تاريخ تطور الأغراض الخطابية في المنبر الحسيني تقديم الدكتور الفضلي

Page 1

‫تاريخ تطور األغراض الخطابية‬ ‫في المنبر الحسيني عبر أدواره‬ ‫الثالثة‬ ‫حاضرة األحساء في المملكة العربية السعودية‪ :‬حالة دراسية‬ ‫(منذ واقعة الطف وحتى تاريخ ‪4141‬هـ)‬ ‫‪-4‬الدور التأسيسي‬ ‫‪-2‬الدور الروائـي‬ ‫‪-1‬الدور التفسيري‬ ‫ المدرسة التاريخية لمؤسسها الشيخ كاظم سبتي‪.‬‬‫ المدرسة العلمية لمؤسسها الشيخ الدكتور أحمد‬‫الوائلي‪.‬‬

‫تقديم‪ :‬سماحة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي‬ ‫تأليف‪ :‬الدكتور محمد بن جواد الخرس (أبوعلي)‬ ‫الطبعة الثانية‬ ‫‪4111‬ه‪2142 -‬م‬

‫‪1‬‬


‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫‪2‬‬


‫الفهرس‬ ‫تقديم سماحة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي ‪6.........................................................‬‬ ‫"شكر و اعتذار" ‪11............................................................................‬‬ ‫اإلطار العام للبحث ‪46.............................................................................‬‬ ‫مصطلحات البحث‪11......................................................................... :‬‬ ‫مقدمة‪21......................................................................................... :‬‬ ‫أهمية البحث‪23.................................................................................:‬‬ ‫هدف البحث‪23................................................................................. :‬‬ ‫فرضيات البحث‪22............................................................................ :‬‬ ‫منهج البحث‪21................................................................................. :‬‬ ‫الدراسات السابقة‪21........................................................................... :‬‬ ‫الحدود الزمنية والمكانية للبحث‪33......................................................... :‬‬ ‫تقسيمات البحث‪31.............................................................................:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬الدور األول الدور التأسيسي ‪12...............................................‬‬ ‫تمهيد‪32......................................................................................... :‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المجالس الحسينية في الدور التأسيسي واألغراض الخطابية فيه ‪33‬‬ ‫المطلب األول‪:‬انعقاد أول مجلس حسيني عند جسد الحسين عليه السالم من قبل‬ ‫عائلته‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيه‪32.............................................. .‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المجالس الحسينية المنعقدة في قصر عبيد هللا بن زياد ويزيد بن‬ ‫معاوية‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيها ‪31.............................................‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم في الشام‪ ،‬وأبرز‬ ‫األغراض الخطابية فيها ‪22................................................................‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬خطب اإلمام زين العابدين عليهم السالم و العلويات في شوارع‬ ‫المدينة‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيها‪21..............................................‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬األغراض التي تناولها اإلمام زين العابدين عليه السالم في‬ ‫خطبته بالمدينة‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيها‪24.................................. .‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الوسائل التي انعقد بها المجلس الحسيني في الدور التأسيسي ‪12....‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬آثار الدور التأسيسي على مسيرة المجالس الحسينية المعاصرة ‪11.‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬انتهاء الدور التأسيسي‪ ،‬وبداية الدور الروائي في مسيرة الخطابة‬ ‫الحسينية‪16.......................................................................................‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬المجالس الحسينية في األحساء خالل الدور التأسيسي ‪11.........‬‬

‫‪3‬‬


‫المطلب األول‪ :‬الخلفية الحضارية لحاضرة األحساء ‪11..............................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬سفيان بن مصعب العبدي كرائد مؤسس في مجال الخطابة‬ ‫الحسينية في مدرسة اإلمام جعفر الصادق عليه السالم ‪14............................‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الدور الثاني ‪/‬الدور الروائي ‪66..............................................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬منشأ تسمية الدور الروائي‪ ،‬والوسائل المستخدمة في دراسة‬ ‫مالمحه‪41........................................................................................‬‬ ‫المطلب األول ‪:‬كتاب "اللهوف في قتلى الطفوف" للعالمة بن طاووس رحمة هللا‪.‬‬ ‫‪63..............................................................................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬كتاب "روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي رحمه‬ ‫هللا ‪62...........................................................................................‬‬ ‫المطلب الثالث‪:‬كتاب "رياض المصائب " للعالمة التنكباني رحمه هللا ‪61........‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬كتاب "المنتخب في جمع المراثي والخطب"‪ ،‬المشهور‬ ‫بالفخري‪ ،‬للعالمة الشيخ الطريحي رحمة هللا‪66.......................................‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬كتاب "التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة"‬ ‫للعالمة الشيخ عبد المحسن اللويمي رحمة هللا‪133................................... .‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي واإلسهام‬ ‫الذي قدمته في هذا الدور‪134.................................................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي‪134... .‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬خطباء أحسائيون في الدور الروائي ‪112.............................‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الدور الثالث‪ /‬الدور التفسيري‪421...........................................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الكتب الحسينية المؤلفة حول الخطابة الحسينية خالل الدور‬ ‫التفسيري‪122....................................................................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخصائص المشتركة للكتب الحسينية في الدور التفسيري ‪122..‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬كتاب "مصائب المعصومين" للعالمة اليزدي رحمه هللا‪121.....‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬كتاب "إكسير العبادات في أسرار الشهادات" للعالمة الدربندي‬ ‫رحمه هللا‪124.................................................................................‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب" للعالمة الشيخ‬ ‫محمد أبي خمسين رحمه هللا‪131..........................................................‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الممارسة الفعلية للخطباء خالل الدور التفسيري‪121............... .‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المدرسة التاريخية‪122................................................. .‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة العلمية‪111.................................................... .‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المآتم الحسينية في األحساء خالل الدور التفسيري‪111............. .‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الشيخ عبد هللا بن علي الوايل (تويف ‪0011‬هـ)‪114....................... .‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المال علي الرمضان ( ولد ‪ -1211‬توفي ‪1323‬هـ ) ‪111.........‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الشيخ حسن بن عيثان (توفي سنة ‪1321‬هـ)‪113................. .‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬الشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب (ولد ‪1213‬هـ ‪ -‬توفي ‪1324‬هـ‬ ‫)‪111...........................................................................................‬‬

‫‪2‬‬


‫المطلب الخامس‪ :‬الشيخ أحمد بن محمد البغلي (توفي سنة ‪1311‬هـ) ‪111........‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬مال أحمد بن رمل ( ولد ‪- 1331‬توفي ‪1316‬هـ )‪116...... .‬‬ ‫المطلب السابع‪ :‬المال داوود الكعبي ( ولد ‪1312‬هـ ‪ -‬وتوفي ‪1362‬هـ )‪143.....‬‬ ‫المطلب الثامن‪ :‬السيد شرف عبد هللا الموسوي (ولد سنة ‪1313‬هـ)‪143...........‬‬ ‫المطلب التاسع‪ :‬الخطيب الشيخ عبد الحميد الهالل (ولد ‪1321‬هـ )‪142...........‬‬ ‫المطلب العاشر‪ :‬الشيخ كاظم الصحاف ( ولد ‪1313‬هـ‪ ،‬وفاته ‪1362‬هـ )‪141.. .‬‬ ‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الشيخ حسن الجزيري (ولد ‪ -1322‬توفي سنة ‪.)1233‬‬ ‫‪146............................................................................................‬‬ ‫المطلب الثاني عشر‪ :‬الشيخ كاظم المطر (ولد عام ‪1312‬هـ‪ ،‬وتوفي ‪1363‬هـ)‪.‬‬ ‫‪161............................................................................................‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬أصداء المدرسة العلمية في األحساء‪232.............................. .‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬محاوالت تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء‪232...... .‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬نجاح تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء‪231........... .‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬الخطابة الحسينية في األحساء في الوقت الراهن‪212...................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬بحث ميداني حول بعض مالمح الخطابة الحسينية في األحساء في‬ ‫الوقت الراهن‪236............................................................................. .‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الهدف من البحث‪213....................................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية البحث‪213........................................................ .‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬منهج البحث‪213........................................................ .‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مجتمع الدارسة‪213......................................................‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬صعوبة جمع البيانات‪212............................................‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬تحديد عينة البحث العشوائي‪211....................................‬‬ ‫المطلب السابع‪ :‬استمارة االستبيان الموجهة إلى عينة البحث العشوائي‪211..... .‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تراجم لخطباء أحسائيين معاصرين‪211............................... .‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الشيخ علي الدهنين‪211..................................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الشيخ حبيب الهديبي‪216................................................‬‬ ‫الخاتمة‪212..................................................................................... :‬‬ ‫مصادر البحث‪211............................................................................ :‬‬

‫‪1‬‬


‫تقديم‬ ‫سماحة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي‬ ‫لكي نتعرف مركز الخطابة الحسينية عند المسلمين ودورها في نشر‬ ‫الفكر االسالمي البد لنا من ان نمهد لذلك باإللمام إلى مركز الشيعة‬ ‫في األمة األسالمية ودورهم في الفكر االسالمي‪ ،‬ذلك أن الخطابة‬ ‫الحسينية تمثل جانبا مهما من الحضارة الشيعية‪ ،‬تلك الحضارة‬ ‫العريقة التي تمثل – هي األخرى ‪ -‬أحد خطى حركة الفكر‬ ‫اإلسالمي والحركة التي تشأت في أحضان البيئة األسالمية االولى‪،‬‬ ‫وباشراف الرسول القائد نبينا محمد (ص)‪ ،‬ذلك انها ولدت مع‬ ‫اعتناق االمام علي (ع) لألسالم‪ ،‬وانطلقت بانطالقته يوم تحرك‬ ‫يعضد النبي (ص) ويحمل الدعوة بلسانه خطابة وتعليما‪ ،‬وبقلمة‬ ‫كتابة وتأليفا‪ ،‬وبسيفه يدك حصون الشرك ويهد قالع الوثينة‪.‬‬ ‫وكلما امتد الزمان يستقبل دعوة االسالم‪ ،‬وامتد المكان يحتضن‬ ‫انتشار الدعوة‪ ،‬توسعت مجاال ونماء وعطاء ‪.‬‬ ‫وقد كان من أهم وسائل اإلعالم والدعاية للدعوة آنذاك وسيلتا‬ ‫الخطابة والشعر ‪.‬‬ ‫وكان للدعوة اإلسالمية أثر بليغ في رفع مستوى الخطابة العربية‬ ‫متأثرة بـالقرآن الكريم وباإليمان الحافز للمسلمين عل حمل اإلسالم‬ ‫ودعوة الناس إليه فكانت من أهم الوسائل لذلك‪.‬‬ ‫وأهم ماكان يميز الخطابة في عصر الرسالة وصدر اإلسالم‬ ‫"عذوبة ألفاظها ومتانة أسلوبها‪ ،‬وقوة تأثيرها‪ ،‬واقتباسها من القرآن‪،‬‬

‫‪1‬‬


‫وانتهاجها منهجه في اإلرشاد واإلقناع‪ ،‬وإبداؤها بحمد هللا والصالة‬ ‫‪1‬‬ ‫على رسوله "‬ ‫وأشهر من أشتهر من خطباء هذا العصر ‪ :‬النبي محمد (ص)‬ ‫واإلمام علي (ع) ‪.‬‬ ‫قال الجاحظ يصف خطابة النبي‪" :‬كان كالمه الكالم الذي قل عدد‬ ‫حروفه‪ ،‬وكثر عدد معانية‪ ،‬وجل عن الصنعة‪ ،‬ونزه عن التكلف‪،‬‬ ‫استعمل المبسوط في موضع البسط‪ ،‬والمقصور في موضع القصر‪،‬‬ ‫وهجر الغريب الوحشي‪ ،‬ورغب عن الهجين السوقي‪ ،‬فلم ينطق اال‬ ‫عن ميراث الحكمة‪ ،‬ولم يتكلم اال بكالم قد حف بالعصمة‪ ،‬وشد‬ ‫بالتأييد‪ ،‬ويسر بالتوفيق‪ ،‬ثم لم يسمع الناس بكالم قط اعم نفعا‪ ،‬ال‬ ‫أصدق وال اسهل مخرجا‪ ،‬وال افصح من معناه‪ ،‬وال ابين من فحواه‪،‬‬ ‫من كالمه _(ص)_" ‪.2‬‬ ‫وقال الزيات يصف خطابة االمام علي ‪ ":‬والنعلم بعد رسول هللا‬ ‫(ص) فيمن سلف وخلف أفصح من علي في المنطق‪ ،‬والأبل ريقا َ‬ ‫في الخطابة‪ ،‬كان حكيماَ تتفجر الحكمة من بيانه‪ ،‬وخطيبا ً تتدفق‬ ‫البالغة على لسانه‪ ،‬وواعظا ً ملء السمع والقلب‪ ،‬ومترسالً بعيد‬ ‫غور الحجة‪ ،‬ومتكلما ً يضع لسنه حيث يشاء‪ ،‬وهو باإلجماع أخطب‬ ‫المسلمين‪ ،‬وأيام المنشئين‪ ،‬وخطبه في الحث على الجهاد‪ ،‬ورسائله‬ ‫إلى معاوية‪ ،‬ووصفه الطاووس والخفاش والدنيا‪ ،‬وعهده لألشتر‬ ‫النخعي – أن صح ذلك –‪ 3‬تعد من معجزات اللسان العربي وبدائع‬

‫‪ -1‬تارخيه االدب العريب ألمحد حسن الزيات ط ‪ 21‬ص ‪.111‬‬ ‫‪- 2‬م ‪ .‬س ‪. 143‬‬ ‫‪ -3‬ملعرفة ثبوت صحة صدور العهد املشار اليه من اإلمام أمري املؤمنني لي ( ع ) وتوثيقه سنداً ومتناً يرجع إىل كتاب مصادر هنج البالغة‬ ‫ليشيخ لبد اهلل نعمة رقم ‪ ، 13‬ص ‪ ، 221‬ط ‪ 1362‬هـ ‪.‬‬ ‫كتاب مصادر هنج البالغة و اسانيده ليسيد لبد الزهراء احلسيين ‪ 2‬ظ ‪ 361‬رقم ‪ 13‬ط ‪2‬‬

‫‪1‬‬


‫العقل البشري‪ ،‬ومانظن من ذلك قد تهيأ له اال لشدة خالطه للرسول‪،‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ومرانته منذ الحداثة على الخطابة له والخطابة في سبيله "‬ ‫وقد جمع الشريف الرضي المتوفي سنه ‪ 232‬هـ خطبه ورسائله‬ ‫وحكمة في كتاب أطلق عليه (نهج البالغة) فكان _ بحق _ اسما‬ ‫على مسمى ‪.‬‬ ‫سئل عبد الحميد الكتاب ‪ :‬من أين تعلمت البالغة ؟ فأجاب ‪ :‬من‬ ‫خطب األصلع‪ ،‬يعني عليا ً (ع) ‪.‬‬ ‫ومن بعد علي (ع) أستمرت الخطابة في دعوة أهل البيت (ع)‬ ‫وسيلة مهمة من وسائل االحتجا واالقناع‪ ،‬وفي خطب السيدة زينب‬ ‫بنت علي بعد وقعة كربالء نموذ حي لهذا ‪.‬‬ ‫وفي مجال الشعر تقرأ في أريج الدعوة العلوية هاشميات الكميت بن‬ ‫زيد االسدي‪ ،‬وقصائد العبديين‪ ،‬وقالئد السيد الحميري‪ ،‬وتأئية دعبل‬ ‫بن علي الخزاعي‪ ،‬وروائع الشريفين المرتضى والرضي‪ ،‬وكثيراً‬ ‫غيرها ‪.‬‬ ‫وحتى نصل القرن الرابع عشر الهجري يتنامى شعر الدعوة عند‬ ‫إتباع أهل البيت ويتكاثر من حيث الكم‪ ،‬ويتوسع في انتشاره من‬ ‫حيث الرقعة الجغرافية‪ ،‬فيعم جميع حواضر الشيعة في سواحل‬ ‫الخليج األخضر‪ ،‬فألى جانب السيد حيدر الحلي‪ ،‬والسيد جعفر‬ ‫الحلي‪ ،‬والسيد إبراهيم بحر العلوم‪ ،‬والشيخ صالح الكزاز‪ ،‬والشيخ‬ ‫صالح التميمي‪ ،‬والشيخ كاظم األزري‪ ،‬واضرابهم من شعراء‬ ‫النجف‪ ،‬والحلة‪ ،‬وبغداد‪ ،‬كان هنا في سواحل الخليج أمثال ‪ :‬الشيخ‬ ‫أحمد بن مهدي أبو السعود القطيفي‪ ،‬والشيخ محمد الزهيري‬ ‫السيهاتي‪ ،‬والحا عبدهللا العبيدي التاروتي‪ ،‬والسيد ناصر آل السيد‬ ‫عبد الصمد البحراني‪ ،‬و السيد عدنان الغريفي‪ ،‬والشيخ عبد هللا‬ ‫‪ 4‬تاريخ األدب العريب ‪141‬‬

‫‪4‬‬


‫الذهبة البحراني‪ ،‬والمال علي بن رمضان األحسائي‪ ،‬والشيخ عبدهللا‬ ‫بن علي األحسائي والشيخ أحمد بن علي الصحاف‪ ،‬وآخرين كثيرين‬ ‫‪.‬‬ ‫وفي النجف االشرف‪ ،‬وبعد عودة المرجعية اليها إثر وفاة المجدد‬ ‫الشيرازي سنة ‪1312‬هـ تحركت الحوزة العلمية في اكثر من خط‬ ‫تجدد وتبدع ‪.‬‬ ‫ففي الخط السياسي كانت الدعوة الى الحكم الدستوري‪ ،‬المعروفة بـ‬ ‫(المشروطة) بقيادة المرجع الديني الشيخ محمد كاظم الخراساني ‪.‬‬ ‫وفي الخط العلمي الحوزوي نتج أهم كتابين في الفقه وأصوله‪،‬‬ ‫طورا فيها‪ ،‬فجددا وأضافاً‪ ،‬وهما ‪:‬‬ ‫ كتاب ( العروة الوثقى ) للسيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي‪،‬‬‫الذي احتوى من الفروع الفقهية الشيء الكثير بما يعد اضافة مهمة‬ ‫على ماتقدمه من متون فقهية ورسائل عملية ‪.‬‬ ‫ كتاب (كفاية األصول) للشيخ محمد كاظم الخراساني‪ ،‬الذي يعد –‬‫وبحق – نقلة موفقة في تطوير اصول الفقه االمامي ‪.‬‬ ‫وفي خط الشعر كان السيد جعفر الحلي آل الشبيبي الشيخ جواد‬ ‫وابناه الشيخ محمد رضا والشيخ باقر‪ ،‬والشيخ علي الشرقي‪ ،‬والذين‬ ‫مثلوا ريادة النهضه االدبية في النجف االشرف خاصة‪ ،‬وفي‬ ‫العراق عامة ‪.‬‬ ‫وفي خط إحياء التراث والدراسات اللغوية كان الشيخ محمد رضا‬ ‫الشبيبي عضو المجامع اللغوية والعلمية العربية‪ ،‬والدكتور عبد‬ ‫الرزاق محي الدين‪ ،‬والدكتور مهدي المخزومي مجدد النحو العربي‬ ‫في هذا القرن وغيرهم‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫وفي خط الفهارس التراجم كان الشيخ علي آل كاشف الغطاء‬ ‫صاحب (الحصون المنيعة في طبقات الشيعة)‪ ،‬والسيد محسن‬ ‫األمين العاملي مؤلف الموسوعة الكبيرة ( أعيان الشيعة‪ ،‬والشيخ‬ ‫عبد هللا المامقاني مؤلف الموسوعة الرجالية (تنقيح المقال في أحوال‬ ‫الرجال) وشيخ المفهرسين والمجيزين الشيخ آغا بزرك الطهراني‬ ‫مؤلف الموسوعتين الشهيرتين (الذريعة إلى تصانيف الشيعة)‬ ‫و(طبقات اعالم الشيعة)‪.‬‬ ‫وفي خط الفقه كان الشيخ آغا رضا الهمدني مؤلف موسوعة‬ ‫(مصباح الفقهيه) والسيد محسن الحكيم مؤلف الموسوعه المعروفه‬ ‫(مستمسك العروة الوثقى)‪.‬‬ ‫وفي خط العقيدة كان الشيخ محمد حسن المظفر مؤلف موسوعته‬ ‫(دالئل الصدق)‪ ،‬والشيخ عبد الحسين االميني مؤلف الموسوعة‬ ‫الذائعة الشهرة (الغدير في الكتاب والسنة واألدب) ‪.‬‬ ‫وفي خط العلوم الطبيعية كان الشيخ كاظم الملكي مؤلف (المعجم‬ ‫الزيولجي) ‪.‬‬ ‫وكانت هذه المعطيات وأضعافها مما سبقها مما شارك فيه الشيعة‬ ‫بخدمة اإلسالم وقضاياه في العقيدة والتشريع والفكر عامة ‪.‬‬ ‫وقد يعد باالضافة الى نسبتهم العددية لعموم المسلمين اكثر بكثير‬ ‫ماهو متوقع منهم ويرجع هذا الستمرار باب اإلجتهاد مفتوحا ً‬ ‫عندهم‪ ،‬ولتبينهم العقل منطلقا ً آخر من منطلقات التفكير‪ ،‬واليمانهم‬ ‫بضرورة تغطية كل متطلبات التطور‪ ،‬وبحرية كاملة تتمحور حول‬ ‫اصالة االسالم في خط التجديد المفيد‪.‬‬ ‫في هذه الحقبة الزمنية الخصبة وفي بيئتها المكانية المعطاء‪ ،‬وفي‬ ‫هذا الجو العلمي المليء بالنشاط الثقافي‪ ،‬و المفعم بالعمل و‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬نبغ في هذا الخطابة الحسينية المشايخ آل السبتي‪ ،‬وعلى‬ ‫‪13‬‬


‫رأسهم كبير األسرة الخطيب كاظم السبتي المتوفي سنة ‪ 1322‬هـ‪،‬‬ ‫الذي طور في فن الخطابة الحسينية من طريقها المألوفة قبله‪ ،‬و‬ ‫التي تمثلت في تالوة تاريخ سيرة اإلمام الحسين ( ع ) من الكتب‬ ‫المعدة لذلك‪ ،‬أمثال ‪:‬‬ ‫‪ ‬كتاب المنتخب من المراثي والخطب‪ ،‬المعروف بالفخري‪،‬‬ ‫للشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى سنة ‪ 1341‬هـ‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ ‬كتاب المجالس في أيام عاشوراء‪ ،‬للشيخ محمد حسن آل‬ ‫ياسين الكاظمي المتوفى سنة ‪ 1334‬هـ‬ ‫‪ ‬كتاب مثير األحزان‪ ،‬للشيخ شريف الجواهري المتوفى‬ ‫سنة ‪ 1312‬هـ إلى طريقته المبتكرة‪ ،‬و التي تتمثل بقراءة‬ ‫قصيد من الرثاء الحسيني قريضا ثم شعبياً‪ ،‬فقراءة مجلس‬ ‫قد يكون موحداً الموضوع وقد يكون منوع الموضوعات‬ ‫عن ظهر قلب‪ ،‬أي خار الكتاب‪ ،‬ثم التخلص إلى ذكرى‬ ‫واقعة كربالء‪ ،‬فالختام بالنعي ‪.‬‬ ‫وقد ساعد هذا التنوير السبتي أن يتحول واقع عطاء المنبر‬ ‫الحسيني من تالوة إلى محاضرة تعد اعداداً علمياً‪ ،‬ويعد لها‬ ‫االسلوب األمثل في االلقاء و االعطاء ليحقق المنبر هدفه في‬ ‫مجالي التربية و التعليم ‪.‬‬ ‫وقد يكون أهم أثر لمسناه من هذا هو تجذير روح االنتماء إلى‬ ‫المذهب عند الشيعة‪ ،‬ووقوف عاطفة الحب عندهم سيا مناعة‬ ‫قويا يحصن الفكر و الوالء ‪.‬‬ ‫وال رتباط الحواضر الشيعية في سواحل‪ ،‬ومنها حاضرة األحساء‬ ‫بالنجف األشرف مذهبيا ً وفكريا ً تأثر شكل ومضمون الخطابة‬ ‫الحسينية فيها بما تطور اليه في النجف األشرف‪ ،‬وبرز على‬ ‫ساحتها العشرات من الخطباء الحسينين‪ ،‬واشتهر كثيرون منهم‪،‬‬ ‫فتنقلوا في مختلف مدن الساحل من البصرة إلى مسقط‪ ،‬يرقون‬ ‫المنبر الحسيني ويقومون بدور نشر فكر أهل البيت ( ع ) و‬ ‫‪11‬‬


‫التذكير بمأساة الطف‪ ،‬ولتبرز اساتذة منهم في فن الخطابة‬ ‫الحسينية ساهموا في التطوير و التجديد‪ ،‬و بخاصة في جانب‬ ‫الشكل‪ ،‬وتمثل هذا في نظم الشعر الشعبي الذي عرف في‬ ‫أوساطهم بالفايزي نسبة لمبتكره المال علي الفايز األحسائي‪،‬‬ ‫وكذلك بادخال فن التخميس في القريض وبتلحينه الخاص‬ ‫بخطباء الخليج‪ ،‬ومنهم انتشر في الربوع الشيعية االخرى ‪.‬‬ ‫وألن األحساء – وكما يؤكد تاريخها – من أهم الحواضر العلمية‬ ‫و البيئات األدبية في هذا الساحل الغني بما وهبه اله تعالى من‬ ‫طبيعة ولوجود الواحات الزراعية الخضراء المنتشرة على طول‬ ‫الساحل‪ ،‬وحيث النفط المتدفق من باطنها يغذي شرايين الجسم‬ ‫االقتصادي العالمي انفتحت في أكثرمن مجال تساير التطور‬ ‫المسرع في تغيراته ‪.‬‬ ‫وكان من هذا ان تحركت تواكب حركة التأليف في العالم‬ ‫االسالمي‪ ،‬وبخاصة فيما يرتبط بالعقيدة و التاريخ من قضايا‬ ‫وشؤون‪ ،‬فتوسلت بالوسائل االعالمية و التربوية الحديثة‪ ،‬فأقامت‬ ‫(مهرجان الغدير) لعام ‪ 1213‬هـ‪ ،‬وأعلنت قبله عن المسابقة في‬ ‫التأليف بما أشرت اليه‪ ،‬ورصدت لذلك الجوائز الثمينة ‪.‬‬ ‫وكانت االستجابة لذلك فوق المتوقع من الطليعة االحسائية‬ ‫المؤمنة بقضيتها‪ ،‬المتمسكة بانتمائيها‪ ،‬و المتطلعة لمستقبل أفضل‬ ‫وعيا ً وثقافة‪ ،‬وكان من بين الذين شاركوا في هذه المسابقة‬ ‫الكريمة المؤلف الفاضل االستاذ محمد الخرس‪ ،‬وبوحي من‬ ‫انتمائه لتربة هذه البلدة الطيبة اختار ان يكتب في جانب مهم من‬ ‫تاريخها المسهم في خدمة قضايا الفكر و العقيدة‪ ،‬وهو جانب‬ ‫الخطابة الحسينية ‪.‬‬ ‫و القارئ المعايش و المعاصر للنهضة التطويرية لهذا الفن‬ ‫المثمر‪ ،‬يلمس وبوضوح أهمية دور خطباء المنبر الحسيني‬ ‫‪12‬‬


‫االحسائيين في الدعوة لفكر أهل البيت‪ ،‬و التطوير المساير لما‬ ‫يستجد على الساحة الخطابية في العالم اإلسالمي‪،‬وقد وفق في‬ ‫اختياره‪ ،‬ووفق في تأليفه منهجا ً ومادة وتحقيقا ً للغاية النبيلة التي‬ ‫هدف اليها‪.‬‬ ‫وتقديراً لهذا وللجهد المثمر الذي بذله بصبر ومثابرة الخرا‬ ‫كتابه القيم هذا استحق من لجنة التحكيم أن توصي بمنحة الجائزة‬ ‫األولى‪ ،‬وإذ أبارك له هذا الفوز أتوسم فيه وفي اخوته األفاضل‬ ‫الذين شاركوا في هذه المسابقة الخيرة على أيديهم أن تتحقق على‬ ‫أيديهم وأيدي لداتهم من الجيل المثقف عودة الحركة الثقافية في‬ ‫هذه الحاضرة الكريمة إلى زحفها في النماء و العطاء‪ ،‬وهللا تعالى‬ ‫ولي لتوفيق‪ ،‬وهو الغاية ‪.‬‬ ‫عبد الهادي الفضلي‬ ‫دارة الغريين – الدمام‬ ‫في ‪ 4141 / 6 / 22‬هـ‬

‫‪13‬‬


‫أقوال مأثورة في حق المنبر الحسيني‬ ‫ورد لــن أيب لبــد اهلل الصــاد ليي ـه الســالم يف ح ـواره مــع أحــد ــيعته‪ ،‬أنــه‬ ‫قال‪:‬‬ ‫"جتيس ــوت وتتح ــدثوت قيـ ـ ‪ :‬جعيـ ـ ف ــدا نع ــم‪ ،‬ق ــال‪ :‬إت تي ــجمل اس ــال‬ ‫أحبهــا‪ ،‬فــأحيوا أمرنــا إت مــن ركرنــا‪ ،‬أو ركرنــا لنــده‪ ،‬ف ــر مــن لينــه م ـ‬ ‫جناح الذباب‪ ،‬غفر اهلل له رنوبه‪ ،‬ولو كان أك ر من زبد البحر‪.‬‬ ‫أيب جعفر حممد بن لي بن احلسني الصدو ‪ ،‬ثواب األلمال ولقاب‬ ‫األلمال‪(،‬مكات الطبع‪( :‬بدوت)‪ ،‬تاريخ الطبع‪( :‬بدوت))‪ ،‬ص‪.223‬‬

‫قال أحد مراجع األمة اإلسالمية قدس اهلل نفسه الزكية‪-:‬‬ ‫" إت البكاء ليى سيد الشهداء لييه السالم‪ ،‬وإقامة اسال‬ ‫اليت حفظ اإلسالم منذ أربعة لشر قرناً"‪.‬‬

‫احلسينية‪ ،‬ه‬

‫‪12‬‬


‫"شكر و اعتذار"‬ ‫أعتق رقبة هذه الدراسة بعض أفراد عائلة الباحث وأرحامهم بعد‬ ‫طول رق ألدرا مكتبه‪ ،‬فلهم الشكر والتقدير والجزاء األوفى من‬ ‫هللا على مبادرتهم‪ ،‬ولوال تلك لظلت الدراسة تحت آمال الباحث بأن‬ ‫يعطف عليها مرة في جولة أخرى ليطورها‪ ،‬مستوعبا ما استجد‬ ‫على ساحة الخطابة الحسينية العالمية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى لما‬ ‫استجد على الساحة األحسائية على أيدي خطبائها البارزين‪،‬‬ ‫فالدراسة تم تدوينها في عام ‪1213‬هـ‪ ،‬وتاريخ طباعتها عام‬ ‫‪1233‬هـ وعليه فإن الباحث يلتمس العذر من خطباء المنبر الحسيني‬ ‫المعاصرين داخل األحساء وخارجها‪ ،‬خاصة أولئك الذين يجدر‬ ‫بالدراسة أن تستوعب إنجازاتهم‪ ،‬وإبداعاتهم الخطابية الحسينية‪ ،‬أما‬ ‫ما سوف يالحظه القارئ الكريم من بعض المعلومات المضافة على‬ ‫الدراسة في بعض جوانبها فتلك تمت عند إعدادها للطباعة‪ ،‬أما‬ ‫جوهرها ومنهجيتها فلم يتم عليها إال تعديالت طفيفة‪ ،‬هذا وهللا ولي‬ ‫التوفيق‪.‬‬

