Achamal n° 995 le 28 Mai 2019

Page 1

‫عبد القادر الشاوي‬ ‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬ ‫عـدتُ إلى الكليـــة‪ ،‬نعم‪ .‬ولم تكن عودتي لمتابعة دراسة تركتها في بداية الطريق‬ ‫إلى الفلسفة‪ ،‬ولم أعد ألرى وجوها نسيتها وبعضها هـوَتْ وَوَاحدٌ‪ ،‬على وجه التحديــد‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مناضل طبقيٌّ حالمٌ ذو أوهام ‪.‬بل‬ ‫قتلــه القمع حين أدرك قامعوه‪ ،‬بسبب وشاية‪ ،‬أنه‬ ‫عدْتُ بعد خمسين سنة لمناقشة رواية (بستان السيدة)‪...‬‬ ‫الصفحة األخيرة‬

‫تحليل لمستويات األجور‬ ‫في المغرب‬ ‫خالل سنة ‪2019‬‬

‫قـام مكتــب الخبـرة والتخصص في‬ ‫التوظيف (‪ )ReKrute‬بنشر آخر تقرير له‬ ‫والذي يتعلق بمسح حول الرواتب واألجور‪.‬‬

‫المغربية‬ ‫عزيزة جالل‬

‫صفحة ‪13‬‬

‫حوار مع‬ ‫الممثل السينمائي‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫تطل على الجمهور بعد ثالثة‬ ‫عقود من الصمت واالعتزال‬ ‫صفحة ‪5‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 995‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 22‬رم�ضان ‪ 28 / 1440‬ماي �إلى ‪ 3‬يونيو ‪2019‬‬

‫محمد بوصبع‬ ‫صفحة ‪13‬‬

‫حكمة التدبير‬ ‫في المؤسسات والمجالس‬ ‫كلمة الشمال‬

‫تعرف بالدنا كمّا هائال من مؤسسات ومجالس ذات صفة استشارية بموجب منطوق الدستور ومفهومه؛ في مجاالت‬ ‫دينية وحقوقية وسمعية ‪ /‬بصرية وصحافية واقتصادية واجتماعية وبيئية وهجروية وتعليمية ومحاسباتية وتخطيطية ‪..‬‬ ‫وإذا كانت الحاجة قد أملت وجود هذا الكم االستشاري وطنيا وجهويا ومحليا في ظرفيات سياسية خاصة‪ ،‬فالمالحظ أن ‪:‬‬ ‫ـ مهامها تتداخل بشكل مربك مع مهمات قطاعات حكومية‪..‬‬ ‫ـ أداؤها يفرغ األداء الحكومي من فعاليته المطلوبة‪..‬‬ ‫ـ تدبيرها المالي يشكل استنزافا للمالية العامة؛ كراء مقراتها وتعويضات أعضائها وتنقالتهم وأسطول سياراتها‪. ..‬‬ ‫ـ بعض أعضائها لهم أكثر من صفة‪ ،‬في أكثر من مجلس أو مؤسسة ويتقاضون عن ذلك تعويضات هامة‪..‬‬ ‫ألسنا في حاجة الى نهج مسلك أكثر ترشيدا لتدبير المرفق العمومي بدل هذه المسلكيات المتقاطعة مع أنساق الريع ؟‬ ‫ما جدوى هذه المؤسسات‪ ،‬وبالدنا تشهد خلال وضعفا في األداء الحكومي‪ ،‬وأعطابا في البرلمان بغرفتيه ؟‬ ‫أال تكفينا غرفة واحدة ؟‬ ‫متى سينتصر منطق الحكمة إليقاف كل هذا االستنزاف العام ؟‬


‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫رد على مقال‬

‫األستاذ محمد قنديل‬ ‫قرأت باهتمام كبير ما كتبه الصديق الكريم األستاذ‬ ‫الباحث محمد قنديل ‪ -‬حفظه اهلل ‪ -‬عن مقال من مقاالت‬ ‫كتابي «تصويبات لغوية في الفصحى والعامية»‪ ،‬وهو المقال‬ ‫المسمى «نزوال عند رغبتك أم صعودا إليها؟» الذي سبق أن‬ ‫نُشر بجريدة الشمال (العدد ‪ 193‬بتاريخ ‪ 14‬أكتوبر ‪2003‬م)‬ ‫قبل أن يُنشر مع غيره من مقاالتي اللغوية بين دفتي أول ما‬ ‫صدر لي من كتب في العام ‪2008‬م‪.‬‬ ‫وأشكر للصديق األستاذ قنديل قراءته لتصويباتي‬ ‫اللغوية‪ ،‬وعنايته بها‪ ،‬ومناقشته العلمية لواحد منها‪ ،‬وأؤكد‬ ‫أن مشهدنا الثقافي المغربي محتاج إلى مثل ما كتبه صديقي‬ ‫بتجرد وموضوعية وأدب جم‪.‬‬ ‫ولما كان الذي دفعه – أكرمه اهلل – لمناقشة مقالي هو‬ ‫من جنس ما يسكن أعماقي ويحفزني حفزا للكتابة والتأليف‪،‬‬ ‫فإني أرى من الواجب العلمي واألخالقي أن أناقشه فيما ورد‬ ‫في مقالته‪ ،‬متخذا من الحقيقة قِبْلتي العلمية واألخالقية في‬ ‫هذه المناقشة‪.‬‬ ‫لذلك ارتأيت أن أجعل مناقشتي في محورين أخصص‬ ‫أولهما لما أوافق فيه الصديق العزيز‪ ،‬وأفرد ثانيهما لما أختلف‬ ‫معه فيه‪ ،‬دون أن يعنيَ هذا االختالفُ اعتراضا على شخصه‬ ‫الكريم‪ ،‬وإنما النقاشُ نقاشُ أفكار وآراء ال يفسد الصداقة‬ ‫والمودة بيننا‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬في المـوافـقــات‬ ‫‪ - 1‬اتفاق في المُسمّى واختالف في التسمية‬ ‫ال بد لي من اإلشارة إلى أن أخي الكريم األستاذ قنديال‬ ‫يصرح في أكثر من موضع من مقالته باتفاق بيننا في بعض‬ ‫القضايا والمسائل‪ ،‬بل يصرح باالتفاق في جوهر ما ذهبتُ‬ ‫إليه في مقالتي التي يناقشها‪ ،‬ويذكر أن الفرق بيننا ال يعدو‬ ‫كونه فرقا في عَنْونة ما كتبته في مقالتي «نزوال عند رغبتك أم‬ ‫صعودا إليها؟»‪ .‬وليس يدل على تصريحه باالتفاق شي ٌء كقوله‬ ‫في ختام مقالته‪« :‬وأخيرا أرى أن االختالف بيني وبينه هو في‬ ‫عنوان ماهية ما قام به‪ ،‬إذ عمله يدخل في باب التفضيل‪ .‬ولهذا‬ ‫ألتمس من أستاذنا إخراج هذا الفصل من كتاب التصويبات‬ ‫وإدخاله في كتاب «التفضيالت البالغية»»‪.‬‬ ‫وإني ألشكر ألخي العزيز قنديل هذه المنقبة الحميدة‪،‬‬ ‫وهي البحث عن المشترك والمؤتلف في زمن يتسابق الناس‬ ‫فيه على البحث عما يفرق ويوسع الهوة بين األطراف‪.‬‬ ‫‪ - 2‬من فرط االستعمال إلى الصواب المبتذل‬ ‫كما ال بد لي من اإلقرار بأن بعض ما جاء في مقالة أخي‬ ‫قنديل هو كالم صائب كل الصواب‪ ،‬أوافقه فيه تمام الموافقة‪،‬‬ ‫وأقصد بذلك قوله «إن صَيْرور َة عبارة ما مبتذلة من فرط‬ ‫استعمالها‪ ،‬ال ينقلها من الصواب إلى الخطإ‪ ،‬وإنما ينقلها من‬ ‫الصواب إلى االبتذال»‪.‬‬ ‫وبما أني متفق مع صاحبي في قوله هذا‪ ،‬فإني ال أراه‬ ‫يخالفني الرأي في تدقيقه وجعله على هذا النحو‪« :‬إن صيرورة‬ ‫عبارة ما مبتذلة من فرط استعمالها‪ ،‬ال ينقلها من الصواب إلى‬ ‫الخطإ‪ ،‬وإنما يجعلها عبارة صائبة مبتذلة»‪ ،‬فهذا عندي خيرٌ‬ ‫من الصياغة السابقة؛ ألن قولك «وإنما ينقلها من الصواب‬ ‫إلى االبتذال» يُوهِمُ بمغادرتها دائر َة الصواب‪ ،‬والحال أنها لم‬ ‫تغادر الصواب لفرط استعمالها؛ لذلك رأيت من الحق أن نقول‪:‬‬ ‫«وإنما يجعلها عبارة صائبة مبتذلة» بدال من القول «ينقلها‬ ‫من الصواب إلى االبتذال»‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مـنـاقــشـات‬ ‫‪ - 1‬في العنوان‬ ‫ُ‬ ‫أول ما أحب مناقشة األستاذ قنديل فيه عنوان مقاله‬ ‫«تصويب التصويب الثاني» الذي أراه غيرَ مناسب لمضمون‬ ‫كالمه‪ .‬لقد ورد مقالي «نزوال عند رغبتك أم صعودا إليها؟» في‬ ‫كتابي «تصويبات لغوية في الفصحى والعامية»‪ ،‬وهو كتاب‬ ‫مخصص لتصويب بعض األخطاء‪ .‬وإلى ذلك يُشير صاحبُنا‬ ‫في عنوانه إذ يقول «التصويب الثاني»‪.‬‬ ‫وال يعني وصفُ مقالي بـ» التصويب الثاني» سوى أني‬ ‫أنظر في خطإ لغوي‪ ،‬وأنبّه عليه‪ ،‬وأقترح تصحيحا له‪ ،‬وهذا من‬ ‫أهم ما تقتضيه عملية التصويب‪ .‬ثم يبقى للقراء والمهتمين‬ ‫أن يَحكموا على عملية التصويب بالصحة أو الخطإ‪ ،‬فمَنْ رآها‬ ‫عملية موفقة أخذ بها‪ ،‬ومَنْ رأى أني لم أوفقْ في تصويب‬ ‫الخطإ دعا إلى عملية تصويب ثانية ألن الخطأ ما زال واقعا‪،‬‬ ‫وهذا ما يُسمى «تصويب التصويب»‪.‬‬ ‫لكن الناظر في كالم صديقنا العزيز يرى أنه يوافقني الرأي‬ ‫في ذهبتُ إليه – كما تقدم – ويذكر أن االختالف بيني وبينه ال‬ ‫يجاوز تسمية ما قمتُ به‪ ،‬فهو يسمي عملي «تفضيال بالغيا»‬ ‫ال تصويبا لغويا‪ ،‬ويقترح عليَّ‪ ،‬أدباً منه ولطفاً‪ ،‬إخراجَ ما كتبته‬ ‫من كتاب التصويبات وإدخاله في كتاب «التفضيالت البالغية»‪.‬‬ ‫وبعبارته الجميلة فمحصول قوله أنه يوجهني ويرشدني إلى‬ ‫الباب العلمي الذي يندرج فيه ما كتبته تحت عنوان «نزوال عند‬ ‫رغبتك أم صعودا إليها»‪.‬‬ ‫وبناء على ذلك فإن العنوان المناسب لما كتبه أخونا قنديل‬ ‫هو «توجيه التصويب الثاني» ال «تصويب التصويب الثاني»؛‬ ‫وذلك لكونه ال يَعدّ ما قمتُ به عمال خاطئا محتاجا إلى‬ ‫تصويب‪ .‬وإذا أنا اقتبست من جميل كالمه قلت‪ :‬إني ألتمس‬ ‫من أخينا العزيز أن يخرج مقاله من كتاب «تصويب التصويبات‬ ‫اللغوية» ويلحقه بكتاب «توجيه التصويبات اللغوية»‪.‬‬ ‫‪ - 2‬في األساس اللغوي للمناقشة‬ ‫ثاني قضية أحب أن أناقشها مع أخي قنديل هي األساس‬ ‫اللغوي الذي ارتكز عليه لتحديد المراد بـ»النزول» و»الصعود»‬ ‫في مقالي‪.‬‬ ‫لقد استند صديقنا على معنى ٍّ‬ ‫كل من الكلمتين داخل‬ ‫النص القرآني‪ ،‬وحصَر داللة كل منهما في المعنى القرآني‬ ‫وحده‪ .‬يقول‪« :‬النزول (مجازيا) واإلنزال ال يكون إال وفيه تشريف‪،‬‬ ‫فقال تعالى‪( :‬تنزل المالئكة والروح فيها بإذن ربهم من كل‬ ‫أمر)‪ ،‬ومقابله في الشرف والتشريف هو العروج‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬

‫(تعرج المالئكة والروح)‪ .‬أما استعمال فعل «صعد» مجردا‬ ‫(وكذلك المصدر) ال يكون إال وفيه الحرج والضيق والرهق‪ ،‬فقال‬ ‫تعالى‪( :‬ومَن يُردْ أن يُضله ْ‬ ‫يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما‬ ‫يصعد في السماء)‪ ،‬وقال تعالى‪( :‬سنرهقه صعودا)‪ ،‬ومقابله‬ ‫في الرهق والضيق هو الهبوط‪ ،‬فقال تعالى‪( :‬اهبطا منها) من‬ ‫الجنة وما كانا فيه من وسع ويسر‪ ،‬وقال تعالى‪( :‬اهبطوا مصر)‬ ‫للرهق حيث ال يوجد المنّ وال السَّلوى»‪.‬‬ ‫إن لي على هذا الكالم َ‬ ‫جملة مالحظاتٍ منها‪:‬‬ ‫أ‪ -‬أنه يتحدث عن دالالت األلفاظ داخل النص القرآني‪،‬‬ ‫ويَذكر بعض األلفاظ التي ظاهرُها التعارض ولكنها تفيد‬ ‫المعنى نفسَه في اآليات القرآنية‪ ،‬وذلك كـ»النزول» و»العروج»‬ ‫وإفادتهما الشرف والتشريف‪ ،‬و»الصعود» و»الهبوط»‬ ‫وإفادتهما الرهق والضيق والحرج‪.‬‬ ‫وهذه اإلشارات المفيدة جدا تخص دالالت األلفاظ في‬ ‫كتاب اهلل تعالى وال صلة لها بما ورد في مقالي الذي ناقشه‬ ‫أخي قنديل؛ ألني استعملتُ «النزول» و»الصعود» بغير المعنى‬ ‫القرآني لكل منهما‪ ،‬كما أني لم أستدل بأي آية قرآنية ُذكر فيه‬ ‫«الصعود» أو «النزول» حتى نجعل من الداللة القرآنية للفظين‬ ‫َ‬ ‫حكما في صواب ما ذكرتُه في مقالي أو عدم صوابه‪.‬‬ ‫نعم يتحدث أخي قنديل عن «النزول» مجازيا كما تصرح‬ ‫بذلك عبارتُه‪ ،‬ولكن هل يُستفاد المعنى المجازي للفظ من‬ ‫الشواهد القرآنية وحدها؟ أال ينبغي استقراء الشواهد غير‬ ‫القرآنية أيضا قبل الخلوص إلى هذا الحكم القنديلي القائل‪:‬‬ ‫«إن النزول (مجازيا) واإلنزال ال يكون إال وفيه تشريف»‪ ،‬وهو‬ ‫حكمٌ غير صحيح بإطالق كما سأبين بعد قليل من داخل النص‬ ‫القرآني الذي احتكم إليه أخي قنديل؟‬ ‫ب‪ -‬وأن االحتكام إلى المعنى القرآني وحده يؤدي إلى إفقار‬ ‫اللغة العربية من حيث دالالتُ ألفاظها؛ ألن هذه الدالالت ال‬ ‫تنحصر في المعاني القرآنية كما يُستفاد من كالم أخينا العزيز‪.‬‬ ‫ومن المفيد هنا أن أذكر أن العلماء الذين اهتموا بالتأليف في‬ ‫معاني ألفاظ القرآن الكريم لم يُلغوا معاني األلفاظ في غير‬ ‫كالم اهلل تعالى‪ .‬وهذا الراغب األصفهاني – رحمه اهلل تعالى –‬ ‫لم ُ‬ ‫يَخل كتابه «مفردات ألفاظ القرآن» من الشواهد الشعرية‪،‬‬ ‫مع أنه ألفه لبيان الدالالت القرآنية لأللفاظ‪ ،‬فلماذا يضيّق‬ ‫عزيزنا قنديل واسعا ويحصر الداللة في المعنى القرآني وحده؟‬ ‫ج‪ -‬وأن قول صديقنا إن «النزول (مجازيا) ال يكون إال‬ ‫وفيه تشريف» هو قول يحتاج إلى استدراك – حتى ال أقول‬ ‫إنه محتاج إلى تصويب ‪ .-‬وأقترح لالستدراك عليه نصا من‬ ‫«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب األصفهاني يقول فيه‪« :‬ونزل‬ ‫بكذا‪ ،‬وأنزله بمعنى‪ ،‬وإنزال اهلل تعالى نعمه ونقمه على الخَ ْلق‪،‬‬ ‫إعطاؤهم إياها‪ ،‬وذلك إما بإنزال الشيء نفسه كإنزال القرآن‪،‬‬ ‫وإما بإنزال أسبابه والهداية إليه‪ ،‬كإنزال الحديد واللباس‪ ،‬ونحو‬ ‫ذلك‪...‬ومن إنزال العذاب قوله‪( :‬إنا مُنْ ِز َ‬ ‫لون على أهل هذه‬ ‫القرية ِرجْزا من السماء بما كانوا يفسقون)[العنكبوت‪»]34 /‬‬ ‫(مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬تحقيق صفوان عدنان داودي‪ ،‬ص‪799‬‬ ‫باختصار)‪.‬‬ ‫فانظر إلى الفرق بين قول صديقنا عن النزول واإلنزال‬ ‫إنه «ال يكون إال وفيه تشريف» وبين قول الراغب األصفهاني‪:‬‬ ‫«وإنزال اهلل نعمه ونقمه على الخلق‪ »...‬وتمثي َله إلنزال العذاب‬ ‫– وهو ليس تشريفا – بآية من سورة العنكبوت‪ ،‬لتعلمَ أن كالم‬ ‫صديقنا محتاجٌ إلى إخراجه من دائرة اإلطالق وأنه ال يقوم‬ ‫دليال صحة األساس الذي استند إليه في النقاش‪.‬‬ ‫د‪ -‬وأن قوله إن «النزول (مجازيا) واإلنزال ال يكون إال وفيه‬ ‫تشريف» كأنه مستخلص من قول الراغب في كتابه المذكور‪:‬‬ ‫«وإذا استُعمل في اإلنسان الهبوط فعَلى سبيل االستخفاف‬ ‫بخالف اإلنزال‪ ،‬فإن اإلنزال ذكرَهُ اهلل تعالى في األشياء التي‬ ‫نبّه على شرَفها‪ ،‬كإنزال المالئكة والقرآن والمطر وغير ذلك»‬ ‫(مفردات ألفاظ القرآن‪ ،‬ص‪.)832‬‬ ‫غير أن مَن يقرأ كالم الراغب في غير هذا الموضع من‬ ‫كتابه يجده يذكر أن لفظ اإلنزال‪ ،‬داخل النص القرآني‪ ،‬يكون‬ ‫كذلك في األشياء التي ال شرف فيها كإنزال العذاب على نحو ما‬ ‫سبقت اإلشارة إليه‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬وأن اآلية التي جاءت في كالم صديقنا هكذا‪( :‬اهبطوا‬ ‫مصر) صوابُها (اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم) [البقرة‪،]61 /‬‬ ‫أي بتنوين «مصراً»‪ .‬قال ابن كثير‪« :‬هكذا هو ٌ‬ ‫منوّن مَصروف‪.‬‬ ‫قال ابن عباس‪ :‬مِصْراً منَ األمصار‪ .‬والمعنى‪ :‬أن هذا الذي‬ ‫سألتم ليس بأمر عزيز بل هو كثير في أي بلد دخلتموها‬ ‫وجدتموه» (مختصر تفسير ابن كثير‪ ،‬دار القرآن الكريم‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫ط‪1981 ،07‬م‪ ،‬ج‪ ،01‬ص‪ .)70‬وقد أورد الراغب األصفهاني‬ ‫الكلمة منونة مصروفة في كتابه «مفردات ألفاظ القرآن‬ ‫الكريم» (ص‪ )832‬عند االستدالل على أن الهبوط مذكور في‬ ‫كالم اهلل تعالى ُ‬ ‫«حيث نبَّه على الغَضّ»‪ .‬وال شك عندي في‬ ‫أن العزيز قنديال سَها فلم يُنَوّنها (وليست هذه المالحظة‬ ‫من صميم مناقشة األساس اللغوي في االستدالل القنديلي‪،‬‬ ‫ولكن وجب التنبيه ألن األمر متعلق بكالم اهلل سبحانه)‪.‬‬ ‫‪ - 3‬في اشتراط القرينة‬ ‫هذا‪ ،‬ويشترط صديقنا ل َقبول التصويب الذي اقترحتُه‬ ‫في كتابي وهو «صعودا إلى رغبتك فعلتُ كذا» أن يُؤتى‬ ‫بعد المفعول له «صعودا» بقرينة مانعة من انصراف معنى‬ ‫«الصعود» إلى الضيق والحرج‪ .‬يقول‪« :‬يقترح األستاذ الناصري‬ ‫لدرء آفة االبتذال في العبارة المستصوَبة عبارة أخرى هي‪:‬‬ ‫«صعوداً إلى رغبتك الجميلة»‪ ،‬وهو اقتراح في غاية التوفيق‪،‬‬ ‫ألن الصعود سيصير عندئذ عروجا لوجود قرينة الجمال‪ ،‬لكن‬ ‫إذا كان مقترَحُه هو «صعوداً إلى رغبتك» من غير قرينة‪ ،‬فإن‬ ‫«نزوال عند رغبتك» أحسن»‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اشتراطه قرينة‬ ‫قلتُ‪ :‬واضحٌ من كالم أخينا العزيز أن‬ ‫الستعمال المفعول له «صعودا» متفرِّعٌ عن حصره معنى‬ ‫الكلمة في داللتها القرآنية واحتكامه إلى هذه الداللة وحدها‬ ‫مثلما صنع مع كلمة «النزول»‪.‬‬ ‫وبما أني ناقشتُ هذا األساس اللغوي في الفقرة السابقة‬

‫أبو الخير الناصري‬ ‫من هذه المناقشات‪ ،‬فال داعي لمناقشة اشتراطه القرينة ل َقبول‬ ‫تصويبي؛ وذلك ألن نقاش األصول يُغني عن نقاش ما يتفرع‬ ‫عنها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬دليل االستعالء‬ ‫يرى أخي قنديل أن قول القائل‪« :‬نزوال عند رغبتك‪« »..‬ال‬ ‫يدل على أي حركة من األعلى إلى األسفل وال أن قائلها يكون‬ ‫في األعلى يُصدر األمر وال يتلقاه»‪ ،‬ويؤسس اعتراضه هذا على‬ ‫داللة اللفظ «عند» في اللغة‪ .‬ثم يميز بين «نزل عند» من جهة‬ ‫وبين «نزل في» و»نزل عن» من جهة ثانية‪ ،‬مضيفا أن ««عند»‬ ‫عند أهل المعاني قد تأتي بمعنى الظن والحكم والملكية‬ ‫واالنصياع والموافقة والتصرف الحسَن المتوقع من فالن»‪.‬‬ ‫والواقع أن كالم أخي العزيز ليس فيه ما يقوم دليال على‬ ‫أن التعبير بـ»نزوال عند» ال يدل على حركة من أعلى إلى أسفل‪.‬‬ ‫ولو أنه أمعن النظر لتبين أن في كالمه عن معاني «عند» عند‬ ‫البالغيين ما يفيد االستعالء‪ ،‬وأقصد بذلك قوله إن من معانيها‬ ‫االنصياع والموافقة‪ .‬أليس من معنى االنصياع الخضوع‬ ‫واإلذعان كما تخبرنا بذلك معاجم اللغة؟ أليس في اإلذعان‬ ‫حركة معنوية من األعلى إلى األسفل؟ أليس المُذعنُ قد تخلى‬ ‫عن رأي كان يَعُده األعلى منزلة و َق ِب َل برأي آخر؟‬ ‫وفي التعبير عن هذا التحرك من أعلى إلى أسفل قلت‬ ‫في كتابي «تصويبات لغوية في الفصحى والعامية» متحدثا‬ ‫عن تعارض رغبتين (رغبتي في عدم نشر ما أكتبه ورغبة أحد‬ ‫األصدقاء في نشره) وانصياع رغبتي له‪« :‬وأذكر ههنا أني كتبت‬ ‫ذات رسالة إلى الصديق عبد اهلل بديع بعدما ألحَّ عليَّ في نشر‬ ‫بعض المقاالت قائال‪« :‬صعودا إلى رغبتك الجميلة أبعث إليك‬ ‫بهذا المقال قصد نشره» فجاء هذا التعبير مني عفويا‪.‬‬ ‫وعندما أحب اآلن أن أسوغ هذه العبارة و»أمنطقها»‬ ‫أقول إن رغبة الصديق (في النشر) قد غالبت رغبتي (في عدمه)‬ ‫فغَلبَتْها‪ ،‬وصرتُ كأنما رغبتُه تُملي عليَّ فأنشر‪ .‬ومعلوم أن‬ ‫حكمَ مَنْ يُملي أن َ‬ ‫يكون في منزلة أعلى من المُمْلى عليه‬ ‫(العلو هنا معنوي)» (ص‪.)11‬‬ ‫ولمزيد من إيضاح معنى االستعالء في العبارة «نزوال عند‬ ‫رغبتك‪ »..‬أضع بين يدي أخي قنديل وعموم القراء هذا المثال‪:‬‬ ‫هبْ أنا كنا على موعد‪ ،‬ثم التقينا‪ ،‬واقترح كل منا أن نجلس في‬ ‫مقهى‪ ،‬فاخترت أنت المقهى (أ) ألنه األفضل في رأيك‪ ،‬واخترتُ‬ ‫أنا المقهى (ب) ألنه األفضل عندي‪ ،‬فترتيب المقهيين (أ) و(ب)‬ ‫في ذهنك مختلف عن ترتيبهما في ذهني‪.‬‬ ‫وهبْ أن ُكال مِنا تمسك باختياره‪ ،‬وكان ال بد أن نجلس‬ ‫معاً في مقهى واحد من االثنين‪ ،‬وحاججَ ٌّ‬ ‫كل منا دفاعا عن‬ ‫اختياره‪ ،‬ثم قبلتَ أنت باقتراحي‪ ،‬أفال يكون َقبولك القتراحي‬ ‫واستجابتك له قد جعلك موافقا لترتيب المقهيين كما هو‬ ‫في ذهني‪ ،‬أي إنك صرتَ مثلي تضع المقهى (ب) في المكان‬ ‫األول والمقهى (أ) في المكان الثاني؟ أليس في استجابتك نزول‬ ‫ذهني منك عن اختيارك األول؟‬ ‫لعلك تالحظ‪ ،‬أخي العزيز‪ ،‬أن معنى الحركة من أعلى‬ ‫إلى أسفل واقعٌ ومتحققٌ‪ ،‬ولو أنك قلت لي «نزوال عند رغبتك‬ ‫سأجالسك في مقهاك المفضل» لكنتَ بعبارتك هذه معبّرا‬ ‫عن حركة النزول تلك‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وأما من حيث تمييزك بين «النزول عند» من جهة‪،‬‬ ‫وبين «النزول عن» و»النزول في» من جهة ثانية‪ ،‬فحَسْبي أن‬ ‫أعترض عليه بالقول إن «النزول عند» في العبارة التي نناقشها‬ ‫مرادفٌ «للنزول عن»؛ وذلك بتقدير محذوف في التعبير «نزوال‬ ‫عند»‪ .‬وبيان ذلك أن العبارة «نزوال عند رغبتك فعلتُ كذا»‬ ‫حُذف منها كالم أذكره في هذه العبارة‪« :‬نزوال [عنْ رغبتي‪،‬‬ ‫ولكي أكون] عند رغبتك [موافقا لها] فعلتُ كذا»‪ .‬وبهذا‬ ‫التقدير يزول االختالف بيننا في هذه المسألة فيما أتصور‪.‬‬ ‫‪ - 5‬الهامش الغائب عن النقاش‬ ‫وكعادتي في النقاش‪ ،‬فإني ال أعُدُّ رأيي دائما هو الصواب‬ ‫الذي ال يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه‪ ،‬وال أسعى‬ ‫لفرضه على أحد مع اقتناعي به ودفاعي عنه‪ .‬لذلك يالحظ‬ ‫القراء‪ ،‬كما ال حظ أخي قنديل‪ ،‬أني أستعمل في مقالتي موضوع‬ ‫هذه المناقشة َ‬ ‫الفعل «أظن» فال أقطع الظن باليقين‪ ،‬وأختم‬ ‫كالمي بالقول «واهلل أعلم» ليقيني بأني بشرٌ أصيب وأخطئ‬ ‫وبأن الحق قد ال يكون مع شخص واحد‪ ،‬بل مع أفراد كثيرين‪.‬‬ ‫انطالقا من ذلك ختمتُ مقالتي «نزوال عند رغبتك أم‬ ‫صعودا إليها؟» بهامش لم يُشرْ إليه أخي قنديل‪ ،‬وأنقله هنا‬ ‫بنصه الكامل وهو‪« :‬يمكنُ القارئَ الذي لم يُعجبْه المفعوالن‬ ‫َ‬ ‫يَعْدِل عنهما إلى مفاعيل أخرى‬ ‫ألجلهما (صعودا ونزوال) أن‬ ‫كـ(استجاب ًة)و(تلبي ًة)و(تحقيقاً)»‪.‬‬ ‫ولم أضع ذاك الهامشَ إال إليماني بحق الناس في‬ ‫االختالف‪ ،‬وحق كل فردٍ أن يختار ما تَطربُ له نفسُه من‬ ‫األلفاظ والعبارات الصائبة الرائقة‪ ،‬ولرغبتي في عدم تضييق‬ ‫مجال القول بمحاولة فرض عبارة واحدة دون غيرها؛ فمَنْ‬ ‫شاء قال «استجاب ًة لرغبتك فعلتُ كذا»‪ ،‬ومَنْ شاء قال «تلبي ًة‬ ‫لرغبتك (أو لطلبك) فعلتُ كذا»‪ ،‬ومَنْ شاء قال «تحقيقا لرغبتك‬ ‫فعلت كذا»‪ .‬ولم يكن قصدي وأنا أكتب مقالتي أن أُلزمَ أحدا‬ ‫بالعدول عن العبارة «نزوال عند رغبتك فعلت كذا» إلى العبارة‬ ‫«صعودا إلى رغبتك فعلته»‪ ،‬مع اقتناعي بصواب هذا التعبير‬ ‫وحجاجي دفاعا عنه‪ .‬وإنما هو اختيارٌ شخصي قد يوافقني عليه‬ ‫بعضُ الناس وسيخالفني بعضُهم‪ ،‬وتلك سُنة اهلل في الخلق‪،‬‬ ‫ولن تجد لسُنة اهلل تبديال‪.‬‬ ‫خــاتــمـة‬ ‫ختاما أجدد شكري ألخي الكريم األستاذ محمد قنديل على‬ ‫جميل عنايته بكتابي «تصويبات لغوية في الفصحى والعامية»‪،‬‬ ‫وأحييه على مناقشته العلمية لمقال من مقاالته‪ ،‬وأسأل اهلل‬ ‫تعالى أن يحفظني وإياه من كل مكروه‪ ،‬وأن يشرح صدريْنا‬ ‫للعلم النافع‪ ،‬ويجعل الحق بُغيتَنا ومطلبنا الدائم‪ ،‬ويبارك لنا‬ ‫في صداقتنا وأخوتنا‪ ،‬ويجعلها سبحانه خالصة لوجهه الكريم‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬

‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫درد‬ ‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬

‫شة‬

‫أتاني مستفسراً عن أبجديات عقد جمع عام‪.‬‬ ‫فقلتُ له‪ :‬األمر غاية في البساطة‪ .‬فما دُمتَ تتوفر ‪ -‬وأعضا َء جمعيتك ‪ -‬على‬ ‫قانون أساسي‪ ،‬حددتم فيه أهداف الجمعية‪ ،‬وهيكلتها‪ ،‬وشروط االنخراط فيها‪،‬‬ ‫و‪ ،...‬فيمكن أن يكون االنطالق منه‪ .‬فال بد أن يكون هناك بند أو بنود تحدد أو‬ ‫تفصل القول في طريقة عقد الجمع العام‪.‬‬ ‫وبنا ًء عليه أو عليها‪ ،‬يمهد له بتحديد تاريخ ومكان عقده‪ ،‬والتنصيص على‬ ‫ًّ‬ ‫ممثال عنها ليوافيها‬ ‫النقط التي ستثار فيه‪ ،‬وإخبار السلطة المحلية بذلك‪ ،‬لترسل‬ ‫بتقرير في الموضوع‪ ،‬وإرسال الدعوات للمنخرطين‪ ،‬إلشعارهم بموعد االجتماع‪،‬‬ ‫وجدول األعمال‪.‬‬ ‫وغالب ًا ما يقتصر على قراءة التقريرين األدبي والمالي‪ ،‬والمصادقة عليهما‪.‬‬ ‫فإن كانت هناك نقط إضافية‪ ،‬كتكريم‪ ،‬أو تأبين‪ ،‬أو تقديم شهادات‪ ،‬أو عرض‬ ‫شريط‪ ،‬فقد تُضافُ إلى جدول العمل‪.‬‬ ‫والذين لهم خبرة في هذا المجال‪ّ ،‬‬ ‫يركزون على توثيق الجلسة‪ ،‬صوت ًا وصور ًة‬ ‫وكتابة‪ ،‬ويخصون المدعوين بالئحة‪ ،‬يسجل فيها ُّ‬ ‫كل مدعوّ اسمه‪ ،‬وصفته‪ ،‬ورقم‬ ‫هاتفه‪ ،‬وتوقيعه‪ ،‬لتشكل شهادة جماعية لمن حضر‪ ،‬ولتظل وثيقة في خزائن‬ ‫الجمعية‪ .‬فالجمعُ ‪ -‬أيُّ جمع ‪ -‬يعرف ويُوزَن بعدد الحاضرين فيه‪ ،‬ومكانتهم‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫تستهل بكلمة ترحيبية‪ ،‬يلقيها‬ ‫والجموعُ كلها‪ ،‬سواء كانت عامة أو خاصة‪،‬‬ ‫رئيس الجمعية أو رئيس الجلسة‪.‬‬ ‫فإذا كان الجمع العام‪ ،‬هو المقصود بالسؤال‪ ،‬فإن الكاتب العام يجب أن يلقي‬ ‫هو أو من ينوب عنه‪ ،‬التقرير األدبي الذي يكون جامع ًا مانع ًا لجميع األنشطة التي‬ ‫تنظمها الجمعية في الفترة الفاصلة بين الجَمعين العامَّين الفارط والحالي‪.‬‬ ‫ثم يأتي دورُ أمين المال‪ ،‬ليلقي هو اآلخر تقريره المالي الذي َ‬ ‫يفصل فيه‬ ‫مداخيل ومصاريف الجمعية في هذه الفترة‪ ،‬والرصيد الذي تتوفر عليه‪.‬‬ ‫والوثيقتان‪ ،‬ال بد أن تُكتبا بعناية وتدقيق‪ ،‬لتُدلي بهما الجمعية للدوائر‬ ‫المسؤولة‪ ،‬في حالة طلب منحة‪ ،‬أو تجديد مكتب‪ ،‬أو تعديل في بنود القانون‬ ‫األساسي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وسهل وميسرٌ‪ ،‬يسيرُ وفق القانون‬ ‫بسيط‬ ‫األمرُ – كما رأيتَ عزيزي السائل –‬ ‫َ‬ ‫وَصل إيداع‪،‬‬ ‫الذي أودعته الجمعية لدى السلطات المعنية‪ ،‬وتسلمتْ في مقابله‬ ‫يسمح لهَا بمُمارسة عملهَا الجمعويّ بهمة ونشاط‪.‬‬ ‫قبل ومن بعدُ‪ٌ ،‬‬ ‫واألمرُ من ُ‬ ‫عمل تطوعيٌّ‪ ،‬يقصدُ به وجهُ اهلل‪ ،‬ويستهدفُ‬ ‫خدمة الصالح العام‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫كم تسحره الصور الرومانسية الحالمة للدراجات الهوائية‪ ،‬وهي‬ ‫تنساب خفيفة براكبيها في حقول القرية‪ ،‬أو كورنيش البحر أو النهر‪،‬‬ ‫أو تحت أضواء المدينة الخافتة‪ ،‬لذلك التصقت لديه هذه الوسيلة‬ ‫الصافية للنقل كما للترفيه والمتعة بالهدوء والسكينة‪ ،‬وضبط‬ ‫األعصاب والتريث‪ ،‬وعندما يصادف إحدى هذه الدراجات تساق كما‬ ‫الدراجات النارية باندفاع وكأنها تروم الطيران لو كان لها جناح‪،‬‬ ‫يضطرب وينقبض قلبه ألنه يعرف أن الخطر يحدق بصاحبها أو بغيره‬ ‫عاجال أم آجال إذا لم ترد األلطاف اإللهية القدر‪.‬‬ ‫كانت لرفيق رغم هذا اإلعجاب بالدراجة الهوائية عقدة منها‪،‬‬ ‫لكنه حرص كل الحرص على تعليم أبنائه ركوبها في الطفولة المبكرة‬ ‫بالتدريج الذي أصبح كالعادة عند جميع األسر التي لها أبناء‪ ،‬وكان‬ ‫يتملى أبناءه بانتشاء وهم يرتقون في سلم ضبط أسرار التوازن‪ ،‬كما‬ ‫االرتقاء من الحبو إلى المشي المتقطع حتى المشي الصريح‪ ،‬فيكبرون‬ ‫في عينه مع إحساسه بأنه قد ساعدهم وساعد نفسه على تخطي‬ ‫عقدته التي تضمر جرحا عميقا‪.‬‬ ‫الجرح كبر معه‪ ،‬فندوبه الزالت مرسومة كالوشم على ذقنه‬ ‫الرقيق وشفته الباسمة؛ لم يكن قد تجاوز الرابعة أو أكثر أو أقل من‬ ‫عمره‪ ،‬فجسده الغض لم يكن ليتحمل تلك الصدمة المبكرة‪ ،‬بل إن‬ ‫هذه الصدمة أفقدته وعيه حتى أنه لم يعد يتذكر كيف حدث ما حدث‬ ‫وأين ولماذا !‪ .‬المدينة كانت صغيرة ويتعارف أفرادها كما سكان الحي‬ ‫الوحيد‪ ،‬وأسرته لم تكن مجهولة‪ .‬أوصله أحدهم إلى بيت أهله كمن‬ ‫يوصل أي أمانة إلى أهلها‪ ،‬تقاطرت عليه أسئلة أبويه‪ ،‬رحمهما اهلل‪،‬‬ ‫وهما تحت هول ما أصاب فلذة كبدهما آخر العنقود‪ ،‬بل إن األسرة كلها‬ ‫ارتعبت‪ ،‬لم يكن رفيق يعثر على جواب ألي سؤال يطن في أذنيه ثقيال‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫كالجبل‪ ،‬كان جوابه على جميع األسئلة‪ :‬ال أعرف؟‪ ،‬ولحد اآلن هو ال يعرف‬ ‫كمن تغلبه نار الكؤوس الزائدة‪.‬‬ ‫في يوم ما وقد تقدم به العمر‪ ،‬وانتعشت فطنته‪ ،‬حكت له أخته‬ ‫القريبة منه‪ ،‬أن أسرته تقدمت بشكاية للمصالح المعنية‪ ،‬فربما كان‬ ‫ما كان بسبب تهور السائق الشاب الذي لم يأخذ حذره في مدينة‬ ‫تضاريسها الصاعدة النازلة تسببت في مآسي مرة لراكبي الدراجات أو‬ ‫للمارة أو لهما معا‪ ،‬لم يكن ألسرته ميل إلى الجدال والصراع‪ ،‬و هي‬ ‫باقية على هذه الحال‪ ،‬كما لم تكن متعودة على التسكع في دهاليز‬ ‫اإلدارات المملة المتعبة‪ ،‬فكان الصلح خيرا بعد مساعي أب الشاب‪.‬‬ ‫ينظر رفيق في المرآة كل مرة قبل أن يخرج من بيته‪ ،‬يحمل‬ ‫ندوبه معه رغم تواريها أينما ولى وجهه‪ ،‬فقد قر في نفسه قلق من‬ ‫كل خطوة يخطوها خارج عتبة الباب‪ ،‬ويزيد هذا القلق المقيم في زمن‬ ‫كثر هرجه ومرجه‪ ،‬وقد انحاز عقله مقاومة أن يتيه في عوالم األحالم‬ ‫والقصص واألفكار ويحلق في حفريات الذكريات‪ ،‬لكن رفيق يحلم دائما‬ ‫لو كانت له قدرة أن يتيه في عوالمه وذكرياته وهو يدير دواستي‬ ‫دراجته الهوائية بانسياب خفيف على ضفاف األنهار والبحار والوديان‪،‬‬ ‫وبين الغابات و الحقول واألشجار‪ ،..‬إنه محروم من هذه المتعة منذ‬ ‫صدمة الطفولة‪ ،‬ويعصره األلم الذي تضاعف بحرقة افتقاده لدعوات‬ ‫أمه العفوية‪ ،‬الصادقة والناصعة‪ ،‬وللصوت الجبلي الرخيم ألبيه المرتل‬ ‫للكتاب عند بزوغ كل فجر في هذا الشهر المبارك الكريم وغيره من‬ ‫أيام اهلل‪.‬‬ ‫انتهى من كتابة قصة صدمته‪ ،‬فلف هدوء الفجر مكتبته الصغيرة‪،‬‬ ‫مسد ذقنه متأمال في الفراغ‪ ،‬آمال أن يكتب له نسج قصص أخرى لعلها‬ ‫تسعفه في استكمال ما تبقى من الطريق‪..‬‬

