Achamal n° 993 le 14 Mai 2019

Page 1

‫امللحق الثقايف‬

‫عبد القادر الشاوي‬ ‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫ال أنهار فأستمر‬ ‫في صمت‪...‬‬

‫صفحة ‪ 9‬ـ ‪ 10‬ـ ‪ 11‬ـ ‪12‬‬

‫الصفحة األخيرة‬

‫الكرة المغربية‬ ‫حاضرة بقوة‬ ‫في المنافسات‬ ‫القارية‬

‫من �أعالم طنجة املعا�رصين ‪:‬‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫العالمة الشيخ مصطفى‬ ‫بن أحمد البحياوي‬ ‫صفحة ‪15‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 993‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 08‬رم�ضـــان ‪� 14 / 1440‬إلى ‪ 20‬مــاي ‪2019‬‬

‫صفحة ‪18‬‬

‫وزارة التربية الوطنية تراكم االحتقان‪..‬‬ ‫كلمة الشمال‬

‫تراكم وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في بلدنا مشكالتها أمام المجتمع والبرلمان والنسيج‬ ‫الحكومي ‪..‬‬ ‫إن بلدنا ما زال مفتقرا لتعليم جيد ومنتج‪ ..‬هذه حقيقة الحقائق التي يشهد بها القاصي والداني‪ ..‬فتقارير المؤسسات الرسمية الرقابية وتقارير المالحظين‬ ‫الدوليين تؤكد هذا األمر اآلخذ في االستفحال منذ العقد السبعيني من القرن الماضي‪..‬‬ ‫وزارة التربية الوطنية ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ لم تتمكن من فرض أو تمرير القانون االطار ‪ 17‬ـ ‪ 51‬المتعلق بمنظومة التربية والتعليم والبحث العلمي المعروض على البرلمان وهو لم يبرح مكانه‪..‬‬ ‫‪ 2‬ـ لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها ازاء المتعاقدين مشكلة المتعاقدين رغم عودتهم لألقسام ‪..‬حيث لم يتم التراجع على تدابير زجرية‪..‬ولم يتم ارجاع المطرودين‬ ‫‪..‬ولم يتم صرف األجور‪..‬‬ ‫وزارتنا في التربية الوطنية مع هذا وذاك ‪ ..‬تستزيد بما ال تهضم المعد ؟‬ ‫في اآلونة األخيرة راسل وزير التربية الوطنية رؤساء الجامعات بشأن تنظيم التظاهرات بالجامعة ؛ وهذه المراسلة الوزارية ولدت استياء كبيرا لدى الطلبة واألساتذة‬ ‫واإلداريين كما أن اعتبرتها المنظمة المغربية لحقوق االنسان خروجا عن مضمون القانون ‪ 00‬ـ ‪ 01‬المتعلق بتنظيم التعليم العالي ؛ خاصة مادته الخامسة التي تنص‬ ‫على تمتع الجامعة ـ بصفتها مؤسسة عمومية ـ باالستقالل البيداغوجي والعلمي والثقافي‪،‬كماأن المراسلة ضرب للحريات األكاديمية ‪ ..‬وإجهاز على حرية الرأي والتعبير‬ ‫والتنظيم‪..‬يتعين سحبها صونا لقيم االنفتاح وضمانا لتفعيل سليم للشراكات العلمية مع الخارج ‪..‬‬


‫العدد ‪993‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫في مآل الشعر المغربي اآلن‬ ‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫(الحلقة الثانية)‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬

‫الأ�صولية ال�شعرية‬

‫‪www.achamal.com‬‬

‫الشعرية المروجة بطرق ملتبسة لعودة «القصيدة‬ ‫لحد اآلن‪ ،‬تكون «القصيدة العربية الحداثية»‬ ‫قد شارفـــت على استكمال السبعيـن سنـــة من‬ ‫العموديـــة»‪ ،‬بل وعودتها في صورتها الفجـــة‬ ‫وجودها النظري والنصي‪.‬‬ ‫المراهنة على مكون جزئي من الشعر هو اإليقاع‪.‬‬ ‫مئات الكتب النقدية والدواوين الشعرية‬ ‫عشرات الجوائز المالية المغرية تُمنح اآلن‬ ‫والمهرجانات انخرطت في اإلعــالن التاريخـــي‬ ‫لكتاب القصيدة العمودية‪.‬‬ ‫المؤشر على «اإلبدال» الفني الذي شهده الشعر‬ ‫عشرات المهرجانـــات الخليجية تنظـــم اآلن‬ ‫العربي‪..‬أدونيس في «الثابت والمتحول»‪ ،‬كمال‬ ‫لالحتفاء بالقصيدة العمودية‪.‬‬ ‫أبو ذيب في «جدليـــة الخفاء والتجلي»‪ ،‬يمنى‬ ‫العيد في «في معرفة النص»‪ ،‬خالدة سعيد في‬ ‫عشرات المجالت األدبيــة تخصص صفحاتها‬ ‫«حركيّة اإلبداع»‪ ،‬محمد بنيس في «ظاهرة الشعر‬ ‫للقصيدة العمودية‪.‬‬ ‫المعاصر بالمغرب» و»الشعر العربي الحديث بنياته‬ ‫عشرات األسماء المنتصرة لعمود الشعر من‬ ‫وإبداالتها»‪ ،‬عبد اهلل راجع في «القصيدة المغربية‬ ‫عبد اإلله المويسي‬ ‫الشباب يروج لهم بشكل هستيري في القنوات‬ ‫المعاصرة‪ :‬بنية الشهادة و االستشهاد»‪ ،‬أحمد‬ ‫العمومية‪ ،‬على أساس االحتذاء بهم‪.‬‬ ‫المجاطي في «ظاهرة الشعر الحديث» و«أزمة‬ ‫ولم يقتصر األمر على هذا فقط‪ ،‬بل إن الجهات التي تسعى‬ ‫الحداثة في الشعر العربي الحديث»‪ ..‬وغيرهم من كبار منظري الشعر‬ ‫إلى تكريس هذا االرتداد تبنت منهجا استراتيجيا يقضي بالتواجد‬ ‫والنقد‪.‬‬ ‫هذا باإلضافة إلى آالف األطروحات الجامعية التي صرفت جهدا المباشر في عقر البلدان العربية المستهدفة‪ ،‬والتي كانت قد برهنت‬ ‫أكاديميا مؤسساً لإلحاطة بأسئلة التحول الكبرى التي فجرتها هذه على تفوقها في النمودج الحداثي‪ ،‬وعلى رأسها المغرب‪ ،‬من خالل‬ ‫مؤسسات و «دور للشعر»‪ ،‬يصرف عليها بالدوالر‪.‬‬ ‫القصيدة‪.‬‬ ‫ولم يقتصر األمر أيضا على هذا‪ ،‬بل تم تجنيد بعض كبار رموز‬ ‫أما الئحة الشعراء الذين انحازوا‪ ‬بوعي جذري لهذا االختيار‬ ‫الجمالي‪ ،‬فال يمكن رصدها بالنظر إلى الكم الهائل من األسماء التي الحداثة الشعرية لإلشراف على هذا المشــروع الشعري األصولي‬ ‫تندرج ضمنها‪.‬‬ ‫االرتدادي‪.‬‬ ‫يتضح تاريخيا إذن القصيدة العربية الحداثية حسمت اختيارها‬ ‫قد أستسيغ الدافع المالي الذي جعل صالح فضل ينخرط في‬ ‫الجمالي‪ ،‬بل وعززته بمدونة نقدية نظرية واضحة‪.‬‬ ‫برنامج شعري أصولي اسمه «أمير الشعراء»‪ ،‬لكني أستسيغه بألم‬ ‫فما الذي يحصل شعريا اآلن؟‬ ‫شديد عندما تظهر أمام عيني صورة اإلجهاز على أكثر من سبعين‬ ‫تنتشر في العالم العربي حاليا عشرات البرامج اإلذاعية والتلفزية سنة من االنتقال الشعري‪ ،‬أفرغ فيها شعراء كبار أرواحهم‪.‬‬

‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫َي ُد مهند�سني عرب‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬

‫يف بناء معلمة‬

‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬

‫‪« Notre-Dame‬‬ ‫»‪de Paris‬‬

‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬

‫كنا ‪ ،‬في العدد ‪ 990‬من «جريدة الشمال»‪ ،‬قد خصصنا ملفا عن مأساة مقر أبرشية باريس‪ ،‬كاتدرائية « ‪ ،»Notre-Dame de Paris‬جراء‬ ‫الحريق الرهيب الذي اندلع فيها‪ ،‬وتسبب في إتالف جزء عظيم منها‪.‬‬ ‫وكنا قد َذ َّكرنا بالرمزية الفنية الكبرى التي تحظى بها الكاتدرائية في الذاكرة اإلنسانية كواحدة من أعظم التجسيدات في فن العمارة‬ ‫القوطية‪ ،‬إذ حققت بها فرنسا «إبداال» و»تحوال» كبيرين عن الطراز الروماني القديم‪ ،‬وذلك بإبداعها الهندسي الذكي لألقباء باألضالع‬ ‫والدعامات‪ ،‬واعتمادها النوافذ الشاسعة الملونة‪ ،‬وغيرها من اإلنجازات الفنية المعمارية التي تميز الكتدرائية‪.‬‬ ‫وبعد اطالعه على الموضوع‪ ،‬اتصل بالجريدة الباحث العالمة المختار التمسماني‪ ،‬وهو أحد أبرز الوجوه الثقافية بمدينة طنجة‪ ،‬وأفاد‬ ‫الجريدة برأي مدعوم بآراء معتبرة لمؤرخين ومهتمين بالتاريخ اإلنساني‪ ،‬ومدعوم بالصور‪ ،‬يحيل إحالة موثوقة على الدور الذي قام به‬ ‫المهندسون العرب في بناء معلمة « ‪ ،»Notre-Dame de Paris‬بل على الدور الذي لعبوه في تشييد معالم أخرى في أنحاء العالم‪.‬‬ ‫ولإلضاءة المفيدة ننقل هذه الفقرة من كتاب «حضارة العرب» للدكتور «غوستاف لوبون» بترجمة عادل زعيتر ‪.‬‬ ‫«‪....‬وال يغرب عن بالك أن األوروبيين كانوا يستخدمون في القرون الوسطى كثيرا من بنائي األجانب في إقامة مبانيهم‪ ،‬وأنهم كانوا‬ ‫يوحون إليهم مثلما كان يوحي به العرب إلى بنائي البزنطيين‪ ،‬وأن هؤالء المعماريين كانوا يجيئون من كل مكان‪ ،‬وأن شارلمان كان‬ ‫يأتي بالكثير منهم من الشرق‪ ،‬وقد نقل مسيو فياردو عبارة من كتاب «تاريخ باريس» لدولور جاء فيها أن مهندسين معماريين من العرب‬ ‫استخدموا في إنشاء كنيسة نوتردام الباريسية»‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬ ‫«�سبحان ذي املُ ْل ِك وامل َلكوت‪� ،‬سبحان ذي العزة واجلربوت‪� ،‬سبحان احلي الذي ال‬ ‫والروح»‪.‬‬ ‫ميوت‪�ُ ،‬س ُّب ٌ‬ ‫و�س ُّ‬ ‫وح ُقدُّ ٌ‬ ‫رب املالئكة ُّ‬ ‫بهذا ْ‬ ‫الذك ِر الكتاني‪ ،‬شيعنا أخانا األستاذ علي الزكاري إلى مرقده األخير بمقبرة‬ ‫زيانة‪ ،‬عشية اإلثنين ‪ 29‬أبريل ‪.2019‬‬ ‫ُ‬ ‫الرجل غادرَنا في أمسية من أمسيات نادي االتحاد – على الرّضا والتَّسليم‪.‬‬ ‫هذا‬ ‫َّ‬ ‫وليتنقل فيما بعد‬ ‫كما يقال – لنُفاجأ في الصباح الموالي لها بأنه أُغمي عليه‪،‬‬ ‫في سيارات اإلسعاف بين مصحة تطوان‪ ،‬ومصحة النخيل‪ ،‬ومصحة أكدال بالرباط‪،‬‬ ‫ولتُسفر الكشوفات التي أُجريت له بها‪ ،‬عن خلل في نبضات قلبه‪ ،‬يحتاج إلى جهاز‬ ‫إلعادة االنتظام إلى هذه النبضات‪.‬‬ ‫وفي انتظار ذلك‪ ،‬اُدخل إلى غرفة اإلنعاش بأكدال‪.‬‬ ‫هنا َّ‬ ‫ظل ثالثة أيام‪ ،‬ثم فارق الحياة‪.‬‬ ‫خمسة أيام‪ .‬هي المدة التي تأرجحنا فيها بين الرجاء والخوف‪ .‬وكانت كفة‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫مُتَداوَل‪ .‬ومفعوله مشهودٌ‬ ‫المنظم لدقات القلب‪،‬‬ ‫الرجاء راجحة‪ ،‬ألن هذا الجهاز‬ ‫به‪.‬‬ ‫وما لم نكن نتوقعه أو نتصوره‪ ،‬أن يعود إلينا هذا الصديق ً‬ ‫جثة هامد ًة داخل‬ ‫صندوق خشبي‪ ،‬ليوارَى التراب‪.‬‬ ‫ال على الحياة‪ ،‬حفي ًا بها‪ ،‬متفائ ً‬ ‫ال كان مقب ً‬ ‫لقد فقدنا بفقدانه‪ ،‬رج ً‬ ‫ال أشد ما‬ ‫يكون التفاؤل‪ ،‬قانع ًا بما قسمه اهلل له‪ ،‬راضي ًا بنصيبه من الدنيا‪ ،‬سعيداً بهذه‬ ‫الجلسات المسائية التي كانت تجمعنا بنادي االتحاد‪ ،‬والتي نتناول فيها شؤون‬ ‫الدين والدنيا‪.‬‬ ‫وبما أننا كنا على مشارف رمضان‪ ،‬فقد نبهته – من قبيل المداعبة – إلى تجهيز‬ ‫عدَّة التشفيع والتراويح من لبدة وسبحة وجلباب‪ ،‬ليكون في الموعد‪ .‬فأفهمني َّ‬ ‫أن‬ ‫متطلبات هذا الشهر متوفرة‪ ،‬وأن عدَّته وعتاده في أمان اهلل وحفظه‪ .‬المهم في‬ ‫نظره أن َّ‬ ‫يحل بنا ونحن على أتم االستعداد الستقباله‪.‬‬ ‫سبحان اهلل‪ ،‬ال نشعر بالموت ورهبته‪ ،‬إال إذا مسنا في أعز الناس إلينا‪.‬‬ ‫آنئذ‪ ،‬ترانا نبسمل ونحوقل‪ ،‬ونهلل ونكبر‪ ،‬ونستحضر عظمة اهلل‪ ،‬وقضا َءهُ الذي‬ ‫ال يردُ‪.‬‬ ‫فاللهم تغمد فقيدنا بواسع رحمتك‪ ،‬وأسكنْه فسيح جناتك‪ ،‬مع الذين أنعمت‬ ‫عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين‪.‬‬ ‫وعزاؤنا ألخيه – وأخينا – األستاذ عبد القادر الزكاري‪ ،‬ولزوجته ورفيقة دربه‪،‬‬ ‫السيدة كنزة الفاروقي‪ ،‬والبنيه البارين المهدي والحسن‪ ،‬وألختيه الشقيقتين ثريا‬ ‫وسكينة‪ ،‬ولجميع أهله وخالنه‪ .‬وال حول وال قوة إال بالله‪.‬‬

‫«اهلل أكبر» على الطفولة وعيسى‬ ‫‬‫التقى عبده بمن كان جاره أيام‬ ‫الطفولة بالمدينة القديمة؛ بعد السالم‬ ‫والتصافح‪ ،‬ابتعدا عن وسط الطريق إلى‬ ‫ركن في قارعته‪ ،‬فقد أحسا معا أن لهما‬ ‫شهية للحديث‪ ،‬ولتبادل أخبار الساحة‬ ‫الثقافية‪ ،‬إذ كان يجمعهما االهتمام‬ ‫بالثقافة‪ ،‬عبده مولع بما يمت لإلبداع‬ ‫القولي والنظري‪ ،‬وعبدالغني مجنون بما له‬ ‫عالقة بالتراث المادي‪.‬‬ ‫استفاض الجار عبدالغني كعادته‬ ‫في الكالم عن مشروع المقهى الثقافي‬ ‫الذي يشتغل عليه منذ سنوات؛ مفصحا‬ ‫عن الهموم التي ترتبت عنه لعدم تعاون‬ ‫اإلدارات المعنية‪ .‬تعاطف عبده معه ألنه‬ ‫مطلع على دقائق المشروع وخطواته‬ ‫الهائلة المحبطة‪ ،‬فقد كان عبدالغني كلما‬ ‫التقى به أثار هذا الموضوع بحماس زائد‪.‬‬ ‫قبل أن يتوادعا على أمل لقاء قريب‬ ‫بادر عبده عبدالغني بسؤال عن مصير»ولد‬ ‫الحومة « الذي غبر منذ سنين؛ فقد كان‬ ‫منزل عائلتيهما محاذيا‪ ،‬أما عبده فقد تعرف‬ ‫عليه من خالل المدرسة قبل الحي‪ ،‬بل كانت‬ ‫له عالقة بهذا الغابر قبل عالقته المتأخرة‬ ‫بعبدالغني‪.‬‬ ‫ قال عبد الغني‪ :‬هل تعني عيسى‪..‬؟‬‫ رد عبده وكأنه وجد ما كان ضائعا في‬‫ذاكرته‪ :‬بالضبط‪ ،‬إنه عيسى‪.‬‬ ‫حلق الزمن بعبده إلى مدرسة الحسن‬ ‫أبي جمعة أو رامون وكاخال‪ ،‬ثم بعدها‬ ‫إلى ثانوية المشيشي‪ ،‬كان شريط أصدقاء‬ ‫الطفولة والدراسة يمر كالحنين‪ ،‬فقد تفرق‬ ‫سرب األطيار الذي اجتمع في زمن ما؛ تلك‬ ‫سنة الحياة‪ ،‬لكن ما ال يهضمه عبده هو‬ ‫رغبة طيور من هذا السرب بل إصرارهم‬ ‫على محو هذا الماضي‪ ،‬فلطالما صادف‬ ‫بعض أصدقاء الطفولة أو زمالء الدراسة‪،‬‬ ‫وشعر بالخيبة من البرودة التي طبعت هذه‬ ‫المصادفات القليلة‪ ،‬ومع ذلك فالدرس الذي‬ ‫تعلمه عبده من الحياة هو أن رؤية الماضي‬ ‫واسترجاع الذكريات المشتركة؛ فيه اختالف‬ ‫وتضارب‪ ،‬فكلما تقدم اإلنسان في العمر‪،‬‬ ‫وتحسنت أحواله االجتماعية أو تدهورت‪،‬‬ ‫وراكم النجاحات أو الهزائم‪ ،..‬كلما تغيرت‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫نظرته ليس للماضي فقط بل للحياة والدنيا‪،‬‬ ‫للحاضر والمستقبل‪.‬‬ ‫استبشر عبدالغني ثم أعلم عبده أن‬ ‫ً‬ ‫الشمال‬ ‫من يسأل عنه حي يرزق في ًعروس‬ ‫منذ أن انتقلت عائلته الصغيرة إلى هناك في‬ ‫نهاية السبعينات‪ ،‬فقد كان أبوه تاجرا للصوف‬ ‫والنسيج معروفا بمدينتهم وأحوازها‪ ،‬ولما‬ ‫ضاقت السوق‪ ،‬هاجر باحثا عن أفق جديد في‬ ‫مدينة مفتوحة على العالم‪ ،‬وًتبديل المراقد‬ ‫ً‬ ‫راحة كما يقول المثل‪.‬‬ ‫حاول عبده أن يعيد تركيب صورة صديق‬ ‫طفولته الذي انقطعت الصلة تماما بينهما‬ ‫لما يناهز أربعة عقود‪ ،‬بعد أن أخبره عبدالغني‬ ‫أنه يراه‪ ،‬من حين آلخر‪ ،‬عند زياراته الخاطفة‬ ‫لمدينته األصل‪ ،‬مدينتنا‪ ،‬وخمن هل يستطيع‬ ‫أن يتعرف عليه إذا صادفه‪ ،‬دون أن يظفر‬ ‫برأي قاطع ألن قطع الصورة تبعثرت إال القليل‬ ‫منها؛ لقد كان عيسى أميل إلى القصر‪ ،‬أسود‬ ‫الشعر‪ ،‬أخضر العينين‪...‬عليه أمارات الذكاء‪،‬‬ ‫وإرادة الطموح المبكر‪.‬‬ ‫ما بلغه من عبدالغني ينبئ بخير وأن‬ ‫بشائر الماضي لم تخطئ‪ ،‬فعيسى ورث عن‬ ‫ساللته الحس التجاري والمعرفة بمناخ السوق‬

‫وتقلباته‪ ،‬وإن كان عبده تفاجأ ألنه كان‬ ‫يتنبأ له بمسار دراسي زاهر لتفوقه في‬ ‫كل المواد‪ ،‬وفي العمليات الحسابية‬ ‫والمسائل خاصة‪.‬‬ ‫وكما البــرق‪ ،‬وجد عبــده نفســه‬ ‫وعيسى يلبســـان المعطـــف األبيض‪،‬‬ ‫ويمران من دروب حي األندلس مرورا‬ ‫بساحة وطاء الحمام نزوال إلى باب العين‬ ‫حتى مدرسة الحسن أبي جمعة‪ ،‬كانا‬ ‫صغيرين تملؤهما البراءة‪ ،‬واليحسبان أي‬ ‫حساب لآلتي أو الفائت‪ ،‬كان عبده يزور‬ ‫عيسى في بيته الطيب الباذخ‪ ،‬كما كان‬ ‫عيسى يزوره في بيته الطيب البسيط‪،‬‬ ‫وماكان وراء هذه الصداقة التي لم تدم‬ ‫هو اتفاق عائلتهما المضمر على أن‬ ‫يكون األصدقاء المنتقون لألبناء حماية‬ ‫لهم ورعاية ألسباب نجاحهم أو خوفا‬ ‫عليهم بال قياس الغير‪..‬‬ ‫لحظة الغياب انطلقت عند بداية‬ ‫السنة الدراسية الجديدة حيث لم يظهر‬ ‫لعيسى حينها أي أثر‪ ،‬ولم يثر هذا الغياب‬ ‫وقتئد انتباه عبده كثيرا‪ ،‬فقد كانت فتنة‬ ‫الطفولة وافتتانها باللحظة تطرد كل ما قد‬ ‫يفيض عنها من اهتمامات‪.‬‬ ‫الحنين إلى صداقة عيسى الخاطفة وإلى‬ ‫الطفولة وبياضاتها وغياباتها‪ ..‬لم يستعر إال‬ ‫بعد أن اتجه العمر نحو الركود‪ ،‬لكن الزمن له‬ ‫قانونه الخاص فكم من الصداقات تضمحل‬ ‫في الطريق وأخرى تنمو دون أن نشعر‪،‬‬ ‫فصداقتي مع عبدالغني محاوري ومزودي‬ ‫باألخبار الدقيقة لم تنبت إال في مرحلة‬ ‫النضج‪ ،‬في حين أن صداقة عيسى الطفولية‬ ‫طوتها المسافات‪ ،‬إال أن صداقات الطفولة‬ ‫والعمر الجميل لها طعمها المتميز وغوايتها‬ ‫الخاصة‪ ،‬إنها كالضباب؛ كلما اخترقته زاد‬ ‫اضطرابك وكشف لك عن ما يبهرك ويطربك‬ ‫أو يهزك‪..‬‬ ‫افترق الصديقان عبده وعبدالغني‪،‬‬ ‫ومضى كل منهما إلى حال سبيله‪ ،‬فأحسست‬ ‫بضباب الطفولة يختلط بضباب الصيام الذي‬ ‫حملني كبساط الريح مسرعا إلى البيت الذي‬ ‫ما أن فتحت بابه حتى عال صوت المؤذن‪»:‬اهلل‬ ‫أكبر»‪ ،‬فاستقبلتني ابنتي الصغيرة بعناق حار‪،‬‬ ‫وقلت‪« :‬اهلل أكبر» على الطفولة وعيسى‪..‬‬

‫تجريد بفرشاة‬ ‫السماء‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫منذ ما يزيد عن ثمان سنوات دعاني المرحوم‬ ‫الشاعر والفنان التشكيلي عمر البقالي للمشاركة‬ ‫في قراءة مدونته الشعرية «باقات برية (إيقاعات‬ ‫وألوان)»‪..‬‬ ‫بعدها ألح علي أن أشارك في حلقة دراسية بآداب‬ ‫تطوان حول تراث الزاوية البقالي‪..‬‬ ‫ثم عمل ـ رحمه اهلل ـ على إدراجي ضمن فعاليات‬ ‫االحتفاء باليوم العالمي للغة العربية ؛ وقد كان من‬ ‫كبار مناصريها‪..‬‬ ‫في هذه األخيرة‪ ،‬أهداني لوحة تشكيلية من‬ ‫مبدعاته‪ ،‬وقرأ على عجل خمس إشارات شعرية اختار‬ ‫صوغها في بحور خليلية ‪ :‬رمل‪ ،‬بسيط ‪ ،‬طويل‪.‬‬ ‫ظلت تجربة المرحوم عمر تؤلف بين الشعر الذي‬ ‫هو إبداع داخل اللغة والتشكيل الذي هو ترجمة‬ ‫بألوان لما يخالج الوجدان‪..‬‬ ‫كان عمر ـ رحمه اهلل ـ رومانسي المنزع والهوى‪..‬‬ ‫ما زلت محتفظا بورقتين كتب فيهما إشارات‬ ‫شعرية خمس‪ ..‬أنقل واحدة منها إلى هذا الحيز‬ ‫تنويرا بخصوصيات تجربة عدها عزيزنــا الناقـــد‬ ‫الحصيف نجيب العوفي ـ على اختـالف ليل ونهار ـ‬ ‫مسكونة مفتونة بحلم وخيال ومديح أمكنة‪..‬واحة‬ ‫وريفة مستظلة من لفح هجير ووعثاء مسير‪..‬‬ ‫ال أجد خيرا من بالغة عوفية لتقديم نموذج من‬ ‫لمحات بقالية موفية ‪:‬‬ ‫قال المرحوم عمر في لمحته األولى المصبوبة‬ ‫في بحر الرمل ؛ وهو إيقاع رجزي شديد االرتباط‬ ‫بقوانين الغناء‪ ،‬كما في المأثور العروضي‪..‬‬ ‫أين نحن اآلن من ذاك الوفاء‬ ‫من عهود زاخرات بالعطـــاء‬ ‫من حياة تشتهى حافلــــــــة‬ ‫بهدايا زادها العشق نمـــــــاء‬ ‫من ليـــــال دافئات بسروج‬ ‫ونجوم راقصات في صفـــاء‬ ‫تضحيات األهل تذكي الهمما‬ ‫تبعث اآلمال فينا والرجـــــاء‬ ‫هي روح من بديـــــع مبدع‬ ‫نقشت في الصخر ميثاق الفداء‬ ‫لوحة ؟ ال ‪ ،‬لم تشكلها يـــد‬ ‫هي تجريد بفرشاة السمــــــــاء‬ ‫هي أم الحب فينا ال تموت‬ ‫نورهـا يهـدي عقـول األصفيــاء‬


‫الشمال الفني‬

‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫رحيل الفنان‬ ‫الت�شكيلي الكبري‬

‫عبدالعزيز ال�شرقاوي‬

‫العدد ‪ 993‬ـ الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫مهرجان عبد ال�صادق ا�شقارة‬ ‫املغاربي بتطوان‬

‫“�أنت مل تكن هنا حقا”‬ ‫رحلة يف عقل جمرم فريد‬

‫• سليمان الحقيوي‬

‫نظمــت جمعيـــة عبد الصادق اشـقارة‬ ‫للمحافظة على التراث الموسيقي األندلسي‬ ‫الصوفي والشعبي مهرجان عبدالصادق اشقارة‬ ‫المغاربي يومي ‪ 26‬و‪ 27‬أبريل ‪، 2019‬تضمن‬ ‫المهرجان ندوة حول موضوع تجديد تراث‬ ‫عبدالصادق اشقارة والمحافظة عليه بمشاركة‬ ‫األساتذة‪:‬‬ ‫نبيل أقبيب (مفتـش جهــوي للتربيـــة‬ ‫الموسيقية) وتوفيق رمانة(إعالمي باإلذاعة‬ ‫الوطنية الجزائرية)وحاتم الوكيلي (باحث‬ ‫في الموسيقى األندلسية)ومرتضى آية اهلل‬ ‫عمران (فنان وباحث موسيقي)و منية الصفار‬ ‫(باحثةورئيسة مؤسسة الصفار للثقافة‬ ‫والتراث)وعبدالواحد عريبان (باحث في التراث‬ ‫الموسيقي)‪،‬عملت هذه الندوة على التذكير‬ ‫بقيمة التراث الموسيقي للفنان الكبير‬ ‫المرحوم عبدالصادق اشقارة في مختلف انواعه‬

‫الموسيقية‪.‬كما شددت على ضرورة الحفاظ‬ ‫عليه من خالل تحمل كل الجهات المعنية‬ ‫لمسؤولياتها والعمل على ترجمة ذلك على‬ ‫أرض الواقع‪.‬‬ ‫واختتم المهرجان بسهرة موسيقية كبرى‬ ‫شاركت فيها فرق من الجزائر وتطوان عملوا‬ ‫على عزف قطع موسيقية صوفية وشعبية وكذا‬ ‫بعض أغاني الراحل عبدالصادق اشقارة‪،‬‬ ‫وفي كلمتها المؤثرة عند بداية الحفل‬ ‫الموسيقي‪ ،‬عبرت السيدة بشرى اشقارة إبنة‬ ‫المرحوم ورئيسة الجمعية عن مخاوفها من‬ ‫إهمال التراث الغني والمتنوع الذي خلفه‬ ‫الراحل وأكدت أن الجمعية تناضل بإمكانياتها‬ ‫المحدودة للحفاظ على هذا الكنز الفني‪.‬ودعت‬ ‫كل الغيورين لالنخراط مع الجمعية من أجل‬ ‫هذه الغاية‪.‬‬

‫ت�أريخ الأعمال الفنية وم�س�ألة‬ ‫�إثبات الن�سب‬ ‫يش��تغل الفنانون التشكيليون منذ قرون العصر الذي أنجزت فيه من خالل مواد اللوحة‬ ‫من الزم��ن بمرجعية توثي��ق أعمالهم؛ وذلك ومكوناتها‪ .‬ثم ينتقل إلى دراسة تقنية اللوحة‬ ‫وفق تقليد ترسخ لدى أغلبهم بالمعنى العلمي وموضوعها واألسلوب الفني‪...‬‬ ‫والتاريخي ألعمالهم ومنجزاتهم‪ ،‬إقتدا ًء‬ ‫‪ ‬فضال عن ذلك فقد صار من‪ ‬‬ ‫بزمالئه��م في حقول علمية أخرى‪:‬‬ ‫الضروري اليوم االعتماد على‬ ‫كالكت��اب واألدب��اء والعلماء‪...‬‬ ‫علم البصمة الوراثية ‪ DNA‬أو‬ ‫الذين تركوا لنا كتبا معروفة‬ ‫العلوم المخبرية المجاورة‬ ‫وعناوي��ن مؤرخة‪ ،‬والهدف‬ ‫له‪ .‬إذ‪ ‬يقوم العلم السالف‬ ‫المتوخ��ى ه��و أن تبقى‬ ‫الذكر‪ ‬على معرفة أصل‬ ‫مس��جلة ف��ي ذاك��رة‬ ‫بصمة الحمض النووي‬ ‫التاريخ‪ ،‬ويستفيد منها‬ ‫التي من الممكن أن‬ ‫الذين يأت��ون بعدهم‬ ‫توجد باللوحة كشيء‬ ‫ويأخ��ذوا منه��ا بكل‬ ‫من شعر الفنان أو آثار‬ ‫أمانة علمية‪.‬‬ ‫له توجد بالمواد التي‬ ‫لكـــ��ن مـــ��ن‬ ‫تحتويهـا اللوحـــة‪...‬‬ ‫المالح��ظ أن حق��ل‬ ‫فهذا النموذج من‬ ‫الفنون التش��كيلية قد‪ ‬‬ ‫االستعانـــة بالخبــرة‬ ‫س��جل تاريخ��ه أس��ماء‬ ‫العلمية والمخبرية التي‬ ‫كثي��رة جدا لفناني��ن رواد‬ ‫يعتمد عليهـا المؤرخ‬ ‫ومن ج��اء بعده��م يكتبون‬ ‫شبيه بعمــل الشــرطــة‬ ‫توقيعاتهم على أعمالهم‪ .‬بما‬ ‫العلميــة‪ .‬ومــع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫في ذلك تاريخ العمل واللغة التي‬ ‫مسألة التحقــق من صاحــب‬ ‫ت��دل على مجتمعه��م‪ ،‬م��ع إمكانية محمد الشاوي (*) اللوحة وتاريخ إنجازها تبقى صعبة‬ ‫التوقيعبلغتين‪...‬‬ ‫المنال‪ ،‬نظرا لتكلفة هذا النوع من البحث تقنيا‬ ‫كما أنه من المالحظ أيضا أن تاريخنا وماديا‪ .‬فليست كل األعمال الفنية المجهولة‬ ‫الراهن سيستثني العديد من األعمال الفنية تطبق عليها نفس عناصر الدراسة المختبرية في‬ ‫التي بقيت مجهولة االسم أو التأريخ الذي يثبت البحثوالتقصي‪.‬‬ ‫صاحب العمل‪ .‬فبالرغم من إمكانية نسب بعض‬ ‫وعلى هذا األساس‪ ،‬فمن الواجب على‬ ‫األعمال لفنان بعينه عُرف بأسلوبه أو مذهبه الفنان أن ينتبه لمسألة تأريخ وتوثيق أعماله‬ ‫التشكيلي الذي ينسج على منواله‪ ،‬إذ يبقى ذلك لكي يساهم بدوره في كتابة التاريخ‪ ،‬ويُسه َ‬ ‫ِّل‬ ‫إجتهادا تأريخيا غير موضوعي ويشوبه الريب‪ ،‬عمل المؤرخ‪ .‬فإلى حدود اليوم‪ ،‬هناك العديد‬ ‫دون تدخل علم متخصص ودقيق يعيد الفرع من األعمال الفنية تحتاج إلى إثبات النسب‪،‬‬ ‫ألصله‪.‬‬ ‫فمصيرها ما زال معلقا ومجهوال في رفوف‬ ‫المتاحف العالمية وأرشيفاتها التي تعج بهذا‬ ‫فكيف نثبت هذا النسب؟‬ ‫النوع من المنجزات الفنية‪ .‬‬ ‫يقوم المؤرخ بتحليل المواد التي تتضمنها‬ ‫________‬ ‫اللوحة باستعانة خبراء في المجال ومتخصصين‬ ‫في توثيق األعمال الفنية‪ .‬بعد ذلك يبحث في‬ ‫(*) فنان تشكيلي مغربي باحث في النقد الفلسفي للفن‪.‬‬

