيز بن أحمد بن الخياط و الجواد الصقلي … وباجتهاده ومثابرته تمكن من‬ ‫تحصيل شهادة اإلجازة في الشريعة‪.‬‬ ‫انخرط في سلك القضاء‪ ،‬ومارس الخطابة والدروس الوعظية‪.‬‬ ‫وكان كثير التقييد والتأليف خاصة في علم الحديث الشريف‪ ،‬ومما ترك فيه من مؤلفات خطية‪:‬‬ ‫ بذل الغاية في تخريج أحاديث البداية‪( :‬خرج فيه أحاديث بداية المجتهد و نهاية المقتصد البن رشد‪ ،‬وهو تخريج‬‫موسع (في ‪ 8‬أجزاء) أطال فيه النفس باستيعاب الطرق و الروايات)‪.‬‬ ‫ تخريج أحاديث الرسالة القشيرية‪( :‬طرر بهامش الرسالة‪ ،‬استعاره منه بعض أقاربه فلم يرده)‪.‬‬‫ الفوائد الحديثية‪ :‬كتاب لطيف‪( ،‬اطلعت عليه و هو عبارة عن انتقاء للعلل الخفية المتناثرة في كتب الحفاظ المتقدمين‬‫كابن حبان و الدارقطني‪.)..‬‬ ‫ تحريك القرائح للكالم على الجوائح‪( :‬و هو بحث تخرجه من كلية الشريعة بفاس بإشراف الشيخ العابد الفاسي رحمه‬‫اهلل‪ ،‬و هو بحث جيد عالج فيه مسألة الجوائح من خالل الحديث الذي رواه مسلم عن جابر رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه و آله و سلم‪« :‬لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فال يحل لك أن تأخذ منه شيئا‪ ،‬بم تأخذ مال أخيك‬ ‫بغير حق») ‪....‬‬ ‫توفي رحمه اهلل بعد أن عانى أمراضا حادة على رأسها مرض القلب العضال‪ ،‬يوم السبت ‪ 13‬محرم ‪1430‬هـ موافق‬ ‫‪ 10‬يناير ‪2009‬م بطنجة‪.‬‬

‫‪ - 2‬عبد اهلل التليدي‪:‬‬ ‫هو الشيخ المحدث أبو الفتوح عبداهلل بن عبدالقادر التليدي‬ ‫ولد بقبيلة بني كرفط سنة ‪1926‬م‪.‬‬ ‫حفظ القرآن في الكتاب كالعادة‪ ،‬ثم هاجر إلى مدينة طنجة فالتحق بمعهدها الديني‪ ،‬حيث درس على علمائها‪،‬‬ ‫أمثال‪ :‬الشيخ عبدالسالم الخنوس‪ ،‬والشيخ عبداهلل بن عبدالصادق التمسماني‪ ،‬والشيخ عبدالحفيظ كنون‪ ،‬والشيخ الحسن‬ ‫اللمتوني‪ ،‬والشيخ محمد السكيرج‪ ،‬والشيخ عبدالرحمن الجزائري‪ ،‬والشيخ محمد الزمزمي‪ ،‬والشيخ عبدالحي بن الصديق‪.‬‬ ‫والزم الشيخ عبدالعزيز بن الصديق واستفاد منه في علم الحديث‪ ،‬واستفاد أيضا في هذا الفن من الشيخ أحمد ابن‬ ‫الصديق لما زاره بمدينة سال وكذلك عبر مكاتباته له‪.‬‬ ‫وقد انقطع للتدريس بزاويته بمرشان‪ ،‬والتأليف‪.‬‬ ‫وبعد حياة حافلة بالعطاء العلمي لبى داعي مواله ظهر يوم السبت ‪ 12‬ذي القعدة ‪1438‬هـ موافق ‪ 05‬أغسطس‬ ‫‪2017‬م‬ ‫من مؤلفاته‪:‬‬ ‫ تهذيب جامع الترمذي‪.‬‬‫ جواهر البحار بصحاح األحاديث القصار‪.‬‬‫ تهذيب الخصائص الكبرى للسيوطي‪.‬‬‫ تهذيب الشفا للقاضي عياض‪.‬‬‫ بداية الوصول بلب صحيح األمهات األصول‪.‬‬‫ إتحاف المسلم بزوائد جامع الترمذي على البخاري ومسلم‪..‬‬‫• المبحث الثاني‪ :‬أبرز مجالس علم الحديث بطنجة‪.‬‬ ‫هذه المدينة ـ إزاء هذا الفن الجليل ـ يمكن ذكر مجالسها بحسب المقاصد التي عُقدت ألجلها‪ ،‬وهي تنقسم إلى أربعة‪،‬‬ ‫نُوردها وَ ْفق المطالب اآلتية‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مجالس الدرس‬ ‫والقصد من ذلك ذكر من اعتنى بكتب الحديث درسا وإفادة وتعليقا وشرحا‪ .‬ونذكر منهم‪:‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫عبد اهلل التليدي‬

‫ الشيخ عبداهلل بن إدريس السنوسي(ت‪1350‬هـ) درّس كتبا لبعض الطلبة في بعض المساجد أو في بيته؛ ك‪:‬‬‫بلوغ المرام من أدلة األحكام للحافظ ابن حجر العسقالني‪ ،‬والشمائل النبوية و الخصائل المصطفوية ألبي عيسى‬ ‫الترمذي‪.)2( ... ،‬‬ ‫ الشيخ عبدالسالم بن عبدالنبي غازي (ت‪1352‬هـ)‪ ،‬درس البخاري وحضر مجالسه الشيخ عبداهلل كنون(‪.) 3‬‬‫ الشيخ عبدالصمد كنون(ت‪1353‬هـ) درس صحيح البخاري بشرح القسطالني‪ ،‬وصحيح مسلم بشرح األبي‪ ،‬وسنن‬‫ابن ماجه( ‪.)4‬‬ ‫ الشيخ محمد بن الصديق الغماري(ت‪1354‬هـ) كان يدرس صحيح البخاري في الجامع الكبير(‪ .)5‬بتقرير األدلة‬‫والترجيح بين المذاهب‪ ،‬حسب موافقتها للدليل( ‪.)6‬‬ ‫ الشيخ أبو شعيب الدكالي(ت‪1356‬هـ) درس صحيح البخاري حضره الفقيه العربي التمسماني (ت‪1389‬هـ)(‪،)7‬‬‫والشيخ عبداهلل كنون(‪.) 8‬‬ ‫ الشيخ أحمد ابن الصديق (ت‪1380‬هـ) درس الصحيحين (البخاري ومسلم)‪ ،‬وممن حضر مجلسه الدكتور إبراهيم ابن‬‫الصديق والشيخ محمد البقالي الداهري(‪ .)9‬وجامع الترمذي وحضره الشيخ محمد البقالي الداهري( ‪ .)10‬والشيخ الحسن‬ ‫ابن الصديق(‪.)11‬‬ ‫ الشيخ محمد الزمزمي(ت‪1408‬هـ) درّس كتاب بلوغ المرام البن حجر العسقالني‪ ،‬حضره عليه الشيخ عبداهلل‬‫التليدي( ‪.)12‬‬ ‫ الشيخ محمد المكي الناصري(ت‪1414‬هـ) درّس األربعين النووية بالجامع األعظم حضرها عليه الشيخ عبداهلل‬‫التليدي( ‪.)13‬‬ ‫ الشيخ عبدالحي بن الصديق(ت‪1415‬هـ) درّس نخبة الفكر في مصطلح الحديث البن حجر وبلوغ المرام بسرد سبل‬‫السالم للصنعاني( ‪.)14‬‬ ‫ الشيخ عبدالحفيظ كنون(ت‪1416‬هـ) درّس مختصر صحيح البخاري البن أبي جمرة وسنن ابن ماجه‪ ،‬حضرها عليه‬‫الشيخ عبداهلل التليدي(‪.)15‬‬ ‫ الشيخ عبدالعزيز ابن الصديق(ت‪1418‬هـ) درّس جامع الترمذي‪ ،‬ختمه عليه الشيخ عبداهلل التليدي في ستة أشهر‬‫خرج منه بفقه وعلم غزيرين( ‪ .)16‬وحضر عليه أيضا ألفية العراقي في مصطلح الحديث( ‪.)17‬‬ ‫ الشيخ عبداهلل التليدي درّس صحيح البخاري‪ ،‬وقد حضرت عليه بعض مجالسه بزاويته‪ ،‬وحضرت عليه أغلب كتابه‬‫تهذيب جامع الترمذي بالزاوية أيضا‪.‬‬ ‫ الشيخ مصطفى البحياوي درّس أبوابا من صحيح البخاري بمسجد اإلمام الشاطبي‪ ،‬ولم يتمه نظرا لطريقته‬‫المستفيضة في شرح الحديث وبيان معانيه ّ‬ ‫وحل إشكاالته‪ ،‬وقد حضرت له بعض المجالس من كتاب الرقائق بمسجد‬ ‫اإلمام نافع‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬مجالس الرواية‬

‫والقصد منها المجالس التي اهتمت بوصل سلسلة اإلسناد فقط دون التفات إلى الدراية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ اإلمالء‪ ،‬مثل‪ :‬ما أماله الحافظ أحمد ابن الصديق الغماري بالجامع األعظم والزاوية الصديقية بطنجة( ‪.)18‬‬‫ رواية المسلسالت‪ ،‬مثل‪ :‬الحديث المسلسل باألولية رواه الشيخ عبدالعزيز بن الصديق عن شقيقه أحمد‪ ،‬وقد شرحه‬‫في مجلس بالزاوية الصديقية سنة ‪1366‬هـ‪ ،‬وله رسالة مطبوعة فيه سماها‪( :‬التحفة العزيزية في الحديث المسلسل‬ ‫باألولية)‪.‬‬ ‫ورواه الشيخ أحمد سكيرج(ت‪1363‬هـ) عن الشيخ عبداهلل السنوسي ببيته بطنجة( ‪.)19‬‬ ‫الوتْ ِري حين مروره بطنجة سنة ‪1297‬هـ‪ .‬وسمع‬ ‫وسمعه القاضي حميد بناني (ت‪1327‬هـ) من الشيخ علي بن ظاهر ِ‬ ‫منه أيضا (المسلسل بقول كل راو كتبته فها هو بجيبي‪ ،‬والمسلسل بيوم عاشوراء)( ‪.)20‬‬ ‫و(الفوائد الجليلة في مسلسالت عَقيلة) ألبي عبداهلل محمد بن أحمد بن سعيد المكي الحنفي الشهير بابن عقيلة‬ ‫(ت‪1150‬هـ) سمعها من الشيخ البقالي الداهري(ت‪1434‬هـ)‪ :‬الشيخ عبداهلل بن صالح آل العبيد بمنزله بطنجة‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا‬ ‫الفقيه المعمر محمد بن عبدالهادي البقالي الداهري بقراءي عليه لجميعها بطنجة‪ ،‬أخبرني أحمد بن الصديق الغماري‪،‬‬ ‫أخبرنا بجميعها أبو عبداهلل محمد بن جعفر الكتاني‪ ،‬أخبرنا بجميعها أبو جيدة بن عبدالكبير الفاسي‪ ،‬أخبرنا بجميعها‬ ‫عبدالغني بن أبي سعيد الدهلوي‪ ،‬أخبرنا بجميعها عابد السندي‪ ،‬أخبرنا بجميعها الوجيه عبدالرحمن بن سليمان األهدل‪،‬‬ ‫أخبرنا أمر اهلل بن عبدالخالق المزجاجي‪ ،‬أخبرنا المؤلف( ‪.)21‬‬ ‫(المسلسل بالمالكية)( ‪ )22‬و(المسلسل باألولية)(‪ )23‬رواه الشيخ عبداهلل بن صالح العُبيد عن الشيخ محمد‬ ‫البقالي(ت‪1434‬هـ) عن الشيخ عبداهلل بن إدريس السنوسي‪.‬‬ ‫ــــــــــــ‬

‫(‪ ) 1‬إتحاف ذي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه ‪ .1/7-8‬من أعالم طنجة في العلم واألدب والسياسة ‪.129-131‬‬ ‫(‪ ) 2‬الشيخ عبداهلل بن إدريس السنوسي رائد المدرسة األثرية ‪.157‬‬ ‫( ‪ )3‬إسعاف اإلخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين ‪.403‬‬ ‫( ‪ )4‬إسعاف اإلخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين ‪.403‬‬ ‫( ‪ )5‬التصور والتصديق ‪ .42‬صديقيون ‪.51‬‬ ‫( ‪ )6‬مقدمة أحمد محمد مرسي للبرهان الجلي في انتساب الصوفية إلى علي ‪.18‬‬ ‫(‪ ) 7‬إسعاف اإلخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين ‪.466‬‬ ‫( ‪ )8‬إسعاف اإلخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين ‪.403‬‬ ‫( ‪ )9‬عبق من شذى العدوتين (تراجم مغربية وأندلسية) ‪ .180 .167‬والكتاب من جمعي‪.‬‬ ‫( ‪ )10‬عبق من شذى العدوتين (تراجم مغربية وأندلسية) ‪ .180‬والكتاب من جمعي‪.‬‬ ‫(‪ ) 11‬إسعاف اإلخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين ‪.92‬‬ ‫( ‪ )12‬ذكريات من حياتي ‪.52‬‬ ‫( ‪ )13‬ذكريات من حياتي ‪.42‬‬ ‫( ‪ )14‬ذكريات من حياتي ص‪.52‬‬ ‫(‪ ) 15‬ذكريات من حياتي ‪.41‬‬ ‫( ‪ )16‬نص على ذلك في ذكريات من حياتي ص‪ .53‬ومقدمة تهذيب جامع الترمذي له‪.‬‬ ‫(‪ ) 17‬ذكريات من حياتي ص‪.53‬‬ ‫(‪ ) 18‬سبيل التوفيق ‪ .56‬مقدمة عواطف اللطائف تخريج أحاديث عوارف المعارف ‪.1/69‬‬ ‫(‪ )19‬قدم الرسوخ ‪ .2/197‬الشيخ عبداهلل بن إدريس السنوسي رائد المدرسة األثرية ‪.157‬‬ ‫( ‪ )20‬معجم شيوخ عبدالحفيظ الفاسي ‪.156‬‬ ‫(‪ )21‬اإلمتاع بذكر بعض كتب السماع ‪.118‬‬ ‫(‪ ) 22‬اإلمتاع بذكر بعض كتب السماع ‪.161‬‬ ‫( ‪ )23‬اإلمتاع بذكر بعض كتب السماع ‪.57‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫قب�س‬ ‫من نور‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫الزاوية الصديقية تخلد ذكرى‬ ‫المولد النبوي الشريف‬

