Achamal n° 994 le 21 Mai 2019

Page 1

‫عبد القادر الشاوي‬ ‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬ ‫في كلية اآلداب‪ ،‬التي التحقتُ بها بعد صيف ‪1968‬‬ ‫بقليل‪ ،‬شعرتُ بالغربة القاتلة‪ .‬أنا كنتُ الوحيد من بين‬ ‫أولئك األقران الذين لم ينفع معهم توجيه‪.‬‬ ‫الصفحة األخيرة‬

‫باسكوال دي غاينغوس‬

‫‪PASCUAL DE GAYANGOS‬‬ ‫‪1809-1897‬‬

‫باعث الدراسات العربية واإلسالمية‬ ‫في إسبانيا‬ ‫صفحة ‪18‬‬

‫سيدي أحمد أفيالل‬

‫اقتصاد‬ ‫و إدارة‬ ‫يف �أ�سبوع‬

‫مقدم الطريقة القادرية‬ ‫البودشيشية بطنجة‬ ‫في ذمة اهلل‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫صفحة ‪2‬‬

‫العدد ‪ 994‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 15‬رم�ضـــان ‪� 21 / 1440‬إلى ‪ 27‬مــاي ‪2019‬‬

‫الدكتور‬ ‫ابراهيم‬ ‫التمسماني‬

‫صفحة ‪13‬‬

‫الريف ‪ :‬إصالح ومصالحة‪..‬‬

‫كلمة الشمال‬

‫إقليم الحسيمة ممتد على مساحة ‪ 3350‬كيلومتر مربع‪ ،‬بطابع جبلي فاتن وساحل متوسطي أخاذ‪ ،‬موسوم بنتوءات‬ ‫ساحلية وارتفاع تضاريس منبثقة من عمقها أودية ذات أشرطة ساحلية ضيقة متقطعة تجعل التواصل موسوما بصعوبات‬ ‫بالغة‪ ..‬فضال عن تربة منجرفة مؤثرة على وسطين بيئي وفالحي‪..‬‬ ‫يتميز هذا اإلقليم بكثافة سكانية يعيش معظمها في مجال قروي مع ارتفاع ملحوظ للفئة الشابة‪ ،‬وهذه الحقيقة تجلي ارتفاع حجم الطلب‬ ‫على بنيات اجتماعية واقتصادية ‪ :‬سكن ًا وصحة وتعليم ًا وشغ ً‬ ‫ال‪ .‬وإذا علمنا أن معدل التنمية في هذا اإلقليم متدن بالقياس إلى معدالت باقي‬ ‫أقاليم المغرب نتيجة تراكم عقود من العزلة والتهميش وتفاقم حجم البطالة وتراجع االستثمارات وفشل السياسات التدبيرية‪ ..‬أدركنا سبب ًا‬ ‫جوهري ًا لحراك الريف‪.‬‬ ‫إقليم الحسيمة في حاجة إلى إصالح ومصالحة وإنصاف‪ ..‬ومفتاح كل هذا هو طي ملف ماضي وحاضر االنتهاكات وبناء ثقة مواطنة هي أعز ما‬ ‫يطلب بإطالق سراح كل معتقلي حراك الريف‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪994‬‬

‫املقرئ �أبو زيد وح�سن �أوريد‬ ‫الحوار المعطوب بين الفقه والرواية‬ ‫تحدث المقرئ أبو زيد عن كل شيء في «رواء مكة»‪،‬‬ ‫تتبعـت شريـط الفيديو الذي قـدم خالله الداعيـة‬ ‫إال أنه لم يقل عنها أي شيء بصفتها رواية‪.‬‬ ‫اإلسالمي «المقرئ أبو زيد اإلدريسي» رواية الدكتور حسن‬ ‫الرواية َ‬ ‫«ك ٌ‬ ‫وْن َفنيٌّ» تخييلي يتأسس على مجموعة‬ ‫أوريد «رواء مكة» في جلسة ضمن برنامج خليجي يسمى‬ ‫من المقومات تنتفي الرواية بانتفاء هذه المقومات‪..‬‬ ‫«سواعد اإلخاء»‪ ،‬والتي جرت أطرافها داخل ما يبدو أنها‬ ‫ولست في حاجة إلى التذكير بها هنا‪ ،‬فالمقام ليس‬ ‫خيمة بطابع بدوي عربي صرف يرجع طرازه إلى األحقاب‬ ‫تعليمياً وال مدرسياً‪ ،‬لكن األمر يحتاج إلى التذكير بأن‬ ‫الموغلة في العروبة‪.‬‬ ‫تبخيس الفن كان وما يزال من بين أكبر األولويات التي‬ ‫وعرفت فيما بعد بأن هذا البرنامج «دعوي» من حيث‬ ‫نهضت عليها الحركات اإلسالمية عبر التاريخ‪.‬‬ ‫طبيعته الفكرية واإلعالمية‪ .‬يتحلق حوله مجموعة من‬ ‫تألمت لوضع حسن أوريد جالسا جنب «أبو زيد» يقرأ‬ ‫الدعاة المعروفين إلثارة بعض ما يظهر لهم أنها قضايا‬ ‫عليه البيانات الفقهية‪ ،‬تأسفت كثيرا وأنا أراه يسلم له‬ ‫تهم األمة‪.‬‬ ‫أمره يتصرف فيه‪.‬‬ ‫وقد أثير حول هذا الشريط جدل كبير‪ ،‬سواء من حيث‬ ‫كنت أرى «الفقـه والرواية» جالسين إلى بعضهما‬ ‫مضامينه الواردة فيه‪ ،‬أو من حيث اإلساءات األخالقية‬ ‫عبد اإلله المويسي‬ ‫البعض‪ .‬لكني لم أتخيل هذا االنتصار الساحق الذي حققه‬ ‫والحقوقية والفكرية التي عرفها‪ .‬وعلى رأسها الوصف‬ ‫الفقه على الرواية‪.‬‬ ‫«المحط» الذي نعت به المقرئ أبو زيد الشباب الذين‬ ‫أعرف حسن أوريد جيدا‪ .‬الرجل مشبع بالفكر التنويري بشكل عميق‪ .‬ويعرف‬ ‫يهاجرون من الدول المغاربية‪ ،‬بحثاله المسلمين‪ .‬وعلى رأسها أيضا الجراءة‬ ‫أن الرواية ال يمكنها أن تكون بالشكل البشع الذي يراها عليها أبو زيد‪ ،‬كوعاء‬ ‫التي تحلى بها وهو يصف «ستيفن هوكينغ» بأنه أبلد من حمار‪.‬‬ ‫شخصيا‪ ،‬بحكم التموقع الذي أحصر نفسي فيه كمهتم باألدب ومتفرغ له‪« ،‬أيديولوجي ديني» بليد‪.‬‬ ‫أنا واثق أن حسن أوريد كان ينصت إلى «أبو زيد» وهو مختلف معه مطلقا‪.‬‬ ‫لم يحظ شريط الفيديو هذا عندي بأيه أهمية متعلقة بما سبق أن أشرت إليه‬ ‫من إساءات‪ .‬فأنا أعرف جيدا «الدعويين»‪ ،‬وأعرف على وجه الخصوص «المقرئ ألن أوريد يعلم أن الرواية ‪:‬‬ ‫ـ تتحكم في نفسها وال تترك ألحد الفرصة في أن يتحكم هو فيها‪ .‬فهي‬ ‫أبو زيد»‪ ،‬أعرف كيف يفكر‪ ،‬وأعرف األفق الذي يرهن به حلمه األكبر‪ .‬فال أستغرب‬ ‫لكل هذا اللغط الفكري واألخالقي والسياسي واأليديولوجي الذي يدفعهـم من تجعل شخصياتها تقدم نفسها بنفسها عبر «الفعل» و «الحركة»‪ ،‬و«الحوار»‬ ‫وغيرها من طرائق السرد‪.‬‬ ‫جميعا لمثل هذا وغيره‪.‬‬ ‫ـ أنها تفصل في وعيها والوعيها بين المؤلف والسارد داخل العمل التخييلي‪.‬‬ ‫اإلساءة الكبرى في تقديري التي استطعـت أن التقطهـا من الفيديو‪ ،‬هي‬ ‫ـ أن اللغة في الرواية تتعالى ثم تتعالى كي تصل إلى وعيها الخاص بالعالم‪.‬‬ ‫التي تعرضت لها «الرواية» كفن عظيم استطاعت به أوروبا أن تؤسس «الوعيَ‬ ‫ـ أن الرواية هي الحكاية باللغة وليس بالسند الواقعي‪.‬‬ ‫المَدِي ِنيَّ»‪ ،‬وتنتقل به إلى التعبير عن آآلم اإلنسان وشقائه‪ .‬واستطاعت به‬ ‫ـ أن الرواية تكره األلوهية‪ .‬بمعنى أنها تطالبك بأن تكون فقط ساردا‬ ‫أن تبتكر مفاهيم إنسانية عظيمة مثل «البطل اإلشكالي»ـ التي ليست إال‬ ‫تعبيرا روائيا عن البطوالت والمالحم التي يواجهها اإلنسان المعاصر في حياته متعاونا وليس ساردا عالما‪،‬‬ ‫هكذا تخيلت أوريد الروائي وهو ينصت ألبي زيد الفقيه‪.‬‬ ‫اليوميه‪ ،‬ويخوض معها معاركه األسطورية‪ .‬وهو ما اختزله «جورج لوكاتش» في‬ ‫هكذا يخيلت حوارا معطوبا بينهما‪.‬‬ ‫توصيفه الدقيق للرواية باعتبارها «ملحمة بورجوازية»‪.‬‬

‫سيدي أحمد أفيالل‬ ‫مقدم الطريقة القادرية البودشيشية بطنجة في ذمة اهلل‬ ‫انتقل إلى عفو اهلل تعالى سيدي أحمـد أفيالل (‪ 1938‬ـ ‪ )2019‬مقـدم الزاوية القادريــة‬ ‫البودشيشية بمدينة طنجة ليلة الجمعة حادي عشر رمضان ‪ 1440‬ـ سابع عشر ماي ‪ 2019‬ووري‬ ‫جثمانه الطاهر ظهر اليوم الموالي بمقبرة سيدي اعمار بطنجة بحضور غفير لفقراء الزاوية بجهة‬ ‫طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة ‪.‬‬ ‫كان مسير سيدي أحمد موسوما بالصالح والتقوى والتوجه والصبر والحرص على ثوابت القيم‬ ‫البانية ؛ وامتازت صحبته للشيخ المربي سيدي حمزة القادري بودشيش قدس اهلل سره بحفظ‬ ‫العهد والوفاء آلداب الطريق واالستمساك بقيم التربية الربانية ؛ وامتدت هذه العرى الرحمانية مع‬ ‫وارث سره سيدي جمال الدين القادري بودشيش نضر اهلل أيامه منصاعة إلى حكمة العبودية هلل‪.‬‬ ‫قال سيدي أحمد بمناسبة الذكرى الثانية لوفاة سيدي حمزة قدس اهلل سره‪:‬‬ ‫« منذ أن وطئت قدماي أرض مداغ ؛ ودخلت زاويتها األم ثبت في قلبي أني في صحبـة رجـل‬ ‫تواله اهلل إلى حضرة قدسه ؛ حفظاً وتمكيناً وتوفيقاً وقياماً بالحق حد الفناء عن نفسه‪ ..‬مما لمسته‬ ‫ألول وهلة في حاله المترجـم لفيض أحواله‪ ..‬وفي كالمه الدال على حكمة عرفانه‪ ..‬ومن هذا‬ ‫التسنيم نهل وارث سره سيدي جمال الدين رضي اهلل عنه ‪* »..‬‬ ‫كان سيدي أحمد أفيالل منشد القلب والجارحة إلى حكمة مواله وعلى هديها اليقين ربى أبناءه وبناته ؛ محمد ؛ عبد العزيز ؛ عبد الواحد ؛ ابراهيم ؛‬ ‫مريم ؛ نبيلة ؛ حنان ؛ خديجة ؛ هاجر ؛ سكينة وجميع أحفاده وحفيداته إليمانه المطلق بأن العلم الحقيقي والرسالة الحقيقية كامنان في التوجه إلى اهلل‪.‬‬ ‫كان سيدي أحمد أفيالل مستديم الحضور مع اهلل دائم اإلقامة في أنوار أذكاره‪ ..‬منهاجه ؛ منهاج شيخه المربي ؛ تربية مرقية بذ كر اهلل ؛ خروجاً من‬ ‫غفلة واستضاءة بوصلة ‪.‬‬ ‫فاللهم اغفر له وارحمه ؛ وأكرم نزله ؛ واجعل قبره روضة من رياض الجنة وألهم ذويه ( أرملته الفاضلة الشريفة عائشة عبد النور) وجميع أفراد أسرته‬ ‫وعائلته وجميع محبيه صبراً جمي ً‬ ‫ال ‪.‬‬

‫ـــــــــــــــــــ‬

‫‪2‬‬

‫* من عمود عبد اللطيف شهبون بجريدة الشمال (شهادة كريمة في رجل كريم ‪ .‬عدد ‪ 976‬بتاريخ ‪ 15‬يناير ‪.)2019‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪994‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬ ‫ما أن يهل علينا هالل رمضان‪ ،‬حتى تجد الزاوية الكتانية بتطوان‪ ،‬قد أعدت العدَّة‪،‬‬ ‫الستقبال قراء الحزب‪ ،‬الذين اعتادوا قراءة حزبين من كتاب اهلل عقب صالة الظهر من كل‬ ‫يوم‪ ،‬واالحتفاء بأهل الذكر الذين يقصدونها في ليالي اإلثنين من كل أسبوع‪ ،‬لذكر اهلل‪.‬‬ ‫بتأن وروية في مدة ‪ 45‬دقيقة‪ ،‬وحلقته تضم ما يناهز الثالثين قارئاً‬ ‫الحزبان يقرآن ْ‬ ‫من خيرة «الطلبة»‪ ،‬وقد يرتفع هذا الرقم في يومي السبت واألحد‪.‬‬ ‫أما جلسات الذكر‪ ،‬فقد أوكل أمرها في السنوات األخيرة‪ ،‬لمنشدي الزاوية الريسونية‪،‬‬ ‫الذين لهم باع طويل في قراءة الهمزية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مساهمة‬ ‫وعادة ما تختتم هذه الجلسات اإلثنينية بكؤوس الشاي المنعنع والحلويات‪،‬‬ ‫من المحسنين والمحسنات‪ ،‬واحتفا ًء بهذا الشهر الكريم وبالمحتفين به‪.‬‬ ‫وهذه سنة حميدة ورثناها عن أسالفنا رضوان اهلل عليهم‪ ،‬ونحاول الحرص عليها‬ ‫ومراعاتها‪ ،‬حتى يظل اسم اهلل يتردد في أرجاء هذا البيت‪ ،‬غير عابئين بالذين يصمون كل‬ ‫ما َ‬ ‫يذكرُ فيه اسم اهلل بالبدعة‪.‬‬ ‫قراءة القرآن عندهم بدعــة‪ ،‬والصــالة على النبـــي المختار بدعة‪ ،‬وترديد التسبيح‬ ‫واالستغفار بدعة‪ ،‬و‪. ....‬‬ ‫أما المنكرات التي يصبحون عليها ويمسون‪ ،‬فال يمسونها بسوء‪.‬‬ ‫من األسماء التي كانت تحضر حزبيْ رمضان خاصة‪ ،‬الصدر األعظم‪ ،‬سيدي أحمد‬ ‫الحداد‪ ،‬باعتباره من مؤسسي الزاوية‪ ،‬الحاجب السلطاني السيد عبد الواحد بريشة‪ ،‬عامل‬ ‫صاحب الجاللة على إقليم تطوان األستاذ الطيب بنونة‪ ،‬ممثل تطوان في البرلمان األستاذ‬ ‫أحمد بن جلون‪ ،‬مقدم الزاوية الفقيه الطيب حجاج‪ ،‬مقدم الزاوية من بعده الفقيه محمد‬ ‫الصردو‪ ،‬وآخرون‪.‬‬ ‫وجميع هؤالء شاهدتهم وهم يحضرون بانتظام‪.‬‬ ‫ومن الذين كانوا يفتتحون الحزب الفقيه محمد السالسي‪ .‬والفقيه محمد بن الهاشمي‪.‬‬ ‫رحم اهلل الجميع‪.‬‬ ‫صالة التراويح كان لها هي األخرى طعم في الزاوية الكتانية‪ ،‬والمشفعان اللذان‬ ‫صليتُ وراءهما والدي الفقيه الطيب حجاج‪ ،‬والفقيه محمد بن الهاشمي‪ ،‬وقد كانت لهذا‬ ‫األخير قراءة لها مواصفات خاصة‪ ،‬صوت ًا وتجويداً وأدا ًء‪.‬‬ ‫ِت ْل َك �أُم ٌ‬ ‫َّـة َق ْـد َخ َل ْ‬ ‫ـت‪ .‬فرحمة اهلل عليها‪.‬‬

‫محمد ابن يعقوب يدرس ظواهر وعادات من التراث‬ ‫في الجزء الثاني من كتاب‬ ‫«شفشاون‪ :‬ظواهر وعادات من معالم التراث الالمادي للمدينة»‬

‫‪-‬‬

‫بعد إصدراه سنة ‪ 2016‬للجزء األول من كتابه «شفشاون‪ :‬ظواهر وعادات من‬ ‫معالم التراث الالمادي للمدينة» والذي عنون ب «مالمح من التراث الروحي»‪ ،‬أصدر‬ ‫األستاذ الباحث محمد ابن يعقوب في سنة ‪ 2018‬الجزء الثاني من الكتاب والذي عنونه‬ ‫بً ظواهر وعادات من التراث»‪ ،‬حيث خصصه لللمحاور التالية‪ :‬عادات مناسباتية دينية‪،‬‬ ‫وظواهر سادت ثم بادت‪ ،‬ثم العرس الشفشاوني‪ ،‬وأخيرا ألعاب تبدد معظمها لعوامل‬ ‫ظرفيةمعينة‪.‬‬ ‫الجزءان األول والثاني متكامالن شكال ومضمونا‪ ،‬حيث إنهما صادران عن‬ ‫نفس المطبعة؛ وهي مطبعة الخليج العربي بتطوان‪ ،‬ولكل منهما نفس الحجم‬ ‫الورقي(‪ )23ْxْ 17‬مع زيادة طفيفة في عدد الصفحات بالنسبة للجزء الثاني‪ ،‬وغالفهما‬ ‫متشابهان من حيث اعتمادهما على صورة مسجد من وراء غبش اللون أو التعتيم‬ ‫التقني للصورة‪ ،‬كما أن الغالف األول يعتمد على صورة الجامع الكبير أو المسجد األعظم‬ ‫الموجود في قلب المدينة التاريخية‪ ،‬والثاني يعتمد على صورة مسجد ضريح األمير علي‬ ‫ابن راشد مؤسس المدينة الذي يعتبر ملهم أجيالها على مر الزمن‪.‬‬ ‫يقول مؤلف الكتاب في تقديمه للجزء الثاني‪ « :‬وكما سبق أن بينت في الجزء األول‬ ‫من الكتاب من معالم تدخل ضمن التراث الالمادي لمدينة على مستوىً التصوفً‬ ‫و«المديح والسماع» و«الحضرة النسائية» و«النزائه» و«أدب المولديات التي تقرأ‬ ‫بمناسباتها»؛ فإني عملت في هذا الجزء على‬ ‫ما يمكن اعتباره‪-‬موضوعا‪ -‬كيانا مستقال وإن‬ ‫تشارك في محوريته بجزئه األول؛ باعتبار ما‬ ‫تطرقت إليه فيه مجاال يهم العادات والتقاليد‬ ‫في مناسباتها الدينية الدورية مع أشهرها‬ ‫الهجرية التي‪-‬كانت‪ -‬تقام كتراث‪ ،‬وكمعايشة‬ ‫لهذا التراث في شكله ومضمونه‪ ،‬كما يهم‬ ‫وظائف لم يبق منها إال الحديث عنها كتاريخ‬ ‫عاشته المدينة إلى حين‪ ،‬مرورا بالحديث عن‬ ‫العرس الشفشاوني انطالقا من أربعينيات‬ ‫القرن الماضي وحتى نهايته وإلى اآلن‪ ،‬كما‬ ‫تطرقت في هذا الجزء إلى ألعاب واكبت‬ ‫ممارستها‪ ،‬أو مارستها في فتوتي مع أتراب‬ ‫لي في الحومة‪ ،‬وصلتنا تراثا أو غزوا مع دخول‬ ‫االستعماراإلسباني»‪.‬‬ ‫الجزء الثاني من الكتاب وهو الذي يهمنا‬ ‫هنا يمتاز بدقة متناهية في الوصف‪ ،‬وبنفس‬ ‫سردي جاذب‪ ،‬مما يعني أن الكاتب كتب‬ ‫صفحاته معتمدا على أدوات البحث العلمي الرصين ومنها التحري جريا وراء المعلومة‬ ‫الصحيحة من مصدرها الصحيح‪ ،‬هذا دون أن يفقد تناول الموضوعات حرارته‪ ،‬خصوصا‬ ‫وأن الكاتب هو ابن هذه المدينة عاش في كنفها وعايش وشهد أغلب ما دونه في‬ ‫كتابه بجزأيه‪ ،‬من عادات دينية وظواهر اجتماعية وثقافية‪ ،‬ولم يكتف بذكر ما كانت‬ ‫عليه هذه الظواهر والعادات في عصره وما بعده‪ ،‬بل غاص في المتون والروايات ما‬ ‫أمكن متتبعا األصل ومنابعه وتطوره عبر الزمن بحس نقدي تاريخي‪.‬‬ ‫الكتاب في جزأيه أعتبره من المشاريع الرائدة في التعريف بالتراث الالمادي‬ ‫لحاضرة شفشاون‪ ،‬وفي صيانة الموروث الجماعي الذي طبع المدينة التي تالقحت فيها‬ ‫رياح التأثيرات عبر األجيال منذ تأسيسها بهدف الجهاد‪ ،‬ثم توسع إعمارها من خالل‬ ‫الهجرات‪ ،‬إلى فترة االستعمار‪ ،‬ثم االستقالل‪ ،‬إلى اجتياح أنماط الحياة الحديثة بفعل‬ ‫االنفتاح على حضارة العصر‪.‬‬ ‫القسم األول من الجزء الثاني تطرق إلى عادات مناسباتية دينية بنفس‬ ‫كرونولوجي‪ ،‬ابتداء من شهر رمضان الفضيل وما يسبقه من إعداد مادي وروحي في‬ ‫رجب وشعبان‪ ،‬وما يتخلله من عادات احتفالية خاصة يوم السابع عشر منه الذي يصادف‬ ‫ذكرى غزوة بدر العظمى‪ ،‬ثم إحياء ليلة القدر‪ ،‬وختم صحيح البخاري في الجمعة األخيرة‬ ‫منه‪ ،‬مرورا بعيد الفطر وبهجته وطقوسه‪ ،‬ثم لحظة خروج الحجاج إلى بيت اهلل الحرام‬ ‫التي كان لها أثر خاص في قلوب الناس‪ ،‬وكذا لحظة عودتهم من زيارات األماكن‬ ‫المقدسة‪ ،‬إلى عاشوراء والعادات المادية المرتبطة بها‪ ،‬إلى االحتفال بذكرى المولد‬ ‫النبوي الشريف وما يصاحبها من عبق روحي وأهازيج الفرحة الدالة على التعلق الدائم‬ ‫باألنوار المحمدية التي ال تنطفئ‪ .‬ولم يشد عن هذه القاعدة الكرونولوجية إال الحديث‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫عن مناسبة ختم القرآن‪ ،‬التي كان لها داخل األسر وفي المحيط التعليمي التقليدي‬ ‫ووسط المجتمع عامة نكهة خاصة قد تتشابه في قيمتها مع ما نراه اآلن من مراسيم‬ ‫في حفالت الحصول على الشواهد العلمية والتخرج من المدارس والمعاهد والكليات‪،‬‬ ‫على اعتبار أن حفظ القرآن يشكل العتبة الضرورية للتدرج في سلم العلمي الشرعي‪ ،‬ثم‬ ‫إن حفظه من حفظ الدين‪.‬‬ ‫على مستوى آخر تناول الجزء الثاني من كتاب الباحث محمد ابن يعقوب في‬ ‫قسميه الثاني والثالث والرابع ظواهر وظيفية بائدة‪ ،‬والعرس الشفشاوني‪ ،‬وألعاب تبدد‬ ‫معظمها بفعل التغيرات بل التحوالت االقتصادية واالجتماعية والثقافية التي خضعت‬ ‫لها المدينة‪.‬‬ ‫فالبراح‪ ،‬والدالل‪ ،‬والطراح وظائف بادت مع دخول المدينة عصر التحديث‪ ،‬عصر‬ ‫األفرنة الكهربائية والغازية‪ ،‬ووسائل اإلعالم والتواصل الجماهيرية الواسعة االنتشار‪،‬‬ ‫وقوانين اإلنتاج والسوق الجديدة؛ وإن كان انقراض وظيفتي البراح والطراح لها‬ ‫ما يبررها بقوة‪ ،‬فإن وظيفة الدالل لو تم إحاطتها بالعناية ألصبحت قيمة مضافة‬ ‫في»السويقة» التي ال زالت لها مكانتها التجارية حتى اآلن في مدينة تعتمد باألساس‬ ‫على السياحة وما تبقى من الصناعة التقليدية‪ ،‬ونحن نرى في بعض المدن العالمية أن‬ ‫تقاليد المزايدة الموروثة ال زالت حية بقوة‪.‬‬ ‫الكتاب في قسمه الثالث أفرد حيزا‬ ‫خاصا للعرس الشفشاوني وللوظائف النسوية‬ ‫المرتبطة به كالعراطة والنكافة والزالمة‪،‬‬ ‫مدققا إلى حد كبير في العادات والتقاليد‬ ‫وطقوس التزيين والطعام والنغم والذكر‬ ‫واألناشيد‪ ...‬التي تصنع احتفالية العرس‬ ‫اجتماعيا في مختلف أشواطه‪ ،‬كنقطة حاسمة‬ ‫ومفصلية في حياة األبناء والعائلة الممتدة‪،‬‬ ‫وفي نظرة المجتمع االعتبارية للفرد سواء‬ ‫كان ذكرا أو أنثى‪ ،‬وركز الباحث باألساس‬ ‫على بساطة العرس الشفشاوني وهيبته‬ ‫ووقاره وروحانيته والتصاقه بالحي وتجسيده‬ ‫لقيم التضامن والتعاضد‪ ،‬قبل دخول عادات‬ ‫جديدة كاستعمال القاعات واألجواق العصرية‬ ‫والمشاطات والهوادج‪ ،‬ومموني الحفالت‬ ‫وومواكب السيارات والديجي‪ ،‬والتعلق بشهر‬ ‫العسل إلخ‪.‬‬ ‫الكتاب الثاني في قسمه الرابع جرد‬ ‫ووصف بدقة علمية األلعاب(مايقارب أربعين لعبة) التي كانت تزخر بها المدينة سواء‬ ‫الخاصة بالفيتان أو الفتيات‪ ،‬والتي كانت دروب المدينة وأزقتها وبيوتها وساحتها‬ ‫مسرحا لها؛ وقد صنفها الباحث إلى‪ :‬ألعاب عدوانية كالجبادة والمكحلة وددوش‪ ‬الغرييا‪،‬‬ ‫وألعاب السباق واللحاق كالسينكو وتشين وصالبو وكوباردي‪ ،‬وألعاب القفز على الظهر‬ ‫كساب سابوت وسلطوال بابا نيميرو وبيوال‪ ،‬وألعاب هادئة كألطو وطايبة وكانديال‬ ‫وغميطة‪ ،‬وألعاب التخاطر كركيز وطريمبو والبوالت والترامي بالكرة‪ ،‬وألعاب الفتيات‬ ‫المتمثلة في المالقيف وبيسو واللعب على الحبل أو الشريط واسطامبات‪ ،‬وقد ألمح‬ ‫الباحث أن بعض هذه األلعاب جلبها أبناء المستعمرين معهم إلى المدينة فافتتن‬ ‫األطفال والفتيان والفيتات بها‪ ،‬فقلدوها ثم تملكوها لالستمتاع والترفيه وملء الفراغ‬ ‫القاتل‪ ،‬وهذه األلعاب في أغلبها تنمي المهارات الحسية الحركية ثم الكفاءات الذهنية‪،‬‬ ‫وسادت قبل انتشار الدراجات الهوائية والتلفزيون واأللعاب الحديثة‪ ،‬سواء الكهربائية‬ ‫واإللكترونية أو غيرها‪ ،‬وما أتت به صناعة اللعب العالمية تباعا‪.‬‬ ‫كتاب الشاعر والباحث محمد ابن يعقوب» شفشاون‪ :‬ظواهر وعادات من‬ ‫معالم التراث الالمادي» يمكن إدراجه في إطار األبحاث اإلثنوغرافية والتاريخية‪ ،‬وهو‬ ‫يشرع الباب أمام الباحثين الشباب لمزيد من الدراسات حول المدينة وتراثها المادي‬ ‫والالمادي‪ ،‬وهو كذلك وثيقة نفيسة ال غنى عنها لمن يهيم أو يهتم بتاريخ المدينة‬ ‫الراشدية‪ /‬فردوس الجبل وتحوالتها‪.‬‬ ‫والبد من التنبيه في األخير أن اإلشارات التي قدمتها‪ ،‬هنا‪ ،‬ال تعفي من قراءة‬ ‫الكتاب بجزأيه والذي وجدت فيه متعة وإفادة‪ ،‬وشرارة الستعادة الروح التي تجمعني‬ ‫بأجيال من أبناء هذه المدينة‪،‬‬

‫وللمسنين‬ ‫انفعاالت‪..‬‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫احتفى ربيع شفشاون في دورته العاشرة بتقديم عمل‬ ‫روائي لصديقنا العزيز الشاعر أحمد بنميمون يحمل عنوان‬ ‫«طرقات منتصف الليل» صـدر عن مطبعة النجاح الجديدة‬ ‫بالدار البيضاء‪.‬‬ ‫في هذا المنجز تسرد جملة وقائع ذاتية وموضوعيــة‬ ‫ثقافيـة واجتماعية وسياسية مستعادة ومعالجة بطريقة‬ ‫موجهة مبتكرة‪ ..‬أو فلنقل ـ استدعاء لعتبة ميمونية أولى‬ ‫مؤدية لوظيفة كلية في مساعدة متلقي هذا النص على‬ ‫استكمال تصور أبعــاد شخصيــة أحمد الغريـــب ـ أحمد‬ ‫بنميمون وتطوره النفسي والفكري واالجتماعي والثقافي‬ ‫والتعرف الى تفاصيل ومنعطفات حياته ـ ‪ :‬هي « محكيات‬ ‫غربة في سلسلة طولها سبعون عاماً» من صرخة الميالد‬ ‫‪ 1949‬حتى العقد السابع ـ ‪ ،2019‬وبارك اهلل في الباقي‪..‬‬ ‫حرص أحمد في منجزه السردي الجديد على استدعاء‬ ‫لحظات‪ ،..‬مما يؤكد أثرها الممتد الحي في باطنه ؛ وهذا‬ ‫مؤكد في عتبــته الثانية ‪« :‬وكــل لحظة من الماضي تمنح‬ ‫من عاشها حق إحيائها مصحوبة بالمشاعر التي جاشت في‬ ‫نفسه خاللها»‪.‬‬ ‫اشتغل أحمد بنميمون بالكتابة الشعرية‪ ،‬منذ يفاعته‬ ‫مؤمنا بكون القصيدة ‪:‬‬ ‫• تأمال في اللغة وغوصا في الذات ‪..‬‬ ‫• زمنا حلميا رائقا‪..‬لم يخل من كوابيس مؤرقة‪..‬‬ ‫فصدرت له مدونات شعرية منها ‪ « :‬تخطيطات حديثة‬ ‫في هندسة الفقر»‪« ،‬مباهج ممكنة»‪« ،‬أصوات الولد الضال»‪،‬‬ ‫«تأتي بقبض الجمر»‪« ،‬لؤلؤ وهباء»‪« ،‬خنوع»‪« ،‬بالضوء‬ ‫أبعث ظلي»‪.‬‬ ‫وصدرت له أعمال من المسرح الشعري ‪:‬‬ ‫«نار تحت الجليد»‪« ،‬الرجل الضخم والعصافير»‪« ،‬حتى‬ ‫يستريح األب»‪« ،‬رقصة الدفن»‪.‬‬ ‫واشتغل أحمد الحقا بالكتابة السردية واقعا تحت‬ ‫تأثير انبهار بالروايات العالمية‪ ،‬مقتنعا بأن السرد‪:‬‬ ‫• تأمل في الزمان ؛ لحظة كان أو عصرا أو مرحلة‪..‬‬ ‫• استرجاع لذاكرة ؛ أياما كانت أو حوادث أو وقائع‪..‬‬ ‫• غير متعال عن الواقع‪..‬‬ ‫• شهادة عن تيار أو فكر أو مذهب أو عاطفة تعلو‬ ‫شهادة المؤرخ‪..‬‬ ‫• معين فياض متعـدد‪ ..‬بما يتيحه من تجريب مستويات‬ ‫لغوية وانتقاالت زمكانية‬ ‫وصدرت له مجموعـات قصصية «حومـــة الشــــوك»‪،‬‬ ‫«حكايات ريف األندلس»‪« ،‬يد من حديد»‪.‬‬ ‫كما صدرت له رواية «طرقات منتصف الليل» التي نقرأها‬ ‫ونحن مقتنعون بأن للمسنين انفعاالت كما تقول سوزانا‬ ‫تامارو في هذا المنجز الروائي الجديد ملمح شاعرية ال تخفى‬ ‫على سمع القلب ؛ يقول ـ مثال ال حصرا ـ في العنصر الحادي‬ ‫واألربعين من معمار روايته «طرقات منتصف الليل» ‪:‬‬ ‫يا زمان الوصل إذ يهفو بأضواء رؤى تحملني أجنحتي‬ ‫الصغرى إلى أعلى فضاء‪ ..‬قد أضاء الحلم نفسا غضة وهي‬ ‫تطير‪ ،‬أول التحليق لما الساعد اشتد وسار‪ ،‬رفرفت من حوله‬ ‫ضحكة أزهار‪ ،‬وحامت بين وديان وأشجار حقول‪ .‬كركرات‬ ‫هزجت في مرح األطفال‪ ،‬لكن شج وجه المرح العذب عويل‪،‬‬ ‫إذ أشارت من وراء القسوة السوداء في ظلم اليه‪ ،‬يد سوء‬ ‫رفعت تطلبه‪ ،‬وتواري الحق حتى حبسوه‪.»..‬‬ ‫أحمد مؤصل في الشعر ممتد في السرد راسخ في اإلبداع‬ ‫ولقارئ الشعر والسرد نعمة المتعة‪..‬‬


