Achamal n° 997 le 11 Juin 2019

Page 1

‫عبد القادر الشاوي‬ ‫ضيف سلسلة «تذكرة سفر»‬ ‫الحلقة األخيرة‬

‫تراجع االستثمارات الخارجية‬ ‫المباشرة خالل الفصل األول‬ ‫من سنة ‪2019‬‬ ‫صفحة ‪7‬‬

‫الصفحة ‪20‬‬

‫يوميــة جهــويــة وطنـيـــة ت�صـدر م�ؤقتـ ًا كــل �أ�سبــوع‬

‫حوار مع الفـنـان‬

‫سعيد بلقاضي‬ ‫صفحة ‪4‬‬

‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.ma‬‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.ma‬‬

‫املدير امل�س�ؤول ‪ :‬عبد احلق بخات ـ الهاتف ‪ 05.39.94.30.08 :‬ـ الفاك�س ‪05.39.94.57.09 :‬‬ ‫العدد ‪ 997‬ـ الثمن ‪ 4‬دراهم ـ الثالثـاء ‪� 07‬شوال ‪� 11 / 1440‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫�إعــالم طنجــــة‬

‫حسالم الدين نصر‬

‫صيف طنجة‬

‫صفحة ‪6‬‬

‫كلمة الشمال‬

‫طنجة الساحرة‪! ‬‬ ‫هكذا تحضر في أذهان كل المغاربة‪ ،‬بكل فئاتهم المتراتبة‪ .‬تحضر في أذهان المثقفين والنخب ورجال األعمال‪ ،‬وفي أذهان البسطاء وعامة الناس‪.‬‬ ‫هكذا تحضر أيضا في أذهان اآلتين إليها من كل بقاع العالم‪.‬‬ ‫وهكذا حضرت طنجة عبر تاريخها السحيق‪.‬‬ ‫أكيد أن طنجة تستمد جزء عظيما من دهشتها عبر الصورة الدولية التي ارتبطت بها لفترة طويلة‪ .‬فلقد كانت إقامة «فردوسية» لكبار الفنانين‬ ‫واألدباء والسياسيين‪ ،‬وخلفت وراء ذلك حكايات مخلدة اآلن في الكتب والمصنفات‪.‬‬ ‫لكن اآلكد أن المدينة شهدت في آونتها األخيرة تحوالت هيكلية قصوى طالت كل مستوياتها «المدينية» و»الحضرية»‪ .‬واآلكد أيضا أن تهيئتها‬ ‫الحديثة صنعت دهشة الفتة في عيون كل زوارها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مع اإلطالالت األولى ألجواء «يوليوز» يبدأ الجميع يتهيأ لطنجة‪ .‬يتهيأ ليعيش صيفا استثنائيا في مدينة «مُدَوِّخَة» سياحيا‪.‬‬ ‫أتخيل أن كل هذه المعاني تحضر بقوة في وعي كل المتقلدين لمسؤولية تدبير شأن طنجة‪ .‬تحضر بمعناها «التشريعي» الملزم قانونيا‪ ،‬وتحضر‬ ‫بمعناها التاريخي والثقافي الملزم أخالقيا‪.‬‬

‫عبد اإلله المويسي‬

‫(البقية ص ‪)2‬‬


‫العدد ‪997‬‬

‫‪2‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫صيف طنجة‬

‫يومية جهوية وطنية ت�صدر م� ًؤقتا كل �أ�سبوع‬

‫املوقع الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪www.achamal.com‬‬ ‫ت�صدر عن مطبعة جريدة طنجة‬ ‫المدير المسؤول ‪:‬‬

‫عبد احلــق بخــات‬ ‫رئيس التحرير ‪:‬‬

‫عبد الإلـه املـوي�سـي‬

‫(تتمة ص‪)1‬‬ ‫بعض المؤشرات التي قد ترقى إلى مستوى االختالالت‪ ،‬ربما ستجعلنا جميعا نتطلع‬ ‫إلى صيف قد ال يمر بالصيغة الفردوسية المأمولة التي يهيئ الجميع نفسه لها‪.‬‬ ‫• الحاجة إلى الماء‬ ‫فقد أفاد تقرير مدقق تقدم به «مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية» بطنجة‬ ‫أمام وسائل اإلعالم أن حاجة المدينة إلى الماء سترتفع هذه السنة إلى ما يناهز ‪67‬‬ ‫متر مكعب‪ .‬ومعنى ذلك ببساطة أن اختالال قد يصل إلى ‪ 46‬في المائة سيحصل بينه‬ ‫وبين المخزون المتوفر‪ .‬ولم يفت التقرير التذكير بأن حجم استهالك طنجة للماء يرتفع‬ ‫سنة بعد أخرى‪.‬‬ ‫معدل استهالك طنجة للماء خالل سنة ‪ 2018‬وصل إلى إلى ‪ 117469‬مترا مكعبا‬ ‫في اليوم حسب التقرير‪ ،‬وهو معدل مرتفع مقارنة مع المعدالت الوطنية‪.‬‬ ‫أخالقيا قد تكون هناك ربما دواع غير أخالقية تجعل استهالك طنجة هدرا حقيقيا‬ ‫لطاقتها المائية‪ .‬غير أن دواع أقوى منها تقتضي أن يضع المسؤولون في االعتبار‬ ‫صورة طنجة التي نصدرها للعالم كقطب سياحي واقتصادي وصناعي واجتماعي جالب‬ ‫لالستثمارات الناهضة بطنجة‪ ،‬وتقتضي أيضا التفكير في استراتيجية مائية استثنائية‬ ‫تسد خصاصا طارئا قد يخدش صورة طنجة أمام أنظار العالم‪.‬‬ ‫• استهالك الطريق‬ ‫ربما تكون طنجة تختلف عن باقي مدن المملكة من حيث استهالكها للطريق‪،‬‬ ‫وذلك بالنظر إلى االكتظاظ الذي تعرفه طرقها الداخلية‪ ،‬أو المؤدية إليها على مدار‬ ‫السنة‪ ،‬وبالنظر أيضا إلى أن طنجة هي من بين المدن المغربية التي تتوفر على جالية‬ ‫مقيمة بالخارج يرتفع عددها باستمرار‪ ،‬تتوافد على مدينتها في مختلف المناسبات‬ ‫تستعمل مركباتها الخاصة في التنقل داخل المدينة‪ .‬كما أن الترامي المتباعد لبنيتها‬ ‫الصناعية‪ ،‬ولربما السياحية أيضا يؤجج حركيتها في السير ويجعلها ضاغطة‪.‬‬ ‫طنجة مغرية من حيث بنيتها التحتية العامة‪ ،‬ومشجعة على استخدام مختلف‬ ‫المركبات في التنقالت الفردية والجماعية‪ ،‬االمتيازية والخدماتية‪.‬‬ ‫لسنا في حاجة إلى لتذكير بالمآسي التي انفجرت مؤخرا مخلفة حوادث سير مفجعة‬ ‫نتجت عن سوء تقدير‪ ،‬أو سوء وعي في استعمال الطريق‪.‬‬ ‫وسواء تعلق األمر بحادث نقل العمال المفجع بمنطقة بني مكادة نتج عنه إزهاق‬ ‫أرواح ثالثة أشخاص‪ ،‬فيما أصيب أربعة عشر آخرون بإصابات مهددة بالموت‪ ،‬أو بحادث‬ ‫انقالب حافلة النقل المزدوج بملوسة والتي خلفت بدورها ضحايا وصل عددهم إلى‬

‫خمس وعشرين حالة‪ ،‬خمس منهم غير مطمئنة‪ ،‬أو بغيرها من الحوادث التي تنتشر‬ ‫هنا وهناك‪ ،‬وعلى وجه الخصوص بالواجهة األساسية لسياحة طنجة (الكورنيش)‪ ،‬فإن‬ ‫الحاجة إلى طرق آمنة تعتبر من بين أكبر األوليات والتحديات التي قد يواجهها صيف‬ ‫طنجة حاليا‪.‬‬ ‫• بيئة بحرية استشنائية‬ ‫بحر طنجة عبر التاريخ جالب لألنظار واألذواق‪ ،‬الداخلية والخارجية‪ .‬وفي متخيالت‬ ‫العالم ترسخت المياه الزرقاء لطنجة ورمالها الصافية كنموذج للشواطئ المصنفة‪ .‬غير‬ ‫أن المآالت التي بدأت تعرفها بعض المنتجعات قد تؤشر على تراجع الصورة البحرية‬ ‫المثالية لمدينة الساحلين‪.‬‬ ‫الجميع يعلم أن طنجة تطل من الناحية الشمالية الموالية للبحر األبيض المتوسط‬ ‫على خليج متسع بطول ‪ 12‬كيلومترا بين باب البحر في القصبة‪ ‬ورأس ماالباطا‪ .‬وهو‬ ‫الخليج الذي يدعوه الطنجاويون بـ «‪ ،»playa‬وهو‪ ‬من أهم المناطق السياحية لمدينة‬ ‫طنجة‪ ،‬فهو متصل بوسط المدينة الذي يعد المركز االقتصادي للمدينة‪ ،‬كما يتصل‬ ‫أيضا بالقصبة التي تشكل المدخل البحري للمدينة القديمة والمدينة البرتغالية‪ .‬ومن‬ ‫جهة أخرى فهو ينتهي بقلعة ماالباطا والمنتجعات السياحية في منطقة المنار‪.‬‬ ‫يعرف «الكورنيش» إهماال ملحوظا على مستوى التأهيل المائي الذي يفترض‬ ‫أن يواكب التأهيل الحضري الضخم الذي عرفه‪ .‬تحتاج الـ «‪ »playa‬إلى رعاية مائية‬ ‫بحرية استشنائية‪ ،‬وتحتاج أيضا إلى رعاية اجتماعية أكثر استثناء‪ .‬فليس من التحضر‬ ‫أن تنتشـر الكالب الضالة بالكورنيش على مدار أربع وعشرين ساعة تهدد السالمة‬ ‫الجسدية والنفسية لزوار طنجة‪.‬‬ ‫شاطئ «مرقالة» الفاخر من جانبه يهدده باستمرار تسلل المياه العادمة التي تعكر‬ ‫صفوه‪ ،‬وتنفر الناس منه‪.‬‬ ‫• األمن الجسدي‬ ‫تكشف المعدالت المرصودة أن الجريمة االجتماعية بطنجة تنتعش بين الفينة‬ ‫واألخرى‪ ،‬مقدمة صورة أمنية مقلقة تخيف الرأي المحلي‪ ،‬وقد تخيف الرأي الوطني‬ ‫والعالمي‪ .‬فاعتراض سبيل المارة‪ ،‬وتهديد أرواحهم وممتلكاتهم قد يثير مؤشرا يبعث‬ ‫على عدم االطمئنان للصورة الجميلة التي نتوق إليها جميعا في أن نتجول بين أرجاء‬ ‫طنجة آمنين سالمين‪.‬‬ ‫وعلى سبيل الذكر فغرفة جنايات محكمة استئناف طنجة‪ ،‬حسب بعض المصادر‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬أصدرت مؤخرا سبع سنوات عقوبة سجنية نافذة في حق ثالثة أشخاص‬ ‫توبعوا بتهمة سرقة الهاتف النقال لرئيس محكمة طنجة االبتدائية‪.‬‬

‫هيئة التحرير ‪:‬‬

‫عبد اللطيف �شهبون‬ ‫زبيـدة الورياغلـي‬ ‫�أ�سامـة الزكــاري‬ ‫ر�ضوان احدادو‬ ‫هدى املجاطـي‬ ‫�أبو اخلري النا�صري‬ ‫عبد احلـي مفتـاح‬ ‫محمد �إمغــران‬ ‫م�صطفى ال�سباعي‬ ‫محمد �سدحــي‬ ‫اإلدارة واإلشهار والعالقات العامة ‪:‬‬

‫محمد طارق بخات‬ ‫اإلخراج والتصفيف‪:‬‬

‫«جريدة ال�شمال»‬ ‫عنوان التحرير والمراسالت والتسويق‬ ‫واإلشهار ‪:‬‬

‫‪ 7‬مـكـــرر‪ ،‬زنقـة عمــر بــن‬ ‫عبد العزيز ـ طنجــة ـ‬ ‫الهاتــف ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.30.08‬‬ ‫‪06.22.45.30.67‬‬ ‫الفاكــ�س ‪:‬‬ ‫‪05.39.94.57.09‬‬ ‫الربيد الإلكرتوين ‪:‬‬ ‫‪info@achamal.com‬‬ ‫‪achamal2000 @gmail.com‬‬ ‫سحب من هذا العدد ‪:‬‬

‫‪� 10‬آالف ن�سخــة‬ ‫التوزيع‪:‬‬

‫�سبـريــ�س ‪Sapress‬‬ ‫الإيداع القانوين‪99/10 :‬‬ ‫ر‪.‬د‪.‬م‪.‬ك‪:‬‬

‫‪I.S.S.N : 1114-1832‬‬


‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪997‬‬

‫درد‬ ‫شة‬

‫م�صطفى حجاج‬

‫‪3‬‬

‫دردشة‬ ‫في عز الصيام‪ ،‬حضرتُ درسا ألحد الوعاظ‪ ،‬فأكبرتُ فيه اختياره لموضوع طالما‬ ‫تقت لسماعه‪ ،‬أال وهو آداب المسجد‪.‬‬ ‫والعادة المتبعة لدى جل وعاظنا ومرشدينا الدينيين في شهر رمضان‪ ،‬أن يخصصوا‬ ‫معظم دروسهم للحديث المكرر المعاد عن معنى الصيام لغة وشرعا‪ ،‬ومبطالته‪،‬‬ ‫ومستحباته‪.‬‬ ‫أما فقيهنا هذا ‪ -‬وفقه اهلل ‪ -‬فقد ال حظ بعض التجاوزات التي تشهدنا مساجدنا‬ ‫في كل فريضة‪ ،‬فقرر أن يلفت انتباه المصلين إليها‪ ،‬انطالقا من اآلية الكريمة‪« :‬يا بني‬ ‫آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد»‪.‬‬ ‫وقد ركز على ثالثة أشياء‪:‬‬ ‫ هيئة المصلي حين يقف بين يدي اهلل‪ ،‬فعاب على الكثيرين‪ ،‬عدم اهتمامهم‬‫بمظهرهم‪ ،‬وحاول إشعارهم بأنهم إذا دخلوا في الصالة‪ ،‬فقد وقفوا بين يدي اهلل‪ ،‬ومن‬ ‫العيب أن يمثل المؤمن بين يدي اهلل بمالبس غير نظيفة‪ ،‬تنبعث منها روائح كريهة‪.‬‬ ‫ هيئة المصلي وهو ينتظم في الصفوف‪ ،‬وهنا أشار إلى ظاهرة تقلق عددا من‬‫المصلين‪ ،‬وهي فتح الرجْلين بصورة ّ‬ ‫تذكرنا بالحركات الرياضية‪ ،‬وتساءل إن كان‬ ‫الواحد منا يستسيغ أن يقف بهذه الكيفية أمام مسؤول صغر شأنه أو كبُر‪.‬‬ ‫ كيفية الدخول إلى بيوت اهلل أو الخروج منها‪ ،‬وقد حذر الداخلين والخارجين على‬‫السواء من أمرين اثنين‪ :‬تخطي رقاب الناس للوصول إلى الصفوف األمامية‪ ،‬والمرور‬ ‫أمام المصلين أثناء أدائهم للصالة‪.‬‬ ‫وإذا كنت قد أكبرت في هذا الواعظ‪ ،‬حسن اختياره للموضوع‪ ،‬فقد قدرت فيه‬ ‫اختصاره وتركيزه‪ ،‬فالمستمع البسيط قد يتشتت ذهنه إذا دخ ْلتَ به في متاهات‬ ‫الخالفات واألقوال المتضاربة واالستطرادات‪ ،‬ولكننا إذا أعطيناه المعلومات في شكل‬ ‫رؤوس أقالم‪ ،‬فأكيد أنه سيخرج من الدرس بقدر واف من الفوائد والعظات‪.‬‬ ‫ورحم اهلل بعض علمائنا الذين كانوا إذا تفتحت شهيتهم للكالم‪ ،‬انتقلوا بك من‬ ‫موضوع إلى موضوع‪ ،‬بحجة أن الشيء بالشيء يُذكر‪ ،‬دون أن يلتزموا بموضوع الدرس‪،‬‬ ‫أو يضعوا له خريطة طريق‪.‬‬ ‫وهذه ‪ -‬في رأيي ‪ -‬رسالة مجالسنا العلمية الموقرة‪.‬‬ ‫فتبسيط الدروس وتقريبها من أذهان الناس‪ ،‬من أهداف هذه الرسالة‪.‬‬ ‫والدورات التدريبية التي تخصصُ لفقهائنا األجالء‪ ،‬وسيلة من وسائل تحقيق هذه‬ ‫األهداف‪.‬‬ ‫فنسأل اهلل لفقهائنا وعلمائنا التوفيق والسداد‪ ،‬والنجاح والفالح‪.‬‬

‫بعض نمنمات العيد‬ ‫‪-‬‬

‫رغم أن حسابات الفلكيين احتملت مبكرا أن ال يكمل شهر رمضان‬ ‫الثالثين؛ لم ينجرف الصائمون مع هذا االحتمال‪ ،‬كما الوزارة المشرفة‬ ‫على الوظيفة العمومية التي أعلنت أن يوم الجمعة سيكون عطلة إذا‬ ‫صدق هذا االحتمال‪ ،‬وبقي التشويق يفعل فعله إلى أخر رمق من يوم‬ ‫الصيام األخير الذي صادف يوم الثالثاء‪ ،‬ولم يقطع الشك باليقين إال‬ ‫بعد أن ضربت المدافع وعال الصوت الثالثي للصفارات الرمضانية‬ ‫إعالنا عن العيد‪.‬‬

‫‪EEEE‬‬

‫بعد مرور يوم العيد‪ ،‬ظهر الهالل عند الغروب من جديد في‬ ‫السماء الزرقاء الصافية‪ ،‬عاد الحديث عن صحة احتمال الفلكيين‬ ‫وزيادة‪ ،‬بل إن وضوح الهالل‬ ‫وحجمه البارز ذهب بالكثيرين‬ ‫إلى الشك أبعد مما يحتمله القمر‬ ‫نفسه أي إلى شعبان وما قبله‪،‬‬ ‫لقد أصبح الشك سيد الموقف‬ ‫في كل ما هو رسمي‪ ،‬ولم‬ ‫يستطع التقدم العلمي أن يمحو‬ ‫رواسب الماضي واعتماد جل‬ ‫الناس على إحساسهم الذاتي‬ ‫و هواجسهم تجاه ما يسمونه‬ ‫ب»خلفيات سياسية» في‬ ‫حساب دخول رمضان وخروجه‪،‬‬ ‫وتعبيرهم عن ذلك ب «جابوه»‬ ‫أو «ماجابوهشي»‪.‬‬

‫‪EEEE‬‬

‫عند شيوع خبر العيد‪ ،‬تتسارع الحركة‪ ،‬يخرج المتباطئون‬ ‫والمتأخرون‪ ،‬وكأن العيد باغتهم لينهوا في اللحظات األخيرة عملية‬ ‫التسوق وليستكملوا العدة الضرورية الستقبال العيد واالندماج‬ ‫في طقوسه الجماعية‪ ،‬يكون لهم التجار بالمرصاد‪ ،‬خصوصا الباعة‬ ‫المتجولين‪ ،‬الذين شحذتهم التجارب‪ ،‬فتعلو األصوات منادية وتتكون‬ ‫في الشوارع حلقات من الزحام هنا وهناك‪ ،‬فكأن قلب المدينة تحول إلى‬ ‫موسم ليلي بدون «موسم» (برفع الميم)‪.‬‬

‫‪EEEE‬‬

‫قبل هبوب نسائم الفجر يسود الهدوء الذي يسبق العاصفة‪،‬‬ ‫لتكسره في معظم األحياء بعد ذلك‪ ،‬دقات الطبول وانفجارات األنفار‬ ‫واختناقاته وأصوات المزامير‪ ،‬شيئا فشيئا‪ ،‬ثم عبارات «أروا الفطرة»‬ ‫وارتدادات األجراس التي تتضاعف قوتها في األزقة الضيقة والدروب‬ ‫المغلقة‪ ،‬تتالقى‪ ،‬بين نوم ويقظة‪ ،‬البيوت عبر األبواب أو من الشرفات‬ ‫بالطبال و النفار والغياط وغيرهم‪ ،‬وتتعالى أصوات» اهلل يرحم‬ ‫الوالدين» والشكر المتبادلة‪ ،‬فيما مضى كانت زكاة العيد أو «الفطرة»‬ ‫تخرج زرعا بالصاع الخشبي أو بما كان يعرف ب «السني» وترفق أحيانا‬ ‫بحلويات‪ ،‬واآلن يقيم مقدارها نقدا لطغيان المعامالت النقدية‪ ،‬في زمن‬

‫عبد الحي مفتاح‬

‫السوق الرأسمالية‪ ،‬على غيرها من المعامالت المادية في الصدقات‬ ‫التي تترك للمستضعفين حرية استعمال ما يجنونه من مال‪ ،‬ولو قليل‪،‬‬ ‫فيما يرونه ضروريا‪.‬‬

‫‪EEEE‬‬ ‫صباح العيد‪ ،‬قبل الصالة‪ ،‬أو باألحرى بعدها‪ ،‬تتصاعد في البيوت‬ ‫هبات أباريق الشاي المنعنع المتبخترة في صوانيها يحفها ما طاب‬ ‫ولذ من أشكال وأنواع الحلويات التي يتفنن في إبداعها نساء بلدتي‬ ‫الحاذقات والحلوانيون‪ .‬وفي المساجد والمصليات‪ ،‬ثم في الطرق‬ ‫واألزقة والدروب واألحياء ال تسمع إال وجوها مستبشرة يجلها البياض»‬ ‫مبروك العيد» التي أخذت تنافسها‪ ،‬مؤخرا‪« ،‬مبروك العواشر» فتتصافح‬ ‫األيدي وتتصافى القلوب‪ ،‬فينزل‬ ‫العيد الذي له منزلة دينية راسخة‬ ‫منزلة «التطهير»‪.‬‬

‫‪EEEE‬‬ ‫يتعانق أفــراد األســر التي‬ ‫أصبحت أغلبهـا «نووية» فرحا‬ ‫بالعيد‪ ،‬ثم تستكمل زينة وتعطر‬ ‫األطفال والباقي من الكبار الذين‬ ‫غالبهم النوم‪ ،‬ليبــدأ طــواف‬ ‫الزيارات لألصول ثـــم الفــروع‬ ‫بحسب القرب والبعد أو الدرجات‬ ‫والسالليم‪ ،‬وللنفوس والقلوب‬ ‫فيما تعشق مذاهب‪ .‬األطفال هم من يطيرون بهجة كالحمائم‪،‬‬ ‫فيمهرون أجواء العيد بصفاء البراءة التي ال يكدرها أي شيء من عالم‬ ‫الكبار‪.‬‬

‫‪EEEE‬‬ ‫في األمس القريب كان الهاتف وحده هو الواسطة إلبالغ تهاني‬ ‫العيد مع البعيدين‪ ،‬ثم تلته في الزمن الرقمي رسائله الخطية‪ ،‬وفي‬ ‫زمن الهواتف الذكية و األنترنت اختلط الحابل بالنابل‪ ،‬وكادت‬ ‫المشاعر أن تتحنط في قوالب وهمية جاهزة‪ ،‬الكل يهنئ الكل بفضل‬ ‫الويفي والكاتر جي‪ ،‬بل إن بعض المستعجلين أطلقوا تهانئهم في‬ ‫اليومين األخيرين من رمضان‪ ،‬وكأنهم يستقدمون شوال ويدفعون‬ ‫بطء الشهر الكريم‪ ،‬إننا دخلنا دهليزا ال نتبين لحد اآلن نعمته من‬ ‫نقمته‪ ،‬وإن كان الرجاء خيرا لتغليب القيم اإليجابية واألخالق الفاضلة‬ ‫على ما دونها‪ ،‬وإحالل التضامن الواقعي وترسيخه بفضل تعابير‬ ‫اإلعجاب والود‪ ...‬االفتراضية‪.‬‬ ‫هذه بعض المزركشات من عيد الفطر أو العيد الصغير الذي من‬ ‫خالله تطل قرون عيد األضحى أو العيد الكبير‪ ،‬كما يقول العارفون‪ .‬وكل‬ ‫عيد و نحن في أبهى حلة رغم كل شيء‪...‬‬

‫قولوا ‪ :‬أهلل‬ ‫عبد اللطيف �شهبون‬

‫‪abdelchahboun@hotmail.com‬‬

‫في ليلة الخامس والعشرين من رمضان األبرك‬ ‫لهذه السنة نظمت مشيخـــة الطريقــة القادرية‬ ‫البودشيشية بتنسيق مع مؤسسة الجمال للسماع‬ ‫والمديح بمسرح محمد السادس بمدينة وجدة ليلة‬ ‫سماع أحيتها إفادات وإنشادات المجموعة الوطنية‬ ‫للسماع والمديح للطريقة القادريــة البودشيشية‬ ‫برئاسة سيدي معاذ القادري بودشيش حفظه اهلل‪.‬‬ ‫ليلة وجدة كانت مباركة ميمونة انضافــت‬ ‫لمفاصل حلقــات سماعية داخل تــراب المملكــة‬ ‫وخارجها‪..‬‬ ‫في وجدة‪ ،‬كــان جمهور الفقراء والفقيرات‬ ‫وعموم النــاس من أرض اهلل الواسعـــة ملتفـــا‬ ‫حول شيخ الطريقة سيــدي جمال الدين القادري‬ ‫بودشيش‪ ،‬منشدا إلى سماع قلبي مقتنـــص لروح‬ ‫كل من علم مشربه‪..‬‬ ‫هو ذا سماع مجموعة وطنية مباركة للطريقة‬ ‫القادرية البودشيشية‪ ،‬ضامة ألجيــال في خيـــط‬ ‫ناظم؛ خيط نشأة وتربية ؛ ولسان حال كل فرد فيها‬ ‫يصدح ‪:‬‬

‫أنا عشقي صار للزاويـــــــــه‬ ‫والزاويه ترفع مقامــــــــي‬ ‫سيدي جمال شيخ الزاويــــــه‬ ‫عرفني أسرار مدامــــــــي‬ ‫نذكر ونجدد أذكــــــــــــــاري‬ ‫بها نقضي كل أوطـــــاري‬ ‫سيدي جمال راضي عليــــــا‬ ‫نور لي طريق التربيــــــــه‬

‫هو ذا سماع مبارك ‪:‬‬ ‫مرتكزه في بدء وختم ‪ :‬اسم اهلل األعظم الجامع‬ ‫لكل األسماء ؛ أو ذات مطلقة من حيث هي هي‪..‬‬ ‫أداؤه جار على تنـوع مبهـر في انسجام وقـوة‬ ‫وحدة؛ على أجنحتها تطير أرواح بلباس رحماني‬ ‫ثاو في أنساغ ابتهاالت وتوسالت منتقاة بعناية‬ ‫وتوجه‪..‬‬ ‫انصرافه سار في ذوات الذين يسمعون بحق‪..‬‬ ‫في حق‪..‬لحق‪..‬من الحق‪..‬‬ ‫غايته تربوية تطهيرية‪..‬‬ ‫سره في إذن وحسن تسيير ؛ بتعبير موالي أحمد‬ ‫الطاهري حفظه اهلل‬ ‫مستمد من شيخ التربية سيدي جمال الدين‬ ‫القادري بودشيش نضر اهلل أيامه‬ ‫ملبسه جمال ومعينه كمال‪..‬‬ ‫ولكونه كذلك ؛ سائرا على ذلك ؛ فهو ال يبقي‬ ‫ذرة من عالـــم نفــس سامـع يستخفــه الطــرب‬ ‫ليحمله على الطلب ؛ سامع مبذول للحق‪ ،‬ال لشيء‬ ‫سواه ‪..‬‬ ‫قولوا ‪ :‬أهلل‬


‫الشمال الفني‬ ‫‪4‬‬

‫إشراف الفنان يوسف سعدون‬

‫العدد ‪ 997‬ـ الثالثـاء ‪ 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫سعيد بلقاضي‬ ‫الفـنــان‬

‫حاوره عبد اإلله المويسي‬

‫نبدأ بالسؤال حول البدايات األولى اللتقائك‬ ‫بالسماع‪ ،‬والتي ستمنح المغرب هذه الموهبة‬ ‫المميزة؟‬ ‫•• بدايتي كانــت بالزاويــة الدرقاوية بمدينة‬ ‫طنجة‪،‬كنت أصاحب جدي إلى عدة أماكن مقدسة‬ ‫مثل ‪ :‬مسجد القصبة والجامع الجديد حيث كان‬ ‫مولعا بقراءة الحزب الراتب‪،‬لكن الزاوية الدرقاوية‬ ‫كانت معروفة بمجالس الذكر والمذاكرة‪،‬كل يوم‬ ‫جمعة بعد صالة العصر حتى صالة العشاء يقوم‬ ‫المادحون بتالوة البردة بالطريقة الريسونية‬ ‫الطنجاوية مع تخليالت مديحية بين وقفاتها مع‬ ‫استظهار لإلنشادات األندلسية التي عشقتها منذ‬ ‫أن كان عمري عشر سنوات‪.‬‬ ‫في هذه األجواء تربيت مع شيوخ السماع‬ ‫الذين أخذوا بيدي ولقنوني عدة أمور اتخذتها‬ ‫منهاجا لي في مسيرتي وتجربتي الفنية‪.‬‬ ‫أين يمكن تصنيف تجربتك الفنية؟‬ ‫•• تجربتي الفنية تصنف ضمن العالم الجمالي‬ ‫للنغم المغربي األصيل‪،‬فقد تخصصت في كل ما‬ ‫هو راسخ في القدم من حيث األلحان المغربية‬ ‫األصيلة دون تمييع ـ كما فعل أغلب المنشدين‬ ‫المرتزقةـ واجتهدت في حفظ الغريب من الصنائع‬ ‫األندلسية واألدوار الزاوياتية‬ ‫التي غابت عن الكثيرين‪،‬وكلما أتيحت لنا‬ ‫الفرصة نخرج بعض الدرر إلى الوجود لكي تنضاف‬ ‫إلى الساحة الفنية‪.‬‬ ‫فقد استفدت من مشايخ المديح والسماع في‬ ‫طريقة غنائهم األصيلة التي تعتمد على مخاطبة‬ ‫القلب والروح قبل مخاطبة األذن‪،‬وكلما كان‬ ‫المطرب من هذا الصنف كلما كانت تجربته أعمق‬ ‫وأرقى من اآلخرين‪.‬‬ ‫كما أنني مزجت بين الغناء والعزف على آلة‬ ‫العود وآالت اإليقاع مما جعلني أسير على نهج‬ ‫موسيقي قاعدته قوية وأساسه متين‪.‬‬ ‫هل أنت راض عن ما قدمته لحد اآلن في‬ ‫مشوارك؟‬ ‫•• في الحقيقة‪،‬ال يمكن لفنان ملم بخبايا الفن‬ ‫أن يكون راض عن فنه أتم الرضى‪،‬ال سيما إذا كان‬ ‫هذا المشوار يصب في الموسيقى الصوفية‪،‬فهي‬ ‫بحر ال ساحل له وكلما تعلمت شيئا وجدت أنه‬ ‫يؤدي بك إلى أشياء أخرى وهكذا‪.‬‬ ‫منذ صغري تعلمت أن إتقان كل عمل فني‬ ‫أقوم به هو في حد ذاته نجاح‪،‬فقد سجلت عدة‬ ‫أعمال سمعية وبصرية داخل المملكة المغربية‬ ‫وخارجها والتي صارت اآلن مرجعا في الموسيقى‬ ‫الصوفية واآللة‪،‬وقد تخرج على يدي مجموعة‬ ‫من الطلبة الذين صاروا بدورهم يشكلون لبنات‬ ‫مهمة في األجواق الرسمية في كل المحافل‪.‬‬ ‫لكن مشوارنا الجمالي ال حدود له‪ ،‬كما يقول‬ ‫الفيلسوف األلماني (كانط)‪:‬إن الجميل ليس ما‬ ‫يرضيني فحسب بل هو ما يرضي جميع الناس‪.‬‬ ‫ونحن نعمل جاهدين على المضي قدما في‬ ‫االجتهاد سائرين على النهج الذي سطـره لنـــا‬ ‫المشايخ‪.‬‬ ‫ما العمل الفني الذي تتمنى لو أنك من أنجزه؟‬ ‫•• هناك أعمال تمنيت لو أنني كنت فقط مشاركا‬ ‫فيها ألن إنجازها ليس بالشيء السهل منها ‪:‬‬ ‫بعض تسجيالت جــوق اإلذاعـــة الوطنيـــة‬ ‫لموسيقى اآللة برآسة موالي أحمد الوكيلي‪،‬ال‬ ‫سيما التي سجلت بين عام ‪ 1957‬و ‪ 1968‬والتي‬ ‫عرفت ازهارا ال حدود له من ناحية الغناء والعزف‪.‬‬ ‫وفي السماع كانت هناك تسجيالت قديمة‬

‫تعود للستينيـات من القـرن الماضي‬ ‫تضم خيرة المنشدين من جل المدن‬ ‫المغربية منهم‪ :‬سيدي عبــد السالم‬ ‫الشبيهي ـ الفقيـه الحياني ـ اإلخوة‬ ‫العمراويين ـ المنصوري ـ موالي عبد‬ ‫اهلل الوزاني ‪ ...‬كنت أتمنى لو حضرت‬ ‫معهم مجلسا مباشرا داخل اإلذاعة‪.‬‬ ‫كما أنني في استماعي للتسجيالت‬ ‫القديمة للزاويـة الحراقيــة بمدينـة‬ ‫تطـوان أحس بقوة روحية في الغناء واإليقاع ال‬ ‫توجد في أماكن أخرى وأبدأ بتخيل نفسي معهم‬ ‫في عهد الشيخ سيدي عرفة الحراق رضي اهلل عنه‪.‬‬ ‫الالئحة طويلة لهذه األعمال الفنية الجميلة‬ ‫وال يمكن حصرها‪.‬‬ ‫ما هو تقييمك لفن السماع بالمغرب اآلن؟‬ ‫•• السماع المغربي في الوقت الراهن عرف‬ ‫تغييرا ملحوظا‪،‬فاليوم نرى أن هناك مجموعة من‬ ‫الجمعيات التي تعنى بهذا الفن والتي خلقت له‬ ‫فضاءات جديدة لممارسته بعد أن كان مقتصرا‬ ‫على الزوايا وأماكن العبادة‪.‬‬ ‫في القديم كان المنشدون يحفظون مئات‬ ‫القصائد‪ ،‬حتى إن بعضهم لن تسمع منه قصيدة‬ ‫تكرر إال بعد مرور شهور عديدة‪،‬عكس اليوم الذي‬ ‫نجد فيه المنشدين فارغين من دورهم‪،‬‬ ‫ال يحفظون إال تلك األشعار التي سيؤدونها‬ ‫في الموال ( االستخبار) وأغلبها مكرر‪.‬‬ ‫قديما كانت األشعار محفوظة في الصدور أما‬ ‫اليوم فهي مكتوبة فقط في السطور‪،‬إن أغلقت‬ ‫لهم الكتاب فلن تجد من يتبعك‪.‬‬ ‫أما من ناحية المظهر الخارجي للمادحين‬ ‫فقد صرنا نستحيي أن نقول أننا نتنمي لهذا‬ ‫الميدان‪،‬بينما لو رأيت صور المنشدين القدماء‬ ‫لتلمست فيهم ذاك الوقار المقرون بنظرة العلماء‬ ‫والصالحين‪.‬‬ ‫خالصة القول ‪ :‬زينوا المظهر وأتلفوا الجوهر‪.‬‬

‫لكن هذا لن تجده في الشباب الذين تربوا في‬ ‫الزوايا وحلق الذكر‪،‬وهنا يكمن الفرق‪.‬‬ ‫ما هو تقييمك لألغنية المغربية بشكل عام؟‬ ‫•• إن كانت األغنية المغربية مبنية على الكالم‬ ‫الجميل والهادف مع اللحن المطلوب فهي ما‬ ‫نصبو إليه في وقتنا الراهن لمكافحة هذه األلوان‬ ‫الموسيقية التي ال تمثلنا ثقافيا وال تاريخيا‪.‬‬ ‫إن العائالت المغربية األصيلة صارت مشتاقة‬ ‫إلى ذاك الفن الهادف الذي كان في العهد الذهبي‬ ‫لألغنية المغربية‪.‬‬ ‫أتمنى أن يعاد النظر في مثل هذه األمور من‬ ‫طرف المسؤولين الفنيين المشرفين على القنوات‬ ‫التلفزية‪.‬‬ ‫كيف تنظر إلى اهتمام التلفزيون المغربي‬ ‫بهذا الفن؟‬ ‫•• التلفزيون المغربي خصص للفن الصوفي‬ ‫والتراثي حلقات موسمية خجولة جدا ال تذاع‬ ‫وال تشاهد إال في مناسبات معدودة‪،‬مما جعل‬ ‫هذه الفنون تصير غريبة في ديارها ولهذا أقول‬ ‫للمشرفين على البرامج الفنية ‪ :‬إذا أسندت األمور‬ ‫لغير أهلها فانتظر الساعة‪.‬‬ ‫أال تعتقد أن فن السماع منغلق على ذاته؟‬ ‫•• فن السماع لم يكن يوما منغلقا على‬ ‫نفسه‪،‬فكونه كان يتواجد فقط بالزوايا ال يعني‬ ‫أنه منغلق‪،‬بل يعني أنه مقدس‪،‬والمقدس في‬ ‫عرف كل الشعوب ال يأتي إلى الناس بل يؤتى إليه‪.‬‬