‫ـ يا نوح اهبط بسالم منا‪...‬‬

‫‪10‬‬

‫• مصطفى بديع السوسي‬

‫خلدت الزاوية الصديقية ليلة الجمعة ‪ 23‬نونبر ‪ ،2018‬ذكرى المولد النبوي الشريف‬ ‫في جو خاشع‪ ،‬حيث امتد الحفل من بعد صالة العشاء إلى حدود الساعة الثانية والنصف‬ ‫ـ يا يحيى خذ الكتاب بقوة‪..‬‬ ‫من صباح يوم السبت ‪ 24‬نونبر ‪ ،2018‬وحضرت جماهير غفيرة ضاقت بهم جنبات‬ ‫ـ يا زكرياء إنا نبشرك بغالم‪...‬‬ ‫الزاوية‪ ،‬إضافة إلى وفود الزوايا والمريدين واألتباع من مدن مراكش والرباط وسال‬ ‫والقصر الكبير‪ ،‬وتطوان‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن ضيوف كرام وفدوا من أندونيسيا وماليزيا‪ ...‬عبق‬ ‫وهكذا دواليك‪ ،‬حظي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بما لم يحظ به غيره من‬ ‫الحفل بأريج الذكر العطر لتكريم سيد الخلق أجمعهم من أمداح وقصائد المتصوفة‬ ‫وأقطاب وأئمة‪ ،‬باإلضافج إلى تالوة آيات من الذكر الحكيم بأصوات رخيمة خاشعة آتية األنبياء والرسل‪ ،‬يكفيه فخرا أو شرفا أن ال أحد من األنبياء تجرأ على أن يطلب الشفاعة‬ ‫من اهلل لخلق اهلل في عرضات يوم القيامة والعرق يصل إلى األذقان‪ ،‬وكل مرضعة تذهل‬ ‫من مختلف مدن المملكة‪...‬‬ ‫وتميز الحفل الذي كان كريما في شكله ومحتواه‪ ،‬دقيقا منسقا في تنظيمه بالعرض عما أرضعت وترى الناس سكارى وما هم بسكارى‪..‬‬ ‫القيم الذي ارتجله بالمناسبة فضيلة الشيخ العالمة الدكتور عبد المنعم بن الصديق‪،‬‬ ‫فقال محمد صلى اهلل عليه وسلم ‪« :‬أنا لها ‪...»....‬‬ ‫نجل القطب العالمة المحدث الفذ الراحل عبد العزيز بن الصديق‪ ،‬ركز العالمة في عرضه‬ ‫وقال له رب العزة ‪« :‬اشفع تشفع ‪ ،‬اسأل تعط»‪.‬‬ ‫على ما تمثله هذه الذكرى من عالمات وضيئة‪ ،‬جدير بالمسلمين في كل األرض أن‬ ‫يهتدوا بها‪ ،‬للخروج من دوامة الحيرة والضالل والتمزق‪ ..‬ألم يقل نبي الرحمة صاحب‬ ‫هي إذن ليلة ‪ ..‬وهو مولد ال كالمولد وال كالليالي ‪ ..‬موعد وصفته الوصف الدقيق‪،‬‬ ‫الذكرى العطرة صلى اهلل عليه وسلم »تركتم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ال يزيغ‬ ‫قصيدة الهمزية لإلمام البوصيري رضي اهلل عنه بكل ما أحاط بها من مكرمات‬ ‫عنها إال هالك ‪ ...‬كتاب اهلل وسنة نبيه»‪.‬‬ ‫ولعله أروع ما في عرض العالمة عبد المنعم بن الصديق المعلومة التي أضافها معجزات تجل عن الوصف فقد اهتزازيون كسرى وأشرق نور اهلل على كائنات األرض‪،‬‬ ‫للموروث الديني الذي تختزنه الذاكرة ويحفظه القلب والوجدان ما قاله من أن اهلل ونزل الهدى‪ ،‬وحلت الهداية‪ ،‬وتهاوت األصنام وعبدة الطاغوت‪ ،‬وصدحت السماء بنداء‬ ‫سبحانه وتعالى وقر نبيـه في ندائه فنـاداه بأحـب أسمائـه‪ ،‬وأكمـل أوصافه مثل ‪:‬‬ ‫ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ..‬وتوالت بشرى الهواتف أن قد ولد‬ ‫ـ يا أيها النبي‪ ...‬يا أيها الرسول ‪...‬‬ ‫المصطفى وحل الهناء‪ ...‬فإذا كان اهلل قد كرم نبيه‪ ،‬واحتفت به السماء واألرض وقرن‬ ‫ـ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ‪...‬‬ ‫اهلل اسمه باسمه‪ ،‬فال تكتمل الشهادة إال بشقيها ال إله إال اهلل محمد رسول اهلل‪ ،‬فأحرى‬ ‫ـ يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اهلل لك‪..‬‬ ‫بنا أن نكون المحتفين والمهللين والشاكرين والذاكرين والحامدين ودعك من أراجيف‬ ‫ولم يثبت لغيره من األنبياء أن خاطبهم بهذه األوصاف‪ ،‬بل ناداهم بأسمائهم الباطلين التائهين الضالين‪ .‬وهكذا تكون الزاوية الصديقية عند موعدها ووعدها كل‬ ‫المجردة‪.‬‬ ‫سنة وهي التي عودتنا على المكرمات والفضائل وعلى كرم األخالق‪ ،‬وفضائل السنن‪..‬‬ ‫ـ يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة‪..‬‬ ‫وعودتنا على التشبث بالكتاب والسنة‪ ،‬واالقتداء بالسلف الصالح (وال أقول بسليفة‬ ‫ـ يا عيسى اذكر نعمتي عليك‪..‬‬ ‫المفهوم البدعي الحداثي) والنهل من حكم األوائل‪.‬‬ ‫ـ يا موسى إني أنا اهلل‪..‬‬ ‫هكذا تكون الزاوية الصديقية وكما أرادها علماؤها األجلة الراقدون في مثاويهم‬ ‫ـ يا داوود إنا جعلناك خليفة في األرض‪..‬‬ ‫برحاب الزاوية وضريحها‪ ،‬منارة علم وإشعاع وذكر وخلق‪ ،‬فخلقها وخلقهم اإلسالم‪.‬‬ ‫ـ يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا‪..‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫بأفانين الكتابة األدبية‬ ‫‪ ...‬الكالم الجيِّد ‪ ،‬عند قول علي الجرجاني ‪ :‬النظم في اللغة جمع اللؤلؤ ‪ .‬جمع الكلمات ‪ ،‬تأليف ذي‬ ‫معاني متناسبة الدالالت في شقيها البالغي و اإلعجازي ‪ ،‬وقد رتبها الشاعر ترتيبا وفق أزمنته التي عاشها‬ ‫لحظة مغادرته دمشق إلى بيروت ‪ ،‬بأحداثها و بلفظ منثور و مرصوف ‪ .‬من جنس أدب الرحلة ‪ ،‬و بحثا‬ ‫عن فضاء الحرية ‪ ،‬راح الشاعر نوري جرَّاح إلى السرد القصصي بتلقائية ليتعاطى مع األحداث العربية‬ ‫من ُقطر إلى قطر ‪ .‬وقد استمتع الحضور بعرض مفصل من تجارب عديدة ‪ ،‬و بمهارة لغوية ‪ .‬كان ينفق‬ ‫بياض النهار ‪ ،‬وهو يشتق معانيه من المعاناة ‪ ،‬حتى بدأني شخصي قائال ‪ :‬هل العربي وُلِدَ ليكون‬ ‫ضحية لحكام استبداديون ‪ ،‬و لقنابل بني صهيون ‪ .‬هو سؤال لجواب ‪ ،‬حين يُرْوي حقائق سوداوية‬ ‫للتأريخ العربي ‪ .‬و لم أكد أصل من جوابي الذي وجدته عند نوري الجرّاح ‪ .‬كان عرْضه ْ‬ ‫أن نتعرَّف على‬ ‫شخصية المثقف العربي وهو يغوص بمعاني و ألفاظ سبكها في قالب نثري من األحداث األليمة ‪ ،‬بكمياء‪،‬‬ ‫ترتبط بنقل معنىً تدريجياً إلى داللة معنى ِّ‬ ‫لكل القضايا التي عاشها ‪ ،‬و من األحاديث التي تمسّ القلب‬ ‫و الذوْق التي ذكرها عن الشعراء ‪ ،‬بدْءاً بنزار القباني الذي ال مثيل له في العصر الحديث ‪ ،‬ثمَّ أدونيس‬ ‫الحداثة و محمود درويش‪ ،‬وهو شبيه بهذا األخير إلى حدٍّ كبير ‪ .‬بأفانين اإلبداع الشعري اختتم نوري‬ ‫الجرَّاح عند أوَّل شطر من الليل قصيدته «أكتب قلبي» ‪ ،‬فأصبح الحضور و مدير دار الشعر بتطوان‬ ‫المبدع مخلص الصغير من ذوي خاصة الشاعر ‪ ،‬وهو الذي (مدير دار الشعر ) انتقى غيضاً من فيض ‪:‬‬ ‫شهدت مدينة تطوان نهاية األسبوع الماضي لقاء تاريخيا مع الشاعر الدمشقي نوري الجراح‪ ،‬الذي حل‬ ‫ضيفا على دار الشعر بتطوان‪ .‬واحتفى فنانو المدينة‪ ،‬وطلبة المعهد الوطني للفنون الجميلة بالديوان‬ ‫األخير للشاعر «قارب إلى لسبوس» وقدموه في أعمال ولوحات تشكيلية‪ ،‬وفي عروض مسرحية شاعرة‪،‬‬ ‫بإشراف الفنان التشكيلي حسن الشاعر‪ .‬كما ألقى الجراح قصائده على إيقاعات عازف وشاعر العود الفنان‬ ‫المغربي إدريس الملومي‪ ،‬في حوار شعري موسيقي تابعه مئات الحاضرين الذين قدموا لمتابعة األمسية‬ ‫األخيرة والكبيرة للشاعر نوري الجراح في المغرب‪ .‬وتسلم الشاعر نوري الجراح مفتاح مدينة تطوان من‬ ‫يد األستاذة حساء داود ابنة مؤرخ تطوان محمد داود‪ ،‬مثلما تسلم عود تطوان من يد إدريس الملومي‪.‬‬ ‫تحدث الشاعر السوري نوري الجراح عن سيرته الدمشقية وسيرته األولى في العاصمة السورية مرورا‬ ‫بمختلف التجارب والمنافي االضطرارية واالختيارية والشعرية التي مر منها عبر مساره الشعري والثقافي‬ ‫الطويل‪ .‬وقال الجراح‪ ،‬في ضيافة دار الشعر بتطوان‪ ،‬يوم الخميس ‪ 15‬نوفمبر الجاري‪ ،‬في المسرح الكبير‬ ‫للمركز الثقافي بالمدينة‪ ،‬إنه غادر دمشق قبل ثالثة عقود «بعيدا عن سريري األول ومكتبتي األولى‬ ‫وشارعي األول والغيوم األولى التي مرت في سماء مخيلتي اليافعة»‪ .‬وهنا‪ ،‬يتساءل الشاعر‪« :‬كيف للشعر‬ ‫أن يتولد بعيدا عن الطفولي؟»‪ ،‬معتبرا أن «الشعر هو وليد الحواس األولى‪ ،‬وأنه يتشكل لدى الشاعر‬ ‫منذ يفاعته»‪ .‬لذلك‪ ،‬يرى الجراح أن «طفولته لم تغادر شعره‪ ،‬وإنما استوطنته‪ ،‬ألن المكان ابتعد وغار‬ ‫بعيدا في القصيدة‪ .‬فأنا أعيش في القصيدة‬ ‫طفولتي وذاكرتي وحواسي»‪ .‬ويضيف الشاعر‬ ‫أن «دمشق من المدن األبدية‪ ،‬ومن المدن‬ ‫األولى في التاريخ التي شهدت ميالد القصائد‬ ‫األولى في ذاكرة اإلنسانية»‪ .‬إنها كما يقول‬ ‫«مدينة أزمنة متعاقبة‪ .‬وقد تعايشت آثار‬ ‫تلك األزمنة في الصور التي رأيتها ومألت‬ ‫بصري وبصيرتي وحواسي‪ .‬دمشق اآلرامية‪،‬‬ ‫دمشق الرومانية‪ ،‬دمشق التي تركت أثارها‬ ‫في معالم خالدة‪ .‬دمشقي التي عرفت الكثير‬ ‫من األحداث الغابرة في الكتب األسطورية‪ .‬إذ‬ ‫أن هنالك تاريخا أسطوريا لدمشق»‪ .‬ويقول‬ ‫الشاعر إنه ولد «في حضن تلك المغارة التي‬ ‫قتل فيها قابيل هابيل»‪ ،‬ولذلك فهي مدينة‬ ‫البدء والبدايات‪« .‬هي أيضا المدينة التي‬ ‫استضافت البيروني وابن عربي وصوال إلى‬ ‫األمير عبد القادر الجزائري الذي الذ بالمدينة‬ ‫إثر فشل ثورته‪ .‬إذ كل هؤالء صاروا دمشقيين‪،‬‬ ‫لتكون دمشق مدينة مفتوحة عبر التاريخ لكل‬ ‫من يصل إليها وفي خياله وفكره مشروع ما»‪.‬‬ ‫وعن ابن عربي‪ ،‬حيث يوجد قبر المتصوف‬ ‫األندلسي قريبا من بيت الشاعر في دمشق‪،‬‬ ‫يكشف الجراح أن صاحب الفتوحات المكية قد‬ ‫«كتب أعظم أعماله في دمشق‪ ،‬وهو شيخنا‬ ‫في العائلة‪ .‬وعندما كنا نمرض كانت أمهاتنا‬ ‫يأخذننا إليه ويقرأن القرآن علينا في ضريحه»‪.‬‬

‫اللجوء إلى بيروت‬

‫عن هجرته إلى لبنان في بداية الثمانينيات‪ ،‬يؤكد الشاعر أنه إنما خرج إلى بيروت «خروج الباحث‬ ‫عن الهواء‪ ،‬والهارب من سياط الطغيان الذي سرعان ما تفشى إلى أن أهلك الحجر والبشر والهواء خالل‬ ‫سنوات الثمانين المنصرمة»‪.‬‬ ‫ويكشف الشاعر أنه إنما وصل بيروت بحقيبة فيها كتابان أو ثالثة من الكتب التي تركها في دمشق‪،‬‬ ‫ومعه‪ ،‬أيضا‪ ،‬قميص وبعض األوراق‪ ،‬ومخطوط لكتاب شعري هو ديوانه األول الذي سينشر الحقا باسم‬ ‫«الصبي»‪ .‬وهو الديوان الذي كتبت جل قصائده في دمشق‪ .‬سوى أن هذه القصائد لم تكن كل شعره‬ ‫الذي كتب في سوريا‪« .‬في بيروت كنت الجئا سوريا في خيمة فلسطينية»‪ ،‬وهذا غريب يعلق الشاعر‪،‬‬ ‫إذا «المألوف هو أن الفلسطيين هم الذين يهربون من الكيان الصهيوني نحو بلدان وخيمات عربية‬ ‫أخرى‪ ،‬مثل القاهرة وبيروت التي كانت مالذا أوسع‪« ،‬ألنها كانت مكانا فوضويا يوم وصلت إليها‪ ،‬وكانت‬ ‫تعيش نهايات الحرب األهلية‪ ،‬مثلما كانت قاعدة للمقاومة الفلسطينية‪ ،‬ومكانا الستقطب كبار الشعراء‬ ‫والمثقفين العرب الذين تمردوا على أنظمتهم»‪ .‬من هنا‪ ،‬كانت بحسب المتحدث «مختبرا ثقافيا وفكريا‬ ‫وكفاحيا»‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬وصل الجراح إلى بيروت «قبل عام من االجتياح اإلسرائيلي الذي أخرجت آلته العسكرية‬ ‫الماحقة المقاومة الفلسطينية إلى البحر‪ .‬وكان ديواني األول في ذلك العام في المطبعة قبل أن تصل‬ ‫الطائرات وتقصف بيروت»‪ .‬خالله‪ ،‬يقول نوري الجراح «حملت السالح كما حمل الكثيرون السالح لمواجهة‬ ‫اآللة العسكرية اإلسرائيلية‪ ،‬وكنا جزءا من معركة أخيرة‪ ،‬وعرفنا أنها معركة أخيرة مع اإلسرائليين‪ .‬ولكننا‬ ‫كنا واجهنا الطغيان العربي وكنا نقرن هذا الطغيان العربي بالطغيان الصهيوني‪ .‬ونحن لم نفرق بين‬ ‫الطغيان العربي والطغيان اإلسرائيلي‪ .‬الطغيان واحد‪ ،‬مجسدا في القتل والتعذيب والتشريد والسجن‪،‬‬ ‫وهو هو الهوية وليس هوية من يقوم به‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تتساوى «الهوايات القاتلة»‪.‬‬ ‫وعن تجربة بيروت‪ ،‬دائما‪ ،‬يضيف الشاعر أنها كانت «تجربة عظيمة رغم قصر الفترة الزمنية‪ ،‬ألنها‬ ‫كانت كثيفة‪ ،‬وأعطتني فرصة االحتكاك بالتجارب الشعرية واألدبية والتشكيلية والسينمائية‪ ،‬وكل ما‬ ‫يشكل ثقافة الشاعر عادة»‪ .‬ويوضح الشاعر أن «بقايا التجارب الرائدة في السبعينيات والستينيات كانت‬ ‫قد أثمرت نصا شعريا ونثريا عربيا من خالل المطبعة البيروتية‪ ،‬ومن خالل الحركات والتجمعات‪ ،‬وكانت‬

‫‪11‬‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫بيروت مدرسة أو مساحة وفضاء حرا‪ ،‬أكثر بكثير مما يحتمل الجوار العربي»‪ .‬ولذلك‪ ،‬أمكن القول مع‬ ‫نوري الجراح أن «اآللة العسكرية اإلسرائيلية هي التي أنقذت األنظمة العربية من هذه النخبة الفوضوية‬ ‫والنخبة المتمردة على النظام العربي كما ُكتب لها أن تجتمع وتلتقي في بيروت»‪.‬‬ ‫وعالقة بهذه المفارقة‪ ،‬ينبهنا الشاعر إلى أنه لم يغادر بيروت غداة االجتياح اإلسرائلي‪ ،‬هو الذي‬ ‫غادر سوريا هربا من اآللة القمعية لنظام حافظ األسد‪ .‬وهو ليس حديثا في السياسة‪ ،‬يقول نوري الجراح‪،‬‬ ‫ولكنه «حديث في األوراح المفقودة والمقبورة تحت التراب السوري»‪ .‬وعالقة بذلك‪ ،‬فإن «نسل هذا‬ ‫الطاغية أنتج طاغية أفدح وأكثر جرائمية في حق سوريا والسوريين»‪ .‬وفي مفارقة أخرى‪ ،‬يرى الشاعر‬ ‫أن هذه األنظمة القمعية العربية قد «أنتجت طاقة خالقة لدى الشعراء في بيروت»‪»،‬وأنا تعملت منهم‪،‬‬ ‫ومن كل شاعر نالني جمال منه‪ ،‬وشيء من التجارب الممتدة من مصر إلى فلسطين»‪ .‬وعالقة بالقضية‬ ‫الفلسطينية والوعي بها منذ تلك الفترة‪ ،‬يخلص الشاعر إلى أن «قدرنا العربي كان فلسطينيا في ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬لكن هذا القدر الفلسطيني اقتلع تماما‪ ،‬وبدا من حينها أن األمر سيكون أكثر فداحة‪ ،‬وهو ما تأكد‬ ‫الحقا»‪.‬‬

‫اللجوء إلى الشعر‬

‫هكذا تعلم الشاعر الدمشقي من بيوت أن الشعر يجب أن يكون «في خندق الدفاع عن الحرية وخندق‬ ‫الدفاع عن اإلنسان»‪ .‬ومع أن الشاعر إنما قدم من خلفية اليسار كما يقول‪ ،‬إال أن فكرة اليسار أجهضت‬ ‫اليوم‪« ،‬فتحولنا جميعا إلى أشخاص يؤمنون بالجمال والحق والحرية‪ .‬وكم يبدو أننا عدنا إلى الوراء‪،‬‬ ‫ولكننا في الحقيقة إنما نتموقع في األمام‪ ،‬ألننا اكتسبنا هذه الخالصة من كل األفكار اإلنسانية الراقية‬ ‫والعالية ومن الفكر الجمالي الذي يشيع األدب والفن والكتابة التي تحمل رؤية ونظرة إلى المستقبل»‪.‬‬ ‫ثم عن مشروع كتابة القصيدة‪ ،‬يقول الشاعر إنه لم يسبق له أن كتب القصيدة مرتين بطريقة‬ ‫واحدة‪ .‬فكل مرة كانت القصيدة تُكتب وتنكتب ويكتبها الشاعر‪ .‬ألن «الشعر يداهم الشاعر‪ ،‬وليس هو‬ ‫الذي يقرر كتابته‪ .‬بينما القصيدة هي صوت الشاعر‪ ،‬وبيت الشاعر‪ ،‬ومدينته‪ ،‬وسماء خياله»‪.‬‬

‫اللجوء إلى المغرب‬

‫عن عالقته بالمغرب‪ ،‬يقول نوري الجراح إنه ابن الثقافة العربية‪ .‬غير أنه لم يستوعب معنى كونه‬ ‫مشرقيا إال «عندما وصلت المغرب‪ .‬ألن المغرب أعاد لي صورتي األولى بأجمل مما كنت أعرفها‪ ...‬وأنا‬ ‫زوجتي مغربية وابنتي مغربية وأخوالها مغاربة‪ .‬المغرب أعطاني هذه المسافة ألتعرف عن طبيعتي‬ ‫وهويتي كمشرقي‪ .‬ألن المغرب يرى المشرق‬ ‫جميال جدا‪ ،‬ومهبط األنوار ومصدر المعرفة‪،‬‬ ‫أي مصدر تجارب فكرية اغتنى منها المغرب‪،‬‬ ‫ثم عاد فأغناها طبعا»‪ .‬وهنا‪ ،‬سجل الجراح‬ ‫مفارقة أخرى‪ ،‬حين يؤكد أن «المغاربة يعرفون‬ ‫عنا نحن المشارقة أكثر بما ال يقاس بما نعرفه‬ ‫عنهم»‪.‬‬ ‫خالل لقاء تطوان االستثنائي‪ ،‬تحدث‬ ‫الشاعر نوري الجراح إلى جمهور المغرب عن‬ ‫مجموعة من القضايا األخرى‪ ،‬ومنها قضية‬ ‫الرحلة باعتبارها انشغاال مركزيا ضمن‬ ‫انشغاالت واهتمامات الجراح‪ ،‬وهو مدير‬ ‫المركز العربي لألدب الجغرافي‪ ،‬ومدير جائزة‬ ‫ابن بطوطة ألدب الرحلة‪ .‬واستحضر الجراح‬ ‫كون المغرب منطلقا ألهم الرحالت اإلنسانية‬ ‫الكبرى‪ ،‬منذ الرحلة التاريخية البن بطوطة‪،‬‬ ‫وغيرها من الرحالت الحجازية والسفارية‬ ‫وسواها من مدونات أدب الرحلة واألدب‬ ‫الجغرافي بشكل عام‪ .‬ولما كان الشاعر يتحدث‬ ‫في تطوان وانطالقا منها‪ ،‬فقد أكد أن هذه‬ ‫المدينة التي تأسست غادة سقوط غرناطة‬ ‫ورحلة المورسكيين إلى المغرب‪ ،‬إنما هي نتاج‬ ‫رحلة جماعية بهذا المعنى‪ .‬وعن عالقة الشعر‬ ‫بالرحلة‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬يؤكد الرجل أن كل الشعر‬ ‫العربي قد تحدث عن الرحلة‪ ،‬من امرئ القيس‬ ‫إلى الشاعر العربي المعاصر المغترب‪ ،‬وأن كل قصيدة إنما هي ثمرة رحلة متخيلة أو حقيقية‪.‬‬ ‫كما تحدث نوري الجراح عن ولعه وشغفه بإصدار وتحرير المجالت الثقافية واألدبية‪ ،‬منذ مجلة «فكر»‬ ‫في بيروت‪ ،‬ومجلة «الناقد» ومجلة «الكاتبة» ثم مجلة ومجلة «الرحلة»‪ ،‬ومجلة «دمشق» ومجلة «الرابطة‬ ‫األدبية»‪ ،‬ومجلة «الجديد» اآلن‪ ،‬يؤكد نوري‪« :‬أنا مولع بصناعة المجالت‪ ،‬وأحب هذا منذ طفولتي‪ ،‬حيث‬ ‫كنت أشتري المجالت من الرصيف»‪ .‬وهو يعتبر المجالت منابر ومسارح إلنتاج الثقافة العربية‪ ،‬باعتبار أن‬ ‫«أغلب ما نشر في الكتب في الثقافة العربية كان قد أُنتج في المجالت‪ .‬وعلى أساس أن للمجالت في‬ ‫كل الثقافات اإلنسانية «دور في تشكيل الوعي والمعرفة‪ .‬فالمجالت كانت هي المنابر التي تحركت فيها‬ ‫الثقافة العربية وتمازجت وتصارعت»‪ ،‬ليخلص إلى أن المجالت‪ ،‬سواء في الثقافة العربي أو في الثقافات‬ ‫األخرى‪« ،‬كان لها دور أساس في تاريخ األدب وفي تاريخ الوعي والمعرفة وربط الناس بها»‪ .‬كما أوضح‬ ‫الجراح أن حرصه على إصدار المجالت الثقافية إنما يعود إلى حرصه على إتاحة منبر أمام ما يكتب وال‬ ‫يجد له منبرا للنشر‪ .‬وهو ما يندرج ضمن خوض صراع ثقافي دائم ومستمر من أجل إعالء صوت الجديد‬ ‫مقابل الصوت القائم والراهن‪.‬‬ ‫وسواء تعلق األمر بالكائن العري نوري الجراح‪ ،‬أم تعلق بوعيه النقدي‪ ،‬أو اهتمامه األكاديمي بأدب‬ ‫الرحلة‪ ،‬أو ولعه الثقافي بإصدار المجالت الثقافية واألدبية‪ ،‬فهو إنما أنجز هذه العمال والمشاريع الثقافية‬ ‫والفكرية واألدب بروح الشاعر دائما‪.‬‬ ‫وألقى الشاعر نوري الجراح قصائد شعرية من دواوينه األخيرة‪ ،‬وهي نصوص ومالحم شعرية تمثل‬ ‫أقصى ما بلغته شعريته الخاصة‪ ،‬على امتداد تجربته الزاخرة‪ ،‬ليختم لقاء تطوان التاريخي بقراءة قصيدة‬ ‫«أكتب قلبي‪ :‬تنويمة من أجل طفل»‪ ،‬وفيها يردد وينشد‪:‬‬ ‫نمْ يا حبيبي نمْ‪ /‬رجعَ الجُناة من السّماء‪ /‬وتُركتْ لي‪ /‬وتراً َّ‬ ‫تقطع في قيثارةٍ ونغمْ‪ /‬نمْ يا حبيبي‬ ‫نمْ‪ /.‬رَشْحُ دم في مِعصمي‪ /‬وفي خَرير الماء‪ /...‬نمْ في المغارةِ‪ /‬ال تخفْ صَمْتَ المساء‪ /.‬نمْ يا‬ ‫ٍ‬ ‫جناح َّ‬ ‫الطائ ِر‬ ‫حبيبي نمْ‪ /‬ماتت مخيلتي وأهدتني السماء‪ /‬عدوَّ ًة‪ ،‬والنَّهْرَ مسموماً وآلهتي رمادْ‪ .‬نمْ في ِ‬ ‫المكسور‪ /‬ونمْ في الصُّورْ‪ /‬نمْ يا حبيبي نمْ‪ .‬نمْ في نزيفِ النَّهْ ِر‪ ،‬وفي عرا ِء األرض‪ /‬نمْ في َ‬ ‫العَطش‪/‬‬ ‫ونمْ في وردةِ البيتِ اليتيمةِ نَمْ‪ /‬وتذكر كلماتِ ُ‬ ‫حائط ِّ‬ ‫وتذكرْ َ‬ ‫ْ‬ ‫األغنية‪ .‬نمْ‪َّ ،‬‬ ‫األمنية‪/‬‬ ‫الذ ْكرى‪ /‬وشمسَ‬ ‫َ‬ ‫َّمن الجديدْ‪ .‬نمْ يا حبيبي نمْ‪.‬‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫نجمة‬ ‫بْ‬ ‫الجَبَل‪ /‬نَمْ وتَرَ َق‬ ‫نمْ يا حبيبي نمْ‪ /‬نمْ عندَ سَ ْف ِح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫العدد ‪970‬‬

