Achamal n° 989 le 16 Avril 2019

Page 1

‫كوميديا التعريب‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 989‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪� 10‬شعبان ‪� 16 / 1440‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫«شارل أوندري جوليان» أول عميد‬ ‫كلية اآلداب بالرباط كتب في فاتح نونبر‬ ‫‪ 1960‬مايلي»‬ ‫« نمجد الثقافة العربية‪ ،‬لكننا نناضل‬ ‫على أبواب مدارس البعثة للحصول على‬ ‫مقاعد في المؤسسات الفرنسية‪.‬‬ ‫النتيجة ستظهر في السنوات القليلة‬ ‫القادمة‪ ،‬سيكـون في المغـــرب فئتــان‬ ‫اجتماعيتان‪:‬‬ ‫فئة المحظوظين الذين استفادوا‬ ‫من ثقافة غربية معطاة ببهاء وإنعام‬ ‫سيشغلون بها مناصب قيادية‪.‬‬ ‫وكتلة محصورة في الدراسات العربية المهيكلة برداءة في الظروف الراهنة والتي ستحصرهم‬ ‫في األطر المساعد‪.‬‬ ‫بالصبر والمنهجية كانوا سيتمكنون من الحصول على نتيجة أخرى‪ ،‬تسمح بإعطاء جميع‬ ‫األطفال فرص متساوية للمستقبل»‪.‬‬

‫«التعاقد مع األساتذة إلى أين»‬

‫دخلت معضلة األساتذة المتعاقدين أسبوعها السادس‪ ،‬دون أن تلوح في األفق بارقة أمل حقيقية للخروج منها !‬ ‫ال يجادل أحد في كون االحتقان في حقل من حقول القيم البانية للمجتمع ـ مثل حقل التربية والتعليم ـ يتزايد ويتعمق‪،‬‬ ‫فيعوق بذالك مبادرات ذات صلة بورش إصالح المنظومة التربوية و التعليمية ببالدنا !‬ ‫طرف أول في هذه النازلة يقول‪:‬‬ ‫«التعاقد» يسد خصاصا كميا هائال من األساتذة؛ وهو بهذا يقضي على ظواهر شاذة في نظامنا التعليمي؛ مثل ظاهرة القسم المشترك ! ويوفر ‪70.000‬‬ ‫«متعاقد» أو إطار‪/‬أستاذ في الوقت الذي كان العدد في السابق ال يتجاوز ‪ « 7000‬أستاذ» أو منصب؛ تسمح به وزارة المالية ! فضال عن ذلك فهذا «التعاقد»‬ ‫وُضع له قانون خاص؛ «قانون أطر األكاديميات» ! وهو ال يتعارض شكال و جوهرا مع القانون ‪! 69-00‬؟‬ ‫وطرف ثان متضرر يبني موقفه على كون «التعاقد» يعمق المعاناة النبنائه على التمييز؛ و التمييز مرفوض في دولة «الحق» و «القانون»؛ مهنيا‬ ‫وقانونيا وأخالقيا و سياسيا‪.‬‬ ‫وهذا التعاقد مملى‪...‬إلضفاء مزيد من الهشاشة على تعليمنا العمومي لفائدة جهات مستفيدة !‬ ‫وهو في اآلن ذاته يرسم التمييز العتماده تصنيفات فئوية؛ رسمي‪ ،‬غير رسمي ‪! ...‬‬ ‫وهو في خاتمة المطاف‪ ،‬يحرم المتعاقدين من االستفادة من التكوين األساسي‪ ،‬ويصادر حقهم في المشاركة في الحركة االنتقالية الوطنية‪ ،‬و يمنعهم‬ ‫من االستفادة من تغيير اإلطار و مزاولة وظائف أو مهام‪ ،‬ذات صلة بمهنتهم‪ ،‬و يرميهم في دائرة حرمان من تعاقد يصون كرامتهم‪.‬‬ ‫وهو في األخير يهددهم بفقدان منصبهم بفسخ «العقد» في حالة مرضهم ‪.‬‬ ‫إن المطلب الرئيس في هذا األمر هو إلغاء التعاقد و إدماج أطر التعليم في نظام واحد ضامن للحقوق‪ ،‬حقوق مربي و أساتذة األجيال‪.‬‬ ‫أما بعض رؤساء األحزاب التي كان لها مشروع مجتمعي حقيقي اختاروا ـ انتصاراً لمنطق سياسة الريع ـ الدفاع عن «تعاقد» ظالم و غير أخالقي‪! ...‬‬

‫كلمة الشمال‬

‫رئيس التحرير‬


‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫العدد ‪989‬‬

‫مشاهدات من السوق الداخلي‬

‫ِرج ٌل»‬ ‫«اليد التي ال تكتب ْ‬ ‫عندما تأملت مليا في األمر‪ ،‬تساءلت وأنا عائد‬ ‫منذ شهرين تقريـا‪ ،‬وأنا أشاهـد يوميـــا‬ ‫إلى بيتي مساء‪:‬‬ ‫في طريقي‪ ،‬خارجا من بيتي مارا بـ «السوق‬ ‫هل اندحار القراءة قدر عربي؟‬ ‫الداخلي بطنجة»‪ ،‬امرأة ما بين الستيــن أو‬ ‫الفضاء االفتراضي والرقمــي اكتسحا كـــل‬ ‫السبعين من عمرها تجلس بمقهى شعبي‬ ‫الجغرافيات اإلنسانيــة‪ ،‬ومآل حياة النــاس بكل‬ ‫جدا‪ ،‬وسط عموم البسطاء من الناس‪ ،‬تشرب‬ ‫فئاتهم العمريـــة‪ ،‬لكن القراءة الورقيــة ظلت‬ ‫شايا مغربيا محضا‪ ،‬وتقرأ بين يديها كتابا يقع‬ ‫عندهم ذات شغـف روحي ال يقــاوم‪ ،‬وال يمكن‬ ‫في تقديري بين ‪ 500‬أو ‪ 700‬صفحة‪.‬‬ ‫أن تلغيه أية قوة ساحرة بديلة‪ ،‬ألن القراءة هي‬ ‫امرأة لم تسمح لي أناقتها الواضحة‪ ،‬وال‬ ‫هوية روحية صاحبت اإلنسان منذ وجوده األول‪.‬‬ ‫هيأتها المرفهة‪ ،‬بتحديد جنسيتها‪ .‬لكن سمح‬ ‫قرأت في كتاب «لسان آدم» للكاتب المغربي‬ ‫لي وضعها المثير أن أنتبه إلى أنها لم ترفع‬ ‫األشهر عبدالفتاح كيليطو أن أول قصيدة شعرية‬ ‫عينيها عما تقرأ‪ ،‬أن أنتبه إلى أنها أكملــــت‬ ‫ظهرت للوجود هي قصيدة رثائية نظمها آدم‬ ‫المويسي‬ ‫اإلله‬ ‫عبد‬ ‫نفس‬ ‫خالل الشهرين قراءة ثالثة كتب من‬ ‫عليه الصالة والسالم في رثاء ابنه هابيل‪.‬‬ ‫الحجم‪.‬‬ ‫وآثرتني قولــة رهيبــة صادفتــها في كتــــاب «صبح األعشى في‬ ‫ِّ‬ ‫القراءة‪ ،‬ولربما الكتابة‪ ،‬تحتاجان فقط لعينين مركزتين على كتابة اإلنشا» ألبي العباس القلقشندي تقول ‪« :‬اليد التي ال تكتب‬ ‫سواد الحروف‪ .‬تحتاجان لما هو أبسط‪ ...‬شايا خفيفا‪ ،‬ومحيطا حيويا‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ِرجْل»‪.‬‬ ‫أتخيل اآلن ماذا يمكن أن تفعله بحياتك ‪ 2100‬صفحة من القـراءة‬ ‫أليس ـ على سبيل التناص الداللي ـ من حقنا أن نجرأ ونقول‪..‬‬ ‫«العين التي تقرأ ت ْفقأ»‪.‬‬ ‫خالل شهرين‪ .‬أتخيل هذا العدد مضروبا في عدد سنوات عمرك‪.‬‬

‫طنجة ملجأ روحي لـ ”‪“Beat Generation‬‬ ‫الحلقة األولى‬

‫ظهرت جماعة «‪ »Beat Generation‬في خمسينات القرن العشرين‬ ‫بالواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وبالضبط بعد الحرب العالمية الثانية‪ .‬وهي‬ ‫واحدة من أكبر الحركات الفنية واألدبية التي طبعت المناخ الثقافي العام‬ ‫بأمريكا وأوروبا‪ ،‬على اعتبارا أنها ستشكل فيما بعد نموذجا إلهاميا للحركات‬ ‫االحتجاجية التي تعاقبت في الستينيات‪.‬‬ ‫والمعروف أن الجماعة ارتكزت في مشروعها الثقافي ورؤيتها للعالم على‬ ‫إنشاء تصور جديد‪ ،‬ورؤية مخالفة‪ ،‬استهجنت تجربة المنحى العقاري واالقتصاد‬ ‫المادي‪ ،‬وتغول المد الرأسمالي‪ ،‬واإلنسان الممتثل‪ ،‬ومالت إلى نبذ التمجيد‪،‬‬ ‫وتقويض كل وسائل التعبير التي عاصرتها‪.‬‬ ‫والمعروف أيضا أن هذه «الحلقة» األدبية والفنية تبنت منظورا فلسفيا‬ ‫عبثيا للجنس‪ ،‬واتجهت إلى االهتمـام بالديانات الشرقيـة باعتبارها ديانات‬ ‫تتعالى عن النفسيات االستهالكية‪ ،‬وتترفع عن عقيدة المتعة‪.‬‬

‫صورة لبعض رواد من الجماعة بطنجة‬

‫ويعتبر «ألن غينسبرغ» و«ويليام بوروز» و»جاك كيرواك»من أهم كتاب‬ ‫الجماعة‪ ،‬والملهمين الروحيين ألعضائها‪.‬‬ ‫سنــة ‪ ،1954‬وبعـــد مرحـــلـــة عصيبـــة من حيـــاتــــه سيــقـــرر‬ ‫‪« William S. Burroughs‬ويليام بوروز» العيش في طنجة‪ .‬وسيكرس‬ ‫إقامته األولى بها لتأليف كتابه «الغذاء العاري»‪ ،‬والذي سيقارب فيه موضوع‬ ‫التشويه المكاني والزمني وظواهر القلق‪.‬‬ ‫كانت شهرة طنجة قد انطلقت في اآلفاق كمدينة لإللهام الفني واألدبي‪،‬‬ ‫واشتهرت على وجه الخصوص في أعمال «بريون جيسين»‪Brion Gysin‬‬ ‫‪ 1986 - 1916‬الرسام والكاتب والشاعر والفنان البريطاني الكندي‪.‬‬ ‫وكان ‪ Brion Gysin‬قد انتقل إلى طنجة في عام ‪ 1950‬مع الرسام‬ ‫المغربي محمد الحمري المنحدر من مدينة القصرالكبير (‪.)2000 - 1932‬‬ ‫شارك الرجالن في تأسيس مطعم «‪ 1001‬ليلة» مع موسيقيين بارزين من‬ ‫قرية «‪ »Jajouka‬المطلة على القصر الكبير‪.‬‬

‫مساء كل ليلة تقريبًا كانت فرقة «‪ »Jajouka‬تشعل المكان بعروضها‬ ‫الموسيقية التي جلبت العديد من المتذوقين للفن الفطري‪.‬‬ ‫بمجرد وصوله إلى طنجة‪ ،‬أصبح وليام بوروز (‪ )1997 - 1914‬زبونا منتظمًا‬ ‫للمطعم‪..‬‬ ‫ومعلوم أن «جاك كيرواك» هو أول من استخدم مصطلح« «�‪Beat Gene‬‬ ‫‪ »ration‬في عام ‪ ،1948‬لوصف مجموعة أصدقائه في ذلك الوقت ‪William‬‬ ‫‪ Burroughs‬و‪.Allen Ginsberg‬‬ ‫عام ‪ ،1957‬سيأتي «جاك كيرواك» إلى طنجة لزيارة صديقه «ويليام‬ ‫بوروز»‪ ،‬حيث ستدهشه المدينة وقتها بمنحاها المائل إلى البساطة وعفوية‬ ‫العيش‪ ،‬وحيث سيجد فيها المدينة المأمولة التي ستمنحه راحة البال‪.‬‬ ‫مفتونا بالكتابات األولى لـ «بول بولز» في طنجة‪ ،‬ستتأثر أعمال «بريون‬ ‫جيسين بقضايا الدهشة والتلقائية اإلنسانية‪ ،‬ونبذ االمتثال‪.‬‬ ‫أصبح كتـاب حركــة «‪ »Beat Generation‬أكثر عددا بالمدينة الشمالية‬ ‫طنجة‪ ،‬وأصبحت هي بدورها مهربهم الروحي‪.‬‬ ‫بعد مرور بعض الوقت على قدوم جاك كيرواك إلى طنجة‪ ،‬انتقل الشاعر‬ ‫والممثل «بيتر أورلوفسكي» (‪ )2010 - 1933‬هو اآلخر إليها‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫رفيقه الشاعر والفيلسوف والكاتب «ألن غينسبرغ» (‪.)1997 - 1926‬‬ ‫في يوم الجمعة ‪ 22‬مـــارس ‪ ،1957‬يصــل «بيتر أورلوفسكي» و«ألن‬ ‫غينسبرغ» إلى طنجـــة‪ ،‬حيــث كان «ويليــام بوروز» و«جاك كيرواك» في‬ ‫استقبالهما‪.‬‬ ‫كان «كيرواك» قد قضى شهرا تقريبا‪ ،‬يشتغل على مسودة كتاب «بوروز»‪،‬‬ ‫«الغداء العاري»‪ .‬وبعد مغادرته المغرب سيقرر «بيتر أورلوفسكي» و«ألن‬ ‫غينسبرغ» االنتقال لإلقامة بغرفته بالفندق في «فيال مونيريا»‪.‬‬ ‫في هذه الغرفة الصغيرة‪ ،‬كتب «بيتر أورلوفسكي» رسائل طويلة إلى‬ ‫والدته وأصدقائه وعائلته‪ ،‬واصفا الحياة اليومية لسكان طنجة بالمدهشة‪.‬‬ ‫في يونيو‪ ،‬غادر المؤلف وشريكه مدينة طنجة‪ ،‬تاركين «بوروز» إلى كتاباته‪.‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫مدير النشر و رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيدة الورياغلي‬ ‫هدى املجاطي‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫�سليمان احلقيــوي‬ ‫محمد ال�سعيدي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫العدد ‪989‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫دردشة‬ ‫من األسطوانات التي مللنا سماعها‪ ،‬حماية المستهلك‪ ،‬نسمعها في المقاهي‪ ،‬نسمعها‬ ‫في المنتديات‪ ،‬نسمعها في عدة تجمعات‪.‬‬ ‫والسؤاالن اللذان أطرحهما على نفسي كلما سمعت هذه األسطوانة‪ :‬ممن نحميه؟‬ ‫وكيف نحميه؟‬ ‫أجل‪ ،‬ممن نحميه؟‬ ‫هل نحميه من المسؤولين الذين حين تضيق بهم السبل‪ ،‬وتسدُّ في وجوههم‬ ‫المسالك‪ ،‬يلجأون إلى ضرب قدرته الشرائية؟‬ ‫هل نحميه من المضاربين الجشعين‪ ،‬الذين يجدون في الغش واالحتكار‪ ،‬مرتعهم‬ ‫الخصب‪ّ ،‬‬ ‫فينكلون بمستهلكنا المسكين أيما تنكيل‪ ،‬ويتفننون في ابتزازه واستغالله؟‬ ‫هل نحميه من عائلته التي تجاهد فيه حق الجهاد‪ ،‬فتحمله ما يطيق و ما ال يطيق‪،‬‬ ‫وتستنزف قواه وما كسبت يداه؟‬ ‫هل نحميه من نفسه حين تزين له التبذير واإلسراف‪ ،‬في المناسبات واألعراس‪ ،‬بداعي‬ ‫الحفاظ على التقاليد واألعراف؟‬ ‫وإذا أردنا أن نحميه من كل هؤالء‪ ،‬فكيف نحميه؟ وما هي التدابير التي ستُتخذ لحمايته؟‬ ‫سنستأنس بالحكمة القائلة‪« :‬داوني بالتي كانت هي الداء»‪ .‬فنستخلص من هؤالء‬ ‫المتسلطين‪ ،‬ما يكسب مستهلكنا قدرا من المناعة‪.‬‬ ‫ولنبدأ بالس ْلم االجتماعي الذي تنادي به الدولة كلما أحست بأن السيل بلغ الزبى‪.‬‬ ‫هذا الس ْلم قد يكون تدبيرا مهما من تدابير حماية المستهلك‪ ،‬لكن على أساس توقيع‬ ‫ميثاق شرف‪ ،‬يلتزم فيه المسؤولون التزاما ال رجعة فيه‪ ،‬بالحفاظ على التوازن بين األجور‬ ‫والمصاريف‪ ،‬أو ما يسميه البعض بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن‪ ،‬فإذا كانت هناك‬ ‫زيادة في األسعار‪ ،‬فينبغي أن تواكبها ‪ -‬أوتوماتيكيا ‪ -‬زيادة في الرواتب‪ ،‬في القطاعين‬ ‫العام والخاص‪ ،‬على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة‪ ،‬واألمم الراقية‪.‬‬ ‫والمصالح االقتصادية المنبثة في عماالت وأقاليم المملكة‪ ،‬يمكنها أن تساهم هي‬ ‫األخرى في هذه التدابير‪ ،‬بتحريك أسطولها المتمثل في فرق مراقبة األسعار‪ ،‬ومحاربة‬ ‫الغش واالحتكار‪ ،‬وإنزاله إلى أرض الواقع‪ ،‬ليشعر التجار في أقاصي األسواق ودانيها‪ ،‬أن‬ ‫هناك من يحصي عليهم حركاتهم وسكناتهم‪ ،‬فيضطرون إلى احترام األسعار وإشهارها‪،‬‬ ‫ويضطرون إلى الحرص على مراعاة الجودة فيما يعرضون وفيما يدَّخرون‪.‬‬ ‫وبذلك سيشتري المستهلك قارورة الزيت بثمن موحَّد‪ ،‬وسيشتري القطاني بسعر‬ ‫موحد‪ ،‬وسيقتني مواد أخرى بتعريفة موحدة‪ ،‬وسيختفي التفاوت في األثمان الذي نلمسه‬ ‫بين هذا الدكان‪ ،‬والدكان المجاور له‪ ،‬وهذا المتجر‪ ،‬والمتجر المقابل له‪.‬‬ ‫ويأتي دور جمعيات حماية المستهلك كهيئـات استشاريـة‪ ،‬يمكن أن تقـدم خدمات‬ ‫للمستهلك‪ ،‬وتقف إلى جانبه‪ ،‬وتدافع لدى الجهات المختصة عن مصالحه‪.‬‬ ‫وحتى المستهلك نفسه‪ ،‬قد يكون ضلعا في هذا المربع‪ ،‬فإذا ترفق بمداخيله‬ ‫ومصاريفه‪ ،‬ولم ينسقْ وراء األعراف والتقاليد‪ ،‬عند إقامة عرس أو االحتفال بعيد‪ ،‬فسيكون‬ ‫عنصرا مساهما في حماية نفسه من التبذير واإلسراف‪.‬‬ ‫هي منظومة متساوية األضالع‪ ،‬يتحمل فيها كل طرف نصيبه من مسؤولية حماية‬ ‫المستهلك‪.‬‬ ‫فإذا حمي قوال وفعال‪ ،‬فقد نعيد النظر في األسطوانة التي تحدَّثنا عنها آنفا‪ ،‬وقد‬ ‫نستعذب اإلنصات إليها‪ ،‬وقد نردد ‪ -‬مع المرددين ‪ -‬بعض مقاطعها أو الزمتها‪.‬‬

‫وتستمر الحكاية مع اللغة‪...‬؟!‬ ‫‬‫أعرف أنني سأقتحم انشغاال وطنيا‬ ‫عصيا‪ ،‬قد يكون االصطفاف وراء موقف من‬ ‫لغة أو أخرى تعبيرا عن عصبية أو مصالح‪،‬‬ ‫وقد يكون عن وعي أو غير وعي‪ ،‬وقد يكون‬ ‫تناول إشكال اللغة مبنيا على رؤية علمية و‬ ‫موضوعية تنتصر للمستقبل و ال تصطف‬ ‫مع هذا الجناح أو ذاك‪.‬‬ ‫إني لست إال واحدا من أبناء هذا البلد‬ ‫وشعبه‪ ،‬ممن التقوا في طريقهم منذ‬ ‫النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي‬ ‫بسحر اللغة العالمة انطالقا من المسيد‬ ‫ثم المدرسة و الجامعة والوظيفة‪ ،‬والحياة‬ ‫بصفة عامة‪ ،‬في كل مرحلة كانت اللغة‬ ‫تستقبلك بانغالقها المرثم تفتح لك شيئا‬ ‫فشيئا مكنوناتها الحلوة‪ ،‬وبين العتمة‬ ‫واإلضاءة‪ ،‬وبين القسوة واللذة تسير بك‬ ‫اللغة نحو عوالمها وقد تخبو شعلتها وال‬ ‫يبقى إال الرماد وقد تتوهج وتعدك بالمزيد‬ ‫فيجن نهمك‪.‬‬

‫العربية‪:‬‬

‫‪3‬‬

‫كانت اللقيا بالعربيــة في المسيـــد‬ ‫ممزوجة باللوح والصمغ والقلم القصبي‬ ‫والدواة‪ ،‬منقوعة في ترداد األقران لآليات‬ ‫الذي تتبع توجيهات الفقيه وتحتاط من‬ ‫لسعات عوده‪ ،‬وكانت الجنة والنار والدنيا‬ ‫واآلخرة هي المهيمنــة على ما تبقى من‬ ‫المعاني‪.‬‬ ‫في المدرسة كان العناق الصعب بعد‬ ‫الخروج من اللقيا الملزمة‪ ،‬ألن حرية الشغب‬ ‫قد تعلو على ما سواها‪ ،‬في المدرسة تغيرت‬ ‫األجواء من الحصير إلى الطاولة‪ ،‬وامتزجت‬ ‫الحروف بالريشة والمحبرة والمنشفة‬ ‫وبالكتاب «أقرأ»‪ ،‬وأخذت اللغة تتخذ منحى‬ ‫فرديا أكثر منه جماعي‪.‬‬ ‫ومن الحــرف اليتيــم إلى الجملة‬ ‫الخاطفة إلى النص المدهش إلى دفء‬ ‫الكتاب كانت العربية تتسلق لتحجز مكانها‬ ‫األثير في الخاليا الالمرئية وتغزل خيوطها‬ ‫وتصنع أعشاشا لتوالدها األبدي‪.‬‬

‫عبد الحي مفتاح‬ ‫على اآلخر وإمكانية أخرى لمعانقة الحياة‬ ‫المزركشة ولو أن لها متعتها فإنها تبقى‬ ‫دائما أقوى تمنعا من العربية‪.‬‬

‫اإلنجليزية‪:‬‬

‫الفرنسية‪:‬‬

‫اإلشاعات المغرضة حول مطبات هذه‬ ‫اللغة و تعقيداتها سبقت اللقيا بها‪ ،‬ال‬ ‫أعرف من أين كانت تأتي هذه الرهبة من‬ ‫الفرنسية‪ ،‬ربما ألنها كانت آتية من بعيد‪،‬‬ ‫أو من الخارج ويتكلم بها بشر أنيقون‬ ‫يملكون كل أسباب التقانة‪ ،‬وربما ألنها لغة‬ ‫متهتكة‪ ،‬أو بكل بساطة ألنها لغة جديدة‬ ‫غريبة سينضاف ثقل تعلمها إلى جانب لغة‬ ‫أخرى بالكاد بدأ ذاك الطفل التلميذ يفك‬ ‫طالسمها‪.‬‬ ‫بدأنا بالحرف والصور والكلمات ثم‬ ‫«اقرأ وافهم» إلى آخر السلسلة‪ ،‬فتحللت‬ ‫تلك العقدة النفسية من هذه اللغة خيطا‬ ‫خيطا‪ ،‬الفارق بينها وبين العربية هو أن‬ ‫هذه األخيرة كانت فضاءات التحدث بها‬ ‫واسعة‪ ،‬والكتب المكتوبة بها في المتناول‬ ‫أكثر‪ ،‬لكن بالفرنسية عرفنا «البؤساء»‬ ‫و»بدون عائلة» ومن بعد أفالما رائعة‪...‬‬ ‫كما عرفنا «ألف ليلة وليلة» و «النظرات‬ ‫والعبرات بالعربية»‪ ،...‬وظلت الفرنسية‬ ‫مجاورة للعربية دائما حتى أن الفرنسية‬ ‫بدأت تتفوق أحيانا على أختها العربية في‬ ‫بعض المصطلحات والمسكوكات و نحتت‬ ‫لنفسها مكانا في اللسان والخطاب‪ ،‬وال‬ ‫يمكن بأي حال من األحوال إال أن نطمئن‬ ‫إليها وتطمئن إلينا ألنها نافذة مشرعة‬

‫هذه اللغة خضنا غمارها و نحن أقرب‬ ‫إلى النضج‪ ،‬لم تكن الرهبة من تعلمها‬ ‫بقدر الرهبة التي انتابتنا ونحن نتعلم‬ ‫الفرنسية‪ ،‬كان تقدمنا فيها سريعا في‬ ‫كتب شيقة «األشياء األولى أوال»‪ ،‬لم يكن‬ ‫يستعصي علينا إال نطقها أو فهم من‬ ‫ينطق بها جيدا‪ ،‬وألن استعمالها كان أقل‬ ‫من اللغتين السابقتين فقد اندثر الكثير‬ ‫مما ترسب منها‪.‬‬

‫اإلسبانية‪:‬‬

‫لغة الجيران التي كنا نسمعها أكثر‬ ‫من أصحابها في األحايث المباشرة‪،‬‬ ‫فكانت تغرينا غرابتها أن نقترب منها أكثر‬ ‫لنفهمها‪ ،‬تعلمنا شيئا منها في مؤسسة‬ ‫«سيرفانتيس»‪ ،‬وخبرنا أن ظاهرها ليس‬ ‫كباطنها‪ ،‬فإن كانت فيما هو شفوي بسيط‬ ‫تنقاد بسهولة فإنها في المكتوب العالم‬ ‫تنغلق على من لم يملك لب مفاتيحها‪،‬‬ ‫والقليل الذي ترسب و بقي منها ال يمكن‬ ‫أن يكون مقنعا إذا لم ترفده الفرنسية كما‬ ‫ترفد ما اندثر من االنجليزية‪.‬‬ ‫إن غواية اللغة تبقى سرا من أسرار‬ ‫اإلنسان أو الحيوان الناطق‪ ،‬فمن يمتلك‬ ‫لغة تغويه باستمرار اللغات األخرى‪ ،‬ومن‬ ‫يمتلك لغة واحدة يحتاج باستمرار إلى‬ ‫الترجمة‪ ،‬ومن يمتلك لغات متعددة يملك‬ ‫خيارات متعددة وال يحتاج في الغالب إلى‬ ‫وسطاء‪ ،‬لكن مع هذا كله تبقى عالقة‬ ‫اإلنسان باللغة تمتاز بالغرابة‪ ،‬ومن وجوه‬ ‫الغرابة تفوق بعض األشخاص دون‬ ‫اآلخرين فيها إذ ال يقتصرون على التخاطب‬ ‫أو التواصل العادي بها بل يصنعون منها‬ ‫سحرا لم يزل يفتننا إلى آخر رمق‪.‬‬

‫رحيل السيد‬ ‫«الضمير المشترك»‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫توصلت من صديقي العزيز الدكتور عبد الواحد الطريس‬ ‫بنص رسالي قصير باإلسبانية عبر الوتساب ؛ وهو ذو بعد تربوي‬ ‫تخليقي‪ ،‬راقني مضمونه فقمت بتعريبه بتصرف موثرا داللة‬ ‫الضمير بما هي استعداد نفسي لتبين الحسن والقبيح‪ ..‬والحكم‬ ‫األخالقي على أفعـال ومسلكيــات‪..‬‬ ‫أصدقائي األعزاء ‪:‬‬ ‫لقد غادرنا صديقنا الكبير السيد « الضمير المشترك» بعد أن‬ ‫عاش بيننا مدة طويلة‪..‬‬ ‫ال أحد منا يعرف بدقة كم كان عمره ؛ حيث ضاعت بيانات‬ ‫ميالده بسبب صعوبات حياتية وفشو البيروقراطية‪..‬‬ ‫سنتذكر هذا الصديق الكبير لكونه عرف كيف يغرس دروسا‬ ‫نفيسة من قبيل ‪:‬‬ ‫• األخالقي مبدأ أساس‬ ‫• النظام والنظافة‬ ‫• النزاهة واالستقامة‬ ‫• دقة المواعيد‬ ‫• المسؤولية‬ ‫• الرغبة في التغلب على المكاره والصعاب‬ ‫• احترام القوانين واألنظمة‬ ‫• احترام حقوق اآلخرين‬ ‫• حب العمل‬ ‫• بذل المجهـود في التوفيـر من أجل استهالك يفي بالحاجيات‬ ‫طيلة حياة صديقنا الكبير السيد «الضمير المشترك» عاش بسر‬ ‫كلمتين فعاليتين ‪:‬‬ ‫• ال تستهلك أكثر مما تكسب‬ ‫• اليافعون هم الذين يتعين أن يكونوا موضع رعاية وليس‬ ‫األطفال‬ ‫خسر صديقنا الكبيـر السيد «الضمير المشترك» ميدانــه‪،‬‬ ‫عندمــا هاجم اآلباء المدرسين لمجرد قيامهم بمحاولة تأديب‬ ‫أبنائهم غير المتأدبين؛ وهي المهمة التي فشل فيها اآلباء نتيجة‬ ‫خلطهم بين حقوق اإلنسان وعدم معاقبة المراهقين فعطلوا‬ ‫بهذا سلطة العدالة وسلطة موظفي النظام واألمن‪..‬‬ ‫فقد صديقنا الكبير السيد «الضمير المشترك» رغبته في الحياة‬ ‫عندما باعت وسائل اإلعالم واالتصال أقالمها وأصواتها ألكبر‬ ‫مزايد يدفع‪ ..‬فخسرت بذلك «أخالقية المهنة» بإسكات الحقيقة‪..‬‬ ‫حضر جنازة صديقنا الكبير السيد «الضمير المشترك» كل من ‪:‬‬ ‫• الحقيقة والضمير‬ ‫• زوجة الراحل ‪ :‬البصيرة والحكمة‬ ‫• بنته ‪ :‬المسؤولية‬ ‫• نجله ‪ :‬التفكير والتعقل‬ ‫رحل صديقنا الكبير السيد «الضمير المشترك» ‪ ،‬وبقي ثالثة‬ ‫إخوة له من أمه ‪ ،‬وهم ‪:‬‬ ‫• ال أعترف إال بحقوقي‪..‬‬ ‫• اآلخرون هم الجحيم‬ ‫• أنا ضحية المجتمع‬ ‫لم يحضر جنازة صديقنا لكبير السيد «الضمير المشترك» سوى‬ ‫نفر قليل من الناس‪ ،‬ألن غالبيتهم لم يكونوا على علم برحيله‪.‬‬ ‫صديقي المستمع ‪:‬‬ ‫إذا كنــت ما زلت تتذكـر صديقنا الكبيــر السيد «الضمير‬ ‫المشترك»‪ ،‬أرجو منــك أن تعمل على مساعدة اآلخريـن حتى‬ ‫يتذكــروه‪ ..‬أو اعمـل بعكـــس هذا‪ ،‬فانضم إلى أغلبية وال تفعل‬ ‫شيئا‪.‬‬ ‫صديقي المستمع ‪:‬‬ ‫ال يغب عن نباهتك أن اآلدميين طائفتان ‪:‬‬ ‫• طائفة تحب وتبني‬ ‫• طائفة تكره وتفني‬ ‫صديقي المستمع ‪:‬‬ ‫اختر لنفسك ما يحلو‪..‬‬