‫مع كتاب اهلل‪..‬‬ ‫)‪(2/1‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫تنوير أول ‪:‬‬ ‫اهتداء بما ورد في كتاب اهلل العزيز من توجيه‬ ‫نحو تالوته بمنطق تدبري واتباعي ـ كما يتضح من‬ ‫معنى قوله تعالى ‪ « :‬الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق‬ ‫تالوته« ـ نص الفقهاء على آداب تالوة القرآن الكريم؛‬ ‫من ذلك ‪:‬‬ ‫• اشتراط الطهارة‬ ‫• االستعاذة باهلل من الشيطان الرجيم‬ ‫• انتهاج ترتيل يساعد على التدبر‬ ‫• اتباع ترتيب المصحف الشريف‬ ‫• السجود في مواطن السجدات‬ ‫• اتباع ما في القرآن الكريم من نهي وأمر وترغيب‬ ‫وترهيب‬ ‫أستدعي في هذا السياق الداللي ثالث قوالت لمحيي‬ ‫الدين ابن عربي وردت األولى والثالثة في الفتوحات‪،‬‬ ‫والثانية في الفصوص ‪:‬‬ ‫األولى ‪ « :‬إذا قرأت القرآن ‪ ،‬فكن أنت القرآن ؛ لما‬ ‫في القرآن‪.»..‬‬ ‫الثانية ‪« :‬وال يعرف ما قلناه إال من كان قرآناً في‬ ‫نفسه‪.»..‬‬ ‫الثالثة ‪ « :‬فمن أراد أن يرى رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم ؛ ممن لم يدركه من أمته ‪ ،‬فلينظر إلى القرآن ؛‬ ‫فاذا نظر فيه ‪ ،‬فال فرق بين الناظر إليه وبين الناظر إلى‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ؛ فكأن القرآن انتشأ‬ ‫صورة جسدية يقال لها ‪ :‬محمد بن عبد اهلل بن عبد‬ ‫المطلب ‪ ..‬والقرآن كالم اهلل ؛ وهو صفته ‪ ،‬فكان محمد‬ ‫صفة الحق»‪.‬‬ ‫تنوير ثان ‪:‬‬ ‫سمي القرآن الكريم بخمسة وخمسين اسما وصفة‪..‬‬ ‫وسماه رب العالمين بأربعة أسماء في آية واحدة ‪:‬‬ ‫«صحف مكرمة مرفوعة مطهرة»‪.‬‬ ‫وورد لفظ القرآن في المصحف الشريف نحو سبعين‬ ‫مرة‪.‬‬ ‫تنوير ثالث ‪:‬‬ ‫القرآن الكريم من الوجهة الشرعية ‪:‬‬ ‫• وحي إلهي‬ ‫• معجز بأسلوبه‬ ‫• منزل على نبيه الكريم بواسطة الملك جبريل‪.‬‬ ‫تنوير رابع ‪:‬‬ ‫دامت مدة نزول القرآن الكريم ثالثة وعشرين عاما‪،‬‬ ‫وكان نزوله منجما ؛ بمعنى مفرقا حسب أسباب النزول‬ ‫ودواعيه‪..‬‬ ‫والحكمة في نزوله منجما تؤكد ‪:‬‬ ‫• استمرار الصلة بالنبي صلى اهلل عليه وسلم من‬ ‫لدن ربه‪.‬‬ ‫• مخاطبة األمة على سبيل التدرج في ‪:‬‬ ‫ـ إيجاب الطاعات‬ ‫ـ فرض الفرائض‬ ‫ـ ترسيخ العقيدة‬ ‫ـ توطين مكارم األخالق‬ ‫ـ ربط القرآن الكريم بالحوادث والنوازل‬ ‫ـ تأكيد إعجاز القـــرآن الكريم ؛ بانتظــام نزولـه‬ ‫بالمستوى ذاته من اإلعجاز‪.‬‬ ‫(يتبع)‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 995‬ـ الثالثـاء ‪ 28‬مـاي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫حوار مع‬ ‫املمثل ال�سينمائي‬

‫محمد بوصبع‬ ‫السي محمد كيف تمــت أول مـرة‬ ‫عملية التقائك بالسينما كفنان؟‬

‫قواعد اللعبة‬ ‫• محمد عابد‬

‫ج) طبعا كانت االنطالقة من ‪ 2011‬مع‬ ‫الفيلم الطويل حياة اآلخرين لمخرجته بوشرى‬ ‫بلواد الذي كانت لي اول تجربة سينمائية نالت‬ ‫إعجاب المتتبعين بعد عرضه ما قبل االول في‬ ‫مسرح محمد الخامس بالرباط واألجمل من ذالك‬ ‫نلت إعجاب المشاهدين للفيلم بعد عرضه في‬ ‫المسابقة الرسمية في المهرجان الوطني للفيلم‬ ‫بطنجة وخصوصا من بعض المخرجين الذين‬ ‫هنووني كحسن بنجلون ونبيل لحلو وكذلك‬ ‫بعض النقاد منهم االستاذ عمر بلخمّار الذي‬ ‫قال لي بهذه العبارة ‪(( :‬فاين كنتِ مخبع؟ نحن‬ ‫محتاجون لوجوه مثلك)) فأخذتها كشهادات اعتز‬ ‫بها دائما‪.‬‬ ‫لكن الفضل في كل هذا راجع لألستاذة والفنانة‬ ‫والسيناريست وكاتبة كلمات والطبيبة النفسانية‬ ‫الصديقة سمية عبدالعزيز هي اول من اكتشفني‬ ‫ودفعتني للميدان ‪ .‬والصدفة الجميلة هي مشاركتي‬ ‫المتواضعة في سلسلة دارت ليام البراهيم الشكيري‬ ‫وحكيم القباب التي كانت تبث على قناة ميدي‪١‬تيفي‬ ‫والتي كانت من قصة االستاذة سمية عبدالعزيز ولم‬ ‫يكن احد منا يعلم‪.‬‬ ‫ما هو الفيلم الذي تجده أقرب إلى نفسك؟‬

‫بطاقةتقنية‪:‬‬ ‫البلد‪ :‬فرنسا‬ ‫إنتاج ‪ :‬سنة ‪1939‬‬ ‫سيناريو وإخراج ‪ :‬جان رونوار‬ ‫تصوير‪ :‬جان باشليه‬ ‫موسيقى‪ :‬روبرت ديزورومير‪-‬جوزيف كوزما‬ ‫الممثلون الرئيسيون‪ :‬جاستون مودو –‬ ‫مارسيل داليو‪ -‬جان رينوار‪ -‬نورا جريجور‪.‬‬ ‫يعتبر المخرج السينمائي جان رينوار من‬ ‫بين أهم السينمائيين الفرنسيين ‪،‬الذين‬ ‫اضطلعوا بأدوار مهمة في خلق دينامكية‬ ‫سينمائية‬ ‫ببلده‪ ،‬كما أنه أحـــد أعمــدة السينمـــا‬ ‫المناضلة في عصره‪.‬‬ ‫وفيلم «قواعد اللعبة» ‪ ،‬رغم مرور سنوات‬ ‫عديدة على ظهوره ‪ ،‬مازال يحظى بالحضور‬ ‫والبرمجة في المهرجانــات العالمية ضمن‬ ‫فقراتها ‪ ،‬كما أن المهتمين بالحقل السينمائي‬ ‫‪،‬دراسة ونقدا وتدريسا ‪ ،‬يعتمدونه كمرجع‬ ‫أساسي حسب هدف كل متخصص‪.‬‬ ‫تعرض الفيلم عند عرضه أول مرة لرد فعل‬ ‫عنيف من طرف المشاهدين والنقاد والموزعين‪،‬‬ ‫نظرا النتقاده الالذع للطبقة النافذة والحاكمة‬ ‫بالمجتمع الفرنسي‪ .‬ومع مرور الزمن أصبح‬ ‫تحفة فنية‪ ،‬وإضافة نوعية للتاريخ السينمائي‪،‬‬ ‫ولهذا االعتبار‪ ،‬تم تجديد النسخة األصلية سنة‬ ‫‪ 1965‬بتقنيات حديثة‪ ،‬كي يحافظ الشريط على‬ ‫جودته‪.‬‬ ‫يحكي الفيلم قصة حفلة من الحفالت‬ ‫المنزلية ‪ ،‬التي ينظمها علية القوم من المجتمع‬ ‫الفرنسي ‪ ،‬حيث الخيانات الزوجية ‪ ،‬والنفاق ‪،‬‬ ‫والمكر والغدر ‪.‬وسط أجواء الحفلة ‪ ،‬يكون من‬

‫بين الحضور رجالن لم يحسنا أصول اللعبة ‪،‬‬ ‫لينتهي بهما المطاف ضحيتان‪ ،‬فالطيار يحب‬ ‫صاحبة المنزل‪ ،‬وحارس الطرائد تربكه تصرفات‬ ‫زوجته المثيرة ‪ ،‬ويحرك لديه الغيرة ‪.‬‬ ‫عبر هاتين الشخصيتين يضعنا المخرج أما‬ ‫زيف العالقات التي تسود المجتمع ‪ ،‬والمبنية‬ ‫على النفاق والخيانة الزوجية واألحاسيس‬ ‫الكاذبة‪ ،‬ومن خاللهما نتفرج على واقع موبوء‬ ‫وال قيمة فيه للقيم النبيلة ‪ ،‬وتتعمق الرؤية‬ ‫أكثر عندما نكتشف أن الطيار وحارس الطرائد‬ ‫يشكالن حالة نشاز وسط الحاضرين ألنهما ال‬ ‫يعتبران الحب مجرد لعبة‪ ،‬بل قيمة نبيلة ‪.‬‬ ‫هكذا أصبحا في نظر باقي الحاضرين خطرا‬ ‫يهدد الواجهة الكاذبة التي صنعوها في أذهان‬ ‫اآلخرين ‪ ،‬وسينفضح أمر فسادهم األخالقي‬ ‫للجميع‪.‬‬ ‫ومن بين المشاهد الجميلة والقوية في‬ ‫أن واحد ‪ ،‬هي حفلة الصيد ‪ ،‬التي من خاللها‬ ‫يغوص المخرج في دواخل الشخصيات ويعريها‬ ‫‪،‬فتبدو أمامنا على حقيقتها وهي تتسلى بقتل‬ ‫الحيوانات ‪ ،‬وتتلذذ بمنظر الطرائد وهي تترنح‬ ‫والدماء تقطر منها‪ :‬يا لها من تسلية قاسية‬ ‫‪.‬وبعد مذبحة الحيوانات ‪ ،‬تنطلق في المساء‬ ‫حفلة راقصة ‪ ،‬لتتحول إلى رقصة للموت‪،‬‬ ‫وتسقط كل األقنعة ‪،‬وتطفو على السطح األلوان‬ ‫المزيفة والرغبات الفارغة ‪.‬‬ ‫إن فيلم قواعد اللعبة ‪ ،‬هو إدانة صارخة‬ ‫للطبقة الفرنسية الحاكمة‪ ،‬اللتي كانت سببا في‬ ‫تردي األوضاع إبان اندالع الحرب في أوروبا‪،‬لهذا‬ ‫السبب وجد الفرنسيون صعوبة كبيرة في ابتالع‬ ‫ما شاهدوه في الفيلم أول مرة ‪ ،‬لكن الصدمة‬ ‫ستزول ‪ ،‬وسيتصالح الفرنسي المهمش والكادح‬ ‫مع صورت مجتمعه الحقيقية ‪.‬‬

‫ج) الفيلم الذي أجده قريبا الى نفسي هو‬ ‫كيليكيس دوار البوم لمخرجه االستاذ عزالعرب‬ ‫العلوي لمحارزي والذي شخصت فيه دور الكولونيل‬ ‫بمساحة الباس بها لكن بظهور أبهر المشاهدين‬ ‫في جميع مناسبات عرضه الشيء الذي جعل بعض‬ ‫النقاد الذين تابعوا العرض سواء في ما قبل االول‬ ‫بالرباط وخصيصا في المهرجان الوطني للفيلم‬ ‫بطنجة يصفونني بالمفاجأة السارة التي ذكرتهم‬ ‫بالملك الراحل الحسن الثاني مما يدل على مدى إتقان‬ ‫الدور كما اراده المخرج‪ .‬هذا الفيلم ألقى استحسانا‬ ‫لدى النقاذ عبر العالم لجدية موضوعه ولمصداقية‬ ‫ابطاله فهو قد ترشح واختير في مهرجانات عالمية‬ ‫للمشاركة الرسمية وجب علينا ذكرها وهي كالتالي‬ ‫‪ :‬الجزائر ومصر وفرنسا وإسبانية وإطاليا وأمريكا‬ ‫وإنجلترا والبنغالديش وسويسرا والهند والنمسا‬

‫والبوركينافاصو وروندا وكندا ومهرجان أمنيستي‬ ‫بفرنسا ومهرجان سانت ديكو بكاليفورنيا ومهرجان‬ ‫جنيف الدولي للفيلم الشرقي وال زال لحد االن لم‬ ‫يعرض في القاعات السينمائية المغربية وانا واثق‬ ‫من انه سيلقى استحسانا لدى الجمهور المتعطش‬ ‫لمثل هده االفالم‪.‬‬ ‫هذا فيما يخص االفالم السينمائية ‪ ،‬لكن‬ ‫لن أنسى فضل االفالم التلفزية على تعريفي لدى‬ ‫الجمهور المغربي داخل وخارج الوطن‪ .‬وهنا اذكر‬ ‫اول عمل لي في فيلم تلفزي وهو للمخرج ابراهيم‬ ‫الشكيري بعنوان ‪-‬لمحبة الزايدة‪-‬نال إعجاب الجمهور‬ ‫الذي اكتشفني وبسببه فقدت ‪ .l’anonymat h‬جاء‬ ‫من بعده الفيلم التلفزي لمخرجه عبدالحي العراقي‬ ‫بعنوان ‪-‬حبائل العنكبوت‪ -‬والذي زادني حبّا من‬ ‫جمهور شاسع من كل المستويات‪ ،‬ومما يثلج صدري‬ ‫هي تلك العينة المثقفة كأساتذة جامعيين‪ ،‬كتاب‪،‬‬ ‫شعراء يعتبرون أدواري لها قيمتها المضافة فنيا‬ ‫ويسألونني عن الجديد وهذا جميل ومشجع ‪.‬‬ ‫ما هو األمر الطريف الذي يطبع عالقتك‬ ‫بالسينما؟‬ ‫ج) من بين الطرائف ‪ ،‬كنا بصدد تصوير‬ ‫فيلم قصير مع المخرج الشاب علوان منير ‪ :‬في‬ ‫مشهد البني هو يمتطي عربة يجرها حصان ابيض‬ ‫وصاحبها يرتدي مالبس قديمة ثم أوقفنا التصوير‬ ‫من اجل تناول وجبة الغداء‪ .‬ولما عدنا إلتمام المشهد‬

‫وإذا بصاحب العربة رجع الى البالطو وهو قد غير كل‬ ‫شيء من مظهره بعدما ذهب الى الحمام وحلق رأسه‬ ‫ولحيته وارتدى مالبس جديدة بل غير حتى الحصان‬ ‫والعربة ظانا انه في التصوير السابق لم يكن على‬ ‫استعداد عندما طلب منه المشاركة في العمل‪ .‬وهنا‬ ‫طرح مشكل الرّاكور!‬ ‫ما طبيعة عالقتـــك بالمخـرج أثناء‬ ‫العمل؟‬ ‫طبيعة عالقتي بالمخرج اثناء العمل هي طبيعة‬ ‫التلميذ باألستاذ ‪ ،‬فانا احرص على ان ال أتدخل في‬ ‫تعليمات المخرج واطبق حرفيا ما يريده في إدارة‬ ‫الممثل إ ّال إذا طلب مني ان أدلي برأيي او ان ارتجل او‬ ‫ان اتصرف بحريتي في دوري‪ ،‬وعلى العموم إذا اقتنعت‬ ‫بالدور او إذا كان قد نودي على بقناعة من المخرج‬ ‫فاألجواء البد ان تمر بمهنية عالية وبتفاهم تام وهذا‬ ‫هو المطلوب‪.‬‬ ‫ما هو تقييمك للسينما المغربية اآلن؟‬ ‫تقييميللسينماالمغربية‬ ‫هل نتكلم عن الكم او الكيف؟ فالكل على علم‬ ‫بما يجري في بالدنا في هذا المجال‪ .‬وباختصار شاد‪،‬‬ ‫ما زالت أفالمنا تتخبط في ما هو حالل او حرام‪ ،‬وما‬ ‫زالت تخضع لخطوط الحمراء تفرض على سينمائييننا‬ ‫الرقابة الذاتية لن نطمح أبدا الى العالمية وستبقى‬

‫أفالمنا تنتج من اجل المشاركة في المهرجانات‬ ‫والبعض منها لن يعرض اال في ما تبقى حاليا من‬ ‫القاعات المغربية ‪ .‬ثم السؤال الذي يطرح نفسه‪،‬‬ ‫بغض النظر عن هده المعيقات ‪ ،‬هل أفالمنا سبق لها‬ ‫ان أنتجت نجوم عالميين؟ لألسف حتى ما لدينا من‬ ‫نجوم ال تسند لها في االفالم األجنبية اذا صورت في‬ ‫المغرب اال ادوار تكاد تمر دون اثارة االنتباه بالنسبة‬ ‫للمثل المغربي او نادرا‪ .‬إذن من المسؤول ؟‬ ‫ما رأيك في ما يجري في التلفزيون‬ ‫المغربي فنيا؟‬ ‫ج) ما يجري في التلفزيون المغربي فنيا بالنسبة‬ ‫للمنتوج الدرامي يقع له ما يقع لألفالم السينمائية‬ ‫معمولة للمستهلك الداخلي ليس إ ّال‪ .‬وبهذا الشكل‬ ‫لن نصدر اعمالنا لقنوات اجنبية حتى ولو كانت‬ ‫عربية‪ .‬ولهذا رأيي لن يكون مختلفا عن آراء كل‬ ‫المشاهدين ‪ .‬فانا اقدر كل المجهودات التي يقوم بها‬ ‫كل الطاقم التقني والفني وخصوصا الممثلين الذين‬ ‫يتحملون عبأ كل ما يتطلبه آداء الدور‪ .‬طبعا لقمة‬ ‫العيش تفرض كثرة الظهور لبعض الوجوه المحترمة‬ ‫والتي استهلكت في اعمال كثيرة ان لم نقل في كل‬ ‫االعمال بل حتى في االشهار وهذا قد يسبب في‬ ‫عزوف المشاهد لكن لكل له عذره وظروفه‪.‬‬ ‫كيف تنظر إلى النقـد السينمائي؟‬ ‫رايي في النقد السنمائي ‪ ،‬انا لست مؤهال ليكون‬ ‫عندي رأي في النقد السينمائي المغربي ‪ ،‬فالناقد‬

‫له ما يكفي من المؤهالت ليكون كذلك‪ ،‬فهو يرى‬ ‫العمل من كل الجوانب وقد تكون لديه مقاييس انا‬ ‫ال اعرفها‪ .‬لكن من خالل تطلعاتي لبعض اآلراء لدينا‬ ‫نقاد في المستوى غالبا ما يفقدون صديق او صديقة‬ ‫عندما يتجرؤون بكل موضوعية على نقد عمل ما من‬ ‫أعماله حتى ولو كان النقد بنّاءاً وهم قليلون مع العلم‬ ‫ان بعض تدخالتهم في حوارات عبر الصحافة المراية‬ ‫او الورقية او إذاعية يجب قرائتها بين السطور حفاظا‬ ‫على العالقات الشخصية التي قد تربطه بصاحب‬ ‫العمل‪ .‬فبالمقابل ‪ ،‬وهذا يزعجني‪ ،‬عندما يكون النقد‬ ‫من اجل الضرب تحت الحزام لغرض في نفس يعقوب‬ ‫والذي قد يادي ذالك الى كالشات ال تنتهي وتسيء‬ ‫الى العمل عن قصد ال لشيء اال لحسابات شخصية‪.‬‬ ‫وبعيدا عن كل هذا وذاك‪ ،‬فيجب قبل كل ان تكون هنا‬ ‫مادة قابلة للنقد ‪ .‬زمان كانت اإلنتاجات قليلة ونقاد‬ ‫كثر واالن اإلنتاجات كثرت نسبيا بمعدل عشرين فيلما‬ ‫سنويا والنقاد قليلون هذا إذا ما تكلمنا عن السينما‪.‬‬ ‫ما العمل الفني الذي يتمنى أن ينجزه محمد‬ ‫بوصبع ولم ينجزه لحد اآلن؟‬ ‫المخرجين الذين ساهموا في ظهوري‬ ‫طبعا تبقى االفالم الطويلة او القصيرة محصورة‬ ‫في جمهورها الخاص وعددهم محدودا‪ .‬لكن التلفزة‬ ‫تلعب دور كبير في إبراز الممثلو هنا اذكر اول‬ ‫المخرجين الذي تاق بي وهو السي ابراهيم الشكيري‬

‫واكثر أعمالي كانت معه كمسلسل دارت ليام الذي‬ ‫كانت تبثه القناة ميدي‪١‬تيفي‪ ،‬ثم مسلسل أربعة‬ ‫من الربعين ثم مسلسل حديدان في كيليز ثم فيلم‬ ‫تلفزي لمحبة الزايدة ثم اخيرا فيلم سينمائي سعيدة‬ ‫ومسعود وسعدون الذي ال زال حاليا في القاعات‬ ‫المغربية‪ .‬تعاملت كذلك مع مخرجين آخرين منهم‬ ‫عادل الفاضلي ويونس الركاب في مسلسل شيب‬ ‫وشباب ‪ ،‬ثم مع المخرجة زكية الطاهري في مسلسل‬ ‫نعام االال ثم مع المخرج ياسين فنان في مسلسل‬ ‫حياتي الخ‪.‬‬ ‫أما سينمائيا عملت مع المخرج ادريس اشويكة‬ ‫في فيلم فداء ومع محمد اسماعيل في فيلم إحباط‬ ‫مع محمد عهد بنسودة في فيلم البحث عن السلطة‬ ‫المفقودة ثم مع عزالعرب العلوي لمحارزي في فيلم‬ ‫كيليكيس دوار البوم‪ .‬هذا بالنسبة لألفالم الطويلة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لألفالم القصيرة بدات مع المخرج‬ ‫محمد كومان في فيلم الطفل والخبز وفي دوار‬ ‫السوليما السماء المدير والمفاجئة لعلوان منير‬ ‫والمسرحية لخالد الضواش الخ‪...‬‬ ‫و من آخر أعمالي ‪ ،‬اشتغلت مع المخرج‬ ‫عبدالسالم الكالعي في مسلسل عين الحق الذي بث‬ ‫اخيرا ويعاد بثه حاليا على القنات الثانية ‪ 2M‬ثم آخر‬ ‫آخر أعمالي مشاركة متواضعة في فيلم تلفزي ‪-‬قلبي‬ ‫بغاه‪ -‬للمخرج هشام الجباري والذي سوف يبث على‬ ‫القناة الثانية في هذا رمضان‪.‬‬ ‫تحياتي هل نكتفي بهذا القدر؟‬


‫العدد ‪995‬‬

‫الشمال الفني‬

‫�إلى معتز الإمام يف خلوته املجيدة‬

‫بق�ص ل�سانك �أو ًال”‬ ‫“�إذا �أردت �أن تر�سم‪� ،‬إبد�أ ِ ّ‬

‫هل الكالم عدو الصباغة‪ ،‬ألنه يناقض‬ ‫روحها الذي هو الصمت‪ ،‬كان محمود درويش‬ ‫يكتب الرسائل لصديقه سميح القاسم‪ ،‬ومرة قال‬ ‫إن الرسائل تأكل من مادة الكتابة اإلبداعية‪ ،‬وأنا‬ ‫أقول لك ياصديقي نفس الشيء ‪،‬إن هناك أشياء‬ ‫أخرى تأكل من رصيد الصباغة واالبداع بصفة‬ ‫عامة كالكتابة والوظيفة وااللتزام العائلي او‬ ‫السياسي او االجتماعي‬ ‫الصباغة التحتمل الكالم‪ ،‬أن تشيح بنظرك‬ ‫إلى شيئا آخر غيرها‪ ،‬كل تلك األشياء تأكل من‬ ‫رصيد الصباغة وتبطأ حصولها‪ ،‬الكلمة التى‬ ‫تناسب الصباغة هي التفرغ التام الخالي من‬ ‫اي تشويش على السمع والنظر‪ ،‬ألن الصباغة‬ ‫كالمرأة ال تغار فقط بل تنتقم لنفسها صدقني‬ ‫الصباغة اذا لم تخلص لها تنتقم منك‪ ،‬وتجعلك‬ ‫عرضة للشفقة ‪...‬‬ ‫أنا أحب الرسم وهذا كل مافي األمر‪ ،‬أحب‬ ‫الرسم مثل األطفال‪ ،‬ال أرسم كطفل كبير لست‬ ‫عفويا مثلهم‪ ،‬ولكن أستطيع أن أقول انني‬ ‫احاكيهم واتحايل على التلقائية لكسر رتابة‬ ‫العقليالصارمة‪.‬‬ ‫بالنسبة لمعرضي األخير‪ :‬إعادة تدوير‬ ‫األنقاض‪ ،‬كل ما في األمر أنني أحاول أن أتجاوز‬ ‫الصباغة ك ُل ْقية ‪ trouvaille‬واستكمل ما أعثر‬ ‫عنه اثناء الرسم ‪ .‬األمر ال يتعلق ب ‪recyclage‬‬ ‫«الرسكلة » ‪ :‬إعادة تكريرالمواد‪ ،‬أي بتأويل تقني‬ ‫أو علمي لمعنى تدوير‪ ،‬ولكنه أبعد قليال وأعمق‪،‬‬ ‫إذ يتعلق الموضوع بمفهوم بصري وفلسفي‬ ‫صرف‪ ،‬فالمعالجة تتم بصريا‪ ،‬كيف يمكن أن‬ ‫تبني على األنقاض‪ ،‬أنقاض األشياء أو اللوحة‬ ‫المخربة ! هل يصح ذلك أم األمر مجرد رؤية‬ ‫نظرية وفلسفية‪ ،‬في اإلجابة عن هذه األسئلة‬ ‫صباغيا وتشكليا وفي هذا التمرين البصري تتم‬ ‫العملية‪ ،‬الفوضى البصرية تطلق يدي وتحرر‬

‫ـ هرني ماتي�س ـ‬

‫خيالي‪ ،‬من تمثالت الواقع ومالمحه‪ ،‬كل شيء‬ ‫مدمر أمامي وعلي إعادة بناءه وفق تمثالت‬ ‫ومالمح جديدة‪ ،‬كما أحاول أن أتجنب به سؤال‬ ‫الموضوع الرتيب ‪ ،‬األمر أشبه بالعودة إلى‬ ‫أصول الشيء والبناء على ما وجدت حتى أصل‬ ‫إلى مافعلت أنا‪ ،‬استكمال الفوضي هو استثمار‬ ‫لحادثة الرسم والبناء عليها‪ ،‬هذا االنوع من‬ ‫االشتغال يسمح لي بالعبور من حالة الحادثة‬ ‫‪ accident‬وضياع العمل إلى النفاذ إلى جوهر‬ ‫األشياء والجانب الخالص في العمل إلنقاذه‬ ‫واعادة ترتيبه وبعث الروح فيه‪.‬‬ ‫موالنا الجميل‪ ،‬المحبات الزكيات‪.‬‬ ‫عبداهلل الهيطوط‪ ،‬سال الجديدة‬ ‫‪ /19‬ديسمبر ‪2016‬‬

‫املغربية عزيزة جالل‬ ‫تطل على اجلمهور بعد ثالثة عقود من ال�صمت واالعتزال‬ ‫• عبد الرحيم الخصار‬ ‫بعد أكثر من ثالثين سنة من الغياب‪ ،‬عادت‬ ‫الفنانة المغربية الكبيرة عزيزة جالل لتحرك الحنين‬ ‫في قلوب عشاقها‪ ،‬وذلك عبر ظهورها على قناة‬ ‫‪ mbc‬أمس األربعاء في يرنامج «اللقاء من الصفر»‪،‬‬ ‫لتغني مقطعا من أغنيتها الشهيرة «مستنياك»‪،‬‬ ‫ولتتحدث عن حياتها الفنية‪ ،‬عن البدايات والصعوبات‪،‬‬ ‫واإلنجازات والنجاحات‪ ،‬ثم عن فترة الصمت الطويل‪.‬‬ ‫كان ذلك في حلقة حوارية من حوالي الساعة‪ ،‬من‬ ‫البرنامج الذي يقدمه اإلعالمي السعودي مفيد‬ ‫النويصر للموسم الثالث‪.‬‬ ‫عادت عزيزة جالل إلى زمن الطفولة‪ ،‬إلى االسم‬ ‫الذي منحه لها جدّها‪ ،‬إلى إعجابها بصوت أمها‬ ‫وتأثرها به‪ ،‬وإلى الحديث عن مرضها الذي تسبب‬ ‫لها باكرا في ضعف في النظر‪ ،‬فضال عن الحَوَل‬ ‫الذي كان أقرانها يعيّرونها به خالل مرحلة الطفولة‪،‬‬ ‫ألزمها هذا المرض استعمال النظارة الطبية لسنوات‬ ‫طويلة‪ .‬وبعد إجراء عملية جراحية ناجحة في أمريكا‬ ‫أخبرها األطباء أن بإمكانها إزالة النظارة‪ ،‬غير أنها لم‬ ‫تفعل‪ ،‬ألنها صارت – كما حكت في البرنامج‪ -‬جزءا من‬ ‫شخصيتها‪.‬‬ ‫كما عادت إلى زمن البدايات‪ ،‬حيث طلبت من‬ ‫صديقة ألمها أن ترافقها إلى مقر اإلذاعة والتلفزيون‪،‬‬ ‫من باب الفضول فحسب لتصادف لحظة تسجيل‬ ‫برنامج للمواهب الغنائية‪ ،‬فقدمت نفسها لمنشط‬ ‫البرنامج وطلبت منه أن يسمع صوتها‪ .‬ليتفاجأ بها‬ ‫وهي تغني له اسمهان‪ ،‬وسط إعجاب الحاضرين‪.‬‬ ‫وبالفعل دخلت عزيزة جالل عالم الفن أواسط‬ ‫السبعينات من باب برنامج «مواهب» الذي كان يشرف‬ ‫عليه الملحن المغربي عبد النبي الجيراري‪ ،‬والذي يعود‬ ‫إليه الفضل في اكتشاف ورعاية الكثير من األصوات‬ ‫المغربية التي جايلت عزيزة جالل‪ .‬بدأت بأداء أغاني‬ ‫اسمهان وشادية‪ ،‬وبعض القطع الوطنية التي لحنها‬ ‫لها الموسيقار الرائد أحمد البيضاوي‪ ،‬قبل أن تسافر‬ ‫إلى اإلمارات لتغني للفنان جابر جاسم قطعا اشتهرت‬ ‫بها في تلك الفترة‪ .‬غير أن انطالقتها الحقيقية كانت‬ ‫في القاهرة مع الفنان محمد الموجي الذي كان أول‬ ‫من تعامل معها من الملحنين المصريين‪ ،‬لينتفح لها‬ ‫باب الشهرة بعد أن قدمت مجموعة من األغاني مع‬ ‫كبار الملحنين هناك ‪ :‬رياض السنباطي‪ ،‬بليغ حمدي‪،‬‬ ‫سيد مكاوي‪ ،‬كمال الطويل‪ ،‬وحلمي بكر‪ .‬ويعود‬ ‫الفضل في تلك المرحلة إلى الشاعر الغنائي مأمون‬ ‫الشناوي‬ ‫الذي وجه إحدى شركات اإلنتاج إلى استقطاب‬ ‫عزيزة جالل‪ ،‬بعد سماعه لها وهي تغني اسمهان‪ ،‬هو‬ ‫الذي تنبأ لها بمستقبل فني كبير‪.‬‬

‫لم تخب توقعات الشاعر‪ ،‬وتحولت صاحبة‬ ‫«مستنياك» إلى عالمة كبيرة في تاريخ الغناء العربي‬ ‫المعاصر‪ ،‬بالرغم من قصر مسيرتها الفنية‪ ،‬التي‬ ‫توقفت في منتصف الثمانينات‪ ،‬بعد زواجها برجل‬ ‫األعمال السعودي الشيخ علي بن بطي الغامدي ‪.‬‬ ‫كتب الشناوي في البداية أغنيتين لعزيزة‪،‬‬ ‫ولحنهما الموجي الذي كان سعيدا بسماع صوتها‪.‬‬ ‫بدا الرجل كما لو أنه عثــر على كنـز‪ ،‬ال سيما بعد غياب‬ ‫صوتين كبيرين منتصف السبعينات تعامل معها‪ :‬أم‬ ‫كلثوم وعبد الحليم‪ .‬تعاقبت الكلمات واأللحان‪ ،‬وسرى‬ ‫ذكر السيدة التي تغنيها بنظارتين كبيرتين في كل‬ ‫األقطار العربية‪ .‬غير أن سقف الشهرة وسقف األداء‬ ‫سيكون مع الملحن العبقري بليغ حمدي وأغنيته‬ ‫«مستنياك» التي ظلت تتردد على مدار سنوات‬ ‫طويلة‪ ،‬في المشرق والمغرب‪ ،‬سواء بصوت عزيزة‬ ‫جالل‪ ،‬أو بأصوات مطربين ومطربات من أجيال‬ ‫متعاقبة وبلدان عربية مختلفة‪.‬‬ ‫توقفت عزيزة في حلقة أمس من برنامج‬ ‫«اللقاء من الصفر» عند الكثير من ذكرياتها الفردية‬ ‫والمشتركة‪ ،‬واستحضرت مرحلة اإلمارات‪ ،‬حيث أدت‬ ‫أغاني خليجية‪ ،‬وأشارت إلى الصعوبة التي عانتها مع‬ ‫اللهجة‪ ،‬وإلى التحدي الذي رفعته في منطقة الخليج‪،‬‬ ‫حيث كانت األصوات الغنائية النسوية قليلة جدا‪.‬‬ ‫كما سردت تفاصيل حلمها بالوصول إلى‬

‫القاهرة‪ ،‬وعن الصدى الهائل الي خلفته هناك بعد‬ ‫أن قدمت عددا من األغاني الطربية التي حظيت‬ ‫بالشهرة والتداول‪ .‬واعترفت بأن الموجي هو من‬ ‫فهم صوتها واستثمره بشكل جيد في ألحانه‪ ،‬كما‬ ‫صرحت أنها مدينة للشاعر عبد الوهاب محمد الذي‬ ‫كان أكثر من غنّت له‪ ،‬والذي رأت فيه أيضا صورة‬ ‫األب الذي رعاها وسط عائلته‪ ،‬وفتح لها مكتبة البيت‪.‬‬ ‫استعادت بفرح وحسرة ذكراها مع الموسيقار محمد‬ ‫عبد الوهاب‪ ،‬حيث التقت به ألول مرة وهي تنزل من‬ ‫الخشبة‪ ،‬ليهنئها ويقول لها‪« :‬أنا تسلطنت مع أغنيتك‬ ‫يا هانم»‪ ،‬وتأسفت كثيرا ألنها لم تغني له‪ .‬تحدثت‬ ‫عزيزة عن أسماء كثيرة‪ ،‬لكنها حين وصلت بالحديث‬ ‫إلى رياض السنباطي وصفته ب «العظيم»‪ ،‬وقالت‬ ‫عن ألحانه‪« :‬كنت أحسّ السنباطي في صوتي»‪.‬‬ ‫ولن تنس عزيزة جالل أن توجه رسالة ضمنية‬ ‫ألهل الوسط الفني‪ ،‬مفادها أن الفنانة‪ ،‬مهما بلغت‬ ‫شهرتها‪ ،‬ال يجب أن تفرّط في أسرتها‪.‬‬ ‫كانت عزيــزة جالل تتحدث في برنامج «اللقاء‬ ‫من الصفر» بمرح وخفة‪ ،‬وكان اإلشراق والفرح‬ ‫واضحيــن على وجههـا‪ ،‬بالمقابل كان الكثير من‬ ‫محبيها الدين تابعوا الحلقة يتساءلون‪ :‬لماذا تختفي‬ ‫نجمة أصيلة مثل عزيزة جالل وتصمت هذا الصمت‬ ‫الطويل‪ ،‬بينما يمأل الكثير من النشاز الساحة الفنية‬ ‫العربية؟‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫ب�ؤ�س املعاهد‬ ‫املو�سيقية‬

‫‪5‬‬

‫يوسف سعدون‬

‫قبل حوالي أربع سنوات‪،‬حضرت بالرباط جمعا عاما لتأسيس فيدرالية‬ ‫جمعيات آباء وأولياء تلميذات وتالميذ المعاهد الموسيقية بالمغرب‪ ،‬وكان‬ ‫الهدف من هذه المبادرة هو خلق إطار وطني يوحد جهود جمعيات اآلباء عبر‬ ‫التراب الوطني من أجل المطالبة بتحسين أحوال هذا القطاع‪،‬وعكس البيان‬ ‫الختامي لهذا الجمع القلق العام إزاء واقع البؤس الذي تعيشه معاهدنا‪،‬وقدم‬ ‫تشخيصا عاما للحالة المزرية على مستوى البنيات التحتية والخصاص المهول‬ ‫في الموارد البشرية‪ ،‬كما طالب البيان بإعادة االعتبار للعاملين به وتأمين‬ ‫وضعيتهم‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن ما آلت إليه هذه الفيدرالية‪،‬حيث لم يسمع عنها الكثير‬ ‫بعد تشكيل مكتبها اإلداري‪،‬فإن واقع الحال يحدثنا عن استمرار الوضع المتدهور‬ ‫للتعليم الموسيقي‪ ،‬فالمشاكل التي يتخبط فيها عديدةوغريبة في بعض‬ ‫صورها وتتوزع في نقص فظيع للموارد البشرية‪،‬وضعف التجهيزات وتدهور‬ ‫البنيات التحتية والشروط الغير المناسبةللتدريس ‪.‬‬ ‫أولى معالم األزمة تتمثل في منهجية التدريس الموسيقي التي تعتمد على‬ ‫التلقين الفردي ضمن مساحة زمنية ال تتعدى ‪10‬دقائق في أكثر األحوال لكل‬ ‫تلميذ‪ ،‬وهذه المدة القياسية ال تساعد المتعلم على ضبط آليات العزف فيجد‬ ‫نفسه مجبرا على التمرن بالمنزل (معهد تطوان نموذجا)‪.‬‬ ‫وحين يطرح هذا المشكل مع اإلدارة واألساتذة‪،‬يكون الجواب هوانعدام‬ ‫البديل لقلة األطر وكثرة التالميذ‪.‬‬ ‫مالحظة أخرى يمكن الوقوف عندها تتمثل في انعدام التجهيزات الحديثة‬ ‫لضمان تسيير إداري مناسب‪ ،‬حيث الزال التوثيق الورقي معموالبه‪،،‬فكل‬ ‫المعامالت ورقية بما في ذلك لوائح التالميذ التي تضبط من خالل بطاقات‬ ‫(كرطونية) وليس بالحاسوب‪ ..‬فمثال عند رغبتك في تجديد تسجيل إبنك فسوف‬ ‫تستغرق الموظفة وقتا للبحث عن بطاقته بين عدد كبير من البطاقات داخل‬ ‫صندوق خشبي لتسجل فيها المعلومات‪.‬ونفس األسلوب يمارس معك حينما‬ ‫تنتقل لملحقة أخرى ألداء الرسوم‪.‬وقد يتوفر المعهد في أحسن االحوال على‬ ‫حاسوب واحد رهن إشارة المدير‪.‬‬ ‫واما عن التوثيق واألرشيف لحفظ ذاكرة المعاهد فتلك مسألة بعيدة‬ ‫عن كل اهتمام‪ ،‬فباستثناء بعض الصور لحفالت ومناسبات مثبتة على جدران‬ ‫متصدعة فلن تجد شيئا يوثق لتاريخ المؤسسة واألسماء الفنية التي مرت منها‪.‬‬ ‫على العموم‪ ،‬الكل يتفق على وجود أزمة بنيوية في التعليم الموسيقي‬ ‫بالمغرب بما فيهم المسؤولون‪ .‬فاالختالالت كبيرة والمعاهد تعاني الكثير سواء‬ ‫على مستوى تنظيم الدراسة وبنيات االستقبال الخاصة وانعدام التجهيزات‬ ‫الضرورية من آالت موسيقية وغيرها‪..‬ورغم مبادرات الوزارات المتعاقبةالمتمثلة‬ ‫في إحداث بعض المعاهد وتوظيف أساتذة جدد بنسب ضعيفة جدا ومضاعفة‬ ‫الغالف المالي المرصود للساعات الخصوصية وترميم بعض البنايات ‪،‬فالزال‬ ‫الوضع ثابتا‪،،‬ويزكيه تلك النظرة التي تعتبر الثقافة عبئا على الميزانية العامة!!!‬ ‫وتعد الموارد البشرية المعضلة الكبرى‪،‬الن أغلبية األساتذة يشتغلون‬ ‫بقانون «التكليف» الذي يستند على التدريس بعدد محدد من الساعات‪،‬فالنظام‬ ‫الخاص لهؤالء يقضي بتحديد عدد الساعات التي ال تتجاوز ‪ 60‬ساعة في الشهر‬ ‫وبتعويض هزيل عن كل ساعة‪.‬وهم ال يستفيدون من امتيازات الوظيفة‬ ‫العمومية من تقاعد واحتساب العطل كأيام عمل مأجورة وعدم انتظام سداد‬ ‫التعويضات‪.‬وهم مجبرون أيضا على تقديم تصريح شرف بعدم مزاولة وظيفة‬ ‫أخرى‪.‬ومما يزيد من تازم وضعية هؤالء هو تعليق وضعيتهم وعدم استشراف‬ ‫أفق لحلها‪ ،‬فهم ال يستطيعون االستفادة من اإلدماج ضمن الوظيفة العمومية‬ ‫النعدام المناصب المالية حيث ان نصيب وزارة الثقافة من هذه المناصب قليل‬ ‫جدا ولم يتجاوز في بعض الميزانيات ‪ 20‬منصبا‪،‬لدرجة ان بعضهم تجاوز السن‬ ‫القانوني للوظيفة العمومية ولم يستفد من اإلدماج‪.‬‬ ‫وهذه الوضعية تنعكس سلبا على مردودية هؤالء المدرسين ونفسيتهم‪،‬مما‬ ‫جعلهم يطرقون كل األبواب من خالل تنظيماتهم لكن دون جدوى‪.‬‬ ‫وللحقيقة أقول‪،‬أنه رغم هذه الوضعية القاتمة‪،‬فالعديد من الكفاءات‬ ‫الموسيقية التي تخرجت من المعاهد يرجع الفضل في تكوينها لهؤالء األساتذة‬ ‫المعترف لهم بالتضحية وبالكفاءة‪.‬‬ ‫وللبحث عن بدائل لوضعهم المادي المزري‪،‬ال يتردد بعض المدرسين‬ ‫في إطار التكليف في االنخراط بجمعيات فنية وبفرق موسقية وبأجواق يشتغل‬ ‫بعضها في حفالت الزفاف وغيرها من المناسبات‪،‬وهذا كله من أجل البحث عن‬ ‫موارد مالية موازية‪.‬لكن هذه الظاهرة ليست عامة‪،‬ألن هناك من األساتذة من‬ ‫يشتغلون على مشروع فني جاد ويعمقون البحث فيه‪.‬‬ ‫على العموم‪ ،‬يمكن القول أن المعاهد الموسيقية هي جزء من أزمةالوضع‬ ‫الثقافي والفني بالمغرب‪،‬واليمكن معالجة هذه األزمة إال إذا تغيرت النظرة‬ ‫الرسمية للشان الثقافي‪/‬الفني واعتباره قاطرة أساسية للتنمية ومرآة تعكس‬ ‫رقي الذوق الفني العام‪.‬فال يعقل في هذا العصر ان نجد مدنا ال تتوفر على‬ ‫مؤسسة للتعليم الموسيقي في الوقت الذي يمكن أن نجد أكثر من مدرسة‬ ‫موسيقية في حي واحد من أحياء مدينة صغيرة بأوروبا‪.‬وال يعقل أن نطالب‬ ‫بجودة التعليم الموسيقي من إطار موسيقي وضعيته اإلدارية والمالية هشة‬ ‫وغير مستقرة‪،‬لهذا فكل نهضة بهذا القطاع تبدأ باالهتمام بعنصره البشري‬ ‫وتوفير المناخ المناسب في كل فضاءات معاهدنا الموسيقية‪.‬‬


