Achamal n° 982 le 26 Février 2019

Page 1

‫المنتزه الوطني بالحسيمة‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 982‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 20‬جمادى الثانية ‪ 26 / 1440‬فرباير �إلى ‪ 4‬مار�س ‪2019‬‬

‫يشهــد المنتــزه الوطني للحسيمة‪،‬‬ ‫بقلب جبال الريف‪ ،‬إقباال كبيرا من طرف‬ ‫الزوار المغــاربـــة والسيــــاح األجانـــب‪،‬‬ ‫لما يشكلــه من فضاء طبيعــي يتوفــر‬ ‫على منظومة بيئية‪ ،‬ذات قيمة بيولوجية‬ ‫وإيكولوجية رفيعــة األهميــة ومؤهالت‬ ‫طبيعية من ضمنها عدد هائل من أصناف‬ ‫النباتات وأشجار مستوطنة وأخرى محلية‬ ‫كالخروب وأشجار التين‪ ،‬كما يتميز الموقع‬ ‫بتنوع حيواني هام بين حيوانات برية‬ ‫وطيور‪ ,‬حيث يوجد حوالي ‪ 60‬صنفا من‬ ‫الطيور أبرزها طائر “السرنوف العركي” الذي ينتمي إلى فصيلة نادرة من النسور المعروفة بصيدها لألسماك‬ ‫بمهارات عالية‪ ,‬إضافة إلى طائر ”عقاب البحر‪ .‬كما تعد الواجهة البحرية بمثابة محمية طبيعية لمجموعة‬ ‫من الكائنات البحرية من طحالب وأسماك مهددة باالنقراض كالفقمة‪ ,‬إضافة إلى ‪ 3‬أصناف من الدلفين‪.‬‬ ‫وحسب جريدة «طنجة ‪ ،»24‬فإن المنتزه تم إحداثه سنة ‪ 2004‬وهو يغطي مساحة تفوق ‪ 48‬و‪460‬‬ ‫الف هكتار في الوسطين البري والبحري ويعتبر فضاء مناسبا للذين يحبون سياحة الطبيعة والبحر والمناخ‬ ‫والباحثين عن لحظات استجمام واسترخاء‪.‬‬

‫السيد محمد مهيدية والياً على جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‬ ‫خلفا للسيد محمد اليعقوبي الذي تسلم والية عاصمة‬ ‫الرباط سال ـ القنيطرة‬

‫الجهوية‪ ،‬وميثاق الال مركزية‪ ،‬وأوراش التنمية‪ ،‬وبرنامج «الحسيمة منارة المتوسط» واألمور‬ ‫األمنية‪ ،‬أهم القضايا التي أثارها وزير الداخلية في خطاب تنصيب الوالي مهيدية بطنجة‬

‫تصوير ‪ :‬حمودة‬

‫تسلم السيد محمد مهيدية‪ ،‬بعد ظهر الجمعة الماضي‪ ،‬خالل حفل أقيم بقصر الوالية‪ ،‬ظهير تعيينه واليا‬ ‫على جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪ ،‬خلفا للسيد محمد اليعقوبي الذي عين واليا على عاصمة المملكة وجهتها‪.‬‬ ‫وقد ركز وزير الداخلية‪ ،‬عبد الوافي لفتيت‪ ،‬في كلمته‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬كما فعل في مناسبات مماثلة‪ ،‬على الجهوية‬ ‫التي اعتبر أنها تضفي دينامية تنموية جديدة من خالل مشاريع كبيرة‪ ،‬في مختلف المجاالت االقتصادية‬ ‫واالجتماعية والثقافية والبيئية‪ ،‬من شأنها تحسين ظروف عيش المواطنين ‪.‬‬ ‫(البقية على الصفحة األخيرة)‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫حركة الطفولة الشعبية بوزان تربي‬ ‫على السالمة الطرقية‬

‫‪2‬‬

‫تربويات‪:‬‬ ‫تحت شعار‬ ‫«في مستقبلنا واثقون»‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد الغني بلقاسم‬

‫المدير اإلقليمي بطنجة أصيلة‬ ‫يعطي انطالق حفل افتتاح برنامج‬ ‫«مدرستي قيم وإبداع»‬ ‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬

‫‪ ‬إذا كانت السالمة الطرقية هي حزمة‬ ‫من الخطوات يتم اتخاذها للوقاية من‬ ‫حوادث السير والتقليل من احتمالية وقوعها‬ ‫‪ ،‬فإن الخبراء الذين يشتغلون على حرب‬ ‫الطرق ‪ ‬يدعون الى ترجيح كفة التربية على‬ ‫السالمة الطرقية على حساب كفة الخطوات‬ ‫األخرى التي ال تقل أهمية عن األولى ‪ ،‬وذلك‬ ‫بتنويع وتكثيف الحمالت التحسيسية‪ ،‬واإلكثار‬ ‫من الفعاليــات التوعويــة التي من شأنها‬ ‫الرفع من منسوب ثقافـة السالمة الطرقية‬ ‫في صفوف المواطنات والمواطنين وخاصة‬ ‫التالميذ‪.‬‬ ‫‪ ‬في هذا السياق ‪ ،‬ومساهمة من فرع‬ ‫حركة الطفولة الشعبية بوزان في تخليد‬ ‫اليوم الوطني للسالمة الطرقية‪ ،‬وبتعاون‬ ‫مع المديرية اإلقليمية للتربية الوطنية‬ ‫والمنطقة اإلقليمية لألمن الوطني ‪ ،‬أعطيت‬ ‫صباح يوم االثنين ‪ 18‬فبراير ‪ 2019‬انطالقة‬ ‫« منتدى السالمة الطرقية» الذي سيسدل‬

‫}‬

‫الستار على فقراته المتنوعة يوم ‪ 24‬فبراير‬ ‫الجاري ‪.‬‬ ‫‪ ‬محطة انطالق فعاليات هذا المنتدى‬ ‫تميزت بحضور المدير اإلقليمي لوزارة التربية‬ ‫الوطنية ‪ ،‬ورئيسة مصلحة الشؤون التربوية‬ ‫بذات المديرية ‪ ،‬وممثل هيئة المساواة‬ ‫وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع لجماعة وزان‪،‬‬ ‫وممثلة منظمة نساء في مواقع النزاع بوزان‪،‬‬ ‫وأطر تربوية ‪ ،‬وأطر حركة الطفولة الشعبية‪،‬‬ ‫‪ ،‬حيث تابع الجميع االنخراط المتميز لرجال‬ ‫األمن في تنشيط ورشة نظرية حول السالمة‬ ‫الطرقية مجسدين بذلك شعار « الشرطة في‬ ‫خدمة المواطن» الذي يؤثث واجهة بناية‬ ‫المنطقة اإلقليمية بوزان ‪ .‬كما تابع الزوار‬ ‫باقي الورشات التي توزع عليها األطفـــال‬ ‫الذين تفتق خيالهم‪ ،‬فأبدعوا بالرسم‬ ‫والغناء والسخرية لوحات فنية تقرأ واقع‬ ‫حوادث السير ‪ ،‬وتنتصر لمقاربة التربية على‬ ‫المواطنة التي يعتبر تملك ثقافة السالمة‬ ‫الطرقية وقواعد الوقاية من حوادث السير ‪،‬‬ ‫قطعة من مساحتها الواسعة ‪.‬‬

‫‪ ‬ولتكون للرسالة ‪ ،‬توزع األطفال في‬ ‫حملة تحسيسية بالطريق العام حيث فتحوا‬ ‫حوارات مباشرة مع مستعملي ومستعمالت‬ ‫الطرق واألرصفة داعين الجميع إلى الوعي‬ ‫بالكلفة الباهظة التي يتحملها االقتصاد‬ ‫الوطني ‪ ،‬والمآسي االجتماعية التي يخلفها‬ ‫التهور ‪ ،‬عند عدم التشبع بثقافة السالمة‬ ‫الطرقية التي ال يشكل احترام قانون السير إال‬ ‫نقطة في بحرها ‪. ‬‬ ‫‪ ‬يذكر أن «منتدى السالمة الطرقية»‬ ‫الذي تنظمه حركة الطفولة الشعبية ‪ ،‬سيشكل‬ ‫فرصة لالحتكاك المباشر ولمدة أسبوع مع‬ ‫تالميذ مجموعة من المؤسسات التعليمية‬ ‫بالمدينة ‪ ،‬كما أن الجمعية التي تقف وراء هذا‬ ‫المنتدى ‪ ،‬وعلى ضوء التشخيص الذي تقوم‬ ‫به لواقع السير بالمدينة ‪ ،‬سترفع جملة من‬ ‫التوصيات للمجلس الجماعي والجهة األمنية‬ ‫من أجل التعجيل بمعالجة االختالالت التي‬ ‫تدخل في صلب اختصاصاتهما‪ .‬‬

‫ون �أُ َ‬ ‫ِك عَ َل ْيهِ ْم َ�ص َل َو ٌ‬ ‫ولئ َ‬ ‫ِن‬ ‫ين ِ�إ َذا �أَ َ�صا َبتْهُ ْم ُم ِ�صي َب ٌة َق ُالوا ِ�إنَّا لِهَّ ِ‬ ‫ين َّالذِ َ‬ ‫ال�صا ِب ِر َ‬ ‫�ش َّ‬ ‫ات م ْ‬ ‫ل َو ِ�إنَّا ِ�إ َل ْي ِه َراجِ ُع َ‬ ‫َو َب رِّ ِ‬ ‫ِك هُ ُم مْ ُ‬ ‫َر ِّبهِ ْم َو َر ْح َم ٌة َو�أُ َ‬ ‫ولئ َ‬ ‫ون‬ ‫ال ْهت َُد َ‬

‫{‬

‫(�صدق اهلل العظيم)‬

‫شهدت فضاءات إعدادية ابن باجة التابعة لمديرية طنجة أصيلة‪ ،‬يوم الثالثاء ‪19‬‬ ‫فبراير ‪ ،2019‬افتتاح النسخة الرابعة من برنامج مدرستي قيم وإبداع‪ ،‬الذي اختير له‬ ‫هذه السنة شعار «في مستقبلنا واثقون»‪ ،‬والذي تنظمه مديرية طنجة أصيلة بشراكة‬ ‫مع والية طنجة تطوان الحسيمة وفيدرالية أمهات وآباء وأولياء تالميذ المؤسسات‬ ‫التعليمية بطنجة‪.،‬‬ ‫حضر هذا الحفل‪ ،‬إلى جانب المدير اإلقليمي بطنجة أصيلة وبعض رؤساء المصالح‬ ‫والمكاتب‪ ،‬مجموعة من فعاليات المجتمع؛ ممثلو جمعية أمهات وآباء التالميذ‪ ،‬مدراء‬ ‫المؤسسات التعليمية‪ ،‬وبعض األساتذة‪...‬‬ ‫افتتح الحفل بتالوة آيات بينات من الذكر الحكيم تلتها على أسماع الحاضرين‬ ‫التلميذة بثينة منصور‪ ،‬ثم النشيد الوطني الذي أداه كورال الثانوية االعدادية ابن‬ ‫باجة‪ ،‬برئاسة األستاذين‪ :‬حديفة بنعلي وكريم الدليمي‪ .‬ليفسح المجال بعد ذلك‬ ‫لبرعمات وبراعم المؤسسات التعليمية المشاركة لتقديم فقرات تربوية موسيقية‬ ‫وغنائية تنم عن حبهم العميق للمدرسة والوطن‪ .‬وقبل اختتام الحفل زار الحضور‬ ‫الورشات الفنية والثقافية والعلمية والرياضية واالجتماعية والبيئية التي نشط أطوارها‬ ‫المتعلمون والمتعلمات‪.‬‬ ‫• يهدف برنامج مدرستي قيم وإبداع إلى‪:‬‬

‫لبى نداء ربه المشمول بعفو اهلل المرحوم‬

‫الطيب ال�سالوي‬

‫عم زميلتنا الصحافية لمياء السالوي‬ ‫بعد معاناة طويلة مع المرض‪ ،‬وذلك أمس الجمعة‪ ،‬وشيع جثمانه الطاهر في‬ ‫موكب جنائزي مهيب‪ ،‬حضره األهل واالحباب والمعارف‪ ،‬ودفن بمدينة فاس‪ ،‬بعد صالة‬ ‫العصر‪.‬‬ ‫وبهذا المصاب الجلل‪ ،‬نتقدم بأحر التعازي إلى أرملة الفقيد السيدة أمينة الحريزي‬ ‫وإلى ابنتهما هند وصهره عزيزبن شقرون وحفيديه‪ ،‬شادية ونوفل‪ ،‬وكذا إلى إخوة‬ ‫الفقيد‪ ،‬عبد الغني‪ ،‬حميد‪ ،‬ولطيفة‪ ،‬باإلضافة إلى كل أفراد عائلتي السالوي والحريزي وأقاربهم وأصهارهم‪ ،‬راجين‬ ‫لهم منه تعالى الصبر والسلوان‪ ،‬وللفقيد عظيم األجر والغفران‪ ،‬تغمده اهلل بواسع رحمته مع النبيئين والصديقين‬ ‫والشهداء والصالحين‪ ،‬وحسن أولئك رفيقا‪.‬‬

‫َ‬ ‫�س مْ ُ‬ ‫ا�ض َي ًة َم ْر ِ‬ ‫ك َر ِ‬ ‫ار ِج ِعي �إِ َلى َر ّ ِب ِ‬ ‫�ض ّ َي ًة‬ ‫ال ْط َم ِئ ّ َن ُة ْ‬ ‫}يا �أ ّ َي ُت َها ال ّ َن ْف ُ‬ ‫َاد ُخلِي يِف ِع َب ِ‬ ‫ادي َو ْاد ُخلِي َج ّ َن ِتي {‬ ‫ف ْ‬ ‫على إثر وفاة المشمول برحمة اهلل تعالى المرحوم‬

‫احلاج �أبو بكر التازي‬

‫الذي وافته المنية صباح يوم األحد ‪ 10‬فبرايـــر ‪ ، 2019‬حيث ووري جثمانه الطاهر‬ ‫الثرى بمقبرة سيدي اعمار بعد صالة العصر بمسجد محمد الخامس بطنجة‪ ،‬في نفس‬ ‫اليوم‪ ،‬في موكب جنائزي مهيب حضره األهل واألحباب واألقارب واألصهار‪.‬‬ ‫وبهذا المصاب الجلل‪ ،‬نتقـدم بأحـر التعـازي إلى كافـة أسرة الفقيد العزيـــز‪،‬‬ ‫سائليــن العلــي القديـر أن يبـوئه مقعـد صدق مع النبيئين والصديقين والشهداء‬ ‫والصالحين وحسن أولئك رفيقا‪ ،‬ضارعين اهلل أن يكأله بعين رعايته ويشمله برحمته‪،‬‬ ‫وأن يلهم إخوته ‪ :‬الحاج محمد‪ ،‬ومجيد‪ ،‬وجميلة‪ ،‬وبديعة ونجاة‪ ،‬الصبر الجميل‪.‬‬

‫(�صدق اهلل العظيم)‬

‫• تنمية روح المبادرة واإلبداع لدى المتعلمات والمتعلمين‪ ،‬وتقوية قدراتهم‬ ‫وكفاءاتهم‪ ،‬والتشجيع على اإلبداع واالبتكار‪ ،‬واإلنتاج الفني والثقافي والرياضي‪.‬‬ ‫• تربية النشء على المواطنة والنزاهة واالنصاف؛ ألن المؤسسة التعليمية ال‬ ‫يقتصر دورها على تزويد المتعلم بالمهارات األساسية في القراءة والكتابة والتعبير‬ ‫فحسب‪ ،‬بل تتعداه إلى الغراسة المعرفية في السّلوك ليصبح قيمة حياتية تتمازج فيها‬ ‫المعرفة بالسّلوك ليشكل في المحصلة النّهائية شخصية وطنية وإسالمية متكاملة‬ ‫منسجمة ‪ ،‬مثالية وواقعية في آن واحد ‪ ،‬عقالنية ووجدانية‪.‬‬ ‫• ربط المؤسسة بمحيطها الخارجي‪ :‬عبر إقحام المتعلمات والمتعلمين في‬ ‫قضايا تتعلق بمحيطهم السوسيو اقتصادي‪ ،‬وإعطائهم الفرص الكافية للمساهمة في‬ ‫معالجتها‪ ،‬عن طريق نهج تربوي قوامه استحضار المجتمع في قلب المدرسة‪ ،‬والخروج‬ ‫إليه منها بكل ما يعود بالنفع على المؤسسة والوطن بشكل عام‪.‬‬ ‫واختتم الحفل بتعاقب كلمات القيمين على الشأن التربوي بالمديرية وبعض‬ ‫الفعاليات؛ أشادت كلها بالنجاح الذي حققته الدورات السالفة من برنامج « مدرستي‬ ‫قيم وإبداع»‪ ،‬وكذا بالدور الحضاري والتربوي الذي لعبته في تهذيب سلوك المتعلمين‪،‬‬ ‫وتوحيد أفكارهم‪ ،‬وتصحيح عقائدهم‪ ،‬وربطهم بماضيهم‪ ،‬وترسيخ انتمائهم بدينهم‬ ‫وأرضهم وهويتهم‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫درد‬ ‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬

‫شة‬

‫أتاني يطلب مني أن أسلمه جواز سفري‪ ،‬ليسجلني في قائمة عمرة المولد‪.‬‬ ‫وبالطبع أخذ يغريني بالبرنامج المتنوع‪ ،‬والفنادق الفخمة‪ ،‬واألسعار المناسبة‪،‬‬ ‫عساني أنخرط في هذه الرحلة‪.‬‬ ‫وصديقي هذا وجد ضالته في هذا المجال‪ ،‬فهو مرشد سياحي وديني‪ ،‬وله‬ ‫نشاط مشهود في الحج والعمرة‪ ،‬وزيارة دول المشرق العربي‪.‬‬ ‫ولوال سعة الصدر التي يتصف بها‪ ،‬ما نجح في هذه المهمة‪ ،‬فأن تتحمل‬ ‫مسؤولية خمسين نفراً‪ ،‬وتُؤَمن تنقالتهم‪ ،‬وتوفر لهم الراحة‪ ،‬وتلبي طلبات كل‬ ‫واحد منهم على حدة‪ ،‬عبء ثقيل‪ ،‬ال يقدر على حمله إال أولو العزم من الشبان‬ ‫األشداء األقوياء‪.‬‬ ‫وهو يعدّ نفسه ‪ -‬رغم تجاوزه سن السبعين‪ -‬من هؤالء الشبان األقوياء‬ ‫األشداء‪ ،‬فصدره رحب‪ ،‬وقشَّابته واسعة‪ ،‬وهو ال يحسب حساب الفشل بمقدار ما‬ ‫يحسب حساب النجاح في كل رحلة يخطط لها بالتنسيق مع هذه الوكالة أو تلك‪،‬‬ ‫حتى إذا انتهى من هذه الرحلة‪ ،‬وعاد إلى أرض الوطن‪ ،‬أخذ يبرمج للرحلة التي‬ ‫تليها‪ .‬وهكذا دواليك‪.‬‬ ‫إن أزيز الطائرات‪ ،‬أصبح بالنسبة له‪ ،‬سيمفونية تطربه وتهز أعطافه وتدغدغ‬ ‫مشاعره‪ ،‬وإن المضايقات التي يجدها في المطارات غدت لديه من المستملحات‬ ‫التي ال تكتمل الرحالت إال بها‪ ،‬وإن أحمال وأثقال السفر باتت عنده كمن يحمل‬ ‫الغطاء والوطاء‪ ،‬لينقله من حجرة إلى أخرى‪.‬‬ ‫ورغم أنه ال ينام إال بمقدار‪ ،‬وال يخالط أهله إال بمقدار‪ ،‬وال يستقر إال بمقدار‪،‬‬ ‫فقد ألف التجوال والترحال‪.‬‬ ‫لذا أخذ ييسر لي ما أراه صعبا‪ ،‬ويذلل ما أتوقع أن يكون عقبة في طريقي‪،‬‬ ‫ويمنيني بما يسرّي عني‪ ،‬ويدخل البهجة إلى نفسي‪.‬‬ ‫لم استشهدتُ بهذا النموذج؟ ولم حشرتُه حشراً في عمودي هذا؟‪.‬‬ ‫ألوضح لبعض متقاعدينا الذين رفعوا الراية البيضاء‪ ،‬وجلسوا ينتظرون م َلك‬ ‫الموت‪ ،‬وكأنهم يستعجلون قدومه‪ ،‬أن الحياة ال تتوقف عند الستين وال حتى عند‬ ‫السبعين‪ ،‬وإنما تظل تجري رُخا ًء‪ ،‬وتجري بما تشتهيه سفننا‪.‬‬ ‫فلم ننكمش وننكفئ على أنفسنا وكأننا نناقشها الحساب‪ ،‬أو نصفي معها‬ ‫حساب السنين التي مضت؟ لم؟‪.‬‬ ‫إن الحديث الشريف الذي يطلب منا أن نعمل آلخرتنا كأننا نموت غداً‪ ،‬هو‬ ‫نفس الحديث الذي يطلب منا أن نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبداً‪ .‬فلم نأخذ بشطر‬ ‫اآلخرة‪ ،‬ونُغيّب شطر الدنيا؟ لم؟‪.‬‬ ‫وفي نفس هذا السياق وردت اآلية الكريمة التي يقول فيها ربنا‪« :‬وابتغ فيما‬ ‫آتاك اهلل الدارَ اآلخرة‪ ،‬وال تنس نصيبك من الدنيا» صدق اهلل العظيم‪.‬‬

‫حركة ‪ 20‬فبراير مرة أخرى‪...‬‬ ‫‬‫ثماني سنوات مرت على انبجاس حركة عشرين فبراير أو حركة‬ ‫«الربيع العربي» المغربية‪ ،‬كلما حلت الذكرى حملت معها ركاما من‬ ‫محاوالت الفهم والتحليل‪ ،‬شيئا من السوداوية‪ ،‬وشيئا من الحلم‪،‬‬ ‫خليطا تمتزج فيه إحباطات بآمال‪ ،‬سجاالت بتشظيات‪.‬‬ ‫ال يهمني هنا الموقف من الحركة‪ ،‬وصيرورتها‪ ،‬وأداء الفاعلين‬ ‫فيها أوتناقضات الذين قادوها‪ ،‬لكن ما يهمني هو تموقعها كحدث‬ ‫في تاريخ المغرب المعاصر‪ ،‬وكيف يتعامل معها اإلعالم العمومي‬ ‫خاصة‪ ،‬وقد بعدت المسافة الزمنية للنظر فيها بشيء من الموضوعية‪،‬‬ ‫ونحن نرى أن معظم الشعارات التي رفعتها واألسئلة التي طرحتها لم‬ ‫تمت بعد‪.‬‬ ‫وألن اإلعالم العمومي هو‬ ‫المرآة التي يجب أن تنعكــس‬ ‫فيها قضايا المجتمع وهمومه‪،‬‬ ‫وال��ت��ق��اط��ب��ات االج��ت��م��اع��ي��ة‬ ‫واالخ���ت�ل�اف���ات ال��ف��ك��ري��ة في‬ ‫المجتمع في إطار دولة موحدة‪،‬‬ ‫ف���إن أي���ة م��ح��اول��ة لطمس‬ ‫النقـــاش العمومـي المفتـــوح‬ ‫والديموقراطي حول األح��داث‬ ‫المؤثرة تاريخيا والقضايا الكبرى‬ ‫والشائكة‪ ،‬ال يساعد على جو‬ ‫الثقة‪ ،‬وال يسمح بالتقدم في بناء‬ ‫التوافقات لمعالجة هذه القضايا‬ ‫وفهم هذه األحداث دون عقد أو‬ ‫خوف ألخذ العبر منها من أجل‬ ‫السير إلى األمام‪.‬‬ ‫وفـي سيـــاق الحديـــث عن‬ ‫حركة ‪ 20‬فبراير كحدث تاريخي شبابي بامتياز‪ ،‬تلوح المقارنة بين‬ ‫تعامل اإلعالم المغربي معها وتعامل اإلعالم الفرنسي مع حركة‬ ‫الشباب في ‪ ،68‬وإن كانت المقارنة صعبة مع وجود الفارق‪ ،‬حيث إن‬ ‫اإلعالم العمومي الفرنسي يسترجع هذه الحركة كجزء من األحداث‬ ‫التاريخية الكبرى التي صنعت التحول في المجتمع والدولة والثقافة‬ ‫والسياسة بفرنسا ما بعد الحرب العالمية الثانية‪.‬‬ ‫إن المجتمعات الحية التي ال تخاف من ماضيها وال تتزلف‬ ‫لحاضرها‪ ،‬وتواجه معضالتها وإخفاقاتها بجرآة‪ ،‬كما تسلط الضوء‬ ‫على المكتسبات والنجاحات واالنتصارات‪ ،‬تستشرف المستقبل بقوة‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫وعزم‪ ،‬لذلك فكيفما كانت نظرتنا للماضي‪ ،‬فإنه يبقى ملكا لنا جميعا‪،‬‬ ‫وعلينا أن نفتح نقاشا عموميا صريحا ومتعددا حوله لرأب الصدع‪،‬‬ ‫وإخماد األحقاد وتبديد األوهام‪.‬‬ ‫وتبقى أهم موضوعة مرتبطة بهذه الحركة هي مسألة اإلصالح‪،‬‬ ‫فعلى الرغم من جميع مظاهر التقدم التي حققها بلدنا على مستوى‬ ‫البنيات التحتية والعديد من الخدمات‪ ،‬وكذا على مستوى عصرنة‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬والنظام المالي والرقمنة‪ ،‬فإن معضالت في السياسة والثقافة‬ ‫واإلعالم والتربية والتكوين والتشغيل والخدمات االجتماعية العمومية‬ ‫الزالت جاثمة بكل ثقلها على الدولة والمجتمع‪ ،‬وتظهر أن المغرب‬ ‫لم يتخط بعد نحس المشي‬ ‫بسرعتين‪ ،‬واتساع هوة الفوارق‪،‬‬ ‫مما يشكل مصدر قلق وخلل‬ ‫في التوازن‪ ،‬وإذكـاء لصراعــات‬ ‫مستمرة‪.‬‬ ‫إن هذه المعضالت ما هي‬ ‫في المجمل إأل مظاهــر ألزمة‬ ‫عميقة وبنيويــة في الدولــة‬ ‫والمجتمع‪ ،‬كما تعكس ضعف‬ ‫نفاذ محاوالت اإلصالح لهاتين‬ ‫البنيتيــن المتشابكيتـن‪ ،‬كما‬ ‫تذهب العديد من التوجهات‬ ‫واألراء والتحاليـــل‪ ،‬ألسبـــاب‬ ‫سياسيـــة‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬ثقافيــة‬ ‫وتاريخية‪ ،‬مما يجدد التذكيـــر‬ ‫بالمسؤوليــــة الملقــــاة على‬ ‫عاتق النخـــب وكل الغيورين‬ ‫على مصلحة الوطن من سياسيين‪ ،‬ومثقفين‪ ،‬وفاعلين اقتصاديين‪،‬‬ ‫وفنانين‪ ،‬في الدفــع المتواصل بمجاري اإلص�لاح ومساربه‪ ،‬ألن‬ ‫دمقرطة الدولة والمجتمع تستدعي إصرارا على البناء وطول النفس‪،‬‬ ‫ومقاومة النزعات النكوصية‪ ،‬واإلقصائية‪ ،‬والريعية العمياء التي‬ ‫تطربها المصالح الضيقة‪ ،‬وسراب الحاضر أو الماضي ناسية أنه‬ ‫كلما كانت الدولة ديموقراطية عادلة وخادمة لمجتمعها‪ ،‬كلما كان‬ ‫المجتمع متماسكا‪ ،‬منتجا ومتفائال‪.‬‬ ‫لذلك إن كانت حركة ‪ 20‬فبراير تصنف كحركة غضب‪ ،‬فبإمكاننا‬ ‫بإرادة اإلصالح أن نحولها إلى حركة ثقة وأمل‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫أفق بالغي ‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫بعد غياب طويل دعاني للقاء فسحة في مكان أثير لدينا‬ ‫بطنجة ‪..‬‬ ‫انصرف بنا حديث متشعب للكالم عن دروس البالغة التي‬ ‫تلقيناها في المرحلة الثانوية ‪ ..‬فاتفقنا أنها كانت منفصلة عن‬ ‫غايات ومرامي الدرس األدبي‪..‬وقد تفطنا لهذه المعضلة بعد‬ ‫انتظامنا في الجامعة واسترفادنا من دروس المرحومين ‪:‬‬ ‫• محمد بن تاويت التطواني‬ ‫• أمجد الطرابلسي‬ ‫• صالح األشتر‬ ‫• نجيب محمد البهبيتي‬ ‫• جعفر الكتاني‬ ‫• محمد الخمار الكنوني‬ ‫• عبد السالم الهراس‬ ‫• أحمد المجاطي‬ ‫قال لي ‪:‬‬ ‫« لقد أمضينا سنوات في التدريس ودخلنا تقاعدا‪ ..‬وما زلنا‬ ‫نالحظ أن الطالب ـ في الثانوي والعالي ـ يشكو من درس لغوي‬ ‫ال يمده بما يقدره على تقويم سليقته وتربية ذوقه ‪..‬‬ ‫هل تتذكر كيف تحررنا من هذه اآلفـــة بعد مطالعاتنـــا‬ ‫لفصول من كتابي عبد القاهرالجرجاني «دالئل اإلعجاز»‬ ‫و«أسرار البالغة» ؟‬ ‫أتصور أن عبد القاهر كان يشكو من الزهادة ؛ وهي‬ ‫انصراف األستاذ والطالب معا عن النحو واستخفاف بالبيان‬ ‫وتنكر للشعر‪..‬‬ ‫وال شك عندي أن عقم درسنا البالغي بمثل عبد القاهر‬ ‫مؤصل ممتد‪..‬‬ ‫انقطعت صلتنا بكتابيه وبدرسنا البالغي بعدما تولدت‬ ‫فصول وغايات‪..‬‬ ‫لم نعد نشهد في بيئتنا البالغية البيانية الراهنة من يقوم‬ ‫بما قام به عبد القاهر فهما وتفسيرا وتحليال وتأويال ‪.»..‬‬ ‫قلت له ‪:‬‬ ‫أنت تذكرني بما سبق أن أشار إليه أحمد حسن الزيات من‬ ‫أن كتابي عبد القاهر كانا منارين ‪ ..‬فلم نعد نرى بعدهما اال‬ ‫أغفاال ومجاهل‪ ..‬واستفهم في السياق ذاته ‪:‬‬ ‫هل في البيانيين من أساتذة الجامعة من يحاول في البالغة‬ ‫الحديثة ما حاول عبد القاهر في البالغة القديمة ؛ فيجددوا‬ ‫ويكملوا ويقيموا كتابة ونقدا على ضوابط فنية وعلمية ؟‬ ‫قال لي ‪:‬‬ ‫الحظ الزيات أيضا في هذا المنحى ـ رحمه اهلل ـ أن طالب‬ ‫البالغة الموهوب ال بد له من ‪:‬‬ ‫درس اللغة وتحصيل علوم اللسان ‪..‬‬ ‫درس الطبيعة ؛ ألن الطبيعة كتاب محيط معجز‪ ،‬ألفته‬ ‫يد القدرة وتجمعت على هوامش متنه عقول آدمية استبصارا‬ ‫وكشفا وفهما واستنباطا وابتكارا لعلوم جيولوجية وكيمياوية‬ ‫وفلكية وغيرها‪..‬واألديب هو المشارك في كل علم والملم بكل‬ ‫فن‪..‬‬ ‫درس النفس لكونها ينبوعا ثرا لغرائز وعواطف وأفكار‬ ‫وأحاسيس وقيم‪..‬‬ ‫قلت له ‪:‬‬ ‫وفي هذا الدرس النفسي الثالث يتأكد مدار البالغة إلى يوم‬ ‫الدينونة ؛ مدار ‪:‬‬ ‫«مطابقة الكالم الفصيح لمقتضى الحال» ؛ حال المخاطب‬ ‫ومراعاة المقتضيات المالئمة للخطاب واالجتهاد في إضفاء‬ ‫سمات الجمال على األسلوب في تعاضد وثيق بين المعنى‬ ‫والنفس واألخالق والجمال ‪..‬‬ ‫ولن يتأتى هذا إال بطول نظر ؛ فانظر تجد كما قال أستاذنا‬ ‫سيدى طه عبد الرحمن حفظه اهلل وإلى مثل هذا المعنى أشار‬ ‫أستاذنا محمد مفتاح ـ حفظه اهلل ـ في محاضرته القيمة بآداب‬ ‫تطوان يوم الخميس المنصرم حادي وعشري فبراير الجاري‬ ‫بدعوة من مختبر التأويليات‪..‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫‪4‬‬

‫من دفاتري‬

‫�أوراق‬ ‫مغربية‬

‫�سل�سة جديدة‬ ‫‪ 26‬فبـراير ‪2019‬‬

‫عزيز گنوني‬

‫‪azizguennouni@hotmail.com‬‬

‫النموذج التنموي جاهز‬

‫كالم‬

‫عابر‬

‫الصحافة ليست جريمة‪! ‬‬ ‫ال‪ ،‬بل جريمة في كل بلد‪ ‬يرى أهله ومسؤولوه في الصحافي «عدوا»‬ ‫ماكرا‪ ،‬متربصا بهم في كل آن‪ ،‬باحثا عن مكامن الخلل في سلوكهم‪ ،‬وعن‬ ‫مواطن‪ ‬الثلم في أدائهم‪ ،‬وعما خفي من مظاهر الفساد‪ ‬في أعمالهم‪ ! ‬هي‬ ‫جريمة في كل بلد‪ ‬ال يتوفر أهله ومسؤولوه على أدنى شكل من أشكال‬ ‫الحوار‪ ،‬وال يقبلون بفضيلة االعتذار‪ ،‬وال يرقون إلى نبل «البيان» عبر‬ ‫بالغات توضح الحقيقة فيما نشر مما اعتبروه مجانبا للصواب‪ ،‬وال إلى اعتبار‬ ‫الصحافي «إنسانا» معرضا للخطأ والصواب‪ ،‬وقد وضعت تشريعات تبين‬ ‫أسلوب االعتذار ومساطر‪ ‬الضبط والتقويم والتصحيح ‪.‬‬

‫في خضم االحتقان الظاهر في عالقات «األغلبية» الحكومية‪،‬‬ ‫لألسباب التي لم تعد خافية‪ ،‬خاصة على ضوء التشنج الحاصل بين‬ ‫العدالة واألحرار‪ ،‬أعلن عن أن النموذج التنموي الجديد‪ ،‬الذي عُهد‬ ‫إلى رئيس الحكومة بإنجازه في أجل محدد تم تمديده فيما بعد‪،‬‬ ‫أـيصبح جاهزا ليرفع إلى علم الملك‪.‬‬

‫مدعى هذه المقدمة الطويلة‪ ‬ما جاء في خبر أوردته جريدة‪« ‬هبة‬ ‫بريس» اإلليكترونية‪ ،‬مؤخرا‪ ،‬من أن‪ ‬سكان جماعة سيدي قاسم‪ ،‬فتحوا‬ ‫اكتتابا «عموميا» لجمع مبلغ ‪ 8‬ماليين سنتيم‪ ،‬قضت به المحكمة‬ ‫لفائدة رئيس هذه الجماعة‪ ،‬ضد صحافي‪ ‬يعمل مراسال لنفس الجريدة‬ ‫النشيطة‪ ،‬كان قد نشر «تعليقا»‪ ‬حول موقف اتخذه رئيس الجماعة‬ ‫بخصوص تدبير مرفق عام بالجماعة ذاتها‪.‬‬ ‫خبر «االكتتاب» الشعبي لجمع «تعويض شرف الرئيس» وانخراط‬ ‫المواطنين‪ ‬عبر لجان محلية‪ ،‬في حملة التبرع الشعبي لجمع مبلغ الثمانية‬ ‫ماليين‪ ،‬وضخها في حساب الرئيس‪ ،‬فاجأ الكثيرين‪ ‬بالجماعة وخارج‬ ‫الجماعة‪ ،‬نظرا لحمولته «السياسية» وطبيعته‪ ‬التضامنية‪ ،‬ورمزيته‬ ‫الوطنية‪ ،‬حيث اعتبر الكثيرون أن موقف المواطنين من قضية عبد الحي‬ ‫بلكاوي‪ ،‬صاحب الخبر‪ ‬الذي استفز الرئيس‪ ،‬يمكن اعتباره «استفتاء» من‬ ‫جانب سكان الجماعة‪ ،‬على أداء الرئيس ‪ ،‬وقد تتسع مادة هذا االستفتاء‬ ‫الشعبي‪ ،‬معنويا‪ ،‬لتطال‪ ‬غيره من المشرفين على تدبير الشأن المحلي‬ ‫بالمغرب‪.‬‬ ‫ووفق‪ ‬جريدة»هبة بريس»‪ ،‬فإن حملة التبرع التي تعتبر غير مسبوقة‬ ‫بالمغرب‪ ،‬ال زالت في بدايتها‪ ،‬إال أن الحماس الذي تعبر عنه فئات واسعة‬ ‫من السكان‪ ،‬بهذا الخصوص‪ ،‬يعتبر «نجاحا» في حد ذاته‪ ،‬ومؤشرا بليغا‬ ‫على وعي المواطنين بحقوقهم‪ ،‬ورفضهم لكل أشكال العبث‪ ‬في تدبير‬ ‫شؤونهم‪ ،‬وحرصهم على أن يسود تعاملهم مع منتخبيهم وسلطات‬ ‫جماعاتهم‪ ‬وأقاليمهم عالقات التفاهم والتعاون واالحترام المتبادل‪.‬‬ ‫‪ ‬كما أن هذه الجريدة سبق وأن عبرت عن رفضها للحكم الصدر في‬ ‫حق مراسلها واعتبرته حكما ذا طبيعة «إلجامية»‪ ،‬يمكن أن يفضي إلى‬ ‫«تقييد» األقالم الصحافية والتضييق على حرية العمل الصحافي ‪.‬‬ ‫وحسب دفوعات هذه الجريدة‪ ،‬فإن مراسلها بسيدي قاسم‪ ،‬يكون قد‬ ‫انتقد‪ ،‬في وقت سابق‪ ،‬إقدام رئيس الجماعة على التهديد بـ «قطع أرجل»‬ ‫كل من يصل إلى ملعب العقيد العالم‪ ،‬بعد ما تم إغالقه بداعي إعادة‬ ‫إصالحه وترميمه‪ .‬حيث اعتبر الرئيس أن المقال المذكور تسبب له في «ضرر‬ ‫نفسي» تقدم بسببه بدعوى قضائية مطالبا بجبر هذا الضرر‪ .‬ليحكم له‬ ‫بثمانية ماليين سنتيم‪ ،‬يعمل السكان على جمعها في إطار حملة تبرعية‪،‬‬ ‫تعبيرا عن مساندتهم ومؤازرتهم وتضامنهم مع الصحافي‪« ‬المدان»‬ ‫والصحافة بوجه عام‪ ،‬التي تعمل على «نقل همومهم» والدفاع عن‬ ‫مصالحهم»‪.‬‬