‫العدد ‪989‬‬

‫مؤسسة «‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫‪4‬‬

‫» تكرم إعالميين في ذكراها العاشرة‬

‫أطفـــأت مؤسســة بريــس تطوان اإلعالمية‪ ،‬مساء الجمعة ‪ 29‬مارس ‪ 2019‬شمعتها العاشرة محتفلة بمرور عقد على تأسيسها‪ .‬وعبرت الجريدة في كلمة افتتاحية للحفل الذي احتضنته قاعة‬ ‫«جنة بالص» بمرتيل‪ ،‬عن امتنانها لثقة المتعاطفين والزوار لموقع الجريدة اإلخباري ومتابعتهم لتغطياته الصحفية ومعالجته لقضايا المدينة وانشغاالت ساكنتها‪ ،‬شاكرة في الوقت ذاته كافة‬ ‫فعاليات المدينة ومسؤوليها والمستشهرين على دعمهم وتشجيعهم للطاقم اإلداري والصحفي الشاب بالجريدة‪.‬‬ ‫وتعهدت بريس تطوان بمواصلة العمل مستقبال لتطوير منتوجها اإلعالمي الجاد وتحقيق انتظارات المواطنين عبر طرح قضاياهم وانشغاالتهم‪ ،‬وفق مقاربة تعتمد على االستماع والتواصل‬ ‫والقرب بكل الحياد والموضوعية الممكنين والمعهودين في الجريدة‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬تقدم السيد محمد عزيز البازي المدير الجهوي بالنيابة لوزارة الثقافة واالتصال‪/‬قطاع االتصال بجهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة؛ بخالص التهاني لجريدة بريس تطوان بمرور عشر‬ ‫سنوات على انطالقتها‪ ،‬منوها بالمسار االيجابي المتميز لهذا الموقع االخباري الرائد على المستوى المحلي‪ ،‬مشيرا إلى ضرورة مواصلة العمل بنفس الطموح والمثابرة حتى يستمر الموقع في‬ ‫نجاحه وإشعاعه عبر تقديم الخبر للمواطن وإبراز قضاياه األساسية‪.‬‬ ‫وبنفس عبارات التنويه والتشجيع أشاد السيد عبد الحق بخات عضو المجلس الوطني للصحافة بموقع بريس تطوان اإلخباري معبرا عن سعادته بطموح جيل فتي يمارس مهنة الصحافة بجدية‬ ‫ومسؤولية‪ ،‬مثمنا القدرات التي يتوفر عليها الطاقم الصحفي للجريدة والتي أهلته ليصل موقع ريادة المواقع االلكترونية االخبارية على المستوى المحلي‪.‬‬ ‫وشهدت أمسية اإلحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس بريس تطوان‪ ،‬التي حضرتها وجوه إعالمية بارزة وطنيا وجهويا وبعض البرلمانيين ورؤساء الجماعات الترابية بالمنطقة وممثلين‬ ‫عن الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية وجمع غفير من المتعاطفين؛ تكريم ثلة من الصحفيين والفاعلين في مجال اإلعالم الذين بصموا على مسارات متميزة في الممارسة اإلعالمية جهويا‬ ‫ووطنيا؛ حيث كرمت جريدة بريس تطوان كال من عضو المجلس الوطني للصحافة ومدير جريدة الشمال بطنجة السيد عبد الحق بخات‪ ،‬والسيد مصطفى الشيخي مدير إذاعة تطوان الجهوية‪،‬‬ ‫وكذا مراسلة القناة األولى بمدينة تطوان السيدة فنة شاكر العلوي‪ ،‬وكذا الصحفي المغربي نور الدين لشهب والصحفية التونسية أمل الشريف مقدمة نشرات األخبار ب قناة «تيلي ماروك»‪.‬‬ ‫كما تخللت فقرات الحفل أناشيد صوفية ومواويل راقية للفنان التطواني التهامي الحراق‪ ،‬عالوة على فقرات كوميدية للثنائي جمال ونور الدين‪.‬‬

‫محمد أشكور‬


‫العدد ‪989‬‬

‫‪5‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫القروض اإلستهالكية بين االقتراض للحاجة‬ ‫و هوس الترف و البهرجة‬ ‫رغم إقبال األسر المغربية على القروض اإلستهالكية كحل أخير بعد نفاذ كل حيلهم لتغطية‬ ‫مصاريفهم الضرورية‪ ،‬إال ‪ ‬أن غالبيتهم تؤكد أن هذا الحل يبقى انتحاريا لكونه عوض أن يخفف‬ ‫من عبء المصاريف ويغطيها‪،‬ال يزيد الطينة إال بلة‪ ،‬كما أنها تدخل صاحبها في دوامة ال نهاية‬ ‫لها‪.‬‬ ‫عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحا‪ ،‬تبدو إحدى الشركات الخاصة بمنح القروض‬ ‫اإلستهالكية خالية من الزبائن وموظفوها يشتغلون في هدوء تام‪ ،‬لكن‪ ‬ما أن مرت بضع دقائق‬ ‫على تواجدنا بها ‪ ‬حتى بدأ الزبائن يتوافدون عليها‪ ،‬وعجت‪ ‬قاعة اإلستقبال بالحركة لتمتلئ عن‬ ‫آخرها بزبائن مفترضين‪ ،‬الكل ينتظر دوره‪ ،‬ولكل‬ ‫حكايته وأسبابه الخاصة التي دفعته إلى اللجوء إلى‪ ‬‬ ‫هذه المؤسسة كحل أخير بعد أن نفذت كل الحيل‬ ‫لتوفير المصاريف دون اإللتجاء إلى هذا الباب الذي‬ ‫يرى فيه البعض مصيدة توقع محدودي الدخل في‬ ‫شراك دوامتها التي ال تنتهي‪.‬‬ ‫في الجهة المقابلة لنا بدأت بعض النساء‬ ‫بتبادل أطراف الحديث‪ ،‬وكل واحدة تحكي بصوت‬ ‫منخفض عن المشاكل التي تواجهها في كل مرة‬ ‫تلتجئ فيها إلى هذا الخيار اإلضطراري ‪.‬‬ ‫فاطمة‪ ،‬البالغة من العمـر ‪ 52‬سنة‪ ،‬واحــدة‬ ‫من عشـرات النسـوة اللواتي يتحدثــن ‪ ‬بصوت‬ ‫منخفض عن سبب وجودهن بهذه الشركة‪ ،‬تقول‬ ‫لصديقتها الجديدة التي تعرفت عليها هناك‪« ،‬لقد‬ ‫اقترضت من هذه الشركة خالل السنة الماضية‬ ‫حوالي ‪ 5‬مليون‪ ،‬وتم اإلتفــاق معي على أن أدفـع‬ ‫كل أول شهر ‪2000‬درهم‪ ،‬لكنني لم أستطع‬ ‫تسديد المبلغ المتفق عليه‪ ،‬نظرا لكثرة المصاريف‬ ‫وكذلك الرتفاع أسعار المواد الغذائية‪ ،‬وبعد مرور‬ ‫حوالي ثالثة أشهر على اإلقتراض‪ ،‬تلقيت اتصاال‬ ‫هاتفيا من طرف الشركة تخبرني بأنه يتوجب علي‬ ‫دفع المبلغ في الوقت المحدد‪ ،‬وإال وسيتم اتخاذ‬ ‫اإلجراءات القانونية‪.‬‬ ‫وتضيف‪ ،‬بعد أن تغيـرت نبـرة صوتها‪” ،‬ال‬ ‫أستطيع دفع هذا المبلغ راه بزاف عليا”‪ ،‬في إشارة‬ ‫إلى أنه لو كانت هناك امكانية لتخفيض المبلغ‬ ‫إلى ‪ 1000‬درهم ‪ ‬فستتمكن من الدفع في الوقت‬ ‫المناسب ودون إثارة المشاكل‪.‬‬

‫• الرهان على األعياد‪ ‬‬

‫ّ‬ ‫تكثـف شركـات القروض االستهالكيـة واألبنــاك من‬ ‫حمالتها الدعائية‪ ،‬لترويج منتوجاتها‪ ،‬عند كل مناسبة‬ ‫إجتماعية أو دينية‪ ،‬وما أكثرها في بالدنا‪ ،‬حيث يتوصل‬ ‫زبناء بعض األبناك برسائل عبر خدمة الهاتف المحمول‬ ‫بعروض للسلف لشراء أضحيات العيد‪ ،‬ومصاريف رمضان‬ ‫وعيد الفطر‪ ،‬والدخول المدرسي إلخ إلخ ‪ ،...‬ومنها عرض‬ ‫سلف بثالثة آالف درهم‪ ،‬مقابل أداء ما قيمته ‪ 290‬درهما‬ ‫في الشهر على مدى أحد عشر شهرا‪ ،‬أو مبالغ أخرى تصل‬ ‫حتى سبعة آالف درهم‪ ،‬وهو العرض الذي يقبل عليه عدد‬ ‫من الزبناء‪ ،‬فيما يتخوف آخرون ويفضلوا تدبير أمورهم‬ ‫بعيدا عن اإلقتراض ألن لهم “سلفات” سابقة لم يتم دفع‬ ‫مستحقاتها كاملة‪.‬‬ ‫وبهذا الخصوص يرى محللون اقتصاديون أن اقتراب‬ ‫األعياد بشكل خاص‪ ،‬يشكـل مناسبـة سانحـة لشركــات‬ ‫التمويل لغزو اللوحات اإلشهارية التي تساهم في جلب‬ ‫أكبر عدد من المواطنين الراغبين في اإلقتراض‪.‬‬ ‫ويبقى القاسم المشترك بين هذه اللوحات هو إغراء‬ ‫المواطنين ذوي الدخل الضعيف والمتوسط بقـــروض مناسبة وخالية من أية فوائد على أنها‬ ‫قروض مجانية‪ ،‬وذلك لتمويل مشترياتهم‪ ،‬فهذه اللوحات اإلشهارية يبقى خطابها متواصال‬ ‫طيلة السنة‪ ،‬من خالل عدد من المناسبات كالدخول المدرسي واألعياد الدينية والعطلة‬ ‫الصيفية وحلول شهر رمضان وغيرها من المناسبات التي تحتاج خاللها األسر المغربية إلى‬ ‫مصاريف إضافية لتغطية نفقاتها‪.‬‬ ‫و يؤكد إطار بنكي بإحدى شركات القروض الموجهة لإلستهالك‪ ،‬أن القروض المجانية ال‬ ‫أساس لها من الصحة‪ ،‬بل هي مجرد إغراء وهدية مزيفة‪ .‬وكشف هذا اإلطار عن أن هذا النوع‬ ‫من القروض المسماة مجانية ال يخلو من فوائد‪.‬‬

‫تغطية ‪ :‬لمياء السالوي‬ ‫‪lamiae.s.81@gmail.com‬‬

‫• هوس اإلقتراض‪ ‬‬

‫“أقترض من بعض المؤسسات الخاصة بـ “السلف” كي أقتني جميع مستلزمات المنزل”‬ ‫هكذا استهل رضوان حديثه‪ ،‬ففي كل مناسبة يلجأ فيها إلى اإلقتراض ألن “المانضة” ال تكفيه‬ ‫لسد حاجيات البيت‪ ،‬لقد اقترض خالل شهر رمضان الماضي حوالي ‪ 6000‬درهم‪ ،‬من أجل اقتناء‬ ‫مستلزمات هذا الشهر الذي ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية بشكل كبير‪ ،‬ثم أتى الدخول‬ ‫المدرسي وكبش العيد‪.....‬‬ ‫لزم الصمت لبضع دقائق ثم استطرد قائال‬ ‫“راه الوقت صعابت‪ ،‬والمصاريف بزاف علينا”‪ ،‬عبارة‬ ‫رغم بساطتها فهي تبين حجم المسؤولية الملقاة‬ ‫على عاتقه‪ ،‬فال يمكن أن يمر شهر بأكمله دون أن‬ ‫يقترض مبلغ معين ‪.‬‬ ‫ويضيف رضوان‪ ،‬إن ارتفاع متطلبات المعيشة‬ ‫هي التي تدفع غالبية األسر إلى اإلرتماء في أحضان‬ ‫القروض اإلستهالكية‪ ،‬دون التفكير في العواقب‬ ‫ألنه ليس هناك بديل‪.‬‬ ‫ويوضح أن هذه ليست المرة األولى التي يلجأ‬ ‫فيها إلى اإلقتراض‪ ،‬ألنه كلما حلت مناسبة أو‬ ‫عيد ديني إال ووجد نفسه يقف أمام شباك إحدى‬ ‫شركات القروض اإلستهالكية من أجل الحصول‬ ‫على “سلف” يخرجه من ورطته‪ ،‬ألنه ال يعقل أن‬ ‫شخصا لديه مسؤوليات اتجاه أسرته يجد في‬ ‫رصيده حوالي ‪ 300‬درهم‪ ،‬بسبب اإلقتطاعات‬ ‫المتكررة‪ ،‬لذا يجد نفسه مضطرا إلى أخذ سلف آخر‬ ‫من أجل مواكبة هذه الظروف‪.‬‬ ‫لكن المقلق في األمر هو أنه في بعض األحيان‬ ‫ال يجد المال الالزم لتسديد مستحقاته‪ ،‬مما يجعله‬ ‫يفكر في اقتراض مبلغ من شركة أخرى لدفع‬ ‫مستحقات الشركة األولى وبالتالي يعيش في‬ ‫دوامة ال تنتهي أبدا ‪..‬‬

‫• قروض الترف‬ ‫الشبـاب والنساء أكثــر الباحثيـن عن‬ ‫قروض الترف‬

‫الطب النفسي‪ :‬إدمــان «قـروض الوجاهة»‬ ‫سلوك اجتماعي سلبي‬ ‫يعزو الطب النفسي إدمان شرائـح واسعة من أفراد‬ ‫المجتمع وخاصة الشباب والنساء طلب الحصول على‬ ‫قروض “ترفيه” بغرض الوجاهة‪ ،‬إلى الرغبة في إشباع عقد‬ ‫نفسية ومعالجة خلل نفسي دفين بالشعور بالنقص في‬ ‫المظهر أو المستوى اإلجتماعي‪.‬‬ ‫وحذر اختصاصي في الطب النفسـي من العواقــب‬ ‫الوخيمة على المجتمع جراء تفشي ظاهرة اإلدمان على‬ ‫القروض التّرفية التي تدفع إلى السقوط في متاهة‬ ‫الديون‪ ،‬وما ينتج عنها من اضطرابات نفسية تزيد من‬ ‫ضغوط البحث عن حلول لها باإلنتقال من بنك آلخر ومن‬ ‫قرض لقرض‪ ،‬إلى أن تقع الكارثة بالتعثر عن السداد ومن‬ ‫ثم يتحول السلوك إلى عنف وسرقة وربما انتحار عندما‬ ‫يتعرض هذا الشخص للسجن بحكم القانون الذي ال يرحم‪.‬‬ ‫ويشير الدكتور أيمن أبو هاشم‪ ،‬اختصاصي الطب‬ ‫النفسي‪ ،‬إلى أن تزايد ظاهرة اإلقبال على طلب القروض‬ ‫الشخصية التّرفية خاصة من قبل الشباب والنساء‪ ،‬يعكس‬ ‫بعداً نفسياً لهذه الشريحة من األفراد التي قد ال يكون‬ ‫هدفها في الحقيقة هو القرض‪ ،‬بقدر ما يكون وسيلة‬ ‫إلشباع رغبة دفينة لعالج خلل نفسي‪.‬‬ ‫ويختم الدكتور أبو هاشم‪ ،‬باألكيد على أن شراهة اإلنفاق اإلستهالكي على أشياء كمالية‬ ‫مثل شراء سيارة فارهة أو تغيير أثاث المنزل بشكل مستمر أو شراء ساعة أو حقيبة أو إكسسوارات‬ ‫بأعلى األسعار‪ ،‬تشير إلى أن الدافع وراء هذه التصرفات هو رغبة الشخص سواء شاباً أو فتاة‪،‬‬ ‫في إثبات أنه متميز عن اآلخرين من خالل إبراز إمكانياته المادية‪ ،‬وهنا ال يتعلق األمر بالحاجة‬ ‫الضرورية كاقي المقترضين‪ ،‬لذلك‪ ،‬يبقى اإلقتراض موضة العصر خصوصا مع صعوبة الظروف‬ ‫المعيشية للمواطنين‪ ،‬فقط علينا أن نكون حذرين من السقوط في فخ اإلقتراض من أجل الترف‬ ‫ونختصره في الحاالت الضرورية‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫العدد ‪989‬‬

‫مؤسسات الرعاية االجتماعية بوزان تتأهل لركوب‬ ‫قطار الكرامة‬ ‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬

‫أجمـع المشاركـات والمشاركون في‬ ‫الملتقى اإلقليمي لمؤسسات الرعايـــة‬ ‫االجتماعية الذي تقف وراء تنظيمه منظمة‬ ‫نساء في مواقـع األزمات‪ ،‬بشراكـــة مـع‬ ‫المديرية اإلقليمية للتعاون الوطني بوزان‪،‬‬ ‫وبدعم وتمويل من حكومـة األندلس‬ ‫(برنامج التعاون الدولي )‪ ،‬بأن ورش تأهيل‬ ‫دور الطالبات ودور الطالب سيظل مفتوحا‬ ‫إلى حين أن تتصالح المؤسسات االجتماعية‬ ‫المذكورة مع قيــم اإلنصـاف والمساواة‬ ‫والكرامة‪ .‬ولم يفتهم وهم يسجلون القفزة‬ ‫النوعية التي عرفها توسع عرض دور‬ ‫الطالبة ودور الطالب بإقليم وزان التي وصل‬ ‫عددها ‪ 22‬مؤسسة‪ ،‬يستفيد من خدماتها‬ ‫‪ 65 ( 1209‬في المئــة إناث)‪ ،‬بأن مساحة‬ ‫الخصاص الزالت واسعــة‪ ،‬وأن االنتصــار‬ ‫على مختلف اإلكراهــات التي تنتصـب‬ ‫في وجه االرتقاء بأدوار هــذه المؤسسات‬ ‫االجتماعية ‪ ‬يستدعــي تظافــر جهـــود‬ ‫مختلف المتدخلين المطالبين بدورهم‬ ‫اليوم أكثر من أي وقت مضى القطـع مع‬ ‫المقاربـــة اإلحسانية في تعاطيهم مع‬ ‫أدوار هذه المؤسسات‪ ،‬والسعي نحو تملك‬ ‫المقاربة الحقوقية التي ينتصر لها دستور‬ ‫المملكة ‪ .‬‬ ‫‪ ‬تنزيــل النسخـــة األولى للملتقــى‬ ‫اإلقليمي لمؤسسات الرعايـة االجتماعية‬ ‫(دور الطالب ودور الطالبات ) التي انعقدت‬ ‫تحت شعار «جميعا نحو تجويد خدمات‬ ‫مؤسسات الرعاية االجتماعية» وذلك يوم‬ ‫السبت ‪ 6‬أبريل الجاري بقاعــة الندوات‬ ‫بفندق بوزان‪ ،‬جاءت تتويجا لسلسلة من‬ ‫الدورات التكوينية استهدفت تعزيز وتقوية‬ ‫قدرات األطر التربوية واالدارية المشرفة‬ ‫بشكل مباشر على تدبيــر وتسيير هذا‬ ‫المرفق االجتماعي ‪.‬‬ ‫‪ ‬أشغــال الملتقــى اإلقليمي توزعــت‬ ‫بين تنظيــم مائدتين‪ ،‬تناولــت األولى‬ ‫التي أطرهــا منصــف األنصــاري‪ ،‬مفتش‬ ‫بمفتشية التعاون الوطني‪ ،‬االطار القانوني‬ ‫المنظم لمؤسسات الرعاية االجتماعية‪،‬‬ ‫اإلشكاليات والرهانات ‪ .‬أما المائدة الثانية‬ ‫التي وضعت الخطوط العريضة ألرضيتها‬ ‫نعيمة النعاس‪ ،‬إطار بالتعاون الوطني‪ ،‬فقد‬ ‫سلطت كشافات من الضوء على الخدمات‬ ‫السوسيوتربويـــة لمؤسســـات الرعايـــة‬ ‫االجتماعية ‪( ‬دور الطالبات ودور الطالب)‬ ‫وترسيخ قيم المساواة‪ ،‬واالنصاف‪ ،‬وتكافؤ‬ ‫الفرص ‪ .‬أما الورشتين التي توزع عليها‬ ‫المشاركات والمشاركون فقد انصب في‬ ‫النقاش الورشة األولى على «تمدرس‬ ‫الفتاة القروية بين رهانات اإلنصاف‬ ‫والجودة»‪ ،‬أما الورشة الثانية فقد المســت‬ ‫جـودة الفعل السوسيوثقافي بمؤسسات‬ ‫الرعاية النجــاح الطبعــة األولى للملتقى‬ ‫اإلقليمي لمؤسسات الرعاية االجتماعية‬ ‫عكسته التوصيات الهامة التي تمخضت‬ ‫عن النقــاش العميـــق بين المشاركات‬ ‫والمشاركيــن في أشغالـه التي تستدعي‬ ‫(التوصيات) ‪ ‬االنخراط الواعي والمسؤول‬ ‫لجميع المتدخلين من أجل تفعيلهـا ‪ .‬من‬ ‫بين هذه التوصيات نذكر‪:‬‬ ‫ انفتاح دور الطالبات ودور الطالـب‬‫على محيطها وتجسير العالقة معه‪.‬‬ ‫ تأهيـل فضاءات مؤسسات الرعايـة‬‫االجتماعية‬ ‫ توسيــع عرض دور الطالبات ودور‬‫الطالب باإلقليم وترجيح كفـــة التمييـــز‬ ‫اإليجابي‪.‬‬ ‫ تنظيم حمالت تحسيسية لتكسير‬‫الصور النمطية ذات الصلة بمؤسسات‬ ‫الرعاية االجتماعية المذكورة‬ ‫‪ - ‬دمقرطة الحياة بدور الطالبة ودور‬ ‫الطالب ‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪ - ‬تقوية قدرات األطــر التربويــة‬ ‫واالدارية المشرفة بشكل مباشر على تدبير‬ ‫هذا المرفق االجتماعي ‪.‬‬ ‫‪ - ‬القطع مع الصور النمطية التقليدية‬ ‫ألدوار الجمعيات المشرفــة على تدبير‬ ‫مؤسسات الرعايــة االجتماعيـــة‪ ،‬وفتـــح‬ ‫أبواب هذه األخيرة في وجه الجيل الجديد‬ ‫للجمعيات التي تعتمد أحكام وروح الدستور‬ ‫مرجعها‪.‬‬

‫ تجويد خدمـات التغذية واإلقامة‬‫واالستمــرار في «أنسنـــة» الحيــاة بهذه‬ ‫المؤسسات‪.‬‬ ‫ تحسين أجـور األطــر االداريــة‬‫والتربوية‪ ،‬والعامالت والعمال المتعاقدين‬ ‫مع الجمعيات‪ ،‬والسهر على ضمان الحقوق‬ ‫التي يوفرها لهم‪/‬ن القانون بما يحفظ‬ ‫كرامتهم‪/‬ن‪ ،‬ويسمـح لهم‪/‬ن باالستقرار‬ ‫الـذي ال محالـة سينعكـس إيجابـا على‬ ‫أدائهم‪/‬ن ‪.‬‬ ‫ التعجيل بفتح أبواب دور الطالبة ودور‬‫الطالب التي تم إنجازها ( دار الطالبة بقرية‬ ‫الزواقين نموذجا) ‪.‬‬ ‫يذكر بأن الجلسـة االفتتاحية لهذا‬ ‫الملتقى تميزت بكلمتين ألقاها كل من‬ ‫المندوب اإلقليمي لمؤسســة التعـاون‬ ‫الوطني بوزان‪ ،‬ومصطفى حيون منسق‬ ‫منظمة نساء في مواقـــع األزمات‪ ،‬كما‬ ‫تابعها كل من رئيس مجلس جماعة وزان‬ ‫ونائبته‪ ،‬ونائب رئيس المجلس اإلقليمي‪،‬‬ ‫وممثل المديرية اإلقليمية لوزارة التربية‬ ‫الوطنية‪ ،‬وممثل المندوبيــة اإلقليميـة‬ ‫للصحة‪ ،‬وفعاليات مدنية وحقوقيــة لها‬ ‫إسهام ملموس في تتبع تدبير هذه الدور‬ ‫االجتماعية ‪ .‬‬

‫تطوان تحتضن فعاليات الدورة‬ ‫‪ 13‬من المنتدى الدولي لألشرطة‬ ‫المرسومة‬

‫تحت الرعاية السامية لصاحب الجاللة‬ ‫الملك محمد السادس نصره اهلل‪ ،‬تنظم‬ ‫وزارة الثقافة واالتصال‪ ،‬بتعاون مع المعهد‬ ‫الوطني للفنون الجميلة وجمعية «شوف»‪،‬‬ ‫الدورة ‪ 13‬من المنتدى الدولي لألشرطة‬ ‫المرسومة‪ ،‬وذلك في الفترة من ‪ 23‬إلى ‪27‬‬ ‫أبريل المقبل‪ ،‬بمدينة تطوان‪.‬‬ ‫وتحرص وزارة الثقافة واالتصال على‬ ‫الرقي بهذه التظاهرة األولى من نوعها‬ ‫في العالم العربي والقارة اإلفريقية‪ ،‬والتي‬ ‫انطلقت بداية األلفية الثالثة‪ ،‬مع جعل‬ ‫هذه التظاهرة منصة إفريقية جديدة‬ ‫لتقديم مختلف التجارب في مجال األشرطة‬ ‫المرسومة عبر العالم‪.‬‬ ‫ويشهد المنتدى الدولي لألشرطة‬ ‫المرسومة‪ ،‬في دورته الجديدة‪ ،‬عرض آخر‬ ‫اإلصدارات في مجال الفن التاسع‪ ،‬بحضور‬ ‫دور نشر متخصصة‪ ،‬مع تكريم فنانين‬ ‫ومبدعين من المغرب وأوروبا‪ ،‬وتنظيم‬ ‫معارض وورشات لفائدة الطلبة‪ ،‬ولقاءات‬ ‫مع مبدعي األشرطة المرسومة‪ ،‬مع‬

‫تخصيص فضاءات لفن الكاريكاتير‪ ،‬فضال‬ ‫عن العروض الخاصة بسينما التحريك‪،‬‬ ‫مع توقيع آخر األلبومات‪ ،‬إلى جانب تنظيم‬ ‫زيارات خاصة باألطفال والشباب‪ ،‬ولقاءات‬ ‫مع الفنانين‪ ،‬ولقاءات مع خريجي شعبة‬ ‫األشرطة المرسومة من المعهد الوطني‬ ‫للفنون الجميلة بتطوان‪ ،‬فضال عن ندوة‬ ‫كبرى تستعرض «دور األشرطة المرسومة‬ ‫في التواصل والتربية»‪ ،‬إلى جانب معرض‬ ‫«الجيل الجديد‪ :‬األشرطة المرسومة العربية‬ ‫في عالم اليوم»‪ ،‬يقام بشراكة مع المعهد‬ ‫الثقافيالفرنسي‪.‬‬ ‫وتقــام فعاليـــات المنتـــدى الدولي‬ ‫لألشرطة المرسومـــة في فضاء المعهد‬ ‫الوطني للفنون الجميلة بتطوان وفضاء‬ ‫مركز تطوان للفن الحديث والمعهد‬ ‫الثقافي اإلسباني «سيرفانطيس»‪ ،‬مثلما‬ ‫تنفتح التظاهرة على عدد من الفضاءات‬ ‫األخرى في قلب مدينة تطوان‪ ،‬عاصمة‬ ‫األشرطة المرسومة في العالم العربي‬ ‫والقارة اإلفريقية‪.‬‬

‫افتتاح مركز أجيال للمواكبة والوقاية والتمنيع بمدينة الناظور‬ ‫بمناسبة افتتاح مركز أجيـــال‬ ‫للمواكبـــة والوقايـة والتمنيـــع‬ ‫بمدينة الناظور‪ ،‬يلقي الدكتـــور‬ ‫أحمد العبــــادي األميـــن العام‬ ‫للرابطـة المحمـديــة للعلمـــاء‬ ‫محاضرة تحت عنوان‪:‬‬ ‫«وظيفة الدين في سياقنا المعاصر المعولم»‬ ‫وذلك يــوم األربعــاء ‪ 24‬أبريــل ‪ 2019‬على‬ ‫الساعة الخامسة والنصف مساء بقاعـــة المركب‬ ‫الثقافـــي بالناظور‪.‬‬


‫العدد ‪989‬‬

‫الشمال السينمائي‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫‪7‬‬

‫الخطاب السينمائي قضايا في التلقي والتأويل‬ ‫كتاب جديد للناقد السينمائي سليمان الحقيوي‬

‫صدر للناقــد السينمائي سليمـان‬ ‫الحقيوي كتاب نقدي جديد‪ ،‬بعنوان‬ ‫الخطاب السينمائي قضايا في التل ّقي‬ ‫والتأويل‪ ،‬عن دار النشر سليكي إخوان‬ ‫بطنجة‪ ،‬وهو عمله النقدي الثالث‪ ،‬بعد‬ ‫كتاب سحر الصورة السينمائية (دار‬ ‫الراية) ‪ ،2013‬ونقد السينما األمريكية‬ ‫(دار الرايــة) ‪ ،2015‬يقع الكتاب في‬ ‫الذي يأخذنا إلى موضوع تلقي الخطاب‬ ‫السنيمائي ومعه خطاب الصورة عموما‬ ‫في ‪ 150‬صفحة من القطع الكبير‪.‬‬ ‫ومما جاء في مقدمة الكتاب» هل‬ ‫ّ‬ ‫فكرنا يوما فيما يهم معرفة القارئ عن‬ ‫السينما والصورة؟ أو ما يفيده فيها‬ ‫من قضايا؟ فتَ َل ّقي الفن في البلدان‬ ‫العربية‪ ،‬لطالما كان تلقيا مضطربا‪،‬‬ ‫فلم تعش الفنون عبر تاريخنا الطويل‪،‬‬ ‫سوى بضعة عقود من الحرية‪ ،‬وما بقي‬ ‫من التاريخ العربي كان الفن يتنفس فيه في إطار ضيق وخانق‪ ،‬كان عليه أن يتحايل‬ ‫من أجل أن يجد موطئ قدم في صراع خفي ومعلن لم يكن فيه طرفا أقوى إال في‬ ‫فترات قصيرة تعدّ بالسنوات ال بالعقود‪ .‬وقد كان حظ الصورة من بين باقي الفنون‬ ‫األخرى حظا سيئا»‬ ‫وتتوزّع فصول الكتاب إلى قسمان كبيرين‪ ،‬األول منهما خصصه الناقد لمقاربة‬ ‫مجموعة من القضايا والتي عالجها تحت عنوان ‪-‬قضايا في التلقي‪ -‬ومن هذه القضايا‪،‬‬