‫العدد ‪995‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)15‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪ ،‬كما تعدّ‬ ‫أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة‬ ‫العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ‬ ‫كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة‬ ‫الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه‬ ‫الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪.‬‬

‫[الرسالة السادسة والخمسون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده القاضي التهامي أفيالل يخبره فيها عن أحوال الدراسة‬ ‫بفاس‪ ،‬وبعض األحداث التاريخية‪ ،‬واألخبار العائلية]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد‪ ،‬الجدير من الخيرات بكل طارف وتالد‪ ،‬وإقرائك جميل السالم وجليل‬ ‫التحية واإلكرام‪ ،‬فقد وافاني كتابك األعز‪ ،‬أفاد سالمة تلك األحوال‪ ،‬دامت طبق اآلمال‪ ،‬أعلمت فيه بتوجيه‬ ‫الشربية ‪ ...‬مع البوسطة‪ ،‬وانتظار وصول المثمون‪ ،‬فقد حزت الثمن من البوسطة المذكورة‪ ،‬ونطلب اهلل‬ ‫أن يصلكم المثمون في أقرب مدة‪ .‬وباطالعك على ما نشأ من غيظ المحسود في زعمه في جانب حاسده‪،‬‬ ‫ومن انتمى إليه‪ ،‬وعزل ابن العم وتولية والد الحاج نظارة األحباس فاألمر هلل‪.‬‬ ‫لقد هزلت حتى بدا من هزالها كالها**وحتى سامها كل مفلس‬ ‫فياليت ابن العم لم يصدر منه ما صدر‪ ،‬وكان أمر اهلل قدرا مقدورا‪ ،‬وصاحب المخالت بعد أن نفذ‬ ‫له ما نفذ أعجبته نفسه‪ ،‬وصار يدم (س) فوصل له ذلك فاغتاظ أيضا‪ ،‬وذكر أنّه سيكتب لعامل البلد‬ ‫بالقبض عليه عند وصوله‪ ،‬سيما ومعتمده الجالوي قد نزلت عليه النقطة‪ ،‬وانظر هل يعيش منها أم‬ ‫ال؟‪ .‬كما ورد الخبر لدار المخزن‪ ،‬وأما أبو األتان فال يلقى (ط) له با ًال‪ ،‬وكأنه ال يحسبه شيئا مذكورا‪ ،‬وقد‬ ‫وردت قبيلة الحياينة تطلب العدة والمال للقبض عليه‪ ،‬فطلبها بتمكين ما دفعه لها موالي عبد العزيز‬ ‫من العدة‪ ،‬وبعد ذلك تشد له العضد ‪ ..‬لفاس معا‪ ،‬وأقواله وأفعاله تنبئ بأنه ال يهتم من أمره وأنه‬ ‫يزدري بقدره‪ ،‬وقد قبض على شريف وزاني ونهب داره حيث أتى يطلب المال والعدة ليعطيهما للقبيلة‬ ‫المذكورة لتقبض على القائم المذكور واهلل أعلم بما فيه المصلحة‪ .‬وقد عوشرنا األسبوع الفارط ألجل‬ ‫عاشوراء‪ ،‬وقدم الباشدور الفرنسيس يوم األحد الفارط في رياسة وابهة عظيمتين‪ ،‬ونزل بدار الجباص‬ ‫وتالقى مع (ط) أمس تاريخه على عادة مالقاة موالي الحسن من كون السلطان راكبا والباشدور راجال ال‬ ‫على عادة المخلوع‪ ،‬وهو جلوس كل منهما على كرسي مخصوص‪ ،‬و(ط) نفسه مع األلمان وهو ينقض‬ ‫الفرنسيس النقض التام‪ .‬و (س) في حيرة عظيمة من هذا األمر لعلمه بسطوة المقبوض ومده يد التعدي‬ ‫في المراسي إن لم يساعد على مطالبه‪ .‬و (ط) جاهل بذلك مغتر بما يلقيه إليه قنصول األلمان هنا من‬ ‫محبة جنسه له وعزمه على معاونته‪ ،‬و (س) ال يثق بذلك‪ ،‬وقد فرض على النكافات شراء الزرابي للباشدور‬ ‫وألف ريال على تجار فاس‪ ،‬وال تسأل عن بغضهم له وبغضه لهم‪ ،‬وقد قدم بريشة ونزل بدار (لس) وأهدى‬ ‫له حمل دابة من الفروطة وسلهاما من الملف األبيض‪ ،‬كما أهدى مثله (لق) وهو يطلب خدمة بحضرتكم‬ ‫إن تيسرت فذاك‪ ،‬وإال كان محتسبا‪ ،‬وإن لم يطلب هذه الخطة الثانية‪ .‬مسلما منا على سيدتنا الوالدة‬ ‫واإلخوة واألختين والصهرين وسائر أبناء العم والطلبة‪ ،‬ومن هنا الرفيق وأبناء عمه‪ ،‬والفزاري‪ ،‬وقد تعذر‬ ‫عليه السفر لتثقيف الحمارة‪ ،‬وها هو مع بريشة‪ ،‬والخمال‪ ،‬والمرير‪ ،‬وأخريف‪ ،‬والدليرو‪ ،‬أو ال يكون إال بلغك‬ ‫خبر الزرزاى الذي قصد (ط) بمدية في يده وما وقع له‪ .‬والسالم في ‪ 12‬من المحرم فاتح عام ‪1327‬هـ‪.‬‬ ‫محمد وفقه اهلل‪.‬‬

‫[الرسالة السابعة والخمسون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده القاضي التهامي أفيالل يخبره فيها عن أحوال رحلته‬ ‫للعمرة‪ ،‬وما شاهده هناك‪ ،‬وتفاصيل رحلته‪ ،‬وتشوقه ألسرته]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫من المدينة المنورة إلى تطوان العروس‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد‪ ،‬الجدير من الخيرات بكل طارف وتالد‪ ،‬وإقرائك جميل السالم وجليل‬ ‫التحية واإلكرام‪ ،‬والسؤال عن أحوالكم المرضية أدامها المولى وفق األمنية‪ ،‬فقد أبطأت علينا مكاتبتكم‪،‬‬ ‫وأفل علينا نجم خطابكم‪ ،‬أما علمتم أنها إذا وردت أوردت القلب برد زاللها‪ ،‬ولعين طيف خيالها‪ ،‬وسكنت‬ ‫من الجوانح متحرك بلبالها‪ ،‬وأولت النفوس ارتياحا‪ ،‬والصدر سعة وانشراحا‪ ،‬وقد كنا قبضنا من مجادتكم‬ ‫كتابا بتاريخ ‪ 16‬من ذي الحجة فيه بعض الحث على تعجيل األوبة لحضرتكم بسبب ما تخشونه من‬ ‫احتالل عام‪ ،‬فأقلقنا ذلك أتمّ القلق‪ ،‬وأورث جفوننا غاية األرق‪ ،‬ولم يسعفنا إال امتثال أمركم‪ ،‬وتلبية‬ ‫دعوتكم‪ ،‬فبقينا هذه المدة ننتظر انقضاء الزحمة‪ ،‬ونقسم بهذه البقعة المشرفة العبادة‪ ،‬فطال األمد‪،‬‬ ‫والزحمة ما زالت في ازدياد‪ ،‬خصوصا هذه األيام بسبب أمر السلطان محمد رشاد‪ ،‬بركوب عدد من الفقراء‬ ‫مجانا‪ ،‬أعني الذين ال دينار لهم وال درهم‪ ،‬وبقوا هونا يطوفون باألزقة‪ ،‬سيركب عدد وافر منهم غد تاريخه‬ ‫وهو يوم الخميس‪ ،‬وحيث رأينا أن هذه الزحمة النقضاء لها‪ ،‬اكترينا بابرات ‪ 4‬للواحد واألثقال بالميزان‪،‬‬ ‫لكل كيلو بليونان‪ ،‬ويزنون كل شيء‪ ،‬وسنتوجه غد تاريخه في رفقة قربا‪ ،‬وولد الزهراء وولد الموذن ‪...‬‬ ‫ومعنا أمة لهم‪ ،‬ومطوفنا الحريري‪ ،‬ونحن معهم على نفقة واحدة‪ ،‬يسر اهلل األسباب وصرف عنا العوائق‬ ‫بحاه خير الخالئق‪ ،‬وال تسأل عن [ألمنا] من أجل فراق هذه البلدة التي محاسن الدنيا واآلخرة جمعت فيها‪،‬‬ ‫وحضرت في نواحيها وأرجائها‪ ،‬أنفاسنا تتقطع من فراقها حزنا وأسفا‪ ،‬وعبراتنا تتقطر وجدا ولهفا‪ ،‬فوا‬ ‫أسفا ثم وا أسفا على فراقه‪ ،‬وهنيئا ثم هنيئا ألهلها‪:‬‬ ‫دار الحبيب أحــــق أن نهواهــــا***ونحن من طرب إلى ذكراهـــا‬ ‫ال تحسب المسك الذكي كتربها***هيهات أين المسك من رياها‬ ‫ال كالمدينة منزال وكفـــى بهـــا***شرفاً حلول محمد بفناهــــــا‬ ‫وها نحن ساعته يسرنا األثقال‪ ،‬وصبيحة غد تاريخه سنودع قبر المصطفى ونذهب مع البابور‪ ،‬وا أسفا‬ ‫على مفارقة قبر المصطفى وا أسفا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫بالنَعيــــم قد اكتــــوى‬ ‫لقلب‬ ‫ا‬ ‫عجب‬ ‫*‬ ‫**‬ ‫الجوى‬ ‫ذاك‬ ‫انطوى‬ ‫يا قلبُ زُرتَ وما‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫زادَ الغــــــــرامُ وزال كــــــل تصبّر *** عالجتهُ قبـــل الزيارَة فانطــــــوى‬ ‫تالل ما شوقـــــي لطيبــــة بعدمــــا ** * زُرتُ الحبيب وقبلهُ إلاّ ســـــــوى‬ ‫هَ ِ‬ ‫فكأنَّني الظمــــآن صادف قطـــــــر ًة ** * فتضاعف الظمأ الشديد وما ارتوى‬ ‫ويرحم اهلل اإلمام البوصيري حيث يقول في همزية المديح‪:‬‬ ‫وسمحنـــا بما نحــــب وقـــــد يسـ** *مـــح عنـــد الضرورة البخـــالء‬ ‫ال حرم اهلل سيادتكم من الحلول بهذه الحضرة النبوية آمين‪ .‬ونطلب من اهلل أن يسر الركوب من‬ ‫بيروت للقدس بحرا فنزور بيت المقدس وقبر سيدنا إبراهيم الخليل‪ .‬مسلما منا على سيدتنا الوالدة‬ ‫بأتمّه‪ ،‬وعلى األخوين والصهرين وسائر أبناء العم‪ ،‬والسالم‪ .‬في يوم األربعاء ‪ 12‬صفر عام ‪1330‬هـ‪.‬‬ ‫ومنه‪ :‬يسلم عليكم شيخنا محمد بن جعفر الكتاني‪ ،‬وقد استدعانا ساعته للغداء معه بداره‪.‬‬ ‫محمد وفقه اهلل‪ .‬عبد ربه ولدك عبد السالم‪.‬‬

‫[الرسالة الثامنة والخمسون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى أخيه السيد البشير يطمئن على حاله]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫األخ العزيز سيدي البشر حفظك اهلل ورعاك وسالم عليك ورحمة اهلل‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬وصل عزيز كتابك ضحوة يوم تاريخه فكان وصوله ‪ ...‬األسل‪ ،‬وخصوصا سيدتنا الوالدة أعز‬ ‫من الماء الزالل لشديد الظمأ‪ ،‬وصرت مما تضمنه على بال‪ .‬أما ما قابلكم به األخ سيدي أحمد ابن‬ ‫يوسف من الحفاوة واإلجالل‪ ،‬فأمر كنا نعتقده وال نحتاج إقامة الدليل عليه‪ ،‬جزاه اهلل عن الجميع أفضل‬ ‫ما جازى به محبا عن حبيبه‪ ،‬وكذلك ما قابلكم به الفقيه الجديد السيد عبد العزيز فإن الرجل دائما كثير‬ ‫التحبب لجنابنا فجزاه اهلل عن أفعاله المبرورة خيرا‪ ،‬وأحسن عاقبته‪ّ .‬‬ ‫وأن ما قر عليه رأيك من المقام بمحل‬ ‫االستحمام طول مدة التداوي فهو أمر انشرح إليه صدر سائر األهالي‪ ،‬وباألخص كاتبه‪ ،‬وأخوك الحاج عبد‬ ‫السالم‪ ،‬فإنك شددت الرحلة في هذا الوقت الحرج للتداوي ال للنزهة‪ ،‬وال شك أن مقامك بمحل الحمّة‬ ‫ليال ونهارا يحصل لسائر جسدك وسائر مسامك حظا وافرا من الماء الكبريتي وروائحه‪ ،‬وغن كانت العيون‬ ‫تشتهي المناظر البهجة واأللوان تشتهي شم الروائح الطيبة الخ‪ ،‬وهكذا‪ ،‬ولكن الوقت وقت ضرورة‬ ‫ووقت التداوي‪ ،‬حقق اهلل اآلمال‪ ،‬وعجّل بالشفاء في أقرب مدة‪ ،‬أما سيّدتنا الوالدة فهي تمطرك سحائب‬ ‫األدعية في كل لحظاتها‪ ،‬وحالتها وهلل الحمد حسنة‪ ،‬وعظم هذه المدة تجلس وحدها بدون معين إال‬ ‫اهلل تَبَارك وتعالى الذي أمدّها بنوع من القوة‪ ،‬وتقضي الحاجة بدون اضطرار إلى مسهل أو حقنة‪ ،‬كمل‬ ‫اهلل بخير‪ .‬وتلك اإلبر المستعملة لتلقيح القوى قد تم عددها باألمس بعد أن كانت ملتها بعض الملل‪.‬‬ ‫وابن العم سيدي الحسن الغالب على الظنّ أنه يؤم حضرتكم في عاشر الشهر المقبل وفاء بذلك الوعد‬ ‫السالف إن لم يلم به مانع‪ .‬واألصل شفاؤه‪ .‬وقد ّ‬ ‫حل أخوك المولى أحمد بحضرتنا بعد أن تغيب ‪ 4‬أياما‬ ‫تجول فيها بأصيال والقصر والعرائش وطنجة‪ ،‬مسلما على سيدي أحمد ونجله والفقيه المحدث سيدي‬ ‫عبد العزيز والهاشمي الرزيني‪ ،‬ومنا عليكم سيدتنا الوالدة واألخوان واألختان والصهران والزوجتان أم‬ ‫كلثوم وشقيقتها‪ ،‬وعائشة وسائر أهل الدار‪ ،‬والمولى يتمم عافيتكم والسالم‪ .‬في عشية يوم الجمعة ‪29‬‬ ‫شوال عام ‪1346‬هـ‪.‬‬ ‫أخوكم محمد لطف اهلل به‪ .‬أخوكم عبد السالم لطف اهلل به‪.‬‬

‫[الرسالة التاسعة والخمسون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده القاضي السيد التهامي أفيالل‪ ،‬يخبره فيها عن أحواله‬ ‫بفاس وماجريات األمور هناك‪].‬‬ ‫وصلى اهلل على سينا وموالنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما‬ ‫الحمد هلل‬ ‫بعد لثم تلك الراحة البديعة الحبك‪ ،‬الرفيعة السبك‪ ،‬راحة سيدنا الوالد المحترم أعزك اهلل وحفظ‬ ‫جاللة مقامك‪ ،‬وبلغك من خير الدارين غاية مرامك‪ ،‬والسالم التام عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫فقد ورد كتابك األعز مفيداً سالمة أحوالكم‪ ،‬ودوام عافيتكم ‪ ...‬لدي أخبرت فيه بما سر الخاطر‪ ،‬وقر‬ ‫به الناظر‪ ،‬وهو خروج األهل للنزهة بجنان ابن العم‪ ،‬بعد سالمنا عليه‪ ،‬المزيلة للكدر الناشئ عن دوام‬ ‫اإلقامة بين الحيطان‪ ،‬فلقد أحسنوا كإحسانك في موافقتهم نجاحك معهم‪ ،‬هنيئا لكم‪ ،‬ولقد كنت مهتما‬ ‫بشأنهم أكثر منهم لعلمي بشدة حرصهم عليها‪ ،‬وعدم المساعد وعجبت من هذا االتفاق وهو أني ذكرت‬ ‫للوالدة في كتابها أن تطلب منك اإلذن في النزهة فوجدها الحال بها والحمد هلل‪ .‬ال زلتم بفضل اهلل‬ ‫قاطفين المنى‪ ،‬قائلين تحت ظل الهنى‪ ،‬وأخبرت أيضا بانحطاط أسعار المأكوالت‪ ،‬فكذلك هنا‪ ،‬وبتوجيه‬ ‫شيء من الخليع عند تخليعكم إبان شروع الناس في عمله‪ ،‬فحبذا هذا المأمول‪ ،‬وسيطلب الرفيق من‬ ‫والده ذلك‪ ،‬وقد اشترينا من السمن المذاب ما نحتاج إليه في سبيلك ‪ 46‬للقنطار‪ ،‬كما أخبرت باطالعك‬ ‫على ما حل بمن أزعجهم النبأ المراكشي الذي صيرهم في حيرة عظيمة‪ ،‬سيما مع خلو الجراب الذي‬ ‫تضمحل به األمور‪ ،‬فلقد اختلت تلك الصولة منهم يد الدهر‪ ،‬وإذ أقتهم حنظل الذل والقهر وأضرمت في‬ ‫فؤادهم غليال‪ ،‬بعدما وردوا من ماء العز والمهابة سلسبيال‪ ،‬وتلك عادة اهلل في والة بلغ سيل الظلم بهم‬ ‫الزبى‪ ،‬وشاعت قبائح أفعالهم شيعان الع َلم فوق الثرى‪ ،‬فهم اليوم على طريق النوائب قاعدون‪ ،‬وفي مهد‬ ‫الحيرة راقدون‪ ،‬وبعد أن حركوا تلك الجعجعة التي لم تنتج لهم فائدة‪ ،‬وسرد األمير بنفسه جميع جنده‬ ‫على يديه‪ ،‬وأمر أن يتولى إعطاء المؤنة لهم بعض األجانب من الكفرة‪ ،‬حرصا على أن يتوصل كل ذي حق‬ ‫بحقه‪ ،‬وباشتراء الدواب وجميع ما تحتاج إليه الحركة الحت العالمات على أن ذلك محض حيلة مخزنية‪،‬‬ ‫عسى أن تخمد نار تلك الفتنة‪ ،‬وقد شاع هنا أنه أمر العلماء واألشراف بالذبح على أفراك‪ ،‬يطلبون به عدم‬ ‫خروج المخزن‪ ،‬وأنهم هم الحاملون له على عدم الخروج‪ ،‬حتى يشيع ذلك في القبائل‪ ،‬ويطير اإلعالم‬ ‫ألرباب الفتن‪ ،‬ويلتمسوا له عذرا في عدم الخروج‪ ،‬وهيهات هيهات‪ .‬وقد أباحت الجرائد بمكنون سرهم في‬ ‫سائر األمصار‪ .‬وأما القراءة فقد مضت هذه المدة في البطالة أحب من أحب وكره من كره‪ ،‬وما برحنا في‬ ‫تسويف االفتتاح حتى افتتحنا يوم األربعاء قبل أمس تاريخه‪ ،‬ولما أن ذهبنا للقراءة يومه أخبرنا بأن العلماء‬ ‫الكبار اتفقوا على االفتتاح يوم األحد غد تاريخه‪ ،‬فتأخر عن القراءة كل من افتتح إال سيدي محمد القادري‬ ‫واألمر هلل‪ ،‬ويا ليت لو كان لهذا التأخير سبب‪ ،‬وإنما هو محض كسل عم الطالب والمطلوب‪ ،‬وقد توجه‬ ‫شيخنا العالمة زهري زمانه‪ ،‬وابن سيرين أوانه‪ ،‬سيدي محمد بن جعفر بعد أتم سالمه عليك للمجاورة‬ ‫بطيبة المشرفة على ساكنها أفضل الصالة وأزكى التحية‪ ،‬وقد ودعنا أحسن وداع وكنا قبيل سفره نتردد‬ ‫إليه للدار بكثرة تبركا‪ ،‬عمنا اهلل من وابل فضله‪ ،‬وقد رأيت أن أستبدل نصاب مختصره بنصاب سيدي‬ ‫أحمد الفياللي هو في النكاح قبيل المحل الذي وقفنا عليه في الخيار بنحو انصباء‪ ،‬غير أني سأحضر نصاب‬ ‫سيدي أحمد بن الخياط آخر الشهادات حتى يصل المذكور لذلك المحل‪ ،‬وإن كان يتعذر ذلك عند قصر‬ ‫النهار‪ ،‬ألنه عند فراغنا من نصاب القراءة يكون سيدي أحمد الفياللي قد قرأ جملة واحدة من نصابه‬ ‫ألنه بين األول والثاني وهو ‪ 8‬ساعة ومن هنا إلى أمد قصره يظهر ما يكون‪ .‬وأما التلخيص فسأستبدله‬ ‫باأللفية على سيدي عبد السالم بناني بسرد األشموني‪ ،‬وهو واقف في باب أبنية أسماء الفاعلين إلخ ولم‬ ‫نجد تلخيصا مفتتحا إال تلخيص البلغيثي آخر فن البيان‪ ،‬ولو كان أوله ما تركته وهذا ما ظهر لي وللرفيق‬ ‫اآلن‪ ،‬وإن كنا إلى اآلن لم نشرع‪ ،‬يسر اهلل لنا ما فيه صالحنا وألهمنا لما فيه نفعنا‪ ،‬طالبين منكم صالح‬ ‫الدعاء‪ ،‬مسلما على اإلخوة واألختين والوالدة‪ ،‬وتجاوبني وال بد‪ ،‬وأبناء العم وسائر القرابة‪ ،‬والصفار ووالد‬ ‫الرفيق‪ ،‬ومن هنا نجله والخمال والركينة وسيدي أحمد بن يوسف‪ ،‬وهو اليوم مشتغل بزفافه‪ ،‬وصبيحة‬ ‫الجمعة اآلتية سيبني بزوجته وفق اهلل بينهما والسالم‪ .‬في ‪ 20‬ربيع الثاني عام ‪1325‬هـ‪.‬‬ ‫محمد وفقه اهلل‪.‬‬


‫‪7‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫إقليم العرائش ‪ :‬تخليد الذكرى الرابعة عشرة الطواف وخطبة‬ ‫إلطالق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬ ‫اجلمعة‬ ‫القصر الكبير‬

‫• بقلم ‪ :‬عبد الخالق العطار‬

‫عبد العالي بن ربوحة‬ ‫تحت شعار “التعليم األولي‪ ،‬رافعة للتنمية‬ ‫المتوازنة وعماد تأهيل الرأسمال البشري»‪،‬‬ ‫احتضن مقر عمالة «العرائش ‪ ،‬يوم الجمعة ‪17‬‬ ‫ماي ‪ 2019‬حفل تخليد الذكرى الرابعة عشرة‬ ‫إلطالق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‪،‬‬ ‫والذي تميزبتقديم مجموعة من األنشطــــة‬ ‫بإقليمالعرائش‬ ‫وقد أشـــرف عامل اإلقليم‪ ،‬العالميــن‬ ‫بوعصام على انطالقة الحفل ‪ ،‬كما حضر‬ ‫هذا اللقاء رؤساء المصالح األمنية واإلدارية‬ ‫وبرلمانيون ومنتخبــــون وفعاليات مدنية‬ ‫وجمعوية‪.‬‬ ‫وأبــرز السيد العالميــن بوعصــام‪ ،‬في‬ ‫كلمة ألقاها خالل هذا الحفل مجموعة من‬ ‫المعطيات واإلحصائيات حول حجم مساهمات‬ ‫المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالعرائش‬ ‫في دعم العديد من الجمعيات والمنظمات‬ ‫الحاملة للمشاريع باإلقليم ومساهماتها الفعلية‬ ‫والمباشرة في الرفع من أداء مجموعة من‬ ‫التعاونياتوالجمعياتالمهنية‪.‬‬ ‫وبعد عرض فيلم وثائقي حول منجزات‬ ‫المبادرة على صعيد اإلقليم ‪ ،‬توافقت عدد من‬ ‫المداخالت على مدى مساهمات المبادرة في‬ ‫إطالق مشاريع مدرة للدخل وتحسين مستوى‬ ‫المستفيدين والرفع من كفاءة الفاعلين خاصة‬ ‫بهيئات الحكامة المحلية‪.‬‬ ‫بعد ذلك قام السيد العالمين بوعصام‬ ‫عامل إقليم العرائش بتوزيع تسعة عشرة حافلة‬ ‫للنقل المدرسي في إطار برنامج تثمين رأس‬ ‫المال البشري لألجيال الناشئة‪ .‬بالعالم القروي‪.‬‬ ‫وبعد ها التنقل السيد العامل إلى جماعة‬ ‫الساحل رفقة وفد رسمي هام ضم مختلف‬

‫فعاليات اإلقليم من منتخبين وسلطات محلية‬ ‫ورؤساء مصالح خارجية وأعضاء اللجنة اإلقليمية‬ ‫للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومجتمع‬ ‫مدني حيث اشرف على تدشين ملعب القرب‬ ‫بمركز جماعة الساحل المنجز في إطار البرنامج‬ ‫األفقي‪.‬‬ ‫قبلأنيتوجهمباشرةإلى جماعة أوالد أوشيح‬ ‫حيث قام بتدشين وحدة للتعليم األولي في إطار‬ ‫برنامجتثمينراسلمالالبشريلألجيالالناشئة‪.‬‬ ‫والجدير بالذكر أن السيد العالمين بوعصام‬ ‫عامل إقليم العرائش وفي إطار دعم التمدرس‬

‫األولي الذي يؤطر شعار احتفاالت الذكرى الرابعة‬ ‫عشر النطالق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية‬ ‫قد قام يوم ‪ 03‬ماي الجاري بتدشين وحدات‬ ‫دراسية للتعليم األولي‪ ،‬المشروع الذي يدخل‬ ‫في إطار برنامج تهييئ وتجهيز وعمل ‪ 38‬وحدة‬ ‫دراسية للتعليم األولي بإقليم العرائش ‪.‬‬ ‫وفي اختتام هذه األنشطة التي تخلد‬ ‫للذكرى الرابعة عشرة النطالق المبادرة الوطنية‬ ‫للتنمية البشرية نظم على شرف نزالء دار‬ ‫المسنين بالعرائش حفل إفطار جماعي حضره‬ ‫السيد العامل و الوفد المرافق له ‪.‬‬

‫األسبوع الثقافي و الفني و الرياضي العشرين‬ ‫للثانوية اإلعدادية وادي المخازن بالعرائش‬

‫في إطار فعاليات األسبوع الثقافي والفني‬ ‫والرياضي العشرين للثانوية اإلعدادية وادي‬ ‫المخازن بالعرائش ‪ ،‬نظم نادي المشاتل‬ ‫لإلبداع التالميذي يوم الجمعة ‪ 3‬ماي ‪2019‬‬ ‫أمسية شعريية شارك فيها الشواعر والشعراء ‪:‬‬ ‫أمل األخضر ‪،‬فاطمة مرغيش ‪ ،‬نجية األحمدي ‪،‬‬ ‫إلهام الزايدي ‪ ،‬إدريس علوش ‪ ،‬محمد بنقدور‬ ‫الوهراني ‪ ،‬محمد عابد ‪ ،‬وأحمد حجيري‪ .‬وقد‬ ‫افتتحت األمسية بكلمة لرئيس المؤسسة ذ‬

‫محمد الهاشمي رحّب فيها بضيوف المؤسسة‬ ‫‪ ،‬تلتها قراءات شعرية للشواعر والشعراء خيمت‬ ‫عليها روح الشاعر الراحل محسن أخريف‪.‬‬ ‫الفقرة الثانية خصصت لإلبداع التالميذي‪،‬‬ ‫يحيث قرأ التالميذ نصوصهم الشعرية التي‬ ‫جاءت تتويجا لورشتين أطرهما الشاعر محمد‬ ‫عابد خالل الموسم الدراسي‪ .‬وقد تخللت‬ ‫األمسية قصائد مغناة من أداء مشترك بين‬ ‫الفنان محمد المصباحي والشاعر محمد عابد‬ ‫وأ غنية من أداء تلميذات المؤسسة‪.‬‬

‫نشير إلى أن تقديم األمسية كان‬ ‫مشتركا بين منسقة النادي ذة فتحية البو‬ ‫وبعض منخرطيه الذين قرأوا قصائد من‬ ‫اختيارهم للشواعر والشعراء الضيوف‪ .‬وفي‬ ‫األخير فقداختتم هذا العرس الشعري بتوزيع‬ ‫الجوائز على التالميذ المبدعين وتقديم‬ ‫شهادات التقدير للشعراء المشاركين مع ورود‬ ‫المحبة التي تعتبر تقليدا لنادي المشاتل‬

‫ع‪ .‬ب‪ .‬ر‬

‫من يقصد بيت اهلل الحرام حاجا أو معتمرا‬ ‫البد وان يسترعي نظره؛ ويأخد من اهتمامه ـ‬ ‫طواف المؤمنين في كل األوقات حول الكعبة‬ ‫المشرفة وليس هناك استثناء ؛ فالوقت كله‬ ‫عبادة هلل عز وجل‪.‬‬ ‫وال نستثني من أوقات الطواف كلها سوي‬ ‫وقت أداء الفريضة بحيث ال نستثني أيضا ـ كما‬ ‫هو مشاهد ـ حتى وقت خطبة الجمعة ؛ بحيث‬ ‫نرى ونشاهد المؤمنين يطوفون حول الكعبة‬ ‫واالمام يخطب يوم الجمعة ؛ وال يتوقف الطواف‬ ‫اال في فترة الصالة المكتوبة فقط ‪.‬‬ ‫فما هو الطواف ؟ ولما ذا كانت له هذه‬ ‫المكانة في العبادة ؟‬ ‫جاء في سورة الحج اآلية ‪ 29‬قول اهلل تعالى‬ ‫« وليطوفوا بالبيت العتيق « وقال رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم « الطواف صالةِاال أن اهلل‬ ‫احل فيه النطق ؛ فال ينطق اال بخير « وبما ان‬ ‫الطواف صالة فيشترط له الطهارة ايضا‪.‬‬ ‫وهناك ثالثة أقوال عن وفت الطواف ‪ :‬انه‬ ‫يجوز الطواف بعد الصبح والعصر ‪ ،‬وانه يمنع‬ ‫وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ؛ وثالث‬ ‫األقوال أن الطواف مباح في سائر األوقات‪.‬‬ ‫وروى احمد وأبو داود والترمذي وصححه أن‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ « :‬يابني عبد‬ ‫مناف ال تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت ‪ ،‬وصلى‬ ‫أية ساعة شاء من ليل أو نهار « ‪.‬‬ ‫كما أن الطواف أنواع أربعة ‪ :‬طواف‬ ‫القدوم أو الدخول‪ ،‬وطواف االفاضة بعد رمي‬ ‫الجمرة يوم النحر‪ ،‬وطواف الوداع في فريضة‬ ‫الحج ‪ ،‬وطواف التطوع او التحية ؛ وفي العمرة‬ ‫‪ :‬طواف واحد هو طواف القدوم ‪ .‬ويجب بعد‬ ‫الطواف السعي بين الصفا والمروة اال في طواف‬ ‫التطوع وطواف الوداع ‪.‬‬ ‫ويشترط أن يكون الطواف داخل المسجد‬ ‫الحرام وبسبعة أشواط على ان يكون البيت‬ ‫على يسارالطائف ‪.‬‬ ‫ونشير هنا الى أن طواف التطوع عبادة‬ ‫نادرة لدا يجب على من قصد بيت اهلل الحرام‬ ‫االكثار من ِاتيانه ألنه يتعذر التقرب الى اهلل‬ ‫تعالى به في غير هدا المقام المقدس ‪.‬‬ ‫والطواف تابع لالحرام لمن دخل مكة‬ ‫المكرمة ‪ :‬فبعد أن يقصد المحرم الحجر األسود‬ ‫ويقف حذاءه يشرع في الطواف‪ ،‬وقد اعفي من‬ ‫أداء ركعتي تحية المسجد اد تحيته هي الطواف‬ ‫بالبيت الحرام باستثناء واحد ادا أقيمت الصالة‬ ‫المكتوبة فيجب آنئذ اتباع االمام لقول رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬اذا أقيمت الصالة‬ ‫فال صالة اال المكتوبة « ‪.‬‬ ‫واذا أقيمت الصالة المكتوبة فان الطائف‬ ‫يقطع طوافه‪ ،‬ويكمل ما بقي من أشواط بعد‬ ‫أداء الصالة دون ان يستأنف الطواف من اول‬ ‫شوط ‪ ،‬وكذلك العمل لمن احدث أثناء الطواف ‪،‬‬ ‫فانه يتوضأ ويبني‪ ،‬وال يستأنف الطواف وان طال‬ ‫الفصل؛ ويمكن اذا شاء قطع طوافه ألداء صالة‬ ‫الجنازة فعل ‪ ،‬ويقضي ما بقي من أشواط طوافه‬ ‫بعد ذلك ‪.‬‬ ‫بعد طرحنا لموضوع الطواف بايجاز يمكن‬ ‫أن نأتي بفذلكة عن صالة الجمعة وخطبتها‬ ‫لنقارن ظروف أداء هده الفريضة في بيت اهلل‬ ‫الحرام وظروف أداء الطواف في نفس اللحظة‪.‬‬ ‫يقول اهلل تعالى‪ « :‬ياايها الدين آمنوا ادا‬ ‫نودي للصالة من يوم الجمعة فاسعوا الى دكر‬ ‫اهلل ودروا البيع « {الجمعة ‪} 9‬؛ واألمر هنا على‬ ‫الوجوب‪ ،‬وانها فرض عين عند الجمهور ‪ ،‬اال أن‬ ‫قوما من العلماء ذهبوا الى أن صالة الجمعة من‬ ‫فروض الكفاءات ‪.‬‬ ‫وهناك شروط إلقامة الجمعة أهمها العدد‬ ‫واالستيطان أواالقامة ‪ ،‬فاالستيطان لم تشترطه‬ ‫الظاهرية حيث أوجبوا الجمعة على المسافر في‬ ‫حين أن الشرط األول وهو العدد لم يأخذ به‬ ‫أبو حنيفة بمعنى أن صالة الجمعة واجبة بدون‬ ‫عدد وال إقامة أو استيطان ‪ ،‬ومع ذلك اتفق‬ ‫المسلمون على أن صالة الجمعة لها ركنان‬ ‫هما الخطبة والركعتان بعدها ‪.‬‬ ‫واعتبر االنصات للخطبة واجبا وسقط‬ ‫وجوب تشميت العاطس ورد السالم ولذا كان‬ ‫حمد العاطس سرا وعدم افشاء السالم أثناء‬ ‫الخطبة من صلب االنصات ‪ .‬اال أن االستثناء‬ ‫الوحيد الذي يظل قائما وواجبا في نفس الوقت‬ ‫هو أداء النافلة الواجبة تحية المسجد ؛ فهل كل‬ ‫من دخل المسجد واالمام يخطب يوم الجمعة‬

