Achamal n° 996 le 04 Juin 2019

Page 1

‫عبد القادر الشاوي‬ ‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬

‫كارمن رويث برابو‬

‫سأنتبه في هذه الفترة التي انتميت فيها ل(لطلبة التحرريين)‬ ‫زمنا قبل المؤتمر الثالث عشر لالتحاد الوطني (لطلبة المغرب)‪،‬‬ ‫وكان معظم الطنجاويين إليه ينتمون‪ ،‬في معظم األحيان‪ ،‬بالعطف‬ ‫على الزعيم الطنجاوي المرحوم علي يعته‪...‬‬ ‫الصفحة األخيرة‬

‫تمد الجسور بين الثقافتين العربية واإلسبانية‬

‫‪CARMEN RUIZ BRAVO‬‬

‫صفحة ‪17‬‬

‫حوار مع فـنانـة «ال�سوبرانـو»‬

‫النا�صريي رئي�س الوداد الريا�ضي‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫سميرة القادري‬ ‫صفحة ‪5‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 996‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪ 29‬رم�ضان ‪� 04 / 1440‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫«سنذهب إلى محكمة‬ ‫التحكيم الرياضي‬ ‫السترجاع حقنا»‬

‫صفحة ‪19‬‬

‫المقرئ أبو زيد و حسن أوريد‬

‫حوار روائي بطعم سياسي‬

‫كلمة الشمال‬ ‫عبد اإلله المويسي‬

‫لم يعرف شريط فيديو «فكري» جدال‪ ،‬مثل ما عرفه الفيديو الذي قــدم من خاللــه الداعيـة اإلسالمـي «المقـرئ‬ ‫أبو زيد اإلدريسي» رواية الدكتور حسن أوريد «رواء مكة» في جلسة ضمن برنامج خليجي يسمى «سواعد اإلخاء»‪،‬‬ ‫والتي جرت أطرافها داخل ما يبدو أنها خيمة بطابع بدوي شرقي صرف يرجع طرازه إلى أحقاب موغلة في التقاليد‬ ‫العربية القديمة‪.‬‬ ‫و»الجدل» حول الفيديو أثير‪ ،‬سواء من حيث مضامينه العجيبة الواردة فيه‪ ،‬أو من حيث التقديرات األخالقية‬ ‫ُّ‬ ‫«المُحِط» الذي نعت به المقرئ أبو زيد الشباب‬ ‫والحقوقية والفكرية التي تضمنها‪ .‬وعلى رأس هذه التقديرات الوصف‬ ‫الذين يهاجرون من دول المغرب العربي‪ ،‬بكونهم حثالة المسلمين‪ ،‬وعلى رأس هذه التقديرات أيضا الحماسة التي‬ ‫تملكت «المقرئ أبو زيد» ودفعت به إلى القول بأن على الطرق الصوفية أن تجعل من رواية «رواء مكة» ِورْدا من‬ ‫أورادها في األذكار‪ ،‬مثلها مثل كتاب «دالئل الخيرات»‪.‬‬

‫(البقية ص ‪)2‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫المقرئ أبو زيد و حسن أوريد‬

‫حوار روائي بطعم سياسي‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬ ‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫(تتمة ص‪)1‬‬ ‫لم يعرف شريط فيديو «فكري» جدال‪ ،‬مثل ما عرفه الفيديو الذي قدم من خالله‬ ‫الداعية اإلسالمي «المقرئ أبو زيد اإلدريسي» رواية الدكتور حسن أوريد «رواء مكة»‬ ‫في جلسة ضمن برنامج خليجي يسمى «سواعد اإلخاء»‪ ،‬والتي جرت أطرافها داخل ما‬ ‫يبدو أنها خيمة بطابع بدوي شرقي صرف يرجع طرازه إلى أحقاب موغلة في التقاليد‬ ‫العربية القديمة‪.‬‬ ‫و»الجدل» حول الفيديو أثير‪ ،‬سواء من حيث مضامينه العجيبة الواردة فيه‪ ،‬أو من‬ ‫حيث التقديرات األخالقية والحقوقية والفكرية التي تضمنها‪ .‬وعلى رأس هذه التقديرات‬ ‫ُّ‬ ‫«المُحِط» الذي نعت به المقرئ أبو زيد الشباب الذين يهاجرون من دول‬ ‫الوصف‬ ‫المغرب العربي‪ ،‬بكونهم حثالة المسلمين‪ ،‬وعلى رأس هذه التقديرات أيضا الحماسة‬ ‫التي تملكت «المقرئ أبو زيد» ودفعت به إلى القول بأن على الطرق الصوفية أن تجعل‬ ‫من رواية «رواء مكة» ِورْدا من أورادها في األذكار‪ ،‬مثلها مثل كتاب «دالئل الخيرات»‪.‬‬ ‫شخصيا‪ ،‬بحكم التموقع الذي أحصر نفسي بداخله كمهتم باألدب ومتفرغ له‪ ،‬لم‬ ‫يحظ شريط الفيديو هذا عندي بأيه أهمية متعلقة بما سبق أن أشرت إليه من تقديرات‬ ‫محطة‪ .‬فأنا أعرف جيدا «الدعويين»‪ ،‬وأعرف على وجه الخصوص «المقرئ أبو زيد»‪،‬‬ ‫أعرف كيف يفكر‪ ،‬وأعرف األفق الذي يرهن به حلمه األكبر في االستقطاب‪ .‬فال أستغرب‬ ‫لكل هذا الحشو الفكري واألخالقي والسياسي واأليديولوجي الذي يدفعهم جميعا لمثل‬ ‫هذا ولغيره‪.‬‬ ‫اإلساءة الكبرى في تقديري التي استطعت أن ألتقطها من الفيديو‪ ،‬هي التي تعرضت‬ ‫لها «الرواية» نفسها‪ ،‬كفن عظيم استطاعت به أوروبا أن تؤسس وعيها «المَدِي ِنيَّ»‪،‬‬ ‫وتنتقل به إلى التعبير عن آآلم اإلنسان وشقائه‪ .‬واستطاعت به أن تبتكر مفاهيم أدبية‬ ‫وفلسفية عظيمة من قبيل «البطل اإلشكالي»‪ ،‬والذي ليس إال تعبيرا روائيا جماليا عن‬ ‫البطوالت والمالحم التي يواجهها اإلنسان المعاصر في حياته اليومية‪ ،‬ويخوض بها‬ ‫معاركه األسطورية مع واقعه المعاصر المرير‪ .‬وهو ما اختزله «جورج لوكاتش» في‬ ‫توصيفه الدقيق للرواية باعتبارها «ملحمة بورجوازية»‪.‬‬ ‫تحدث المقرئ أبو زيد عن كل شيء في «رواء مكة»‪ ،‬إال أنه لم يقل عنها أي شيء‬ ‫بصفتها «رواية»‪.‬‬ ‫الرواية َ‬ ‫«ك ٌ‬ ‫وْن» َفنّيّ تخييلي يتأسس على مجموعة من المقومات تنتفي الرواية‬ ‫بانتفائها‪..‬‬ ‫ولست في حاجة إلى التذكير بها هنا‪ ،‬فالمقام ليس تعليميا وال مدرسيا‪ ،‬لكن األمر‬ ‫يحتاج إلى التذكير بأن تبخيس الفن كان وما يزال من بين أكبر األولويات التي نهضت‬ ‫عليها اإليديولوجيا الجمالية لدى الحركات اإلسالمية عبر التاريخ‪.‬‬ ‫في فيديو مشابه حول نفس «الرواية»‪ ،‬تألمت لوضع حسن أوريد جالسا هادئا جنب‬ ‫«أبو زيد» يقرأ عليه بصخب معجمي كبير التأويالت الفقهية المتعلقة بما بشرت به‬ ‫الرواية من مضامين‪ ،‬وضعها المقرئ في خانة مفاهيم ال تمت بأية صلة‪ ،‬كما أفترض‪،‬‬ ‫للمتخيل الروائي لدى حسن أوريد الذي يشتغل داخل أفق مغاير في رؤيته للعالم‪.‬‬ ‫تأويالت من مثل‪ :‬التوبة واإللحاد واالنحالل واالستهتار بدين اهلل واالنحراف الفكري‬ ‫والسلوكي وكراهية العرب‪...‬‬ ‫تأسفت كثيرا وأنا أرى حسن أوريد يسلم له مصيره األدبي يتصرف فيه سياسيا‪ً.‬‬ ‫فقد كنت أرى «الفقه السياسي والرواية» جالسين إلى بعضهما البعض‪ .‬لكن لم أتخيل‬ ‫هذا االنتصار الساحق الذي حققه السياسي على الروائي‪.‬‬ ‫أعرف حسن أوريد جيداً‪ .‬فالرجل مشبع بالفكر التنويري بشكل عميق‪ .‬ويعرف‬ ‫أن الرواية ال يمكنها أن تكون بالشكل البشع الذي يراها عليها «أبو زيد» كوعاء‬

‫«أيديولوجي ديني» تبشيري‪ .‬ويعرف بمنظور منهجي أكثر وضوحا أنه‪ ،‬إن ُقدِّر للرواية‬ ‫أن تكون تبشيرية‪ ،‬فإنها ستبشر باإلنسان وهو يصنع إنسانيته ويطورها ويدفع بها نحو‬ ‫مستقبل تسود فيه قيم العلم والحق والعدل والجمال والحرية والسالم‪ .‬تبشر بإنسان‬ ‫يؤسس مواطنته القائمة على قيم الديموقراطية والتحديث‪.‬‬ ‫ليس لألمر أية صلة بـ «التحول العَقدي» الذي قد يكون حسن أوريد عرفه‪ .‬وأقصد‬ ‫هنا بالتحول الرحلة من الشك إلى اإليمان كما نعتها أبو زيد أو أَوَّلها‪ .‬ففي نظري هذا‬ ‫شأن شخصي محض‪ ،‬ويحق لحسن أوريد فيه أن يعبر كيفما شاء وبما شاء‪ ،‬بل ويحق له‬ ‫أن نُقابل تحوله من جانبنا بكل االحترام الالزم‪ ،‬والوعي الكامل بخصوصياته الفردية‪.‬‬ ‫لكن أن يحول المقرئ أبو زيد األمر إلى حدث استثنائي‪ ،‬دينيا أو ثقافيا‪ ،‬ويقيم الدنيا في‬ ‫شأنه وال يقعدها‪ ،‬فأعتقد أن هذا هو التحول الحقيقي بالمعنى الكفكــاوي للكلمــة‪..‬‬ ‫‪. La Métamorphose‬‬ ‫أنا واثق أن حسن أوريد كان ينصت إلى «أبو زيد» وهو يختلف معه مطلقا‪ .‬ألن‬ ‫أوريد يعلم أن الرواية ‪:‬‬ ‫ـ تتحكم في نفسها وال تترك ألحد الفرصة في أن يتحكم هو فيها‪ .‬فهي من تجعل‬ ‫شخصياتها تقدم نفسها بنفسها عبر «الفعل» و «الحوار» و «الوصف» و «الرؤية»‬ ‫وغيرها من طرائق السرد المعروفة في أبجديات الكتابة الروائية‪.‬‬ ‫ـ أن الرواية تفصل في وعيها والوعيها بين المؤلف والسارد داخل العمل التخييلي‪،‬‬ ‫وال تخلط بينهما‪ .‬حتى وإن تغيا الكاتب ذلك‪.‬‬ ‫ـ أن اللغة في الرواية تتعالى ثم تتعالى كي تصل إلى وعيها الخاص بالعالم‪ .‬فاللغة‬ ‫مؤسسة اجتماعية ونفسية وذهنية وليست اختيارات معجمية عفوية اعتباطية‪.‬‬ ‫ـ أن الرواية هي الحكاية باللغة وليس بالسند الواقعي‪.‬‬ ‫ـ أن الرواية تناقض األلوهية‪ .‬بمعنى أنها تطالبك بأن تكف عن أن تكون «إلها»‬ ‫متحكما في مصائر شخوصك‪ ،‬بل أن تكون فقط ساردا متعاونا‪.‬‬ ‫ممكن أن يكون حسن أوريد فيلسوفا ومفكرا ومجددا أيضا‪ .‬ولما ال‪ ،‬وقد يكون‬ ‫مخاطب للمثقفين‬ ‫كذلك‪ .‬لكنه في تقديري ال يمكن أن يتحول إلى « زادٍ للدعاة»‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫والجامعيين والمتشككين والمستشرقين والمغرضين والماركسيين والعلمانيين‬ ‫«نيابة عن «المقرئ أبو زيد»‪.‬‬ ‫أستحضر هنا مقولة شهيرة لألصمعي‪ »..‬الشعر نكد بابه الشر‪ ،‬فإذا دخل في باب‬ ‫الخير الن وضعف‪ .»..‬وقد أقيس عليها «تناصا» لغويا كي أصوغ مقولة موازية وهي أن‬ ‫«الرواية نكد بابها الشر‪ ،‬فإذا دخلت في باب الخير النت وضعفت»‪.‬‬ ‫إننـا في حاجــة إلى نظريــة جديـدة لألدب تتجــاوز مفهــوم التطهيـر القــديـم‬ ‫‪ La catharsis‬الذي أطلقه أرسطو‪ .‬في حاجة إلى نظرية قائمة على «التلويث»‪ ،‬وهو‬ ‫معنى ربما سبق ألحمد بوزفور أن دعا إليه‪ .‬مفهوم جديد سيجعلنا نكف عن تزوير‬ ‫العالم‪ ،‬ونقله لألجيال في صورته الوردية المثالية‪ ،‬ويجعلنا نكف عن أن نجعل األدب‬ ‫ناقال بليدا لألديولوجيات الساحقة‪.‬‬ ‫في سياق مماثل أستحضر موقفا مفصليا حدث في تاريخنا الثقافي‪ ،‬وهو أن الجاحظ‬ ‫كان قد تصدى بأديولوجية معتزلية واضحة لمفهوم «أَشعَ ِريِّ» للشعر‪ ،‬إذ اعتبره‬ ‫ببالغاته المجنحة «جنسا أدبيا» مقدسا ومتعاليا ومتساميا يُجَمِّل الواقع ويزيفه‪.‬‬ ‫وبذلك ابتكر إيديولوجية بالغية جديدة متعلقة بالنثر‪ .‬واعتبر النثر جنسا واقعيا مدنسا‬ ‫و َ‬ ‫«ك ِونا» فنيا مؤهال للتعبير عن البطوالت والمالحم التي يواجهها اإلنسان المعاصر‬ ‫في حياته اليومية‪ ،‬ويخوض بها معاركه األسطورية مع واقعه المعاصر المرير وليس مع‬ ‫«آخرته»‪..‬مع الجهل والظلم والجوع والفقر‪.....‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬

‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬

‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫دردشة‬ ‫ارتبط رمضان في ذاكرتي بأشياء وأشياء‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• أنني كنت أشم رائحته من بعيد‪ ،‬كانت تهبُّ عليَّ من دارنا بالمطامر‪ ،‬وبالدور‬ ‫المحيطة بنا‪ ،‬فتشعرني َّ‬ ‫بأن حلويات رمضان‪ ،‬ستكون حاضرة بسخاء وأريحية على‬ ‫موائد هذا الشهر الكريم‪.‬‬ ‫• أنني كنت أشاهد حلوله‪ ،‬أو ُقرب حلوله‪ ،‬في تجيير الدروب واألزقة وتبييضها‬ ‫وتنظيفها‪ ،‬لتكون في أحسن تقويم‪.‬‬ ‫• أن استقباله كان يتم بالسطوح‪ ،‬أقصد سطوح المنازل‪ .‬فهنا يكون االنتظار‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متمثلة في زغاريد‬ ‫وهنا تتمُّ مراسيم االستقبال‪ ،‬وهنا تُسمع سمفونية االستقبال‪،‬‬ ‫النساء‪ ،‬وصياح األطفال‪ ،‬وطلقات المدافع‪.‬‬ ‫• َّ‬ ‫أن برنامج الضيافة‪ ،‬كان أغلبه يتم بالمساجد‪ ،‬هنا يحرص الناس على الصالة‬ ‫َّ‬ ‫تُصلى صالة التراويح عشا ًء‪.‬‬ ‫جماعة‪ ،‬وهنا يُقرأ الحزب أو الحزبان بكثافة‪ ،‬وهنا‬ ‫وفجراً‪ ،‬فتفيض بيوت اهلل بالمصلين‪ ،‬وهنا تقام دروس الوعظ واإلرشاد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الك ُّل يشارك في االحتفاء بالضيف داخل هذه الفضاءات الدينية‪.‬‬ ‫وهنا نجد المسجد يستعيد دوره‪ ،‬ويستعيد توازنه‪ ،‬ويستعيد نشاطه وحيويته‪،‬‬ ‫بل ويستعيد المصلين الذين هجروه طيلة أيام السنة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأطفال الحي عقب صالة التراويح‪« :‬الحمد هلل الذي هدانا‬ ‫أجمل ما كنت أردده‬ ‫لهذا وما كنَّا لنهتدي لوال أن هدانا اهلل‪ ،‬لقد جاءت ُ‬ ‫رسل ربنا بالحق‪ ،‬اللهم لك‬ ‫الحمد‪ ،‬ربنا تقبل منا الصالة والصيام‪ ،‬واحشرنا في زمرة خير األنام»‪.‬‬ ‫أين هذه الحمدلة اآلن؟‬ ‫ًّ‬ ‫عُنوة في خانة البدع‪ .‬بعضهم أخذ يختزلها‪،‬‬ ‫ضاق بها بعضُ األئمة‪ ،‬أدرجوها‬ ‫وبعضهم حرَّفها عن مواضعها‪ ،‬وبعضهم استغنى عنها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫• َّ‬ ‫«الدَّقاق» أو «المسحراتي» كانت له هيبته‪ ،‬التي اكتسبها من دقاته‬ ‫أن‬ ‫العنيفة على أبواب الصائمين‪ ،‬ليستنفرهم لتناوُل السحور‪.‬‬ ‫وكان خيالنا يذهب به بعيداً إلى عالم الجن والعفاريت‪.‬‬ ‫تلك أيَّامٌ‪ ،‬كان الصفاء فيها يعم الجميع‪ ،‬ويُلقي بظالله على الجميع‪ ،‬فتسير‬ ‫الحياة رُخا ًء‪ ،‬ال حقد فيها وال بغضاء‪ ،‬وال عداوة وال شحناء‪.‬‬

‫في اختتام الدورة التكوينية حول «نظام برايل للكتابة والقراءة» المنظمة‬ ‫من طرف جمعية التنمية المحلية‪ -‬المغرب‬

‫توزيع الشواهد على األشخاص في وضعية‬ ‫إعاقة بصرية المستفيدين من التكوين‬ ‫‪ -‬عبد الحي مفتاح‬

‫مشـــروع «تعزيـز اإلدمـــاج‬ ‫المجتمعي لألشخاص في وضعية‬ ‫إعاقة وتقوية ممارستهم للحقوق‬ ‫األساسية» الذي تنجزه جمعية‬ ‫التنمية المحلية‪-‬المغرب ومنظمة‬ ‫بروديفيرسا اإلسبانية بشراكة‬ ‫مع الجماعة الحضرية لشفشاون‬ ‫وبتمويـــل من طـــرف الوكالـة‬ ‫األندلسية للتعاون الدولي؛ تؤطره‬ ‫رؤية شموليـــة لمسألة اإلعاقة‬ ‫تجمع بين ماهو عملي وتكويني‬ ‫وتحسيسي‪ ،‬وسيكون له‪ ،‬بال شك‪،‬‬ ‫أثر إيجابي على نظرة المجتمع‬ ‫لألشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬كما‬ ‫سيساهم في تغيير حكم األشخاص‬ ‫في وضعية إعاقة أنفسهم على المشاريع التي تكون موجهة لفائدتهم خاصة‬ ‫من طرف المجتمع المدني والجماعات الترابية سواء بتمويل داخلي أوفي إطار‬ ‫التعاون الخارجي‪.‬‬ ‫هذا ما لمسناه في اللقاء االختتامي للدورة التكوينية حول نظام القراءة‬ ‫والكتابة بنظام برايل الذي نظم بشفشاون ابتداء من الساعة الثالثة بعد‬ ‫الزوال بالمكتبة البلدية مناهل العرفان يوم الخميس ‪ 30‬ماي ‪ ،2019‬حيث‬ ‫شكر عدد من المستفيدين من ذوي اإلعاقة البصرية في كلماتهم جمعية‬ ‫التنمية المحلية‪ ،‬ملتمسين ضرورة ضمان استمرارية هذا التكوين بشكل‬ ‫من األشكال المؤسساتية لتعزيز المكتسبات وتقوية القدرات‪ ،‬كما أكدوا‬ ‫على ضرورة استمرار العالقة بين جمعياتهم الفاعلة وجمعية التنمية المحلية‬ ‫لتطوير الشراكة أكثر في هذا المجال من خالل مشاريع أخرى‪.‬‬ ‫هذا وقد استفاد من هذه الدورة التكوينية التي أطرها عضوان من جمعية‬ ‫لويس برايل للمكفوفين بتطوان‪ ،‬مجموعة من األشخاص في وضعية إعاقة‬ ‫بصرية من الجنسين ومن مختلف األعمار‪ ،‬حيث خصصت لكل واحد منهم‬ ‫حصة فردية من ‪ 16‬ساعة على مدى زمني امتد من شهر أبريل إلى نهاية شهر‬ ‫ماي‪ ،‬وهكذا تم تلقين المستفيدين نظام القراءة والكتابة بطريقة برايل(النقط‬ ‫الستة البارزة)‪ .‬وقد تركزت الحصص التكوينية على المحاور التالية ‪:‬‬ ‫‪ ‬إتقان نظام القراءة والكتابة بطريقة برايل؛‬‫‪ ‬القدرة على تقديم نصوص بطريقة برايل؛‬‫‪ ‬اكتساب مفاهيم أولية في الرياضيات بطريقة أولية‪.‬‬‫وأكد المكون األستاذ عبداللطيف الغازي الذي أطر هذه الدورة على‬ ‫أهمية نظام برايل وعلى ضرورة تعلمه‪ ،‬حيث أبرز أن امتالك الشخص في‬ ‫وضعية إعاقة بصرية لهذا النظام يفتح الباب أمامه للتواصل والتعبير الكتابي‬ ‫بل يمكن اعتبار هذا النظام بمثابة عين الشخص الكفيف أو ضعيف البصر‪.‬‬ ‫عبدالعزيز الهبطي رئيس جمعية التنمية المحلية‪-‬المغرب وحسن‬ ‫الدحمان نائب رئيس الجماعة الحضرية أبرزا في كلمتيهما أهمية هذا التكوين‬ ‫غير المسبوق في مدينة شفشاون بل في اإلقليم عامة‪ ،‬مؤكدين على النتائج‬ ‫المهمة والملموسة والمكتسبات التي ستتحق لمختلف شرائح األشخاص في‬ ‫وضعية إعاقة من خالل مشروع «تعزيز اإلدماج المجتمعي لألشخاص في‬

‫وضعية إعاقة وتقوية ممارستهم‬ ‫للحقوق األساسية» الذي يشكل‬ ‫ثمرة شراكـــة بين المجتمـــع‬ ‫المدني (منظــمــة بروديفيرسا‬ ‫وجمعيةالتنميةالمحلية‪-‬المغرب)‬ ‫من جهة والجماعة الحضرية من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬وهو مشروع نموذجي‬ ‫يضع أرضية صلبة لرسم معالم‬ ‫المستقبــل في صيانــة حقــــوق‬ ‫األشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬كما‬ ‫يمكن اعتبار إنجازه مختبرا تجريبيا‬ ‫اللتقائية جهــود الفاعلين في‬ ‫مجال اإلعاقة؛ من مجتمع مدني‪،‬‬ ‫وجماعــات ترابيــــة ومؤسسات‬ ‫ومصالح خارجية‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة أنه قد تم‪ ،‬في إطار نفس المشروع‪ ،‬تعزيز المكتبة البلدية‬ ‫مناهل العرفان بتجهيزات وبرامج معلوماتية خاصة باألشخاص بوضعية إعاقة‬ ‫بصرية تمثلت فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ ‬سبورات خاصة بكتابة برايل وأقالمها؛‬‫‪ ‬كتب مطبوعة بطريقة برايل؛‬‫ جهاز مكبر لضعاف البصر؛‬‫‪ ‬طابعة برايل؛‬‫‪ ‬مكبرات إلكترونية صغير الحجم؛‬‫‪ ‬جهاز قارئ (سكانير قارئ) خاص باألشخاص في وضعية إعاقة بصرية؛‬‫‪ ‬برنامج قراءة الشاشة إنفوفكس (‪)Infovox‬؛‬‫‪ - ‬برنامج لتكبير محتوى شاشة الحاسوب (‪.)Zoomtext‬‬ ‫واختتم اللقاء الذي حضره إلى جانب رئيس جمعية التنمية المحلية‪-‬‬ ‫المغرب عبدالعزيز الهبطي‪ ،‬نائب رئيس الجماعة الحضرية لشفشاون حسن‬ ‫الدحمان‪ ،‬وممثلة منظمة بروديفيرسا كالرا لوبيز‪ ،‬ورئيس جمعية الصداقة‬ ‫لألشخاص المعاقين محمد بنخجو‪ ،‬وممثل المندوبية اإلقليمية للتعاون‬ ‫الوطني؛ في جو رمضاني بهيج‪ ،‬بمراسيم تسليم الشواهد على المستفيدين‬ ‫من التكوين وهم(ن)‪ :‬الزهرة النبخوت‪ ،‬السعدية العمارتي‪ ،‬مريم أهجطان‪،‬‬ ‫فاطمة أشطوط‪ ،‬أحمد الزرقي‪ ،‬أحمد أزلماط‪ ،‬عبدالمنعم أهجطان‪ ،‬عبدالمجيد‬ ‫المرابط ويحيى رشيد‪.‬‬ ‫و من المرتقب أن يمتد هذا التكوين المتعلق بنظام برايل ليشمل‬ ‫تكوين المكونين‪ ،‬وذلك من أجل توسيع قاعدة المتعلمين لهذا النظام‬ ‫بالمدينة واإلقليم من األشخاص في وضعية إعاقة بصرية‪.‬‬ ‫وقال عبدالسالم أقريو منسق المشروع إن مدينة وإقليم شفشاون كانا‬ ‫في حاجة لمثل هذا التكوين الذي يعتبر لبنة ذات أولوية لتسليح األشخاص في‬ ‫وضعية إعاقة بصرية بأداة أساسية وفعالة لمتابعة دراستهم والكتابة والقراءة‬ ‫واالعتماد على النفس في استعمال الحاسوب وإبراز كفاءاتهم ومواهبهم‬ ‫واالندماج في الحياة العملية بصفة عامة‪.‬‬

‫مع كتاب اهلل‪..‬‬ ‫)‪(2/2‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫تنوير خامس ‪:‬‬ ‫اعتمدت علوم القرآن الكريم على أسلوبي التلقين‬ ‫والمشافهة زمن الرسول صلى اهلل عليه وسلم ‪..‬وفي‬ ‫خالفة عثمان بن عفان رضي اهلل عنه أمـــر الناس‬ ‫باالجتماع على مصحف امام‪ ..‬وأما الممهدون للعلوم‬ ‫القرآنية فهم‪:‬‬ ‫• الخلفاء األربعة‬ ‫• الصحابة‬ ‫• التابعون‬ ‫• تابع التابعين‬ ‫فهؤالء وضعوا أسس علوم ‪:‬‬ ‫• التفسير‬ ‫• أسباب النزول‬ ‫• المكي والمدني‬ ‫• الناسخ والمنسوخ‬ ‫• غريب القرآن‬ ‫تنوير سادس ‪:‬‬ ‫تتابعت جهود علماء علوم القرآن منذ القرن الثاني‬ ‫الهجري حتى يوم الناس هذا‪ ،‬وانكب جهدهم في‬ ‫مدارسة كتاب اهلل وتوسعوا في قراءاته وفضائله القرآن‬ ‫وعجائبه وبدائعه ومحكمه ومنهجه وتأويله وحجاجه‪..‬‬ ‫تنوير سابع ‪:‬‬ ‫شارك علماء المغرب في كل العلوم القرآنية منذ‬ ‫وفادة المولى ادريس األول ؛ وقد أرخت هذه الوفادة‬ ‫المباركة لتشكل الهوية الدينية اإلسالمية لألمة‬ ‫المغربية ‪..‬وتطور تعلقهم بكتاب اهلل من خالل‪:‬‬ ‫• تحفيظ القرآن الكريم للناشئة‬ ‫• مدارسة كتاب اهلل وتفسير آيه‪ ..‬بدءا بتفسير أحمد‬ ‫بن عمار الهواري في المائة الرابعة‪ ،‬فتفسير أبي محمد‬ ‫عبد الحق بن غالب المعروف بابن عطية في المائة‬ ‫الخامسة فتفسير محمد بن علي المغربي الدكالي في‬ ‫المائة الثامنة ‪ ..‬فتفسير سيدي أحمد بن عجيبة « البحر‬ ‫المديد «‪ ،‬فتفسير سور المفصل لعبد اهلل كنون‪ ،‬فكتاب‬ ‫« التيسير في أحاديث التفسير لمحمد المكي الناصري‪..‬‬ ‫• تأصيل وظيفة قراءة أحزاب كل يوم بالمساجد بعد‬ ‫صالتي الصبح والمغرب منذ زمن الموحدين‬ ‫• االحتفاء بنسخة المصحف العثماني احتفاء فاق كل‬ ‫حد‪..‬كما أشارت الى ذلك مصادر تاريخية البن القطان‬ ‫وابن طفيل وعبد الواحد المراكشي وابن خلدون‪..‬‬ ‫• االهتمام بالقراءات ورسم القرآن وتجويده ومن‬ ‫أبرز العلماء المغاربة في هذا ابراهيم بن أحمد بن‬ ‫عمارة ت ت ‪ 579‬ومحمد بن يوسف الترغـي المساري‬ ‫ت ‪ 1009‬هـ فعيسى الجزيري التطواني ت ‪ 1169‬هـ‪.‬‬ ‫• انكباب نخبة نسائيــة بعلوم القراءات والرسم‬ ‫والتجويد من أمثال ‪ :‬حواء بنت ابراهيم بن تيفلويت‪،‬‬ ‫ورقاء بنت ينتان الطليطيلية ثم الفاسية ت ‪540‬‬ ‫هـ‪ ،‬آمنة بنت محمد غيالن ت ‪ 1189‬هـ‪ ،‬الغالية بنت‬ ‫ابراهيم السباعي ت ‪ 1305‬ه‪ ،‬خديجة بنت أحمد بن‬ ‫عزوز ت ‪ 1323‬هـ‪.‬‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 996‬ـ الثالثـاء ‪ 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫�سارق الدراجة‬ ‫• محمد عابد‬

‫بطاقة تقنية‪:‬‬ ‫البلد ‪ :‬إيطاليا‬ ‫تاريخ اإلنتاج‪ 24 :‬دجنبر ‪1948‬‬ ‫إخراج‪ :‬فيتوريو دي سيكا‬ ‫سيناريو‪ :‬سيزاري زافاتيني‬ ‫تصوير‪ :‬كارلو فونتوري‬ ‫الممثلون الرئيسيون‪:‬‬ ‫المبرتو ماجيوراني‪ -‬إينزو ستابوال‪.‬‬ ‫مدة العرض‪ 93 :‬دقيقة‬

‫كانت السينما اإليطالية في هذه المرحلة‬ ‫غارقة في الدعاية للفاشستية بأفالم التسلية‬ ‫والملهاة التي تصور حياة البورجوازية الصغيرة‬ ‫‪ ،‬في الوقت الذي كان يعيش مجموعة من‬ ‫السينمائيين الشباب تهميشا واضحا‪ ،‬لكنهم‬ ‫كانوا يهيئون لثورة حقيقية‪ ،‬يعبرون من خاللها‬ ‫عن رفضهم لتأثير السينما الهوليودية على‬ ‫مسار السينما اإليطالية‪ .‬في هذا السياق ظهر‬ ‫إلى الوجود فيلم «سارق الدراجة» للمخرج‬ ‫المتألق فيتوريو دي سيكا‪.‬‬ ‫فكرة الفيلم بسيطــة جـــدا‪ ،‬ويمكــن‬

‫اختصارها في جملة واحدة‪ :‬عامل يفقد مصدر‬ ‫رزقه بعد أن سرقت منه دراجته‪ .‬الفيلم مأخوذ‬ ‫عن رواية تحمل نفس العنوان للكاتب اإليطالي»‬ ‫لويجيبارتوليني»‪.‬‬ ‫استعان المخرج بممثلين عاديين لم يسبق‬ ‫لهم أن مارسوا التمثيل السينمائي‪ ،‬فبطل الفيلم‬ ‫الذي أدى دور األب»المبرتو ماجيوراني» كان‬ ‫عامال بسيطا بأحد المصانع بروما ‪.‬‬ ‫يقدم الفيلم ‪ ،‬بأسلوب واقعي الفوضى‬ ‫التي عمت روما بعد الحرب العالمية الثانية‪.‬‬ ‫ونحن نشاهد البطل وهو في بحثه المستمر‬ ‫عن سارق دراجته التي يستعين بها لكسب قوته‬ ‫اليومي‪ ،‬تنقل لنا الكاميرا التفاصيل الدقيقة‬ ‫للحياة االجتماعية وهي تنتقل بنا من شارع إلى‬ ‫شارع‪ ،‬وكأن عملية البحث عن الدراجة وسارقها‬ ‫تحولت إلى مطاردة‪ .‬فمن اجتماع النقابة إلى‬ ‫الكنيسة بطقوسها الرتيبة والحزينة والضوضاء‬ ‫التي تعرفها الشوارع‪ ،‬وبيوت الدعارة‪ ،‬وواقع‬

‫االستغالل الذي تجسده المشعوذة‪ ،‬كلها‬ ‫مشاهد ضاجة بالحياة‪ ،‬ومضبوطة من الناحية‬ ‫الفنية‪ ،‬ألنها ساعدت على خلق بناء درامي مبني‬ ‫على الواقع‪ ،‬و موهم به أحيانا‪.‬‬ ‫إن عملية البحث عن الدراجة استغرقت مدة‬ ‫طويلة‪ ،‬وعبرها كان المخرج يسبر أغوار العالقة‬ ‫بين األب وابنه‪ ،‬فكلما استمر األب في البحث‬ ‫ازداد توتره‪،‬وتعمق إحساسه بالفشل واإلحباط‪،‬‬ ‫وانعكس على ابنه ‪ ،‬الذي يرى في والده القوة‪،‬‬ ‫والتي بدأت تنهار أمامه‪ ،‬رغم محاولة األب إخفاء‬ ‫اليأس الذي سيطر عليه‪ .‬هذا اإلحساس نلمسه‬ ‫ونحن نشاهد األب واالبن يسيران تحت المطر‬ ‫وقد أعياهما البحث عن الدراجة‪ ،‬ليجلسا حزينين‬ ‫على حافة الرصيف ومعنوياتهما منهارة‪.‬‬ ‫أمام ضغط األحداث‪ ،‬واستحالة العثور على‬ ‫سارق الدراجة ‪ ،‬يفكر األب في سرقة دراجة‪،‬‬ ‫وفعال قام بمحاولة باءت بالفشل ‪،‬إذ تم القبض‬ ‫عليه فورا ‪ ،‬لكن صاحب الدراجة قرر عدم‬ ‫مقاضاته‪.‬‬ ‫الطفل في فيلم «سارق الدراجة» ببراءته‬ ‫هو الشاهد على قسوة المجتمع والظلم الذي‬ ‫يسيطر عليه‪ ،‬خصوصا عندما يرى أن كرامة‬

‫والده تتمرغ في الوحل‪ ،‬وأن قوته اليومي ضاع‬ ‫منه بسبب سرقة دراجته‪.‬‬ ‫تعرض الفيلم لهجوم عنيف من طرف‬ ‫األحزاب اليمينية‪ ،‬لتقديمه إيطاليا في صورة‬ ‫سوداوية‪،‬كما أنه بعد ثالث سنوات من عرضه‬ ‫‪ ،‬تم اختياره كأحسن فيلم في تاريخ السينما‪،‬‬ ‫في استطالع أجرته مجلة»سايت أند ساوند»‬ ‫بمشاركة مجموعة من النقاد العالميين‪.‬‬ ‫حصل الفيلم على العديد من الجوائز‪ ،‬نذكر‬ ‫من بينها‪ :‬جائزة األوسكار ( جائزة فخرية) سنة‬ ‫‪.1949‬و جائزة مهرجان لوكارنو و جائزة بافتا‬ ‫وجائزة غولدن غلوب ألفضل فيلم أجنبي ‪.‬‬ ‫إجماال‪ ،‬يسعى فيلم سارق الدراجة إلى‬ ‫إثارة االنتباه لضحايا الفقر الذين يسرقون‬ ‫بعضهم البعض ‪ ،‬فمن الواضح أن الذي سرق‬ ‫دراجة البطل كان رجال أفقر منه‪ ،‬حيث أن الفقر‬ ‫يدفع الناس إلى السقوط في ممارسات مذلة‪،‬‬ ‫ويدفعهم اليأس إلى إنتاج سلوكات عدوانية‪.‬‬