‫الشمال الفني‬

‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 994‬ـ الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫ــة والعربيــة‬ ‫بي‬ ‫ززت المكتبة الفنية المغر حيسن بعنوان‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ت من إصدار الناقد إبراهيم إيقـــونوغرافيا‬ ‫ة‬ ‫س‬ ‫ب‪،‬‬ ‫بدرا شــراق الفنــي بالمغـــر ستشراقية التي‬ ‫ست‬ ‫«اال »‪ .‬ويتناول فيه التجربة اال وتأثيـرها على‬ ‫مغايرة‬ ‫المجال الفني‪،‬‬ ‫مغــرب في‬ ‫عاشها ال يلي المغربي‪.‬‬ ‫الفن التشك‬

‫جائزة محمد اجلم‬ ‫للم�سرح املدر�سي‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫ثالثـية �آبــو‬

‫محمد العربي الداودي‬

‫• محمد عابد‬

‫للمسرح أهمية كبرى في حياة الفرد‬ ‫والمجتمع وله جذور ضاربة في القدم و التاريخ‬ ‫يشهد على ذلك‪ ،‬فهو يهدف إلى تطوير ثقافة‬ ‫االنسان والعمل على الرقي المعرفي والفني‬ ‫وتهذيب األخالق والسمو باالحاسيس والسمو‬ ‫بالذوق العام‪ ،‬لذا نجد مقولة اعطني مسرحا‬ ‫جيدا اعطيك أمة راقية تختزل كل هذه المقاصد‬ ‫النبيلةوالراقية‪،‬‬ ‫ويعتير المسرح تحصينا للمجتمع من كل‬ ‫االنجرافات السلبية‪ ،‬ويحقق تواصل مباشر مع‬ ‫المتلقي كله أحاسيس وتفاعل ورسائل عبر‬ ‫الكوميديا والدراما واالحتفال وأغراض أخرى‪.‬‬ ‫والمسرح المدرسي هو ابن لهذا‬ ‫المسرح‪،‬هدفه باألساس تربوي‪،‬لكته في نفس‬ ‫الوقت يعمل على نشر الثقافة المسرحية بين‬ ‫المتعلمين واكتشاف المواهب وتحفيزها‪،‬وله‬ ‫أيضا بعد تربوي من خالل توظيف القضايا ذات‬ ‫األبعاد اإلنسانية السامية والقيم نبيلة‪،‬‬ ‫ويمارس المسرح المدرسي من خالل‬ ‫اندية تؤسس داخل المؤسسات التي تتوفر‬ ‫فيها بعض الشروط ويقوم بتأطيرها أطر‬ ‫تربوية مهتمة هدفها تطوير الملكات اإلبداعية‬ ‫لدى المتعلمين‪،‬وهذه االندية منفتحة على‬ ‫بعض الطاقات المتخصصة في المجال حيث‬ ‫يتم االستعانة ببعض المسرحيين والفنانين‬ ‫التشكيلين والموسيقيين بهذف تعزيز قدرات‬ ‫العاملين بالمسرح المدرسي و إغناء التجربة‬ ‫وتطوير مستوى األداء المسرحي‪.‬‬ ‫ويعد هذا النوع من الفن دعامة من‬ ‫دعامات التربية والتكوين النه يهدف الى جعل‬ ‫المسرح من الدروس الصفية القارة ضمن برامج‬ ‫ومناهج وزارة التربية الوطنية‪،‬موازاة مع برامج‬ ‫هادفة إسوة بالعمليات التربوية التي تسعى‬ ‫جاهدة لتكوين شخصية المتعلمين وصقل‬ ‫مهاراتهم و تنمية ملكاتهم وقدراتهم بشتى‬ ‫وسائل التعبير الجسدية واللغوية‪،‬وتطوير‬ ‫قدراتهم اإلبداعية سواء في التشخيص أو‬ ‫السينوغرافيا وغيرها من تقنيات المسرح‪،‬‬ ‫وللمسرح المدرسي وظائف أخرى تتمثل‬ ‫في التغلب على تعثر بعض المتعلمين والعمل‬ ‫على تدعيم قدراتهم المعرفية ومعالجة التوتر‬ ‫واإلخفاق المدرسي‪.‬‬ ‫وعلى العموم يمكن إجمال أهداف‬ ‫المسرح المدرسي في تنمية الذوق الفني‬ ‫والجمالي لدى المتعلم‪،.‬وكسبه الشجاعة‬ ‫األدبية‪ ،‬التي تقوي الثقة في النفس‪.‬ويزكي‬ ‫لديه اإلحساس باالنتماء إلى الجماعة والعمل‬ ‫بروحها وبفكرها‪،‬وتنشيط حواس المتعلم‬ ‫السمعيةوالبصرية‪.‬‬ ‫ومن اجل ضمان فعالية هذا الفن‬ ‫في نظامنا التعليمي‪،‬البد من توسيع مجال‬ ‫المشاركة لدى الراغبين في التمثيل‪،‬واختيار‬ ‫النصوص المسرحية المناسبة للمرحلة‬

‫العمرية للفرق المسرحية‪.‬وتدريب المتعلمين‬ ‫وتوفير اإلمكانيات للممارســـة المسرحيــــة‬ ‫بمؤسساتنا التعليمية ‪.‬‬ ‫كل هذا من أجل تهذيب الذوق الفني‬ ‫والمساهمة في حل مشاكل الوضعيات‬ ‫وإصالحها‪،‬وتقوية عالقات المتعلم مع محيطه‪،‬‬ ‫ولنشر ثقافة مسرحية بين المتعلمين‪،‬البد‬ ‫من توسيــع المشاركـــة للراغبيـــن في‬ ‫ممارسةالمسرح المدرسي واالعتمـــــاد على‬ ‫تبسيط لغة النصوص المسرحية‪.‬واالبتعاد عن‬ ‫حوادث العنف المثيرة ومعالجة النص لموضوع‬ ‫في دائرة اهتمامات المتعلم‪.‬وإبراز الشخصيات‬ ‫في قوالب فنية‪.‬وتتنوع أغراض المسرح بين‬ ‫مسرح المناسبات (الوطنية والدينية) والكوميديا‬ ‫والتاريخ وقضايا التربية والمجتمع‪،‬‬ ‫وتعتبر مدرسة سيدي إدريس بمدينة‬ ‫تطوان نموذجا للممارسة المسرحية المدرسية‬ ‫من خالل نادي المسرح الذي أسس منذ مدة‬ ‫طويلة وخلق لنفسه تراكما مهما من خالل‬ ‫مشاركته في مجموعة من المهرجانات نال‬ ‫خاللها جوائز مهمة‪،‬وكانت آخر هذه المشاركات‬ ‫هي المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم‬ ‫للمسرح المدرسي والذي‬ ‫نظم من طرف جمعية أصدقاء محمد‬ ‫الجم للمسرح المدرسي بشراكة مع وزارة‬ ‫التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم‬ ‫العالي والبحث العلمي بتعاون مع وزارة الثقافة‬ ‫واالتصال قطاع الثقاف المهرجان الوطني لجائزة‬ ‫محمد الجم للمسرح المدرسي الدورة الثانية‬ ‫تحت شعار ‪:‬‬ ‫المدرسة المواطنة حاملة للثقافة والقيم‬ ‫من ‪ 05‬إلى ‪08‬ابريل‪ 2019‬بالمسرح الوطني‬ ‫محمد الخامس وقاعة باحنيني بالرباط تحت‬ ‫الرعاية السامية لصاحب الجاللة الملك محمد‬ ‫السادس‪ .‬وقد تنافست في هذه الدورة‪12‬جهة‪.‬‬ ‫وكانت جهة طنجة تطوان الحسيمة حاضرة‬ ‫بقوة من خالل مدرسة سيدي إدريس والتي‬ ‫قدمت مسرحيتها الغول التي عالجت في قالب‬ ‫فني ظاهرة العنف في الوسط التربوي باعتباره‬ ‫غوال يهدد االمن داخل المؤسسات التعليمية‬ ‫ومن خاللها المجتمع‪.‬وحصلت مدرسة سيدي‬ ‫ادريس على الجائزة األولى في التأليف المسرحي‬ ‫وقد عبرت لجنةالتحكيم المكونة من السادة‪:‬‬ ‫الدكتور عبد الرحمان بن زيدان والفنان‬ ‫امين ناسور واالستاذة نوال حسني والفنانة‬ ‫نزهة عبروق واألستاذ ابراهيم أونبارك عن‬ ‫إعجابها الشديد بأداء فرقة الغول وكادت أن‬ ‫تمنحها الجائزة الكبرى لوال مشاهد العنف في‬ ‫اغتيال محمد الذرة‪.‬لتمنح هذه الجائزة (الكبرى)‬ ‫لمسرحية أحنا لجهة فاس مكناس‪.‬‬

‫بطاقة تقنية ‪:‬‬ ‫البلد ‪ :‬الهند‬ ‫سيناريو وإخراج ‪ :‬ساتيا جيت راي‬ ‫موسيقى ‪ :‬رافي شانكار‬ ‫الممثلون الرئيسيون ‪ :‬سوبير بانيرجي‪-‬‬ ‫سومطرة شاتيرجي‪ -‬شارميال تاجور‪ -‬بيناكي‬ ‫سين جوبتا‪-‬سوميران جوزيال وآخرون‪...‬‬ ‫نقصد بثالثية آبو ‪،‬األفالم الثالثة التي‬ ‫أنجزها المخرج الهندي ساتيا جيت راي‪،‬‬ ‫ويتعلق األمر بكل من ‪:‬‬ ‫باثر بانشالي سنة ‪1955‬‬ ‫الرجل الذي اليقهر سنة ‪1956‬‬ ‫عالم آبو سنة ‪1959‬‬ ‫منذ أول عرض لفيلم «باثر بانشالي»‬ ‫سنة ‪ 1956‬في مهرجان «كان» الفرنسي‬ ‫تعرف المهتمون والنقاد على سينما أخرى‬ ‫مختلفة‪ ،‬وبفضل هذا الفيلم ضمنت السينما‬ ‫الهندية االعتراف الدولي بها كسينما صاعدة‬ ‫وقادمة بقوة‪.‬‬ ‫ورغم االنتقادات ت التي وجهت له من‬ ‫طرف النقاد‪ ،‬فإن الفيلم تميز بخصوصيته‬ ‫المحلية و طراوته الجمالية‪ ،‬رغم اعتماد‬ ‫مخرجه على معدات بدائية في صناعته‪ ،‬وعلى‬ ‫طاقم فني قليل الخبرة ‪.‬ومن جملة االنتقادات‬ ‫التي وجهت إليه‪ ،‬تلك التي أطلقها المخرج‬ ‫الفرنسي فرنسوا تروفو الذي اعتبر الفيلم‬ ‫بدون حبكة وال تشويق وأنه يحاكي األسلوب‬ ‫األوروبي‪.‬‬ ‫لكن هذه االنتقادات لم تمنع الفيلم‬ ‫من االنتشار‪ ،‬إذ حظي باهتمام الصحافة‬ ‫الدولية والجمهور العاشق للسينما‪ ،‬وأنبث‬ ‫الفيلم جدارته باعتباره أحسن وأشهر جزء في‬ ‫الثالثيات السينمائية في تاريخ السينما ‪.‬‬ ‫ثالثية آبو تميل نحو السيرة الذاتية‪،‬‬ ‫بتركيزها على حياة شخص يدعى آبو‪ ،‬وهو‬ ‫الشخصية الرئيسية في الثالثية كلها‪ ،‬منذ‬ ‫الطفولة إلى مرحلة الرجولة‪.‬‬ ‫عا «آبو» طفولتـــــه بإحـــدى القـــرى‬ ‫البنجالية‪ ،‬وغادر إلى مدينة كلكتا في مرحلة‬

‫الرجولة‪ .‬وما بين فضاء القرية وفضاء المدينة‬ ‫سافر المخرج في حياة» آبو» وسبر أغوارها‬ ‫االجتماعية والنفسية والثقافية ‪.‬‬ ‫الشخصيات األخـــرى في الثالثيــــة‬ ‫منكسرة وغير مبالية وهشة‪ ،‬وال تستحضر‬ ‫اآلخر ‪،‬ألنها شخصيات منغلقة على نفسها‬ ‫وهمومها‪ ،‬مما يجعل التواصل مع محيطها‬ ‫غير ممكن‪.‬وهذه اإلشارات من المخرج هي‬ ‫في العمق تكثيف لحالة من اليأس الدفين‪،‬‬ ‫والذي ينتج عنه تدمير للذات ولآلخر‪ ،‬دون‬ ‫نية إحداثه‪.‬‬ ‫ففي الجز األول من الثالثية‪ ،‬ونقصد فيلم‬ ‫«باثر بانشالي»‪ ،‬نشاهد الجدة وهي تموت‬ ‫مهملة وال من يقدم لها المساعدة‪ ،‬وفي‬ ‫الجز الثاني «الرجل الذي اليقهر» نشاهد األم‬ ‫وهي تتألم من شدة المرض دون أن ينتبه‬ ‫إليها أحد ‪،‬فقط «آبو» المنشغل بهمومه‬ ‫ودراسته من سينتبه إليها متأخرا‪ ،‬وفي الجز‬ ‫الثالث»عالم آبو»‪ ،‬فإن زوجة البطل تموت‬ ‫أثناء الوالدة‪ ،‬وبعلمه بوفاة زوجته سيكون رد‬ ‫فعله عنيفا تجاه الذي أخبره بالوفاة ‪.‬الصفعة‬ ‫كانت مدوية على وجه حامل الخبر‪ ،‬إنها‬

‫اللقطة األكثر قوة في الفيلم ‪.‬‬ ‫وفاة زوجة «آبو» هي الشحنة العاطفية‬ ‫القوية في ثالثية المخرج ساتيا جيت راي‪ ،‬وهي‬ ‫لحظة انهيار البطل‪ ،‬إذ دخل في كآبة عميقة‬ ‫ذات حمولة انتحارية‪ ،‬متخلصا من روايته التي‬ ‫كان يكتبها برميها في الفضاء الرحب والريح‬ ‫تبعثر أوراقها في كل االتجاهات‪.‬‬ ‫وبانسيابية سلسة في السرد السينمائي‪،‬‬ ‫يعود بنا المخرج إلى الطفولة عبر ابن»آبو»‬ ‫عندما اجتمع بوالده‪ ،‬سيسافر آبو في طفولته‬ ‫متذكرا تفاصيلها‪ ،‬ويتخلــص مـــن يأســـه‬ ‫ويتشبث بالحياة ‪.‬‬ ‫أجواء األفــالم الثالثـــة‪ ،‬كانــت غنيــة‬ ‫بصريــا بالمشاهــــد الطبيعيـــة‪ ،‬وزادتـــها‬ ‫موسيقى الفنان العالمي رافي شانكـــار رقة‬ ‫ودفئا وصفاء‪.‬‬ ‫هكذا دخلــت السينمــا الهنديــة أجواء‬ ‫العالمية وضمنت لنفسها مكانا مهما في‬ ‫تاريخ الصناعة السينمائية‪ ،‬وبصمته بروائع ال‬ ‫يمكن ألي مهتم أو باحث في السينما أن ال‬ ‫ينتبه إليها ‪.‬‬


‫العدد ‪994‬‬

‫الشمال الفني‬

‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬ ‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬ ‫إعداد ‪ :‬يوسف سعدون‬

‫«بيان فني»‪ ،‬هو سلسلة لقاءات تدشنها «الشمال» مع مجموعة من المبدعين‪ ،‬يقدم‬ ‫عبرها الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪ ..‬وهو غير ملزم ألي جهة‪ .‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعه للقراء أحد الرواد الكبار الفنان سعد بن الشفاج‪.‬‬ ‫أنا الموقع أسفله‪ ،‬سعد بن الشفاج‪ ،‬من‬ ‫مواليد تطوان سنة ‪،1939‬اعشق هذه المدينة‬ ‫واعتبرها موطن الفن بامتياز‪ ،‬والدليل هو‬ ‫تاريخها الفني الحافل باألسماء الفنية الكبيرةمنذ‬ ‫االستعمار إلى اآلن‪ ..‬مدينة اختار ان يستقر‬ ‫بها فنانون إسبان من حجم دييغو غاميز الذي‬ ‫كان يرسم معالم تطــوان ويعرض اعماله‬ ‫بمدريد‪،‬وكذلك بيرتوتشي مؤســـس مدرسة‬ ‫الفنون الجميلة‪.‬أنا فنان محترف منذ الستينيات‪.‬‬

‫ المسار الفني ‪:‬‬‫منذ صغري وأنا أعشق الفن‪ ،‬كنت أواظب‬ ‫على التردد لمدرسة الفنون الجميلة وأتابع‬ ‫الطلبة وهم يرسمون من خلف النوافذ‪،‬وحرصت‬ ‫على حضور جميع المعارض التي كان ينظمها‬ ‫الفنانون اإلسبان بالمدينة‪.‬وجل اوقاتي كنت‬ ‫اقضيها في الرسم‪،.‬لهذا قررت االلتحاق بمدرسة‬ ‫الفنون الجميلة سنة ‪1955‬وكانت تحت إدارة‬ ‫كارلوس غاييغو والذي عين مديرا للمعهد‬ ‫بعد وفاة بيرتوتشي‪،‬فدرست إلى جانب المكي‬ ‫مغارة والفخار‪.‬واقترحني المدير لمتابعة دراستي‬ ‫بإشبيلية‪،‬وبالفعل التحقت بالمعهد العالي‬ ‫للفنون الجميلة ‪Sainta Isabel de Hungria‬‬ ‫وأنا في سن الخامسة عشرة سنة‪,1957 ‬بعدها‬ ‫التحقت بباريز من أجل تعميق ثقافتي النظرية‬ ‫من خـالل تاريــخ الفـن واألركيولوجيا‪ ،‬وبعد‬ ‫حصولي على الشواهد العليا‪ ،‬عدت للمغرب‬ ‫واشتغلــت استــاذا بمدرســة الفنــون الجميلــة‬ ‫سنة ‪.1965‬‬ ‫ مدرسة الفنون الجميلة بتطوان‪.‬‬‫أعتبر هذه المؤسسة داري بامتياز‪،،‬ففيها‬ ‫درست الفن وإليها عدت للتدريس لفترة مهمة‬ ‫من حياتي‪،‬ولها الفضل الكبير في تكويني‬ ‫وانطالقتي الفنية‪،‬اشتغلت بها كأستاذ منذ سنة‬ ‫‪ 1965‬حيث درست تاريخ الفن والرسم والصباغة‬ ‫الزيتية كما عملت على إنشاء مواد اخرى كالحفر‬ ‫والصباغة المائية‪،‬وجايلت مجموعة من األساتذة‬ ‫كالمكي مغارة والفخار والسرغيني والتهامي‬ ‫الداد وبنعيسى وغيرهم‪،‬وتتلمذ على يدي‬ ‫الكثير من الفنانين أذكر منهم أحمد بن يسف‬ ‫والدريسي والسبتي وبوزيد بوعبيد وعبدالسالم‬ ‫نوار وعبدالكريم الوزاني وبوضريسة‪.‬ووقعت‬ ‫لي بها أحداث غريبة أذكر منها حوادث قطع‬ ‫األذن من طرف بعض الطلبة والتي عكست‬ ‫جنون بعضهم بالفن وتأثرهم بسير الفنانين‬ ‫العالميين كفان غوغ‪.‬‬ ‫أنا سعيد بما وصلت إليـــه المدرســـة‬ ‫اآلن‪،‬حينما تحولت إلى معهـــد وطني للفنون‬ ‫الجميلة وتــدرس بــه مجموعــة من المــواد‬ ‫الفنية‪،‬وأالحظ أيضا تطورا في نظامها التعليمي‬ ‫وانفتاحهاعلىمستجداتبيداغوجياالفنون‪،‬لكن‬ ‫لدي مالحظة وهي انه من المفروض ان يتمكن‬ ‫الطالب من كل القواعد األكاديمية قبل اختياره‬ ‫العمل في أحد االتجاهــات المعاصرة‪،‬ألنه‬ ‫بدون قاعدة فنية لن يكون لنا منتوج إبداعي‬ ‫في المستوى‪ ،‬وبالمعهــد والحمدهلل فــروع‬ ‫متعددة تؤهل الطلبة لتخصصات في مجاالت‬ ‫كثيرة التنحصر في الصباغـة والرسم‪ ،‬ولكن‬ ‫ايضا في فن التصميم والديكور واألشرطة‬ ‫المرسومةوغيرذلك‪.‬‬ ‫ مركز الفن الحديث بتطوان ‪:‬‬‫ترك المستعمر إرثا فنيا كبيرا عبارة عن‬ ‫مجموعة من اللوحات رسمها فنانون إسبان‬ ‫عاشوا بتطوان‪،‬وهذا اإلرث لألسف ضاع جزء‬ ‫منه حيث توزع بين ملكيات خاصة وبعض‬ ‫المؤسسات ومتاجر التحف الفنية‪،‬وكنت دائما‬ ‫أحلم بتجميع ما تبقى من هذا اإلرث لقيمته‬ ‫الفنية والتاريخية والتوثيقية‪.‬فاقترحت على‬ ‫صديقي الفنان بوعبيد بوزيد ان نتعاون معا من‬ ‫أجل خلق متحف يحفظ هذا اإلرث‪.‬وهيأ بوعبيد‬ ‫المشروع وبدأنا نطرق األبواب حيث اتصلنا‬ ‫بجمعية تطاون أسمير التي رحبت بالفكرة‬ ‫وربطت لنا اتصاالت مع مسؤولين محليين‬ ‫وجهويين حتى وصلنا لوزارة الثقافة في زمن‬ ‫الوزير محمد األشعري الذي أخذ الملف واعتبره‬ ‫مشروع الوزارة‪،.‬وفتح له آفاق من خالل شراكة‬ ‫مع ‪.la junta de andlucia‬‬

‫ومعارضي استضافتها مختلـف األروقـة‬ ‫في العالم‪،‬انطالقا من المغرب واوروبا( فرنسا‬ ‫وإسبانيا وبلجيكا وألمانيا)وكذلك امريكا‬ ‫الجنوبية (البيرو)ومختلف الدول العربية‪..‬وعلى‬ ‫ذكر ألمانيا البد من استحضار حدث الزال راسخا‬ ‫في ذهني حيث شاركت في معرض جماعي‬ ‫دشنه الرئيس األلماني خالل السبعينيات‪.‬واقترح‬ ‫عليه المنظمون إهداءه لوحة‪،‬لكنه اعتذر واقترح‬ ‫عليهم أن يختار بنفسه فكانت المفاجأة هو‬ ‫اختيارهللوحتي‪.‬‬

‫ولم يكن اإلنجاز سهال ألن المشروع عرف‬ ‫بعض التعثرات‪،،‬حيث تأخر لمدة ‪12‬سنة إلى أن‬ ‫أصبح واقعا ومكتسبا كبيرا للمدينة‪..‬‬ ‫وأود ان أشير إلى ان عملية تجميع اللوحات‬ ‫لم تكن سهلة حيث اتصلنا بمجموعة من‬ ‫المؤسسات(خصوصا نيابة التعليم بتطوان)‬ ‫والشخصيات وحصلنا على اللوحات التي قمنا‬ ‫بإعادة الحياة إليها‪،‬وال يفوتني أن أشير كذلك‬ ‫لدور الفنانة سميرة القادري في مساعدتنا على‬ ‫جمع اللوحات‪.‬‬ ‫وانا سعيد بما وصل إليه المتحف حينما‬ ‫تحول إلى مركز للفن الحديث‪.‬‬ ‫ المشروع الفني ‪:‬‬‫انطلق مشروعي الفني كغيري من‬ ‫الفنانين باالشتغال على معمار المدينة بمنظور‬ ‫واقعي وانطباعي‪.‬ثم أخذ منحى تجريديا صرفا‬ ‫من خالل توظيفي للرموز الهندسية إلى أن‬ ‫وصل إلى ماهو عليه من توظيف للميثولوجيا‬ ‫اإلغريقية واليونانية‪..‬خصوصا من خالل رمزية‬ ‫جسد المراة ومااحتله من دالالت في نسق هذه‬ ‫الميثولوجيا‪..‬وهذا التوجه الرمزي في اعمالي هو‬ ‫مستوحى من تاريخ الفن واألسطورة‪.‬‬

‫ واقع التشكيل بالمغرب ‪:‬‬‫تعرف التجربة التشكيلية المغربية تنوعا‬ ‫في العطاء التشكيلي‪،‬فيها الجيد الذي يتمثل‬ ‫في مجموعة من الفنانين المقتدرين الذين‬ ‫يشتغلون على مشروع فني وبحث متواصل‬ ‫في الجانب التقني‪،‬وفيها ايضا تجارب ال ترقى‬ ‫للجودة‪ ،‬وهناك لألسف وجود بعض أشباه‬ ‫الفنانين الذين يسيؤون للمشهد الفني نظرا‬ ‫لكونهم يدعون انهم فنانون وهم بعيدون عن‬ ‫هذا المجال‪،‬ومايشجع على هذه الظاهرة السلبية‬ ‫هو تناسل مايسمى بالمهرجانات التي تنتشر‬ ‫عبر تراب الوطن‪ .‬لهذا اقترح على المسؤولين‬ ‫أن يعيدوا النظر في دعم هــذه المهرجانات‬ ‫الهجينة‪ ،‬وأقترح ايضا على من يريد أن ينظم‬ ‫مهرجانا ان يشتغل بعقلية احترافية من خالل‬ ‫لجنة متخصصة تعمل على انتقاء األعمال الفنية‬ ‫الجيدة‪..‬وأنا بطبيعة الحال ال أعمم بخصوص‬ ‫هذه المهرجانات‪..‬ألن هناك البعض منها له‬ ‫توجه جاد‪.‬‬ ‫ في األخير أقول لكم ‪:‬‬‫أنا دائما متفائل‪ ،‬وأعيش على أمـل أن‬ ‫يتطور الفن في بلدي المغرب‪.‬وأن تستعيد‬ ‫تطوان وهجها الفني والحضاري‪ ،‬وسوف لن‬ ‫يتحقف ذلك إال بانفتاح المسؤولين على الفنانين‬ ‫واالستفادة من طاقاتهم اإلبداعية بخصوص‬ ‫جمال الفضاء العام‪.‬وأحلم أيضا بميالد مهرجان‬ ‫دولي كبير للفنون التشكيلية بتطوان على غرار‬ ‫باقي مهرجانات المدينة‪.‬‬ ‫وشكرا لكم على هذا التجاوب الكبير مع‬ ‫تجربتي الفنية الطويلة‪.‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫بيــن التمثــل‬ ‫والإبـداع‬

‫‪5‬‬

‫يوسف سعدون‬

‫معظم المتتبعين لمسار تجربتي التشكيلية يتساءلون عن سبب‬ ‫انتقالي من األسلوب التشخيصي الذي كنت معروفا به إلى اختياراتي‬ ‫التشكيلية الحالية التي تمزج بين التجريد والتشخيص تارة‪ ،‬وتغرق‬ ‫في التجريد تارة أخرى؟‬ ‫ويالحظون أن تجربتي الواقعية كانت مفهومة ويسهل الوقوف‬ ‫عند دالالتها لما كانت تتضمنه من‪ ‬مشاهد من الواقع و الطبيعة‬ ‫والمعمار واألبواب و‪ ..‬‬ ‫واللوحة الواقعية أو االنطباعية حسب رأي معظم هؤالء‪ ‬مرغوب‬ ‫فيها نظرا لبعدها الجمالي والتزييني!!!‪.‬‬ ‫أحترم هذا التفاعل وهذه اآلراء‪ .،‬ألنها في العمق تسائل المبدع‬ ‫عن اختياراته ومشاريعه الفنية‪،‬ومثل هذه المالحظات تطرح على‬ ‫الكثير من أصدقائي الفنانين والفنانات‪.،‬فمنهم من يجيب عمليا‬ ‫بمواصلة تعميق البحث في مشروعه الفني‪،‬و منهم من الزال يتأرجح‬ ‫بين االتجاهات الفنية رغبة منه في مسايرة سوق الفن واالستجابة‬ ‫لطلباته!!‬ ‫‪ ‬وتاريخ الفن علمنا أن التحول الذي تعرفه‪ ‬التجارب الفنية مسألة‬ ‫طبيعية‪،‬ألن الفنان من طبعه يكره الجمود والركودومراحله الفنية‬ ‫تأتي نتيجة التراكم الكمي لعطائه اإلبداعي والتطور الطبيعي لمساره‬ ‫التشكيلي‪.‬‬ ‫تلك هي خصائص المبدعين الجادين‪ ،‬وكل االختيارات التشكيلية‬ ‫تبقى‪ ‬مفتوحة على الكثير من التحوالت ألن الفنان من المفروض أن‬ ‫ينفتح على مختلف التجارب ويحاول مواكبة مستجدات الفعل التشكيلي‬ ‫اإلنساني‪،‬وسبيله في اإلبداع هو اإليمان بانشغاالته والصدق في بحثه‬ ‫التشكيلي من أجل الوصول إلى أسلوب خاص يميزه عن باقي التجارب‬ ‫الفنية‪ ،‬ولنا في «بيكاسو» المثال‪.‬‬ ‫والتميز في اإلبداع ليس عيبا إن كان صادقا‪،‬ألنه هو السبيل‬ ‫لتطوير الفنون‪.‬وتعدد‪ ‬التجارب التي تتميز بتفردها و ال تستنسخ‬ ‫بعضها البعض تعمل على إغناء العطاء التشكيلي اإلنساني‪.‬‬ ‫وأما هاجس السوق‪ ‬فمن المفروض أن يبقى‪ ‬مؤجال وال يعتبر‬ ‫أولوية‪ ،‬ألن المبدع الحقيقي يشتغل على مشروع فني مفتوح‪ ‬على‬ ‫كل التحوالت دونما مراعاة لرغبة السوق الفني‪.‬وقد يصبح عنده هذا‬ ‫المشروع متجاوزا إذا ما استوفى كل شروط البحث والتجريب والعرض‬ ‫لينطلق في مشروع آخر‪ .. .‬وكل المشاريع الفنية الحدود لها‪،‬وآفاقها‬ ‫مفتوحةسواء على المستوى التقني أو التعبير التشكيلي‪.‬‬ ‫وبديهي أن يتطور الفنان أيضا من خالل االهتمام النقدي لمساره‬ ‫التشكيلي‪،‬ألن دور النقد هو مواكبة التجارب الفنيــة وقراءتها وإعادة‬ ‫تقديمها للمتلقي وتقييم لمساره الفني‪ ،‬من خـــالل تفكيك بنيات‬ ‫العمل الفني‪،‬وإعادة بنائه نظريا بغية الكشف عن المضامين والدالالت‬ ‫الرمزية واالجتهادات التقنية لألعمال الفنية‪.‬‬ ‫بالنسبة لي‪ ،‬أعتبر أن تمثل مدرســة تشكيليــة معينــة وإعادة‬ ‫إنتاجها لن يضيف للحقل التشكيلي شيئا جديدا‪،‬باعتبار أن رواد‬ ‫تلك المدرسة قد استوفوا متطلباتها التقنية والموضوعاتية‪،‬فالكثير‬ ‫من المبدعين الذين تمثلوا خصائص بعض االتجاهات الفنية التي‬ ‫بصمت تاريخ الفن‪،‬كإعادة إنتاج المدرسة االنطباعية أو السريالية او‬ ‫التكعيبية او حتى التجريدية لن يفيدوا العطاء التشكيلي في شيء‪،‬ألن‬ ‫هذه المدارس قد راكمت بداخلها الكثير من الخصائص المؤسسة‬ ‫لها‪،‬فاالنطباعية مثال شكلت ثورة في مفهوم الفن من خالل خروج‬ ‫الفنان من المرسم واالشتغال في الهواء الطلق ومعالجة تأثير الضوء‬ ‫على األجسام وترجمة ذلك بلطخات قوية للفرشاة واالهتمام بتعبيرية‬ ‫اللون‪ .‬هذه كلها عناصر استوفتهــا المدرسة االنطباعية‪ ،‬وشكلت‬ ‫تراكمات مهممة مهدت لباقي التحوالت التي ستؤسس للحداثـــة في‬ ‫الفن‪ .‬وال أظن أن هناك من يمكن له أن يضيف جديدا لهذه المدرسة‬ ‫بعد اجتهادات رواد هذه المدرسة مثل كلود مونيه وبيسارو وسيزان‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫وكل التجارب الحالية التي تعمــل من داخل خصائص بعض‬ ‫االتجاهات الكالسيكية أو الحديثة سوف لن تشكل إضافات‪،‬إذا ما‬ ‫بقيت سجينة تلك المدارس‪،‬لهذا فالمطلوب هو استلهام عناصر‬ ‫هذه االتجاهات الفنية وعدم تكرارها من أجل تشكيل أسلوب خاص‬ ‫للفنان‪،‬ألن إعادة إنتاج مدرسة ما بخصائصها قد يسيء لتلك المدارس‬ ‫ولنا الدليل في العديد من التجارب‪.‬‬ ‫المطلوب ‪-‬إذن‪-‬من المبدع أن يعمق اجتهاداته في التجريب‬ ‫والبحث التقني والفني‪،‬واالستفادة من التجارب اإلنسانية عبر التاريخ‬ ‫بدل إعادة استنساخها‪ ،‬مساهمة منه في‪ ‬تطوير‪ ‬العطاء التشكيلي ‪.‬‬


‫العدد ‪993‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)14‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪ ،‬كما تعدّ‬ ‫أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة‬ ‫العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ‬ ‫كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة‬ ‫الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه‬ ‫الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪.‬‬