‫ع‪ .‬كنوني‬

‫‪DDDDDDD‬‬

‫المغاربة ينتحرون !‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فإن مشروع النموذج‪ ،‬لم يسلم من انتقادات بعض‬ ‫األحزاب المكونة لألغلبية التي يدعي زعماؤها عدم استشارتهم‬ ‫وإشراك قواعدهم في تصوره وصياغته‪ ،‬وهو ما يكون قد دفعهم‬ ‫إلى االمتناع عن تقديم مقترحاتهم القطاعية بشأنه‪ ،‬معتبرين أن‬ ‫أحزاب األغلبية الحاكمة من حقها أن تساهم في النموذج التنموي‬ ‫الوطني‪.‬‬

‫أن يصبح االنتحار وسيلة ميسرة‬ ‫بالنسبة للمغاربة ليتخلصوا من «تعب‬ ‫الحياة» ‪ ،‬فهو أمر لم يعد يفاجئ أحدا‬ ‫في هذا البلد السعيد‪ .‬حيث نقرأ في‬ ‫صحف الصباح والمساء أخبار انتحار الرجال‬ ‫والنساء وحتى األطفال في جهات عدة من‬ ‫جغرافيتنا الممتدة من «زوج بغال» على‬ ‫حدودنا مع الجزائر إلى «بئرالذئب»‪ ،‬أو‬ ‫الكويرة ‪ ،‬على حدودنا مع موريتانيا‪،‬‬ ‫وبالرغم من أن المتتبعين ألخبار انتحار المغاربة‪ ،‬ال يستهينون‬ ‫باألسباب التي قد تدفع المنتحرين إلى «التصفية الذاتية»‪،‬‬ ‫الطوعية‪ ،‬مسترخصين أرواحهم من أجل التخلص من عيش‬ ‫يتعبهم‪ ،‬أو يستعبدهم‪ ،‬أو يستأصلهم‪ ،‬أو يمحقهم‪ ،‬أو يسحقهم‪،‬‬ ‫سحقا‪ ،‬ــ وال فائدة من الوقوف على أسباب كل ذلك ــ فإن ما‬ ‫يثير الدهشة والذهول والغرابة‪ ،‬هو االنتحار‪ ،‬بهذا «الزخم» المحزن‬ ‫والملفت لالنتباه في مدينة الشاون‪ ،‬أهلها حفدة علماء ومجاهدين‬ ‫كرماء النفس شرفاء العترة‪ ،‬طيبون ‪ ،‬متدينون‪.‬‬ ‫آخر األخبار الحزينة تحمل نعي عشر حاالت انتحار منذ بداية‬ ‫العام الحالي‪ ،‬بينما ارتفع عدد هذه الحاالت إلى ما يربو عن‬ ‫الخمسين يبدو أن المسؤولين في اإلدارات الترابية والمجالس‬ ‫المنتخبة و داخل ما يسمى بالمجتمع المدني‪ ،‬يكتفون بقراءة أخبار‬ ‫االنتحارات ‪ ،‬ثم «يضربون أخماسا ألسداس»‪ ،‬وهم يرددون‪« :‬ال‬ ‫حول وال قوة إال باهلل» ‪ ...‬ثم يفرنقعون !‬ ‫ال تبحثوا عن المختصين أو الباحثين االجتماعيين ‪ ،‬لرصد‬ ‫هذه الظاهرة المجتمعية التي تمس أقدس حق من حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وهو الحق في الحياة !‪ .‬فلربما كانت في كنانيشهم أولويات أخرى قد‬ ‫ال تدركها عقولنا «المدجنة» على نغمة «كل شيء على ما يرام «‪.‬‬ ‫وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم !‬

‫نحن ال يهمنا من تصور ومن صاغ ومن شارك ومن اعترض‬ ‫أو امتنع‪.‬‬ ‫نريد‪ ،‬فقط‪ ،‬أن «يطلقونا للفراجة»‪ ......‬وخالص !‬

‫‪ ‬‬

‫‪DDDDDDD‬‬

‫مسيرة وحدة فندقية بتطوان‬ ‫على رأس المجلس الجهوي للسياحة‬ ‫بطنجة‬

‫ال‪ ،‬بل إنهم يهرولون نحو القضاء ليطالبوا الصحافي بالماليين‪،‬‬ ‫تكفيرا عما لحق ب «اعتباريتهم» من أضرار ‪ ،‬والحال أنهم‪ ،‬في غالبيتهم‪،‬‬ ‫خاصة الوزراء‪ ،‬ورجال األعمال‪ ،‬و«البكابش»‪ ،‬في غنى عن السنتيمات التي‬ ‫تجمعها الجرائد بـ «شق األنفس»‪ ‬في بلد أهله ال يقرؤون‪ ،‬أو ال يقرؤون‬ ‫الصحف إال إذا توفرت قراءتها بالمجان في المقاهي والمحالت العمومية‪،‬‬ ‫حيث‪ ‬يستبيح الجميع‪ ،‬متعهدو الصحف وقراؤها‪ ،‬جهود الصحافيين‬ ‫والمصححين‪ ،‬والساهرين على الطبع والسحب‪ ،‬واإلداريين والموزعين‪،‬‬ ‫و حقوق العاملين في الصحف في الضمان االجتماعي‪ ،‬والتأمين الصحي‪،‬‬ ‫وحق الصحف في الملكية األدبية‪.‬‬ ‫‪ ‬فإذا أضفنا إلى كل ذلك‪ ‬ضعف اإلشهار التجاري الذي يعتبره الكثير‬ ‫من أصحاب المشاريع التجارية والصناعية‪ ‬المغربية‪« ،‬صدقة» أو منا‪،‬‬ ‫وتعتبره «جهات» أخرى «سالحا» استراتيجيا لضمان «والء» الصحافة‬ ‫المؤثرة‪ ،‬يبدو لكم واضحا أن الصحافة ليست «الدجاجة التي تبيض‬ ‫ذهبا»‪ ‬كما يتصور الكثيرون ممن يطالبون أرباب الصحف بالماليين‪،‬‬ ‫«تعويضا عن الضرر» الذي يكون قد أصاب‪« ‬شخصياتهم اإلعتبارية»‬ ‫كلما جاء ذكرهم في قضايا‪« ‬شبهة» بشطط أو فساد ‪ ،‬وما أكثر تلك‬ ‫القضايا في بلد تزخر صحفه بأخبار الفساد والشطط‪ ‬وتغذي تلك «األخبار»‬ ‫أحاديث المقاهي والصالونات «السياسية» وتكون أيضا مادة للصراعات‬ ‫داخل األحزاب السياسية‪ ‬سواء بمقراتها أو‪ ‬تحت قبة البرلمان ‪ ،‬أو بمقرات‬ ‫الجماعات المحلية التابعة لها‪ ،‬ويمكن اعتبار جماعة طنجة «نموذجا» في‬ ‫هذا الشأن‪! ‬‬

‫ومضنية‪ ،‬ألن البحث عن الفئات الفقيرة والهشة بالمغرب األخضر‬ ‫واألزرق و «األحمر»‪ ،‬أمر يبدو عصيبا‪ ،‬حتى بالنسبة لخبراء دولة‬ ‫الهند الذين استعانت بهم حكومة العثماني لوضع لوائح السجل‬ ‫االجتماعي الموحد‪ .‬كما شاع !‬

‫‪ ‬‬

‫شكل «ظفر» السيدة رقية العلوي‪ ،‬برئاسة المجلس الجهوي‬ ‫للسياحة لجهة طنجة تطوان الحسيمة خالل انتخابات مدهشة‬ ‫ومذهلة احتضنتها مدينة طنجة األربعاء الماضي حيث تقاطعت‬ ‫إشكاالت مسطرية مع مطامع مصلحية ومصالح «جهوية» ضيقة‪،‬‬ ‫في إفراز نتائج لعملية تصويت طعن في أحقيتها أكثر من‬ ‫واحد‪ ،‬كما لم ينجح أحد في إثبات شرعيتها‪ ،‬من الوجه المسطري‬ ‫التنظيمي‪ ،‬ما دفع إلى انسحاب مرشح واحتجاح مؤهلين للتصويت ‪،‬‬ ‫لتنتهي «القضية» بنوع جديد من «فرض األمر الواقع» أو «األمر»‬ ‫النازل «من عل» !‬ ‫وقد ال يجادل اثنان أن في «القضية» «إن» التي ال تخلو منها‬ ‫قضية في المغرب‪ ،‬خاصة تلك التي تتعلق بانتخابات المجالس‬ ‫والمكاتب و المؤسسات العامة والخاصة‪ ،‬وهو ما سنعود إليه‬ ‫بالتفصيل حين تتوفر لدينا أخبار «ما وراء الخبر» عمال بمبدأ أنه‬ ‫«ليس الخبر كالتبحصيص» ‪ ،‬ولكننا نحرص على أن وصول المرأة‬ ‫المغربية إلى مراكز القرار العام أو الخاص‪ ،‬أمر مفرح بل ونعتبره‬ ‫مكسبا هاما ومطلبا شعبيا‪ ،‬اعتبارا للدور الذي أصبحت تقوم به‬ ‫المرأة المغربية في شتى المجاالت اإلنمائية‪ ،‬اجتماعيا واقتصاديا‬ ‫وسياسيا ودبلوماسيا‪ ،‬وبقدر حرصنا على أن تتبوأ المرأة المغربية‬ ‫مكانتها في المجتمع وفي قمة هرم تدبير الشأن العام‪ ،‬إال أننا‬ ‫ال نرى من مصلحة المرأة المغربية أن تكون ضحية لممارسات‬ ‫«انتخابوية» قد تكون وراءها مصالح خفية‪ ،‬محلية أو جهوية‪ ،‬من‬ ‫شأنها أن تفسد اللعبة !‬ ‫‪DDDDDDD‬‬

‫الحكومة «منكبة» على ملف الحماية‬ ‫االجتماعية‬ ‫الحكومة «ال تزال» منكبة على إصالح منظومة الحماية‬ ‫االجتماعية وأن عملها ينصب على جعل هذه المنظومة أكثر‬ ‫فعالية ‪ ،‬من أجل «تعميم» التغطية االجتماعية‪،‬لتشمل كافة الفئات‬ ‫وكافة المخاطر االجتماعية وذلك ب «التدريج» الذي هو الطابع‬ ‫المهيمن على عمل الحكومة المؤتلفة في حشدها ‪ ،‬وليس دائما‬ ‫في «هواها»!‬ ‫ثم إن الحكومة بصدد دراسة التوصيات المنبثقة عن المناظرة‬ ‫الوطنية للحماية االجتماعية التي نظمت مؤخرا‪ ،‬من أجل «بلورة»‬ ‫خطة وطنية إلصالح الحماية االجتماعية ‪ ،‬داخل أجل لن يزيد عن‬ ‫سنة ونصف‪ ،‬يعني قبل أن يؤذن المؤذن بالرحيل‪...‬المنتظر !‬ ‫ثم ال تنسوا أن الحكومة «تعمل» على إصالح عملية‬ ‫«استهداف» المستفيدين من البرامج االجتماعية‪« ،‬بهدف» تحقيق‬ ‫«االستهداف الجيد» للمستحقين «المستهدفين»‪ ،‬من خالل سجل‬ ‫اجتماعي موحد ووكالة وطنية لسجالت «المستهدفين» ‪ ،‬وأن‬ ‫عملية «االستهداف» تسري بصورة عادية على سائر المستحقين‬ ‫والمستحقات‪ ،‬المستهدفين والمستهدفات‪ ،‬من أجل االستفادة‬ ‫من «تيسير» و«راميد»‪ ،‬ومن برنامج الدعم المباشر للنساء األرامل‬ ‫في وضعية هشة الذي «توسع» ليشمل حاضنات األطفال اليتامى‪،‬‬ ‫إلى غير ذلك من برامج الدعم االجتماعي الذي نرجو أن يشمل أيضا‬ ‫رعاية األمهات العازبات وأطفالهن !‬ ‫ما يجب أن يُحسب للحكومة هو أنها لم «تفرط» ــ رغم‬ ‫المشاكل الكثيرة التي تهدد ب «تشتيت شملها» ــ في «انكبابها»‬ ‫على معالجة الملف االجتماعي ‪ ،‬وأنها جادة في البحث‪ ،‬على امتداد‬ ‫والية بيجيدية أولى ونصف الوالية الحالية‪ ،‬عن «المستهدَفين‬ ‫والمستهدفات» من الدعم العمومي‪ ،‬وهي‪ ،‬بحق‪ ،‬عملية شاقة‬

‫‪DDDDDDD‬‬

‫ما كاين والو‬

‫‪ ‬‬

‫بعد أن «خسر» معركة «التسقيف» التي قال ‪ ،‬يوما‪ ،‬لمجلس‬ ‫النواب‪ ،‬إنه بيده‪ ،‬ويمكنه اللجوء إليه متى يشاء‪ ،‬هاهو مجلس‬ ‫المنافسة‪ ،‬يرفض فكرة «التسقيف» الذي ال يحل المشكلة من‬ ‫أساسها‪ ،‬بل إنه سوف يستفيد منه الفاعلون الكبار الذين سوف‬ ‫يكرسون هيمنتهم في سوق توزيع المحروقات‪.‬‬ ‫إال أن الداودي «مول سانيدة»‪ ،‬لم يستسلم‪ ،‬واجتمع بتجمع‬ ‫النفطيين ليصرح رئيس هذا التجمع بأن الداودي يلح على إرجاع‬ ‫سلطة تسعير المحروقات إلى وزارته وأنه سوف يتقدم بمشروع‬ ‫قانون بهذا الشأن‪.‬‬ ‫الداودي اعتبر أن مجلس المنافسة «تعدى حدوده» كمؤسسة‬ ‫دستورية لتقديم المشورة‪ ،‬ليتحول إلى مؤسسة لتقييم العمل‬ ‫الحكومي‪ ،‬حيث الحظ وجود «أمور» في تقرير مجلس المنافسة‪،‬‬ ‫ذات «طابع سياسي» تقييمي‪ ،‬وطلب المجلس بالتزام الحياد‬ ‫ومراعاة واجب التحفظ !‬ ‫هل يوجد بالبالد عاقل‪ ،‬باستثناء الداودي بطبيعة الحال‪،‬‬ ‫يمكنه أن يصدق أن ادريس الكراوي‪ ،‬الذي حظي بثقة الملك‪،‬‬ ‫لرئاسة مجلس المنافسة‪ ،‬المحاط بعدد من الخبراء‪ ،‬يجهل طبيعة‬ ‫اختصاصاته وحدود عمله ؟‬ ‫ما يمكننا تصديقه هو أن الداودي يخوض في جملة من‬ ‫القضايا الصعبة التي تتطلب إلى جانب الحنكة والدراية‪ ،‬الكثير من‬ ‫الهدوء والتريث وحسن التخاطب و فلسفة التعامل مع الفرقاء‪ ،‬خارج‬ ‫دائرة الزاوية والمريدين !‬ ‫وبعد الجدل الذي أثير حول الـ ‪ 17‬مليار التي جناها موزعو‬ ‫المحروقات بسبب قرار حكومي اعتبر في وقته متسرعا بل «فنطزيا»‪،‬‬ ‫هاهو الوزير المنتدب‪ ،‬المكلف بـ «الحكامة» «يبشر المغاربة» بأن‬ ‫ثمن قنينة الغاز من حجم ‪ 12‬كلغ سيرتفع بـ ‪ 50‬درهما بعد رفع‬ ‫الدعم عما تبقى من مواد صندوق المقاصة‪ ،‬وسوف يصبح ثمن‬ ‫“البوطة” وفق الداودي‪ ،‬بعد رفع الدعم عن المواد اإلستهالكية‪،‬‬ ‫‪ 90‬درهماً ‪ ،‬حيث سيضاف إلى سعرها الحالي ( ‪40‬درهماً) مبلغ ‪50‬‬ ‫درهما‪ .‬ووعد الداودي الفقراء العاجزين عن «الدفع»‪ ،‬بمنحة ‪100‬‬ ‫درهم يتوصلون بها شهريا لـ «قضاء الغرض»‪.‬‬

‫ع‪ .‬كنوني‬


‫العدد ‪982‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫ع�شر �سنوات من التميز و الإلتزام‪ ...‬م�ؤ�س�سة ن�سائــم‬ ‫الأندل�س حلفظ املوروث بطنجة تفتتح مو�سمها الثقافـي‬ ‫والفني بعـر�س ح�ضره ولوعون من كل �أرجـاء اململكــة‬

‫‪5‬‬

‫إعداد ‪ :‬لمياء السالوي‬ ‫‪lamiae.s.81@gmail.com‬‬

‫بعد عشر سنوات من التألق و العطاء‪ ،‬و بعد عشر سنوات من العمل الجاد و الشاق‪ ،‬افتتحت مؤسسة نسائم األندلس لحفظ الموروث بطنجة‪ ،‬موسمها الثقافي و الفني لسنة ‪،2019‬‬ ‫هذا اإلفتتاح الذي ترجم على شكل لوحة ناعمة ترسم ترانيم الطرب األندلسي األصيل‪ ،‬عزفا و أداء و استعراضا‪ ،‬إفتتاح‪ ،‬أحياه جوق الرباط لآللة األندلسية تحت إشراف األستاذ أمين‬ ‫الدبي‪ ،‬و بمشاركة قيّمة لألستاذ‪ ،‬أحد عمداء الطرب األندلسي‪ ،‬سيدي محمد باجدوب‪ ،‬الذي أتحف جمهور ليلة النسائم‪ ،‬بمواويل حفرت في ذاكرة محبي هذا الفنان األصيل‪ ،‬و لن ننسى‬ ‫المشاركة النوعية للفنانة الشابة شيماء عمران‪ ،‬و الفنان الفتى المنشد عمر الجيدي‪ ،‬أبناء مدينة طنجة المجتهدين على اإللتزام بتعاليم الفن األصيل‪ ،‬و المحافظين على موروثها‬ ‫الثقافي و الفني‪.‬‬ ‫األستاذ أحمد كنون‪ ،‬رئيس الموسسة‪ ،‬أعرب عن فخره بمرور عشر سنوات على هذا الحلم الذي تحول إلى واقع عندما رفع سقف التحدي و عندما تم تجاوز كل العقبات في سبيل إرضاء‬ ‫جمهور ذواق و ولوع‪ ،‬و عن المهرجان السنوي وعد أحمد كنون بمهرجان نوعي شامل سيخلق أجواء سعادة تستحقها ساكنة طنجة و سكان المغرب بكل اعتبار وتقدير‪.‬‬ ‫ملتقيات و ليالي نسائم األندلس هي ملتقيات التالقي للفن التراثي عامة بكل تالوينه و فنونه‪ ،‬وبأعالمه وصانعي مجده مفكرين‪ ،‬شعراء مدونين خبراء‪ ،‬وعازفين ومنشدين بصموا‬ ‫بإبصام التميز‪ ،‬ورسموا المشهد حكايا من األثر ال زالت ومضاتها تجليات تنير العقل و تخلب كل نظر ونحن على األثر نقتفى األثر‪ ،‬بعهود ومواثيق تحييها السرر‪.‬‬

‫تصوير ‪ :‬حمودة‬ ‫ال يمكن لطنجة بموقعها الجغرافي وتاريخها الضارب في العراقة ومجدها الثقافي والفني إلى أن تكون جسرا للتواصل بين الثقافات في بعدها المتوسطي والكوني‪ ،‬وال يمكننا الحديث عن‬ ‫طنجة دون أن نسترجع مرحلة من تاريخ البشرية‪ ،‬حيث كان العبور منها إلى األندلس‪ ،‬فبناء مجد هناك الزال حديث األلسن بكل تالوينها‪ ،‬ثم النزوح إليها بحمولة علمية‪ ،‬فكرية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬وفنية‪،‬‬ ‫ليظل اإلرتباط بالفردوس المفقود متينا متجليا في طبيعة عيش أبناء مدينة البوغاز وثقافتهم واختياراتهم الفنية التي يطغى عليها الولع‪ ‬بالطرب األندلسي وموسيقى اآللة‪.‬‬

‫‪ ‬وحينما تهب على المدينة نسائم األندلس‪ ،‬من خالل مهرجان و سهرات يسعى المنظمون‬ ‫ألن يجعلو منه محطة تسترجع من خاللها المدينة وأهلها وزوارها زمان الوصل بتلك الحقبة‬ ‫الزاهرة والضائعة من تاريخ العرب في أرض كانت بوصلة العالم تتجه إليها‪ ،‬فتلك لحظة ال‬ ‫يمكن إال أن تكون عرسا بكل المقاييس‪ ،‬خصوصا ونحن نعلم ما يبذله القائمون عليه من‬ ‫مجهود‪ ،‬وعناد لكل الظروف المفتعله‪ ،‬وتحدٍ لإلكراهات المفروضة بطبيعة عقلية القائمين على‬ ‫الشأنين العام والثقافي بالبلد‪ .‬‬ ‫وفي كلمة استهاللية بمناسبة الموسم الثقافي و الفني الجديد‪ ،‬أكد كنون‪ ،‬أن المؤسسة‬ ‫قد حافظت على عهودها التي قطعتها على نفسها و ظلت وفية للمنخرطين والمولعين ومحبي‬ ‫وهواة الموسيقى األندلسية‪ ،‬ضاربة لهم مواعيد جديدة تعرف محطات فنية وثقافية مهمة‬ ‫ومتنوعة و ذكرى العشرية هذه السنة‪ ،‬ستكون عرسا فنيا بامتياز‪ ،‬سيجمع العديد من الولوعين‬ ‫والمنخرطين و الباحثين واألكاديميين في إحدى المحطات الخالدة في مسار الجمعية التي‬ ‫أعادت هذه السنة هيكلتها في طابع مؤسسة لحفظ التراث من أجل انطالقة جديدة برؤية‬

‫استراتيجية تشمل العديد من المفاجآت التي ستكون صلة وصل بين األمس و اليوم‪ ،‬و تكون‬ ‫خارطة طريق لمسار طويل يمتد من جيل إلى جيل‪ ،‬يحدد خطوات كل الغيورين على الموروث‬ ‫الموسيقي األصيل‪.‬‬ ‫و قد استقبل محمد األعرج وزير الثقافة واالتصال يوم الثالثاء ‪ 19‬فبراير ‪ 2019‬بمقر الوزارة‬ ‫رئيس وأعضاء مؤسسة نسائم األندلس‪ ،‬و تم تقديم لمحة عن األدوار التي تقوم بها المؤسسة‬ ‫على صعيد طنجة منذ عشر سنوات من عمرها بغاية إعالء مكانة الفعل الثقافي والفني ‪،‬وصون‬ ‫الذاكرة و الموروث الوطني‪ ،‬كما تميز بطرح تصورات وبرامج ضمن هذا المنحى من قبل مؤسسة‬ ‫نسائم األندلس في رهانها على إعطاء نفس جديد ألنشطتها‪..‬‬ ‫وجــاء تفاعــل الوزيــر‪ ،‬حسب أحد أعضــاء المؤسســـة‪ ،‬مشجعا‪ ،‬حيــث أبــدى استعداده‬ ‫لمساندة جهـــود المؤسسة وتحفيـــزه لمواصلــة برامج المؤسسة الهادفة‪ ،‬خدمـة للثقافـــة‬ ‫واإلبداع‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫‪6‬‬

‫نظمت رابطات كاتبات المغرب (مكتب مدينة طنجة) بتنسيق مع جمعية أعمدة وملتقى الدراسات المغربية واألندلسية‬ ‫بآداب تطوان‪ ،‬لقاء ثقافيا لتقديم األعمال األدبية والفكرية للمؤرخ الدكتور رشيد العفاقي‪ ،‬يوم السبت ‪ 16‬فبراير ‪2019‬‬ ‫بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطنجة‪ ،‬بمشاركة الدكتور عدنان أجانة والدكتور يوسف بلمهدي‬ ‫وتسيير اإلعالمي األستاذ خالد الشطيبات‪.‬‬ ‫بعد كلمة ترحيبية للدكتورة هدى المجاطي رئيسة مكتب طنجة لرابطة كاتبات المغرب‪ ،‬وكلمة الدكتور عبد اللطيف‬ ‫شهبون المنسق العام لجمعية أعمدة‪ ،‬ألقى الدكتور عدنان أجانة قصيدة بعنوان‪:‬‬ ‫تحية ود وتقدير إلى فضيلة الدكتور المؤرخ‬ ‫رشيد العفاقي‬ ‫توارى في سكون وانشــــغــال‬ ‫ويسهــر ليلــه في حل لـــغــز‬ ‫وينظــم فـي تـآليــف حســـان‬ ‫توارى ال يريــد ثـــنــاء قــــوم‬ ‫ولم يطمــع فيحمــده أنـــاس‬ ‫أال هلل درك مـــــــــن أبـــــــي‬ ‫يرى دينا عليــه بكــل صـــدق‬ ‫ويحمل في سبيل العلم حمــال‬ ‫يعرف أهل طنجـة بالخبايــــــا‬ ‫فمن يدري بمدرسـة وقصــــر‬ ‫وكم ربع تجاهلـه أنــــــــــاس‬ ‫توارى في سكــون وانشغــــال‬ ‫كأن له على التاريــخ عينـــــــا‬ ‫يكاد الظن يصدقـه حديثـــــا‬ ‫إذا ما مــــــر في درب تأنــــى‬ ‫له في كـــل زاويـــة حديــــث‬ ‫يجيل الفكر في تاريخ طنـجــة‬ ‫توارى في سكــون وانشغـــال‬ ‫ليهنك سيــــدي علم وحلــــم‬

‫يحقق في الروايــــة والمقـــال‬ ‫طواه الدهر في الحجج الخوالي‬ ‫فوائـــد مثلمـــا الدرر الغوالي‬ ‫وال فخرا وال مــــدح المغالـــي‬ ‫ولم يركن إلى قيـــــل وقــــال‬ ‫كريم النفس مرضي الخصال‬ ‫يعرف فيه منطقــة الشمــــال‬ ‫ينـــوء بـــه بأعبــــاء ثقـــــال‬ ‫ولواله لمــا مـــــــرت ببـــــال‬ ‫وقلهرة على شــــط الرمــــال‬ ‫فصار اآلن معمــــور المجـــال‬ ‫يصيخ إلى أحاديـــث الليالـــي‬ ‫ترى الغيب البعيد بال اختــالل‬ ‫فيخبــر عــن معاينـــة الوصال‬ ‫كأنـــه سامــــع أثـــر النعـــال‬ ‫وأخبار من القصــص الطـوال‬ ‫فينتــــج درة في كــــل حـــال‬ ‫يحقــق في الروايـة والمقـــال‬ ‫وأخالق نسبـن إلى المعالـــي‪.‬‬

‫ثم قدم عرضا في موضوع ‹‹األعمال األدبية‬ ‫والفكرية للدكتور رشيد العفاقي›› هذا موجزه‪:‬‬ ‫قراءة الكتب باب من أبواب العلم التي ينبغي‬ ‫تعاهدها في نوادي المعرفة ومجالس العلم والتعليم‪،‬‬ ‫وهو يكشف عن مناحي اإلبداع في الكتاب وعن الجهة‬ ‫التي تناول منها المادة وعن أوضاع تأليفه وجمعه وعن‬ ‫اآلفاق التي ارتسمها الكتاب لنفسه وما بلغ منها وما‬ ‫لم يبلغه ثم عما أثاره من إشكاالت واقترحه من أجوبة‬ ‫وما يتصل بذلك من المداخل الضرورية لقراءة العمل‬ ‫العلمي قراءة تتوخى استشراف مسار المعرفة في حياة‬ ‫الناس من خالل ما يروج فيها من مؤلفات وما يثار فيها‬ ‫من أفكار‪.‬‬ ‫ثم إن الكالم في مؤلفات الدكتور الفاضل رشيد‬ ‫العفاقي تتجاذبه فنون القول وأطراف الحديث‪ ،‬بيد أننا‬ ‫نلمح في هذا القام إلى مقدمات ومداخل يقتضيها‬ ‫نظر المطالع في مؤلفاته والواقف على مصنافاته‪.‬‬ ‫ألف الدكتور رشيد كتبا عديدة‪ .‬وعناوين كتبه في‬ ‫الظاهر جزئيات ومسائل‪ ،‬تشكل في مجموعها صورة تامة المعالم حول تاريخ‬ ‫منطقة الشمال من حيث الثقافة والعمارة والتحصينات الدفاعية والشخصيات‬ ‫واالمتدادات‪.‬‬ ‫في هذه الصورة الكبرى‪ ،‬نجد موضوعين ثابتة‪.‬‬ ‫القضية الموريسكية‪ .‬من حيث المنشأ والمآل الذي آلت إليه األسر واألعراف‬ ‫والتقاليد‪.‬‬ ‫الهوية المغربية‪ .‬من حيث الثقافة والعمران والحضارة واإلنسان‪.‬‬ ‫وهذه الجزئيات التي تجمعها صورة شاملة ورؤية متكاملة لها نوعان من‬ ‫القراء‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬ولنسمه الجمهور العام‪ .‬وهو الذي يطالع كتابا أو كتابين وال‬ ‫يكون له بعد ذلك عناية بتتبع المشروع وربط أجزائه‪.‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬ولنسمه الجمهور الخاص‪ ،‬وهو الذي يواكب منشورات وتآليف‬ ‫الدكتور رشيد العفاقي‪ ،‬ويتابع بحرص واهتمام ويحاول تركيب هذه المؤلفات مع‬ ‫بعضها الستخالص الصورة العامة للمشروع والمعالم الكبرى لتاريخ المنطقة‪،‬‬ ‫وهذا النوع من القراء يقرأ مستفيدا أوال ومستمعا ثانيا‪.‬‬ ‫وهذه الرؤية الشاملة تجعل كل كتاب يصدره الدكتور الفاضل يتخذ موقعه‬ ‫ضمن الصورة الكلية‪ ،‬وتجعل القارئ يجتهد في وضعه أيضا ضمن نسقه العام‪،‬‬ ‫فلكل كتاب حكاية وموضع ونسق‪ ،‬ولكل كتاب منزلة وجهة وإضافة‪.‬‬ ‫والذي يميز كتابات فضيلة الدكتور أنه يكتب في جانب صعب بعيد المنال‪،‬‬

‫وهو العمل الذي يبتدئ به المؤرخ بعد الرواية والنص‪ .‬وهو إعادة تركيب الراوية‬ ‫وجمع المادة وتنسيقها وإخراجها في صورة لعلها تكون األقرب إلى واقع الحال‬ ‫وما كان عليه األمر‪ .‬وهنا تكمن معاناة المؤرخ في ظل غياب المصادر األصيلة‪،‬‬ ‫وضياع الكتب وتبدل المعالم واختالف الروايات وتضارب األخبار وقلة المعلومات‬ ‫وبعد العهد وتطاول المدة وقلة المذاكر‪.‬‬ ‫وقد تميزت كتاباته ب‪:‬‬ ‫• االطالع الواسع على الموضوع بالعربية واإلسبانية والفرنسية والبرتغالية‪.‬‬ ‫• حسن االستفادة من النصوص‪ ،‬ومعرفته بالعربية وفهمه لكالم أهلها‪،‬‬ ‫وخبرته بالنصوص التاريخية‪.‬‬ ‫• حسن الربط بين العناصر والتنسيق بين الروايات‪.‬‬ ‫• حسن التعليل عند اختالف الروايات وتضاربها مع رد بعضها إلى بعض‬ ‫قدر اإلمكان‪ ،‬وإال كان الترجيح بينها‪.‬‬ ‫• دقة التحليل واالنتباه للتفاصيل الصغيرة واألوصاف العارضة في كالم‬ ‫المؤرخ واإلشارة المبثوتة‪.‬‬ ‫• معرفته بطبقات المؤرخين وأحوالهم جرحا وتعديال‪ ،‬ومعرفة بمصادرهم‬ ‫وسياق حديثهم ومعرفة بالمؤرخين المتخصصين في المنطقة وبالمصادر‬ ‫الرئيسةوالثانوية‪.‬‬ ‫• نقد الروايات وعدم الركون إلى الرواية ابتداء‪ .‬وعرضها على باقي العناصر‬ ‫التاريخية‪.‬‬ ‫• بناء الصورة التاريخية بناء يكون أقرب إلى ما كان عليه في الواقع‪ .‬من غير‬ ‫تزيد وال مبالغة وال ادعاء‪.‬‬ ‫• التعليل لألحداث التحليل‪.‬‬ ‫إن الرأي الذي يخرج به قارئ كتبه‪ ،‬أن المنهج الرصين والرؤية الجامعة‪،‬‬ ‫والتحري في التوثيق والنقل‪ ،‬والتأني في التعليل والتحليل‪ ،‬أمور يمنكها أن تعيد‬ ‫تركيب وترميم كثير من تاريخنا الماضي الذي لم تسعف به الروايات‪.‬‬

‫وفي الختام فحسب الدكتور رشيد العفاقي من كل هذا تفرده بكتابة‬ ‫هذه المواضيع‪ ،‬وحسبه أنه يفعل ذلك احتسابا ويطبع كتبه على نفقته ويجري‬ ‫مشاريعه على حسابه مهديا ألهل طنجة صنيعا يحمد عليه مدى الدهر‪ .‬وحسبه‬ ‫أن كتبه شاهدة على طول باعه في هذه الصناعة وقوة معرفته بفنون التاريخ‪.‬‬ ‫وحسبه أيضا أن له قراء متابعين وجمهورا حريصين على تتبع جديده وقراءة‬ ‫كتبه‪.‬‬ ‫نرجو له مزيدا من العطاء واإلنجاز والتألق‪ ،‬وأن يمده اهلل بحسن عونه‬ ‫وتوفيقه‪ .‬وأن يبارك في علمه وعمله وعمره‪ .‬إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬ ‫وفي مداخلة الدكتور يوسف بلمهدي أكد أناالحتفاء بأعمال د رشيد العفاقي‬ ‫األدبية والفكرية التفاتة طيبة من هيئات ثقافية وأكاديمية رصينة‪ ،‬هدفها رصد‬ ‫أعماله اآلخذة في التوسع‪ ،‬والتشعب‪ ،‬والتطور شكال ومضمونا‪ ،‬مع مواكبتها‬ ‫بالدرس والتعريف‪ ،‬ثم التنويه بقيمة ما يقدمه لمجالنا الفكري والحضاري‪ ،‬بصبر‬ ‫وعصامية وإباء‪ ،‬وبممانعة فريدة تقاوم الجهل والنسيان‪ ،‬ومحاوالت التشويه‬ ‫والتزييف لحضارة اإلنسان المغاربي عامة‪ ،‬واألندلسي والطنجي بصفة خاصة‪...‬‬ ‫وبالتأمل في اختياراته من الوثائق والمقاالت يمكن أن نرصد بعض‬ ‫القيم التي يحملها ويسعى إلى ترسيخها في عقول ووجدان القراء‪ ،‬عبر التأريخ‬ ‫لذاكرة الزمان والمكان واألعالم‪ ،‬فظاهر عمله المعرفة التاريخية وباطنه القيم‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وعلى رأسها‪:‬‬ ‫قيمة الحرية‪ :‬في معناها اإلنساني والعلمي الفسيح‪ ،‬فهو بما يحرره من‬ ‫نصوص ويحققه من متون بمنهجية علمية رصينه وصارمة‪ ،‬إنما يسعى في‬