‫نقرأ مدخال خاصا بتعريف الصورة على اختالف‬ ‫المجاالت المعرفية التي تداولتها‪ ،‬وفي نفس‬ ‫القسم أيضا‪ ،‬يعالج موضوع السينما وحدود‬ ‫التلقي‪ ،‬ثم ينتقل الكتاب إلى دراسة عالقة‬ ‫األدب بالسينما من مداخل مختلفة‪ ،‬منها‬ ‫نقل الرواية إلى الشاشة وتمثالت القارئ‬ ‫والمشاهد حول ما يقرأ وما يشاهد من أعمال‬ ‫سينمائية وروائية‪.‬‬ ‫ونقرأ أيضا عن النقد السينمائي ومعاركه‪،‬‬ ‫فيتعرّض الكتاب إلى مختلف العوائق الكبرى‬ ‫التي يواجهها النقد في العالم العربي‪ .‬ثم‬ ‫يعالج الكتاب عوائق تلقي الفيلم الجميل‪...‬‬ ‫السينما والعنف‪ ،‬القبلة في السينما والحلم‬ ‫بنقل لغة الفيلم‪...‬‬ ‫أما القسم الثاني فيعالج قضايا مقلقة‬ ‫بالتأويل ومن هذه القضايا‪ ،‬اضطهاد الصورة‬ ‫وحكاية الصورة مع المنع‪ ،‬وينتقل الكاتب بعدها لدراسة حدود الفن واألخالق في‬ ‫السينما‪ ،‬والسينما بين اإلبداع واإلنتاج‪ ،‬والسينما والربيع العربي‪ ،‬والسينما والثورة‪.‬‬ ‫ينتهي الكتاب في خاتمة إلى ضرورة العودة إلى الكثير من القضايا المتعلقة‬ ‫بتلقي الفن والسينما عموما‪ ،‬في زمن تضيق فيه المعرفة بالصورة‪ ،‬ويكثر فيها‬ ‫استهالكها‪.‬‬

‫فيلم مكان هادئ ‪ :‬الصمت سبيل للنجاة‬

‫يبدو أن المخرج الشاب جون كراسينسكي‪ ،‬تو ّقف كثيرا‬ ‫عند انتظارات جمهور السينما هو يق ّلب موضوع فيلمه‬ ‫الجديد «مكان هادئ‪ ،‬وتردّد عن اإلضافــة التي يمكن‬ ‫أن يقدّمها لهم عبر فيلم رعب في موسم سينمائي كثير‬ ‫المنافسة‪ ،‬فمن الواضح أن فكرة الفيلم الفريدة جاءت نتيجة‬ ‫اجتهاد كبير وتفكير فني محكم‪ ،‬بهدف تجاوز المعروف عن‬ ‫تيمة الرعب التي تراجعت‪ ،‬وفقدت كثيرا من قيمتها لفائدة‬ ‫تيمات وافدة جديدة أبرزها سينما البطل الخارق‪ .‬ولم تعد‬ ‫هناك قابلية لنجاحها إ ّ‬ ‫ال من خالل تجديد في الرؤى واألفكار‪.‬‬ ‫عمليا هذا ما أطر فيلم مكان هادئ وما ضمن نجاحه أيضا‪.‬‬ ‫لطالما تعاملت السينما مع الصّمت كمدخل تقني‬ ‫بحت‪ ،‬يودي وظائف جمالية كبرى‪ ،‬كأن يكون الفيلم صامتا‪،‬‬ ‫أو قليل الحوارات‪ ،‬وأحيانا أخرى يغلب الصمت للتركيز على‬ ‫أصوات معينة تخدم القصة‪ ،‬لكن فيلم «مكان هادئ» وجد‬ ‫للصّمت مدخال آخر أكثر أهمية وأقوى تأثيرا فهو القصّة‬ ‫ذاتها‪ ،‬فالصّمت هو نقطة ّقوة الفيلم‪ ،‬إنه فيلم مبتكر‬ ‫وأصيال‪ ،‬يشاكس معرفتنا عن أفالم الرّعب التقليدية التي‬ ‫ينظر لها الكثير منها نظرة غير جدّية‪ ،‬ال تتجاوز اعتبارها‬ ‫تيمة للترفيه سريع الزوال وعديم التأثير‪ .‬الفيلم يجد رؤية‬ ‫مغايرة القتحام سينما الرّعب التي عرفت ماضي أفضل من‬ ‫حاضرها‪ ،‬هي تيمة تنقرض‪ ،‬إال من خالل قصص قد نراها هنا وهناك تجتهد لبلوغ‬ ‫هدف مختلف عن الرعب‪ ،‬وهذا ما فعل كراسينسكي عبر استدراجنا إلى تخوم أخرى‬ ‫وعبر سينما مغايرة و بفيلم مستقل محدود الميزانية أوّال‪ .‬وفكرة مثالية ثانيا‪.‬‬ ‫كراسينسكي‪ ،‬يقترح قصّته دون مقدّمات منذ البداية نتعرف على ّ‬ ‫كل شخصيات‬ ‫الفيلم دفعة واحدة‪ ،‬أسرة من أب (جون كراسينسكي) وأم (إميلي بالنت) تستقرّ في‬ ‫قرية منعزلة‪ ،‬نعلم منذ البداية أنهم يلجؤون إلى الصمت احتراسا وخوفا‪ ،‬يتواصلون‬ ‫فيما بينهم بلغة اإلشارات وكأنهم ال ينطقون‪ ،‬ملزمون على السير حفاة وعلى أطراف‬ ‫أصابعهم‪ ،‬وكي يُبلغك الفيلم قيمة الصمت هنا‪ ! ‬سيقدّم لك كل شيء في الدقائق‬ ‫األولى‪ ،‬فاألسرة تصنع طرقات خاصة بواسطة رمل أبيض أملس‪ ! ‬إلى هذه الدرجة‬ ‫كان عليهم أن يحذروا‪ ،‬في سياق هذه المعطيات األولى التي يضعنا الفيلم فيها‬ ‫تفقد االسرة طفلها الصغير‪ ،‬فبينما كانوا وسط متجر مهجور أراد طفلهما أن يحتفظ‬ ‫بلعبة طائرة‪ ،‬رفض والده وأخبره أنها تصدر صوتا‪ ،‬ورغم تحذير األب‪ ،‬ستقدّم األخت‬ ‫الطائرة ألخيها دون علم الجميع‪...‬وبينما هم في طريق العودة الى البيت يقوم الطفل‬ ‫بتشغيل طائرته بفرح‪ .‬يفزع الجميع‪...‬تبكي األم ويحاول األب أن يسرع باتجاه ابنه‪،‬‬ ‫لكن قبل أن يصل إليه‪ ،‬يخطفه وحش غريب ال يترك وراءه غير الدماء‪ ،‬بهذه السرعة‬ ‫يتغير مسار الحكاية‪ ،‬بطريقة مأساوية‪ ،‬وبسرعة نفهم جوهر القصة‪ ،‬فإصدار أي صوت‬ ‫يعني الموت! اآلن نحن في الدقائق األولى من الفيلم تكون قد عرفت كل شيء‬ ‫تقريبا‪ ،‬قد تقول في لحظة ماذا سيقدم المخرج خالل الثمانين دقيقة المتبقية؟ ورغم‬ ‫ذلك كان الفيلم يحتفظ بعناصر تشويقه إلى آخر لحظاته‪...‬تعيش هذه العائلة وكل‬ ‫اهتمامها أال تصدر صوتا‪ ،‬تعاني كثيرا من أجل هذا الفعل البسيط‪ ،‬تأخذ األم النصيب‬

‫األكبر من هذه المعاناة ألنها ستنتصر على ألم مخاض الوالدة‬ ‫وستنقذ وليدها‪ ،‬وسيموت االب سعيا النقاد طفليه‪ ،‬دافعا حياته‬ ‫ثمنا‪ ،‬لكنه ترك ارثه للقضاء على هذه الوحوش الكارهة للصوت‬ ‫بسالح الصوت نفسه‪.‬‬ ‫الفيلم يجد لنفسه طرقا مختلفة‪ ،‬لقول الكثير عن الرّعب‬ ‫طرقا غير تقليدية ال تكتفي بجلعك تلتصق بمكانك فزعا‪ ،‬أو‬ ‫أن ترتاب من األماكن المظلمة عقب مشاهدة الفيلم‪ ،‬جون‬ ‫كراسينسكي يجعلك تختبر شعورا طارئا يبدأ بالرعب والفزع‬ ‫وينتهي بك بتمني التواجد في قلب هذه القصة وتقديم‬ ‫المساعدة وهذا شعور لم يقترن بسينما الرعب أبدا‪ ،‬فألفريد‬ ‫هيتشكوك فسّر ميل الجمهور لهذا النوع من السينما بقوله‪:‬‬ ‫«ال شيء ممتع أكثر من شعور الخوف الناتج عن مطالعة او‬ ‫مشهد عندما يكون صاحب هذا الشعور نفسه جالساً في مقعد‬ ‫مريح حيث ال يجازف بشيء»‪ .‬أنت في مكان هادئ تحس أن‬ ‫القضية قضيتك وأن المسألة ليست مجرد رعب عابر‪ .‬هذا شيء‬ ‫مهم يحسب للفيلم ويميزه عن قصص الرعب التجارية التي‬ ‫تتوالى أجزاءها دون أن تضيف فكرة جديدة أو تختبر جوانب‬ ‫غير معروفة‪.‬‬ ‫مع مرور األحداث‪ ،‬يتملكك إحساس غريب تريد أن تتأكد‬ ‫أنك الزلت تصدر صوتا‪ ،‬لكنك غير قادر على خوض التجربة‪،‬‬ ‫وعقب انتهاء الفيلم يأخذ األمر منك وقتا قبل أن تبدأ التصرف بشكل طبيعي‪ ،‬سبب‬ ‫ذلك أن الفيلم يأخذك إلى مكان قصي بهذه الفكرة الغريبة‪ ،‬جزء كبير من هذا‬ ‫اإلحساس يعود إلى الحقيقة التي أظهرها طاقم الفيلم ارتباطهم بالقصّة كان مثاليا‪،‬‬ ‫خصوصا بين جون وإميلي‪ ،‬ربما جزء من هذه الكيمياء يعود إلى كونهما زوجا وزوجة‬ ‫حقيقيين‪ ،‬كانت النظرات إلى بعضهما تقول أشياء أكثر من كونهما يؤديان دوريهما‪،‬‬ ‫رقصتهما في الفيلم حكت عن تناغم مذهل وعن رغبة كبيرة إلنقاذ عائلتهما والوقوف‬ ‫في وجه اليأس والقلق‪.‬‬ ‫في غياب صوت الشخصيات‪ ،‬كانت موسيقى ماركو بيلتارمي تأتي في ظل‬ ‫حاجتنا إلى أي مصدر صوت يزيح القلق أو يذكرنا بأننا ال زلنا قادرين على السماع‪ ،‬لكن‬ ‫ألحان بيلتارمي كانت تُدخلنا في جو من القلق سيرا على مسار التشويق المشتعل‪،‬‬ ‫دون أن تنحصر في هذا الجانب بل كانت أحيانا تبادل مشاهد الحب والفرح بألحان‬ ‫تخرجنا من إطار الرعب‪ ،‬وكان الصوت يأتي أحيانا من مصادر طبيعية‪ ،‬منها صوت‬ ‫مصبّ النهر حيث استطاع األب أخيرا أن يك ّلم ابنه‪ ،‬بحرية‪ ،‬هذه المرة مادام هناك‬ ‫صوت طبيعي أعلى من صوته‪.‬‬ ‫مكان هادئ فيلم تُرفع له القبعة‪ ،‬فقد استطاع وهو فيلم مستقل أن ينافس‬ ‫أفالم الميزانيات المرتفعة‪ ،‬وأن ينال إعجاب الجمهور وأن يبتكر طرقا أصيلة في‬ ‫التعبير‪ ،‬هكذا يؤكد أن أفالم الميزانيات المحدودة قادرة على منافسة غيرها في‬ ‫األفكار والنجاح والمداخيل أيضا‪.‬‬

‫• سليمان الحقيوي‬


‫العدد ‪989‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫املُ�ض َم ُر و املُ ُ‬ ‫علن يف �سخرية اجلاحظ‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪...‬أقامتْ فرقـــة البالغـــة‬ ‫وتحليل الخطاب بكلية اآلداب‬ ‫والعلوم اإلنسانية بتطوان‪ ،‬ندوة‬ ‫علمية بمشاركة ثلة من األساتيذ‬ ‫المتخصصيـــن‪ ،‬حـــوْل كتــــاب‬ ‫«السخرية في آداب الجاحظ»‪،‬‬ ‫بحضور مؤلفــه الدكتـــور علي‬ ‫البوجديدي ‪..‬فما تزال الفصاحة‬ ‫أحاديث اللقاء للغوْص في أعماق‬ ‫النفس البشرية‪ ،‬إذ يتفـــرَّسُ‬ ‫الجاحظ‪ ،‬في نفسه‪ ،‬فاستوطن‬ ‫الورق في بحار‪ ،‬مجاذف فلكها‬ ‫األقالم ‪.‬‬ ‫لإلفـــادة مــــن الدراســات‬ ‫الغربية‪ ،‬وللخروج من التقصير‪،‬‬ ‫في ضوء تصورات غربية – عربية‪،‬‬ ‫على غرار السخرية السقراطية‪،‬‬ ‫وهي المدخل‪ ،‬وقـــد تطــوَّرَ‬ ‫المصطلح‪ ،‬عالوة على ذلك‪َّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫العامة عنصرً أساسيا‪ ،‬محمولون‬ ‫لمساءلة المصطلــح‪ ،‬وعالقتـــه‬ ‫بالهجاء والسخرية‪ ،‬وهــي ٌ‬ ‫لـــون من ألوان الحجج‪ .‬يتالعب‬ ‫بها شدَّ التالعب ليُميت اللثام عن المجتمع وعالقته بالمكر‬ ‫والخداع بأدواتهم الطيِّعة‪ .‬وهي صورة اإلقناع ليواري‬ ‫موقفه من اآلخرين‪ .‬نصوص الجاحظ من السخرية اللعيبة‬ ‫وهي نماذج بين الساخر والمِخيال‪ ،‬ومنها الحِيَل والخداع‬ ‫المفتوح في مواجهة سلطة الجبابرة الذين تمكنوامن‬ ‫تحويلها عن طريق قوَّة المال‪ .‬فالحياة أضحتْ وسيلة وأداة‬ ‫ناجعة وسالحا في عالم المدينة المُتحوِّلة‪ .‬بينما عملية‬ ‫التواصل أداة طيِّعة في يد الساخر‪ ،‬تكتسي طبيعة مُنحرفة‪.‬‬ ‫والسخرية المائية باإلشارة مكراً لطيفاً‪ .‬متنٌ كثيفٌ المعاني‬ ‫في مسالك السخرية‪ .‬ولقد هبَّتْ فرقة البالغة وتحليـل‬ ‫الخطاب في حقــل خـاص لدراسة «مؤسسة» الجاحظ‪ .‬وقد‬ ‫رجع الدكتور علي البوجديدي ليعيد بناء سخرية الجاحظ إلى‬ ‫علوم مختلفة‪ ،‬انطالقاً من النصوص‪ ،‬واالستفادة من عدَّة‬ ‫مراجع تحديداً علمياً دقيقاً ألنها انطلقتْ من النصوص‪.‬‬ ‫كتابة الجاحظ ستجد صفة الروائع وتمتلك جمالية وحدثاً‬ ‫في سياق األدب العربي‪ .‬سخريته اخترقتْ األجناس األدبية‬ ‫وال تتقيَّدُ بضوابط الجنس األدبي‪ ،‬وإذ ُّ‬ ‫تحتل المركز‬ ‫والنواة الصلبة لضرب من الوعي األجناسي‪ .‬لواله لما أمكن‬ ‫أن يُخرج طوْعياً لتتحوَّل إلى سالح‪ ،‬وينزع عنه الحيف‬ ‫والتحريف في سياقه الذي وُضع له‪ .‬من سماته نثراً في‬ ‫كتبه ورسائله‪ ،‬يسمح من خالل تركيز البحث بيد التعامل‬ ‫السطحي‪ .‬الحفر األرْكيولوجي بدل السطحية مع النصوص‪،‬‬ ‫إذ يغلب عليه التوتر‪ ،‬وال تنبني إال على العداوة والصراع‬ ‫من أجل التالعب بضحيته‪ .‬إرث الجاحظ الفكري وتنظيره‬ ‫البالغي‪ .‬فسلوك الساخر ْأن َّ‬ ‫يحُط من قدْر خصمه‪ ،‬على‬ ‫وهنه‪ ،‬ليقول شيئاً وهو يعني شيئاً آخر‪ .‬القصد أكثر مما‬ ‫يقول‪ ،‬وللقراء ْأن يستخلصوا من خالل ذلك على التواصل‬ ‫الغير المباشر‪ .‬وقدْرته اإلنتاجية للدالالت المُنبسَّ في‬ ‫الخطاب‪ْ .‬أن يقول دون ْأن يقول حتى تتحقق المقاصد‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وأن يدْرك المتلقي ذلك‪ ،‬و عدم اكتشافه الغموض‪ ،‬كارثة‪.‬‬ ‫خطاب مزْدوج القصدية تنبني على المواربة وااللتواء‬ ‫والخداع‪ .‬تلك األزمة الملتوية في دروب منحرفة الجاحظية‪،‬‬ ‫لها نكهة اللمز والغمز‪ ،‬على النوايا الساخرة‪ .‬كالمه بمُعلنات‬ ‫ساخرة‪ ،‬مجا ًال خصباً بامتياز‪ .‬محصلة فهم السخرية ال يحتاج‬ ‫علماً‪ ،‬فضال إلى جماعة خطابية ما‪ .‬لفكِّ شفرات الخطاب‪،‬‬ ‫إذ تلقي بمسؤوليتها على عاتق القارئ‪ .‬طاقات تمارَس‬ ‫على المتلقين إكراهاً في توجيه عملية القراءة‪ .‬اإلفصاح عن‬ ‫النوايا الساخرة ومبيض التعريف الذي أمدَّنا عن تفكيك‬ ‫النصِّ‪ ،‬لرؤيا األديب الجاحظ في المدوَّنة الجاحظية ‪.‬‬ ‫من أجل اإلفالت من خطاب ساخر يُقصدُ به التجريح‪،‬‬ ‫يحتمل مقصدين من السهل أن يتملص من ذلك‪ .‬القهر‬ ‫والرغبة في االستهزاء ليُطوِّعَ الخصوم‪ ،‬هو سالح من أعتى‬ ‫سالح إيديولوجي‪ ،‬يوَجهه إلى خصومه‪ ،‬ليمتدَّ ويشمل‬ ‫الذات‪ .‬استنباط البناء بالملفوظ يتفطن إلى (إيديولوجية)‬ ‫الخطاب‪ .‬خطاب الهزل واختياراته البالغية‪ .‬حجج يستقيها‬

‫‪8‬‬

‫الجاحظ من المــوروث الديني‪،‬‬ ‫وقـد ضمـن لــه القبــول‪ .‬وهو‬ ‫العالـم باللغـة العربية وإمـــام‬ ‫من بين أئمة علم الكالم‪ .‬المُلم‬ ‫بالحركات النفسية البشريــة‪.‬‬ ‫قلمـــه آلـة التصوير والضحك‬ ‫في مقــامـه كالبكاء في مقامه‪.‬‬ ‫وإذ هــو من المعتزلـــة يتزعم‬ ‫فرقة الجاحظية‪ .‬أمـــا األحداث‬ ‫التي سبقــت عصـــره‪ ،‬صاغها‬ ‫الجاحظ بطريقة تناسب زمانه‪،‬‬ ‫مختلفــة‪ ،‬خالــف فيها ما كتِب‬ ‫من قبل (المحاسن واألضداد)‪ ،‬إذ‬ ‫يعطــي للقارئ تحليله للمحاسن‬ ‫والمســـاوئ‪ ،‬ولعــــديـــد مـــن‬ ‫المفاهيم‪ ،‬منها الدهاء والحيل‬ ‫والموت وغيرهما‪ .‬وقد جمع في‬ ‫كتابه هذا كل غريبة‪ .‬وأيضا في‬ ‫كتابه «البيان والتبيين» ‪ :‬البيان‬ ‫يعنــي به الداللــة على المعنى‪،‬‬ ‫والتبييـن لإليضــاح‪ .‬القلم لسـان‬ ‫يبقى آثاره واللسان مُجرَّد كالم هذر ‪..‬فتنة القوْل وفتنة‬ ‫الصمت‪ ،‬والخوْف من القول أكثر منه للسكوت‪ .‬قلب الجاهل‬ ‫من وراء لسانه‪ْ ،‬‬ ‫فإن همَّ بالكالم تكلم به‪ ،‬له وعليه‪ .‬للحكيم‬ ‫حكمة «يكفيك من القالدة ما أحاط بالعنق»‪ ..‬والسكوت‬ ‫عن قـول الحق هو في معنى النطق بالباطـل‪ ،‬وسوء‬ ‫االستماع نفاق‪ ..‬ولنظم الشاعر ‪:‬‬

‫أترجو ْ‬ ‫أن تكــون وأنــتَ شيــخٌ‬ ‫كمـا قـــد كنـتَ أيـام الشبــاب‬

‫لقدْ َ‬ ‫كذبتكَ نفسكَ ليس ثوْب‬

‫دريس كالجـديـــد من الثيـــاب‬ ‫استمالة القوْل ال يمكن تقبلها بقبول حسن إال بالهزْل‬ ‫بالقلب الداللي‪ ،‬للتلفظ بغير ما يقول‪ ،‬وهنا قوته (الجاحظ)‬ ‫البالغية لولعه الكبير بالسخرية‪ .‬ترفع من قِيمه البالغية‬ ‫ليتردَّدون بين المعلن والمضمر‪ ،‬المَثني الساخر‪ .‬ثمَّ‬ ‫موضوع المرأة عند الجاحظ‪ ،‬من متغز ٍَّل به إلى كائن ما فيه‬ ‫من عيوب ونقائص‪ .‬يشير إلى المرأة والرمز الديني والبخل‬ ‫والمال‪ .‬ولعل الجاحظ وجد ضالته في تالوين الخطاب دفاعا‬ ‫عن المهمشين‪ .‬بعض األشعار تعلم جيداً‪ ،‬لكيْ تُداري‬ ‫السلطة‪ ،‬ولتواريَ خطاب الهامشيين على خطاب السلطة‪.‬‬ ‫فضح‪ ،‬عري‪ ،‬مستقيم القيم وخلخلة المفاهيم في األحكام‬ ‫المسبقة وتوطين األشكال‪ .‬وهو صوتٌ من أصوات األقلية‬ ‫المهمشين‪ ،‬كيْ يجهرَ بمواقفهم‪ .‬وقد أثار جد ًال في األقلية‬ ‫العرقية وألف فيهم مقاالت في مناقبهم‪ .‬وخلخلة األنساق‬ ‫إلى مجال مضاد تكشف رؤية اآلخــر‪ .‬النصوص الحاقـة‬ ‫المتصلة بالجنس المحرَّم الديني والجنس الذي يشغل‬ ‫المرأة والرجل‪ .‬أزواج التضاد على بالغة المعنى المقلوب‬ ‫لتُطهر غيره‪ ،‬وهو صلب كل التعاريف‪ .‬يلج بكلكله اللبس‬ ‫لعالقة السخرية بالضحك‪ .‬والساخر بالمقابل كتوم‪ ،‬أما‬ ‫الضحك من شكل التخاطب على القيمة المشتركة للساخر‬ ‫من خصمه‪ ،‬وهي عالقة تمازج بين السخرية والهزل‪ ،‬من‬ ‫كتابات إبداعية‪ ،‬يحققان بالغة مختلفة عن بالغة الجدِّ‪ .‬ثم‬ ‫ُ‬ ‫صِبيان‬ ‫يطيب العيش ْأن تلقى حكيماً ~ وقد أمات الهجران‬ ‫قلبي ‪( ..‬شعر)‪ .‬ومن بين الكتب العديدة للجاحظ التي وقفت‬ ‫عليها ولها تصانيف كثيرة هي «الحيوان ‪ /‬البيان والتبيين‬ ‫‪ /‬سحر البيان ‪ /‬التاج ‪ /‬البخالء ‪ /‬المحاسن واألضداد ‪ /‬الجدُّ‬ ‫والهزل ‪ /‬والحسد والعداوة ‪ /‬ثم رسالة تنبيه الملوك‪ /‬ومن‬ ‫حكم الجاحظ ‪:‬‬ ‫ال تجالس الحمقى فإنه يعلق بك منْ‬ ‫مجالسهم يوم ًا من الفساد ما يعلق بك منْ‬ ‫مجالسة العقالء ‪ ،‬دهراً من الصالح‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫فإن الفساد أشدّ التحام ًا بالطبائع ‪!..‬‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬ ‫(�أقا�صي�ص)‬

‫ُ‬ ‫هذه شذراتٌ سردي ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر ُ‬ ‫المبدعة من شُرفةِ‬ ‫ِّيشة‬ ‫درب الحيارى‪ ،‬والمكلومين‪،‬‬ ‫الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حُدا ٍء َفجريٍّ على ِ‬ ‫والحالمين بمساقطِ الغيثِ الخضير‪ ..‬صحيحٌ َّ‬ ‫أن هذه الشَّذرات اختارت‬ ‫لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫ونفس ًا قصيراً‪ ،‬لكنَّها تروم َّ‬ ‫بث َّ‬ ‫اللمحةِ في غاللةٍ‬ ‫نثريَّةٍ فنيَّةٍ ذاتِ ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحّبَ بها‪ ،‬وفتح ذراعيه لساللها‪،‬‬ ‫فقد أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربّما استسمن ذا ورم! ومن أعرض عنها‬ ‫وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم العافية‪ ،‬واخضالل‬ ‫المآب ‪..‬‬

‫دعـــاء‬ ‫ٌ‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫قطب الري�سوين‬ ‫‪ .‬ال�شارقة ـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جوف اللَّيلِ ‪..‬‬ ‫هم�سات زوجتهِ يف‬ ‫مع �إلى‬ ‫َ‬ ‫ال�س َ‬ ‫ا�سرتق َّ‬ ‫كانت تدعو‪:‬‬ ‫اجلوع‪ ،‬وال‬ ‫ن�صرب على‬ ‫« اللَّهم �أَ ْغنِنا بحاللِك‪ ..‬اللَّهم �إنَّا‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن�صرب على النَّار »‪.‬‬ ‫‪....................‬‬ ‫قيء �شدي ٌد‪ ،‬وامتلأَ‬ ‫احلمام بالهدايا‬ ‫حو�ض‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ذر َع ُه ٌ‬ ‫يف َّ‬ ‫ال�صباح َ‬ ‫إكراميات ) !‬ ‫و( ال‬ ‫َّ‬

‫تأبينٌ‬

‫واملوج يتَك َّف�أُ‬ ‫بع�ضه على ٍ‬ ‫بع�ض‪..‬‬ ‫البحر غا�ضباً‪..‬‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحلم ُهم برحابةِ البحرِ ‪..‬‬ ‫ً‪..‬‬ ‫ال‬ ‫قلي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫زاد‬ ‫كان‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ْ‬ ‫ً‬ ‫زوابع البحرِ ‪..‬‬ ‫مه ِّب‬ ‫يف‬ ‫ري�شة‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫زورق‬ ‫كان‬ ‫ِ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫وحيتان البحرِ ‪..‬‬ ‫ري‬ ‫كانت �أج�سادهم وليمة للط ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القلب‪..‬‬ ‫ورحيق‬ ‫‪..‬‬ ‫م‬ ‫ئ‬ ‫آبا‬ ‫�‬ ‫ب�سمة‬ ‫كانوا‬ ‫َ‬ ‫هِ ْ‬ ‫‪....................‬‬ ‫ِ‬ ‫ري‬ ‫مت كب ٍ‬ ‫بهذه‬ ‫العبارات � َّأب َن « ُ‬ ‫عبد الرحمن « ول َد ُه يف م�أ ٍ‬ ‫ب�شاطىءِ املدينةِ ‪! ..‬‬

‫غرب ٌة‬ ‫م�ص ِّبهِ‬ ‫ِ‬ ‫و�رضب‬ ‫وملعب طفولتهِ ‪..‬‬ ‫منذ �أربعني عام ًا‬ ‫خرج من َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أكلُ‬ ‫َّ‬ ‫وم�شاعره‪..‬‬ ‫ه‬ ‫أع�صاب‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫وق‬ ‫وال�ش‬ ‫يف �أر�ض الله‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أجرةٍ‬ ‫القدميةِ‬ ‫املدينةِ‬ ‫‪ ..‬حيث‬ ‫من املطارِ �إلى‬ ‫�أقلَّ �سيارةً �‬ ‫ُ‬ ‫عنان‬ ‫وجريانه‪ ،‬واملدر�سة العتيقة التي طاولت بتاريخها‬ ‫داره‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال�سماء‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫و�صلَ‬ ‫ِ‬ ‫ملرابع ذكرياته‪ ..‬ف�س�ألَ ال َّأولَ ‪،‬‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫يه‬ ‫مل‬ ‫َّه‬ ‫ن‬ ‫لك‬ ‫‪،‬‬ ‫املدينة‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫وال َّثاين‪ ،‬وال َّث َ‬ ‫اجلواب واحد ًا‪:‬‬ ‫الث‪ ،‬وكان‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫�صارت عمارةً‬ ‫�شاهقة !»‪.‬‬ ‫واملدر�سة‬ ‫مات الط ّيبون‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫« َ‬

‫فرح ٌة‬

‫ال�ص َ‬ ‫ادية‪..‬‬ ‫املطر يغ�سلُ ال َ‬ ‫ُّفو�س ّ‬ ‫ُ‬ ‫أر�ض‪ ،‬والن َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وي َه ْدهِ دون زوارقهم‬ ‫والأطفالُ يرتعون يف ب َِرك املاء‪ُ ،‬‬ ‫الورقي َة‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫دةُ‬ ‫احلقلِ‬ ‫اليوم‪..‬‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫مبط‬ ‫وى‬ ‫َّ�ش‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫َها‬ ‫ت‬ ‫دالي‬ ‫ترقب‬ ‫و�سي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫لعناق احلَ ِّب الأخ�رضِ‪..‬‬ ‫أهراء تت� َّأه ُب‬ ‫ِ‬ ‫وال ُ‬ ‫‪....................‬‬ ‫راقت يف عينهِ‬ ‫والتفت �إلى �صاحبهِ قائالً‪:‬‬ ‫امل�شاهد‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال�سماءِ !»‪.‬‬ ‫« ما � َ‬ ‫أروع فرحة َّ‬


‫العدد ‪989‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪9‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)9‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪ ،‬كما تعدّ‬ ‫أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة‬ ‫العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ‬ ‫كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة‬ ‫الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه‬ ‫الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪.‬‬