‫مرّة أخرى‪ ،‬يجد خواكين فينيكس‬ ‫نفسه أمام دور في غاية التعقيد‪ ،‬وهو‬ ‫تحدِّ لطالمــا نجح فيه‪ ،‬فالمخرجة ليني‬ ‫رامسي وضعته أمــام شخصيــة غريبة‪،‬‬ ‫تحاول التخ ّلص من آالمها في نفس‬ ‫الوقت الذي تقوم فيه بتخليص العالم‬ ‫من الشر‪ ،‬فليمها (أنت لم تكن ح ّقا‬ ‫هنا) يقتفي أثر رائعة مارتن سكورسيزي‬ ‫(سائق التاكسي)‪ ،‬لكنه ينفلت منه ليصنع‬ ‫لنفسه تصوّره الخاص‪ ،‬هو فيلم يضيق‬ ‫بشخصياته حدا االختناق‪ ،‬ويفتح األمل‬ ‫أمامها حد التحرّر‪ ،‬وال يتركك تستقرّ‬ ‫على موقفك منه إال بعد إعادة رسمك‬ ‫للحدود بين الخير والشر‪ ،‬وبين حدود‬ ‫الجريمة والعقاب‪.‬‬ ‫في هذا العمل الجديـــد للينــــى‬ ‫رامسي‪ ،‬نصطدم بشخصية جو‪ ،‬بأداء‬ ‫استثنائي من خواكيــن فينيكس وهو‬ ‫مجرم غير اعتيادي –وهذه أوّل عقبة‬ ‫نفسية نصادفها‪ -‬جو متخصّص في‬ ‫تحرير الفتيات القاصرات المخطوفات‬ ‫والمرغمات على تجارة الجنس‪ ،‬الفيلم‬ ‫سيأخذنا إلى تفاصيل عمل جو عندما‬ ‫يتخذ من إحدى مهامه مسارا للحكي‪ ،‬فقد‬ ‫تلقى للتو تفاصيل مهمّته الجديدة‪ ،‬التي‬ ‫ستقوده وتقودنا معه إلى مستوى أصعب‬ ‫مما اعتاده‪ ،‬فقد وجد نفسه في متاهة‬ ‫فيها الكثير من الصراع والقتل وتصفية‬ ‫الحسابات وتداخل المصالح‪ ،‬فالمختطفة‬ ‫هذه المرة هي ابنة عضو مجلس والية‬ ‫نيويورك‪ ،‬وفي سيرنا مع جو في مهمته‬ ‫تحرمنا المخرجة من معطيات كثيرة‪،‬‬ ‫تخصّ األسباب تحديد‪ ،‬ما هي أسباب‬ ‫جو لقيامه بما يفعله؟ هل ما يقوم به‬ ‫هو عمل إجرامي؟ أم عمل نبيل‪ .‬ما هي‬ ‫أسبابه إلصرار على القتل بطرق معينه؟‪...‬‬ ‫لكن رامسي عندما تحسّ بازدياد قلقنا‬ ‫من لعبتها‪ ،‬تقذفنا ببعض التفاصيل في‬ ‫فترات دقيقة من الفيلم‪ ،‬كأن تستغل‬ ‫أخذ جو لغفوة‪ ،‬أو أن يستغرق في التأمل‪،‬‬ ‫نسمع أحيانا حوارات مضمرة يفيض بها‬ ‫عقل جو‪ ،‬وأحيانا مرور مشاهد غير واضحة‬ ‫يخرج منها جو متعبا‪ ،‬عندها نفهم ما‬ ‫يعانيه ونفهم معها دوافعه‪ .‬ما عدا هذه‬ ‫الومضات نعود للمسار المقلق للقصة‪،‬‬

‫نستمر في إحصاء الجثث التي يخلفها جو‬ ‫وراءه‪ ،‬ومن ضمن ما نعرفه الحقا أن جو‬ ‫جندي سابق وماضيه أسود يحب تنفيذ‬ ‫القتل بدون رصاص ليس لقانون معارك‬ ‫يلتزم به‪ ،‬بل كي يقتل ضحاياه ويحقق‬ ‫أكبر قدر من المباشرة وهو ما يجعل‬ ‫يحقق رغبة غريبة في االنتقام‪ ،‬الرغبة‬ ‫التي ال نعرف إن كانت تالئم حجم الجريمة‬ ‫أم هي فقط طرق جو لالنتقام من شيء‬ ‫ال يستطيع حتى هو تحديده! ومهما‬ ‫اجتهدنا في محاولة معرفة األسباب‪ ،‬فال‬ ‫يمكن أن نبلغ ما يريده جو وهو الذي‬ ‫يظهر بمنظر مرعب‪ ،‬بلحية كبيرة ومالمح‬ ‫غاضبة ومطرقته التي تهشم الرؤوس وال‬ ‫تفارقه أبدا‪..‬‬ ‫تستمر رامســي في فيلمها الرابع‬ ‫بالعمل وفق قواعــد معروفـــة لديها‪،‬‬ ‫اهتمامها البالغ بالتفاصيـــل في ّ‬ ‫كل‬ ‫أفالمها يظهر هنا أيضا‪ ،‬التفاصيل نفسها‬ ‫التي تدفعك إلى التساؤل وتصنع فهمك‬ ‫لألشياء‪ ،‬في مشهد اقتنــاء جو ألدوات‬ ‫عمله‪ ،‬ينتبه بإعجاب إلى مطرقة‪ ،‬تقترب‬ ‫منها الكاميرا وتستقر عليها للحظات نقرأ‬ ‫المكتوب على الرأس (صنع في الواليات‬ ‫المتحدة) تسمع هذه اللحظة وأخريات‬ ‫تشبهها بالذهاب بعيدا في افتراضات عن‬ ‫العنف وعن االنسان دون أن ننسى ربطها‬ ‫بالفيلم‪ ...‬الحوارات قليلة في الفيلم هو‬ ‫اختيار أثير لدى المخرجة‪ ،‬وتطبيق لقاعدة‬ ‫لطالما آمنت بها؛ إذا كانت الصورة قادة‬ ‫على إيصال المعنى فال داعي إلضافة‬ ‫صوت‪ ،‬وإذا كان الصوت قادرا على إيصال‬ ‫فكرة فال داعي إلضافة صورة‪ ،‬هي تنحاز‬ ‫هنا إلى الصورة وليس الصوت‪ ،‬داخل‬ ‫إطاراتها نرى الوجوه التي تحكي بدون‬ ‫أن تتكلم بالضرورة‪ّ ،‬‬ ‫كل شيء تستطيع‬ ‫قراءته على مالمح شخصياتها بدأ من‬ ‫جو حتى ممثلين آخرين غير محترفين‪،‬‬ ‫تذهب بنا في رحلة ممتعة من مطاردة‬ ‫التفاصيل‪ ،‬في كل مشهد لديها فرصة‬ ‫الستعراض سلسلة من مكوناته‪ ،‬ال فرق‬ ‫من حيث القيمة بين ما يعرضه المشهد‪،‬‬ ‫قد تكون قطعة حلوى خضراء يمسكها‬ ‫جو بيده ّ‬ ‫مشكلة للمعنى بذات قدر ظهور‬ ‫شخصية جو نفسها‪ ...‬وأحيانا يصير‬

‫المعنى مرتبطا بما يأتي من خارج اإلطار‬ ‫أيضا‪ ،‬مشاهدها تصنع شاعرية خاصة‬ ‫واعية بما تريده منها‪.‬‬ ‫في أجمل مشاهد الفيلم وعندما‬ ‫تُقتل والدة جو‪ ،‬يلف ّ‬ ‫جثتها في كيس‬ ‫بالستيكي‪ ،‬ويتوجّه بها إلى بحيرة وسط‬ ‫الغابة ثم يلج مستوى عميق‪ ،‬فيترك ّ‬ ‫الجثة‬ ‫تغرق ببطء وتحيط به دائرة ضوء ذهبية‬ ‫وهو يمسك والدته بين يديه قبل أن‬ ‫يتركها تغرق‪ ،‬ترّكز الكاميرا على خصالت‬ ‫الشعر الصفراء وهي تطفو وكأنها توجّه‬ ‫وداعا أخيرا لجو الذي قرر أن يبقى هنا‬ ‫مع أمه‪ ،‬أن يغرق معها أيضا‪ ،‬قبل أن‬ ‫يغير رأيه ويسارع إلى رمي األحجار التي‬ ‫وضعها في جيوب سترته‪ ،‬هذا المشهد‬ ‫الجميل‪ ،‬يذكر بحب المخرجة لتكرار نفس‬ ‫المشاهد والحركات داخل نفس الفيلم أو‬ ‫بين أفالمها‪ ،‬وهي خبيرة بتشكيل مشاهد‬ ‫جميلة تحت الماء‪ ،‬خصوصا في فيلمها‬ ‫القصير (السبّاح)‪ .‬استطاعت برفقة مدير‬ ‫تصويرها توماس تونيند ابداع مشهد‬ ‫عظيم يقف في فنيتـــه نـــدا للمشهد‬ ‫األسطوري تحت الماء لجريميو دل تورو‬ ‫في فيلمه شكل الماء‪.‬‬ ‫أما موسيقى جوني غرينوود الذي‬ ‫عمل مع بول توماس أندرسون في‬ ‫أغلب أفالمه‪ ،‬فقد جلبت الكثير من القلق‬ ‫للفيلم‪ ،‬القلق الذي يجعك فزعا دون أن‬ ‫تعرف السبّب‪ ،‬فيدفعك هذا اإلحساس‬ ‫إلى حيرة وقلق مضاعفين‪ .‬جواكين‬ ‫فينيكس أضاف للفيلم ما يلزمه من أداء‬ ‫قوي وصلت معه شخصية جو إلى مستوى‬ ‫مثالي‪ ،‬وجد نفسه مع مخرجة تعمل وفق‬ ‫تصّور قريب مما يريده هو من السينما‪،‬‬ ‫فجلب له دوره جائزة أفضل أداء في‬ ‫مهرجان كان الدورة قبل األخيرة‪ ،‬بعدما‬ ‫عانده الحظ أو مزاجية لجان تحكيم جوائز‬ ‫األوسكار أكثر من مرّة‪.‬‬ ‫أنت لم تكن حقا هنا‪ ،‬هو فيلم‬ ‫جميل حقا‪ ،‬فيلم يمنح الكثير‪ ،‬عبر اختبار‬ ‫لغة السينما ومنح األفضلية لها‪ ،‬الشكل‬ ‫فيه طاغي‪ ،‬هو أيضا نضج لمسار مخرجة‬ ‫لديها تصورات جمالية عظيمة‪ ،‬جعلت‬ ‫الكل ينتبه إليها في عملها الجديد‪.‬‬


‫العدد ‪993‬‬ ‫الشمال الفني‬ ‫فـنـي »فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬ ‫« بيــان‬ ‫سلسلة لقاءات تدشنها «الشمال» مع مجموعـة من المبدعيــن‪،‬‬ ‫يقدمـون عبرها تجربتهـم اإلبداعية‪ ،‬ومشاريعهم وانشغاالتهم‬ ‫وهواجسهم ومواقفهم من المشهد الفني‪.‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعـه للقــراء أحــد رواد الفن‬ ‫التشكيلي الفنان أحمد بن يسف‪.‬‬ ‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫أنا الموقع أسفله ‪:‬‬ ‫أحمد بن يسف‪،‬إبن الحاج محمد بن يسف‬ ‫والحاجة رقية الصوردو‪ ،‬من مواليد مدينـــة‬ ‫تطوان بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪ .1945‬فنان تشكيلي‬ ‫محترف‪.‬‬

‫ المسار الفني ‪:‬‬‫البداية كانت من تطوان حينما التحقت‬ ‫بمدرسة الفنون الجميلة خالل الستينيات‪،‬وكان‬ ‫اإلقبال على هـــذه المدرســة ضعيفاً‪ ،‬حيث‬ ‫لم يكن عدد الطلبة يتجاوز الستة في بعض‬ ‫المستويات‪ ،‬وهذه الوضعية كانت في صالحنا‬ ‫ألننا كنــا نستفيــد من توجيهــات أساتذتنـا‬ ‫كالمرحوميـــن المكي مغارة وعبد اهلل الفخار‬ ‫وغيرهما‪ .‬فكانت الفرصة سانحة للتمكن من‬ ‫التقنيـة و االضطالع بالمدارس الكالسيكيـــة‪.‬‬ ‫وهذا الهاجس سكنني طيلة مشواري الدراسي‬ ‫خصوصا بالمدرسة العليا للفنون الجميل ة�‪san‬‬ ‫‪ ta isabel de hungria‬بإشبيلية‪،‬‬ ‫معارضي الفنية كانت منذ دراستي في‬ ‫السنة األولى بإشبيلية‪،‬حيث نظمت معرضا‬ ‫برواق ‪ Ateneo de Sevilla‬وأنا الزلت طالبا‪.‬‬ ‫ومن بعده كانت االنطالقة لكي يكون هناك‬ ‫معرض آخر في السنة الموالية برواق ‪club‬‬ ‫‪ de la rabida‬لكي أعود لتطوان بمعرض‬ ‫بقاعة المكتبة اإلسبانية في الستينيات‪ .‬والزلت‬ ‫أستحضر أيضا تفاصيل معرض كانت تنظمه‬ ‫القنصلية اإلسبانية تحت عنوان‪« :‬مدرسة‬ ‫تطوان للفنون التشكيلية»حيث حاول البعض‬ ‫من فناني تطوان حرماني من المشاركة فيه‬ ‫باعتباري طالبا‪،‬إذ كانت المشاركة في هذا‬ ‫المعرض تتم عن طريق االنتقاء من طرف لجنة‬ ‫من الفنانين المغاربة واإلسبان‪،‬فزكاني كل‬ ‫الفنانين اإلسبان على عكس المغاربة‪،‬فحسم‬ ‫القنصل العام في األمر بتزكيته لي لكي تكون‬ ‫المفاجأة في األخير بفوز لوحتي بالجائزة األولى‬ ‫بعد تقييم لجنة أكاديمية متخصصة من‬ ‫إسبانيا‪ .‬وفوزي هذافاجأ الجميع وفتح لي أبواب‬ ‫جامعة آشبيلية على مصراعيه وكذلك مساري‬ ‫اإلبداعي العام ‪.‬‬ ‫مرحلة الدراسة في إشبيلية كانت مهمة‬ ‫حيث كنت متميزا وكان الكل يتنبأ لي بمستقبل‬ ‫فني زاهر‪ .‬فكنت أنظم مجموعة من المعارض‬ ‫أهمها معرض برواق البرادو أطينيهو بمدريد‬ ‫سنة ‪1970‬والذي لم يكن يفتح أبوابه إال‬ ‫للمحترفين واألسماء الكبيرة‪.‬وعلى إثر هذا‬ ‫المعرض صرح الناقد الكبير كارلوس أريان‬ ‫ان تجربتي الفنية تسبق مستوى عمري‪.‬الكل‬ ‫استغرب الستضافة هذا الرواق للوحاتي وانا‬ ‫الزلت طالبا‪..‬والغريب ان مجموعة من أساتذتي‬ ‫كانوا يودون العرض بهذا الرواق لكن طلباتهم‬ ‫كانت ترفض وقمت شخصيا بتزكية بعضهم‪.‬‬ ‫مساري اإلبداعي تميز أيضا بحصولي على‬ ‫ثالثة جوائز للدراسات الفنية العليا في الصباغة‬ ‫الزيتية والرسم الكالسيكي ومنحة للمناظر‬ ‫الطبيعية لإلقامة بمؤسسة رودريغيز الكوستا‬ ‫بغرناطة‪.‬‬ ‫وبعد تخرجي‪،‬واجهت تحديا على مستوى‬ ‫االختيار‪،‬إما امتهان التدريس الفني بإسبانيا أو‬ ‫بالمغرب‪،‬أو التفرغ للفن‪،‬فكان االختيار الثاني‬ ‫والذي كان مغامرة‪،‬ولكنها كانت مغامرة مثمرة‬ ‫والحمدهلل‪،‬ألننيانطلقتانطالقةالتحديإلنجاح‬ ‫اختياري فاشتغلت بجدية فكانت المعارض عبر‬ ‫مختلف أرجاء المعمور‪ ،‬بعدما ركزت اهتمامي‬ ‫على المغرب وإسبانيا رغبة مني في تجسيد‬ ‫التواصل الفني بين الضفتين‪.‬‬ ‫واهتماماتي التقنية لم تنحصر على‬ ‫الرسم والصباغة‪،‬بل تعدى ذلك لمجاالت أخرى‬ ‫كالفنون الطباعية من ليتوغرافيا وسيريغرافيا‬ ‫وهي تقنيات تعمل على نسخ األعمال الفنية‬ ‫وتمكين المتلقي منها بأسعار منخفضة‬ ‫على عكس األعمال األصلية‪ ،‬كما اشتغلت‬ ‫أيضابالنحت وأنجزت مجموعة من المنحوتات‬ ‫لبعضالجوائزالعالميةمنحتلشخصياتمهمة‪،‬‬ ‫ككوفي عنان وأردوغان‪.‬‬ ‫وأهم عمل فني كبير قمت به هو إنجاز‬ ‫جدارية ضخمة بالسيراميك بواجهة ملعب‬ ‫أشبيلية‪،‬‬ ‫بخصوص تجربتي في المغرب فأهم إنجاز‬ ‫أفتخر به هو طباعة لوحاتي على األوراق المالية‬

‫والقطع النقدية‪ .‬وهذا اإلنجاز مفخرة كبيرة‬ ‫بالنسبة لي‪.‬‬ ‫ رمزية الحمام ‪:‬‬‫أود أن أوضح أن قصة الحمام في لوحاتي‬ ‫جاءت صدفة وال ترمز لتطوان كما يظن‬ ‫البعض‪..‬القصة ابتدأت من وحي لحظة بإحدى‬ ‫ساحات إشبيلية التي يتواجد بها الحمام‬ ‫بكثرة‪،‬حيث كنت هناك برفقة الوالدين رحمهما‬ ‫اهلل‪ ،‬فحطت حمامة على كتف الوالد‪،‬فثارني‬ ‫المشهد لما أضافته تلك الحمامة من جمالية‬ ‫ودالالت رمزية لذلك المشهد‪،‬فجاءتني الفكرة‬ ‫لرسم الحمام في لوحاتي وذلك برغبة تلطيف‬ ‫أجواء اللوحة وإعطائها مسحة رمزية وتعبيرية‪..‬‬ ‫والحمام ال يصاحب لوحاتي دائما‪،‬فهو يحضر‬ ‫ويغيب حسب مواضيع األعمال وهو ليس عنواناً‬ ‫لتجربتي‪.‬‬ ‫ العودة للعرض بتطوان‪:‬‬‫تطوان لها الفضل الكبير في تنشئتي وفي‬ ‫مساري اإلبداعي‪ ،‬والحنين إليها دفعني لتنظيم‬ ‫مجموعة من المعارض كان آخرها معرض برواق‬ ‫الفن لصاحبتة الصديقة الفنانة مريم أفيالل‬ ‫خالل هذه السنة(‪,)2019‬وهذا المعرض أردت‬ ‫من خالله تجديد التواصل مع جمهوري وتقديم‬ ‫آخر أعمالي‪،‬وقد أسعدني ذلك اإلقبال الكبير من‬ ‫مختلف مدن المغرب‪،‬وكذلك التغطية اإلعالمية‬ ‫المهمة التي حظي بها‪..‬‬ ‫ لقب العالمية بالنسبة لي‪:‬‬‫أقول لمن يشكك في هذا األمر أن تاريخ‬ ‫مسيرتي الفنية عبر أرجاء العالم‪،‬وورود إسمي‬ ‫وسيرتي في مختلف القواميس والمعاجم الفنية‬ ‫العالمية‪،‬وكل الكتابات النقدية التي واكبت‬ ‫تجربتي‪،‬جعلت مني فنانا عالميا بامتياز‪.‬وهذا‬ ‫ليس ادعاء مني‪،‬بل هو توصيف من هؤالء‬ ‫النقاد والقواميس وكتب الفن وكبريات األروقة‬ ‫والمؤسسات الفنية العالمية التي استضافتني‬ ‫وتقدمني بهذه الصفة‪،‬أعمالي موجودة في‬ ‫مختلف بقاع العالم‪،‬وموجودة أيضا في المتاحف‬ ‫الدولية‪،‬لوحاتي استضافتها أروقة بنيويورك‬ ‫وواشنطن والبيرو والبرتغال وإسبانيا وفرنسا‬ ‫وكندا وإيطالياومصر وغيرها من الدول‪.‬كما أن‬ ‫اإلعالم الفني استضافتني قنواته عبر مختلف‬ ‫محطات العالم‪،‬واستضافتني أيضا كبريات‬ ‫الجامعات لتقديم تجربتي ورؤيتي للفن‪،‬إذن‬ ‫هذه الصفة ليست ادعاء مني‪،‬بل هو تصنيف‬ ‫عبارة عن وسام فني وضعه على صدري النقاد‬ ‫والمهتمون وأنا أفتخر به‪.‬وعلى ذكر األوسمة‬ ‫أفتخر بكوني الفنان الوحيد الذي حظي بشرف‬ ‫الحصول على وسامين من طرف المغفور له‬ ‫الحسن الثاتي بمناسبة تنظيمي لمعرض بباب‬ ‫الرواح بمناسبة عيد العرش سنة ‪ .1993‬وكذلك‬ ‫من طرف جاللة الملك محمد السادس أثناء‬ ‫زيارته الرسمية األولى إلسبانيا سنة ‪.2000‬‬ ‫ واقع التشكيل المغربي‪:‬‬‫أنا سعيد بتعدد التجارب الفنية ببالدنا‪،‬لكن‬ ‫لألسف المناخ العام للممارسة التشكيلية غير‬

‫مناسب لغياب فضاءات كافية للعرض وتقديم‬ ‫المنتوج الفني‪،‬لهذا يجب االنتباه إلى هذا النقص‬ ‫في القاعات العمومية بمختلف المدن‪،.‬وفي هذا‬ ‫الصدد أدعو وزارة الثقافة لبذل مجهود أكثر من‬ ‫أجل توفير كل شروط العرض وتحفيز الفنانين‬ ‫واإلكثار من المتاحف صونا للذاكرة الفنية‬ ‫المغربية‪،‬حيث أن المتحف الوطني وكذلك مركز‬ ‫الفن الحديث بتطوان غير كافيين للقيام بهذا‬ ‫الدورالتوثيقي‪.‬واما عن القاعات الخاصة فهي‬ ‫بدورها تحتاج للدعم لكي تمأل الفراغ وتعوض‬ ‫النقص في البنيات التحتية‪.‬‬ ‫ولتحفيز الفنانين‪ ،‬أدعو المسؤولين عن‬ ‫الشأن الثقافي لتنظيم جائزة وطنية للفنون‬ ‫التشكيلية على غرار جائزة الكتاب‪.‬‬ ‫ تزوير اللوحات ‪:‬‬‫إن غياب قانون يحمي حقوق الفنانين وجزر‬ ‫الممارسات المقيتة التي تسيء للمنتوج الفني‬ ‫صار ضروريا‪،‬فتزوير اللوحات صار عملة رائجة‬ ‫يلجأ إليه الكثيرون للربح الغير المشروع من‬ ‫خالل ترويج لوحات مزورة سواء لفنانين كبار‬ ‫رحلوا عنا كالجياللي الغرباوي رحمه اهلل او حتى‬ ‫األحياء منهم‪..‬وحسب المعلومات التي تصلني‬ ‫واالستشارات التي تجري معي بخصوص لوحاتي‬ ‫التي هي في ملكية بعض الخواص‪،‬أؤكد أنني‬ ‫ربما الفنان األكثر عرضة لتزوير لوحاته‪ ..‬وقد‬ ‫حدثت لي حكايات مثيرة مع بعض مقتنيي‬ ‫اللوحات الذين صدموا بعدما أكدت لهم أن‬ ‫اللوحة التي هي بملكيتهم واقتنوها بأثمنة‬ ‫باهظة هي لوحة مزورة‪.‬‬ ‫لذا أجــدد طلبــي في التعجيــل بتفـعيل‬ ‫القوانين الرادعة لهذا العمل الذي أصنفه في‬ ‫إطار الجريمة الفنية‪،‬‬ ‫ الثمن الباهظ للوحاتي‪:‬‬‫هو اإلسم من يصنع قيمة اللوحة‪..‬ألن‬ ‫اإلسم يعكس قيمة العمل الفني ويختزل تاريخا‬ ‫ومسارا إبداعيا وبحثا فنيا للمبدع‪،‬وكذا مكانته‬ ‫في تاريخ الفن ومساهمته في اإلضافات الفنية‬ ‫واعتراف النقاد المتخصصين به كفنان كبير‪..‬‬ ‫أظن أن كل هذه العناصر متوفرة في‬ ‫تجربتي لتجعل قيمة لوحاتي في هذا المستوى‪.‬‬ ‫ الختام ‪:‬‬‫أود أن أؤكد لعموم المهتمين وجمهوري‬ ‫الواسع أن حلمي الزال كبيرا‪،‬وأمنيتي هي أن أرى‬ ‫الفن في المستوى الجيد‪،‬وأن تعطى له األهمية‬ ‫التي يستحقها‪.‬ولوحتي األفضل الزلت أتطلع‬ ‫إلنجازها‪،‬وأطلب من اهلل العلي القدير ان تتحقق‬ ‫في المدى البعيد ألنني مازلت احلم وأحب‪..‬‬ ‫وتواصلي معكم ينعشني ويجعلني أصفق‬ ‫برفقتكم لإلبداع وللحب لهذا الوطن‪.‬‬ ‫التوقيع ‪:‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫�أرجوحـة الفـن‬ ‫وال�سيا�سة‬

‫‪5‬‬

‫يوسف سعدون‬

‫منذ دراستي الثانوية واهتمامات متباينة تتصارع بداخلي‪،‬كنت عضوا‬ ‫بجمعية أصدقـــاء المسرح مع مجموعة من الشباب بالقصرالكبير خالل‬ ‫الثمانينيات‪ ،‬وكنا نلتقي بدار الشباب إما للتمــرن على فصول مسرحيةأو‬ ‫لالستفادة من عـروض ثقافية أوفنية‪ ،.‬كنا نخوض أيضا في نقاشــات‬ ‫سياسية‪،‬وكان جل الرفاق يبخسون التوجه اإلصالحي لألحزاب الديموقراطية‬ ‫وخصوصا االتحاد االشتراكي‪.‬وهذا النقاش كان يخلف عندي قلقا كبيراباعتباري‬ ‫كنت أنتمي لشبيبة هذا الحزب‪،‬آمنت على غراركل االتحاديين آنذاك بأهمية‬ ‫النضال الديموقراطي في كنف هذا الحزب الذي كنا نعتبره استمرارا لحركة‬ ‫التحرير الشعبية‪...‬وفي لحظات خلوتي مع نفسي‪،‬كنت أتساءل عن جدوى‬ ‫وجودي داخل تنظيم سياسي يصفه أصدقائي باإلصالحي واالتتهازي‪،‬وعن‬ ‫جدوى وجودي بجمعية تتبنى فكرا عدميا بغطاء مسرحي‪-‬حسب منظور رفاقي‬ ‫بالحزب!‬ ‫كان يسكنني استفهام كبير حول مآل اختياراتي‪،‬تارة أنتصرت لألول فكنت‬ ‫أهجر الجمعية‪،‬و لعبة الهجر هذه سرعان ما كان يقطعهاالحنين وعشق اإلبداع‬ ‫في فضاء الجمعية‪(،‬كنت أساهم في ديكور المسرحيات)‪،‬فكنت أعود إليها وكلي‬ ‫حنين‪...‬وتارة أخرى أغادر الجمعيةوأداوم على الحزب خصوصا أثناء الحمالت‬ ‫االنتخابية وفاتح ماي وغيرها من المناسبات النضالية‪.‬‬ ‫ومع مرور الزمن‪،‬كبرت معي هذه التجاذبات‪،‬وانتقلت لمستوى آخر بعد‬ ‫أفول الجمعية التي تفرق بأعضائها السبل‪.‬صار الصراع بداخلي بين السياسي‬ ‫واإلبداعي بشكل عام‪...،‬‬ ‫ومع تراكم العطاء الحزبي والنقابي من خالل مسؤولياتي ومهامي‪،‬ومع‬ ‫تعدد مبادراتي اإلبداعية من خالل المعارض واألنشطة الفنية‪.‬كنت أراهن‬ ‫على التعجيل بالحسم في هواجسي‪،‬لكنني لم أتوفق في ذلك لعشقي الجنوني‬ ‫للطرفين‪.‬وللحقيقة أقول ان تجربتي السياسية كان لها الفضل الكبير في‬ ‫تكويني من خالل العمل السياسي و االحتكاك بالمناضلين وااللتقاء بزعماء‬ ‫كبار من حجم المرحوم عبد الرحيم بوعبيد وعبدالرحمن اليوسفي ومحمد‬ ‫اليازغي الذين كانوا يقدمون لنا عروضا سياسية في أشغال اللجنة المركزية‬ ‫للشبيبة االتحادية من موقع مسؤولياتهم داخل القيادة الحزبية‪،‬كما أن جريدة‬ ‫االتحاد االشتراكي فتحت لي أبوابها لنشر إبداعاتي في فن الكاريكاتير ومقاالت‬ ‫عن الفن والسياسة والمجتمع‪ .‬فكانت بالنسبة لي مدرسة أخرى في العمل‬ ‫الصحفي‪.‬وال انكر ايضا أن تجربتي في العمل الجمعوي والفني ساهمت في‬ ‫تعميق وعيي بأهمية العمل في المجال المدني وتسخير الفن للرقي بالمجتمع‪.‬‬ ‫اعترف ‪-‬أيضا‪ -‬أن عملي بالسياسة كان له بعض السلبيات على مساري‬ ‫اإلبداعي‪،‬فانتمائي السياسي كان يسبب لي الكثير من الخصومات مع من‬ ‫يختلفون معي‪،‬بل كان البعض من هؤالء يحاول النيل مني وإحباطي‪،‬أتذكر‬ ‫هنا جريدة كانت تابعة لحزب غريم في تلك الفترة (الثمانينيات) كتب فيها‬ ‫أحدهم عن معرض جماعي شاركت فيه بمدينة العرائش‪،‬مدح فيه كل التجارب‬ ‫المشاركة في هذا المعرض باستثناء تجربتي التي وصفها بالضعيفة‪..‬أتذكر‬ ‫أيضا ان كل نجاحاتي الفنية التي كنت أحققها‪،‬كانوا يقولون عنها أنها مدعومة‬ ‫حزبيا وإعالميا‪،‬حتى نجاحاتي المهنية كانوا يقولون عنها أنها بفضل وساطة‬ ‫من النقابة‪...‬‬ ‫على العموم‪ ،‬السياسة‪ ،‬كانت تخلــق لي حزازات مع المختلفين معي‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى كونها كانت تأخذ الكثير من وقتي‪،‬ولم تكن تترك لي مساحات‬ ‫زمنية كافية لإلبداع‪.‬‬ ‫هي إذن لعبة الشد والجذب مارسها علي الفن والسياسة‪.‬كل واحد واحد‬ ‫لعب معي لعبة اإلغراء‪.‬أردت التوفيق بينهما فلم أستطع‪،‬فانتصر السياسي‬ ‫لفترات بمدينة القصر الكبير‪ ،‬حيث أبتلعني العمل الحزبي والنقابي‪.‬فغاب الفن‬ ‫من أجندتي لفترات‪ ،‬وكان يكتفي فقط بطرقه ألبوابي في النادر من المواعيد‪،‬‬ ‫انغمست في كواليس السياسة‪ ،‬وتحملت مسؤوليات وقطعت أشواطا من‬ ‫االختالف مع رفاق لي بطعم الخصومة‪.‬ومع طول هذا السفر‪،‬شيء ما بداخلي‬ ‫كان يسائلني‪:‬أين الحلم الفني؟‬ ‫كنت أحاول اإلجابة عن هذا الهاجس ببعض المبادرات الفنية في إطار‬ ‫معارض جماعية هنا وهناك‪،‬مبادرات كانت تعيد لي األمل في االستدراك‪.‬‬ ‫لم أكن وحدي على هذا الحال‪،‬بل كان بعض أصدقائي المبدعين من‬ ‫المناضلين يعرفون نفس المخاض‪.‬فكان الصديق الشاعر حسن نجمي يقول‬ ‫لي ان أفضل كتاباته كان يبدعها حين يبتعد عن العمل السياسي‪،‬وكذلك كان‬ ‫يؤكد لي الصديق الناقد شرف الدين مجدولين الذي حسم موقفه منذ البداية‬ ‫حينما ابتعد عن العمل السياسي وتفرغ لمشروعه النقدي فصنع لنفسه إسمه‬ ‫الكبير على المستوى العربي‪.‬نفس الحالة نقف عندها بالنسبةللمفكر الكبير‬ ‫محمد عابد الجابري حينما هجرالعمل السياسي من قلب مسؤولياته داخل حزب‬ ‫االتحاد االشتراكي وتفرغ الهتماماته األكاديمية ومشروعه الهام الذي ساءل‬ ‫من خالله التراث والفكر العربي‪ .‬وهناك أيضا حالة محمود درويش مع منظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية‪.‬‬ ‫وبالرجوع لحالتي‪،‬وأمام ضيق أفقي بمدينة القصر الكبير‪،‬وانتقالي لتطوان‪-‬‬ ‫رمز جنوني بالمكان‪.-‬حسمت في أمر هذا التيه‪،‬وانتصرت للجانب الفني لينطلق‬ ‫مشواري عبر مجموعة من المبادرات الفنية داخل وخارج المغرب‪.‬ساعدتني في‬ ‫ذلك طقوس حلم أزرق بمرسمي بمدينة المضيق الساحرة‪..‬مشوار الزالت‬ ‫أشواطه تتواصل من أجل أفق مفتوح على مقاربة قضايا اإلنسان بلغة األشكال‬ ‫واأللوان كما يردد دائما الصديق الفنان أحمد بن يسف‪،‬‬ ‫إحساسي بإنجازاتي الفنية مغاير تماما إلحساسي بإنجازاتي السياسية‪،‬الفعل‬ ‫اإلبداعي حقق لي حب الناس من مختلف الشرائح بعيدا عن أي انتماء‪.‬‬ ‫وتحيةإعجاب من فضاء رواق او على صفحتي الفايسبوكية تخلف بداخلي لحظة‬ ‫فخر وسعادة‪.‬بينمافي السياسة لم أكن احظى بهذا اإلهتمام الجماعي‪،‬كنت‬ ‫أصنف مع هذا أو ذاك‪،‬وكنت أفقد نفسي عبر تناسل الفرق والملل والتنسيقيات‬ ‫والبيانات والوقفات والمشاحنات واإلقصاء والطرد والمواالة وكل الكواليس‪..‬‬


‫العدد ‪993‬‬

‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)13‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪ ،‬كما تعدّ‬ ‫أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة‬ ‫العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ‬ ‫كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة‬ ‫الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه‬ ‫الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪.‬‬

‫[الرسالة الثامنة واألربعون]‬

‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى نجله الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه‬ ‫فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫الولد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد‪ ،‬وفقك اهلل وسالم عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك األعز وصرنا من مضمنه على بال قائال‪ :‬إني لم أتعرض لذكر المشاهرة التي وقع فيها‬ ‫االستفتاء‪ ،‬ففي أول يوم من هذا الشهر المبارك أتاني عدال الناظر‪ ،‬الصفار والموفق‪ ،‬وأنا جالس في العشية بباب‬ ‫المقابر يجميع المشاهرتين‪ ،‬ودفعاها على الوفاء والتمام‪ ،‬قائلين‪ :‬إنه دفع كما تدفع الجزية عن يد وهو صاغر‪ ،‬وذلك‬ ‫بعدما أبدى من التعاكس بتلقين سمساره وموافقة البقالي ما أجرى حتى إنه قال بثبوت الشهر األول دون الثاني‪،‬‬ ‫ألنه وقع فيه عزل النفس فال يستحق عليه أجرة‪ ،‬وحتى إنه أمر العدلين باإلتيان إلى العامل‪ ،‬والشهادة عليه يجبره‬ ‫على الدفع‪ ،‬فامتنعا من ذلك إال أن يكون معهما لما قيل لهما إن فعلتما ذلك كان سجنه لكما محققا‪ ،‬ويشك في‬ ‫الضرب‪ ،‬ولما رأى هذا الخبيث فسأل سمساره وموافقه وتخوفهما مما يرى فيه مع وقوع اإلعراض عنهم وإحمالهم‬ ‫وضاقت عليه األرض بما رحبت‪ ،‬بادر وأسرع لألداء بعد أن علم العامل بأنه أراد الدفع‪ ،‬فقال له‪ :‬ال تفعل حتى نطلع‬ ‫العلم الشريف بسبب توليك النظارة‪ ،‬ومن تسبب فيها‪ ،‬وما الغرض بها‪ ،‬ونبين ذلك أتم البيان‪ ،‬فإني جريت في هذه‬ ‫المنازعة على غير عادتي‪ ،‬واالطالع بكل شاذة وفاذة‪ ،‬وذلك يرى الفقيه الذي كان توسط بنا في طلب اإلعفاء حضنا‬ ‫على االقتصار على طلب اإلعفاء واإلمساك عما جرى بعدما راجعته في ذلك مرارا‪ ،‬فلم يرجع وقد آن وقت اإلخبار وال‬ ‫ينبئك مثل خبير‪.‬‬ ‫وأخبرت بلبس سروال الملف الجديد‪ ،‬والتقاشر البيض لكون الملون منها ليس من شعار الطلبة‪ ،‬تبلى ويخلف‬ ‫اهلل‪ ،‬كما أخبرت بأنك أصبت بداء الحالقيم وعوفيت منه‪،‬‬ ‫طهور إن شاء اهلل‪ ،‬فلله الحمد على العافية‪ ،‬وقد أمرنا الوالدة‬ ‫بخياطة عنقين يتركان تحت اليد إلى أن يوجها مع القميص‬ ‫إن شاء اهلل‪ ،‬وإنك حرتَ مع غاملة الثياب من جهة التمزيق‬ ‫وغلو األجرة‪ ،‬وهذا أمر ال دواء له إال بتبديل هذه الغاملة واتخاذ‬ ‫غيرها من ذوات الرفق وإنك غير مستنكف للقراءة على صغار‬ ‫الطلبة‪ ،‬وبينت وجه ذلك‪ ،‬هذا هو الذي ينبغي‪ ،‬والمدار على‬ ‫عدم البطالة‪ ،‬وقد شرحت الحال مع أهل الزاوية ومع الرفيق‪،‬‬ ‫وقلت‪ :‬إن المحل محله‪ ،‬والبيت له شطره‪ ،‬ولوال ذلك الجتنبت‬ ‫مالقاته‪ ،‬أقول‪ :‬كونه يملك شطر البيت ال يمنعك من سكناه‪،‬‬ ‫وغاية مقدوره البيع وهو ال يرضاه‪ ،‬أو اإلعارة للغير‪ ،‬وذلك‬ ‫مستهجن ويرى الحاضر ما ال يرى الغائب‪ ،‬ولم تذكر الخمال‬ ‫فيمن ذكرت من طلبتنا وإن كان معكم في الزاوية‪ ،‬وذكرت‬ ‫إيقاف القراءة للعواشر إال قراءة نصابي التحفة وإن (ط) ترك‬ ‫القراءة للختان‪ ،‬ومرض الشيخ وتخييم المحلة وسط الحياينة‬ ‫وإذعانهم للطاعة‪ ،‬وإسقاط المخزن لجميع األجناد مؤنة يوم‪..‬‬