‫الحقيقة لتحرير الذات من عقالها‪ ،‬وعقال الكتابات الكولونيالية المتحيزة أو‬ ‫اإليديولوجية الموجهة‪ ،‬خاصة مع امتزاج اإليديولوجيا بالكتابة التاريخية في‬ ‫القرن الماضي‪ ،‬ومن مظاهر التحرر والتحرير في مشروعه‪:‬‬ ‫تحرير الباحث في حضارة المغرب واألندلس وحواضره ومؤسساته من‬ ‫الفراغات التي ال يستطيع القفز عليها‪ ،‬فيجد نفسه مضطرا لملئها باالفتراضات‪،‬‬ ‫وهو ما قد يسقطه في المغالطات؛ وأصعب المغالطات ما كان في حق التاريخ إذ‬ ‫تبنى عليه أوهام‪ ،‬وتبرر به أحقاد ونزعات تقرأ الحاضر في الماضي قراءة مبتسرة‬ ‫لها نتائج خطيرة على تصور المغربي لهويته وكيانه‪ ...‬وكتابه القيم حول‬ ‫«عقبة بن نافع فاتح المغرب» هو محاولة لتحرير هذه الشخصية األصيلة والفذة‬ ‫المؤسسة للحضارة اإلسالمية العربية األمازيغية من النقاشات الهوياتية الضيقة‬ ‫التي حسمها التاريخ وطوى صحائفها ‪...‬‬ ‫وكتاب «أوراق من تاريخ طنجة» بجزأيه األول والثاني‪ ،‬هو تحرير لجزء مهم‬ ‫من ماضينا‪ ،‬وبسطه أمام الباحثين لدراسته مجردا عن أي توجيه أو تحوير‪...‬‬ ‫وفيه كذلك محاولة جادة لتحرير تاريخ المرأة من اإلهمال‪ ،‬عبر جمع إيراد‬ ‫بعض األخبار والوثائق التي تعطينا فكرة عن المرأة؛ العالمة‪ ،‬الكاتبة‪ ،‬والمثقفة‬ ‫المناضلة‪،‬والفنانة‪...‬‬ ‫ومن القيم الناظمة لمشروع العفاقي‪ :‬قيمة االنفتاح‪ ،‬فما كتبه العفاقي‬ ‫تقرأه وتألفه وتتعلق به ‪ ...‬ألنك لن تجد فيه دعوة لمحلية أو جهوية أو إثنية‬ ‫‪ ...‬بل هي فسحة وسياحة في فضاء ثقافي متنوع ومنفتح تحت سماء المشترك‬ ‫اإلنساني بمعانيه الجوانية والبرانية ‪ ...‬مجال ينطلق من طنجة الفيحاء ليمتد‬ ‫ثقافيا إلى األندلس‪ ،‬وبالد الغرب اإلسالمي‪ ،‬وأوروبا‪ ،‬ومصر‪ ،‬والعراق‪ ،‬والشام‪،‬‬ ‫وبيت المقدس‪ ،‬وإفريقيا‪ ،‬والحجاز‪...‬‬ ‫وعند دراسة مجموع كتبه‪ ،‬خاصة ما كتب حول األعالم واألماكن ومؤسسات‬ ‫التعليم‪ ،‬نجد قيم الصالح واإلصالح واضحة‪ ،‬فقد خصص جزء من أوراقه لرصد‬ ‫مقومات فضاء الصالح ومجال تحققه في المجتمع‪ ،‬وسرد نزرا من سير الصالحين‬ ‫والمهام التي قاموا بها مثل‪ ،‬التابعي الفاتح عقبة بن نافع‪ ،‬والبطل المجاهد‬ ‫سيدي المصمودي‪ ،‬ومحمد بن الصديق زعيم الفقراء والمحرومين وأصحابه‬ ‫الذاكرين المرابطين‪ ،‬وعبد اهلل كنون الذي أخرج من بيته بذرة طيبة زرعها‬ ‫في عقل كل طالب للمعرفة ‪ ...‬والجهد العلمي المشهود الذي‬ ‫بذله في العناية بـ»رسالة اعتبار الناسك في ذكر اآلثار الكريمة‬ ‫والمناسك» البن جبير دراسة وتحقيقا وتعليقا‪ ،‬هو إسهام عميق‬ ‫في هذا الباب‪ ،‬ألن الرسالة في أصلها بحث عن المعنى في شكل‬ ‫العبادة لتجاوز زحف الشكالنية والطقوسية الذي يهدد تديننا‪...‬‬ ‫ومن القيم الحاضرة في نصوصه كذلك‪ ،‬قيم التنوع‬ ‫والتالقح الثقافي المتكامل والمتوازن والمنسجم‪ ،‬فهو يأخذ‬ ‫مادتها من أمهات مصادر التراث المغربي والمشرقي والدولي‪،‬‬ ‫وتحضر في مراجعه لغات مختلفة‪ :‬العربية واإلسبانية والفرنسية‬ ‫واإلنجليزية والبرتغالية واإليطالية‪ ...‬إذ يجب إبقاء عقدة الخواجة‬ ‫بعيدة عن كتابة التاريخ مع الحذر من تحيزاته ومركزيته‪ ...‬وهذا‬ ‫أمر مطرد في كتبه ومقاالتة ومنها «تاريخ قصر المجاز»‪.‬‬ ‫كما تجده في تنوع مؤسسات التعليم‪« :‬المدرسة‬ ‫المرينية» و»مدرسة جامع الكبير» و»المدرسة األلمانية»‪...‬‬ ‫وفي تنوع المجاالت التي تغطيها الوثائق واألوراق المنشورة‪،‬‬ ‫مثل‪ ،‬الفقه واألدب والشعر والتصوف والموسيقى والمعمار‬ ‫والبستنة واالجتماع واألنساب والتوثيق العدلي ‪...‬‬ ‫وتجده في التنوع المجتمعي فتقرأ أخبارا عن المرأة والطفل‬ ‫والشيخ‪ ،‬والقاضي والعالم والفقيه والصوفي‪ ،‬ومعلم «دالفران»‪ ،‬والوراق‪ ،‬والقائد‪،‬‬ ‫والفنان‪ ،‬والراهب(الفرايلي) والفكاك‪ ،‬والعسكري والديبلوماسي األجنبي‪ ،‬والزنجي‬ ‫واألندلسي والجبلي والريفي والمصمودي والصنهاجي‪ ...‬كما تجد تاريخ العامة‪:‬‬ ‫زواجهم ووفاتهم ونمط العيش ولعب األطفال وشيء من كالمهم الدارج‬ ‫ودراسة لغوية «فيلولوجية» فيه تحاول استدراج أصوله ومعانيه وظروفه ‪ ...‬وفي‬ ‫رحلتك مع كتاباته ينقلك العفاقي إلى أماكن متنوعة‪ :‬الحارة والزقاق والمدرسة‬ ‫والجامع الزاوية والفندق والمسرح والقصر الحديقة الثكنة السجن والرباط‬ ‫القصر الكبير وسبتة وغرناطة ومراكش ومكة والقاهرة ‪...‬‬ ‫جـنان ال َق َ‬ ‫وقد تجد كل هذه الروافد في « َف ٌ‬ ‫ـبط ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـان‬ ‫يـخ حـوْمـة‬ ‫ـصل منْ تاِر ِ‬ ‫بطنجة» هذا البستان والنصوص المؤرخة له‪ ،‬هيأت للقارئ لقاء ثقافيا مشكال‬ ‫من معطيات مغربية وإنجليزية وإسبانية‪ ...‬وسط بستان لقبطان إنجليزي ضم‬ ‫باقة من أزهار األندلس الفيحاء وفاكتها المتنوعة‪...‬‬ ‫ومن جميل القيم التي يمكن رصدها قيمة الوفاء واالمتنان ألعالم وقادة‬ ‫محررين لثغور طنجة وما جاورها‪ ،‬من أبطال المخزن والقبائل الريفية والجبلية‬ ‫وأبناء الزوايا التي بذلت دما لتبقى هذه المدينة رأس المغرب الشامخ ‪...‬‬ ‫وبالوفاء أختم وأقول‪ :‬إن المصالحة مع الماضي ووصله بالحاضر وصال‬ ‫حقيقا‪،‬تمر عبر االعتراف بدور المؤرخ وتكريمه ودعم أعماله‪ ،‬سواء من قبل‬ ‫الباحثين والمهتمين واإلعالميين أو من قبل صانعي السياسات والبرامج‬ ‫التنموية المحلية والوطنية‪ ،‬وإذا تحقق األول فإن األمل في الثاني في حكم‬ ‫المعدوم‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫متى يتم اإلصالح الشامل لضريح العالمة‬ ‫األندلسي علي ابن أبي غالب والمساجد واألضرحة‬ ‫ومؤسسات أخرى بمدينة القصر الكبير‬ ‫‪-‬‬

‫‪7‬‬

‫الإف�ساد يف الأر�ض‬ ‫‪-‬‬

‫بقلم الإعالمي والأديب والع�ضو ال�شريف مبنظمة العفو الدولية‪:‬‬

‫عبد القادر �أحمد بن قدور‬

‫‪ ‬ذ‪ .‬محمد الشاعر‬

‫خلف اهلل األرض طاهرة نقية‪ ،‬وسقاها بماء طاهر صاف‪ ،‬كما جاء في سورة «الفرقان»‪:‬‬

‫َ‬ ‫ال�س َما ِء‬ ‫ي َي َد ْ‬ ‫�شا َب نْ َ‬ ‫الر َي َ‬ ‫ي َر ْح َم ِت ِه َو َ�أن َز ْل َنا م َ‬ ‫اح ُب رْ ً‬ ‫ِن ّ َ‬ ‫« َوهُ َو ا ّ َلذِ ي �أ ْر َ�س َل ّ ِ‬ ‫َم ًاء َ‬ ‫ط ُهو ًرا»‪ .‬قال ابن جرير ‪ :‬التقديس هو التعظيم والتطهير‪ ،‬ومنه قولهم ‪« :‬سُبُّوح‬

‫ُقدُّوس»‪ ،‬ويعنون بقولهم سبوح‪ : ،‬تنزيه اهلل عن كل ما ال يليق به‪ ،‬ويعنون بقولهم ‪ :‬قدّوس‬ ‫طهارة وتعظيم له سبحانه‪ ،‬وكذلك قيل ‪« :‬أرض مقدسة» أي مطهرة‪ .‬قال ابن جرير عن ابن‬ ‫عباس رضي اهلل عنه ‪ :‬إن أول من سكن األرض هم الجن‪ ،‬فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل‬ ‫بعضهم بعضا‪ ،‬فبعث اهلل إليهم إبليس فقتلهم هو وأعوانه‪ ،‬حتى ألحق فلولهم بجزائر البحور‪،‬‬ ‫وأطراف الجبال‪ ،‬ثم خلق آدم فأسكنه إياها‪ ،‬أي (األرض)‪.‬‬ ‫وفي قول آخر‪ ،‬كان في األرض جن فأفسدوا فيها‪ ،‬فبعث اهلل إليهم المالئكة فقتلتهم‪.‬‬

‫وأعوذ فأقول ‪ :‬خلق اهلل آدم وأسكنه األرض بعد أن أخبر المالئكة قائال ‪َ « :‬و ِ�إ ْذ َق َ‬ ‫ال َر ُّب َ‬ ‫ك‬ ‫ِك ِة �إِ يّن َجاعِ ٌل ف ْ أَ‬ ‫ِل ْل َم اَلئ َ‬ ‫�ض َخلِي َف ًة» (البقرة ‪ ،)29‬أي إني خالق في األرض‬ ‫ال ْر ِ‬ ‫يِ‬ ‫ِ‬

‫ومتخذ فيها خليفة يخلفني في تنفيذ أحكامي‪ ،‬فيها وهو آدم‪ ،‬أو أقواما يخلف بعضهم بعضا‪،‬‬ ‫فقالت المالئكة على سبيل التعجب واالستعالم ‪ :‬كيف ستخلف هؤالء وفيهم من يفسد في‬ ‫األرض بالمعاصي ‪ :‬قال في التسهيل ‪« :‬وإنما علمت المالئكة بأن بني آدم سيفسدون في‬ ‫األرض بإعالم اهلل إياهم بذلك»‪.‬‬ ‫وامتد الزمان بآدم وذريته على األرض حتى حادوا عن الصراط المستقيم وأخذوا وال زالوا‬ ‫إلى اآلن يحيون فعل الجن وسلوكه اإلجرامي في الفساد والتخريب وسفك الدماء بال هوادة‬ ‫وبال خوف من الخالق سبحانه‪ ،‬ولم يقفوا عند هذا الحد‪ ،‬بل تجاوزوه إلى اإلفساد في الطبيعة‬ ‫والمحيط البيئي اإلنساني‪.‬‬

‫هذه باب �ضريح العالمة‬ ‫الأندل�سي علي ابن �أب غالب‬ ‫مبدينة الق�صر الكبري‬

‫ونحن على مقربة من شهر رمضان المعظم‪ ،‬اتصل بي‬ ‫بعض وجهاء القصر الكبير‪ ،‬وذكروني بالمقاالت التي كتبتها‪،‬‬ ‫سابقا‪ ،‬بخصوص إصالح وترميم ضريح العالمة موالي علي‬ ‫ابن أبي غالب‪ ،‬وبعض المساجد وعدد من المؤسسات األخرى‬ ‫والتي بقيت حبرا على ورق‪ ،‬دون أن يبدو أي اهتمام من طر ف‬ ‫من يجب‪ ،‬بالرغم من أن القطاع الديني محاط بعناية ملكية‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫وللتذكير فلقد كتبتُ عن هذه المساجد واألضرحة منذ‬ ‫سنة ‪ 2010‬خمسة مقاالت بجريدة «الشمال» آخرها مقاالن نشر‬ ‫األول في فبراير سنة ‪ 2015‬والثاني في شهر يونيو ‪ ،2016‬كما‬ ‫أن الموضوع تناوله بعض الصحافيين المحليين والمراسلين‪،‬‬ ‫من بينهم اإلعالمي الجليل األستاذ محمد كماشين كما‬ ‫انخرط في هذا العمل عدد من الجمعيات األهلية‪ ،‬دفاعا عن‬ ‫إصالح وترميم الضريح والمساجد والمؤسسات الدينية األخرى‪.‬‬ ‫وشكل ذلك موضوع العديد من المحاضرات واللقاءات الثقافية‬ ‫والفكرية والتاريخية‪ ،‬نظمت بمدينة القصر الكبير التاريخية‪،‬‬ ‫العالمة‪ ،‬التي لم يلتفت إليها بعد من يساعدها على الخروج‬ ‫من حالة التهميس والنسيان التي تشهدها منذ االستقالل‪.‬‬ ‫ومعلوم أن تقارير وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية‬ ‫المرفوعة سنويا إلى علم أمير المؤمنين تعرض لترميم العديد‬ ‫من المساجد والمعاهد الدينية‪ ،‬خاصة المساجد العتيقة‪ ،‬على‬ ‫امتداد التراب الوطني‪ ،‬دون االلتفات إلى ضريح العالمة علي‬ ‫بن أبي غالب بن خلف‪ ،‬صاحب الكتاب المفقود «اليقين» هذا‬ ‫الضريح الذي يحظى باالحترام والتبجيل من طرف كافة سكان‬ ‫القصر الكبير ومن جهات أخرى بالمملكة‪ ،‬وكان السكان قد‬ ‫استبشروا خيرا بزيارة فريق من مختبر مختص لدراسة التربة‬ ‫به قصد اإلعداد لملف اإلصالح والترميم‪ ،‬بعد أن تداعت‬

‫جدرانه للسقوط‪ ،‬وبدا التحلل واضحا على السقوف‪ ،‬والبد أن‬ ‫الحاجب الملكي الذي يزور هذا الضريح سنويا‪ ،‬ضمن‬ ‫مهامه الرسمية‪ ،‬أنه انتبه إلى الوضع الخطير الذي يوجد عليه‬ ‫بعد أن تهدم مسجده الداخلي وكاد أن يتسبب ذلك في كوارث‬ ‫خطيرةـ لوال األلطاف الربانية‪.‬‬ ‫هذا الضريح تم إقفاله منذ سنة ‪ 2009‬من طرف السلطات‬ ‫المسؤولة بهذه المدينة‪ ،‬كما تم إغالق عدد من المساجد‬ ‫ومسجد المصلين وخالل الشهور الماضية‪ ،‬وبدأت عمليات‬ ‫هدم جديدة‪ ،‬من طرف شركة للعقارات لفائدة وزارة األوقاف‬ ‫والشؤون اإلسالمية ‪ ،‬لتتوقف العملية بعد ما بقيت مخلفات‬ ‫الهدم داخل الحي‪ ،‬محدثة إزعاجا كبيرا للسكان وتوقف بعد‬ ‫ذلك العمل نهائيا بالورش وال زالت الحال على ما هي عليه في‬ ‫هذا الضريح دون إصالح وال ترميم بينما مدينة القصر الكبير‬ ‫المجاهدة تزخر بأكثر من ‪ 120‬من المساجد والزوايا واألضرحة‬ ‫تحمل أسماء شرفاء وعلماء وصلحاء ومجاهدين في معركة‬ ‫وادي المخازن الخالدة وغيرهم من أقطاب صوفيين وزهاد‪.‬‬ ‫فهل من مستجيب لنداءات سكان القصر الكبير‬ ‫المتواصلة منذ عقود إلصالح هذا الضريح واألضرحة األخري‬ ‫وكافة بيوت اهلل‪ ،‬نذكر منها ‪ ،‬مسجد الشجرة‪ ،‬ومسجد الزليج‪،‬‬ ‫ومسجد سيدي علي بلعربي‪ ،‬ومسجد سيدي عبد الجليل صاحب‬ ‫كتاب «شعب اإليمان» ومسجد النحاسين‪ ،‬والولي سيدي‬ ‫الخطيب‪ .‬ومسجد سيدي الهزميري العتيق جدا‪ ،‬ـ ومسجد باب‬ ‫الحديد ـ‪ ،‬ومسجد الفرفارة‪ ،‬ومسجد دوار الحلوفي‪ ،‬وغيرها‬ ‫من المؤسسات الدينية التي تزخر بها مدينة القصر الكبير‬ ‫التاريخية‪ ،‬األصيلة والعريقة؟‬

‫ون �أُ َولئ َ‬ ‫ِك عَ َل ْيهِ ْم‬ ‫ين �إِ َذا �أَ َ�صا َبتْهُ ْم ُم ِ�صي َب ٌة َق ُالوا �إِ َّنا لِهَّ ِ‬ ‫ل َو�إِ َّنا ِ�إ َل ْي ِه َر ِ‬ ‫�ش َّ‬ ‫ين َّالذِ َ‬ ‫ال�صا ِب ِر َ‬ ‫اج ُع َ‬ ‫} َو َب رِّ ِ‬ ‫َ�ص َل َو ٌات م ِْن َر ِّبهِ ْم َو َر ْح َم ٌة َو�أُ َولئ َِك ُه ُم مْ ُال ْه َتدُ َون {‬

‫(�صدق اهلل العظيم)‬

‫تلقينا ببالغ الحزن واألسى نبأ وفاة المشمول برحم اهلل تعالى المرحوم‬ ‫‪ ‬‬

‫اجلياللـي احلوكـي‬ ‫المتقاعد من سلك الشرطة‬

‫وذلك يوم الثالثاء ‪ 19‬فبراير ‪ ،2019‬وشيع جثمانه الطاهر في موكب جنائزي مهيب‪،‬‬ ‫حضره األهل واألحباب وزمالئه في سلك الشرطة والمعارف‪ ،‬ودفن يوم األربعاء بمقبرة‬ ‫سيدي اعمار بعد صالة العصر بمسجد القدس‪ ،‬بحي «البرانس»‪.‬‬ ‫وبهذا المصاب الجلل‪ ،‬نتقدم بأحر التعازي إلى أرملة الفقيد‪ ،‬السيدة فاطمة الوراوي‪،‬‬ ‫وإلى أبنائهما‪ ،‬المهدي‪ ،‬بشرى‪ ،‬نادية‪ ،‬وفاء‪ ،‬مريم‪ ،‬وحسنية‪ ،‬وكذا إلى جميع أفراد عائالت‬ ‫الخراز والحموتي واليحياوي وميمو‪ ،‬باإلضافة إلى أقاربهم وأصهارهم وأصدقائهم‪ ،‬راجين لهم الصبر والسلوان‪،‬‬ ‫وللفقيد عظيم األجر والغفران‪ ،‬تغمده اهلل بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء‬ ‫والصالحين وحسن أولئك رفيقا‪.‬‬

‫وكان اإلنسان يعيش في محيط متكامل يبدأ من التراب ويمتد إلى األنهار والبحار‬ ‫فالمحيطات‪ ،‬ويصعد إلى الغالف الجوي للكرة األرضية‪ ،‬فكان من نتائج ذلك‪ ،‬هذه الكوارث‬ ‫المتفاقمة واالضطرابات الكونية التي تهدد الحياة بالدمار‪ ،‬والسبب وراء كل ما يحدث هو‬ ‫ذلك المعتدي الغاشم اآلثم اإلنسان‪ ،‬الذي ركب رأسه وتجاوز كل الحدود والقوانين الطبيعية‬ ‫والبشرية وعاث في األرض فسادا‪ ،‬وكان السبب األكبر والمباشر في حدوث التلوث القاتل الذي‬ ‫لم تنج منه ولم تسلم األرض وال غالفها الجوي‪ ،‬وفي ذلك يقول اهلل عز وجل ‪َ :‬‬ ‫اد‬ ‫«ظ َه َر ا ْلف َ​َ�س ُ‬

‫ك�سب ْ َ‬ ‫ّا�س ل ُِيذِ يق َُهم َب ْع َ‬ ‫�ض ا ّ َلذِ ي َع ِم ُلوا‬ ‫ب َوا ْل َب ْح ِر بمِ َا َ َ َ‬ ‫يِف ا ْل رَ ّ ِ‬ ‫ت �أ ْيدِ ي ال َن ِ‬ ‫ون» (الروح ‪ ،)40‬أي ظهرت الباليا في بر األرض وبحرها بسبب معاصي الناس‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫َل َع ّ َل ُه ْم َي ْ ُ َ‬

‫وذنوبهم‪ ،‬مع أن صالح األرض والسماء ال يكون إال بالطاعة‪ ،‬هذا هو اإلنسان الحالي‪ ،‬يغلب‬ ‫عليه في حياته العصيان والطغيان والتمرد على أوامر اهلل في المحافظة على البيئة وصيانتها‪،‬‬ ‫ويتميز باألثرة واألنانية والرغبة الجامحة في التملك والتحكم‪ ،‬ولو على حساب هالك الماليين‬ ‫من مخلوقات اهلل‪ ،‬وال عجب بعد هذا في أن يصفه المولى بأعلى درجات الظلم والكفر‪ .‬قال‬ ‫الل اَل حُ ْ‬ ‫َاكم ّ ِمن ُ‬ ‫تعالى ‪َ « :‬و آ�ت ُ‬ ‫ك ّ ِل َما َ�س�أَ ْلت ُ​ُم ُ‬ ‫وه َو ِ�إن ت َُع ُّدوا ن ِْع َمة هّ َ ِ‬ ‫ت ُ�صوهَ ا ِ�إ ّ َن‬ ‫َ‬ ‫ّار»‪ ،‬أي إن اإلنسان لمبالغ في الظلم والجحود‪ ،‬ظالم لنفسه بتعديه‬ ‫وم ك َف ٌ‬ ‫ْ إِ‬ ‫ن�س َ‬ ‫ان َل َظ ُل ٌ‬ ‫ال َ‬ ‫حدود اهلل‪ ،‬جحود لنعم اهلل عليه‪ ،‬كيف ال يكون غير ظالم وكافر‪ ،‬وهو المخالف لما نهاه اهلل عنه‬ ‫في العديد من اآليات‪ ،‬منها ‪َ « :‬و اَل تُفْ �سِ ُدوا ف ْ أَ‬ ‫�ض َب ْع َد �إِ ْ�ص اَل ِح َها َذل ُ‬ ‫ِك ْم‬ ‫ال ْر ِ‬ ‫يِ‬ ‫ك ْم �إِن ُ‬ ‫ي ّ َل ُ‬ ‫ِني» (األعراف ‪ ،)84‬أي ما أمرتكم به من إخالص العبادة‬ ‫كنتُم ُّم�ؤْ ِمن َ‬ ‫َخ رْ ٌ‬ ‫هلل‪ ،‬وإيفاء الناس حقوقهم‪ ،‬وترك الفساد في األرض خير لكم إن كنتم مصدقين لي في قولي‪،‬‬ ‫كما أن النهي عن اإلفساد في األرض يعني اإلفساد فيها بالشرك والمعاصي بعد أن أصلحها‬ ‫اهلل ببعثة المرسلين‪.‬‬ ‫وللعلم‪ ،‬فإن العلماء وعقالء المجتمع الدولي يصرخون اآلن ويدقون ناقوس الخطر من‬ ‫تعريض البشرية للهالك بإفساد البيئة الطبيعية‪ ،‬واتفقوا ومعهم معظم الدول المتحضرة‬ ‫على اتخاذ يوم ‪ 5‬يونيو من كل عام يوما عالميا لتذكير الناس بأهمية البيئة وضرورة‬ ‫المحافظة عليها وحمايتها من كل ما يفسدها أو يدمرها أو يعرضها للتلوث الذي تتسبب‬ ‫فيه مختلف العوامل من غازات سامة وأبخرة خانقة‪ ،‬وأدخنة مشبعة بغاز ثاني أكسيد الكربون‪،‬‬ ‫تصعد إلى السماء من مداخن المصانع والمعامل ومن حرائق الغابات‪ ،‬فتلوثها وتحجب عن‬ ‫األعين زرقة السماء وصفاءها‪ ،‬وتقضي على األكسجين الالزم للتنفس والحياة‪ ،‬كل ذلك إلى‬ ‫جانب النفايات المؤذية واالستعمال المفرط لمبيدات الحشرات ولألسمدة والمواد الكيماوية‬ ‫لمعالجة التربة والمزروعات بصفة عامة‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬أصبحنا نشاهد باستمرار أعدادا ال تحصى من األسماك واألحياء البحرية تطفو‬ ‫على سطح البحر بعد أن تسممت‪ ،‬وأع��دادا أخرى من األسماك تطفو على سطح األنهار‬ ‫والبحيرات‪ ،‬فيُلقي بها تحرك األمواج إلى الضفاف‪ ،‬فتتلقفها الحيوانات والطيور والجهلة من‬ ‫الناس وتأكل منها فيتعرض الكل للتسمم واألمراض الفتاكة‪ ،‬ومثل ذلك يحدث للحيوانات‬ ‫في المراعي والغابات‪ ،‬حيث نشاهدها نافقة (ميتة) مبعثرة هنا وهناك‪ ،‬تنبعث منها الروائح‬ ‫الكريهة‪ ،‬نتيجة تعفنها‪ ،‬فتغطي على النسيم العليل الذي كان ينبعث من أزهار وأوراق أشجار‬ ‫الغابات وأحراش األعشاب الخضراء بسبب التلوث الذي ال مرادف له إال التسمم والموت‪ ،‬وهذا‬ ‫ما نشاهده ونسمع عنه ونحن في غفلة غامرة عنه‪ ،‬وال نفكر في أي عقاب سيلحقنا عن اإلفساد‬ ‫في األرض؟ أال يكفينا ما حل بنا من فيضانات‪ ،‬ال مثيل لها في مختلف مدن العالم‪ ،‬جرفت‬ ‫األراضي والبنايات والمساكن‪ ،‬ومن عواصف رعدية قاتلة وعواصف أخرى هوجاء مرعبة أتت‬ ‫على الديار واألشجار واألعمدة الكهربائية‪ ،‬قطعت عن الناس اإلنارة أليام وأيام ومن الحرائق‬ ‫المروعة‪ ،‬التي أتت على قرى بكاملها‪ ،‬وعلى آالف الهكتارات من الغابات في أمريكا وبعض‬ ‫دول أوربا‪ ،‬وأخيرا أستراليا وخلفت خسائر فظيعة في األرواح والممتلكات؟! ومن هذه الثلوج‬ ‫الكثيفة التي غطت الشوارع والبنايات وطمرت السيارات والعربات وكان من نتائجها توقف‬ ‫األشغال والخدمات وإغالق المدارس والمؤسسات‪ ،‬وإلغاء األسفار األرضية‪ ،‬ومئات الرحالت‬ ‫الجوية وغير ذلك من الكوارث واالضطرابات‪..‬؟ وأفال تكفينا هذه الحروب الطاحنة التي راح‬ ‫ضيحتها الماليين من البشر ما بين القتلى والجرحى والمعطوبين والجوعى والمرضى‪ ،‬وما‬ ‫شاء اهلل وال حول وال قوة إال باهلل؟‬ ‫وأخيرا‪ ،‬أفال يكون كل هذا عقابا مستحقا للبشرية جمعاء‪ ،‬بعد أن انسلت من طبيعتها‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬وقطعت صلتها بربها الذي خلقها وآتاها من نعمه التي ال تعد وال تحصى‪ ،‬نسأله‬ ‫تعالى أن يلطف بنا في حكمه وقضائه وأال يواخذنا بما فعله السفهاء والمفسدون في األرض‪.‬‬ ‫اللهم آمين؟!‬


‫العدد ‪982‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫سيرة األرجوان‬

‫الهوية المستعادة (‪)2/1‬‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬الكتابة األدبية توَضحها المعرفة‪ ،‬وهما ال‬ ‫ينفصالن‪ .‬التحوُّالت في الكتابة الجديدة العصرية‪،‬‬ ‫واألندلس لم تعدْ تمثل ذلك الحلم كمنطلق لإلبداع؟‬ ‫فرقة البالغة وتحليل الخطاب بكلية اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانية بتطوان (جامعة عبدالمالك السعدي )‪ ،‬نظمت‬ ‫بتعاوُن مع مختبر البحث في المغارب والمتوسط ندوة‬ ‫بعنوان ‪ :‬صورة األندلس في السرد العربي الحديث‪،‬‬ ‫والهوية المستعارة ‪.‬‬ ‫تلك األمُّ التي رأت في المنام شجرة وهي تتساقط‬ ‫أوراقها‪ ،‬ومنها ورقة األب‪ ،‬الذي كان فيها اسمه‪ .‬مات‬ ‫األب ولم يبلغ من العمر أرذله‪ ،‬وهي مجرَّد أضغاث أحالم‬ ‫يُرْمزُ بها سقوط اإلنسان‪ ،‬بسقوط أوراق الشجرة‪ ،‬وهي‬ ‫ول َّن ورقة حياته قد سقطت‪ ،‬فصرَّح البنه البكر‬ ‫استعارة‪ .‬أِ‬ ‫هوية المسلم العربي األندلسي‪ ،‬وهي شجرة العائلة‪.‬‬ ‫عمل منذ أسالفه باستعارة كبرى تجمع القارئ بالمؤلف‬ ‫على أسباب الرواية‪ .‬جعلت من «أوراق ذي مولينا» في‬ ‫تطوان‪ ،‬واإلبن الذي شكل ويشكل الوسيط بين األجداد‬ ‫واألبناء‪ ،‬وقد أضافت إليها أوراقا جديدة‪ ،‬وأال يتحمل‬ ‫األحفاد‪ ،‬ويجمع األبناء الباقي الدَّال على ِّ‬ ‫الكل ‪ ..‬ومن‬ ‫حياة أبيه وحياة ابنه‪ ،‬تلك الشامَّة الخضراء دون أن‬ ‫يعرف لها معنىً‪ ،‬داخل المتن الروائي‪ ،‬بختم أخضر يحمل‬ ‫الهوية كأنَّه الضياع ‪،‬فهي الهوية المستعارة‪ .‬وقد جفَّ‬ ‫وقع المصاب‪ .‬إبراهيم بن ميكيل ذي مولينا‪ .‬شجرة‬ ‫بأوراق صفراء تغطي األرض (الهلوكوست األندلسي)‪.‬‬ ‫ثمة شيء كان يدفعني لورقة وجدتُ اسمي محفورا‬ ‫بها‪ .‬تحمل وجوه أطفال محفورة من بين أسماء عبد‬ ‫اهلل وإبراهيم كارلوس ‪.‬شجرة تمسك بتالبيب االستعارة‬ ‫من إيحاء الدراسة من جيل إلى جيل من األندلس إلى‬ ‫تطوان‪ ،‬مثقلة بالكوارث‪ .‬فتلك الوصية مقترنة بمأساة‬ ‫الموت ‪.‬المفعمة بالوازع الديني‪ .‬إيمان يشغل المسلمين‬ ‫المقهورين المهزومين‪ .‬أنبتت الشجرة وأينعت رواية‬ ‫الحضارة لتشمل رواية أخرى‪ ،‬في زمان سقوطها‪،‬‬ ‫المعروف بالموريسكيين‪« .‬أوراق ذي مولينا» تحافظ‬ ‫على جوهر انتمائها بالهوية العربية المسلمة‪ .‬فصرنا‬ ‫مُدجَّنين نتزاوج ونبيع ز نشتري‪ .‬ورقة واحدة من واحد‬ ‫وأربعين ورقة‪ ،‬تُكنّى بالجزئي عن الك ّلي‪ ،‬التي أرَّخها‬ ‫نومئ إلى عالقة الموريسكيين من‬ ‫أبناء هذه العائلة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الصليبيين‪ .‬الهوية المستعادة التي تعيش مسارها في‬ ‫أزمنة التنصير‪ .‬وقد حافظت على تاريخها وتكون قد‬

‫‪8‬‬

‫وهوية‪ .‬فكيف للرواية أن تجمع بين‬ ‫خلدتْ لنا تاريخا ِ‬ ‫الجمالية األدبية والتشويق وبين السرد التأريخي لكيْ‬ ‫تفوز بالحسنيين ؟ األندلس لم تعد تمثل ذاك الحلم‬ ‫كمنطلق لإلبداع ! فثالثية غرناطة مجرَّد حلم حكاية‬ ‫عائلة ذي مولينا‪ .‬باألحرى بداية حياة جديدة‪ ،‬إلى الهوية‬ ‫األولى‪ ،‬على استعادة األندلس‪ ،‬صعودا وهبوطا وأما ماً‬ ‫وخلفاً‪ .‬الهوية أساس وجود اإلنسان‪ .‬فاألديب هنا يقدم‬ ‫بحراً عميقا لن ينضب بإشكالية تعدُّد الهوية‪ ،‬تتجلى‬ ‫بالحكي المسترسل‪ ،‬اختمرتْ فيها هوية الموريسكي‬ ‫وهوية ليون اإلفريقي التي أحدثت صراعا‪ .‬هل هو عربي‬ ‫أم أمازيغي أم أندلسي أم إفريقي أم كاثوليكي صليبي؟‬ ‫رؤية مسيحي عربي‪ ،‬هو أبو الحسن الوزان الصحفي‪،‬‬ ‫خرج به أبوه هاربا من األندلس ليحافظ على إسالمه‪،‬‬ ‫فيسقط في األسر‪ ،‬ويتنصر ليعود إلى األندلس نصراني‪،‬‬ ‫وهي مفارقات هوياتية‪.‬يمثل أهمية لمنظور الحكي‪.‬‬ ‫دراسة مفهوم تملك رؤيا استشراقية أحدثت «نجاحاً»‬ ‫(أمين معلوف)‪ .‬رحالة جاب إفريقيا وارتحل إلى األرض‬ ‫المقدسة‪ ،‬وقيد إلى البابا عند األسر وعمل عنده (ليون‬ ‫اإلفريقي) ثم قدّم له معلومات استخباراتية لتفيد البابا‬ ‫في حروبه الصليبية‪ .‬أُع ِرفَ بالغرناطي والفاسي‪ .‬كان‬ ‫يقول «وطني هي القافلة»‪ ،‬ولست صاحب هوية ‪.‬لونت‬ ‫شفتايْ آالف العذارى‪ .‬هي شخصية إشكالية‪ .‬كل الثروات‬ ‫وأنا للتراب‪ .‬روائياً لها وجودها الرمزي‪ ،‬ولحظات سقوط‬ ‫غرناطة‪ .‬والد ليون كان متزوج من عربية أنجبت له هذا‬ ‫الولد‪ ،‬وله جارية أنجبت له ابنا آخر‪ .‬عند سقوط غرناطة‪،‬‬ ‫الجارية «وردة» أصبحت هي السيدة‪ ،‬والعربية الحرَّة‬ ‫فاطمة أضحت جارية ! ابن الجارية سيصبح بينه وبين‬ ‫ابن العربية صراع‪ .‬فيلعب أمين معلوف على التحوُّل‬ ‫العربي األروبي‪ ،‬وتحوُّل المسلم إلى مسيحي ! تحمل‬ ‫أسى‪ ،‬ويشحن في وصفة أدبية تمثل حكي ميلودرامي‬ ‫على استلهام من إسقاط سياسي‪ ،‬يقارن بالقضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وخروج العربي من فلسطين واألندلس‪.‬‬ ‫ادْراما الهزائم العربية لواقع يتكرَّر‪ .‬هذه هي النصوص‬ ‫بذور للهوية العربية‪ ،‬ادْراما لسقوط المشروع العربي‪.‬‬ ‫الراوي يحمل رؤيا استشراقية وهو ال يتعاطف مع العرب‬ ‫ألنه يعتقد َّ‬ ‫أن المسلمين هم الذين احتلوا األندلس‪.‬‬ ‫كتب ذلك أثناء الحرب اللبنانية‪ ،‬ولذلك جاء صراع الذات‬ ‫ألمين معلوف ‪...‬‬

‫(يتبع)‬

‫‪ 563‬مستفيد ومستفيدة من الحملة الطبية‪ ‬شعاع‬ ‫النور بالقصر الكبير‬

‫هذه إضمام ٌة من النصوص‪ ،‬موسوم ٌة بعنوان‪( :‬سيرة األرجوان)‪،‬‬ ‫آثرت نشرَها في صحيفة (الشمال) الغراء‪ ،‬قبل إذاعتها في كتاب مطبوع‪،‬‬ ‫وفصولها ثالثة‪ :‬فصل التَّوشيات‪ ،‬وفصل السانحات‪ ،‬وفصل الصبابات‪.‬‬ ‫وقد كانت في البال قصيد ًة‪ ،‬ثم فقدت أوزانها في آخر قطرةٍ من قطرات‬ ‫َ‬ ‫القلم‪ ..‬لكنني أرجو لها أن َ‬ ‫وزُرقة عينيه‪..‬‬ ‫تأخذ من الشعر بها َءهُ‪ ،‬ورُوا َءهُ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الخيال بي في صورةٍ أو عبارة؛ َّ‬ ‫فإن في أوديته‬ ‫وليعذرني القارى ُء إذا جنح‬ ‫َّ‬ ‫متنفس ًا‪ ،‬ومستراح ًا‪ ،‬ومهرب ًا من أضغاث الواقع‪..‬‬

‫ُ‬ ‫ال�سانحات‬ ‫ف�صل َّ‬

‫محجة َّ‬ ‫ال�شاعر‬ ‫َّ‬

‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين‪ .‬ال�شارقة‬

‫(‪)1‬‬

‫ُ‬ ‫يكتبُ ما ال ترا ُه ال ُ‬ ‫أ�صابع يف‬ ‫احلروف‬ ‫مرايا‬ ‫ِ‬ ‫وما ال ُّ‬ ‫تر�ش ُه غي ُ‬ ‫ْمات ال ّدوا ِة‬ ‫أفراحها‬ ‫ِ‬ ‫بب�ستان � ِ‬ ‫وما ال تقول ُه ٌ‬ ‫قافية دوَّ ختها البُحورُ‬ ‫و� ٌ‬ ‫أ�رشعة َ‬ ‫ليل‪ْ ..‬‬ ‫�سكرى ب�أنا�شي ِد َّ‬ ‫الزبَد‪....‬‬ ‫للخ ِ‬

‫(‪)2‬‬

‫َ‬ ‫ر�سائل �أ�شواق ِه‪..‬‬ ‫َّفيف‬ ‫يكتبُ‬ ‫ِ‬ ‫ب�ضوء الر ِ‬ ‫ْ‬ ‫وب�ستان يافا‪،‬‬ ‫العراق‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫لنخ ِل ِ‬ ‫ملكوت َّالنجاوى‪،‬‬ ‫و�صومع ٍة‬ ‫ِ‬ ‫للغرباء فارع ٍة يف ِ‬ ‫الغيم‪،‬‬ ‫با ِذ َخ ٍة يف مملك ِة ِ‬ ‫ت�شكو �إلى الله � َ‬ ‫أحزانها ‪!..‬‬

‫(‪)3‬‬

‫نظمت مؤسسة القصر الكبير للتنمية بشراكة مع‬ ‫الجمعية المغربية للتضامن ‪ ،‬ومندوبية وزارة الصحة‬ ‫بالعرائش ‪ ،‬وجمعية سبيل الشفاء لالعمال الخيرية وجمعية‬ ‫أمل لمرضى السكري بالعرائش‪ ،‬وبدعم من عمالة اقليم‬ ‫العرائش والمجلس الترابي لمدينة القصر الكبير حملة طبية‪ ‬‬ ‫« شعاع النور ‪ »14‬اختار لها المنظمون شعار ‪ :‬التكافل‬ ‫والتضامن من أجل تطوير صحة القرب‪ ،‬وذلك على مدى‬ ‫ثالثة أيام ‪ 17 _ 16 _ 15‬فبراير الجاري بالمستشفى المدني‬ ‫بالقصر الكبير ‪ ،‬والوحدة الطبية المتنقلة‪.‬‬ ‫انطلقت خدمات الحملة الطبية في صباح يوم الجمعة‬ ‫‪ 16‬من هذا الشهر حيث توزع المستفيدون على الوحدة‬ ‫المتنقلة وجناح الجراحة بالمستشفى‪ ،‬انطالقا من اللوائح‬ ‫المعدة سلفا للمستفيدين ولوائح االنتظار‪ .‬‬ ‫وعرف اليوم التاني من الحملة الطبية زيارة تفقدية لعدد‬

‫من المسؤولين خاصة البروفسور مصطفى العزوزي رئيس‬ ‫مؤسسة القصر الكبير للتنمية‪ ،‬والمدير العام لوكالة اإلنعاش‬ ‫الوطني للشغل والكفاءات‪ ،‬ورئيس المجلس الترابي‪ ، ‬بحيث‬ ‫تم تدارس اقتراحات لمبادرات جديدة في اطار دعم الخدمات‬ ‫الصحية بالمدينة‪ .‬‬ ‫‪ ‬عرف اليوم الثالث‪ ‬زيارة لجنة طبية ترأستها السيدة‪ ‬‬ ‫‪ ‬مديرة مستشفى لال مريم‪ ‬اإلقليمي بمدينة بالعرائش‪.‬‬ ‫وقد بلغ عدد المستفيدين من شعاع النور في نسخته‪14 ‬‬ ‫‪ 563 :‬حالة منها ‪ 239‬فحصا مختصا ‪ ،‬و ‪ 114‬جراحة أشرف‬ ‫عليها طاقم‪ ‬متخصص‪ ،‬تابع للمستشفى واخرون للوحدة‬ ‫المتنقلة‪ ،‬باإلضافة إلى فريق من الجمعيات المشاركة عمل‬ ‫على تتبع‪ ‬التنظيم واإلرشاد ‪.‬‬ ‫محمد كماشين‪ ‬‬