‫فـنـــي»‬ ‫«بيـــان‬ ‫بيــان فـنـي »‬ ‫«‬

‫«بيان فني» هو سلسلة لقاءات تدشنها الشمال مع مجموعة من المبدعين‪،‬يقدم عبرها‬ ‫الضيوف تجاربهم الفنية وانشغاالتهم ومواقفهم‪،‬وهو غير ملزم ألي جهة‪.‬‬ ‫بيان هذا العدد يوقعه الفنان بوعبيد بوزيد‪:‬‬ ‫انا الموقع أسفله‪:‬‬ ‫بوزيد بوعبيد‪،‬من مواليد سنة ‪1953‬‬ ‫بسيدي إفني التي تواجدبها الوالد بها رحمه‬ ‫اهلل لظروف العمل‪،‬‬ ‫فنان محترف منذ السبعينيات‪.‬‬ ‫البدايات‪:‬‬‫رجعنا إلى تطوان سنة‪ 1958‬وترعرت في‬ ‫المدينة العتيقة التي رسخت بذاكرتي جماليات‬ ‫المعمار األندلسي‪،‬نفس التأثير مارسته علي‬ ‫المدينة الحديثة حيث تعتبر تطوان عاصمة‬ ‫الجداريات بامتياز‪ ،‬بها جدارية خالدة كجدارية‬ ‫المحطة الطرقية القديمة التي أنجزها الفنان‬ ‫اإلسباني صاالص وجدارية تأسيس مدينة‬ ‫تطوان بقصر البلدية وجدارية خريطة المغرب‬ ‫الموجودة بمندوبية السياحة وكذالك التماثيل‬ ‫التي تركها المستعمر في بعض البنايات‪.‬‬ ‫تأثرت بكل هذه العناصر التي أثارت‬ ‫انتباهي فوجدت نفسي أجرب قدراتي في‬ ‫الرسم بأدوات بسيطة وفوق مختلف األسندة‬ ‫بما في ذلك الجدران‪ ،‬وعبر مشواري الدراسي‬ ‫‪،‬تطورت عندي الموهبة وكذلك ثقافتي‬ ‫التشكيلية اعتمادا على الذات حيث كنت آخذ‬ ‫بعض الصفحات الفنية للمجالت من عند البقال‬ ‫وأقوم بقراءتها وتقليد بعض لوحاتها‪،‬ومن‬ ‫هنا بدات عالقتي بتاريخ الفن واالضطالع على‬ ‫المدارس الفنية‪.‬‬ ‫ولجت مدرســـة الفنــون الجميلـــة بعد‬ ‫مغادرتي للتعليم الثانوي على إثر السنة البيضاء‬ ‫نتيجة إضرابات التالميذ التي كانت سنة ‪.1972‬‬ ‫وبهذه المدرسة‪،‬كانت فرصتي لدراسة الفن‬ ‫على يد أساتذة كبار يرجع لهم الفضل في‬ ‫تكويني خصوصا االستاذين الفنانين عبداهلل‬ ‫الفخار والمكي مغارة رحمهما اهلل‪،‬وكذلك الفنان‬ ‫سعد بن الشفاج أطال اهلل في عمره‪،‬وبهذه‬ ‫المدرسة تعرفت أيضا على صديق العمر الفنان‬ ‫عبدالكريم الوزاني الذي رافقني في مساري‬ ‫الدراسي إلى ان حصلنا على منحة للتعليم العالي‬ ‫‪،‬لكنه اختار فرنسا وأنا استقبلتني األكاديمية‬ ‫الملكية للفنون الجميلة ببروكسيل‪ ،‬حيث‬ ‫التحقت بالسنة الثانية مباشرة بعد اقتناع اإلدارة‬ ‫بإمكانياتي‪ ،‬وشكلت مرحلتي في بلجيكا تحوالت‬ ‫كبيرة في مفاهيم الفن عندي حيث استفدت‬ ‫من المناهج اليداغوجية الحديثة والتي تعطي‬ ‫مساحات كبيرة لحرية اإلبداع‪ ،‬وكذلك تسمح‬ ‫للطالب حضور مختلف التخصصات من أجل‬ ‫توسيع مداركه دون االلتزام بتخصصه‪،‬وتفتح‬ ‫له أيضا فرصا اخرى للتكوين النظري من خالل‬ ‫الدروس المسائية لتاريخ الفن وغيره‪.‬وكانت‬ ‫نتيجة مرحلتي الدراسية هناك حصولي على‬ ‫ديبلومين واحد في الرسم وآخر في الصباغة‪.‬‬ ‫عدت للمغرب سنة ‪1978‬واشتغلت كأستاذ‬ ‫للفنون التشكيلية باإلعدادي في كل من طنجة‬ ‫وتطوان في إطار الخدمة المدنية‪،‬لكن حبي‬ ‫لمدرستي األم دفعني لاللتحاق بمدرسة الفنون‬ ‫الجميلة‪.‬‬ ‫ مدرسة الفنون الجميلة‪:‬‬‫التحقت بمدرسة الفنون الجميلة سنة‬ ‫‪ 1980‬كحارس عام وأستاذ للرسم وتاريخ الفن‬ ‫وتاريخ الخط العربي‪،‬وهنا ال بد لي أن أشيد بدور‬ ‫المرحوم السرغيني مدير المدرسة آنذاك في‬ ‫تحقيق هذه األمنية‪.‬‬ ‫وأثناءمزاولتـــيلمهنــةالتدريـــسالفني‪،‬‬ ‫حاولت مع بعض األساتـــذة من جيلي خصوصا‬ ‫عبدالكريم الوزاني ان نغير بعض األشياء‬ ‫في تلك الصورة التقليدية للمدرسة‪،‬فكسرنا‬ ‫الحواجزبيننا وبين الطلبة الذين اعتبرناهم‬ ‫أصدقاء لنا‪،‬وحاولنا أيضا تجاوز تلك الصورة‬ ‫النخبوية للفن من خالل بعض المبادرات‬ ‫الفنية‪.‬وبهذه العقلية أسسنا لمرحلة ثانية من‬ ‫حياة المدرسة بإصرار وعزيمة متحملين كل‬ ‫التصنيفات والنعوت وتأطير مبادرتنا في صورة‬ ‫لصراع األجيال بيداغوجيا وفنيا‪.‬‬ ‫ معرض الربيع‪:‬‬‫إن العقلية الفنية الجديدة التي حملناها‬ ‫معنا كجيل جديد‪،‬لم تبق حبيسة المدرسة‪،‬بل‬ ‫عملنا على تجسيدها عمليا من خالل معرض‬ ‫الربيع الذي حاولنا بواسطته تكسير مفهوم‬ ‫النخبة في الفن عبر حصره في األروقة‬ ‫والصالونات‪ .‬تجاوزنا هذا المفهوم من خالل‬ ‫تقديم العمل الفني في الهواء الطلق‪،‬لهذا اخترنا‬ ‫ساحة الفدان الغنية بحمولتها الرمزية وببعدها‬ ‫الشعبي باعتبارها ملتقى لعامة الناس‪،‬فكان‬ ‫معرض الربيع االول سنة ‪ 1979‬حيث شاركت‬

‫• بوعبيد بوزيد‬ ‫فيه بجانب الفنانين عبدالكريم بوزيد والعمراني‬ ‫وحبيبة بوهبو‪.‬وأتذكر أننا استدعينا مجموعة‬ ‫من الفنانين للمشاركة لكنهم اعتذروا لعدم‬ ‫اقتناعهم بفكرتنا‪،‬ولقي المعرض نجاحا‬ ‫باهراوتجاوبا كبيرا من طرف عامة الناس‪،‬فكانت‬ ‫فرصتنا للتواصل معهم‪.‬ومع توالي الدورات‪،‬بدأ‬ ‫معرض الربيع يكبر حيث استضفنا أسماء وازنة‬ ‫في الفن والنقد من المغرب وأوروبا‪ ،‬كما سجلت‬ ‫هذه التظاهرة إدخال مفهوم ‪L’ instalation‬‬ ‫ألول مرة بتطوان من خالل أعمالي وأعمال‬ ‫الفنان عبدالكريم الوزاني‪،‬وهذه حقيقة البد من‬ ‫تسجيلها في تاريخ الفن بتطوان‪.‬‬ ‫على العموم‪،‬البد من اإلشارة إلى أن‬ ‫حركتنا الفنية هاته لم تكن مقبولة لدى‬ ‫مجموعة من الجهات التي اعتبرتنا بوهيميبن‬ ‫ونسيء للفن‪،‬وحاول البعض تسييس حركتنا‬ ‫وإلباسها أبعادا اخرى‪ ،‬لكن للحقيقة اقول‬ ‫أن معرض الربيع كان تظاهرة فنية صرفة‬ ‫وكانت غايته فنية بامتياز‪،‬وشكل ايضا إضافة‬ ‫نوعية للتراكم الفني بالمدينة‪.‬وبقوة العزيمة‬ ‫والتحدي‪،‬استمرت دورات معرض الربيع آلى أن‬ ‫وصل دورته الخامسة سنة ‪ 1985‬والتي كانت‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫ مركز الفن الحديث ‪:‬‬‫رغبة في تجميع التراث الفني للمدينة عبر‬ ‫تاريخه الطويل‪،‬اقترح علي الفنان سعد بن الشفاج‬ ‫التفكير في خلق متحف لحفظ الذاكرة الفنية‬ ‫وكذلك تجميع ما يمكن تجميعه من لوحات‬ ‫فنانين كبار عاشوا بالمدينة والتي ضاع جزء كبير‬ ‫منها‪،‬فبدأنا بتعميم عريضة موقعة من طرف‬ ‫مجموعة من الفنانين على مختلف المؤسسات‬ ‫الرسمية وكذلك المجتمع المدني‪،‬فاستجابت‬ ‫جمعية تطاون أسمير وخلقت لنا منبرا للتواصل‬ ‫من خـالل النـــدوات الصحفيــة واالتصال‬ ‫بالمسؤولين محليا وجهوياومركزيا‪،‬وأسفرت‬ ‫كل هذه الجهود على لقائنا بوزير الثقافة آنذاك‬ ‫األستاذ محمد األشعري الذي تحمس للفكرة‬ ‫وأدخلها في إطار شراكة الوزارة مع ‪la junta de‬‬ ‫‪,ansalucia‬ودون الدخول في التفاصيل يمكن‬ ‫القول ان هذه األخيرة ساهمت بشكل فعال في‬ ‫إخراج هذا المشروع إلى الوجود نظرا إلقتناعها‬ ‫بكونه سيعمل على الحفاظ على بصمة الوجود‬ ‫اإلسباني بتطوان سواء من خالل الحفاظ على‬ ‫األعمال الفنية او المعمار االندلسي المتمثل في‬ ‫محطة القطار‪.‬‬ ‫مسألة أخرى شكلت لنا تحديا كبيرا هي‬ ‫تجميع اللوحات من عند بعض المؤسسات التي‬ ‫استجابت بعد مساطر إدارية وكذلك تنظيم عمل‬ ‫المركز حيث استفدت من منحتين للتكوين في‬ ‫مجال إدارة المتاحف وإصالح األعمال الفنية‪la(،‬‬ ‫‪.)restauration‬‬ ‫وهذا التكوين ساعد في تنظيم عمل‬

‫المركز وإعادة الروح لمجموعة من األعمال‬ ‫الفنية‪..‬‬ ‫وبخصوص ضم لوحات الفنانين من الجيل‬ ‫الحالي للمركز فأؤكد أن عملية االختيار كانت‬ ‫من طرف لجنة متخصصة ولست مسؤوال عنها‪.‬‬ ‫والمعهد حاليا عرف إنجاز شطره الثاني‬ ‫وينشط تحت إدارة األستاذ المهدي الزواق وأنا‬ ‫أشغل فقط مهمة المحافظ بشكل تطوعي بعد‬ ‫تقاعدي‪.‬‬ ‫ اختياراتي التشكيلية ‪:‬‬‫انخراطي في الموجة الفنية التي تهدف‬ ‫إلى توظيف التراث العربي واإلسالمي خصوصا‬ ‫الخط العربي والزخارف اإلسالمية والتي‬ ‫أسس لها االتحاد العربي للفنون التشكيلية‬ ‫بالعراق خالل السبعينيات جعلتني أوظف التراث‬ ‫المغربي من خالل توظيف الخط المغربي‬ ‫والفن األمازيغي و العنصر الجمالي للمدينة‬ ‫القديمة‪،‬بعد ذلك جاءت تجربتي في المزج بين‬ ‫التجريدوالتشخيصومنبعدهاالتشخيصلكن‬ ‫في بعده الرمزي‪،‬إلى أن جاءت مرحلتي الحالية‬ ‫المتمثلة في توظيف األشياء المهملة من بقايا‬ ‫قطع الجهزة إلكترونية وغيرها وإعادة تدويرها‬ ‫فنيا عبر إدماجها في تركيباتي التشكيلية بطرق‬ ‫تقنية مختلفة‪.‬وكل هذه التجارب كانت مواضيع‬ ‫معارض فردية وجماعية داخل المغرب وخارجه‪.‬‬ ‫ واقع التشكيل في المغرب‪:‬‬‫إذا ما اعتمدنا تجربة بن علي الرباطي‬ ‫كاول من مارس التشكيل بصيغته الغربية‬ ‫منذ العشرينيات من القرن الماضي‪ ،‬فاليمكننا‬ ‫الحديث عن فن تشكيلي مغربي‪ ،‬بل يمكننا‬ ‫الحديث عن الفن التشكيلي بالمغرب المنفتح‬ ‫على أساليب متنوعة مصدرها الغرب‪.‬لهذا فنحن‬ ‫الزلنا في مرحلة التأسيس‪ .‬ورغم هذا تبقى‬ ‫التجربة المغربية رائدة على المستوى العربي‬ ‫واإلفريقي‪.‬لكن مشكلتنا تكمن في المواكبة‬ ‫النقدية وانعدام صحــف ومجــالت متخصصة‪..‬‬ ‫ونحتاج لنهضة فنية عبر إنشاء معاهد متخصصة‬ ‫تعمل على تعزيز عمل المعهد الوطني للفنون‬ ‫الجميلة بتطوان وكذا مدرسة الفنون التشكيلية‬ ‫بالدارالبضاء والتي هي تابعة للجماعة الحضرية‬ ‫وديبلوماتها غير معترف بها‪.‬والمأمول أيضا‬ ‫تشجيع الفنان وحمايته من خالل إخراح قانون‬ ‫الملكية الفنية وتنظيم جائزة المغرب للفنون‬ ‫التشكيلية على غرار باقي األجناس اإلبداعية‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫ أخـيـراً ‪:‬‬‫أقول لكم أن األمل الزال في هذه الحركية‬ ‫التشكيلية بالمغرب مادام االجتهاد متواصل عبر‬ ‫مختلف األجيال ‪.‬‬ ‫تحياتي لكم‪.‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫الشمال الفني‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫حوار مع فـنانة «ال�سوبرانـو»‬

‫سميرة القادري‬ ‫• حاورها عبد اإلله المويسي‬

‫فنانتنا سميرة نبدأ بالسؤال حول البدايات‬ ‫األولى لاللتقائك بالغناء‪ ،‬والتي ستمنح المغرب‬ ‫هذا الفنانة المميزة؟‬ ‫للتأكيد فقط إن تجربتي الفنية تضم‬ ‫ثالث مراحل كل واحدة تستمد روحها من‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫األولى مع الراحل مصطفى الرحماني في‬ ‫أداء «الليريك» باللغة العربية‪ ،‬و هو مشروع‬ ‫تطلب متي سنوات من المثابرة والدراسة‪ ،‬كان‬ ‫من ثماره تحقيق مجموعة مشاريع فنية ‪..‬‬ ‫الثانية هي تجربتي في الغناء‪ ،‬و البحث في‬ ‫غنائيات البحر األبيض المتوسط وهو مشروع‬ ‫متكامل قربني من جمهور أوسع حققت فيه‬ ‫كثرا من اإلنجازات الفنية‪ ،‬ونلت به أاكبر عدد‬ ‫من الجوائز واالستحقاقات‪.‬‬ ‫والثالثة هي عصارة المرحلة األولى والثانية‬ ‫اشتغالي على نسيج الموسيقى المغربية‬ ‫المغاربية المتوسطية اي أداء اعمال جديدة‬ ‫بصوت السوبرانو‪.‬‬ ‫أين يمكن تصنيـف تجربة الغنــاء عند‬ ‫سميرة القادري؟‬ ‫‪ 1‬ـ سأتكلم عن تجربتي في غناء «الليد»‬ ‫وليس األوبرا‪« .‬الليد» أو القصيد السمفوني‬

‫أو «الكانطاطاا» أو حتى المونودراما األوبرالية‪.‬‬ ‫لألسف لم اشتغل على عمل ظخم أوبرالي‬ ‫متكامل‪ ،‬عمل كما نراه عند الغرب‪ .‬عندنا بعض‬ ‫المحاوالت لكنها لم ترق بعد إلى المستوى‬ ‫المطلوب على الرغم من ثرائنا األدبي‪ .‬وهذا‬ ‫كان يدفعني دائما إلى طرح سؤال ملح‪:‬‬ ‫ـ هل نحن عاجزين عن االشتغال على‬ ‫الثروات الفكرية واألدبية؟‬ ‫أنا كنت محظوظة أنني اديت «الليد»‬ ‫وليس األوبرا‪ .‬على الرغم من ان « الليد»‬ ‫بطبيعة الحال يعتمد على نفس التقنيات‬ ‫األوبرالية‪..‬‬ ‫اشتغلت مع أستاذي على اللغة العربية‪،‬‬ ‫خضنا نقاشا عميقا في كيفية نطلق بها الحرف‬ ‫العربي الذي يختلف عن نظيره الالتيني‪ ،‬وكانت‬ ‫تجربة جديدة مع غياب المراجع‪ .‬كنا نتساءل معا‬ ‫حول الكيفية التي سننطق بها حرف الحاء أو‬ ‫القاف مثال في طبقات صوتية خارج «األوكتاف»‪،‬‬ ‫وخارج السلم الموسيقي‪ .‬وكنا نعلم أن هذا‬ ‫سيعرض الحنجرة إلى جرح‪ ،‬ألن الحاء والقاف‬ ‫والعين والهاء ليست أصواتا سطحية بل جوفية‬ ‫عميقة على مستوى المونيطيقا‪.‬‬ ‫نحن لألسف لم نتناول الغناء «الليريكي»‬ ‫العربي بالدرس والتحليل‪ .‬كان مطلوبا مثال‬

‫أن يرجع المتخصصون في الصوتيات والغناء‬ ‫الليريكي إلى مدرسة أم كلثوم ويتناولوها‬ ‫بالتحليل واستخالص القواعد‪ .‬لم يعلمنا أحد‬ ‫كيف كيف أن ام كلثوم غنت واستمرت في‬ ‫الغناء منذ الصغر إلى عمر متقدم‪ .‬نحن نبحث‬ ‫في التجارب الغربية وال نبحث في تجاربنا‬ ‫العربية العريقة ـ تقنيات تجويد القرآن كنموذج‬ ‫وكمدرسة متكاملة في مخارج الحروف‪.‬‬ ‫شخصيا اشتغلت أكثر لعشر سنوات على‬ ‫نصوص الشعر العربي‪ ،‬وصغتها في قوالب‬ ‫«الليد» المعروف عند ألمانيا‪ ،‬والذي اشتهر به‬ ‫«‪ .»shubert‬غير أنه يجب التذكير أن مصطفى‬ ‫عائشة الرحماني رحمه اهلل كان سباقا إلى هذا‪،‬‬ ‫وأنا آمنت بتجربته على الرغم من صعوبتها‬ ‫والنخبويه التي قد تبدو بها‪ ،‬وركبنا معا صهوة‬ ‫المغامرة‪.‬‬ ‫أستطيع أن أقول أن بداياتي األولى كانت‬ ‫صعبة وشاقة‪ ،‬لكني رغم ذلك شكلت حضورا‬ ‫متميزا‪ ،‬ليس على المستوى الجماهيري أو‬ ‫الشعبوي‪ ،‬بل على مستوى الجودة‪ .‬فقد تابع‬ ‫تجربتي نقاد وشعراء كسوبرانو‪ ،‬عربية‪ .‬غنيت‬ ‫لجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة‪ ،‬وألغلب‬ ‫الشعراء العرب مثل أمل دنقل وعبدالوهاب‬ ‫البياتي وسعيد عقل‪ ،‬بل أيضا لشعراء غير عرب‬ ‫قمنا بترجمة نصوصهم‪ ،‬وال يمكنك أن تتصور‬ ‫الجمال الذي بدت به نصوصهم بلغتنا تغنى‬ ‫على مسارح العالم‪.‬‬ ‫شخصيا كنـت أشعــر بهــذه السعــادة‬ ‫وبهذا الفخر وأنا أرى اللغة العربية بجمالها‬ ‫وخصوصيتها وعمقها تتجسد في قوالب‬ ‫الموسيقى العالمة‪ Musique Savante..‬فقد‬ ‫عملنا على تطويع اللغة العربية في قوالب الغناء‬ ‫الليريكي‪ chant Lyrique..‬بتقنيات الغناء‬ ‫األوبرالي اإليطالي المعروف بـ ‪.Bel Canto‬‬ ‫وهو شعور غالبا ما يختلط لدي بأمنية عظيمة‬ ‫عندي هي أن تتأسس مدرسة خاصة بهذه‬ ‫اللغة تنافس وتضاهي المدارس المعروفة في‬ ‫التجارب العالمية الشهيرة‪.‬‬ ‫هل سميـرة القـادري راضيــة عن منجــز‬ ‫سميرة القادري؟‬ ‫بالرغم من اختياري لطريق شاق و صعب‬ ‫أقول أنني مزلت آمنة لهذا االختيار‪ .‬أواصل‬ ‫مشواري بأمانة دون أن أنحدر إلى هاوية الفن‬ ‫االجتراري االستهالكي ‪ .‬بالرغم مما تعج به‬ ‫الساحة الفنية من ضوضاء و تلوث أسبح‬ ‫عكس الرياح‪ .‬أواصل ما دمت أحقق إشباعا‬ ‫ذاتيا أتقاسمه مع جمهور نوعي أحترمه‬ ‫ويحترمني ‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫كيف تنظر سميرة إلى اهتمام التلفزيون‬ ‫المغربي باألغنية المغربية‬ ‫هناك صعوبات كثيرة تعترض تجارب‬ ‫جيدة في العالم العربي وعلى رأسها اإلعالم‬ ‫المقصر في خدمة الفن الراقي‪ ،‬و في تسليط‬ ‫الضوء على إالشراقات الجيدة ‪.‬‬ ‫ما العمل الفني الذي تتمنى سميرة القادري‬ ‫لو أنها هي من انجزته؟‬ ‫من األعمال العالمية األوبرالية التي كلما‬ ‫استمتعت إليها تمنيت أن أكون من أنجزها هي‬ ‫عمل «شهرزاد» المقتبس من األدب الشرقي‬ ‫«الف ليلة و ليلة»‪ .‬فهو يصور بالموسيقى أواء‬ ‫الشرق العربي في العصر الوسيط ‪ .‬شهرزاد‬ ‫عمل ظخم من تأليف المؤلف الموسيقي « ري‬ ‫ميكس كورسكوف»‪.‬‬ ‫ما الذي تطالب به سميرة القادري فنيا؟‬ ‫أدعو المؤلفين العرب إلعادة االشتغال على‬ ‫نصوص من التراث العربي ‪ .‬فلدينا كنوز أدبية‬ ‫اشتغل عليها الغرب واقتبسوا منها‪ ،‬في حين‬ ‫ال زلنا مقصرين‪ .‬وكم أتمنى في هذا الصدد أن‬ ‫أرى اعماال أوبرالية عربية بخصوصيات عربية‬ ‫مغربية مغاربية ‪.‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫خاص عن‬

‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫مدونة األسرة‬

‫«مدونة األسرة‪ ،‬أية حصيلة بعد ‪ 15‬سنة من التطبيق؟»‬ ‫موضوع ورشة منظمة من طرف منتدى الحداثة والديموقراطية بطنجة‬ ‫في إطار اهتمامه بالقضايا الحقوقية بالمغرب‪ ،‬نظــم منتــدى الحداثـــة‬ ‫والديموقراطية بطنجة يوم السبت ‪11‬ماي ورشة تكوينية حول موضوع «مدونة‬ ‫االسرة‪،‬اية حصيلة بعد ‪ 15‬سنة»استفاد منها أكثر من ‪ 40‬شابة وشاب‪...‬‬ ‫تهدف هذه الورشة إلى الوقوف على حصيلة تطبيق مدونة األسرة بعد مرور‬ ‫‪15‬سنـة على صدورها باعتبارها واحدة من أهم اإلصالحات التشريعية التي عرفها‬ ‫المغرب‪.‬‬ ‫وتضمن برنامج الورشة مداخلة أولى للحقوقية نعيمة الكالف (محامية من‬ ‫هيأة الرباط)رصدت من خاللها السياق التاريخي للمدونة بعد نضال طويل للحركة‬ ‫النسائية بالمغرب‪.‬كما وقفت على الجوانب السلبية التي مازالت بالمدونة خصوصا‬ ‫تكريس صورة المواطنة الناقصة للمراة‪،‬وطالبت بالتعجيل بإدخال تعديالت تنصف‬ ‫المرأة واألسرة موازاة مع السياق العام الذي اتى به دستور ‪.2011‬وكذا الموقف‬ ‫المتقدم للمغرب في تعامله مع االتفاقيات الدولية والتحوالت المجتمعية المتنامية‬ ‫التي يشهدها المغرب‪.‬‬ ‫في حين الحظ الدكتور أنس سعدون عضو نادي القضاة بالمغرب والباحث في‬ ‫قضايا األسرة والطفولة والنوع االجتماعي في المداخلة الثانية أن االنتقادات التي‬ ‫توجه للمدونة اليمكنها أن تلغي أهمية اإلصالح التشريعي الذي زحزح العالقات‬ ‫البطريركية السائدة والتي تحجب عن المرأة شخصيتها القانونيةالمستقلة مؤكدا‬ ‫في نفس الوقت على بعض السلبيات المتمثلة في عدم مواكبة النص بآليات‬ ‫التنزيل‪ ..‬‬

‫الحقوقية نعيمة الكالف (محامية بهياة المحامين بالرباط)‬

‫الدكتور أنس سعدون عضو نادي قضاة المغرب‬

‫«ضرورة االنتقال إلى مدونة حداثية لألسرة»‬

‫«عدم مواكبة نص مدونة‬ ‫األسرة بآليات التنزيل»‬

‫أنا اليوم بطنجة بدعوة من منتدى‬ ‫العدالة والديموقراطية الذي ينظم ورشة‬ ‫حول مدونة االسرة‪،‬النقاش كان مهما جدا‬ ‫مع المستهدفين من الشابات والشباب‬ ‫‪،‬ومن بين خالصاته هو أن مدونة األسرة‬ ‫يجب ان تخضع لمسطرة التعديل التي‬ ‫تخضع لها باقي القوانين‪،‬ويجب بعد هذه‬ ‫الخمس عشرة سنة من التطبيق أن ننتقل‬ ‫إلى قانون حداثي يحترم الحقوق اإلنسانية‬ ‫للمرأة وحقوق األسرة بشكل عام‪.‬‬ ‫كذلك هنــاك مشكـــل التعـــدد الزال‬ ‫مطروحا ومشكل زواج القاصرات واإلرث‬ ‫والوالية أو النيابة الشرعية على األطفال‪.‬‬ ‫وبعد هذا التراكم‪،‬وبعد مصادقة المغرب‬ ‫على مجموعــة من االتفاقيــات الدولية‬ ‫أصبحت المدونـــة متجاوزة وصــار من‬ ‫الضروري أن يكون لنا قانون لألسرة حداثي‬ ‫يواكب التطورات ويواكب العصر‪.‬‬

‫عبد اهلل عبيد عضو المكتب التنفيدي لمنتدى الحداثة والديموقراطية‬

‫«نهدف إلى نشر ثقافة قانونية بين الشباب»‬ ‫لقـــاء اليـوم هو عبــارة عن ورشـــة‬ ‫حول مدونة األسرة تهدف إلى الوقوف‬ ‫على الحصيلة العامة بعــد ‪15‬سنة من‬ ‫إصدارها‪،‬وتدخل هذه الورشــة في إطـــار‬ ‫برنامج األنشطة التي لها عالقة بالعدالة‬ ‫االجتماعيةوالديموقراطية والتي تستهدف‬ ‫توعية الشباب والشابات وتمكينهم من‬ ‫ثقافة قانونية تؤهلهم لمقاربة مثل هذه‬ ‫اإلشكاليات‪.‬‬ ‫ونعتزم بعد هــذه الورشــة مقهـــى‬

‫تكويني ومائدة مستديرة لمناقشة نفس‬ ‫الموضوع مع فعاليات من المجتمع المدني‬ ‫لمناقشة مدونة األسرة واألخذ بمختلف اآلراء‬ ‫واالقتراحات من أجل صياغة مجموعة من‬ ‫التقارير بغرض الترافع بها مع العديد من‬ ‫المؤسسات‪.‬وهذا الموضوع هو الخامس‬ ‫ألننا في المنتدى اشتغلنـــا على مشروع‬ ‫القانون التنظيمــي لألمازيغية وحـــراك‬ ‫الريف ودور مؤسســات الدولة واالنتقال‬ ‫الديموقراطي وأسباب التأجيل‪.‬‬

‫سعيد بحضوري في أشغال هذه الورشة‬ ‫التي تستهدف الشباب وسعيد أكثر بهذا‬ ‫النقاش القانوني العميق الذي أثارته هذه‬ ‫الورشة‪..‬‬ ‫مداخلتي حاولــت مالمسـة موضــوع‬ ‫مدونة األسرة من زوايا متعددة أذكر منها‬ ‫أن مسألة االنتقادات الموجهة اليها بعد‬ ‫سنوات من تطبيقها ال يمكن أن تحجب‬ ‫أهمية هذا اإلصالح التشريعي الذي يبقى‬ ‫ثورة في زحزحة بنيان العالقات البطريركية‬ ‫المبنية على التراتبية والتي لم تكن تتمتع‬ ‫فيها المرأة بالشخصية القانونية المستقلة‪،‬‬ ‫وجزء من االختالالت التي عرفها النص في‬ ‫التطبيق مرده عدم مواكبة هذا النص بآليات‬ ‫التنزيل‪،‬و العديد من العراقيل التي واجهت‬ ‫تجربة أقسام قضاء األسرة‪ ،‬من قبيل ضعف‬ ‫الموارد البشرية والمادية‪ ،‬وغياب التخصص‬ ‫والتفرغ لعدد كبير من المشتغلين فيها‪،‬‬ ‫أثرت سلبا على نجاح الصلح في النزاعات‬ ‫األسرية‪ ،‬فضال عن الصعوبات التي تواجه‬ ‫المتقاضين في ولوج العدالة‪.‬‬

‫وكل اإلشكاليات العملية التي تثيرها‬ ‫بعض القضايـا في مدونـة األســرة من‬ ‫قبيل النزاعات المتعلقة بالنسب‪ ،‬والطالق‬ ‫والتطليق‪ ،‬وتذييــل األحكــام األجنبيـــة‬ ‫بالصيغة التنفيذية‪ ،‬وقضايا مغاربة المهجر‪،‬‬ ‫وتزويج القاصرارت‪ ،‬ودعاوى ثبـوت الزوجية‪،‬‬ ‫كلها قضايا تطرح المزيد من االجتهاد‬ ‫وجديرة باالهتمام‪،‬وكل الحلول التي كان‬ ‫يقدمها االجتهاد القضائي في إطار مدونة‬ ‫األحوال الشخصية كانت مرفوضة باسم‬ ‫النظام العام‪ ،‬أصبحت مقبولة في إطار‬ ‫مدونة األسرة نتيجــة تطويـر االجتهاد‬ ‫ومبدأ المرونة‪ ،‬من قبيل االعتراف بعقود‬ ‫الزواج التي يبرمهــا مغاربـة المهجــر‬ ‫أمام ضباط الحالة المدنية‪ ،‬واالعتراف‬ ‫بالطالق والتطليق الذي يتم أمام سلطات‬ ‫قضائية أجنبية رغم تخلف شرط اإلسالم‪،‬‬ ‫واالعتراف بنسب األطفال المزدادين‬ ‫خالل فترة الخطوبة‪ ،‬وهي أدلة تؤكد على‬ ‫خاصية التغييـر التي ال يمكن أن تستثني‬ ‫القانون المنظم لمدونة األسرة‪.‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫إدارة‬ ‫و‬ ‫اقتصاد‬ ‫يف �أ�سبوع‬ ‫أكبر منطقة للتجارة الحرة عالمياً‬

‫‪7‬‬

‫الوصول في المحيط القروي إلى ‪ %97,5‎‬وهذا معدل جيد جدا ألن‬ ‫هذا األخير لم يكن يتعدى‪ %27‎‬إبان سنة ‪.1995‬‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬ابراهيم التمسماني‬ ‫‪brahimtemsamani@yahoo.fr‬‬ ‫إذن على الدولة أن تخترع نظاما جبائيا يتماشى مع حالة قطاع‬ ‫النسيج غير المهيكل‪ ،‬يتميز ببعض اإلعفاءات والتخفيضات المحددة‬ ‫زمنيا وحسب كمية وعدد مناصب الشغل التي تم إنشاؤها‪.‬‬

‫وسيصل االستثمار المخصص للصرف الصحي السائل إلى ‪1,10‬‬ ‫مليار درهم خالل السنة الجارية‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫والهدف من هذه االستثمارات هو تحقيق استراتيجية المكتب‬ ‫الوطني والتي تتمركز حول أربعة محاور ‪:‬‬

‫فشل الشركات خالل سنة ‪2018‬‬

‫ تأمين وتعزيز المرافق الموجودة ؛‬‫ تحسين األداء التقني ؛‬‫ تعميم الوصول إلى الماء الصالح للشرب في المحيط القروي ؛‬‫لقد دخل ما يسمى باإلتفاق التشاركي اإلقتصادي (‪Accord‬‬ ‫‪ )de Partenariat Economique‬بين دول اإلتحاد األوروبي‬ ‫واليابان حيز التطبيق مع بداية الفصل األول من عام ‪ .2019‬وهكذا‬ ‫يجعل هذا اإلتفاق منطقة اإلتحاد األوروبي واليابان التي تضم أكثر‬ ‫من ‪ 630‬مليون نسمة هي أكبر منطقة للتجارة الحرة على الصعيد‬ ‫العالمي‪ ،‬كما أنها ستحتكر الثلث من الناتج الداخلي الخام العالمي‪.‬‬ ‫عندما سيتم تفعيل هذا اإلتفاق فإن الرسوم الجمركية اليابانية‬ ‫على المنتوجات األوروبية ستنخفض بنسبة ‪ %97‎‬كما أن الشركات‬ ‫األوروبية ستستفيد من مليار أورو كانت تؤديها كل سنة على شكل‬ ‫رسوم جمركية‪.‬‬ ‫أما فيما يخص‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬بعض المنتجات اإلستهالكية‬ ‫مثل الجبن (‪ )Gouda et Cheddar‬الذي كان اليابانيون يؤدون‬ ‫عليه ‪ %29,8‎‬من الرسوم الجمركية فسيصبح معفيا من الضرائب‪.‬‬ ‫نفس الشيء بالنسبة للخمر الذي كان يؤدى عنه ‪ %15‎‬سيصبح‬ ‫كذلك معفيا‪.‬‬ ‫وهذا سيفتح كذلك سوقا كبيرة وحرة أمام قطاع الخدمات‬ ‫والتجارة اإللكترونية والمالية والنقل وما إلى ذلك‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫استثمارات قطاع السياحة‬

‫‪ -‬التدخل المستمر في مجال الصرف الصحي السائل‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫ارتفاع الطلب على “المسؤولية االجتماعية‬ ‫للشركات”‬

‫توصلت الكنفدرالية العامة لمقاوالت المغـرب بما يزيـد عن‬ ‫‪ 15‬طلباً من أجل الحصـول على عالمـة “المسؤولية االجتماعية‬ ‫للشركات” هذه السنة‪.‬‬ ‫وحاليا حصل على هذه العالمة ‪ 94‬شركة‪ %23‎،‬منها مدمجة في‬ ‫برصة القيم للدار البيضاء‪.‬‬ ‫ ‪ %32‎‬من هذه الشركات هي شركات صغيرة ومتوسطة وال‬‫يفوق رقم أعمالها ‪ 200‬مليون درهم‪.‬‬ ‫‪ %39‎‬تنتمي إلى قطاع الصناعة ؛‬‫‪ %61‎‬تنتمي إلى قطاع الخدمات ؛‬‫‪ %30‎-‬تنتمي إلى الشركات العالمية العابرة للقارات ؛‬

‫حسب مكتب الخبرة ‪ Inforisk‬فإن عدد الشركات التي أغلقت‬ ‫أبوابها بموجب سنة ‪ 2018‬وصل إلى ‪ 7.941‬وأغلب هذه الشركات‬ ‫أغلقت أبوابها لألسباب التالية ‪:‬‬ ‫ قلة التجربة ؛‬‫ سوء اإلدارة المالية والتدبير المعقلن لميزانية الشركة ؛‬‫ االحتياج الكبير إلى الموارد المالية علما أن سقف القروض‬‫المجهرية ال يتعدى ‪ 150.000‬درهم ؛‬ ‫ تراجع كبير في مستوى المبيعات ؛‬‫ وصلت مدة الدفع إلى ‪ 260‬يوما أي ما يناهز ثمانية أشهر من‬‫التأخير في األداء‪.‬‬ ‫ولعل القطاعات األكثر تضررا من الوضع الحالي هي قطاعات‬ ‫السكن والمباني واألشغال العمومية ثم التجارة‪.‬‬ ‫وال بد من التذكير بأن رقم ‪ 7.941‬من الشركات التي أفلست‬ ‫ال يضم إال األشخاص المعنويين‪ ،‬في حين أن األشخاص الذاتيين‬ ‫الذين يمثلون ثلثي النسيج االقتصادي المغربي هم كذلك على‬ ‫أبواب اإلفالس ‪.‬‬ ‫هذا هو ما يؤثر سلبا على االقتصاد الوطني ويجعل نمو الناتج‬ ‫الداخلي الخام ال يتعدى‪ %3‎‬في أحسن الظروف‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫أكثر من‪ %60‎‬من قادة المشاريع يفشلون‬