‫[الرسالة التاسعة واألربعون]‬

‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى‬ ‫نجله الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه فيها‬ ‫على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫الحمد هلل وحده‬

‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬

‫وعلى الولد البار األنجد‪ ،‬الطالب السيد محمد أزكى السالم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد وصل كتابك األعز وصرنا من مضمّنه على بال‪ ،‬وقد قدم عاصبا مزوع من مراكش وهما في غاية‬ ‫ما يكون من اإلقالل‪ ،‬وأخبرا بإقامتهما بطنجة مدة ينتظران قاضيها ليخاطب لهما على رسم اإلراثة الذي آتيا به‬ ‫لعدم معرفة النائب بها خط قاضي مراكش‪ ،‬فقدما ليرجع أحدهما لطنجة لتحصيل الخطاب‪ ،‬ثم إنهما دفعا ذلك‬ ‫الرسم لمن يطلعني عليه‪ ،‬فلما أن اطلعت عليه ألفيته ال يجدي لهما نفعا‪ ،‬وقلت لمن أتاني به يقول لهما‪ :‬إن ذلك‬ ‫الرسم ال نفع لهما فيه‪ ،‬خوطب عليه أم لم يخاطب‪ ،‬نعم‪ ،‬وجد في تركة الهالك رسم فيه إقراره لهما بأنهما ابنا عمه‬ ‫المستحقان إلرثه‪ ،‬وإبقاء الورثة مع رسوم الموروث في صندوق مفتاحه عند العدول‪ ،‬ولم يتأت إخراجه من الصندوق‬ ‫لغيبة الشريف الوزاني‪ ،‬وال شك أنه يقدم اليوم أو غده‪ .‬وقد كانت أخت الهالك لحقت به‪ ،‬وقد علمت أن اإلقرار بالوارث‬ ‫إنما يثبت به المال على المشهور المعمول به دون النسب‪ ،‬فإذا أخرج هذا الرسم وصح فيكون لهما ميراث المقر‬ ‫دون ميراث أخته التي لم تق‪ ،‬وميراث المقر ضعيف وهو السدس‪ ،‬ولو أمكنهما التوصل لميراث األخت لكان لهما‬ ‫في ذلك متسع‪ ،‬وهذه األخت ال شيء لها إال ما ورثته من شقيقها‪ ،‬ولم تنتفع منه بشيء إال ما أوصت به من ثلث‬ ‫متخلفها‪ ،‬وربك الفاعل المختار‪.‬‬ ‫وقد توجه السمسار وصحب نجله المعتوه وقيل لي إنه كان اقتنع من مرافقة والديه لمضادة بينه وبين عمته‬ ‫حتى اشترط النزول بالزاوية‪ ،‬وألجل ذلك كلف الطوب بمرافقتهم‪ ،‬وانظر هل في الزاوية ما يأويه أم وقع التعويل‬ ‫منهم على مأواك‪ ،‬فتعين عليك النقلة للمدرسة وإال ظهر أن قدوم ولد السالوي لتلك الحضرة إنما هو السترداد‬ ‫ما اختلسه منه الزواق‪ ،‬فإنه لم يجد على ذلك صبرا‪ ،‬سيما وله مداخلة في هذا الوقت مع الفرنسويين‪ ،‬والقوم كما‬ ‫علمت غريقون في لجة الطمع‪ ،‬نعم إن أجيب لمطلبه تعذر استرجاعها منه مرة أخرى لما ال يخفى‪ ،‬ويبعد هذا األظهر‬ ‫ما شاع من العزم على قطع التنافيذ‪ ،‬ويحتمل أن له طلبا غير هذا‪ ،‬وما أخبرت به من إفرط بترك ما كثر فحشه من‬ ‫اآلالت الكهربائية ومن تسارع الناس التخاذ الوقايات ومماكسة األجانب له‪ ،‬ثم ما أوضحته فهو أمر عمت به البلوى‬ ‫في سائر أقطار المغرب‪ ،‬ولقد صدقت في قولك هذه مقدمة االستبداد المنتج لالستيالء على البالد‪ ،‬ولم يبق لنا ما‬ ‫نقول إال يا سالم سلم‪ ،‬فنطلب اهلل السالمة لنا ولكم وألهلينا ولجميع المسلمين‪ ،‬وأن يحفظ علينا اإليمان حتى نلقاه‬ ‫ال مبدلين وال مغيرين‪ ،‬كما نطلبه أن تكون عوفيت مما أصبت به في أنفك ونب عنا في تعزية خليلك في مصابه بابن‬ ‫عمه سيدي أبي جيدة تغمده اهلل بالعفو والغفران‪ ،‬وأسكنه فسيح الجنان‪ .‬وفي هذه األيام فاض الحمق في الفرطاخ‬ ‫فخرج إلى السوق وصار يجهر بالذكر متوشحا بسبحة‪ ،‬وطلق المرأة التي كان عقد عليها‪ ،‬وخرج من البلد‪ ،‬وتبعه والده‬ ‫ليسترجعه فلم يرجع‪ ،‬وفي غد خروجه رجع وطلع للحانوت التي كان يشهد فيها مع الصفار فعلم به القاضي فأرسل‬ ‫إليه يعزله‪ ،‬وقد استشفع فيه الزواق فلم تقبل شفاعته‪ ،‬وهو اآلن معتكف بمسجد سيدي المصمدي‪ .‬قالوا‪ :‬وإنه يقرئ‬ ‫في ثالثة أنصبة بها في اليوم‪ ،‬وأما ابّ عيسى فقد كان كتب لألمناء المقري من باريس يطلب المحل الذي فيه اآلن‬ ‫ابن عجيبة‪ ،‬فراجعه األمناء‪ ،‬فكتب ثانيا بجعله مع أشعاش في البنيقة التي بباب الديوانة‪ ،‬فسكن من ذلك وال زال‬ ‫منتصبا للشهادة‪ .‬مسلما على الخليل ومن هنا الوالدة واإلخوة وأبناء العم‪ ،‬وسائر األحبة ودمتم في أمن والسالم‬ ‫‪ 24‬ربيع األول عام ‪1328‬هـ‪.‬‬

‫[الرسالة الخمسون]‬

‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى نجله الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه‬ ‫فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال] الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫وصحبه وسلم‬ ‫الولد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد‪ ،‬وفقك اهلل وسالم عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك األعزّ أخبرت بأن ابن عمّك لم يقضك ما أقرضته‪ ،‬وهذا أمر غريب‪ ،‬فإنّه يوم قدومه لهنا‬ ‫أخبر أخاه عليّاً بهذا القرض‪ ،‬وبأنّه سيوجهه في البوسطة‪ ،‬فلع ّله وصل ابن ثابت ولم يخبرك به‪ ،‬فكان من حقك‬ ‫سؤاله‪ .‬والحاج أحمد الفاسي توفي رحمه اهلل ليلة سابع وعشري رمضان‪ ،‬والناس قيام في صالة التراويح‪ ،‬وصادفت‬ ‫ليلة الجمعة‪ ،‬غفر اهلل له ولسائر أموات المسلمين‪ ،‬وقد وقع شروع ورثته في قسم متخلفه‪ ،‬وأحد العدلين ابن عمك‬ ‫الحسن‪ ،‬واألخر ابن خالتهم سيدي محمد بن ّ‬ ‫المكي ابن عبد الوهاب‪ .‬وقد هيأنا لك نصيبا من البقالوة جعلناها في‬ ‫قسديرة داخل صندوق من العود‪ ،‬وسنحوزه ألشعاش‪ّ ،‬‬ ‫ألن نهوضه يكون بعد ثالثة أيام من تاريخه‪ ،‬ألنّه بعد أن‬ ‫كان عازماً على السفر يوم تاريخه‪ ،‬تب له الزبير من طنجة يعلمه بأنّه قادم اليوم بقصد تنظيم العسكر الذي يتو ّلى‬ ‫عليه الدراوي‪ .‬وقولك‪ :‬كان في غنى عن هذا النهوض‪ ،‬لما د ّلت عليه قرائن األحوال‪ ،‬من أنّه ال ينزع منهم شيء الخ‪،‬‬ ‫غير (‪ )...‬له لكثرة لكثرة ما بيده وبيد أبناء عمّه من الظهائر على األمور‪ ،‬مع أنّه يريد التعرّف وتجديد العهود‪... ،‬‬ ‫(بتر في الرسالة بمقدار خمسة أسطر)‪.‬‬ ‫كما أخبرت بقضية الريسوني وولد السالوي‪ ،‬ومن كتب له‪ ،‬وبما أجيبوا‪ ،‬العجب من هذا الولد فإنّه يطول لسانه‬ ‫ويقول ويقول‪ ،‬وشرح ذلك يطول‪ .‬وأمّا صاحب المخالت فلم تكن بيني وبينه من عداوة‪ ،‬فما أخبركم به الحصّار غير‬ ‫واقع‪ ،‬اللهمّ إ ّال أن يكون عضّته بعض األحكام بأنيابها‪ ،‬فأسر ذلك في نفسه‪ ،‬فال غرابة‪ ،‬قال ابن الوردي‪:‬‬ ‫إن نصف الناس أعداء لمن==ولي األحكام هذا إن عدل‬ ‫وأخبرني أحمد الليتي أن ولده سيوجه لطرفكم قصد‬ ‫القراءة‪ ،‬قال‪ :‬وكذا ولد الركيك والبقالي المعروف بولد الصالح‪،‬‬ ‫وربّما كان يدرس هنا‪ ،‬وكذا طالب يقال له‪ :‬بولبن‪ ،‬وأمّا المرير‬ ‫فمتوجه في رفقة أشعاش‪ ،‬والدليرو ال علم لي به‪ .‬مس ّلما على‬ ‫الرفيق وابن عمر الخمال‪ ،‬وأخريف‪ ،‬والعربي الخطيب‪ ،‬ومن هنا‬ ‫الوالدة واإلخوة‪ ،‬وكذا الصهران‪ ،‬وباقي أبناء العم‪ )...( ،‬والفقيه‬ ‫الرهوني‪ّ ،‬‬ ‫ولعل الفقهاء يفتتحون القراءة يوم تاريخه‪ ،‬وقد ختن‬ ‫أكبر ولي أخيك أبو كذا المفضل‪ .‬والسالم في ‪ 13‬شوال عام‬ ‫‪1326‬هـ‪.‬‬ ‫التهامي وفقه اهلل ولطف به‬

‫[الرسالة الواحدة والخمسون]‬

‫[من الوالد العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬إلى‬ ‫نجله الطالب محمد أفيالل‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪ ،‬يجيبه فيها‬ ‫على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫الحمد هلل وحده وص ّلى اهلل على سيدنا محمد وآله‬ ‫وصحبه وسلم‬ ‫وعلى الةلد البار األرشد‪ ،‬الطالب السيد محمد أوكى السالم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل كتابك األعزّ‪ ،‬معلماً بما حصل لك من األلم بسبب مالقاته مع من ومن‪ ،‬وطالبا شرح الحال في ذلك‪،‬‬ ‫أن أخاك وهلل المنة ال ضيم عليه في ّ‬ ‫فلتعلم ّ‬ ‫كل شيء ممّا توهّمته‪ ،‬وال يمسّه منه هون‪ ،‬وال يكترث بذلك الخبيث‬ ‫وال بمو ّليه‪ ،‬فض َال عن سمسار (‪ )...‬سيرته مع أبي المواريث ووكيل أخته الهالك سيدي زين العابدين الوزاني سيرة‬ ‫األكفاء الذين ال استطالة ألحد منهم على اآلخر‪ ،‬فأمّا العامل فإنّه ال دخل له في شيء من هذا‪ ،‬نعم وقع تنازع بين‬ ‫الدليرو أو وكيل المواريث‪ ،‬وابن حسين وكيل (‪ ،)...‬فرجح العامل للدخول وكيل المواريث لما ال يخفى‪ ،‬وأمّا القاضي‬ ‫فقد أغم أخوه أنفه مرتين‪ .‬إحداهما‪ :‬أنه استدعى أخوه يوم الموت ابني عمّه عليا وحسنا لخدمة التركة‪ ،‬إذ هو وكيل‬ ‫الثلث والزوجة‪ ،‬وذلك شطر التركة‪ ،‬فلمّا أن رأى ذلك الدليرو ذهب إلى القاضي وأعلمه‪ ،‬فوجه معه القاضي العدلين‪،‬‬ ‫اللواجري وابن عبد الوهاب‪ ،‬وأحد أعوانه يقول‪ :‬هذان اللذان يخدمان التركة‪ ،‬فأجابه األخ‪ :‬بأني قد عينت عدليّ وال‬ ‫أستخدم واحدا من هذين الموجهين‪ ،‬وال أعطيه فلسا‪ ،‬فإن شاء أبو المواريث استخدمهما في (‪ )...‬من التركة فليفعل‪.‬‬ ‫إجابة أعلى بها صوته معنفا‪ .‬ولمّا أنهى جوابه للقاضي لم يسعد إ ّال أن استخدم اللواجري في حظ أبي المواريث‬ ‫وابن عبد الوهاب في حظ ّ‬ ‫موكلة الوزاني‪ .‬فعدول التركة اآلن أربعة‪.‬‬ ‫والثانية‪ّ :‬‬ ‫أن هؤالء الوكالء مع العدول كانوا مستقلين بشيء في دار الهالك‪ ،‬فورد عليهم النجار ومعه عدالن‬ ‫وأحد األعوان يقول‪ :‬إن القاضي يأمركم أن تدفعوا لهذا يعني النجار ما هو للزاوية من وفر‪ ،‬وكنانيش‪ ،‬وما له تع ّلق‬ ‫بذلك‪ ،‬فأجابه األخ بأن ال يفعل حتى يأتيه بتقديم القاضي‪ ،‬ويعطيه نسخة منه‪ ،‬فرجعوا على أعقابهم‪ ،‬وفي وجه النجار‬ ‫أنفة‪ ،‬وفي غده وجه لهم ثانيَا الجماعة وقال لهم‪ّ :‬‬ ‫إن القاضي قد (‪ )...‬عليكم كل عمل حتى تدفعوا للنجار ما أمركم‬ ‫بدفعه له‪ ،‬فقال له األخ‪ :‬أجبتَ بالتقديم‪ ،‬فأجابه العون‪ :‬بأنّه قال للناس إن ذلك هو األخير‪ ،‬فقال له األخ‪ :‬بل هو‬ ‫األوّل‪ ،‬وسلموا إلى القاضي فذهبوا بأجمعهم إليه‪ ،‬وتقدم عبد السالم وقال له‪ :‬أنت الذي وجهت تقول وتقول؟ قال‪:‬‬ ‫نعم‪ .‬فقال‪ :‬ال نفعل حتى يعطيني نسخة من التقديم‪ ،‬فإن كنت أطلب حقا فمكنّي منه‪ ،‬وإ ّال فافعل ما بدا لك‪ ،‬ولم‬ ‫يزل القاضي يراوده وهو على إبائه إلى أن أمر بكتب التقديم ودُفع له‪ ،‬وحينئذ مكنه مما احتاج إليه في تلك الساعة‪،‬‬ ‫ولم يره إلى اآلن من بعد‪ .‬وأمّا السمسار فليس بشيء‪ ،‬وعلمنا ما شرحته من حال حسّون والخمال وأنّكم عوشرتم‬ ‫وافتتحتم ما أخبرت به‪ ،‬كمّل اهلل بخير‪ ،‬وبقدوم سيدي أحمد بن يوسف قدوم يمن وسعادة‪ ،‬فلله الحمد على سالمته‪،‬‬ ‫وقد ورد ابن عمّه مع الشرتي لزيارة موالنا عبد السالم‪ ،‬ونزل عنده بعدما استدعاه السمسار لذلك‪ ،‬فلم يفعل‪ .‬وكان‬ ‫العامل منزّها في البحر فعرض على الشرتي وضيف المذكور فأتياه‪ .‬وأحسنت في دفع خط اليد لسيدي أبي جيدة‪،‬‬ ‫وصرن على بال من أمر ظهيري الزواقين‪ ،‬وعلمنا ما شرحته من قضية الفرنسيس‪ ،‬وما فعله (‪ )...‬إلى أن وقع التوقيع‪،‬‬ ‫تداركنا اهلل سبحانه بلطفه‪ ،‬وسفر اللبادي والسالوي مع قنصل الصبنيول بمدريد فأقرب ما قيل في ذلك إرادتهما‬ ‫الزيارة‪ ،‬وابن يعقوب إلى اآلن لم يعزل بالفعل‪ ،‬لكن ذلك متوقع واهلل أعلم‪.‬‬ ‫هذا ويصلك في حفظ اهلل في البوسطة األلمانية مائتا ريال وخمسون رياال‪ ،‬هكذا ‪ .250‬منها خمسون رياال‬ ‫لتصرفها في ضرورياتك المستقبلية بارك اهلل لك‪ ،‬والمائتا ريال الباقية هي ألخيك عبد السالم ادفعها للحاج الطيب‬ ‫ميكوا يتسوق له بها (‪ )...‬وجعلنا ذلك على يدك في هذه المرة لتعرفه بهذا الكتاب‪ ،‬ورجاء مزيد االعتناء‪ ،‬ثم إن كان‬ ‫هنالك حمار متوجه (‪ )...‬وإال فليكن التوجيه على طريق طنجة بيد المحتسب السيد العربي كنون‪ ،‬مسلما على سيدي‬ ‫أحمد ابن يوسف وبني عمه وطلبتنا‪ ،‬ومن هنا الوالدة واإلخوة (‪ )...‬والسالم‪ .‬في ‪ 25‬صفر عام ‪1328‬هـ‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫«شجون األدب وشؤون النقد» في أصيلة‬

‫احتضن مقر جمعية آفاق الثقافية بأصيلة‬ ‫مساء يوم السبت ‪ 04‬ماي ‪201‬م لقاء من‬ ‫لقاءات «كتاب الشهر» التي دأبت الجمعية على‬ ‫تنظيمها منذ حوالي عامين‪.‬‬ ‫كتاب هذا الشهر «شجون األدب وشؤون‬ ‫النقد‪ :‬حوارات في القصة القصيرة جدا‬ ‫بالمغرب» للكاتب محمد البغوري‪ ،‬وقد قدمه‬ ‫للحضور األستاذ أبو الخير الناصري‪.‬‬ ‫انطلق أبو الخير من التعريف بالكاتب‬ ‫محمد البغوري‪ ،‬متوقفا عند محطات من مسيره‬ ‫العلمي ومنجزه األدبي‪ ،‬فذكر مالمح من‬ ‫تكوينه الفلسفي‪ ،‬وبعضا من أعماله األدبية‬ ‫ككتابيه «سيرة ذاتية» (‪ )2013‬و»عطر القراءة‬ ‫وإكسير الكتابة» (‪ ،)2014‬ثم عرج على ما‬ ‫لمسه فيه من خصال من خالل الصداقة التي‬ ‫جمعتهما خالل سنوات‪ ،‬فعَدَّد منها محبته‬ ‫الكبرى للقراءة‪ ،‬ورحالته في عوالم الكتب‪،‬‬ ‫وتعدد األجناس التعبيرية التي تستهوي‬ ‫صاحب «الشجون»‪ ،‬وولعه الكبير بثقافة‬ ‫المحاورة مشافهة وتأليفا‪.‬‬ ‫ثم توقف المتدخل عند عتبة عنوان‬ ‫الكتاب موضوع اللقاء‪ ،‬مشيرا إلى حسن اختيار‬ ‫صاحبه لكلماته‪ ،‬خصوصا الكلمتين «شجون»‬ ‫و»شؤون» وإضافة كل منهما لألدب والنقد‪،‬‬ ‫معلال ذلك بأن «الشجون» تناسب معاناة‬ ‫األدباء والمبدعين قبل والدة نصوصهم‪ ،‬في‬ ‫حين تناسب كلمة «الشؤون» عمل النقاد‬ ‫النظري والفكري‪.‬‬ ‫ولم يفت الناصري أن يشير‪ ،‬انطالقا من‬ ‫عتبة العنوان‪ ،‬إلى أن الكتاب الجديد للبغوري‬ ‫متخصص في جنس تعبيري واحد هو القصة‬ ‫القصيرة جدا بالمغرب‪ ،‬خالفا لكتابه الحواري‬ ‫السابق (عطر القراءة وإكسير الكتابة) الذي‬ ‫تضمن حوارات مع روائيين‪ ،‬وقصاصين‪ ،‬ونقاد‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫بعد ذلك انتقل المتحدث للكالم في‬

‫مضامين الكتاب ومميزاته‪ ،‬فأشار إلى جملة‬ ‫من مناقبه من أبرزها‪:‬‬ ‫ أنه يقدم للباحثين في األدب المغربي‬‫المعاصر مادة غنية تفيدهم في تحديد‬ ‫نشأة القصة القصيرة جدا بالمغرب‪ ،‬وعوامل‬ ‫ظهورها‪ ،‬ونصوصها األولى‪ ،‬وأبرز أعالمها؛‬ ‫وذلك لحرص المؤلف على سؤال كل أديب‬ ‫محاوَر عن بداياته في كتابة هذا الجنس‬ ‫التعبيري‪ ،‬وأهم األسماء التي كان لها تأثير‬ ‫عليه‪...‬‬ ‫ وأنه يوفر على الباحثين جهدا كبيرا‬‫مضنيا‪ ،‬ألنه يقدم لهم مادة غنية لو سعى‬ ‫الواحد منهم إلى استخالصها الحتاج إلى كثير‬ ‫وقتٍ‪ ،‬وجهدٍ‪ ،‬ومال‪ ،‬وانتظار‪..‬‬ ‫ وأنه تجسيدٌ حيٌّ وعمَليٌّ لثقافة الحوار‬‫التي نسعى جميعا لنشرها وإشاعتها‪...‬‬ ‫ وأنه ينطوي على رسائل بالغة األهمية‬‫من أبرزها أنه يَجمع بين محاورة األدباء‬ ‫ومحاورة النقاد؛ فيَدعو بذلك دعوة غير مباشرة‬ ‫إلى إيجاد أشباهٍ ونظائرَ كثيرةٍ لمثل هذه‬ ‫الحوارات التي من شأنها أن تسهم في إغناء‬ ‫األدب وتطوير النقد بالمغرب‪.‬‬ ‫األستاذ محمد البغوري أشار‪ ،‬في كلمته‪،‬‬

‫إلى ما عرفته الثقافتان اليونانية والعربية‬ ‫من محاورات عديدة (كمحاورات أفالطون‪،‬‬ ‫ومحاورات أبي حيان التوحيدي وابن مسكويه)‪،‬‬ ‫ليخلص للقول إن كتبه الحوارية تنبع من‬ ‫الرغبة في تأسيس ثقافة المحاورة في األدب‬ ‫المغربي المعاصر سيرا على سنن الحوارات‬ ‫القديمة عند العرب وغيرهم‪.‬‬ ‫وتحدث البغوري عن بعض ما عاناه وهو‬ ‫يؤلف كتابه‪ ،‬فذكر من ذلك كثرة ما سمعه من‬ ‫وُعود من أشخاص رغب في محاورتهم‪ ،‬دون‬ ‫أن تتحول تلك الوعود إلى واقع‪.‬‬ ‫كما ذكر بعضا من أعماله الحوارية التي‬ ‫تنتظر دورها للنشر‪ ،‬ومنها محاوراته في أدب‬ ‫الرحلة‪ ،‬وكتاب خاص بمحاورة الشعراء‪ ،‬وآخر‬ ‫حاور فيه المشتغلين بالفلسفة المعاصرة‪،‬‬ ‫مؤكدا‪ ،‬في ختام كلمته‪ ،‬على ضرورة تضافر‬ ‫الجهود للتأسيس لثقافة المحاورة بالمغرب‪.‬‬ ‫وختم هذا اللقاء بحوار مع الحاضرين‬ ‫شمل قضايا الكتاب‪ ،‬ومسألة الحوار في الثقافة‬ ‫المغربية‪.‬‬

‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫أجيال جديدة متشبعة بالقيم الكونية‬ ‫لحقوق اإلنسان والحوار واالحترام وفهم‬ ‫اآلخر ونبذ التعصب والكراهية والعنصرية‪،‬‬ ‫وتسليحهم بالمهارات للتعبير عن حقوقهم‬

‫ونقل هذه المعرفة إلى اآلخرين‪.‬‬ ‫كما يتوخى من خالل هذه الورشات‬ ‫تدعيم وتأثير وبلورة قيم المواطنة‬ ‫والسلوك المدني لدى الناشئة ‪.‬‬

‫السيد العالمين بوعصام عامل إقليم العرائش‬ ‫يعطي االنطالقة الرسمية للدراسة بأقسام‬ ‫التعليم األولي بالمؤسسات التعليمية العمومية‬ ‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫تحت شعار ” مستقبلنا ال ينتظر ” وبناء‬ ‫على الرسالة الملكية للنهوض بالتعليم األولي‬ ‫وتطويره وتعميمه‪ ،‬وتنفيذا للبرنامج الوطني‬ ‫لتعميم وتطوير التعليم األولي الذي أعطت وزارة‬ ‫التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم‬ ‫العالي والبحث العلمي انطالقته الرسمية‬ ‫‪ ،‬وكذلك في إطار تفعيل األهداف السامية‬ ‫للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية الرامية إلى‬ ‫النهوض بالتعليم وخاصة التعليم األولي‪ ،‬من‬ ‫خالل تعزيز وترسيخ التعاون والمساهمة في‬ ‫تطوير وتعميم التعليم األولي لفائدة الفئة‬ ‫العمرية ‪ 4-5‬سنوات ‪.‬‬

‫تصويب التصويب الثاني‬ ‫األستاذ محمد قنديل‬

‫القصر الكبير ورشة تكوينية حول حقوق‬ ‫اإلنسان والحريات العامة‬

‫نظم منتدى حقوق اإلنسان لشمال‬ ‫المغرب تنسيقية القصر الكبير‪ ،‬ورشة‬ ‫تكوينية حول «حقوق اإلنسان والحريات‬ ‫العامة « يوم االحد‪ 5‬ماي ‪ 2019‬بالمركز‬ ‫الثقافي البلدي السويقة ‪.‬‬ ‫وتهدف الورشة‪ ،‬التي قام بتأطيرها‬ ‫األستاذ محمد علي الطبجي ‪،‬إلى إبراز جهود‬ ‫منتدى حقوق اإلنسان لشمال المغرب في‬ ‫المساهمة في نشر ثقافة حقوق اإلنسان‬ ‫والنهوض بها لدى الطلبة والتالميذ‪ ،‬كما‬ ‫يندرج ضمن خطة عمل المنتدى بخصوص‬ ‫التربية على المواطنة وحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وتمكين الفئات المستهدفة من تقنيات‬ ‫مفيدة وأساليب تربوية مبتكرة‪ ،‬إلعداد‬

‫‪7‬‬

‫أشرف السيد العالمين بوعصام عامل‬ ‫إقليم العرائش ‪ ،‬والوفد المرافق له على إعطاء‬ ‫االنطالقة الرسمية لفتح ‪30‬حجرة للدراسة‬ ‫بأقسام التعليم األولي يوم الجمعة ‪3‬ماي ‪2019‬‬ ‫بمدرسة المسيرة الخضراء ‪ ،‬بحضور محمد كليل‬ ‫المدير اإلقليمي لوزارة التربية الوطنية ‪ ،‬ورئيس‬ ‫المجلس اإلقليمي ‪ ،‬ورئيس المجلس الجماعي‬ ‫لمدينة القصر الكبير ‪.‬‬ ‫المشروع أنجز في إطار البرنامج األفقي‬ ‫للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشراكة‬ ‫مع المديرية اإلقليمية لوزارة التربية الوطنية‬ ‫والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث‬ ‫العلمي‪.‬‬

‫بغالف مالي قدره ‪ 1‬مليون درهما‪،‬وقد‬ ‫مكنت هذه االتفاقية من تعزيز و تقوية البرنامج‬ ‫اإلقليمي المعد لهذا الغرض برسم السنة‬ ‫المالية ‪ 2019‬والذي يتضمن بناء ‪ 95‬حجرة‬ ‫للتعليم األولي و تأهيل ‪ 22‬حجرة و تجهيز ‪117‬‬ ‫حجرة بغالف مالي يناهز ‪18‬مليونا درهما‪.‬‬ ‫وتهدف هذه المبادرة إلى توسيع قاعدة‬ ‫المستفدين من خالل أقسام للتعليم األولي‬ ‫ولتحسين جودته‪ ،‬وإدماج األطفال في سلك‬ ‫التعليم االبتدائي‪ ،‬وتهييئهم لتجاوز ما يمكن أن‬ ‫يعترض مسارهم الدراسي من صعوبات‪ ،‬والحد‬ ‫من الهذر المدرسي‪.‬‬

‫جمعني باألستاذ محمد قنديل الباحث في الفلسفة والمنطق واللغة لقاءان في‬ ‫أصيال‪ ،‬أولهما مساء يوم األحد ‪ 21‬أبريل المنصرم‪ ،‬وثانيهما مساء يوم السبت ‪04‬‬ ‫من ماي ‪2019‬م‪.‬‬ ‫وكنت أهديت الصديق الكريم نسخة من كتابي «تصويبات لغوية في‬ ‫الفصحى والعامية» في أول اللقاءين‪ ،‬ليفاجئني في ثانيهما مفاجأة سارة بورقة‬ ‫نقدية تمحورت حول المقال الثاني من مقاالت كتابي المذكور‪ ،‬وهو المقال الذي‬ ‫سميته «نزوال عند رغبتك أم صعودا إليها؟»‪.‬‬ ‫واستجابة لرغبة الباحث قنديل في نشر ورقته‪ ،‬وإيمانا مني بالحق في االختالف‬ ‫وبضرورة الحوار العلمي والنقد البناء‪ ،‬فإني أضع بين أيدي قراء «الشمال» ورقته‬ ‫النقدية‪ ،‬شاكرا له حسن اهتمامه وعنايته ببعض ما ورد في كتابي‪ ،‬وسأنشر‬ ‫مناقشتي لورقته النقدية في العدد المقبل من «الشمال» بإذن اهلل سبحانه‪ .‬يقول‬ ‫الستاذ الباحث محمد قنديل‪:‬‬ ‫أهداني الصديق األستاذ الناصري كتابه «تصويبات لغوية في الفصحى‬ ‫والعامية» ضمنه إشارات جليلة وتنبيهات ينتبه إليها من أراد أن يتنبه‪ .‬ولما كنت‬ ‫شريكا له في هذه الصناعة‪ ،‬فإني سأذكر أمورا عن التصويب الثاني‪.‬‬ ‫يقول صاحب التصويبات‪« :‬كثيرا ما نقرأ أو نسمع أو نقول مثل هذه العبارة‪:‬‬ ‫(نزوال عند رغبتك فعلت كذا)‪ .‬وأظن أن الصواب القول بدال منها‪( :‬صعودا إلى‬ ‫رغبتك فعلت كذا) [‪ ]...‬وأعتقد أن هذا هو التعبير األسلم واهلل أعلم»‪.‬‬ ‫والناظر إلى عبارة صاحبنا يظهر أنه ال يقطع الظن بغالب الظن أو باليقين‬ ‫بدليل استعماله لفعل «أظن» واعتقاده بأن «صعودا إلى رغبتك» هو التعبير‬ ‫األسلم‪ .‬لكن لما كان معتقدي أن الظن ال يغني من الحق شيئا‪ ،‬وكان النحاة قد‬ ‫أطبقوا أن اسم التفضيل يؤتى به للداللة على الزيادة في الفضل عند أحد دون‬ ‫اآلخر مع اشتراكهما معا في الفضل‪ ،‬فقد تبين أن التصويب الثاني يدخل في باب‬ ‫التفضيل والمفاضلة بين العبارات وال تعلق له بالتصويب‪.‬‬ ‫لقد بنى األستاذ دعوى التصويب على دليلين سنسمي األول بدليل التكبر‪،‬‬ ‫والثاني بدليل االبتذال‪.‬‬ ‫الدليل األول مقتضاه أن «عبارة النزول» تنطوي على غير قليل من الكبرياء‪.‬‬ ‫وهذا مردود ألن عبارة «نزوال عند رغبتك» ال تدل على أي حركة من األعلى إلى‬ ‫األسفل وال أن قائلها يكون في األعلى يُصدر األمر وال يتلقاه‪ ،‬ألن األصل في‬ ‫استعمال «عِنْدَ» هو التقرب واللزوق‪ ،‬ألن قول العرب «زيد عندَ عمرو» معناه أنه‬ ‫رْب‬ ‫قد مال عن الناس حتى قرب منه أقصى نهاية القرب‪ ،‬وليس بعد نهايةِ ال ُق ِ‬ ‫قربٌ‪ ،‬ولذلك لم تُصغَّر «بعد»‪ .‬ولما كانت الرغبات والمذاهب واألقاويل ال يلتزق‬ ‫َ‬ ‫بـ»نزل إلى»‪ ،‬ألن معنى النزول عند‬ ‫بها على جهة الحقيقة‪ ،‬امتنع تأول «نزل عندَ»‬ ‫رأي فالن ورغبته ومذهبه قد يكون هو موافقته واالنصياع له واالتباع‪ ،‬وذلك تبعا‬ ‫لما تقتضيه األحوال المقالية والمقامية للخطاب‪.‬‬ ‫من المعلوم أن «نزل في البئر» و»نزل عن بعيره» تفيدان الحركة من األعلى‬ ‫إلى األسفل‪ ،‬ومن المعلوم أيضا أن «عندَ» عند أهل النحو تُعرب ظرف مكان أو‬ ‫ظرف زمان‪ .‬لكن «عند» عند أهل المعاني قد تأتي بمعنى الظن والحكم والملكية‬ ‫واالنصياع والموافقة والتصرف الحسن والمتوقع من فالن‪ ،‬أو قل إن «عبارة النزول»‬ ‫هي من المجاز‪ .‬وهذا ينقلنا إلى الدليل الثاني‪.‬‬ ‫الدليل الثاني مقتضاه أن «عبارة النزول» أنهكها االستعمال َ‬ ‫فك َّفتْ عن أن‬ ‫تكون جميلة‪ ،‬وهو األمر الذي يستلزم تصويبها‪ .‬والجواب أن صيرورة عبارة ما مبتذلة‬ ‫من فرط استعمالها ال ينقلها من الصواب إلى الخطإ‪ ،‬وإنما ينقلها من الصواب إلى‬ ‫االبتذال‪ .‬ويقترح األستاذ الناصري لدرء آفة االبتذال في العبارة المستصوبة عبارة‬ ‫أخرى هي‪« :‬صعودا إلى رغبتك الجميلة» وهو اقتراح في غاية التوفيق‪ ،‬ألن الصعود‬ ‫سيصير عندئذ عروجا لوجود قرينة الجمال‪ ،‬لكن إذا كان مقترحه هو «صعودا إلى‬ ‫رغبتك» من غير قرينة‪ ،‬فإن «نزوال عند رغبتك» أحسن‪.‬‬ ‫وبيان ذلك أن النزول (مجازيا) واإلنزال ال يكون إال وفيه تشريف‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬ ‫(تنزل المالئكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)‪ ،‬ومقابله في الشرف والتشريف‬ ‫هو العروج‪ ،‬فقال تعالى‪( :‬تعرج المالئكة والروح)‪ .‬أما استعمال فعل «صعد» مجردا‬ ‫(وكذلك المصدر) ال يكون إال وفيه الحرج والضيق والرهق‪ ،‬فقال تعالى‪( :‬ومن يرد‬ ‫أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء)‪ ،‬وقال تعالى‪( :‬سنرهقه‬ ‫صعودا)‪ ،‬ومقابله في الرهق والضيق هو الهبوط‪ ،‬فقال تعالى‪( :‬اهبطا منها) من‬ ‫الجنة وما كانا فيه من وسع ويسر‪ ،‬وقال تعالى‪( :‬اهبطوا مصر) للرهق حيث ال يوجد‬ ‫المن وال السلوى‪.‬‬ ‫وال يكون الصعود عروجا إال بقرينة مثل قوله تعالى‪( :‬إليه يصعد الكلم الطيب)‪،‬‬ ‫وكذلك األمر في الهبوط‪ ،‬إذ يصير نزوال بقرينة ما‪ ،‬وذلك مثل قوله تعالى‪( :‬اهبط‬ ‫بسالم منا) الذي معناه انزل بدليل أن نوح لم يدع قائال‪( :‬رب أهبطني) بل كان‬ ‫الدعاء‪( :‬رب أنزلني منزال مباركا وأنت خير المنزلين)‪.‬‬ ‫محصول القول أن «عبارة الصعود» من أجل أن تتصف بالحسن والجمال ال‬ ‫مناص من إضافة قرينة تخرج الصعود من داللة الضيق والحرج والرهق‪ ،‬وهذا‬ ‫ما صنعه أستاذنا الناصري في خاتمة التصويب عندما قال «صعودا إلى رغبتك‬ ‫الجميلة»‪ .‬وأخيرا أرى أن االختالف بيني وبينه هو في عنوان ماهية ما قام به‪ ،‬إذ‬ ‫عمله يدخل في باب التفضيل‪ .‬ولهذا ألتمس من أستاذنا إخراج هذا الفصل من‬ ‫كتاب التصويبات وإدخاله في كتاب «التفضيالت البالغية»‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫الطاقة الخضراء‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬ ‫(�أقا�صي�ص)‬