‫وانحالل جسمها غالب األوقات‪ ،‬ولم يكفها فتح الفونتي بكلتا يديها‪ ،‬وال استعمالها‬ ‫غبار تباغة‪ ،‬وربك الشافي‪ ،‬وشنفت آذاننا بشروع ورثة الصنم األكبر‪ ،‬وما أبداه من‬ ‫الحيل ُ‬ ‫قِرن لبَّادينا حتى استولى على ما استولى عليه من غير إشهاد وال غيره‪ ،‬وطرد‬ ‫ذلك الفويسق إذ أتاه بعد مفارقة الناد لطلب اإلشهاد‪ .‬وقد وصل أمس أمس تاريخه‬ ‫المرير‪ ،‬وبقي معي في المحكمة مدة سألته فيها عن أخريف والخمال‪ ،‬وما أبطأهما‬ ‫إن طلبتنا لبلههم يطمعون في الحبال الراشية‪ ،‬ويريدون اإلتيان بما يعيشون به‬ ‫من مكاتيب المخزن‪ ،‬وهم من ذلك في غرور‪ ،‬وزاد ّ‬ ‫أن أخريف يبذل العوض في إخراج‬ ‫ذلك‪ ،‬وأخبرني المرير أن الخليل ال زال على خلته‪ ،‬بيد أنه تحول طبعه منذ استخدم‬ ‫إلى النهم‪ ،‬وإشراف النفس للخدمة‪ ،‬وهو من ذلك في غرور‪ّ ،‬‬ ‫فإن الفرنسيس بالغ‬ ‫في سدّ مداخل المعاش على األهالي‪ ،‬وفتحه لألجانب غير مكترث وال مبالي‪ ،‬وربّك‬ ‫الفتاح المعالي‪ .‬مسلما على الخليل وطلبتنا‪ ،‬وأخبرني المرير ّ‬ ‫أن ابن السمسار ربما‬ ‫طرقك في الزاوية‪ ،‬فتقابله بطالقة الوجه‪ ،‬وهو الذي ينبغي‪ .‬ومن هنا تسلم عليك‬ ‫الوالدة واإلخوة وأبناء العم‪ ،‬وسائر األحبّة والسالم‪ 27 .‬رمضان عام ‪1328‬هـ‪.‬‬

‫[الرسالة الثانية والثالثون]‬ ‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى نجله الطالب محمد أفيالل‪،‬‬ ‫أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫الولد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد‪ ،‬وفقط اهلل وسالم عليك ورحمة اهلل‬ ‫وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك تاريخ شهره معلماً بذهولك عما كان في كتابك الضائع إالّ‬ ‫اإلخبار بقبضك سلف ابن العم بواسطة صهره‪ ،‬وأنّك أجبته بالوصول‪ ،‬وجعلت جوابه‬ ‫طي الكتاب الضائع‪ ،‬وأكدت في إنهاء الواقع إليه الطمئنان باله‪ ،‬فأما الكتاب فقد ضاع‬ ‫هو وما كان بطيه‪ ،‬وسننهي إليه قضية الواقع‪ ،‬وقد كان وصل الكتاب الذي وصل‪ ،‬بل‬ ‫الذي طلبت فيه توجيه مثال السبنية لضياع األول‪ ،‬وأجبتك عنه‪ ،‬وجعلت المثال داخل‬ ‫الجواب‪ ،‬وال يكون واهلل أعلم إال وصلكم‪ ،‬إذ لم يضع من مكاتيبنا إليكم شيء‪ ،‬وإنما تضيع‬ ‫المكاتيب اآلتية من فاس بإيالة طنجة‪ ،‬لتشوفهم إلى أخبار الريسوني رغبة أو رهبة‪،‬‬ ‫وهم الغالب لما يؤثر عنه من قساوة القلب‪ ،‬سيما وقد بذل ما بذل‪ ،‬ويفعل اهلل ما يشاء‪،‬‬ ‫[الرسالة الخامسة والثالثون]‬ ‫وإذا صادف وجودُ الشربية والسبنية بقا َء ابن مرزوق هناك‪ ،‬وكان قاصداً اإلتيان لهنا ال‬ ‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى نجله الطالب محمد‬ ‫للمكث بأصيال فال بأس بدفعهما له‪ ،‬وبذلك أخبرني أشعاش‪ ،‬وقد قدم قبل الزوال من‬ ‫أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض‬ ‫يوم العيد‪ ،‬وإذا كان معه ثمنهما غير محتاج إليه‪ ،‬فحزه منه لندفعه له هنا‪ ،‬وإال فأعلم‬ ‫ماجريات األحوال]‬ ‫بمقداره ليوجه مع البوسطة‪ ،‬وأمّا ما اغتاظ منه (س) مغير موجب لذلك‪ ،‬ولكن مراده‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫لما رآى تطرّق األلسنة‪ ،‬وأن األجانب عولوا على مثل ذلك‪ ،‬ويصعب عدم إجابتهم‪ ،‬أعطاه‬ ‫على وجه النصيحة جواباً يلقم به أفواههم‪ ،‬وهو أن يقال لهم ذلك المحل تحقق عندي‬ ‫الولد البار األنجد‪ ،‬الطالب السيد محمد‪ ،‬وفقك اهلل وسالم عليك ورحمة اهلل‬ ‫أنه من سوق البلد‪ ،‬وأني استرجعت عن ذلك اإلقطاع‪ ،‬والرجل مراده النفع‪ ،‬وهو موجود‬ ‫وبركاته‪.‬‬ ‫بغير ذلك المحل‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك األعز مخبراً بما القيته من زمهرير برد هذه السنة‪ ،‬رزقنا‬ ‫نصحت فلم أفلح‪ ،‬وخانوا فأفلحوا*** وأسكنني نصحي بدار هوان‬ ‫اهلل سالمتها ممّا لم يعهد مثله في ماضي السنين بسبب نزول البرد والثلج‪ ،‬حتّى‬ ‫ابيضّت الروابي الموالية للبلد‪ ،‬وقد وقع عندنا مثل هذا الواقع عندكم‪ ،‬وابيضّت‬ ‫فإذا عشت لم أنصح وإن مت فالعنوا*** ذوي النصح من بعدي بألف لسان‬ ‫الجبال ّ‬ ‫ّ‬ ‫المطل المقابر‪ ،‬ولم يعهد ذلك فيه‪ ،‬وإنّما يعهد في‬ ‫بالثلج حتّى جبل درسة‬ ‫سيدي علي بن ريسون‬ ‫فلم يذنب ذنبا يوجب له هذا الذي صدر من (س) من السخرية واالستهزاء‪ ،‬وقد‬ ‫جبال بني حزمر‪ ،‬وبعدم استقامة القراءة عندكم حتّى مضى يوم عاشوراء‪ .‬وحضورك‬ ‫تراخى الطعن في ذلك من ابن دالك وغيره‪ ،‬وأخبرني ابن دالك أنه أعطى لـ (سي) في تلك‬ ‫نصاب أوّل العبادة‪ ،‬وإن كان يتداخل مع نصاب أوّل اإلجارة بسبب قصر النّهار لطول‬ ‫البقعة ‪ 12‬آالف‪ ،‬والذي يظهر أن الموجب لذلك انفعال صاحبكم لوسوسة الفئة الباغية‪ ،‬ألنّه صار هدفا لهم‪ ،‬وأنه العهد بقراءة العبادة‪ ،‬وتركك نصاب التحفة‪ّ ،‬‬ ‫كل ذلك من سديد النّظر‪ ،‬الزلت مو ّفقاً‪ ،‬وقد ساءني ما أخبركم به ابن‬ ‫التفت إليهم وأصغى لهم‪ ،‬يدلك على هذا اعتناء الرجل بالنجار الذي قامت بنصرته جماعة الفجار‪ ،‬والعذر له‪ ،‬فإن‬ ‫فئة المغتاظ منه (سي) و (سي)‪ ،‬وليس من ورائهم ما [‪ ]...‬بخالف الملتفت إليهم‪ ،‬ولئن أطال اهلل عمرك لتسمعن الخياط من ترك القراءة في الثالثة األيام التي أمر بالبيات في لياليها بأفراك‪ّ ،‬‬ ‫وأن غيره من الفقهاء أحرى بهذا الترك‪،‬‬ ‫فال حول وال قوّة إ ّال باهلل‪ّ ،‬‬ ‫فلعل أن يكون لك مقرو على غير هؤالء المأمورين بالبيات‪ ،‬تشغل به أوقات البطالة‪،‬‬ ‫من هذا ما يشنف أذنك‪( ،‬ولتعلمن نبأه بعد حين)‪ .‬كما أخبرت بمقروءاتك في هذه األيام‪ ،‬وقد وصل ظهير الرهوني‪ ،‬وما ّ‬ ‫حذرت سؤال المرير عن الباليين ‪ 30‬هو المتعيّن كما قدمناه لك‪ ،‬ووجهه ظاهر‪ ،‬وقولك عنه إن نفسه لم تزل‬ ‫ووجهه إليّ لتنفيذ ما فيه‪ ،‬وبتعيين من عيّن من األمناء والعدول‪ ،‬ومنهم خالك ابن يوسف‪ ،‬يسر اهلل له جميع‬ ‫متمناه‪ ،‬وبمن عزل وولي‪ ،‬وبما اشتريته من الكتب‪ ،‬ويعود سالمنا على الرفيق وابني عمه‪ ،‬والمرير والدليرو والخطيب‪ ،‬متشوفة للرجوع بإخباره إياك بذلك ال يستفد‪ ،‬وقد بيّنت سبب طلب القاضي من الخمّال إخالء البيت بأتمّ بيان [‪]...‬‬ ‫وأخريف والخمال وابن مرزوق‪ ،‬ومن هنا الوالدة واإلخوة وأبناء العم وسائر األحبة والسالم‪ .‬في ‪ 14‬حجة عام ‪1326‬هـ‪ .‬في غاية من االتجاه‪ ،‬كما بينت عدم الخوف ممّا تخوفناه من سعاية الشويطين بك بمثل ما [‪ ]...‬به في الخمال‪ ،‬من‬ ‫أن ذلك ال يجديه لكون ربّ البيت وسائر أبناء عمّه ال يلتفتون إليه‪ ،‬وال يقيمون له وزنا‪ ،‬وقيل لي‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫إن ذلك القاضي‬ ‫التهامي وفقه اهلل بمنه‪.‬‬ ‫كثيراً ما يكاتب السمسار‪ ،‬وما عسى أن تأخذ النار من النار‪ ،‬كما أخبرت بتنفيذ (ط) لمدرسي فاس عن السنة الماضية‬ ‫‪ 10000‬ريا ًال‪ ،‬والزالوا يتبعون بريال ‪ ،8000‬قيل لي‪ّ ،‬‬ ‫وأن صاحب الجريدة أخبر بذلك وبأنه ناب رؤساؤهم ‪ 80‬ريا ًال‪ ،‬أمّا‬ ‫مدرّسونا فقد مضى من تاريخ الكتاب الذي وجهته شهران‪ ،‬وال أثر وال جواب‪ ،‬مع أنّهم في غاية ما يكون من القيام‪،‬‬ ‫[الرسالة الثالثة والثالثون]‬ ‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى نجله الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه وشدة االعتناء‪ ،‬وأمس تاريخه أعدت الكتابة‪ ،‬نطلب اهلل توفيق من بيده األمر‪ ،‬وأخبرت أيضاً بافتتاح الحاج بوشعيب‬ ‫قراءة البخاري والمقامات الحريرية بالقرويين‪ ،‬ولكن عاقك عن حضورهما ما هو آكد‪ ،‬ويظهر من هذا أنّه ال يصخب‬ ‫فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫السلطان في سفره‪ ،‬وإذا كان الشويطين الزال بمركزه من الكتابة فال محيد له عن السفر‪ ،‬وذلك من أعظم المضرات‬ ‫وسلم‬ ‫وصحبه‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫عليه وعلى أهله‪ ،‬ونرجو أن تكون حزت المعجون‪ ،‬وهو وإن كان قلي ًال ّ‬ ‫فإن ما بقي من أيام البرد قليل‪ .‬مس ّلما على‬ ‫وعلى الولد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد‪ ،‬أزكى السالم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫ابن يوسف وطلبتنا‪ ،‬وبني الخطيب‪ ،‬كما يسلم عليك الوالدة وأبناء العم وسائر األحبّة والسالم‪ .‬في متم محرم الحرام‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك األغر معلما بوصول القميص والفرجية وما وافقتهما للغرض‪ ،‬ومتمنيا مصادفة ورود كتابك فاتح عام ‪1329‬هـ‪.‬‬ ‫هذا [‪ ]...‬الشروع في صنع حلواء العيد‪ ،‬ألجل تفيد بقالوة بالسكر دون تعسيلها لما أوضحته من سرعة [‪ ]...‬للثانية‬ ‫دون األولى‪ ،‬وصالحية األولى للمناولة مع شرب األتاي دون الثانية المحتاج تناولها للحريرة التي ال تتيسر في غالب‬ ‫[الرسالة السادسة والثالثون]‬ ‫األحوال‪ ،‬فنقول‪( :‬الصيف ضيعت اللبن)‪ ،‬فإنه كان من حقك اإلعالم بهذا قبل حلول [‪ ]...‬إبانه‪ ،‬أما اآلن فقد وجهت‬ ‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى نجله الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه‬ ‫الحلواء البقالوة والكعاب والخليع على عادة ذلك‪ ،‬متم شعبان أمس أمس أمس تاريخه مع الهراس الشفشاوني‪ ،‬كما فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫كتبنا لك بذلك‪ ،‬نطلب اهلل البالغ بمنه‪.‬‬ ‫و صلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫ ‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وقد وصل أخاك كتابُ ميكوا أوال‪ ،‬ثمّ بقية مطلوبه ثانيا لطنجة‪ ،‬وأخبر بذلك وبتوجيهه إلى كنون‪ ،‬وأخبرت‬ ‫ولدنا البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد‪ ،‬وفقك اهلل وسالم عليك ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫بخفة ما كنت تشتكي به من الضعف واالنحالل وشبه الفشل والرعدة وفي كلتا الركبتين‪ ،‬حتى ضعفت عن الذهاب‬ ‫و بعد‪ ،‬وصل كتابك األعز بعد أن قلقت من بطئه‪ ،‬فإني لم أقبض منك كتاباً من كذا‪ ،‬وصرت أنتظر جوابين عن‬ ‫واإلياب‪ ،‬وإخبار بعض األطباء إياك أن موجبه ذلك الحرارة وضعف البنية والتعب‪ ،‬وقد ظهر مصداق ذلك بخفة األمر‬ ‫عند قلة هذه المواد‪ ،‬فلله الحمد على السالمة‪ ،‬ونطلب اهلل أن تيسر األقدار بقاء مؤانسكم المرير حتى ال يحصل كتابين كتبتهما لك‪ ،‬أحدهما بثاني في التاريخ‪ ،‬واآلخر بالتاسع منه‪ ،‬وبورود كتابك هذا تيقنت أن جواب األول وهو ذو‬ ‫لكم [‪ ]...‬هذا‪ ،‬وحز من الحاج الطيب ميكوا ‪ 50‬ريا ًال‪ ،‬فقد أخرج لك أخوك عبد السالم [‪ ]...‬وأمره أن يدفع لك القدر بطاقة الرموز قد ضاع في البوسطة‪ ،‬هو و كثير من المكاتيب‪ ،‬والذي أوجب هذا اليقين عدم تعرضك في هذا األخير‬ ‫المذكور‪ ،‬فخذه من قبلنا مباركا لك فيه لمؤونة الشهور المستقبلة‪ ،‬مسلما على موالي أحمد بن يوسف وطلبتنا وهو ذو رقعة رسم السبنية لوصول الحلواء‪ ،‬و ال لما أتحفكم به أشعاش‪ ،‬فنطلب اهلل أن يكون خاليا من السر أو رمز‬ ‫جميعا‪ ،‬ولم تخبر عن حال الخمال؟ ومن هنا الوالدة واإلخوة وأبناء العم‪ ،‬وسائر األحبّة والسالم‪ .‬في ‪ 3‬رمضان له‪ ،‬أخبرت باطمئنان نفس (ق) من وصول مكاتب (س) ل (سي) شطرها هنا مشوش البال‪ ،‬و حيث إنه يتكلم في ذلك‬ ‫كثيرا و قد كتب ابن [‪ ]...‬و جاءت الكتابة من عند النايب بطنجة بشكواه‪ ،‬وبعد ما كانت واحدة عن يمين الحاج من‬ ‫المعظم عام ‪1328‬هـ‪.‬‬ ‫أعيدت قطعتين بجعل قطعة أخرى عن اليسار تحرزا من إضرار بما برز من القطعة األولى في الفدان‪ ،‬وحجبها إياه عن‬ ‫النظرة الكاملة‪ ،‬قال‪ :‬باشروه في كتابه الذي وجه النايب نسخة منه لعامل أن ذلك يحط من ثمن دار ابن دالك شطر‬ ‫[الرسالة الرابعة والثالثون]‬ ‫ثمنها‪ ،‬و على كل حال‪ ،‬و أَخبرت أن بعض [‪ ]...‬كتب له يقبح له ذاك‪ ،‬وانظر ما يفعل اهلل سبحانه‪ ،‬و بتكلمك مع اللفت‬ ‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى نجله الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه في شأن الشربية و السبنية‪ ،‬و طمعت في إرسالهما مع أشعاش‪ ،‬وعليه فإن كان ألشعاش ما يؤدي به ثمنهما وندفعه‬ ‫له بعد القدوم فهو أحسن‪ ،‬وإ ّال فأعلم بمقداره ليوجه لك بالبوسطة‪ ،‬و لم تخبر أوجه لك مصطفى سلفك أم ال؟ فإن‬ ‫فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫لم يكن توجيه تعينت كتابتك له‪ ]...[ ،‬و قد علمت ما شرحته من شكوى المرير والدليرو وحال الخطيب‪ ،‬وقد تساهل‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫الفقهاء هناك في التدريس غاية التساهل لما أخبرت به من إرادتهم العواشير‪ ،‬فإنه ما س ّلم حتى ودع‪ .‬وعزل زنيبر‬ ‫وعلى الولد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد‪ ،‬وفقك اهلل وسالم عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وتولى المقري بدله قد بلغانا‪ ،‬كما بلغنا موت ابن سليمان‪ ،‬و قولك لعل (ط) سيحوز داره‪ ،‬اهلل أعلم‪ .‬إن هذا الرجل غير‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك األعز معلما بأن ماكنت أخبرت به من وجود صندوق الحلواء على ما ينبغي‪ ،‬لم يكن عن مقدور عليه‪ ،‬فإن له حمايات و نياشين‪ ،‬يدلك على ذلك إقدامه على القدوم لحضرة (ط) غير مبال دون غيره‪ ،‬وإن كان‬ ‫يقين‪ ،‬وإنّما ذلك صدر منك حم ًال لالستصحاب وجريا على المعتاد‪ ،‬وإال فقسديرة الكعاب قد طرأ تغيرها بحيث الكل محميا‪ ،‬لكن حمايته أوثق‪ ،‬و كذا بلغنا خبر موالي محمد‪ ،‬وعقاب من وجدت عنده مكاتيبه يغريه باإلثارة والفتنة‪،‬‬ ‫ال يرجى أكلها إن بقيت شهراً‪ ،‬وأنّك أنكرت حضوري على ترقيد الحلوا‪ ،‬واستربت في بقاء الصندوق على هيئته‪ ،‬وأخبرني أحد الناس اليوم أنه قبض القماح بالدار البيضاء‪ ،‬والحمد هلل على سالمة ولي اهلل سيدي محمد بن جعفر‪،‬‬ ‫فلتعلم أني حضرت الترقيد وباشرته بنفسي‪ ،‬بيد ّ‬ ‫أن مرتيلية لم تتقن التنفيد على ما ينبغي‪ ،‬فإنها بالغت في تنفيع نفع اهلل به البالد والعباد‪ ،‬وقد قدم الفرطاخ وصنع والده وليمة الحج‪ ،‬وأتاني للدّار وسلم عليّ‪ ،‬وقد غاب عنّا خبر‬ ‫الكعاب في النيبر الذي كان إلى الميعان أقرب‪ ،‬فلما فندت لم يحصل لها النشاف الحافظ لها من سرعة التغير‪ ،‬وكنت الريسوني‪ .‬مس ّلماً على الرفيق وابني عمّه وأخريف والمرير والدليرو والخطيب والخمال وأشعاش‪ ،‬ومن هنا الوالدة‬ ‫توقعت هذا التغيير‪ ،‬ولم نجد عنه محيصاً‪ ،‬وهذا ألطف من الواقع بالخطيب‪ ،‬فقدم أكل الكعاب على أكل البقالوة‪ ،‬وأما واإلخوة وأبناء العم وسائر األحبّة والسالم‪ .‬هذا ولتعلم ّ‬ ‫أن عدم كتب والدتك لك هي أنّها ترى أنّك ال تجاريها في‬ ‫والدتك فقد فارقها الزكام بالقرب‪ ،‬وقد عزمت على شرب العشبة أيام العيد لتوفر فضالت المادة البلغمية برأسها‪ ،‬مكاتيبك لها بشيء من الكالم‪ ،‬وتقول‪ :‬هذه مثل ما نشرت الرحوي‪ .‬وفي ‪ 26‬قعدة عام ‪1326‬هـ‪ .‬التهامي وفقه اهلل‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫العدد ‪989‬‬

‫لوركا‬

‫‪10‬‬

‫شاعر ومكان‬

‫وغرناطة (‪1936 - 1899‬م)‬

‫لوركا شاعر إسبانيا الخالد ‪:‬‬

‫لم يحظ شاعر إسباني على مر التاريخ بما حظي به الشاعر الكبير فيديركو‬ ‫غارسيا لوركا من اهتمام كبير منذ اغتياله إلي اليوم داخل اسبانيا وخارجها‪ ،‬فقد‬ ‫تخصص العديد من الباحثين والنقاد اإلسبان وغير اإلسبان في دراسة شخصية‬ ‫ومأساة اغتياله من طرف الفاشية مع بداية الحرب األهلية اإلسبانية (‪36-‬‬ ‫‪1939‬م) وتسليط الضوء على شعره وتحليل رموزه‪ ،‬وتعاطفه مع المضطهدين‬ ‫في إسبانيا‪( :‬الغجر) الذي أثاروا اهتمامه كعرق مضطهد‪ .‬والسود في حي هارلم‬ ‫بنيويورك‪ ،‬والعربي المسلم الذي عاش في إسبانيا‪ ،‬والموريسكي الذي فضل‬ ‫البقاء في األندلس بعد سقوطها سنة ‪1492‬م‪ .‬وكل الفقراء والمنبوذين‪ .‬وارتفع‬ ‫صيته عاليا‪ ،‬ومال شهرة عالمية‪ ،‬وترجمت أعماله في أروبا وأمريكا‪ ،‬وعرضت‬ ‫مسرحياته في أكبر مسارح العالم‪ ،‬وأطلق اسمه على العديد من المؤسسات‬ ‫التعليمية في إسبانيتا وأمريكا الالتينية‪.‬‬ ‫لقد ترك موت لوركا المأساوي عاصفة من االحتجاج في العالم كله‪ ،‬فرثاه‬ ‫العديد من الشعراء الكبار في العالم (بابلو نيرودا) و (أنطونيو ماتشادو) و (بدر‬ ‫شاكرالسياب)وغيرهم‪.‬‬ ‫وعلى العموم فقد كان لوركا كما وصفه صديقه (كارلوس مورال‬ ‫تفيش) سفير التشيلي في مدريد سنة ‪1928‬م «أحد أعظم الشعراء‬ ‫المعاصرين في العالم وأبعدهم صيتا وأروعهم فكرة في التعبير عن‬ ‫الحياة والموت والحب»‪.‬‬

‫غرناطة فرودس األندلس‪:‬‬

‫أرض خصبة ذات وديان وأنهار تظللها األشجار وتنتشر بها األجنحة‬ ‫الخضراء والبسائط الخصبة‪ .‬وقد عملت يد الفالح األندلسي في خدمة األرض‬ ‫والحدائق وتنقيتها من األحجار واألعشاب الكفيلية‪ ،‬كما عمل الفكر الفالحي والهندسي في توزيع الري واختيار التربة‬ ‫للغراسة وتقليم األشجار‪ .‬فانتشرت بنجاح عظيم أشجار الزيتون والتفاح والمشمش والخوخ والرمان والبرتقال والدراق‬ ‫والليمون والليم واألترج والموز والنخيل ذي الثمار المختلفة األنواع‪ .‬وصفها ابي الخطيب قائال‪ :‬ومن فضائلها أن أرضها‬ ‫ال تعدم زريعة وال رعيا طول العام‪ .‬أما الجبال فقد‬ ‫كانت تستبطن معادن الذهب والفضة والرصاص‬ ‫والزئبق والمباه المعدنية والحمامات الحارة‪ ...‬وبها‬ ‫من العقار واألدوية النباتية والمعدنية ما ال يحتمل‬ ‫ذكرها‪ ،‬وكفى بالحرير الذي فضلت به فخرا‪ ،‬وتجارة‪،‬‬ ‫وفائدة عظيمة‪ .‬وفحصها األفيح المشبه بالغوطة‬ ‫الدمشقية حديث الركاب‪ ،‬وسمر الليالي‪ ،‬وقد دحاه‬ ‫اهلل في بسيط سهل تخترقه المذانب وتتخلله‬ ‫األنهار جداول وتتراحم فيه القرى والجنات‪.‬‬ ‫بلد يحف به الرياض كأنما = وجه جميل‬ ‫والرياض عذاره‬ ‫وكأنما واديه معصم غادة = ومن الجسور‬ ‫المحكمات سواره‬ ‫وألم بها ابن بطوطة في «رحلته» ببالد‬ ‫األندلس وقال عنها‪« :‬قاعدة بالد األندلس وعروس‬ ‫مدنها‪ ،‬وخارجها ال نظير له في بالد الدنيا»‪.‬‬ ‫إنه من العبث فعال أن نفصل بين لوركا وأرضه‬ ‫غرناطة‪ ..‬وذلك في جميع مراحل حياته الشعرية‪،‬‬ ‫حبه لغرناطة يدفعه ليتسلل إلى أعماق تاريخها‬ ‫الحضاري‪ ،‬ويسقي بذورا عربية طيبة نثرها قبال في‬ ‫تربة‪ »:‬كتاب القصائد‪ ،‬األغاني‪ ،‬غناء طيب العرب‬ ‫وأنشودة غجر»‪ .‬كتب المرحلة األندلسية‪ ،‬بذورا‬ ‫ارتوى ونضج‪ ،‬وارتفع قليال عن األرض‪ ،‬في «ديوان‬ ‫التماريت» آخر كتاب شعري نظمه قبل وفاته‪.‬‬ ‫لقد امتزج بتراب غرناطة‪ ،‬بتراب أندلس الجبل األسمر‪ ،‬أندلس األنهر الكبيرة واألساطير‪ ،‬أندلس الزيتون والسرو‬ ‫والنسرين‪ ،‬هو يرسم ببراعة المناظر األندلسية‪ ،‬يربطها بالحياة‪ ،‬يربطها بالموت يغني ألحان إشبيلية القديمة‪:‬‬ ‫يا قادش‪ ،‬التي يغطيها البحر‪،‬‬ ‫ال تتقدمي في هذا المكان‪...‬‬ ‫يا اشبيلية انهضي‪،‬‬ ‫حتى ال تختفي في الساقية‪..‬‬ ‫وهو يحملنا في كل كتاب‪ ،‬في كل قصيدة‪ ،‬إلى أرض الجنوب لنتأمل معه ببراءة وطفولة الجمال الذي يحيط بنا‪:‬‬ ‫الجنوب‪ ..‬سراب‬ ‫انعكاس نور‪..‬‬ ‫الجنوب هو الرمال الالهبة‪،‬‬ ‫هو النسيم يضحك في أعالي شجر الصفصاف‪.‬‬ ‫لوركا‪ ،‬يحمل في أعماق أعماقه‪ ،‬إلى حيثما يذهب‪ ،‬وأينما يحل‪،‬‬ ‫صورة أروع مدن الجنوب‪ ،‬األندلس‪ ،‬التي دمغتها الحضارة العربية‬ ‫البعيدة بطابع سحر جذاب‪ ،‬وأهدتها أروع وأجمل أثار تعبر عن عظمة‬ ‫فن اإلنسان الذي ابتدعها‪..‬‬ ‫نحن ال نستطيع أن نفهم شعر لوركا بعيدا عن حبه لغرناطة‬ ‫فأحلى مدن الجنوب األندلسي‪ ،‬تبقى مفتاح السر إلى عالمه‬ ‫الشعري‪ ..‬هو ال يفتأ يغني قصر الحمراء‪ ،‬وحي البيازين المواجه له‪،‬‬ ‫الذي تحضنه الشمس مساء‪ ،‬وتتراءى له أيضا حدائق الخلفاء بألوانها‬ ‫الزاهية‪ :‬حيث حاكت يد الطبيعة والنباتات األندلسية أبدع روض‬ ‫يمكن أن تقع عليه عين بشر‪.‬‬ ‫غرناطة‪ :‬كاستيليا‪ ،‬فالينسيا؟‪ ..‬الشاعر متحد بأرض بالده أينما‬ ‫ذهب وحيثما حل‪ ،‬هو يهدف ال شعوريا أن يجمع في شعره كل‬ ‫اسبانيا‪ :‬اسبانيا العلماء والشعراء والمغنيين الشعبيين‪ ،‬اسبانيا هضبة‬ ‫كاستيليا وشواطئ البحر‪ ،‬اسبانيا الماضي والحاضر‪ ،‬إنه يكتشف‬ ‫بغريزته السبل األكثر فاعلية ليتحد مع حقائق أرضه‪ ..‬في رجل واحد‬ ‫تتحدث كاتالونيا‪ ،‬أندلوسيا‪ ،‬كاليسيا والمشرق‪...‬‬ ‫يقول الناقد الفرنسي أندريه بيالميش‪« :‬آالف األصوات‬ ‫المنفصلة‪ ،‬التي كانت تبحث عن بعضها البعض‪ ،‬تلتقي في سيمفونية‬

‫سمعت الحجار‬ ‫تقول‪ :‬اهلل بعيد‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫إعداد ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫شعره الرائعة الفريدة‪ :‬أصوات ساذجة‪ ،‬عالمة‪ ،‬قديمة‪ ،‬حديثة‪ ،‬أصوات شعراء بالط‬ ‫ومغنين مجهولين‪ ،‬أصوات المحاربين العرب قدموا من الشرق‪ ،‬وكانوا يكتبون‬ ‫«قصائد عن أحواض الحمراء‪.‬‬ ‫غرناطة‪ ،‬تبقى أبدا نبع الوحي الصافي لقصائده‪ ،‬هو يحن أبدا إلى طفولته‬ ‫في تلك األرض الندية الخيرة‪ ،‬يجمع حوله األطفال‪ ،‬ويتحدث إليهم عن فردوسه‬ ‫الضائع‪ ،‬لعبه قرب سواقي األندلس‪ ،‬عن طهارة القلب التي تنيرها صورة السيد‪،‬‬ ‫ومحبة العائلة‪ ،‬وأساطير سان جاك‪ ،‬الذي يخترق السماء على ظهر فرس باهر‪،‬‬ ‫ويتمنى أن يوقف سير الزمن مثل شكسبير‪ ،‬فيقول في «كتاب القصائد»‬ ‫أحب على تلك الشجرة‬ ‫أن أربط الزمن‪،‬‬ ‫بحبل طعم من ليل صاف‪..‬‬ ‫األندلس‪ ..‬الحب والحياة والموت في كل مكان في قصائد لوركا‪ ،‬ال بد‬ ‫أن نلتقي رموزا وصورا لحياة وموت دموي‪ ،‬امتزج بها الحب‪ ..‬الحياة والموت‬ ‫يتعاكسان‪ ،‬يتداخالن بحميمية في قصائده‪ ،‬لدرجة يبدو معها مستحيال أن تفضل‬ ‫موضوعا عن آخر‪ ،‬فهما ممتزجان في صور ذات معنيين‪ ،‬أو معنى واحد مزدوج‪،‬‬ ‫نفهم أولهما عندها نقرأ القصيدة للمرة األولى‪ ،‬ونكتشف ثانيهما حين نتعمق‬ ‫في أبعاد المعاني‪ ..‬ونحن نرافقه في خطواته ضمن أطر ذاك العالم الساحر‬ ‫والمجهول‪ ،‬الواقعي والبعيد‪.‬‬ ‫والمالحظ أن شعر المرحلة األندلسية األولى ملئ بالشكوى‪ ،‬واألنين‪ ،‬ملئ‬ ‫بالدموع‪ ،‬إنها «دموع عربية» ينهلها الشاعر من نبع «عين الدمع في غرناطة»‪.‬‬ ‫هو يتساءل في «أغنية الخريف»» هل يمكن أن تضيع آالمه‪ ،‬مثلما يضيع‬ ‫همس أوراق الشجر؟ هل يكون الموت يقظة الروح الحقيقية؟ ويتسلل الشك إلى‬ ‫نفسه‪ ،‬ليتحكم به أكثر وأكثر كل يوم‪ ،‬ويبتعد اهلل عن دنياه‪ ،‬قبل أن يختفي‪:‬‬ ‫قال يوما‪ « :‬إن نلت المجد ذات يوم فنصفه‬ ‫يعود لغرناطة التي حولتني وقولبتني»‪.‬‬ ‫إن من يحب تلك المدينة ال يمكنه إال أن‬ ‫يحب اإلنسان الذي صنع تاريخها وصنع جمالها‪.‬‬ ‫كانت غرناطة العربية عشيقته وحبيبته األولى‬ ‫واألخيرة‪ .‬قال فيها الكثير‪ ،‬نختار هذه األبيات التي‬ ‫تعتبر من أروع ما نظمه فيها‪:‬‬