‫ والباقي أي‪ %70‎‬هي شركات مغربية األصل‪.‬‬‫حاليا وصل عدد أسرة الفنادق المغربية المصنفة إلى ‪275.000‬‬ ‫سرير‪ ،‬في حين أن عددها لم يكن يتجاوز ‪ 175.000‬سرير مع بداية‬ ‫سنة ‪.2010‬‬ ‫و‪ %60‎‬من اإلستثمارات في قطاع السياحة يتوجه إلى الفنادق‬ ‫المصنفة ‪ 4،3‬و‪ 5‬نجوم‪ .‬و‪ %35‎‬من هذه اإلستثمارات توجه إلى‬ ‫مدينة مراكش والباقي يوزع على مدن أخرى مثل أكادير والدار‬ ‫البيضاء وطنجة والمحمدية…‬ ‫وتريد وزارة السياحة أن ترفع من عدد األسرة بنسبة ‪19.000‬‬ ‫سرير جديد ليصل مجموع األسرة في الفنادق المغربية مع نهاية‬ ‫العام ‪ 2022‬إلى ‪ 294.000‬سرير‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫قابلية قطاع النسيج على خلق فرص الشغل‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫استثمارات المكتب الوطني للكهرباء والماء‬ ‫الصالح للشرب خالل سنة ‪2019‬‬ ‫يعاني قطاع النسيج المغربي حاليا من مشكلتين أساسيتين ‪:‬‬ ‫ أولهما‪ ،‬تتعلق بالقطاع غير المهيكل ؛‬‫ وثانيهما‪ ،‬الواردات المتوحشة‪.‬‬‫ويقول كريم التازي رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج‬ ‫واأللبسة (‪ )AMITH‬إذا تم إدماج القطاع غير المهيكل فهذا سيمكن‬ ‫من إدماج ما ال يقل عن ‪( 200.000‬منصب شغل) ليصل مجموع‬ ‫الموظفين في هذا القطاع إلى ‪ 400.000‬شخص تقريبا‪.‬‬ ‫إن اإلستثمار الكلي المخصص للماء الصالح للشرب سيصل‬ ‫خالل سنة ‪ 2019‬إلى ‪ 5,37‬مليار درهم مما سيرفع من معدل‬

‫المشكل الحالي هو إذا تم إدماج الشركات غير المصرح عنها‬ ‫فإن هذا سيرفع من أثمان منتجاتها ما بين ‪ 30‬و‪ ،%40‎‬بمعنى‬ ‫آخر‪ ،‬أنها لن تعود قادرة على التنافسية ال الوطنية وال الدولية مما‬ ‫سيضطرها‪ ،‬في آخر المطاف‪ ،‬إلى إغالق أبوابها‪.‬‬

‫يتميز جل قادة المشاريع المغاربة بأنهم ‪:‬‬ ‫‪ - ‬يخافون بل لهم رهاب شديد من الفشل ؛‬ ‫‪ - ‬ولهم حساسية كبيرة من المخاطرة ‪.‬‬ ‫وهذا هو ما جعل ‪ %64,2‎‬من قادة المشاريع المغاربة يتخلون‬ ‫عن مشاريعهم‪.‬‬ ‫وشخصيا‪ ،‬أشرح هذه الظاهرة بما يسمى “بالرسائل الملزمة” ‪:‬‬ ‫(‪. )Les Messages contraignants ou les Drivers‬‬ ‫بمعنى أن ذلك القائد للمشاريع عندما كان صغيرا كان أبواه‬ ‫أو ما يسمى “شخصيات الوالدين” (‪)les figures parentales‬‬ ‫يلزمانه ببعض الرسائل مثل ‪:‬‬ ‫‪ - ‬كن قويا (‪ )Soi Fort‬؛‬ ‫‪ - ‬كن مثاليا (‪ )Soi Parfait‬؛‬ ‫‪ - ‬أسرع (‪ )Dépêche toi‬إلى غير ذلك‪...‬‬ ‫وبطبيعة الحال يعتقد هؤالء القادة بطريقة ال واعية أن عليهم‬ ‫أن يتصرفوا وفقا لهذه الرسائل حتى يكونوا محبوبين ومرغوبين‬ ‫عند أصدقائهم وأقاربهم وذويهم‪ .‬هذه النظرية قام بتطويرها‬ ‫الدكتور ‪ Taïbi Kahler‬مخترع ‪.La Process COM‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪996‬‬

‫سمرٌ بريح الشعر البهي‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬

‫‪ ...‬إذا بالحرْف يمدُّ ريشه‪ ،‬من سرِّ مذاق القراءة في سوس العالمة عند‬ ‫المختار السوسي في «المعسول»‪ ،‬وعند دار الشعر بتطوان للشاعر العياشي‬ ‫أبو الشتا في «البهموت»‪ ،‬وفي جفونه تختبئ الضاد‪ ،‬وفي حضنها يجثو‬ ‫«سيرفانطيس»‪ ،‬ليُحدِّد نوع اإلنتاج الفكري عند الشاعر عبد الرحمن فاتحي‬ ‫في العوْدة إلى تطوان‪ .‬األديب مدير دار الشعر مخلص الصغير‪ ،‬يقطنه الشعر‬ ‫ويحتفظ بسجايا األدب‪ ،‬وعلى لسانه‪ ،‬يقدِّم للحضور‪ ،‬العارفين من المبدعين‪،‬‬ ‫في ذكرى الشهيد الشاعر محسن أخريف ‪.‬‬ ‫بسحر الكالم قدَّم الشاعر الناقد‪« ،‬نبيل منْصَر» قراءة لكتاب‬ ‫«البهموت»‪ .‬وهي تستدعي اإلعجاب إلعادة بناء اللوْعة للشاعر العياشي أبو‬ ‫الشتا‪ ،‬وتخطف وعْي الحضور لمؤلف يعيد النظر في مفهوم فضاء الكتابة‪،‬‬ ‫ِب ِسمة التركيب أفقيا وعموديا‪ .‬تنتظم في خطاب متن حكائي من منظور‬ ‫المرايا المتقابلة في العتمة‪ .‬تشدُّني به لمحة فلسفية ل»ديكارت» وهو يبحث‬ ‫عن القبعة التي ال وجود لها‪ .‬فتتقاطع القصيدة‪-‬الحكاية في معظم األحيان‪،‬‬ ‫ويتمُّ إعادة بنائها من منظور حداثي‪ .‬فالحبُّ واالرتواء يتحو ُ‬ ‫َّل إلى غبار لذرّات‪.‬‬ ‫وهجرة لجسد األرض والمرأة في سطحه وقعره‪ْ .‬‬ ‫إن هي إال لحظات «إيروسية»‬ ‫‪(..‬إله الحبّ والرغبة في الغريزة الجنسية )‪ .‬فالتقلب من صفات الحبّ والرغبة‬ ‫‪(..‬إله الخصوبة)‪ .‬إنسان «البهموت» يستجيب لهذه «اإلروسية» الزدواجية‬ ‫عابرة‪ ،‬يُدمِّر عندها نفسه في كتاب‪ .‬إنها كتابة الوعي‪ ،‬وقد يُصاب بنزيف‪،‬‬ ‫للمتقلبة بين المتن والهامش‪ .‬شعرياً في «البهموت» مخطوطة «العبشمي»‪.‬‬ ‫وقد تمَّ كتابة النص بشكل عميق «على عبشم» وغفلة الحلم لتوطين الجسد‬ ‫والروح‪ .‬نقطة مذهلة بارتواء الجسد لتضفي إلى عالقة صوفية‪ .‬تتواصل‬ ‫في دهاليز الليالي من ثمار الجنة إلى خيبة اللعنة‪« .‬الخنساء» و«الفرزدق»‬ ‫و«لوركا»‪ ،‬ينابيع رومانسية أندلسية‪ ،‬وهي سرٌّ من أسرار القصيدة‪ .‬في تداخل‬ ‫وتفكيك‪ .‬إذ تقف من ملفوظات السخرية لقلب المقاصد باللغة المحلية‪ ،‬وهي‬ ‫تنهل بقوة من لغة البالغة‪ ،‬من موقع اندماج الماضي مع الحاضر‪ .‬وإذا به‬ ‫«البهموت» يبدو كتابا في الحبِّ والخراب والموت‪ .‬على نحو عجيب لإلنسان‬ ‫المُمَزَّق ! فكرة تتكشف عن سحر خاص «فلسفي» لصالح اللغة العربية‪ ،‬وقد‬ ‫أصابها «الفساد»‪ .‬فال بدَّ من تدويرها لكي تعطيها حياة جديدة‪ ،‬لتنهض‬ ‫ضمن سياق ونسق علمي بمنطوق العصر‪ .‬لينتهي المبدع إلى قبسة تترصد‬ ‫في منعطف الخيال قائال‪ :‬يا شقيق روحي‪ ،‬أنت المرتجى‪ ،‬أنت الشجون‪ ،‬وأنت‬ ‫النجوى وأنت البلوى وأنت الفتنة الكبرى ‪ !...‬ثم جاء أجل الشاعر‪ ،‬على لسان‬ ‫«سيرفانطيس»‪( ،‬و بعض من الترجمة لألستاذ‪ ،‬خالد الريسوني)‪ ،‬لتشدَّني‬ ‫إليه بأنفاس المياه البيضاء للبوغاز‪ ،‬من الضفتين (اإلسبانية‪-‬المغربية)‪ .‬من‬ ‫آفاق شعرية تنتمي إلى البرزخ لتمزج بين الحبّ واالغتراب‪ .‬تواضعت نفسه‬ ‫في تأمل زاد‪ ،‬لينسج صورا فنية تنبجس من مشكاة‪ ،‬ويعرضها في تجلياتها‬ ‫األولى «لعودته إلى تطوان»‪ .‬يُبحر من الضفة األخرى ليحتفي بالمكان‬ ‫(تطوان) النتمائه الوجودي بها وإليها‪ .‬ينسج في إحدى أشعاره قائال‪ :‬حياتي‬ ‫انتهت إلى البوار ‪..‬أتوسل إلى ربّي أن يغلقوها ‪..‬هي رمزية شفافية األزلية‬ ‫واحتماؤه بالمكان ‪..‬تستدعي نعي الذات والحبّ بعد أن يتالشى‪ .‬إشارات‬ ‫تصويرية عزلت الحبّ ‪ ..‬في توسعة خريفية ‪..‬استلهمتها األمواج ‪ ..‬الليل يرخي‬ ‫سدوله ‪..‬و أنا ما زلت أنتظر صباح المعشوق ‪..‬في فجر منقبض ‪ ..‬فداحة األلف‬ ‫البعيد ‪ ..‬أسلوب إليصال بأيسر سبل وأرق الصور على ألوان كثيرة بلغت مائة‬ ‫وعشرين قصيدة –قضية‪ .‬بملكة متألقة‪ ،‬وبشعر حرّ‪ ،‬وبكالم فنّ تشكيلي‬ ‫يُشحنه األديب ليُالمس نفسه في دهاليزها‪ ،‬من أجل استكشاف كنه اللوْعة‬ ‫التي يعاني منها وهو غريب في وطنه(تطوان)‪ .‬وقد تخطى ثنائية اإلبداعي‬ ‫إلى ما هو إنساني ‪..‬وهو لم يغادر تطوان أبدا لكي يعود إليها‪ ،‬إنما هي إبراز‬ ‫عزلة اإلنسان في الزمكان ‪ ..‬ولألديب مخلص الصغير قدرة بينة على شد أنظار‬ ‫الحضور لعرضه هذا‪:‬‬

‫ليلة رمضانية ال تنتهي في ضيافة دار الشعر بتطوان‬

‫ضمن فعاليات ليالي رمضان‪ ،‬أقامت دار الشعر بتطوان حفل تقديم‬ ‫وتوقيع ديوان «البهموت» للشاعر العياشي أبو الشتاء‪ ،‬وديوان «العودة إلى‬ ‫تطوان» للشاعر عبد الرحمن الفاتحي‪ ،‬ليلة الجمعة ‪ 17‬ماي الجاري‪ ،‬موافق ‪11‬‬ ‫رمضان‪ ،‬في فضاء المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان‪.‬‬ ‫اللقاء الذي أقيم بتنسيق مع مؤسسة باب الحكمة‪ ،‬التي نشرت الديوانين‬ ‫الشعريين‪ ،‬شهد حضورا كبيرا تابع أشغال هذه الجلسة الشعرية الرمضانية‪،‬‬ ‫التي استمرت حتى منتصف الليل‪ ،‬وتوجت بتوقيع العملين الشعريين‪ ،‬بحضور‬ ‫عدد من وسائل اإلعالم الوطنية والعربية‪ .‬كما شهد اللقاء حضور رئيسة شبكة‬ ‫القراءة في المغرب‪ ،‬والتي توجت مؤخرا بجائزة محمد بن راشد للغة العربية‬ ‫في دولة اإلمارات العربية المتحدة‪ ،‬حيث تسملت رئيسة الشبكة جائزة أفضل‬ ‫مبادرة لتعزيز ثقافة القراءة وصنع مجتمع المعرفة في الوطن العربي‪ .‬وأعلنت‬ ‫رئيسة الشبكة إلى جانب مدير دار الشعر بتطوان مخلص الصغير عن القائمة‬ ‫القصيرة للدواوين التي وصلت إلى المرحلة النهائية من جائزة الشباب للكتاب‬ ‫المغربي في صنف الشعر‪ ،‬حيث وقع االختيار على عشرة دواوين شعرية من بين‬ ‫أكثر من ‪ 300‬ديوان شعري‪.‬‬ ‫واعتبر مخلص الصغير في مستهل هذا اللقاء أن لقاء «توقيعات» من‬ ‫جملة البرامج التي رسختها دار الشعر بتطوان‪ ،‬منذ تأسيسها‪ ،‬بمبادرة من‬ ‫سمو حاكم الشارقة‪ ،‬برنامج هدفه تقريب الكتاب الشعري من القراء وترغيبهم‬ ‫في تداوله والتفاعل معه‪ ،‬خاصة في شهر رمضان‪ ،‬باعتباره زمنا لإلقبال على‬ ‫القراءة أيضا‪.‬‬ ‫وذهب الشاعر والناقد نبيل منصر‪ ،‬في تقديمه لديوان العياشي أبو‬ ‫الشتاء‪ ،‬إلى أننا ونحن نقرأ ديوان «البهموت»‪ ،‬فإننا «نواجه كتابا شعريا إشكاليا‪.‬‬ ‫كتاب يربك البناء الشعري على مستوى التأليف والمُتخيَّل والتّجنيس واللغة‬ ‫الشعرية واإلحالة»‪ .‬ومرد ذلك‪ ،‬بحسب المتحدث‪ ،‬إنما «يعود إلى وضعية الذات‬ ‫داخل الكتابة‪ ،‬في تَمفصُل مع سؤال الحداثة الشعرية‪ ،‬في عالقتها بالتراث‬ ‫والتاريخ والشرط االنساني‪ ،‬في هذه المَرحلة من تجربة الشعر المغربي‬ ‫والعربي المعاصر»‪ .‬من هنا‪ ،‬فإن إشكالية هذه الكتابة نجدها «تستجيب‬ ‫لشروط شِعرية ووجودية وثقافية في غاية التّركيب والتعقيد‪ ،‬عبرها تكشف‬ ‫الذات مقاومتَا األبقى‪ ،‬بأن تضع شيئا عميقا من نَ َف ِسها في تشييداتها اللغوية‬ ‫والشعرية والرمزية»‪ .‬هنا حيث تتحقق للحداثة الشعرية سمة التركيب «الذي‬

‫يجعل هذا العمل الشعري‪ ،‬ال ينتشر أفقيا فحسب‪ ،‬بل يحفر عموديا في زمن‬ ‫الشعر وتجربته‪ ،‬بتداعياته المعرفية المتعددة»‪ .‬ألجل ذلك‪ ،‬فهذا الديوان‬ ‫كتاب جامع «تتواَلج فيه روح المكان المغربي مع فضائها العربي والمتوسطي‬ ‫(األندلسي واإلغريقي) تواُلجا تسري فيه روح التغريب والغناء والبناء الملحمي‬ ‫األسطوري‪ ،‬على نحو يجعل األرض َّ‬ ‫كلها صدى لهذه التغريبة‪ ،‬التي يستيقظ‬ ‫فيها اإلنسان على غبش حلمه‪ ،‬وإشراقة طموحه‪ ،‬وخطوته المهاجرة‪ ،‬الضاربة‬ ‫في األصقاع‪ ،‬بحثا عن مكان غنائي لتوطين الجسد والروح»‪.‬‬ ‫وعن ديوان «العودة إلى تطوان» المكتوب باإلسبانية‪ ،‬يرى خالد‬ ‫الريسوني أن من يتأمل هذا العمل الشعري ويتمعن في نصوصه الشعرية‬ ‫يجد أن الشاعر عبد الرحمن الفاتحي إنما يشتغل من أفق «شعرية تمزج بين‬ ‫ألفة الحب وعزلة االغتراب»‪ ،‬وفي ضوئها تتشكل بالغة صوره الفنية‪ .‬وهي‬ ‫صور تخرج من مشكاة تضيء رؤى الشاعر وتعرضها في إهاب فني خاص‪ .‬ولعل‬ ‫حضور هذه «الشعرية» في تجلياتها األولى تطالعنا منذ عتبة الكتاب الرئيسة‪:‬‬ ‫أي منذ عنوانه «العودة إلى تطوان»‪ ،‬وهو عنوان دال يشي بالحمولة الداللية‬ ‫ألغلب نصوص الكتاب‪ ،‬ولتشكالت متخيله الشعري‪ ،‬وخاصة صوره الفنية التي‬ ‫تشتغل من أفق هذه الشعرية‪ ،‬واستنادا إلى بالغتها‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬جاء هذا الديوان ليحتفي بالمكان وتفاصيله‪ ،‬وأساسا ليحتفي‬ ‫«باالنتماء واأللفة والذكرى‪ .‬وهو بذلك يقيم عالقة وجودية متفردة مع‬ ‫األوتوبيوغرافي في تنويعاته المختلفة»‪.‬‬ ‫ديوان يصور فيه الشاعر عبد الرحمن الفاتحي‪ ،‬الفائز بجائزة رفاييل‬ ‫ألبيرتي للشعر‪ ،‬عزلته كإنسان عن الحب وعن اآلخر وغربته الكونية األزلية‬ ‫األبدية واحتماءه بالمكان‪ ،‬بما هو مكان لدفن الذكريات واألحالم واألحزان‪.‬‬ ‫ففي كل قصائد الديوان «يتأكد معنى اغتراب الحب وتترسخ دالالت العزلة‬ ‫والتوحد واالنكسار مثلما في التنويعات على قصيدة «حدود»‪ ،‬التي تصف‬ ‫مأساة اإلنسان في هذا المكان الذي اسمه تطوان‪ ،‬والذي كتب للشاعر أن‬ ‫يحتضنه بألفة في أرضية ديوان «العودة إلى تطوان»‪ ،‬تطوان الفضاء الذي لم‬ ‫يغادره الشاعر أبدا‪ ،‬لكنه استطاع أن يشكل من صوره المختلفة موضوعا لبناء‬ ‫متخيله الشعري الذي يصب كله في منحى واحد متعدد وهو إبراز غربة اإلنسان‬ ‫في الزمان والمكان‪...‬‬ ‫وبعدما قرأ الشاعران قصائد تفاعل معها جمهور دار الشعر بتطوان‪،‬‬ ‫انطلق حفل توقيع هذين الديوانين الشعرين‪ ،‬في فضاء المكتبة العامة‬ ‫والمحفوظات بتطوان‪ ،‬وهي المكتبة التي كانت شاهدة على ميالد حداثة‬ ‫الشعر المغربي‪ ،‬وفيه جرى توقيع أولى الدواوين الشعرية التي صدرت في‬ ‫المغرب قبل مرحلة االستقالل وبعده‪ .‬ثم يعود األديب مدير دار الشعر مخلص‬ ‫الصغير بصحبة األديبة رشيدة رُقي (شبكة القراء بالمغرب) ليبشرا الحضور‬ ‫ويفاجئهم بنتائج ‪:‬‬

‫جائزة الشباب للكتاب المغربي في صنف الشعر‬ ‫شبكة القراءة بالمغرب ودار الشعر بتطوان تعلنان عن القائمة‬ ‫القصيرة للدواوين الشعرية‬

‫في أفق اإلعداد للدورة المقبلة من جائزة الشباب للكتاب المغربي في‬ ‫صنف الشعر‪ ،‬التي ستنظمها شبكة القراءة بالمغرب‪ ،‬بتعاون مع دار الشعر‬ ‫بتطوان‪ ،‬وبدعم من وزارة الثقافة واالتصال‪ ،‬جرى تشكيل لجنة علمية النتقاء‬ ‫الدواوين العشرة المرشحة للجائزة‪ ،‬منتصف شهر فبراير من سنة ‪ .2019‬وقد‬ ‫ضمت اللجنة في عضويتها كال من الشاعر والجامعي محمود عبد الغني والناقد‬ ‫الجامعي محمد جودت والناقدة الجامعية خديجة توفيق‪.‬‬ ‫بينما سيشارك في قراءة واختيار الديوان الفائز من بين الدواوين العشرة‬ ‫نحو مائة قارئة وقارئ‪ ،‬تتراوح أعمارهم بين ‪ 16‬و‪ 24‬عاما‪ ،‬من المنخرطين في‬ ‫نوادي القراءة والمؤسسات التعليمية والجامعية‪ ،‬في عدد من المدن المغربية‪.‬‬ ‫وبعد االطالع على عشرات الدواوين الشعرية الصادرة منذ ‪ ،2017‬والتي‬ ‫بلغت نحو ‪ 175‬ديوانا صدر سنة ‪ ،2017‬و‪ 141‬صدر سنة ‪ ،2018‬إلى جانب‬ ‫الدواوين الصادرة مطلع سنة ‪ ،2019‬استقر رأي اللجنة على اختيار عشرة‬ ‫دواوين شعرية‪ ،‬بالنظر إلى ما تقدمه من حداثة كتابية متقدمة وما تراكمه‬ ‫من أصالة شعرية متجددة‪.‬‬ ‫الجامع بين هذه األعمال أنها ليست مجرد مجموعات شعرية تضم‬ ‫قصائد ونصوصا متفرقة اجتمعت في ديوان واحد‪ ،‬بمقدار ما هي تجارب نصية‬ ‫متكاملة ومتفاعلة‪ ،‬مشدودة إلى مرجعية شعرية خاصة‪ ،‬وإلى أفق كتابي مفتوح‬ ‫على مختلِف القول الشعري في تفرده وتجدده‪.‬‬ ‫إن هذه اللجنة‪ ،‬وهي ترفع الدواوين العشرة إلى القراء المغاربة الشباب‪،‬‬ ‫توجههم إلى ضرورة االطالع على باقي األعمال الشعرية األخرى‪ ،‬الصادرة في‬ ‫الفترة المشمولة‪ ،‬وهي‪ ،‬في غالبيتها‪ ،‬ال تقل جماال فنيا ومتعة شعرية‪.‬‬ ‫واستثناء‪ ،‬فقد تم اختيار هذه الدواوين من جملة األعمال الصادرة‬ ‫من سنة ‪ 2017‬حتى مطلع ‪ ،2019‬على أن تشمل الدورة المقبلة الدواوين‬ ‫الصادرة سنتي ‪ 2019‬و‪.2020‬‬ ‫كما استثنت اللجنة‪ ،‬وفق قانون الجائزة‪ ،‬الدواوين المتوجة بجوائز وطنية‬ ‫أو عربية أو عالمية‪ ،‬منذ ‪ 2017‬حتى اليوم‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فقد ضمت القائمة القصيرة لجائزة الشباب للكتاب المغربي‬ ‫الدواوين اآلتية وفق الترتيب األلفبائي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ابن البلد‪ ،‬لوفاء العمراني‬ ‫‪ 2‬ـ أعراس الميادين‪ ،‬إلدريس الملياني‬ ‫‪ 3‬ـ بالضوء أبعث ظلي‪ ،‬ألحمد بنميمون‬ ‫‪ 4‬ـ بداية ما ال ينتهي‪ ،‬لمحمد الميموني‬ ‫‪ 5‬ـ جمرة فوق عش الكلمات‪ ،‬لمحمد األشعري‬ ‫‪ 6‬ـ سنتذكر ونندم‪ ،‬لجمال الموساوي‬ ‫‪ 7‬ـ في أبهاء الضوء والعتمة‪ ،‬لمحمد بودويك‬ ‫‪ 8‬ـ قبلة الصباح وردة المساء‪ ،‬لفريدة العاطفي‬ ‫‪ 9‬ـ كما لو أن الحياة تصفق‪ ،‬لمحمد بوجبيري‬ ‫‪ 10‬ـ في حضرة موالنا‪ ،‬لعبد الكريم الطبال‬

‫ماذا بقي من ف�ضائل‬ ‫�صيام رم�ضان ؟‬

‫‪ -‬ذ‪ .‬محمد الشاعر‬

‫ها هو شهر رمضان على عتبة أن يستوفي أيامه‪ ،‬ويودع صوامه‬ ‫الذين استكانوا إليه‪ ،‬وسعدوا برفقته‪ ،‬لدرجة أن فريقا منهم لم يُطق‬ ‫صبرا على فراقه من المؤمنين الصادقين ُ‬ ‫الكمل‪ ،‬فنظر اهلل إليهم‪ ،‬وأعلى‬ ‫منزلتهم لدرجة مباهاته مالئكته بهم‪ ،‬ألنهم إلتزموا بكل ما يقتضيه‬ ‫صيام رمضان من انضباط واستقامة وسلوك وأخالق عالية‪ ،‬وصبر على‬ ‫المكاره‪ ،‬وعلى تحمل سوء معاملة الناس وإذايتهم‪ ،‬وعلى اإلمتناع عن‬ ‫األكل والشرب وعن األطايب والملذات بإرادتهم وحريتهم واختيارهم‪.‬‬ ‫لكن‪ ! ‬لكن ما نراه ونعيشه أو نسمع عنه اليوم من انحدار في األخالق‬ ‫وقبح في السلوك بالنسبة لشرائح عريضة واسعة من مواطنينا الذين ال‬ ‫وازع ديني لهم وال تربية وال أخالق في رمضان شهر الرحمة والمغفرة‬ ‫والعتق من النار‪ ،‬كما جاء في جزء من الحديث الذي رواه ابن خزيمة‬ ‫عن سلمان الفارسي‪( .‬ض) يقول فيه صلى اهلل عليه وسلم ‪ ......« :‬وهو‬ ‫شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة‪ ،‬وآخره عتق من النار»‪ ،‬فكان أن وجد‬ ‫منا قوم نزعت من قلوبهم الرحمة وعوضت بالقسوة والجفاء‪ ،‬ومنعهم‬ ‫خبثهم وشقاوتهم من أن يغفر اهلل لهم أحماال من الذنوب واآلثام التي‬ ‫اقترفوها‪ ،‬وحرموا من أن يعتقهم اهلل من النار التي كانوا سيدخلونها‬ ‫للجرائم التي ارتكبوها‪ ،‬وللظلم الذي قهروا به العباد‪.‬‬ ‫إذا انتقلنا إلى بيان فضل الصيام في رمضان الذي وردت فيه‬ ‫أحاديث كثيرة منها الحديث التالي ‪ :‬عن أبي هريرة (رض) أن رسول اهلل‬ ‫(ص) قال ‪ :‬قال اهلل عز وجل (( كل عمل ابن آدم له إال الصيام فإنه لي‬ ‫وأنا أجزي به‪ ،‬والصيام جُنة‪ ،‬فإذا كان يوم صوم أحدكم‪ ،‬فال يرفث‪ ،‬وال‬ ‫يصخب‪ ،‬وال يجهل‪ ،‬فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم‪ ،‬مرتين))‪.‬‬ ‫من خالل الحديث نقف على النهي الرباني الصريح عن الرفث‬ ‫والصخب والجهل التي هي رذائل مذمومة‪ ،‬ال تصدر إال عن الجهلة‪،‬‬ ‫ويزيد النهي في بيان وتحديد الموقف الذي ينبغي أن يسلكه الصائم‬ ‫مع من يشتمه أو يقاتله‪ ،‬أو يؤذيه بأي شكل من أشكال اإليذاء‪ ،‬فماذا‬ ‫كانت النتيجة ؟‬ ‫بعد هذه التوجيهات الربانية والتوضيحات النبوية الحكيمة –‬ ‫كانت النتيجة مخيبة النتظارات المؤمنين الصائمين‪ ،‬حيث التجمعات‬ ‫القائمة‪ ،‬واألسواق المزدحمة‪ ،‬واللقاءات المنعقدة ال يسمع فيها‬ ‫الصائم إال السباب والشتائم‪ ،‬و ُفحش الكالم الساقط البذيء الذي‬ ‫يكاد ينفطر القلب لسماعه‪ ،‬ثم يتبع ذلك الشجار والعراك باأليدي‬ ‫والعصي واألدوات الحادة فالسيوف التي يترتب عنها الرضوض والجروح‬ ‫والكسور التي تشهد أقسام المستعجالت بالمستشفيات بكثرتها‪.‬‬ ‫وهكذا تمضي أيام رمضان وكأن الناس في حرب وقتال‪ ،‬ال في شهر‬ ‫الرحمة والمغفرة‪،‬وللعجب‪ ،‬يُرد ذلك ويُنسب لشهر الصيام الفاضل‬ ‫الذي هو بريء كل البراءة مما نسبه إليه الغوغاء والجهلة وأعداء‬ ‫اإلسالم من زيف وباطل‪ ،‬ولألسف‪ ،‬فإن فوضى وحرب رمضان عندنا ال‬ ‫تبقى محصورة ومجهولة عن الخارج‪ ،‬وعن خصومنا الذين يتربصون‬ ‫بنا الدوائر‪ ،‬ويكيدون لنا المكائد بكل ما أوتوا من قوة وحيل ومكر‪،‬‬ ‫ويجدون الفضائيات والشاشات أنشط ما تكون في التعرية والتقاط‬ ‫أبشع المناظر واإلسراع ببثها ونشرها بالخارج‪.‬‬ ‫وهذا ما يفعله الجهلة من أدعياء اإلسالم عن قصد أو عن غير‬ ‫قصد‪ ،‬فيظهرون المسلمين في رمضان في أخس صورة‪ ،‬وأبشع مظهر‪،‬‬ ‫مما يتخذه أعداء اإلسالم ذريعة لمحاربة هذا الدين‪ ،‬وتنفير الناس منه‪،‬‬ ‫ويعطي في الوقت نفسه للمنظمات الدولية المختصة المشروعية في‬ ‫أن تصنفنا ضمن أحط الشعوب‪ ،‬وأبعدها عن التقدم والحضارة‪.‬‬ ‫وأمام الحالة التي يكون عليها الكثير الكثير من الصائمين من‬ ‫التوتر ومن التذمر من الصيام‪ ،‬والهيجان ألقل وأتفه األسباب‪ -‬أمام‬ ‫هذه الحالة تغيب الفضائل والمكرمات‪ ،‬فيسأل السائل ‪ :‬أين صوم‬ ‫الجوارح؟ وأين ضبط النفس وقهرها على أن تعيش الجو الروحي في‬ ‫رمضان؟ وأين االجتهاد والتنافس في العبادة وأعمال البر واإلحسان؟‬ ‫وأين التسامح والعفو والتواضع والتنازل عن الحق؟ وأين اإلعتدال‬ ‫في النفقة؟ وأين التواصل مع األهل واألقارب؟ وأين زيارة أهل العلم‬ ‫والصالح؟ وأين الجود والكرم؟ وأين غض البصر وكف اللسان؟‪ ،‬فال‬ ‫يجدها‪ ،‬فيلجأ إلى التصبر بقول «ال حول وال قوة إال باهلل» واالستمرار‬ ‫عليها‪.‬‬

‫احلاج الها�شمي �أفزاز يف ذمة اهلل‬ ‫انتقـــل إلـى عـفـــو اهلل تعالــــى الحـاج‬ ‫الهاشمي أفزاز مسـاء يوم األحــد ‪ 13‬رمضان‬ ‫‪ 19 /1440‬ماي ‪ 2019‬بطنجــة‪ .‬وبهــذه‬ ‫المناسبة األليمة تتقدم هيـئـة تحرير جريدة‬ ‫الشمال بأحــر التعازي وأصدق المواساة إلى‬ ‫أرملته الحاجة أمينة اللغداس وأوالده‪ :‬جمال‪،‬‬ ‫إسماعيل‪ ،‬محمد‪ ،‬مها وشيماء وإخوته‪ :‬أحمد‪،‬‬ ‫امحمـد‪ ،‬فاطمة‪ ،‬آسية وأم كلثـــوم سائلين‬ ‫المولى عز وجل أن يتغمــد الفقيــد بواسع‬ ‫رحمته ويسكنــه فسيح جناتـــه ويلهم أهله‬ ‫الصبر والسلوان‪.‬‬

‫«�إنا هلل و�إنا �إليه راجعون»‬


‫العدد ‪ 996‬ـ الثالثـاء ‪ 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫سالش‬

‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫الكتابة واألب‬

‫لقطة ذهنية نهرِّبها من انشغاالت الكتاب المغاربة والعرب‪ ،‬نرغب‬ ‫من خاللها في أن نعرف الدالالت التي تتركهـا في حياتهـم «وجودات‬ ‫صغيرة» تصاحبهم على الدوام‪.‬‬ ‫هـذا «السالش» يحـاول أن يستحضر المعاني الممكنة المرتبطـة‬ ‫بــ «الكتابة واألب»‪.‬‬

‫الشاعر حسن نجمي‬

‫الشاعرة منى وفيق‬

‫مرقونةّ‬ ‫بالليزر ّ‬ ‫قصائد مرقونة‬ ‫بالليزر‬ ‫قصائد‬

‫‪–1‬‬ ‫حِلبل امل�شنقة �أقول‪:‬‬ ‫قلب جميل“‬ ‫لدي فيما م�ضى ٌ‬ ‫” �أنا �أي�ضا كان ّ‬ ‫‪–2‬‬ ‫ً‬ ‫تتقاطر‪.‬‬ ‫متعرقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫بعد يوم طويل من احلياة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مدينة لأحد ب� ّأي �شيء‪.‬‬ ‫لي�س ْت‬ ‫َ‬ ‫روحي‪،‬‬ ‫تنظر للعامل يف عينيه‪.‬‬ ‫يف عينيه متاما‪.‬‬ ‫‪–3‬‬ ‫أتبول كثريا‪،‬‬ ‫� ّ‬ ‫كي �أبكي �أقلّ ‪.‬‬ ‫حيوان �سعيد‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪–4‬‬ ‫ممن يطلقون الكالب على فرائ�سهم‪.‬‬ ‫أغار‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫كيف يل �أن �أطلق الهواء يف الهارمونيكا‬ ‫على �صباي‪..‬‬ ‫‪–5‬‬ ‫وحدهم الذين �أح ّبهم ال �أ�سامحهم‪.‬‬ ‫الغابة ال تغ�ضب من ّ‬ ‫حطاب‪.‬‬ ‫بل‪ ،‬لإذعان َط َر ٍف منها لـــغريب‪.‬‬ ‫‪–6‬‬ ‫�أيادٍ كثريةٌ حتوم حول قفاي‪.‬‬ ‫�أُتمَ ْ ت ُِم ب�أنفا�س مقطوعة‪:‬‬ ‫«بالــــ‪ ..‬بالــــحلــ‪ ..‬باحللوى‪ ،‬يتفاو�ض الأطفال‪».‬‬ ‫‪–7‬‬ ‫قبل �أن �أق ّبلك‪،‬‬ ‫رت ل�ساين ّ‬ ‫بدقة وكثافة‪،‬‬ ‫مر ُ‬ ‫ّ‬ ‫علّ‬ ‫�شفتي على �شفتيك‪.‬‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ّعاب‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫إل�صاق ّ‬ ‫الربيدية النّادرة‪،‬‬ ‫الطوابع‬ ‫�‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫«وداع �إلى الأبد»‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‪–8‬‬ ‫كلّ‬ ‫ّ‬ ‫ال�شعراء ينجبون يف مكان‪،‬‬ ‫ويبقون بال عائلة‬ ‫معلوم‪.‬‬ ‫‪–9‬‬ ‫عار�ضت نف�سي لأحتوي اجلميع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫مرة‪.‬‬ ‫ليال ُ‬ ‫كنت ّ‬ ‫مرة �أخرى‪.‬‬ ‫ّهار‪ّ ،‬‬ ‫والن َ‬ ‫‪– 10‬‬ ‫لي�س هناك �سوء تفاهم بني ّ‬ ‫ال�شوك والورد‪،‬‬ ‫هنالك ِ�شعر فقط‪.‬‬ ‫ِ�شعر لأجل ِّ‬ ‫ال�شعر‪.‬‬