‫[الرسالة الثانية والخمسون]‬ ‫[من الطالب محمد أفيالل‪ ،‬وعالل أفيالل إلى السيد عبد السالم بنونة]‬ ‫الحمد هلل‬ ‫أسعد اهلل صباح ّ‬ ‫محل األخ‪ ،‬السيد الحاج عبد السالم بنونة‪ ،‬بعد السالم التام عليك‪ ،‬بموجبه إبداء‬ ‫ما نالنا من األسف على عدم حضورك صبيحة يوم تاريخه‪ ،‬أسفاً ال مزيد عليه‪ ،‬وقد حضر بفم الوادي‬ ‫والصيادين عدد كبير كبريشة وبورص وأشرفي وغيرهم‪ )...( ،‬البحر عدد لم يتقدم له نظير‪ ،‬ولهذه‬ ‫المسألة راينا أن نزيد هذه الليلة التي هي من صبيحة الجمعة‪ ،‬وال بد أن تحضر فيها بأي وجه كان‪ ،‬ونحن‬ ‫ننتظرك من ساعة تاريخه‪ ،‬فأقدم إمّا مع القطار الثالث أو الرابع أو األخير‪ ،‬وال تقبل منك عذراً في التأخير‬ ‫البتة‪ ،‬بحيث لو تأخرت‪ ،‬فقد قررنا عليك نزهة عليك صنع نزهة من أولها إلى آخرها‪ ،‬كما أن العرض األكيد‬ ‫أن تصحب في يدك ورقة قمرة القطار التي كنت طلبتها منك أوال وثانيا وثالثا‪ ،‬وزدتك تأكيدا الكالم في‬ ‫شأنها أمس تاريخه مع ابن شقرون‪ ،‬فإذا به أعرت ذلك أذناً صمّاء‪ ،‬وما كان الظنّ بك هكذا‪ ،‬مع أنّك‬ ‫تعلم اليوم كثرة االزدحام‪ ،‬وعليه‪ ،‬فال بدّ أن توجهها بالوجه المبكر‪ ،‬بل تصحبها في يدك‪ ،‬والطيب ال زال‬ ‫معنا حتى يطلع الجميع صبيحة الجمعة ‪...‬عدم وجود االزدحام حينئذ والسالم‪ .‬في يوم الخميس‪.‬‬ ‫محمد أفيالل وعالل أفيالل‬

‫[الرسالة الثالثة والخمسون]‬ ‫[من الطالب محمد أفيالل‪ ،‬وعبد السالم أفيالل إلى ابن عمهما‬ ‫الفقيه العدل السيد عالل]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫أبّد اهلل مجادة ابن عمنا الشريف األجل‪ ،‬الفقيه العدل األفضل‪ ،‬سيدي‬ ‫عالل وعلى تلك السيادة أزكى السالم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬فقد وافانا مكتوبكم األعز مفيدا سالمة تلك األحوال التي‬ ‫من أهم ‪ ...‬وفيه أعلمت بذهولنا عن الركوة ودفعها للوالنتي الخ‪ ،‬فقد‬ ‫أحسنتم في ذلك‪ ،‬وقد كنا نظن أنها داخل صندوق المونة‪ ،‬هذا وقد حللنا‬ ‫ثغر طنجة بسالمة وعافية في الساعة ‪ 2‬من النهار أمس تاريخه‪ ،‬وألفينا‬ ‫شيخنا وأخاه وأخاه والمرير ينتظرونا على مسافة من البلد بساعة‪ ،‬وقد‬ ‫هيئوا لنا مح ّ‬ ‫ال جيدا يكترى بريال ‪ 30‬في الشهر‪ ،‬وقد ضمنا فيه األثقال‪،‬‬ ‫وبنيت به‪ ،‬واألكل بدار الفقيه‪ ،‬ونزل بالدار المذكورة الشويخ والعبْد‪ ،‬وأمر‬ ‫الركوب في البحر الزلنا إلى اآلن لم نعزم على شيء‪ ،‬وقد أمرنا الرهوني أن‬ ‫نركب من جبل طارق بقمرة البابور األلماني قاصدين سكندرية‪ ،‬وسيكتب‬ ‫يومه أو غد تاريخه لمرتيل ليكون الركوب يوم الجمعة أن ‪ ...‬وأما الباكيط‬ ‫الهندي فالشك عندنا في قبول برج سعيد لنزول الحجاج‪ ،‬وربما ‪ ...‬هل‬ ‫يقبل الحجاج أم ال؟ فإم كان يقبلهم ذهبنا معه‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال فالعمل على الذهاب‬ ‫الظنّ‪ ،‬وعلى ّ‬ ‫من جبل طارق‪ ،‬وهو الغالب على ّ‬ ‫كل حال ال زلنا مترددين‪،‬‬ ‫وإن عزمنا على شيء نكتب لكم بحول اهلل وقوته‪ ،‬يسر اهلل األسباب‪،‬‬ ‫وصرف عنا العوائق‪ .‬ولتنب عنا في إعالم سيدنا الوالد وسيدتنا الوالدة‪،‬‬ ‫متعنا اهلل برضاهما بضمن ما ذكر‪ ،‬ولم نكتب لهما ساعة لعدم العزم على‬ ‫شيء يكون عليه العمل‪ ،‬ووضع الحجاج لويز ‪ 25‬عدة ‪...‬شيء ال شك فيه‪،‬‬ ‫مسلما على سيدنا الوالد‪ ،‬وسيدتنا الوالدة‪ ،‬وعلى األختين وسيدي عالل‬ ‫بأتمّه‪ ،‬ومنّا عليكم األخ سيدي أحمد والفقيه الرهوني والمرير‪ ،‬وهذا ‪...‬‬ ‫قلق جدا والسالم في يوم الثالثاء عام ‪1329‬هـ‪.‬‬ ‫مجلكم‪ :‬محمد أفيالل وفقه اهلل‪ .‬وعبد السالم أفيالل‪.‬‬ ‫وقد استدعانا الزبير ساعته لداره وأكد علينا‪.‬‬

‫[الرسالة الرابعة والخمسون]‬ ‫[من الطالب محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪،‬‬ ‫يجيبه فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد المحترم‪ ،‬أعزك اهلل وحفظك‪ ،‬والسالم التام على سيادتك ورحمة اهلل‬ ‫وبركاته‪.‬‬ ‫فال زائد على ما قدمناه لكم من السالمة والعافية‪ ،‬وشرح ما انفصلنا عليه في شأن بيت المدرسة‬ ‫من العزم على اإلقامة بها‪ ،‬وعدم الرجوع عن ذلك بحال‪ّ ،‬‬ ‫وأن ذلك ليس لعداوة وقعت بيني وبين الرفيق‬ ‫كما تُوهّم‪ ،‬وقد أبطا جوابك عنّي زيادة على العادة‪ ،‬والزلت إلى اآلن في انتظاره وقد ذكر لي صاحب‬ ‫البوسطة األلمانية أنه لم يقدم إليهم رقاص منذ أربعة أيام‪ ،‬وال زالوا في انتظاره‪ ،‬وقد أخبره بعض‬ ‫من قدم أن سبب ذلك كثرة الشتاء بالطريق‪ ،‬وسيالن األودية‪ ،‬فقمت مسرعا لرقم هذا الكتاب خشية‬ ‫أن يحصل لكم تشويش يوجب العتاب‪ ،‬هذا والرفيق قد قبض كتاب والده منذ ‪ 4‬أيام‪ ،‬أخبره فيه بأنه‬ ‫امتنع من تسليم البيت‪ّ ،‬‬ ‫وأن البيت الزال على الشركة‪ ،‬غير أنه أمره بتسليمه لي ألجل اإلقامة وحضه على‬ ‫تحمل مشقة ما زعمه من تكلف الطبخ والذهاب للزاوية‪ ،‬والحامل له على امتناعه من تسليم المدرسة‪،‬‬ ‫وذكر لي ذلك حرفا حرفا‪ ،‬وعلى كل حال إني ال أنتقل إليها حتى يرد على جوابك‪ّ ،‬‬ ‫وأطلع على ما وقع عليه‬ ‫انفصالكما‪ ،‬مسلما على جميع أهل الدار والقرابة‪ ،‬ومن هنا الرفيق وسائر طلبتنا والسالم‪ .‬في ‪ 4‬من محرم‬

‫عام ‪1325‬هـ‪.‬‬ ‫نجلك محمد وفقه اهلل‬

‫[الرسالة الخامسة والخمسون]‬ ‫[من الطالب محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده العالمة القاضي التهامي أفيالل بتطوان‪ ،‬أيام دراسته بفاس‪،‬‬ ‫يجيبه فيها على ما ورد منه‪ ،‬ويخبره فيها ببعض ماجريات األحوال]‬ ‫الحمد هلل وحده‬

‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما‬

‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد المحترم‪ ،‬أعزك اهلل وحفظ جاللة مقامك‪ ،‬وبلغك من خير الدارين غاية‬ ‫مرامك‪ ،‬والسالم التام على سيادتك ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫فقد ورد كتابك المؤرخ بـ ‪ 17‬من شهر تاريخه‪ ،‬معلما فيه أوّال بوصول كتابي المؤرح بـ ‪ 27‬من‬ ‫شعبان افارط بعد غاية االنتظار له‪ ،‬لبطئه عن وقته المعتاد‪ ،‬وجوابك عنه فورا المؤرخ بـ ‪ 3‬من شهر‬ ‫التاريخ‪ ،‬وأنك لم تزل تنتظر الجواب عنه‪ ،‬حتى حصل اليأس من بسبب ما أنبئت به من حدوث التفريط‬ ‫بالبوسطة الفرنسوية‪ ،‬فعزمت على العدول عن اإلرسال معها إلى اإلرسال مع بوسطة المخزن‪ ،‬وأمرتني‬ ‫بذلك ثم أعلمت فيه ثانيا بورود الجواب بعد ختم الكتاب‪ ،‬وصرتَ مما تضمنه على بال‪ ،‬وأمرتني بالعود‬ ‫إلى اإلرسال في بوسطة الفرنسيس‪ ،‬أما البوسطة الفرنسوية فهي مضبوطة جدا‪ ،‬ويكفيك في ضبها‬ ‫أنّه ما ضاع بها كتاب بيني وبينك قط‪ ،‬وما يقع بها من تأخير المكاتيب فهو بال شك لسبب ال يؤدي‬ ‫إلى ضياعها كلية‪ ،‬وقد قبضت كتابك الذي كنت أعلمتك بضياعه‪ ،‬المؤرخ‬ ‫بـ ‪ 15‬من شعبان‪ ،‬أمس تاريخه‪ ،‬وسبب ذلك أن مفرق المكاتيب وضعه‬ ‫بحانوت لصاحب لي قرب الزاوية على العادة‪ ،‬فمرض ذلك الصاحب عشية‬ ‫يومه مرضا أدّى إلى عدم الخروج هذه المدة‪ ،‬وقد أخبرتَ فيه بما أزال‬ ‫عن العين القذى‪ ،‬من فضيحة المحتسب المعزول‪ ،‬وما ذكره أوالد ألمهم‬ ‫من سبعة‪ ،‬فعل الوهم المؤدي إلى تمقيت الناس لجميعهم‪ ،‬ومعاتبتها‬ ‫له حتى صار يقسم لها باأليمان الفاجرة أنّه ما صدر ذلك منه‪ ،‬فمن‬ ‫افترى على اهلل كذبا‪ ،‬وصدر منه مثل هذا الفعل من غير خشية لخالق وال‬ ‫مخلوق‪ ،‬هان عليه األيمان الفاجرة‪ ،‬واألقاويل الباطلة‪ ،‬لكنه وإن أراد أن‬ ‫يطفئ نور اهلل بفيه‪ ،‬فاهلل ج ّلت قدرته متم نوره ومستوفيه‪ ،‬وإن أراد أن‬ ‫ينظم نفسه في سلك وهم أعراض المسلمين يخوضون فيتعاقب بالوعيد‬ ‫الذي تضمنه قوله تعالى‪( :‬وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)‪.‬‬ ‫وبأن الفقيه الرهوني رشح للكتابة بدار النيابة بعد أن كان عزم‬ ‫على أداء فرض الحج‪ ،‬فقد انهدم هنالك ركن من أركان العلم بسبب‬ ‫سفره‪ ،‬حيث كان قائما بالتدريس على ساق الجد‪ ،‬حريصا على اإلفادة‬ ‫لتالمذته‪ ،‬واألمر هلل‪ .‬وبالسؤال عما أشاعه الفزاري عندكم أهو صحيح‬ ‫أم ال؟ فقد أجبتك عنه قبل‪ ،‬وذكرتَ في جوابك عن الكتاب األخير عدمَ‬ ‫استحسانك ما صدر منا منا في قضية الفرطاخ‪ ،‬حيث كان يمكننا اإلقالل‬ ‫منها باإلعراض عما أخبرت به من السب عدمُ االستحسان هو منصب‬ ‫على ما آل إليه األمر من الضرب بالمفتاح والمُدية‪ ،‬ولم يخطر ذلك ببالي‬ ‫أول مرة‪ ،‬وإال ما ذهبت معهم‪ ،‬على أني تنحيت عنهم ساعة الخصام‬ ‫باليد‪ ،‬ولم أساعدهم على ذلك‪ ،‬وأمّا عدم التعرض للشكاية به للحاجب‬ ‫أو للمخزن فكان يؤدي إلى مهانتنا‪ ،‬وعلوه علينا‪ ،‬سيما حيث له تعصب‬ ‫ببعض طلبة الجبال‪ ،‬وإذايته لنا بلسانه لم نقلد فيها قل مخبر‪ ،‬بل كان‬ ‫يسبنا ونحن نسمع وندعه خشية أن يؤول األمر إلى ما آليه في هذه‬ ‫القضية‪ ،‬ممّا لم يعهد صدوره منا قط‪ ،‬وقد ارتدع بذلك‪ ،‬وكفانا اهلل شره‪،‬‬ ‫وأخرج كرها من تلك المدرسة‪ ،‬وبعد أن كان عزم على السفر وجد من يعيره بيتا بمدرسة باب عجيسة‬ ‫في طريق ابلد‪ ،‬فتوطن به كما أخبرت فيه بأنكم وجهتم صحبة حمار المخزن ما أتحفتمونا به أتحفتم‬ ‫بكل خير من الحلواء ومعها رياالن لسيدتنا الوالدة‪ ،‬زيارة لم نحن في كفالته موالنا إدريس تقبل اهلل‬ ‫منها وبلغها بمقصودها‪.‬‬ ‫وقد أمرتني بالمبادرة إلى فتحها خشية تغيرها فذلك هي عادة‪ ،‬سيما حيث أقبل العيد‪ ،‬نطلب اهلل‬ ‫سالمتها‪ ،‬وها أنا في انتظارها‪ ،‬واألمة ال زال لم يتيسر بيعها‪ ،‬وبعد العيد تباع بحول اهلل‪ ،‬ألن الودراسي‬ ‫كان مريضا داخل دار المحتسب التازي‪ ،‬واستنكفت أن نعود لكثرة الئام والبوّابين بباب داره‪ ،‬وربما‬ ‫خشيت أن ال أصل إليه‪ ،‬إلى أن خرج قبل يومين البارحة‪ ،‬ووقع االنفصال معه على بيعها بعد العيد‪ ،‬وأما‬ ‫جسّوس فقد سافر للصويرة وأذن لولده في دفع المشاهرة لنا‪ ،‬وأخبرتَ أيضا بمن رشح للخدمة من‬ ‫أهل بلدنا‪ ،‬قد أخبرنا ُ‬ ‫قبل بذلك الركينة بعد سالمه عليك وصار يشتم التازي‪ ،‬وذكر أنه تكلم معه في‬ ‫شأن أناس مستحقين لها فوعده بذلك وأخلف‪ ،‬وقبض من أناس من فاس وغيرها الدراهم بعد أن أطلق‬ ‫السماسرة على ذلك خفية‪ ،‬وصار يلعنه وهو في غاية الغضب‪ ،‬كما أخبرت بازدياد ولد عند األخ سيدي‬ ‫أحمد بعد سالمنا عليه‪ ،‬جعله اهلل مباركا سعيدا‪ ،‬ومولودا ذكيا نجيبا‪ ،‬وأقر به أعينكم وأسعد بطلعته‬ ‫جانبكم بمنه‪ ،‬هذا وقد عوفيت من ذلك الرمد الذي كان أصاب عيني‪ ،‬والحمد هلل لمن تفضل بجالئل‬ ‫النعم بعد ابالئه بالباليا والنقم‪ ،‬مسلما على جميع األهل والقرابة واألشياخ وسيدي الحاج محمد الصفار‬ ‫بأتمه‪ ،‬ونجله سيدي أحمد‪ ،‬ومن هنا الرفيق وأبناء عمه والخمال والزيدي وبقية طلبتنا وعيدكم مبارك‬ ‫سعيد‪ ،‬أعاده اهلل علينا وعليكم بالهنا والخير والمزيد والسالم في ‪ 26‬رمضان المعظم عام ‪1324‬هـ‪.‬‬ ‫أستدرك خبر‪ :‬بعد أن أردت دفع هذا الكتاب للبوسطة التقيت الودراسي بعد سالمه عليك‪ ،‬فأخبرني‬ ‫بأنه دفع األمة لمن يتولى بيع اإلماء بأجرته‪ ،‬وهو األبّار‪ ،‬وقد ساوت مائة وعشرة ريال وهو يطلب ‪125‬‬ ‫رياال‪ ،‬وها نحن ننتظر أن يزيد شيئا‪ ،‬وذكر لي أن عدم وجد أن من يبذل فيها الثمن الكثير أن األمة‬ ‫التطوانية ممدوحة من جهة الطبخ وهي تدعي الجهل في كل األشياء حتى طبخ الحريرة كأنها ال تريد‬ ‫البيع‪ ،‬وإال ما تركها التازي وغيره‪ ،‬وقد كانت لهم الغبطة فيها‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪994‬‬

‫انطالق المساعدات الرمضانية بإقليم‬ ‫العرائش من أجل النهوض بثقافة التضامن‬

‫العملية‪ ،‬التي تهدف إلى مساعدة األشخاص‬ ‫المحتاجين‪ ،‬خاصة األرامل والمسنون‬ ‫واألشخاص ذوو االحتياجات الخاصة‪ ،‬بمناسبة‬ ‫شهر رمضان لهذا العام‪ ،‬ما مجموعه ‪6450‬‬ ‫أسرة تنحدر من عدد من الجماعات القروية‬ ‫والحضرية‪.‬‬ ‫ووصل عــدد المستفيدين باإلقليـــم‬ ‫‪ 750‬أســرة من مدينـــة العرائــش‪ ،‬و‪750‬‬ ‫أسرة من القصــــر الكبير‪ ،‬و‪ 1700‬أسرة‬ ‫بكل من قيادات بني عروس وبني جرفط‬ ‫وعياشة؛ فيما ستستفيد ‪ 1400‬أسرة بكل‬ ‫من قيادات الساحل وريصانة وسوق الطلبة؛‬ ‫كما ستستفيد ‪ 1850‬أسرة بكل من قيادات‬ ‫العوامرة‪ ،‬سيدي سالمة‪ ،‬القلة وتطفت» ‪.‬‬

‫وتضم مساعدات هذه العملية اإلنسانية‪،‬‬ ‫«سلة من المواد الغذائية‪ ،‬تحتوي حصة‬ ‫األسرة الواحدة على ‪ 10‬كيلوغرام من‬ ‫الدقيق‪ ،‬و‪ 4‬كيلوغرامات من السكر‪ ،‬و‪ 5‬لترات‬ ‫من الزيت‪ ،‬و‪ 250‬غراما من الشاي‪ ،‬وكيلوغرام‬ ‫واحد من العدس‪ ،‬ونفس الحصة من العجائن‪،‬‬ ‫و‪ 880‬غراما من الطماطم المعلبة»‪.‬‬ ‫كما تبلغ كميات المواد الغذائـية‬ ‫المخصصة لإلقليم لهذه السنة ‪64500‬‬ ‫كيلوغرام من الدقيق‪ ،‬و‪ 32‬ألفا و‪ 250‬لترا‬ ‫من الزيت‪ ،‬و‪ 25800‬كلغ من السكر‪ ،‬و‪ 13‬ألفا‬ ‫و‪ 425‬كيلوغراما من الشاي‪ ،‬و‪ 6450‬كلغ من‬ ‫العدس و‪ 6450‬كلغ من المعجنات‪ ،‬و‪6450‬‬ ‫كلغ من علب الطماطم‪.‬‬

‫معرض جماعي للفنون التشكيلية برواق‬ ‫فندق زلجو األثري بمدينة العرائش‬

‫حميد الجواهري‬

‫احتضنت مدينة العرائش‪ ،‬في المدة‬ ‫ما بين ‪ 20‬و ‪ 29‬أبريل معرضا جماعيا‬ ‫للفنون التشكيلية‪ ،‬الذي نظمته جمعية‬ ‫«زلجو العرائش‪.‬وشارك في هذا المعرض‬ ‫حوالي» ‪ 35‬من الفنانين التشكيليين لمدن‬ ‫الشمال‪ ،‬واحتضنه رواق فندق زلجو بالمدينة‬ ‫القديمة‪،‬وهو يعتبر من المعالم التاريخية‬ ‫بمدينة العرائش حيث تم ترميمه وتحويله إلى‬ ‫فضاء للفعل الثقافي والفني‪.‬‬ ‫أسس هذا الفندق حوالي سنة ‪1770‬‬ ‫ميالدية‪ ،‬في عهد السلطان العلوي محمد بن‬ ‫عبد اهلل‪ ،‬بعد دحر األسطول الفرنسي الذي‬ ‫حاول احتالل مدينة العرائش‪..‬‬ ‫وكان هذا المعرض فرصة لجمهور‬ ‫العرائش لالضطالع على تجارب فنية متنوعة‬ ‫لفنانين مرموقين نذكر منهم بوعبيد‬ ‫بوزيدويوسف سعدون وسعيد ريان‪،‬وفاطمة‬ ‫الحمايدي‪،‬وكريمة الشيخ الفلوس‪ ،‬وحسن‬ ‫البراق وآخرون‪.‬‬

‫ت‬

‫ظاهرة الغش في االمتحان‬ ‫بالمؤسسات التعليمية‬

‫• عبد الغني بلقاسم‬

‫عبد العالي بن ربوحة‬

‫العرائش‬

‫ربويات‬ ‫على من تقع مسؤولية انتشارها!؟‬

‫القصر الكبير‬

‫أشرف السيد العالمين بوعصام‪ ،‬عامل‬ ‫إقليم العرائش يوم الخميس‪ 3،‬رمضان‬ ‫‪1440‬ه الموافق ‪ 9‬ماي ‪ 2019‬مرفوقا بالكاتب‬ ‫العام للعمالة‪ ،‬وأعضاء اللجنة اإلقليمية‬ ‫المشرفة على عملية «إفطار رمضان»‪ ،‬ورؤساء‬ ‫المصالح األمنية وبعض رؤساء المصالح‬ ‫الخارجية اإلقليمية‪ ،‬بدار الطالب بمدينة‬ ‫العرائش وبالجماعة القروية العوامرة وبدار‬ ‫المسنين بمدينة القصر الكبير‪ ،‬على عملية‬ ‫توزيع المساعدات الغذائية األساسية في‬ ‫إطار عملية «إفطار رمضان»‪ ،‬على الفقراء‬ ‫والمعوزين باإلقليم‪ ،‬التي تنظمها مؤسسة‬ ‫محمد الخامس للتضامن لفائدة األسر‬ ‫المعوزة‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة أن البرنامج العام الذي‬ ‫سطر لهذه العملية ذو طابع تضامني مع‬ ‫األسر المعوزة ويشمل مختلف جماعات‬ ‫اإلقليم‪ ،‬وأن العملية‪ ،‬ذات الدالالت االجتماعية‬ ‫القوية في هذا الشهر الفضيل‪ ،‬والمنظمة‬ ‫بدعم من وزارتي الداخلية واألوقاف والشؤون‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬تندرج في إطار تكريس ثقافة‬ ‫التضامن والتآزر‪ ،‬بهدف محاربة الفقر‬ ‫والتخفيف من معاناة الفئات المعوزة خالل‬ ‫شهر رمضان‪ ،‬انسجاما مع القيم السمحة‬ ‫للدين اإلسالمي الحنيف‪.‬‬ ‫وبلــغ عدد المستفيديـــن من هـــذه‬

‫‪7‬‬

‫وتجدر اإلشارة إلى ان هذا المعرض‬ ‫افتتحه السيد وزير الثقافة واالتصال الذي‬ ‫أكد في كلمته االفتتاحية على أهميـــة هذا‬ ‫التحدي الثقافـــي بالنسبـــة لمدينة عريقة‬ ‫كالعرائش‪،‬والتي تعتبر من منابع الثقافة والفن‬ ‫التشكيلي بالمغرب‪.‬‬ ‫ونقرأ في كاتالوغ المعرض الكلمة‬ ‫التقديمية التي وقعها الفنان يوسف سعدون ‪:‬‬ ‫«من عبق التاريخ‪،‬ومن ردهات المكان‬ ‫الموغل في الزمن والذكــرى‪ ،‬وبحاضرة‬ ‫ساحلية جميلة مقاومة للنسيان‪،‬وبتسمية‬ ‫«زلجو»المختزلة للكثير من الدالالت الثقافية‬ ‫والجمالية‪،‬تأتي هذه المبادرة الفنية الطموحة‬ ‫لتنفض الغبار عن معالم للزمن الجميل‪،‬ولتعلن‬ ‫أن الجمال قائم رغم رياح الرداءة‪...‬‬ ‫هنا «زلجو»فضاء حافل بالرمزية وموطن‬ ‫معرض تشكيلي جاء ليحتفل بالعين وليمنحها‬ ‫متعة االنتشاء البصري عبر فسيفساء فنية‬ ‫متميزة‪.‬‬ ‫هنا أعمـــال صبـــاغيـــة ورسومــــات‬ ‫وصورفوتوغرافية تعكس هذا التنوع الذي‬ ‫يزخر به العطاء الفني اإلنساني‪.‬إبداعات‬

‫ألجيال متالحقة من فناني الشمال جـــاءوا‬ ‫من أجل االنخراط في لحظة ميالد مشروع‬ ‫فني كبيربطموحه و بأحالمه‪.‬ومتعدد األفاق‬ ‫والتحديات‪.‬‬ ‫األعمال الفنية المعروضة هــنا جاءت‬ ‫لتستخلص الجوهر من الشكل الطبيعي لكي‬ ‫تقدمه في حلة جديدة عبر نقل الفعل اإلبداعي‬ ‫من ممارسة فردية إلى حيز الجمعي بمحتوى‬ ‫التواصل مع المتلقي‪.‬وهي بذلك (االعمال‬ ‫الفنية) تصوغ بعضا من الوجدان المشترك‬ ‫وتؤكد على المعنى بوصفه معطى جماليا‪.‬‬ ‫هي إبداعـــات صامتــة‪ ،‬لكنها مؤثـــرة‬ ‫بتعبيراتها الصارخة‪،‬وهي تراقص الذاكرة على‬ ‫إيقاع اللون والشكل والصورة وتحاور البصري‬ ‫في جدليته مع الرمزي‪.‬‬ ‫بهذه الفسيفساء من اللوحات‪،‬يكون هذا‬ ‫الفضاء الجميل «فندق زلجو»قد خطا خطوة‬ ‫كبيرة من أجل ترسيخ قيم الجمال واإلبداع‬ ‫بالمدينة وكذا صون ذاكرتها التاريخية‬ ‫والرمزية‪.‬خطوة ‪-‬بالتأكيد‪ -‬ستعمل جمعية‬ ‫«زلجو العرائش» على رعايتها واحتضانها‬ ‫بإصرارها الجميل‪.‬‬

‫تهدف العملية التربوية إلى خلق مجتمع متقدم ومتطور من‬ ‫خالل تزويد المتعلمين بالمعارف والقيم والمهارات والعلوم‪ .‬ومن‬ ‫أجل التأكد من تحقيق العملية التربوية ألهدافها‪ ،‬تعتمد عدة وسائل‬ ‫لتقييم وإصالح الخلل واالنحراف فيها‪ ،‬وتبقى أهم وسيلة للتقييم هي‬ ‫االختبارات واالمتحانات‪ ،‬التي يتم من خاللها التأكد من استيعاب‬ ‫المتعلمين للمعارف والعلوم‪ ،‬وكذلك تحديد مدى كفاءة الهيئة‬ ‫التدريسية في إيصال المادة العلمية للمتعلمين‪.‬‬ ‫غير أن هذه االمتحانات تواجه كثيرا من الصعوبات والمشاكل‬ ‫التي تحد من اعتمادها كوسيلة وحيدة للوصول إلى األهداف‪ ،‬ولعل‬ ‫من أبرز هذه المشاكل ظاهرة الغش في االمتحانات التي تعد لونا من‬ ‫ألوان السلوك غير السوي‪ ،‬الذي يؤدي إلى تشويه العملية التربوية‪.‬‬ ‫لقد أضحت ظاهرة الغش في االمتحانات أمرا مقلقا داخل‬ ‫المسيرة التربوية التعليمية‪ ،‬نظرا النتشارها السريع بين المتعلمين‬ ‫على اختالف مستوياتهم وأعمارهم‪ ،‬ثم فشل التربية على القيم‬ ‫الدينية واألخالقية واالجتماعية‪ ،‬وتأثير مظاهر الفساد المستشرية‬ ‫في المجتمع‪ ،‬إذ لم تعد المؤسسة التعليمية؛ ذلك الفضاء الذي‬ ‫يقوم على تهذيب السلوك‪ ،‬وصقل األفكار‪ ،‬وترسيخ القيم األخالقية‬ ‫العالية والمبادئ المثالية‪ ،‬بل فضاء يعيش على ممارسات تتناقض‬ ‫وتتعارض مع أبسط معاني الفضيلة‪ ،‬حيث التدليس والغش‪،‬‬ ‫للحصول على الشهادات من غير بذل أي مجهود‪ .‬ومن هنا يحق لنا‬ ‫أن نتساءل‪ .‬من المسؤول عن انتشار هذه اآلفة الخطيرة بمؤسساتنا‬ ‫التعليمية؟ ما هي العوامل المغذية لها؟ وما هي اآلثار المترتبة عن‬ ‫ظاهرة الغش في االمتحانات؟‬ ‫إن الغش في االمتحانات المدرسية آفة اجتماعية خطيرة تنعكس‬ ‫سلبا على المنظومة التربوية بشكل خاص وعلى الفرد والمجتمع‬ ‫بشكل عام‪ .‬وتفاقمها في األوساط المدرسية مسؤوليتنا جميعا‪ ،‬وال‬ ‫يتحمل وزرها المتعلمون وحدهم؛ بل إن البيئة التربوية وكل المجتمع‬ ‫معني بشيوع الظاهرة‪ ،‬لضعف النجاعة والصرامة داخل المؤسسات‬ ‫التعليمية‪ ،‬وسلك سياسة المهادنة والتغاضي عن سلوك الغش من‬ ‫قبل القيمين على الشأن التربوي‪ ،‬لذلك ليس من العدل إلقاء اللوم‬ ‫على المتعلم عندما يلجأ إلى الغش‪ ،‬ألن المجتمع التربوي السليم هو‬ ‫المجتمع القادر على ضبط الفصل وإثرائه وتعليم وتدريس المتعلم‬ ‫كي يؤدي دوره بشكل الئق‪.‬‬ ‫لقد استطاعت هذه الظاهرة أن تتغذى من عوامل كثيرة ال‬ ‫يمكن حصرها أو اختصارها واختزالها في عامل واحد‪ ،‬أو في مجموعة‬ ‫واحدة من العوامل؛ إال أن أهمها يتعلق بطبيعة المنهج الدراسي‬ ‫فلسفة وإعدادا وإخراجا‪ ،‬وبنظام االمتحانات‪ ،‬وما يتعلق بالمدارس‬ ‫وطرق التدريس التي تركز على التلقين فقط دون إدماج المتعلم‬ ‫في بناء الدرس والمساهمة فيه‪ ،‬وعالقة المعلم بالمتعلم‪ ،‬وما يتعلق‬ ‫بالتلميذ وتربيته األسرية‪ ،‬باإلضافة إلى تضخم المناهج الدراسية‪،‬‬ ‫وغلبة الطابع النظري‪ ،‬المبني على (مبدأ) « بضاعتنا ردت إلينا»‪ ،‬بدال‬ ‫من إعمال المستويات العليا من التفكير‪ ،‬كالتحليل والتطبيق‪ ،‬والنقد‬ ‫والتركيب‪...‬عالوة على ارتفاع كثافة الفصل‪ ،‬والتساهل في تطبيق‬ ‫العقوبات على من يدان بالغش‪...‬‬ ‫وعلى غرار كل الظواهر السلبية‪ ،‬فإن ظاهرة الغش في االمتحانات‬ ‫لها تداعيات على المنظومة التربوية ككل‪ ،‬فهي تهدم ركن التقويم‬ ‫وتزيف نتائجه‪ ،‬وبالتالي تحجب الرؤية على أصحاب القرار لتقييم‬ ‫البرامج التعليمية والطرق البيداغوجية‪ ،‬ومعرفة مدى مالئمتها‬ ‫لتحقيق األهداف المسطرة‪ ،‬ومن تم تجويدها أو إصالحها أو تجاوز‬ ‫ما علق بها من نواقص‪.‬‬ ‫إن ظاهرة بهذا الحجم والخطورة‪ ،‬ال يمكن القضاء عليها أو التقليل‬ ‫منها إال بالمعالجة الجادة لكافة صور ودرجات الغش‪ ،‬من خالل برامج‬ ‫للتوعية‪ ،‬وبسط خطورة الظاهرة‪ ،‬وتنظيم مناظرة وطنية تجمع كل‬ ‫الفعاليات التربوية لتحليلها‪ ،‬وتفسير تطورها‪ ،‬وصياغة حلول جذرية‬ ‫للحد من انتشارها‪ ،‬ثم بناء قيم أخالقية رافضة لهذه الظاهرة قناعة‬ ‫وفعال‪ ،‬مع تفعيل العقوبات القانونية في حق كل الغشاشين‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪994‬‬