‫يكتبُ ُ‬ ‫العيون‪..‬‬ ‫بالكحْ ِل‪ ،‬والعط ِر‪ ،‬وذوْ ِب‬ ‫ِ‬ ‫�أ�سماءَ ع�شيقات ِه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫القاهرة‪،‬‬ ‫تطوان‪ ،‬بغدا ُد‪� ،‬صنعاءُ ‪ ،‬دم�شق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫القريوان‪..‬‬ ‫الفاغمات‪،‬‬ ‫وير�س ُم ملواعي ِدها‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املاء‪..‬‬ ‫املاء �إلى ِ‬ ‫وط ًنا من ِ‬ ‫جواز �سف ٍر‪� ،‬أحلى من َ�ضف َري ٍة �شمْ ٍ�س !‬ ‫�أك َرب من ِ‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪9‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)2‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪ ،‬كما تعدّ‬ ‫أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة‬ ‫العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ‬ ‫كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة‬ ‫الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه‬ ‫الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪.‬‬

‫الرسالة األولى‪:‬‬

‫[من التهامي العالمة أفيالل إلى ولده الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيّام دراسته‬ ‫بجامع القرويين بفاس]‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وصحبه وسلم‬ ‫وعلى ولدنا البار ّ‬ ‫الطالب السيّد محمد السالم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك األوّل معلماً بحلولكم الحضرة اإلدريسية‪ ،‬حاطها اهلل‪،‬‬ ‫بعد وصول الكتاب المعلم بالوصول للقصر الكبير‪ ،‬كما وصل الكتاب الثاني‬ ‫من الحضرة الشريفة‪ ،‬مخبراً بتراكم الوفود هناك‪ ،‬واستدعاء من عينت إياكم‬ ‫للضيافات‪ ،‬واستقراركم بالدار التي كنت أعلمت ُ‬ ‫قبل بتنفيذها لكم التّساعها‪،‬‬ ‫وغيظ السّلويين والرباطيين من عدم استدعاء من جعله اهلل في هذا الوقت‬ ‫مفتاحاً لجميعهم‪ ،‬وإن كان الموجب لذلك كثرتهم‪ ،‬وبالمالقات مع موالنا أعزه‬ ‫اهلل‪ ،‬وكيفيتها على الوجه األتم من سؤاله أعزّه اهلل عن المدرّسين عندنا‪ ،‬وعن‬ ‫الفنون المقروءة إلى غير ذلك‪ ،‬إ ّال أني لم ندر المكاتب لصاحب الجريدة‪ ،‬وأقرب‬ ‫االحتماالت أنه ساكن المصدع‪ ،‬وصِرنا من جميع ما تضمنه ذلك الكتاب على بال‪.‬‬ ‫فأما طلب الزواق والمصطفى ففيهما من الجرأة ما ال يخفى‪ ،‬نعم؛ طلب األول‬ ‫فيه النفع التام لكثرة ذلك وحسنه‪ ،‬وأظنه واهلل أعلم يقوم به أتمّ قيام‪ ،‬وأمّا طلب‬ ‫الثاني‪ :‬فهو جار على عادة طال ِبه‪ ،‬واهلل سبحانه يهديه‪.‬‬ ‫وترجيت عود البغل إلينا من بل مع ابن عمك لما ذكرته من رخص البهائم‬ ‫هنالك ففيه خير‪ ،‬وسندفع أجرة خياطة الجالبة‪ ]...[ ،‬غير أنك لم تخبرني بمحل‬ ‫استقرارك لنكتبه في عنوان مكاتبي وهذا أمر ال بد‪ ،‬مس ّلماً على جميع الرّفقة‪،‬‬ ‫وسيدي بلعباس‪ ،‬وسيدي أحمد بن يوسف‪ ،‬ومن هنا الوالدة واإلخوة وأبناء العمّ‪،‬‬ ‫وسائر األحبة والسالم‪ ،‬وال تغفل إرسال القلنسوة التي أوصاك عليها أخوك عبد‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫في ‪ 28‬شعبان عام ‪1326‬هـ‪ .‬التهامي وفقه اهلل بمنه‪.‬‬

‫الرسالة الثانية ‪:‬‬

‫[من العالمة التهامي أفيالل إلى ولده الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيّام دراسته‬ ‫بجامع القرويين بفاس]‪.‬‬ ‫وعلى الولد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد السالم ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك معلماً بضياع مثال شكل السبنية الموجه لك طي كتاب‬ ‫الطلب‪ ،‬وطالبا توجيه بدله‪ ،‬وقائ ًال‪ّ :‬‬ ‫إن الشربية ربما توجّه مع أشعاش‪ ،‬وأمّا‬ ‫السبنية فبعد تمام عملها يظهر مع من توجّه إن شاء اهلل‪ ،‬فالبد المثال يصلك‬ ‫طي هذا‪ ،‬ومعلماً بوقوع العواشر قبل إبانها‪ ،‬وبوفاة قاضي مكناسة رحمه اهلل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأن المخزن قد تهيّأ لتقويم أمر الحركة‪ ،‬وكتب لجميع القبائل بذلك‪ ،‬أمدّه اهلل‬ ‫بالمعونة‪ّ ،‬‬ ‫وأن بعض من يوثق به كتب شاكيا بفظاظة ابن الفقيه وجراءته على‬ ‫األمور المخزنية وشتمه من ال نقدر على التفوه بحكايته‪ ،‬وأنّه سيطالع ط على‬ ‫كتاب‪ ،‬فما أخبر به هذا المخبر هو الذي يوثر عنه‪ ،‬واهلل سبحانه يقينا مصارع‬ ‫السوء‪ ،‬بمنّه‪ ،‬وجوابي في قضية البقعة وجهته له هذه نحو الثمانية أيام‪ ،‬وال‬ ‫يكون واهلل أعلم إ ّال قد وصل‪ ،‬وقد اكتفيت بجوابه عن جواب ط ‪ .‬وأمس تاريخه‬ ‫توفي الرجل الصالح السيد الحاج محمد الشحيت رحمه اهلل‪ ،‬ووصلت جريدة الفجر‬ ‫لنا‪ ،‬وفرّق العامل عدة منها على أناس‪ ،‬مس ّلماً على السادات الفاسيين‪ ،‬وطلبتنا‪،‬‬ ‫ومن هنا األقارب واألحبّة‪ ،‬والسالم‪.‬‬ ‫في يوم السبت مستهل حجة الحرام عام ‪1326‬هـ‪ .‬التهامي وفقه اهلل‪.‬‬

‫الرسالة الثالثة ‪:‬‬

‫[من العالمة التهامي أفيالل إلى ولده الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيّام دراسته‬ ‫بجامع القرويين بفاس]‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وصحبه وسلم‬ ‫الولد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمّد‪ ،‬وفقك اهلل وسالم عليك ورحمة‬ ‫اهلل وبركاته‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد وصل كتابك األعزّ وصرنا من مضمّنه على بال‪ ،‬وفيه اإلعالم‬ ‫بشراء السمن وزيتي الزيتون والجاز والفحم‪ ،‬فلقد أحسنت في ذلك‪ ،‬وذكرتَ ّ‬ ‫أن الخليع قد بقي منه نحو النّصف‪،‬‬ ‫وأنّه ال زال يسرع إليه التغير‪ ،‬ولم ينفعه ما أضيف إليه من اإلدام‪ ،‬ولم تدر ما يصلحه ويقيه من ذلك التغيير‪ .‬أخبرت‬ ‫والدتك ّ‬ ‫أن المصلح له هو التحمير بأن يعاد إلى ا ّلنار في طنجرة إلى أن تذهب عنه الرطوبة التي نشأ عنها ذلك‬ ‫التغيير‪ ،‬ثم يرد في خابيته‪ ،‬فإن أمكنك ذلك فافعل والكمال على اهلل‪.‬‬ ‫وما عوّلت عليه في شأن بيت المدرسة هو المتعين من طريق الحزم وعلى اهلل التكالن‪ ،‬وقد علمنا ما كابده‬ ‫ذلك السّمسار من الخيبة التي هو أهل لها‪ ،‬وعدم حظوته في شيء من متمناه ال عند أخته وال عند بني عمه‪ ،‬وال‬ ‫عنده وال عند والة أمره‪ ،‬وأنه لقنطه من هذه الخيبة سيعجل األوبة في األثر‪ ،‬أذاقه اهلل فيها ما هو أدهى وأمر‪ُ ،‬‬ ‫وأخذك‬ ‫صحة ما أخبرناك به من كتابه برهون بوعد الوزير له من عدم جنوحه للسّمسار يوذن بأن الجنوح له نافع للجانح‪،‬‬ ‫وأين هذا األخذ مع الحزم بعدم المباالة بالمجنوح إليه‪ ،‬فبين الكالمين تدافع‪.‬‬ ‫وأخبرتنا بشروع الفقهاء في قراءة األصل بعد ما ظهر منهم من التكاسل عنها‪ ،‬وأنه لم يتخلف أحد منهم‪،‬‬ ‫فالواجب على الطالب اغتنام ذلك‪ ،‬سيّما مع قصر الزمان وبذل الوسع والمجهود في أسباب التحصيل‪ ،‬والبعد‬ ‫والمجافاة عما يورث الملل والتعطيل‪ ،‬رزقكم اهلل اإلعانة آمين‪.‬‬

‫وقد وقع عندنا ما أخبرتنا به من تتابع السيول والبروق والرعود عندكم‪ ،‬وقد‬ ‫كنا خرجنا للنزهة مع ابن عمك الحاج علي في جنانه بالطوابل‪ ،‬فأصابنا منه ما‬ ‫حصلت به السآمة‪ ،‬فرجعتُ بعد إقامة ثالثة أيام‪ ،‬ولم ترجع والدتك ومن معها‬ ‫من أهل الدار إال بعد إقامة خمسة أيام‪ ،‬وخبر قبض الحاج بنعيسى بلغ عندنا‬ ‫حد التواتر‪ ،‬وأخبرت بحضورك إياه وما في سببه من الروايات‪ ،‬وما أخبرت به من‬ ‫ترشيح عاملنا لقيادة المشور‪ ،‬كاد أن يجزم هو به لكتب كثير من أحبته باإلعالم‬ ‫بذلك له‪ ،‬وإني عبد اهلل وكثير ممن سبر سيرة هؤالء القوم لمستبعِد هذا غاية‬ ‫االستبعاد‪ ،‬لقلة ذات يده‪ ،‬والقوم ال يمكنون من المراتب بمجان‪ ،‬واألقرب عند‬ ‫غالب الناس هنا والسيما ال ّلبادي ترشيح مصطفى ابن يعيش‪ ،‬وقد كتب الفقيه‬ ‫حسّون لبعض أصدقائه هنا يعلمه بتنفيذ عمالة بلدتنا للبّادي بل كتب له يهنئه‬ ‫بذلك‪ ،‬فانظر إلى هذه الوقاحة ما أبشعها‪ ،‬على ّ‬ ‫أن هذا الذي أخبر به وإن كان‬ ‫بعيداً عقال فال يستغرب وقوعه من هؤالء القوم لما ال يخفى‪ ،‬وإلى اهلل ترجع‬ ‫األمور‪ ،‬وفي األسبوع الفارط اتصا ًال كان عرس ابن اللبادي‪ ،‬وابنة الركينة‪ ،‬وكان‬ ‫عرسا له بال‪ ،‬مس ّلما على الخليل وسائر طلبتنا‪ ،‬ومن هنا الوالدة واإلخوة وسائر‬ ‫األحبة والسالم‪ ،‬في ‪20‬جمادى األولى عام ‪1328‬هـ‪.‬‬ ‫الرسالة الرابعة‪:‬‬ ‫[من العالمة التهامي أفيالل إلى ولده الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيّام دراسته‬ ‫بجامع القرويين بفاس‪ ،‬يخبره فيها عن أحوال بلدته تطوان‪ ،‬وقضيّة سمسار‪،‬‬ ‫ويجيبه عن سبب عزم دخول الصبنيول مدينة تطوان‪ ،‬وهي البوادر األولى‬ ‫الحتالل المدينة]‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وصحبه وسلم‬ ‫ّ‬ ‫االبن البارّ األنجد‪ ،‬الطالب السيّد محمّد‪ ،‬أرشدك اهلل وسالم عليك ورحمة‬ ‫اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل مكتوبك األعزّ‪ ،‬وصرنا من مضمونه على بال‪ ،‬وقد قيل لي ّ‬ ‫أن ذلك السّمسار سيدخل اليوم‪،‬‬ ‫وربّما يظنّ الزوّاقي ّ‬ ‫أن تنفيذ ظهيره الذي أجزت بخروجه تسبّب في حصوله‬ ‫هذا السّمسار‪ ،‬وربّما شيّع ذلك وما دريتُ سبب العداوة الحاصلة بين السّمسار‬ ‫وبني عمّه‪ ،‬كما لم أدر سبب عدم مالقاة أخوي المتو ّفى‪ ،‬مع ّ‬ ‫أن أحدهما ابن‬ ‫أخت‪ ،‬ولمْ أدر الثاني أهو كذلك أم ال؟ وما كنتَ أخبرتَ به من ترشيح عاملنا‬ ‫لقيادة المشور فليس بصحيح‪ ،‬وقد أخبرني الكاتب الشفشاوني ّ‬ ‫أن من جملة من‬ ‫أساء فهما في هذا المعنى‪ ،‬الزّمراني الذي هنالك بدار المخزن‪ ،‬وله حظوة بها‪،‬‬ ‫وكذلك غيره ممّن يظنّ به ّ‬ ‫االطالع‪ ،‬فكتبوا له معلِمين بذلك ليتأهّب القدوم‬ ‫عند ورود الفارسين الذين فهموا أنّهما توجّها إلزعاجه‪ ،‬وليس األمر كما فهموا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن الفارسين وجها للريسوني‪ ،‬وأعطيا كتابين لعاملنا‪ ،‬فلمّا أن فتحهما وجدهما‬ ‫جوابين له عن قضايا كان كتب عليها‪ ،‬فعَلم بذلك سبب غلط الكاتبين له بذلك‪،‬‬ ‫ولم يبق له من طمع‪.‬‬ ‫وأمّا عمالة ال ّلبّادي فهي من اختالق حسّون كما فهمت فيما أظن‪ ،‬والشائع‬ ‫هنا ّ‬ ‫أن المُرَشّح لقيادة المشور هو نجل ابن يعيش واهلل أعلم‪.‬‬ ‫وما أخبر به ابن يعقوب من قصر تلقي شهادة الملكية على من سمّيت‬ ‫فصحيح‪ّ ،‬‬ ‫ألن تلك الشهادة البدّ فيها من إذن العامل‪ ،‬زيادة على إذن القاضي‬ ‫بأمر جديد‪ ،‬فكأنّه اختار العدلين المذكورين لما رجاه فيهما من عدم التّساهل‪،‬‬ ‫وما درى أنّهما ال يقدران على القيام بذلك‪ ،‬التّصاف أخدهما بكثرة القلق‪ ،‬واآلخر‬ ‫بالحُمق‪ ،‬لكن لمّا قام العدول في ذلك‪ ،‬وسدّوا حوانيتهم‪ ،‬رجع عن ذلك وأباح‬ ‫ذلك لجميعهم كما كان‪.‬‬ ‫وما أخبرت به من بذل العلمي على قضاء العرائش ‪ 2000‬ريا ًال فبعيد جدّاً‪،‬‬ ‫ولع ّلك غلطت في زيادة صفر‪ ،‬وطلبت اإلعالم بقضية إرادة الصبنيول حلول‬ ‫إن الصبنيول كان ُ‬ ‫تطوان ما سببه؟‪ .‬قالوا‪ّ :‬‬ ‫قبل طلب من مخزننا إنشاء الطريق‬ ‫فيما بين سبتة وتطوان‪ ،‬وخيّره في أن يصيّر على إنشائها هو والمخزن‪ ،‬فاختار‬ ‫المخزن أن يصيّر‪ ،‬وواعده بذلك‪ ،‬وبعد أن رأى الصبنيول إعراض المخزن عن‬ ‫إنشاء هذا ّ‬ ‫الطريق غضب وجلب لسبتة من العسكر ‪ ،24000‬وعزم على االنشاء‬ ‫كرهاً‪ ،‬فلمّا رأى بعض األجناس بطنجة عزم الصبنيول‪ ،‬وتغافل المخزن عن ذلك‪،‬‬ ‫وجّه المنبهي إلى الجبّاص قائ ًال له‪ :‬ما هذا الرّقاد المفضي للتّهلكة؟ وأنّك ال بدّ لك أن تدعوه وتدعو نواب‬ ‫األجناس للفصل بينكما في القضية‪ ،‬ففعل ما أشار به إليه‪ ،‬ولمّا ذكر الصبنيول حجّته التي هي مواعدة المخزن له‬ ‫بإنشاء ّ‬ ‫الطريق‪ ،‬والتصيير عليها‪ ،‬أجابه نوّاب األجناس ّ‬ ‫بأن هذا المخزن متبوع بإنشاء ُطرق عديدة‪ ،‬منها‪ :‬الطريق‬ ‫إلى المرسى‪ ،‬وتلك ّ‬ ‫الطريق نفعها عام‪ ،‬والطريق التي تطلب أيّها الصبنيول نفعُها قاصر عليك‪ ،‬فكيف يقدّم ما هو‬ ‫قاصر نفعُه على ما عمّ؟ فبهت الذي كفر‪.‬‬ ‫تلك الحجة قيل إن النجليز ال زال منذ زمان وهو فاتح فاه اللتقام تطوان لما علم من حرصه اجتياز البوغاز‪ ،‬وهو‬ ‫الذي ‪...‬ورود بواخره الحربية لمرساها‪...‬المنبهي للجباص إذ هو الموجّه‬ ‫وقيل أيضاً‪ّ :‬‬ ‫إن األجناس صرفوا الصبنيول عن تطوان‪ ،‬وأعطوه بدلها العرائش‪ ،‬قالوا‪ :‬وهو سبب إرسال اللجائي‬ ‫(كذا) للريسوني‪ ،‬ويعمل موالنا في ملكه ما يشاء‪.‬‬ ‫وأمس تاريخه‪ :‬دخل السّمسار‪ ،‬مس ّلماً على خليلكم وطلبتنا‪ ،‬ومن هنا الوالدة واإلخوة‪ ،‬وأبناء العمّ‪ ،‬وسائر‬ ‫األحبة‪ ،‬ودمتم في حفظ اهلل‪ ،‬والسالم‪ .‬في متمّ جمادى األولى عام ‪1328‬هـ‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫روحة‬ ‫ط‬ ‫أ معية‬ ‫جا‬

‫‪10‬‬

‫نوقشت بمركز الدكتوراه في كلية اآلداب والعلوم اإلنساية بتطوان‪ ،‬صبيحة يوم الخميس ‪ 14‬فبراير‬ ‫‪ ،2019‬أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في اآلداب – تكوين‪ :‬النص األدبي العربي القديم ‪ -‬تقدم بها األستاذ‬ ‫الباحث محمد أمالل في موضوع‪ « :‬األدب الشعبي في شمال المغرب‪ :‬شفشاون وربوعها نموذجا‪ ،‬تصنيف‬ ‫وتحليل لألمثال السائرة‪ ».‬أمام لجنة علمية مكونة من الدكتور عبد الهادي أمحراف رئيسا‪ ،‬والدكتور أحمد‬ ‫هاشم الريسوني مشرفا ومقررا‪ ،‬والدكتور عبد اللطيف شهبون مشرفا ومقررا‪ ،‬والدكتور أحمد بوعود‬ ‫عضوا‪ ،‬والدكتور عبد الرحيم اإلدريسي البوزيدي عضوا‪ ،‬وبعد مناقشة رصينة ومستفيضة‪ ،‬قررت اللجنة‬ ‫منح البحث ميزة‪ :‬مشرف جدا‪ ،‬مع التوصية بنشره‪ .‬وفيما يلي التقرير الذي تقدم به األستاذ الباحث أمام‬ ‫لجنة المناقشة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمان الرحيم‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على‬ ‫أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فإن البحث في التراث الشعبي وفي اآلداب الشعبية خاصة‪ ،‬يُعدُّ‬ ‫التفاتا مُنصفا‪ ،‬تقتضيه أهمية هذا التراث‪ .‬فهو مستودع مقومات الشعوب‪،‬‬ ‫ومكمن تفكيرها ومعتقداتها‪ ،‬وهو أيضا تعبيرٌ عميق وشفاف عن أصولها‬ ‫الحضارية والتاريخية‪ ،‬وعن مخزونها الروحي والفني‪ .‬ولعل هذا التراث ال يقل‬ ‫أهمية عمّا حبَّره العلماء‪ ،‬وعمّا حَوَته بطون الخزائن والمكتبات‪ ،‬في توضيح‬ ‫معالم كيان األمة‪ ،‬ومالمح وحدتها‪ ،‬وإبراز مقوماتها وقِيَمها‪ ،‬إن لم يكن أكثر‬ ‫َّ‬ ‫المُمثل في اآلداب‬ ‫منها عكسا لروحها القومية‪ ،‬وذاتيتها الجماعية‪ ،‬وهو الجانب‬ ‫والفنون‪ ،‬التي صدرت عن الشعب فردا وجماعة‪ ،‬متخذة وسيلتها في التعبير‪،‬‬ ‫ألوانا من القول والكالم والنغم واإليقاع والحركة واإلشارة‪...‬‬ ‫وانطالقا من هذه األهمية‪ ،‬فإن تناولنا لموضوع األدب الشعبي في شمال‬ ‫المغرب‪ ،‬وتحديدا في مدينة شفشاون وربوعها‪ ،‬يأتي استجابة لضرورة ملحة‬ ‫اقتضاها وعيُنا األكيد بقيمة هذا األدب؛ فهو عنصر مركزي ضمن المنظومة‬ ‫الفكرية واإلبداعية التي تتشكل منها الهوية الحضارية لهذه المنطقة‪ ،‬وهو –‬ ‫بكل أشكاله وتجلياته – جزء من الذاكرة الحية التي تؤرخ للفئات المنسية‪ ،‬وتُعبر‬ ‫عن إبداعيتها التي صمدت في وجه األزمنة وقاومت االندراس‪ .‬كما يأتي بحثنا‬ ‫لهذا الموضوع‪ ،‬تحقيقا لِوقفةٍ موضوعية ومنهجية‪ ،‬توخت اإلسهام في إنصاف‬ ‫هذا األدب‪ ،‬الذي ظل لفترات طويلة محط ازدراء وتحقير‪ ،‬على أساس أنه نتاج‬ ‫بدائي للفالحين وللطبقات المهمشة‪ ،‬رغم أنه – حقيقة – ال يقل قيمة وفنية عن‬ ‫األدب الرسمي‪ ،‬وأنه كثيرا ما شكل رافدا له‪.‬‬ ‫من هذا المنطلق‪ ،‬كان اختيار المهمة التي اضطلعنا بها في بحثنا‪ ،‬أال‬ ‫وهي التعريف ببعض األجناس األدبية الشعبية السائرة في منطقة شفشاون‬ ‫وربوعها‪ ،‬بالعمل على ضبطها مفهوميا‪ ،‬ثم تقريب ذلك باالستناد إلى مجموعة‬ ‫من النصوص‪ ،‬مع التركيز على األمثال الشعبية موضوع بحثنا األساس‪ ،‬وذلك‬ ‫بالعمل على تصنيفها وتحليلها‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬آلينا على أنفسنا جمع الكثير من‬ ‫النصوص‪ ،‬وهو عمل ميداني ال يخفى ما يتطلبه من جهود‬ ‫شاقة‪ ،‬كما اليخفى أيضا ما قد يفرزه من نتائج علمية‬ ‫مطلوبة‪ ،‬ليكون هدف بحثنا هو الكشف عن غنى المنطقة‬ ‫فلكلوريا‪ ،‬وتأكيد احتضانها لمختلف األجناس األدبية‬ ‫الشعبية‪ ،‬إضافة إلى الكشف عن الفرادة التي يتمتع بها المثل‬ ‫الشعبي السائر في المنطقة موضوعيا وجماليا‪ ،‬وعن أدواره‬ ‫ووظائفه في الحياة الروحية الشعبية‪ .‬لذلك حرصنا على أن‬ ‫نُوفر نصوصا شفهية شعبية حمَّالة لقضايا كثيرة‪ ،‬وعاكس ًة‬ ‫للحياة الجماعية بكل مكوناتها‪ ،‬ومُجليَّ ًة لمحطات عديدة‬ ‫من تاريخ المنطقة‪ ،‬ولِقيم سكانها وخصوصياتهم‪ .‬لكون‬ ‫هذه النصوص هي جزء من ثقافتهم الشعبية‪ ،‬التي البد من‬ ‫االنتباه إليها واالعتناء بها قبل فوات األوان‪.‬‬ ‫وألن كل مغامرة بحثية ال تسلم من متاعب‪ ،‬فقد‬ ‫صاد ْفنا مجموعة من الصعوبات‪ ،‬يتصل أغلبها بعمليتي‬ ‫الجمع والتصنيف‪ ،‬ومن أهمها في هذا الجانب ما يرتبط‬ ‫بــ «الشفهية» التي تُعد من المشاكل الرئيسة في الفنون‬ ‫القولية الشعبية؛ فالنص الشفهي مُتحو ٌ‬ ‫ِّل وغير ثابت جغرافيا‪ ،‬وقابل للتغيير‬ ‫والتطوير وأيضا لالفتعال‪ .‬كما أن استدعاءه رهين بقوة الذاكرة التي تختلف من‬ ‫راو إلى آخر‪ ،‬وَرَهينٌ أيضا بثقافة الرواة ومدى أصالتهم‪ ،‬وهو ما يُنتج اختالفا‬ ‫ٍ‬ ‫بين بعض الروايات وتعددا في صيغ بعض النصوص‪ ،‬مما أدّى بنا إلى أن نُقدم‬ ‫ في بعض األحيان‪ -‬أكثر من صيغة للمثل الواحد‪ ،‬حتى نَضع بذلك أمام القارئ‬‫جوانبَ التطور والتغيير اللغوي الذي يرتبط بالزمان أو المكان‪ .‬مع أننا ُكنّا– في‬ ‫عملية الجمع – نجنح دوما إلى المسنات والمسنين من ذوي التجارب الطويلة‪،‬‬ ‫والخبرات العديدة‪ ،‬ألنهم أعرف من غيرهم باألمثال الشعبية‪ ،‬وأدرى بمقاصدها‬ ‫الج ِب َّلة ونصاعة الطبع‪ ،‬فهم‬ ‫ومراميها‪ ،‬وألنهم يتمتعون بسالمة الفطرة‪ ،‬وصفاء ِ‬ ‫يروُون األمثال على ما هي عليه في متونها األصلية‪ ،‬دون تشدق أو اختالق أو‬ ‫تحريف‪.‬‬ ‫وقد ُكنا في لقاءاتنا الكثيرة مع هؤالء الرواة‪ ،‬حريصين على خلق المناسبات‬ ‫واصطناع المواقف‪ ،‬قصد تنشيط ذاكراتهم‪ ،‬وتحفيز عملية االستدعاء؛ فالمثل‬ ‫نصٌّ قصير مُسافر وطائر‪ ،‬ال يخرج من المخزون إال بخلق المناسبة‪ ،‬ولهذا‬ ‫فاستدعاؤه أكثرُ صعوب ًة من استحضاِر النصوص الشعبية الطويلة (الغنائية‬ ‫والحكائية) التي تسترجعها الذاكرة بسهولة ويُسر‪.‬‬ ‫ولقد وَعينا منذ البداية َّ‬ ‫بأن عملية تصنيف األمثال الشعبية تطرح صعوبات‬ ‫متعددة‪ ،‬يتعلق أهمها بطبيعة النص المثلي و ِبتعدد االختيارات المتاحة في‬ ‫التصنيف؛ فالمثل وحدة فكرية مشبعة بالتفرد‪ ،‬غنية بمضامينها وأبعادها‬ ‫وجمالياتها وما إلى ذلك‪ ،‬وهو ما يُتيح إمكانية إخضاع المثل الواحد لعدة‬ ‫تصنيفات‪ ،‬كالتصنيف المعجمي والتصنيف اللغوي والتصنيف المكاني والتصنيف‬ ‫الموضوعي‪...‬إلخ‬ ‫بيد أننا آثرنا من جهتنا‪ ،‬اعتماد التصنيف الموضوعي لفاعليته في إبراز‬ ‫إحدى أهم غايات بحثنا‪ ،‬وهي الكشف عن الدالالت االجتماعية والحضارية‬ ‫لألمثال الشعبية‪ ،‬وكذا عن أبعادها النفسية‪ .‬وهو ما َّ‬ ‫حفزَنا على االجتهاد في‬ ‫اقتراح موضوعات وعناوين مالئمة‪ ،‬تتفق مع رؤيتنا الخاصة‪ ،‬وتُساير هوى‬ ‫النصوص واتجاهاتها‪ .‬وهي األمور التي فصلنا فيها القول في بداية الفصل‬ ‫الخاصبالتصنيف‪.‬‬ ‫وارتباطا باألدوات المنهجية المعتمدة لبحثِ الموضوع‪ ،‬فقد رأينا أن تكون‬ ‫دراستُنا تصنيفية تحليلية‪ ،‬تروم في المقام األول التعريف باألمثال الشعبية‬ ‫السائرة في المنطقة تصنيفا وتحليال‪ ،‬وهو األمر الذي دفعنا إلى االعتماد‬ ‫على المنهج الموضوعاتي‪ ،‬وإلى استثمار إمكاناته في استخالص وتصنيف‬ ‫الموضوعات التي تُهيمن على األمثال الشعبية السائرة‪ ،‬وتكشف عن عوالمها‬ ‫المُثيرة‪ .‬فضال عن أننا عمَدنا إلى تحليل الجوانب اللغوية لهذه النصوص‪ ،‬وإلى‬ ‫االهتمام بجمالياتها وبجوانبها الفنية والتركيبية‪ .‬دون أن نغفل َّ‬ ‫أن عملنا انفتح –‬ ‫بشكل تلقائي وطبيعي – على ما تُتيحه وظائف المنهجين التاريخي واالجتماعي‪،‬‬ ‫من خالل الكشف عن المؤثرات والعوامل‪ ،‬التي أدت دورا في تشكيل بعض هذه‬ ‫النصوص الشعبية وأسهمت في تطورها‪ ،‬ومن خالل اإلشارة إلى ظروف المجتمع‬ ‫المحلي‪ ،‬وطبيعة العالقات والنُّظم االجتماعية السائدة فيه‪ ،‬والتي يظهر صداها‬ ‫في النصوص‪ ،‬باعتبارها ُ‬ ‫تُمثل انعكاسا مباشرا ألساليب حياة الجماعة وتفكيرها‪.‬‬

‫ونشير إلى أننا كنا حريصين على أن ال تَجرنا هذه الجوانب التاريخية‬ ‫واالجتماعية وغيرها‪ ،‬مما تنوء به هذه النصوص‪ ،‬إلى تشعبات أخرى ال يتسع‬ ‫لها سياق بحثنا‪ .‬بقدر ما كنا حريصين أيضا‪ ،‬على أن يقوم هذا البحث على توجه‬ ‫حجاجي واضح المعالم‪ ،‬من خالل توسلنا بجملة من اآلليات الحجاجية كاالستقراء‬ ‫والمقارنة والتمثيل واالستشهاد‪...‬‬ ‫وبناء على طبيعة المادة التي توفرت لنا‪ ،‬وعلى غايتنا من دراستها‪ ،‬واستنادا‬ ‫إلى تلك الخطوات المنهجية الموصوفة‪ ،‬فقد ضمت المحاور الكبرى لبحثنا‪،‬‬ ‫مدخال عاما‪ ،‬وأربعة فصول‪ ،‬وخاتمة حاملة لنتائج األطروحة‪ .‬وفيما يلي نورد‬ ‫تفصيال مركزا لهذه المحاور‪:‬‬ ‫ــ المدخل‪ :‬وقد خصصناه للتعريف بمجال البحث وبيئته‪ ،‬وللكشف عن‬ ‫غناه وتنوعه التراثيين‪ ،‬وعما يُميزه من مؤثرات اجتماعية ومظاهر إثنوغرافية‬ ‫وفرجوية وما أشبه‪.‬‬ ‫ــ الفصل األول‪ ،‬خصص إلزالة الصعوبات المفهومية‪ ،‬ومناقشة بعض‬ ‫إشكاالت األدب الشعبي المرتبطة بماهيته وأشكاله وخصائصه‪ ،‬وبواقعه في‬ ‫المغرب‪ ،‬ومدى حضوره في شفشاون وربوعها‪.‬‬ ‫ــ الفصل الثاني‪ ،‬عالج المثل باعتباره نقطة ارتكاز في البحث‪ ،‬وقد تمحور‬ ‫حول مكانة «الفصيح» في التراث العربي‪ ،‬وأهمية «الشعبي» وجاذبيته في‬ ‫الثقافة العربية والمغربية تحديدا‪.‬‬ ‫ــ الفصل الثالث‪ ،‬خُصِّصَ للتصنيف الموضوعي لألمثال الشعبية السائرة‬ ‫في شفشاون وربوعها‪.‬‬ ‫ــ الفصل الرابع‪ ،‬وفيه تم تحليل جماليات المثل الشعبي بمنطقة شفشاون‬ ‫وربوعها (لغة وبالغة)‪.‬‬ ‫وبناء على هذا التصميم‪ ،‬يمكن القول أن األطروحة التي انطلقنا منها‬ ‫في موضوع بحثنا‪ ،‬هي ما يتمتع به شمال المغرب ‪ -‬وخاصة المناطق الجبلية‬ ‫والغمارية (وضمنها شفشاون) – من تنوع تراثي يؤكد احتضانه للكثير من‬ ‫أشكال التعبير األدبية الشعبية‪.‬‬

‫وكان علينا أن نقترب من مفهوم األدب الشعبي‪ ،‬فحرصنا على استخالص‬ ‫أهم المقاييس والموازين‪ ،‬التي تُحدده وتضبطه‪ ،‬وعلى حصر أهم أشكاله‬ ‫وخصائصه ووظائفه‪ .‬وأمكننا – بعد ذلك‪ -‬مالمسة واقع هذا األدب في‬ ‫المغرب‪َ ،‬فتَبَيَّنَت جهود بعض المثقفين المغاربة الذين آمنوا بأهمية هذا‬ ‫األدب‪ ،‬وحاولوا الدفاع عنه منذ أوائل ستينيات القرن الماضي‪ ،‬واعتبروه األدب‬ ‫المستوحى من الشعب‪ ،‬والذي يفيض بروحه‪ ،‬ويُعبر عن ذوقه ومشاعره‪،‬‬ ‫ويُصورعقليته‪...‬‬ ‫من هذا المنطلق‪ ،‬كان انفتاحنا على بعض أشكال األدب الشعبي في منطقة‬ ‫شفشاون ومحيطها (العيطة الجبلية باعتبارها من فنون الشعر والغناء الشعبيين‪،‬‬ ‫والحكاية بمختلف أنواعها شعبية وخرافية وعجيبة ومرحة‪ ،‬والعروبيات‪...‬إلخ)‪ ،‬من‬ ‫خالل استدعاء التصورات النظرية التي رامت التعريف بهذه األشكال‪ ،‬ومن خالل‬ ‫مقترحات نصية داعمة‪ ،‬هي عبارة عن ذخائر شعبية غنية بقضاياها‪ ،‬وبتعالقاتها‬ ‫مع التاريخ والمجتمع‪ ...‬وقد عمَدنا إلى تصويب بعض تلك التصورات‪ ،‬باستثمار‬ ‫ما توفر لنا من قرائن غابت عن بعض الدارسين‪ ،‬وباستحضار ما أفرزته لقاءاتنا‬ ‫المتعددة‪ ،‬مع حماة هذا التراث ومنابعه األصيلة وهم شيوخه َّ‬ ‫وحُف ُ‬ ‫اظهُ‪.‬‬ ‫ثم كان اشتغالنا على المثل الشعبي – إلى جانب التفاتنا الوجيز والمفيد إلى‬ ‫المثل الفصيح – فعمِلنا على ضبط أهم خصائص ومقومات المثلين الفصيح‬ ‫والشعبي‪ ،‬وألمحنا إلى أهمية تخطي سمات المثل الشعبي الرائجة والمعروفة‪،‬‬ ‫والتي يشترك فيها مع بعض الفنون األخرى – وخاصة الشعبية منها ‪ -‬من‬ ‫قبيل‪ :‬اإليجاز البليغ‪ ،‬وإصابة المعنى‪ ،‬وسهولة اللغة‪ ،‬وجمال الجرس‪ ...‬لِنلفت‬ ‫االنتباه إلى ضرورة رصد مقومات ومالمح المثل الشعبي الخاصة‪ ،‬التي تُميزه‬ ‫من الناحيتين الشكلية والفكرية‪ ،‬والتي تسمو به على أشكال التعبير المألوفة‪.‬‬ ‫وهذا ما رُمنا القيام به‪ ،‬من خالل مناقشة جملة من التعريفات واآلراء والتصورات‬ ‫ الخاصة بمفهوم المثل الشعبي ‪ -‬بروح العلمية والموضوعية‪ ،‬مُبرزين بعض‬‫الثغرات التي ظلت ثاوية في أعماقها‪ ،‬ومُنبهين إلى مواطن قصورها‪ ،‬وهو ما‬ ‫َقرَّبنا من تسييج تصور شامل ودقيق للمثل الشعبي‪.‬‬ ‫ومن منطلق هذه المناقشة‪ ،‬خلصنا إلى استنتاج يتَّصل بمنظور رُواد‬ ‫الجامعين المغاربة لألمثال الشعبية والباحثين في موضوعاتها؛ وهو أنهم‬ ‫كانوا أكثر اهتماما – في تعريفاتهم ‪ -‬بجوانبها المضمونية والفكرية‪ ،‬فأكدوا‬ ‫– أكثر من غيرهم – على أهمية هذه األمثال في دراسة عقلية الشعوب وأنماط‬ ‫تفكيرها وإحساساتها‪ ...‬ولذلك وجدناهم يُوسعون مدلول كلمة «مثل» ليشمل‬ ‫عدة أنواع من العبارات واألقوال السائرة في األوساط الشعبية المختلفة‪،‬‬ ‫وهو األمر الذي تحفظنا عليه‪ ،‬ألنه يخرج «المثل» من دائرة الضبط والتقنين‬ ‫ويجعله أكثر شمولية وفضفضة‪ ...‬في المقابل كان الباحثون المشارقة أكثر‬ ‫اهتماما بالمقومات الشكلية والبالغية للمثل‪ ،‬التي ترسخت عبر مختلف العصور‪،‬‬ ‫وخصُّوها بعنايتهم‪ ،‬باعتبار المثل يُمثل منتهى البالغة‪...‬‬ ‫ثم كانت بعد ذلك عملية التصنيف الموضوعي لألمثال السائرة في‬ ‫شفشاون وربوعها‪ ،‬والتي أفرزت مجموعة من النتائج‪ ،‬كان من أهمها‪:‬‬ ‫‪َّ - 1‬‬ ‫جلت األمثال المصنَّفة مجموعة من الجوانب المرتبطة بحياة األفراد‬

