Achamal n° 981 le 19 Février 2019

Page 1

‫لحسين بوزينب حسيمي يدخل األكاديمية‬ ‫الملكية للغة اإلسبانية‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 981‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 13‬جمادى الثانية ‪� 19 / 1440‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫تسلـــم الخميــس المـاضــي‪ ،‬بالرباط‪،‬‬ ‫األستاذ الحسيــن بوزينــب‪ ،‬شهـادة عضو‬ ‫مراسل لألكاديمية الملكية للغة اإلسبانية‪،‬‬ ‫وهو أول مغربي يحصل على عضويــة هـذه‬ ‫المؤسسة اإلسبانية التي تعنى بقضايا اللغة‬ ‫اإلسبانية‪.‬‬ ‫وسلمـت شهـادة العضوية لألكاديمي‬ ‫الحسين بوزينب من طـرف مدير األكاديمية‬ ‫الملكية للغة اإلسبانية‪ ،‬سانتياغو مونيوث‬ ‫ماتشادو‪ ،‬وذلك بمناسبة لقاء الملك فيليبي‬ ‫السادس والملكة «صونيــا» ليتيثيا‪ ،‬عاهـال‬ ‫إسبانيا‪ ،‬مع عدد من الكتاب المغاربة والمتخصصين بالدراسات اإلسبانية‪.‬‬ ‫ويعد اختيار الحسين بوزينب أستاذ اللسانيات بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بجامعة محمد الخامس‬ ‫بالرباط‪ ،‬اعترافا بمساهماته كباحث في مجال اللغـة اإلسبانية‪ ،‬وخاصة فقه اللغة الذي يعنى بدراسة‬ ‫النصوص القديمة‪.‬‬

‫الذكرى ‪ 56‬لوفاة‬ ‫األمير محمد بن عبد الكريم الخطابي‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬ ‫•‬

‫الحرية حق مشاع لبني اإلنسان وغاصبها مجرم‪.‬‬ ‫االستعمار يموت بتحطيم أسواقه االقتصادية‪ ،‬ويدفن بسالح المجاهدين‪.‬‬ ‫نحن في عصر يضيع فيه الحق إذا لم تسنده قوة‪.‬‬ ‫سالح المجاهدين هو الذي ينتزعونه من العدو ألنه ذو حدين؛ يقتلون به العدو ويحرمونه منه‪.‬‬ ‫من لم يحمل السالح ليدافع به عن نفسه‪ ،‬حمله ليدافع به عن غيره‪.‬‬

‫من أقوال أمير المجاهدين‬

‫مر يوم السادس من فبراير الجاري‪ ،‬كأحد أيام اهلل العادية‪ ،‬دون أن يلتفت إليه من كان يجب أن يخلدوه كحدث من األحداث الكبيرة الرمزية‬ ‫السياسية والنضالية بالمغرب الحديث‪ ،‬نظرا لما يحمله‪ ،‬صاحبه‪ ،‬من معاني الرجولة والشجاعة والوطنية الصادقة‪ ،‬والغيرة على المغرب وشعبه‬ ‫ومستقبله‪.‬‬ ‫ففي هذا اليوم‪ ،‬ودعنا رجال ال كالرجال‪ ،‬قوة وشجاعة وإقداما وإيمانا باهلل وبحق شعبه في الحرية والكرامة‪ ،‬ذلكم هو أمير الجهاد‪ ،‬محمد‬ ‫عبد الكريم الخطابي‪ ،‬الذي انتقل إلى جوار ربه في السادس من فبراير سنة ‪ ،1963‬بالقاهرة التي حل بها بعد أن نجح مخطط زعماء الحركة‬ ‫الوطنية بقيادة الزعيم التطواني اإلصالحي الشهيد محمد بن عبود‪ ،‬في إنزال األمير وأسرته بميناء بور سعيد المصري‪ ،‬في ماي ‪ ،1947‬من‬ ‫على ظهر الباخرة األسترالية ‪ KATOOMBA‬التي كانت تقل األمير وأسرته إلى فرنسا بعد ‪ 20‬سنة من منفاه بجزيرة ال ريونيون الواقعة في‬ ‫المحيط الهندي‪ ،‬شرق جزيرة مدغشقر‪.‬‬

‫(البقية على الصفحة األخيرة)‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫العدد ‪981‬‬

‫بعد “إسبات” دام مائة وست سنوات وأحد‬ ‫عشر شهراً‪ ،‬يعود «األمل»‬

‫بعد إسبات دام مائة وست سنوات وأحد‬ ‫عشــر شهــرا‪ ،‬يعود «األمل» في الحياة لمسرح‬ ‫سيرفانتيــس بطنجة‪ ،‬بعد أن قـــررت حكومة‬ ‫إسبانيا التخلي عن ملكية «المسرح الكبير»‬ ‫للمغرب‪ ،‬مقابل أن تتحمل الرباط تكاليف‬ ‫إصالحه وتأهيله لعمر «ثقافي» جديد‪.‬‬ ‫للتذكير فإن وضع الحجر األول لهذا‬ ‫المسرح تم عاما كامال قبل إبرام عقد الحماية‬ ‫الذي وقعه سلطان المغرب عبد الحفيظ ليتسلم‬ ‫االستعمار الفرنسي واإلسباني زمام األمر بهذا‬ ‫البلد والذي انتهى بثورة أشعل فتيلها أمير‬ ‫الريف محمد عبد الكريم الخطابي‪ ،‬في العام‬ ‫‪ ،1921‬واستمرت إلى غاية سنة ‪ 1955‬حيث‬ ‫أعلن استقالل المغرب وفق «تفاهمات إيكس‬ ‫ليبان»الشهيرة‪.‬‬ ‫حفل انطالق أشغال بنـاء المسرح تم يوم‬ ‫‪ 12‬أبريل ‪ ،1911‬بحضور صاحـب المشـروع‬ ‫‪ Antonio Gallego‬ومنجز األشغال ‪Manuel‬‬ ‫‪ Peña‬وزوجتـــه ‪Esperanza Orellana‬‬ ‫خالل حفل كبير بحضور شخصيات مغربية‬ ‫وأجنبية‪ ،‬حيث كانت طنجة عاصمة دبلوماسية‬ ‫للمغرب‪.‬‬ ‫حفل االفتتاح تم خالل العام ‪1913‬‬ ‫بمشاركة فنانين عالميين لتنطلق مسيرة هذا‬ ‫المســـرح «الكبير»‪ ،‬والوحيــد في المغـــرب‬ ‫وشمال إفريقيا ولربما في إفريقيا كلها‪ ،‬حيث لم‬ ‫تكن توجد «نسخ مطابقة» له إال في كبريات‬ ‫العواصم التاريخية األوروبية‪.‬‬ ‫المسرح كان «تحفة» حقيقية في شكل‬ ‫بنائها وزخرفتها حيث إنها كانت تحمل تماثيل‬ ‫وأسماء رجاالت المسرح التاريخيين من اليونان‬ ‫إلى روما القديمـة‪ ،‬إلى عصر النهضة األوروبيـة‪،‬‬ ‫كما أنه تم تزويد المسرح بكافة المعدات‬ ‫والديكورات و «األكسيسوارات» الصالحة‬ ‫لمختلف الطقوس المسرحية‪ .‬ومن حسن‬ ‫الطالع‪ ،‬أن هــذه المعلمــة المعمارية والفنية‬ ‫الرائعة فتحت أعين شباب تلك الفترة على فـن‬ ‫المسـرح الحديث وعلى إمكانية استغالل خشبة‬ ‫مسرح سيرفانتيس في إذكاء الوعي بضرورة‬ ‫إصالح المجتمع و إعداد الشعب للمعركة‪،‬‬ ‫معركةالتحرير‪.‬‬ ‫ذلك أنه لم تمض إال ثـالث سنوات على‬ ‫التوقيع النهائي التفاقية النظام الدولي لمنطقة‬ ‫طنجة (فاتح يونيـــه ‪ )1925‬حتى أعلن عن‬ ‫ميالد فرقة «الهالل» المسرحية‪ ،‬التي جمعت‬ ‫النخبة من شباب المدينة‪ ،‬لتنطلق مسيرة فنية‬ ‫ونضالية هائلـة‪ ،‬استغلها رواد الحركة الفنية‬ ‫والنضالية لتشخيص مسرحيات ذات مغزى‬ ‫سياسي كبير في إبراز قوة األمة وعزمها على‬

‫التحرر‪ ،‬من قبل مسرحية «عطيل» و «صالح‬ ‫الدين» و «قلب األسد»‪ ،‬فضال عن المسرحيات‬ ‫ذات المواضيع االجتماعية التي تدعو إلى نبذ‬ ‫«الخرافــات» المجتمعيــة والتعاطي مع العلم‬ ‫والمعرفة‪.‬‬ ‫إلى جانب ذلك‪ ،‬اجتذب مسرح سيرفانتيس‬ ‫العديد من الفرق الفنية والموسيقية من أوروبا‬ ‫وأمريكا الالتينية‪ ،‬التي حققت نجاحات كبيرة في‬ ‫أوساط سكان طنجة‪ ،‬مغاربة وأجانب‪ ،‬الذين‬ ‫كانوا يشكلون مجتمعا «كوسموبوليتانيا»‬ ‫صار «مثاال» بالنسبة لشعوب العالم الغارق في‬ ‫ويالت الحروب والكوارث اإلنسانية‪.‬‬ ‫مسرح سيرفانتيــس كان أيضا «قلعــة»‬ ‫نضالية عالمية بالنسبة لزعماء الحركة الوطنية‪،‬‬ ‫حيث كان زعماء األحزاب التاريخية‪ ،‬عالل الفاسي‬ ‫والحسن الوزاني والشيخ المكي الناصري وعبد‬ ‫الخالق الطريس‪ ،‬رحمهم اهلل جميعا‪ ،‬ينظمون‬ ‫مهرجاناتهم السياسية‪ ،‬ويحيون تواريخ‬ ‫المعارك الوطنية ضد الغزاة‪ ،‬ويختفلون بتحرر‬ ‫بعض البلدان العربية ‪.‬‬ ‫وفوق خشبة مســرح سيرفانتيــس تــم‬ ‫االتفاق بين األحـــزاب الوطنيـة األربعــة على‬ ‫«ميثاق الجبهة الوطنية عام َ‪ ،1951‬بحضور‬ ‫وفد الجامعة العربية‪ ،‬يقوده الدكتور محمود أبو‬ ‫الفتح‪ ،‬والداعية المصري صالح أبو رقيق ممثال‬ ‫للجامعة العربية الذي حمل إلى الزعماء المغاربة‬ ‫تحيات ومباركة زعيم التحرير األمير محمد عبد‬ ‫الكريمالخطابي‪.‬‬ ‫بعد االستقالل‪ ،‬خفــت نشــاط المســرح‪،‬‬ ‫بسبب مرحلة االرتياب و «الشـــك» التي تلت‬ ‫إعالن االستقالل‪ ،‬إال أن فرق هــواة المسرح‬ ‫لشباب طنجة سرعان ما اختطفت المشعل‪،‬‬ ‫لتقوم بنشاط كبير في عرض المسرحيـــات‪،‬‬ ‫خاصــــة «الملتزمة»‪ ،‬التي تساير التطورات‬ ‫المجتمعية بمغــرب الستينــات والسبعينــات‬ ‫و «تفجر» الوعـي السياســي داخـل المجتمع‬ ‫المغربي‪ .‬ولعل األحداث التي طبعـت المرحلة‪،‬‬ ‫دفعت جمعيات «اتحاد مسرح الهــواة» إلى‬ ‫خفض «صبيب» إنتاجـــه ونشاطـه‪ ،‬باستثناء‬ ‫بعض «المحاوالت» البئيسة‪ .‬وتحول مسرح‬ ‫سيرفانتيس في ما بعد إلى قاعة سينمائية‬ ‫متخصصة‪ ،‬تقريبا‪ ،‬في عرض األفالم الهندية‪،‬‬ ‫ليتوقف نهائيا عن أي نشاط فني‪.‬‬ ‫وخالل سبعينــات القــرن الماضــي‪ ،‬حاول‬ ‫رئيس المجلس البلدي آنذاك‪ ،‬الراحل مصطفى‬ ‫عبد اهلل‪ ،‬إقناع مسؤولي القنصلية اإلسبانية‬ ‫بإيجاد صيغة للتعاون من أجل عودة الحياة‬ ‫لهذه المعلمة‪ ،‬التي كانت تشهد بوادر اإلهمال‬ ‫والتدهور‪ ،‬إال أن المشروع تعثر برفض وزارة‬

‫الداخلية المغربية تمويل إصالح بناية أجنبية‬ ‫من المال العام‪ .‬وهو أمر معقول‪.‬‬ ‫وتم إبرام اتفاق «كراء» بدرهم رمزي‪ ،‬بين‬ ‫البلدية والقنصلية االسبانية‪ ،‬إال أن هذا االتفاق‬ ‫لم يدخل حيز التنفيذ بسبب انعدام الموارد‬ ‫الماليةللتشغيل‪.‬‬ ‫وحاول وزير الثقافـــة األستــاذ محمد‬ ‫بنعيسى‪ ،‬ولسنوات‪ ،‬الوصول إلى حل بهذا‬ ‫الخصوص مع الحكومة اإلسبانية‪ ،‬لكن مطلبه‬ ‫بالتنازل للمغرب عن ملكية المسرح باءت كلها‬ ‫بالرفض إلى أن قرر عرض المشروع مباشرة‬ ‫على ملك إسبانيا خوان كارلوس األول الذي وعد‬ ‫بعرضه على الحكومة‪ ,‬وجاء بعده األستاذ محمد‬ ‫األشعري الذي صرح أكثر من مرة أن الحكومة‬ ‫االسبانية ترفض الحديث عن موضوع التنازل‬ ‫عن الملكية‪ ،‬وتعد‪ ،‬كل مرة‪ ،‬بعزمها على أصالح‬ ‫البناية‪ .‬وكان عمدة طنجة البشير العبدالزي قد‬ ‫تلقى وعدا من قنصل إسباني سابق‪ ،‬بإيجاد‬ ‫حلول من أجل إصالح وتأهيل المسرح‪ ،‬إال أن‬ ‫التكاليف المرتفعة جدا لهذا المشروع قد تكون‬ ‫دفعت إلى تجاهله إلى أن انتهت حكومة مدريد‬ ‫إلى حقيقة أن المسرح لم تعد به إال الواجهة‪،‬‬ ‫بعد أن تخرب بشكل كامل من الداخل‪ ،‬وأصبح‬ ‫يهدد بالسقوط في أي لحظة‪ ،‬لتقرر في اجتماع‬ ‫وزاري‪ ،‬يوم ‪ 8‬فبراير الجاري «التنازل» عن ملكية‬ ‫«ما تبقى» من مسرح سيرفانتيس للحكومة‬ ‫المغربية التي تتعهد بترميمه بالكامل وإعداده‬ ‫الستقبال أنشطة ثقافية وفنية مغربية وإسبانية‬ ‫يكون المستفيد األكبر منها المراكز الثقافية‬ ‫اإلسبانية بالمغرب وبالعالــم‪ ،‬نظــرا لوفــرة‬ ‫أنشطتها‪ .‬أما المراكز الثقافية المغربية ‪ ،‬فهي‬ ‫على شاكلة «المركز الثقافي» «ابن خلدون»‬ ‫بشارع الحرية بطنجــة (شــارع النظام الدولي‬ ‫سابقا) الفارغ دوما «إال من الرجا في اهلل» !‬ ‫بالمناسبة‪ ،‬هل لوزارة الثقافة «أنشطة»‬ ‫ثقافية بطنجة؟ وكيف يتم استغالل بناية‬ ‫قنصلية بريطانيا العظمى التي اشتراها وزير‬ ‫الثقافة األسبق محمد بنعيسى ليجعل منها‬ ‫مركزا ثقافيا يضاهي المراكز الثقافية األجنبية‬ ‫بهذه المدينة وبالمغرب عامة؟ والسؤال‪ ،‬لماذا‬ ‫ال تبرم الوزارة اتفاقا لــ «التدبير المفوض»‬ ‫لمراكزها بطنجة‪ ،‬مع المراكز األجنبية بهذه‬ ‫المدينة‪ ،‬على غرار التدبير المفوض لمجاالت‬ ‫مدنية «عجزت» البلدية عن تدبيرها بوسائل‬ ‫وطنية ذاتية؟‬

‫عزيز كنوني‬

‫(�صدق اهلل العظيم)‬

‫لبى نداء ربه المشمول بعفو اهلل‪ ،‬المرحوم‬

‫بو�شعيـب ف�ضلـي‬

‫وذلك يوم الثالثاء ‪ 12‬فبراير ‪ .2019‬وفي اليوم الموالي‪ ،‬شيع جثمانه الطاهر‬ ‫في موكب جنائزي مهيب‪ ،‬حضره االهل واألحباب والمعارف‪ ،‬ودفن بمقبرة سيدي‬ ‫اعمار‪ ،‬بعد صالة العصر بمسجد محمد الخامس (إيبيريا) بطنجة‪.‬‬ ‫وبهذا المصاب الجلل‪ ،‬تتقدم أسرة «جريدة الشمال» بأحر التعازي‪ ،‬إلى أرملته السيدة مليكة عبد المالك‪،‬‬ ‫وإلى أبنائهما أحمد ونوال وأمال ومونيا ويوسف ومريم وإلى جميع أفراد عائلتي فضلي وعبد المالك وأقاربهم‬ ‫وأصهارهم‪ ،‬راجية لهم منه تعالى الصبر والسلوان‪ ،‬وللفقيد عظيم األجر والغفران‪ ،‬تغمده اهلل بواسع رحمته‬ ‫وأسكنه فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين‪ ،‬وحسن أولئك رفيقا‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫صدقت أيها الزعيـم‪ ..‬ال يمكـن أن‬ ‫نتسـاوى نحن وأنت‪ ...‬تقاعدك‬ ‫ال يشبه تقاعدنا‬

‫أصبــح لزامــا على المغاربــة اإلعتذار‬ ‫للزعيم األممي والتاريخي والوطني الكبير‬ ‫عبد اإلله بنكيران‪ ،‬الذي تواضع واشتغل‬ ‫عندنا رئيسا للحكومة‪ ،‬مضحيا بجزء من‬ ‫وقته وحياته‪ ،‬واليوم ننتقده ألنه حصل‬ ‫على فتات الدنيا وحطامها الذي ال يدوم‪،‬‬ ‫والذي ال يتجاوز سبعــة مالييــن فقط‪،‬‬ ‫وتعويض عبــارة عن «رابّيل» ال يتجــاوز‬ ‫‪ 140‬مليون خالص التقاعـــد االستثنائي‬ ‫للزعيم االستثنائي والقدوة بأثر رجعي أي‬ ‫منذ فاتح مارس ‪.2017‬‬ ‫ينبــغـــي إذن أن نعتـــذر نحـــن‬ ‫المغاربـــة‪ ،‬الذين ال نـــعادل حبــة بصل‪،‬‬ ‫لسيدنا بنكيـران فهو ال يتقاضى ســوى‬ ‫سبعة ماليين سنتيـــم ونحن نزعــم أنه‬ ‫يتقاضى أكثر‪.‬‬ ‫قال الزعيم األممي بعظمة لسانه‬ ‫«لو كانت فيهم ذرة حياء العتذروا‪ ‬ألنني‬ ‫أتقاضى سبعـــة ماليين فقــط»‪ ..‬هكـــذا‬ ‫برّر بنكيران حصوله على تقاعد بقيمة ‪7‬‬ ‫ماليين شهريا‪..‬يا سيدي يابنكيران إنه‬ ‫ليس فينا ذرة حياء وال نستحق الحياة‪،‬‬ ‫وسيقتلنا السم الذي فينا مثلما يقتل‬ ‫السم األفعى‪ ،‬نحن أفاعي ال نستحقك كما‬ ‫قالت كريمتك سمية‪ ...‬ال نستحقك‪ ...‬ال‬ ‫نستحقك‪..‬فسحقا لنا جميعا‪.‬‬ ‫بنكيران سبق أن تحدى مجموعة من‬ ‫الصحافيين أن يبهلهم «أن لعنة اهلل عليه‬ ‫إن كان كاذبا أو لعنة اهلل عليهم إن كانوا‬ ‫كاذبين»‪ .‬يا سيدي هاهم طلعوا كذبة‬ ‫وأنت صادق ال يأتيك الباطل من بين‬

‫يديك وال من خلفك‪ .‬ها أنت فقير معدم ال‬ ‫تجد ما تسد به رمقك‪ ،‬نحن سفلة وحقراء‬ ‫ألننا نعرف أن سبعة ماليين لن تكفيك‬ ‫وأنك ستحني رأسك لاللة نبيلة بنكيران‬ ‫كي تصرف عليك‪ ،‬تبا لنا ألننا تركنا رئيس‬ ‫حكومتنـا السابـق دون مصــروف‪ ،‬يلعن‬ ‫أبا السبعة ماليين التي ال تكفي‪.‬‬ ‫منتهى السفالـــة أن نحســدك وأنت‬ ‫البطل الهمام على «جــوج فرنـك»‪ ،‬كما‬ ‫قالت إحدى وزيراتك سابقا‪ ،‬كيف نحسدك‬ ‫على ذلك ونحن نعـــرف أن الحسد يأكــل‬ ‫الحسنات‪ ،‬مثلما تأكل النار الهشيم‪ ،‬وأن‬ ‫عين الحسود فيها عود‪ ،‬حقا إننا ال نستحق‬ ‫األبطال الذين يضحون من أجلنــا‪ ،‬فهـل‬ ‫أصبحـــت التضحيـــة ال تســاوي ســوى‬ ‫سبعــة ماليين؟‬ ‫أحســن مـــا يمكن أن تفعلـــه أيها‬ ‫الزعيم األممـي هو أن تقاضي مــن كذبوا‬ ‫عليك وزعموا أنك تحصل على أكثر من‬ ‫سبعة ماليين‪ ،‬ونعــرف أنك تحصل على‬ ‫أكثر من تقاعــد‪ ،‬لكـن ليس من حقهم‬ ‫أن يفضحوك وأنــت زعيمنــا‪ ،‬قاضهم‬ ‫ونحن معك‪ ،‬وسنشهد أمام المحكمة أن‬ ‫تقاعدين وثالثة ال تكفي رجال قبل أن‬ ‫يكون رئيسا لحكومتنا‪ ،‬كان جريئا ورغما‬ ‫عنا كسر صندوق المقاصة وضربـــه‬ ‫بالفــأس وأصلــح التقـــاعــد من خــالل‬ ‫اقتطاعات جديدة وتخفيض المعاشات‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ،‬ال يمكــن أن نتساوى نحن‬ ‫وأنت‪ ،‬تقاعدك ال يشبه تقاعدنا‪.‬‬

‫ل‪.‬س‬

‫حمل يسقط فتاة مغمى عليها‬ ‫بساحة «سور المعكازين» !‬

‫سقطت فتاة في ريعان شبابها أرضا‪،‬‬ ‫بعد أن انتابتها نوبة إغماء‪ ،‬صباح الجمعة ‪15‬‬ ‫فبرايرالجاري‪ ،‬بساحة سورالمعكازين‪ ،‬الكائنة‬ ‫بوسط المدينة‪ ،‬مما أثار انتباه المارة الذين‬ ‫تجمهروا حولها في فضول‪ ،‬الستجالء ما يجري‬ ‫أمامهم‪ ،‬خاصة وأن الضحية التي كانت مع رفيقة‬ ‫لها سقطت وارتطمت مع رحابة األرض‪ ،‬بشكل‬ ‫عنيف‪ ،‬ثم بدت وكأنها جثة هامدة !‬ ‫رفيقة الضحية‪ ،‬الشابة كذلك‪ ،‬بدا عليها‬ ‫الخوف واالرتبــاك ولم تدر ما تفعلــه‪ ،‬أمام‬ ‫هذا الحــادث المفاجئ لهــا‪ ،‬حيث حاصرها‬ ‫المتجمهرون بمجموعة من االستفسارات‪ ،‬حول‬ ‫أمرصديقتها الضحية‪ ،‬هل هي تشكو مرضا‬ ‫معينا‪ ،‬أوتنتابها حالة صرع ـ مثالـ لتجيبهم بأن‬ ‫الضحية كانت خرجت على التو من عيادة‪ ،‬ال‬ ‫تبعد كثيرا من مكان الحادث‪ ،‬بعد أن خضعت‬ ‫لعملية استهدفت إجهاض حملها‪.‬‬ ‫يشار إلى أن الضحيــة‪ ،‬بعد سقوطهــا‪،‬‬ ‫أجلسها بعض فاعلي الخيرعلى كرسي‪ ،‬جيئ به‬ ‫لها من مقهى مجاور‪ ،‬ثم تداولوا الحديث بينهم‪،‬‬ ‫حول األسبقية‪ ،‬بخصوص إشعار سيارة إسعاف‪،‬‬ ‫أم إشعارالعاملين بالعيادة القريبة !‬

‫م‪ .‬إمغران‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫العدد ‪981‬‬

‫درد‬

‫دردشة‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫واالبتسامة مرسوم ٌة‬ ‫محاط بأسرته الصغيرة‪،‬‬ ‫حين رأيتُ هذا الرجل وهو‬ ‫على وجهه‪ ،‬واالرتياح بادٍ على أساريره‪ ،‬وجدْتُني أردد اآلية الكريمة‪« :‬ومِنْ‬ ‫آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مود ًة ورحمة»‪.‬‬ ‫ذلك أن هذا الموظف الذي عين في أقاصي األطلس‪ ،‬كان يشكو إلى اهلل ما‬ ‫يالقيه من الوحشة والوحدة والغربة‪ ،‬والبعدِ عن األهل والخالن‪ .‬فلما سمع اهلل‬ ‫شكواه‪ ،‬نقله إلى حاضرة من الحواضر التي لها ارتباط بالحياة واألحياء‪ ،‬واختار له‬ ‫الزوجة الصالحة‪ ،‬ورزقه األوالد‪ ،‬ووفر له أسباب االستقرار والعيش الكريم‪.‬‬ ‫فإن مع العسر يسراً‪َّ ،‬‬ ‫فإذا قرأتم في صلواتكم وخلواتكم قول اهلل تعالى‪َّ :‬‬ ‫إن‬ ‫مع العس ِر يسراً‪ .‬فتمعنوا في معناه‪ ،‬وخذوا العبرة منه في حياتكم الدُّنيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫رحيمة بمواطنيها رحمة اهلل بعباده‪ ،‬لو َفرت سبل‬ ‫ولو كانت حكوماتنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫االستقرار والطمأنينة لموظفيها وأعوانها‪ ،‬وآلمنتهم من خوف‪ ،‬ولوَقتهم شرَّ‬ ‫هذه التعيينات الشبيهة باإلقصاء والنفي والعقاب‪.‬‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫فإذا كنا ننادي بالجهوية‪ ،‬ونسميها بالجهوية المتقدمة‪ ،‬فعلينا أن ننتدب‬ ‫لكل جهة أبناءها من المهندسين واألطباء واألساتذة‪ ،‬واألطر الكفأة‪ ،‬ليعملوا‬ ‫على تنميتها وتطويرها‪ ،‬والرفع من شأنها‪.‬‬

‫شة‬

‫فالجهة‪ ،‬كل جهة‪ ،‬بأبنائها البررة‪ ،‬الذين يبذلون قصارى جهودهم من أجل‬ ‫أن تكون في أعلى المراتب تعليماً وتربية‪ ،‬وكفاءة ومقدرة‪.‬‬ ‫فإذا تحرَّينا وضعهم في األماكن المناسبة‪ ،‬وتوخَّيْنا قربهم من مساقط‬ ‫رؤوسهم‪ ،‬وارتباطهم بأقاربهم ومن لهم الحق عليهم‪ .‬فإننا سنضمن الراحة‬ ‫والسكينة لموظفينا المساكين‪ ،‬وسنضمن لهم العيش الكريم‪.‬‬ ‫وهذا أمر ال يستدعي من مسؤولينا ميزانية معينة‪ ،‬أو اتخاذ إجراءات استثنائية‪،‬‬ ‫وإنما هو تعيين المواطن في مسقط رأسه‪ ،‬ليتكفل بمن تجب عليه كفالتهم‪.‬‬ ‫األمر كما قلت سهل ويسير‪ ،‬إال أن يكون للموظف طموحات تتطلب نقله إلى‬ ‫مركز أو رتبة أعلى في السلم الوظيفي‪.‬‬

‫فائض ميزانية بلدية شفشاون الهزيل‬

‫لما عرفت رقم فائض‬ ‫ميزانيــة البلديــة لسنـــة‬ ‫‪ ،2018‬والـذي لم يتعـــد‬ ‫حسب مصدر مسـؤول من‬ ‫المعـارضـــة ‪ 43‬مليـــون‬ ‫سنتيم(‪ 430‬ألف درهم) وهو‬ ‫رقم هزيل في سادس أجمل‬ ‫مدينة في العالم‪ ،‬وإن كان‬ ‫قد سجل تحسنا بالمقارنة‬ ‫مع السنة الماضية التي لم‬ ‫يتعد فائض ميزانيتها ‪10‬‬ ‫ماليين سنتيــم (‪ 100‬ألف‬ ‫درهم)‪.‬‬ ‫الفائض يعني التجهيز‪ ،‬يعني االستثمار‪ ،‬شق الطرقات وصيانة‬ ‫الشوارع واألزقة‪ ،‬إحداث تجهيزات القرب من مالعب وحدائق وساحات‬ ‫ومرائب للسيارات ومركبات ثقافية وقاعات للمسرح والموسيقى إلخ‪،‬‬ ‫وبصفة عامة تأهيل المدينة لتصبح أكثر جاذبية وأقوى على التنافسية‪.‬‬ ‫والعجب العجاب هو أن مدينة شفشاون تقفز درجات من حيث نمو‬ ‫عدد السياح والصينيين باألخص‪ ،‬مما تنمو معه اطرادا الحاجة إلى‬ ‫بنيات تحتية عامة وسياحية‪ ،‬وإلى بذل مجهود إضافي من حيث النظافة‬ ‫والصيانة والمراقبة واألمن‪ ،...‬لكن انعكاس هذا النمو السياحي كمورد‬ ‫يبقى ضعيفا على مداخيل البلدية؛ والشك أن أولي األمر في البلدية‬ ‫لديهم تفسير لذلك‪.‬‬ ‫الوضعية الحالية تؤشر على أن المدينة‪ ،‬كواقع جماعي وأفق‪،‬‬ ‫مشلولة أو تنفق أكثر مما تدخل وتنتج؛ وقد يؤدي بها هذا إلى‬ ‫العجز‪ ،‬أما الضجيج المثار حولها واألغاني واإلشهارات التي صورت بها‬ ‫والروبورتاجات والوثائقيات التي أنجزت حولها فما هي ربما إال فقاعات ال‬ ‫نعرف أين تنفجر‪ ،‬وهذا قد يكون عائدا إلى خلل في الرؤية االستراتجية‬ ‫والتخطيط‪ ،‬وقصور في تحديد األهداف واألولويات كما تقول المعارضة‬ ‫االستقاللية‪ ،‬أو إلى تحبيذ منافع التسيير على التجهيز‪ ،‬ألن الصرف في‬ ‫األمور الصغرى‪ ،‬كما يرى أحد المتتبعين للشأن المحلي‪ ،‬يرى ويلمس‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫‪ ..‬وفي كلمة تعقبية على المتحدثين أشار األديب محمد‬ ‫األشعري إلى قضايا ذات صلة بأقانيم ‪ :‬الشعر والرواية‬ ‫والعمود منها ‪:‬‬ ‫ـ الكتابة اإلبداعية ليس لها منجز نهائي‪..‬‬ ‫ـ اعتناق الفعل الكتابي هو اعتناق لالمكتمل‬ ‫ـ الكاتب الحق في وضع تعلم دائم‪..‬‬ ‫ـ شعر السبعينيات مثلوا تجربة خاصة ‪،‬ألقت بالمنتظمين‬ ‫في سلكها دفعـــة في معمعان نضالــي سياسي وشغـــف‬ ‫بالصحافة ‪..‬‬ ‫ـ فترة السبعينيات ـ رغم قسوتها السياسية ـ اتسمت‬ ‫بخصوبة ونهم ثقافي دفعت إلى قراءة نصوص ومؤلفات‬ ‫كانت مع تجربة شعراء كبار خلفية الكتشاف قارات ثقافية‬ ‫جديدة ‪:‬‬ ‫قارة الفنون التشكيلية التي كانت لقاحا ثقافيا لتجارب‬ ‫شعراء مع فنانين مرموقين ‪ :‬شبعة ‪ ،‬القاسمي ‪ ،‬بلكاهية‪..‬‬ ‫قارة السينما التي كانت بؤرة تثقيفية بفعل األندية‬ ‫السينمائية‪..‬‬ ‫قارة األغنية بما عرفته من بروز مجموعات «الغيوان»‬ ‫«جيل جياللة»‪..‬‬ ‫ـ كان لشعراء العقد السبعيني صوت جماعي في مواجهة‬ ‫االستبداد والظلم االجتماعي‪..‬ولما تأكد لديهم أن التغيير‬ ‫ليس هينا كانت إفاقتهم من وهم ‪ ،‬تلتها عودة إلى أسئلة‬ ‫البدء‪..‬ولغة الطفولة والحلم‪..‬واستدعاء مخزونات الذاكرة‬ ‫واألساطير المؤسسة ‪..‬‬ ‫ـ الشعر ليس مسألة ذهنية تقنية ‪ ،‬بل هو في حاجة إلى‬ ‫رافد روحي وجمالي ‪..‬‬

‫تكاليف التسيير تضغط على منتظرات االستثمار‬ ‫‪-‬‬

‫األشعري في ضيافة طلبة‬ ‫الماستر والدكتوراه‬ ‫بآداب تطوان‪2( ..‬ـ ‪)2‬‬

‫ـ الذين يكتبون الشعر مثل واجب يومي ال ينتجون شعرا‬ ‫بل أفكارا وتأمالت‪..‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬ ‫والينسى ألنه يلبي الحاجات‬ ‫اآلنية والملحة‪ ،‬في حين أن‬ ‫الصرف في األمـــور الكبرى‬ ‫يدعــو إلى استثمـــار في‬ ‫الجهـد التواصلــي ليكـــون‬ ‫عائده مضمونا لدى األفراد‬ ‫والجماعة‪.‬‬

‫التجهيز ربما اختارت له‬ ‫بلدية شفشاون طريقا آخر‬ ‫غير طريق صناديقها الفارغة‬ ‫بسبب ضغـــوط التسييـــر‬ ‫وقضـــاء الحاجــات‪ ،‬وكـــذا‬ ‫استثمارها الكبير في النظافة‬ ‫من خالل تدبير القطاع عن طريق التدبير المفوض‪ ،‬هذا الطريق هو‬ ‫التحرك الديبلوماسي لرئيسها المهندس محمد السفياني الذي ال يكل‪،‬‬ ‫والذي يغطي فراغا كبيرا من خالل المشاريع التي يجلبها والتي تخلق‬ ‫فرصا للشغل‪ ،‬وتموقع المدينة بشكل متجدد ومستمر في األجندات‬ ‫العالمية والوطنية‪.‬‬ ‫وأنا أفكر في هذا الموضوع ومفارقات المدينة وبلديتها الذي تنحو‬ ‫نحو االنغالق على نفسها في مقابل انفتاحها على العالم‪ ،‬كان رأسي‬ ‫يدعوني إلى الحالق‪ ،‬وقادتني الصدفة إلى صالون بسيط من عهد‬ ‫السبعينات‪ ،‬كان الحديث الثنائي ينساب انسياب ماء رأس الماء حول‬ ‫مأساة تأخرنا كأمة الذي حشرنا في خانة االستهالك لكل ماهو جديد‬ ‫تنتجه األمم التي رسمت لنفسها خارطة الطريق فانطلقت كالسهم في‬ ‫األعالي وانخرطت في االنتاج العالمي‪.‬‬ ‫كنت أرى نفسي في المرآة وفائض الشعر يسقط شيئا فشيئا‪،‬‬ ‫فأضحك إذ فائض الرأس ليس له أهمية رغم كثرة اإلنتاج‪ ،‬بينما فائض‬ ‫الميزانية الذي تحتاجه القرى والمدن والجهات يعاني من شح خطير‪،‬‬ ‫ويرتبط مراكمته ورفعه بعلو فائض الحكمة والحكامة على فائض‬ ‫التهور والتبذير والتبديد‪.‬‬

‫ـ الشعر لصيــق بتجربة إنسانيــة عميقة‪ ..‬والكتابة‬ ‫المفتقرة إلى هذا اإلسناد هي تمرينات لغوية فارغة‪..‬‬ ‫ـ عالقة الشعر باللغة بدهية ؛ لكونه مهتما بسياسة‬ ‫تحرير مساحات لغوية لصالح قيم ضد كافة أشكال اإلرهاب‬ ‫اللغوي الراهن ؛ الفايسبوك ومشتقاته‪ ..‬وهو نمط من‬ ‫االحتالل يتعرض له جسد اللغة ‪ ،‬بينما مهمة الشعر كامنة‬ ‫في تحرير مساحات محتلة لصالح قيم جمالية‪..‬‬ ‫ـ ثمة سؤال مفتعل ‪ :‬لماذا وكيف انتقل شاعر إلى المجال‬ ‫الروائي ؟‬ ‫ـ ليس هناك جمارك تمنع أحدا من االنتقال من جنس‬ ‫أدبي إلى آخر برخصة من شاعر أو روائي أكبر‪..‬‬ ‫ـ أهم شيء في القارة الواحدة فعل الكتابة التي ترادف‬ ‫الحرية‪ ..‬وتجربة الحياة الخاصة والمشترك اإلنساني كالهما‬ ‫يفسر ضرورة الكتابة في الشعر أو الرواية‪..‬‬ ‫ـ في الرواية مفاتيح أساس لفهم المجتمعات‪ ..‬وهي‬ ‫عمل سياسي في العمق‪..‬‬ ‫ـ في روايتي «ثالث ليال» نمذجت لفكرة عدم وجود‬ ‫سلطة سياسية في حضارتنا لم تتخذ من قهر النساء جزءا‬ ‫من حقيقة تحكمها ‪..‬‬ ‫ـ أنا مدين في تجربة كتابة العمود للمرحوم مصطفى‬ ‫القرشاوي ‪.‬‬ ‫ـ فكرة العمود انطلقت لدي صدفة بعد تصرف حكومي‬ ‫مثير للسخرية‪..‬‬ ‫ـ تجربة كتابة العمود كانت من أصعب التجارب التي‬ ‫مررت بها ؛ ألني كنت موضوع مساءالت ألسبـاب وجيهـــة‬ ‫أو تافهة‪..‬‬ ‫كانت كتابة العمود مع المرحومين عبد الكريم غالب‬ ‫وعبد الجبار السحيمي ومصطفى القرشاوي وخالد مشبال‪..‬‬ ‫ومع محمد األشعري حفظه اهلل محنة ثم صارت منحة‪..‬‬