‫عليه بأدائها ام ال؟ ذلك أن الحديث الثابت عن‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل وسلم عليه وآله وصحبه ـ‬ ‫المروي عن مسلم ‪« :‬اذا جاء أحدكم المسجد‬ ‫واالمام يخطب فليركع ركعتين خفيفتين «وأكثر‬ ‫روايات مسلم تقول‪ « :‬أن النبي صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم أمر الرجل الداخل أثناء الخطبة أن يركع‬ ‫‪ ،‬ولم يقل اذا جاء أحدكم « لذا ال ينبغي أن‬ ‫يكون الخالف حول النص وال اآلخذ بالقياس وال‬ ‫بالعمل في الموضوع ‪.‬‬ ‫وادا نظرنا الى قول الشافعي وأحمد يتحقق‬ ‫لنا أداء تحية المسجد ركعتين خفيفتين قبل‬ ‫الجلوس لقوله صلى اهلل عليه وسلم لسليك‬ ‫الغطفاني عندما دخل المسجد يوم الجمعة‬ ‫والنبي صلى اهلل عليه وسلم يخطب فجلس ـ‬ ‫«أصليت يافالن ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪« :‬قم فاركع»‪،‬‬ ‫وفي رواية ‪« :‬قم فصل ركعتين» وفي رواية ‪« :‬‬ ‫صل ركعتين» وفي رواية ‪ « :‬إذا جاء أحدكم يوم‬ ‫الجمعة ـ وقد خرج االمام ـ فليصل ركعتين» وفي‬ ‫رواية ‪ « :‬واالمام يخطب قليركع ركعتين وليتجوز‬ ‫فيهما»‪ .‬وهذه الروايات كلها في صحيح مسلم‪،‬‬ ‫وهي صريحة في سنية صالة تحية المسجد ‪.‬‬ ‫وأما تأويل من قال ‪ :‬إن أمره صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم لسليك بالقيام ليراه الناس وهو في‬ ‫حالة من االحتياج ليتصدق عليه فباطل لصريح‬ ‫قوله صلى اهلل عليه وسلم « اذا جاء أحدكم‬ ‫يوم الجمعة واإلمام يخطب فليركع ركعتين‬ ‫وليتجوز فيهما « فهو نص صريح ال يتطرق‬ ‫اليه تأويل ‪ ،‬وال تصح مخالفته ؛ وهذا بالنسبة‬ ‫لمن دخل المسجد واالمام يخطب ؛ أما من كان‬ ‫في المسجد واالمام قد بدأ في القاء خطبته فال‬ ‫يجوز له القيام ألية صالة وحتى اذا كان في‬ ‫صالة خففها كما قرر ذلك الماوردي وأبو حامد‬ ‫الغزالي‪.‬‬ ‫هدا واذا أخدنا بتأويل الحديث ‪ ،‬بأن‬ ‫المخاطب كان بلباس غير الئق ؛ وكان غرض‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم أن يشاهده الحضور‬ ‫على تلك الحالة ليتصدقوا عليه كما سبق االلمام‬ ‫اليه فهو مبرر غير صحيح ألن رسول اهلل صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم كل أقواله وأفعاله سنة ؛ فيكون‬ ‫وقوف الفقراء والمحتاجين أثناء أداء خطبة‬ ‫الجمعة السنجداء الناس ‪ ،‬واستجالب عطفهم‬ ‫سنة صحيحة تنطبق عليها شروط السنن‬ ‫المؤكدة ‪ ،‬وستصبح المساجد آنذاك أشبه‬ ‫بمالجئ خيرية ‪ ،‬ومراكز لتوزيع الصدقات على‬ ‫المحتاجين ‪ ،‬فتفقد قدسيتها وبالتالي قدسية‬ ‫خطبة الجمعة ؛ وهذا منكر من القول والفعل‬ ‫؛ اذ يجب ان يؤخذ كل تأويل ألحاديث الرسول‬ ‫عليه السالم ماخذ العقل والصالح والفائدة‬ ‫لسواد األمة اال سالمية وانارة المحجة البيضاء‬ ‫لدين االسالم الحنيف ‪.‬‬ ‫مما تقدم يمكن ان نقارن بين الطواف‬ ‫بالبيت الحرام أثناء خطبة الجمعة سواء أكان‬ ‫طواف حج أوعمرة أو تطوع وبين تحية المسجد‬ ‫وباقي النوافل ـ فنجد ان الحديث الصحيح الذي‬ ‫يقول ‪ « :‬ادا قلت لصاحبك يوم الجمعة واالمام‬ ‫يخطب ‪ :‬أنصت ـ فقد لغوت « ( رواه الجماعة اال‬ ‫ابن ماجة ) وفي حديث الحق ‪ « :‬ومن لغا فال‬ ‫جمعة له « ـ استثنى فقط تحية المسجد للداخل‬ ‫واالمام يخطب استنادا لألحاديث الصحيحة‬ ‫الواردة والتي ال تحتاج الى تأويل ـ كما سبق‬ ‫القول ـ أما عدا هذه الحالة فان كل األعمال‬ ‫واألقوال تعتبر لغوا ‪ ،‬وقد تبطل صالة الجمعة‬ ‫برمتها‪.‬‬ ‫بمكن أن نستنتج أيضا أن ما دون تحية‬ ‫المسجد يعتبر لغوا لو كان رد السالم الذي هو‬ ‫فرض ‪ ،‬وكذا تشميت العاطس‪ ،‬وبالتالي فان‬ ‫الطواف أثناء خطبة الجمعة وان لم يعتبر لغوا‬ ‫ألنه عبادة اال أن لكل عبادة شروطا لصحتها ‪،‬‬ ‫وهي أشبه بمن يصلي متوجها الى غير القبلة‬ ‫أو يصوم دون مراعاة وقت بدء الصوم وال وقت‬ ‫نهايته‪ ،‬واهلل ال يعبد بجهل كما يقال ‪.‬‬ ‫بناء على ماسبق ‪ ،‬فانه يجب على المسلمين‬ ‫الذين يقصدون بيت اهلل الحرام أن ال يطوفوا‬ ‫حول الكعبة أثناء أداء خطبة صالة الجمعة الن‬ ‫االنصات لخطبة الجمعة واجب كما أنه ركن في‬ ‫صالة الجمعة ـ لذا تعتبركالصالة المفروضة الن‬ ‫الطائف يقطع طوافه ألداء الصالة المفروضة‬ ‫فكذلك يجب عليه أن يقطع طوافه لالنصات‬ ‫لخطبة الجمعة والتدبر لما جاء فيها من آيات‬ ‫القرآن الكريم وأحاديث الرسول األمين صلى‬ ‫اهلل وسلم عليه وآله وصحبه ‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫في سبيل فلسفة التعليم العمومي‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫ت‬

‫ربويات‬

‫الوكالة الوطنية لمحاربة األمية‪:‬‬ ‫مخطط إصالحي للقضاء‬ ‫على األمية في المغرب‬ ‫• عبد الغني بلقاسم‬

‫‪ ...‬لكيْ يتحو َ‬ ‫َّل التلميذ من متلقي إلى فاعل إيجابي ‪ .‬فالغرض من المنهج التربوي هو تعلم كيفية العمل (نظرية كوزيني‬ ‫أن المدرسة تنخرط في تمديد السلوكات اليومية ‪ .‬كما يُطلقها المحدثون‪َّ ،‬‬ ‫)‪ ،‬إذ يؤكد ّ‬ ‫أن التلميذ يتعلم عبر أنشطة اللعب‪ ،‬أيْ‬ ‫إلعب وأنتَ (الطفل) تعمل‪ ،‬لكيْ يحقق ذاته في تحويل العمل إلى مُتعة من أجل اإلبداع ‪ .‬وقد يتأتى ذلك لعدم االكتظاظ في‬ ‫األقسام وفي اتساع ساحات المدارس‪ ،‬بمنهج دراسي يعمل على تنظيم أنشطة اللعب والتربية على المواطنة‪ ،‬لمنح المدرسة‬ ‫العمومية إمكانات فعلية ماديا وإداريا‪ ،‬من أجل القضاء على التخلف ‪ .‬بتخطيط استراتيجية علمية على المدى المتوسط‪ ،‬لتلك‬ ‫الفتحة التي سوف يدخل منها نور العلم ‪ْ .‬‬ ‫وأن ال تزعم «الدولة» ّ‬ ‫أن ميزانية التعليم أعيتها‪ ،‬فاثاقلت في تمويل مشروع التعليم‪.‬‬ ‫وتركته بين أيادي القطاع الخاص بما فيه التعليم األجنبي الستنزاف أموال الطبقة الوسطى‪ ،‬وإثارة انعدام التكافؤ بين أبناء‬ ‫المغاربة ‪ .‬للنهوض بالعلم والفكر ‪،‬وهو رأس المال المأمول السير به على الطريق األمثل للقضاء على األمية والجهل ‪ .‬وقد‬ ‫ُّ‬ ‫ونستدل على ذلك‪ ،‬لمجموعة من األنشطة‬ ‫تُعدُّ مدرسة سكينة بنت الحسين من بين المدارس العمومية النموذجية بتطوان‪،‬‬ ‫التربوية التي تعكف‪ ،‬بكل ما تُفضي إليه نظرية «كوزيني» ‪،‬بتوازن مع المادة العلمية ‪ .‬إذ نلمح صالح هذه األنشطة في صورة‬ ‫خرجات تربوية وتثقيفية إلى ‪ - :‬متحف المقاومة وجيش التحرير إليصال خيط نسيج بين الماضي الجهادي بتضحيات جسيمة‬ ‫لآلباء واألجداد من أجل االستقالل والحرية‪ ،‬من أجل أن ينعم أجيال الحاضر من أبناء المغاربة بثمار تلك المقاومة للحماية‬ ‫الفرنسية واإلسبانية ‪ - 1 .‬زيارة إلى مركز الفن الحديث وهو متحف عصري‪ ،‬إليقاظ ملكات األطفال في صباهم للتعرُّف على‬ ‫سحر الفرشاة لرسامين مغاربة وأجانب يُبدعون لوحات فنية تلتقطها ذاكرتهم في أبهى صورها ‪ – 2.‬للتنقيب على ذاكرة‬ ‫التأريخ القديم على موقع «تمودة» األثري‪ ،‬في األيام الخوالي ل «موريطانيا طانجيطال» ‪ .‬على ضفاف نهر «المحنش» الذي‬ ‫يصبُّ في البحر األبيض المتوسط بمرتيل ‪ .‬سافر التالميذ على قوارب نهرية عبر الزمان إلى القرن الثالث قبل الميالد‪ ،‬وكانت‬ ‫أشرعتها تتالطمها األمواج واألرياح العاتية في بحر الظلمات ‪ .‬إلى القرن األول قبل الميالد ليشاهد التالميذ نقود برونزية‬ ‫صُكتْ باسم «البونية» وبأسماء ملوكها‪ ،‬وهي المدينة «المورية» بُنيتْ بنسيج عُمراني «هيليني»‪ ،‬التي كانت لها ميناء على‬ ‫وادي مرتيل إلى ْ‬ ‫أن رست القوارب «مرورا بأزمنة الزمان»على ضفاف المتحف األثري «تمودة» في زمننا هذا‪ .‬عاش التالميذ‬ ‫ساعات من الزمان الغابر بين أزمنة التأريخ القديم على أديم «تمودة» األثري‪ ،‬التي تعني‪ ،‬المستنقع المتصل بمجرى البحر ‪--3.‬‬ ‫من بين الخرجات العلمية‪ ،‬عاش التالميذ دراسة ميدانية لجمعية «حنان» لإلحتكاك باألطفال ذوي اإلعاقة ‪ .‬من أجل التعرُّف‬ ‫على هؤالء األطفال في وضعية اإلعاقة‪ ،‬الحترام الفوارق البشرية كنوع من الثراء والتنوُّع في الجبلة اإلنسانية ‪ .‬ثم احترام‬ ‫قدراتهم وكرامتهم والحفاظ على هويتهم ‪ .‬وقد اطلع التالميذ على مجموعة من األوراش إلعادة تأهيل األطفال ‪ .‬فهو تخطيط‬ ‫واقع علمي إلدماجهم في المجتمع ‪ .‬فهذا الواقع هو المعلم األوَّل والفكر هو المعلم الثاني من اندماج المعاق إلى الطفل‬ ‫السوي ‪ .‬وقد تتوفر المدارس العمومية للنوابغ الذين يتم اختيارهم من بين التالميذ‪ ،‬وهي ثمرة سلوكات تربوية يومية التي‬ ‫أنتجتْ تلميذتين متفوقتين‪ ،‬إذ استوقفتني نتيجة هذا الفوز كقيمة مضافة وكلبنة لهذا الصرح المعرفي ‪ .‬نلتقي نحن تالميذ‬ ‫األمس البعيد عند قارعة زمانين مختلفين‪ ،‬وكلما افترق جيل مماثل لسابقه إال وجمعت بينهما المادة العلمية‪ ،‬وألكثر من داللة‬ ‫‪.‬فأراني أستقرئ مستقبل تالميذنا من أجل تدريسهم شتى العلوم‪ ،‬الحتوائهم المكانة العلمية الالئقة التي نحن في أمس‬ ‫الحاجة إليها في مغربنا العزيز ليتبوأ مقاما رفيعا بين األمم ‪.‬فتلك النبثة الطيبة سوف تؤتي أكلها رغدا بإذن ربها ‪ .‬التلميذتان‬ ‫هما نهى الشعيري وروان القيطوني مع مؤطرهم األستاذ يسن العيساوي‪ ،‬إلحرازهما الجائزة األولى على الصعيد الوطني من‬ ‫بين أربعة آالف تلميذ وتلميذة ‪ .‬وهذه نبذة عن البرنامج الذي تناول فيه األستاذ يسن العيساوي (المؤطر)الشرح بتفصيل تقني ‪.‬‬ ‫ألق تلميذتي مدرسة سكينة بنت الحسين في المسابقة الوطنية للبرمجة باستعمال برنامج سكراتش‬ ‫• برنامج سكراتش ‪ :‬هو برنامج مخصص لألطفال يتم من خالله تعلم مبادئ البرمجة والتعامل معها بطريقة سهلة‬ ‫وميسرة‪ ،‬حيث يتميز البرنامج بواجهة مبسطة من ثمانية أزرار‪ ،‬كل زر يحتوي على مجموعة من األوامر التي تخص الكائن‬ ‫المراد برمجته منها تحريكه أو تغيير لونه أو تشغيل صوت له أو مظهر ‪ ...‬مما يتيح للمتعلم إنتاج فيديو أو شريط تفاعلي أو‬ ‫لعبة إلكترونية أو غير ذلك ‪.‬‬ ‫• مثلت مدرسة سكينة بنت الحسين مديرية تطوان في هذه المسابقة الوطنية والتي دارت أطوارها إقليميا في مؤسسة‬ ‫سكينة بنت الحسين حيث تم تأطير ‪ 72‬تلميذة وتلميذا مما أسفر عن تأهل التلميذتين روان القيطوني ونهى الشعيري لتمثيل‬ ‫المديرية جهويا‬ ‫• جرت أطوار المسابقة الجهوية باألكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بتطوان حيث قام الفريق ببرمجة شريط تفاعلي‬ ‫يهم مجالين اثنين ‪ :‬مجال السالمة الطرقية‪ ،‬ومجال البيئة‪ ،‬مما أسفر عن تأهل الفريق وانتزاع بطاقة العبور للدور النهائي بقاعة‬ ‫الملتقيات الوطنية والدولية بالرباط‪.‬‬ ‫• يوم ‪ 25‬أبريل ‪ 2019‬هو يوم الحسم‪ ،‬حيث تم استقبال المشاركين من كل األكاديميات الوطنية المشاركة في المسابقة‪،‬‬ ‫وتمت عملية الفرز العشوائي إلحدى المجاالت التي سيتم التباري عليها والذي كان حول السالمة الطرقية‪.‬‬ ‫• دخل المشاركون إلى القاعة المخصصة للتباري وبدأوا ببرمجة مشاريعهم في مدة ال تتجاوز ساعتين‪ ،‬بعد ذلك تم اإلعالن‬ ‫عن الفائز بحضور السيدة مديرة جيني والسيد ممثل الوزارة والسادة ممثلو أورونج‪.‬‬ ‫• حصلت مدرسة سكينة على الرتبة األولى وطنيا‪ ،‬حيث نال المشروع إعجاب جميع أعضاء لجنة التحكيم الذين عبروا عن‬ ‫سعادتهم بإنجازات جميع المتعلمات والمتعلمين عموما ‪.‬‬

‫تعتبر مشكلة األمية من أهم العقبات التي تواجه التنمية‬ ‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وهي أهم مظهر من مظاهر التخ ّلف‬ ‫ال مهماً‬ ‫اإلنساني‪ .‬وتشكل الزيادة السكانية المستمرة عام ً‬ ‫من عوامل تفاقم المشكلة ‪ ،‬خاصة في ظل القصور السياسي‬ ‫في مجال محاربة األمية‪ ،‬وعشوائية التخطيط‪ ،‬وارتفاع معدالت‬ ‫الهدر المدرسي نتيجة ضعف التعليم‪ ،‬وقلة األبنية المدرسية‪،‬‬ ‫وعدم التطبيق الفعلي إللزامية التعليم‪ ،‬باإلضافة إلى عدم توزيع‬ ‫الخدمات التعليمية بين المناطق القروية والحضرية‪...‬‬ ‫والمغرب واحد من البلدان الناشطة في مجال محو األمية‪،‬‬ ‫وتجربته في محاربتها تعود إلى بدايات االستقالل مع حملة‬ ‫المليون مستفيد التي نادى بها المرحوم محمد الخامس‪ .‬لينتقل‬ ‫تدبير ملف منظومة محو األمية‪ ،‬على التوالي‪ ،‬إلى قطاع التعاون‬ ‫الوطني‪ ،‬ثم إلى الوزارة المكلفة بالشؤون االجتماعية سنة‬ ‫‪ ،1991‬ليحال بعد ذلك على وزارة التشغيل والتكوين المهني‬ ‫سنة ‪ ،1997‬ثم وزارة التربية الوطنية من سنة ‪ 2002‬إلى سنة‬ ‫‪2013‬؛ حيث تم إحداث الوكالة الوطنية لمحاربة األمية طبقا‬ ‫لظهير سنة ‪ 2011‬تحت رقم ‪ 1.11.142‬بتنفيذ القانون رقم‬ ‫‪ 38.09‬القاضي بإحداث الوكالة‪ ،‬وإقرار الهيكلة التنظيمية لها‬ ‫على المستوى المركزي والجهوي واإلقليمي؛ استجابة لما‬ ‫يتطلبه تحقيق أهداف منظومة محو األمية من فعالية ومرونة‬ ‫في التسيير والقدرة على تعبئة المتدخلين غير الحكوميين‬ ‫في مجال محاربة األمية‪ ،‬وتعزيز وتطوير الشراكات في إطار‬ ‫تعاقدي مع اإلدارات والمؤسسات العمومية‪ ،‬والجماعات المحلية‪،‬‬ ‫والمؤسسات الخاصة وكذا مع المنظمات الغير حكومية‪ ،‬والبحث‬ ‫عن موارد لتمويل برامج محو األمية وتطوير التعاون الدولي‬ ‫الثنائي والمتعدد األطراف‪.‬‬ ‫والجدير بالذكر أن الوكالة الوطنية لمحاربة األمية انطلقت‬ ‫من نفس أهداف إستراتيجية سنة ‪ ،2004‬الرامية إلى تقليص‬ ‫نسبة األمية بالمغرب إلى ‪ 20‬في المائة سنة ‪ 2021‬و‪ 10‬في‬ ‫المائة سنة ‪ ،2026‬والقضاء على أمية الشباب المتراوحة أعمارهم‬ ‫بين ‪ 15‬و‪ 24‬عاما‪ ،‬ثم تعزيز عملية االنتقال نحو قرائية تأهيلية‬ ‫ومتعددة األساليب عن طريق؛ توسيع نطاق التدخل ليشمل‬ ‫الفئات االجتماعية والمهنية األكثر حرمانا‪ ،‬خاصة العنصر النسوي‪،‬‬ ‫والمناطق األكثر احتياجا‪ .‬وإرساء مسالك بين محو األمية وأنظمة‬ ‫التكوين المهني والتأهيلي‪.‬‬ ‫وباعتبارها قطب الرحى في منظومة التكوين‪ ،‬فإن الوكالة‬ ‫الوطنية لمحاربة األمية‪ ،‬من خالل ما سطرته من مخططات في‬ ‫مجال محاربة األمية‪ ،‬أعطت أهمية لبناء البرامج والمناهج؛ حيث‬ ‫تجتهد في االستثمار والتنظيم االندراغوجي وفق مقاربات تربوية‬ ‫حديثة تتماشى وانتظارات المستفيدين؛ لتمكينهم من االنخراط‬ ‫في مسار التعلم واالندماج في سيرورة التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫وبذلك تم التركيز‪ ،‬في بناء المنظومة‪ ،‬على برامج محورية هامة‪،‬‬ ‫تتمثل في برنامج محو األمية ( القرائية من أجل التمكين)‪ ،‬وبرامج‬ ‫ما بعد محو األمية ( برامج القرائية من أجل التأهيل)‪ ،‬وبرنامج‬ ‫الشباب (الذين تتراوح أعمارهم ما بين ‪ 15‬و‪ 35‬سنة)‪ ،‬الذي تم‬ ‫إعداده في إطار دعم االتحاد األوروبي لإلستراتيجية الوطنية‬ ‫لمحاربة األمية‪ ،‬وبرنامج محو األمية بالمساجد الخاص بوزارة‬ ‫األوقاف والشؤون اإلسالمية الرامي إلى تمكين المستفيدين من‬ ‫التعلمات األبجدية األساسية‪ ،‬ثم التعلمات الوظيفية والمهنية‬ ‫المؤهلة للعمل المنتج واالنخراط في مسلسل التنمية‪ ،‬إلى‬ ‫القرائية التأهيلية للتعلم مدى الحياة‪ .‬ثم برنامج األمية الوظيفية‬ ‫الخاص بقطاعات الصناعة التقليدية والصيد البحري والفالحة‪.‬‬ ‫ونظرا ألهمية الموضوع‪ ،‬وكذا ضيق المجال الذي ال يسمح‬ ‫بالمزيد من التفصيل ‪ ،‬كان البد من ربط االتصال بالسيد عبد‬ ‫العزيز فياللي صدوق‪ ،‬المدير الجهوي للوكالة الوطنية لمحاربة‬ ‫األمية‪ ،‬إلجراء حوار معه حول الموضوع‪ ،‬سنعمل على نشره‬ ‫في العدد الموالي بحول اهلل تعالى‪ ،‬لإلجابة على مجموعة من‬ ‫األسئلة التي تتعلق بواقع األمية بالمغرب عموما وبجهة طنجة‬ ‫تطوان الحسيمة خاصة‪ ،‬وبهيكلة الوكالة الوطنية‪ ،‬واإلستراتيجية‬ ‫المتبعة للقضاء على ظاهرة األمية بالجهة‪ ،‬وعن اإلشكاالت‬ ‫اإلكراهات التي تعترض سبيل برنامج محاربة األمية‪...‬‬


‫العدد ‪ 995‬ـ الثالثـاء ‪ 28‬ماي إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫سالش‬

‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫الكتابة واألب‬

‫لقطة ذهنية نهرِّبها من انشغاالت الكتاب المغاربة والعرب‪ ،‬نرغب‬ ‫من خاللها في أن نعرف الدالالت التي تتركها في حياتهم «وجودات‬ ‫صغيرة» تصاحبهم على الدوام‪.‬‬ ‫هذا «السالش» يحاول أن يستحضر المعاني الممكنة المرتبطة بــ‬ ‫«الكتابة واألب»‪.‬‬

‫القاصة لطيفة لبصير‬ ‫الشاعر عزيز أزغاي‬

‫موالنا سيوران‬ ‫سيوران‬ ‫موالنا‬

‫مل �أكن يوما �صاحب كرامات‬ ‫وال كانت يل مزارات‬ ‫يف الوقت ال�صعب‪.‬‬ ‫�أعلى تلة و�صلها بيا�ضي‬ ‫كانت على قما�ش مهمل‪،‬‬ ‫ويف كل مرة‪،‬‬ ‫كنت �أعيد ت�سلق املتع‬ ‫مخفورا بقطيع من الأوهام‪.‬‬ ‫وحني �أعود �إلى الياب�سة‬ ‫كانت تتقدمني خطاياي‪،‬‬ ‫ج�سورة‪،‬‬ ‫مثل وعول تنزلق من على منحدر‪،‬‬ ‫حيث ال �أحد كان يف انتظاري‬ ‫ب�سكرة القناعات‪.‬‬ ‫حتى ال�صحاري التي بال خطيئة‬ ‫مل تغمز يل يوما باللطف املطهر‬ ‫ر�أ�سي �سقطت يف قرن بال ملعان‪.‬‬ ‫وعلى امتداد هذا العمر‬ ‫كنت �أ�شيخ ب�إيقاع نائم‬ ‫ك�أمنا منت يل كوابح‬ ‫يف موا�سري الأعوام‪.‬‬ ‫يف احلياة املا�ضية‬ ‫تعلمت الرق�ص على وتر �سالب‬ ‫وكان كل ما ي�صهر احلديد‬ ‫يعاجلني بطول البال‪.‬‬ ‫�آه يا موالنا �سيوران‪،‬‬ ‫�أيها الواقف فوق تلة الكنز‬ ‫مثل قر�صان بال �ضغائن‪،‬‬ ‫من �أين �أتيت بكل هذا البيا�ض‬ ‫الذي يبز الأدغال؟‬ ‫من �أي بئر فا�ضت طلعتك الغمي�سة‪،‬‬ ‫ك�أمنا ت�سحب خلفك‬ ‫قطيع فراغ؟‬ ‫�أنا مثلك‪ ،‬يا عمنا �إميل‪� ،‬رصت بال قرار‬ ‫�أن�صت �إلى وحدتي وهي تنمو بال ماء‪،‬‬ ‫ومن طول غيابي عن خيمة احلياة‬ ‫بت �أتعرث يف �أع�شابها املرة‪،‬‬ ‫و�أن�سى �رسيعا كيف �أحزن‪،‬‬ ‫وبوترية �أ�رسع‬ ‫�أجترع نبيذ املحاولة‬ ‫يف �صحة الأذكياء‪.‬‬

‫الكثير من المشاعر المتناقضة التي ورثتها‬ ‫هي التي تتصارع اآلن في حضن الكتابة‬ ‫أعتقد بأن مفهوم األب يتغير عبر العصور‪ ،‬فقد كان على عهدي األب الذي يشبه آباء كل أصدقائي يجمع بين الرقة‬ ‫والعنف‪ ،‬وكنا متصالحين مع هذا النوع من األبوة‪.‬‬ ‫حين تفتحت أزهار حياتي وجدت أمامي مكتبة أبي التي كانت تحتوي على الكثير من الكتب المتنوعة‪ ،‬وهي التي‬ ‫قادتني ألقتفي أثر الكتابة‪ ،‬وكان هو يدرك ميولي األدبية منذ ذلك الحين‪ ،‬فشرع يهدي لي بين الفينة واألخرى العديد‬ ‫من الروايات والقصص‪ ،‬حتى أن الكثير من الروايات الدسمة قرأتها في طفولتي‪ .‬وكنت أنغمس فيها الى حد الذوبان‪،‬‬ ‫وفي بعض األحيان كان ينظر إلي بتلك العين األخرى ويسألني ماذا أقرأ‪ ،‬ثم يتابع الصفحة التي أكون منهمكة في حبرها‪،‬‬ ‫ويرى العديد من الكلمات التي ال تروق له مثل الحب أو الهوى أو نقط الحذف‪ ،‬فيتأفف من ذلك وكأنه ليس الشخص‬ ‫الذي اشترى تلك الكتب‪...‬‬ ‫وهي ما يعتمل بداخل األبطال الذين لبسوا الورق‪...‬‬

‫هكذا أحبُّ‬ ‫الشاعر سامح درويش‬

‫أحب‪،‬‬ ‫هكذا � ُّ‬ ‫كلماتي‪،‬‬ ‫� ْأن حُت ّبني َ‬ ‫� ْأن تُق ّبلَني‪،‬‬ ‫هر هكذا � ْأ�شعاري‬ ‫فت َْظ َ‬ ‫جُم ّر َد‬ ‫�أ َثرٍ ل ْأحمر ّ‬ ‫ال�شفاهِ ‪.‬‬ ‫****‬ ‫أحب‪،‬‬ ‫هكذا � ُّ‬ ‫غر‬ ‫� ْأن � ْأ�صغُ ر و� ْأ�صغر و� ْأ�ص ْ‬ ‫أ�صري‬ ‫حتّى � َ‬ ‫زهرة يف اخلَ الء‪،‬‬ ‫ِقامة ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ا�س ٍم‬ ‫بال ْ‬ ‫ٍ‬ ‫�سياج‪.‬‬ ‫أ�صي�ص وال‬ ‫وال �‬ ‫ْ‬ ‫يكْ فيني �أريجِ ي‬ ‫تويجي و َبتالتي‪،‬‬ ‫و ك� ِأ�سي و ْ‬ ‫ياح‬ ‫يكْ فيني َح ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫نان ّ‬ ‫هنالك‪،‬‬ ‫الر ْبع الفَ�سيح‪.‬‬ ‫يف ّ‬ ‫أحب‪،‬‬ ‫هكذا � ّ‬ ‫� ْأن �أن�سى من �أنا‪،‬‬ ‫زهرة يف اخلَ الء‪.‬‬ ‫أ�صري ْ‬ ‫و� َ‬ ‫****‬ ‫أحب‪،‬‬ ‫هكذا � ّ‬ ‫علي‪،‬‬ ‫� ْأن ُيت َِّم‬ ‫احلرف ْ‬ ‫ْ‬ ‫بهجتَه ّ‬ ‫أحب ‪،‬‬ ‫ف� َ‬ ‫كما � ّ‬ ‫أكون َ‬ ‫النبع‪،‬‬ ‫�أنا ْ‬ ‫اجلدول‪،‬‬ ‫�أنا ْ‬ ‫امل�صب‪.‬‬ ‫و�أنا‬ ‫ُّ‬


‫العدد ‪995‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫دراسة‬ ‫الغرابة وأشكالها في المجموعة القصصية‬

‫«يحدث في تلك الغرفة »‬ ‫‪1‬‬

‫المهدي أيت بعراب‬ ‫‪ .2‬جمالية القبح‬

‫لطيفة لب�صري‬ ‫تمهيد‬ ‫تتعدد األشكال التعبيرية التي يرتضيها اإلنسان لنقل أحاسيسه ومختلف تشظياته‪ ،‬في‬ ‫عالقته بالذات واآلخر‪ ،‬وبالعالم‪ ،‬وتبقى القصة القصيرة من األجناس التعبيرية التي يجد فيها‬ ‫العديد من المبدعين ضالتهم اإلبداعية‪ ،‬لما لها من قدرة هائلة على احتواء أفكار اإلنسان‪،‬‬ ‫وتفريغ متخيله في وعاء قصصي إبداعي‪.‬‬ ‫تحفل الخزانة القصصية المغربية بمجموعة من المجاميع المائزة‪ ،‬سواء من حيث بناؤها‪ ،‬أو‬ ‫من حيث الموضوع المطروح‪ ،‬ولعل من أهم ُكتَّاب هذا الجنس السردي بالمغرب نجد؛ القاصة‬ ‫لطيفة لبصير‪ ،‬التي أصدرت مجموعة جديدة تحمل عنوان‪ :‬يحدث في تلك الغرفة‪ ،‬وتضم‬ ‫القصص اآلتية‪:‬‬ ‫ اسمي فان كوخ ‪ -‬هزال ‪ -‬شفتان ‪ -‬أنا ال أريد أن أنام ‪ -‬التباس‬‫ شبح فرويد ‪ -‬ارتجاج ‪ -‬طعمه المالح ‪ -‬هلوسات ‪ -‬حداد ‪ -‬اهتزاز ‪ -‬تبسم‬‫ستحاول هذه الورقة الوقوف عند المشترك بين هذه القصص‪ ،‬بعيدا عن مقاربتها بشكل‬ ‫تجزيئي‪ ،‬بهدف رصد العناصر التي تميز هذا البناء القصصي الذي شيدته القاصة‪ ،‬أي أنها‬ ‫ستعتمد قراءة أضمومية لهذه المجموعة بالمعنى الذي قدمه «روني أودي» لهذا المفهوم‪،2‬‬ ‫بعيدا عن تناول كل قصة على حدة‪ ،‬إنما االهتمام بالخيط الناظم بين كل قصص المجموعة‪،‬‬ ‫وهو الغرابة‪ ،‬حيث قدمت لطيفة لبصير في مجموعتها عالما تخييليا يتسم بالغرابة واالبتعاد عن‬ ‫الواقع‪ ،‬ما جعل من هذه الغرابة تتخذ أشكاال مختلفة؛ ستعمل الورقة على رصدها‪ ،‬وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫المكان والزمان‪ :‬تغريب المألوف‬ ‫ ‬‫جمالية القبح‬ ‫ ‬‫غرابة األهواء‬ ‫‪ -‬‬

‫‪ .1‬المكان والزمان‪ :‬تغريب المألوف‬ ‫تضفي القاصة على الفضاء القصصي طابعا غرائبيا‪ ،‬إذ تنطلق من األمكنة الواقعية‬ ‫المألوفة‪ ،‬لكنها تستعملها بطرق غير مألوفة‪ ،‬ما يجعل من عملية القراءة عملية فك‬ ‫لشفرات النص‪ ،‬خاصة الجانب المتعلق باألمكنة‪ ،‬التي تلعب دورا أساسيا داخل كل‬ ‫قصص المجموعة‪ ،‬فال الغرفة غرفة‪ ،‬وال المستشفى مستشفى‪ ،‬كلها أماكن واقعية‪،‬‬ ‫لكنها انتقلت إلى عالم الغرابة‪ ،‬متخذة أشكاال مختلفة‪ ،‬لم يعهدها القارئ‪.‬‬ ‫كما أن أزمنة المجموعة تخضع لتشاكل الواقعي بالمتخيل‪ ،‬مما ينتج عنه تغريب هذا‬ ‫الزمان‪ ،‬الذي يتأرجح بين الماضي والحاضر والمستقبل‪ ،‬فال تستقر القاصة على زمن‬ ‫دون غيره‪ ،‬بل تستعمل كل األزمنة في لعبة سردية قصصية‪ ،‬بمثابة لغز يسعى القارئ‬ ‫إلى حله‪ ،‬فتارة تتم العودة إلى الماضي لمحاكمته‪ ،‬وتارة أخرى يتم استشراف المستقبل‪،‬‬ ‫ليجد القارئ نفسه بين زمن غريب لم يألفه‪.‬‬ ‫سعت لطيفة لبصير في تغريبها للزمان إلى جعل القارئ يستشعر اختالف المجموعة‪،‬‬ ‫محطمة بذلك أفق انتظاره‪ ،‬إذ ابتعدت عن النمط التقليدي في الكتابة الذي يعتمد‬ ‫دَم‬ ‫الزمن الخطي والمكان الواقعي‪ ،‬إلى اعتماد زمن مركب‪ ،‬ومكان واقعي لكنه يُ َق ّ‬ ‫بطريقة غير واقعية‪.‬‬

‫يُطرح سؤال القبح بشكل‬ ‫كبير داخل المجموعة‪ ،‬كأن‬ ‫لطيفة لبصير في مجموعتها‬ ‫تهدف إلى خلخلة التمثالت‬ ‫المسبقة لدى القارئ‪ ،‬حول‬ ‫مفاهيم الجمال والقبح‪ ،‬مما يجعلها تحمل مفهومين متقابلين من سياقهما االعتيادي إلى‬ ‫سياق آخر‪ ،‬يبعث على االرتباك واالستغراب‪.‬‬ ‫تضع القاصة القارئ في موقع تلقي القبح‪ ،‬إذ يصير مألوفا‪ ،‬هذه األلفة التي تخلق بين القبح‬ ‫والقارئ‪ ،‬هي التي تضفي عليه طابعا جماليا‪ ،‬فيصر القبيح جميال نتيجة لالعتياد الذي يخلق معه‪.‬‬ ‫تجاوزت لطيفة لبصير في عملها القصصي هاجس اإلبداع نحو إعادة بناء المفاهيم والرؤى‬ ‫بواسطة اإلبداع‪ ،‬فكأنها تقدم أطروحة مفادها؛ أن الجميل ليس جميال‪ ،‬إنما األلفة التي نخلقها‬ ‫معه هي التي تجعله جميال‪ ،‬وبالتالي فإن القبيح يتضمن جمالية على اإلنسان اكتشافها‪ ،‬كما‬ ‫اكتشفتها أغلب شخصيات المجموعة القصصية‪.‬‬

‫‪ .3‬غرابة األهواء‬

‫إن الغرابة المهيمنة داخل المجموعة القصصية «يحدث في تلك الغرفة»‪ ،‬ليست مقتصرة‬ ‫على عالم األفعال فقط بل تجاوزتها إلى عالم األهواء‪ ،‬خاصة أن العالم القصصي السردي إنما‬ ‫‪3‬‬ ‫هو مزيج من عوالم عدة‪ :‬عالم األفعال‪ ،‬عالم الرغبات‪ ،‬عالم األهواء‪...‬‬ ‫يعد الهوى عنصرا رئيسا في البناء القصصي‪ ،‬ألنه الدافع نحو إنجاز األفعال‪ ،‬إذن‪ ،‬فإن كل‬ ‫برنامج سردي يقابله برنامج هووي‪ ،4‬وكل ذات من ذوات العمل القصصي يسيطر عليها هوى‬ ‫معين‪ ،‬لكن‪ ،‬المختلف في هذه المجموعة هو أن الذوات ال تخضع لهوى معين‪ ،‬بل تعيش في‬ ‫توتر هووي‪ ،‬حيث يتضارب داخلها هوى الحب‪ ،‬باإلعجاب‪ ،‬والخوف‪ ،‬واالنتقام‪ ،‬كلها أهواء تجاوزت‬ ‫مرحلة اإلثيسيات‪.5‬‬ ‫يحضر الحب بوصفه هوى في عدد من قصص المجموعة‪ ،‬ونذكر على سبيل التمثيل القصة‬ ‫الموسومة بـ «أنا ال أريد أن أنام» التي يتجلى فيها الحب بشكل غريب عن المعتاد‪ ،‬إذ يقوم‬ ‫المُحِبُ باستخراج محبوبته من القبر‪ ،‬جاء في القصة‪« :‬مزقت الكفن األبيض كله وأخرجت‬ ‫ّ‬ ‫جسدها الندي برفق‪ ،‬ألبستها قميصا ورديا ذا أكمام طويلة زاهية وسروال جينز ممزقا من‬ ‫على الفخذين» (الصفحة ‪ ،)39‬يظهر الحب بشكل مختلف عن المألوف‪ ،‬إن الحب داخل مجموعة‬ ‫لطيفة لبصير حب غريب لم يعتده القارئ‪ ،‬وعلى نفس المنوال‪ ،‬تم تشييد مختلف األهواء األخرى‪،‬‬ ‫التي قد تدفع القارئ إلى التساؤل عن سر هذا االختالف الحاصل بين األهواء في العالم الواقعي‬ ‫واألهواء في المتخيل القصصي للطيفة لبصير‪.‬‬

‫‪ .4‬تركيب‬

‫في النهاية‪ ،‬يمكن القول‪ ،‬إن لطيفة لبصير استطاعت في مجموعتها القصصية «يحدث‬ ‫في تلك الغرفة» أن تقدم للقارئ بنا ًء قصصيا يتأسس على الغرابة‪ ،‬التي تتخذ أشكاال متعددة‪،‬‬ ‫وتحضر في عناصر مختلفة‪ ،‬سواء على مستوى الموضوعات‪ ،‬أو الفضاء‪ ،‬إضافة إلى األهواء التي‬ ‫تسيطر على الذوات‪.‬‬ ‫وبهذا تكون القاصة قد جعلت قارئ المجموعة يستشعر الغرابة‪ ،‬ويبحث جاهدا عن فك‬ ‫شفرات هذا العمل القصصي‪ ،‬الذي يُعَدُّ تكملة لمسار قصصي بصمته لطيفة لبصير‪ ،‬منذ‬ ‫مجموعتها األولى إلى اآلن‪ ،‬مسار ينماز باالختالف واإلبداع‪ ،‬والتجريب اإليجابي‪ ،‬لما فيه خدمة‬ ‫لإلبداع القصصي المغربي‪ ،‬بصفة عامة‪.‬‬

‫ــــــــــــــ‬

‫‪ 1‬ـ لطيفة لبصير‪ ،‬يحدث في تلك الغرفة (مجموعة قصصية)‪ ،‬الفاصلة للنشر والتوزيع‪ ،‬الطبعة األولى‪2018 ،‬‬ ‫‪ .‬المهدي أيت بعراب‪ :‬باحث من المغرب‪.‬‬ ‫‪ .‬لطيفة لبصير‪ :‬كاتبة وباحثة من مواليد الدار البيضاء‪ ،‬أستاذة في كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬حاصلة على‬ ‫دكتوراه الدولة في األدب الحديث‪ ،‬نشطت برنامج الصالون الثقافي في قناة الدوتشيه فيله بشراكة مع قناة المغربية‪ ،‬تكتب عمودا قارا في مجلة‬ ‫نساء من المغرب‪ ،‬كما تكتب مقاال ثقافيا شهريا في جريدة االتحاد اإلماراتية‪ ،‬شاركت في العديد من الندوات الدولية كما ترأست العديد من لجان‬ ‫الجوائز‪ ،‬لها مجموعة من اإلصدارات‪ ،‬نذكلر منها‪ :‬رغبة فقط (مجموعة قصصية)‪ ،‬ضفائر (مجموعة قصصية)‪ ،‬أخاف من‪(...‬مجموعة قصصية)‪ ،‬عناق‬ ‫(مجموعة قصصية)‪ ،‬محكيات نسائية لها طعم النارنج‪ ،‬سيرهن الذاتية‪ :‬الجنس الملتبس (كتاب نقدي)‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ ينظر‪ :‬روني أودي‪ :‬من أجل قراءة أضمومية للمجموعة القصصية‪ ،‬ترجمة عبد المجيد جحفة‪ ،‬ضمن مجلة قاف صاد‪ ،‬العدد ‪ ،6‬سنة ‪.2008‬‬ ‫‪ 3‬ـ ينظر كتاب‪ :‬عثماني الميلود‪ ،‬العوالم التخييلية في روايات إبراهيم الكوني‪ ،‬دار النايا‪ ،‬الطبعة األولى‪2013 ،‬‬ ‫‪ 4‬ـ ينظر كتاب‪ :‬ألجيرداس جوليان غريماس‪ ،‬سيميائيات األهواء‪ :‬من حاالت األشياء إلى حاالت النفس‪ ،‬تر سعيد بنكراد‪ ،‬دار الكتاب الجديد‪ ،‬الطبعة‬ ‫األولى ‪.2010‬‬ ‫‪ 5‬ـ مفهوم سيميائي يعني األحاسيس التي تنتج عنها األهواء‪.‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪995‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫وصايا‬ ‫الموهيكان‬