‫حين كان قد أصبح ممكنا أن أرد إليه شيئا‬ ‫من االعتراف‪ ...‬لم يمهله الموت‬ ‫مات مباشرة بعد انتخابي رئيسا التحاد كتاب المغرب بشهر أو شهر و نيف‪ .‬وبما أنني كنت ال أزال أتلقى رسائل‬ ‫التهنئة من األصدقاء والدبلوماسيين ورجاالت الدولة والمجتمع‪ ،‬بدأت اتلقى رسائل العزاء‪ ،‬بل جاءتني رسائل تضمنت‬ ‫التهاني والتعازي بتلك الجملة الرهيبة‪« :‬هل أهنيك أم أعزيك‪.»..‬‬ ‫أبتي‪ ،‬مازلت أهني وأعزي نفسي منذ انصرفتَ‪.‬‬

‫المترجم نور الدين الزويتني‬ ‫صدر عن المركز الثقافي للكتاب‬ ‫ديوان شعري للشاعرة األمريكية‬ ‫مورين مايكوس كريسيك ‪Maureen‬‬ ‫‪ Micus Crisick‬بعنوان «الذهاب‬ ‫إلى هناك»‪ .Going There‬يقع‬ ‫الكتاب في ‪ 130‬صفحة من القطع‬ ‫المتوسط‪ ،‬ويضم ‪ 29‬قصيدة كل‬ ‫واحدة منها نموذج معتق لقصيدة‬ ‫النثر األمريكية‪ .‬نقرأ القصائد في‬ ‫لغتها األصلية اإلنجليزية مصحوبة‬ ‫بترجمة جميلة ورصينة إلى العربية‬ ‫من إنجاز الشاعر والمترجم المغربي‬ ‫نور الدين الزويتني‪ ..‬ولكون الشاعرة‬ ‫في ارتحال دائم بين مقامها لفترة كل‬ ‫سنة بالمغرب ومقامها في الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية (كاليفورنيا) فإن‬ ‫العديد من قصائد الديوان تعكس‬ ‫بعمق تجربة حياتها وترحالها داخل‬ ‫المغرب وتفاصيل معايشتها هناك‬ ‫لألزمنة واألمكنة ومختلف شرائح‬ ‫الناس بلغة تذكر أحيانا بقوة وصالبة‬ ‫إزرا باوند وأحيانا بروحانية والت‬ ‫ويتمان‪..‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫طريق‬

‫موجة ضاوية‬ ‫�سكرتني موجة ‪:‬‬ ‫ح َّلت املوجة �سوالفها‬ ‫كنت رمل �سرتتني برق�صتها‬ ‫�سكرتني بايزار ماها‬ ‫غارت يف اعماقي – نا�شف‬ ‫تغزلت الطيور‬ ‫فقت من حتت �إيزار املا ‪ « ...‬فاقد الذاكرة «‬ ‫موجة و�شمة يف املا ‪:‬‬ ‫موجة و�شمة يف املا ‪ /‬طرزت قفطانو‬ ‫الليل �سلهام جمعها مع الرمل‬ ‫يق�شــر ال�سـر‬ ‫خلى الظالم‬ ‫َّ‬ ‫رمل �شاعل وموجة طافية‬ ‫متحاو َّ‬ ‫ملـا ال�ضو �شعل ‪.‬‬

‫ب�سريتي �سقيت َ‬ ‫اخليال ‪ ،‬مدِّيت لغتي حتت « امل�شنقة «‬ ‫ّ‬ ‫ملا َخيال ظلك بدا يحري‬ ‫انت‪ ....‬كـتبة و القلم كان مفتاح يف البري‬ ‫احللمة‬ ‫كانت‬ ‫ِ‬ ‫ميت �أنا بني يديك‬ ‫وعينيك لل�سما بدات ت�شري‬ ‫كنت بني غابات ال�ضو‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫واخليال كان لك �رسير‬ ‫حماين منِّي وح�صلني فيك‬ ‫‪............‬‬ ‫دمعت النجمة ‪ ...‬جترح الظالم ‪ ...‬زغردت ال�شم�س‬ ‫طاف ْ‬ ‫مال كي �سمايا ‪ ،‬ر�شها بالنور‬ ‫يف ال�سحابة خلوتك‬ ‫وانا بال جناوح بغيت نطري ‪.‬‬ ‫ب�ضوك ‪:‬‬ ‫مك َّتـف َّ‬ ‫و�صلت‬ ‫ملحف الظالم ‪ ،‬ميحيني ال�ضو ونبقى فني‬ ‫ْ‬ ‫ننزل َم ّني َّ‬ ‫م�شلول ‪.‬‬ ‫‪...........‬‬ ‫ياموجة و�صلي – �ص ّلي عليك الأمان ‪ ،‬الرمل م�سامل‬ ‫ياموجة جايك النهار اعمى والرمل عكاز‬ ‫�صوين حلمو‪ -‬راقد يف رحم ال�ضو‬ ‫املحبة بحر من النور يطهر الكون‬ ‫�إيال كانت موجة جناحو ‪.‬‬ ‫‪ ....:‬ياموجة‬ ‫الرمل بريح هواه �سابق « قانون « الطبيعة‬ ‫يعانق موجتو ‪ ....‬ينتحر يف �شونها‬ ‫قال الرمل ‪ :‬موجة �إيزاري‬ ‫هي وحدة تتحرك يف العايل‬ ‫وانا واحد وم�شتت ‪ /‬تنحتني وتخفى‬ ‫الرمل ُم�سامل ‪ /‬واملوجة فار�س‬ ‫ال�رسج كان محبة ‪ /‬والفر�س كان ريح‬ ‫منــو‬ ‫كان حلم ‪ :‬موجة ورمل ‪ /‬حرام نفيقو ُّ‬ ‫ما قدر�ش الرمل يعرتف ملوجة وهي حا�ضناه ‪� -‬سكران بها‬ ‫يا بحر كن يل موجة يف رملي ت�رسح‬ ‫قال الرمل ‪ :‬م�شيتي مني وما ن�شفت�ش منك‬ ‫يا ‪: ....‬‬ ‫موجود الرمل لأن موجة كاينة‬ ‫‪.........‬‬ ‫ياريتني رمل خايف ( ولو ف احللم ) وتعوم َّ‬ ‫يف موجة ‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫موجة ‪ .....‬خليني مبلحك ندفى ‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫موجة ‪ .....‬خليني ن�سكنك ور ْيـبيـني ‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫موجة كتاب ‪ -‬محال نقراه ‪،‬‬ ‫طح ْة ماها حروفو ‪.‬‬ ‫حار ْب ْت الأمية متحي ب َِ�ش َ‬ ‫كلما َ‬ ‫‪...........‬‬ ‫مراية �سكرانة ‪:‬‬ ‫َط ْحـنا من �سحابة‬ ‫بيني وبينك ْمرا َية‬ ‫وال حد م َّنا ْعرف منها ْو َجه �أو ظهر‪،‬‬ ‫ا ْن َد ِّ�سـينا فيها‬ ‫َ�س ِّميتَك موجة ‪�َ ،‬س ِّميتيني رمل‬ ‫كانت املراية كا�س خمر‪،‬‬ ‫ْبغينا ْع�سيلة‬ ‫جات نْحيلة ْبنات لِنا يف الظل ق�رص‪،‬‬ ‫زَ ْوقاتو َفرا�شة ب�سحرالب�سمة‬ ‫ومحات ال�رس ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ما ْبقى َمنِّي غري ظلي‬ ‫واعـتَـر‪،‬‬ ‫ْاع َيى ما « ْينُو�ض « ْ‬ ‫ُقـدَّامو يف املراية « زَ لتُـه «‬ ‫ا�ستَـر ‪.‬‬ ‫والنور ْي َه ُّـرو ‪ْ ....‬ي َع ِّري ما ْ‬ ‫‪.............‬‬ ‫َّ‬ ‫ملا ْبغيت نقول ْبغيتَـك‬ ‫قالت املراية ‪ :‬راك تتك َّلم را�سك‬ ‫ْبديتي – ربمَّ ا – ت َْ�سكـر ‪.‬‬

‫الشاعرة ندى الحاج ـ لبنان‬

‫طريق‬

‫منفاي موجة ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫م�شيت منِّـي وما لقاين غري ظلي‬ ‫كذبت على را�سي و َّ‬ ‫ملـا غرقت لقاين ‪.‬‬ ‫‪.........‬‬ ‫ن�سيت را�سي يف موجة‬ ‫وما بغيتـ�ش نطلع من غرقي ‪.‬‬ ‫م�شات منِّـي ‪:‬‬ ‫و�س ْتـرتها موجة ‪.‬‬ ‫كانت دواخلي ّ‬ ‫معريها ال�ضو َ‬ ‫قالت يل ‪ :‬مات�س�ألـ�ش َ‬ ‫وخ ّليك غايب‬ ‫انت ما كاين�ش ‪ « ...‬رمل « حاين‬ ‫َ‬ ‫‪.........‬‬ ‫نطـفيني يف ظلي و‬ ‫قلت ‪ْ :‬‬ ‫‪..........‬‬ ‫عراين‬ ‫ر ّبيت َ‬ ‫الوهْ م يف ال�ضو ‪ ...‬جاين يف الظالم ّ‬ ‫ومحاين‬ ‫َف َّيـق ال�رس ْ‬ ‫موجة يف الربزخ‬ ‫موجة مرتددة قدامها �ضباب‬ ‫ووراها ريح « معاقة «‬ ‫والرمل حا�ضن نوارة اجلمرة‬ ‫( غاجتي مع املد‬ ‫ماغا جتي�ش ) ‪.‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫القمر بدَّل �شوفتو يف الأر�ض‬ ‫مابقى جزر وال مد ‪.‬‬ ‫موجة يف �شوفتي ‪:‬‬ ‫زولت �شوفتي وبقات موجة فيها‬ ‫موالها و َّت ْ�سكـنْـت‬ ‫�سمعت َّ‬ ‫فقت ‪ ،‬تخي ْل ْت را�سي ح َّنـة يف يديها ‪.‬‬ ‫عنواين يف كا�س موجة ‪:‬‬ ‫موجة فتحت كتاب – حروفو نور‬ ‫ومدّيت يدها لكا�س ال�رس‬ ‫متنيت نكون عنواين يف كا�سها‬ ‫‪..........‬‬ ‫ــ خليك موجة خمر‬ ‫وخلي الرمل �سكران بك‬ ‫يحلم ما يفيق‬ ‫حايـر‪:‬‬ ‫بني العمى والنور حرية‬ ‫اليقني يعمي‬ ‫واملوجة ت�ضوي احلرية‬ ‫واقر النظرة‬ ‫�سال ب�سكاتك َ‬ ‫�سافر بِها لِك ‪.‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫ ‬ ‫�شميت املعنى بني �ضباب البحر و�شعا لفجر‬ ‫( مدﭭدﭭ بالترباع )‬ ‫معمي بالع�شق – ن�شوف به‬ ‫�آمنت بال�رس ‪ :‬يخفى ما يطري‬ ‫�آمنت بحماق هذاك « اللي ما كاين�ش «‬ ‫قدام جذبتو الدخالنية موجة حايرة‬ ‫‪.........‬‬ ‫و�صيت الكالم ّ‬ ‫وعطـرت غناه‬ ‫ّ‬

‫الشاعر أحمد لمسيَّـح‬

‫�سالت من الأفق � ُ‬ ‫ألوان ودمعة‬ ‫أربعة � ٍ‬ ‫� ُ‬ ‫أبي�ض ال�صفاء‬ ‫� ُ‬ ‫أزرق اجلوارح‬ ‫� َأل ُق ّ‬ ‫الف�ضة‬

‫وذهبُ اللقاء‬ ‫ُ‬ ‫الدمعة فتلوّ نت بعيون الفجر‬ ‫�أما‬

‫وانفتحَ القلب‬

‫ع ٌني على الزمن الفائ�ض وخ�رضة الروح‬ ‫على َ‬ ‫ال�سفر والرتحال‬

‫على امتداد الأ�صداء والتفاف الر�ؤى‬ ‫على ما تي�سرَّ من حب وتعث‬

‫على عوامل مل نرَها وعبرَ ناها‬ ‫زه ٍد كفانا َّ‬ ‫على ْ‬ ‫ورنحنا‬

‫مار لن تزول يف �أ�رشعة العمر‬ ‫على ِغ ٍ‬ ‫�سلكنا وعرّجْ نا وما ْ‬ ‫ْ‬ ‫اكتملنا‬

‫فعني �إالكتمال �أو�سع من حلقة‬ ‫و�أدرى من � ّرس يفوق العجز‬

‫كلمات ال�صحراء حتوٌ لت ً‬ ‫رماال‬ ‫تزهر كلما ّ‬ ‫اهتز ٌ‬ ‫غ�صن يف الظالل‬ ‫ختم تختار �أيها املريد‬ ‫� ُّأي ٍ‬

‫و�أين ت�سلك؟‬

‫�أ�شجارٌ حتكي وتفر�ش لك الطريق‬ ‫ق ْم وام�شِ حتى َ‬ ‫تدرك البئر‬ ‫ْ‬ ‫وا�سكن حيث القلب ي�سقيك‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪996‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫صديق لدود‬

‫ساعة اإلفطار‬

‫الشاعر عالل الحجام‬

‫الروائية عائشة البصري‬

‫(‪)1‬‬ ‫ُ‬ ‫و� َ‬ ‫أنت ترافقني‬ ‫مثل ّ‬ ‫الالمرئي يف �صحراءَ مقف َر ٍة‪،‬‬ ‫ظلي‬ ‫ّ‬ ‫كن ً‬ ‫ال�ص ُ‬ ‫ْ‬ ‫ديق‪...‬‬ ‫لبيبا �أيّهذا ّ‬ ‫� ّ‬ ‫أحق ًا خرجْ َت من كهوف ّ‬ ‫ال�ش ّك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وح�شة املقربة‪،‬‬ ‫وبرحت‬

‫ف�أ�صبحنا �صديق ِني كما ُّ‬ ‫بت �أعتق ُد‪،‬‬ ‫احلد�س � ّأن ال َ‬ ‫ألفة جتمعنا؟‬ ‫�أم �أخط�أ‬ ‫ُ‬ ‫�صحيحٌ � ّأننا‬ ‫نتبادل ّ‬ ‫التهاين يف �أيّ عيد‪،‬‬ ‫مل ِ‬ ‫لكننا ْ‬ ‫التحي َّة � ّ‬ ‫ّ‬ ‫تبادلنا ّ‬ ‫أتذكرُ‬ ‫بال حق ٍد وال رياء‬ ‫منعرجات ّ‬ ‫ال�سيارْ ‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ريق ّ‬ ‫ِ‬ ‫الط ِ‬ ‫�أو يف غاب ٍة كان يكم ُ​ُن‬ ‫منعطف‬ ‫يف‬ ‫ٍ‬ ‫من دياجريها فه ٌد للغزالن‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫و�شاركنا‬ ‫ّا�س ّ‬ ‫النوايا‬ ‫عبثي بني حر ِ‬ ‫يف ج َد ٍل ّ‬ ‫ومُ ّغني اخلمّارة يف ّ‬ ‫محطة القطارْ ‪،‬‬ ‫وعندما ع ّم ْدت ً‬ ‫عندلة بال ّدم � َ‬ ‫ّ‬ ‫احللزوين‬ ‫ال�س ّلم‬ ‫أ�سفل ُّ‬

‫حتى ّ‬ ‫تغريدتها احلمراءُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫طاردتني َ‬ ‫ْ‬ ‫ابق‬ ‫دون َك‬ ‫الط ِ‬ ‫اخلام�س‪،‬‬ ‫وجل‬ ‫وتقب ُّلت من غريما ٍ‬ ‫باقات موا�سا ٍة و�شوكوال امتنان‬ ‫ِ‬ ‫يف مم ّر �ضاجٍّ برائح ِتك‬ ‫يف م�ستعجالت امل�ست�شفى اجلامعي �أمام الغرفة‬ ‫‪.17‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ال � ُ‬ ‫أخال َك تن�سى‪...‬‬ ‫� ّأننا ك ْم ر�شفنا ً‬ ‫معا ً‬ ‫قرب البيت‪،‬‬ ‫قهوة �سوداءَ َ‬

‫محلي يف الغمّازة‪،‬‬ ‫و�رشبْنا ك� َأ�س نبي ٍذ ّ‬ ‫ً‬ ‫�رسيعا يف �شوارعَ طويل ٍة‬ ‫وجتوّ لنا‬ ‫ظللت وح َد َك تختارُ َ‬ ‫َ‬ ‫نهايتها‪،‬‬ ‫�أو جتوّ لنا ً‬ ‫بطيئا يف َ‬ ‫حدائق‬ ‫وح َد َك تعرف كيف تغيرّ ُ ف�صولها ّ‬ ‫كل � ٍآن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت�ستعجل �سقوط‬ ‫لكن‪َ ،‬مل ال ترحمُني‪ ...‬حني‬ ‫الأوراق ربيعاً‬ ‫بحجّ ة � ّأن َ‬ ‫جدول �أعمالك ٌ‬ ‫مكثف‪،‬‬ ‫ومهامَّ ك ال ُ‬ ‫تقبل ّ‬ ‫الت�أجيل‪.‬‬ ‫ال�ص ُ‬ ‫ديق‪ ...‬اللدو ُد جماملتي‬ ‫�أفال ت�ستطيعُ �أيّها ّ‬ ‫ً‬ ‫واحدة‬ ‫ولو مر ًّة‬ ‫أزهار ّ‬ ‫ُفت َ‬ ‫اجللنار‬ ‫ن�صت �إلى‬ ‫أفراخ بني � ِ‬ ‫ِ‬ ‫�شق�شقات � ٍ‬ ‫منقار ُ‬ ‫ً‬ ‫�سم�سما من �آخ ِر ال ّدنيا‬ ‫يحمل‬ ‫يف انتظار ٍ‬ ‫وهو ُ‬ ‫ً‬ ‫مبتهجا‪،‬‬ ‫يرق ُ�ص‬ ‫بات ْت ُ‬ ‫�أو جمل ٍة �شع ِر ّي ٍة َ‬ ‫تبحث‬ ‫تقا�سيم ا�ستعار ٍة يف لجّ ال ّر�ؤيا‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تخت ُم رحلة زورقها احلاملة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تن�صت ّ‬ ‫�أو َ‬ ‫م�شاكلة الرّم ِز‬ ‫حتاول‬ ‫حتى �إلى ُفر�شا ٍة‬ ‫ّللوْ ِن‬ ‫انك�سارها املفاجئ على الإطار ّ‬ ‫الذهبي‪،‬‬ ‫قبل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫املحال‬ ‫�شوق يروّ ُ�ض �رضاوة‬ ‫مثل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مزمور ٍ‬ ‫وينتظرُ َ‬ ‫عناق ّاللحْ ِن ّللحْ ِن‪...‬‬ ‫�أما � َآن لك � ْأن تن�سى عادا ِتك ال َآن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫طيل�سان الألف ِة‬ ‫تلب�س‬ ‫علك ُ‬ ‫وتخلعُ مرقعة اخللوة املقفرة‪!...‬؟‬ ‫تكن ّفز ً‬ ‫اعة ّ‬ ‫ً‬ ‫رحيما �أيّها ُ‬ ‫املوت وال ْ‬ ‫للطيورْ ‪،‬‬ ‫كن‬ ‫ً‬ ‫و�ض ً‬ ‫�إن كان ميكن �أن تكون عالمة ّ‬ ‫اءة‬ ‫مزهر‬ ‫ت�ؤ ّدي �إلى � ٍ‬ ‫أمل ٍ‬ ‫يف �أعايل احلبورْ ‪...‬‬ ‫غرونوبل‪ ،‬بداية �صيف ‪2016‬‬

‫‪11‬‬

‫كان رمضان هو تلك الساعة الحاسمة التي تفصلنا عن آذان المغرب‪ ،‬حيث يتسارع إيقاع‬ ‫الوقت ‪ ،‬تمد الموائد ‪ ،‬وتسيح رائحة الحريرة والقهوة المغربية المعطرة بين جنبات البيت‪.‬‬ ‫وتصير والدتي أكثر عصبية‪ .‬والدتي آخر من يلتحق بمائدة الطعام ‪ ،‬وفي بعض األحيان حين‬ ‫يكون هناك ضيوف ‪ ،‬تظل بالمطبخ حتى ما بعد اآلذان ‪،‬لكنها في تلك الساعة بالضبط ترتفع‬ ‫عصبيتها وتكثر أوامرها ‪ ،‬في سباق مع الوقت‪.‬‬ ‫باقي النهار ‪ ،‬يمر علينا نحن األطفال رتيبا ‪ ،‬وممال دون وجبات ثابتة ‪ .‬على األطفال في‬ ‫رمضان االكتفاء بما بقي من طعام الليلة الماضية ‪ .‬ناذرا ما تحضر وجبة خاصة بهم في‬ ‫النهار‪،‬ألن رائحة الطعام تهيج شهية الصائمين‪.‬‬ ‫غالبا ما كان إخوتي يلجئون لحيلة ادعاء نية الصوم ‪ ،‬للفوز بوجبة السحور ‪ .‬كل من أعلن‬ ‫نية الصوم في الغد‪ ،‬توقظه أمي قبل آذان الفجر ليشارك الكبار تلك الوجبة الغامضة بالنسبة‬ ‫لي‪ ،‬وتضاعف حصته من الحلوى الشباكية ‪ .‬كنت أحب النوم وال أرى مبررا لمغادرة السرير‬ ‫حتى ولو كان قطعة شباكية تتقاطر عسال‪ .‬أعرف أن إخوتي وخصوصا أخي الكبير سيتمارض‬ ‫ويطلب إيقاف الصوم عند الساعة الواحدة زواال على األكثر ‪ ،‬ويطلب من أمي أن تخيط له‬ ‫نصف اليوم مع نصف يوم آخر صامه من قبل ‪ .‬أما أخي الصغير ‪،‬فسيغافل أمي و يتسلل إلى‬ ‫المطبخ ليأكل ما تيسر‪.‬‬ ‫تدق الساعة الخامسة‪ ،‬التي ستتغير تدريجيا مع تغير موعد رمضان في السنة‪ .‬تدق الساعة‬ ‫الخامسة ‪ ،‬ثالثون دقيقة قبل اإلفطار‪ .‬تقل حركة الشارع‪ ،‬وتزيد حركة البيوت‪ .‬أطل من‬ ‫الشرفة ألتأكد أن ابنة عمي قد غادرت بيتها‪ ،‬حاملة صينية اإلفطار على رأسها‪ ،‬في اتجاه‬ ‫بلدية المدينة‪ .‬حيث عمي يداوم هناك ك «مخزني» مكلف بإطالق الزواكة (صفارة اإلفطار)‪.‬‬ ‫و هذا يلزم الكثير من الحرص والدقة ‪ -‬يحكي عمي – البد من مراقبة دقيقة لساعة الحائط‬ ‫وساعة اليد في نفس الوقت‪ ،‬حتى ال تنقص أو تزيد الخمس الدقائق الفاصلة بين آذان‬ ‫المغرب في الرباط العاصمة‪ ،‬وآذان المغرب في مدينتنا الصغيرة‪.‬‬ ‫حكاية أن عمي هو الذي يتحكم بإفطار مدينة بكاملها كانت تشعرني بالزهو وأنا صغيرة ‪ ،‬بل‬ ‫هددت مرة ابنة الجيران‪ ،‬إن هي لم تسمح لي باللعب قليال بدميتها ‪ ،‬سأطلب من عمي تأخير‬ ‫ساعة اإلفطار وربما لن يطلق الزواكة حتى مساء الغد‪.‬‬ ‫الخامسة و ثالثون دقيقة ‪،‬أسمع صوت أمي يناديني بإلحاح ‪ ،‬فأعرف أنه علي أنا كذلك أخذ‬ ‫صينية اإلفطار للمتسول األعمى الجالس تحت شجرة الكاليبتوس الضخمة القريبة من بيتنا ‪،‬‬ ‫يردد في صمت الزقاق ترتيلته المعتادة بلحن حزين ومؤثر « صدقة على اهلل‪ ،‬أعباد اهلل ‪ ،‬اهلل‬ ‫يرحم بها الوالدين ‪ ،‬في هذا الشهر الكريم « ‪.‬‬ ‫كانت تلك أصعب مهمة لي في يوم رمضاني ‪.‬ليس كسال مني‪ ،‬إنما رهبة وتخشعا من‬ ‫االقتراب بالمتسول ‪.‬‬ ‫وأنا صغيرة ‪ ،‬كنت أحلم باهلل رجال طيبا وفقيرا ‪ ،‬يقف ببابنا ويطلب كسرة خبز وقطعة سكر‪.‬‬ ‫فقد كان اهلل في أحالمي يشبه ذلك المتسول األعمى ‪ ،‬ذو األسمال البالية والخفين الرثين‬ ‫والذي في األيام العادية يتوسل المارة بصوت عال ‪ ،‬يتردد في هدأة الصباحات وأنا ال أزال‬ ‫في السرير‪.‬‬ ‫‪ ..‬هكذا كنت كل صباح أسرق الخبز من فرن أمي ‪ ،‬وقطعة سكر من الصندوق الخشبي ‪،‬‬ ‫وأعطي اهلل من عطاياه لنا ‪ .‬بل أبالغ أحيانا في الشفقة عليه‪ ،‬وأسرق خفي والدي من تحت‬ ‫سريره وهو نائم‪ .‬وأنحني أمامه على ركبتي ‪ ،‬اخلع خفيه الممزقين ‪ ،‬وألبسه الخفان الجديدان‪.‬‬ ‫هل كان اهلل يعرف أنني سارقة‪ ،‬و يتغاضى عن خطاياي الصغيرة‪ ،‬ألنني كنت أسرق من أجله ؟‬ ‫أخجل اآلن من مخيلتي الصغيرة التي كانت تتخيل خالق الكون و العاطي لكل شيء وهو‬ ‫بأسمال بالية وخفين رثين من الجلد ‪ ،‬ممزقين من األمام‪.‬‬ ‫بيد غير واثقة ‪،‬يتسلم مني المتسول األعمى إفطاره ‪ ،‬فتتدفق الحريرة و القهوة على جنبات‬ ‫الصينية ‪ .‬أعدو عائدة إلى البيت‪ ،‬وصوت المتسول يتبعني بالدعاء‪ ،‬كصوت نازل من السماء‪،‬‬ ‫يعدني بالنجاح‪ ،‬و مسح ما ارتكبته من خطايا صغيرة‪.‬‬ ‫السادسة مساء ‪،‬أجلس على طرف المائدة ‪ ،‬دون أن ينتبه أحد للهاثي و ال لوجهي المضاء‬ ‫بكالم اهلل ‪ ،‬ألن الكل منشغل بالتهام الطعام ‪.‬أخيرا أذن عمي لسكان المدينة باإلفطار ‪.‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪996‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫ســرد‬

‫رحلة إلى ممكلة بوهيميا‬ ‫الروائي عبد العزيز الراشدي‬ ‫(‪)1‬‬

‫إذا رغبتُ في الكتابة عن «براغ»‪ ،‬فسيكون عليّ أن‬ ‫أخلق نصّا من العدم‪ .‬تلك الصوّر‪ ،‬المشاهدات‪ ،‬لحظات‬ ‫الحبّ والخوف والرجاء‪ ،‬واللذة القصوى التي عشتها في‬ ‫رحلتي‪ ،‬دوّت بين أصابعي بعد أن أودعتُ سرها مذكرة‬ ‫صغيرة أكتب فيها‪ ،‬كل ما يحصل‪ ،‬خالل يومي‪ُ .‬ألعين‬ ‫الذاكرة‪ ،‬خالل رحلتي إلى براغ وبلزن بالتشك‪ ،‬على استحضار‬ ‫التجربة وقراءتها‪ .‬هذه المذكرة‪ ،‬تركتُها على كرسي من‬ ‫كراسي المطار‪ ،‬مع كتاب نفيس كنتُ أطالعه بشغف وأُسوّد‬ ‫هوامشه‪ ،‬حالما نزلتُ من الطائرة‪ ،‬وتركتُ معها نصّا فريدا‬ ‫كتبته بشغف وانتباه‪ ..‬تركتُها بخفة متناهية مثل رجل يزهد‬ ‫في زاده القليل‪ .‬عليّ اآلن أن أُدخل يدا بيضاء في عتمة‬ ‫الذاكرة وأمرّرها دون نظر حتى أظفر بالصور‪ .‬لكننا ال نسبح‬ ‫في النهر مرتين‪ ،‬والبد للكاتب أن يكتب عن مرارة الفقد‬ ‫الذي يُخ ّلفه نصّ غير مكتمل الحدوث‪ .‬أجلس في المقهى‬ ‫ألكتب‪ ،‬أمرّر تلك اليد في ظالمي فتسقط من جوف الظالم‬ ‫كلمات ثالث‪ :‬البطء‪ ،‬النسيان‪ ،‬الموت‪.‬‬ ‫أستعيد الكلمات الثالث‪ .‬وك ّلها عناوين لرحلتي‪ ،‬وهيّ‬ ‫مرادفات‪ ،‬ربما‪ ،‬لمعنى واحد إذا د ّققتُ النظر‪ .‬وهي‪ ،‬أيضا‪،‬‬ ‫مفردات ارتبطت في ذهني بواحد من أهمّ كتّاب براغ هو‬ ‫إن الموت عنوان كبير لما ّ‬ ‫ميالن كونديرا‪ّ .‬‬ ‫ظل يكتبه طوال‬ ‫حياته‪ ،‬والبطء والنسيان عنوانان لروايتين من أهمّ رواياته‪.‬‬ ‫أستعيد براغ‪ّ ،‬‬ ‫وأفكر فيها من خالل هذه الكلمات فتتجدّد‬ ‫حكايتي‪...‬‬ ‫أوال‪ :‬البطء‪:‬‬ ‫حالة البطء‪ ،‬أستعيدها‪ ،‬وأق ّلبها بين يدي مثل كتاب‬ ‫مفتوح يخرج من صفحاته حدث فريد؛ فيوم سفري‪ ،‬أوصلني‬ ‫صديقي إلى المطار بسيارته‪ ،‬كان المطر خفيفا‪ ،‬قطرات قليلة‬ ‫على وجه السيارة والمذياع يحكي في برنامجه المشهور‬ ‫عن مشاكل األسر مع األطفال‪ ،‬في زمن سريع تتعاقب فيه‬ ‫األحداث‪ .‬تقول المرأة المشتكية إنها لم تعد تعرف كيف‬ ‫تربّي ابنتها في زحمة الحياة والعمل وق ّلة الحيلة‪ .‬المذيع‬ ‫يسمعها وينقل كالمها إلى الدكتور المتخصّص في راحة‬ ‫البشر‪ ،‬لكن الدكتور ال يضمن لها ح ّ‬ ‫ال مفيدا في الحال‪،‬‬ ‫بل ينصحها بزيارة طبيب آخر‪ .‬أضحكُ من هذه المعادلة‪:‬‬ ‫دكتور المذياع ينصح بدكتور حقيقي في العيادة؛ بطء كبير‬ ‫في تدبير الحلول وتمويه لخلق الكالم وشراء الهواء وبيعه‬ ‫وشغل المستمعين‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫في المدار األخير‪ ،‬قبل الوصول إلى المطار‪ ،‬في تقاطع‬ ‫الشارع المؤدي إلى مسارات مختلفة‪ ،‬شاهدنا شيئا يتحرك‬ ‫على الطريق ببطء‪ ،‬راوغ الصديق وحاد عنه وقال لي‪:‬‬ ‫سلحفاة‪ .‬كانت السلحفاة تمشي بدعة وهدوء واطمئنان في‬ ‫شمس الصباح الخفيفة التي لم يمنعها المطر‪ .‬طلبتُ منه‬ ‫أن يتوقف ألزيحها من الطريق فوافق‪ .‬وقبل أن ينحاز إلى‬ ‫اليمين ليركن الطوموبيل‪ ،‬كانت سيارة مسرعة قد أنجزت‬ ‫مهمتها بإتقان؛ داست بقوة على الجسد الصغير فوضعت‬ ‫القوقعة جانبا وخرج دم يسير من الرأس وسال على الرصيف‪.‬‬ ‫كان مشهدا مؤلما رأيته وأنا أفتح الباب ألوقف حركة السير‪.‬‬ ‫كم تمنيت لو توقفنا وسط الطريق وغامرنا لنمنع هذه‬ ‫الحادثة‪ .‬كان بطؤنا وبطء السلحفاة هو ما قاد إلى الموت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فكرتُ وقتها في ضرورة السرعة وفي خطرها كذلك‪.‬‬ ‫شغل بالي هذا الحادث‪ ،‬وفكرت بأن ما قتل السلحفاة‬ ‫ليس سرعة السيارات‪ ،‬بل بطأها هي‪ .‬إن البطء مطلوب‬ ‫أحيانا‪ ،‬حين يتعلق بأمور معينة‪ ،‬لكنه قاتل في أمور أخرى‪..‬‬ ‫لقد مدح كتّاب عديدون البطء وأثنوا عليه ومنهم بول‬ ‫بولز الكاتب األمريكي العاشق لطنجة‪ ،‬وهو الذي كان يكره‬ ‫السرعة التي تحيطنا بها المدنية الحديثة‪ .‬وأثنى إيطالو‬ ‫كالفينو في محاضراته على الثقل المرادف للبطء في مقابل‬ ‫الخفة التي هي رديفة السرعة‪ ،‬وكتب ميالن كونديرا رواية‬ ‫سمّاها «البطء» وتساءل عن مصير الذين يتأمّلون في‬ ‫هدوء مسارات الحياة وضوء النجوم!! ولو أعاد كونديرا كتابة‬ ‫روايته بعد هذه السنوات‪ ،‬في زمن الفايسبوك والواتساب‬ ‫لتغيّرت مالمحها كثيرا وزادت مرارة‪ .‬مع ذلك‪ ،‬فليس البطء‬ ‫دائما مفيد‪ ،‬البطء قاتل أحيانا‪ّ .‬‬ ‫إن البطء جميل وقتَ‬ ‫االستيقاظ من النوم‪ ،‬وأثناء ممارسة الجنس والعناق‪ ،‬وجميل‬ ‫بطء الطاجين على الحطب‪ ،‬وجميل بطء النظر إلى وجه‬ ‫الحبيب للتفرّس في مالمحه والتعمّق في وجوده‪ ،‬وجميل‬ ‫هذا البطء في التريث أثناء الجواب أو الردّ على اإلساءة‪.‬‬ ‫لكن البطء قاتل عند التأخر في معالجة المريض‪ ،‬وفي صدّ‬ ‫المخاطر‪ ،‬وفي إطفاء الحرائق‪ .‬وقتَ وصولي إلى المطار‪،‬‬ ‫غادر الصديق المكان‪ ،‬وبعد اإلجراءات ك ّلها‪ ،‬اكتشفتُ أنني‬ ‫جئت متقدّما بيوم واحد على الرحلة‪ ،‬فبدل اليوم الثامن من‬ ‫الشهر‪ ،‬جئت اليوم السابع‪ ،‬وهذا لم يحدث لي من قبل‪ ،‬ولم‬ ‫يخطر ببالي أبدا‪..‬إنه بطء مقلوب‪ ،‬وهو الوجه الـآخر للرحلة‪:‬‬ ‫النسيان‪..‬‬

‫اتحاد كتاب المغرب‬ ‫ورهان األغلبية الصامتة‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬

‫(‪)2‬‬

‫ثانيا‪ :‬النسيان‪:‬‬ ‫يمسكني النسيان في هذا السفر‪ .‬حالة غريبة من فراغ‬ ‫الذاكرة‪ .‬لو أسقطتَ شيئا بداخلي سيقع على الرصيف‪ ،‬مثل‬ ‫دماء تلك السلحفاة‪ .‬النسيان أمسكني منذ بداية رحلتي‬ ‫حتى نهايتها‪ .‬فقد فقد نسيتُ موعد السفر وهذا أمر لم‬ ‫يحدث من قبل في تواريخ سفري المتكرر‪ ،‬وعند عودتي من‬ ‫براغ نسيتُ بعض ثيابي في الفندق‪ ،‬ونسيتُ المذكرة التي‬ ‫دوّنتُ فيها رحلتي‪ّ ،‬‬ ‫كأن قوة غريبة تريد أن تمسح صور‬ ‫رحلة التشك من ذاكرتي‪ .‬كل ذلك حصل بترتيب عجيب غير‬ ‫مفهوم‪ ،‬كأنّها رسالة تلك البالد‪ .‬لقد أمسكني النسيان من‬ ‫ّ‬ ‫كل جانب‪ .‬مع ذلك‪ ،‬لم أنسَ وسادة صغيرة أحرصُ عليها‬ ‫في رحلتي‪ .‬إنها وسادة وضعَتْها مضيفة الطائرة بين يدي‬ ‫بحنان‪ ،‬في رحلة سابقة لعالم آخر‪ ،‬وحين نزلتُ من الطائرة‬ ‫حملتُها معي كما ال يفعل أغلب المسافرين‪ .‬ثم بدأتُ‬ ‫أصحبها في رحالتي الطويلة بالحافلة والقطار والطائرة‪.‬‬ ‫وسادة صغيرة تُس ّلمها لك بعض شركات الطيران خالل‬ ‫الرحالت‪ ،‬وعندما تنزل من الطائرة تتركها ‪،‬غالبا‪ ،‬على‬ ‫المقعد‪ ،‬ألنها من مخ ّلفات الرحلة‪ ،‬فتموت ذكراها‪ .‬لكنني‬ ‫لم أترك الوسادة تنتهي مع انتهاء مهمتها‪ ،‬لقد أحييتُها‬ ‫بحرصي عليها‪ .‬كان من الممكن أن تموت الوسادة بعد‬ ‫استعمال واحد مثل ّ‬ ‫كل األدوات االستهالكية التي نستعملها‬ ‫ونرميها‪ :‬مثل الجوارب الخفيفة وإناء الوجبة العابرة وشوكة‬ ‫البالستيك‪ .‬الذين وضعوا الوسادة رهن إشارتنا يريدونها‬ ‫بال ذاكرة‪ ،‬يريدونها للنوم مرة واحدة‪ ،‬لرحلة واحدة‪ ،‬وليس‬ ‫للحياة‪ ،‬وبعدها ننساها‪ .‬لكنني حملتها في أكثر من سفر‬ ‫كأنها ذاكرة سفري التي تعوّضني وتجبر ثقب ذاكرتي‪.‬‬ ‫تلك الوسادة الصغيرة الوردية‪ ،‬وبعد استعمالها‬ ‫لوقت‪ ،‬أحببتها وأصبحت صديقتي‪ ،‬لونها وردي‪ ،‬كأنني‬ ‫أُخزّن فيها أحالما وأفكارا‪ .‬أضعها تحت عنقي ترتّبه‪ ،‬أتكئ‬ ‫عليها في القطار باتجاه المطار‪ ،‬في صباحات باكرة جدا‬ ‫أحسّ برطوبتها عند عنقي وفي الحافالت التي تنقلني‬ ‫إلى جنوب البالد ألزور أمي أنام عليها‪ .‬النوم أخ الموت‪،‬‬ ‫والوسادة أخت الحياة‪ .‬هكذا صرت بالوسادة أنقل منامي‬ ‫بين الغيوم‪ ،‬وأق ّلبها صفحة صفحة‪ ،‬أنقل منام األحالم إلى‬ ‫تخوم المنعرجات فيختلط الحلم الوردي بالكابوس‪ .‬أجدني‬ ‫بين عوالم متضامة‪ ،‬متداخلة‪ .‬وفي رحلة براغ‪ ،‬وضعتها على‬ ‫دماغي في الطائرة‪ ،‬ونمتُ‪..‬‬ ‫كما هو شائع‪ ،‬على الوسادة نعيش ثلث أعمارنا‪ ،‬وفي‬ ‫فيلم «الوسادة الخالية» كالم كثير عن الحبّ والهجر‬ ‫والخوف والرجاء‪ .‬وفي أفالم عديدة وحكايات عديدة تلعب‬ ‫الوسادة أدوارا ال تُنسى‪ .‬فالحبيبُ يرى حبيبه الغائب على‬ ‫الدوام مرسوما في الوسادة‪ .‬وفي الثقافة الشعبية يتحدّث‬ ‫الناس عن حالوة حديث الوسادة‪ ،‬حيث يتجاور الحبيبان‬ ‫في العتمة ليتوحّدا بكالمهما اللطيف الذي يُسكر‪ .‬أما‬ ‫أنا فكانت وسادتي عامرة باألحالم واآلمال والرؤى‪ .‬وسادة‬ ‫ظفرتُ بها فدخلت براغ حالما بالماء والوجوه النظرة‬ ‫والمغامرات التي ال تنتهي‪.‬‬

‫يعقد اتحاد كتاب المغرب مؤتمره العام االستثنائي في األيام األولى من شهر يونيو ‪ 2019‬بمدينة‬ ‫الرباط‪ ،‬وسط تمخض وأخذ ورد وبعد مخاض طويل من التهويل والتهليل والمشاكل والفضائح التي جعلت‬ ‫من االتحاد موضوعا أوليا وآنيا في االنتباه واالهتمام‪ ،‬فضال عن البحث والحفر والتحليل في تاريخه وواقعه‬ ‫ومآالت استمراره‪.‬‬ ‫قد ال يختلف إثنان أن اتحاد كتاب المغرب بيت ثقافي له مكانة خاصة في الوجدان الثقافي المغربي‪،‬‬ ‫قوته أو ضعفه يأخذهما‪ ،‬ضرورة‪ ،‬من الممارسين للفعل الثقافي في المغرب‪ ،‬سواء الذين يؤمنون بوجوده‬ ‫وبدوره أو الكافرين به‪ ،‬هو يعبر عنهم ويتحدث باسمهم ويقدم صورة حقيقية عنهم‪ ،‬المنتمين إليه أو‬ ‫الغاضبين منه أو الراغبين في االنتماء إليه أو الرافضين له‪.‬‬ ‫فياآلننفسه‪ ،‬إتحاد‪ ‬كتاب‪ ‬المغربيعتبرهالكثيرون‪ ‬رأس‪ ‬مال‪ ‬ثقافي‪ ‬معنوي‪ ‬في‪ ‬ملك‪ ‬كل‪ ‬الكتاب‪ ‬المغ‬ ‫اربة‪ ،‬وبالتالي‪ ‬تراجعه أو نهوضه أو‪ ‬تطوره‪ ‬أو نفخ الروح فيه مسؤولية كل المثقفين المغاربة‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عن المكاتب المسيرة المتعاقبة‪ ،‬وبغض النظر عن المواقف المسبقة أو الالحقة التي ترافق تأسيس هذه‬ ‫المكاتب‪ ،‬وبغض النظر عن أسماء الرؤساء الذين طبعوا كل فترة من تاريخ هذا االتحاد بميسمهم الخاص‪.‬‬ ‫الذي يجب أن يدرك كله هو أن الزمن تغير‪ ،‬العالم تغير‪ ،‬المغرب تغير‪ ،‬الثقافة المغربية تغيرت‪ ،‬األدب‬ ‫المغربي تغير‪ ،‬الحقل التداولي الثقافي تغير واتحاد كتاب المغرب تغير‪ ،‬ونحن يجب أن نتغير‪.‬‬ ‫ليس مهما أن نتفق حول هذا التغيير‪ ،‬هل هو إلى األحسن أو إلى األسوأ‪ ،‬ألن المسألة مرتبطة بالنظر‬ ‫والتحليل وأحكام القيمة وأحكام الواقع‪ ،‬المهم أن نفهم أن التغيير من سنن الكون اإلجبارية‪ ،‬وأننا ال نملك‬ ‫الحقيقة‪ ،‬وأن من يعتقد في نفسه أنه يمتلك الحقيقة والصواب يكون مصدرا لكي قمع ولكل استبداد‪.‬‬ ‫ربما‪ ،‬اعتمادا على هذا‪ ،‬يجوز تصنيف الكتاب المغاربة المنتسبين التحاد كتاب المغرب في األنواع‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫• نوع‪ ‬يعتقد‪ ‬في‪ ‬نفسه‪ ‬أنه‪ ‬الكاتب‪ ‬الحق‪ ،‬وأن‪ ‬صفة‪ ‬كاتب‪ ‬وقفت‪ ‬عنده‪ ‬وال‪ ‬يمكن‪ ‬أن‪ ‬تمتد‪ ‬إلى‪ ‬غيره‪ ،‬و‬ ‫هذا‪ ‬النوع‪ ‬ال موقع له من اإلعراب ألنه ال يرى إال نفسه‪ ،‬وبالتالي ال تجوز مناقشته لكونه يتشبه بالمثال الذاتي‬ ‫الذي يمنعه من استيعاب أي رأي أو موقف ال يوافق هواه‪.‬‬ ‫• نوع يعيش في الماضي وال يؤمن بالتغيير ويعتقد بأن اتحاد كتاب المغرب يجب أن يبقى منتميا‬ ‫لمرحلة تاريخية معينة‪ ،‬وأن اليسار‪ ،‬إيديولوجية أوحزبا أو حركة أو اتجاها‪ ،‬هو الحضن الطبيعي لكل كاتب‪،‬‬ ‫وبالتالي ال أحقية التجاه أو فكر أو رأي آخر في التعبير أو في الوجود‪ ،‬وهذا النوع إقصائي شوفيني ينتمي لعهد‬ ‫بائد كان يتميز بالتسلط والتحكم‪ ،‬سواء كان هو نفسه ضحية لهذا التحكم‪ ،‬سياسيا‪ ،‬أو ممارسا له ثقافيا‪.‬‬ ‫‪)2‬‬ ‫ثانيا هذا النوع يعيش نوستالجيا ثقافية غريبة‪ ،‬وإن كان يحاول حثيثا أن يتماهى مع زمن حاضر‪ ،‬هو‬ ‫بالتأكيد ليس زمنه لوحده‪.‬‬ ‫•‪ ‬نوع‪ ‬يتموقف من‪ ‬المكاتب‪ ‬المسيرة‪ ‬التحاد كتاب المغرب‪ ،‬إما العتبار شخصي أو منهجي أو فكري‪،‬‬ ‫وهذا النوع اتجاهان‪:‬‬ ‫األول ينتقد عمل االتحاد‪ ،‬ممارسة واختيارات وأنشطة‪ ،‬عالنية‪ ،‬وفي نفس الوقت يطلب رشاوى ثقافية‬ ‫سرا‪ ،‬وهو بهذا يعبر عن نوعية خاصة من الكتاب الذين يهرولون في اتجاه الريع الثقافي‪.‬‬ ‫والثاني يسجل مواقفه التنظيمية والفكرية ويغادر االتحاد أو يستقيل احتجاجا‪ ،‬وهو بهذا يجسد ثقافة‬ ‫المقعد الفارغ التي تكون سلبياتها أكثر من حسناتها‪ ،‬إذ يمكن اعتبار التغيير من الداخل والمقاومة الثقافية‬ ‫وتسجيل المواقف التنظيمية أفضل وأسلم وأفيد‪.‬‬ ‫•‪ ‬نوع‪ ‬ينطبق‪ ‬عليه‪ ‬المثل‪ ‬الشعبي‪ ( ‬أكل‪ ‬الغلة‪ ‬وسب‪ ‬الملة‪ ،) ‬هذا النوع يمارس العمل الثقافي بنفس‬ ‫الرؤية وبنفس المنهج المعمول به داخل اتحاد كتاب المغرب‪ ،‬وفي نفس الوقت ينتقد الكل ويذم الجميع‪،‬‬ ‫معتبرا نفسه مرجعا في امتالك الحقيقة‪.‬‬ ‫هذا مع االعتراف بوجود نوع آخر من الكتاب داخل االتحاد يمكن تسميته باألغلبية الصامتة‪ ،‬الكثير من‬ ‫هذا النوع تحكمه الضمائر الحية‪ ،‬واألهداف الثقافية النبيلة‪ ،‬والغايات اإلصالحية النظيفة‪ ،‬ال يحتاج إال إلى‬ ‫المبادرة إلى تصريف مواقفه وتجسيدها بشجاعة‪ ،‬على شكل أفكار ومواقف واختيارات تؤمن بضرورة التغيير‬ ‫والتداول والتصحيح داخل االتحاد‪.‬‬ ‫هذا النوع من الكتاب يدفعك إلى احترامه وتقديره‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار بأن األمر الثقافي‪ ،‬سواء‬ ‫داخل االتحاد أو خارجه‪ ،‬ليس دائما طريقا مفروشا بالورود أو بالنيات الحسنة‪.‬‬ ‫بناء عليه‪ ،‬وأمام حالة التعبئة والتجييش واالستقطاب التي بدأت منذ مدة داخل دهاليز اتحاد كتاب‬ ‫المغرب‪ ،‬أي نوع من الكتاب سيفرض تصوره ورأيه؟‬ ‫وهل يستطيع فصيل األغلبية الصامتة من الكتاب المغاربة إحداث الفارق وتحرير اتحاد كتاب المغرب‬ ‫من ثقافة التجييش واالستقطاب؟‬ ‫كيف يمكن جمع شتات هذه األغلبية الصامتة وتجميع تصوراتها؟‬ ‫هل توجد كاريزمات داخل هذه األغلبية تستطيع استيعاب كل األصوات الصامتة والتصورات المغيبة‪،‬‬ ‫والترافع بالنيابة عنها‪ ،‬دفاعا عن وضع جديد داخل االتحاد؟‬ ‫كيف يمكن الجمع بين مبادئ الوضوح والشفافية في التعاطي مع الشأن الثقافي‪ ،‬كما تؤمن بها‬ ‫األغلبية الصامتة‪ ،‬وبين تقنيات الكولسة واالستقطاب المعمول بها في واقع مؤتمرات اتحاد كتاب المغرب‪،‬‬ ‫منذ دائما؟‬ ‫من يستطيع حلحلة األغلبية الصامتة داخل اتحاد كتاب المغرب وتحريك أفق انتظارها في اتجاه يكون‬ ‫مقبوال ومؤثرا وقادرا على فرض الذات؟‬ ‫يجب أن نتفق بأن‪ ‬اتحاد‪ ‬كتاب‪ ‬المغرب‪ ‬هو آخر القالع الثقافية التي يمكنها لعب دور في بلورة رؤية‬ ‫ثقافية تصحيحية تنويرية في المجتمع المغربي‪ ،‬وبالتأكيد هناك من يريد تدمير هذه المؤسسة‪ ،‬تماما كما‬ ‫تمت تصفية العديد من المؤسسات والهيئات المغربية النضالية األخرى بشتى مشاربها‪.‬‬ ‫هل ينتبه الماسكون بخيوط اللعبة داخل اتحاد كتاب المغرب إلى أن‪ ‬عملهم داخل اللجنة التحضيرية‬ ‫الموسعة لتنظيم المؤتمر االستثنائي‪ ،‬بتلك المنهجية وبتلك الخلفية‪ ،‬التي لم تعد خافية على أحد‪ ،‬أنهم‬ ‫يفخخون المؤتمر ويمهدون إلمكانيات نسفه من جديد؟‬ ‫في الوقت الذي نتحدث عن وضعية األغلبية الصامتة‪ ،‬معركة‪ ‬رئاسة‪ ‬اتحاد‪ ‬كتاب‪ ‬المغرب‪ ‬بدأت منذ‬ ‫مدة‪ ،‬وكل‪ ‬الطرق والسبل والخطوات والمسالك‪ ‬التي‪ ‬يجب‪ ‬أن‪ ‬تؤدي‪ ‬إلى‪( ‬دار‪ ‬الفكر) بدأ تجريبها‪ ،‬نفس األمر‬ ‫بالنسبة‪ ‬ألساليبومنهجية‪ ‬الترشيح‪ ‬واالنتخاب‪ ‬والتصويت‪ ،‬المنتمية‪ ‬للمنظومةالجمعوية‪ ‬المغربيةالمعلومة‬ ‫والمعروفة‪ ،‬من‪ ‬استقطاب‪ ‬وتجييش‪ ‬وكولسة‪ ‬ومناورة‪ ‬وما‪ ‬يدخل‪ ‬في‪ ‬سياق‪ ‬كل‪ ‬هذا‪.‬‬ ‫هلسيكونالوصولإلىسدة‪ ‬رئاسة‪ ‬اتحاد‪ ‬كتاب‪ ‬المغرب‪ ‬بالتنظير‪ ‬اإلصالحي‪ ‬والخطابة‪ ‬المقنعة‪ ‬والمثا‬ ‫لية‪ ‬الفاضلة و‪ ‬بالديمقراطية‪ ‬والشفافية‪ ،‬كما يحلم بذلك بعض الفاعلين داخل الللجنة التحضيرية الموسعة؟‬ ‫الكثير من المتابعين ال يعتقدون ذلك‪ ،‬وإن كان الرهان على األغلبية الصامتة من الكتاب المغاربة‬ ‫يبقى قائما إلى حين‪.‬‬ ‫هل نتائج المؤتمر االستثنائي التحاد كتاب المغرب دبّرت بليل؟‬ ‫الكثير من المؤشرات تدل على ذلك‪ ،‬ومن‪ ‬يقل‪ ‬غير‪ ‬ذلك‪ ‬لينتظر يوم التصويت على المكتب التنفيدي‬ ‫في المؤتمر االستثنائي‪ ،‬سوف يرى‪ ‬عجبا‪.‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)16‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع معيّن‪ ،‬كما تعدّ‬ ‫أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة‬ ‫العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه أرشيفه الذي يضمّ‬ ‫كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا‬ ‫البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر صفحات جريدة‬ ‫الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق هو القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه‬ ‫الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪.‬‬

‫[الرسالة الستون]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫بعد لثم تلك الراحة البديعة الحبك‪ ،‬الرفيعة السبك‪ ،‬راحة سيدنا الوالد المحترم أعزك اهلل ومنحك‬ ‫جزيل العطايا‪ ،‬وصرف عنك باغتات الفتن وأليم الرزايا‪ ،‬والسالم التام عليك ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫فإن عزيز كتابكم وافانا فقرأناه وأطربنا لفظه البديع ومعناه‪ ،‬مضمنا صحتكم وعافيتكم اللتين بهما‬ ‫سر القلب‪ ،‬وارتاح‪ ،‬وغدا في أشواق الطرب وراح‪ ،‬مستحسنا فيه ما فعله جسوس واستخالفه لولده في دفع‬ ‫المشاهرة‪ ،‬وطالبا من المولى أن يكون قد أمضى بيع األمة‪ ،‬فقد بيعت على يد من بيع اإلماء وهو األبار‬ ‫بريال ‪ 117‬بعد أن بقيت تحت يده عشرين يوما‪ ،‬وهو يمونها وأجرة مؤنتها ربع ريال في اليوم‪ ،‬تحصل في‬ ‫مجموع المدة ‪ 5‬ريال‪ ،‬وأجرة االبار على المبيع‪ ،‬هو يزعم أنه يقبض في أمثالها ‪ 15‬رياال‪ ،‬ونحن قلنا له ال‬ ‫نزيده على ‪ 5‬ريال‪ ،‬وقد دفع لنا اآلن ‪ 102‬رياال ألنه المتحصل‪ ،‬وإسقاط ‪ 15‬ريال من ثمن البيع وقد أمرت‬ ‫اليوم ابني بعد سالمه عليك أن يتكلم مع المحتسب في ذلك‪ ،‬ألن دفع األمة له كان على يده‪ ،‬والغالب‬ ‫على الظن أنه يقنع بخمسة إن تكلم معه في ذلك‪ ،‬وعليه فيكون المجموع ‪ 109‬رياال‪ ،‬غير أنه دفع لنا‬ ‫الوزير بصرف المؤقت وهو ‪ 6‬ريال و‪ 15‬بليون‪ ،‬وهذا إبان ارتفاعه لكثرة مريدي سفر الحج‪ ،‬فبقيت مترددا‬ ‫في أن أبقيه أو أصرفه‪ ،‬فلما كان بعد الغد صار ب ‪ 6‬ريال وب ‪ 10‬بليون‪ ،‬وعليه فإن أردت أن نصرفه بذلك‬ ‫فأعلمني‪ ،‬وإال أبقيته‪ ،‬وفي المستقبل ربما زاد في السقوط وال يرتفع إال في رمضان اآلتي الذي هو إبان‬ ‫سفر الحجاج‪ ،‬وقد صرف في العام الفارط بأكثر من ‪ 7‬ريال‪ ،‬وقد سألت الودراسي عما صيره عليها هذه‬ ‫المدة لندفعه له‪ ،‬فذكر أنه صير عليها نحو الريالين ونصف ‪،‬واقتنع من قبض ذلك وقد خشي أن يكون‬ ‫حصل لك تشويش بسبب طول هذه المدة‪ ،‬وهو يطلب المسامحة منك‪ ،‬كما أخبرت بإطالعك على ما‬ ‫شرحته لك فيما حصل للركينة حتى صار الناس يصفونه بغاية البرودة‪ ،‬فال تسأل عن ذلك فهو مخمول‬ ‫الذكر جدا بالنسبة لمن هو فوقه في المرتبة ولمن دونه‪ ،‬وذلك واهلل أعلم أمله منه‪ ،‬وبعده اللبادي لم‬ ‫ندر من هو‪ ،‬والغالب على الظن أنه ال يرشح بدله إال من هنا‪ ،‬لكثرة وجود أرباب الغبطة هنا‪ ،‬وما ذكرته‬ ‫في شأن بيت مدرسة عجيسة الذي أديت رسم‬ ‫إعارته البن موسى‪ ،‬فهو لسيدي محمد أخريف‬ ‫وهو في غنى عنه‪ ،‬وإنما مراده أن يعيره ألحد‬ ‫من طلبة أصيال له به مزيد مودة‪ .‬وأما الفرطاخ‬ ‫فالذي أعار له ذلك البيت هو أحد الطلبة من‬ ‫هنا‪ ،‬ولتعلم أن هذه األيام قد وقع هنا هرج في‬ ‫مراتب العلماء‪ ،‬حيث استكثر المخزن ذلك القدر‬ ‫الذي يخرج في العام‪ ،‬وهو مائة صحفة وزيادة‪،‬‬ ‫وأراد إسقاط جل المراتب‪ ،‬وال زال األمر يروج‪.‬‬ ‫وسنشرع في القراءة يوم السبت اآلتي بعد أن‬ ‫مضت هذه األيام واألمر هلل‪ ،‬في البطالة‪ ،‬نطلب‬ ‫المولى أن يرزقنا في المستقبل اإلعانة بمنه‪،‬‬ ‫مسلما على جميع أهل الدار والقرابة وأبناء‬ ‫العم‪ ،‬خصوصا الصهرين‪ ،‬وسيدي الحاج محمد‬ ‫الصفار بأتمه‪ ،‬ومن هنا الرفيق وسيدي أحمد‬ ‫بن يوسف وسائر أبناء عمه الكرام‪ ،‬والخمال‬ ‫والفقيه الركينة وسيد أحمد الموذن‪ ،‬وسيدي‬ ‫محمد بن الحسين العراقي‪ ،‬وقد كنا عنده في‬ ‫إكرام أمس تاريخه‪ ،‬وبتنا معه ومعنا المؤذن‪،‬‬ ‫واإلكرام كان ألجله‪ ،‬والسالم في ‪ 19‬من شوال‬ ‫عام ‪1324‬هـ‪.‬‬ ‫من اشترى األمَة بقيت عنده يومان ولم‬ ‫تصلح له‪ ،‬وقد دفعها لألبّار ليبيعها له أيضاً‪.‬‬ ‫نجلك محمد وفقه اهلل‬

‫[الرسالة الواحدة والستون]‬ ‫وصلى اهلل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد المحترم‪ ،‬أعزّك اهلل وحفظك‪ ،‬والسالم التّام عليك ورحمة اهلل‬ ‫وبركاته‪.‬‬ ‫فقد وصل عزيز كتابك‪ ،‬ولذيذ خطابك‪ ،‬أفاد سالمة تلك األحوال‪ ،‬أدامها المولى وفق اآلمال‪ّ ،‬‬ ‫وحذرتني‬ ‫عن متابعة من انحلت عزيمته عن طلب العلم فيما عسى أن يورثني فش ً‬ ‫ال الخ‪ ،‬فما لطلب الدنيا هجرنا‬ ‫األهل واألحبّة‪ ،‬وكابدنا مشاق الغربة‪ ،‬ولو أردنا االستراحة وعدم تعاطي القراءة لما انتقلنا من حضرتكم‪،‬‬ ‫ولما اصطفينا شيئا أحسن من التمتّع برؤية محيّاكم‪ .‬وما بلغكم من شؤون من ذكرته لطلب لطلب‬ ‫الدنيا فبعض ذلك واقع في الجملة‪ ،‬ولكن الزالت له في القراءة مزيد الغبطة‪ ،‬إ ّ‬ ‫ال أنّها دون مرتبة من‬ ‫الغبطة القديمة‪ ،‬وقد عوفيتُ وهلل الحمد ممّا كان قد نشأ لي عن تبديل الهواء‪.‬‬ ‫وقد ذكرتَ تعصب ولد السالوي [‪ ]...‬على من تعصب عليه بإخراج تنفيد أرضه‪ ،‬فلقد أنهينا ذلك‬ ‫سيدي بلعباس قبل هذا‪ ،‬وقال‪ :‬إن ذلك ال يجدي له شيئا‪ ،‬غير أنه ندم على ما فعل حيث إنه كان يظنّ‬ ‫ّ‬ ‫أن من كانت بيده تلك األرض هو أخ للفقيه المرحوم‪ ،‬أو ابن عمّ له‪ ،‬ال أنّه نجله‪ ،‬وإال ما تسبّب في‬ ‫نزعها من يده‪ ،‬وصار يلوم الرفيق بمحضري‪ ،‬ويقول‪ :‬إنّه كان بركة تطوان‪ ،‬والناس كلهم يثنون عليه‬ ‫خيراً‪ ،‬وأوالده وإن لم تكن فيهم أهلية فيجب احترامهم ألجله‪ ،‬واستشهد باآلية‪( :‬والذين آمنوا واتبعتهم‬ ‫ذرّيّتهم الخ‪ ،‬وقد عيّن الدراوي [‪ ]...‬وحاز مكاتبه وخرج من هنا قاصدا طرفكم أمس تاريخه‪ ،‬وأما حسّون‬ ‫لم فلم يحب‪ ،‬وكذلك الحراق لطلبهما‪ ،‬وأمّا الفقيه الرهوني فقد تحقق الرفيق بأن الشائع عنه كذب‬ ‫محض‪ ،‬وها أنا قد كتبت له ليوجه لي ظهيره ليجدد‪ ،‬وقد عيّن األمناء‪ ،‬وممن عيّن من تطوان عدالن‪،‬‬ ‫والد الرفيق بتطوان والصفار الخليفة‪ ،‬وأمينا عبد الكريم بنونة‪ ،‬وهالل الخطيب‪ ،‬وسيدي حمدان بطنجة‪.‬‬ ‫وقد وقع شجار بين بلعباس وزنيبر‪ ،‬حيث عيّن ثمانية من سال وجلهم من أقاربه‪ ،‬وقد كانت توليته على‬ ‫يد هذا‪ ،‬وقد كنت أظن أن ترسلو إليّ شيئا من حلواء العيد مع إبراهيم‪ ،‬فما وجهتم إليّ شيئا معه‪ ،‬وها‬ ‫العيد قدد أقبل وال شيء عندي من ذلك‪ ،‬ولم أعتد ذلك سيما ولم تستصحب شيئا من ذلكمعي وقت‬ ‫القدوم‪ ،‬فما نكره أن توجهوا إليّ شيئا منها مع أوّل قادم‪ ،‬وقد أخبرتُ بأناس تهيّؤا للقدوم بعد العيد‪،‬‬

‫منهم‪ :‬الدليرو والمرير إن بقي على عزمه‪ ،‬وقد وجه الخطيب لولده الحلواء مع إبراهيم المذكور‪ ،‬وها هو‬ ‫إلى اآلن لم يجد بيتا للشراء وال بالعارية‪ ،‬وهو يتردد إل الزاوية كثيراً‪ ،‬وربما بات معي في بعض الليالي‪،‬‬ ‫وأما [‪ ]...‬فقد قدم من الدار البيضاء‪ ،‬وقد كان عند بلعباس أمس تاريخه‪ ،‬ودفع له بطاقة يطلب إقرار ما‬ ‫كان بيده‪ ،‬ويشتكي بتغلب ولد الصفار عليه‪ ،‬وال أظنه يجاب لمطلبه‪ .‬وأما دار سكناه فقد نفذت ألخريف‬ ‫على يد الرفيق بالكراء الوقتي‪ .‬وقد كنتُ تركت كتاباً عند ابن عمّي فلتحزه منه‪ ،‬وهذا ما وجب به اإلعالم‪.‬‬ ‫مسلما منا على سيّدتنا الوالدة واإلخوة واألختين والصهرين‪ ،‬وسائر أبناء العم وكل سائل عنا‪ ،‬ومن هنا‬ ‫الرفيق وأبناء عمّه والخمّال وأخريف‪ .‬والسالم في ‪ 29‬رمضان عام ‪1326‬هـ‪.‬‬ ‫وعيدك مبارك سعيد‪ ،‬بالهنى والخير المزيد‪ ،‬البرحت تودع صياما وتقابل أعيادا‪ً.‬‬ ‫محمد وفقه اهلل‬

‫[الرسالة الثانية والستون]‬

‫وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله وصحبه‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد المحترم أعزك اهلل وحفظك‪ ،‬والسالم التام على سيادتك ورحمة اهلل‬ ‫وبركاته‪ ،‬ما تضاعفت لبار والديه حسناتُه‪ ،‬فقد وافاني كتابك المؤرخ ب ‪ 12‬من شهر تاريخه مفيدا سالمة‬ ‫أحوالكم التي هي غاية المرام‪ ،‬ومعلما فيه بتوجيه الكتاب األول المشتمل على حديث ما كنتُ استبطأت‬ ‫جوابه‪ ،‬والثاني كذلك‪ ،‬مع اإلعالم بتوجيه القسديرتين من [‪ ]...‬أما األول فقد غبر وإلى اآلن لم يظهر له‬ ‫أثر‪ ،‬وأما الثاني فقد وصل وأجبتك عنه بعد تراخ منا وهو غير صريح فيما كنت طلبته من اإلذن في االنتقال‬ ‫للمدرسة‪ ،‬فلذا أبقيت مترددا فيما أفعله مع عدم رجوع العزيمة إلى أن وصلني كتابك هذا الذي هو رجوع‬ ‫عما أسلفته إلي‪ ،‬أخبرت فيه بما كتبت عند الرفيق ووالده من رغبتي في معاشرة الدليرو‪ ،‬أوانه غلب‬ ‫على ظنك ذلك مع أنه ليس من مكارم األخالق‪،‬‬ ‫وناشئ عن عدم نظري لعاقبة األمر‪ ،‬وجحد لما‬ ‫أسداه معي أبناء عمه من اإلكرام والبرور‪ ،‬وأن‬ ‫كال منكما اغتنم ولم يرض [‪ ]...‬حتى أمرتني‬ ‫باإلحجام عن ذلك وأما ما ثبت عندهما فقد‬ ‫قدمت لك أنه مجرد سوء الظن ليس إال‪ ،‬وقد‬ ‫أقمت للرفيق هنا من األدلة على نفي ذلك ما‬ ‫أذعن بسببه للحق‪ ،‬وتحقق بأني لم تتقدم لي‬ ‫معه كتابة [‪ ]...‬في هذا الشأن‪ ،‬وإنما ذلك من‬ ‫االتفاق الغير المقصود‪ ،‬إذ كل منا مطلع على‬ ‫خبايا اآلخر‪ ،‬ال تخفى عليه بحال‪ ،‬وأما ما ثبت عند‬ ‫والده فقد أساءني مع أني ما نقضت عهدا‪ ،‬ولو‬ ‫كان يتأتى لي معه االجتماع لجادلت عن نفسي‬ ‫حتى يظهر الحق من الباطل‪ ،‬وحيث هو اآلن قد‬ ‫تعذر فخذ بخاطره‪ ،‬عسى أن يرجع عما ثبت لديه‬ ‫وتقرر‪ ،‬وأما ما أسداه معي ألبناء عمه فال ينكره‬ ‫إال مجاحد ناكر للفضل معاند‪ ،‬بل لهم علي من‬ ‫المنن ما عجزت عن القيام بشكره‪ ،‬فضال عن‬ ‫مقابلتهم بمثله‪ ،‬سيما األخ موالي احمد بن‬ ‫يوسف جزى اهلل الكل عنا خيرا‪ ،‬وأما ما أمرتني‬ ‫به من عدم االمتثال للمدرسة والبقاء على‬ ‫المقام بالزاوية إلى أن ترد الزيارة صح‪ ]...[ ،‬يا‬ ‫من يجاب دعاؤه ويمأل بالسمع والطاعة وعاؤه‪،‬‬ ‫وامتثاال لما به أمرت‪ ،‬وانكفاف عما عنه زجرت‪ ،‬وما كنت لما خال له لك أمر النزول قدم على أمر ال ترى فيه‬ ‫خيرا‪ ،‬ولتدعو لنا بحسن التوفيق‪ ،‬وعدم ما يوجب بيننا التفريق‪ ،‬إنه باإلجابة حقيق‪.‬‬ ‫وقد أخبرتني بما أثر في الجانب هموما وأفاض على القلب واألحزان غموما‪ ،‬وهو ما ألمّ بك من زيارة‬ ‫الكريم‪ ،‬وحل بك من الداء السقيم‪ ،‬الذي لو أنبئت به قبل االرتحال‪ ،‬لذهب عقلي واختلت مني األفعال‪،‬‬ ‫وبأنه قد رفع المولى عنه جنبك‪ ،‬ومحق به ذنبك‪ ،‬فالحمد هلل الذي غسلك من أوصابك بماء الشفاء‪ ،‬وأغناك‬ ‫بالسالمة عن الطب واألطباء‪ ،‬وأقر بعافيتك عيوننا‪ ،‬وسكن بها قلوبنا‪ ،‬يحق لنا أن نبذل في هذا البشارة‬ ‫العيون بعد العين‪ ،‬ونقضي من األيام بحلولها‪ ،‬وما [‪ ]...‬كل دين‪ ،‬ال أرانا المولى فيكم ما يسوؤنا‪ ،‬ونشنف‬ ‫آذاننا عنكم بما يسرنا‪ ،‬هذا وقد وصلت الزميتة في أحسن إتقان‪ ،‬موافقة للمراء‪ ،‬جزيتم خيرا‪ ،‬وقد كثرتم‬ ‫منها جدا‪ ،‬ونعلمك بأنه قد افتتح األلفية سيدي أحمد بن الجياللي وهو ما وجب به اإلعالم‪ ،‬طالبين منكم‬ ‫صالح األدعية آناء الليل وأطراف النهار‪ ،‬مسلما على األخوة واألختين والصهرين وبقية األبناء واألشياخ‬ ‫وسيدي عبد القادر الفاسي بأتمه‪ ،‬طالبا منه صفاء خاطره علي‪ ،‬ومن هنا الرفيق بأتمه والخمال والركينة‬ ‫والسالم في ‪ 28‬محرم فاتح عام ‪1324‬هـ‪.‬‬ ‫نجلك محمد وفقه اهلل‬ ‫ولتعلم أنّه لم يكن الموجب االنتقال للمدرسة مجرد حصول المشقة‪ ،‬بل أمور تصدر من الرفيق عدة‬ ‫كنت أرى عدم ذكرها لك واإلقتصار في الحامل لي على االنتقال هو المشقة أولى منها أنه صار ال يوافقني‬ ‫في جل األمور المتعلقة بالمأكل والمشرب وغيرهما وتصدر منه أفعال ويتعلق بأقوال توذن بامتنانه على‬ ‫باإلقامة معه بالزاوية إلى غير ذلك مما يطول ذكره وحيث وصلني كتابك هذا أطلعته عليه كما أطلعني‬ ‫هو على كتاب والده وقلت له إن انكففت عما انت عليه وصرت توافقني ونوافقك في جميع األمور كما هو‬ ‫الشأن فيمن كان مثلنا‪ ،‬إذ ال أمنية ألحدنا على آلخر‪ ،‬وكالنا غني عن اآلخر‪ ،‬فها نحن على ما كنا عليه‪ ،‬وإال‬ ‫فال فليس لي االنتقال الذي فيه السالمة من تنغيص العيش على الدوام‪ ،‬فأجابني باإلنعام‪ ،‬ووقع بيننا‬ ‫العهد على ذلك‪ ،‬وال تذكر لوالده شيئا من هذا‪ ،‬فإن ما مضى قد فات‪ ،‬وها نحن أبناء اليوم نطلبه سبحانه‬ ‫أن تستقيم األحوال في المستقبل‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪996‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجـة‬

‫زكاة الفطر‬ ‫و�سنـنالعيـد‬

‫يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ( :‬للصائم فرحتان‪ :‬فرحة عند‬ ‫فطره وفرحة عند لقاء ربه) فالفرحة الثانية عند لقاء الصائم ربه‪ ،‬يفرح‬ ‫بصومه وجزائه الذي أعده اهلل له مما ال عين رأت وال أذن سمعت وال‬ ‫خطر على قلب بشر‪ ،‬أما الفرحة األولى فهي عند حلول ساعة الفطر أو عند‬ ‫حلول يوم العيد يفرح الصائم بفطره شكرا لمواله الذي أنعم عليه بنعمة‬ ‫اإلسالم وأمده بالعمر ووفقه ألداء هذه الفريضة المقدسة وتمامها‪.‬‬ ‫فمن تمام نعمة اهلل علينا أن جعل لنا عيدا يكون مظهرا لقوتنا‬ ‫وألفتنا‪ ،‬وفرحا بطاعتنا وفسحة لنا وألوالدنا‪ ،‬فقد روي عن النبي صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم أنه لما قدم المدينة وجد لهم يومين يلعبون فيهما فقال‬ ‫ما هذان اليومان؟ قالوا‪ :‬كنا نلعب فيهما في الجاهلية‪ ،‬فقال‪ :‬قد أبدلكم‬ ‫اهلل خيرا منهما عيد الفطر وعيد األضحى‪ ،‬فكان هذان اليومان عيدين‬ ‫للمسلمين يقع فيهما التنويه بشعائر الدين والدعوة إلى التمسك‬ ‫بحبله المتين‪ ،‬ففي عيد الفطر يفرغ المسلمون من أداء فريضة الصيام‬ ‫ويعطون زكاة الفطر لفقرائهم‪ ،‬شكرا هلل على توفيقه للقيام بطاعته‪،‬‬ ‫فتتآلف القلوب وتتوجه لتعظيم اهلل وتمجيده وتكبيره وتنزيهه وشكره‬ ‫وحمده‪ ،‬وقيل شرع العيدان شكرا هلل على مبدإ رسالة الرسول صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم وتمامها‪ ،‬ألن مبدأ الوحي كان في آخر رمضان وتمامه كان‬ ‫يوم عرفة في حجة الوداع حيث نزل على الرسول صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫َك ْم َو َ�أ مْتَ ْم ُ‬ ‫ك َم ْل ُ‬ ‫ت عَ َل ْي ُ‬ ‫ك ْم دِ ين ُ‬ ‫ت َل ُ‬ ‫قوله تعالى‪“ :‬ا ْل َي ْو َم �أَ ْ‬ ‫ك ْم ن ِْع َمتِي‬ ‫َو َر ِ�ض ُ‬ ‫اَ‬ ‫يت َل ُ‬ ‫ال ْ�سل َم دِ ينًا”‪.‬‬ ‫ك ُم ِْ إ‬ ‫وقد ندب الشارع فيه أن نأكل ونشرب ونلبس في غير سرف وال‬ ‫مخيلة‪ ،‬ومن أجل هذا حرم صيامه ألن الصيام فيه إعراض عن ضيافة‬ ‫اهلل‪ ،‬والكريم يغضب إن لم تجب دعوته وتلب ضيافته‪ ،‬ومن أعظم‬ ‫من اهلل كرما وفضال‪ ،‬وتاهلل لوال نفحات السرور ولحظات الفرح لقتلتنا‬ ‫الهموم ونهكتنا األحزان‪ ،‬وتأمل ما رواه الشيخان وغيرهما من األحاديث‬ ‫واآلثار التي تدل على آثار الفرح والسرور في غير محرم‪ ،‬ففي الصحيحين‬ ‫أن األحباش كانوا يلعبون برماحهم في المسجد يوم عيد وجاءت أم‬ ‫المؤمنين عائشة فوقفت خلف رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم تنظر إلى‬ ‫لعبهم والرسول يشجعهم بكالم حسن جميل‪ ،‬فدل هذا على أن سماحة‬ ‫اإلسالم التأبى على المسلم لعبا مباحا كلعب األحباش الذي أقره الرسول‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم يوم العيد‪ ،‬وفي الصحيحين أيضا عن عائشة رضي‬ ‫اهلل عنها قالت‪ :‬دخل علي أبو بكر وعندي جاريتا من جواري األنصار‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫‪14‬‬