‫‪12‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫شاعر وقصيدة‬

‫بقلم ‪ :‬عبد القادر الغزاوي‬

‫أقدم إلى القراء الكرام بصفة عامة وإلى محبي األدب العربي وعشاق الشعر العربي بصفة خاصة جماعة من الشعراء العرب الذين خلدهم‬ ‫شعرهم الرائع والجميل من القديم والحديث‪ ،‬وكذا مختارات من روائع شعرهم الخالد‪ ،‬دون األخذ بعين االعتبار ترتيبهم الزمني وعصورهم‬ ‫األدبية‪ .‬وقد أعملت جهدي المتواضع ما استطعت ألقدم إليكم هذه الطائفة الشعرية الرائعة المختارة حتى تنال إعجابكم وتروقكم ‪ ،‬وأن ينال‬ ‫هذا االختيار إقبالكم واستحسانكم ‪ .‬ألني ال أختار ما تختارون‪ ،‬وال أنتم مختارون ما أختار ‪ ،‬وال أنا مختار ما اخترتم ‪ ،‬وال أنتم مختارون ما أختار‪،‬‬ ‫لكم اختياركم ولي اختياري‪.‬‬

‫‪ )23‬صفي الدين الحلي‬ ‫(‪ 752 - 677‬هـ ‪ 1339 - 1277 /‬م)‬ ‫الشاعر ‪ :‬هو أبو الحسن‬ ‫عبد العزيز بن سرايا بن نصر‬ ‫الطائي السّن ِبسي نسبة إلى‬ ‫سِن ِبس‪ ،‬بطن طي‪ .‬ولد في‬ ‫الحلة بالعـــراق التي ينسب‬ ‫إليها سنة ‪ 677‬هـ ‪1277 /‬‬ ‫م‪ .‬ونشأ بها‪ ،‬حيــث تعلـــم‬ ‫القراءة والكتابة والفروسية‬ ‫والصيد‪ .‬واشتغـــل بالتجــارة‬ ‫حيث كان يسافر إلى الشام‬ ‫ومصر وماردين وغيرها‪ ،‬ثم‬ ‫يعود إلى العراق‪ .‬وكان فارسا‬ ‫شجاعا‪ ،‬فقد شارك في الحروب‬ ‫والفتن التي وقعت بين أهل‬ ‫الحلة وأهل هوالكو‪ ،‬حيث‬ ‫خاض غمارها‪ ،‬فأظهر بطولة‬ ‫وشجاعة‪ .‬ونتيجة تلك الحروب‬ ‫والفتن اضطر إلى الرحيـــل‬ ‫إلى آل أرتق ملوك ديار بكر‬ ‫بن وائل‪ ،‬فمدح سلطانها‬ ‫المنصور نجم الدين بقصائد‬ ‫كثيرة عرفـــت بالقصائــد‬ ‫«األرتقيـــات»‪ .‬واتصل كذلك‬ ‫بالسلطان المؤيد عماد الدين‬ ‫فمدحه‪ .‬ورحـــل إلى مصــر‬ ‫واتصل بأدبائها أمثال ابن‬ ‫نباتة المصري والمؤرخ صالح‬ ‫الدين الصفدي والقاضي عالء الدين بن االثير‪ ،‬واتصل بسلطانها الناصر محمد بن قالوون حيث مدحه‬ ‫بعدة قصائد عرفت بالقصائد «المنصوريات»‪ .‬والذين مدحهم أجزلوا له عطاياهم‪ .‬وقد نظم قصيدة‬ ‫تعرف ب « الكافية البديعية في المدائح النبوية»‪ .‬وقد اشتهر صفي الدين بنظم الشعر أكثر من شهرته‬ ‫بالنثر‪ ،‬ويعد في طليعة شعراء عصره وأشهرهم على صعيد المعاني واأللفاظ‪ ،‬وتناول في شعره أغراض‬ ‫الشعر المعهودة كالمدح والفخر والحماسة والغزل والوصف والرثاء والشكوى والطرديات والخمريات‪ .‬وأن‬ ‫قصائده تتنوع بين الطويلة والمقطعات والموشحات والمخمسات والمشطرات وغيرها‪ .‬وعرف عنه أنه‬ ‫أول من نظم القصائد التي تضم أنواع البديع تسمى «البديعيات»‪.‬‬ ‫عاد في أواخر أيامه إلى بغداد واستقر بها‪ ،‬وأصيب بمرض التهاب المفاصل وبمرض الطاعون لما‬ ‫انتشر في بغداد‪ ،‬وتوفي في بغداد سنة ‪ 752‬هـ ‪ 1339 /‬م‪ .‬وترك مجموعة من األشعار جمعت في ديوان‪،‬‬ ‫وله مؤلفات كثيرة منها ‪ :‬العاطل الحالي والمرخص الغالي‪ .‬ونتائج األلمعية في شرح الكافية البديعية‪.‬‬ ‫والدر النحور‪ .‬واألغالطي معجم في األغالط اللغوية‪ .‬والخدمة الجلية رسالة في وصف الصيد بالبندقية ‪.‬‬ ‫القصيدة ‪ :‬قصيدة «قالت وقلت» من قصائد الغزل‪ ،‬مؤلفة من أحد عشر بيتا من الشعر‪ ،‬وهي من‬ ‫أجمل قصائد الشاعر‪ ،‬وقد أعجب بها الموسيقار محمد عبد الوهاب ( ‪ 1902‬ـ ‪ 1991‬م )‪ ،‬واختار منها سبعة‬ ‫أبيات ولحنها وغناها‪ ،‬وذلك خالل األربعينات من القرن الماضي‪ ،‬فذاعت وانتشرت‪ ،‬وأصبحت من الطرب‬ ‫األصيل والغناء الجميل التي ذاع صيتها‪ .‬تقول القصيدة ‪:‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫كح َ‬ ‫بالو�سنِ ‪ ×× ،‬قلت‪ :‬ارتقابا لطيفــكِ احل�ســــــــنِ‬ ‫قا َل ْت‪َ :‬‬ ‫لت اجلفونَ َ‬ ‫ت�سليت بع َد فرقتنــــــــا‪ُ ×× ،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فقلت‪ :‬عن َم�س َكني وعن �س َكنــــي‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫واحلـــــــــزنَِ‬ ‫ت�شاغلت عـن محبتنـــا‪ُ ×× ،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫قلت‪ :‬بفرطِ البكاءِ‬ ‫تناءيت! ُ‬ ‫تنا�سيت! ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قلت‪ :‬عن وطنـي‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫قلت‪ :‬عافيتــــي ××‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تخليت! قلت‪ :‬عن جلدـــي ×× ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تغريت! قلــت‪ :‬يف بدنــــي‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫قالت‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بالغب فيكِ والغ َبــــــــــنِ‬ ‫قالت‪ :‬تخ�ص�صت دونَ �صحبتنا‪ ×× ،‬فقلت‪ :‬نْ ِ‬

‫أ�رسار‪ُ ،‬‬ ‫قا َل ْت‪َ � :‬أذ َ‬ ‫رسي هواكِ كال َع َلــــــــــنِ‬ ‫قلت لها ×× َ‬ ‫‪�:‬صيرّ َ � ّ‬ ‫عت ال َ‬ ‫قلت لها ×× َ‬ ‫أعداء‪ُ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫قالت‪� :‬سرَ َ َ‬ ‫‪:‬ذلك‬ ‫ئت مل ي ُكـــــــنِ‬ ‫�شيء لو ِ�ش ِ‬ ‫ٌ‬ ‫رت ال َ‬ ‫روم؟ ُ‬ ‫بالو�صلِ ُت�سعِدنـي‬ ‫قلت لهـــــــا ×× ‪َ :‬‬ ‫�ساعة َ َ�سع ٍد َ‬ ‫قا َل ْت‪َ :‬فماذا َت ُ‬ ‫قيب َت ُ‬ ‫نظ ُرنـــــــا ×× ! ُ‬ ‫قلت‪ :‬ف�إنيّ لل َعيـــنِ مل �أبِـــــــــــنِ‬ ‫الر ِ‬ ‫قا َل ْت‪ :‬ف َعنيُ ّ‬ ‫تر�صدتني املنونُ مل ترنـــــــــي‬ ‫بال�صدودِ منك‪ ،‬ف َلـــــــو ×× ّ‬ ‫أنحلتِني ّ‬ ‫� َ‬

‫مختارات من شعره ‪:‬‬

‫‪ ) 1‬ـ كل لسان إنسان ‪:‬‬ ‫بقدر لغات املرء يكرث نفعــــــــه ×× فتلك له عند امللمات �أعــوانُ‬ ‫ْ‬ ‫تهافت على حِ فظ اللغات جماهدا ×× فكل ل�سان يف احلقيقة �إن�سانُ‬ ‫××‬ ‫‪ ) 2‬ـ بنو الزمان والخل الوفي ‪:‬‬ ‫أيت بني الزمان وما بهم ××× خِ ل ُّ‬ ‫ملا ر� ُ‬ ‫أ�صطــــفـي‬ ‫ويف لل�شدائد � َ‬ ‫� ُ‬ ‫أيقنت �أن امل�ستحيـــــل ثالثــــة ‪ ××× :‬الغول والعنقاء واخلِ ل الويف‬ ‫××‬ ‫‪ ) 3‬ـ المجد لمن يخاطر‪:‬‬ ‫احل َ‬ ‫اخلطرا‪ ×× ،‬وال ينال ال ُع ٌلى من قدم َ‬ ‫ال ميتطي املج َد من مل يركب َ‬ ‫ــــــــذرا‬ ‫ومن �أراد ال ُعلى عفوا بال ت َعــــــــــب‪َ ×× ،‬‬ ‫ق�ضى‪ ،‬ومل يق�ض من �إدراكه َو َطرا‬ ‫ُ‬ ‫ـــــــــــــه ‪ ×× ،‬ال يجتني النفع من مل يحمل ال�رضرا‬ ‫ال بد لل�شهيد من َنحل يمُ َ ِن ُع‬ ‫××‬ ‫‪ ) 4‬ـ صديق ال يعرف الصدق ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال�صدوق‬ ‫ال�صديق �إال‬ ‫ال�صدق يف القو ×× ل‪ ،‬ولي�س‬ ‫يل �صديق ال يعرف‬ ‫ُ‬ ‫ت�صديــــــــق‬ ‫لي�س فيه ت�صور ُيدرك العلـــــــــــــ ×× َم‪ ،‬وال يل �إن قلت‬ ‫××‬ ‫‪ )5‬ـ يرد الفقر باللوم ‪:‬‬ ‫مــــــــرو‬ ‫وءتِهِ َع‬ ‫وم جاهِ ـــــد ًا ×× َكما َر َّد ُه َيوم ًا ب َِ�س َ‬ ‫ُ‬ ‫�أَيا َمن َي ُردُّ ال َف َ‬ ‫قر بِال َل ِ‬ ‫�إِذا كانَ هَ ذا �سوءِ َعي�شِ َك يف الغِنى ×× َفماذا ا َّلذي َت َ‬ ‫قــر‬ ‫خ�شى �إِذا َم َّ�س َك ال َف ُ‬ ‫××‬ ‫‪ ) 6‬ـ فتى ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تى لمَ تجَ ِ د فيهِ العِدى ما َيعي ُب ُـه ×× َو َل ِك َّن ُهم عابوا ا َّلذي َع ُنه ق�صرَّ وا‬ ‫ف ً‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فـــــ ِّر ٌط ×× َو�إِن با َلغوا بِالذ ِّم قالوا‪ُ :‬م َبــــذ ُر‬ ‫�إِذا ذ َّم ُه الأ ُ‬ ‫عداء قالوا‪ُ :‬م َ‬ ‫ِّ‬ ‫ــه ×× مِ نَ ا َ‬ ‫وم َ�أن َيعيبوا َمكا َن ُ‬ ‫ملج ِد قالوا‪� :‬شامِ ٌخ ُم َت َعــــذ ُر‬ ‫َو�إِن َ‬ ‫�شاء َق ٌ‬

‫المراجع ‪:‬‬ ‫ـ صفي الدين الحلي ‪ :‬الديوان‪.‬‬ ‫ـ شوقي ضيف‪ .‬كتاب تاريخ األدب العربي عصر الدول واإلمارات‪ .‬الجزء ‪ .5‬الطبعة الثانية ‪.‬‬ ‫ـ خير الدين الزركلي‪ .‬كتاب األعالم‪ .‬الجزء ‪.4‬‬ ‫ـ كامل سلمان الجبوري‪ .‬كتاب معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى ‪ .2002‬ج ‪.3‬‬ ‫ـ حنا الفاخوري‪ .‬كتاب تاريخ األدب العربي ‪.‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫الإ�شعاع‬ ‫التاريخ‬

‫‪13‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫�سبتة ومليلية‬ ‫ت�ستغيثان‬

‫‪2/2‬‬

‫بقلم ‪ :‬عبد الرحيم ابن جلون‬

‫سبتة السليبة‬ ‫ في سنة ‪ : 1968‬رجعت سبتة لنفوذ البرتغال‪.‬‬‫ في سنة ‪ : 1724‬حاصرها السلطان موالي إسماعيل العلوي‪ ،‬ودام حصارها ‪33‬‬‫سنة‪.‬‬ ‫ في سنة ‪ : 1995‬أصدر النظام اإلسباني قرارا بتطبيق الحكم الذاتي للمدينة‪،‬‬‫وزارها الملك خوان كارلوس سنة ‪2007‬م‪.‬‬

‫سكان مدينة سبتة‬ ‫ عدد سكان سبتة ‪ 82.376 :‬نسمة‪.‬‬‫ الكثافة السكانية ‪ 4240 :‬نسمة في ‪ 1‬كلم‪.2‬‬‫ علوها عن سطح البحر ‪10 :‬م‪.‬‬‫ سكان سبتة المسلمون المغاربة ضعفا المسيحيين‪ ،‬اإلسبان واليهود‪.‬‬‫ أما عدد سكان مدينة مليلية‪ ،‬حسب إحصاء فاتح يناير ‪ ،2011‬فهو ‪78.476 :‬‬‫نسمة‪.‬‬ ‫ مساحة مدينة مليلية ‪ 12‬كلم‪.2‬‬‫ ‪ 65‬في المائة من المسيحيين‪.‬‬‫ ‪ 800‬يهودي‪.‬‬‫ ‪ 100‬نسمة من الهنود‪.‬‬‫ أكثر من ‪ 35‬في المائة مغاربة من الريف‪.‬‬‫ وفي سنة ‪ ،1893‬نشب نزاع بين قبائل آيت شيكر وفرخانة وقلعية‪ ،‬وقبائل أخرى‬‫مع اإلسبان‪ ،‬انتهت إلى هدنة‪ ،‬وسجن شيخ قبيلة قلعية السيد ميمون بن المختار‬ ‫المجاهد الذي حكم عليه في طنجة‪ ،‬وأما عالل الشيكر فسجن بوجدة إلى أن مات بها‪.‬‬ ‫ وفي سنة ‪1859‬م (‪ 24‬غشت‪ ،‬أبرم اتفاق هدنة أيام حكم محمد بن عبد الرحمن‬‫الرابع‪ ،‬والملكة اإلسبانية (إيزابيال الثانية)‪ ،‬واتفقا ووقعا على ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬أن يدفع المغرب لإلسبان ‪ 400‬ريال تعويضا عن الحرب‪.‬‬ ‫‪ - 2‬ال يسمح للمغرب بنقل المدافع الثقيلة إلى المرتفعات‪ ،‬حتى ال يصبح اإلسبان‬ ‫تحت مرمى نيران هذه المدفعية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تذويب المدافع‪ ،‬واستعمال المعدن المذاب في نحت هياكل األسود الجاثمة‬

‫إلى اليوم في واجهة البرلمان اإلسباني‪.‬‬ ‫(لوحة دمينيغيث بيكر‪ ،‬من موقع التراب االشيلي)‪.‬‬ ‫الزالت إسبانيا تشكل الدولة االستعمارية في إفريقيا‪ ،‬باحتاللها أراض مغربية‪ ..‬ماذا‬ ‫تنتظر إسبانيا من المغاربة؟‪..‬‬ ‫هل تنظيم مسيرة مثل المسيرة الخضراء التي أبدعها الراحل الملك الحسن الثاني‬ ‫رحمه اهلل تحتاج إلى تكرار؟‪ ..‬فالمغاربة قاطبة رهن إشارة الملك محمد السادس أيده‬ ‫اهلل ونصره ليحيي سنة والده‪ ،‬السترجاع األراضي المحتلة‪.‬‬

‫وجادت قريحتي التواقة لإلبداع ‪:‬‬ ‫اشتكت حواضر سبتة ومليلية والجزر‪ ،‬بالنكباء‬ ‫تذرعت من الجفاء والقهر والغم من األعداء‬ ‫يا ساكني المغاربة األحرار‪ ،‬شدوا الرحال بال عناء‪،‬‬ ‫بمسيرة حمراء قاتمة‪ ،‬تعيدوا بها مجد األجزاء‪،‬‬ ‫ال استفتاء وال مفاوضات‪ ،‬إنما هي عبء وعياء!‬ ‫انصروا دين الحق من المغتصبين بالوفاء‪،‬‬ ‫اجعلوا حدا للتهريب واإلغماء‪ ،‬باالستعالء‪.‬‬ ‫نساء شابات ضاعت كرامتن صباح مساء‬ ‫فافتحوا أبواب المتوسط للبيع والشراء‪،‬‬ ‫لدراهم بالدي‪ ،‬لتدور رحاها بين األحباء‪.‬‬ ‫كفى ملء جيوب اإلسبان بعملة نكراء‪..‬‬ ‫أكرموا بالدكم وأهاليكم الفقراء‬ ‫حب الوطن أغلى من تجارة مع األغبياء‬ ‫أوجب واجبات المغاربة لب الدعاء‪.‬‬

‫(انتهى)‬

‫�سبتة ومليلية‬


‫العدد ‪970‬‬

‫‪14‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫الطيب الوزاني ولعبة الحقول‬ ‫رؤية شخصية في مساره اإلبداعي‬