‫فقه الواقع‬

‫من أوروبا‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫جرائم الشرف‬ ‫أمينة أمنوح‬ ‫جرائم الشرف تغزو قرى شمال المغرب‪ .‬فقد أقدم مع بداية‬ ‫رمضان أب بقرية بريصانة بإقليم العرائش على قتل ابنته التي‬ ‫تبلغ من العمر ‪ 15‬عاما بواسطة فأس قاتلة على مستوى الرأس‬ ‫‪ ،‬بعدما اكتشف أنها علي عالقة مع شاب‪ .‬وبقبيلة الكالعي بنفس‬ ‫اإلقليم ذبح أب آخر ابنته القاصر ‪ ،16‬لنفس السبب وبنفس العنف‬ ‫رغم توسلها اليه‪.‬‬ ‫‪ ...‬اإلنسان (مفرد بمعنى الجمع )‪ ،‬ومنهم الفقيه التقي هو من أقدر المخلوقات على خدمة عقيدته‪ .‬فقد تكفلتْ‬ ‫المجالس العلمية المحلية لجهة طنجة‪ ،‬تطوان‪ ،‬الحسيمة‪ ،‬بتنظيم ندوة علمية تحت عنوان ‪ :‬مراعاة فقه الواقع في تنزيل‬ ‫األحكام الشرعية ‪.‬‬ ‫و إذ قال الشاعر في حقِّ الرحمة المهداة (ص) ‪:‬‬ ‫حـمـت فـ� َ‬ ‫َ‬ ‫و �إذا َر‬ ‫حماء‬ ‫الر ُ‬ ‫أنـت � ٌّأم و� ٌأب ~ هذان يف الدنيا هما ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫العهد و�أعط ْي َته ~‬ ‫و �إذا �أخذ َت‬ ‫وفـاء‬ ‫عهـد َك ِذ َّمـة و‬ ‫ُ‬ ‫فجميـع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫إن الفتوى توقيع من ربِّ العالمين‪ ،‬فوَيل لِمنْ أخطأ في التوقيع عن الواحد القهار ‪.‬وقد اجتهد الدكاترة المتخصصون‬ ‫في عرْض منتوجهم العلمي‪ .‬والفكر العلمي هو أحدُ دعائم الحضارة اإلسالمية‪ .‬يجب ْ‬ ‫أن يكون مؤسِساً لتربية أفكار‬ ‫الباحثين‪َ .‬‬ ‫تناول فيه األساتيذ فقه الواقع‪ ،‬والذي يحظى بمكانة متميِّزة‪ .‬وإذ جاء على لسان د‪.‬محمد عابد الجابري رحمه اهلل‬ ‫تعالى ‪ :‬الحضارة اإلسالمية هي حضارة الفقه والتي تأسستْ على الوحي‪ ،‬يتصدرُها الفقه لجمعه بين النقلي واالجتهادي‪.‬‬ ‫فالمستجدات التي تفرزُها األحداث‪ ،‬تظافر بين العقل الفقهي في ذهنية الناس‪ ،‬وما ينتجه الناس في سياق التراث‪،‬‬ ‫يحدِث جد ًال في إطار إشكالية في الواقع المعيش‪ .‬هو فقهٌ تقويمي وليس تقديري‪ .‬الواقعية ليستْ سليمة بل تستند‬ ‫إلى المستجدات الني تواجهها الشريعة بتحديات على مستويات عديدة‪ ،‬وهي صراعات بين العقل والنص‪ ،‬الذي ينطق‬ ‫ويُستنطق‪ .‬الفقه أمرٌ حركيٌ متجدِّد‪ ،‬والنظر في معضالت التجدُّد وبيان حكم اهلل فيه‪ .‬فبعض دول التبعية للغرب تأخذ‬ ‫مصطلحات التجديد عن الغرب لتؤثر على مخاطبيها لتستوليَ على جز ٍء من تفكيرهم‪ .‬مثال ذلك‪ ،‬للفظة التنمية التي هي‬ ‫مصدر‪ ،‬نمَّ‪ ،‬وليس‪ ،‬نما ينمو‪ .‬فهذا مصطلحٌ يدَمرُ معنى‪ ،‬نما‪ ،‬الذي يعتمدَ الحركة‪ .‬فهو يُقاس (نمَّ) بالطبع المادي وينفي‬ ‫وجود المصدر اإللهي‪ .‬وهي من نماذج الدول العلمانية المتطوِّرة التي تستنكر الجانب الروحي‪ ،‬ومقاصد الخالق في الخلق‪،‬‬ ‫من العبادة والعمارة والخالفة ‪ ..‬فقه الواقع مع الطرح الغربي للتنمية في أسواق المال‪ ،‬وأنظمة النقد‪ ،‬والشركات المساهمة‬ ‫وأنواعها ثم أحكام األوراق التجارية‪ ،‬والفوائد الرباوية ‪.‬مع عقود التأمين وعقود التوزيع‪ .‬هي الحداثة االقتصادية المعقدة‪.‬‬ ‫المفروض ْ‬ ‫أن يواجه الفقهاء هذه اإلشكاالت‪ ،‬لتحقيق اإلصالح والتقدم الحضاري‪ ،‬في فقه التنزيل والمقاصد وعالقتهما‪.‬‬ ‫لتفعيل مقاصد الشريعة في حياة الناس‪ .‬فهناك من عباد اهلل منْ يغيرُ علماً‪ ،‬وإذا به كان يفسد أكثر مما يصلح ! النص‬ ‫بالواقع حتى ال يُفلت فقه الواقع بفقه المقاصد ‪،‬و بما يُحقق مصالح الناس‪ .‬فيكون استدراك الجهد في خطاب الشرع‬ ‫بما يمَكن من استدراج ما ترك فيه مكانا الجتهاد العلماء التقاة‪ .‬األحكام المستنبطة والتباين في واقع الناس وعرضه في‬ ‫الكشف عنها‪ .‬أحوالها والتفاوت في ذلك‪ ،‬في تنزيل األحكام بدعوى التطوُر ‪.‬ففقه الواقع إلى القوة تنحو منحى التي يظن‬ ‫فيها َّ‬ ‫أن مصلحة الناس‪ ،‬فيُصبح الدِّين في مبالغة في فهمه‪ ،‬لتقديم المصلحة سواء كان ظنياً أو قطعياً‪ .‬وأن ال يحكمون‬ ‫األحكام خطفاً بعلة التطوُر ! مثال‪ ،‬قضية التبرُّع باألعضاء‪ ،‬أو زرعها قبل الوفاة وبعدها (للمتبرع بأحد أعضائه في حياته‬ ‫)‪ ،‬ثمَّ زرع قلب اصطناعي‪ ،‬أو عملية اإلخصاب االصطناعي في األنابيب‪ ،‬والحمل الناجم عن التلقيح االصطناعي‪ .‬فاإلخصاب‬ ‫األنبوبي في رحم بديلة‪ .‬كل هذه القضايا استزادة في العلم تستوجب فقه الواقع‪ .‬من استنباط يضمن وحدة الدين وعاصم‬ ‫من الزلل في الفهم والتنزيل‪ .‬فقه الفهم وفقه التنزيل‪ .‬تجري عليه حياة اإلنسان في الواقع‪ ،‬والعلة التي تجري عليها الحياة‪،‬‬ ‫فتتحوَّل األحكام من أداة تفصيلية إلى الواقع إلعمال العقل بتخصصه في حكم الشرع لتحقيق مقاصده‪ .‬القاعدة هي تحقيق‬ ‫المناط‪ ،‬والتعريف به‪ ،‬وهو الجمع بين األصل والفرع بإلغاء الفارق‪ .‬اصطالحات لفظية‪ .‬من باب تأويل المظاهر وتبيين من‬ ‫باب القياس (الشاطبي)‪ .‬وصف الوقائع وصفاً صحيحاً ولزوم الحكم بعد تحقيق المناط واعتبار المآل « للتعريف بالمآالت‬ ‫وقاعدتها « للنظر ودرْء المفاسد المتوقعة وليس الواقعة فحسب ‪،‬على حساب الظروف المقدرة بقواعد الفقه ال بالهوى‪.‬‬ ‫النظر في مآالت األفعال‪َّ ،‬‬ ‫وأن على المفتي أن يُقدِّر عواقب فتواه للمستفتي‪ ،‬من أجل سدِّ الذرائع (اإلمام مالك) ‪.‬و قد تختلف‬ ‫الوقائع وتختلف الفتاوى‪ ،‬وتتغير بتغير الزمان والمكان‪ .‬ومن بين اإلشكاالت هو تطبيق الماضي على الحاضر‪ .‬ثمَّ تنزيل‬ ‫الحكم على الواقعة لمجتهد متعمق في اسنباط األحكام الشرعية‪ .‬وهل الفقه يعيش أزمة أم الفقهاء هم الذين يعيشون‬ ‫األزمة الفقهية ؟ وهل مرَدُ ذلك راجع إلى حصول هُوَّة كبيرة بين الفقه والواقع‪ ،‬وهي ثمرة تفاعل بين العقل والواقع‪ ،‬عند‬ ‫يطلع على ِّ‬ ‫سدِّ عملية االجتهاد ؟ أم الفصل الذي حصل بينهما َّأثرَ على الفقه أم الفقهاء ؟ وهل للعالم أن ّ‬ ‫كل المستجدّات؟‬ ‫إلدراك النوازل وتجنب الظاهر واستعادة جوهره‪ ،‬لترتيب الحكم بالتدرُّج ترتيباً هندسياً‪ .‬بعد التحقيق من النازلة‪ .‬فاألمور‬ ‫الفقهية ليستْ باألمر السهل‪ .‬بالتأصيل ال من باب التفصيل‪ ،‬كاألعراف واألحوال والمآالت‪ ،‬وعلى هذه الخصوصيات تنتهي‬ ‫األحكام‪ .‬إذ كان اإلمام الشاطبي رحمه اهلل يتزعم النظر في النوازل بضوابط وشروط خاصة ( وهي عملية جبارة ومطلب‬ ‫كبير بدْءاً من مراجعة المادة الفقهية )‪ .‬الصحابة رضوان اهلل عليهم فهموا روح الشرع‪ ،‬وقد أجادوا في إيجاد فتاوى لتلك‬ ‫الوقائع‪ .‬وأسوة بهم كان الفقيه موسى أعمران‪ ،‬أواخر القرن العاشر‪ ،‬وكان زمان الفوضى والغصب والسرقة والزنى التي‬ ‫كانت تستوجب حدوداً شرعية التطبيق‪ ،‬بل كان األمر في حالة االستحالة وقد صار عصِيّأً على التنفيذ‪ .‬فأخذ أبوموسى‬ ‫بفتوى اإلمام البرجلي‪ِّ ،‬‬ ‫يُمكنُ من عقوبة الحدِّ إلى عقوبة المال تابثة‪ ،‬وقد حافظ على الكبريت األحمر ( وهي المادة‬ ‫الكيميائية التي تحو ُ‬ ‫ِّل النحاس إلى ذهب‪ ،‬وهي أغلى من كل شيء يتصوَرُهُ اإلنسان)‪ .‬كما كان للفقيه ابن عرضون في‬ ‫ً‬ ‫شأن المرأة في البادية التي تشتغل أكثر من مثيالتها في الحضر‪ ،‬وهي معينة لزوجها على ثروته‪ ،‬وقد جعل منها شريكا بعد‬ ‫وفاة زوجها‪ ،‬عِوض أن ترث الربع أو الثمن في ميراثه‪ .‬وقد أفتى بذلك محافظاً على حقوق المرأة البدوية‪ .‬فلم ننجح ْ‬ ‫إن لم‬ ‫متنوّرة وبالد إسالمية متطوِّرة ‪..‬‬ ‫تكن هناك بالد عربية ْ‬ ‫الفكر العلمي هو أحدُ دعائم الحضارة اإلسالمية‪ ،‬وهو أحد أسسها وقيمها االجتماعية ‪ ..‬يجب ْ‬ ‫أن يكون مؤسساً لتربية‬ ‫أفكار الباحثين ‪..‬‬

‫نعم‪ ..‬نعم‪ ..‬إنهاء حياة فلدة كبده هكذا كأنه يمثل لقطة في‬ ‫مسلسل تركي لغسل العار الذي سببه «الحقير»‪ .‬ال‪ ..‬ال مجال التهام‬ ‫المسلسالت التركية‪ ...‬جريمة الشرف سلعة محلية يغديها كالم‬ ‫الناس لدرجة أصبح للتبركيك رقم مرموق مساهم في ارتفاع معدل‬ ‫الجريمة‪ .‬جيران وأحباب يلوكون سمعة المراهقة ويساهمون في‬ ‫مراقبتها وقصف رقبتها هم في الحقيقة مشاركون في الجريمة‬ ‫ويستحقون عن جدارة تحقيقا وقسما من القصاص الذي سيناله‬ ‫هذا االب وداك‪ .‬في الجريمة الثانية دخل هذه المرة عنصر تكنلوجي‬ ‫في المعادلة الخطرة اال وهو تطبيق الواتساب‪ .‬ففي الماضي كانت‬ ‫رساءل المراهقات الورقية سهلة االخفاء واليوم اصبحت هده الحياة‬ ‫العاطفية كلها ملخصة في حوارات علي الهاتف‪ .‬أتصور األب وهو‬ ‫يلزم ابنته بفتح هاتفها وهل ستجرأ على قول ال؟ يري آخر «سناب‬ ‫شات» حاكت فيه ربما امرأة مشهورة‪ ،‬يقرأ أدبيات ابنته ليكتشف‬ ‫حريتها الواقعية أو المفترضة والتي تبعد ها كليا عن عالمه‪ .‬ال ال‬ ‫فهو ال يقرأ‪ ،‬فالمدرسة كالكهرباء‪ ،‬لم تكن قد وصلت إلى البادية‬ ‫من أربعين سنة‪ .‬فقط شبه له‪ .‬فالقلوب الحمراء على هاتف ابنته‬ ‫لعل لها من حمورة نقاط الدم شيء وتصوران كل شيء راح أدراج‬ ‫الرياح لم يبق إال حياة ابنته أمامه‪ .‬ويذكرني هذا االصطدام العنيف‬ ‫الحاصل لدى األسر القروية مع التكنولوجيا كذلك الذي عرفته األسر‬ ‫المغربية المهاجرة بدورها من البوادي إلى أوروبا عندما تم التجمع‬ ‫العائلئ وارتطمت بالمجتمعات األوربية التي صارت مقرراتها تنهج‬ ‫فتح اآلفاق وإتاحة ُ‬ ‫الفرص للمراهقين‪ ،‬هذه المجتمعات التي تعلمت‬ ‫مناقشتهم‪ ،‬مداراتهم وتزويدهم بحبوب منع الحمل إن اقتضى األمر‬ ‫تفاديا ألطفال الشوارع‪.‬‬ ‫بينما ألح المهاجرون على التضييق على الفتاة لحين تسليمها‬ ‫إلى زوجها‪ .‬هذا الصراع القيمي تتسبب في هروب المراهقات من‬ ‫المنزل العائلي إلى المالجئ وإلى ترحيلهن إلى المغرب وتزويجهن‬ ‫قصرا مما أدى إلى مآسي صادمة وانهيار األسر وبشكل خاص ضياع‬ ‫المراهقين إلى مشاعر الرفض والصور السلبية عن الذات واآلخر‪.‬‬ ‫بسبب هدا التعامل تم تقرير تعليم اآلباء إلى جانب الشباب أبجديات‬ ‫التربية الجنسية‪ ..‬كيف أن المراهقة من أخطر مراحل حياة اإلنسان‬ ‫ُ‬ ‫اإلنسان‬ ‫تغييرات جديدة متع ّلقة بجوانب النمو المختلفة‪ ،‬كما يتعرض‬ ‫فيها للكثير من الصراعات الخارجية والداخلية وفرط النشاط‪.‬؟ كيف‬ ‫تتعامل مع ابنتك المراهقة إن وقعت في حبال الغرام؟ ماذا يعني‬ ‫ولع وشغف المراهق بشخص ما ؟ كيف أن الوقوع في الغرام لدى‬ ‫المراهقين يشبه حالة التعرض للشمس‪ .‬متى يحسون بالفراشات‬ ‫في بطهم بسبب عمليات التشغيل اإلضافية لهرمونات النمو التي‬ ‫تسبب لهم إجهادا‪.‬‬ ‫افهموا شيئ ًا ؟ اسمعوا وعوا ؟ ال‪ .‬كان الجواب جماعي‪ :‬هذه ليست‬ ‫تربيتنا اهلل يخلينا في صباغتنا‪ .‬فمتى نبدأ في تربيتنا‪ ،‬فصباغتنا‬ ‫الحمرا قد ساحت دما غزيرا‪.‬‬


‫العدد ‪ 994‬ـ الثالثـاء ‪ 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫سالش‬

‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫الكتابة واألب‬

‫لقطة ذهنية نهرِّبها من انشغاالت الكتاب المغاربة والعرب‪ ،‬نرغب‬ ‫من خاللها في أن نعرف الدالالت التي تتركها في حياتهم «وجودات‬ ‫صغيرة» تصاحبهم على الدوام‪.‬‬ ‫هذا «الفالش» يحاول أن يستحضر المعاني الممكنة المرتبطة بــ‬ ‫«الكتابة واألب»‪.‬‬

‫الشاعرة فدوى الزياني‬ ‫لعنة‬ ‫بعيون غائمة ولعنة بعيدة‬ ‫زجاجي‬ ‫احلب حتت جلد‬ ‫بحمى ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ب�صدر �شا�سع ينفع للت�صويب‬ ‫ب�أنفا�س ترك�ض كالفيلة يف غابة �إذا هاجمتها نظرة‬ ‫حقيقية لعا�شق‬ ‫َ‬ ‫أطراف يذوب طينها بفعل الأوك�سيتو�سني حتى يتق َّد�س ا�سم �سالفادور‬ ‫ب�‬ ‫دايل يف معجزة الزمن الذائب‬ ‫هكذا �أ�صبحت �صنيعة للفراغ‬ ‫وها �أنا بيدين غري مرئيتني وقلب مثقوب‬ ‫طوال الوقت �أمللم ما �أ�رسقه من الوقت‬ ‫لقد �سال كل �شيء‬ ‫ال�صور التي التقطتها ي ٌد حميمة‬ ‫َّ‬ ‫امل�سافة بني �إ�صبعني‬ ‫كتائب النمل التي هزمت طم�أنينة ج ّثة‬ ‫النظرة املتوهجة يف زاوية الوجنتني‬ ‫املكومة يف ركن احلانة‬ ‫الأغنيات‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫احلب‬ ‫الظهرية التي مل تبارك �أطفال ّ‬ ‫لكنّ الليلة لي�ست �سوى ليلة �أخرى‬ ‫َ‬ ‫الوح�شة‬ ‫تفتح �شهية‬ ‫ُ‬ ‫ليلة �سال فيها كل �شيء‬ ‫ال�ساعة‬ ‫�إ ّال هذا الوقت املتك ِّل�س كقوقعة جري ّية على ظهر َّ‬ ‫بينما رائحتك متت ّد فا�ضحة يف ال�شوارع البي�ضاء‬ ‫حتمل ظ ًّال نحيف ًا‬ ‫ظ ًّال مي�ضي ي ًدا بيد مع �شياطينه‪.‬‬ ‫‪EEEE‬‬

‫خدعة ضدّ الوحدة‬ ‫يخوله يل �أحد‬ ‫ٍّ‬ ‫بحق مل ّ‬ ‫الورقي‬ ‫�أرمي ال َّنهر بزورق الطفولة‬ ‫ّ‬ ‫بقِ�رشة الربتقال الياب�سة منذ قرون يف جيبي‬ ‫ُ‬ ‫يبحث عن �صوتِه‬ ‫باحلجر الذي‬ ‫ُ‬ ‫الو�صول‬ ‫جتهل‬ ‫بفردة حذاءٍ َ‬ ‫ُ‬ ‫كطفلٍ مل يعنتِ بهِ �أحد‬ ‫�أعود �إلى البيت �سري ًا على ال ُع�شب‬ ‫بال�سباب َو َّ‬ ‫ال�شتائم البذيئة‬ ‫�ألعن امل�سافات ّ‬ ‫ً‬ ‫يهدِه �أحد لعبة ما‬ ‫ُث َّم ك�إله مل ْ‬ ‫�أعجنُ ج�سدي‬ ‫أخلط الطني ّ‬ ‫� ُ‬ ‫بالطني‬ ‫َو�أبتكر طريقة للتكاثر‪.‬‬ ‫‪EEEE‬‬

‫نهاية العالم‬ ‫�سيحتفي العامل بنهايته هذه الليلة‪،‬الأ�صدقاء الذين مل يكونوا �أبد ًا‬ ‫�أ�صدقائي يرفعون يف وجهي نخبا جمهول النوايا‪،‬وكما يحدث يف م�شهد‬ ‫�ساخر �أبدو امر�أة مقلوبة عميقا نحو الداخل ذراعي ممدودة �إلى ال �شيء‬ ‫�أبادل النخب دون ك�أ�س دون نبيذ‬ ‫بينما يف احلقيقة وعلى الطاولة �أخفي ذراعني لفالحة بوهيمية كل‬ ‫تفكريها �أن تنزع ال�ضجر ال�شائك عن ظهر الأيام التي مت�ضي �رسيعا �إلى‬ ‫املقربة‪.‬‬ ‫قبل املوت بدقائق ‪..‬‬ ‫�أفكر كيف �أقنع قناين البرية الفارغة �أن حتب بع�ضها خارج عماء العامل!‪.‬‬

‫الشاعرة منى وفيق‬

‫هذا ما يحدث عندما تخرج إلى العالم‪ ،‬و تجد‬ ‫في وجهك «جان فالجان« في نسخته المغربية‬ ‫كان أبي حاضرا في كتاباتي القصصية والشعرية بشكل متفاوت بين أول قصة قصيرة كتبتها له بعد وفاته «فرحا‬ ‫بالموت»‪ ،‬وآخر قصيدة «العرج وجاهة»‪ ،‬حيث تن ّقل فيها برجله العرجاء التي كانت عكازا لكثيرين‪ .‬كنت و ال أزال أراه أثقل‬ ‫من كل نصّ غازلته فيه‪ .‬هذا ما يحدث عندما تخرج إلى العالم و تجد في وجهك «جان فالجان» في نسخته المغربية‪.‬‬ ‫وحسنا‪ ،‬ثمة رواية هائلة قادمة‪ ،‬لعلها الرواية الوحيدة التي سأكتبها عن رجل عاش حياة حافلة‪ ،‬عاش دون أن يكتب‪،‬‬ ‫وترك ابنة قررت أن تعيش و تخزّن تاريخه وحياتها كما يخزّن اليمنيون القات لتكتب بعد ذلك قصتين لجيلين مغربيين‬ ‫مختلفين‪.‬‬ ‫لقد ّ‬ ‫نط عبد الرحمان وفيق إليّ من رواية ضمنيّة للحياة ليقول لي «عليك أن تكتبي يا منى ‪ ..‬لقد عشت أنا وإخوتي‬ ‫وأمك وكل من تقاطعوا معنا‪ ،‬لنعطيك فرصة أن تكوني كاتبة ‪ ..‬كاتبة مختلفة لمن لم يعرفوا كيف يكتبون بعد أن‬ ‫يعيشوا»‪.‬‬

‫يسمد‬ ‫الحقل‪...‬‬ ‫الشاعر مبارك وساط‬

‫�أ�سنانها‬ ‫�آث َر يف هذه ال�سّ نة �أن‬ ‫ُي�سَ ّمد َ‬ ‫وبينهما‬ ‫حقله بالكالم‬ ‫ول ّأن له ً‬ ‫قطعة بطيخ مديدة‬ ‫ل�سانا‬ ‫�أ�صبح ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫لكن �سوف ُي ِفعم الفرح قل َبه بعد‬ ‫يكف عن رّالثثرة‬ ‫ منذ �أن ْ‬‫فتنته امر�أة يف ال�سوق احل�صاد‬ ‫و�سيكون هنالك ّعتالون ُكرث‬ ‫أ�سبوعي‪-‬‬ ‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫و�ص ُفق �أبواب‬ ‫خ�صب وال �شك‬ ‫فاحلقل �س ُي ِ‬ ‫ّ‬ ‫و�سوف ترتفع عقائر بالغناء‬ ‫والغلة �ستكون عظيمة‬ ‫ّ‬ ‫وتتنحنح قناديل‬ ‫حق َا‪ ،‬هو مل يكن قد ر�أى‬ ‫من تلك املر�أة �سوى ّ‬ ‫�صفي وتت�ساقط ثلوج‬

‫على ر�ؤو�س ن�سوة حزينات‬ ‫أمومي‬ ‫ّكن قد �أغدقن ح ّبهن ال ّ‬ ‫على قطع ّ‬ ‫�سكر‬ ‫ْ‬ ‫كانت لها حياة‬ ‫ّ‬ ‫لكنها ْمل ْ‬ ‫حترت�س‬ ‫ْ‬ ‫وذابت يف ك�ؤو�س‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪994‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫حوار مع‬ ‫الكاتبة المغربية‬

‫سعاد الناصر‬ ‫الكتابة محضنٌ لألسئلة‬ ‫الوجودية والجمالية‬

‫حاورها ‪ :‬أبو الخير الناصري‬ ‫سعاد الناصر أديبة عصامية لم تشغلها شؤون الحياة ومسؤولياتها عن عشقها الكبير‬ ‫للقراءة والكتابة‪ .‬أخلصت للعلم وأعطته جُ ّلها‪ ،‬فجاد عليها بأعمال كثيرة في أجناس تعبيرية‬ ‫عديدة شعرا‪ ،‬وقصة‪ ،‬ورواية‪ ،‬ومقالة‪ ،‬ونقدا‪ ،‬وتحقيقا‪ ،‬ودراسة‪.‬‬ ‫من األعمال األخيرة لصاحبة «بوح األنوثة» و»إيقاعات في قلب الزمن» روايتها «كأنها‬ ‫ظلة» الصادرة عن منشورات مكتبة سلمى الثقافية بتطوان‪ .‬وحول هذه الرواية وتصور‬ ‫صاحبتها للكتابة كانت هذه الدردشة‪:‬‬

‫سؤال‪ :‬ماذا تمثل لك الكتابة اإلبداعية؟ وهل من وصف لعالقتك بها؟‬

‫جواب‪ :‬الكتابة اإلبداعية بالنسبة لي هي مغامرة الخوض في المستحيل لتجلية كينونة‬ ‫الذات وموقفها من العالم‪ .‬وهي أيضا انشغاالتٌ يومية بالعبء الذاتي والكوني من أجل تحمل‬ ‫األمانة الربانية‪.‬‬ ‫أومن أن الكتابة ليست ترفا‪ ،‬وإنما هي محضن األسئلة الوجودية والجمالية التي يسعى‬ ‫المبدع إلى إثارتها في مختلف نصوصه‪ ،‬وإال كانت فارغة ال حياة فيها‪.‬‬ ‫عالقتي بالكتابة تشبه إلى حد كبير الحُلمَ الذي يَكبر داخلنا‪..‬كلما حققنا جزءا منه تتقد‬ ‫الرغبة في المزيد‪.‬‬ ‫أما عالقتي بالرواية تحديدا‪ ،‬فكانت منذ البدايات األولى عالقة شغف امتد داخلي وتفرّع‪.‬‬

‫انطالقا من تجاربك الشخصية في دنيا الكتابة‪ ،‬هل تُجدي شيئا ورشاتُ‬ ‫التكوين في الكتابة اإلبداعية عامة والروائية خاصة؟‬ ‫جواب‪ :‬يتعلم الروائي أشياء كثيرة أثناء كتابته لروايته تكون أحيانا غائبة عنه أو ال يعيرها‬ ‫اهتماما منها أن ورشات التكوين في الكتابة اإلبداعية (والروائية خاصة) قد ال تُجدي نفعا في‬ ‫أمور مثل بناء الشخصيات‪ ،‬والحبكة السردية‪ ،‬والتنقل الزمني‪ ،‬وتطور األحداث وتناميها‪..‬ما لم‬ ‫يكن الكاتب مدمنا على القراءة‪ ،‬ومدمنا على الكتابة أيضا؛ ألن الكتابة ليست موهبة فقط‪،‬‬ ‫ولكنها صنعة تتطور بصبر وممارسة متواصلة‪..‬أيضا أدركتُ أنها منهج حياة بأكملها يخطها‬ ‫الروائي من عُصارة تجربته وعالقاته ويُصرّف فيها العديد من مواقفه تُجاه مختلف القضايا‬ ‫يوزعها على شخصياته؛ لذا تجد في كل شخصية جزءا من الكاتب سلبا أو إيجابا‪.‬‬ ‫سؤال‪ :‬هل لك أن تحدثينا باقتضاب عن أبرز مضامين «كأنها ظلة» وتقنيات الكتابة‬ ‫فيها؟‬ ‫جواب‪ :‬هذه الرواية تحكي عن شخصية األستاذ الذي بدال من أن يكون في قاعات التدريس‬ ‫وجد نفسه في السجن‪ ،‬مع ما صاحب ذلك من أحداث وتفاعالت هي جزء من ذاكرتنا وهويتنا‪،‬‬

‫وما أفرزه هذا الحدث من تداعيات مختلفة واستدعاءات متماثلة من اللحظات اآلتية لتتوغل نحو‬ ‫الماضي القريب أو البعيد‪ ،‬فهي تالمس في بعض قضاياها التي تعالجها أهم قضية تعانيها‬ ‫الشعوب العربية‪ ،‬وهي غياب الحريات والعدالة االجتماعية والسياسية‪ ،‬وذلك من خالل شخصيات‬ ‫تُقدَّم نماذجَ ثابتة على مجموعة من القيم‪ ،‬وأخرى متنامية ومتحررة حسب األحداث والوقائع‪،‬‬ ‫ومن خالل مكونات الرواية التي تكشف طريقة صياغتها عن دالالت متورطة في بناء كون مفعم‬ ‫بالدهشة والهزيمة والتحدي والكثير من الحب‪.‬‬ ‫وبما أن أهم ما في الرواية هو الصيغة التي تحكى بها‪ ،‬فإنني حاولت أن أشتغل على اللغة‬ ‫لحياكة عالم إنساني وما يتضمنه من رؤى ومواقف تشتمل على الواقعي والتاريخي واألسطوري‬ ‫والحلمي‪ ،‬كما حاولت أن أشتغل برصد تفاصيل تتوزع بين اليومي والمسكوت عنه من جهة‪،‬‬ ‫واإلبحار في ممكنات التخييل من جهة أخرى‪.‬‬

‫سؤال‪ :‬ما أهم ما راهنت عليه في روايتك «كأنها ظلة»؟‬

‫جواب‪ :‬بالنسبة لرواية «كأنها ظلة» بحثت فيها عن نص يكون بداية التعبير عن شغفي‬ ‫الالمنتهي بهذا الجنس الروائي‪..‬عن نص يستغرق التجربة التي راكمتها في مختلف األجناس‬ ‫اإلبداعية‪.‬‬ ‫أردت لهذه الرواية أن تأتي مختلفة وفريدة ومتحررة أيضا‪ .‬راهنت على االختالف لكي ال‬ ‫أسقط في تكرار ما بُحْتُ به في الشعر والقصة القصيرة‪..‬وراهنت على التفرد حيث حاولت‬ ‫أال أضع في الرواية إال ما عايشت معانيه وما يشع في السياق من دالالت تالئم الحال والمقام‬ ‫ومن أبعاد تأملية فكريا وجماليا تتفاعل مع الحياة وتؤسس لوعي يستبطن النفس اإلنسانية‪..‬‬ ‫وراهنت على التحرر بما أنه فعل انعتاقي استشرافي وتبصُّري وتجاوزٌ مستمر لما هو كائن‪.‬‬ ‫وأرجو أن أكون قد حققت ذلك في هذا النص الروائي‪.‬‬

‫تجليات‬ ‫الشاعرة فتيحة البو‬ ‫إلى طفلة‬ ‫تقفز بالحبل‬ ‫نجلس معا‬ ‫ونلوّح من بعيد‬ ‫لصفير القطار‬ ‫أجوسني‬ ‫ألتقط أشالئي‬ ‫وبصمات العاصفة‬

‫فتسبقني لهالتي‬ ‫شجرة العبور‬ ‫تقرأني‬ ‫ورويدا ‪ ،‬رويدا‬ ‫تنثرأوراقها‬ ‫على عراء ظلي‬ ‫أتج ّلى لي‬ ‫وحافية‬ ‫أمشيني إليّ‬ ‫تز ّفني الشمس‬ ‫وهمسات المرايا‬ ‫****‬ ‫هبوب‬ ‫في حقيبة يدها‬

‫وضعت غيمة شاردة ‪،‬‬ ‫ريشة من جناح نورس‬ ‫وقصاصات أحالم عالقة‬ ‫على سطح الوقت‬ ‫في حقيبة ظهرها‬ ‫دسّت آثار موجة حائرة ‪،‬‬ ‫زجاجة فارغة‬ ‫رماها الموج‬ ‫على شاطئ العمر ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكل الصخور التي‬ ‫خانها البحر‬ ‫تلك الريح التي‬ ‫تجوس مساءاتي‬


‫العدد ‪994‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫زجل‬

‫طربوش‬ ‫الحية‬ ‫الشاعر المفضل الياموني‬ ‫هرق دمي من حلمي‬ ‫�سال من ملحال‬ ‫هازين املا‪....‬خبطني احلال‬ ‫لقيت روحي فوق حرويف‬ ‫�ساكن خويف‬ ‫هارب من جويف‬ ‫�سالت من الوحدا‬ ‫نية‪.....‬‬ ‫زماين فايتني ب مياة عام‬ ‫وال اكرث‬ ‫و�أنا يا مازال ماخلقت ب �شهر‬ ‫ال�شيب ف را�سي ينقر‬ ‫احلال مخن�ش�ش‬ ‫عوال ينب�ش‬ ‫عطيتو عيني اعطاين �صباعوا‬ ‫اعطيتو قلبي‬ ‫اعطاين وجاعوا‬ ‫الباز يفق�ص الباز‬ ‫الدباز غا دباز‬ ‫دقو باملطرقة وال باملهراز‬ ‫ندمت عال�ش خرجت للريح‬ ‫رجعت بحايل ل�صغري‪....‬‬ ‫لقيت عن�رص ‪....‬‬ ‫مالقيت واد يل يو�صله‬ ‫للبحر‬ ‫نقرا عليه �أ�شعاري‬ ‫نحكي له ا�رساري‪...‬‬ ‫نت�صنت فيه عل �أخباري‬ ‫نخليه جلاري‬ ‫�سايل‪....‬‬ ‫حتى ي�رشبوه الدراري‬ ‫ذاك اللي قال‬ ‫حر ف املا‬ ‫قر�ش ف لبحر‬ ‫يل قال حر ف ال�سما‬ ‫بـــــــــــازوالال ن�رس‬ ‫يل قال حر ف الكالم‬ ‫ايوا يكر‪....‬‬ ‫اللي قال حر ف حلالم ‪..‬‬ ‫طامع غا ف اللي �شاط من ال�سرت‬ ‫التنهيدة لذيذة‬ ‫ماقلنا�ش الال‬ ‫فني هي الفيذة من لكالم‬ ‫�شال؟؟؟‬ ‫ن�شوة الهدرة مات�شبع الذات‬ ‫نعطيكم يل جاي‬ ‫اعطيوين يل فات!‬ ‫نعطيكم اللي فيا حي‬ ‫اعطيوين اللي فيا مات!‬