‫‪4‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫العدد ‪981‬‬

‫من دفاتري‬

‫�أوراق‬ ‫مغربية‬

‫�سل�سة جديدة‬ ‫‪ 19‬فبـراير ‪2019‬‬

‫الوزير مول السنيدة‬

‫كالم‬

‫عابر‬

‫العثماني والحشرة القرمزية‬ ‫و‪ ...‬الهندية !‬ ‫رئيس الحكومة يستطيـع أن ينشر على المأل «إنجـــازات» حكومتـــه ويعددهــا‬ ‫و «يضخمهــا» و «يتحدى» الخصوم‪ ،‬خاصة من سبقوه إلى كراسي الحكم‪ ،‬بمقارعتهم‬ ‫بالحجة والبرهان‪ ،‬ويطالبهم بتقديم لوائح إنجازاتهم يوم كانت األمور بيدهم‪ ،‬ولعله‬ ‫يقصد االستقالل واالشتراكيين‪ ،‬واألحرار‪ ،‬بوجه خاص !‬ ‫من حق العثماني أن يرسم صورة وردية عن المغرب‪« ،‬البيجيدي» تحت قبة البرلمان‪،‬‬ ‫وأن ينفي وجود حاالت من اإلحباط واليأس بين صفوف المغاربة‪ ،‬وينفي أيضا أن األوضاع‬ ‫االجتماعية ليست على النحو الذي يتم ترويجه من طرف منتقدي ومعارضي الحكومة‪.‬‬ ‫وهذا صحيح‪ ،‬ألن الوضع أفظع وأسوأ مما يصفه به المنتقدون !‪...‬‬ ‫العثماني ال يرى في ما يقاسيه المغاربة من إحباط أكثر من «واقع مزعج قليال»‪،‬‬ ‫بدليل أن هجرة األدمغة الوطنية ال تمس سنويا سوى ‪ 8‬آالف إطار مغربي عالي المهارة‬ ‫من القطاعين العام والخاص‪،‬وأن ما بين ‪ 600‬و ‪ 800‬مهندس مغربي فقط‪ ،‬يهاجرون‬ ‫أيضا‪ ،‬سنويا ‪ ،‬بحثا عن فرص عمل محفزة وظروف عيش جيدة وكريمة خارج المغرب‬ ‫وأن عدد األطباء المغاربة المسجلين في هيئات األطباء بفرنسا ‪ ،‬ال يتعدى ‪ )!( 7000‬وأن‬ ‫الوكالة الفرنسية للتنمية لم تستطع في تقريرها السنوي‪ ،‬إحصاء أزيد من ‪ 17‬بالمائة‪،‬‬ ‫من حاملي الشهادات العليا بالمغرب‪ ،‬الراغبين في مغادرة وطنهم‪ ،‬نحو الخارج‪ ،‬بحثا عن‬ ‫مناصب شغل تليق بمستوى التحصيل العلمي الذي نالوه خالل مسارهم الدراسي‪ ،‬وذلك‬ ‫بسبب انسداد اآلفاق بالمغرب‪! ..........‬‬ ‫ولكن هذا الواقع «المزعج قليال» في نظر العثماني ‪ ،‬توجد به جوانب سارة‪ ،‬تحتمل‬ ‫«الفرح» أيضا بفضل «اإلنجازات» التي يشهدها على عهد البيجيدي الزاهر والزاخر‬ ‫بالمكرمات‪.‬‬ ‫ويتجلى ذلك الواقع «المفرح» في الحد من الفوارق المجالية بعد إنجاز عدد «ضخم»‬ ‫من الطرق أو المسالك‪ ،‬وصيانة الموجود منها‪ ،‬وتبقى المنجزات األكثر إضاءة ‪ ،‬في ما‬ ‫تم تحقيقه في ما يخص مجال التعليم والصحة‪ ،‬اهلل اهلل !‪ .......‬حيث أنجزت الحكومة‬ ‫ثلث البرنامج الذي وضعته والممتد لغاية ‪ ،2027‬كما أنجزت خُمس العمليات المبرمجة‬ ‫بخصوص الماء الصالح للشرب‪ .‬بالرغم من أن الحد من الفوارق المجالية واالجتماعية‬ ‫«مسألة معقدة ومتعددة األبعاد» وتقتضي تضافر جهود متدخلين عديدين‪ .‬إال أن رئيس‬ ‫الحكومة تدارك األمر وأعلن أن هذه المسألة تبقى في صلب ورش الجهوية المتقدمة‬ ‫(على ماذا‪ ،‬وبالنسبة لماذا) باعتبارها «المدخل األساسي لكل تنمية اقتصادية واجتماعية‬ ‫من خالل تعزيز دور الجهات وتمكينها من بناء نموذجها التنموي الخاص»‪......‬‬ ‫حبذا لو مكنتم هذه الجهات من النصوص التنظيمية التي يبدو أن إلياس العماري‬ ‫«أزعجكم» حين ذكركم بها وبالوضع المالي المزري للجهات ولجهة طنجة بالذات‪ ،‬خالل‬ ‫زيارة «الخطب» التي قمتم بها مؤخرا‪ ،‬إلى هذه الجهة‪ ،‬للوقوف على أوضاعها كما قلتم‪،‬‬ ‫لتخلصوا إلى أن المشكل األساس الذي تشكو منه جهة طنجة تطوان الحسيمة ‪ ،‬هو‬ ‫التفاوت المجالي‪ ،‬وكفى اهلل المؤمنين القتال !‬ ‫ولعل تفاؤل العثماني بما حقق من منجزات دفعه إلى أن يطالب المواطنين أن‬ ‫يتطلعوا إلى المستقبل بتفاؤل ‪.‬كما يفعل هو‪ ،‬حيث إنه ال يشعر «بهذ الشي ديال اإلحباط‬ ‫واليأس» بتعبيره‪ ،‬حيث إنه يستيقظ في الصباح‪ ،‬دون قلق أو هاجس شاغل‪ ،‬و «يبسمل»‬ ‫ويشرع في «الخدمة» خالي الذهن والبال‪ ......‬متفائال مستبشرا !‬ ‫ولم يفت رئيس الحكومة أن يوجه تهديدا «مبطنا» لـ « شي مشوشين» «ونحن‬ ‫عارفين هذ الشي» يقول‪ ،‬ولكنه نبههم إلى أن يفهموا أن هذا البلد سوف «يطلع» بإذن‬ ‫اهلل‪ ،‬وسيصبح «شامة» بين األمم‪ .‬ولعل ما يقصد بالشامة ‪« ،‬خال» الزين‪...‬وهو ما نتمناه‬ ‫كلنا‪ ،‬لبلدنا‪ ،‬من طنجة للكويرة التي ال نعلم عنها شيئا‪ ،‬إلى اآلن !‬ ‫وحتى يقطع الطريق أمام المشوشين‪ ،‬رفع في وجوههم شعار «الالءات الثالث» ‪ :‬ال‬ ‫للتشويش‪ ،‬ال للتيئيس‪ ،‬ال للتبخيس ! مشددا على أن «جميع» التقارير تؤكد تقلص الفقر‬ ‫المدقع والهشاشة والفوارق االجتماعية‪ ،‬في المغرب‪ ،‬وصار علينا نحن «المداويخ» بوصف‬ ‫وزير «كردعه» استعمال هذا الوصف في حق نشطاء حركة «المقاطعة» ‪ ،‬أن نعترف بذلك‪،‬‬ ‫بل ويجب على األحزاب التي تنتقد الحكومة أن تخبر المغاربة بما فعلت عندما كانت في‬ ‫الحكومة !‬ ‫سعد الدين العثماني‪ ،‬كان يبدو حازما وواثقا حين أعلن أن الحكومة «عازمة» على‬ ‫مواصلة اإلصالح‪ ،‬وأنها ستواجه حمالت التبخيس واألكاذيب‪ ،‬وأنها‪« ........‬ستستمر ! ( رغم‬ ‫الداء واألعداء‪ ،‬كالنسر فوق القمة الشماء‪ ....،‬أبو القاسم الشابي)‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬وحتى يثبت أنه واع بأدق المشاكل االجتماعية‪ ،‬وفي شتى المجاالت‪،‬‬ ‫دعا العثماني مزارعي الصبّار إلى استبدال النبتة الحالية التي تُزرع في المغرب بأنواع‬ ‫أخرى مقاومة للحشرة القرمزية‪ ،‬التي أثرت بشكل كبير على محصول الهندية في السنة‬ ‫الماضية‪ّ ،‬‬ ‫وأن وزارة العزيز أخنوش‪ ،‬صاحب «الصندوق» المعلوم‪ ،‬على أتم االستعداد‬ ‫لدعم مزارعي الهندية الوطنية ومواكبتهم في بحثهم عن هندية ال تنال منها الدودة‬ ‫القرمزية!‬ ‫وحين أعلن العثماني‪ ،‬وبكثير من الحزم واإلصرار‪ ،‬أن الحكومة ستستمر‪ ،‬فإنه كان‬ ‫يعلم مع من يتكلم‪ ،‬ولمن يوجه الكالم‪.‬‬ ‫وآسيدي ما في كالمك عيب‪ ،‬استمروا في حصد «شهادات» اإلشادة واإلعجاب و‪...‬‬ ‫األحالم‪ ،‬إلى أن يستجيب الفالحون إلى دعوتكم الكريمة ‪ ،‬باستبدال نبتة الهندية بأنواع‬ ‫أخرى من أرض اهلل الواسعة‪ ،‬ال تنال منها الحشرات القرمزية‪.......‬استمروا‪ ،‬ال مشكلة لنا‬ ‫في استمراركم‪ ،‬إلى أن يتغلب الفالحون على الحشرة القرمزية‪ ،‬ويتوجهوا إلى زراعة أنواع‬ ‫أخرى من الهندية‪ ،‬بمساعدة خزائن «المغرب األخضر» التي قد تستنفذ قبل صيف ‪،2021‬‬ ‫ونبقى نحن ‪ ،‬آنذاك‪ ،‬بدون حكومة‪ ،‬والفالحون بدون هندية !!!‪....‬‬

‫ع‪ .‬كنوني‬

‫الوزير الداودي‪ ،‬مول السنيدة‪ ،‬عاد ليخلق حالة من الفوضى‬ ‫داخل البرلمان‪ ،‬حين تعمد اإللقاء بالالئمة على األغنياء في ما‬ ‫يخص انتشار الفقر بالمغرب‪ .‬حدث ذلك خالل جلسة األسئلة‬ ‫الشفاهية حيث عاد ليؤكد أن الفقراء ال يستفيدون إال بنسبة‬ ‫قليلة من صندوق المقاصة‪ ،‬خاصة في ما يتعلق بالبوطا‪ ،‬حيث إن‬ ‫المستفيدين الحقيقيين من امتيازات صندوق المقاصة‪ ،‬في هذه‬ ‫الباب‪ ،‬هم األغنياء الذين يستعملون الغاز المدعم في مشاريعهم‬ ‫الخاصة‪ ،‬على حساب الفقراء‪.‬‬ ‫الداودي تمادى فـي «تبوريدتـه»‪ ،‬كعادته كلما أخذ الكلمة‬ ‫بالبرلمان‪ ،‬ووجه االتهام إلى جهات سياسيــة ‪ ،‬بعرقلـة مشاريــع‬ ‫محاربة الفقر‪ ،‬بـ «شرائهم» أصوات الفقراء‪ ،‬وقت االنتخابات‪ ،‬وفق ما‬ ‫تناقلته بعض المواقع اإلخبارية‪.‬‬ ‫بعض نواب المعارضة طالبوا الداودي باحترام المغاربة الذين‬ ‫ال يعرضون ذممهم للبيع والشراء‪ ،‬كما وجهوا انتقادات الذعة‬ ‫للحكومة بخصوص تعاطيها مع موضوع الفقر بالمغرب‪ ،‬األمر الذي‬ ‫رد عليه الوزير الداودي بأن الفقر ال يحارب بالدعم المالي وحده‪ ،‬بل‬ ‫بالتوعية والتعليم والمعرفة‪ ،‬وهو بالضبط‪ ،‬ما فشلت فيه الحكومة‪،‬‬ ‫إلى اآلن‪ ،‬من أجل تحسين حياة المواطنين‪ ،‬متوقعا أن يساهم‬ ‫السجل االجتماعي الموحد في التقليص من هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫ويبقى السؤال‪ :‬ما منع الحكومة من أن توقف استغالل‬ ‫األغنياء لحقوق الفقراء في «البوطا» المدعمة وفي أمور أخرى ‪،‬‬ ‫بل و في حماية الفقراء من «جشع» األغنياء الذين قال عنهم في‬ ‫برنامج إذاعي‪ ،‬األسبوع الماضي‪ ،‬إنهم «يعرقلون تقدم المغرب‬ ‫باستغاللهم للفقراء»؟!‬ ‫فلم ال تتدخل الحكومة‪ ،‬بما تملكه من اختصاصات وما تتوفر‬ ‫عليه من إمكانات‪ ،‬لحماية الفقراء وكسر عظام األغنياء ؟‬ ‫خطاب انتخابي ليس إال‪ ،‬إذ نحن نعلم‪ ،‬والوزير الداودي‬ ‫يعلم‪ ،‬والمغاربة ‪ ،‬فقراء وأغنياء‪ ،‬يعلمون‪ ،‬أن سلطة المال ال تقاوم‬ ‫بالخطب‪ ،‬وال بالعنتريات‪ ،‬وأن الحكومة الحالية‪ ،‬أضعف من أن ترفع‬ ‫العصا في وجه األغنياء‪ ،‬خاصة حين يجتمع المال والسلطة والنفوذ‪،‬‬ ‫في اليد الواحدة‪.‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫تعيينات «قلب شقلب»‬ ‫مرت التعيينات األخيرة في مناصب الوالة والعمال‪ ،‬دون أن‬ ‫تثير كبير اهتمام‪ ،‬سواء على مستوى وسائل اإلعالم‪ ،‬أو داخل مدن‬ ‫العماالت واألقاليم المعنية ‪ ،‬حيث بدا واضحا أن االقتراحات المقدمة‬ ‫بهذا الخصوص لم تخرج عن دائرة «الموجود»‪ ،‬باستثناءات‬ ‫قليلة‪ ،‬أهمت أشخاصا على عالقة «مهنية» في السابق‪ ،‬أو إدارية‪،‬‬ ‫مع بعض المسؤولين‪ ،‬األمر الذي كتبت بشأنه جريدة «الصباح»‬ ‫نهاية األسبوع الماضي‪ ،‬أنه تم نهج سياسة «قلب شقلب» في هذه‬ ‫العملية التي شملت ستة والة وعددا من العمال‪.‬‬ ‫من بين االستثناءات القليلة‪ ،‬تعيين المدير العام لصندوق‬ ‫الضمان االجتماعي‪ ،‬سعيد احميدوش الذي عين واليا على جهة‬ ‫الدار البيضاء سطات‪ ،‬إلى جانب كل من محمد الصديقي‪ ،‬الكاتب‬ ‫العام لوزارة الفالحة‪ ،‬الذي عين في منصب وال على الجهة الشرقية‪،‬‬ ‫والحبيب ندير الكاتب العام لوزارة الجالية المغربية والهجرة‪ ،‬الذي‬ ‫عين عامال على إقليم سيدي قاسم‪ ،‬وبرشيد بنشيخي‪ ،‬القادم من‬ ‫الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمراكش الذي تولى عمالة‬ ‫إقليم العرائش‪.‬‬ ‫العملية «تميزت» بتغيير المواقع بين بعض الوالة ويتعلق‬ ‫األمر بمحمد مهيدية والي الرباط سال القنيطرة ومحمد اليعقوبي‬ ‫والي جهة طنجة تطوان الحسيمة‪.‬‬ ‫عملية تبادل المواقع أهمت أيضا عددا آخر من الوالة والعمال‪.‬‬ ‫المالحظ أن عملية تبادل المواقع‪ ،‬غير مقنعة بالنسبة للذين‬ ‫يعتبرون أن التداول‪ ،‬بدل التبادل‪ ،‬عملية صحية‪ ،‬يكون من شأنها‬ ‫إعداد جيل جديد من المسؤولين ‪ ،‬والة وعماال‪ ،‬بأفكار جديدة‬ ‫وأساليب عمل مغايرة لتلك التي دأبت الداخلية على تلقينها‬ ‫لمسؤولي اإلدارات الترابية والتي ال تخرج عن األنماط المتداولة‬ ‫في اإلدارات المركزية المحكومة بتقاليد وأعراف ال تقبل االجتهاد‪.‬‬ ‫فهل ينجح الوالي مهيدية في إقناعنا بأن لديه ما يضيف؟‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫البرلمان يخذل الداودي‬ ‫التعليم «فابور» للجميع‬ ‫«فابور» ال تعني هنا «صدقة وال جميال»‪ ،‬المقصود بهذه‬ ‫الكلمة أن األسر المغربية لن يطلب منها مصاريف معينة أو إضافية‬ ‫لتسجيل أبنائها في المدارس العمومية خارج ما هو معروف‪ ،‬بعد‬ ‫أن «تفصح» الوزير الداودي تحت قبة البرلمان وقال للمغاربة ما‬ ‫معناه أن من يريد تعليم أبنائه يجب أن «يدخل يده في جيبه» يعني‬ ‫أن يدفع !‬ ‫البرلمان سحب المادة ‪ 48‬من مشروع القانون المتعلق‬ ‫بمنظومة التربية والتعليم التي تقر بمساهمة األسر الميسورة في‬ ‫تمويل التعليم بالقطاع العام بأداء رسوم التسجيل من «طاق طاق‬

‫عزيز گنوني‬

‫‪azizguennouni@hotmail.com‬‬ ‫حتى السالم عليكم»‬ ‫البرلمان خيب في هذا الشأن أيضا انتظارات المجلس األعلى‬ ‫للتربية والتكوين الذي ضمن «رؤيته» االستراتيجية ‪ 2015‬ـ ‪،2030‬‬ ‫مادة تلزم األسر الميسورة باألداء‪ ،‬ال سيما بالتعليم العالي‪ ،‬متناسيا‬ ‫أن المغاربـة‪ ،‬جميعهــم‪ ،‬فقــراء وميسوريـــن وأغنيـاء‪« ،‬يغـذون»‬ ‫ــ مبدئيا ــ الخزينة العامة‪ ،‬وهي مصدر اإلنفاق العام بالنسبة لسير‬ ‫أمور الدولة‪.‬‬ ‫واآلن‪ ،‬ما رأيك السي الداودي ؟‬ ‫العوض على اهلل !‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫المساعدة الطبية على اإلنجاب‬ ‫المغرب يتوفر منذ اآلن على قانون «متقدم» يخص مساعدة‬ ‫األزواج اللذين يتعذر عليهم اإلنجاب بصورة طبيعية‪ ،‬لسبب من‬ ‫األسباب‪ ،‬أن يلجؤوا إلى المساعدة الطبية في هذا الشأن‪ ،‬ولكن‬ ‫بشروط‪ .‬بعضها يخص المؤسسات الطبية الممارسة لهذا النوع‬ ‫من التدخالت‪ ،‬كما تخص الراغبين في االستفادة من تقنيات الحمل‬ ‫المساعد طبيا ‪ ،‬ومن هذه الشروط‪ ،‬تجريم االستنساخ البشري‬ ‫وانتقاء النسل والحمل لفائدة الغير والتبرع باألمشاج واللواقح أو‬ ‫المتاجرة فيها أو استحداث اللواقح واألجنة إلجراء البحوث عليها‪.‬‬ ‫المشروع تضمن عقوبات شديدة لردع الممارسين أو‬ ‫المستفيدين من تقنية اإلنجاب المساعد طبيا‪ ،‬قد تصل إلى عشرين‬ ‫سنة سجنا مع غرامة من ‪ 500‬ألف إلى مليون درهم‪.‬‬ ‫ومن بين الممارسات المجرمة استحداث لقيحة بشرية‬ ‫ألغراض تجارية أو صناعية أو ألغراض أخرى غير المساعدة الطبية‬ ‫على اإلنجاب‪ ،‬كما عرف المشرع العمل على انتقاء النسل‪ ،‬عبر‬ ‫ممارسات تهدف إلى التدخل في الرصيد الجيني للجنس البشري‬ ‫قصد تغييره أو العمل على انتقاء األشخاص ‪ ،‬أما االستنساخ فإنه‬ ‫يعني استيالد طفل مطابق جينيا لشخص آخر حيا كان أو ميتا ‪.‬‬ ‫والقانون يضع عقوبات أخرى ضد ممارسات تدخل كلها في‬ ‫حماية الجنس البشري واحترام الحياة وخصوصيات األزواج‪.‬‬ ‫مجال االستغراب هنا كيف أن هذا القانون وقع تمريره دون أن‬ ‫تنتفض» اللحى المرززة» لتحريم «التدخل في ملك اهلل ومشيئته»‪،‬‬ ‫تماما كما فعل فقهاء التزمت‪ ،‬حين سأل بعض التافهين عن قول‬ ‫الشرع في الجراحة التجميلية‪ ،‬فكان الجواب التحريم الكلي‪ ،‬ألن‬ ‫الخلق خلق اهلل والصورة عدلها اهلل سبحانه وتعالى الذي ال ينظر‬ ‫إلى صورنا‪ ،‬بل إلى قلوبنا وهي مليئة بحب اهلل وباألمل في رحمته‬ ‫الواسعة وغفرانه الكريم‪.‬‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫أطفال الشوارع‬ ‫أمر عظيم أن تهتم رئاسة النيابة العامة بقضية أطفال الشوارع‬ ‫وتوجه تعليمات محددة إلى مختلف محاكم المغرب‪ ،‬بهدف االهتمام‬ ‫باألطفال في وضعية صعبة أو المتخلى عنهم أو أطفال الشوارع ‪،‬‬ ‫بهدف القضاء على هذه الظاهرة‪,‬‬ ‫دورية رئاسة النيابة العامة تحظ السلطات القضائية المعنية‬ ‫على التعامل مع هذه الفئة بما يلزم من العناية والرعاية وبتفعيل‬ ‫دور خاليا التكفل بالنساء واألطفال في وضعية صعبة‪ ،‬عموما‬ ‫وأطفال الشوارع بصفة خاصة‪،‬‬ ‫ظاهرة أطفال الشوارع كثيرا ما كانت موضوع تقارير إخبارية‬ ‫طلعت في العديد من المنابر اإلعالمية إال أن األمر ووجه إلى‬ ‫اآلن بالتجاهل التام من طرف مختلف القطاعات المعنية مباشرة‬ ‫بالموضوع‪ .‬وهو ‪ ،‬ال شك‪ ،‬ما ضاعف من استفحال هذه الظاهرة‬ ‫حيث توجد اليوم جحافل من هؤالء األطفال يعيشون طلقاء‬ ‫بالمدن الكبرى‪ ،‬على التسول والسرقة واالعتداء على الناس‬ ‫باستعمال العنف‪ ،‬خاصة وهم مدمنون على المخدرات المتاحة‪،‬‬ ‫كشم السيليسيون وثاني أكسيد الكربون الذي يتلقونه من أفواه‬ ‫أنابيب انفالت غاز السيارات‪ ،‬أو بالحصول على األقراص المهيجة‬ ‫الرخيصة أو حتى بشرب أسوء أنواع الخمر الرديء بعد إضافة مقادير‬ ‫من كحول النار‪.‬‬ ‫وال تخلو منهم حارة من حارات المدينة‪ ،‬حيث يتجمعون عادة‬ ‫بأبواب المطاعم والفنادق والمقاهي وينامون بأبواب العمارات أو‬ ‫بالساحات العمومية أو بالمحطات الطرقية أو على أرصفة الشوارع‬ ‫الكبيرة‪ .....‬ما يشكــل خطــرا على المواطنيـن وتهديــدا حقيقيــــا‬ ‫لسالمتهم‪.‬‬ ‫نتمنى أن تحرك دورية رئاسة النيابة العامة ذوي النيات‬ ‫الحسنة في مختلف مواقع المسؤولية‪ ،‬من أجل التعاطي مع هذه‬ ‫الظاهرة المشينة بما تتطلبه من عزم وحزم‪ ،‬وأن يعمل الجميع على‬ ‫القضاء عليها بما يخدم إنسانية هؤالء المواطنين الذين جرتهم‬ ‫ظروفهم التعيسة إلى وضعية التشرد والضياع‪.‬‬

‫ع‪ .‬كنوني‬


‫العدد ‪981‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫حركة ‪ 20‬فبراير‪ ...‬انطالقة حماسية ثم تدهور‬ ‫في األداء و اختفاء عن الساحة و إحياء لذكراها‬ ‫بصيغة محتشمة كل سنة‬ ‫أخيرا تجرأ المغاربة… وخرج مئات اآلالف في أكثر من ‪ 54‬مدينة و قرية‪ ،‬متفائلين بعدما‬ ‫عايشوا نجاح الثورة البوعزيزية التونسية وثورة ‪25‬يناير المصرية‪ ،‬ورغم أن المطالب كانت‬ ‫مختلفة إال أن المحرك واحد‪ :‬غالء المعيشة‪ ،‬البطالة‪ ،‬التهميش‪ ،‬إهدار المال العام‪ ،‬وهذا ما جعل‬ ‫الشعارات متقاربة‪« :‬الشعب يريد التغيير»‪« ،‬نريد مغربا حرا وديمقراطيا»‪« ،‬من أجل الكرامة‪،‬‬ ‫اإلنتفاضة هي الحل»‪.‬‬ ‫ال منازع أني أتحدث عن حركة ‪20‬فبراير‪ ،‬من أكبر اإلحتجاجات الشعبية التي عرفها المغرب‬ ‫الحديث‪ ،‬نادَى المحتجون خاللها بإصالحات سياسية جذرية‪ ،‬أهمها وضع دستور جديد وإطالق‬ ‫سراح كافة المعتقلين السياسيين‪ ،‬اعتقادا منهم أن طِينة الخيارات السياسية هي أساس‬ ‫المشاكل اإلجتماعية واإلقتصادية للبالد‪.‬‬ ‫وقد جاءت اإلستجابة سريعة نوعا ما‪ ،‬ومغطية ألبرز المطالب‪ ،‬ففي خِطاب التاسع من مارس‬ ‫أكد الملك محمد السادس على ضرورة تشكيـل لجنـة لتعديل الدستور والذي ْ‬ ‫سيأتي لتعزيز‬ ‫فصل السلط‪ ،‬توسيع مجاالت الحريّت الفردية والجماعية‪ ،‬تقوية ُ‬ ‫منظومة حقوق اإلنسان‪...‬‬ ‫وفي أقل من ‪ 4‬أشهر أُجري إستفتاء الدستور‪،‬‬ ‫اإلستفتاء الذي شارك فيه ما يقارب ‪10‬مليون‬ ‫مغربي‪ ،‬حيث صوتت األغلبية الساحقة على‬ ‫تأييدها للتغيير‪ 98.5 ،‬بالمائة من الذين أَدلوا‬ ‫بأصواتهم قالوا نعم النتخــاب الحكومـة من‬ ‫قبل الشعب‪ ،‬نعم للمحاسبة وتنقية المحيط‬ ‫الملكي من المفسدين‪.‬‬ ‫اليـــوم‪ ،‬وبعــد مــرور ‪ 8‬سنـوات على أول‬ ‫تجمهر سياسـي مغربـي في عهد الملك محمد‬ ‫السادس‪ ،‬نتساءل‪ ،‬إلى أي مدى حقق المواطن‬ ‫المغربي ذلك التغيير الذي كان يطمح إليه؟‬ ‫ما هو واقع الحياة السياسية المغربية اآلن؟‬ ‫وما هي األخطاء التي وقعت فيها حركة ‪20‬‬ ‫فبراير وكانت سببا وراء انطفاء شعلتها بسرعة‬ ‫البرق‪ .‬ليشهد التاريخ أن حركة ‪20‬فبراير كانت‬ ‫عامال رئيسيا وراء خروج أزيد من ‪ 190‬معتقل‬ ‫سياسي في ‪ 14‬من شهر أبريل من نفس‬ ‫السنة‪ ،‬وأن على يديها فك المغاربة عقــدة‬ ‫الخــوف من السلطـة و تعويضهــا باإلحتـرام‬ ‫المتبـادل‪ ،‬وحصلوا بعدها على مساحات كبيرة‬ ‫من التعبير الحر‪ ،‬مساحات ما كانوا ليحلموا بها‬ ‫في الماضي‪ .‬‬ ‫ليشهد العالم أن بعد تعديل الدستور‪ ،‬شهدت المملكة المغربية انتخابات برلمانية مبكرة‪،‬‬ ‫ففي يناير ‪ 2012‬وألول مرة بعد اإلستقالل يخرج للوجود السياسي برلمان يمثل فعال خيار‬ ‫الشعب‪ ،‬حدث وأن كان لنا ائتالف حكومي بقيادة حزب العدالة والتنمية‪ ،‬الحزب الذي كان‬ ‫يعكس إرادة الشعب حِينها‪ .‬ليشهـد التاريخ أن حركة‬ ‫‪ 20‬فبراير وبطريقة غير مباشرة كشفت المستور‪،‬‬ ‫فظهر السياسيون اإلسالميون على حقيقتهــم‪ ...‬لن‬ ‫ينسى المغاربة خذالنهم لهم وتراجعهم عن زعمهم‬ ‫بمتابعة ناهبي المال العام‪.‬‬ ‫فعبارة «عفا اهلل عما سلف» أكــدت للشعب أنه‬ ‫ال يوجد بين القنافذ أملس‪ ،‬وأن النزاهة ضرب من‬ ‫الجنون في عالم السياسة‪ ،‬وأن اإلصالح والعدالة ليسا‬ ‫أكثر من شعار وهمي‪ .‬فال زال اقتصاد الريع ينهش في‬ ‫خيرات بالدنا‪ ،‬وال زالت الرشوة وحدها تكلف اقتصادنا‬ ‫‪ 2‬بالمائة من نسبة النمو‪ .‬ال زال سرطان الفساد يفتك‬ ‫بالشرائح اإلجتماعية الهشة‪ ،‬ويسرق من كل مغربي حر‬ ‫فرحة انتخابات نزيهة وقضاء مستقل وحكامة في تدبير‬ ‫أهم القطاعات اإلجتماعية اإلستراتيجية‪.‬‬ ‫ليس من الدقة في شيء‪ ،‬اإلعتقــاد بأن ظاهــرة‬ ‫اإلحتجاج السلمي الميداني ظاهرة جديدة أو طارئة‬ ‫بالمغرب‪ .‬فهي الزمة ثابتة واكبت معظم منعرجات وتموجات تاريخ «المغرب المستقل»‪ ،‬مع‬ ‫تسارع في الوتيرة ملحوظ خالل العقدين األخيرين العتبارات ودواعي‪ ‬يضيق المجال هنا‬ ‫للتفصيل فيها‪.‬‬ ‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فإن حركة ‪ 20‬فبراير ‪ 2011‬لم تكن األولى من نوعها في هذا‬ ‫المضمار‪ ،‬وال كانت حدثا استثنائيا يكسر القاعدة أو يؤسس للمفروض أن يكون‪ .‬إنها‪ ،‬دون‬ ‫شك‪ ،‬امتداد لما سبقها من احتجاجات شعبية‪ ،‬كانت تنفجر هنا أو هناك كردة فعل على سلوك‬ ‫من لدن الدولة طائش‪ ،‬أو نتاجا طبيعيا لسياسات عمومية كانت تفتقر‪ ،‬ال بل تشكو خصاصا‬ ‫رهيبا بمقياس مبدأي اإلنصاف والعدل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد كان للحركة‪- ‬حركة ‪ 20‬فبراير‪ -‬ميزات‬ ‫انفردت بها دون ما سبقها من تحركات جماهيرية‪ ،‬أو لنقل كانت لها نكهة خاصة لم نعهد‬ ‫مثيال لها من ذي قبل‪.‬‬ ‫‪ ‬فالحركة كانت منذ نشأتها ذات طبيعة شبابية صرفة‪ ،‬ال نكاد نلوي من بين ظهرانيها‬ ‫على شيوخ األحزاب أو النقابات أو الجمعيات األهلية‪ ،‬الذين اعتادوا تصيد هكذا مناسبات‬ ‫للظهور بمظهر النضال أو االدعاء باإلحساس بنبض الشارع‪ .‬هذه الخاصية توحي بتحرر الحركة‬ ‫من أية صبغة أيديولوجية جافة قد تدفع بجهة تصنيفها ضمن هذه الخانة أو تلك‪ .‬وتوحي‬ ‫أيضا بدرجة متقدمة من اإلنسجام بين عناصرها المختلفة‪ ،‬العلمانية‪/‬الحداثية منها كما ذات‬ ‫المسحة اإلسالمية على حد سواء‪ ،‬تماما كما الشأن بحركات تونس ومصر وليبيا‪ ،‬وإلى حد ما‬

‫‪5‬‬

‫إعداد ‪ :‬لمياء السالوي‬ ‫‪lamiae.s.81@gmail.com‬‬

‫اليمن وليبيا‪ ،‬حيث اصطف العلماني إلى جانب اإلسالمي‪ ،‬صاحب المطلب العام‪ ،‬كما المتبني‬ ‫للمطالب الفئوية سواء بسواء‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬يحق لنا أيضا أن نطرح السؤالين التاليين‪ :‬ما الذي بقي من هذه الحركة؟ وما السر‬ ‫الذي ثوى خلف انحسار مدها وتراجع بريقها لدرجة تبدو اليوم وكأنها زهرة ذابلة‪ ،‬ال لون لها‬ ‫وال طعم؟‬ ‫نزعم أنه لم يبق من حركة ‪ 20‬فبراير الشيء الكثير‪ ،‬اللهم إال شعارات هنا وهناك‪ ،‬بهذه‬ ‫المدينة أو تلك‪ ،‬أو استحضارها هنا وهناك‪ ،‬أو اإلتيان على تسميتها من باب الذكرى‪ ،‬بهذا‬ ‫الملتقى أو ذاك‪.‬‬ ‫ليس في األمر تشفيا أو تحامال على الحركة‪ ،‬فما بالك أن يكون نزوعا ما من لدينا للتقليل‬ ‫مما قدمت‪ ،‬أو لزرع اإلحباط في أعضاء منتمين لها‪ ،‬لكن قولنا بأنه لم يبق منها الشيء الكثير‪،‬‬ ‫إنما حجتنا فيه بعض المعطيات ال يمكن للعين أن تخطئها حقيقة على أرض الواقع‪ ،‬فالحركة لم‬ ‫يعد لها ذاك الوهج الجماهيري الكبير الذي‬ ‫واكب نشأتهــا‪ ،‬واإلنتفاضات العربيــة على‬ ‫أشدها‪ ،‬بل عرفت تراجعــا في مدها‪ ،‬وليونة‬ ‫في شعاراتها‪ ،‬وتواضعا كبيرا في مطالبها‪.‬‬ ‫وأستطيع أن أجزم أيضا أن في كل مرة يكون‬ ‫إحياء الحركة لذكرى انطالقها باهتا‪ ،‬وجوه‬ ‫من خرج تبدو عليها الخيبة والحسرة‪ ،‬وهي‬ ‫تخترق الشوارع الكبرى‪ ،‬تخترقها غير الوية‬ ‫على شيء يذكر‪.‬‬ ‫لألسف الحركة لم تستطع إفراز زعامات‬ ‫تؤسـس لهــا المرجعيــة‪ ،‬توضح لها الرؤية‪،‬‬ ‫وترسم لها اإلطار واآلفاق المستقبلية‪،‬‬ ‫فهي اشتغلت بالفضاء العام تحديدا‪ ،‬بطرق‬ ‫عفوية‪ ،‬غير محسوبة الخطى‪ ،‬وبنفس بدا‬ ‫من أول وهلة أنه لن يستطيع اإلستمرار‬ ‫طويال‪.‬‬ ‫صحيح أن الحركة «شبابية» بامتياز‬ ‫وغير متمرسة‪ ،‬رفعت شعارات قوية‪ ،‬بعفوية‬ ‫مطلقة‪ ،‬ودونما حسابات كبيرة لردود الفعل‪ ،‬ال سيما من لدن أتباع السلطة وتحديدا من‬ ‫لدن من استهدفتهم الشعارات باإلسم والصفة‪ ،‬بالهتاف ضدهم جهرا وعالنية‪ ،‬كما بتمريغ‬ ‫صورهم على األرض وحرق بعضها‪.‬‬ ‫هذا صحيح‪ ،‬لكن نقطة ضعف الحركة ربما تمثلت في عدم استعانتها بنخب سياسية‪،‬‬ ‫ومثقفة تحديدا‪ ،‬تحتكم للتجربة والحنكة في التعامل‪،‬‬ ‫تساعدها في بناء اإلطار وتجذيره‪ ،‬وفي تحويل‬ ‫الشعارات إلى برنامج عمل ممتد في الزمن والمكان‪،‬‬ ‫يضمن للحركة إياها القوة وبعد‪ ،‬اإلستمرارية‪،‬‬ ‫ويضعها بموقع المحاور األساس عندما تضع موازين‬ ‫القوى السلطة وأطيافها في الزاوية‪.‬‬ ‫هذه لربما كلها أسباب ومعطيات أدت بحركة ‪20‬‬ ‫فبراير‪ ،‬ليس فقط إلى اإلنحسار والتقهقر‪ ،‬بل ودفعت‬ ‫بالعديد من مريديها إلى التراجع والتحفظ‪ ،‬ال سيما‬ ‫في ظل مناخ ما بعد «اإلصالحات»‪ ،‬الذي بدت معه‬ ‫السلطة كما لو أنها قد أوفت بما تمت المطالبة به‪،‬‬ ‫وأن إمعان الحركة في الخروج المتكرر إلى الشارع لم‬ ‫يعد له من مبرر يذكر‪ ،‬اللهم إال التجاوز على القانون‬ ‫والنظام العام‪ ،‬المفضيان حتما للمنع ثم المتابعة‬ ‫والعقاب‪.‬‬ ‫مقابل ذلك‪ ،‬ولربما في صلبه‪ ،‬قد يالحظ المرء أن ثمة أسباب أخرى‪ ،‬موضوعية إلى حد‬ ‫كبير‪ ،‬جعلت مد الحركة يتراجع‪ ،‬والمتعاطفين معها يتحفظون على اإلستمرار تحت معطفها‬ ‫بهذا الشكل أو ذاك‪ :‬فاالنتفاضات العربية بتونس ومصر وليبيا‪ ،‬لم تجن الشيء الكثير من‬ ‫«حاالت التغيير» التي أدركتها‪ ،‬بل أفرزت‪ ،‬عوض الحرية والديمقراطية الموعودتين‪ ،‬تطاحنات‬ ‫على السلطة‪ ،‬واستقطابات للنخب من حولها أو بالقياس إليها‪ ،‬وتجاذبات‪ ،‬ال بل وتطاحنات بات‬ ‫الكل في ظلها مع الكل ضد الكل‪.‬‬ ‫«اإلنتفاضات العربية اكتفت بتغيير بعض من أوجه النظام ووجوهه‪ ،‬لكنها لم‪ ‬تستطع‬ ‫تغيير أدواته‪ ،‬وال امتلكت القدرة على تغيير المنظومة‪ ،‬وهو ما‪ ‬أدركته حركة ‪ 20‬فبراير»‪.‬‬ ‫ويبدو لنا‪ ،‬بهذه النقطة‪ ،‬أن حركة ‪ 20‬فبراير‪ ،‬أو جزء كبير من مكوناتها ومريديها‪ ،‬قد‬ ‫أدرك أن األفضل‪ ،‬والحالة هاته‪ ،‬هو لربما اإلرتكان إلى حاكم غشوم عوض النبش في إثارة‬ ‫فتنة قد تدوم‪ ،‬ستتطاحن في ظلها ال محالة‪ ،‬المذاهب والطوائف والقبليات والنعرات واإلثنيات‬ ‫واألقليات‪ ،‬في عودة للجاهلية لن يسلم منها األخضر وال اليابس‪.‬‬ ‫فكل عام و حركة ‪ 20‬فبراير بخير‪ ،‬و كل عام و المغرب تحت لواء الملكية بألف خير‪ ،‬هذه‬ ‫الملكية التي تزيد المغاربة فخرا و اعتزازا على مدى العصور‪...‬‬


‫العدد ‪981‬‬

‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫الموسيقى األندلسية المغربية‬ ‫نموذج للتفاعل واالمتزاج الحضاري (‪)2/2‬‬ ‫مدارس الموسيقى األندلسية المغربية‪:‬‬