‫في المستهل أشير إلى أن هذه الورقة ال تمثل عمال نقديا ينطلق من بناء نقدي منهجي لمسرحية‬ ‫المبدع الطيب الوزاني الموسومة ب «آلهة بالطابق السفلي» بقدر ما هي خواطر عنت لي وأنا أرقم‬ ‫وأرقن بعض الخواطر إبان التهامي لصفحات العمل الذي أهداه لي صاحبه كي أقول بشأنه بعض‬ ‫الكلمات خالل تسييري لجلسة قراءته‪ .‬وربما هذه الكليمات ال تفي بالمطلوب كوني وجدت نفسي‬ ‫أمام عمل ضخم فكريا وفنيا وإبداعيا يحتاج إلى وقت طويل قصد تفكيك وحداته وإعادة صياغتها وفق‬ ‫المنظور والمقاربة التي تناسب حجم العمل المذكور‪ ،‬هذا العمل الذي يموه المتلقي بحجمه فال يلبث‬ ‫(المتلقي) أن يتيه بين دروبه وأزقته الفكرية والمعرفية وسيحتاج حينها إلى مرشد خبير بهذه الدروب‬ ‫لالنفالت من أسرها‪.‬‬ ‫تذكرني آلهة الطيب الوزاني بآلهة جبران خليل جبران في كتابه آلهة‬ ‫األرض والسابق‪ ،‬خليل جبران الذي ناجت كلماته الوجدان‪ ،‬وحاكت تعابيره‬ ‫العواطف واألحاسيس‪ ،‬وخاطبت مخيلته العقول والقلوب‪ ،‬وصرخت كتاباته‬ ‫داخل جدار الخواطر والمشاعر الجياشة‪ ،‬وأبكت صوره األفئدة العطشى‬ ‫إلى بلوغ نشوة اإلحساس‪ ،‬وأسكرت كتاباته النفوس التواقة إلى فك قيود‬ ‫الواقع واإلبحار في بحر الخيال والجمال واأللوان‪ .‬وهو عين الشيء الذي‬ ‫اقترفته آلهة الطيب بطابقها السفلي ‪ ،‬كما تذكرني نفس اآللهة ‪،‬بآلهة‬ ‫الكاتب اإلنجليزي الكبير كولون ولسون صاحب كتابي المنتمي والالمنتمي‪.‬‬ ‫وكذلك كتابه الشهير آلهة المتاهة موضوع المقارنة‪.‬‬ ‫الالمنتمي هو اإلنسان الذي يدرك ماتنهض عليه الحياة اإلنسانية‬ ‫من أساس واهٍ‪ ،‬وهو الذي يشعر بان االضطراب والفوضويه أكثر عمقاً‬ ‫وتجذراً من النظام الذي يؤمن بهِ قومه‪ ..‬انه ليس مجنوناً ؟‪ ،‬هو فقط أكثر‬ ‫حساسية من األشخاص المتفائلين سويي العقول‪ ..‬مشكلته في األساس‬ ‫هي مشكلة الحرية‪ ..‬هو يريد أن يكون حراً ويرى أن صحيح العقل ليس حراً‪،‬‬ ‫وال نقصد بالطبع الحرية السياسية‪ ،‬وانما الحرية بمعناها الروحي العميق‪..‬‬ ‫ان جوهر الدين هو الحرية ولهذا‪ : ‬فغالبا ما نجد الالمنتمي يلجأ إلى مثل هذا الحل إذا قـيض لهُ أن‬ ‫يجد ح ًال‪ « ! ..‬هكذا يقول كولن ولسن‪ .‬لست أدري هل صاحب آلهة بالطابق السفلى استطاع أن ينحو‬ ‫نفس المنحى ويقتفي أثر ولسون ويصعد بآلهته إلى الطابق العلوي حيث تثوي‪ ،‬أم تندثر وتموت على‬ ‫غرار آلهة نيتشه ليحل محلها اإلنسان الراقي أو الممتاز أو القوي إنه السوبرمان‪ .‬سؤال سيظل معلقا‬ ‫إلى حين‪.‬‬ ‫الطيب الوزاني جاء من حقل أو حقول المجال العلمي الذي أبدع فيه أيما إبداع وأنفق فيه وألجله‬ ‫أشواطا مديدة من حياته وفصوال فسيحة األرجاء في أبحاث ودراسات عميقة ونادرة تتطلب مجهودات‬ ‫كبيرة ومضاعفة إلنجازها تتعلق في مجملها بأعصاب الدماغ وما يتفرع عنها من إشكاليات التكوين‬ ‫والتكون واالنشغال والتشغيل‪ .‬ليصبح الحقا منتميا بكل عدته المعرفية ومقوماته للحقول الفنية‬ ‫واإلبداعية على كافة مستوياتها وفي مختلف أبعادها األجناسية كالمسرح و القصة القصيرة والشعر‬ ‫والخاطرة‪ ،‬بمعنى ان الطيب الوزاني استطاع بمجهوده الخاص وبقوة شخصيته اقتحام الميادين‬ ‫المذكورة غير هياب وال وجل من ثقل تبعات إفراز األعمال النقدية التي ستطال أعماله وإصداراته الحقا‬ ‫بسبب امتالكه القوي والفعال لناصية األجناس المشار إليها أعاله و التي بز فيها كبار المتخصصين‬ ‫بثقة ووثوقية منقطعة النظير‪.‬‬ ‫وهذا التداخل المعرفي الذي ميز شخصية الطيب الوزاني في بعديها الفكري والثقافي عامة ليس‬ ‫بدعا في عالم التداول المعرفي العالمي في مستوييه القديم و الحديث‪ .‬ونماذج ذلك متوفرة ومتنوعة‪،‬‬ ‫فهذا ابن سينا يبدع في الشعر والموسيقى كما يبدع في الطب وفي الرياضيات‪ ،‬والفارابي أول من‬ ‫انتبه إلى التداوي بالموسيقى والشعر لبعض الحاالت المرضية النفسية‪ ،‬وذاك الفيلسوف الكبير ابن‬ ‫رشد امتدت ثقافته لتشمل النقد األدبي ويبز أرسطو في دراسته للخيال الشعري عند فالسفة اإلسالم‬

‫من الظلمات‬ ‫إلى النور‬

‫د‪� .‬إ�سماعيل �شارية‬

‫إلى جانب انشغاالته المتعددة في حقلي الطب والصيدلة ‪ ،‬و عباس ابن فرناس األندلسي رياضي‬ ‫وصاحب أول نظرية علمية دقيقة في عالم الطيران هو كذلك عروضي وشاعر ونحوي وفقيه‪ .‬وحديثا‬ ‫يقف عبد الرحمن منيف على رأس هرم الرواية العربية حيث عده بعض نقاد هذه األخيرة من أنفس‬ ‫الروائيين الذين أنتجتهم الساحة الثقافية العربية في القرن العشرين بعد نجيب محفوظ‪ ،‬منيف هذا‬ ‫جاء من حقل الهندسة ومن عالم النفط ومن عالم االقتصاد ومن عالم الجيولوجيا ليلعب لعبة الحقول‬ ‫بكفاءة وبمقدرة شعرية ال مثيل لها في عالم اإلبداع العربي إن لم نقل العالمي وفي هذا اإلطار‬ ‫كنت قد كتبت دراسة نقدية حول هذه الشخصية عنونتها ( عبد الرحمن منيف ولعبة الحقول خطاطة‬ ‫أولية في تأمالت مدن الملح ) نشرت على حلقتين بملحق جريدة البيان‬ ‫أيام كان للمالحق الثقافة دور فعال في بناء الصرح الثقافي لجيلنا المتطلع‬ ‫لألفضل واألقوى ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا‪ .‬كما نشاهد اليوم‬ ‫كذلك طبيب األسنان عالء األسواني بمصر يحدث ضجة كبيرة في عالم‬ ‫الرواية واألخذ بمستلزماتها‪ .‬وال أدل على ذلك من رواياته عمارة يعقوبيان‪،‬‬ ‫شيكاغو ‪،‬نادي السيارات‪ .‬وفي هذا اإلطار اختارت جريدة التايمز البريطانية‬ ‫عالء األسواني ضمن أهم خمسين روائي في العالم ممن ترجمت أعمالهم‬ ‫لإلنجليزية في آخر ‪ 50‬عام‪ ،‬كما اختير كأبرز شخصية أدبية في العالم‬ ‫العربي عام ‪.2007‬‬ ‫من الغريب بل من الصدف النادرة جدا التي نصطدم بها في عالم‬ ‫اإلبداع وعالم المعرفة برمته أن نصادف اسما ارتبط بجنس المسرح‬ ‫والسينما ارتباطا وثيقا في تاريخ الجنسين معا‪ .‬إنه اسم الريحاني‪.‬‬ ‫يحيلنا هذا اإلسم على نجيب الريحاني الذي ترك بصم ًة كبير ًة على‬ ‫المسرح العربي والسينما العربيَّة‪ ،‬حتَّى ُلقِّب ِبـ«زعيم المسرح » في مصر‬ ‫وسائر الوطن العربي‪ ،‬ويرجع إليه الفضل في تطوير هذا الجنس ‪ ،‬وربطه‬ ‫بالواقع والحياة اليوميَّة في البالد بعد أن كان اً‬ ‫قبل شديد التقليد للمسارح‬ ‫األوروپيَّة‪ .‬واليوم يسير على نهج الريحاني المصري ‪ ،‬ناقد ومخرج مسرحي إال أنه ذو جنسية مغربية‬ ‫هذه المرة‪ ،‬إنه يوسف الريحاني الذي قدم لعمل الطيب الوزاني بأسلوب أقل ما يقال عنه أن صاحبه‬ ‫واثق من أدواته المعرفية أشد الوثوق‪ ،‬ويوسف هو أحد األطر المضيئة والفاعلة في وزارة الثقافة‪ ،‬وقد‬ ‫أحسنت هذه األخيرة صنعا بضمها مثل هذه الناذرة في رحابها‪ ،‬فال شك أنه قدم وما زال لها الكثير‬ ‫من الخدمات الجليلة والعميقة بحكم تنوع معارفه ‪.‬‬ ‫في نهاية هذه العجالة والخطاطة األولية لمسار الطيب الوزاني‪ ،‬يمكن القول بأن مسرحية آلهة‬ ‫بالطابق السفلي كما هو الحال مع باقي نصوصه المسرحية األخرى تمثل مرحلة النضج ليس فقط‬ ‫في مسار الطيب المسرحي المنفرد‪ ،‬بل في عالم المسرح العربي الحديث برمته الذي يعرف لألسف‬ ‫تراجعا كبيرا إنتاجا وتشخيصا وحضورا كما هو الشأن مع عالم السينما المتقهقر أيضا‪ .‬ولكن هذا‬ ‫الطرح ال يحجب القول والظن والرأي بأن الطيب الوزاني هو ال يقل فيما أنتج وأبدع في هذا المجال‬ ‫وفي فكره المسرحي ككل‪ ،‬وما دبجته يراعته في مجاالت القصة القصيرة والشعر والخاطرة‪ ،‬والحفاظ‬ ‫على العمل المستمر والمتقن المؤدي إلى تجديد طاقته اإلبداعية بكل صبر وأناة ‪،‬كل هذه المعطيات‬ ‫واإلشارات تسمح لي بالقول وبدون مواربة أو خجل أو محاباة‪ ،‬أن الطيب الوزاني يعادل على األقل‬ ‫في مجال إنتاج النصوص المسرحية في مستواها الكيفي وليس الكمي ‪ ،‬كل من يوسف إدريس أو‬ ‫توفيق الحكيم أو سعد اهلل ونوس وغيرهم وإن كانت المنطلقات واألسس والرؤى تختلف وتتباين‪،‬‬ ‫فال شك أن هناك وحدة المسار ووحدة الهدف ووحدة الحلم ووحدة الخيال ‪ ،‬فهذه المعطيات تشكل‬ ‫الخيط الناظم والرابط بين فكر جميع هذه القمم‪ ،‬وفكر الطيب الوزاني‪ ،‬الذي نرجو له اإلشراق الدائم‬ ‫والحضور المستمر حتى يستطيع تأدية رسالته التي أنيطت به وأناط بها على الوجه المطلوب وفي‬ ‫أحسن الظروف‪.‬‬

‫باألخالق نتجمل‪..‬‬

‫انطالقا من قول �سيدنا ر�سول الله (�إمنا بعثت المتم مكارم االخالق) ن�ستنتج للعاملني‪� ،‬أن الدين هو دين‬ ‫اخللق‪ ،‬ولي�س دين خراب وال دمار وال تقتيل وال وال ‪ ..‬اذ تبني من الن�ص النبوي ال�رشيف ان االخالق هي احدى‬ ‫اهم مقا�صد هذا الدين ال�سمح احلنيف !‬ ‫من اجتليات يف القرءان الكرمي كذلك عن االخالق‪ ،‬هو ان �سورة يف القرءان ت�سمى ب�سورة االخالق‪.‬‬ ‫اخللق هو ‪ :‬قوة را�سخة يف الإرادة تنزع �إيل اختيار ما هو خري و�صالح‪� .‬إن كان اخللق حميد ًا‪� .‬أو �إلى اختيار‬ ‫ما هو �رش وف�ساد �إن كان اخللق ذميم ًا‪.‬و�أما الف�ضيلة فهي يف اللغة مبعنى الف�ضل والزيادة ‪� ,‬أو هي الدرجة الرفيعة‬ ‫يف الف�ضل‪,‬وهي بالن�سبة لدوافعها ق�سمان ‪:‬‬ ‫�إن�سانية ‪ :‬تقوم علي م�شاعر �إن�سانية بحتة من رقة يف الطبع ‪ ,‬و�رشف يف النف�س ‪ ,‬ورغبة يف الرب ونفور‬ ‫من ال�رش ‪.‬‬ ‫ربانية ‪ :‬وهي التي تقوم علي م�شاعر روحية يبتغي فيها ر�ضاء الله تعايل ‪ ,‬وح�سن منوتبه حتقيق ًا لقولة‬ ‫�سبحانة ‪َ “ :‬ف َمنْ َكانَ َي ْر ُجو ِل َق َاء َر ِّبهِ َف ْل َي ْع َم ْل َع َملاً َ�صالحِ ً ا َو اَل ُي�شرْ ِْك ِب ِع َبادَ ِة َر ِّبهِ �أَ َحدًا (‪� )110‬سورة الكهف ‪.‬‬ ‫والف�ضيلة الإ�سالمية متتاز عن الف�ضائل االخري ب�أنها ‪ :‬جماع الف�ضيلتني لأن امل�سلم يحب اخلري للنا�س كل‬ ‫النا�س ‪ ,‬ويكره ال�رش لهم وهو يهتم ب�أمر �إخوانه لأن من مل يهتم ب�أمر امل�سلمني فلي�س فهم ‪ ,‬وهو ال ي�ؤذى غريه‬ ‫‪ ,‬لأن من �أذى ذمي ًا فقد �أذي ر�سول الله – �صلي الله علية و�سلم هذا هو اجلانب الإن�ساين ‪َ ,‬عنْ َ�ص ْف َوانَ ْبنِ ُ�س َل ْي ٍم‪،‬‬ ‫اب َر ُ�سولِ اللهِ �صلى الله عليه و�سلم‪َ ،‬عنْ �آ َبائ ِ​ِه ْم دِ ْن َي ًة‪َ ،‬عنْ َر ُ�سولِ اللهِ �صلى الله عليه‬ ‫َعنْ عِ َّد ٍة مِ نْ �أب َناءِ � ْأ�ص َح ِ‬ ‫يجهُ‬ ‫و�سلم َق َال ‪�:‬أ َال َمنْ َظ َل َم ُم َعاهِ دًا‪� ،‬أو ا ْن َت َق َ�صهُ ‪ْ � ،‬أو َك َّلفهُ َف ْو َق َطا َقتِهِ ‪ْ � ،‬أو � َأخ َذ مِ نْهُ َ�ش ْيئًا ِب َغيرْ ِ طِ ِ‬ ‫يب َن ْف ٍ�س‪َ ،‬ف�أَنَا َحجِ ُ‬ ‫َي ْو َم ا ْل ِق َي َامة‪�.‬أخرجه �أبو داود‪.‬‬ ‫�أما اجلانب الرباين ‪ :‬ف�إن امل�سلم حني يقدم علي اخلري للنا�س ‪� ,‬أو يبتعد �إيذائهم ال يطلب مقابل ذالك �إح�سان ًا �أو‬ ‫ورا (‪� )9‬سورة الإن�سان ‪.‬‬ ‫ثمن ًا لإر�ضاء ربه �سبحانه ‪� “ :‬إِ مَّنَا ن ُْطع ُِم ُك ْم ل َِو ْجهِ ال َّلهِ اَل ُنرِ ي ُد مِ ن ُْك ْم َجزَ ًاء َو اَل ُ�ش ُك ً‬ ‫ات َو ْ أَ‬ ‫ني ا ْل َغ ْيظَ‬ ‫ال ْر ُ‬ ‫ال�س َم َاو ُ‬ ‫�ض �أُعِ َد ّْت ِل ْل ُم َّتق َ‬ ‫ال�ضاءِ َوا ْل َكاظِ مِ َ‬ ‫رَّ َّ‬ ‫ال�ساءِ َو رَّ َّ‬ ‫• َو َج َّنةٍ َع ْر ُ�ض َها َّ‬ ‫ِني*ا َّلذِينَ ُين ِف ُقونَ فيِ‬ ‫ِني)‬ ‫ن‬ ‫�س‬ ‫ِني َعنِ ال َّن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا�س َوال َّلهُ ُيحِ ُّب المْ ُ ْح َ‬ ‫َوا ْل َعاف َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و�سلم‪:‬منْ َنف َ�س َعنْ ُم�ؤْمِ نٍ ُك ْر َبة مِ نْ ُك َر ِب ال ُّد ْن َيا‪َ ،‬نف َ�س‬ ‫• َعنْ �أبِي هُ َر ْي َرة‪ ،‬قال ‪ :‬قال َر ُ�سول اللهِ �صلى الله عليه‬ ‫َ‬ ‫�س‬ ‫�س َع َلى ُم ْع�سرِ ٍ‪َ ،‬ي رَّ َ‬ ‫اللهُ َعنْهُ ُك ْر َب ًة مِ نْ ُك َر ِب َي ْو ِم ا ْل ِق َي َامةِ ‪َ ،‬و َمنْ َ�سترَ َ ُم ْ�سل ًِما‪�َ ،‬سترَ َ ُه اللهُ فيِ ال ُّد ْن َيا َوالآخِ َرةِ‪َ ،‬و َمنْ َي رَّ َ‬ ‫اللهُ َع َل ْيهِ فيِ ال ُّد ْن َيا َوالآخِ َرةِ‪َ ،‬واللهُ فيِ َع ْونِ ا ْل َع ْب ِد َما َكانَ ا ْل َع ْب ُد فيِ َع ْونِ �أَخِ يهِ ‪َ ،‬و َمنْ َ�س َل َك َطرِ ي ًقا َي ْل َتمِ ُ�س فِيهِ عِ ْل ًما‪،‬‬ ‫َاب اللهِ َو َي َت َد َار ُ�سونَهُ َب ْين َُه ْم‪� ،‬إِ َّال‬ ‫اجت َ​َم َع َق ْو ٌم فيِ َب ْي ٍت مِ نْ ُب ُي ِ‬ ‫َ�س َّه َل اللهُ َلهُ بِهِ َطرِ ي ًقا �إِ َلى الجْ َ َّنةِ ‪َ ،‬و َما ْ‬ ‫وت اللهِ َي ْت ُلونَ كِ ت َ‬ ‫ِيمنْ عِ ْن َد ُه‪َ ،‬و َمنْ �أَ ْب َط َ�أ بِهِ‬ ‫الر ْح َم ُة‪َ ،‬و َح َّفت ُْه ُم المْ َ َال ِئ َك ُة‪َ ،‬و َذ َك َرهُ ُم اللهُ ‪َ ،‬ع َّز َو َج َّل‪ ،‬ف َ‬ ‫ال�سكِين َُة‪َ ،‬و َغ ِ�ش َيت ُْه ُم َّ‬ ‫نَزَ َل ْت َع َل ْي ِه ُم َّ‬ ‫َع َم ُلهُ ‪ ،‬لمَ ْ ُي�سرْ ِْع بِهِ ن َ​َ�س ُبهُ ‪.‬‬ ‫ِيها‬ ‫المْ َ َكارِ َم �أَ ْخ ٌ‬ ‫الق ُم َط َّهر ٌة * * * َفالدّينُ �أَ َو ُّلها َوال َع ْق ُل َثان َ‬

‫احل ْل ُم َرا ِب ُعهـــــا‬ ‫َوا ْل ِع ْل ُم َثا ِل ُثها َو ِْ‬ ‫ال�صبرْ ُ َثامِ نُـها‬ ‫َوا ْلبرِ ُّ َ�سا ِب ُعها َو َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َف�س تَع َلـم �أَنيّ ال �أ�صادِ قهــا‬ ‫َوالن ُ‬ ‫يقول �شوقي‪:‬‬

‫ني تَع َل ُم مِ ن َعينَي ُمح ِّدثِها‬ ‫َوال َع ُ‬

‫بقلم ‪:‬‬ ‫حمزة احل�ساين‬

‫يها‬ ‫َوالجْ ُ ودُ َخامِ ُ�سها َوا ْل َف ْ�ض ُل َ�سادِ َ‬ ‫َو ُ‬ ‫ِيـهـا‬ ‫كر ِ‬ ‫تا�س ُعها َواللـيـــنُ َباق َ‬ ‫ال�ش ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫�ســ ُت �أ ُ‬ ‫يهـا‬ ‫ر�شـ ُد ِ �إال حِ ْيــنَ �أ ْع ِ�ص َ‬ ‫َو َل ْ‬ ‫َ‬ ‫يها‬ ‫�إِن َكانَ مِ نْ حِ زْ ب َِها �أ ْو َمنْ ُي َعادِ َ‬

‫�إمنا الأمم الأخالق ما بقيت ف�إن هم ذهبت �أخالقهم ذهبوا‬ ‫الله �صلى الله عليه و�سلم َي ُق ُ‬ ‫• َعنْ َعائ َِ�ش َة‪َ ،‬ر�ضي الله عنها‪َ ،‬قا َل ْت ‪�َ :‬سمِ ْع ُت َر ُ�س َ‬ ‫ول‪�:‬إِ َّن المْ ُ ؤْ�مِ نَ َل ُيدْ رِ ُك ب ُِح ْ�سنِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ال�صا ِئ ِم ا ْل َقا ِئ ِم‪�.‬أخرجه �أحمد‬ ‫ُخ ُلقِهِ دَ َر َج َة َّ‬ ‫الله َّم كما ْح َ�سن َْت َخ ْلقِي َف َح ِّ�سنْ ُخ ُلقِي “‪.‬‬ ‫• كان من دعاء �سيدنا النبي �صلى الله عليه و�سلم ‪ُ “ :‬‬ ‫• قال �سيدنا النبي �صلى الله عليه و�سلم ‪ “ :‬الرب ح�سن اخللق “‬