‫منذ كان‬ ‫ً‬ ‫حلوا‬ ‫البحر‬

‫الشاعرة وداد بنموسى‬

‫سنيا الفرجاني ‪ :‬تونس‬

‫‪ - 1‬كنــتُ أشبــهُ الموهيكـــانــة‬ ‫األخيرة وأنا أسلم ذلك المفتاح الحديدي‬ ‫الثقيل‪ ،‬المعلق على صدري منذ أزيد من‬ ‫عشرين غيابا‪ ،‬وألف نداء وخمس ميتات‪،‬‬ ‫أسلم المفتاح وقلبي يصرخ بعنف بأسماء‬ ‫القتلة‪ ،‬أسلم المفتـــاح وفمي يبْصق‬ ‫مرارات ومذاق فواكه محرمة ‪ ،‬وكلمــات‬ ‫حب قيلـــت في لحظات أخيــــرة‪ ،‬أسلم‬ ‫المفتاح وبي ما بي من تلظي‪ ،‬كأني كنت‬ ‫ِّ‬ ‫أوقع على خاتمة الغلط‪ ،‬وترتجف روحي‬ ‫من هول الوداع‪ ،‬أكان لزاما أن يحدث كل‬ ‫هذا يا «ثييو»؟ أن أسلمك المفتاح تحت‬ ‫هذه الشجرة النحيفة الوحيدة العجوز‪،‬‬ ‫وفِي هذا الحرِّ بالذات‪ ،‬وعلى وقع هذه‬ ‫الموسيقى التي ال يصل منها سوى رجفة‬ ‫وتر يلفظ أنفاسه األخيرة‪ ،‬لقد كنا ال‬ ‫نخطئ فريسة الوقت يا «ثييو»‪ ،‬نهرق‬ ‫ساعات طويلة تحت ورقة توت‪ ،‬ونسمع‬ ‫صهيال قادما من أحراش نائية‪ ،‬ونسمع‬ ‫صفيرا خفيفا كنّا نعبر منه إلى ابتسامة‬ ‫لعوب‪ ..‬مفتاح باب‪ ،‬مفتاح سجن‪ ،‬مفتاح‬ ‫صندوق أسرار‪ ،‬مفتاح درج فيه قارورة‬ ‫خليط روح العطور‪ ،‬مفتاح قلب فاجر‪...‬‬ ‫فاجر «ياثييو» أيها الشيِّق‪ ،‬خذ المفتاح‬ ‫ب ُقوة‪...‬‬

‫‪ - 2‬واآلن‪ ...‬وأنت تتحسس بقايا هذه‬ ‫الجراح الغائرة‪ ،‬أنصت قليال يا «ثييو»‪،‬‬ ‫كل جرح سيحكي لك تفاصيل ال قدرة لك‬ ‫على تصورها وال على احتمالها‪ ،‬انت ال‬ ‫تعرف كيف نجوتُ‪ ،‬كنت اردد مرارا عبارة‬ ‫قاتلة هي التي أنقذتني‪ :‬لوذي بالفرار‪...‬‬ ‫كنت اعتبر دائما بأن الفرار قتل للروح‪،‬‬ ‫موت معتمد‪ ،‬لكن لم يكن لدي سبيل‬ ‫آخر سوى هذا الفرار اللعين‪ ،‬أحيانا كنت‬ ‫أركب أحزاني وأحلق في سماء النحيب‪،‬‬ ‫بجناحين قطنيتين كنت قد تحولت من‬ ‫رهينة إلى جوابة آفاق‪ ...‬أحيانا كنت‬ ‫أسكب الصراخ في كأس وأشربه دفعة‬ ‫واحدة‪..‬في أحايين كثيرة كنت أهرب‬ ‫بالتجديف في ميـــاة السديم‪ ،‬بقـــارب‬ ‫مثقوب ومجداف يئن أكثر مني‪ ،‬وكنت‬ ‫أواصل‪....‬مرارا وَجدوا جسدي تحت رمال‬ ‫اليأس‪..‬لكنني نجوت‪ ،‬بمعج<زة نجوت‪،‬‬ ‫واالن لدي معجزة‪ ..‬وهذا أمر مدهش‪..‬‬ ‫مذا تقول يا «ثييو»؟ لم أسمعك جيدا‪،‬‬ ‫هل تحدثني عن الحب من جديد‪ ..‬هل‬ ‫أنت معتوه؟ «ثييو» هو أخ الفنان العالمي‬ ‫فان غوغ‪ ،‬وقد كانت بينهما مراسالت‬ ‫جمعت في كتاب شيق‪.‬‬

‫على سطح القيامة يحدث هذا اآلن‪،‬‬ ‫ماء ساخن ‪،‬بحجم سفن حربيّة‪،‬‬ ‫يعبر وجهي متسارعا‪.‬‬ ‫دويّ يقشعرّ له اهلل‬ ‫ويتمزّق في الخلف صدىً‪،‬فيوقع‬ ‫ّ‬ ‫كل من جاؤوا لجمع دمعي‪.‬‬ ‫ضوء يخيّم فوق صراخي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سكانهــا‬ ‫فتنطفـــــئ األرض ويخاـــف‬ ‫المحاصرون‪.‬‬ ‫الناس قردة‪،‬‬ ‫مولعة بالجنس‪ ،‬وفلق القمل‪ ،‬وأنا مولعة‬ ‫بصوتك‬ ‫مولعة بصوتك‪ ،‬منذ كان البحر حلوا‪،‬‬ ‫مولعة بصوتك ‪،‬أفركه بين الجنة والنار‪،‬‬ ‫فيرتفع منسوب العويل‪.‬‬ ‫طويل ‪،‬هذا اللون الذي يتمدّد بين القارب‬ ‫الملوّن‪،‬وحزنيَ المرميّ على جسر مهترئ‬ ‫قرب الصراط‪.‬‬ ‫أقف عند ظهرك الذي يشبه أجنحة المالئكة‪،‬‬ ‫وأنفخ‪،‬ليطير الحبّ القرمزيّ ويقع بعضه‬ ‫فوق رأسي فأموت‪.‬‬ ‫يحدث ّ‬ ‫كل هذا اآلن‪،‬‬ ‫وأرى شعرك التصق بالهالل الصّامت‬ ‫فعبثت به الشمس‪،‬وكادتني‪.‬‬ ‫شَعرك ألصابعي‬ ‫لكن الكواكب خدعتني‪.‬‬ ‫صياح حادّ يطلع من أناملي‬ ‫ال حاجة لي بأناملي‬ ‫صياح‬ ‫يخترق السياج والمعراج‬ ‫وأبواب العرش بال حيا ْء‪.‬‬ ‫يجتاز الصيف والشتا ْء‬ ‫يجتاز أحالم األنبياء المولعين»‬ ‫بالسيف والمرآة‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫«لع ّلها كانت حياة‬ ‫أو لعلها كانت لعبة موحشة‬ ‫وفاسدة‪ ،‬بين آلهتين مريضتين‬ ‫واحدة منطرحة على الفراش‬ ‫وأخرى ممدّدة تحت أغصان التوت‪.‬‬ ‫الحب غامض كالشّيب‪،‬على رأس حارس‬ ‫القيامة‬ ‫وكالشهور الحرام ‪،‬في قبّة السماء‪ ،‬أقيم‬ ‫داخله‬ ‫دون وثائق هويّة وال شجرة عائلة‬ ‫‪ .‬األوراق الصّفراء‬ ‫هبطت على ضجري‬ ‫فصارت غابة كبيرة‪،‬‬ ‫تسكنها الوحوش‪،‬‬ ‫وذئاب منتفخة البطون‪ ،‬وأقــزام بطول‬ ‫كأس‪،‬‬ ‫يسكنها اليأس‬ ‫في كوخ من القشّ كأنه زريبة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫فتكتَ بي أيّها الحب‪،‬‬ ‫وعلى سطح القيامة اآلن‪ ،‬آلهات تقاتل‬ ‫أوالدها‪،‬‬ ‫ونساء حمقاوات يتس ّلقن صوتي ويلبسن‬ ‫قرون ماعز‪.‬‬ ‫الحب‪،‬‬ ‫أيها الصفصافة النّحاسيّة بنواقيس‪،‬‬ ‫تقرعُ دموعُك وجهي كبواخر حربية فوق‬ ‫تراب‪.‬‬ ‫ظهري يوجعني أيها الحب‬ ‫تداعى ظهري‬ ‫وكل ما يحدث اآلن‬ ‫أجراس توقظ الصّقيع في الدخان وتخيف‬ ‫المالئكة الرمادية‬ ‫المرابضة فوق قلبي‬


‫العدد ‪995‬‬

‫قصة‬

‫قصيرة‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫احتضار‬

‫مهداة إلى روح الصديق الراحل محمد أنقار‬

‫زايل الدوار رأسه قليال‪ .‬أين الطبيب؟ هاتوه عاجال‪ .‬ال يمكن هيكلها صاريا لسفينة عمالقة‪ ،‬وجميلة مثل لوحة كالسيكية‪ ،‬ال يشوب‬ ‫االحتمال أكثر‪ .‬أال ترون كم تدهورت؟ كفاكم لؤما‪ .‬لم يعر أحد ولولته جمالها سوى ما تبعثر على أغصانها من غربان‪ ،‬ال تكف عن التقافز‬ ‫اهتماما‪ ،‬فحز في نفسه أن يعامل مثل نعجة معطوبة تلعق جروحها والنعيق‪ .‬لكن‪ ،‬يحافظ على رونقها تعاقب شروق الشمش من ورائها‪،‬‬ ‫الغائرة‪ ،‬في انتظار هالكها‪ .‬خصوصا وأنه عند نفسه ليس من زمرة وغروبها من خلفها دون توقف‪ ،‬في سرعة فيلم سريع‪ ،‬بين ظالم‬ ‫من يهن يسهل الهوان عليه‪ .‬لقد كان ينتظر أشياء كثيرة مجنحة‪ ،‬وضياء متسارعين متصارعين خالل تراقص ظلها بين شروق تبدو‬ ‫آتية رفرفتها من أنهر التين والزيتون ونوار الرمان ال ريب فيها‪ .‬لكن فيه عروسة براقة‪ ،‬وغروب تتحول خالله إلى غراب هائل‪ .‬وال يذكر كم‬ ‫غاب عنه ما جرى‪.‬‬ ‫مرة أشرقت الشمس وكم مرة غربت‪ .‬فقد كان مشغوال بتأمل جمال‬ ‫ال تدري نفسك من أنّى ومتى جاء بها المالعين إلى هذا القبو الصفصافة‪ ،‬وبعدّ قوافل سيارت التحصى‪ ،‬ال يتوقف اندفاعها في‬ ‫الرمادي‪ ،‬وال من طوح بجسدك في زاويته المعتمة كالمتاع المهمل‪ ،‬منعطف تحت الصفصافة المنتصبة في سموق‪ ،‬من غير أن تكف عن‬ ‫وأنت طري العود ترفل بين تخوم الشباب وفتوته‪ ،‬منذ ماليين أو آالف إطالق سعار نعيق أبواقها الشرسة‪ ،‬خصوصا السيارات الفاخرة السوداء‬ ‫السنين‪ ،‬أم تراها سنة أو شهر أو أسبوع‪ ،‬أم فقط اليوم أو الساعة‪ ،‬منها‪ ،‬تسابقها سيارات اإلسعاف بين الفينة واألخرى‪ ،‬بمهارة وفي عناد‬ ‫بعد ما مات جداك ووالداك وإخوانك وجيرانك وأصدقاؤك‪ ،‬وماتت آخر مقصود‪ ،‬آتية بالمرضى والمصابين أو ذاهبة بالموتى والهالكين‪،‬‬ ‫عماتك في آخر الزمان‪ .‬تناقصوا تدريجيا ومعهم ألفتهم‪ ،‬فأمسيت ال دون كلل أو استراحة‪ ،‬ونعيق أبواقها مطلق العنان في الفضاء‪ ،‬طيييي‬ ‫تجد من ناس زمان‪ ،‬من يشاركك النميمة حول السواد والسواد‪ ،‬وال طوووو طيييي طوووو طيييي طوووو‪ ....‬بينما كانت الصفصافة‬ ‫من أحد يعودك‪ ،‬أو يعزيك في حيويتك المشلولة‪ ،‬أو يشاركك الولع الشامخة سادرة في لعبة إسقاط أوراقها واسترجاعها‪ ،‬متهادية بفعل‬ ‫رياح الخريف‪ ،‬مستمتعة بحمام الشتاء وازدهار الربيع ولهب الصيف‪.‬‬ ‫بالموسيقى الصامتة‪ ،‬منذ رحل كل أولئك‪.‬‬ ‫أراد أن ينظر كم الساعة‪ ،‬لكنه زهد‪ ،‬فقد نزعت الساعة من فاتسع جدعها واستطالت قامتها وتفرعت أغصانها وتشابكت عيدانها‪،‬‬ ‫معصمه‪ .‬فضل أن يمعن في التهامس مع ذاته‪ .‬ففاضت أعماقه خالل أربع وعشرين ساعة‪ ،‬عمر مكوثه في الحجرة الرمادية‪ ،‬كما تدرك‬ ‫بكثافة اإلحساس بأنه عبء‪ ،‬مرمي به وحيدا‪ ،‬في صقيع منزلة ما بين ذاكرته نكاية في سكة الزمن‪.‬‬ ‫ولم ينتبه إلى أن قوافل السيارات قد غافلته‪ ،‬فتضاعفت إلى حد‬ ‫األزلية واألبدية‪ ،‬دون أن يدرك كيف ومتى تهيأ هذا‪ .‬ماذا حدث لي؟‬ ‫لقد فاجأتني جلطة دماغية‪ .‬ال‪ ،‬يبدو أنك أصبت بالزهايمر أيضا‪ .‬ربما االختناق‪ ،‬ومثلها تكاثرت أسراب الغربان أضعافا مضاعفة فوق أعالي‬ ‫كانت أزمة قلبية حادة‪ .‬ال ال‪ ،‬إنها امرأة هوليودية المظهر والمخبر الصفصافة‪ ،‬وأن الشباب قد شرع يشيب فيه‪ ،‬ونظره يعشو‪ ،‬وأسنانه‬ ‫دهستني بسيارة زوجها ثم فرت‪ .‬ال ال ال‪ ،‬ربما تذكرت أنها هراوة األمامية تتخلخل‪ ،‬وذاكرته تنسى‪ ،‬دون أن تنسى أو تتناسى تورطه‬ ‫عشوائية تطارد ضباعا هاربة فوق الطوار‪ ،‬نزلت علي الرأس فشقته‪ .‬في حالته الحالية‪ ،‬كما لم تنس مجيء الطبيب‪ .‬لهذا ال يتوقف أنينه‬ ‫ال ال ال ال‪ ،‬قد أكون سقطت في خندق عريض عميق كاألعمى‪ .‬ال ال ال عن المناداة عليه‪ .‬وإن لم تقدم له أي إشارة على أنه سيأتي إليه‪ .‬ألم‬ ‫ال ال‪ ،‬ال هذا وال ذاك‪ .‬إن ما هو متأكد من تذكره‪ ،‬أن الدنيا كانت تفر تقولوا إنه آت غدا أيها األوغاد؟ فأين هو؟‪ .‬هل سيأتي حتى تسكت‬ ‫بعماراتها وأشجارها وأعمدة كهربائها وسياراتها وشاحناتها ومارّاتها ساعة القلب أو تقوم الساعة؟‪ .‬صبرا‪ ،‬سوف يأتي‪ ،‬لقد هاتفنا وسألنا‬ ‫عنك‪ .‬أخبرنا بأنه سيأتي‪ .‬خسئتم‪،‬‬ ‫إلى الوراء‪ .‬وحدها سيارة اإلسعاف‬ ‫أعرف أنكم أنتم من يحول دون‬ ‫كانت تمرق عبر األزقة والشوارع نحو‬ ‫مجيئه‪ ،‬تطمئنونه على حالتي‬ ‫األمام‪ ،‬بينما نعيق بوقها مرتفع إلى‬ ‫وحالتي ال يعلم بها إال اهلل‪.‬‬ ‫أقصى حده‪ ،‬وكأنما أشراط الساعة‬ ‫قد شرعت تفرز قبحها‪ ،‬أو نفخ في‬ ‫شخص بنظره الهش عبر‬ ‫الصور‪ :‬طيييي طوووو طيييي‬ ‫النافذة‪ .‬وما أن سقط نظره على‬ ‫طوووو طيييي طوووو‪.....‬‬ ‫الصفصافة‪ ،‬حتى شطح في أعماقه‬ ‫رعب رهيب‪ .‬ففي لحظة غبش‪،‬‬ ‫مضطجعا على ظهره‪ ،‬دون أن‬ ‫ال تقاس بالزمان وال بالمكان‪،‬‬ ‫يتخفف تنفسه من لهاثه‪ ،‬انخرط في‬ ‫بدا مأخوذا باحتشاد سحابة‬ ‫متابعة النفثات البلورية‪ ،‬تهسهس‬ ‫الغربان السوداء أكثر وأكثر فوق‬ ‫داخل كيس السيروم البالستيكي‪،‬‬ ‫الصفصافة‪ ،‬مستبدلة وجوهها‬ ‫وتتسلل أفعى منحدرة داخل ملتوى‬ ‫بوجوه شبيهة بوجوه أكلة لحوم‬ ‫األنبوب الرقيق نحو جسده‪ ،‬عبر ناب‬ ‫البشر في غابة استوائية‪ ،‬أو بوجوه‬ ‫حاد مغروس في جلدة ظهر كفه‬ ‫بشر في حفلة جماعية تنكرية‪.‬‬ ‫اليسرى‪ ،‬حتى تمنعه من الموت‪.‬‬ ‫وهاله أن الصفصافة شاخت تماما‪،‬‬ ‫وحين غشى رأسه دوار حاد‪ ،‬قرع‬ ‫وصارت توحي بأنها آيلة للسقوط‬ ‫الجرس مستجديا مجيء الممرضة‪،‬‬ ‫حتما‪ ،‬لتكون حطبا للنار‪ .‬ولما لم‬ ‫لم يأته أحد‪ .‬فقد سبق أن قيل له‬ ‫يتوقف دق ناقوس الرعب بين‬ ‫مرات‪ ،‬وفي لهجة تمأله حمى شديدة‬ ‫تالفيف دماغه‪ ،‬عمد إلى دعك عينيه‬ ‫السخونة‪ :‬لقد فحصك الطبيب‪ ،‬فهل‬ ‫بكفه اليسرى‪ ،‬في لحظة يتيمة‬ ‫تريد أن يحضر لمنادمتك ياعمنا‬ ‫يعلى‬ ‫مصطفى‬ ‫الزمان‪ ،‬انتبه خاللها إلى أن سحابة‬ ‫الوقور‪ .‬يا أبناء اللعينة‪ ،‬تقتاتون‬ ‫الغربان المسودة‪ ،‬قد تحركت‬ ‫الحنظل باسم الطبيب‪ .‬هاتوا‬ ‫الطبيب‪ ،‬لسوف أشكوكم إليه عند ظهوره‪ .‬سأؤكد له أنكم أمسيتم مندفعة الجتياح الحجرة فيما يشبه الزوبعة القوية‪ ،‬فلم يشك في‬ ‫تتسكعون بحواس خاملة في غابة ملعونة‪ .‬ال خبر لديكم بكونكم من أن يكون أحدهم قد أثارها عمدا‪ .‬راحت الغربان الشاردة تتنافس في‬ ‫المفروض أنكم من مالئكة الدنيا‪ ،‬وما ينبغي أن تكون حسناتكم غال الهجوم عليه‪ .‬تنقر عينيه وفمه‪ .‬تقضم أنفه وأذنيه‪ .‬تخرب كل مكان‬ ‫في كيانه‪ .‬تلعق دمه‪ .‬إلى أن تم ّ‬ ‫تقطيع جسده شرائح لحم سائغة‪،‬‬ ‫جاريا‪ ،‬أيها المتشبهون بالكالب الضالة‪.‬‬ ‫بين النوم والكوابيس واليقظة واللهاث‪ ،‬كرر قرع الجرس مرارا‪ .‬في حجم لقم دانية االلتهام‪ .‬فأغلق أذنيه بكفيه‪ ،‬إذ ربضت سيارة‬ ‫في المرة األخيرة‪ ،‬زحف عدد من الممرضين على حجرته‪ ،‬منزعجين إسعاف تحت النافذة‪ ،‬دون أن يتوقف بوقها طوووو طييييي طووووو‬ ‫من توتير رنات الجرس اللجوج ألعصابهم‪ ،‬وتهيأ له أنهم طوقوه‪ ،‬وأنه طييييط‪ ...‬هتف‪ :‬اللعنة عليكم جميعا‪.‬‬ ‫يحلم‪ ،‬ثم انطلقوا يهيلون نفورهم عليه‪:‬‬ ‫ها هو الطبيب قد أتى‪ .‬إذن لم يكذبوا هذه المرة‪ .‬لم يتفادوه‬ ‫كعادتهم‪ ،‬بل حملقوا فيه وأشعروه‪ :‬سيدخل عندك حاال‪ ،‬ومشية بال‬ ‫ـ من قال لك إنه سيهل؟‪ ،‬أعلى عمش عيونك سيأتي؟‬ ‫رجعة ياوجه النحس‪ .‬فعاوده األمل في أن تكون ساعة المغادرة معافى‬ ‫ـ ال ترهق نفسك‪ ،‬الطبيب ال يرى المريض سوى مرة واحدة‪ ،‬ثم قد أزفت حقا‪ ،‬وإن لم يتالش توجسه تماما من كذب الممرضين‪ ،‬فلوال‬ ‫يترك أمره لنا‪.‬‬ ‫مخاتلتهم لما تأخر الطبيب في المجيء‪ .‬قبل أن أشكوه آالمي‪ ،‬سأجعله‬ ‫دون‬ ‫حتى‬ ‫يرعاك‪،‬‬ ‫من‬ ‫وتجد‬ ‫سرير‪،‬‬ ‫على‬ ‫تنام‬ ‫أنك‬ ‫ربك‬ ‫ـ احمد‬ ‫يقتنع بأنكم يا ساللة الغربان‪ ،‬رجس من عمل اإلنسان‪ .‬لفد سرقوا هذا‬ ‫بقشيشلعين‪.‬‬ ‫اإلسطبل خالل غيابك‪ .‬لكن أين هو أوال؟‪ .‬لقد دخل الحجرة المجاورة‬ ‫فاستعد‪ ،‬سيزورك فورا‪ ،‬وعفى اهلل عما سلف‪.‬‬ ‫ـ ثم‪ ،‬مالك تجعل من الحبة قبة‪ ،‬ومن القبة حبة‪ ،‬فمن تكون؟‬ ‫استعادت نفسه انتعاشها‪ ،‬فتضاعفت لهفة انتظاره‪ .‬وإن اعترت‬ ‫ـ اسمع يا هذا‪ ،‬إنك تهرف بما ال تعرف‪ ،‬فأنت كمن يمشي في‬ ‫موجة دوار مجددا مقدمة رأسه‪ ،‬مع اؤتفاع لهاثه‪ .‬أخيرا سينعتق‪.‬‬ ‫نومه‪.‬‬ ‫ـ يكفي أننا لم نر أحدا من ذوي قرباك‪ ،‬يأتيك بكعكة أو شوكالط‪ ،‬فحالما يأمر الطبيب بمغادرته المستشفى‪ ،‬سوف تتوقف ساعات بل‬ ‫سنوات النظر المركز إلى كيس السيروم‪ ،‬ومراقبة انسياب القطرات‬ ‫أو حتى بباقة ورد على األقل‪.‬‬ ‫البلورية في األنبوب الرقيق‪ ،‬ووخز إبرته الذي ال يتوقف‪ ،‬وشم روائح‬ ‫مسوس‪.‬‬ ‫كالمه‬ ‫فلوس‬ ‫عنده‬ ‫ليس‬ ‫ـ وباختصار مفيد‪ ،‬من‬ ‫أدوية مقززة‪ ،‬وتخليص نفسه من نظرات الممرضين الحاقدة لوجه‬ ‫ارتدوا‬ ‫أنهم‬ ‫أدرك‬ ‫لديه‪،‬‬ ‫مألوف‬ ‫دوار‬ ‫من‬ ‫حالما استعاد توازنه‬ ‫اهلل‪ .‬سيتم فكاكه من القبو الرمادي وهو حي يرزق‪ .‬فهناك في الخارج‪،‬‬ ‫عنه مسرعين‪ ،‬فراح يترنح ثم ارتخى كالمحتضر‪ ،‬بفعل شالل الفظاظة تنتظره ألف مهمة ومهمة يجب إنجازها‪ ،‬تتقدمها شذرات ومض المع‬ ‫الفضفاضة‪ ،‬الذي أمطره به فيلق الممرضين المتأففين‪ ،‬فاصطك البرد جعلتها صرامة حياته في حالة انفالت دائم‪ ،‬لهذا قرر من اآلن فصاعدا‬ ‫في شرايينه‪ ،‬ولسان دماغه يلوك فيما يقرب من النسيج‪ :‬في الليالي أن يمتد طليقا في اآلفاق مثل جده األعلى السندباد؛ يمتطي المراكب‬ ‫العجاف تفتقد األنوار‪ ،‬يا جرذان المجاري‪ .‬شر البلية ما يبكي ويحرق السياحية‪ ،‬يضاحك ضوء القمر في عز اكتماله‪ ،‬ينصت إلى همسات‬ ‫القلب‪ .‬لو كنتم تفهمون معنى (في الليلة الظلماء يفتقد البدر)‪ ،‬لما الشفق فجرا وغروبا‪ ،‬يركض متعقبا أقواس قزح ليمسك بألوانها‬ ‫كنتم ضباعا عقلها في بطنها‪ .‬فآه لو كان الناس ناسا أحياء في دنياهم بين ندف السحاب الشفيف‪ ،‬يداعب الفراشات وهي ترتع بين تويجات‬ ‫هذه يرزقون‪ ،‬لما صرتم ضباع سرك وال ساللة حرباء‪ .‬لكن خال لكم الورود‪ ،‬يستنشق الهواء الطازج في صباحات الحدائق الفردوسية‪،‬‬ ‫الجو فبيضوا واصفروا ما شاء لكم صياح بطونكم‪.‬‬ ‫يسابق زبد المويجات المتكسرة على الشاطئ الدافئ‪ ،‬يغازل حمامة‬ ‫نقل نظره في فتور وبطء من كيس السيروم‪ ،‬ومراقبة انسياب بيضاء تحلق مرفرفة في غنج ودالل‪ ،‬يختزن أرق المعزوفات بين شعاب‬ ‫القطرات البلورية داخل األنبوب الرقيق‪ ،‬إلى النافذة متأمال صفصافة مسامعه‪ .‬ردد مع نفسه‪ :‬ياسالم ‪...‬‬ ‫هيفاء‪ ،‬مزدهاة بطراوة جدائلها المخضلة بالندى‪ ،‬المنسابة في تشابك‬ ‫تجلل القبو برائحة االحتضار‪ ،‬حين ران سكون جنائزي في البهو‪،‬‬ ‫وتهدل‪ ،‬جعلت رغبته تشطح للحظة‪ ،‬نحو تقمص صورة طفولته مما اقتاد أنفاسه الهابطة الصاعدة‪ ،‬إلى التصنت بتركيز وهو مغمض‬ ‫متسلقة مثيالتها من األشجار المطواعة‪ ،‬من أجل جمع البيض من العينين‪ ،‬على وقع خطوات الطبيب المتوقعة‪ .‬لم يسمع شيئا‪ .‬وبدل‬ ‫أعشاش الطيور المتناثرة بغزارة على أوراكها‪.‬‬ ‫أن يطل سيادة الطبيب‪ ،‬اقتحم ثالثة رجال أشداء القبو‪ ،‬وأمروه في‬ ‫حدق بتركيز في تكوين الصفصافة‪ ،‬فوجدها هائلة يصلح غطرسة ال ترحم‪ ،‬أن استعد للذهاب معنا‪ ،‬فقد جاء دورك‪.‬‬

‫مجرد أسئلة‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬ ‫استطاعت القصيدة المعتمدة على النثرية بسط سيطرتها على المشهد الشعري‬ ‫المغربي‪ ،‬وكادت القصيدة العمودية أن تختفي عن التداول الشعري‪ ،‬كما توارت القصيدة‬ ‫التفعيلية عن النظر الشعري إال قليال‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي انحسر فيه تيار الحداثة الفكري لوجود فجوات تاريخية‬ ‫وإبستمولوجية في خلقه األول‪ ،‬زادت سيطرة الشعراء الحداثيين النثريين الذين أمعنوا‬ ‫في التمرد على القصيدة المغربية األولى متعمدين إحداث القطيعة النهائية معها‬ ‫مبتعدين عنها بخطوات شعرية غير محسوبة‪ ،‬الشيء الذيأوصلها‪ ،‬في تقدير الكثير من‬ ‫المهتمين والمتتبعين‪ ،‬إلى الباب المسدود‪.‬‬ ‫هل استطاعت القصيدة المغربية المعتمدة في أغلبيتها المطلقة على النثرية مأل‬ ‫مكانها الشعري وخلق تقليد شعري مغربي يمكنها من أخذ المكانة المطلوبة في سياق‬ ‫الشعر المغربي والعربي الحديث؟‬ ‫هل هذه الموجة اإلبداعية الجديدة من حياة القصيدة المغربية استطاعت امتالك‬ ‫ناصية الكتابة المأمولة المؤسسة على وعي أدبي‪ ،‬كائن أو ممكن‪ ،‬مأطر معرفيا ومحدد‬ ‫نقديا؟‬ ‫لماذا لم تستطع هذه القصيدة المغربية تجاوز الخاصية التي تلصق بها باعتبارها‬ ‫حركة شعراء وليست حركة مدرسة أو مدارس شعرية؟‬ ‫وتبعا لهذا أين ذهبت جهود ( أصدقاء المعتمد ) و( رواد القلم ) و( الغارة الشعرية ) و(‬ ‫بيت الشعر )‪ ،‬وكذلك أين وصلت البيانات الشعرية المتعددة التي كانت تفصل القول في‬ ‫واقع ومستقبل القصيدة‪ ،‬إن على مستوى المفاهيم أو على مستوى التصورات؟‬ ‫هل تزايد نشر وتداول الدواوين الشعرية المغربية كان كفيال بإخراج القصيدة‬ ‫المغربية من طور الهواية الشعرية إلى طور احتراف الشعر‪ ،‬باعتباره عمال إبداعيا يستحق‬ ‫االرتباط الكاثوليكي‪ ،‬وباعتبار الشاعر كائنا معنويا يجب أن يكون له الوضع االعتباري‬ ‫الذي يستحقه في المجتمع؟‬ ‫هل خفوت االنتماء اإليديولوجي للشعراء وابتعادهم عن التعبير عن مواقعهم‬ ‫الطبقية ومواقفهم السياسة‪ ،‬هروبا أو طمعا أو تعففا‪ ،‬كان له دور في انحسار القول‬ ‫الشعري الوجيه والقريب من التلقي السليم؟‬ ‫إذا كانت كتب مثل ( المصطلح المشترك ) و( درجة الوعي في الكتابة ) و ( ظاهرة‬ ‫الشعر المعاصر في المغرب ) و( بنية الشهادة واالستشهاد في القصيدة المغربية‬ ‫المعاصرة )‪ ،‬بعيدا عن أي تصنيف إيديولوجي‪ ،‬قد واكبت القصيدة المغربية إبان وجودها‬ ‫األول‪ ،‬وصاحبتها في اتجاه االستواءوالنضج‪ ،‬أين هو النقد الشعري المغربي اآلن؟‬ ‫وإن وجد‪ ،‬هل يملك من الوضوح النظري والمنهجي ما يمكنه من إسعاف القصيدة‬ ‫المغربية وإخراجها من حالة الخمود والسكون والفوضى؟‬ ‫لماذا دائما يفضّل الشعراء المغاربة قتل األب والبدء من درجة الصفر في الكتابة‬ ‫الشعرية‪ ،‬وكأن القول الشعري السوي ال ينطلق إال منهم؟‬ ‫هل يعتبر التقسيم الجيلي للشعراء المغاربة سبة في حقهم؟‬ ‫وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬لماذا لم يستسغ عدد من الشعراء تغيير حمولة تقسيم‬ ‫األجيال الشعرية بالحديث عن حساسيات شعرية ممكنة؟‬ ‫وهل هذه الحساسيات الشعرية الجديدة هي إضافة نوعية في مسار القصيدة‬ ‫المغربية‪ ،‬أم هي اجتهادات شخصية تحاول تجاوز الوضع الشعري القائم باحثة عن ممكن‬ ‫شعري آخر؟‬ ‫ثم هل هذه الحساسيات تنطلق من وعي شعري ممكن بمشروع قصيدة نثرية‬ ‫مغربية محدد في خلفياته ومنطلقاته وأدواته‪ ،‬أم ينعدم مثل هذا الوعي لديها؟‬ ‫إلى أي حد يمكن اعتبار هذه الحساسيات أو التجارب الشعرية الجديدة حاملة‬ ‫لشروطها اإلبداعية ومفهومها الشعري وتقنيات تعبيرها ورؤيتها للعالم‪ ،‬وناجحة في‬ ‫مسيرتها التاريخية البعيدة عن تراكمات القصيدة المغربية الحديثة بكل حموالتها‬ ‫اإلبداعية والنقدية؟‬ ‫هل القصيدة المغربية ّ‬ ‫كل شعري ال ينقطع وال يتجزأ‪ ،‬أم هي تجارب شعرية متفرقة‬ ‫ومتنوعة حسب الزمن وحسب الظروف وحسب الذات وحسب الهوى الشعري؟‬ ‫هل القصيدة المغربية‪ ،‬اآلن‪ ،‬في عافية شعرية؟‬ ‫منذ الميالد األول‪ ،‬في ستينيات القرن الماضي‪ ،‬آمنت القصيدة المغربية بما تقول‪،‬‬ ‫وأسست لكيفية قولها الشعري بوعي مفاهيمي ووضوح نقدي وانتباه تاريخي كبير‪ ،‬آخذة‬ ‫بعين االعتبار كل التحوالت التي مست الواقع الشعري العربي والعالمي‪ ،‬ولكن انفالت‬ ‫عقال قصيدة النثر وتمثلها للحداثة بدونوعي نقدي‪ ،‬وإصابة شعرية القصيدة المغربية‬ ‫بعيوب وأمراض فنية متعددة‪ ،‬وإغراقها في الالشيئية التي أبعدتها عن فهم وإحساس‬ ‫المتلقي‪ ،‬وإصرار الكثير من الشعراء على التجريب الشعري مستلهمين تجارب بعيدة‪،‬‬ ‫غربا وشرقا‪ ...‬كل هذا وغيره أدى بالقصيدة المغربية إلى السقوط في مستنقعاختلط‬ ‫فيه الحابل اإلبداعي بالنابل الشعري‪ ،‬وفقدانها لهوية شعرية كانت إلى عهد قريب أهم‬ ‫ما يميز المغرب الشعري الحديث والمعاصر‪.‬‬ ‫لن نتحدث عن المحيط الثقافي للقصيدة المغربية المرتبط بالسياسة العامة‬ ‫للسلطة‪ ،‬ممثلة في وزارة الثقافة والهيئات المرتبطة بها‪ ،‬وموقفها من الشعر والشعراء‪،‬‬ ‫ألن أغلب الشعراء المغاربة‪ ،‬على األقل منذ أواخر الخمسينيات‪ ،‬كانوا يفكرون من خارج‬ ‫السلطة الثقافية للدولة‪ ،‬بل يعبرون عناختيارات إبداعية وفكرية وثقافية مناقضة لها‪،‬‬ ‫في تماه تام مع مواقعهم ومنطلقاتهم واختياراتهم االجتماعية واإلبداعية والفكرية‬ ‫الخالصة‪ ،‬بعيدا عن توجيهات أو مصالح أو جوائز‪.‬‬ ‫هل القصيدة المغربية‪ ،‬اآلن‪ ،‬في عافية شعرية؟‬ ‫لعل واقع الحال الشعري في المغرب يغني عن السؤال‪.‬‬


‫العدد ‪995‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫اقتصاد و إدارة‬ ‫ال تنتج إفريقيا إال‪ %1,6‎‬من القيمة المضافة‬ ‫الصناعية العالمية‬

‫رغم اإلمكانيات الكبرى التي تزخر بها القارة اإلفريقية وهامش‬ ‫النمو الكبير إال أن قطاع الصناعة يبقى ضعيفا ومهمشا وفي نفس‬ ‫الوقت هناك طغيان صادرات المواد األولية والمنتجات ذات القيمة‬ ‫المضافة المنخفضة‪.‬‬ ‫وهكذا فإفريقيا ال تساهم إال بالنسبة هزيلة ال تتعدى‪ %1,6‎‬من‬ ‫القيمة المضافة الصناعية على صعيد العالم‪.‬‬ ‫وهكذا القطاع ال يخلق إال‪ %13‎‬من فرص الشغل كما أن اإلدماج‬ ‫الصناعي أو ما يسمى بالكثافة التكنولوجية ألنشطة التصنيع ال‬ ‫تتجاوز‪.%10‎‬‬ ‫وللخروج من هذا المأزق ال بد من ‪:‬‬ ‫ االستفادة من الموارد الطبيعية وعقلنة استغاللها؛‬‫ استعمـــــال بطاقــــة التكنولوجيــة بطريقة حكيمــــة‬‫واستراتيجية؛‬ ‫ تجويد محيط األعمال ؛‬‫ خلق شراكات تتميز بعالقة “رابح‪-‬رابح” ؛‬‫‪ -‬اعتماد نهج منسق للشراكة بين القطاعين العام والخاص‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫اتفاقيات التجارة الحرة تتميز بعجزها‬

‫‪13‬‬

‫يف �أ�سبوع‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬ابراهيم التمسماني‬

‫‪brahimtemsamani@yahoo.fr‬‬

‫أم��ا من حيث توزيع المقاولين الذاتيين على القطاعات‬ ‫اإلقتصادية فهو كاآلتي ‪:‬‬ ‫‪ %43‎‬في التجارة ؛‬‫‪ %38‎‬في الصناعة ؛‬‫‪ %13‎‬في الصناعة التقليدية ؛‬‫ و‪ %6‎‬في الخدمات ‪.‬‬‫هذه الحصيلة تبقى في جميع األحوال مشرفة وإيجابية ولكن‬ ‫يجب التذكير أن عدد المقاولين الذاتيين يحتمل أن يصل إلى ‪4‬‬ ‫مليون مقاول ذاتي !‬

‫تحليل لمستويات األجور في المغرب‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫خالل سنة ‪2019‬‬

‫مستوى الفقر في الجهات المغربية‬

‫قام مكتب الخبرة والتخصص في التوظيف (‪ )ReKrute‬بنشر‬ ‫آخر تقرير له والذي يتعلق بمسح حول الرواتب واألجور‪.‬‬ ‫وهذا اإلستطالع تعلق بسبع قطاعات وظيفية ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬تعتبر الفندقة والسياحة من بين الوظائف األقل دفعا لألجور‬ ‫فعلى سبيل المثال يتقاضى وكيل الحجز( (�‪Agent de réserva‬‬ ‫‪ )tion‬أجرا شهريا يتراوح ما بين ‪ 4.000‬و‪ 7.000‬درهم‪.‬‬ ‫‪ - 2‬في الدرجة الثانية هناك التجارة (‪.)Commercial‬‬ ‫فالعاملون في هذه الوظائف يتقاضون أجرا يتراوح ما بين ‪4.000‬‬ ‫و‪ 6.500‬درهم كأجر قار باإلضافة إلى بعض المكافآت والتحفيزات‬ ‫المالية المتعلقة برقم األعمال أو المشاريع التي تمت المساهمة‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬هناك المحاسبة والمالية حيث يبتدأ العامل في وظيفة‬ ‫المحاسبة بأجر يتراوح بين ‪ 7.000‬و‪ 10.000‬درهم بينما يصل أجر‬ ‫المدير المالي إلى ‪ 30.000‬درهم وفي بعض الحاالت بتجربة تفوق‬ ‫‪ 15‬سنة إلى ‪ 45.000‬درهم‪.‬‬ ‫‪ - 4‬التسويق والتواصل تتراوح فيها األجور ما بين ‪8.000‬‬ ‫و‪ 12.000‬درهم بالنسبة للمبتدئين بينما يرتفع األجر بالنسبة‬ ‫للذين تفوق تجربتهم ‪ 5‬سنوات إلى حدود ‪ 35.000‬درهم‪.‬‬ ‫‪ - 5‬المنظومة المعلوماتية هي من بين القطاعات التي فيها‬ ‫األجور مرتفعة‪.‬‬ ‫فاألجر يبدأ من ‪ 10.000‬درهم وقد يصل إلى ‪ 20.000‬درهم‬ ‫لكن األجر ال يتعدى ‪ 30.000‬درهم بالنسبة للموظفين األكثر‬ ‫تجربة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬يعتبر قطاع البنوك من بين القطاعات األكثر رواجا من حيث‬ ‫األجور حيث تصل هذه األخيرة وبدون تجربة إلى ‪ 13.000‬درهم وقد‬ ‫تصل إلى حدود ‪ 25.000‬درهم بالنسبة للمكلف أو القائم بأعمال‬ ‫الشركات‪.‬‬ ‫‪ - 7‬يستفيد المهندسون من أعلى األجور رغم أنهم ينتمون‬ ‫إلى قطاعات اقتصادية مختلفة (السيارات‪ ،‬الطائرات‪ ،‬الطاقة…)‬ ‫فأجورهم تتراوح ما بين ‪ 12.000‬و‪ 18.000‬درهم في البداية وتصل‬ ‫إلى ‪ 22.000‬درهم بعد ثالث سنوات من الخبرة‪.‬‬ ‫ولكن في العموم هناك مجموعة من األمور التي تحدد سقف‬ ‫األجور منها ‪:‬‬ ‫ مستوى التعليم والدبلوم المحصل عليه ومن أية جامعة‬‫أو مدرسة عليا ؛‬ ‫ عدد سنوات الخبرة والتجربة ؛‬‫ قدرة الموظف على التفاوض ؛‬‫‪ -‬مستوى أدائه وفعاليته‪...‬‬