‫بعد استقالل المغرب مباشرة قام المسؤولون عن الشأن الثقافي والفني‬ ‫في شخص المرحوم األستاذ محمد الفاسي بتوجيه عناية خاصة إلى هذا‬ ‫التراث واالهتمام به فاحتضنته وزارة الثقافة‪ ،‬وتأسست األجواق الموسيقية‬ ‫في مدن تطوان والرباط وفاس ومكناس وسال وشفشاون وآسفي ووجدة‬ ‫ومراكش‪ ،‬وأصبح لكل جوق رواده وعاشقوه‪ ،‬الغاية من ذلك هو الحفاظ‬ ‫على هذا التراث بكل ما يحتضنه من ألوان وأنماط ظل يشكل في جوهره‬ ‫النموذج الرائع لإلبداع البشري‪ ،‬بما يقدمه للجيل الحاضر من روائع فنية‬ ‫تسمو بذوقه‪ ،‬وتهبه الحصانة ضد ما يسترخص من األلحان ويستهجن من‬ ‫اإليقاعات‪« .‬ولقد حافظت المدرسة المغربية دون الجزائرية والتونسية على‬ ‫أصالتها ولم يعتروها ما اعتور جارتيها من عوامل التأثير العثماني»‪ .‬وتعتبر‬ ‫مدن الشمال المغربي أكثر حفاظا على تلك األصالة وخصوصا مدينتي‬ ‫تطوان وشفشاون الحتضانها ألكبر جالية مهاجرة من األندلس لدرجة‬ ‫أصبحت فيه مدينة تطوان متميزة من بين مدن المغرب بإجادة أهلها –‬ ‫رجاال ونساء‪-‬للموسيقى األندلسية كما يذكر مؤرخها محمد داود في كتابه‬ ‫تاريخ تطوان (المجلد الرابع‪ /‬ص‪.)407 :‬‬ ‫ويعتبر قدوم الفنان األصيل األستاذ محمد العربي التمسماني إلى‬ ‫مدينة تطوان من طنجة مسقط رأسه‪ ،‬خطوة مهمة في تجديد وانتعاش‬ ‫وتأصيل الموسيقى األندلسية بهذه المدينة‪ ،‬فقد عين مديرا للمعهد‬ ‫الموسيقي بتدخل من الزعيم عبد الخالق الطريس‪ ،‬فوجد فيه أعالما كبارا‬ ‫من األساتذة االسبانيين والمغاربة فوهب حياته للبحث عن التناغم وتطوير‬ ‫الفن الراقي فتولى رئاسة وتدريب جوق المعهد التطواني‪ ،‬حيث خطا به‬ ‫خطوات نحو اإلبداع‪ ،‬وكان يضم نخبة من أمهر الحفاظ والعازفين من أمثال‬ ‫الفنان عبد الصادق اشقارة وأحمد الشنتوف ومحمد حيون‪ ،‬والمختار امفرج‬ ‫وأحمد احرازم والعياشي الوراكلي وأحمد البردعي ومحمد بن عياد؛ وكلهم‬ ‫من أبناء مدينة شفشاون الذين انتقلوا إلى تطوان للعمل ضمن الجوق‬ ‫التطواني‪ .‬وشكل هؤالء جميعا النواة األساسية للجوق الذي مثل المغرب في‬ ‫عدة ملتقيات ومهرجانات دولية‪.‬‬ ‫والموسيقى األندلسية في نظره «تتكون‬ ‫من أربعة أغصان أساسية وهي‪ :‬حلة بهية‪،‬‬ ‫ورتبة علية‪ ،‬ونغمة ذكية‪ ،‬ونفوس رقاق‪.‬‬ ‫فالجوق يجب أن يكون في حلة بهية وال يمكن‬ ‫أن تعزف هذه الموسيقى في الشوارع‪ ،‬بل يجب‬ ‫أن تكون على مسرح مرتفع أما النغمة الذكية‬ ‫فال يمكن أن يؤديها أي جوق كيفما اتفق‪ ،‬بل‬ ‫يجب أن يكون مركبا على قواعد موسيقية‪،‬‬ ‫عالما بأصول ما يؤدي‪ ،‬أما الذي ينصتون إلى‬ ‫هذه الموسيقى فهم أصحاب النفوس الرقاق‬ ‫واألرواح الرهيفة‪ ».‬إضافة إلى أنه كان من‬ ‫فرسان آلة العود ينفرد بطريقة خاصة في‬ ‫التحكم في المضراب (السطعة) إذ كان يثني‬ ‫ويثلث أثناء النقر على األوتار‪ ،‬بل يستطيع‬ ‫العزف دون خضوع للحركة اإليقاعية‪ ،‬أي في‬ ‫الزمن المضاد‪ ،‬إذ يلون بين الفراغات‪ ،‬حتى‬ ‫تخاله في حالة شرود إيقاعية حتى تفاجأ بخلقه‬ ‫لجملة غير منتظرة‪ ،‬تعيد األمور إلى نصابها‪،‬‬ ‫وتجعل المتلقي في حالة انبهار قصوى‪ .‬لقد‬ ‫كان بحق فنانا موسيقيا مبدعا نذر حياته‬ ‫للبحث عن االنسجام بين األدوات الموسيقية‬ ‫والصوت والكلمات والجمل وبين القوافي‬ ‫واإليقاعات بلغت حدا من التناغم لم يعد معها شعور بالغربة‪ .‬ويعتبر أول من‬ ‫أدخل العنصر النسوي في الطرب األندلسي‪ ،‬كما قام بإدخال علم (الصولفيج)‬ ‫إلى حظيرة التراث األندلسي بعدما تبين له موافقة هذه الموسيقى ألصول‬ ‫هذا العلم وخضوعها لكل قواعده وخاصة الميازين‪ ،‬إضافة إلى قيامه‬ ‫بتصحيح عدد من األخطاء الموسيقية التي اعترت التراث األندلسي على‬ ‫مر العصور‪ ،‬ثم توحيده للصنعة األندلسية خاصة وأنه وجد اختالفا ملحوظا‬ ‫بين الصنعة التطوانية والصنعة الفاسية‪ ،‬واستعماله اآلالت الثابتة وبعض‬ ‫آالت النفخ الهوائية مثل (الكالرينيت) التي تتالءم وطبيعة الجمل الموسيقية‬ ‫للطرب األندلسي‪ ،‬كما أعطى مجموعة من النظريات الفنية القائمة على‬ ‫قواعد علمية دالة على إلهامه الواسع بألوان الموسيقى وموسيقى الشعوب‪.‬‬ ‫لقد خدم محمد العربي التمسماني الموسيقى األندلسية بعطاءاته‬ ‫ومجهوداته المتواصلة فأسدى بذلك خدمات جليلة لهذا التراث الفني في‬ ‫المغرب‪.‬‬ ‫أما مدينة شفشاون فقد نافستها في هذا المجال وزودتها بمجموعة من‬ ‫أبنائها الذين انتقلوا إليها لممارسة هوايتهم كما سبقت اإلشارة إلى ذلك‪.‬‬ ‫فقد احتلت الموسيقى األندلسية بها مركزا مرموقا ما زالت محافظة عليه‬ ‫إلى اليوم وذلك بفضل مجموعة من فنانيها الكبار أمثال الشريف امحمد بن‬ ‫األمين العلمي ومحمد برقرنة وعبد القادر السفياني وعبد القادر علوش‪،‬‬ ‫ومحمد الرحموني‪ ،‬ومحمد الورياشي وعبد الرحمن بن عياد‪ ،‬والعياشي‬ ‫الشلياح‪ ،‬ومحمد المريني وغيرهم‪ .‬وكانت الزاوية الشقورية بحومة السويقة‬ ‫ملتقى الهواة والرواد عشية كل جمعة‪ .‬كما كان للمرحوم األستاذ الهاشمي‬ ‫السفياني الدور الرائد في إحياء هذا التراث وتلقينه وسعيه إلى تأسيس‬ ‫معهد الموسيقى األندلسية بالمدينة‪ ،‬فتحققت رغبته باستجابة السلطات‬ ‫إلى وجود المعهد فتم تدشينه بتاريخ ‪1975 /11 /19‬م تحت إشراف عامل‬ ‫المدينة وأصبح أول مديريه‪ ،‬فضم مجموعة من التالميذ والتلميذات‪،‬‬ ‫أشرف على تكوينهم مجموعة من أساتذة الموسيقى في المدينة‪ ،‬كما كان‬ ‫يساعد بعضهم في الذهاب إلى مدينة تطوان لتدعيم رصيدهم المعرفي‬ ‫في تخصصهم من خالل دروس تكميلية على يد أساتذة عرفوا بكفاءتهم‬ ‫في هذا المجال‪ .‬واستمر في تهييئه لألجيال الموسيقية أسفر عن وجود‬ ‫مجموعة من األجواق بما فيهم جوق للنساء ترأسه الفنانة أرحوم البقالي‪.‬‬ ‫توفي رحمه اهلل سنة ‪1986‬م‪.‬‬ ‫كما اشتهرت مدينة شفشاون باحتضانها للمهرجان النسوي للموسيقى‬ ‫األندلسية تحضره األجواق الموسيقية من مختلف المدن المغربية‪ ،‬ويكون‬ ‫مناسبة لتأصيل جذور هذا اللون الموسيقي وربطه بالحاضر‪.‬‬ ‫تليهما مدينة فاس التي كان لها اليد الطولى في االهتمام بهذا الفن‬

‫وهو ما نلمسه إلى اليوم ‪ .‬ويذكر المرحوم الباحث محمد المنوني نقال عن‬ ‫مؤلف (أغاني السقا) إلبراهيم التادلي الرباطي المتوفى عام ‪1311‬هـ‪ .‬أنه‬ ‫كان من تقاليد الموسيقيين بفاس‪ ،‬أن أجواقهم كانت تحضر – بأجمعها –‬ ‫في عيد المولد النبوي الشريف بزاوية سيدي عبد القادر الفاسي عند الصباح‪،‬‬ ‫ويستعملون نوبة أندلسية كاملة‪ ،‬وبعد عصر كل جمعة يحضرون – لنفس‬ ‫الغاية – بمشهد ابن عباد‪ ،‬وكل يوم أربعاء في الضحى عند مشهد أبي‬ ‫غالب ويقتصرون في المواطن الثالثة على اإلنشاد دون آلة‪ ،‬مع استعمال‬ ‫التصفيق باأليدي لحفظ الميزان‪.‬‬ ‫ويرى الباحث عبد العزيز بن عبد الجليل أنه‪« :‬نستطيع أن ننعت مدرسة‬ ‫فاس بأنها أكثر تمسكا بالتقاليد الموسيقية األندلسية األصلية‪ .‬ولعل ذلك‬ ‫واضح في حفاظها على آلة الرباب التي أصبحت تحتل الصدارة من بين‬ ‫اآلالت التي ينتظمها الجوق األندلسي بفاس‪ ،‬وأصبح لها من المكانة ما‬ ‫كان للطر الذي يضبط الميزان على حين خسف دور الرباب في جوق تطوان‬ ‫وعوضه البيانو‪ ،‬وعلى حين استعاض جوق الرباط عنه بالعود‪ ،‬وإن يكن هو‬ ‫أيضا تبنى استعمال آلة البيانو وأحله مكانة تكاد تضاهي مكانة العود‪».‬‬ ‫إنها واحدة من رموز الحضارة في هذه المدينة‪ ،‬ومعلمة من معالم‬ ‫نبوغها الموغل في التاريخ والحضارة‪ .‬وكيف ال؟ ومنها انطلق مشروع الحايك‬ ‫في إحيائه لموسيقى اآللة‪ ،‬وملف الموسيقى األندلسية حافل بالعديد من‬ ‫األسماء‪ :‬نذكر منهم الحاج حدو بن جلون الفاسي‪ ،‬والشريف رشيد الجمل‬ ‫الفاسي والغالي الجمل الفاسي‪ ،‬ومحمد الصبان الفاسي‪ ،‬والمكي محروش‬ ‫ومحمد اإليراري الفاسي وعبد السالم البريهي‪ ،‬ومحمد الرايس ومحمد‬ ‫البريهي الذي لعب دورا بارزا في ترسيخ مكانة الموسيقى األندلسية‬ ‫والتعريف بها فأسس جوقا من خيرة الشباب‪ ،‬وسهر على تدريبهم حتى‬ ‫أتقنوا مادته فأجادوا فيما قدمه الجوق من مقطوعات لقيت نجاحا ومتعة عند‬ ‫جمهور المستمعين‪ ،‬وظل على رئاسة جوقه يتابع ويستخرج ما جد من أنغام‬ ‫طوال ممارسته وبحثه الدائم عن اكتشاف ما ظهر وما خفي من صنعته إلى‬ ‫أن رحل سنة ‪1945‬م‪ .‬فخلفه تلميذه الفنان عبد الكريم الرايس الذي تابع‬ ‫رسالة سلفه وحافظ على استمرار نهجها في التشبث بأصالة هذا التراث‪،‬‬

‫ووفاء منه لمعلمه أطلق اسمه على هذا الجوق (جوق البريهي) وظل متفانيا‬ ‫في تطويره والدفع به إلى أن وافته المنية سنة ‪1996‬م‪ .‬وأصدر كتاب (من‬ ‫وحي الرباب) سنة ‪ 1982‬جمع فيه الصنائع التي يعتمد عليها جوقه حتى‬ ‫يسهل تداولها بين عشاق هذا الفن والهواة والمعجبين به‪ .‬شارك المرحوم‬ ‫صحبة جوقه في العديد من الحفالت الموسيقية والمهرجانات والملتقيات‬ ‫الدولية‪ .‬وحظي بحفل تكريمي الذي نظمه لفائدته معهد العالم العربي‬ ‫بباريس والذي توج بإحياء حفلة أندلسية اهتزت لها أركان المعهد وأطربت‬ ‫أنغامها جماهير الحاضرين عربا وأجانب‪ .‬لقد جمع بين المعرفة والتطبيق‬ ‫فكان حافظا كبيرا للموسيقى األندلسية شعرها وكالمها‪ ،‬ألحانها وأنغامها‪،‬‬ ‫بارعا في العزف يتقن استعمال مختلف اآلالت وفي طليعتها (الرباب) الذي‬ ‫اشتهر به داخل الجوق‪ .‬كان إلى جانب المرحوم محمد العربي التمسماني‬ ‫والفنان أحمد الوكيلي من أقطاب الموسيقى األندلسية في العصر الحديث‪.‬‬ ‫وقد شكل هؤالء اتجاها موسيقيا معينا ونهجوا طريقة محددة المعالم ما زال‬ ‫إشعاعها قائما إلى اليوم‪ .‬وينتمي لمدرسة فاس كل من‪:‬‬ ‫مراكش ‪ :‬التي تم فيها تأسيس (دار السي سعيد) بإشراف السيد‬ ‫عبد السالم الخياطي‪ ،‬لتلقين الموسيقى األندلسية‪ .‬ومكناس‪ :‬كانت (دار‬ ‫الجامعي) التي كان يشرف على تسييرها محمد األمين دادي ثم خلفه على‬ ‫رأسها أحمد المدغري العلوي ثم (قبة الخياطين) – قاعة السفراء حاليا – ثم‬ ‫(دار الباشوات إلى اآلن) وكان يلقن فيها قواعد للموسيقى األندلسية‪.‬‬ ‫والرباط‪ :‬التي وإن تأخرت في منافسة بقية المدن التاريخية‪« ،‬فقد‬ ‫أخذت بحكم موقعها من فاس وتطوان‪ ،‬ثم كان ألبي إسحاق التادلي يد‬ ‫كبرى في تقريب هذه المدرسة من فاس»‪.‬‬ ‫فكانت هناك بادرة تأسيس جوق الطرب الغرناطي مع بداية االستقالل‬ ‫على يد المرحوم أحمد بناني بمساعدة الفنان أحمد بيرو بهدف ضمان‬ ‫استمرار التواصل الحضاري والتراثي بين المغرب واألندلس‪ ،‬وبعد وفاة‬ ‫أحمد بناني تحمل أحمد بيرو رئاسة الجمعية منتهجا نهج سلفه‪ .‬وفي عام‬ ‫‪1985‬م انضم جوق بيرو إلى جمعية هواة الموسيقى المغربية األندلسية‬ ‫بالرباط وشارك ضمنها في حصص الطرب الغرناطي‪.‬‬ ‫وهكذا تطورت الموسيقى األندلسية في الرباط تدريجيا إلى أن‬ ‫استقامت على الطريق الصحيح كما حدث في باقي المدن األخرى التي‬ ‫أصبحت فيها الموسيقى األندلسية جز ًء من تراثها الحضاري الموروث‬ ‫(تطوان‪ -‬فاس)‪ .‬فاقتحمت الميدان بدورها بعد ذلك على يد الفنان أحمد‬ ‫الوكيلي الذي قدم إليها من مدينة فاس بعد أن أخذ مبادءه الموسيقية بها‪.‬‬ ‫ثم انتقل إلى مدينة طنجة سنة ‪1937‬م فعمل مع جوق (إخوان الفن للهواة)‬

‫‪-‬‬

‫إعداد ‪:‬‬

‫ذ‪ .‬محمد القاضي‬

‫عازفا ومسيرا‪ ،‬بعد ذلك انتقل إلى مدينة تطوان التي لم يمكث بها كثيرا‪،‬‬ ‫فخرج من هذه المرحلة بتجربة مهمة سقلت مواهبه الموسيقية تجلت في‬ ‫رئاسته لجوق مدينة الرباط التي التحق بها سنة ‪1953‬م «حتى إذا انتقل‬ ‫إلى الرباط وعهد إليه برئاسة جوق اإلذاعة الوطنية انعكست على نشاطه‬ ‫الفني مظاهر التجديد الذي عرفته مدن الشمال المغربي‪».‬‬ ‫لقب أحمد الوكيلي بفقيه الطرب األندلسي لكونه شكل مدرسة‬ ‫أندلسية مغربية قائمة بذاتها‪ ،‬فكان مجددا ورائدا‪ ،‬اتسمت منهجيته‬ ‫«بالمزج بين الذهنية في توقدها العقلي والتلقائية الفنية في حسها الروحي‪.‬‬ ‫وبعيدا عن كل تقرير جمالي‪ ،‬يمكننا ربط منهجيته بشخصيته الحازمة‬ ‫وبذكائه المتوقد‪ ،‬وحضوره المهيمن‪ ،‬الذي يدل على اندماج كلي في العمل‪،‬‬ ‫هذا الحضور الذي ظل يغذيه تقديره لرسالته كفاعل في إحياء تراث جليل‪.‬‬ ‫وكممارس ميداني على جميع المستويات ومن ثم جاءت االنجازات الموثقة‬ ‫بإعداده ومشاركته العملية فريدة في طابعها متراصة في بنائها‪».‬‬ ‫بهذه المنهجية قاد جوق الرباط ليحتل بذلك المكانة الالئقة به‬ ‫إلى جانب أجواق تطوان وفاس‪ .‬لقد أعطى نفسا جديدا لموروث له رواده‬ ‫وعشاقه في هذه المدينة‪ ،‬بإدخاله «لمحاسن جوق تطوان في اعتماده‬ ‫على آلة البيانو وفي إدخاله لمجموعة من الفتيات المنشدات وهي مرحلة‬ ‫متقدمة على الجوق الفاسي المقتصر على المنشدين الرجال‪».‬‬ ‫أما مدينة آسفي (جنوب المغرب) فكانت تتوفر على معهد للموسيقى‬ ‫األندلسية كان من أشهر أساتذته الفنان محمد بجدوب‪ ،‬ثم كمسؤول عنه‬ ‫بعد ذلك‪ .‬كما كان بها جوق للطرب األندلسي برئاسة الفنان عبد الرحمن‬ ‫بلهواري الذي يقول عنه الفنان بجدوب «لقد حول بيته إلى مركز إشعاعي‬ ‫لعشاق الطرب األندلسي وقدم من أجل ذلك بسخاء‪ ...‬وزار بيته عدد من‬ ‫عمالقة هذا الفن أذكر منهم الفنان محمد العربي التمسماني‪ ،‬والغالي‬ ‫الشرايبي‪ ،‬وادريس بنجلون وغيرهم‪.‬‬ ‫لقد كان من أوائل الذين وضعوا اللبنات األساسية في تشييد تاريخ‬ ‫الطرب األندلسي بمدينة آسفي‪ ،‬إضافة إلى فنانين آخرين كأحمد لقليعي‪،‬‬ ‫وأحمد الرقاع وعبد الوهاب السعيد‪ ،‬وعبد القادر‬ ‫شيبوب وعبد الرحمن الوزاني وغيرهم ممن‬ ‫ساهموا في بناء صرح الموسيقى األندلسية‬ ‫بالمدينة‪.‬‬ ‫وكان هناك كذلك جوق أندلسي لليهود‬ ‫برئاسة الفنان أسعدية كوهن ألن المدينة‬ ‫كانت تضم جالية يهودية كبيرة – والتي ينحدر‬ ‫معظمهم من األندلس – وقد تتلمذ هذا الفنان‬ ‫بمدينة فاس على الفقيه المطيري الذي أخذ عنه‬ ‫أصول اللغة العربية وفن اآللة األندلسية ‪.‬‬ ‫ويرى الباحث محمد الحداوي في دراسة له‬ ‫عن (بصمات اليهود المغاربة في التراث الموسيقي‬ ‫الغرناطي) أن عددا كبيرا من اليهود لهم باع في‬ ‫هذا الفن الذي كان وال يزال ملتقى المجتمعات‬ ‫اإلسالمية واليهودية في المغرب العربي‪ .‬ويكفي‬ ‫أن نعلم بأنهم ال زالوا إلى اآلن في بالد المهجر‬ ‫بنصوصهم الدينية وفق قواعد وطبوع الموسيقى‬ ‫األندلسية الغرناطية‪ ...‬وقد صدر أخيرا كتابا‬ ‫عن اآللة الموسيقية األندلسية المغربية باللغة‬ ‫العبرية‪ ،‬عن وزارة الثقافة‪ ،‬بتنسيق مع خلية التراث‬ ‫اليهودي المغربي وجمعية هواة الطرب األندلسي‬ ‫والغرناطي في المهجر يتقدمهم الفنان العازف‬ ‫على آلة الرباب (الربي مايير عطية الرباطي المحتد)‬ ‫واألستاذ سامي المغربي وهو ما يقابل كتاب (الحايك) بالعربية‪ .‬وهذا‬ ‫المصنف هو مجموعة من القصائد الشعرية والتواشيح واألزجال والبراويل‬ ‫جمعتها وحققتها ونسقتها مجموعة من الفنانين واألدباء والشعراء اليهود‬ ‫المنضوين في هذه الجمعية وأصدروها في مجلدين ضخمين وبطباعة‬ ‫فاخرة وتجليد أنيق‪.‬‬ ‫وفي مدينة وجدة (شرق المغرب) حيث يطلق على هذا التراث الفني‬ ‫(الطرب الغرناطي) وقد تسرب إليها من مدينة تلمسان الجزائرية وله أصوله‬ ‫وطبوعه وإيقاعاته‪ ،‬كما وصل مدينة الرباط ولكن بشكل باهت‪.‬‬ ‫ويرى األستاذ الباحث في األندلسيات الدكتور محمد بن شريفة عن‬ ‫هذا الطرب في عاصمة المغرب الشرقي‪« :‬أن ثمة من القرائن ما يجعلنا‬ ‫نتصور وجود تقليد موسيقي قديم بها‪ ،‬والسيما في هذا اللون الغالب عليها‬ ‫اآلن‪ ،‬وأول هذه القرائن تلك األبيات التي تتميم إحصاء طبوع الموسيقى‬ ‫األندلسية في عصر السعديين‪ ،‬والتي نظمها محمد بن علي الوجدي‬ ‫المعروف «بالغماد» (توفي ‪1033‬هـ) وهو من أعالم وجدة في ذلك العصر‪،‬‬ ‫ومما يلفت النظر أن الطبوع التي استدركها هي من المتداول اليوم في‬ ‫مدرسة الطرب الغرناطي‪ ..‬باإلضافة إلى ما قد يكون بينها وبين تلمسان‬ ‫من تنافس في هذا المجال»‪.‬‬ ‫ويرجع تاريخ تأسيس أول «جمعية أندلسية للطرب الغرناطي» بهذه‬ ‫المدينة إلى سنة ‪1921‬م‪ ،‬والتي ساهمت مساهمة فعالة في تكوين أجيال‬ ‫متتالية من الفنانين المهتمين بهذا الفن‪ ،‬كما شاركت في العديد من‬ ‫المؤتمرات والتظاهرات الفنية داخل المغرب وخارجه (باريس سنة ‪)1930‬‬ ‫(فاس ‪1939‬م)و (تلمسان ‪1974‬م) كما تأسست جمعية أخرى تحمل اسم‬ ‫(جمعية النسيم للطرب الغرناطي) سنة ‪1979‬م ثم جوق المرحوم الشيخ‬ ‫صالح للطرب األندلسي الغرناطي الذي تأسس سنة ‪1985‬م‪ .‬وقد تمكنت‬ ‫من أن تحتل مكانة رفيعة في المجال الموسيقي المحلي‪.‬‬ ‫ومهما يكن من اختالف في الشكل فإن المضمون واحد‪ ،‬وأن هذا التراث‬ ‫هو تراث أندلسي مغربي مشترك‪ ،‬وهذا ما حمل وزارة الثقافة على االعتناء‬ ‫به‪ ،‬وتأسيس مركز للدراسات واألبحاث الغرناطية بمدينة وجدة للقيام بجمع‬ ‫شتاته وتوثيقه وتدوينه ونشره على أوسع نطاق باعتباره معرفة تراثية تمثل‬ ‫جزء من الذاكرة الجماعية لألمة‪ .‬وفي هذا الصدد قام المركز بعقد ندوات‬ ‫وحلقات دراسية لتوثيق وتدوين هذا التراث‪ ،‬وتنظيم مهرجانات للتعريف به‪.‬‬ ‫إنه من البديهي الحفاظ على هذه الموسيقى وما تحتوي عليه من‬ ‫فنون القول والنغم وضروب اللحن كما حافظ عليه السلف في الماضي‪.‬‬

‫(انتهى)‬


‫العدد ‪981‬‬

‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫الدكتور السعيد بنفرحي‪ ،‬الباحث في األدب المغربي‪:‬‬ ‫“لو كان كل خريج جامعة يقرأ ويتابع ما يصدر الغتنى مؤلفونا”‬ ‫‪-‬‬

‫حاوره في الدار البيضاء‪ :‬عبد اهلل بديع‬

‫أثرى الدكتور السعيد بنفرحي‪ ،‬الباحث المتخصص في األدب المغربي‪ ،‬الخزانة المغربية‪ ،‬خالل أزيد من عقدين‪ ،‬برصيد علمي يفوق العشرين كتابا بين تأليف وجمع وتنسيق وتحقيق‬ ‫حول الشعر واألدب الشعبي والرحلة والبيبليوغرافيا وغيرها من الفنون واألجناس‪..‬‬ ‫واستطاع الباحث المتخصص في األدب المغربي‪ ،‬في هذه األعمال والمؤلفات كلها‪ ،‬أن يولي االهتمام والعناية بشخصيات وأعالم قدمت الكثير من العطاء والجهود لفائدة هذا األدب‬ ‫وبصمت على حضور واضح في الحقل األدبي بالمغرب‪ ،‬وأن يميط اللثام ويكشف الستار عن قضايا وظواهر ثقافية وأدبية طريفة‪.‬‬ ‫السعيد بنفرحي‪ ،‬خالل لقاء أجريناه معه في إطار فعاليات الدورة الـ‪ 25‬للمعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء التي أسدلت ستارها منذ أيام‪ ،‬قدّم نظرات نقدية فاحصة وآراء‬ ‫صريحة في عدد من القضايا والموضوعات‪.‬‬ ‫كيف ترى وضعية القراءة والكتاب في المغرب؟‬ ‫إن فكرة تدني القراءة في العالم العربي عامة‪ ،‬والمغرب خاصة‪ ،‬يروّج لها‬ ‫باألساس الناشر؛ فهو الذي يزعم في كل وقت وحين بكساد سوق الكتاب وأن ال أحد‬ ‫يقرأ‪ ،‬وأن الكتاب بضاعة مفلسة ال تدر ربحا بل إنها ال تغطي حتى تكلفة ما ينشر‪ .‬إن‬ ‫الناشر دائم التشكي والبكاء‪ ،‬ويدخل في هذه الفئة حتى الناشر الذي تدعمه الوزارة‬ ‫الوصية على القطاع الثقافي‪ .‬ومن المفارقات أننا لم نسمع بناشر أفلس وأغلق؛ بل‬ ‫على العكس من ذلك نجده توسع وطور مهنته‪ ،‬وجدد آليات الطباعة‪ ،‬وازداد وضعه‬ ‫تحسنا‪ .‬في المقابل‪ ،‬نجد الكاتب قد أحجم عن إصدار كتاب آخر‪ ،‬ال سيما أن هناك‬ ‫العديد من الباحثين والمبدعين يفضّلون نشر أعمالهم على نفقتهم الخاصة على‬ ‫تقديمها إلى الناشر‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬إننا‪ ،‬أقصد المتعلمين بكل مستوياتهم‪ ،‬لم نتعود على القراءة؛‬ ‫فلو كان كل خريج جامعة يقرأ ويتابع ما يصدر الغتنى مؤلفونا بمختلف شرائحهم‬ ‫واختصاصاتهم‪ ،‬والقتدى األطفال بأولياء أمورهم المتعلمين ونشطت سوق القراءة؛‬ ‫ولكن بما أن فئة محدودة جدا هي التي تقرأ الكتب وتواكب اإلصدارات الجديدة‬ ‫فطبيعي أن يكون حالنا على ما هو عليه‪.‬‬ ‫هل لقي بنفرحي الصدى لصوته في الساحة الثقافية واألدبية بالمغرب‬ ‫الحديث؟‬ ‫على الرغم من أن قارئي محدود‪ ،‬ألنني أتوجه في الغالب بأعمالي إلى‬ ‫المتخصصين‪ ،‬فلقد وجدتْ هذه األعمال صدى لها يتبدى أحسن تبد في وجود‬ ‫إحاالت إليها في مجموعة من األطاريح والدراسات والكتابات النقدية؛ أذكر منها‬ ‫على سبيل المثال أعمال أحمد زيادي‪ ،‬وأحمد زنيبر‪ ،‬ومحمد رحو‪ ،‬ويوسف ناوري‪،‬‬ ‫وجمال بنسليمان‪ ،‬ومحمد البوري‪ ،‬ومحمد احميدة‪ ،‬ومنير البصكري‪ ،‬وعبد اهلل‬ ‫بنصر العلوي‪ ،‬وإبراهيم بورشاشن‪ ،‬ومحمد الطوبي‪ ،‬وجميل حمداوي‪ ،‬والمختار‬ ‫ولد أباه‪ ،‬وعبد العزيز البابطين‪ ..،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫كما أن بعض مؤلفاتي‪ ،‬وأمثل هنا ببيبليوغرافيا مقدمات األدب المغربي‬ ‫المدرسي والشعبي ‪ ،2003 /1929‬كان له تأثير جلي بعد إصداره؛ ألنه دفع‬ ‫مجموعة من الباحثين إلى االهتمام بمقدمات مجموعة من الكتّاب الذين‬ ‫ذكرتهم في كتابي‪ .‬فيكفي المطلع المنصف أن ينظر في اإلصدارات التي تلت‬ ‫خروجه إلى دائرة التلقي ليدرك أنه حرّك ماء كان راكدا‪ .‬وعلى العموم‪ ،‬ما زلنا‬ ‫لم ندرك ما نصبو إليه‪.‬‬ ‫كيف جاء التفكير في إنجاز كتاب مستقل في موضوع «بيبليوغرافيا‬ ‫مقدمات األدب المغربي المدرسي والشعبي (‪1929‬ـ ‪»)2003‬؟‬ ‫تولدت فكرة كتابة بيبليوغرافيا مقدمات األدب المغربي المدرسي‬ ‫والشعبي ‪ -2003 1929‬من انتباهي إلى الخصاص الذي يعانيه المجال‬ ‫البيبليوغرافي في مقدمات المؤلفات المغربية عامة‪ ،‬واإلبداعية خاصة‪ .‬ومن‬ ‫مالحظتي اهتمام باحثينا بالكتابة عن مقدمات النص الروائي المشرقي‪،‬‬ ‫والمقدمة في التأليف النقدي القديم‪ ،‬ومقدمات كتب التراث اإلسالمي‪ .‬عالوة‬ ‫على إقامة ندوتين األولى بأكادير والثانية ببني مالل اهتم فيها الباحثون‬ ‫بخطاب المقدمات في طبعته الغربية دون االلتفات إلى ما تتضمنه كتب‬ ‫مبدعينا من تقديمات‪.‬‬ ‫حينها‪ ،‬شرعتُ في تصفح الكتاب تلو اآلخر ورصد ما به من مقدمة ألوفر‬ ‫على باحثينا الجهد والوقت ليستثمروهما في الدراسة والتحليل لهذا المتن؛‬ ‫لكن المالحظ أن الكثيرين استفادوا من هذه البيبليوغرافيا وكتبوا أبحاثا دون‬ ‫اإلحالة إليها أو ذكرها في مصادر عملهم‪ .‬وهذه مصيبة من مصائب األدب‬ ‫المغربي‪ .‬فنحن‪ ،‬لألسف‪ ،‬نعزف عن اإلحالة إلى بعضنا‪ ،‬ولكن المؤرخ مدرك‬ ‫لتأثير السابق في الالحق‪.‬‬ ‫فما األسباب الكامنة خلف هذه المسألة في نظرك؟ وما انعكاساتها‬ ‫السلبية؟‬ ‫بالفعل‪ ،‬المتتبع للمؤلفات المغربية يسجل هذه الظاهرة الغريبة على البحث‬ ‫العلمي الجاد‪ ،‬والتي لألسف نجدها عند بعض باحثينا‪ ،‬سامحهم اهلل؛ فالعديد منهم‬ ‫ال يكلف نفسه االطالع على ما سبق أن ألف في موضوع بحثه من لدن زمالء مغاربة‬ ‫له في الميدان‪ .‬وأغلب هؤالء يحبذ أن يحيل إلى المشارقة أو الغربيين وال يحيل‬ ‫إلى ما كتبه زميله الذي يباع عمله قرب بيته أو ربما أهداه له‪ .‬ولقد مثلت لذلك‬ ‫بأعالم كبار في كلمتي عن األستاذ زمامة‪ .‬وربما يعود هذا إلى كون المعاصرة حجاب‬ ‫والمعاصرة تفقد المناصرة‪ ،‬وإلى كون بعض باحثينا ما زالوا يؤمنون بأن مغني الحي‬ ‫ال يطرب‪ .‬ولعل أهم سلبيات هذا السلوك غير العلمي فقدان العمل لصفة العلمية‪،‬‬ ‫وسقوطه في أحيان غير قليلة في تكرار ما سلف قوله وإنجازه‪.‬‬ ‫إن المتتبع ألعمالك ومؤلفاتك يلمس قدرة عالية على طرق موضوعات‬ ‫طريفة‪ ،‬وفق ما سجل بعض الباحثين‪ .‬فكيف نبع لديك التفكير من أجل السير‬ ‫في هذا المنحى؟‬ ‫إن جل من كتبوا كلمات تقديم ألعمالي أو من قرؤوها أو كتبوا عنها فطنوا‬ ‫إلى شغفي بالموضوعات المسكوت عنها‪ ،‬الموضوعات المغفلة من قبل الدارسين‬ ‫والباحثين والطريفة في اآلن نفسه‪ .‬وال شك في أن هذا الشغف يعود أوال إلى رغبتي‬ ‫في أن تكون لي بصمتي الخاصة في تاريخ األدب العربي عامة والمغربي خاصة‪،‬‬ ‫وثانيا إلى حبي للطرافة والجدة والموضوعات البكر غير المطروقة والمقتولة بحثا‬ ‫ودراسة‪.‬‬ ‫يقول عبد اهلل كنون في كتابه «أمراؤنا الشعراء»‪« :‬يعجبني الموضوع ولو‬ ‫كان تافها إذا كان طريفا لم يعرض بعد في السوق‪ ،‬وال أكره إليّ من الموضوع‬ ‫المبتذل أقرأه‪ ،‬فأحرى أنشئه‪ .‬ولهذا‪ ،‬فإني أفضّل الكتابة القليلة مع الطرافة على‬ ‫الكتابة الكثيرة والمبتذلة»‪ .‬فهل يقتفي بنفرحي في أعماله وتآليفه نهج األستاذ‬ ‫كنون ويسعى إلى النسج على منواله في هذا الباب؟‬ ‫ما قاله المرحوم سيدي عبد اهلل كنون يجد صداه في شغاف قلبي وعقلي‪.‬‬ ‫وأحسبني على نهجه ونهج المرحوم سيدي محمد المنوني أنسج‪ .‬ربما يوجد شيء‬ ‫باطني يجمعني بهما؛ فإذا كنت ألتقي مع سيدي عبد اهلل كنون في الطرافة والجدة‬ ‫فإن ما يجمعني بالعالمة سيدي محمد المنوني رحمة اهلل عليهما هو إدراكه منذ‬ ‫بداية حياته العلمية أن التاريخ عامة‪ ،‬واألدبي خاصة‪ ،‬ال يكتب باألفكار واألحكام‬ ‫المسبقة‪ ،‬وإنما يبنى لبنة لبنة اعتمادا على الوثائق والنصوص المحققة‪ .‬لهذا‪،‬‬ ‫أجدني أجمع وأرتب وأصنف كل ما يحفظ لنا صورة ولو مصغرة وباهتة عن حياة‬ ‫ومضن ال يسبر‬ ‫أدبائنا وشعرائنا وباحثينا وتراثنا بصفة عامة؛ وهو لعمري عمل شاق‬ ‫ٍ‬ ‫غور مشقته وعذابه إال من ذاق مرارته واكتوى بناره‪ ،‬وهؤالء قلة معدودة‪ ،‬أعانهم اهلل‬ ‫ووفقهم لحفظ تراثنا وصونه من الضياع‪.‬‬

‫في إطار االهتمام الذي توليه لرجال الفكر واألدب في المغرب الحديث‪،‬‬ ‫أصدرت كتابا جامعا عن العالمة عبد اهلل كنون‪ ..‬ألم يفتح لك هذا العمل الباب من‬ ‫أجل االنكباب على إنجاز بيبليوغرافيا شاملة لكل ما أنجز عن هذا العَ​َلم؟‬ ‫أتمنى أن يمد اهلل في العمر ألنجز بيبليوغرافيا عن ما أنجزه وما أنجز عنه‪ ،‬على‬ ‫غرار البيبليوغرافيا التي أنجزها الدكتور صالح جواد الطعمة عن الفقيد عبد الكريم‬ ‫غالب‪.‬‬ ‫أال ترى أن هذا الفن ما زال في حاجة إلى مزيد من الجهد؟‬ ‫العمل البيبليوغرافي هو األساس في كل بحث علمي جاد‪ ،‬إذ ال يمكن القيام‬ ‫ببحث مبتكر دون االطالع على ما سبق إنجازه؛ فالبحث العلمي المبتكر هو‪ ،‬في‬ ‫الحقيقة كما علمنا أستاذنا أمجد الطرابلسي رحمة اهلل عليه‪ ،‬الذي ال يتجاهل صاحبه‬ ‫شيئا مما كتب قبله في موضوعه‪.‬‬ ‫كيف تقيّم الحصيلة التي راكمها المغاربة في هذا الفن؟‬ ‫إن المجهودات المبذولة من لدن باحثينا األفاضل مصطفى يعلى ومحمد‬ ‫يحيى قاسمي وحسن الوزاني وحسن الوراكلي وعبد الرحمان طنكول والحسين زروق‬ ‫ومصطفى الرمضاني وعبد الرحيم العالم ومحمد أديب السالوي ومصطفى بغداد‬ ‫وأحمد المسيح والمهدي الودغيري وحسن الصادقي والعربي بنجلون وعبد الواحد‬ ‫المرابط وجميل حمداوي ومحمد بختياري ويحيى يوسفي‪....‬وغيرهم هي أعمال قيمة‬ ‫ورصينة؛ ولكنها تبقى أعماال فردية‪ .‬إن البيبليوغرافيا هي عمل مؤسسات لكي تكون‬