‫الزاوية ف را�س اجلبل‬ ‫وانا يا زايد ونهبل‬ ‫رجلي رزمو‬ ‫وحملي يزيد يثقل‪...‬‬ ‫ماين حموا ماين قاد عل ثقل ‪...‬‬ ‫بغيت ن�شم رماد النجوم‬ ‫طالتني يامي باحلموم‬ ‫خنقتني ذوك لغيوم‬ ‫ملكالية ريحي‬ ‫احلاب�سة اعجاجي‬ ‫ملخربقة جماجي‬ ‫جلمدة بحري ‪....‬ومواجي‬ ‫راين ندور ف بال�صتي‬ ‫ك زوبعة ف هوايا‬ ‫نحرك غباري‬ ‫ن�شطب �أر�ض خيايل‬ ‫جنبد وحدي عباري‬ ‫بيدي نخلط دوايا‬ ‫على قد ال�شوف‬ ‫على قد اخلوف‬ ‫ما�شي ف غدا متلوف‬ ‫دخلت على كانتي‬ ‫ب�رشاع املا‬ ‫ودموع احللمة‬ ‫و�صداع الدري‬ ‫ال�ساكن معايا‬ ‫من �صغري‬ ‫فني هي ملرايا‬ ‫يالفاهمني‪ !..‬يالرافد لفهامة!‬ ‫يال ا�صبح املا‬ ‫تويل عليك بالندامة‬ ‫قال يل معايا‪:‬‬ ‫اللي بغيتها خليتها ورايا‬ ‫قال يل حدايا‪:‬‬ ‫ال ت�صدق احلجايا‬ ‫حالة املا حالتها‬ ‫حالة‬ ‫وحالة العز‬ ‫مدبالة‬ ‫لفقي مور الباب‬ ‫دفع الباب يبانو ال�سطوال‬ ‫وفركي �ضلوعك‬ ‫يالهجالة‬ ‫وذاك ال�ساعة عيط عل الغياطة‬ ‫وعل الطبالة‬ ‫يل كال فهمني‬ ‫نعطيه دماغي‬ ‫نعطيه يد مهرازي‬ ‫يهر�س ق�شور الكلمة‬ ‫يعرفني ا�شنو‬

‫باغي‬ ‫قالو‪:‬‬ ‫كل اللحم بدمو‬ ‫ال تاكل احلوت ب�سمو‬ ‫العميان يكود لب�صري‬ ‫للجامع للكبري‬ ‫�سال�س‬ ‫بجوج طاحو ف بري‬ ‫انا عاطيها لل�شوفان‬ ‫يبان ما يبان‬ ‫رافد �سالحي‬ ‫وحا�ضي الطرقان‬ ‫مانقد نه�رض‬ ‫خايف من الغا�شي‬ ‫مون�س ال�صرب‬ ‫الوقت مزروب‬ ‫ما�شي‬ ‫رافد �سيف املنكر‬ ‫بنادم معاه يقا�سي‬ ‫كايت�سنى لفجر‬ ‫القبلة فني ماعطيت‬ ‫را�سي‬ ‫نطلب ال�سماحة من املا‬ ‫ون�ستغفر‬ ‫هذا مكتوبي‬ ‫هذا مالقيت ف كرا�سي‬ ‫هذا ما خالو ع�شاق لكرا�سي‬ ‫الثقافة‬ ‫مكركبة‬ ‫مدردبة‬ ‫مكورة‬ ‫ف احلافة‬ ‫معن�رص عليها‬ ‫التالف والتالفة‬ ‫عاونو الفرقة‬ ‫كوات قلبي‬ ‫مر�ضت املعدة‬ ‫باحلرقة‬ ‫كل العاب رافد �صينية‬ ‫وزالفة‬ ‫ايوا نرجع نتلوى فرا�سي‬ ‫نو�سد خيايل‬ ‫ونبقى حا�ضي‬ ‫يال تخ�صمت مع را�سي‬ ‫عند ال�صلح مانحتاج‬ ‫لقا�ضي‬ ‫مرة مرة ن�سافر مع الك�شافة‪....‬‬

‫د‪ .‬حسن اليمالحي‬

‫القصة النسائية *‬ ‫أو‬ ‫الكتابة من مواقع أخرى‬ ‫نضع قراء «الشمال الثقافي» أمام عينة من أصوات قصصية‬ ‫نسائية جديدة ( بالمعنى الفني )‪ ،‬تكتب القصة القصيرة من‬ ‫مواقع مختلفة وتسخر آليات سردية متنوعة‪ .‬وغني عن البيان‬ ‫فإن هذه األصوات تسعى جاهدة بكل ما تملكه من أدوات‬ ‫سردية وفنية ومعرفية إلى تأكيد حضورها في مشهد القصة‬ ‫المغربية والقصة النسائية والنسوية‪ ،‬شعارها الرهان على‬ ‫قارئ نوعي‪ .‬وسنقترب بشكل سريع من كتابة كل واحدة‬ ‫منهن من خالل عينات قصصية‪ ،‬لنترك للقارئ أمر اكتشاف‬ ‫هذه األصوات أو على األقل تقريبه منهن بعيدا عن أي توجيه‬ ‫أو بروباغاندا ما‪ .‬ولتحقيق هذا الغرض سنبدأ بالقاصة فريدة‬ ‫العاطفي‪.‬‬ ‫وهكذا ففريدة العاطفي أتت إلى القصة من القصة وقبل‬ ‫ذلك من الشعر‪ ،‬وهي التي أصدرت مجموعة قصصية معنونة‬ ‫ب على سفر‪ ،‬وهذه المجموعة تشكل تجربة جميلة وجادة‬ ‫بموضوعاتها المتنوعة والمختلفة التي يغلب عليها البعد‬ ‫القيمي واإلنساني وهي تقارب الذات في سياق عالقتها بأناها‬ ‫واآلخرين من خالل سفر سردي مليء باألسئلة واإلجابات‪ ،‬سفر‬ ‫يحقق المتعة للقارئ وهو ينتقل بين الفضاءات التي تشغل‬ ‫عليها القاصة (األمومة فضاء الطفولة فضاء األبوة والهوية )‪.‬‬ ‫وبالعودة إلى قصة اليوم والمعنونة ب ما زلنا نحمل المفاتيح‪،‬‬ ‫فهي تعالج موضوعة األرض ( البيت‪ ،‬الهوية )‪ ،‬والحقيقة أن‬ ‫هذه المشكلة باتت تؤرق اإلنسان العربي وترمي به في أتون‬ ‫الهجرة والضياع ‪،‬ليظل المفتاح هو ذلك البصيص من األمل‬ ‫– وإن كان واهما ‪ -‬الذي يعيد الهوية والحنين إلى اإلنسان‬ ‫العربي المثقل بالهزائم والجراحات‪ ،‬حالة فلسطين‪ ،‬حالة‬ ‫سوريا وهلم جرا‪ .‬وبهذا تظل اسمهان بطلة قصة فريدة‬ ‫العاطفي ترمز إلى كل النساء العربيات اللواتي هاجرن بعد أن‬ ‫فقدن أراضيهن وأصبحن يبحثن في المهجر عن أرض حاضنة‬ ‫لتجاوز الشعور بالشتات‪.‬ولبناء النص وإبالغ المعنى ‪،‬يالحظ‬ ‫أن القاصة فريدة العاطفي قدتوسلت بلغة سردية أنيقة‬ ‫وواضحة تمتح من الشعر وهو ما زاد من قيمة النص الفنية‪.‬‬ ‫إن دخول المرأة عالم كتابة القصة‪ ،‬صاحبته الكثير من‬ ‫اإلبداالت واالنعطافات السردية من حيث المعنى والمبنى‪،‬‬ ‫وهو جعل من القصة المغربية تتصدر قائمة القراءة والتلقي‬ ‫لدى القارئ وفي أروقة المقررات الدراسية والجامعات والبحث‬ ‫العلمي‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬فإن هذه االنعطافات ينبغي أن ترافقها‬ ‫وتصاحبها انعطافات أخرى تهم تجديد آليات القراءة وكذا‬ ‫كيفية اقتحام المناطق الغائبة في هذه المتون القصصية‬ ‫النسائية والنسوية على حد سواء‪.‬‬ ‫ــــــــــــــــ‬ ‫*نقصد بالنسائية هنا كل ما تكتبه المرأة وتعبر عنه من قضايا عامة‪،‬‬ ‫بخالف الكتابة النسوية التي تقف على طرف نقيض من السلطة الذكورية‬ ‫التي تسعى إلى الهيمنة وتغييب حضور المرأة بعيدا عن توازن حقيقي‪.‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪994‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫سناء‪ ..‬رباعيات‬ ‫محمدية‬ ‫�سني يا �ألله‬

‫وعا�شق مواله‬ ‫�أواله يف �أخراه‬ ‫العز يف مر�آه‬ ‫ملجاه يف منجاه‬ ‫�سني يا �ألله‬ ‫وعا�شق مواله‬ ‫باليمن قد زكاه‬ ‫وبالوفا ر ّقاه‬ ‫ال�سرّ يف معناه‬ ‫بالله ما �أهناه‬

‫�سني يا �ألله‬ ‫وعا�شق مواله‬ ‫بذكر من �أحياه‬ ‫يلقى الذي يلقاه‬ ‫�أواه يا �أواه‬ ‫ال تعرف غري الله‬

‫َقصيدتان‬ ‫العزيزة الشمشام‬

‫قصة‬

‫قصيرة‬

‫�سالت دموع العني‬ ‫�شوقا �إلى اللقيا‬ ‫الروح‬ ‫وهاج ع�شق ّ‬ ‫يف موقف الن�رش‬ ‫قلبي الذي يهواك‬ ‫يف م�أمن الب�رشى‬ ‫�سواك‬ ‫�سبحان من ّ‬ ‫يا طيب الذكرى‬ ‫عليك �صالة الله‬ ‫عليك �سالم الله‬ ‫ح ّبي ر�سول الله‬ ‫�أمحو به وزري‬

‫مازلنا نحمل المفاتيح ‪...‬‬

‫للمدن أرواح تماما كما اإلنسان ‪...‬هناك مدن تحضنك‬ ‫ومدن ترفضك‪ ...‬مدن تقذفك إلى هاوية لم تكن تتوقعها‪...‬‬ ‫ومدن تقودك إلى جنات ولؤلؤة في الروح‪.‬‬ ‫بالنسبة لي مدينة «بورج» مدينة غير متوقعة‪ ...‬هكذا‬ ‫وجدتها‪ .‬كل شيء فيها مختلف‪ ،‬بما في ذلك نهر اللوار‪/‬أكبر‬ ‫نهر في فرنسا‪...‬ب ‪ 1006‬كلم تعبر فرنسا من الشمال إلى‬ ‫الجنوب‪...‬عبورا يخيل للسائح أنه يتشكل حسب المدن‪ .‬أحيانا‬ ‫يكون غاضبــا‪ ،‬وأحيانـــا‬ ‫صامتا‪ ،‬أما هنا في «بورج»‬ ‫فيبدو اللوار حنونا ودافئا‬ ‫في هـــذا العيـــد‪ ...‬عيــد‬ ‫الربيع والموسيقى‪.‬‬ ‫في كل زاوية من‬ ‫المدينة فرقة موسيقية‬ ‫تعزف حزنا أو فرحا قادما‪،‬‬ ‫من بالد بعيدة أوقريبة‪ ،‬أو‬ ‫من «بورج» نفسها‪ .‬فرقة‬ ‫«أطفــال الجسـر األخضر»‬ ‫وهي فرقــة محلية تعزف‬ ‫اآلن عزفا قريبا من الروك‬ ‫في قبوللنبيذ يشبه بارا‬ ‫قديما‪ .‬اسمهان الحزينـــة‬ ‫رقصــت كمــا لو كانـــت‬ ‫ترقص على أغاني دبكــة‬ ‫فلسطينية أو سورية‪.‬‬ ‫فريدة العاطفي*‬ ‫من المرات القليلة‬ ‫التـي أحسســــت فيهـــا‬ ‫بفرحـــة صغيـــرة تعــبر‬ ‫قلــب إسمهان‪ .‬في أوج الموسيقى والفرح وصخب الروح‪،‬‬ ‫كنت ألتفت فأجدها في عالم خاص بها وحدها‪ ...‬عالم فيه‬ ‫حزن كبير ووجع كبير‪ ...‬وانطفاء نجوم وأقمار‪.‬‬ ‫تقول لي‪« :‬نحن قادمون من تواريخ حزينة وموجعة‪.‬‬ ‫أغانينا‪،‬أشعارنا‪ ،‬أساطيرنا كلها حزن‪ .‬هل تعرفين قصة‬ ‫عشتار؟»‬ ‫ال أريد أن أعرف يا اسمهان قصصا حزينة‪ ،‬أريد أن‬ ‫أستمتع بالموسيقى والفرح‪ .‬هذه مدينة أليفة تعرف كيف‬ ‫تفرح‪ ،‬وأنا أريد أن أفرح فيها ومعها‪.‬‬ ‫«إفرحي ما شئت‪ ،‬أما أنا فال أستطيع أن أفرح كما أنت»‬ ‫تقول‪ « :‬ال أستطيع أن أكون مائة بالمائة في الحاضر‪ ،‬هذه‬ ‫حالة نفسية ليست سهلة على اإلطالق‪ ...‬حين نصل إلى‬ ‫البيت ذكريني أن أطلعك على شيء‪».‬‬ ‫في البيت لم أكن بحاجة أن أذكرها‪ .‬هي تذكرت من‬ ‫تلقاء نفسها‪ .‬وصلنا وكان عقرب الساعة يشير إلى قرابة‬ ‫الرابعة صباحا‪ ،‬أخرجت من خزانة في صالون البيت مفتاحا‬ ‫قديما جدا‪ .‬بدأ الصدأ يعلوه‪ ،‬وضعته على الطاولة وهي‬ ‫تقول‪« :‬هل تعرفين ماهذا؟ إنه مفتاح بيت والداي في حيفا‪،‬‬ ‫سلمته لي جدتي‪ .‬حين أجبر اليهود الفلسطينيين على ترك‬ ‫أرضهم سنة ‪ 1948‬حملوا معهم الذكريات والمفاتيح‪...‬‬ ‫وصاروا يرثونها جيال عن جيل‪ .‬سكان مناطق كثيرة من‬

‫األرض قد يرثون عن أباءهم ماال أو بيوتا‪ .‬أما نحن فنرث‬ ‫المفاتيح»‪.‬‬ ‫كانت الموسيقى مازالت تتناهى إلى أسماعنا من‬ ‫بعيد‪ .‬الناس الذين جاؤوا ا من كل فرنسا وربما من خارجها‬ ‫لكي يحتفلوا بربيع «بورج» مازالوا يرقصون ويغنون في‬ ‫الشوارع‪ ...‬واسمهان تحمل بيدها مفتاحا من الذاكرة‪.‬‬ ‫وضعته على الطاولة‪،‬تركتني أتأمله‪ ،‬وجاءت بمفتاح آخر‪،‬‬ ‫وضعته إلى جانب األول‬ ‫وهي تقول‪« :‬أما هــذا‬ ‫فمفتاح بيتي بمخيــــم‬ ‫اليرموك بسوريا‪ ،‬كما‬ ‫لوأن التاريـــخ يعيـــد‬ ‫نفسه‪ .‬حين بدأ القصف‬ ‫على مخيم اليرموك‪،‬‬ ‫خرجنا نركض‪ ،‬لم نحمل‬ ‫معنا شيئا‪ .‬حتى رخصة‬ ‫السياقـــة لم أحملهــا‬ ‫معـــي‪ ،‬لكني بطريقــة‬ ‫آلية حملت مفتاح البيت‬ ‫وركضت مثــل غيري‪...‬‬ ‫منا من ذهـــب باتجاه‬ ‫األردن ولبنان‪ ،‬ومنا من‬ ‫تاه وال نعرف مصيره ‪...‬‬ ‫مصيرنا التراجيدي هو‬ ‫التيه‪ ،‬كيف تريديننا أن‬ ‫نفرح؟»‪.‬‬ ‫لم أعـــرف كيـــف‬ ‫أرد عليها‪ .‬قد يبدو األمر‬ ‫غريبا‪ ،‬ولكن وأنا أتجول معها في شوارع وأزقة هذه المدينة‬ ‫األليفة الراقصة‪ ،‬كنت كلما التفتت ألعبر لها عن رأيي في‬ ‫فرقة موسيقية‪ ،‬اأو في وجبة تناولنها بمطعم على إيقاع‬ ‫موسيقى أمريكية أو إسبانية او إفريقية‪...‬أجدها في عالم‬ ‫أخر بعيد جدا ‪ ...‬عالم فيه األرض تسلب‪ ،‬والمناضلون األكثر‬ ‫صدقا يسجنون‪ ،‬واألطفال يدافعون عن األرض بالحجارة‪...‬‬ ‫انتصارات وانهزامات ‪,‬خيانات كثيرة وقصص متشابكة من‬ ‫التاريخ‪ .‬أستمع إليها وأنا أحس بأن كل هذا العالم المتضارب‬ ‫يعطي للحياة معنى‪ ...‬هي الحياة هكذا حزن وفرح‪ ،‬يصعب أن‬ ‫يوجد األول بدون الثاني‪.‬‬ ‫هذا يوم آخر‪ ،‬خرجنـــا فيـــه مرة أخـــرى لالستمتـــاع‬ ‫بالموسيقى‪ .‬في الساحة الرئيسية للمدينة‪ .‬موسيقي‬ ‫يعزف موسيقى للهنود الحمــر على آلة قديمة تشبه الناي‪.‬‬ ‫الموسيقى جميلة ومليئة بالحنين‪.‬اسمهان على غير عادتها‬ ‫تستمع بكل ما في الروح من انتباه‪ .‬خيل لي أنني سمعتها‬ ‫تردد لو كانت تكلم نفسها‪ « :‬الهنود الحمرأيضا فقدوا‬ ‫أرضهم ‪ ,‬ال أعرف إن كانوا يحملون معهم مفاتيح بيوتهم‬ ‫القديمة أم ال ؟»‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــ‬ ‫* قاصة مغربية تقيم في فرنسا‬

‫المعاني الضائعة‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬ ‫كثير من شعراء الحداثة كانوا والزالوا يرفضون تصنيف قصائدهم وفق مواضيع‬ ‫محددة‪ ،‬على اعتبار أن تسمية موضوع القصيدة يحطم ثالثة أرباع االستمتاع بها‪ ،‬كما‬ ‫حدد ذلك (ماالرميه)‪ ،‬وكذلك‪ ،‬ألن توضيح الموضوع يبعد الشاعر عن التعبير عن جوهر‬ ‫القصيدة‪.‬‬ ‫اعتبر «ضياع الشيئية»‪ ،‬أو كما يسميه (روزنتال) شيوع المعاني الضائعة‪ ،‬مظهرا‬ ‫من مظاهر غياب الموضوع في القصيدة الحديثة‪ ،‬وكان من النتائج المباشرة لغياب‬ ‫الموضوع ابتعاد الشاعر والقصيدة عن الواقع‪ ،‬والغوص في الفردانية والذاتية والوعي‬ ‫الداخلي‪ ،‬حتى أضحت هذه القصيدة ال تحمل في عمقها أي التزام أو أي هوية‪.‬‬ ‫لهذا أصبحنا نحس‪ ،‬ونحن نقرأ الكثير من قصائد شعراء الحداثة بغياب الموضوع‪،‬‬ ‫ويقابله الغرض في القصيدة التراثية‪ ،‬األمر الذي جعل التعاطي مع القصيدة الحداثية‬ ‫أمرا صعبا يحتاج إلى أدوات للتحليل واالستقراء واالستبطان ال يمكن للقارئ العادي‬ ‫التوفر عليها‪.‬‬ ‫هذا المأزق التداولي للقصيدة هو الذي جعل إمكانية تتبع مسارها صعبا‪ ،‬إن لم يكن‬ ‫مستحيال‪ ،‬من ناحية الداللة‪ ،‬ألن الموضوع يشكل سياقا تُفهم القصيدة من خالله‪ ،‬وفي‬ ‫ضوءه نتلمس أفكار القصيدة ومعانيها‪.‬‬ ‫بمعنى آخر‪ ،‬غياب الداللة يكون مرتبطا‪ ،‬أساسا‪ ،‬بغياب الموضوع‪ ،‬وبالتالي يُفتح‬ ‫الباب على مصراعيه أمام القارئ والدارس للتأويل‪ ،‬سواء كانت القراءة منهجية أم ال‪.‬‬ ‫والتأويل يمكن أن يكون تعسفا في البحث عن داللة القصيدة‪ ،‬الشيء الذي يمكن‬ ‫أن يُخرج النص الشعري من حقله الداللي الخاص إلى حقل داللي آخر يمكن أن يكون‪،‬‬ ‫في أحسن األحوال‪ ،‬مفتوحا على كل االحتماالت والدالالت‪.‬‬ ‫نتيجة لهذا‪ ،‬أصبحنا أمام مصطلحات نقدية جديدة من قبيل‪ ،‬كثافة التعبير الشعري‪،‬‬ ‫شحن التصوير الشعري‪ ،‬غموض الصورة الشعرية‪ ...‬الشيء الذي جعل القصيدة‪ ،‬التي‬ ‫تحررت من الغرض كمقوم شعري تقليدي‪ ،‬تبتعد كذلك عن الداللة‪ ،‬بمبرر أن القصيدة‬ ‫الحداثية حينما تبتعد عن الداللة تقترب من المبتغى األساسي للكتابة الشعرية الذي‬ ‫هو الرؤيا‪ .‬‬ ‫ربما لهذا اعتبر بعض مناكفي التيار الحداثي القصيدة الحديثة كتابة تعتمد على‬ ‫ال شي‪ ،‬تتماسك أجزاؤها بقوة أسلوبها وتعابيرها فقط‪ ،‬ينقصها المعنى لكي تكون‬ ‫متداولة مقروءة مفهومة ومقبولة‪.‬‬ ‫غير أن الكثير من الشعراء الحداثيين وفي مقدمتهم رواد (مجلة شعر)‪ ،‬وضعوا‬ ‫مصطلح (الداللة) في مقابل مصطلح (المعنى) بشكل يبدو فيه التقابل بينهما مقصودا‬ ‫لذاته‪ ،‬ومحددا برؤية للعالم وللشعر منسجمة انسجاما كليا مع الطرح الفكري الحداثي‪.‬‬ ‫يظهر هذا في التقابالت المفاهيمية التالية‪:‬‬ ‫ الداللة خاصية شعرية بينما المعنى خاصية نثرية‪.‬‬‫ الداللة متعددة متحركة بينما المعنى محدد ثابت‪.‬‬‫ الداللة مؤشر على العمق أما المعنى فهو مؤشر على السطحية‪.‬‬‫ الداللة تعبير عن كون شعري مفتوح متخيل‪ ،‬أما المعنى فإنه يسعى إلى التطابق‬‫مع العالم المرئي الملموس‪.‬‬ ‫بناء عليه‪ ،‬الداللة ترتبط بالرؤيا والوجود بينما يظل المعنى حبيس الواقع‪.‬‬ ‫لهذا يقول أدونيس‪ :‬ليست الداللة قضية أو فكرة أو معلومة وإنما هي أفق ال‬ ‫نقبض عليه‪ ،‬بل نتنسمه ونستبصر فيه‪ ،‬وإذ نكتب عنه‪ ،‬نكتب تنسمنا واستبصارنا‪ ،‬ال‬ ‫المعنى ذاته‪.‬‬ ‫فإذا كانت القصيدة التراثية تجزئ العالم وتجعله مفصال‪ ،‬ثم تنظر إليه نظرة ال‬ ‫تصل إلى عمقه‪ ،‬تماما كما تفعل األغراض الشعرية التقليدية‪ ،‬فإن القصيدة الحداثية‬ ‫ترى العالم ككل كامل ال يتجزأ‪ ،‬كما تعمل على توحيده واستكناه أعماقه وحقيقته‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬اعتبرت الرؤيا موضوعا في حد ذاته مادامت هي رحم القصيدة ومنبعها‪،‬‬ ‫ومن هنا كذلك‪ ،‬أضحت الرؤيا مشجبا تُعلق عليه القصيدة الحداثية الكثير من غموضها‬ ‫وغرابتها‪.‬‬ ‫وتحت ذريعة أن األفكار العظيمة يصعب القبض عليها وتقديمها على شكل موضوع‬ ‫شعري محدد‪ ،‬أضحت الرؤيا مطلبا حيويا في أي كتابة شعرية‪ ،‬وبات اإلبهام والغموض‬ ‫مسايران ألغلب قصائد شعراء الحداثة‪ ،‬كما أصبح غياب الموضوع حاجزا مباشرا يمنع‬ ‫القارئ من إدراك مرجعيات القصيدة أو مقاصدها‪.‬‬ ‫ومع توالي التجارب والتجريب في جسد وروح القصيدة‪ ،‬تحولت الرؤيا إلى سبب‬ ‫مباشر في غياب الموضوع‪ ،‬وفي غياب الداللة وفي غياب المعنى وفي غياب الشعر وفي‬ ‫غياب النقد الشعري‪.‬‬ ‫قراءة القصيدة‪ ،‬تبعا لهذا كله‪ ،‬أصبحت انطباعية ال تصل إلى مستوى التمعن في‬ ‫الداللة الشعرية‪ ،‬وبالتالي التمكن من الرسالة الشعرية التي يجب أن يحملها كل شاعر‪.‬‬ ‫ربما لهذا السبب قال ( الفيتوري) ‪ « :‬إذا كنتُ صاحب رسالة فيجب عليَّ أن أوصل‬ ‫هذه الرسالة إلى أصحابها‪ ،‬ولن تصل الرسالة إذا لم تكن واضحة في ذهن أو روح أو‬ ‫وجدان شاعرها‪ ،‬ومن هنا يحدث اللبس أو الغموض في معطيات الكثير من الشعراء‬ ‫لمعاصرين»‪.‬‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪994‬‬

‫اقتصاد و إدارة‬ ‫البريكسيت ‪ :‬أخر المستجدات‬

‫يف �أ�سبوع‬

‫من بين المشاكل التي تعاني منها حاليا تيريزا‬ ‫ماي‪ ‬وزعيمة حزب المحافظين البريطاني هي رفض‬ ‫مجلس العموم البريطاني اتفاق البريكسيت الذي‬ ‫كان موعده هو الجمعة ‪ 29‬مارس ‪.2019‬‬ ‫وهذا هو ما دفع تيريزا ماي إلى دعوة اإلتحاد‬ ‫األوروبي لتأجيل موعد البريكسيت حتى ‪ 30‬يونيو‬ ‫من هذا العام‪.‬‬

‫والمشكل الحالي هو أن ماي لم تتمكن من‬ ‫تقديم ضمانات كافية إلى المجلس األوروبي وكذلك وضع استراتيجية ذات مصداقية‪ .‬وإذا بقيت الحال‬ ‫على ما هي عليه فإن مدة التمديد سيتم رفضها وسيكون خروج بريطانيا من دول اإلتحاد األوروبي‬ ‫بدون اتفاق‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫أزمة المياه شبح يهدد جميع بلدان العالم‬

‫يعتبر المغرب من الدول التي تعاني من ندرة‬ ‫المياه أو ما يسمى باإلجهاد المائي (‪le stress‬‬ ‫‪ )hydrique‬ألنه مثله مثل جل الدول التي تنتمي‬ ‫إلى جنوب شرق آسيا يوجد في مستوى ما بين ‪25‬‬ ‫و‪ %70‎‬وعدد هذه الدول يصل إلى ‪ 31‬دولة‪.‬‬ ‫بينما هناك ‪ 22‬دولة لها إجهاد مائي يفوق‬ ‫‪ %70‎‬وأغلبها توجد في إفريقيا الشمالية والشرق‬ ‫األوسط‪.‬‬ ‫وإذا كان متوسط المياه في العالم بالنسبة‬ ‫لكل فرد وسنويا هو ‪ 7453‬متر مكعب فهذا المعدل ال يكاد يصل إلى ‪ 736‬متر مكعب في المناطق التي‬ ‫وصل إليها اإلجهاد المائي إلى أكثر من‪.%70‎‬‬ ‫ومع تزايد عدد السكان حول العالم والنمو الديموغرافي مع التغييرات المناخية المتعددة فإن أزمة‬ ‫المياه ستهدد جميع بلدان العالم وبدون استثناء‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن الطلب على المياه يرتفع كل سنة بنسبة ‪ ،%1‎‬بمعنى أنه في سنة ‪2050‬‬ ‫سيرتفع الطلب بنسبة ‪ %30‎‬وسينتقل عدد سكان البسيطة الذين يعانون من ندرة المياه من ‪ 2‬إلى ‪4‬‬ ‫مليار نسمة‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫تقرير المندوبية السامية للتخطيط حول النمو‬ ‫الديموغرافي في المغرب‬ ‫في آخر اإلحصاء العام والذي يعود إلى سنة‬ ‫‪ 2014‬قالت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل‬ ‫الخصوبة وصل إلى ‪ 2,55‬طفل في المحيط القروي‬ ‫و‪ 2,01‬طفل في المحيط الحضري‪ .‬أي أن هذا‬ ‫المعدل يوجد تحت عتبة تجديد األجيال‪.‬‬ ‫وهناك أسباب عديدة للركود الديموغرافي في‬ ‫المغرب منها ‪:‬‬ ‫ ارتفاع سن الزواج إلى ‪ 25,7‬سنة بالنسبة‬‫للمرأة علما أن هذا السن خالل ‪ 1960‬كان هو‬ ‫‪ 17,3‬سنة‪.‬‬ ‫ وصل عدد النسوة اللواتي يستعملن األقراص ضد الحمل أو أية تقنيات أخرى لمنع الحمل إلى‬‫‪ 7‬نسوة من أصل ‪ 10‬في حين أن عددهن في الماضي لم يكن يتجاوز امرأة واحدة من أصل خمسة‪.‬‬ ‫ وهناك عوامل أخرى اقتصادية واجتماعية وثقافية تؤثر هي األخرى في تراجع النمو الديموغرافي‬‫عند المغاربة‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫تحليل بنك المغرب للظرفية االقتصادية‬ ‫لسنة ‪2020-2019‬‬

‫جاء في التقرير األخير لبنك المغرب أن معدل‬ ‫النمو المرتقب لسنة ‪ 2020-2019‬هو‪ %2,7‎‬أي أنه‬ ‫سيتراجع بنسبة ‪ 0,4‎‬نقطة مقارنة مع سنة ‪،2018‬‬ ‫ولكنه سيعود إلى اإلرتفاع خالل سنة ‪ 2020‬ليصل‬ ‫إلى حدود‪.%3,9‎‬‬

‫إعداد ‪ : ‬د‪ .‬ابراهيم التمسماني‬

‫‪brahimtemsamani@yahoo.fr‬‬

‫في حين أن عائدات اإلستثمارات الخارجية المباشرة التي وصلت إلى حدود‪ %4,1‎‬من الناتج الداخلي‬ ‫الخام سنة ‪ 2018‬ستتراجع نسبيا إلى حدود ‪ %3,4‎‬مع نهاية العام ‪ .2019‬ولكن خروج الخزينة على‬ ‫المستوى العالمي سيعيد اإلحتياطيات الدولية إلى ‪ 239‬مليار درهم‪ ،‬قبل انقضاء السنة الجارية‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫مقارنة عملية التصدير وخلق فرص الشغل‬ ‫من أهم البحوث اإلقتصادية التي قام بها كل‬ ‫من عمر إب��ورك والطيب الغازي هو بحث يتعلق‬ ‫بمدى تأثير رفع الصادرات المغربية نحو الخارج على‬ ‫خلق فرص الشغل بالنسبة للسوق الوطنية‪.‬‬ ‫وخلص البحث إلى أن الرفع بنسبة مليار درهم‬ ‫من الصادرات في كل قطاع من القطاعات الستة‬ ‫سيخلق عددا مهما من فرص الشغل على الشكل‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫ التجارة ‪ 16.198 :‬؛‬‫ النسيج والجلد ‪ 13.779 :‬؛‬‫ الفندقة والمطاعم ‪ 12.422 :‬؛‬‫ البناء واألشغال العمومية ‪ 12.345 :‬؛‬‫ النقل ‪ 9.616 :‬؛‬‫‪ -‬صناعات أخرى باستثناء تكرار البترول ‪. 7.372 :‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫مرض السل يسجل ‪ 30.000‬حالة مرضية‬ ‫أعلنت وزارة الصحة أنها تسجل كل سنة‬ ‫‪ 30.000‬حالة مرضية تتعلق بداء السل‪ .‬بمعنى أن‬ ‫من بين ‪ 100.000‬نسمة يوجد ‪ 87‬مريضا مصابا‬ ‫بداء السل‪.‬‬ ‫ويفتك هذا المرض بالشبـــاب الذين تتراوح‬ ‫أعمارهم ما بين ‪ 15‬و‪ 45‬سنة‪ .‬و‪ %70‎‬من المرضى‬ ‫يعيشون في األح��ي��اء الهامشية لبعض المدن‬ ‫المغربية‪.‬‬ ‫وهناك ست جهات هي التي يتمركز فيها مرض السل بنسبة‪ %86‎‬وهي ‪:‬‬ ‫ الدار البيضاء‪-‬سطات ؛‬‫ الرباط‪-‬سال‪-‬القنيطرة ؛‬‫ طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة ؛‬‫ فاس‪-‬مكناس ؛‬‫ مراكش‪-‬آسفي ؛‬‫ وسوس‪-‬ماسة ‪.‬‬‫ويبقى هدف وزارة الصحة هو القضاء على هذا المرض الفتاك بصفة نهائية‪ ،‬قبل حلول سنة ‪2030‬‬ ‫أي في أفق عشر سنوات‪.‬‬