‫حسب التقرير األخير للمكتب الوطني للتنمية البشرية (‪)ONDH‬‬ ‫هناك أربع جهات يوجد فيها فقر مرتفع عن المستوى المتوسط‬ ‫للمملكة أي‪.%19,6‎‬‬ ‫هناك ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬درعة‪-‬تافاللت ‪%39,6‎:‬‬ ‫‪ - 2‬مراكش‪-‬آسفي ‪%30,1‎:‬‬ ‫‪ - 3‬الشرق ‪%26,1‎:‬‬ ‫‪ - 4‬وفاس‪-‬مكناس ‪%22,7‎:‬‬ ‫تأتي جهة سوس‪-‬ماسة في الدرجة الخامسة بنسبة ‪%19,6‎‬‬ ‫متبوعة بخنيفرة وبني مالل ‪ %17,9‎‬وتأتي جهة طنجة‪-‬تطوان‪-‬‬ ‫الحسيمة في الدرجة السابعة بنسبة ‪ %16,9‎‬ثم الرباط‪-‬سال‪-‬‬ ‫القنيطرة بنسبة ‪ %16,6‎‬فالدار البيضاء‪-‬سطات في الدرجة التاسعة‬ ‫بنسبة‪%11‎‬‬ ‫وأخيرا المناطق الجنوبية للمملكة بنسبة‪.%5,2‎‬‬ ‫ويشير تقرير المكتب الوطني للتنمية البشرية أن تكوين أب‬ ‫األسرة هو من أهم العوامل التي تساعد على الخروج من الفقر‪.‬‬

‫ وضع نظام ضريبي جديد يتميز باإلنصاف الضريبي وبسهولة‬‫تطبيقه ؛‬ ‫ يجب أن يكون هذا النظام الحديد متوازيا مع مستوى التقدم‬‫والتنمية للمملكة ؛‬ ‫ إعداد نظام ضريبي يشجع اإلستثمارات التي تخلق فرص‬‫الشغل وفرض ضرائب إضافية على اإلستثمارات “الريعية”‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫إن جميع اتفاقيات التجارة الحرة مع باقي بلدان العالم تتميز‬ ‫بكونها فيها عجز تجاري إال مع بعض الدول اإلفريقية والبرازيل‪.‬‬ ‫وأهم شريك اقتصادي للمغرب هو اإلتحاد األوروب��ي ويصل‬ ‫العجز التجاري مع هذا األخير إلى ‪ 90‬مليار درهم وتجاوز ‪ 35‬مليار‬ ‫درهم مع الصين و‪ 12‬مليار درهم مع تركيا‪.‬‬ ‫هذا العجز التجاري البنيوي له عواقب وخيمة على نمو اإلقتصاد‬ ‫الوطني وكذلك على خلق فرص الشغل والتقليص من مشكل‬ ‫البطالة‪.‬‬ ‫إذن على الحكومة وعلى المسؤولين بالشأن اإلقتصادي أن‬ ‫يضعوا استراتيجية جديدة من شأنها النقص من هذا العجز التجاري‬ ‫المفرط والتوجه أكثر نحو العمق اإلفريقي مع إعادة النظر في‬ ‫اإلندماج والتكامل مع دول المغرب العربي‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫مشروع مدن المهن والكفاءات‬

‫حصيلة المقاول الذاتي بعد أربع سنوات‬

‫مر على قانون ‪ 114.13‬أربع سنوات (مارس ‪ )2016‬وكان الهدف‬ ‫منه وال زال هو اقتراح حل خالق وجذاب للتقليل من مشكل األنشطة‬ ‫السوداء أو غير الرسمية وكذلك القضاء تدريجيا على معضلة البطالة‪.‬‬ ‫وكان الهدف أيضا هو تسجيل ‪ 100.000‬مقاول ذاتي في‬ ‫السجل الوطني في أفق سنة ‪.2020‬‬ ‫حاليا وصل عدد المقاولين الذاتيين إلى ‪ 93.000‬مقاول بمعنى‬ ‫أن الهدف سيتم تجاوزه مع حلول العام المقبل‪.‬‬ ‫ويمثل عدد النساء المقاوالت ‪ %31‎‬بينما كان عددهن في‬ ‫البداية ال يتجاوز‪.%9‎‬‬ ‫ويصل رقم أعمال جميع المقاولين الذاتيين حاليا إلى ‪633‬‬ ‫مليون درهم يقومون بتأدية ضريبة إجمالية تصل إلى ‪ 11‬مليون‬ ‫درهم‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫شروط إنجاح وإصالح المنظومة الضريبية‬ ‫في المغرب‬

‫يتميز النظام الضريبي المغربي بعدة اختالالت من أهمها أن‬ ‫هذا النظام ‪:‬‬ ‫ غير منصف ؛‬‫ ‪ %0,8‎‬من دافعي الضريبة على القيمة المضافة هم الذين‬‫يؤدون‪ %80‎‬من تلك الضريبة ؛‬ ‫ تفوق المداخيل الضريبية غير المباشرة مثل الضريبة على‬‫القيمة المضافة مداخيل الضريبة المباشرة وهذه حالة خاصة‬ ‫بالمغرب ؛‬ ‫ كلما استثمرنا أكثر كلما خضعنا أكثر للضريبة ؛‬‫ هناك ‪ 27‬ضريبة محلية‪ ،‬مما يجعل النظام الضريبي المحلي‬‫معقدا وغير شفاف…‬ ‫وللخروج من هذه اإلختالالت والعمل على إنجاح نظامنا الضريبي‬ ‫ال بد من ‪:‬‬

‫من أجل النهوض بقطاع التكوين المهني‪ ،‬قرر جاللة الملك‬ ‫إحداث “مدن المهن والكفاءات” في جميع جهات المملكة ال ‪.12‬‬ ‫ويهدف هذا المشروع المهيكل واالستراتيجي إلى ‪:‬‬ ‫ تأهيل عرض التكوين ؛‬‫ وإعادة هيكلة الشعب ؛‬‫ وتحسين قابلية تشغيل الشباب ؛‬‫ وإحداث جيل جديد من مراكز التكوين المهني‪.‬‬‫وسيتطلب هذا المشروع كلفة مالية تصل إلى ‪ 3,6‬مليار درهم‬ ‫ستساهم فيها الدولة والمكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش‬ ‫الشغل وكذلك الجهات‪.‬‬ ‫وسيتم الشروع في أشغال البناء ابتداءا من فاتح يناير من السنة‬ ‫المقبلة على أساس أن يكون هناك افتتاح تدريجي للمراكز الجديدة‬ ‫للتكوين المهني ابتداءا من الدخول المهني لسنة ‪.2021‬‬


‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجـة‬

‫‪14‬‬

‫ليلةالقدر‬ ‫وزكاة الفطر‬

‫إن‬

‫شهر رمضان المنوه بقدره في القرآن قد دخل‬ ‫في عشره األواخر وأسرعت أيامه في االنصراف‪،‬‬ ‫وعما قريب يودعنا بخيره وبركاته‪ ،‬فاغتنم أخي المسلم‬ ‫ماتبقى من أيامه واستدرك مافاتك من إكرامه‪ ،‬فلعلك ال‬ ‫تدركه في السنة المقبلة‪ ،‬وال تأخرك المنون إلى استكماله‬ ‫وإتمامه‪ ،‬ولقد دخلنا في عشره األواخر ذات القدر الجليل‬ ‫واألجر العظيم‪ ،‬فاجتهد فيها كل االجتهاد‪ ،‬وتقرب فيها‬ ‫لربك بكل أنواع العبادات‪ ،‬فقد كان أعبد الخلق سيدنا‬ ‫محمد صلى اهلل عليه وسلم يكثر فيها القيام ليتأسى به‬ ‫المسلمون ويجتهدون‪ ،‬ففي صحيح مسلم عن عائشة‬ ‫رضي اهلل عنها قالت‪“ :‬كان رسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم يجتهد في العشر األواخر من رمضان ماال يجتهد‬ ‫في غيرها”‪ .‬وفيه أيضا عنها أنها قالت‪ “ :‬كان رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم إذا دخل العشر األواخر أحيا ليله‬ ‫وأيقظ أهله وشد مئزره” وفي هذا إشارة إلى فضل هذه‬ ‫الليالي وفضل قيامها والتقرب إلى اهلل فيها بشتى أنواع‬ ‫العبادات‪،‬ودعوة إلى التأسي برسول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم في فعله ونهجه فيها‪.‬‬ ‫وتيمموا في هذه العشر ليلة تفتح فيها أبواب القبول‪،‬‬ ‫ويمنح فيها السائل سؤله‪ ،‬ويغفر اهلل ذنبه ويقبل توبته‪،‬‬ ‫ليلة اختارها اهلل على سائر ليالي الدهر‪ ،‬وجعلها سالما حتى‬ ‫مطلع الفجر‪ ،‬ما قام هلل فيها قائم إال ظفر بمطلوبه‪ ،‬وال‬ ‫دعا هلل فيها داع إال استجاب له في مرغوبه‪ ،‬وال أنا ب إليه‬ ‫منيب إال عجل بمحو ذنوبه‪ ،‬وال لجأ إليه مكتئب إلى قضى‬ ‫بتفريج كروبه‪ ،‬فيها الخير كله والفضل أجمعه‪ ،‬وهي ليلة‬ ‫ورد ذكر فضلها في القرآن الكريم حيث قال تعالى‪� “ :‬إِنَّا‬ ‫َاه يِف َل ْي َل ِة ا ْلق َْد ِر‪َ ،‬و َما �أَ ْد َر َ‬ ‫�أَ ْن َز ْلن ُ‬ ‫اك َما َل ْي َل ُة ا ْلق َْد ِر ‪َ ،‬ل ْي َل ُة‬ ‫َ‬ ‫ف َ�ش ْه ٍر ‪َ ،‬ت َن َّز ُل مْالَ اَلئ َ‬ ‫ِن �أ ْل ِ‬ ‫وح‬ ‫الر ُ‬ ‫ي م ْ‬ ‫ا ْلق َْد ِر َخ رْ ٌ‬ ‫ِك ُة َو ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِن ُ‬ ‫كل �أ ْم ٍر َ‪�،‬س اَل ٌم هِ َي َح َّتىٰ َم ْطل ِع‬ ‫ف َ‬ ‫ِيها ِب ِ�إ ْذ ِن َر ِّبهِ ْم م ْ‬ ‫ا ْلف َْج ِر “ وهي ليلة من ليلي رمضان بدليل قوله تعالى‪:‬‬ ‫“ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن”‪ ،‬وقد بيّن الرسول‬ ‫عليه الصالة والسالم أنّها تكون في إحدى الليالي الوتر‬ ‫من العشر األواخر‪ ،‬وهي عند أكثر أهل العلم ليلة السابع‬ ‫والعشرين من رمضان‪ ،‬فيالها من ليلة يتجلى فيها الملك‬ ‫الغفار ويعم برحمته العصاة واألبرار‪ ،‬أخرج البيهقي في‬ ‫كتاب الثواب له من حديث ابن عباس أنه سمع النبي صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم يقول‪ “ :‬إذا كانت ليلة القدر يأمر اهلل عز‬ ‫وجل حبريل عليه السالم فيهبط في كبكبة من المالئكة‬ ‫ومعهم لواء أخضر فيركز اللواء على ظهر الكعبة وله‬ ‫ستمائة جناح منها جناحان الينشرهما إال في تلك الليلة‪،‬‬ ‫فينشرهما فيتجاوزان المشرق والمغرب فيحث أي يفرق‬ ‫جبريل عليه السالم المالئكة في هذه الليلة فيسلمون على‬ ‫كل قائم وقاعد ومصل وذاكر ويصافحونهم ويؤمنون على‬ ‫دعائهم حتى يطلع الفجر‪ ،‬فإذا طلع الفجر ينادي جبريل عليه‬

‫السالم معاشر المالئكة الرحيل الرحيل‪ ،‬فيقولون ياجبريل‬ ‫فما صنع اهلل في حوائج المؤمنين من أمة محمد صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬فيقول‪ :‬نظر اهلل إليهم في هذه الليلة فعفا‬ ‫عنهم وغفر لهم إال أربعة‪ ،‬فقلنا يارسول اهلل من هم؟ قال‪:‬‬ ‫رجل مدمن خمر وعاق لوالديه وقاطع رحم ومشاحن‪ .‬قلنا‬ ‫يارسول اهلل ومن المشاحن؟ قال هو المصارم ويعني الذي‬ ‫يهجر أخاه المسلم فوق ثالثة أيام وروى ابن أبي شيبة عن‬ ‫أبي هريرة مرفوعا ‪“ :‬إن المالئكة في ليلة القدر أكثر في‬ ‫األرض من عدد الحصا” ‪ ،‬وأخرج الشيخان عن أبي هريرة‬ ‫مرفوعا‪“ :‬من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما‬ ‫تقدم من ذنبه”‪ .‬وروى أصحاب السنن عن عائشة رضي‬ ‫اهلل عنها أنها قالت‪ “ :‬قلت يا رسول اهلل أرايت إن علمت‬ ‫أي ليلة ليلة القدر ما أقول؟ قال قولي‪ :‬اللهم إنك عفو تحب‬ ‫العفو فاعف عني”‪ .‬فاغتنم أخي المسلم هذا الفضل العظيم‬ ‫وتعرض لنفحات الرب في هذه المناسبة الجليلة‪ ،‬وعمر‬ ‫هذه الليلة بالطاعات التي ورد فضلها عن اهلل ورسوله‪،‬‬ ‫وخلصها من البدع والرذائل التي تخالف أصول هذا الدين‬ ‫وفروعه‪ ،‬وصنها عن اللغو والعبث والصخب والرفث‪ ،‬وتقرب‬ ‫فيها إلى اهلل سبحانه وتعالى بما تقدر عليه من األعمال‪،‬‬ ‫فقد روى الخطيب عن أنس مرفوعا‪ “ :‬من صلى العشاء‬ ‫في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الوافر” وأخرج‬ ‫مسلم وأبو داود عن عثمان ابن عفان مرفوعا‪“ :‬من صلى‬ ‫العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى‬ ‫الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله” فتلقى أخي‬ ‫المسلم هذه الليلة بالطاعات واستدرك ما فاتك في شهرك‬ ‫بالتفريط واإلضاعة‪ ،‬فقد يحصل للعامل في الزمان القليل‬ ‫ماال يحصل في الزمان الطويل‪ .‬إنها آخر نفحات هذا الشهر‬ ‫وفضائله‪ ،‬وأعظم مناسبة يتقرب فيها العبد إلى مواله‬ ‫ويطلب عفوه ورضاه‪ ،‬إنها فرصة التاجر الرابح الذي ينتهز‬ ‫فرصة الموسم الجامع للخيرات ويهتبل جاهدا يبغي النجاح‬ ‫والفالح‪.‬‬ ‫ومن حسنات هذا الشهر وفضائله‪ ،‬ونفحات الرب فيه‪،‬‬ ‫أن جعله الحق سبحانه شهر عبادة وتقرب إليه‪ ،‬وشهر جود‬ ‫وكرم إلفراح الضعيف وسد حاجة الفقير‪ ،‬إنه شهر التضامن‬ ‫والتآخي والتآزر بين القوي والضعيف والغني والفقير‪ ،‬ففي‬ ‫الحديث عن ابن عباس رضي اهلل عنه قال ‪ ”:‬كان رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما‬ ‫يكون في رمضان حين يلقاه جبريل‪ ،‬وكان يلقاه في كل‬ ‫ليلة من رمضان فيدارسه القرآن‪ ،‬فلرسول اهلل صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم أجود من الريح المرسلة” ولقد كان لألغنياء في‬ ‫الزمن السالف مظاهر طيبة في هذا الشهر من أجلها بذل‬ ‫الصدقات وإطعام الطعام ومد الموائد للفقراء عند الفطور‬ ‫وعند السحور من كل ما لذ وطاب يبتغون بذلك وجه اهلل‬ ‫فكانت هذه الخيرات تفتح بها بركات السماء وتصب صبا‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫محمد كنون احل�سني‬ ‫على الجميع‪ ،‬فما أحوجنا في هذا الزمان إلى هذا الكرم‬ ‫والجود‪ ،‬وهذا التضامن والتآخي لعل غنينا يخفف من أعباء‬ ‫شريحة كبيرة من ضعفاءنا ومحتاجينا الذين يعانون أشد‬ ‫العناء من غالء األسعار وقلت ذات اليد في هذا الشهر‬ ‫الكريم‪.‬‬ ‫ومن مراسم هذا الشهر حتى يكون الفرح شامال أداء‬ ‫زكاة الفطر التي أوجبها الرسول صلى اهلل عليه وسلم في‬ ‫السنة الثانية للهجرة وهي نفس السنة التي فرض فيها‬ ‫الصوم‪ ،‬فجعل أجر صيام رمضان وثوابه معلقا بين السماء‬ ‫واألرض ال يرفع إال بزكاة الفطر التي تدخل المسرة على‬ ‫الفقير والبائس والمحروم‪ ،‬وتشعره هو اآلخر بالفرح عند‬ ‫فطره وإحساسه بأن يوما هو العيد عاد عليه بمسرتي الدنيا‬ ‫واآلخرة‪ ،‬وهي واجبة على الحر المسلم القادر عليها‪ ،‬بشرط‬ ‫أن تكون زائدة عن قوته وقوت جميع من تلزمه نفقته في‬ ‫يوم العيد‪ ،‬ويخرجها المكلف عن نفسه وزوجته ووالديه‬ ‫الفقيرين وأوالده جميعا ذكورا وإناثا‪ ،‬مالم يكن الذكور‬ ‫الكبار لهم مال خاص فيخرجون منه وال تجب على والدهم‪،‬‬ ‫وما لم تتزوج البنت فحينئذ تكون زكاتها على زوجها ال‬ ‫على أبيها‪ ،‬وكذلك تجب عليه بالنسبة لخدمه ويراعى فيها‬ ‫أن تكون من غالب قوت أهل البلد‪ ،‬ويجوز دفعها نقودا‬ ‫بتقدير قيمتها‪ ،‬وذلك أنفع للفقراء بل هو األفضل عندهم‪،‬‬ ‫وتعطى للفقير والمسكين المحتاج‪ ،‬وللذي عليه دين وعجز‬ ‫عن دفعه‪ ،‬وللغريب الذي تقطعت به السبل‪ ،‬وللمحتاجين‬ ‫من غير المسلمين الذين نلتمس منهم الهداية والدخول‬ ‫في دين اهلل‪ .‬أما وقت وجوبها ففجر يوم العيد وهو األفضل‬ ‫قبل الغدو إلى المصلى‪ ،‬ويجوز إخراجها قبل ذلك بيومين‬ ‫على األكثر‪ ،‬وتأخير إخراجها لغروب شمس يوم العيد‪،‬‬ ‫واليجوز ذلك إال إذا كان عاجزا عنها في وقتها‪.‬‬ ‫وقدرهــا صــاع من القمــح أو الشعيــر وهو أربع حفنات‬ ‫بكلتا اليدين المتوسطتين ال مقبوضتين وال مبسوطتين‪،‬‬ ‫ومن لم يقدر على الصاع لضعفه وكثرة عياله أخرج نصفه‬ ‫أو ثلثه لقوله عليه السالم إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما‬ ‫استطعتم‪ ،‬أما ما يعادله نقدا في زمننا هذا وبحسب ثمن‬ ‫القمح في األسواق فهو‪ :‬ثالثة عشر درهما‪.‬‬ ‫هذه زكاة الفطر التي كان المصطفى صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم يخرجها فجر يوم العيد ليرشد أمته إلى الحكمة في‬ ‫مشروعيتها كما قال‪ :‬أغنوهم عن ذل السؤال في هذا اليوم‬ ‫ألنه يوم فرح لكل المسلمين والسؤال ذل ينافي الفرح‪،‬‬ ‫وهي تطهير للصائم وتكميل لصومه‪ ،‬فعن ابن عباس‬ ‫قال ‪ :‬فرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صدقة الفطر‬ ‫طهرة للصائم من اللغو والرفث‪ ،‬وطعمة للمساكين‪ ،‬فمن‬ ‫أداها قبل الصالة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصالة‬ ‫فهي صدقة من الصدقات‪.‬‬


‫العدد ‪995‬‬

‫من شمال‬ ‫أعالم‬ ‫المغرب ‪:‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫الشيخ عياد المهراز الحزمري‬ ‫الفقيه المدرّس‬

‫اسمه‪ :‬هو الفقيه عياد بن الفقيه محمد المِهْرَاز الحْزُمْري‪ ،‬نسبة إلى دوار المْهَارْزَة من قبيلة بني حُزْمار‬ ‫التابعة إلقليم تطوان شمال المغرب‪.‬‬ ‫والدته‪ :‬وُلد رحمه اهلل بدوار المهارزة فرقة بني راتن من قبيلة بني حُزْمار سنة ‪1337‬هـ‪1916 /‬م‪.‬‬ ‫نشأته وطلبه للعلم‪ :‬نشأ بقبيلته بني حُزْمار؛ حيث حفظ القرآن الكريم على كل من‪ :‬والده الفقيه محمد المهراز‬ ‫بدوار المهارزة‪ ،‬والفقيه محمد بنعمرية بدوار أمْجَعّاف‪ ،‬والفقيه محمد الحرّاتي بالجامع الكبير‪ ..‬ثم انقطع لتعلم‬ ‫مبادئ العلوم‪ ،‬متنقال بين المداشر والمدن‪:‬‬ ‫َ‬ ‫• بقبيلة الخْ ُلوط التابعة لمدينة العرائش‪ ،‬درس األلفية على الفقيه مُفضّل‪.‬‬ ‫• بقبيلة بني حسّان دوار اشروطة درس على الفقيه محمد الدّرقاش‪.‬‬ ‫• بقبيلة بني سعيد دوار بني بغداد تتلمذ على الفقيه أحمد بن محمد خرباق(ت‪1395‬هـ‪1975/‬م)‪.‬‬ ‫• بقببيلة بني يدر دوار العنصر تتلمذ على الفقيه عبدالسالم البغوري‪.‬‬ ‫• دوار بني خلف درس على الفقيه عبد السالم بن النّادي (ت سنة ‪1417‬هـ‪1996/‬م)‪.‬‬ ‫• ثم انتقل إلى مدينة تطوان‪ ،‬وانتسب للمعهد الخليفي‪ ،‬فدرس على الفقيه أحمد بن محمد الفرطاخ‪ ..‬وغيره‬ ‫من أساتذة المعهد‪.‬‬ ‫وبعدها رحل إلى مدينة فاس‪ ،‬فتتلمذ ‪-‬خالل مدة إقامته بها‪6 :‬سنوات‪ -‬على كبار علمائها وفقهائها؛ أمثال‪:‬‬ ‫• الشيخ عبدالعزيز بن أحمد ابن الخياط الزكاري(ت‪1394‬هـ‪1974/‬م)‪.‬‬ ‫• الفقيه أبو الشتاء الصنهاجي(ت‪1365‬هـ‪1946/‬م) درس عليه‪ :‬تحفة ّ‬ ‫الحُكام البن عاصم الغرناطي‪ ،‬وكان‬ ‫سارده بالحَ ْلقة‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫• الفقيه عبدالكريم الداودي‪ ،‬درس عليه تحفة ّ‬ ‫الحُكام البن عاصم‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫• الفقيه عبداهلل الداودي –وهو أخ الفقيه السابق‪ -‬درس عليه مختصر خليل‪ .‬قال الشيخ المترجم مُعَلقا‪( :‬وقد‬ ‫كان ِجدِّياً وصارما أثناء الدّرس على العكس بالنسبة ألخيه عبدالكريم‪ ،‬فقد كان ذا نكتة ودعابة)‪.‬‬ ‫خصاله‪ :‬كان رحمه اهلل‪ ،‬ت ّال ًء للقرآن‪ ،‬محافظا على الصّلوات الخمس في جماعة‪ ،‬كريما‪ ،‬محبّا للعلم‪ ،‬نشيطا في‬ ‫نشره وبذله‪ ،‬ال يني في تلقينه للطلبة‪ ،‬مع بشاشة تعلو محياه‪ ،‬وقبول يغشاه‪..‬‬ ‫وظائفه‪ :‬العدالة بالقبائل الجبلية كبني حسان وبني حزمار‪ ،‬والتّدريس النظامي‪ :‬درّس بمنطقة عرباوة‪ ،‬وأسْجن‬ ‫نواحي وزان‪ ،‬ومدينة الخميسات وتيفلت‪ ،‬وطنجة‪ ،‬وقد انخرط فيه سنة ‪1957‬م‪1377/‬هـ وظل به إلى أن تقاعد‬ ‫سنة ‪1976‬م‪1396/‬هـ‪ ،‬ثم التدريس التطوعي للطلبة على الطريقة العتيقة وهذا كان مالزما له قبل التوظيف‬ ‫وبعده بالكثير من القرى والمداشر مثل‪ :‬بني حسّان (بني ليت دوار أوراغن) وبني حزمار (الزينات دوار اقشاشرة)‪،‬‬ ‫بنقريش(دوار بوخالد)‪ ..‬وبعض مساجد طنجة‪ ،‬مثل‪ :‬بني مكادة‪ ،‬واألندلس‪ ،‬وعين التواتي بالمص ّلى‪ ،‬والزّاوية‬ ‫الناصرية‪ ...‬باإلضافة إلى الوعظ واإلرشاد والخطابة‪...‬‬ ‫وفاته‪ّ :‬‬ ‫وظل كذلك رحمه اهلل في نشاط دائم وحيوية متواصلة إلى ْ‬ ‫أن لقي ربه يوم األحد ‪ 9‬جمادى األولى من‬ ‫سنة ‪1433‬هـ الموافق لفاتح أبريل من سنة ‪2012‬م‪.‬‬

‫مصادر الترجمة‪:‬‬

‫• معلومات شفهية عن المترجم رحمه اهلل في زيارة له يوم ‪ 30‬ربيع الثاني سنة ‪1427‬هـ موافق ‪ 29‬ماي سنة‬ ‫‪2006‬م‪.‬‬ ‫• نبذة عن حياة العالم الفقيه سيدي عياد المهراز‪ -‬ورقة حررها بعض أقرباء المترجم‪.‬‬

‫أصالة أهل تطوان أو البعد االجتماعي في الجزء الثاني‬ ‫من كتاب عمدة الراوين في تاريخ تطاوين ألبي العباس ‪2/2‬‬ ‫د ‪ :‬نجيب الجباري‬ ‫أحمد الرهوني ‪ -‬ت ‪ 1373‬هـ ‪- 1953‬‬ ‫‪ - 3‬كلمة في منهجية التحقيق ‪:‬‬ ‫فضال عن األهمية العلمية للكتاب البد من قول كلمة حق في المنهجية التي اتبعها المحقق في تحقيقه وتخريجه في‬ ‫أبهى حلة وأنصع صورة‪.‬‬ ‫ولما كانت قراءتي هذه منصبة باألساس على الجزء الثاني من الكتاب فإنني أكتفي بتسجيل بعض المالحظات التي‬ ‫عنت لي وأنا أقرأ هذا الجزء‪.‬‬ ‫من حسن حظ األستاذ المحقق أنه عثر على نسخة المؤلف ومعها نسخ أخرى انتسخت عنها مباشرة ‪ ,‬وأن معظم هذه‬ ‫النسخ مكتوب بخط مغربي جميل ودقيق ‪ ,‬وهي نسخة الزعيم الكبير األستاذ عبد الخالق الطريس ونسخة المؤرخ الكبير‬ ‫محمد داوود ونسخة العالمة الجليل سيدي محمد بوخبزة‪.‬‬ ‫لقد من اهلل على األستاذ المحقق بالتوفيق في تحقيق هذا الكتاب وفي اإللتزام بالضوابط المنهجية والقواعد العلمية‬ ‫بدءا بإثبات الزيادات التي كان يزيدها المؤلف وكذلك إثبات ماكان ينقص أيضا لما فيها من الفائدة التاريخية مع التنبيه‬ ‫عليها‪ ,‬وعلى ما تركه المؤلف من بياض كلما ما أمكنه ذلك‪ .‬وهذا واضح من خالل الهوامش التي ذيل بها المتن فضال عن‬ ‫المصطلحات التقنية والحضرية والكلمات الدارجة التي شرحها أو أحال على شروحها في األجزاء المخطوطة من الكتاب ‪,‬‬ ‫كما تم تخريج اآليات القرآنية واألحاديث النبوية‪ .‬وأكبر مجهود قام به المحقق هو في عملية ضبط النص ‪ ,‬حيث قام بالرغم‬ ‫من المشاكل الكثيرة التي واجهها في هذه العملية بشكل المتن كله وعيا منه بأن وأكبر مجهود قام به المحقق هو في‬ ‫عملية ضبط النص ‪ ,‬حيث قام بالرغم من المشاكل الكثيرة التي واجهها في هذه العملية بشكل المتن كله وعيا منه بأن‬ ‫)القول بتحقيق النصوص ال معنى له إذا لم يقدم المحقق إلى القارئ نصا يكون مضبوطا في غاية الضبط ‪ ,‬ويكون‬ ‫هو ضابطه وضامن سالمته ( كما يقول في ص ‪ 48‬من مقدمة الجزء األول متوخيا إخراج اللغة العربية من مأساتها وتخلفها‬ ‫ومساهما في خدمتها‪.‬‬ ‫وما أثار انتباهي كذلك هو هذا الرسم الجديد الذي لم نتعود عليه خالل مسيرتنا الدراسية والذي اعتبره األستاذ جعفر‬ ‫محاولة لتصويب هذا الشذوذ اإلمالئي الذي أصاب كتابتنا وإمالءنا‪.‬‬ ‫كما أن موضوعية األستاذ المحقق جعلته يقر في نهاية هذا الجزء بأنه قد فاته وهو يعد مقدمة الجزء األول من عمدة‬ ‫الراوين أن يرجع إلى األبحاث السامية في المحاكم اإلسالمية لشيخ العلوم المؤرخ الفقيه محمد المرير مستدركا ذلك عامال‬ ‫على إثبات النص المعني ‪ ,‬وهذه لعمري أمانة علمية وتواضع وتمكن معرفي بأصول تحقيق التراث وقراءته‪.‬‬ ‫‪- 4‬أصالة أهل تطوان أو البعد اإلجتماعي من خالل عمدة الراوين الجزء ‪2‬‬ ‫قرأت من جملة ما قرأت وأنا أعتزم القيام بهذا البحث أن بعض المشارقة أتوا في بداية السبعينيات من القرن الماضي‬ ‫لمدينة الرباط ‪ ,‬ولما قرروا التوجه نحو تطوان قيل لهم لن تستطيعوا المكوث في تطوان أكثر من بضع ساعات ‪ ..‬فهي‬ ‫مدينة منكمشة ال تحب الغرباء‪ .‬وقد علق الكاتب المشرقي قائال‪ :‬قد يكون ألهل المشرق بعض العذر في جهلهم بتطوان‬ ‫‪ ,‬ولكن الذي يخفف من هذا التقصير هو أن الغالبية من أهل المغرب ال يعلمون الكثير عن تطوان (وتابع الكاتب قائال‪:‬‬ ‫وطرنا إلى تطوان وطالت الساعات إلى خمسة عشر يوما وكم تمنينا لو امتدت األيام لتشمل بقية العمر ‪ ..‬ثم زاد مرددا‬ ‫قول الشاعر‪:‬‬

‫رعى اهلل أحبابــا بتطـوان كلمــا ذكرتهم اهتاجت شعائل أضلعي‬

‫وبعد ذلك ختم الكاتب قوله فكتب ‪ :‬لقد فتح لنا أهل تطوان بيوتهم وقلوبهم فعشنا معهم آالمهم وآمالهم وقرأنا‬ ‫كثيرا من الكتب عنهم وعن تاريخهم وخرجنا من كل هذا بانطباع بأن تطوان تتألم بهدوء وصمت ‪ ,‬إنه آالم األكابر تعاني‬ ‫منه األمرين ‪ ,‬لقد سلبوا منها شخصيتها وهي اليوم تحاول تكييف نفسها للدور الجديد المرسوم لها‪.‬‬ ‫لقد سقت هذا االستشهاد لكي أبرهن على أن مدينة تطوان مدينة عريقة أصيلة نقرأ هذه األصالة يوميا في طبيعة‬ ‫الحياة التي يحياها الناس بهذه المدينة ‪ ,‬طبيعة عربية أندلسية منغلقة من جهة‪ ,‬وطبيعة أخرى إسبانية حديثة منفتحة‬ ‫من جهة أخرى‪ .‬لقد أورد الشيخ أحمد الرهوني كالما شبيها بما سقته آنفا في سياق ذكره ألخالق أهل تطوان قائال وهاذه‬ ‫األخالق كادوا ينفردون بها‪ ,‬وسببها على ما حدثني الولي الصالح‪) 2:248)..‬‬ ‫ويكفي أن نلقي نظرة على عناوين هذا الفصل الثالث عشر المتعلق بعادات أهل تطوان لنتبين طرافة هذا الجانب‬ ‫وأهميته البالغة ليس فقط بالنسبة للمؤرخين بل حتى لعلماء االجتماع واألنتروبولوجيين ولعلماء النفس ‪ ,‬فهو يتناول‬ ‫بأسلوب مباشر ودون تكلف وبدقة متناهية ووصف لكل صغيرة وكبيرة للعموميات وللجزئيات ما يتعلق بعادات أهل تطوان‬ ‫في المعيشة وفي اللباس وفي الزواج وفي الوالدة وفي الفطام وفي الجذري والحصبة وفي الختان وفي الحذقات وفي عيادة‬ ‫المرضى وفي الجنائز وفي زيارة القبور وفي المحرم وفي عاشوراء وفي المولد النبوي وفي الخميس فاتح رجب وفي المعراج‬ ‫وفي شعبان وليلة نصفه وفي رمضان وليلة القدر وعيد الفطر وعيد األضحى وفي فصل الربيع والصيف والخريف والشتاء‬ ‫وفي الحاجوز)عبارة عن الليلة األخيرة من السنة الشمسية التي هي ليلة الفاتح من يناير ‪ ,‬سميت حاجوزا ألنها تحجز بين‬ ‫السنة الماضية والسنة المقبلة( وفي العنصرة وفي مواسم األولياء وفي االستسقاء واالستصحاء‪ .‬وهو في كل ذلك يهدف‬ ‫إلى التنبيه على المستحسن من هذه العادات والتقاليد ليستمر عليه‪ ,‬وعلى المذموم منها ليعمل الجهد في نسخه بما هو‬ ‫محمود شرعا وطبعا (ص ‪( .179‬لذلك نجده مرارا يتقمص دور المصلح االجتماعي فينبه على مخاطر اإلسراف في النفقات‬

‫الكمالية التي تنذر بخطر اإلفالس العام‪ .‬كما نجده يشير إلى بعض العادات اإلستهالكية الجديدة التي فرضتها المدنية‬ ‫العصرية الزاحفة خاصة فيما يتعلق باألكل واللباس قائال‪ :‬حيث أحدثت عادات جديدة زيادة على ما ذكر وهي أيضا إلى‬ ‫اإلقتصاد أقرب لوال تأثيرها على الصحة حيث أحدثت عادات جديدة زيادة على ما ذكر وهي أيضا إلى اإلقتصاد أقرب لوال‬ ‫تأثيرها على الصحة‪(..‬ص‪ )180‬كإحداث شرب القهوة واإلكثار من أكل اللحم الذي صار شبه الزم كما قال‪ .‬مؤكدا أن هذه‬ ‫الثقافة االستهالكية وهذا الزحف الرأسمالي كان من القوة والتأثير بحيث لم يختص بهذه المدينة وحدها بل مس جميع‬ ‫المدن واألقاليم ‪.(.‬ص ‪.)188‬‬ ‫كما أن كاتبنا أحمد الرهوني ال يترك فرصة تمر دون أن يعلن استنكاره وتنديده ببعض العادات والتقاليد التي ال تقرها‬ ‫السنة وال أصل لها في الشريعة االسالمية سواء تلك التي ورثها التطوانيون عن النصارى كعادة االحتفال بالليلة األخيرة‬ ‫من السنة الشمسية التي هي ليلة الفاتح من يناير ‪(..‬ص‪ .).239‬أو تلك التي تجد جذورها في الفكر اليهودي أو البربري كما‬ ‫نجد في قوله في( ص ‪)207‬أو تلك التي ورثها المغاربة عموما عن عصور اإلنحطاط السحيقة كما نقرأ في حديثه عن عادات‬ ‫بعض نساء تطوان في الخميس األول من شهر رجب مستنتجا أن ذلك كله عمل واعتقاد جاهلي ال أصل له في السنة يدنس‬ ‫به هذا اليوم المبارك‪..‬أنظر ( ص ‪.) 228..227‬‬ ‫ويستهزئ الرهوني من بعض عادات أهل تطوان وخصوصا في الزواج وما يصرفه المرء في أفراحه وأيامه( ص ‪193‬‬ ‫)وقد حاول مجاراة أهل تطوان في هذه العادة ولكنه لم يصل إلى مستواهم‪ .‬أو في شراء ذبيحة عيد األضحى التي نقلتها‬ ‫العادة البطنية إلى إلى الوجوب العيني الذي من تخلف عن فعله كفر والكن ببطنه ال بربه (ص‪ )236‬أو دعوته لمنع الناس‬ ‫من كشف عوراتهم بحمامات المدينة ‪.(.‬ص‪) 9‬أو إستهجانه لعادة إكثار النساء من زيارة القبور في نهار رمضان على هيئة‬ ‫تهييج األموات قبل األحياء‪ ,‬أو كثرة زيارتهن لبعضهن على حالة تستلفت األنظار وتشوش األفكار ويسمين ذلك بالصواب‬ ‫بتسكين الصاد‪ ..‬ولعمري إن الصواب ترك هذا الصواب‪(..‬ص‪. ) 233‬‬ ‫ونفس األمر يقال عن تعليقه على عادة أهل تطوان في الجنائز حيث ذكر أن األذكار التي تذكر في الجنائز تعتبر بدعة‬ ‫ألن السنة هي السكوت والتفكر والتدبر في مصير الميت وتذكر الموت‪ .‬وأن عادة بعض الناس في سبق الجنازة لمصلى‬ ‫الجنائز والمكوث بعد الصالة حتى يعزوا أهل الميت مخالفة للسنة من جهتين ألن السنة هي الخروج مع الميت من الدار‬ ‫وتشييعه لقبره‪.(.‬ص ‪.)222‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة للنساء اللواتي يجئن أوال لدار الميت بقصد تعزية أهله ثم يرجعن في الظهر أو العصر لحضور‬ ‫الجنازة وهذا يقول الرهوني أمر البأس به ‪,‬غير أنهن ينحن نوحا كبيرا ويعددن محاسن الميت ويبكينه تبعا لبكاء أهله‬ ‫وذلك حرام من الكبائر‪ ,‬كما ال يخفى ‪ .‬أما أهله فمن غلبه الحال ارتفع عنه التكليف‪ ,‬أما الغير فال عذر له فيما يفعله‪ ,‬فالواجب‬ ‫الكف عن ذالك‪.(..‬ص‪.)222‬‬ ‫أما وصفه الدقيق لعادات سكان وأهل تطوان في الزواج فله أهمية خاصة في معرفة تطور الذهنية التطوانية من‬ ‫جهة‪ ,‬وقوة العرف وتمكنه في حياة المجتمع التطواني من جهة أخرى‪.‬فبعد أن تكلم عن الزواج وعن المراحل التي يقطعها‬ ‫الرجل قبل أن يغلق عليه بيت الزوجية بدءا من البحث عن العروس والخطبة والمذاكرة بشأن المهر وقراءة الفاتحة واإلعالن‬ ‫عن الخطبة والتهنئة وإشهاد العدول وإقامة األعراس واألفراح ينهي كالمه قائال‪ « :‬هاذه حالة زواج الطبقة العليا والوسطى‬ ‫وبعض السفلى عندنا وهي برمتها مخالفة للسنة والكنها بدعة استحكمت حتى صار تركها من أعظم البدع عند حزب‬ ‫الشيطان وال حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم») ص ‪(209‬‬ ‫الواقع أن قراءة هذا الفصل الشيق الذي يعمد فيه المؤلف في بعض األحيان إلى عقد مقارنة بين عادات أهل تطوان‬ ‫وتقاليدهم بعادات مدينة فاس العريقة كما نجد في ص ‪ 196‬تؤكد لنا بما ال يدع مجاال للشك بأن أهل تطوان كانوا ذوي‬ ‫أصالة وتشبت بتقاليدهم وعاداتهم وتميزهم بها خالل تاريخهم العريق لم يتزحزحوا عنها قيد أنملة إال بعد أن زحفت‬ ‫الحضارة وامتد التمدن العصري ومعه أنماطه االستهالكية الرأسمالية التي مست كل مجاالت الحياة بدءا من األكل والشرب‬ ‫واللباس والبناء والعادات والتقاليد‪.‬‬ ‫ويختم أبو العباس جزأه هذا ’ والختام مسك كما يقال‪ ,‬بالحديث عن أخالق تطوان الشريفة مثل الصدق في الخبر‬ ‫واإلخالص في المعاملة مع الخلق والخالق والحياء والكرم قائال إن جلهم متصف به‪ .‬لكن مع اقتصاد ونظر في العواقب‬ ‫وتأمل تام في وضع مكارمهم في مواضعها ) ص‪ (245‬ومنها التواضع والتوكل الذي أفرطوا فيه إلى النهاية ’ ومنها العفة‬ ‫فإنها وصف الزم لهم بكل معناه) ص‪ (246‬والقناعة وعزة النفس «فان الواحد منهم يصبر على الجوع والعري وال يتملق‬ ‫لمخلوق في تحصيل منفعة من المنافع وال دفع مضرة من المضار»)ص ‪(246‬والحلم والشجاعة التي بلغوا فيها حد التهور‬ ‫)ص‪ (246‬والغيرة وبر الوالدين والصدقة ومواساة الغريب والتودد للناس‪ .‬أما التدين والطاعة والتقوى فان لهم في ذلك‬ ‫القسط األوفى)ص‪ (247‬فضال عن محبتهم العلم والعلماء والشرفاء وال البيت ‪ ..‬مؤكدا أن هذه األخالق كادوا ينفردون‬ ‫بها وهي التي جعلتهم يتبوؤون مكانا عاليا والئقا في سلم الوظائف التي كان الملوك يختارونهم لها دون سواهم‬ ‫مؤتمنين لهم على أسرارهم وأموالهم‪ .‬وال يترك أبو العباس فرصة تمر دون أن ينفي ضمنيا عن أهل تطوان بعض‬ ‫الصفات المذمومة كالبخل مؤكدا في كل مرة أن من ال يتخلق بهذه األخالق الحميدة ال عبرة به ألنه ينطبق على النادر‬ ‫من الدخالء‪.‬‬ ‫وبعد‪ ,‬هل مازالت هذه العادات والتقاليد واألخالق متأصلة اليوم في مجتمع تطوان وغيره من المجتمعات المغربية ؟؟‬


‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)897‬‬

‫‪16‬‬

‫“القصر الكبير ‪:1920‬‬ ‫تقاليد وتوهمات”‬

‫ظلت الكتابات الكولونيالية الخاصة بتحوالت ماضي منطقة الشمال‪،‬‬ ‫مجاال خصبا للتأمل وللقراءات المتجددة وللرؤى التفكيكية لمتاهات‬ ‫الخطاب الكولونيالي حول ماضي المغرب وحول إفرازاته الراهنة‪ .‬وإذا‬ ‫كان المؤرخون المغاربة لعقود مرحلة ما بعد رحيل االستعمار‪ ،‬قد انبروا‬ ‫لفضح الوجه التآمري لهذا الخطاب الكولونيالي المتلون بتلون المشروع‬ ‫االستعماري الفرنسي واإلسباني فوق األرض المغربية‪ ،‬فإن تطور انساق‬ ‫الكتابة التاريخية الوطنية المعاصرة‪ ،‬قد دفع بمغرب الزمن الراهن نحو‬ ‫تجاوز عقدة “اآلخر الغازي” واستيهاماته المغرضة‪ ،‬واالنتقال نحو تفكيك‬ ‫سقف الخطاب المهووس بمقارعة لغة المستعمر وآفاق خطابه وسقف‬ ‫غاياته من الكتابة حول تحوالت ماضي المغرب‪ ،‬وحول إبداالت واقعه‬ ‫القائم‪ .‬لذلك‪ ،‬نجح مؤرخو المرحلة الراهنة في االنعتاق من هاجس الرد‬ ‫على الخطاب الكولونيالي‪ ،‬وانتقلوا إلى مستويات متقدمة من التشريح‬ ‫والتفكيك‪ ،‬قبل أن تتحول مضامين هذا الخطاب إلى محور للتأمل‬ ‫العلمي ولالستثمار األكاديمي‪.‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫كتابا يهتم بالحضارة‪ ،‬إنه عبارة عن نظرات‪ ،‬ولقطات‪ ،‬وانطباعات‪،‬‬ ‫وتقييمات شملت بعض مظاهر الحياة القصرية‪ ،‬وإنسية اإلنسان‬ ‫القصري‪ ،‬أفضت‪ ...‬إلى استنتاجات كانت في معظمها مغرضة‪ ،‬تدعي‬ ‫أن عقلية هذه الساكنة هي من الجمود‪ ،‬والتخلف‪ ،‬والرجعية‪ ،‬واالنكفاء‬ ‫على الذات‪ ،‬بحيث ال يتوقع لها أن تتغير‪ ،‬وأنها‪ ...‬البد أن تخضع‬ ‫لوصاية دولة أجنبية دائمة أو طويلة جدا عساها أن تصبح مؤهل‬ ‫ألن تدخل على استحياء إلى دنيا العصر الحديث‪( ”...‬ص ص‪.)9-10 .‬‬

‫لقد كانت نظرة المؤلف صريحة في الدعوة إلى تمهيد المجال‬ ‫المحلي للغزو اإلسباني‪ ،‬دافعه في ذلك روحه الوطنية المفعمة برذاذ‬ ‫“وصية إيسابيال الكاثوليكية”‪ ،‬وحافزه في ذلك‪ ،‬وظيفته الرسمية‬ ‫كراهب مرافق للقوات العسكرية اإلسبانية الغازية فوق األرض‬ ‫المغربية‪ .‬ولقد عبر المؤلف عن جموح هذه الروح المفرطة في‬ ‫وطنيتها‪ ،‬عندما قال بلغة التماهي االستعماري المرضي‪ ،‬في تقديمه‬ ‫للكتاب‪“ :‬أود أن أبعث بهذه الرسالة إلى الجنرال باريرا قائد ناحية‬ ‫القصر الكبير ألقول له فيها‪ :‬إني قبل أن أنخرط في الهيئة الكنسية‬ ‫في إطار هذا التطور العام‪ ،‬يندرج صدور الترجمة العربية لكتاب‬ ‫التابعة للجيش‪ ،‬كنت على معرفة بفضائل رجاالت هذا الجيش‪ ،‬نظرا‬ ‫“القصر الكبير ‪ :1920‬تقاليد وتوهمات”‪ ،‬للكاتب اإلسباني فرانثيصكو‬ ‫للمدة المديدة التي أمضيتها بين ظهراني جيش القصر الكبير‬ ‫صوريضا بالنيصي‪ ،‬سنة ‪ ،2018‬بتوقيع المترجم عبد الرحمان الشاوش‪،‬‬ ‫والتي استمرت إلى أن بلغت ثالثة وعشرين شهرا‪ ،‬كان من شأنها‬ ‫وذلك ضمن منشورات جمعية البحث التاريخي واالجتماعي بالقصر‬ ‫أن نمت في نفسي بصفة مطلقة إعجابي الكبير به‪ ،‬إن تفانيه كان‬ ‫الكبير‪ ،‬في ما مجموعه ‪ 128‬من الصفحات ذات الحجم المتوسط‪.‬‬ ‫أعظم حافز له على أن ينكب حيثما كان على العمل بكل حمية‪ ،‬بغية‬ ‫والعمل‪ ،‬يشكل إضافة هامة لمجال اشتغال الجمعية الناشرة‪ ،‬بالنظر‬ ‫نشر أسباب المدنية‪ ،‬وإرضاء الواجب الوطني‪ ،‬وأنه بما له من اعتقاد‬ ‫لحجم ما حققته على امتداد فترة زمنية ال بأس بها من العمل الشاق‬ ‫غالف الكتاب‬ ‫كهنوتي مسيحي راسخ‪ ،‬يرى أن ما يتقدم به من قربان في سبيل البطولة ينبغي أن‬ ‫والمتواصل على مستوى تجميع نصوص مدينة القصر الكبير‪ ،‬والتعريف بها عبر‬ ‫يكون ذا صبغة سلمية‪ ...‬إن التدخل اإلسباني لينبث‪ ،‬وينتشر ساعيا في أريحية نبيلة إلى العناية‬ ‫ترجمتها وتعميم تداولها بين الباحثين والمؤرخين وعموم المهتمين‪.‬‬ ‫بتلك الزهور المحلية الداوية‪ ،‬فيلتقطها بحنان من فوق تلك األرض السمراء التي سقتها دماء‬ ‫وعلى الرغم من أن الكتاب موضوع هذا التقديم ال يقدم رؤية تأريخية لتحوالت ماضي مدينة‬ ‫شهدائنا‪ ،‬والتي لم تلبث أن ضمت جثامينهم‪ ،‬لقد كنت أنا من تولى إغماض عيونهم في ميدان‬ ‫القصر الكبير بشكل قطاعي أو مونوغرافي على غرار األعمال الفرنسية التي أنجزها باحثون كبار‬ ‫الشرف‪ ،‬وكلي يقين من أنهم سيكونون بذورا للمدنية المسيحية التي لن تفتأ أن تنمو وتزدهر‬ ‫من أمثال ميشو بيلير وجورج سالمون‪ ،‬فإنه في المقابل اهتم بالتوثيق لظواهر سوسيولوجية‬ ‫هنا‪( ”...‬ص ص‪.)18-17 .‬‬ ‫وقضايا أنتروبولوجية تشتغل على التراث الرمزي وعلى قضايا الهامش وعلى المحكيات الشفاهية‬ ‫وعلى هذا المنوال‪ ،‬ينساب السرد‪ ،‬ليقدم تفاصيل غزيرة حول مشاهدات المؤلف وانطباعاته‪،‬‬ ‫وعلى المعتقدات المحلية وعلى الطقوس االجتماعية الجماعية‪ ،‬وهي كلها قضايا ظلت منفلتة‬ ‫من بين متون المدونات التاريخية الكالسيكية التي تناولت ماضي مدينة القصر الكبير بالبحث انطالقا من سلسلة عالقاته وصداقاته ببعض مسلمي المنطقة‪ .‬وإذا كنا في غير حاجة لبذل أي‬ ‫وبالتوثيق‪ .‬ومن المعلوم‪ ،‬أن تناول المؤلف لهذه القضايا‪ ،‬لم يكن بريئا وال متحررا من أحكام جهد قصد كشف النقاب عن خبايا تالوين خطاب المؤلف الوظيفي‪ ،‬فقراءة الكتاب تفتح مجاال‬ ‫القيمة الكولونيالية التبخيسية لعطاء الواقع والمجتمع المغربيين‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد اكتسى العمل واسعا للوقوف عند مواد ال يمكن التوثيق لها في إطار الكتابة التاريخية التصنيفية الكالسيكية‪.‬‬ ‫قيمة كبرى بنجاحه في توظيف عين المؤلف الثاقبة قصد التقاط التفاصيل “األخرى” والجزئيات هي كتابة تناجي األوهام االستعمارية‪ ،‬وفي هذا الجانب بالذات تكمن أهمية توسيع االنفتاح‬ ‫الكامنة في الظل أو الهامش‪ .‬ولقد لخص األستاذ عبد الرحمان الشاوش السقف العام المؤطر لهذا على هذا النمط من التدوينات االنطباعية‪ ،‬ففي ذلك تجسير للهوة التي ظلت تعيد إنتاج‬ ‫العمل‪ ،‬عندما قال في كلمته التقديمية‪“ :‬ال يتناول هذا الكتاب أحداثا تاريخية معينة‪ ،‬اعترت هذه نهج التنافر والتآمر تجاه خطابات االستعمار‪ ،‬وتجاه العقل االستعماري‪ ،‬وتجاه أرصدة دراساته‬ ‫المدينة عبر مسارها الزمني الطويل فكان لها تأثيرها الفعال فيها‪ ،‬وإذن ليس هو بكتاب تاريخ‪ ،‬التاريخية والسوسيولوجية المؤطرة لمشاريع الغزو واالحتالل لسنوات نهاية القرن ‪ 19‬وعقود‬ ‫كما أنه ال يتضمن أي معطيات وصفية للمظاهر العمرانية‪ ،‬والمآثر المشيدة تؤهله ألن يكون النصف األول من القرن ‪.20‬‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬

‫(�أقا�صي�ص)‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المبدعـة‬ ‫ِّيشــة‬ ‫هذه شذراتٌ سرديــ ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر‬ ‫َ‬ ‫درب‬ ‫من شرفةِ الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حدا ٍء فجريٍّ على ِ‬ ‫الحيــارى‪ ،‬والمكلومين‪ ،‬والحالمين بمساقـطِ الغيثِ الخضير‪..‬‬ ‫أن هذه الشذرات اختارت لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫صحيحٌ َّ‬ ‫ونفس ًا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫قصيراً‪ ،‬لكنها تروم بث اللمحةِ فـي غـاللــةٍ نثــريـةٍ فنيـةٍ ذاتِ‬ ‫حطب القلب‪ ،‬ت�رضمينه ق�صيد ًة‪،‬‬ ‫« لكِ يا �س ِّيدتي‬ ‫َ‬ ‫ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحبَ بها‪ ،‬وفتــح ذراعيــه لساللها‪ ،‬فقد‬ ‫أ�شواق‪..‬‬ ‫�أو جذو َة �‬ ‫ٍ‬ ‫أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربما استسمن ذا ورم! ومن أعرض عنها‬ ‫َ‬ ‫وتباريح القل ِم‪..‬‬ ‫�شهقة وريدي‪،‬‬ ‫لكِ‬ ‫َ‬ ‫وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم العافية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أفراح الغي ِم‪..‬‬ ‫واخضالل المآب ‪..‬‬ ‫لكِ زهرة ف�صويل‪ ،‬و� َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫وال�سل َ�سبيل‪ ،‬و�شالل الفتونِ ‪..‬‬ ‫ال�سل َ�سل ‪َّ ،‬‬ ‫لكِ َّ‬ ‫ثرّ‬ ‫آخر مكاتيبي �إليكِ ‪ ،‬فاعذريني �إن تع ت‬ ‫هذه � ُ‬ ‫ّ‬ ‫وق‪،‬‬ ‫رت عن موعدكِ املفع ِم‬ ‫ري�شتي‪ ،‬وت� ّأخ ْ‬ ‫ِ‬ ‫بطيوب ال�ش ِ‬ ‫وق‪ ،‬وال َّد َنف «‪.‬‬ ‫وال َّت ِ‬ ‫اعر « عبد الفتاح « َ‬ ‫و�ضع ّ‬ ‫نقطة‬ ‫اخلتام لر�سالتهِ‬ ‫ال�ش ُ‬ ‫ِ‬ ‫للرحيل عن دنيا‬ ‫�إلى الق�صيدةِ‪ ،‬وحزم حقائبه ا�ستعداد ًا َّ‬ ‫اخلليلِ التي �أح َّبها ف�أح ّبتهُ ‪ ،‬و�أكربها ف�أكربتْهُ ‪ ،‬ومهرها‬ ‫حرف‪ ،‬فمهرتهُ �شمي َم ريحان ‪!..‬‬ ‫قالئ َد ٍ‬ ‫النقاد‪ ،‬وا�ضطهدتهُ‬ ‫وانهالت عليه‬ ‫املنابر‪،‬‬ ‫قال ُه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫و�صوب‪:‬‬ ‫حدب‬ ‫ال�ضرَّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫بات من كل ٍ‬ ‫قال ال ُ‬ ‫أول ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫تقرع �سمعنا ليل نهار ‪ ..‬ت ّب ًا‬ ‫ما بال‬ ‫طبول القافية ُ‬ ‫أ�صنام اخلليل !‬ ‫ل ِ‬ ‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين ‪ .‬ال�شارقة ـ‬ ‫قال الثاين ‪:‬‬

‫ٌ‬ ‫رحيل‪..‬‬ ‫درب احليا ِة‬ ‫رث حدا�ؤنا‬ ‫ق�صيد ُة الن ِ‬ ‫احللو على ِ‬ ‫ال�شجي ُ‬ ‫ُّ‬ ‫والأحياءِ !‬ ‫ُ‬ ‫قال الثالث ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫عر !‬ ‫الروايةِ ‪ ..‬فلي�سقطِ ال�ش ُ‬ ‫هذا زمنُ ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫وتلهب جوانحه‪ ،‬وت�ستحثهُّ‬ ‫تق�ضم روحه‪،‬‬ ‫الغربة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫على الرحيل بعيد ًا عن �أ�رشعةِ اخلليلِ ‪ ،‬وبحورِ ال�شعراء‬ ‫‪ !..‬لكنّ جمر َة ال�شعرِ ما زالت تتو ّقد بني ثيابه و�أع�صابه‬ ‫ّ‬ ‫والربقوق‪،‬‬ ‫بالعنب‪،‬‬ ‫املو�شا ُة تتد َّلى‬ ‫‪ ..‬ما زالت دفاتر ُه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وحليب‬ ‫ري اخلريِ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فاح ‪ ..‬ما زالت �أ�صابعهُ ت�سيل بع�ص ِ‬ ‫وال ّت ِ‬ ‫ّ‬ ‫العافية‪ ..‬مازالت � ُ‬ ‫آالف الع�صافري‬ ‫حتط على مخ ِّيلتهِ‬ ‫وت�شدو ‪..‬‬ ‫�أيرفع �شكواه �إلى املتنبي‪ ،‬والبحرتي‪ ،‬و�شوقي‬ ‫‪ ،‬ونزار‪ ،‬واجلواهري ‪ ..‬فيزيح بع�ض الغ ّم عن �صدره‬ ‫َ‬ ‫خذلك‬ ‫املكروب ‪ ..‬لكنَّ اجلواب ي�أتيهِ هادر ًا جهري ًا ‪� :‬إذا‬ ‫ِ‬ ‫أموات!‬ ‫أحياء فما بالك بال ِ‬ ‫ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫أ�شتات من اخلواطرِ املتناوحةِ تنثال على ذهنهِ‪،‬‬ ‫� ٌ‬ ‫ر�صيف امليناءِ ‪..‬‬ ‫ينت�صب بقامتهِ الفارعةِ على‬ ‫وهو‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ِّ‬ ‫ٌ‬ ‫أمواج ( البحرِ املجتث) ‪!...‬‬ ‫�ساعة واحدة‬ ‫ال�سفينة � َ‬ ‫ُ‬ ‫ومتخر َّ‬


‫العدد ‪995‬‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫خوليان ريبيرا إي طراكوا‬

‫(‪JULIAN RIBERA Y TARRAGO (1858-1934‬‬ ‫أول من تبنى فكرة األصل اإلسباني لمسلمي األندلس‬

‫واحد من كبار المستعربين االسبان‪ ،‬وقف حياته على دراسة األدب األندلسي وتاريخه‪.‬‬ ‫ولد في «كركخنتة» ‪ CARCAJENTE‬من أعمال بلينسية‪ ،‬تعلم اللغة العربية على‬ ‫المستعرب «كوديرا‪ ،‬وتخرج من جامعة سرقسطة‪ ،‬وعين أستاذا للعربية فيها سنة ‪1887‬م‬ ‫وأستاذا لتاريخ حضارة اليهود والمسلمين في جامعة مدريد (‪1905-1927‬م) ثم اعتزل‬ ‫التدريس‪ ،‬وعكف على التأليف في بلنسية‪ .‬وقد انتخب عضوا في المجمع اللغوي اإلسباني‬ ‫وفي غيره‪ .‬وعد من بين كبار علماء االجتماع والتاريخ والكشف عن أصل الشعر الغنائي‬ ‫األوربي من المنابع العربية‪.‬‬ ‫أنجز ربييرا العديد من األعمال المهمة المتعلقة بالتراث األندلسي منها‪ :‬نشره بمعاونة‬ ‫استاذه كوديرا المكتبة العربية اإلسبانية‪ ،‬وله دراسات عن نظم التدريس عند المسلمين‬ ‫اإلسبان(سرقسطة ‪ )1893‬وأصول القضاء العالمي في أرغوان (سرقسطة ‪ )1897‬وتاريخ‬ ‫القضاة بقرطبة للخشني القيرواني متنا وترجمة اسبانية‪ ،‬وكتب عليه بالعربية‪ :‬وقف على‬ ‫طبعة خوليان ربيبرا إي طراكو البلنسي (مدريد ‪ ،)1914‬كما نشر المالحم االسبانية سنة‬ ‫‪ 1915‬بمدريد‪ ،‬وديوان ابن قزمان (مدريد ‪ )1922‬وموسيقى األندلس والشعراء الجوالون‬ ‫(مدريد ‪1925‬م)‪ ،‬كما ترجم إلى اإلسبانية تاريخ افتتاح األندلس البن القوطية‪ .‬وكان قد‬ ‫نشره غاينغوس وسابيدرا من قبله – مع إضافات من كتاب اإلمامة والسياسة البن قتيبة‬ ‫(مدريد ‪ ، )1926‬والموسيقى العربية وأثرهما في الموسيقى اآلسبانية (مدريد ‪)1927‬‬ ‫‪ ،‬وصنف كتابا بعنوان‪« :‬بحوث ورسائل في جزئين اشتمل على الشاعر ابن قزمان والرد‬ ‫على دوزي‪ ،‬وأصول فلسفة رايمو ندلول‪ ،‬وجامعي الكتب والمكتبات في إسبانيا اإلسالمية‬ ‫وله في المجالت العلمية دراسات رصينة عن ‪ :‬أحوال العرب عند فتح األندلس‪ ،‬وحول قلعة‬ ‫طريف‪ ،‬ومعاهدة سالم بين فيرناندو األول حاكم نابولي وأبي عامر عثمان حاكم تونس‪ .‬وقد‬ ‫حال الموت دون إنجاز كتاب ‪ :‬تاريخ الثقافة االسالمية وقد أحصى مؤلفاته وقدم لها آسين‬ ‫بالثيوس في كتاب عنوانه (أحاديث ونبذ ‪1928‬م)‪)1(.‬‬ ‫وككل مستعرب اسباني في عصره واجهته مشكلة التراث األندلسي في لغته العربية‬ ‫الذي لم يكن متيسرا في إسبانيا «وحين عزم على أن يطبع أمهات المصادر األندلسية‬ ‫في نصها العربي بإسبانيا‪ ،‬لم يجد غير مطبعة البرلمان‪ ،‬ففيها قسم عربي لطبع الوثائق السياسية‪ ،‬ولكنه يتقاضى أجورا‬ ‫باهظة ال قدرة له عليها‪ ،‬فتركه ليفكر في أمر ال أظنه دار بخاطر مستشرق قبله‪ ،‬إذا استثنينا المستشرقين الروس فقد مروا‬ ‫بالتجربة نفسها فيما أذكر‪ ،‬أن يشترى حروفا عربية‪ ،‬وأن يعمل عليها مع طالبه‪ ،‬ويجمعون بأيديهم ويدفعون بما جمعوا‬ ‫إلى المطبعة‪ .‬ويدفعون التكاليف من جيوبهم‪ ،‬ومن جيوب عشاق العصر العربي من اإلسبان» (‪.)2‬‬ ‫وهكذا انكب خوليان ريبيرا على دراسة التراث األندلسي ثقافة وفنا وتاريخا‪ .‬وكان يعتبر الحضارة األندلسية جزءا من‬ ‫التراث اإلنساني القيم‪ ،‬وأن كل منجزات األندلسيين المسلمين في العلوم والفنون والثقافة ينبغي أن تنتسب إلى إسبانيا‬ ‫قبل أن تنتسب إلى الشرق العربي أو الغرب األوربي‪ ،‬كما أنه يعتبر أن المجتمع المولد الجديد في األندلس بعد الفتح‬ ‫واالختالط واالنصهار بين العرب الفاتحين والسكان األصليين كان عربي اللسان إسالمي الدين‪ ،‬وردد عالنية أنه «ليس‬ ‫ثمة فضل في أن يعرف أحدنا اللغة العربية‪ ،‬فهناك ماليين الرجال يعرفونها‪ ،‬ويتحدثون بها خيرا منا‪ ،‬أما الذي نستطيعه‬ ‫دون قدرة الماليين فهو أن نجعل منها دورا نكتشف في هديه أصول الثقافة االسبانية‪ ،‬ونوضح في ضوئها ما خفي من‬ ‫جوانبها‪ ،‬حين كانت العربية في وطننا لغة الثقافة ولغة الحياة» (‪.)3‬‬ ‫خوليان ريبيرا وإسبانية الموشحات‪:‬‬ ‫تعددت اآلراء واختلفت حول أصل الموشحات وأوزانها‪ ،‬وكان الباحثون وما زالوا –منقسمين إلى رأيين بارزين ما بين‬ ‫األصل االسباني األندلسي والعربي المشرقي‪ ،‬وكل فريق يدلي بآرائه وحججه في هذا الميدان‪ ،‬ويرى الدكتور زكريا عناني‬ ‫أن «اآلراء حول النشأة األندلسية للموشحات أكثر من أن تحصى ولكن ليس معنى هذا أن الموشحات ظاهرة مستقلة‬ ‫ال عالقة لها بالشعر العربي‪ ،‬فمؤلفو الموشحات هم أوال وأخيرا شعراء عرب‪ ،‬وهذه حقيقة لم ينكرها حتى المستشرقون‬ ‫المنادون بأن في الموشحات عناصر إسبانية محلية»(‪.)4‬‬ ‫ويذهب خوليان ريبيرا إلى (اسبانية الموشحات) ويدلل نظريته هاته بما يلي ‪ :‬إن أهل األندلس االسالمي كانوا‬ ‫يستعملون اللغة العربية الفصيحة كلغة رسمية يتعلمها الناس في المدارس ويكتبون بها الوثائق وما إليها‪ .‬وأما شؤونهم‬ ‫اليومية وأحاديثهم فيما بين بعضهم وبعض فكانوا يستعملون لهجة من الالتينية الدارجة أو العجمية ‪EL ROMANCE‬‬ ‫‪ .‬ثم إن هذا االزدواج في اللغة هو األصل في نشوء طراز شعري مختلط تمتزج فيه مؤثرات غربية ومشرقية‪ .‬وقد ازدرى أهل‬ ‫األدب الفصيح والمعنيون بأمره هذا الطراز الجديد‪ ،‬بينما مضى الناس جميعا يتناقلون مقطعاته سرا فيما بينهم‪ ،‬وذاع أمره‬ ‫داخل البيوت وفي أوساط العوام‪ ،‬ومازال أمره واالقبال يشتد حتى أصبح في يوم من األيام لونا من األدب‪ .‬وقد أخد هذا‬ ‫الطراز الجديد من األدب الشعبي صورتين‪ :‬أحدهما (الزجل) والثانية (الموشحة) وهما في الواقع األمر فن شعري واحد‪ ،‬ولكن‬ ‫الزجل يطلق على السوقي الدارج منها‪ ،‬إذ ال بد أن يكون في اللغة الدارجة‪ ،‬فقد كان يتغنى به في الطرقات أما الموشحة‬ ‫فال تكون إال في العربي الفصيح‪ ،‬واسمها كذلك عربي كما هو واضح(‪.)5‬‬ ‫وقد وافقه في هذا تلميذه أميليو غارسيا غوميث‪ ،‬ووافقهما بعض الباحثين العرب كالدكتور عبد العزيز األهواني‬ ‫والدكتور مصطفى عوض الكريم وبطرس البستاني‪ ،‬وقد اعتمد هؤالء على نقاط محددة في مذهبهم منها‪ :‬إن الموشحات‬ ‫تختلف اختالفا بينا عن فنون الشعر العربي في المشرق لكونها استجابة لبعض متطلبات الفن الغنائي وثانيهما‪ :‬إن أوزان‬ ‫قسم الموشحات غير جارية وفق أوزان الخليل‪ .‬وثالثهما ‪ :‬أن فن الموشحات قد ظهر في األندلس‪ .‬وحذقه األندلسيون‬ ‫وأحبوه ‪ .‬لذا ذهبوا إلى أن هذا الفن تقليد لشعر غنائي أعجمي كان منتشرا في األندلس عرفه كل من العرب واالسبان ومما‬ ‫قوى اعتزاز هذا الفريق برأيهم اكتشاف مجموعة من الخرجات األعجمية‪ ،‬وعددها‪ ،‬ست وعشرون‪ ،‬في كتاب ‪(:‬عدة الجليس‬ ‫ومؤانسة الوزير والرئيس) لعلي بن بشري الغرناطي فضال عن الخرجات األعجمية التي وردت في موشحات عبرية نظمها‬ ‫ابن النغرلة‪ ،‬وابن جبيرول وموسى بن عزرا‪ ،‬ويهودا هاليفي وغيرهم‪ .‬لذى انبرى جماعة من العلماء لدراستها‪ ،‬ومن أولئك‬ ‫(شتيري ‪ )STERN‬ونشرها في مجلة األندلس (العدد ‪ 13‬سنة ‪ ، )1948‬وغارسيا غوميت ‪ ،‬ونشرها في المجلة المذكورة‬ ‫(األعداد ‪14 :‬سنة‪ 1949‬و ‪ 15‬سنة ‪ 1950‬و‪ 17‬سنة ‪ 1952‬و ‪ 19‬سنة ‪ ،)1954‬بل جزم غوميث أن تلك الخرجات المشتركة‬ ‫بين الموشحات العبرية أغان قصيرة باللهجة الرومانتية كانت شائعة‪ ،‬وأنه على هذه األغاني بنيت الموشحات (‪.)6‬‬ ‫كما اهتم ريبيرا بدراسة موسيقى األغاني االسبانية وداووين شعراء التروبادور في أروبا في العصر الوسيط فانتهى‬ ‫من دراساته المستفيضة‪ ،‬إلى أن الموشح والزجل هما ‪»:‬المفتاح العجيب الذي يكشف لنا عن سير تكوين القوالب التي‬ ‫صبت فيها الطرز الشعرية التي ظهرت في العالم المتحضر إبان العصر الوسيط‪ ،‬وأثبت انتقال بحور الشعر األندلسي‬ ‫فضال عن الموسيقى العربية إلى أروبا»(‪.)7‬وكان قد أكد وجود التماثل في تراكيب األبيات وتعاقب القوافي لدى أغاني‬ ‫البروبادور (الشعر الغنائي الجوال) البروفانسية خالل العصور الوسطى كما هي في النتاج األصلى للشعر الشعبي األندلسي‬ ‫وذلك في محاضرة ألقاها سنة ‪1912‬م في المجمع الملكي االسباني‪« .‬وكانت مقاطعة (بروفانس) في جنوب فرنسا أولى‬ ‫االقطاعيات ازدهارا‪ ،‬وكانت لغتها البروفانسية أشهر اللغات الرومانتية‪ ،‬وموقعها الجغرافي يجعل منها نقطة اتصال حضاري‬ ‫ال بين اللغات الرومانتية أو الشعوب الالتينية فحسب‪ ،‬وإنما بين الحضارتين اإلسالمية والمسيحية أيضا‪ ،‬فقد كانت على‬ ‫حافة األندلس اإلسالمي …وشهدت أول ازدهار أدبي ال يتخذ الالثنية لغة له‪ ،‬وشغل هذا االزدهار قرنين كاملين في‬ ‫تاريخها‪ ،‬من مطلع القرن العاشر حتى عام ‪1210‬م ‪ ،‬وكانت تدين في ذلك (طائفة من الشعراء دخلوا التاريخ تحت إسم‬ ‫التروبادور ‪ .)TROUBADOUR(8‬وثمة عامل ديني كان وراء اهتمام سكان بروفانس باألندلس‪ ،‬وهو توافدهم سنويا في‬ ‫أعداد كبيرة حجاجا إلى كتدرائية «سانتيا كودي كومبو ستيال» ‪ SANTIAGO DE COMPOSTELA‬في الشمال الغربي‬ ‫من شبه الجزيرة‪ ،‬ألنها تضم رفات القديس يعقوب‪ ،‬وهم في غدوهم ورواحهم‪ ،‬يلتقطون األخبار‪ ،‬ويسمعون االشاعات‬ ‫ويحملون ما يفتقدونه في بالدهم ماديا أو فكريا‪ ،‬وكان المسلمون بدورهم يعرفون قيمة هذه الكنيسة… وأدى هذا‬ ‫إلى قيام رجال الدين المسيحيين فيما وراء جبال البرانس بمحاولة تعلم اللغة العربية ليتعرفوا إلى ما عند المسلمين (‪.)9‬‬ ‫وأول شاعر تروبادور عرف‪ ،‬ووصلتنا أخباره وجانب كبير من قصائده هو «جيوم التاسع» (‪1071-1127‬م) « وإليه‬ ‫ينسب ابتداع الشكل الجديد الغنائي‪ ،‬والذي يتخذ من شكل الموشحة العربية قالبا ينظم فيه أشعاره…ولم يجدد «جيوم»‬ ‫في الشكل فقط وإنما في موضوعات هذا الشعر أيضا‪ ،‬فكان أول من تغنى بجمال المرأة ودفعها إلى أن تحس‪ ،‬بقيمتها‬ ‫‪ ،‬وكان جيوم قد رحل إلى المشرق في حملته الصليبية (عامي ‪1101-1102‬م) وأقام في الشام حقبة من الزمن وجاء إلى‬ ‫األندلس عام ‪1120‬م ليساعد ألفونسو المحارب في معركة (كتندة) ضد مسلمي األندلس‪ ،‬وتزوج من أندلسية هي ابنة‬ ‫«راميرو» الراهب ملك أرغون‪ ،‬وذلك يعني تأكيدا أنه كان يعرف أشياء كثيرة تتعلق باإلسالم والبالد االسالمية‪ ،‬ويرجح أن‬ ‫كان يعرف اللغة العربية بقدر ال بأس به‪ ،‬يمكنه أن يقرأها ويتفاهم بها‪ ،‬وليس ثمة شك في أن غنائها وأشعارها كانت‬ ‫مألوفة لديه»(‪.)10‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫وقد استنتج خوليان ريبيرا من تأثير الموسيقى العربية في نشأة الموسيقى األوروبية‬ ‫عنصرين مهمين حددهما عبد الرحمن بدوي وهما‪ :‬أوال ‪ :‬ظهور مذهب جديد في‬ ‫الموسيقى اسمه فن الميزان ظهر في أروبا ألول مرة في القرن الثالث عشر والكتب التي‬ ‫وضعها المؤلفون األوروبيون في هذا الفن في ذلك القرن تشابه في معالجتها ألنواع األنغام‬ ‫ما كتبه العرب في القرن التاسع في الموسيقى‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬استعمال اآلالت الموسيقية العربية في أروبا وأهمها «الربابة» وهي في أصلها‬ ‫أسيوية قديمة جدا ‪ :‬ثم العود وهو ما يجمع عليه المؤلفون في تاريخ الموسيقى أنه عربي‬ ‫دخل إلى أروبا عن طريق اإلسبان‪ ،‬وثالثا «الناي األندلسي «القيثارة» الموريسكية(‪.)11‬‬ ‫كما اتجه كذلك إلى دراسة المالحم الشعبية والقصص واألساطير األندلسية وتأثيرها‬ ‫في األدب اإلسباني‪ ،‬ودلل على ذلك في بحث نشره سنة ‪1915‬م‪ ،‬حيث الحظ وجود آثار‬ ‫من شعر قصصي عند أوائل مؤرخي األندلس من المسلمين ال بد أنه كان مزدهرا في‬ ‫األندلس خالل القرنين التاسع والعاشر‪ ،‬ومضى يلتمس ما في كتب التاريخ األندلسي من‬ ‫بقايا اسطورية ذات أصول محلية‪ ،‬إذ غلب على ظنه أن هذه العناصر األسطورية قد اندرجت‬ ‫في كتب التاريخ اإلسالمي األندلسي‪ ،‬وبالضبط كما حدث ألشعار المالحم القشتالية من‬ ‫انتشار نظمها واندراجها في المدونات النصرانية في زمن متأخر‪ ،‬ذلك أنه عالوة على ما‬ ‫تحدثنا به من المراجع من أن نفرا من األندلسيين وصف أحداث فتح األندلس وما تاله من‬ ‫حروب في قصائد طوال كيحيى الغزال (توفي ‪250‬هـ) والذي اشتهر بالغارات التي قام بها‬ ‫لعبد الرحمن األوسط‪ .‬وبأرجوزته التي كتبها عن فتح األندلس والوقائع التي دارت بين‬ ‫العرب واإلسبان… واستنتج من تحليله لبعض النماذج القصصية أنه كان ألهل األندلس‬ ‫شعر قصصي شعبي‪ ،‬ولكنه ضاع ضياعا يكاد يكون تاما لسوء الحظ‪ ،‬ومن الممكن أن يكون‬ ‫هذا الشعر القصصي قد عاش طالما وجدت بين ظهراني أهل األندلس جماعة يعمر قلوب‬ ‫أفرادها الحب للغة هذا الشعر وموضوعاته‪ ،‬ومن الممكن أن تكون هذه الجماعة قد وجدت‬ ‫بين الصقالبة الذين كان لهم أثر عظيم خالل فترة معينة من العصور اإلسالمية من تاريخ‬ ‫إسبانيا‪ .‬ومضى يتساءل إن كان من الممكن لهذا األدب بعد أن أثبت وجوده أثر في الشعر‬ ‫القصصي اإلسباني والفرنسي الذي ظهر بعد ذلك ‪ ،‬فوجد بعد المقارنة أن الشعر القصصي األندلسي البدائي ال يبدو لنا‬ ‫مجرد محاكاة جامدة ألدب أجنبي‪ ،‬بل هو يروي أخبارا كانت ذكرياتها غضة ماثلة في األخالق‪ ،‬إذا ذكرنا أن المدة بين وقوع‬ ‫الحادث الذي تدور األسطورة حوله وبين اندراجها في مدونة تاريخية ال تكاد تعدو قرنا من الزمان تنشأ خالله األسطورة‬ ‫التي تندرج في ثنايا المدونة‪ ،‬وتلك األساطير األندلسية تتفق في هذا مع األساطير اإلسبانية‪ ،‬ومن بعض النواحي مع‬ ‫األساطير الفرنسية‪ ،‬اللتين ظهرتا في القرنين الثاني عشر والثالث عشر‪ ،‬وتتفق تلك األساطير األندلسية كذلك مع االسبانية‬ ‫في أنها نشأت في النواحي واألعصر التي حفلت بالصراع والحروب‪ ،‬وتتفق مع االسبانية والفرنسية في أن شخصياتها‬ ‫تاريخية (‪.)12‬‬ ‫كان خوليان ريبيرا من المتعصبين للعرق القومي االسباني فكان أول من تبنى من المستشرقين فكرة األصل‬ ‫االسباني لمسلمي األندلس معتمدا في ذلك على دور المرأة البالغ األهمية في أسبنة المسلمين القادمين من المشرق‬ ‫أو من شمال افريقيا‪ ،‬وفي إشاعة اللغة الرومانتية واالبقاء عليها والحفاظ على الخصائص البيولوجية االسبانية‪ ،‬والتقاليد‬ ‫التي كان عليها اإلسبان قبل الفتح االسالمي بعامة‪ ،‬وفي مجال الحياة العاطفية واألسرية على نحو خاص‪ .‬لقد جاء العرب أو‬ ‫البربر جنودا فاتحين‪ ،‬أو أفرادا مهاجرين وتزوجوا في األندلس من نسائها جواري أو حرائر‪ ،‬وفي كل األحوال كن ينحدرن في‬ ‫األعلم األغلب من أصول إسبانية‪ ،‬ونشأ أوالدهم هجناء في بيت مختلط‪ ،‬ويمضي ربيبرا بعيدا مع فكرته لينتهي بها إلى أن‬ ‫العرب القادمين إلى األندلس فقدوا خصائصهم الساللية كجنس سامي ابتداءا من الجيل الثالث أو الرابع نظرا لتغلغل الدم‬ ‫االسباني في عروق المسلمين ويثبت ذلك من الوجهة العلمية‪.‬‬ ‫ويجري تجربته على األسرة األموية التي حكمت في األندلس فيقول ما خالصته ‪ :‬إن عبد الرحمن الداخل كان يحمل‬ ‫فقط نصف دم عربي ‪ ،‬ألنه كان من أم غير عربية‪ .‬وكذلك ابنه هشام ال يحمل إال ربع دم عربي ألن أمه كانت جارية اسبانية‬ ‫وهكذا تتناقص نسبة الدم العربي كلما مضينا من أمير إلى آخر‪ ،‬بينما تتضاعف نسبة الدم األجنبي وهكذا إلى أن يصل إلى‬ ‫هشام الثاني فال يكون له من الدم العربي إال جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءا (‪.)13‬‬ ‫ويعلق الدكتور أحمد هيكل على نظرية خوليان ريبيرا قائال ‪»:‬لسنا ننكر الدافع الكريم الذي حمل األستاذ (ريبيرا) على‬ ‫محاولة إثبات أن األندلسيين إسبان مسلمون‪ ،‬فهو يعتز باألندلسيين ويحاول كسب الحضارة األندلسية وضمها إلى التراث‬ ‫اإلسباني‪ ،‬ولكنها مع ذلك ال نستطيع أن نذهب مع األستاذ ربيبرا فيما ذهب إليه من تجريد األندلسيين من عروبتهم‪ ،‬وال‬ ‫نستطيع كذلك ان نسلم بتلك التجربة التي أجراها على األسرة األموية األندلسية كدليل على ذوبان الدم العربي في الدم‬ ‫اإلسباني‪ ،‬ألننا ال نتصور أوال أن كل الذين جاءوا إلى األندلس من الرجال قد تركوا نساءهم في المشرق‪ ،‬وألننا ال نتصور‬ ‫ثانيا أن الوفود على األندلس كان دائما من نصيب الرجال دون النساء‪ ،‬وألننا ال نتصور ثالثا أن كل عربي في األندلس‬ ‫كان ينجب دائما من إسبانية جديدة‪ ،‬وإن كان تصادف ذلك في األسرة األموية بقي أن نقرر أن هؤالء األندلسيين وإن‬ ‫كانوا مولدين جنسا ومختلطين دماء‪ ،‬فهم عرب في قوميتهم‪ ،‬ألنهم عرب في عقيدتهم وثقافتهم ولغتهم وكل جوانب‬ ‫حضارتهم» (‪.)14‬‬ ‫أما الدكتور الطاهر المكي فيعلق على ريبيرا قائال «نحن إذا مع خوليان ربيبرا في الدور الذي لعبته المرأة اإلسبانية‬ ‫بوصفها هذا‪ ،‬في مجال الحياة األندلسية‪ ،‬وكان واضحا ومقدرا‪ ،‬لكننا ال نتابعه في لعبة األرقام التي اعتمد عليها‪ ،‬وأدارها في‬ ‫مهارة‪ ،‬وسذاجة في الوقت نفسه‪ ،‬ألن العلم والشواهد التاريخية والظواهر النفسية واالجتماعية تقف في الجانب المقابل‬ ‫منها»(‪.)15‬‬ ‫إنه مهما وجهت من تعليقات ومالحظات لبعض أعمال المستعرب الكبير فإنه ينبغي أن نعترف له ببعض اإليجابيات‬ ‫المهمة في أعماله وأبحاثه ومجهوداته‪ ،‬فقد استطاع أن يثبت بالحجج والدالئل الدور العظيم الذي قامت به األندلس‬ ‫االسالمية في مجال الثقافة والفن والفكر بصفة‪ ،‬عامة كما أنه ساهم مساهمة فعالة في تصحيح العديد من المفاهيم‬ ‫الخاطئة التي رسخت في أذهان العديد من الباحثين والكتاب اإلسبان منذ مئات السنين وذلك نتيجة التعصب األعمى‬ ‫والتغاضي وعدم االعتراف بأهم وأزهى فترة في تاريخ إسبانيا وهي الفترة العربية االسالمية والتي دامت ثمانية قرون‪.‬‬ ‫ـــــــــــــــــ‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ بتصرف عن كتاب المستشرقون‪ .‬نجيب العقيقي‪ .‬الجزء الثاني‪ .‬ص ‪.190 – 189‬‬ ‫‪ 2‬ـ قمة االستشراق االسباني المعاصر‪ .‬د‪ .‬الطاهر أحمد مكي‪ .‬مجلة «آفاق عربية»‪ .‬عدد ‪ .3‬السنة الثالثة‪ 1972 .‬ص ‪.72‬‬ ‫‪ 3‬ـ مجلة «آفاق عربية»‪ .‬مرجع سابق‪.‬ص ‪ .73‬ونفس الرأي ورد في مجلة «اللسان العربي‪ .‬عدد‪ :‬الخامس (غشت ‪ .)1967‬ص‪:‬‬