‫حو‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫مع‬

‫فـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ا‬ ‫ن‬

‫ويقع الدور هنا على اإلعالم كما قلنا‪،‬فمن‬ ‫الواجب على القنوات المغربية أن تقوم بإيصال‬ ‫هذا الفن إلى المشاهد والمستمع داخل بالدنا‬ ‫وخارجها عن طريق البرامج المتواصلة التي تهتم‬ ‫بهذا الفن المغربي األصيل لكي تعتاده اآلذان‪.‬‬ ‫ومعروف عن السماع المغربـــي األصيــل أن‬ ‫له تأثير جميل على النفوس واألرواح وبه تتقوى‬ ‫األبدان‪،‬وقد وصفه أهل الذوق بأنه مثل الشراب‬ ‫الذي كلما نهلت منه إال وازددت عطشا والذي ال‬ ‫يقدر بثمن ‪:‬‬ ‫من ذاق طعم شراب القوم يدريه‬ ‫ومـن دراه غــدا بالــروح يشريــه‬ ‫أسأل اهلل أن يعرف المغاربة قدر فنهم الروحي‬ ‫ويدافعوا عنه بأرواحهم‪،‬ألن الشعوب التي ال تعرف‬ ‫هويتها يكون مآلها الزوال‪.‬‬ ‫ما هي نصيحتك للمادحين الشباب ؟‬ ‫•• أنصحهم بالبحــث عن جوهــر السماع‬ ‫الصوفي داخل الزوايا وليس خارجها‪،‬وأن يتخذوا‬ ‫لهم شيخا ملقنا يأخذون عنه أصول السماع‬ ‫الصوفي بدل الحفظ األعوج من آالت التسجيل‪.‬‬ ‫علم السمـــاع مبنــي على التلقيـــن المباشر‬ ‫ليكون السند صحيحا‪،‬بالتلقين تكون النظرة التي‬ ‫يفتح اهلل بها أبوابا ال تفتح لكثيرين‪.‬‬ ‫فمن تواضع وتعلم اغتنم‪،‬ومن لم يفعل كان‬ ‫شيخه الشيطان‪.‬‬


‫الشمال الفني‬

‫العدد ‪997‬‬

‫ذاكرة فيلم‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪5‬‬

‫يف احلاجة �إلى «�أنفا�س»‬ ‫يوسف سعدون‬

‫املواطن كني‬ ‫• محمد عابد‬

‫بطاقة تقنية ‪:‬‬ ‫البلد‪ :‬أمريكا سنة ‪1941‬‬ ‫إنتاج و إخراج ‪ :‬أورسن ويلز‬ ‫سيناريو‪ :‬هيرمان ماركوفتش و أورسون‬

‫ويلز‬ ‫تصوير‪ :‬كريج توالند‬ ‫تشخيص‪ :‬أورسون ويلز‪ -‬جوزيف كوتين‪-‬‬ ‫دوروثي كامنجور‪ -‬إيفريت سلون‪ -‬أجينس‬ ‫مورهيد‪.‬‬ ‫عندما شاهدت أول مرة فيلم المواطن‬ ‫كين‪ ،‬وكان ذلك في بداية الثمانينات ‪،‬في إطار‬ ‫عروض األندية السينمائية بالمغرب‪،‬أصبت بما‬ ‫يشبه الدهشة‪.‬فالفيلم من إخراج مخرج من‬ ‫طينة خاصة‪.‬‬ ‫اورسون ويلز قدم لنا تحفة فنية مختلفة‬ ‫عن السينما األمريكية المعروفة آنذاك‪.‬‬ ‫الشريط يحكي قصة مواطن إسمه تشارلز‬ ‫فوستر كين‪ ،‬ورث ثروة مهمة ‪،‬و دخل في دوامة‬ ‫التفكير بما يجب فعله بها‪.‬‬ ‫إزاء هذا الوضع‪ ،‬وجد المواطن كين نفسه‬ ‫في متاهة ال حد لها‪ ،‬كشفت تناقضاته الداخلية‪،‬‬ ‫والتي هي في الواقع إحالة على تناقضات أمريكا‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫هذه التناقضات التي انكشفــت بمجرد ما‬ ‫ورث الثروة‪ ،‬جعلت المتلقي أمام شخصية مركبة‪،‬‬ ‫غير منسجمة مع ذاتها‪،‬وغارقة في الغرور والحذر‬ ‫والقسوة‪ ،‬رغم ما تصطنعه من ذكاء و روح‬ ‫عصرية‪ ...‬وبفعل هذه الوضعية دخل المواطن‬ ‫كين في عزلة عن المجتمع‪ ،‬وبقي وحيدا وسط‬ ‫ثروته‪.‬‬ ‫هذه الشخصية اغرت أحد الصحفيين‪،‬‬ ‫وقرر أن يقوم باستطالع في الموضوع‪.‬وعندما‬ ‫ستنضاف شخصية الصحفي الى الشريط‪،‬‬ ‫ستنضاف معه شخصيات أخرى‪ ،‬ستكون هي ملح‬ ‫بنية السرد الفيلمي‪.‬‬

‫لقد فرضت ظروف التحري التي يقوم بها‬ ‫الصحفي أن يلتقي بمدير أعمال المواطن كين‬ ‫‪،‬وصديقه‪ ،‬وزوجته الثانية التي هجرته‪ ،‬وأحد‬ ‫خدامه‪ ،‬وكل هذه الشخصيات تفيدنا بجزء مهم‬ ‫من حياة المواطن كين‪ ،‬و ان المخرج أرادها‬ ‫إضاءات لشخصية تملك كل شئ وال تملك أي‬ ‫شئ‪.‬‬ ‫ومن خـالل هــذه العالقــة القريبة من‬ ‫المواطن كين ‪،‬تبين أن الرجـل كان مكروهـا‬ ‫لدى أغلب معارفه‪ ،‬بسبب سلوكاته الحذرة حد‬ ‫المرض‪.‬‬ ‫هل فعال كل ما قيل عن المواطن كين من‬ ‫طرف معارفه هو الحقيقة؟ أم جزء منها ؟ أم ان‬ ‫األمر مختلف تماما؟‬ ‫ولفهم شخصية كين انتبــه الصحفــي‬ ‫إلى الكلمـة التي تفوه بها وهو على فراش‬ ‫الموت «برعـم الوردة»‪ ،‬وقــرر أن تكون هي‬ ‫المفتاح الرئيسي لفهم هذه الشخصية الملغزة‪،‬‬ ‫وسيكتشف المشاهد معنى هذه الجملة عندما‬ ‫يراها منقوشة على مزلجة كين التي كان يلعب‬ ‫بها في طفولته‪ ،‬وهي تحترق وباقي أغراضه‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫حنين الطفولة‪،‬هو جزء من لغز المواطن‬ ‫كين‪،‬وجزء من معاناته‪ ،‬ألنه كلما عاد إليها‬ ‫بذاكرتـــه‪ ،‬تراءت له صور الطفولة البريئـــة‬ ‫والعذبة‪،‬ورغم كل الثروة التي يملك فإنه لم‬ ‫يستطع أن يعيش ولو لحظة قصيرة من الفرح‬ ‫الطفولي‪،‬بل العكس‪،‬جلبت له الثروة كل القنوط‬ ‫والخوف والخصام مع ذاته المهزوزة‪.‬‬ ‫فيلم المواطن كين‪ ،‬زادته الموسيقى‪ ،‬التي‬ ‫ألفها خصيصا له الفنان بيرنارد هيرمان‪ ،‬روعة‪،‬‬ ‫وانسجمت مع ايقاع السرد المتدفق كشالل‬ ‫‪،‬والمعقد في آن واحد ‪ ،‬وسيظل الفيلم رغم مرور‬ ‫الزمن محتفظا بطراوته ونضارته‪.‬‬

‫سجل الفعل الثقافي في مغرب مابعد االستقالل حضورا قويا في تجاذب الرؤى حول طبيعة الدولة المنشودة في شكلها‬ ‫العام‪،‬وكان هذا الحضور جزءا من الصراع السياسي الذي عرفته المرحلة‪،‬انطالقا من مرحلة الستينيات إلى نهاية الثمانينيات‪،‬‬ ‫و باسترجاعنا لطبيعة هذا الصراع والذي تميز بتقابل الرؤى حول شكل النظام السياسي المراد ترسيخه‪ ،‬يستوقفنا‪ ‬المشهد‬ ‫الثقافي السائد آنذاك حيث أن األسئلة الكبرى التي طرحها المشهد السياسي‪ ‬من قبيل الهوية الوطنية والديموقراطيةوالتحرر‬ ‫واالنعتاق وبناء المغرب المستقل‪..‬وجدت صداها في الساحة الثقافية حيث ناضل المثقفون والفنانون من أجل بناء مفهوم‬ ‫وطني للثقافة المغربية يرتكز على تملك للثقافة الوطنية‪ ‬في كل تجلياتها‪ ‬من خالل العمل على بناء نسق ثقافي وجمالي‬ ‫جديد قوامه بناء الهوية الثقافية الوطنية في بعدها الكوني‪.‬‬ ‫ومن اجل هذه الغاية‪،‬عملت نخبة من المثقفين (كتاب وشعراء وتشكيليون) على تأسيس مشروع ثقافي جاد هو مجلة‬ ‫«أنفاس» سنة ‪ 1966‬التي كان الشاعر والكاتب عبداللطيف اللعبي مهندسها‪ ‬الفعلي ورئيس تحريرها‪.‬باإلضافة إلى مصطفى‬ ‫النيسابوري‪،‬وأسماء أخرى كانت تواظب على الكتابة في المجلة كمحمد خير الدين واحمد البوعناني وعبدالكبير الخطيبي‬ ‫والطاهر بن جلون‪ ‬وفنانون تشكيليون كمحمد شبعة ومحمد المليحي وفريد بلكاهيةوغيرهم‪.‬‬ ‫كل هؤالء اجتمعوا من اجل بلورة مفهوم جديد للثقافة الوطنية ضدا على ما كان يراد لهذه الثقافة من تأطير ضمن قيم‬ ‫تقليديةوبالية تناهض التجديد واالجتهاد واالبتكار‪ .‬‬ ‫فعمل الكتاب والشعراء على هدم الهوة بين الكتابة بالعربية والفرنسية(كوجه من وجوه الوحدة) كما عملوا على تجديد‬ ‫مفهوم الكتابة عبر‪ ‬الثورة على أساليب تقليدية والتأسيس ألجناس إبداعية حداثية تستوعب الهم اإلنساني وتحرر الفعل‬ ‫اإلبداعي‪.‬كذلك فعل التشكيليون الذين جعلوا من المجلة منبرهم فطرحوا تصوراتهم الفنية المستوعبة لتراثنا الفني في‬ ‫جدليته بمستجدات الساحة التشكيلية العالمية من أجل هوية حداثية للفن المغربي‪،‬وبرهنوا بذلك على وحدة الهدف رغم‬ ‫اختالف األجناس اإلبداعية‪...‬‬ ‫إن غاية استحضار تجربة» أنفاس»‪-‬هنا‪ -‬هي التأكيد على كونها كانت محطة أساسية للنضال الثقافي‪/‬السياسي في تاريخ‬ ‫المغرب من أجل بناء الهوية الثقافية الحداثية‪،‬وأن الخلفية السياسية وإن كانت حاضرة بقوة ‪،‬فإنما كانت لتعزيز توجهاتها‬ ‫التقدمية ‪،‬ويظهر ذلك في تبنيها لقضايا سياسية وطنية او قومية خصوصا بعد هزيمة ‪ 1967‬وأحداث ماي ‪1968‬بفرنسا‬ ‫واستضافتها لسياسيين للكتابة بها كعمر بن جلون‪.‬وهذا التوجه السياسي كان هو السبب المباشر في منعها ومصادرتها‬ ‫سنة ‪1972‬واعتقال الشاعر عبداللطيف اللعبي‪ .‬‬ ‫لكن‪،‬بعد هذا المنع‪،‬لم يكن لهذا النفس ان يخفث‪ ،‬بل ظل صامدا واستمر حاضرا كوجه من أوجه النضال الثقافي الموازي‬ ‫للنضال السياسي من خالل منابر أخرىكمجلةالماليف‪،‬والثقافةالجديدة‪،‬وجسوروالبديل وغيرها من المنابر الفكرية التي كان‬ ‫لها مشروعاحداثيا وديموقراطيا‪.‬‬ ‫كما امتد هذا النفس من خالل بعض المؤسسات الفنيةالرائدة كمسرح الهواة الذي رسم معالم المسرح المغربي الحقيقي‬ ‫الملتزم بقضايا الجماهير‪،‬ونفس هذا التوجه وجدناه أيضا في مؤسسات ثقافية أخرى‪ ‬كاتحاد كتاب المغرب أيام وهجه!!!!‬ ‫وما كان يعزز هذا التوجه هو انشغال جل المثقفين والفنانين بالهم السياسي حيث كان لمعظمهم‪ ‬التزام سياسي‬ ‫نجد صداه في عطائهم الفكري واإلبداعي‪.،‬والتزامهم هذا‪ ‬كان يغني المشهد الثقافي واإلبداعي والسياسي‪..‬بل كان‬ ‫بعض المثقفين في طليعة النضال الجماهيري في مراحل معينة من تاريخ المغرب سواء من خالل انتماءاتهم السياسية‬ ‫والنقابية‪،‬فكانوا يسجلون مواقف جريئة من القضايا السياسية واالجتماعية والثقافية رغم القمع والتضييق واالعتقال الذي‬ ‫عانى منه الكثيرون‪.‬‬ ‫و كان في بعض القيادات السياسية أيضا مثقفون بصموا على حضور قوي‪ ‬وأثروا تأثيرا كبيرا في القرار الحزبي والسياسي‬ ‫وحتى اإليديولوجي من خالل اجتهاداتهم ومساهماتهم الفكرية(مساهمة المرحومين محمد عابد الجابري و عمر بن جلون‬ ‫في التقرير اإليديولوجي لالتحاد االشتراكي خالل المؤتمر االستثنائي ‪.)1975‬وهذا يدل على جدلية الثقافي والسياسي في‬ ‫انشغاالت هؤالء‪.‬‬ ‫بهذا المعنى‪،‬ناصر المثقف قضايا الوطن واصطف مع الجماهير‪.‬ولم ينزوي في برجه العاجي الغارق في األنساق النظرية‬ ‫والمعرفية المجردة‪.‬‬ ‫‪ ‬وواقعنا الثقافي الحالي إزاء ما يعرفه من ركود‪،‬يحتاج ل «أنفاس» ثانية‪،‬تضخ في شرايينه دماءا جديدة تخرجه من‪ ‬هذه‬ ‫النمطية الرتيبة وتزيح عنه صور الترف الفكري النخبوي الذي يعاني منه والذي نتج عنه عزوف ثقافي يغذي العزوف السياسي‪..‬‬ ‫ولكي تكون «أنفاس» الراهنة إيجابية‪،‬فسوف لن تعيد نسختها القديمة من خالل صور المثقف الملتزم سياسيا او‬ ‫المناضل «العضوي»كما كان في الماضي‪،‬فقط ستعمل على جعل الثقافة في خدمة اإلنسان ومعانقة همومه وتمثل قضاياه‪.‬‬

‫الورشة التكوينية «لصناعة فيلم قصير ‪ ..‬من الكتابة إلى اإلخراج» بالمركز السوسيوثقافي بتطوان‬ ‫• أبو عاطف‬ ‫ينظم مركز أجيال للتكوين والوقاية االجتماعية التابع للرابطة المحمدية‬ ‫للعلماء في إطار البرنامج التكويني السينمائي إلنتاج كبسولة توعوية ضد اإلدمان‪،‬‬ ‫ورشة تكوينة تحت عنوان « صناعة فيلم قصير‪..‬من الكتابة إلى اإلخراج»‪ .‬والتي‬ ‫ستستمر لمدة ‪ 6‬أشهر بمعدل حصتين كل أسبوع‪.‬ويقوم بتأطير هذه الورشة‬ ‫المخرج والباحث في السينما الوثائقية محمد سعيد الدردابي وذلك بالمركز‬ ‫السوسيو ثقافي بتطوان‪.‬وتتوخى هذة المبادرة تسخير الفن السابع لمحاربة‬ ‫اإلدمان وفي نفس الوقت تعميم الثقافة السينمائية بين المستفيدين‪.‬وتتضمن‬ ‫محاور الورشة العناصر التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬التكوين التقني النظري‬ ‫‪ ‬الذي يمكن الطالب من اكتساب المعارف والتقنيات الضرورية المتعلقة‬ ‫بالتصوير والتكوين في الصورة السينمائية باعتباره واحد من أهم أعمدة هذا الفن‪.‬‬ ‫وذلك من خالل ‪:‬‬ ‫ أحجام اللقطات السينمائية ‪ :‬‬‫‪ ‬يقصد باللقطة الصورة التي تظهر على الشاشة عند تشغيل الكاميرا‪ ،‬وتتعدد‬ ‫أنواع اللقطات حيث تختلف حسب حجم اللقطة وحسب المسافة بين الكاميرا‬ ‫والمشهد‪ .‬حسب زاوية التصوير‬ ‫وكذلك حسب طريقة واتجاه حركة الكاميرا‪ ،‬ولكل لقطة مسمى ووصف‬ ‫متعارف عليه بين المخرج وفريق‪ ‬‬ ‫التصوير مما يسهل لغة التواصل والتوجيه‪.‬‬ ‫حركة الكاميرا وأنواعها‪:‬‬‫‪ ‬تعد الحركة هي جوهر اإلخراج السينمائي ‪ ,‬وتشكل داخل اللقطة أداة قوية‬ ‫للسردالسينمائي‪.‬‬ ‫‪ -‬الربط أو الوصل ويعني ضبط الرابط بين اللقطات والمشاهد‪ ،‬‬

‫ صوت المعلق ‪:‬‬‫يُستخدم في السينما كثير من األساليب في رواية القصة‪ ،‬فإضافة إلى الحوار‬ ‫وحركة الكاميرا واستخدام‬ ‫المتنّوع لإلضاءة والموسيقى‪ ،‬يلجأ المخرجون في بعض األحيان إلى استخدام‬ ‫الصوت البشري )الراوي(‬ ‫كوسيلة لقص أحداث أفالمهم ‪.‬‬ ‫الصوت في السينما ‪:‬‬‫إبراز دور الصوت في العمل السينمائي المكون من ثالث عناصر ‪ :‬الحوار‪،‬‬ ‫الموسيقىوالمؤثرات‪.‬‬ ‫اإلضاءة السينمائية‪ :‬وهي عنصر هام في التصوير السينمائي‪ ،‬وذلك ألنها‬‫تؤثر إلى حد كبير على الصور التي تلتقطها‪ ‬‬ ‫الكاميرات باإلضافة إلى تأثيرها على المشاعر التي يتم نقلها أثناء المشاهد‪.‬‬

‫ المونتاج أو التركيب هو « فن ترتيب المشاهد‪ ،‬استنادا إلى أحداث قصة‬‫ما بشكل تسلسلي قصد إيصال معنى القصة للمشاهد ‪ .‬ومن أبجديات المونتاج‬ ‫التقطيع والتلصيق ‪ .‬وبصفة عامة هو كتابة قصة معينة‪.‬‬ ‫وإذا كان السيناريو هو الكتابة األولى للفيلم‪ ،‬فاإلخراج هو كتابته الثانية‪ ،‬فان‬ ‫المونتاج بمثابة الكتابة‪ ‬‬ ‫الثالثة واألخيرة الموحدة بين السيناريو واإلخراج‪.‬‬ ‫‪ ‬المهن السينمائية ‪ :‬‬ ‫سيتم التعريف بالمهن السينمائية ودور كل واحدة منها في إنجاح العمل‬ ‫اإلبداعي‪.‬‬ ‫‪ - 2‬المشاهدة الفلمية‪:‬‬ ‫‪ ‬في هذا المحور يتم مشاهدة أزيد من ثالثين فيلم قصير حول اإلدمان‪ ،‬مدته‬ ‫الزمنية ‪ 5‬دقائق‪ ، ‬والغاية منها خلق مراجع بصرية للطالب يقوم بتحليلها انطالقا‬ ‫من التراكمات المعرفية التي العناصر السابقة باإلضافة إلى االطالع على أفكار‬ ‫مختلفة حول اإلدمان لمخرجين فرنسيين‪.‬‬ ‫‪ - 3‬التمارين ‪:‬يقوم المستفيدون بتطبيق المكتسبات التقنية التي‬ ‫حصلوا عليها من خالل ما اكتسبوه من التكوين النظري التقني‪ .‬‬ ‫‪ - 4‬مرحلة الكتابة واإلشراف على سيناريو وذلك من اجل إنتاج مشاريع‬ ‫أفالم‪.‬‬ ‫‪ ‬ويتم اختيارخمسة من أحسن مشاريع افالم التي انتجها المستفيدون ارتباطا‬ ‫بموضوع محاربة اإلدمان من طرف لجنة مكونة من‪ ‬الدكتور حميد العيدوني‬ ‫والمخرجة فريدة بليزيدو المخرج والباحث في السينما الوثائقية محمد سعيد‪ ‬‬ ‫الدردابي ومهندس الصوت بالقناة التلفزية ‪.TV 1 Medi‬وستشارك هذه‬ ‫االفالم في مباراة وطنية يعتزم تنظيمها خالل اكتوبر القادم‪..‬‬


‫العدد ‪997‬‬

‫‪6‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫حوار مع اإلعالمي‬

‫إعالم‬ ‫طنجة حسام الدين نصر‬ ‫حاوره عبد اإلله المويسي‬ ‫من هو حسام الدين نصر؟‬

‫•• حسام الدين نصر إعالمي سوري يشتغل في قناة «ميدي ‪1‬‬ ‫تيفي» منذ اكثر من ‪ 10‬سنوات‪ ،‬أشتغل بالضبط في تقديم البرامج‬ ‫الفنية والثقافية‪ ،‬وتقديم النشرات اإلخبارية أيضا‪ .‬لكن قبل مجيئي‬ ‫إلى المغرب وإلى قناة «ميدي ‪ 1‬تيفي» خضت تجربة في التلفزيون‬ ‫السوري لسنوات عديدة كانت اللبنة األولى في مشواري‪ ،‬بحيث كنت‬ ‫مقدما للنشرات اإلخبارية‪ ،‬ومقدما لبعض البرامج االجتماعية‪ .‬ومن هنا‬ ‫يمكن القول إنني محظوظ كوني اشتغلت لحد اآلن في مؤسستين‬ ‫إعالميتين لهما الشأن الوزن في المحيط االجتماعي‪ ،‬سواء كان‬ ‫بالتلفزيون السوري في سوريا أو بقناة ميدي‪ 1‬تيفي في المغرب‪.‬‬

‫نبدأ بالسؤال حول بداياتك األولى في مجال اإلعالم؟‬

‫•• البداية األولى‪ ،‬كما ذكرت‪ ،‬كانت في التلفزيون السوري فقد‬ ‫كان المدرسة األولى بالنسبة لي‪ ،‬وهناك تعلمت أبجديات العمل‬ ‫في المجال اإلعالمي من خالل االحتكاك بصحفيين وإعالميين كبار‪.‬‬ ‫وعندما نقول التلفزيون السوري فنحن نتحدث عن مؤسسة إعالمية‬ ‫ضخمة تمثل هوية وثقافة وتاريخ‪.‬‬ ‫هذه البدايات لم تكن سهلة بطبيعة الحال‪ ،‬بحيث يجب على‬ ‫اإلنسان خاللها أن يثبت نفسه‪ ،‬وأن ينغمس جيدا‬ ‫في المجال كي يجد مكانه في هذا العالم الصاخب‪،‬‬ ‫وفي هذا العالم المتنوع‪.‬‬ ‫البدايات كانت في تحرير النشرات اإلخبارية‪،‬‬ ‫ثم انتقلت بعدها إلى إجراء الروبورتاجات الميدانية‪.‬‬ ‫وفي تقديري من هنا تبدأ عملية صقل شخصية‬ ‫اإلعالمي والصحفي الجيد‪ ،‬ألن إنجاز الروبورطاجات‬ ‫الميدانية هو ثمرة عمل متكامل للصحفي خارج‬ ‫نطاق القناة‪ ،‬أو خارج نطاق المؤسسة التي يشتغل‬ ‫بها‪.‬‬ ‫قمت بتغطية مهرجانات فنية وثقافية وازنة‪.‬‬ ‫طبعا أتكلم عن البدايات في التلفزيون السوري‪.‬‬ ‫ثم انتقلت إلى مرحلة أخرى هي تقديم البرامج‪،‬‬ ‫ففي التلفزيون السوري يتم تعلم أبجديات المهنة‬ ‫بالتدريج‪ .‬في البداية نتعلم ممارسة تحرير المادة‬ ‫اإلخبارية‪ ،‬ثم إنجاز الروبورطاج التلفزيوني‪ ،‬ثم بعد‬ ‫ذلك تقديم النشرة اإلخبارية‪ .‬وهنا كان البد أن‬ ‫أنتقل إلى مرحلة أخرى وهي تقديم البرامج ‪ .‬وكان‬ ‫لي الشرف أن أقدم برنامجا نصف شهري اسمه ‪،VIP‬‬ ‫وخالله استضفت العديد من الشخصيات البارزة في‬ ‫مجاالت مختلفة‪ .‬ألن‪ VIP‬تعني «شخصية مهمة‬ ‫جدا» كل في مجاله‪ .‬كانت تجربة رائعة جدا‪،‬وكان‬ ‫برنامج تصوير خارجي‪ ،‬وربما البرنامج الوحيد أنذاك‬ ‫ـ أتحدث عن ‪ 2003/2004‬ـ البرنامج الوحيد حتى‬ ‫في الفضائيات والتلفزونات الذي صور خارجيا في‬ ‫مناطقمختلفة‪.‬‬ ‫خالصة القول‪ ،‬إن تجربتــي في التلفزيــون‬ ‫السوري كانت حاسمة ودفعة قوية في مساري‪ ،‬ومن‬ ‫هنا كانت‪ ،‬ربما‪ ،‬المرحلة األولى قبل انتقالي إلى تجربة أخرى‪ ،‬وهي‬ ‫العمل في تلفزيون قناة ميدي‪ 1‬تيفي بالمغرب‪.‬‬

‫هل يمكـن الحديث عن مدرسـة إعالمية معينـة‬ ‫ينتمي إليها حسام الدين؟‬ ‫•• أظن أن اإلعالم اليوم هو أداة لها تأثير كبير في حياتنا‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وفي مجتمعاتنا العربية بشكل عام‪ .‬ألن اإلعالم أصبح جزء‬ ‫ثقافتنا‪ ،‬من يومياتنا‪ ،‬من فظائنا اإلنساني الحياتي‪.‬‬ ‫ولهذا أقول إن المدرسة التي أود دائما أن أنتمي إليها هي‬ ‫المدرسة اإلعالمية التي تصنع مادة إعالمية هادفة مؤثرة في المجتمع‬ ‫لها بعد ثقافي بالدرجة األولى‪ ،‬تحترم أخالقيات المهنة‪ ،‬وتحترم‬ ‫اإلنسان‪ ،‬تحترم قواعد العمل‪ ،‬وتحترم العادات والتقاليد‪ ،‬وأيضا تكرس‬ ‫وتعزز الهوية الحضارية لإلنسان‪.‬‬ ‫وهنا البد أن أتوقف عند نقطة محددة‪ ،‬وهي أن ميولي إلى البرامج‬ ‫الفنية هنا في المغرب لم يكن بمحض الصدفة‪ ،‬فأنا منذ البداية كنت‬ ‫مولعا بالمجال الفني والثقافي‪ .‬وعندما أتيت إلى المغرب انبهرت بهذا‬ ‫الغنى الثقافي والفني الذي يزخر به‪ ،‬ولهذا كان البد من تقديم مادة‬ ‫فنية ترتقي إلى مستوى هذا الثراء الذي يعرفه المغرب‪.‬‬ ‫قدمت بداية برنامج «ستون دقيقة للفن»وهو برنامج حواري‬

‫فني‪ ،‬وكان ربما حسب ما يقوله المختصون البرنامج الوحيد الذي كان‬ ‫يعرض بهذه الصبغة‪ ،‬وهذه الصيغة الحوارية الفنية‪ .‬وبعد تقديمي‬ ‫لهذا البرنامج مدة سنتين خضت تجربة أخرى وهي برنامج «أهل‬ ‫الفن»‪ ،‬وهو تجربة مهنية جديدة أسعد وأفخر أنني أقدمها وأستضيف‬ ‫من خاللها شخصيات فنية من مختلف المجاالت‪..‬التمثيل والغناء‬ ‫والموسيقى والفن التشكيلي‪..‬إلى غير ذلك‪ ،‬نتناول تجربتهم الفنية‪،‬‬ ‫نقف عند أهم اللحظات المؤثرة في حياتهم‪ ،‬نمرر رسائل اجتماعية لها‬ ‫بعد ثقافي فني للمتلقي‪.‬‬ ‫ومن هنا يمكن القول أن المدرسة التي أنتمي إليها هي مدرسة‬ ‫تخريج وصناعة المادة اإلعالمية الراقية الهادفة المحترمة التي تترك‬ ‫االنطباع الجيد واإليجابي لدى المتلقي‪.‬‬

‫هل أنت راض عن ما قدمته لحد اآلن في مشوارك‬ ‫اإلعالمي؟‬ ‫•• بطبيعة الحال أنا راض عما قدمت لحد اآلن‪ ،‬ولو لم أكن راضيا‬ ‫لما واصلت أوال في هذا المجال‪ .‬كل البرامج والمواد التلفزية التي‬ ‫َقدمت لحد اآلن كنت راضيا عنها‪ ،‬ألنني كنت مقتنعا بما أقدمه‪ .‬كل‬ ‫مادة كان لها تحضير خاص‪ ،‬كل مادة حظيت باالهتمام والتحضير‬

‫اإلعالمي الذي يترك اسما يتذكره الناس على مر السنوات بحكم ذلك‬ ‫الزخم وذلك الدسم الذي كان في مادته اإلعالمية‪.‬‬

‫ما هو أهم حدث طبع مشوارك بميدي ‪ 1‬تيفي ؟‬

‫•• هناك طبعا أحداث عديدة‪ ،‬فأنا ألكثر من ‪ 10‬سنوات مستمر‬ ‫في هذه القناة‪ .‬البد من وجود الكثير من األحداث اإليجابية‪ ،‬لكن‬ ‫الحدث األبرز يبقى عندما قدمت‪ ،‬وكان لي الشرف‪ ،‬منذ ثمان سنوات‬ ‫تلك السهرة عندما انتقلت قناة «ميدي‪ 1‬سات» إلى هوية بصرية‬ ‫جديدة‪..‬إلى «ميدي‪ 1‬تيفي»‪ .‬وبهذه المناسبة قامت القناة بتنظيم‬ ‫حفل على أحد المسارح بالدار البيضاء‪ ،‬وقمت أنا بتقديمها رفقة زميلة‬ ‫لي‪ ،‬وكان بالنسبة‪ ،‬لي أن أظهر في تلك السهرة مقدما لتلك النقلة‬ ‫النوعية للقناتين بحلة مرئية جديدة‪ ،‬وبحلة برامجية جديدة‪ ..،‬حدثا‬ ‫كبيرا سيبقى محفورا في مساري وفي ذاكرتي المهنية‪.‬‬ ‫كذلك فالشيء الذي طبع مشواري بقناة ميدي‪ 1‬تيفي هو عندما‬ ‫قمت بتقديم أول برنامج خاص بي‪ .‬هذا البرنامج الذي قدمني أكثر إلى‬ ‫الجمهور‪ ،‬والذي يعرف‪،‬ربما‪ ،‬الجانب اآلخر من حسام الدين نصر‪ .‬فقد‬ ‫كنت أطل دائما على الجمهور من خالل تقديم النشرات اإلخبارية‪ ،‬لكن‬ ‫عندما قدمت برنامج «ستون دقيقة للفن» كانت فرصة المشاهد كي‬ ‫يتسنى له أكثر التقرب من شخصيتي األخرى التي‪،‬‬ ‫ربما‪ ،‬أظهرت جانبا من اهتماماتي الفنية والثقافية‪.‬‬ ‫أظن إنني سأكتفي بهذين الحدثين‪ .‬فاألول‬ ‫تقديم حفل انتقال ميدي‪ 1‬إلى الهوية البصرية‪،‬‬ ‫والثاني ظهوري في برنامج «‪ 60‬دقيقة» الذي‬ ‫انتقل بي إلى هوية مهنية جديدة‪ ،‬أي انتقل بي‬ ‫من االشتغال كجزء من الكل ضمن نشرات األخبار‬ ‫إلى برنامج خاص بي أصبحت فيه أنا المجموعة‪..‬‬ ‫أي أصبحت الكل‪.‬‬

‫ما هي تقديراتك للدور الذي يمكن‬ ‫يلعبه التلفزيون بالمغرب؟‬

‫الالزمين إلنجاز المادة اإلعالمية على أحسن ما يرام‪ .‬فنحن عندما ننجز‬ ‫أي عمل فإننا ال ننجزه ألنفسنا بل للمتلقي‪.‬‬ ‫دائما أقول أن اإلعالمي ال يجب أن يظهر فقط لمجرد الظهور‬ ‫كي يراه المشاهد شكال‪ ،‬بل يجب أن يظهر كي يترك االنطباع الجيد‪.‬‬ ‫وال يمكن أن يترك االنطباع الجيد دون أن يقدم مادة إعالمية هادفة‪.‬‬ ‫ولهذا فأنا حريص على تقديم ما يروق للمشاهد وما يرتقي به‬ ‫وبالمجتمع‪.‬‬ ‫طبعا كما قلت أنا راض‪ ،‬وإن سألتني ماهي أفضل مادة إعالمية‬ ‫قدمت لحد اآلن فهي المادة التي لم أقدمها بعد‪ .‬ولذلك دائما هذا ما‬ ‫يعزز ربما رغبتي وطموحي وشغفي كي أرتقي دائما بمستوى مساري‬ ‫اإلعالمي إلى درجة أفضل‪.‬‬

‫من هو نموذجك في المجال اإلعالمي؟‬

‫•• بالنسبة لنموذجي في مجال اإلعالم ال أود أن أذكر األسماء‬ ‫ألنني إذا فعلت ذلك فسأقلل من شأن آخرين‪ ،‬فهناك العديد‪ ،‬أو كم‬ ‫هائل من األسماء اإلعالمية الوازنة الكبيرة التي تركت صدى إيجابيا‬ ‫كبيرا في سماء اإلعالم بشكل عام منتشرة في كل العالم العربي‪ ،‬بل‬ ‫في كل العالم‪.‬‬ ‫ال أود أن أذكر اسما‪ ،‬سأكتفي بالقول أن نموذجي دائما هو‬

‫•• نحن نعلم أن التلفزيون هو جزء ال يتجزأ‬ ‫من حياتنا اليومية‪ ،‬من فضائنا اليومي االجتماعي‪.‬‬ ‫التلفزيون فرد من أفراد العائلة‪ ،‬ففي كل بيت تجد‬ ‫هذا الصندوق السحري العجيب‪.‬‬ ‫في البداية كل بيت يفكر بالدرجة األولى في أن‬ ‫يكون التلفزيون موجودا‪ ،‬ليس ألنه قطعة أثاث‪ ،‬بل‬ ‫ألن له تأثير كبير في حياتنا‪ .‬بدرجة أولى للتسلية‪،‬‬ ‫لكن يجب أن ينتقل إلى مرحلة التوعية‪ ،‬مرحلة‬ ‫التثقيف‪ ،‬مرحلة إعطاء الجرعة الفكرية للمتلقي‪،‬‬ ‫ألن المتلقي‪ ،‬ونحن في زمن السرعة‪ ،‬عندما يجلس‬ ‫لمتابعة مادة إعالمية معينة ويعطيها من وقته‬ ‫فيجب أن تكون تلك المادة توازي اهتمامه وال‬ ‫تشعره بالندم بأنه ضيع وقته‪.‬‬ ‫يجب أن يكون التلفزيون مادة إعالمية‬ ‫توعوية ثقافية بامتياز‪ ،‬تواكب كل شاردة وواردة‬ ‫على المجتمع‪ ،‬وتلقي الضوء على كل االختالالت‬ ‫الحاصلة به‪ .‬كما أنه ينبغي أن يلعب دورا يبتعد به‬ ‫عن الشخصنة والتجريح‪ .‬فالمادة اإلعالمية ينبغي‬ ‫أن تميل إلى الموضوعية و المصداقية‪.‬‬ ‫التلفزيون مادة ساحرة‪ ،‬وفي سحرها يكمن مدى تأثير المادة‬ ‫المرئية المعروضة على ذهن وخيال المتلقي‪..‬أن يكون الدسم فيه‬ ‫أنواع البروتينات والفيتامينات التي ستساهم في تطوير اللبنة الفكرية‬ ‫والثقافيةلإلنسان‪.‬‬

‫ما هو البرنامج الذي تتمنـى لو تنجـزه أن ميدي‪1‬‬ ‫تيفي ؟‬ ‫•• طبعا البرنامج الذي أتمنى أن أقدمه في قناة ميدي‪ 1‬تيفي‬ ‫سيكون امتدادا لمساري في مجال تقديم البرامج الفنية على وجه‬ ‫التحديد‪ .‬أطمح في تقديم برنامج مختلف‪ ،‬ألن المادة اإلعالمية‬ ‫المختلفة هي التي تلفت النظر‪ .‬لكن ال يجب أن تكون فقط مختلفة‪،‬‬ ‫بل يجب أن تكون أيضا هادفة وراقية وعميقة لها أبعاد عديدة‪.‬‬ ‫ولهذا أتمنى أن أمضي في هذا المسار‪ ،‬مسار تقديم البرامج‬ ‫الفنية‪ ،‬فاالختصاص مُجْدٍ بالنسبة لي‪ .‬أنا ال أتصور نفسي مثال‪،‬‬ ‫في يوم من األيام‪ ،‬أقدم البرامج السياسة‪ .‬أقدم النشرات اإلخبارية‬ ‫نعم‪ ،‬لكن البرامج السياسية واالقتصادية ال تستهويني‪ .‬التخصص‬ ‫يعطي السالسة والمرونة والخبرة والحنكة أكثر في التعامل مع‬ ‫المجال‪.‬‬


‫العدد ‪997‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫إدارة‬ ‫و‬ ‫اقتصاد‬ ‫يف �أ�سبوع‬ ‫النمو االقتصادي العالمي خالل سنة ‪2019‬‬

‫ـ‬

‫حسب مكتـب الخبـرة العالمي ‪ Euler Hermes‬فإن اإلقتصاد‬ ‫العالمي سيحقق نموا متوسطا يصل إلى ‪ %2,9‎‬خالل سنة ‪2019‬‬ ‫وسيعرف تراجعا طفيفا خالل سنة ‪ 2020‬ليستقر في حدود‪.%2,7‎‬‬ ‫أما من حيث تقسيم هذا المعدل على المناطق الخمسة عالميا‬ ‫فستكون على الشكل التالي ‪:‬‬ ‫ أمريكا الالتينية ‪ %1,8‎:‬؛‬‫ منطقة األورو ‪ %1,2‎:‬؛‬‫ آسيا ‪ %4,8‎:‬؛‬‫ افريقيا ‪ %2,8‎:‬؛‬‫ الشرق األوسط ‪. %1,7‎:‬‬‫أما خالل سنة ‪ 2020‬فسيكون هناك تراجع طفيف بالنسبة‬ ‫لبعض المناطق ‪:‬‬ ‫ أمريكا الالتينية ‪ %2,4‎:‬؛‬‫ منطقة األورو ‪ %1,3‎:‬؛‬‫ آسيا ‪ %4,6‎:‬؛‬‫ افريقيا ‪ %2,8‎:‬؛‬‫ الشرق األوسط ‪. %2,1‎:‬‬‫وإذا كان النمو اإلقتصادي خالل سنة ‪ 2019‬في الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية هو‪ %2,5‎‬فإن الصين ستحقق نموا مطردا يصل‬ ‫إلى ‪ %6,4‎‬خالل نفس المدة وبذلك ستبقى الصين هي أقوى دولة‬ ‫من حيث النمو اإلقتصادي على الصعيد العالمي ‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫المؤشرات الماكرو اقتصادية في االتحاد‬ ‫األوروبي مع مطلع سنة ‪2019‬‬