‫غرناطة ‪ ..‬جنــة مغلقــة أمــام‬ ‫كثيرين ‪:‬‬

‫تحب غرناطة ما هو صغير جدا‪..‬‬ ‫غرناطة‪ ..‬هادئة رقيقة‪ ،‬محاطة بجبالها‪..‬‬ ‫وراسية نهائيا في مكانها‪ ،‬تبحث لنفسها عن‬ ‫أفاقها‪ ،‬تبتهج بجواهرها الصغيرة‪ ،‬وتقدم في‬ ‫لغتها تصغيرها التافه‪ ،‬تصغيرا بال إيقاع وبال‬ ‫جمال تقريبا‪ ،‬إذا قورن بالرقص الصوتي لمالقة‬ ‫واشبيلية‪ ،‬إال أنه ودي‪ ،‬منزلي‪ ،‬قلبي‪.‬‬ ‫تصغير مذعور مثل عصفور‪ ،‬ويشق غرفا‬ ‫للشعور‪ ،‬ويظهر الطابع األكثر تمييزا للمدينة‪.‬‬ ‫ليس للتصغير مهمة أكثر من أن يحدد‪ ،‬أن‬ ‫يطوق‪ ،‬أن يجذب إلى البيت ويضع في يدنا األشياء‬ ‫أو األفكار ذات اإلمكانية العظيمة‪.‬‬ ‫ال تستطيع غرناطة أن تخرج من بيتها‪ ،‬إنها‬ ‫ليست شبيهة ببقية المدن الواقعة على شاطئ البحر‪ ،‬أو باألنهار الكبيرة التي تسافر وتعود مغتنية بما رأت‪ :‬غرناطة وحيدة‬ ‫وصافية‪ ،‬تنطوي على نفسها تحد روحها المجيبة وال محد أخر لها‪ ،‬غير مركزها العالي والطبيعي للنجوم‪ .‬لذلك ألنها ليست‬ ‫ظمأى إلى المغامرات تنطوي لتتفادى الطيران المتجاوز الحدود‪ ،‬وتنسق ما بين بناء أعماقها وبين الهندسة الخارجية‬ ‫للمدينة‪.‬‬ ‫إن الجمالية الغرناطية حقيقية‪ ،‬هي جمالية التصغير‪ ،‬جمالية األشياء المصغرة‪.‬‬

‫غرناطة‪ ..‬صبح صيف ‪:‬‬

‫تبدو الجبال البعيدة شبيهة بزاحف يتلوى‪ ،‬وشفافيات بلوالية للغاية‪ ،‬تظهر كل شيء في بهائه الكامد‪ .‬تحمل األراضي‬ ‫الظليلة ليال في خيوطها المشتركة وتتخلى المدينة عن حجبها بكسل مظهره قببها وأبراجها التي ينيرها بلطف ضوء‬ ‫مذهب‪.‬‬ ‫تطل البيوت‪ ،‬بوجهها ذات العيون الفارغة من بين الخضرة وترقص األعشاب وشقائق النعمان‪ ،‬وأغصان الكروم‬ ‫برشاقة على نغم النسمة‪.‬‬ ‫عبر وادي «الدارو» المطلي باألزرق واألخضر الغامق‪ ،‬تطير‬ ‫حمامات حقلية شديدة البياض وسوداوات لتحلق فوق أشجار الحور‬ ‫أو فوق مرتفعات من أزهار صفراء‪.‬‬ ‫تبدو الشمس بال بريق تقريبا‪ ..‬وفي هذه اللحظة تنهض‬ ‫الظالل وترحل‪ ،‬تصطبغ المدينة بأرجوان باهت‪ ،‬تتحول الجبال إلى‬ ‫ذهب كثيف‪ ،‬وتكتسب األشجار بريق مهرجان ايطالي‪.‬‬

‫أغنية شرقية ‪:‬‬

‫في غرناطة العطرة سماء بلورية‪..‬‬ ‫كل بذرة نجمة‪ ،‬كل حجاب مغرب‪.‬‬ ‫سماء جافة ومضغوطة بمخلب السنين‪.‬‬ ‫إنها خلية نحل صغيرة‪.‬‬ ‫ذات قرص عسل دام‪ ،‬كونتها النحالت من شفاه النساء لذلك‬ ‫متفجرة‪ ،‬تضحك بأرجوان ألف شفة‪.‬‬

‫المراجع ‪:‬‬

‫ـ مختارات من لوركا‪ .‬نادية ظافر شعبان‪ .‬المؤسسة الجامعية‬ ‫للدراسات‪1983 .‬م‪.‬‬ ‫ـ ديوان قصائد غجرية‪ .‬للشاعر اإلسباني لوركا‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫العدد ‪989‬‬

‫‪11‬‬

‫أقالم «النصـر» (‪)3/1‬‬

‫حسن الوراكلي*‪ :‬أصالة فريدة‪..‬وألمعية مؤلفة‬ ‫بين التراث واألدب والترجمة‬ ‫مجلة ‹‹النصر›› قناة أدبية منتظمة في سلك اإلعالم المكتوب‪ ،‬ظهرت بتطوان وكانت‬ ‫مسبوقة بأخواتها‪ :‬األنوار‪ ،‬األنيس‪ ،‬المعرفة‪ ،‬الحديقة‪..‬وتزامنت مع نظيراتها‪ :‬تطوان‪ ،‬الجذوة‪،‬‬ ‫النبراس‪ ..‬واستمرت قنوات أخر في حمل مشعل الثقافة األدبية بالشمال‪.‬‬ ‫‹‹النصر›› امتداد لمجالت أدبية رائدة في شمال المغرب زمن الحماية اإلسبانية‪ ،‬وهي‬ ‫مجلة ثقافية جامعة كانت تصدر كل شهرين بتطوان‪ ،‬مؤسسها ومديرها المرحوم العالمة‬ ‫محمد المنتصر الريسوني‪ ،‬ورئيس تحريرها المرحوم األستاذ‬ ‫العياشي الوراكلي‪ ،‬وكاتبها المرحوم الدكتور حسن الوراكلي‪.‬‬ ‫صدرت عن جمعية ‹‹أصدقاء األدب›› وظهر عددها األول في‬ ‫شهر محرم ‪1377‬هـ ‪ /‬غشت ‪1957‬م‪ ،‬شعارها ‹‹ مجلة الشبيبة‬ ‫المغربية المتنورة››‪ ،‬تطالعنا في واجهة العدد األول صورة شاعر‬ ‫النيل حافظ إبراهيم مع ثالثة أبيات من قصيدة مطلعها‪:‬‬

‫ ‪-‬‬ ‫ ‬‫ ‬‫‪ -‬‬

‫اإلجازة العلمية عند األندلسيين (دراسة ونصوص)‪.‬‬ ‫ابن مسدي الغرناطي (حياته وتراثه ونصوص من معجم شيوخه)‬ ‫أشذاء أندلسية (مطالعات في تراث األندلس)‪.‬‬ ‫تراجم أندلسية في كتاب ‹‹البدر السافر›› لألدفوي‪.‬‬ ‫ شذرات تطوانية (في تاريخ تطوان الثقافي)‪.‬‬‫ لسان الدين بن الخطيب في آثار الدارسين (دراسة‬‫بيوغرافية)‪.‬‬ ‫ نظرات في األدب المغربي الحديث‪.‬‬‫• من مكتوباته في ‹‹النصر››‪:‬‬

‫‪ - 1‬قصص قصيرة‪:‬‬

‫أيهــا الشاعـــر شمـر التنــم‬ ‫وانفض العجز‪ ،‬فإن الجد قاما‬

‫أما هدف ‹‹النصر›› فهو ‹‹القيام بواجبهــا كلسان يعبر عن‬ ‫المـــدى األدبي والفني‪ ،‬ومقيــاس دقيــق لإلجراءات األدبيـــة‬ ‫التي تهب نسماتها الرقيقة من خالل شبابنا في هذا الوطن‬ ‫الغيور››‬ ‫نقـف في العــدد األول على إبداعات العالمة محمد‬ ‫الزمزمــي بن الصديــــق والتهامي الوزاني ومحمد المنتصـــر‬ ‫الريسونـــــي والعياشي الوراكلي ومحمد هيسـور وحسن‬ ‫الوراكلي ورضـــوان احدادو وعبــــد الواحد أخريف وغيرهم‪ .‬وقد‬ ‫عرف العدد الثاني مزيدا من األقالم مثل‪ :‬محمد العربي زيان‬ ‫وعبد القادر العافية ومحمد اليزناسني وإدريس خليفة وفائـــزة‬ ‫عبد النور وفطومة السوسي وإحسان الوراكلي‪ .‬كما استقطبت‬ ‫المجلة مجموعة من أدباء المشرق مثــل الشاعــــر المصري‬ ‫محمد األمين محمد وأحمد إسماعيل والجزائري أحمد مراد‪.‬‬ ‫توقفت عن الصدور أواخر سنة ‪.1960‬‬ ‫نخصص حديثنا في هذه السلسلة عن كل واحد من‬ ‫الثالوث الذي كانت له مسؤوليات اإلدارة والتحرير‪ :‬محمد‬ ‫المنتصر الريسوني‪ ،‬حسن الوراكلي‪،‬‬ ‫رضوان احدادو‪.‬‬

‫حسن الوراكلــي ‪ :‬أصالــة‬ ‫فريدة‪ ..‬وألمعيــة مؤلفــة بيـــن‬ ‫التراث واألدب والترجمة‬ ‫• شذرة من مسير حياتي‪:‬‬

‫ ولد بتطوان سنة ‪.1941‬‬‫ وانتظم في أسالك الدراسة تلميذا‪،‬‬‫فطالبا بثانوية القاضي عياض‪ ،‬وفي آداب‬ ‫القاهرة وفاس والرباط ومدريد‪.‬‬ ‫ عمل أستاذا بآداب تطوان ووجدة‬‫وكلية اللغة العربية بأم القـرى وكليـــة‬ ‫التربية بجدة‪.‬‬ ‫ أشــرف على أطاريــح في مختلــف‬‫العلوم الشرعية واألدبية واللغوية‪.‬‬ ‫ أســس مـــع المرحوميــن محمد‬‫المنتصر الريسوني والعياشـي الوراكلـــي‬ ‫مجلة ‹‹النصر››‪ ،‬كما عمل مديرا لتحرير‬ ‫صحيفة ‹‹النور›› ومستشارا بمجلة كلية‬ ‫آداب تطوان‪ ،‬ومجلة قرطبة‪.‬‬ ‫ شارك في ندوات ومؤتمرات علمية وأدبية وفكرية في بلدان عربية وأوربية وآسيوية‪.‬‬‫ نشر بحوثا وتحقيقات وترجمات ونصوصا سردية في منابر محكمة‪.‬‬‫ أعد أحاديث إذاعية بالمغرب والرياض‪.‬‬‫ عضو في لجنات تحكيمية واستشارية بالمغرب وبلدان عربية وإسبانية‪.‬‬‫توفي رحمه اهلل تعالى يوم ‪ 16‬محرم ‪1440‬هـ الموافق ل ‪ 26‬شتنبر ‪ 2018‬بتطوان ودفن‬ ‫بها‪.‬‬

‫• من مؤلفاته ‪:‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫ ‬‫‪ -‬‬

‫أحكام القرآن البن الفرس الغرناطي (تحقيق ودراسة)‬ ‫القاضي عياض مفسرا‪.‬‬ ‫شيوخ العلم وكتب الدرس في سبتة‪.‬‬

‫الدكتورة هدى المجاطي‬

‫ جريمة امرأة‪ :‬العدد األول‪ -‬السنة األولى (محرم‬‫‪1377‬هـ‪ -‬غشت ‪)1957‬‬ ‫ أمل ضائـــع (مهداة إلى األستاذ محمد المنتصر‬‫الريسوني)‪ :‬العدد الثاني‪ -‬السنة األولى (صفر‪ -‬ربيع األول‬ ‫‪1377‬هـ‪ -‬شتنبر‪-‬أكتوبر ‪1957‬م)‪.‬‬ ‫ وانتقـــم لشرفــــه!؟‪ :‬العدد الثالث‪ -‬السنة األولى‬‫(شعبان ‪1377‬هـ‪ /‬مارس ‪1958‬م)‪.‬‬ ‫ دمــــــــوع الحــــب والحرمان‪ :‬العدد الرابع – السنة‬‫األولى‪.‬‬ ‫ صـــور من الماضي (قصة في رسالة)‪ :‬العدد الخامس‬‫والسادس (السنة األولى ربيــع الثاني ‪1378‬هـ‪ /‬نوفمبر‬ ‫‪1958‬م)‪.‬‬

‫‪ - 2‬مقـاالت ‪:‬‬

‫ح�سن الوراكلي‬

‫ رد علـــــــى أخــــي الكبير‪ : !..‬العدد الثالــث ‪ -‬السنة‬‫األولى (شعبان ‪1377‬هـ‪ -‬مارس ‪1958‬م)‪.‬‬ ‫ ذئاب المجتمـع ‪ :‬العدد الثالث‪ -‬السنة األولى (شعبان‬‫‪1377‬هـ‪ -‬مارس ‪1958‬م)‪.‬‬ ‫ بين الصنعــة والطبـعـ‪ :‬العدد‬‫الثالث‪ -‬السنة الثانية (رمضان ‪1379‬هـ‪/‬‬ ‫مارس ‪1960‬م)‪.‬‬ ‫ قراءة في كتاب ‹‹وحل في جبين‬‫الشمس››‪ :‬العدد الرابع‪ -‬السنة الثانية‬ ‫(ذو الحجة ‪1379‬هـ‪ -‬ماي ‪1960‬م)‪.‬‬

‫ج‪ -‬حوارات ‪:‬‬

‫ما ورد في ركن ‹‹النصر تسأل›› من‬ ‫حوارات هو للدكتور حسن الوراكلي رحمه‬ ‫اهلل‪ ،‬ومن األدباء الذين حاورهم‪ :‬المصري‬ ‫محمد األمين محمد‪ ،‬و عبد اهلل عنان ‪،‬‬ ‫ومحمد بن تاويت التطواني‪.‬‬ ‫تشهد إسهامات الرجل في المجلة‬ ‫على مرحلة هامة من حياته األدبية هي‬ ‫مرحلة ولعه الكبير بالقصة القصيرة قبل‬ ‫أن َ‬ ‫يتخذ معها شركاء في القول وينصرفَ‬ ‫عنها إلى صنوفٍ من الكتابة فيما تال‬ ‫تلك المرحلة من مراحل الحقة‪ ،‬ومن‬ ‫هذه الجهة فـ»النصر» مرآة مجلية لحسن‬ ‫الوراكلي األديب كاتب القصة القصيرة‪.‬‬ ‫كما تكشف تلك اإلسهامات عن ملمح آخر من مالمح شخصية الدكتور حسن رحمه اهلل‬ ‫تعالى‪ ،‬وهو ملمح المُحا ِور الذي يفرد بعضا من وقته واهتمامه لإلصغاء إلى المنجز األدبي‬ ‫والعلمي لألدباء والعلماء‪ ،‬ويسعى لمزيد فهم ألعمالهم من خالل السؤال والمحاورة‪ ،‬كما‬ ‫يسعى لتقديمها إلى غيره من القراء‪.‬‬ ‫وبالنظر إلى هوية الذين حاورهم الرجل ينكشف لنا جانب آخر من شخصيته‪ ،‬أال وهو‬ ‫االنفتاح على أهل األدب والعلم على اختالف أوطانهم‪ ،‬واإليمان الراسخ بأن الكتابة وطنٌ جامع‬ ‫للكتاب أيا كانت أماكن ميالدهم‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــــ‬ ‫* أتقدم بالشكر الجزيل للدكتور البراء الوراكلي نجل العالمة حسن الوراكلي ‪ ،‬على المعلومات البيوغرافيـة‬ ‫التي أمدني بها‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫العدد ‪989‬‬

‫من شمال‬ ‫أعالم‬ ‫المغرب ‪:‬‬

‫‪12‬‬

‫عبد السالم بن أحمد ْ‬ ‫(‪)3/1‬و ‪:‬‬ ‫اغباُل‬ ‫القاضي والفقيه المدرس‬ ‫‪-‬‬

‫اسمه ونسبه‪ :‬هو السيد عبد السالم بن أحمد العروسي المعروف ْ‬ ‫باغبَا ُلو‪.‬‬ ‫يتّصل نسبه بالولي الشّهير سيدي علي بو خبزة بن الحسن بن محمّد بن عمر بن غانم‬ ‫بن سعيد بن مسعود بن عمر بن محمد بن عمران بن يزيد بن صفوان بن خالد بن يزيد بن‬ ‫عبداهلل بن إدريس األزهر بن إدريس األكبر مؤسس الدّولة اإلدريسية بالمغرب‪.‬‬ ‫والدته‪ :‬ولد رحمه اهلل بقبيلة بني عروس حوالي سنة ‪1318‬هـ‪1900 /‬م‪.‬‬ ‫نشأته وطلبه للعلم‪ :‬نشأ بقبيلة بني عروس حيث حفظ القرآن الكريم‪ ،‬ثم ّ‬ ‫ظل يتجوّل‬ ‫بين مداشرها متنقال بين حلقات شيوخها وأعالمها‪ ،‬ينهل من حياضهم‪ ،‬ويرتشف رحيق‬ ‫علمهم‪ ،‬وكان والده رحمه اهلل حريصا على تعليمه‪ ،‬مراقبا لخطواته‪ّ ،‬‬ ‫يحثه على االعتناء بالفقه‪،‬‬ ‫واالعتصام بالمذهب المالكي‪ ،‬ويُرغمه على حفظ متونه ومختصراته كمختصر خليل‪ ،‬لدرجة‬ ‫أنّه ذات يوم قال له بعدما رأى منه تهاونا‪ :‬المختصر على بْنَّة أَوْ ال خمسة في الرَّاس؛ يعني‪:‬‬ ‫اختر بين شيئين ال ثالث لهما‪ :‬حفظ المختصر جيّدا وبإتقان‪ ،‬أو الموت بالرّصاص‪.‬‬ ‫ولما آنس من نفسه تحصيل المطلوب والمراد‪ ،‬تاقت نفسه للرّحلة إلى فاس قصد إتمام‬ ‫مشواره التعليمي والتّبرك من حلقات جامع القرويين؛ لكنّ والدته منعته خوفا عليه‪ْ ،‬‬ ‫أن يقع‬ ‫له ما وقع لشقيقه األكبر محمد‪ :‬درس بفاس‪ ،‬ولما رجع‪ ،‬شارط بقبيلته‪ ،‬وذات يوم كان يدرّس‬ ‫كتاب تنبيه الغافلين بأحاديث سيد األنبياء والمرسلين ألبي ال ّليث نصر بن محمد بن أحمد بن‬ ‫إبراهيم السّمرقندي (ت‪373‬هـ)‪ ،‬فلما بلغ إلى باب فضل الغزو والجهاد‪ ،‬اهتاج شوقه إليه‪ ،‬فخرج‬ ‫ببندقيته وقتل نصرانيا مستعمرا‪َ ،‬ف ُق َ‬ ‫تِل به‪.‬‬ ‫لكنّه استفاد من علماء وفقهاء القبائل الجبلية التي رحل إليها وجال بين مداشرها‪ ،‬فكان‬ ‫أبرز المشايخ الذين ثنى ركبتيه بحضرتهم خالل مراحل تعليمه ك ّلها‪ ،‬هو‪ :‬الشيخ الفقيه محمد‬ ‫بن علي بن الهاشمي العمراني الشّهير بالمجْلاَ وي(ت‪1362‬هـ)‪ ،‬الذي الزمه أينما ّ‬ ‫حل وارتحل‬ ‫إلى ْ‬ ‫أن توفي‪.‬‬

‫وظائفه‪:‬‬ ‫• القضاء‪ :‬تو ّلى القضاء قبل االستقالل مرّتين‪ ،‬المرّة األولى‪َ :‬طوْعًا‪ .‬والمرّة الثانية‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫مُكرَهًا من طرف القائد عبدالسّالم التَّجْزَارْتي‪ّ .‬‬ ‫وظل به مدّة ثمان سنوات إلى ْ‬ ‫أن تنازل عنه‬ ‫مع بزوغ فجر االستقالل(‪1956‬م)‪ .‬وندم على تلك الفترة‪ ،‬لدرجة أنّه كان إذا افتتح باب القضاء‬ ‫الحُكام في َ‬ ‫وما يتع ّلق به خالل تدريسه تحفة ّ‬ ‫نُكتِ العقود واألحكام ألبي بكر محمد ابن عاصم‬ ‫القيسي الغرناطي (ت‪829‬هـ)‪ ،‬بكى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• التّدريس واإلمامة‪ّ :‬‬ ‫وظل بهذا‬ ‫بكل من عين مَعْبَد‪ ،‬وأوالد بوجمعة‪ ،‬وخندق احْمَر‪،‬‬ ‫األخير إلى ْ‬ ‫أن تو ّفي‪ ،‬وقد كان وَفِيًّا لتعليم الطلبة‪ ،‬ومتابعا لهم بعد أن يتخرّجوا على يديه‪،‬‬ ‫فيبحث لهم عن مسجد لإلمامة والخطبة‪ ،‬ويدرّبهم على سرد الخطبة‪ ،‬يحكي الشيخ مصطفى‬ ‫البقالي ّ‬ ‫أن شيخه الفقيه اغبالو لـمّا جاءه سكان مدشر الزّيتونة طلبا لإلمام‪ ،‬رشّحه لهم‪،‬‬ ‫وحينما قربت الجمعة األولى نادى عليه‪ ،‬وس ّلمه الخطبة‪ ،‬وأمره بسردها أمامه مرارا َكيْلاَ يُخطئ‬ ‫فيها‪ ،‬وقال له‪ :‬ال ُ‬ ‫تَظنّ ّ‬ ‫بأن من ستقف أمامهم بَشَرًا‪ .‬فأجابه الشّيخ مصطفى البقالي‪ :‬وماذا‬ ‫أعدّهم؟ قال‪ :‬عدّهم كالبهائم‪ .‬و َقصْدُهُ إذكاء الشّجاعة فيه‪ ،‬ونزع فتيل الدّهشة والتّوتّر‬ ‫من صدره‪ ..‬ولـمّا خطب عليهم الجمعة األولى دونما خجل أو ارتباك‪ ،‬قام إليه بعد الصّالة أحد‬ ‫ّ‬ ‫الموطأ كي يعظ منه‪،‬‬ ‫الشيوخ المتف ّقهين يُدعى ابن عائشة؛ فقدّم له كتاب الزّرقاني على‬ ‫فأجابه الخطيب‪ :‬هذا كتاب علم وليس كتاب وعظ‪ .‬وعندما رجع إلى شيخه وأخبره بما جرى‪،‬‬

‫بقلم‪ :‬د‪ .‬بدر العمراني‬

‫تناول معه كتاب التّرغيب والترهيب للحافظ عبدالعظيم بن عبدالقوي المُنْذِري(ت‪656‬هـ)؛‬ ‫كي يدرّبه على الوعظ ‪ ..‬وبعدما أقام في مهمّة اإلمامة سنة كاملة نَ َقضَ سكان المدشر‬ ‫عهدهم‪ ،‬وامتنعوا عن اإليفاء بشرطهم لإلمام‪ ،‬عندها قام الشيخ اغبالو بتقريعهم في مراسلة‪..‬‬ ‫فهذا نموذج من اعتنائه ّ‬ ‫بالطلبة وتمرينهم على القيام بشؤون اإلمامة ‪..‬‬ ‫وكان مُتَ َفنِّنًا في تدريس العلوم عبر مختلف الكتب؛ مثل‪ :‬األجرومية‪ ،‬والمرشد المعين‬ ‫على الضروري من علوم الدين‪ ،‬واأللفية في النحو بالتوضيح(المسمى‪ :‬أوضح المسالك على‬ ‫ّ‬ ‫الحُكام البن عاصم‪ ،‬ومختصر خليل بالدّرْدِير‪ ،‬وحاشية‬ ‫ألفية ابن مالك البن هشام)‪ ،‬وتحفة‬ ‫الوزّاني‪ ،‬والمية الزّ ّقاق في أحكام القضاء‪ ،‬والفرائض بشرح الخِرْشي‪ ،‬والمية األفعال البن‬ ‫مالك في الصَّرْف‪.‬‬ ‫وألجل ذلك أصبح اسمه يُضرب به المثل بشمال المغرب؛ إذ يُقال لمن أظهر معرفة‬ ‫ّ‬ ‫واطالعا‪ :‬واش انت الفقي اغبالو‪ ..‬أي‪ :‬هل أنت الفقيه اغبالو‪..‬‬ ‫خصاله‪ :‬كان رحمه اهلل كريما حَيِّيًا‪َ ،‬قنُوعًا‪ ،‬أمينا‪ ،‬يحبّ الخير للنّاس‪ ،‬يُغيث الملهوف‪،‬‬ ‫رقيق الحال‪ ،‬غزير الدّمعة‪ ،‬صبورا‪ ،‬تلاّ ًء للقرآن‪ ،‬قوّاما ل ّليل‪ ،‬محبّا لألولياء‪ ،‬زَوَّارًا لألضرحة‪،‬‬ ‫وبالخصوص ضريح الشيخ موالي عبدالسّالم بن مشيش‪ ،‬حيث كان يقيم موسما له كل سنة‬ ‫يجمع فيه طلبته حوالي الضّريح لقراءة القرآن‪ ،‬وذكر اسم اهلل ال ّلطيف‪ّ ،‬‬ ‫وظل على هذه الحال‪،‬‬ ‫إلى ْ‬ ‫أن مُنع بمناسبة وفاة محمد الخامس (‪1380‬هـ‪1961/‬م)‪..‬‬ ‫شهادتان قيلت فيه‪ :‬قال الشيخ محمد بوخبزة‪( :‬وقد تو ّلى هذا الفقيه القضاء مرّتين‬ ‫بالقبيلة‪ ،‬وكان مشهورا بالتّدريس يقصده ّ‬ ‫الطلبة لذلك بكثرة‪ ،‬مَنْعُوتًا بإتقان النّحو والفقه‬ ‫ونحوهما على طريقة المتأخّرين)‪.‬‬ ‫وقال الشّيخ مصطفى الب ّقالي‪( :‬كان متمسكا بالمذهب المالكي‪ ،‬ال ينحاز عنه قيد أنملة‪،‬‬ ‫ينهى عن رفع اليدين عند تكبيرات االنتقال في الصّالة‪ ،‬ويستشهد بقوله تعالى‪( :‬يريد اهلل بكم‬ ‫اليسر وال يريد بكم العسر)‪ .‬ويتشبّث بالسدل‪ ،‬ويرجّحه على القبض عمال بقول شيخ الجماعة‬ ‫بفاس في وقته أحمد بن الخياط الزُّكاري(ت‪1343‬هـ‪1925/‬م)‪« :‬القبض دائر بين أربعة‬ ‫أشياء‪ :‬التّحريم‪ ،‬الكراهة‪ ،‬خالف األولى‪ ،‬االستحباب‪ .‬والسّدل دائر بين ثالثة أشياء‪ :‬الوجوب‪،‬‬ ‫االستحباب‪ ،‬خالف األولى‪ .‬وما كان دائرا مع الوجوب‪ ،‬مقدّم على ما كان دائرا مع التحريم»)‪.‬‬ ‫رحالته‪ :‬لم يرحل رحمه اهلل إلاّ لحجّ بيت اهلل الحرام‪ ،‬وقد تيسّر له ذلك مرّتين‪ :‬األولى سنة‬ ‫‪1379‬هـ‪1959/‬م‪ّ .‬‬ ‫والثانية‪ :‬سنة ‪1384‬هـ‪1964/‬م‪.‬‬ ‫كتاباته‪ :‬لم يكن رحمه اهلل ذا ولع بالكتابة‪ ،‬سوى ما ّ‬ ‫خط يراعه من رسائل لبعض شيوخه‬ ‫أو إخوانه أو تالميذه‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬وظل كذلك رحمه اهلل في نشاط دائم وحيوية متواصلة إلى أن لقي ربه في بيت‬ ‫ابنته بطنجة خالل شهر ربيع األول سنة ‪1401‬هـ‪/‬يناير ‪1981‬م‪.‬‬

‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫ معلومات شفهية عن الشيخ محمد بوخبزة‪ ،‬وبعض أبناء وتالميذ المترجم‪.‬‬‫ سقيط الآلل وأنس الليال للشيخ محمد بوخبزة‪.‬‬‫‪ -‬مراسالت خاصة‪.‬‬

‫لقاء مع أول عنصر نسوي مؤسس للزاوية اإلدريسية بمارتيل‬ ‫الشك أن الزوايا بالمغرب قد لعبت دورا كبيرا على جميع‬ ‫المستويات‪ ،‬وخاصة في محاربة االستعمار‪ .‬ومن بين هذه‬ ‫الزوايا هناك الزاوية اإلدريسية الغنية عن التعريف‪ .‬فكيف‬ ‫تشتغل هذه الزاوية ؟ وكيف ينبغي أن تكون ؟ وماذا يميزها ؟‬ ‫لتسليــط مزيد من الضــوء عليها‪ ،‬استضفنـا المريــدة‬ ‫زينب من المؤسسين وأول عنصر نسوي بالزاوية المذكورة‬ ‫الكائنة بمارتيل‪ ،‬حفيدة مقاوم وطني غيور من العيار الثقيل‪،‬‬ ‫حيث فضلت أن ال تتحدث عن أمجاد أفراد أسرتها وعائلتهــا‪،‬‬ ‫المعروفة لدى المندوبية الساميــة لقدماء المحاربين وأعضاء‬ ‫جيـش التحريـر‪ ،‬ولدى الباحثين والمهتمين‪ ،‬بل ركزت في‬ ‫حديثها عن شؤون الزاوية وشيخها الذي ال يمكن أن تتجاوزه‪،‬‬ ‫باعتباره مرشدا تربويا ومعالجا روحيا ووطنيا كبيرا‪ ،‬بل وشمعة‬ ‫تحترق من أجل أن يضيء الطريق لآلخرين‪ ،‬ويفرح لنجاحاتهم‬ ‫وبلوغ أهدافهم‪.‬إنه الشيخ الفاضل عبد الواحد ياسن الذي‬ ‫يرجع له الفضل‪ ،‬بعد اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬في أمور كثيرة‪ ،‬عادت‬ ‫بالخيرعلى العديد من األسروالمريدين‪ ،‬داخل وخارج المغرب‪ ،‬فهو‬ ‫يتعامل ويتفاعل مع الجميع‪ ،‬وليس بالضرورة أن يكونوا حاصلين‬ ‫على (شهادات عليا) التي ليست دائما تكون معيارا حقيقيا في‬ ‫تقييم مستوى ونضج وسلوك أصحابها‪ ،‬مضيفة أن هدف شيخها‬ ‫وأسلوب زاويتهم يتجليان في العمل بصدق وإخالص‪ ،‬بعيدا عن‬ ‫األضواء والبهرجة واإلشهار‪ ،‬فهي بمقدورها‪ ،‬وبناء على شبكة‬ ‫عالقاتها المتنوعة‪ ،‬بما في ذلك المجال اإلعالمي‪ ،‬أن تذهب في‬ ‫هذا االتجاه‪ ،‬إلى درجة أنه بإمكانها أن تقوم كل يوم بخرجات‬