‫الباحث‬

‫‪11‬‬


‫اإلطار العام للبحث‬ ‫مصطلحات البحث‪:‬‬ ‫فيما يلي إيضاح لمعاني بعض المصطلحات التي وردت في سياق‬ ‫البحث‪ ،‬ما لم يشتمل السياق التي وردت فيه معنى آخر‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫الح ِس َى" "ويراد بها السهل من األرض يستنقع‬ ‫األحساء لغة‪ :‬من " َ‬ ‫فيه الماء‪ ،‬ويراد بها أيضا الرمل المتراكم تحته صالبة‪ ،‬فإذا نزل‬ ‫المطر منع الرم ُل َح َّر الشمس أن يُنَ َّشفَهُ‪ ،‬ومنعتهُ الصالبةُ أن يغور‪،‬‬ ‫فإذا ُحفِ َر وجْ هُ الرمل عن ذلك الما ِء نب َع باردا عذبا ً‪ ،‬كما يحدث في‬

‫عمق الواحة األحسائية‬

‫موقع األحساء في المملكة العربية‬ ‫السعودية‬

‫إقليم األَحساء في شرق الجزيرة العربية" (املعجم الوسيط‪ :‬مادة‬ ‫(حسى))‪ ،‬أما اصطالحا فهي أبرز حواضر الجزيرة العربية‪ ،‬تقع ما‬

‫بين دائرتي عرض ‪ 21-11‬وخطي طول ‪ 11-24‬في الجزء‬ ‫الجنوبي من المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية‪ ،‬وتقدر‬ ‫مساحتها بـ ‪ 133‬ألف كيلو متر مربع‪ ،‬ممثلة بذلك نسبة ‪ %22‬من‬ ‫مساحة المملكة‪ ،‬وتشتمل على عدة مدن‪ :‬الهفوف‪ ،‬والمبرز‪ ،‬والجفر‪،‬‬ ‫والعمران‪ ،‬والعيون‪ ،‬ويتبع المدن الخمس ‪ 22‬قرية هذا مضافا إلى‬ ‫واحة زراعية شاسعة تعد األكبر على مستوى العالم حسب المقاييس‬ ‫العالمية في تعريف الواحات حيث يراد بها المنطقة الزراعية التي‬ ‫تحيط بها الصحاري من جميع الجهات‪ ،‬ومن أشهر منتجاتها التمر‪،‬‬ ‫والموالح‪ ،‬والعنب‪ ،‬والتين‪ ،‬والرمان‪ ،‬وجميع أنواع الخضروات‬ ‫المعروفة في البيئة العربية‪ ،‬مضافا إليها مساحة رملية شاسعة خالية‬ ‫تصل أطرافها إلى حدود دولة قطر‪ ،‬واإلمارات العربية المتحدة‪،‬‬ ‫وعمان‪ ،‬واليمن‪ ،‬تدعى بـ صحراء الربع الخالي‪ ،‬وتقدر مساحتها بـ‬ ‫‪ 123‬ألف كيلو متر مربع‪ ،‬و صحراء من الناحية الغربية تدعى بـ‬ ‫صحراء الدهناء تقدر مساحتها بـ ‪ 43‬ألف كم مربع‪ ( ،‬العيدات‪،‬‬ ‫‪11‬‬


‫العرفج‪ ،‬اخلرس‪ :‬األحساء يف مئوية التوحيد والبناء‪ ،‬ص ‪،)42-13‬‬

‫وتختزن في أراضيها أكبر مخزون نفطي على مستوى العالم‪ ،‬أما‬ ‫من حيث المستوى التعليمي فهي تضم العديد من الجامعات‪،‬‬ ‫والكليات‪ ،‬والنوادي األدبية العامة والخاصة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى‬ ‫حوزتين علميتين واحدة منها في مدينة المبرز تدعى بـ "الحوزة‬ ‫العلمية في األحساء"‪ ،‬وهي حوزة توفر لطالب العلم جميع الدروس‬ ‫التي يحتاجها في جميع مراحل درسه في مجال اللغة والمنطق‬ ‫والفلسفة‪ ،‬والفقه واألصول والحديث وعلم الرجال ليس فحسب في‬ ‫مراحله األولية بل وحتى الدروس المتقدمة التي تؤهل لمرحلة‬ ‫االختصاص واالجتهاد في مجال‬ ‫العلوم الشرعية‪ ،‬وأخرى في مدينة‬ ‫الهفوف تدعى بـ "حوزة آية هللا‬ ‫الشيخ محمد بن سلمان الهاجري"‪،‬‬ ‫وكل من الحوزتين تمثالن امتدادا‬ ‫عريقا لظاهرة الدرس الشرعي‬ ‫في حاضرة األحساء كمدينة‬ ‫عرفت بكثرة مدارسها‪ ،‬و‬ ‫حوزاتها‪ ،‬وأربطتها العلمية قبل أن‬ ‫تدخلها الدراسة النظامية فيها‬ ‫ممثلة في المدارس والجامعات‬ ‫الحديثة‪ ،‬فقد كانت ملتقى لطالب‬ ‫العلم في الجزيرة العربية‪ ،‬لمن‬ ‫أراد طلب العلم في مختلف العلوم‬ ‫على جمع آراء المذاهب اإلسالمية‪ :‬كالمذهب اإلمامي‪ ،‬والحنفي‪،‬‬ ‫والشافعي‪ ،‬والمالكي‪ ،‬والحنبلي‪ ،‬وهو ما يعكس من الناحية‬ ‫الديموغرافية احتضانها لكامل ألوان الطيف المذهبي الديني على‬ ‫أراضيها‪ ،‬األمر الذي جعلها تحظى بالعديد من العلماء والمفكرين‬ ‫واألدباء‪ ،‬هذا من حيث واقعها المعاصر‪ ،‬أما في ماضيها فقد‬ ‫عرفت على طول خط تاريخها بعدة أسماء فكانت تدعى بالبحرين‬ ‫‪14‬‬


‫تارة‪ ،‬وهجر تارة أخرى‪ ،‬كما شهدت على أراضيها حضارات عدة‬ ‫منها حضارة الفينيقين قبل ارتحالهم إلى سواحل البحر المتوسط‪،‬‬ ‫وكذا حضارة دلمون ‪ ،‬وفي صدر الدعوة اإلسالمية برز من رجالها‬ ‫من كان في عداد الصحابة األجالء أمثال صعصة بن صوحان العبد‬ ‫وأخوته الثالثة زيد وسيحان وعبدهللا وغيرهم من أفراد قبيلة بني‬ ‫عبد القيس ما أهلهم أن يكونوا سباقين في التفاعل مع أحداث‬ ‫الرسالة‪ ،‬ومن أبرز مظاهر ذلك التفاعل إقامتهم لثاني جمعة جمعت‬ ‫في اإلسالم في مسجدهم في جواثى‪ ،‬وبذا يفتخر الشاعر العبدي‬ ‫حيث يقول‪:‬‬ ‫والمسجد الثالث الشـرقي كان لنا‬ ‫أيام ال مــــــسجد للنـاس تعـرفه‬

‫والمنبران وفصل القول في الخطب‬ ‫إال بطيبة والمحـــجو ذي الحجب‬

‫وال غرابة في عراقة تكوينها االجتماعي أن تكون رائدة في إسهامها‬ ‫البشري على مستوى النخبة الطليعية في كل حين‪ ،‬فهي تعد من أقدم‬ ‫الحواضر التي استوطنها اإلنسان على وجه البسيطة ‪ -‬منذ العصر‬ ‫الحجري القديم واألوسط والحديث كما دلت عليها اآلثار والقطع‬ ‫الحجرية‪ ،‬وللمزيد من التعرف على تاريخها القديم يمكن الرجوع‬ ‫إلى متحف المركز التاريخي للملك عبدالعزيز بالرياض‪ -‬ولم ينفك‬ ‫عنها؛ لتميزها من حيث الموقع الجغرافي الهام على مستوى قارة‬ ‫آسيا‪ ،‬كحلقة وصل بين الجزيرة العربية والعديد من بلدان القارة ‪-‬‬ ‫فهي تقع في الجانب الشرقي منها‪ ،‬مطلة بذلك على الخليج العربي ‪-‬‬ ‫ولوفرة الثروات الطبيعية فيها‪ :‬من مياه‪ ،‬وأراضي زراعية خصبة‪.‬‬ ‫األغراض الخطابية‪ :‬األغراض جمع غرض‪ ،‬والغرض في اللغة‬ ‫هو الهدف الذي يُر َمي إليه‪ ،‬ويراد به أيضا الحاجة والقصد‪ :‬يقال‪:‬‬ ‫فهمت غرضك‪ ،‬أي قصدك (املعجم الوسيط‪ :‬مادة (غرض))‪ ، .‬أما من‬ ‫الناحية االصطالحية‪ ،‬فإن األغراض الخطابية في المأتم الحسيني‪،‬‬ ‫يراد بها األهداف والحاجات والمقاصد التي يراد الوصول إليها‬ ‫الخطيب الحسيني من خالل خطبته‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫الحسينية‪ :‬هي مكان اجتماع الناس بغرض إقامة المأتم على اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم‪ ،‬ويستفاد منها أيضا في إقامة كافة المناسبات‬ ‫الدينية واالجتماعية التي ترتبط بخدمة المجتمع‪.‬‬ ‫التطبير‪ :‬وهي الممارسات المتمثلة في ضرب الظهور واألكتاف‬ ‫بالسالسل أو ضرب الجباه بالسيوف‪ ،‬وذلك في أجواء مشبعة‬ ‫بالحزن عبر إنشاد أشعار الرثاء بصوت شجي مؤثر‪.‬‬ ‫الحوزوي‪ :‬ويقصد به كل فرد التحق بالدراسة الدينية‪ ،‬متدرجا في‬ ‫تعليمية بدراسة المقدمات والتي تشتمل على علوم اللغة العربية من‬ ‫نحو‪،‬وصرف‪ ،‬وبيان‪ ،‬ومقدمة في الفقه‪ ،‬والمنطق‪ ،‬تعقبها مرحلة‬ ‫متقدمة تسمى بالسطوح‪ ،‬ويدرس خاللها دروس متقدمة في الفقه‬ ‫وأصوله‪،‬ثم الدخول في مرحلة عليا وهو البحث الخار ‪.‬‬ ‫الشبيه أثناء المجلس الحسيني‪ :‬هو دور تمثيلي يقرب صورة‬ ‫المأساة التي جرت على أهل البيت عليهم السالم مثل‪ :‬إدخال طفل‬ ‫رضيع إلى المأتم‪ ،‬يأخذه الخطيب على يديه ممثال به عبدهللا الرضع‬ ‫الذي قتل على يدي والده اإلمام الحسين عليه السالم يوم عاشوراء‪،‬‬ ‫أو إدخال غالم يمثل دور القاسم بن اإلمام الحسن عليهما السالم‬ ‫عندما وقف أمام عمه اإلمام الحسين عليه السالم يوم العاشر من‬ ‫المحرم‪ ،‬وهو يردد األبيات التي ارتجز بها عند نزوله إلى الميدان‪.‬‬ ‫صاحب الفضيلة‪ :‬وهو كل طالب علم دخل مرحلة البحث الخار‬ ‫وتكون لديه مقدرة على تدريس كتب مرحلة السطوح‪.‬‬ ‫طالب العلم‪ :‬وهو كل من دخل سلك الدراسة الحوزوية‪ ،‬سواء كان‬ ‫في بداية دروس المقدمات وحتى مرحلة السطوح‪.‬‬ ‫المنبر الحسيني‪ :‬مصطلح يقصد منها في اإلستعمال العام العديد‬ ‫من الفعاليات التي تهدف إلى إحياء ذكرى استشهاد اإلمام الحسين‬ ‫‪23‬‬


‫عليه السالم‪ ،‬عبر الدراسات والبحوث‪ ،‬والمدونات الصحفية‪،‬‬ ‫والمهرجانات الشعرية‪ ،‬ولكن في هذا البحث سيرد كمرادف للمأتم‬ ‫الحسيني‪ ،‬أو المجلس الحسيني‪ ،‬أحد أهم وسائل التعبير عن النهضة‬ ‫الحسينية‪ ،‬حيث يراد من المأتم لغة‪ ،‬واصطالحا ما يلي‪:‬‬ ‫المأتم لغة‪ :‬الجماعة من الناس في حزن أو فرح‪ ،‬وغلب استعماله‬ ‫في األحزان‪( .‬املعجم الوسيط‪ :‬مادة (أمت))‪.‬‬ ‫المأتم اصطالحا‪ :‬فيراد بالمأتم الحسيني‪ :‬البكاء لقتل اإلمام الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬بإخرا الدمع بصوت وبدونه‪ ،‬والتعرض لما يسبب‬ ‫ذلك‪ ،‬وإظهار شعار الحزن‪ ،‬والتأسف والتألم لما صدر عليه‪ ،‬وتذكر‬ ‫مصابه‪ ،‬ونظم األشعار في رثائه‪ ،‬وتالوتها‪ ،‬واستماعها‪ ،‬وتهييج‬ ‫النفوس بها للحزن والبكاء‪ ،‬وتالوة واستماع خبر مقتله‪ ،‬وما جرى‬ ‫عليه‪ ،‬وذكر فضائله‪ ،‬ومناقبه‪ ،‬ووصف أخالقه الكريمة‪ ،‬وشمائله بما‬ ‫يشبه تأبين األموات‪ ،‬واالجتماع وعقد المجالس لذلك‪ ،‬وبذل المال‬ ‫والطعام في حبه‪ ،‬بمعنى إهداء ثواب ذلك إليه‪ ،‬وغير ذلك مما هو‬ ‫من هذا القبيل‪ ،‬بشرط عدم االشتمال على محرم نص الشرع على‬ ‫تحريمه‪ ،‬وعلمت حرمته في دين اإلسالم‪( .‬األمني‪ :‬إقناع الالئم ليى‬

‫إقامة املآمت‪ ،‬ص ‪.)2‬‬

‫المجتهد‪ :‬وهو كل من وصل مرتبة علمية يتمكن من خاللها استنباط‬ ‫الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي‪.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬ ‫منذ استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬وحتى تاريخنا المعاصر‪،‬‬ ‫يقيم شيعة أهل البيت عليهم السالم ‪ -‬وبالتحديد أفراد المذهب‬ ‫اإلمامي ‪ -‬مجالس العزاء إحياء لذكرى استشهاده ليس فقط في أيام‬ ‫عاشوراء من شهر محرم الحرام‪ ،‬بل طيلة أيام السنة‪ ،‬حتى لقد باتت‬ ‫‪21‬‬


‫مسألة التذكير بحدوث تلك الواقعة األليمة برنامجا يوميا لدى الكثير‬ ‫منهم‪ ،‬من خالل الحضور في الحسينيات أو إقامتها في منازلهم‪،‬‬ ‫ومزارعهم‪ ،‬بل يرى البعض أنه ال يهنأ له العيش حتى يقيم ذكرى‬ ‫الحسين عليه السالم‪ ،‬في أشد المناسبات سعادة على قلبه‪ ،‬كسكنى‬ ‫البيت الجديد‪ ،‬فهم يجعلون من ذكراه وتالوة مصيبته بشكل متواصل‬ ‫ومتكرر طريقا لالرتباط بمنهج الحسين عليه السالم‪ ،‬واستلهام‬ ‫األهداف التي نهض من أجلها والتي تتمثل في االلتزام بالدين‬ ‫الحنيف‪ ،‬وشعائره‪ ،‬حيث قالها الحسين عليه السالم صريحة‪" :‬إني لم‬ ‫أخر أشرا وال بطرا‪ ،‬وال ظالما وال مفسدا وإنما خرجت من أجل‬ ‫اإلصالح في أمة جدي رسول هللا‪ ،‬إني أريد أن آمر بالمعروف‬ ‫وأنهى عن المنكر"‪ ،‬وبالتالي فعقدهم المتكرر لمجالس تذكر فيها ما‬ ‫جرى عليه من مصائب‪ ،‬إنما بقصد الوفاء لتلك التضحيات الكبيرة‬ ‫التي قدمها ألمة جده رسول هللا‪.‬‬ ‫بينما في المقابل هناك من يرى بأن المنبر الحسيني خضع لقوى‬ ‫التفاعل الشعبي على طول تاريخه الطويل‪ ،‬بسبب جسامة الجريمة‬ ‫النكراء التي وقعت على سبط النبي األكرم و أصحابه وأهل بيته‬ ‫عليهم السالم‪ ،‬من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ما ألهل البيت عليه السالم‬ ‫من قدسية خاصة في قلوب المؤمنين‪ ،‬مما أدى بالمنبر أن يصطبغ‬ ‫بجانب عاطفي كبير‪ ،‬ال يتناسب مع أهداف النهضة الحسينية‪.‬‬ ‫األمر الذي يستدعي متابعة وفحص األدوار التاريخية التي مر بها‬ ‫المنبر الحسيني‪ ،‬ورصد معالم أغراضه الخطابية التي اتسم بها كل‬ ‫دور‪ ،‬وتحديد الثوابت الهيكلية في الخطاب المنبري الحسيني؟ وذلك‬ ‫من أجل رصد ظاهرة التطور فيه كيف بدأت؟ وكيف وصلت إلينا‬ ‫في تاريخنا المعاصر؟ وذلك بغرض حل إشكالية مدى تعرض‬ ‫المنبر لقوى التفاعل الشعبي‪ ،‬أم أنها على العكس من ذلك‪ ،‬لم يكن‬ ‫التفاعل الشعبي هذا إال امتثاال شرعيا لتعاليم دينية‪ ،‬وبذا يصنف‬ ‫تفاعلهم تحت عنوان إحياء الشعائر اإلسالمية‪ ،‬التي أمر هللا عز‬ ‫وجل بها‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫أهمية البحث‪:‬‬ ‫‪-0‬رفع درجة الوعي المتعلقة بشرعية المنبر الحسيني وتاريخه منذ‬ ‫مقتل اإلمام الحسين عليه السالم وحتى تاريخنا لمعاصر‪.‬‬ ‫‪-2‬التعرف على األغراض الخطابية للمنبر الحسيني خالل دراسة‬ ‫تاريخه‪.‬‬ ‫‪-4‬رفع درجة الوعي بتاريخ حاضرة األحساء في المملكة العربية‬ ‫السعودية في إقامتها للمآتم الحسنيية عبر التاريخ‪.‬‬ ‫‪-0‬إضافة إلى المكتبة اإلسالمية دراسة تعنى بتاريخ المنبر الحسيني‪.‬‬

‫هدف البحث‪:‬‬ ‫هذا البحث يعنى باالجابة على التساؤالت التالية‪:‬‬ ‫‪-0‬هل للمآتم الحسينية خلفية تاريخية‪ ،‬تمتد جذورها إلى تاريخ ما‬ ‫بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم؟ أم أنها حالة طارئة على‬ ‫أفراد المجتمع الشيعي؟‬ ‫‪-2‬ما هو موقف أئمة أهل البيت عليه السالم‪ ،‬من المآتم الحسينية‪،‬‬ ‫باعتبارهم أوصياء النبي األكرم عليهم الصالة و السالم‪ ،‬والخلفاء‬ ‫من بعده‪ ،‬و امتداده الطبيعي لحفظ مسار األمة‪ ،‬حيث لهم تجاه كل‬ ‫حادثة أو نازلة باألمة موقف شرعي؟‬ ‫‪-2‬هل أن المجلس الحسيني مر بأدوار إلى حين وصل إلى ما وصل‬ ‫إليه حتى تاريخ كتابة هذا البحث‪ ،‬أم أنه أخذ سمتا واحدا لم يتغير؟‬ ‫وإن كان فيه تغيرات هل هناك جوانب الزمت مساره حتى تاريخنا‬ ‫المعاصر لم تنفك عنه‪ ،‬و أخرى تغيرت بتغير الظروف‪ ،‬و تحول‬ ‫ثقافات الشعوب وممارساتها؟‬ ‫‪-0‬هل قامت الحوزة العلمية ‪ -‬ممثلة في علمائها وفقهائها ‪ -‬بدعم هذه‬ ‫المسيرة‪ ،‬أم أنها تركتها تحت قوة التفاعل الشعبي؟ وإن كانت لهم‬ ‫‪23‬‬


‫إسهامات في دعمها ورعايتها فما مظاهر ذلك الدعم؟ وهل فيها‬ ‫خطباء حسينيون؟ وإن كان هناك خطباء حوزويون فما مكانتهم‬ ‫الخطابية؟ وما نصيبهم في الحضور العلمي خار أسوار الحوزة‬ ‫العلمية كالتواجد في المناخات األكاديمية‪ ،‬والتتلمذ في أروقة‬ ‫الجامعات‪ ،‬بهدف العلم بالعلوم الحديثة‪ ،‬وتوظيف النافع منها في‬ ‫تنمية معارف المشاركين في تلك المجالس؟‬

‫فرضيات البحث‪:‬‬ ‫ما تم إثارته من أسئلة فيما سبق‪ ،‬جعلها الباحث نصب عينيه عند‬ ‫خوضه هذا الموضوع‪ ،‬واشتق منها فرضيات دراسته‪ ،‬وسيسعى‬ ‫الختبار صحتها من عدمها‪ ،‬وتلك الفرضيات كما يلي‪:‬‬ ‫‪-0‬للمنبر الحسيني جذور تاريخية تعود إلى ما بعد استشهاد اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم‪ ،‬مباشرة‪.‬‬ ‫‪-2‬أئمة أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬شاركوا في دور عقد تلك المجالس‪،‬‬ ‫بل ومارسوا دور الخطيب في بعض منها‪ ،‬وحثوا على ممارسة‬ ‫الخطابة الحسينية في زمانهم‪.‬‬ ‫‪-0‬التزمت المجالس الحسينية بجانب إشاعة الحزن‪ ،‬وإذكاء أور‬ ‫المصيبة في جميع المجالس الحسينية التي عقدت من قبل شيعة أهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪ ،‬بحيث يعتبر هذا الجانب ركيزة لم تتخل عنها‬ ‫مجالسهم العزائية المقامة تحت عنوان العزاء على روح سيد‬ ‫الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-0‬على فرض صحة فرضية وجود خلفية تاريخية للمجالس‬ ‫الحسينية تمت بشكل مباشر بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وعلى فرض صحة فرضية التزام المأتم الحسيني بالجانب‬ ‫العاطفي فيه‪ ،‬كذلك التزمت تلك المآتم بالجانب الموضوعي‬ ‫‪22‬‬


‫والمتمثل في عرض أهداف النهضة الحسينية‪ ،‬كعمل إصالحي في‬ ‫األمة‪.‬‬ ‫‪-4‬قامت الحوزة العلمية بتخريج عدد من الكفاءات التي شاركت في‬ ‫القيام بدور الخطيب الحسيني‪.‬‬ ‫‪-5‬ساهم علماء المذهب اإلمامي في دعم المآتم الحسينية بالكتب‬ ‫والتوجيهات‪ ،‬وذلك تأكيدا منهم على شرعيتها‪.‬‬ ‫ولعل أبرز ما سيتمخض عن البحث بعد اإلجابة على هذه‬ ‫التساؤالت‪ ،‬هو العلم بتاريخ تطور األغراض الخطابية التي تناولها‬ ‫المنبر الحسني‪.‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬ ‫وظف هذا البحث عدة مناهج بحثية أملتها عليه طبيعة البحث وتعدد‬ ‫محطاته التاريخية‪ ،‬غير أن المنهج الذي غلب عليه هو المنهج‬ ‫الوثائقي التاريخي‪ ،‬وذلك عند استطراد الباحث في تتبع تطور‬ ‫األغراض الخطابية التي اعتمدها الخطباء على طول خط تاريخ‬ ‫الخطابة الحسينية‪ ،‬كما عمد في كل محطة تاريخية من تاريخ تطور‬ ‫أغراض المنبر الحسيني إلى جعل األحساء حالة دراسية لواقع‬ ‫الخطابة الحسينية‪ ،‬هذا وقد عمد الباحث إلى إجراء دراسة ميدانية‬ ‫تطبيقية لتاريخها المعاصر‪ ،‬ومعتمدا في أدوات بحثه استبانة لجمع‬ ‫بياناته األولية منها‪ ،‬وذلك بأخذ عينة عشوائية طبقية عبر أسلوب‬ ‫إحصائي معتمد في الدراسات الميدانية‪ ،‬تمكن الباحث من خاللها أن‬ ‫يعمم نتائج بحثه على مجتمع الدراسة الذي استقى منه بياناته‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫ويرجح قرار أخذ هذه الحاضرة حالة دراسية لهذا البحث؛ لكونها‬ ‫من أشهر المناطق التي يقطنها الشيعة اإلمامية منذ فجر اإلسالم‪ ،‬إذ‬ ‫بلحاظ ما للحسين عليه السالم من مكانة كبيرة في قلوب المسلمين‬ ‫بشكل عام والشيعة بشكل خاص‪ ،‬فإنه من المقدر أن حاضرة‬ ‫األحساء قد اهتمت – كغيرها من المناطق اإلسالمية – بالقضية‬ ‫الحسينية‪ ،‬وأنها لم تكن على هامش األحداث بعد مقتل الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬بل عاشت غضبا عارما‪ ،‬لما نال سبط الرسول األكرم صلى‬ ‫هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬كما في المناطق الشيعية التي تلقت أنباء مقتله‬ ‫الشريف‪ ،‬فتفاعلت بقضيته كغيرها من المناطق‪ ،‬عبر أدوار تاريخية‬ ‫عدة‪ ،‬سيتم التعرض لها بإذن هللا في سياق البحث‪.‬‬ ‫لعل من المالئم في ظل هذه المنهجية أن يتناول البحث األدوار التي‬ ‫مرت بها األغراض الخطابية للمنبر الحسيني عبر التاريخ تناوال‬ ‫عاما دون تخصيص منطقة بعينها‪ ،‬بعد ذلك يتم الحديث عن أصداء‬ ‫تلك األدوار في حاضرة األحساء‪ ،‬ورصد جوانب تفاعلها مع‬ ‫معطيات الساعة آنذاك‪ ،‬وتعريف ببعض الخطباء الذين احتفظ لنا‬ ‫التاريخ ببعض أسمائهم السيما في القرون المتقدمة‪ ،‬كما يستهدف‬ ‫البحث رصد الكتب التي اهتمت بالمجالس الحسينية‪ ،‬باعتبارها‬ ‫وسيلة من وسائل عقد المجالس الحسينية في أحد األدوار‪،‬‬ ‫وإسهامات األحسائيين في مسيرة الخطابة الحسينية بشكل عام‪ ،‬وكذا‬ ‫دور بعض خطبائها في نقل ما استجد من أغراض خطابية حسينية‬ ‫برزت على طول خط تاريخها الطويل‪ ،‬في األمصار اإلسالمية‬ ‫المجاورة‪ ،‬وغيرها من المعلومات التي تم العثور عليها‪ ،‬ولها‬ ‫طرف من األهمية ما يجعلها تستحق الذكر‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫تكاد أن تكون الدراسات السابقة لهذا البحث معدومة‪ ،‬مما شكل ذلك‬ ‫قيداً كبيراً على الباحث في ظل تطلعه للقيام بعمل يتسم بالتوسع‪،‬‬ ‫واالستطراد في جنبات الدراسة‪ ،‬بحيث تمكن أجيال الحاضر‬ ‫‪21‬‬


‫التعرف على مراحل تطور األغراض الخطابية كما تم اإلشارة لذلك‬ ‫سلفا‪ ،‬ولعل هذه المشكلة ذاتها واجهها سماحة العالمة الشيخ محمد‬ ‫مهدي شمس الدين عند تأليفه كتاب " ثورة الحسين في الوجدان‬ ‫الشعبي " وقد صرح بذلك في قوله‪ ":‬ليس لدينا مراجع تعرض‬ ‫لمراحل تكون المآتم وتطوراته التي مر بها عبر التاريخ‪ ،‬ومضمونه‬ ‫الثابت والمتغير" (مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب‪،‬‬

‫ص‪ ،)052‬وعليه فإن الباحث يوافق العالمة "شمس الدين " فيما‬ ‫ذهب إليه بأن لكتابه المذكور شرف الريادة في هذا المجال‪ ،‬ففي‬ ‫حدود علم الباحث لم يُطرق البحث بهذا النحو من التوسع والتأصيل‬ ‫قبل الشيخ المذكور‪ .‬من جهة أخرى تعرض البحث لقيد آخر‪ ،‬وهو‬ ‫قيد مرتبط أيضا بالمصادر التاريخية السابقة‪ ،‬ولكن هذه المرة في‬ ‫ماضي حاضرة األحساء محل التطبيق كحالة دراسية‪ ،‬حيث المحزن‬ ‫المبكي لتاريخها‪ ،‬فهي تعاني من ضعف ذاكرة التاريخ عنها بشكل‬ ‫عام‪ ،‬وبشكل خاص في مجال البحث عن تاريخ الخطابة الحسينية‬ ‫فيها‪ ،‬على الرغم من أنها حاضرة عامرة بمفردات الحضارة‬ ‫اإلنسانية على طيلة مسيرة تاريخها العريق‪ ،‬كان آخرها الحضارة‬ ‫اإلسالمية التي دخلتها بعد انبثاق فجرها المشرق في مكة المكرمة‪.‬‬ ‫كم لحاضرة األحساء من تاريخ‬ ‫مجيد عرفت خالله بالتشيع‬ ‫المحض‪ ،‬والوالء الصادق آلل‬ ‫محمد عليهم السالم‪ ،‬تقلدت خاللها‬ ‫أوسمة الشرف‪ ،‬واالفتخار بشهادة‬ ‫علماء المذهب‪ ،‬وأساطينه‪ ،‬حيث‬ ‫لها الحضور الديني المتميز‪،‬‬ ‫والسيما في جانب العشق‪،‬‬ ‫والوالء آلل محمد صلى هللا عليه‬ ‫وآله وسلم‪ ،‬و َعبَّر أبناء الحاضرة‬ ‫على طول خط التاريخ الحسيني‬