‫دقيقة وشاملة‪ ،‬ال سيما أن ما يصدر في المغرب من أعمال ال يوزع في كل جهات‬ ‫المغرب‪ ،‬وال يعلن إال عن جزء يسير منه في المواقع الثقافية الورقية واإللكترونية؛ بل‬ ‫إن بعضه ال تجده حتى في المكتبة الوطنية فكيف لباحث‪ ،‬مهما كانت قدراته‪ ،‬أن‬ ‫يقوم ببليوغرافيا شاملة ودقيقة في ظل هذه المعيقات؟‬ ‫لهذا‪ ،‬كنا سجلنا بعض الهنات البسيطة على أستاذنا محمد قاسمي؛ منها اعتبار‬ ‫ديوان تشمعات لمصطفى بوحالسة ديوانا عربيا وهو ديوان أمازيغي‪ .‬والحظنا على‬ ‫أستاذنا حسن الوزاني في بحثه القيم الذي أعده لنيل شهادة إعالمي متخصص‬ ‫ثغرات صغيرة في جهده الكبير؛ نذكر منها اعتبار مؤلف العالمة عبد اهلل كنون أشذاء‬ ‫وأنداء ديوانا شعريا‪.‬‬ ‫ومع كل المالحظات التي سجلناها أو التي الحظها الدكتور محمد رحو في كتابه‬ ‫القيم الموسوم ببيبليوغرافيا األدب المغربي الحديث‪ ،‬مقاربات ورؤى تبقى جهود‬ ‫بيليوغرافيينا عموما مفيدة جدا وال غنى عنها للباحثين‪ .‬ولقد تنبه الدكتور محمد‬ ‫قاسمي‪ ،‬أمده اهلل بالصحة والعافية وأعانه‪ ،‬إلى فتح وحدة لتدريس البيبليوغرافيا‬ ‫بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بوجدة وإصدار مجلة متخصصة في هذا المجال‪،‬‬ ‫عالوة على اإلشراف على رسائل وأطاريح تهتم بالبيبليوغرافيا تنظيرا وتطبيقا ونقدا‪.‬‬ ‫يسجل المتتبع للحركة األدبية بالمغرب في العصر الحديث أن هناك شخصيات‬ ‫وأعالما نالت نصيبا وفيرا من االهتمام والدرس في الوقت الذي ظلت فيه عديد‬ ‫من األسماء البارزة والشخصيات العلمية األخرى المعاصرة لها التي قدمت بدورها‬ ‫عطاء ثرا وغزيرا للحقل العلمي في المغرب منسية في زوايا اإلهمال‪ ..‬فما مرد هذه‬ ‫الوضعية غير الصحية في نظرك؟‬ ‫التركيز على أعالم دون أخرى هو أكيد وضع غير صحي‪ .‬وأعتقد أن على‬ ‫المهتمين تسليط األضواء على الشخصيات المنسية واالهتمام بها‪ ،‬وخاصة تلك‬ ‫التي قدمت عطاء ثرا في الحقلين األدبي والعلمي؛ فشخصية مثل العالمة عبد القادر‬ ‫زمامة شخصية وازنة ربت أجياال متعاقبة وصنعت رجاال وتركت ذخائر ممتعة ومفيدة‪.‬‬ ‫شخصية ال يمكن تجاوزها أو القفز عنها‪ ،‬ألنها أعطت الكثير وفي مجاالت متعددة؛‬ ‫التراث األندلسي والمغربي والشعبي والمدرسي واللغوي‪ ...‬فكيف ال نسلط األضواء‬ ‫على رجاالت المغرب األفذاذ‪ ،‬رجاالت المغرب المتميزين علما وأدبا وخلقا؟ إن المطلع‬ ‫على تراثنا الحديث وليس القديم يسجل أن عمال ضخما ما زال ينتظرنا؛ فشخصيات‬ ‫عديدة ما زلنا نجهل عنها الكثير‪.‬‬ ‫أال ترى أن لهذه المسألة انعكاسات سلبية على الميدان األدبي والعلمي في‬ ‫بالدنا؟‬ ‫أظن أننا لن نستطيع كتابة كتب جامعة تقرب أدبنا وفكرنا للقارئ العادي وحتى‬

‫الدارس المهتم إال بعد نشر كل الرصيد الغني والثري الذي ما زال قابعا في رفوف‬ ‫الخزانات الشخصية والعمومية‪.‬‬ ‫وإن في النية إنجاز شيء من هذا‪ ،‬بل إني آمل أن يتسنى لي وضع كتاب على‬ ‫سيدي عبد القادر زمامة‪ ،‬خاصة أن مادته عندي متوافرة‪ .‬وأظن أن على باحثينا‬ ‫وطالبنا في الدكتوراه التشمير على ساعد الجد إلخراج هذه النفائس إلى ساحة‬ ‫التلقي‪ .‬والعمل األخير للدكتورة أسماء الريسوني‪ ،‬شفاها اهلل‪ ،‬الموسوم بالتراث‬ ‫األدبي واللغوي لمحمد بنتاويت التطواني‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية نموذج في هذا‬ ‫الشأن؛ فاألستاذة جمعت تراث ابن تاويت التطواني األدبي واللغوي في غالبه‪ ،‬كما‬ ‫قامت بتحليله ونقده‪ .‬وهي في ذلك مشكورة ألنها أنقدت أعماال قلما تصلها يد‬ ‫الباحث أو تصافحها عين القارئ‪.‬‬ ‫ما الخطوة التي ترونها مالئمة وصالحة وكفيلة بإخراج هذه الدفائن واألعمال‬ ‫إلى نور الوجود وتمكين المهتمين منها؟‬ ‫إن العديد من األطاريح والرسائل التي أنجزت منذ السبعينيات‪ ،‬وفي مختلف‬ ‫الميادين الطبية والفالحية والعلمية والتاريخية والجغرافية واألدبية‪ ...‬ما زالت‬ ‫تقبع في رفوف مكتبات أصحابها أو رفوف المكتبات الجامعية مرقونة تحتضر؛ بل‬ ‫إن بعضها حظي بالتوصية بالطبع ومع ذلك ظل نسيا منسيا‪ .‬وحتى ال تصبح هذه‬ ‫الرسائل واألطاريح بدورها تراثا مخطوطا نندب حظه على الجامعات تكوين لجان‬ ‫علمية محايدة لطبع ما تراه صالحا ومفيدا‪ .‬وعلى الجهات أن تساهم في طبع ما‬ ‫يفيدها ويخصها‪ .‬كما على وزارة الثقافة أن تتكفل باألطاريح التي تهم‬ ‫القضايا الوطنية‪ .‬وعلى المندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير المزيد‬ ‫من االنخراط في طبع ما يتعلق بالمقاومة ورجالها‪ .‬وأعتقد أن هذه األخيرة‬ ‫نشرت العديد من األعمال التي تهم المقاومة‪ .‬فحبذا لو أن كل وزارة تتبنى نشر‬ ‫األطاريح الجادة والمفيدة التي تدخل في إطار اهتمامها‪ .‬وهكذا‪ ،‬يمكننا أن ننقذ‬ ‫مجهودات باحثينا من الضياع ونستفيد من عصارة أفكارهم‪.‬‬ ‫األستاذ بنفرحي‪ ،‬فهل يمكن القول إن العقدة تجاه األدب الشعبي في‬ ‫الساحة الثقافية بالمغرب‪ ،‬قد تالشت؟‬ ‫العقدة التي كانت موجودة اتجاه األدب الشعبي في الساحة الثقافة‬ ‫بالمغرب فعال تالشت‪ ،‬بداللة احتضان كليات متعددة نذكر منها عين الشق‬ ‫والقنيطرة والجديدة‪ ،‬والكلية متعددة التخصصات بآسفي للتراث الشعبي‪ ،‬وفتح‬ ‫وحدات يشرف عليها أساتذة متخصصون‪ .‬ويلتحق بهذه الوحدات طلبة؛ منهم‬ ‫من يبحث في التراث الشعبي الحساني‪ ،‬ومنهم من يبحث في التراث الشعبي‬ ‫األمازيغي‪ ،‬ومنهم ومن يبحث في التراث الشعبي المغربي اليهودي‪ ...‬وبداللة‬ ‫نشر أكاديمية المملكة لمؤلفات تهتم بهذا األدب كموسوعة الملحون بأجزائها‬ ‫العشرة‪ ،‬وموسوعة األمثال المغربية‪ ...‬وغيرها‪ .‬ونشر العديد من كتب األمثال‬ ‫في األلفية الثالثة‪ ...‬أما فيما يخص أعمالي فلقد حظيت بإقبال مهم والحمد هلل‪،‬‬ ‫ألنها تدخل في إطار اهتمامات هذه الوحدات‪.‬‬ ‫تنحدر من مراكش التي أعطت‪ ،‬على امتداد العصور واألزمان‪ ،‬العديد من‬ ‫األعالم الرجال والنساء في الفكر واألدب المغربيين؛ غير أنك اخترت اإلقامة‬ ‫واالستقرار في المحمدية‪ ،‬غير بعيد عن الدار البيضاء‪ ..‬فما الفروق التي تراها‬ ‫قائمة بين مدينة الحمراء ومدينة الزهور‪ ،‬سواء على المستوى اإلنساني أم على‬ ‫المستوى المهني ‪ /‬العلمي؟‬ ‫مراكش مكان الوالدة والنشأة والتعلم‪ ،‬والمحمدية مكان العمل‬ ‫والسكنى‪ .‬مراكش مسقط القلب والرأس والمحمدية مسقط القلب‪ .‬مراكش‬ ‫العتاقة واألصالة والمحمدية التحديث‪ ..‬لكل واحدة مكانتها الخاصة في قلبي‪.‬‬ ‫كتبت عن المحمدية كتابين‪ :‬األول يحمل عنوان من نشطاء المحمدية‬ ‫هيأة التعليم األساسي والثانوي – تراجم ترجمت فيه لستين علما‪ .‬قدم له ابن‬ ‫المحمدية البار الدكتور حسن بحراوي‪ ،‬والثاني وسمته بمن نشطاء المحمدية‬ ‫قراءات عروض تقديمات‪ ،‬فكرة وإعداد ودبج له األستاذ عبد المجيد االنتصار‬ ‫كلمة تقديم‪ ..‬وما زالت لدي أعمال ستصدر بحول اهلل مستقبال عن هذه المدينة‬ ‫الطيب أهلها الجميل عطاؤها‪.‬‬ ‫أما مراكش فكتبت عنها عددا من األعمال أخص بالذكر عملين أولهما‪ :‬األلواح‬ ‫السبعة في األمثال السائرة في مدينة الرجال السبعة الذي نشر في سبع حلقات‬ ‫بجريدة الكواليس الجزائرية والتي يديرها فضيلة األستاذ مصطفى غازي‪ .‬وثانيهما‬ ‫الكتاب الصادر مؤخرا والموسوم بمراكش معالم وأعالم في الزجل والملحون والذي‬ ‫ضمنته أزيد من ثمانين نصا توثق وتؤرخ وتعرف بتطور المدينة العمراني والثقافي‬ ‫والرياضي والحضاري والسياحي‪ ...‬وقدّم له الشاعر الدكتور سيدي أحمد بلحاج‬ ‫أية وارهام‪ ،‬شفاه اهلل ومتعه بالصحة والعافية‪ .‬وما زال في الجعبة الكثير عن هذه‬ ‫الساكنة شغاف القلب‪.‬‬ ‫أال تفكر في االنخراط‪ ،‬من جديد‪ ،‬في مضمار تحقيق النصوص الذي ما زال في‬ ‫حاجة إلى مزيد من الجهود؟‬ ‫التحقيق وإعداد النصوص وإصدارها يدخل في صميم اهتماماتي‪ ،‬إيمانا مني‬ ‫بقولة شيخ الباحثين شوقي ضيف‪ ،‬رحمة اهلل عليه‪ ،‬التي استهللت بها كتابي «جهود‬ ‫األستاذ عباس الجراري في تحقيق النصوص»‪« :‬وال ريب في أن نشر النصوص‬ ‫ودراستها أول خطوة ينبغي أن يبدأ بها من يتحدثون عن أدب أمة من األمم»‪.‬‬ ‫أوليت في أعمالك المنشورة اهتماما الفتا بالشعر المغربي‪ ،‬واستطعت أن‬ ‫تخرج الكثير من النصوص الدفينة وتنقذها من الضياع والنسيان‪ ..‬فهل يفكر‬ ‫بنفرحي في تقديم أعمال جديدة في هذا الجنس األدبي؟‬ ‫نعم‪ ،‬لدي أعمال مهمة تحتاج مراجعة ورقن لتكون جاهزة للنشر‪ .‬ربما‪ ،‬إذا أطال‬ ‫اهلل العمر‪ ،‬تصدر السنة المقبلة‪.‬‬ ‫في ختام هذا اللقاء‪ ،‬ألتمس منك تعليقات موجزة على األسماء الخمسة اآلتية‪:‬‬ ‫محمد بنشريفة‪ :‬اّ‬ ‫علمة وعلاَ مة في وعلى األدب األندلسي والشعبي األمثال‬ ‫خصوصا‪.‬‬ ‫عبد القادر زمامة‪ :‬عالم بحاثة لم ينل حظه من االهتمام‪.‬‬ ‫أحمد شوقي بنبين‪ :‬عالمة مختص في المكتبة وكل ما يتعلق بها من‬ ‫كوديكولوجياوبيوغرافياوبيبليوغرافياوتحقيقالمخطوطات‪.‬‬ ‫عبد الصمد العشاب‪ :‬بحاثة جليل كانت لي معه مراسالت‪.‬‬ ‫أحمد متفكر‪ :‬ذاكرة مراكش واألمين على دواوين شعرائها والمعرف برجالها‬ ‫وأعمالهم‪.‬‬


‫العدد ‪981‬‬

‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫رحلة إلى خير جليس‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫سيرة األرجوان‬

‫هذه إضمام ٌة من النصوص‪ ،‬موسوم ٌة بعنوان‪( :‬سيرة األرجوان)‪،‬‬ ‫آثرت نشرَها في صحيفة (الشمال) الغراء‪ ،‬قبل إذاعتها في كتاب مطبوع‪،‬‬ ‫وفصولها ثالثة‪ :‬فصل التَّوشيات‪ ،‬وفصل السانحات‪ ،‬وفصل الصبابات‪.‬‬ ‫وقد كانت في البال قصيد ًة‪ ،‬ثم فقدت أوزانها في آخر قطرةٍ من قطرات‬ ‫َ‬ ‫القلم‪ ..‬لكنني أرجو لها أن َ‬ ‫وزُرقة عينيه‪..‬‬ ‫تأخذ من الشعر بها َءهُ‪ ،‬ورُوا َءهُ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الخيال بي في صورةٍ أو عبارة؛ َّ‬ ‫فإن في أوديته‬ ‫وليعذرني القارى ُء إذا جنح‬ ‫َّ‬ ‫متنفس ًا‪ ،‬ومستراح ًا‪ ،‬ومهرب ًا من أضغاث الواقع‪..‬‬

‫ُ‬ ‫ال�سانحات‬ ‫ف�صل َّ‬

‫‪...‬رحلة الكتاب تندرج في سياق المساعي في ضوء العقل لحضور‬ ‫ندوات ومحاضرات علمية التي تتمثل فيها اآلراء واألفكار في عيد‬ ‫الكتاب بالمعرض الدولي الخامس والعشرين للنشر بالبيضاء ‪.‬‬ ‫امتطينا‪ ،‬الرفيق قبل الطريق وأنا‪ ،‬صهوة «البُراق» على الساعة‬ ‫التاسعة وخمس وخمسين دقيقة من طنجة في اتجاه البيضاء‪ ،‬لحضور‬ ‫تقديم كتاب «الروض المنيف» للدكتورة لطيفة الوزاني الطيبي‪ ،‬ولها‬ ‫الفضل في دراسته وتحقيقه‪ .‬أصل المخطوط من تأليف موالي عبد‬ ‫اهلل الشريف‪ ،‬من مواليد وزان ‪1824‬م‪1240/‬ه‪ ،‬وهو دفين زاويته‬ ‫ببني بارون من قبيلة بني زيات (اغمارة) بتاريخ ‪1900‬م‪1318/‬ه‪.‬‬ ‫في هذا العصر كان قطار البُراق خياال وضربا من الجنون‪ ،‬فأصبح‬ ‫اليوم حقيقة بفضل كتاب العلم المحتفى به بالبيضاء‪ ،‬وقد انتهينا‬ ‫إلى محطة المسافرين بها على الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق‪.‬‬ ‫للبُراق سرعتين‪ ،‬إحداهما ‪319‬كلم‪/‬س‪ ،‬وثانيهما من الرباط إلى‬ ‫البيضاء بسرعة في أقصاها ‪154‬كلم‪/‬س‪ .‬من محطة المسافرين إلى‬ ‫معرض الكتاب ذي موقع متميِّز‪ ،‬وعلى مسافة أمتار من تحفة المسجد‬ ‫الحسن الثاني البرْمائي ‪.‬‬ ‫ما أجمل وما أبهى وأحلى أن يجد اإلنسان نفسه بين باقات‬ ‫الكتب‪ .‬كلما التفت الزائر والقارئ في اتجاهات البوصلة إال وينعم‬ ‫برؤياها (الكتب)‪،‬و بريحها وأريجها الذي يتدفق من بين صفحات ‪128‬‬ ‫ألف عنوان‪ ،‬الذين قدِموا إلينا من ‪ 42‬دولة ليشاركوا هذا العام في عيد‬ ‫ميالده (الكتاب) المغربي لينيروا الشمعة الخامسة والعشرين‪ .‬متمثال‬ ‫في ‪ 712‬دورا للعرض‪ ،‬ليتحفونا بندوات لعلماء وأدباء وأساتيذ ذوي‬ ‫االختصاص‪ ،‬من األقطار العربية واألعجمية‪ ،‬وقد اختيرتْ المملكة‬ ‫اإلسبانية ضيفة شرف ‪ ..‬قبل ْ‬ ‫أن نؤلف لقاءاتنا مع أروقة المعرض‪،‬‬ ‫وقد تميَّز بتنوُّع فضاءاته وبلوحاته الفنية التربوية‪ ،‬على رأسها فضاء‬ ‫الطفل‪ ،‬للخَلق واإلبداع االبتكار‪ .‬وألهمية الكتاب العربي واألجنبي‬ ‫بالنسبة للطفل المغربي‪ ،‬فكان انحيازي للطفلة مريم أمجون المبدعة‬ ‫التي تترجل على صهوة اإلجادة‪ ،‬الفائزة بالجائزة األولى لتحدي القراءة‬ ‫العربية‪ .‬أجادت وزارة الثقافة واالتصال في برنامج الطفل الستضافة‬ ‫الطفلة النابغة‪ ،‬لتحكي عن تجربتها مع القراءة كأفضل قارئة عربية‪.‬‬ ‫لتكتمل الصورة في ذهن الطفل ويستمتع بسرد قصصي لمبدع‬ ‫يكتب بتجربة الواقع والخيال‪ .‬وله (الطفل) ْ‬ ‫أن يكتشف سلسلة‬ ‫قصص فلسفية لمساعدته استيعاب مناهج وعوالم الكتابة‪ .‬أمثلة‬ ‫على ذلك قراءات بعناوين «حور تشرب الشاي مع القمر» و«ثورة‬ ‫ثالثين فبراير» وبيضة نوح»‪ ،‬للكاتب حبيب مازيني‪ .‬ثم لقاء مع‬ ‫الكاتبة المبدعة لقصص الطفل‪ ،‬كريمة دلياس‪ .‬وأيضا لكاتب القصة‬ ‫المبدع‪ ،‬حسن بنمونة‪ ،‬وتواصله مع الطفل‪ .‬للشاعر األردني‪ ،‬محمد‬ ‫جمال عمرو‪ ،‬قراءة في ديوانه «لو أملك نايا سحريا»‪ ،‬قصيدة جميلة‬ ‫للطفولة العربية‪ .‬ثم قراءة في كتاب بالفرنسية «السكوت‪ ،‬نلعب!»‬ ‫من تأطير األستاذة‪ ،‬خديجة بوكا‪ ،‬ليتعرَّف الطفل على فنّ تقنيات‬ ‫كتابة القصة الخاصة بالطفولة‪ ،‬والقواعد التي يحتاجها لكتابة القصة‬ ‫الشعرية‪ .‬لتلقينه أساليب ومهارات الكتابة المرتبطة بقراءات عديدة‬ ‫ومتنوِّعة لشحن مخزون الذاكرة‪ .‬فتتبعها القصة القصيرة على‬ ‫شكل الصوَر بتقنيات حديثة‪ .‬أما فلسطين فهي حاضرة بتاريخها‬ ‫العربي واإلنساني‪ ،‬وقد استأثرت القصة الفلسطينية مداد المحيطات‬ ‫لمكانتها الحقوقية‪ ،‬وعظمة وشجاعة طفلها وهو يرجُمُ مُدرَّع ًة‬ ‫صهيونية بطوب من أنامله المالئكية‪ .‬هكذا حال الطفل العربي‬ ‫والمغربي وهو يُكرم الجدَّات واألمهات الالئي كنا يروين على فراش‬ ‫النوم ليال حكايات «سحرية» ألبنائهنّ وبناتهنّ لمداعبة النعاس‪،‬‬ ‫حتى ينمام األطفال مع المالئكة‪ ،‬وينطفئ المصباح ‪..‬لكي يتعاظم‬ ‫الرصيد الفكري للطفل وهو يسعى إلى مكتبة في منزله بلغات‬ ‫متعدِّدة‪ ،‬وتعليمه مهنة تنظيم خزانته ليتأتى له استخراج الكتاب من‬ ‫الرفوف بيسر وسهولة‪ .‬لغة البيان وهي لغة األمّ تستأثر بعظمتها‬ ‫وجماليتها لتتفق منها مياه بحارها العذبة‪ .‬وقد أعيتْ اللغة العربية‬ ‫طائفة من المرضى‪ ،‬فثاروا على الفصحى‪ .‬لغة البيان دون غيرها ولغة‬ ‫للعلم والمعرفة والمشاعر واألحاسيس وفنّها يخاطب الروح‪ .‬كثيرة‬ ‫وعديدة هي الفحول العربية إلنتاج الفكر‪ ،‬كأمثال الجاحظ وأبي حيان‬ ‫التوحيدي ‪ ..‬كما جمع طه حسين بين موضوعية العلم وذاتية الفكر‪.‬‬ ‫ذات ذكرى عطرة للغة الضاد ولسان عربي مبين من اإلنتاج الفكري‪،‬‬ ‫ومازال لها من العطاء إن شاء اهلل تعالى ‪ ..‬يأتي دور قيمة وجمالية‬ ‫الخط العربي «الكاليغرافي»‪ ،‬يرقى إلبداع لوحات فنية تمأل العينين‪،‬‬ ‫وللروعة بمكان‪ ،‬ال نظير لها بحروف أعجمية‪ .‬اعتلت ورشة موروث‬ ‫بالدي لتتعرَّف الطفولة بشفافية على األمازيغية وحروفها التيفيناغ‪،‬‬

‫وقد يتبارى األطفال بفنّ االرتجال بها من أجل تنمية ملكاتهم‪،‬‬ ‫بالحكي األمازيغي على شكل مسرحيات أسطورية‪ .‬ولم تغب خشبة‬ ‫المسرح‪ ،‬ودور رسالته النبيلة في معالجة القضايا االجتماعية بنقد بناء‪.‬‬ ‫هدف الورشة السعي الكتساب ذلك الطفل المبدع‪ ،‬الستخراج مؤهالته‬ ‫الفطرية بتمارين في فن المسرح‪ .‬بخطى واثقة تتكئ وزارة الثقافة‬ ‫واالتصال على نخبة من األدباء من مقام عبد اهلل المريني وإبراهيم‬ ‫السوالمي في ذكرى الشاعر المرحوم موالي علي الصقلي والنشيد‬ ‫الوطني «منبت األحرار»‪ .‬برنامج عيد الكتاب كان حافال‪ ،‬حول قراءة‬ ‫كتاب «األرق» للطاهربن جلون بحضور مؤلفه‪ .‬ومن تنظيم دار الشعر‬ ‫بتطوان ورئيسها األديب مخلص الصغير‪ ،‬ليؤلف اللقاء مع الجمهور‪،‬‬ ‫بليالي الشعر‪ ،‬بمشاركة الشاعر العراقي خالد المعالي والسوري خلود‬ ‫شرف ‪،‬ثم أحمد عصيد وعياد الحيان على أنغام موسيقية لرشيد زروال‪.‬‬ ‫بملكة متألقة لذاكرة الراحل محمود درويش أحيا الشاعران إيهاب‬ ‫ابسيسو وزير الثقافة الفلسطيني‪ ،‬ويحيى يخلف من فلسطين‪ ،‬ومن‬ ‫المغرب عبد اللطيف اللعبي وحسن نجمي‪ ،‬ليعبِّروا عن هذا الشعر‬ ‫المتجدِّد الذي يشي بأرقى نوع من المقاومة ‪..‬إذ كانت طنجة ومراكش‬ ‫حاضرتين بمعرض الكتاب على لسان األديب جليد السهولي في‬ ‫مؤلفه في رحلة من الجنس األدبي‪ .‬هناك أشياء كثيرة مشتركة بين‬ ‫الحاضرتين المغربيتين‪ ،‬جمعهما بين دفتيْ كتاب بعنوان «طنجة‪،‬‬ ‫من هنا تبدأ الرحلة إلى العالم‪ ،‬ومراكش»‪ .‬وقد شكلتا وجهتين‬ ‫للرحالة المغاربة واألجانب‪ ،‬وبشهرة دولية بمكانتهما االستراتيجية‪.‬‬ ‫وطنجة التي يدغدغها زبد ملتقى البحرين (المتوسط واألطلسي )‬ ‫وإذ تلتقي بها الشمس نورا والقمر ضيا ًء ‪..‬وهب القارئ نفسه لكتاب‬ ‫يشدُّه إليه بعنوان «في بالغة الحجاج‪ ،‬نحو مقاربة بالغية حجاجية‬ ‫لتحليل الخطاب»‪ ،‬الفائز بجائزة دبي‪ ،‬وكتاب «الرواية البالغية»‬ ‫الحاصلة على جائزة «كتارا» العربية‪ ،‬لبالغة موسعة للرواية العربية‪،‬‬ ‫وهما (الكتابين) من تأليف الدكتور محمد مشبال‪ ،‬بمشاركة الدكتور‬ ‫محمد الولي وتسيير الدكتور نزار التجديتي‪ .‬العمارة اإلسالمية شكلت‬ ‫الفائق مع اإلبداع‪ ،‬للتعريف بها إلى الطفل المغربي وكيفية نشأتها‬ ‫ومكوِّناتها وتطوُّرها ووقعها على المدينة اإلسالمية وشموخ الفنّ‬ ‫بها عبر التاريخ‪ .‬ثم خُصصت ورشة لتقنيات الحفر «األركيلوجي»‪،‬‬ ‫لكي يكتشف الطفل ما معنى هذا العلم وما يقدِّمه بمذاق األرض‪.‬‬ ‫كنا على موعد مع فروسية الدكتورة لطيفة الوزاني الطيِّبي في‬ ‫بحثها العلمي الذي سيبقى مرجعية للباحثين في الخزانة العربية‪.‬‬ ‫وهذا صنيع في علم األنساب والتراجم والتأريخ آلل دار الضمانة‬ ‫بوزان تفرَّدتْ به الباحثة دون غيرها‪ .‬بحضور حفيد مؤلف «الروض‬ ‫المنيف» موالي عبد اهلل الشريف‪ ،‬اختطفت من الحضور دة‪ .‬لطيفة‬ ‫كل انتباهنا‪ ،‬ونحن نصغى لها لتلقي مادة علمية لإلشباع‪ .‬أطلعتنا‬ ‫على المشائل واألشجار واألوراق الزكية الفيحاء المستخرجة منها التي‬ ‫تستدعي مقاسمتها التفكير‪ .‬بطلب من الحضور تناول الكلمة األستاذ‬ ‫محمد المكي الوزاني الطيبي الحسني حفيد موالي عبد اهلل الشريف‪.‬‬ ‫في الزمان المسترسل كانت بحوزته أصل المؤلف «الروض المنيف»‬ ‫يستوجب «الترميم» والمعالجة مما أصابه من عوامل الزمان فسعى‬ ‫الحكي إليه ليُطلعنا عن مؤسسة الملك فيصل للدراسات واألبحاث‬ ‫اإلسالمية بالرياض التي قامت بإصالح ما «أفسده» الدَّهر‪ ،‬مشكورة‪،‬‬ ‫في الثمانينات من القرن العشرين ‪..‬‬ ‫ضيف الشرف لهذا العام حظي به رواق المملكة اإلسبانية‪ .‬كان‬ ‫له منحى العلياء طيلة مدة المعرض‪ .‬تنوَّعت المشاركة اإلسبانية‬ ‫من مؤسسة «سيرفانطيس» إلى وزارة الثقافة والرياضة‪ ،‬ووزارة‬ ‫الخارجية والمديرية العامة للكتاب‪ .‬ثم مؤسسة «سيرفانطيس»‬ ‫بالبيضاء ومراكش‪ .‬استحضر الرواق اإلسباني ثرا ًء من حوارات ثقافية‬ ‫وسياحية‪ ،‬ومحوَر الخصوصية‪ .‬في قصة حبّ‪ ،‬كانت مداخالت ألدباء‬ ‫مغاربة ناطقين باإلسبانية ومحوَربالكطالنية‪ .‬موضوع هام احتوى‬ ‫على ترجمة السفر بين اللغات‪ .‬ثم محاضرة في موضوع مخطوطات‬ ‫أندلسية في المكتبات اإلسبانية‪ .‬من تنظيم بيت الشعر بالمغرب‬ ‫وهو يتوِّج معرض الكتاب لهذه السنة بأمسية «األركانة» ليتألأل‬ ‫اسم الشاعر وديع سعادة الفائز ب»األركانة» العالمية للشعر لسنة‬ ‫‪2018‬م‪ .‬ثمَّ جائزة ابن بطوطة ألدب الرحلة ‪2018/2019‬م من‬ ‫تنظيم المركز العربي لألدب الجغرافي –ارتياد اآلفاق‪ -‬بشراكة مع‬ ‫وزارة الثقافة واالتصال‪ .‬وفي اليوم قبل األخير بصيغة أجود تقويم‬ ‫تمنح جائزة القراءة من تنظيم شبكة القراءة بالمغرب بدعم من وزارة‬ ‫الثقافة واالتصال َّ‬ ‫‪..‬إن تحقيق الذات عملية ال نهائية يستخدم فيها‬ ‫المرْء كل قدُراته وذكائه ‪...‬‬

‫خلــجـــات‪..‬‬

‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين‪ .‬ال�شارقة‬

‫(‪)1‬‬ ‫حلم العمرِ ‪،‬‬ ‫الغرب ُة � ٌ‬ ‫َ‬ ‫أنياب تنه�ش َ‬

‫دنانري ال ت�شرتي �أوطاناً‪..‬‬ ‫من‬ ‫وال َّث ُ‬ ‫ُ‬

‫(‪)2‬‬

‫يه ُ‬ ‫ف�س ِ‬ ‫ِ‬ ‫بط من ِ‬ ‫مطيب ًا‬ ‫الينابيع‬ ‫حة‬ ‫رح ِم‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫الغيمة �إلى ْ‬ ‫مباركاً‪،‬‬ ‫الر ْو ِ‬ ‫واملر َج ِة ‪،‬‬ ‫�ضة‪،‬‬ ‫وي�صلِّي �صالته‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اخل�رضاء يف َّ‬ ‫ْ‬ ‫والب ْ�س ِ‬ ‫تان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بيع‪..‬‬ ‫قبلَ �أن ُيب�شرِّ به‬ ‫للر ِ‬ ‫ٌ‬ ‫هودج َّ‬

‫(‪)3‬‬

‫مات ّ‬ ‫اجلموع‪،‬‬ ‫عته‬ ‫موع‪،‬‬ ‫و�شي ُ‬ ‫�إذا َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اعر كفّن ْت ُه ال ّد ُ‬ ‫ال�ش ُ‬

‫ُ‬ ‫بالع رَب ِ‬ ‫ات‪،‬‬ ‫الرياعة‬ ‫ح ّتى‬ ‫ُ‬ ‫ت�رشق َ‬

‫ِ‬ ‫الوارف بالأُ ْغ ِ‬ ‫نيات‪،‬‬ ‫جع يف بي ِتها‬ ‫�إال القَ�صي َدة َت ْه ُ‬

‫َمن ي َن ِّبـ ُئها ب ُِي ْت ِم ع�صافريِها‬

‫القادم ْة ؟‬ ‫ُ‬ ‫رب ِتها‬ ‫وغ َ‬ ‫َ‬

‫(‪)4‬‬

‫يفقهون َ‬ ‫لغة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطنيِ ‪..‬‬ ‫وحده ْم‬ ‫عراء‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال�ش ُ‬

‫حني َيق ُّدون من َ�صلْ�صا ِل ِه‪،‬‬

‫متاثيلَ جمازِ هِ م‪،‬‬

‫َ‬ ‫والوطنِ !‬ ‫و�شموع ًا لل َّنا�س‬

‫(‪)5‬‬

‫حذاءك ‪..‬‬ ‫اخلع‬ ‫القلم‪،‬‬ ‫� ُّأيها‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ومتر ْغ يف نورِ الوطنِ ‪،‬‬ ‫َّ‬

‫كتب ب� ْأن َي ِ‬ ‫اط القلوب !‬ ‫كم ْن َ‬ ‫فلي�س َمن َ‬ ‫كتب باحلربِ‪َ ،‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫العدد ‪981‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪9‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪ ،‬كما تعدّ‬ ‫أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة‬ ‫العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ‬ ‫كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للناس عبر صفحات جريدة‬ ‫الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو القاضي الشهير‪ ،‬والعالم‬ ‫الخطير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬وقبل البدء بنشر هذه الرسائل‪ ،‬نعرّف بصاحب األرشيف لما له من فضل علينا وعلى القراء الكرام‪ ،‬في هذا الكرم الفيّاض المتع ّلق بنشر العلم‪ّ ،‬‬ ‫وبثه‬ ‫بين أهله‪ ،‬ثمّ نعرّف بأشهر أعالم أسرة أفيالل الشريفة‪.‬‬

‫األديب الشاعر سيدي التهامي بن عبد السالم أفيالل حفظه اهلل‬

‫هو الشاعر األديب‪ ،‬والدبلوماسي القدير‪ ،‬الشريف سيدي التهامي بن‬ ‫الحاج عبد السالم بن التهامي بن محمد بن الهاشمي أفيالل‪ ،‬أحد أفراد‬ ‫أسرة أفيالل العالمة‪ ،‬الجبلحبيبية األصل‪ ،‬التطوانية المهجر والمستقر‪.‬‬ ‫رأى نور الحياة بمسقط رأسه تطوان عام ‪1930‬م‪ ،‬وبها تل ّقى دراسته‬ ‫األولى‪ ،‬وحفظ القرآن الكريم كام ً‬ ‫ال‪ ،‬ثمّ انتقل إلى معهد التجارة وإدارة‬ ‫األعمال بغرناطة‪ ،‬وبقي به إلى التّخرّج‪ .‬كما التحق بعده بكلية الحقوق‬ ‫بجامعة محمد الخامس –بالرباط‪ ،‬وهناك أتمّ دراسته الحقوقية‪ ،‬ليلتحق‬ ‫بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية في أوائل الستينيات‪ .‬وخالل عمله‬ ‫بالسلك الدبلوماسي‪ ،‬زاول مهامه في ّ‬ ‫كل من‪ :‬بغداد‪ ،‬بيروت‪ ،‬مدريد‪،‬‬ ‫بوينوس أيريس‪ .‬وقد نال عدّة أوسمة استحقاقية رفيعة‪ ،‬جزاء خدمته‬ ‫النزيهة‪ ،‬وعمله الفريد‪.‬‬ ‫ويعدّ سيدي التهامي أفيالل باإلضافة إلى عمله بالسلك الدبلوماسي‪،‬‬ ‫أحد كبار األدباء الذين أنجبتهم مدينة تطوان‪ ،‬وقد ّ‬ ‫بث معظم حبه لها‪،‬‬ ‫إضافة إلى قصائد رقيقة في حبّه لغرناطة ولبنان‪ ،‬في ديوانه الشعري‪:‬‬ ‫(هديل) الصادر عن جمعية تطاون أسمير سنة ‪2006‬م‪.‬‬ ‫وهو إلى هذا ك ّله‪ ،‬أسّس صالونه األدبي ببيته العامر بالعاصمة‬ ‫الرباط‪ ،‬الذي ضمّ إليه كبار الشخصيات أمثال‪ :‬المحقق‬ ‫العالمة محمد بن شريفة رحمه اهلل‪ ،‬والدكتورة نجاة‬ ‫المريني‪ ،‬والشاعر المرحوم علي الصقلي‪ ،‬وغيرهم من‬ ‫األكاديمين المشهورين‪ ،‬كالدكتور امحمد بنعبود‪،‬‬ ‫والدكتور المحقق جعفر بن الحاج السلمي‪ ...‬وقد سمّى‬ ‫هذا الصالون بـ (عُشّ الحمامة)‪ ،‬وهو لقب استحضر‬ ‫فيه صاحب الصالون تلك األجواء الثقافية العلمية‬ ‫بمدينة تطوان التي أخلص لها‪ ،‬وأحبها حبّا ملك عليه‬ ‫قلبه‪.‬‬ ‫وفي هذا الصالون األدبي الفريد‪ ،‬عقد مجالس‬ ‫الفكر واألدب من خالل مدارسات ومطارحات تتعلق‬ ‫بشخصيات المعة فـي سماء الثقافة األصيلة‪ ،‬كجدّه‬ ‫قاضي تطــوان وموثقها بدون منــازع‪ ،‬العالمـــة‬ ‫التهامي أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪ ،‬والعالمــة عبد الوهاب‬ ‫لوقـــش (ت‪1341:‬هـ) والشهيـــد امحمد بن أحمد‬ ‫عبود (ت‪1369:‬هـ)‪ ،‬وغيرها من المواضيع العلمية‪،‬‬ ‫والمناقشات الهادفة‪ .‬والزال هذا الصالون األدبي‬ ‫يعطي ثماره‪ ،‬ويستمدّ إشعاعه من صاحبه الذي عرف‬ ‫بكرم المائدة‪ ،‬وتواضع جمّ‪ ،‬وتنازل غريب‪ ،‬عالوة على‬ ‫روحه المرحة‪ ،‬وبديهته الحاضرة‪ ،‬ونكتته اللطيفة‪ ،‬التي‬ ‫تجعل المرء في سحر دائم إلى ارتياد تلك الحياض‪ .‬ومن‬ ‫البرور بأعالمنا الكرام‪ ،‬قامت إذاعة طنجة –مشكورة‪-‬‬ ‫بتسجيل صفحات من حياته‪ ،‬وجملة من ذكرياته‪ ،‬ضمن‬ ‫برنامجها الفريد‪ّ :‬‬ ‫(مذكرات)‪ ،‬وقد أذيع في حلقات متعدّدة‪.‬‬ ‫وأمّا أفراد هذا البيت‪ ،‬فنعدّ منهم وال نعدّدهم‪ ،‬معتمدين‬ ‫أساساً على كتاب عائالت تطوان‪ ،‬للعالمة المؤرّخ محمد داود‬ ‫رحمه اهلل‪:‬‬

‫• محمد بن الهاشمي أفيالل‪:‬‬

‫ولد عام ‪1194‬هـ بتطوان‪ ،‬وبها شبّ وقرأ‪ ،‬كما انتقل‬ ‫للدراسة بمدينة فاس‪ ،‬وبعد رجوعه إلى تطوان اشتغل فيها‬ ‫بالتدريس والعدالة‪ ،‬وكان ماهراً في صناعة التوثيق‪ .‬توفي‬ ‫رحمه اهلل عام ‪1264‬هـ‪.‬‬

‫• المفضل بن محمد أفيالل‪:‬‬

‫ولد رحمه اهلل عام ‪1236‬هـ‪ ،‬ودرس بها وبفاس‪ ،‬ثم عاد‬ ‫إلى مسقط رأسه‪ ،‬فاشتغل بعدة وظائف‪ ،‬وكان رحمه اهلل أديباً‬

‫لبيباً‪ ،‬وأشهر شعره قصيدته التي رثى بها مدينة تطوان لمّا سقط‬ ‫في يد األجانب عام ‪1260‬هـ‪ ،‬ونصها الكامل في االستقصا‪ ،‬وتاريخ‬ ‫تطوان لداود‪ ،‬وممّا يضاف في ترجمته‪ ،‬أنّه أوّل من أطلق لقب‬ ‫الحمامة البيضاء على تطوان‪ .‬توفي رحمه اهلل عام ‪1304‬هـ‪.‬‬