‫ُ‬ ‫هذه شذراتٌ سردي ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر ُ‬ ‫المبدعة من شُرفةِ‬ ‫ِّيشة‬ ‫درب الحيارى‪ ،‬والمكلومين‪،‬‬ ‫الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حُدا ٍء َفجريٍّ على ِ‬ ‫والحالمين بمساقطِ الغيثِ الخضير‪ ..‬صحيحٌ َّ‬ ‫أن هذه الشَّذرات اختارت‬ ‫لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫ونفس ًا قصيراً‪ ،‬لكنَّها تروم َّ‬ ‫بث َّ‬ ‫اللمحةِ في غاللةٍ‬ ‫نثريَّةٍ فنيَّةٍ ذاتِ ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحّبَ بها‪ ،‬وفتح ذراعيه لساللها‪،‬‬ ‫فقد أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربّما استسمن ذا ورم! ومن أعرض عنها‬ ‫وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم العافية‪ ،‬واخضالل‬ ‫المآب ‪..‬‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫قطب الري�سوين‬ ‫‪ .‬ال�شارقة ـ‬

‫‪ ...‬توافقتْ األطر التربوية وقدماء جمعية مدرسة سكينة بنت الحسين‪ ،‬على موعد مع «البحث العلمي»‪ ،‬لرحلة من‬ ‫الجنس األدبي لتالمذتها‪ ،‬من أجل استكشاف هيكلة مؤسسة تعنى بإنتاج الطاقة الخضراء‪ ،‬وقد تمثلتْ في زيارة لمحطة‬ ‫التصفية تمودة بايْ‪ ،‬بالجماعة القروية عليين‪ ،‬على بعد ‪15‬كلم من تطوان‪ ،‬وعلى مساحة ‪ 23‬هكتار‪ ،‬لتوَفر معالجة المياه‬ ‫المنزلية المستعملة – الحمأة والروائح ‪ .-‬وتتشكل على نحو ثالثة مراحل ‪ :‬لمعالجة مياه الصرف الصحي ‪..‬‬ ‫بدْ ًءا من المعالجة التمهيدية‪ ،‬لتنتقل العمليات إلى األولية فالثانوية ثمَّ الثالثية‪ .‬تبدأ بقيام تمهيدي من أجل إزالة‬ ‫المواد الصلبة من خالل مصافتين «أتوماتيكيتين» من عيار عشر مليميترات‪ ،‬فضال عن تخليصها من الزيوت والرمال‪.‬‬ ‫لتأتي عقبها‪ ،‬عند خفض سرعة المياه‪ ،‬كمعالجة أوَّلية‪ ،‬لتنحية المواد العضوية والمعدنية السهلة الترَسب‪ ،‬لتأخذ صفة‬ ‫الحمأة‪ ،‬وذلك عبر مرْسبين أوَّلين ‪ ( ..‬الحمأة ‪ :‬أصلها الطين األسود المنتن‪ ..‬استعملتْ هنا كصرف صحي ومياه من المادة‬ ‫الصلبة والملوَثة)‪ .‬وفي سبيل تشييد الحمأة البيولوجية‪ ،‬صممتْ معالجة ثانوية وفقا لمبدإ‪ ،‬الحمأة المنشطة ذات الحمولة‬ ‫المتوسطة إلزالة التلوث الكربوني‪ ،‬لتأهيله من خالل حوْضين اثنين للتهوية وآخرين لتصفية المياه ‪.‬‬ ‫إذ التحلل البيولوجي المتلوث الكربوني يحتاج إلى منطقة جيِّدة من التهوية (بوجود األكسيجين المُذاب )‪ .‬تجدر‬ ‫اإلشارة إلى استخدام البكتيريا الهوائية للمواد الكربونية العضوية في هذه المنطقة‪ ،‬مع استهالك األكسيجين المُذاب‬ ‫للتنفس‪ .‬وبتحلل المواد العضوية التي تؤدي إلى إنتاج إضافي للكتلة الحيوية ( الحمأة البيولوجية )‪.‬‬ ‫ثمَّ نأتي على المعالجة الثالثية عند انتهاء المراحل السابقة‪ ،‬أي مراحل المعالجة لكي تتمَّ تصفية المياه القادمة من‬ ‫المعالجة البيولوجية قبل التطهير من أجل استعمالها للري أو صرفها في وادي نيكر‪ .‬ولكي تنتهي أيضاً تلك المياه المصفاة‬ ‫لسقي مساحات خضراء بين مدينتيْ المضيق والفنيدق‪ .‬تحتوي هذه المعالجة الثالثية على عملية الترشيح بواسطة جهاز‬ ‫غرابيل من شبكة ‪ 10‬ميكرون‪ ،‬الستجابة التطهير بواسطة الكلور العادي‪.‬‬ ‫على نطاق واسع‪ ،‬إعادة استثمار هذه المياه يقدَّرُ بما مجموعه ‪ 20‬مليون درهم‪ .‬إذ سيمكن هذا المشروع في اقتصاد‬ ‫الماء ل ‪ 2‬مليون متر مكعب سنوياً‪ .‬كي يوافق االستراتيجية الوطنية للماء ‪.‬‬ ‫منظومة معالجة الحمأة يتم هضمها األولية للبيولوجية السميكة‪ ،‬إذ تمكن من إنتاج الغاز الحيوي الستخدامه في‬ ‫تسخين الحمأة‪ ،‬في حين يتم فيه مؤقتاً حرق الفائض من الغاز‪ .‬بعدها يفصل الماء من الحمأة المهضومة عبر أجهزة الطرد‬ ‫المركزي‪ ،‬لترسل إلى المطارح العمومية مع تجفيف بنسبة تتعدّى ‪ 20‬في المائة‪ .‬قيمة الحمأة الناتجة عن معالجة المياه‬ ‫المستعملة تعدُّ تحدِّياً رئيسياً لعملية التطهير‪ .‬وتجدر اإلشارة أيضاً إلى الشراكة التي تجمع بين المجلسين البلديين‬ ‫المضيق والفنيدق‪ ،‬ووزارة الفالحة‪ ،‬وقد وضعتْ «أمانديس» مشروعاً لتثمين الحمأة واستعمالها كأسمدة زراعية من خالل‬ ‫محطة المعالجة التي تنتج ‪ 5،9‬طن من الحمأة المهضومة يومياً‪ .‬إذا بالقدرة لمحطة معالجة المياه المستعملة‪ ،‬فيما يخص‬ ‫إنتاج الغاز الحيوي تقدر ب ‪ 3000‬متر مكعب في اليوم ‪.‬‬ ‫أهمية ومضمون هذه الطاقة الخضراء‪ ،‬من مشروع التنمية النظيفة‪ ،‬إذ به يحُدُّ من انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة‬ ‫‪ 2000‬طن في السنة‪ .‬وهو مشروع التوليد المشترك للطاقة‪ ،‬ذو قدرة كهربائية بمقدار ‪ 350‬كلو واط بتغطية ما يعادل‬ ‫‪ 35‬في المائة من احتياجات محطة معالجة المياه المستعملة من الطاقة الكهربائية‪ .‬لتصبح العمليات الثالث كلها جزء من‬ ‫مشروع ضخم ينتهي بعالج الروائح الكريهة‪ ،‬بمنظومة «ه‪2‬س» (أش‪.2.‬إس)‪ ،‬والمركب الكميائي باستعمال تقنية الكربون‬ ‫المنشط ‪.‬‬ ‫يتمُّ تجميع تلك المياه المنزليــة المستعملة لتشمل المنطقة الواقعة بين كابيال إلى مدينة الفنيدق‪ ،‬نحو محطة‬ ‫التصفية عبر ‪ 8‬محطات الضخ‪ .‬مواصفات محطة التصفية تمودة بايْ‪ ،‬في أرقام ‪:‬‬ ‫– قدرة المعالجة ‪ 1700000 :‬نسمة ‪.‬‬ ‫– متوسط حجم المعالجة اليومي ‪ 31000‬مسر مكعب ‪.‬‬ ‫– كلفة المشروع ‪ 420‬مليون درهم ‪.‬‬ ‫– منها ‪ 170‬مليون درهم للمحطة ‪.‬‬ ‫– ‪ 8‬محطات الضخ و‪ 1‬محطة للمعالجة ‪.‬‬ ‫– إنتاج ‪ 3000‬متر مكعب من الغاز الحيوي في اليوم ‪.‬‬ ‫– إنتاج ‪ 350‬كلو واط من الكهرباء‪ ،‬مما يسمح بتغطية ‪ 35‬في المائة‬ ‫من احتياجات المحطة ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫– ‪ 2‬ماليين متر مكعب سنويا من اقتصاد الماء والمحافظة عليه ‪.‬‬ ‫– إنتاج ‪ 5،9‬طن في اليوم من الحمأة المهضومة ‪..‬‬

‫ٌ‬ ‫�شهــادة‬ ‫الز ْه ِر‪ ،‬ويتف َّي�أُ‬ ‫مباء َّ‬ ‫يغ�س ُل‬ ‫جوانح ُه ِ‬ ‫َ‬ ‫كان بني يدي ر ِّب ِه‪ِ ..‬‬ ‫أ�شجار ال َّن ْو ِر‪،‬‬ ‫� َ‬ ‫ُ‬ ‫وراء ظهر ِه‪!..‬‬ ‫فجاء ُه‬ ‫املوت من ِ‬ ‫‪.....................‬‬ ‫ً‬ ‫ماء ‪!..‬‬ ‫ابت�س َم‬ ‫ال�س ِ‬ ‫ابت�سامة ر�ض َّي ًة‪ ،‬وهو يرى جناز َت ُه يف َّ‬

‫ُ‬ ‫روائـــــح‬ ‫ُ‬ ‫اخلبز ‪� ..‬أندى من الور ِد !‬ ‫رائحة ِ‬ ‫ُ‬ ‫يف !‬ ‫العافية‪� ..‬أ�شهى من‬ ‫رائحة‬ ‫فاكهة َّ‬ ‫ال�ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما�سي !‬ ‫رط‬ ‫الفر ِح ‪� ..‬أغلى من ُق ٍ‬ ‫رائحة َ‬ ‫ٍّ‬ ‫‪....................‬‬ ‫ل�سائقه‪:‬‬ ‫قال‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫« ْ‬ ‫اجلميلة»‪.‬‬ ‫وائح‬ ‫الر َ‬ ‫ابحث يل عن ٍ‬ ‫وطن ال يكر ُه ّ‬

‫ُ‬ ‫حديث ا ِمل ْر� ِآة‬ ‫أمام املر�آ ِة حائر ًة‪ ،‬وحد َ​َّث ْت ْنف َ�سها‪:‬‬ ‫ان َت َ�ص َب ْت � َ‬ ‫ُ‬ ‫الوجه وجهي‪ ،‬وال ال ِّل ُ‬ ‫�سان ِل�ساين‪!..‬‬ ‫�أنا مل �أعُ ْد �أنا‪ ..‬ال‬ ‫ُ ً‬ ‫مت�شي ِّ‬ ‫وتوز ُع �أع َنا َبها‪..‬‬ ‫كنت دالية ِ‬ ‫تعز ُف ْ‬ ‫ُ‬ ‫باح‪..‬‬ ‫كنت ع�صفور ًة ِ‬ ‫حلنَ َّ‬ ‫ال�ص ِ‬ ‫نان َقمي�صي ْ‬ ‫وكنت‪ ..‬وكانَ ا َ‬ ‫وعطري َّ‬ ‫كنت ُ‬ ‫ُ‬ ‫حل ُ‬ ‫املف�ضل‪..‬‬ ‫هي ٌ‬ ‫غي ْت لوين‪ ،‬و�صوتي‪ ،‬وحتى‬ ‫طعنة من‬ ‫طعنات احليا ِة‪ ..‬رَّ‬ ‫ِ‬

‫أكون �أنا‪ً :‬‬ ‫مالمح وجهي‪ ،‬لكنْ ً‬ ‫غدا �س� ُ‬ ‫دالية‪ ،‬ع�صفور ًة‪ ..‬ومن ماءِ قلبي‬ ‫�ش ُب ُّ‬ ‫كل الأح َّب ِة ‪..‬‬ ‫�س َي رْ َ‬


‫العدد ‪ 993‬ـ الثالثـاء ‪ 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫فاطمة الزهراء مرغيش‬

‫سالش‬

‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫الكتابة واألب‬

‫لقطة ذهنية نهرِّبها من انشغاالت الكتاب المغاربة والعرب‪ ،‬نرغب‬ ‫من خاللها في أن نعرف الدالالت التي تتركها في حياتهم «وجودات‬ ‫صغيرة» تصاحبهم على الدوام‪.‬‬ ‫هذا «الفالش» يحاول أن يستحضر المعاني الممكنة المرتبطة بــ‬ ‫«الكتابة واألب»‪.‬‬

‫الشاعر عبد السالم الموساوي‬

‫لم أشبع من أبي‪..‬‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ربـة‬ ‫غ غربـة‬

‫�أَ‬ ‫نحاز �إلى �سحائبي ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كلما �أخط�أين املطر‬ ‫ُ‬ ‫�س ِّبح با�سم امل�سافات‬ ‫�أ َ‬ ‫وردة‬ ‫ُ‬ ‫امل َت ِّ‬ ‫وردة على هامات‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫امل ِّ‬ ‫الوقت‬ ‫ٍ‬ ‫وجه‬ ‫و�أحاول ر�سم‬ ‫لغربة مارِ قة‬ ‫ٍ ُتزاحم الوهم‬ ‫على اجل َنبات‪.‬‬ ‫***‬ ‫للغربة‬ ‫وجه مدينة‬ ‫يها‬ ‫فا�ض مَ ُّ‬ ‫من دمع العابرين‪،‬‬ ‫فاة‬ ‫الواقفني ُح ً‬ ‫على طلل‬ ‫�شم الذكرى‬ ‫ماو َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫لهفة حائرة‪.‬‬ ‫�إال ب َِرماد‬ ‫***‬ ‫للغربة‬ ‫وجه �أبي‬ ‫ُ‬ ‫يب�سم يل‬ ‫حني‬ ‫َ‬ ‫من حلده املرتامي‬ ‫يف حدود دمي‪.‬‬ ‫***‬ ‫للغربة‬ ‫حب‬ ‫وجه ٍّ‬ ‫غي عاداته‪،‬‬ ‫رَّ‬ ‫و�شب عن طوق البداية‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫***‬ ‫للغربة‬ ‫وجهك‬ ‫َ‬ ‫املنفلت من �ضوء‬ ‫ُ‬ ‫املمعن يف‬ ‫ظله‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫جزره‬ ‫�إلى � ِآخر احللم‪.‬‬ ‫***‬ ‫للغربة‬ ‫وجهي‬ ‫َ‬ ‫املع َّل ُق على مرايا‬ ‫ما �أتقنت بالغة الت�شبيه‪،‬‬ ‫وال جماز الغواية‪.‬‬ ‫للغربة‬ ‫وجهي‬ ‫َ‬ ‫الوحي له‬ ‫الذي َ‬ ‫ُيوحى ‪،‬‬ ‫كي يك�شف لوعة‬ ‫�شاردة‬ ‫يف �سماء الله‪.‬‬ ‫***‬ ‫للغربة‬ ‫وجه ُم َو َّلع‬ ‫ٌ‬ ‫عدل ميقاته‬ ‫ٌ بفجر َّ‬ ‫و�ضيع البو�صلة‪.‬‬ ‫َّ‬

‫كان مشغوال بالرجال الذين يأتون ليلبوا دعوته في مناسبات التعبئة لالنتخابات التي كان يخوضها دائما‪ ،‬ويفوز في كل‬ ‫دوراتها نظرا لكثرة أنصاره‪ ،‬وكثرة أقاربه وأصهاره‪ ،‬ولشخصيته المهيبة والحازمة‪ .‬فقد وهبه اهلل قدرة هائلة على اإلقناع والتأثير‪..‬‬ ‫وكان يملك سلطة على القوم‪ ،‬فهو يجمعهم في كل الملمات‪ ،‬ويقودهم في األعمال الكبرى التي تعود عليهم بالنفع‪ ،‬كشق الطرق‬ ‫أو ترميم مسجد القرية‪ .‬وكان بقدر ما يقسو عليهم في القيام باألعمال الشاقة‪ ،‬فإنه يعطف عليهم‪ ،‬فيسعى إلى الفصل العادل في‬ ‫الخالفات التي تثور بينهم‪ ..‬كما كان يتوسط لدى السلطات المخزنية لإلفراج عن المعتقلين منهم‪ ..‬وبحكم مكانته أيضا‪ ،‬كان‬ ‫يجلب لفقراء القرية الكثير من المساعدات‪ ،‬من زيت وسمن ودقيق‪ ،‬مما كانت تجود به الواليات المتحدة األمريكية على الشعوب‬ ‫الفقيرة‪ ..‬كان أبي يتخيرني دون إخوتي ألكتب له أسماء المستفيدين‪ ،‬لجمال خطي‪ ،‬كان يشعرني بفخر كبير‪ ،‬وهو يستحثني على‬ ‫كتابة األسماء ويربت على كتفي مثنيا على عملي‪ ..‬عاش أبي حياة عامة‪ ،‬ومات في الثالثة والستين من عمره‪ ،‬فلم أتمكن من أن‬ ‫أشبع من أبوته‪.‬‬

‫مستودَعُ األسرار‬ ‫البشير األزمي‬

‫« القلب جبٌّ‪..»..‬‬ ‫ُ‬ ‫الكسل ينُوسُ في عينيه‪ ،‬خمَّنْتُ‬ ‫قال جدي‪ ،‬وتراجع في استحياء وهو يتمتم بكالم غير واضح‪ .‬كنت أصغي إليه وإن تظاهرتُ بعدم االكتراث‪.‬‬ ‫أنه يشعرُ بحواسه تتخدر‪ ..‬يُحِسُّ بتعب النوم‪ .‬استلقى على فراشه وبسرعة دفن جسده في مملكة النَّوْم‪.‬‬ ‫« القلب جبٌّ‪..»..‬‬ ‫ً‬ ‫بقيت الكلمتان ترطنان في أذني‪ ..‬وطفح على لساني سؤال خرج همسا‪ »:‬ترى ماذا يخفي هذا القلب؟»‪ ،‬أ إلى هذا الحد تغدو الحياة مليئة‬ ‫بأشياء نسعىإلى أن نخفيها عن من هم حولنا‪.‬‬ ‫عند استيقاظه سألني إن كنت‪ ،‬أثناء نومه‪ ،‬سمعت كالماً تفوَّه به‪ ،‬ألنه عادة ما يحدث له ذلك‪ .‬هززتُ رأسي نفياً وابتسمتُ‪ ..‬ابتسم عن أسنان‬ ‫نضيدة‪ ،‬وقال بصوت خافتٍ بعدما حمد َ‬ ‫قبل ُ‬ ‫اهلل وشكرهُ‪ »:‬كثيراً ما أهذي أثناء نومي‪ ..‬ما كنتُ من ُ‬ ‫أفعل‪ ...‬إنكنتَسمعتَ شيئاً َذ ِّكرني به‪.»..‬‬ ‫َّأكدتُ له أني لم أسمع شيئاً‪ .‬صمت للحظة‪ ،‬خرج من أعماق صمته وهَمَسَ‪ »:‬لهيبُ نا ِر األسئلةِ يكوي دماغي‪.»..‬‬ ‫شيخ يطل على‬ ‫قلب‬ ‫ُّ‬ ‫ب‬ ‫تساءلتُ‪ ،‬بيني وبين نفسي أية أسئلة هذه التي تكوي دماغه‪ ..‬بي رغبة ضاغطة لمعرفتها‪ .‬ومعرفة ما يخفيه ج‬ ‫ِ ٍ‬ ‫الثمانين‪ ..‬رفع رأسه وشَخَصَ إليَّ ينتظر أثر كالمه عليَّ‪ .‬لمَّا ألفاني صامتاً صمتَ‪ ،‬بدوره‪ ،‬للحظة وحاد ببصره إلى النافذة‪ .‬ساد الصمتُ بيننا‬ ‫لبرهة‪ ،‬وهمس من جديد‪ »:‬أحالمي ممزوجة بندى الفجر‪ .»..‬قهقهتُ ضاحكاً وقلتُ له‪:‬‬ ‫«جَدّي‪ ،‬أ من هو في مثل عمرك له أحالمٌ ممزوجة بندى الفجر؟»‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫لم يجبني‪َّ ،‬‬ ‫ظل صامتً للحظة‪ ،‬ثم تابع قائال‪ .. »:‬رأيْتُني أسير على غير هدى في دروب وأزقة إلى أن اصطدمتُ بواجهة مبنى‪ ..‬لفظني الزقاق‬ ‫فاستأنفتُ خطاي لتقودني بدورها إلى نهاية غير سالكة‪»..‬‬ ‫لمَّا رآني ظللتُ صامتاً‪ ،‬دعاني أن أقترب منه أكثر‪ ،‬كأنه يخشى أن يصل صوتُه إلى غيرنا نحن االثنين‪ ،‬قعدتُ إلى جانبه‪ .‬دبيبُ التعب يثقل‬ ‫عليه‪ ،‬يخنق تنفسه ويجعل كالمه يخرج بصعوبة‪ ،‬استدعى تنفساً عميقاً من صدره غير القادر على االستنشاق والزفر بشكل عادي‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫«‪ ...‬الحنين وتنتشي الذاكرة‪..»..‬‬ ‫سقطت الكلمة األولى من الجملة التي فاه بها‪ ،‬ولم يكتمل لي حصول المعنى الذي قصده‪..‬‬ ‫أي حنين؟‬ ‫ ‬‫سألته‪ « ،‬جدتي مازالت بيننا‪ ،‬أبناؤك وأحفادك أيضاً‪..»..‬‬ ‫ما أَحِنُّ إليه أقوى‪ ..‬إنها ما تشد اإلنسان إلى الرغبة في الحياة‪ ،‬بدونها تبدو الحياة بدون طعم‪ ..‬الحياة فرا ٌغ كبيرٌ‪..‬‬ ‫ ‬‫انقبض صدرهُ ورانت عليه كآبة‪َ ..‬ق َّطبَ جبينه مستا ًء‪َ ،‬كوَّرَ قبضة يده‪ ،‬وانزوى خلف ستار الصمت‪ ..‬صوتٌ داخلي يهمس لي‪ »:‬دعه يقذف‬ ‫أحزانه إلى هاوية النسيان»‪..‬‬ ‫كإبر حادة‪..‬‬ ‫جسده‬ ‫تخز‬ ‫بذكريات‬ ‫امتألت‬ ‫خَمَّنْتُ أن نفسه‬ ‫ٍ‬ ‫أقبلتْ أمِّي‪ ،‬رأت جدي منقبض الصدر وقد رانت عليه كآبة‪ ،‬خَمَّنَتْ أنه حدثني عن حلمه باسترجاع األرض‪ .‬بإشارة من رأسها وعينها فهمت‬ ‫أنها تطلب مني أن أذهب إلى غرفتي‪ .‬دخلتُ إلى غرفتي‪ ،‬ارتميتٌ فوق سريري‪ ،‬في حلمه باستعادة أرضه‪ ،‬بدأتُ أنشج‪ ،‬حاولت خنق هذا النشيج‬ ‫ِبدَسِّ رأسي تحت الوسادة‪ ..‬أغمضتُ عينيَّ‪ ،‬وددتُ أن أحلم‪.‬‬ ‫كان حلمي الباهر أن يستعيد جدي أرضه‪..‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪993‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫حوار مع‬ ‫القاصة المغربية‬

‫سلوى ياسين‬ ‫حاورها إيمان بنعزوز‪ /‬شيماء برسة‬ ‫ قدمي لنا نفسك ؟‬‫سلوى ياسين من مواليد مدينة مكناس إجازة في اللغة االنجليزية تخصص آداب ما بعد‬ ‫الكولونيالية‪ ،‬أستاذة اللغة االنجليزية حاصلة على شهادة الزوار الدوليين في مجال تدريس‬ ‫اللغة االنجليزية كلغة ثانية بالواليات المتحدة االمريكية‬

‫‪ -‬لماذا كتابة القصة القصيرة ؟‬

‫أحيانا أقول إنني اخترت السرد عموما ألنه يمنحني الفرصة الختبار األفكار‪ ،‬التجارب‬ ‫وبالتأكيد سرد الحكاية‪ ،‬وداخل نوع أدبي مثل القصة القصيرة يمكن تحقيق ذلك‪ ،‬هذا فيما‬ ‫يتعلق بالشكل‪ ،‬أما القصة القصيرة كنوع أدبي فقد اخترته ألنه يقع في منطقة وسطى‬ ‫بين الشعر والرواية‪ ،‬ألنه يحتاج دقة وتكثيفا لغويا مثل الشعر‪ ،‬ونكتبه ليروي حكاية مهما‬ ‫كانت قصيرة وموجزة‪ .‬اخترت القصة القصيرة من دون شك ألنني أعجبت بكاتبات ألهمتني‬ ‫كتاباتهن بشكل كبير مثل لويزا ماي الكوت ‪ ،‬فالنري اوكنور ومارغريت اتووود‬

‫‪ -‬ما الذي تضيفه كتابة المرأة إلى القصة المغربية عامة والنسائية خاصة ؟‬

‫أظن أننا كنساء في أوطان مثل الشرق األوسط وشمال أفريقيا نحتاج أن نكتب عن أنفسنا‬ ‫حيواتنا بأنفسنا‪ ،‬إن ممارسة الكتابة هي دون شك ممارسة للحرية والتحرر وشكل من‬ ‫الحديث بصوت عال عبر الكلمات‪ .‬إننا الوحيدات القادرات على‬ ‫تصوير الحياة التي عشناها ونعيشها ونتوق ربما لتغييرها‪ .‬فحين‬ ‫يكتب الرجل عن نساء حياته أو عن النساء عموما فهو يسلط‬ ‫الضوء على الزاوية التي تهمه ‪ ،‬إنه في نظري يكتب عما يراه في‬ ‫المرأة ال عما تشعر به المرأة‪ .‬نحتاج لقلم المرأة لتكتب عن الجزء‬ ‫اآلخرالمستتر لتكتمل الحكاية‪.‬‬

‫ ماذا عــن اإلكراهــات التي تعتــرض المرأة في‬‫الكتابة ؟‬

‫في الماضي كتبت «جورج إليوت» و«جورج ساند» وكاتبات‬ ‫كثيرات بأسماء مستعارة ‪ ،‬أسماء رجال حتى تتمكن من النشر‪.‬‬ ‫ربما اختلف الوضع اليوم ‪ ،‬المرأة يمكنها أن تكتب وتنشر كتاباتها‬ ‫عبر وسائط كثيرة مثل الفايسبوك والمدونات ‪ ،‬في الحقيقة‪ ،‬اليوم‬ ‫يتساوى كل من الرجال النساء في الضغوط التي يتعرضون لها‬ ‫والمرتبطة باألساس بالتضييق على الكتابة التي يسلط عليها سيف‬ ‫التشدد الديني والرقابة االجتماعية وأحيانا السياسية وتمنع الكثير‬ ‫من الكتاب والكاتبات على حد سواء من الكتابة بالطريقة التي يرغبن‬ ‫فيها‪.‬‬

‫ ماذا عن حضور المرأة في كتابتك ؟‬‫أنا امرأة تكتب‪ ،‬ونساء قصصي كثيرات‪ ،‬أنا أكتب دون التفكير في‬ ‫الجنس الذي أنتمي إليه‪ ،‬لكن في نفس الوقت ال يمكنني أن أنسلخ‬ ‫من كوني امرأة أحمل بداخلي تجاربي ومشاعري ومواقفي اتجاه ما‬ ‫يدور حولي‪ .‬ال يمكنني أال أصفي حساباتي الكثيرة مع تاريخي ومع‬ ‫األشواك التي أصابتني ألنني باألساس امرأة‪ .‬أنا فقط أقتفي الطريق‬ ‫الذي تأخذني إليه مغامرة الكتابة الشيقة والمحفوفة بالكثير من‬ ‫المشقة والدهشة‪ .‬ربما حين أكتب قصصي أو مقاالتي ال أدور في فلك‬ ‫هذا التصنيف‪ .‬لكن ذلك ال يمنع من أن أكتب عن النساء اللواتي وضعتهم الحياة في طريقي‬ ‫وعن مآزق الوجود التي ربما يتساوى فيها كال الجنسين‪ .‬نساء وجها لوجه مع الواقع الذي يقول‬ ‫بأن بعض اآلالم والمخاوف هي لصيقة بالجنس األنثوي فقط في مجتمعاتنا كالعنف والعنف‬

‫الزوجي‪،‬واالغتصاب واإلجهاض والتحرش وغيرها في دولة فشلت في تفعيل وتطبيق القوانين‬ ‫التي تحمي النساء بداخلها‪ .‬وقد أحاول أن أشرح تعقيدات هذه الوضعية ومالبساتها لنفسي‬ ‫أوال وللقراء أيضا‪.‬‬

‫‪ -‬ما تمثلك للقصة القصيرة ؟‬

‫ً‬ ‫طفلة صغيرة وذكية تفرك يديها من‬ ‫أرى أن القصة القصيرة‬ ‫الخجل‪ .‬أحيانا تشبك أصابعها في ما يشبه محاولة للتحكم في قلق‬ ‫القصر‪ .‬قلق الحجم الصغير‪ .‬تتطلع إلى حجمها وهي تردد ‪ :‬هل‬ ‫هذا يكفي؟ تقول للعابرين الذين يزورون المعارض والمكتبات‬ ‫وهم يستغربون من حجمها ‪ :‬أنا لست رواية وال حتى رواية قصيرة‬ ‫لست حكاية كاملة‪.‬أنا قصة قصيرة‪ .‬فإذا كانت الرواية تلتهم كل‬ ‫الحكايات ما الذي يتبقى للقصة؟ يتبقى لها ببساطة صغير األشياء‪.‬‬ ‫التي هي حتما أشياء عظيمة ‪ .‬أفكر في القصة القصيرة وأرى‬ ‫بوضوح عظمة الدقة والصغر في روعة شجيرات فن «البونصاي»‬ ‫العريق‪ .‬يا له من فن ال تقدر عليه الرواية التي بيدها الضخمة‬ ‫وبطنها المنفوخ باالحداث والحكايات وانشغالها باالحتفاظ على‬ ‫النفس الطويل تبدو أكبر من أن ترعى ما ترعاه القصة‪ .‬القصة‬ ‫القصيرة تستدين رغبة الشاعر «وليم بليك» في أن يرى العالم‬ ‫في حبة رمل والجنة في وردة برية ‪ ،‬ومن « ت إس إليوت» تتوق‬ ‫القصة إلى أن تجلب للقارئ الرعب في حفنة من تراب‪ .‬ال يجب‬ ‫أن نستسهل هذا القصر والحجم الصغير الذي هو فخر القصة ‪،‬‬ ‫إنه حجم صغير خادع‪ .‬القصة تشبه قوقعة صغيرة ملقاة نصف‬ ‫مدفونة تحت رمال شاطئ هادئ تشمهاثم تضعها على أذنك‬ ‫فيأتي المحيط بكامله إلى قلبك‬

‫ ما الموضوعات التي تستأثر بآهتمام المرأة‬‫الكاتبة ؟‬

‫ربما تكون الموضوعات المتعلقة بالدفاع عن كينونة‬ ‫المرأة واختياراتها ‪ ،‬وكموضوع أساسي تستأثر الحرية بالحيز‬ ‫األكبر ‪ ،‬لكنني أظن أن المرأة الكاتبة ينبغي ان يكون العالم كله موضوعها‪ ،‬وأن يكون‬ ‫تخبط وحيرة االنسان داخل مجتمعاتنا هو األهم‪ ،‬ان تبحث فيما يجعلنا على هذا النحو‪ ،‬لماذا‬ ‫البؤس والفقر والتخلف يتعقبها ‪ ،‬لماذا نحن على هذا النحو‪ .‬وكيف يمكننا بالكتابة عن هذه‬ ‫الموضوعات أن نحدث بعض التغيير مهما كان صغيرا‪.‬‬

‫عن منشورات دار الشعر بتطوان‪ ،‬صدر للشاعرة رباب بنقطيب ديوانها الشعري األول «وساوس الوصول‪ ،‬في ‪ 62‬صفحة من القطع المتوسط‪ .‬وهو‬ ‫من األعمال الفائزة بجائزة الديوان األول للشعراء الشباب في دورتها الثانية‪.‬‬ ‫ديوان يقدم لنا شاعرة «مجهدة بالشعر» كما تقول‪ ،‬وهي تعزف على أوتار مرهفة‪ ،‬بإحساس شعري منسرح‪ ،‬بينما تقيم الشاعرة حوارا بين األصوات‬ ‫والصور‪ ،‬حيث تلتقي الموسيقى بعناصر الطبيعة في لقاء مبدع خالق‪.‬‬ ‫وإلى جانب الصوت والصورة‪ ،‬تبحث رباب بنقطيب عن جناح آخر‪ ،‬لعله جناح القصيدة‪ ،‬كيما تحلق عميقا في األعالي‪ ،‬وهي تحكي لنا عن هذا القدر‬ ‫الشعري وعن نفسها وقصائدها‪:‬‬ ‫تعالي أيتها القصائد‪ /‬لماذا تتدلين فوق الجدار‪ /‬كنبات في ضريح‪ /‬وال تقولين شيئا‪ /‬أعلم أن هذا الصرح مغر‪ /‬وأني امرأة صاخبة‪ /‬تكتب الشعر واقفة‪/‬‬ ‫وتجعلك تستيقظين ليال‪ /‬لتُسمعك غناء مختنقا‪ /‬لكن كوني رؤوفة‪ /‬فيدي لم تعد تسعفني‪ /‬على ذبح كمنجة بقوس‪...‬‬