‫الشيخ باقر بوخمسين ‪21‬‬


‫عن تلك المشاعر والرؤى بعدة فعاليات‪ ،‬ومن أبرزها اهتمامهم‬ ‫بمجلس عزاء سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫لقد أنجبت هذه الحاضرة فقهاء مجتهدين‪ ،‬و أصحاب فضيلة‪،‬‬ ‫وشعراء فحول‪ ،‬وخطباء مفوهين‪ ،‬قدموا الواجب المقدس في خدمة‬ ‫الشريعة الغراء‪ ،‬ولكن التاريخ جر عليهم مسحة نسيان‪ ،‬وتجاهل‬ ‫لدورهم‪ ،‬فكم يتألم الباحث عندما يريد أن يتعرف بشكل تفصيلي‬ ‫لتراث هذه الحاضرة المعطاءة على مر التاريخ‪ ،‬ولكن ال يجد إال‬ ‫شذرات متناثرة في بطون الكتب‪ ،‬ولعل المغفور له قاضي األوقاف‬ ‫والمواريث في األحساء أحد أبرز السباقين في االهتمام بتراث‬ ‫األحساء وأدبائها العالمة الشيخ محمد باقر بن آية هللا الشيخ موسى‬ ‫أبي خمسين رحمة هللا عليهما‪ ،‬كان محقا ً حينما عتب على التاريخ‪،‬‬ ‫والمؤرخين لهذا التجاهل حيث قال‪" :‬هل أن هذه الرقعة أساءت إلى‬ ‫التاريخ بشيء حتى نسيها‪ ،‬وجعلها في سلة المهمالت‪ ،‬أو أن الشمس‬ ‫أشرقت عليها من حيث أمرها هللا أن تشرق على هذا الكوكب‪ ،‬ولم‬ ‫يدر فيها كائن حي فيحق للمؤرخ أن يقول‪ :‬ما الذي أذكره‪ ،‬وليس‬ ‫فيها سوى الرمال‪ ،‬وسقي األعاصير‪ ،‬وهل أن هذه الرقعة أساءت‬ ‫إلى أعالم التراجم بإساءة ساكنيها معهم‪ ،‬أو أنهم لم يحملوا من‬ ‫المعارف‪ ،‬واآلداب كما حمله غيرهم‪ ،‬فلم يشاركوا في علم‪ ،‬ولم‬ ‫يساهموا في أدب‪ ،‬ولم يقرضوا شعراً‪ ،‬ولم تبرز قرائحهم‪ ،‬ولم‬ ‫تسجل أقالمهم ما أنتجه من شعر‪ ،‬ونثر فيقول الكاتب‪ :‬وما عسى أن‬ ‫أكتب عن أمة‪ ،‬صم‪ ،‬بكم‪ ،‬عمي" (املطر‪ :‬قالئد وفرائد‪ ،‬مقدمة الديوات‪،‬‬

‫ليعالمة الشيخ حممد باقر أيب مخسني ص‪)41‬‬

‫‪24‬‬


‫حسينية في األحساء يرجع تاريخها إلى عدة قرون هجرية سابقة‬ ‫إن الباحث يرى أنه ال سبيل إلى الخرو من هذه العزلة‪ ،‬والتجاهل‬ ‫إال بجهود أبنائها‪ ،‬وذلك بتدوين‪ ،‬ونشر ما بقي‪ ،‬وما أمكن العثور‬ ‫عليه‪ ،‬حتى ال يذوب ويتالشى‪ ،‬وتسحقه عربة التاريخ كما فعلت بما‬ ‫مضى‪ ،‬وهذه الدراسة تتطلع إلى سد إحدى فجوات تاريخ األحساء‬ ‫‪26‬‬


‫في مجال تاريخ تشيعها‪ ،‬ووالئها آلل محمد صلى هللا وسلم عليه‬ ‫وآله الطاهرين‪.‬‬ ‫إن من أبرز المؤشرات الدالة على عمق الوجود العلمي الشيعي في‬ ‫حاضرة األحساء ما أورده آية هللا الشيخ محمد بن أبي جمهور‬ ‫األحسائي في مقدمة كتابه غوالئ الآلليء حيث أفرد طريقا خاصا‬ ‫لعلماء األحساء ضمن سبعة طرق لروايته لألحاديث الواردة في‬ ‫كتابه المذكور‪ ،‬وممن ورد في طريق الرواية والده الشيخ علي عن‬ ‫قاضي قضاة اإلسالم ناصر الدين الشهير بابن نزار‪ ،‬عن أستاذه‬ ‫جمال الدين حسن الشهير بالمطوع الجرواني األحساوي‪ ،‬عن الشيخ‬ ‫أحمد بن فهد بن إدريس المقري األحساوي‪ ،‬عن ابن المتو‬ ‫البحراني عن ابن المطهر الحلي‪ ،‬وهذه السلسلة الروائية عاش‬ ‫أفرادها في القرن السابع والثامن الهجري‪ ،‬وإذا غاص المتتبع إلى‬ ‫ماهو أبعد من هذين القرنين‪ ،‬سيجد الشيخ أبو ناصر الغاري في‬ ‫القرن الخامس الهجري‪ ،‬ومن قبله الشيخ أبو صالح السليلي بحسب‬ ‫إفادة الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة إلى تصانيف‬ ‫الشيعة عند تحريره لبيانات كتابين للشيخ السليلي "السقيفة"‪ ،‬و‬ ‫"الفتن"‪.‬‬

‫الحدود الزمنية والمكانية للبحث‪:‬‬ ‫من حيث المكان سيتناول البحث واقع األغراض الخطابية للمنبر‬ ‫الحسيني في المجتمع الشيعي بشكل عام حيث ما كان‪ ،‬غير أنه‬ ‫سينال من التركيز بشكل أكبر على البلدان العربية ليسر التعامل في‬ ‫جوانب الرصد من الناحية اللغوية التي يتقنها الباحث‪ ،‬أما من حيث‬ ‫الجانب الزمني فسيكون منذ واقعة كربالء وحتى تاريخ عام‬ ‫‪1213‬هـ فقط‪ ،‬حيث يوافق تاريخ كتابة البحث‪ ،‬ولظروف خاصة‬ ‫تعود للباحث قد ال يكون من المالئم التعرض لها في هذه المرحلة‬ ‫من سيرته‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫تقسيمات البحث‪:‬‬ ‫يشتمل البحث على أربعة أبواب تناول الباحث في كل دور شطراً‬ ‫من مسيرة المنبر الحسيني عبر التاريخ مسلطا ً الضوء على أبرز‬ ‫فعالياته‪ ،‬وقد أطلق الباحث اسما على كل دور بما يتناسب مع أبرز‬ ‫الخصائص المميزة لكل واحد منها وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬ويشتمل على الدور التأسيسي‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬ويشتمل على الدور الروائي‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬ويشتمل على الدور التفسيري‪.‬‬ ‫و تم الحديث بشكل مفصّل عن مدرستين خطابيتين بارزتين‪ ،‬في هذا‬ ‫الدور‪ ،‬منذ بدايته‪ ،‬وحتى تاريخ إجراء هذا البحث‪ ،‬وقد أطلق‬ ‫الباحث أسماء لمدارس خطابية تتناسب مع األغراض الخطابية لتلك‬ ‫المدرستين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫‪-1‬المدرسة التاريخية‪ :‬وهي المدرسة التي تأسست على يد الشيخ‬ ‫كاظم سبتي‪ ،‬موضحا ً تاريخ نشأتها‪ ،‬و أبرز األغراض الخطابية‬ ‫فيها‪ ،‬والرواد األوائل فيها‪.‬‬ ‫‪-2‬المدرسة العلمية‪ :‬وهي المدرسة التي تأسست على يد الدكتور‬ ‫أحمد الوائلي‪ ،‬موضحا ً ظروف نشأتها‪ ،‬وأغراضها الخطابية‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬وقد تم تخصيصه لدراسة الواقع الخطابي في‬ ‫األحساء في الوقت الراهن‪ ،‬عبر بحث ميداني يتناول واقع الخطابة‬ ‫في األحساء‪ ،‬يقيس من خالله مقدار تناول الخطباء لمجموعة من‬ ‫األغراض الخطابية و تحديد أبرز الخطباء المتميزين في تناولها‪،‬‬ ‫وأيضا ً بعض الشعارات الحسينية المتعلقة بالمآتم‪ ،‬وتوقعات عن‬ ‫مستقبل الخطابة في األحساء‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫الفصل األول‪ :‬الدور األول الدور التأسيسي‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫أول من أسس لظاهرة المجالس الحسينية هم عائلة اإلمام الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬من خالل ممارستهم العملية لها في أرض كربالء‪،‬‬ ‫ومجلس ابن زياد في الكوفة وسككها‪ ،‬ومجلس يزيد بن معاوية في‬ ‫الشام‪ ،‬وكذا عند عودتهم إلى المدينة المنورة‪ ،‬كما أن أهل البيت بعد‬ ‫حادثة كربالء مارسوا عقد المجالس الحسينية وحثوا عليها‪ ،‬لذا‬ ‫يمكن القطع بأن تلك المجالس العفوية استطاعت أن تضع اللبنات‬ ‫األولى لمالمح المجالس الحسينية‪ ،‬و هذا الفصل سيسعى لرسم‬ ‫مالمح ذلك الدور من حيث معرفة األغراض الخطابية الواردة فيها‪،‬‬ ‫وهل كان الخطاب آنذاك مغرقا في الناحية العاطفية؟ أم أنه كان‬ ‫يتناول بعدا موضوعيا في النهضة الحسينية؟ وما هي وسائل انعقاد‬ ‫المجلس آنذاك؟ وهل لها أثر على مسيرة المجالس الحسينية‬ ‫المعاصرة؟ وكيف كان واقع المآتم الحسينية في حاضرة األحساء‬ ‫آنذاك باعتبارها حالة دراسية لهذا البحث؟ وكيف و َّدعت مسيرة‬ ‫الخطابة الحسينية الدور التأسيسي لتبدأ دورا جديدا في حياتها ممثال‬ ‫في الدور الروائي؟ وأخيرا واقع األحساء وحالتها في مرحلة الدور‬ ‫التأسيسي كيف كان؟ و هل كانت على هامش األحداث؟ وإن كان لها‬ ‫دور فما مدى إسهامها في هذا الدور؟ وسيتم اإلجابة على تلك‬ ‫التساؤالت‪ ،‬وغيرها من التساؤالت الهامة في هذا الفصل من خالل‬ ‫المباحث التالية‪:‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬المجالس الحسينية في الدور التأسيسي واألغراض‬ ‫الخطابية فيه‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الوسائل التي انعقد بها المجلس الحسيني في الدور‬ ‫التأسيسي‪.‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬آثار الدور التأسيسي على مسيرة المجالس الحسينية‬ ‫المعاصرة‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫المبحث الرابع‪ :‬انتهاء الدور التأسيسي‪ ،‬وبداية الدور الروائي في‬ ‫مسيرة الخطابة الحسينية‪.‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬المجالس الحسينية في األحساء خالل الدور‬ ‫التأسيسي‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬المجالس الحسينية في الدور‬ ‫التأسيسي واألغراض الخطابية فيه‬ ‫ويشتمل على المطالب التالية‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬انعقاد أول مجلس حسيني عند جسد الحسين عليه‬ ‫السالم من قبل عائلته‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيه‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المجالس الحسينية المنعقدة في قصر عبيدهللا بن‬ ‫زياد ويزيد بن معاوية‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيها‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم في الشام‪،‬‬ ‫وأبرز األغراض الخطابية فيها‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬خطب اإلمام زين العابدين عليه السالم والعلويات‬ ‫في شوارع المدينة‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيها‪.‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬األغراض التي تناولها اإلمام زين العابدين عليه‬ ‫السالم في خطبته بالمدينة‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيها‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫المطلب األول‪:‬انعقاد أول مجلس حسيني عند جسد‬ ‫الحسين عليه السالم من قبل عائلته‪ ،‬وأبرز األغراض‬ ‫الخطابية فيه‪.‬‬ ‫بدأ الدور األول للمآتم الحسينية بمجلس عائلي أقامته نساء الحسين‬ ‫عليه السالم بصحبة األطفال‪،‬‬ ‫واليتامى عند جسد الشهيد أبي‬ ‫عبد هللا الحسين عليه السالم‪ ،‬فهو‬ ‫بحق كان من أصدق المآتم‬ ‫الحسينية على اإلطالق‪ ،‬فأوار‬ ‫مالمح من العزاء الحسيني المصيبة وحدتها على قلوب‬ ‫األول لعائلة اإلمام الحسين العلويات كان عظيما ً‪ ،‬فقد أحاطت‬ ‫عليه السالم في يوم عاشوراء النساء بجسده الطاهر وهن في‬ ‫حالة ذعر وهلع‪ ،‬وكم كان وقع‬ ‫هذا المأتم عظيما ً‪ ،‬فلقد أبكى حتى األعداء لهول ما جرى عليهن من‬ ‫فقد الرجال واألحبة‪ ،‬وقد أذن هذا المأتم العفوي بقيام مآتم عائلية ال‬ ‫حصر لها‪ .‬حيث شهدت كربالء من حيث كثرتها ما يمكن القول بأنه‬ ‫لم يفتأ النساء واألطفال من البكاء‪ ،‬والنياحة إال لعارض قهري‪ ،‬وما‬ ‫يميز هذه المآتم من الناحية الشرعية أنها كانت تحت رعاية إمام‬ ‫زمانه اإلمام علي بن الحسين السجاد عليه السالم‪ ،‬فبمقدار ما كان‬ ‫يغلب عليها طابع الحزن‪ ،‬واأللم لفقد الرجال‪ ،‬واألبناء‪ ،‬واألحبة‪،‬‬ ‫وبقائهن في أيدي األعداء بال ولي‪ ،‬وال حمى‪ ،‬إال أنها لم تأخذ طابع‬ ‫التذمر والتحسر‪ ،‬وندب الحظ العاثر لوقوفهن بين األعداء بتلك‬ ‫الحالة‪ ،‬بل تجد لهن في مقابل هذا التألم والحزن‪ ،‬مواقف بطولة‬ ‫وجرأة لم يشهد لها مثيل‪.‬‬ ‫األغراض الخطابية في المجلس الحسيني األول لعائلة اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم‪:‬‬

‫‪32‬‬


‫لقد كان للنساء الثكلى واألرامل مواقف عظيمة تُفصح عن عظيم‬ ‫وعيهن بأسرار نهضة اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬فهن على علم بأن‬ ‫خروجه إنما كان فداء للدين العظيم‪ ،‬وأنه إن ذهب في ساحة القتال‬ ‫شهيداً بقي عليهن دور آخر عظيم‪ ،‬وهو تبليغ أهداف هذه النهضة‬ ‫المقدسة‪ ،‬ونقل الصورة الواضحة لتفاصيلها المؤلمة إلى العالم‪،‬‬ ‫لتتكامل بذلك النهضة الحسينية فتعطي ثمارها المنشودة‪ ،‬ولعل كالم‬ ‫السيدة زينب‪ ،‬عند جسد أخيها الحسين عليهما السالم‪ ،‬وقد رفعت‬ ‫طرفا ً منه ورفعت السماء بطرفها قائلة‪" :‬اللهم تقبل منا هذا‬ ‫القربان"‪ ،‬أصدق دليل على ذلك‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المجالس الحسينية المنعقدة في قصر‬ ‫عبيد هللا بن زياد ويزيد بن معاوية‪ ،‬وأبرز األغراض‬ ‫الخطابية فيها‬ ‫أقيمت مجالس حسينية في كل من الكوفة والشام‪ .‬وكان لها طابع‬ ‫آخر‪ ،‬مغاير لذلك المأتم العائلي الذي كان سمته الحزن والبكاء فقط‪،‬‬ ‫فقد أبدت بنات الرسالة مع قائدهن زين العابدين عليهم السالم من‬ ‫البطولة‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬ما حقق أمل الحسين عليه السالم من‬ ‫إخراجهن‪ ،‬وكان أبرز سمة لهذه المآتم هي إنفرادها عن بقية المآتم‬ ‫التي أقيمت في الدور األول‪ ،‬بعنصرين هامين في الخطابة الحسينية‬ ‫بشكل عام‪-:‬‬ ‫‪ -2‬الحزن‪.‬‬ ‫‪ -4‬الموضوع‪.‬‬ ‫لتكامل هذين العنصرين بشكل ال يمكن ألحدهما أن يستقل عن‬ ‫اآلخر‪ ،‬كما أن لكل منهما هدف خاص به‪.‬‬ ‫فعلى صعيد جانب الموضوع في الخطابة الحسينية‪ ،‬نجد أن الهدف‬ ‫الخاص هو تحقيق أهداف نهضة اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬وهو‬ ‫بث الوعي في األمة‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫أما على صعيد البكاء والحزن‪ ،‬فإن له هدفا ً في ذاته هو اآلخر‪ ،‬وهو‬ ‫حمل الباقي على التجاوب مع المفاهيم‪ ،‬واألفكار التي جاء الحسين‬ ‫عليه السالم من أجلها‪ ،‬هذا من جانب ومن جانب آخر‪ ،‬وعد هللا عز‬ ‫وجل الباكين على الحسين بالجزاء األوفى‪.‬‬ ‫كان لتلك المجالس المنعقدة في مجلسي عبيد هللا بن زياد ويزيد بن‬ ‫معاوية‪ ،‬في هذا الدور وضع خاص‪ ،‬بحيث ولو قمنا بدراسة لتلك‬ ‫الخطب لوقفنا بشكل جلي على مضامينها‪.‬‬ ‫ولعل أبرز األغراض الخطابية التي تناولتها تلك المآتم ما يلي‪:‬‬ ‫األغراض الخطابية في مأتم الكوفة‪:‬‬ ‫لقد أقام سبايا اإلمام الحسين عليه السالم مآتم حسينية في تلك‬ ‫اللحظات الحرجة التي أعقبت المقتل‪ ،‬والزالت األجواء مشبعة‬ ‫بالتوتر والحذر‪ ،‬ومع ذلك أقام اإلمام السجاد عليه السالم بمعية‬ ‫العلويات مأتم في غاية األهمية‪ ،‬تناولت أغراضا ً عقائدية هامة‪،‬‬ ‫تناسب طبيعة الموقف آنذاك‪ ،‬وأهم تلك األغراض الخطابية التي‬ ‫تناولتها هي‪-:‬‬ ‫أولا‪ :‬توجيه العتاب إلى أهل الكوفة لغدرهم بالحسين عليه السالم‪-:‬‬ ‫أقام سبايا اإلمام الحسين عليه السالم مآتم ومناحات ال مثيل لها‪،‬‬ ‫عبر خطب وجهوا فيها النقد الالذع لسلوك أهل الكوفة في غدرهم‬ ‫بسيد الشهداء‪ ،‬وذلك من خالل رسائلهم التي أرسلوها لإلمام الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬يدعونه فيها للبيعة كما ورد في بعضها‪:‬‬ ‫" لقد اخضّر الجناب‪ ،‬وأينعت الثمار‪ ،‬ولطم الحمام‪ ،‬فأقدم فإنما تقدم‬ ‫على جند لك مجنَّده"‪ ،‬و بالتالي هم الذين يقاتلونه‪ ،‬وقد احتلت لهجة‬ ‫العتاب‪ ،‬واللوم مساحة كبيرة من تلك الخطب النارية‪.‬‬ ‫‪ -4‬عتاب في خطبة زينب عليها السالم‪-:‬‬ ‫" أما بعد يا أهل الكوفة‪ ،‬يا أهلل القتلل‪ ،‬والغلدر‪ ،‬أتبكلون؟ فلال رقلأت‬ ‫الدمعة‪ ،‬وال هدأت الرنة‪ ،‬إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد‬ ‫‪31‬‬


‫قلوة أنكاثللا‪ ،‬تتخلذون أيمللانكم دخلالً بيلنكم "‪( .‬املقــرم‪ :‬مقتـ احلسـني لييــه‬ ‫السالم‪ ،‬ص ‪)313‬‬ ‫‪ -2‬العتاب في خطبة فاطمة بنت الحسين عليهما السالم‪-:‬‬ ‫" أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل المكر‪ ،‬والغدر‪ ،‬و الخليالء‪( " .‬املقـرم‪:‬‬

‫مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪)312‬‬

‫‪ -1‬العتاب في خطبة أم كلثوم عليها السالم‪-:‬‬ ‫" يا أهل الكوفة‪ :‬سوأة لكلم‪ ،‬ملا لكلم خلذلتم حسلينا ً وقتلتملوه و انتهبلتم‬ ‫أمواللله‪ ،‬وسللبيتم نسللاءه فتب لا ً لكللم وسللحقا ً " (املقــرم‪ :‬مقت ـ احلســني لييــه‬

‫السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫‪ -2‬العتاب في خطبة اإلمام السجاد عليه السالم‪-:‬‬ ‫" أيها الناس ناشدتكم هللا هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبلي وخلدعتموه‪،‬‬ ‫وأعطيتملوه مللن أنفسللكم العهللود‪ ،‬والميثلاق‪ ،‬والبيعللة‪ ،‬وقللاتلتموه؟ فتبلا ً‬ ‫لكم لما قدمتم ألنفسكم‪ ،‬وسوأه لرأيكم‪ ،‬بأي عين تنظرون إلى رسلول‬ ‫هللا‪ ،‬إذ يقول لكم‪ ،‬قتلتم عترتي‪ ،‬وانتهكتم حرمتي‪ ،‬فلسلتم ملن أمتلي "‬

‫(املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص‪.)311‬‬

‫وقال أيضا ً‪-:‬‬ ‫" هيهات هيهات أيها الغدرة الكفرة‪ ،‬حيل بينكم وبين شهوات‬ ‫أنفسكم" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص‪.)311‬‬ ‫ثانيا ا‪ :‬توضيح مقام أهل البيت عليه السالم‪:‬‬ ‫لم يترددوا عليهم السالم في تذكير الجموع الغفيرة‪ ،‬الذين حضروا‬ ‫مسجد الكوفة بمقام أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬وأنهم أولى بالمحبة‪،‬‬

‫‪31‬‬


‫والوالء من يزيد‪ ،‬و ابن مرجانه‪ ،‬وعلى سبيل المثال نجده في ما‬ ‫يلي‪-:‬‬ ‫‪ -4‬مقام أهل البيت في خطبة فاطمة بنت الحسين عليهما السالم‪-:‬‬ ‫" أما بعد يا أهل الكوفة‪ ،‬يا أهل المكر‪ ،‬والغدر‪ ،‬و الخيالء‪ ،‬فإنا أهل‬ ‫بيت ابتالنا هللا بكم‪ ،‬وابلتالكم بنلا‪ ،‬فجعلل بالءنلا حسلنا ً‪ ،‬وجعلل علمله‬ ‫عنللدنا‪ ،‬وفهملله لللدينا‪ ،‬فللنحن عييللة علملله‪ ،‬و وعللاء فهملله وحكمتلله‪،‬‬ ‫وحجته على األرض في بلالده لعبلاده‪ ،‬أكرمنلا هللا بكرامتله‪ ،‬وفضللنا‬ ‫بنبيه محمد صلى هللا عليه وآله وسللم عللى كثيلر ملن خللق تفضليال"‬

‫(املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬

‫‪-2‬مقام أهل البيت في خطبة زينب عليها السالم‪:‬‬ ‫" ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً‪ ،‬وأنى ترحضون قتل سلليل خلاتم‬ ‫النبللوة‪ ،‬ومعللدن الرسللالة‪ ...،‬ومنللار حجللتكم‪ ،‬ومفللزع نللازلتكم‪ ،‬وسلليد‬ ‫شللباب أهللل الجنللة‪ ،‬أال سللاء مللا تللزرون" (املقــرم‪ :‬مقت ـ احلســني لييــه‬

‫السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫‪ -1‬مقام أهل البيت في خطبة أم كلثوم عليها السالم‪-:‬‬ ‫" قتلتم خير الرجاالت بعد النبي‪ ،‬ونزعت الرحمة من قلوبكم‪ ،‬أال إن‬ ‫حللزب هللا هللم المفلحللون‪ ،‬وحللزب الشلليطان هللم الخاسللرون" (املقــرم‪:‬‬

‫مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫ثالثا ا‪ :‬تشخيص حجم الجريمة‪-:‬‬ ‫وفي المقام أقرحوا أجفان تلك الجموع‪ ،‬لما نقلوا تلك الصور‬ ‫المروعة‪ ،‬والمعبرة عما جرى على الحسين وأنصاره الطيبين‪.‬‬ ‫نقلوا تلك الصور بكل أمانة تاريخية‪ ،‬مؤدين بذلك جزءاً كبيراً من‬ ‫المسئولية المناطة بهم‪ ،‬والملقاة عليهم من خالل حضورهم معركة‬ ‫كربالء‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫فالحسين عليه السالم ال يمكن أن يطمئن إلى نقل األعداء‪ ،‬لكونهم ال‬ ‫يعرفون للكلمة أمانة‪ ،‬إذ من المحتمل أن ينسجوا صوراً خيالية ال‬ ‫تليق بمقامه‪ ،‬ومقام أصحابه عليه السالم‪.‬‬ ‫فكان خروجهم فيه حكمة بالغة‪ ،‬ولعل من أبرز تلك الحكم سد طرق‬ ‫النقل المزيف المحتمل عن طريق األعداء‪ ،‬ألنها ستعتبر هي‬ ‫المعلومات األولية عن مقتل الحسين عليه السالم‪ ،‬فلو جاءت‬ ‫مغلوطة مشوهة‪ ،‬لن تأخذ نهضته المقدسة طريقها نحو الهدف‬ ‫المنشود‪ ،‬بل ستتفرق بها السبل‪ ،‬وتضيع تلك الجهود المبذولة سدى‪.‬‬ ‫ومن العبارات الصريحة التي جاءت لتشخيص أبعاد تلك الجريمة‬ ‫النكراء التي نفذت بحق الحسين عليه السالم وأهل بيته‪ ،‬وأنصاره‪.‬‬ ‫‪ -4‬وصف اإلمام السجاد عليه السالم‪:‬‬ ‫" أنا ابن من انتهكت حرمته‪ ،‬وسلبت نعمته‪ ،‬و انتهب عياله‪ ،‬أنا ابن‬ ‫المذبوح بشط الفرات من غير ذحل وال تراث‪ ،‬أنا ابن من قتل‬ ‫صبرا‪ ،‬وكفى بذلك فخراً" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪،‬‬

‫ص‪.)311‬‬

‫‪ -2‬وصف زينب عليها السالم‪:‬‬ ‫"ويلكم يا أهل الكوفة‪ ،‬أتدرون أي كبد لرسول هللا فريتم؟ وأي كريمة‬ ‫له أبرزتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟ لقد جئتم شيء إ ّدا‪ ،‬تكاد السماوات‬ ‫يتفطلللرن منللله‪ ،‬وتنشلللق األرض‪ ،‬وتخلللر الجبلللال هللل ّدا" (املقــرم‪ :‬مقت ـ‬

‫احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫‪ -1‬وصف فاطمة بنت الحسين عليه السالم‪:‬‬ ‫" فكذبتمونا‪ ،‬وكفرتمونا‪ ،‬ورأيتم قتلنا حالالً‪ ،‬وأموالنا نهبا ً‪ ،‬كأننا‬ ‫أوالد ترك‪ ،‬أو كابل‪ ،‬كما قتلتم جدنا باألمس‪ ،‬وسيوفكم تقطر من‬ ‫دمائنا أهل البيت" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬ ‫‪ -1‬وصف أم كلثوم عليه السالم‪:‬‬ ‫‪36‬‬


‫" يا أهل الكوفة سوأة لكم‪ ،‬ما بكم خذلتم حسينا ً‪ ،‬وقتلتموه‪ ،‬وانتهبتم‬ ‫أمواله‪ ،‬وسبيتم نساءه‪ ،‬ونكبتموه‪ ،‬فتبا ً لكم‪ ،‬وسحقا ً" (املقرم‪ :‬مقت‬

‫احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫رابعا ا‪ :‬تعريف أهل الكوفة بشخصيتهم الحقيقية‪-:‬‬ ‫في خضم هذا السبيل الهادر من العتاب‪ ،‬والتهديد والتصوير‬ ‫الصادق للفاجعة الكبرى‪ ،‬حاولوا عليهم السالم أن ينبهوا هذه الفئة‬ ‫إلى صفاتهم الشخصية الذميمة التي بسببها أقدموا على كل هذه‬ ‫الجرائم المروعة‪ ،‬لعلهم بذلك يقودونهم إلى طريق الصالح‪ .‬فقد‬ ‫كشفت زينب عليها السالم النقاب عن هذا الجانب بشكل جلي‪،‬‬ ‫ودقيق حين قالت لهم‪-:‬‬ ‫" إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا‪ ،‬تتخذون‬ ‫أيمانكم دخالً بينكم‪ ،‬أال وهل فيكم إال الصلف النطف‪ ،‬والعجب‪،‬‬ ‫والكذب‪ ،‬والشنف‪ ،‬وملق اإلماء‪ ،‬ومغمز األعداء‪ ،‬وكمرعى على‬ ‫دمنه‪ ،‬أو كفضه على ملحودة‪ ،‬أال بئس ما قدمت لكم أنفسكم‪ ،‬أن‬ ‫سخط هللا عليكم‪ ،‬وفي العذاب أنتم خالدون" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه‬

‫السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫خامسا ا‪ :‬التهديد بالمصير األسود لقتلة الحسين عليه السالم‪:‬‬ ‫والبد في مثل هذه الخطب‪ ،‬التي تميزت بالمكاشفة الصريحة لواقع‬ ‫أهل الكوفة‪ ،‬أن توضع النقاط على الحروف‪ ،‬وأن يبلغ بالمصير‬ ‫الذي ينتظرهم من جراء فعلتهم تلك‪ ،‬فقد هددتهم أم كلثوم عليها‬ ‫السالم بقولها‪ " :‬ويلكم أتدرون أي دواه دهتكم‪ ،‬وأي وزر على‬ ‫ظهوركم" (مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب‪ ،‬ص ‪.)233‬‬ ‫أما فاطمة بنت الحسين عليه السالم فقد أغلظت عليهم بالقول في هذا‬ ‫المقام وقالت‪-:‬‬ ‫‪23‬‬


‫" تبا ً لكم فانظروا اللعن والعذاب‪ ،‬فكأن قد حل بكم‪ ،‬وتواترت من‬ ‫السماء نقمات‪ ،‬فيسحقكم العذاب‪ ،‬ويذيق بعضكم بأس بعض ثم‬ ‫تخلدون في العذاب األليم يوم القيامة‪ ،‬بما ظلمتمونا أال لعنة هللا على‬ ‫الظالمين" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬ ‫سادسا ا‪ :‬استثارة الحزن والبكاء‪:‬‬ ‫تعرضت األغراض الخطابية الخمسة السابقة للشق الموضوعي في‬ ‫رسالة المنبر الحسيني في الدور التأسيسي‪ ،‬أما في هذا الغرض –‬ ‫السادس‪ -‬فإن الخطب استوفت جانب الحزن والبكاء أيضا ً‪،‬‬ ‫فالمؤرخون يؤكدون أن تلك الخطب النارية أحدثت عظيم األثر في‬ ‫تلك الجموع الغفيرة‪ ،‬ومما رصدته أقالمهم ما يلي‪-:‬‬ ‫أثر خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم‪-:‬‬ ‫" فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية‪ ،‬وقال بعضهم‬ ‫لبعض‪ ،‬هلكتم وما تعلمون " (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص‬

‫‪.)323‬‬

‫أثر خطبة السيدة زينب عليها السالم‪-:‬‬ ‫" قال من سمعها‪ :‬فلم أر وهللا خفرة أنطق منها‪ ،‬كأنما تنتزع عن‬ ‫لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‪ ،‬فو هللا ما أتممت حديثها‬ ‫حتى ضج الناس بالبكاء‪ ،‬وذهلوا‪ ،‬وسقط ما في أيديهم من هول‬ ‫المحنه الدهماء" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)323‬‬ ‫أثر خطبة السيدة أم كلثوم عليها السالم‪-:‬‬ ‫" فضج الناس بالبكاء‪ ،‬والنحيب‪ ،‬ونشر النساء شعورهن‪ ،‬ووضعن‬ ‫التراب على رؤوسهن‪ ،‬و خمشن وجوههن‪ ،‬ولطمن خدودهن‪،‬‬