‫‪EEEEEEEE‬‬

‫خلق الشركات في جهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‬ ‫ومعدل البطالة‬ ‫خ�لال العشر سنوات األخ��ي��رة‪ ،‬أي منذ سنة‬ ‫‪ 2007‬وإلى غاية سنة ‪ 2018‬انتقل عدد الشركات‬ ‫التي تم خلقها في جهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬الحسيمة‬ ‫من ‪ 12.113‬شركة إل��ى ‪ 19.878‬شركة حسب‬ ‫اإلحصائيات األخيرة للمركز الجهوي لإلستثمار‪.‬‬ ‫ويعتبر القطاع التجاري هو األكثر رواجا وخلقا‬ ‫للشركات الجديدة في منطقة الشمال ألنه يستحوذ‬ ‫لوحده على ‪ %64‎‬متبوعا بالقطاع الخدماتي بنسبة‬ ‫‪ ،%11‎‬ثم قطاع البناء واإلنعاش العقاري بنسبة ‪%8‎‬‬ ‫وأخيرا قطاع الصناعة بنسبة‪.%7‎‬‬

‫وفي جميع الحاالت يبقى معدل النمو رهينا‬ ‫بتساقطات األمطار وأسعار المواد األولية على‬ ‫الصعيد العالمي‪.‬‬

‫كما أن جهة الشمال تستحوذ على‪ %14‎‬من المقاولين الذاتيين والذين وصل عددهم إلى ‪12.686‬‬ ‫مقاوال ذاتيا‪.‬‬

‫أما من حيث عجز الميزانية فال زال هذا األخير مرتفعا (‪ )%4,1‎‬ولو أنه تراجع منذ سنة ‪ 2012‬حيث‬ ‫كان قد وصل إلى حدود‪.%-6,8‎‬‬

‫وإذا كان معدل البطالة هو أقل بالنسبة للمعدل الوطني بنقطتين إال أنه يبقى مرتفعا عند الفئة‬ ‫العمرية من [‪ 15‬إلى ‪ ]24‬سنة ألنه يصل إلى‪ %22,2‎‬و‪ %13,2‎‬بالنسبة للنساء‪.‬‬


‫العدد ‪994‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجة‬

‫‪14‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫غزوة بدرالكربى‬

‫ال تزال أيام هذا الشهر المبارك تطالعنا بأحفل الذكريات وتذكرنا بأروع ما حدث في‬ ‫تاريخ اإلسالم من الحوادث الجسام‪ ،‬وتعيد إلى ذاكرتنا ما لقيه الرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم وأصحابه في سبيل الدعوة إلى اهلل من عنت المشركين وإرهاق الجبارين‪ ،‬يذكرنا‬ ‫اليوم السابع عشر من رمضان في كل عام بمشهد عظيم من مشاهد البطولة اإلسالمية‬ ‫التي خلدت على مر الزمن رمزا لعظمة المسلمين وقوة إيمانهم وشدة ثباتهم وعمق‬ ‫محبتهم لدينهم ونبيهم‪ ،‬إنه مشهد غزوة بدر الكبرى الذي حدث صبيحة يوم الجمعة‬ ‫السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة‪ ،‬وهي أول معركة قاد فيها الرسول‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم بنفسه جيش المسلمين تجلت فيها آيات حكمته ودستوريته وقيادته‬ ‫وسياسته‪ ،‬وآيات إخالص األنصار والمهاجرين في نصرة دين اهلل‪.‬‬ ‫ومجمل ما حدث في هذه الغزوة وما سبقها مما كان سببا في وقوعها أن اهلل تعالى‬ ‫أرسل رسوله محمدا صلى اهلل عليه وسلم إلى الناس كافة وهم أحد فريقين كتابيون‬ ‫يومنون بما وصلهم من أخبار ديانة سابقة‪ ،‬ووثنيون عاكفون على عبادة ما استحسنوه‬ ‫من وثن أو نجم‪ ،‬وبعثه بالدين القويم والصراط المستقيم فشرع صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫يدعو الناس إلى اإلسالم سرا ثالث سنين آمن في أثنائها برسالته من شرح اهلل لإلسالم‬ ‫ا�ص َد ْع بمِ َا‬ ‫صدره‪ ،‬ثم أمر أن يجهر بدعوته وينذر الكفار من أهله وعشيرته‪ ،‬قال تعالى‪َ “ :‬ف ْ‬ ‫ن مْ ُ‬ ‫ُت�ؤْ َم ُر َو َ�أ ْع ِر ْ‬ ‫�ش ِ‬ ‫ني“ الحجر ‪ 94‬فجهر صلى اهلل عليه وسلم بالدعوة ونادى‬ ‫ك َ‬ ‫�ض َع ِ‬ ‫ال رِْ‬ ‫في قومه بما أمره ربه به‪ ،‬فهزؤوا به وسخروا منه وبغوا عليه وعلى أصحابه الذين آمنوا‬ ‫معه ووقفوا في سبيل الدعوة إلى الحق‪ ،‬وصدوا عن صراط اهلل العزيز الحميد‪ ،‬وأمعنوا‬ ‫في التنكيل بالرسول وإيذائه‪ ،‬فقد لقي هو وأصحابه من وسائل التعذيب وضروب اإلعنات‬ ‫ماال قبل للجبال الراسيات بحمله‪ .‬ولما رأى صلى اهلل عليه وسلم أن القوم ال يزدادون إال‬ ‫كفرا وعنادا‪ ،‬وإمعانا في األذى والنكال أذن لمن ليست له عشيرة تحميه وتدفع عنه أذى‬ ‫المشركين أن يهاجروا إلى أرض الحبشة فهاجر إليها ثالثة وثمانون رجال وسبع عشرة امرأة‬ ‫سوى األطفال‪ ،‬فتعقبت قريش هؤالء المهاجرين وأرسلت في إثرهم رجلين من دهاتها‬ ‫وحملتهم بالتحف والهدايا للنجاشي ملك الحبشة طمعا في أن يرد إليهم من هاجر إلى‬ ‫بالده وأن اليقبل وفادتهم‪ ،‬ولكن النجاشي رد على قريش هديتها ولم يجبها إلى طلبها‬ ‫‪ ،‬وأكرم المهاجرين واقتنع بأنهم على الحق وإليه يدعون‪ ،‬ولما أخفقت قريش في صد‬ ‫الرسول صلى اهلل عليه وسلم وأصحابه عن دين اهلل ورأت أن اإلسالم أصبح ينتشر بين‬ ‫القبائل بسرعة‪ ،‬تعاهدوا فيما بينهم على أن يكيدوا للنبي صلى اهلل عليه وسلم إما بحبسه‬ ‫والحيلولة بينه وبين الناس‪ ،‬وإما بقتله‪ ،‬وإما بإخراجه من بلده ومسقط رأسه ليتخلصوا‬ ‫منه ومما يدعوا إليه‪ ،‬فأعلمه اهلل بما بيتوا له وأمره بالهجرة إلى المدينة وعصمه من‬ ‫المشركين أعداء الحق والدين‪ .‬ولكن لم يكد يستقر قدم الرسول صلى اهلل عليه وسلم مع‬ ‫أصحابه بالمدينة حتى أخذ المنافقون يغدرون بهم وينقلون إلى أهل مكة أخبارهم‪ ،‬وأهل‬ ‫مكة يسومون الخسف والعذاب من بقي من مستضعفي المسلمين الذين كانوا يقولون‬ ‫ِن هذِ هِ ا ْلق َْر َي ِة َّ‬ ‫ِن َل ُد ْن َ‬ ‫ك‬ ‫من هول ما يالقون‪َ :‬‬ ‫ال �أَ ْه ُل َها َو ْ‬ ‫اج َع ْل َل َنا م ْ‬ ‫“ر َّب َنا �أَ ْخ ِر ْج َنا م ْ‬ ‫الظ مِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ريا“ سورة النساء ‪ ،75‬ثم أمر اهلل المومنين بالقتال‬ ‫َ�ص‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َولِ ًّيا َو ْ‬ ‫اج َع ْل َل َنا ِم ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِني‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫ؤ‬ ‫ال‬ ‫�ض‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫ِي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫“‬ ‫عاله‪:‬‬ ‫جل‬ ‫بقوله‬ ‫والظفر‬ ‫الغلبة‬ ‫لهم‬ ‫وكتب‬ ‫بالنصر‬ ‫ووعدهم‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َّ ُّ َ ِّ ِ‬ ‫ن ِم ْن ُ‬ ‫ون َيغْ ل ُِبوا مِا َئ َتينِْ َو ِ�إ ْن َي ُ‬ ‫ن ِم ْن ُ‬ ‫َال �إِ ْن َي ُ‬ ‫ك ْم مِائ ٌَة‬ ‫ون َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫�صاب ُِر َ‬ ‫�ش َ‬ ‫ك ْم عِ رْ ُ‬ ‫َع َلى ا ْل ِقت ِ‬ ‫ُ‬ ‫هَّ‬ ‫ك ْم َو َعل َِم �أ َّنَ‬ ‫َ‬ ‫اَ‬ ‫ْ‬ ‫ون ال َآن َخف َ‬ ‫َّف الل َع ْن ُ‬ ‫ين َ‬ ‫ن ا َّلذِ َ‬ ‫َيغْ ِل ُبوا �أَ ْلفًا ِم َ‬ ‫كف َُروا بِ�أن َُّه ْم َق ْو ٌم ل َيفْ ق َُه َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْم �أ ْل ٌ‬ ‫ِيك ْم َ‬ ‫ن ِم ْن ُ‬ ‫�صاب َِر ٌة َيغْ ِل ُبوا ِما َئ َتينِْ َو ِ�إ ْن َي ُ‬ ‫ن ِم ْن ُ‬ ‫�ض ْعفًا َف ِ�إ ْن َي ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ف‬ ‫ك ْم مِائ ٌَة َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ُ‬ ‫هَّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َيغْ ل ُِبوا �أل َفينِْ بِ�إِذ ِن هَِّ‬ ‫ين” األنفال ‪ 64‬ـ ‪. 66‬فحينئذ صدع صلى اهلل عليه‬ ‫ال�صاب ِ​ِر َ‬ ‫الل َوالل َم َع َّ‬ ‫وسلم بأمر ربه وبدأ يجاهد الكفار تأمينا للدعوة من كيد العدو‪ ،‬ثم بلغه أن عيرا لقريش‬ ‫أقبلت من الشام يقدمها أبو سفيان وفيها تجارة واسعة ومعها أربعون رجال فقال صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم ألصحابه‪ :‬هذه عير لقريش فاخرجوا إليها لعل اهلل أن يجعلها غنيمة لكم فساروا‬ ‫إليها في رعاية اهلل وحماية رسوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وعدتهم ثالثمائة وثالثة عشر‬ ‫رجال ومعهم فرسان وسبعون بعيرا‪ .‬وعلم أبو سفيان بعزم المسلمين على التعرض له‬ ‫وأخذ ما معه فأرسل يستصرخ أهل مكة ليدركوا عيرهم ويمنعوا تجارتهم فتجهزوا وخرجوا‬ ‫من ديارهم بطرا ورئاء الناس يقودهم أبو جهل وهم ما بين التسعمائة واأللف ومعهم‬ ‫مائة فرس عليها مائة درع سوى دروع المشاة‪ .‬ومضو وقد زين “ َل ُه ُم َّ‬ ‫ان �أَ ْع َما َل ُه ْم‬ ‫ال�ش ْي َط ُ‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫محمد كنون احل�سني‬

‫َو َق َ‬ ‫ال اَل َغال َ‬ ‫ار َل ُ‬ ‫ِب َل ُ‬ ‫ك ْم” األنفال‪ .48‬ولحكمة بالغة نجا أبو‬ ‫ك ُم ا ْل َي ْو َم ِم َ‬ ‫ن ال َّنا�سِ َو ِ�إ يِّن َج ٌ‬ ‫سفيان بما كان معه من التجارة ورأى المسلمون أنفسهم أمام جموع المشركين وقد أقبلوا‬ ‫بخيالئهم يحادون اهلل ويحاربون رسول اهلل وينتقمون ممن حاول التعدي على أموالهم‬ ‫وإزعاج رجالهم‪ ،‬فاستشار النبي صلى اهلل عليه وسلم أصحابه وقال‪ :‬ما تقولون؟ إن القوم‬ ‫قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول‪ ،‬فتكلم أبو بكر وعمر فأحسنا‪ ،‬وكان مما قاله‬ ‫عمر يارسول اهلل إنها قريش‪ ،‬إنه عزها‪ ،‬واهلل ما ذلت منذ عزت وال آمنت منذ كفرت‪ ،‬واهلل‬ ‫لتقاتلنك فتأهب لذلك أهبته وأعد لذلك عدته‪ ،‬ثم قام المقداد ابن عمر فقال يارسول اهلل‪:‬‬ ‫امض لما أمرك اهلل فإنا معك ال نقول كما قال بنوا إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتال‬ ‫إنا هاهنا قاعدون‪ ،‬ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتال إنا معكما مقاتلون‪ ،‬وقام سعد ابن‬ ‫معاذ فقال‪ :‬والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف‬ ‫منا رجل واحد‪ ،‬وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا‪ .‬ففرح صلى اهلل عليه وسلم بقول أصحابه‬ ‫وقال‪ :‬سيروا على بركة اهلل وأبشروا فإن اهلل قد وعدني إحدى الطائفتين‪ ،‬واهلل لكأني أنظر‬ ‫إلى مصارع القوم‪ ،‬وأصبح المسلمون أشد ما يكونون ثقة بنبيهم وإيمانا بنصر اهلل لهم‪،‬‬ ‫فلم ترهبهم كثرة أعدائهم وال وفرة أسلحتهم‪ ،‬وكان لهم في صحبة الرسول صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم ملجأ لضعفهم ومبعث على تحقيق أملهم‪ .‬فلما تراءا الجمعان ووقف جند اهلل‬ ‫أمام جند الشيطان ذكر المسلمون قرآنهم ورسولهم وتوجهوا إلى من يجيب المضطر‬ ‫إذا دعاه أن ينصرهم على من حارب الرسول وعاداه‪ ،‬ووقف الرسول في عريشه يحرض على‬ ‫الصبر والقتال تارة وتارة يتوجه إلى السماء باسطا يده مسلما وجهه داعيا ربه‪ :‬اللهم إن‬ ‫قريشا قد أقبلت بخيلها وخيالئها وفخرها تجادلك وتكذب رسولك‪ ،‬اللهم فنصرك الذي‬ ‫وعدتني به‪ ،‬اللهم إنك وعدتني إحدى الطائفتين ‪ ،‬أي وقد فاتت إحداهما وهي العير وإنك‬ ‫التخلف الميعاد‪.‬‬ ‫ودارت المعركة واشتد القتال بين الطائفتين ونزلت مالئكة الرحمان تؤازر عباده‬ ‫المومنين‪ ،‬ففي مسلم عن سعد بن أبي وقاص أنه رأى عن يمين رسول اهلل صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم وعن شماله رجلين عليهما ثياب بيض‪ ،‬قال سعد ما رأيتهما قط قبل يوم بدر‬ ‫وال بعده‪ ،‬يعني جبريل وميكائيل يقاتالن أشد القتال‪ .‬وقد كان من حكمة اهلل ولطفه بنبيه‬ ‫وأصحابه أن جعل المسلمين قبل أن يلتحم القتال في أعين المشركين قليال وجعلهم بعد أن‬ ‫التحم الحرب في أعينهم كثيرا وجعل المشركين في أعين المسلمين قليال لتقوى قلوبهم‬ ‫ك ْم َق ِل اً‬ ‫يل َو ُي َقلِّ ُل ُ‬ ‫يك ُموهُ ْم �إِذِ ا ْل َتق َْيت ُْم يِف �أَ ْع ُي ِن ُ‬ ‫على القتال‪ ،‬قال اهلل تعالى‪َ “ :‬و�إِ ْذ ُي ِر ُ‬ ‫ك ْم يِف‬ ‫�أَ ْعينِهِ م لِيقْ �ضِ ي هَّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫اً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الل �أَ ْم ًرا َ‬ ‫هَِّ‬ ‫ور“ األنفال‪ .44‬ودارت رحى‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ُر‬ ‫ت‬ ‫الل‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ول‬ ‫ان َمفْ ُع‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َِ‬ ‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫الحرب وحمى وطيسها وما انتصف نهار يوم الجمعة السابع عشر من رمضان حتى انجلت‬ ‫الغمة ونزلت على المسلمين السكينة وتمت على المشركين الهزيمة ولم يبق منهم إال‬ ‫القليل وفر من بقي منهم إلى مكة خاسئين مدحورين‪ ،‬فوقف الرسول صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم قائال‪ :‬اهلل أكبر الحمد هلل الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز اإلسالم وأهله‪ ،‬ثم‬ ‫ارتحل إلى المدينة ظافرا منصورا قرير العين بنصر اهلل قد خافه كل عدو له في المدينة أو‬ ‫فيما حولها واستشهد في هذه الغزوة من المسلمين أربعة عشر رجال ستة من المهاجرين‬ ‫وثمانية من األنصار وقد كسر اهلل بهذه الغزوة شوكة المشركين‪ ،‬ودخل الناس بعدها في‬ ‫دين اهلل أفواجا‪ ،‬وشاع أمر الرسول في جميع نواحي الجزيرة العربية‪ ،‬ويابى اهلل إال أن يتم‬ ‫نوره ولو كره الكافرون‪،‬‬ ‫فسالم على تلك األرواح الطاهرة التي سجلت بجهادها في سبيل اهلل أنصع صفحات‬ ‫المجد في تاريخ المسلمين‪ ،‬وسالم على تلك الدماء الزكية من شهداء المسلمين التي‬ ‫روت األرض فأنبتت فيها دوحة الحرية الباسقة الوارفة الظالل‪ ،‬وسالم على تلك القلوب‬ ‫العامرة باإليمان التي باعت الحياة رخيصة في سبيل إعزاز كلمة اهلل‪ ،‬فعلمت البشر أن‬ ‫الخير في الحياة مع الذل‪ ،‬وأن الحياة إال حياة الدين والعزة والشرف والكرامة‪ ،‬وسالم اهلل‬ ‫على من استنوا بسنتهم وعملوا بهديهم من المسلمين إلى يوم القيامة‪ .‬فإذا احتفل‬ ‫المسلمون بهذه الذكرى فإنما يحتفلون بذكرى من سموا عن المطامع المادية وانتصروا‬ ‫بقوة عقيدتهم على قوة السالح والعدد‪ ،‬وبمن أنقذوا اإلنسانية من مهاوي الذل والتفرقة‬ ‫ورقوا بها في مدارج العز والوحدة والسالم‪.‬‬


‫العدد ‪994‬‬

‫من شمال‬ ‫أعالم‬ ‫المغرب ‪:‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫الفقيه محمد بن العربي عجولو‬

‫اسمه ونسبه‪ :‬هو محمد بن العربي بن محمد عْجُو ُلو الق ّاللي األندلسي‪ ،‬ثم التطواني مولدا‪ّ ،‬‬ ‫الطنجي مدفنا‪.‬‬ ‫الق ّاللي نسبة إلى مدشر الق ّاللين من قبيلة الحوز قرب تطوان‪ ،‬ومنها نزح والده العربي شيخ النّظر‬ ‫(ت‪1340‬هـ‪1921/‬م) إلى تطوان‪.‬‬ ‫والدته‪ :‬وُلد بتطوان في صفر سنة ‪1303‬هـ‪1886 /‬م‪.‬‬ ‫نشأته وطلبه للعلم‪ :‬نشأ بتطوان حيث حفظ القرآن الكريم على الفقيه سيدي اليزيد الكتاني‪ ،‬ثم تل ّقى مبادئ‬ ‫العلوم من خالل حفظ المتون واألنظام‪ ،‬واالستئناس بحواشيها على علماء تطوان؛ أمثال‪:‬‬ ‫• محمد بن ّ‬ ‫الطاهر الزّوّاقي (ت‪1347‬هـ‪1929/‬م)‪.‬‬ ‫• وأحمد بن ّ‬ ‫الطاهر الزواقي (ت‪1371‬هـ‪1952/‬م)‪.‬‬ ‫• وأحمد بن محمد العمراني الغماري (ت‪1350‬هـ‪1932/‬م)‪.‬‬ ‫• وأحمد الب ّقالي السّمسي(ت هـ‪ /‬م)‪.‬‬ ‫ثمّ انتقل إلى مدينة طنجة عام ‪1325‬هـ‪1907/‬م‪ ،‬فسكن بها مدّة يحترف التّجارة‪ .‬إلى سنة ‪1339‬هـ‪1921/‬م‬ ‫من شهر ربيع ّ‬ ‫الثاني يَمّم شطر وجهه لفاس بقصد الدراسة‪ ،‬وااللتحاق برفقائه الذين أمّوا جامع القرويين‪ ،‬أمثال‪:‬‬ ‫محمّد بن الحسن بن مخوت‪ ،‬ومَحمد بن الحاج العربي بنونة‪ ،‬وعبدالرحمن اليعقوبي‪ ،‬وعبدالكريم الد ّليرو‪،‬‬ ‫ومحمد طنانة‪ ،‬ومصطفى بريشة‪..‬‬ ‫فسكن معهم بمدرسة ّ‬ ‫العطارين مدّة‪ ،‬تتلمذ فيها على نخبة من كبار علماء القرويين‪ ،‬منهم‪:‬‬ ‫• أحمد بن الخياط الزكاري (ت ‪1343‬هـ‪1925/‬م)‪.‬‬ ‫• محمد الفاطمي بن محمد الشرّادي (ت ‪1344‬هـ‪1925/‬م)‪.‬‬ ‫• أحمد بن الجاللي المغاري الفياللي (ت ‪1352‬هـ‪1934/‬م)‬ ‫• عبداهلل بن إدريس الفضيلي (ت ‪1363‬هـ‪1944/‬م)‪.‬‬ ‫وبقي بفاس مدّة طويلة لم يرجع منها إال في شهر صفر عام ‪1348‬هـ‪1930/‬م‪.‬‬ ‫وظائفه‪:‬‬ ‫وبعد رجوعه من فاس استقر بمدينة تطوان‪ ،‬فتصدّر فيها ل‪:‬‬ ‫• الكتابة‪ :‬أي كاتبا ببعض المؤسسات على عهد الخليفة الحسن بن المهدي(ت‪1404‬هـ‪1984/‬م)‪.‬‬ ‫• العدالة‪ :‬تو ّلى ّ‬ ‫خطتها ثمّ تأخّر عنها‪.‬‬ ‫• التّدريس‪ :‬اشتغل بالتدريس االختياري بكل من فاس وتطوان‪ ،‬ثم النّظامي بالمعهد الدّيني وبالمدرسة‬ ‫الحسنية القرآنية بقرار وزيري مؤرخ ب ‪ 16‬شعبان ‪1356‬هـ‪1937/‬م‪ ،‬وبالمدارس العصرية بتطوان‪ ،‬وبالمدرسة‬ ‫اإلسبانية العربية بطنجة‪.‬‬ ‫بالطالق في وقت ّ‬ ‫مبكر‪ّ ،‬‬ ‫حاله‪ :‬تزوّج لكنّه مُني ّ‬ ‫فظل طيلة حياته وحيدا‪ .‬امتلك دورا بتطوان فكان يستفيد من‬ ‫أكريتها‪ ،‬إزاء معاشه الهزيل‪.‬‬ ‫خصاله‪ :‬كان كريما‪ ،‬سخيّا‪ ،‬قنوعا راضيا بما في يده غير متط ّلع إلى ما في أيدي الناس‪ ،‬ذا دعابة وطرفة‪ ،‬كثير‬ ‫المساعدة لغيره‪ ،‬يقضي حاجاتهم ويشفع لهم‪ ،‬من ذلك ما يحكيه الفقيه محمّد بوخبزة‪ ،‬يقول خالل الترجمة ألخيه‬ ‫الحاج عبداهلل بوخبزة‪( :‬ثمّ لمّا عُيّن العيساوي اعْبابو باشا بتطوان‪ ،‬وكان له مزيد معرفة بالفقيه محمد اعْجولو‬ ‫من أيّام دراسته بفاس‪ ،‬حيث كان يتردّد على دار عمّ الباشا الحاجب التّهامي اعْبابو لتدريس النّحو ألوالده وأقاربه‪،‬‬ ‫طلبتُ من الفقيه أن يك ّلم الباشا في شأن األخ‪ ،‬فكتب إليه رسالة مَدَحه فيها‪ ،‬وأثنى على بيته ونزاهته‪ ،‬فعُيّن األخ‬ ‫مقدّماً مؤقتا بباشوية تطوان‪ ،‬ثمّ رُ ّقي شيخًا ورُسّم‪ .)..‬حفنة دُرّ ‪.8‬‬ ‫كتاباته‪ :‬لم ُ‬ ‫يَكن رحمه اهلل ذا اعتناء بالتّأليف سوى ما ّ‬ ‫خطه يراه من‪:‬‬ ‫• مراسالت إخوانية‪ :‬منها هذه الرسالة التي احتفظ بها الشيخ محمد بوخبزة في بعض كنانيشه‪ ،‬قال‪( :‬وبعد؛‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫فقد توصّلتا من سيادتكم برسالة أخرى تخبرني فيها بتغيّر فكرتك بعد االستشارة مع بعض األصدقاء‪ ،‬مما كنت‬ ‫عازما عليه إلى فكرة (بيع الدّخان) وأنت منتظر للرّخصة‪ ،‬وقد قدر لها خمسة عشر يوما الخ‪ ،‬نسأل اهلل لك التسهيل‬ ‫والتيسير‪ ،‬ونرجو أن يكون حظ هذا االنتظار أوفر وخيرا من االنتظارات السّابقة‪ ،‬وسبحان اهلل كم تتغيّر أفكارك في‬ ‫الدّقيقة الواحدة‪ ،‬وكم قلنا‪ :‬الوقت لم يحِن بعد‪ ،‬وكل تأخير فيه خير‪ ،‬والخير فيما اختاره اهلل‪ ،‬واهلل غالب على أمره‪،‬‬ ‫ولكنّ أكثر النّاس ال يعلمون‪ ،‬فلنَدَعْ األمر هلل تعالى يفعل ما يشاء‪ ،‬والتّأنّي من الشّيطان الذي يجري من آدم‬ ‫مجرى الدّم)‪ .‬سقيط الآلل وأنس الليال ‪ .190‬وله ‪ 30‬مراسلة مع الفقيه محمد داود‪.‬‬ ‫• كنانيش‪ :‬بها اختيارات ومنتقيات‪ ،‬ومنها هذه الطالعة من فاتحة كناش له‪( :‬الحمد هلل‪ ،‬نجمع ـ إن شاء اهلل ـ‬ ‫ما تيسّر لنا جمعه في هذه الكراسة من بعض مقطوعات شعرية وأخرى نثرية‪ ،‬والحكم واألمثال‪ ،‬وأحاديث نبوية‬ ‫وفوائد علمية‪ ،‬وأخرى أدبية‪ ،‬الجدّية منها والهزلية‪ ،‬حسبما يحلو لي‪ ،‬وال يهمّني شأن القارئ‪ ،‬سواء أَحَ َلتْ في ذوقه‪،‬‬ ‫أم ال تحلو له‪ ،‬الختالف أذواق النّاس‪ ،‬وتفكيرهم‪ ،‬وبعبارة إنّي أكتب لنفسي‪ ،‬الشيء الذي ال يمكن حصره‪ ،‬وال ينهى‬ ‫عدده‪ ،‬ولنشره في العمل ّ‬ ‫متوكلين على اهلل تعالى مفوّضين األمر إليه في جميع الحركات والسّكنات‪ُ .)..‬كنَيْنيش‬ ‫للجَيْب ‪.43‬‬ ‫شهادات قيلت فيه‪ :‬قال الفقيه محمّد داود رحمه اهلل‪( :‬والفقيه عجولو من أصدقائنا القدماء‪ ،‬ومن رفقائنا‬ ‫الخواص أيّام الدّراسة في القرويين بفاس‪ ،‬وله عليّ يد ال أنساها له‪ ،‬ألنّه هو الذي سهر على راحتي ومعالجتي أثناء‬ ‫مرضي الخطير بفاس‪ ،‬جزاه اهلل خيرا‪ .‬وهو من األذكياء الذين تؤثر حدّة ذهنهم على علمهم وحياتهم وسعدهم‬ ‫أيضا‪ ،‬فال يستفيدون من الدّنيا بقدر عقلهم واستعدادهم‪ ،‬والكمال هلل وحده)‪ .‬على رأس األربعين ‪.202‬‬ ‫وقال الفقيه محمّد بوخبزة حفظه اهلل في رونق القرطاس‪( :‬كان يسكن بإحدى دُوَيْراتنا الخمس قرب عين‬ ‫سيدي طلحة بحي المرّة من هذا ّ‬ ‫الثغر التطواني حرسه اهلل الفقيه السيّد محمّد بن العربي اعْجُولو األندلسي‬ ‫التطواني‪ ،‬وكان طاعنا في السّن‪ ،‬صلحت حاله بعد ّ‬ ‫الثمانين سنة‪ ،‬فانقطع لقراءة القرآن‪ ،‬ومطالعة التّفسير والحديث‪،‬‬ ‫وكنت أعتاد زيارته بعد الفينة والفينة‪ ،‬وبينا أنا قاعد معه مرّة؛ إذ هبّت رائحة قوية ذكيّة‪ ،‬تشبه رائحة العود أو هي‬ ‫أذكى وأطيب‪ ،‬فاستنشقتها طويال‪ ،‬وسألت الفقيه عن مصدرها‪ ،‬فلم يعرفه‪ ،‬وأخبرني أنّه يجدها أحيانا‪ ،‬ويستغرب‬ ‫وجودها في ذلك المكان المنعزل‪ ،‬المالصق للمقابر‪ ،‬والمقصود لرمي األزبال والفضالت‪ ،‬وقد سألت بعض الجيران‬ ‫عن هذه الرائحة فأخبروني أنّهم ال يستنشقون شيئا‪ ،‬فعلمت ّ‬ ‫أن مصدرها من مسكن الفقيه واهلل أعلم بسرّ ذلك)‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬لقي ربه رحمه اهلل بعد حياة حافلة ببيت أخته بطنجة في ‪ 05‬رجب سنة ‪1396‬هـ‪ 1/‬يوليوز ‪1976‬م‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫ عائالت تطوان لمحمد داود ‪.3/9-10‬‬‫ على رأس األربعين لمحمّد داود ‪.202‬‬‫ سقيط الآلل وأنس الليال لمحمد بوخبزة ‪.190‬‬‫ حفنة دُرّ لمحمّد بوخبزة ‪.8‬‬‫ ُكنَيْنيش للجَيْب لمحمّد بوخبزة ‪.43‬‬‫ رونق القرطاس لمحمد بوخبزة‪.‬‬‫‪ -‬معلومات شفهية عن‪ :‬الفقيه محمّد بوخبزة واألستاذ عبدال ّلطيف السماللي‪.‬‬

‫أصالة أهل تطوان أو البعد االجتماعي في الجزء الثاني‬ ‫من كتاب عمدة الراوين في تاريخ تطاوين ألبي العباس ‪2/1‬‬ ‫د‪ : ‬نجيب الجباري‬ ‫أحمد الرهوني ‪ -‬ت ‪ 1373‬هـ ‪- 1953‬‬ ‫من المتعارف عليه بين المهتمين بالتاريخ االجتماعي أن‬ ‫السكان وعاداتهم وتقاليدهم لم ينالوا كل ما يستحقونه من‬ ‫اهتمام وعناية من لدن المؤرخين لتاريخ المدن والمترجمين‬ ‫لرجاالتها ‪ .‬صحيح أن لكتب التراجم قيمة كبيرة في استخالص‬ ‫المادة التاريخية وال تخفى أهميتها في إعطاء صورة عن عصر‬ ‫ما في مستوياته االجتماعية والثقافية والدينية‪ ،‬وفي بعض‬ ‫األحيان تمدنا بمعلومات فريدة عن النواحي السياسية والحضرية‬ ‫تفتقدها في مظانها األصلية‪ ,‬وهذه القيمة التاريخية الكبيرة‬ ‫للتراجم ال تغرب عن بال واهتمام الباحثين المحدثين‪ ،‬إال أن‬ ‫دراسة المجتمع من الناحية االقتصادية واالجتماعية والشعبية‬ ‫عملية تكميلية البد للمؤرخ منها‪ ،‬كما أن التاريخ ضروري لتحديد‬ ‫اإلطار االجتماعي والسياسي الذي تطور فيه المجتمع‪.‬‬ ‫لقد كان المؤرخ العالمة الفقيه أحمد الرهوني واعيا بهذه‬ ‫المسألة ‪ ،‬وهو الرائد األكبر لهذه الحركة التاريخية التدوينية التي‬ ‫عرفها المغرب على عهد الحماية ‪ ،‬حيث أفرد فصلين كاملين‬ ‫وهما الفصل الثالث عشر والرابع عشر من الجزء الثاني من كتابه‬ ‫عمدة الراوين لهذا الجانب االجتماعي واالقتصادي والديني‬ ‫لمدينة تطوان وأهلها ‪.‬‬ ‫إن الفقيه أحمد الرهوني بالرغم من أنه أرخ لصلحاء تطوان وعلمائها وعمالها وقضاتها وأعيانها‪ ,‬إال أنه التفت‬ ‫إلى الطبقات الدنيا أو لنقل إلى الناس العاديين في المجتمع التطواني فذكر حرفهم وتجارتهم وصناعتهم وعرج على‬ ‫عاداتهم وتقاليدهم وأخالقهم ‪ ،‬وهذا لعمري وعي بأهمية الصورة البانورامية للتاريخ الثقافي والديني واالجتماعي‬ ‫وسبق على مستوى التجديد المنهجي المتمثل في إدخال العنصر االجتماعي المجتمعي واالهتمام به بصفته هدفا‬ ‫في حد ذاته واتخاذه نقطة االنطالق لالهتمام بأهداف أخرى‪.‬‬ ‫الواقع أن أصالة كتاب عمدة الراوين‪..‬ال يمكن أن تكون إال في هذا السبق المنهجي وهذه الهيكلة المتفردة‬ ‫التي التزم بها في تأريخه لمدينة تطوان‪.‬على هذا الجانب اإلجتماعي سيكون حديثنا إن شاء اهلل تعالى في هذا‬ ‫العرض ال أدعي أني سألم بجميع جوانبه بقدر ما أود لفت اإلنتباه إلى ضرورة تخصيص الجانب اإلجتماعي في أية‬ ‫عملية تأريخية تسعى إلى الموضوعية والمصداقية ‪ .‬والتجربة توضح أن األعمال الهامة والخالدة توجد على الحدود‬ ‫بين الجانبين التاريخي واإلجتماعي‪ ,‬إنه الدرس األساس الذي يخرج به القارئ لهذا الكتاب القيم‪.‬‬