‫تغنيان‪ ،‬أي ترفعان أصواتهما بإنشاد العرب وذلك في يوم عيد‪ ،‬فاضطجع‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم على الفراش مسجى أي مغطى بثوبه فانتهرني‬ ‫أبوبكر وقال‪ :‬مزمارة الشيطان في بيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟‬ ‫فقال‪ :‬دعهما يأبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا‪ ،‬ففيه جواز ذلك وقتا‬ ‫وكيفية ألنه صلى اهلل عليه وسلم اليقر على باطل‪.‬‬ ‫فتأهبوا إخواني المسلمين لالحتفال بهذا اليوم العظيم واحرصوا‬ ‫على إقامة صالة العيد في وقتها محافظين على سننها وهيئتها‪ ،‬مكبرين‬ ‫بتكبير اإلمام فيها وفي خطبتها‪ ،‬وأكثروا من ذكر اهلل في خروجكم‬ ‫إلى المصلى وممشاكم وما دمتم قعودا قبل خروج اإلمام عليكم في‬

‫مصالكم‪ ،‬ويستحب االغتسال والتطيب والتزين باستعمال خصال الفطرة‬ ‫من قص الشارب ونتف اإلبط وتقليم األظافر وحلق العانة ولبس الحسن‬ ‫من الثياب‪ ،‬كما يستحب تعجيل الفطر قبل الغدو إلى المصلى‪ ،‬روي أن‬ ‫النبي صلى اهلل عليه وسلم كان اليخرج يوم الفطر حتى يطعم‪ ،‬وال‬ ‫يطعم يوم النحر حتى يذبح‪ ،‬واصفحوا وتصافحوا واسمحوا وتسامحوا‪،‬‬ ‫ثم إن فرح المسلم في العيد أن يجعله يوم بر وصدقة وعبادة‪ ،‬وإدخال‬ ‫السرور على البؤساء وإلصالح ذات البين مع أخذه من الطيبات ما يتسع‬ ‫له رزقه‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الدكتور‬

‫محمد كنون احل�سني‬ ‫ومن مراسم هذا اليوم حتى يكون الفرح شامال أداء زكاة الفطر التي‬ ‫أوجبها الرسول صلى اهلل عليه وسلم في السنة الثانية للهجرة وهي‬ ‫نفس السنة التي فرض فيها الصوم‪ ،‬فجعل أجر صيام رمضان وثوابه‬ ‫معلقا بين السماء واألرض ال يرفع إال بزكاة الفطر التي تدخل المسرة‬ ‫على الفقير والبائس والمحروم‪ ،‬وتشعره هو اآلخر بالفرح عند فطره‬ ‫وإحساسه بأن يوما هو العيد عاد عليه بمسرتي الدنيا واآلخرة‪ ،‬وهي‬ ‫واجبة على الحر المسلم القادر عليها‪ ،‬بشرط أن تكون زائدة عن قوته‬ ‫وقوت جميع من تلزمه نفقته في يوم العيد‪ ،‬ويخرجها المكلف عن نفسه‬ ‫وزوجته ووالديه الفقيرين وأوالده جميعا ذكورا وإناثا‪ ،‬مالم يكن الذكور‬ ‫الكبار لهم مال خاص فيخرجون منه وال تجب على والدهم‪ ،‬وما لم تتزوج‬ ‫البنت فحينئذ تكون زكاتها على زوجها ال على أبيها‪ ،‬وكذلك تجب عليه‬ ‫بالنسبة لخدمه ويراعى فيها أن تكون من غالب قوت أهل البلد‪ ،‬ويجوز‬ ‫دفعها نقودا بتقدير قيمتها‪ ،‬وذلك أنفع للفقراء بل هو األفضل عندهم‪،‬‬ ‫وتعطى للفقير والمسكين المحتاج‪ ،‬وللذي عليه دين وعجز عن دفعه‪،‬‬ ‫وللغريب الذي تقطعت به السبل‪ ،‬وللمحتاجين من غير المسلمين الذين‬ ‫نلتمس منهم الهداية والدخول في دين اهلل‪ .‬أما وقت وجوبها ففجر‬ ‫يوم العيد وهو األفضل قبل الغدو إلى المصلى‪ ،‬ويجوز إخراجها قبل ذلك‬ ‫بيومين على األكثر‪ ،‬وتأخير إخراجها لغروب شمس يوم العيد‪ ،‬واليجوز‬ ‫ذلك إال إذا كان عاجزا عنها في وقتها‪.‬‬ ‫وقدرها صاع من القمح أو الشعير وهو أربع حفنات بكلتا اليدين‬ ‫المتوسطتين ال مقبوضتين وال مبسوطتين‪ ،‬ومن لم يقدر على الصاع‬ ‫لضعفه وكثرة عياله أخرج نصفه أو ثلثه لقوله عليه السالم إذا أمرتكم‬ ‫بأمر فاتوا منه ما استطعتم‪ ،‬أما ما يعادله نقدا في زمننا هذا فهوبحسب‬ ‫ثمن القمح في األسواق ‪.‬‬ ‫هذه زكاة الفطر التي كان المصطفى صلى اهلل عليه وسلم يخرجها‬ ‫فجر يوم العيد ليرشد أمته إلى الحكمة في مشروعيتها كما قال‪ :‬أغنوهم‬ ‫عن ذل السؤال في هذا اليوم ألنه يوم فرح لكل المسلمين والسؤال‬ ‫ذل ينافي الفرح‪ ،‬وهي تطهير للصائم وتكميل لصومه‪ ،‬فعن ابن عباس‬ ‫قال‪ :‬فرض رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم‬ ‫من اللغو والرفث‪ ،‬وطعمة للمساكين‪ ،‬فمن أداها قبل الصالة فهي زكاة‬ ‫مقبولة ومن أداها بعد الصالة فهي صدقة من الصدقات‪.‬‬

‫محمد العربي الهاللي‬ ‫العالم األديب‪ ،‬والمربي األريب‬

‫هو العالمة األديب محمد العربي بن عبد القادر الهاللي الحسيني‪.‬‬ ‫والدته‪ :‬وُلد رحمه اهلل بمنطقة الغُرْفة بتافياللت حوالي ‪ 1326‬هـ‪ 1909 /‬م‪.‬‬ ‫نشأته وطلبه للعلم‪ :‬نشأ ببلده تافياللت حيث حفظ القرآن‪ ،‬وشدا أصنافا من العلوم‪ ،‬بعدها التحق بجامع القرويين‪،‬‬ ‫ثم غادره بتوجيه من شقيقه األكبر تقي الدين إلى الجزائر‪ ،‬ومنها إلى القاهرة‪ ،‬فالمملكة العربية السعودية التي تابع فيها‬ ‫دراسته بانتظام عبر المعهد العلمي السعودي‪ ،‬إلى أن تخرج بعد ثالث سنوات؛ لكنه لم يكتف بما حصله‪ ،‬بل كان منهوما‬ ‫يتوق إلى المتابعة واالجتهاد من أجل التضلع من العلوم والمعارف‪ ،‬فقرّر بعد ذلك االنتقال إلى الهند حيث التحق بمدارسها‬ ‫ومعاهدها‪ ،‬مثل مدرسة أهل الحديث المسماة بالرّحمانية‪ .‬وهناك برز وأبدى صفحته للناس في ميدان العلوم والمعرفة‪.‬‬ ‫وظائفه‪ :‬لم يعرف رحمه اهلل طيلة حياته وظيفة غير التدريس والوعظ‪:‬‬ ‫• التدريس‪ :‬درس مادة اللغة العربية بندوة العلماء بلكنهو (مدة ‪ 6‬سنوات)‪ ،‬وبجامعة البنجاب بالهور (مدة ‪ 18‬سنة)‪،‬‬ ‫وبالمعهد الديني بتطوان‪ .‬وبتطوان أيضا كان يقيم ندوة للتفسير بمنزل بعض أصحابه في كيتان يدرّس فيها تفسير‬ ‫ابن كثير‪.‬‬ ‫• الوعظ‪ :‬عمل واعظا بالحرم المكي هو والشيخ عبد اهلل خَيّاط(ت‪1415‬هـ‪1995/‬م)‪ ،‬وفي تطوان بجامع الباشا‪،‬‬ ‫وجامع السُّوق الفوقي‪ ،‬وبساحة الفدان خالل رمضان في الهواء ّ‬ ‫الطلق‪.‬‬ ‫رحالته‪ :‬كان رحمه اهلل مثاال تطبيقيا لقوله تعالى‪( :‬قل سيروا في األرض فانظروا كيف بدأ الخلق)‪ .‬نظرا لكثرة تجواله‬ ‫في البلدان شرقا وغربا‪ ،‬فقد رحل من تافياللت إلى الجزائر‪ ،‬ومن الجزائر إلى مصر‪ ،‬ومن مصر إلى الحجاز‪ ،‬ومن الحجاز إلى‬ ‫الهند‪ّ ،‬‬ ‫وظل بها إلى أن استقل المغرب سنة ‪ 1375‬هـ‪1956/‬م‪.‬‬ ‫الشّهادات المحصّل عليها‪ :‬خالل جهاده المتواصل في ميدان العلم والمعرفة ظفر بشهادات علمية أهّلته لمواصلة‬ ‫جهوده التعليمية والتربوية‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫• شهادة التّربية والتّعليم من المعهد العالي السعودي ّ‬ ‫بمكة سنة ‪ 1348‬هـ ‪1930/‬م‪.‬‬ ‫• شهادة التدريس بكلية ندوة العلماء بمدينة لكنهو بالهند‪.‬‬ ‫• شهادة التدريس بجامعة بنجاب‪ :‬الهور بباكستان‪.‬‬ ‫• شهادة التربية الدينية بجامعة بنجاب‪ :‬الهور بباكستان‪.‬‬ ‫المحن التي حلت‪ :‬لقد ابتلي رحمه اهلل بمحن ألمت به‪ ،‬أُوالها‪:‬‬ ‫• اليُتْم‪ :‬فقد توفي والداه وعمره ثالث سنوات‪ ،‬وبعدها عانى صروف الحياة متنقال متجوّال ديدنه العلم ووصل أسبابه‪.‬‬ ‫• اتهامه بالجاسوسية‪ :‬نظرا لكثرة تنقله وتجواله‪ ،‬وفي الغالب األعمّ على األقدام‪ ،‬اتّهمه أهل نجد بالجاسوسية‬ ‫إلحدى الدول األجنبية كبريطانيا وفرنسا؛ حيث تساءلوا عن السبب الذي دفعه للمخاطرة بنفسه‪ ،‬وقطع المسافات من أجل‬ ‫طلب العلم فقط‪ ،‬في ظل ظروف تعاني من االنفالت األمني‪ ،‬ولم يتبيّنوا أمره حتّى استدعاه األمير عبد العزيز بن مشاري‬ ‫الذي أثبت هويته ووضّح هدفه‪.‬‬ ‫• اإلقامة اإلجبارية‪ :‬مع وفرة نشاطه في الهند المتمثل في التدريس والدعوة ومناصرة القضية الفلسطينية‪ ،‬عملت‬ ‫الحكومة البريطانية على تطبيق الحصار عليه‪ ،‬وفرض اإلقامة اإلجبارية لمدة خمس سنوات‪.‬‬ ‫خصاله‪ :‬كان رحمه اهلل هَيّنا َليّنا‪ ،‬يستجيب لمن دعاه‪ ،‬ويسمع رأي المخالف‪ ،‬قنوعا‪ ،‬أمينا‪ ،‬يحبّ الخير للناس‪ ...‬صاحب‬ ‫دعابة ُ‬ ‫وطرفة‪ ،‬منها‪ :‬ما حكاه الشيخ محمّد بوخبزة عنه قال‪( :‬دخل أخونا في اهلل األستاذ محمد العربي الهاللي مستشفى‬ ‫بإسبانيا‪ ،‬ودخلت عليه ممرّضة راهبة‪ ،‬فاعتذرتْ إليه من وجود الصّليب مع ّل ًقا فوق سريره‪ ،‬واستأذنته في سحبه‪ ،‬فأجابها‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫إن كان ال يَزْكي بال ّليل (يصيح َليْ ًال)‪ ،‬فاتركيه‪ ،‬فصمتتْ وذهبتْ‪.‬‬ ‫أعماله وتآليفه‪ :‬لم يكن رحمه اهلل ممن ك ّلت أقالمهم عن وضع سواد في بياض؛ بل له ٌّ‬ ‫حظ ال يُستهان به في هذا‬ ‫الباب‪ ،‬ويتمثل ذلك في ما يلي‪:‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫• بين أمواج الحياة‪ :‬سيرته الذاتية أّلفها بتحفيز من مجموعة من األساتذة منهم‪ :‬عالل الفاسي وقاضي ظهير الدين‪،‬‬ ‫وسعيد أعراب‪ ...‬خ‬ ‫• معجم أوردو عربي‪ :‬أعدّه باالشتراك مع قاضي ظهير الدين ما بين سنتي ‪ .1944 – 1943‬وهو أول معجم في هذا‬ ‫الباب‪ .‬خ‬ ‫• تاريخ مدنية الهند وباكستان‪ :‬كتاب ضخم في ستة أجزاء تحدّث فيه عن ّ‬ ‫كل ما يتع ّلق بالهند والباكستان‪ :‬تاريخا‬ ‫وحضارة وجغرافية وعادات وتقاليد وديانات‪ُ ..‬طبع منه جزء واحد بتطوان‪.‬‬ ‫• دروس العربية‪ :‬كتاب مدرسي أعدّه لط ّالب المدارس الباكستانية‪ .‬ط‬ ‫• زهرة األدب‪ :‬كتاب مدرسي أعده لط ّالب جامعة البنجاب‪ .‬ط‬ ‫• نورنبوت‪ :‬كتاب في السيرة ألفه باالشتراك مع قاضي ظهير الدين‪ .‬ط‬ ‫• مقاالت في الكثير من المجالت‪ ،‬في الشّرق‪ :‬مجلة الفتح‪ ،‬والزهراء‪ ،‬والمنار‪ ،‬وكان يو ّقعها ب‪ :‬محمد العربي‪ .‬وفي‬ ‫المغرب‪ :‬دعوة الحق‪ ،‬واإلرشاد‪.‬‬ ‫• قصائد شعرية‪ :‬كان يجيد الشعر على ق ّلة‪ .‬ومن شعره الذي ال زالت األلسنة تلهج به‪ ،‬بيت واحد يقول فيه‪[ :‬الطويل]‬ ‫يهبُّ على تطوان ريحٌ من الشَّرْقي * سَقيمًا يهدُّ الجسم هَدّاً وال يُبْقي‬ ‫• مراسالت مع مجموعة من الشّخصيات‪ ،‬منهم‪ :‬الشّيخ عبد اهلل كنون‪.‬‬ ‫مكتبته‪ :‬كان رحمه اهلل يملك مكتبة متواضعة‪ ،‬يغلب على محتوياتها المطبوع‪ ،‬ويندر فيها النّادر والغريب‪ ،‬وبعد وفاته‬ ‫وُهبت لمركب عبد الخالق ُّ‬ ‫الطرّيس بتطوان‪.‬‬ ‫وفاته‪ّ :‬‬ ‫وظل كذلك رحمه اهلل في نشاط دائم وحيوية متواصلة إلى أن لقي ربه بعد ْ‬ ‫أن ُكفّ بصره عن سنٍّ أربى على‬ ‫الثمانين في ‪ 15‬جمادى األولى ‪1417‬هـ موافق ‪28/9/1996‬م ودفن خارج باب المقابر بتطوان‪.‬‬ ‫شهادة فيه‪ :‬قال الشيخ محمد بوخبزة‪( :‬هو شقيق ليشخنا الدكتور محمد تقي الدين الهاللي (أخبرني المترجم له ّ‬ ‫أن‬ ‫والده سماه محمد التّقي‪ ،‬فأتمّه الدكتور تقي الدين)‪ ،‬ابن عبدالقادر الهاللي الحسيني السجلماسي‪ ،‬من قرية الغرفة خرج‬ ‫من المغرب كأخيه لطلب العلم‪ ،‬وأمّ مصر والحجاز ومكث مدّة به‪ ،‬وتلقى عن شيوخه بمدينة بُرَيْدة‪ ،‬وأخبرني رحمه اهلل‬ ‫أن الملك عبدالعزيز آل سعود كتب له بخط يده رسالة يشكره فيها على هجرته لطلب العلم‪ ،‬ويخبره بأنّه أمر ْ‬ ‫ّ‬ ‫أن يُعطى‬ ‫إعانة من الدّقيق‪ ،‬وكذا وكذا‪ ،‬وخرج إلى قبائل الجزيرة للدّعوة إلى اهلل‪ ،‬وعُيّن في جماعة األمر بالمعروف والنّهي عن‬ ‫المنكر‪ ،‬ثم سافر إلى الهند ومكث به سنين يدرّس النّحو واألدب كشقيقه الدكتور إلى أن عاد إلى المغرب في فجر استقالله‬ ‫بسعي محمّد الفاسي الفهري مدير الجامعة‪ ،‬وكان تزوّج امرأة باكستانية‪ ،‬وأنجب منها أوالدا‪ ،‬وكتب مقاالت في الصّحف؛‬ ‫كالفتح لمحبّ الدّين الخطيب بالقاهرة‪ ،‬وبالهند‪ ،‬والسعودية‪ ،‬وكتابا في مج ّلد ضخم سمّاه‪ :‬حضارة الباكستان قرأته ّ‬ ‫بخطه‪،‬‬ ‫ُطبع منه جزء بتطوان‪ ،‬وعُيّن مدرّسًا بالتّعليم الدّيني إلى أن أُحيل على المعاش‪ ،‬وكان إلى هذا يُلقي دروسا في تفسير‬ ‫ابن كثير بجامع الباشا وغيره)‪.‬‬

‫مصادر الترجمة‪:‬‬

‫• سقيط الآلل وأنس الليال للشيخ محمد بوخبزة ص‪.231‬‬ ‫• تاريخ مدنية الهند وباكستان‪ .‬مطبعة النور – تطوان‪.‬‬ ‫• بحث لإلجازة حول مكتبتي محمد العربي وعبد السالم التاغي (مرقون)‪.‬‬ ‫• جريدة روافد‪ .‬العدد الثالث‪ :‬ماي‪-‬يونيو ‪2006‬م‪.‬‬ ‫• معلومات شفهية عن الشيخ محمد بوخبزة‪.‬‬


‫العدد ‪996‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪15‬‬

‫ضيافة‬ ‫كاتب (‪)2/1‬‬ ‫فيفيض‬ ‫يافة‬ ‫كاتب‬

‫سلسلة تعريفية واقعية تلقي الضوء على بعض الكتاب والمفكرين والباحثين والمبدعين في شتى مجاالت العلوم‬ ‫والمعرفة‪ ،‬إلبراز لمحات من حياتهم الشخصية والعلمية‪ ،‬والتعريف بمؤلفاتهم وأحدث إصداراتهم التي تشهد بعمق‬ ‫معرفتهم‪ ،‬وموسوعية علمهم‪ ،‬تتنوع هذه الشخصيات بين أكاديمية وعلمية وأدبية‪.‬‬ ‫سلسلة تعريفية في قالب حواري تمد جسـور التالقـح بين المفكرين وبني عصرهم‪ ،‬وبين المفكرين وطبقــة‬ ‫قرائهم‪ ،‬وتطلعهم على مسار إنتاجهم وأهم أعمالهم وآخر إصداراتهم‪.‬‬

‫إعداد ‪ :‬عمر قربـاش‬

‫يسعدنا في هذا الحوار أن نلتقي بمؤرخ وباحث اخترق عالم الكتابة في التاريخ المغربي واألندلسـي سابرا أغواره‪ ،‬سابح ًا‬ ‫بين أحداثه‪ ،‬باحثـ ًا عن الحقيقة ومقاربا لها‪ ،‬تسجل دراساته وأبحاثه وكتبه حضورا متميزا في التاريخ المغربي واألندلسي‬ ‫إنه الدكتور رشيد العفاقي‪.‬‬ ‫بداية نرحب بك أجمل ترحيـــب ونشكرك على إتاحــة‬ ‫الفرصــة لنـــا لنتعـــرف عليـــك عن كثــب ونستمتـع‬ ‫بالحديـث معك ‪.‬‬ ‫• وأول سؤال نطــرح عليــــك أن تقدم لنا نبـــذة من‬ ‫سيرتك الذاتيــة لنتشرف بمعرفتك أكثر؟‬ ‫•• أشـــكـــــرك علـــى هــــذه العنــايـــة وهــذا االهتمام‪،‬‬ ‫فهذه فرصة للحديث عن الذات والمشاريع العلمية‪.‬‬ ‫مــــولــــدي كـــان بمديـــــنـــة طنجـــة‪ ،‬وكذلك النشأة‬ ‫والدراســة إلى حــــدود الباكالـــوريــا‪ ،‬بينمـــا كانـــت‬ ‫الدراســـة الجامعيـــة فــي تطـــوان‪ .‬وفـــي عــام ‪2009‬م‬ ‫انتسبــتُ إلى معـهـــد البـحــــوث والدراســـات العـــربيــة‬ ‫بالقاهـــرة وحصلت على شهادة‬ ‫الماستر عام ‪2011‬م‪ .‬ثم أحــرزت‬ ‫على شهــادة الدكتوراه من جامعـــة‬ ‫عبد المالـــك السعدي سنة ‪2015‬م‪.‬‬ ‫أعمل حاليا في «مركز علم وعمران»‪،‬‬ ‫وعضوا في الهيئة العلمية لمجلة‬ ‫«مــرآة التـــراث» التي يصـــدرهــا‬ ‫«مركــز الدراســـات واألبحاث وإحياء‬ ‫التــراث» بالربـاط‪ ،‬وكــال المركزين‬ ‫يتبعـــان للرابـــطــة المحمديـــــة‬ ‫للعلمـاء‪.‬‬

‫في الماضي‪ ،‬أعني البدايات‪ ،‬كانت الحالة أصعب‪ ،‬وسبب ذلك‬ ‫أنه في بالدنا الزلنا ال نتوفر على بنية تحتية في مجال البحث‬ ‫العلمي تساعد الدارسين على نشر إنتاجاتهم وتطوير معارفهم‪.‬‬ ‫لقد لعب األنترنت دورا فعاال في تقريب المعلومة للباحثين إال‬ ‫أنه على مستوى التكوين المنهجي وقطاع النشر ال نزال نعاني‪.‬‬ ‫والزال المسؤولون يعتبرون الكتابة التاريخية أو التراثية عموما‬ ‫هواية ال تستحق أن يُوَفر لها قاعدة دعم مادي وأدبي من‬ ‫طرف الدولة‪.‬‬ ‫• هل يمكن أن تخبرنا عن مؤرخين رجوت لقاءهم‬ ‫ومجالستهم ولكن األقدار لم تأذن بذلك ؟‬ ‫•• من خالل قراءتي للكتب اكتشفت العديد من أعالم‬

‫• ما هو سبب اختيارك البحث‬ ‫والكتابـــة في مجـــال الدراســات‬ ‫التاريخية المتخصصة دون غيرهـا‬ ‫من العلوم والمعارف ؟‬ ‫•• دائمـــاً تــكــون الميــول‬ ‫الشخصـيـــة هـــي التــــي تحــــدِّد‬ ‫ولما‬ ‫االختيارات‪ ،‬لكن في بعض الحــاالت‬ ‫نكتشف أن الميول ال تنسجم مع الواقع الدراسي‪ ،‬أو ال تَ ْقوى‬ ‫على تحدياته في حالة مجتمعنا‪ ،‬فيتم التخلي عن تلك االختيارات‬ ‫منْ قبل الطلبة‪ ،‬ويبدلونها باهتمامات أخرى ‪ .‬فيما يتعلق‬ ‫بميوالتي إلى التاريخ أعتقد أنني ظللت متمسكا بها حتى في‬ ‫بعض الفترات القلقة من المرحلة الدراسية وما بعدها‪ ،‬وهذا‬ ‫اإلصرار على عدم فك االرتباط بميوالتي إلى التاريخ هو الذي‬ ‫ثبتني في الكتابـة وحدّد لي الطريق العلمي الذي أنا اآلن سائـر‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫• لكل كاتب وباحث أن يكون له أستاذ أو شخص ما أثر‬ ‫في مساره العلمي‪ ،‬من يكون صاحب األثر فيك ؟‬ ‫•• في الحقيقة ليس لي أستاذ معين باإلسم‪ ،‬وإنما أنا تلميذ‬ ‫كل أساتذتي السيما الذين درست عليهم في الجامعة‪ ،‬فهؤالء‬ ‫أرشدوني إلى عدد من الحقول المعرفية التي أغنت معارفي‬ ‫وصقلت موهبتي‪.‬‬ ‫• ما هي الصعوبات التي واجهتك في مسارك العلمي ؟‬ ‫•• الصعوبات كثيرة‪ ،‬الزلت أواجهها إلى اآلن‪ ،‬ومستقبال‬ ‫سأواجه صعوبات بدون شك‪ ،‬وهــذا أمر صار طبيعيا‪ ،‬ولكن‬

‫وجهابذة المعرفة والفكر‪ ،‬منهم مؤرخون نبهاء ال ّ‬ ‫أمل من قراءة‬ ‫أعمالهم‪ .‬وبالتالي كان الطموح في بعض األحيان يدفع إلى‬ ‫تقليد أسلوبهم في الكتابة‪ ،‬كما كانت النفس تتمنى لو أنني‬ ‫أدركتهم واستفدت منهم مباشرة‪ ،‬أذكر أنني تمنيت لقاء الشيخ‬ ‫عبد اهلل كنون رحمه اهلل‪ ،‬ولكني لم ألتق به وإن كنت قد شهدت‬ ‫وأنا صغير إحدى محاضراته‪.‬‬ ‫وكذلك الفقيه محمد المنوني رحمه اهلل ‪ .‬ومن المشارقة ‪:‬‬ ‫الشيخ حمد الجاسر وإحسان عباس ومحمود علي مكي‪ ،‬ومحمد‬ ‫عبد اهلل عنان‪ ،‬رحمهم اهلل جميعا‪.‬‬ ‫• نود منك معرفة رأيك حول بعض الباحثين والمؤرخين‪:‬‬ ‫عبد العزيز خلوق التمسماني‪ ،‬عبد الصمد العشاب‪ ،‬عبد اهلل‬ ‫الترغي ؟‬ ‫• األستاذ عبد العزيز خلوق التمسماني‪ ،‬مؤرخ نبيه‪ ،‬عمل‬ ‫في مجال الكتابة التاريخية باحترافية ونشاط منقطع النظير‪،‬‬ ‫وأنتج العديد من الدراسات القيمة التي ترقى اآلن إلى مرتبة‬ ‫النصوص المرجعية في تاريخ المغرب‪ ،‬وحسبنا أن نذكر من‬ ‫حسناته في مجال اإلنتاج التاريخي‪ :‬المجلتين اللتين أصدرهما‬

‫بطنجة لنشر األبحاث التاريخية‪ ،‬وأعني مجلة دار النيابة‪ ،‬ومجلة‬ ‫الطنجيون‪.‬‬ ‫• األستاذ عبد الصمد العشاب‪ :‬محافظ مكتبــة عبد اهلل‬ ‫كنـون‪ ،‬وهو باحث موسوعــي‪ ،‬كــتـــب في عـــدة حقــــول‬ ‫معرفية‪ .‬وأنفــق وقتا طويـال من عمـــره في العنـــايـــة‬ ‫بتــــاريــــخ طنجة‪ ،‬فكتب فصوال متميزة عرّفت بأعالم مدينــة‬ ‫طنجــة وتشكيلتها الحضريـــة واالجتمـــاعيـة‪ ،‬وقــد نشرت‬ ‫بعـــض تلك الفصــول في جــريـــدة «الشمــال»‪ ،‬وال يـــزال‬ ‫الكثيـــر من أعمالــه غيــر منشــور‪ .‬وحين كنت أتردد على‬ ‫مكتبة عبد اهلل كنون كنت أجد منه المساعـدة الكافية‪ ،‬وكان‬ ‫رحمه اهلل قبل وفاته بأيام قليلة قد اقتــرح عليّ أن أترشح‬ ‫لجائزة الشيخ عبد اهلل كنون للدراسات‬ ‫اإلســالميــــة واألدبيــــة‪ ،‬فوعــدتـــه‬ ‫بالمشاركــــة‪ ،‬وشكرته على حسن ظنه‬ ‫بي‪.‬‬ ‫• األستـــاذ عبـد اهلل التـــرغـــي ‪:‬‬ ‫هو من علماء المغرب‪ ،‬متمكن وضليع‬ ‫في علم التراجم‪ ،‬وقد أدرك منذ بداية‬ ‫حياته العلمية أن الفهم الجيد ألي عصر‬ ‫تاريخي ال يتم إال عبر التعرّف على سيرة‬ ‫رجاله وأعالمه‪ .‬وكان ينصحنا بأن نقيم‬ ‫عالقة صداقة دائمة مع أولئك األعالم‪.‬‬ ‫أَشْرَفَ على أطروحتي للدكتوراه التي‬ ‫أنجزتها حـول «بيوتات أهـــل العلــم‬ ‫باألندلس»‪ ،‬بمعية أستاذنا الدكتور عبد‬ ‫اللطيف شهبون‪ ،‬بارك اهلل في عمره‪،‬‬ ‫وقد شاءت األقدار أن يتوفاه اهلل – عز‬ ‫وجل ‪ -‬إلى رحمتــه قبل أن تناقــش‬ ‫األطروحة ‪ .‬لقد استفدتُ من علم األستاذ المرحوم عبد اهلل‬ ‫المرابط الترغي‪ ،‬وتوجيهاته‪ ،‬ونوادر مكتبته إذ كان رحمه اهلل ال‬ ‫يبخل في تزويدي بالنصوص التراثية المخطوطة والوثائق التي‬ ‫لم تنشر‪ ،‬أجزل اهلل أجره‪.‬‬ ‫• كغيرك من الكتاب والباحثين البد أن تكون لديك بدايات‬ ‫على درب الكتابة‪ ،‬متى كانت أوّل تجربة في الكتابة لديك ؟‬ ‫•• شرعــت في الكتابـــة بجرائــد طنجة وفي بعــض الصحف‬ ‫الدوليــــة في بداية تسعينيات القرن الماضي‪ ،‬أما بخصوص‬ ‫المقاالت المتعلقة بمجال التاريخ‪ ،‬فإنه لديّ بحث كنت على‬ ‫وشك دفعه للنشر بجريدة «الشمال»‪ ،‬ولكني لم أنشره حتى‬ ‫اآلن وهو اليزال على رفوف مكتبتي‪ ،‬عنوانه‪« :‬الحركة الفكرية‬ ‫بمدينة طنجة في العصر الوسيط»‪ ،‬في ‪ 20‬صفحة‪ .‬هذا هو أوّل‬ ‫دراسة أنجزتها‪ ،‬وكان ذلك عقب تخرجي من الجامعة صيف عام‬ ‫‪1996‬م‪ .‬وأوّل دراسة منشورة لي كانت في مجلة « الذخائر»‬ ‫البيروتية عام ‪2000‬م‪ ،‬وأوّل كتاب نشرته‪ ،‬على نفقتي طبعا‪،‬‬ ‫هو‪« :‬المدرسة المرينية بطنجة ‪ ..‬صفحات مجهولة من تاريخ‬ ‫مدرسة منسية» سنة ‪2008‬م‪.‬‬

‫(يتبع)‬


‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪996‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)898‬‬

‫‪16‬‬

‫دورية “تطاون (‪”)1‬‬

‫صدر العدد األول من دورية “تطاون” سنة ‪ ،1990‬تحت إشراف المؤرخ المرحوم محمد ابن‬ ‫عزوز حكيم‪ ،‬كاستمرار لتجربة طويلة في البحث وفي التنقيب حول تحوالت ماضي منطقة الشمال‪،‬‬ ‫نجح ‪ -‬من خاللها ‪ -‬هذا الباحث في تحقيق تراكم غزير في المادة المصدرية والوثائقية الضرورية‬ ‫لكتابة الحلقات األساسية في تاريخ منطقتنا‪ .‬كانت المجلة –بهذا البعد‪ -‬واجهة لبلورة االهتمامات‬ ‫المعرفية لصاحبها‪ ،‬مادام العنوان الفرعي الذي تصدر واجهة الغالف‪ ،‬يشير إلى أن األمر يتعلق‬ ‫ب”مجلة تعنى بتاريخ شمال المغرب”‪ .‬وإذا كان األفق العام لالشتغال قد طرح بهذا الشكل‪ ،‬فإنه –‬ ‫في المقابل‪ -‬لم يغفل مختلف أشكال االمتدادات والتقاطعات التي تفرضها ضرورات البحث‪ ،‬خاصة‬ ‫على مستوى العمق الجهوي والخلفية الوطنية والتفاعل الدولي‪ .‬لذلك أمكن القول إن هذا المنبر‬ ‫قد ساهم في تعزيز مجال اإلصدارات الدورية العلمية التي اهتمت بالبحث في مختلف قضايا‬ ‫منطقة الشمال‪ ،‬مثلمـا هـو الحال‬ ‫مع مجلة “الوثائـق الوطنية” التي‬ ‫كان يشـرف عليها نفـس الباحـث‪،‬‬ ‫أو مـع “مجلــة دار النيـابــة” التـي‬ ‫كان يشرف عليهمـا المرحـومـان‬ ‫عبـــد العزيــز التمسماني خلــــوق‬ ‫ومحمد األمين البزاز‪ .‬وبخصوص‬ ‫الدوافع الرئيسية التي كانــت من‬ ‫وراء إطــالق هذه التجربـة‪ ،‬فقــد‬ ‫لخصها ابن عزوز حكيم في افتتاحية‬ ‫العدد األول‪ ،‬قائال ‪ ...“ :‬هناك شيء‬ ‫آخر جعلنا نفكر في إنشــاء مجلـــة‬ ‫تعنى بتاريخ شمال المملكة خاصة‪،‬‬ ‫وهو ما نالحظه ونتأسف عليه من‬ ‫إهمال الدور الذي قام به هذا الجزء‬ ‫الذي ال يتجزأ من المملكة المغربية‬ ‫في تاريــخ المغـــرب عمومـــا‪ ،‬من‬ ‫طرف كثير من المؤرخين المغاربة‬ ‫واألجانب في دراساتهم وبحوثهم‪،‬‬ ‫حيث يتجاهلــون الدور الطالئعـي‬ ‫الـذي لعبتـــه مناطــق الشمـــال‬ ‫في الدفـــاع عن حـوزة الوطـــن‪،‬‬ ‫والمحافظة على الوحدة الترابيــــة للمملكة ومواجهة الغزو الصليبي واإلمبريالي واالستعماري‬ ‫للبالد وإحباط المؤامرات المدبرة ضد العرش العلوي الخالد‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬لقد قمنا بإنشاء مجلة‬ ‫“تطاون” إلقامة الدليل بالحجة والبرهان على أنه سوف لن يعود للمغرضين ومرتزقة القلم أذناب‬ ‫االستعمار مجال لتلفيق وتزوير وتحريف وقلب الحقائق التاريخية والتقليل واالستهانة بتاريخ هذا‬ ‫الجزء الغالي من وطننا العزيز الذي ما هو إال جزء من تاريخ المملكة المغربية العتيدة‪( ”...‬ص‬ ‫ص‪)4-3 .‬‬ ‫تتوزع مواد العدد األول من دورية “تطاون” بين ما مجموعه ‪ 102‬من الصفحات ذات الحجم‬ ‫المتوسط‪ ،‬احتوت على دراسات توثيقية استجابت لألفق العام لالشتغال حسب ما حددنا معالمه‬