‫‪21‬‬


‫ودعون بالويل‪ ،‬والثبور‪ ،‬وبكى الرجال فلم ير باك‪ ،‬و باكية أكثر من‬ ‫ذلك اليوم " (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)323‬‬ ‫وعن أثر خطبة السيدة فاطمة بنت الحسين عليهما السالم‪:‬‬ ‫" فارتفعت األصوات بالبكاء والنحيب‪ ،‬وقالوا حسبك يابنة‬ ‫الطاهرين‪ ،‬فقد أحرقت قلوبنا‪ ،‬وأنضجت نحورنا‪ ،‬وأضرمت أجوافنا‬ ‫فسكتت "‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم‬ ‫في الشام‪ ،‬وأبرز األغراض الخطابية فيها‬ ‫لم تتح الفرص للعلويات أن يخطبوا في الشام خطبا ً كما فعلن في‬ ‫الكوفة‪ ،‬وأما ما نسمعه من كلمات حادة‪ ،‬قالتها العقيلة زينب عليها‬ ‫السالم أمام يزيد‪ ،‬فهو مجرد حوار دار بينها‪ ،‬وبينه‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫جردت يزيد في كلماتها من كل ألقابه الرسمية‪ ،‬وصارت تصدع‬ ‫بحقائق دامغة‪ ،‬لم يسمع يزيد بمثلها في حياته‪ ،‬وجعلته مرمى لنبال‬ ‫منطقها الفياض الذي سددت له منه سهاما ً بالغة التأثير‪.‬‬ ‫أما اإلمام السجاد عليه السالم فقد أتيحت له الفرصة أن يلقي خطبته‬ ‫الشهيرة‪ ،‬وذلك على أثر خطبة ذاك األجير المرتزق الذي أثنى على‬ ‫معاوية ونال من الحسين وآله عليهم السالم‪( .‬املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه‬

‫السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬

‫ومن المالحظ أن األغراض التي تناولها اإلمام عليه السالم تختلف‬ ‫عن األغراض التي تناولها في خطبته في الكوفة‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫األغراض التي تناولها اإلمام عليه السالم في خطبته بالشام‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬توحيد هللا عز وجل‪:‬‬ ‫افتتح اإلمام عليه السالم خطبته بتوحيد هللا عز وجل‪ ،‬وألقاها‬ ‫بأسلوب بليغ ال يبارى‪ ،‬بحيث يعلم السامع أن هذا المتكلم رجل‬ ‫مسلم‪ ،‬وأنه على مستوى من العلم‪ ،‬والفضيلة‪ ،‬بحيث ال يختلف عليه‬ ‫اثنان‪ ،‬وهذا يفند تُهم يزيد لهم بأنهم خوار ‪ ،‬فقد قال في خطبته‪:‬‬ ‫الحمد هللا الذي ال بداية له‪ ،‬والدائم الذي ال نفاد له‪ ،‬واألول الذي ال‬ ‫أولية له‪ ،‬واآلخر الذي ال آخرية له‪ ،‬والباقي بعد فناء الخلق‪ ،‬قدر‬ ‫الليالي واأليام‪ ،‬وقسم فيما بينهما األقسام‪ ،‬فتبارك هللا الملك العالم"‬

‫(املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬

‫ثانيا ا ‪:‬الشمائل الخلقية التي ينتمي لها‪:‬‬ ‫أراد اإلمام عليه السالم أن يأخذ بأيديهم ليعرفهم بالبيت الذي ينتمي‬ ‫له‪ ،‬و الخصائص النفسية والخلقية لهذا البيت‪ .‬والفضائل التي‬ ‫اختصوا بها دون العالمين والذين تخرجوا من هذا البيت الطاهر‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫"أيها الناس أعطينا ستا ً‪ ،‬وفضلنا بسبع‪ :‬أعطينا العلم‪ ،‬والسماحة‪،‬‬ ‫والفصاحة‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬والمحبة في قلوب المؤمنين‪ ،‬وفضلنا بأن منا‬ ‫النبي‪ ،‬والصديق‪ ،‬والطيار‪ ،‬وأسد هللا‪ ،‬وأسد رسوله‪ ،‬وسبطا هذا‬ ‫األمة" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬ ‫ثالثا ا‪ :‬التعريف بأن ذبيح كربالء هو والده الحسين عليه السالم‪:‬‬ ‫في سبيل الوصول إلى هذه المعلومة‪ ،‬اتخذ اإلمام أسلوب التدر‬ ‫ليصل إلى مقصوده‪ ،‬وهو أنه ينتمي إلى اإلمام الحسين عليه السالم‬ ‫الذي ذبحه يزيد في أرض كربالء‪ ،‬وحتى يصل إلى هذا المعنى بدأ‬ ‫اإلمام بالتعريف‪ ،‬موظفا أبسط المفردات التي لها عالقة بالدين‪،‬‬ ‫والتي من المتوقع أن تكون قريبة من أذهانهم‪ ،‬فبدأ باسم مكة‬ ‫المكرمة‪ ،‬حيث يقع فيها بيت هللا الحرام قبلة المسلمين‪ ،‬التي‬ ‫يستقبلونها في اليوم والليلة خمس مرات‪ ،‬كما أورد لهم اسم منى‪ ،‬و‬ ‫‪23‬‬


‫زمزم والصفا‪ ،‬فكل هذه المفردات قريبة من ذهن كل مسلم على أقل‬ ‫تقدير‪ ،‬ومن ثم ربطها بنفسه حتى يقرب لهم الصورة المقدسة التي‬ ‫ينتمي إليها‪ ،‬وينتمي إليها والده الحسين‪ ،‬وأهل بيته الطاهرين‪ ،‬وذلك‬ ‫بقوله‪ " :‬أنا أبن مكة ومنى‪ ،‬أنا ابن زمزم والصفا‪ ...‬الخ" (املقرم‪:‬‬

‫مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)313‬‬

‫وهكذا تدر معهم رويداً إلى أن وصل إلى مطلوبة وهو قوله‪-:‬‬ ‫" أنا ابن المرمل بالدماء‪ ،‬أنا ابن ذبيح كربالء‪ ،‬أنا بن من بكى عليه‬ ‫الجن في الظلماء‪ ،‬وناحت عليه الطير في الهواء"(املقرم‪ :‬مقت احلسني‬

‫لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬

‫رابعا ا‪ :‬إقامة الحزن والبكاء في المسجد‪:‬‬ ‫على الرغم من الجهل الكبير الذي يلف عقول الشاميين بأهل بيت‬ ‫العصمة‪ ،‬ولكن استطاع اإلمام بقدرته الخطابية الرائعة أن يحقق‬ ‫الجانب الموضوعي‪ ،‬وهو كشف النقاب عن هويته‪ ،‬وأن يقيم مأتما ً‬ ‫حسينيا ً ضج الناس فيه بالبكاء والنحيب‪ ،‬وقد رصدت أقالم‬ ‫المؤرخين أثر خطبته عليه السالم‪:‬‬ ‫يقول المؤرخون‪ ،‬أن السجاد عليه السالم لما وصل إلى عبارات "أنا‬ ‫ابن فاطمة الزهراء وسيدة النساء‪ ،‬وابن خديجة الكبرى‪ ،‬أنا ابن‬ ‫المزمل بالدماء‪ ،‬أنا ابن ذبيح كربالء‪ ،‬أنا ابن من بكى عليه الجن في‬ ‫الظلماء وناحت الطير في الهواء"‪ ،‬ضج الناس بالبكاء وخشي يزيد‬ ‫الفتنة فأمر المؤذن أن يؤذن للصالة" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه‬

‫السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬

‫أبرز أسباب اختالف األغراض الخطابية التي تناولها اإلمام عليه‬ ‫السالم في الشام عن الكوفة‪:‬‬

‫‪22‬‬


‫لعل أبرز األسباب التي جعلت اإلمام زين العابدين عليه السالم‬ ‫يتناول أغراضا مختلفة عما تناولها في الكوفة أن أهل الشام كانوا‬ ‫على جهل كبير بأهل البيت عليهم السالم‪ ،‬وهذا بخالف أهل الكوفة‬ ‫الذين يعرفون أهل البيت أتم المعرفة‪ ،‬فقد عاش اإلمام أمير‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وأبناؤه في الكوفة طيلة أيام خالفته‪ ،‬هذا من جانب‪ ،‬ومن‬ ‫جانب آخر‪ ،‬بسبب سياسة العزلة الرهيبة التي فرضها معاوية على‬ ‫الشاميين‪ ،‬لئال يتأثروا بثقافة العراقيين‪ ،‬أو غيرهم في هذا الشأن‪.‬‬

‫(مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب‪ ،‬ص ‪.)221‬‬

‫لقد واجه اإلمام عليه السالم مجتمعا جاهال به وبوالده اإلمام الحسين‬ ‫عليه السالم وأهل بيته‪ ،‬وكل ما يعرفون عنهم أنهم خوار على‬ ‫خالفة يزيد ويريدون بث الفرقة‪ ،‬والخالف‪ ،‬في صفوف المسلمين‪،‬‬ ‫ومن مؤشرات ذلك الجهل‪ ،‬ما صدر من شيخ شامي لما كان اإلمام‬ ‫يسير في الطريق‪ ،‬فقد قال‪-:‬‬ ‫" الحمد هلل الذي أهلككم‪ ،‬وأمكن األمير منكم " فقال له عليه السالم‪،‬‬ ‫يا شيخ هل قرأت القرآن ؟‬ ‫قال‪ :‬بلى !‬ ‫قال عليه السالم‪ :‬أقرأت " ال أسألكم عليه أجراً إال المودة في القربى‬ ‫" وقرأت قوله تعالى " وآت ذا القربى حقه " وقوله تعالى "‬ ‫واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن هلل خمسة وللرسول ولذي القربى "‬ ‫قال‪ :‬الشيخ نعم قرأت ذلك‪.‬‬ ‫فقال عليه السالم‪ :‬نحن وهللا القربى في هذه اآليات ثم قال له اإلمام‪:‬‬ ‫أقرأت قوله تعالى‪ ":‬إنما يريد هللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت‬ ‫ويطهركم تطهيراً "؟‬ ‫قال بلى‪.‬‬ ‫فقال عليه السالم‪ :‬نحن أهل البيت الذين خصهم هللا بالتطهير‪.‬‬ ‫قال الشيخ‪ :‬باهلل عليكم أنتم هم؟‬ ‫فقال عليه السالم‪ :‬وحق جدنا رسول هللا إنا نحن هم من غير شك‪.‬‬ ‫‪21‬‬


‫فوقع الشيخ على قدميه يقبلهما‪ ،‬ويقول أبرأُ إلى هللا من قتلتكم‪ ،‬وتاب‬ ‫على يد اإلمام مما فرط في القول معه‪ ،‬وبلغ يزيد فعل الشيخ‪ ،‬وقوله‬ ‫فأمر بقتله‪( .‬املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)326‬‬ ‫فهذه القصة تعتبر مؤشراً واضحا ً على جهل الشاميين بأهل البيت‬ ‫عليهم السالم‪ ،‬والحال أن هذا المتكلم شيخ كبير‪ ،‬ويفترض أنه‬ ‫عارف لما يدور حوله‪ ،‬ولكن هذا هو واقع سياسة بني أمية التي‬ ‫فرضوها على الشاميين فقد كان لها أثر كبير في عزلتهم عن أهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬خطب اإلمام زين العابدين عليهم السالم‬ ‫و العلويات في شوارع المدينة‪ ،‬وأبرز األغراض‬ ‫الخطابية فيها‬ ‫شهدت المدينة المنورة مآتم عظيمة‪ ،‬وال بد أن طابع هذه المآتم أخذ‬ ‫شكالً مختلفا ً عن المآتم األخرى‪ ،‬فهي تبدو أكثر شجاوة ولوعة‪ .‬لقد‬ ‫خرجت العلويات برفقة الحسين عليه السالم وشباب بني هاشم‪ ،‬أما‬ ‫بعد واقعة كربالء فقد أضحوا بال رجال‪ ،‬غير اإلمام زين العابدين‬ ‫علي بن الحسين عليه السالم‪ ،‬لقد رجعن وتلك الدور أضحت مقفرة‪،‬‬ ‫خالية من كل شيء عدا أصوات بكاء الثكلى‪ ،‬واألرامل‪ ،‬واأليتام‪،‬‬ ‫هذا من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر فقد جئن إلى منطقة مليئة باألحبة‪،‬‬ ‫واألقارب الذين عقدوا المآتم على الحسين عليه السالم‪ ،‬بعد أن‬ ‫سمعن بخبر مقتله مباشرة‪.‬‬ ‫فقد عاشت دور بني هاشم في المدينة حالة استنفار هائل‪ ،‬حزنا ً على‬ ‫الحسين عليه السالم كما يقول الشيخ المفيد عليه الرحمة في‬ ‫"اإلرشاد"‪ :‬أن يزيد أرسل عبد الملك بن أبي الحارث السلمي إلى‬ ‫المدينة ليبلغ عامله عليها عمر بن سعيد بن العاص بمقتل الحسين‬ ‫‪21‬‬


‫عليه السالم‪ ،‬وقد وصف عبد الملك دور بني هاشم لما نادى بالخبر‬ ‫في المدينة‪-:‬‬ ‫" فلم أسمع قط واعية مثل واعية بني هاشم في دورهم على الحسين‬ ‫بن علي حين سمعوا النداء بقتله" (مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف الوجدات‬

‫الشعيب‪ ،‬ص ‪.)221‬‬

‫وفي هذا الجو المشبع بالحزن‪ ،‬ترى ماذا سيجري إذا دخل ركب‬ ‫السبايا إلى المدينة؟ حيث من المقطوع به أن الموقف سيكون أكثر‬ ‫لوعة‪ ،‬وشجاوة‪.‬‬ ‫وفعالً كما هو متوقع‪ ،‬فقد أمر اإلمام السجاد بشر بن حذلم أن ينعى‬ ‫الحسين عليه السالم قبل وصول الركب إلى داخل المدينة‪.‬‬ ‫وعندها جاء بشر بن حذلم بأبياته المشهورة‪-:‬‬ ‫يا أهل يثرب ال مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار‬ ‫والرأس منه على القناة يدار‬ ‫الجسم منه بكربالء مضر‬ ‫ثم نادى "هذا علي بن الحسين مع عماته‪ ,‬وأخواته قد حلوا بساحتكم‪،‬‬ ‫ونزلوا بفنائكم‪ ،‬وأنا رسوله إليكم‪ ،‬أعرفكم مكانه" (املقرم‪ :‬مقت‬

‫احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬

‫" يقول بشر‪ :‬فما بقيت في المدينة مخدرة‪ ،‬وال محجبة‪ ،‬إال برزت‬ ‫من خدرها‪ ،‬وهن يدعين بالويل‪ ،‬والثبور‪ ،‬ولم يبق في المدينة أحد‬ ‫إال وخر ‪ ،‬وهم يضجون بالبكاء‪ ،‬فلم أرى باكيا ً أكثر من ذلك اليوم‪،‬‬ ‫وال يوم أحر على المسلمين منه بعد وفاة رسول هللا"‪.‬‬ ‫تقول الرواية " كان بيد اإلمام خرقة يمسح بها دموعه‪ ،‬وخلفه خادم‪،‬‬ ‫ومعه كرسي فوضع له وجلس عليه‪ ،‬وهو ال يتمالك من العبرة"‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫يقول بشر بن حذلم‪ ،‬وارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية‬ ‫يعزونه‪ ،‬فضجت تلك البقعة ضجة شديدة‪ ،‬فأومأ بيده أن اسكتوا‪،‬‬ ‫فسكنت فورتهم فخطب فيهم خطبة مؤثرة "‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬األغراض التي تناولها اإلمام زين‬ ‫العابدين عليه السالم في خطبته بالمدينة‪ ،‬وأبرز‬ ‫األغراض الخطابية فيها‪.‬‬ ‫تناول اإلمام في خطبته بالمدينة أغراضا ً خطابية مختلفة عما تناوله‬ ‫في الكوفة والشام‪ ،‬فقد عاد اإلمام إلى قواعده الشعبية التي خر‬ ‫منها‪ ،‬تلك القواعد التي خرجت وهي في حالة حزن‪ ،‬وهلع‪ ،‬تقدم‬ ‫مشاعر المواساة له و لخفرات بيت الرسالة‪ ،‬مخففة عليهم ما أصابهم‬ ‫في رحلتهم الشاقة‪ ،‬وأبرز األغراض التي تناولها في ذلك الموقف‬ ‫التاريخي هي‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬الحمد و الشكر على المصيبة‪:‬‬ ‫لقد عاد اإلمام إلى المدينة بعد رحلة شاقة‪ ،‬ذاق خاللها‪ ،‬شتى ألوان‬ ‫المتاعب والهموم على قلبه من جراء مقتل والده الحسين وأنصاره‬ ‫عليهم السالم‪ ،‬والطواف بالنساء من بلد إلى بلد‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫كل هذه المصائب إال أن الجماهير لم تتغير من اإلمام السجاد شيئا‪،‬‬ ‫فقد عاد إليهم كما عهدوه‪ ،‬العالم‪ ،‬العابد‪ ،‬الشاكر لنعماء ربه‪ ،‬في‬ ‫السراء‪ ،‬والضراء‪.‬‬ ‫فاإلمام وإن جرت دموعه على خديه حزنا ً على والده‪ ،‬فإن ذلك ال‬ ‫يعني أنه تخلى عن مبادئه اإلسالمية‪ ،‬فهو حجة هللا في زمان‪ ،‬ومن‬ ‫ذاك ما جرى عليه لما دخل المدينة وسأله إبراهيم بن طلحة بن عبد‬ ‫هللا وقال‪ :‬من الغالب ؟ فقال عليه السالم " إذا دخل وقت الصالة‬

‫‪24‬‬


‫فأذن وأقم تعرف الغالب" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص‬ ‫‪.)311‬‬ ‫يشير بهذا إلى أن يزيد‪ ،‬وكل من حاول أن يمحو ذكر رسول هللا‬ ‫صلى هللا عليه وآله‪ ،‬لم يستطيعوا‪ ،‬وبقي ذكره يتردد في كل أذان‬ ‫وإعالن‪.‬‬

‫ويمكن أن نتلمس معالم شخصية هذا العالم‪ ،‬العابد‪ ،‬المؤمن بقضاء‬ ‫هللا لما جرى على والده من ظلم من خالل خطبته حيث قال‪-:‬‬ ‫" الحمد هللا رب العالمين‪ ،‬الرحمن الرحيم‪ ،‬مالك يوم الدين بارئ‪،‬‬ ‫الخالئق أجمعين‪ ،‬الذي بعد فارتفع في السماوات العلى‪ ،‬وقرب فشهد‬ ‫النجوى‪ ،‬بحمده على عظائم األمور‪ ،‬وفجائع الدهور‪ ،‬وألم الفجائع‬ ‫" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬ ‫ثانيا ا‪ :‬إعالمهم بالمصائب التي تعرضوا لها‪:‬‬ ‫وهو جزء رئيسي ومهم في مسيرته اإلعالمية‪ ،‬وذلك من أجل أن‬ ‫يكشف حقيقة بني أمية للناس‪ ،‬وإن كان حالهم ال يخفى عن كثير من‬ ‫أهل المدينة‪ ،‬فقد قال‪ " :‬أيها القوم‪ ،‬إن هللا تعالى‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬ابتالنا‬ ‫بمصائب جليلة‪ ،‬وثلمة في اإلسالم عظيمة‪ ،‬قتل أبو عبد هللا الحسين‬ ‫وعترته‪ ،‬وسبيت نساؤه‪ ،‬وصبيته‪ ،‬ودار برأسه في البلدان‪ ،‬من فوق‬ ‫عامل السنان‪ ،‬وهذه الرزية التي ال مثلها رزية" (املقرم‪ :‬مقت احلسني‬

‫لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)321‬‬

‫ثالثا ا‪ :‬استنهاض مشاعر أهل المدينة للبكاء على الحسين عليه‬ ‫السالم‪:‬‬ ‫وهذا من أبرز األعمال التي قام بها في إرساء القواعد السلوكية‬ ‫الالزمة ألفراد األمة اإلسالمية‪ ،‬تجاه قضية الحسين عليه السالم‬ ‫وهو البكاء‪ ،‬لما في البكاء من آثار روحية تنعكس على سلوك الباكي‬ ‫تجاه المبكي عليه‪ ،‬بما يقتضي الحال‪.‬‬ ‫‪26‬‬


‫وهنا يشير الباحث إلى أن دعوته لهم للبكاء على والده‪ ،‬خالف دعوة‬ ‫زينب لمجتمع الكوفة بالبكاء‪ ،‬فدعوتها هناك حينما قالت‪-:‬‬ ‫" أتبكون وتنتحبون‪ ،‬أي وهللا فابكوا كثيراً‪ ،‬واضحكوا قليالً‪ ،‬فلقد‬ ‫ذهبتم بعارها‪ ،‬وشنارها‪ ،‬ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً" (املقرم‪:‬‬

‫مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)312‬‬

‫إنما دوافعها في هذه الكلمات هو عتابهم‪ ،‬وتأنيبهم على جريمتهم‬ ‫الشنعاء‪.‬‬ ‫أما دعوة السجاد عليه السالم مختلفة‪ ،‬الختالف المقام‪ ،‬فمجتمع‬ ‫المدينة بالنسبة إليهم هو أول مجتمع لم يشترك في جريمة كربالء‪،‬‬ ‫وهذا بخالف مجتمعي الكوفة والشام الضالعين في الجريمة‪ ،‬وإنما‬ ‫هو مجتمع يمثل باقي أفراد المجتمع اإلسالمي بكل صدق‪ ،‬إذا‬ ‫استثنينا من مجتمع الكوفة والشام‪ .‬وفيه أراد اإلمام أن يضع حجر‬ ‫أساس للخطباء من بعده أن يذكروا مصيبة الحسين عليه السالم‪،‬‬ ‫بالشكل الذي يستنهض عبرات المؤمنين فقد قال‪-:‬‬ ‫" أيها الناس‪ ،‬فأي رجاالت منكم يسرون بعد قتله؟ أم أي فؤاد ال‬ ‫يحزن من أجله؟ أم أي عين منكم تحبس دموعها وتظن عن‬ ‫انهمالها؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله‪ ،‬وبكت البحار بأمواجها‪،‬‬ ‫والسماوات بأركانها‪ ،‬واألرض بأرجائها واألشجار بأغصانها‪،‬‬ ‫والحيتان في لجج البحار‪ ،‬والمالئكة المقربون‪ ،‬وأهل السموات‬ ‫أجمعون "‪.‬‬ ‫" أيها الناس‪ ،‬أي قلب ال ينصدع لقتله؟ أم أي فؤاد ال يحن إليه؟ أم‬ ‫أي سمع يسمع هذه المثلة التي ثلمت في اإلسالم وال يهم؟" (املقرم‪:‬‬

‫مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫وختاما لهذا المبحث‪ ،‬إن الباحث ليالحظ من خالل عرضه‬ ‫لألغراض الخطابية التي جاءت في خطب اإلمام زين العابدين‬ ‫والعلويات عليهم السالم‪ ،‬أنها أغراض لم تغلب عليها مسحة الحزن‬ ‫‪13‬‬


‫ولوعة المصاب‪ ،‬بل تنوعت بين جانب موضوعي وآخر عاطفي‪،‬‬ ‫حيث يالحظ عليها اللغة الموضوعية الهادفة التي حاولت أن تحدث‬ ‫قناعة في أذهان المستمعين‪ ،‬كما يالحظ ذلك في خطبة اإلمام زين‬ ‫العابدين في الشام‪ ،‬وتارة تتحول إلى لغة عاطفية بحتة وهو ما‬ ‫يالحظ في شق من خطبة اإلمام زين العابدين في المدينة‪ ،‬ويرى‬ ‫الباحث أن هذا خالف ما يراه العالمة الشيخ محمد مهدي شمس‬ ‫الدين إذ يقول في كتابه ثورة الحسين في الوجدان الشعبي‪-:‬‬ ‫" لقد كانت لغة المآتم لغة موضوعية هادئة في بداية الدور األول‬ ‫واحتفظت بها ردحا ً من الزمن في الدور األول‪ ،‬ثم داخلها التغيير‬ ‫من هذه الجهة في نهايته بحيث تحولت في الدور الثاني إلى لغة‬ ‫عاطفية"‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد يرى الباحث أنه لو تم عرض الجزء العاطفي من‬ ‫خطبة اإلمام السجاد في المدينة‪ ،‬وأخرى من خطب ومآتم الشيخ‬ ‫فخر الدين الطريحي الذي كتب مجالسه في الدور الثاني للمأتم‬ ‫الحسيني لما وجدنا فارقا ً ومن خطبه الواردة في منتخبه‪:‬‬ ‫" فأي قلب ال ينصدع لقتله؟ وأي فؤاد ال يحزن ألجله؟ فكيف ال وقد‬ ‫أصبح أهل البيت مطرودين‪ ،‬مشردين‪ ،‬مذودين عن األوطان‪،‬‬ ‫والديار‪ ،‬شاسعين في البراري‪ ،‬واألمصار" إلى أن يقول‪ " :‬فيا‬ ‫أخواني ال تقصروا في البكاء والعويل وتساعدوا على هذا الرزء‬ ‫الجليل" (الطرحي ‪ :‬املنت ب‪ ،‬ص ‪.)343‬‬ ‫ونجد نفس العبارات أو ما يقاربها في خطبة اإلمام زين العابدين في‬ ‫المدينة حيث يقول‪-:‬‬ ‫" أيها الناس فأي رجاالت منكم يسرون بعد قتله ؟أم أي فؤاد ال‬ ‫يحزن من أجله ؟ أم أي عين منكم تحبس دموعها وتضن عن انهمار‬ ‫لها؟ " (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫‪11‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬الوسائل التي انعقد بها المجلس‬ ‫الحسيني في الدور التأسيسي‬ ‫يظن البعض بأن وسيلة انعقاد المآتم في الدور التأسيس كانت‬ ‫محصورة فقط في إنشاد الشعر‪ ،‬ولكن التاريخ يؤكد أن هناك وسائل‬ ‫أخرى كانت منتشرة‪ ،‬بإزاء اإلنشاد الشعري‪.‬‬ ‫ويمكننا استقراء تلك الوسائل من خالل الحوار الذي دار بين اإلمام‬ ‫الصادق عليه السالم وبين عبد هللا بن حماد البصري‪ ،‬فقد سأل‬ ‫اإلمام الصادق قائالً‪-:‬‬ ‫" بلغني أن قوما ً يأتونه " قبر الحسين عليه السالم " من نواحي‬ ‫الكوفة وناسا ً من غيره‪ ،‬ونساء يندبنه‪ ،‬وذلك في النصف من شعبان‪،‬‬ ‫فمن بين قارئ يقرأ‪ ،‬وقاص يقص‪ ،‬ونادب يندب‪ ،‬وقائل يقول‬ ‫المراثي "‪.‬‬ ‫فقلت‪ :‬له نعم‪ ،‬جعلت فداك قد شهدت بعض ما تصفه‪ ،‬فقال الحمد هلل‬ ‫الذي جعل في الناس من يفد إلينا يمدحنا‪ ،‬ويرثي علينا‪ ،‬وجعل عدونا‬ ‫من يطعن عليهم من قرابتنا‪ ،‬أو من غيرهم يهددونهم‪ ،‬ويقبحون ما‬ ‫يصنعون" (املقرم‪ :‬مقت احلسني لييه السالم‪ ،‬ص ‪.)311‬‬ ‫وبهذا يمكن أن نخلص من هذه الرواية بأن ذكر مصيبة الحسين‬ ‫عليه السالم لم تأخذ شكل اإلنشاد فقط‪ ،‬بل تشاركها وسائل أخرى‬ ‫منها مايلي‪:‬‬ ‫‪ -4‬القراءة‪ :‬ويقصد بها قراءة مقتل الحسين عليه السالم‪ ،‬وال يعلم‬ ‫أبي‬ ‫أي المقاتل كانت تقرأ ولكن في تلك الفترة كان هناك مقتل‬ ‫مخنف‪.‬‬ ‫‪ -2‬القصص‪ :‬فقد كان القصاصون منتشرون في تلك الفترة‪ ،‬ويرجع‬ ‫تاريخ نشأتهم إلى عهد معاوية‪ ،‬أو إلى عهد الخليفة عثمان‪ ،‬وقد‬ ‫أورد األستاذ‪ ،‬مصطفى الرافعي في كتابه تاريخ األدب نبذة عنهم‬ ‫فقال‪-:‬‬ ‫‪12‬‬


‫" هم الذين يقصون على الناس‪ ،‬ويكون من علمهم التفسير‪ ،‬واألثر‪،‬‬ ‫والخبر عن األمم البائدة وغيرهم‪ ،‬وكانوا في القرن األول يقدمونهم‬ ‫في بعض حروب بني أمية ليقصوا على المقاتلة أخبار الشهداء‪،‬‬ ‫وفضائلهم‪ ،‬وما وعدوا به في الجنة‪ :‬من ال عين رأت‪ ،‬و ال إذن‬ ‫سمعت"‬ ‫ويقول أيضا ً‪ :‬أن مهمة القاص‪ ،‬مقصورة على الموعظة الحسنة‬ ‫والتذكير وما إلى ذلك‪ ،‬ويذكر أيضا ً أن هذا اللون الثقافي قد انخرط‬ ‫فيه عدد من كبار الصحابة كأمثال‪ :‬األسود بن سريع‪ ،‬وهو أول‬ ‫قاص‪ ،‬ومن التابعين عبيد بن عمير الليثي‪ ،‬وصار للقصاص حلقة‬ ‫في مسجد النبي بالمدينة‪ ،‬كحلق الدرس‪ ،‬وأول من لزم ذلك فيه مسلم‬ ‫بن جندب الهذلي‪.‬‬ ‫وأيضا ً ممن دخل في هذا السلك الثقافي هو الحسن البصري‪ ،‬وقد‬ ‫كان من كبار القصاصين المتوفى سنة ‪ 113‬هـ‪( .‬الرافع ‪ :‬تاريخ‬

‫األدب العريب‪ ،‬ص ‪.)341-316‬‬

‫وبعد هذا التعريف لتاريخ القصاصين‪ ،‬ونشاطهم يقدر الباحث أن‬ ‫نشاط القصاصين عند قبر الحسين عليه السالم‪ ،‬يعتبر أحد الوسائل‬ ‫الهامة التي أسهمت بشكل مباشر في دعم المجالس الحسينية‪ ،‬في‬ ‫جانب الوعظ واإلرشاد المتضمن تفسير اآليات‪ ،‬واألحاديث‪ ،‬وما‬ ‫شابه‪ ،‬بينما كانت الوسائل األخرى كالشعر الرثائي يغذي جانب‬ ‫الحزن‪ ،‬وعلى مر األيام تالقحت هذه الوسائل‪ ،‬وانتهت إلى الشكل‬ ‫الذي نراه اليوم من مآتم حسينية‪.‬‬ ‫‪ -1‬الرثاء‪ :‬ولعل أول من قال شعر رثاء في اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم هو " سليمان بن قته " كما يرى ذلك السيد محسن األمين في‬ ‫أعيان الشيعة‪ ،‬حيث يقول‪ :‬وينبغي أن يكون أول من رثاه سليمان بن‬ ‫قته العدوي اليمني مولى بني تميم بن مره المتوفى بدمشق سنة ‪121‬‬ ‫هـ‪( .‬األمني‪ :‬أليات الشيعة‪ ،1 ،‬ص‪.)334‬‬ ‫‪13‬‬