‫إعالمية‪ ،‬وبمختلف المنابر‪ ،‬إال أنها التريد هذه االستراتيجية‪ ،‬بل‬ ‫تفضل العمل بصدق وفي صمت‪ ،‬ألن العمل والنتائج هما اللذان‬ ‫يفصحان عن كل شيء‪ ،‬يفصحان عن العطاء وعن التضحية وعن‬ ‫التفاني في القيام بالمهام‪ ،‬بعيدا عن حب الظهور أو عن ركوب‬ ‫مطية معينة‪ ،‬تخفي نية مبيتة ! وال أدل على ذلك‪ ،‬تشيرالمريدة‬ ‫زينب‪ ،‬من شخص اليحضر بالزاوية إال مرة واحدة في الشهرمن‬ ‫أجل إسهامه ببعض األناشيد‪ ،‬وال شيخ له وال ورد‪ ،‬حسب قوله‪،‬‬ ‫ومع ذلك استغل الكلمة التي أعطيت له‪ ،‬خالل أمسية من‬ ‫األمسيات العادية التي تحييها الزاوية‪ ،‬كل يوم سبت‪ ،‬ثم أطلق‬ ‫العنان لحديثه في أمور التعنيه بتاتا‪ ،‬بل تجرأ في كالمه وكأنه‬

‫الناطق الرسمي للزاوية بمارتيل‪ ،‬دون أن يكون ملما بجميع‬ ‫تفاصيل شؤونها وأمورها‪ ،‬وفوق ذلك أحضربعض وسائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬دون استئذان‪ ،‬وهذا التصرف اليليق بإمام مسجد‬ ‫«متجول» يقول ما ال يفعل‪ ،‬ويحاول فرض نفسه في الواجهة‪،‬‬ ‫خدمة ألهدافه الشخصية‪ ،‬حيث تطفل وحشر أنفه في تفاصيل‬ ‫دقيقة‪ ،‬بينما شيخ الزاوية في غنى عن من ينوب عنه أو يمثله‪،‬‬ ‫فهو أدرى بأموره‪ ،‬وله منهجيته ووسائله الخاصة لالشتغال‪،‬‬ ‫ووحده يحمل هم الزاوية بنسبة كبيرة‪ ،‬وبتدبيره الشاق‬ ‫والخاص جدا جدا‪ ،‬دون االعتماد على أشخاص محددين‪ ،‬إال‬ ‫على «بركة من اهلل»‪.‬باإلضافة إلى هذا‪ ،‬أن الشخص المتطفل‬ ‫لم يقدم لحد اآلن أي شيء مفيد للزاوية‪ ،‬غير «الشفوي»‬ ‫فقط! وهنا تصحح له المتحدثة‪ ،‬جوابا عن نقطة كان أثارها‬ ‫في كلمته‪ ،‬فتقول ‪« :‬إننا في الزاوية نمثل‪ ،‬ذكورا وإناثا‪ ،‬روحا‬ ‫واحدة‪ ،‬وليس جسدا واحدا فانيا ! إذن البد من طيبة الروح‬ ‫وصفائها‪ ،‬قبل كل شيء !‬ ‫وطبعا‪ ،‬نحن لسنا في صراع‪ ،‬وإنما نسعى‪ ،‬بكل تواضع وتفان‪،‬‬ ‫إلى فعل الخير والتكافل والتعاون‪ ،‬بنكران ذات»‪.‬‬ ‫وختمت المتحدثة قولها أنها تغارعلى المصلحة العامة للزاوية‪،‬‬ ‫وهي تتتبع كل ما يعنيها‪ ،‬وستواصل التعبيرعن غيرتها‪ ،‬كلما‬ ‫دعت الضرورة إلى ذلك‪ ،‬مستشهدة باآلية ‪ 11‬من سورة الرعد‬

‫«�إن اهلل اليغري ما بقوم حتى يغريوا ما ب�أنف�سهم»‪.‬‬

‫محمد الهنداوي‬


‫العدد ‪989‬‬

‫كرات‪:‬‬

‫مذ‬

‫نقرات متتالية طربا على مقود السيارة‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫نقرات متتالية طرباً‬ ‫على المقود‬

‫انطلقت أنا‪ ،‬عبد ربه‪ ،‬وأخي العزيز عبد الحميد شقيقي الوحيد مؤنس وحدتي‬ ‫وصديق دربي وحافظ سري وكاتم أعمالي‪ ،‬على اجتياز مراحل الحياة المضنية المتعبة‪،‬‬ ‫أسأل اهلل تعالى السالمة والعافية‪ ،‬وشر الدنيا‪ ،‬يبقى فيها ويفنى‪.‬‬ ‫ركبنا سيارتي المتهالكة (سيمكا ‪ )1000‬من مدينة «دار اضبيغ» المدينة الجديدة‬ ‫لفاس‪ ،‬شيدها ذنوب االستعمار سكنا لذويهم وبُعدا عن حاضرة المدينة القديمة‪،‬‬ ‫المدينة العتيقة فاس‪ ،‬واتقاء شغب شباب التحرير‪ ،‬كان هذا سنة ‪1924‬م‪.‬‬ ‫مررنا في حفظ اهلل ورعايته على مدخل مطار (سايس) الدولي‪ ،‬ثم عرجنا على‬ ‫منعرجات صعودا والتواء إلى جبل (إموزار)‪ ،‬مدينة جميلة تشرف على أراضي خصبة‬ ‫شاسعة منبسطة زراع��ي��ة وذات أشجار البرتقال‬ ‫واإلجاص والتفاح والمشمس وغيرها‪..‬‬ ‫منتجع شيده الفرنسيون للراحة واالستجمام‪،‬‬ ‫بعيدا عن ضوضاء المدينة الصاخبة‪ ،‬هو مصطاف‬ ‫سكان مكناس وأهل فاس أيام الصيف الحارة‪ ،‬تصل‬ ‫ذروتها إلى ‪ 40‬و‪ 45‬درج��ة فوق الصفر‪ ،‬مع هواء‬ ‫ساخن‪ ،‬بينما جبل إيموزار تصل أقصى درجة حرارته‬ ‫‪ 15‬و‪ 20‬درجة حيث الهواء العليل والطقس الجميل‪،‬‬ ‫والمناظر الخالبة‪ ،‬ترى بأم عينيك من علو الجبل أنك‬ ‫ممتطي طائرة تحلق فوق السهول والهضاب‪ .‬مدينة‬ ‫بها خيرات الدنيا ونعيمها من مطاعم منتشرة على‬ ‫كل طول الشارع وعلى امتداد األزقة وجوانب السوق‪،‬‬ ‫تكتظ بالزائرين‪ ،‬يعشق كل سائح منتجاتها من‬ ‫الفواكه والخضر واألطباق الشهية‪ ،‬وقطبان الكباب‬ ‫والكفتة ودوائر السفنج‪ ،‬عشق األطفال والكبار‪.‬‬ ‫بعد جولة قصيرة عند حاجز الثلج بمخرج إيموزار‪،‬‬ ‫استوقفتني سيدة في مستقبل العمر‪ ،‬تريد نقلها‬ ‫إلى مدينة إفران‪ ،‬تبعد بحوالي ‪ 16‬كلم‪ ،‬وقفت على‬ ‫قارعة الطريق‪ ،‬وقلت لها ‪ :‬ماذا تريدين؟ قالت في‬ ‫استحياء‪ ،‬لو أمكنكما أخذي إلى إفران‪ ،‬أكون شاكرة‬ ‫اهلل فضلكم‪ .‬امتنع أخي أول األم��ر‪ ،‬وضجر وزمجر‪،‬‬ ‫ولكني حبذت ركوبها‪ ،‬ألنه ال يمانع ويعارض أمري‬ ‫مهما كان! قلت لها ‪ :‬تفضلي‪ ،‬خذي راحتك‪ ،‬وبعد‬ ‫مدة التفت إلي أخي وقلت له ‪ :‬علها تؤنسنا وتواسينا‪،‬‬ ‫وتحكي لنا عن حياة المنطقة‪ ،‬وتنسيناهمّ المدينة‬ ‫وهرجها‪ ،‬ثم اتجهت برأسي إلى السيدة وقلت لها ‪ :‬ما‬ ‫اسمك؟ قالت ‪« :‬فطوش»‪ ،‬قلت‪ :‬أين تسكنين؟ ردت ‪:‬‬ ‫مدنية إفران قرب السوق العامر‪ ،‬قلت لها ‪ :‬إذن أنت‬ ‫بربرية شلحاوية‪ ،‬قالت ‪ :‬نعم‪ ،‬وبكل تأكيد وفخر‪ ،‬قلت‬ ‫لها ‪ :‬إذن تحفظين أغاني أمازيغية بلونها الجذاب‪ ،‬قالت ‪ :‬نعم‪ ،‬قلت لها ‪ :‬شوقي إلى‬ ‫مدح الحبيب بالشلحة‪ ،‬هيا اسمعينا شيئا‪ ،‬شغفي سمع أخي بغنائك‪ ،‬لعله يرضى عن‬ ‫ركوبك معنا‪.‬‬ ‫انطلقت بالغناء تشذو‬ ‫بلحن رتيب‪ ،‬وتكف بيديها‬ ‫تبعا للحن فاهت بكلمات لم‬ ‫أفهم لها معنى‪ ،‬وال مدلوال‪،‬‬ ‫كانت الكلمات رتيبة متراصة‬ ‫ذات معان هادفة‪ ،‬بصوت‬ ‫جوهري‪ ،‬صداح مأل جنبات‬ ‫السيارة نغما‪ ،‬صوت رقيق‬ ‫ما عهدته على أمواج اإلذاعة‬ ‫وال سمعته ع��ب��ر شاشة‬ ‫التلفزة‪ ،‬كلمات ذات تعبير‬ ‫جيد‪ ،‬كالم متناسق ذو قافية‪،‬‬ ‫أظن أن كلمات األغنية تدور‬ ‫رح��اه��ا ح��ول «ح��ب المرأة‬ ‫للرجل الحصيف»‪.‬‬ ‫كان طنينها يطرق سمعي‪ ،‬مما اهتزت معه أوصالي‪ ،‬ورقصت كتفي‪ ،‬وتمايل جسمي‬ ‫طربا‪ ،‬ونقرت بأصابعي نقرات متتابعة على مقود السيارة‪ ،‬تتبعا لنوطة األغنية‪ .‬ثم‬ ‫ختمت كلماتها بموال بديع أنهت به األغنية بتنهيدة قوية‪ .‬جلست مشدوها أتمعن‬ ‫الكلمات‪ ،‬ولكني لم أهتد إلى ما كانت تغني عليه وما تقول‪ ،‬فقلت لها ‪ :‬الحقيقة لم‬ ‫أكتف بسماع صوتك الرنان الجميل‪ ،‬مع عذوبة نطقك الفياض‪ ،‬هال تشرحين لي كلمات‬ ‫األغنية؟ ونحن نطوف حول «ضاية عوى» (‪ 9‬كلم من إيموزار) التي جفَّ ماؤها وتشققت‬ ‫أراضيها‪ ،‬ولم يعد بها نقطة ماء‪ ،‬كانت تمألها وكانت مراكب صغيرة تطفو على وجهة‬

‫‪13‬‬

‫بقلم ‪ :‬عبد الرحيم ابن جلون *‬

‫البحيرة شبيهة بالزوارق التي تترنح بين أمواج البحر األبيض المتوسط بالبوغاز قالت‪.‬‬ ‫كلمات األغنية ‪:‬‬ ‫غابت الشمس الهائجة مع غياب الحبيب‬ ‫وعم الظالم الحالك بيتي لبعد المحب‬ ‫أتوق مصاحبة األنيس الغالي‬ ‫محبوبي تاج رأسي فقدته عند المغيب‪.‬‬ ‫زادتني هذه الكلمات شوقا للمزيد‪ ،‬فرجوت منها أغنية ثانية‪ ،‬علني أطفئ عشقي‬ ‫بالغناء البربري العتيد ذي الرنات الموسيقية مع الجمل المعبرة‪.‬‬ ‫انطلقت أول األمر بزغردة هزت مشاعري وترنحت‬ ‫معها أوداجي‪ ،‬واقشعر بدني كأن مسا من الكهرباء‬ ‫سرى بجسدي الرهيف‪ ،‬قلت لها بدون تحفظ ‪ :‬اطربينا‬ ‫اهلل يحفظك‪ ..‬استرسلت بالغناء‪ ،‬وأنا تائه بمخيلتي‪،‬‬ ‫عساني أعرف ما تقول‪ .‬ولما أنهت األغنية قلت لها‪:‬‬ ‫حبذا لو تتفضلين بأن تطلعنا على كلمات األغنية‬ ‫بالعربية‪ ،‬أكون لك شاكرا‪ ،‬قالت ‪:‬‬ ‫الجمال جمال النفس واألنس‬ ‫ال طعم لحياة بهجرة الحبيب‬ ‫كن طليق المحيا مبتسما دائما‬ ‫فالدنيا ال تدوم ألحد وكلنا رحل‬ ‫يا رب العال صن الحبيب وأعده سالما‬ ‫كاد شوقي إليه قد يفنيني‬ ‫قلت لها ‪ :‬يا لها من تعابير جمة ال نعرف مكنونها‪،‬‬ ‫لغة تشبعت بالحب والمودة والصدق واإلخالص‪،‬‬ ‫فاألجدر بنا نحن الناطقين بالعربية أن نخصص لهذه‬ ‫اللغة األصيلة حيزا لفهمها‪ ،‬فهي معبرة وصادقة‬ ‫وهادفة‪ ،‬أخذتنا الطريق مع الحديث الشيق‪ ،‬ونحن‬ ‫على أبواب مدينة إفران‪ ،‬قالت ‪ :‬أسكن قرب حوانيت‬ ‫السوق الكبير‪ ،‬أكون جد مسرورة بضيافتكما‪ ،‬هذا‬ ‫رقم هاتفي ونَمرة بيتي‪.‬‬ ‫شكرنا صنيعها ومواساتنا‪ ،‬وقلت لها‪ :‬لنا لقاء بك‬ ‫في فرصة سانحة إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬

‫مدينة إفران‬ ‫وسط المغــرب األقصى‪،‬‬ ‫توجد جبـال األطلـس‪ ،‬حيث‬ ‫تقع مدينة «إف���ران» بنيت‬ ‫سنة ‪1930‬م‪ ،‬معناها باللغة‬ ‫األمازيغية (الكهوف)‪.‬‬ ‫إفران كلمة بربرية‪ ،‬بناها‬ ‫عمالء فرنسيون يضاهون بها‬ ‫مدنا بفرنسا وقد أطلق عليها‬ ‫(اسويسرا الصغرى) بنايات‬ ‫ذات طابقين أو ثالثة طوابق‪،‬‬ ‫سقوفها من اآلج��ور األحمر‪،‬‬ ‫ينزلق الثلج من أعالها‪ ،‬أبواب‬ ‫ون��واف��ذ م��ن خشب (األرز)‪،‬‬ ‫صباغتها بيضاء ناصعة في‬ ‫زرقة لبعض الواجهات‪.‬‬ ‫توجهنا بين األدغال والشجر المتالصق تطل الشمس من بينها‪ ،‬طريق وعرة‪ ،‬ذات‬ ‫جبال ومنحدرات ومنعرجات نحو منتجع (مشليفن)‪ ،‬يبعد المركز عن إفران بحوالي ‪30‬‬ ‫كلم‪ ،‬حيث تجمع األطفال والنساء والرجال يتزحلقون على ألواح خشبية ومعدات وعصي‬ ‫بالستيكية متينة صعودا ونزوال من جبل (هبري) علوه ‪2092‬م‪ ،‬جلسنا على كراسي‬ ‫صففت بمقهى‪ ،‬ننعم بالطقس الجميل والهواء النقي المنعش‪ ،‬والشمس دافئة تميل‬ ‫إلى الغروب والمتسلقون على متن المصاعد واألسالك ينزلون أسفل الجبل في وداع‬ ‫اللعبة‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫العدد ‪989‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجة‬

‫‪14‬‬

‫الط َيرة َّ‬ ‫ّ‬ ‫شاؤم‬ ‫والت ُ‬

‫إن مما استحسنه اإلسالم ورغب فيه التفاؤل واالستبشار والظن الحسن‪ ،‬ألنه‬ ‫مقو للعزيمة ‪ ،‬فاتح ألبواب الخير‪ ،‬باعث على حسن الظن باهلل ‪-‬تعالى‪ ،-‬وعظم‬ ‫ٍ‬ ‫الرجاء به سبحانه في تحصيل المقصود‪ ،‬وطاردٍ لليأس والقنوط‪ ،‬واالستسالم‬ ‫للوهن‪ ،‬وأسباب الهم والحزن والعجز والكسل‪ ،‬ففي الحديث القدسي يقول اهلل‬ ‫تعالى‪ “ :‬أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه ما ذكرني”‪.‬‬ ‫و مما ذمه الشرع ونهى عنه وزجر منه التطير أوالطيرة‪ ،‬وهي التشاؤم بمرأى‬ ‫أو مسمع‪ ،‬أو شخص أو زمان أو مكان‪ ،‬أو معلوم‪ ،‬أو موهوم‪ .‬ذلك ألن الطيرة‬ ‫تفسد النية‪ ،‬وتصد عن الوجهة‪ ،‬وتفتح أبواب الشر والضر‪ ،‬وتعد بالهالك أو‬ ‫الخسر‪ ،‬فمبناها على الوهم وسوء الظن‪ ،‬وفرعها الشرك والوهن‪ ،‬فهي نقص في‬ ‫العقل‪ ،‬وانحراف في المعتقد‪ ،‬وضالل في العمل عن الصراط المستقيم‪ ،‬فالتشاؤم‬ ‫أو الطيرة عقيدة وسنة من سنن أهل الجاهلية إذ هو االعتقاد بأن المسموع‬ ‫أو المرئي أو الشخص أو الزمان أو المكان أو غير هذه األمور مما قد يرد على‬ ‫خاطر المتشائم أو المتطير مشؤمًا‪ ،‬أي اعتقاد أو اعتبار أن وجوده سبب في‬ ‫حدوث ما يحزن أو يضر أو يشقى أو يهلك فرؤية إنسان‪ ،‬أو حيوان‪ ،‬أو حلول‬ ‫وقت معين‪ ،‬يعتبره البعض فال شؤم وسببا في وقوع أمور قبيحة‪ ، ،‬وأصل ذلك‬ ‫اعتقاد جاهلي‪ ،‬فأهل الجاهلية كانوا ينفرون الطير أو يزجرون الوحش ويعتبرون‬ ‫بعضها ذال على حظوظهم ودليل أمورهم في الخير أو الشر‪ ،‬فكانوا يتشاءمون‬ ‫بالغراب أو الطير األسود‪ ،‬و برؤية العبيد أوذوي خلقة قبيحة وغير ذلك‪ ...‬ثم‬ ‫غلب لفظ الطيرة على التشاؤم؛ وأطلق على كل حدث أو‬ ‫شخص أو زمان أو مكان يتوهم منه متوهم أنه‬ ‫كان سبباً لحاق شر به مع أنها فساد في النيات‬ ‫وانحراف في المعتقدات وتأليه‬ ‫لشيء من المخلوقات‪ ،‬وأخذ‬ ‫بمسالك ضالل أهل الجاهلية‪،‬‬ ‫بل باعتقادات من كان قبلهم‬ ‫مثل قوم موسى الذين قال‬ ‫فيهم سبحانه وتعالى‪َ “ :‬ف�إِ َذا‬ ‫َجا َءتْهُ ُم حْ َ‬ ‫ُ�ص ْبهُ ْم‬ ‫ال َ�سن َُة َق ُالوا َلنَا هَ ذِهِ َو ِ�إ ْن ت ِ‬ ‫ُو�سى َو َم ْن َم َع ُه �أَلاَ �إِ مَّناَ‬ ‫َ�س ِّي َئ ٌة َيطَّيرَّ ُ وا بمِ َ‬ ‫ثهُ ْم لاَ‬ ‫ك رَ َ‬ ‫ن �أَ ْ‬ ‫َطائ ُِرهُ ْم عِ ن َْد اللهَّ ِ َو َل ِ‬ ‫ك َّ‬ ‫ون”‪ ،‬أي‪ :‬ظنوا أن ما أصابهم‬ ‫َي ْع َل ُم َ‬

‫من المصائب والنكبات بسبب‬ ‫دعوة موسى عليه السالم‬ ‫ومن آمن معه ووجودهم بين‬ ‫ظهرانيهم‪.‬‬ ‫ومثل ذلك أهل القرية‬ ‫المكذبين للمرسلين الذين‬ ‫قال عنهم سبحانه وتعالى‪:‬‬

‫ِن مَ ْ‬ ‫َّك ْم ِمنَّا عَ َذ ٌ‬ ‫َّك ْم َو َل َي َم َّ�سن ُ‬ ‫ل َت ْن َتهُ وا َل رَن ُْج َمن ُ‬ ‫“ َق ُالوا �إِنَّا ت َ​َطيرَّ ْ نَا ِب ُ‬ ‫ِيم “‪.‬‬ ‫اب �أَل ٌ‬ ‫ك ْم َلئ ْ‬

‫فمتى ما استعمل المرء الطيرة أو التشاؤم فرجع بسببها من سفرة أو امتنع‬ ‫من أجلها عن أمر كان قد عزم عليه؛ فقد قرع باب الشرك بل وقد لجه وارتكس‬ ‫في عفنه‪ ،‬وبرئ من التوكل على اهلل‪ ،‬وفتح على نفسه باب الخوف من الخلق‬ ‫والتعلق بغير اهلل والتوكل على سواه‪ ،‬ومن توكل على شيء وكل إليه‪ ،‬و ُقيض له‬ ‫شيطان فهو له قرين يصده عن ذكر اهلل‪ ،‬ويفسد عليه دينه ودنياه‪.‬‬ ‫األشخاص أو الحيواناتِ‬ ‫ببعض‬ ‫باأليام أو الشُّهو ِر‪ ،‬أو التشاؤمُ‬ ‫إن التَّشاؤمُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو األحداثِ‪ ،‬أو غي ِر ذلك‪ ،‬من المسمُوعاتِ أو المعلوماتِ أو المرْئِيَّاتِ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫وينكدُ‬ ‫اإليمان‪،‬‬ ‫واالعتقادَ أنها سَببٌ للشُّرو ِر من الشِّركِ الذي يذهِبُ‬ ‫ُ‬ ‫مسوِّغ‬ ‫سبب شرعيٍّ وال‬ ‫على المرْ ِء حياتَه‪ ،‬ويلحقه الضِّيقُ والكدَرُ فيها‪ ،‬بال ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حقيقيٍّ‪ .‬وهذا االعتقاد منافٍ لما قرره اهلل تعالى في قوله عز وجل في غير ما‬ ‫آية‪ ﴿ :‬و�إن مَيْ�س�س َ للهَّ ُ‬ ‫ِف َل ُه �إِ َّ‬ ‫كا�ش َ‬ ‫ال هُ َو َو�إِ ْن ُي ِر ْد َ‬ ‫�ض َف َال َ‬ ‫ك ِب َخيرْ ٍ َف َال َرادَّ لِ َف ْ�ض ِل ِه ﴾ ‪ ،‬فاهلل هو‬ ‫ك ا ِب رُ ٍّ‬ ‫َِْ َ ْ‬ ‫الضار النافع‪ ،‬وهذه الطيور ال تعلم الغيب‪ ،‬وسنوحها ال ينفع‪ ،‬وروحها ال يضر‪.‬‬ ‫وظنون وخياالتٌ ووساوسُ‪ ،‬فالخيرُ ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫هلل تعالى‪ ،‬ال رادَّ‬ ‫إنها أوهامٌ‬ ‫كله بيدِ ا ِ‬ ‫لما أَعطى وال معطِيَ لما منعَ؛ ولذلك نهى النبيُّ صلى اهلل عليه وسلم عن‬ ‫التشاؤم والتطيُّ ِر‪ ،‬ففي حديث عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬رضي اهلل عنه قال‪ :‬قال رسول‬ ‫ِ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬الطير ُة شِركٌ‪ِّ ،‬‬ ‫الطير ُة شركٌ”‪ ،‬وقال صلى اهلل عليه‬ ‫َ‬ ‫هامة وال ص َفرَ”‪ ،‬وقال‪“ :‬من ردته الطيرة فقد‬ ‫وسلم‪« :‬ال عدْوى وال طِير َة وال‬ ‫أشرك”‪ ،‬وقال‪ “ :‬ليس منا من تطير أو تطير له”‪ ،،‬وقال – صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫– مبيناً كفارة الطيرة أن تقول‪ “ :‬اللهم ال خير إال خيرُك وال طير إال طيرُك وال‬ ‫إله غيرُك”‪.‬‬ ‫التشاؤم والتطي ِر‪ ،‬إنما هو وهمٌ‬ ‫بسبب‬ ‫إن ما يجدُه المر ُء من كراهةٍ للشي ِء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صحيح مسلم قال معاوية بن‬ ‫ففي‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫نفسه‪ ،‬فال يجوزُ االلتفاتُ‬ ‫يجدُه في ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الحكم ‪ ‬رضي اهلل عنه يسأل النبيَّ صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬ومنا أناسٌ يتطيرون؟‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫محمد كنون احل�سني‬

‫نفسه فال يصدَّنكم”؛ أيْ‪ :‬عما أردْتم‬ ‫فقال‪“ :‬ذاك شي ٌء يجدُه أحدُكم في ِ‬ ‫األعمال‪.‬‬ ‫وقصدْتم من‬ ‫ِ‬ ‫أمر وأرادَه‪ ،‬ثم عرَضَ له التشاؤمُ‬ ‫فالواجبُ على‬ ‫ِ‬ ‫المؤمن إذا عزَمَ على ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يرجعَ عمَّا عزمَ‬ ‫أال‬ ‫يشاهدُه‪،‬‬ ‫مرئيٍّ‬ ‫أو‬ ‫ه‪،‬‬ ‫يُدرك‬ ‫معلوم‬ ‫أو‬ ‫يسمعُه‪،‬‬ ‫مسموع‬ ‫بسبب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫عليه‪ ،‬بل يمضِي متوكال على اهلل تعالى‪.‬‬ ‫وقد روي عن النبيِّ صلى اهلل عليه وسلم لما سئل عن ِّ‬ ‫الطيرةِ‪ ،‬فقال‪ “ َ :‬ال‬ ‫تَردُّ مسلماً‪ ،‬فإذا رأى أحدُكم ما يَكرَهُ فليقل‪ :‬اللهمَّ ال يأتي بالحسناتِ إال‬ ‫أنتَ‪ ،‬وال يدفعُ السيئاتِ إال أنت‪ ،‬وال َ‬ ‫حول وال قوة إال بك”‪ .‬‬ ‫وليعلمَ اإلنسان أنه إذا استجابَ لهذه ُّ‬ ‫واألوهام الفاسدةِ‪،‬‬ ‫الظنونِ الكاذبةِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫التشاؤم‪ ،‬فقد وَ َقعَ في الشِّركِ‪ ،‬وفتحَ‬ ‫بسبب‬ ‫الشيطان في قل ِبه‬ ‫التي يلقيها‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫تدخل منه الوساوسُ واألوهامُ‪ ،‬فيضعُفُ قلبه‬ ‫على قل ِبه باباً عظيماً من الشَّرِّ‪،‬‬ ‫ويخافُ من ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫هلل تعالى‪ ،‬وقد يؤدي به ذلك‬ ‫كل شي ٍء‪،‬‬ ‫ويتعلقُ بالمخلوقين دون ا ِ‬ ‫إلى الحزن واالكتئاب‪.‬‬ ‫إن أصل هذه اآلفة وأساس هذا االعتقاد الفاسد هو ضعف في اإليمان وفساد‬ ‫في العقيدة‪ ،‬وعدم االتكال على اهلل واالعتقاد الجازم في قدرته وقضائه وقدره‪،‬‬ ‫عدم االعتقاد بأن كل شيء هو من عنده سبحانه‪ ،‬الدخل للمخلوقات فيه‪ ،‬وال أثر‬ ‫للموجودات عليه‪ ،‬إنه تنكب عن صراط اهلل‪ ،‬عن كتاب اهلل وسنة رسوله ‪ -‬عليه‬ ‫الصالة والسالم ‪ -‬و ضعف اإليمان بقضاء اهلل وقدره؛ فكم من إنسان نزلت به‬ ‫النوازل وألمت به الملمات وليس عنده إيمان بقضاء اهلل وقدره‪،‬‬ ‫ولم يعرف أن ما أصابه لم يكن ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه لم يكن‬ ‫ليصيبه‪ ،‬وبأن األمور مكتوبة عليه‪ ،‬كل شيء بقضاء وقدر‪،‬‬ ‫فيؤدي به هذا إلى التشاؤم‬ ‫وأحيانـا إلى االكتئــاب وضيق‬ ‫في الصدر ‪ ،‬هــذا المرض الذي‬ ‫أضحى منتشرا بشكل كبير بين‬ ‫أبناء أمتنا‪ ،‬بينما كان نادرا قليال‬ ‫عند من سبقنا‪ ،‬انتشر لضعـف‬ ‫اإليمــان بقضــاء اهلل وقدره‪،‬‬ ‫وقلة االتكال على اهلل‪ ،‬والرضى‬ ‫بما قدره وكتبه سبحانه علينا‪،‬‬ ‫واالبتعاذ عن ذكر اهلل والرجوع‬ ‫إليه‪ ،‬ولو كان اإلنسان راضيا‬ ‫بقضاء اهلل وقــدره‪ ،‬متفائال‬ ‫بمستقبله ‪ ،‬فرحا بما كتبه اهلل‬ ‫له وقدره عليه‪ ،‬مكثرا من ذكر‬ ‫اهلل واستغفاره ‪ ،‬لما حل به أو‬ ‫قرب من ساحته هذا المرض أو‬ ‫غيره‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬و َم ْن �أَ ْع َر َ‬ ‫�ض‬ ‫ِي�ش ًة َ�ض ً‬ ‫ك ِري َف�إِ ّ َن َل ُه َمع َ‬ ‫عَ ْن ذِ ْ‬ ‫نكا َون َْح�شرُ ُ ُه َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة �أَ ْع َمى )‪ ،‬وقال عز من قائل ‪َ ( :‬ف َم ْن‬ ‫ير ْد هّ َ ُ‬ ‫قا َح َر ً‬ ‫الل �أَ ْن َيهدِ َي ُه َي�شرْ َ ْح َ�ص ْد َر ُه ِل ِلإ ْ�سالم َو َم ْن ُي ِر ْد �أَ ْن ُي ِ�ض ّ َل ُه َي ْج َع ْل َ�ص ْد َر ُه َ�ض ّ ِي ً‬ ‫جا َ‬ ‫ك�أَ مّ َنَا َي ّ َ�ص ّ َع ُد‬ ‫ُِ‬ ‫ِ‬ ‫ال�س َماءِ)‪.‬‬ ‫يِف ّ َ‬