‫• التهامي بن محمد أفيالل‪:‬‬

‫العالمة القاضي األشهر‪ ،‬ولد بتطوان عام ‪1260‬هـ‪ ،‬درس‬ ‫بتطوان على كبار علمائها‪ ،‬أشهرهم الفقيه أحمد السالوي‪ ،‬العالم‬ ‫ّ‬ ‫المتمكن‪ ،‬ولم يرحل إلى فاس الستكمال الدراسة‪ ،‬فاكتفى بما‬ ‫حصّل‪ ،‬وبرع في صناعة علم النوازل واألحكام‪ ،‬وعيّن قاضياً بتطوان‪،‬‬ ‫فاشتهرت أيامه بالحزم وضبط األمور المتعلقة بالحقوق‪ ،‬توفي رحمه‬ ‫اهلل عام ‪1339‬هـ‪ .‬وهو أوّل من نفتتح برسائله المتبادلة بينه وبين‬ ‫ولده الوزير اآلتي الذكر‪ ،‬في هذا العمود األسبوعي على صفحات هذه‬ ‫الجريدة الغراء‪.‬‬

‫• محمد بن التهامي أفيالل‪:‬‬

‫هو الفقيه العالمة‪ ،‬وزير العدلية‪ ،‬ولد بتطوان عام ‪1301‬هـ‪،‬‬ ‫وحفظ القرآن ودرس بمسقط رأسه‪ ،‬ثمّ انتقل‬ ‫إلى فاس الفيحاء‪ ،‬فدرس بها مختلف العلوم‪ ،‬وعاد‬ ‫مملوء الوطاب‪ ،‬حيث استقبلته تطوان بأحضانها‪،‬‬ ‫فتولى فيها مناصب مختلفة‪ ،‬أعالها رتبة‪ ،‬وزارة‬ ‫العدلية التي قضى فيها شطراً مهماً من حياته‪ ،‬خلفاً‬ ‫لشيخه سيدي أحمد الرهوني‪ ،‬وإلى وقت استقالل‬ ‫المغرب‪ .‬ولسيدي محمد بن التهامي كتابات كثيرة‬ ‫ومتنوعة‪ ،‬لم يطبع منها سوى كتابه حول بدع‬ ‫المآتم واألعراس‪ ،‬المسمى (تنبيه األكياس)‪ ،‬وال‬ ‫زالت أعماله بحاجة إلى بحث وتحقيق ونشر‪ ،‬لتعمّ‬ ‫بها الفائدة‪.‬‬ ‫توفي رحمه اهلل بطنجة عام ‪1388‬هـ‪ ،‬ونقل إلى‬ ‫تطوان حيث دفن بزاوية سيدي الحاج بركة‪.‬‬

‫• سيدي البشير بن التهامي أفيالل‪:‬‬

‫هو األديب اللبيب‪ ،‬شامة تطوان‪ ،‬الفقيه النزيه‪،‬‬ ‫سيدي البشير أفيالل‪ ،‬ولد رحمـــه اهلل بتطوان عام‬ ‫‪1314‬هـ‪ ،‬وبها درس‪ ،‬فاكتفى عن الرحلة إلى فاس‪.‬‬ ‫وقد ظل رحمه اهلل إلى جنــب أخيــه الوزير السالف‬ ‫الذكر‪ ،‬مستشاراً معــه بوزارة العدلية‪ ،‬قائماً ّ‬ ‫بجل‬ ‫أعبائها‪ .‬كما يعدّ في طليعــة األدباء المرموقيــن‬ ‫الذين أوتوا جمال الخط وحسن اإلنشاء‪ ،‬وقد ترك‬ ‫رحمه اهلل رسائل عدّة ممهورة بأسلوبه األدبي الرائق‪ ،‬الذي‬ ‫يعدّ أنموذجاً فريداً يحتذى به في صناعة اإلنشاء‪ .‬توفي رحمه‬ ‫اهلل عام ‪1410‬هـ‪.‬‬ ‫هذه جملة يسيرة من أفراد عائلة أفيالل الشريفة‪ ،‬ويضيق‬ ‫المقام بذكر األفراد اآلخرين‪ ،‬لكن المالحظ أنّهم في الجملة‬ ‫يتفقون في جودة الخط‪ ،‬وحسن األسلوب‪ ،‬وصناعة الوثائق‪،‬‬ ‫مع نظام وترتيب‪ ،‬وحسن تدبير‪ ،‬فـ (التاويل) التطواني فيهم‬ ‫غريزة‪ ،‬إضافة إلى كرم المائدة‪ ،‬وحلو المعشر‪.‬‬ ‫هذه فذلكة بسيطة حول هذا البيت‪ ،‬أحببنا أن نمهّد بها‬ ‫بما يستقبل من وثائق ورسائل متبادلة ألهميتها‪ ،‬حتى يكون‬ ‫القارئ على بيّنة من األمر‪ ،‬ونخصّص الحلقات المقبلة بحول‬ ‫اهلل للرسائل‪ ،‬مقدّمين ّ‬ ‫لكل رسالة بما تشتمل عليه‪ ،‬واهلل‬ ‫الموفق‪ ،‬وعليه التكالن‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫العدد ‪981‬‬

‫روحة‬ ‫ط‬ ‫أ معية‬ ‫جا‬

‫‪10‬‬

‫نظام األحباس بمدينة طنجة ‪:‬‬ ‫(‪1956 - 1684‬م)‬

‫شهدت قاعة القرويين بكلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ظهر المهراز بفاس‪ ،‬على الساعة التاسعة صباحا من يوم الثالثاء ‪ 5‬فبراير‪2019‬م‪،‬‬ ‫مناقشة أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه (مختبر‪ :‬البيبليوغرافيا التحليلية والتوثيق للتراث المغاربي ـ تكوين الدكتوراه‪ :‬تاريخ وتراث‬ ‫دول المغارب)‪ ،‬تقدمت بها الطالبة الباحثة حفيظة بوحسي‪ ،‬وقد تألفت لجنة المناقشة من السادة األساتذة‪:‬‬ ‫ الدكتور موالي علي الواحدي‪( :‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ظهر المهرازـ فاس)‪ :‬رئيسا‪.‬‬‫ الدكتور سمير بوزويتة‪( :‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية سايس ـ فاس)‪ :‬عضوا‪.‬‬‫ الدكتورة نوال متزكي‪( :‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية عين الشق ـ الدار البيضاء)‪ :‬عضوا‪.‬‬‫ الدكتور خالد صقلي‪( :‬كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ :‬ظهر المهرازـ فاس)‪ :‬مشرفا ومقررا‪.‬‬‫وبعد المداولة أعلنت اللجنة منح الطالبة الباحثة حفيظة بوحسى شهادة الدكتوراه‪ ،‬وقد نالتها بميزة‪ :‬مشرف جدّا مع التوصية بالطبع‪.‬‬

‫وفيما يلي نص التقرير الذي تقدمت به الباحثة بين يدي أطروحاتها العلمية‪:‬‬

‫يرجع تاريخ األحباس إلى فترات موغلة في التاريخ‪ ،‬وليس مرتبطا‬ ‫باإلسالم فقط بل دلت العديد من القرائن على نهضته وازدهاره في‬ ‫مجتمعات سابقة‪ ،‬فقد عرف عند المصريين‪ ،‬وأيضا عند اليونانيين‪ ،‬حيث‬ ‫كانت إيرادات األحباس تصرف على التعليم ودور العبادة‪ ،‬وكان للرومان‬ ‫مثل هذه المعامالت فقد كانوا يقدسون المعابد والنذور والهدايا وكل‬ ‫ماهو مخصص إلقامة الشعائر الدينية‪ ،‬وعرف عند الجرمان نظام يشبه‬ ‫الحبس‪ ،‬وكذا نفس األمر عند اليهود والمسيحيين‪ ،‬وكان العرب في‬ ‫العهد الجاهلي يحبسون بدورهم بعض ممتلكاتهم على إقامة الشعائر‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫استمر الوقف في العهد اإلسالمي في احتالله مكانة مهمة في‬ ‫نفوس المسلمين‪ ،‬فرغم أن القرآن الكريم لم يشر إليه بشكل صريح‪،‬‬ ‫إال أن العلماء استدلوا على مشروعيته بعدة آيات قرآنية تحث على اإلنفاق‬ ‫بفعل الخير تقربا إلى اهلل‪ ،‬كما وردت بعض اآلثار عن الرسول صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬في حثه المسلمين على الصدقة الموقوفة الجارية‪ ،‬والتي‬ ‫سار على نهجها الصحابة رضوان اهلل عليهم‪ ،‬حيث ال تكاد كتب الحديث‬ ‫والتراجم والسير تخلو من أوقاف الصحابة الكرام‪.‬‬ ‫ساهم نظام الوقف في العديد من المجاالت التي تعتبر اليوم جزءا ال‬ ‫يتجزأ من اختصاصات الدولة الحديثة‪ ،‬وأبرزها التعليم الذي ظل إلى عهد‬ ‫قريب يمول من طرف أموال األحباس‪ ،‬أضف إلى ذلك المارستانات أو ما‬ ‫يسمى حاليا بالمستشفيات‪ ،‬فكانت هي األخرى تمول من أموال الواقفين‬ ‫من بنائها وصرف أجور العاملين بها‪ ،‬بل بلغ نظام الوقف مبلغا عظيما‬ ‫وراقيا تعدى اإلنسان إلى الوقف على الحيوان‪ ،‬كالوقف على اللقالق الذي‬ ‫عرف بمدينة فاس‪ ،‬فمثل بذلك يقدم أفضل صورة للعمل الخيري في‬ ‫أبهىتجلياته‪.‬‬ ‫على الرغم من األهمية الكبيرة التي شكلها نظام الوقف في تنمية‬ ‫كافة الجوانب االقتصادية واالجتماعية والثقافية في المدن والبوادي‪ ،‬إال‬ ‫أنه لم يحظ بعناية كبيرة من لدن الباحثين إال في العقود األخيرة‪ ،‬بعد‬ ‫تطور المناهج التاريخية واستغاللها ألنواع جديدة من الوثائق وبدأ العمل‬ ‫على مصادر جديدة كالحواالت الحبسية التي تشكل ثروة مصدرية هامة‬ ‫للمؤرخين لما تكشف عنه من جوانب غاية في الدقة قد تغيب في مصادر‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫اهتمت الدراسة بنظام األحباس بمدينة طنجة‪ ،‬وتم حصر الموضوع‬ ‫زمانيا ما بين ‪ 1684‬و‪ ،1956‬من أجل تتبع أطوار هذا النظام مند‬ ‫استرجاع المدينة سنة ‪ 1684‬من االحتالل اإلنجليزي‪ ،‬وامتدت الفترة إلى‬ ‫سنة ‪ 1956‬من أجل رصد التحوالت والتغيرات التي عرفها هذا النظام‬ ‫مع تعاقب األنظمة السياسية التي حكمت طنجة إلى غاية الحصول على‬ ‫االستقالل‪.‬‬ ‫إشكالية الدراسة‬ ‫ •‬ ‫إن اإلشكالية التي تجيب عنها هذه الدراسة الموسومة ب (نظام‬ ‫األحباس بمدينة طنجة ‪ ،)1956 1684-‬تتمحور باألساس حول معرفة‬ ‫األسباب الكامنة وراء تعرض األحباس اإلسالمية بمدينة طنجة للضياع‪،‬‬ ‫بالرغم من أن المبدأ العام لألحباس هو أنها غير قابلة ألي شكل من‬ ‫أشكال التفويت‪ ،‬فكيف ثم إذن تفويت معظم الممتلكات الحبسية بهذه‬ ‫المدينة إلى يد اليهود واألجانب؟ هذه اإلشكالية تتفرع عنها العديد من‬ ‫التساؤالت التي تؤسس لمحاور البحث وهي‪:‬‬ ‫ماهي األصول التاريخية لألحباس المغربية؟‬ ‫ •‬ ‫ماهي طبيعة الجهاز المسير ألحباس طنجة؟‬ ‫ •‬ ‫ما هي أبرز إسهامات الوقف في طنجة في المجال الديني‪،‬‬ ‫ •‬ ‫والثقافي‪ ،‬واالجتماعي واالقتصادي؟‪.‬‬ ‫كيف تعاملت األنظمة السياسية التي تعاقبت على حكم‬ ‫ •‬ ‫طنجة مع األحباس؟‬ ‫المنهج المعتمد في البحث‪:‬‬ ‫ •‬ ‫اعتمدت في هذه الدراسة على المنهج التاريخي الذي يخدم عملية‬ ‫السرد التاريخي للدور الذي أداه الوقف عبر التاريخ اإلسالمي‪ ،‬والمراحل‬ ‫التي عبرها حتى وصل إلى مرحلة اإلدارة الدولية بطنجة‪ ،‬إضافة إلى جمع‬ ‫البيانات‪ ،‬والمعلومات‪ ،‬واإلحصائيات وتحليلها وإجراء المقارنات فيما بينها‪،‬‬ ‫للوصول إلى استنتاجات وخالصات تجيب ولو نسبيا عن إشكالية الدراسة‪.‬‬ ‫المصادرالمعتمدة‪:‬‬ ‫استندت باألساس في هذه الدراسة إلى الحواالت الحبسية التي‬ ‫تعرف بمتانة توثيقها الذي يعتمد على توثيق العدول ومصادقة القضاة‬ ‫الشرعيين‪ ،‬وحتى إن نسخت الحوالة فإن ذلك يتم في ظروف ال تستثني‬ ‫فيها مقابلة الفرع باألصل‪ ،‬كما تبرز أهمية الحواالت الحبسية كمصدر‬ ‫من مصادر الكتابة التاريخية في تدوينها لمعطيات غاية في الدقة‪،‬‬ ‫تفيد في معرفة التطور المعماري للمدن‪ ،‬وحدودها الجغرافية‪ ،‬وأسماء‬

‫أزقتها‪ ،‬وأحيائها وأسماء األسر الحاكمة وغير الحاكمة‪ ،‬والحالة االقتصادية‬ ‫واالجتماعيةلها‪.‬‬ ‫توجد حوالة أحباس طنجة في أربع نسخ نجد النسخة األولى في‬ ‫الخزانة الحسنية تحث رقم ‪ ،10823‬ثم النسخة الثانية في خزانة محمد‬ ‫داود بتطوان‪ ،‬والنسخة الثالثة بخزانة عبد اهلل كنون بتطوان‪ ،‬ثم نجد‬ ‫نسخة رابعة بنظارة أحباس طنجة وهي نسخة ورقية عكس النسخ‬ ‫السابقة‪ ،‬ومما تجب اإلشارة إليه أن مصير النسخة األصلية بقي مجهوال‪،‬‬ ‫وغالب الظن أنه بعد نسخها من طرف المستشرق الفرنسي ميشو‬ ‫بلير سنة ‪ 1914‬انتزعت منها العديد من الوثائق‪ ،‬ألن النسخة الورقية‬ ‫الموجودة بالنظارة لم تنسخ إال سنة ‪ ،1922‬وال تتضمن جميع الوثائق‪.‬‬ ‫كما تم االعتماد بشكل كبير على مصادر أخرى باإلضافة إلى هذه‬ ‫الحوالة‪ ،‬هي في مجملها وثائق مخزنية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫كناش دار النيابة بجزأيه األول والثاني‪ :‬باألرشيف المغربي رقم ك‬ ‫‪ ،2720‬ويتوفر على مراسالت مهمة بين نواب دار النيابة والسالطين‪،‬‬ ‫وأدرجنا بالخصوص ما يتعلق بالقضايا الحبسية بمدينة طنجة‪.‬‬ ‫كناش الطابع الشريف‪ :‬بالخزانة العامة بالرباط رقم د ‪ ،1695‬يحتوي‬ ‫على حوالي ‪ 420‬ظهيرا ومراسلة‪ ،‬واعتمدنا على المراسالت التي تتناول‬ ‫موضوع األحباس‪.‬‬ ‫وثائق مديرية الوثائق الملكية‪ ،‬تمكنت من االطالع على محافظ‬ ‫رقم‪16 :‬و‪ 17‬و‪18‬و‪ 20‬ونسخت أهم ما جاء فيها بخصوص األحباس‪ ،‬التي‬ ‫تهم نوعية العقارات المحبسة والمعاوضات التي تتم في أمالك األحباس‬ ‫وغيرها من القضايا‪.‬‬ ‫الخزانة العامة بتطوان‪ :‬تتوفر على العديد من الوثائق التي‬ ‫تخص المنطقة الشمالية ونسخت بالخصوص ما هو مرتبط بالتنافيذ‬ ‫السلطانيةوبالمعاوضات‪.‬‬ ‫بيان أمالك الزاوية الناصرية‪ :‬وهو محفوظ بنظارة األوقاف والشؤون‬ ‫اإلسالمية جهة طنجة تطوان الحسيمة‪.‬‬ ‫كناشة محمد بن يحيى الطنجي‪ :‬وهي مخطوط بالخزانة الحسنية‬ ‫رقم ‪ 12244‬تجمع بين دفتيها معلومات في غاية األهمية عن مختلف‬ ‫األحداث التي عايشها الفقيه ومنها ما هو مرتبط باألحباس‪.‬‬ ‫وثائق مركز األرشيف الدبلوماسي الفرنسي بنانط‪ :‬اعتمدت بشكل‬ ‫أساسي على ما تمكنت من التوصل إليه وهو محفظة رقم ‪.675PO /B2‬‬ ‫التقارير والضوابط‪:‬‬ ‫تقرير مجلس األحباس ويوجد بالخزانة الحسنية تحت رقم ‪.3001‬‬ ‫ضابط بشأن ترتيب الحسابات بنظارات األحباس‪ ،‬يوجد بالمكتبة‬ ‫الوطنية رقم ‪.44230‬‬ ‫ ضابط بخصوص جمعية التعاون الخيرية االسالمية بطنجة‪،‬‬‫ويحمل رقم ‪ 3464‬بالخزانة الحسنية‪.‬‬ ‫الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫ كتاب األحباس اإلسالمية في المملكة المغربية لمحمد المكي‬‫الناصري وصف فيه صاحبه حال األوقاف اإلسالمية بالمغرب قبل‬ ‫الحماية وما آلت إليه بعدها‪ ،‬وأعطى فيه نظرة عامة عن توجه السياسة‬ ‫االستعمارية وسلوكها تجاه األحباس اإلسالمية‪.‬‬ ‫ كتاب أوقاف مكناس في عهد المولــى إسماعيــل ‪1139 - 1082‬ه‬‫‪1672-1727/‬م‪ :‬ويعتبر أول دراسة للوقف بالمغرب من وجهة نظر‬ ‫تاريخية‪ ،‬وهو في األصل رسالة جامعية لنيل دبلوم الدراسات العليا في‬ ‫التاريخ للباحثة رقية بلمقدم تحث إشراف األستاذ إبراهيم بوطالب‪ ،‬قامت‬ ‫فيه الباحثة بدراسة شاملة لما شهده عصر المولى إسماعيل من اهتمام‬ ‫كبير بأمر الوقف وشؤونه ورعايته وتنميته‪.‬‬ ‫ كتاب الوقف في الفكر اإلسالمي لمحمد بن عبد العزيز بنعبد اهلل‪،‬‬‫تطرق فيه إلى الوقف في التشريعات القديمة‪ ،‬ومشروعيته وجهود الفقهاء‬ ‫في تدوينه‪ ،‬وشروط التوثيق‪ ،‬والتدخل األجنبي في الوقف‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫بعض اإلصالحات في العصر العلوي‪.‬‬ ‫ كتاب المؤسسات الحبسية في المغرب من النشأة إلى سنة ‪1956‬‬‫لصاحبه جوزيف لوشيوني ‪ ،‬دون فيه صاحبه معلومات جد مهمة عن‬ ‫الوقف وما زاد من قيمة هذا الكتاب موقع مؤلفه الذي شغل عدة مناصب‬ ‫سامية في وزارة األوقاف‪ ،‬الشيء الذي ساعده على اإلطالع على تقارير‬ ‫مهمة جدا بل ونادرة في الموضوع‪.‬‬ ‫ كتاب ‪ les habous de Tanger‬لصاحبه المستشرق الفرنسي‬‫‪ Michaux bellaire‬وهو عبارة عن نسخة مصورة للحوالة بباريس‬ ‫عام ‪ ،1914‬وقام صاحبه بترجمة مقتضبة لمضامين الوثائق إلى اللغة‬ ‫الفرنسية‪.‬‬

‫ مقالة ‪ les habous de Tanger‬لصاحبها ‪ Mutabassir‬وهي‬‫منشورة ضمن أعداد مجلة العالم اإلسالمي العدد األول سنة ‪،1907‬‬ ‫وتشير هذه المقالة إلى مجموعة من الوثائق التي تظهر كيفية استغالل‬ ‫األجانب لألمالك الحبسية بالمدينة‪.‬‬ ‫بتصفح هذه الدراسات اتضح لي جليا أن الوقف في مدينة طنجة لم‬ ‫يحظ فيما أعلم بأية دراسة مستفيضة من الوجهة التاريخية‪ ،‬ولم ينجز‬ ‫أعمال تقوم بالدرجة األولى على أساس استغالل الحواالت الحبسية إال‬ ‫عدد محدود جدا من الباحثين‪ ،‬منهم عبد الصمد العشاب الذي نشر‬ ‫مقالة بعنوان» مائة سنة من تاريخ المنشأت الحبسية بطنجة‪ :‬نماذج‬ ‫من أحباس مدينة طنجة منذ القرن الثاني عشر الهجري»‪ ،‬غير أن هذه‬ ‫المقالة ال تشفي الغليل في معرفة أسباب انتقال األمالك الحبسية‬ ‫لليهود واألجانب‪ ،‬وهناك كتاب بيوتات طنجة في القرن ‪ 18‬من خالل‬ ‫حوالة أحباسها‪ ،‬لعبد اهلل الداودي‪ ،‬إال أن صاحبه كان مهتما فقط بسرد‬ ‫البيوتات الطنجية في المدينة خالل الفترة المرصودة‪.‬‬ ‫بعد تحصيل مادة بيبليوغرافيا هامة قادرة على اإلحاطة بجوانب‬ ‫الدراسة قسمت البحث إلى مقدمة وتمهيد تاريخي وثالثة أبواب وخاتمة‪.‬‬ ‫استهللت الموضوع بتمهيد تاريخي كان الحديث فيه عن موقع‬ ‫طنجة في اإلستراتيجية الدولية‪ ،‬المرتبط بشكل مباشر بالتجارة في البحر‬ ‫األبيض المتوسط وهو ما جعلها تتخذ طابع المدينة الدبلوماسية خالل‬ ‫القرن الثامن عشر‪ ،‬وكان لهذا األمر انعكاسات كبيرة على كافة القطاعات‬ ‫الحيوية بما في ذلك األحباس‪.‬‬ ‫وجاء الباب األول بـعنوان‪« :‬التطور التاريخي لألحباس بطنجة» وضم‬ ‫فصلين‪.‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬الجذور التاريخية لألحباس اإلسالمية‪ :‬وكان الحديث‬ ‫فيه عن مفهوم الحبس وكذا مشروعيته في السنة‪ ،‬باإلضافة إلى أركانه‬ ‫وأقسامه وأصوله التاريخية التي ترجع إلى أمم سابقة‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬التشريعات المنظمة لمؤسسة األحباس بطنجة‪:‬‬ ‫خصصته للحديث عن الجهاز المنظم لألحباس بطنجة‪ ،‬فقد عهد تسيير‬ ‫األوقاف في البداية إلى الواقفين أنفسهم أو إلى من كلفوه للنظر فيها‪،‬‬ ‫ويثبت ذلك في وثيقة التحبيس‪ ،‬غير أن التطورات التي عرفها ميدان‬ ‫الوقف وظهور بعض العوائق التي نتجت عن سوء التدبير دفع إلى‬ ‫استحداث أجهزة لإلشراف على هذه المؤسسة‪.‬‬ ‫كما تطرقت في هذا الفصل لحوالة أحباس طنجة وأدرجت فهرسة‬ ‫لما ورد فيها من األمالك الحبسية‪ ،‬كما تضمن هذا الفصل األشكال‬ ‫المتبعة لالنتفاع باألحباس‪.‬‬ ‫وعنونت الباب الثاني بأمالك األحباس بمدينة طنجة‪ ،‬وضم فصلين‪،‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬األحباس الدينية والثقافية بمدينة طنجة‪ ،‬تطرقت فيه‬ ‫بالخصوص إلى األحباس الدينية‪ ،‬من مساجد وزوايا وأضرحة‪ ،‬التي‬ ‫تبين بالدراسة مدى حضورها الوازن في تاريخ المدينة‪ ،‬وكذلك األحباس‬ ‫الثقافية التي تنوعت بين المدارس العلمية والكتاتيب القرآنية‪ ،‬والكراسي‬ ‫العلمية‪ ،‬مع الوقوف على الخزانات العلمية إلبراز قيمتها‪.‬‬ ‫وركز الفصل الرابع المعنون بـ‪ :‬األحباس االقتصادية واالجتماعية‬ ‫بطنجة على ذكر أهم خصائص األحباس االقتصادية من أفران‪ ،‬وفنادق‬ ‫وحمامات‪ ،‬وكذا مالمح األحباس االجتماعية التي أظهرت مدى التالحم‬ ‫الكبير بين سكان طنجة‪.‬‬ ‫وإجابة على التساؤل المطروح حول تأثر مؤسسة األحباس بالمدينة‬ ‫بمدى التواجد األوروبي عنونت الباب الثالث بالهيئة الدولية بطنجة‬ ‫ومؤسسة األحباس‪ ،‬وكان الحديث في فصله الخامس الموسوم بطرائق‬ ‫تفويت أمالك األحباس بطنجة‪ ،‬عن الوسائل التي اعتمدها األوروبيون‬ ‫واليهود من أجل استغالل الثروة الحبسية‪ ،‬والتي تنوعت بين الكراء‬ ‫والتنافيد السلطانية‪ ،‬إضافة إلى تمكنهم من امتالك أمالك حبسية‬ ‫بواسطة المعاوضات من جهة وشراء مفاتيح األمالك الحبسية من جهة‬ ‫ثانية‪.‬‬ ‫وجاء الفصل السادس بعنوان االتفاقيات الدولية ومسألة األحباس‪،‬‬ ‫ركزت فيه بالخصوص على االتفاقيات األوروبية التي عقدت حول المدينة‪،‬‬ ‫وحضور مسألة األحباس في مختلف أطوار هذه االتفاقيات‪ ،‬التي ظهر لنا‬ ‫بالملموس استهدافها للثروة الحبسية بالمدينة وتمكنها في األخير من‬ ‫وضع يدها على أجود الممتلكات الحبسية‪.‬‬ ‫وقد تم ختم هذه الدراسة بخاتمة عامة لخصت مختلف االستنتاجات‬ ‫واألفكار األساسية التي تم التوصل إليها بالتحري والموضوعية‪.‬‬ ‫وقد ذيلت هذه الدراسة بملحق ضم نماذج من الوثائق المعتمدة‬ ‫في الدراسة‪ ،‬ووضعت معجما للمصطلحات الواردة في المتن‪ ،‬كما أدرجت‬ ‫قائمة للمصادر والمراجع وفهرس عام ضم الجداول والخرائط والصور‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫العدد ‪981‬‬

‫‪11‬‬

‫اشتغال عتبة المقدمة‬ ‫عند األستاذة حسناء داود (‪)4/2‬‬

‫• الدكتور محمد عبد السالم المرابط‬

‫مفهوم عتبة التقديم في الدرس الغربي‬ ‫ينطلق الدرس الغربي الحديث في دراسته المقدمة من ضرورة ضبط خصوصيتها ووظيفتها‬ ‫إزاء المتن والقارئ معا‪ ،‬باعتبار المقدمة أصال واسطة بين الطرفين‪ .‬ويرتهن ذلك بتحديد مفهوم‬ ‫العالقة ونوعيتها بين عالم النص (أي الكتاب) وعالم خارج النص (النصوص الموازية‪ ،‬العتبات‪)...‬‬ ‫وهو موضوع استأثر باهتمام الدراسات النقدية الحديثة في الغرب ضمن ما يعرف بالتفاعالت‬ ‫النصية والعالقات بين النصوص‪ ،‬خاصة مع اكتشاف «باختين» لمفهوم «التناص» عند حديثه‬ ‫عن الحوارية في الرواية‪ ،‬وتعدد األصوات في الخطاب الروائي ‪ ،polifonía del discurso‬قبل‬ ‫أن تكشف كريستيبا عن هذا المفهوم وتستثمره‪ ،‬أو يحدده ريفاتير بأنه إدراك القارئ لعالقات بين‬ ‫أثر أدبي وأعمال أخرى سبقته أو تبعته‪ .‬غير أن الذي ّ‬ ‫نظر لمفهوم الماورانصية أو التعالي النصي‬ ‫‪ transtextualité‬بشكل منهجي‪ ،‬وووضع جهازا مفهوميا لهذا الحقل المعرفي هو «جيرار جنيت»‪.‬‬ ‫يندرج خطاب المقدمات ضمن ما عرفه «جيرار جينيت» في كتابيه ُ‬ ‫«طروس» ‪Palimpsestes‬‬ ‫‪ )(1983‬و «عتـــبــــات» ‪)Seuils (1987‬‬ ‫بـ ‪Paratexte‬أي التوازي النصي‪ ،‬أو النص‬ ‫الموازي‪ ،‬أو المُناص‪ ...‬ويعني هذا المصطلح‬ ‫جميع النصوص التي تحــاذي متن الكتاب‬ ‫وتحيط به من جميع جوانبه من عنوان‬ ‫رئيس‪ ،‬وتجنيس‪ ،‬وعناوين فرعية‪ ،‬وتصدير‪،‬‬ ‫ومقدمة‪ ،‬وحواش‪ ،‬وهوامش‪ ،‬وفهارس‪،‬‬ ‫واستدراكات‪ ،‬وتذييالت‪ ...‬ولم يثر موضوع‬ ‫العتبات بشكل منهجي اهتمام الباحثين إال‬ ‫مع التوسع في البحث في مفهــوم النص‪،‬‬ ‫وتقدم الدراسات في مجال الفكر النقدي‪ ،‬وما‬ ‫واكب ذلك من التطلع إلى اإلمساك بجزئيات‬ ‫النصوص وتفاصيلها واستقصاء أبعادها‪،‬‬ ‫وإدراك العالقات التي تصل فيما بينها «فكان‬ ‫التطور في فهم النص والتفاعل النصي‬ ‫مناسبة أعمق لتحقيق النظر إليه باعتباره‬ ‫فضاء‪ ،‬ومن ثم جاء االلتفات إلى عتباته‪».‬‬ ‫بنى «جيرار جنينت» دراساته بخصوص‬ ‫العالقات النصية على مفهوم التعالي النصي‬ ‫أو «الماورانصية» ‪ La Transtextualité ،‬وقد انطلق في معالجته لهذا المفهوم في كتابه �‪Pa‬‬ ‫‪ limpsestes‬من زاوية نظر خارجية ال تحتفي كثيرا بالمنحى التأويلي‪ ،‬ألن هدفه األساس لم يكن‬ ‫سوى إبراز العالقات التي ينشئها النص مع غيره من النصوص‪ ،‬بمعنى أن التعالي النصي هو «كل‬ ‫ما يجعل النص في عالقة ظاهرة أو ضمنية مع نصوص أخرى» ‪ .‬وقد‬ ‫حدد هذه العالقات في خمسة أنماط هي ‪« .1 :‬التناص» �‪intertex‬‬ ‫‪ ،tualité‬وتعريفه لهذا النمط ال يختلف عن تعريف كريستيبا له أي‬ ‫الحضور الفعلي لنص في نص آخر بتجسيداته الثالثة ‪citation‬‬ ‫‪ la‬الشاهد‪ ،‬و‪ le plagiat‬السرقة األدبية‪ ،‬و ‪l´allusion‬التلميح‬ ‫أواإللماع؛ ‪ .2‬المُناص ‪ paratextualité‬وهو النص الموازي أو‬ ‫النص المصاحب وسنرجئ الحديث عنه ألنه موضوع هذه المداخلة؛‬ ‫‪ .3‬الميتانص ‪ métatexte‬أو النصية الواصفة وتقوم على عالقة‬ ‫التفسير التي تربط نصا بآخر‪ ،‬مثل عالقة النقد أو التعليق بين‬ ‫نصين؛ ‪ .4‬النص الالحق أو النصية المتفرعة ‪،hypertextualité‬‬ ‫وهي عالقة االشتقاق أو التحويل بين نصين‪ ،‬فمثال‪ ،‬عالقة االشتقاق‬ ‫بين رواية «نحن» لـ «زمياتين» السابقة‪ ،‬ورواية «جورج أرويل»‬ ‫الشهيرة «‪ »1984‬وهي الحقة‪ ،‬قائمة دون شك‪ ،‬وإن كان ذلك‬ ‫ال يعني عدم احتفاظ هذا النص األخير باستقالليته؛ ‪ .5‬والنصية‬ ‫الجامعة ‪ l´architextualité‬وهي العالقة األكثر تجردا وضمنية‬ ‫«ألنها تحدد انتماء نص ما في جنس من األجناس األدبية‪ ،‬ومن‬ ‫هنا جاء نعته (أي جنيت) لها بالبكماء تأسيسا على إحالتها األثر على‬ ‫جنس‪ »...‬وتبرز أهمية هذه العالقة في كونها تؤطر النص في‬ ‫نظام معروف سلفا‪ ،‬كما أن إدراك هذه العالقة أساسي في تلقي‬ ‫النص انطالقا من واقع اختالف القراء في تفضيل األجناس األدبية‪.‬‬ ‫وكثيرا ما يستتبع ذلك نوع من التآلف بين النصية الجامعة والنصية‬ ‫المصاحبة لما تمثله األخيرة من إحالة على أجناسية النص (وضع‬ ‫عناوين على الغالف‪ :‬شعر‪ ،‬رواية‪ ،‬مقالة‪ )...‬علما أن النص غير‬ ‫مطالب باإلعالن عن جنسه األدبي إلن األمر‪ ،‬أصال‪ ،‬كما يقول جنيت‪،‬‬ ‫من مهمات القارئ أو الناقد أو الجمهور (أي أن هؤالء هم الذين‬ ‫يحددون جنس النص وليس كاتب النص)‪.‬‬ ‫غير أن «جنيت» كعادته في تقصي الجزئيات بقصد بناء‬ ‫تصورات فكرية ينتهي بها في الغالب إلى نظريات قائمة بذاتها‪،‬‬ ‫وذلك بإشارته في البدء إلى «قضيةٍ ما عَرَضا‪ ،‬و(إعالنه) عن‬ ‫قصوره في تناولها وعجزه عن اإلحاطة بها‪ ،‬ثم ال يلبث أن يعود إليها» فما يزال باحثا ومتقصيا إلى‬ ‫أن تغدو الفكرة مستوية واضحة المالمح؛ أقول‪ ،‬انسجاما مع هذا المسلك أفرد في كتابه «عتبات»‬ ‫‪ Seiuls‬دراسة معمقة للنص الموازي الذي كان قد ألقى عليه نظرة عجلى في «أطراس»‪.‬‬

‫جنيت المواظب‬

‫لقد تميزت أعمال «جنيت» باالستمرارية‪ ،‬واالنتظام المعرفي‪ .‬فهو يعرض في كتابه «مدخل‬ ‫إلى النص الجامع» (‪ )1979‬لمفهوم الشعرية والمتعاليات النصية‪ ،‬بيد أنه ينتابه اإلحساس بعدم‬ ‫استيفاء بحثه لموضوعه فينتقل في «أطراس» (‪ )1982‬إلى مناقشة التفاعل النصي والحوارية بين‬ ‫ّ‬ ‫يُنَظرُ لـ «الماورانصية»‪ ،‬فيسهب في مناقشة مفهوم التعالي‬ ‫النصوص لخلق جهاز مفهومي‬ ‫النصي في كتابه المذكور مستندا إلى دعامتين‪ :‬أوالهما االنطالق من زاوية نظر خارجية بعيدة عن‬ ‫المنحى التأويلي‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬وثانيتهما اعتبار العالقة بين النصوص هي األساس في فهم المتعاليات‬ ‫النصية وضمنها التناص‪ ،‬ومن ثمة تعالت هذه المتعاليات عن الزمان والمكان باعتبارها عالقات‬ ‫حافة بين النصوص تعطي لها معانيها من جهة‪ ،‬وال يدركها إال القارئ من جهة أخرى‪ .‬وبذلك كان‬ ‫الهدف من التنظير لـ «الماورانصية» هو إبراز العالقات التي ينشئها النص مع غيره من النصوص‪،‬‬ ‫كما أشرنا‪ ،‬لينتقل «جنيت» أخيرا في كتابه «عتبات» ‪ Seuils‬من شعرية النص إلى شعرية الكتاب‬