‫وكان منقطعا ً إلى بني هاشم‪ ،‬وقد جاء كربالء بعد مقتل الحسين عليه‬ ‫السالم بثالث أيام فنظر إلى مصارعهم‪ ،‬وكان متكئا ً على فرس‬ ‫عربية أنشأ يقول‪ ( :‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)12‬‬ ‫فلم أرها أمثــالها يـوم حلــت‬ ‫مررت على أبيــات آل محـمد‬ ‫لقتل حسين والبـالد اقشـعرت‬ ‫ألم تر أن الشمس أضحت مريضة‬ ‫إلى أن يقول‪-:‬‬ ‫وإن قتيل الطف من آل هاشم‬

‫أذل رقاب المـــــــسلمين فذلت‬

‫وقد أعولت تبكي السماء لفقده‬

‫وأنجمنا ناحـــــت عليه وصلت‬

‫وقد يرى البعض أن السيدة الرباب زو الحسين عليه السالم هي‬ ‫أول من رثاه‪ ،‬حيث أنها حضرت الواقعة‪ ،‬وأنشدت فيه‪ ،‬شعرها‬ ‫المعروف‪:‬‬ ‫واحسينا ً فال نـــسـيت حسينا ً‬ ‫أقصدته أســـــــنة األعداء‬ ‫غادروه بكربالء صــــريعا ً‬

‫ال سقى هللا جانبي كربالء‬

‫وذلك عندما كانت في الشام‪ ،‬حيث أخذت رأس الحسين عليه السالم‪،‬‬ ‫وقبلته‪ ،‬و وضعته في حجرها‪.‬‬ ‫‪ -1‬الندب‪ :‬الندب في اللغة‪ :‬تقدير محاسن الميت‪ ،‬والبكاء عليه‪،‬‬ ‫وهو أحد الوسائل التي كانت تعقد به المجالس الحسينية حول قبر‬ ‫الحسين عليه السالم (املنجد‪:‬ص ‪ ،)164‬فهناك مجموعة من‬ ‫المنشدين‪ ،‬والنائحين‪ ،‬ورد في كتب التاريخ أن لهم إسهامات في‬ ‫إقامة المآتم الحسينية‪ ،‬وكان بعضهم قد تخصص‪ ،‬ونال شهرة‬ ‫تجاوزت بلدانهم‪ ،‬كما ذكر ذلك الشيخ محمد مهدي شمس وقد عرفوا‬ ‫‪12‬‬


‫بالنّواح‪ ،‬ويقدر الباحث أن النائح يقوم بدور أكبر من دور المنشد‪ ،‬إذا‬ ‫المنشد يقتصر على ذكر قصيدة الرثاء بأسلوب الرقة كما طلبها‬ ‫اإلمام الصادق عليه السالم‪ ،‬ذات مرة من أحد المنشدين وهو أبو‬ ‫هارون المكفوف‪ ،‬أما النائح فهو الذي يبكي على الميت بصراخ‪،‬‬ ‫وعويل ويكون هذا في مأل من الناس‪ ،‬وعادة ما يعرف هذا عن‬ ‫النساء‪ ،‬وقد ذكر "الكشي" في رجاله أن اإلمام الصادق طلب من‬ ‫سفيان بن مصعب العبدي أن يكتب شعراً تنوح به النساء (األمني‪:‬‬

‫أليات الشيعة‪ ،1 ،‬ص‪.)211‬‬

‫هذا ويزعم الباحث أن من نتائج بحثه الوقوف على منشأ إطالق‬ ‫الخطيبات الحسينيات على قصائد الشعر الرثائي الحسيني بكلمة‬ ‫"سفينة" وذلك خاصة في منطقة الخليج العربي كاألحساء‪ ،‬والقطيف‬ ‫والبحرين‪ ،‬تعود إلى سفيان بن مصعب العبدي حيث يعد أول من‬ ‫كتب شعرا لتنوح به النساء بأمر من اإلمام الصادق عليه السالم‪،‬‬ ‫حسب تتبع الباحث‪ ،‬حيث في البلدان األخرى في الخليج يطلق على‬ ‫كتب الشعر لديهن بالمرثيات أو ما شابه‪.‬‬ ‫ومن النواح الذين أوردهم العالمة الشيخ محمد مهدي شمس الدين‬ ‫هم‪-:‬‬ ‫‪-1‬ذرة النائحة‪.‬‬ ‫‪-2‬أحمد بن المزوق النائح كان حيا ً في سنة ‪321‬هـ‪.‬‬ ‫‪-3‬أبو القاسم عبد العزيز الشطرنجي‪ ،‬وهو نائح محترف وكان حيا ً‬ ‫في نهاية القرن الثالث‪ ،‬وبداية القرن الرابع‪ ،‬وكان ينوح بقصيدة‬ ‫الناشئ والصغير " علي بن عبد هللا بن الوصفي "‪.‬‬ ‫‪-2‬خلب‪ ،‬وهي نائحة مجيدة تنوح بقصيدة الناشئ‪.‬‬ ‫وأما المنشدون الذين عقدوا مآتم حسينية من خالل إنشادهم المراثي‬ ‫في الحسين عليه السالم فهم‪-:‬‬ ‫‪-1‬السيد الحميري‪ ،‬وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم‪.‬‬

‫( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص‪.)164‬‬

‫‪11‬‬


‫‪-2‬سفيان بن مصعب العبدي‪ ،‬وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه‬ ‫السالم‪ ( .‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)161‬‬ ‫‪-3‬أبو هارون المكفوف‪ ،‬وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه‬ ‫السالم‪ ( .‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)233‬‬ ‫‪-2‬أبو عمارة‪ ،‬وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم‪.‬‬

‫(األمني‪ :‬اقناع الالئم‪ ،‬ص‪.)64‬‬

‫‪-1‬جعفر بن عفان ‪ ،‬وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم‪.‬‬

‫( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)162‬‬

‫‪-1‬عبد هللا بن غالب‪ ،‬وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم‪.‬‬

‫( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)231‬‬

‫‪ -1‬دعبل الخزاعي‪ ،‬وقد أنشد بحضور اإلمام الرضا عليه السالم‪.‬‬

‫( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)333‬‬

‫ويالحظ على قائمة المنشدين أعاله كثرتهم في عهد اإلمام الصادق‬ ‫عليه السالم‪ ،‬مما يشير إلى أن حركته اإلصالحية الشاملة في مسيرة‬ ‫األمة‪ ،‬اشتملت على جانب المنبر الحسيني في دوره التأسيسي‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬آثار الدور التأسيسي على مسيرة‬ ‫المجالس الحسينية المعاصرة‬ ‫ترك الدور التأسيسي بصمات واضحة على مسيرة المآتم الحسينية‪،‬‬ ‫وال زالت آثار باقية إلى يومنا هذا‪ ،‬ولعل أهم تلك اآلثار التي تركها‬ ‫ما يلي‪-:‬‬ ‫‪-1‬إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المآتم الحسينية‪.‬‬ ‫‪-2‬وضع حجر األساس للبرنامج الزمني لنعقاد المآتم‪.‬‬ ‫‪-1‬تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم‪ ،‬وزيارة عاشوراء‪.‬‬ ‫‪-1‬إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء‪.‬‬ ‫‪11‬‬


‫‪-5‬تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي‪.‬‬ ‫‪-6‬حث الشعراء على رثاء الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ويقدر الباحث أن تلك المعالم التي تم إرسائها من قبل أهل بيت‬ ‫العصمة مبنية على الرواية التي أوردها الشيخ الطوسي " رضوان‬ ‫هللا عليه " في كتابه " مصباح المتهجد " حيث قال‪:‬‬ ‫روى محمد بن إسماعيل بن زريع عن صالح بن عقبه عن أبيه عن‬ ‫الباقر عليه السالم‪ ،‬قال‪ -:‬من زار الحسين بن علي عليه السالم‪ ،‬يوم‬ ‫عاشوراء من المحرم‪ ،‬يظل عنده باكيا لقي هللا عز وجل يوم القيامة‬ ‫بثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة‪ ،‬كثواب من حج واعتمر‬ ‫وغزا مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ومع األئمة‬ ‫الراشدين‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ ،‬جعلت فداك فما عن من كان في بعيد البالد‬ ‫وأقاصيها‪ ،‬ولم يمكنه المسير إليه في ذلك اليوم قال‪ :‬إذا كان كذلك‬ ‫برز إلى الصحراء‪ ،‬أو صعد سطحا ً مرتفعا ً في داره‪ ،‬وأومأ إليه‬ ‫بالسالم‪ ،‬واجتهد في الدعاء على قاتليه‪ ،‬وصلى من بعد ركعتين‪،‬‬ ‫وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس‪ ،‬ثم ليندب الحسين‬ ‫عليه السالم ويبكيه ويأمر من في داره ممن ال يتقيه بالبكاء عليه‪،‬‬ ‫ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه‪ ،‬وليعز فيها بعضهم‬ ‫بعضا ً بمصابهم بالحسين عليه السالم‪ ،‬وأنا الضامن لهم إذا فعلوا‬ ‫ذلك جميع ذلك‪ ،‬قلت جعلت فداك‪ ،‬أنت الضامن ذلك لهم والزعيم ؟‬ ‫قال‪ :‬أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك‪ ،‬قلت‪ :‬فكيف يعزي‬ ‫بعضنا بعضا ً قال‪ :‬تقولون‪:‬‬ ‫" عظم هللا أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السالم‪ ،‬وجعلنا وإياكم من‬ ‫الطالبين بثأره مع وليه اإلمام المهدي من آل محمد عليهم السالم "‪.‬‬ ‫وإن استطعت أن ال تخر في يومك في حاجة فافعل‪ ،‬فإنه يوم‬ ‫نحس‪ ،‬ال يقضى فيه حاجة مؤمن‪ ،‬وإن قضيت لم يبارك له فيما‬ ‫أدخر‪ ،‬ولم يبارك له في أهله‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك كتب هللا لهم ثواب ألف‬ ‫حجة‪ ،‬وألف عمرة‪ ،‬وألف غزوة كلها مع رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫وآله وسلم‪ ،‬وكان له أجر وثواب مصيبة كل نبي رسول‪ ،‬ووصي‪،‬‬ ‫وصديق‪ ،‬وشهيد مات أو قتل‪ ،‬منذ خلق هللا الدنيا إلى أن تقوم‬ ‫‪11‬‬


‫الساعة"‪( .‬القم ‪ :‬مفتايح اجلنات‪ ،‬ص ‪ ،550‬نقال لن مصباح املتهجد‬ ‫ليشيخ الطوس )‬ ‫من خالل هذه الرواية يجد الباحث أن اإلمام الباقر عليه السالم قد‬ ‫أرسى معالم كل الممارسات التي تقوم بها الشيعة في ذكرى مقتل‬ ‫الحسين عليه السالم‪ ،‬وهي‪-:‬‬

‫‪ -4‬إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المآتم الحسينية‪:‬‬ ‫من أبرز آثار هذا الدور‪ ،‬أن أهل البيت عليه السالم أسسوا ظاهرة‬ ‫الحزن‪ ،‬والبكاء داخل المآتم الحسيني‪ ،‬وجعلوا البكاء هدفا ً في حد‬ ‫ذاته‪ ،‬لما فيه من جزيل األجر‪ ،‬و الثواب‪ ،‬والمغفرة عند هللا عز‬ ‫وجل‪ ،‬وهو خالف لما يراه البعض من أن الدموع ليست هدفا ً في‬ ‫ذاتها‪ ،‬بل هي وسيلة لحث األمة‪ ،‬على االلتحام مع أهداف الحسين‬ ‫عليه السالم‪.‬‬ ‫نعم يمكن القول أن من آثار الدموع هو ذلك‪ ،‬ولكنه ال يمثل كل‬ ‫الدوافع التي جعلت أهل البيت يبكون على الحسين عليه السالم‪ ،‬فلو‬ ‫قدر في أي زمن من األزمان أن جاءت وسيلة تجذب الناس إلى‬ ‫أهداف الحسين عليه السالم‪ ،‬وتحقيق الغرض بغير البكاء والحزن‬ ‫فهل يمكن القول أن البكاء في مثل هذه الظروف الجديدة فقد أهميته!‬ ‫ويجب التخلي عنه لوجود وسيلة أخرى‪ ،‬حتما ً كال‪ ،‬وسيتم الوقوف‬ ‫على نصوص كثيرة داخل البحث تكشف عن مدى اهتمام أهل البيت‬ ‫عليهم السالم بجانب البكاء‪ ،‬وإظهار الحزن داخل المآتم‪.‬‬ ‫‪-2‬وضع حجر األساس للبرامج الزمنية لنعقاد المآتم‪:‬‬ ‫أوضح اإلمام الباقر أن زيارة اإلمام الحسين عليه السالم يوم‬ ‫عاشوراء لها أجر عظيم عند هللا عز وجل‪ ،‬وأن يكون الزائر في‬ ‫حالة من البكاء‪ ،‬والحزن على مصابه‪ ،‬عبر الوسائل المتاحة آنذاك‪،‬‬ ‫و هي الرثاء‪ ،‬و القصص‪ ،‬وقراءة المقتل‪ ،‬والندب كما ورد في‬ ‫رواية عبدهللا بن حماد البصري التي جاءت على شكل حوار مع‬ ‫‪14‬‬


‫اإلمام الصادق عليه السالم‪ ،‬والرواية تتحدث عن الزائرين للقبر في‬ ‫ليلة النصف من شعبان‪ ،‬وتعدد وسائلهم في البكاء‪ ،‬ولما كانت‬ ‫وسائلهم المذكورة آنفا في تلك الليلة‪ ،‬فإنه من المقرر أن تكون في‬ ‫يوم عاشوراء‪ ،‬فثواب الباكي فيه على الحسين أنه يلقي هللا بثواب‬ ‫ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة كثواب من حج واعتمر مع‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أن هناك‬ ‫الكثير من األوقات الهامة التي نوه عنها أئمة أهل البيت عليهم‬ ‫السالم‪ ،‬وحبذوا فيها زيارة الحسين عليه السالم‪ ،‬منها يوم عرفة‪،‬‬ ‫وليلة العيدين " الفطر – واألضحى "‪ ،‬وليلة الجمعة‪.‬‬ ‫‪ -1‬تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم والزيارة يوم عاشوراء‪:‬‬ ‫أشار اإلمام عليه السالم إلى أن قبر الحسين عليه من أفضل‬ ‫األماكن‪ ،‬وقد أتاح الفرصة للزائر المتواجد في أقاصي البالد‪ ،‬وال‬ ‫يستطيع الوصول إلى الضريح‪ ،‬أن يقيم الذكرى الحسينية ويؤدي‬ ‫حق الزيارة وهو في داره‪ ،‬حتى ال تكون مشقة السفر‪ ،‬وعناء‬ ‫الطريق حائالً‪ ،‬ومانعا ً لمشاعر الشيعة والمحبين‪ ،‬أن تحوحم حول‬ ‫الضريح فيخسرون بذلك فرصة ال تعوض إال في العام القادم‪ ،‬وقد‬ ‫أشار اإلمام على الزائر من أقاصي البالد أن يبرز إلى الصحراء‪،‬‬ ‫أو يصعد سطحا ً مرتفعا ً في داره‪.‬‬ ‫إذ من المقدر أن هدف اإلمام من ذلك هو تعميق نزعة الوالء‪ ،‬إذ‬ ‫في خروجه إلى الصحراء أو صعوده إلى أعلى السطح زوال لكل‬ ‫الحواجز المادية التي تحول بين الزائر وقبر الحسين عليه السالم‪ ،‬إذ‬ ‫لعل كتائب من المالئكة ستبارك هذا الصعود أو الخرو ‪ ،‬فتضفي‬ ‫طابعا ً روحانيا ً على هذه المحاولة الجادة في تحقيق المواساة بذكرى‬ ‫الخطب الجلل‪ ،‬والمصاب الكبير‪ ،‬الذي أصاب الدين بفقد اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم‪ ،‬فقد يكون هذا المسعى الجاد لتقريب المسافة‬ ‫بين الزائر البعيد بجسده عن قبر اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬القريب‬ ‫بمشاعره وأحاسيسه منه‪ ،‬سببا ً في استنهاض مشاعر الحزن والبكاء‬ ‫عنده‪ ،‬فيحصل على الثواب المكتوب لمن زار الحسين‪ ،‬ويبكي عليه‬ ‫في مثل هذه اليوم العظيم عند هللا عز وجل‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫‪ -1‬إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء‪:‬‬ ‫يقدر أيضا ً أن اإلمام الباقر عليه السالم أول من أرسى دعائم ظاهرة‬ ‫تعطيل المصالح الدنيوية التي تولد عنها إغالق المحالت التجارية‪،‬‬ ‫فقد صرح عليه السالم بأن هذا يوم نحس حيث قال‪ ":‬وإن استطعت‬ ‫أن ال تخر في يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس ال يقضي فيه‬ ‫حاجة مؤمن وأن قضيت لم يبارك له فيما أدخر ولم يبارك في أهله"‬

‫(القم ‪ :‬مفتايح اجلنات‪ ،‬ص ‪.)550‬‬

‫نعم أشار بأنه يوم نحس‪ ،‬ال تُقضى فيه حاجة مؤمن‪ ،‬وأن هللا ال‬ ‫يبارك فيما يُدخر‪ ،‬وال يُبارك في أهله‪.‬‬ ‫وربما أن هدف اإلمام من هذا التوجيه الهام‪ ،‬يريد أن يحدد المسار‬ ‫العام لسلوك الشيعة في هذا اليوم‪ ،‬وهو التفرغ إلظهار الحزن‪ ،‬وأثر‬ ‫المصيبة‪ ،‬ومن أجل أن يدعم هذا السلوك الجماعي‪ ،‬و يجذره في‬ ‫سلوك األمة‪ ،‬ويبعث فيها مؤهالت االستمرار والبقاء‪ ،‬كما أبرز‬ ‫عليه السالم بعد األجر‪ ،‬والمثوبة من هللا عز وجل لمن التزم بهذا‬ ‫السلوك‪ ،‬وذلك في تصريحه‪-:‬‬ ‫" فإذا فعلوا ذلك كتب هللا لهم ثواب ألف حجة وألف عمرة‪ ،‬وألف‬ ‫غزوة‪ ،‬كلها مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬وكان له أجر‬ ‫وثواب مصيبة كل نبي‪ ،‬و رسول‪ ،‬و وصي‪ ،‬و ص ّديق‪ ،‬و شهيد‬ ‫مات أو قتل‪ ،‬منذ خلق هللا الدنيا إلى أن تقوم الساعة" (القم ‪ :‬مفتايح‬

‫اجلنات‪ ،‬ص ‪)550‬‬

‫إن الهدف من تشويق اإلمام‪ ،‬وترغيبه للشيعة في االلتزام بهذا‬ ‫السلوك‪ ،‬هو جعل األمة تعيش حالة من الشجب‪ ،‬واالستنكار‬ ‫للجريمة النكراء التي نفذت بحق الحسين عليه السالم؛ ألن في‬ ‫تعطيل المصالح الدنيوية‪ ،‬وإغالق المحالت التجارية احتجا‬ ‫صارخ من شأنه أن يبعث رسائل مؤثرة ذات مضمون سامي‪ ،‬تبلغ‬ ‫‪13‬‬


‫من تصل إليه بأن الحسين عليه السالم لم يمت‪ ،‬وأن تضحيته لم‬ ‫تذهب أدرا الرياح‪ ،‬وأن كل قطرة دم سالت من نحره الشريف‪ ،‬لم‬ ‫يسر إلى األرض وإنما سالت في شرايين كل محبي الخير والسالم‬ ‫في العالم‪ ،‬وأنه سيظل بذلك نبراس هدى‪ ،‬يؤمه كل أباة الضيم‪،‬‬ ‫ورافضي الظلم والعدوان‪ ،‬الذي يما َرس بحق اإلنسان‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عن انتمائه المذهبي أو الطائفي؛ ولهذا يستحق كل فرد الثواب‬ ‫الموعود لمن ينظم في هذا التظاهرة العالمية الهامة‪.‬‬ ‫ومما يثلج الصدر أن هذه الظاهرة ال زالت موجودة‪ ،‬ويمارسها‬ ‫الشيعة اإلمامية إلى يومنا هذا‪ ،‬فهي ممتدة إلى عمق التاريخ‪ ،‬فقد‬ ‫كانت هذه الظاهرة موجودة على عهد الفاطميين في مصر خالل‬ ‫القرن الرابع الهجري‪ .‬وهذا ما نجده في أحد النصوص التاريخية‬ ‫التي تشير إلى حالة مصر يوم العاشر من المحرم‪ " :‬وفي عاشوراء‬ ‫من سنة ستة وتسعين وثالث مائة جرى األمر فيه على ما يجري في‬ ‫كل سنه‪ :‬من تعطيل األسواق‪ ،‬وخرو المنشدين إلى جامع القاهرة‪،‬‬ ‫ونزولهم مجتمعين بالنوح والنشيد" (مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف‬ ‫الوجدات الشعيب‪ ،‬ص‪ ،)202‬وأيضا ً ما نقله أبن األثير في أحداث سنة‬

‫‪ 312‬هـ أيام الدولة البويهية حيث قال‪ ":‬في هذه السنة أمرت الدولة‬ ‫الناس أن يغلقوا دكاكينهم في العاشر من محرم‪ ،‬ويعطلوا األسواق‪،‬‬ ‫والبيع‪ ،‬والشراء ويظهروا النياحة على الحسين ففعل الناس ذلك"‬

‫(مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب‪ ،‬ص‪.)202‬‬

‫كم هو عظيم أن تجد يوم العاشر من المحرم‪ ،‬وقد أغلقت فيه أبواب‬ ‫المحالت التجارية‪ ،‬على الرغم من كثرة عددها في المدينة الواحدة‪،‬‬ ‫والربح المتوقع في مثل هذا اليوم‪ ،‬حيث من المالحظ أنها تحدث‬ ‫أثرا هاما في النفوس‪ ،‬ممثلة احتجاجا صامتا على تلك الجريمة‬ ‫النكراء‪ ،‬مدويا عبر الزمن في نفوس األحرار‪ ،‬وإن طالت بهم‬ ‫السنون‪ ،‬كما أنها ترسل رسائل بالغة األثر لمن يجهل بوقوع تلك‬ ‫‪11‬‬


‫الجريمة‪ ،‬أو يعلم بها ولكن ال يعي حجم فداحتها في ضمائر‬ ‫األحرار‪ ،‬فتكون ظاهرة اإلغالق للمحال التجارية سببا في نفض‬ ‫غبار الزمان على تلك الحادثة األليمة‪ ،‬لتعود حية مرة أخرى من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫وإن ذاكرة الباحث لتختزن صوراً حية لهذه الظاهرة أبان طفولته‪،‬‬ ‫حيث كان يسكن في أحد أحياء مدينة الهفوف في حاضرة األحساء‪،‬‬ ‫الصاخبة بالحركة التجارية‪ ،‬منذ قرون طويلة مرت على المدينة‪،‬‬ ‫كما دلت على خرائط المؤرخين الذين أرخوا لهذه المدينة الهامة‪،‬‬ ‫وقد كان باعة بعض سلع السوق أغلبهم من الشيعة اإلمامية‪ ،‬فكم‬ ‫كان يستمتع هو وأقرانه من األطفال الذين ال تتجاوز أعمارهم آنذاك‬ ‫سن الثانية عشر عاما‪ ،‬أن يقفوا في السوق الذي يخترق تجمعهم‬ ‫السكاني في تلك المحلة‪ ،‬وأن يالحظوا عالمات التعجب التي تعلو‬ ‫وجوه مرتادي السوق من بعض أهل البادية‪ ،‬و القرى الشمالية‪،‬‬ ‫والشرقية لحاضرة األحساء‪ ،‬والبلدان المجاورة لهم ممن تغيب عن‬ ‫ذاكرتهم‪ ،‬أو وعيهم حادثة عاشوراء األليمة‪ ،‬أو يعلمون بها ولكن ال‬ ‫يرون وجها إلغالق المحالت التجارية بسببها‪ ،‬فيسألون عن سبب‬ ‫إغالق المحالت التجارية في وقت ال يصادف عطلة رسمية‪ ،‬أو ما‬ ‫شابه‪ ،‬وبالذات جميع محالت هذا السوق‪ ،‬وبعض المحالت التجارية‬ ‫األخرى كسوق القيصرية الشعبي‪ ،‬و سوق الحدادين‪ ،‬والنجارين‪،‬‬ ‫والصفارين‪ ،‬وباعة البشوت والعباءات النسائية‪ ،‬وبعض محالت بيع‬ ‫المالبس الخارجية والداخلية‪ ،‬وأغلب الباعة للمواد الغذائية بالجملة‬ ‫الكائنة في مركز مدينة الهفوف حيث القلب النابض لها‪ ،‬الصاخب‬ ‫بالنشاط والحيوية كما هو عادته‪ ،‬فكان البعض يسأل عن سبب‬ ‫إغالق كل هذه المحالت دفعة واحدة على الرغم من أهميتها‪ ،‬ووفرة‬ ‫الربح فيها‪ ،‬فيأتيه الجواب من سكان المحلة‪ ،‬وربما من األطفال‬ ‫أنفسهم أن اليوم يوم عاشوراء الحسين عليه السالم‪ ،‬واستنكارا لتلك‬ ‫المصيبة األليمة التي مرت قبل كل هذه القرون‪ ،‬يواصل أصحاب‬ ‫المحالت التجارية الشجب لها من خالل إغالق تلك المحالت لهذا‬ ‫الغرض‪ ،‬في هذا اليوم‪ ،‬نعم كان هذا الموقف من السائل والمجيب‪،‬‬ ‫موضع متعة ألولئك األطفال في ذلك السن لكونه يبرز جانبا من‬ ‫‪12‬‬


‫االلتزام بالرؤية وهو بلوغ رضا هللا‪ ،‬وبالرسالة التي خطها أهل‬ ‫البيت عليهم السالم كطريق مؤدي لتلك الرؤية‪ ،‬و يحفظ القيم‬ ‫األصيلة التي ورثتها األجيال المعاصرة عمن مضوا‪ ،‬عن أهل بيت‬ ‫الرسالة‪ ،‬وفي ذلك أبلغ دروس التربية‪ ،‬التي ال يمكن أن تصل بنفس‬ ‫األثر عبر الكتب‪ ،‬والخطب‪ ،‬التي قد ال تستوعبها عقولهم لحداثة‬ ‫سنهم آنذاك‪.‬‬ ‫‪ -5‬تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي‪:‬‬ ‫لقد ربط اإلمام الباقر عليه السالم مشاعر األمة ربطا وثيقا بالمصاب‬ ‫الجلل‪ ،‬الذي جرى على الحسين‪ ،‬وأهل بيته‪ ،‬وأصحابه‪ ،‬و وسع‬ ‫دائرة االهتمام بالقضية الحسينية‪ ،‬لتشمل األمة بأسرها‪ ،‬ولم يجعلها‬ ‫قاصرة على بيوت بني هاشم فقط‪ ،‬حيث الجميع ينبغي لهم أن‬ ‫يستشعروا األسى‪ ،‬والحزن في مقتل إمامهم‪ ،‬وهذا ما نستشفه من‬ ‫قوله عليه السالم‪ ،‬لما سأله أحدهم‪ ،‬فكيف يعزي بعضنا البعض‪،‬‬ ‫فقال له اإلمام‪ ":‬تقولون‪ :‬عظم هللا أجورنا بمصابنا بالحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره‪ ،‬مع وليه اإلمام المهدي من‬ ‫آل محمد عليه السالم"‪( .‬مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب‪،‬‬

‫ص‪.)112‬‬

‫إن من الواضح أن اإلمام استخدم ضمير " نا " للمتكلمين في كلمة‬ ‫"أجورنا"؛ لتشيع مشاعر الحزن الجماعية‪ ،‬فيكون استشعار‬ ‫المصيبة أكبر على جميع أفراد المجتمع‪ ،‬حيث خروجه إلى أرض‬ ‫كربالء كان بغرض إنقاذ اإلنسانية من غياهب الفساد‪ ،‬و الضالل‪.‬‬ ‫‪-6‬حث الشعراء على رثاء الحسين عليه السالم‪:‬‬ ‫لما كان الشعر من أصدق وسائل التعبير عما يجيش في مشاعر‬ ‫اإلنسان من أحزان‪ ،‬وأفراح‪ ،‬كان من البديهي أن يكون لحادثة‬ ‫الطف أثر عميق في نفوس المسلمين بشكل عام‪ ،‬والشيعة بشكل‬ ‫خاص‪ ،‬وأن تحتل ذكرى الحسين عليه السالم‪ ،‬وما جرى عليه من‬ ‫‪13‬‬


‫مصائب مساحة واسعة من اهتماماتهم‪ ،‬وأن تترجم تلك المشاعر‪،‬‬ ‫واألحاسيس عبر الشعر كوسيلة صادقة في هذا المجال‪ ،‬لما للشعر‬ ‫من خصوصية يمتاز بها في ذلك الوقت وهو أنه من أقوى وسائل‬ ‫التعبير عن آراء المجتمع‪.‬‬ ‫فقد كان الشاعر بمثابة اللسان الناطق‪ ،‬والقلم المعبر‪ ،‬حيث ال‬ ‫جريدة‪ ،‬وال إذاعة‪ ،‬وما شابه من وسائل اإلعالم‪ ،‬ولهذا كانت القبيلة‬ ‫في العرب قبل الجاهلية إذا نبغ فيها شاعر‪ ،‬أتت إليها القبائل فهنأتها‪،‬‬ ‫وصنعت األطعمة واجتمعت النساء يلعبن بالمزامير‪ ،‬كما يصنعون‬ ‫في األعراس‪ ،‬و يتباشر الرجال‪ ،‬والولدان‪ ،‬ألنه حماية ألعراضهم‪،‬‬ ‫وذب عن أحاسيسهم‪ ،‬وإشادة بذكرهم‪ ،‬وكانوا ال يهنئون إال بغالم‪،‬‬ ‫أو شاعر ينبغ فيهم‪( .‬فروخ‪ :‬تاريخ األدب العريب‪ ،4 ،‬ص ‪.)67‬‬ ‫ولما كان الشعر في ذلك الزمان يمثل هذه المنزلة القوية في الدفاع‪،‬‬ ‫واإلعالن‪ ،‬فقد تعرض الشعراء الذين رثوا اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وأرخوا فاجعته‪ ،‬إلى أشد ألوان العذاب‪ ،‬والتضييق‪ ،‬و‬ ‫التنكيل‪ ،‬كما صرح بذلك أبو الفر األصفهاني في مقاتل الطالبين‪":‬‬ ‫كانت الشعراء ال تقدم على رثاء الحسين عليه السالم‪ ،‬مخافة من‬ ‫بني أمية‪ ،‬وخشية منهم" ( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪ ،.)22‬بل إن‬ ‫القصيدة التي تذكر الحسين عليه السالم كانت تكتم‪ ،‬كما ورد في‬ ‫تاريخ ابن األثير عندما أورد قصيدة أعشى همدان التي رثا فيها‬ ‫التوابين الذين طلبوا بثائر الحسين‪ ،‬والتي منها‪:‬‬ ‫فساروا وهم مابين ملتمس التقى وآخر مما جـــرى باألمس تائب‬ ‫وقال وهي مما يكتم في ذلك الزمان‪.‬‬ ‫وكان األئمة عليه السالم على علم تام بما يجري على الشعراء الذين‬ ‫يرثون الحسين عليه السالم‪ ،‬ويعلمون أيضا ً فداحة الخطب الذي‬ ‫سيترتب على استجابة الشعراء لهذا اللون من الضغط المشكل عليهم‬ ‫‪12‬‬