‫• يقول �سيدنا الر�سول �صلى الله عليه و�سلم ‪ “ :‬ال يزين الزاين حني يزين وهو م�ؤمن‪ ،‬وال ي�رشب اخلمر حني‬ ‫ي�رشبها وهو م�ؤمن وال ي�رسق ال�سارق وهو م�ؤمن “ [ رواه البخاري]‪.‬‬ ‫• �سئل �سيدنا النبي �صلى الله عليه و�سلم ‪� :‬أيكذب امل�ؤمن ؟ قال‪( :‬ال) ثم تال قوله تعالى ‪�( :‬إِ مَّنَا َي ْفترَ ِي ا ْل َكذ َِب ا َّلذِينَ‬ ‫آيات ال َّلهِ َو ُ�أو َلئ َِك هُ ُم ا ْل َكا ِذ ُبونَ )‪.‬‬ ‫ال ُي�ؤْمِ ُنونَ ِب� ِ‬ ‫ْ‬ ‫• � َّ‬ ‫ا�سن َُكم � ْأخ َالق ًا‪َ ،‬و� َّإن �أ ْب َغ َ�ض ُك ْم �إليَ َّ َو�أ ْب َع َد ُك ْم مِ ِّني َي ْو َم ال ِق َي َامةِ‬ ‫إيل‪َ ،‬و�أق َرب ُِك ْم مِ ِّني مجَ ْ لِ�س ًا َي ْو َم ال ِق َي َامةِ ‪َ � ،‬أح ِ‬ ‫رَّ ْ‬ ‫ملت َ​َ�ش ِّد ُقونَ َوا ُ‬ ‫الث َث ُارونَ َوا ُ‬ ‫مل َت َف ْيه ُقونَ )‪.‬‬ ‫• (وانك لعلى خلق عظيم)‬

‫فاح�ش وال بذيء)‬ ‫• (لي�س امل�ؤمنُ بط َّعانٍ وال ل َّعان‪ ،‬وال‬ ‫ٍ‬ ‫ا�س ُح ْ�سنًا‬ ‫(و ُقو ُلوا لِل َّن ِ‬ ‫• َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ات َب ْين ُِك ْم)‬ ‫(و�أ ْ�صل ُِحوا ذ َ‬ ‫• َ‬

‫ختما جنمع فنقول‪ :‬الأخالق احل�سنة‪ ،‬نور م�رشق من اجلمال الإلهي‪ ،‬يجول �سن�آنه بني الكمل من العباد‪،‬‬ ‫ويرتبع على عر�شه النخبة من امل�صلحني‪ ،‬فاللهم ا�صلح ظواهرنا وبواطننا مع خلقك كافة‪.‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫نبش في الذاكرة بحث ًا عن َلحظات عابرة وأشياء غابرة‬ ‫• محمد وطاش‬

‫‪oitache@hotmail.com‬‬

‫م�صنف البن حزم الأندل�سي �أغ�ضب فقهاء ع�صره ف�ألبوا‬ ‫احلاكم �ضده لتحرق كتبه‬ ‫عاش ابن حزم األندلسي الظاهري حياة مليئة بالمحن والمصائب (‪456 - 384‬هـ‪1063 - 995 /‬م)‪ ،‬قضاها مناض ًال بفكره وقلمه‪ ،‬أكثر من أربعين عامًا‪ ،‬ولكن فقهاء عصره‬ ‫حنقوا عليه وألبوا ضده الحاكم والعامة‪ ،‬إلى أن أحرقت مؤلفاته ومزقت عالنية بإشبيلية‪.‬‬ ‫ٍّ‬ ‫اختُلف في نسبه‪ ،‬أينحدر من أصول فارسية أم من أصل إسباني أم هو عربي صميم النسب؟!‪ .‬وعلى كل‪ ،‬فقد كانت أسرته من تلك األسر التي صنعت تاريخ األندلس‪.‬‬ ‫عَمُرَت حياته في صباه بالدرس والتحصيل‪ ،‬فأخذ المنطق عن محمد بن الحسن القرطبي‪ ،‬وأخذ الحديث عن يحيى بن مسعود‪ ،‬وأخذ الفقه الشافعي عن شيوخ قرطبة‪،‬‬ ‫ونشأ شافعي المذهب ثم انتقل إلى المذهب الظاهري حتى عرف بابن حزم ّ‬ ‫الظاهري‪.‬‬ ‫عانى ابن حزم من الفتنة التي شبت بقرطبة‪ ،‬ثم غادرها فاستقر بمدينة ألمريّة‪ ،‬وكان مشغو ًال بهاجس السياسة وإعادة الخالفة لألمويين‪ .‬ولقي من جراء ذلك عذابًا‬ ‫كثيرًا؛ فظل يعاني النفي والتشريد بعيدًا عن قرطبة‪ ،‬ويحن للعودة إليها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وقد أ ْلحَقَ زوال الدولة العامرية واستيالء البربر على قرطبة عام ‪400‬هـ وتعاقب الفتن فيها؛ أذىً كبيرا بأسرة ابن حزم‪ .‬ومما زاد األمر سوءا وفاة أخيه األكبر بالطاعون‬ ‫عام ‪401‬هـ‪ ،‬ثم وفاة أبيه عام ‪402‬هـ‪ ،‬ثمّ زوجتُهُ « ِنعَم» التي ُفجع بموتها وكتبَ فيها مراثيه‪ .‬كل ذلك ولم يبلغ العشرين من عمره حينها؛ وهذه الظروف جعلت ابن حزم‬ ‫بعيش‪ ،‬وال فارقني اإلطراق واالنغالق‬ ‫يتحمل مسؤولية أسرته‪ ،‬وقد اضطر ‪-‬شأن كثير من األسر القرطبية‪ -‬للنزوح إلى «المريّة» عام ‪404‬هـ‪ .‬وكتب يصف حاله‪« :‬ما انتفعتُ‬ ‫ٍ‬ ‫مذ ذقت طعم فراق األحبة‪ ...‬ولقد نغّص ّ‬ ‫تذكري ما مضى َّ‬ ‫عيش أستأ ِنفه‪ .‬وإنّي لقتيل الهموم في عداد األحياء‪ ،‬ودفين األسى بين أهل الدنيا»‪.‬‬ ‫كل ٍ‬ ‫ولما سقطت الخالفة األموية نهائيًا باألندلس وزالت دولة األمويين‪ ،‬تفرغ ابن حزم للعلم والتأليف‪،‬فأثرى المكتبة العربية بمؤلفات مفيدة في مختلف فروع المعرفة من‬ ‫أشهرها‪ :‬الفِصَل في المِ َل ْل واألهواء والنِّحَل‪ ،‬طوق الحمامة‪ ،‬جمهرة أنساب العرب؛ َ‬ ‫نُق ُط العروس؛ ورسالته في بيان فضل األندلس وذكر علمائه؛ اإلمامة والخالفة‪،‬مراتب‬ ‫اإلجماع‪،‬الناسخ والمنسوخ‪ ،‬األخالق والسير في مداواة النفوس‪ ،‬والمح ّلى باآلثار‪ ،‬اإلحكام في أصول األحكام‪،‬ومصنفه التقريب لحد المنطق الذي سننشره ضمن هذا الركن‬ ‫عبر سلسلة حلقات‪،‬فقراءة مفيدة وممتعة‪.‬‬ ‫اسم المصنف كما جاء على الورقة األولى من المخطوطة « كتاب التقريب لحد المنطق‪ ،‬كالم الرئيس األوحد ارسطاطاليس وغيره‪ ،‬مما عني بشرحه الفقيه اإلمام األوحد‬ ‫األعلم أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم؟»‪ .‬وقد أشار إليه ابن حزم مرات في كتابه الفصل في الملل والنحل فقال في باب عن ماهية البراهين ‪« :‬هذا باب قد‬ ‫أحكمناه في كتابنا الموسوم بالتقريب في حدود الكالم»‪ .‬وقال في موضع آخر‪«:‬هذه شغبية قد طالما حذرنا من مثلها في كتبنا التي جمعناها في حدود المنطق»‪،‬فأطلق‬ ‫اسم «الكتاب»على هذا المصنف ألنه مؤلف من كتب ثمانية؛ وذكره مرة ثالثة في الفصل فقال‪« :‬وبينا في كتاب التقريب لحدود الكالم أن اآللة المسماة الزرافة؟ الخ »‪ ،‬وقال مرة رابعة‪:‬‬ ‫«على حسب المقدمات التي بيناها في كتابنا الموسوم بالتقريب في مائية البرهان « ‪،‬فأشار في هذه التسمية إلى بعض جزء من الكتاب‪.‬ولم يكتب ابن حزم هذا الكتاب إال بعد أن حفزه كثير من الدواعي في الحياة اليومية‪،‬‬ ‫وإال بعد أن وجد الحاجة ماسة إلى المنطق في النواحي العملية من عالقات الناس وتفكيرهم‪ ،‬فهو قد لقي من ينعته بالسؤال عن الفرق بين المحمول والمتمكن‪ ،‬ولقي كثيرا من المشتغبين اآلخذين بالسفسطة في الجدل‪،‬‬ ‫وواجه من يسومه أن يريه العرض منخوال عن الجوهر‪ ،‬وقرأ مؤلفات معقدة ال طائل تحت تعقيدها‪ ،‬ورأى من يدعي الحكمة وهو منها براء فأراد لكتابه أن يكون تسديدا لعوج هذه األمور وإصالح ًا لفسادها‪ ،‬وردا على المخالفين‬ ‫والمشاغبين وإقامة للقواعد الصحيحة في المناظرة‪ ،‬وهي يومئذ شغل شاغل لعلماء األندلس‪.‬‬

‫التقريب لحد المنطق والمدخل إليه باأللفاظ العامية واألمثلة‬ ‫الفقهية ـ ‪ 3‬ـ‬ ‫وبعد‪:‬‬ ‫فإن من سلف من الحكماء‪ ،‬قبل زماننا‪ ،‬جمعوا كتبا رتبوا فيها فروق وقوع المسميات تحت األسماء التي اتفقت‬ ‫جميع األمم في معانيها‪ ،‬وإن اختلفت في أسمائها التي يقع بها التعبير عنها‪ ،‬إذ الطبيعة واحدة‪ ،‬واالختيار مختلف‬ ‫شتى‪ ،‬ورتبوا كيف يقوم بيان المعلومات من تراكيب هذه األسماء‪ ،‬وما يصح من ذلك وما ال يصح‪ ،‬وتقفوا هذه‬ ‫األمور‪ ،‬فحدوا في ذلك حدودا ورفعوا األشكال‪ ،‬فنفع اهلل تعالى بها منفعة عظيمة‪ ،‬وقربت بعيدا‪ ،‬وسهلت صعبا‪،‬‬ ‫وذللت عزيزا في إرادة الحقائق‪ ،‬فمنها كتب أرسطاطاليس الثمانية المجموعة في حدود المنطق‪ .‬ونحن نقول قول‬ ‫من يرغب إلى خالقه الواحد األول في تسديده وعصمته‪ ،‬وال يجعل لنفسه حوال وال قوة إال به‪ ،‬وال علم إال ما علمه‪:‬‬ ‫إن من البر الذي نأمل أن نغبط به عند ربنا تعالى بيان تلك الكتب لعظيم فائدتها فإنا رأينا الناس فيها على ضروب‬ ‫أربعة‪ :‬الثالثة منها خطأ بشيع وجوز شنيع‪ ،‬والرابع حق مهجور‪ ،‬وصواب مغمور‪،‬‬ ‫وعلم مظلوم؛ ونصر المظلوم فرض وأجر‪.‬‬ ‫فأحد الضروب األربعة قوم حكموا على تلك الكتب بأنها محتوية على الكفر‬ ‫وناصرة لإللحاد‪ ،‬دون ان يقفوا على معانيها أو يطالعوها بالقراءة‪ .‬هذا وهم يتلون‬ ‫قول اهلل عز وجل‪ ،‬وهم المقصودون به إذ يقول تعالى‪{ :‬وال تقف ما ليس لك به‬ ‫علم‪ ،‬ألن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤوال} ‪ 36( .‬االسراء‪)17 :‬‬ ‫وقوله تعالى‪{ :‬ها أنتم أوالء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس‬ ‫لكم به علم} (‪ 66‬آل عمران ‪ )3‬وقوله تعالى‪{ :‬قل هاتوا إن كنتم صادقين} (‪64‬‬ ‫النمل‪ )27 :‬؛فرأينا من األجر الجزيل العظيم في هذه الطائفة إزالة هذا الباطل من‬ ‫نفوسهم الجائرة الحاكمة قبل التثبيت‪ ،‬القابلة دون علم‪ ،‬القاطعة دون برهان‪،‬‬ ‫ورفع المأثم الكبير عنهم بإيقاعهم هذا الظن الفاسد على قوم برآء ذوي ساحة‬ ‫سالمة وبشرة نقية وأديم أملس ‪ ...‬فنحن نرجو من خالقنا أن نكون ممن يضرب‬ ‫لنا في كشف هذه الغمة بنصيب وافر به حدا يوم فقرنا إلى الحسنات وحاجتنا إلى‬ ‫النجاة بأنفسنا مما يقع فيه اآلثمون‪ ،‬ييسرنا لسنة حسنة نشارك من تصرف بعدها‬ ‫ما كنا السبب في علمه إياه‪ ،‬دون أجره‪ ،‬دون أن ينقص من أجره شيء‪ ،‬فهكذا‬ ‫وعدنا الخالق األول على لسان رسوله صلى اهلل عليه وسلم فهؤالء ضرب‪.‬‬ ‫والضرب الثاني‪ :‬قوم يعدون هذه الكتب هذيانا من المنطق وهذرا من القول‬ ‫وبالجملة فأكثر الناس سراع إلى معاداة ما جهلوه وذم ما لم يعلموه‪ ،‬وهو كما قال‬ ‫الصادق عليه السالم‪ « :‬الناس كإبل مائة ال تجد فيها راحلة «؛ فرأينا أيضاً أن من‬ ‫وجوه البر إفهام من جهل هذا المقدار الذي نصصنا الذي فضله أوال‪ ،‬ولعمري ما‬ ‫ذلك بقليل‪ ،‬إذ بالعلم بهذا المعنى ننأى عن البهائم وفهمنا مراد الباري عز وجل‬ ‫في خطابه إيانا‪.‬‬ ‫والضرب الثالث‪ :‬قوم قرؤوا هذه الكتب المذكورة بعقول مدخولة وأهواء‬ ‫مؤوفة وبصائر غير سليمة‪ ،‬وقد اشربت قلوبهم حب االستخفاف واستالذوا مركب العجز واستوبؤوا نقل الشرع‬ ‫وقبلوا قول الجهال فوسموا أنفسهم بفهمها‪ ،‬وهم أبعد الناس عنها وأناهم عن درايتها‪ ،‬وكان ما ذكرنا زائدا في‬ ‫تلبيس هذه الكتب ومنفرا عنها فقوي رجاؤها في أننا في بيان ما نبينه منها يكون السبب في هداية من سبقت له‬ ‫الهداية في علم اهلل عز وجل‪ ،‬فيفوز بالحظ األعلى ويحوز القسم األسنى إن شاء اهلل عز وجل‪ .‬ولم نجد أحدا قبلنا‬ ‫انتدب لهذا فرجونا ثواب اهلل عز وجل في ذلك‪.‬‬ ‫والضرب الرابع‪ :‬قوم نظروا بأذهان صافية وأفكار نقية من الميل وعقول سليمة فاستناروا بها ووقفوا على‬ ‫اغراضها فاهتدوا بمنارها وثبت التوحيد عندهم ببراهين ضرورية ال محيد عنها‪ ،‬وشاهدوا انقسام المخلوقات وتأثير‬ ‫الخالق فيها وتدبيره إياها‪ ،‬ووجدوا هذه الكتب الفاضلة كالفريق الصالح والخدين الناصح والصديق المخلص الذي‬ ‫ال يسلم عند شدة وال يفتقده صاحبه في ضيق إال وجده معه‪ ،‬فلم يسلكوا شعبا من شعاب العلوم إال وجدوا منفعة‬ ‫الكتب أمامهم ومعهم‪ ،‬وال طلعوا ثنية من ثنايا المعارف إال أحسوا بفائدتها غير مفارقة لهم‪ ،‬بل ألفوها لهم‬ ‫كل مستغلق‪ ،‬وتليح لهم كل غامض في جميع العلوم‪ ،‬فكانت لهم للصيرفي‪ ،‬واألشياء التي فيها الخواص لتجلية‬ ‫مخصوصاتها‪ .‬فلما نظرنا في ذلك وجدنا بعض اآلفات الداعية إلى الباليا التي ذكرنا‪ ،‬تعقيد الترجمة فيها وإيرادها‬

‫بألفاظ غير عامية وال فاشية االستعمال‪ ،‬وليس كل فهم تصلح له كل عبارة‪ ،‬فتقربنا إلى اهلل عز وجل بأن نورد معاني‬ ‫هذه بألفاظ سهلة سبطة يستوي إن شاء اهلل في فهمها العامي والخاصي والعالم والجاهل حسب إدراكها وما منحنا‬ ‫خالقنا تبارك وتعالى من القوة والتصرف‪ .‬وكان السبب الذي حدا من سلف من المترجمين إلى إغماض األلفاظ‬ ‫وتوعيرها وتخشين المسلك نحوها‪ ،‬الشح منهم بالعلم والضن به‪.‬‬ ‫ولقد يقع لنا أن طالب العلم يومئذ والراغبين فيه كانوا كثيرا ذوي حرص قوي‪ ،‬فأما اآلن وقد زهد الناس فيه‪،‬‬ ‫إلى إيذاء أهله وذعرهم ومطالبتهم والنيل منهم ولم يقنع بأن يترك وجهله‪ ،‬بل صار داعية إليه وناهيا عن العلم‬ ‫بفعله وقوله‪ ،‬وصاروا كما قال حبيب بن أوس الطائي في وصفهم‪:‬‬