‫حينما دقق مفهوم المُناص وصقله‪ ،‬وحدد حدوده وضبط مبادئه ووظائفه‪ ،‬فكان لذلك الصدى‬ ‫الجيد في الساحة الثقافية التي سرعان ما تلقفت المفهوم ووظفته‪ ،‬فأخرجت مجلة ‪ Poétique‬في‬ ‫يونيو من السنة نفسها التي ظهر فيها الكتاب أي ‪ 1987‬عددا خاصا بهذا الموضوع‪ ،‬وكتب «فيليب‬ ‫الن» كتابه عن «مُناص الناشر» وغير ذلك‪...‬‬ ‫يطلق جنيت على المُناص (النصوص الموازية‪ ،‬العتبات‪ )...‬مصطلح الـ ‪ Paratexte‬ونفهم من‬ ‫كالمه أن سابقة «‪ »para‬إذا كانت تعني في الالتينية الشبيه والمماثل والمساوي والجنيس‪ ...‬فإنه‬ ‫وجدها في اإلنجليزية تدل على الضدية‪ ،‬أي أنها تعني في آن القرب والمجاورة‪ ،‬والبعد واالختالف‪،‬‬ ‫أي أن العتبات بقدر ما هي قريبة من عالم الكتاب هي بعيدة عنه ألنها ليست جزءا منه‪ .‬ونمثل‬ ‫بهذا الصدد بعتبة التقديم عند األستاذة حسناء‪ ،‬فهذه التقديمات وإن شاركت كتب الفقيه داود‬ ‫فضاءها المكاني‪ ،‬فإنه ليس باإلمكان القول بأنها مدمجة فيها ألنها مستقلة بذاتها‪ ،‬وتحمل توقيع‬ ‫كاتبتها ولها قضاياها وتساؤالتها ووظيفتها األساس وهي تهييء القارئ لتقبل متن الكتاب‪ ،‬ومن‬ ‫ثمة ينبغي الحذر في التعامل مع العتبات‪ ،‬وهو‬ ‫ما يقصده جنيت بتحذيره الشهير‪« :‬احذروا‬ ‫العتبات!»‪.‬‬ ‫وهنا يبدأ اإلشكال‪ ،‬ذلك أن القارئ يعد‬ ‫المقدمة مرة جزءا من النص‪/‬الكتاب الذي‬ ‫تصاحبه‪ ،‬ومرة أخرى يعتبرها منفصلة عنه تماما‪،‬‬ ‫علما أن العتبات عامة والمقدمة على رأسها هي‬ ‫«أكثر من حدود‪ ،‬ألنها ليست من داخل الكتاب‬ ‫وال من خارجه وإن تقاسمته الفضاء المكاني»‬ ‫غير أن المؤكد هو أنها عتبة قائمة بذاتها‪ ،‬وإن‬ ‫كان القارئ يشرع منها في معاينة الكتاب‪.‬‬ ‫هذه الوظيفة التي تقوم بها العتبة تفسر لنا‬ ‫لماذا ال يظهر النص الرئيس‪ ،‬إال فيما ندر‪ ،‬عاريا‬ ‫من عتبات نصية أو بصرية تقدمه للجمهور‬ ‫المستهلك‪« ،‬ما عدا في استثناءات قليلة منها‪:‬‬ ‫أن ينتمي النص إلى مرحلة الرواية والمشافهة‬ ‫كما في الثقافة العربية في مراحلها األولى»‬ ‫ألنه من الصعب معرفة النص دون عتباته التي تحاور الجمهور وتتفاعل مع القارئ‪ ،‬وتعمل على‬ ‫دوران الكتاب وتروج له‪ .‬ومن ثمة ال يمكن اليوم تصور نص دون نصوص محاذية تعززه وتسمح‬ ‫بولوجه‪ ،‬وما أشبه ذلك بحال الدار؛ إذ أنه لولوج فنائها ال بد من المرور عبر عتباتها أوال‪.‬‬ ‫ورغم الجهد التنظيرى الذي قام به «جنيت» فقد اعتبر كتابَه‬ ‫«عتبات» مقدمة لوضع نمذجة عامة لدراسة المُناص‪ ،‬وأن‬ ‫«مفاهيمه ومصطلحاته الدارسة له‪ ،‬ووظائفه الجمالية والتداولية‬ ‫لم تكتمل بعد» لما يتميز به هذا المصطلح من حركية مستمرة‬ ‫تشمل المؤسستين النقدية والتجارية‪.‬‬ ‫ونظرا لتشعب الحقل المعرفي الذي يتموقع داخله النص‬ ‫الموازي وتعقد شبكته‪ ،‬وتنوع أشكاله‪ ،‬ومن ثمة تعدد القضايا‬ ‫التي يطرحها؛ وبسبب أن األستاذة حسناء المست كل عناصره‪ :‬من‬ ‫تجنيس‪ ،‬ووضع عناوين رئيسة‪ ،‬وفرعية‪ ،‬وكتابة تعاليق‪ ،‬وهوامش‪،‬‬ ‫ووضع فهارس‪ ...‬فإننا سنحصر البحث‪ ،‬كما أشرنا أعاله‪ ،‬في نموذج‬ ‫واحد من نماذج العتبات أال وهو عنصر التقديم‪ .‬وال بأس أن نشير‬ ‫إلى أننا نركز على التقديم أو المقدمة وليس المدخل ولو أن هذا‬ ‫يتموقع في أول الكتاب مثل المقدمة‪ ،‬وذلك بسبب أن المدخل‬ ‫ليس عتبة بل هو مرتبط بالكتاب‪ ،‬ويكون جزءا منه وهنا الفرق‬ ‫بينه وبين المقدمة‪ ،‬كما يقول شيفر‪ ،‬ألن هذه على عكس المدخل‬ ‫تأتي منطقيا خارج خطاب المتن في حين يعتبر المدخل‪ ،‬كيفما كان‬ ‫وضعه بالنسبة للكتاب‪ ،‬داخل خطابه‪ .‬ونلفت النظر أيضا بالمناسبة‬ ‫جوابا عمن يتساءل عن الفرق بين المقدمة والتقديم أن المراد‬ ‫بهذا المصطلح األخير هو المقدمة الغيرية أي المقدمة التي يكتبها‬ ‫آخرون دون المؤلف كما يفهم من التقديم الذي وضعه عبد الكبير‬ ‫الخطيبي لكتاب عبد الفتاح كليطو األدب والغرابة‪.‬‬ ‫اخترنا‪ ،‬إذن‪ ،‬عتبة المقدمة عند األستاذة حسناء لسببين‪،‬‬ ‫أولهما أن بحث هذا الخطاب دون باقي عناصر المُناص سيساعد‬ ‫على ضبط الموضوع‪ ،‬وتحديد مجاله‪ ،‬وإلقاء المزيد من الضوء على‬ ‫عتبة محددة أهميتها كبيرة في إضاءة المتن‪ ،‬وتأمين قراءة جيدة‬ ‫له‪ .‬ثم ألنها تصاحب النص في منطقة الالحسم‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬مترددة‬ ‫بين الداخل والخارج‪ ،‬فتعضده شرحا وتفسيرا‪ ،‬وتجعل منه كتابا‬ ‫يقترح نفسه بعتباته‪ ،‬ولو أنها ال تصل إلى حد الضرورة لولوج متن الكتاب مثل العنوان أو اسم‬ ‫المؤلف‪ ،‬أو دار النشر‪ ...‬بيد أنها مع ذلك تبقى في النهاية سواء كانت من إنشاء المؤلف أم من تحرير‬ ‫غيره؛ في أول الكتاب أم في وسطه أم في نهايته؛ أصلية أم الحقة أم متأخرة‪ ،‬من صميم خطاب‬ ‫المعرفة‪ ،‬وهو ما يؤهلها ألن تصبح موضوعا للمقاربة والتحليل والتفكيك‪ .‬وأما ثاني السببين فهو‬ ‫كون األستاذة أسست لتراكم على مستوى التقديم‪ ،‬فلم يخل كتاب من كتب أبيها التي أشرفت على‬ ‫نشره‪ ،‬أو من الكتب التي ألفتها أو ترجمتها أو أعدتها للنشر من مقدمة تحمل توقيعها‪ ،‬وهو ما نبه‬ ‫إلى بعض القضايا وأثار بعض األسئلة استرعت طرح سؤال عن جدوى المقدمة عند األستاذة حسناء‬ ‫وضرورتها‪ ،‬وهو‪ ،‬أيضا‪ ،‬مما يدفع إلى مقاربة هذه العتبة عند الكاتبة وضبط خصوصية خطابها‪،‬‬ ‫ووظيفته وعالقته بالمتن المركزي‪ .‬والغرو‪ ،‬فالنصوص الموازية عموما ليست إيجابيتها فيما توفره‬ ‫للقارئ من مساحة تسمح بالتواصل مع النص المركزي وتلقيه جيدا فحسب‪ ،‬ولكن أهميتها في‬ ‫حالتنا تكمن أيضا‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬في كونها نصوصا تطرح بدورها مشاكلها الخاصة وتثير أسئلة تتعلق‬ ‫بمكوناتها وتعدد وظائفها‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫العدد ‪981‬‬

‫من شمال‬ ‫أعالم‬ ‫المغرب‪:‬‬

‫‪12‬‬

‫أحمد بن محمد السعيدي‪:‬‬ ‫الفقيه المدرس‬

‫نسبــه ‪:‬‬ ‫هو السيد أحمد بن محمد السعيدي األنجري نسبة‬ ‫إلى قبيلة أنجرة بشمال المغرب‪ ،‬المطلة على شاطئ‬ ‫البحر األبيض المتوسط‪ ،‬والمقابلة لعدوة األندلس‪.‬‬

‫والدته‪:‬‬

‫ْ‬ ‫نْوَان حوالي‬ ‫ولد رحمه اهلل بقبيلة أنجرة – مدشر أَ ْك‬ ‫سنة ‪1319‬هـ‪1901 /‬م‪.‬‬

‫نشأته و طلبه للعلم ‪:‬‬

‫نشأ بقبيلته أنجرة حيث حفظ القرآن الكريم‪ ،‬ثم‬ ‫ظل يتجول بين مداشرها متنقال بين حلقات شيوخها‬ ‫وأعالمها‪ ،‬ينهل من حياضهم‪ ،‬ويرتشف رحيق علمهم‪،‬‬ ‫إلى أن آنس من نفسه الرغبة في الرحلة إلى فاس قصد‬ ‫إتمام المشوار والتبرك من حلقات جامع القرويين؛‬ ‫فرحل إلى العاصمة العلمية‪ ،‬وظل بها مالزما مجالس‬ ‫علمائها مدة ‪ 12‬سنة‪.‬‬ ‫من مشايخه خالل مراحل تعليمه‪ :‬التهامي كنون‪،‬‬ ‫وأحمد بن الخياط الزكاري‪....‬‬

‫خصالــه ‪:‬‬

‫كان رحمه اهلل كريما شجاعا‪ ،‬لهجا بكلمة الحق‪،‬‬ ‫صنديدا‪ ،‬مدافعا عن المظلوم‪ ،‬قنوعا‪ ،‬أمينا‪ ،‬يحب الخير‬ ‫للناس‪ ،‬يغيث الملهوف‪ ،‬صبورا‪ ،‬تالءا للقــرآن‪ ،‬محبا‬ ‫للسنة‪ ،‬فصيحا‪ ،‬خطيبا مفوها‪...‬‬

‫محنه ومواقفه ‪:‬‬

‫امتحن رحمه اهلل من أجل الدفاع عن كلمة الحق‬ ‫أيام االستعمار اإلسباني‪ ،‬فسجن مرارا وتكرارا‪ .‬وفي‬ ‫فجر االستقالل بعد عودة محمد الخامس من المنفى‬ ‫شَبّتْ في قلبه غيرة على قبيلته لما رأى الخنزير يعيث‬ ‫في أرضها فسادا‪ ،‬وهذا من اإلرث الذي خلفه االستعمار‬ ‫اإلسباني بالمنطقة الشمالية‪ ،‬فزَوَّرَ في نفسه زيارة‬ ‫محمد الخامس بالرباط قصد إطالعه على جلية األمر‪ ،‬واالستنجاد به من أجل رفع الحيف والضرر‬ ‫النازل بأهل القرية‪ ،‬وتمّ األمر‪ ،‬والتقى بالملك وبث إليه شكواه التي قوبلت باالستجابة ورفع‬ ‫الضرر الواقع‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫والهتمامه بالواقع ومجرياته‪ ،‬انخــرط في الحيـــاة‬ ‫السياسية‪ ،‬وأصبح عضوا في حـــزب الوحدة واالستقــالل‬ ‫بتاريخ ‪.1956/07/26‬‬

‫وظائفه ‪:‬‬ ‫التدريس واإلمامة‪ ،‬ولم تعرف له وظيفة تقلدها‬ ‫غيرها‪ ،‬فقد كان وفيا لتعليم الطلبة‪ ،‬وظل على تلك الحال‬ ‫إلى أن توفي‪.‬‬

‫شهادة فيه ‪:‬‬ ‫قال األستاذ محمد العشيري وهو أحد تالمذته‪ :‬كان‬ ‫رحمه اهلل عنيدا‪ ،‬صنديدا‪ ،‬يتج ّلد في طلب الحق‪ ،‬ولذلك‬ ‫سُجن مرارا من قبل قائد أنجرة والمراقب اإلسباني ‪...‬‬ ‫كالمه كثير اإلبهام والغموض‪ ،‬ولذلك كان يقال عنه‪:‬‬ ‫ع ْلمهُ َذ َكر‪.‬‬

‫من كالمه ‪:‬‬ ‫القرآن حقيقة مجردة‪ .‬ويقول‪ :‬مثل الذي يقرأ القرآن وال‬ ‫يفهم معناه كمثل طير على غصن شجرة يحكي األصوات‬ ‫وال يدري معناها‪.‬‬

‫كتاباته ‪:‬‬ ‫لم يكن رحمه اهلل ذا ولع بالكتابة‪ ،‬سوى تأليف جمعه‬ ‫في جزئين يدافع فيه عن السنة‪ ،‬سماه‪( :‬النبال المهندة في‬ ‫نحور من عارض الكتاب والسُّنّة)‪ ،‬رأيت منه الجزء األول‬ ‫ببعض المكتبات الخاصة‪ ،‬وأملك مصورة عنه‪.‬‬

‫وفاته ‪:‬‬ ‫وظل كذلك رحمه اهلل في نشاط دائم و حيوية متواصلة‬ ‫إلى أن لقي ربه خالل شهور سنة ‪1396‬هـ‪1976/‬م‪.‬‬

‫مصادر الترجمة ‪:‬‬ ‫ معلومات شفهية عن تلميذه األستاذ محمد العشيري‪.‬‬‫‪ -‬وثائق خاصة‪ ،‬أطلعني عليها أحد أوالده‪.‬‬

‫جمعية الحياة الثقافية والفنية بالفقيه بن صالح ‪،‬‬ ‫تكرم رائدين من روادها‬

‫بالمركب الثقافي بمدينة الفقيه بن صالح ‪ ،‬تم يوم السبت ‪ 09‬فبراير ‪ 2019‬تنظيم حفل‬ ‫الوفاء لثالثة عقود من العطاء الجمعوي والفني والثقافي ‪ ،‬تكريما لرائدين سامقين من رواد الفكر‬ ‫الجمعوي الرائد الرصين‪ ، ‬هما األستاذ األلق‪ ‬عبد اللطيف نجيب وزوجته األستاذة فاطمة أكال‪ ،‬حفل‬ ‫بهيج حضرته فعاليات من جمعيات المجتمع المدني ‪ ،‬وعوائل وأصدقاء المحتفى بهما ونخبة المعة‬ ‫من نساء ورجال الفكر والثقافة ‪ ،‬بإقليم الفقيه بن صالح والمدن المجاورة ‪..‬‬ ‫هذا وقد تميزت مجريات الحفل البهيج بعدة فقرات مغرية أخاذة ‪ ،‬من أهمها توقيع مؤلف في‬ ‫مجال الكتابة المسرحية تحت عنوان «الشاب حيران ومسرحيات اخرى» من لدن مبدعه األستاذ‬ ‫عبد اللطيف نجيب عريس هذا الحفل الرائق ‪ ،‬فكلمة رئيس الجمعية األستاذ المتألق أحمد قرقوري‬ ‫المعروف في كل ربوع اإلقليم والجهة ‪ ،‬بروعة أدائه في مجال االغنية الملتزمة ‪ ،‬فشهادات نيرة‬ ‫في حق المحتفى بهما ‪ ،‬جادت بها قريحة العديد من اصدقاء دربهم الجمعوي الفني ‪ ..‬توبع الحفل‬

‫بوصلة شيقة من فن الموشحات العربية األصيلة ‪ ،‬األكثر طالوة ورقة وعذوبة ‪ ،‬من أداء فرقة صول‬ ‫للموسيقى ‪ ..‬‬ ‫تخلل الحفل حوار شيق مفتوح مع المحتفى بهما من إبداع األستاذ المتألق والمؤطر التربوي‬ ‫األستاذ برناكي البوعزاوي فوصلة من القصائد الشعرية العذبة السلسة ‪ ،‬جادت بها قريحة‬ ‫العديد من شاعرات وشعراء مدينة الفقيه بن صالح ‪ ،‬هم الشاعرتان فاتحة سعيد و نعيمة الرامي‪ ‬‬ ‫فالشاعران إدريس الطالبي و الحسين ناجين‪ .‬هذا وقد اختتم الحفل البهيج بتوزيع الهدايا على‬ ‫المحتفى بهما في جو من التصافي والود والتآخي ‪ ،‬ليختتم هذا النشاط الجمعوي األكثر من رائع‬ ‫بحفل شاي على شرف الجميع ‪...‬‬

‫عبد الحفيظ الحاجي‪ ‬‬


‫العدد ‪981‬‬

‫كرات‪:‬‬

‫مذ‬

‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫أحياء تحت األرض‬ ‫غير أموات‪!!..‬‬

‫إذا نزَ َلتِ الطبيعة بثقلها المعهود بأرض «موريال كندا»‪ ،‬كأنه اليوم المستطير‪،‬‬ ‫رياح عاصفة عصفا‪ ،‬هوجاء‪ ،‬أسقطت الشجر والورق غصبا‪ ،‬وشتاء ماطر من السماء مدرار‬ ‫مدرار‪ ..‬وثلوج عارمة كأنها جبال اجثتت واهتزت وربت‪ ،‬ونزلت ندفا كست األرض بياضا‪،‬‬ ‫وغطت السطوح واألشجار الباسقة‪ ،‬فسبحان اهلل العظيم مما خلق وأعطى‪ ،‬لو أن الثلوج‬ ‫نزلت دفعة واحدة لتجمد كل كائن‪ ،‬والسيارات الفاخرة‪ ،‬ومألت جوانب الطرق بياضا‪،‬‬ ‫لكن الشوارع خاوية من الثلوج‪ ،‬ألن كاسحات الثلوج لمتها جباال في زاوية‪ ،‬لتحملها‬ ‫الشاحنات خارج المدينة‪ ،‬يقول اإلنسان الحدق‪ ،‬أين المفر وال وزر إلى المدينة السفلية‪،‬‬ ‫تحت األرض‪ ،‬كل االحتياطات لتدفئة الجسم واهية‪ ،‬ال تفي بالدفء المطلوب‪ ،‬والشوارع‬ ‫تتعرض لغضب الطبيعة‪ ،‬فأصبحت مهجورة‪ ،‬كأنها مدينة األموات‪ ،‬ال يرى اإلنسان فيها‬ ‫شمسا وال زمهريرا‪ ،‬قست الطبيعة فأصبح الطقس ما بين ‪ 45-30‬درجة‪ ،‬تحت الصفر‪،‬‬ ‫حيث التجمد لمياه األنهار والبحيرات‪ ،‬تمر ساعات طوال‪ ،‬قيل أن الشاحنة المحملة تمر‬ ‫على سطح النهر المتجمد ولن تغرق صلة متينة‪ ،‬طوال على هذه الحال تندثر الغيوم‪،‬‬ ‫وتنقطع الشتاء‪ ،‬وتسطع الشمس في األفق‪ ،‬تبعث بالدفء‪ ،‬ويعود الطقس الجميل واحدا‬ ‫تحت الصفر‪ ،‬كأن شيئا لم يكن‪ ،‬ومهما كان‪ ،‬فالطرق والمسالك مهيأة من زمان‪ ،‬المياه‬ ‫والثلوج الذائبة تجري إلى مستقر لها‪ ،‬تصب في األنهار صبا‪ ،‬ولم تعد الطبيعة تموج‬ ‫رحاها كما أرادت‪ ،‬ال يعوقها شيء في األرض من السماء‪ ،‬فاإلنسان الذكي هذا ال يضيع‬ ‫وقته وال ينتظر عودة الطبيعة الهوجاء إلى حالها‪ ،‬خريف وشتاء في آن واحد وثلوج عمد‬ ‫إلى ما يمكن أن يقضي حاجياته‪ ،‬ويعود إلى دياره سالما غانما‪ ،‬أبدع اإلنسان مدينة‬ ‫جديدة ذات طبق فوق طبق‪ ،‬ال سيارات وال حافالت وال شاحنات وال أضواء كاشفة‪ ،‬ال‬ ‫كاميرات مراقبة‪ ،‬وال إشارات مرور‪ ،‬مدينة فتحت أبواب متاجر ومطاعم ومقاهٍ‪ ،‬يتجول‬ ‫المرء بينها طالبا راغبا متسوقا كأنه في المدينة العاتمة‪ ،‬نهارها كليل دامس‪ ،‬وجدت‬ ‫بالمدينة الجديدة تحت األنفاق والقبور‪ ،‬مدينة تنعم بالحيوية والنشاط‪ ،‬فما عليك‬ ‫إال أن تأخذ المصاعد العمالقة وهي تتسع لعشرة ركاب تنزل بك إلى أسفل سافلين‪،‬‬ ‫طبقة أولى حتى الثانية تلبي رغبتك‪ ،‬في أي طابق تريد التسوق‪ ،‬ومقاهٍ فاخرة ومطاعم‬ ‫رتيبة نظيفة‪ ..‬تحاكي مطاعم بالد المغرب وإيطاليا ولبنان وتركيا والصين‪ ،‬لك الخيار‬ ‫في اختيار ما يليق بذوقك وتشتهي نفسك‪ ،‬ومتاجر بكل أصناف المالبس التي ترغب‬ ‫شراءها‪.‬‬ ‫فالسكان بهذه البالد مهوسون بالثراء وتغيير اللباس‪ ،‬كل موسم‪ ،‬ومالبس السنة‬ ‫أو الفصل الفائت يرمونها بصناديق خاصة جنبات الشوارع‪ ،‬تعمل شركة على جمعها‬ ‫وتغليفها وتجمعها وتصدرها إلى الدول الفقيرة‪ ،‬مقابل دراهم معدودات‪.‬‬ ‫كل الشباب‪ ،‬همهم ما جد في موديالت المالبس وأحسنها‪ ،‬هم دائما يفضلون‬ ‫االقتراض من البنك مادامت البطاقة اإللكترونية صالحة االستعمال تقطع من أجرته‬

‫بقلم ‪ :‬عبد الرحيم ابن جلون *‬

‫الشهرية كل ما اقترض على أقساط وبفائدة ضئيلة‪ ،‬ألنه زبون دائم‪./‬‬

‫كيف هذه المدن‬ ‫هي طوابق علوها ستة أمتار‪ ،‬طولها آالف األمتار وعرضها ‪ 10‬أمتار‪ ،‬اصطفت‬ ‫جوانبها أماكن التسوق‪ ،‬تعلن فتيات جميالت بواجهاتها تخفيض من ‪ 20‬في المائة‬ ‫إلى ‪ ،70‬تغري المشتري باقتناء المنتوج‪ ،‬ومتاجر أخرى إن اشتريت بذلة واحدة تُمنح‬ ‫لك الثانية مجانا‪ ،‬إلى غير ذلك من اإلغراءات‪ ،‬وقد اشتريت بذلتين‪ ،‬دفعت ثمنهما‬ ‫وربحت ثالثة مجانا‪ .‬المتاجر مزينة باألضواء وبشجيرات «الصابا» استعدادا بانتهاء سنة‬ ‫ميالدية واستقبال سنة جديدة ‪.2019/2018‬‬

‫الكل يحمل أكياساً بما اشترى‬ ‫مدن بها أحياء شيدت تحت أرضية‪ ،‬مرآب السيارات يسع آلالف السيارات‪ ،‬ينزل‬ ‫أصحابها إلى المدن الحديثة على عمق ‪ 49‬مترا‪ ،‬تحت سطح األرض‪.‬‬ ‫عقل جني من بنى هذه المدن بها كل التجهيزات ماء كهرباء مراحيض عامة‪ ،‬مركز‬ ‫رجال اإلطفاء‪ ،‬مركز لإلسعاف‪ ..‬إنها مدن تحت المقابر‪ ،‬كأن األموات قاموا وانتشروا‬ ‫بهذه المدن‪ ،‬ما عليك إال أن تتذكر المدخل الذي دخلت منه والطابق الذي تتواجد فيه‪،‬‬ ‫وإال ستدور في فلك لن تجد منه مخرجا‪ ،‬وأفضل مساعد لك هاتفك النقال‪ ،‬يرشدك إلى‬ ‫االتجاه الصحيح‪ ،‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬توجد وسط كل مدينة خريطة بالمسالك واالتجاهات‪،‬‬ ‫فعليك‪ ،‬فقط‪ ،‬أن تضغط على زر ليفتح لك تصميم الطابق ويرشدك إلى أقرب طريق‬ ‫للخروج‪ ،‬فإن تأخرت عن الخروج بعد الخامسة مساء وصعدت المرآب تجد ظالما دامسا‬ ‫ومدينة هاجر سكانها وال ترى إال بعض السيارات تجوب الشوارع‪.‬‬ ‫وأغرب المطاعم‪ ،‬المطعم الصيني‪ ،‬حيث الضفادع مقلية في الزيت وبعض الحشرات‬ ‫الزاحفة مطبوخة مع توابل ورائحة جيدة‪ .‬تجوب الشرطة شوارع المدينة لإلرشاد‪ ،‬ألن‬ ‫األمن في أوجه‪ ،‬ال متسولين وال متشردين‪ ،‬وال سكارى‪ ،‬يمنع بيع الخمر وشربه‪ .‬ال أماكن‬ ‫للصالة والعبادة‪ ،‬المقاعد وثيرة على جوانب الشوارع للراحة‪ ،‬حاويات األزبال منتشرة‪،‬‬ ‫منقسمة إلى ثالث فئات من األزبال‪ ،‬صندوق للورق‪ ،‬صندوق لقناني المشروبات الغازية‬ ‫الفارغة‪ ،‬وقنينات الماء الفارغة‪ ،‬وصندوق للمالبس المتخلى عنها‪ ..‬بجانب المراحيض‪،‬‬ ‫مكان خاص بالعجزة‪ ،‬وغرفة للنساء لتغيير حفاظات الرضع‪ ،‬والماء دافئ في كل الحنفيات‬ ‫للنظافة‪ ،‬وسقايات الماء البارد خاص للشرب‪.‬‬ ‫إنها أحياء وشوارع تحت سطح األرض‪ ،‬يجول بها أناس لم تأخذهم سنة وال نوم‪،‬‬ ‫ولم تهزم الطبيعة بكل ثقلها عزيمتهم‪.‬‬


‫العدد ‪981‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجة‬

‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫الدعوة إلى الرفق‬ ‫ونبذ العنف وخاصة ضد النساء ‪2/1‬‬

‫من اخل�صال الأخالقية التي يجب �أن حتكم �سلوكنا عندما نتعامل مع الآخرين‪:‬‬ ‫اللني‪ ،‬واملرونة‪ ،‬والرفق بالآخرين ومداراته‪ ،‬وهي كلها �صفات حتمل معنى واحد ًا‪،‬‬ ‫ومدلو ًال واحد ًا‪ ،‬ومغزى واحد ًا‪ ،‬ومعناها‪� :‬أن يكون ال�شخ�ص عندما يتعامل مع الآخرين‬ ‫َاعماً‪َ ،‬لينِّ َ َّ‬ ‫َهادِ ئ ًا ‪ ،‬لَطِ يف المْ ُ َعا�شرَ َ ةِ‪ ،‬ن ِ‬ ‫الط ْب ِع‪� ،‬سهل التعامل ‪�َ ،‬سلِ�س اخلُ لُق‪ ،‬ولي�س‬ ‫فظ ًا �أو غليظ ًا �أو قا�سي ًا �أو �شديد ًا �أو �صعب ًا �أو حاد ًا‪�.‬أن يكون لينّ َ اجلانب بالقول‪،‬‬ ‫والفعل‪ ،‬و�أن يداري النا�س‪ ،‬وي�أخذ الأمور بلطف وي�رس بعيد ًا عن التعقيد وال�شدة حتى‬ ‫و�إن عاملوه بها‪ ،‬فيقابل العنف بالرفق وال�شدة بالليونة‪.‬‬ ‫ومعنى �أن يكون الإن�سان رفيق ًا ولّني اجلانب بالقول‪� :‬أن يكون هادئ ًا يف كالمه‪� ،‬إذا‬ ‫حتدث مع النا�س يتحدث بهدوء وبلطف و�صوت منخف�ض عادي‪ ،‬ولي�س ب�رصاخ �أو‬ ‫بعجرفة �أو تكرب وا�ستعالء‪� ،‬أو بطريقة يهني فيها ال�شخ�ص الآخر ويجرح فيها م�شاعره‬ ‫و�أحا�سي�سه وكرامته‪ ،‬خ�صو�صا �أمام الآخرين وبح�ضورهم‪.‬‬ ‫على الإن�سان �أن ينتقي كلماته وال يقول جزاف ًا �أو فح�ش ًا �أو كالم ًا بذيئ ًا �أو ُمهيناً‪ ،‬لأن‬ ‫البع�ض قد ي�سرت�سل بالكالم فيتحدث بكل ما يخطر يف باله وبكل ما مير على ل�سانه حتى‬ ‫ولو كان بذيئ ًا �أو غري منا�سب‪ ،‬خ�صو�صا اذا غ�ضب وانفعل وثارت �أع�صابه �أو �ضاق‬ ‫�صدره‪.‬حتى عندما يريد �أن يواجه خ�صومه وعدوه ‪ ،‬عليه �أن يكون لين ًا عندما يكلمهم‬ ‫�أو يدعوهم الى �شيء‪ ،‬كما قال الله تعالى عندما �أر�سل مو�سى وهارون الى فرعون‬ ‫الطاغية وامل�ستكرب وامل�ستعلي واجلبار الذي كان يقول‪� :‬أنا ربكم الأعلى فقد قال الله‬ ‫تعالى لهما‪ْ :‬اذ َه َبا �إِلَى فِ ْر َع ْو َن �إِ َن ُّه َطغَ ى ‪َ ،‬ف ُقولاَ ل َُه َق ْو ًال َل ِّين ًا ل َ​َع َل ُّه َي َت َذ َّك ُر �أَ ْو َي ْخ َ�شى)‪.‬‬

‫ولني اجلانب بالفعل‪ :‬يعني عندما يتعامل ال�شخ�ص مع النا�س يتعامل معهم ويت�رصف‬ ‫بهدوء ولطف‪ ،‬ولي�س ب�شدة وعنف‪ ،‬يكون �سل�س ًا مع النا�س‪� ،‬سهل التعامل‪ ،‬ويبتعد‬ ‫عن التهديد والتعنيف والتخويف والرتهيب وال�رضب و�إيذاء النا�س �أو رفع ال�سالح �أو‬ ‫اطالق النار‪ ،‬حتى لو �أخط�أ �أحدهم �أمامه‪� ،‬أو �أ�ساء اليه �أحد‪� ،‬أو ا�ستفزه �أحد‪ ،‬يكون‬ ‫�سمح ًا ولي�س عنيف ًا يبادر فور ًا الى فعل فيه �شدة وغلظة‪ .‬لأن البع�ض قد يكون عنيف ًا‬ ‫فيعتدي وي�رضب ويك�سرَ ‪ ،‬وقد ي�سحب ال�سالح يف وجه الآخرين ويطلق النار‪ ،‬ويتحول‬ ‫�إلى �شخ�ص �رشير يف بيته ومع جريانه ويف ال�شارع‪ ،‬يرعب النا�س ويخيفهم‪ ،‬وهذا‬ ‫ال يجوز‪ ،‬ف�إن من �أقبح و�أب�شع الأعمال التي يرتكبها الإن�سان هو �أن يتحول ب�أعماله‬ ‫وت�رصفاته و�سلوكه �إلى �إن�سان �رشير تخافه النا�س وتهابه ل�رشه وق�ساوته وعدوانيته‪.‬‬ ‫الإن�سان العاقل‪ ،‬ف�ضال عن امل�ؤمن امللتزم‪ ،‬يجب �أن يكون لينا يف القول والفعل‬ ‫وال�سلوك واملمار�سة العملية‪ ،‬وقد روي َعنِ ال َّنب ِِّي �صلى الله عليه و�سلم �أنه َقالَ ‪:‬‬ ‫يب مِ َن الن ِ‬ ‫«ح ِّر َم َعلَى النَّارِ كُ لُّ َهينِّ ٍ َلينِّ ٍ َ�س ْهلٍ َقرِ ٍ‬ ‫َّا�س»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الها؛ لأَن َُّه َدلِيلُ‬ ‫ال�صـف ِ‬ ‫الر ْف ِق مِ ْن �أَ ْع َظ ِم الأَ ْخ ِ‬ ‫َات َو�أَ ْع َ‬ ‫الق َو�أَ ْ�س َم َ‬ ‫اها‪َ ،‬و�أَ َجلِّ ِّ‬ ‫�إن ُخل َُق ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّفْ�س‪َ ،‬وت َ​َوافرِ الحْ ِ كْ َمةِ ‪ ،‬بِهِ ت ُْد َر ُك َعظائ ُِم الأ ُمورِ ‪َ ،‬و َع ْن طرِ يقِهِ‬ ‫َو ْف َرةِ ال َْعقْ لِ ‪َ ،‬و ُه ُدوءِ الن ِ‬ ‫َات الأَ ْب َو ِ‬ ‫اب‪.‬‬ ‫ُتفْ ت َُح ُمغْ َلق ُ‬ ‫يع َ�أ ْح َوا ِلنَا‪ ،‬فيِ َمن َْ�شطِ نَا َو َمكْ َرهِ نَا‪،‬‬ ‫الر ْف ِق َين َْبغِ ي �أَ ْن َيكُ َ‬ ‫ون َحا�ضرِ َ ا َب ْي َننَا فيِ َجمِ ِ‬ ‫�إِ َّن ُخل َُق ِّ‬ ‫ام ِلنَا َم َع �أَ ْهـ ِلنَا‬ ‫فيِ ُع�سرْ ِ نَا َو ُي�سرْ ِ نَا‪َ ،‬وكَ َذلِكَ فيِ َجمِ ِ‬ ‫امال ِتنَا‪َ .‬ففِي ت َ​َع ُ‬ ‫يع َج َوان ِ​ِب َح َيا ِتنَا َوت َ​َع ُ‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫محمد كنون احل�سني‬

‫الر ْح َم ُة َعلَى ُر�ؤ ِ‬ ‫ام ِلنَا‬ ‫ُو�سنَا‪َ ،‬فخَ يرْ ُ كُ ْم َخيرْ ُ كُ ْم لأَ ْهـلِهِ ‪َ ،‬وفيِ ت َ​َع ُ‬ ‫َين َْبغِ ي �أَ ْن ت َُر ْفرِ َف المْ َ​َو َّدةُ َو َّ‬ ‫املُ َم َع وا ِل َد ْينَا‬ ‫فِيما َب ْي َننَا‪َ ،‬و َع ْن َد َما َنت َ​َع َ‬ ‫الر ْف ُق َوالل ُّْط ُف ِبنُورِ هِ َما َ‬ ‫َم َع �أَ ْطفَا ِلنَا َين َْبغِ ي �أَ ْن َي ِ�ش َّع ِّ‬ ‫تل َِّيا ِتهِ َما‪ (:‬وق�ضى ربك �أال تعبدوا‬ ‫الر ْف ُق َحا�ضرِ َ ْينِ فيِ �أَ ْع َظ ِم جَ َ‬ ‫َف َين َْبغِ ي �أَ ْن َيكُ َ‬ ‫ون ال َّتل َُّط ُف َو ِّ‬ ‫�إال �إياه وبالوالدين �إح�سانا‪� ،‬إما يبلغن عندك الكرب �أحدهما �أو كالهما‪َ ،‬فلاَ َت ُق ْلل َُه َما ُ�أ ٍّف‬ ‫ميا )‪،‬‬ ‫َولاَ َتن َْه ْر ُه َما َو ُقلْ ل َُه َما َق ْولاً كَ رِ ً‬ ‫وحني نتعامل مع ن�سائنا‪ ،‬يجب �أن يكون اللطف واللني حا�رضا معنا‪ ،‬م�صاحبا‬ ‫لكالمنا و�سائر ت�رصفاتنا‪ ،‬فمن النا�س من يعتقد �أن العنف والت�شدد هما �أ�صل االحرتام‬ ‫والتقدير وهما منبعا التفريق والت�شتيت‪.‬‬ ‫ون‬ ‫ار‪َ ،‬ف�إِن َُّه ال ُب َّد َلنَا مِ ْن �أَ ْن نَكُ َ‬ ‫ِين َي ْع َمل َ‬ ‫ام ِلنَا َم َع ا َّلذ َ‬ ‫�أَ َّما فيِ ت َ​َع ُ‬ ‫ُون فيِ ُب ُيو ِتنَا ل َْيلَ ن َ​َه َ‬ ‫ْف‪َ ،‬و َذلِكَ لأَ َّن ُطولَ الْعِ �شرْ ةِ َوكَ رْ َ‬ ‫املِ َم َع ُه ْم ِبفَظاظةٍ َو ُعن ٍ‬ ‫ث َة‬ ‫َحذِرِ َ‬ ‫ين كُ لَّ الحْ َ َذرِ مِ َن الت َ​َّع ُ‬ ‫ري َواخلَ َط�أِ مِ ن ُْه ْم‪،‬‬ ‫وع ال َّتقْ ِ�ص ِ‬ ‫الت َ​َّع ُ‬ ‫املِ َم َع ُه ْم‪َ ،‬وت َ​َع ُّد َد َما ُيزَ اوِ لُون َُه مِ ْن �أَ ْع َمالٍ ‪َ ،‬مظِ ن ٌَّة ل ُِو ُق ِ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫فْ‬ ‫الر ْف ِق؛ َف�إِ َّن فيِ َذلِكَ َما ِفيهِ‬ ‫ِ‬ ‫ةِ‬ ‫ُ‬ ‫لمْ‬ ‫َف ُهنَا َعل َْينا �أ ْن ن َْحرِ َ‬ ‫ام َح َوال َّتلَطف َو ِّ‬ ‫�ص َعلَى ال َْع وِ َوا َ�س َ‬ ‫املِهِ َم َع َم ْن َي ْخد ُِم ُه؛ َف َع ْن �أَن ِ‬ ‫َ�س ْبنِ‬ ‫مِ َن الأَ ْجرِ َوال َّث َو ِ‬ ‫اب‪َ ،‬وفِيهِ ْاقـ ِت َد ٌ‬ ‫اء ب َِر ُ�سولِ اللهِ فيِ ت َ​َع ُ‬ ‫ِني‪َ ،‬واللهِ َما َقالَ يِل‪� :‬أُ ًّف َق ُّط‪َ ،‬وال َقالَ يِل‬ ‫َمالِكٍ ‪َ ،‬قالَ ‪َ :‬‬ ‫(خ َد ْم ُت َر ُ�سولَ اللهِ َع�شرْ َ ِ�سن َ‬ ‫ال َف َعل َْت كَ َذا؟)‪َ ،‬و مَ ْ‬ ‫ل َِ�ش ْيءٍ ‪ :‬مِ َ‬ ‫ل َف َعل َْت كَ َذا؟ َو َه َّ‬ ‫الر ْف ِق بِال َْب�شرَ ِ َف َح ْ�س ُب‪،‬‬ ‫الم َعلَى ِّ‬ ‫ل َي ُح َّث الإِ ْ�س ُ‬ ‫الر ْف ِق ِبالحْ َ َي َو ِ‬ ‫ان الأَ ْع َج ِم‪َ ،‬فن َ​َهى �أَ ْن ُيتَّخَ َذ َه َد ًفا ُي ْر َمى‪َ ،‬فق َْد َم َّر َعلَى‬ ‫َبلْ َح َّث كَ َذلِكَ َعلَى ِّ‬ ‫ون كَ ْب ً‬ ‫�أُن ٍ‬ ‫ِالب َهائ ِ​ِم»‪.‬‬ ‫َا�س َو ُه ْم َي ْر ُم َ‬ ‫ـ�شا بِالن َّْبـلِ ‪َ ،‬فكَ رِ ِه َذلِكَ َو َقالَ ‪« :‬ال تمُ َ ِّثـلُوا ب َ‬ ‫حتى يف تعاملنا مع غري امل�سلمني‪ ،‬نتعامل برفق ولني لنعطيهم �صورة عن �أخالق‬ ‫الإ�سالم ‪ ،‬و�أخالق امل�سلمني‪.‬‬ ‫االجت َِم ِ‬ ‫ال�سوِ َّي ُة �إِ َّال‬ ‫الر ْف َق َوالل َ‬ ‫ِّني مِ َن امل َ​َطال ِ​ِب احلَ َيات َِّيةِ َو ْ‬ ‫� َّإن ِّ‬ ‫ِيم احلَ َياةُ َّ‬ ‫اع َّيةِ التِي َال ت َْ�س َتق ُ‬ ‫ُو�س‪َ ،‬ويمَ ْ لكُ‬ ‫ب َِها‪َ ،‬ي َت�أَل ُ‬ ‫املودةَ وامل َ​َح َّب َة َوالإِ ْجالَلَ ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُوب‪َ ،‬و َت ْنق ُ‬ ‫َّف بِهِ امل َْر ُء ال ُقل َ‬ ‫َاد ل َُه ال ُّنف ُ‬ ‫ني؛‬ ‫ريانِهِ َو�أَ ْ�ص َحابِهِ َو�إِ ْخ َوانِهِ املُ ْ�سلِمِ َ‬ ‫املَةِ �أَ ْهلِهِ َو ِج َ‬ ‫للم ْرءِ �أَ َب ًدا مِ َن الت َ​َّحلِّي بِهِ فيِ َم َع َ‬ ‫و َال ِغنَى َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يح مِ ْن َحد ِ‬ ‫الله َعزَّ َو َجلَّ ِب�أ ْهلِ‬ ‫الله َعن َْها �أن َُّه َقالَ ‪�« :‬إِ َذا �أ َر َاد ُ‬ ‫ِيث َعائ َِ�ش َة َر ِ�ض َي ُ‬ ‫ال�صحِ ِ‬ ‫َوفيِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫أحمد‪.‬‬ ‫الر ْف َق» رواه � ُ‬ ‫َب ْي ٍت َخيرْ ً ا �أ ْد َخلَ َعل َْيهِ ُم ِّ‬