‫من بني أمية‪ ،‬وفي الوقت ذاته يعلمون أيضا ً بأن قضية الحسين عليه‬ ‫السالم تحتا إلى اإلعالم الالزم لتغطية أحداثها‪ ،‬والوسيلة التي‬ ‫تسير بذكرها إلى المحافل االجتماعية والثقافية‪ ،‬وأنه البد أن تأخذ‬ ‫وسائل اإلعالم طريقها في تلك القنوات الطبيعية؛ لتصل إلى أفراد‬ ‫المجتمع‪ ،‬ولتنتقل إلى األجيال القادمة‪ ،‬لتحدث األثر الذي أراده‬ ‫الحسين عليه السالم من نهضته المقدسة‪ ،‬فما كان منهم عليه السالم‬ ‫إال أن أعطوا بعداً ثوابيا ً لمن قال الشعر في اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم من باب أن ذلك من تعظيم الشعائر كما قال تعالى " ومن‬ ‫يعظم شعائر هللا فإنها من تقوى القلوب " فقد وعدوا كل شاعر‬ ‫بالجزاء األوفى لمن قال ولو بيتا ً واحداً من الشعر في اإلمام الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬وجعلوا قرض الشعر في رثائه لونا ً من ألوان الجهاد‬ ‫في سبيل هللا‪.‬‬ ‫لعل من أبرز التصريحات الهامة التي دفعت مسيرة الشعر‬ ‫الحسيني‪ ،‬تلك األحاديث المروية عن اإلمام الصادق عليه السالم في‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد كان لها أثر واضح في دفع مسيرة التشيع بشكل عام‪،‬‬ ‫وعلى كل األصعدة‪ ،‬نظراً للظروف الجيدة التي كان يعيشها فترة من‬ ‫حياته الشريفة‪ ،‬مقارنة ببقية عهود األئمة عليه السالم الذين سبقوه‪،‬‬ ‫والذين جاؤا من بعده‪ ،‬فقد عاصر المرحلة االنتقالية بين الحكم‬ ‫األموي والحكم العباسي‪ ،‬ولما لهذا االنتقال من أثر بالغ أضعف‬ ‫قدرة كلتا الدولتين‪ ،‬حيث األولى في دور االحتضار‪ ،‬والثانية في‬ ‫طور الوالدة‪ ،‬وقد استفاد اإلمام من هذه الفرصة في نشر مبادئ‬ ‫اإلسالم الحقة‪ ،‬ومن ضمن ما اهتم به‪ ،‬وأعطاه من الرعاية ما‬ ‫يستحق هي المآتم الحسينية‪ ،‬وتشجيع الشعراء على رثاء الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬بل مطلق نظم الشعر في فضائل أهل البيت حـتى أنه‬ ‫قال‪ " :‬من قال فينا بيتا ً من الشعر يؤيد بروح القدس "‪ ،‬وأيضا ً قال‪":‬‬ ‫من قال فينا بيتا ً من الشعر بنى له هللا بيتا ً في الجنة " ( رب‪ :‬أدب‬

‫الطف‪ ،1 ،‬ص ‪ ،22‬نقال لن ليوت أخبار الرضا ليشيخ الصدو )‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫وقد استجاب الكثير من شعراء أهل البيت عليهم السالم لنداء اإلمام‬ ‫الصادق‪ ،‬وغيره من األئمة الذين أكدوا على ثواب من أنشد شعراً‬ ‫في اإلمام الحسين‪ ،‬وبقية األئمة‪ ،‬وكم كان اإلمام يحتفي بما أبدعته‬ ‫قرائح الشعراء‪ ،‬ويهيئ األجواء المناسبة التي تشجع الشعراء؛‬ ‫إلنشاد ما جادت به مشاعرهم‪ ،‬ولعل في الرواية التي رواها ثقة‬ ‫اإلسالم الكليني أكبر دليل‪ ،‬فقد روى في روضة الكافي بإسناده عن‬ ‫أبي داوود المسترق قال‪ :‬دخلت على أبي عبد هللا عليه السالم‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫قولوا ألم فروة تجيء فتسمع ما صنع بجدها‪ ،‬قال‪ ،‬فجاءها فقعدت‬ ‫خلف الستار‪ ،‬ثم قال أنشدنا‪ :‬فقلت‪-:‬‬ ‫بدمعك المسكوب‬ ‫فرو جــودي‬ ‫فصاحت‪ ،‬وصحن النساء فقال أبو عبد هللا عليه السالم الباب‪،‬‬ ‫فاجتمع أهل المدينة على الباب‪ ،‬قال فبعث إليهم أبو عبد هللا أن صبيا ً‬ ‫لنا غشي عليه فضجت النساء (بتصرف)‪ ،‬وفي رجال الشيخ أن‬ ‫اإلمام الصادق عليه السالم قال‪" :‬يا معشر الشيعة علموا أوالدكم‬ ‫شعر العبدي فإنه على دين هللا" ( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)113‬‬ ‫وقد بذل اإلمام الصادق عليه السالم في سبيل تشجيع الشعراء ما‬ ‫يستطيع‪ ،‬حتى لو كان التشجيع فيه كشف ألمور غيبية‪ ،‬فقد روى‬ ‫الكشي بإسناده عن زيد الشحام‪ ،‬قال‪ :‬كنا عند أبي عبد هللا ونحن‬ ‫جماعة من الكوفيين فدخل جعفر بن عفان على أبي عبد هللا عليه‬ ‫السالم فقربه‪ ،‬وأدناه ثم قال يا جعفر قال‪ ،‬لبيك جعلني هللا فداك‪ ،‬قال‬ ‫بلغني أنك تقول الشعر في الحسين عليه السالم‪ ،‬وتجيده فقال له نعم‬ ‫جعلني هللا فداك قال‪ :‬قل‪ ،‬فأنشد فبكى عليه السالم‪ ،‬ومن حوله‪ ،‬حتى‬ ‫جرت الدمـوع على وجهه ولحيته‪ ،‬ثم قال يا جعفر‪ ":‬وهللا لقد شهدت‬ ‫مالئكة هللا المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين عليه السالم‪،‬‬ ‫ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر‪ ،‬ولقد أوجب هللا تعالى يا جعفر في‬ ‫ساعتك الجنة بأسرها‪ ،‬وغفر لك‪ ،‬ثم قال يا جعفر أال أزيدك قال نعم‬ ‫يا سيدي‪ ،‬قال ما من أحد قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به إال‬ ‫أوجب هللا له الجنة وغفر له ( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪، )162‬‬ ‫ومن شعر جعفر بن عفان على الحسين‪-:‬‬ ‫‪11‬‬


‫أال يا عين فابـكي ألف عام‬

‫وزيدي إن قدرت علـــى البكاء‬

‫إذا ذكـر الحــسين فال تملي‬

‫وجودي الدهر بالعبرات جودي‬

‫بكـين وما درين وأنت تدري‬

‫فكيف تهم عـــــــــينك بالجمود‬

‫أتنسى سبط أحمد حين يمسي‬

‫ويصــــبح بين أطباق الصـعيد‬

‫ومن المالحظ في سيرة اإلمام الصادق أنه إذا استنشد شاعراً أو‬ ‫منشداً‪ ،‬ال يقتصر الحضور على نفسه الزكية‪ ،‬وإنما يدعو أهل بيته‬ ‫من النساء أيضا ً للمشاركة‪ ،‬وهذا مصداق الهتمامه بجعل المجالس‬ ‫الحسينية تشيع فيها روح الحزن الجماعية‪ ،‬وكما يروي ابن قولويه‬ ‫في كامل الزيارات‪ ،‬قال‪ :‬حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن‬ ‫الحسين عن ابن أبي عمير عن عبدهللا بن حسان عن ابن أبي شعبة‬ ‫عن عبدهللا بن غالب‪ ،‬قال‪ :‬دخلت على أبي عبد هللا عليه السالم‬ ‫فأنشدته مرثية في الحسين‪ ،‬فلما انتهت إلى هذا الموضع‪:‬‬ ‫بمسقاه الثرى عفر التراب‬ ‫فيا ليلية تكسو حسينا‬ ‫صاحت باكية من وراء الستر‪ :‬وا أبتاه‪ ( .‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص‬

‫‪.)231‬‬

‫وقد قال الشيخ المامقاني عن الشيخ الطوسي أن اإلمام الصادق عليه‬ ‫السالم قال في حق عبد هللا بن غالب‪ :‬إن ملكا يلقنك الشعر وإني‬ ‫ألعرف ذلك الملك""‪ ( .‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)233‬‬ ‫وأيضا ً ما رواه ابن قولويه بإسناده عن أبي أبو هارون المكفوف‬ ‫قال‪ :‬دخلت على أبي عبد هللا عليه السالم فقال لي أنشدني‪ :‬فأنشدته‪:‬‬

‫( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)164‬‬

‫‪11‬‬


‫امرر على جدث الحسين‬

‫وقل ألعظــــــمه الزكية‬

‫يا أعظـــــما ً الزلــت من‬ ‫ما لذ عــــــــــــــيش بعـد‬

‫وطفــــاء ساكـــبة روية‬ ‫رضك بالجياد األعـوجية‬

‫قبر تضـــــــــــــمن طيبا‬ ‫آباؤه أهــــــــــــل الرياسة‬

‫آباؤه خــــــــــــير البــرية‬ ‫والخـــــــــالفة والوصـــية‬

‫والخير والشـــــيم المهذبة‬

‫الطيــــــــــــــبة الرضـــية‬

‫فإذا مررت بقـــــــــــــبره‬

‫فأطل به وقــــف المـــطية‬

‫وابك المطـــــهر للمطـهر‬

‫والمطـــهــــــــرة الــزكية‬

‫والنتيجة التي تمخضت عن هذه الرعاية الكبيرة من اإلمام الصادق‬ ‫عليه السالم‪ ،‬وإشرافه المباشر على موضوع رثاء الحسين منذ بداية‬ ‫المشوار‪ ،‬ومنحه الرعاية ما يستحق‪ ،‬أن بلغ من حيث الكثرة‪،‬‬ ‫والجودة‪ ،‬ما يصعب حصره‪ ،‬فقد يحتا من أراد جمع هذا اإلنتا‬ ‫األدبي إلى مئات المجلدات‪ ،‬كما صرح بذلك السيد جواد شبر في‬ ‫كتابه " أدب الطف " فقد أورد رحمة هللا إحصائيات تشير إلى‬ ‫ضخامة الكم الذي أنجز في هذا المجال منها‪-:‬‬ ‫‪-1‬الشيخ أحمد البالدي األحسائي من شعراء القرن الثاني عشر‬ ‫الهجري نظم ‪ 1333‬قصيدة في رثاء اإلمام الحسين عليه السالم‪،‬‬ ‫ودونها في مجلدين ضخمين كما روى ذلك الشيخ األميني في‬ ‫‪.‬‬ ‫موسوعته‬ ‫‪-2‬الشيخ الخليعي جمال الدين بن عبد العزيز‪ ،‬وهو من شعراء‬ ‫القرن التاسع له ديوان شعر كله في اإلمام الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-3‬الشيخ حسن الدمستاني البحراني‪ ،‬من شعراء القرن الثالث عشر‪،‬‬ ‫له ديوان كله في يوم كربالء‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫‪-2‬الشيخ محمد الشويكي من شعراء القرن الثاني عشر‪ ،‬له ديوان في‬ ‫مدائح النبي وآله الطاهرين‪ ،‬وآخر في مراتبهم اسماه " مسيل‬ ‫العبرات " ويحتوي على ‪ 13‬قصيدة في أوزان مختلفة‪.‬‬ ‫‪-1‬مئات المقاتل التي تروي قصة الحسين عليه السالم‪،‬وتثبت شواهد‬ ‫من الشعر الذي قيل في رثائه‪.‬‬ ‫‪-1‬مجاميع خطيه في الكتاب العامة والخاصة‪ ،‬وفيها المئات من‬ ‫القصائد الحسينية ولم يذكر اسم ناظمها وقائلها‪.‬‬ ‫وهذا غيض من فيض‪ ،‬وما جاء إال بالنزر القليل‪ ،‬ولو جاء فقط‬ ‫باسماء من رثوا الحسين عليه السالم في موسوعته لطال به المقام‪.‬‬

‫وهلل در من قال‪ ( :‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،1 ،‬ص ‪.)4‬‬ ‫تجاوبت الدنيا عليك مآتما ً‬

‫نواعيك فيها للقيامة تهتف‬

‫المبحث الرابع‪ :‬انتهاء الدور التأسيسي‪ ،‬وبداية‬ ‫الدور الروائي في مسيرة الخطابة الحسينية‬ ‫من غير الممكن أن يوضع حدا ًفاصالً بين نهاية الدور‬ ‫التأسيسي‪،‬وبداية الدور الروائي في تاريخ المآتم الحسينية إذ هناك‬ ‫تمازجا ً مابين العهدين‪ ،‬ولكن يمكن القول أن الدور التأسيسي‬ ‫استوفى مدته بوضع أئمتنا عليهم السالم األسس والقواعد الثابتة‬ ‫للمآتم الحسينية‪ ،‬وذلك في عهد اإلمام السجاد‪ ،‬واإلمام الباقر‪،‬‬ ‫واإلمام الصادق عليهم السالم وهذه القواعد واألسس متمثلة فيما‬ ‫ذكرناه سابقا ً تحت عنوان آثار الدور التأسيسي‪ ،‬وهي‪-:‬‬ ‫‪-4‬إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المأتم الحسيني‪.‬‬ ‫‪-2‬وضع حجر األساس للبرنامج الزمني لنعقاد المآتم‪.‬‬ ‫‪-1‬تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم‪ ،‬والزيارة يوم عاشوراء‪.‬‬ ‫‪-1‬إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء‪.‬‬ ‫‪-5‬تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي‪.‬‬ ‫‪16‬‬


‫‪-6‬حث شيعتهم على رثاء الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫وجاء من بعدهم بقية األئمة المعصومين هم‪ :‬الكاظم‪ ،‬والرضا‪،‬‬ ‫والجواد‪ ،‬والهادي‪ ،‬والعسكري‪ ،‬والمهدي عليهم السالم‪ ،‬سائرين‬ ‫على نهج من سبقوهم من أئمة أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬ومؤكدين‬ ‫على أهمية استمرار المآتم على هذه القواعد الثابتة‪.‬‬ ‫أما الدور الروائي فقد جاء بعد الدور التأسيسي‪ ،‬إن لم يكن متمازجا ً‬ ‫معه فقد جاء بعد الرعاية المتميزة التي أوالها كل من اإلمام الباقر‬ ‫والصادق عليهما السالم بالذات‪ ،‬نظراً للظروف المتميزة التي‬ ‫عاشاها وخاللها فجّرا ثورتها العلمية واهتما بكثير من الجوانب‬ ‫العلمية‪ ،‬والدينية ومن ضمنها المآتم الحسينية‪ ،‬كما تم ذكره سالفا ً‪،‬‬ ‫وقد كان لإلمام السجاد الدور الكبير في إرساء ظاهرة البكاء على‬ ‫والده الحسين عليهما السالم‪ ،‬بحيث أنه ح ّول حياته كلها إلى قطعة‬ ‫من البكاء واأللم حزنا ً لما جرى في عرصة الطف‪ ،‬فقد روى ابن‬ ‫شهر أثوب في " المناقب " عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‬ ‫السالم أنه قال‪ :‬بكى علي الحسين عشرين سنة‪ ،‬وما وضع بين يديه‬ ‫طعام إال بكى‪ ،‬حتى قال له مولى له‪ :‬جعلت فداك يا بن رسول هللا‬ ‫إني أخاف أن تكون من الهالكين قال عليه السالم‪ :‬إنما أشكو بثي‪،‬‬ ‫وحزني إلى هللا‪ ،‬وأعلم من هللا ما ال تعلمون‪ ،‬إني لم أذكر مصرع‬ ‫بني فاطمة إال خنقتني العبرة‪( .‬األمني‪ :‬إقناع الالئم‪ ،‬ص ‪.)44‬‬ ‫وقد بدأت فعاليات الدور الروائي ونمت بفعل اهتمام األوساط‬ ‫الشعبية ورعاية األئمة عليهم السالم لهم‪ ،‬وقد أفرز هذا االهتمام‬ ‫مجموعة من الوثائق الهامة‪ ،‬التي أعطت بعض التصور عن تفاعل‬ ‫تلك األوساط بالقضية الحسينية‪ ،‬وإقامة المآتم إلحيائها‪.‬‬ ‫إن من أبرز تلك الوثائق‪ ،‬ذلك العدد الكبير من المقاتل التي تقرأ عند‬ ‫قبر الحسين عليه السالم‪ ،‬أو في المآتم الحسينية البعيدة في أقاصي‬ ‫‪13‬‬


‫البالد‪ ،‬وهذه العادة ليست مقتصرة على الدور الروائي‪ ،‬بل ال زالت‬ ‫مستمرة إلى وقتنا هذا‪ ،‬فمن المالحظ أن المقاتل وقراءتها لم تكن‬ ‫وقفا ً على زمان معين‪ ،‬وقد أورد اآلغا بزرك الطهراني في كتابه "‬ ‫الذريعة إلى تصانيف الشيعة " أسماء المقاتل الحسينية‪ ،‬وقد أحصى‬ ‫الباحث عدد المقاتل التي جاء بذكرها والتي تبدأ بكلمة مقتل وهي‬ ‫خاصة بمقتل الحسين فوجدها " ‪ " 11‬مقتالً وال زال التأليف في هذا‬ ‫المضمار جاريا ً‪ ،‬وآخر ما جاءنا من المقاتل " مصرع الحسين "‬ ‫للشيخ عبد الوهاب الكاشي الطبعة األولى في ‪1362‬هـ‪ ،‬وآخر للشيخ‬ ‫عبد الزهراء الكعبي كما للشيخ سعيد أبو المكارم العوامي القطيفي‬ ‫مقتل بعنوان " قتيل العبرة "‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬المجالس الحسينية في األحساء‬ ‫خالل الدور التأسيسي‬ ‫ويشتمل على المطالب التالية‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخلفية الحضارية لمنطقة األحساء‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬سفيان بن مصعب العبدي كرائد مؤسس في مجال‬ ‫الخطابة الحسينية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الخلفية الحضارية لحاضرة األحساء‬ ‫نظرا الهتمام هذه الدراسة بواقع الخطابة الحسينية في حاضرة‬ ‫األحساء‪ ،‬وذلك بجعل واقعها حالة دراسية‪ ،‬كما هو مقرر في‬ ‫منهجيتها‪ ،‬تلك الحاضرة التي جاء اسمها في التاريخ باسم البحرين‪،‬‬ ‫تارة وباسم هجر تارة‪ ،‬و األحساء تارة أخرى كما هو اآلن‪ ،‬وعليه‬ ‫من الالزم وفقا لذلك أن ترصد مسيرة الخطابة الحسينية فيها منذ‬ ‫حادثة كربالء عام ‪11‬هـ‪ ،‬إال أنه على الرغم من الخلفية الحضارية‬ ‫المتقدمة لهذه المنطقة يبقى تاريخها إلى اآلن يلفه غموض كبير‪،‬‬ ‫وعتمه منقطعة النظير‪ ،‬وال يدرك ذلك إال من يتعرض للبحث عن‬ ‫‪11‬‬


‫بعض شئونها‪ ،‬كما تم ذكره‪ ،‬لذا عندما حاول الباحث الكتابة عن‬ ‫تاريخها‪ ،‬فيما يتعلق بواقعة الطف وما جرى بعدها‪ ،‬وكيف بدأ‬ ‫المأتم الحسيني فيها؟ وعلى يد من بدأ؟ وكيف تطور؟ لم يجد ما يدله‬ ‫على ذلك‪ ،‬وهو أمر مؤسف حقا ً‪ ،‬فكم هو مؤلم أن ال تعرف العمق‬ ‫التاريخي لهذه الظاهرة اإليمانية في هذا البلد المؤمن‪ ،‬الذي يعطي‬ ‫المآتم الحسينية حفاوة منقطعة النظير على الصعيد العالمي‪ ،‬عدا‬ ‫بعض المناطق المجاورة له‪ ،‬بل من يزورها‪ ،‬ويقارنها بغيرها من‬ ‫البلدان‪ ،‬يجد أنها تمتاز بهذه المجالس‪ ،‬وعلى سبيل المثال ال الحصر‬ ‫كثرة الحسينيات والمآتم المنعقدة في المساجد‪ ،‬والمنازل‪،‬‬ ‫واالستراحات‪ ،‬والمزارع‪ ،‬فعلى سبيل المثال ال يخلو حي من أحياء‬ ‫مدينة الهفوف – وإال وفيه عشر " ‪ " 13‬حسينيات على األقل وعلى‬ ‫هذا فقس في مدينة المبرز وقرى األحساء شرقها وشمالها‪ ،‬مضافا‬ ‫لما يعقد في أماكن السكن والنزهة‪ ،‬وال يقتصر عقد المآتم على أيام‬ ‫عاشوراء‪ ،‬بل طيلة العام في العديد منها‪ ،‬خاصة الحسينيات التي بها‬ ‫أوقاف كافية تسد نفقاتها‪ ،‬أما البيوت فالعادات األسبوعية ظاهرة‬ ‫جارية في أحياء مدنها وقراها‪ ،‬بل تجد أن األغلبية العظمى منهم ال‬ ‫يمكن أن يهدأ لهم بال حتى يعقدوا مجالس حسينية في المنازل‬ ‫الجديدة التي يسكنوها‪ ،‬والحيازات الزراعية التي يقتنونها للضيافة‬ ‫والترفيه‪.‬‬ ‫إن الباحث يقدر أن حاضرة األحساء كان فيها أصداء واسعة‬ ‫االنتشار لواقعة الطف المجيدة‪ ،‬كغيرها من باقي المناطق اإلسالمية‬ ‫التي تلقت نبأ مقتل اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬ويبني الباحث تقديره‬ ‫هذا‪ ،‬على ما وقع بيده من مؤشرات هامة تشير إلى خلفيتهم‬ ‫اإليمانية‪ ،‬والحضارية‪ ،‬وإطالعهم على آخر األحداث اإلسالمية‬ ‫وتفاعلهم بها وهي كاآلتي‪-:‬‬ ‫‪ -1‬إن أفراد هذه المنطقة لم يعيشوا على هامش األحداث اإلسالمية‬ ‫التي انبثقت في شبه الجزيرة العربية منذ بزوغ نجم اإلسالم فيها‪ ،‬بل‬ ‫كان لهم الحضور الواضح الفعال الذي ال يشوبه شك‪ ،‬ولعل إسالم‬ ‫المنذر بن ساوي والي هجر من قبل الفرس‪ ،‬وتحليه بتلك الرؤية‬ ‫‪12‬‬


‫المنفتحة التي شبهها رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم بانفتاحية‬ ‫األنصار حيث قال‪" :‬يا معشر األنصار أكرموا إخوانكم فإنهم أشبه‬ ‫الناس بكم في اإلسالم‪ ،‬أسلموا طائعين غير مكرهين وال موتورين"‪،‬‬ ‫وهى انفتاحية‪ ،‬وعقالنية و َّجه رسول هللا صلى هللا عليه وآله األنظار‬ ‫إليها‪ ،‬من خالل تقديره لموقفها الحضاري‪ ،‬كما أشاد بها وأطراها‪،‬‬ ‫ويمكن إدراك ذلك من خالل كلماته التي تعتبر أو سمة شرف‪،‬‬ ‫ونياشين كرامة علقها على صدورهم‪ ،‬حينما قال‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫" ليلأتين ركلب ملن قبلل أهلل المشللرق‪ ،‬للم يكرهلوا عللى اإلسلالم"‬

‫)العسقالين‪ ،‬اإلصابة يف متييز الصحابةص ‪(331‬‬

‫وفي رواية أخرى " سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم من خير أهل‬ ‫‪.‬‬ ‫المشرق "‬ ‫وقد قال هذه العبارات مخبراً أهل المدينة‪ ،‬ليلة ذاك اليوم الذي قدم‬ ‫فيه وفد من عبد القيس‪ ،‬قبيلة المنذر بن ساوي وذلك في السنة‬ ‫السابعة للهجرة‪.‬‬ ‫وكم كان ترحيب النبي صلى هللا عليه وآله وسلم بهم حاراً‪ ،‬فقد قال‬ ‫‪.‬‬ ‫لهم عند مقدمهم "مرحبا ً بالقوم ال خزايا وال ندامى"‬ ‫ولم يفته أن يبارك لهم خطوتهم اإليمانية بدخولهم اإلسالم طائعين‪ ،‬و‬ ‫أن يدعو لهم بقوله‪":‬اللهم اغفلر لعبلد القليس"‪) .‬العسـقالين‪ ،‬اإلصـابة يف‬

‫متييز الصحابةص ‪(331‬‬

‫ولمللا عللادوا إلللى األحسللاء حولللوا بيعللتهم إلللى مسللجد‪) ،‬العســقالين‪،‬‬ ‫اإلصابة يف متييز الصحابةص ‪ ،(331‬حيث كانوا يدينون بالنصرانية‪.‬‬ ‫‪-2‬متابعتهم الدقيقة والجادة ألخبار الرسالة أوالً بأول‪ ،‬على رغم‬ ‫البعد المكاني بينهم وبين مصدر اإلشعاع‪ ،‬فرسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫وآله وسلم في الجانب الغربي لشبه الجزيرة العربية‪ ،‬وأهالي هجر‬ ‫في الجانب الشرقي منها ومع ذلك كانوا متابعين لما يجري في ساحة‬ ‫‪13‬‬


‫الرسالة من تشريعات‪ ،‬وحوادث‪ ،‬ومن أهم المؤشرات في هذا‬ ‫الجانب هو إقامتهم الصالة لثاني جمعة في اإلسالم‪ ،‬في مسجد جواثا‬ ‫الواقع شرق قرية الكالبية في األحساء‪ ،‬وقد كان هذا المسجد تابعا ً‬ ‫لقرية جواثا ولكنها اندثرت ولم يبقى منها إال أطاللها‪ ،‬وبذلك يفتخر‬ ‫بنو عبد القيس بهذا السبق في بناء المسجد‪ ،‬والصالة فيه ثاني جمعة‬ ‫في اإلسالم كما ورد في صحيح مسلم عن الصحابي الجليل عبد هللا‬ ‫بن عباس قال‪:‬‬ ‫أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫وآله وسلم‪ ،‬في مسجد عبد القيس بجواثا‪ ،‬وبذلك يفتخر بنو عبد‬ ‫القيس‪ ،‬حيث يقول شاعرهم‪:‬‬ ‫والمسجد الثالث الشرقي كان لنا‬

‫والمنبران وفصل القول في الخطب‬

‫أيام ال مـــــسجد للـناس تعــرفه‬

‫إال بطيبه والمحـــــــجو ذو الحجب‬

‫‪ -3‬انخراط مجموعة ملن أبنائهلا‬ ‫البلللللررة فلللللي علللللداد الصلللللحابة‬ ‫والتلللللابعين‪ ،‬ووالئهلللللم عقائلللللديا ً‬ ‫لإلمام علي عليه السالم وسيرهم‬ ‫على نهجه بعد وفلاة النبلي محملد‬ ‫صللللللى هللا عليللللله وآلللللله وسللللللم‬ ‫وثبللاتهم معلله فللي تلللك األحللداث‬ ‫الصاخبة التي اجتاحلت المجتملع‬ ‫اإلسللللالمي آنللللذاك‪ ،‬واسللللتمرار‬ ‫سلللليرة تشلللليعهم ووالئهللللم لبقيللللة‬ ‫األئمة ملن بعلده (الشـ ‪ ،‬ألـالم‬

‫هج ـ ـ ـ ــر‪ ،‬مقدم ـ ـ ـ ــة الش ـ ـ ـ ــيخ ال ـ ـ ـ ــدكتور‬ ‫الشيخ جواد بن حسين الرمضان‬

‫‪12‬‬


‫لبداهلادي الفضي ‪ ،‬ص‪.)21‬‬

‫كأمثال زيد بن صوحان العبدي وأخوه صعصعة بن صوحان‬ ‫العبدي‪ ،‬وعبدهللا بن صوحان العبدي‪ ،‬وحكيم بن جبلة العبدي‪،‬‬ ‫وخالس بن عمر الهجري ممن عرفوا تاريخيا ً ومذهبيا ً بأصحاب‬ ‫علي عليه السالم فزيد‪ ،‬وحكيم قاتال مع علي يوم الجمل‪،‬‬ ‫وصعصعة صاحب المواقف المعروفة مع معاوية حتى نفاه المغيرة‬ ‫من الكوفة بأمر معاوية إلى جزيرة أوال في البحرين فمات فيها‪،‬‬ ‫وكل من هؤالء الثالثة كان من سادات عبد القيس وشجعانها‪،‬‬ ‫وبهؤالء وأمثالهم بما أبلوا من بالء حسن إعالميا ً وعسكريا ً في‬ ‫الوقوف إلى جانب اإلمام علي عليه السالم‪ ،‬نمت بذرة التشيع في‬ ‫المنطقة وذهبت تضرب بجذورها عميقا ً وامتدت تظلل بفروعها‬ ‫وريفا ً‪( .‬الش ‪ ،‬ألالم هجر‪ ،‬مقدمة الشيخ الدكتور لبداهلادي الفضي ‪،‬‬

‫ص‪.)21‬‬

‫‪ -2‬تعاقب مجموعة من الوالة الذين كان لهم ميول شيعية واضحة‪،‬‬ ‫ومكثوا في المنطقة مدة طويلة‪ ،‬وال يستهان بأثرهم في تشيع كثير‬ ‫من أبناء المنطقة‪ ،‬فقد ذكر السيد األمين في أعيان الشيعة‪ ،‬بأن العلة‬ ‫في تشيع هذه المنطقة منذ القدم ناقال ذلك عن كتاب مجالس‬ ‫المؤمنين‪ ":‬أن تشيع أهل البحرين وقصباتها مثل القطيف والحسا‪،‬‬ ‫شائع من قديم الزمان‪ ،‬وهذا يعود إلى أن أبان بن سعيد كان عامالً‬ ‫عليها مدة في مبدأ اإلسالم‪ ،‬وهو من الموالين ألمير المؤمنين علي‬ ‫عليه السالم‪ ،‬وصار عامالً عليها عمر بن أبي سلمة مدة‪ ،‬وأمه أم‬ ‫سلمة أم المؤمنين رضي هللا عنها وهو أيضا ً من محبي أمير‬ ‫المؤمنين عليه السالم فغرس فيها التشيع"‪( ،‬األمني‪ :‬أليات الشيعة‪،‬‬