‫غدوا وكأن الجهل يجمعهم به‬

‫أب وذوو األدب فيهم نوافل‬

‫فإن الحظ لمن آثر العلم فضله‪ ،‬أن يسهله جهده‪ ،‬ويقربه بقدر طاقته‪ ،‬ويخففه ما أمكن‪ .‬بل لو أمكن أن يهتف‬ ‫به على قوارع طرق المارة‪ ،‬ويدعو إليه في شوارع السابلة‪ ،‬وينادي عليه في مجامع السيارة‪ ،‬بل لو تيسر له أن يهب‬ ‫المال لطالبه‪ ،‬ويجزي األجور لمقتنيه‪ ،‬ويعظم اإلجعال عليه للباحثين عنه‪ ،‬ويسني‬ ‫مراتب أهله‪ ،‬صابرا في ذلك على المشقة واألذى‪ ،‬لكان ذلك حظا جزيال وعمال جيدا‬ ‫وسعيا مشكورا كريما وإحياء للعلم؛ وإال فقد درس وبلي وخفي‪ ،‬إال تحلة القسم‪،‬‬ ‫ولم يبق منه إال آثار لطيفة وأعالم دائرة واهلل المستعان‪ .‬ورأينا هذه الكتب كالدواء‬ ‫القوي‪ ،‬إن تناوله ذو الصحة والمستحكمة‪ ،‬والطبيعة السالمة‪ ،‬والتركيب الوثيق‪،‬‬ ‫والمزاج الجيد‪ ،‬انتفع به وصفى بنيته وأذهب اخالطه وقوى حواسه‪ ،‬وعدل كيفياته؛‬ ‫وإن تناوله العليل المضطرب المزاج‪ ،‬الواهي التركيب‪ ،‬أتى عليه‪ ،‬وزاده بالء وربما‬ ‫أهلكه وقتله‪ .‬وكذلك هذه الكتب إذا تناولها ذو العقل الذكي والفهم القوي لم‬ ‫يعدم أين تقلب وكيف تصرف منها نفعا جليال وهديا منيرا وبيانا الئحا وتنجحا‬ ‫في كل علم تناوله وخيرا في حينه ودنياه‪ ،‬وإن أخذها ذو العقل السخيف أبطلته‬ ‫وذو الفهم الكليل بلدته وحيرته؛ فليتناول كل امرئ حسب طاقته‪ .‬وما توفيقنا إال‬ ‫باهلل عز وجل‪ .‬وال ينذعر قارئ كتابنا هذا من هذا الفعل‪ ،‬فيكع راجعا‪ ،‬ويجفل هاربا‪،‬‬ ‫ويرجع من هذه الثنية ثانيا من عنانه‪ ،‬فإنا نقول قوال ينصره البرهان‪ ،‬ونقضي‬ ‫قضية يعضدها العيان‪ :‬إن أقواما ضعف عقولهم عن فهم القرآن فتناولوه بأهواء‬ ‫جائرة‪ ،‬وأفكار مشغولة‪ ،‬وأفهام مشوبة فما لبثوا أن عاجوا عن الطريقة‪ ،‬وحادوا عن‬ ‫الحقيقة‪ :‬فمن مستحل دم األمة‪ ،‬ومن نازع إلى بعض فجاج الكفر‪ ،‬ومن قائل على‬ ‫اهلل عز وجل ما لم يقل‪ .‬وقد كر اهلل عز وجل وحيه وكالمه فقال‪{ :‬يضل به كثيرا‬ ‫ويهدي به كثيرا‪ ،‬وما يضل به اال الفاسقين} (‪ 26‬البقرة‪ )2 :‬وهكذا كل من تناول‬ ‫شيئا على غير وجهه‪ ،‬أو هو غير مطيق له‪ ،‬وباهلل تعالى نستعين‪..‬‬ ‫وليعلم من قرأ كتابنا هذا أن منفعة هذه الكتب ليست في علم واحد فقط‬ ‫بل كل علم‪ ،‬فمنفعتها في كتاب اهلل عز وجل‪ ،‬وحديث نبيه‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫وفي الفتيا في الحالل والحرام‪ ،‬والواجب والمباح‪ ،‬من أعظم منفعة‪ .‬وجملة ذلك‬ ‫في فهم االشياء التي نص اهلل تعالى ورسوله‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬عليها وما‬ ‫تحتوي عليها من المعاني التي تقع عليها االحكام وما يخرج عنها من المسميات‪،‬‬ ‫وانتسابها تحت األحكام على حسب ذلك؛ وإما شيء متفرق فنجمعه‪ ،‬وإما شيء منثور فنرتبه‪ .‬ثم المؤلفون يتفاضلون‬ ‫فيما عانوه من تواليفهم مما ذكرنا على قدر استيعابهم ما قصدوا أو يقصر بعضهم عن بعض‪ ،‬ولكل قسط من‬ ‫اإلحسان والفضل والشكر واألجر‪ ،‬وإن لم يتكلم إال في مسألة واحدة إذا لم يخرج عن األنواع التي ذكرنا في أي علم‬ ‫ألف‪ .‬وأما من أخذ تأليف غيره فأعاده على وجهه وقدم وأخر‪ ،‬دون تحسين رتبه‪ ،‬أو بدل ألفاظه دون أن يأتي بأبسط‬ ‫منها وأبين‪ ،‬أو حذف مما يحتاج إليه‪ ،‬أو أتى بمااليحتاج إليه‪ ،‬أو نقض صوابا بخطأ‪ ،‬وأتى بما ال فائدة فيه‪ ،‬فإنما هذه‬ ‫أفعال أهل الجهل والغفلة‪ ،‬وأهل القحة والسخف فنعوذ باهلل من ذلك‪.‬‬ ‫وهذا حين نبدأ‪ ،‬إن شاء اهلل عز وجل بحوله وقوته‪ ،‬فيما له قصدنا فنشرع في بيان المدخل إلى الكتب المذكورة‪،‬‬ ‫وهو المسمى باللغة اليونانية إيساغوجي‪ .‬معنى إيساغوجي في اللغة اليونانية « المدخل» وهو خاصة من تأليف‬ ‫فرفوريوس الصوري‪ .‬والكتب التي بعده من تأليف أرسطاطاليس معلم اإلسكندر ومدبر مملكته‪ ،‬وباهلل تعالى‬ ‫التوفيق‪ ،‬وبه نعتصم ونتأيد‪ ،‬ال إله إال اهلل وحده الشريك له‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫العدد ‪970‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)873‬‬

‫‪16‬‬

‫“الشعر المرابطي في المغرب‬ ‫واألندلس”‬

‫اهتم المؤرخون العرب واألجانب بتاريخ الدولة المرابطية‬ ‫وبسير رجاالتها الكبار‪ ،‬وعلى رأسهم عبد اهلل بن ياسين ويوسف‬ ‫بن تاشفين وعلي بن يوسف‪ .‬وتتبعوا تفاصيل تاريخ هذه الدولة‪،‬‬ ‫منذ انطالقها من أقاصي الصحراء كدعوة جهادية وكحركة‬ ‫إصالحية ببالد لمتونة‪ ،‬ومرورا بنجاحها في توحيد بالد المغرب‬ ‫وبناء مدينة مراكش واتخاذها عاصمة لملكهم‪ ،‬وانتهاءا بوقائع‬ ‫العبور المرابطي إلى األندلس وانتصارهم الكبير في معركة‬ ‫الزالقة‪ ،‬ثم إعادة تكييف عالقاتهم مع ملوك الطوائف وتداعيات‬ ‫ذلك على األوضاع بالضفة الغربية للبحر األبيض المتوسط‪.‬‬ ‫وفي ظل هذه السياقات‪ ،‬كان التركيز –في الغالب‪ -‬يتوجه نحو‬ ‫بنية الدولة ومقومات نجاحها المؤسساتي‪ ،‬استنادا إلى قوتها‬ ‫العسكرية الضاربة أوال‪ ،‬وإل��ى لحمة عصبيتها –بالمفهوم‬ ‫الخلدوني‪ -‬الصنهاجية المتالحمة ثانيا‪ ،‬وإلى تجانس المذهب‬ ‫المالكي مع عقلية المغاربة ومع ممارساتهم التعبدية المعروفة‪.‬‬ ‫وعلى هامش هذه الركائز المميزة للمشروع السياسي المرابطي‪،‬‬ ‫ظلت قضايا الهامش‪ ،‬وتحوالت حقل اإلب��داع األدب��ي‪ ،‬وتكون‬ ‫تراكم التراث الرمزي والفكري للمجتمع‪ ،‬أمورا تتفاعل في صمت‬ ‫وبعيدا عن ضجيج التدافع السياسي للمرحلة‪ .‬دليل ذلك‪ ،‬اتجاه‬ ‫مجمل الكتابات اإلسطوغرافية للمرحلة إلى التركيز على الوقائع‬ ‫السياسية المباشرة‪ ،‬في مقابل تواري معالم العطاء الحضاري‬ ‫في إطار إشارات متفرقة‪ ،‬مكتنفة بأحكام عامة جعلت الكثير من‬ ‫خصوصيات اإلبداع المرابطي‪ ،‬شعرا ونثرا‪ ،‬تفقد هويتها المميزة‬ ‫وميسمها الخاص‪.‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫مساس بهذه الشخصية‪ ،‬سواء في صورها المادية‪ ،‬أو في صورها‬ ‫المعنوية‪ ،‬وسواء كانت معها أو ضدا عليها‪ .‬وقد يتساءل سائل‪،‬‬ ‫عن سبب‪ ،‬أو أسباب هذا الترجيء‪ ،‬والحق أن هذا العرض الذي‬ ‫نقدمه اليوم‪ ،‬إنما هو فصل من بحث متكامل‪ ،‬حاولنا من خالله‪،‬‬ ‫تقديم عامل من عوامل ذلك البحث‪ ،‬لما كان له من فضل في‬ ‫توليد القرائح التي ساهمت في إغناء الساحة الشعرية المرابطية‪،‬‬ ‫مؤكدين من خالله‪ ،‬لمن رام اجتثاث هذا العنصر الفعال في إثراء‬ ‫الظاهرة الشعرية على عصرهم‪ ،‬ومناقشين القول الذاهب إلى أن‬ ‫المرابطين‪ ،‬أبعدوا الشعراء وأفسدوا الشعر‪ ،‬وهجنوا الذوق‪ ،‬بعدما‬ ‫كان رفيعا زمن الطوائف‪ ،‬وأحلوا محله فني الموشح والزجل‪،‬‬ ‫اعتقادا منهم‪ ،‬أن هذين الفنين من أرذل الفنون‪( ”...‬ص‪.)5 .‬‬

‫لقد استطاع األستاذ عبد القادر الخراز تقديم دراسة غير‬ ‫مسبوقة‪ ،‬على مستوى قوتها المنهجية التي ربطت بين غزارة‬ ‫التراث الشعري للمرحلة المدروسة من جهة‪ ،‬وبين السياقات‬ ‫التاريخية التي أنتجت هذا التراث من جهة ثانية‪ .‬ولعل هذا التجميع‬ ‫العلمي قادر على تقديم األجوبة الضرورية للكثير من منغلقات‬ ‫الكتابة التاريخية الحدثية بمعناها الحصري الضيق‪ .‬أضف إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬أن العمل يفتح األعين على خصوبة عطاء األدب المرابطي‬ ‫في مجالين مخصوصين‪ ،‬هما مجال الموشحات ومجال الشعر‬ ‫الزجلي‪ ،‬ذلك أن هذين الفرعين عرفا ازدهارا كبيرا‪ ،‬على الرغم‬ ‫من كل صفات التبخيس التي ألحقت بهما من طرف المؤرخين‬ ‫غالف الكناب‬ ‫الرسميين‪ .‬وإذا كان المؤرخ الرسمي قد نحا دائما نحو االفتتان بشعر “الفئات‬ ‫العالمة”‪ ،‬فإن االنفتاح على لغة “العامة”‪ ،‬لغة الشعب‪ ،‬وتجميع مظانها استنادا إلى غزارة‬ ‫لذلك‪ ،‬فقد انبرى الكثير من مؤرخي المرحلة الراهنة لتصحيح هذا الوضع‪ ،‬عبر تراث اللغات الدارجة‪ ،‬يشكل حجر الزاوية بالنسبة لمؤرخي تاريخ الذهنيات‪ .‬فعند هذا‬ ‫تنظيم عودة علمية أصيلة لتجميع النصوص الشعرية المرابطية‪ ،‬قصد إعادة الكشف‬ ‫التراث تتكاثف القيم المجتمعية‪ ،‬لتعبر عن واقعها‪ ،‬وعن إحباطاتها‪ ،‬وعن تطلعاتها‪ ،‬وقبل‬ ‫عن “الوجه اآلخر” في التجربة المرابطية خالل العصر الوسيط ببالدنا‪ ،‬وجه ال يبرز إال‬ ‫كل ذلك‪ ،‬عن نظمها المعيشية وأنساقها الفكرية والرمزية المتوارثة‪.‬‬ ‫معالم النبوغ وسمات السمو داخل رصيد المنجز الشعري‪ ،‬بعد أن يضع أسس تصحيح‬ ‫وفي هذا الجانب بالذات‪ ،‬يقدم كتاب األستاذ الخراز إضافة هامة للمؤرخين‬ ‫األحكام الخاطئة التي ربطت بين وصول المرابطين إلى السلطة‪ ،‬وبين تراجع القيم‬ ‫الفنية والجمالية واإلنسانية للشعر المغربي‪ .‬في سياق هذا الجهد األكاديمي الرصين‪ ،‬المتخصصين‪ ،‬عبر توجيه االهتمام نحو غزارة عطاء تراث الموشحات وكذا تراث الزجل‪ .‬وال‬ ‫يندرج صدور كتاب “الشعر المرابطي في المغرب واألندلس”‪ ،‬لمؤلف األستاذ عبد القادر شك أن توسيع دوائر البحث والتنقيب في المجالين المذكورين‪ ،‬إلى جانب حصيلة عطاء‬ ‫الخراز‪ ،‬ضمن سلسلة دفاتر المدرسة العليا لألساتذة بتطوان‪ ،‬وذلك سنة ‪ ،1994‬في ما شعراء المرحلة ممن استدل المؤلف ببعض نصوصهم‪ ،‬من أمثال عبد الجليل بن وهبون‬ ‫مجموعه ‪ 81‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪ .‬والعمل‪ ،‬تجسيد لألفق العلمي األصيل وأبو بكر محمد بن سوار األشبوني وابن خفاجة وأبو محمد بن صارة الشنتريني وابن‬ ‫الذي حددنا أبعاده أعاله‪ ،‬كما أنه تجميع تركيبي يساهم في توفير المادة الخام الضرورية الزقاق البلنسي‪ ،‬يقدم أرضية مناسبة إلنجاز الدراسات القطاعية ذات الصلة بالموضوع‪،‬‬ ‫بالنسبة للباحثين وللمهتمين وللمؤرخين المنشغلين بقضايا التاريخ الثقافي وإبداالت ليس فقط بالنسبة لفترة حكم الدولة المرابطية‪ ،‬ولكن –كذلك‪ -‬لكل دول المغرب‬ ‫التراث الذهني الذي يراكمه المجتمع والدولة في سياق تطوراتهما التاريخية الطويلة الوسيطي‪ ،‬وتحديدا الدولة الموحدية والدولة المرينية والدولة الوطاسية‪ .‬ففي هذا‬ ‫المدى‪ .‬ولتوضيح معالم هذا البعد العلمي األصيل‪ ،‬يقول األستاذ عبد القادر الخراز في المسعى تثمين للجهد الكبير الذي بذله الرواد المغاربة في تنقيباتهم عن معالم “النبوغ‬ ‫كلمته التقديمية‪“ :‬نقصد بالشعر المرابطي ذلك الشعر الذي صدر عن شعراء مغاربة‪ ،‬المغربي” في الشعر وفي األدب‪ .‬هو النبوغ الذي صنع هوية اإلنسان المغربي‪ ،‬بعد أن‬ ‫عاصروا المرابطين‪ ،‬أو شعراء أندلسيين خاطبوا به الشخصية المرابطية‪ ،‬أو ما ارتبط بها أكسبها صفات التميز الراقي والسمو الحضاري الذي كان عنوانا للدولة المغربية خالل‬ ‫من نماذج بشرية‪ ،‬أو طبيعية‪ ،‬أو حضارية‪ ،‬أو انعكست على مضامينه حاالت نفسية لها العصر الوسيط‪.‬‬

‫أساتذة جامعيون مغاربة وأجانب يناقشون تيمة «الحرب»‬ ‫في الدورة ‪ 12‬لملتقيات التاريخ بالرباط‬ ‫تنظم الجمعية المغربية للمعرفة التاريخية بدعم من وزارة‬ ‫الثقافة وأكاديمية المملكة المغربية وكليتي اآلداب والعلوم اإلنسانية‬ ‫بالرباط وبنمسيك بالدار البيضاء‪ ،‬الدورة ‪ 12‬من ملتقيات التاريخ‬ ‫التي دأبت الجمعية على تنظيمها منذ سنوات‪ ،‬والتي تعرف كل سنة‬ ‫مشاركة نخبة من المؤرخين المغاربة واألجانب‪ .‬وقد اختار المنظمون‬ ‫في الملتقى الذي سيعرف أشغاله أيام ‪ 7 ،6 ،5‬دجنبر ‪ 2018‬بكلية‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط‪ ،‬تيمة «الحرب» موضوعا له‪.‬‬ ‫وحسب تصريح لرئيس الجمعية المنظمة المؤرخ المعروف‬ ‫الدكتور عبد المجيد القدوري‪ ،‬العميد السابق لكلية اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانية بنمسيك بالدار البيضاء‪ ،‬فلقاءات ملتقى التاريخ « أصبحت‬ ‫موعدا ثقافيا للتواصل مع التاريخ من خالل معرفة تيماته وقضاياه‪،‬‬ ‫وبذلك نقف من خالل برنامج يضم مداخالت علمية ومعرفية لمحطات‬ ‫التاريخ التي تقارب تيمة الحرب عبر موائد مستديرة مفتوحة لعموم‬ ‫المتلقين ومن يود أن يعرف تاريخ بالده ومحيطه»‪.‬‬ ‫وسيعرف الملتقى تنظيم محاضرة مؤطرة للمحور وفاتحة لقضاياه‬ ‫وتساؤالته سيطرحها المؤرخ الفرنسي المعروف برنار روزنبيرجي ‪،‬‬ ‫والتي وسمها ب « الحرب كأسلوب حياة حول الساحات البرتغالية في‬ ‫المغرب»‪ .‬أما المحاضرة الختامية فسيختمها الباحث الهولندي ليون‬ ‫بوسكينس مدير المعهد الهولندي بالرباط‪ ،‬وستكون حول « دراسة‬ ‫عن الجهاد عند المستشرق الهولندي سنوك»‪.‬‬

‫أما باقي المداخالت التي سيشارك فيها نخبة من المؤرخين الذين ينتسبون‬ ‫لمجموعة من الجامعات والمعاهد بالمغرب وتونس والنيجر وهولندا و السنغال‪،‬‬ ‫فستتمحور حول محاور « مفهوم الحرب‪ ،‬الصراعات في التاريخ‪ ،‬الحروب القبلية‬ ‫بالمغرب والمخيال الجماعي‪ ،‬الحرب وتقنياتها»‪.‬‬ ‫وتأتي الدورة ‪ 12‬من ملتقيات التاريخ‪ ،‬حسب منسق‪ ‬الدورة‪ ،‬الدكتور محمد سعيد‬ ‫المرتجي‪ ،‬أستاذ التاريخ بكلية اآلداب بالرباط والكاتب العام للجمعية المنظمة‪« :‬‬ ‫والعالم يحتفي بالذكرى المائوية األولى النتهاء الحرب العالمية األولى‪ ،‬لتخليد ذكرى‬ ‫من قضوا في هذه الحرب الدموية التي أودت بحياة أكثر من ‪ 18‬مليون شخص‪ ،‬ففي‬ ‫عام ‪ 1918‬قرعت أجراس الكنائس وصمت صوت المدافع على الجبهة الغربية في‬ ‫إعالن لنهاية الحرب العالمية األولى التي استمرت ‪ 4‬سنوات وأودت بحياة الماليين‪،‬‬ ‫احتفت بفرنسا أمام قبر الجندي المجهول‪ ،‬وفي بريطانيا افتتح مهرجان إلحياء ذكرى‬ ‫قتلى الحرب العالمية األولى‪ ،‬فيما تم وضع أكثر من ‪ 75‬ألف مجسم صغير يجسدون‬ ‫جثث الجنود القتلى في حديقة الملكة إليزابيث األولمبية بلندن»‪.‬‬ ‫ويضيف في نفس السياق الدكتور عبد المجيد القدوري « كانت الحرب العالمية‬ ‫األولى قد اندلعت عام ‪ 1914‬بين بريطانيا وفرنسا وروسيا من جهة‪ ،‬وألمانيا والنمسا‬ ‫ودول البلقان‪ ،‬وانتهت عام ‪ ،1918‬وكان السبب في اندالعها اغتيال ولي عهد النمسا‬ ‫آنذاك‪ ..‬فيما ذاع وصفها بالحرب العظمى‪ ،‬حيث شارك فيها ‪ 70‬مليون عسكري وقتل‬ ‫فيها ‪ 18‬مليون شخص‪ ،‬نصفهم من المدنيين»‪.‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫مع‬

‫املواطنني‬

‫ذاكرة استعمارية في طريقها‬ ‫نحو االنقراض‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)436‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬

‫كيف يمكن إقناع األجيال المتعاقبة بأن المستعمر الغاشم ‪ ،‬الذي كتم أنفاس‬ ‫الشعب المغربي ‪ ،‬وضربه بالحديد والنار ‪ ،‬وقسم أرضه إلى محميات ‪ ،‬ونهب ثروته‪،‬‬ ‫وكان سببا مباشرا في تخلفه وتفقير أبنائه ‪ ،‬إن لم تتصدر برامج عمل الحكومات ‪،‬‬ ‫والجماعات الترابية ‪ ،‬والسلطات العمومية ‪ ،‬وباقي المتدخلين عمليات حماية الذاكرة‬ ‫المادية لهذا المستعمر حتى تظل شاهدة على بشاعة جرائمه ‪ ،‬ولتكون عبرة‬ ‫الستخالص الدروس ‪ ،‬من أجل أن تظل الوطنية متقدة في شرايين المغاربة إلى أن‬ ‫يرث اهلل األرض ومن عليها ؟ أليس من العيب أن يظل يوم ‪ 18‬نونبر من كل سنة‬ ‫هو الشاهد الوحيد الذي يذكر أجيال ما بعد حصول المغرب على استقالله ‪ ،‬وما قدمه‬ ‫نساء ورجال المقاومة وجيش التحرير من تضحيات جسام من أجل ذلك ‪ ،‬وفي المقابل‬ ‫يتم الصمت الذي ال نجد له تفسيرا أمام ما تتعرض له الذاكرة المادية للمستعمر من‬ ‫محو ممنهج ؟ صمت ‪ ،‬ما من شك مرحب به لدى الدوائر االستعمارية في زمن طفرة‬ ‫حقوق االنسان ‪ ،‬ومحاسبة المستعمر على الجرائم التي ارتكبها في حق الشعوب عبر‬ ‫المعمور ‪.‬‬ ‫‪ ‬سياق هذا السفر في التاريخ الحديث ‪ ،‬وتزامن تنزيله مع احتفال المغاربة بعيد‬ ‫االستقالل ‪ ،‬ما تم الوقوف عليه من محاولة لطمس الرأسمال المادي للمستعمر‬ ‫الذي مر من هنا ‪ ، ‬وتم دحر كل مخططاته التجزيئية لتراب المملكة ‪ .‬من بين هذه‬ ‫المعالم المادية الشاهدة على تقسيم المغرب ‪ ،‬التي تستوقف مستعملي الطريق‬ ‫الوطنية التي تربط وزان بتطوان ‪ ،‬بناية « الحدود الجمركية» ضخمة ثبتها االستعمار‬ ‫الفرنسي‪ -‬االسباني هناك ‪ ،‬لضبط انتقال تحرك المغاربة بين المنطقتين المغربيتين‬ ‫المستعمرتين ‪.‬‬ ‫‪ ‬البناية المشار إليها ( انظر الصورة ) تركتها الجهات المعنية عرضة لالندثار‪ ،‬ولم‬ ‫تع هذه الجهات بأنها بترميمها لهذه المعلمة وتأهيلها ‪ ،‬تعمل على ‪ ‬حفظ‪ ‬ذاكرة‬ ‫المغاربة يقظة ‪ ‬لكي ال يتكرر ما حدث ‪ ،‬وحماية لتراث مادي إنساني شاهد على‬ ‫حقبة تاريخية نهبت فيها القوى االستعمارية خيرات الشعوب واستعبدتها ‪ .‬لذلك‬ ‫تعتبر عملية ترميم ‪ ‬البناية وإنقاذها من االنهيار وبالتالي الضياع ‪ ،‬وتحويل فضائها‬ ‫الداخلي والمحيط بها إلى مزار مؤثث بالرأسمال المادي والالمادي الذي صاحب‬ ‫الحقبة االستعمارية ‪ ،‬ويشهد على بشاعة ممارساته ‪ ،‬يقابل ذلك الجهاد األصغر في‬ ‫شقيه المادي والالمادي ‪ ،‬الذي صنع مالحمه نساء ورجال المقاومة وجيش التحرير‬ ‫في تالحمهم بالمغفور له الملك محمد الخامس ‪ (،‬يعتبر) مدخال من مداخل إنعاش‬ ‫ذاكرة شباب اليوم وتمنيعه بحقنه بفائض قيم الوطنية والمواطنة ‪ ،‬واستنفارا واعيا‬ ‫ودائما للمغاربة لصون الوحدة الترابية والوطنية التي عليها تتكسر كل المؤامرات ‪.‬‬ ‫كما يمكن أن يشكل ربط ترميم هذه المعلمة وتحويلها إلى مزار رافعة من رافعات‬ ‫تنمية الجماعة الترابية حيث هي مثبتتة البناية المذكورة ‪.‬‬