‫العدد ‪993‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫جناح‬ ‫وحيد‬

‫عبد الجواد الخنيفي‬

‫رباب بنقطيب‬ ‫كطفل ميد �إبهامه‬ ‫لي�صالح‬

‫كنت تهفو �إيل ويف قلبك غ�صة ‪..‬‬ ‫كانت الأغنيات ت�سيل لتخفي وح�شة‬

‫الطريق ال�سيار ‪..‬‬

‫كغناء �أ�سود‬

‫فوق مائدة العائلة‬

‫كانت الورود تختبئ‬ ‫حتث ال�رسير‬

‫حتى ال ت�سمع �صيحاتنا ‪..‬‬

‫كلحظة �إميان مباغتة‬ ‫كان احلب‬

‫يقطر كثيفا قاهرا‬

‫قبل �أن ينهار ‪..‬‬

‫كريح تلكم ال�سنابل‬ ‫دون تف�سري‬

‫كنت �أنا تلك ال�شجرة التي يعذبها اخلوف‬ ‫كنت ذاك النهر الذي وجد نف�سه‬

‫�أبدا مل تكن خائنا‬ ‫كنت زير ق�صائد‬ ‫كي ي�ضفر ب�أكرب �شجن ممكن‬ ‫وكان الربيع مير م�رسعا‬ ‫كما متر هارمونيكا‬ ‫يف فم طالب بوهيمي ‪..‬‬ ‫تنق�صني �أنت‬ ‫ينق�صني �أن يرك�ض �شعرك يف عيني‬ ‫لأبعث من جديد‬ ‫تنق�صني نخوتك التي ال جدوى منها‬ ‫تنق�صني رفوف عينيك‬ ‫اللتان من مزهريات وق�صب‬ ‫تنق�صني خطاك التي يف منتهى احلرية‬ ‫�أ�صابعك التي حتط كفراخ‬ ‫يف راحة يدي‬ ‫ينق�صني جناح اخر ‪..‬‬

‫عن دار النشر «إيديسيون بلوس»‪ ،‬وبرسم سنة ‪ 2019‬صدر للشاعر الروائي المغربي أحمد بنميمون رواية جديدة‬ ‫تحمل عنوان «طرقات منتصف الليل»‪.‬‬ ‫وتقع الرواية في ‪ 231‬صفحة من الحجم المتوسط‪ ،‬موزعة على ‪ 41‬مقطعا روائيا‪.‬‬ ‫في رواية «طرقات منتصف الليل» يعتمد الكاتب لعبة السرد بكل تقنياته‪ ،‬للتغلب على صرامة األحداث التاريخية‬ ‫المتصلة بالذات‪ ،‬فردية وجماعية‪ ،‬حتى يحرر كتابته من أي سمة توثيقية‪ ،‬أو أن توصم بالطابع السير ذاتي‪ ،‬الذي‬ ‫طالما أزرت سيطرته على النص الروائي بمتخيلنا السردي‪.‬‬ ‫في «طرقات منتصف» الليل وصف غالب لقسوة واقع تاريخي رزحت تحته شرائح واسعة من أهلنا‪ ،‬لكن مع غلبة‬ ‫الفن على التوثيق‪ ،‬وإن كانت صور الواقع ال تغادر قلم الروائي وهو يتحدث عن وقائع زمن فات‪ ،‬بكثير من حيل السرد‬ ‫الفني‪ .‬فحياة أحمد الغريب لم تكن حياته وحده‪ ،‬وال معاناته فردية أيضاً‪.‬‬

‫تقاسيم‬ ‫تقاسيم‬

‫كفرح يف خراب‬

‫بني قريتني ‪..‬‬

‫يرو�ض الوقت‬

‫‪11‬‬

‫واحلب‬ ‫ال�صباح‬ ‫ّ‬ ‫رتبنا ّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واثق‬ ‫بقلب‬ ‫يف تقا�سيم طويلةٍ‬ ‫َ‬ ‫وفتحنا احلياة‬ ‫ِ‬ ‫وم�ضة البئرِ‬ ‫على‬ ‫ونوايا املطرِ‬ ‫اهق ‪..‬‬ ‫وك ّنا‬ ‫االنتظار ّ‬ ‫ُ‬ ‫ال�ش َ‬ ‫َ‬ ‫ُكنا يقظةً هاربةً‬ ‫ِ‬ ‫العمر‬ ‫معاطف‬ ‫يف‬ ‫ْ‬ ‫***‬ ‫البيا�ض‬ ‫رتبنا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫دم ُه‬ ‫الذي يباغ ُتنا ُ‬ ‫طوابري بعيدةٍ‬ ‫يف‬ ‫َ‬ ‫�ضى‬ ‫والظهرية وبع�ض‬ ‫الفو َ‬ ‫ْ‬ ‫و�س�ألنا املوجةَ‬ ‫ثياب ال ّنهرِ‬ ‫ِ‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫غابة ال ّليلِ‬ ‫والبالد عن‬ ‫َ‬ ‫أ�صابع عن معنى اجل�رسِ‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫امل�سافة‬ ‫و�شهقةَ‬

‫ت�شيخ‬ ‫حني‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اب‬ ‫يف فكرة الترّ ْ‬ ‫***‬ ‫ال�صورِ‬ ‫رتبنا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫القليل َ‬ ‫من ُّ‬ ‫وعرق الأيدي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫أعناق‬ ‫يف ال‬ ‫ِ‬ ‫املدينة‬ ‫وهواء‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الق�صب‬ ‫حفيف‬ ‫يف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يمون ‪،‬‬ ‫و�ضفاف ال ّل‬ ‫لج‬ ‫ومتاهات ال ّث ِ‬ ‫أقمار‬ ‫وح�صدنا ال‬ ‫وال�ضحكةَ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ثقب يف الغابةِ‬ ‫ٍ‬ ‫من‬ ‫يل‬ ‫مبناجلِ �آخرِ ال ّل ْ‬

‫***‬ ‫أ�صوات‬ ‫الوجوه وال‬ ‫رتبنا‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الكالم‬ ‫وخيط‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف�صول ‪،‬‬ ‫أ�سنان‬ ‫ضا ب�‬ ‫وما‬ ‫يح �أي� ً‬ ‫ُ‬ ‫الر ُ‬ ‫تكتبه ّ‬ ‫أكتاف‬ ‫ورمينا ال‬ ‫وال�ساحةَ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫باحلجرِ‬ ‫والظ ِّل ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خلف ال ّن ِ‬ ‫جمة‬ ‫و�رصنا‬ ‫َ‬ ‫ب�سهم واحدٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُجثث ًا‬ ‫�س ِ‬ ‫لح‬ ‫والطعنةَ‬ ‫ّ‬ ‫امل َ‬ ‫تتن ّف ُ‬ ‫***‬ ‫ورتبنا ‪...‬‬ ‫ورتبنا ‪..‬‬ ‫رتبنا ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫اخلريف‬ ‫أل‬ ‫�‬ ‫ن�س‬ ‫ومل‬ ‫َ‬ ‫الويف‬ ‫�صديقنا‬ ‫َّ‬ ‫الذي ع ّلمنا يوم ًا‬ ‫ن�سقط‬ ‫كيف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫دون �أجنحةْ ‪! ‬‬ ‫َ‬


‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫َقصيدتان‬ ‫إلى تطوان‬ ‫محمد عنفوف‬

‫يد ٌة �أولى �ﺇلى ِت ْطـو َ‬ ‫َق ِ�ص َ‬ ‫َان‬ ‫احكِ الأَ ْج َم ْل‬ ‫ت ِْط َو ُ‬ ‫ان َج َ‬ ‫اء َ�ص َب ُ‬ ‫َ‬ ‫�ش ُّ‬ ‫َر َّ‬ ‫َـاء ُه الأ ْ�ش َم ْل‬ ‫اع َ�سن َ‬ ‫ال�ش َع ُ‬ ‫َا َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي ُي ْر ِ�سل فيِ ا ْلف َ�ضا ا�ﻹ نْ�ش ْاد‬ ‫لط رْ ُ‬ ‫ُّـوت َف ْو َق ُغ َ�ص ْينِهِ المْ َ َّي ْاد‬ ‫و الت ُ‬ ‫َر َّ‬ ‫ب‬ ‫ال�ص‬ ‫اح َن ًدى َع َلى ا ْل َو ْردِ‬ ‫�ش َّ َ ُ‬ ‫�ض‬ ‫َ�ش َع َلى الأَ ْر ِ‬ ‫و ا ْل ُع ْ�ش ُب ُم ْنت رِ ٌ‬ ‫ان َدا ِل َي ٌـة‪ ،‬و ت َْغرِ يـ ُد‬ ‫ت ِْط َـو ُ‬ ‫ا�ض‪ ،‬و ُ�ص ْب ُح َها عِ ي ُد‬ ‫الر َي ِ‬ ‫فيَ ْ ُء ِّ‬ ‫َ‬ ‫َا ْل ُو ْر ُق ت َْ�س َج ُع ف ْو َق َ�س ْط ِح ال َّد ْار‬ ‫اع و َبا َق ُة الأَزْ َه ْار‬ ‫و المْ ِْ�س ُك َ�ض َ‬ ‫ْ‬ ‫ار ُد ُرو َبكِ ال َب ْي َ�ضـا‬ ‫َا ُّ‬ ‫ل�ص ْب ُـح زَ َ‬ ‫ـات ُت َد ِّث ُـر الأَ ْر َ‬ ‫�ض‬ ‫و ال َّدا ِل َي ُ‬ ‫�ض‬ ‫الر ْو ِ‬ ‫ار ْت َح َمائ ُِمكِ َع َلى َّ‬ ‫َط َ‬ ‫�ض‬ ‫وع فيِ الأَ ْر ِ‬ ‫ا�سمِ ُ‬ ‫ني َي ُ�ض ُ‬ ‫و ا ْل َي َ‬ ‫ت َْع ُلو ُهن َ‬ ‫َاك ِج َبا ُل َك الخْ َ ْ�ض َـرا‬ ‫و الن َّْه ُر َي ْركُ ُ‬ ‫�ض َي ْق ِ�ص ُد ا ْل َب ْح َر‬ ‫َه َذا الجْ َ َم ُ‬ ‫ـال ِب َق ْب َ�ضةِ ا ْل َق ْل ِب‬ ‫ت ُْ�ش ُدو ُّ‬ ‫ور بِهِ َع َلى ال ُّد ْل ِب‬ ‫الط ُي ُ‬ ‫ـاد‬ ‫ت ِْط َو ُ‬ ‫َّـر ٌة‪ ،‬و �أَ ْع َي ُ‬ ‫ان ُ�سك َ‬ ‫ـاد‬ ‫ُو ْر ٌق‪َ ،‬ق َر ْن ُف َل ٌة‪ ،‬و�ﺇن َْ�ش ُ‬ ‫َف ْو ُج الحْ َ َما ِئ ِم‪ ،‬و الأَ َغارِ ي ُد‬ ‫ت َْه ُفو �ﺇ َل ْيكِ ؛ َف َيكْ برَ ُ ا ْلعِيـ ُد‬ ‫ـات‬ ‫ام ِ‬ ‫ت ِْط َو ُ‬ ‫ان َيا َب َل َد الحْ َ َم َ‬ ‫ْ‬ ‫ُت ْلقِي ا ْل َهد َ‬ ‫ـات‬ ‫ِيل كَ مِ ثلِ نَا َي ِ‬ ‫و ا ْل َب ْد ُر َف ْو َق َ�س َم ُاه ِق ْندِيـلُ‬ ‫اء �ﺇكْ ل ُ‬ ‫و الأَ جْ ُ‬ ‫ِيـل‬ ‫ن ُم ا ْل َب ْي َ�ض ُ‬

‫يد ٌة ثا ِني ٌَة �ﺇلى ِت ْطـو َ‬ ‫َق ِ�ص َ‬ ‫َان‬ ‫ان‬ ‫ت ِْط َو ْ‬ ‫َ‬ ‫ألوان‬ ‫يا زهر ًة بهية ال ْ‬ ‫نان‬ ‫بوع ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ�س َقي ِتنِي من مائكِ الزُّ اللِ فيِ‬ ‫الن�ش ْيد‬ ‫�أوائ َِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احلروف فيِ‬ ‫ْ‬ ‫و َ‬ ‫اجلميل‪:‬‬ ‫فا�ض يف �صباحِ كِ‬ ‫�شم ِ�سكِ ‪..‬‬ ‫ُ�ش ُ‬ ‫عاع ْ‬ ‫و َ�ش ْد ُو ُبل ُبلٍ غِ ِّر ْيد‬ ‫و َل ْغ ُو ُو ْر َقكِ‬ ‫ُ‬ ‫�شقائق‬ ‫هم�سة الن َدى على‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ُّعمان‪.‬‬ ‫الن ْ‬ ‫ُ‬ ‫ني‪...‬‬ ‫وح يا�سمِ ْ‬ ‫و فيِ ال�سط ِ‬ ‫و ْ‬ ‫بي�ضاء‬ ‫ِم‬ ‫ئ‬ ‫ما‬ ‫ْ‬ ‫رفر َف ْت َح ٌ‬ ‫ُفو ْي َق نخ َلةٍ َف ْرهاء‪..‬‬ ‫ِطوان َح ْو َل ِجيد ِ​ِك‬ ‫ت ُ‬ ‫ِ�س ْل�س َل ٌة بها ُخ َم ْي َ�س ٌة من ف َّ‬ ‫ِ�ضةٍ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يح‪،‬‬ ‫اجلبنيِ خَ ْي ُط رِ ْ‬ ‫و فيِ‬ ‫و فيِ ال َق َد ْم‬ ‫خَ ْلخَ ْال‪!..‬‬ ‫ال�صيف يكْ برَ ُ ِّ‬ ‫ياء‬ ‫ِ‬ ‫ال�ض ْ‬ ‫فيِ‬ ‫ِي�ض فيِ ا َ‬ ‫َيف ُ‬ ‫ملدين َْة‪!..‬‬ ‫فيِ �شارِ ِع الن ْ‬ ‫َّخيل‬ ‫ال�س َع ْف‪.‬‬ ‫تمَ ُ ُّد ِظ َّلها �أهِ َّل ُة َّ‬ ‫و فيِ امل�ساءِ َيع َب ُق َ‬ ‫احل َب ْق‪،‬‬ ‫وع مِ ْ�س ُك ال َّل ْي ْل‪..‬‬ ‫َي ُ�ض ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فيِ الليلِ َي ْ�ض َحك الق َم ْر‬ ‫�ضاء كال َف َر ْح‬ ‫و الأجنُ ُم ال َب َي ُ‬

‫‪12‬‬

‫حفل توقيع كتاب‬

‫الفلسفة السياسية النسوية‬ ‫سؤال السيادة والكونية‬ ‫للدكتور عزيز الهاللي‬

‫كالم في الشعر‬ ‫المغربي المعاصر‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬

‫نظمـــت الجامعــة للجميــع يــوم‬ ‫‪ 2019 - 05 - 04‬بمركــز العمل الالئق‬

‫بتطوان‪ ،‬حفل توقيع كتــاب الموسوم ب‬ ‫«الفلسفة السياسيــة النسويـة ‪ :‬سؤال‬ ‫السيــــادة والكونيـــة» للدكتـــور عزيز‬ ‫الهاللي‪ .‬وشارك في هذا الملتقى كل‬ ‫من الدكتور عزيز بوستا واألستاذ محمد‬ ‫الجياللي والفنـــان التشكيلـي يوســـف‬ ‫سعدون والدكتور حسن اليمالحي‪ .‬كما‬ ‫حضر جمهور مهتم ونوعي في هذا اللقاء‪.‬‬ ‫قدم د‪ .‬عزيز بوستا أستاذ العلــوم‬ ‫التربية والفلسفة ورقة نقديــة تميــزت‬ ‫بالعمق النظري‪ ،‬بحيث سلط األضواء‬ ‫على الجوانب التي تشكل مراكز القوة‬ ‫في الكتاب‪ .‬فأشار إلى أن مفهوم السيادة‬ ‫تبلور في سياق تاريخي عرف عنه سلطة‬ ‫رسم الحدود الترابية‪ ،‬على خلفية معاهدة‬ ‫ويستفاليـــا‪ ،‬وهــي معاهـــدة انتصرت‬ ‫لمبدأ السلم ضدا على الحروب الطاحنة‬ ‫التي عرفتها أوروبا بين الكاثوليك‬ ‫والبروتستانت‪ .‬وثمة‪ ،‬فالسيادة اتخذت‬ ‫شكال إقصائيا لكل األشكال الثقافية‬ ‫والدينية واللسانية واالثنية‪...‬التي ال‬ ‫تنسجم مع الوحدة الثقافية الوطنية‪ .‬أما‬ ‫الكونية تعتبر مخرجا لكل اإلشكاالت التي‬ ‫يعاني منها الهوامش الثقافية‪ .‬وعلى هذا‬ ‫األساس‪ ،‬يجب أن تنفتح السيادة المغلقة‬ ‫حول المعايير الدولية المتعلقة بحقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫أما األستاذ محمد الجياللي‪ ،‬أستاذ‬ ‫الفلسفة وباحــث سوسيولوجــي‪ ،‬عقـــد‬ ‫مقارنة بين سيال بنحيب وشهر زاد‪،‬‬ ‫وبرر هذه المقارنة تحت ذريعة ممارسة‬ ‫السلطة المعرفية للمرأة ضدا على‬ ‫المعايير ثقافية مجحفة وظالمة تبخس‬

‫القدرات الذهنيـــة واإلنتاجيـــة للمرأة‪.‬‬ ‫لكن في المقابل‪ ،‬اعتبر هـــذه السلطة‬ ‫التي تمارسها الفيلسوفــة بنحبيـب‪ ،‬ال‬ ‫تروم اإلكراه وال اإللزام‪ ،‬بل هي سلطة‬ ‫تشاركية تفضي إلى تقاسم قيم المساواة‬ ‫والديمقراطية وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ومن جهته‪ ،‬اعتبر الفنان التشكيلي‬ ‫يوسف سعدون أن اللوحة التي تشكل‬ ‫عتبة أساسية على واجهــة الكتـــاب‪ ،‬ال‬ ‫يحسن استثمارها دالليا‪ ،‬إذ قدم األستاذ‬ ‫سعدون قراءة فنية تعكس الروابط‬ ‫الجمالية بين مضمــون الكتاب واللوحة‬ ‫الفنية‪ ،‬واعتبر مضمون الكتاب يتماهى‬ ‫مع المعنى الداللي للوحة على مستوى‬ ‫الجسد واأللوان والخطوط‪...‬‬ ‫وفي األخير‪ ،‬اعتبر المحتفى به د‪ .‬عزيز‬ ‫الهاللي أن الكتاب غير مسبوق في الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬سواء على مستوى المعالجة‬ ‫إلشكالية اندماج المرأة والمهاجرين‬ ‫والالجئين‪...‬في النسق الليبرالي الغربي‪،‬‬ ‫أو على مستوى المجال المعرفي الذي‬ ‫احتضن إشكالية االندماج‪ ،‬األمر يتعلق‬ ‫بالفلسفة السياسية‪ .‬ويعتبر هذا المجال‬ ‫وجهة عادلة وخيرة لالرتقـــاء إنسانيا‬ ‫وحضاريا بمفاهيم االعتراف والعدالة‬ ‫االجتماعية والتواصل إلى مقامات تحمل‬ ‫قدرا كبيرا من اإلنصاف‪ .‬كما أشار إلى‬ ‫أن اهتمامه بالفلسفة النسوية‪ ،‬جاء في‬ ‫سياق السؤال الذي يطرحونه التالميذ‪:‬‬ ‫هل هناك فيلسوفات بصيغة المؤنث؟‬ ‫ونشير إلى أن د‪ .‬حسن اليمالحي‬ ‫رئيس الجلسة قد قــام بتسييــر أطــوار‬ ‫هذا اللقاء باقتدار كبير‪ .‬أما الجمهور‬ ‫الحاضر تميزت مساهمته ببالغة اإلنصات‬ ‫وجمالية السؤال‪.‬‬

‫نصف قرن ونيف من عمر قصيدة النثر المغربية‪ ،‬والزال النقاش حولها‬ ‫مفتوحا على مصراعيه‪.‬‬ ‫كل األسئلة الممكنة حول هذه القصيدة طرحت‪ ،‬والزالت األجوبة‪،‬‬ ‫رغم تعددها واختالفها وتعارضها وتناقضها‪ ،‬ال تشفي غليل السائل‬ ‫والباحث والمتابع‪.‬‬ ‫ال يختلف أحد حول أمر بديهي هو أن الشعر المغربي المعاصر مدارس‬ ‫واتجاهات وحساسيات‪ ،‬تقليدية وحداثية‪ ،‬وما بينهما‪ ،‬تتعايش وتتدافع‬ ‫وتتالقح وتتواصل‪....‬‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬إمكانيات التعايش بين هذه االتجاهات والحساسيات‬ ‫واردة جدا‪ ،‬بالرغم من المماحكات المتعلقة بالكتابة الشعرية‪ ،‬مهما‬ ‫بلغت درجة تشنجاتها الذاتية والمعرفية‪ ،‬وكيفما تمظهرت مواجهاتها‪،‬‬ ‫سواء كانت على شكل تصورات نقدية مفاهيمية أو على شكل أطروحات‬ ‫تأصيلية أو كتب نظرية تفصيلية أو دراسات تطبيقية أو مقاالت تثقيفية‪،‬‬ ‫أو نصوص شعرية إبداعية‪ ،‬مادامت هذه المماحكات ترتبط بالمجال‬ ‫المعرفي المفاهيمي وبالذائقة اإلبداعية بعيدا عن التبخيس والتحقير‬ ‫واإلقصاء ‪.‬‬ ‫وإذا كان االرتباط بالتراث الشعري‪ ،‬واإلخالص له‪ ،‬مفهوما وشكال‬ ‫ومضمونا‪ ،‬له ما يبرره من ناحية الحرص على النموذج األصيل للشعر‪،‬‬ ‫والثبات على العمود الشعري‪ ،‬كما ورد في سياقه التاريخي األول‪ ،‬فإن‬ ‫الحداثة الشعرية العربية‪ ،‬وقصيدة النثر على الخصوص‪ ،‬واقع قائم‪ ،‬تَمّ‬ ‫تكريسه بجهود نضالية شعرية واعية بالمرحلة الزمنية التي تنتمي إليها‬ ‫هذه القصيدة إبداعيا‪ ،‬شرقا وغربا‪ ،‬بغض النظر عن كل ما يمكن أن يطرح‬ ‫من نقاش حول أصولها وأهدافها والنتائج الشعرية التي حققتها‪.‬‬ ‫تبخيس وتسفيه وتحقير هذا االتجاه أو ذاك‪ ،‬ال يدخل في مجال‬ ‫االشتغال والنقد األدبيين‪ ،‬بقدر ما يرتبط بحالة نفسية إبداعية تحاول‬ ‫إلغاء اآلخر وإقصائه‪.‬‬ ‫هذا في الوقت الذي يجب االحتكام إلى راهنية التلقي التي يفرضها‬ ‫كال االتجاهان‪ ،‬وحالة اإلقناع الشعري التي يمارسها كل اتجاه في واقع‬ ‫شعري‪ ،‬أقل ما يمكن أن يقال في حقه أنه مغبون‪ ،‬اجتماعيا وثقافيا‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬االصطفاف الشعري أمر محمود‪ ،‬مادام الغرض األساسي منه‬ ‫هو الشعر‪ ،‬بدون أي نية إللغاء أو إقصاء أو ذم اآلخر‪.‬‬ ‫يبقى السؤال؛‬ ‫من يمتلك الحق في تحديد الوجهة التي يجب أن يسلكها هذا الشعر‬ ‫المغربي المعاصر؟‬ ‫وهل ألحد الحق في القبض على بوصلة القصيدة المغربية‪ ،‬وتوجيه‬ ‫سفينتها في االتجاه الذي يرتضيه؟‬ ‫وهل يملك أي أحد من االتجاهين سلطة التحكم في رياح الشعرية‬ ‫المغربية‪ ،‬أو فرض اختياراته اإلبداعية والفنية والفكرية‪ ،‬والجزم بأن هذه‬ ‫االختيارات هي الصواب‪ ،‬وهي من لها الحق في أن تسود؟‬ ‫من يمتلك حقيقة الشعر المغربي المعاصر؟‬ ‫(إعتقاد اإلنسان أنه يمتلك الحقيقة هو مصدر كل قمع واستبداد)‪،‬‬ ‫هذه المقولة غالبا ما تتردد في أبسط أدبيات الفكر والثقافة اإلنسانية‪،‬‬ ‫مقولة تحمل في طياتها الكثير من المعنى والكثير من المعاني‪.‬‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫كاتب (‪)2/2‬‬ ‫ضيافة‬ ‫كاتب‬ ‫فيفي ضيافة‬

‫سلسلة تعريفية واقعية تلقي الضوء على بعض الكتاب والمفكرين والباحثين والمبدعين في شتى مجاالت العلوم والمعرفة‪ ،‬إلبراز‬ ‫لمحات من حياتهم الشخصية والعلمية‪ ،‬والتعريف بمؤلفاتهم وأحدث إصداراتهم التي تشهد بعمق معرفتهم‪ ،‬وموسوعية علمهم‪،‬‬ ‫تتنوع هذه الشخصيات بين أكاديمية وعلمية وأدبية‪.‬‬ ‫سلسلة تعريفية في قالب حواري تمد جسـور التالقـح بين المفكرين وبني عصرهم‪ ،‬وبين المفكرين وطبقــة قرائهم‪ ،‬وتطلعهم‬ ‫على مسار إنتاجهم وأهم أعمالهم وآخر إصداراتهم‪.‬‬

‫إعداد ‪ :‬عمر قربـاش‬

‫في هده الحلقة نواصل حوارنا مع األديب والكاتب الباحث األستاذ المختار محمد التمسماني في جزءه الثاني واألخير ضمن سلسلة «في ضيافة كاتب»‪ ،‬بعدما تطرقنا‬ ‫معه في الجزء األول لمسار حياته من حيث المولد والنشأة والتعليم‪.‬‬ ‫نحاوره في هذا الجزء عن مسار إنتاجه وأهم أعماله وآخر إصداراته‪.‬‬ ‫ـ هيأ اهلل لكم االتصال واألخذ على عدد من الشيوخ واألعالم‪ ،‬فمن‬ ‫أصحاب اآلثر األعمق فيك على مدار مراحل حياتك العلمية والعملية؟‬ ‫إن أبرز شيوخي الذين كان لهم اآلثر النافذ على مسيرة التحصيل‬ ‫والتوجيه خالل تلمذتي عليهم األعالم الجهابذة األجالء سيدي عبد الحي‬ ‫بن الصديق‪ ،‬وسيدي عبد العزيز بن الصديق‪ ،‬وسيدي عبد اهلل كنون‪،‬‬ ‫رحمهم اهلل ‪.‬‬ ‫وما كنت ألنسى أستاذي الشاعر األديب عبد الغني سكيـرج ـ رحمه‬ ‫اهلل ـ الذي كان كلما تالقينا سألني عن آخر ما قرأت‪ ،‬وعن الكتب التي‬ ‫اقتنيت‪ ..‬وله الفضل في أن وجهني إلى العناية بمؤلفات محمود شاكر‪،‬‬ ‫ومحمد محمد حسين ومارون عبود‪ ..‬مؤلفات تذكي الحس األدبي وتروقه‬ ‫وتبصر بفنونه ودقائق أغراضه ومكنون لطائفه ‪ ..‬وكان يتحفني ببنات‬ ‫فكره عند إصدارها‪ .‬وقد أهداني ديوانه «حب الحصيد» ووسمه ـ كما ترى‬ ‫سيدي عمرـ بهذه االلتفاتة الرقيقة‪:‬‬ ‫هدية مني إلى مكان اإلبن البار األود واألخ العزيز األديب األريب‬ ‫السيد المختار التمسماني مع خالص المودة واالحترام‪.‬‬

‫هذي نوافـح شعـري‬ ‫والقلـب فيه ســرور‬

‫أزفهــــا كهديـــة‬ ‫يزجيـك ألف تحية‬

‫أخوكم في ‪ 1987/10/27‬توقيع عبد الغني سكيرج‬ ‫ـ كغيرك من الكتاب‪ ،‬البد أن يكون لديك بدايات على درب األدب‬ ‫والكلمة الوضيئة‪ ،‬متى وأين كانت أول تجربة‬ ‫في الكتابة لديك؟‬ ‫صعب علي أن أحدد بداية تجربتي في‬ ‫الكتابة ألني ما وضعت نفسي قط ـ وما‬ ‫كنت ألضعها ـ في مصاف أصحاب األقالم‬ ‫ألن للكتابة ضوابط وقواعد لم أرق بعد إلى‬ ‫مستوى بعضها ولم أف‪ ،‬فكيف أندس بينهم‬ ‫وانتحل صفتهــم؟ ال واهلل‪ ..‬وإذا ما كتبــت ـ‬ ‫سيدي عمرـ فهوية على عفو الخاطر الذي‬ ‫تتلقفه الكلمة فتسيــل على الورق حســـب‬ ‫تجلياته‪ ،‬وغالبا دون سابق تخطيط أو ترصيع‪..‬‬ ‫هي فقط كلمات تنتفض من ومضات الذات‬ ‫كالمذكرات التي ال تخلو من سرائر النفس في‬ ‫لوعاتها وإفاضاتها ونقداتها مع تجارب الحياة‬ ‫وأغوار ملماتها ‪ ..‬هي باختصار كلمات جمعتها‬ ‫في كتاب أسميته «حروف على ورق» قد تكون‬ ‫هي بداية التجربة ‪ ..‬ربما ‪..‬‬ ‫ـ هل من كتاب لك قصة خاصة معه؟‬ ‫أجل ‪ ..‬في أبريل ‪ 1998‬أطلعني صديقي‬ ‫الحميم األستاذ الجليل السيد محمد بوهدان‬ ‫على دراسة للكاتب أيمن عبد الرسول بعنوان‬ ‫«من بقايا التراث السياسي في اإلسالم‪ :‬حد‬ ‫الردة»‪ ،‬وأبلغني أن ثلة من المثقفين الذين‬ ‫يتجاهرون بالعلمانية ويحملون لواءها في‬ ‫تبذخ أغبطتهم هذه الدراسة وجعلوها نموذجا ساطعا للحرية الفكرية‬ ‫واإلبداع‪ ،‬وادعوا في تبجح وتيه أن ال يستطيع قلم أن يتصدى لنقد‬ ‫محاورها وثوابتها ‪ ..‬وقرأتها وبدا لي فيها شطط األراجيف‪ ،‬وتخرص‬ ‫األباطيل‪ ،‬واعتساف الترهات المتوغلة في تحامل بذيء على شريعة اهلل‬ ‫تعالى‪ ..‬وشاءت األقدار أن كنت يوم العيد بمنزل فضيلة العالمة األستاذ‬ ‫الدكتور سيدي إبراهيم بن الصديق رئيس المجلس العلمي المحلي‬ ‫إلقليم طنجة أصيلة في مجمع ضم جل أعضاء هذا المجلس‪ ،‬وأخبرته‬ ‫بوقع هذه الدراسة في النوادي الثقافية‪ ،‬وأشرت في وجازة إلى أخطر‬ ‫مباحثها ومردمها‪ ،‬وأن الرد على هذا التحدي العلماني السافر تقويضا‬ ‫لمقاصدها المرقشة هو أمانة ملزمة في عنق العلماء ‪ ..‬فقال لي‪ :‬استعن‬ ‫باهلل وأعد تعقيبا عليها وانتقادا ‪ ..‬فقلت له‪ :‬هذه مهمة فوق طوقي ألني‬ ‫لست بعالم ‪ ..‬فألح علي وقال‪ :‬ال تتردد وتوكل على اهلل‪ ..‬ووطنت نفسي‬ ‫وتشمرت واستعجلت ‪ .‬وكنت أريد مقاال فأراد اهلل كتابا ـ كما ترى سيدي‬ ‫عمرـ قد نيف على ‪ 380‬صفحة‪ ،‬قضيت في تأليفه قرابة أربعة أشهر‪..‬‬ ‫فلما اطلع عليه رصعه بمقدمة ضافية‪ ،‬كما وطأه الشاعر الملهم والعالم‬ ‫الضليع األستاذ سيدي عبد الواحد أخريف بقصيدة «نور اإليمان وحجة‬ ‫العلم » وتفضل بمقدمة طبعته الثانية سنة ‪ 2012‬ـ وهي مزيدة ومنقحة‬

‫ـ العالمة المحدث األثري الشيخ سيدي عبد اهلل التليدي ‪ ..‬رحمهم اهلل‬ ‫برحمة واسعة وأكرم مثواهم‪..‬‬ ‫فهذه قصتي مع كتابي «من ثوابت األحكام في اإلسالم‪ :‬حد الردة‪..‬‬ ‫نقد مقال علماني»‪.‬‬ ‫ـ ال شك أنكم كتبتم عدة بحوث ومقاالت نشـرت في مجـالت‬ ‫وصحف‪ ،‬وألفتم عدة كتب‪..‬نـود التوقف مع أعمالكـم العلميــة‪،‬‬ ‫وأن تعطينا نبذة مختصرة عن مساهماتك العلمية واألدبية وعن‬ ‫مؤلفاتك التي طبعت‪..‬‬ ‫بتوفيق من اهلل عز وجل طبعت لي إلى حد اليوم ثالثة كتب‪.‬‬ ‫*من ثوابت األحكام في اإلسالم‪ :‬حد الردة ‪ ..‬نقد مقال علماني‬ ‫(‪ 1998‬ـ ‪)2012‬‬ ‫*صديقون‪ :‬ريحانة طنجة سيدي محمد بن الصديق وأنجاله األشقاء‬ ‫الخمسة الغماريون السادة‪ :‬أحمد‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬محمد الزمزمي‪ ،‬عبد الحي‪،‬‬ ‫عبد العزيز‪.2007 .‬‬ ‫*الرفيق في رحلة مع شيخي سيدي عبد العزيز بن الصديق ‪2015‬‬ ‫قدم بحثا لنيل شهادة األدب العربي في المغرب العلوي بكلية األدب‬ ‫بتطوان بإشراف الدكتور األستاذ سيدي عبد اللطيف شهبون‪.‬‬ ‫وقد اهتم بكتابي * مع صاحبي‪ :‬حوارات وأشتات في أفنان اآلداب‬ ‫والعلوم والحياة « ثلة من طلبة كلية اآلداب بتطوان وأنجزوا دراسات ـ إلى‬