‫(�أقا�صي�ص)‬

‫�أحزانٌ‬ ‫أحزان الوردِ ‪..‬‬ ‫قر�أَ يف عينيها �‬ ‫َ‬

‫فذبلت يف عينيهِ‬ ‫حدائق العالمَِ !‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وليجةِ نف�سهِ ‪:‬‬ ‫وتمَ ْ ت َ​َم يف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ياعندلة الأوطان»‪.‬‬ ‫« �آهٍ ‪..‬‬

‫� ُّأم الهديل‬ ‫ـ إلى مفنِّ تطوان وعاشقها أحمد بن يسف ـ‬

‫العد‪:‬‬ ‫ي�رش ُع يف ِّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫حمام‪.‬‬ ‫حمامتان‪ ،‬ثالث‪� ..‬سرِ ْ ُب‬ ‫حمامة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مه �س�ؤالٌ ‪:‬‬ ‫ويداهِ ُ‬

‫ن�صاعت َُه على ِق ِ‬ ‫باب تطوان‪،‬‬ ‫البيا�ض‬ ‫يكب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ملاذا ُّ‬

‫ِ‬ ‫فتنه�ض يف‬ ‫و�سطوحها‪ ،‬ومنتزَ هاتِها‪،‬‬ ‫وم�آذِ نِها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ال�صباح كالعذراءِ ترفلُ يف بي�ضِ‬ ‫ِ‬ ‫اجلالبيب ؟‬ ‫ِ‬

‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين ‪ .‬ال�شارقة ـ‬

‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫أعاله‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬نجد رسالة من مصطفى ابن عبد الوهاب‪ ،‬األمين العام لجمعية أصدقاء‬ ‫تطوان‪ ،‬إلى ابن عزوز حكيم حول تجربة هذا الباحث في التوثيق لماضي منطقة الشمال‪ ،‬ثم‬ ‫رسالة جوابية حول نفس الموضوع‪ .‬وفي أولى دراسات العدد المعني‪ ،‬قدم ابن عزوز حكيم نبذة‬ ‫عن زيارات ملوك المغرب لشمال المملكة منذ عهد دولة األدارسة وإلى حدود سنة ‪ ،1956‬تاريخ‬ ‫زيارة الملك محمد الخامس لمدينة تطوان‪ .‬وفي المادة الثانية‪ ،‬نشرت المجلة رسالة تاريخية‬ ‫من محمد الخامس إلى األمين العام للجامعة العربية حول القضية الفلسطينية مؤرخة في ‪16‬‬ ‫ماي ‪ .1948‬وفي سياق آخر‪ ،‬نشر ابن عزوز حكيم دراسة تصنيفية حول قواد الجيش المغاربة في‬ ‫معركة وادي المخازن‪ ،‬ثم تقديما عاما لمخطوط حول تاريخ مدينة تطوان من تأليف الحاج عبد‬ ‫السالم بنونة والمستعرب اإلسباني كليمينطي سيرديرا‪ .‬كما نشرت المجلة الئحة مطالب مرفوعة‬ ‫إلى الجهات المسؤولة‪ ،‬ويتعلق األمر‬ ‫بمطلب إعادة االسم الحقيقي لمدينة‬ ‫تطوان (تطاون)‪ ،‬وبمنح تطوان لقب‬ ‫المدينة المناضلة الثانية بالمغرب‪،‬‬ ‫وبإقامة الذكرى السنوية لزيارة محمد‬ ‫الخامس لتطوان يوم ‪ 9‬أبريل من كل‬ ‫سنة‪ .‬وفي ميدان النبش الوثائقي‪،‬‬ ‫قدمت المجلة وثيقة إسبانية غميسة‬ ‫حول عالقة أحمد الريسوني بالخالفة‬ ‫السلطانية في شمال المغرب‪ ،‬وذلك‬ ‫ردا على وثيقة فرنسية نشرت بالعدد‬ ‫رقم ‪ 23/24‬من “مجلة دار النيابة”‬ ‫حول نفس الموضوع‪ .‬وعادت المجلة‬ ‫إلثارة موضــوع الذكــرى المائوية‬ ‫السنوية لزيارة السلطـــان الحسن‬ ‫األول لشمال المملكة‪ ،‬كما نشــرت‬ ‫مقتطفات من كتــاب “الجديــد في‬ ‫تاريخ تطاون” البن عزوز حكـيــــم‪،‬‬ ‫وأنهــت موادهــا بإعادة نشر نص‬ ‫“نشيـــد الوحـــدة العربيــة” الشهير‬ ‫الذي نظمه فخـــري البارودي والذي‬ ‫ذكر فيه اســم مدينة تطوان‪ ،‬إلى‬ ‫جانب قصيدة نظمها محمد موالطو أثناء مقامــــه بالقاهرة سنة ‪ ،1955‬عنوانها “تطوان‪.”! ..‬‬ ‫وبهذه المواد المتنوعة‪ ،‬وضع ابن عزوز حكيم معالم الخط العام الذي اشتغلت عليه دورية‬ ‫“تطاون”‪ ،‬معالم هي –في نهاية المطاف‪ -‬خالصة تجربة رائدة من البحث ومن التنقيب في تاريخ‬ ‫الشمال‪ .‬وال شك أن مثل هذه اإلصدارات تظل حجر األساس بالنسبة لكل الجهود العلمية التي‬ ‫بذلها أبناء المنطقة من أجل إعادة األمور إلى نصابها‪ ،‬عبر تصحيح االفتراءات وإسقاط األكاذيب‬ ‫والكشف عن المسكوت عنه في تاريخ شمال المغرب‪ .‬إنها مسيرة متواصلة‪ ،‬كانت لها الكثير من‬ ‫عناصر القوة التي أعادت تأثيث مكونات ذاكرتنا الجماعية بشكل سمح بتوفير العناصر الضرورية‬ ‫لالنطالق في مشروع الكتابة العلمية لماضي منطقتنا‪.‬‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المبدعـة‬ ‫ِّيشــة‬ ‫هذه شذراتٌ سرديــ ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر‬ ‫َ‬ ‫درب‬ ‫من شرفةِ الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حدا ٍء فجريٍّ على ِ‬ ‫الحيــارى‪ ،‬والمكلومين‪ ،‬والحالمين بمساقـطِ الغيثِ الخضير‪..‬‬ ‫أن هذه الشذرات اختارت لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫صحيحٌ َّ‬ ‫ونفس ًا‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫قصيراً‪ ،‬لكنها تروم بث اللمحةِ فـي غـاللــةٍ نثــريـةٍ فنيـةٍ ذاتِ‬ ‫ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحبَ بها‪ ،‬وفتــح ذراعيــه لساللها‪ ،‬فقد‬ ‫أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربما استسمن ذا ورم! ومن أعرض عنها‬ ‫وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم العافية‪،‬‬ ‫واخضالل المآب ‪..‬‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬

‫امل�شهد‪:‬‬ ‫وي�ستهويه‬ ‫ُ‬ ‫حمام ّ‬ ‫أهداب املدينةِ ‪،‬‬ ‫�رس ُب‬ ‫ٍ‬ ‫يغطي َ‬ ‫بو َبر هديلهِ � َ‬ ‫ْ‬ ‫الب َّ�ضةِ ‪..‬‬ ‫و�ضفائ َِرها‪ ،‬وخ�صرْ َ �أنوثتِها َ‬

‫ير�س ُم لوحت َُه‪:‬‬ ‫ثم ُ‬ ‫َّ‬

‫ٌ‬ ‫بي�ضاء ‪ ..‬و� ُّأم الهديل‪.‬‬ ‫حمامة‬ ‫تطوان ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫ُ‬ ‫البحر‬ ‫ق�صيدة‬ ‫ِ‬ ‫انتب َذ َّ‬ ‫حتت فيَ ْ ءِ محربتهِ ‪،‬‬ ‫اعر مكان ًا ظلي ًال‬ ‫َ‬ ‫ال�ش ُ‬ ‫و�أملى هذه الكلمات‪:‬‬ ‫مراوح �ألوانهِ‬ ‫ين�رش‬ ‫طاوو�س‬ ‫ــ قوسُ ُقزَح ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬

‫ِ‬ ‫الغيم‪ ،‬والنّورِ ‪ ،‬والزّ رقةِ ‪..‬‬ ‫مالعب‬ ‫يف‬ ‫ِ‬

‫ُّ‬ ‫الربى‪،‬‬ ‫أزرق‬ ‫الفجر‪:‬‬ ‫ــ‬ ‫ُ‬ ‫ع�ش � ُ‬ ‫يزقزق بني ّ‬ ‫ُ‬ ‫بال�ضوءِ ‪ ،‬والنَّدى‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫واخلمائلِ ‪ ،‬واحلقولِ ‪ ،‬فتهتَزُّ‬ ‫ِ‬ ‫والفرا�شات‪..‬‬ ‫َّ‬ ‫اق‬ ‫ر�سلُ امليناءِ �إلى‬ ‫النوار�س‪:‬‬ ‫ــ‬ ‫الع�ش ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املبحرين‪..‬‬

‫ــ إضاء ٌة من الشاع ِر‪:‬‬

‫ور املجن ُ‬ ‫َّحة من �إن�شائي؛ بل‬ ‫ْ‬ ‫لي�ست هذه ُّ‬ ‫ال�ص ُ‬ ‫ري ال�شعراء ‪! ..‬‬ ‫من �إن�شاءِ ( البحرِ ) �أم ِ‬


‫العدد ‪996‬‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫كارمن رويث برابو‬ ‫‪CARMEN RUIZ BRAVO‬‬

‫تمد الجسور بين الثقافتين العربية واإلسبانية ‪2/1‬‬ ‫تقديــم ‪:‬‬

‫كارمن رويث برابو ‪CARMEN RUIZ BRAVO‬‬

‫وهي من مواليد سان بيثينتي دي تورانو بإقليم كانتابريا من أب مهندس فالحي وأم أدبية وكاتبة وناقدة مهتمة‬ ‫بأدب األطفال وكانت تمتلك مكتبة نادرة في هذا المجال‪ .‬درست االبتدائي والثانوي بمسقط رأسها‪ ،‬ثم انتقلت إلى‬ ‫مدريد لمتابعة دراستها الجامعية حيث حصلت على اإلجازة في فقه اللغة واللغات السامية من جامعة كمبلوتنسي‬ ‫بمدريد‪ .‬لفتت األنظار إليها كأنبه تالميذ المستعرب الكبير بيدرو مارتنيث مونتابيث في مجال دراسة األدب العربي‬ ‫الحديث‪ ،‬فأشرف على رسالتها للدكتوراه التي حصلت عليها سنة ‪1974‬م تحت عنوان (جدل حول مذاهب القومية‬ ‫العربية والقوميات المحلية من ‪ 1918‬إلى ‪1952‬م) وقد نشرها المعهد اإلسباني العربي للثقافة بمدريد سنة ‪1976‬م‪.‬‬ ‫عملت أستاذة للدراسات العربية واإلسالمية بعدد من الجامعات االسبانية (كميلوتنسي) (‪70-1972‬م) الكلية‬ ‫الجامعية بكونيكا (‪72-1974‬م) الجامعة الوطنية (اوتونوما) بمدريد منذ سنة ‪1975‬م‪ .‬كما عملت بالمعهد االسباني‬ ‫العربي للثقافة ‪ /‬مركز بحوث الثقافة العربية والفكر العربي المعاصر والحديث‪ .‬ثم مديرة لقسم البحوث‪ .‬عضو مؤسس‬ ‫لجمعية الصداقة االسبانية العربية‪ ،‬مؤسسة ومديرة دار نشر (كانتا رابيا ‪ )CANTARABIA‬وكان لها دور مهم في‬ ‫ترجمة أعمال عربية كثيرة إلى اللغة االسبانية فضال عن بعض القضايا التي تهم القارئ العربي واالسباني‪ .‬ترجمت كتاب‬

‫محمد القاضي‬

‫أدونيس (مقدمة للشعر العربي) إلى االسبانية‪ ،‬نشره معهد‬ ‫الدراسات الشرقية واالفريقية في جامعة مدريد أوتونوما‬ ‫سنة ‪1976‬م‪ .‬كما قامت بترجمة كتاب (األيام) لطه حسين‬ ‫ورحلة أمين الريحاني تحت عنوان(شاهد عربي من القرن‬ ‫العشرين أمين الريحاني في المغرب واسبانيا) مجلدان‪.‬‬ ‫ومجموعة مختارة لجبران خليل جبران نشرت تحت عنوان‬ ‫(اللهب األزرق) كما نقلت رسائل جبران إلى مي زيادة إلى‬ ‫اللغة االسبانية وساهمت في وضع كتابين ‪( :‬األدب العراقي‬ ‫الحديث) و (األدب التونسي الحديث) و (أروبا اإلسالمية)‬ ‫بالتعاون مع أستاذها بيدرو مارتنيث مونتابيث‪ .‬إضافة إلى‬ ‫عدة كتب ودراسات مترجمة خاصة حول الثقافة العربية‬ ‫المعاصرة‪ .‬زارت العديد من الدول العربية وشاركت في‬ ‫مؤتمرات وندوات داخل اسبانيا وخارجها‪ .‬عرفت واشتهرت‬ ‫بحماستها لكل ما هو عربي‪.‬‬

‫تحـديـد المصطلـح ‪ :‬استـــشـراق أم‬ ‫استعـراب؟‬

‫يرفض الكثير من االسبان المهتمين بالدراسات‬ ‫العربية واإلسالمية نعتهم بالمستشرقين ويفضلون‬ ‫بدلها كلمة (االستعراب) ‪ ARABISTAS‬نظرا ألنهم‬ ‫كلهم نذروا حياتهم لدراسة اللغة العربية وآدابها‬ ‫وحضارة المسلمين وعلومهم في شبه الجزيرة‬ ‫االيبيرية بصفة خصة دون أن يهتموا بلغات شرقية‬ ‫أخرى كالفارسية والتركية واألردية وغيرها‪ .‬إال ما كان‬ ‫من طرف بعض الباحثين المعاصرين وهم قلة ويلح‬ ‫المستعرب بيدرو مارتينث مونتابيث على استعمال‪:‬‬ ‫كلمة (االستعراب) ‪ ARABISTA‬ألن الدراسات التي‬ ‫بدأت في اسبانيا وازدهرت منذ وقت طويل كانت‬ ‫الدراسات العربية‪ ،‬وال توجد منذ بداية هذه الدراسات‬ ‫دراسات في التركية وفي الصينية والهندية وكلها‬ ‫تدخل في االستشراق»(‪)1‬‬ ‫ويرى الدكتور محمد صبح ‪:‬‬ ‫«أنــه يجـــب التمييــز بين المستعربيـــن‬ ‫والمستشرقين في اسبانيا المستعربون هم الذين‬ ‫يهتمون بالدراسات العربية االسالمية وبخاصة‬ ‫األندلسية منها‪ ،‬والمستشرقون هم الذين يهتمون‬ ‫بقضايا الشرق على العموم وبخاصة قضايا الشرق‬ ‫األقصى»(‪)2‬‬ ‫واالستعراب استعمال قديم فقد استعمله ابن‬ ‫الفرية‪ ،‬وهو من خطباء العرب المشهورين بالفصاحة‬ ‫والبالغة‪ ،‬فإنه قال لما سأله الحجاج عن أهل البحرين‪:‬‬ ‫نبط استعربوا قال‪ :‬فأهل عمان قال‪ :‬عرب استنبطوا‬ ‫وذلك يكون إما لغة أو انتسابا أو لعالقة أخرى(‪.)3‬‬ ‫أما في األندلس فقد أطلقت كلمة (المستعربة أو المستعربين ‪ )MOZARABES‬على العناصر المسيحية التي‬ ‫استعربت في لغتها وعاداتها ولكنها بقيت على دينها محتفظة ببعض تراثها اللغوي والحضاري‪ ،‬وقد كفلت لهم الدولة‬ ‫االسالمية حرية العقيدة فأبقت لهم كنائسهم وأديرئهم وطقوسهم الدينية التي كانت تقام باللغة الالتينية‪ ،‬كما‬ ‫كان لهم رئيس يعرف (بالقومس‪ )GOMEZ‬وقاضي يعرف بقاضي العجم أو النصارى‪ ،‬يفصل في منازعاتهم بمقتضى‬ ‫القانون القوطي»(‪)4‬‬ ‫وقد وصف (البارو – ‪ )ALVARO‬ونفسه تقطر حزنا وألما فقال‪« :‬إن إخوتي في الدين وأبناء رعيتي‬ ‫يتذوقون األشعار والروايات العربية ويتعمقون في دراسة الفالسفة المسلمين‪ ،‬وليت إنصرافهم هذا‬ ‫يؤدي إلى مساعدتهم على ضحد المذاهب اإلسالمية أو الرد عليها‪ ،‬بل على العكس لكي يتمكنوا‬ ‫من هذه اللغة ومن آدابها وليجيدوا استعمالها أحسن فأحسن‪ ...‬أين نجد اآلن علمانيا واحدا نصرانيا‬ ‫يقرأ األناجيل أو حياة القديسين وأعمال وأعمال الرسل واألنبياء؟ آه ويا لألسف إن الشباب المسيحي‬ ‫الذي تميز بذكائه وعبقريته ال يجد اللذة والمتعة الروحية إال في قراءة الكتب العربية وآدابها وينفقون‬ ‫األموال الطائلة على شراء هذه الكتب وتشكيل مكتبات ضخمة‪ ،‬وينادون على رؤوس األشهاد‪ :‬أن ال‬ ‫أداب توازي اآلداب العربية‪ ...‬كلموهم عن الكتب المسيحية بجيبونكم بازدراء‪ :‬أنها التستحق االنتباه‪..‬‬ ‫آه ما أتعسنا‪ ،‬إن المسيحيين منا قد نسوا لغتهم‪ ،‬وبين ألف شخص منهم اليوجد واحد يحسن كتابة‬ ‫رسالة إلى صديقه باللغة الالثينية‪ ،‬ولكن إذا طلبته للكتابة باللغة العربية آجاد كل اإلجادة بحيث أن‬ ‫الكثيرين من إخواننا في الدين يحسنون اللغة العربية أفضل من العرب أنفسهم»(‪)5‬‬ ‫وقد لعب هؤالء دورا مهما في نقل الحضارة العربية اإلسالمية إلى الممالك المسيحية بشمال‬ ‫إسبانيا وجنوب فرنسا‪ ،‬وكانوا أداة وصل بين شطري إسبانيا‪ ،‬ولم ينقطعوا عن التنقل بين أراضي‬ ‫المسلمين وأراضي النصارى في الشمال فعملوا بذلك على نشر الثقافة اإلسالمية بين أهل الشمال‬ ‫وبخاصة عن طريق ترجمة كتب المسلمين‪ ،‬وشاركهم في ذلك اليهود حيث اضطلعوا بدور كبير في‬ ‫ترجمة المصنفات العربية إلى الالثينية والقشتالية‪ ،‬مما جعل الفقيه اإلشبيلي ابن عبدون – في القرن‬ ‫الثاني عشر الميالدي – يدعو إلى أن يباع من اليهود وال من النصارى كتاب علم‬ ‫إال ما كان من شريعتهم‪ ،‬فإنهم يترجمون كتب العلوم وينسبونها إلى اهلهم‬ ‫وأساقفتهم‪ ،‬وهي من تواليف المسلمين»(‪)6‬‬ ‫ومع مرور الزمن وتطور مفهوم «االستعراب» وأصبح ذا طابع علمي «يختص‬ ‫بدراسة حياة العرب وما يتعلق بهم من حضارة وآداب ولغة وتاريخ وفلسفات‬ ‫وأديان وله أصوله وفروعه ومدارسه وخصائصه وأتباعه ومنهجه وفلسفته‬ ‫وتاريخه وأهدافه والمستعرب هو عالم ثقة في كل ما يتصل بالعرب وبالد العرب‬ ‫أو باللغة العربية واألدب العربي أو باألحرى المستعرب هو من تبحر من غير أهل‬ ‫العرب في اللغة العربية وآدابها وتثقف بثقافتها وعني بدراستها»(‪)7‬‬ ‫ومهما يكن من أمر فإن اسبانيا تميزت عن غيرها من الدول األروبية األخرى‬ ‫التي تدين بالشيئ الكثير ألسبانيا العربية ألنها كانت سباقة إلى االحتكاك‬ ‫بالعرب واالستفادة من حضارتهم وثقافتهم مما جعلها تتبوء مكانة خاصة في‬ ‫ميدان االستعراب بصفة عامة‪ ،‬كما أن اهتمام االسبان اتجه بالدرجة األولى إلى‬ ‫دراسة الثقافة والفكر العربي اإلسالمي الذي أنتجته العبقرية األندلسية فأدوا‬ ‫للتراث العربي واإلسالمي خدمات ال تنكر سواء بأبحاثهم ودراستهم الجادة أو‬ ‫بتحقيقاتهم للتراث األندلسي واكتشاف مصادره ونفض غبار اإلهمال عن كثير‬ ‫من المؤلفات المهمة التي لوالهم ما رأت النور‪ ،‬كما قاموا بوضع فهارس يستفيد‬ ‫منها الباحثون والمهتمون بالتراث األندلسي‪.‬‬ ‫ومن بين هؤالء نذكر المستعربة‪:‬‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫كارمن رويث برابو و عالم االستعراب‬

‫تقول كارمن رويث برابو ‪»:‬ساعدني نظام التعليم‬ ‫الجامعي عندنا على أن أتعرف على الثقافة العربية من خالل‬ ‫إتاحة الفرصة لالختيار بين دراسة اللغة العربية أو اليونانية‬ ‫في كلية الفلسفة واآلداب‪ ...‬لكن مزيدا من التأمل والرجوع‬ ‫بالذاكرة إلى الوراء يمكننا من إضاءة جوانب جديدة في‬ ‫موضوع اهتمامي بالثقافة العربية‪ .‬فكل طفل اسباني سمع‬ ‫حكايات شعبية فولكلورية إسبانية ترتوي من ينبوع شرقي‬ ‫أو مشرقي عربي‪ ،‬ألن أكثر حكاياتنا الشعبية متوسطية‬ ‫(نسبة إلى البحر األبيض المتوسط) األصل وتجد فيها نفس‬ ‫المفردات والتراكيب التي تنتمي إلى العربية‪ .‬أضف إلى‬ ‫هذان الكثير من أسماء المدن والقرى االسبانية من الشمال‬ ‫إلى الجنوب هي أسماء ذات أصول عربية‪ .‬وأتذكر عندما كنت‬ ‫طفلة صغيرة أنني رأيت في مكتبة والدي كتابا يضم قصائد‬ ‫أندلسية ترجمها عن العربية األستاذ غارثيا غوميث (‪ .)8‬وقد‬ ‫كتب والدي بخطه إهداء لهذا الكتاب إلى والدتي باللغة‬

‫العربية يتضمن إشارات حب»(‪.)9‬‬ ‫بعد ذلك اقتحمت عالم االستعراب على يد أستاذها الكبير بيدرو مارتنيث مونتابيث‪ ،‬ومن خالله اكتشفت بابا في‬ ‫دراستها وهو عالم الثقافة العربية وتنوعها والتي أسهمت كثيرا في إثراء الثقافة االسبانية‪ .‬وإن ما قام به أستاذها يمثل‬ ‫طفرة وإبحارا صوب الشرق العربي‪ ،‬وبشكل واقعي‪ ،‬وكانت شاهدة على هذا التحول الكبير ألن الغالبية من المستعربين‬ ‫اإلسبان كانت تعمل في حقل األندلسيات والدراسات التقليدية‪ .‬وأضحت تلميذة مخلصة له‪ ،‬ومن خالل‬ ‫ترجمته للشعر العربي الحديث شدها إلى هذا العالم الرائع وحبب لها كل ما هو عربي فضال على أنه‬ ‫قدم لها الفكر العربي بعمقه وميله إلى التأمل‪.‬‬ ‫«هو في رأيي أستاذ أو المثل في هذا اإلطار‪ .‬وعند قراءة أي من أعماله‪ ،‬نشعر دائما بنغمات‬ ‫تنساب‪ ،‬إنها نغمة عزيمة وشجاعة واعية ومنفردة‪ ،‬إنها إدراك المخاطر‪ .‬إنه – مثلنا ومثلكم – إنه‬ ‫نموذج إلنسان العصر الذي يمثل قيم كافة العصور‪ ...‬يدور في مخيلتي في بعض األحيان أن بيدرو‬ ‫مارتينث مونتابيث قد يكون معربا عند الكتابة‪ .‬أي أن أسلوبه يتميز بكثير من نقاط االتصال مع‬ ‫أسلوب كبار كتاب المقال العرب المحدثين‪ .‬وبوجه خاص المبدعين منهم»(‪)10‬‬ ‫لقد قررت كارمين أن تسير على خطى أستاذها‪ ،‬متفانية في عملها بحب وإخالص مهتمة‬ ‫بالقضايا العربية على كافة المستويات‪ ،‬والثقافة العربية التي أحبتها إلى درجة العشق بعيدا عن‬ ‫التشدق بكلمات التنفذ إلى أرض الواقع سواء في قاعات المحاضرات بالجامعات أو في اللقاءات التي‬ ‫تحضرها في اسبانيا وخارجها‪ ،‬طروحاتها الفكرية حول العالم العربي نالت دائما احترام كافة الدوائر‬ ‫السياسية والثقافية‪ .‬ولعل أول عمل لها في هذا المجال إقدامها على ترجمة (مذكرات طه حسين) إلى‬ ‫اللغة االسبانية سنة ‪1973‬م مفتتحة به نشاطها األكاديمي‪ .‬ومما جاء في مقدمتها‪»:‬كتاب المذكرات‬ ‫من األشكال التي تقربنا من اإلنسان ومن المؤلف وهو في هذه الحالة كاتب معروف‪ ،‬ويحظى‬ ‫باإلعجاب‪ ،‬ويناقش منذ عدة أعوام في البالد العربية‪ ...‬ويعتبر الكتاب وثيقة ببياناته الموضوعية‪.‬‬ ‫غير أنه وثيقة بمعنى أوسع‪ ،‬ذلك أنه يشرح الجو الثقافي واالجتماعي والسياسي‬ ‫لجيل بكامله‪ ،‬وحيث أنه ال يشرح كل شيئ‪ ،‬تجده يلمح على األقل إلى المشاكل‬ ‫األساسية ومراكز االهتمام‪ .‬إال أن طه حسين لن يقنع بأن يكون هذا هو الفهم‬ ‫الوحيد لكتابه‪ .‬بل إن الكتاب وثيقة أيضا لشخصيته ووثيقة وتاريخ ألحاسيسه‬ ‫الخاصة‪ ،‬الشخصية جدا‪ .‬وفي نفس الوقت ألحاسيس عامة وإنسانية‪ ،‬وهو يقص‬ ‫ببراعة وتعمق كيف انتقلت حياته من مرحلة التلقي والالقدرة إلى مرحلة الخلق‬ ‫والنقد‪ ...‬ولهذا فالكتاب هو بدون نقاش عمل أدبي كبير‪)11(».‬‬ ‫وبعد صدور هذا العمل ونفذت طبعته األولى بسرعة استدعتها الحكومة‬ ‫المصرية لزيارة طه حسين في أكتوبر سنة ‪1973‬م‪ ،‬وحضرت إلى مصر ولكن‬ ‫عميد األدب العربي كان في أيامه األخيرة ورحل‪ .‬ووفاء له تكررت زيارتها‬ ‫للقاهرة‪ .‬وذلك بمناسبة افتتاح متحف طه حسين فزارت المتحف وتفقدت آثاره‬ ‫وبيته ومكتبته‪ .‬وقد حظي الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي باهتمام كبير من‬ ‫طرفها ومن طرف أستاذها (مونتابيث) فترجمت بعض أعماله إلى اللغة االسبانية‬ ‫(تجربتي الشعرية) كما أنجزت عنه دراسات مهمة منها دراسة عن مسرحية‬ ‫(محاكمة في نيسابور) و (اللون في شعر البياتي) وترى أن أعمال هذا الشاعر ككل‬ ‫تشكل مجموعا متناسقا‪.‬‬ ‫هوامش ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬انظر االستجواب الذي أجرته معه مجلة (الوطن العربي) عدد‪ 328 :‬يونيو ‪ .1983‬ص‪.73 :‬‬ ‫(‪ )2‬انظر االستجواب الذي أجرته معه مجلة (الفكر العربي المعاصر)‪.‬عدد مزدوج ‪ 4/5‬سنة ‪ .1980‬ص‪.165:‬‬ ‫(‪ )3‬انظر مجلة (دعوة الحق)‪ .‬عدد‪ .7 :‬السنة ‪1970 .13‬م‪ .‬ص‪( .23 :‬من أطوار االستشراق ومراميه ) األستاذ محمد الطنجي‪.‬‬ ‫(‪ )4‬مجلة (عالم الفكر) عدد‪ 1979 .2‬ص‪(.94 :‬اإلسالم في األندلس) أحمد مختار العبادي وانظر كذلك كتاب (محنة العرب في‬ ‫األندلس)‪ .‬د‪ .‬أسعد حومد‪ .‬ص‪ .121 :‬المؤسسة العربية للدراسات والنشر‪ .‬بيروت – لبنان‪.‬‬ ‫(‪ )5‬د‪ .‬سيمون الحايك ‪ /‬عبد الرحمن األوسط‪ .‬ص‪166 :‬و ‪ .167‬المطبعة البولسية – بيروت‪.‬‬ ‫(‪ )6‬ابن عبدون ‪ /‬رسالة في القضاء والحسبة‪ .‬ص‪ .57 :‬مجلة (رسالة الجهاد الليبية) عدد‪ .1987 .57 :‬ص‪« .84 :‬اإلسالم في‬ ‫األندلس وصقلية وأثره في الحضارة والنهضة األروبية « إعداد قسم البحوث والدراسات بالمجلة‪.‬‬ ‫(‪« )7‬فلسفة االستشراق وأثرها في األدب العربي المعاصر»‪ .‬الدكتور سمايلوفتش ص‪ .34 :‬وانظر‪ :‬منير البعلبكي‪ .‬المورد‪ .‬ص‪.85 :‬‬ ‫(‪ )8‬نشر الكتاب سنة ‪1930‬م تحت عنوان (قصائد عربية أندلسية) وهو عبارة عن مجموعة مختارة من شعراء األندلس‪.‬‬ ‫(‪ )9‬انظر حوارا معها في (أخبار األدب) عدد‪1997 / 12 /7 – 217 :‬م ص‪ .8-3 :‬أجراه مصطفى عبد اهلل‪.‬‬ ‫(‪ )10‬انظر مقالها عن مونتابيث في أخبار األدب‪ .‬عدد‪1997 /8 /3 212- :‬م ص‪( 12 :‬بيدرو‪ ..‬ذلك التحدي الجميل)‪.‬‬ ‫(‪ )11‬نشر األستاذ محمد العربي المساري تعريب هذه المقدمة بصحيفة (العلم الثقافي) بمناسبة تكريم ذكرى طه حسين‪ .‬عدد‪/9 :‬‬ ‫‪1973 /11‬م‪ .‬ص‪.3 :‬‬


‫‪18‬‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪996‬‬

‫تالميذ بوزان يترافعون إبداعيا من أجل‬ ‫إحداث مركز لطب اإلدمان‬

‫لعبة السودوكو (‪)459‬‬ ‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫وزان ‪ :‬محمد حمضي‬ ‫تعزز الرأي االستشاري حول قضية إحداث‬ ‫مركز طب االدمان بوزان ‪ ،‬الذي سبق أن‬ ‫أعدته و صادقت عليه هيئة المساواة وتكافؤ‬ ‫الفرص ومقاربة النوع لجماعة وزان في دورتها‬ ‫االستثنائية المنعقدة بتاريخ ‪ 27‬فبراير ‪ ،‬ورفعته‬ ‫إلى رئاسة المجلس طبقا للمساطر االدارية‬ ‫المعتمدة ‪ ‬في هذا اإلطار ‪ ( ، ‬تعزز) بدخول فاعل‬ ‫جديد على خط الترافع من أجل حماية الوسط‬ ‫المدرسي من هذه اآلفة التي تلتهم بنيرانها‬ ‫الملتهبة عقول وصحة من تستثمر فيهم‪/‬ن‬ ‫الدولة مما يهدد مستقبل البالد والعباد ‪.‬‬ ‫‪ ‬آلية الترافع الجديدة ضد التعاطي‬ ‫للمخدرات في الوسط المدرسي ‪ ،‬جاءت على‬ ‫شكل مبادرة ابداعية جسدها تالميذ ثانوية‬ ‫ابن زهر في عمل مسرحي متميز‪ ،‬تنوعت فيه‬ ‫المقاربات بين الحمائية والتربوية والعالجية‬ ‫‪ ،‬هذه األخيرة لم تكن غير توجيه ‪ -‬عبر قالب‬ ‫فني جميل صفق له الحضور‪ -‬نداء للسلطات‬ ‫العمومية والجماعات الترابية باإلقليم التعجيل‬ ‫بإحداث مركز طب اإلدمان بوزان ‪ ،‬على اعتبار‬ ‫أن العالج من مرض االدمان حق من حقوق‬ ‫االنسان التي يكفلها الدستور لكل المواطنات‬ ‫والمواطنين ‪.‬‬ ‫‪ ‬اعتماد آلية أب الفنون للترافع من أجل‬ ‫تنزيل البرنامج الوطني لمحاربة سلوكات‬ ‫اإلدمان ‪ ،‬جاء نتيجة عمل ميداني قام به تالميذ‬ ‫ثانوية ابن زهر التأهيلية ‪ ،‬وذلك بمناسبة‬ ‫األيام التحسيسية التواصلية التي أطرها شعار‬ ‫« آفة التدخين والتعاطي للمخدرات بالوسط‬ ‫المدرسي « ‪ ‬انطلقت يوم ‪ 3‬ماي ‪.‬‬ ‫‪ ‬األيام التحسيسية تحرك فيها باقة من‬ ‫تلميذات وتالميذ ‪ ‬المؤسسة التربوية ‪ ،‬تحت‬ ‫اشراف منسق فريق العمل االستاذ عبد الرحيم‬ ‫الدتسولي ‪ .‬وقد توزعت فقرات هذه األيام بين‬

‫تنظيم ندوات ‪ ،‬وحملة تحسيسية في الوسط‬ ‫التالميذي باعتماد آليات ‪ ،‬المطويات ‪ ،‬و حلقات‬ ‫النقاش ‪ ،‬و العروض الفنية ‪ ،‬وانجاز المجسمات‬ ‫‪ ،‬والرسم ‪ ......‬وانجاز بحث ميداني جاءت أسئلته‬ ‫دقيقة وكفيلة بإعطاء صورة تقريبية عن مساحة‪ ‬‬ ‫تمدد بقعة اآلفة الكارثية في الوسط المدرسي ‪،‬‬ ‫أي في صفوف التالميذ بغض النظر عن المكان‬ ‫الذي يختاره التلميذ(ة) للتعاطي للمخدرات‬ ‫( توضيح موجه لمن ال يفرق بين الوسط‬ ‫المدرسي والمحيط المدرسي ) ‪.‬‬ ‫‪ ‬األرقــام التــي تم عرضهــا في الجلسـة‬ ‫الختامية للحملـــة التواصليــة التحسيسية‬ ‫التي احتضنت أشغالها رحاب الثانوية مطلع‬ ‫شهر رمضان ‪ ،‬تطوق مختلف الفاعلين بعد‬ ‫استنطاقهم (األرقام) إلى استخالص الدروس‬ ‫‪ ،‬وصياغة استراتيجية قادرة على لي عنق اآلفة‬ ‫التي تفتك بصحة‪ ‬تالمذة اإلقليم وشبابه‬ ‫‪ ،‬وتالحقه في كل زوايا محيط المؤسسات‬ ‫التعليمية التي يكفي أن تطل من نوافذ بعضها‬ ‫لترى حقول الشيرا( الكيف) مخضرة ‪.‬‬ ‫‪ ‬الرقم األول يشير إلى أن حوالي ‪ 8‬في المئة‬ ‫من التالميذ ( ذكورا وإناثا) الذين شاركوا في‬ ‫تعبئة االستمارات ( ‪ )900‬يتعاطون للمخدرات ‪،‬‬ ‫وهو مؤشر مخيف بالنظر لحداثة سن التالميذ ‪.‬‬ ‫وألن الشبكات االجرامية التي تستهدف التالميذ‬ ‫ال تميز بين الجنسين فإن نسبة التلميذات‬ ‫المدخنات التي كشف عنها البحث الميداني الذي‬ ‫أنجز وسط تالميذ ابن زهر يصل إلى حوالي ‪2‬‬ ‫في المئة ‪ .‬وتشير خالصات البحث المذكور‬ ‫كما تم عرضها إلى أن اآلفة تؤمن باألوساط‬ ‫االجتماعية للتالميذ الذين يتعاطون للتدخين ‪.‬‬ ‫الرقم المثير للقلق هو رفض حوالي ‪ 5‬في المئة‬ ‫من التالميذ المتعاطين للمخدرات القطع مع‬ ‫السم المحطم لمستقبلهم‪/‬ن ‪ ،‬رفض ال يمكن‬ ‫العثور على تفسير له اال بقبض االدمان على ثلة‬ ‫من التالميذ ( ذكورا واناثا ) ‪ .‬ويتوزع الراغبون في‬ ‫العالج بين من يرغب االستفادة من الخدمات‬