‫‪ANNONCE LEGALE ET ADMINISTRATIVE‬‬ ‫‪« NEW ACCESS » S.A.R.L‬‬

‫‪Société à Responsabilité limitée Au capital De 90.000,00 Dirhams‬‬ ‫‪SIEGE SOCIAL : TANGER, 234 RUE B, AL MAJD. L. AL MAJD LT. 640 LOCAL‬‬

‫‪CONSTITUTION‬‬

‫‪1- Aux termes d’un acte sous seing privé en date du 11 Octobre 2018 à‬‬ ‫‪Tanger, il a été établi les statuts d’une société à responsabilité limitée ayant les‬‬ ‫‪caractéristiques suivantes :‬‬

‫‪DENOMINATION : « NEW ACCESS » S.A.R.L‬‬ ‫‪OBJET : la société a pour objet :‬‬ ‫‪- IMPORT EXPORT DE FOURNITURES ET ACCESSOIRES DE CONFECTION.‬‬ ‫‪CAPITAL SOCIAL :‬‬ ‫‪Le capital social est fixé à la somme de Quatre Vingt Seize Mille Dirhams‬‬ ‫)‪(90.000,00 Dhs) divisé en cent (900) parts sociales de Cent Dirhams (100,00Dhs‬‬ ‫‪chacune intégralement libérées par :‬‬ ‫‪- Monsieur SLAOUI Adil apporte à la société la somme de……..56 000,00 dhs‬‬ ‫‪- Monsieur MARSOU Ayman apporte à la société la somme de....34 000,00 dhs‬‬ ‫‪Total égal au capital social soit ………………....… 90.000,00 dhs‬‬ ‫‪SIEGE SOCIALE : TANGER, 234 RUE B, AL MAJD. L. AL MAJD LT. 640 LOCAL.‬‬ ‫‪DUREE : (99) années.‬‬ ‫‪GERANCE : La société est gérée et administrée par Monsieur SLAOUI Adil.‬‬ ‫‪2- La société « NEW ACCESS » SARL a été immatriculée au registre de‬‬ ‫‪commerce de TANGER sous le numéro 93.219.‬‬ ‫‪Pour Extrait et Mention‬‬

‫‪17‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫مدير النشر ورئيس التحرير ‪:‬‬

‫عزيـز گنـونـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيدة الورياغلي‬ ‫هدى املجاطي‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫محمــد وطـــا�ش‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى احلراق‬ ‫ملـيـــاء ال�ســالوي‬ ‫محمد ال�سعيدي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪436‬‬


‫صفحة‬

‫‪18‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪970‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫كلمة العدد‬

‫الشمال‬

‫الجماهير واألولتراس رغم قيامها في بعض األحيان بإلقاء الشهب االصطناعية‬ ‫والشماريخ مما يتسبب في خسائر مادية ألنديتها وتوقيف مالعبها في بعض األحيان‬ ‫فإنها تبقى بمثابة ‪-‬ملح‪ -‬المباريات وتشجيعاتها تظل ضرورية لشحذ همم الالعبين‬ ‫ومساعدتهم على تحقيق النتائج المبتغاة‪.‬‬ ‫باألمس‪ ،‬كانت أولتراس هيركوليس بمثابة الالعب ‪ 12‬الذي ساهم مساهمة إيجابية‬ ‫في تحقيق اللقب التاريخي التحاد طنجة‪.‬‬ ‫واليوم هاهي جماهير الر جاء البيضاوي تتصدر التصنيف العالمي للقناة المختصة في‬ ‫تصنيف الجماهير واألولتراس ‪ -‬أولتراس وورلد ‪.-‬‬ ‫وجاءت جماهير النسور الخضر في الصف األول بعد حضورها الكثيف بمدرجات ملعب‬ ‫محمد الخامس خالل ذهاب الدور النهائي لكأس الكاف‪ ،‬حيث ساهمت هذ ه الجماهير‬ ‫في النتيجة اإليجابية التي حققها الفريق ‪ 0-3‬أمام فيتا كلوب الكونغولي باحتفاليتها‬ ‫وأهازيجها مما جعلها تستحق الصف األول عالميا أمام جماهير فريق النجم األحمر التي‬ ‫احتلت الصف الثاني وجماهير نادي بوكاجينيور التي جاءت في الرتبة الثالثة‪.‬‬

‫إياب الدور التمهيدي لدوري أبطال إفريقيا بين‬

‫«إليكت سبور التشادي»‬ ‫و «اتحاد طنجة»‬

‫يبدو أن نهاية المدرب‬ ‫التونسي أحمد العجالني مع‬ ‫اتحاد طنجة لكرة القدم قد‬ ‫اقتربت بسبب ســوء النتائـج‬ ‫وعدم تمكنـــه من إيجـــاد‬ ‫االنسجــام والتنـاغــم بين‬ ‫أفراد المجموعة‪.‬‬ ‫العجالني الذي تسلـــم المهمــة بعد االنفصال عن ادريس‬ ‫المرابط الذي قاد الفريق إلى الظفر بلقب بطولة الدوري االحترافي‬ ‫ألول مرة في تاريخه‪ ،‬بعد ثالث تعادالت فقط‪ ،‬حقق انتصارا واحدا‬ ‫لحد اآلن في البطولة وأقصي مبكرا من منافسات كأس العرش‪...‬‬ ‫وفاز األسبوع الماضي بشق األنفــس على نادي إليكــت سبور‬ ‫التشادي بركلة جزاء برسم الدور التمهيدي لدوري أبطال إفريقيا‪.‬‬ ‫نتائج تؤكد بالملموس إخفاق المدرب العجالني وعدم قدرته‬ ‫على مواكبة المسيرة‪.‬‬ ‫وربما تكون مباراة الغد في نجامينا بمثابة القشة التي قد‬ ‫تقسم ظهر العجالني في حالة اإلقصاء المبكر في هذه المنافسة‬ ‫التي يراهن عليها فارس البوغاز إلنقاذ ماء الوجه خاصة وأنه من‬ ‫بين أهداف العقد الذي يربطه باتحاد طنجة بلوغ دور المجموعات‬ ‫على األقل في هذه المسابقة القارية لتعويض اإلخفاق في البطولة‬ ‫وكأس العرش‪.‬‬ ‫فهل سيتمكن العجالني من الخروج سالما من معركة نجامينا‬ ‫غدا خاصة بعد سيل االنتقادات التي تعرض لها خالل المباريات‬ ‫األخيرة من قبل الجماهير التي طالبت برحيله واستغربت كيف تم‬ ‫اإلبقاء عليه بعد هذا الكم الهائل من النتائج السلبية واالنفصال‬ ‫عن ادريس المرابط بعد ثالث تعادالت فقط‪ ،‬وعدم تمكنه‬ ‫من إقناع وسائل اإلعالم خالل الندوات الصحافية حيث يكرر‬ ‫نفس األسطوانة‪ ..‬عليكم بالصبر‪ ..‬والفريق قادم‪ ..‬وأنا أتحمل‬ ‫المسؤولية إلبعاد الضغــط عن الالعبيــن‪ ..‬أسطوانة أصبحت‬ ‫مشروخة‪ ،‬بفعل التكرار‪.‬‬ ‫األسبوع الذي ودعناه عرف تواجد اإلطار الوطني رشيد الطوسي‬ ‫بمدينة طنجة بعد انفصاله عن نادي وفاق سطيف الجزائري وقد‬ ‫ربط البعض ذلك بالتحضير إلقالة التونسي العجالني في حال‬ ‫الهزيمة واإلقصاء من الدور التمهيدي لدوري أبطال إفريقيا‪.‬‬

‫توجه اتحاد طنجة يوم األحد إلى العاصمة التشادية‬ ‫نجامينا لخوض غمار مباراة إياب الدور التمهيدي لدوري‬ ‫أبطال إفريقيا أمام نادي إليكت سبور التشادي‪.‬‬ ‫مباراة صعبة بالنسبة التحاد طنجة الذي فاز الثالثاء‬ ‫الماضي في الذهاب بملعب ابن بطوطة بهدف دون‬ ‫مقابل من ركلة جزاء نفذها الالعب العرجون في الدقيقة‬ ‫‪.44‬‬ ‫اتحاد طنجة خلق فرصا عديدة ولكنه لم يتمكن من‬ ‫ترجمتها إلى أهداف بفعل التسرع و أيضا لتكتل دفاع‬ ‫الخصم الذي حضر إلى طنجة من أجل التقليل من الخسائر‬ ‫وفضل الدفاع عن مرماه طيلة المباراة‪.‬‬ ‫مباراة الغد لن تكون سهلة بالنسبة التحاد طنجة الذي‬ ‫سيكون الحفاظ عن مكسب الذهاب والعودة بالتأهل من‬

‫نجامينا أمراً صعباً ولكنه غير مستحيل إذا ما عرف فارس‬ ‫البوغاز كيف يحتاط وكيف يتأقلم ويتعامل مع الظروف‬ ‫باألدغال اإلفريقية‪.‬‬ ‫العجالني مدرب اتحاد طنجة‬

‫سنكافح في نجامينا من أجل التأهل‬

‫أكد أحمد العجالنـي مدرب اتحاد طنجـة أن فريقـه‬ ‫سيكافح في نجامينا من أجل العودة بنتيجة تضمن له‬ ‫التأهل للدور المقبل‪.‬‬ ‫العجالني أثنى على المجهود الذي بذله العبو اتحاد‬ ‫طنجة وأوضح أن الحظ عاكسهم والخصم لعب بطريقة‬ ‫دفاعيــة وكان همـه الوحيد إفساد العمليات وتشتيـت‬ ‫الكرات في محاولة للتقليل من الخسائر‪.‬‬

‫اتحاد طنجة توجه األحد إلى نجامينا‬ ‫إلى العاصمة التشادية نجامينا‪ ،‬توجه عشية‬ ‫األحد فريق اتحاد طنجة لكرة القدم لمواجهة‬ ‫فريق إليكت سبور التشادي يوم األربعاء المقبل‬ ‫برسم إياب الدور التمهيدي لدوري أبطال ا فريقيا‪.‬‬ ‫وتضم بعثة فارس البوغاز ‪ 37‬فردا مابين‬ ‫العبين وطاقم فني وإداريين ويرأسها السيد عبد‬ ‫الحميد أبرشان رئيس الفريق‪.‬‬ ‫وكان وفد يضم الكاتب العام ربيــع المولــــوع‬ ‫والمدير العام عبد القادر خضور قد توجه الجمعة‬ ‫إلى العاصمة التشادية للتحضير لمقام البعثة‪.‬‬ ‫وقد علمت «الشمال» أن فريق اتحاد طنجة‬ ‫استرجع العبيه المصابين الذين لم يشاركوا في‬ ‫لقاء الذهاب الذي انتهى لفائدة االتحاد بهدف‬ ‫دون مقابل جاء من ركلة جزاء في الدقيقة ‪44‬‬ ‫وفي مقدمتهم متوسط الميدان الهجومي عصام‬ ‫الراقي‪.‬‬


‫الشمال الرياضي‬

‫العدد ‪970‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫‪19‬‬

‫بعد سحب التنظيم من الكامرون‪..‬أصبح المغرب ادريس المرابط مرشح‬ ‫قريبا من استضافة كأس إفريقيا ‪2019‬‬ ‫لتدريب نادي شباب بلوزداد‬ ‫الجزائري‬

‫أعلن االتحاد اإلفريقي لكرة‬ ‫القدم سحــب تنظيم بطولة‬ ‫كأس إفريقيا لألمم ‪2019‬من‬ ‫الكامرون بسبب تأخر اآلشغال‬ ‫في بناء وتهيييء المالعب وفتح‬ ‫باب الترشح أمام الدول الراغبة‬ ‫في استضافة هذاالحدث القاري‬ ‫الذي سيقام ألول مرة شهر‬ ‫يونيو المقبل بمشاركة‪24‬منتخبا‬ ‫بعد التعديالت التي صادقت‬ ‫عليهـــا الكــاف صيـــف ‪2017‬‬ ‫بالصخيرات‪ ..‬حيــث تم تغييــــر‬ ‫توقيت البطولة إلى شهر يونيو‬ ‫بداية من نسخة‪ 2019‬وزيادة‬ ‫عدد الدول المشاركة من ‪ 16‬إلى‪ 24‬بلدا تماشيا مع‬ ‫قرارات االتحاد األوربي للعبة الذي أضاف هو األخر ‪8‬‬ ‫منتخبات إلى بطولته القارية‪ ،‬انطالقا من عام‪2016‬‬ ‫بفرنسا‪.‬‬ ‫ومن المنتظر أن يتقدم المغرب وجنوب إفريقيا‬ ‫بترشيحما بعد انسحاب مصر ومساندتهالملف ترشيح‬ ‫المغرب لتعويض الكامرون في تنظيــم النسخـــة‬ ‫المقبلة‪ ،‬حيث سيتم البث في هذين الملفين قريبا‬ ‫على أن يتم اإلعالن عن البلد المنظم بصفة رسمية‬ ‫نهاية السنة الجارية‪.‬‬ ‫ويتوقع المراقبون أن يحظى المغرب بشرف‬ ‫تنظيم كأس إفريقيا لألمم‪ 2019‬لعدة اعتبارات من‬ ‫بينها‪.‬‬ ‫ كونه من أبرز من تم تداول اسمه خالل‬‫السنتين األخيرتي كمرشح بارز لتعويـض الكامرون‬

‫لكونـــه يتوفر على بنية تحتية‬ ‫متميزة تسمح له باستضافة‬ ‫أهـــم األحــداث والبطــوالت‬ ‫الكروية‪ ،‬كما حدث عندما نظم‬ ‫كأس العالم لألنديــة مرتيــن‬ ‫عامي‪2013‬و‪.2014‬‬ ‫ومن بين هـذه المنشآت‬ ‫مالعـب بمواصفـــات عـــالميـــة‬ ‫تستجيب لدفتر تحمالت الكاف‬ ‫لتنظيم كـــأس إفريقيا لألمم‪،‬‬ ‫ويتعلق األمر بمالعـــب طنجة‬ ‫ومراكش وأكادير والدار البيضاء‬ ‫والرباط ومركب فاس‪.‬‬ ‫أما على صعيد البنية التحتية التي تشمل الفنادق‬ ‫والطرق ووسائل النقل والمطارات فيعتبر المغرب من‬ ‫بين األبرز على الصعيد القاري‪ ،‬كما أنها تتوفر بشكل‬ ‫الئق وجيد في كل المدن التي تحتضن المالعب الستة‬ ‫المذكورة‪.‬‬ ‫وشكلت عودة المغرب مؤخرا إلى أحضان االتحاد‬ ‫اإلفريقي فرصة لتعميق صلته بقارته السمراء‪ ،‬حيث‬ ‫يراهن أيضا على كرة القدم لتأكيد قوته وحضوره‬ ‫الفعال على الصعيد القاري‪ ،‬سواء من حيث المسؤولية‬ ‫أو التنظيم أو المنافسة كذلك على األلقاب‪ ..‬كما أن‬ ‫المغرب أصبح يلعب دورا مهما داخل االتحاد اإلفريقي‬ ‫لكرة القدم بعد ولوج فوزي لقجع رئيس الجامعة‬ ‫الملكية المغربية لكرة القدم منصب نائب الرئيس‬ ‫المسؤول عن الشؤون المالية للكاف‪.‬‬

‫من المحتمـــل جدا أن يتعــرض الرجــاء البيضاوي‬ ‫إلى العقــوبــة من قبـــل االتحاد اإلفريقي لكرة‬ ‫القدم ويؤدي ثمــن شغـــب جماهيـــره خالل ذهـاب‬ ‫نهائي كــأس الكــاف الذي جمعه بنادي فيتا كلوب‬ ‫الكونغولي والذي انتهى لفائدته بثالثية نظيفة‪،‬‬ ‫فقد اضطر الحكم السينغالـي ماغيتـي إلى إيقــاف‬ ‫المباراة في الدقيقة ‪ 49‬بسبب الدخان الكثيــف الذي‬ ‫غطى الملعب‪ ،‬نتيجـــة استخدام أنصار الرجاء للشهب‬ ‫االصطناعية احتفــــاءا بالهـــدف األول الذي وقعــــه‬ ‫سفيان رحيمي‪.‬‬

‫وتوقف اللقاء لمــدة ‪ 5‬دقائـــق‪ ،‬قبل أن تعود‬ ‫األمور لسيرها الطبيعي‪.‬‬

‫االتحاد اإلفريقي قد يعاقب‬ ‫الر جاء البيضاوي‬

‫هذا ومن المنتظــر أن يسلط االتحاد اإلفريقي‬ ‫غرامــة مالية على الرجـــاء البيضاوي بسبب ذلك‪،‬‬ ‫إضافة إلى معاقبة مهاجمه محسن ياجور الذي تعرض‬ ‫للبطاقة الحمراء بسبب شجار بينه وبين العب كونغولي‬ ‫بعد انتهاء مباراة ذهاب الدور النهائي لكأس الكاف‬ ‫بالدار البيضاء‪.‬‬

‫نهائي كأس ليبيرتادوريس‬ ‫بملعب سانتياغو بيرنابيو بمدريد‬

‫أفادت مصادر عليمة أن المدرب ادريس المرابط الذي قاد‬ ‫اتحاد طنجة للظفر ببطولة الدوري االحترافي المغربي ألول مرة‬ ‫في تاريخه أصبح من المرشحين لقيادة الطاقم الفني لفريق‬ ‫شباب بلوزداد الجزائري في األيام القادمة‪.‬‬

‫المغرب التطواني يستعيد نغمة الفوز‬ ‫بعد سلسلة من التعثرات‪ ،‬فاز المغرب‬ ‫التطواني على يوسفية برشيــد بهدفين‬ ‫نظيفين برسم بطولــة الدوري االحترافي‬ ‫المغربي من تسجيل أسامــة الحلفي وزهير‬ ‫نعيم من ركلة جزاء‪.‬‬ ‫وبهذا الفوز‪ ،‬ارتقى المغرب التطواني‬ ‫إلى المركز الرابع ب‪11‬نقطة فيما تعرض‬ ‫نادي يوسفية برشيد للهزيمة الثالثة ليظل‬ ‫إلى جانب حسنية أكادير في الصدارة‪.‬‬

‫عثمان ديمبيلي قد يرحل عن برشلونة‬ ‫شهر يناير المقبل‬

‫أشارت تقارير صحفية إسبانيــة إلى أن‬ ‫الدولي الفرنسي عثمان ديمبيلي مهاجم نادي‬ ‫برشلونة اإلسباني قد يرحـل عــن الفريق خالل‬ ‫فترة االنتقاالت الشتوية القادمة‪.‬‬ ‫و أكدت صحيفة ـ سبورت ـ اإلسبانية عن‬ ‫موقع ـ غول دوت كوم ـ أن جناح منتخب فرنسا‬ ‫طلب من إدارة الفريق الكتالوني الرحيل خالل‬ ‫شهر يناير القادم بعدما تعرض لحملة انتقادات‬ ‫واسعة خالل الفترة األخيرة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫إبعاده عن التشكيلة الرسمية وإشراكه كبديل‬ ‫خالل مباراة الكالسيكو‪ ،‬حيث وقع هدف التعادل‬ ‫الذي أنقذ البارصا من الهزيمة‪.‬‬ ‫وأكدت هذه المصادر أنه في حال رحيــل‬ ‫ديمبيلي عن الفريق‪ ،‬فإن نادي باريس سان‬ ‫جيرمان الفرنسي يبقى األقــرب لضمه خاصة‬