‫« جوالت في مسيرة أعالم» ـ جزء ـ تكريمات وتأبينات ‪..‬‬ ‫« قطوف مختارة» ـ جزآن ـ أشتات من عيون أقوال ونوادر األدباء‬ ‫والبلغاء والحكماء وغيرهم ‪..‬‬ ‫« حروف على ورق» ـ جزء ـ مذكرات‪.‬‬ ‫«من وحي العيون» ـ جزء ـ خواطر على كتاب « عيون األخبار « البن‬ ‫قتيبة ‪..‬‬ ‫« جوالت نقدية في كتاب‪ :‬نبي اإلسالم لمحمد حميد اهلل»‬ ‫« إلى صاحبي‪ :‬رسائل من بعيد»جزء ‪.‬‬ ‫ـ تعكف حاليا على مراجعة كتابين فرغت مؤخرا من تأليفهما‪،‬‬ ‫هل يمكن أن تطلعنا على فحواهما ؟‬ ‫الكتابان هما‪ « :‬نحن وشيعة الرفض» و « نحن والغرب»‪.‬‬ ‫أما عن الكتاب األول فأصله مختزل من جلسات حوارية «مع صاحبي»‬ ‫حول مفاهيم الشيعة اإلمامية اإلثنى عشرية في القرأن والسنة والوصية‬ ‫والرجعة والمهدوية والمواالة والبداء والصرفة والنسخ والتقية والمتعة‬ ‫وقضايا أخرى تجري مجرى ثوابت العقائد في دين الرفض الذي له‬ ‫خطره في مسالك الفكر التي يتستر من خالله بالتدرج كبار فقهائه‪،‬‬ ‫وأعالم شيوخه‪ ،‬وأئمة آياته‪ ،‬وعيون محققيه‪ ،‬ومشاهيرأدبائه متخذين‬ ‫الخدعة منهجا يسعون به إلى ترسيخ عقائده ‪ ..‬هو دين ثر أتباعه أضغان‬ ‫أحقادهم وكراهيتهم في اإلسالم‪ ،‬وفي‬ ‫كتاب اإلسالم ـ وقد وصموه بالتحريف تغييرا‬ ‫وتبديال ونقصا وزيادة ـ وفي رسول اإلسالم‬ ‫صلوات ربي وسالمه عليه وأزواجه وبناته‬ ‫رضي اهلل عنهن‪ ،‬وفي الخلفاء الراشدين‬ ‫الثالثة األول‪ ،‬وفي أغلب الصحابة والتابعين‪،‬‬ ‫وفي أصحاب المذاهب الفقهية السنية حماة‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وحملة رسالته‪ ،‬وبناة حصنه وسراة‬ ‫أمجاده رضي اهلل عنهم أجمعين ‪..‬‬ ‫ويتحتم التأكيد على أن ليس كل شيعي‬ ‫رافضي العقيدة ألن التشيع المعتدل تشيع‬ ‫سني‪ ،‬وأما الرفض فتشيع دعوته باطنية‬ ‫قرمطية صرفة‪ ،‬سميتها الغلو والتعصب‬ ‫والتبديع‪ ،‬وغايتها تقويض صرح اإلسالم قرآنا‬ ‫وسنة ورسالة وحضارة ‪..‬‬ ‫وعن الكتاب الثاني «نحن والغرب» فقد‬ ‫أفرعت فيه أحد عشر فصال على الترتيب‬ ‫اآلتي‪:‬هذا الغرب ـ أجل ‪..‬طغاة ـ الغرب جهل‬ ‫اإلسالم فعاداه ـ أفراخ الغرب من أبناء جلدتنا‬ ‫ـ يا قادتنا ـ وهبت ريح اإلسالم ـ حاضرنا نحن‬ ‫ـ العربية لغة اإلسالم والحضارة ـ جهاد ال‬ ‫إرهاب ـ طغاة يحمون إسرائيل منبت اإلرهاب‬ ‫ومغرس الفتن ـ والمستقبل لإلسالم ‪..‬‬

‫حد اآلن ‪ 2013 :‬ـ ‪ 2017‬ـ حول أربعة أجزاء من أصل اثني عشر جزءا لنيل‬ ‫شهادة ماستر األدب العربي في المغرب العلوي ‪ :‬األصول واالمتدادت‪،‬‬ ‫وذلك تحت إشراف الدكتور األستاذ سيدي عبد اللطيف شهبون والدكتور‬ ‫األستاد سيدي محمد كنون ‪..‬‬ ‫ومن كتبي التي مازالت مخطوطة وهي من المساهمات المتواضعة‬ ‫في الحقل العلمي واألدبي ‪* :‬في روضة األجوبة» ‪ 10‬أجزاء‪.‬‬ ‫هو كتاب جمعت فيه ما تيسر لي الوقوف عليه من أجوبة مسكتة‪،‬‬ ‫وردود حاسمة فيها طرافة األدب ورشاقته‪ ،‬وجالل العلم ورصانته ‪..‬‬ ‫يتراقص فيها جوهر الحكمة‪ ،‬وبريق الفطنة‪ ،‬وجميل التخلص‪ ،‬وطالوة‬ ‫المالحة ‪ ..‬ترصدتها من ثنايا الكتب وأودعتها في فصول منها‪:‬‬ ‫األنبياء والرسل ـ أمهات المؤمنين ـ آل البيت ـ الخلفاء الراشدون ـ‬ ‫الصحابة ـ التابعون ـ الخلفاء والملوك والسالطين واألمراء ـ الوزراء ـ الوالة‬ ‫ـ الصوفية ـ أئمة المذاهب ـ العلماء ـ القضاة ـ النحاة واللغويون والرواة‬ ‫ـ األدباء ـ الشعراء ـ الحكماء والفالسفة والمتكلمون ـ األطباء ـ األعراب‬ ‫ـ المغنيون ـ العشاق ـ الظرفاء ـ الطفيليون ـ البخالء ـ الثقالء ـ الحمقى‬ ‫وعقالء المجانين ـ المتنبئون ـ النساء والجواري ـ الصبيان ـ الحيوانات ‪...‬‬ ‫« صرير قلم» ـ جزآن ـ بحوث ومقاالت ومقدمات‪.‬‬

‫ـ هل فكرت في كتابة سيرتك الذاتية؟‬ ‫تراني ـ سيدي عمر ـ كلما هممت بدافع ما لكتابة هذه السيرة رن في‬ ‫خلدي كالمنبه العنيف جواب أستاذي السيد عبد القادر جعفر ـ رحمه اهلل ـ‬ ‫حين سئل ـ وهو المثقف الضليع ـ نفس هذا السؤال‪ ،‬فكان يردد من عقود‬ ‫خلت أن سيرته الذاتية غير مجدية بما جرت في أعنتها ـ وإن توسعت‬ ‫موارد خبراتها وأكنان تجاربها ـ وأنه يتحاشى كتابتها كي ال يقع في‬ ‫سخافة تزكية النفس‪ ،‬وتفاهة مآثرها‪ ،‬ومنى مساعيها‪ ،‬وأوهام آمالها التي‬ ‫هي مناط العشوائية في طرز خصالها ‪ ..‬وإني لعلى درب جواب أستاذي‬ ‫الذي اقتنعت به منذ زمان‪ ،‬فاعتزلت وجدان الذاتية وانصرفت عن نزعاتها‬ ‫إذ ال خير في صيحات تطلق وتصب في واد ال ضفاف له ‪ ..‬ولنتساءل سيدي‬ ‫عمر‪ :‬هل فعال نعرف عن قرب ذاتنا حتى نحبر عناصر مضامنها وصراعاتها‬ ‫وانعكاساتها في كلمات ترصف على صحائف؟ فأين هو المسوغ العقلي‬ ‫الذي يبرهن على صدق جوهر السيرة الذاتية وأغوارها؟ أما أنا ـ وكما قلت‬ ‫لك ـ فال أعي اآلن وقبل اآلن مرامي هذه السيرة في طالقته‪ ،‬ومازلت معنى‬ ‫بمعالجة سقمها بين روح هذا الدهر وكربه ‪ ..‬وكيف أركن مطمئنا إلى‬ ‫بسط أحداثها وقد قاربت ضعف األربعين؟‬ ‫في الختام نشكرك جزيل الشكر أنك أتحت لنا من وقتك في هذه‬ ‫الفسحة الحوارية‪ ،‬ونتمنى أن نراك دائما في صحة وعطاء ‪.‬‬

‫(انتهى)‬


‫العدد ‪993‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجة‬

‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫االتكالعلىاهلل‬

‫حْ َ‬ ‫لل َر ِّ‬ ‫يم َمل ِ‬ ‫العزيز‪“ :‬ال ْم ُد هّ ِ‬ ‫ين‬ ‫قال اهلل في كتابه‬ ‫ب ا ْل َع مَال َ‬ ‫ِك َي ْو ِم ِّ‬ ‫الد ِ‬ ‫الر ْح ِ‬ ‫من َّ‬ ‫ِني َّ‬ ‫الر ِح ِ‬ ‫اك ن َْع ُب ُد و�إِ َّياكَ‬ ‫ِني”‪ ،‬فجمع الدين يف هذه الآية‪�“ ،‬إِ َّي َ‬ ‫اك ن َْع ُب ُد و�إِ َّي َ‬ ‫�إِ َّي َ‬ ‫اك ن َْ�س َتع ُ‬ ‫ِني”‪ ،‬وابتلى عباده في عبادته‪ ،‬واالستعانة به‪ ،‬من الذي يعبده حق عبادته‪ ،‬ومن‬ ‫ن َْ�س َتع ُ‬ ‫الذي يستعين به حق االستعانة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الناس وأفسدتها‪،‬‬ ‫كثير من‬ ‫واآلثام‬ ‫إن من اآلفاتِ الكبا ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫العظام‪ ،‬التي غزَتْ قلوبَ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫هلل تعالى‪ ،‬واعتمادَها على غي ِره في‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫بغي‬ ‫ها‬ ‫ق‬ ‫تعل‬ ‫واستقامتِها‬ ‫وصرَفتْها عن صحَّتِها‬ ‫ِ ِ‬ ‫األمراض‬ ‫ودفع المضا ِر‪ ،‬واستعانتَها وركونَها إلى غي ِر اهلل تعالى‪ ،‬وكل هذه‬ ‫جلب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المنافع ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫بحسب قوة اإليمان وضعفِه‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫وضع‬ ‫ل‬ ‫التوك‬ ‫ة‬ ‫قو‬ ‫فإن‬ ‫ها‪،‬‬ ‫ب‬ ‫صاح‬ ‫إيمانِ‬ ‫ضعفِ‬ ‫على‬ ‫تدُل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫قويَ إيمانُك باهلل كان ُّ‬ ‫توك ُلك عليه أقوى‪،‬‬ ‫فانظر أيها المومن إلى إيما ِنك؟ فإنه كلما ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫هلل ضعيفاً‪ ،‬فهو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫دليل على‬ ‫التوك ُل‪ ،‬وإذا كان‬ ‫اإليمان ضعُفَ‬ ‫فإذا ضعُفَ‬ ‫التوك ُل على ا ِ‬ ‫هَّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ضعفِ اإليمانِ وال بدَّ‪ ،‬قال اهلل تعالى‪َ « :‬و َعلى ِ‬ ‫ِني»‪.‬‬ ‫الل ف َت َوكلوا �إِ ْن ك ْنت ُْم ُم�ؤ ِمن َ‬

‫ُّ‬ ‫التوك َل شرطاً في اإليمانِ‪َّ ،‬‬ ‫فدل على انتفا ِء اإليمـانِ عندَ انتفا ِء‬ ‫فقد جعل سبحانه‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ون»‪ ،‬فجعل سبحانه التوكلَ‬ ‫مْ‬ ‫الل َفل َي َت َو َّ‬ ‫التوكـل‪ ،‬وقال في آية أخرى‪َ « :‬و َعلى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِل الو ِم ُن َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫مَّ‬ ‫مْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ين �إِذا ذ ِ‬ ‫ك َر اهلل َو ِجلت‬ ‫ون الذِ َ‬ ‫من أخصِّ صفاتِ المؤمنين‪ ،‬قال تعالى‪�« :‬إِنا ال�ؤ ِم ُن َ‬ ‫ُ‬ ‫ُق ُلو ُب ُه ْم َو ِ�إ َذا ُتل َِي ْ‬ ‫َّ‬ ‫هِ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ون»‪ ،‬قال ابن كثير‬ ‫ت َع َل ْيهِ ْم �آ َياتُهُ زَ ادَ ْت ُه ْم ِ�إميَان ًا َو َع َلى َ ِّ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫رحمه اهلل‪ ”:‬أي‪:‬ال يرجون سواه‪ ،‬وال يقصدون إال إياه‪ ،‬وال يلوذون إال بجنابه‪ ،‬وال يطلبون‬ ‫حوائجهم إال منه‪ ،‬وال يرغبون إال إليه‪ ،‬ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن‪،‬‬ ‫وأنه المتصرف في الملك‪ ،‬ال شريك له وال معقب لحكمه‪ ،‬وهو سريع الحساب ؛ولهذا قال‬ ‫سعيد بن جبير‪“ :‬التوكل على اهلل جماع اإليمان”‪ . ‬‬ ‫قال ابن القيم رحمه اهلل‪ “ :‬فإنه ال يستقيمُ توكل العبد حتى يصح له توحيده‪ ،‬بل‬ ‫حقيقة التوكل توحيد القلب‪ ،‬فمادامت في القلب عالئق الشرك فتوكله معلول مدخول‪،‬‬ ‫وعلى قدر إخالص التوحيد تكون صحة التوكل‪ ،‬فإن العبد متى التفت إلى غير اهلل أخذ‬ ‫ذلك االلتفات شعبة من شعب قلبه‪ ،‬فنقص من توكله على اهلل بقدر ذهاب تلك الشعبة”‬ ‫لقد أُتي كثير الناس من هذه الجهة‪ ،‬وقد جاء النقص‪ ،‬جهة النقص في العبادة‪،‬‬

‫وجهة النقص في االستعانة‪ ،‬ولذلك فأنت تراهم إذا نزل بهم أمر‪ ،‬أو حلت بهم كارثة‪،‬‬ ‫أو أحاطت بهم مصيبة‪ ،‬فإنهم يفقدون العبودية هلل‪ ،‬أو جزء منها‪ ،‬ويفقدون االستعانة‬ ‫باهلل عز وجل‪ ،‬والتوكل عليه‪ ،‬وتفويض األمور إليه‪ .‬وال يستطيعون ألمورهم تصريفاً‪،‬‬ ‫ألنهم يفتقدون إلى أمر أساس وهو توحيد اهلل واالتكال عليه وتفويض األمور إليه بعد‬ ‫األخذ بالمسببات طبعا‪.‬‬ ‫وليس معنا التوكل على اهلل تفويض األمر إليه والجلوس دون عمل أو سعي‪ ،‬أو‬ ‫البحث عن األسباب المؤدية الى المراد والمطلوب‪ ،‬فالجائع يتكل على اهلل وينتظر‬ ‫الطعام‪ ،‬والمريض يتكل على اهلل وينتظر الشفاء‪ ،‬والمحتاج يتكل على اهلل وينتظر‬ ‫حاجته‪ ،‬بل أمرنا سبحانه بالعمل واالتكال وجعل من تمام التوكل األخذ باألسباب‪ ،‬فال‬ ‫ً‬ ‫جملة ممتنعٌ عق ً‬ ‫يعني التوكل ْ‬ ‫ال‬ ‫أن ال يسعى اإلنسان ويعمل ويجتهد؛ ألن ترك األسباب‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫محمد كنون احل�سني‬

‫وحساً‪ ،‬وما أخل النبي صلى اهلل عليه وسلم بشيء من األسباب‪ ،‬فقد لبس درعين يوم‬ ‫أحد‪ ،‬واستأجر دلي ً‬ ‫ال مشركاً يدله على طريق الهجرة‪ ،‬وكان إذا سافر في حج أو جهاد حمل‬ ‫الزاد والمزاد‪ ،‬وهكذا فعل أصحابه رضوان اهلل عليهم وهم أولو التوكل حقاً ‪.‬‬ ‫ويؤدي عدم االتكال على اهلل واتخاد األسباب الموجبة لالتكال واالستعانة إلى‬ ‫ضعف في اإليمان وإتيان أمور مخلة بالدين بعيدة عن العقل والمنطق مثل االلتجاء‬ ‫إلى السحرة والكهان وتصديق المنجمين والمشعودين‪ ،‬واالتكال عليهم بحيث تجد‬ ‫التهافت على أبوابهم والحديث عن بركتهم وقضائهم للمآرب واطالعهم على الغيب‬ ‫وإشفائهم للمرضى منتشرا في البوادي والحواضر‪ ،‬وبين الجهال والمتعلمين‪ ،‬وبين‬ ‫الموظفين وأصحاب المهن‪ ،‬مع أن السحر وإتيان الكهان حرام باإلجماع‪ ،‬ال خالف فيه‬ ‫بين األئمة وال نزاع‪ ،‬ومن استحل ذلك أو صدق به فقد كفر‪ ،‬وباء بالخزي العظيم‬ ‫والخلود في سقر‪ ،‬ومن يتعاطى ذلك ال تجوز إمامته وال شهادته في المسلمين‪ ،‬وال‬ ‫يعاد إذا مرض وال يحضر جنازته إن مات من غير توبة أحد من المؤمنين‪ ،‬وقد تبرأ منه‬ ‫الرسول‪ ،‬صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬أخرج النسائي عن أبي هريرة مرفوعا من عقد عقدة ثم‬ ‫نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ‪.‬‬ ‫وأخرج البزار بإسناد جيد قوي عن جابر بن عبد اهلل مرفوعا من أتى كاهنا فصدقه‬ ‫بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد سلى اله عليه وسلم‪.‬‬ ‫وأخرج مسلم عن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫قال من أتى عرافا فسأله عن شيء لم يقبل له صالة أربعين يوما‪ ،‬قال اإلمام البغوي‬ ‫العراف هو الذي يدعي معرفة األمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على واقعها‬ ‫كالمسروق من الذي سرقه‪ ،‬ومعرفة مكان الصالة ونحو ذلك‪.‬‬ ‫إن العجب العجاب أن نجد في زماننا هذا من يصدق بالكهان والعرافين ويقصد‬ ‫أبوابهم لكسب محبة أو قبول‪ ،‬أو لتغيير أحوال أو جلب زبائن‪ ،‬أو اطالع على الغيب‪،‬‬ ‫فتجد المرأة التي يوحي مظهرها بالتمدن والحضارة‪ ،‬والرجل الذي يوحي ظاهره بالعلم‬ ‫والتفتح على العصر يقفان بباب الساحر والكاهن يطلبان بركته‪ ،‬ويصدقان أكاذيبه‪،‬‬ ‫ويقعان في حبال مكرهه وخداعه‪ ،‬فيغتصب هاته ويغرر بتلك‪ ،‬وينهب مال الثالثة ويوقع‬ ‫بينها وبين زوجها أو أهلها وأقربائها‪ ،‬أو يدفعها إلى فعل مكروه بمن تحب أو ترغب‬ ‫في وصاله‪ ،‬إلى غير ذلك من القصص التي أصبحنا نسمع عنها كل حين في عالمنا‬ ‫الذي ندعي له العلم والحضارة ‪ ،‬فياعجبا كيف ندعي التقدم والتمدن وال زلنا نؤمن‬ ‫ببركة البخور وبفعل التمائم وبتأثير الطالسم‪ ،‬وال زال بيننا من يدفع ماله للمشعودين‬ ‫والسحرة والكاهننين‪ ،‬وال زال هؤالء يكتسبون األموال الطائلة وينهبون الجيوب لضعاف‬ ‫العقول‪ ،‬إنه واهلل التخلف والجهل في أعلى مراتبه وصوره‪ ،‬واالبتعاد عن كل أسباب‬ ‫العلم ومدراج المعرفة‪ ،‬والتصديق بالباطل والكفر باهلل والشرك به‪ ،‬أخرج البخاري‬ ‫ومسلم وغيرهما عن ابي هريرة مرفوعا اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول اهلل وما‬ ‫هن؟ قال‪ :‬الشرك باهلل‪ ،‬والسحر‪ ،‬وقتل النفس التي حرم اهلل إال بالح‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وأكل ما‬ ‫اليتيم‪ ،‬والتولي يوم الزحف‪ ،‬وقذف المحصنات الغافالت المؤمنات‪.‬‬


‫العدد ‪993‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫من �أعالم طنجة املعا�رصين ‪:‬‬

‫(‪)3/1‬‬

‫العالمة الشيخ مصطفى بن أحمد البحياوي‬ ‫‪-‬‬

‫إعداد‪ :‬عدنان الوهابي‬

‫هو العالمة المفسر مصطفى بن أحمد بن عبدالرحمان البحياوي‪ ،‬اإلدريسي الحسني‪،‬‬ ‫المراكشي مولدا ونشأة‪ ،‬الطنجي دارا واستقرارا‪.‬‬ ‫رأى نور الحياة في مدينة مراكش الحمراء سنة ‪1954‬م‪ ،‬ونشأ في رعاية‬ ‫والده الشيخ أحمد بن عبدالرحمان البحياوي‪.‬‬ ‫وحين بلغ سن اإلدراك شرع في حفظ القرآن الكريم عن والده‪ ،‬وعليه‬ ‫أتقن روايتي قالون وورش‪ ،‬كما أخذ عنه مبادئ العلوم من عربية وفقه‬ ‫وتفسير وأداء‪ ،‬فوالده كان صاحب مقرأة قرآنية‪ ،‬وكان ينهض أيضا بمهمة‬ ‫اإلمامة والخطابة‪.‬‬ ‫شب المترجم له في رحاب معهد ابن يوسف الشهير في مراكش‪ ،‬وهو‬ ‫المعهد الذي سار ذكره في اآلفاق‪ ،‬وقد كان في تلك الفترة مزدهرا بكثرة‬ ‫مدرسيه‪ ،‬فتتلمذ على جلة الشيوخ به‪.‬‬ ‫فقد تسنى له في تلك المرحلة أن يتلقى مجموعة علوم على نخبة‬ ‫الشيوخ‪:‬‬ ‫• الشيخ الفقيه السباعي الكنتاوي‪ :‬درس عليه الفقه المالكي‪.‬‬ ‫• فضيلة الشيخ المقرئ محمد بن إسماعيل قرأ عليه‪ :‬مبادئ علم‬ ‫التجويد ودرس عليه الجزرية ونظم ابن بري في مقرأ اإلمام نافع‪،‬‬ ‫• فضيلة الشيخ أسميج الضرير‪ :‬قرأ عليه‪ :‬المنطق والعقيدة‪،‬‬ ‫• فضيلة الشيخ الرحالي الفاروقي حضر له مجالس جامع الصحيح إلى‬ ‫كتاب المغازي‪.‬‬ ‫• الشيخ األستاذ اللغوي أحمد الشرقاوي إقبال تلقى عنه معارف‬ ‫في اللغة واألدب وفوائد متعلقة ببعض المعاجم اللغوية‪.‬‬ ‫وغيرهم من الشيوخ والعلماء الذين أسهموا في‬ ‫تكوينه العلمي المتين‪ ،‬وتوسيع مداركه وبث‬ ‫روح البحث الدقيق في التراث اإلسالمي‪.‬‬ ‫وخالل تنقالته في مناطق المغرب‬ ‫كان ينهل من مجالس علماء المدن التي‬ ‫كان ينزل بها‪ ،‬فاستفاد في مدينة طنجة‬ ‫من حلقات الشيخ عبد اهلل بن الصديق‬ ‫والشيخ عبد العزيز بن الصديق‪ ،‬ولما‬ ‫رحل إلى مصر والحجاز واليمن أخذ عن‬ ‫خيرة العلماء والقراء والفقهاء واألدباء‬ ‫والمتكلمين‪.‬‬ ‫لما أدركت المنية والده كان‬ ‫يتابع دراسته في نهاية الطور الثانوي‬ ‫(الباكالوريا)‪ ،‬فخلف والده في اإلمامة‬ ‫والخطابة‪ ،‬وتابع نهجه في اإلقراء‬ ‫بمراكش‪ ،‬ولما اجتاز الباكالوريا التحق بمدرسة المعلمين وتخرج األول في فوجه‪ ،‬فتم تعيينه في‬ ‫منطقة نائية في جبال األطلس تسمى أكلموس‪ ،‬وأمضى هناك حوالي ثالث سنوات‪ .‬بعد ذلك‬ ‫التحق بالمركز الجهوي للدراسات اللغوية واألدبية بمراكش‪ .‬وبموازاة مع ذلك تابع دراسته في‬ ‫كلية اآلداب (شعبة الفلسفة) في الرباط‪ ،‬فكان يجمع بين التدريس في دار القرآن واإلقراء في مقرأة‬ ‫والده‪ ،‬والوظيفة‪ ،‬والدراسة اللغوية‪ ،‬ويحضر المحاضرات في الكلية‪ ،‬ويسافر في فترة االمتحانات‬ ‫إلى الرباط ليجتاز االختبارات‪.‬‬ ‫ولما تخرج من المركز الجهوي بعد سنتين من التكوين‪ ،‬عين أستاذا للغة العربية في مؤسستي‬ ‫ابن عبدون وعمر بن الخطاب بمدينة واد زم ومدينة خريبكة‪.‬‬ ‫ولما حصل على اإلجازة في الفلسفة عين أستاذا للفكر اإلسالمي والتربية اإلسالمية في ثانوية‬ ‫يوسف بن تاشفين والتي درّس بها سبع سنوات‪.‬‬ ‫وفي بداية الثمانينات اجتاز الشيخ المبارة الوطنية للتفتيش فانتقل بموجب ذلك إلى الرباط‬ ‫قضى بها مدة سنتين‪.‬‬ ‫وخالل هذه المدة حصل على دبلوم الدراسات العليا في الدراسات القرآنية‪ ،‬أنجز في تلك‬ ‫المرحلة بحثين‪ :‬األول “ المسلك األذفر فيما خالف فيه نافع أبا جعفر” واآلخر “ مناهج دراسة النص‬ ‫القرآني”‪.‬‬ ‫وبعد ذلك تقدم ببحث لنيل شهادة دكتوراه في موضوع‪ “ :‬جميلة أرباب المراصد‪ ،‬شرح عقيلة‬ ‫أتراب القصائد” للجعبري‪ ،‬لكنه قوبل بالعراقيل فصرف المترجم له نظره عن تلك األطروحة‪.‬‬ ‫وإثر تخرجه من المعهد الوطني لتكوين المفتشين تم تعيينه مفتشا عاما على جهة الشمال‪،‬‬ ‫ومشرفا على أقسام التعليم األصيل واللغة العربية في كل من‪ :‬طنجة وشفشاون وتطوان لمدة‬ ‫ثالث سنوات إلى أن استقربه المقام في طنجة‪.‬‬ ‫وقد استبطن الشيخ المعارف الكثيرة مدة تكوينه وتحصيله العلمي‪ ،‬وتفيأ منها الظالل الوارفة‪،‬‬ ‫فاتسعت بذلك قاعدته العلمية‪ ،‬فجمع بين العلوم األصول وعلوم اآللة‪ ،‬والوسائل مع علوم المناهج‬ ‫وفقه العلم‪ ،‬فعال كعبه في علم التفسير وعلم القراءات وعلوم الحديث رواية ودراية ‪ ،‬وعلم العقائد‬ ‫والفقه مذهبا وخالفا‪ ،‬والسيرة النبوية‪ ،‬وفي علوم اآللة رسخ قدمه في علم أصول الفقه‪ ،‬وأما العلوم‬ ‫العربية فقد أحاط بناصيتها حتى صار اللسان العربي ملكة له‪.‬‬ ‫وهب الشيخ مصطفى البحياوي حياته لتدريس العلوم الشرعية من وسائل ومقاصد‪ ،‬حتى عد‬ ‫من كبار مدرسي العلوم الشرعية في مدينة طنجة‪ ،‬وكان يشرف ـ وما يزال ـ على مدرسة اإلمام‬ ‫الشاطبي للتعليم العتيق بطنجة ويباشر التدريس بها‪ ،‬وخالل ثالثة عقود من الزمن تخرج على‬ ‫يديه قراء مجودون من ذوي الحفظ واإلتقان‪ ،‬وعلماء من أهل الرواية والدراية وخطباء مرشدون‪.‬‬ ‫واشتهرت دروسه العلمية التطوعية التي أقبل عليها العامة والخاصة لإلفادة منها‪ ،‬وكان‬ ‫مدارها حول التفسير والحديث والسيرة وغيرها‪.‬‬ ‫و خالل شهر رمضان من كل سنة كان يلقي دروسا في تفسير سور المفصل بأسلوب بديع‪،‬‬

‫ومنهج يأسر القلوب ويخلب الفؤاد‪ ،‬وفي شرح صحيح البخاري‪ ،‬وفي السيرة النبوية‬ ‫معتمدا سيرة أبي الفتح محمد ابن سيد الناس اليعمري المسماة “ عيون األثر‬ ‫في فنون المغازي والشمائل والسير”‪.‬‬ ‫وأبان الشيخ مصطفى البحياوي بمنهجه في هذه الكتب عن كيفية‬ ‫التعامل مع هذا التراث العظيم‪ ،‬ونبه على علو كعبة األئمة‪ ،‬وسمو‬ ‫عباراتهم‪ ،‬وسبل فهمها واستيعابها‪ ،‬وأطلع الناس على ما فيها من درر‬ ‫ونفائس بعد أن كانت كتبهم غفال من التصفح‪.‬‬ ‫ومن مميزاته في الدرس‪ :‬أنه حافظ على المدرسة المغربية في‬ ‫خصائصها وهي‪ :‬االستئهال‪ ،‬واالرتجال‪ ،‬والتلقائية بال تكلف وال تصنع‪.‬‬ ‫ثم حرصه على تقريب العلوم الشرعية للناس في صورة واضحة جلية‪،‬‬ ‫وبأسلوب سهل ميسر‪ .‬وأخيرا إسهامه الواضح الجلي في مجال العناية‬ ‫بالمصطلحات والمفاهيم العلمية تجديدا لصياغتها وتأصيال لمضامينها‪.‬‬ ‫كما مارس الشيخ الوعظ واإلرشاد في سن مبكرة من عمره‪ ،‬فأقبل‬ ‫الناس على دروسه‪ ،‬الغترافه من الكتاب والسنة‪ ،‬محكما لوسائل التأثير‬ ‫في النفوس‪ ،‬والبراعة في أسر القلوب‪ .‬ومزجه بين فقه النفس وفقه‬ ‫الدرس‪ ،‬جعل لكالمه رونقا وبهجة‪ ،‬وأضاف إليه حيوية وإشراقا‪ ،‬وكالمه‬ ‫في مقاصد الشريعة‪ ،‬ومعرفته بأسرار الشرع‪ ،‬وربطه ذلك بالفقه وأحكامه‪،‬‬ ‫دال على هذه المرتبة‪.‬‬ ‫كما نهض بالخطابة في المسجد المالصق لمدرسة الشاطبي‪ ،‬وقد‬ ‫التزم في خطبه بالحقائق اإلسالمية‪ ،‬والمعاني القطعية المستمدة من‬ ‫القرآن والسنة‪ ،‬وقواعد اإلسالم الكلية وأصوله العامة‪ ،‬إذ أن‬ ‫جل مواضيع خطبه تدور حول القرآن الكريم تعريفا باهلل‬ ‫عز وجل وإلهيته‪ ،‬وبقضايا النبوة والرسالة وبالبعث‬ ‫واليوم اآلخر‪ ،‬مع االهتمام الشديد بأسرار الشريعة‬ ‫عبادة ومعاملة وأخالقا‪ ،‬مع إعطاء النظرة‬ ‫الكلية والرؤية المتفحصة للمفاهيم‬ ‫الشرعية‪ ،‬هو في هذا ال يغفل عن آالم‬ ‫األمة وهمومها‪ .‬و قد كسا خطبه أسلوبا‬ ‫راقيا وبيانا بليغا‪ ،‬ولغة خالبة تزيد من‬ ‫صحة المضمون رونقا وجماال‪ ،‬مما يجعل‬ ‫النفس تنقاد للمقصود من الخطاب‬ ‫بسالسة وارتياح‪.‬‬ ‫كما كان وال زال عمدة في ميدان‬ ‫التفسير‪ ،‬فهو المشهود له باإلجادة‬ ‫والسبق‪ ،‬عاش للقرآن وعلومه من رسم‬ ‫وضبط وقراءة‪ ،‬فاستحق الريادة في‬ ‫فنونه‪ ،‬وتبوأ منزلة المرجعية فيه حتى‬ ‫أصبحت دروسه في التفسير منهجا متميزا ومدرسة مستقلة تشهد بذلك مسؤولياته وأعماله فقد‬ ‫تصدر كرسي اإلمام ابن عطية في مادة التفسير‪ ،‬وألقى العشرات من الدروس بثت على القناة‬ ‫السادسة‪.‬‬ ‫ودعي مرات كثيرة إللقاء عدة محاضرات بالشارقة‪ ،‬في شرح كتاب الشفا للقاضي عياض‪،‬‬ ‫وسلسلة شرح الشمائل للترمذي‪ ،‬وسلسلة شرح مختصر اإلتقان في علوم القرآن‪ ،‬وسلسة مدخل‬ ‫إلى علم التاريخ‪ ،‬وسلسلة شرح الحكم العطائية وسلسلة‪ ،‬شرح رسالة الشافعي وغيرها‪...‬‬ ‫وشارك في عضوية اللجنة المشرفة على جائزة الملك عبد اهلل للتجويد والقراءات بالمملكة‬ ‫السعودية‪ ،‬واختير ضمن لجان تحكيم مباريات التجويد في مصر والمغرب‪.‬‬ ‫وحصل الشيخ مصطفى البحياوي على عدة إجازات في الروايات القرآنية مختلفة من مجموعة‬ ‫من الشيوخ منهم‪ :‬عبدالفتاح القاضي‪ ،‬عبدالحكيم عبد اللطيف‪ ،‬الشيخ الحلواني‪ ،‬والشيخ عبد اهلل‬ ‫الحموي المالكي‪.‬‬ ‫وهو مع جهوده القيمة في الدرس والتلقين والتعليم‪ ،‬أردف معها أعماال مفيدة في تقريب‬ ‫العلوم نظما ونثرا‪ ،‬ومن أهم مؤلفاته‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ إتحاف القارئ السامع بشرح نظم البارع‪ .‬اجتهد المترجم له في إحياء هذا النظم وإبرازه‬ ‫للوجود وأضاف إليه تحقيقات وتعليقات‪،‬‬ ‫‪ 2‬ـ إضافة اللبيب لتكميل التيسير العجيب في تفسير الغريب‪ :‬وهو نظم كمل به (التيسير‬ ‫في تفسير الغريب) نظم العالمة ناصر الدين أبي العباس أحمد بن محمد المالكي‬ ‫االسكندراني المعروف بابن المنير‪ .‬لكن الشيخ البحياوي لم يكمل نظمه‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ تحقيق كتاب ( جميلة أرباب المراصد في شرح عقيلة أتراب المقاصد) للجعبري‪،‬‬ ‫‪ 4‬ـ الدليل األوفق إلى رواية ورش من طريق األزرق‪ .‬ألفه باالشتراك مع الشيخ عبد الهادي‬ ‫حميتو‪ ،‬والشيخ عبد العزيز العمراوي‪ ،‬وهو منشورات وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ روض اإللهيات من خالل مقاطع الجاللة في اآلي البينات‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ نظم االعتماد فيما لورش حال اإلفراد‪ .‬نص فيه على ما جرى العمل به في المقارئ‬ ‫الورشية في الديار المغربية‪.‬‬ ‫‪ 7‬ـ نظم العقيدة الطحاوية‪.‬‬ ‫‪ 8‬ـ نظم مجالس موطأ مالك‪.‬‬ ‫‪ 9‬ـ نظم مغازي الرسول صلى اهلل عليه‪.‬‬ ‫‪ 10‬ـ نظم تراجم أبواب البخاري‪.‬‬ ‫‪ 11‬ـ نظم قصر البرية على الرواية الورشية‪ ،‬نظم رواية ورش‪.‬‬ ‫‪ 12‬ـ النفح العنبري في نظم حكم السكندري‪ .‬نظم في علم السلوك واألخالق‪.‬‬