‫‪7‬‬

‫‪ 3,1‎‬مليار درهم مع نهاية الفصل األول من سنة ‪ 2019‬بينما كان‬ ‫مستواها خالل نفس المدة من العام الماضي هو ‪ 4,35‬مليار درهم‬ ‫أي أنها تراجعت بنسبة‪.%28‎‬‬ ‫ومن جهة أخ��رى‪ ،‬يالحظ أن هناك تراجع أيضا في عائدات‬ ‫المغاربة القاطنين بالخارج بنسبة‪ %6,4‎‬ألن مجموع العائدات تراجع‬ ‫من ‪ 10,62‬مليار درهم إلى فقط ‪ 9,94‬مليار درهم‪.‬‬ ‫في الحقيقة ال يمكن الحكم فقط على فصل واحد ال بد من‬ ‫انتظار نهاية السنة حتى يكون هناك تحليل شامل وليس مرحلي‬ ‫لنشاط اإلستثمارات الخارجية المباشرة‪.‬‬

‫إعداد ‪ :‬د‪ .‬ابراهيم التمسماني‬ ‫‪brahimtemsamani@yahoo.fr‬‬

‫‪ 1.384 6‬كيلو متر من الطرق السيارة‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫تحليل صندوق النقد الدولي لالقتصاد الوطني‬

‫تقول كريستين الغارد بأن المغرب لن يعرف ركودا اقتصادية‬ ‫في المدى القريب بل سيحقق عدة إنجازات ماكرو اقتصادية من‬ ‫أهمها ‪:‬‬ ‫ نمو اقتصادي خالل سنة ‪ 2019‬سيصل إلى‪ %4,5‎‬؛‬‫ عجز الميزانية لن يتعدى‪ %3,7‎‬؛‬‫‪ -‬وكذلك عجز في الميزان التجاري في حدود‪.%5,4‎‬‬

‫‪ ‬تعكف وزارة التجهيز على دراسة مجموعة من المشاريع من‬ ‫أجل بناء وتشييد ‪ 1.384‬كيلو متر من الطرق السيارة‪.‬‬ ‫وهذه الطرق السيارة ستشيد في البداية على المناطق والجهات‬ ‫التالية ‪:‬‬ ‫ الرباط‪-‬الدار البيضاء‪-‬برشيد‬‫ بني مالل‪ -‬مراكش‬‫ طنجة‪-‬تطوان‬‫ فاس‪-‬طنجة‬‫ برشيد‪-‬الجديدة… والبقية ستأتي‪.‬‬‫حاليا يصل طول الطـرق السيـارة بالمغــرب إلى ‪ 1.800‬كلم‬ ‫ولكن إلضافة ‪ 1.384‬كلم أخرى البد من البحث والتنقيب على‬ ‫ميزانية تصل إلى ‪ 75‬مليار درهم لتمويل هذا المشروع الضخم‬ ‫واالستراتيجي‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫استبدال شركة ‪ Haite‬بشركة صينية‬ ‫أخرى تدعى ‪C4‬‬

‫وتضيف المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أنها جد مرتاحة‬ ‫للنموذج التنموي الذي ستعمل المملكة على تطبيقه في األشهر‬ ‫القليلة القادمة ألنه يركز على مجموعة من اإلصالحات ويعطي‬ ‫أولوية كبيرة لشبكات األمان اإلجتماعي‪.‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫احتكار رونو ألكثر من‪ %50‎‬من سوق السيارات‬ ‫في المغرب‬

‫ال زال النمو اإلقتصادي في دول اإلتحاد األوروبي يصير بطريقة‬ ‫محتشمة‪ .‬فحسب المفوضية األوروبية سيصل معدل النمو في‬ ‫دول اإلتحاد إلى ‪ %1,3‎‬خالل سنة ‪ 2019‬و‪ %1,6‎‬خالل السنة التي‬ ‫تليها‪.‬‬ ‫أما من حيث معدل التضخم فهذا األخير ال يتعدى ‪. %1,7‎‬أما‬ ‫بالنسبة لسنة ‪ 2020‬فسيرتفع معدل التضخم قليال ليصل إلى‪%1,8‎‬‬ ‫وباستثناء ألمانيا وإيطاليا وهوالندا فإن جميع دول اإلتحاد األوروبي‬ ‫األخرى تستفيد من طلب داخلي داعم لإلقتصاد ومن إعاقات مالية‬ ‫من طرف اإلتحاد األوروبي‪.‬‬

‫لقد استطاعت شركة رونو أن تبيع خالل الفصل األول من‬ ‫سنة ‪ 2019‬ما ال يقل عن ‪ 8.275‬سيارة لترتفع حصتها من السوق‬ ‫المغربية إلى‪ ،%50,3‎‬بينما لم تتجاوز هذه النسبة‪ %44‎‬خالل نفس‬ ‫المدة من السنة المنصرمة‪.‬‬

‫تراجع االستثمارات الخارجية المباشرة‬ ‫خالل الفصل األول من سنة ‪2019‬‬

‫وخالل سنة ‪ 2018‬كانت سيارة ‪ Dacia‬هي األكثر مبيعا على‬ ‫الصعيد الوطني ألنها حققت لوحدها ثلث (‪ )%29,1‎‬مبيعات السوق‬ ‫المغربية وذلك ببيع ‪ 11.800‬سيارة ‪.Dacia‬‬

‫‪EEEEEE‬‬

‫أما من حيث الترتيب‪ ،‬فإن ست سيارات من رونو وهي‪ ‬‬ ‫ ‪Clio‬‬‫ ‪Dokker‬‬‫ ‪Logan‬‬‫ ‪Sandero‬‬‫ ‪Duster‬‬‫ ‪Kangoo‬‬‫لقد وصلت اإلستثمارات الخارجية المباشرة في بالدنا إلى‬

‫تعتبر هي األكثر مبيعا على الصعيد الوطني وتتصدر الئحة‬ ‫العشرة األوائل ‪.‬‬

‫لقد أعلنت شركة ‪ Haite‬الصينيـة المكلفـة بمشـروع مدينــة‬ ‫طنجة التقنية عن إفالسهـا وأنها غيـر قادرة على تسيير المشاريع‬ ‫الضخمة والمهيكلة‪.‬‬ ‫وبالتالي تم استبدالها بشركة أخرى تدعى‪ C4 ‬أو ‪China‬‬ ‫‪.Communications Construction Company‬‬ ‫وكان الهدف من هذا المشروع هو خلق مدينة صناعية بطاقة‬ ‫إيوائية تصل إلى ‪ 300.000‬نسمة وعلى مساحة تقدر ب ‪2000‬‬ ‫هكتار‪ .‬أما الميزانية المحددة لهذا المشروع فتصل إلى ‪ 9,5‬مليار‬ ‫درهم ستساعد على خلق ‪ 100.000‬منصب شغل واستثمارات‬ ‫صناعية أخرى تقدر بما مجموعه ‪ 96‬مليار درهم إلى حدود سنة‬ ‫‪.2030‬‬ ‫ولكن على المسؤولين أن يأخذوا جميع اإلحتياطات الالزمة‬ ‫والتأمينات الضرورية حتى ال يلدغ المغرب من جحر الصينيين‬ ‫مرتين‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪997‬‬

‫تاريخ المذاهب الفقهية في قطر‬ ‫• بقلم ‪ :‬عبد المجيد اإلدريسي‬ ‫‪ ...‬في صلب قراءاتي للمذاهب الفقهية‪ ،‬وما زال البحث يتواصل‪ ،‬وبروح‬ ‫البذل الطيب استلمتُ هدية ثمينة من الشيخين‪ ،‬عبد العزيز عبد اهلل آل ثاني‪،‬‬ ‫وجاسم بن محمد الجابر‪ ،‬من دولة قطر الشقيقة‪ ،‬بعنوان ‪ :‬تاريخ المذاهب‬ ‫الفقهية في قطر‪ .‬كتاب بهذه األناقة‪ ،‬من القطع المتوسط في طبعته الثانية‬ ‫(بتاريخ ‪ 1440‬للهجرة النبوية)‪ .‬غالف ذهبي اللون يتصدره عنوان المؤلف‪،‬‬ ‫وفي نصفه األسفل صورة من التراث لقطر‪ .‬شكل اإلنتاج العلمي والتصنيف‬ ‫الفكري جاء في أربع وخمسين صفحة من صنف الورق الفاخر‪.‬‬ ‫– الفصل األول ‪ :‬نبذة عن الرحلة العلمية‪ ..‬وقد لقي الكتاب تقديما‬ ‫وتقريظا من الشيخين العالمين‪ ،‬الشيخ أحمد بن علي بن حجر آل بوطامي‬ ‫آل بن علي وهو رئيس محكمة التمييز بالمجلس األعلى للقضاء‪ ،‬ليجد هذا‬ ‫البحث‪ ،‬رسالة قيِّمة في بابها‪ ،‬إال أنها جاءت مقتضبة نوعا ما ‪..‬و للشيخ‬ ‫أ‪.‬د‪.‬توفيق الغلبزوري اإلدريسي‪ ،‬أستاذ بكلية أصول الدين بتطوان ورئيس‬ ‫المجلس العلمي المحلي بالمضيق بالمملكة المغربية‪ ،‬إذ جاء بتقريظ قائال‬ ‫‪ :‬إذ لم يُطرق هذا الموضوع طارقٌ وال سابقٌ ‪،‬إلى ْ‬ ‫أن قيض اهلل بحسن‬ ‫لطفه وجميل قدْره‪ ،‬الباحثين الفاضلين النابغين‪ ،‬الشيخ األمير عبد العزيز‬ ‫بن عبد اهلل آل ثاني‪ ،‬والعالم البحاثة الشيخ جاسم بن محمد الجابر‪ ،‬في‬ ‫كتابهما هذا‪ ،‬الموسوم ب «تاريخ المذاهب الفقهية في قطر» ‪.‬انتحى الشيخان‬ ‫مقامهما واجتهدا في البحث والتنقيب عن المذاهب الفقهية في قطر‪ ،‬في‬ ‫طبعتها الثانية‪ ،‬وهي مصححة ومنقحة ومضافة مزيدة‪ .‬وقد لقي الكتاب إذ‬ ‫جاء في أوانه المرتقب في «معرض الكويت الدولي للكتاب»‪ ،‬ليقتنيه شيخ‬ ‫الحنابلة بالكويت‪ ،‬الشيخ محمد بن ناصر العجمي‪ ،‬والعالمة المغربي الشيخ‬ ‫سعيد الكملي‪ .‬بينما في»معرض بالدوحة الدولي للكتاب»‪ ،‬اختاره واقتناه‬ ‫الشيخ المؤرِّخ مشاري بن علي النَّمالن الحبابي‪ .‬وقد حمدا اهلل واستغفراه‬ ‫على نعمة الشكر التي لقياها ثنا ًء على هذا العمل‪ .‬فلكل عمل فكري داللة‬ ‫ومعنى‪- .‬المبحث األوَّل ‪ :‬فقد هيأ اهلل عز َّ‬ ‫وجل أسباب رحلة علمية (من آداب‬ ‫الرحالت) إلى أرض عربية في أقصى الغرب اإلسالمي‪ ،‬إذ جرَّتْ من ورائها علماً‬ ‫نافعاً‪ .‬وبجامعة القرويين العريقة‪ ،‬وبكلية أصول الدين بتطوان (المغرب) ّ‬ ‫حط‬ ‫الرِّحال طالبان من الشقيقة قطر للدراسات العليا من أجل نيل الماجيستير‪،‬‬ ‫وهي الرسالة التي شدَّتْ بنيان هذا‬ ‫الموضوع‪ .‬إذ لم يتأخر المشرف على‬ ‫الرسالة أ‪.‬د‪ .‬عميد كلية أصول الدين‬ ‫محمد الفقير التمسماني أن يشجع‬ ‫الطالبين أن يكون موضوع رسالتهما‬ ‫عن تاريخ المذاهب الفقهية والعقديَّة‬ ‫في قطر‪ .‬فاعتذرا أول األمر الطالبان‬ ‫عند احرازهما للدبلوم الدراسات العليا‬ ‫لقلة المصادر‪ .‬وتراجعا عند إلحاح أ‪.‬د‪.‬‬ ‫التمسماني‪ ،‬بعد ْ‬ ‫أن كشف لهما النفع‬ ‫العميم واألثر المعرفي لهذه الرحلة‬ ‫العلمية‪ ،‬وما سوف يكون لها من زاد‬ ‫فكري على دولة قطر الشقيقة‪ .‬ثم ركب‬ ‫الباحثان أمواج البحار وفي رحلة حجازية‬ ‫للتنقيب عن المخطوطات والحفريات‬ ‫الفقهية في الخزانات العامة والخاصة‪،‬‬ ‫من األحساء إلى البحرين ومن نجد إلى‬ ‫الحجاز‪ .‬إلى ْ‬ ‫أن اكتملت هذه الرسالة‬ ‫العلمية الفقهية لمناقشتها بكلية أصول‬ ‫الدين بتطوان تحت إشراف أ‪.‬د‪ .‬محمد‬ ‫الفقير التمسماني وأ‪.‬د‪ .‬توفيق الغلبزوري‬ ‫اإلدريسي مناقشا وأ‪.‬د‪ .‬محمد الشنتوف‬ ‫مناقشا أيضاً‪ .‬فلقيتْ ما لقيته من التنويه‪.‬‬ ‫وعند عودة الشيخان إلى قطر‪ ،‬وبعد ْ‬ ‫أن‬ ‫تجاذبا أطراف الحديث مع الوالد الشيخ خالد‬ ‫بن حمد آل ثاني بمدينة الريّان بمجلسه‪،‬‬ ‫كانت رغبة هذا األخير طباعة الرسالة‬ ‫‪.‬فاستجابا له الولدين البارَّين لذلك‪ .‬ولم‬ ‫يترددا في طباعتها‪ .‬السبيل الذي رامه الكاتبان المؤلفان للرسالة بعد التعريف‬ ‫بدولة قطر‪ ،‬فصالن وثالثة مباحث ‪(.‬العبرة بعموم اللفظ)‪ – .‬المبحث األول ‪:‬‬ ‫التعريف بدولة قطر الشقيقة – عرَّفا الشيخان القطريان كيف يُوَشجا األواصر‬ ‫قيس على رسول هلل (ص)‪ ،‬فأسلموا وحسن إسالمهم‪،‬‬ ‫بقصة مقدم وفد عبدِ ٍ‬ ‫ليوثقا دخول اإلسالم غلى قطر‪ ،‬التي كانت قد سُمِيتْ بذلك لكثرة نزول‬ ‫المطر (القطر) بها‪ .‬إلى ْ‬ ‫أن استوطنها بعض القبائل العربية في القرن العاشر‬ ‫الهجري‪ ،‬استناداً إلى اآللوسي في تاريخه‪.‬‬ ‫– الفصل الثاني ‪ :‬وقد شدَّتْ البنيان العربية اإلسالمية ثالثة مذاهب‬ ‫فقهية في قطر ‪ ..‬المالكية والشافعية والحنبلية‪ ،‬دون الحنفية التي انفرد بها‬ ‫الشيخ راشد بن محمد بن خنين عالم من الزبارة (‪1206‬للهجرة)‪.‬‬ ‫– المبحث األول ‪ :‬تاريخ دخول المذهب المالكي – لالستمتاع بالتنقيب‬ ‫عن المخطوط عند السخاوي في «الضوء لالمع» ( لتبتدئ إلى علم المنافع)‬ ‫أشارا الكاتبان َّ‬ ‫أن المالكية حلت بقطر على يد علماء مغاربة في عهد السلطان‬ ‫أجود بن زامل العقيلي سنة ‪903‬ه‪ ،‬الذي التقى بهؤالء في موسم الحج‪ ،‬فرافقوه‬ ‫تلبية لطلبه إلى بالده من أجل ذلك‪ .‬ثم من األحساء بمدرسة آلل مبارك‬ ‫تخرَّج معظم علماء المالكية في قطر‪ – .‬المبحث الثاني – أ ‪ :‬أعالمها – فهال‬ ‫عدت إلى التراجم ألعالم المالكية العشرة الذين برزوا في قطر وهم ‪ 1- :‬عبد‬ ‫الرحمن بن السيد أحمد الزواوي اإلدريسي (‪1213‬ه)‪ --2 .‬الشيخ أحمد بن‬ ‫راشد المريخي (‪1221‬ه)‪ --3 .‬الشيخ عبد العزيز بن صالح الموسي (‪1223‬ه)‪.‬‬ ‫‪ --4‬الشيخ عثمان بن سند الباعي العنزي (‪1242‬ه) ‪ --5.‬الشيخ شاهين بن‬ ‫عبد الوهاب (كان حيا عام ‪1284‬ه)‪ --6 .‬الشيخ أحمد بن علي آل مشرّضف‬ ‫التميمي (‪1285‬ه) ‪--7.‬الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ شاهين آل عبد الوهاب‬ ‫المطاوعة‪ --8 .‬الشيخ شاهين بن أحمد المطاوعة (‪1363‬ه)‪ --9 .‬الشيخ عبد‬ ‫الرحمن ابن الشيخ عبد الوهاب آل الشيخ المطاوعة (ت ‪1389‬ه)‪ -10- .‬الشيخ‬ ‫صالح بن خميس الخميس السلطي (ت ‪1395‬ه)‪.‬‬ ‫– الفصل الثاني –ب‪ :-‬دخول المذهب الشافعي إلى قطر – كان ذلك‬ ‫مع مقدم السيد أحمد بن كاسب الرفاعي جدُّ أسرة السادة القاطنين بمدينة‬ ‫الرويس شمال قطر‪ ،‬وهو الذي أسسها (‪. )1101/1117‬و قد ذكر ذلك في‬ ‫«شرح دفع األسى الواردة ألذكار الصباح والمسا» على ُطرَّة الكتاب مكان‬ ‫نسخه قائال ‪ :‬وقد تمتْ بالمكان المعروف ببلدة الحويلة أمّ قرى السين‪،‬‬ ‫إذ عُرفت بالبالد القطرية‪ .‬نسخ آخر القرن الحادي عشر على وجه التقريب‬ ‫‪( ..‬محفوظ في مكتبة خدا بخش في بيهار الهند في مجموع رقم ‪– .)2628‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ -‬ب ‪‘ :‬الم الشافعية اإلحدى عشر ‪ --1 ..‬السيد أحمد بن كاسب‬

‫الرفاعي (‪1117‬ه) ‪ --2.‬السيد عز الدين بن أحمد بن كاسب الرفاعي (من علماء‬ ‫القرن الثاني عشر )‪ --3 .‬الشيخ أحمد بن عبد الرحمن آل عبد اللطيف (ت‬ ‫‪1207‬ه)‪ --4 .‬الشيخ محمد بن أحمد آل عبد اللطيف (ت ‪1221‬ه)‪ --5 .‬السيد‬ ‫عبد الجليل بن ياسين الطبطبائي (ت ‪1270‬ه)‪ --6 .‬السيد محمد بن خليفة‬ ‫السادة (كلن حيا ‪1359‬ه)‪ 7- -‬الشيخ يعقوب بن يوسف آل إبراهيم التميمي‬ ‫(ت ‪1375‬ه) ‪ --8.‬الشيخ إبراهيم بن عبد اهلل األنصاري (ت ‪1380‬ه) ‪--9.‬‬ ‫الشيخ حسين بن صالح السادة (ت ‪1404‬ه) ‪ 10- -.‬الشيخ عبد اهلل بن إبراهيم‬ ‫األنصاري (ت ‪1410‬ه)‪ -11- .‬الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي (ت‬ ‫‪1423‬ه)‪– .‬المبحث الثالث ‪-‬ب‪ : -‬المصادر والمراجع ‪« --1 -‬إيضاح المسائل‬ ‫المائة» للشيخ أحمد بن عبد الرحمن آل عبد اللطيف (مخطوط في مكتبته )‬ ‫‪« --2.‬رسالة في تحقيق زكاة الفطر وزْناً وكمّاً وتقديراً وإجماعاً» للسيد أحمد‬ ‫بن خليفة السادة ‪« --3..‬منظومة جوهرة الفرائض» للشيخ أحمد بن حجر‬ ‫عدد أبياتها ‪ 219‬وهي مرقونة‪ ،‬رقنها الشيخ إسماعيل بن غصاب العدوي ‪--4.‬‬ ‫«شرح جوهرة الفرائض» له أيضاً‪ ،‬وهي مرقونة‪ ،‬رقنها الشيخ إسماعيل بن‬ ‫غصاب العدوي‪« --5 .‬شرح المنظومة الرَّحبية في علم الفرائض» له أيضاً‬ ‫وهي مخطوطة في مكتبته بالدوحة‪« --6 .‬رسالة مصطلحات الشافعية» له‬ ‫أيضا‪ ،‬وهي مخطوطة في مكتبته بالدوحة‪ ،‬بقي منها ‪ 12‬ورقة‪ ،‬وضاع الباقي‪.‬‬ ‫– الفصل الثاني – ج‪: -‬دخول المذهب الحنبلي إلى قطر وأعالمه‬ ‫ومصنفاته مع دواعي االنتشار واالستمرار – المبحث األول –ج‪ : -‬دخول‬ ‫المذهب الحنبلي إلى قطر ‪ :‬أستحضر دخول المذهب الحنبلي إلى قطر على يد‬ ‫الوجيه أحمد بن زرق الجبري الخالدي‪ ،‬مع تأسيس الزبارة شمال غرب قطر‪ ،‬في‬ ‫أواخر القرن الثاني عشر الهجري‪ ،‬حيث استقدم عددا من العلماء الحنابلة من‬ ‫نجد واألحساء للسكنى بجواره‪ .‬برز المذهب اإلمام أحمد مع أسرة الجالهمة‬ ‫إلى أن تولى الشيخ قاسم بم محمد آل الثاني مقاليد الحكم بقطر عام ‪1294‬ه‪،‬‬ ‫اعتمد المذهب الحنبلي‪ ،‬إلى عام ‪1334‬ه لما تأسست «المدرسة األثرية» على‬ ‫يد الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع التي تخرج منها أغلب علماء قطر‪ .‬فكان‬ ‫للمذهب الحنبلي الهيمنة على باقي المذاهب األخرى ‪.‬وقد تطور هذا المذهب‬ ‫إلى عهود ثالث ‪--1 :‬عهد دخول مع تأسيس الزبارة‪ --2 .‬عهد ترسيم على‬ ‫يد المؤسس الشيخ قاسم بن محمد‬ ‫آل الثاني وتبنيه للمذهب الحنبلي‬ ‫كمذهب رسمي للبالد‪ --3 .‬عهد‬ ‫االنتشار مع تأسيس المدرسة األثرية‪.‬‬ ‫– المبحث الثاني –ج‪ : -‬أعالم‬ ‫المذهب الحنبلي – وقد اشتهر منهم‬ ‫أربع وعشرون من العلماء‪ ،‬وهم ‪--1 :‬‬ ‫الشيخ حجي بن مزيد بن حميدات‬ ‫(ت ‪ --2 .)1192‬الشيخ عبد الوهاب‬ ‫بن محمد بن فيروز (ت‪1205‬ه) ‪--3‬‬ ‫الشيخ محمد بن عبد اهلل بن فيروز(ت‬ ‫‪1216‬ه) ‪ --4‬الشيخ صالح بن سيف‬ ‫العتيقي ( ت‪1223‬ه)‪ --5 .‬الشيخ ناصر‬ ‫بن سليمان بن سحيم ( ت‪1226‬ه)‬ ‫‪ --6‬الشيخ عثمان بن عبد اهلل بن جامع‬ ‫( ت‪1240‬ه) ‪ --7‬الشيخ عبد اللطيف بن‬ ‫أحمد بن فيروز (ت ‪1256‬ه) ‪ --8.‬الشيخ‬ ‫محمد بن أرحمة الجالهمة ( كان حيا عام‬ ‫‪1260‬ه) ‪ --9‬الشيخ أحمد بن عثمان بن‬ ‫جامع ( ت‪1285‬ه) ‪ -10-‬الشيخ راشد بن‬ ‫حسن بن جاسم المطاوعة الكواري (كان‬ ‫حيا مطلع القرن الرابع عشر ) ‪ -11-‬عبد اهلل‬ ‫بن محمد بن حسن الخاطر ( ت ‪1326‬ه)‬ ‫‪ -12‬الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني‬‫(ت ‪1331‬ه) ‪ -13-.‬الشيخ محمد بن عبد‬ ‫الرحمن بن حمدان (كان حيا عام ‪1334‬ه)‬ ‫‪ -14-.‬الشيخ عبد اهلل بن أحمد آل درهم (ت ‪1336‬ه)‪ -15- .‬الشيخ محمد بن‬ ‫حسن المرزوقي (ت ‪1354‬ه)‪ -16- .‬الشيخ عبد الرحمن بن عبد اهلل آل درهم‬ ‫(ت ‪1362‬ه)‪ -17- .‬الشيخ مبارك بن نصر النصر ( ت ‪1365‬ه)‪ -18- .‬الشيخ‬ ‫مبارك بن فضالة السليطي (ت ‪1384‬ه) ‪ -19-.‬الشيخ محمد بن عبد العزيز‬ ‫المانع ( ت ‪1385‬ه)‪ -20- .‬الشيخ عبد اهلل بن تركي السبيعي (ت ‪1388‬ه)‪.‬‬ ‫‪ -21‬الشيخ محمد بن سعيد غباش ( ت ‪1389‬ه)‪ -22- .‬الشيخ ثاني بن‬‫منصور البوعَينين ( ت ‪1393‬ه)‪ -23- .‬الشيخ حسن بم محمد الجابر ( ت‬ ‫‪1407‬ه)‪ -24- .‬الشيخ عبد اهلل بن زيد آل محمود ( ت‪1417‬ه)‪ ..‬المبحث الثالث‬ ‫– ج‪ : -‬مصنفات الفقه الحنبلي ‪« --1 -‬حاشية على الروض المربع»للشيخ عبد‬ ‫الوهاب بن محمد‪« --2 .‬تعليق على شرح المنتهى»‪ ،‬له أيضا‪ ،‬وهو مخطوط‪.‬‬ ‫‪« --3‬شرحُ أخض ِر المختصرات»‪ ،‬له أيضا وهو مخطوط‪« --4 .‬شرح اإلقناع»‪،‬‬ ‫«أحاج وألغاز على مسائل فقهية» للشيخ صالح‬ ‫له أيضا‪ ،‬وهو مخطوط‪ٍ --5 .‬‬ ‫أخضر‬ ‫شرح‬ ‫في‬ ‫المنتخبات‬ ‫«الفوائدُ‬ ‫‪--6‬‬ ‫بن سيف العتيقي‪ ،‬وهو مخطوط‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المختصرات» للشيخ عثمان بن جامع‪ ،‬حققها الشيخ عبد السالم بن برجس آل‬ ‫عبد الكريم في رسالة علمية مطبوعة ‪« --7..‬رسالة معرفةِ الدِّين للحنابلة‬ ‫والمالكية يحفظها الصغير والكبير من المسلمين»‪ ،‬للشيخ محمد بن حسن‬ ‫المرزوقي وهومطبوع ضمن كتاب «اللؤلؤ التقي في تراث العالمة محمد بن‬ ‫حسن المرزوقي القطري ‪« --9..‬حاشي ٌة على دليل الطالب» له أيضا‪ ،‬وهو‬ ‫مطبوع‪ -10- .‬حاشية على زاد المستقنع»‪ ،‬له أيضا‪ ،‬وهو مطبوع‪-11- .‬‬ ‫«تجريد حاشية شرح الدليل» للشيخ محمد بن سعيد بن غياش‪ ،‬حققه الشيخ‬ ‫محمد مُطيع حافظ‪« -12- .‬نظم منتهى اإلرادات» للشيخ ثاني بن منصور‬ ‫البوعينين‪ ،‬وهو مخطوط في ‪ 2000‬بيت‪ -13- .‬اإللمام بشرح أهمّ ما في‬ ‫قانون األسرة من األحكام» للشيخ ثقيل بن ساير الشمري‪ ،‬وهو مطبوع‪-14- .‬‬ ‫«ملح النّاد في نظم الزَّاد» للشيخ سعيد بن محمد البدوي المري‪ ،‬في ‪2625‬‬ ‫بيت وهو مطبوع‪« -15- .‬المختصر من المُمتع شرح زاد المستقتع» للشيخة‬ ‫كاملة بتن محمد آل جهام الكواري‪ ،‬وهو مطبوع ‪ ..‬وهناك العديد من العلماء‬ ‫والمشايخ المالكية‪ ،‬والشافعية الذين نزلوا قطر وأغلبهم من الحنابلة ‪..‬‬ ‫ومسك الختام جاء على لسان الفتاوى لشيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه اهلل‬ ‫تعالى ‪« :‬بأنه ليس بين هؤالء االئمة وأمثالهم نزاع في أصول الدِّين‪َّ ،‬‬ ‫فإن‬ ‫االعتقاد الثابت عنهم هو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان‪ ،‬وهو‬ ‫ما نطق به الكتاب والسنَّة»‪(..‬مجموع الفتاوى (‪)5/2256‬بتصرف ‪ ..‬كلما حللت‬ ‫بأرض اإلسالم حسبتها أرضي‪ ،‬لها في ذاكرتي عطر لغة البيان وأذانها يشحن‬ ‫السمع ويثلج الصدر‪ ،‬فنحن أمة أعزَّنا اهلل باإلسالم ‪..‬‬

‫خطاب الوفاء واالعرتاف ب�أف�ضال‬ ‫�أهل العلم ونوابغه (*)‬ ‫ د‪ .‬عبد المالك عليوي‬‫سعيد بالدعوة التي تلقيتها من الساهرين والساهرات على جمعية‬ ‫رابطة كاتبات المغرب وجمعية أعمدة بطنجة‪ ،‬قصد المشاركة في هذا اللقاء‬ ‫العلمي المخصص لتقديم أعمال عزيزي وصديقي الكريم الدكتور أبو الخير‬ ‫الناصري إلى جانب ثلة من األساتذة والدكاترة األجالء‪ ،‬وعلى رأسهم سيدي‬ ‫محمد الحافظ الروسي منارة كلية اآلداب بتطوان ومركز ابن أبي الربيع‬ ‫السبتي الذي نعتز بعطاءاته النيرة‪ ،‬بعدما فتح بصرنا من جديد على الذخيرة‬ ‫الثقافية بالمغرب واألندلس للتعريف بأهل العلم ومؤلفاتهم النيرة‪ ،‬وتقريب‬ ‫الدارسين من كنز منسي‪ ،‬رفقة أستاذنا الجليل سيدي عبد الرحمن بودرع الذي‬ ‫فتح عقولنا وبصيرتنا على مصادر ومصنفات لغوية ونحوية قديمة‪ ،‬كما عمل‬ ‫على تأسيس الدرس اللغوي بمنهجية علمية رائدة ومثمرة بالجامعة المغربية‪،‬‬ ‫فاتحا قلوب طلبته على نظريات اللغة الحديثة بفرنسا وسويسرا وأمريكا من‬ ‫خالل حثهم على الترجمة والتعريف بعلماء اللسانيات الحديثة‪ ،‬وكذا الحضور‬ ‫مع الباحث الجليل أسامة الزكاري باعتباره عالمة بارزة من عالمات البحث‬ ‫التاريخي بالمغرب ورفيقي في العمل الجمعوي والثقافي واإلعالمي بأصيلة‬ ‫منذ سنوات‪.‬‬ ‫إنها دعوة كريمة من إطارين يحرصان على إشاعة فكر التنوير الثقافي‬ ‫واألدبي والتعريف برجال العلم وعطاءاتهم‪ ،‬إنها فرصة إلنارة مساعي الفعل‬ ‫الثقافي المثمر في مدينة طنجة‪ ،‬هذا الفضاء الذي كان وال يزال يفتحنا على‬ ‫نسيم التعدد الثقافي الوطني والدولي‪ .‬مع طنجة كنا وال نزال نتطيب بأريج‬ ‫الحضارات وزخم الثقافات‪ ،‬ولم ال؟ وقد استوطنها أدباء عالميون ورجاالت‬ ‫الفكر‪ .‬ولم ال؟ وقد كانت ملتقى المسامرات األدبية بين رواد الحركة األدبية‬ ‫الحديثة بالمغرب وجزيرة إيبريا واألندلس‪ ،‬ويكفينا فخرا مسامرات سيدي عبد‬ ‫اهلل كنون وعبد القادر المقدم وعبد الغني السكيرج وطرينا مركادير األندلسية‬ ‫األصل صاحبة مجلة المعتمد‪ .‬طنجة ماتيس‪ .‬طنجة بول بولز‪ .‬طنجات محمد‬ ‫شكري وعبد اللطيف بنيحيى وإذاعة طنجة الثقافية وبصمات سيدي عبد الصمد‬ ‫العشاب وسيدي أحمد الطريبق وسيدي عبد اهلل المرابط الترغي وسيدي عبد‬ ‫اللطيف شهبون وغيرهم من رجاالت الفكر واألدب والفقه والشريعة والسينما‬ ‫واإلعالم والمسرح‪.‬‬ ‫لقد سميت ورقتي بخطاب الوفاء واالعتراف بأفضال أهل العلم ونوابغه‪،‬‬ ‫فكيف اهتديت إلى هذا؟ وكيف السبيل إلى اقتحام أعمال أديب أغنى الثقافة‬ ‫المغربية بمنشورات من الصعب مقاربتها في يوم أو ساعة‪ ،‬بل هي تتسع ليوم‬ ‫دراسي نظرا لغزارتها واتساع مضامينها ومراميها وحقولها المعرفية؟ وما‬ ‫هي خيوط المقاربة التي يمكنها أن تسعفنا في اقتحام صمت الخطاب األدبي‬ ‫والتاريخي واالجتماعي والسياسي الذي أتحفنا به الباحث واألديب الجليل أبو‬ ‫الخير الناصري؟‬ ‫إن الكالم يتمتع بالهسهسة كما يقول علماء اللغة‪ ،‬والنص واألثر يتمتع‬ ‫بشفرة الصمت واالنغالق على عوالمه ومضامينه‪ .‬هكذا كلما أهداني صديقي‬ ‫أبو الخير الناصري عمال أجد أبا الخير نصا مفتوحا على النبل واألخالق واالعتراف‬ ‫بأفضال الرجال والتنصل من ثقافة الجحود‪.‬‬ ‫الدارس والباحث أبو الخير ينتصر منذ الوهلة األولى للحق والحقيقة‬ ‫متقصدا التعلق بالصالح العام األدبي‪ ،‬هو حريص على كشف الوفاء لألهل‬ ‫واألصدقاء والعلماء ورد االعتبار لهم‪ ،‬وهو حريص أيضا على تجلية ظلمة‬ ‫الحياة الثقافية‪ ،‬هو كما قال ابن عطاء اهلل السكندري في حكمه «الكون ظلمة‬ ‫وإنما أناره ظهور الحق فيه»‪ ،‬وهذا ما ضمّنه في كتاباته ومصاحبته لوالده‬ ‫سيدي محمد الناصري وألصدقائه وأساتذته األجالء ومنهم سيدي محمد‬ ‫الحافظ الروسي‪ ،‬والدكتورة الكريمة سعاد الناصر‪ ،‬واألجالء عبد اهلل الترغي‬ ‫ومحمد كنون الحسني ومصطفى الطريبق ومحمد العربي العسري‪.‬‬ ‫فإذا ما كانت أعمال أبو الخير تؤرخ للنبل وأخالق العلماء فإنها تؤرخ‬ ‫ألعمالهم ومنجزاتهم الثقافية وفن العيش لديهم ولبالغة منازلهم كما‬ ‫سماها عبد اللطيف شهبون في تقديمه لكتاب «خارج القفص»‪.‬‬ ‫إن أبا الخير من خالل أعماله قد أهدانا مجمعا ثقافيا جمع فيه بين األحجار‬ ‫الكريمة والياقوت والزمرد‪ ،‬وأعني أن كتابات أبي الخير هي منجم صالح‬ ‫للباحث‪ ،‬والمؤرخ‪ ،‬والسياسي‪ ،‬واألديب‪ ،‬والمصلح االجتماعي‪ ،‬والدارس اللغوي‪،‬‬ ‫والناقد‪ ،‬والرحالة‪ ،‬والقصاص‪ ،‬والروائي‪ ،‬والمحقق األدبي‪.‬‬ ‫يمنحنا الدارس مادة أو خطابا مفتوحا على الماضي والحاضر والمستقبل‪،‬‬ ‫فهو من جهة قد أنتج تاريخا لألدب يتجلى في استقرائه وتتبعه لرجال العلم‬ ‫وعلمهم ومنازلهم وحياتهم ومكتباتهم وأخالقهم وفن العيش لديهم‪ .‬ومن‬ ‫جهة يفتح شغفنا ولذة المعرفة لدينا على فن المقالة من خالل رصد أنواعها‬ ‫وأبعادها وتجلياتها‪ ،‬إذ يقف من خاللها على مناح اجتماعية‪ ،‬خلقية‪ ،‬سياسية‪،‬‬ ‫دينية‪ ،‬أدبية‪ ،‬وعلى تصحيح وتخليق الخطابات السياسية وما يعتورها من‬ ‫تضليل وأكاذيب‪ .‬من جهة أخرى يتمنطق سالح المصوب اللغوي أو المنتصر‬ ‫لحق النص المدروس أكثر من وفائه لألشخاص ومنتجي النص األدبي‪.‬‬ ‫وتذكرنا الجهود المتواصلة التي يقوم بها الدارس بفن التقريظ المنتج‪،‬‬ ‫وفن الترسل‪ ،‬وهي فنون اشتهرت بها الثقافة العربية قديما وحديثا‪ ،‬وهو عمل‬ ‫يتغيا منه الدارس إبراز جمالية األثر المدروس وإبراز عوالمه‪.‬‬ ‫كم يشف خطاب أبو الخير عن اهتمام قديم وجديد بأدب الرحلة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ضمنه في كتاب صحبة والده محمد الناصري من رسائل للمهماه من هولندا‪،‬‬ ‫وهو كشف لمعالم الرحلة والسفر وغرائبية األمكنة وجمالها وخصائصها‬ ‫وفنونها‪.‬‬ ‫هكذا تتقدم أعمال أبو الخير اغترافا من العلم واعترافا بأفضال رجاله‪ ،‬فهو‬ ‫الناقد المتبصر الذي يباغتنا بلغة أنيقة سلسة منفتحة على الحياة المعاصرة‬ ‫وتطور اللغات‪ ،‬وهو المفسر المقوم والمهووس بالنقد كفعالية وقراءة ومعرفة‬ ‫تفتح األثر األدبي على وسطه ومعيشه‪ .‬وال يتسلح أبو الخير بالبالغة والبيان‬ ‫وقواعد النحو من أجل المباهاة والتجريح‪ ،‬ولكنه يتسلح بهذا المجموع‬ ‫الخطابي قصد تجلية النص وخفاياه وتصويب ما يمكن تصويبه متسلحا‬ ‫بالتدرج والتماسك في خطابه‪ .‬كما تفيدنا أعمال الدارس في التوثيق وتجلية‬ ‫المعاني الكامنة في القصص والروايات وسياقاتها التاريخية واالجتماعية‪.‬‬ ‫إن أبا الخير من المحبين للصداقة والخير‪ ،‬ولكنه ينتصر للصداقة الحقيقية‪،‬‬ ‫إنها «الصداقة الحقيقية التي ال تتجمد في الشتاء» كما يقول المثل األلماني‪.‬‬