‫في البيئة الشفشاونية والجبلية‪ ،‬وعبرت عن آرائهم وتجاربهم واتجاهاتهم‪،‬‬ ‫وفلسفتهم في الحياة‪ ...‬وقد استمدت هذه النصوص أهميتها‪ ،‬من خالل ما‬ ‫أَبْرَزَت من قيم مُصاحبة لمختلف أنشطة األفراد في بيئتهم المحلية‪ ،‬ومن‬ ‫ٍ‬ ‫خالل تجليتها لطبيعة الذهنية التقليدية السائدة في المجتمع‪...‬‬ ‫‪ - 2‬بعض هذه األمثال عبارة عن مالحظات ومواقف َكوَّنَها الناسُ‬ ‫نتيجة خبراتهم في المجاالت الحياتية المختلفة‪ .‬فمنها ما تَضَمَّن حصيلة‬ ‫التجارب والخبرات‪ ،‬ومنها ما تضمن النصح واإلرشاد‪ ،‬ومنها ما يرسم صور ًة‬ ‫عن مختلف العالقات القائمة بين األفراد وعن أحوالهم‪ ،‬ومنها ما يضع شروطا‬ ‫مسبقة للحصول على نتائج سلوكية معينة‪...‬‬ ‫‪َ - 3‬قدمت هذه األمثال الشخصية المحلية عارية من الزّيفِ والتزويق‪،‬‬ ‫َفتبدَّت تقلباتها مع تغير األحوال‪ ،‬ونظرتها إلى الهموم‪ ،‬وبرَزَت طريقتها في‬ ‫النقد واالستهجان‪ ،‬وفي النكاية بالخصوم‪ ،‬كما بَرَزَ ن َفسُها التهكمي الساخر‪،‬‬ ‫وأسلوبها في التفكه والمباسطة‪ ...‬وصار بإمكاننا‪ ،‬أن َّ‬ ‫نتمَث َل تصورات هذه‬ ‫الشخصية ومعتقداتها وتناقضاتها‪ ،‬وأن نرصد التيارت الفكرية الخفية التي‬ ‫تُحر ُِّكها‪..‬‬ ‫‪ - 4‬الكثير من هذه األمثال ال يقتصر انتشارها على منطقة شفشاون‬ ‫ومحيطها‪ ،‬بل هي سائرة في مختلف المناطق‪ ،‬بينما هناك أمثال أخرى تظهر‬ ‫فيها معالم ِّ‬ ‫المحلية‪ .‬وال يمكن أن نقتصر على هذا الصنف األخير وحده في بناء‬ ‫صورة المجتمع المحلي‪ ،‬وإنما نحتاج في ذلك – أيضا – إلى االلتفات إلى األمثال‬ ‫األخرى السائرة في المنطقة‪ ،‬والتي تنحدر من أمكنة وأزمنة أخرى‪ ،‬ألنها صارت‬ ‫جزءا من التراث الثقافي الشعبي لِمُحيطها الجديد‪ ،‬فاكتسبت بذلك قدرتها‬ ‫الطبيعية على تصوير هذا المحيط‪ ،‬وإبراز خصوصياته‪...‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬نظرنا إلى تلك النصوص المَثلية بوصفها إبداعات أدبية‬ ‫شعبية‪ ،‬ال تتضح قيمتها إال بمعرفة الوسائل الفنية التي تمدها بالقيم الجمالية‬ ‫واألدبية‪ .‬فخلصنا – بعد ذلك – إلى استنتاجات مرتبطة بجوانبها اللغوية‬ ‫والبالغية‪ ،‬نذكر من أهمها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬النصُّ المثلي – على إيجازه وتكثيفه – نصٌّ‬ ‫يمتلك استقالله واكتماله لما توافر فيه من ظواهر إيقاعية‬ ‫وتصويرية وتركيبية‪ ،‬وهو ينتقي ما يوائمه من أنماط‬ ‫بالغية وتركيبية‪ ،‬قادرة على حمل إيحاءاته‪ ،‬وأبعاده الجمالية‬ ‫والداللية‪...‬‬ ‫‪ - 2‬تميل بنية المثل التركيبية إلى التركيب الثنائي‪ ،‬وهو‬ ‫النمط التركيبي القادر على حمل الدالالت واإليحاءات التي‬ ‫تكتنزها األمثال‪ ،‬والقابل للتوسع الداللي في أكثر األلفاظ‬ ‫إيجازا‪ ،‬وهو يجعل جملة المثل جملة مكتملة مغلقة‪ ،‬تنفتح‬ ‫بالوحدة األولى من التركيب‪ ،‬وتكتمل وتنغلق بالثانية‪...‬‬ ‫تأكدت الصلة الوثيقة التي تربط‬ ‫‪- 3‬‬ ‫مابين األمثال الشعبية السائرة في شفشاون‪ ،‬وما بين‬ ‫األمثال األندلسية؛ فقد أسعفت القرائن اللغوية المتعددة في‬ ‫صور واضحةٍ عن تأثير العامية األندلسية في اللهجة‬ ‫تقديم ٍ‬ ‫الشفشاونية‪ ،‬وفي اللهجات الجبلية‪ ،‬وهو التأثير الذي تُمثل‬ ‫ِّن لمختلف‬ ‫األمثال أبرز واجهاته‪ ،‬لما فيها من احتواء بَي ٍ‬ ‫الظواهر اللغوية والبالغية‪.‬‬ ‫حضور‬ ‫ب‬ ‫ومحيطها‪،‬‬ ‫شفشاون‬ ‫في‬ ‫المتداولة‬ ‫الشعبية‬ ‫األمثال‬ ‫‪ - 4‬تتميز‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫بارز لأللفاظ األمازيغية‪ ،‬أثبتَ التأثير الواضح لهذه اللغة في اللهجة الشفشاونية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وباقي اللهجات الجبلية‪ ،‬خاصة في الجانب المعجمي‪.‬‬ ‫تلك كانت بعض أهم االستنتاجات والنتائج التي خلصنا إليها في بحثنا هذا‪،‬‬ ‫وهي في عمومها دالة على قيمة وفرادة األدب الشعبي في شفشاون‪ ،‬وباقي‬ ‫مناطق شمال المغرب‪ .‬وما المثل الشعبي إال نموذج وصورة‪ ،‬لِتوهج اإلبداعية‬ ‫الجمعية‪ ،‬التي عانت التهميش‪ ،‬رغم تعدد وجاذبية أشكالها وصورها‪ ،‬وهي‬ ‫في حاجة اآلن إلى جهود علمية منصفة‪ ،‬تُخرجها من واقع اإلهمال‪ ،‬باستجالء‬ ‫ونحسب أن بحثنا هذا‪ ،‬عبَّر عن جزء من‬ ‫جمالياتها وأبعادها ومكامن تفردها‪ِ ...‬‬ ‫هذا اإلنصاف‪ ،‬آملين أن نكون قد وُفقنا في رفع بعض الضيم الذي لحق أدبنا‬ ‫الشعبي‪ ،‬وفي تحقيق بعض من مرادنا‪ .‬وبذلك نكون قد أسْهمنا ولو باليسير‪،‬‬ ‫في لفت االنتباه إلى جوانب إبداعية وجمالية‪ ،‬تزخر بها مقوماتنا التراثية‬ ‫والحضارية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إن أشكال األدب الشعبي في شمال المغرب تفتح أمامنا إمكانيات كثيرة‬ ‫للعمل واإلبداع‪ ،‬وتُشرع للباحثين أبوابا ظلت مُوارب ًة حتى اآلن؛ فآفاق هذه‬ ‫األشكال المختلفة (العيطة الجبلية‪ ،‬والعروبيات‪ ،‬ومختلف أجناس القصص‬ ‫الشعبي‪ )...‬ال تزال تنتظر تناوالت عِلمية نظرية وإجرائية‪ ،‬لفتح مستغلقاتها‪،‬‬ ‫وإدراك مختلف وظائفها‪ ،‬واستكشاف ما تنطوي عليه من خصوصيات على مختلف‬ ‫المستويات‪ :‬اللغوية‪ ،‬والسيميائية‪ ،‬والمورفولوجية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪،‬‬ ‫والتاريخية‪،‬وغيرها‪.‬‬ ‫إنها تحديات مطروحة أمام باحثينا وجامعاتنا‪ ،‬وال شك أن خوضها سيمكن‬ ‫من تجويد إدراكنا أِلدوار تلك األشكال في العملية الثقافية والحضارية‪ ،‬وهو ما‬ ‫من شأنه أن يقلص الهوة القائمة بين تراثات المجتمع‪ ،‬ونخبه العلمية والفكرية‪.‬‬ ‫وفي نهاية هذا التقديم‪ ،‬أحمد اهلل العظيم وأشكره كثيرا‪ ،‬أن وفقني إلى‬ ‫إنجاز هذا العمل‪ .‬ثم إن واجب العرفان يدعوني إلى أن أتقدم بالشكر الوفير‪،‬‬ ‫والتقدير الكبير‪ ،‬ألستاذيَّ الجليلين الفاضلين؛ الدكتور عبد اللطيف شهبون‪،‬‬ ‫والدكتور أحمد هاشم الريسوني‪َّ ،‬‬ ‫الل َذين كان لهما فضل اإلشراف على هذا‬ ‫البحث‪ ،‬وأتوجه إليهما بعظيم االمتنان‪ ،‬لما بذاله معي من جهد‪ ،‬ولما قدماه لي‬ ‫من نصح وتوجيه سديد‪ ،‬مع تواضع جمٍّ وخلق رفيع‪ .‬فجزاهما اهلل خير الجزاء‪،‬‬ ‫وأمد في عمرهما‪ ،‬ومتعهما بالصحة والعافية‪.‬‬ ‫كما أشكر أستاذي الفاضل‪ ،‬الدكتور مصطفى يعلى‪ ،‬الذي أفدت كثيرا من‬ ‫نصائحه وإرشاداته الدقيقة‪ ،‬وكتاباته الرصينة في موضوع األدب الشعبي‪..‬‬ ‫والشكر موصول ومستحق أيضا‪ ،‬للسادة األساتذة األفاضل‪ ،‬أعضاء لجنة‬ ‫المناقشة‪ ،‬لتفضلهم علي بقبول مناقشة هذا البحث‪ ،‬فهم أهل لتقويمه وسد‬ ‫خلله‪ ،‬سائال اهلل الكريم أن يثيبهم عني خيرا‪.‬‬ ‫والشكر والوفاء لكل من ساعدني وأعانني على إنجاز هذا البحث‪ ،‬فلهم في‬ ‫النفس منزلة‪ ،‬وإن لم يسعف المقام لذكرهم‪ ،‬وهم أهل للفضل والخير والشكر‪.‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة اهلل تعالى وبركاته‬


‫العدد ‪982‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫اشتغال عتبة المقدمة‬ ‫عند األستاذة حسناء داود (‪)4/3‬‬

‫• الدكتور محمد عبد السالم المرابط‬

‫كلمة عن التصنيف‬

‫تدرج مقدمات حسناء داود ضمن ما يعرف بالمقدمات الالحقة أي أنها مقدمات غير أصلية (والمقدمة‬ ‫األصلية‪ ،‬كما نعلم‪ ،‬هي التي كتبت في زمن ظهور الطبعة األولى) وإنما حررتها الكاتبة في طبعات‬ ‫الحقة عن الطبعة األولى؛ كما أنها تصنف ضمن خانة المقدمات «الغيرية» التي يقوم بكتابتها آخرون‬ ‫غير المؤلف‪ ،‬ومن ثمة‪ ،‬حملت توقيع األستاذة باعتبارها سهرت على إعداد كتب والدها‪ ،‬وقامت بنشرها‬ ‫إما ألول مرة‪ ،‬وإما ألنها أعادت طبعها ثانية‪ .‬وبالرغم من ذلك فإن الدافع لدى الكاتبة إلى تحرير هذه‬ ‫المقدمات حسب الظاهر لم يكن ما أثارته كتب والدها من أسئلة تستوجب اإلجابة أو المناقشة كما‬ ‫يغلب على المقدمات الالحقة‪ ،‬وإنما كان هدفها األساس هو القيام بمراجعة أعمال والدها وتنقيحها‪،‬‬ ‫وإضافة نصوص أخرى إليها‪ ،‬وإخراجها في حلة جديدة لجمهور القراء والباحثين‪ ،‬لما لذلك من أهمية‬ ‫كبرى بخصوص المساهمة في كتابة التاريخ المغربي‪ ،‬خاصة وأن بعض أعمال الفقيه محمد داود كانت‬ ‫قد نفدت من السوق‪ ،‬وأخرى لم تكن قد طبعت‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫وال نعني بمراجعة حسناء لكتب والدها‬ ‫وتنقيحها أنها قامت بإدخال تعديالت على‬ ‫النص األصلي‪ ،‬إذ أن ما طبع هذه التنقيحات‬ ‫هو المحافظة الشديدة على النصوص األصلية‪،‬‬ ‫وهو ما يؤكد صفة األمانة العلمية التي تتحلى‬ ‫بها الكاتبة‪ ،‬كما سنرى‪ ،‬والتزامها النهج العلمي‬ ‫في احترام النصوص األصلية‪.‬‬ ‫كما ال يعني صدور أغلب مقدمات األستاذة‬ ‫في الطبعة الثانية لمصنفات والدها أو ما تالها‬ ‫من طبعات أنها تنتمي إلى الصنف المعروف‬ ‫بالمقدمة المتأخرة‪ ،‬بسبب أن الطبعات األولى‬ ‫لهذه المصنفات صدرت بتصديرات َكتَبَها‬ ‫الفقيه داود نفسه‪ ،‬وبعضها طويل يزيد على‬ ‫األربعين صفحة مثل المقدمة التي وضعها‬ ‫مؤرخ تطوان لكتابه «األمثال العامية بتطوان»‪.‬‬ ‫ولعلنا ال نبالغ إذا أدرجناها لطول نفسها وأهميتها في الصنف المعروف بالمقدمة العلمية‪ .‬ومع ذلك‬ ‫اصطبغت تقديمات حسناء ببعد تأملي ناضج سببه المسافة الزمنية الفاصلة بين لحظة صدور الطبعات‬ ‫األولى لكتب المؤرخ داود‪ ،‬ولحظة نشر الطبعات التالية بإشرافها‪،‬‬ ‫وهو ما سمح لها باطالع أوفى على أرشيف والدها‪ ،‬واحتكاكها المباشر‬ ‫والمستمر بمنجزه‪ ،‬وقد انعكس هذا البعد التأملي‪ ،‬الذي جاء على‬ ‫شكل خطرات عبرت عنها فيما كتبته من تقديمات‪ ،‬إيجابا على عمليات‬ ‫اإلعداد والمراجعة التي باشرتها مدفوعة برغبة الوفاء لذكرى والدها‬ ‫والبرور به‪ ،‬وتعزيز النصوص األصلية بنصوص جديدة تغني مادة‬ ‫كتبه‪ ،‬إضافة إلى مباشرة التنقيحات الذكية خدمة للقارئ‪ ،‬وتوجيها له‪،‬‬ ‫ومده بمعطيات جديدة من وحي السياق الزمني المختلف عن لحظة‬ ‫صدور الطبعات األولى‪.‬‬ ‫كل ذلك حقق لهذه المقدمات طبيعة تداولية خاصة‪ ،‬طرحت على‬ ‫القارئ أسئلة جديدة تحفزه على التفكير‪ ،‬وعلى القراءة الواعية للنص‪.‬‬ ‫تقول مثال في التقديم الذي وضعته لكتاب تاريخ تطوان (المختصر)‪:‬‬ ‫«وقد يتساءل بعض الباحثين عن سبب كون المؤلف رحمه اهلل لم‬ ‫يتعرض في هذا الباب الذي أضافه (أي الباب العاشر المعنون بتطوان‬ ‫في عهد الحماية)‪ ،‬إلى الجوانب التي كان له فيها دور أو مساهمات‬ ‫شخصية إيجابية‪ ،‬وخاصة ما يتعلق منها بالكفاح الوطني السلمي‬ ‫ضد االستعمار‪ ...‬فهل كان عزوفه عن الخوض في هذا الموضوع عفة‬ ‫منه؟‪ ...‬أم أنه فضل أن يؤجل الحديث عن ذلك الموضوع حتى يدرجه‬ ‫في مذكراته الخاصة التي كتبها بعنوان «على رأس األربعين»؟‪ ...‬أم‬ ‫هل كان ذلك راجعا لكونه يعرف من المعلومات الخاصة ما يفضل أن‬ ‫يسكت عنه إلى أن يحين الوقت المناسب؟‪ ...‬أم داهمه الوقت فلم‬ ‫يتمكن من إدراج هذه المعلومات‪ ...‬لعل الجواب عن هذه التساؤالت‬ ‫يبقى سرا ال يعلمه إال اهلل‪».‬‬ ‫ويجرنا هذا الحديث عن نوعية المقدمة عند األستاذة انطالقا من‬ ‫المعيار الزمني إلى وقفة قصيرة تخص الفضاء المكاني لمقدماتها‪.‬‬ ‫حيث المالحظ أن المقدمة عندها شغلت دائما بداية الكتاب‪ ،‬باستثناء كتاب واحد هو «الرحلة الشرقية»‬ ‫وضعت له مقدمة ثم ذيلته بخاتمة وظيفتها أقرب إلى وظيفة المقدمة منها إلى أي عتبة أخرى‪ ،‬خاصة‬ ‫حينما أشارت في هذا الذيل إلى أن هدفها من تخريج الرحلة هو خدمة العلم والقراء‪ ،‬ثم أخبرت بأن‬ ‫الكتاب هو ثمرة بحثها في المذكرات والملفات والصحف ذات العالقة بموضوع رحلة والدها األستاذ‬ ‫محمد داود إلى المشرق سنة ‪ 1353‬موافق ‪ 1935‬كاشفة عن أنه كان قد جمعها بنية العودة إليها حينما‬ ‫يزمع على تبييض رحلته‪ ،‬وهو ما لم يتحقق في حياة المؤرخ‪ ،‬فاضطلعت هي بهذه المهمة باقتدار‪ .‬تقول‬ ‫األستاذة‪« :‬هذه هي المعلومات التي استطعت أن أستقيها من مختلف المذكرات والملفات والصحف‬ ‫التي لها عالقة بموضوع الرحلة (‪ )...‬فلعل فيها ما يفيد السادة القراء‪ ،‬ممن يبحثون في خبايا الخزانات‬ ‫عن الجزئيات التي يصعب الوقوف عليها أحيانا لوال وجود مثل هذه الطرائف في بعض أركان البيوت (‪)...‬‬ ‫ويشهد اهلل على صدق نوايانا فيما أقدمنا عليه ونقدم عليه من أعمال إنما نقصد من ورائها خالص‬ ‫خدمة العلم والثقافة والتاريخ‪».‬‬ ‫وقد يتبادر إلى الخواطر سؤال عن مدى صحة ما زعمناه من أن هذه الخاتمة هي ذات نفس مقدماتي‪،‬‬

‫باعتبار أن الشائع هي أن المقدمة ما سميت مقدمة إال ألنها تتقدم فضاء الكتاب‪ ،‬وتعرف به وهي آخذة‬ ‫مكانها في مستهله‪ ،‬بيد أن التنظير النقدي الحديث يميز بين المقدمة التقليدية في أول الكتاب‪ ،‬وبين‬ ‫المقدمات الداخلية ‪ préfaces internes‬التي تتصدر مباحث الكتاب فتعمل كنصوص واصفة لمتنه‪،‬‬ ‫كما يمكن أن تكون في نهاية النص األصلي ‪ post-préliminaires‬على شكل ملحق أو خاتمة‪.‬‬ ‫غير أنه في هذه الحالة يمكن التمييز بين المقدمة وبين ما يسميه «دوشي» المادة المقدماتية ‪la‬‬ ‫‪ matiere préfacielles‬التي يمكن لها أن توزع في المتن على شكل إشارات أو وثائق الحقة‪ ،‬أو تختفي‬ ‫في اإلهداء (اإلهداء المقدماتي)‪ ،‬أو تبث في االستشهادات والعناوين‪ .‬بيد أن المعمول به في الثقافة‬ ‫العربية هو ما أشرنا إليه من كون المقدمة هي النص االستهاللي الذي يتموقع داخل فضاء الكتاب‬ ‫قبل النص األصلي‪ .‬وإن كانت المقدمة تعد من منظور زمن الكتابة آخر مكتوب‪ ،‬وهنا المفارقة‪ ،‬إذ أن‬ ‫المقدمة عامة إذا كان مكانها صدر الكتاب فإنها من حيث الزمن تعد من بين آخر ما يكتب‪.‬‬

‫اشتغال المقدمة عند األستاذة حسناء‬

‫ال يتعدى حجم المقدمة عند األستاذة حسناء‬ ‫عادة ثالث أو أربع صفحات إذا استثنينا المقدمة‬ ‫التي وضعتها لكتاب «الرحلة الشرقية»‪ ،‬وكأنها‬ ‫بذلك تلتزم بالمعيار الذي وضعه القدماء بعدم‬ ‫اإلطالة في خطبة الكتاب‪ ،‬حتى ال تصبح «الخطبة‬ ‫بال الكتاب» على حد قول ابن خلكان‪ ،‬وأيضا‬ ‫بما نجده عند الغربيين من تفضيل المقدمات‬ ‫المكثفة على ما عداها‪ .‬ويحضرنا هنا االنتقاد الذي‬ ‫وجهه «فلوبير» لـ «إميل زوال» من أنه يكثر من‬ ‫االستهالالت التي تكشف عن أسراره الكتابية‪.‬‬ ‫ينطق بناء المقدمة لدى األستاذة بأنها‬ ‫تشتغل على مجموعة أهداف التزمت بها في جل‬ ‫تقديماتها ولم تحد عنها قيد أنملة‪ ،‬تُمَثل في‬ ‫مجموعها المقصدية من إنشائها لهذه النصوص‪.‬‬ ‫ويمكن اختزال هذه المقصدية في الرغبة في‬ ‫أن تنتج نصا مستقال موازيا للنصوص األصلية التي كتبها في األغلب والدها تعرف فيه أوال بمنجزه‪،‬‬ ‫كما سبق القول‪ ،‬ثم تهيئ عبره القارئ المفترض‪ ،‬ذهنيا ونفسيا ومعرفيا‪ ،‬ليتلقى على أفضل وجه خطابا‬ ‫مضاعفا؛ األول خطاب مقدمتها التوجيهي اإلخباري الذي تتواتر فيه‬ ‫عناصر قارة منها‪ :‬اإلشارة إلى منهجها في العمل وهي تعد الكتب‬ ‫التي نشرتها؛ والصعوبات الكثيرة التي القتها وهي تنقب بين مخلفات‬ ‫المؤرخ داود من ملفات عالها الغبار‪ ،‬ومسودات عفا عليها الزمن‪،‬‬ ‫ومطبوعات أبْالها العتق؛ ومنها تأكيدها على أهمية دراسة التاريخ‬ ‫لدواع محلية تخص التعريف بثقافة مدينتها تطوان‪ ،‬وأخرى وطنية‬ ‫قائمة على تصور ثابت لديها وهو أن معرفة تاريخ الوطن يمر عبر‬ ‫معرفة تاريخ مدنه‪ .‬وأما الخطاب الثاني فينتقل بالقارئ المفترض إلى‬ ‫المتن الرئيس الذي كتبه والدها‪ ،‬حيث تكشف عن دواعي التأليف‬ ‫عند المؤرخ وظروفه‪ ،‬ومنهجه في العمل‪ ،‬وطبيعة الموضوع‪ ...‬كل‬ ‫ذلك وهي تقدم معطيات دقيقة وأخبارا طريفة بخصوص المادة التي‬ ‫يعرض لها الكتاب استقتها من خبرتها األسروية‪ ،‬ومعرفتها الدقيقة‬ ‫بأحوال والدها‪ ،‬واطالعها العميق على مخلفاته‪.‬‬ ‫من هنا لم تشأ حسناء‪ ،‬شأن كاتبي المقدمات الغيرية‪ ،‬أن تجعل‬ ‫من مقدماتها مجاال للتأصيل لقضايا تاريخية أو فكرية‪ ،‬أو تقويضا‬ ‫آلراء ال تتناسب والمنحى الفكري الذي تؤمن به‪ ،‬أو حلبة تشاغب فيها‬ ‫على نصوص والدها‪ .‬فقد ملكت عليها َّ‬ ‫كل جوارحها فكرة تقديم منجز‬ ‫الفقيه الضخم للقراء‪ ،‬كما أشرنا‪ ،‬وتسهيل ولوجهم لتراثه الثر‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى خدمة ثقافة مدينة تطوان‪ ،‬ومن خالها الثقافة المغربية والعربية‪،‬‬ ‫ومن ثمة تركت التقويم ومناقشة أطاريح محمد داود لآلخرين‪ ،‬فحسبها‬ ‫أن توثق وتحقق وتنقح وتقدم المنتوج ناضجا مستساغا‪.‬‬ ‫استنادا إلى هذا التصور‪ ،‬إذن‪ ،‬لم تهتم األستاذة كثيرا‪ ،‬مثلها‬ ‫مثل كتاب المقدمات الغيرية‪ ،‬بعملية تفسير كتابات الفقيه داود أو‬ ‫تحليلها‪ ،‬وإنما جعلت ديدنها من تحرير تقديماتها لكتبه اإلجابة على‬ ‫سؤالين محورين وهما‪ :‬لماذا كتب والدها هذه الكتب‪ ،‬وكيف ينبغي‬ ‫للقارئ قراءتها‪ ،‬وهما سؤاالن تندرج اإلجابة عنهما ضمن الوظيفة‬ ‫الكبرى الستهالالتها أال وهي تأمين قراءة جيدة لما سهرت على إعداده ونشره‪ ،‬وهو ما نجحت في‬ ‫تحقيقه بواسطة حوار صادق مع المتلقي سماته البوح الصادق‪ ،‬والكشف‪ ،‬واإلخبار‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬واإلقناع‬ ‫مما سنعرض له بعد قليل‪ ،‬فكأنها كانت في سعي دؤوب وراء نوعية خاصة من القراء الذين تريدهم‬ ‫ألعمال والدها أو للكتب التي أشرفت على طبعها‪ ،‬أو ترجمتها‪ ،‬أو تأليفها؛ توجههم وتسهل مهمة القراءة‬ ‫عليهم‪ .‬وبذلك كانت أولويتها‪ ،‬جعل النص‪ ،‬على حد قول «دريدا»‪ ،‬مرئيا قبل أن يكون مقروءا؛ مرئيا‬ ‫للقارئ أوال عبر تقديماتها ومقدماتها ثم مقروءا بعد ذلك‪.‬‬ ‫غير أن مقدمات الكاتبة لم تكن وسيلة عبور إلى الكتاب فحسب‪ ،‬بل خطابا‪ ،‬كما أشرنا‪ ،‬ذا مقصدية‪،‬‬ ‫وهو بهذه الصفة يحمل رسالة معرفة إلى القارئ؛ معرفة تلقي الضوء على المتن وتضمن قراءة سليمة‬ ‫فعالة له‪ ،‬كما كررنا‪ ،‬ولو أن عتبة المقدمة ليست ضرورية للكتاب مثل عتبتي العنوان أو اسم المؤلف‪...‬‬ ‫إنها تعمل جادة في مقدماتها لتأمين وظيفتي المعرفة والتوثيق‪ ،‬وكأنها تستحضر ما يردده «هـ‪.‬‬ ‫ميتيران» من أن المقدمة هي أصال وثيقة حول الكتاب‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫من شمال‬ ‫أعالم‬ ‫المغرب‪:‬‬

‫الشيخ محمد بن أحمد ال ّلحياني‬ ‫الفقيه الموسوعي‬

‫اسمه ونسبه‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫هو العالمة الفقيه محمّد بن أحمد اللحْياني الخُمْسي‪.‬‬ ‫مولده‪:‬‬ ‫من مواليد سنة ‪ 1343‬هـ‪1925/‬م بقرية الهَوْتَة من قبيلة األخماس العليا‪.‬‬ ‫دراسته األولية وشروعه في تحصيل العلوم‪:‬‬ ‫حفظ القرآن الكريم حفظا مُتْقنا برواية ورش عن نافع من طريق األزرق بقريته‪ ،‬وفي سنة ‪1939‬م شرع في‬ ‫دراسة العلوم على عالم وقته بقبيلة االخماس‪ :‬الشيخ عبدالسّالم بن احساين‪ ،‬وقد الزمه سنة واحدة‪ ،‬بعدها انتقل‬ ‫إلى قرية السخيرات بموالي إدريس زرهون‪ ،‬وهناك الزم الفقيه محمد بن عبدالرّزّاق لمدّة سنة واحدة‪ ،‬انقطع بعدها‬ ‫عن الدراسة لظروف قاهرة ألـمّـت به‪..‬‬ ‫إلى سنة ‪1944‬م رحل إلى مدينة شفشاون‪ ،‬فولج معهدها الديني‪ ،‬لينهل من أعالمه ومربّيه؛ أمثال‪:‬‬ ‫شيخ المعهد وعالمته محمد بن عيّاد الخُمْسي الشّهير بالفقيه المصري‪ .‬وقد الزمه كثيرا‪..‬‬ ‫• ‬ ‫األستاذ المفضل زروق‪.‬‬ ‫• ‬ ‫األستاذ محمد الب ّقالي‪.‬‬ ‫• ‬ ‫األستاذ محمد الغدّاس‪.‬‬ ‫• ‬ ‫الفقيه محمد الصّبّان‪.‬‬ ‫• ‬ ‫الفقيه عبدالسّالم الوراكلي‪.‬‬ ‫• ‬ ‫الفقيه العيّاشي السّردوني‪.‬‬ ‫• ‬ ‫انتسابه إلى المعهد الديني العالي بتطوان‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وظل مرابطا بهذا المعهد‪ ،‬ومالزما لحلقاته العلمية إلى مُتمّ سنة ‪1950‬م‪ .‬ليُيمّم وجهه شطر مدينة تطوان‬ ‫قصد االنتساب إلى معهدها الديني العالي‪ ..‬وبها قدّم ترشيحه الجتياز امتحان الولوج‪ ،‬فكان حليفه النجاح المتوّج‬ ‫بالقبول‪.‬‬ ‫فواصل مسيرته الدراسية متتلمذا على شوامخ أعالم تطوان‪ ،‬أمثال‪:‬‬ ‫المؤرخ األديب محمد داود‪.‬‬ ‫• ‬ ‫العالمة الفيلسوف التهامي الوزّاني‪.‬‬ ‫• ‬ ‫الفقيه محمد بن عبدالصّمد التجكاني‪.‬‬ ‫• ‬ ‫الفقيه محمد عَزّيمان‪.‬‬ ‫• ‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫ما قيل من شعر يوم تكريمه‪:‬‬ ‫وبمناسبة تقاعده احتفى به أساتذة المعهد الديني وأكرموه‪ ،‬ومدحه األستاذ الشاعر محمد الرغيوي بقصيدة‪،‬‬ ‫قال فيها‪:‬‬

‫ماذا �أقولُ ونف�سي ال تُطاوعني = على الكالم و�شعري ال ُي َ�سلّيني‬ ‫ينِّيني َو ُي ْحييني‬ ‫ماذا �أقولُ خلِ لٍّ َظلّ م�سكن ُ​ُه = بني ّ‬ ‫ال�ضلوع مُ َ‬ ‫�صفْو احلديث و�أ�صناف الت ِ‬ ‫ّالحني‬ ‫ع�شقت به ِخ ًّال ُينادمني =‬ ‫كم قد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال�شمائل � ْأين ِّ‬ ‫ُحل ُْو ّ‬ ‫الطيب منه �شذى = بل �أين منه �أزاهري الب�ساتني‬ ‫الهم يف احلني‬ ‫ُ�صغي �إليه رَ ْ‬ ‫ت ْ‬ ‫فت َوى النّف�س منه بـِما = ُيحيي الف�ؤاد ويجلو ّ‬ ‫طورا يجوب بك الآفاق منتزها = بل �سائحا بك يف دنيا ال�سالطني‬ ‫من = �أثمارهِ َّن �‬ ‫�أو‬ ‫أفانني الأفاننيِ‬ ‫هائما بك بني احلُ ورِ َيقْ طِ ُف ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ربز يف كلّ امليادين‬ ‫الـم‬ ‫وهو‬ ‫=‬ ‫أبدا‬ ‫�‬ ‫ّه‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫يف‬ ‫ه‬ ‫ينق�ص‬ ‫�شيء‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ٌ‬ ‫أعالمه بني �أهل العِ لْم وال ّدين‬ ‫�إذ ال غرابة فالل َّْحياين‬ ‫خافقة = � ُ‬ ‫والآن �أ�شهد � ْأن باتت مرابعنا = مهجورةً لي�س فيها ما ُي َ�سلِّيني‬ ‫مب ْخ�ضرَ ِّ الب�ساتني‬ ‫َبلَى و� ُ‬ ‫أ�سمع يف الوادي ُمنادِ َي ُه = ي�شكو ال ُّذبول ُ‬ ‫أعاجيب التَّالوينِ‬ ‫ِ‬ ‫بحقْ لٍ طاملا َغن َِي ْت = �أرجا�ؤ ُ​ُه ب�‬ ‫بو�س‬ ‫الع‬ ‫ي�شكو ُ‬ ‫َ‬ ‫تراء ْت كقَفْ رٍ غري م�سكون‬ ‫ريا�ض احلُ ْ�سنِ يف بلدي = َحتّى‬ ‫أ�صاب‬ ‫ماذا �‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وتقبيلُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الرياحني‬ ‫الورود‬ ‫م‬ ‫�ش‬ ‫=‬ ‫به‬ ‫يطيب‬ ‫�ض‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫عنا‬ ‫ود‬ ‫�س‬ ‫أم‬ ‫ل‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫با ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ودعنا = يف حلظةٍ �أين منها كُ لّ َت�أبني‬ ‫واليوم نُفْج�أ بالثاين ُي ّ‬ ‫أذِ‬ ‫ٍ‬ ‫بغروب غري م�أمون‬ ‫أنواره‬ ‫�‬ ‫=‬ ‫َت‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫قد‬ ‫ال�سعد‬ ‫ْ‬ ‫ال ْ‬ ‫ُ‬ ‫ريب � ّأن زمان ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ري �أراه غري م�ضمون‬ ‫فما ع�سى نرجتي وال ّد ْهر َي ْجرِ فنا = �إلى م�ص ٍ‬

‫نَهَم التحصيل‪ ،‬تقدّم الجتياز مباراة االلتحاق‬ ‫وبعد أن آنس من نفسه االرتواء من فيوض المعرفة‪ ،‬وإشباع‬ ‫ِ‬ ‫بسلك التدريس بتاريخ ‪ 15‬أبريل سنة ‪1952‬م‪ ،‬أمام لجنة علمية مؤ ّلفة من السادة العلماء‪ :‬التهامي الوزّاني رئيسا‪،‬‬ ‫ومحمد بن تاويت مفتّشا للتعليم‪ ،‬ومحمد بن المفضّل التّرغي‪ .‬فأبان عن كفاءة عالية‪ ،‬أهّلته لالرتقاء إلى مرتبة‬ ‫األستاذية‪.‬‬ ‫عين مدرّسا بالمعهد الدّيني بمدينة الحُسَيْمة سنة ‪1953‬م أمضى في ثالث سنوات‪ .‬وفي سنة ‪1956‬م‬ ‫انتقل إلى المعهد الديني بمدينة شفشاون‪ .‬ثمّ أستاذا بالسّلك ّ‬ ‫الثانوي بالمعهد الديني موالي سليمان بطنجة‪.‬‬ ‫وتو ّلى مسؤولية مكتبة المعهد بعدما أصيب بفقدان السّمع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وظل متفانيا في عمله‪ ،‬مؤدّيا واجبه العلمي إلى أن أحيل على المعاش سنة ‪1985‬م‪.‬‬ ‫أقام دروس الوعظ بمسجد المص ّلى بطنجة‪ ،‬وكان صاحب دعابة ونكتة‪.‬‬ ‫تزوّج أثناء مالزمته لشيخه الفقيه محمد بن عيّاد الخُمْسي الشّهير بالفقيه المصري‪ ،‬الذي زوّجه ابنته‪ ،‬لكن‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫بعد ذلك ساءت عالقته بها فط ّلقها بإشارة من أبيها‪ ..‬ثم بعد ذلك تزوّج بتطوان‪ ..‬ولم يُرزق بأبناء‪..‬‬ ‫كان رجال ّ‬ ‫مطلعا على فنون عدّة‪ :‬فقه‪ ،‬بالغة‪ ،‬نحو‪ ،‬طب ‪ ..‬حكيما متأمّال في سنن الكون‪ ..‬وممّن كان يقدّر‬ ‫علمه وفهمه‪ :‬األستاذ عبدالمجيد أخريف رحمه اهلل‪ ،‬إذ كثيرا ما كان يتردّد عليه يستفسره عن غوامض القضايا‬ ‫ومشكل اآلراء خاصة في نظم ابن عاصم‪ .‬أما في مجال التأليف والكتابة‪ ،‬فلم يعرف له أثر‪..‬‬ ‫من صفاته الخَ ْلقية‪ :‬أبْلق ال لحية له طيلة حياته؛ إلى أن أُصيب ِب َل ْقوَة في وجهه‪ ،‬أواخر عمره‪ ،‬فلما شُفي منها‪،‬‬ ‫نبتت له لحية غزيرة‪..‬‬

‫التحاقه بسلك التدريس‪:‬‬

‫وظائفه‪:‬‬

‫‪12‬‬

‫وفاته‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫وظل موفور النشاط‪ ،‬دائم االغتباط‪ ،‬إلى أن تو ّفي بتطوان فاتح رمضان ‪1427‬هـ موافق ‪ 24‬شتنبر ‪2006‬م‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫ •‬ ‫• ‬ ‫• ‬

‫مشاهير علماء المعاهد الدينية بمدن شمال المغرب ‪.25-26‬‬ ‫ديوان شعر لألستاذ محمد الرغيوي‪.‬‬ ‫معلومات شفهية عن األستاذ محمد الرغيوي‪.‬‬

‫المديرية اإلقليمية للتعليم بوزان تطلق ورش المصالحة‬ ‫مع األقسام الداخلية‬ ‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬

‫دعا محمد بعلي المدير الجديد على رأس المديرية‬ ‫اإلقليمية لوزارة التربية الوطنية بوزان‪ ،‬األطر اإلدارية‬ ‫التي توجد في عالقة تماس بالتدبير المالي والمادي‬ ‫والتربوي لألقسام الداخلية بمختلف مؤسسات التعليم‬ ‫الثانوي‪ ،‬إلى رفع وتيرة انخراطهم في ورش تجويد‬ ‫خدمات هذا المرفق االجتماعي بامتياز‪ .‬وأضاف وهو‬ ‫يلقي كلمته في الجلسة االفتتاحية لليوم الدراسي‬ ‫الذي احتضنت أشغاله إعدادية اإلمام الغزالي بمركز‬ ‫جماعة بني كلة يوم الجمعة ‪ 15‬فبراير الجاري‪ ،‬بأنه‬ ‫لم يعد هناك من مبرر معقول للتدرع بشجرة ضعف‬ ‫المنحة اليومية ( ‪ 14‬درهم )‪ ،‬التي أخفت لسنوات غابة‬ ‫«االختالالت» التي عرفها تدبير المرفق‪ ،‬بعد أن رفعت‬ ‫الوزارة الوصية المنحة اليومية إلى ‪ 20‬درهم ابتداء من‬ ‫الدخول المدرسي الجديد ‪ .‬وألح على أن ساكنة األقسام‬ ‫الداخلية‪ ،‬والمستفيدات والمستفيدون من خدمات‬ ‫مطاعم الثانويات بالمجتمع القروي‪ ،‬يجب أن تلمس‬ ‫الكلفة المالية الجديدة في نوعية وكمية التغذية‬ ‫المقدمة لهم‪/‬هن‪.‬‬ ‫‪ ‬وبغاية ضخ ‪ ‬نفس حقوقي وتربوي واجتماعي‬ ‫في شرايين األقسام الداخلية باإلقليم‪ ،‬اختارت المديرية‬ ‫اإلقليمية للتربية الوطنية بوزان شعار «جميعا من أجل‬ ‫االرتقاء باألداء التربوي للداخليات» للنسخة الثانية‬ ‫لبرنامج « داخليتي بيتي»‪ ،‬ودعت لالنخراط في هذا‬ ‫الورش باإلضافة للمتدخلين المباشرين‪ ،‬الجماعات‬ ‫الترابية‪ ،‬والسلطات المحلية‪ ،‬وجمعيات أمهات وأباء‬ ‫التالميذ‪ ،‬والنسيج المدني المنتصر لقيم المواطنة‬ ‫وحقوق االنسان كما هي متعارف عليها كونيا‪ ،‬واألطر التربوية ‪.......‬‬