‫‪ ،1‬ص ‪ ،161‬نقال لن جمال املؤمنني (بتصرف)‪.‬‬

‫وفي عهد أمير المؤمنين عليه السالم وليها تارة معبد بن العباس بن‬ ‫عبدالمطلب‪ ،‬وتارة عمر بن أم سلمة ربيب رسول هللا صلى هللا عليه‬ ‫‪11‬‬


‫وآله وسلم‪ ،‬أما مؤلف كتاب‬ ‫"أسد الغابة" قال في ترجمة‬ ‫حكيم بن جبلة العبدي " نسبه‬ ‫إلى عبد القيس وكانت تتشيع‬ ‫هي وربيعه" (األمني‪ :‬أليات‬

‫الشيعة‪ ،1 ،‬ص ‪ ،212‬نقال‬ ‫لن أسد الغابة)‪.‬‬

‫‪ -1‬بروز مجموعة من‬ ‫العلماء األعالم في عهود‬ ‫اآلغا بزرك الطهراني‬ ‫مبكرة ومن أبرزهم الشيخ‬ ‫أبوصالح السليلي بن أحمد بن عيسى بن شيخ األحسائي من أعالم‬ ‫القرن الرابع الهجري وقال عنه اآلغا بزرك الطهراني في كتاب‬ ‫"الذريعة إلى تصانيف الشيعة"‪ ،‬وأكثر مشايخ السليلي من علماء‬ ‫العامة مثل محمد بن جرير صاحب التاريخ المتوفى ‪ 313‬وغيره‪،‬‬ ‫ولكن بعض مشايخه من الخاصة مثل بن أبي الثلج محمد بن أحمد‬ ‫المتوفى ‪321‬هـ"‪ ،‬وقد صنف‬ ‫كال من الشيخ باقر أبي‬ ‫هاشم‬ ‫والسيد‬ ‫خمسين‪،‬‬ ‫الشخص في تراجمهما ألعالم‬ ‫األحساء الشيخ السلولي من‬ ‫علماء الشيعة اإلمامية في‬ ‫المنطقة‪ ،‬وكذا الشيخ جواد بن‬ ‫حسين الرمضان في كتابه‬ ‫مطلع البدرين‪ ،‬بينما عده السيد‬ ‫ابن طاووس من علماء العامة‪،‬‬ ‫أما آية هللا الشيخ محمد بن‬ ‫سلمان الهاجري توقف عن‬ ‫الشيخ محمد بن سلمان الهاجري‬ ‫‪11‬‬


‫ترجيحه ألي طرف(اهلاجري‪ :‬مقابية صية)‪ ،‬غير أن اآلغا بزرك‬ ‫الطهراني الختصاصه في جمع تصانيف الشيعة أورد عنواني‬ ‫كتابين له هما‪ ":‬السقيفة "‪ ،‬واآلخر كـتاب " الفتن "‪ ،‬مما يشير إلى‬ ‫أنه من علماء الشيعة‪ ،‬ومن أراد التوسع فليراجع‪.‬‬ ‫‪ -1‬نبغ فيها مجموعة من الشعراء الذين خدموا الشريعة اإلسالمية‬ ‫بقرائحهم المفعمة بحب آل محمد صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬ومن‬ ‫ألمع وأبرز من ناضل إعالميا ً في الدعوة ألهل البيت من المنتسبين‬ ‫لهذه المنطقة‪ ،‬الشاعران العبديان‪ ،‬سفيان بن مصعب العبدي‪ ،‬ويحي‬ ‫بن بالل العبدي‪ ،‬وكان األول منهم معاصر للسيد الحميري كما كان‬ ‫يلتقي باإلمام الصادق عليه السالم ويأخذ عنه الحديث في الفضائل‬ ‫المتعلقة بأهل البيت عليهم السالم‪ ،‬وينشرها بين الناس بشعره‪ ،‬حتى‬ ‫قال اإلمام الصادق عليه السالم في حقه قولته المعروفة‪ " :‬يا معشر‬ ‫الشيعة علموا أوالدكم شعر العبدي فإنه على دين هللا"‪.‬‬ ‫ومن خالل تتبع الباحث لنشاط الشاعر سفيان بن مصعب العبدي‬ ‫رضوان هللا تعالى عليه‪ ،‬اتضح أنه كان من أبرز الخطباء المنتسبين‬ ‫إلى هجر‪ ،‬ولم يعثر على خطيب حسيني في الدور التأسيسي غير‬ ‫العبدي‪ ،‬هذا الشاعر المـ ُجيد الذي ترك بصمات واضحة على بناء‬ ‫المآتم الحسينية منذ تأسيسها بسبب قربه من اإلمام الصادق عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وسوف ترد ترجمته في الصفحات القادمة إن شاء هللا‪.‬‬ ‫بنا ًء على هذه المؤشرات " الستة " فإن من المقدر أن هناك اهتمام‬ ‫كبير بالمآتم الحسينية خالل الدور التأسيسي للمآتم الحسينية‪ ،‬وبشكل‬ ‫يتناسب مع خلفيتها الحضارية وقيمتها اإليمانية الواضحة‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬سفيان بن مصعب العبدي كرائد مؤسس‬ ‫في مجال الخطابة الحسينية في مدرسة اإلمام جعفر‬ ‫الصادق عليه السالم‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬ترجمته‪.‬‬ ‫ترجم له العالمة الكبير الشيخ عبد الحسين بن أحمد األميني النجفي‬ ‫في كتابه الغدير حيث قال‪:‬‬ ‫" أبو محمد سفيان بن مصعب‬ ‫العبدي الكوفي من شعراء أهل‬ ‫البيت الطاهر‪ ،‬المتزلفين إليهم‬ ‫بوالئه وشعره‪ ،‬المقبولين‬ ‫عندهم؛ لصدق نيته‪ ،‬وانقطاعه‬ ‫إليهم‪ ،‬وقد ضمن شعره غير‬ ‫يسير من مناقب أمير المؤمنين‬ ‫الشهيرة‪ ،‬وأكثر من مدحه ومدح‬ ‫ذريته األطيبين وأطاب‪ ،‬وتفجع‬ ‫على مصائبهم‪ ،‬ورثاهم على ما‬ ‫انتابهم من المحن‪ ،‬ولم نجد له‬ ‫الشيخ عبدالحسين األميني‬ ‫شعراً"‪،‬‬ ‫في غير آل هللا‬ ‫(األميين‪ :‬الغدير‪ ،0 ،‬ص ‪ ،)091‬وكان من حواري اإلمام الصادق‬ ‫عليه السالم والموالين له والذابين عن فكر آل محمد صلى هللا عليه‬ ‫وآله وسلم‪.‬‬ ‫عاش المترجم له مع اإلمام الصادق في الفترة االنتقالية الفاصلة بين‬ ‫سقوط الدولة األموية وقيام الدولة العباسية‪ ،‬والتي تمكن عليه السالم‬ ‫أن يفجر خاللها علوم آل محمد وينشرها في المأل‪ ،‬وكان له جهودا‬ ‫بارزة في هذا الدور حيث أن الخطابة الحسينية أخذت نصيبها من‬ ‫الرعاية واالعتبار من قبل اإلمام الصادق عليه السالم‪ ،‬كغيرها من‬ ‫‪14‬‬


‫المجاالت الدينية العلمية في تلك الفترة الذهبية من حياة األمة‪،‬‬ ‫والخطيب العبدي أدى دوره الريادي في هذا المجال‪ ،‬وتخصص فيه‬ ‫كغيره من األفذاذ الذين عاشوا فترة االنفجار العلمي‪ ،‬حيث كان لكل‬ ‫واحد منهم إسهامات بارزة في مجال معين‪ ،‬فكما كان ألبان بن تغلب‬ ‫حضور متميز وبروز في مجال الحديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬وهشام بن الحكم‬ ‫في المناظرة‪ ،‬والكالم‪ ،‬والفضل بن عمر في العلوم الطبيعية‪،‬‬ ‫والطبية‪ ،‬وجابر بن حيان في الرياضيات‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬وغيرهم من‬ ‫العلماء كان لسفيان بن مصعب العبدي دور هام وريادي‪ ،‬في مجال‬ ‫الشعر‪ ،‬واإلنشاد الحسيني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬جهوده الرائدة في الدور التأسيسي للمجالس‬ ‫الحسينية‪.‬‬ ‫نظللراً إلرسللاء معللالم المللآتم الحسللينية فللي الللدور التأسيسللي علللى يللد‬ ‫األئملللة المعصلللومين‪ ،‬ولكلللون الشلللعر الرثلللائي فيهلللا يشلللكل العملللود‬ ‫الفقري‪ ،‬إن لم يكن أحد أهلم وسلائل انعقلاده (مشـ الـدين‪ :‬ثـورة احلسـني‬

‫يف الوجدات الشعيب‪ ،‬ص ‪.)214‬‬

‫وبشكل مستقل في عهد اإلمام الصادق عليه السالم‪ ،‬كما تم تحقيقه‬ ‫سالفا في رواية عبد هللا بن حماد البصيري‪ ،‬فقد استطاع المترجم له‬ ‫أن يطور من شعره الرثائي في اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬وأن ال‬ ‫يقف عند حد التفجع‪ ،‬وإثارة الحزن‪ ،‬واللوعة على مصابه‪ ،‬وبهذا‬ ‫يمكن القول أن للمترجم إضافة جديدة تحسب له في مسيرة المجالس‬ ‫الحسينية المنعقد بالشعر‪ ،‬كوسيلة من وسائلها البارزة آنذاك‪ ،‬وتلك‬ ‫اإلضافة تتمثل فيما يلي‪:‬‬ ‫أول‪ -‬أول من أدخل النزعة الكالمية في الرثاء الحسيني‪:‬‬ ‫لم يقتصر دور العبدي على إبراز الحزن‪ ،‬واللوعة على مصاب‬ ‫اإلمام الحسين فقط‪ ،‬بل انتقل إلى غرض آخر وهو الدخول إلى‬ ‫الشعر الرثائي ذي النزعة الكالمية‪ ،‬وذلك بالتوسع في عرض‬ ‫‪16‬‬


‫تفاصيل األحداث‪ ،‬ومسبباتها القديمة السابقة فيها مما يتصل بخالفة‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬والسياسات التي انبعثت في‬ ‫عهد عثمان‪ ،‬والسياسات األموية بصورة شاملة ولهذا يتوقع الشيخ‬ ‫محمد مهدي شمس الدين بأن سفيان بن مصعب العبدي هو أول من‬ ‫نهج هذا األسلوب في الشعر الرثائي إذ يقول‪-:‬‬ ‫" ويمكن أن يكون سفيان بن مصعب العبدي " توفي سنة ‪123‬هـ أو‬ ‫‪121‬هـ " والكميت بن زيد األسدي " تلوفي سلنة ‪123‬هلـ " هملا أول‬ ‫من نهج هذا األسلوب في الشعر الرثائي‪ ،‬وإن كان فلي شلعر الملدح‪،‬‬ ‫والفضائل عند الكميت أظهر منه في شعره الرثائي " ‪( .‬مشـ الـدين‪:‬‬

‫ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب‪ ،‬ص ‪.)214‬‬

‫ويقللول أيضللا‪ ":‬فللإذا انتهينللا إلللى القللرن الثالللث ومللا بعللده وجللدنا هللذا‬ ‫اللللون ملللن شللعر الرثلللاء شللائعا ً بلللين شللعراء الرثلللاء الحسلليني مثلللل‬ ‫عبدالسالم بن رغبان " ديك الجن "‪ ،‬وعللي الخزاعلي‪ ،‬و القاسلم بلن‬ ‫يوسلللف المكاتبلللة‪ ،‬و الشلللريفين‪ :‬الرضلللي‪ ،‬والمرتضلللى‪ ،‬وغيلللرهم‪،‬‬ ‫ويستمر هذا النهج الشعري فلي النملو‪ ،‬واالنتشلار حتلى يغلدو الشلعر‬ ‫الرثائي في نهايات القرن الخامس‪ ،‬وكأنه سلجل تلاريخي فضلائلي"‪،‬‬

‫(مش الدين‪ :‬ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب‪ ،‬ص ‪.)214‬‬

‫وبهذا فإن الباحث يقدر أن سفيان بن مصعب العبدي كان رائدا من‬ ‫رواد النهضة الحسينية في مجال خطابتها ليس في الجانب العاطفي‬ ‫فيها كمنشد وناظم شعر وراع للمآتم الحسينية النسائية بنظم الشعر‬ ‫الذي يناسب مآتم النساء فحسب‪ ،‬بل كذلك في المجال الموضوعي‬ ‫الذي يعالج قضايا فكرية متقدمة وإن كانت مصاغة في قوالب‬ ‫شعرية‪ ،‬وريادته تلك تعتبر إسهاما مبكراً من حاضرة هجر في‬ ‫مسار المنبر الحسيني في جانبه العاطفي والموضوعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ -‬نظمه الرثاء الحسيني لتنوح به النساء‪:‬‬ ‫اهتم اإلمام الصادق عليه السالم بالمجالس الحسينية حتى على‬ ‫صعيد النساء‪ ،‬فقد أعطى رعاية لمجالسهن‪ ،‬ومن ذلك االهتمام‬ ‫‪43‬‬


‫إيعازه لسفيان بن مصعب العبدي أن ينظم شعراً رثائيا ً لتنوح به‬ ‫النساء‪( .‬األمني‪ :‬أليات الشيعة‪ ،1 ،‬ص ‪ ،211‬نقال لن رجال‬

‫الكش )‪.‬‬

‫ولعل اإلمام قصد بذلك أن يحد من دخول أية زيادات عن طريق‬ ‫مآتم النساء إذ من المحتمل أن يخرجن بالمجالس الحسينية عن‬ ‫النصوص التاريخية المعتبرة؛ ألسباب عاطفية ترتبط بتكوينهم‬ ‫الشخصي‪ ،‬هذا ويتوقع الباحث سببا ً آخر وهو أن اإلمام أراد للمأتم‬ ‫الحسيني أن يتجذر في سلوك األمة أكثر‪ ،‬وأكثر عن طريق النساء‬ ‫لما لهن من استعداد عاطفي أكثر في هذا المجال‪ ،‬كما فعل النبي‬ ‫صلى هللا عليه وآله وسلم مع نساء المدينة لما لم يجد نوائح على‬ ‫عمه الحمزة عليه السالم‪ ،‬وقد استجبن لنداء النبي صلى هللا عليه‬ ‫وآله وسلم عندها‪ ،‬واستمرت الحال أياما ً بعد مقتله‪ ،‬حتى صارت‬ ‫عادة عند أهل المدينة إلى يومنا هذا عند الكثيرين منهن‪ ،‬كما نُقِ َل‬ ‫للباحث عن بعض سكانها المعاصرين‪ ،‬فقد توارثوا ظاهرة البكاء‬ ‫على الحمزة بحيث ال يبدأن بالبكاء على ميتهم حتى يبكين الحمزة‬ ‫عليه السالم‪.‬‬ ‫ومن جدير بالذكر أن الخطيبات الحسينيات في األحساء إلى يومنا‬ ‫هذا يطلقون على الكتب التي تضم قصائد الرثاء الحسينية للمأتم‬ ‫الحسينية بـ" السفينة " ومن المقدر بأنها نسبة إلى سفيان بن مصعب‬ ‫العبدي رضوان هللا تعالى عليه كما مر سابقا‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬بكاء اإلمام الصادق عليه السالم في مأتم أقامه‬ ‫العبدي‪.‬‬ ‫حظي المترجم له بمكانة خاصة عند اإلمام الصادق عليه السالم‪،‬‬ ‫بفضل جهوده المخلصة في مجال الشعر والخطابة‪ ،‬ويكفي العبدي‬ ‫شرفا ً أن يصدر األمر الشريف من اإلمام وهو حجة هللا في أرضه‬ ‫‪41‬‬


‫إلى شيعته بأن يعلموا أوالدهم شعر العبدي‪ ،‬وهي إشارة إلى تميزه‬ ‫بالشعر الوالئي حيث يقول‪ ":‬يا معشر الشيعة علموا أوالدكم شعر‬ ‫العبدي فإنه على دين هللا "‪( ،‬األمني‪ :‬أليات الشيعة‪ ،1 ،‬ص ‪،211‬‬

‫نقال لن رجال الكش )‪ .‬وكم لإلمام الصادق من دموع قد ترقرقت‬ ‫وسالت على وجنتيه الشريفتين بتأثير كلمات العبدي‪ ،‬وأسلوبه في‬ ‫اإلنشاد‪ ،‬فقد استنشد اإلمام الصادق عليه السالم العبدي شعراً في‬ ‫رثاء الحسين عليه السالم‪ ،‬وأجابه كما في روضة الكافي عن سهل‬ ‫بن زياد عن محمد بن الحسين عن أبي داوود المسترق عن سفيان‬ ‫بن مصعب العبدي‪ ،‬يقول‪ :‬دخلت على أبي عبد هللا فقال قولوا ألم‬ ‫فروة تجيء وتسمع ما صنع بجدها فجاءت فقعدت خلف الستر ثم‬ ‫قال أنشدنا فقلت‪:‬‬ ‫بدمعك المسكوب "‬ ‫" فرو جودي‬ ‫فصاحت وصحن النساء‪ ،‬وقال أبو عبد هللا عليه السالم‪ ،‬الباب‬ ‫فاجتمع أهل المدينة على الباب فبعث إليهم أبو عبد هللا عليه السالم‪،‬‬ ‫صبيا ً لنا غشي عليه فصحن النساء‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬أمانته العلمية في ترجمة أفكار أهل البيت عليه‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫بمقدار ما كان يهتم " العبدي " رضوان هللا تعالى عليه بسكب‬ ‫ألفاظه في قوالب شعرية جذابة‪ ،‬فقد اهتم أيضا ً باألمانة العلمية في‬ ‫النقل‪ ،‬واإلفصاح عما يريده أهل البيت أن ينتشر في المأل‪ ،‬فقد بلغ‬ ‫األمر منه أنه يأخذ الحديث من اإلمام الصادق عليه السالم في‬ ‫مناقب العترة الطاهرة فينظمه في الحال ثم يعرضه على اإلمام كما‬ ‫روى ذلك ابن عياش في " "مقتضب األثر " عن أحمد بن زياد‬ ‫الهمداني قال‪ :‬حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم قال‪ :‬حدثني أبي عن‬ ‫الحسن بن علي عن أبان بن عمر قال كنت عند أبي عبد هللا عليه‬ ‫السالم فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال‪ :‬جعلني هللا فداك ما‬ ‫‪42‬‬


‫تقول في قوله تعالى ذكره‪ :‬وعلى األعراف رجال يعرفون كالً‬ ‫بسيماهم؟ قال‪ :‬هم األوصياء من آل محمد اثني عشر ال يعرف هللا‬ ‫إال من عرفهم وعرفوه‪ ،‬قال‪ :‬فما األعراف جعلت فداك ؟ قال‪:‬‬ ‫كتائب من مسك عليها رسول هللا واألوصياء يعرفون كال بسيماهم‪،‬‬ ‫فقال سفيان‪ :‬أفال أقول في ذلك شيء‪ ،‬فقال في قصيدة مطلعها‪:‬‬ ‫أيا ربهم هل فيك لي اليوم مربع وهل لليال كن لي فيك مرجع‬

‫يقول فيها‪( :‬األميين‪ :‬الغدير‪ ،0 ،‬ص ‪.)124‬‬ ‫وأنتم والة الحشر والنشر والجزاء‬ ‫وأنتم على األعـراف وهي كثائب‬ ‫ثمانية بالعــــرش إذ يحملونه ومن‬

‫أنتم الــــــيوم لمفزع الهول مفزع‬ ‫من الــــــمسك ريهــا بكم يتضوع‬ ‫بعدهم في األرض هادون أربع‪.‬‬

‫ومن جميل أسلوبه في نشر مناقب أهل البت التي جاءت على لسان‬ ‫النبي األمي صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ،‬قوله‪:‬‬

‫ومما رأيت الناس قـد ذهبــت بهم‬ ‫ركبت على اسم هللا في سفن النجا‬ ‫وأمسكت حــــــبل هللا وهو والئهم‬

‫مذاهبهم في أبحــــــــــر الغي والجهل‬ ‫وهم أهل البيت المصطفى خاتم الرسل‬ ‫كما قد أمـــــــــرنا بالتمــسك بالحبل‬

‫وهي أبيات موافقة لقول النبي صلى هللا عليه وآله وسلم في عترته "‬ ‫مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها‬ ‫غرق" ‪( .‬األميين‪ :‬الغدير‪ ،0 ،‬ص ‪.)124‬‬ ‫وأيضا ً له‪:‬‬ ‫ال يقبل هللا العبد عمالً‬ ‫حتى يواليهم بإخالص الوال‬

‫‪43‬‬


‫وهو شعر يوافق قول النبي صلى هللا عليه وآله وسلم " لو أن رجل‬ ‫صف بين الركن والمقام فصلى‪ ،‬ثم لقي هللا وهو مبغض ألهل بيت‬ ‫محمد يدخل النار"‪(.‬األميين‪ :‬الغدير‪ ،0 ،‬ص ‪.)124‬‬ ‫ومن أراد التوسع أكثر في هذا الموضوع فعليه بكتاب " الغدير "‬ ‫فإن به نفائس إبداعه األدبي‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬شهادة السيد الحميري في حق العبدي‪.‬‬ ‫حاز العبدي على شهادة راقية في حقه من قبل أشعر الناس في‬ ‫زمانه‪ ،‬فبمقدار ما كان يتمتع به السيد الحميري من شهرة‪ ،‬وانتشار‬ ‫صيت‪ ،‬شهد في حق العبدي قائال‪ ":‬أنا أشعر الناس إال العبدي " وقد‬ ‫استحق الشهادة من السيد الحميري على أثر مالحظة أبداها العبدي‬ ‫على شعر السيد الحميري كما روي ذلك أبو الفر األصفهاني في‬ ‫كتابه "األغاني "‪ ،‬عن أبي داوود المسترق سليمان بن سفيان أن‬ ‫السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد‪:‬‬ ‫إني أدين بما دان الوصي به‬ ‫وبالذي دان يوم النهروان به‬

‫يوم الخـريبة من قتل المحلينا‬ ‫وشاركت كفـــــه كفي بصفينا‬

‫فقال له العبدي‪ ،‬أخطأت‪ ،‬لو شاركت كفك كفه كنت مثله‪ ،‬ولكن قل‬ ‫تابعت كفه كفي تكون تابعا ً ال شريكا ً‪ ،‬فقال السيد بعد ذلك قولته‬ ‫المشهورة‪:‬‬ ‫" أنا أشعر الناس إال العبدي" (األميين‪ :‬الغدير‪ ،0 ،‬ص ‪.)297‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬مكانة السيد الحميري األدبية‪.‬‬ ‫يقول الشيخ األميني أعلى هللا مقامه في كتابه الغدير عند ترجمته‬ ‫للسيد الحميري‪:‬‬ ‫‪42‬‬


‫" كان السيد في مقدمة المكثرين والمجيدين‪ ،‬وأحد الشعراء الثالثة‬ ‫الذين أكثروا الشعر في الجاهلية واإلسالم وهم‪ :‬السيد الحميري‪،‬‬ ‫وبشار بن برد‪ ،‬وأبو العتاهية‪.‬‬ ‫وقال أبو الفر ‪ ،‬ال يعلم أن أحداً قدر على تحصيل شعر أحد منهم‬ ‫أجمع وقال المرزباني لم يسمع أن أحداً عمل شعراً جيداً وأكثر غير‬ ‫السيد" (األميين‪ :‬الغدير‪ ،0 ،‬ص ‪.)236‬‬ ‫وممن تكلم في كثرة شعر السيد مانقله السيد جواد شبر في أدب‬ ‫الطف " بأن المعتز ذكر في طبقات الشعراء أنه رأى جمال في‬ ‫بغداد مثقالً فسئل عن حمله فقال ميمات السيد‪ ،‬وفي تذكرة ابن‬ ‫المعتز أنه كان للسيد أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ أربعمائة‬ ‫قصيدة من قصائده‪ ،‬ولم يترك فضيلة‪ ،‬وال منقبة ألمير المؤمنين إال‬ ‫نظم فيها شعراً‪ ،‬على أن فضائله عليه السالم ال يحيط بها نطاق‬ ‫النظم‪ ،‬والشعر"‪ (.‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،4 ،‬ص ‪.)022‬‬

‫الفرع السابع‪ :‬دفاع الشيخ األميني " قدس " عن العبدي‪.‬‬ ‫دافع الشيخ األميني في غديره عن العبدي ورد على من استشكل‬ ‫على سيرته‪ ،‬وجاء ذلك في قوله أعلى هللا مقامه‪ ":‬والقارئ إذا‬ ‫ضمن بعض ما ذكرنا من حديث المترجم له إلى اآلخر‪ ،‬يقف على‬ ‫رتبة عظيمة له من الدين‪ ،‬تقصر دون شأوها الوصف بالثقة‪،‬‬ ‫ويشاهد له في طيات التاريخ حسن حال‪ ،‬وصحة مذهب‪ ،‬تفوق‬ ‫شؤون الحسان‪ ،‬فال مجال للتوقف في ثقته كما فعل العالمة الحلي‪،‬‬ ‫وال لعده من الحسان كما فعل غيره‪ ،‬وال يبقى لنسبته إلى الطيارة "‬ ‫أي الغلو واالرتفاع في المذهب "وزن كما رآه أبو عمرو الكشي في‬ ‫شعره‪ ،‬ولم نجد في شعره البالغ إلينا إال المذهب الصحيح‪ ،‬والوالء‬ ‫المحض لعترة الوحي‪ ،‬والتشيع الخالص عن كل شائبة سوء‪،‬‬ ‫‪41‬‬


‫ويزيدك ثقة به واعتماداً عليه رواية مثل أبي داوود‪ ،‬المسند عن‬ ‫سليمان بن سفيان المسترق المتسالم على ثقته عنه‪ ،‬وأبو داوود هو‬ ‫شيخ اإلثبات‪ ،‬نظراء الحسن بن محبوب‪ ،‬ومحمد بن الحسين بن أبي‬ ‫الخطاب‪ ،‬وعلي بن الحسن بن فضال‪،‬كما أن أفراد مثل الحسين بن‬ ‫محمد بن علي األزدي الكوفي المجمع على ثقته وجاللته تأليفا ً في‬ ‫أخبار المترجم وشعره‪ ،‬كما عده النجاشي في فهرسته‪ ،‬ومن كتبه‬ ‫يؤذن بموقفه الشامخ عند األعاظم‪ ،‬وينبئ عن إكبارهم بمحله من‬ ‫العلم والدين‪(.‬األميين‪ :‬الغدير‪ ،0 ،‬ص ‪.)097‬‬

‫الفرع الثامن‪ :‬من قصائد العبدي في رثاء الحسين عليه‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫لقد هـد ركـــــني رزء آل محمد‬ ‫وأبكت جفوني بالفرات مصارع‬ ‫عظام بأكــــــناف الفــرات زكية‬ ‫فكم حـــــــــــرة ســـبية ويتـيـمة‬ ‫آلل رســـــول هللا صــلت عليهم‬ ‫أفاطــــــم أشجـــاني بنورك ذوو‬ ‫وأصبــحت ال ألتذ طيب معيشتي‬ ‫وال البارد العــذب الفرات أسيغه‬ ‫يقولون لي صــبراً جميالً وسـلوة‬ ‫فكيف اصطـــباري بعد آل محمد‬

‫وتلك الرزايا والخطـوب عظام‬ ‫آلل النـــبي المـصطفى وعظام‬ ‫لهن علينا حــــــــــرمه وذمــام‬ ‫وكــم من كريم قد عاله حـــسام‬ ‫مالئكـــة بيــــض الوجوه كراك‬ ‫العـلى فشبت وإني صادق لغالم‬ ‫كأن علــــي الطيــــــــبات حرام‬ ‫وال ظل يهنــــــــيني العداة طعام‬ ‫ومالي إلى الصـــبر الجميل مرام‬ ‫وفي القــلب منــــي لوعة وضرام‬

‫الفصل الثاني‪ :‬الدور الثاني ‪/‬الدور الروائي‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫الدور الروائي هو ثاني دور في مسيرة المنبر الحسيني بعد الدور‬ ‫التأسيسي‪ ،‬و تعود تسميته بالدور الروائي لسمة فيه‪ .‬ترى ما هي‬ ‫تلك السمة؟ وما هي الوسائل التي اعتمدها الباحث في دراسة مالمح‬ ‫‪41‬‬


‫ذلك الدور؟ وما هو واقع الخطابة الحسينية فيه؟ و ما هو اإلسهام‬ ‫الذي قدمته األحساء للخطابة الحسينية في إطاره؟ و في هذا الفصل‬ ‫سيتم اإلجابة على هذه التساؤالت وغيرها من األسئلة ذات الصلة‬ ‫من خالل المبحثين التاليين‪:‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬منشأ تسمية الدور الروائي‪ ،‬والوسائل المستخدمة في‬ ‫دراسة مالمحه‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور‬ ‫الروائي‪ ،‬واإلسهام الذي قدمته في هذا الدور‪.‬‬

‫المبحث األول ‪:‬منشأ تسمية الدور الروائي‪،‬‬ ‫والوسائل المستخدمة في دراسة مالمحه‪.‬‬ ‫جاءت تسمية الدور الثاني بالدور الروائي‪ ،‬لسمة بارزة فيه‪ ،‬وهي‬ ‫اكتفاء الخطباء فيه بقراءة مجموعة من الروايات المتتابعة خلف‬ ‫بعضها‪ ،‬بحيث أنه ال يفصل بين النص واآلخر غير كلمة " وقال‬ ‫الراوي " أو ما شابه‪ ،‬سواء كانت هذه النصوص المذكورة عبارة‬ ‫عن روايات ألحداث تاريخية‪ ،‬أو كالم ألحد المعصومين‪ ،‬أو قصيدة‬ ‫شعر‪ ،‬أو قصة‪ ،‬وال يتخلل هذه النصوص أي تعليق يذكر‪ ،‬إال بما‬ ‫دعت إليه الضرورة من استنهاض مشاعر المستمعين؛ إلبراز‬ ‫الحزن وأثر المصاب‪ ،‬واإلكثار من البكاء‪ ،‬أما إلقاء الضوء على‬ ‫تلك النصوص‪ ،‬ومحاولة استخرا العظة‪ ،‬والعبرة منها‪ ،‬أو القيام‬ ‫بتحليلها والربط بينها ليشكل منه مجلسا ً له وحده عضوية‪ ،‬أو‬ ‫توظيفها في مسار استداللي إلثبات صحة فرضية من عدمها‪ ،‬فهذا‬ ‫غير موجود على اإلطالق‪ ،‬أي أن وجودها ال ترعاه منهجية‬ ‫استقرائية أو استنباطية‪ ،‬هذا في حدود علم الباحث عن هذا الدور‪.‬‬ ‫لقد حاول الباحث في دراسته لهذا الدور أن يتعرف على أبرز‬ ‫األغراض الخطابية التي كان يتناولها الخطباء في هذا الدور‪ ،‬وجعل‬ ‫مصادر دراسته الكتب اآلتية‪:‬‬ ‫‪41‬‬