‫‪ – 1‬في رحاب الكتاب‪: ‬‬

‫وصف أحد الباحثين المحدثين كتاب عمدة الراوين بأنه موسوعة شاملة تالمس بأجزائها العشرة مختلف مظاهر‬ ‫تطوان التاريخية والحضارية وتتطرق لمختلف المواضيع وأدقها مثل ديمغرافية المدينة ومرفولوجيتها المعمارية‬ ‫ونظامها اإلداري واقتصادها وتراتبيتها اإلجتماعية ولغة سكانها وأخالقهم وعاداتهم ‪ ،‬فضال عن كونها ترجمة ذاتية‬ ‫للمؤلف ولشيوخه‪ .‬لقد خص الكاتب الجزء األول بتحقيق إسم مدينة تطوان وتاريخها وموقعها الطبيعي وأقسامها‬ ‫وحوماتها وبنيتها االقتصادية وحياتها الثقافية‪ .‬أما الجزء الثاني فقد تطرق في خمسة فصول لبيان عدد سكانها‬

‫وديانتهم (الفصل‪ )9‬ولمنشآتها اإلقتصادية والدينية والتعليمية‬ ‫من دور وحمامات وأفران وفنادق واصطبالت ومساجد ومدارس‬ ‫وكتاتيب (الفصل ‪ )10‬وترجم لبعض والتها وحكامها (الفصل‪)11‬‬ ‫وسرد أسماء من تولى القضاء بها (الفصل ‪ )12‬ولعادات أهلها (الفصل‬ ‫‪ )13‬وألخالقهم )الفصل‪.)14‬‬ ‫وابتدأ المؤلف الجزء الثالث بالفصل ‪ 15‬الذي تحدث فيه عن‬ ‫لغة أهل تطوان ‪ ،‬وقد استغرق هذا الفصل جميع صفحات الجزء‬ ‫الثالث من الكتاب‪ .‬وقد انفرد الجزء الرابع بالتعريف بعلماء تطوان‬ ‫وشيوخها وأوليائها (الفصل ‪)16‬مثبتا تراجم أخرى وتواريخ كثير من‬ ‫علماء تطوان وصلحائها ومشاهير رجالها‪ ,‬ولم يقف عند هذه الفئات‬ ‫بل ترجم للعديد من األشخاص العاديين بها‪ .‬وأما في الجزء الخامس‬ ‫فقد تابع المؤلف فيه شرحه للمنظومة التائية التي نظمها في رجال‬ ‫تطوان وتوسع في الكالم على الشرفاء الريسونيين‪ .‬وفي الجزأين‬ ‫السادس والسابع تابع شرحه لهذه المنظومة ذاكرا بعض الشيوخ‬ ‫الذين لهم زوايا بتطوان‪ .‬وأفرد المؤلف الجزء الثامن بالحديث عن‬ ‫الشرفاء البقاليين ثم ترجم لنفسه مبينا تاريخ حياته وقراءاته وشيوخه‬ ‫ورحلته العلمية إلى فاس ذاكرا الوظائف التي تقلدها والمؤلفات‬ ‫التي حررها مشيرا إلى أسرته وأوالده ‪ .‬وفي الجزء التاسع ترجم للشيخ جعفر الكتاني مختصرا بعض تآليف هؤالء‬ ‫وفهارسهم‪ ,‬أو أحزاب وأذكار من كان منهم ذا طريقة صوفية‪ ,‬ثم ذكر المؤلف مذهبه وطريقته وأثبت نصوص بعض‬ ‫تقاييده وخطبه ومنظوماته ‪ ،‬وبذلك ينتهي الكتاب‪.‬‬

‫‪ – 2‬القيمة العلمية للكتاب‪: ‬‬

‫يؤكد األستاذ الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي محقق كتاب عمدة الراوين في مقدمة تحقيقه بأن الكتاب‪« ‬في‬ ‫مرتبة الموسوعة التاريخية على الطريقة القديمة أي كتابا يضم كل شيء عن تطوان )‪ « ‬ص‪ )41‬كما أنه يعتبره‬ ‫أضخم كتب التاريخ البلدي في المغرب المعاصر يطاول حجما إتحاف أعالم الناس البن زيدان واإلعالم بمن حل‬ ‫بمراكش وأغمات من األعالم للعباس بن إبراهيم السماللي المراكشي ) ص ‪ ).31‬وكأني بأبي العباس حين سمى‬ ‫كتابه عمدة الراوين‪ ..‬قد سعى من جملة ما سعى إليه أن يكون كتابه هذا عمدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى‬ ‫ويكفيه أنه كان واسطة عقد مؤلفاته ‪ ،‬فقد ألف الرهوني العديد من المؤلفات قبله كما أنه كتب بعده الكثير ونشر‬ ‫الكثير على حد قول األستاذ المحقق‪.‬‬ ‫إن القارئ لكتاب العمدة يظن أنه كشكول جامع لمعارف شتى ومجاالت مختلفة ال يربط بينها رابط وال هدف وال‬ ‫فكرة مركزية يتمحور حولها ‪ ،‬بيد أن الكتاب ليس كذلك إنه نظرية كاملة متكاملة ورؤية فكرية جامعة حول تاريخ‬ ‫المدينة وأحداثها السياسية وحاالتها اإلجتماعية واالقتصادية والثقافية والدينية ‪ ،‬تشكل مجتمعة كال متكامال ال‬ ‫انفصال فيه وال تنافر‪ .‬وتظهر قيمة هذا المصنف في رأيي المتواضع في هذا الفصل المخصص الستعراض عادات‬ ‫أهل تطوان ألنه يقربنا من التاريخ اإلثنوغرافي أو التاريخ الحضاري العام الذي يستعرض عناصر حضارية روحية‬ ‫وثقافية ومعمارية ودينية واقتصادية دون فصل تعسفي بين مكوناتها وأبعادها‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪994‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)896‬‬

‫‪16‬‬

‫“الجزائريون في تطوان‬ ‫خالل القرن ‪”19‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫الحروب المفروضة على المغرب األقصى واالحتالل األوربي‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمته إسبانيا وفرنسا‪ ،‬من خالل ما خلفوه من كتابات‪ ،‬والتي‬ ‫تؤشر على مدى وطنيتهم وقوميتهم العربية اإلسالمية؟ وما‬ ‫هي مواقفهم تجاه نظام الحكم المغربي‪ ،‬والتي تعبر عن مدى‬ ‫تشبثهم بالسلطان وسيادته؟ وما مدى اندماجهم في الوسط‬ ‫االجتماعي والثقافي بتطوان؟ وما هي درجة تأثيراتهم‪ ،‬وأنواعها‪،‬‬ ‫وآثارهم الباقية منها بالمدينة؟ وفي االتجاه المعاكس نتساءل‬ ‫عن الطرف اآلخر‪ ،‬ونعني به كتاب االستعمار‪ ،‬ونقول‪ :‬كيف فسر‬ ‫منظرو االستعمار‪ ،‬مفهوم الهجرة كما مارسها الجزائريون عندما‬ ‫حطوا رحالهم‪ ،‬في مدن وقرى المغرب سنة ‪1246‬ه‪1830/‬م وما‬ ‫بعدها؟ وكيف حاولوا توظيفها لتحقيق مصالح دولتهم الفرنسية‪،‬‬ ‫وبث التفرقة بين أبناء المغرب الكبير والتي مازالت آثارها‪ ،‬تؤثر‬ ‫سلبا في سياسات حكامه إلى اآلن‪( ”...‬ص‪.)10.‬‬

‫صدرت الطبعة الثانية لكتاب “الجزائريون في تطوان خالل‬ ‫القرن ‪13‬ه‪19/‬م‪ -‬مساهمة في التاريخ االجتماعي للمغرب الكبير”‪،‬‬ ‫لمؤلفه األستاذ إدريس بوهليلة‪ ،‬سنة ‪ ،2015‬وذلك في ما مجموعه‬ ‫‪ 180‬من الصفحات ذات الحجم الكبير‪ .‬ويعد هذا العمل تتويجا‬ ‫لمسار أكاديمي رفيع وممتد في الزمن‪ ،‬انشغل –فيه‪ -‬المؤلف‬ ‫بالبحث وبالتنقيب في مكونات البنية السوسيوديمغرافية لمدينة‬ ‫تطوان خالل القرنين الماضيين‪ ،‬ليس ‪-‬فقط‪ -‬على مستوى‬ ‫التوثيق الحدثي المتواتر للوقائع وللسياقات ولظروف التكون‬ ‫التاريخي‪ ،‬ولكن –أساسا‪ -‬على مستوى تفكيك المضامين الثقافية‬ ‫والحضارية واإلثنية التي صنعت معالم التميز داخل الهوية‬ ‫المحلية لمدينة تطوان‪ .‬وإذا كان العديد من الباحثين قد اهتموا‬ ‫بالبحث في ظروف تشكل المكون األمازيغي أو المكون العربي أو‬ ‫المكون األندلسي أو المكون العبري داخل فضاءات مدينة تطوان‪،‬‬ ‫فإن االهتمام بالبحث في أصول حضور المكون الجزائري وأشكال‬ ‫تأثيراته المتقاطعة في البيئة المحلية‪ ،‬لم ينل –في حدود علمنا‬ ‫المتواضع‪ -‬ما يكفي من البحث ومن التنقيب‪ ،‬العتبارات متعددة‪،‬‬ ‫لعل أبرزها مرتبط بانسيابية ظاهرة التنقل بين المغرب والجزائر‬ ‫خالل مرحلة ما قبل الهيمنة االستعمارية على المنطقتين‪ ،‬مما كان‬ ‫يندرج في إطار التواصل المجتمعي االعتيادي الذي لم يكن يضع‬ ‫أي حواجز وال أي تمايزات بين مكونات الواقع المجالي بالدولتين‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فإن هذا التنقل بين المجالين ظل يحمل صبغة اعتيادية‬ ‫اندرجت في سياق حيوية المجتمع الواحد‪/‬المتعدد الذي كانت‬ ‫تتقاطع خصوصياته فوق المجالين المغربي والجزائري بدون أي‬ ‫مظاهر تنافرية أو تأثيرات جانبية‪.‬‬

‫ولالستجابة ألفق هذه األسئلة المهيكلة للبحث‪ ،‬حرص‬ ‫المؤلف على توزيع مضامين كتابه بين سبعة فصول متكاملة‪،‬‬ ‫اهتم في أوالها بتقييم حصيلة عطاء الوثائق المخزنية الخاصة‬ ‫بهجرة الجزائريين إلى تطوان سنة ‪ ،1830‬وانتقل في الفصل‬ ‫الثاني لتدقيق النظر في مواقف النخبة الجزائرية التي استقرت‬ ‫بالمغرب من حرب تطوان‪ .‬وفي الفصل الثالث‪ ،‬اهتم المؤلف‬ ‫بتجميع المعطيات التوثيقية الخاصة بالعائالت الجزائرية بتطوان‬ ‫من خالل كتاب “عمدة الراوين في تاريخ تطاوين” ألحمد‬ ‫الرهوني‪ ،‬وخصص الفصل الرابع للحديث عن تركيبة التشكيلة‬ ‫االجتماعية للجزائريين في تطوان خالل القرن ‪ .19‬وانتقل في‬ ‫غالف الكناب‬ ‫الفصل الخامس للتعريف باألحياء الجزائرية بتطوان خالل القرن‬ ‫‪ ،19‬مع التركيز على إبراز عالقة الجزائريين بالعمارة والتعمير في تطوان‪ .‬وفي‬ ‫ومع وصول الفرنسيين للمنطقة عقب احتاللهم للجزائر سنة ‪ ،1830‬تغير الوضع بشكل‬ ‫تام‪ ،‬فأضحت ظاهرة التنقل بين الجزائر والمغرب تحمل صبغة اإلكراه المرتبط بتبعات التهجير الفصل السادس‪ ،‬تتبع المؤلف بعض مظاهر التأثيرات الجزائرية العثمانية في الحياة الثقافية‬ ‫القسري لفئات سكانية لم تقبل االستسالم للواقع الكولونيالي‪ ،‬فاختارت الهجرة نحو المغرب واالجتماعية لمدينة تطوان‪ ،‬وهي التأثيرات التي التزال الكثير من مظاهرها قائمة إلى اليوم‪،‬‬ ‫بديال عن سوء حال واقع بالدها خالل القرن ‪ .19‬ولقد استطاع األستاذ إدريس بوهليلة توضيح سواء كشواهد مادية منتصبة داخل الفضاء المحلي العام‪ ،‬أم كتراث رمزي والمادي يجد‬ ‫آفاق البحث بهذا الخصوص‪ ،‬من خالل متواليات مسترسلة من األسئلة المنهجية المؤطرة تعبيراته في الكثير من النظم المعيشية للسكان وفي أنساقهم الفكرية والرمزية المشتركة‪،‬‬ ‫للبحث وللتنقيب‪ ،‬عندما قال في كلمته التقديمية‪“ :‬في ظل هذه الظروف العصيبة من تاريخ ولعل هذا ما سعت إلى إبراز أبعاده العامة مضامين الفصل السابع واألخير‪ ،‬عندما ركزت على‬ ‫المغرب المعاصر‪ ،‬كان البد وأن يثير الوجود الجزائري على أرض المغرب إشكالية تفرعت عنها إبراز مظاهر إسهامات الجزائريين الثقافية في تطوان خالل القرن ‪.19‬‬ ‫جملة من األسئلة واالستفهامات‪ .‬نستجزئ منها كيف تعامل المخزن المغربي‪ ،‬ممثال في‬ ‫وبذلك‪ ،‬استطاع الكتاب تقديم نبش عميق في إحدى روافد الهوية المحلية لمدينة‬ ‫السلطان المغربي موالي عبد الرحمان بن هشام‪ ،‬مع ظاهرة الهجرة والوجود الجزائري بتطوان؟ تطوان المعاصرة‪ ،‬مما يعزز مكانة البحث العلمي الرصين في جهود استثمار عطاء التاريخ‬ ‫وما هو موقفه منها؟ وكيف فسرها؟ وما هو الموقف الذي تبناه بعض أهالي تطوان من هذه لفهم تحوالت الواقع ولبلورة شروط استيعاب عناصر الخصب والتميز والتنوع التي صنعت‬ ‫الظاهرة؟ وإذا كان للطرفين المغربيين موقفا موحدا بينا‪ ،‬عبرت عنه الوثائق المخزنية‪ ،‬لسان لتطوان ألقها المتميز‪ ..‬تطوان التاريخ واألصالة‪ ..‬تطوان الرقي الحضاري والتساكن‬ ‫حال السلطان‪ ،‬والوثائق والكتابات التاريخية‪ ،‬فكيف كانت بالمقابل‪ ،‬مواقف الجزائريين‪ ،‬إزاء المستدام‪.‬‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬

‫(�أقا�صي�ص)‬

‫ٌ‬ ‫جريرة‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المبدعـة من‬ ‫ِّيشــة‬ ‫هذه شذراتٌ سرديــ ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر‬ ‫درب الحيــارى‪،‬‬ ‫على‬ ‫ٍّ‬ ‫ي‬ ‫شُرفةِ الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حُدا ٍء َفجر‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املواويل‪،‬‬ ‫الم‪ ..‬فتت�أَ ْ�س َم ُن‬ ‫البي�ضاء على‬ ‫أقمارها‬ ‫«‬ ‫ِ‬ ‫والمكلومين‪ ،‬والحالمين بمساقطِ الغيثِ الخضير‪ ..‬صحيحٌ َّ‬ ‫أن هذه‬ ‫ال�س ِ‬ ‫َ‬ ‫الع�شاق‪ ،‬وال�شعراءِ ‪ُ ،‬‬ ‫�شجرة اليا�سمنيِ توزِّ ع � َ‬ ‫وحدا ِة َّ‬ ‫الشَّذرات اختارت لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫ونفس ًا قصيراً‪ ،‬لكنَّها تروم َّ‬ ‫أحلان ِ‬ ‫بنات الهديلِ »‪.‬‬ ‫بث والق�صائ ُد‪ ،‬و� ُ‬ ‫َّ‬ ‫اللمحةِ في غاللةٍ نثريَّةٍ فنيَّةٍ ذاتِ ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحّبَ بها‪،‬‬ ‫ومر ٍ‬ ‫مر ٍ‬ ‫ات‪..‬‬ ‫يتكر ًر هذا امل�شه ُد‬ ‫ات‪َّ ،‬‬ ‫اليا�سميني يف منامهِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫وفتح ذراعيه لساللها‪ ،‬فقد أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربّما استسمن ذا ورم!‬ ‫لكن هذه ال َّل َ‬ ‫ُ‬ ‫احلي‪ ..‬ف ُيلقى عليهِ‬ ‫ِ‬ ‫القب�ض متل ِّب�س ًا بجرير ِة‬ ‫اجلريان‪ ،‬وع�ساكرِ‬ ‫رس ُب رائحتُهُ ال�شذ َّي ُة �إلى‬ ‫َّ‬ ‫ومن أعرض عنها وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم‬ ‫يلة تت� َّ‬ ‫ِّ‬ ‫العافية‪ ،‬واخضالل المآب ‪..‬‬ ‫أحالم !‬ ‫ال ِ‬

‫قر�أَ يف �صفحةِ‬ ‫كتاب‪:‬‬ ‫ٍ‬

‫ملح ٌ‬ ‫خ�ضراء‬ ‫مة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬

‫ً‬ ‫وهبة من هِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫بات اخليالِ ‪!..‬‬ ‫كانت َغزْ ًال �أ�سطور ّي ًا‪،‬‬ ‫مالح ُم كثري ٌة ْ‬ ‫ُ‬ ‫أ�صابع بالهِ ح َّب ًة ح ّب ًة‪ ،‬وع َّل َق يف احلا�شيةِ ‪:‬‬ ‫وراح يفركُ ها ب�‬ ‫اجلملة طويالً‪،‬‬ ‫ا�ستوقفتْهُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫و�شعاليل النَّجمةِ اخلما�س َّيةِ‬ ‫وهوادج التكبريِ‪،‬‬ ‫ال�س ِلم‪،‬‬ ‫فملحمة حقيق ّي ٌة‪ ،‬قادتْ ها‬ ‫اخل�رضاء‬ ‫امل�سرية‬ ‫« �أما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بيارق ِّ‬ ‫البا�سلةِ الأب ّيةِ ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫التاريخ »‪.‬‬ ‫ذاكرة‬ ‫فلتح َف ْظ ذلك‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬

‫بقلم‪:‬‬ ‫قطب الري�سوين‬ ‫‪ .‬ال�شارقة ـ‬

‫احلب يف اهلل‬ ‫ُّ‬

‫ُ‬ ‫الع�شق والعا�شقني‪:‬‬ ‫احلديث بينهما عن‬ ‫قال له �صاحبهُ ‪ ،‬وقد ت�ش َّق َق‬ ‫ِ‬ ‫�شيف َ‬ ‫الر ِ‬ ‫النا�س من مناهلِ‬ ‫واجل ْر ِع‪..‬‬ ‫ـ يرتوي‬ ‫ِ‬ ‫ويربدون � َ‬ ‫أكباد ُه ْم َ‬ ‫الع�شق‪ِّ ،‬‬ ‫بني َّ‬ ‫ُ‬ ‫مل‪:‬‬ ‫ف�أجابهُ بنرب ِة‬ ‫ِ‬ ‫الواثق احلا ِ‬ ‫جمرد ًا عن ُمحيطهِ ومخيطهِ ‪� ،‬إلى � ْأن َ‬ ‫يطرح � َ‬ ‫ي�صل �إلى �صومعةِ‬ ‫عا�شق واح ٌد‬ ‫ـ‬ ‫ٌ‬ ‫أفواف زينتهِ ‪ ،‬ومي�شي حافي ًا َّ‬ ‫ُ‬ ‫تن�سكهِ ‪ ،‬رُ َ‬ ‫وينث خلوتَهُ ّح ِ‬ ‫وتهجدٍ‪..‬‬ ‫بات ذكرٍ ‪ ،‬ودعاءٍ ‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫احلب يف اللهِ ‪..‬‬ ‫‪:‬‬ ‫‪..‬‬ ‫ري‬ ‫من‬ ‫روي‬ ‫حو�ض‬ ‫من‬ ‫إال‬ ‫�‬ ‫يرتوي‬ ‫ال‬ ‫ٍ‬ ‫ا�سمهُ‬ ‫ُّ‬ ‫ٍّ‬


‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪994‬‬

‫نفحات من‬

‫لعبة السودوكو (‪)457‬‬

‫• إقليم الدريوش ـ الحسيمة ‪:‬‬

‫رم�ضان‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫إعداد ‪ :‬ذة‪ .‬أم دالل‬

‫فهو شهر القرآن والصيام يشفعان للمؤمن يوم القيامة يقول الصيام‪ ":‬أي رب منعته الطعام‬ ‫والشهوات بالنهار‪ ،‬فشفعني فيه‪ ،‬ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه‪ ،‬فيشفعان" رواه أحمد‬ ‫بسند صحيح‪.‬‬ ‫فرض اهلل تعالى الصيام على عباده كما فرضه على األمم السابقة‪ ،‬وكان ذلك في يوم االثنين من‬ ‫شعبان سنة اثنتين من الهجرة‪ ،‬فامتثل المسلمون هذا األمر اإللهي مقتدين برسول اهلل صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم الذي صام رمضان تسع مرات في حياته‪ .‬وإذا كان صلى اهلل عليه وسلم قد بين لنا حدود‬ ‫أجر قراءة القرآن يثيب اهلل تعالى االنسان على كل حرف عشر حسنات‪ ،‬وأن فضل صالة الجماعة يزيد‬ ‫على صالة الفرد سبع وعشرون درجة وغير ذلك من األعمال الصالحة‪ ،‬أما أجر الصيام غير محدود وال‬ ‫معلوم‪ ،‬قال تعالى في حديث قدسي‪ ":‬كل عمل ابن آدم له إال الصيام‪ ،‬فإنه لي وأنا أجزي به" متفق‬ ‫عليه‪ ،‬معناه أن األعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف‪ ،‬إال الصيام فإنه ال ينحصر‬ ‫تضعيفه في هذا العدد‪ ،‬بل يضاعفه اهلل عز وجل أضعافا كثيرة‪ ،‬بغير حصر العدد‪" ،‬فإن الصيام من‬ ‫الصبر وقد قال اهلل تعالى ‪ ( :‬إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ‪.‬‬ ‫و قيل الحكمة في إضافة الصيام إلى اهلل عز وجل‪ ،‬أن الصيام هو ترك حظوظ النفوس وشهواتها‬ ‫األصلية التي جبلت على الميل إليها‪ ،‬من الطعام والشراب والنكاح‪ ،‬وال يوجد ذلك في غيره من العبادات‪.‬‬ ‫و قيل أيضا‪ :‬ألن الصيام سر بين العبد وربه ال يطلع عليه غيره‪ ،‬ألنه مركب من نية باطنة ال يطلع‬ ‫عليها إال اهلل‪ ،‬وقيل أيضا‪ :‬ال تكتبه الحفظة‪ ،‬واهلل عز وجل يحب من عباده أن يعاملوه سرا‪.‬‬ ‫فالصوم الحقيقي ليس مجرد اإلمساك عن األكل والشراب واالستمتاع‪ ،‬ولكنه إمساك عن اللغو‬ ‫والرفث والجدال والغيبة والنميمة والكذب‪ ،..‬قال –جابر‪ -‬رضي اهلل عنه إذا صمت فليصم سمعك‬ ‫وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار وال تجعل يوم صومك‬ ‫ويوم فطرك سواء‪.‬‬ ‫الصيام يصلح النفوس‪ ،‬وبه تغفر الذنوب وتكفر السيئات‪،‬و هو جهاد بالليل والنهار‪ ،‬فكما أن العبد‬ ‫يجاهد نفسه بالصيام ويلزمها بأخالق الصائمين‪ ،‬يجاهد نفسه كذلك بالقيام تشبها بالصالحين لقول‬ ‫الرسول الكريم‪ ":‬من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه‪ ،‬ومن قام رمضان إيمانا‬ ‫واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "‪.‬‬ ‫قال تعالى ‪(:‬شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)‬ ‫القرآن العظيم أصل الدين نزل في أعظم الشهور‪( :‬إنا أنزلناه في ليلة القدر) ‪ ،‬لذا االكثار من تالوته‬ ‫وتدبُّره والذكر واالستغفار ‪ ..‬وكان جبريل عليه السالم – ينزل من السماء ويدارس فيه نبينا محمد‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم كامل القرآن‪ ،‬وفي العام الذي توفي فيه عرض عليه القرآن مرتين‪ .‬وقد قال ابن‬ ‫عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬أنه أنزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في ليلة القدر‪ .‬كان‬ ‫الزهري إذا دخل رمضان قال‪ :‬إنما هو تالوة القرآن وإطعام الطعام‪ ،‬قال ابن عبد حكم ‪ :‬كان مالك إذا‬ ‫دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم‪ ،‬وأقبل على تالوة القرآن من المصحف‪.‬‬ ‫قال النبي صلى اهلل عليه وسلم "إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء وغلقت أبواب جهنم وسلسلت‬ ‫الشياطين" متفق عليه‪ .‬وهلل فيه عتقاء من النار وذلك قي كل ليلة من رمضان‪ ،‬وتستغفروا المالئكة‬ ‫للصائمين حتى يفطروا‪ ،‬وللصائم دعوة ال ترد عند فطره‪ ،‬ولخلوف فم الصائم أطيب عند اهلل من ريح‬ ‫المسك‪ .‬شهر رمضان شهر الطاعة واالحسان والمغفرة والرضوان واالنفاق وكثرة الجود كما كان‬ ‫يفعل النبي صلى اهلل عليه وسلم وكما وصفوه أجود بالخير من الريح المرسلة لكثرة عطائه وجوده‬ ‫هلل في ابتغاء مرضاته‪ .‬وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي عليه الصالة والسالم قال ‪ ":‬من‬ ‫أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبوبكر ‪ :‬أنا‪ ،‬قال ‪ :‬فمن تبع منكم الجنازة؟ قال أبوبكر ‪ :‬أنا‪ ،‬فمن أطعم‬ ‫منكم اليوم مسكينا؟ فال أبو بكر ‪ :‬أنا‪ ،‬قال ‪ :‬فمن عاد منكم مريضا ؟ قال أبوبكر ‪ :‬أنا‪ ،‬قال‪ :‬عليه الصالة‬ ‫والسالم ما اجتمعن في امرئ إال دخل الجنة‪.‬‬ ‫و للصدقة نفع كبير في الدنيا واآلخرة فهي تدفع البالء وتجلب الرزق وتطفئ الذنوب كما يطفئ‬ ‫الماء النار‪ .‬شهر رمضان لياليه مباركة‪ ،‬فيه ليلة مضاعفة الحسنات هي أم الليالي ‪( :‬ليلة القدر خير من‬ ‫ألف شهر)‪ .."،‬و من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه‪ ،‬العمل في ليلة‬ ‫القدر خير من العمل في ‪ 83‬سنة و‪ 4‬أشهر‪ ،‬سميت بليلة القدر ألن اهلل تعالى يقدر فيها األرزاق وأمور‬ ‫العباد عاما كامال‪ ،‬وفيها كل الخير والبركة‪ ،‬إحياءها بالقيام والدعاء وتالوة القرآن والذكر من تسبيح‬ ‫وتهليل وتكبير وتحميد والصالة على النبي ‪..‬‬ ‫فعن عائشة – رضي اهلل عنها ‪ -‬قالت ‪ :‬قلت يا رسول اهلل أرأيت إن علمت ليلة القدر ما أقول فيها‬ ‫؟ قال‪:‬قولي‪":‬اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني"‪ .‬قال المعلي بن الفضل ‪ :‬كان السلف يدعون اهلل‬ ‫ستة أشهر أن يبلغهم رمضان‪ ،‬ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم‪ ،‬إن الصيام ال بد أن يقع فيه‬ ‫خلل أو نقص‪ ،‬فالصدقة تجبر ما فيه من النقص والخلل‪ ،‬ولهذا وجب في آخر شهر رمضان زكاة الفطر‬ ‫طهرة للصائم من اللغو والرفث‪.‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪457‬‬

‫‪17‬‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫‪ANNONCE LEGALE ET ADMINISTRATIVE‬‬ ‫‪Toutes opérations quelconques,‬‬ ‫‪qu’elles soient industrielles, commerciales,‬‬ ‫‪ou financières, se rattacher directement‬‬ ‫‪ou indirectement aux activités similaires‬‬ ‫‪ou connexes ou pouvant d’une manière‬‬ ‫‪ou d’une autre favoriser la réalisation de‬‬ ‫‪l’objet social.‬‬ ‫‪Siege social : Azib Haj Kaddour‬‬ ‫‪lotissement Assia lot 73 rez- chaussée , route‬‬ ‫‪de Rabat - Tanger‬‬ ‫‪Capital social : est fixé à 45000 dhs‬‬ ‫‪et divisé en 450 parts de 100 dhs chacune,‬‬ ‫‪souscrite par :‬‬ ‫‪Mr SALIM BOUKHARI ANAS POUR 450‬‬ ‫‪parts soit 45000 dhs‬‬ ‫‪Durée : 99 ans‬‬ ‫‪Année social : Du 1er janvier au 31‬‬ ‫‪décembre sauf la 1er année qui commence‬‬ ‫‪date d’enregistrement.‬‬ ‫‪Gérance : La societé sera geré par‬‬ ‫‪Mme AMRANI SARAH EMMA‬‬ ‫‪Registre de commerce : la présente‬‬ ‫‪société est immatriculée au registre de‬‬ ‫‪commerce de Tribunal de commerce de‬‬ ‫‪Tanger sous n° 223589 le 13/05/2019‬‬

‫‪STE MAISON BOUKHARI SARL AU‬‬

‫‪RC N° 97639‬‬ ‫‪CAPITAL : 45000,00 Dhs‬‬ ‫‪Adresse Azib Haj Kaddour‬‬ ‫‪lotissement Assia lot 73 rez‬‬‫‪chaussée , route de Rabat - Tanger‬‬ ‫‪Au terme d’un acte sous seing privé‬‬ ‫‪enregistrée le 13/05/2019 à Tanger, il a été‬‬ ‫‪formé une société à responsabilité limitée‬‬ ‫‪à associé unique dont les caractéristiques‬‬ ‫‪sont les suivantes :‬‬ ‫‪Dénomination : MAISON BOUKHARI‬‬ ‫‪Objet social : Production et vente de‬‬ ‫‪produits cosmétiques‬‬ ‫‪Import Export‬‬ ‫‪Production et vente de matières‬‬ ‫‪premières distinéees à la production de‬‬ ‫‪produits cosmétiques,‬‬ ‫‪A l’échelle national et international.‬‬ ‫‪Vente de produits agricoles issus de la‬‬ ‫‪production personnels de l’entreprise.‬‬ ‫‪Formation dans à la fabrication de‬‬ ‫‪produits cosmétiques‬‬ ‫‪Vente de produits via une plateforme‬‬ ‫‪digitale‬‬

‫لجميع‬ ‫إعالناتكم‬ ‫ية واإلدارية‬ ‫اإلشهار‬ ‫يف جريدة‬

‫�إعـــــــــالن‬ ‫ينظم نادي التواصل لجمعية تطاون أسمير محاضرة بعنوان‪:‬‬

‫«من أجل رؤية أنتروبولوجية لتاريخ تطوان»‬

‫يلقيها الدكتور يوسف احنانة‬ ‫وذلك يوم األربعاء ‪ 16‬رمضان ‪ 1440‬هـ الموافق ‪ 22‬ماي ‪ 2019‬م‪ ،‬على الساعة‬ ‫‪ 4:30‬بعد الزوال بمقر الجمعية‪.‬‬