‫ْف َوالف َ​َظ َ‬ ‫اظ َة َما َف َ�شتَا فيِ مجُ ْ ت َ​َم ٍع مِ َن املُ ْجت َ​َم َع ِ‬ ‫العن َ‬ ‫ات �أَ ْو ُ�أ�سرْ َ ةٍ مِ َن الأُ�سرَ ِ‬ ‫و�إِ َّن ُ‬ ‫�إ َّال َّ‬ ‫عت َب ْين َُه ْم حبالُ‬ ‫اء‬ ‫عالئق‬ ‫وف�سدت‬ ‫ال�صلَةِ ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫تقط ْ‬ ‫البغْ َ�ض ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫املحبةِ والأُ َّ‬ ‫خوةِ ‪َ ،‬و َ�س َاد ِت َ‬ ‫الو ْح َ�ش ُة؛ َفلنجعل من الرفق �شعارنا يف بيوتنا ويف �شوارعنا ويف نوادينا‪ ،‬ويف‬ ‫َو َ‬ ‫ل َ�ش ْيـ ًئا مِ َن ال َْو َظائ ِ‬ ‫فعلَى َم ْن َو يِ َ‬ ‫ِف �أَ ْن َيترَ َ َّف َق مِبن يلج�أون �إليه ويطلبون‬ ‫�إداراتنا‪َ ،‬‬ ‫امال ِتهِ ْم‪َ ،‬و َين َْبغِ ي على من يتجه للإدارات‪،‬‬ ‫ور ُه ْم َو ُي َ�س ِّهـلَ ُم َع َ‬ ‫حاجتهم عنده َو ُي َي�سرِّ َ �أُ ُم َ‬ ‫لق�ضاء م�آربه �أن يتعامل برفق وح�سن مع من يقابله‪ ،‬وال يتفوه بكالم عنيف �أو �ساقط‬ ‫ون مِ ن ُْه ْم‪،‬‬ ‫ب ْن َيت َ​َعل َُّم َ‬ ‫يف حق من يقابله ويق�ضي م�آربه‪َ ،‬و َعلَى المْ ُ َعلِّمِ َ‬ ‫ني �أَ ْن َيترَ َ َّفقُوا مِ َ‬ ‫َو َعلَى َّ‬ ‫َا�ضي �أَ ْن َيترَ َ َّف َق بِاملُ تَخَ ِ‬ ‫ي�ض ا َّلذِي ُي َعالجِ ُ ُه‪َ ،‬و َعلَى ا ْلق ِ‬ ‫ِيب �أَ ْن َيترَ َ َّف َق ِبالمْ َرِ ِ‬ ‫الطب ِ‬ ‫ا�ص َمينْ ِ‬ ‫َحتَّى َيقْ ِ�ض َي ِبالحْ َ ِّق َب ْين َُه َما‪َ ،‬و ُي ِ‬ ‫ُوق ِ�إلَى �أَ ْ�ص َحاب َِها‪ ،‬وعلى رب العمل �أن يرفق‬ ‫و�صلَ الحْ ُ ق َ‬ ‫بالعامل وعلى العامل �أن يتلطف مع من ي�شغله‪َ ،‬ف ِ�إ َّن َم ْن َ�ش َّق َعلَى الن ِ‬ ‫امال ِتهِ ْم‬ ‫َّا�س فيِ ت َ​َع ُ‬ ‫الله بِهِ ‪.‬‬ ‫الله َعل َْيهِ ‪َ ،‬و َم ْن َر َف َق بِهِ ْم َر َف َق ُ‬ ‫َ�ش َّق ُ‬


‫العدد ‪981‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫نبش في الذاكرة بحث ًا عن َلحظات عابرة وأشياء غابرة‬ ‫• محمد وطاش‬

‫‪oitache@hotmail.com‬‬

‫يزخر الرتاث األدبي العربي القديم بالطرائف والنوادرالغنية باملواعظ والعرب والحكم‪.‬‬ ‫ومن أشهر الكتب التي تحتوي على هذه النوادر والطرائف ‪ :‬كتب الجاحظ وخاصة رسائله ‪ ،‬وكتاب الثعالبي «خاص الخا ّص»‪ ،‬وكتاب «األغاني» ألبي فرج األصفهاني‬ ‫وكتاب «املستطرف من كل فن مستظرف» لألبشیهي‪ ،‬وغريها كثري‪.‬‬ ‫ومما یلفت النظر أن القارئ حنی یقرأ هذه النوادر والطرائف یستسیغها ویقبل علیها بشغف ویطلب االستزادة‪ .‬ومن املعروف أیضا أن مثل هذه الطرائف تزخر‬ ‫بالدالالت الرامزة أو الصریحة فضال عن العمق املعنوي واإليحاء والتكثيف بروح ساخرة تثري بسمة القارئ وتدفعه للتأمل و أخذ العربة واملوعظة الحسنة‪.‬‬ ‫ف «الطرفة‪ /‬النادرة» كما تعرفها املعاجم املختصة «أي حدث شخصي محدود أو ّقصة قصریة»‪ ،‬ويف تعريف موجز هي «القليل الذي يحتوي على الكثري» ‪ .‬وهي غالبا ما‬ ‫تأتي سهلة يف اإللقاء مستساغة يف السمع‪.‬‬ ‫فالطرائف والنوادر تقوم أحيانا كثرية على أساس النقد وتتميز بالخروج عن املألوف‪ ،‬و من خصائصها الخفة والظرافة؛والنوادرهي األشياء التي يقل وجودها أو حدوثها‪،‬‬ ‫فالنوادر من املعادن هي نفائسها‪ ،‬وكذلك النوادر من األحداث نفائسها وأكثرها تسلية وإمتاعا ؛فقراءة ممتعة ‪.‬‬

‫قطوف طرائف و ُدرر نوادر من الزمن الغابر‬

‫من نوادر أبي نواس‬

‫مر عثمان بن حفص الثقفي بأبي نواس وقد خرج‬ ‫من علة وهو مصفر الوجه‪ ،‬وكان عثمان أقبح الناس‬ ‫وجهاً‪ .‬فقال له عثمان‪« :‬ما لي أراك مصفراً؟» فقال‬ ‫أبو نواس‪« :‬رأيتك فذكرت ذنوبي»‪ .‬قال‪« :‬وما ذكر‬ ‫ذنوبك عند رؤيتي؟»‪ ،‬فقال‪« :‬خفت أن يعقابني اهلل‬ ‫فيمسخني قرداً مثلك»‪.‬‬ ‫ولما حبس األمين أبا نواس دخل عليه خال الفضل‬ ‫بن الربيع‪ ،‬وكان يتعهد المحبوسين‪ ،‬ويسأل عنهم‬ ‫وكانت فيه غفلة‪ ،‬فأتى أبا نواس وقال‪« :‬ما جرمك‬ ‫حتى حبست في حبس الزنادقة؟ أزنديق أنت؟»‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫«معاذ اهلل»‪ .‬قال‪« :‬أتعبد الكبش؟»‪ ،‬قال‪ :‬ال‪،‬ولكني‬ ‫آكله بصوفه»‪ .‬قال‪« :‬أتعبد الشمس؟»‪ ،‬قال‪« :‬واهلل ما‬ ‫أجلس فيها من بغضها‪ ،‬فكيف أعبدها!»‪ ،‬قال‪« :‬أفتعبد‬ ‫الديك؟»‪ ،‬قال‪ :‬ال واهلل‪ ،‬بل آكله‪ ،‬ولقد ذبحت ألف ديك‪،‬‬ ‫ألن ديكاً نفرني مرة‪ ،‬فحلفت أال أجد ديكاً إال ذبحته»‪ .‬قال‪« :‬فألي شيء حبست؟»‪ ،‬قال‪« :‬ألني‬ ‫أشرب شراب أهل الجنة‪ ،‬وأنام خلف الناس»‪ .‬قال‪« :‬وأنا أيضاً أفعل ذلك»؛ ثم خرج إلى الفضل‬ ‫فقال‪« :‬ما تحسون جوار اهلل ‪،‬تحبسون من ال ذنب له‪ ،‬سألت رج ً‬ ‫ال في الحبس عن خبره‪ ،‬فقال‬ ‫كذا وكذا»؛ وعرفه بكل ما جرى بينه وبين أبي نواس‪ ،‬فضحك ودخل على األمين فأخبره الخبر‪،‬‬ ‫فأمر بتخليته للحال‪.‬‬

‫األمين يحبس أبا نواس‬

‫وكان أبو نواس حبس في أيام األمين مرتين؛ إحداهما أنه بلغ األمين قوله ‪:‬‬

‫أبـر عـلى الكـبـــر‬ ‫ومـ�سـتعـبـــد �إخـوانـه بثــــرائــه‬ ‫لـبـ�ســـت لـه كـبــر ًا � ّ‬ ‫جملـــ�س ر�أى جانبـي وعر ًا يزيــد على الوعــر‬ ‫�ضمني يوم ًا و�إيـــاه‬ ‫�إذا ّ‬ ‫ٌ‬ ‫�أُ‬ ‫ال�شـزر‬ ‫ّظـر‬ ‫ن‬ ‫وال‬ ‫املنزور‬ ‫املنطق‬ ‫على‬ ‫ه‬ ‫أجــر‬ ‫�‬ ‫و‬ ‫�شـكـلــــه‬ ‫يف‬ ‫خـالـفـــــه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫و�ســــد يف قــبــري‬ ‫فوالله ال �ألـوي ل�سانــي بحاجـــةٍ �إلـى �أحــــ ٍد حـتـى �أ ّ‬ ‫وقد زادين تيه ًا على النا�س �أنني �أراين �أغنــاهـــم و�إن كنــت ذا فـــقـــر‬ ‫فلو مل �أنل فخر ًا لكانـت �صيانتــي فمي عن جميع النا�س ح�سبي من فخر‬ ‫املحجب يف الق�رص‬ ‫طامـع وال �صاحب التــاج‬ ‫يطمعــن فـي ذاك منّي‬ ‫فـال‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬

‫فقال‪« :‬وبلغ بك األمر إلى أن تعرض بي في شعرك يابن اللخناء!؟»‪ ،‬فقال سليمان بن أبي‬ ‫جعفر‪« :‬هو واهلل يا أمير المؤمنين زنديق‪ ،‬وقد شهد عندي جماعة أنه شرب ماء مطر مع خمر»‪،‬‬ ‫فقيل له‪« :‬لم فعلت ذلك؟»‪ ،‬قال‪« :‬ألشرب المالئكة‪ ،‬فإنه كان مع كل قطرة ملك»؛ فأمر بحبسه‬ ‫فقال‪:‬‬

‫رب � ّإن القوم قد ظلمونــــي‬ ‫يا ّ‬ ‫طويتي‬ ‫و�إلى اجلحود مبا عليه ّ‬ ‫�أما الأمني فل�سـت �أرجو دفعــه‬

‫وبالاقرتاف خطيئـةٍ حب�سونـي‬ ‫بالزور والبهتان قد ن�سبونــي‬ ‫عنّي فمن يل اليوم بامل�أمــون‬

‫فقال المأمون لما بلغه ذلك‪« :‬واهلل لئن أدركته ألحسنن إليه»‪ ،‬فمات قبل دخول المأمون‬ ‫بغداد‪.‬‬ ‫ولما دخل بها سنة أربع ومائتين وأتاه الشعراء يمدحونه قال‪« :‬ما فعل أبو علي الحسن بن‬ ‫هانىء؟»‪ ،‬قالوا‪« :‬توفي»‪ ،‬فلم يسمع منهم شعراً وتوجعا‪ ،‬فقال‪« :‬لقد ذهب ظرف الزمان بموته‪،‬‬ ‫وانحطت رتبة الشعر بذهابه»‪.‬‬

‫من نوادر مزيد المديني‬

‫مزيد المديني‪ ،‬قالت له امرأته يوماً‪ :‬ليس شيء أربح من عمل النبيذ»‪ ،‬فعملته‪ ،‬فأتاها برجل‬ ‫معه درهم واحد‪ ،‬فقالت له‪« :‬ال أبيعه إال جملة»‪ ،‬فأتى صاحب الشرطة فقال له‪« :‬إن امرأتي‬ ‫عندها نبيذ»؛ فوجه الحرس‪ ،‬وقال‪« :‬كونوا معه‪ ،‬فإن كان في بيته نبيذ فاطرحوه وامرأته في‬ ‫الحبس‪ ،‬وإن لم يكن فيه شيء فردوه إلي»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جملة»‪ ،‬فكسروا‬ ‫فجاءوا فدخلوا منزله فوجدوا النبيذ‪ .‬فقال المرأته‪« :‬قد جئتك بمن يأخذه‬ ‫جرار النبيذ وجلدوهما جميعاً‪ ،‬ومضوا بهما إلى الحبس‪ ،‬فلما حصال فيه قال المرأته‪« :‬وأزيدك‬ ‫فائدة ما نحن فيه لم تخطر ببالك»‪ .‬قالت‪« :‬وما هي يا مشؤوم؟»‪ ،‬قال‪« :‬استرحنا من كرى‬ ‫البيت»‪.‬‬

‫ودفع قميصه إلى الغسال‪ ،‬فرده إليه وقد نقص‬ ‫شبراً‪ .‬فقال‪« :‬ليس هذا قميصي؛ قميصي أتم من هذا‬ ‫شبراً»‪ .‬قال‪« :‬جعلت فداك! إنما تقلص في الغسل ألنه‬ ‫قطن»‪ .‬فقال له مزيد‪« :‬اقعد حاسبني‪ ،‬في كم غسلة‬ ‫يرجع جرمازاً»‪.‬‬

‫ما ينصرف وما ال ينصرف‬

‫قال رجل اسمه عمر لعلي بن سليمان األخفش‪:‬‬ ‫ً‬ ‫مسألة من النحو؟»‪ ،‬قال‪« :‬تعلم أن إسمك‬ ‫«علمني‬ ‫ال ينصرف»‪ .‬فأتاه يوماً وهو على شغل‪،‬فقال‪« :‬من‬ ‫بالباب؟»‪ .‬قال‪« :‬عمر»‪ ،‬قال‪« :‬عمر اليوم ينصرف»‪،‬‬ ‫قال‪« :‬أوليس قد زعمت أنه ال ينصرف؟»‪ ،‬قال‪« :‬ذاك‬ ‫إذا كان معرفة وهو اآلن نكرة!»‪.‬‬ ‫وقال الصولي‪ :‬سكر هارون النديم عند المعتضد‬ ‫سكراً شديداً‪ ،‬ونهض الجلساء كلهم سواه فقال له‬ ‫الخادم الموكل بالندماء‪« :‬انصرف»‪ .‬فقال‪« :‬أمير‬ ‫المؤمنين أمرني بالمبيت هاهنا»‪ .‬فقال‪« :‬يا أمير المؤمنين؛ هارون ينصرف» قال‪« :‬ال ينصرف»‪.‬‬ ‫فلما أصبح رآه المعتضد‪ ،‬فقال‪« :‬من هذا؟»‪ ،‬قيل‪« :‬هارون بن علي»‪ .‬فقال للخادم الموكل‬ ‫بالندماء‪« :‬متى تقدم للجلساء المبيت هنا؟»‪ ،‬فقال‪« :‬أنت أعزك اهلل قلت‪ :‬هارون ال ينصرف»‪،‬‬ ‫قال‪« :‬إنا هلل‪ ،‬إنما أردت النحو»‪.‬‬

‫المتوكل وعبادة المخنث‬

‫كان المتوكل قد بسط من عبادة المخنث للدخول معه على كل حال‪ ،‬فدخل عليه وهو نائم‬ ‫مع جارية سوداء كان يحبها؛ فلما رآه أمرها أن تغطي وجهها‪ .‬فقال‪« :‬يا أمير المؤمنين؛ ومن‬ ‫معك؟» قال‪« :‬ويحك! بلغ فضولك إلى هذا الموضع!؟»‪ ،‬ومدت الجارية رجلها فبانت سوداء‪،‬‬ ‫فقال‪« :‬يا أمير المؤمنين تنام ورجلك في الخف؟»‪ .‬فقال المتوكل‪« :‬قم عليك لعنة اهلل!»‬ ‫‪،‬وضحك وأمر له بصلة فأخذها وانصرف‪.‬‬ ‫وكان عبادة يشرب بين يديه ويترك في القدح فضلة‪ .‬فقال‪« :‬يا عبادة؛ ما تدري ما يقول‬ ‫الناس؟»‪ ،‬قال‪« :‬وما هو؟»‪ ،‬قال‪« :‬يقولون إن شارب النبيذ إذا شرب وعبس وجهه وفضلت في‬ ‫القدح فضلة فإن إبليس يضرب قفاه ويقول‪ :‬اشرب فضلة ما استطبت»‪.‬‬ ‫فمضت األيام واصطبح المتوكل وعبادة حاضر‪ ،‬وشرب قدحاً كان في يديه وفضلت فضلة‪،‬‬ ‫فقال‪« :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬جاءك الرجل»‪.‬‬ ‫وتجارى الجواري بحضرة المتوكل فسبقتهن جارية ممشوقة‪ .‬فقال المتوكل لعبادة‪« :‬اجر‬ ‫معها حتى ننظر من يسبق صاحبه»‪ .‬فقال عبادة‪« :‬إن سبقتها فما لي؟» قال‪« :‬هي لك‪ ،‬وإن‬ ‫سبقتك صفعتك»‪ .‬فجرت معه الجارية فسبقته مرة بعد أخرى‪ ،‬فقال‪« :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬كيف ال‬ ‫تسبقني وهي تجري بمدادين وأنا أركض بخرجين»؛ فضحك المتوكل ووهبها له‪.‬‬ ‫وغفل عنه المتوكل مرة فكتب له رقعة يستأذنه في الحج فضحك‪ .‬وقال‪« :‬عبادة يحج؟ علي‬ ‫به»‪ ،‬فلما دخل عليه قال له‪« :‬ما خبرك؟» فقال‪« :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬لقد تواضعت حتى ما آكل‬ ‫إال الخشكار‪ ،‬وال أشرب إال نبيذ الدردي‪ ،‬وال أسمع إال غناء حواء»‪ ،‬فأمر له بصلة‪.‬‬

‫جيران يتشممون األماني‬

‫قال ابن أبي عتيق المرأته‪« :‬تمنيت أن يهدى إلينا مسلوخ‪ ،‬فنتخذ من الطعام لون‬ ‫كذا ولون كذا»‪ ،‬فسمعته جارة له‪ ،‬فظنت أنه أمر بعمل ما سمعته‪ ،‬فانتظرت إلى وقت‬ ‫الطعام‪ ،‬ثم جاءت فقرعت الباب‪ ،‬وقالت‪« :‬شممت رائحة قدوركم فجئت لتطعموني‬ ‫منها»‪ .‬فقال ابن أبي عتيق المرأته‪« :‬أنت طالق إن أقمنا في هذه الدار التي جيرانها‬ ‫يتشممون األماني»‪.‬‬ ‫التمني والحلم أخوان‬ ‫قال يزيد بن معاوية‪« :‬ثالث يخلقن العقل‪ ،‬وفيهن دليل على الضعف‪ :‬سرعة الجواب‪ ،‬وطول‬ ‫التمني‪ ،‬واالستغراب في الضحك»‪.‬‬ ‫وكان يقال‪« :‬التمني والحلم أخوان»‪ .‬وقالوا في نقيض ذلك‪« :‬األمل رفيق مؤنس‪ ،‬إن لم‬ ‫يبلغك فقد ألهاك»‪.‬‬ ‫وقيل ألعرابي‪ :‬ما أمتع لذات الدنيا؟»‪ ،‬فقال‪« :‬ممازحة الحبيب‪ ،‬ومغالطة الرقيب‪ ،‬وأمان‬ ‫تقطع بها أيامك»‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫العدد ‪980‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)883‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 12‬إلى ‪ 18‬فرباير ‪2019‬‬

‫“ أعمال تاريخية مهداة للفقيد‬ ‫جرمان عياش“‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫المهناوي قضايا التنظيم العسكري في عصر المولى إسماعيل‪ ،‬وتناولت مينة المغاري‬ ‫صدر كتاب “ دراسات تاريخية مهداة للفقيد جرمان عياش سنة ‪ 1994‬ضمن‬ ‫منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط‪ ،‬وذلك في ما مجموعه ‪ 480‬صفحة‬ ‫– في دراستها – النموذج المعماري للجوامع المغربية في بداية القرن ‪ ،19‬واهتم‬ ‫من الحجم الكبير‪ .‬والكتاب تجميع ألعمال الندوة العلمية التي نظمتها الجمعية‬ ‫أحمد المكاوي بتشريح قيمة الحواشي والشروح والمختصرات باعتبارها مصادر للكتابة‬ ‫المغربية للبحث التاريخي سنة ‪ ،1992‬بمساهمة باحثين من بين زمالء المؤرخ‬ ‫التاريخية‪ .‬أما محمد األمين البزاز‪ ،‬فقد سعى للتعريف بطبيعة عمليات اإلغاثة المخزنية‬ ‫عياش وأصدقائه والمتخرجين على يديه بمختلف الجامعات المغربية‪ .‬وتشكل‬ ‫خالل مجاعات النصف الثاني من القرن ‪ ،19‬وأبرز عبد العزيز الخمليشي بعض الجوانب‬ ‫مساهمات المشاركين حصيلة علمية عبرت عن كثير من االهتمامات العلمية التي‬ ‫الخاصة بتاريخ فرع الزاوية الناصرية بالرباط في القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪ ،20‬واستفاض‬ ‫كانت تشغل بال الفقيد جرمان عياش في مختلف مجاالت البحث التاريخي‪ ،‬وقد‬ ‫الموساوي العجالوي في البحث في مكونات اإلصالح النقدي بالمغرب في القرن ‪19‬‬ ‫امتدت موضوعات الندوة لتعالج فضاءات موسعة تنسجم مع التطورات الجديدة‬ ‫باالعتماد على تحاليل مختبرية لقطع نقدية فضية ونحاسية‪ .‬وعلى مستوى آخر‪ ،‬اهتم‬ ‫التي عرفها مجال االشتغال داخل التوجهات الكبرى للمدرسة التاريخية الوطنية‬ ‫عالل الخديمي بالبحث في العواقب االجتماعية والسياسية “لترتيب ‪ ،”1901‬وكشف‬ ‫التي كان الفقيد عياش أحد أعمدتها األساسية‪ .‬فعلى يديه تكونت قطاعات عريضة‬ ‫بوشتى بوعسرية عن خصائص التنظيم اإلداري في عهد الحماية الفرنسية بمنطقة‬ ‫من أجيال المشتغلين بالبحث في تاريخ المغرب‪ ،‬وبفضل مبادراته التجديدية أمكن‬ ‫زرهون خالل مرحلة ما بين سنتي ‪ 1911‬و‪ ،1939‬وقدم عثمان بناني قراءة في مذكرات‬ ‫فتح ملفات محورية في تاريخ المغرب‪ ،‬مع بروز الفت ألدوار منطقة الشمال في رسم‬ ‫محمد بن عبد الكريم الخطابي انطالقا من كتاب “جذور حرب الريف” لجرمان عياش‪،‬‬ ‫حلقات هذا التاريخ‪ .‬لذلك‪ ،‬ال غرابة إذا أشرنا ‪ -‬على سبيل المثال ال الحصر – أن‬ ‫وقدم محمد أمين العلوي نبشا وثائقيا مهما حول مراسالت األمير شكيب أرسالن مع‬ ‫الراحل عياش قد استطاع إنجاز أهم دراسة حول العواقب االقتصادية والمالية لحرب‬ ‫المؤرخ عبد الرحمان بن زيدان‪ ،‬ورصد جامع بيضا وضعية الصحافة الشيوعية بالمغرب‬ ‫تطوان التي انتصر فيها اإلسبان سنة ‪ 1859‬م‪ .‬وال عجب إذا كان هذا المؤرخ قد‬ ‫في عهد االستعمار الفرنسي‪ .‬أما عبد العزيز خلوق التمسماني‪ ،‬فساهم بمادة توثيقية‬ ‫اكتسب مركز الريادة في تقليب أوجه حروب الريف التحريرية‪ ،‬وفي إعادة نفض‬ ‫أجمل فيها مواقف جرمان عياش من قضايا المغرب الوطنية‪ ،‬وأبرز محمد زنيبر – في‬ ‫الغبار عن العالقات المتحكمة في المركز بالهامش من خالل إعادة رسم معالم‬ ‫دراسته – دور الفكر المغربي في مواجهة الضغط اإلمبريالي منذ أواخر القرن ‪،18‬‬ ‫عالقة المخزن بالقبائل‪ .‬فالرجل كان أمينا في علمه‪ ،‬صبورا في تنقيبه‪ ،‬مدققا في‬ ‫وتوقف عبد الفتاح الزين لتقديم مقاربة مقارنة عن وظيفة التحكيم في البحث المغربي‪،‬‬ ‫الكناب‬ ‫غالف‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫مصادره وفي مظانه‪ ،‬متريثا في أحكامه‪ ،‬مطلعا على إسهامات غيره‪ .‬وفي كل‬ ‫وأنجز محمد جادة تقويما كميا لمحتويات مجلة هسبريس ثم مجلة هسبريس – تمودا‪ ،‬وأنهى‬ ‫ظلت الوثائق الدفينة حجر الزاوية في كل تخريجاته واستنتاجاته‪ ،‬الشيء الذي جعل منه – بحق‬ ‫محمد األسعد مضامين القسم العربي من الكتاب بدراسة تحليلية لبعض القضايا اإلبستمولوجية في جغرافية‬ ‫الجوانب‬ ‫من‬ ‫العديد‬ ‫– رائد المدرسة التاريخية الوطنية المعاصرة‪ ،‬بحكم ما خلفه من تراكم علمي غزير أضاء‬ ‫األرياف بالمغرب‪.‬‬ ‫المعتمة في قضايا عديدة مرتبطة بتحوالت الدولة والمجتمع المغربيين خالل القرون القليلة الماضية‪ .‬ولقد‬ ‫أما في القسم الثاني من الكتاب‪ ،‬فنجد دراسة لحليمة غازي حول شخصية المقاوم تاكفاريناس الذي‬ ‫سعى المؤرخ إبراهيم بوطالب إلى اختزال أهم خصوصيات تميز جرمان عياش في مجال الكتابة التاريخية‬ ‫المعاصرة‪ ،‬عندما قال في تقديمه للكتاب ‪ ... “ :‬ينعقد جمعنا المبارك هذا تكريما لروح زميلنا الراحل األستاذ قاوم الوجود الروماني بشمال إفريقيا خالل مرحلة ما بين سنتي ‪ 17‬و‪ 24‬م‪ ،‬وأخرى لمحمد بكراوي أبرز فيها‬ ‫جرمان عياش‪ .‬وإننا إذ نكرم فيه أوال وقبل كل شيء رفقة أزيد من ثالثين سنة اشتغل طيلتها بجانبنا زميال في بعض أوجه مشاركة المغرب في الحرب العالمية األولى‪ ،‬وقدم محمد يخلف دراسة حول وضع الجالية الجزائرية‬ ‫التدريس وأحد أساتذة الجيل الجديد من المؤرخين المغاربة وباحثا ال يكل عن التنقيب وصديقا للجميع‪ ،‬وكيف بمدينة فاس خالل مرحلة الحماية‪ .‬أما ألبير عياش‪ ،‬فقد ساهم بدراسة حول التحركات الحضرية داخل الوسط‬ ‫ال نقف ‪ ...‬لتكريم روح هذا الرجل الذي أعطى خير ما أعطى في هذه الحياة الدنيا بداخل هذه الكلية وباالعتماد االستعماري‪ ،‬وذلك من خالل البحث في أحداث مدينة الدار البيضاء ليومي ‪ 7‬و‪ 8‬دجنبر من سنة ‪ ،1952‬وتوقف‬ ‫عليها ؟ وكيف ال يتوقف الباحث المغربي في التاريخ ولو لبضع لحظات للتذكير بخصال هذا المواطن الذي حاول سيمون ليفي عند قضايا نمط اإلنتاج ما قبل االستعماري‪ ،‬حسب ما جسدته كتابات جرمان عياش‪ ،‬وتناول‬ ‫االستعمار استيالب كيانه المغربي لكونه من األقلية اليهودية فلم يفلح ‪ ...‬لم يكن أستاذا بليغا ومؤرخا موثقا الحسين بوشامة أهمية المصادر األجنبية في كتابة تاريخ المغرب‪ .‬وفي آخر مواد القسم الفرنسي‪ ،‬نجد نصا‬ ‫وحسب‪ ،‬وإنما لكونه كان قبل هذا وذاك عميق الوعي‪ ،‬رجال بالمعنى الذي تفهم به الرجولة في وسطنا ‪ ...‬وأي مثيرا كتبه الراحل جرمان عياش بمدينة بركان سنة ‪ ،1948‬يحتوي على الكثير من عناصر التميز في طرق‬ ‫دليل على ذلك أجلى من عدد المشاركين في هذه الندوة وأي عالمة أقوى مما هم عليه جميعا من المستوى الكتابة التي امتاز بها هذا الباحث الفذ‪ ،‬ليس فقط داخل مجال البحث التاريخي ولكن كذلك داخل مجاالت‬ ‫الكتابات اإلبداعية الرحبة‪.‬‬ ‫العلمي الرفيع ‪ ( “ ...‬ص ص‪.) 16 – 15 .‬‬ ‫وبذلك‪ ،‬قدم كتاب “أعمال مهداة للفقيد جرمان عياش” عربون وفاء لذكرى باحث ومؤرخ كان له دور كبير‬ ‫تتوزع مضامين كتاب “ دراسات مهداة للفقيد جرمان عياش “ بين قسمين متكاملين‪ ،‬كتبت مواد أولهما‬ ‫باللغة العربية‪ ،‬في حين احتوى القسم الثاني على مواد كتبت باللغة الفرنسية‪ .‬ففي القسم العربي‪ ،‬نجد مادة في وضع معالم توجه رائد في التأصيل لكتابة بديلة لتاريخ المغرب‪ ،‬استطاعت أن تقارع األطروحات الكولونيالية‬ ‫بيوغرافية لعمر أفا اختزلت سيرة الراحل عياش‪ ،‬ثم دراسة للمصطفى موالي رشيد رصد فيها حضور المغرب بهذا الخصوص‪ ،‬وأن تعيد قراءة النصوص اإلسطوغرافية العربية اإلسالمية‪ ،‬وأن تعيد االعتبار للوثيقة المحلية‪،‬‬ ‫األقصى القديم داخل المؤلف الجغرافي الذي خلفه “أوروزيوس”‪ .‬ومن جهته‪ ،‬قدم إبراهيم حركات دراسة حول باعتبارها عنصرا محددا في البحث ونقطة االرتكاز في التحليل وفي التركيب وفي التقييم‪ .‬وبالنسبة لمنطقة‬ ‫بعض المالمح من حياة المجتمع اإلسالمي في العصر الوسيط‪ ،‬من خالل تتبع وضعية البيئات االجتماعية الشمال‪ ،‬فالمؤكد أن الباحثين المغاربة الذين اشتغلوا على تحوالت ماضيها‪ ،‬قد استفادوا من تراكم أعمال‬ ‫خارج المدن‪ ،‬وتوقف إبراهيم القادري بوتشيش عند تاريخ العوام في مغرب العصر الوسيط إلثارة مسألة فقر الفقيد جرمان عياش حول قضايا هذه المنطقة‪ ،‬كما تأثروا برصانته العلمية وبعمق رؤاه األكاديمية وبصرامته‬ ‫الوثائق وإمكانيات التجاوز التي تطرحها كتب العقود والوثائق‪ .‬أما حليمة بنكرعي‪ ،‬فقد أنجزت ترجمة من اللغة التحليلية وبقوة صبره في استكشاف مجاهل الكتابة التاريخية المجددة‪ ،‬وفي التنقيب عن مظانها المتعددة‬ ‫البرتغالية إلى اللغة العربية تتعلق ببادية أصيال وطنجة خالل مرحلة ما بين سنتي ‪ 1471‬و‪ .1481‬وأثار محمد وعن أصولها الوثائقية الدفينة‪.‬‬

‫من الظلمات‬ ‫إلى النور‬

‫الكهف المنير ‪. .‬‬

‫تأملت الكهف فوجدتها سورة عظيمة استمدادا من عظمة الحق‬ ‫جل جالله جمعت أمورا عظمى وآيات كبرى وخاصة عند الختم مع قصة‬ ‫سيدنا موسى والعبد الصالح موسى الكليم المقرب المصطنع لنفس اهلل‬ ‫يشد الرحال لعبد من عباد اهلل ال نبوة وال رسالة ويقصده موسى‪ ،‬فيقول‬ ‫متأدبا مع الحكمة‪:‬‬ ‫«هل اتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا»‬ ‫ثم يرد عليه العبد الصالح‪:‬‬ ‫«وكيف تصبر على ما لم تحط به خيرا»‬ ‫فنفى عنه اإلحاطة بهذا الباب ‪ ..‬واآليات توحي بأن علم موسى من‬ ‫طينة وعلم العبد الصالح من طينة أخرى‪ ،‬ولكن مردهما واحد هو بحر‬ ‫علم‪ ‬اهلل‪..‬‬ ‫وهكذا استمر الحوار بينهما في أدب ووقار ورشفات نور كثيرة تداولتها اآليات‬ ‫يستمتع بها المؤمن كما استمتع بها سيدنا رسول اهلل حتى قال كما في حديث البخاري‪:‬‬ ‫يرحم اهلل أخي موسى‬ ‫ليته سكت ‪..‬‬ ‫هذا األمر يستوقفني كثيرا للتأمل والنظر‬ ‫وما يزيدني استفزازا باطنيا‪ ،‬هو سنية قراءة سورة الكهف من كل جمعة !‬

‫بقلم ‪:‬‬ ‫حمزة احل�ساين‬

‫وكيف أن هذا النور يخالط الدم والعظم والعروق من المؤمن‪ ،‬فيظل‬ ‫محفوفا بهذا النور طيلة أسبوعه‪ ،‬إذ تعد الكهف وسيلة نورانية للتزود‬ ‫من محطة وقود النور األسبوعي الجمعة‪.‬‬ ‫‪ ‬وقفت في ترجمة سيدنا الحسين قدس اهلل روحه‪ ،‬ابن بنت سيدنا‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وآله وسلم‪ - ،‬وهو أعلم بالنور من غيره‪ ،‬حيث‬ ‫قال عنه جده الحبيب صلى اهلل عليه وآله وسلم (حسين مني وأنا من‬ ‫حسين) ‪ -‬أنه كان يقرأ الكهف في كل جمعة ثالث مرات‪ ،‬مرة بين العشاء‬ ‫والفجر من ليلة الجمعة‪ ،‬ومرة ثانية بين الفجر والضحى‪ ،‬ومرة ثالثة بين‬ ‫العصر والمغرب؛ وفي هذا استزادة تنور‪ ،‬ومرابطة لالستمداد‪..‬‬ ‫‪ ‬الكهف جمعت شتى مواضع وقضايا‪ ،‬من أهل الكهف‪ ،‬وذي القرنين‪،‬‬ ‫وصاحب البستان ‪ ..‬قضايا وأحداث وتفاصيل‪ ،‬ليست محل خوضنا اآلن‪.‬‬ ‫‪ ‬كل الكهوف مظلمة‪ ،‬إال كهف القرآن فإنه منير‪ ،‬ينبه اإلنسان إلى شق مساره الروحي النوراني الرباني‪،‬‬ ‫يجدد به الصلة عند كل ختمة قرءانية‪ ،‬وعند كل جمعة‪.‬‬ ‫‪ ‬من الملفت لالنتباه في الكهف المبارك‪ ،‬أنها بنصف المصحف الشريف‪ ،‬حيث تقع بالجزء الخامس عشر‪،‬‬ ‫ومن ثم افتتحت بالحمدلة‪ ،‬كما افتتح المصحف بأوله عند أم الكتاب بالحمدلة‪ ،‬وفي هذا إلفات انتباه السالك‪،‬‬ ‫الطالب للنور‪ ،‬إلى قيمة الحمد في الطريق إلى اهلل‪.‬‬ ‫والحمد هلل بدءا وختما‪.‬‬


17

2019 ‫ فرباير‬25 ‫ �إلى‬19 ‫الثالثـاء‬

981 ‫العدد‬ : ‫• إقليم الدريوش ـ الحسيمة‬

ANNONCES LEGALES ET ADMINISTRATIVES - ANNONCES LEGALES ET ADMINISTRATIVES ً �‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

: ‫املوقع الإلكرتوين‬ www.achamal.com ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ : ‫المدير المسؤول‬

‫عبد احلــق بخــات‬ : ‫مدير النشر ورئيس التحرير‬

‫عزيـز گنـونـي‬ : ‫هيئة التحرير‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيدة الورياغلي‬ ‫هدى املجاطي‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫محمــد وطـــا�ش‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى احلراق‬ ‫ملـيـــاء ال�ســالوي‬ ‫محمد ال�سعيدي‬ ‫محمد �سدحــي‬ : ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة‬

‫محمد طارق بخات‬ :‫اإلخراج والتصفيف‬

»‫«جريدة ال�شمال‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ : ‫واإلشهار‬

‫ زنقـة عمــر بــن‬،‫ مـكـــرر‬7 ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ : ‫الهاتــف‬ 05.39.94.30.08 06.22.45.30.67 : ‫الفاكــ�س‬

05.39.94.57.09 : ‫الربيد الإلكرتوين‬

info@achamal.com achamal2000 @gmail.com : ‫سحب من هذا العدد‬

‫ �آالف ن�سخــة‬10 :‫التوزيع‬

Sapress ‫�سبـريــ�س‬ 99/10 :‫الإيداع القانوين‬ :‫ك‬.‫م‬.‫د‬.‫ر‬

I.S.S.N : 1114-1832

‫حل السودوكو‬ 446 ‫رقم‬

Sté DROGUERIE CHAMAL EL MERS – SARL AU « CONSTITUTION » Aux termes d’un acte sous – seing privé en date à Tanger du 03/01/2019, il a été formé une société à responsabilité limitée caractérisée par : DENOMINATION: Sté DROGUERIE CHAMAL EL MERS– SARL-AU OBJET: Marchant droguerie en détail et location matériel de construction SIEGE SOCIAL: mers 2 eme tranche lot 885 TANGER CAPITAL : 10 000 dirhams divisé en 100 parts sociales de 100 dirhams chacune entièrement libérées et attribuées à : MR. Bouzrati abderrahman: 100 Parts sociales. DUREE : 99 années à compter du jour de la constitution définitive. ANNEE SOCIALE : du 1er Janvier au 31 décembre de chaque année. GERANCE : MR.Bouzrati Abderrahman est nommé gérant unique pour une durée illimitée. BENEFICE : Les produits nets constatés par l’inventaire annuel après prélèvements légaux et statutaires. DEPOT LEGAL : a été effectué au secrétariat du greffe du tribunal de commerce de Tanger 05/02/2019 sous le n° 221092 - (RC : 94951) POUR EXTRAIT ET MENTION LA GERANCE ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

«NEON JL MOROCCO» SARL-AU

Société à Responsabilité Limitée Associé Unique Au Capital de 8 000.00 €uro Siège social : Bureau n° 7 Plateforme n°2 Lot 130 Zone Franche Logistique, Province Fahs Anjra. RC : 95117

Constitution d’une société à responsabilité limitée d’associé unique

I. Aux termes d’un acte sous seing privé en date du 10/01/2019 à Tanger, il a été établi les statuts d’une société à responsabilité limitée d’associé unique dont les caractéristiques sont les suivantes : -Dénomination : NEON JL MOROCCO - Forme juridique : S.A.R.L. AU -Objet : programmation et d’engineering.-Siège social : Bureau n°7 Plateforme n°2 Lot 130 Zone Franche Logistique, Province Fahs Anjra. - Durée : 99 années à compter du jour de sa constitution. -Capital social: 8.000.00 Euros. -Associé: Mr. LOMBARD JONATHAN PAUL 8 000, 00 €uros

)446( ‫لعبة السودوكو‬ ‫أصل اللعبة‬

‫ كانت معروفة منذ الثمانينيات‬،»SUDOKU« ‫لعبة السودوكو اليابانية األصل‬ .2005 ‫ إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة‬،‫في اليابان‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

)Nikagiru Sujiwa Dokushin( ‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية‬ ‫ وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬.‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‬ .Nikol

‫كيف تلعبها ؟‬

‫ وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬،‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‬ ‫ وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬،‫منطقة مكونة من تسع خانات‬ ‫ حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬،9 ‫ إلى‬1 .‫ وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‬،‫أو السطر أو القطر‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫ ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬،‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‬ .‫ حسب الفئة المستهدفة‬،‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‬

-Gérance : Mr. LOMBARD JONATHAN PAUL est nommé comme gérant de la société pour une durée illimitée. -Signature : la société est engagée par la signature du gérant Mr. LOMBARD JONATHAN PAUL vis-à-vis des tiers, administrations et banques. -Année sociale : Commence le premier janvier et se termine le 31 décembre de chaque année. II. Le dépôt légal à été effectué au greffer de tribunal de commerce de Tanger le : 08/02/2019, Registre de Commerce N°95117, le Nº de dépôt : M11918028229. ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

« SESASYSTEMS» SARL AU

Société à Responsabilité Limitée d’Associé Unique au Capital Social de 8 000.00 €uro Siège social : Zone Franche d’Exportation de Tanger Ilot 14, Lot 1 Bureau N°32, Boukhalef Tanger 90100 Maroc RC : 95179

Constitution d’une société à responsabilité limitée d’associé unique

I. Aux termes d’un acte sous seing privé en date du 28/01/2019 à Tanger, il a été établi les statuts d’une société à responsabilité limitée d’associé unique dont les caractéristiques sont les suivantes : -Dénomination : SESASYSTEMS - Forme juridique : S.A.R.L. AU -Objet : programmation et d’engineering.-Siège social : Zone Franche d’Exportation de Tanger Ilot 14, Lot 1 Bureau N°32, Boukhalef Tanger 90100Maroc - Durée : 99 années à compter du jour de sa constitution. -Capital social: 8.000.00 Euros. -Associé: Mr. SAID EL MANTI 8 000, 00 €uros -Gérance : Mr. SAID EL MANTI est nommé comme gérant de la société pour une durée illimitée. -Signature : la société est engagée par la signature du gérant Mr. SAID EL MANTI vis-à-vis des tiers, administrations et banques. -Année sociale : Commence le premier janvier et se termine le 31 décembre de chaque année. II. Le dépôt légal à été effectué au greffer de tribunal de commerce de Tanger le : 11/02/2019, Registre de Commerce N°95179, le Nº de dépôt : m1191902161. ‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

EXPRESS WORLD COMPANY SARL Création d’une société à responsabilité limitée.