‫‪ ‬اليوم الدراسي توزع فيه المشاركات والمشاركون‬ ‫على ورشتين‪ ،‬انصب النقاش في الورشة األولى على‬ ‫إح��داث نقلة نوعية في برنامج التغذية على ضوء‬ ‫الميزانية المعتمدة التي ارتفعت ب ‪ 70‬في المئة مقارنة‬ ‫بالسنوات الفارطة‪ ،‬وتشخيص واقع األقسام الداخلية من‬ ‫حيث التجهيزات ( األسرة‪ ،‬الكراسي‪ ‬الطاوالت‪ ،‬األواني‪،‬‬ ‫المكتبات ‪ . )....‬أما الورشة الثانية فقد تناولت ثالثة‬ ‫عناوين كفيلة «بأنسنة» اإلقامة ‪ ‬في األقسام الداخلية ‪.‬‬ ‫يتعلق العنوان األول بفتح أبواب المرفق في وجه األطر‬ ‫التربوية المتشبعة بقيمة التطوع والمنتصرة لها‪ ،‬وذلك‬ ‫بغاية تقديم دروس الدعم والتقوية‪ ،‬يستفيد منها من‬ ‫يعتبرون هذا المرفق االجتماعي بيتهم الثاني‪ .‬أما‬ ‫العنوان الثاني فقد وقع فيه االتفاق على إطالق برنامج‬ ‫المدير اإلقليمي يتوسط منصة اللقاء‬ ‫متكامل األط��راف لتنشيط الحياة باألقسام الداخلية‬ ‫(مسابقات تربوية‪ ،‬سهرات فنية‪ ،‬دورات تكوينية في‬ ‫مجال التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان‪ ،‬تنظيم‬ ‫رحالت وتبادل الزيارات مع األقسام الداخلية باإلقليم‬ ‫والجهة‪ . )،‬أما المجال الثالث‪ ،‬فقد وقع فيه االتفاق على‬ ‫إطالق مباراة إقليمية بين األقسام الداخلية الختيار‬ ‫أفضل قسم داخلي صديق للبيئة‪.‬‬ ‫‪ ‬يذكر بأن هذا اليوم الدراسي تميز بمتابعة‬ ‫فقرات جلسته االفتتاحية‪ ،‬لكل من رئيس دائرة وزان‪،‬‬ ‫وقائد ورئيـــس الجماعة الترابيــــة بني كلة‪ ،‬ونائب‬ ‫رئيس المجلس اإلقليمي‪ ،‬وممثلــــي قطاعي الصحة‬ ‫والمياه والغابات ومحاربة التصحر‪ ،‬وفاعلين حقوقيين‬ ‫ومدنيين‪ ،‬والفريق التربوي واإلداري العامل بالمؤسسة‬ ‫التعليمية‪..... ،‬كما شارك في ورشتيه الموضوعتين‬ ‫رؤساء المصالح بالمديرية اإلقليمية‪ ،‬رؤساء المصالح المالية والمادية والحارسات والحراس العامون لألقسام‬ ‫الداخلية بالثانويات المعنية ‪ .‬‬


‫العدد ‪982‬‬

‫كرات‪:‬‬

‫مذ‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫رزقي من فوهة‬ ‫المدفع آخذه‬

‫حكم نادرة وحكمة بالغة يتداولها شيوخ العهد الماضي‪.‬‬ ‫هي قصة واقعية‪ ،‬ال يصدقها العقل المتحضر اليوم‪ ،‬وخصوصا الجيل الصاعد‪ .‬ولكن أحداثها يتداول‬ ‫مجراها رجال وشيوخ أهل فاس في مجمعهم كل مساء‪ ،‬وهم يتسامرون بأحاجيج وسلوكيات ومقالب‪ ،‬يروّحون‬ ‫عن أنفسهم بكل ما يدخل السرور والغبطة والمرح‪.‬‬ ‫قال تعالى ‪:‬‬ ‫ك هّ َ ُ‬ ‫اّ‬ ‫َ‬ ‫اد لِ َف ْ�ض ِل ِه ُي ِ�ص ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هُ‬ ‫ي َف اَل َر ّ َ‬ ‫يب ِب ِه َمن‬ ‫خ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ِف‬ ‫ش‬ ‫ا�‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ضرُ‬ ‫�‬ ‫ب‬ ‫الل‬ ‫« َو ِ�إن مَي َْ�س ْ�س‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رْ ٍ‬ ‫َ َِ ُ ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫يم» صدق اهلل العظيم (س يونس اآلية ‪.)107‬‬ ‫ِن عِ َبادِ هِ َوهُ َو ا ْل َغ ُف ُ‬ ‫ور ال ّ َرحِ ُ‬ ‫َي َ�شا ُء م ْ‬ ‫لكن شباب طنجة ورجال األمس بها المعاصرون‪ ،‬أتحدى من يُقرّ بها‪ ،‬فليس لهم إلمام بماضي‬ ‫األربعينيات القرن الماضي‪.‬‬ ‫لكن أهل فاس يلوون بها ألسنتهم‪ ،‬ويتمشدقون‬ ‫بها بينهم وبين أوالدهم‪ ،‬لما فيها من حكم وعبر‪ ،‬من‬ ‫جيل إلى جيل‪ ،‬للمثل القائل ‪:‬‬ ‫«إلى ما سقـاك المــاء البــارد‬ ‫اهلل من فم المدفع يسقيك»‬ ‫بمعنى أنك قد تشرب الماء البارد من العين‬ ‫الصافية‪ ،‬سهل المثال‪ ،‬ولكن أن تسقي نفسك من فم‬ ‫المدفع كله شرارة ونار‪ ،‬فقد يستحيل ذلك‪.‬‬ ‫سمر أهل فاس كل عشية وضحاها‪ ،‬من عادة تجار‬ ‫المدينة‪ ،‬تجار في الصباح وطلبة بالمساء‪ ،‬وعند المغيب‬ ‫يقضون وقتا ممتعا بإحدى الدور الفاسية‪ ،‬فيحلو السمر‬ ‫وتبادل النكث واألمثال‪ ،‬مع وجود كؤوس الشاي المنعنع‪،‬‬ ‫وأواني وضعت فيها حلويات ‪ :‬الكعبغزال والغريبية‪ ،‬على‬ ‫نغمات اآللة األندلسية (شمسُ العشي)‪ ،‬وهم يتبادلون‬ ‫الحكايات والقصص‪ ،‬كلها عبَر وموعظة فذة‪ ،‬منهم آل‬ ‫السقاط الفاسيين وآل بنجلون‪ ،‬وهم صرخة واحدة على‬ ‫فرق كثيرة منهم ‪:‬‬ ‫‪ )1‬فرقة زنقة حجامة ودرب الحمام‪ ،‬برحبة الزبيب‬ ‫دائرة القرويين‪ ،‬كان منهم التاجر األبر الحاج محمد بن‬ ‫الحاج عبد الغني السقاط‪ ،‬دارهم الكبرى بزنقة حجامة‪،‬‬ ‫وهم كثيرون‪.‬‬ ‫أنظر ‪ :‬زهرة اآلس في بيوتات أهل فاس‪ ،‬لألستاذ اإلمام الشريف عبد الكبير بن هاشم الكتاني‪ ،‬الجزء األول‬ ‫صفحات ‪.496/493‬‬ ‫‪ )2‬ومنهم فرقة عبد السالم بنعبد الغني وأبناؤه الطاهر والعربي‪ ،‬وهم على قيد الحياة‪.‬‬ ‫‪ )3‬فرقة أهل القطانين‪ ،‬وزنقة برقوقة‪ ،‬ومنهم فرقة الفقيه المدرس محمد بن محمد السقاط‪ ،‬كان متجره‬ ‫بالعطارين‪ ،‬هم مهنيون صباحا وطلبة‬ ‫عند كراسي العلم‪ ،‬ولما فتح اهلل على‬ ‫محمد بن محمد بالعلم وزاده بسطة‪،‬‬ ‫انتقل إلى دار ابن جلون مقابل ضريح‬ ‫سيدي امحمد بن الفقيه عقبة بن صوال‪،‬‬ ‫ثم انتقل إلى العيون‪.‬‬ ‫‪ )4‬ومنهم فرقة (درب الروم)‪ ،‬وهم‬ ‫أحمد بن المعطي وله أبناء‪ ،‬هم ‪ :‬محمد‬ ‫وعبد السالم وعبد الرحمن والحاج الطيب‬ ‫والحاج المفضل (معلم إصلح الساعات ‪/‬‬ ‫المواكني)‪.‬‬ ‫‪ )5‬ومنهم فرقة المعلمين التجار‪،‬‬ ‫مات ثالث اإلخوة عبد الغني‪ ،‬وخلف أبناءه‬ ‫الحسن ومحمد وأحمد‪ ،‬وكلهم على قيد‬ ‫الحياة‪ ،‬وحرفتهم صناعة أحزمة النساء‬ ‫(امضامة)‪.‬‬ ‫من هو حاكي القصة؟‬ ‫حاكي القصة السيد أحمد بن محمد‬ ‫بن عبد الغني المتوفى بفاس‪ ،‬ويسكن‬ ‫السيد محمد بمراكش الحمراء‪ ،‬وعمره‬ ‫اآلن ‪ 95‬سنة‪ ،‬قضى أيام شبابه بفاس‪ ،‬ثم رحل إلى مراكش حيث الدفء‪ ،‬فازدان بيته بولده أحمد من مواليد‬ ‫الستينات ‪ 1965-1960‬درس بمراكش‪ ،‬وتقلد عدة مهام «مدير تجاري» بمراكش ثم البيضاء‪ ،‬ونظرا لحنكته‬ ‫ونباهته أصبح وكيل شركة «داف ‪ »DAF‬بطنجة‪.‬‬ ‫تجمعني به صداقة تجارة‪ ،‬اشتريت بعونه شاحنتين‪ ،‬أعمل عليهما يومه‪ ،‬وهما مورد عيشي‪ ،‬وتجمعني به‬ ‫مآرب أخرى‪ ،‬سأفصح عنها قريبا‪ ،‬ألنه صاحب ذكاء ودهاء‪ ،‬ونكث ومستملحات مراكشية‪ .‬حكى لي عن والده ‪:‬‬ ‫قصة بهلول طنجة بواد أحرضان سوق الداخل ‪:‬‬ ‫من هو بهلول طنجة؟‬ ‫هو بهلول طنجة‪ ،‬ونحن نعرفه بالمجدوب‪ ،‬عرف أنه متسول‪ ،‬يجوب ويجول بين األحياء وشوارع المدينة‬ ‫القديمة‪ ،‬بحثا عن لقمة عيش في صناديق القمامة‪ ،‬ولم يشتك يوما‪ ،‬ويتضجر من عُسر الحال‪ ،‬ويقول دائما ‪:‬‬

‫«رزقي موفور بكثرة سأحصل عليه دون شقاء حين يشاء اهلل تعالى»‬

‫قصّ البهلول «المجدوب» على أوالده وهو على فراش الموت كيف أصبح غنيا‪ ،‬وحصل على ثروة هائلة‬ ‫ذات عشية‪ ،‬فأصبح من أغنى أغنياء طنجة يوم كانت مدينة طنجة ترزح تحت وطأة وتداول الدول عليها‪ ،‬كان‬ ‫هذا في مارس ‪1948‬م‪.‬‬ ‫قال له أوالده ‪:‬‬

‫‪13‬‬

‫بقلم ‪ :‬عبد الرحيم ابن جلون *‬

‫«هيا‪ ..‬هيا‪ ..‬استقر‪ ،‬نحن في شوق بمعرفتنا لحياتك وقت الشدة والمحن‪ ،‬إلى أن أصبحت غنيا بفضل اهلل‬ ‫تعالى»‪.‬‬ ‫قال ‪:‬‬ ‫«مرت أيام حياتي األولى أجول بين األزقة والشوارع اآلهلة بالسكان والمتاجر‪ ،‬ال أمتهن مهنة وليس لي‬ ‫عمل قار‪ ،‬وليس عندي من القراءة والكتابة إال ما حفظت بالكتّاب»‪.‬‬ ‫ومرة بساحة (فارو) الذي كان به مستشفى لألجانب‪ ،‬وقفت متأمال داهيا للمدافع التي وضعت بهذه البقعة‬ ‫وما سر وجودها‪ ،‬وهي الزالت قابعة هناك إلى يومنا هذا؟ صنعها المغاربة األحرار‪ ،‬وهي تطل على الشاطئ‬ ‫البحري متوجهة بفواهتها نحو البحر تصد عن المدينة هجوم اإلسبان والبرتغال‪ ،‬ألن همهم كان احتالل‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫هيهات‪ ،‬هيهات‪ ،‬كانت هذه المدافع لهم بالمرصاد‪.‬‬ ‫ثم استطرد قائال ‪:‬‬ ‫«من عادتي السيئة أبحث بين صناديق األزبال‪ ،‬عما‬ ‫يفيدني‪ ،‬فقد دفعني الفضول إلى البحث داخل فوهة‬ ‫مدفع‪ ،‬أدخلت يدي في فواهته بدون شعور‪ ،‬ساقني العلي‬ ‫القدير للبحث في فواهة المدفع‪ ،‬فوقعت يدي على كيس‬ ‫ثقيل بداخله‪ ،‬أخرجت الكيس بمشقة‪ ،‬فإذا هو مليء بأوراق‬ ‫مالية (دوالرات) أمريكية‪ ،‬قيل أنها كانت لمستثمر‪ ،‬خاف‬ ‫عليها فخبأها عن األعين‪ ،‬وظن أنه ال يستطيع أي امرئ‬ ‫أن يعثر عليها‪ ،‬وسيرجع إليها عند ترتيب سفره ومغادرته‬ ‫طنجة بحرا على متن سفينة ترسو بالميناء كل آخر شهر‪،‬‬ ‫تنقل حمولتها إلى الوالية المتحدة‪ ،‬ولكن اهلل تعالى أعمى‬ ‫بصيرة األمريكي وضيع عليه نقوده وهدى البهلول إليها‪،‬‬ ‫لتكون سبب غناه‪ ،‬وهكذا قيل ‪:‬‬ ‫«أخذ البهلول رزقه من فواهة المدفع»‬ ‫وإحدى هذه المدافع تعلن آذان المغرب طيلة شهر‬ ‫رمضان المعظم بطلقة مدوية‪ ،‬يسمعها سكان طنجة‬ ‫إيذانا باإلفطار‪.‬‬ ‫اتخذ الناس قصته العجيبة عنوانا بارزا «اللبيب يفهم‬ ‫بالغمزة ال بالذبزة» (اللكمة)‪.‬‬ ‫يضرب بها المثل الدارجي ‪ :‬بأن اهلل هو ال��رزاق‬ ‫العظيم‪.‬‬ ‫وأن بعد كل عسر يسرا‪ .‬بمعنى‪ :‬إن رزقك يصلك بين يديك إن شاء اهلل تعالى‪ ،‬ولو كان بفواهة «مدفع»‬ ‫تخرج منه شرارة النار‪.‬‬ ‫أهل فاس وأهل طنجة‬ ‫يتداول أولي الحكمة بفاس القصة‪ ،‬واتخذوها‬ ‫عبرة عن شيوخ طنجة‪ ،‬الذين عايشوا الحدث‪،‬‬ ‫واندثرت هذه القصة التي كانت على لسان‬ ‫البهلول صباح مساء‪.‬‬ ‫وقال ‪:‬‬ ‫«لقد أغمي علي للحظات من فرط ما وجدت‪،‬‬ ‫وبعد برهة أفقت من غفوتي فرحا مستبشرا وقلت‪،‬‬ ‫يا اهلل‪ ،‬وعدك حق‪ ،‬وقولك حق‪.‬‬ ‫قال تعالى ‪:‬‬ ‫الَ‬ ‫« َو َما مِن دَ ا ّ َب ٍة ف ْ‬ ‫الل‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫�ض ِ�إ اّ َل عَ َلى هّ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫يِ‬ ‫ِر ْز ُقهَ ا َو َي ْع َل ُم ُم ْ�س َت َق ّ َرهَ ا َو ُم ْ�ست َْودَ عَ هَ ا ُ‬ ‫ك ٌّل يِف‬ ‫ِني» صدق اهلل العظيم (س هود ‪.)6‬‬ ‫ِ‬ ‫كت ٍ‬ ‫َاب ُّمب ٍ‬ ‫وقال تعالى ‪:‬‬ ‫«إن ُ‬ ‫ْ‬ ‫تشكروا اهلل يزيدكم» صدق اهلل العظيم‬ ‫(س إبراهيم ‪.)7‬‬ ‫ثم أطلقت العنان لرجلي مهروال مسرعا بيتي‬ ‫بما فضل اهلل علي‪.‬‬ ‫قال تعالى ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫اَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي فل َر ّ َ‬ ‫اد لِف�ض ِل ِه ُي ِ�صيب‬ ‫« َو�إِن ُي ِر ْدك ِبخ رْ ٍ‬ ‫يم» صدق اهلل العظيم (س يونس ‪.)107‬‬ ‫ِن عِ َبادِ هِ َوهُ َو ا ْل َغ ُف ُ‬ ‫ور ال ّ َرحِ ُ‬ ‫ِب ِه َمن َي َ�شا ُء م ْ‬ ‫انطلق لسانه بالدعاء ‪:‬‬ ‫«اللهم ال تحرمنا عطفك وحنانك ورزقك ويسرك‪ ،‬وسترك يا أكرم األكرمين»‪.‬‬ ‫مدافع الشارع‬ ‫توجد بالشارع الرئيسي للمدينة عند دار البارود مدافع أخرى صوب الشاطئ على علو تقابل مدينة طريفة‬ ‫اإلسبانية‪ ،‬هي آثار واجتهاد من أجدادنا‪.‬‬ ‫وحتى ال تضيع حكم وأمثال وكنوز يتوفر عليها أصحاب الحكمة والموعظة‪ ،‬كأمثال السيد محمد السقاط‪،‬‬ ‫الذي انتظر الفرصة سانحة للقائي وكتابة ما يكنز في نفسه من دخائر نفيسة أخشى أن تضيع مع األيام‪ ،‬كما‬ ‫ضاعت كتابات جدي رحمه اهلل‪ ،‬ولم أعرف لها طريقا‪.‬‬ ‫أرجو اهلل تعالى أن يحفظ السيد محمد السقاط‪ ،‬ويرزقه الصحة والعافية‪ ،‬واهلل تعالى قادر على حمايته‬ ‫وشفائه وهو رب العرش العظيم‪ ،‬ومانح الرزق الوفير لعباده الصالحين‪.‬‬ ‫سقت القصة وكتبتها نقال عن صديقنا أحمد بارك اهلل له في تجارته‪ .‬آمين‪.‬‬ ‫بطنجة في ‪ 15‬جمادى الثاني ‪1440‬هـ‬ ‫الموافق لـ ‪ 20‬فبراير ‪2019‬م‬


‫العدد ‪982‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجة‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫الدعوة إلى الرفق‬ ‫ونبذ العنف وخاصة ضد النساء ‪2/2‬‬

‫تحدثنا في العدد الماضي عن الرفق بشتى أنواعه واستعرضنا موقف الشرع منه‪ ،‬ودعوة‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم إلى الرفق والحلم والتسامح‪ ،‬ونخص حديثنا اليوم لقضية العنف‬ ‫ضد المرأة الذي يأخذ عدة أشكال منها المادية والمعنوية‪ ،‬وحسب تعريف األمم المتحدة فإن‬ ‫العنف ضد المرأة هو السلوك المُمارس ضد المرأة والمدفوع بالعصبيّة الجنسية‪ ،‬مما يؤدّي‬ ‫إلى معاناة وأذى يلحق المرأة في الجوانب الجسديّة والنفسيّة والجنسيّة‪ ،‬ويُعدّ التهديد بأي‬ ‫شكل من األشكال والحرمان والحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة أو العامة من ممارسات‬ ‫العنف ضد المرأة‪.‬‬ ‫إن العنف ضد المرأة انتهاك واضح وصريح لحقوق اإلنسان؛ إذ يمنعها من التمتع بحقوقها‬ ‫الكاملة‪ ،‬وله عواقب و آثار اجتماعيّة واقتصاديّة خطيرة‪ .‬وهذا النوع من العنف ال يَعرف ثقافة‬ ‫أو ديانة أو بلداً أو طبقة اجتماعيّة بعَي ِنها‪ ،‬بل هو ظاهرة عامة نجدها في كافة المجتمعات‬ ‫وفي جميع البلدان‪ ،‬فاإلحصائيات شاهدة على تعنيف النساء في الشرق والغرب‪ ،‬وإفريقيا وأروبا‬ ‫وأمريكا‪ ،‬بل إن بعض البلدان األوربية تنتشر فيها هذه اآلفة بشكل كبير‪.‬‬ ‫والعنف ضد النساء ال ينحصر في شكل واحد‪ ،‬بل يأخذ صورا مختلفة منها‪:‬‬ ‫• العنف الجسدي‪ :‬الذي هو أكثر أنواع العنف انتشاراً ضد المرأة‪ ،‬وعاد ًة ما يكون من طرف‬ ‫زوجها أو أحد أفراد عائلتها من الذكور‪ ،‬ويشمل هذا النوع جميع أنواع األذى الجسدي الذي‬ ‫يَلحق بالمرأة‪ ،‬سواء كان اعتداء بالضرب أو باستخدام آلة‪ ،‬وتترتب على العنف الجسدي‬ ‫مخاطر صحيّة ونفسية كبيرة للضحية‪ ،‬وقد يتسبّب في بعض األحيان بوفاة الضحيّة‬ ‫نتيجة القوة المُف ِرطة والضرب المُب ِرح الذي تعرّضت له‪ .‬كما يشمل العنف الجسدي‬ ‫َ‬ ‫تُرتَكب بحق المرأة في حال التشكيك بع ّفتها من قِبَل أحد أفراد‬ ‫جرائم الشرف التي‬ ‫أُسرتها الذكور‪.‬‬ ‫• العنف اللفظي والنفسي‪ :‬هو العنف المُمارَس ضد المرأة من خالل ألفاظ مُهينة أو‬ ‫شتائم تنتقص من قد ِرها‪ ،‬باإلضافة إلى التهديد اللفظي وسوء المعاملة والتهديد بالطالق‬ ‫خاصة إذا كانت المرأة عديمة الدخل وفقيرة‪،‬‬ ‫• العنف الجنسي‪ :‬يأخذ هذا العنف أشكا ًال عديدة منها العالقات التي تفرض باإلكراه‬ ‫واالغتصـاب والشـدوذ‪ ،‬كما يدخل ضمنها التحرش الجنسي المسلط على المرأة في الشارع‬ ‫واألماكن العامة واإلدارات وغيرها ‪.‬‬ ‫• العنف االقتصادي‪ :‬هو العنف الذي يمنع المرأة من الحصول على استقالليتها االقتصادية‪،‬‬ ‫وإبقائها تابعة ألحد أفراد أُسرتها‪ ،‬ويشمل هذا النوع من العنف حرمان المرأة من التعليم‬ ‫والعمل والتدريب‪ ،‬مما يؤهلها لدخول سوق العمل‪ ،‬وحصر مجال عملها داخل المنزل فقط‪ ،‬مما‬ ‫فيه انتهاك لحق المرأة بالعمل والحد من حريتها في اختيار عمل ما تُحب‪.‬‬ ‫وتتعرض المرأة للعنف لعدة أسباب‪ ،‬قد يجتمع عدد منها في الوقت نفسه وتتشابك‪ ،‬مما‬ ‫يؤدي إلى أذية المرأة بشكل أكبر وأعنف سواء من الناحية النفسيّة أو الجسديّة‪ ،‬وترجع أسباب‬ ‫العنف ضد المرأة إلى عدة أسباب منها‪:‬‬

‫من الظلمات‬ ‫إلى النور‬

‫‪14‬‬

‫محمد كنون احل�سني‬

‫➢ أسباب اجتماعية‪ :‬وتشمل تدني مستوى التعليم وتفشي الجهل بين أفراد المجتمع‪،‬‬ ‫وسهولة ُّ‬ ‫التأثر في المعتقدات الخاطئة المُتعلقة بشرف العائلة والعفاف والتي تنتشر في‬ ‫المجتمع والبيئة المُحيطة‪ ،‬إلى جانب تبنّي وجهات النظر الداعية إلى فرض القوة الذكورية‬ ‫والتي تظهر على شكل العنف الجسدي والجنسي على حد سواء‪.‬‬ ‫➢ أسباب نفسية‪ّ :‬‬ ‫إن العوامل النفسية التي تشك ّلت في شخصيات مُرتكبي العنف ضد‬ ‫المرأة في الصِغَر تؤثر بشكل كبير في سلوكياتهم والتي تظهر على شكل سلوك عدائي في‬ ‫الكِبَر؛ ومن أبرز هذه العوامل النفسية تَعرُّض مُرتكب العنف لإليذاء بأي شكل من األشكال‬ ‫في طفولته‪ ،‬أو وجوده في بيئة أُسرية تنتشر بها حاالت تعنيف األبوين‪ ،‬أو اعتداء األب على األم‬ ‫بأي شكل من األشكال‪.‬‬ ‫➢ الدوافع االقتصادية‪ :‬أي الضغوطات االقتصادية التي تُعاني منها شريحة واسعة من‬ ‫المجتمع‪ ،‬وتدني المستويات المعيشية‪ ،‬وتفشّي البطالة والفقر‪ ،‬حيث تُشكل هذه األسباب‬ ‫مُجتمِعَة ضغوطات نفسيّة كبيرة على مُعيلي ُ‬ ‫األسرة‪ ،‬التي تتصادم في كثير من األحيان مع‬ ‫نزعة المرأة االستهالكية‪.‬‬ ‫وللعنف ضد المرأة آثارا وخيمة كثيرة نذكر منها‪:‬‬ ‫• اآلثار الصحية‪ :‬مثل اإلصابات الخطيرة‪ ،‬والكدمات والجروح‪.‬‬ ‫• اآلثار النفسية‪ :‬مثل االكتئاب الحاد واالضطراب النفسي‪.‬‬ ‫• اآلثار االجتماعية‪ :‬مثل االضطرابات ُ‬ ‫األسرية التي بدورها تنعكس على األطفال وتؤدي‬ ‫إلى إصابتهم بعدم استقرار نفسي وعاطفي‪ ،‬وهو ما يؤثر في سلوكاتهم المجتمعية في مراحل‬ ‫متقدمة من العمر‪.‬‬ ‫• اآلثار االقتصادية‪ :‬يُشكل العنف ضد المرأة عائقاً كبيراً أمام ممارستها دورها الفاعل في‬ ‫المجتمع؛ واستثمار قدراتها في الدفع االقتصادي للمجتمع‪.‬‬ ‫وللتصدي لهذه الظاهرة يجب على جميع أفراد المجتمع التكافل فيما بينهم بشكل‬ ‫كبير‪ ،‬وتبدأ الوقاية من المناهج الدراسية التي يجب أن تضم برامج للتعريف بالعنف ضد‬ ‫المرأة وحمايتها منه‪ ،‬ونشر الوعي الصحي والثقافي حول هذا الموضوع‪ ،‬إلى جانب الخطط‬ ‫االقتصادية التي ّ‬ ‫تُمكن المرأة من تعزيز دورها في المجتمع وإبرازها كعضو فاعل فيه‪ ،‬وتشجيع‬ ‫االستراتيجيات الوطنية التي تعزز المساواة بين الرجل والمرأة وتقديم فرص مُتساوية لكل‬ ‫منهما‪.‬‬ ‫وأخيراً جمع المعلومات حول األرقام الدقيقة لظاهرة العنف ضد المرأة لمعرفة ما هي‬ ‫الخطوات الصحيحة التي يجب اتخاذها‪.‬‬

‫العقيدة في التعليم الحكومي‬

‫إن الدول المتخلفة أو النامية كما تسمى‪ ،‬هي دول لها عدة مشاكل‪ ،‬في شتى المجاالت‪ ،‬فكل من أفلحت في‬ ‫إصالح مجاالتها وأتقنت الطرق المؤدية إلى اإلصالح‪ ،‬صارت سريعة نحو النمو‪ ،‬والمجاالت التي يلزم أن يشملها‬ ‫اإلصالح أوال‪ ،‬هي التعليم والقضاء والصحة ‪ ،...‬ووطنا قد مضى قدما في هاته اإلصالحات‪.‬‬ ‫طبعا وكما يقرر علماء األصول‪“ ،‬ليس كل مجتهد مصيب” ‪ ،‬وانطالقا من هاته القاعدة‪ ،‬سأبدي لكم عن‬ ‫مالحظة من مالحظاتي عن التعليم بوطني‪ ،‬والتي أحب أن تستدرك فيما بعد‪ ،‬فأقول واهلل أسأل أن يوفقني إلى‬ ‫ما هو أصوب وأقوم‪.‬‬ ‫إن العقيدة بالنسبة للمسلم أمر الزم ال خالص‬ ‫منه‪ ،‬فال استغناء عنها ألي أحد كان فهي من اللوازم‬ ‫للزم الشخص‪ ،‬سواء وهو طفل أو شاب أو كهل‬ ‫أو شيخ‪ ،‬فالحال هو الحال‪ ،‬إذ القلوب تصدأ‪ ،‬ويعلو‬ ‫عليها الغلظ والشدة‪ ،‬فال بد إذن لها من تجديد‬ ‫مستمر يزيل العوالق‪ ،‬وال يترك لها الفرصة كي‬ ‫تنشأ‪ ،‬والمسلم مأمور بتجديد شؤونه الروحية‪ ،‬أما‬ ‫من يدعي‪ ‬أن العقيدة شيء ينقش في الصغر‪ ،‬فنرد‬ ‫عليه بقولنا‪ :‬أعد نظرا فلعلك غفلت الحقيقة أو لم‬ ‫توفق لها‪.‬‬ ‫وهذا هو المنطق مع األسف الذي توضع به‬ ‫مقرراتنا التعليمية‪ ،‬إذ العقائد ال يدرّس منها إال‬ ‫النزر اليسير‪ ،‬في بعض اللحظات بالطور اإلعدادي‬ ‫واالبتدائي‪ ،‬وأما كمادة مستقلة بكتاب متخصص‬ ‫في المجال فال‪ ،‬ولو بوضع دروس بسيطة لكل‬ ‫المراحلالتعليمية‪.‬‬ ‫مع األسف عمت هذه البلوى مقرراتنا التعليمية‬ ‫كلها‪ ،‬إذ حتى تلميذ التعليم األصيل المتخصص في العلوم الشرعية بالثانوي التأهيلي‪ ،‬فليس له حظ من ذلك‪،‬‬ ‫كيف به وهو في الثانية باكالوريا علوم شرعية !‪ ‬وال يعرف حتى معلومات بسيطة عن العقيدة عامة وعن عقيدتنا‬ ‫األشعرية المباركة ببركة جد إمامنا األشعري‪ ،‬أبي موسى رضي اهلل عنه وأرضاه‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫بقلم ‪:‬‬ ‫حمزة احل�ساين‬

‫العقيدة العقيدة أوال‪ ،‬قبل الفقه وأصوله‪ ،‬والحديث وعلومه‪ ،‬أنى لنا بتلميذ يدرس الفروع في الفقه‬ ‫والمعامالت منه‪ ،‬ويدرس الخالفات والمذاهب واألمور الشائكة في أصول الفقه‪ ،‬مع أنه ولألسف يفتقر على‬ ‫معرفة شروط ال إله إال اهلل !‬ ‫التعليم يبنى كالبيت من األساس‪ ،‬لبنة لبنة‪ ،‬من األساس حتى السقف ال عكس‪ ،‬والحكمة جلية بينة‪،‬‬ ‫ولو تتبعنا تعلم الشرع المبين‪ ،‬على نهج حديث أركان اإلسالم ألفلحنا‪ .‬عن أبي عبد الرحمن عبد اهلل بن عمر‬ ‫بن الخطاب رضي اهلل عنهما قال ‪ :‬سمعت رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم يقول ‪ :‬بني اإلسالم على خمس‪:‬‬ ‫شهادة أن ال إله إال اهلل ‪ ،‬وأن محمدا رسول اهلل ‪ ،‬وإقام‬ ‫الصالة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة ‪ ،‬وحج البيت ‪ ،‬وصوم رمضان‪.‬‬ ‫رواه البخاري ومسلم ‪ .‬المالحظة تبدي أن العقيدة هي‬ ‫أول أوائل الحديث‪ ،‬يأتي بعده عمود الدين وقوامه‪،‬‬ ‫وهكذا إلى آخر الحديث‪.‬‬ ‫العقيدة تبني لنا إنسانا‪ ،...‬تبني لنا مواطنا غيورا‪،‬‬ ‫مدافعا عن وحدة بلده ودينه وعرضه وماله وولده‪،‬‬ ‫فلنقف مع أنفسنا وقفات تأملية‪ ،‬نتحسر فيها على‬ ‫الماضي‪ ،‬ونخطط للمستقبل المخبأة أحداثه عند ربنا‪،‬‬ ‫وبذلك نكون قد شغلنا أنفسنا للحظة التي نحن بها‪.‬‬ ‫نصيحتي للمسلمين عامة‪ ،‬ولطلبة العلم خاصة‪،‬‬ ‫تعلموا العقيدة بهاته الرباعية المباركة‪( :‬تعلموها‪،‬‬ ‫احفظوها‪ ،‬طبقوها‪ ،‬علموها)‪ ،‬فالعقيدة تعلم الشخص‬ ‫الثبت على المواقف‪ ،‬والتشبث بالمبادئ‪ ،‬وعدم‬ ‫االنطياع بسهولة‪ ،‬خصص لنفسك أوقاتا للمطالعة‬ ‫الحرة‪ ،‬وخصص من المخصص وقتا للعقيدة‪ ،‬وابحث‬ ‫عن مفرداتها وتعرف على أسسها‪ ،‬وعلى أئمتنا العقديين‪ ،‬كأبي الحسن األشعري‪ ،‬أنار اهلل قبره‪ ،‬وجعله روضة‬ ‫من رياض الجنة‪.‬‬ ‫عزيزي القارئ‪ :‬إن اهلل ال يعبد بالجهل‪.‬‬


‫العدد ‪982‬‬

‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫‪15‬‬

‫نبش في الذاكرة بحث ًا عن َلحظات عابرة وأشياء غابرة‬ ‫• محمد وطاش‬

‫‪oitache@hotmail.com‬‬

‫يزخر الرتاث األدبي العربي القديم بالطرائف والنوادرالغنية باملواعظ والعرب والحكم‪.‬‬ ‫ومن أشهر الكتب التي تحتوي على هذه النوادر والطرائف ‪ :‬كتب الجاحظ وخاصة رسائله ‪ ،‬وكتاب الثعالبي «خاص الخا ّص»‪ ،‬وكتاب «األغاني» ألبي فرج األصفهاني‬ ‫وكتاب «املستطرف من كل فن مستظرف» لألبشیهي‪ ،‬وغريها كثري‪.‬‬ ‫ومما یلفت النظر أن القارئ حنی یقرأ هذه النوادر والطرائف یستسیغها ویقبل علیها بشغف ویطلب االستزادة‪ .‬ومن املعروف أیضا أن مثل هذه الطرائف تزخر‬ ‫بالدالالت الرامزة أو الصریحة فضال عن العمق املعنوي واإليحاء والتكثيف بروح ساخرة تثري بسمة القارئ وتدفعه للتأمل و أخذ العربة واملوعظة الحسنة‪.‬‬ ‫ف «الطرفة‪ /‬النادرة» كما تعرفها املعاجم املختصة «أي حدث شخصي محدود أو ّقصة قصریة»‪ ،‬ويف تعريف موجز هي «القليل الذي يحتوي على الكثري» ‪ .‬وهي غالبا ما‬ ‫تأتي سهلة يف اإللقاء مستساغة يف السمع‪.‬‬ ‫فالطرائف والنوادر تقوم أحيانا كثرية على أساس النقد وتتميز بالخروج عن املألوف‪ ،‬و من خصائصها الخفة والظرافة؛والنوادرهي األشياء التي يقل وجودها أو حدوثها‪،‬‬ ‫فالنوادر من املعادن هي نفائسها‪ ،‬وكذلك النوادر من األحداث نفائسها وأكثرها تسلية وإمتاعا ؛فقراءة ممتعة ‪.‬‬