‫فإذا وجد اإلنسان في صدره بعض شيء من التطير فليبدأ في عالجه ال أن‬ ‫يفزع ويرتعب من وجوده‪ ،‬فما من إنسان ‪ -‬خال األنبياء ‪ -‬إال ويجد في صدره‬ ‫بعض ذلك كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره من حديث ابن مسعود‬ ‫أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪“ :‬الطيرة شرك” قال ابن مسعود‪ :‬وما منا إال‪،‬‬ ‫ولكن يذهبه اهلل بالتوكل‪ .‬ومعناه‪ ( :‬وما منا) أي أحد (إال) أي إال من يخطر له‬ ‫من جهة الطيرة شيء ما لتعود النفوس بها‪.‬‬ ‫‪ ‬قال العلماء‪ :‬تعالج الطيرة بثالثة أمور‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫التوكل على اهلل ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ ،-‬والثقة بأنه ال يأتي بالخير‬ ‫األمر األول‪- :‬‬ ‫ال هو ‪ ،‬وهو الذي يتصرف في الكون فإذا ّ‬ ‫وال يدفع الشر إ ّ‬ ‫توكل العبد على اهلل فإن‬ ‫الطيرة ال تضره‪.‬‬ ‫األمر الثاني‪ْ :‬‬ ‫أن يمضيَ في حاجته التي أرادها‪ ،‬وال يرجع عنها بسبب الطيَرة‪،‬‬ ‫فإذا عزمت فتوكل على اهلل‪ ،‬ال تتراجع وال تنكص‪ ،‬بل امض وتوكل‪.‬‬ ‫األمر الثالث‪ :‬الدعاء‪ ،‬بأن يدعوَ اهلل بالدعاء الذي أرشد إليه النبي صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬وهو أن يقول‪“ :‬اللهم ال يأتي بالحسنات َّ‬ ‫إال أنت‪ ،‬وال يدفع السيّئات‬ ‫َّ‬ ‫إال أنت‪ ،‬وال حول”‪.‬‬ ‫وأما ما وقع لك أو منك‪ ،‬قبل هذا من التشاؤم أو التطير‪ ،‬فتب منه وردد ما‬ ‫علمنا النبي صلى اهلل عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن ابن‬ ‫عمر قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬من ردته الطيرة عن حاجته فقد‬ ‫أشرك قالوا‪ :‬يا رسول اهلل وما كفارة ذلك؟ قال‪ :‬يقول‪ ( :‬اللهم ال طير إال طيرك وال‬ ‫خير إال خيرك وال إله غيرك)‪.‬‬


‫العدد ‪989‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫أي عالج لمعضلة الفقر على أرضنا ؟‬ ‫• محمد أديب السالوي‬ ‫في السنوات العشر الماضية‪ ،‬انعقدت بآسيا وإفريقيا‬ ‫وأمريكا الالتينية مؤتمرات ولقاءات عديدة لتدارس‬ ‫ظاهرة الفقر وعالجها‪ ،‬حيث تأكد للعالم أن اآلفة خرجت‬ ‫عن مفاهيمها القديمة‪ ،‬وأصبحت تهين قيم األخالق‬ ‫وتهين قيم الكرامة اإلنسانية‪ ،‬وتعمل على نشر الجريمة‬ ‫والدعارة والخنوع والمذلة واالنحراف وكل الموبقات‬ ‫األخ��رى‪ ...‬وتأكد للعالم أن الفقر والفساد في عصر‬ ‫العولمة والتكنولوجيا واالتصاالت السريعة والمتطورة‪،‬‬ ‫أصبح ال يضر فقط بالسلوك الفردي للفقراء؛ ولكنه أيضا‬ ‫أصبح يهدد أسس المجتمع في كل مكوناته‪.‬‬ ‫إن ال��س��ؤال ال��ذي يفرض نفسه بحدة على بلد‬ ‫كالمغرب‪ ،‬ال��ذي يعد من ال��دول األكثر فقرا وفسادا‪،‬‬ ‫يتساوى ترتيبه مع دول في أسفل الهرم‪ ،‬هو‪ :‬ماذا عليه‬ ‫أن يفعل‪ ،‬اليوم‪ ،‬لمحاربة الفقر والفساد اللذين أصبحا‬ ‫يحيطان به من كل جانب‪ ،‬ويتهدداه من كل الزوايا؟ أي‬ ‫بتعبير آخر‪ :‬ماذا عليه أن يفعل من أجل إنقاذ تنميته‬ ‫وديمقراطيته وكرامته اإلنسانية؟ هل عليه صياغة‬ ‫إستراتيجية مضادة للفقر؟ أم عليه إع��ادة النظر في‬ ‫السياسات التي أدت إلى توسيع حاالت الفقر والفساد؟‬ ‫إن ظاهرة الفقر في المغرب وما يرتبط بها من‬ ‫إشكاالت‪ ،‬أهمها وأخطرها إشكالية الفساد‪ ،‬تستلزم‪ ،‬في‬ ‫نظر العديد من الباحثين المغاربة‪ ،‬العمل بإستراتيجيتين‬ ‫متوازيتين‪ ،‬األولى وقائية‪ ،‬والثانية عالجية حمائية‪.‬‬ ‫بالنسبة لإلستراتيجية األول��ى (الوقائية)‪ ،‬يرى‬ ‫الباحثون ض��رورة إع��ادة توزيع الدخل (م��ع مراجعة‬ ‫الرواتب واألجور) والرفع من وتيرة النمو بالعالم القروي‪،‬‬ ‫عن طريق الحد من الهجرة وبناء السدود والتخطيط‬ ‫االجتماعي واالقتصادي المحكم‪ ،‬الذي من شأنه إيجاد‬ ‫فرص للشغل وتأمين الصحة والتعليم‪ ،‬وتوفير السكن‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ودعم التضامن االجتماعي‪ ،‬بمعونات عينية‬ ‫ونقدية تقدمها الدولة بصورة مستمرة لألشخاص‬ ‫الذين هم في حالة عوز مع إنشاء مراكز خاصة برعاية‬ ‫األشخاص المعاقين والمعدمين بالتعاون مع الجماعات‬ ‫المحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني‪ ،‬وهي‬ ‫إستراتيجية نجد أطروحات عديدة عنها في اإلعالم‬ ‫الوطني‪ ،‬كما في الدراسات األكاديمية المغربية‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لإلستراتيجية الثانية (الحمائية) فيرى‬ ‫الخبراء والباحثين‪ ،‬باإلضافة إلى مبدأ التضامن الذي‬ ‫تحتاجه األسر الفقيرة‪ ،‬صياغة إستراتيجية بعيدة المدى‪،‬‬ ‫تعتمد نظرة شمولية لمسألة الفقر‪ ،‬تقوم على العلم‬ ‫واإلرادة‪.‬‬ ‫في نظرنا‪ ،‬إن اإلمكانات وحدها ال تكفي لضمان‬ ‫معالجة نهائية وتامة لهذه المسألة‪ ،‬وهو ما يعني إعادة‬ ‫االعتبار إلى األسرة الفقيرة وإلى قيمها الرمزية وإلى‬ ‫تقاليدها العريقة في التضامن‪ .‬ولن يتأتى ذلك دون‬ ‫منح وضعية قانونية قارة لألسرة المغربية في مدونة‬ ‫األحوال الشخصية‪ ،‬استنادا على مبادئ المواطنة وحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬كما هي متعارف عليها دوليا‪.‬‬ ‫معنى ذلك أن األمر أضحى يتطلب إعطاء زخم إبداعي‬ ‫جديد للسياسة االجتماعية الموجهة لفائدة العائلة‬ ‫الفقيرة ‪ /‬الزحم األول للطفولة أمل الغد‪ ،‬باعتبارها النواة‬ ‫األكثر تأثرا بالفقر وتداعياته‪ ،‬وأيضا باعتباره النواة‬ ‫األساسية لتطور المجتمع وازدهاره‪ ،‬التي تتحمل الوزر‬ ‫األكبر في تنشئة الطفولة واحتضانها وحمايتها‪...‬‬ ‫في نظرنا أيضا‪ ،‬لن يتأتى ذل��ك خ��ارج شروطه‬ ‫الموضوعية‪ ،‬وهي اإلعالن عن الميثاق الوطني لألسر‪،‬‬ ‫والقيام ب��دراس��ات لألنساق التشريعية والتربوية‬ ‫واالقتصادية والثقافية المرتبطة بها‪ ،‬مع خلق ديناميكية‬ ‫حقيقية تسعف في اتخاذ تدابير إجرائية وعملية لرعاية‬ ‫األسرة والنهوض بها ورد اعتبارها‪.‬‬ ‫طبعا‪ ،‬إن مثل هذه اإلستراتيجية تتطلب مكونات‬ ‫أساسية ‪:‬‬

‫‪15‬‬

‫ التحديد الدقيق ألن��واع العائالت الموجودة‬‫بالمغرب‪ ،‬ومستوى فقرها وانتمائها الجهوي‪ ،‬من أجل‬ ‫صياغة سياسة تأخذ بعين االعتبار حاجيات كل نوع‬ ‫عائلي على حدة‪.‬‬ ‫ مد جسور التواصل بين المدرسة والعائلة وبينها‬‫وبين الوسط االجتماعي والثقافي من أجل إعطاء التعليم‬ ‫دوره الوظيفي في مكافحة الفقر بالوسط االجتماعي‪.‬‬ ‫ تنظيم حمالت مكثفة للقضاء على الفساد‬‫المالي واإلداري والسياسي لمحو األمية الوظيفية في‬ ‫أوساط النساء بالعالمين القروي والحضري‪ ،‬وتوعيتهن‬ ‫بحقوقهن المدنية من أج��ل انخراطهن في خطط‬ ‫مكافحة الفقر والفساد والقضاء عليهما‪.‬‬ ‫ تعميم كل أشكال الضمان االجتماعي والصحي‪،‬‬‫وتحسيس األسر القروية والحضرية بأهمية االنخراط في‬ ‫سياسة التخطيط العائلي والتلقيح‪.‬‬ ‫ مساعدة العائالت على االنتقال من نظام االقتصاد‬‫العائلي التقليدي إلى النظام االقتصادي المنفتح‪ ،‬والعمل‬ ‫على تحويل العائلة إلى مقاولة اقتصادية تقليدية ترتكز‬ ‫أساسا على ذوي القربى‪ ،‬لها القدرة على إيجاد مناصب‬ ‫الشغل لعناصر من خارج العائلة‪.‬‬ ‫ مساعدة العائالت المنقسمة على نفسها للم‬‫شتاتها وتثبيتها داخل فضاءاتها األصلية‪.‬‬ ‫ إشراك المجتمع المدني في صياغة أرضية مشتركة‬‫تحدد القضايا العائلية المستعجلة التي يجب تحسين‬ ‫حلولها في أقرب اآلجال‪.‬‬ ‫ إش��راك “وكالة التنمية االجتماعية” و”مؤسسة‬‫محمد الخامس للتضامن” و”مؤسسة التعاون الوطني”‬ ‫وكافة المؤسسات اإلحسانية في صياغة برنامج موحد‬ ‫وشامل لمساعدة األشخاص الذين هم في حالة تهميش‬ ‫أو في حاجة إلى مساعدات أو إسعاف‪.‬‬ ‫إن المهمة األساسية لمثل هذه اإلستراتيجية هي‬ ‫تقديم أوسع الخدمات وأفضلها لألسر الفقيرة‪ ،‬المنتجة‬ ‫ألطفال الشوارع واألطفال المتخلى عنهم وخادمات‬ ‫البيوت واألطفال الكادحين‪ ،‬وهم األكثر استحقاقا للرعاية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬العتبارات اجتماعية واقتصادية‪ ،‬تهم األسرة‬ ‫في كل مكوناتها‪.‬‬ ‫وينطلق ذلك في تقديرنا من ثالثة اعتبارات‪:‬‬ ‫ األول‪ :‬اقتصادي‪ ،‬يرتبط بدور القوى البشرية في‬‫عملية اإلنتاج االجتماعي‪.‬‬ ‫ ال��ث��ان��ي‪ :‬اجتماعي‪ ،‬وينبثق م��ن المضامين‬‫االجتماعية لفلسفة الرعاية االجتماعية التي تقوم عليها‬ ‫سياسات الدولة لتأمين عيش كريم للمواطنين‪.‬‬ ‫ الثالث‪ :‬سياسي ويقوم على الربط بين هذه‬‫الخدمات‪ ،‬وبين حقوق المواطنين في التعليم والصحة‬ ‫والشغل والسكن والرعاية االجتماعية‪ ،‬على مستوى‬ ‫المواطنين واألسر والجماعات‪.‬‬ ‫إن الحاجات األساسية للفرد والمجتمع في هذه‬ ‫اإلستراتيجية يجب أن تكون هي مجموع المطالب‬ ‫التي تضمن للمواطنين عامة والفقراء بشكل خاص‪،‬‬ ‫مستلزمات الكرامة اإلنسانية بكل أبعادها المادية‬ ‫والمعنوية‪ ،‬وتمتد هذه المستلزمات من حاجات البقاء‬ ‫والنمو الجسمي والعقلي‪ ،‬إلى الطمأنينة والمساواة‬ ‫واإلخاء‪.‬‬ ‫إن المغرب اليوم‪ ،‬يتوفر في اعتقادنا على كل آليات‬ ‫التدخل لصياغة هذه اإلستراتيجية‪ ...‬ولكنه ما زال في‬ ‫حاجة إلى آلية واحدة‪ .‬ونعني بها إرادة اإلصالح الشامل‬ ‫التي تواجه الفساد والمفسدين‪ ،‬في اإلدارات العمومية‬ ‫واألحزاب‪ ،‬وكافة المؤسسات ذات الصلة بالشأن العام‪..‬‬ ‫أفال تنظرون‪...‬؟‬

‫بخط اليد‬ ‫‪ -‬محمد �إمغران‬


‫العدد ‪989‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)891‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫دورية “تطاون (‪”)1‬‬

‫صدر العدد األول من دورية “تطاون” سنة ‪ ،1990‬تحت إشراف المؤرخ المرحوم‬ ‫محمد ابن عزوز حكيم‪ ،‬كاستمرار لتجربة طويلة في البحث وفي التنقيب حول تحوالت‬ ‫ماضي منطقة الشمال‪ ،‬نجح –من خاللها‪ -‬هذا الباحث في تحقيق تراكم غزير في المادة‬ ‫المصدرية والوثائقية الضرورية لكتابة الحلقات األساسية في تاريخ منطقتنا‪ .‬كانت‬ ‫المجلة –بهذا البعد‪ -‬واجهة لبلورة االهتمامات المعرفية لصاحبها‪ ،‬مادام العنوان‬ ‫الفرعي الذي تصدر واجهة الغالف‪ ،‬يشير إلى أن األمر يتعلق ب”مجلة تعنى بتاريخ شمال‬ ‫المغرب”‪ .‬وإذا كان األفق العام لالشتغال قد طرح بهذا الشكل‪ ،‬فإنه –في المقابل‪ -‬لم‬ ‫يغفل مختلف أشكال االمتدادات والتقاطعات التي تفرضها ضرورات البحث‪ ،‬خاصة على‬ ‫مستوى العمق الجهوي والخلفية الوطنية والتفاعل الدولي‪ .‬لذلك أمكن القول إن هذا‬ ‫المنبر قد ساهم في تعزيز مجال اإلصدارات‬ ‫الدورية العلمية التي اهتمت بالبحث في‬ ‫مختلف قضايا منطقة الشمال‪ ،‬مثلما هو‬ ‫الحال مع مجلة “الوثائق الوطنية” التي كان‬ ‫يشرف عليها نفس الباحث‪ ،‬أو مع “مجلة دار‬ ‫النيابة” التي كان يشرف عليهما المرحومان‬ ‫عبد العزيز التمسماني خلوق ومحمد األمين‬ ‫البزاز‪ .‬وبخصوص الدوافع الرئيسية التي‬ ‫كانت من وراء إطالق هذه التجربة‪ ،‬فقد‬ ‫لخصها ابن عزوز حكيم في افتتاحية العدد‬ ‫األول‪ ،‬قائال‪ ...“ :‬هناك شيء آخر جعلنا نفكر‬ ‫في إنشاء مجلة تعنى بتاريخ شمال المملكة‬ ‫خاصة‪ ،‬وهو ما نالحظه ونتأسف عليه من‬ ‫إهمال الدور الذي قام به هذا الجزء الذي‬ ‫ال يتجزأ من المملكة المغربية في تاريخ‬ ‫المغرب عموما‪ ،‬من طرف كثير من المؤرخين‬ ‫المغاربة واألجانب في دراساتهم وبحوثهم‪،‬‬ ‫حيث يتجاهلون الدور الطالئعي الذي لعبته‬ ‫مناطق الشمال في الدفاع عن حوزة الوطن‪،‬‬ ‫والمحافظة على الوحدة الترابية للمملكة‬ ‫ومواجهة الغزو الصليبي واإلمبريالي واالستعماري للبالد وإحباط المؤامرات المدبرة‬ ‫ضد العرش العلوي الخالد‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬لقد قمنا بإنشاء مجلة “تطاون” إلقامة الدليل‬ ‫بالحجة والبرهان على أنه سوف لن يعود للمغرضين ومرتزقة القلم أذناب االستعمار‬ ‫مجال لتلفيق وتزوير وتحريف وقلب الحقائق التاريخية والتقليل واالستهانة بتاريخ هذا‬ ‫الجزء الغالي من وطننا العزيز الذي ما هو إال جزء من تاريخ المملكة المغربية العتيدة‪”...‬‬ ‫(ص ص‪)3-4 .‬‬ ‫تتوزع مواد العدد األول من دورية “تطاون” بين ما مجموعه ‪ 102‬من الصفحات‬ ‫ذات الحجم المتوسط‪ ،‬احتوت على دراسات توثيقية استجابت لألفق العام لالشتغال‬ ‫حسب ما حددنا معالمه أعاله‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬نجد رسالة من مصطفى ابن عبد الوهاب‪،‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫األمين العام لجمعية أصدقاء تطوان‪ ،‬إلى ابن عزوز حكيم حول تجربة هذا الباحث‬ ‫في التوثيق لماضي منطقة الشمال‪ ،‬ثم رسالة جوابية حول نفس الموضوع‪ .‬وفي‬ ‫أولى دراسات العدد المعني‪ ،‬قدم ابن عزوز حكيم نبذة عن زيارات ملوك المغرب‬ ‫لشمال المملكة منذ عهد دولة األدارسة وإلى حدود سنة ‪ ،1956‬تاريخ زيارة الملك‬ ‫محمد الخامس لمدينة تطوان‪ .‬وفي المادة الثانية‪ ،‬نشرت المجلة رسالة تاريخية من‬ ‫محمد الخامس إلى األمين العام للجامعة العربية حول القضية الفلسطينية مؤرخة‬ ‫في ‪ 16‬ماي ‪ .1948‬وفي سياق آخر‪ ،‬نشر ابن عزوز حكيم دراسة تصنيفية حول قواد‬ ‫الجيش المغاربة في معركة وادي المخازن‪ ،‬ثم تقديما عاما لمخطوط حول تاريخ‬ ‫مدينة تطوان من تأليف الحاج عبد السالم بنونة والمستعرب اإلسباني كليمينطي‬ ‫سيرديرا‪ .‬كما نشرت المجلة الئحة مطالب‬ ‫مرفوعة إلى الجهـات المسؤولـة‪ ،‬ويتعلق‬ ‫األمر بمطلب إعادة االسم الحقيقي لمدينة‬ ‫تطوان (تطاون)‪ ،‬وبمنح تطوان لقب المدينة‬ ‫المناضلة الثانية بالمغرب‪ ،‬وبإقامة الذكرى‬ ‫السنوية لزيارة محمد الخامس لتطوان يوم‬ ‫‪ 9‬أبريل من كل سنـة‪ .‬وفي ميدان النبـش‬ ‫الوثائقي‪ ،‬قدمت المجلة وثيقة إسبانية‬ ‫غميسة حول عالقة أحمد الريسوني بالخالفة‬ ‫السلطانية في شمال المغرب‪ ،‬وذلك ردا على‬ ‫وثيقة فرنسية نشرت بالعدد رقم ‪23/24‬‬ ‫من “مجلة دار النيابة” حول نفس الموضوع‪.‬‬ ‫وعادت المجلة إلثارة موضوع الذكرى‬ ‫المائوية السنوية لزيارة السلطان الحسن‬ ‫األول لشمال المملكة‪ ،‬كما نشرت مقتطفات‬ ‫من كتاب “الجديد في تاريخ تطاون” البن‬ ‫عزوز حكيم‪ ،‬وأنهت موادها بإعادة نشر نص‬ ‫“نشيد الوحدة العربية” الشهير الذي نظمه‬ ‫فخري البارودي والذي ذكر فيه اسم مدينة‬ ‫تطوان‪ ،‬إلى جانب قصيدة نظمها محمد‬ ‫موالطو أثناء مقامه بالقاهرة سنة ‪ ،1955‬عنوانها “تطوان‪.”! ..‬‬ ‫وبهذه المواد المتنوعة‪ ،‬وضع ابن عزوز حكيم معالم الخط العام الذي اشتغلت‬ ‫عليه دورية “تطاون”‪ ،‬معالم هي –في نهاية المطاف‪ -‬خالصة تجربة رائدة من‬ ‫البحث ومن التنقيب في تاريخ الشمال‪ .‬وال شك أن مثل هذه اإلصدارات تظل حجر‬ ‫األساس بالنسبة لكل الجهود العلمية التي بذلها أبناء المنطقة من أجل إعادة األمور‬ ‫إلى نصابها‪ ،‬عبر تصحيح االفتراءات وإسقاط األكاذيب والكشف عن المسكوت عنه‬ ‫في تاريخ شمال المغرب‪ .‬إنها مسيرة متواصلة‪ ،‬كانت لها الكثير من عناصر القوة‬ ‫التي أعادت تأثيث مكونات ذاكرتنا الجماعية بشكل سمح بتوفير العناصر الضرورية‬ ‫لالنطالق في مشروع الكتابة العلمية لماضي منطقتنا‪.‬‬

‫دورة تكوينية لدعم قدرات الفاعلين الجمعويين بإقليم‬ ‫شفشاون حول التدبير اإلداري و المالي‬

‫في مبادرة هي األولى من نوعها بإقليم شفشاون نظمت كنفدرالية جمعيات إقليم شفشاون دورة تكوينية‬ ‫للجمعيات بإقليم شفشاون تحت عنوان التدبير اإلداري والمالي للجمعيات‪ ،‬من تأطير المدرب أحمد بن الطالب‪.‬على‬ ‫امتداد يومين بمقر دار الشباب بمدينة شفشاون‪.‬‬ ‫الدورة التكوينية كان الهدف منها الرفع من تقوية قدرات الجمعيات بإقليم شفشاون‪ ،‬ونظرا لألهمية البالغة‬ ‫لهذا البرنامج التكويني في تأهيل ومواكبة الجمعيات التنموية والعاملة عن قرب‪ ،‬فقد انخرطت كل الجمعيات‬ ‫بحماس فعال من خالل الحضور في اليوم التكويني‪ ،‬وأكد رئيس الجمعية السيد محمد الربون أن مثل هذه الورشات‬ ‫البد منها لعمل الجمعيات المهتمة بالشأن التنموي وترفع من مردودية وجودة أدائها وتسهل عملية تواصلها‬ ‫مع الجهات الداعمة من جهة والفئة المستهدفة من جهة أخرى‪ ،‬هذا باإلضافة إلى تكوين أطر قادرة على اتخاذ‬ ‫المبادرة و منخرطة في التنمية المستدامة‪.‬‬

‫اليوم االول‬

‫التسيير اإلداري للجمعيات الهيكلة اإلدارية للجمعيات انواع التواصل اإلداري المراسالت ‪.‬الصادرات الواردات‬ ‫و سجالتها المذكرات محاضر االجتماعات تقرير االنشطة التقرير األدبي‪ ،‬كما تميز اليوم االول بأنشطة تطبيقية‬ ‫ككتابة المراسالت‪ ،‬و محاضر االجتماعات البطاقة التقنية لالنشطة‬

‫اما اليوم الثاني‪:‬‬

‫ماهو التدبير المالي للجمعيات‪ ،‬المنظومة القانونية‪ ،‬السجالت المالية التقارير المالية سجل الجرد ورشات‬ ‫تطبيقية‪ ،‬علما ان عدد الحضور بلغ حوالي ‪ 50‬فاعال وفاعلة جمعوية مشاركين وسط تفاعل مع جميع مراحل‬ ‫الدورة‪.‬‬


17

2019 ‫ �أبريل‬23 ‫ �إلى‬16 ‫الثالثـاء‬

)453( ‫لعبة السودوكو‬ ‫أصل اللعبة‬

‫ كانت معروفة منذ الثمانينيات‬،»SUDOKU« ‫لعبة السودوكو اليابانية األصل‬ .2005 ‫ إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة‬،‫في اليابان‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

)Nikagiru Sujiwa Dokushin( ‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية‬ ‫ وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬.‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‬ .Nikol

‫كيف تلعبها ؟‬

‫ وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬،‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‬ ‫ وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬،‫منطقة مكونة من تسع خانات‬ ‫ حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬،9 ‫ إلى‬1 .‫ وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‬،‫أو السطر أو القطر‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫ ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬،‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‬ .‫ حسب الفئة المستهدفة‬،‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‬

‫سرعة المالحظة‬

.‫ حاول أن تهتدي إليها‬،‫ اختالفات‬7 ‫بين الصورة واألصل‬

989 ‫العدد‬ : ‫• إقليم الدريوش ـ الحسيمة‬

ANNONCES LEGALES ET ADMINISTRATIVES - ANNONCES LEGALES “FIDUCIAIRE BELKA” SARL AU CONSTITUTION D’UNE SOCIETE A RESPONSABILITE LIMITEE A ASSOCIE UNIQUE RC N°95899 1-Suivant acte sous seing privé en date du 05 février 2019 à Tanger, il a été constitué une société à responsabilité limitée à associé unique dont les caractéristiques sont les suivantes : Dénomination : «FIDUCIAIRE BELKA» S.A.R.L. AU Siège : TANGER – 12, RUE KHALID IBN OUALID 3EME ETAGE APPT N° 6 Objet : La société a pour objet dans tous les pays : - Travaux de comptabilité ; Prestation de services de domiciliation ; - Conseil juridique, fiscal, comptable et organisationnel ; - Le conseil en toutes activités financières et immobilières ; Le conseil en gestion de patrimoine - Et plus généralement, toutes opérations commerciales, mobilières ou immobilières et financières, pouvant se rattacher directement ou indirectement aux objets ci-dessus spécifiés ou susceptibles de favoriser le développement. Ainsi que toute participation directe ou indirecte, sous quelque forme que ce soit, dans les entreprises poursuivant des buts similaires ou connexes. Capital : Il est fixé à MAD 100 000 divisé en 1000 parts de 100 DHS chacune, à savoir: • Mr MOHAMMED BELKASSEM TEMSAMANI .……........1000 parts Durée : 99 années, à compter de son immatriculation au Registre du Commerce. Gérance : • Mr MOHAMMED BELKASSEM TEMSAMANI De nationalité Marocaine titulaire de la CIN N° K258190 de nationalité Marocaine, est gérant, nommé par les statuts pour une durée indéterminée. Bénéfice : Il est prélevé 5% pour la constitution d’une réserve légale, le reste est mis à la disposition des associés. Année sociale : Du premier janvier au trente et un décembre de chaque année. 2- Dépôt légal : Est effectué au tribunal de commerce de Tanger via le Centre Régional d’investissement de La Wilaya de Tanger-Tétouan-AL Hoceima sous le N° 221921. Pour extrait et mention La gérance -----------------------------------------------

RELAT CONSULTING SARL AU

Constitution d’une société à responsabilité limitée Associé unique RC N° 96443 Au terme d’un acte sous seing privé à Tanger en date de 01-03-2019 et enregistré le 25-03-2019, il a été établi les statuts de la société à responsabilité limitée associée unique, dont les caractéristiques sont les suivantes : - Dénomination social : RELAT CONSULTING SARL AU - Siège social : Domiciliée au 05 Avenue Youssef Ibnou Tachafine étage 2 N° 3 Tanger. - Objet social : Conseil aux entreprises recrutement, formation et médiation pour le national et l’international. - Capital social : fixé à 10.000 Dhs - La gérance : Mme RABBAJ Latifa est gérante unique de la société. Le dépôt légal a été effectué au greffe du tribunal de commerce de Tanger le 25-03-2019 (dépôt n°222440) -----------------------------------------------

« AHMED ENERGY INV » S.A.R.L A.U

Société à Responsabilité Limitée Associé Unique, au capital de DHS 100000 Siège Social, 127, Avenue Hafid Ibn Abdelbar, Résidence Al Andalouses Anzarane 3éme étage N°15- Tanger. CONSTITUTION RC N° 96881 Aux termes d’un acte sous seing privé en date du 05 Avril 2019, enregistré

à Tanger le 08 Avril 2019, sous les références 16696, il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée associé unique dont les caractéristiques sont les suivantes : I- DÉNOMINATION: AHMED ENERGY INV II- FORME JURIDIQUE : SOCIETE A RESPONSABILITEE LIMITEE ASSOCIE UNIQUE III- OBJET : Principalement la Société a pour objet au Maroc et à l’étranger, pour son compte ou pour le compte des tiers, d’exercer les activités suivantes : - L’exploitation d’une station service; La fourniture de carburants; La vente de tous autres produits s’y rattachant directement ou indirectement; L’entretien et la maintenance de tous véhicules - Exploitation et gestion d’un café shop Et généralement, toutes opérations mobilières, immobilières, financières, industrielles ou commerciales pouvant se rattacher directement ou indirectement, en tout ou en partie, à l’une ou à l’autre des opérations visées ci-dessus de manière à faciliter, favoriser ou développer l’activité de la société. IV-SIEGE SOCIAL : 127, Avenue Hafid Ibn Abdelbar, Résidence Al Andalouses Anzarane 3eme étage N°15- Tanger. V-DUREE: 99 années à compter du jour de sa constitution. VI- CAPITAL SOCIAL : Le capital social est fixé à 100.000,00 (Cent Mille) Dirhams, divisé en MILLE (1000) Parts Sociales de CENT DIRHAMS (100,-DH) chacune, numérotées de 1 à 1000 et attribuées à : M. TAMOUH MOHAMMED ANASS, titulaire de la CIN N° EE22661, à concurrence : Mille parts sociales Ci,.......................1000 Parts Sociales VII- L’ANNEE SOCIALE : Du 01 Janvier au 31 Décembre. VIII- GERANCE : La société est gérée par M. TAMOUH MOHAMMED nommé pour une durée illimitée en qualité de gérant de la société avec faculté d’engager la société par sa signature individuelle, - Le dépôt légal a été effectue au Greffe du Tribunal de Commerce de Tanger 12/04/2019. Pour extrait et mention -----------------------------------------------

« UPOWER» S.A.R.L Société à Responsabilité Limitée Associé Unique, Au capital de DHS 100000 Siège Social, 127, Avenue Hafid Ibn Abdelbar,Résidence Al Andalouses Anzarane 3éme étage N°15 - Tanger. CONSTITUTION RC N° 96897 Aux termes d’un acte sous seing privé en date du 26 Mars 2019, enregistré à Tanger le 27 mars 2019, sous les références 14109, il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée associé unique dont les caractéristiques sont les suivantes :