Aux termes d’un acte sous seing privé daté à Tanger le 29/01/2019 il a été établi les statuts d’une société à responsabilité limitée, dont les caractéristiques principales sont les suivantes : Dénomination : la société prend la dénomination : STE EXPRESS WORLD COMPANY Objet : La société a pour objet, au Maroc ou à l’étranger, directement ou indirectement, tant pour son compte qu’en participation ou pour le compte de tiers, d’exercer principalement les activités suivantes : - Transport routier national et international de marchandises ; - transport de marchandises. - transport de personnel et de marchandise. - Le transport sous toues ses formes. - L’acquisition et la location des autocars, de voiture automobiles, l’organisation, l’achat et la vente de tous circuits touristique. - Transports mixtes. Plus généralement, toutes opérations industrielles, commerciales, financières, mobilières ou immobilières, réalisées au Maroc ou à l’étranger, devant favoriser l’activité et le développement de la société. En particulier la participation dans toutes sociétés existantes ou à créer, et la réalisation d’opérations en commun accord avec d’autres sociétés. Siége social : est établi à Tanger, HAY ZYATIN 1B ANC LOT 3761 TANGER. Capital social : Le capital social fixé à la somme de Cent Mille (100 000) Dirhams, est divisé en Mille (1000) parts sociales de Cent (100) Dirhams chacune ; toutes entièrement libérées et attribuées en proportion des apports respectifs, savoir : - Monsieur MOHAMED SAID ALOUAT cinq cent (500) parts sociales - Monsieur ABDELOUAHID GHAILAN, cinq cent (500) parts sociales. .Soit le total de Mille (1000) parts sociales composant le capital social de la société Durée et année sociale : est fixé à 99 ans, à compter de la date de sa constitution définitive, sauf le cas de dissolution anticipée ou de prorogation prévues par la loi ou par les présents statuts. Gérance : la société sera gérée par : Les associés déclarent Monsieur MOHAMED SAID ALOUAT Monsieur ABDELOUAHID GHAILAN Comme Gérants de la société pour une durée illimitée. Le dépôt légal a été effectué au secrétariat greffe du tribunal de commerce de Tanger le et inscrit au registre de commerce sous le numéro. ‫لجميع‬ ‫إعالناتكم‬ ‫ارية واإلدارية‬ ‫اإلشه‬ ‫يف جريدة‬

0539943008 : ‫االتصال على الرقم‬


‫الشمال‬

‫زياش المتألق‬ ‫صفحة‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪981‬‬

‫الثالثاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫‪18‬‬

‫يواصل الدولي المغربي حكيم زياش رحلة‬ ‫التألق مع فريقه أياكس أمستردام الهولندي‪.‬‬ ‫زياش سجل هدفاً رائـعاً في شبــاك ريال‬ ‫مدريد اإلسباني في مباراة ذهاب دور الستة‬ ‫عشر لدوري أبطال أوربــا رغم هزيمـة فريقـــه‬ ‫بهدفين لواحد‪.‬‬ ‫حكيم زيــاش لعــب‪31‬مبــاراة مع أياكس‬ ‫أمستردام وسجل ‪15‬هدفا وصنع ‪.12‬‬ ‫وهـــو العـــب جيــد يمتلـــك مهــــارات‬ ‫عـــديــدة وأسلوباً رائعاً‪.‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫بطولة الدوري االحترافي المغربي‬

‫«قال ليه أش ش خصك البطولة‬ ‫فالمغرب‪ ..‬قال ليه ـ الفار أموالي»‬

‫كالسيكو الشمال‬

‫رسميا ستشهد بطولة الدوري االحترافـي المغربي في الموسم القادم‬ ‫دخول تقنية الفيديو «الفار»‪.‬‬ ‫التأكيد جاء على لسان السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية‬ ‫لكرة القدم خالل تجمع للحكام‪.‬‬ ‫لقجع أشار بالمناسبة إلى أنه تباحث بهذا الخصوص مع رئيس االتحاد‬ ‫الدولي لكرة القدم وأن الجامعة بدأت االستعدادات من اآلن للعمل بهذه‬ ‫التقنية في الموسم الكروي القادم‪.‬‬ ‫ويأتي هذا القرار في الوقت الذي كثرت فيه االنتقادات و االحتجاجات حول‬ ‫التحكيم حيث تشهد مباريات البطولة أسبوعيا سيال من المشاكل التحكيمية‬ ‫التي تؤثر سلبا على مسيرة العديد من األندية سواء بالدوري االحترافي األول‬ ‫أو الثاني‪.‬‬ ‫وأمـــام ذلك كان ال بـد من البحــث عن األسبــاب والدوافــع وراء كـثـــرة‬ ‫االحتجاجات وتدني مستـوى التحكيــم المغربي الذي كان يضرب به المثل‬ ‫في السابـق ولنـا في الحكام المرحوم سعيد بلقولـة الذي قاد نهائي مونديال‬ ‫‪ 1988‬بفرنسا والبرازيل وعبد الكريم الزياني وتميم وحذقة والناصيري‬ ‫وغيرهم من الحكام المغاربة األكفاء القدوة والمثل‪.‬‬ ‫والمغـرب باستعماله لتقنيــة «الفيديو» سيكون أول بلد عربي إفريقي‬ ‫يقدم على هذه الخطوة التي تتطلب الوقت والمال واألطر المختصة لحسم‬ ‫المواقف المثيرة للجدل وخاصة منها التسلل وركالت الجزاء‪.‬‬

‫حكيمي والنصيري ضمن أفضل‬ ‫عشرة العبين واعدين في أوربا‬

‫نجما المنتخب المغربي لكرة القدم أشرف حكيمـي و يوسـف النصيري‬ ‫يتألقان باستمرار في الدوريات األوربية‪ ،‬ويحققان إنجازات كبيرة في ترتيب‬ ‫الالعبين الواعدين أقل من ‪ 21‬سنة‪.‬‬ ‫ويشهد الال عب حكيمي تطورا كبيرا في أدائه منذ إعارته من ريال مدريد‬ ‫اإلسباني إلى بوروسيا دورتموند األلماني في يونيو ‪ 2018‬لمدة عامين وصلت‬ ‫إلى حد حصده للقب أفضل العب مجد في الدوري األلماني لعدة شهور متتالية‬ ‫نظرا ألدائه الرائع مع فريقه‪.‬‬ ‫ونجح حكيمي في بلوغ قائمة أفضل الالعبين الواعدين خالل الدوريات‬ ‫الخمس األوربية الكبيرة وفقا لموقع «هوسكور د» اإلنجليزي المتخصص في‬ ‫إحصائيات الالعبين و مبا ريات كرة القدم‪.‬‬ ‫وجاء حكيمي البالغ ‪ 20‬سنة في المركز السادس لالعبين تحت أقل من‬ ‫‪ 21‬عاما‪.‬‬ ‫واحتل مواطنه يوسف النصيري العــب نادي ليغانيس اإلسباني المركز‬ ‫األول ويليه اإلنجليزي «جادون سانسو» العب بوروسيا دورتموند األلماني‪.‬‬ ‫وكان أشرف حكيم يقد فاز بجائزة أفضلب العب شاب في القارة اإلفريقية‬ ‫التي تنظمها الكـــاف كمــا شــارك في المباريــات األخيرة لفريقه في عدة‬ ‫مراكزمختلفة‪5 ...‬مرات كظهير أيسر وقدم مستوى عالياً في هذه الجهة‬ ‫ومباراة واحدة كظهير أيمن‪.‬‬ ‫ويعتبر حكيمي واحدا من الالعبين األساسيين في تشكيلة نادي دورتموند‬ ‫وهو بمثابة الالعب الخامس األكثرمشاركة حيث لعب ‪ 22‬مباراة لحد االن‪.‬‬

‫«الغالب وال مغلوب»‬

‫‪1-1‬‬

‫ديربي الشمال الذي جمــع المغرب التطواني باتحاد طنجة‬ ‫برسم الجولة ‪ 18‬لبطولــة الدوري االحترافـي المغربــي بملعب‬ ‫سانية الرمل بتطوان انتهى بالتعادل‪.1-1‬فريق الحمامة البيضاء‬ ‫كان السباق للتسجيل في الشوط األول عن طريق الالعب يونس‬ ‫الحواصي قبل أن يتمكن فارس البوغاز من إدراك التعادل في‬ ‫الجولة الثانية بواسطة الالعب عبد الكبير الوادي‪.‬‬ ‫وبهذا التعــادل أوقـف المغرب التطواني سلسلة انتصارات‬ ‫اتحاد طنجة المتتالية وكسب نقطة من ذهب وهي األولى له مع‬ ‫مدربه الجديد طارق السكتيوي الذي تسلم المهة مؤخرا خلفا‬ ‫للمدرب بنحساين المقال بسبب النتائج السلبية‪.‬‬ ‫اتحاد طنجة اغتنم فرصة الديربي الشمالي وأشرك ألول مرة‬ ‫الحارس شهاب والمهاجم حمزة الغطاس‪ ،‬وهما معا تم انتدابهما‬ ‫مؤخرا خالل الميركاتو الشتوي‪.‬‬ ‫ورغم نتيجة التعادل فقد ارتقى اتحاد طنجة إلى الصف الثاني‬ ‫في ترتيب البطولة وراء الوداد البيضاوي الذي استفاد من فوزه‬ ‫في الر باط على الفتح بهدف دون مقابل وأصبح يبتعد عن االتحاد‬ ‫بفارق تسع نقاط‪..‬‬ ‫التعادل كان منصفا للفريقين وجعل اتحاد طنجة يواصل‬ ‫المشوار بعد خمس جوالت متتالية بدون هزيمة‪ ..‬وفتح باب األمل‬ ‫للمغرب التطواني للخروج من منطقة الجاذبية لضمان مكانته‬ ‫ضمن أندية الدوري االحترافي‪.‬‬

‫تحية لرجال األمن‬

‫قام رجل األمن يوم السبت الماضي بمجهود كبير حتى يمر‬ ‫كالسيكو الشمال في ظروف عادية وبدون مشاكل أو أحداث بين‬ ‫أنصار الفريقين‪.‬‬ ‫فمنذ الصباح الباكر وعلى طول الطريق الرابطة بين طنجة‬ ‫وتطوان تمركز رجال األمن والدرك والقوات المساعدة في أهم‬ ‫النقط والمحاور وداخل مدينة تطوان على كل االمناطق والطرق‬ ‫المؤدية إلى ملعب سانية الرمل بتطوان وببابه مما أدى إلى‬ ‫االنسيابية في الولوج إلى الملعب أو الخروج منه بسهولة‪.‬‬ ‫وفي نهاية المباراة تم االحتفاظ بأنصار اتحاد طنجة داخل‬ ‫الملعب إلى حين خروج محبي المغرب التطواني‪.‬‬ ‫وتمت مرافقة الجماهير الطنجاوية إلى المحطـة الطرقيـة‬ ‫وقطــع الطريـق عن بعض المحسوبين على أنصـــار المغــرب‬ ‫التطواني الذين كانوا يستعدون لالعتداء على أنصار اتحاد طنجة‬ ‫وإقامة الشغب بعد اللقاء‪.‬‬ ‫فتحية إذن لجهاز األمن على ما قام به طيلة يوم السبت‬ ‫الماضي بمناسبة إقامة الديربي الشمالي بين المغرب التطواني‬ ‫واتحاد طنجة‪.‬‬

‫السبت المقبل بملعب ابن بطوطة بطنجة‬ ‫طاليب في مواجهة الزاكي‬ ‫يحتضن ملعب ابن بطوطة الكبير يوم‬ ‫السبت المقبل مواجهة قوية بين اتحاد طنجة‬ ‫والدفاع الحسنـي الجديدي برسم الجولة‪19‬‬ ‫لبطولة الدوري االحترافي المغربي‪.‬‬ ‫و مــن غرائـــب الصدف أنهــا ستجمـــع‬ ‫عبد الرحيم طاليب المدرب السابـق للدفـــاع‬ ‫الحسني الجديدي ببادو الزاكي الذي يشرف‬ ‫حاليا على اإلطار التقني للفريق العبدي والذي‬ ‫كان في بداية الموسم الماضي مدرب التحاد‬ ‫طنجة‪.‬‬ ‫المدربان معا يعرفان بعضهما البعض‬ ‫وهما معا حققا التعادل في الجولة الفارطة‪.‬‬


‫الشمال الرياضي‬

‫العدد ‪981‬‬

‫الثالثاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫‪19‬‬

‫دوري أبطال أوربا ‪:‬‬

‫المغربي نور الدين النايبت‬

‫«راموس يغيب عن لقاء اإلياب أمام‬ ‫اياكس أمستردام»‬

‫أبرز الالعبين العرب نجاحاً‬ ‫في بطولة إسبانيا‬

‫يواجه سيرجيو راموس قائد نادي ريال مدريد‬ ‫اإلسباني خطر اإليقاف لمباراة إضافية‪ ..‬ما قد يحرمه‬ ‫من المشاركة في دور الثمانية لدوري أبطال أوربا إذا‬ ‫ما تأهل فريقه‪.‬‬ ‫وجاء ذلك بعدما أقر راموس بأنه تعمد الحصول‬ ‫على إنذار خالل مباراة ذهاب الدور السادس عشر أمام‬ ‫فريق أياكس أمستردام الهولندي‪.‬‬ ‫وحصل راموس على البطاقة الصفراء في الدقيقة‬ ‫‪ 89‬وهي الثالثة له في دوري أبطال أوربا مما يعني‬

‫رسميا عدم مشاركته في مباراة اإلياب بمدريد‪.‬‬ ‫وكان راموس قد اعلن في تصريحات صحفية عقب‬ ‫هذه المباراة التي فاز خاللها فريقه بهدفين لواحد أنه‬ ‫تعمد الحصول على البطاقة الصفر اء مما قد يعرضه‬ ‫لعقوبة إضافية حسب قوانين االتحاد األوربي‪.‬‬ ‫سيرجيو راموس سيغيب أيضا عن مقابلة ريال‬ ‫مدريد –ليفانتي برسم الجولة ‪ 25‬لبطولة الليغا بعدما‬ ‫تعرض األحد للطرد بالبطاقة الحمراء أمام جيرونا بعد‬ ‫حصو له على البطاقة الصفراء مرتين‪.‬‬

‫الفتح الر ياضي يحتج على قرارات حكم‬ ‫مباراته مع الوداد‬ ‫قرر نادي الفتح الرياضي مراسلة اللجنة المركزية للتحكيم‬ ‫والمديرية الوطنية للتحكيم بسبب ماحدث في مباراة األحد‬ ‫التي خسرها أمام الوداد البيضاوي ‪ 1-0‬برســم الجولـــة‬ ‫‪18‬لبطولة الدوري االحترافي‪.‬‬ ‫وأكد الفريق الرباطي أنه يريد توضيحــات من لجنـــة‬ ‫التحكيم فيما يتعلــق ببعض القرارات التي اتخذهـــا الحكم‬ ‫الداكي الر داد بعدما ألغى هدفا لفريق الفتح ولم يمنح ركلة‬ ‫جزاء الالعب زكريا أزود باإلضافة إلى قرارات أخرى‪.‬‬ ‫الفتح طالب إنزال أقسى العقوبات في حق الحكم الداكي‬ ‫الرداد وطاقمه امتثاال لما تم التصريح به من قبل السيد فوزي‬ ‫لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم خالل لقائه‬ ‫بالحكام في الصخيرات مؤخرا‪.‬‬ ‫وكان ثالثي التحكيم الذي قاد مباراة الفتح الرياضي ‪-‬‬ ‫الوداد البيضاوي بقيادة الحكم الداكي الرداد موقوفا بفعل‬ ‫قرارات تحكيمية خاطئة في مباراة الفتح ضد حسنية أكادير‬ ‫في ‪10‬من دجنبر ‪.2017‬‬

‫من بين الالعبين الدوليين المغاربة الذين‬ ‫تألقوا وتركوا بصمتهم في الليغا اإلسبانية‬ ‫المدافع الدولي المغربي الصلد نور الدين‬ ‫النايبت الذي كان من أبرز دعامات الجيل‬ ‫الذهبي لنادي ديبورتيفو الكورونيا اإلسباني‬ ‫وأحد أمهر الالعبين العرب في الليغا‪.‬‬ ‫النايبت مر مرورا ال ينسى عبر بوابة‬ ‫البطولة اإلسبانية وسجل اسمه بأحرف‬ ‫من ذهب ضمن الجيل الذهبي لفريق‬ ‫«ديبورتيفو ال كورونيا» نهاية التسعينيات‬ ‫ومطلع القرن الواحد والعشرين‪ .‬حيث كان‬ ‫واحدا من أبرز عالمات هذا الفريق الذي‬ ‫حقق إنجازات لم يحققها أي فريق آخر في‬ ‫تاريخ مدينة غاليسيا اإلسبانية‪.‬‬ ‫النايبت الذي بدأ مشواره مع نادي الوداد‬ ‫البيضاوي انتقل سريعا إلى عالم االحتراف‬ ‫بأوربا عبر بوابة فريق «نانت» الفرنسي‬ ‫ومنه إلى سبورتينغ ليشبونة البرتغالي الذي‬ ‫قضى معه موسمين قبل أن ينضم إلى‬ ‫فريق ديبورتيفو الكورونيا اإلسباني‪ ،‬حيث‬ ‫عاش معه ‪ 8‬سنوات توج خاللها بكل شيء‬ ‫ممكن‪ ..‬ووصل إلى مرحلةلم يصلها أي‬ ‫ناد من قبل أو بعد وهو الوصول إلى نصف‬ ‫نهائي دوري أبطال أوربا عام ‪.2004‬‬ ‫جيل استثنائي شكله ديبورتيفو ال‬ ‫كورونيا خالل تلك الفترة طيلة السنوات‬ ‫الثماني التي قضاها الالعب النايبت مع هذا‬ ‫الفريق الذي تعاقب عليه نجوم كثيرون ومن‬ ‫ضمنهم المغربيان مصطفى حجي وصالح‬ ‫الدين بصير لكنهما رحال وبقي هو حيث‬ ‫أكمل التجربة حتى النهاية‪.‬‬ ‫ووصلت ذروة تجربة نادي ديبورتيفو‬ ‫الكورونيا في عام ‪ 2000‬تحت إمرة المدرب‬

‫«خافير إيرويتا» الذي قاد الفريق إلى لقب‬ ‫الليغا في مفاجأة مدوية هي األولى واألخيرة‬ ‫في تاريخ هذا النادي مع جيل جالمينيا وماورو‬ ‫سيلفا وصخرة الدفاع نور الدين النايبت‬ ‫الذي جاور كل العمالقة في تاريخ الديبور‪.‬‬

‫وفي ليلة تتويج هذا الفريق بلقب بطولة‬ ‫الليغا عام ‪ 2000‬كان هناك تصدي الينسى‬ ‫للنايبت على خط المرمى أمام سيلتا فيغو‬ ‫لتنتهي المباراة بفوز الديبور ‪ 1-2‬وتتويجه‬ ‫باللقب ألول مرة في تاريخه‪.‬‬

‫وإلى جانب الصالبة الدفاعية التي يتمتع‬ ‫بها النايبت فقد كان يتسم أيضا بقدرته على‬ ‫احراز األهداف حيث سجل‪11‬هدفا في‪211‬‬ ‫مباراة لعبها مع الديبور ومن أبرزها هدفه‬ ‫الرائع ضد مانشستر يونايتد اال نجليزي في‬ ‫دوري أبطال أوربا‪ .‬النايبت توج أيضا مع‬ ‫نادي ديبورتيفو الكورونيا بلقب كأس ملك‬ ‫إسبانيا سنة ‪ 2002‬على حساب ريال مدريد‬ ‫في المباراة النهاية بحصة ‪.1-2‬‬ ‫وإلى جانب التتويج ببطولة الليغا وكأس‬ ‫الملك حقق النايبت مع الديبور لقبي السوبر‬ ‫اإلسباني عامي‪ 2000‬و ‪.2002‬‬ ‫كما لعــب نصف نهائي دوري أبطال‬ ‫أوربا وهو أفضل إنجاز لهــذا النادي في‬ ‫المنافسات األوربية‪.‬‬ ‫وفي الرابع من شهــر غشــت الماضي‬ ‫احتفى الحساب الرسمــي لليغــا اإلسبانية‬ ‫بالدولي المغربي نور الدين النايبت عبر‬ ‫هدفين سجلهما في مسا بقة الليغا ليؤكد‬ ‫تميز تجربـــة الالعـــب النايبت مع فريق‬ ‫ديبورتيفو الكورونيا ويؤطر إنجازاته كأحد‬ ‫أنجح وأهم الالعبين العرب الذين مروا‬ ‫بالليغا اإلسبانية عبر التاريخ‪.‬‬

‫كريستيانو رونالدو يفتتح أول فندق له بمراكش‬ ‫سيفتتح النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو‪ ،‬خالل األيام القليلة القادمة‪ ،‬أول فندق له بالمغرب‬ ‫وبالضبط بمدينة مراكش‪.‬‬ ‫ومعلوم أن رونالدو من المعجبين والمولعين بمدينة النخيل‪ ،‬حيث يفضل قضاء عطلته بهذه المدينة‬ ‫السياحية‪ .‬كما تربطه عالقة وطيدة بالبطل العالمي المغربي بدر هاري‪.‬‬ ‫هذه العالقة المميزة والعشق للمغرب جعال رونالدو يفكر في االستثمار في هذا البلد الذي يعشقه كثيرا‬ ‫وفي مدينة أصبح يحب قضاء العطل بها كثيرا‪..‬اآلمر الذي يعد مؤشرا على استمرار رونالدو في زياراته‬ ‫للمغرب وقضاء وقت ممتع وطويل به في السنوات المقبلة‪.‬‬ ‫وقد أعلن عن قرب افتتاح فندق رونالدو الجديد بمراكش مرفوقا بصور رائعة تظهر أهم مايميز غرف‬ ‫هذا الفندق من جودة عالية‪.‬‬ ‫يذكر أن نجوما عالميين دأبوا على زيارة مدينة مراكش‪ ،‬خصوصا خالل عطل نهاية السنة‪ ،‬من ضمنهم‬ ‫العديد من أصدقاء رونالدو‪ ..‬باإلضافة إلى نجوم المنتخب الفرنسي السابقين‪.‬‬


‫العدد ‪981‬‬

‫الثالثـاء ‪� 19‬إلى ‪ 25‬فرباير ‪2019‬‬

‫الذكرى ‪ 56‬لوفاة‬ ‫األمير محمد بن عبد الكريم الخطابي‬

‫مر يوم السادس من فبراير الجاري‪ ،‬كأحد أيام اهلل‬ ‫العادية‪ ،‬دون أن يلتفت إليه من كان يجب أن يخلدوه كحدث‬ ‫من األحداث الكبيرة الرمزية السياسية والنضالية بالمغرب‬ ‫الحديث‪ ،‬نظرا لما يحمله‪ ،‬صاحبه‪ ،‬من معاني الرجولة والشجاعة‬ ‫والوطنية الصادقة‪ ،‬والغيرة على المغرب وشعبه ومستقبله‪.‬‬ ‫ففي هذا اليوم‪ ،‬ودعنا رجال ال كالرجال‪ ،‬قوة وشجاعة‬ ‫وإقداما وإيمانا باهلل وبحق شعبه في الحرية والكرامة‪ ،‬ذلكم‬ ‫هو أمير الجهاد‪ ،‬محمد عبد الكريم الخطابي‪ ،‬الذي انتقل إلى‬ ‫جوار ربه في السادس من فبراير سنة ‪ ،1963‬بالقاهرة التي‬ ‫حل بها بعد أن نجح مخطط زعماء الحركة الوطنية بقيادة‬ ‫الزعيم التطواني اإلصالحي الشهيد محمد بن عبود‪ ،‬في إنزال‬ ‫األمير وأسرته بميناء بور سعيد المصري‪ ،‬في ماي ‪ ،1947‬من‬ ‫على ظهر الباخرة األسترالية ‪ KATOOMBA‬التي كانت‬ ‫تقل األمير وأسرته إلى فرنسا بعد ‪ 20‬سنة من منفاه بجزيرة‬ ‫ال ريونيون الواقعة في المحيط الهندي‪ ،‬شرق جزيرة مدغشقر‪.‬‬ ‫ومعلوم أن الملك فاروق‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬تعهد شخصيا برعاية‬ ‫األمير الخطابي وأخيه وأسرتيهما ومرافقيهما الذين كانوا‬ ‫جميعهم يحظون بعناية كبرى سواء من الحكومة المصرية‬ ‫أو من زعماء األحزاب ورجال السياسة والعلم واألدب‪ ،‬من مصر‬ ‫ومن بلدان العالم العربي واإلسالمي وأيضا من أعضاء السلك‬ ‫الدبلوماسي المعتمد بأرض الكنانة والذين كان الكثيرون‬ ‫منهم يحملون لألمير عبد الكريم الخطابي الكثير من مشاعر‬ ‫اإلعجاب والتقدير واالحترام‪.‬‬ ‫ولد األمير محمد بن عبد الكريم الخطابي سنة ‪1882‬‬ ‫ببلدة أجدير في جبال الريف ودخل المسيد كجميع أترابه لحفظ‬ ‫القرآن الكريم في بلدته‪ ،‬قبل أن ينتقل للدراسة في مدينة‬ ‫تطوان‪ ،‬ثم بجامعة القرويين بفاس‪ ،‬ليتوجه بعد ذلك إلى‬ ‫مدينة مليلية حيث نال شهادة الباكالوريا ويعود إلى القرويين‬ ‫بفاس حيث تلقى علوم الشرعة اإلسالمية على يد مجموعة‬ ‫من كبار علماء الدين والسياسة‪ .‬وحتى يجمع بين علوم الدين‬ ‫والدنيا‪ ،‬انتقل األمير إلى جامعة سلمانكـا االسبانية‪ ،‬حيث قضى‬ ‫ثالث سنوات درس خاللها الهندسة والقانون‪.‬‬ ‫وبمدينة مليلية‪ ،‬اشتغل‪ ،‬في بداية عمله المهني كمترجم‪،‬‬ ‫وكاتب باإلدارة المركزية للشؤون األهلية بمليلية سنة ‪.1910‬‬ ‫وبموازاة مع وظيفته اشتغل صحافيا بيومية «تيليغراما ديل‬ ‫ريف» الناطقة باإلسبانية بين سنتي ‪ 1907‬و‪ ،1915‬حيث‬ ‫خصص له عمود يومي باللغة العربية‪.‬‬ ‫وفي سنة ‪ 1913‬عين قاضيا بمليلية‪ ،‬ثم رقي سنة ‪1914‬‬ ‫إلى منصب قاضي القضاة وهو أعلى منصب في سلك القضاء‬ ‫الخاص بمسلمي المدينة‪ ،‬وكان عمره ال يزيد عن ‪ 32‬سنة‪.‬‬ ‫وفي نفس السنة‪ ،‬عين أيضا كمعلم بأكاديمية اللغتين العربية‬ ‫والريفية بمدرسة الشؤون األهلية بمليلية‪.‬‬ ‫إال أن حادث اعتقاله سنة ‪ ، 1915‬بسبب شكوك األسبان‬ ‫في تعاطفه مع األلمان‪ ،‬والدولة العثمانية خالل الحرب العالمية‬ ‫األولى‪ ،‬شكل نقطة تحول في موقف محمد بن عبد الكريم‬ ‫الخطابي من الوجود االستعماري اإلسباني‪ ،‬خاصة وأن األسبان‬ ‫واصلوا في تلك الفترة تغلغلهم داخل التراب المغربي بعد أن‬ ‫كانوا يفضلون التمركز بالسواحل الشمالية‪ .‬ليقرر استئناف‬ ‫معركة التحرير التي بدأها والده عبد الكريم الخطابي في‬ ‫مواجهته العسكرية للمضايقات التي كان يمارسها ضد قبائل‬ ‫الريف واالعتقاالت العشوائية التي كان يباشرها في المنطقة‬ ‫والتي كثيرا ما كانت تمس رؤساء وأعيان القبائل الكبرى ‪ .‬لكن‬ ‫والد األمير توفي خالل حصار مركز «تفرسيت» ليقرر األمير‬ ‫مواصلة المعارك حيث ضاعف من «حركاته» العسكرية ضد‬ ‫المواقع التي احتلها العسكر اإلسباني‪.‬‬ ‫وتوالت المواجهات العسكرية بين الجيش اإلسباني‬ ‫النظامي والمسلح بشكل جيد ومجاهدي الريف كما توالت‬ ‫انتصارات المجاهدين على المواقع اإلسبانية‪ ،‬إلى معركة‬ ‫«أنوال» التاريخية‪ ،‬يوم ‪ 22‬يوليوز ‪ ،1921‬التي ذكرت العالم‬

‫األخيرة‬

‫بمعركة وادي المخازن ضد البرتغال‪ ،‬والتي قتل خاللها فوق ‪15‬‬ ‫ألف جندي إسباني من بينهم قائد الجيش اإلسباني الجنرال‬ ‫«سلفيستر»‪ ،‬الذي تعرف األمير شخصيا على جثته بعد أن‬ ‫أرشده أحد المجاهدين إلى مكان «وقوعه»‪ .‬كما تم أسر مئات‬ ‫الجنود األسبان‪ ،‬وغنم المجاهدون ذخائر كثيرة من مركبات‬ ‫عسكرية وأسلحة وعتاد حربي هام‪.‬‬ ‫سياسيا‪ ،‬أعلن األمير لممثلي الدول األوروبية اإلمبريالية‬ ‫التي كانت تعمل جاهدة على التقرب منه‪ ،‬نظرا لنجاحه في‬ ‫تقويض قوة وهيمنة دولة أوروبية «عضو» في نادي اإلمبريالية‬ ‫األوروبية‪ ،‬الساعية إلى فرض سيطرتها على شمال إفريقيا‪،‬‬ ‫أعلن في بيان‪ ،‬وقوفه ضد «التوافقات» الناتجة عن «مؤتمر‬ ‫الجزيرة الخضراء» ( ‪ )1906‬الموجهة ضد المغرب‪ ،‬برعاية‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬في إطار مواجهات استعمارية بين‬ ‫فرنسا وألمانيا‪ ،‬أعلن رفضه التام «للمطامح العليا» لمؤتمر‬ ‫الجزيرة الخضراء ولكل ما وقع التوافق عليه في هذا المؤتمر‬ ‫الذي شارك فيه‪ ،‬للتذكير‪ ،‬ممثلو إحدى عشرة دولة ‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى أمريكا والمغرب‪ ،‬وهي ألمانيا وحلفاؤها‪ ،‬والنمسا ـ هنغاريا‪،‬‬ ‫وإيطاليا‪ ،‬وفرنسا وحلفاؤها‪ ،‬وروسيا‪ ،‬وبريطانيا العظمى‬ ‫وإيرلندا‪ ،‬وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا واألراضي المنخفضة‬ ‫والسويد‪.‬‬ ‫وكان طبيعيا أن «ينزعج» المستعمر الفرنسي‪ ،‬الذي نجح‬ ‫في بسط نفوذه الكامل على المغرب‪ ،‬بمقتضى اتفاقية التنازل‬ ‫الكامل لفرنسا‪ ،‬عن «السيادة الفعلية» للدولة المغربية ‪ ،‬وفق‬ ‫ما سمي بـ «معاهدة للحماية الفرنسية بالمغرب» التي وضع‬ ‫عليها السلطان عبد الحفيظ بن السلطـــان الحسن األول‪،‬‬ ‫المزداد بفاس سنة ‪ 1876‬والمتوفي سنة ‪ 1937‬بمدينة‬ ‫‪ Enghien - Les - Bains‬الفرنسية‪« ،‬طابعه الشريف» إلى‬ ‫جانب توقيع ممثل فرنسا آنذاك بطنحة‪ ،‬برتبة وزير مفوض‬ ‫(‪ )Eugène REGNAULT1857-1933‬والذي ال زالت أقدم‬ ‫ثانوية فرنسية بالمغرب ‪Le Lycée Eugène Regnault‬‬ ‫الذي أنشئ في إطار توسيع مدرسة البعثة الفرنسية بطنجة‬ ‫‪.1898‬‬ ‫ورغم محاوالت كثيرة إلقناع أمير الجهاد بالريف بالعودة‬ ‫إلى المغرب‪ ،‬فإنه كان يشترط لذلك خروج القوات األجنبية‬ ‫من المغرب والتصفية الكاملة لتركة االستعمار‪ ،‬إلى جانب‬ ‫بعض الشروط المتعلقة بالتحقيقات في «الحركة» (بسكون‬ ‫الراء) الدامية التي واجه بها الجيش المغربي انتفاضة الريف‬ ‫سنتي ‪ 1958‬ـ ‪ ،1959‬ضد هيمنة حزب االستقالل موازاة مع‬ ‫انتفاضات أخرى شهدها األطلس ضد هذا الحزب‪ ،‬حيث قيل إن‬ ‫المواجهات العسكرية بالريف أوقعت آالف الموتى والجرحى ‪،‬‬ ‫إضافة إلى من تم نفيهم خارج جبال الريف‪.‬‬ ‫األمير محمد عبد الكريم الخطابي كان رمزا لحروب‬ ‫التحرير في العالم شهدت له بذلك قيادات الثورات الشعبية‬ ‫في مختلف المستعمرات بالعالم‪ ،‬خاصة بالصين والفييتنام‬ ‫وإفريقيا وأمريكا الالتينية وغيرها من المناطق التي كانت‬ ‫شعوبها تقاوم هيمنة الدول االستعمارية الكبرى‪ .‬وهاهو‬ ‫هوشي مين يشهد «أن الريفيين بزعامة محمد بن عبد الكريم‬ ‫استحقوا بجدارة أن يقال عنهم‪:‬إنهم أعطوا الدرس للعالم‬ ‫أجمع‪ ،‬فعبد الكريم بطل وطني ورائد الحرب الشعبية‪ ،‬وسيبقى‬ ‫مثاال رائعا للشعوب الضعيفة والمغلوبة على أمرها‪ .‬أما األمير‬ ‫شكيب أرسالن‪ « ،‬فقد صرح أن الناس إذا نظروا بعين اإلنصاف‬ ‫يجدون األمير الخطابي بطل العصر الحاضر بين جميع األمم‬ ‫ال بين المسلمين فقط’’‪ .‬ويكتب الشاعر الفرنسي الكبير‬ ‫لوي أراغون أن عبد الكريم « بعث في شبابنا أصدق المثل»‪.‬‬ ‫وفي رأي الصحافي الفرنسي جان الكوتير‪ ،‬فإن بطل الثورة‬ ‫الريفية»شخصية خارجة عن نطاق الترتيب وأن مكانته ستظل‬ ‫تتعاظم في الكتابات وفي ضمير الشعوب‪.‬‬ ‫وهاهو موتسي تونغ نفسه يشهد أن ابن عبد الكريم‬ ‫الخطابي» هو أحد المصادر األساسية التي تعملت منها حرب‬ ‫التحريرالشعبية»‪.‬‬

‫عزيز كنوني‬

‫باب تازة ‪:‬‬

‫الثانوية التأهيلية الوحدة‬ ‫اإلفريقية تنظم يوماً تحسيسياً‬ ‫في اإلسعافات األولية‬

‫في إطار أنشطتها الثقافية‬ ‫بالمنطقة‪ ،‬واألستـــــاذ عدنـــان‬ ‫والرياضية‪ ،‬نظمـت الثانويـة‬ ‫المــودن‪ ،‬ممثـــل الجمعيــة‬ ‫التأهيلية «الوحدة اإلفريقية‬ ‫الرياضية‪.‬‬ ‫باب تـازة» يومـاً تحسيسياً‬ ‫وخــــالل هـذا اللقــاء‪،‬‬ ‫في اإلسعافات األولية‪ ،‬وذلك‬ ‫تم عرض أنشطـة منظمـة‬ ‫يوم الجمعة ‪ 15‬فبراير‪.2019‬‬ ‫الهالل األحمــر‪ ،‬باستعمــال‬ ‫هذا اللقاء المنظم بشراكـــة‬ ‫وسائـــل حديثـــة‪ ،‬بمــــا في‬ ‫مع جمعيـة آبــاء وأوليــاء أمور‬ ‫التالميذ والجمعية الرياضيــة لمياء الحساني ذلك عرض تحسيسي نظــري‬ ‫وتطبيقي في مجال اإلسعافات‬ ‫والنادي‪ /‬التراث والرحالت‪ ،‬وبتنسيــق مع‬ ‫منظمة الهــالل األحمر المغربـي‪ ،‬فــرع األولية‪ ،‬باإلضافـة إلى توزيـع شهــادات‬ ‫شفشاون‪ ،‬حضرته األطر اإلدارية والتربوية تقديريــة على المشاركــات والمشاركين‬ ‫للثانوية وممثلو جمعية آباء وأولياء أمور المتألقين‪ ،‬تشجيعا وتحفيزا لهم‪ ،‬تسلموها‬ ‫التالميذ‪ ،‬حيث وبعد افتتاحه بآيات بينات من من رئيس جمعية اآلباء ومدير الثانوية الذي‬ ‫الذكرالحكيم‪ ،‬تجويد التلميذ عثمان بوخراز‪ ،‬ألقى كلمة ختامية‪ ،‬شكر من خاللها كل من‬ ‫تناول الكلمة كل من األستاذ عبد الرزاق ساهم من بعيد أو من قريب في إنجاح هذا‬ ‫الفياللي‪ ،‬مدير الثانوية‪ ،‬واألستاذ مزكان اليوم الدراسي الذي نال استحسان الحضور‬ ‫ضوء المكان‪ ،‬ممثل الهالل األحمرالمغربي الكبيرالذي تابع أطواره‪.‬‬

‫ِ‬

‫صدار جديد‬

‫إ‬

‫حازت هذه الترجمة‬ ‫التـي أنجزهـا الدكتـور‬ ‫عز الدين الشنتوف‬ ‫بمعرفة واسعة وإتقان‬ ‫كبير على جائزة األطلس‬ ‫الكبير لسنة ‪2019‬‬ ‫بتحكيم دولي منزه‬ ‫ونزيه‪.‬‬ ‫• عبد اللطيف �شهبون‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.