‫العدد ‪993‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)895‬‬

‫‪16‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫“شرود سياسي‪ -‬عشية القبض‬ ‫على عمر دهكون”‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫إذا كانت ساحـة النشر الوطنية قــد عرفــت فورة كبيرة في مجال االهتمام والعادات اليومية‪ ،‬والعالقات اإلنسانية الحميمية‪ ،‬واالهتمامات الشخصية‬ ‫بكتابة المذكرات السياسية للفاعليــن وللمساهميــن في صنـــع الوقائع المخصوصة‪...،‬‬ ‫الكبرى للمغرب المعاصر‪ ،‬فإن األمر ظل يحمل – في مستويات متعددة‬ ‫في إطار هذا التوجه العام‪ ،‬يندرج حرصنا على االنفتاح على مضامين‬ ‫ الكثير من أوجه النزوع نحو تكييف الروايات التاريخية من أجل تحقيق كتاب “شرود سياسي‪ -‬عشية القبض على عمر دهكون”‪ ،‬لمؤلفه األستاذ‬‫أهداف متداخلة‪ .‬على رأس هذه األهداف‪ ،‬تقفز مساعي تبرير المواقف‪ ،‬أو محمد الموذن‪ ،‬والصادر سنة ‪ ،2018‬في ما مجموعه ‪ 102‬من الصفحات ذات‬ ‫اختالق البطوالت‪ ،‬أو تبخيس عطاء “اآلخر”‪ ،‬أو طمس الحقائق‪ ،‬أو تضخيم الحجم المتوسط‪ .‬فالكتاب يقدم شهادة عن فترة تاريخية حاسمة من تاريخ‬ ‫اإلسهامات‪ ...،‬إلى غير ذلك مما يمكن الوقوف عند تفاصيله بتصفح سيل مغرب مطلع سبعينيات القرن الماضي‪ ،‬أي في عز سنوات الجمر والرصاص‪،‬‬ ‫مذكرات الزمن المغربي الراهن‪ .‬ولعل هذا ما جعل القناعة تترسخ لدى عندما غادر مدينته القصر الكبير‪ ،‬والتحق بمدينة الدار البيضاء أستاذا بإحدى‬ ‫قطاعات واسعة من المؤرخين المغاربة المعاصرين‪ ،‬بضـــرورة االحتفــاظ‬ ‫مؤسساتها الثانوية‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫بالمسافات الضرورية الفاصلة‬ ‫من أن األستاذ الموذن لم يرتبط‬ ‫عن مرجـعـــيـــات االسترشـــاد‬ ‫بأي عالقة تنظيمية أو إيديولوجية‬ ‫بمضامين هـــذه المذكـــرات‪.‬‬ ‫مع التنظيمات السياسية اليسارية‬ ‫وإذا كان رواد العمــل الوطنــي‬ ‫لهذه المرحلة‪ ،‬فإن ظروف العمل‬ ‫ممن كانوا ينتمون لفئة النخب‬ ‫واإلقامة جمعته بقياديين بارزين‬ ‫العالمة القــادرة على توليـــد‬ ‫من التنظيم المسلح الذي تبلور‬ ‫األفكار وعلى تفجير بنى التفكير‬ ‫في حضن االتحاد الوطني للقوات‬ ‫والتنظير‪ ،‬مثلمــا هــو الحال مع‬ ‫الشعبيــــة‪ ،‬وكذا من التنظيـــم‬ ‫الزعماء عـالل الفاســي ومحمــد‬ ‫اليساري الذي حمل اسم “منظمة‬ ‫بن الحسن الوزاني وأبي بكـــر‬ ‫‪ 23‬مارس”‪ .‬لقــد عــاش األستـــاذ‬ ‫القادري وعبد الهادي بوطالب‪،‬‬ ‫الموذن حالـــة شــرود حقيقية‪،‬‬ ‫قد استطاعوا وضع تصانيف‬ ‫رمت به بعيدا عن متاهات العمل‬ ‫مرجعية قادرة على تجاوز الطابع‬ ‫السياسي‪ ،‬لكنها مكنتـــه مـــن‬ ‫اإلخباري للمذكرات اليومية‪،‬‬ ‫التعرف على الشخصيات المحورية‬ ‫فإن قطاعات عريضة من كتاب‬ ‫في مضامين تأليفه هذا‪ ،‬ممن‬ ‫المذكرات “تحت الطلب”‪ ،‬ظلت‬ ‫كانت لهم مسؤوليات مركزية‬ ‫تعيد إنتاج نفسها‪ ،‬وتعيد إنتاج‬ ‫على مستوى التنظيمات المذكورة‬ ‫ثغراتها وسقطاتها‪ ،‬وتعيد صنع‬ ‫قبل أن يقدموا إلى المحاكمات‬ ‫أصنامها المحنطة لــ ”فتوحاتها‬ ‫التاريخية التي “وهبتهم” أحكاما‬ ‫المجــــيــــدة” وإلسهاماتهـــــا‬ ‫ثقيلة‪ ،‬من اإلعدام إلى العشـــر‬ ‫“العظيمــة” في مجـــال العمــل‬ ‫أو العشرين أو الثالثين سنة‪.‬‬ ‫الوطني التحرري ضد االستعمار‪،‬‬ ‫يتعلــق األمــر بكل من مصطفــى‬ ‫سواء منه السياسي أم المسلح‪،‬‬ ‫الرمضاني‪ ،‬وعبد القـــادر الشاوي‪،‬‬ ‫وأحمد الملياني‪ ،‬وعمر دهكون‪.‬‬ ‫وكذا في مجال النضال من أجل‬ ‫الديمقراطية بمغــرب ما بعـــد‬ ‫لقد عايش محمد الموذن هذه‬ ‫رحيل االستعمار‪.‬‬ ‫األسماء عن قــرب‪ ،‬إمــا في مقر‬ ‫العمل أو بمقر اإلقامة‪ .‬واستطاع‬ ‫وبموازاة مع هذا المسعى‬ ‫أن يجمع الكثير من التفاصيل‬ ‫العام‪ ،‬كان البد للمؤرخ أن يبحث‬ ‫عن حياتها اليومية‪ ،‬من دون أن‬ ‫عن التفاصيل “األخـــرى”‪ ،‬أو ما‬ ‫يكون على علم بنوعية نشاطها‬ ‫يمكن أن نصفـه ب ”التفاصيل‬ ‫السياســي الســـري‪ .‬وفي هـــذا‬ ‫المجاورة”‪ ،‬ونقصد بها محكيات‬ ‫الجانب بالذات‪ ،‬تكمن قوة مثل‬ ‫أشخاص عايشوا األحداث عن‬ ‫هذه المحكيات‪ ،‬إذ أنها تنظر إلى‬ ‫قرب‪ ،‬وتفاعلوا معهــا بشكــل‬ ‫الشخصيات الفاعلة من موقع‬ ‫غير مباشر‪ ،‬من دون أن تكــون‬ ‫متحرر من كل األحكام المسبقة‬ ‫غالف الكناب‬ ‫لهم أي إسهامات في صنع هذه‬ ‫أو من كل أنماط االنبهار التقديسي أو التحامل المجاني‪ ،‬مما‬ ‫األحداث وال في توجيهها وال في التأثير على مساراتها‪ .‬لقد انتبه‬ ‫مؤرخو الزمن الراهن‪ ،‬إلى أن محكيات هذه الفئة من الشهود تكون أكثر يمكن أن ينحرف بالسارد نحو مهاوي االفتراء أو ممارسة أسلوب “التقية”‬ ‫دقة في التقاط التفاصيل المغيبة‪ ،‬عن قصد أو بدونه‪ ،‬من محكيات الفاعلين قبل ذكر الوقائع والتوثيق لها‪.‬‬ ‫وإذا كان األستاذ الموذن قد جعل نفسه في موقع “الشرود السلبي”‬ ‫األساسيين‪ .‬ولعل مرد ذلك إلى اعتبارات متعددة‪ ،‬من أهمها ما هو مرتبط‬ ‫بتحرر الشخص المعني من ضغط الخضوع للموقف المسبق‪ ،‬ومن نزوع من الناحية السياسية‪ ،‬فإنه في المقابل‪ ،‬استطاع أن يضع بصمات ناصعة‬ ‫تأكيد شرعية روح المبادرة لديه‪ .‬بمعنى‪ ،‬أن الشاهد “الموازي” يكتسب كل على الكثير من المواقف اإلنسانية النبيلة التي كان لها وقعها العميق‬ ‫على الفاعل السياسي “المجاور” له في السكن وفي العمل وفي الحي‪ .‬هي‬ ‫عناصر التحرر من قيود االنتماء الحزبي‪ ،‬أو الوالء اإليديولوجي‪ ،‬أو الهاجس‬ ‫مذكرات تخترق المسكوت عنه‪ ،‬لتضفي على العطاء السياسي بعده اإلنساني‬ ‫المصلحي‪ ،‬أو االرتباط العاطفي‪ ...،‬مما يضفي على سرده الكثير من عناصر النبيل‪ ،‬ولتجعل من عناصر التساكن الحميمي أساس الوجود‪ ،‬قبل الموقف‬ ‫الجرأة في إثارة عناصر المسكوت عنه‪ ،‬وفي انتقاد األخطاء‪ ،‬بل وفي تدوين السياسي‪ ،‬وقبل االنخراط الحزبي‪ ،‬وقبل المسؤوليات التأطيرية المباشرة‪.‬‬ ‫التفاصيل الجزئية التي قد ال تثير أدنى اهتمام لدى الفاعل السياسي المباشر‪ ،‬وفي ذلك قوة معرفية‪ ،‬ال شك وأنها تساهم في استكمال صورة الفاعل‬ ‫بحكم انتظامها خارج سياق هواجسه الكبرى‪ ،‬مثلما هو الحال مع الطقوس السياسي على مستوى تفاصيل هوامشه المؤثرة والمسكوت عنها‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫اعتراضات عبد المجيد الطيب بن كيران النحوية‬ ‫في حاشيته على أوضح المسالك البن هشام األنصاري‬ ‫(الجزء األول من الحاشية)‬

‫روحة‬

‫أط‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫الحمد هلل تبارك وتعالى أوال‪ ،‬أبلغ الحمد وأوفاه‪ ،‬وأكمله‬ ‫وأنماه‪ ،‬فما من نعمة إال وهو مسديها‪ ،‬وما من منة إال هو‬ ‫موليها‪ ،‬فهو أحق من حمد‪ ،‬وأولى من شكر‪ ،‬نحمده تبارك‬ ‫وتعالى على أن يسر لنا طريق العلم وحببه إلى قلوبنا‪ ،‬وأحمده‬ ‫على عظيم عونه وتيسيره إنجاز هذا البحث حمدا كثيرا طيبا‬ ‫مباركا فيه‪.‬‬ ‫وأفضل من‬ ‫لألمم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫والصالة والسالم على خي ِر مبعوث ِ‬ ‫بالحكم‪ ،‬محمدا صلى اهلل عليه وسلم‪...‬‬ ‫أرسل‬ ‫ِ‬ ‫السادة األساتذة المحترمين أعضاء لجنة المناقشة‬ ‫األستاذة الدكتورة جميلة رزقي‬ ‫األستاذ الدكتور عبد اللطيف شهبون‬ ‫األستاذ الدكتور عبد الهادي أمحرف‬ ‫األستاذ الدكتور أحمد هاشم الريسوني‬ ‫األستاذ الدكتور محمد الحافظ الروسي‬ ‫األستاذ الدكتور مصطفى الورياغلي‬ ‫الحضور الكرام‬ ‫قبل أن أبدأ في الحديث عن فقرات هذا التقرير‪ ،‬البد من‬ ‫أن أرد الفضل إلى أهله‪ ،‬وأن ّ‬ ‫أحِل الشكر في محله‪ ،‬من ال‬ ‫يشكر الناس ال يشكر اهلل‪.‬‬ ‫وأقصد بذلك أستاذيّ المشرفين الجليلين الدكتورة‬ ‫جميلة رزقي والدكتور عبد اللطيف شهبون اللذين شرفاني‬ ‫بإشرافهما على هذا البحث وتحمال عناءه بكل حب وإخالص‬ ‫جزاهما اهلل عني خير الجزاء‪.‬‬ ‫وتأدبا مع من صنع معك صنيعا وأسدى إليك معروفا‪،‬‬ ‫أستغل هذه الفرصة لكي أتقدم بكل عبارات التقدير واالحترام‬ ‫لجميع أساتذة شعبة اللغة العربية اللذين تتلمذت على يدهم‬ ‫في فصول اإلجازة والدراسات العليا المعمقة من بينهم‬ ‫األستاذ الفاضل الدكتور عبد الرحمن بودرع حفظه اهلل‪.‬‬ ‫كما أبعث برسائل التقدير واالحترام لكل أطر وإدارييي‬ ‫ومسؤولي المؤسسة على رأسهم السيد عميد الكلية األستاذ‬ ‫الدكتور محمد سعد الزموري ونائبيه وكاتبها العام‪.‬‬ ‫ولن أفوت هذه الفرصة كذلك من دون الترحم على‬ ‫الروح الطاهرة ألبينا وشيخنا الكبير سيدي عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي الذي عاملني معاملة األب البنه منذ‬ ‫أن وطأت قدمي هذه الكلية‪ ،‬أسأل اهلل عز وجل أن‬ ‫يمطر مقامه برحمته الواسعة وأن يجزيه الجاء األوفى‪.‬‬ ‫السادة الفضالء أعضاء اللجنة العلمية الموقرة‪...‬‬ ‫أوال ‪ :‬موضوع البحث‪:‬‬ ‫إذا كانـت العلوم منحـــا إلهيّة ومواهــب‬ ‫اختصاصيّة‪ ،‬فغيــر مستبعـــد أن يدّخر لبعض‬ ‫المتأخّرين ما عسر على كثير من المتقدّمين‪،‬‬ ‫كلمة قالها الحلبي‪ ،‬وصدقت على ابن مالك الطائي‬ ‫الجياني‪ ،‬حين نال الغاية العظمى والمنزلة الرفيعة‬ ‫حين مد راحتين نديتين إلى تراث األقدمين ليقدمه‬ ‫عذبا للمتأخرين والمعاصرين‪ ،‬بعد أن أعمل فيه فكره‬ ‫وعقله واجتهاده وأعاد تأليفه نثرا ونظما‪ ،‬فكانت‬ ‫مؤلفاته بداية لمرحلة ثانية ومفتاحا لعلماء العربية‬ ‫لدراسة هذه اللغة‪ ،‬بعد مرحلة النحاة القدماء فرسان‬ ‫هذا الشأن‪ ،‬الذين حازوا قصب السبق فيه‪ ،‬تأصيال‬ ‫وتقعيداوتنظيما‪.‬‬ ‫وقد القت مؤلفاته وخصوصا ألفية ابن مالك من‬ ‫الشهرة والذيوع ما بلغه «كتاب» سيبويه‪ ،‬وتناولها كثير من‬ ‫العلماء بالشرح والتعليق منهم « ابن هشام‪ ،‬وابن الناظم‪،‬‬ ‫وأبو حيان‪ ،‬وابن عقيل‪ ،‬والشاطبي‪ ،‬والمكودي واألشموني‪،‬‬ ‫والمرادي‪ ،‬وابن القيم الجوزية ‪...‬الخ»‪ ،‬كما قامت على هذه‬ ‫الشروح وغيرها حواش وشروح كثيرة‪ ،‬كان لها الفضل األوفر‬ ‫في توضيح غوامض هذه المصنفات للمعلم والمتعلم‪.‬‬ ‫ويعتبر كتاب أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك البن‬ ‫هشام األنصاري من بين أهم شروح األلفية وأكثرها شهرة‪،‬‬ ‫حيث قامت عليه هو اآلخر شروح وتعليقات كثيرة منها‪:‬‬ ‫حاشية عبد المجيد الطيب بن كيران على أوضح‬ ‫المسالك البن هشام‪ ،‬التي تتألف من جزأين وتتمتين‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أن سمة االختالف واالعتراض والترجيح‬ ‫النحوي ظاهرة في النحو العربي قديما وحديثا‪ ،‬حتى اعتبر‬ ‫مرحلة من مراحل التقعيد عند علماء العربية‪ ،‬وهو أمر ذو شأن‬ ‫ال يتجرأ عليه إال من امتلك ناصية اللغة واستقرت قواعدها‬ ‫في ذهنه‪ ،‬واستظهر المسموع الهائل من شواهدها‪ ،‬وفهم‬ ‫نصوص المخالفين كما أرادوها‪ ،‬فدحض الشبه بالحجج ‪،‬‬ ‫ورجح بإعمال العقل والفكر‪.‬‬ ‫ولم يكن بغريب على العالم الجليل الطيب بن كيران‬ ‫في حاشيته على الموضح أن يلجأ إلى االعتراض النحوي نظرا‬ ‫للمستوى العلمي الذي وصل إليه الرجل‪ ،‬حيث تمكن العلم‬ ‫من نفسه‪ ،‬وعرف بشخصية العالم الفقيه‪ ،‬والنحوي الكبير بين‬ ‫طالبه‪ ،‬فال يقدم على اعتراض أو ترجيح حكم إال بعد ظهور‬ ‫الحجج والبراهين لديه‪.‬‬ ‫فاتضح لي بعد استقراء وتدبر‪ ،‬واستعانة بتوجيهات كل‬ ‫من األستاذي المشرفين على البحث‪:‬‬ ‫أن يكون موضوع البحث هو‪:‬‬ ‫« اعتراضات عبد المجيد الطيب بن كيران النحوية في‬ ‫حاشيته على أوضح المسالك‪ ،‬البن هشام األنصاري ــ الجزء‬ ‫األول من الحاشية ــ »‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫ثانيا ــ دواعي االختيار‪:‬‬ ‫ولما كانت مصنفات ابن هشام من أهم الكتب التي‬ ‫تفخر بها مكتبة النحو العربي فضال عن كونه أحد علماء‬ ‫العربية البارزين‪ ،‬بعدما نال منزلة لدى العلماء واألدباء‪ ،‬ليس‬ ‫في مصر وحدها‪ ،‬بل تعدتها إلى المشرق والمغرب‪ ،‬فإن‬ ‫دراسة حاشية صنعت على كتاب «أوضح المسالك»‪ ،‬جديرة‬ ‫باالهتمام‪ ،‬لما تحويه من أقوال النحاة ومواقفهم وآرائهم في‬ ‫كثير من القضايا النحوية محط الخالف‪ ،‬خصوصا وأن الطيب‬ ‫بن كيران عالم مغربي موهوب‪ ،‬عاش في مراحل متأخرة‪،‬‬ ‫حيث ساهم ذلك في جعل حاشيته على الموضح موسوعة‬ ‫نحوية بامتياز‪ ،‬مستفيدا في ذلك من التراكم العلمي الذي‬ ‫تزخر به خزانة النحو العربي‪ ،‬فكانت له آراء نحوية متميزة من‬ ‫خالل اعتراضه على بعض آراء ابن هشام وكثير من النحاة‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫ــ ومن دواعي اختيار هذا الموضوع كذلك إماطة اللثام‬ ‫عن نص نحوي مهم ال يزال طي النسيان‪ ،‬ومن ثم لفت‬ ‫االنتباه إلى شخصية نحوية مغربية مغمورة والتعرف على‬ ‫جهودها وآثارها العلمية حيث يعتبر عبد المجيد الطيب بن‬ ‫كيران امتدادا لمدرسة النحو المغربي بشكل خاص و العربي‬ ‫بشكل عام ‪.‬‬ ‫ــ فضال عن رصد الحركة العلمية التي راجت منذ بزوغ‬ ‫فجر النحو‪ ،‬ومحاولة التعرف على أبرز علماء النحو العربي‬ ‫ومدارسه‪ ،‬خصوصا وأن الحاشية اهتمت بعلمين مهمين‬ ‫في تاريخ النحو العربي‪ ،‬ابن هشام وابن مالك‪ ،‬ومن دار في‬ ‫فلكهما قديما وحديثا‪ ،‬وال شك أن هذا سيفيدني في تكويني‬ ‫العلمي‪.‬‬ ‫ــ كما أن هذا الموضوع لم أسبق إليه من قبل ــ فيما‬ ‫أعلم ــ إذا ما استثنينا كتب التراجم التي عرفت بالرجل‬ ‫وحاشيتهالنحوية‪.‬‬ ‫اإلشكالية ‪:‬‬ ‫بقيالسؤالعنأسباباختالفاتالنحويينواعتراضاتهم‬

‫طوال فترة التصنيف قديما وحديثا إشكاال جوهريا‪ ،‬فاختالف‬ ‫النحويين في النظر إلى أصول الصناعة النحوية من سماع‬ ‫وقياس مع وجود نزعة عقلية فلسفية إلى جعل القياس‬ ‫مطردا‪ ،‬واألخذ بما شاع واشتهر وتوثقت صلته بالموثوق‬ ‫بعربيتهم في مقابل من اعتد بالرواية وجوز القياس على كل‬ ‫ما سمع من العرب ولو كان بيتا واحدا مجهول النسبة‪.‬‬ ‫حيث أصبح موضوع التقعيد للنحو العربي شكال من‬ ‫أشكال الجدل بين النحويين متأثرا بمناهج الدراسات الفقهية‬ ‫والمنطقية‪ ،‬علما أن اتساع الرقعة المكانية لقبائل العرب‬ ‫واختالف لغاتهم‪ ،‬فضال عن اختالفهم حول األخذ بالقراءات‬ ‫القرآنية وموقف نحاة مرحلة التأصيل للنحو العربي من‬ ‫الحديث بالشريف‪...‬الخ ‪ ،‬كل هذه األسباب وغيرها أدت إلى‬ ‫تفاوتهم في الوقوف على المادة المدروسة نتج عن ذلك‬ ‫اختالف في االستقراء واالستنتاج وبالتالي اختالف في اآلليات‬ ‫النصية التي بنيت عليها القاعدة النحوية‪.‬‬ ‫والحقيقة أن الباحث عن تأصيل لسؤال عن االعتراض‬ ‫النحوي لن يجد صعوبة كبيرة في تحقيق مسعاه‪ ،‬ذلك أن‬ ‫كثيرا من النحويين قد خصصوا جهودا كبيرة في تناول هذا‬ ‫الموضوع‪.‬‬ ‫كيف ال تكون هناك اختالفات نحوية وأن طبيعة اللغة‬ ‫التطور والجريان‪ ،‬جريان المياه؟‬ ‫ولهذا بقي للباحث أن يطرح «السؤال اإليجابي» كيف‬ ‫ساهمت االعتراضات والخالفات النحوية في وجود كم هائل‬ ‫من المصنفات التي أضحت فيما بعد مصادر مهمة من‬ ‫مصادر النحو العربي؟‬ ‫وهل استطاع عبد المجيد الطيب بن كيران االستفادة‬ ‫من آليات االعتراض النحوي في ردوده على ابن هشام‬ ‫األنصاري؟‬ ‫وهل تمكن ابن كيران من الوصول إلى الهدف األسمى‬ ‫الذي رسمه في بداية حاشيته وهو جعل هذه الحاشية تعليمية‬ ‫بامتياز‪ ،‬وذلك بتبسيط قواعد الموضح وإزاحة الغموض عن‬ ‫عباراته وتفسير ما جاء فيه من لبس؟‬

‫المنهج‬ ‫اعتمدت األطروحة مقاربة تقوم على األركان اآلتية‪:‬‬ ‫الركن األول ‪ :‬العمل على تخريج الجزء األول من الحاشية‪.‬‬ ‫الركن الثاني‪ :‬االنطالق من تحليل المفاهيم النحوية في‬ ‫هيئتها اللغوية واالصطالحية واالستعمالية والبناء على نتائج‬ ‫ذلك الستنباط المبادئ الموجهة للبحث‪.‬‬ ‫الركن الثالث‪ :‬اعتماد منهج وصفي مقارن من خالل‬ ‫إيراد نصوص الردود واالعتراضات النحوية واستنباط أرائها‪،‬‬ ‫واالصطالح عليها بالمفهوم المناسب ‪.‬‬ ‫رابعا‪ -‬خطة البحث‬ ‫اقتضت طبيعة العمل على هذا البحث أن يتم على‬ ‫قسمينمتصلين‪:‬‬ ‫حيث تم تخصيص القسم األول لتخريج متن الحاشية‬ ‫إخراجا علميا‪ ،‬متحريا الدقة فيما أنقله من النسخة األصلية‪،‬‬ ‫مع الحفاظ بأمانة تامة على نص المؤلف وترتيب أبوابه كما‬ ‫صنفها ابن كيران‪.‬‬ ‫كما تم العمل على تخريج اآليات القرآنية مع شكلها‬ ‫وترقيمها وإحالتها على السور التي أخذت منها‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫تخريج األحاديث النبوية الشريفة‪ ،‬وإحالتها على مصادرها بدءا‬ ‫بالصحاح‪ .‬ثم تخريج الشواهد الشعرية‪ ،‬التي استشهد بها ابن‬ ‫كيران‪ ،‬وذكر ناظم البيت إن كان معروفا‪ ،‬ثم ضبط الشكل‬ ‫واستخراج البحور التي بنيت عليها‪.‬‬ ‫كما كنت حريصا على إحالة األبيات الشعرية على‬ ‫المصنفات والمتون النحوية أو الدواوين‪ ،‬إلثبات أن هذه‬ ‫الشواهد الشعرية موثوق في روايتها‪ ،‬ومعتمدة لدى النحاة‬ ‫في االستدالل والتقعيد لألحكام النحوية‪ .‬ناهيك عن تخريج‬ ‫أبيات المنظومات واأللغاز النحوية وخصوصا أبيات ألفية ابن‬ ‫مالك‪ ،‬وابن كيران‪.‬‬ ‫كما عملت جاهدا على ضبط نصوص النحاة وإحالتها‬ ‫إلى مصادرها‪ ،‬وخصوصا نصوص ابن هشام‪ ،‬ومن ثم التعرف‬

‫على بعض المفاهيم والكلمات التي استعصى علي تخريجها‪،‬‬ ‫لعدم وضوحها‪.‬‬ ‫وبعد ترجمة موجزة لكل من ابن مالك النحوي‪ ،‬البن‬ ‫هشام األنصاري‪ ،‬عبد المجيد الطيب بن كِيران والتعريف‬ ‫بحاشيته‪ .‬تم البحث على ثالثة فصول‪ ،‬فصل نظري وفصلين‬ ‫تطبيقيين‪.‬‬ ‫وبغية تحقيق ذلك تطرقت لمفهوم االعتراض النحوي‬ ‫لغة واصطالحا‪ ،‬وعوامل نشأته وجهود النحويين في تأصيله‬ ‫وتطبيقه قبل أن أتحدث عن مالمح منهج ابن كيران في‬ ‫اعتراضاتهالنحوية‪.‬‬ ‫إلى تطرقت إلى الحديث أصول النحو واالعتراض النحوي‬ ‫ومدى حضور هذه األصول في استدالالت ابن كيران النحوية‪،‬‬ ‫وذلك من خالل التعريف بالسماع والقياس واالجماع‪ ،‬لغة‬ ‫واصطالحاوتطبيقا‪.‬‬ ‫أما الفصل الثاني من البحث فقد تناول نماذج وأمثلة‬ ‫لصور مختلفة من القضايا الخالفية في النحو العربي‪ ،‬مثل‬ ‫بعض المفاهيم والحدود واألحكام النحوية‪ ،‬وبعض القواعد‬ ‫والتطبيقات والتقسيمات ونظام األصل والفرع‪ ،‬ورأي الطيب‬ ‫ابن كيران في هذه القضايا الخالفية مبرزا المسائل التي‬ ‫اختلف فيها مع ابن هشام‪.‬‬ ‫أما الفصل الثالث فقد تعرض لبعض صور توظيف‬ ‫الطيب بن كيران لألدلة النقلية والعقلية في اعتراضاته على‬ ‫فهم ابن هشام وغيره لبعض األدلة والقواعد النحوية‪ ،‬بعض‬ ‫أحكام الشذوذ أو الضرورة‪ ،‬فضال عن اختالف النحاة حول رواية‬ ‫الشواهد واألدلة النحوية‪ ،‬مبرزا دور لغات العرب في إثارة هذا‬ ‫الخالف‪.‬‬ ‫منهيا البحث باستعراض تطبيقات بعض آليات‬ ‫االستدالل بالدليل العقلي في حاشية ابن كيران على الموضح‪،‬‬ ‫وهي آليات استداللية وردت في «اإلغراب» و»االقتراح» ‪.‬‬ ‫وضع الفهارس الفنية في نهاية البحث‪.‬‬

‫نتائج البحث‪:‬‬ ‫ومن نتائج البحث التي توصلت إليها كذلك‪:‬‬ ‫ــ أظهر البحث بالشواهد واألدلة النظرة التوسعية‬ ‫والفهم العميق للنحو العربي اللذين يتمتع بهما ابن كيران‬ ‫عند طرح رأيه النحوي وخصوصا في المسائل التي لها عالقة‬ ‫باألحكام‪ ،‬مثل اللزوم والجواز والمنع والقيود‪ ...‬ومناقشته‬ ‫آلراء ابن هشام فيما يتعلق بالحدود والتقسيمات‪ ،‬وكل ما‬ ‫له عالقة باإلعراب والتأويل والمعاني والدالالت‪ .‬فلم تبهره‬ ‫شهرة ابن هشام أو ابن مالك‪ ،‬بل تعامل مع جميع اآلراء‬ ‫النحوية بشكل علمي فقط‪ ،‬فقابل الرأي بالرأي والحجة بالحجة‬ ‫والدليلبالدليل‪...‬‬ ‫ــ أكد البحث أن ابن كيران كان متمكنا من ضوابط‬ ‫االستدالل‪ ،‬كالسماع والقياس واإلجماع‪ ،‬مع قدرته على الدفاع‬ ‫عن رأيه باألدلة العقلية والنقلية‪ ،‬لكن في المقابل لم أجد ابن‬ ‫كيران يعتمد على األصل النحوي الرابع‪ ،‬الذي جاء به ابن مالك‬ ‫« استصحاب األصل»‪.‬‬ ‫ــ كشف البحث عن تميز ابن كيران بخطاب نحوي بعيد‬ ‫عن التكلف في مقابل خطاب ابن هشام الذي غالبا ما كان‬ ‫يشدد في طرح آراءه النحوية‪.‬‬ ‫ــ توصل البحث أن ابن كيران حاول استنباط آراءه‬ ‫بانفتاحه على جميع المشارب والمذاهب العلمية واستفادته‬ ‫من كتب النحويين وتطبيقاتهم‪ ،‬وعدم تقيده بمذهب معين‬ ‫مع إعمال النقل والعقل‪ ،‬محاولة تطوير خطاب االعتراض‬ ‫النحوي‪.‬‬ ‫ــ أثبت البحث أن ابن كيران كان متمكنا من القراءات‬ ‫القرآنية فيقارن بينها‪ ،‬متجاوزا لخطاب تضعيف القراءات‬ ‫القرآنية أو الطعن فيها كما هو الحال في بعض المصنفات‬ ‫بدليل مخالفتها للقياس‪ ،‬مشيرا إلى أن القرآن الكريم منزه‬ ‫عن التمييز بين لغات العرب ونزل بعدة لغات عربية‪،‬‬ ‫ــ أظهر البحث أن ابن كيران كان مستظهرا لكتاب‬ ‫سيبويه ومطلعا على مصنفات ابن مالك وابن هشام والرضي‬ ‫والسيوطي وغيرهم من كبار العلماء المشهورين وأوضح‬ ‫القيمة العلمية التي كانوا يمتازون بها‪.‬‬ ‫كما تم توضيح المنهج النحوي الذي يجب‬ ‫على المتعلم إدراكه من خالل هذا التبويب الذي‬ ‫وضعه ابن مالك‪ ،‬فاألساس هو فهم التصور الكلي‬ ‫لهذه المادة النحوية في ذهن المتعلم والتركيز على‬ ‫ضبط الحدود والتقسيمات الداخلية لهذه األبواب‪،‬‬ ‫مشددا على أن «المقصود بالذات»‪ ،‬من النحو العربي‬ ‫ليس هو الكالم وإنما المقصود هو التقعيد ألحكام‬ ‫األجزاء التي ائتلف منها الكالم رغم أسبقية هذا الباب‬ ‫في الترتيب‪.‬‬ ‫ـــ رصد البحث أن ابن كيران ناقش في‬ ‫حاشيته أغلب شراح األلفية مثل المرادي وابن الناظم‬ ‫والشاطبي والمكودي وابن عقيل واألشموني‪..‬‬ ‫فاعترض على بعض اآلراء وأشاد بآراء أخرى‪.‬‬ ‫ــ توصل البحث أن ابن كيران كان يتمتع‬ ‫بشخصية قوية وثقة كبيرة في نفسه‪ ،‬بمنهج تعليمي‬ ‫فريد‪ ،‬تمثل في تنوع الخطاب العلمي لديه‪ ،‬مع مراعاة‬ ‫الفئة المستهدفة‪ ،‬مثل حسن التمهيد لألبواب‬ ‫والموضوعات‪ ،‬والدقة في صياغة القواعد وشرح ما‬ ‫غمض من كالم النحاة وتبسيطها للمعلم والمتعلم‪.‬‬ ‫ثالثا ـ صعوبات البحث‪:‬‬ ‫وتكمن صعوبة هذا البحث في مجموعة من العوائق‬ ‫نذكر منها‪:‬‬ ‫ــ عدم وضوح المخطوط صعب علي مأمورية التخريج‬ ‫مما اضطرني إلى التدقيق في المفاهيم والبحث عن‬ ‫النصوص في مظانها األصلية‪ ،‬خصوصا عندما يتعلق األمر‬ ‫بنصوص ابن هشام أو ابن مالك‪ ،‬ومما يزيد من األمر‬ ‫صعوبة هو تصرفه في النص دون اإلشارة إلى مصدره في‬ ‫كثير من األحيان‪ ،‬وهذه طبيعة توارثها النحاة منذ القدم‪ ،‬إذ‬ ‫إن جلب المعلومات وتوثيقها وردها إلى أصولها يحتاج جهدا‬ ‫ووقتا ال يستهان بهما‪.‬‬ ‫ــ انعدام المراجع الحديثة التي تتعلق بمتن الحاشية‬ ‫إذا ما استثنينا اإلشارة إليها في كتب التراجم‪ ،‬مما اضطرني‬ ‫إلى االكتفاء بمصادر النحو العربي السابقة في أغلب األحيان‪،‬‬ ‫خصوصا إذا علمنا أن الموضوع له عالقة باالعتراض ومعرفة‬ ‫الراجح من األقوال واآلراء وتتبع خالفات النحويين وسط هذا‬ ‫الكم الهائل من المصنفات والمتون النحوية‪.‬‬ ‫اتساع متن الدراسة‪ ،‬والغموض والتضارب والكثرة التي‬ ‫ميزت المصطلحات النحوية القديمة‪.‬‬ ‫التغير المستمر في خطاطة البحث‪ ،‬ففي كل مرة يُنفتح‬ ‫فيها على موضوع جديد‪ ،‬وهي عوائق تمكنت من تذليلها‬ ‫بفضل أستاذيَّ المشرفين‪.‬‬ ‫الخاتمة ‪:‬‬ ‫وفي الختام‪ ،‬أود أن أعبر بصدق أمام اللجنة العلمية أني‬ ‫أعتبر هذه المناقشة مجلسا من مجالس الدرس والتحصيل‪،‬‬ ‫ولذلك سأجتهد في اقتناص فوائدها وتقييد شرائدها‪.‬‬ ‫كما أجدد شكري للسادة األساتذة الفضالء أعضاء اللجنة‬ ‫العلمية الموقرة وكذا أستاذيَّ المشرفين على ما كابدوه‬ ‫بسبب حرصهم الصادق على تنقيح هذا البحث وتجويده‪،‬‬ ‫لذلك أسأل اهلل عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتهم‪،‬‬ ‫ويرزقهم خير ما عنده‪.‬‬


‫الشمال‬

‫اتحاد طنجة يتقدم بطلب رسمي‬ ‫للمشاركة في البطولة العربية‬ ‫صفحة‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪993‬‬