‫ـــــــــــــــ‬

‫(*) الكلمة التي شارك بها صاحبها في تقديم األعمال األدبية ألبي الخير الناصري‬ ‫مساء يوم السبت ‪ 16‬مارس ‪2019‬م بطنجة‪.‬‬


‫العدد ‪ 997‬ـ الثالثـاء ‪ 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫سالش‬

‫امللحق الثقايف‬

‫‪9‬‬

‫الكتابة واألب‬

‫لقطة ذهنية نهرِّبها من انشغاالت الكتاب المغاربة والعرب‪ ،‬نرغب‬ ‫من خاللها في أن نعرف الدالالت التي تتركهـا في حياتهـم «وجودات‬ ‫صغيرة» تصاحبهم على الدوام‪.‬‬ ‫هـذا «السالش» يحـاول أن يستحضر المعاني الممكنة المرتبطـة‬ ‫بــ «الكتابة واألب»‪.‬‬

‫اإلعالمية ثورية الصواف‬

‫الشاعرة أسماء بنكيران‬

‫األرضْ … عنواني‬

‫ْوهاين ما�ش َية ثاين‬ ‫ْ‬ ‫كفوف ال ْأر ْ‬ ‫�ض‬ ‫ما�ش َية على‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وع ْر ْ‬ ‫�ض‬ ‫ول‬ ‫ط‬ ‫مية فيها‬ ‫َ‬ ‫ها َ‬ ‫ما�ش َية واخلطوة َعريانَهْ‬ ‫يرتي ُموالنا‪...‬‬ ‫ْ�سوِ ْ‬ ‫ْجوم ت َْك�سيني‪...‬‬ ‫الن ْ‬ ‫رْ‬ ‫اب ْي َع ِّريني‪..‬‬ ‫والت ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫طوة…�سارقاين‬ ‫واخل‬ ‫ية‬ ‫ما�ش‬ ‫ْ‬

‫�سا ْبقاين‬ ‫الين‪...‬م ْر ْجراين‬ ‫ْم َ�س ْل ْ�س‬ ‫جْ َ‬ ‫ْفاين‪...‬م َك ْفناين‬ ‫ْم َكت‬ ‫ْ‬ ‫البار ْح‬ ‫ما�شية كِ‬ ‫َ‬ ‫�سار ْح‬ ‫ما�شية والعقل َ‬ ‫حتى �أر�ض َم هَ زَّ اتْني‬ ‫ْو َحتى � ْأر ْ‬ ‫�ض َم هَ ّناتْني‬ ‫�أَ ْر ْ‬ ‫جْ‬ ‫�ض َتدِّيني‪...‬و�أر�ض تي ْبني‬ ‫�أر�ض حَ ْ‬ ‫ييني…و�أر�ض متْ حيني‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫� ْأر ْ‬ ‫�ض حتْ ْ�ضني‪...‬و�أر�ض َ‬ ‫متخ ْ�ضني‬ ‫�أر�ض ن َْ�س ُكنها‪...‬و�أر�ض ت َْ�س ُك ّني‬ ‫و� ْ‬ ‫أر�ض‬ ‫َ‬ ‫لهيها ‪َّ ...‬‬ ‫مت ق رْبي‬ ‫ْ‬ ‫َم ْ‬ ‫ا�شية ليها‪َ ...‬بزَّ زْ جنري‬ ‫و� ْأر�ض �أُ‬ ‫ْ‬ ‫خرى‪�...‬ساكناين‬ ‫ن َْو َ�ص ْل ليها‪...‬هِ َي ُعنْواين‬ ‫�أخرتت ق�صيدة الأر�ض عنواين ؛اجدين فيها؛‬ ‫�رشح بع�ض الكلمات‬ ‫يرتي ُموالنا ‪ :‬ال املك �شيء ‪ ...‬واملق�صود هنا الزهد‬ ‫ْ�سوِ ْ‬ ‫البار ْح ‪� :‬أم�شي كالأم�س ‪ ...‬دائمة امل�شي ‪ ..‬التيه اللآ�ستقرار ‪...‬‬ ‫ما�شية كِ‬ ‫َ‬ ‫البحث عن املعنى للإن�سان ‪ ..‬معنى الوجود‬ ‫حتى �أر�ض َما هَ زَّ اتْني ‪ ::‬ما هنا للنفي ‪ ::‬وال �أر�ض حملتني‬ ‫ْو َحتى � ْأر ْ‬ ‫�ض َما هَ ّناتْني ‪::‬ما هنا للنفي ‪ ..‬وال �أر�ض ريحتني ‪ ..‬وال �أر�ض منحتني‬ ‫الراحة والأمان والإ�ستقرار‬ ‫� ْأر ْ‬ ‫�ض حتْ ْ�ضني‪...‬و�أر�ض َ‬ ‫متخ ْ�ضني ‪ ..‬تهزين وترجني ك�رضبة زلزال‬ ‫و� ْ‬ ‫أر�ض‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫لهيها (هناك)‪ ...‬مت (هناك) ق رْبي‬ ‫ْ‬ ‫َم ْ‬ ‫ا�شية ليها‪َ ...‬بزَّ زْ جنري (�أم�شي �إليها بالرغم مني �أجري)‬ ‫هي مرحلة عمر الإن�سان من املهد �إلى اللحد‬ ‫خلقنا من تراب ونعود �إلى الرتاب‬ ‫�أر�ضنا الأبدية‬ ‫هي عنواننا احلقيقي‬

‫كان والدي يشتغل بمصلحة البريد بطنجة حيث ازددت‪ .‬مصدر تأثير والدي على مساري اإلعالمي كان نابعا من قوة‬ ‫شخصيته وصرامته في التعاطي مع المسؤوليات الموضوعة تحت يديه بما فيها أنا‪ .‬ثاني شي أعتبره نوعا من اإللهام الذي‬ ‫بثه والدي في حياتي هو انه رباني على احترام القيم‪ .‬قيم الجمال والحرية والعدل والحق‪.‬‬ ‫التقطت موهبة اإلعالم‪ ،‬ربما‪ ،‬من صورته وهو بالبيت يقرأ يوميا الجرائد الكثيرة التي يقتنيها‪ .‬وبمجرد ما كان ينتهي‬ ‫منها أخطفها أنا وأتمرن على قراءتها‪.‬‬ ‫كان والدي صارما وحازما بقوة معنا‪ ،‬غير أن هذا لم يقترن في تربيته لنا بالخوف منه بل باالحترام والتعلق بالشخصية‬ ‫القوية‪.‬‬

‫الحبـل‬

‫نْ �شرْ ْ ْعلِيه ذات َْك‪،‬‬ ‫اي ‪ ...‬واللّي َفات َْك‪،‬‬ ‫اللّي َج ْ‬ ‫رِ‬ ‫يحة َب�شرَ ْ ‪،‬‬ ‫ِيه‬ ‫نْ �شرْ ْ ْعـل‬ ‫َ‬ ‫رِ‬ ‫فـر‪،‬‬ ‫�س‬ ‫ة‬ ‫يح‬ ‫ِيه‬ ‫ل‬ ‫�رش ْعـ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫نْ ْ‬ ‫َ�صبين َْك‪،‬‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ة‪...‬‬ ‫ح‬ ‫�ض‬ ‫َ�ص‬ ‫َ‬ ‫كَ‬ ‫ْ‬ ‫ن ْ‬ ‫ْ‬ ‫�رش ْعـلِيه َيقْ ين َْك‬ ‫نْ ْ‬ ‫َ‬ ‫اب‪،‬‬ ‫خ‬ ‫ّي‬ ‫ل‬ ‫ا‪...‬ال‬ ‫د‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ْف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شرَ‬ ‫�ص‬ ‫اب‬ ‫غ‬ ‫ّي‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫اح‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ـليه‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫نْ � ْ‬ ‫جع ْ‬ ‫�ش‪،‬‬ ‫ومار‬ ‫ْ ْ‬ ‫�رش‬ ‫نْ ْ‬ ‫ال�ص ْدر‪َ ...‬ما طـل َْع ْ‬ ‫ـ�ش‪،‬‬ ‫ْعليه ُحزْ ْن ْف ْ‬ ‫يح‪،‬‬ ‫نْ �شرْ ْ ْعل ْ‬ ‫ِيه ظـلّك‪ْ ...‬ق ْـبلْ َما ْيطِ ْ‬ ‫نْ �شرَ ْ عليه َم ّوالْ ْد ّ‬ ‫يح‬ ‫ال�ش ْ‬ ‫ْف خلْ وا‪،‬‬ ‫ذاق القهوةْ‬ ‫نْ �شرَ ْعلِيه‪َ ...‬م ْ‬ ‫اقي ْة‬ ‫ْورِ َ‬ ‫واي ْج َب َ‬ ‫ارو‪ْ ،‬ف حلْ َ‬ ‫يحة الكّ ُ‬ ‫اقية‬ ‫�رش ْعـلِيه‪�ُ ،‬ص ْ‬ ‫ال�س َ‬ ‫نْ ْ‬ ‫وت املَا ْف ّ‬ ‫وت‬ ‫تـي ُم ْ‬ ‫ْ‬ ‫وت‪،‬‬ ‫نْ �شرْ ْعلِيه‪ُ ...‬حزْ ن ْد ْلب ُي ْ‬ ‫َق َ�ص�ص َجـ ّدة‬ ‫وخ ْ‬ ‫ـول‪،‬‬ ‫رايف الغُ اَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اق كُ وكَ اكُ والَ‪،‬‬ ‫ذ‬ ‫م‬ ‫‪...‬‬ ‫ِيه‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫نْ �شرَ ْ ْ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫البالْ ‪،‬‬ ‫ع‬ ‫ـر‬ ‫ط‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫اللي‬ ‫ِيه‪...‬‬ ‫نْ �شرْ ْ ْعل‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫اي َهادِ ي ْ�ش َحالْ ‪،‬‬ ‫ج‬ ‫ّي‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ال�ض ْو‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫وباقِ ي َما ْو َ�صلْ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِخ ْ‬ ‫ّيناه‪ْ ،‬و َما ْبغَ ى َي ْنزلْ‬ ‫يط ْد ْ‬ ‫ال�شتا‪ ،‬تْ َ�سن ْ‬ ‫ِيه احلَ ا َفة‬ ‫�رش ْعل ْ‬ ‫نْ ْ‬ ‫يد َخ ْط َـوة‬ ‫وزِ ْ‬ ‫ن�شرْ ظـلّـك ْف خلْ َوا‬ ‫الح‬ ‫ْ‬ ‫وقبلْ ما تْ ْ‬ ‫تلوي احلْ بلْ على ُع ْنقْ ْ‬ ‫ـك‬ ‫و ّ‬ ‫َاح‪...‬‬ ‫وترت ْ‬ ‫ْ‬ ‫ورتَك ْف البِطاقة‬ ‫�ص‬ ‫ن�شرْ ُ ْ‬ ‫ن�ش‬ ‫ِراءة‬ ‫ا�س َمك ف الق َ‬ ‫ْ‬ ‫ن�شرْ ُعنوانك‪ ...‬و َبري َد ْك الإليكرتُ وين‬ ‫ن�ش‬ ‫� ْأغنية» ِغري ُخ ُ‬ ‫وذونيِ »‪..‬‬

‫الشاعر مراد القادري‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪997‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪10‬‬

‫حرقة المسافات‬

‫َ‬ ‫دْريانا‪..‬‬ ‫أ ِ‬

‫الشاعرة سناء غيالن‬ ‫�أرمتي ً‬ ‫عميقا َ‬ ‫فيك‬

‫الشاعر عبد السالم الموساوي‬ ‫َق ٌ‬ ‫ليلة َهذِه اللُّغَ ُة ا َّلتِي ُترافِ ُقنِي‬ ‫َر ْغ َم ُعن ِ‬ ‫ْف المْ ُ فْ َر َدات‬

‫َ‬ ‫دْريانا‪..‬‬ ‫أ‬ ‫ِ‬

‫َف أَ� ْي َن أُ� ْخفِي المْ َ​َعانيِ ا َّلتِي َت�أْتِي‬ ‫مِ ْن كُ لِّ جْ ِ‬ ‫ال َهات؟‬

‫َو�أَ ْف َر ِ‬ ‫ريةً‬ ‫احي كَ ان َْت َ�صغِ َ‬ ‫ري جْ َ‬ ‫النَائِن‪،‬‬ ‫كَ َع َ�صافِ ِ‬ ‫مِ َ‬ ‫ل الخْ َ ْو ُف مِ ْن َ�ش ْيءٍ‬ ‫�س‬ ‫اَل ت َْ�ست َْو ِع ْب ُه َ�ش ْم ٌ‬

‫كَ رُ َ‬ ‫ث ْت �أَ ْب َوابِي‬

‫َيا كُ ُه َ‬ ‫َ�صينِي‬ ‫وف ال َْع مَ ِ‬ ‫امت ِّ‬ ‫ال ْ‬ ‫ل َ​َعلَّ َّ‬ ‫�س ت َْطل ُ​ُع َي ْوم ًا‬ ‫ال�ش ْم َ‬

‫َفال ت َ​َرانيِ ‪..‬‬ ‫�َأ ْو ل َ​َعلَّ الحْ ُ ل َْم ا َّلذِي َر�أَ ْي ُت‬

‫ال�ص ْحوِ َحقِيق ًَة ِب�أَل َْوان!‬ ‫ري يِف َّ‬ ‫َي ِ�ص ُ‬ ‫‪kkk‬‬

‫ان ُنقْ َط ٌة َم ْوزُ ون ٌَة يِف كَ ٍّف �آمِ نَة‬ ‫المْ َكَ ُ‬ ‫الَ َ�س ِ‬ ‫ري ا َّلتِي كَ ان َْت ُهنَا‬ ‫َو ْ أ‬ ‫اط ُ‬

‫تل َْت يِف ُ�سفُنِ الق ِ‬ ‫َرا�صنَة‬ ‫ار حَ َ‬ ‫ْ‬ ‫اء � َآخر‪:‬‬ ‫َم َ�س ٌ‬

‫اح َّ‬ ‫ال�شارِ َع الْكَ بِري‬ ‫ب ْأ‬ ‫ت َْع رُ ُ‬ ‫الَ ْ�ش َب ُ‬

‫ِـ»الَ ْي�س كرِ مي»‬ ‫ال�ض َج َر ب ْ أ‬ ‫ت َُراوِ غُ َّ‬

‫َوت ُْر ِ�سلُ الحْ ُ َّب يِف ال رَْبِيد ْ إِ‬ ‫ال ِلكْ رتُ ونيِ‬

‫اق ُمفْ رَت ِ‬ ‫َ�ضني‬ ‫�إِلَى ُع َّ�ش ٍ‬

‫ُث َّم تَكْ ت ُ​ُب ِ�ش ْعر ًا ِل ْلق َْر ِن ا ْلقَادِ م‬

‫ال�ض َياء‬ ‫َاح ْيهِ ِّ‬ ‫َو اَل َي ْ�س َط ُع مِ ْن َجن َ‬ ‫‪kkk‬‬

‫ين‬ ‫َ�شارِ ٌع َحزِ ٌ‬ ‫َاي ٍ‬ ‫ال�ص ْم ُت‬ ‫َو ْ‬ ‫ات َي ُلف َُّها َّ‬ ‫ب�ض ُع ِبن َ‬ ‫َ�سائ ٌِح ُي َج ِّر ُب َخ َطو�أتهِ َعلَى َم ْر� ًأى مِ َن‬ ‫ال َْب ْحر‬ ‫ود كَ ْه َر َباءٍ َو ِحيد‬ ‫َو َع ُم ُ‬ ‫اَل َي ْدرِ ي مِ َ‬ ‫ل �أُ ْلق َِي بِهِ يِف َه َذا الخْ َ لاَ ء‬ ‫اء ب ِ‬ ‫ِ�ض َم َادةٍ َ�س ْو َداء‬ ‫َم َ�س ٌ‬ ‫َوال َْو ْق ُت يمَ ْ ِ�ضي َبطِ يئ ًا يِف الحْ َ ا َنةِ‬ ‫تت َِ�سي ال َّنبِيذ‬ ‫ام َر�أَ ٌة حَ ْ‬ ‫َر ُجلاَ ِن َو ْ‬

‫كي ي�صعد من َ‬ ‫روحك ع�شقي‪،‬‬ ‫و� َأنت ُ‬ ‫وهج اللحظ ِة‬

‫يف احل�ضور‪.‬‬ ‫ع�شقي‪ُ ،‬‬ ‫ع�شق العارفني بحرقه امل�سافة‬

‫بني املا�ضي والآتي‪..‬‬ ‫ع�شقي ُ‬ ‫حلظة توهج َ�ش ْ‬ ‫فيف‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫التعب يف ك�أ�س امل�ساءْ‬ ‫ُ‬ ‫غروب ِ‬ ‫ُ‬ ‫نزيف اللهف ٍة‪ ..‬من مقلتي‪...‬‬

‫�أتعبُ َ‬ ‫كغروب ْ‬ ‫احلياة‪،‬‬ ‫فيك‪..‬‬ ‫ِ‬

‫العبث‬ ‫و� ُ‬ ‫أ�رشب ك� َ‬ ‫ؤو�س ِ‬ ‫ال�شوق‪..‬‬ ‫على حافة‬ ‫ِ‬

‫فيغرقني الوج ُد‬ ‫و� ُ‬ ‫ً‬ ‫احرتاقا‪...‬‬ ‫أ�شتعل بالر�ؤيا‬ ‫ع�شقي ي�سكبني َ‬ ‫داخل زجاج ٍة‬ ‫ِ‬ ‫ويلوِّ حُ بي يف املالح‬ ‫ٌ‬ ‫ر�سالة‪ُ ،‬‬ ‫وجهتها ال�سماءْ‬ ‫ع�شقي‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫خرائطك‪،‬‬ ‫إحداثيات‬ ‫ال حت ُّدها �‬ ‫لي�سَ ْت ً‬ ‫ْ‬ ‫حلرائقك‪،‬‬ ‫حطبا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫قواعدك‪،‬‬ ‫خارجة عن‬

‫ني الزَّ ْو ِج المْ ُ ت ِ‬ ‫َوت َُع ُّد ن َ​َي ِ‬ ‫َقاع ِد َع ْن َح ْربِه‬ ‫ا�ش َ‬

‫ال�سن ِ‬ ‫َوات ا َّلتِي تَخَ َّط ْت ب َِها الخْ َ ْم ِ�سني‬ ‫ت َُع ُّد َّ‬

‫اء‬ ‫ــ ِع ْم َم َ�س ً‬

‫ُ‬ ‫�رشيعة الل ِه‬ ‫ع�شقي‬ ‫التي � َ‬ ‫ْ‬ ‫الغافلون‬ ‫أغفلها‬

‫اَل ال ُْع ْم ُر‪ُ ..‬ع ْم ٌر‬

‫ــ كَ ْي َف َحالُ الْكُ ْر ِ�سي ال َْي ْوم؟‬

‫ْ‬ ‫وا�شتعل يف �صوري‪،‬‬

‫�ساء‬ ‫َم ً‬

‫ثرية‬ ‫ِ�س « �أَ ْدرِ َيانَا « يِف َحا َنت َِها ْ أ‬ ‫جَ ْ‬ ‫الَ َ‬ ‫تل ُ‬

‫ري‬ ‫َو اَل الْكُ ْر ِ�سي َي ِ�س ُ‬

‫بِخِ فَّةٍ ن َْح َو ال�شرُّ ْ َفةِ الأَ ِخ َرة‬

‫بنيِ َعلَى ال َّت َق ُّد ِم‬ ‫ــ َو ْيحِ ي َما ا َّلذِي ُي ْج رِ ُ‬ ‫�س َجدِير ًا ِب�أَ ْن ُأ� َ�س ِّميه‬ ‫يِف ا َّلذِي ل َْي َ‬

‫اء « أَ� ْدرِ َيانَا»‬ ‫ــ ِع ْم َم َ�س ً‬

‫ــ مَ ْ‬ ‫ل َي ُع ْد َيت َ​َح َّر ُك ن َْح َو َد ْو َرةِ المْ َِياه‬ ‫ات الْكُ ْر ِ�سي‪ ،‬إ� َِذ ْن‪،‬‬ ‫َم َ‬ ‫�س لَكِ �إ اَِّل َهذِي الْكُ ؤ�ُو�س!‬ ‫َول َْي َ‬

‫فع ْد � َّإيل‬

‫ْ‬ ‫املخلوق‬ ‫اخلالق يف‬ ‫كا�ستعار ِة ِ‬ ‫كي � َ‬ ‫أت�سلل �إلى ر� َ‬ ‫ؤياك‬ ‫و� ُ‬ ‫أنرث َ‬ ‫احلياة‬

‫بني �ضف ِة َول ٍه‬ ‫و�شظايا حبٍّ‬

‫ْ‬ ‫الهام�ش؛‬ ‫على‬

‫ف�أنا امر� ٌأة ال حتيا‬ ‫� َّإال يف � ْ‬ ‫أعماقك‪،‬‬

‫ال�شم�س‬ ‫غياب‬ ‫ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫واغتيال القمرْ‬ ‫ِ‬ ‫الغيب‬ ‫ابت�سام ِ‬ ‫بني ِ‬ ‫وعبث القدرْ‬ ‫ِ‬

‫بني حري ِة َ‬ ‫عينيك‬ ‫وطوفان َ‬ ‫حلمك‬ ‫ِ‬

‫�أنا امر� ٌأة من َ‬ ‫طيفك‬ ‫و� َ‬ ‫أهوائك‬ ‫َ‬ ‫وتعبك‬

‫و� ْ‬ ‫آالمك‪ ...‬‬

‫�أقر أ� تراتيلي الأخرية‪،‬‬ ‫فقد � ُ‬ ‫آن�ست �إلى احلرية‬ ‫ْ‬ ‫واالئتالف‬

‫ُ‬ ‫واختفيت يف الظلم ِة‬ ‫كال ْ‬ ‫أرق!‬

‫ف ُع ْد � َّإيل‪،‬‬

‫َ‬ ‫فطرتك‪،‬‬ ‫ع ْد �إلى‬ ‫ع ْد �إلى الله‪،‬‬ ‫�ستجدين‪� ..‬إحدى و�صايا ْه‪.‬‬


‫العدد ‪997‬‬

‫الشمال الثقافي‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪11‬‬

‫الواقفون على األبواب‬ ‫اإلعالمية خديجة سبيل‬ ‫تأبى الحروف أن تستقيم على كلمة سواء وهي تطاوع‬ ‫كل هذا الزخم من الصور المتضاربة‪ ،‬وما تحبل به من‬ ‫تناقضات تعري حقيقة حالة الضياع الفكري والوجودي الذي‬ ‫يجثم على النفس المتشكلة في تشكيالت تبدو تجريدية‬ ‫تستعصي على اإلمساك بتالبيب معناها وقد أصابها ما‬ ‫أصابها من التصدع ‪ .‬لعله ذلك التمرين اليومي الذي‬ ‫يفرض على الذات طقوسه في مواجهة مواقف شتى تختبر‬ ‫القيم‪ ،‬نعتقد أنها راسخة ومحسوم في أمرها‪ .‬ليس األمر‬ ‫مصادفة بل إنه من المنطقي‪ ،‬أن ترتفع ذروة السؤال‬ ‫بمختلف مستوياته في مناسبات بعينها ومواقف دونها‬ ‫حينما تصادف حاالت كتلك مثيرة للسؤال‪ .‬وكأننا نكون في‬ ‫سباق مفتوح يصيب العقل والوجدان بالعطب‪ ،‬إلى أن نرى‬ ‫فجأة‪ ،‬أننا نملك حق مصادرة األفعال واألعمال‪ ،‬و نحلل‬ ‫أو نحرم‪ ،‬بل و نصدر فتاوي باسم اإليمان والوصاية على‬ ‫الدين‪ ،‬الذي نخاف على انحرافه وضياعه في تجليات دون‬ ‫أخرى‪ .‬ننصب أنفسنا ليس فقط أوصياء بل أولياء نأبى إلى‬ ‫أن نطبق القصاص وكل أشكال العقاب‪ ،‬وُ كِ َلت في األصل‬ ‫إلى خالق الكون‪ ،‬وبينهم هؤالء األوصياء‪ ،‬المفروض أنه‬ ‫المعني بتنزيلها وقت ما يشاء وكيفما يشاء‪ .‬نفرغ ما نؤمن‬ ‫به من جوهره وروحه‪ ،‬نسكبه في كأس طغياننا الفردي‬ ‫لنكشف عن الوجه اآلخر أو ربما الحقيقي ألصلنا إنسانا‬ ‫« مصدر شر» بطبعه‪ ،‬والذي كان أحد أسباب طرده من‬ ‫الجنة‪ .‬واألدهى من ذلك‪ ،‬أن تستيقظ يوما على تصريح‬ ‫باإلعتذار ممن ظلوا لسنوات وعقود يحركون ماكينة غسل‬ ‫األدمغة‪ ،‬يحللون ويحرمون باسم الدين‪ ،‬مع أن الدين بريء‬ ‫من كل ما يدعون إليه ويفتون به ‪ ،‬وكيفما كان سياق‬ ‫االعتذار أو التراجع‪ ،‬فالزلة في جميع الحاالت أكبر‪ ،‬مادامت‬ ‫تخضع لمزايدات وراهنية مصالح سياسية بعينها‪.‬‬ ‫بالمقابل قد تخضع القيم التي ندافع عنها خارج هته‬ ‫المناسبات إلى تمرين التعايش الذي يأبى إال أن يفرض‬ ‫نفسه على كل األطراف المؤمنة‪ ،‬واألقل إيمانا أو حتى غير‬ ‫المؤمنة‪ .‬لعله شهر رمضان بأجوائه وطقوسه‪ ،‬التي جعلنا‬ ‫منها مناسبة للمزايدة في التدين‪ ،‬تنحى عن المقاصد‬ ‫الحقيقية للشهر الفضيل حيث المطلوب المودة والتعاطف‬ ‫والتعايش المنشود‪ ،‬وفيه تختبر إنسانيتنا صفاء روحها‪.‬‬ ‫وتسهم في تدبير اختالفاتنا بكل حب وتسامح‪ ،‬بين الصائم‬ ‫وغير الصائم‪ ،‬المؤمن الطامع في دخول الجنة‪ ،‬كما الذي ال يربط إيمانه بدخولها‪ ،‬لتزكي قيمنا المشتركة في احترام حقوق الفرد قبل الجماعة واالنتصار لمبدأ‬ ‫المعامالت قبل العبادات‪ .‬كيف نسمح باالحتماء بمظلة الدين لشرعنة الخرق والفوضى أو حتى االستثناء! وماذا لو اعترضت أو حاولت أن تفسر بما يفيد العكس‪،‬‬ ‫فتهم الكفر واإللحاد تغري المفتين الوهميين‪ .‬هناك من يتطلع سفها إلى مضاعفة األجر على حسابك‪ ،‬والتنكر لحقك في الحياة‪،‬و مصادرة حقك اآلخر في أن ترقد‬ ‫الروح بسالم‪ ،‬بعد أن قرروا سفها أن يلزمون غيرهم بقبول زعم أنهم سيكونون الواقفين على باب الجنة يوزعون بطاقات المؤمنين الذين سيلتحقون بنعيم الجنة‪.‬‬ ‫«إن الحكم إال هلل» يومها وليس لهم ‪ .‬ويصيبك مس منهم متى اعترضت على الفوضى التي يمارسون بها شعائرهم التعبدية‪ ،‬ونبهتهم إلى تعارضها مع المقاصد‬ ‫الدينية العامة‪ ،‬ومنها مثل الذي وقع من إعاقة مصلحة أو صد منفعة‪ ،‬كاجتياح األماكن العمومية بما فيها سكك الحديد ومعابر الترمواي‪ .‬ناهيك عن أمور أخرى‬ ‫يحلو الحديث فيها واالجتهاد في تفسيراتها‪ ،‬خاصة حينما تكون المرأة موضوعها‪ ،‬وعلى رأسها لباس النساء وزينتهن المحرضة على الفتنة والمسببة في إبطال‬ ‫الصيام والصالة والتي قد ال تنجو منها حتى وأنت في أقصى درجات تعبدك أو خشوعك‪ .‬المسكينة والدتي الحريصة رغم ظروفها الصحية على الذهاب كل ليلة إلى‬ ‫المسجد ألداء صالة التراويح‪ ،‬تفاجأ ذات صالة بسيدة تقترب منها في المسجد‪ ،‬لتصرح وتقرر بأن صالتها غير مقبولة ألنها ال ترتدي جوارب‪ ،‬وهي واجبة ومفروضة‬ ‫على المرأة في الصالة‪ .‬رد والدتي كان بكل تلقائية أن لها عذرا يكمن في عدم تحمل رجليها للجوارب بسبب مرضهما‪ .‬لكن يبدو أن الجواب لم يقنع السيدة التي‬ ‫تمادت في االجتهاد‪ ،‬ونصبت نفسها حارسا ال يسمح بمثل هته «التجاوزات» التي تبطل الصالة وتدخل في الئحة المحرمات‪ .‬سلوك يتكرركل يوم مع كل من يعتبر‬ ‫نفسه أكثر إيمانا وتدينا‪ ،‬ولألسف يسقط في شراكه أناس يحاولون التعامل مع الدين حسب إيمانهم‪ ،‬وحسب ما تربوا عليه‪ ،‬غايتهم كسب الثواب واألمل في حياة‬ ‫اآلخرة تعويضا عن البؤس والزهد في الدنيا الزائلة أو الزائفة‪ .‬مع أنه يمكن أن نكون مؤمنين حقيقيين وصادقين مع أنفسنا ومع الخالق قبل صدقنا مع اآلخر‪ .‬لو‬ ‫أننا ونحن نحمي معتقدتنا الدينية وغير الدينية وحتى ما نعتبره قيما كونية مشتركة‪ ،‬نتخلص أوال من كم المغالطات التي تعج بها أذهاننا وحياتنا‪ ،‬وال نكتفي بكوننا‬ ‫متفرجين مستهلكين‪ ،‬بل نكون ناشطين منتجين‪ ،‬ويا حبذا لو صرنا مبتكرين‪ .‬ال أجد أبلغ والحالة هته ما قاله الشاعر أدونيس بمناسبة المحاضرة االفتتاحية للندوة‬ ‫الدولية المخصصة لعبد الكبير الخطيبي بأكاديمية المملكة المغربية‪« ،‬العرب اختزلوا اإلسالم كأنه سلطة!‪..‬المشكلة هي أن الفكر بالنسبة إلى الجمهور العربي هو‬ ‫العدو األول ليس لإلنسان فقط‪ ،‬بل لإلسالم أيضا»‪.‬‬


‫الشمال الثقافي‬

‫العدد ‪997‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫‪12‬‬

‫ما ال نعرفه عن سي عبد الكبير الخطيبي‬ ‫عبد الرحيم الخصار‬

‫عقدة المشرقي‬ ‫محمد بنقدور الوهراني‬ ‫عبد الكبير الخطيبي‬ ‫روزييس» كما سماها الرومان قديما‪ ،‬أو «مازاكان» كما‬ ‫سماها البرتغاليون في القرن السادس عشر‪ ،‬أو «الجديدة»‬ ‫كما صارت تسمى الحقا بعد أن استعادها السلطان محمد بن‬ ‫عبد اهلل في القرن الثامن عشر‪ ،‬المدينة التي ال تنام صيفا‪،‬‬ ‫المدينة الحالمة والهادئة‪ ،‬والشبيهة بناياتها الشاطئية‬ ‫بسرب من النوارس نزل من السماء وجفل على مقربة من‬ ‫البحر ليحرس المدينة‪ ،‬المدينة العريقة التي احتضنت على‬ ‫مدار القرون أعراقا وأديانا وثقافات مختلفة‪ ،‬حين تقف على‬ ‫جراف الشاطئ مديرا ظهرك للبحر ستبدو لك الصومعة‬ ‫والكنيسة والبيعة متجاورة في حي واحد‪ .‬وأنت تجول في‬ ‫الجديدة ستحس أنك تسير بين دروب مدينة مضيافة‪.‬‬ ‫التقيتُ بمراد الخطيبي في مقهى الطابق الخامس‬ ‫من بناية «مرحبا» المطلة على المحيط األطلسي‪ ،‬هناك‬ ‫حيث كانت قاعة سينما جميلة تحمل االسم نفسه‪ ،‬أُغلقت‬ ‫الصالة ممثلما أغلقت معظم صاالت الفن السابع بالمغرب‪،‬‬ ‫لكن ّ‬ ‫ظل اسمها العبارة األنسب الستقبال ّ‬ ‫كل من يفد إلى‬ ‫المدينة في مختلف الفصول‪.‬‬ ‫مراد الخطيبي شاعر ومترجم يحمل دكتوراه في األدب‬ ‫اإلنجليزي وقد أصدر أربع مجموعات شعرية ونشر عددا من‬ ‫الدراسات النقدية والترجمات األدبية والفكرية‪ ،‬كما أشرف‬ ‫قبل سنتين على كتاب جماعي عن عبد الكبير الخطيبي‬ ‫عنوانه‪« :‬ولدتُ غدا»‪ ،‬صدر بالعربية والفرسية واإلنجليزية‪.‬‬ ‫التقينا هناك على مقربة من الشاطئ حيث تتعالى‬ ‫أشجار الروكاريا وتحجب بأغصانها الهائلة شمس الظهيرة‪،‬‬ ‫وكان سبب اللقاء وغايته هو استعادة عبد الكبير الخطيبي‬ ‫بوصفه أحد أبراج المدينة‪ ،‬يتحدث مراد عن عمّه بحب‬ ‫جارف‪ ،‬ويدعوه «سي عبد الكبير» ك ّلما جاء على ذكر اسمه‪.‬‬ ‫ما كنا نراهن عليه في تلك الجلسة المطولة هو أن‬ ‫نستحضر األشياء غير المعروفة عنه‪ ،‬األشياء غير المتداولة‬ ‫في الصحافة واإلعالم‪ ،‬فكان ذلك بالنسبة لي شبيها‬ ‫باكتشاف جديد لرجل نظن جميعا أننا نعرفه‪.‬‬ ‫كانت البداية من األم عائشة بوخريص التي تنحدر من‬ ‫منطقة «دكالة»‪ ،‬وبالضبط من قبيلة بني هالل‪ .‬يقول عنها‬ ‫مراد‪« :‬كانت جميلة جدا بعينين خضراوين ووجه مشرق‪،‬‬ ‫دائمة االبتسامة‪ ،‬طيبة جدا‪ .‬لم تطأ ال مدرسة وال ُكتّابا‬ ‫ولكنها كانت ذكية جدا‪ ،‬ودودا وصاحبة نكتة وقدرة قوية‬ ‫على الحكي‪ .‬كانت تحب ابنها عبد الكبير أكثر من إخوته‬ ‫الذكور ربما ألنه كان األصغر حيث ازداد بعد أخيه مصطفى‬ ‫وأخيه األكبر محمد‪ ،‬وربما أيضا بدافع اليتم الذي أحس به‬ ‫بعد الرحيل المبكر لوالده‪ ،‬فقد كان يبلغ فقط سبع سنوات‬ ‫عندما توفي أبوه أحمد الفاسي سنة ‪ .1945‬كانت تعجبه‬ ‫لغتها الدارجة وتعليقاتها المضحكة على بعض األمور‪ ،‬لقد‬ ‫كان مفتونا بقوة شخصيتها وذكائها الشديد‪ ،‬وكانت دائما‬ ‫تشجعه على الزواج من مغربية‪».‬‬ ‫أخبرني مراد أن «الفاسي» كان هو اللقب األول لعائلة‬ ‫عبد الكبير قبل إنشاء دفتر الحالة المدنية سنة ‪ ،1956‬وقد‬ ‫كان اختيار اسم «الخطيبي» من طرف أخيه األكبر محمد‬ ‫خريج جامع القرويين الذي كان يشتغل في سلك التعليم‪.‬‬ ‫إضافة إلى محمد (والد مراد الخطيبي) لعبد الكبير أخوان‬ ‫وأختان‪ :‬مصطفى وزبيدة اللذان اشتغال أيضا بالتعليم‪،‬‬ ‫وربيعة التي فارقت الحياة في عامها العشرين بسبب‬ ‫المرض‪ ،‬وأخ آخر توفي في صباه‪ .‬أما الوالد أحمد الفاسي‬ ‫الذي درس في جامع القرويين فقد اختار العمل في تجارة‬ ‫الخشب متجنبا سلك القضاء‪ ،‬خوفا من الرشاوي والمال‬ ‫الحرام‪ ،‬وقد كان يلقي الدروس الدينية بمسجد صغير في‬ ‫حي الصفاء‪ ،‬وغالبا ما كان يلجأ إليه الناس من أجل تسوية‬ ‫الخالفات بينهم لما عرف عنه من ورع وحكمة‪.‬‬ ‫يبتسم مراد وهو يتحدث عن سر تسمية الخطيبي بعبد‬ ‫الكبير‪ ،‬فقد ولد في الحادي عشر من فبراير ‪ ،1938‬وهذا‬ ‫اليوم كان موافقا ليوم عيد األضحى آنذاك‪ ،‬فسمي بهذا‬ ‫االسم تيمنا بالعيد‪ ،‬ألن المغاربة يسمون األضحى «العيد‬ ‫الكبير»‪ ،‬والفطر «العيد الصغير»‪.‬‬ ‫يضيف مراد‪« :‬كان عبد الكبير أخضر العينين محظوظا‬ ‫إلى حد ما‪ ،‬ألنه الوحيد من إخوته الذي وافق األب على أن‬