‫قطوف طرائف و ُدرر نوادر من الزمن الغابر‬

‫من نوادر أبي نواس‬

‫من نوادر الجاحظ‬

‫قال الجاحظ‪ :‬سمعت رج ً‬ ‫ال يقول آلخر‪« :‬ضربنا‬ ‫الساعة زنديقاً»‪ .‬قال‪« :‬وأي شيء الزنديق؟»‪ .‬قال‪:‬‬ ‫«الذي يقطع المزيقة»‪ .‬قلت‪« :‬وكيف علمت أنه يقطع‬ ‫المزيقة؟»‪ .‬قال‪« :‬رأيته يأكل التين بالخل»‪.‬‬ ‫وهذا كما قال النظام لرجل‪« :‬أتعرف فالناً‬ ‫المجوسي؟»‪ .‬قال‪« :‬أعرفه‪ ،‬ذاك الذي يحلق وسط‬ ‫رأسه مثل اليهود»‪ .‬قال‪« :‬ال مجوسياً عرفت وال يهودياً‬ ‫وصفت»‪.‬‬ ‫باع مزيد المديني دابة‪ ،‬فلما كان من الغد أتاه‬ ‫النخاسون طمعاً‪ ،‬فلما نظر إليهم قد أقبلوا نحوه قام‬ ‫يصلي فأطال الصالة‪ ،‬فقالوا له وهم ال يعفرونه‪« :‬يا‬ ‫عبد اهلل‪ ،‬قد ذهب يومنا‪ ،‬فأطمعهم طول قيامه»؛‬ ‫وكان أحسن الناس سمتاً وأظهرهم هدياً‪ ،‬فانفتل من‬ ‫صالته فقال‪« :‬ما بالكم؟ فقد قطعتم علي صالتي»‪.‬‬ ‫فقالوا له‪« :‬قد ظهر بالدابة عيب»‪ .‬قال‪« :‬وما عيبه؟»‪.‬‬ ‫قالوا‪« :‬يخلع الرسن»‪ .‬قال‪« :‬ال أعرفه بهذه الصفة؛ فماذا تريدون؟»‪ .‬قالوا‪« :‬خصلة من ثالث؛‬ ‫إما الحطيطة‪ ،‬وإما رد الثمن وأخذ الدابة‪ ،‬وإما اليمين باهلل أنك ما تعرف هذا فيه»‪.‬‬ ‫فقال‪« :‬أما الثمن فقد فرقناه‪ ،‬وأما الحطيطة فما تمكننا‪ ،‬وأما اليمين فإني ما حلفت قط‬ ‫على حق وال على باطل‪ ،‬فاعفوني منها؛ فإنها أصعب عندي»‪ .‬قالوا‪« :‬ما من ذلك بد؛ فانطلق‬ ‫بنا إلى الوالي»‪ .‬فقام معهم‪ ،‬فلما بصر به الوالي ضحك‪ ،‬وقال‪« :‬ما جاء بك أبا إسحاق؟» فقص‬ ‫عليه القصة‪ .‬فقال‪« :‬قد أنصفك القوم»‪ .‬فقال‪ :‬أعز اهلل األمير‪ ،‬أحلف وأنا في هذه السن»‪،‬‬ ‫وضرب يده على لحيته وبكى‪ ،‬وقال‪« :‬ما حلفت على حق وال على باطل» والتوى‪ .‬قال‪« :‬ال‬ ‫بد»‪ ،‬فالتوى ساعة؛ ثم قال‪« :‬أصلح اهلل األمير فإن حملت نفسي على اليمين وحلفت وأعنتوني‬ ‫بعد؟»‪ ،‬قال‪« :‬أوجعهم ضرباً‪ ،‬وأحبسهم»‪ .‬فلما سمع ذلك استقبل القبلة وقال‪« :‬بلغت السماء‪،‬‬ ‫وكورت الشمس‪ ،‬ونثرت الكواكب‪ ،‬وشربت البحر‪ ،‬ولطعت ما في المصحف من الذكر الحكيم‪،‬‬ ‫وتوليت عاقر الناقة‪ ،‬وسرقت عصا موسى عليه السالم‪ ،‬ولقيت اهلل بذنب فرعون يوم قال‪ :‬أنا‬ ‫ربكم األعلى؛ وغير ذلك من محرج األيمان‪ ،‬لقد كان عندي دواب كلها تخلع أرسانها‪ ،‬فكان هذا‬ ‫ال قلي ً‬ ‫الحمار يقوم فيعديها عليها ويصلحها بفمه قلي ً‬ ‫ال»‪ .‬فضحك الوالي حتى فحص برجليه‪،‬‬ ‫وبهت النخاسون‪ ،‬وعجبوا منه وانصرفوا عنه‪.‬‬

‫قاض دفع ما ًال لمن توجه إليه باليمين‬

‫ومن ظريف ما في هذا الباب ما حكاه الصولي قال‪« :‬كنت يوماً بين يدي أمير المؤمنين‬ ‫الراضي باهلل إذ دخل عليه بعض الخدم برقعة دفعها صاحب الخبر المالزم لمجلس أبي عمر‬ ‫القاضي‪ ،‬يذكر أن رج ً‬ ‫ال أحضر خصماً للقاضي‪ ،‬وادعى عليه مائة دينار؛ فألزم القاضي الغريم‬ ‫اليمين؛ إذ لم يجد الخصم بينة؛ فأخذ الدواة وكتب بيتين فدفعهما إلى القاضي‪ ،‬فأمر القاضي‬ ‫غالمه فأحضر مائة دينار ودفعها إلى الرجل‪ ،‬والبيتان هما‪:‬‬ ‫وإنـي لــذو حــلفٍ كـاذب ‪ ...‬إذا ما اضطررت وفي األمر ضيق‬ ‫مسلم ‪ ...‬يـــدافـع بـاهلل مـا ال يــطـيـق‬ ‫جناح على‬ ‫ٍ‬ ‫وهل من ٍ‬ ‫فعجب الراضي من الرجل وديانته‪ ،‬لخالصه من الحكم؛ وعجب من كرم القاضي وحسن‬ ‫ما فعله‪ ،‬ثم أمرني بالركوب إلى القاضي ومسألته في البحث عن صاحب البيتين وإحضاره‬ ‫إليه‪ .‬فلم نزل أياماً حتى حصل لنا‪ ،‬فجئنا به إلى دار السلطان‪ ،‬فأمر له بألف دينار وخمس خلع‬ ‫ومركوب حسن‪ ،‬وأمره بمالزمة الدار؛ ثم قلده األهواز وأعمالها‪.‬‬

‫من نوادر األطباء‬

‫وكان ببغداد طبيب اسمه نعمان ال ينجح مريض على يديه‪ ،‬فقال فيه بعض الشعراء‪:‬‬ ‫أقـول لنـعـمانٍ وقد سـاق طـبّه ‪ ...‬نفوسـاً نفـيسـات إلى داخـل األرض‬ ‫أبا منذر أفنيت فاستبـــــق بعضنا ‪ ...‬حنانيك بعض الشر أهون من بعض‬ ‫وقال كشاجم لعيسى بن نوح النصراني‪:‬‬ ‫عيسى الطبيب ّ‬ ‫ترفق ‪ ...‬فأنت طــوفـان نـــوح‬ ‫ّ‬ ‫جسـم لـــروح‬ ‫يـأبــى عـــالجــك إال ‪ ...‬فــراق‬ ‫ٍ‬ ‫شتّان ما بين عيسى ‪ ...‬وبيــن عيسى المسيح‬ ‫هذاك محــي لميتٍ ‪ ...‬وذا ممــيـــت صحـيــح‬ ‫ٍ‬ ‫هذا منقول من قول رجل من بني تميم‪ ،‬لما دخل هالل بن أحوز البصرة بعد إيقاعه ببني‬ ‫المهلب‪ ،‬وقد أطافت به بنو تميم‪ ،‬فقال شيخ من األزد‪« :‬رجالهم يطيفون به كما يطيفون‬ ‫بعيسى ابن مريم»‪ .‬فقال التميمي‪« :‬هذا ضد عيسى ابن مريم؛ فإن ذاك يحيي الموتى وهذا‬ ‫يميت األحياء»‪.‬‬

‫من نوادر المعزين‬

‫دخل بعض الهاشميين على الرشيد معزياً‪،‬فقال‪:‬‬ ‫«يا أمير المؤمنين‪ ،‬أحسن اهلل عزاك‪ ،‬وربك عزاك‪،‬‬ ‫وأحاله علينا وعليك بخير‪ ،‬ورحم فالناً ‪...‬تأمر بشيء يا‬ ‫أمير المؤمنين؟»‪ .‬قال‪« :‬نعم‪ ،‬آمر أهلك أن يدفنوك؛‬ ‫فإن موتك حياة وحياتك موت»‪.‬‬ ‫مات أخ ألبي علقمة النحوي‪ ،‬فأتى ابنه يعلم أبا‬ ‫علقمة بموت أخيه‪،‬فقال‪« :‬ما كانت علته؟»‪ .‬فقال‬ ‫الغالم‪« :‬تورمت رجاله فانتهى الورم إلى ركبتاه»‪.‬‬ ‫فقال أبو علقمة‪« :‬لحنت؛ فقل‪ :‬إلى ركبتيه»‪ .‬فقال‬ ‫الغالم‪« :‬لقد شق عليك موت أبي حيث لم تدع بغضك‬ ‫ساعة»‪.‬‬ ‫قال أبو العالية‪ :‬لما مات سعيد بن مسلم الباهلي‬ ‫قال لي الرشيد‪« :‬علم فالناً تعزية يعزي بها ولد‬ ‫سعيد لفتى من بني هاشم»‪ .‬فقلت للفتى‪« :‬إذا صرت‬ ‫للقوم فقل‪ :‬عظم اهلل أجركم‪ ،‬وأحسن عزاءكم‪ ،‬ورحم‬ ‫سعيداً»‪ .‬قال‪« :‬هذا طويل»‪ .‬فقلت فقل‪« :‬أعظم‬ ‫اهلل أجركم‪ ،‬وختم بالصبر على قلوبكم»‪ .‬قال‪« :‬هذا أطول من ذاك»‪ .‬قال فقلت‪« :‬أعظم اهلل‬ ‫أجركم» وكررته عليه يومين‪ ،‬فلما كان اليوم الثالث ركب وركبنا معه‪ ،‬فلما قرب من باب القوم‬ ‫خرجوا إليه حفا ًة إعظاماً له‪ ،‬فلما رآهم قال‪« :‬ما فعل سعيد؟»‪ ،‬قالوا‪« :‬مات»‪ ،‬قال‪« :‬جيد وما أظن‬ ‫ذلك‪ ،‬فمادا عملتم به؟»‪ ،‬قالوا‪« :‬دفناه»‪ .‬قال‪:‬‬

‫أحسنتم»‪ .‬ثم انصرف‪.‬‬

‫مات سليمان بن وهب فلقي الناس عبيد اهلل بن سليمان يعزونه‪ ،‬فأتاه بعض أوالد‬ ‫األشراف؛ فقال‪« :‬مات سليمان؟»‪ ،‬قال‪« :‬نعم»‪ .‬وقال‪« :‬ومات أبو علي قبله؟»‪ .‬قال‪« :‬نعم»‪ .‬قال‪:‬‬ ‫«ومات أبوهما؟»‪ .‬قال‪« :‬نعم!»‪ .‬قال‪« :‬هذا كما قال اهلل تعالى‪ْ « :‬‬ ‫وإن منكم إال وا ِردُها كان على‬ ‫ربك حَتْماً مقضيّاً «؛ « فأوردهم النار »‪ « ،‬وبئس ال َقرار»‪.‬‬

‫من نوادر المحبين‬

‫مرت بداود بن المعتمر امرأة جميلة‪ ،‬فقام يتبعها حتى أدركها‪ .‬فقال‪« :‬لوال ما رأيت عليك‬ ‫من سيماء الخير لم أتبعك»‪ .‬فضحكت حتى استندت إلى الحائط‪ ،‬فقالت‪« :‬إنما يمنع مثلك من‬ ‫الطمع في مثلي ما يرى من سيماء الخير‪ ،‬فإذا كان هذا هو الذي يطمع في النساء فإنا هلل وإنا‬ ‫إليه راجعون»‪.‬‬ ‫وتعشق أبو القماقم السقا قينة فبعث إليها‪« :‬حضر عندي إخوان فابعثي إلي بجام لوزينج‬ ‫آكله على ذكرك»‪ .‬فبعثت إليه به‪ .‬فلما كان من الغد بعث إليها‪« :‬أرسل لي بطبق مازاورد آكله‬ ‫على ذكرك»‪ .‬فقالت‪« :‬جعلت فداك‪ ،‬ذكروا أن منبع الحب من القلب‪ ،‬فإذا تناهى بلغ إلى الكبد‪،‬‬ ‫وأنا أرى حبك ال يتجاوز معدتك»‪ .‬فقال‪« :‬إنما فعلت هذا ألقوى على محبتك»‪ ،‬ألم تسمعي قول‬ ‫الشاعر‪:‬‬ ‫إذا كان في قلبي طعامٌ ذكرتها ‪ ...‬وإن جعت لم تخطر ببالي وال فكري‬ ‫وإن كان هذا العام قد ّ‬ ‫قل بقـله ‪ ...‬فقـبح مـن يـهـواك يا ربّـة الــخـدر‬ ‫ويزداد حبّي إن شبـعـت تجــدّداً ‪ ...‬وإن جعت يوماً لم تكوني على ذكري‬ ‫وكان أحمد بن أبي طاهر قبيح الوجه‪ ،‬وكان له جارية من أحسن النساء‪ ،‬فضحك إليها يوماً‬ ‫فعبست في وجهه‪ ،‬فقال لها‪« :‬أضحك في وجهك فتعبسين في وجهي؟»‪ .‬فقالت‪« :‬نظرت أنت‬ ‫إلى ما سرك فضحكت ونظرت إلى ما ساءني فعبست»‪.‬‬ ‫وليس هذا كقول حمرة امرأة عمران بن حطان وكان قبيحاً وكانت جميلة‪« :‬إني ألرجو أن‬ ‫نكون جميعاً في الجنة»‪ .‬فقال‪« :‬ولم؟»‪ ،‬قالت‪« :‬ألنك أعطيت مثلي فشكرت‪ ،‬وأعطيت أنا مثلك‬ ‫فصبرت؛ فالصابر والشاكر في الجنة»‪.‬‬ ‫وكان أبو الحسن جحظة البرمكي أطيب الناس غناء‪ ،‬وأحسنهم مجالسة‪ ،‬وأمتعهم مؤانسة‪،‬‬ ‫وكان قبيح المنظر جداً جاحظ العينين وفيه يقول ابن الرومي‪:‬‬ ‫نبئت جحظ يستعير جحوظـه ‪ ...‬من فيل شطرنج ومن سرطـان‬ ‫يا رحمتي لمنادميه تـحمـلوا ‪ ...‬ألــم الــعـيـــون للـــ ّذة اآلذان‬

‫دينار يلد‬

‫وجدت امرأة أشعب ديناراً فأتته به‪ ،‬فقال‪« :‬ادفعيه إلي حتى يلد لك في كل أسبوع درهمين»‪،‬‬ ‫فدفعته إليه‪ ،‬فصار يدفع إليها في كل أسبوع درهمين؛ فلما كان في األسبوع الرابع طلبته منه‪،‬‬ ‫فقال لها‪« :‬مات في النفاس»‪ ،‬فقالت‪« :‬ويلي عليك! كيف يموت الدينار؟» فقال لها‪« :‬الويل لك‬ ‫على أهلك‪،‬كيف تصدقين بوالدته وتنكرين موته في نفاسه»‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)884‬‬

‫“الحركة الوطنية في القصر الكبير”‬

‫‪16‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫الفترة الممتدة ما بين سنتي‪ 1930‬و‪ ،1937‬متتبعا تفاصيل االحتالل العسكري للمدينة‬ ‫تعزز مجال البحث التاريخي الوطني المعاصر المتخصص في تحوالت شمال‬ ‫مغرب االستعمار‪ ،‬بصدور كتاب “الحركة الوطنية في القصر الكبير ‪:1930-1956‬‬ ‫ارتباطا بأدوار المقاومة المسلحة التي ميزت المرحلة‪ ،‬بموازاة مع التنقيب في حيثيات‬ ‫جدلية المحلي والوطني”‪ ،‬لمؤلفه األستاذ محمد الصمدي‪ ،‬وذلك في ما مجموعه‬ ‫بروز الهيآت الوطنية األولى بالمدينة وبتنظيماتها التأسيسية وبمبادراتها التأطيرية‬ ‫‪ 364‬من الصفحات ذات الحجم الكبير‪ .‬ويمكن القول إن صدور هذه العمل يعبر‬ ‫الجنينية في المجاالت السياسية واالجتماعية والثقافية‪ .‬وفي الباب الثاني‪ ،‬انتقل‬ ‫عن الكثير من عناصر نضج أداء نخب مدينة القصر الكبير وعموم المهتمين برصد‬ ‫المؤلف لتتبع مظاهر تطور أداء الحركة الوطنية بمدينة القصر الكبير خالل المرحلة‬ ‫إبداالت ماضيها العريق‪ ،‬من أجل تنظيم االشتغال على تالوين هذه اإلبداالت‬ ‫الممتدة بين سنتي ‪ 1937‬و‪ ،1953‬مركزا على قضايا محورية مهيكلة للموضوع‪،‬‬ ‫وجعلها مجاال مشرعا أمام رحابة سؤال الكتابة التاريخية المجددة‪ .‬وبهذا المنحى‬ ‫وعلى رأسها سياقات ميالد األحزاب السياسية الوطنية وتنظيماتها األولى بالمدينة‪،‬‬ ‫العلمي األصيل‪ ،‬كان لمدينة القصر الكبير الكثير من عناصر الريادة في إنتاج نخب‬ ‫وعلى رأسها حزب اإلصالح الوطني ثم حزب الوحدة المغربية‪ .‬كما اهتم المؤلف‬ ‫وأجيال من الباحثين ولعوا بعشق مجال البحث التاريخي والكتابة في خباياه‪ ،‬من‬ ‫بالبحث في أوجه تفاعل الحركة الوطنية المحلية مع أبرز األحداث الدولية التي ساهمت‬ ‫مواقع مختلفة ومن مستويات متعددة وبآفاق متكاملة‪ .‬فسواء داخل الجامعة‪،‬‬ ‫في صنع مواقفها ومبادراتها‪ ،‬مثلما هو الحال مع الحرب األهلية اإلسبانية أو الحرب‬ ‫أم داخل المنابر الجمعوية المتخصصة وعلى رأسها جمعية البحث التاريخي‬ ‫العالمية الثانية‪ .‬وفي الباب الثالث واألخير‪ ،‬عاد المؤلف لرسم موقع مدينة القصر الكبير‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬أم على مستوى صفحات الدوريات واإلصدارات العلمية المتخصصة‪،‬‬ ‫ظل اسم مدينة القصر الكبير حاضرا بقوة‪ ،‬وموجها الهتمامات قطاعات عريضة‬ ‫داخل معركة االستقالل خالل مرحلة ما بين سنتي ‪ 1953‬و‪ ،1956‬من خالل التركيز‬ ‫من باحثي المدينة ومن عموم مؤرخي المغرب الراهن‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬أصبح‬ ‫على قضايا مركزية تقاطع فيها العطاء المحلي مع الجهد الوطني لتحرير البالد‪ ،‬بعد‬ ‫الرصيد البيبليوغرافي المؤطر لهذا المجال رحبا ومتجددا‪ ،‬وقبل كل ذلك‪ ،‬يعرف‬ ‫أن أثمر مبادرات رائدة ارتبطت باسم مدينة القصر الكبير‪ ،‬مباشرة عقب نفي السلطان‬ ‫استمرارية فريدة نادرا ما تحققت للمدن وللحواضر المغربية األخرى‪ .‬وعلى هذا‬ ‫محمد بن يوسف يوم ‪ 20‬غشت من سنة ‪ ،1953‬ومرورا بمختلف المحطات التي جعلت‬ ‫األساس‪ ،‬أصبح –ربما‪ -‬من الالزم الحديث عن أجيال كتاب تاريخ مدينة القصر‬ ‫من المدينة مركزا الستقبال المقاومين والوطنيين المطاردين من قبل الفرنسيين‬ ‫الكبير ومؤرخيها وفاعليها وجمعوييها المرتبطين بالبحث التاريخي من عيار نماذج‬ ‫بالمنطقة السلطانية‪ ،‬وانتهاءا باالنخراط في الجهد الجماعي الذي جعل المدينة تصبح‬ ‫مؤسسة‪ ،‬نذكر من بين أعالمها‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬كل من األساتذة‬ ‫جسرا لنقل األسلحة نحو مقاومي المنطقة السلطانية‪ ،‬بموازاة مع االنخراط الفعلي في‬ ‫بوسلهام المحمدي‪ ،‬ومحمد بنخليفة‪ ،‬وعبد السالم القيسي‪ ،‬ومحمد العياشي‬ ‫غالف الكناب‬ ‫جهود التأطير والتنظيم والفعل الوطني التحرري الراشد الذي أثمر مفاوضات مدريد التي أفضت‬ ‫الحمدوني‪ ،‬ومصطفى الطريبق‪ ،‬ومحمد المهدي الطود‪ ،‬ومحمد بوخلفة‪ ،‬ومحمد أخريف‪ ،‬ومحمد‬ ‫إلى تحديد مصير المنطقة الخليفية‪.‬‬ ‫العربي العسري‪ ،‬وسعيد الحاجي‪ ،‬وأنس الفياللي‪ ،‬وعزيز الحساني‪...،‬‬ ‫وفي كل هذه المحطات‪ ،‬ظل المؤلف حريصا على تعزيز عمله برصيد ال بأس به من األرصدة الوثائقية‬ ‫في إطار مسار هذا النهر الدافق‪ ،‬يندرج صدور العمل الجديد للدكتور محمد الصمدي‪ ،‬باعتباره إضافة هامة‬ ‫لمجال البحث التاريخي المونوغرافي المسكون بحب المدينة وبعشق فضاءاتها ووجوهها ومعالمها وأرصدة والمصنفات التدوينية‪ ،‬مقدما غزارة استثنائية في التفاصيل وفي المعطيات‪ .‬ومع التأكيد على القيمة األكاديمية‬ ‫تراثها المادي والرمزي الخصب والمتنوع‪ .‬والعمل‪ ،‬يندرج في سياق المنحى العام الذي يميز هذه العودة الجماعية لهذه األطروحة الجامعية‪ ،‬يثير العمل عدة مالحظات مرتبطة بالجانبين المنهجي والمعرفي الناظمين لبنية‬ ‫المتميزة لتقليب أوراق مرحلة النضال ضد االستعمار‪ ،‬بارتداداتها على مختلف أوجه اإلسهامات المتداخلة التي تجميع المادة الوثائقية والمصدرية وتوظيف الدراسات الحديثة‪ ،‬ثم تصنيفها وتقييمها واستثمار مضامينها‪.‬‬ ‫ساهمت بها مدينة القصر الكبير في تأثيث معالم الخصب بالنسبة للهوية الكفاحية لمغاربة الزمن الراهن‪ .‬لقد في هذا اإلطار‪ ،‬تغيب الكثير من األرصدة الوثائقية الخاصة بحزبي اإلصالح الوطني والوحدة المغربية مما أصبح‬ ‫ظلت مدينة القصر الكبير مجاال للعطاء الحضاري وللتميز التمديني ولإلبداع الثقافي‪ ،‬ثم للفعل السياسي الراشد باإلمكان الوصول إليه حاليا‪ ،‬كما تغيب الوثائق اإلسبانية الخاصة بالموضوع‪ ،‬مثلما تغيب الكثير من األعمال‬ ‫سواء خالل المعركة ضد االستعمار‪ ،‬أم خالل مرحلة االستقالل السياسي وبناء الدولة المغربية الحديثة‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫القطاعية المنجزة بإسبانيا تحديدا والتي تقدم قراءات مفيدة لخبايا الموضوع‪ ،‬بغض النظر عن سقطاتها‬ ‫أضحى من المستحيل التوثيق لتحوالت العمل الوطني التحرري الميداني والتأطيري بدون العودة المتجددة‬ ‫للبحث في حقيقة األدوار الريادية التي اضطلعت بها مدينة القصر الكبير‪ ،‬ليس فقط داخل محيطها اإلقليمي ونزوعاتها الكولونيالية الوظيفية‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬حرص المؤلف على استثمار الوثائق المنشورة –أصال‪ -‬والتي‬ ‫الضيق بمنطقة جبالة بشمال المغرب‪ ،‬ولكن –كذلك‪ -‬على مستوى االمتدادات الجغرافية الوطنية الواسعة‪ .‬سبق استغاللها بعد أن “استنفذت” أدوارها مثلما هو الحال مع وثائق المرحوم محمد بن عزوز حكيم أو وثائق‬ ‫ولعل هذا ما وجه العمل موضوع هذا التقديم والصادر ضمن منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين األستاذ محمد أخريف‪ ،‬في حين أن المقام كان يقتضي البحث عن “الجديد” بإمكاناته العلمية الواسعة وبآفاقه‬ ‫وأعضاء جيش التحرير‪ ،‬عندما قال المؤلف في كلمته التقديمية‪“ :‬تبلورت اإلشكالية المركزية في قضية أساسية النقدية والتشريحية الواسعة‪ .‬وإلى جانب ذلك‪ ،‬يبدو أن المؤلف اعتمد على العديد من اإلصدارات الحديثة التي‬ ‫هي‪ :‬مساهمة المدن الصغرى في الحركة الوطنية‪ :‬بين الخصوصية والجهوية والوحدة الوطنية‪ ،‬من خالل حالة لم تضف الشيء الجديد للبحث التاريخي المتخصص‪ ،‬بل واحتوى البعض منها العديد من األخطاء والسقطات‬ ‫القصر الكبير‪ .‬وهي إشكالية تحاول الوقوف على جدلية المحلي والوطني من خالل نموذج محدد في الزمان التي تفرض الحذر‪ ،‬كل الحذر‪ ،‬عند استغالل مضامينها‪ .‬وعلى مستوى اإلخراج العام‪ ،‬البد من اإلشارة إلى أن‬ ‫والمجال مما يؤسس ويفتح الباب لدراسة مونوغرافية‪ .‬وتفرعت عن هذه اإلشكالية فرضيات جزئية على الشكل العمل يفتقد للفهارس المرافقة الخاصة باألعالم البشرية والجغرافية‪ ،‬إذ ال نجد إال فهرسا يتيما لسبعة جداول‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫منفصلة‪ ،‬األمر الذي يترك المجال مشرعا أمام ضرورة تطوير الحصيلة والنتائج وإضفاء عليها صيغة أكاديمية‬ ‫والوطني‪.‬‬ ‫الجهوي‬ ‫المستوى‬ ‫على‬ ‫الوطنية‬ ‫للحركة‬ ‫الكبير‬ ‫القصر‬ ‫في‬ ‫الوطنية‬ ‫الفعاليات‬ ‫مواكبة‬ ‫ـ‬ ‫محترمة‪.‬‬ ‫ـ مركزية الموقع الحدودي للقصر الكبير في تحديد مساهمته في الحركة الوطنية‪.‬‬ ‫هذه مالحظات عامة‪ ،‬ال تنقص من قيمة العمل في شيء‪ ،‬بقدر ما أنها تساهم –من وجهة نظر‬ ‫ ‬ ‫ـ أهمية موقع القصر الكبير بالنسبة للفاعلين االستعماريين والوطنيين‪( ”...‬ص‪.)11 .‬‬ ‫متواضعة‪ -‬في تخصيب نتائج الجهد الذي بذله الدكتور محمد الصمدي‪ ،‬سعيا نحو االرتقاء بحصيلة التراكم‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬اهتم المؤلف في الباب األول بدراسة قضايا نشأة الحركة الوطنية في القصر الكبير خالل العلمي المرتبط بتحوالت ماضي حاضرة القصر الكبير‪ ،‬المدينة والوجوه والفضاء والرموز واألصالة واإلبداع‪.‬‬

‫رواية ُ‬ ‫ٌ‬ ‫نرث �شعر َّي ٌة م�ص َّورة للأطفال‬ ‫�سناء و الكناريّان‬ ‫ُ‬ ‫تأليف و رسوم محمد عن ْفوف‬

‫صدرت في هذا الشهر من العام ‪ 2019‬عن مركز الدراسات‬ ‫األسرية والبحث في القيم والقانون بالدار البيضاء رواي ٌة في أدب‬ ‫األطفال‪ ،‬عنوانها “سنا ُء والكناريّان‪ /‬رواي ٌة نثرُ شعريَّ ٌة مصوَّرة”‪،‬‬ ‫الفائزة بجائزة اﻹبداع الف ِنيَّ واألد ِبيِّ في القيم األسريَّة دورة‬ ‫األديبة المغربية الكبيرة خناتة بنونة‪.‬‬ ‫أجناس أدبيةٍ‬ ‫ﺑﺈيقاع لفيفٍ من‬ ‫و هذه الرواية هي نشيدٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وفنيَّةٍ تضافرَ فيها السردُ الروائيُّ والشعرُ والمناجاة والحوارُ‬ ‫ُ‬ ‫والتشكيل في شكل األشرطة المصوَّرة أو المرسومة‪.‬‬ ‫والرسمُ‬ ‫نسيج الرواية‪.‬‬ ‫في‬ ‫األوفر‬ ‫الحيز‬ ‫يحتل‬ ‫المصوَّرةِ‬ ‫األشرطةِ‬ ‫وفنُّ‬ ‫ِ‬ ‫عدد صفحاتها ‪ 152‬صفحة‪ .‬الرواية مؤثث ٌة برسوم عديدةٍ ُّ‬ ‫كلها‬ ‫ٍ‬ ‫ملوَّن ٌة‪ُ ،‬كتبت بخط مالئم لحاسة البصر لدى الطفل‪ ،‬مضبوط ٌة‬ ‫ٍ‬ ‫جميعُها بالشكل التام‪ .‬الكتابُ ذو طبعةٍ أنيقةٍ جميلةٍ مناسب‬ ‫للطفل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫منطلقُ أحداث هذه الرواية هو طنجة ومارتيل كمكانٍ‪ ،‬بيد ّ‬ ‫أن‬ ‫القارئَ سيجدُ ذكراً ألمكنةٍ أخرى في سياق األشرطةِ المرسومة‬ ‫َ‬ ‫و«ﺇشبيلية»‬ ‫«فاس» و«مراكشَ»‬ ‫ت ِردُ على ألسنةِ شخوصها‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و«جنةَّ‬ ‫و«غرناطة» و«مدينةِ الزهراء» و«قصر الحمراء»‬ ‫و«قرطبة»‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العَريف»؛ باعتبارها أمكنة شهدت حضار ًة عربية ﺇسالمية سامقة‪.‬‬

‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و«تطوان» كمكانين ينمَّان عن جماليةٍ في‬ ‫«شفشاون»‬ ‫ﺇضافة ﺇلى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يكون فيضٌ من األلوان؛‬ ‫المعمار والطبيعة‪ .‬أما أزمنة الرواية فحيثما‬ ‫الوَدْق وبياض الثلج وريعان العشب وتألق الزهر وقهقهة‬ ‫كشفافية‬ ‫ِ‬ ‫الشمس وابتسام النجم وضحكة القمر‪ .‬أما شخصياتها فتتعدد وتتنوع من‬ ‫كائنات بشرية كالطفلة سناء‪ ،‬ومن عصافير معمولة من األوراق والعشب‬ ‫أو مرسومة بقلم الرصاص أو مركبة من حصباء البحر والمحار‪ .‬ومن‬ ‫شخصيات الرواية أيضاً الورد ُة‪ ،‬وعريش الياسمين‪ ،‬والزهر ُة‪ ،‬والبرعمُ‪،‬‬ ‫والنجمة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الرواية ما حدث للكناريين مع الطفلةِ سنا َء وأختِها في الواقع‬ ‫تسرُدُ‬ ‫والحلم‪ ،‬شعراً ونثراً‪ ،‬وما حدث مع تشكيالتِ العصافي ِر من مفاجآتٍ في‬ ‫ِّ‬ ‫الحِل والترحال‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الطفولة الممتدة من ‪ 9‬سنواتٍ‬ ‫المستهدفة في هذا العمل هي‬ ‫والفئة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وحتى ﺇلى من بلغ التاسعة والسبعينَ {‪ 79‬عاماً} من عمره‪.‬‬ ‫ﺇن الكتابة للطفل هي كتابة للمستقبل‪ .‬وحين يُكتبُ للطفل َ‬ ‫اآلن‬ ‫أدب بحمولته اللغوية والمعرفية واألخالقية ضمن ﺇطار ثقافيٍّ عام‪ ،‬وحين‬ ‫يتمكن الطفل من التوصل ﺇلى ذلك األدب واستيعابه؛ عندئذ سنلتقي مع‬ ‫هذا الطفل في مستقبله وهو على بينةٍ من هويته وﺇدراكٍ لثقافة أمته‬ ‫وعصره‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫‪17‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)447‬‬

‫مع‬

‫املواطنني‬

‫أصل اللعبة‬

‫هذا هو حال األطفال‪ ..‬والمرضى عندنا !‬

‫ماذا لو كان هذا الطفل‬ ‫ابنا لمسؤول «كبير»‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ً‬ ‫ؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫مدير النشر ورئيس التحرير ‪:‬‬

‫عزيـز گنـونـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيدة الورياغلي‬ ‫هدى املجاطي‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫محمــد وطـــا�ش‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى احلراق‬ ‫ملـيـــاء ال�ســالوي‬ ‫محمد ال�سعيدي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬

‫حالة مرضية لطفل ظلت بدون حل لمدة‬ ‫حوالي ‪ 11‬سنة‪ ،‬هي عمره‪ ،‬تقريبا‪.‬‬ ‫األمريتعلق بالطفل سفيان مغراوي الذي‬ ‫رغم إعاقته‪ ،‬فهو يتعايش معها‪ ،‬ومع كل شيء‪،‬‬ ‫بل ومقبل على الحياة‪ ،‬بشكل عجيب‪ ،‬حيث أنه‬ ‫سرعان ما يبتسم في وجه الناظر إليه‪ ،‬إذ يدرس‬ ‫بمستوى الرابع ابتدائي‪ ،‬ويهوى الرسم‪.‬صحيح‬ ‫أنه‪ ،‬منذ بضع سنوات‪ ،‬كان رجع ذات مرة من‬ ‫المدرسة‪ ،‬ثم قال ألمه‪ ،‬ليال‪« :‬لماذا أنا هكذا‪،‬‬ ‫يا أمي‪ ،‬فالتالميذ يسألونني عن شكلي‪ ،‬فهل‬ ‫سأظل دائما على هذا الشكل ؟» بينما والدته‬ ‫حاولت أن تجيبه برفق مطمئنة إياه‪ ،‬كونه‬ ‫سيصبح سليما مثلهم‪ ،‬وفي أعماق صدرها‬ ‫تخفي أحزان الدنيا بأسرها‪ ،‬حيال فلذة كبدها‬ ‫الذي‪ ،‬ومنذ شهوره األولى‪ ،‬عندما تم الكشف‬ ‫عن إصابتـه باعوجــاج على مستـوى عمــوده‬ ‫الفقري‪ ،‬وهي تطوف به مستشفـيات طنجـة‬ ‫والرباط والبيضاء‪ ،‬دون فائدة‪.‬‬ ‫في تصريحهــا للجريــدة‪ ،‬أشــارت والـدة‬ ‫الطفل‪ ،‬المسماة رشيدة‪ ،‬أن صغيرها سفيان‪،‬‬ ‫ومنذ سنواته األولى‪ ،‬كانت تتم مماطلته في‬ ‫إجراء عملية جراحية‪ ،‬وعندما بلغ من عمره ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬وبعد أن أدت المصاريف المطلوبة منها‬ ‫بمستشفى «السويسي»‪ ،‬كان من المنتظر أن‬ ‫يقوم دكتور اسمـــه السيد بوريندا‪ ،‬بإجـــراء‬ ‫العملية البنها‪ ،‬إال أنـه قيـل لها‪ ،‬بعد مـدة‪ ،‬أن‬ ‫الدكتور المعني قد فارق الحياة ‪ .‬ثم قيل لها أن‬ ‫اجتماعا سينعقد حول موضوع العملية الجراحية‬ ‫لتعيين الدكتورالذي سيتكلف بها‪ ،‬لفائدة ابنها‪،‬‬

‫غير أن الدكتورالمعين رفض إجراءها‪ ،‬وبدأ كل‬ ‫واحد يرمي الكرة في مرمى اآلخر‪ ،‬تحت تبرير‬ ‫أن العملية من هذا النوع تحتاج إلى فريق طبي‬ ‫مؤهل‪ ،‬وأجهزة طبية متطورة‪ ،‬وقاعة عملية‬ ‫مالئمة‪ ،‬فضال عن أن من يخضع إلجراء هذه‬ ‫العملية يحتاج إلى وقت طويل‪ ،‬من االستضافة‬ ‫والعناية المركزة والمتابعة والمواكبة‪ ،‬ليقال‬ ‫لوالدة الطفل في نهاية تحركها وتنقلها إلى هنا‬ ‫وهناك أن الحل موجود في العالج بالخارج (تتوفر‬ ‫الجريدة على نسخة من تقرير طبي) أو لدى‬ ‫مصحة خاصة بالمغرب‪ ،‬فمن أين لها القدرة‬ ‫على مصحات األظرفــة «السمينة» بينما هي‬ ‫وزوجها عاجزان‪ ،‬ماديا‪ ،‬عن هذا العالج المكلف‪،‬‬ ‫إذ يكفي رشيدة‪ ،‬المزاولة لتجارة بسيطة‪ ،‬ما‬ ‫أنفقته‪ ،‬طيلة سنوات‪ ،‬على ابنها دون أي نتائج‬ ‫ملموسة‪ .‬وها هواليوم‪ ،‬يعاني من إعاقة مثل‬ ‫غيره (انظرالصور) تحز في نفس كل من يملك‬ ‫حسا أو ضميرا إنسانيا‪ ،‬حيث أن األطفال عندنا‬ ‫كثيرا ما يتم إهمالهم‪ ،‬بيد أن التدخل الطبي‬ ‫العاجل‪ ،‬خالل نعومة أظافرهم‪ ،‬من شأنه أن‬ ‫ينقذهم‪ ،‬قبل فوات األوان !‬ ‫وتأمــل والــدة الطفــل‪ ،‬الساكنة بتجزئة‬ ‫الوحدة رقم ‪ 454‬العرائش أن تنظر الجهات‬ ‫المسؤولة بعين الرفق إلى ابنها كواحد من أبناء‬ ‫المسؤولين‪ ،‬والجهات المختصة‪ ،‬كما تناشد‬ ‫الرأي العام أن يتواصل معها‪ ،‬سواء بنصيحة‬ ‫أوبإرشاد معين أو بحل لهذا المشكل الذي أخذ‬ ‫من نفسها الشيء الكثير‪.‬‬

‫م‪ .‬إمغران‬

‫‪ANNONCE LEGALE ET ADMINISTRATIVE‬‬ ‫‪AAFIR Audit & Consulting MOROCCO A2CM‬‬ ‫‪Cabinet d’expertise comptable,‬‬ ‫‪de Commissariat aux Comptes et de Conseil Comptable – Fiscal – Juridique‬‬ ‫‪Rue Fès, Angle Ibn Tofail, Résidence Diamond, Étage 1, Bureau 3, Tanger‬‬

‫‪VISTA TRAVAUX SARL‬‬ ‫‪Société à Responsabilité Limitée‬‬ ‫‪Au capital de 300 000 DH‬‬ ‫‪Siège social : Route Nationale 28, Résidence les jardins de Marjane‬‬ ‫‪RDC B.P : 4187 Tétouan, ICE : 002071869000019 RC : 23491‬‬ ‫‪Aux termes d’un acte sous seing privé en date de 25 Janvier 2019‬‬ ‫‪et enregistré le 7 Février 2019, se sont réunis en Assemblée Générale‬‬ ‫‪Extraordinaire la collectivité des associés afin de prendre la décision de‬‬ ‫‪cessions des parts pour un nouvel associé :‬‬ ‫‪M. MOHAMED AAFER a cédé 450 de 1 350 parts sociales à M. MOHAMED‬‬ ‫‪EL BARRAK.‬‬ ‫‪M. MOHAMED KERFAS a cédé 450 de 1 350 parts sociales à M. MOHAMED‬‬ ‫‪EL BARRAK.‬‬ ‫‪Le dépôt légal a été effectué au tribunal de première instance de Tétouan‬‬ ‫‪en date du 13/02/2019 sous le numéro 26211119006952.‬‬

‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬

‫‪ANNONCE LEGALE ET ADMINISTRATIVE‬‬

‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪447‬‬


‫الشمال‬

‫وفد عن اال تحاد األرجنتيني للكرة يزور طنجة‬ ‫صفحة‬

‫‪18‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪982‬‬

‫الثالثاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 4‬مار�س ‪2019‬‬

‫سيقوم وفد عن االتحاد األرجنتينـــي‬ ‫لكرة القدمهذا األسبوع بزيارة إلى مدينة‬ ‫طنجة لتفقد المركب الرياضي ابن بطوطة‬ ‫الذي سيكون مسرحا لمباراة القمة الودية‬ ‫التي ستجمـــع المنتخــب المغربي بنظيــره‬ ‫األرجنتيني في السادس والعشرين من شهر‬ ‫مارس المقبل‪.‬‬ ‫وسيتفقـد وفــد االتحاد األرجنتينــــي‬ ‫عشـــب الملعـــب لتفــادي إصابة الالعبين‬ ‫والمدرجات المخصصة للجماهير األرجنتينية‬ ‫التي ستحضر إلى طنجة لمتابعة هذه المواجهة الودية‪ ..‬كما سيقوم الوفد بزيارة الفندق الذي‬ ‫وضعته الجامعة رهن إشارة بعثة المنتخب األرجنتيني والتي ستعرف حضور نجم برشلونة ليونيل‬ ‫ميسي وأنخيل دي ماريا العب فريق باريس سان جيرمان الفرنسي وباقي نجوم التانغو‪.‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫بطولة الدوري االحترافي المغربي‬

‫«قال ليه أش ش خصك البطولة‬ ‫فالمغرب‪ ..‬قال ليه ـ الفار أموالي»‬

‫الزاكي يثأر من اتحاد طنجة‬

‫ما حدث خالل مباراة ديربي الشرق بين فريقي المولودية الوجدية‬ ‫والنهضة البركانية شيء يندى له الجبين وسيء إلى كرة القدم المغربية‬ ‫ويعطي صورة مشوهة عنها داخل وخارج الوطن‪.‬‬ ‫فأن تصل األمور إلى حد االعتداء على رجال األمن ونقل العديد منهم إلى‬ ‫المستشفى وأن يتم إحراق وتخريب تجهيزات الملعب الشرفي بوجدة الذي‬ ‫انفقت أموال طائلة من أجل إصالحه ولم يمر على افتتاحه إال أسبوع واحد‬ ‫بعد إغالق دام طويال عانى من خالله الفريق الوجدي األمرين ‪ ...‬فهذا شيء‬ ‫خطير يجب أال يمر بدون عقاب حتى ال تتكرر مثل هذه المشاهد المأساوية‬ ‫الدخيلة على مالعبنا وعلى كرتنا‪.‬‬ ‫لقد أصدرت اللجنة المركز للتأديب و الروح الرياضية التابعة للجامعة‬ ‫الملكية المغربية لكرة القدم عقوبة اإليقاف لمدة ‪ 5‬مقابالت نافذة بدون‬ ‫جمهور وغرامة مالية بقيمة ‪ 85‬ألف درهم على فريق المولودية الوجدية‪.‬‬ ‫وكذا إيقاف نادي النهضة البركانية لمقابلتين بدون جمهور وغرامة‬ ‫مالية قدرها ‪ 10‬االف درهم‪.‬‬ ‫عقوبات زجرية غير كافية إليقاف مد الشعب والعنف داخل المالعب‪.‬‬ ‫لقد آن األوان للتعامل مع هذه الظاهرة بنوع من الحزم والجدية للقضاء‬ ‫عليها نهائيا‪.‬‬ ‫ونتذكر جميعا المآسي التي عاشتها الكرة اإلنجليزية بفعل تصرفات‬ ‫الهوليغانس داخل وخارج إنجلترا‪ ..‬وكيف تم التعامل معها و القضاء عليها‬ ‫نهائيا بالحكمة والتبصر ‪.‬‬

‫انقسام داخل الكوكب المراكشي‬ ‫بشأن التعاقد مع المدرب بنشيخة‬

‫حقق المدرب بادو الزاكي مبتغاه وثأر من اتحاد طنجة الذي‬ ‫أشرف على تدريبه بداية العام الماضي وتمت إقالته بعد ثمان‬ ‫دورات بسبب سو ء النتائج‪.‬‬ ‫الزاكي المدرب الجديد لفريق الدفاع الحسني الجديدي وفي‬ ‫ثاني مباراة له مع الفريق العبدي حقق انتصارا هاما على اتحاد‬ ‫طنجة بملعبه وأمام جماهيره بهد فين دون رد من توقيع المهاجم‬ ‫سايمون مسوفا الذي استغل األخطاء الدفاعية لفارس البوغاز‪.‬‬ ‫المباراة لم تكن سهلة والتموضع الجيــد لالعبـي الجديدة‬ ‫داخل الميدان والذكاء الذي لعبوا به صعبة المهمة على اتحاد‬ ‫طنجة الذي سيطر على جل أطوار الجولة الثانية مستغال تراجع‬ ‫الضيوف إلى الوراء للدفاع عن مكسب الجولة األولى لكنه وجد‬ ‫أمامه جدارا اسمنتيا وحارسا يقظا عرف كيف يحافظ على نظافة‬ ‫شباكه أمام هجمات االتحاد‪.‬‬ ‫وعلى العموم يمكن القول أن فوز الدفاع الحسني الجديدي‬ ‫على اتحاد طنجة برسم الجولــة ‪ 19‬لبطولة الدوري االحترافي‬ ‫المغربي كان مستحقــا‪ ..‬وأن على اتحاد طنجة مراجعـــة أوراقه‬

‫الدفاعية وتجنب األخطاء التي وقعت في هذه المباراة وقبلها أمام‬ ‫المغرب التطواني‪.‬‬ ‫المغرب التطواني يرغم الكوكب على التعادل‪.‬‬ ‫فريق المغرب التطواني يسارع الز من من أجل الحفاظ على‬ ‫مكانته ضمن الكبار‪.‬‬ ‫وبرسم الجولة ‪ 19‬تمكن من العودة بنقطة ثمينة بعدما أرغم‬ ‫الكوكب المراكشي على التعادل ‪.1-1‬‬ ‫وفي المقدمة الوداد البيضاوي ضرب بقوة وسحق سريع وادي‬ ‫زم بثالثية نظيفةلبعزز مكانته في الصدارة برصيد ‪ 42‬نقطة‪.‬‬ ‫نتائج الجولة ‪19‬‬ ‫الوداد – سريع وادي زم ‪.3-0‬‬ ‫أولمبيك أسفي – المو لودية الوجدية ‪.1-3‬‬ ‫اتحاد طنجة‪ -‬الدفاع الجديدي ‪.0-2‬‬ ‫الكوكب المراكشي ‪.1-1‬‬

‫ك�أ�س الكونفدرالية الإفريقية‬

‫صراع أندية المغربية متواصل‬ ‫يعيش فريق الكوكب المراكشي لكرة القدم حالة من االنقسام بشأن‬ ‫التعاقد مع المدرب الجزائري عبد الحق بنشيخة إلكمال الموسم أو االبقاء على‬ ‫ابن النادي عز الدين بنيس الذي عينه الفريق لتدريبه مؤقتا بعد إقالة المدرب‬ ‫عزيز العامري بسبب سوء النتائج‪.‬‬ ‫ويصر بعض أعضاء المكتب المسير للفريق المراكشي على استمرار بنيس‬ ‫لتفادي تكلفة التعاقد مع مدرب جديد السيما بعدما سدد الكوكب الشرط‬ ‫الجزائي للمدرب فوزي جمال ‪ 40 -‬مليون سنتيم ‪ -‬وبعدها تكلفة إقالة العامري‪.‬‬ ‫ويحتل الكوكب المراكشي الصف األخيــر في بطولــة الدوري االحترافي‬ ‫المغربي برصيد ‪16‬نقطة‪.‬‬

‫تواصـــل األنديـــة المغربيـــة المؤهلـــة لدور‬ ‫المجموعات لكأس الكون فدرالية اإلفريقية الصراع‬ ‫من أجل ضمان التاهل لألدوار المقبلة‪.‬‬ ‫وفي نهاية األسبوع وعن المجموعة الرابعة فاز‬ ‫فريق النهضة البركانية على الرجاء البيضاوي ‪2-4‬‬ ‫وتغلـــب نـــادي حسنيـــة أكاديـــر على أوتوهو‬ ‫الكونغولي ‪.1-2‬‬

‫في الترتيب ‪:‬‬ ‫ــ نهضة بركان في الصدار بسبع نقاط‪.‬‬ ‫ــ حسنية أكادير في الرتبة الثانية بأربع نقاط‬ ‫ــ الرجاء البيضاوي في المركز الثالث بثالث نقاط‬ ‫وأوتوهو الكونغولي في المرتبة األخيرة ‪.‬‬


‫العدد ‪982‬‬

‫وأخيرا الالعب‬ ‫«إيسكو» يقرر الرحيل‬ ‫عن ريال مدريد‬ ‫قرر الالعب الدولي اإلسباني «إيسكو أالركون»‬ ‫متوسط ميدان ريال مدريد اإلسباني الرحيل عن‬ ‫الفريق خالل فترة االنتقاالت الصيفية القادمة لما‬ ‫يلقاه من قبل المدرب سوالري وعدم االعتماد عليه‬ ‫كأساسي في المبارات األخيرة التي خاضها الفريق‬ ‫الملكي سواء ببطولة الليغا أو كأس الملك أودجوري‬ ‫أبطال أوربا‪.‬‬ ‫ووفقا للصحافـة اإلسبانية فإن الالعب إيسكـــو‬ ‫أخبرخوصي أنخيل سانشيزمدير عام النادي برغبته في‬ ‫الرحيل سواء استمر سوالري مع الفريق الملكي أو أقيل‬ ‫من منصبه كمدرب للفريق وأنه يرغب في بدء مسار‬ ‫جديد خارج أسوار ملعب سانتياغو بيرنابيو‪.‬‬ ‫وكان الالعــب إيسكو قد تسبب في العديـــد من‬ ‫المشاكل خالل الفترة الماضية مع ريال مدريد أبرزها‬ ‫قيامه بنشر صورة عبر مواقع التواصل االجتماعي وجه‬ ‫خاللها سؤال للجماهير «هل هو بدين أمال»‪.‬‬ ‫وكذلك عدم مصافحته ألحد إداريي الفريق إضافة‬ ‫إلى الحركات الصبيانية التي يقوم بها على مواقع‬ ‫التواصل األمر الذي أدى إلى االحتقان مع الجماهيــر‬ ‫ومع إدارة النادي‪.‬‬ ‫بداية المشاكل مع المدرب سوالري‬ ‫بداتا العالقة بين ايسكو والمدرب سوالري تسوء‬ ‫منذ لقاء «إيبار» برسم الجولة‪ 13‬لبطولة الليغا حيث‬ ‫أشرك‬ ‫المدرب الالعـــب إيسكـو في الدقائق العشريـن‬ ‫األخيرة‪ ..‬وعندمــا كان فريق ايبار متقدمــا بثالثية‬ ‫نظيفة‪ ..‬الشيء الذي لم يرق الالعب الذي وجه إشارات‬ ‫مسيئة للمدرب بعد انتهاء اللقاء وكانت هذه بداية ما‬ ‫يحدث حاليا بين الطرفين‪.‬‬

‫الشمال الرياضي‬ ‫برشلونة يدخل الصراع مع تشيلسي‬ ‫من أجل العب أتلتيكو ساؤول‬ ‫الثالثاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫موقف ريال مدريد من إيسكو‬ ‫يحتل فريق ريال مدريد حاليا الرتبة الثالثة في‬ ‫بطولة الليغا وراء كل من برشلونة وأتلتيكو مدريد‬ ‫وبالنسبة إليه خسارة مباراة واحدة ستكون بمثابة‬ ‫ضربة موجعة قد تكلفه فقدان المنافسة وضياع لقب‬ ‫مهم‪.‬‬ ‫ويواجه فريق ريال مدريد يوم غد األربعاء غريمه‬ ‫التقليدي برشلونة في إياب كأس ملك إسبانيا وفي‬ ‫حال الهزيمة بملعب سانتياغو بيرنابيو سيتلقى الريال‬ ‫ضربة قوية‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى تنتظــر الفريق الملكي مباراة‬ ‫أخرى ال تقل أهمية وهي مباراة العودة أمام أياكس‬ ‫أمستردام الهولنـدي برسم دور الستــة عشر لدوري‬ ‫أبطال أوربا‪.‬‬ ‫ويأمل فريق ريال مدريد في تحقيق الفوز وضمان‬ ‫التأهل‪.‬‬ ‫ماذا قدم ايسكو لريال مدريد‬ ‫الالعب إيسكــو انضــم إلى الفريق الملكي عام‬ ‫‪ 2013‬قادما من ملقة مقبـل ‪ 30‬مليون يورو‪ ..‬وذلك‬ ‫بعد المستوى الرائع الذي قدمه حيث لعب ‪ 265‬مباراة‬ ‫سجل خاللها ‪ 46‬هدفا‪.‬‬ ‫ويبدو أن اإلعــالن عن قـرب رحيــل إيسكو عن‬ ‫ريال مدريد بسبب خالفه مع المدرب سوالري أدى‬ ‫إلى انخفاض القيمة السوقية لالعب في ظرف ثالثة‬ ‫أشهر من ‪ 90‬مليون يور إلى ‪ 70‬مليون فقط‪ ..‬وهناك‬ ‫احتمال بأن تنخفض أكثر في األشهر المقبلة‪.‬‬ ‫ووسط تضارب أنباء حول الوجهة القادمة لالعب‬ ‫إيسكو أنباء متضاربة وغير مؤكدة التستبعد انتقاله‬ ‫إلى نادي برشلونة خالل الميركاتو الصيفي القادم‪.‬‬

‫أفــادت أنبـــاء صحفية أن نادي برشلونة‬ ‫اإلسباني سيتحرك خــالل فتـــرة االنتقـــاالت‬ ‫الصيفية المقبلة لتدعيم خط وسطه بأحد أبرز‬ ‫نجوم غريمه أتلتيكو مدريد‪.‬‬ ‫وبذلك سيدخل الفريق الكتالوني في صراع‬ ‫مع فريق ؤتشيبسي اإلنجليزي الذي يرغب هو‬ ‫اآلخر في التعاقد معه‪.‬‬ ‫فريق برشلونة وبعدما تعاقــد مع «فريك‬ ‫يدي يونــغ» وحصل على توقيعــه مقابل ‪86‬‬ ‫مليون يورو خالل فترة االنتقاالت الشتويــة‬ ‫الماضية على أن ينضم للفريق في الصيــف‬

‫القادم وضع عينه على الالعــب «ساؤول» كأحد‬ ‫أبرز االنتدابات التي تسعى إليها وذلك بعدما‬ ‫قرر محاولة إغراء أتلتيكو بتقديم عرض بقيمة‬ ‫‪110‬مليون يورو مما سيجعله الالعب اإلسباني‬ ‫األغلى أجرا في التاريخ‪.‬‬ ‫ويعد ساؤول أحد األهداف القديمة للفريق‬ ‫الكتالوني حيـث كــان عام ‪ 2017‬قريبا من‬ ‫االنتقال إلى برشلونة قبل أن يتمكن فريق‬ ‫أتلتيكو مدريد من إقناعه بتمديد عقده حتى‬ ‫عام ‪ 2026‬بعد رفع الشرط الجزائي في عقده‬ ‫من ‪ 80‬مليون إلى ‪150‬مليون يورو‪.‬‬

‫برشلونة اإلسباني مهدد‬ ‫بعقوبة مالية‬

‫قرعة الدوري الأوربي‬

‫مواجهات قوية بين الفرق المؤهلة‬ ‫أسفرت قرعة الدور ثمــن النهائي لبطولة الدوري األوربي لكــرة‬ ‫القدم عن مواجهات نارية بين األندية التي ضمنت تأهلها‪.‬‬ ‫وجاءت عملية القرعة كالتالي ‪:‬‬ ‫تشيلسي اإلنجليزي ‪ -‬دينامو كييف األوكراني‪.‬‬ ‫انتراخت فرانكفــورت األلمـــاني ‪ -‬إنتر ميالنــو اإليطالي‪.‬‬ ‫دينامو زغرب الكرواتي ‪ -‬بنفيكا البرتغالي‪.‬‬ ‫نابولي اإليطالي ‪ -‬سالزبورغ النمساوي‪.‬‬ ‫بلنسية اإلسباني ‪ -‬كراسنودار الر وسي‪.‬‬ ‫إشبيلية اإلسباني ‪ -‬سالفيا برغ التشيكي ‪.‬‬ ‫وزينيـــت سان بيترسبــورغ الروســـي ‪ -‬فيا ريال اإلسباني‪.‬‬

‫قرر االتحاد األوربي لكرة القدم فتح تحقيق‬ ‫في أحداث الشغب التي ارتكبها عدد من‬ ‫أنصار نادي برشلونة اإلسباني الذين سافروا‬ ‫إلى فرنسا لمتابعة مباراة فريقهم مع ليون‬ ‫الفرنسي برسم ذهـاب الدور ثمن النهائي‬ ‫لدوري أبطال أوربا‪.‬‬ ‫ووفقا لصحيفة «موندو ديبو رتيفو»‬ ‫اإلسبانية فإن االتحاد األوربي فتح تحقيقا حول‬ ‫إشعال عدد من جماهير الكتالوني األلعـــاب‬ ‫النارية خالل هذه المباراة‪.‬‬ ‫وتنص المادة ‪ 152‬من قانون العقوبات‬

‫لالتحاد األوربي لكرة القدم على أن أي فريق‬ ‫مسؤول عن تصرفات وسلوك جماهيره حتى‬ ‫ولو كانت المباراة خارج الديار‪.‬‬ ‫وبذلك يكون نادي برشلونة مهددا بغرامة‬ ‫مالية على غرار ماحدث مع اندية أخرى أبرزها‬ ‫باريس سان جيرمان الفرنسي‪.‬‬ ‫ويبدو أن نادي برشلونة لن يلتزم الصمت‬ ‫حيال هذا التحقيق‪ ،‬حيث تأكد أنه سيتقدم‬ ‫باستئناف في حال توقيع العقوبة عليه مشددا‬ ‫على سلوكه التاريخي الجيد الخالي من أحداث‬ ‫الشغب‪.‬‬

‫الحكم المصري جهاد جريشة مرشح لقيادة كالسيكو‬ ‫الجيش الملكي ‪ -‬الر جاء البيضاوي‬ ‫تدرس أجهزة التحكيم التابعة للجامعة الملكية المنغربية لكرة القدم خيار إسناد‬ ‫مهمة تحكيم مباراة الكالسيكو بين الجيش الملكي والرجاء البيضاوي المرتقبة‬ ‫نصف هذا األسبوع لطاقم تحكيم أجنبي من مصر بعد قيادة الحكم السينغالي‬ ‫ندياي ديربي الشرق المؤجل بين المولودية الوجدية والنهضة البركانية‪.‬‬ ‫وكشفت مصادر من داخل لجنة التحكيم أن أجهزة التحكيم داخل الجامعة تدرس‬ ‫خيار تعيين الحكم المصري جهاد جريشة للفصل في مجريات هذه المواجهة‪.‬‬ ‫الجامعة راسلت االتحاد المصري لكرة القدم في هذا الصدد تفعيال التفاقية‬ ‫الشراكة والتعاون المبرمة بين الجانبين بعد أن سبق لالتحاد المصري االستعانة‬ ‫بخدمات الحكم رضوان جيد في قيادة مباراة عن الدوري المصري قبل أشهر‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫الثالثـاء ‪ 26‬فرباير �إلى ‪ 04‬مار�س ‪2019‬‬

‫العدد ‪982‬‬

‫المجلس الجهوي للسياحة‬ ‫بطنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‪...‬‬

‫السيد محمد مهيدية‬ ‫والياً على جهة طنجة ـ تطوان ـ‬ ‫الحسيمة‬ ‫تسلم السيد محمد مهيدية‪ ،‬بعد ظهر الجمعة الماضي‪،‬‬ ‫خالل حفل أقيم بقصر الوالية‪ ،‬ظهير تعيينه واليا على جهة‬ ‫طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة‪ ،‬خلفا للسيد محمد اليعقوبي الذي‬ ‫عين واليا على عاصمة المملكة وجهتها‪.‬‬ ‫وقد ركز وزير الداخلية‪ ،‬عبد الوافي لفتيت‪ ،‬في كلمته‪،‬‬ ‫بالمناسبة‪ ،‬كما فعل في مناسبات مماثلة‪ ،‬على الجهوية التي‬ ‫اعتبر أنها تضفي دينامية تنموية جديدة من خالل مشاريع‬ ‫كبيرة‪ ،‬في مختلف المجاالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬ ‫والبيئية‪ ،‬من شأنها تحسين ظروف عيش المواطنين ‪.‬‬ ‫كما أشار إلى أن جهة طنجة‪ ،‬تطوان‪ ،‬الحسيمة‪ ،‬انخرطت في‬ ‫هذه الدينامية‪ ،‬حيث إنها حققت‪ ،‬في وقت قياسي‪ ،‬نتائج هامة‪،‬‬ ‫إذ أنها أصبحت تشكل قطبا اقتصاديا رائدا‪ ،‬على المستوى‬ ‫الوطني بفضل مؤهالتها االقتصادية الكبرى لتصير أول قطب‬ ‫وطني لصناعة السيارات وثاني قطب صناعي بالمغرب‪ ،‬وذلك‬ ‫بفضل مخطط «طنجة الكبرى» وبرنامج تطوان ‪. »2018‬‬ ‫كما أشار الوزير إلى برنامج تنمية إقليم الحسيمة‪ ،‬وذكر‬ ‫بالتزامات الدولة‪ ،‬في هذا الشأن ‪،‬من خالل تنفيذ المشاريع‬ ‫المدرجة في مخطط «الحسيمة‪ ،‬منارة المتوسط»‪ ،‬مذكرا‬ ‫بأنه‪ ،‬إلى حدود نهاية السنة الماضية‪ ،‬تم االنتهاء من إنجاز‬ ‫ما مجموعه ‪ 444‬مشروعا‪ ،‬في حين يوجد ‪ 340‬مشروعا‬ ‫في طور اإلنجاز‪ ،‬من بينها ‪ 114‬مشروعا فاقت نسبة تقدم‬ ‫أشغالها ‪ 60‬في المائة‪ ،‬داعيا الوالي الجديد ‪ ،‬ورئيس الجهة‪،‬‬ ‫والمنتخبين وممثلي اإلدارات الجهوية‪ ،‬إلى مزيد من الحرص‬ ‫على تتبع تنفيذ سائر البرامج المدرجة في إطار «الحسيمة‬ ‫منارة المتوسط»‪ ،‬مشددا على أن مواصلة تنمية هذه الجهة‪،‬‬ ‫يتطلب‪ ،‬أيضا‪ ،‬االستثمار الجيد لآلليات الموجودة في إطار‬ ‫الجهوية وميثاق الالتمركز اإلداري‪ ،‬وكذا المنظومة الجديدة‬ ‫للمراكز الجهوية لالستثمار‪.‬‬ ‫ولم يفت وزير الداخلية أن يذكر الوالي وعمال أقاليم‬ ‫الجهة‪ ،‬بضرورة العمل على مواكبة المشاريع التنموية من‬ ‫أجل تحقيق النتائج المرجوة‪ ،‬والعمل على تطوير الخدمات‬ ‫العمومية بالجهة‪ ،‬بغاية النهوض بالخدمة العمومية‪ ،‬وتحقيق‬ ‫العدالة االجتماعية واالنخراط في عملية التحول االقتصادي‬ ‫واالجتماعي المنشود‪ ،‬السيما االلتزام بقواعد الشفافية وروح‬ ‫المسؤولية‪ ،‬والقطع مع بعض الممارسات المشينة‪ ،‬التي تسيء‬ ‫لإلدارة وللموظفين على حد سواء”‪.‬‬ ‫وال شك أن وزير الداخلية له من األسباب ما يدفعه إلى‬ ‫تذكير الوالة والعمال بواجب «اإلنصات للمواطنين» والتواصل‬ ‫معهم ‪ ،‬واعتماد الحوار كمنهج في تدبير المشاكل المطروحة‪،‬‬ ‫وتطبيق سياسة القرب‪ ،‬وأن عمل اإلدارة الترابية ال يرتبط‪،‬‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫فقط‪ ،‬بالتدبير اليومي للشأن العام‪ ، ،‬بل يجب أن يتم بنَف ٍ‬ ‫استراتيجي استباقي لألحداث والتطورات‪ ،‬تجسيدا فعليا لمبدأ‬ ‫الدولة في خدمة المواطن‪.‬‬ ‫لعل وزير الداخلية تعمد تذكير الوالة والعمال‪ ،‬في‬ ‫سياق خطاب تنصيبه لوالي جهة طنجة‪ ،‬بما يشكل جوهر‬ ‫اختصاصاتهم ولب عملهم وطبيعة مسؤولياتهم‪ ،‬في إطار‬ ‫رؤية جديدة لإلدارة العمومية ودورها في خدمة المواطن‬ ‫وتأطيره وتعبئته لتحقيق التغير المنشود والتنمية الشاملة‪.‬‬ ‫ولهذا ربط الوزير التعيينات الجديدة للوالة والعمال‪ ،‬بالسياقات‬ ‫الوطنية المتصلة بالتنزيل العملي لمخطط اإلصالح الذي‬ ‫يظل رهينا بوجود كفاءات بشرية ‪ ،‬قادرة على بلورته بالشكل‬ ‫المطلوب‪ ،‬وواعية بأولويات المرحلة التي تجتازها البالد‪.‬‬

‫األخيرة‬

‫ولم يفت الوزير أن يشير‪ ،‬بالمناسبة‪ ،‬إلى «التحديات‬ ‫األمنية» التي تواجهها البالد‪ ،‬خاصة وأن جهة طنجة‪ ،‬تطوان‪،‬‬ ‫الحسيمة‪ ،‬تعتبر الواجهة الشمالية للمغرب‪ ،‬في وجه القارة‬ ‫األوروبية‪ ،‬وأن البالد تواجه مخاطر مصدرها بعض المجموعات‬ ‫اإلجرامية ‪ ،‬من تجار البشر والمخدرات والتهريب بمختلف‬ ‫أنواعه‪ ، ،‬فضال عن خطر تسلل العناصر اإلرهابية المتربصة‬ ‫بأمن بلدنا الذي رسخ صورته في العالم‪ ،‬كدولة مستقرة وآمنة‪،‬‬ ‫إال أنه يتحتم على كافة األجهزة المعنية باألمن‪ ،‬الحفاظ على‬ ‫روح اليقظة والحذر والتعبئة إلفشال مخططات أعداء الوطن‪.‬‬ ‫ومن حسن الصدف‪ ،‬أن تبادل المناصب بين محمد‬ ‫اليعقوبي ومحمد مهيدية‪ ،‬صادف وجود تشاببه كبير بين‬ ‫تكون الرجلين العلمي ومسارهما المهني‪ ،‬حيث إن األول تخرج‬ ‫من المدرسة الحسنية لألشغال العمومية والثاني من المعهد‬ ‫العالي لألسمنت المسلح بفرنسا‪ .‬كما أن بداية مسارهما‬ ‫المهني انطلق من مهام تقنية حيث تحمل اليعقوبي مهام‬ ‫تدبير استغالل بعض موانئ المملكة‪ ،‬خاصة بأكادير وطنطان‬ ‫والعيون والجرف األصفر قبل توليه إدارة المركز الجهوي‬ ‫لإلستثمار بدكالة ثم طنجة‪ ،‬وذلك ما بين ‪ 1992‬و ‪،2004‬‬ ‫بينما مهيدية اشتغل إطارا باألشغال العمومية و مديرية‬ ‫الطرق ثم مديرا لشركة تهيئة سال الجديدة ما بين ‪ 1982‬و‬ ‫‪ ،1996‬قبل أن ينخرطا في سلك الوالة‪ ،‬األول عامال على عمالة‬ ‫المضيق ‪ -‬الفنيدق ‪ ،‬ثم واليا على والية تطوان ثم واليا على‬ ‫جهة طنجة تطوان الحسيمة‪ 2005( ،‬ـ ‪ )2019‬والثاني عامال‬ ‫على الصخيرات ـ تمارة‪ ،‬ثم واليا على جهة تازة ـ الحسيمة ـ‬ ‫تاونات‪ ،‬فواليا على جهة مراكش تنسيقت الحوز وأخيرا واليا‬ ‫على جهة الرباط ـ سالـ القنيطرة (‪ 2002‬ـ ‪.)2019‬‬ ‫ويشترك الرجالن في خصال مهنية وإنسانية كثيرة‪ ،‬حيث‬ ‫عرفا‪ ،‬خالل مسارهما اإلداري بالكفاءة‪ ،‬والجدية‪ ،‬والصرامة ‪،‬‬ ‫وكونهما رجلي ميدان يغالبان الزمن في تتبعهما الدائم‬ ‫للمشاريع والمنجزات‪ ،‬بإيقاع قوي وسريع‪ ،‬مع االعتراف لهما‬ ‫معا‪ ،‬باألخالق الحميدة‪ ،‬وتعاملهما الطيب مع مساعديهما‬ ‫والمنتخبين ورجال ونساء اإلدارة الجهوية‪ ،‬وانفتاحهما على‬ ‫مكونات المجتمع بروح التشارك والتفهم والتعاون والتآزر‬ ‫والتعاضد‪.‬‬ ‫وكان جاللة الملك قد استقبل‪ ،‬اإلثنين الماضي‪ ،‬الوالة‬ ‫والعمال الجدد باإلدارتين الترابية والمركزية حيث أدوا القسم‬ ‫بين يدي جاللته‪ ،‬ويتعلق األمر بكل من الوالي محمد اليعقوبي‬ ‫‪ ،‬ومحمد مهيدية‪ ،‬وسعيد حميدوش‪ ،‬والي جهة الدار البيضاء‪،‬‬ ‫وعبد السالم بكرات‪ ،‬والي جهة العيون‪ ،‬وبوشعيب يحضيه‪،‬‬ ‫والي جهة درعة‪ ،‬وخطيب لهبيل‪ ،‬والي جهة بني مالل‪ ،‬وعبد‬ ‫الحق حمداوي عامل إقليم بولمان‪ ،‬ومصطفى النوحي‪ ،‬عامل‬ ‫إقليم ميديلت‪ ،‬وحسن الزيتوني‪ ،‬عامل إقليم تنغير‪ ،‬وابراهيم‬ ‫أبو زيد‪ ،‬عامل إقليم سطات‪ ،‬وعلى سالم الشكاف‪ ،‬عامل إقليم‬ ‫مديونة‪ ،‬وخديجة بن الشويخ‪ ،‬عامل عمالة مقاطعة الحي‬ ‫الحسني‪ ،‬وعمر التويمي‪ ،‬عامل عمالة سال‪ ،‬وهشام المدغري‬ ‫العلوي‪ ،‬عامل عمالة المحمدية‪ ،‬وعمر التويمي بنجلون‪ ،‬عامل‬ ‫إقليم صفرو‪ ،‬وعبد اهلل شاطر‪ ،‬عامل إقليم النواصر‪ ،‬والعالمين‬ ‫بو عصام‪ ،‬عامل إقليم العرائش‪ ،‬والحبيب نادر‪ ،‬عامل إقليم‬ ‫سيدي قاسم‪ ،‬ورشيد بنشيخي‪ ،‬عامل إقليم الحوز‪ ،‬ومصطفى‬ ‫النشطي‪ /‬عامل عمالة مقاطعات بنمسيك‪ .‬وحسن مزيرما‪،‬‬ ‫عامل ملحق باإلدارة المركزية بوزارة الداخلية‪.‬‬

‫عزيز كنوني‬

‫انتخابات غير شرعية مع فوز‬ ‫مستحق لرقية العلوي‬

‫ت�صوير ‪ :‬حمودة‬ ‫فازت رقية العلوي‪ ،‬يوم األربعاء المنصرم‪،‬‬ ‫بمنصب رئيس المجلس الجهوي للسياحة‬ ‫بجهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‪ ،‬بعد ساعات‬ ‫من التنافس الحارق‪ ،‬بين مترشحين أساسيين‬ ‫وهما صفوان بنعياد‪ ،‬اإلطار السياحي بطنجة‬ ‫وبخارج المغرب‪ ،‬ورقية العلوي مديرة إحدى‬ ‫الفنادق بتطوان‪ ،‬هذا التنافس الذي خلص‬ ‫بانسحاب صفوان بنعياد‪ ،‬بعد كشفه لعدد من‬ ‫الخروقات المرتكبة بالجمع العام‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫القانون األساسي‪ ،‬وكذا غياب الئحة األعضاء‬ ‫المتوفرين على أحقية التصويت‪ ،‬والتمثيل‬ ‫في المكتب‪ ،‬باقتراح من الهيئات القطاعية‪،‬‬ ‫ما اعتبره بنعياد غير قانوني‪ ،‬ليقرر اإلنسحاب‬ ‫وترك المكان لرقية العلوي‪ .‬رقية العلوي‬ ‫الرئيسة الجديدة للمجلس الجهوي للسياحة‪،‬‬ ‫خـريجـة جامعة “ايكـس مارسيليا” (شعبة إدارة‬ ‫الشؤون اإلقتصادية واإلجتماعية) ذات كفاءة‬ ‫وتجربة كبيرة‪ ،‬منذ أن شغلت عدة مناصب‬ ‫في التدبير والتسيير في قسم المبيعات‪ ،‬ثم‬ ‫في عالـــم التواصــل والتسويق بالمجموعـة‬ ‫الدوليـــة األمريكية “حياة ريجنسي”‪ ،‬ثم‬ ‫اندماجها في المجموعة الدولية الفرنسية‬ ‫“أكور” ‪ ،‬قبل أن يتم تعيينها كمسؤولة داخل‬ ‫المجموعة الفندقية الفرنسية المذكورة سلفا‪،‬‬ ‫ثم كمديرة تجارية قبل أن يتم أيضا تعيينها‬ ‫مديرة عامة‪.‬‬ ‫وتراهـن العلوي على حجم المؤهــالت‬ ‫السياحية المتنوعة والجذابة لهــذه الجهــة‬ ‫والوتيرة التصاعدية لإلستثمارات العمومية‬ ‫والخاصــة‪ ،‬التي عرفــت تطورا كبيــرا خالل‬ ‫السنوات األخيرة وانعكســـت إيجــابـا على‬ ‫المؤشرات الرقمية لقطاع السياحة بالجهة‪.‬‬ ‫و تجدر اإلشارة إلى أنه قد سبـــق لرقيـة‬ ‫العلوي أن صنفت سنة ‪ ،2004‬من بين أفضل‬ ‫‪ 100‬نساء مقاوالت على صعيد المغرب‪ ،‬ومن‬ ‫بين أهدافها في حالة الفوز برئاسة المجلس‪،‬‬

‫إعادة هيكلة المنتوجات والتجهيزات السياحية‬ ‫والخدمات في إطار الحفاظ على محيط دائم‬ ‫ومندمج‪ ،‬بشراكة وتعاون مع جميع المؤسسات‬ ‫العامة والخاصــة في جهــة طنجة‪-‬تطوان‪-‬‬ ‫الحسيمة‪.‬‬ ‫و حسب بعـــض المهنيين والمتتبعين‬ ‫للشأن السياحي بالجهة‪ ،‬فإن المجلس الجهوي‬ ‫للسياحة وعلى مدى سنـــوات طـوال‪ ،‬عـــرف‬ ‫شبهات وتلقى عديد انتقادات حول طريقة‬ ‫تدبيره للمجاالت المنوطة به ما ينتــج عنه‬ ‫ضعف الحصيلة في كل مهامه‪ ،‬وذهب البعض‬ ‫إلى وصف الفترة الفائتة بالجامدة خصوصا‬ ‫وأن استمرار الرئيس السابق في منصبه بعد‬ ‫فقدانه للصفة المهنية التي تخول له رئاسة‬ ‫المجلس‪ ،‬بسبب تخليه عن حصته كمساهم‬ ‫في إحدى المقاوالت السياحيــة المعروفــة‬ ‫بمدينة طنجة‪ ،‬فاستمراره كان ضربا للقانون‬ ‫وعارا على مؤسسة رسميـــة تحظى بتسييــر‬ ‫مجال أقل ما يمكن قوله عنه أنه الدينامو‬ ‫األساسي للحركة اإلقتصادية بجهة طنجة‪-‬‬ ‫تطوان‪-‬الحسيمة‪.‬‬ ‫و ال يفوت الجريدة أن تذكر طريفة من‬ ‫طرائف هذه االنتخابات‪ ،‬عندما خاطب المدير‬ ‫المستقيل من المجلـس أحـــد الصحفيين‬ ‫الحاضرين مباشرة بعد إعالن فوز رقية العلوي‪،‬‬ ‫بلغة شعبية «وقول باز» فرد عليه الصحفي‬ ‫«قول باز وبزيز» وما قصده الشخص المذكور‬ ‫أنه وبالرغم من جميع التالعبات التي تمت‬ ‫باللقاء إال أن مبتغاهم وصلوا إليه بفوز السيدة‬ ‫التي ساندوها و دفعوها بقوة لنيل المنصب‪،‬‬ ‫هذا الشخص ذاته الذي تحدث باسم المجلس‬ ‫وسير اللقاء يوم األربعاء باسم المجلس‪ ،‬هو‬ ‫من األصل ليس له مكان به‪ ،‬فالشرعية إذن‬ ‫إغتصبت بهــذه االنتخابــات من أولها إلى‬ ‫آخرها‪.‬‬

‫ل‪.‬س‬

‫صدار جديد‬

‫إ‬

‫صدر ديوان شعري لمؤلفته ذ‪ .‬نعيمة‬ ‫حسكة‪ ،‬بدعم من الدكتور حسن السويطي‪،‬‬ ‫تحت عنوان ‪« :‬نزف اليمام» قدم له األستاذ‬ ‫الميلـودي الوريـدي‪ ،‬وممـــا جـاء في تقديمه‪:‬‬ ‫«وبالرجوع إلى متنها الشعري‪ ،‬ومنذ العتبة‬ ‫الغالفية تطالعنـــا الصورة الشعريـــة التي‬ ‫تحققها العتبة‪ ،‬ســواء لفظـا أو إحالة‪ ،‬فالواضح‬ ‫أن التركيب اإلضافي الموجز يرسم بأقل عدد‬ ‫من األحرف واألصوات صورة أيقونة غنية‬ ‫في أنساقها المرجعية والتناصية تعمل هي‬ ‫األخرى على تفجير صور مخيالية‪ ،‬وهذه المرة‬ ‫في ذهن المتلقي‪ ..‬بحيث يستطيع القارئ‬ ‫المزج بين «الترف» كمنبع إنساني للصورة‬ ‫و«اليمام» كمنبع كوني خارجي لها في صور‬ ‫توالدية غاية في االنزياح والمغايرة‪ ،‬ولعمري‬ ‫أن هذا ما يميز اللغة الشعرية عن غيرها من‬ ‫الملفوظات‪.»...‬‬ ‫وممـــا جــاء فـي تقـــديـــم األستــاذ‬ ‫سعيد حداوي ـ كذلك ـ ‪« :‬يحبل ديوان «نزف‬ ‫اليمام» بالعديد من اإلشراقات الشعرية التي‬ ‫تتنفس مساحة من األمل رغم المناخ التراجيدي الذي يؤثت مجمل القصائد‪ ،‬وهو ما يدل‬ ‫على أن الذات الشاعرة منخرطة بعمق في المخاضات العسيرة التي تعرفها الساحة الثقافية‬ ‫والشعرية على وجه الخصوص‪ ،‬وسط تحوالت مجتمعية وقيمية‪ ،‬غير مضبوطة التقاسيم‪،‬‬ ‫من هنا يولد اإلحساس بالقلق‪ ،‬إن لم نقر أن أصل الكتابة الشعرية يتأسس على السؤال‬ ‫المقلق ال المهادن »‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.