‫دعوة عامة‬

‫االتصال على الرقم ‪:‬‬

‫‪0539943008‬‬


‫العدد ‪994‬‬

‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مـاي ‪2019‬‬

‫باسكوال دي غاينغوس‬

‫‪PASCUAL DE GAYANGOS 1809-1897‬‬ ‫باعث الدراسات العربية واإلسالمية في إسبانيا‬ ‫يعــتـــبـــــر باســـكـــوال دي‬ ‫غاينغــــوس المــؤسس الحقيقــي‬ ‫لالستعـــراب العلمـــي اإلسبانـــي‬ ‫الحديث‪ .‬فقد أمضى طفولتــه في‬ ‫باريس حيث درس على المستشرق‬ ‫الفرنسي المشهور (دي ساسي ‪DE‬‬ ‫‪ )SACY‬مدة ثالث سنوات انتقل‬ ‫بعدهـــا الى لنــدن ومنها عاد إلى‬ ‫إسبانيا وبعده إلى لندن‪ ،‬ومنها إلى‬ ‫إسبانيا‪.‬‬ ‫في سنة ‪ 1833‬عين غاينغوس‬ ‫مترجما في وزارة الخارجية اإلسبانية‬ ‫وفي سنة ‪ 1843‬عين لشغل كرسي‬ ‫اللغة العربية الذي أنشئ بالجامعة‬ ‫االسبانية بمدريــد‪ .‬كــان أول من‬ ‫اهتم به هذا الباحث هــو دراسته‬ ‫للتراث األندلسـي تــاريخــا وفكـــرا‬ ‫وحضارة‪ ،‬فتمكن من جمع مكتبة‬ ‫نفيسة ضمـت أكثــر من أربعمائــة‬ ‫مخطوط‪ .‬ويعد «رائدا لضرب جديد‬ ‫من الدراسات األندلسية‪ ،‬يقوم على‬ ‫تفهم صحيح لحضارة العـــرب في‬ ‫إسبانيا وتقدير لمنجزاتها… غير‬ ‫أن أهم منجزاته على اإلطالق هو‬ ‫إعداده لطائفة كبيرة من تالميذه‬ ‫خدموا الدراسـات العربيـة طوال‬ ‫القرن التاســع عشــر وأوائــل القرن‬ ‫العشرين»(‪.)1‬‬ ‫قام غاينغوس بتصنيف كتاب‬ ‫عن تاريخ المسلمين في إسبانيـــا‬ ‫ثم فهرسته للمخطوطات االسبانية‬ ‫في المتحف البريطانـــي «ووصــف‬ ‫قصر الحمراء مع بيان آثاره وتفسير‬ ‫كتاباته الحجرية‪ .‬لنـــدن ‪1843‬م‬ ‫وفذلكــــة عـــن صحــة الصحيفـــة‬ ‫اإلخبارية للرازي في صفة األندلس‬ ‫متنا وترجمة إسبانية… ورسالة في‬ ‫بيان فضل األندلس وذكر علمائها‬ ‫عن المقري متنا وترجمة إنجليزية‪،‬‬ ‫وقصيدة مديح محمد وهي من الشعر‬ ‫اإلسباني في القرن الرابع عشر» (‪.)2‬‬ ‫لعل أهم أعماله في هذا الميدان‬ ‫هو وقوفــــه على مصدريــن من‬ ‫مصادر التراث األندلسي وتحقيقهما‬ ‫ونشرهما وهما ‪:‬‬ ‫«نفح الطيب» للمقري فقد قام‬ ‫بنشر قسما كبيرا منه وترجمته إلى‬ ‫اإلنجليزية في مجلدين (لندن – مدريد‬ ‫‪ )1840-1843‬يقول في مقدمته ‪»:‬إن‬ ‫ماريانا وأكابر المؤرخين اإلسبانيين‬ ‫تحدوهم عاطفة بغض قومي عميق‪،‬‬ ‫أو نزعة تعصب ديني‪ ،‬أبدوا دائما أبلغ‬ ‫االحتقار لمؤلفات العرب… فكانوا‬ ‫يرفضون وسائل البحث التي تقدمها لهم الوثائق التاريخية العربية الكثيرة‪ ،‬ويهملون‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫المزايا التي قد تترتب على المقارنــة‬ ‫بين الروايات النصرانية واإلسالمية‪،‬‬ ‫ويؤثرون أن يكتبوا تواريخهم من‬ ‫جانب واحد‪ .‬وقــد ترتــب على هــذا‬ ‫الروح الضيق الذي يطبع كتاباتهم‬ ‫أثر واضح‪ .‬ذلك أن تاريخ إسبانيا في‬ ‫العصور الوسطى ما يزال بالرغم ما‬ ‫أفاض عليه النقدة المحدثون معتركا‬ ‫من الخرافة والمتناقضات»(‪.)3‬‬ ‫أما المصدر الثاني فهو كتـــاب‬ ‫تاريخ افتتاح األندلس البن القوطية‬ ‫الذي نشره في مدريد سنة ‪1868‬م‬ ‫«ويؤخذ على ناشره عـــدم تعمقــه‬ ‫لفهم المعنى العام للفصل أو المقطع‬ ‫لكثرة األخطاء االمالئية والنحوية‬ ‫التي وقع فيها … وقد حظي المؤلف‬ ‫لقيمته العلمية والتاريخية بعناية كبار‬ ‫المستشرقين اإلسبان»(‪.)4‬‬ ‫لقد كســـر غاينغــوس الصمــت‬ ‫الطويـل الــذي فــرض على كـــل ما‬ ‫هــو عربي في إسبانيا منذ سقوط‬ ‫األندلس‪ ،‬وتجرأ على الكالم وأثبت‬ ‫ذلك بالحجج والوثائق فكانت أعماله‬ ‫كما يقول (غوستاف دوغه – �‪GUS‬‬ ‫‪ ) TAVE DUGAT‬في كتابه تاريخ‬ ‫المستشرقين في إسبانيا‪ »:‬إن أعمال‬ ‫غاينغوس الجديــة فيما يتعلق بتاريخ‬ ‫العرب معروفة لدى الجميع‪ .‬لقد أنشأ‬ ‫عددا من الطالب الذين يهتمون‬ ‫بالدراسات الشرقية»(‪.)5‬‬ ‫وعلى العمــــوم فإن أعمـــال‬ ‫غاينغوس االستعرابية تندرج في إطار‬ ‫تحرري ال يخلو من عطف نحو الماضي‬ ‫األندلسي والموريسكي كما استشهد‬ ‫بذلك الكاتب اإلسباني الكبير (خوان‬ ‫غويتسولو) في دراسة له (تأمالت في‬ ‫االستعراب اإلسباني) (‪.)6‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ د‪ .‬محمد علي مكي ‪ /‬مجلة فصول‬ ‫‪ /‬عدد ‪ / 1 :‬المجلد ‪( .1982 3:‬األندلس في‬ ‫شعر شوقي ونثره) ص ‪215‬‬ ‫‪ 2‬ـ المستشرقون ‪.‬نجيب العقيقي‪ .‬الجزء‬ ‫الثاني‪ .‬ص ‪ 182/183‬دار المعارف‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ محمد عبد اهلل عدنان‪ .‬مقدمة كتاب‬ ‫دولة اإلسالم في األندلس من الفتح إلى‬ ‫بداية العهد الناصر‪ .‬الطبعة الرابعة‪ .‬ص‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪ 4‬ـ د‪ .‬عبد اهلل أنيس الطباع‪ .‬تاريخ‬ ‫افتتاح األندلس البن القوطنية القرطبي‪.‬‬ ‫تحقيق وشرح وتعليق‪ .‬ص‪ – 25‬دار النشر‬ ‫للجامعيين ‪-‬‬ ‫‪ 5‬ـ د‪ .‬ميشال جحا ‪ .‬الدراسات العربية‬ ‫واإلسالمية في أوربا ‪ .‬ص ‪ ( 129‬معهد‬ ‫اإلنماء العربي ) بيروت‪ .‬الطبعة األولى ‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ انظر جريدة العلم الثقافي‪ .‬عدد يوم ‪ .15/12/1984‬ص ‪1:‬‬


‫بال�شفاء العاجل �إن�شاء اهلل‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪994‬‬

‫الثالثــاء ‪� 21‬إلى ‪ 27‬مــاي ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬ ‫فريقان من الشمال يصارعان اآلمواج المتالطمة بحثا عن طوق‬ ‫نجاة‪ ..‬بعد أن أصبحا على بعد خطوة من النزول إلى القسم الثاني‪.‬‬

‫خضع اإلطــار الوطني‪ ،‬الصديق العزيـز‬ ‫عمـر الرايــس‪ ،‬المديـــر التقــني الجهـــوي‬ ‫لعصبة الشمال لكرة القــدم يوم الثالثاء‬ ‫‪ 07‬مــاي الجــاري لعمليـة جراحـيــة على‬ ‫مستوى البطـن بإحـدى المصحات الخاصة‬ ‫بطنـجــة‪ ،‬و كللت والحمـــد هلل بالنجــاح‪. ‬‬ ‫ولهذه المناسبة نتمنــى للرايس الشفـــاء‬ ‫العاجل والعودة السريعة الستئنــاف عملــه‬ ‫التقني المتميز بالميادين الرياضية‪.‬‬ ‫ج‪.‬ش‬

‫اتحاد طنجة يهدر فرصة الفوز‬ ‫على الوداد المتصدر‬

‫األمر يتعلق بفريقي شباب الريف الحسيمي والمغرب التطواني وهما‬ ‫معا يحتالن المراتب اآلخيرة في بطولة الدوري االحترافي المغربي لكرة‬ ‫القدم‪.‬‬ ‫وإذا كان الفريق الريفي قد وضع رجال في القسم الموالي منذ فترة‬ ‫ليست بالقصيرة فإن جاره المغرب التطواني اليزال متمسكا ببصيص‬ ‫أمل لضمان البقاء‪.‬‬ ‫شباب الريف الحسيمي الذي يحتل الرتبـــة األخيـرة وصل إلى هذا‬ ‫المنحى بسبب مشاكله المتعددة والمتمثلة في ضعــف التسيير وتغيير‬ ‫المدربين وانعدام اإلمكانيات المادية الضرورية ورغم الجهود التي بذلها‬ ‫ويبذلها المدرب «شيبة» الذي نحييــه بالمناسبة لكونـه غامر وضحى‬ ‫بسمعته وقبل مهمة اإلشراف على الطاقـم الفني للفريق الريفي رغم‬ ‫كونه كان يعلم مسبقا صعوبة المهمة في ظل المعاناة التي يعيشها‬ ‫الفريق‪.‬‬ ‫والمغرب التطواني الذي كان إلى عهـد قريـب من أقوى األنديـــة‬ ‫الوطنية والذي سبق أن أحرز لقــب البطولة وشارك في كأس العالـم‬ ‫لألندية‪ ،‬ها هو يتخبط اليوم في مشاكل تسييرية وتنظيمية رمت به‬ ‫إلى األسفل وجعلت منه أحد األندية المهددة بالنزول إلى القسم الثاني‪.‬‬ ‫وبصراحة ومنذ استقالة الحاج عبد المالك أبرون من رئاسة الفريق‬ ‫التطواني وهو يتخبط في مشاكل عديدة ومنها تغيير المدربين وعدم‬ ‫قدرة المكتب المسير على ضبط اإليقـاع ومغادرة العديد من العناصر‬ ‫األساسيــة للفريق إمـا بعد انتهــاء عقودهــا أو بسبــب عــدم توصلها‬ ‫بمستحقاتها المالية العالقة‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي سعــى فيــه الفريق الى التشبيــب طارده الوقــت‬ ‫والحقته لعنة النتائج السلبية إلى أن وجد نفسه ضمن أنديــة أسفــل‬ ‫الترتيب المهددة بالنزول‪.‬‬ ‫ونحن على مقربة من نهاية الموسم الكروي‪ ،‬وإذا كان شباب الريف‬ ‫الحسيمي قد فاه الركب وأصبح على بعد مسافة قصيرة من محطة القسم‬ ‫الثاني فإن المغرب التطواني ال يزال يأمل في معجزة تبقيه ضمن أندية‬ ‫الدوري االحترافي األول في الموسم القادم‪ ...‬ألن نزول فريقيـن من‬ ‫الشمال إلى القسم الموالي دفعة واحدة يعتبر خسارة لكرة القدم في‬ ‫منطقتنا‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫أهدر اتحاد طنجة لكرة القدم فرصة ثمينة لتحقيق فوز‬ ‫هام على الوداد المتصدر بملعبه وأمام جمهوره برسم‬ ‫الجولة ما قبل األخيرة لبطولة الدوري االحترافي المغربي‬ ‫واكتفى بالتعادل ‪.2-2‬‬ ‫فارس البوغاز كان سباقا للتهديف بواسطة مهاجمه‬ ‫الكعداوي قبل أن يتمكن النيجيري بابا توندي من إدراك‬ ‫التعادل للفريق األحمر‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫وفي الجولة الثانية الالعب البديل النغمي يوقع الهدف‬ ‫الثاني ال تحاد طنجة‪.‬‬ ‫وبينما المباراة تسير نحو النهاية وفي الوقت البديل‬ ‫استغل المدافع الشيخ كومارا خطأ في التموضع الدفاعي‬ ‫ووقع هدف التعادل للوداد البيضاوي‪.‬‬ ‫وبهذا التعادل تأجلت فرحة الوداد باالتتيويج بلقب‬ ‫البطولة وأهدر اتحاد طنجة فرصة ثمينة للعودة إلى‬ ‫الصف الثالث والمنافسة على رتبة قارية‪.‬‬

‫المصادقة على ميزانية اصالح مدرجات‬ ‫ملعب ابن بطوطة هل تنهي معاناة‬ ‫الصحافة والجماهير‬

‫كريم البركاوي‬

‫على رادار اتحـاد طنجـة‬ ‫شرع اتحاد طنجة مبكرا في‬ ‫البحث عن قطع غيار جديدة لتعزيز‬ ‫ترسانته البشرية في الموسم‬ ‫القادم خاصة معاناته هذا الموسم‬ ‫وتعاقداته مع عدد من الالعبين‬ ‫الذين لم يفدموا اإلضافة‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد بدأ فارس‬ ‫البوغاز اتصاالته بالالعب كريم‬ ‫البركاوي «‪23‬سنة» والذي يرتبط‬ ‫بفريق حسنية أكادير بعقد ينتهي‬ ‫في ‪ 30‬يونيو القادم والذي وضعه‬ ‫مدرب الفريق السوسي غاموندي‬ ‫على الئحة االنتقاالت بالنسبة‬ ‫للموسم القادم‪.‬‬ ‫ومما زاد من حماس اتحاد طنجة‬ ‫للتعاقد مع هذا الالعب الشاب أن‬ ‫قيمته المالية ال تتعدى ‪675.000‬‬ ‫يورو فقط‪.‬‬

‫وأخيرا صادقت وزارة الشباب والرياضة على ميزانــية‬ ‫استكمال مدرجات ملعب ابن بطوطة الكبير بطنجة‪،‬‬ ‫وبذلك سيتم إصالح الجوانب الخاصة بالمدرجات حتى ال‬ ‫يتكرر مشكل الرياح القوية التي عادة ما تؤثر على مجرى‬ ‫المباريات‪ ،‬كما حدث خالل اللقاء الودي األخير الذي جمع‬ ‫المنتخب المغربي بنظيره االرجنتيني‪.‬‬ ‫وكنا قد أشرنا في العديد من المناسبات إلى بعض‬ ‫الثغرات التي يشكو منها هذا الملعب والتي تؤثر سلبا سواء‬ ‫على الالعبين داخل رقعة التباري أو بالنسبة للجماهير التي‬

‫تكون معرضة للرياح القوية وجرى الهواء الذي يؤثر كثيرا‬ ‫على صحة العديد منهم إضافــة إلى معاناة الصحافيين‬ ‫وخاصة خالل فصل الشتاء‪ ،‬حيث األمطـــار تتهاطل فوق‬ ‫رؤوسهم مما يصعب المهمة ويجعلهم يتفرجون على‬ ‫اللقاءات في وضعية صعبة ال تليق بهم‪.‬‬ ‫ويأمل الجميع هنــا في طنجــة في أن تنتهــي‬ ‫أشغـــال استكمال مدرجات ملعب ابن بطوطة قبل انطالق‬ ‫الموسم الكروي المقبل‪ .‬حتى تنتهي معانـاة الجميع مع‬ ‫الريــاح والعواصف واألمطار خالل فصل الشتاء‪.‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪� 14‬إلى ‪ 20‬مـاي ‪2019‬‬

‫العدد ‪993‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة‬ ‫الثانية‬

‫لقاءات حوارية في حلقات‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‪ ،‬تستحضر‬ ‫تجربتهم في الحياة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وقلبية إلى الماضي والمستقبل‪ .‬تذكرة السفر الثانية مع‬ ‫الروائي والناقد واإلعالمي والمناضل السياسي والدبلوماسي عبد القادر الشاوي‪ ،‬أحد أبرز وجوه ضحايا سنوات الرصاص‬ ‫بالمغرب‪ .‬أثرى المكتبة اإلنسانية بالعديد من اإلصدارات تنوعت بين حقول معرفية متنوعة‪ ،‬مثلما أثرى التجربة‬ ‫اإلنسانية في الوجود بـ «دراما ذاتية» قاسية دفع من خاللها ‪ 17‬سنة من االعتقال المظلم وراء القضبان‪.‬‬

‫ِ‬

‫صدار العدد‬

‫إ‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫س‪ 1‬ـ يحضر األستاذ عبد القادر الشاوي في مخيال القراء بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الكاتب الروائي والمناضل‬ ‫السياسي والناشط الحقوقي وأبرز معتقلي سنوات الرصاص‪ ...‬قبل أن نأخذ في حديثنا عن أهم ما طبع هذه التمفصالت في مشوار‬ ‫حياتك‪ ،‬أريد أن أبدأ معك من النقط األصولية األولى التي تفجرت منها هذه الشخصية‪.‬‬

‫دخلت كلية أصول الدين‪ ،‬ربما بين ‪ 1968‬و‪ .1969‬سيحصل بينك وبين «التهامي الوزاني» ما سيدفعك‪،‬‬ ‫ربما‪ ،‬إلى التخلي عن الكلية وتغيير الشعبة‪ ،‬والتوجه‪ ،‬في ما أظن‪ ،‬نحو الفلسفة‪.‬‬ ‫هل كان خالفا مع «التهامي» أم مع منظومة ثقافية بعينها؟‬ ‫ذكرت هذا في (دليل العنفوان‪ )1989 /‬قبل ثالثين‬ ‫سنة وأنا استجمع بعض ذكريات رخوة وباطنية ال تسلس‬ ‫التذكر ألي ذهن مهما احتمى بالفطنة من نسيانٍ عارم‬ ‫مراوغ‪ .‬الذكريات المنسرحة الهاربة التي لربما طاردتها‪،‬‬ ‫أو طاردتني‪ ،‬في هذا الهروب لكي أقبض على فحواها‬ ‫الطليق قبل موعد التالشي المحتمل‪ .‬والذي تعرفون‪ ،‬فال‬ ‫يحل لي ذكره‪ ،‬أنني كنت في تجربة طارحتُ فيها ذاتي‬ ‫بكثير من الشجن‪ ،‬وطارحَتْني بما ال يخفى من المِحن‪،‬‬ ‫فاقتسمنا في ْ‬ ‫المطهر‪ ،‬بالتعادل المفترض بين المتحابين‪،‬‬ ‫ما ال يخفى من المعاناة‪ .‬قلت لدماغي في بداية األمر‪ ،‬في‬ ‫طور من أطوار االنتشاء ذي الرَّجْع البعيد‪ ،‬لماذا ال تبرد‬ ‫أيها الموتور في التجربة؟ كفاك ما أنتَ فيه من يقظة‬ ‫وارتعاب‪ ،‬ولك أن تخرج عليّ بما تشاء فإني‪ ،‬وحقِّ األلم‪،‬‬ ‫لن أعيب عليك ذكريات مُرة تريد ممازحة الكيان بما فيه‬ ‫وفيها من عنفوان‪ .‬هكذا راقني األمر فانهمرتْ علي منهما‬ ‫أوجاع وأحزان‪ ،‬وانفرجتْ في دخيلتي منهما ألوان‪ ،‬فحسبت‬ ‫أن البدن كله قد تحرر من قيود ظالمة كانت ُظلمة على‬ ‫األبدان‪.‬‬ ‫ففي (دليل العنفوان) راجعت مصيري قبل األربعين‬ ‫بدون أية نُبُوّة ْ‬ ‫تُذكر‪ ،‬وشرعت أشرح للناس‪ ،‬في‬ ‫ذلك االعتقاد الواهم الذي يوسوس في صدري‪،‬‬ ‫ما لم يكن لهم به سابق معرفة‪ ،‬ولم يكن من‬ ‫الضروري أن يعرفوه‪ .‬أنا الذي أبوح ألنني بلغت‬ ‫سن الكشف وآلتْ عَليّ النرجسية أن أتباوح‬ ‫عَسَاني أفرّج عن كروبي وأتخفف من سنواتي‪.‬‬ ‫في (الدليل) إياه نادى علي األستاذ العمري‬ ‫بلهجة أمرة‪ ،‬وحين وقفت إلى جانب (المدني)‬ ‫(اليَحْمَدي) لم أعرف في الدهشة المباغتة هل‬ ‫يجب عليّ أن أتكئ أم لجسمي أن يستقيم؟‬ ‫وهل يطاوعني بدني إن هو بادرني بالسؤال‬ ‫عن الحال؟ وهل في فمي كالم أم الكالم يَزُمُّ الفم من‬ ‫فجاءة فال يكون الكالم كالما بل ألما؟ كان الخجل والخوف‬ ‫اللذان جعال قدرتي على المقاومة‪ ،‬وقد حسبتها من قبل‬ ‫ال تلين‪ ،‬تسومني وتلومني وتهجرني… فأقع هكذا في‬ ‫حيرة نَصَبَها لي األستاذ العمري‪ .‬ذكرت أيضا أنه أخذ‬ ‫(دفتر الغياب) وزمجر بصوت‪ ،‬وأنا في ذلك الوقوف ال أريم‪:‬‬ ‫أيُعْ َقل أن يكون هذا (وقد أشار نحوي ِبخِ ّفةِ سُبَابَة) هو‬ ‫الوحيد بيننا في هذا القسم من يفقه شيئا في الفلسفة؟ ثم‬ ‫صرخ فينا‪ ،‬وأنا واهلل أ َق ْفقِفُ‪ ،‬ما هذا أيها التفهاء السفهاء‬ ‫الجُهّال‪ ..‬وَقِسْ على ذلك حين تكون الشتائم ضرورية‬ ‫إليقاظ النفوس الخاملة‪ ،‬أو لتحريض الهمم الذابلة‪ ،‬أو‬ ‫فقط لغاية يدركها األستاذ قاصدا بها تحريك العواطف‬ ‫النعسانة في أمسية شتوية تقريبا… عندما أخذ البرد فيها‬ ‫يَ ْق ِرس أطراف الجسد الشبابي المعتقل في وَهْم‪ .‬األستاذ‬ ‫ٍ‬ ‫العمري يعتبر األمر كله‪ ،‬منذ البداية إلى النهاية‪ ،‬واجبا‬ ‫مقدسا يرعاه تجاه فتية أمنوا بالمستقبل الغامض إيمانا‬ ‫ال يخالطه وضوح‪.‬‬ ‫حين كتبتُ هذا في (الدليل) شعرت بالزهو ألنني‬ ‫قِسْمِهم‪ ،‬يشار إليه‬ ‫صِرتُ من القوم المبرَّ ِزين في‬ ‫ِ‬ ‫بالبنان حين تفوَّقتُ عليهم في الحكمة‪ .‬ذهلتُ في‬ ‫القسم الداخلي‪ ،‬حيث كنت أقيم‪ ،‬كيف صرتُ مشهورا‬ ‫عندما سبقني الخبر إليهم‪ ،‬فأعدُّوا لي مركزا لم يكن‬ ‫يخطر لي على بال ْ‬ ‫أن أكون فيه على أي نحو من الوجاهة‬ ‫والشهرة واالعتبار‪ .‬أدركتُ على التوالي‪ ،‬وأنا بَعْدُ في‬ ‫طور من أطوار الدهشة يسمى المفاجأة‪ ،‬أن الفلسفة هي‬ ‫تُجيزُ لي أن أكون متعالما‪،‬‬ ‫محبة الحكمة‪ ،‬وأن الحكمة ِ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫يترَفع عن‬ ‫أحتل موقعا‬ ‫وأن التَّعَالم يفرض عليّ أن‬ ‫القوم‪ ،‬ومصيري‪ ،‬منذ تلك اللحظة‪ ،‬صار مختلفا‪َ ،‬ف أِلجْعل‬ ‫َ‬ ‫حَصَل هذا والبالد العربية‬ ‫مَسيرا نحو العُال‪.‬‬ ‫من مصيري ِ‬ ‫تستعد للمواجهة‪ ،‬ثم سقطتْ علينا الهزيمة العربية‪،‬‬ ‫فكان وصولي إلى الرباط‪ ،‬في صيف ‪ ،1968‬إيذانا مسبَّقا‬ ‫بأن التغيير ينتظرني في المدخل الرئيسي للكلية‪.‬‬ ‫في كلية اآلداب‪ ،‬التي التحقتُ بها بعد صيف ‪1968‬‬ ‫بقليل‪ ،‬شَعُرْتُ بالغربة القاتلة‪ .‬أنا كنتُ الوحيد من‬ ‫بين أولئك األقران الذين لم ينفع معهم توجيه‪ .‬بَقِيَّتْ‬ ‫اإلهانات التي قذفها في وجوهنا أستاذنا العمري صوتا في‬ ‫فراغ (ألنها لم تكن حبرا على ورق)‪ .‬بقيَّت األيام في رَوَاح‬ ‫ٌّ‬ ‫كل يستعد‪ ،‬حسب الطاقة والجهد والقدرة على الحفظ‪،‬‬

‫لمالقاة أقدار لم تُ َقدَّر بعْدُ في مصير‪ .‬هكذا تقرر لي أن‬ ‫أكون في الرباط وغيري في كلية اآلداب بفاس‪ ،‬وسيكون‬ ‫الدخول إلى العاصمة التي وصلتُها فرحا وغريبا كانتقالي‬ ‫حُضْن إلى وطن‪ ،‬أو من مجال إلى سياق‪ ،‬أو من ظل‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫إلى فسحة‪ .‬كان األستاذ العمري محبوبا وقاسيا‪ ،‬فلم يجعل‬ ‫في حياته صفة ألي كان حتى يشعر بالكرامة الضرورية‬ ‫التي تساعده على الشعور باإلنسانية‪ .‬ال يكلم أحدا ولكنه‬ ‫يباغت القوم‪ ،‬وها هو‪ ،‬على بُعد‪ ،‬يقعدُني في قسْم‬ ‫ٍ‬ ‫ويرميني في مدينة جامعية وَيَبُث الحيرة في عقلي‪ ،‬وهو‬ ‫الذي أوثقني ِب ِوثاق الوحدة وقادني إلى العزلة الوجودية‬ ‫طائعا مستسلما‪ .‬تَصَوَّرْ‪ ...‬لو لم يكن هذا العمري أستاذا‬ ‫للفلسفة في بداية تلك السنة من ‪ 1967‬قبل الهزيمة‬ ‫العربية الكسيرة وبعدها؟ وتصور لو لم يكن على شهرته‬ ‫المرعبة في ثانويتنا؟ من أين للحكمة أن تأتي إلى بيتي‬ ‫وأنا في منتهى الفقر إلى نفسي وإلى حياتي ال أسكن فيه‬ ‫فهو الساكن فيَّ على األرجح؟ أقول‪ :‬محال‪ ،‬وأشرع األن في‬ ‫الكالم عن الماضي الذي يخرج إليّ من ذكريات سَوَّاها‬ ‫االستذكار على زمن متحول لن يعود‪ .‬ففي قسم الفلسفة‪،‬‬ ‫إلى جانب شخوص فرَّقتْ بينهم السبل النضالية ُك ٌّل في‬ ‫منفى‪ ،‬بدأت أشعر باالرتباط وأعي ُقوّتَه‪ .‬أشعر باالرتباط‬ ‫وأعِي مَدَاه في نفسي ألنني انفصلتُ عن عائلتي في فترة‬ ‫مبكرة من ازديادي‪ ،‬فما عدت أشعر بأيِّ َكوْنٍ ال أكون فيه‬ ‫وحيدا منعزال ال يشد كياني إال الظن الذي يرعبني كلما‬ ‫أعجم لساني بالشكوى‪ .‬ال أشعر باالرتباط وأبرِّرُ حدّتَه‬ ‫ألنه منذ الصغر َ‬ ‫أذ َّل ِني‪ .‬وأذلني منذ الصغر ألنه لم يترك‬ ‫لي أية ذكرى ِّ‬ ‫تذكرني بما ُكنته في الذاكرة‪ .‬ولم أشعر‬ ‫باالرتباط وَحجَجه الباطنية ألنني انتميتُ إلى قبيلة جاءت‬ ‫إلى نفس الفناء المب ّلط بالغرانيت الذي ترجَّ ْلتُ فيه خائفا‬ ‫في رحاب (كلية اآلداب) قبل أن أنقلبَ على نفسي فأصير‬ ‫مشاكسا‪ .‬االرتباط‪ ،‬أقول االرتباط‪ْ .‬‬ ‫إذ على حين غرة‪ ،‬ومن‬ ‫حاصل توجيه وسذاجة ربما‪ ،‬ومن حاصل انفالت طفولي‬ ‫صاحبني في أيام الشباب‪ ،‬وأضبط إيقاعه اليُدَاعبني‬ ‫طوال الوقت برفق وحنان كأنني الولد المبرور‪ ...‬من هذا‬ ‫االرتباط‪ ،‬بالذات‪ ،‬بَدأتْ الحكاية‪ ،‬أي حكايتي الشخصية‬ ‫التي ال تشبهني في أي شيء‪ ،‬تلك الحكاية إذا شئنا‪ ،‬وعبثا‬ ‫حاولت معها قائال لها بصوت متهدج‪ :‬كوني من أنا‪ ،‬كوني‪،‬‬ ‫َفتَر ُفضُ ِني ألنها ال ترى أيَّ شبهٍ بين ما عشتُه معها وفي‬ ‫كنفها وبين ما أكتبه عنه بين المحو واالستذكار‪ .‬ولهذا‬ ‫ترانا ال نكتب إال ما لم نستطع كتابته بالقدرة التي تُزَيّنُ‬ ‫لنا أوجاع الحكاية‪.‬‬

‫العالقـاتالعربية‬ ‫العالقات‬ ‫«منتدى‬ ‫«منتدى‬ ‫النشرالنشـــر‬ ‫عن دارعن دار‬ ‫‪ ،2019‬صدر‬ ‫سنـــة‬ ‫والدوليـة»‪ ،‬وبرســــم‬ ‫سنة ‪،2019‬‬ ‫والدولية»‪ ،‬وبرسم‬ ‫العربية‬ ‫كتابا‬ ‫جبرونجبرون‬ ‫للدكتور امحمد‬ ‫للدكتورصدر‬ ‫جديدا يحمل‬ ‫جديدا‬ ‫كتابا‬ ‫امحمد‬ ‫ـ‬ ‫األقصى‬ ‫المغرب‬ ‫«تاريخ‬ ‫عنوان‬ ‫يحمل‬ ‫عنوان «تاريخ المغرب األقصى ـ من الفتح‬ ‫االحتالل»‪ .‬ويقع‬ ‫الفتح اإلسالمي إلى‬ ‫الكتاب في‬ ‫االحتالل»‪ .‬ويقع‬ ‫من إلى‬ ‫اإلسالمي‬ ‫الحجم الكبير‪.‬‬ ‫من‬ ‫صفحة‬ ‫‪576‬‬ ‫في‬ ‫الكتاب‬ ‫‪ 576‬صفحة من الحجم الكبير‪.‬‬ ‫والكتاب مجهود علمي‪ ،‬سافــر من‬ ‫والكتاب مجهود علمي‪ ،‬سافر من خالله‬ ‫خالله المؤلف في تفاصيل تاريخ المغرب‬ ‫تفاصيل تاريخ المغرب األقصى‪،‬‬ ‫المؤلف في‬ ‫األقصى‪ ،‬بدءاً من دخول اإلسالم إلى‬ ‫المغرب‪ ،‬وانتهاء‬ ‫بمرحلةإلى‬ ‫اإلسالم‬ ‫دخول‬ ‫االحتالل‪.‬‬ ‫وانتهاء‬ ‫بدءاً منالمغرب‪،‬‬ ‫بمرحلة االحتالل‪.‬‬ ‫يسعــى الكتـــاب‪ ،‬فــي خلفــيتــه‬ ‫المعرفيــة‬ ‫خلفيتــه‬ ‫الكتاب‪ ،‬في‬ ‫يسعى‬ ‫اإلسهام في‬ ‫واألخالقية‪ ،‬إلى‬ ‫المعرفيــة‬ ‫عبر منح‬ ‫وذلك‬ ‫«الموطنة‬ ‫بناء‬ ‫«الموطنة‬ ‫بناء‬ ‫اإليجابية»‪،‬في‬ ‫اإلسهام‬ ‫واألخالقية‪ ،‬إلى‬ ‫تسعى إلى‬ ‫تاريخية‬ ‫القارئ مادة‬ ‫مادة علمية‬ ‫القارئ‬ ‫علميةمنح‬ ‫وذلك عبر‬ ‫اإليجابية»‪،‬‬ ‫عرقـي أو‬ ‫منظور‬ ‫تاريخيةالحياد عن‬ ‫طائفي‪،‬منظور‬ ‫عن أي‬ ‫الحياد‬ ‫تسعى أيإلى‬ ‫توظيف‬ ‫أي‬ ‫عن‬ ‫منهجيا‪،‬‬ ‫بعدا‬ ‫عرقي أووتبتعد‪،‬‬ ‫طائفي‪ ،‬وتبتعد‪ ،‬بعدا منهجيا‪ ،‬عن‬ ‫للمعجمالسلبي‪.‬‬ ‫أي توظيف للمعجم السلبي‪.‬‬ ‫يحضر البعد الوطني‪ ،‬بشكل الفت‪ ،‬في‬ ‫يحضر البعد الوطني‪ ،‬بشكل الفت‪ ،‬في‬ ‫توظيف المادة التاريخية‪ ،‬غير أنه يحيل‬ ‫يحيل إحالة‬ ‫أنه‬ ‫التاريخية‪ ،‬غير‬ ‫المادة‬ ‫لإلسالم‬ ‫المحوري‬ ‫مركزية على الدور‬ ‫توظيفإحالة‬ ‫لإلسالم في‬ ‫المحوري‬ ‫الدور‬ ‫مركزيةفيعلى‬ ‫األقصى سياسيا‬ ‫المغــرب‬ ‫ظهـور‬ ‫المغرب األقصى سياسيا وحضاريا‪.‬‬ ‫ظهور وحضاريا‪.‬‬ ‫المركزي‬ ‫للدور‬ ‫جانب‬ ‫يحيل من‬ ‫للدور‬ ‫آخرآخـــر‬ ‫جانب‬ ‫يحيــل من‬ ‫كما كما‬ ‫تاريخفي تاريخ‬ ‫األقصى‬ ‫للمغرب‬ ‫المركزي أيضا‬ ‫حوض البحر‬ ‫في‬ ‫األقصى‬ ‫أيضا للمغرب‬ ‫األبيض المتوسط‪.‬‬ ‫األبيضحوض البحر‬ ‫المتوسط‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.