‫يتابع دراسته بالمدرسة الفرنسية المغربية‪ ،‬علما أن الوالد‬ ‫كان من أشد المتعصبين للغة العربية‪ .‬وعلى عكس إخوته‪،‬‬ ‫لم يتردد عبد الكبير على ُ‬ ‫الكتّاب القرآني إال لفترة يسيرة‪.‬‬ ‫وكسائر أبناء جيله‪ ،‬كان حليق الرأس إال من خصلة شعر‬ ‫طويلة»‪.‬‬ ‫ما ال يعرفه الكثيرون أن الخطيبي كان العب كرة قدم‬ ‫جيدا‪ ،‬وكان يُتوقع له مستقبل كبير في هذه الرياضة‪ .‬يقول‬ ‫عبد اللطيف الشياظمي الالعب الدولي السابق وصديق عبد‬ ‫الكبير‪« :‬كان العبا ممتازا‪ ،‬وكان من المتوقع أن يلعب في‬ ‫فريق الدفاع الحسني الجديدي»‪ .‬وما سيحول في الحقيقة‬ ‫بين الخطيبي وكرة القدم هو شغفه الكبير بالكتب التي كان‬ ‫يحلو له قراءتها منذ صباه قرب البحر‪.‬‬ ‫لم يكن الخطيبي ذلك التلميذ النموذجي والمنضبط‬ ‫في المدرسة‪ ،‬وربما نقطة التحول في حياته ستكون هي‬ ‫انتقاله إلى مراكش‪ ،‬سيُغرم هناك بثالثة شعراء هم جبران‬ ‫وامرؤ القيس وبودلير‪ ،‬وربما بسبب هؤالء وبتحفيز من‬ ‫أخيه األكبر سيدخل عالم الكتابة شاعرا‪ ،‬فقد كتب نصوصا‬ ‫باللغة العربية أوال‪ ،‬ثم بالفرنسية الحقا‪ ،‬وكان ينشرها في‬ ‫جريدة «ماروك بريس»‪ .‬وكان أصدقاؤه في مرحلة المراهقة‬ ‫يستغلون موهبته في األدب ويطلبون منه كتابة رسائل‬ ‫غرامية لحبيباتهم‪ ،‬فكان الخطيبي يقوم بهذه المهمة‬ ‫بكثير من اإلبداع‪ .‬في الفترة ذاتها كان شغوفا بجمع‬ ‫وتصنيف الكلمات الغريبة في اللغتين العربية والفرنسية‪.‬‬ ‫بعد مراكش سينتقل إلى الدار البيضاء ليدرس المرحلة‬ ‫الثانوية في «ليسي ليوطي»‪ ،‬وسيحصل بعد نجاحه في‬ ‫الباكالوريا على منحة تخول له متابعة الدراسة بجامعة‬ ‫السوربون الفرنسية‪ ،‬وسيعود منتصف الستينات حامال‬ ‫لشهادة الدكتوراه في الرواية المغاربية‪ ،‬أشرف عليها‬ ‫السوسيولوجي الفرسي الشهير جاك بيرك‪ ،‬وضمت لجنة‬ ‫مناقشتها ك ّ‬ ‫ال من الناقد المعروف روالن بارث والباحث‬ ‫اللساني روني إتنبل‪.‬‬ ‫سنة ‪ 1966‬سيعين الخطيبي مديرا لمعهد علم‬ ‫االجتماع الذي سيلحق فيما بعد بكلية اآلداب والعلوم‬ ‫اإلنسانية بالرباط‪ .‬واستطاع مع بول باسكون خالل هذه‬ ‫الفترة القصيرة تكوين مجموعة من الطلبة‪ ،‬سيصيرون‬ ‫في ما بعد باحثين متميزين أمثال‪ :‬عبد اهلل حرزني‪ ،‬أحمد‬ ‫زوكاري‪ ،‬عبد اهلل حمودي وآخرين‪ .‬لكن هذا المعهد المهم‬ ‫سيتم إغالقه سنة ‪ 1970‬من طرف الملك الحسن الثاني‪.‬‬ ‫يستعيد مراد أصدقاء عمّه‪« :‬طيلة حياته كوّن‬ ‫الخطيبي صداقات فكرية وإنسانية مع مفكرين ومبدعين‬ ‫مرموقين أذكر منهم‪ :‬روالن بارث‪ ،‬جاك دريدا‪ ،‬جان جينيه‪،‬‬ ‫إدوارد سعيد‪ ،‬محمود درويش‪ ،‬أدونيس‪ ،‬فيروز والقائمة‬ ‫طويلة‪ .‬بخصوص روالن بارث‪ ،‬سيتجدد لقاؤه في المغرب‬ ‫مع الخطيبي عندما عمل بارث أستاذا بجامعة محمد الخامس‬ ‫بالرباط أواخر الستينات‪ ،‬وكان يقطنان بنفس العمارة مما‬ ‫جعلهما يلتقيان بشكل دائم»‪.‬‬ ‫يقول روالن بارت في شهادته التي كتبها تحت عنوان (ما‬ ‫أدين به للخطيبي)‪« :‬إنني والخطيبي‪ ،‬نهتم بأشياء واحدة‪،‬‬ ‫بالصور‪ ،‬األدلة‪ ،‬اآلثار‪ ،‬الحروف‪ ،‬العالمات‪ .‬وفي الوقت نفسه‬ ‫يعلمني الخطيبي جديداً‪ ،‬يخلخل معرفتي‪ ،‬ألنه يغير مكان‬ ‫هذه األشكال‪ ،‬كما أراها يأخذني بعيداً عن ذاتي‪ ،‬إلى أرضه‬ ‫هو‪ ،‬في حين أحس كأني في الطرف األقصى من نفسي‪».‬‬ ‫ويقول عنه جاك دريدا‪« :‬عبد الكبير الخطيبي ليس‬ ‫ّ‬ ‫فقط كاتباً‬ ‫«يتعذر تجنّبه»‪ ،‬كما يقال‪ ،‬لمَن يهتم باألدب‬ ‫ّ‬ ‫الفرنكفوني لهذا القرن‪ ،‬بهذا األدب حيثما يفيض‪،‬‬ ‫ويفكر‪،‬‬ ‫ويحوّل الثقافة الفرنسية‪ ،‬وحيثما يشهد على التاريخ‬ ‫السياسي‪ ،‬واالستعماري‪ ،‬وما بعد االستعماري‪ ،‬الذي يربط‬ ‫فرنسا بمستعمراتها ومحميّاتها السابقة‪ .‬فأعماله هي أيضاً‬ ‫«قدوة»‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬لمَن يهتم بمشاكل «التعددية‬ ‫الثقافية» و»حالة ما بعد االستعمار» كما يشغف بها اليوم‪،‬‬ ‫بشكل مبرَّر‪ ،‬كمٌّ من المثقفين والجامعيين والمواطنين‬ ‫ٍ‬ ‫من جميع األصول»‪.‬‬

‫(يتبع)‬

‫قبل أن يقول صالح فضل مقولته الشهيرة في حق النقد والنقاد المغاربة‪،‬‬ ‫«أعرف وأنا على عالقة صداقة حميمة ببعض النقاد المغاربة والتُّونسيين‬ ‫والجزائريين‪ ،‬أن بعضهم مولع بالغموض الشديد جدا فأبسط المناهج اليسيرة‬ ‫الجميلة تتحول في قلمه إلى لوغاريتم يصعب فك لغزه‪ ،‬وبعضهم اآلخر ليست‬ ‫لديه قدرة كبيرة على االستيعاب النظري والتطبيق‬ ‫العملي‪ ،‬وهم يفتقدون في المغرب العربي عموما ـ وهذا نقد لهم ـ لرصد‬ ‫الظاهرة وفقا لبصيرة نقدية تطبيقية‪ ،‬أما المبدعون منهم فيحتاجون إلى مثقفين‬ ‫مشارقة لكي يضيئوا أعمالهم‪ ،‬ألنهم قد يتملكون زمام األفكار الكبرى لكنهم ال‬ ‫يعرفون ـ في مجملهم ـ كيفية تبيئتها وال تطبيقها على الواقع اإلبداعي»‪.‬‬ ‫قبل أن يقول صالح فضل هذا‪ ،‬كان قد سبقه إلى نفس الهجاء الشاعر سعدي‬ ‫يوسف حينما قال في حق الشعر المغربي‪« ،‬القصيدة المغربية ال تقول شيئا»‪.‬‬ ‫هذا التقييم الذي شمل الشعراء والنقاد المغاربة من طرف شخصيتين‬ ‫أدبيتين بارزتين في الحقل األدبي العربي‪ ،‬هل له ما يبرره من الناحية المعرفية‪،‬‬ ‫أم هو مجرد تطاول يجسد مقولة تفوق الشرق العربي‪ ،‬وهاجس األستاذية الذي‬ ‫يبرز بين الحين واآلخر في الكثير من اإلشارات التي تكون غالبا جارحة وقاسية؟‬ ‫صالح فضل شخصية أدبية عربية لها من المكانة العلمية ما يمكنها من‬ ‫اإلدالء بالرأي األدبي الذي هو نتاج علم ومعرفة وتحليل واستقراء‪.‬‬ ‫صالح فضل كذلك‪ ،‬حقق تراكما معرفيا أدبيا يجعل المتعامل معه مدفوعا‬ ‫بضرورة االنتباه إلى أنه في حضرة أديب متمرس عارف ببواطن األمور‪َ ،‬‬ ‫وَذا دربة‬ ‫في التعامل مع الظواهر والنصوص األدبية وفق رؤية معلومة ومعروفة يمكن‬ ‫االطالع عليها من خالل كتبه ومؤلفاته المتعددة والمتنوعة‪.‬‬ ‫في اآلن نفسه‪ ،‬سعدي يوسف شاعر عربي له مكانة وصوت وصيت شعري‪،‬‬ ‫يمكنه إلقاء الرأي الشعري وهو مسيج بخلفية فنية وجمالية وفكرية‪ ،‬تجعل من هذا‬ ‫الرأي الشعري إحاطة نقدية لها مصداقيتها وإمكانيات تداولها بين المهتمين‬ ‫والمتابعين والمتخصصين والمرتبطين بالشعر المغربي الحديث‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يعطي لمقولته «القصيدة المغربية ال تقول شيئا» بعض الوجاهة‪.‬‬ ‫الشاعر سعدي يوسف يقرر أن القصيدة المغربية ال تقول شيئا‪ ،‬والناقد صالح‬ ‫فضل يزيد على هذا التقرير بكون النقد المغربي كذلك يكاد ال يقول شيئا‪.‬‬ ‫بناء عليه‪ ،‬هل ما أورده الرجالن في حق الشعر والنقد المغربيين هو تحليل‬ ‫لواقع موجود واستقراء لتمظهراته‪ ،‬أم هو تفريغ لعقدة التفوق التي يتغنى بها‬ ‫المشارقة كل وقت وحين؟‬ ‫هل ما صدر عن صالح فضل‪ ،‬وقبله سعدي يوسف يمكن اعتباره تحصيل‬ ‫حاصل أدبي مغربي موجود‪ ،‬توص إليه الرجالن عن تجربة ومتابعة ومعاينة‪ ،‬أم‬ ‫هو تجني في حق النقاد والشعراء المغاربة وانتقاص من قيمتهم؟‬ ‫اإلجابة على مثل هذه األسئلة تدفعنا إلى طرح أسئلة موازية أخرى‪:‬‬ ‫هل واقعنا النقدي في المغرب بعافية؟‬ ‫كم عدد النقاد المغاربة الفاعلين والمتفاعلين مع المنتوج الشعري المغربي؟‬ ‫كم عدد اإلنتاجات الشعرية المغربية التي خضعت للدراسة والتحليل في‬ ‫المغرب خالل العشرين سنة األخيرة؟‬ ‫ما هو عدد الكتب النقدية المغربية التي صدرت في السنوات العشر األخيرة؟‬ ‫أليس حقيقة أن أغلبية المتعاملين مع النقد األدبي عامة والشعري خاصة‪،‬‬ ‫يحولون المنهج إلى وعاء فارغ يمكن تعبئته بأي نص ألي شاعر؟‬ ‫أليس حقيقة أن كثيرا من مبدعينا يتمنون أن ينتبه مثقفون مشارقة إلى‬ ‫إنتاجاتهم‪ ،‬ويعتبرون ذلك‪ ،‬في حالة حدوثه‪ ،‬تفردا وتميزا ونجاحا منقطع النظير؟‬ ‫أليس حقيقة أن الكثير من مبدعينا يعتبر النشر في دار من دور النشر في‬ ‫المشرق امتيازا وحضوة وميزة؟‬ ‫هل بالفعل شعرنا‪ ،‬نقدنا‪ ،‬ثقافتنا بخير؟‬ ‫اإلجابة تحتاج منا إلى الكثير من الموضوعية ونكران للذاتية‪ ،‬بعيدا عن‬ ‫التعصب والشوفينية‪ ،‬أما عقدة اآلخر‪ ،‬سواء كان هذا اآلخر في الشرق العربي أو‬ ‫في الغرب األوربي‪ ،‬فهذا تحصيل حاصل ال ينكره إال من يرى ما تراه عيناه فقط‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬أليس هذا التوصيف القيمي للشعر والنقد المغربيين هو تعبير عن‬ ‫انهيار عربي عام سواء في اآلداب أو في الفنون أو في الفكر أو في القيم؟‬ ‫أليس ما يسري على المغرب يسري على مصر والعراق وعلى غيرهما من‬ ‫البلدان العربية جميعها؟‬ ‫ألسنا كلنا في الهم شرق؟‬


‫‪13‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪997‬‬

‫من أرشيف الدبلوماسي األديب‬

‫رسائل‬ ‫تطوانية‬

‫سيدي التهامي أفيالل التطواني‬ ‫حفظه اهلل (‪)17‬‬

‫ إعداد وتقديم‪ :‬الدكتور يونس السباح‬‫‪Younes_sebbah@hotmail.com‬‬

‫تقديم‬ ‫تعتبر المراسالت العلمية رافداً ثرياً لكتابة التاريخ‪ ،‬باعتبار ما تحمله في طيّاتها من المعلومات الدّفينة‪ ،‬والفوائد الغميسة النادرة‪ ،‬التي ال توجد في غيرها‪ ،‬ولكونها مرتبطة بزمان ومكان وموضوع‬ ‫معيّن‪ ،‬كما تعدّ أيضاً فنّاً أدبياً‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال بنفسه‪ ،‬بما تحمله من صادق التعبير‪ ،‬وجميل اإلحساس‪ ،‬وحسن اإلنشاء‪ ،‬وبديع السّبك‪ ،‬وخصوصاً إذا أضيف إلى هذه المعاني جمال الخط‪ ،‬ورونق الحرف‪ ،‬وكانت‬ ‫ً‬ ‫صادقة اإلحساس معبّرة عن الصلة العائلية‪ ،‬والمتابعة الدراسية بين الوالد والوَلد مثال‪ ،‬أو بين تلميذ وشيخه‪ ،‬أو الصديق وصديقه‪...‬‬ ‫ومن المراسالت المتّصفة بهذه الصفات‪ ،‬ما تحتويه خزانة األديب الشاعر‪ ،‬والدبلوماسي السابق‪ ،‬أحد أفراد بيت العلم والشرف والمجد‪ ،‬سيدي التهامي أفيالل حفظه اهلل‪ ،‬وما يشتمل عليه‬ ‫أرشيفه الذي يضمّ كمّا هائ ً‬ ‫ال من الرسائل‪ ،‬معظمها صادرة عن أفراد أسرته‪ ،‬كجدّه القاضي سيدي التهامي أفيالل‪ ،‬أو عمه الوزير سيدي محمد بن التهامي‪ ،‬أو أخيه األديب‪ ،‬سيدي البشير أفيالل‪ ،‬أو‬ ‫واردة عليهم وعلى أفراد آخرين من هذا البيت‪.‬‬ ‫ولمّا كانت هذه المراسالت لها قيمة أدبية وتاريخية‪ ،‬ولم يسبق أن رأت النور‪ ،‬أو اهتمّ أحد بإخراجها للناس‪ ،‬استأذنّا صاحب األرشيف‪ ،‬الشريف المذكور‪ ،‬في العمل على إخراجها وتيسيرها للنّاس عبر‬ ‫صفحات جريدة الشمال الغراء‪ ،‬التي تستأثر بنشرها‪ ،‬فوافق مشكوراً مأجوراً‪ ،‬وقمنا نحن برقن هذه الرسائل‪ ،‬وصنّفناها حسب ّ‬ ‫كل شخص (منه‪/‬عليه)‪ ،‬وآثرنا أن نبتدئ باألقدم تاريخاً‪ ،‬فكان صاحب السّبق‬ ‫هو القاضي الشهير‪ ،‬والفقيه الكبير‪ ،‬سيدي التهامي بن محمد أفيالل (ت‪1339:‬هـ)‪.‬‬

‫[الرسالة الثالثة والستون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده القاضي‬ ‫التهامي أفيالل يخبره فيها عن أحواله وسفره ألداء‬ ‫مناسك الحج‪ ،‬ويفيده ببعض األحداث التاريخية‪ ،‬واألخبار‬ ‫العائلية]‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫وموالنا محمد وآله‬

‫وصلى اهلل على سيدنا‬

‫بعد تقبيل راحتي سيدنا الوالد‪ ،‬وإهداء أزكى السالم‬ ‫ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬فقد كنا قدمنا لكم اإلعالم بنزولنا من‬ ‫عرفة لمكة بخير وعافية أو ًال وثانياً‪ ،‬نطلب اهلل أن يكونا‬ ‫قد وصال وقرّ به ناظركما‪ ،‬وسكن منها جأشكما‪ ،‬وموجبه‬ ‫اآلن إعالمكم بأننا عزمنا على السفر للمدينة المنورة‬ ‫صبيحة أمس تاريخه‪ ،‬وفي رفقتنا اللة فاطمة بنت مباركة‪،‬‬ ‫والصردو‪ ،‬ومع صاحب جمالنا أناس من الرباط والدار‬ ‫البيضاء‪ ،‬وأمّا الطيو والركيك والشويخ فقد كنت أعلمتك‬ ‫بذهابهما على طريق الخماسية‪ ،‬وكراء الجمال لكل واحد‬ ‫‪ 21‬ريال [‪ ]...‬وكراء الفندق ‪ 4‬ريال وربع‪ ،‬وال تكفي نحو‬ ‫اللويز لكل واحد‪ ،‬أعني ما يدفع للحمالين والمحطات‬ ‫بالطريق‪ ،‬وغاية أمنيتنا هو وصولنا لطيبة بسالمة وعافية‪،‬‬ ‫وأما المبذول فيخلفه اهلل‪ .‬وسنطوف ساعته طواف الوداع‪،‬‬ ‫وننزل خارج ّ‬ ‫مكة بعد العصر‪ ،‬ونسافر صبيحة الغد بحول‬ ‫اهلل‪ ،‬ب ّلغ اهلل بسالم‪ ،‬واكتبوا لنا للمدينة عند سيدي محمد‬ ‫بن جعفر‪ ،‬وهو يس ّلم عليك كثيرا‪ ،‬وقد التقيت به مرارا‪ ،‬وقد‬ ‫وقع موت كثير في الحجّاج‪ ،‬وخصوصا في الهنود وبخارى‬ ‫وجاوة‪ ،‬وذلك بعد النزول من منى‪ ،‬واآلن خفّ ذلك‪ ،‬وقد‬ ‫ماتت بنت للحفاق الحجام‪ ،‬وهو اآلن مريض جدا‪ ،‬أخبرني‬ ‫من رآه في [‪ّ ]...‬‬ ‫وأن امرأته قطعت اليأس منه‪ ،‬وسافر‬ ‫ّ‬ ‫جل الحجّاج خصوصا الذاهبون مع الخماسية‪ ،‬ومن قدم‬ ‫الزيارة‪ ،‬وهذا ما وجب به اإلعالم‪ ،‬طالبا منكم صالح الدعاء‬ ‫في ّ‬ ‫كل صباح ومساء‪ ،‬وقد شاع هنا ّ‬ ‫أن أمر الكرنطينة بجبل‬ ‫الطور بجبل الطور خرج عددها‪ ،‬وهو‪ :‬عشرون يوما ما لم‬ ‫يمت واحد في ثلث المدّة‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال زيدت ثمانية أيام‪ ،‬وهكذا‬ ‫ك ّلما مات واحد‪ ،‬مس ّلماً منّا على سيّدتنا الوالدة واإلخوين‬ ‫واألختين والصهرين وسائر أبناء العمّ‪ ،‬ومنا عليكم الرفقاء والسالم‪ .‬في يوم األربعاء ‪ 21‬من ذي‬ ‫الحجة عام ‪1329‬هـ‪.‬‬ ‫ملتمس صالح دعائكم‪ :‬محمد وفقه اهلل‬

‫[الرسالة الرابعة والستون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى‬ ‫والده القاضي التهامي أفيالل يخبره فيها‬ ‫عن أحواله ودراسته بفاس ويفيده ببعض‬ ‫األحداث التاريخية‪ ،‬واألخبار العائلية]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا‬ ‫وموالنا محمد وآله وصحبه‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيّدنا الوالد المحترم‬ ‫أعزّك اهلل‪ ،‬وأدام لنا وجودك‪ ،‬وأضاء بأشعّة‬ ‫االرتفاع أغوارك ونجودك‪ ،‬والسالم التّام عليك‬ ‫ورحمة اهلل وبركاته‪ ،‬ما توالى من الفلك حركاته‪،‬‬ ‫فال زائد على ما قدّمناه لكم من تمام السالمة‪،‬‬ ‫لم تشبها شوائب‪ ،‬والعافية التي لم تعطبها‬ ‫الحوادث‪ ،‬وال برحنا منتظرين ورود كتابكم إذ‬ ‫تأخّر عن الوقت المعتاد‪ ،‬وقد تشوش الخاطر‪،‬‬ ‫حيث لم ندر أيّ سبب عاقه من األسباب‪ ،‬حتّى‬ ‫أعلمني صاحب البوسطة ّ‬ ‫بأن حامل المكاتيب‬ ‫قد تعرض له بالطريق من مزّقها من اللصوص‬ ‫كباقي مكاتيب بوسطة سائر األجناس‪ ،‬فلم‬ ‫يرد كتاب ذلك اليوم لفاس‪ ،‬وهو اليوم الذي‬ ‫ّ‬ ‫كنت أنتظر فيه ورود كتابكم‪،‬‬ ‫فاطمأن بذلك‬ ‫الخاطر‪ ،‬حيث غلب على الظنّ أن ليس العائق‬ ‫إّ‬ ‫ال ذلك‪ ،‬وقد بقي بعض الوهم بوروده في‬ ‫البوسطة بعدها إلى أن ُقطع منه اليأس‪ ،‬فقمت مسرعاً لرقم هذا الكتاب خشية أن يحصل لكم‬ ‫تشوّش‪ ،‬والعذر في تأخير هذا الكتاب هو انتظار ورود ذلك الجواب‪ .‬مس ّلماً منا على اإلخوة واألختين‬

‫والصهرين‪ ،‬وباقي أبناء العمّ وسائر األشياخ وسيدي الحاج محمد‬ ‫الصفار‪ ،‬والسيد عبد الكريم الحداد‪ ،‬والرهوني ومحرش‪ ،‬ومن هنا‬ ‫الرفيق والخمال والفقيه الركينة بأتمّه‪ ،‬وأحمد الصبّان والسالم‪.‬‬ ‫في ‪ 25‬قعدة عام ‪1324‬هـ‪.‬‬

‫[الرسالة الخامسة والستون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى والده القاضي‬ ‫التهامي أفيالل يخبره فيها عن أحواله وسفره ألداء مناسك‬ ‫الحج‪ ،‬ويفيده ببعض األحداث التاريخية‪ ،‬واألخبار العائلية]‬ ‫الحمد هلل وحده وصلى اهلل على سيدنا وموالنا محمد وآله‬ ‫وصحبه‬ ‫بعد تقبيل راحتي سيّدنا الوالد‪ ،‬الجدير من الخيرات بكل‬ ‫طارف وتالد‪ ،‬وإقرائك جميل السالم‪ ،‬وجليل التحيّة واإلكرام‪،‬‬ ‫والسؤال عن هاتيك األحوال‪ ،‬أدامها المولى فوق اآلمال‪ ،‬فقد‬ ‫كنّا قدمنا لكم اإلعالم بوقوفنا بعرفات‪ ،‬ورمينا الجمرات بمنىً‪،‬‬ ‫ونزولنا ّ‬ ‫بمكة المشرّفة بخير وعافية‪ ،‬هلل الحمد وله المنّة‪.‬‬ ‫وسفرنا للمدينة المنورة يغلب على الظنّ أنّه يوم الخميس‬ ‫القابل‪ ،‬وطريق [‪ ]...‬قبالة عيننا كالجبل لكثرة المشاق التي‬ ‫تلحق اإلنسان السائر معها‪ ،‬يسّرها اهلل علينا وأمدّ سيّدنا‬ ‫وأمدّنا بمعونته‪ ،‬وصرف عنا لصوصها‪ .‬وقد عزم [‪ ]...‬الركيك‬ ‫على الذهاب مع الخماسية في رفقة البروبي‪ ،‬وأما الشويخ فقد‬ ‫ذهب معها أيضا أمس تاريخه في رفقة ولد خالته عبد الوهاب‬ ‫القيراوني القاطن بالينبوع‪ ،‬وسيذهب في رفقتنا ولد فاطمة بنت‬ ‫مبركة[‪ ]...‬وهما معا في [‪ ]...‬واحد مشترك بينهما‪ .‬واشتقنا إلى‬ ‫االطالع على أحوالكم شنّف اهلل مسامعنا بشيء من ذلك‪ .‬مس ّلما‬ ‫منا على سيّدتنا الوالدة واألخوين واألختين والصهرين‪ ،‬وباقي‬ ‫أبناء العم ومنّا عليكم الرفقة والسالم‪ .‬في يوم األحد ‪ 18‬من ذي‬ ‫الحجة متمّ عام ‪1329‬هـ‪.‬‬ ‫[‪].....‬‬ ‫ملتمس صالح أدعيتكم محمد وفقه اهلل‬ ‫ولد عبد السالم‬

‫[الرسالة السادسة والستون]‬

‫[من الطالب السيد محمد أفيالل‪ ،‬إلى أخويه البشير أفيالل وعبد السالم أفيالل يطمئنّ‬ ‫فيها على أحوالهما ويدعو لهما بالشفاء‪ ،‬ويفيدهما ببعض األحداث التاريخية‪ ،‬واألخبار‬ ‫العائلية]‬ ‫وصلى اهلل على‬ ‫الحمد هلل وحده‬ ‫سيدنا محمد وآله‬ ‫األخوين الجليلين‪ ،‬سيدي عبد السالم‬ ‫وسيدي البشير‪ ،‬بعد السالم التام على‬ ‫مجادتكم‪ ،‬فلقد وصلت مكاتبكم المشتملة‬ ‫على التفاصيل التي ال قيتموها في رحلتكم‪،‬‬ ‫والمجاملة التي قوبلتم بها بثغري جبل طارق‬ ‫والجزيرة الخضراء من جانب من ذكرتم‪ ،‬فكان‬ ‫سرورنا لذلك عظيما‪ ،‬وال كسرور ما أعرب عنه‬ ‫الكتاب األخير من إتمام العملية الجراحية‬ ‫التي كانت لدى الجميع هي الضالة المنشودة‪،‬‬ ‫والعناية المقصودة‪ ،‬فلقد سرّ جميع األهالي‬ ‫بتلك البشارة العظيمة‪ ،‬وحيث قرّ النّاظر‬ ‫وسرّ الخاطر بذلك‪ ،‬وبكون سيّدنا الوالد على‬ ‫أحسن ما يكون في ظرف هذه المدّة الفارطة‬ ‫معتدل المزاج‪ ،‬قويّ البنية في الجملة‪ ،‬على‬ ‫تمام النشاط والراحة الفكرية والبدنية‪ ،‬فإن‬ ‫ظهر لكم أن تزيدوا يوماً وليلة بقصد تمام‬ ‫االستراحة وتكميل مدة السياحة مع عدم‬ ‫تشويش البال فال بأس بذلك‪ ،‬ولكم األذن من‬ ‫جانب الوالد مع تمام الفرح والسرور‪ ،‬مس ّلما‬ ‫منّا على األجل األفضل‪ ،‬سيدي محمد مرتيل‪،‬‬ ‫وشقيقه وصهره‪ ،‬منّا عليكم الوالدان بأتمّه‪،‬‬ ‫وجميع األهل‪ ،‬وعلى األخوة الصادقة والسالم‬ ‫في ‪ 6‬رجب عام ‪1338‬هـ‪.‬‬ ‫محمد أفيالل دام حفظه‬


‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪997‬‬

‫منبر المجلس العلمي‬ ‫بطنجـة‬

‫وقفات مع حديث عمر ابن اخلطاب ر�ضي اهلل عنه‬ ‫�أوال‪� :‬أركان الإميان ال�ستة (‪)6/1‬‬

‫اب َق َال َب ْي َن َما َن ْحنُ عِ ْن َد َر ُ�سولِ ال َّلهِ‬ ‫روى م�سلم يف �صحيحه عن ُع َمر ْبن الخْ َ َّط ِ‬ ‫�صلى الله عليه و�سلم‪َ -‬ذ َ‬‫اب َ�شدِي ُد‬ ‫ات َي ْو ٍم ِ�إ ْذ َط َل َع َع َل ْي َنا َر ُج ٌل َ�شدِي ُد َب َي ِ‬ ‫ا�ض ال ِّث َي ِ‬ ‫َ�س َوادِ َّ‬ ‫ال�س َفرِ َو َال َي ْعرِ ُفهُ مِ َّنا أَ� َح ٌد َح َّتى َج َل َ�س إِ� َلى ال َّنب ِِّي ‪�-‬صلى‬ ‫ال�ش َعرِ َال ُي َرى َع َل ْيهِ �أَ َث ُر َّ‬ ‫الله عليه و�سلم‪َ -‬ف َ�أ ْ�س َن َد ُر ْك َب َت ْيهِ ِ�إ َلى ُر ْك َب َت ْيهِ َو َو َ�ض َع َك َّف ْيهِ َع َلى َفخِ َذ ْيهِ َو َق َال َيا‬ ‫بنيِ َعنِ الإِ ْ�س َال ِم‪َ .‬ف َق َال َر ُ�س ُ‬ ‫ول ال َّلهِ ‪�-‬صلى الله عليه و�سلم‪ « -‬الإِ ْ�س َال ُم‬ ‫ُم َح َّمدُ‪� :‬أَ ْخ رِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال�ص َال َة َو ُت�ؤْت َِى َّ‬ ‫هُ‬ ‫هَ‬ ‫الز َكا َة‬ ‫م‬ ‫ِي‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ول‬ ‫�س‬ ‫ر‬ ‫ًا‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ال‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫�‬ ‫إ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫�أَ ْن َت ْ�ش َه َد َ�أ‬ ‫و‬ ‫إ‬ ‫نَّ‬ ‫هِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ ُ َ َّ َ ُ‬ ‫وم َر َم َ�ضانَ َو حَ ُ‬ ‫ا�س َت َط ْع َت ِ�إ َل ْيهِ َ�سبِي ًال»‪َ .‬ق َال َ�صد َْق َت‪.‬‬ ‫ت َّج ا ْل َب ْي َت إ�ِنِ ْ‬ ‫َو َت ُ�ص َ‬ ‫َق َال‪َ :‬ف َعجِ ْب َنا َلهُ َي ْ َ‬ ‫�س�أ ُلهُ َو ُي َ�ص ِّد ُقهُ ‪.‬‬ ‫ميانِ ؟ َق َال �صلى الله عليه و�سلم « أَ� ْن ُت�ؤْمِ نَ بِال َّلهِ‬ ‫َق َال َف�أَ ْخ رِ ْ‬ ‫بنيِ َعنِ ا ِلإ َ‬ ‫َو َم َال ِئ َكتِهِ َو ُك ُتبِهِ َو ُر ُ�سلِهِ َوا ْل َي ْو ِم الآخِ رِ َو ُت�ؤْمِ نَ بِا ْل َقدَرِ َخيرْ ِ ِه َو�شرَ ِّ ِه «‪َ .‬ق َال َ�صد َْق َت‪.‬‬ ‫بنيِ َعنِ الإِ ْح َ�سانِ ؟ َق َال �صلى الله عليه و�سلم ‪� »:‬أَ ْن َت ْع ُب َد ال َّلهَ َك�أَ َّن َك‬ ‫َق َال َف�أَ ْخ رِ ْ‬ ‫َت َرا ُه َف�إِ ْن مَ ْل َت ُكنْ َت َرا ُه َف�إِنَّهُ َي َر َ‬ ‫اك »‪.‬‬ ‫ال�س َاعةِ؟ َق َال « َما المْ َ ْ�سئ ُ‬ ‫ال�سائِلِ «‪.‬‬ ‫َق َال َف�أَ ْخ رِ ْ‬ ‫بنيِ َعنِ َّ‬ ‫ُول َع ْن َها ِب�أَ ْع َل َم مِ نَ َّ‬ ‫ُ‬ ‫بنيِ َعنْ �أَ َم َارت َِها‪َ .‬ق َال �صلى الله عليه و�سلم « �أَ ْن َت ِل َد الأَ َمة َر َّب َت َها‬ ‫َق َال َف�أَ ْخ رِ ْ‬ ‫َو أَ� ْن َت َرى الحْ ُ َفا َة ا ْل ُع َرا َة ا ْل َعا َل َة رِ َع َاء َّ‬ ‫ال�شاءِ َي َت َط َاو ُلونَ يِف ا ْل ُب ْن َيانِ »‪.‬‬ ‫ال�سائ ُِل‪.‬؟ ُق ْل ُت ال َّلهُ‬ ‫َق َال ُث َّم ا ْن َط َل َق َف َل ِب ْث ُت َم ِل ًّيا ُث َّم َق َال ليِ « َيا ُع َم ُر أَ� َتدْرِ ى َمنِ َّ‬ ‫َو َر ُ�سو ُلهُ �أَ ْع َل ُم‪َ .‬ق َال « �إِنَّهُ جِ رْب ُ‬ ‫ِيل �أَ َت ُاك ْم ُي َع ِّل ُم ُك ْم دِي َن ُكم»‪.‬‬ ‫هذا احلديث النبوي ال�رشيف‪ ،‬هو حديث عظيم قدره‪ ،‬كبري �ش�أنه‪ ،‬فهو‬ ‫حديث جامع لأبواب الدين كله‪ ،‬ب�أب�سط �أ�سلوب‪ ،‬و�أو�ضح عبارة‪ ،‬وال جند و�صفا‬ ‫جامعا لهذا احلديث �أف�ضل من قوله �صلى الله عليه و�سلم‪ « :‬إِ�نَّهُ جِ رْب ُ‬ ‫ِيل َ�أ َت ُاك ْم ُي َع ِّل ُم ُك ْم‬ ‫دِي َن ُكم»‪.‬قال ابن دقيق العبد‪(:‬هذا حديث عظيم‪ ،‬ا�شتمل على جميع وظائف الأعمال‬ ‫الظاهرة والباطنة‪ ،‬وعلوم ال�رشيعة كلها راجعة �إليه‪ ،‬ومت�شعبة منه؛ ملا ت�ضمنه‬ ‫من جمعه علم ال�سنة‪ ،‬فهو كالأم لل�س ُّنة؛ كما �سميت الفاحتة «�أم القر�آن»؛ ملا‬ ‫ت�ضمنته من جمعها معاين القر�آن)‪.‬‬ ‫وقد تناول احلديث حقائق الدين الثالث‪ :‬الإ�سالم والإميان والإح�سان‪ ،‬وهذه‬ ‫املراتب الثالث عظيمة جدا؛ لأن الله �سبحانه وتعالى علق عليها ال�سعادة وال�شقاء‬ ‫يف الدنيا والآخرة‪ ،‬وبني هذه املراتب الثالث ارتباط وثيق‪ ،‬فدائرة الإ�سالم‬ ‫�أو�سع هذه الدوائر‪ ،‬تليها دائرة الإميان فالإح�سان‪ ،‬فكل مح�سن م�ؤمن‪ ،‬وكل‬ ‫م�ؤمن م�سلم‪.‬‬ ‫يقول راوي احلديث‪ ،‬فاروق الأمة‪ ،‬عمر بن اخلطاب ر�ضي الله عنه‪« :‬‬ ‫َب ْي َن َما َن ْحنُ عِ ْن َد َر ُ�سولِ ال َّلهِ ـ �صلى الله عليه و�سلم ـ َذ َ‬ ‫ات َي ْو ٍم»‪ ،‬فقد كان ر�سول‬ ‫يتحرجون من‬ ‫كانوا‬ ‫ولكنهم‬ ‫الله �صلى الله عليه و�سلم يجل�س بني �أ�صحابه للتعليم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ورد ذِكره يف قوله تعالى‪َ :‬يا أَ� ُّي َها ا َّلذِينَ � َآم ُنوا‬ ‫�س�ؤاله خوف الوقوع يف النهي الذي َ‬ ‫اَل َت ْ�س�أَ ُلوا َعنْ أَ� ْ�ش َي َاء �إِ ْن ُت ْب َد َل ُك ْم َت ُ�س�ؤ ُْك ْم َو ِ�إ ْن َت ْ�س�أَ ُلوا َع ْن َها حِ نيَ ُي َن َّز ُل ا ْل ُق ْر�آنُ ُت ْب َد َل ُك ْم‬ ‫ور َحلِي ٌم‪َ ،‬قدْ َ�س أَ� َل َها َق ْو ٌم مِ نْ َق ْب ِل ُك ْم ُث َّم �أَ ْ�ص َب ُحوا ب َِها َكافِرِ ينَ ‪،‬‬ ‫َع َفا ال َّلهُ َع ْن َها َوال َّلهُ َغ ُف ٌ‬ ‫فما كانوا ي�س�ألون ر�سول الله – �صلى الله عليه و�سلم – �إال عند وقوع �أمر ال‬ ‫يعرفون ُحكمه‪ ،‬ولعل هذا النهي عن الأ�سئلة كان حلِ كمة‪ ،‬لذا فقد قال ر�سول‬