‫الثالثــاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مــاي ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫برشلونة لم تستفد من أخطاء‬ ‫العام الماضي‬ ‫حقق نادي ليفربول اإلنجليزي المستحيل وحول خسارته ذهابا أمام‬ ‫برشلونة في ملعب نوكامب ‪ 3-0‬إلى فوز كاسح ب ‪ 0-4‬ليتأهل على‬ ‫حساب الفريق الكتالوني إلى الدور النهائي لدوري أبطال أوربا‪.‬‬ ‫وإذا كان «يورغن كلوب» مدرب ليفربول قد تفوق بشكل كبير وعرف‬ ‫كيف يتجاوز صعوبات عديدة رغم غياب نجوم ترسانته الهجومية وفي‬ ‫مقدمهم المصري محمد صالح لإلصابة فإن «أرنستو فال فيردي» مدرب‬ ‫برشلونة لم يتعلم ولم يستفد من أخطـاء العــام الماضي التي كلفـت‬ ‫الفريق الكتالوني غاليا أمام نادي روما اإليطالي‪ ..‬ولم يغير حطة ونهج‬ ‫فريقه التكتيكي الذي خاض به لقاء الذهاب‪.‬‬ ‫ذلك أن صدمة البداية والضغط العالي على دفاع برشلونة وحرمانه‬ ‫من التواصل مع خط الوسط لبناء الهجمات من الخلف أربك حساـبات‬ ‫الفريق الكتالوني في العديد من األوقات‪.‬‬ ‫وقد عرف المدرب األلماني كيف يستغل ثغرة جوردي ألبا في الجهة‬ ‫اليسرى لدفاع برشلونة ليصنع فوزا عريضا خاصة وأن الالعب «ألبا»‬ ‫ارتكب أخطاء كارتية خالل هذه المباراة وتسبب في اهتزاز شباك الفريق‬ ‫اإلسباني ثالث مرات‪.‬‬ ‫‪..‬حيث ورط فريقه في الهدفيــن األول والثالــث وتسبب تمركزه‬ ‫الخاطىء في ركلة زاوية وعدم انتباهه للهدف الرابع القاتل‪.‬‬ ‫العبوا برشلونة أضاعوا فرصا ثمينة كانت بمثابة هدايا من ميسي‬ ‫أضاعها كل من لويس سواريز وكوتينيو وألبا‪.‬‬ ‫وبالمقابل كان الالعب «فينالدوم» بمثابــة الهديــة التي أنصفــت‬ ‫المدرب «يورغن كلوب» وأنصفت جماهير ليفربـول‪ ،‬حيـــث استغــل‬ ‫الالعب الهولندي فرصتين وسجل هدفين في ظرف وجيز‪ ...‬كما استغل‬ ‫زميله «أوريغي» الفرص التي أتيحت له أمام مرمى برشلونة وسجل هو‬ ‫اآلخر هدفين في مرمى الحارس تير شتيغن‪.‬‬ ‫ويبدو أن المدرب فالفيردي وقع في نفس أخطاء الموسم الماضي‬ ‫أمام روما اإليطالي‪ ،‬حيث خاض لقـاء إيــاب الدور نصف النهائي أمام‬ ‫ليفربول بغقية طغى عليها طابع التحفظ الدفاعي إضافة إلى تأخره في‬ ‫التغييرات والمجازفة بورقة هجومية‬ ‫بديلة بإشراك مالكوم الذي لم يسعفه الوقت وعثمان ديمبيلي بعد‬ ‫فوات اال وان في مباراة روما العام الماضي‪.‬‬ ‫وخالصة القول أن نادي برشلونة لم يستفدمن أخطار مباراة الموسم‬ ‫المنصرم وكر نفس األخطاءالتي ساهمت في توقف قطاره في المحطة‬ ‫األخيرة من دوري أبطال أوربا‪.‬‬

‫صدمة زياش والمزراوي‬

‫أصيب الالعبان الدوليان المغربيان حكيم زياش ونصير المزراوي بخيبة أمل وصدمة كبيرة بعد‬ ‫إقصاء ناديهما أياكـس أمستردام الهولندي بميدانه على يد فريق توتنهام اإلنجليزي في الدور نصف‬ ‫النهائي لدوري أبطال أوربا‪.‬‬ ‫الالعبان المغربيان كانا يمنيان النفس ببلوغ الدور النهائي أو الفوز بدوري أبطال أوربا وتخلد‬ ‫اسميهما في تاريخ هذه المسابقة الكروية الهامة‪.‬‬ ‫غيرأن فريق توتنهام اإلنجليزي عرف كيف يقلب الكفة صالحه ويقلب خسارته إلى انتصار وتأهل‪..‬‬ ‫لتكون بذلك الكرة اإلنجليزية حاضرة بقوة في النهائي من خالل مواجهة ليفربول‪-‬توتنهام التي‬ ‫ستقام بالعاصمة اإلسبانية مدريد‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫تقدمت إدارة اتحــاد طنجــة لكرة القدم‬ ‫بطلب رسمي للمشاركة في البطولــة العربية‬ ‫المقبلة التي تحمــل اســم «كــأس محمـــد‬ ‫السادس لألندية األبطال»‪ .‬وتوصلت الجامعة‬ ‫الملكية المغربية لكرة القدم بطلب من إدارة‬ ‫فارس البوغاز من أجل ترشيحه ضمن األندية‬ ‫المغربية المشاركة في البطولة‪ .‬وكانت اللجنة‬ ‫المنظمة قد وضعت اسم فريقي الرجاء والوداد‬ ‫البيضاويين ضمن االندية المشاركة‪ .‬كما وجه‬ ‫فريق الجيش الملكي بدوره طلب ًا للمشاركة في‬ ‫هذه التظاهرة الرياضية العربية‪.‬‬

‫الكرة المغربية حاضرة بقوة‬ ‫في المنافسات القارية‬

‫إذا كانت الكرة اإلنجليزية قـد أكدت حضورها القـــوي على‬ ‫الصعيـــد الكروي األوربي بتأهــل ثالث فرق ليفربول وتوتنهام‬ ‫لنهائي دوري أبطال أوربا وأرسنال لنهائي الدوري اآلوربي فإن‬ ‫األندية العربية المغاربية قد بسطت سيطرتها على المنافسات‬ ‫القارية بتاهل أربع فرق الوداد البيضاوي والترجي التونسي في‬ ‫نهائي دوري األبطال والنهضة البركانية والزمالك المصري في‬ ‫كأس الكونفدرالية اإلفريقية‪.‬‬ ‫ومن خالل تواجد فريقين مغربيين ضمن المؤهلين يتضح أن‬ ‫الكرة المغربية استعادت بريقها إفريقيا ‪ ..‬فبعد الر جاء في الموسم‬ ‫الماضي الوداد والنهضة البر كانية في طريقهما نحو األ لقاب‬ ‫القارية بعدما تخطى الفريق البيضاوي في نصف النهائي فريق‬ ‫ماميلودي صن داونز الجنوب إفريقي بانتصار في الر باط وتعادل‬ ‫في بريتوريا‪.‬‬ ‫والنهضـــة البركانيـــة التي حقـــقــت الممكن من المستحيل‬ ‫بتجاوزها هزيمة الذهاب بملعب الطيب المهيري بهدفين لصفر‬ ‫والتأهل على حساب النادي الر ياضي الصفاقسي التونسي بثالثية‬ ‫نظيفة‪.‬‬ ‫الوداد والنهضـة البركانيــة عليهمــا االحتراس خاصة وأنهما‬ ‫سيخوضان مباراتي الذهاب بملعبيهما وأمــام فريقين قويين‬ ‫يتوفران على الخبرة والتجربة‪.‬‬

‫فالكرة التونسية عودتنـــا على االستفــزاز لنرفزة الخصم‬ ‫والمباغتة بالتسجيل خارج الميدان والضغط بكل الوسائل في‬ ‫اإلياب لكسب رهان التأهل ‪.‬‬ ‫ونفس الشيء بالنسبة للكرة المصرية مع محاوالت الضغط‬ ‫على الحكام ‪ ...‬والزلنا نتذكر قبـل أسابيـع كيـف تأهـل الزمالك‬ ‫المصري على حسـاب حسنية أكادير في إياب الدور ربع النهائي‬ ‫لكأس الكونفدرالية والهدف المرفوض للحسنية من طرف الحكم‬ ‫األنغولي مارتينيز وتواطء التلفزة المصرية وعدم إعادة اللقطة حتى‬ ‫ال تظهر الحقيقة للعيان‪.‬‬ ‫وحتى ال يتكر نفس المشهد غيـــر الرياضي ننبه فريق النهضة‬ ‫البركانية الذي بلغ نهائي كأس الكونفدرالية اإلفريقية ألول نرة‬ ‫في تاريخه الى طريقة لعب الزمالك واالستفادة من عدم مشاركــة‬ ‫حــارســه الرسمي «حنش» الموقوف والعمل من أجل تحقيق فوز‬ ‫كبير تحسبا لمباراة العودة التي لن تكون بالسهلة‪.‬‬ ‫أمــــا بالنسبـــة للوداد البيضــاوي‪ ،‬فإن المدرب التونســي‬ ‫ف��وزي البنزرتـي قد خبر الكرة التونسية وهو يعرف خباياها‬ ‫وأسرارها‪ ..‬كل التوفيق للوداد البيضاوي والنهضة البركانية ألن‬ ‫الظفر بالمسابقتين القاريتين سيذر على خزينة الفريقين مبلغا‬ ‫ماليا مهما سيساعد في تدبير شؤونهما في الموسم المقبل بدون‬ ‫مشاكل مادية ويساعدهما على تعزيز صفوفهما بعناصر يمكن‬ ‫تعطي اإلضافة‪.‬‬

‫الفريق الوطني يواجه منتخب نيجيريا‬ ‫بفرنسا‬

‫في اط��ار التحضير لمنافسات كأس‬ ‫افريقيا لألمم التي ستقـام الصيف المقبل‬ ‫بمصر سيكــون المنتخــب المغربــي في‬ ‫محك حقيقي يوم ‪ 8‬يونيو المقبل عندما‬ ‫يالقي نظيره النيجيري في مباراة ودية‪.‬‬ ‫الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم‬ ‫توصلت إلى إتفــاق مع االتحاد النيجيـــري‬ ‫للعبة من أجـل إجراء مباراة ودية بفرنسا‬ ‫للوقوف على مكامن الضعف والقــوة في‬ ‫المجموعتين قبــل انطــالق منافســـات‬ ‫الكان‪ .‬وبتزامن مع ذلك أكدت صحيفة‬ ‫«ليكيب» الفرنسية أن المدرب الفرنسي‬ ‫هيرفي رون��ار ق��رر وض��ع ح��د لمسيرته‬ ‫الرياضية مع النخبة المغربية مباشرة‬ ‫بعد انتهاء منافسات كأس إفريقيا لألمم‬ ‫بمصر‪.‬‬ ‫وكشفت الصحيفة الفرنسيــة عن قرار‬ ‫رونار بالرحيل والتخلي عن قيادة العارضة‬ ‫الفنية للمنتخــب المغربــي في الصيـــف‬ ‫المقبل‪.‬‬ ‫ويبدو أن إقدام الجامعــة الملكيـــة‬ ‫المغربية لكرة القدم مؤخرا على إعادة‬ ‫النظر في اللجنة التقنية الوطنية وإعفاء‬ ‫رئيسها ناصر الرغيط قد أثر على رونار‬ ‫ال��ذي ل��م يعجبه ال��ق��رار‪ ،‬حيث أك��د أن‬ ‫الركيط ال يستحق ذلك‪.‬‬


‫العدد ‪993‬‬

‫الشمال الرياضي‬

‫جمعية تطاون لهواة الصيد الشاطئي تفوز‬ ‫بالبطولة المغربية لجمعيات الصيد بالقصبة الرامية‬ ‫(‪)Surfcasting 2019‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫محمد بنعيسى يستقبل مكتب سلة اتحاد طنجة‬

‫ضمن سلسلة من اللقاءات التي يقوم بها المكتب‬ ‫المديري التحاد طنجة لكرة السلة‪ ،‬وبعد االستقبال‬ ‫الذي حضي به من طرف محمد مهيدية‪ ،‬والي جهة‬ ‫طنجة تطوان الحسيمة‪ .‬عقد مكتب سلة اتحاد طنجة‬ ‫اجتماعا مع وزير الخارجية األسبق ورجل الدولة‪ ،‬محمد‬ ‫بنعيسى‪ ،‬الرئيس الحالي للمجلس البلدي ألصيلة‬ ‫بحضور نائبه توفيق اللوزاري و المدير الجهوي لوزارة‬ ‫الشباب و الرياضة طنجة تطوان الحسيمة‪ ،‬عبد الواحد‬ ‫أعزيبو المقراعي‪ .‬هذا اللقاء كان مناسبة نوه من خاللها‪،‬‬ ‫محمد بنعيسى‪ ،‬بالعمل القاعدي الهادف الذي تقوم به‬ ‫جمعية اإلتحاد الرياضي لطنجة لكرة السلة في إطار‬ ‫برنامج «طنجة الكبرى تتنفس كرة السلة «وغيرها من‬ ‫البرامج اإلشعاعية‪ .‬كما نوه بالنجاح الذي حققته القافلة‬

‫‪ ‬‬

‫تطوان ‪� :‬سعيد ريان‬

‫خـــالل العشــر سنــوات األخيـــرة تعزز المشهــد‬ ‫الرياضي ببالدنا برياضـــة بحريــة هي السورفكاستينغ‬ ‫«‪ ،»Surfcasting‬وذلك بعد تأسيــس العديـــد من‬ ‫الجمعياات المعتمة بالصيد بالقصبة الرامية‪ .‬وتضم‬ ‫هذم الجمعيات صيادين مهرةاستطاعوا الفوز في‬ ‫منافسات وطنية ودولية‪.‬‬ ‫وكانت مدينة تطوان سباقة الى انشاء أول جمعية‬ ‫في الصيد بالقصبة الرامية على يد أساتذة ومهنيين‬ ‫في ماي ‪.1998‬سميت «جمعية تطاون لهواة الصيد‬ ‫الشاطئي»‪.‬وعلى غرارها تأسست الكثير من الجمعيات‬ ‫في مختلف مدن المغرب‪.‬وبدأت تنظم مباريات محلية‬ ‫ووطنية كان آخرها البطولة المغربية لجمعيات الصيد‬ ‫بالقصبة الرامية‪.2019.‬وقد شاركت فيها ثالثة عشر‬ ‫جمعية ممثلة ألغلب جهات المغرب‪.‬‬ ‫وقد تم وضع برنامج رياضي لهذه البطولة من أربع‬ ‫مباريات حسب البرنامج التالي‪:‬‬ ‫ يوم ‪ 10‬فبراير ‪ - 2019‬المباراة األولى بشاطئ‬‫بوزنيقة من تنظيم جمعية الشباب الذهبي بالجديدة‪.‬‬ ‫‪ -‬يوم األحد ‪ 10‬مارس المباراة الثانية بشاطئ ألمينا‬

‫من تنظيم جمعية تطاون لهواة الصيد الشاطئي‪.‬‬ ‫يوم األحد ‪ 31‬مارس ‪ 2019‬المباراة الثالثة بشاطئ‬‫الرأس األسود بالعرائش من تنظيم جمعية النورس‬ ‫بشراكة مع نادي القصر الكبير‪.‬‬ ‫ يوم السبت ‪ 27‬أبريل المباراة الرابعة بشاطئ‬‫طنجة من تنظيم جمعية طنجيس بشراكة مع جمعية‬ ‫أميكوس دي بيسكا وأكاديمية أنشطة البحر بطنجة‪.‬‬ ‫مما تميزت به هذه البطولة الوطنية أن منظميها‬ ‫اعتمدوا ألول مرة القوانين الدولية الحديثة المنظمة‬ ‫للبطوالت إذ طبق الحكام المعايير المحددة لألسماك‬ ‫المصطادة التي تراعي المحافظة على البيئة البحرية‪...‬‬ ‫طيلة المباريات األربع ظل التنافس قويا بين األبطال‬ ‫المتبارين الذين راكموا رصيدا من التجارب في ممارسة‬ ‫هذه الرياضة‪.‬‬ ‫بعد احتساب مجموع النقط المحصل عليها من‬ ‫طرف الفرق الرياضية فازت جمعية تطوان لهواة الصيد‬ ‫الشاطئي بالرتبة األولى في المباراة النهائية وبالرتبة‬ ‫األولى كذلك في الترتيب العام فاستحقت لقب بطلة‬ ‫المغرب للسورفكاستينغ ‪.2019‬وتم بطنجة توزيع‬ ‫الكؤوس والميداليات على الفرق الثالثة األولى‪ .‬وشواهد‬ ‫االستحقاق في حفل رياضي كبير‪.‬‬

‫االتحاد األوربي لكرة القدم يخضع‬ ‫لكبار األنديية األوربية‬

‫‪19‬‬

‫الرياضية التي نظمتها المديرية الجهوية لوزارة الشباب‬ ‫و الرياضة طنجة تطوان الحسيمة خالل نهاية األسبوع‬ ‫الماضي بأصيلة والنواحي‪ ،‬وأشاد بتسريعها إلنجاز‬ ‫مالعب رياضية بكورنيش شاطىء أصيلة لفسح المجال‬ ‫أمام شباب المدينة و زوارها من ممارسة أنشطتهم‬ ‫الرياضية بارتياح تام‪ .‬ورحب محمد بنعيسى بعقد شراكة‬ ‫وتعاون بين جماعة أصيلة و المديرية الجهوية لوزارة‬ ‫الشباب و الرياضة طنجة تطوان الحسيمة و جمعية‬ ‫اإلتحاد الرياضي لطنجة لكرة السلة‪ ،‬تتيح نقل تجربة‬ ‫فتح مدارس للقرب لكرة السلة بالمدينة ونواحيها موازاة‬ ‫مع البرنامج المتميز رياضيا‪ ..‬تربويا ‪ ..‬اجتماعيا « طنجة‬ ‫الكبرى تتنفس كرة السلة «‪.‬‬

‫قرارات تأديبية ضد المغرب التطواني‬

‫في اجتماعها يوم األربعاء الماضي‪ ،‬قررت اللجنة‬ ‫المركزية للتأديب والروح الرياضية‪ ،‬التابعة للجامعة‬ ‫الملكية المغربية لكرة القدم‪ ،‬تغريم سعيد شيبة‪ ،‬مدرب‬ ‫شباب الريف للحسيمة‪ ،‬مبلغ ‪ 20‬ألف درهما لرفضه‬ ‫حضور المؤتمر الصحافي بعد المباراة التي جمعت فريقه‬ ‫بنادي المغرب الرياضي التطواني لحساب الدورة ‪ 27‬من‬ ‫البطولة االحترافية‪ .‬و توقيف طارق السكتيوي‪ ،‬مدرب‬ ‫فريق المغرب التطواني لمباراتين واحدة منها موقوفة‬ ‫التنفيذ‪ ،‬مع تغريمه مبلغ ‪ 5000‬درهم‪ ،‬بعد طرده في‬ ‫المباراة ذاتها التي عرفت كذلك توقيف حمزة حجي‬

‫العب فريق المغرب التطواني لمباراة واحدة بعد طرده‬ ‫في المباراة مع تغريمه مبلغ ‪ 2000‬درهما‪،‬و تغريم فريق‬ ‫المغرب التطواني مبلغ ‪ 5‬آالف درهما لرمي جماهيره‬ ‫القارورات داخل الملعب و مبلغ ‪ 2000‬درهما‪ ،‬لحصول‬ ‫فريقه على ‪ 3‬إنذارات وطردين‪ .‬كما قررت اللجنة توقيف‬ ‫ميلتون كريسا العب مولودية وجدة لمباراتين واحدة‬ ‫منها موقوفة التنفيذ‪ ،‬بعد طرده في المباراة التي جمعت‬ ‫فريقه بحسنية أكادير‪ ،‬وتغريم سريع واد زم مبلغ ‪2000‬‬ ‫درهما‪ ،‬لحصول فريقه على ‪ 4‬إنذارات خالل المباراة التي‬ ‫جمعته بالرجاء الرياضي‪.‬‬

‫ريال مدريد يقدم عرضاً مغرياً لضم‬ ‫المهاجم الفرنسي مبابي‬

‫يبدو أن االتحاد أألوربي لكرة القدم خضع لكبار األندية‬ ‫األوربية وحــدد مسـودة تظهــر تغييــرات جذرية لشكــل‬ ‫دوري أبطال أوربا‪ ،‬مما ــقد يغير شكل المنافسـة في هذه‬ ‫المسابقة‪.‬‬ ‫وسيعرف عام ‪ 2024‬تغييرات جذرية في نظــام بطولة‬ ‫دوري أبطال أوربا تصب في صالح أندية النخبة في أوربا‪.‬‬ ‫وأظهرت الوثائق التي اطلعت عليها وكالة «األسوشيتد‬ ‫بريس» خطة لتغيير نظام دور المجموعات لتضم كل مجموعة‬ ‫‪ 8‬فرق عوضا عن ‪ 4‬مما سيزيد عدد المقابالت إلى ‪ 14‬لكل‬

‫فريق وهو ما سيرفع نسبة األرباح الخاصة بحقوق البث التلفزي‪.‬‬ ‫كما أوضحت الوثائق أن ‪ 24‬فريقا من أصل ‪ 32‬متأهلين‬ ‫للبطولة سيحتفظون بمقاعدهم فيها كل موسم من دون‬ ‫الحاجة إلى التأهل عن طريق الدوري المحلي‪ ،‬مما يخـــدم‬ ‫مصالح أندية النخبـة في أوربا‪.‬‬ ‫وجاءت هذه التغييرات بعد ظهور تقارير تؤكد أن أندية‬ ‫أوربية كبــرى منهـا برشلونة وريــال مدريد وباييرن ميونيخ‬ ‫تعتزم عقد لقاء سري مع مسؤولي االتحاد األوربي لكرة القدم‬ ‫لمناقشة تغييرات محتملة في مسابقة دوري أبطال أوربا‪.‬‬

‫كشفت تقارير صحفية فرنسية أن نادي ريال‬ ‫مدريد اإلسباني قدم عرضا مغريــا لفريق باريس‬ ‫سان جيرمان الفرنسي لشــراء مهاجمـه الشـــاب‬ ‫«كيليان مبابي»‪.‬‬ ‫ونشرت صحيفة «فرانس فوتبول» الفرنسيــة‬ ‫تقريرا عن نية الفريق الملكي في التقدم بعرض‬ ‫لشراء الالعب مبابي مقابل ‪ 280‬مليون يورو‪.‬‬ ‫وأوضحت الصحيفة أن ريال مدريد الذي يسعى‬ ‫أيضا إلبرام صفقتي البلجيكي «إيدين هازارد»‬

‫والفرنسي بول بوغبا يحاول إقناع الفريق الباريسي‬ ‫بالتخلي عن نجمه صاحب ‪ 20‬هدفا‪.‬‬ ‫وأشارت إلى أن عرض ريال مدريد يفوق بكثير‬ ‫ذلك الذي دفعه الفريق الباريسي صيف عام ‪2017‬‬ ‫لضم الالعب البرازيلي نيمار داسيلفا من فريق‬ ‫برشلونة اإلسباني‪.‬‬ ‫وإذا ما تمــت هـذه الصفقـة فسيصبــح الالعب‬ ‫مبابــي أغلى العـب في العالم‪.‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة‬ ‫الأ�ؤلى‬

‫لقاءات حوارية في حلقات‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‪ ،‬تستحضر‬ ‫تجربتهم في الحياة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وقلبية إلى الماضي والمستقبل‪ .‬تذكرة السفر الثانية مع‬ ‫الروائي والناقد واإلعالمي والمناضل السياسي والدبلوماسي عبد القادر الشاوي‪ ،‬أحد أبرز وجوه ضحايا سنوات الرصاص‬ ‫بالمغرب‪ .‬أثرى المكتبة اإلنسانية بالعديد من اإلصدارات تنوعت بين حقول معرفية متنوعة‪ ،‬مثلما أثرى التجربة‬ ‫اإلنسانية في الوجود بـ «دراما ذاتية» قاسية دفع من خاللها ‪ 17‬سنة من االعتقال المظلم وراء القضبان‪.‬‬

‫ِ‬

‫صدار العدد‬

‫إ‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫س‪ 1‬ـ يحضر األستاذ عبد القادر الشاوي في مخيال القراء بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو‬ ‫الكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي وأبرز معتقلي سنوات الرصاص‪ ...‬قبل أن نأخذ في حديثنا‬ ‫عن أهم ما طبع هذه التمفصالت في مشوار حياتك‪ ،‬أريد أن أبدأ معك من النقط األصولية األولى التي تفجرت‬ ‫منها هذه الشخصية‪.‬‬ ‫ماذا تستحضر على وجه الخصوص من بداياتك األولى‪ ،‬ومن طفولتك على وجه التحديد؟‬ ‫الجواب ‪:‬‬ ‫ألقاب عابرة قد نحبها وقد تحبنا هي‬ ‫كذلك بالنظر إلى ما عشنــاه وارتكبناه‬ ‫وخضنا فيه على امتــداد مسير معيــن‬ ‫ومسار خاص‪ .‬أنا ربيب صدف‪ .‬هذا هو‬ ‫الواقع‪ ،‬وإنه لواقعــي كما أعقله عندما‬ ‫أفكر فيه بعد طول سنوات من العمر‬ ‫الذي هرّبته منذ الصغر إلى عنفوان‬ ‫ترامت امتداداته ثم إلى ذاكرة تراكبت‬ ‫مواقفها‪ .‬وأقول عادة لمن يجادلني في‬ ‫ذلك أو في غيره‪ :‬أيا صاحبي‪ ،‬أنا ربيب‬ ‫صدف تعتبرها أنت اتفاقات مقررة‪.‬‬ ‫صدفٌ ماكرة‪ ،‬كما أدّعي‪ ،‬ألنها‬ ‫ال تبوح بأسرارها وال تعلم‬ ‫بمجراها وال تقول شيئا عن‬ ‫(الدَّهشات) التي يمكــن‬ ‫أن تصاحبهــا وال نــدري‬ ‫أي منقلب إليـــه ســوف‬ ‫ننقلب‪ .‬الصــدف التي‬ ‫تعتقل الخيال وال تفلت‬ ‫منها عاطفة‪ ،‬كما لو‬ ‫كانت آيات أُن ِزلتْ على‬ ‫االختيارات فاستحالتْ‬ ‫َ‬ ‫هذه إلى قرارات يا ْ‬ ‫تؤخذ أو تترَك ال حول آلخذٍ في األخذ‬ ‫أن‬ ‫وال لتاركٍ في الترك‪ .‬أنا واهلل عشت هذا في مساري العام‪،‬‬ ‫وفي كل مسافة كنت أخطوها غافال إلى أمام‪ ،‬مع االعتراف‬ ‫بأنني لم أعرف الوراء إال في الحلم ثم لم أجد وراء إال في‬ ‫الخيال الذي تخيلته النكساراتي‪ .‬وسأقول‪ ،‬تبعا لهذا‪ ،‬إنها‬ ‫أيضا صُدف صديقة ال تضمر لك أي تحذير قد يكون شرا‬ ‫على أسرارك‪ ،‬وال قدرا ال يرتفع على أوهامك‪ ،‬وال تشوها قد‬ ‫يصيب وحدتك وتر ّفعك اإلنساني بالتشوه الذي يصيب‪،‬‬ ‫غالبا‪ ،‬ذلك االختيار القصدي أو اإلرادي مهما كان نبيال أو‬ ‫نافعا أو مجيدا أو مرغوبا فيه‪ ،‬أن يصيبه كما يصاب المريض‬ ‫عندما تيأس عواطفه العليلة باإلصابة القاتلة‪ .‬أقول وحيدا‬ ‫كذا ومعي الصبر‪ :‬ال يزعجني األمر وال يقنعني ولن يغير‬ ‫اقتناعي بصدفتي الخاصة‪ .‬أنا هكذا‪ ،‬فمن شاء أن يؤمن‬ ‫بانفعالي مع صُدَفي فله ذلك‪ ،‬ومن لم يشأ فليبتعد عني‪،‬‬ ‫ألنني أنزعج في الغالب من أصحاب اليقين التام‪ُ ،‬‬ ‫وَك ِّلي‬ ‫شكوك ال تهدأ‪.‬‬ ‫كيف يعقل‪ ،‬مثال‪ ،‬أن أمضي في طريق حتى ولو لم يكن‬ ‫لي من هدف خاص للمضي فيه‪ ،‬فإذا بي‪ ،‬بعد ريح هبهاب‬ ‫ال تقلقني‪ ،‬أَ ِجد نفسي في مجرى مختلف‪ ،‬فال يكون الوعي‬ ‫به بعد ذلك إال من حاصل عقله‪ .‬كثيرا ما بدأت خطواتي‬ ‫األولى بدون تدبر‪ ،‬وقد أسقط بعد الخطوة األولى كأنني‬ ‫أتعلم المشي‪ ،‬ولكنني ال أنهار فأستمر في صمت وفي عزلة‬ ‫وفي ألم وفي كبرياء وفي طموح ال يسندني شيء ولو كان‬ ‫جدارا‪ ،‬حتى تنفرج أماد الكبرياء عن مفاجأة ال يمكن أن‬ ‫تكون سارة في الشكل وفي المضمون‪ ،‬سعيدة تحملني إلى‬ ‫عوالمها البعيدة التي لم يكن من المحلوم أن نحلم بها‪ ،‬وال‬ ‫أن نتخيل ما كانت تخبئه لنا من أحالم‪ .‬ال أتكلم عن أي قدر‬ ‫يراه الناس في الغيب ويؤمنون بفعله في الحياة فيركبون‬ ‫مراكبه طائعين حتى ولو شط بهم فيما قد ال يحسبون له أي‬ ‫حساب‪ .‬ال أتكلم عن هذا القدر ذي البعد الديني‪ ،‬ألنه يحمل‬ ‫على االستسالم‪ ،‬وال يحرض على التوقع‪ ،‬وإنه من الكمائن‬ ‫التي تكرس الطاعة‪ .‬أتكلم عن االختيار الذي يتخفى غالبا‬ ‫في الوهم‪ ،‬ثم سرعان ما تجليه الحقيقة كأنه منها كما هو‬ ‫اليقين من األشياء المحسوسة‪ .‬إنك إذا قبضت على االختيار‬ ‫فكأنما تقبض على النار الحارقة‪ .‬دعها تلتهمك فإنك لن‬ ‫تبرأ من الشكوك إال بلهيبها‪ ،‬ولن تشفى من أوهامك التي‬ ‫يزَينها لك التطلع الخائب إال بأوارها‪ .‬فيكون الرماد أو ما‬ ‫تحته هو أملك المحمول على الصدفة غير المتوقعة‪.‬‬ ‫وفي ‪ 1967‬بدون تحديد أدركتُ‪ ،‬بعد الوعي تماما‪،‬‬ ‫أنني منذور لنبوّةٍ مفتعلة‪ ،‬ألنها لم تكن متوقعة وَع َليَّ‬

‫جديدة‪ .‬هجـــرت الصلــوات الخمس في رمشه عين‬ ‫وخرجتُ مع الخارجين في مظاهــرة صاخبة كان‬ ‫أصحابها يودون التوجه إلى (المالح) لقتل اليهود‬ ‫الذين أغاروا على القوميـــــة العربية وقتلوا دوال‬ ‫عربية كثيـرة ولم يبــق للفلسطينيين‪ ،‬الذين‬ ‫كانوا أحياء في ذلك اإلبان‪ ،‬إال بعض أشبار عليها‬ ‫يقيمون حيارى‪ .‬ونحن نتصاخب قرب الفدان فإذا‬ ‫بقوات األمن تغير على المتظاهرين الصارخين‪:‬‬ ‫خيبر خيبر يا يهود‪ ...‬ويشرع القوم في التفرق‬ ‫جريا وانكسارا في جميع االتجاهات‪ ،‬بين هابط‬ ‫إلى (المْصلى)‪ ،‬و َف ٍار إلى زنقة (القايد أحمد) وراجع‬ ‫على أعقابه إلى شارع (محمد الخامس)‪.‬‬ ‫الحــرب األخرى التي كانت تخوضها‬ ‫قوات األمــن ضـد المتجاسريــن‬ ‫على اليهـــود القابعين في‬ ‫المـــالح‪ ،‬من بــقــي‬ ‫منهــم في (مـــالح)‬ ‫تـــطــوان بعــد أن‬ ‫هجـــــروهــــــم إلى‬ ‫أرض فلسطـــيـــن‬ ‫بعَيد استقـالل بلد‬ ‫سمي بعـد االستقالل‬ ‫مباشرة بالمغرب‪.‬‬ ‫وهكذا يبدو لك أن‬ ‫المظاهرة لم تنجح‪ ،‬وأنني هربت مع الهاربين وعدت إلى‬ ‫القسم الداخلي بثانوية القاضي عياض‪ ،‬وأن القوات األمنية‬ ‫أبلت في رد الهجمة اإلسالمية الهائجة على آمنين عاشوا‬ ‫بينهم قرونا في تلك األحياء التي أظلمت شوارعها عليهم‪،‬‬ ‫ولم ينفع معهم تغيير حتى جاءت الصهيونية لتهجيرهم‬ ‫إلى األراضي التي استولت عليها بالقوة الغاشمة والعدوان‬ ‫السافر‪.‬‬ ‫ماذا كان عليّ أن أفعـــل وَوَعيي لم يتَّقـــد بعدُ؟‬ ‫هل أعود إلى صالتـــي فأنكمش في وحدتـــي مـــرددا تلك‬ ‫األوراد التي تعلمتهــــا في (الرابطــة المحمدية لألمداح‬ ‫النبوية) في حاضرة الفــــدان‪ ...‬حيث كانت الجمعية وكنت‬ ‫أنا من بين أعضائها الطارئين رحم اهلل األستاذ الورياشي؟‬ ‫أقول اآلن‪ :‬مستحيل‪ ،‬بل مستحيل تماما‪ .‬لن أعود إلى الوراء‪.‬‬ ‫أوَ َلمْ تدركوا أنني خرجتُ في مظاهرة صاخبة وصرخت في‬ ‫سبيل فلسطين رغم أن شرر النية أوقد في جميع الصارخين‬ ‫تلك الرغبة الدفينة في القتل؟ من هنا جاء السير إلى األمام‬ ‫بدون قصد وال تدبر‪ .‬الشاب اليافع الذي كنته في السابعة‬ ‫عشرة من عمره الطري ال يريد للجبر القاتل أن يستولي‬ ‫عليه‪ .‬لقد انطلق‪ ،‬ومن المستحيل تماما اختزال أحالمه في‬ ‫صمته أو حيرته أو ت َلفه‪ ،‬مستحيل‪ .‬إذا انطلق المرء‪ ،‬كما‬ ‫نعلم من سي ِر المنطلقين‪ ،‬فارق عقله واخترق دائرته وانشقَّ‬ ‫عن نفسه‪.‬‬ ‫الصدفة‪ ،‬إذن‪ ،‬كانـــت تنتظرنـــي في األيــــام األولى‬ ‫لسنتي في قسم الباكالوريا إلى جانب صديقي (المدني)‬ ‫(اليحمدِي) الذي ال أعرف عنه اليوم شيئا‪ ،‬والذي لم أفقه أبدا‬ ‫لماذا اختاروا لي‪ ،‬وال منْ‪ ،‬مكانا إلى جانب رفقته‪ ،‬وال كيف تم‬ ‫ذلك‪ .‬هل نختار الصداقات في سنوات االغترار والنرجسية؟‬ ‫وإذ أعود إلى الصدفة فإن ذاكرتي ال تسعفني إال بذلك‪.‬‬ ‫هي نفسها صدفة‪ ،‬أيْ ال ذاكرة‪ ،‬على خالف ذاكرات اآلخرين‬ ‫التي تختزن أحالما وطفوالت وعالقات ومناسبات وسياقات‬ ‫وأوضاعا‪ ...‬تحكى وال يمل الحاكي من تريد البطوالت‬ ‫حليب أُمٍّ ال ذنب لها فيما يُروى‬ ‫الوهمية التي رضعها مع‬ ‫ِ‬ ‫باسمها السامي السَّاهِم في السَّهو‪.‬‬ ‫الصدفة األولى ربما‪ .‬نعم‪ ،‬الصدفة الفارقة التي غيّرت‬ ‫حياتي َفصَيّرتني‪ ،‬في بداية األمر‪( ،‬فيلسوفا)‪ ،‬ثم كاتبا ثم‬ ‫مناضال‪ ...‬إلى كل ما في سؤالك عني من ألقاب وأوصاف ال‬ ‫أبرئ نفسي من حملها ما دامت مسطورة في كتاب رواه عني‬ ‫من لم يصاحب صُحبتي‪.‬‬

‫عن دار النشر «عالم الكتب الحديث»‪ ،‬وبرسم سنة ‪ ،2019‬صدر‬ ‫للدكتور عزيز الهاللي كتاب جديد يحمل عنوان «الفلسفة السياسية‬ ‫النسوية ـ سؤال السيادة والكونية في فكر سيال بنحبيب»‪ .‬ويقع الكتاب‬ ‫في ‪ 275‬صفحة من الحجم المتوسط‪. ‬‬ ‫يتناول الكتاب إشكالية اندماج الفئات المهمشة والمهزومة تاريخيا‬ ‫في النسق الليبرالي الغربي‪ ،‬مثل الالجئين السياسيين والمهاجرين‬ ‫والنوع‪...‬فالسيادة الغربية رسمت حدود اإلقصاء لمكونات سياسية‬ ‫وجنسانية‪ ...‬وأبعدت االختالف خارج دائرة الوحدة القانونية والتاريخية‬ ‫واإلنسانيةواالعتقادية‪.‬‬ ‫تحاول الفيلسوفة سيال بنحبيب معالجة هذا اإلشكال من خالل ردم‬ ‫الحدود بين سيادة منغلقة ووطنية مفتوحة أمام القوانين والتشريعات‬ ‫الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‪ .‬‬ ‫وتعتقد أن كسر هذه الحواجز يمكن أن يسهم في بناء كونية عابرة‬ ‫األوطان يسكنها التشارك والتضامن واالنتصار للقيم اإلنسانية‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.