‫‪66‬‬ ‫‪ 4‬ـ الموشحات األندلسية‪ .‬سلسلة عالم المعرفة‪ .‬عدد ‪ .31‬يونيو ‪ .1980‬ص ‪.66‬‬ ‫‪ 5‬ـ انظر ذلك بالتفصيل في كتاب «تاريخ الفكر األندلسي « ‪ .‬أنجيل غونتاليث بالينثيا‪ .‬ترجمة الدكتور حسين مؤنس‪ .‬ص‪:‬‬ ‫‪142‬و ‪.143‬‬ ‫‪ 6‬ـ الموشحات واألزجال‪ .‬الدكتور عباس مصطفى الصالمي‪ .‬مجلة «آفاق عربية»‪ .‬عدد الخامس (ماي ‪ )1987‬ص‪ .98 :‬وهي‬ ‫نفس األراء التي يثبتها الدكتور مصطفى الشكعة في كتابه «فصول في األدب األندلسي»‪.‬‬ ‫‪ 7‬ـ «تاريخ الفكر األندلسي‪ .‬آنجيل بالينثيا‪ .‬ترجمة الدكتور حسين مؤنس ‪ /‬ص ‪.614 / 613 :‬‬ ‫‪ 8‬ـ التروبادور – شعراء أروبيون تأثروا بالشعر العربي‪.‬د‪ .‬الطاهر أحمد مكي‪.‬مجلة «آفاق عربية»‪.‬عدد‪ :‬العاشر (يونيو ‪)1976‬‬ ‫ص ‪.69‬‬ ‫‪ 9‬ـ العالقة بين الشعر األندلسي وشعر التروبادور‪ .‬الدكتور الطاهر أحمد المكي‪.‬مجلة «آفاق عربية»‪ .‬عدد‪ :‬السادس (فبراير‬ ‫‪ )1983‬ص ‪31‬و‪32‬و‪.33‬‬ ‫‪ 10‬ـ التروبادور – شعراء أروبيون تأثروا بالشعر العربي‪ .‬د طاهر أحمد مكي مجلة «آفاق عربية»‪ .‬عدد‪ :‬العاشر (يونيو ‪)1976‬‬ ‫ص ‪.74‬‬ ‫‪ 11‬ـ دور العرب في تكوين الفكر األوربي‪ .‬ص‪.44‬‬ ‫‪ 12‬ـ انظر ذلك بالتفصيل في كتاب «تاريخ الفكر األندلسي ‪ /‬آنجيل غونتاليث بالينثيا ‪ /‬ترجمة الدكتور حسين مؤنس‪ .‬ص‬ ‫‪ 603‬إلى ‪.613‬‬ ‫‪ 13‬ـ انظر كتاب «األدب األندلسي‪ .‬من الفتح إلى سقوط الخالفة‪ .‬الدكتور أحمد هيكل‪ .‬ص‪35 :‬و‪.36‬وكتاب ‪ :‬دراسات عن ابن‬ ‫حزم وكتابه «طوق الحمامة»‪ .‬الدكتور الطاهر أحمد مكي‪ .‬ص ‪249 :‬و‪ .250‬وكالهما اعتمدا على كتاب خوليان ريبيرا ‪:‬‬ ‫‪DISERTACIONES Y OPUSCULOS / VOL . I .PP.14‬‬ ‫‪ 14‬ـ كتاب األدب األندلسي من الفتح إلى سقوط الخالفة ص‪ 36‬و‪. 37‬‬ ‫‪ 15‬ـ كتاب دراسات عن ابن حزم وكتابه «طوق الحمامة» ص ‪ 251‬و‪.252‬‬


‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)458‬‬

‫مع‬

‫املواطنني‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫املــ�ؤ�س�سـة ال�سجنيـة بتـاونـــات ‪:‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫«من سمع ليس كمن رأى بأم عينيه»‬ ‫تـــعــرف المــــؤسســة السجنـــيــة‬ ‫بتاونات ظروفا صعبة وغيـــر مقبولـــة‪،‬‬ ‫على الرغم من أن مديرهـــا ينعتــــه‬ ‫شهود عيان‪ ،‬التقت بهم مؤخرا جريدة‬ ‫الشمال‪ ،‬بكونه رجل الحوارالذي يجيد‬ ‫اإلصغاء‪ ،‬إال أن اآليــة انقلبت في زمن‬ ‫الغرابة‪ ،‬عندمـــا تجد أن بعض حراس‬ ‫السجن «المزفتة قلوبهم» هم اآلمرون‬ ‫والناهون‪ ،‬يفعلون ما يشاؤون‪ ،‬يفسدون‬ ‫واليصلحون‪ ،‬بل واليحترمون السجناء‬ ‫عند مطالبتهم بحق من حقوقهم إلى‬ ‫حد ابتزازهم‪ ،‬علما أن هؤالء السجنـــاء‬ ‫يختلفون في طبعهــم‪ ،‬شخصيتهم‪،‬‬ ‫تربيتهـــم‪ ،‬تكوينهـــم‪ ،‬ومستواهــــم‬ ‫المعرفـــي‪ ،‬وكــذا يتباينون‪ ،‬بالنظرإلى‬ ‫ظروف وحيثيات اعتقالهم‪ ،‬ومنهم من‬ ‫يشكون أمراضا مزمنة‪ ،‬فلماذا يعاملهم‬ ‫الحراس بالسوء‪ ،‬يتساءل مصدرنا‪ ،‬مضيفا‬ ‫أن المبكي المضحك هوأن األكل المقدم‬ ‫للنزالء‪ ،‬خالل شهرالغفران والعتق من‬ ‫النارـ ياحسرتاه ـ رديء وغيرصحي‪.‬‬ ‫وأوضح ذات المصدرأنــه من بـــاب‬ ‫االعتراف‪ ،‬وحتى اليكون المرء سوداويا‪،‬‬ ‫فإن المؤسسة السجنية بتاونات توجد‬ ‫بها دكتورة‪ ،‬تدعى أمينــة‪ ،‬ذات صدى‬

‫رقم ‪458‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫طيب‪ ،‬حيث تسدي خدمات جليلة‬ ‫للسجناء‪ ،‬إال أن الممرضين الموظفين‪،‬‬ ‫شأنهم شــأن بعــض حــراس السجــن‪،‬‬ ‫الينفذون أوامر الدكتورة (يعني واعريــن‬ ‫عليها !) ‪.‬‬ ‫وخالصة القول‪ ،‬أن حقوق السجين‬ ‫المهضومة عامة‪ ،‬البــد وأن يعاد فيهـــا‬

‫النظرمن قبل الجهـــات المختصة‪ ،‬ألن‬ ‫اإلشهارعبرشاشة التلفزة‪ ،‬أو عبر أثيـــر‬ ‫اإلذاعة شيء‪ ،‬وواقع السجون شيء آخر!‬ ‫ألم يقولوا يوما ‪« :‬من سمـــع ليــس‬ ‫كمن رأى بأم عينيه»‪.‬‬

‫م‪.‬إمغران‬

‫وزان‪ :‬مراسلة خاصة‬

‫حل السودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫مصير حواسيب المدرسة الجماعاتية‬ ‫بإقليم وزان في علم الغيب ؟‬ ‫من بين الخيارات االستراتيجية التي‬ ‫اعتمدها وزارة التربية الوطنية خالل فترة‬ ‫تنزيلها للبرنامج االستعجالي ( ‪)2009/2012‬‬ ‫لتوسيع مساحة العـــرض التربــوي بالعالم‬ ‫القروي المبني على الجودة وتكافؤ الفرص‪،‬‬ ‫الشروع في تعميم خيار المدارس الجماعاتية ‪.‬‬ ‫إقليم وزان الذي يشير أكثر من مؤشر‬ ‫إلى أن كل جماعاتــه الترابيـــة في حاجــــة‬ ‫استعجالية لهذا النموذج التربوي الجديد‪،‬‬ ‫كان من نصيبه مدرسة جماعاتية يتيمة‬ ‫فتحت أبوابها في وجه تالميذ الجماعة‬ ‫الترابية ونانة خالل الموسم الدراسي ‪/2014‬‬ ‫‪ ،2015‬مع ما صاحب ذلك من صعوبات كادت‬ ‫تعصف بالمشروع ‪ .‬صعوبات حددها الشركاء‬ ‫في يوم دراسي حقيقي انعقد برحاب المدرسة‬ ‫الجماعاتية السيدة الحرة ( ونانة سابقا) بتاريخ‬ ‫‪ 29‬أبريل ‪ ،2015‬تمخضت عنه جملة من‬ ‫التوصيات كان لتفعيلها األثر الملموس على‬ ‫جودة العرض التربوي‪ ،‬كما يشهد بذلك أطر‬ ‫تربوية‪ ،‬وأمهات وآباء تالميذ التقت بهم‬ ‫الجريدة في نشاط تربوي أقيم بالمؤسسة‬ ‫في األسابيع األخيرة ‪.‬‬ ‫حديث هؤالء كشف ألول مرة على أن‬

‫‪18‬‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬

‫المؤسسة التعليمية لم تنل حصتها من‬ ‫التجهيزات الضرورية التي تضع تالمذتها‬ ‫على سكة مبدأ تكافؤ الفرص‪ .‬وشدد هؤالء‬ ‫على أن العدة التي وصلت لرحاب المدرسة‬ ‫الجماعاتية السيدة الحرة‪ ،‬جاءت مبتورة من‬ ‫حوالي ‪ 20‬حاسوبا‪ ،‬تشير بعض المعلومات‬ ‫بأن مصلحة التجهيزات بالمديرية اإلقليمية‬ ‫للتربية الوطنية بوزان لم تحولها إلى‬ ‫المؤسسة‪ ،‬رغم تعاقب ثالث مديرين إقليميين‬ ‫على رأس قطاع التعليم بدار الضمانة الكبرى‪.‬‬ ‫وأضافت نفس هذه المصادر بأن مصير‬ ‫هذه الحواسيب يلفه الكثير من الغموض‪،‬‬ ‫خصوصا وأن هناك أخبارا تم تداولها هنا‬ ‫وهناك تحدثـــت عن محاوالت دفع إدارة‬

‫المــؤسسة التعليميــــة لتسجيل الحواسيب‬ ‫المشار إليها ضمن ممتلكــــات المدرسة‬ ‫الجماعاتية السيدة الحرة ‪.‬‬ ‫أمهات وآباء تالميذ المدرسة الجماعاتية‬ ‫السيدة الحرة وفعاليات مدنية بجماعة‬ ‫ونانة‪ ،‬المنخرطون بوعي وحماس من أجل‬ ‫انجاح تجربة هذا النموذج التربوي الجديد‪،‬‬ ‫يطالبون بالكشف عن مصير الحواسيب‬ ‫المخصصة للمؤسسة والمالبسات المحيطة‬ ‫بها‪ ،‬والتعجيل بوضعها رهن اشارة التالميذ‬ ‫لالستئناس بها وبعالم اإلعالميات‪ ،‬على أن‬ ‫ال تنسى الجهات المختصة تفعيل أحكام‬ ‫الدستور ذات الصلة بربـــط المسؤوليـــة‬ ‫بالمحاسبة والحق في المعلومة ‪.‬‬

‫�إعـــــــــالن‬ ‫ينظم نادي التواصل لجمعية تطاون أسمير محاضرة بعنوان‪:‬‬

‫«التغذية المطلوبة من أجل صحة مرغوبة»‬ ‫يلقيها األستاذ أحمد بوزيان‬

‫وذلك يوم األربعاء ‪ 23‬رمضان ‪ 1440‬هـ الموافق ‪ 29‬ماي ‪ 2019‬م‬ ‫على الساعة ‪ 4:30‬بعد الزوال بمقر الجمعية ساحة ‪ 9‬أبريل‪.‬‬

‫دعوة عامة‬


‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪995‬‬

‫الثالثاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬

‫أندية الدوري االحترافي تؤدي‬ ‫ثمن صراع الوداد والرجاء‬

‫األسود يعسكرون بالمعمورة‬ ‫استعدادا لكأس إفريقيا لألمم‬ ‫سيقيم المنتخب المغربي لكرة القدم تربصا بالمركز الوطني لكرة‬ ‫القدم بالمعمورة ضواحي مدينة سال انطالقا من ثاني يونيو المقبل في‬ ‫إطار استعداداته لكأس افريقيا لألم التي ستقام بمصر وسيواجه منتخبي غا‬ ‫مبيا يوم األربعاء ‪12‬يونيو ومنتخب زامبيا يوم ‪16‬يونيو على ملعب مراكش‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫وبعد ذلك سيشد الر حال نحو القاهرة يوم‪18‬يونيو على مثن طائرة‬ ‫خاصة انطالقا من مطار الر باط سال للمشاركة في منافسات كأس افريقيا‬ ‫لألمم‪ 2019‬بمصر‪.‬‬

‫مكتب اتحاد طنجة لم يحسم بعد‬ ‫في المدرب الجديد للفريق‬

‫بعد أخذ ورد وصراع وتنافس بين الغريمين التقليديين الرجاء والوداد‬ ‫البيضاويين تدخل رفوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة‬ ‫القدم لتهدئة الخواطر خاصة بعد تهديدات الفريق األخضر باالنسحاب‬ ‫وعدم المشاركة في الجولتين األخيرتين من بطولة الدوري االحترافي‬ ‫المغربي لكرة القدم إذا لم تبرمج لجنة المسابقات اللقاء المؤجل بين‬ ‫الوداد والدفاع الحسني الجديدي‪.‬‬ ‫صراع الفريقين البيضاويين جاء بعد تقلص الفارق بينهما إلى ثالث‬ ‫نقاط فقط بعدما كان كبيرا في الدورات الماضية مما جعل الر جاء التي‬ ‫ضمنت مشاركة إفريقية تتطلع اكثر وتنتظر اي عثرة من الوداد لتنقض‬ ‫على اللقب ‪.‬‬ ‫وإذا كان تدخل رئيس الجامعة قد طمأن الغريمين التقليديين ووضع‬ ‫حدا لصراعهما نسبيا فإنه جاء على حساب باقي األندية التي ستؤدي‬ ‫الثمن وال انتظار إلنهاء الموسم وصرف المزيد من األموال «مصاريف‬ ‫السكن بالنسبة لالعبين والمستحقات الشهرية لمدة شهر آخر لألطقم‬ ‫التقنية وعدم تسريح الالعبين الذين انتهت عقودهم إلى غير ذلك من‬ ‫المصاريف الزائدة»‪.‬‬ ‫اتحاد طنجة بعث برسالة إلى الجامعة يطلب فيها إجراء مباراته أمام‬ ‫الفتح الرياضي برسم الجولة األخيرة للبطولة لكون هذا اللقاء لن يكون‬ ‫له تأثير إن على المقدمة أو أسفل الترتيب‪ ...‬فهل تأخذ الجامعة بعين‬ ‫االعتبار مبررات فارس البوغاز أم أنها ستتمسك بقرار التأجيل‪.‬‬

‫راجت في ألونة اال خيرة اخبار حول حسم مكتب اتحاد‬ ‫طنجة في أمر المدرب الذي سيشرف على الطاقم الفني‬ ‫للفريق في الموسم القادم ‪.‬‬ ‫وقال البعض أن الفريق قرر التعاقد مع المدرب أمين‬ ‫بنهاشم الذي سبق أن قاده قبل أربع سنوات إلى الصعود‬ ‫إلى الدوري االحترافي ‪.‬‬ ‫وقد حاولنا التأكد من هذه األخبار واتضح لنا أن مكتب‬ ‫اتحاد طنجة لم يجتمع لحد اآلن للبث في أمر المدرب‬ ‫الجديد ولم يبث في السير الذاتية التي توصل بها نظرا‬ ‫لكون رئيس الفريق السيد عبد الحميد أبرشان كان‬ ‫متواجدا بإسبانيا‪.‬‬

‫وقد علمنا أن المدرب أمين بنهاشم يوجد من بين‬ ‫المرشحين ويتوفر على حظوظ وافرة لشغل هذا المنصب‬ ‫إضافة إلى المدرب الحالي عبد الرحيم طاليب والمدرب‬ ‫الجزائري األسبق عبد الحق بنشيخة وامحمد فاخر‪.‬‬ ‫وتقول مصادرنا أن حظوظ المدرب بنهاشم تبدو‬ ‫وافرة بالنظر الى عالقته المتميزة بأنصار الفريق‪ ،‬حيث‬ ‫كان يحظى دائما بالتقدير واالحترام واالستقبال بالترحاب‬ ‫والورود كلما حل بمدينة طنجة سواء عندما كان مدربا‬ ‫لولمبيك أسفي أو أولمبيك خريبكة‪.‬‬

‫ذهاب نهائي دوري �أبطال �إفريقيا‬

‫الوداد البيضاوي ينتزع تعاد ًال ثميناً‬ ‫من ضيفه الترجي‬ ‫اتحاد طنجة‬ ‫يشرع في‬ ‫االنتدابات مبكراً‬ ‫شرع فريق اتحاد طنجة لكرة القدم في التحضير واالستعداد المبكر‬ ‫للموسم القادم حيث ينوي الفريق اللعب على األلقاب ‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد وقع فارس البوغاز عقدا مبدئيا مع الكونغولي «يانيك‬ ‫بانغاال» مدافع نادي فيتا كلوب الكونغولي ليجاور زميله موكوكو الذي انتدبه‬ ‫الفريق الموسم الماضي‪.‬‬ ‫كما يتدرب حاليا مع اتحــاد طنجة العب الرجــاء البيضاوي السابق‬ ‫«سامسون مبينغي» تمهيدا للتعاقد معه ‪.‬‬ ‫ويتساءل الجميـــع هنـا في طنجة عن الشخــص الذي يقــوم بهذه‬ ‫االنتدابات والذي لم تعرف هويته لحد اآلن‪.‬‬

‫في مباراة مثيرة بطلها الحكم المصري جهاد جريشة‬ ‫و «الفار» تعادل الوداد البيضاوي مع ضيفه الترجي‬ ‫التونسي بهدف لمثله في مباراة ذهاب الدور النهائي‬ ‫لدوري األبطال‪.‬‬ ‫الحكم المصري احتسب هدفا للترجي مشكوك في‬ ‫شرعيته وتغاضى عن ركلة جزاء للوداد بعدما ارتطمت‬ ‫الكرة بيد المدافع التونسي الدربالي‪ ..‬وطرد ال عب الوداد‬ ‫ابراهيم النقاش بالبطاقة الحمراء مما جعل الوداد يكمل‬ ‫المباراة بعشرة العبين‪.‬‬ ‫الفريق التونسي كان الباديء بالتسجيل عن طريق‬

‫الالعب كوليبالي في الدقيقة ‪ 44‬قبل أن يدرك ابراهيما‬ ‫كومارا التعادل للوداد في الدقيقة‪.79‬‬ ‫الترجي الرياضي خاض بداية اللقاء بخذر واغلق جميع‬ ‫المنافذ وشدد الحراسة على الحداد واوناجم مما صعب‬ ‫المهمة على الفريق البيضاوي ونح الثقة أكثر للفريق‬ ‫التونسي الذي بادر الى الهجوم مستغال النقص العددي‬ ‫لخصمه‪.‬‬ ‫وبهذه النتيجة تأجل الحسم الى لقاء اال ياب الذي‬ ‫سيقام في ‪31‬مايو الجاري على ملعب رادس بتونس‪.‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪ 28‬ماي �إلى ‪ 03‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪995‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫احللقة‬ ‫الثالثة‬

‫لقاءات حوارية في حلقات‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‪ ،‬تستحضر‬ ‫تجربتهم في الحياة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وقلبية إلى الماضي والمستقبل‪ .‬تذكرة السفر الثانية مع‬ ‫الروائي والناقد واإلعالمي والمناضل السياسي والدبلوماسي عبد القادر الشاوي‪ ،‬أحد أبرز وجوه ضحايا سنوات الرصاص‬ ‫بالمغرب‪ .‬أثرى المكتبة اإلنسانية بالعديد من اإلصدارات تنوعت بين حقول معرفية متنوعة‪ ،‬مثلما أثرى التجربة‬ ‫اإلنسانية في الوجود بـ «دراما ذاتية» قاسية دفع من خاللها ‪ 17‬سنة من االعتقال المظلم وراء القضبان‪.‬‬

‫ِ‬

‫صدار العدد‬

‫إ‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫س‪ 1‬ـ يحضر األستاذ عبد القادر الشاوي في مخيال القراء بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الكاتب الروائي والمناضل‬ ‫السياسي والناشط الحقوقي وأبرز معتقلي سنوات الرصاص‪ ...‬قبل أن نأخذ في حديثنا عن أهم ما طبع هذه التمفصالت في مشوار‬ ‫حياتك‪ ،‬أريد أن أبدأ معك من النقط األصولية األولى التي تفجرت منها هذه الشخصية‪.‬‬

‫دخلت كلية أصول الدين‪ ،‬ربما بين ‪ 1968‬و‪ .1969‬سيحصل بينك وبين «التهامي الوزاني» ما سيدفعك‪،‬‬ ‫ربما‪ ،‬إلى التخلي عن الكلية وتغيير الشعبة‪ ،‬والتوجه‪ ،‬في ما أظن‪ ،‬نحو الفلسفة‪.‬‬ ‫هل كان خالفا مع «التهامي» أم مع منظومة ثقافية بعينها؟‬ ‫ما زلت أذكر كيف دلفتُ إلى فناء كلية اآلداب بالرباط وأنا‬ ‫ّ‬ ‫مرَكبٌ من وَهم وامتياز وخوفٍ وخجل‪ .‬كان الباب الزجاجي‬ ‫الكبير المنيع ٍ‬ ‫الذي لم تألفه عيني من ُ‬ ‫قبل نصف موارب‪ ،‬ال بل‬ ‫ربما مشرعا يرى الدَّاخل دفعة واحدة مساحة مبلطة بالغرانيت‬ ‫تقود إلى قاعة وقبل القاعة‪ ،‬إذا عرّجتَ يمينا‪ ،‬إلى ممر سوف‬ ‫أمشي فيه طويال‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬على شيء من اليقين بأنني طالب‬ ‫فلسفة جئت إلى حكمتها من َق ْف ِر شمال البالد ودوخة أهلها‬ ‫الشامتين فيما حل بأرضهم من فقر‪ .‬ولو رجعتَ خطوة إلى الوراء‬ ‫الذي َقدِمتُ منه دَهْشا لمشيتَ في أتجاهٍ آخر على اليسار‬ ‫يقود إلى ممر ذي متاهة أخرى‪ .‬هكذا‪ ،‬إذن‪ ،‬كان الفناء المبلط‬ ‫بالغرانيت‪ ،‬في تلك األيام‪ ،‬حسب الهندسة الفرنسية المسكوكة‬ ‫في الشكل التقليدي المغربي الموروث من قباب القرويين حين‬ ‫تسطع زرقة قرميدها تحت شمس حارقة أو مطر يصقل لمعانها‪.‬‬ ‫في الفناء المبلط بالغرانيت إدارة خِ ْلتُ أنها يجب أن تكون‪،‬‬ ‫في ذلك المكان بالذات‪ ،‬الستقبال الوافد الجديد من ال َفجِّ‬ ‫الشمالي العميق‪ .‬لم تكن‪ ،‬كما أدركتُ فيما بعد‪ ،‬إدارة فقط‬ ‫بل عماد ُة هوَّ يا منْ هوَّ‪ ،‬الفيلسوف الذي ترك شعره سارحا‬ ‫على هواه‪َّ ،‬‬ ‫ورَكبَ فوق أرنبة أنفه نظارة ذات اخضرار تُ ْلمَح‬ ‫منه عوَينة بها اعوجاج‪ .‬أول ما عرفت أن فيها الفيلسوف الذي‬ ‫لم أكن قد قرأتُ له شيئا أنا المتأدب الشمالي الذي طالعَتْه‬ ‫جريدة (الكفاح الوطني) ذات يوم‪ ،‬على حين غرة‪ ،‬بقصيدة َ‬ ‫أرْبكها‬ ‫النضال عن فلسطين‪ .‬الفيلسوف الذي صار أستاذي في الترجمة‬ ‫بذلك المكتب الذي كان‬ ‫يحشرنا فيـــه بقرار هو‪:‬‬ ‫محمد عزيز الحبابي‪ .‬أهــال‬ ‫بالشخصانية اإلسالمية‪،‬‬ ‫اإلسالمية تحديـدا ولم‬ ‫يكن لها أي معنى سلفـي‬ ‫أو داعشـــي فــي تلك‬ ‫األيام‪ ،‬التي لم يدركها‬ ‫في التأمل الفلسفي‪،‬‬ ‫وما كان له أن يدركها‪،‬‬ ‫هذا الفرنسـي المسمى‬ ‫(إمانويل مونييه ) �‪Em‬‬ ‫‪.anuel Mounier‬‬ ‫أقول هنا بدهشتي‬ ‫األصليـــة وصدْ َفتــــي‬ ‫األزلية‪ ،‬وسوف أستمر‬ ‫في السرد بعد ذلك‪،‬‬ ‫أننــــي عـــدْتُ إلـى‬ ‫كليــة اآلداب بعـــد‬ ‫خمسين سنــة مـن دخولـــي‬ ‫ذاك إليها متلهفا وخائفـــا على ملـة بعـــض الشمالييـــن‬ ‫المنقطعيــن إلى الفقــر‪ .‬عـدتُ إلى الكليـــة‪ ،‬نعم‪ .‬ولم تكن‬ ‫عودتي لمتابعة دراسة تركتها في بداية الطريق إلى الفلسفة‪،‬‬ ‫ولم أعد ألرى وجوها نسيتها وبعضها هـوَتْ وَوَاحدٌ‪ ،‬على‬ ‫وجه التحديــد‪ ،‬قتلــه القمع حين أدرك قامعوه‪ ،‬بسبب وشاية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫مناضل طبقيٌّ حالمٌ ذو أوهام ‪.‬بل عدْتُ بعد خمسين سنة‬ ‫أنه‬ ‫لمناقشة رواية (بستان السيدة)‪ ...‬يرى البعض أنها فضحت‬ ‫أسراري ولكنها‪ ،‬ربما‪ ،‬أوهمتهُم بما ليس من األسرار إال األثر‬ ‫الدال على النار‪ .‬جئت بصحبة صديقي محمود عبد الغني إلى‬ ‫الفناء من باب خلفي‪ .‬أي أنني رجعت في الممر الذي كنتُ أمشي‬ ‫فيه في أواخر الستينيات‪ ...‬فإذا بي‪ ،‬ونحن نتكلم في أشياء‪ ،‬في‬ ‫الفِناء إياه‪ .‬من النظرة األولى‪ ،‬وَ َقدْ شَاختْ‪ ،‬لم يتغير‪ :‬نفس‬ ‫األرضية المبلطة بالغرانيت‪ ،‬بل نفس الغرانيت ربما وأكاد أقول‬ ‫بالتأكيد‪ .‬نفس الموقع الذي كان فيه العميد الحبابي‪ ،‬نفس‬ ‫القرميد الذي يظهر للناظر إذا ما رفع بصره إلى نخالت‪ .‬وحين‬ ‫سِرْنا على اليسار لم يفاجئني وجود قاعة أصبحتْ تضم اآلن‬ ‫وجوها جديدة‪ .‬تساءلت‪ :‬هل كان نجيب بلدي يداعب أقرانه هنا؟‬ ‫وكيف دخل محمد عابد الجابري وهو القادم من مدارس محمد‬ ‫الخامس على كثير من المعارضة؟ هل هو نفس المكان الذي‬ ‫اجتمعوا فيه على تفكير وتأويل ومناقشات وكؤوس شاي ربما‬ ‫ومنه كانوا يخرجون إلى األقسام لبذر الدروس في الرؤوس؟ لست‬ ‫أدري‪ ،‬والذي أدريه أنني ولجتُ باب قسم هو نفسه الذي قبل‬ ‫خمسين سنة كان يخطو فيه الدكتور ٍ‬ ‫الحبابي برجليه الصغيرتين‬ ‫خطوات جيئة وذهابا في محاولة للبرهنة‪ ،‬وهو يومئذ من أعضاء‬ ‫مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬على أن ألِفَ التثنية أو نون النسوة‬ ‫حذفهما أحق‪ .‬واااااو‪ .‬في َ‬ ‫مْح خفيف رجعتُ إلى دهشة الشاب‬ ‫قلبه ل ٍ‬ ‫وعقله‪ .‬وااااااو‪ .‬كدْتُ أغرق في حزن‬ ‫الشمالي الحائر بين‬ ‫لوال أنني جئت لتقديم رواية وفي انتظاري أما الباب المشرع على‬ ‫الداخل المبهم صديقة استوْلتْ‪ ،‬أول ما فعلتْ‪ ،‬على شهرتي‬ ‫المقدرة بجميل محياها وخفة لسانها ورونق مظهرها على كثير‬ ‫من اإلغراء الطبيعي… هذا إلى براعتها في التمثيل والتشويق‪.‬‬ ‫إنها‪ ،‬ولن أذكر اسمها لخوف من ُل ْطفِها‪ ،‬مَجمع فنون‪ .‬أكتشفُ‬ ‫بأنني تغيرت وما مسني‪ ،‬هذه المرة‪ ،‬خوْفٌ‪ .‬ولكن الزمن لما‬ ‫ٌ‬ ‫حرُون‪ ،‬يمشي أناس ويأتي آخرون‪ ،‬وما‬ ‫يزَل في نفس الكلية‬

‫بدلوا شيئا إال هذا التجاهل الذي يفضح جهلهم بمن كانوا في‬ ‫نفس الفضاء أحرارا أكثر من العبودية التي يرسفون فيها‪ .‬لو‬ ‫يتكلم الفناء المبلط بالغرانيت منذ تلك األزمان الغابرة‪ .‬خمسون‬ ‫سنة ال يمكن أن يجمعها إال ال َفمُ يا سادة‪.‬‬ ‫وأحاول القبض على شيء مما بقي لي وكان في (دليل‬ ‫العنفوان) عنواني‪ ،‬وأحاول‪ ،‬في نفس المحاولة‪ ،‬أن أستذكر ما قد‬ ‫أكون نسيته في حمى االستذكار‪ ،‬فال أجد في اللغة بياني‪ .‬قصدي‬ ‫أن أقول إن األخرين يستذكرون كل شيء ويطوفون بطفولتهم‬ ‫في إحْرَام منفعل يرددون أذكارا غريبة ال يصدح بها إال منشد‬ ‫ذو صوتٍ رنان‪ ،‬وأنا ال أجد في انفعاالتي أي خيط قد يشدني‬ ‫موقع َقرُبَ أو بعدَ‪ .‬وعندما أتذكر المشتري بالعباس أجده‬ ‫إلى‬ ‫اليوم ٍ‬ ‫على حال من المرض مزمن بين ترْكٍ وحنان‪ ،‬بين أمل‬ ‫في الشفاء واندحار ال يعرفه إال المرضى‪ .‬الرجل بعدَ أن تجاوز‬ ‫الستين يرتجف كأنما به قسوة‪ ...‬وهو الذي قاد التحوالت في‬ ‫الكلية من يدها إلى منظمة (إلى األمام)‪ .‬أخجل كثيرا عندما أشعر‬ ‫بالعجز فال أقدر على زيارته وهو الذي زارني خلف نظارة شاحبة‬ ‫اللون في ثانوية (موالي إسماعيل) في ذلك الخالء البيضاوي‬ ‫لغاية لم أدركها إال في السجن بعد ذلك بسنواتِ النسيان‪ .‬أين‬ ‫ف‪ .‬ال ُق ُ‬ ‫بمثل ما كانت لها في تلك األيام‬ ‫رطبي؟ وهل لها الحياة ِ‬ ‫في أوج الدالل والفتنة والرشاقة… وهي التي إذا مشــتْ في‬ ‫القسم تداعى القسم كله من اآلهات؟ رأيت أستاذ الترجمة يشير‬ ‫عليها بشيء‪ ،‬وقد قال ع العزيز المنبهي‪ ،‬في عجمته المزمنة‪،‬‬ ‫أنه أراد مغازلتها‪ ،‬فوَقفتْ في كامل ثوبها أواخر الستينيات‬ ‫وخاطبته بما ال أذكر منه‬ ‫األن شيئا‪ :‬ال تحاول‬ ‫أيهــــا الوغــــد…‬ ‫أو شيء من هـــذا‬ ‫القبيــــل‪ .‬أخمـــنُ‬ ‫أنها قالت ذلك في‬ ‫قسوة وكانت تعرف‬ ‫أننا وراءها في صف‬ ‫نشهدُ ِبغنجها‪ .‬ثم‬ ‫أطاعها األستاذ ولم‬ ‫يعد إلى جسارة لم‬ ‫يدركها أحـد سواهـــا‬ ‫أو ســواه إن كـــان‬ ‫جسورا‪ .‬أين ع العزيز‬ ‫َّ‬ ‫يتخــل‬ ‫حليلي الذي لم‬ ‫مطلقــا عن الهمــس‬ ‫وهو يراقـــب التحوالت‬ ‫التي كانت تجري من‬ ‫حولنا حين انتسب‪ ،‬كما‬ ‫لم يكن من المتوقع‬ ‫في قسم فلسفتنا‪ ،‬إلى تيار (المانونيين) الخارجين لتوهم‪ ،‬على‬ ‫احتشام‪ ،‬من رحم حزب (االتحاد) العتيد الذي كان يقتلنا بالنضال‬ ‫العنيد؟ وعندما اغتربتُ علمتُ‪ ،‬بكثير من ال َفجع‪ ،‬أنه مات مما‬ ‫يسميه عامة القوم اآلن بالمرض الخبيـــث‪ .‬اكتشفــتُ بعد‬ ‫سنوات ونحن في مدينة القنيطرة أنه لم يكن‪ ،‬في الواقع‪ ،‬طويال‬ ‫وال قصيرا‪ .‬هل كان مربوع القامة‪ ،‬أم خيّل لخيالي أنه على شيء‬ ‫من القصر؟ أدركتُ ِودّهُ في آخر األيام التي عاشها بكثير من‬ ‫األآلم التي ال تبرح الجسد وتجعل الفكر مقال في التفكي ِر بفعل‬ ‫جبروت الموت الذي ال يفارق‪ ،‬ال يفارق مطلقا‪ ،‬شعورنا بالنهاية‬ ‫المحتمة في سنةٍ كونية مذهلة‪ .‬ماذا نصنع بذاكرة إذا لم‬ ‫يصادرها الموت مفاجئا كان أم محتما؟ ال شيء حين أذكر ع‬ ‫العزيز‪ .‬وأذكر وقد َذ َكرْته َ‬ ‫وذ َكرْته وَذكرته كثيرا ع اللطيف‬ ‫زروال في (الدليل) حتى قلت إنه ُقتل بالتعذيب من صمود خجول‬ ‫بالتأكيد‪ .‬ثم قلتُ عنه‪ ،‬وال أذكر ْ‬ ‫إن كان في (الدليل) أو في غيره‪،‬‬ ‫أنه في لحظة اشتياق ضرَبَ لي موعدا في (السوق المركزي)‬ ‫المزحم بالمخبرين والمشردين ومنتظري الحافالت الشاردة‬ ‫أيامها بمدينة الدار البيضاء‪ .‬لم يكن قد تغيّر كثيرا في برودة‬ ‫(السرية اآلمنة)‪ ،‬ولم تكن نحافته قد اصفرّت َك َلوْنِ الكبريت في‬ ‫انتظار الثورة الموعودة‪ .‬وفي الشارع إياه‪ ،‬شارع محمد الخامس‬ ‫أيام أواخر الستينات‪ ،‬تماما في الممر الذي تعلوه ظلمة كالحة‪،‬‬ ‫في البيت الصغير حين يجتمع الحكماء الصغار على أحاديث ثورية‬ ‫أو ماجنة‪ ،‬على قطعة جبن وخليط من «الروج» و «الماحيا» أو‬ ‫شيء من هذا القبيل‪ ،‬وال من يشرب… في الرباط‪ ،‬إذن‪َ ،‬كمْ‬ ‫حلمنا‪َ ،‬‬ ‫وَكم َّ‬ ‫تملغنا‪ ،‬وكم وكمْ… بدون نساء تقريبا رغم الفورة‬ ‫التي كانت تفور منا بالشبق األوليّ وديمومة التحفز‪.‬‬ ‫سوف أعلم‪ ،‬فيما بعد‪ ،‬أن الزمن الفلسفي له وقت محدود‬ ‫في زمن الوجود‪ .‬فما كان من النضال الثوري إال ْ‬ ‫أن جندَ‬ ‫عامَتِهم حيثما أمكن للنضال الثوري‬ ‫صفوة القوم للدفاع عن‬ ‫ِ‬ ‫أن يَضْ ِرب أو يضرَب‪ .‬أما في اليوم األخير الذي ذهبوا فيه‬ ‫محمل القهر والتعذيب إلى حتفه فقد جنَّ‬ ‫بعبد اللطيف على‬ ‫ِ‬ ‫عقلي واستعرَتْ اللوعة‪ .‬والمصيبة‪ ،‬إلى اليوم‪ ،‬أن المدافعين‬ ‫عن براءة القمع ما زالوا قابعين حيث هم بعد أن تخفوا في‬ ‫أنفسهم من الورطة‪.‬‬

‫‪La société et Le virtuel‬‬ ‫المجتمع و االفتراضي‬

‫صدر عن د‬ ‫ار» السليكي أخوين» برسم سنة‬ ‫‪ 2018‬كتابـا‬ ‫بال‬ ‫فرنسيــة يحمل عنوانا رئيسيــا‬ ‫«‪et Le virtuel‬‬ ‫‪« / »La société‬المجتــمـــع‬ ‫واالفتراضي»‪،‬‬ ‫وعنوانا فرعيا‪ ...‬رؤية سيكولوجية‬ ‫إلى استعمـــال‬ ‫«الويب» االجتماعي في سيـــاق‬ ‫المجتمع المغربي ‪.‬‬

‫وهو كتاب مشترك بين ا لم َ‬ ‫ؤلفين «مصطفى‬ ‫شكدالي» و «‬ ‫عبد الحق محتــاج» يقع في ‪171‬‬ ‫صفحة من الحجم المتوسط‪.‬‬ ‫ويقارب هذا ا‬ ‫لكتاب استعماالت شبكات التواصل‬ ‫الرقمية و ما تث‬ ‫يره من قضايا نفسية و اجتماعية‪،‬‬ ‫وهو بذلك كتاب‬ ‫يتناول التحوالت النفسية التي‬ ‫يعرفها المجت‬ ‫مع المغربي من خالل ما تفرزه‬ ‫شبكات التواصل الرقمي‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.