‫وأن الفريق الباريسي سعـــى إلى ذلك‪ ،‬عندما‬ ‫كان الالعب يمارس بنادي بوروسيا دورتموند‬ ‫األلماني‪.‬‬ ‫وأشارت إلى أن رحيل عثمان ديمبيلي عن‬ ‫برشلونة قد يدخــل في إطــار احتمال عودة‬ ‫البرازيلي نيمار إلى برشلونة مرة أخرى‪.‬‬ ‫وكانت بعض الشائعات قد انتشـــرت في‬ ‫اآلونة األخيرة تفيد أن نيمار يرغب في العودة‬ ‫إلى برشلونة مرة أخرى على الرغم من كون‬ ‫هذه العودة مستبعدة حاليا‪.‬‬ ‫ويعيش الالعب عثمان ديمبيلي حاليا فترة‬ ‫عصيبة رفقة نادي برشلونة‪.‬‬ ‫وتعود المشاكــل التي يعيشهـــا ديمبيلي‬ ‫في الوقت الحاضر إلى عدم التزامه وغيابه عن‬ ‫التداريب دون ترخيص‪.‬‬

‫العب مغربي في ريال مدريد اإلسباني‬

‫أعلن اتحاد امريكا الجنوبية لكرة القدم رسميا‬ ‫عن إجراء مباراة اياب كأس ليبيرتادوريس بين فريقي‬ ‫ريفير بليت وبوكاجينيور يوم األحد ‪9‬دجنبر على ملعب‬ ‫سانتياغو بيرنابيو بمدريد‪.‬‬ ‫وتقرر منح النادييـــن األرجنتينييـــن ‪ 21‬ألـــف‬ ‫تذكرةوالباقي سيكون متاحا للجميع‪.‬‬ ‫ويتراوح ثمن التذكرة مابين‪80‬و‪300‬يورو‪.‬‬

‫وكانت مباراة الذهاب بين الفريقين قد انتهت‬ ‫بالتعادل ‪.2-2‬‬ ‫وأعربت عمدة مدينة مدريد‪-‬مانويال كارسيتا‪ -‬عن‬ ‫فخرها باختيار اتحاد أمريكا الجنوبية لكرة القدم ملعب‬ ‫سانياغو بيرنابيو بمدريد‪ ،‬الستضافة هذه المباراة‬ ‫الهامة‪.‬‬

‫بعد الدولي المغربي أشـرف حكيمي المعـار‬ ‫لنادي دورتموند األلماني العب آخـر من أصول‬ ‫مغربية في الطريــق نحــو نـــادي ريـــال مدريد‬ ‫اإلسباني‪..‬‬ ‫ويتعلق األمر بإبراهيم دياز العب مانشستر‬ ‫سيتي اإلنجليزي الذي توصل إلى اتفاق مع النادي‬ ‫الملكي يقضي بانتقاله إلى صفوفه خالل فترة‬ ‫االنتقاالت الصيفية القادمة‪.‬‬ ‫برناج «إيل تشيرينجيتو» أكد أن ريال مدريد‬ ‫نجح في الحصول على موافقة الالعب البالغ ‪19‬‬ ‫سنة والذي سيوقع في يناير المقبل على أن يلتحق‬ ‫بالفريق الملكي رسميا شهر يونيو المقبل‪.‬‬ ‫وينتهي عقد الالعب دياز مع نادي مانشستر‬ ‫سيتي عند نهاية الموسم الكروي الحالي‪.‬‬


‫العدد ‪970‬‬

‫األخيرة‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬دي�سمرب ‪2018‬‬

‫‪ 29‬نوفمبر من كل عام‬

‫اليوم العالمي ألطفال الشوارع‬

‫توقيع كتاب صوفي‬ ‫في حفل طربي روحي‬

‫(تتمة ص‪)1‬‬ ‫ومعلوم أن جاللة الملك وجه ‪ ،‬رسالة إلى الدورة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة‬ ‫اإلفريقية “أفريسيتي”‪ ،‬المنعقدة مؤخرا بمراكش‪ ،‬بمناسبة إطالق حملة “مدن إفريقية بدون أطفال في الشوارع»‪،‬‬ ‫مشيدا بهذه الحملة وبالمبادرة المغربية «الرباط بدون أطفال في الشوارع» ‪ .‬وأوضح الملك بالمناسبة أنه من بين‬ ‫‪ 120‬مليونا من أطفال الشوارع في العالم ‪ 30 ،‬مليونا يوجدون في شوارع إفريقيا ‪ ،‬وهو ما يعني أن ربع أطفال الشوارع‬ ‫بالعالم‪ ،‬هم أفارقة وهو رقم مهول يثير القلق الشديد‪.‬‬ ‫وأضاف الملك أن المغرب ال يرضى عن هذه الظاهرة‪ ،‬اعتبارا ألن «القبول بتشرد األطفال في شوارعنا‪ ،‬بدافع‬ ‫اإلنكار أو االستسالم أو الالمباالة‪ ،‬هو في حد ذاته قبول بالتعايش اليومي مع شكل من أشكال اإلهانة آلدميتنا ‪ ،‬وهو‬ ‫أمر غير مقبول على اإلطالق‪.‬‬ ‫وشدد ملك المغرب على ضرورة «التنزيل الفعلي والمنظم والمستدام اللتزام المدن بالتخفيف من وطأة هشاشة‬ ‫األطفال‪ ،‬داخل أجل ال يتجاوز ثالث سنوات» وأضاف أنه إذا كانت المدرسة ‪ ،‬ال الشارع‪ ،‬هي المكان الطبيعي لألطفال‬ ‫«فإننا نجدد تأكيد الدور الحيوي لتربية األطفال باعتبارها أولى األولويات‪ ،‬ألنها تشكل المحطة األولى في مسار تأمين‬ ‫الحماية لهم»‪.‬‬ ‫والحال أن ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب أضحت مثار القلق الشديد خاصة أمام ما نشهده من تنامي وجود‬ ‫أعداد هائلة من األطفال والشباب ‪ ،‬من الجنسين في وضعية تشرد تام وحالة يرثى لها ‪ ،‬بدون مأوى وال مسكن ‪،‬‬ ‫يتخذون من أبواب العمارات والبنايات المهجورة أو في طور البناء‪ ،‬أو األسواق مأوى للمبيت‪ ،‬أو يتسللون ليال إلى‬ ‫المحطات الطرقية أو في أحسن األحوال‪ ،‬إلى الحدائق العمومية التي «أكل» «اإلسمنت المسلح» جلها ‪ ،‬أو أنهم ال‬ ‫يجدون أمامهم إال أرصفة الشوارع يفترشونها ويلتحفون السماء‪.‬‬ ‫وقد ورد في دراسة أنجزها الباحث السوسيولوجي محمد مومن‪ ،‬حول ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب‪ ،‬أن الفقر‬ ‫وتفكك األسرة وغياب الدعم الحكومي هي أبرز األسباب التي تساهم بشكل كبير في استفحال الظاهرة بالمغرب‪،‬‬ ‫حيث إن الفقر المدقع اكتسح حياة فئات واسعة من الجهات المهمشة‪ ،‬بسبب السياسات االقتصادية الفاشلة على‬ ‫مدار عقود‪ ،‬مما أنتج البطالة واألمية والهجرة القروية‪ ،‬فظهرت األحياء الشعبية ومدن الصفيح وأحزمة الفقر في‬ ‫المدن‪ ،‬حيث يعم الناس هناك البؤس والحرمان‪ .‬وبالتالي يجد األطفال أنفسهم مجبرين للخروج إلى الشارع في ظل‬ ‫فقر أسرهم‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬خلصت الدراسة إلى وجود قصور حاد في التنشئة االجتماعية‪ ،‬ناجم عن تفكك األسرة‪ ،‬جراء‬ ‫النزاعات األسرية العنيفة‪ ،‬أو طالق الوالدين‪ ،‬أو الوفاة‪ ،‬أو تخلي األب أو األم عن الطفل‪ ،‬أو بفعل تعرض الطفل للعنف‬ ‫المستمر واإلهمال التام في البيت‪ ،‬مما يخلق بيئة عائلية مشحونة بالعدائية‪ ،‬تجبر األطفال على مغادرة المنزل‪.‬‬ ‫كما أن فشل الحكومة المغربية في احتواء ظاهرة «أطفال الشوارع»‪ ،‬قد ساعد في اتساع رقعتها داخل الفئات‬ ‫الهشة بالمدن‪ ،‬وذلك بسبب غياب الموارد المالية والبشرية الالزمة لمحاربة هذه الظاهرة‪ ،‬ناهيك عن عدم وجود‬ ‫خطة واضحة تقوم على آليات تنسيق وتنفيذ ومتابعة وتقييم بهدف محاصرة األزمة‪.‬‬ ‫وكان المرصد المغربي لحقوق الطفل قد أصدر بيانا ‪ ،‬بمناسبة لقاء مراكش‪ ،‬أكد فيه التزام المغرب من أجل جعل‬ ‫العاصمة الرباط خالية من أطفال الشوارع‪ .‬وسبق للوزيرة الحقاوي أن أعلنت أن سنة ‪ 2018‬ستكون سنة إطالق‬ ‫برنامج جديد يحمل اسم « مدن بدون أطفال الشوارع»‪ ،‬على غرار برنامج وزارة السكنى «مدن بدون صفيح» ونتمنى‬ ‫أن ال يلقى برنامج الحقاوي ما لقيه برنامج زميلها عبد األحد الفاسي الفهري وقبله نبيل بن عبد اهلل‪.‬‬ ‫بيان المرصد حصر المبادرة الوطنية في مدينة الرباط‪ .‬والحال أن هذه الظاهرة توجد بحال أكثر حدة وشدة في‬ ‫مدن أخرى وعلى رأسها مدينة طنجة التي كانت في نعمة نمو حركتها االقتصادية ألف نقمة ونقمة‪ .‬فقد «توافدت»‬ ‫عليها جحافل أطفال الشوارع من كل مدن وقرى المغرب‪ ،‬بحيث أنهم خلقوا في المدينة حالة من الرعب وعدم‬ ‫االطمئنان‪ ،‬بسبب سلوكاتهم الشاذة‪ ،‬من تناول علني للكحول وشم السيلسيون‪ ،‬وخصومات مفتعلة من أجل‬ ‫السرقة‪ ،‬ومضايقتهم المواطنين‪ ،‬باإللحاح المبالغ فيه عند التسول الذي يحمل في طيه الكثير من معاني التهديد‪ ،‬أو‬ ‫التظاهر بالجنون‪ ،‬األمر الذي سبق وأن أشرنا إليه في أكثر من تحقيق‪ ،‬ولو أننا نعلم أنـ «هم» ال يقرأون‪ ،‬وإن قرأوا‪،‬‬ ‫ال يكترثون !‪....‬‬ ‫نفس البيان ذكر بالتوقيع على اتفاقية متعددة األطراف بين المرصد ‪ ،‬ووزارة الصحة ووزارة الشباب والرياضة‪،‬‬ ‫ووزارة األسرة والتضامن والمساواة والتنمية االجتماعية‪ ،‬ووزارة التربية الوطنية والتكون المهني والتعليم العالي‬ ‫والبحث العلمي‪ ،‬وتنسيقية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪ ،‬والمجلس الجماعي للرباط‪ ،‬قصد إطالق هذه الحملة‬ ‫بكافة ربوع المملكة‪ .‬االتفاقية تعتبر أن وضع الطفولة يجب أن يكون في قلب السياسات الحضرية سواء بالنسبة‬ ‫للمغرب أو للقارة اإلفريقية‪ ،‬وذلك عبر إدراج قضايا الطفولة في «السياسة والحوكمة» وفي سائر البرامج التنموية‬ ‫بهدف القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب‪.‬‬ ‫ولقد استبشرنا خيرا بمبادرة الوزيرة الحقاوي ألننا اعتبرنا أن الوزيرة وصلت إلى إدراك خطورة الظاهرة‪ ،‬التي‬ ‫قالت إنها «أصبحت تغزو مدن المغرب وأزقتها وشوارعها‪ ،‬بشكل أضحى يعطي صورة سيئة عن البلد»‪ ،‬والحال أن‬ ‫هذه «الصورة السيئة» سبقتنا إلى سائر دول أوروبا حتى بلغت دول البالد اإلسكندنافية‪ ،‬في أقصى شمال القارة‬ ‫األوروبية !‬ ‫مشروع الوزيرة الحقاوي يروم ‪ ،‬وفق الوثائق المقدمة للبرلمان‪ ،‬في هذا الشأن‪ ،‬تقديم خدمات الوقاية ورصد‬ ‫الظاهرة والتكفل بأطفال الشوارع بإيوائهم وإخراجهم من هذا الوضع‪ ،‬وإدماجهم في حياة جديدة‪ ،‬وتقديم مختلف‬ ‫أنواع المساعدة االجتماعية لهم‪ ،‬حسب الوضع الصحي والنفسي واالجتماعي الذي يواجهه كل فرد‪..‬‬ ‫وحسب خطة الوزيرة‪ ،‬فإنه سيتم دعم وتعبئة وحدات خاصة لإلسعاف االجتماعي المتنقل ‪ ،‬بعدد من المدن‪ ،‬التي‬ ‫تشهد ارتفاع ظاهرة أطفال الشوارع‪ ،‬من قبيل مدينة الدار البيضاء‪ ،‬ومكناس ومدن أخرى نتمنى أن تكون طنجة من‬ ‫بينها لنثبت أننا «أيضا» من مدن المغرب النافع !‬

‫عزيز كنوني‬

‫نظمت‪ ،‬مؤخـــرا‪ ،‬جمعية الفتـــح للفن‬ ‫األصيل‪ ،‬برئاسة الفنان يوســف المقراعــي‬ ‫حفلين بالمركز الثقافي أحمد بوكماخ‪.‬‬ ‫الملتقى الفني والثقافـي والذي أداره‬ ‫الزميل محمد علو‪ ،‬دشن بزيارة مكتبة أحمد‬ ‫بوكماخ للتعرف عليها عن قرب‪ ،‬وذلك من‬ ‫طرف المدعــوات والمدعوين الذين قضوا‬ ‫ساعات من الطرب الروحي الذي أمتعهم به‬ ‫فنانو الجمعية المذكورة‪ ،‬تخللتها التفاتات‬ ‫اعتراف وتقدير وتكريم لبعض فرسان سلك‬ ‫التعليم‪ ،‬حيث كان التتويج لشخصية المرحوم‬ ‫عبد الصمد العشاب الذي تم توقيع كتابه‬ ‫«أنوار صوفية وإشراقات ربانية لعلماء وصلحاء‬ ‫المغرب» وهو الكتاب الذي قامت بتنسيقه‬ ‫وجمعه نجلته الدكتورة نبوية العشاب‪ ،‬والذي‬ ‫يقدم نظرة شاملة عن رجال التصوف من‬ ‫القرن األول الهجري إلى يوم الناس هذا‪،‬‬ ‫وذلك من خالل التعريف بالرجال واألسانيد‬ ‫والزوايا والمتون الصوفية‪ ،‬كما أشارت إلى‬ ‫ذلك الدكتورة هدى المجاطي في مداخلتها‪،‬‬ ‫مركزة على النقاط التالية ‪:‬‬ ‫التصوف ظـــل رحماني‪ ،‬المغـــرب بلد‬ ‫األولياء‪ ،‬حقيقة التصوف بالمغرب‪ ،‬والتعريف‬ ‫بالغميس من المخطوطات ‪.‬‬ ‫ومن بين ما جـــاء في مداخلة الدكتور‬ ‫نجيب الجباري أن الراحل عبد الصمد العشاب‬ ‫وضع كعنوان لمؤلفه عبارة «أنوار صوفية‬ ‫وإشراقات ربانية لعلماء وصلحاء المغرب»‬ ‫ولم يسمه ـ مثال ـ تراجــم علمــاء وصلحاء‬ ‫المغرب‪ ،‬ليركز على كلمة النـور ويعبر عن‬ ‫تجارب حقيقية‪ ،‬بينما المؤلف‪ ،‬وعلى مستوى‬ ‫الجنس األدبي‪ ،‬فإنه يدخل في إطار صنف‬ ‫الترجمة الصوفية التي ترتكز موادها على‬ ‫ذكر الكرامات والمناقب‪ ،‬وتعـرض سلـوك‬ ‫المتصـوف وأقوالـه ومعاملته للشيوخ‪ .‬أما‬ ‫على مستوى الموضوع ـ يضيف د‪ .‬الجباري ـ‬ ‫فإن الكاتب الراحل عبد الصمد العشاب كان‬ ‫موفقا في اختيار موضوع كتابه‪ ،‬كما يستجيب‬ ‫وحاجة الناس اليوم‪ ،‬وواقعهم وتساؤالتهم‪،‬‬

‫وخصوصا الشباب ومــدى أهميـة التربيـــة‬ ‫الصوفية في بنائهم‪.‬‬ ‫وفي معرض مداخلتــه التي عنونها ب‪:‬‬ ‫«خالخل لوامع وفصوص سوانح في قالدة‬ ‫التصوف المغربـــي‪ ،‬األستـــاذ عبد الصمد‬ ‫العشاب نموذجا» أشار األستاذ محمد البغوري‬ ‫إلى أنه سعى أن يتعقب مسيرة المرحوم‬ ‫البحاثة‪ ،‬وهو ينهل من معين شتى المعارف‬ ‫والفنون‪ ،‬ويرتشف أعذبها‪ ،‬وال سيما العطايا‬ ‫الثقافية والصوفية‪ ،‬تحديدا‪ ،‬عطايا تتجلى في‬ ‫كتابه الماتع «أنوار صوفية وإشراقات ربانية‬ ‫لعلماء وصلحاء المغرب» وفي هذا الكتاب ـ‬ ‫يوضح األستاذ البغوري ـ أن المرحوم عبد‬ ‫الصمد العشاب حرص‪ ،‬وبنفحة عرفانية‪،‬‬ ‫على أن يعــرج بالقارئ على محطات من‬ ‫تاريخ الزوايا والربط التي عرفها المغرب‬ ‫ويعرفها إلى يومنا هذا كما أمتعنا جالال‬ ‫وجما ًال بنفائس األدب الصوفــي الكشفي‬ ‫ممثال في أبرز األسماء التي طبعت المدونة‬ ‫الصوفية‪ ،‬مضيفا أن المرحوم يعتبر قيمة‬ ‫مضافة للخزانة الثقافية المغربية‪ ،‬تفيد‬ ‫الباحثين والدراسيين‪ ،‬خاصة وأن المرحوم‬ ‫يحرص أن تأتي لغته سلسة وغنية في نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬بهدف تحقيق القصد واألهداف في‬ ‫البيان واإلفهام‪ ,‬ذلك أن كتابه نفيس وحافل‬ ‫باألسئلة والقضايا وباإلشكاالت التي تعرفها‬ ‫ظاهرة الوالية والصالح والتصوف بشكل عام‪.‬‬ ‫وفي مداخلتها‪ ،‬ركزت نبوية العشاب على‬ ‫أهمية النور في حياة والدها‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬هذا‬ ‫النور الذي طالما حمله في قلبه‪ ،‬بل وانعكس‬ ‫على سلوكاته وتصرفاته‪.‬‬ ‫كما قامت الدكتورة نبوية بجرد عدد‬ ‫من المقاالت واألبحـاث التي أنجزهــا والدها‬ ‫الراحل‪ ،‬وذلك في شتى المجاالت‪:‬‬ ‫التأريخ‪ ،‬الترجـمــة‪ ،‬التعليــم‪ ،‬عمـــوده‬ ‫األسبوعي بجريدة الشمـال‪ ،‬اللغـة‪ ،‬الثقافة‪،‬‬ ‫وغير ذلك‪.‬‬

‫م‪ .‬إمغران‬

‫فاء العاجل‬

‫بالش‬

‫على إثــر الوعكــة الصحية التي ألمـــت‬ ‫بالزميل األستــاذ مصطفى بديع السوسي‬ ‫التي ألزمتــه الفـراش لبضعة أيام‪ ،‬حيث‬ ‫خضع خاللها لعدة فحوصات‪ ،‬كما أجريت له‬ ‫عمليتان لشفط المياه الزائدة التي تسببت له‬ ‫في انتفاخ على مستوى البطــن‪ .‬حيث كللتا‬ ‫بالنجاح‪ ،‬باإلضافة إلى إصابة في الكبد‪،‬‬ ‫وقد حضي بعناية فائقة من الطاقم‬ ‫الذي أشرف على توفير العناية الطبية‬ ‫تحت إشراف الدكتورة مسامح‪.‬‬ ‫متمنياتنا بالشفاء العاجل للزميل مصطفى بديع والعودة السريعة‬ ‫لمزاولته نشاطه المعهود‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.