‫التي يقدمها مركز طب االدمان ( لم يحدث بعد‬ ‫بوزان) ‪ ،‬ومن يرجح كفة استشارة طبيب نفسي‬ ‫‪ ،‬وفئة تفضل إخبار أسرتها بمرتبها على سلم‬ ‫التعاطي للمخدرات ‪.‬‬ ‫‪ ‬وبه وجب اإلعالم والسالم‬ ‫‪ ‬قد يكذب غدا هذه األرقام من حاول اخفاء‬ ‫شمس شعار الوسط المدرسي الذي شكل محور‬ ‫األيام التحسيسية التواصلية ‪ ،‬وتعويضه في‬ ‫الجلسة الختامية بشعار المحيط المدرسي ‪ ،‬لكن‬ ‫الحقيقة التي ال يختلف حولها اثنان هي أن بقعة‬ ‫التعاطي للمخدرات في صفوف تالميذ ( ذكورا‬ ‫واناثا) تتمدد وتوجد على مسافة قريبة من كل‬ ‫تلميذ(ة) تنخره الهشاشة الثقافية والتربوية‬ ‫واالجتماعية ‪ ،‬وهو ما يستدعي تظافر جهود‬ ‫كل الفاعلين ( عمومي ومدني )صياغة خطة‬ ‫لمواجهة اآلفة وتحجيمها في حدودها الدنيا ما‬ ‫دامت أسبابها الموضوعية قائمة ‪ ،‬انقاذا لتالميذ‬ ‫وتلميذات اإلقليم‪ .‬‬

‫‪ ‬رسالة لمن يهمه األمر ‪ ‬‬

‫‪ ‬جاء في الفصل ‪ 7‬لدستور المملكة «‬ ‫تعمل األحزاب السياسية على تأطير المواطنات‬ ‫والمواطنين وتكوينهم السياسي ‪ ،‬وتعزيز‬ ‫انخراطهم في الحياة الوطنية ‪ ،‬وفي تدبير الشأن‬ ‫العام ‪.»......‬‬ ‫‪ ‬وألن تدبير الشأن العام ال يمكن أن‬ ‫يضطلع به من له عالقة بتجارة المخدرات‪،‬‬ ‫وتفاعال من هذه األحزاب مع صرخة البراءة‬ ‫التي أطلقها تلميذات وتالميذ تحصد أرواحهم‬ ‫يوميا شبكات تجار المخدرات بكل أنواعها ‪ ،‬فإن‬ ‫أحزابا بعينها بإقليم وزان اعتادت االستثمار في‬ ‫هؤالء ( تجار المخدرات ) دعما وترشيحا ‪ ،‬مطالبة‬ ‫بتنظيف بيتها من أعداء الفصل ‪ 6‬للدستور ‪ ،‬إذا‬ ‫كانت فعال جادة في خطابها الذي يتحدث عن‬ ‫بناء الثقة الذي يعتبر مسار التشطيب على من‬ ‫تضخمت حساباتهم‪/‬ن المصرفية من صفوفها‬ ‫واحد من مسارات أخرى ‪ .‬فعلى بركة اهلل ‪.‬‬

‫‪ANNONCE LEGALE ET ADMINISTRATIVE‬‬

‫‪financiers, commerciales, ainsi que toutes opérations se rattachant‬‬ ‫‪directement ou indirectement à l’un quelconque des objets‬‬ ‫‪précités ou pouvant favoriser le développement de la société.‬‬ ‫‪SIEGE SOCIAL : Le siège social est fixé à 22 RUE 2 LOT‬‬ ‫‪JIRARI 5 TANGER.‬‬ ‫‪DUREE: (99) années, à compter de son immatriculation au‬‬ ‫‪Registre de Commerce.‬‬ ‫‪CAPITAL SOCIAL : Le capital social est fixé à la somme de‬‬ ‫‪cent mille dirhams (100.000,00dhs), divisé en mille (1000,00) parts‬‬ ‫‪sociales de cent dirhams (100,00 dhs) chacune, souscrites en‬‬ ‫‪totalité, intégralement libérées et attribuées aux associés, à savoir :‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Mr. MOHAMED HAID ………………… 1 000 PARTS‬‬ ‫‪TOTAL ……………………… 1 000 PARTS‬‬ ‫‪GERANCE : la société est administrée pour une durée‬‬ ‫‪indéterminée et engagée par la signature de gérant suivant :‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Mr. MOHAMED HAID‬‬ ‫‪ANNEE SOCIALE : du 1er janvier au 31 décembre.‬‬ ‫‪BENEFICES : Les Bénéfices nets après prélèvement des frais‬‬ ‫‪généraux, des charges sociales, sont répartis entre les associés‬‬ ‫‪proportionnellement à leurs parts.‬‬ ‫‪Le dépôt légal a été effectué au greffe du tribunal de commerce‬‬ ‫‪de Tanger-Tétouan, le 30/05/2019 sous n°3960 RC n°98143.‬‬ ‫‪POUR EXTRAIT ET MENTION‬‬ ‫‪LA GERANCE‬‬

‫حل السودوكو‬ ‫رقم ‪459‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫‪Constitution d’une société à responsabilité limitée‬‬ ‫** ‪** DISHAID NEGOCE SARL‬‬ ‫‪Aux termes d’un acte sous seing privé en date du 14/02/2019‬‬ ‫‪à TANGER et y enregistré le 22/02/2019, il a été formé une société à‬‬ ‫‪responsabilité limitée, dont les caractéristiques sont les suivantes:‬‬ ‫** ‪DENOMINATION: ** DISHAID NEGOCE SARL‬‬ ‫‪ASSOCIES:‬‬ ‫‪- Mr. MOHAMED HAID, Marocain, né le 02/10/1970, titulaire de‬‬ ‫‪la C.I.N N°KA10892, domicilié à AV BIR ANZARANE RES SEVILLE‬‬ ‫‪ETAGE 2 APP 13 TANGER.‬‬ ‫‪OBJET SOCIAL :‬‬ ‫‪La société a pour objet, au Maroc et à l’étranger, directement‬‬ ‫‪ou indirectement tant pour son compte que pour le compte de tiers‬‬ ‫‪ou en participation :‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Distribution de produits alimentaires.‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Transport de marchandises de tout genre‬‬ ‫‪- Négoce et commercialisation des alimentaires‬‬ ‫‪générales.‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Commercialisation des aliments de bétail, ovins et‬‬ ‫‪bovins.‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Négoce à l’importation des céréales, légumineuses, et‬‬ ‫‪aliments composent pour le bétail.‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Importation, exportation de tous matériels et produis‬‬ ‫‪liées à l’activité de la société.‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫‪Négoce national et international.‬‬ ‫‪Plus généralement : toutes opérations industrielles,‬‬

‫�إعـــــــــالن‬ ‫ينظم نادي التواصل لجمعية تطاون أسمير محاضرة بعنوان‪:‬‬

‫«رؤية الهالل بين اختالف المطالع وتوحيدها»‬ ‫يلقيها السيد عبد الواحد بلحاج‬ ‫الفلكي والمهندس المعماري‬

‫وذلك يوم األربعاء ‪ 23‬رمضان ‪ 1440‬هـ الموافق ‪ 29‬ماي ‪ 2019‬م‬ ‫على الساعة ‪ 4:30‬بعد الزوال بمقر الجمعية ساحة ‪ 9‬أبريل‪.‬‬

‫دعوة عامة‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫مباراة الرجاء حاسمة بالنسبة للمغرب التطواني‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪996‬‬

‫الثالثاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬ ‫بعد طول انتظار خرج مكتب اتحاد طنجة عن صمته المريب وأصدر‬ ‫بالغا نفى فيه الشائعات التي ترددت مؤخرا حول تعاقده مع المدرب‬ ‫محمد أمين بنهاشم لإلشراف على طاقمه التقني في الموسم القادم‪.‬‬ ‫المكتب استغرب في بيانـه ما تداولته الصحافـة الوطنيـة والمحليـة‬ ‫مؤخرا بهذا الخصوص وأكـد نفيه القاطع لهذه األخبــار مجددا ثقتــه‬ ‫الكاملة في الطاقم التقني الحالي بقيادة المدرب عبد الرحيم طاليب‪.‬‬ ‫والمثير هوأن هذا البيان جاء متأخرا وبعد تناسل الشائعات من قبل‬ ‫أصدقاء وأحباء المدرب أمين بنهاشم والذين حاولوا فرضه على اتحاد‬ ‫طنجة خاصة وأنه يشكو العطالة‪ ،‬منذ انفصاله عن أولمبيك خريبكة‬ ‫وسط الموسم‪.‬‬ ‫ترى لماذا صمت المكتب طيلة هذه المدة حتى أصبح الجميع يظنون‬ ‫أن الفريق تعاقد فعليا مع بنهاشم الذي سبق أن حقق معه الصعود قبل‬ ‫اربع سنوات‪ .‬ولماذا لم يصدر بيان التكذيب من قبل ال سيما بعد الحديث‬ ‫الذي خص به المدرب طاليب جريدة «الشمال» قبل أسبوعين والذي أكد‬ ‫فيه أنه يتعرض للتشويش من قبل زميل له في المهنة‪.‬‬ ‫لقد حاول بعض المقربين من المدرب بنهاشم فرضه عن طريق‬ ‫الشائعات مستغلين التفرقة داخل المكتب المسير‪ ..‬غير أن أغلب األعضاء‬ ‫فطنوا للعبة وأشاروا إلى أن المدرب الذي تروج له الشائعات ليس مدرب‬ ‫المرحلة الحالية وهو غير قادر ف على قيادة الفريق نحو التتويج خاصة‬ ‫وأن طموحات فارس البوغاز كبرت بعد فوز بلقب البطولة ألول مرة في‬ ‫تاريخه ومشاركته في المنافسات القارية وأصبح بحاجة ماسة إلى مدرب‬ ‫متمرس مثل طاليب الذي قاد الدفاع الجديدي في المنافسات القارية‬ ‫وخلق منه فريقا قويا في الدوري االحترافي وعن طريق العبين تم جلبهم‬ ‫من أندية الهواة‪ ...‬ومن منا ال يتذكر وليد أزارو العب األهلي وهداف‬ ‫الدوري المصري وزميله الشاب حميد أحداد الذي يعتبر حاليا من دعامات‬ ‫الزمالك وهما معا من إنتاج وصنع اإلطار الوطني عبد الرحيم طاليب‪.‬‬ ‫إن ما يجب القيام به حاليا بعد بالغ المكتب وتجديد الثقة في‬ ‫الطاقم الفني الحالي هو منح المدرب كل الوسائل الكفيلة بأداء مهمته‬ ‫على الوجه األكمل لكي يحضر بجدية للموسم المقبل ويسهر على تعزيز‬ ‫صفوف الفريق بعناصر يمكن أن تعطي اإلضافة المرجوة لكي يعود اتحاد‬ ‫طنجة للمنافسة على األلقاب‪.‬‬

‫غليان بين فصيل هيركوليس واتحاد طنجة‬ ‫وجمعيات األنصارتهدد بالتصعيد وتطالب‬ ‫برحيل الرئيس‬

‫يعــيــش فـــريــق اتحـــاد طنجــة‬ ‫لكرة القدم فوق صفيح ساخـن وعلى‬ ‫وقـــع غليــان كبير بهد ارتفــاع حــدة‬ ‫االنتقادات واحتجاجات األنصار ضد أعضاء‬ ‫المكتــب المسيــر وفي مقـــدمتهم‬ ‫الرئيس‪.‬‬

‫وقد وصلت هـذه االحتجاجـات إلى‬ ‫حدتنظيم وقفات احتجاجية ومراسلـــة‬ ‫السلطـات للمطالبــة برحيــــل الرئيس‬ ‫والتهديد بعدم حضور مباريات الفريـق‬ ‫سواء المتبقية او خالل بطولــة الموسم‬ ‫القادم‪.‬‬ ‫وقـد قامــت جمعيات األنصار بعدة‬

‫وقفات احتجاجية وراسلــت بعضها والي‬ ‫جهة طنجة تطوان الحسيمة للمطالبة‬ ‫برحيل الرئيس ومكتبه‪.‬‬ ‫وجاءت هذه الحملـــة بعد النتائـــج‬ ‫السلبية التي حصدها اتحاد طنجة حامل‬ ‫لقب البطولة في الجوالت األخيرة لهذا‬ ‫الموسم في كل المسابقات وعدم تمكنه‬ ‫من احتالل رتبة مؤهلـــة للمنافســات‬ ‫القارية وتحقيــق األهــداف التي راهن‬ ‫عليها خالل الجمع العام وأيضا لصمته‬ ‫مدة طويلة قبل الحسم في أمر المدرب‬ ‫الذي سيقود الفريق في بطولة الموسم‬ ‫المقبل‪.‬‬

‫المواجهـــة القادمة ضــد الرجـــاء‬ ‫البيضاوي برسم الجولة ما قبـل األخيرة‬ ‫لبطولـــة الدوري االحترافـــي المغربـــي‬ ‫ستكون مصيرية ونتيجتها ستغير الكثير‬ ‫بالنسبـة لفريــق المغـــرب التطواني في‬ ‫صراعه للبقاء ضمن أندية الصفوة‪.‬‬ ‫الوضعيـــة التي يعيشهــا فريـــق‬ ‫الحمامة البيضاء صعبــة للغايــة وهـي‬ ‫انعكــاس لألزمــة التي يتخبط فيهــــا‬ ‫منذ ثالثة مواسم و األمور تتطلب تظافر‬ ‫جهود كل المكونات إلنقاذ ما يمكن انقاذه والتآزر ونكران الذات للدفع بالالعبين لتحقيق‬ ‫االنتصار في المقابلتين األخيرتين والبداية ستكون بلقاء الر جاء القادم والذي يخوض حربا‬ ‫ضروسا ضد جاره الوداد المتصدر وينتظر اي تعثر منه لال نقضاض على الصدارة والفوز بلقب‬ ‫هذا الموسم‪.‬‬

‫النا�صريي رئي�س الوداد الريا�ضي‬

‫«سنذهب إلى‬ ‫محكمة التحكيم‬ ‫الرياضي السترجاع‬ ‫حقنا»‬ ‫أكد سعيد الناصيري رئيس نادي الوداد الرياضي أن‬ ‫فريقه تعرض لظلم تحكيمي بملعب رادس أمام الترجي‬ ‫برسم إياب الدور النهائي لدوري أبطال إفريقيا‪.‬‬ ‫وأكد أن فريقه سيذهب ألبعد نقطة في هذه الواقـعـة‬ ‫السترجاع حقه المسلوب‪.‬‬ ‫وأضـاف ‪ :‬لقــد شاهــد العالـم كله هــذه الفضيحــة‬

‫التحكيمية الكبرى بكل المقاييس‪.‬‬ ‫وأكمل الناصري قائال ‪ :‬إذا كان االتحــاد اإلفريقــي‬ ‫عاجزا عن تطبيق العدالة فسنلجأ لهيئة التحكيم الرياضي‬ ‫بسويسرا وغيرها لفضح هذه المهزلة‪..‬‬ ‫وختم حديثه بالقول ‪ :‬أن مــا حدث بملعـــب رادس‬ ‫ستكون له تداعيات خطيرة على الكرة اإلفريقية‪.‬‬

‫ف�ضيحة ملعب راد�س بتون�س‬

‫مهزلة تحكيمية جديدة تمنح كأس‬ ‫دوري األبطال للترجي‬ ‫بعـــد مهزلــة مباراة ذهاب‬ ‫الدور النهائــي لدوري أبطال‬ ‫افريقيا التي كان بطلها الحكم‬ ‫المصري جهــاد جريشـة الذي‬ ‫تم توقيفــه لمدة ‪ 6‬أشهــر‬ ‫بسبب قراراته الطائشة ورفضه‬ ‫الخضوع لتقنيــة الفــار والغائه‬ ‫هدفا وركلة جزاء للوداد الحكم‬ ‫الغامبــي باكـــاري غاســــامـا‬ ‫يكمل المهــزلــة التحكيمية‬ ‫اإلفريقيـــة في مبـاراة اإليـــاب‬ ‫بملعب رادس‪ .‬ذلك أن الوداد‬ ‫الذي كان منهزما بهدف دون‬ ‫مقابل سجل هدفا في الدقيقة‬ ‫‪ 61‬رفضه الحكم بداعي التسلل‪.‬‬ ‫وفي تلك اللحظــة طالـــب‬ ‫الالعبـون المغاربــة بتطبيـــق تقنية «الفـار» للتأكد من‬ ‫صحــة الهــدف غير أن الحكم أخبرهم بعد انتظار دام‬ ‫طويال أن «الفار» معطل مما جعل العبي الفريق البيضاوي‬ ‫يرفضون إكمال المباراة إلى حين تحقيق مطلبهم‪.‬‬ ‫وبعد طول انتظار أعلن الحكم الغامبي أن الترجـي هو‬ ‫بطل دوري أبطال إفريقيا‪.‬‬ ‫والغريب في األمـر أن الحكم باكاري غاساما سبق‬

‫أن أدار مباراة أخرى للترجي في‬ ‫نصف نهاية دوري أبطال إفريقيا‬ ‫أمام مازيمبي الكون غولي ومنـح‬ ‫بطاقة التاهل للترجي‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطـرح بإلــحاح‬ ‫لمـاذا عين االتحاد االفريقي هذا‬ ‫الحكـم مرتيــن متتاليتين إلدارة‬ ‫مباريات الترجي بملعب رادس‪.‬‬ ‫ولماذا لم يتحمــل اإلتحــاد‬ ‫اإلفريـــقــــي مسؤولياتــه بعـــد‬ ‫توقــــف المبـــاراة ويقضـــي‬ ‫بإعادتهـا مجــددا بعـــد إصــالح‬ ‫عطب «الفار»‪.‬‬ ‫هذه النازلة تؤكد ماسبق أن‬ ‫صرح به سليم شيبوب الرئيس‬ ‫السابق للترجي الذي كان عضوا باالتحاد االفريقي حيث‬ ‫أشار إلى أن تونس هي التي تعين الحكـام حســب رغبتها‬ ‫وهواها وترفض أي حكم ال يتبع أهواءها‪.‬‬ ‫الوداد أدت إذن ثمن مهزلة التحكيم اإلفريقي مرتين‬ ‫وحرمت من التتويج بالكأس القارية ومن غير المستبعد‬ ‫أن تتعرض لغرامة مالية ثقيلة‪ ،‬نتيجة انسحابها من ملعب‬ ‫رادس‪.‬‬


‫األخيرة‬

‫الثالثـاء ‪� 04‬إلى ‪ 10‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪996‬‬

‫تذكرة سفر‬

‫ِ‬

‫احللقة الرابعة‬

‫لقاءات حوارية في حلقات‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‪ ،‬تستحضر‬ ‫تجربتهم في الحياة‪ ،‬وترحل بهم عبر تذكرة سفر معنوية وقلبية إلى الماضي والمستقبل‪ .‬تذكرة السفر الثانية مع‬ ‫الروائي والناقد واإلعالمي والمناضل السياسي والدبلوماسي عبد القادر الشاوي‪ ،‬أحد أبرز وجوه ضحايا سنوات الرصاص‬ ‫بالمغرب‪ .‬أثرى المكتبة اإلنسانية بالعديد من اإلصدارات تنوعت بين حقول معرفية متنوعة‪ ،‬مثلما أثرى التجربة‬ ‫اإلنسانية في الوجود بـ «دراما ذاتية» قاسية دفع من خاللها ‪ 17‬سنة من االعتقال المظلم وراء القضبان‪.‬‬

‫صدار العدد‬

‫إ‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫س‪ 1‬ـ يحضر األستاذ عبد القادر الشاوي في مخيال القراء بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الكاتب الروائي والمناضل‬ ‫السياسي والناشط الحقوقي وأبرز معتقلي سنوات الرصاص‪ ...‬قبل أن نأخذ في حديثنا عن أهم ما طبع هذه التمفصالت في مشوار‬ ‫حياتك‪ ،‬أريد أن أبدأ معك من النقط األصولية األولى التي تفجرت منها هذه الشخصية‪.‬‬

‫دخلت كلية أصول الدين‪ ،‬ربما بين ‪ 1968‬و‪ .1969‬سيحصل بينك وبين «التهامي الوزاني» ما سيدفعك‪،‬‬ ‫ربما‪ ،‬إلى التخلي عن الكلية وتغيير الشعبة‪ ،‬والتوجه‪ ،‬في ما أظن‪ ،‬نحو الفلسفة‪.‬‬ ‫هل كان خالفا مع «التهامي» أم مع منظومة ثقافية بعينها؟‬ ‫وَسَال ِوي ٌة ال أذكر اسمها كانت تُعَيّرُني ب(الشمالي) وتحار في‬ ‫شمائله‪ .‬أذكر تماما القاموس الذي درجت عليه في المعايرة اللطيفة‪.‬‬ ‫مُهمّا في الحقيقة‪ ،‬ألنه كان من بنات مخيلة سالوية ال‬ ‫ال أذكر شيئا ِ‬ ‫تقيم وزنا لألبعاد وال للتناسب وال للنسبية وال لألسباب التي يمكن‬ ‫أن تبيح االختالف أو توافق عليه‪ ،‬دون التسليم بالتنوع‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫ُ‬ ‫المُوَازَنَة‪ .‬أشياء عن الشمال الذي‬ ‫االعتراف بأن شروط محبة الحكمة‬ ‫أتيتُ منه كأنها كانت من (الحقائق) األنتربولوجية األثيرة لدى قوم‬ ‫لم يكونوا قد أدركوا بعدُ‪ ،‬سنوات قليلة بعد زوال الحماية‪ ،‬أن الشمال‬ ‫كان جزءا من الجغرافية السليبة‪ .‬وأَعُضُّ على يدي اآلن ألن االسم‬ ‫العائلي الذي كان يعيرني‪ ،‬لعله (ف‪ .‬المودن)‪ ،‬لم يرسخ في ذاكرتي‪ ،‬فال‬ ‫أستطيع اآلن الجزم بشيء مخافة الوقوع فيما وقعت فيه السالوية من‬ ‫تشنيع كان مدعاة للتحقير‪ .‬ثم إنني ال أستطيع رد ْ‬ ‫مَكرها ل (عُجْمَة أو‬ ‫َلوْثة) في لساني… هذا الشمالي الذي تصاحبه الغنة مع اإلبهام‪ ،‬فال‬ ‫يفهم (الداخليون) شيئا منه إال إذا تخلوا عن الشماتة‪ .‬ثم إنني أدركت‬ ‫منذ اليوم األول لهذا التشنيع أن طباع أهل المدن تستبيح خواص‬ ‫الوافدين بدون استئذان‪ ،‬فال حول لي فيما أنا فيه مع هذه السالوية‬ ‫إال المداراة‪.‬‬ ‫وَدَّعتُ هذه الحكيمة في تلك السنوات‪ ،‬ولربما لم يعد من‬ ‫المجدي‪ ،‬وأي فتى أضاعت‪ ،‬أن أعرف عنها شيئا‪ ،‬وال هي كذلك‪ .‬هذا‬ ‫مبدأ التجاهل به تستوي العالقة‬ ‫على ْ‬ ‫نُكران… وال يهم في النهاية‬ ‫أن يكون مقصودا أو مستلهما‪.‬‬ ‫انتهى‪.‬‬ ‫وهذا ع العزيز المنبهي اآلتي‪،‬‬ ‫على الطبيعة‪ ،‬من مراكش الحمراء‬ ‫فــي قـامة يبدو أنها كانت‪ ،‬منـذ‬ ‫ذلك التاريخ‪ ،‬تخفي جنوحا وإصرارا‬ ‫على المخالفة واندفاعا لم يكن‬ ‫مذكورا في المحافـــل النضالية‪،‬‬ ‫أما السذاجــة‪ ،‬يحسبها نضاال‬ ‫مبكرا في مواجهة األعداء‪ ،‬فكان‬ ‫هو معدنها ال يتقن سواها‪ .‬وما‬ ‫زلت أحتفظ بصور ذلك المنبهي‬ ‫وهو ينخرط بقوة في معركة‬ ‫النضال الطالبي‪ ،‬وهو يثب خلف‬ ‫الطالئع األولى ل(جبهة الطلبة‬ ‫التقدميين)‪ ،‬وهو يلكن بتلك‬ ‫اللهجة المراكشية مائعةِ الغُنَّة‪،‬‬ ‫وهو يبحث عن مصير مختلف‪،‬‬ ‫وهو يتعلم أبجدية الثورة وهو‬ ‫وهو… إلخ‪ .‬وحين جمعتنا الصدفة‬ ‫الحميدة في بداية التسعينيات من‬ ‫القرن الماضي في الحي الالتيني‬ ‫بباريز‪ ،‬وكان هو بالسروال القصير‬ ‫دون أن أعرف لذلك سببا حتى‬ ‫والصيف الباريزي لم يكن ثقيال‬ ‫على األبدان الفرنسية الرهيفة‪ ،‬كدت أشتبه في أن الجالس أمامي‬ ‫مع سعيد المغربي مجرد خيال لذلك الفتى الذي كانه في منتهى‬ ‫اللياقة… لياقته التي قالت لألستاذ المتوكل‪ ،‬ذات يوم‪ ،‬بكل صالفة‪ :‬يا‬ ‫حسبتُ‬ ‫إمَّا أن تقوم بواجبك كأستاذ‪ ،‬يا إما سير بحالك خلينا ن ْقرَاوْ‪ِ .‬‬ ‫أن المتوكل خاف وارتعد… أو لم يرتعد ولكنه خاف بالتأكيد‪ ،‬ونَدّت‬ ‫عن فاطمة القرطبي ابتسامة أضاءت عتمات الحكمة‪ .‬وفي السنوات‬ ‫الالحقة عاد إلى المغرب ولكنه لم يتخل عن الصورة التي أُخِذت له‬ ‫باألبيض واألسود وهو في بداية مشواره النضالي في ِرحاب كلية‪،‬‬ ‫وال تخلى عن اندفاعه الشبابي بدون لغة تقريبا… حركاته مكشوفه‬ ‫هي إلى التبرم أقرب‪ ،‬وال يطيع إال الهياج‪ .‬ولعله الوحيد الذي ال يحمل‬ ‫اآلن‪ ،‬مع أنه َكبُر‪ ،‬أي ملمح (مغربي) يدل عليه‪ ،‬كأنه كان العابر الولهان‬ ‫في الزمن المتحفز للتغيير‪ ،‬وعندما حرن هذا التغيير في بداية الطريق‬ ‫الشاق إلى الحلم تخلى عنه صاغرا وأخذته الرحلة الشامتة إلى مناخ‬ ‫ال إلى وطن‪ ،‬إلى وهم جديد ال إلى حقيقة مفجعة‪ ،‬إلى نفسه بعد أن‬ ‫خانته تلك الجماهير الحاشدة التي تصورها في النظرية الثورية قبل‬ ‫أن تحتشد وقبل‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬أن تتجمهر‪ .‬إننا نتغير بعد الحلم‪ ،‬ولكن ع‬ ‫العزيز لم يتغير قبله‪ .‬أكاد أصرخ فيه‪ :‬مالك لم ترضخ إال لألهواء أيهذا‬ ‫الذي لم تهتدِ؟‬ ‫وأولئك الذين كنت أراهم وأتقاطع معهم في الفناء المبلط‬ ‫بالغرانيت كثيرون لم يكن لهم ماض وال أريد أن أعرف هل من‬ ‫الطبيعي أن يكون لهم هذا الحاضر المجنون‪ .‬لن تجد من ينكر عليك‬ ‫وداعة تلك األيام… التي ْ‬ ‫إن كان من حسناتها ما قد يُفرح في أيامنا‬ ‫هذه فهو أن الناس كانوا‪ ،‬عموما‪ ،‬في دار غفلون‪ ،‬وعلى ِنيّة ساذجة‬ ‫يعبدون القناعة ويُسَمّون الكلب قانعا‪ ،‬وال يمكن أن تجد في فناء‬ ‫الكلية أيامها من ينطق بغير النضال وإال فإنه أحول العينين أصابه‬ ‫الصمم وقد يَعْ ِزل نفسه في ركن لن تأبه في الثورة يا لطيف‪ .‬وحين‬ ‫يتعب القوم من الدعوة‪ ،‬وهو أمر غريب‪ ،‬يشعلونها مظاهرة تقلب‬ ‫الدنيا بالصراخ قلبا‪ ،‬فال يستطيع العميد شيئا ألن الدكتور الحبابي‬ ‫سبق له وأن طارد البزاوي إلى مدخل وزارة التعليم في الجانب األخر‬

‫من المدخل الرئيسي للكلية‪ .‬ومن األساتذة الذين كان عليهم أن‬ ‫يسايروا اإليقاع بجوقتهم الخاصة فئة تقدمية ارتبطت بحزب كان‬ ‫االرتباط به يوحي باألمل… وكان يسعى لتحقيقه لوال المؤامرات‬ ‫الداخلية والخارجية‪ .‬نَعَم‪ ،‬المؤامرات الداخلية التي كان لها‪ ،‬منذ‬ ‫التكوين الجماعي واالئتالف العشوائي‪ ،‬اليد ُّ‬ ‫الطولى في االنقسام‬ ‫واإلفالس‪ ،‬والخارجية التي شحذها الحكم لإليقاع بهم متهما إياهم‬ ‫بحبك المؤامرات وتدبير الفتن في البلد اآلمن األمين‪.‬‬ ‫سأنتبه في هذه الفترة التي انتميت فيها ل(لطلبة التحرريين) زمنا‬ ‫قبل المؤتمر الثالث عشر لالتحاد الوطني (لطلبة المغرب)‪ ،‬وكان معظم‬ ‫الطنجاويين إليه ينتمون‪ ،‬في معظم األحيان‪ ،‬بالعطف على الزعيم‬ ‫الطنجاوي المرحوم علي يعته‪ ،‬أن كلية اآلداب‪ ،‬وربما كما كان في باقي‬ ‫الكليات األخرى القريبة وتلك البعيدة الوحيدة في فاس‪ ،‬أن الطلبة‬ ‫صاروا يتشيعون لشعارات ملتهبة ويركبون مسارات مختلفة وآراء‬ ‫جديدة تحسبها صيغت في الحي الالتيني طرية منعشة وحامية في‬ ‫مساء اليوم السابق… الذي كان قد اشتعل فيه ماي الفرنسي القريب‬ ‫من اآلهات العاطفية الجياشة‪.‬‬ ‫جاءت (الجبهة) إلى التجمعات الطالبية مستعرة تخاطبهم في‬ ‫كل مستقر‪ .‬بدأت التجمعات تَحْمَى بقوة النقاشات المتعبة التي‬ ‫كانت تدور بيت الحالمين من كل فج‪ .‬لم يكن المراكشيون‪ ،‬كما‬ ‫اتضح لهم قبل غيرهم فيما بعد‪،‬‬ ‫مؤثرين تحت أي اسم‪ .‬ربما في‬ ‫فاس حيث انتقم لهم ع‪ .‬بلكبير‬ ‫الذي استولى على البعض من‬ ‫أولئك الفتية األدبيين المعربين‬ ‫المائلين بقوة التأثير الشرقي‬ ‫إلى األدب وفنونه‪ .‬كانت دربته‬ ‫المراكشيــة‪ ،‬المستخلصــة من‬ ‫(دار البارود) ورائحتـــه‪ ،‬مضرب‬ ‫المثل عند الشماليين منهــم‬ ‫بالخصوص… حتى أني عرفـتُ‬ ‫منهـــــم العزيز المرحــــوم م‪.‬‬ ‫المصمودي الذي لم أرافق محنته‬ ‫بعد أن تقلد مهمة سياسية‬ ‫في (االتحاد الدستوري)‪ .‬كان ع‪.‬‬ ‫بكلبير يجد متعة خاصة في القول‬ ‫ال يكل وال يمل‪ ،‬حتى إنه كان‬ ‫يقول كل شيء وال شيء البتة‪.‬‬ ‫ولذلك ذكروا له أنه أغرق القوم‬ ‫المقربين إليه في السياسية بتلك‬ ‫الطريقة المراكشية المعروفة في‬ ‫(جامع الفنا) عندما ترفع األفاعي‬ ‫رؤوسها فترمي بها نحو هدف ال‬ ‫تراه‪ ،‬إذا رأتْه‪ ،‬إال هي‪ .‬يكثر اللغط‬ ‫في سماع المتحلقين إذا تحلقوا‬ ‫وال يمل الضارب في (البندير) من‬ ‫الضرب‪ .‬ال تمل األفعى‪ ،‬ال يمل‬ ‫الناظر‪ ،‬ال يمل النظر‪ ،‬ال يمل الملل‪ ،‬وهو يخطب وتحتشد السياسة‬ ‫في فمه وال يسمع للبلهاء أي نفس‪ .‬أما حين توسط للشاعر في‬ ‫طبع ديوان ألبسه ثوب النضال فقد حاز على الرئاسة التي انتهت به‬ ‫إلى السجن أوال‪ ،‬ثم إلى الجامعة‪ ،‬ثم إلى الحزب فإلى البرلمان‪ ...‬مع‬ ‫عبور استحلى فيه االستشارة… حتى عاد‪ ،‬بعد تجربة نشر وانتشار‪،‬‬ ‫تقرب وابتعاد‪ ،‬تهالك وتهلكة‪ ،‬انقياد وتخريج نظري يبحث عن موقع‬ ‫جديد‪ ،‬إلى الحلقة مع المسمى ع‪ .‬بنكيران المطاح به بعد فهلوة‬ ‫قادته إلى الرئاسة والزيادة في أسعار المواد األساسية وقنينة الغاز…‬ ‫كأنما اإلسالم بدون روح والعياذ باهلل‪ .‬من يذكر أصدقاءنا الميامين‬ ‫من أمثال الرحماني وبنكيران الطالب الذي أتقن التفكه والمسخرة‪.‬‬ ‫مراكشيان لو لم يكن لهما ع‪ .‬بلكبير بمرصاد المنافسة لكانا لهما‬ ‫كبير شأن في سياسة الوقت الجاري أنذاك وبعدها‪ .‬الزمان لئيم يقتل‬ ‫األفئدة وال يداريه إال خائف أو محتال أو رجل تعليم عديم الحيلة‪ .‬ليس‬ ‫لي أن أتكلم عن الرئيس الذي خلف سيادة المستشار اآلن‪ ،‬وال كيف‬ ‫مالت الظروف في بداية األمر ناحية االتحاديين مع بعض التحرريين‪،‬‬ ‫ألنها سرعان ما انقلبت عليهم بقوة الحركة والجري وتهليلة األفكار‬ ‫الجديدة المحلقة في السماوات الغدية في الربوع اآلخذة بالعقول في‬ ‫هجومها الكاسح على المعاقل التي نسي فيها الخصوم خطط التغيير‬ ‫المطلوب والمحلوم‪ .‬رُبّ ناكر لدور السلطة الغاشمة أن يقول‪ :‬الحمقى‬ ‫ال يعقلون‪ ،‬وكان الطلبة كالحمقى ال يعقلون االستبداد وال يطيقونه‪،‬‬ ‫فكيف بهم يريدون قلب النظام بعد أن مزقوا حجبه التعليمية البليدة؟‬ ‫هذا هو المثال الوحيد‪ ،‬وقد أصبح اآلن قديما‪ ،‬الذي تأكل فيه الحرة من‬ ‫ثدييها إذا جاعت‪ .‬سلطة النظام أرهابية ولم يكن يستطيع شيئا مع‬ ‫األجساد العارية إال إذا اغتال أو استمال أفكارها الجمهورية إلى قِبَا ِء‬ ‫الملكية‪ .‬ال أحب أن أفسر كل شيء بسرود الحكاية‪ .‬وستبقى (يَ ْفرَن)‬ ‫حيث استقر الملك في خلوة شاهدة على الرفض‪ ...‬ولو كان هذا‬ ‫الرفض مؤقتا وعابرا ولم يغير شيئا مما كان من المطلوب أن يغيره‬ ‫طوال هذه السنوات التي مرت على أجسادنا المسلوخة في منتهى‬ ‫الشدة والعنف‪.‬‬

‫‪ ‬عـن مؤسسة س‬ ‫ليكـي أخوين بطنجة صدر هـذا‬ ‫الكتاب في ست عشرة‬ ‫وثالثمائة صفحة ( مارس ‪،)2019‬‬ ‫وهو كما يقول عنه‬ ‫صاحبه ‪« :‬حزمة من ظالل وريفة عن‬ ‫شخصيات (عبد اهلل‬ ‫كنون‪ ،‬محمد بن تاويت التطواني‪،‬‬ ‫محمد بن تاويت الطن‬ ‫جي‪ ،‬محمد المنوني‪ ،‬سعيد أعراب‪،‬‬ ‫أبو القاسم محمد ك‬ ‫رو‪ ،‬عباس الجراري‪ ،‬محمد الكتاني‪،‬‬ ‫عبد الكريم غالب‪ ،‬مح‬ ‫مد الصباغ‪ ،‬أحمد السطاتي‪ ،‬محمد‬ ‫برادة‪ ،‬جبران خليل‬ ‫جبران ‪،‬أحمد بوكماخ‪ ،‬عبد اهلل‬ ‫جبيلو)‪ ،‬لكن الكتابة‬ ‫عنها‪ ‬ال تنتمي بحال من األحوال‬ ‫لمصنفات الطبقات و‬ ‫تراجم األعالم ‪ ..‬كما أن صاحبها ـ‬ ‫وبريشة قلم ـ نفض‬ ‫عنها أزياء البطولة بتراتيبها كما‬ ‫صنف ذلك صاحب «‬ ‫األبطال» توماس كارليل‪ ..‬ومن‬ ‫جهة التناول وأسلوبه‬ ‫تجمدت النواميس المنهجية بما‬ ‫اعتراها من تلويحات‬ ‫وتقاطعات‪ ..‬هكذا تناثرت الظالل‬ ‫بأسمائهـا على هيآت‬ ‫هـا‪ ،‬وكما رسم ظـاللهـا بستانـي‬ ‫في الزمان والمكان »‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.