‫عالم من‬ ‫�أ‬ ‫املغرب ‪:‬‬ ‫�شمال‬

‫‪14‬‬

‫الله – �صلى الله عليه و�سلم كما يف �صحيح م�سلم ‪(َ :-‬ذ ُرونِى َما َت َر ْك ُت ُك ْم َف إِ� مَّ َ‬ ‫نا هَ َل َك‬ ‫َمنْ َكانَ َق ْب َل ُك ْم ِب َك رْ َ‬ ‫ث ِة ُ�س�ؤَال ِ​ِه ْم َو ْاخ ِت َالف ِ​ِه ْم َع َلى �أَ ْن ِب َيائ ِ​ِه ْم َف ِ�إ َذا �أَ َم ْر ُت ُك ْم ب َِ�ش ْىءٍ َف ْ أ� ُتوا مِ نْهُ‬ ‫ا�س َت َط ْع ُت ْم َوِ�إ َذا َن َه ْي ُت ُك ْم َعنْ َ�ش ْيءٍ َفد َُعو ُه)‪ .‬فكان ُيعجِ بهم �أن ي�أتيهم الرجل الغريب‬ ‫َما ْ‬ ‫العاقل‪ ،‬في�س�أل وهم ي�سمعون‪ ،‬فيتعلموا من ر�سول الله ما يجيب به ال�سائل‪ ،‬فكان‬ ‫أر�سل جربيل – عليه ال�سالم – ل ُيع ِّلمهم �أمور دينهم‪.‬‬ ‫من رحمة الله بهم �أن � َ‬ ‫ثم قال ر�ضي الله عنه‪�( :‬إِ ْذ َط َل َع َع َل ْي َنا َر ُج ٌل َ�شدِي ُد َب َي ِ‬ ‫اب َ�شدِي ُد َ�س َوادِ‬ ‫ا�ض ال ِّث َي ِ‬ ‫َّ‬ ‫ال�ش َعر)‪ ،‬فقد �أعطى الله �سبحانه وتعالى املالئكة – وهم �أج�سام نورانية ال ُترى‬ ‫– القدر َة على الت�شكل باملح�سو�سات‪ ،‬وملا كانت املالئكة �أرقى طبيعة وخِ ً‬ ‫لقة من‬ ‫الإن�سان‪ ،‬ف�إذا مت َّثلوا بالإن�سان مت َّثلوا ب�إن�سان يف �أجمل �صورة و�أكمل خِ لقة‪ ،‬وكان‬ ‫َ‬ ‫بدحية الكلبي‪ ،‬وكان من أَ� ْو َ�سم ال�صحابة‬ ‫ريا ما يتم َّثل‬ ‫جربيل – عليه ال�سالم – كث ً‬ ‫وجها‪،‬‬ ‫أجملِهم‪ ،‬وقد جاء يف رواية ال َّن�سائي لهذا احلديث زيادة‪�(:‬أح�سن النا�س ً‬ ‫و� َ‬ ‫ريحا‪ ،‬ك�أنَّ ثيا َبه مل يمَ َّ�سها دَن�س)‪.‬‬ ‫و�أطيب النا�س ً‬ ‫ال�س َفرِ َو َال َي ْعرِ ُفهُ مِ َّنا �أَ َحدٌ)‪:‬‬ ‫ويف قوله ر�ضي الله عنه ( َال ُي َرى َع َل ْيهِ �أَ َث ُر َّ‬ ‫فكون الرجل غري معروف من �أهل املدينة‪ ،‬معناه‪� :‬أنه قادِم من خارجها‪ ،‬ومن‬ ‫البديهي �أن يكون امل�سافر � َ‬ ‫أ�شعث �أغرب ُمره ًقا‪ ،‬فهذان و�صفان متناقِ�ضان يحمالن‬ ‫على الده�شة من حال الرجل‪ ،‬فكيف ال يعرفه منهم �أحد ولي�س عليه �آثار ال�سفر ؟‬ ‫و�أما قوله ر�ضي الله عنه ( َح َّتى َج َل َ�س ِ �إ َلى ال َّنب ِِّي ‪�-‬صلى الله عليه و�سلم‪-‬‬ ‫َف أَ� ْ�س َن َد ُر ْك َب َت ْيهِ ِ إ� َلى ُر ْك َب َت ْيهِ َو َو َ�ض َع َك َّف ْيهِ َع َلى َفخِ َذ ْيهِ)‪ :‬ف�إ�سناد ركب َتيه �إلى ركبتي‬ ‫ر�سول الله – �صلى الله عليه و�سلم – ٌ‬ ‫دليل على احلر�ص على التع ُّلم لئال يفوته‬ ‫�شيء مما يقوله – عليه ال�صالة وال�سالم‪ْ ،‬‬ ‫وو�ضع الكفني على الفخِ ذين هيئة‬ ‫املت�أدِّب بني يدَي املعلم‪.‬‬ ‫بنيِ َعنِ‬ ‫ثم بد أ� هذا القادم ي�س�أل ر�سول الله �صلى الله عليه و�سلم ‪ ( :‬أَ� ْخ ْرِ‬ ‫الإِ ْ�س َال ِم‪َ .‬ف َق َال �صلى الله عليه و�سلم‪ « -‬الإِ ْ�س َال ُم َ أ� ْن َت ْ�ش َه َد َ أ� ْن َال �إِ َلهَ �إِ َّال ال َّلهُ َو أَ�نَّ‬ ‫ُم َح َّمدًا َر ُ�س ُ‬ ‫وم َر َم َ�ضانَ َو حَ ُ‬ ‫ال�ص َال َة َو ُت�ؤْت َِى َّ‬ ‫ت َّج ا ْل َب ْي َت إ�ِنِ‬ ‫ول ال َّلهِ َو ُتقِي َم َّ‬ ‫الز َكا َة َو َت ُ�ص َ‬ ‫ا�س َت َط ْع َت �إِ َل ْيهِ َ�سبِي ًال ‪َ .‬ق َال َ�صد َْق َت)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وفروعا‪،‬‬ ‫واملق�صود بالإ�سالم هنا االنقياد الظاهر جلميع �أوامر الله �أ�صو ًال‬ ‫ً‬ ‫وجواب ر�سول الله – �صلى الله عليه و�سلم – على ذلك جاء بالرتكيز على‬ ‫اجلانب العملي من الإ�سالم‪ ،‬فبوابة الدخول �إلى دين الله هي كلمة ال�شهادة‪ ،‬ثم‬ ‫ال�صالة فال�صيام فالزكاة فاحلج ‪.‬‬ ‫والإ�سالم ً‬ ‫ّ‬ ‫التام لأوامره‪،‬‬ ‫واالنقياد‬ ‫وجل‪،-‬‬ ‫عز‬‫لله‬ ‫اخل�ضوع‬ ‫لغة هو‬ ‫ّ‬ ‫فجوهر‬ ‫واال�ست�سالم لله ‪ -‬عز وجل ‪ -‬برغبةٍ اختيار ّية للفردِ ولي�س ق�رس ًا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الثواب والعقاب‪ ،‬كما‬ ‫وبناء عليه يكون‬ ‫االختياري للم�سلم‬ ‫اخل�ضوع‬ ‫الإ�سالم هو‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫محمد ‪� -‬ص ّلى الله عليه و�سلم‬ ‫منهج‬ ‫إ�سالم ٌ‬ ‫رباين كامل �أنزله الله على �سيدنا ّ‬ ‫�أنّ ال َ‬ ‫ و�أمره بتبليغ هذا الدين الذي يحتوي على الأنظمة والقوانني الإله ّية التي تقت�ضي‬‫َ‬ ‫م�صلحة العباد يف احلياة‪.‬‬ ‫إ�سالم على خم�سة �أركان �أ�سا�س ّية ُوجب الإتيان بها‪ ،‬وهي‬ ‫و ُبني ال ُ‬ ‫ال�شهادتان �أي ُ‬ ‫رب‬ ‫لفظ �أ�شهد �أنّ ال �إله �إ ّال الله‪ ،‬و�أ�شهد �أن محم ّد ًا ر�سول الله‪ ،‬وتعت ُ‬

‫َ‬ ‫املدخل الرئي�س للإ�سالم‪ ،‬وتعني الإميانَ والتي ّقن باللهِ وحده ال‬ ‫هذه العبارة‬ ‫�رشيك له‪ ،‬وحتقيق الإخال�ص والعبود ّية يف توحيد الله ّ‬ ‫عز وجل‪ ،‬واالعتقاد‬‫ّ‬ ‫و�صفات الله‬ ‫ي�ستحق العبادة‪ ،‬والإميان بجميع �أ�سماء‬ ‫ب�أنّ الله وحدَه هو َمن‬ ‫ِ‬ ‫احل�سنى‪ ،‬و�أنّ الله ّ‬ ‫دير الكونَ ب�أكملِه كما‬ ‫عز وجل‪ -‬هو مالك امللك وحدَه‪ ،‬و ُي ُ‬‫َ‬ ‫اال�ستعانة وال ّلجوء �إليه يف ّ‬ ‫كل الأمور‪ ،‬وت�شهد �أن �سيدنا محمدا‬ ‫ويجب‬ ‫ي�شاء‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عبد الله ور�سوله بعثه لإ�سعاد الب�رشية و�إنقاذها من اجلهل وال�ضالل فبلغ الر�سالة‬ ‫و�أدى الأمانة ون�صح الأمة‪.‬‬ ‫الركن الثاين من �أركانِ الإ�سالم‪ ،‬فقد �أوجب‬ ‫هي‬ ‫ثم �إقامة ال�صالة التي‬ ‫ّ‬ ‫عز وجل‪ -‬على ّ‬‫الله ّ‬ ‫خم�س �صلوات مفرو�ضة عليه باليوم‬ ‫كل م�سلم بالغ عاقل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التوجه �إلى القبلة‬ ‫ثم‬ ‫ال�صالة‪،‬‬ ‫أداء‬ ‫�‬ ‫قبل‬ ‫والطهارة‬ ‫الو�ضوء‬ ‫والليلة‪ ،‬و ُي�شرتط‬ ‫ّ‬ ‫بخ�شوع و�أداء ال�صالة بتذ ّلل بني يد ْين الله تعالى‪ ،‬قال �سبحانه‪�( :‬إنّ ال�صالة كانت‬ ‫ٍ‬ ‫تعمد ًا‬ ‫على امل�ؤمنني كتاب ًا موقوت ًا)‪ ،‬وبينّ الله ‪-‬عز وجل‪ -‬عقوبة تارك ال�صالة ُم ّ‬ ‫ُ‬ ‫والدليل‬ ‫إ�سالم وكانَ من امل�رشكني‪،‬‬ ‫ك�سو ًال جاحد ًا بها‪ ،‬ب�أنه خرج عن م ّلة ال ِ‬ ‫ال�رشعي على ذلك قوله تعالى‪( :‬منيبني �إليه واتقوه و�أقيموا ال�صالة وال تكونوا‬ ‫ّ‬ ‫من امل�رشكني)‪.‬‬ ‫و �إيتاء الزكاة التي هي الركنُ الثالث من �أركانِ الإ�سالم‪ ،‬والزكاة ً‬ ‫لغة‬ ‫تعني النماء والطهارة؛ ملا لها من �آثارٍ حميدة تعودُ على الأفراد واملجتمع‪،‬‬ ‫إخراج جزءٍ من مال امل�سلمني بقدرٍ ُمعينّ ‪ ،‬و�إعطاءه‬ ‫� ّأما الزكاة �رشع ًا فتعني � َ‬ ‫مخ�ص�صة ُذكرت يف القر�آن الكرمي وهم الفقراء‪ ،‬وامل�ساكني‪ ،‬والعاملون‬ ‫لفئةٍ‬ ‫ّ‬ ‫الرقاب‪ ،‬والغارمون؛ �أي العاجزون عن ت�سدي ِد‬ ‫عليها؛ ‪،‬وامل ؤ� ّلفة قلوبهم؛ ‪،‬و�أهل ّ‬ ‫ديونهم‪ ،‬والغازون يف �سبيل الله‪ .‬ويكونُ �أداء ّ‬ ‫ال�سنة عند‬ ‫الزكاة ّ‬ ‫مر ًة واحدة يف ّ‬ ‫ترك الزكاة من الكبائر‪ ،‬فمن تركها عامد ًا وجاحد ًا بها‬ ‫ا�ستيفاء �رشوطها‪ ،‬و ُيعترب ْ‬ ‫يكون قد خرج عن م ّلة الدين‪.‬‬ ‫وم يعني‬ ‫الرابع من �أركان الإ�سالم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ثم �صوم رم�ضان هو الركن ّ‬ ‫وال�ص ُ‬ ‫ال َ‬ ‫واجلماع من طلوع فجر اليوم ح ّتى غروب �شم�سِ ه‪،‬‬ ‫وال�رشب‬ ‫إم�ساك عن الأكلِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقد �أوجب الله ‪-‬عز ّ‬ ‫وجل‪ -‬فري�ضة ال�صوم مرة واحدة يف ال�سنة على كل م�سلم‬ ‫بالغ عاقل قادر ُمطيق له‪ ،‬و�أباح بع�ض الرخ�ص للإفطار يف نهار رم�ضان ب�رشط‬ ‫ي�ستطع الق�ضاء‪ ،‬قال‬ ‫ق�ضا�ؤها بعد انتهاء رم�ضان �أو دفع الكفارة املرتتبة �إذا مل‬ ‫ْ‬ ‫تعالى‪( :‬يا �أيها الذين �آمنوا كتب عليكم ال�صيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم‬ ‫ال�صوم لعباده ملا فيه من تهذيب للنفو�س‪ ،‬وتدريب لها‬ ‫تتقون)‪ .‬وقد �رشع الله‬ ‫َ‬ ‫على ال�صرب‪ ،‬وكبح جماحها عن املعا�صي والفواح�ش‪ ،‬وقد فر�ض الله �سبحانه‬ ‫�صيام �شهر رم�ضان الذي �أنزل فيه القر�آن العظيم‪ ،‬وفيه تت�ضاعف احل�سنات‬ ‫والأجور‪ ،‬ويتناف�س امل�سلمون على تقدمي الطاعات واجلود والكرم‪.‬‬ ‫حج البيت ملن ا�ستطاع �إليه �سبي ًال هو الركنُ اخلام�س والأخري لأركانِ‬ ‫ثم ّ‬ ‫الإ�سالم‪ ،‬ومعنى احلج ً‬ ‫لغة هو الق�صد نحو �شيء ما‪ّ � ،‬أما �رشع ًا فهو ق�صد بيت‬ ‫الله احلرام‪ ،‬و�أداء بع�ض ال�شعائر واملنا�سك املقد�سة التي ُوجبت يف فرتة زمن ّية‬ ‫ُمحدّدة‬

‫األستاذ التهامي بن محمد العمراني‬ ‫األديب الموسوعي والمناضل السياسي‬

‫اسمه ونسبه‪ :‬هو التهامي بن محمد العمراني نسبا‪ ،‬الفاسي نشأة ومولدا‪ّ ،‬‬ ‫الطنجي قرارا‬ ‫ومدفنا‪.‬‬ ‫والدته‪ :‬وُلد بنواحي فاس سنة ‪1348‬هـ‪1930 /‬م‪.‬‬ ‫نشأته وطلبه للعلم‪ :‬نشأ بقرية قرب زاوية المولى عبدالرحمن من ضواحي مدينة فاس‪،‬‬ ‫حيث حفظ القرآن الكريم وتل ّقى المبادئ من خالل حفظ المتون وإتقان علوم اآللة؛ ثمّ ولج‬ ‫جامع القرويين‪ ،‬لمواصلة دراسته على أعالم مدينة فاس‪ ،‬فنهل منهم حياضهم‪ ،‬وتض ّلع من‬ ‫معارفهم‪ ،‬إلى أن تخرّج وحاز شهادة العالمية‪ .‬ثمّ تابع دراسته في القانون خالل عمله أستاذا‬ ‫بطنجة حتّى حصّل شهادة اإلجازة في الحقوق بتفوّق‪.‬‬ ‫وظائفه‪:‬‬ ‫وبعد تخرّج من جامع القرويين بفاس استقر بمدينة طنجة‪ ،‬فتصدّر فيها ل‪:‬‬ ‫• التّدريس‪ :‬عمل مدرّسا بالمعهد الدّيني بطنجة (الجامع الكبير)‪ ،‬ثمّ أستاذا بثانوية محمد‬ ‫الخامس بطنجة أيضا‪.‬‬ ‫• المحاماة‪ :‬وبعد استقالته عن التّدريس‪ ،‬انخرط بسلك المحاماة بطنجة‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫حاله‪ :‬تزوّج باألستاذة لطيفة بن كيران رحمها اهلل‪ ،‬فأنجب منها أوالدا‪ ،‬وقد‬ ‫كانت امرأة مناضلة في الحقل السياسي والنقابي‪ .‬وانخرط المترجم بالنضال‬ ‫السياسي‪ ،‬فكان عضوا بارزا بحزب االستقالل‪ ،‬ثم بحزب االتحاد الوطني للقوات‬ ‫الشعبية مع صديقه ورفيقه الزعيم عبداهلل إبراهيم‪.‬‬ ‫محن توالت عليه‪ :‬ألجل روحه النضالية‪ ،‬وإخالصه لوطنه‪ ،‬وجهره بالحق؛‬ ‫أوذي من لدن االستعمار الفرنسي‪ّ ،‬‬ ‫فعذب واضطهد‪ .‬وامتحن بفقدان أحبّ‬ ‫النّاس إلى قلبه‪ :‬زوجته التي توفيت بمرض خبيث سنة ‪1417‬هـ‪1997/‬م‪ ،‬وولده‬ ‫األستاذ المحامي محمّد نجيب جراء حادثة سير سنة ‪1422‬هـ‪2001/‬م‪ .‬وابتلي‬ ‫بمرض البركنسون بأواخر حياته أقعده بالبيت‪.‬‬ ‫خصاله‪ :‬كان شجاعا‪ ،‬مقداما‪ ،‬رزينا‪ ،‬حكيما‪ ،‬ذا طرفة ودعابة‪ ،‬متواضعا‪ ،‬نزيها‪،‬‬ ‫صبورا‪...‬‬ ‫كتاباته‪ :‬كان رحمه اهلل له اعتناء بالتّأليف‪ ،‬وممّا ّ‬ ‫خطه يراعه‪:‬‬ ‫الطرائف األدبية‪ :‬كتاب في المختارات‪ ،‬يقول في مقدمته‪( :‬نقصد ّ‬ ‫• ّ‬ ‫بالطرائف‬ ‫األدبية‪ ،‬كل نادرة أو حكاية تتضمّن خبرا غريبا أو غير سارّ‪ ،‬أو موقفا معيّنا‬ ‫صنع في قالب طريف مشوّق‪ ،‬أو نادرة صدرت من شخص ما‪ ..‬كيفما كان وضعه‬

‫‪ -‬بقلم الدكتور محمد كنون احل�سني‬

‫(يتبع)‬

‫‪-‬‬

‫بقلم‪:‬‬

‫د‪ .‬بدر العمراني‬

‫االجتماعي أو مركزه السياسي أو حالته األدبية)‪ .‬طبع منه جزء واحد‪.‬‬ ‫• سيرة ذاتية‪ :‬ضمّنها ذكرياته عن نشأته ودراسته ونضاله‪.‬‬ ‫شهادات قيلت فيه‪ :‬قال األستاذ أحمد الصّافي‪( :‬األستاذ التهامي العمراني رجل خطيب‬ ‫مفوّه‪ ،‬محاضر بارع‪ ،‬عرفته من خالل محاضراته التي كان يلقيها بمدرسة محمد الخامس‪ ،‬أواخر‬ ‫الخمسينات من القرن الماضي‪.)..‬‬ ‫وقال األستاذ الشاعر محمد الرغيوي‪( :‬التهامي العمراني أستاذي درست عليه تاريخ الفتح‬ ‫اإلسالمي بالجامع الكبير‪ ..‬وقد كان متأ ّلقا بين أساتذة المعهد‪ ،‬رصين التكوين‪ ،‬مطلعا‪ ..‬وكنت‬ ‫أثيرا لديه‪ ،‬مما حدا به إلى مصارحتي باالنضمام إلى حزب االستقالل‪ ..‬وعرفته مناظرا بارعا‬ ‫صاحب حجّة وبرهان لمّا حضرت مناظرته مع األستاذ محمد كمال شبانة بدار الشباب سنة‬ ‫‪1381‬هـ‪1962 /‬م حول تحرير المرأة‪ ،‬وكان فيها منافحا عن التّحرير‪ ،‬وفي النّهاية ضرب‬ ‫للحضور موعدا من أجل االحتجاج وإثبات نقيض ما خلص إليه في هذه المقابلة‪ ،‬وهذا يدل‬ ‫على قوة عارضته في باب الحجاج والجدل‪ ،‬عالوة على تمتعه بذاكرة قوية‪ّ ،‬‬ ‫وتمكن من ال ّلسان‬ ‫العربي األصيل)‪.‬‬ ‫وتقول األديبة الالمعة أحالم مستغانمي‪( :‬وحده كان يعرف قيمة الكلمة‪،‬‬ ‫ويعرف وقعها؛ ألنّه كان كائنا من كلمات وأحاسيس‪ ،‬أكتب عن األستاذ التهامي‬ ‫العمراني‪ ،‬وكأنّني أكتب عن وجع أبي وغربته‪ ،‬عن عالم ما عاد يشبهه في آخر‬ ‫حياته‪ ،‬ما عاد فيه مكان للنّبل والفصاحة والرجولة الغيورة على عنفوانها‪ ،‬كما‬ ‫عاش جيلهما‪ ،‬لذا رحال تعساء بعربتهم عنّا‪ ..‬ولقد كان األستاذ التهامي العمراني‬ ‫شاعرا سخيا في اختيار أسماء بناته‪ ،‬كلها جمع؛ ّ‬ ‫لكأن هذا الرجل أكثر كرما من‬ ‫أن يقبل بأن يورث القليل‪ ،‬فسمّى بناته الثالثة‪ :‬عواطف‪ ،‬أحالم‪ ،‬محاسن‪ .‬وهكذا‬ ‫أصبحت يوما أحالمه األخرى)‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬لقي ربه رحمه اهلل بعد حياة حافلة بالعطاء ببيته بطنجة في ‪ 5‬ربيع‬ ‫الثاني سنة ‪1429‬هـ‪ 11/‬أبريل ‪2008‬م‪.‬‬ ‫مصادر الترجمة‪:‬‬ ‫ الطرائف األدبية ‪.1-5‬‬‫ إضاءات بذيل الطرائف األدبية‪.‬‬‫ الرجل الذي كنت أحالمه األخرى‪ .‬ألحالم مستغانمي‪.‬‬‫ معلومـات شفهيـة عن األسـاتـذة‪ :‬أحمـد الصافـي‪ ،‬ومحمـد الرغـيـوي‪،‬‬‫وعبد ال ّلطيف السماللي‪.‬‬


‫العدد ‪997‬‬

‫‪15‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫ضيافة‬ ‫كاتب (‪)2/2‬‬ ‫فيفيض‬ ‫يافة‬ ‫كاتب‬

‫سلسلة تعريفية واقعية تلقي الضوء على بعض الكتاب والمفكرين والباحثين والمبدعين في شتى مجاالت العلوم‬ ‫والمعرفة‪ ،‬إلبراز لمحات من حياتهم الشخصية والعلمية‪ ،‬والتعريف بمؤلفاتهم وأحدث إصداراتهم التي تشهد بعمق‬ ‫معرفتهم‪ ،‬وموسوعية علمهم‪ ،‬تتنوع هذه الشخصيات بين أكاديمية وعلمية وأدبية‪.‬‬ ‫سلسلة تعريفية في قالب حواري تمد جسـور التالقـح بين المفكرين وبني عصرهم‪ ،‬وبين المفكرين وطبقــة‬ ‫قرائهم‪ ،‬وتطلعهم على مسار إنتاجهم وأهم أعمالهم وآخر إصداراتهم‪.‬‬

‫إعداد ‪ :‬عمر قربـاش‬

‫في هذه الحلقة الرابعة من سلسلة «في ضيافة كاتب» نتابع حوارنا مع الباحث والمؤرخ رشيد العفاقي في جزئه‬ ‫الثاني واألخير ‪.‬‬ ‫• فضيلة الدكتور ‪ :‬لقد أغنيت المكتبة المغربية بمؤلفاتك وتحقيقك للنصوص ‪ ،‬نود أن‬ ‫تقـدم للقارئ نبــذة مختصـرة عن مضامين كل كتاب ؟‬ ‫•• هي عموما كتب موضوعها يدخل ضمن تخصصي الذي هو‪ :‬تاريخ المغرب واألندلس‪.‬‬ ‫ويمكن للقارئ أن يتعرف على مضامينها باالطالع عليها‪ ،‬ومن خالل عناوينها يمكن أن‬ ‫يأخذ فكرة عنها‪ ،‬فقد اشتغلت لحد اآلن على إنتاج ستة كتب حول مدارس المغرب واألندلس‬ ‫القديمة ‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫ تاريخ المدرسة المرينية بطنجة‪.‬‬‫ تاريخ مدرسة الجامع الكبير بطنجة‪.‬‬‫ تاريـخ المدرسـة الجديدة بسبتــة‪( .‬مدرسة‬‫أبو الحسن المريني)‪.‬‬ ‫ تاريخ المدرسة النصرية بغرناطة‪.‬‬‫ تاريخ مدرسة ابن يوسف بمراكش‪.‬‬‫(باالشتراك مع األستاذ سمير أيت أومغار)‪.‬‬ ‫ تاريخ المدرسة األلمانية بطنجة‪( .‬باالشتراك‬‫مع األستاذ صالح بنداكو الورياغلي)‪.‬‬ ‫وبخصـــوص تاريـــخ طنجــة شرعـــتُ‬ ‫في كتابــة سلسلة‪ « :‬أوراق من تاريخ طنجة»‪،‬‬ ‫وهي مجموعة أبحاث تتعلق بتاريخ مدينة طنجة‬ ‫الثقافي والعمراني واالجتماعي واالقتصادي‪،‬‬ ‫طبعت لحد اآلن جزءين من هذه السلسلة ‪ ،‬والجزء‬ ‫الثالث سيطبع ‪ -‬إن شاء اهلل‪ -‬في بداية العام‬ ‫المقبل‪.‬‬ ‫كما أنجزت كتـــاب «طنجة ومنطقتها» وهو‬ ‫الترجمة العربية للكتاب الفرنسي‪Tanger( :‬‬ ‫‪ )et sa Zone‬الذي صدر عام ‪1921‬م‪ ،‬والترجمة‬ ‫أنجزتها باالشتراك مع األستاذ عثمان بن شقرون‪.‬‬ ‫وفي مجال تحقيق النصوص‪ ،‬اعتنيت بدراسة‬ ‫وطبع «الرحلـــة األندلسيـة» ألحمد الرهوني‪،‬‬ ‫و«رسالة اعتبار الناسك» البن جبير‪ ،‬و «الرحلة‬ ‫الفنية إلى الديار المصرية» أللكسي شوتان‪.‬‬ ‫وفي القائمة أيضا عدة كتب تاريخية‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ تاريخ قصر المجاز‪.‬‬‫ األندلسيون في القصر الكبير‪.‬‬‫ أحمد زكي باشا ومخطوطات اإلسكوريـال‪.‬‬‫ زقاق القناديل ‪ ..‬حارة األندلسيين بالقاهرة‪.‬‬‫• هل لديك مشروع كتاب تنوي إصداره ؟‬ ‫•• مشروعي الكبير هو كتابة «تاريخ طنجة»‪،‬‬ ‫في ‪ 10‬أجزاء‪ .‬وطبعا كلما تجمعت لدي بعض‬ ‫الدراسات المستقلة حول مدينة طنجة سأدرجها في سلسلـة «أوراق من تاريخ طنجة» التي‬ ‫صـدر منها لحـد اآلن جزءان‪ ،‬وهي سائـرة في التزايد وهلل الحمد‪.‬‬ ‫• قمتم مؤخرا بإنشاء مجلة متخصصة تحمل اسم «الزقاق» ما هو هدف المجلة وغايتها‪،‬‬ ‫وبماذا تعنى ؟‬ ‫•• صدر العدد األول من مجلة « الزقاق» في شهر مارس من هذه السنة (‪2018‬م)‪.‬‬ ‫واإلسم مأخوذ من «بحر الزقاق» وهو االسم القديم لمضيق جبل طارق‪ .‬وهي مجلة تهتم‬ ‫بتاريخ المغرب واألندلس‪ّ .‬‬ ‫إن الدافع إلى إنشاء هذه المجلة هو ذاتيّ في المقام األوّل ‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫مرتبط بالبحث في األصول والجذور التي ال زالت توَلد فينا رغبة جامحة في استعادة األمجاد‬ ‫أو على األقل عدم نسيانها‪ ،‬فمجلة « الزقاق» هي بشكل من األشكــال ضدّ كل نسيـان‬ ‫يطال ماضا تلـيدا وحضارة مزْهرة ‪ ،‬وهي الحضارة المغربية األندلسية‪.‬‬

‫ّ‬ ‫إن مجلة «الزقـاق» هدفهـا نشـر الدراسـات العلميـة المتميزة في مجال تاريخ المغرب‬ ‫واألندلس‪ ،‬وقـد حددت المجلــة توجهاتها في افتتاحية العدد األوّل ‪ ،‬وحثت الباحثين على‬ ‫المشاركة فيها بمواضيع تطبعها األصالة والجدة ‪ ،‬من ذلك‪:‬‬ ‫ التعريف بعلماء المدينة والبادية الذين ال توجد لهم تراجم في كتب التاريخ واألدب‪.‬‬‫ عرض قضايا تاريخية تستحق أن تدْرَس وتح ّلل على ضوء نصوص ووثائق جديدة‪.‬‬‫ نشر رسائل تاريخية وأدبية وعلمية بطريقة‬‫الضبط والتحقيق على أن يؤخذ بعين االعتبار في‬ ‫ذلك الحَيِّز الذي تتيحه المجلة‪.‬‬ ‫ عرض وتقديم تآليف مغربية وأندلسية‬‫مخطوطة لم تعرف طريقها إلى المطابع‪.‬‬ ‫ قراءة في الدراســات التاريخية المتميــزة‬‫الصادرة حديثا بالعربية وبغيرها من اللغات‪.‬‬ ‫ التعريف باإلصدارات التراثية الجديدة‪.‬‬‫ عرض تقارير عن أبحــاث أركيولوجيـة أو‬‫آثارية‪.‬‬ ‫ولربما أتى وقـــت أضفنــا إلى هــذه المحاور‬ ‫توجهات جديدة في األعداد المقبلــة من خـــالل‬ ‫م َل ّفات تستوعب جميع القضايا التي تدخل ضمن‬ ‫تاريخ المغرب واألندلس‪.‬‬ ‫• مشروعك المستقبلي ـ كيف تحلم به ـ وما هو‬ ‫الحلم العلمي الذي تصبو إلى تحقيقه ؟‬ ‫•• الحلم يمنح األمل‪ ،‬ويعين نفسيا على‬ ‫مواجهة التحديات ‪ ،‬وطالما رددت عبارة‪( :‬لو بيدي‬ ‫‪ ..‬لو باإلمكان)‪ ،‬ولكن منطقيا ال ينبغي أن نحلم‬ ‫كثيرا‪ ،‬وفي المدة األخيرة بدأت أقلل من هذا‬ ‫الجانب وشرعت في االشتغال بما توفر لدي من‬ ‫إمكانات ووسائل‪ .‬قد نفتقر لبعض الوسائل في‬ ‫البداية لكن أثناء العمل نُصادف موارد جديدة لم‬ ‫تكن في الحسبان هي التي تضخ في مشروعاتي‬ ‫قوة دافعة تُعجِّل بظهور تلك المشاريع على‬ ‫نحو جيد أو مقبول على األقل‪ .‬وحلمي في مجال‬ ‫الكتابة هو أن أنجز لمدينتي طنجة تاريخا‬ ‫يستوعب جميع مراحلها التاريخية ‪ ،‬موثق بالرسوم‬ ‫والوثائق والصور والنصوص الشاهدة ‪ ،‬أبرز فيه‬ ‫ما كان لهذه المدينة العظيمة من سهم في‬ ‫إغناء الحضارة العالمية وفي الحفاظ على الهوية‬ ‫المغربية واألندلسية‪.‬‬ ‫• كلمة أخيرة تختمون بها هذا الحوار ؟‬ ‫•• أود أن أنوه بمثل هذا العمل الذي تقومون به‪ ،‬فالتعريف بالذين لهم سهم في حِرْفة‬ ‫الكتابة أو في أي مجال آخر من مجاالت النشاط اإلنساني هو من باب العناية بالفاعلين في‬ ‫تاريخ المدينة‪ ،‬والترجمة لهم وبسط أحوالهم سيفيد الدراسين والمهتمين بقضايا الشأن‬ ‫المحلي والوطني‪.‬‬ ‫• نشكرك جزيل الشكر على سعة صدرك ‪ ،‬وحسن أخالقك‪ ،‬وألف شكر على ما نثر خاطركم‬ ‫عبر هذه الفسحة الحوارية‪.‬‬ ‫•• الشكر لكم أخي عمر قرباش‪.‬‬

‫(انتهى)‬


‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪997‬‬

‫كتابات يف تاريخ‬ ‫منطقة ال�شمال ‪:‬‬

‫(‪)899‬‬

‫‪16‬‬

‫التربية والتعليم بالريف‬

‫�أ�سامـة الزكاري‬ ‫‪zougariousama@gmail.com‬‬

‫تابعت دورية “مجلة الذاكرة” تعزيز مسارها العلمي الرفيع بإصدار عددها الثالث عند نهاية‬ ‫سنة ‪ ،2018‬في إطار أفق عام أخلص في الوفاء للمنطلقات العلمية التي حددتها المجلة منذ‬ ‫صدور أولى أعدادها بعنوان تفريعي دال‪ ،‬اختزلته صيغة “مجلة علمية محكمة تعنى بالريف تاريخا‬ ‫وحضارة وفكرا”‪ .‬ويمكن القول إن العدد األخير استطاع أن يضع األسس الصلبة لخط تحريري‬ ‫صارم في التعاطي مع مجمل التراكمات الحضارية التي راكمتها منطقة الريف في سياق تطوراتها‬ ‫التاريخية الطويلة المدى‪ .‬لم تركن المجلة التي يصدرها “مركز‬ ‫الريف للتراث والدراسات واألبحاث بالناظور”‪ ،‬لألجوبة السهلة‬ ‫المرتبطة بارتدادات حالة االحتقان التي عرفتها منطقة الريف‬ ‫بشمال المغرب خالل الفترة الماضية‪ ،‬وال بأجواء “الهوس‬ ‫الهوياتي” المرتبط بسياقات التدافع العرقي الذي أصبح‬ ‫صفة ناظمة للكثير من عناصر الفعل والمبادرة داخل المجال‬ ‫المغربي الواسع والممتد‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬اختارت المجلة االنحياز‬ ‫لصوت البحث العلمي المتخصص‪ ،‬ولصدى التنقيب األكاديمي‬ ‫الفاحص‪ ،‬وآلفاق التأصيل لشروط تحقيق التصالح الحقيقي مع‬ ‫الذاكرة ومع التاريخ‪ ،‬وفق رؤى جريئة في إعادة تقليب صفحات‬ ‫التفاصيل “األخرى” الكامنة في الهامش‪ ،‬أو المنزوية في‬ ‫ظل الوقائع المركزية الكبرى الموجهة للمسار العام للدولة‬ ‫وللمجتمع المغربيين‪ .‬باختصار‪ ،‬سعت المجلة إلى االنخراط في‬ ‫مغامرة البحث المونوغرافي المجهري الذي ال يستسهل النتائج‪،‬‬ ‫ولكنه يتسلح –بالمقابل‪ -‬بكل العدة المنهجية والمعرفية‬ ‫الكفيلة بإعادة تفكيك بنى الريف المتداخلة‪ ،‬بحثا عن معالم‬ ‫البهاء الذي صنع للمنطقة ريادتها الحضارية العريقة‪.‬‬

‫هذا العدد لتناول هذا الموضوع‪ ،‬ونفض الغبار عن بعض جوانبه‪( ”...‬ص ص‪.)6-5 .‬‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬احتوى الملف على دراسة ألحمد الفقيري في شكل تعريف عام بمراكز التربية‬ ‫والتعليم بالريف المغربي‪ ،‬ودارسة ثانية لعبد الرحمن الطيبي حول المشروع التعليمي لمحمد‬ ‫بن عبد الكريم الخطابي‪ ،‬في حين قدم مصطفى الغديري قراءة في كتاب “التربية والتعليم في‬ ‫برنامج محمد بن عبد الكريم الخطابي”‪ .‬وفي آخر مواد الملف‪ ،‬نجد دراسة لعبد اهلل بوغوتة‬ ‫في شكل قراءة في كتاب “المدرسة واإليديولوجيا في منطقة‬ ‫الحماية اإلسبانية في شمال المغرب” إلرين كونسلبيث‪.‬‬ ‫وإلى جانب هذا الملف المركزي‪ ،‬احتوى العدد الثالث‬ ‫من دورية “مجلة الذاكرة” على دراسات وأبحاث‪ ،‬اختلفت في‬ ‫أدواتها اإلجرائية‪ ،‬والتقت في آفاقها العامة المرتبطة بالبحث‬ ‫في تحوالت ماضي منطقة الريف العريق‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬نجد‬ ‫دراسة لعبد العزيز طليح حول أدوار مركز “اسناذة” بالريف‪،‬‬ ‫ودراسات منفصلة لكل من عبد الواحد الكركري ومحمد بنعلي‬ ‫حول التطورات المجالية لقبيلة بنوبويحيى‪ .‬كما اهتم موسى‬ ‫مرغيش بفحص مضامين محاضرات السوسيولوجي الفرنسي‬ ‫إدوارد ميشو بلير حول منطقة الريف‪ .‬وتتبع كل من المودن‬ ‫موسى وآسية واردة‪ ،‬بعض من دعوات المتنبئين بمنطقة‬ ‫الريف‪ ،‬واهتم جواد الزوبع ببعض القضايا الصرفية الخاصة‬ ‫بأمازيغية تاريفيت‪.‬‬