I-DÉNOMINATION : UPOWER II- FORME JURIDIQUE : SOCIETE A RESPONSABILITEE LIMITEE III- OBJET : Principalement la Société a pour objet au Maroc et à l’étranger, pour son compte ou pour le compte des tiers, d’exercer les activités suivantes : - Efficacité énergétique et Information Dynamique ; - Led lighting & Solar power System; - Smart Digital Solutions; - Consulting & Marketing Et généralement, toutes opérations mobilières, immobilières, financières, industrielles ou commerciales pouvant se rattacher directement ou indirectement, en tout ou en partie, à l’une ou à l’autre des opérations visées ci-dessus de manière à faciliter, favoriser ou développer l’activité de la société. IV-SIEGE SOCIAL : 127, Avenue Hafid Ibn Abdelbar, Résidence Al Andalouses Anzarane 3eme étage N°15- Tanger. V-DUREE: 99 années à compter du jour de sa constitution. VI- CAPITAL SOCIAL : Le capital social est fixé à 100.000,00 (Cent Mille) Dirhams, divisé en MILLE (1000) Parts Sociales de CENT DIRHAMS (100,-DH) chacune, numérotées de 1 à 1000 et attribuées à : Mme El Mouden Tourya, titulaire de la CIN L304638 ….. à concurrence : Cinq parts sociales Ci,.....................500 Parts Sociales M. SAIDI Abdelmalek, titulaire de la CIN GK31944 …………à concurrence : Cinq parts sociales Ci,.................500 Parts Sociales VII- L’ANNEE SOCIALE : Du 01 Janvier au 31 Décembre. VIII- GERANCES : La société est gérée par M. SAIDI Abdelmalek et Mme El Mouden Tourya. Les gérants de la société sont nommés pour une durée illimitée, avec faculté d’engager la société par leur signature individuelle. Mme El Mouden Tourya en qualité : Managerial (la gestion Administrative) et M. SAIDI Abdelmalek Sales Manager (Le coté Commercial - Consulting & Marketing) - Le dépôt légal a été effectue au Greffe du Tribunal de Commerce de Tanger 12/04/2019. Pour extrait et mention

‫حل السودوكو‬ 453 ‫رقم‬

‫لجميع‬ ‫إعالناتكم‬ ‫رية واإلدارية‬ ‫اإلشها‬ ‫يف جريدة‬

: ‫االتصال على الرقم‬

0539943008


‫الشمال‬

‫الرجاء الرياضي يواجه اتحاد طنجة‬ ‫على ملعب مراكش الكبير‬ ‫صفحة‬

‫‪18‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪989‬‬

‫الثالثاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫حذار من الغش والتدليس‬ ‫مع اقتراب نهاية الموسم الكروي ببالدنا يحتدم التنافس‪،‬‬ ‫سواء بالنسبة ألندية المقدمة أو أسفل الترتيب‪ ..‬وترتفع قيمة‬ ‫الحوافز والمنح المالية وأيضا «اإلغراءات»‪.‬‬ ‫فبالنسبة للمقدمة وبعدما حسم الوداد البيضاوي الرياضي أمر‬ ‫اللقب بنسبة كبيرة بحكم ابتعاده عن مطارديه‪ ..‬يشتد الصراع‬ ‫بين أندية المطاردة من أجل كسب مقعد إفريقي‪.‬‬ ‫وفي األسفل‪ ..‬الهم الوحيد لألندية المعذبة يبقى هو االبتعاد‬ ‫عن منطقة الجاذبيــة‪ ،‬لتفــادي النزول إلى القسم الثاني وضمان‬ ‫البقاء‪.‬‬ ‫وبين هذا وذاك‪ ،‬تلجأ بعض األندية إلى تحفيز العبيها بمبالغ‬ ‫مالية ضخمة في محاولة لكسب مقعد إفريقي أو إنقاذ ما يمكن‬ ‫انقاذه للحفاظ على التواجد بالدوري االحترافي األول‪.‬‬ ‫وقد يتعدى األمر ذلك في بعض األحيان إلى شراء ضمائر‬ ‫بعض الالعبين والمستشهرين والحكام للحصول على النقطة‬ ‫الواحدة التي أصبحت اآلن تساوي ذهبا‪ .‬والعمل بطرق مشبوهة‬ ‫من أجل كسب مباريات أو خسارة أخرى بطرق التوائية وبوسائل‬ ‫غش وتدليس غير مشروعة‪.‬‬ ‫وتبقى بالتالي األندية «الشريفة» هي الضحية وهي التي تؤدي‬ ‫ثمن ذلك‪.‬‬ ‫نهاية الموسم تقتضي أيضا المراقبة الصارمة للحكام وطرق‬ ‫تدبيرهم للمباريات‪ ..‬ألنهم جزء من اللعبة‪ ،‬وقد يتعرضون هم‬ ‫ايضا لإلغراءات المادية‪.‬‬ ‫لذا يتعين على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أخذ كل‬ ‫هذه األمور بعين االعتبار وفتح األعين وإيقاف ومعاقبة كل من‬ ‫سولت له نفسه التالعب وتشويه سمعة كرة القدم المغربية‪.‬‬

‫نحو إقامة شراكة بين اتحاد‬ ‫طنجة ونادي إسبانيول برشلونة‬

‫حدد نادي الرجاء البيضاوي ملعب مباراته المقبلة‬ ‫امام اتحاد طنجة ضمن مؤجل الجولة ‪ 22‬لبطولة‬ ‫الدوري االحترافي المغربي في ظل معاناته من إغالق‬ ‫مركب محمد الخامس بالدار البيضاء من أجل اإلصالح‬ ‫والترميم‪.‬‬ ‫واختار فريق الرجاء ملعب مراكش الكبير إلقامة‬ ‫هذه المباراة وليس ملعب األب جيكو الذي اختارته‬ ‫لجنة البرمجة بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‪.‬‬ ‫وجاء ذلك لضمان الحصول على مداخيل مالية هامة ‪..‬‬ ‫ويتنافس الرجاء البيضاوي الثاني مع اتحاد طنجة الثالث من أجل مقعد الوصافة وراء‬ ‫الوداد المتصدر‪.‬‬

‫الوداد ونهضة بركان في الدور نصف‬ ‫النهائي للكؤوس اإلفريقية‬

‫فريقان مغربيان كسبا رهان التأهل للدور قبل النهائي للكؤوس اإلفريقية‪ ...‬ويتعلق األمر بالوداد الرياضي البيضاوي في‬ ‫دوري أبطال إفريقيا والنهضة البركانية في كأس الكونفدرالية اإلفريقية‪.‬‬ ‫الوداد دك قالع نادي حوريا كوناكري الغيني برباعية نظيفة في مباراة كان خاللها األفضل وسيطر على مجرياتها‪.‬‬ ‫وقد شهدت هذه المباراة إصابة حارس الفريق الغيني خادم نداي إصابة مروعة جعلت حكم المباراة اإلثيوبي «بامالك»‬ ‫يتأثر لدرجة البكاء‪.‬‬ ‫وقررت الجامعة الملكية المغربية لكرة القــدم التكفـــل بمصاريف عالج الحارس الغيني‪.‬‬ ‫وضمن فريق النهضة البركانية تاهله للدور نصف النهائي لكأس الكو نفدراليبة بعد فوزه الكاسح على فريق غورماهيا‬ ‫الكيني ‪ ..1 - 5‬نتيجة غنية عن كل تعليق ‪.‬‬ ‫وبالمقابل أقصي فريق حسنية أكادير وبصعوبة أمام الزمالك المصري بهدف وحيد سجله الالعب ابراهيم حسن‪.‬‬ ‫فريق الحسنية أهدر فرصا عديدة وسهلة والحكم الذي قاد اللقاء حرمه من هدف محقق في الشوط الثاني‪.‬‬ ‫وبذلك توقفت رحلة الفريق السوسـي في المنافسـات القارية‪.‬‬

‫قرعة كأس إفريقيا لألمم ‪ 2019‬بمصر‬ ‫المغرب في مجموعة قوية‬

‫زار األسبوع األخير وفد عن نادي إسبانيول برشلونة لكرة‬ ‫القدم مدينة طنجة من أجل بلورة شراكة مع فريق اتحاد طنجة‪.‬‬ ‫وقد زار الوفد اإلسباني أهم المرافق الرياضية بعاصمة البوغاز‬ ‫ردا على زيارة سبق أن قام بها وفد عن اتحاد طنجة إلسبانيا‪.‬‬ ‫وزار الوفد اإلسباني المنشئات التي تزخر بها القرية الرياضية‬ ‫وكذا ملعب ابن بطوطة‪.‬‬ ‫و أجرى لقاء مع مسؤولي اتحاد طنجة من أجل بلورة شراكة بين‬ ‫الناديين تهم تبادل الخبرات اإلدارية والرياضية ومناهج التكوين‪.‬‬ ‫كما ناقش الطرفان إمكانية إقامة مباراة ودية بين الفريقين‬ ‫وكذا إمكانية إنشاء أكاديمية لكرة القدم بعاصمة البوغاز بشراكة‬ ‫مع اتحاد طنجة‪.‬‬

‫جرت بالعاصمة المصرية القاهرة قرعة نهائيات كأس إفريقيا لألمم‬ ‫‪ 2019‬تمهيدا للمنافسة المزمع تنظيمها مابين‪21‬يونيو و‪19‬يوليوز‬ ‫القادمين بمصر‪.‬‬ ‫ووضعت القرعــة المنتخب المغربـي في مجموعة قويــة سماها البعض‬ ‫بمجموعة الموت وهي الرابعة وتضم منتخبات كوت ديفوار وجنوب إفريقيا‬ ‫وناميبيا‪.‬‬ ‫وفيما يلي المجموعات الست التي أفرزتها القرعة‪.‬‬ ‫المجموعة األولي ‪ :‬مصر‪-‬الكونغو الديمقراطية‪ -‬اوغندا وزيمبابوي‪.‬‬ ‫المجموعة الثانية ‪:‬‬

‫نيجيريا – غينيا – مدغشقر – بوروندي‪.‬‬

‫المجموعة الثالثة ‪:‬‬

‫السينغال – الجزائر – كينيا – تانزانيا‪.‬‬

‫المجموعة الر ابعة ‪:‬‬

‫المغرب – كوت ديفوار – جنوب إفريقيا – ناميبيا‪.‬‬

‫المجموعة الخامسة ‪:‬‬

‫تونس – مالي – موريتانيا – أنغوال‪.‬‬

‫المجموعة السادسة ‪:‬‬

‫الكامرون – غانا – بنين – غينيا بيساو‪.‬‬


‫العدد ‪989‬‬ ‫الشمال الرياضي‬ ‫هيرفي رونار مدرب األسود‬ ‫استفحال ظاهرة االعتداء على‬ ‫«سنبذل قصارى جهودنا من أجل‬ ‫الحكام في بطوالت عصبة الشمال‬ ‫حصد اللقب اإلفريقي»‬ ‫الثالثاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫مع اقتراب نهاية الموسم الكروي تعرف منافسات بطولة عصبة الشمال لكرة القدم استفحال ظاهرة االعتداء على الحكام‪.‬‬ ‫وعرفت المباريات األخيرة في مختلف األقسام اعتداءات جسدية بحق العديد من الحكام‪ ،‬مما أدى إلى تقديم شكاوى ودعاوى‬ ‫قضائية أمام المحاكم وجعل العصبة تتخذ قرارات صارمة ولكن في انتظار أحكام القضاء‪.‬‬ ‫وفيما يلي بعض المباريات التي شهدت اعتداءات في حق بعض الحكام ‪:‬‬ ‫ـ حسنية طنجة – النادي القصري‪ ،‬إصابة الحكم سهيل الزكريوي ومساعده محمد (مدة العجز ‪ 45‬يوما)‪.‬‬ ‫ـ الوفاء الطنجي‪ -‬نهضة بئر الشيفا‪ ،‬اعتداء على الحكم المساعد طارق الصديقي‪.‬‬ ‫ـ االتحاد – شباب العوامرة‪ ،‬اعتداء بحق الحكم الكنوني‪ ،‬والعب من شباب العوامرة (عجز ‪ 25‬يوما)‪.‬‬ ‫وفد خلفت هذه االعتداءات موجة استياء عارمة في عصبة الشمال وجميع مكونات الكرة بمدينة طنجة وأصبح التخوف هو‬ ‫السائد والسيما وسط جهاز التحكيم ‪.‬‬

‫االتحاد اإلسباني لكرة القدم يرفض‬ ‫استئناف أتلتيكو مدريد ويزكي‬ ‫عقوبة اإليقاف بحق الالعب كوستا‬ ‫رفض االتحاد اإلسبانـي لكــرة القــدم‬ ‫االستئناف الذي تقدم به نادي أتلتيكو مدريد‬ ‫بشأن إيقاف العبه دييغو كوستا ‪ 8‬مباريات على‬ ‫خلفية إهانته لحكم مقابلة فريقه مع برشلونة‬ ‫وهي العقوبة التي اعتبرهـــا مدرب الفريــق‬ ‫سيميوني بالقاسية‪.‬‬ ‫ويبقى أمام نادي أتلتيكو مدريد إمكانية‬ ‫رفع القضية إلى المحكمة اإلدارية الرياضية‬ ‫بإسبانيا‪.‬‬ ‫وكان االتحاد اإلسباني لكرة القــدم قد‬ ‫فرض عقوبة اإليقاف لثمان مباريــات بحـق‬ ‫مهاجم أتلتيكو مدريد دييغو كوستا مما ينهي‬ ‫موسمه الكروي الحالي‪.‬‬ ‫مدرب الفريــق دييغـــو سيميوني اعتبر‬ ‫العقوبة بالقاسية مستبعدا احتمال بيعه خالل‬ ‫فترة االنتقاالت الصيفية المقبلة‪.‬‬ ‫وكان الالعب كوستا قد عانى هذا الموسم‪،‬‬ ‫حيث غاب لمدة شهرين في مستهل الموسم‬ ‫الحالي بسبب اإلصابة واكتفى بتسجيل خمسة‬ ‫أهداف بعد عودته‪.‬‬

‫ريال مدريد يحدد فترة غياب‬ ‫مدافعه راموس‬ ‫أعلن نــادي ريـــال مدريـــد‬ ‫اإلسبانــي عن تفاصيـــل اإلصابــة‬ ‫التي تعــرض لها مدافعـــه الدولي‬ ‫سيرخيو راموس‪.‬‬ ‫وقال الموقــع الرسمي لنـــادي‬ ‫ريال مدريد أن رامــوس يعاني من‬ ‫إصابـــة في العضلـــة من الدرجــة‬ ‫األولى‪.‬‬ ‫وأشــارت صحيفـــة «مــاركــا»‬ ‫اإلسبــــانيـــــة إلى أن رامـــــوس‬ ‫سيغـــيب لفتــرة تتـــراوح بيــــن‬ ‫أسبوعين وثالثة أسابيع‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫قال الناخب الوطني هيرفي رونار على هامش قرعة كأس افريقيا لألمم ‪ 2019‬التي جرت‬ ‫بالقاهرة أن فريقه سيبذل قصارى جهوده من اجل التتويج بلقب كأس أمم إفريقيا ‪ 2019‬بمصر‬ ‫معربا عن أمله في أن يكون اللقب من نصيب أسود األطلس ألن هدف المنتخب المغربي دائما‬ ‫هو تحقيق األفضل‪ .‬وأشار رونار إلى أن نسخة كأس إفريقيا ‪ 2019‬تختلف عن النسخ السابقة‪ ،‬حيث‬ ‫تضم ‪ 24‬منتخبا للمرة األولى في يونيو وليس في يناير وهذا أمر يفضله هو كثيرا‪.‬‬ ‫وختم قائال ‪« :‬لقد عشت تجارب عديدة من هذا النوع من النهائيات وأعرف جيدا خصوصيات‬ ‫الكان‪ ..‬كما أني مطلع بشكل جيد على المفاجآت التي قد تحملها عادة كأس أمم إفريقيا»‪.‬‬

‫مواعيد مباريات المنتخب المغربي‬ ‫في كأس إفريقيا لألمم بمصر‬

‫ملعب اإلنتاج الحربي بالقاهرة‬

‫نشر الموقع الرسمي لالتحاد اإلفريقي لكرة القدم «كاف» الجدول الكامل لمواعيد مباريات‬ ‫كأس أمم إفريقيا التي ستستضيفها مصر في الصيف المقبل‪.‬‬ ‫وحسب الجدول‪ ،‬فإن المنتخب المغربي سيفتتح مبارياته في الكان بمواجهة ناميبيا يوم ‪23‬‬ ‫يونيو المقبل على الساعة ‪ 15.00‬بالتوقيت المغربي‪ ،‬وسينازل منتخب كوت ديفوار يوم ‪ 28‬يونيو‬ ‫على الساعة ‪.18.00‬‬ ‫وسيختتم الفريق المغربي دور المجموعات بمواجهة منتخب جنوب إفريقيا في الفاتح من‬ ‫يوليوز على الساعة ‪...17.00‬‬

‫استمرار التسجيل بمدرسة‬ ‫نهضة طنجة لكرة القدم‬ ‫تعلن إدارة مدرسة نهضة طنجة لكرة القدم أنها شرعت في تسجيل‬ ‫وإعادة التسجيل للتالميذ الراغبين في االنخراط بالمدرسة‪ ،‬كما أن‬ ‫أنشطتها متواصلة‪ ،‬طيلة فصل الصيف دون توقف‪ .‬وعلى الراغبين في‬ ‫ذلك االتصال بمدير المدرسة على الرقم التالي (‪ )0661720614‬أو‬ ‫الحضور بملعب مرشان‪ ،‬حسب البرنامج التالي‪:‬‬ ‫ كل يوم األربعاء‪ :‬من الساعة الثالثة زواال (‪ )h 15‬إلى الخامسة مساء‬‫(‪)h 17‬‬ ‫ كل يوم الجمعة‪ :‬من الساعة الثالثة زواال (‪ )h 15‬إلى السادسة مساء‬‫(‪)h 17‬‬ ‫ كل يوم السبت‪ :‬من الساعة التاسعة صباحا (‪ )h 09‬إلى الواحدة زواال‬‫(‪)h 13‬‬ ‫ كل يوم األحد‪ :‬من الساعة التاسعة صباحا (‪ )h 09‬إلى الواحدة زواال‬‫(‪)h 13‬‬


‫العدد ‪989‬‬

‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪� 16‬إلى ‪� 23‬أبريل ‪2019‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫ِ‬

‫لقاءات حوارية في حلقات‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي‬ ‫واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربنهم في الحياة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وقلبية إلى الماضي‬ ‫والمستقبل‪.‬‬ ‫تذكرة السفر األولى مع الدكتور عبداللطيف شهبون‪ ،‬أحد أبرز الوجوه الحقوقية والسياسية‬ ‫واألدبية ببالدنا‪ .‬راكم الرجل عبر عمر ممتد تجربة ومنجزا منح فيه رحيقه الروحي‪ ،‬وعانى من‬ ‫جرائه ما عانى‪ .‬الحلقة األولى ستكون تذكرة تعريف في الجذور واألصول‪.‬‬

‫صدار العدد‬

‫إ‬

‫يهود القصر الكبير‬ ‫صفحات من تاريخ منسي ـ مقاربات متقاطعة‬ ‫لألستاذ محمد العربي العسري‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫ـ األستاذ عبد اللطيف مرحبا بك في لقاء «تذكرة سفر»‪ ،‬واسمح لي أن يكون سؤالي األول تقليديا‪ ،‬أبدأ‬ ‫بسؤال حول الهويات الصغرى التي شكلت شخصية رجل تحضر صورته في المشهد العام اآلن مستلهمة قولة‬ ‫« الواحد المتعدد»‪ .‬تندمج في هويتك العامة صفـات متعددة‪ .‬فأنت السياسي والحقوقي والمثقـف واألديب‬ ‫واألكاديمي‪ ،‬وأنت أيضا الزاهد‪.‬‬ ‫• ما سر هذه الهويات الصغرى المتناغمة في هويتك الكبرى؟‬ ‫يؤول نسبي آلل شهبون ؛ وهم يلصوتيون عثمانيون كان فيهم عدول وقضاة وفقهاء وعلماء ومؤلفون ‪ .‬وآل شهبون مؤصلون‬ ‫في األخماس والشاون وممتدون في تطاون وغمارة والريف وباقي جهات المغرب‪ ..‬كان والدي الحاج محمد بن الحسن شهبون ـ‬ ‫رحمه اهلل ـ أوسط شقيقيه المرحومين أحمد والحاج عبد السالم‪ ،‬وعلى عاتقه قامت أعباء األسرة والعائلة‪.‬‬ ‫جدي الحسن بن الحاج أحمد شهبون كان مؤذنا بمسجد حومة السوق بالشاون مدة خمسين عاما ‪ .‬في هذا المسجد تناوبت‬ ‫أسرتان على اآلذان مدة تناهز القرنين ‪ :‬شهبون والشلي ‪ .‬بعد وفاة جدي مطلع خمسينيات القرن الماضي عوضـــه ابن عمه عبد‬ ‫السالم شهبون فابن هذا األخير الحسن شهبون فأحمد شهبون بن عبد القـادر شهبــون فآية اهلل شهبون بن أحمد شهبون‬ ‫المؤذن الحالي حفظه اهلل‪ .‬كان جـــدي الحسن جميــل الهندام‪ ،‬حسن الصــوت‪ ،‬ذاكرا منتسبا للطريقــة الدرقاويـــة‪ ،‬ولوعا بالسماع‪،‬‬ ‫ملما بطبوع اآللة األندلسية‪ ..‬امتهن التجارة‪ ،‬ولما عجز عن القيام بضروريات البيع والشراء لضعف بصره واعتالل صحته تعطلت‬ ‫حانوته الواقعة ب «وطا حمام»‪ ،‬فطلب من والدي رحمه اهلل القيام بأعمال تجارته‪ ..‬فأجابه جبــرا لخاطـره ورغبـــة في رضــاه‪ ،‬في‬ ‫منتصف أربعينيات القرن الماضي بتحرير عدلي‪..‬‬ ‫وأما جـــدي سيدي محمد المريني الملقب ب «اللويــــز»‪ ،‬والد أمي أمينـــة المرينـــي ـ حفظها اهلل ـ فكان تاجرا متنقال بين‬ ‫الشاون وفاس‪ .‬وهو من مواليد تطاون اضطرت أسرته االنتقال للشاون بعد حرب ‪ . 1860‬كان عيساوي االنتساب‪ ،‬ومنزله بحي‬ ‫المدقة «درب المريني» شاهد على حلقات ذكر وسماع واجتماع على الخير‪..‬‬ ‫جدتي لال خدوج العلمي الذهبي من أشراف القوس‪ ..‬امرأة ورعة صالحة ‪..‬كف بصرها نتيجة عملية غيرموفقة‪ ..‬وقد ظلت مقصد‬ ‫الناس الستمداد الخير بالدعاء‪.‬‬ ‫جدتي لال رحمة شهبون بنت عم جدي الحسن‪ ،‬نسجت رابطتي بالزاوية الحراقية بتطاون‪ ،‬حيث كنت أرافقها كل جمعة بعد‬ ‫صالة العصر لالسترواح بحلقات ذكر وسماع شوقا وذوقا وعمري لم يتجاوز العاشرة‪..‬‬ ‫أنا سادس إخوتي الذين أنجبتهم والدتي ـ حفظها اهلل ـ وثالثهم من الذين أبقاهم اهلل ‪ :‬فطومة‪ ،‬أسية‪ ،‬عبد اللطيف‪ ،‬مصدق‪،‬‬ ‫عبدالمجيد ‪..‬ال تكف والدتي عن الحديث بحرقة وألم دفينين لفقدانها أشقائي ‪ :‬عبد الرحمن‪ ،‬سعيد‪ ،‬محمد‪ ،‬وهذا األخير وافاه األجل‬ ‫في سن العاشرة‪ ،‬بعد أن أصيب بالتهاب السحايا‪..‬كان شقيقي محمد آية من آيات اهلل في حفظ كتابه العزيز‪.‬‬

‫في سن الخامسة ألحقني والدي رحمه اهلل بمدرسة سيدي علي بركة ‪ .‬كان مقرها في «حي الوطية» في منزل اكترته اإلدارة‬ ‫اإلسبانية من السيد ابن الناس‪ ..‬لم اكمل شهرا بها حتى قرر والدي تسجيلي بمجموعة مدارس موالي اسماعيل بباب العقلة‪.‬‬ ‫كان مديرها األستاذ أحمد بولعيش ‪..‬في فضاء هذه المدرسة السعيدة كنت مرتاحا‪.‬تعرفت الى أصدقاء وكونت معهم عالقة خاصة‬ ‫لتقارب أعمارنا وانتمائنا لنسيج اجتماعي واحد ومحدود باعتماداته المادية ‪ .‬قضيت بها خمس سنوات أحرزت بعدها على الشهادة‬ ‫االبتدائية التي اجتزت امتحاناتها الكتابية والشفوية بمجموعة مدارس موالي الحسن بحي سانية الرمل‪ ،‬ثم نجحت في امتحان‬ ‫االلتحاق الذي أجريته بثانوية القاضي عياض الواقعة بحي لواضة‪ .‬في المدرسة االبتدائية المجيدة تتلمذت على هيئة تدريسية‬ ‫متفاوتة الطباع لكنها ذات مقاصد تربوية ساعدتنا على تحصيل دراسي كان في وقته نموذجيا بكل المقاييس ‪ .‬تتلمذت على‬ ‫الزكري‪ ،‬الخمسي‪ ،‬استيتو‪ ،‬الترجيستي‪ ،‬الخطابي‪ ،‬أفيالل‪ ،‬الفاسي‪ ،‬بورياش‪ ،‬العمراني‪ ..‬وعلى أساتذة إسبان‪..‬‬ ‫في ثانوية القاضي عياض‪ ،‬اتسع عدد مدرسيناـ تبعا لتغير نظامنا التربوي والتعليمي ـ بين أساتذة مغاربة في مواد اللغة‬ ‫العربية والفلسفة والفكر اإلسالمي واالجتماعيات أساسا ‪ :‬العمراني‪ ،‬السرغيني‪ ،‬العبدالوي‪ ،‬السوســي البهاوي‪ ،‬التمسماني‪ ،‬غطيس‪،‬‬ ‫نوري معمر‪ ،‬الزروالي‪ ،‬الكبداني‪ ،‬الزفزافي‪ ،‬العمري‪ ،‬مشبال‪ ..‬كما تتلمـذت على أساتــذة إسبانيين وفرنسيين ومصريين وسوريين‬ ‫وفلسطينيين ولبنانيين‪ ..‬قضيت ست سنوات أحرزت بعدها على شهادة الباكالوريـــا في يونيـــه ‪.1967‬‬ ‫يـــوم ‪ 23‬أكتوبـــر ‪ 1967‬بالرباط وقعـــت محضر الدخول للمدرسة العليا لألساتــذة ثم التحقت للدراسة بها في تطوان‪.‬كان‬ ‫مديرهـــا األستـــاذ محمد عزيمان‪ .‬ضمت هيـأة التدريس‪ :‬عبد اهلل العمــرانـــــي‪ ،‬محمـد الكبداني‪ ،‬عبــد الرزاق العـاقـــل‪ ،‬محمد‬ ‫الحلوي‪ ،‬محمد الزفزافي‪ .‬في يونيه ‪ 1969‬تخرجت بعد اقتسامنا رتبة أولى أنا والصديق العزيــز عبد الحي اليمـــالحـــي الشاعــر‪..‬‬ ‫خالل سنتي التكوين انفتحت على تجـــربــة نضـــال طالبــي في صفــوف تعاضدية االتحاد الوطني لطلبة المغرب ثم حزب االتحاد‬ ‫الوطني للقوات الشعبية‪ ..‬كانت تجربة مفيدة لبناء شخصيتي‪..‬في الفترة ذاتها عشت تجربة حب أولى غامرة طاهرة تركت في‬ ‫نفسي بل في عمري اغترابا لم أفق منه وقد صفر قطار حياتي فنهضت مبتسما لموتي‪ ..‬مشيتها خطى كتبت علي‪ ..‬تابعت دراستي‬ ‫العليا بآداب فاس فحصلت منها على اإلجازة ( اإلجازة كانت أربع سنوات)ثم على شهادة الدروس المعمقة برتبة أولى‪ .‬في فاس اشتد‬ ‫عودي وانفتحت آفاقي دراسة ونضاال‪ .‬درست على خيرة أطر التعليم العالي بالمغرب وقتئذ ‪:‬محمد الكتاني‪ ،‬جعفر الكتاني‪ ،‬عبد السالم‬ ‫الهراس‪ ،‬عباس الجراري‪ ،‬محمد بن شريفة ‪،‬محمد بن تاويت التطواني ‪،‬محمد بن عبد اهلل‪ ،‬أمجد الطرابلسي‪ ،‬نجيب البهبيتي‪ ،‬محمد‬ ‫الخمار الكنوني ‪،‬محمد برادة‪ ،‬محمد سبيال‪ ،‬جمال الدين العلوي‪ ،‬أحمد العلوي‪ ،‬عبد القادر زمامة‪ ،‬ابراهيم السلمي‪ ،‬محمد السرغيني‪،‬‬ ‫صالح األشتر‪ ،‬محمد أغزادي‪ ،‬عبد اللطيف السعداني ‪ ..‬لكني لن أنسى أفضال أصدقاء أعزاء علي في تسجيلي انتظاما مطلع كل سنة‬ ‫جامعية وتيسير الحصول على بعض الدروس ـ وأنا أمتهن التدريس بليسي اإلدريسي أستاذا للسلك األول بآسفي‪ ..‬أذكر منهم على‬ ‫وجه الخصوص محمد عبد السالم المرابط وحسن بنزيان وعبد السالم أزيار وعبد السالم علو ومحمد المحفوظي ومحمد العربي‬ ‫الزكاري‪..‬‬

‫صدر عن منشورات جمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصرالكبير‬ ‫كتاب‪ »:‬يهود القصر الكبيرـ صفحات من تاريخ منسي ـ مقاربات‬ ‫متقاطعة» للكاتب األستاذ محمد العربي العسري‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في في ‪ 104‬صفحة‪ ،‬تتـــوزع على امتـــداد ‪ 15‬فصال‪.‬‬ ‫وهو استعراض تاريخي تفصيلي للوجود اليهودي بمدينة القصر الكبير‪،‬‬ ‫شمل مستويات متعددة من الحياة العامة لهذه الطائفة‪ ،‬بدء بالعادات‬ ‫والممارسات االجتماعية والشعائرية‪ ،‬وانتقاال إلى ترسيخ هذا التواجد عبر‬ ‫تأسيس بنيات عمومية حيوية‪ ،‬كالمعابد والمؤسسات التعليمة والهياكل‬ ‫االقتصادية‪.‬‬ ‫من جانب آخر يشمل الكتاب الحديث عن بعض معالم الترسانة‬ ‫القانونية الحامية والضامنة لحقوق اليهود بالقصر الكبير‪.‬‬ ‫ولم يغفل الكتاب الحديث عن المستوى التعبيري المرسخ لوجود‬ ‫اليهود بالقصر الكبير في األدب والفن واألمثال الشعبية‪.‬‬ ‫وإذا كان الكتاب قـــد أشـار إلى بعض االحتقانات التي عرفتها‬ ‫العالقـــة االجتماعية والعقدية بين ساكنة القصرالكبير والتواجد‬ ‫اليهودي بها‪ ،‬فإنه قد أولى اهتماما جيدا للتسامح الحضاري القوي الذي‬ ‫طبع العالقة بينهما من خالل االحتفاء الرمزي بهذه العالقة في الكتابات‬ ‫األدبية شعرا وقصة وفناً‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.