‫وإلى جانب كل ذلك‪ ،‬احتوت المجلة على العديد من األبواب‬ ‫انسجاما مع هذه الرؤية العامة‪ ،‬خصصت المجلة مضامين‬ ‫الثابتة الخاصة بالترجمة‪ ،‬وبالنصوص الدفينة‪ ،‬وبالمعالم‬ ‫العدد الثالث لملف “التربية والتعليم بالريف”‪ ،‬في محاولة لوضع‬ ‫واآلثار‪ ،‬وبأعالم المنطقة‪ ،‬وبالمتابعات ذات الصلة‪ .‬وبكل ذلك‪،‬‬ ‫أسس كتابة تاريخ العطاء المعرفي والثقافي للمنطقة‪ ،‬على ضوء‬ ‫استطاع القائمون على هذا المنبر تقديم منتوج علمي رفيع‪،‬‬ ‫مخاضاتها الداخلية العميقة‪ ،‬وعلى أساس تأثراتها وتفاعالتها‬ ‫ال شك وأنه يساهم في تنظيم الجهد المشتت والموزع‪ ،‬قصد‬ ‫مع مجمل مكونات محيطها اإلقليمي والوطني والدولي الواسع‬ ‫الوصول إلى مستوى متقدم لالرتقاء بالمعرفة العلمية لماضي‬ ‫والمتشعب‪ .‬ولعل هذا ما سعى األستاذ الميلود كعواس إلى‬ ‫منطقة الريف العريق‪ ،‬والرتدادات ذلك على واقعنا القائم‪ .‬لقد‬ ‫إبرازه بشكل مركب في كلمته التقديمية للملف‪ ،‬عندما قال‪“ :‬إن‬ ‫أثبتت المجلة‪ ،‬من خالل أعدادها الثالثة الصادرة إلى حد اآلن‪،‬‬ ‫المطالع للتاريخ ليجد أن كل أمة قد بذلت جهدها في تهذيب‬ ‫ممكنات هائلة لالشتغال ولالحتفاء بذاكرة منطقة الريف‪ ،‬في‬ ‫نفوس أبنائها‪ ،‬وشحذ عقول أفرادها‪ ،‬وقد كان ألهلنا في الريف‬ ‫أفق تحويلها إلى قاعدة للنهوض وإلى أرضية صلبة لتحقيق‬ ‫المغربي إسهامات مشكورة في هذا المجال‪ ،‬بل إنهم قد حصلوا‬ ‫غالف املجلة‬ ‫المصالحة الضرورية التي الزالت تنتظر انبثاق إرادتها الجماعية‬ ‫سبقا تاريخيا‪ ،‬وحققوا أولية علمية على مستوى الزمان والمكان‪،‬‬ ‫بالنسبة للدولة وللمجتمع وللنخب‪ .‬ويقينا إن تلقيح هذا المسار بنتائج البحث‬ ‫وليس هذا من قبيل االدعاء أو االعتداد بالذات‪ ،‬وإنما هو إقرار بما هو كائن وثابت‪،‬‬ ‫إذ يكاشفنا أبوعبيد البكري‪ ،‬مثال‪ ،‬بأن أمراء بني صالح بنكور قد كان لهم قصب السبق في تشييد األكاديمي المتسامي عن االنسياق خلف أوهام “األصل” أو “العرق” أو “اآلخر”‪ ،‬يشكل خير جواب‬ ‫المؤسسات التعليمية‪ ،‬فقد بنوا على مستوى نقطة التقاء نهري نكور وغيس مدرسة رباط نكور‪ ،‬عن اآلفاق الواسعة التي تؤسس ‪-‬من خاللها‪“ -‬مجلة الذاكرة” لمسار بديل في التعاطي مع‬ ‫التي يمكن اعتبارها أول مدرسة عرفها التاريخ إلى اآلن في البادية المغربية‪ ،‬وهي أسبق بكثير الشأن العام لمنطقة الريف‪ ،‬وفق تأطير ثقافي وعلمي يمكن أن يقدم الكثير من األجوبة عن‬ ‫من حيث التأسيس لرباط أكلو بضاحية مدينة تزنيت‪ ...‬ونظرا ألهمية هذا السبق الذي عرفه منغلقات المرحلة وعن العديد من حاالت “سوء الفهم” المتبادل الذي الزال يرخي بثقله على‬ ‫الريف في هذا المجال‪ ،‬ورغبة في لفت أنظار الباحثين إليه‪ ،‬ارتأينا في مجلة الذاكرة تخصيص ملف الكثير من أشكال تعاطي المركز مع واقع المنطقة ومع انتظاراتها المؤجلة‪.‬‬

‫سالماً أيها الغيم‪..‬‬

‫(�أقا�صي�ص)‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المبدعـة‬ ‫ِّيشــة‬ ‫هذه شذراتٌ سرديــ ٌة قصصي ٌة‪ ،‬التقطتها الر‬ ‫َ‬ ‫درب‬ ‫من شرفةِ الحياةِ واألحيا ِء‪ ،‬وتغنّتٍ بها في حدا ٍء فجريٍّ على ِ‬ ‫الحيــارى‪ ،‬والمكلومين‪ ،‬والحالمين بمساقـطِ الغيثِ الخضير‪..‬‬ ‫أن هذه الشذرات اختارت لنفسها قالب ًا صغيراً‪َ ،‬‬ ‫صحيحٌ َّ‬ ‫ونفس ًا‬ ‫املحت�ش ُ‬ ‫ُ‬ ‫مة البتولُ‬ ‫ِ‬ ‫تتزو ُج من‬ ‫القرية‬ ‫ها هي‬ ‫َّ‬ ‫قصيراً‪ ،‬لكنها تروم َّ‬ ‫بث َّ‬ ‫اللمحةِ فـي غـاللــةٍ نثــريـةٍ فنيـةٍ ذاتِ‬ ‫ِ‬ ‫ألوانٍ وتحاسينَ‪ ..‬فمن رحبَ بها‪ ،‬وفتــح ذراعيــه لساللها‪ ،‬فقد نهرِ اخلريِ‪ ،‬وتُزَ ُّف حتت �ضفائرِ‬ ‫ويتكاثر‬ ‫العري�ش‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أ�شجار تف ِ‬ ‫َّاحها‪..‬‬ ‫ع�صافريها و�‬ ‫تتكاثر‬ ‫أحسن الظنَّ بصاحبها‪ ،‬وربما استسمن ذا ورم! ومن أعرض عنها �أطفالها كما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وأشاح بوجهه‪ ،‬فليدعُ مأجوراً مشكوراً لهذا القلم ببلسم العافية‪،‬‬ ‫وافرتار‬ ‫اخل�صب‪،‬‬ ‫كلُّ �شيءٍ من حولِها يعل ُِن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واخضالل المآب ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫ال�ساللِ ‪..‬‬ ‫الربع ِم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وعافية ِّ‬ ‫كلُّ �شيءٍ فيها يت�آخى ويت�شابكُ ‪ ..‬ال�شجرةُ‬ ‫ِ‬ ‫اعد �إلى‬ ‫بيت اجلارِ ‪،‬‬ ‫تتدلَّى فتتدنَّى على‬ ‫وال�س ُ‬ ‫ّ‬ ‫مو�سم احل�صادِ ‪ ،‬والطفلُ مع الطفلِ‬ ‫ال�ساع ِد يف‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫يف مرت َِع َّ‬ ‫�ضمةِ‬ ‫ِ‬ ‫ال�ش ِ‬ ‫القرويات يف‬ ‫أ�صابع‬ ‫غب‪ ،‬و�‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫غربلةٍ ‪� ،‬أو َب ْه َجةِ تطريزٍ ‪..‬‬

‫ُ‬ ‫القرية‬

‫كلّ‬ ‫كحاجب َّ‬ ‫ال�ش ٍ‬ ‫ِ‬ ‫م�س‪..‬‬ ‫مروجها‬ ‫تلمع‬ ‫�صباح‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وتنداح حوا�شيها ك� ِ‬ ‫ُ‬ ‫الر ِ‬ ‫ويهتف‬ ‫يحان‪..‬‬ ‫أفواف َّ‬ ‫ُ‬ ‫أعذاق النَّخيلِ ‪..‬‬ ‫الطري ب�شدواتهِ على �‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تنام على �رسيرٍ‬ ‫مع�شو�ش ٍب من النَّدى‪،‬‬ ‫كلّ ليلٍ ُ‬ ‫ِ‬ ‫أقحوان‪ ،‬واليا�سمني‪..‬‬ ‫وال‬

‫بقلم‪ :‬قطب الري�سوين ‪ .‬ال�شارقة ـ‬

‫ال�شعراء ر َّفة جمازِ هِ م‪..‬‬ ‫ا�ستعار‬ ‫منها‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ق�ص َب مزامريهِ م‪..‬‬ ‫والرعاةُ َ‬ ‫ُّ‬

‫أفق البعيدِ‪.‬‬ ‫لكن �صوت ًا مدو ّي ًا يجلجِ لُ يف ال ِ‬ ‫َّ‬ ‫البوابةِ ُم ْ�س َت�شرْ فني‪ ..‬وما‬ ‫فيهرع �أهلُ القريةِ �إلى َّ‬ ‫ُ‬ ‫أب�شع الآتي‪:‬‬ ‫� َ‬ ‫غيالن املدينةِ‬ ‫ُ‬ ‫تتوع ُد‬ ‫نحو القريةِ ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫تزحف َ‬ ‫أحالمها البي�ضاء !‬ ‫�أنو َثتَها‬ ‫َّ‬ ‫الغ�ض َة و� َ‬

‫ٌ‬ ‫خريف ال ُي َ‬ ‫هزم‬ ‫ال�س ُ‬ ‫مترب ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ت�شري �إلى ع� ِ‬ ‫جات‬ ‫زهرات‬ ‫رش‬ ‫اعة‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ونداوةٍ‬ ‫غ�ضارةٍ‬ ‫ةِ‬ ‫‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫أربعني رف‬ ‫َع َذارى‪ ..‬و�‬ ‫َ‬ ‫نداح‪..‬‬ ‫وخ�ص ٍب ُم ٍ‬ ‫ْ‬ ‫و�سي ُّد الف�صولِ‬ ‫اخل�رضاء‪ ،‬ويوزِّ ُع‬ ‫حقائب ُه‬ ‫يفتح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫مينة وي�رسةً ‪..‬‬ ‫هداياه‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أرجوان تختالُ هناك وهناك‪،‬‬ ‫ومواكب ال‬ ‫ُ‬ ‫أهازيج الفرحةِ وال ِب�شرْ ِ‪..‬‬ ‫وتهزج ب�‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أراجيح البهاءِ ‪..‬‬ ‫حوله مدلَّلٌ يف �‬ ‫كلُّ ما‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ب�شحوب‪،‬‬ ‫�إال نف�سه املهي�ضة املقرورة تب�شرِّ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫وخريف ال ُيهزَ م ‪..‬‬ ‫وا�صفرارٍ ‪،‬‬ ‫مواجع ُه‪:‬‬ ‫أله‬ ‫وت�س� ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ال�ساعة �إلى ع� ِ‬ ‫زهرات ‪ ..‬من‬ ‫رش‬ ‫متى تُ�شري َّ‬ ‫ربيع النفو�س ؟ !‬


‫العدد ‪997‬‬

‫‪17‬‬

‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫كارمن رويث برابو‬ ‫‪CARMEN RUIZ BRAVO‬‬

‫تمد الجسور بين الثقافتين العربية واإلسبانية ‪2/2‬‬ ‫السير على نهج أستاذها‪:‬‬

‫تمركز عمل كارمن رويث برابو باألساس‬ ‫على جانب البحث‪ ،‬وفي هذا المجال قدمت كتابين‬ ‫في مواضيع فكرية حول األفكار القومية العربية‬ ‫والوطنية في المشرق من بعد الحرب العالمية‬ ‫األولى إلى حــدود الخمسينات (‪1918-1952‬م)‪.‬‬ ‫ويشمل البحــث في مختلــف مجـاالت ومكونــات‬ ‫األفكار القومية في الوطن العربي‪ .‬وقد أنجزته‬ ‫سنة ‪1974‬م‪ .‬بعدها توسع االهتمام بمحاولة‬ ‫إيجاد أجوبة‪ ،‬ليس على المستوى النظري‪ ،‬ولكن‬ ‫عن طريق البحث في إنتاجات أدبية خاصة بمعنى‬ ‫أصدق‪ ،‬وباعتبار أنها تمثل اإلنسان العربي بحرية‬ ‫أكثر‪ ،‬هذا التغيير في وسيلة البحث ال يغير من‬ ‫الهدف الذي هو محاولة فهم اإلنسان المعاصر عم‬ ‫طريق اإلنسان العربي‪ .‬كما اعتمدت على الترجمة‬ ‫من منطلق حب اللغة والتجربة اإلبداعية‪ ،‬وألنها‬ ‫وجدت في الشعر واآلداب التي قامت بترجمتها تلك‬ ‫الحيوية التي من الصعب أن تجدها في النظرية‪،‬‬ ‫وهنا البد من اإلشارة إلى أن اإلنسان في اسبانيا‬ ‫مثال يسمع كثيرا عن المغرب أو المشرق العربي‬ ‫من خالل األخبار السطحية المتعلقة بمجاالت‬ ‫السياسة وال تتوفر لديه إمكانية الغوص في صلب‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الواقع السياسي والحضاري لهذا الشعب‪.‬‬ ‫وترى أن صفة العروبة نستعملها كما نستعمل‬ ‫صفة (أروبي) وهذا يعني أن العروبة مصطلح ثقافي‬ ‫واضح الداللة يعني مجموعة من الناس تعيش في‬ ‫منطقة واحدة‪ ،‬لهم لغة واحدة‪ ،‬لهم (تراث) واحد‪،‬‬ ‫يتميزون عن سائر الشعوب األخرى قوميا وجغرافيا‬ ‫(‪)2‬‬ ‫وتاريخيا كما أن الموروث الحضاري يشكل رؤى هؤالء القوم‪.‬‬ ‫إن اهتمام المستعربة كارمن رويث برابو بمواضيع العالم الحديث واألدب العربي الحديث هدفه كسر‬ ‫الحواجز األكاديمية الخاصة ومحاولة الخروج إلى المجتمع في سبيل نشر الثقافة العربية‬ ‫ومد الجسور بين الشعبين العربي واالسباني‪ .‬ليتعرف القارئ االسباني العادي على حقائق‬ ‫كثيرة عن العالم العربي وخاصة ما يتعلق باالنتاج األدبي والثقافي والفكري المعاصر‪».‬‬ ‫ومحاولة محو هذه (األمية) الموجودة في مجال التعريف بالثقافة العربية في اسبانيا‪ .‬ألنه‬ ‫في حالة وصول الكتاب العربي إلى القارئ االسباني‪ ،‬تبدأ مرحلة التذوق‪ .‬وهنا أقول إن‬ ‫اإلسباني يحسن استقبال األدب العربي‪ ،‬ألن األدب هو السبيل الوحيد الذي يعرفنا كيف‬ ‫يشعر العرب‪ ،‬كيف عاشوا أمل تجربة النهضة‪ ،‬كيف يتعاملون مع الفن‪ ،‬والفن واألدب هما‬ ‫الشيئ الوحيد الحقيقي في حياة الشعوب‪ ،‬وفيهما يلتقي العرب واالسبان كثيرا‪ .‬هناك ثراء‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ثقافي مطموس جزئيا‪ ،‬ولكن الشعب يكتشفه من خالل القراءة‪».‬‬ ‫في إطار احتفاالت جامعة (كومبلوتنسي) بالعيد المئوي السابع لتأسيسها (ماي سنة‬ ‫‪1993‬م) نظمت مع المعهد المصري للدراسات االسالمية وبالتعاون مع وزارة الثقافة‬ ‫االسبانية ملتقى فكريا شاركت فيه كارمن رويث برافو بموضوع اقتحمت فيه عالم النقد‬ ‫بجسارة تحت عنوان‪( :‬المفرد بصيغة المثنى‪ ،‬طريق للنقد) دارت حول عالمي التفرد‬ ‫والتجزؤ والتباعد وعدم التوحد في الحياة وفي االبداع والنقد معا‪ ..‬مرتئية أن اإلبداع‬ ‫المفرد هو جامع لثنائية داخله‪ :‬ثنائية الواقع والحقيقة‪ ،‬ثنائية الفكر واإلحساس‪ ،‬والتفرقة‬ ‫بينهما هي تفرقة مخلة وهادمة لطرف على حساب اآلخر‪ ،‬ومنتهية في الختام إلى هدم‬ ‫اإلبداع ذاته‪ .‬وهو ما تخالف فيه مجموع المستشرقين الذين فصلوا بين التأمل الفكري‬ ‫والتأمل الوجداني‪ ،‬ما نحين األول للعقلية الغربية التركيبية البناء‪ .‬والثاني للعقلية العربية‬ ‫التحليلية التكوين‪ ،‬مرتئية أن التأمل الفكري هو أيضا جزء أساسي في نسيج العقلية‬ ‫العربية‪.‬‬

‫األندلس حاضرة‪:‬‬

‫يرى المستعرب بيدرو مارتينيث مونتابيث أن االستعراب االسباني عرف تحوال في‬ ‫العقود األخيرة ليصبح معاصرا وأكثر ثراء يعالج القضايا العربية بدون مصالح‪ ،‬ودون أن‬ ‫يتخلى عن معالجة الثقافة األندلسية‪ ،‬وأثبتت أن دراسة هذا الجانب من الثقافة العربية ال‬ ‫يحول دون دراسة العالم العربي المعاصر والحديث‪ ...‬فأنا أعمل في مجال الدراسات المتعلقة‬ ‫بالعالم العربي المعاصر‪ ،‬رغم أن بدايتي في الدراسات األندلسية‪ ...‬األندلس انتهت كواقع‬ ‫تاريخي‪،‬لكنها تبقى كواقع رمزي سببا اليبارى للقاء والتأثير المتبادل‪ ،‬ألنها تمثل مجموعة‬ ‫عالقات يمكنها أن تربط بين جانبين‪ ،‬إنها أساس جدلي وتكاملي ال يقارن(‪ )4‬من النادر‬ ‫أن نعثر على مستعرب إسباني مهما كان تخصصه‪ ،‬دون أن يستحضر (األندلس) ثقافة‬ ‫وفكرا وحضارة واإلشارة إليها من قريب أو بعيد وهو ما ينطبق على كارمن رويث برابو‬ ‫التي تقول‪ »:‬أنا مدريدية السكن والحياة واالنتماء بصورة عامة‪ ،‬وفي شخصيتي وعائلتي‬ ‫جزء ينتمي إلى وسط الشمال في اسبانيا‪ ...‬ال تربطني عالقة أسرية أو دموية باألندلس‪.‬‬ ‫وقد يكون هذا أفضل فقد اهتمت باألندلس من منطلق تأمل وتفكر وإعمال للعقل ال من‬ ‫منطلق عاطفي»(‪.)5‬‬ ‫لقد أتيح لها االطالع على نماذج كثيرة من الشعر األندلسي أيام دراستها الجامعية‪،‬‬ ‫وأحبت شعر ابن زيدون كما عبرت عن ذلك (‪ .)6‬والحنين إلى األندلس كان في بعض األحيان‬ ‫وبدافع الرغبة الذاتية عند بعض المستعربين مقترنا باالتجاهات الصوفية أو الدراسات التي‬ ‫تخلط الصراعات السياسية والتي كانت في الغالب مدروسة بشكل سريع وصحفي ينقصه‬ ‫العمق‪ .‬وهو ما كان يقلقها ألنها تبعد الجمهور اإلسباني عن واقع الثقافة العربية‪ .‬وكم‬ ‫هو إيجابي أن يستمر األندلس حيا في ذاكرة اسبانيا وحياتها‪« ،‬وجود كميات كبيرة من‬ ‫المخطوطات العربية في اسبانيا تبعث في نفوسنا متخصصين أو غير متخصصين دالالت‬ ‫كثيرة‪ .‬إن هذه المخطوطات تقدم نماذج من صفحات ماض مظلوم‪ ،‬مجرد وجود هذه‬ ‫المخطوطات له عدة دالالت قوية لقد أثرت هذه المخطوطات تأثيرا عميقا في األوساط‬ ‫الفلسفية والفكرية بين المستعربين تيارات ومرجعيات متعددة ومختلفة‪ ،‬ما قدمه‬ ‫الرهبان من دراسات فلسفية أو دراسات حول الفلسفة العربية والتيارات الفكرية العربية‬ ‫(‪)7‬‬ ‫كان منطلقا من المخطوطات العربية»‬

‫‪-‬‬

‫بقلم الباحث ‪:‬‬

‫محمد القاضي‬

‫إن إلمامها بالحقبة التاريخية للعرب في اال‪،‬دلس‬ ‫دفعها إلى طرح اقتراح مهم في ندوة عن المعتمد‬ ‫بن عباد بمراكش (المغرب) في ديسمبر ‪1995‬م‬ ‫عن عالقة المرابطين بملوك الطوائف فقد دعت إلى‬ ‫طرح موضوع المرابطين من وجهة نظر شمولية‪ ،‬أي‬ ‫مناقشة الفضاء األندلسي العام والشمال اإليبري‪ .‬وهو‬ ‫رأي يسانده مؤرخ أمريكي ألف كتابا عن المرابطين‬ ‫والموحدين إذ قدم نظرة شمولية هم في حاجة إليها‪،‬‬ ‫كما أن ممثلي االستعراب الحديث أمثال بيدرو مارتنيث‬ ‫يدعون إلى نفس التوجه واستنتجت كارمن رويث برابو‬ ‫أن النقاش واسع عن التاريخ االسباني منتقدة ما كتب‬ ‫عن المرابطين‪ ،‬ووجود ميل نحو التعميم والنزوع نحو‬ ‫االنتربولوجيا وثوابت الحضارات‪ ،‬وطرحت بعض األمثلة‪،‬‬ ‫فعندما يثير مؤرخ أصول المرابطين‪ ،‬تدخل في كتابته‬ ‫عدة أسئلة‪ ،‬الجواب عنها سلبي‪ ،‬واألسئلة يثيرها العرب‬ ‫واالسبان مثل‪ :‬هل بإمكان سكان البدو تأسيس سلطة؟‬ ‫والجواب عندهم‪ :‬المرابطون ال يستطيعون ذلك‪ ،‬وإذن‬ ‫الموضوع حساس وشائك كما تقول المستعربة‪ .‬ومن‬ ‫األسئلة كذلك‪ :‬لمذا ضاعت الحضارة العربية؟‬ ‫والجواب واضح عندهم هو أنه انتقال السلطة من‬ ‫إثنية عربية إلى غيرها من اإلثنيات هو أمر سلبي‪ ،‬وبما‬ ‫أن المرابطين بربر فقد أساءوا إلى الحضارة العربية‪.‬‬ ‫والسؤال الثالث‪ :‬هل المرابطون دولة‪ ،‬بالمفهوم الذي‬ ‫نجده في كتب التاريخ اليوناني؟ وكاستنتاج تدعو إلى‬ ‫ضرورة حوار حول توحيد المصطلحات بكيفية مدققة‬ ‫لالتفاق على استعمال واضح للتسميات‪ ،‬وكذلك تجاوز‬ ‫النظرة القومية الوطنية واالنتقال إلى تناول المستويات‬ ‫المختلفة مثل ‪ :‬الحروب الصليبية وعالقتها بالمرابطين‬ ‫والموحدين‪ .‬هل توجد تلك العالقة أم ال؟ هل البحر األبيض المتوسط منفصل عن العالم العربي؟ وختمت‬ ‫باإلشارة إلى خطأ بعض المؤرخين حينما يقرنون اإلسالم بالمرابطين ويزعمون أن قساوتهم تعبر عن جوهر‬ ‫هذا الدين (‪.)8‬‬ ‫وقد اتسمت مداخلتها هذه بنقاش واسع من طرف المشاركين وكان «آخر ما عبر عنه‬ ‫رئيس الجلسة الدكتور عبد الهادي التازي هو‪ :‬برافو يا أستاذة برابو)!‬ ‫كارمن رويث برابو و «كانتا رابيا»‪:‬‬ ‫كانت هناك صعوبات جمة في وصول الكتاب العربي إلى القارئ االسباني ألنه لم تكن‬ ‫هناك دار نشر تهتم به إال في حاالت نادرة حتى حصول األديب المصري الكبير نجيب محفوظ‬ ‫على جائزة نوبل لآلداب‪ ،‬فأصبحت دور النشر الصغيرة والمتوسطة تهتم باألدب العربي‬ ‫وتخصص له مكانا‪ ،‬وإن لم يكن على نطاق واسع‪ .‬ولكنها بادرة طيبة تبعث على التفاؤل‪.‬‬ ‫« وفي حالة وصول الكتاب العربي إلى القارئ االسباني‪ ،‬تبدأ مرحلة التذوق‪ ،‬وهنا أقول‬ ‫إن االسباني يحسن استقبال األدب العربي وتذوقه ألنه قريب منه‪ .‬إنه التالقي‪ ،‬وهو ما‬ ‫شعرت به عندما قرأت أول كتاب عربي‪ .‬وأنا أبني آرائي في هذا الصدد على رد فعل القارئ‬ ‫العادي وطالبي أيضا‪ ،‬وليس على أساس رأي النقاد‪ ،‬حيث أالحظ قابليتهم لهذا النوع من‬ ‫الكتب»(‪.)9‬‬ ‫فعال إن الجهود التي يبذلها المستعربون االسبان وطبيعة دراستهم هي جديرة باالعتبار‪،‬‬ ‫وخصوصا في التعريف باألدباء العرب في اسبانيا‪ .‬وأصبحت دار نشر (كانتاأرابيا) معروفة‬ ‫لدى األوساط الثقافية االسبانية لنشاطها وفعاليتها في نشر الثقافة العربية في اسبانيا‬ ‫وأمريكا الالتينية‪ ،‬وهي دار نشر هدفها ثقافي محض تديرها وتشرف عليها المستعربة‬ ‫كارمن رويث برابو‪ .‬وبدأت نشاطها بإصدار سلسلتين باسم (ألف كتاب وكتاب) واألخرى‬ ‫للدراسات‪ ،‬إضافة إلى كتيبات صغيرة تهتم بنشر موضوعات مختصرة عن الثقافة العربية‬ ‫واإلسالمية باسم (دفاتر المنارة) تتوجه خصوصا إلى المستعربين والمهتمين والباحثين‪.‬‬ ‫واسم هذه السلسلة يعد نوعا من اإلحياء والتكريم لمجلة (المنارة) التي كانت تصدر في‬ ‫اسبانيا في السبعينات من القرن الماضي‪ ،‬والتي كانت خاصة بالثقافة العربية يديرها‬ ‫المستعرب الكبير بيدرو مارتينيث مونتابيث‪.‬‬ ‫إن كارمن رويث برابو مستعربة اسبانية نشيطة‪ ،‬مثابرة في عملها‪ ،‬تمد يدها لكل‬ ‫عمل هادف يخدم الثقافة العربية االسبانية‪ ،‬فلم ينتابها قط أي إحساس بالندم‪ ،‬أو العجز‬ ‫أو الملل‪.‬‬ ‫«فكنت أومن باستمرار أن معرفة ثقافة ما تحتاج إلى العيش في داخلها‪ ...‬لذا أعتبر‬ ‫أن أمامنا كإسبان وأمامكم أنتم أيضا (كعرب) فكرة عمل بحث مشوق جدا وهام في مجال‬ ‫العالقات االسبانية العربية‪.)10(»...‬‬

‫هوامش ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬انظر ذلك بالتفصيل في مقدمة كتابها (جدل حول مذاهب القومية العربية والقومية المحلية‬ ‫(‪1918-1952‬م) الطبعة االسبانية الصادرة عن المعهد االسباني العربي للثقافة بمدريد – ‪1976‬م‪.‬‬ ‫ص‪ 13 :‬إلى ‪.15‬‬ ‫(‪ )2‬انظر حوارا معها في صحيفة (الدعوة االسالمية)‪ .‬عدد‪ 545 :‬أجراه عبد العاطي الورفلي ص‪.5 :‬‬ ‫(‪ )3‬انظر حوارا معها في صحيفة (أخبار األدب) عدد‪1995/ 1 /15 :‬م ص‪ .27:‬أجراه مندوب‬ ‫الصحيفة في مدريد‪.‬‬ ‫(‪ )4‬انظر حوارا معه في صحيفة (الشرق األوسط) عدد‪1994/ 9 /6 :‬م ص‪ .17 :‬وانظر دراسته عن‬ ‫(العرب في الرواية االسبانية المعاصرة) في صحيفة (الحياة) عدد‪1994 /4 /28 :‬م ص‪.20 :‬‬ ‫(‪ )5‬انظر حوارا معها في (أخبار األدب) عدد‪1997 /12 /7 :‬م ص‪ .9 :‬أجراه مصطفى عبد اهلل‪.‬‬ ‫(‪ )6‬نفس المرجع ‪ .‬ص‪.9 :‬‬ ‫(‪ )7‬صحيفة الدعوة االسالمية ‪ .‬مرجع سابق‪ .‬ص‪.5 :‬‬ ‫(‪ )8‬انظر صحيفة (الشرق األوسط ) عدد‪1995 /12 /8 :‬م‪.‬ص‪.20 :‬‬ ‫(‪ )9‬انظر حوارا معها في صحيفة (الشرق األوسط) عدد‪1994 / 6 / 1 :‬م ص‪.17:‬‬ ‫(‪ )10‬انظر صحيفة (أخبار األدب) عدد‪1997 /9 /7 :‬م ص‪.9 :‬‬


‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪997‬‬

‫لعبة السودوكو (‪)460‬‬

‫يف مفهوم النضال‬

‫أصل اللعبة‬

‫لعبة السودوكو اليابانية األصل «‪ ،»SUDOKU‬كانت معروفة منذ الثمانينيات‬ ‫في اليابان‪ ،‬إال أنها لم تظهر كلعبة ذات شعبية إال سنة ‪.2005‬‬

‫معنى كلمة سودوكو‬

‫ �أبو اخلري النا�صري‬‫من الكلمات التي انحرف بها المنحرفون عن حقيقة معناها‬ ‫في لغتنا الجميلة كلمة «النضال» التي لم تعد عظيمة القدْر‬ ‫رفيعة الشأن كما كانت في أزمنة مضت‪ ،‬وصار مَنْ شاء يطلقها‬ ‫على منْ شاء دونما تدقيق أو تحقيق‪ ،‬حتى لقد صار بعضُ‬ ‫الناس ال يستحيون أن يَصفوا أنفسَهم بالمناضلين وقد عهدنا‬ ‫المناضلين حقا يشتغلون بالعمل وبذل الجهد‪ ،‬ال بالصفة التي‬ ‫تشتهي أنفسهم أن َّ‬ ‫يُحَلوْا بها‪.‬‬ ‫لذلك رأيت أن أكتب هذه الكلمات في بيان معنى هذا‬ ‫اللفظ‪ ،‬لعل قارئا كريما يستفيد من هذا البيان فيَدعو لي‬ ‫الغَيْب دُعا ًء أنتفع به إن شاء اهلل عز وجل‪.‬‬ ‫ِب َظهْر‬ ‫ِ‬ ‫وردَ «النضال» في معجم الدوحة التاريخي للغة العربية‬ ‫بثالثة معان‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ الن ُ‬‫المسابقة في الرَّمي‪.‬‬ ‫ِّضال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫النضال‪ :‬المبارا ُة في الشعر ونح ِوه‪.‬‬ ‫‬‫ُ‬ ‫عن الشيء ‪ :‬الدفاعُ عنه‪.‬‬ ‫‬‫النضال ِ‬

‫وإلى هذا المعنى الثالث أشار صاحب «لسان العرَب» في‬ ‫قوله‪« :‬ناضلت عنه نضاال‪ :‬دافعت»‪ ،‬وهو معنى مستنبَط –‬ ‫وَ ْفقاً لمعجم الدوحة التاريخي – من قول كثيّر عزة مادحا عبدَ‬ ‫الملك بنَ مروان‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫فلِله عَيْنا مَنْ رأى مِنْ عِصابةٍ‬ ‫تناضل عن أحْساب‬ ‫َقوْم ِنضاَلها‬ ‫ٍ‬ ‫انطالقاً من هذا يمكن القول إن النضال هو الدفاعُ‬ ‫عن شيء أو أمر‪ .‬إنه نوعٌ من النُّصْرة وبذل الجهد لتحقيق‬ ‫مقصد من المقاصد الشريفة‪ ،‬وفي بيت كثيّر إشار ٌة إلى ذلك؛‬ ‫ُ‬ ‫ألنه تحدث عن جماعة‬ ‫تُناضل عن الحَسَب‪ ،‬وهو من مناقب‬ ‫اإلنسان ومفاخره‪.‬‬ ‫وقد كانت العرب قديما تُناضل عن أعراضها شِعْرا‪ ،‬وكانت‬ ‫القبيلة تفرح بنبوغ شاعر من أبنائها «ألنه حماي ٌة ألعراضهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وذبٌّ عن أحْسابهم‪ ،‬وتخليدٌ لمآثرهم‪ ،‬وإشاد ٌة ْ‬ ‫بذِكرهم» كما‬ ‫قال ابن رشيق في كتابه «العمدة في محاسن الشعر وآدابه‬ ‫ونقده»‪.‬‬ ‫كان الشاعر الجاهلي مناضال ألنه يدافع بأشعاره عن‬ ‫قبيلته‪ ،‬فيَحْمي عِرْضها‪ ،‬ويُشيد بذكرها في مواجهة غيرها‬ ‫من القبائل‪ ،‬وهو معنى جميل وجليل في السياق التاريخي الذي‬ ‫كانت القبيلة العربية فيه محتاجة إلى مَنْ يَدْ َفعُ عنها العار‬ ‫بالشعر كحاجتها إلى من يدفعه عنها بالسيف‪ .‬ولم يكن الشاعرُ‬ ‫يَسْأل حينئذ أسكان قبيلته على حق أم على باطل‪ ،‬فقد كان من‬ ‫َ‬ ‫حكم الجاهلية أن تنصر أخاك ظالما ومظلوما‪.‬‬

‫غير أن األمر لم يستمر بهذا اإلطالق في عهد النبي صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم‪ ،‬خصوصا بعدما قدم خاتم النبيئين معنى جديداً‬ ‫للنُّصْرة والدفاع عن اإلخوان‪ ،‬فدعا إلى الدفاع عن األخ ْ‬ ‫إن كان‬ ‫مظلوما‪ ،‬وإلى زجره ومنعه من الظلم إن كان ظالما‪.‬‬ ‫هكذا صار المراد بالنضال الدفاعَ عن المظلوم الذي حُرمَ‬ ‫حقا من حقوقه‪ ،‬كما صار من النضال أيضا بذل الجهد لزجر‬ ‫الظالم ومنعه من التمادي في الظلم‪ ،‬وهذا معنى ثانٍ للنضال‬ ‫ال ينتبه إليه الكثيرون‪.‬‬ ‫والحق أن هذا المعنى المستفادَ من البيان النبوي لمفهوم‬ ‫نصرة اإلخوان هو المعنى الصحيح الذي استقر في أفهام الناس‬ ‫قرونا عديدة‪ ،‬لذلك عدُّوا مناضال منْ يدافع عن المظلوم‬ ‫المعتدى عليه؛ فالمناضل منْ دافع عمن سرق ماُله‪ ،‬ومن سلبَ‬ ‫حريتَه‪ ،‬ومن اعتُديَ على شرفه‪ ،‬أو اغتُصبتْ أرضُه‪...‬وليس‬ ‫مناضال مَنْ دافع عن السارق‪ ،‬ومن استعبد غيره‪ ،‬واعتدى‬ ‫واغتصب‪...‬فالقضية التي يتجرد الشخصُ للدفاع عنها هي ما‬ ‫يحدد َكوْنَه مناضال أم ال‪ ،‬فإن دافع عن الحق فقد َ‬ ‫ناضل‪ ،‬وإال‬ ‫فال‪.‬‬

‫‪SIEGE SOCIAL: MESNANA RDC LOT 6989 EN FACE SOUK AL‬‬ ‫‪KOURB –TANGER‬‬‫‪GERANCE : Mr. – BELGHAZIYA YOUSSEF est désigné en‬‬ ‫‪qualité de gérant de la société et cela pour une durée illimitée.‬‬ ‫‪ANNEE SOCIALE : 1er janvier au 31 décembre de chaque‬‬ ‫‪année.‬‬ ‫‪BENEFICES : ils sont repartis entre les associés après‬‬ ‫‪prélèvement de la réserve légale (5%) proportionnellement à leurs‬‬ ‫‪apports au capital social.‬‬ ‫‪DEPOT LEGAL : le dépôt légal a été effectué au secrétariat‬‬‫‪greffe du tribunal de commerce de Tanger en date du 03/06/2019‬‬ ‫‪Le gérant Mr. BELGHAZIYA YOUSSEF.‬‬

‫رقم ‪460‬‬

‫كلمة سودوكو هي اختصار للجملة اليابانية (‪)Nikagiru Sujiwa Dokushin‬‬ ‫وتعني أن األعداد البد أن تكون مفردة‪ .‬وهذه اللعبة عبارة عن عالمة تجارية لشركة‬ ‫‪.Nikol‬‬

‫كيف تلعبها ؟‬

‫اللعبة تعتمد على المنطق لدرجة كبيرة‪ ،‬وهي لوحة مقسمة إلى تسع مناطق كل‬ ‫منطقة مكونة من تسع خانات‪ ،‬وعليك أن تمأل هذه الخانات أفقيا أو عموديا بأرقام من‬ ‫‪ 1‬إلى ‪ ،9‬حيث ال تستخدم الرقم إال مرة واحدة في جميع المربعات على العمود نفسه‬ ‫أو السطر أو القطر‪ ،‬وتكون هناك أرقام موضوعة سابقا في بعض الخانات‪.‬‬

‫مفيدة لكن معقدة‬

‫اللعبة مفيـدة جدا لتقوية مهارات المنطـق‪ ،‬ويستخدمهـا مدرسو الرياضيات‬ ‫كتمارين للطلبة وتختلف درجة التعقيد‪ ،‬حسب الفئة المستهدفة‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وال بد أن يصاحبَ الدفاعَ عن الحق تجردٌ له وتنزُّه‬ ‫عن تسخير هذا الدفاع سبيال لتحقيق مصلحة شخصية‪ ،‬وإال كان‬ ‫َ‬ ‫النضال‪،‬‬ ‫هذا المدافِع انتهازيا واستغالليا؛ وذلك ألنه لم يقصد‬ ‫وإنما قصد ما وراءه من مصلحة خاصة‪.‬‬ ‫ومن المؤسف حقا أن كثيراً من الناس في زماننا يرددون‬ ‫«النضال» و «المناضل» في غير المعنى الجليل الذي تقدم‬ ‫كل منْ خرج إلى الشارع حامال الفتة وطالباً‬ ‫بيانه‪ ،‬فصرتَ ترى َّ‬ ‫شيئا يَصِفُ نفسَه ويصفه أنصارُه بالمناضل‪ّ ،‬‬ ‫وكل من نظم‬ ‫مسيرة ورفع الصوت بالشعارات يوصف بالمناضل‪ ،‬مع أنه قد ال‬ ‫يكون له من النضال سوى االدعاء وانتحال الصفة‪.‬‬ ‫وكم من مسيرةٍ نظمتْ لم يكن القصد من ورائها الدفاع‬ ‫عن الحق وذويه‪ ،‬وكم من أصواتٍ رُفعتْ كان الداعي لرفعها‬ ‫قلة الحياء التي تمنح صاحبها جرأة على المطالبة بما يعلم يقيناً‬ ‫أنه ليس من حقوقه المشروعة‪.‬‬ ‫ولستُ أعجب لشيء كما أعجب للذين يُصفقون لهذه‬ ‫َ‬ ‫يعلمون ع ْلمَ اليقين أنها ليست‬ ‫األصوات وتلك المسيرات وهم‬ ‫من النضال في شيء‪.‬‬ ‫أال فلتعلموا أنكم بهذا الصنيع ال تُحرفون كلمة «النضال»‬ ‫عن موضعها ومعناها فحسب‪ ،‬ولكنكم تسهمون في إتالف‬ ‫ما بقيَ في حياتنا من معانٍ جليلة‪ ،‬وشَرُّ العيش أن يعيشَ‬ ‫اإلنسان بال معنى‪! ‬‬

‫‪ANNONCE LEGALE ET ADMINISTRATIVE‬‬

‫حل السودوكو‬

‫‪18‬‬

‫‪** BATI BELGHAZIYA ** SARL AU‬‬ ‫‪Aux termes d’un acte sous-seing privé en date 28/05/2019 à‬‬ ‫‪Tanger. Il a établi les statuts d’une société à responsabilité limitée‬‬ ‫‪a associé unique dont les caractéristiques suivantes :‬‬ ‫‪DENOMINATION : ** BATI BELGHAZIYA**SARL (AU )au capital‬‬ ‫)‪social : 100.000 dirhams divise en 1000 parts de 100 (CENT‬‬ ‫‪dirhams chaque part Repartis comme suit :‬‬ ‫‪Mr. –BELGHAZIYA YOUSSEF : 1000 parts.‬‬ ‫‪OBJET: la société a pour objet principalement : TRAVAUX DE‬‬ ‫‪CONSTRUCTION.‬‬

‫�إعـــــــــالن‬ ‫ينظم نادي التواصل لجمعية تطاون أسمير محاضرة بعنوان‪:‬‬

‫«رؤية الهالل بين اختالف المطالع وتوحيدها»‬ ‫يلقيها السيد عبد الواحد بلحاج‬ ‫الفلكي والمهندس المعماري‬

‫وذلك يوم األربعاء ‪ 23‬رمضان ‪ 1440‬هـ الموافق ‪ 29‬ماي ‪ 2019‬م‬ ‫على الساعة ‪ 4:30‬بعد الزوال بمقر الجمعية ساحة ‪ 9‬أبريل‪.‬‬

‫دعوة عامة‬

‫سرعة المالحظة‬

‫بين الصورة واألصل ‪ 7‬اختالفات‪ ،‬حاول أن تهتدي إليها‪.‬‬


‫‪ 4‬حكام يمثلون المغرب في كأس أمم إفريقيا بمصر‬ ‫صفحة‬

‫‪19‬‬

‫�إعداد ‪ :‬م�صطفى ال�سباعي‬

‫العدد ‪997‬‬

‫الثالثاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫تضمنت الئحة الحكام التي أعدها االتحاد اإلفريقي لكرة القدم لمنافسات‬ ‫كأس إفريقيا لألمم التي ستنطلق قريبا بمصر أربعة حكام مغاربة‪.‬‬ ‫ويتعلق األمــر بكل من رضـوان جيد ونورالدين الجعفــري كحكمي ساحة‬ ‫ولحسن أزكاو ومصطفى أكركاد كمساعدين‪.‬‬

‫الرئيسي‬

‫مجرد رأي ‪:‬‬ ‫شرعت الجهات الرسمية التونسية والتابعة لهاوراء الكواليس في‬ ‫شن حملة شرسة على المغرب واستغلت فرصة رياضية للركوب عليها‬ ‫وخوض حملة انتخابية سابقة ألوانها على بعد أربعة أشهر من االنتخابات‬ ‫بتونس مرورا بحملة إعالمية يقودها مدير مجلة «جون أفريك» الصادرة‬ ‫بباريس‪.‬‬ ‫الجهات التونسية شرعت في استغالل قرار االتحاد اإلفريقـي لكرة‬ ‫القدم بإعادة مباراة إياب الدور النهائي لدوري أبطال إفريقيا ومطالبة‬ ‫الترجي بإعادة الكأس والميداليات الذهبية التي حصلت عليها للتكالب‬ ‫على المغرب قي شـأن كروي أريد له من طرف التونسيين أن يتحول‬ ‫إلى شأن سياسـي قنـاة «نسمـة» التونسية ذهبت أبعد من الدفاع عن‬ ‫مصالح الكرة التونسية وتخلت عن خطها التحريري ونهجت لغة التهجم‬ ‫واالبتزاز واتجهت لرد فعل غريب تمثل في معاكسة القضية الوطنية‬ ‫والدعوة لالعتراف بجبهة البوليساريو لتنضاف بذلك إلى أنصـار نـادي‬ ‫الترجي الذين لم يهضموا قرار الكاف ونشروا تعاليق علىمواقع التواصل‬ ‫االجتماعي تدعو لمناصرة الطرح االنفصالي‪.‬‬ ‫هذا الموقف ليس بغريب على تونس والتونسيين وقرار االتحاد‬ ‫اإلفريقي بإعادة مباراة الترجي والوداد جاء فقط ليؤكد الموقف السياسي‬ ‫الغامض الذي تنهجه تونس في قضية الصحراء المغربية وجاء أيضا‬ ‫ليفضح األساليب والحيل الالرياضية التي تتخذها من أجل الضغط على‬ ‫مصادر القرار لتحظى كرتها دائما بالفوز‪ ..‬وحدث هذا خالل الموسم‬ ‫الماضي في النهائي أمام األهلي المصري‪.‬‬ ‫وأمام الوداد لجأوا إلى إيقـاف األجهزة الخاصة ب «الفار» في مطار‬ ‫تونس قرطاج وتعمدوا عدم اإلفراج عنها قبل موعد المباراة حتى اليتم‬ ‫استخدامها واالعتماد عليها في فضح تالعــب الحكـام الذين يعملـون‬ ‫لصالحهم‪.‬‬ ‫كما نهجــوا أساليب االعتــداء على رئيس الكونفدرالية اإلفريقية‬ ‫ورئيس الجامعة ومسؤولي الوداد وجماهيره إضافة إلى رجال الصحافــة‬ ‫المغاربة في محاولة للضغط وتغطية الشمس بالغربال‪.‬‬

‫أكد س‬

‫أحمد حمودان في المغرب‬

‫يتواجــد حاليـا بالمغـرب أحمد حمودان‬ ‫مهاجم اتحاد طنجة سابقا والرائـد السعـودي‬ ‫حاليا لقضاء فترة راحة بمناسبة عيد الفطر‬ ‫بعد انتهاء الموسم الكروي بالسعودية‪.‬‬ ‫حمودان الذي سبـق أن أعلن أنه سيعقد‬ ‫قرانه بعد أن ضاق ذرعـا بالعزوبيـة سيعقد‬ ‫قرانه بمدينته الشاون وسيقوم بزيارة لمدينة‬ ‫طنجة لمالقاة أصدقائه الالعبين والمسيرين ‪.‬‬ ‫وقد شكر بالمناسبة كل الذين ساندوه‬ ‫في مسيرته الكروية مع اتحاد طنجة مشيرا‬ ‫إلى أنه ساهــم مع فارس البوغــاز في إحراز‬ ‫لقب الدوري االحترافي ألول مرة في تاريخه‪..‬‬ ‫وكان ال بد من تغيير األجواء والدخول في‬ ‫مغامرة احترافية والبحث عن آفاق جديدة نحو‬ ‫مستقبل أفضل‪.‬‬

‫ثالثة العبين انتهت عقودهم‬ ‫مع اتحاد طنجة‬

‫الراقي‬

‫مع انطالق فترة االنتقاالت الصيفية‬ ‫ثالثـة العبين انتهـت عقودهـم مع اتحاد‬ ‫طنجة لكرة القدم وينتظــر أن يستغنـي‬ ‫الفريق بصفة رسمية عن اثنين منهم‪.‬‬ ‫ويتعلــق األمـر بكــل مـــن عصـام‬ ‫الراقـي وعمــر نجدي وهما معا لم يقدما‬ ‫خالل هذا الموسم اإلضافة المرجوة‪.‬‬ ‫اما الالعب الثالث الذي انتهـــى هو‬ ‫اآلخـر العقـد الذي يربطـه بالفريـق فهو‬ ‫المدافع أيوب الخاليقي الذي قد يوقع عقدا‬ ‫جديدا مع فارس البوغاز أو يرحل إلى فريق‬ ‫المولودية الوجدية الذي أبدى رغبته في‬ ‫ضمه خالل الميركاتو الصيفي‪.‬‬

‫ناجي‬

‫الكوكب‬ ‫المراكشي‬ ‫يطعن في نتيجة‬ ‫مباراة المغرب‬ ‫التطواني ‪ -‬الرجاء‬ ‫وجه فريق الكوكب المراكشي احتجاجا رسميا إلى الجامعة الملكية‬ ‫المغربية لكرة القدم يطالب فيه بفتح تحقيق حول مواجهة المغرب‬ ‫التطواني ‪ -‬الر جاء الرياضي برسم الجولة ‪ 29‬للبطولة االحترافية وهو‬ ‫أكبر منافس له على تفادي الهبوط إلى القسم الثاني والتي شهدت فوز‬ ‫المغرب التطواني ‪.1-3‬‬ ‫وأصر الكوكب على أن أشياء غريبة وقعت خالل هذه المواجهة‬ ‫سهلت مهمة فريق الحمامة البيضاء في االنتصار‪.‬‬ ‫وأكد الكوكب في رسالته االحتجاجية وجود حالة من التراخي لدى‬ ‫العبي الرجاء بعدما علموا باكتساح الوداد ألولمبيك اخريبكة برباعية‬ ‫وهو ما حسم اللقب لفائدته‪.‬‬

‫وجاء طلب الكوكب المراكشـي ردا على موقـف سابق للمغرب‬ ‫التطوانـي الـذي احتـــج وشكـــك في فوز الفريق على يوسفية برشيد‬ ‫برباعية‪.‬‬ ‫ويحتل المغرب التطواني الرتبة ‪14‬بفارق نقطتين عن الكوكب‬ ‫المراكشي صاحب الر تبة ‪ 15‬وهما معا مهددان بالنزول ومصاحبة‬ ‫فريق شباب الر يف الحسيمي إلى القسم الثاني‪.‬‬ ‫وشهدت الجوالت األخيرة لبطولة الدوري االحترافي المغربي لكرة‬ ‫القدم تبادال لالتهامات بين العديد من األندية‪ ،‬بشأن التالعب في‬ ‫نتائج المبا ريات‪.‬‬


‫الثالثـاء ‪� 11‬إلى ‪ 17‬يونيو ‪2019‬‬

‫العدد ‪997‬‬

‫تذكرة سفر‬ ‫احللقة الأخرية‬

‫األخيرة‬

‫لقاءات حوارية في حلقات‪ ،‬مع شخصيات مؤثرة في المجال العمومي المغربي والعربي واإلنساني‪ ،‬تستحضر تجربتهم في الحياة‪ ،‬وترحل‬ ‫بهم عبر تذكرة سفر معنوية وقلبية إلى الماضي والمستقبل‪ .‬تذكرة السفر الثانية مع الروائي والناقد واإلعالمي والمناضل السياسي‬ ‫والدبلوماسي عبد القادر الشاوي‪ ،‬أحد أبرز وجوه ضحايا سنوات الرصاص بالمغرب‪ .‬أثرى المكتبة اإلنسانية بالعديد من اإلصدارات تنوعت‬ ‫بين حقول معرفية متنوعة‪ ،‬مثلما أثرى التجربة اإلنسانية في الوجود بـ «دراما ذاتية» قاسية دفع من خاللها ‪ 17‬سنة من االعتقال المظلم‬ ‫وراء القضبان‪.‬‬

‫• عبد اإلله المويسي‬

‫س‪ 1‬ـ يحضر األستاذ عبد القادر الشاوي في مخيال القراء بصيغة الواحد المتعدد‪ ،‬فهو اإلنسان أوال‪ ،‬وهو الكاتب الروائي والمناضل السياسي والناشط الحقوقي وأبرز معتقلي سنوات الرصاص‪ ...‬قبل أن نأخذ في حديثنا عن أهم ما طبع‬ ‫هذه التمفصالت في مشوار حياتك‪ ،‬أريد أن أبدأ معك من النقط األصولية األولى التي تفجرت منها هذه الشخصية‪.‬‬

‫دخلت كلية أصول الدين‪ ،‬ربما بين ‪ 1968‬و‪ .1969‬سيحصل بينك وبين «التهامي الوزاني» ما سيدفعك‪ ،‬ربما‪ ،‬إلى التخلي عن الكلية وتغيير الشعبة‪ ،‬والتوجه‪ ،‬في ما أظن‪ ،‬نحو الفلسفة‪.‬‬ ‫هل كان خالفا مع «التهامي» أم مع منظومة ثقافية بعينها؟‬ ‫ما زلت أعني في نفــس هذا المقام أن‬ ‫للسلطة دورا رهيبا في القضــاء على األمـــل‪.‬‬ ‫السلطة الناكرة لكل تقدم‪ ،‬وهي التي طاردت‬ ‫المهدي في األرجاء األوربية ثم أوقعتـه في‬ ‫المخطط الذي ال تعنيني سذاجته في أي شيء‬ ‫ألنهم فصلــوا به رأســه عن جسده اليساري‬ ‫المدرج باألخطاء الثالثة القاتلة‪ .‬نفس السلطة‬ ‫التي كانت تأتي في الليالي الشتوية المظلمة‬ ‫واألخرى في األصياف المقمرة فتنزع من الرجل‬ ‫أو المرأة ُق ْلبها وَ ِر َ‬ ‫عَاثها ثم تنصرف هانئة ما‬ ‫نالت َك ْلمٌ وال أريـق لهـا دم‪ .‬سلطـة برؤوس‬ ‫مدببــة‪ ،‬أكبــر تلك الرؤوس الدين المسخر‬ ‫للتعمية‪ ،‬وقد حولوه إلى غوغائية‪ ،‬عرشت بالريع‬ ‫والفساد وإنهاك الخصوم قبل قتلهم‪ .‬هذه هي‬ ‫السلطة التي دربتنا قهرا على القمع فصرنا‬ ‫«نصنع» الجحور لنختفي فيها من البطش‪ ،‬وهي‬ ‫التي قادتنا إلى السجون في صفوف‪ ،‬ولم تخْ ِرجنا‬ ‫منها إال بعد أن «استسلمنا» لها وألنفسنا غير‬ ‫طائعين‪ ،‬أي حاقدين‪ ،‬أي منذورين لألوهام‬ ‫الجديدة التي عرشت في آفاق الحرية‪ ،‬وهي التي‬ ‫وهي‪...‬‬ ‫ال أريد الحديث عن الثوريين االنقالبيين‬ ‫الذين منذ أن حدسوا المكر في نظرات الملك‬ ‫لم يألفوا شيئا إال تنظيم الشطحات التي لم‬ ‫تدوخهم وال دوخت من نكل بهم في أشرس‬ ‫تنكيل في العصور الحديثة من القرن العشرين‬ ‫بدون تمييز وال رحمة‪ .‬أما وأن كبيرهم كان‬ ‫يصول ويجول هنا وهناك‪ ،‬داعيا أو مخططا أو‬ ‫مواليا أو فقيها‪ ،‬فهذا مما لم يكن من المعروف‬ ‫لعامة من هبوا من الربوع األطلسية‪ ،‬بدون وعي‬ ‫تقريبا‪ ،‬للدفاع عن شرعية وَدّعها الوطنيون في‬ ‫البدايات األولى لالستقالل عندما اندمج قوم‬ ‫مقاوم منهم في الجيش‪ ،‬وانتهت المناصب‬ ‫باآلخرين إلى المشاركة في حفالت الوالء‪ ،‬ولم‬ ‫يبق لبعض الحالمين إال المناداة باإلصالح على‬ ‫اإلصالح والمعارضة بالمواالة‪ ...‬على شيء من‬ ‫التراضي الذي أتتْ بها الكهولة اليائسة التي لم‬ ‫َّ‬ ‫توَفق في االستيالء على السلطة‪.‬‬ ‫ما زلت أعني أيضا أن األمور سارت على‬ ‫نحو ما سارت عليه‪ :‬بذلك االستبداد الممضّ‬ ‫لضعــف أصــاب االتحاديين‪ ،‬ولخـــوَر م ّلهُ‬ ‫التحرريون‪ ،‬وألوهام انقشعـــت منذ البدايـــة‬ ‫طواها الجبهويون في أفئدتهم حتى أسسوا‬ ‫منظماتهم الثورية‪ ،‬ثم لم يفلحوا في إشعال‬ ‫الثورة البلشفية وال الماوية وال هم يحزنون في‬ ‫هذا البالد المنحوسة‪ ...‬منذ‪ ،‬منذ متى ْ‬ ‫إن ُكنتَ‬ ‫تدري؟ والذي أدريه حيث ال علم به إال في ورقات‬ ‫من تاريخ الهزيمة هو أن العلويين سحقوا في‬ ‫الطريق إلى السلطة جموع الدالئيين حتى انهار‬ ‫منهم رجل عالم بتلك الطريقة المُذِ ّلة في‬ ‫(الرسالة الصغرى)… التي كرّس بها عفوا ُطلب‬ ‫منه بعد تحبير (الرسالة الكبرى)‪ .‬ماذا كان علينا‬ ‫أن نقول لهذا الحسن بعد أن هيجنا ثم غرر بنا‬ ‫منذ القرن السابع عشر؟‬ ‫ال أذكر شيئا أكثر من هذا‪ ،‬ألن الذكرى‬ ‫ال تنفع المتذكرين إال حين يؤسيهــم أسف‬ ‫النوسطالجية‪ ،‬ويلعب بهم نباحها في ليل‬ ‫الذكريات‪ .‬وأقول تعقيبا على هذا كله‪ :‬التحليل‬ ‫النظري لم يكن يملك سالحا للدود عن حِمَاه‬ ‫السياسي‪ .‬ويبدو لي أنه من األجدى أن نقول‬ ‫الوداع هكذا حرفيا وحافيا وحادا‪ ،‬وأن نَدَعَ‬ ‫الناسَ يتهالكون على اللذائذ والمغانم مع‬ ‫مواساة من هم تحت عتبة الفقر أمنين في‬ ‫الغفوة‪.‬‬ ‫إن الوعي ال يأتـــي من الخــوف وال من‬ ‫الشطح‪ ،‬بل من اندفاع يكون في قمة الصحو‬ ‫والنشوة‪ ...‬أطوي الكتاب الذي قرأت فيه أورادي‪،‬‬ ‫ولن أعلمكم بالمآل الذي قادني إلى التيه بعد‬ ‫حمى السنوات هذه‪.‬‬ ‫ولكنني كنت قد قلتُ‪ ،‬ربما‪ ،‬إن كلية اآلداب‬ ‫شهدت ما لم يذكره موالي أحمد المديني من‬ ‫سنوات االندفاع تلك‪ ...‬سنوات االندفاع على‬ ‫رومانسية معينة‪ ،‬سياسية وغير سياسية‪ ،‬من‬ ‫بنات أواخر الستينيات‪ ,‬كان األدب العربي‪ ،‬في‬ ‫تلك السنوات‪ ،‬صناعة لتخريج كتاب القصة‬ ‫والرواية والشعراء والمقالة الصحفية المشاركة‬ ‫في النهضة‪ .‬لم يكن الحجاب مذكورا فوق‬ ‫جلباب أو تحته‪ ،‬وال كانت فكرته اإلخوانية قد‬ ‫طافت بعقول النساء‪ ،‬أما الميني َفنَعَم‪ ،‬يراها‬ ‫العامة وال يستفز شعورهم الديني ما فوق‬ ‫الركبة وال ما هو أسفلها بطبيعة الحال‪ ,‬نحن‬ ‫نتكلم في العموم ألن في الخصوص هو‪ ،‬بدون‬ ‫ريب‪ ،‬لبعض المهوسين باالستثناء ألنهم يرون‬ ‫فيه حجتهم الخصوصية ضد كل تحرر يرون‬ ‫فيه‪ ،‬والعياذ باهلل‪ ،‬بدعة‪ .‬ولم يكن بين الطلبة‬

‫من يعادي مخمورهم محبيهم الحالمين ذوي‬ ‫الشهرة في المطاردة واالصطياد في الماء‪...‬‬ ‫العاطفي‪ .‬ربما ال أمل في التذكر بأن عالل‬ ‫الفاسي‪ ،‬وَهوّ يا منْ هو‪ ،‬غرق في ظلمة القاعة‬ ‫بين فئة من أتباعه بعد أن قطعوا في وجهه‬ ‫ووجه شهرته وعلو مقامه السياسي والثقافي‬ ‫والديني أسالك الكهرباء‪ ،‬فتركوه حائرا بين‬ ‫شهوة الكالم وحجة النضال‪ .‬أمور كثيرة ذاعت‬ ‫شهرتها كموجة تناثر رذاذها قربا وبُعدا بسبب‬ ‫فئة من األساتذة الذين انتدبوا للتدريس في‬ ‫الثكنة‪ .‬وال يمكن اليوم‪ ،‬كما يحدث لي في‬ ‫خلوتي ومرايا أحزاني‪ ،‬أن تقرأ ديوان (الفروسية)‬ ‫للمرحوم أحمد المجاطي وال تصيبك‪ ،‬لسوء‬ ‫المفارقة والخذالن ناهيك عن اليأس المستحكم‬ ‫في الشعور والوجدان‪ ،‬ذرات يأس من السموم‬ ‫التي أصابت ذكرياتنا‪ ،‬رويناها نحن أم رويت لنا‪،‬‬ ‫عشناها أو عاشها شهود تلك الثكنة‪ .‬ال يهم‪.‬‬ ‫سموم كيماوية غيرت المجرى والشعار والمبدأ‬ ‫واالختيار والوقت والحواس والشكل البديع وإنها‬ ‫الحياة ودفنا الماضي ومجلة ‪ 2000‬وأنفاسنا‪...‬‬ ‫بما في ذلك مداخل الكليات ومخارجه‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن الفكرة‪ ،‬فكرة الحياة‪ ،‬الحياة بالذات‪ ،‬المندفعة‬ ‫في كثير من األماكن والجهات‪ ،‬التي تسامت‬ ‫ثم هوت‪ .‬والحارق في كل هذا الزمن‪ ،‬وسأكون‬ ‫هذه المرة‪ ،‬مع شعوري الخاص بأهمية التقدم‬ ‫والتطور وال للنوسطالجية على سبيل الصفح‪،‬‬ ‫وَجال‪ ،‬كذلك‪،‬‬ ‫سأكون‪ ،‬هذه المرة‪ ،‬قلقا مهتاجا ِ‬ ‫أن… َّ‬ ‫موغال في اليأس َّ‬ ‫أن ماذا؟ هل أقول قولي‬ ‫ولن أستغفر أحدا؟‬ ‫وفي جميع األحوال فقد كانــت ثكنــــة‬ ‫وبقيت كذلك لم تفارق َظهْرَها‪ ...‬المحمولة‬ ‫عليه‪ .‬ذلك أنه عندما تيسرت في مرحلة كانت‬ ‫فيها السلطة أشد ما تكون عَسْرَا على جميع‬ ‫الحالمين‪ .‬ولكنها لم تتجاسر كما تجاسرت كلية‬ ‫الرباط بحكم عدد الطالب األفاقين الذين قذف‬ ‫بهم التعليم الثانوي إلى العاصمة‪ ،‬فتلقفتهم‬ ‫المدرسة العليا بمنحة زهيدة‪ ،‬ثم حولتهم إلى‬ ‫(أساتذة) تجاوزوا سن الفقر بصعوبة‪ .‬تلك قصة‬ ‫أخرى تعود بي إلى الرباط رغم أنني لم أكن‬ ‫فاسيا في أي يوم من األيام‪ ،‬وال درست في‬ ‫تلك الثكنة وال على أيدي من كانوا رواد الموجة‬ ‫الراغيةالهبابة‪.‬‬ ‫أدركت أن وجودي في الرباط من فقري‬ ‫وليس من نجابتي‪ .‬فعولت على النضال الذي‬ ‫قادني في البداية إلى خلية صغيرة فقيرة‬ ‫بدورها لحزب التحر واالشتراكية شبعنا فيها‬ ‫من قفقفة التهامي الخياري ومعطفه الصوفي‬ ‫الطويل الضخم على جثة ضامرة‪ ،‬ثم انخرطت‬ ‫على لهوي في (الجبهة) التي خرجت إلى العلن‬ ‫رحم أرض تلك التجمعات الملتهبة في‬ ‫من ِ‬ ‫الكلية وخارج الكلية‪ ،‬وخارج الكلية بالخصوص‪.‬‬ ‫جيء ب ع‪ .‬الدرقاوي ذات يوم إلى محكمة (لعلو)‬ ‫فأرغى وأزبد‪َ .‬قدح في السياسة المتبعة ولم‬ ‫يترك شعارا من شعاراتنا إال وصرخ بها بلكنة‬ ‫شبه جبلية تدربت‪ ،‬أو تدرب هو باألحرى‪ ،‬على‬ ‫الصراخ بها في فيافي (بني زروال) على الطريقة‬ ‫الشريفة المتبعة في الساللة‪ .‬وهذا ح‪ .‬الفاهيمي‬ ‫من اللجنة التنفيذية لالتحاد يجول في الربوع‬ ‫مهموما من ثقل التأطير الذي انتدبوه له‪ .‬بدا‬ ‫لي ذات يوم في نظارته السميكة على شبه كبير‬ ‫بمحمد عبد الوهاب قبل تلحين (من غير ليه)…‬ ‫وعموما كنت أظن أن محمد عبد الوهاب ال يرى‬ ‫ولكنه يتمعن إلى أن يدرك مراده من التمعن‬ ‫فيحصل له االقتناع بأنه رأي كل شيء‪.‬‬

‫محمد بلمجدوب كان يبدو في تلك الفترة‬ ‫عنيدا قاسيا وعلى وجهه صرامة ال أظنها كانت‬ ‫للمكناسيين في يوم من األيام‪ .‬ال أظن‪ .‬ولعل‬ ‫قيم تلك الفترة كانت تمنع الكثيرين من‬ ‫التجهم‪ ،‬ولعله‪ ،‬هو بالذات والصفات‪ ،‬كان في‬ ‫السر ضحوكا‪ ،‬إال أنه لم يكن يبدي من ذلك‬ ‫إال القليل القليل الذي ال يشع البسمة من‬ ‫حوله وال يهبها‪ ،‬على األرجح‪ ،‬لطالب ولو كان‬ ‫ملحاحا‪ .‬وأقواله في التجمعات ساخرة تصل إلى‬ ‫المجتمعين‪ ،‬أي أنها ال تصلهم أيضا‪ ،‬بالصعوبة‬ ‫التي تُضْ ِني السامع‪ ،‬وال تصل كما كان يريد‬ ‫لها‪ ،‬إن كان يريد لها شيئا‪ ،‬على أي نحو‪ .‬هذا في‬ ‫الوقت الذي كان فيه من المفروض أن تكون‬ ‫الضحكات النابعة من القلب والفكر حيال (االتحاد‬ ‫العام لطلبة المغرب) مجلجلة مسموعة بقوة‬ ‫الدعاية والصخب‪ ،‬فضال عن األحقية التاريخية‬ ‫التي ل(التحاد الوطني) خارج أسوار الكلية…‬ ‫وأن تنحدر مع الشوارع المتفرعة إلى حيث عالل‬ ‫الفاسي وعموم الجماعة االستقاللية الداعمة‬ ‫لذلك التيار األخر المُبَرْ ِزط ‪ parasite‬الذي‬ ‫كان يمأل بعض األماكن المعتمة‪ ،‬بتحريض من‬ ‫الوفا‪ ،‬بصراخ أطفاله الميتمين‪.‬‬ ‫التقدميون ال يريدون عالل الفاسي مع‬ ‫علمهم أنه نشر قصيدة من (شعرهم الحر) في‬ ‫انتفاضة أوال د خليفة المساكين… أولئك الذين‬ ‫حولهم اليسار‪ ،‬بغتة‪ ،‬إلى شهداء‪/‬شهود على‬ ‫االنتفاضة المجهضة‪ ،‬على التعيير المستقيم‪،‬‬ ‫على التحالف المفترض بينهم وبين العمال‪ ،‬على‬ ‫العجز الذي أضمره االستقالليون أنفسهم عندما‬ ‫لم يقدر فيهم أي مناضل على استغالل االندفاع‬ ‫الفالحي الساهم في تلك الناحية افتداء لشعار‬ ‫(التعادلية)‪ .‬حتى ال ننســى كذلك أن السلطة‬ ‫أنزلت فيهم عساكرها المدججين باألسلحة‬ ‫النارية فسحقت شملهم واعتقلت منهم من‬ ‫سبقته رباطة جأشه إلى االنتفاض‪ .‬ال صفحة‬ ‫بيضاء في تاريخ قد يشهد لهم بالمحاولة في‬ ‫ذلك الزمان األغبر الذي لم يكن فيه االنتفاض‬ ‫سنة‪ ،‬ال شيء‪.‬‬ ‫سينعقد المؤتمر الرابع عشر أيضا والطلبة‬ ‫الجبهويين على أحر من النضال ضد التحريفية‬ ‫واالنتظارية… هؤالء الذين أصبح النيل منهم‬ ‫جميعا في متناول أي غر اغتر بانتسابه للمطلق‬ ‫وللمستحيــل عن صــواب أو عن خطـــإ‪ ،‬عن‬ ‫انفالت أو عن تحليل‪ ،‬عن قدوة أو عن اقتداء‪.‬‬ ‫والسياسة كانت هي السباب حين نعجز‪ ،‬في‬ ‫غرور واندفاع وهيام وجيشان تلك السن‪ ،‬عن‬ ‫اإلتيان بالحجج المعبرة عن تذمرنا أو توقنا‪ ،‬على‬ ‫أن تكون مقبولة ال بالضرورة مقنعة‪ .‬لم نكن‬ ‫نرى حججنا‪ ،‬أو لم تكن ترانا‪ ،‬ألنها حلقت بعيدا‬ ‫عنا‪ ،‬ثم حامت حول رؤوسنا لحظات‪ ،‬فإذا بها‬ ‫تسّاقط علينا في نفس الفناء المبلط بالغرانيت‬ ‫الذي شهد وشاهد مقدمنا إلى الكلية عرايا إال‬ ‫من االندفاع والثورة على األوصياء واستخراج‬ ‫العالم من الغفوة التي أماته فيها المستبدون‬ ‫والرجعيون والكومبرادوريون والبورجوازيون‬ ‫الصغار المتذبذبون‪ ،‬هذا إلى أولئك اإلمبرياليين‬ ‫أسايدهم جميعا‪ .‬كنا نحاول المرور إلى الضفة‬ ‫األخرى التي وقف عليها تشي غيفارا بعد أن غدر‬ ‫به الفالح البوليفي‪ ،‬وإلى الخطط البلشفية التي‬ ‫أجهزت على القيصرية عندما تعوزنا الحيلة‪ ،‬وإلى‬ ‫الماوية عندما نستذكر باديتنا وفالحينا الصغار‪.‬‬ ‫النصوص كانت كثيرة‪ ،‬بل وَ ْفرَة مُرْ ِبكة يحار‬ ‫في خيرها العميم وله فيها بغية‪ .‬وكان بإمكان‬

‫المرء أن يتزود من أي مركز سوفياتي بالعشرات‬ ‫من المجلدات السميكة التجليد‪ ،‬وفي السفارة‬ ‫الصينية مكتب لتصريف أقوال الرئيس ماو‬ ‫تسي تونغ ومجلداته الحمراء الصالحة للجيوب‬ ‫الصغيرة في أي سروال أو قميص تشاء‪.‬‬ ‫كان الطلبة إذن‪ ،‬كما ال شك يذكر البعض‬ ‫منهم أو كثيرهم‪ ،‬ضد (اإلصالحية واالنتظارية)‬ ‫باسْمَيْها الكبيريْن وال تفاوت بينهما إال في‬ ‫الشعبوية التي داسها الحسن الثاني بجبروته‬ ‫واستبداده‪ :‬االتحاد الوطني للقوات الشعبية‪،‬‬ ‫وحزب التحر واالشتراكية‪ .‬ولقد عاش المغرب‪،‬‬ ‫في تلك الفترة‪ ،‬على إيقاع التحوالت المتدافعة‪،‬‬ ‫ضدا على نظام قد جعل من حالة االستثناء‬ ‫ع ْقدَة مرَضية أصاب بها كـل من قالـت له‬ ‫نفسه‪ ،‬سـرا أو جهــرا‪ُ ،‬قـمْ للعمل في سبيل‬ ‫الديموقراطية‪ .‬وما زال الحال على هذا المنوال‬ ‫حتى وقع االنقالب األول ونحن في (رستينكا)‬ ‫تماما على حافة البحر لم نكن ندري وقتها كيف‬

‫ِ‬

‫أمكن لطالب أهرمومو أن اقتادهم االنقالبيون‬ ‫إلى الجحيم الذي خرج منه الحسن الثاني بحكاية‬ ‫الوالء ولم يخرج منه النظام سالما… ألنه‬ ‫استن المسلسل الديموقراطي إلى حين كأن‬ ‫الناس كانوا في شوق إلى االستبداد المرقع‪.‬‬ ‫أما االنقالب الثاني فكان الطلبة على مشارف‬ ‫القصر يتنافسون على قيادة (االتحاد الوطني)‬ ‫ويموتون في التنظير للثورة القادمة دون أن‬ ‫يفطنوا إلى أن الجيش قد فعلها في السماء دون‬ ‫أن يأبه بالمناقشات الصاخبة التي كانت تفوح‬ ‫منها أبخرة اللفافات المحترقة‪ .‬ولم يفطنوا فيما‬ ‫بعد‪ ،‬وال أنا معهم‪ ،‬كيف انتقم الحسن الثاني من‬ ‫أمقران والكويرة (الشونيان معا) فاعدمهما في‬ ‫تلك الليلة التي غير المباركة وقصده أن يقول‪:‬‬ ‫ذبيحتكما في عيد األضحى طياران لم يشفع‬ ‫لهما لجوء سياسي وال عراقة ديموقراطية‪ ،‬ثم‬ ‫أرسلهما‪ ،‬بعد أن سلمهما اإلنجليز في اطمئنان‬ ‫وراحة ضمير‪ ،‬مذبوحين مسلوخين مقطوعين‬ ‫تماما كما تذبح وتسلخ وتقطع أضحية العيد‬ ‫ليدفنا في التربة المقدسة بعد أن خيمت غاللة‬ ‫في إثر غيمة رقيقة في تلك األثناء على الوادعة‪،‬‬ ‫مع الصائر الذي على العائلة المكلومة المفجوعة‬ ‫في شراء القبر والحفر والريحان والماء الذي‬ ‫سَيُرَش على التراب وإقامة سرادق العزاء في‬ ‫سر األسرار حتى ال تستفيق المدينة المقدسة‪،‬‬ ‫في غفلة من حراسها الجبليين‪ ،‬من سباتها‬ ‫التاريخي المُمِل‪ .‬إن (الكالم على الكالم صعب)‬ ‫حسب التوحيدي في (اإلمتاع والمؤانسة)‪ .‬لك أن‬ ‫تقول إذا شئت معي‪ :‬وما يدري الجهول بأن فيها‬ ‫غوامضَ حيرت عقل الفهيم‪.‬‬

‫مات البعض… حتى ال أقول متنا جميعا‬ ‫حين أماتنا النظام‪ ،‬ومن بقي منا‪ ،‬أو أبقاه‪ ،‬ذهبتْ‬ ‫مضجع‪ ،‬بل ثقلت عليه الحياة‬ ‫به السبل إلى‬ ‫ٍ‬ ‫باألثقال التي جاءت في سياق العمر فجعلته‬ ‫عبدا لوقت ال مال فيه إال بالفساد‪ ،‬وال أمل فيه‬ ‫إال بالمكر‪ ،‬وال كرامة فيه إال بالخيانة‪ .‬لو كان لي‬ ‫أن أجهر ِب َلعْنَة لقلت‪ :‬تْ ُفو‪ .‬أفٍ من هذا الزمن‬ ‫الذي أذل البعض الكريم وأكرم الجمع اللئيم‪.‬‬

‫(انتهى)‬

‫صدار العدد‬

‫إ‬

‫عن مؤسسة سليكي أخوين بطنجة صدر هذا الكتاب في ثالث وثالثين‬ ‫ومائتي صفحة ( ماي ‪ ،)2019‬وهو كما يقول عنه صاحبه ‪:‬‬ ‫‪« ‬خالصـة أثر مقروئي في مدونـات شعرية عامة بالفصيح والعامي‬ ‫وبلغات‪ ..‬كما أنـه وقفـات ذاتية على تجارب شعرية انطبعت في وعيي‬ ‫فدونت عنها ما دونت عفو الخاطر وترجمت ما ترجمت نزهة للناظر‪ »..‬في‬ ‫هذه المرافئ وقفات مع الكتابة الشعرية الحقيقية التي هي خالصة فكر‬ ‫وتجربة في حالة مطاوعة الذهن المتقد والقلب المنخطف ‪..‬وفيها وقفات‬ ‫مع ‪ :‬جدوى االحتفاء باليوم العالمي للشعر‪ ،‬وجماليات ألفة‪ ،‬ومكاشفات قول‪،‬‬ ‫واستعادة نص جار في ضفاف نفوس‪ ،‬وبالغة منازل‪ ،‬وظرفا زمان وكيان‪،‬‬ ‫وبساتين غيب‪ ،‬ونيازك عمر‪ ،‬وانتظارات اكسير‪ ،‬وتشوف إنارة‪ ،‬وبالبل أتراح‪،‬‬ ‫وعودة صديق‪ ،‬وشفافية موقف‪ ،‬وسوناتا خريف‪ ،‬وبالغة سماع‪ ..‬من المغرب‬ ‫وتونس ومصر وفلسطين والبحرين وإسبانيا وجنوب إفريقيا وإيران وأمريكا‬ ‫الالتينية‪..‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.