‫‪"-1‬اللهوف قي قتلى الطفوف" للعالمة السيد علي بن موسى بن‬ ‫طاووس الحسيني المتوفى سنة ‪112‬هـ‪.‬‬ ‫‪" -2‬روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي المؤلف عام‬ ‫‪421‬هـ‪.‬‬ ‫‪"-3‬المنتخب في المراثي والخطب" للعالمة الشيخ فخر الدين‬ ‫الطريحي النجفي المتوفى سنة ‪1341‬هـ‪.‬‬ ‫‪"-2‬رياض المصائب" للعالمة السيد محمد مهدي بن السيد محمد‬ ‫التنكباني المؤلف عام ‪1223‬هـ‪.‬‬ ‫‪"-1‬التحفة الفاخرة في ذكرى مصائب العترة الطاهرة" للعالمة‬ ‫الشيخ عبد المحسن بن محمد اللويمي األحسائي المتوفى في حدود‬ ‫‪1213‬هـ‪.‬‬ ‫وقد اعتمد الباحث هذه المصادر بهدف دراستها‪ ،‬وتحليلها؛ نظراً‬ ‫ألن مؤلفيها دونوا فيها مجالس حسينية لتكون زاداً لخطباء زمانهم‪،‬‬ ‫فهي مصدر الباحث في معرفة سمات هذا الدور‪ ،‬وهو يقدر أن هذه‬ ‫الكتب لن تعطي صورة كاملة وكافية بشكل دقيق ومفصل‪ ،‬ولكنها‬ ‫حتما ً ستقدم تصوراً إجماليا ً‪ ،‬يمكن أن تبنى عليها العديد من النتائج‬ ‫في هذه الدراسة‪.‬‬ ‫والخصائص المشتركة لهذه المجموعة من الكتب إذا استثنى منها‬ ‫مقتل اللهوف في قتلى الطفوف كاآلتي‪:‬‬ ‫‪-1‬البناء الفني يفتقر إلى الوحدة العضوية والترابط‪ ،‬فهي كتب‬ ‫تتناول مجالس حسينية من خالل سرد مجموعة من النصوص‬ ‫المروية‪ ،‬سواء كانت هذه النصوص أحاديث عن أهل البيت عليهم‬ ‫السالم‪ ،‬أو قصصا ً أو أشعاراً‪ ،‬وتجعل هذه النصوص داخل إطار‬ ‫حسيني عبر ديباجه يجعلها المؤلف في مقدمة المجلس وفي نهايته‪،‬‬ ‫وال تعليق يذكر على الروايات إال بنحو نادر جداً‪ ،‬وقد دون الباحث‬ ‫مالحظاته على كل كتاب كما سيأتي‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫‪-2‬المستوى اللغوي لهذه الكتب يبدو عليه التكلف‪ ،‬والتصنع‬ ‫إلغراقها في السجع‪ ،‬لوقوع زمن تأليف هذه الكتب قبل تاريخ نهضة‬ ‫األدب العربي الحديثة‪.‬‬ ‫‪-3‬أبرز سمة لهذه الكتب أن المجالس فيها لم تعتمد منهجية شرح آية‬ ‫قرآنية‪ ،‬أو قول مأثور‪ ،‬وهذا أدى إلى ضعف الوحدة العضوية فيها‪.‬‬ ‫‪-2‬اهتمت هذه الكتب بإبراز مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم‬ ‫بشكل رئيسي‪ ،‬كما أنها لم تغفل بقية مصائب أهل البيت عليه السالم‬ ‫على نحو يتفاوت بين الكتاب واآلخر‪.‬‬ ‫‪-1‬حافظت هذه المجالس المدونة على أبرز سمات المأتم الحسيني‪،‬‬ ‫الذي ورثه من الدور التأسيسي‪ ،‬متمسكا ً باألغراض الخطابية التي‬ ‫أسسها أهل البيت عليهم السالم فيه‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم‪.‬‬ ‫ج‪-‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ومن أجل إثراء البحث تم دراسة كل واحد من هذه الكتب عبر‬ ‫المطالب التالية‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬كتاب "اللهوف في قتلى الطفوف" للعالمة بن‬ ‫طاووس رحمة هللا‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬كتاب " روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي‬ ‫الكاشفي‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬كتاب "رياض المصائب" للعالمة التنكباني رحمة‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬كتاب "المنتخب في جمع المراثي والخطب‬ ‫المشهور" بالفخري للعالمة الشيخ الطريحي رحمة هللا‪.‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬كتاب "التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة‬ ‫الطاهرة" للعالمة الشيخ عبدالمحسن اللويمي رحمة هللا‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫المطلب األول ‪:‬كتاب "اللهوف في قتلى الطفوف"‬ ‫للعالمة بن طاووس رحمة هللا‪.‬‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول ‪:‬مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫هو العالمة السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس‬ ‫الحسيني المتوفى عام ‪112‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬لمحة موجزة عن الكتاب‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في ‪ 63‬صفحة من القطع العادي‪ ،‬وقد ضم بداخله مقتل‬ ‫الحسين عليه السالم وهو مقسم إلى ثالثة مسالك‪ ،‬ذكر فيه ما جرى‬ ‫على الحسين عليه السالم من خروجه من المدينة‪ ،‬ومروراً بمكة‬ ‫وحتى مصرعه الشريف في كربالء‪ ،‬وما جرى على عياله حتى‬ ‫عودتهم إلى المدينة‪ ،‬وقد أراد المؤلف من كتابه أن يخفف على‬ ‫زائري الحسين عليه السالم يوم عاشوراء أن ال يأخذوا المقتل‬ ‫لضيق وقت الزوار‪ ،‬ولهذا فقد ابتعد عن اإلطالة‪ ،‬واإلكثار على حد‬ ‫تعبيره‪( .‬ابن طاووس‪ :‬اليهوف‪ ،‬ص ‪.)5‬‬

‫الفرع الثالث ‪:‬نصيب الشعر منه‪.‬‬ ‫أورد فيه من الشعر‪ ،‬ما اعتاد أرباب المقاتل في تلك الفترة أن‬ ‫يوردوه‪ ،‬وهو الشعر المتصل بالفاجعة فقط‪ ،‬على ما نقله المؤرخون‪.‬‬

‫الفرع الرابع ‪ :‬لغة المجلس‪.‬‬ ‫كانت لغة الكتابة والخطابة في ذلك العصر‪ ،‬تبدو عليها مسحة من‬ ‫التكلف‪ ،‬وقد انعكس ذلك الوضع على المجالس؛ ألنها أحد األشكال‬ ‫‪63‬‬


‫الثقافية التي تؤثر وتتأثر بثقافة العصر‪ ،‬وهي إلى يومنا هذا تمتاز‬ ‫بهذه الخاصية‪ ،‬فالمستوى اللغوي لمجالس يتقدم في فترة التقدم‪،‬‬ ‫ويهبط في فترة الهبوط اللغوي والمعرفي‪ ،‬ولعل السجع من أبرز‬ ‫مظاهر التكلف في أسلوب أهل ذلك العصر‪ ،‬وهذا ما نجده في‬ ‫أسلوب كتابة هذا الكتاب‪ ،‬وذلك حينما يكون الحديث يعود للمؤلف‬ ‫نفسه وليست رواية ينقلها‪ ،‬غير أن المقاطع التي وردت فيها‬ ‫عبارات مجموعة تكاد تكون قليلة جداً‪ ،‬ومتركزة في بداية الكتاب‬ ‫وفي نهايته وبالذات في صفحة ‪ 2‬من المقدمة وص ‪ 63 -46‬في‬ ‫النهاية‪ ،‬وفي بعض الصفحات القليلة جداً‪ ،‬والمتفرقة في وسط‬ ‫الكتاب‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أهمية كتاب اللهوف في دراسة الدور‬ ‫الروائي‪.‬‬ ‫يعتبر كتاب اللهوف في قتلى الطفوف من الكتب المعتبرة عند علماء‬ ‫الشيعة‪ ،‬ومن أقدم المقاتل التي كتبت بهدف قراءتها إلقامة المآتم عند‬ ‫ضريح الحسين عليه السالم يوم عاشوراء‪ ،‬كما صرح بذلك السيد‬ ‫بن طاووس في مقدمة الكتاب حيث يقول‪ " :‬إن من أجل البواعث لنا‬ ‫على سلوك هذا الكتاب‪ ،‬لما جمعت كتاب مصباح الزائر‪ ،‬وجناح‬ ‫المسافر‪ ،‬ورأيته قد احتوى على أقطار محاسن الزيارات‪ ،‬ومختار‬ ‫أعمال األوقات‪ ،‬فحامله مستغن عن نقل المصباح لذلك الوقت‬ ‫الشريف‪ ،‬أو حمل مزار كبير أو لطيف‪ ،‬أحببت أيضا ً أن يكون‬ ‫حامله مستغنيا ً عن نقل مقتل في زيارة عاشوراء إلى مشهد الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬فوضعت هذا الكتاب "‪.‬‬ ‫وهو بخالف أقدم المقاتل على اإلطالق المسمى بمقتل " أبي مخنف‬ ‫"‪ ،‬ألنه كتب من أجل التاريخ لواقعة الطف فقط‪ ،‬ولهذا وقع اختيار‬ ‫الباحث على هذا الكتاب ألن بن طاووس عليه الرحمة تناول‬ ‫أغراضا ً خطابية جديرة بالذكر في دراسة الدور الروائي‪.‬‬ ‫كان الباحث مخيراً عند انتقاء هذا الكتاب‪ ،‬بينه وبين كتاب ابن نما‬ ‫الحلي المتوفى سنة ‪ ،121‬حيث الكتابان دخال عالم ذكرى كربالء‬ ‫‪61‬‬


‫في القرن السابع الهجري‪ ،‬وال يعلم أي الكتابين أسبق في الصدور‪،‬‬ ‫إذ ال يوجد تاريخ تأليف لكل منهما‪ ،‬فالموجود فقط تاريخ وفاة‬ ‫مؤلفيهما عليهما الرحمة والرضوان‪ ،‬ولكن هناك خصائص مشتركة‬ ‫فيما بين الكتابين من حيث‪-:‬‬ ‫‪-1‬لغة المجلس‪.‬‬ ‫‪-2‬األغراض الخطابية وتتمثل فيما يلي‪:‬‬ ‫أ‪-‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة‪.‬‬ ‫ج‪ -‬السرد التاريخي الروائي لواقعة كربالء‪.‬‬ ‫د‪ -‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫وسيكتفي الباحث بإبراز شواهد لكل غرض خطابي من كتاب‬ ‫اللهوف في قتلى الطفوف وهي كما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪:‬‬ ‫وهذا الغرض الخطابي أحد الثوابت التي ال زمت المنبر الحسيني‬ ‫منذ بداية نشأته‪ ،‬ولم ينفك عنه قيد أنملة بل تطور ونما‪ ،‬وهو ما‬ ‫نجده في عبارات صريحة جاءت في الكتاب‪":‬فكيف طاب للنفوس‬ ‫مع تداني الزمان‪ ،‬مقابلة إحسان أبيهم بالكفران وتكدير عيشه‬ ‫بتعذيب ثمرة فؤاده‪ ،‬وتصغير قدره‪ ،‬بإراقة دماء أوالده‪ ،‬وأين‬ ‫موضع القبول لوصاياه بعترته وآله"‪(.‬ابن طاووس‪ :‬اليهوف‪ ،‬ص ‪.)1‬‬ ‫ب‪ -‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة‪:‬‬ ‫وأيضا ً هذا من الثوابت التي الزمت المأتم الحسيني بل أحد أغراضه‬ ‫الرئيسية‪ ،‬والمتصلة بجوهره‪ ،‬لذا كان من الطبيعي أن تتجاذب‬ ‫أجواء المآتم عبارات مشجية‪ ،‬تستدر مدامع المحبين‪ ،‬وفي هذا‬ ‫الصدد يقول السيد ابن طاووس‪ ":‬فيا هلل من قلب ال ينصدع؛ لتذكار‬ ‫تلك األمور‪ ،‬ويا عجباه من غفلة أهل الدهور‪ ،‬وما عذر آل اإلسالم‪،‬‬ ‫‪62‬‬


‫واإليمان في إضاعة أقسام األحزان‪ ،‬ألم يعلموا أن محمدا صلى هللا‬ ‫عليه وآله وسلم موتور وجيع‪ ،‬وحبيبه مقهور صريع‪ ،‬والمالئكة‬ ‫يعزونه على جليل مصابه‪ ،‬واألنبياء يشاركونه أحزانه ومصائبه‪،‬‬ ‫فيا أهل الوفاء لخاتم األنبياء‪ ،‬عالم ال تواسونه في البكاء‪ ،‬باهلل عليك‪،‬‬ ‫أيها المحب لولد الزهراء‪ ،‬نح معها على المنبوذين في العراء‪ ،‬وجد‬ ‫ويحك بالدموع الجسام‪ ،‬وابك على ملوك اإلسالم‪ ،‬لعلك تحوز ثواب‬ ‫المواسي في المصاب‪ ،‬وتفوز بالسعادة يوم الحساب" (ابن طاووس‪:‬‬

‫اليهوف‪ ،‬ص ‪.)1‬‬

‫ج‪ -‬السرد التاريخي لواقعة كربالء‪:‬‬ ‫ويشكل هذا الجانب‪ ،‬الغالبية العظمى من مادة النصوص التي كان‬ ‫يتلوها أصحاب المآتم‪ ،‬حيث السرد التاريخي المفصل لواقعة الطف‬ ‫فقط دون تضمين أي بحث تربوي‪ ،‬أو فضائلي‪ ،‬أو تفسيري‪ ،‬أما‬ ‫المادة التاريخية في كتابه جاءت على شكل منظم‪ ،‬حيث قسمه إلى‬ ‫ثالث مسالك على النحو التالي‪-:‬‬ ‫المسلك األول‪ :‬وخصصه لذكر األمور المتقدمة على القتال‪ ،‬والتي‬ ‫تتناول سيرة اإلمام الحسين منذ طفولته‪ ،‬وحتى ورود الحسين إلى‬ ‫عرصة كربالء‪ ،‬ويقع هذا الجزء في ‪ 33‬صفحة‪.‬‬ ‫المسلك الثاني‪ :‬وخصصه لتفصيل وقائع المعركة حيث يبدأ من قيام‬ ‫المعركة‪ ،‬وحتى سقوط سيد الشهداء صريعا ً على التراب‪ ،‬وهو يقع‬ ‫في ‪ 22‬صفحة‪.‬‬ ‫المسلك الثالث‪ :‬وخصصه لذكر األحداث التي جرت على عياله بعد‬ ‫مقتله مستوعبا ً مرحلة السباء‪ ،‬وحتى رجوعهم إلى المدينة ويقع هذا‬ ‫المسلك في ‪ 31‬صفحة‪.‬‬ ‫د‪ -‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪:‬‬ ‫وهو من الثوابت التي الزمت المنبر الحسيني‪ ،‬والتي أرسى دعائمها‬ ‫أهل البيت عليهم السالم في المآتم الحسينية‪.‬‬ ‫‪63‬‬


‫وقد أورد ابن طاووس بعض الروايات التي تصب في هذا الرافد‪،‬‬ ‫حيث قال‪" :‬روى عن موالنا الباقر عليه السالم أنه قال كان زين‬ ‫العابدين عليه السالم‪ ،‬يقول أيما مؤمن ذرفت عيناه لقتل الحسين‬ ‫عليه السالم حتى تسيل على خده‪ ،‬بوأه هللا غرفا ً من الجنة‪ ،‬يسكنها‬ ‫أحقابا ً‪ ،‬و أيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من‬ ‫األذى من عدونا في الدنيا بوأه هللا منزل صدق‪ ،‬و أيما مؤمن مسه‬ ‫أذى فينا صرف هللا عن وجهه األذى‪ ،‬وأمن يوم القيامة من سخط‬ ‫النار"‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬كتاب "روضة الشهداء" للشيخ حسين‬ ‫بن علي الكاشفي رحمه هللا‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤلف الكتاب‪( :‬القمي‪ :‬الكنى واأللقاب‪،‬ج ‪، 3‬ص‬ ‫‪ 501‬بتصرف)‪.‬‬ ‫هو العالم الفاضل المولى حسين بن علي البيهقي السبزواري‪ ،‬واعظ‬ ‫جامع للعلوم الدينية‪ ،‬مفسر‪ ،‬محدث‪ ،‬متبحر‪ ،‬خبير‪.‬‬ ‫له مصنفات كثيرة منها جواهر التفسير‪ ،‬ومختصره‪ ،‬وأنوار السهيلي‬ ‫في تهذيب كليلة ودمنة‪ ،‬ألفه باسم األمير أحمد الشهير بالسهيلي‪،‬‬ ‫توفي بهراة في حدود سنة ‪613‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬وصف الكتاب‪.‬‬ ‫حاول الباحث أن يحصل على نسخة من الكتاب؟ بهدف اعتماده‬ ‫مرجعا رئيسا كغيره من الكتب المعتمدة لدراسة مالمح األغراض‬ ‫الخطابية في الروائي‪ ،‬وليقوم بتحقيقه ولكن ضيق الوقت المحدد‬ ‫‪62‬‬


‫إلنجاز البحث حال دون هذه األمنية‪ ،‬واكتفى هنا باقتباس نبذة يسيرة‬ ‫مما ورد عنه في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة‪ ،‬للعالمة الشيخ‬ ‫آقا بزرك الطهراني إذ يقول‪ ":‬روضة الشهداء " فارسي ملمع‬ ‫للمولى الواعظ الحسين بن علي الكاشفي البيهقي المتوفى حدود‪613‬‬ ‫هـ‪ ،‬مرتب على عشرة أبواب‪ ،‬وخاتمه‪ ،‬فيها ذكر أوالد السبطين‬ ‫وجملة من السادات‪ ،‬وكتب الخاتمة مستقلة في ‪ 11‬ورقة‪ ،‬وقد احتمل‬ ‫البعض أنه أول مقتل فارسي‪ ،‬شاعت قراءته بين الفرس حتى عرف‬ ‫بـ "روضة خوان"‪ ،‬ثم توسع في هذا العنوان إلى هذا الزمان حتى‬ ‫يقال لكل قارئ " روضة خوان " (الطهراين‪ :‬الذريعة‪،11 ،‬‬

‫ص‪)261‬‬

‫ومن هنا جاء لفظ " َروز ُخون" المنتشر عندنا غي منطقة الخليج‪،‬‬ ‫والذي يطلق على الخطيب الشجي في طرقه‪ ،‬وأطواره‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬تاريخ تأليف الكتاب‪.‬‬ ‫ترجم السيد محسن األميني في األعيان للعالمة الكاشفي في كتابه‬ ‫بقوله‪ ":‬فارسي فيه شرح وفاة الرسول واألئمة وفاطمة عليهم‬ ‫السالم‪ ،‬السيما شهادة الحسين عليه السالم‪ ،‬وهو كتاب متداول‬ ‫معروف بين الناس‪ ،‬ويظهر منه تشيعه مع مراعاة جانب المدارة‬ ‫وكان تأليفه سنة ‪421‬هـ وأورد في خاتمته أحوال بقية األئمة اإلثنى‬ ‫عشر "(األمني‪ :‬أليات الشيعة‪ ،1 ،‬ص‪.)122‬‬ ‫‪ ،‬ألفه باسم مرشد الدين عبد هللا‪ ،‬المشتهر بالسيد ميرزا‪ ،‬من أبناء‬ ‫ملك ذلك العصر‪ ،‬وينقل فيه عن كثير من الكتب‪ ،‬وينقل عن بعض‬ ‫كتب الشيعة كعيون أخبار الرضا عليه السالم للصدوق‪ ،‬وإرشاد‬ ‫المفيد وأعالم الورى للطبري‪ ،‬وكتاب اآلل ال بن خلويه‪ ،‬لكن أكثر‬ ‫رواياته بل كلها مأخوذة من كتب غير مشهورة‪ ،‬بل غير معول‬ ‫عليها وقد ترجم كتابه هذا المولى الفضولي البغدادي اإلمامي‬ ‫الشاعر بالتركية ترجمة في غاية الحسن‪ ،‬واستحسنها أهل هذه اللغة‬ ‫جداً‪ ،‬من جميع الجهات‪ ،‬وحكي في الرياض عن كتاب حبيب السير‬ ‫‪61‬‬


‫أنه صنفه في كبر سنه‪ ،‬بل في آخر عمره وهو ينافي كون تأليفه سنة‬ ‫‪." 421‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬أقوال العلماء في الشيخ حسين بن علي‬ ‫الكاشفي‪.‬‬ ‫حاز الشيخ الكاشفي مقاما علميا بارزا‪ ،‬ومما قيل فيه ما يلي‪:‬‬ ‫‪-1‬قال فيه العالمة الميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري في‬ ‫كتابه روضات الجنات‪ ":‬كان جامعا ً للعلوم الدينية‪ ،‬عارفا ً بالمعارف‬ ‫اليقينية‪ ،‬كاشفا ً عن األسرار العرفانية‪ ،‬وملما ً في التفسير والحديث‪،‬‬ ‫والرياضيات‪ ،‬والنجوم"‪.‬‬ ‫‪-2‬قال فيه السيد محسن األمين في كتابه أعيان الشيعة ما أورده‬ ‫صاحب رياض العلماء في الشيخ الكاشفي‪ ":‬الشاعر‪ ،‬األديب‪،‬‬ ‫المنشئ‪ ،‬الفاضل‪ ،‬العالم‪ ،‬الفقيه‪ ،‬المحدث‪ ،‬المفسر‪ ،‬النجم الجامع‪،‬‬ ‫ألكثر العلوم حتى علوم السحر‪ ،‬واألعداد‪ ،‬والنجوم‪ ،‬وأسرار‬ ‫الحروف‪ ،‬والجفر‪ ،‬وغير ذلك وفي كل التأليفات"‪( .‬األمني‪ :‬أليات‬

‫الشيعة‪ ،1 ،‬ص‪.)122‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬مكانة كتاب روضة الشهداء في الدور‬ ‫الروائي‬ ‫من األهمية بمكان أن يتم الحديث عن كتاب "روضة الشهداء"‪،‬‬ ‫ومكانته في الدور الروائي في تاريخ الخطابة الحسينية‪ ،‬ومسار‬ ‫تطور األغراض الخطابية فيها‪ ،‬فهذا الكتاب حاز على قصب السبق‬ ‫في تأليف الكتب التي تضم مجالس حسينية‪ ،‬حيث قال فيه العالمة‬ ‫المتتبع الميرزا محمد الخوشاري أعلى هللا مقامه‪":‬كتاب روضة‬ ‫الشهداء في مقاتل أهل البيت عليه السالم‪ ،‬وظني أنه أول كتاب‬ ‫صنف في هذا الشأن‪ ،‬ملمعا ً بالنظم‪ ،‬واإلنشاء الفاخرين‪ ،‬على ذلك‬ ‫النهج الحميد‪ ،‬فتلقاه أهل الذكر المصائب المظلومين بالقبول‪،‬‬ ‫‪61‬‬


‫وأنشدوه على رؤوس المنابر" ‪( .‬اخلو اري‪ :‬روضات اجلنات‪،1 ،‬‬ ‫ص ‪.)216‬‬ ‫انتشر هذا الكتاب‪ ،‬وظل محط اهتمام الراغبين في عقد المآتم‬ ‫الحسينية إلى تاريخ متأخر وهو عام ‪ ،1213‬كما نوه بذلك السيد‬ ‫جواد شبر في كتابه أدب الطف حيث يقول‪ ":‬كان المنبريون قبله ال‬ ‫يحسنون أكثر من تناول الواحد منهم كتاب "روضة الشهداء"‪،‬‬ ‫ويقرأه نصا ً‪ ،‬ثم تطورت إلى حفظ ذلك الكتاب رواية ما فيه فقط‪،‬‬ ‫كالسيد حسين آل طعمة المتوفى سنة ‪1213‬هـ " ( رب‪ :‬أدب الطف‪،‬‬

‫‪ ،1‬ص ‪.)11‬‬

‫المطلب الثالث‪:‬كتاب "رياض المصائب " للعالمة‬ ‫التنكباني رحمه هللا‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫هو السيد محمد مهدي بن محمد جعفر الموسوي التنكباني‪ ،‬من‬ ‫علماء أواخر القرن الثالث عشر الهجري‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لمحة موجزة عن الكتاب‬ ‫يقع الكتاب في ‪ 214‬صفحة من القطع العادي‪ ،‬مطبوع بطبعة‬ ‫حجرية‪ ،‬وقد ضم بداخله ثمانية وستون مجلسا ً حسينيا ً‪ ،‬وسمي كل‬ ‫المآتم بـ "روضة " على نمط "روض الشهداء" للكاشفي‪ ،‬وتعرض‬ ‫خالل الكتاب إلى مصائب المعصومين الخمسة أصحاب الكساء‪،‬‬ ‫وذكر ما جرى عليهم من المحن والخطوب‪ ،‬وفضائلهم ومناقبهم‪،‬‬ ‫وقد وقع الفراغ من تأليفه عام ‪1223‬هـ‪.‬‬

‫‪61‬‬


‫اعتمد الكاتب منهجية سرد الروايات‪ ،‬الواحدة تلو اآلخرى‪ ،‬ولم‬ ‫يفتتح مجالسه بأي ديباجة‪ ،‬أو يختم بها‪ ،‬بل يأتي بالمجلس مفتتحا ً له‬ ‫بعنوان‪ ،‬ثم يسرد الروايات‪ ،‬فمثالً تجده يقول في صفحة ‪ 111‬مايلي‪:‬‬ ‫"الروضة الثانية في ذكر سخاوة سيدنا‪ ،‬وإمامنا سيد الشهداء خامس‬ ‫أهل العباد الحسين بن علي‪ ،‬روحي لهما الفداء وجسمي لجسمهما‬ ‫الوقاء‪ ،‬عليهم سالم هللا من اآلن إلى يوم اللقاء‪ ،‬روي أن رجالً‬ ‫يسمى عبد الرحمن كان معلما ً ألوالد الحسين عليه السالم في‬ ‫المدينة"‪ ،‬وأيضا ً لم يفتح مجالسه بآية أو خطبة من خطب اإلمام‬ ‫أمير المؤمنين كما فعل الحجة الشيخ عبد الخالق بن عبد الرحيم‬ ‫اليزدي رحمة هللا في كتابه مصائب المعصومين‪ ،‬علما ً بأن فترة‬ ‫تأليف الكتابين متقارب جداً‪ :‬فكتاب مصائب المعصومين تم تأليفه‬ ‫عام ‪1221‬هـ‪ ،‬والكتاب المترجم له عام ‪1223‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نصيب الشعر في كتابه‪.‬‬ ‫أورد شعراً كثيراً‪ ،‬ولكن ليست بالكثرة الموجودة في كتاب الفخري‪،‬‬ ‫وأيضا ً من المالحظ على هذا الكتاب أنه لم يختم مجالسه بقصيدة‬ ‫رثاء كما فعل صاحب كتاب مصائب المعصومين‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬لغة المجالس‪.‬‬ ‫جاءت عبارات الكتاب مسجوعة‪ ،‬عدا النصوص والروايات‬ ‫المنقولة‪ ،‬ونظراً لعدم ذكره الديباجة المعروفة في ذلك الزمان فقد‬ ‫كان كالم المؤلف قليالً نسبة إلى بعض الكتب المماثلة كالفخري‪،‬‬ ‫ومصائب المعصومين‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي‪.‬‬ ‫‪-1‬احتفظ الكتاب بأهم األغراض الرئيسية التي تناولتها المجالس‬ ‫الحسينية في الدور الروائي وهي‪:‬‬ ‫‪64‬‬


‫أ‪ -‬الستنكار لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬استثارة مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس‪.‬‬ ‫ج‪ -‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪ -2‬أكد الكتاب على أن لغة المجالس المسجوعة ال زالت موجودة‬ ‫حتى زمان تأليفه‪.‬‬ ‫‪ -3‬أكد على استمرارية منهجية الدور الروائي الذي يعتمد أسلوب‬ ‫سرد الروايات تباعا دون تعليق يذكر عليها‪ ،‬وكان هذا النحو من‬ ‫ممارسة الخطابة في الدور الروائي مستمرا حتى عام ‪1223‬هـ‬ ‫الموافق لتاريخ تأليف الكتاب‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬كتاب "المنتخب في جمع المراثي‬ ‫والخطب"‪ ،‬المشهور بالفخري‪ ،‬للعالمة الشيخ‬ ‫الطريحي رحمة هللا‪.‬‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫هو العالمة الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى عام‬ ‫‪1341‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لمحة موجزة عن الكتاب‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في ‪ 132‬صفحة من القطع العادي‪ ،‬قسمه المؤلف إلى‬ ‫عشرين مجلسا ً وأبوابا ً على حد تعبيره‪ ،‬وقد أورد فيه ما استطرفه‬ ‫من فضائل‪ ،‬ومراثي أهل البيت عليهم‪ ،‬والتزم الطريقة الروائية‬ ‫البحتة‪ ،‬فلم يوجد له تعليقا ً على الروايات التي جاء بها في كتابه‪ ،‬وقد‬ ‫اعتاد الشيخ الطريحي أن يفتتح مآتمه بعبارات يتفجع فيها على آل‬ ‫‪66‬‬


‫الرسول؛ لما أصابهم من المحن‪ ،‬يورد بعدها روايات وأشعاراً‪،‬‬ ‫وعند الختام يأتي بديباجة ثابتة‪ ،‬جاءت في ختام جميع مجالسه دون‬ ‫تخلف‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫"فعلى األطائب من أهل بيت الرسول فليبك الباكون‪ ،‬وإياهم فليندب‬ ‫النادبون‪ ،‬ولمثلهم تذرف الدموع من العيون‪ ،‬أوال تكونوا كبعض ما‬ ‫دحيهم حيث عرته األحزان فنظم وقال فيهم"‪ ،‬ثم يأتي بعد هذه‬ ‫العبارة في جميع مجالسه بإحدى قصائد رثاء اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم بشكل خاص‪ ،‬أو رثاء أهل البيت بشكل عام‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نصيب الشعر في كتابه‪.‬‬ ‫أورد قصائد رثاء كثيرة‪ ،‬والعديد منها يعتبر من مطوالت القصائد‪،‬‬ ‫يبلغ بعضها ‪ 13‬بيتا ً من الشعر‪ ،‬وقد التزم رضوان هللا عليه‪ ،‬بذكر‬ ‫أسماء ناظميها‪ ،‬مثل الشيخ صالح بن عبد الوهاب‪ ،‬والشيخ الخليعي‪،‬‬ ‫وابن المتو ‪ ،‬والشيخ مغامس بن داغر االحسائي‪ ،‬وابن العرندس‪،‬‬ ‫والشيخ محمد السبعي األحسائي‪ ،‬والشيخ مفلح الصميري‪ ،‬وبن‬ ‫حماد‪ ،‬والشيخ داود البحراني‪ ،‬والشيخ عبد هللا األريكي‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬لغة المجالس‪.‬‬ ‫جاءت عبارات الكتاب مسجوعة بتكلف في كثير من مآتمه‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أهمية كتاب المنتخب في دراسة الدور‬ ‫الروائي‬ ‫وتتمثل أهميته فيما يلي‪:‬‬ ‫‪-1‬لم يعرف الخطباء الحسينيون كتابا قبله‪ ،‬أعد خطبا ً حسينية‪،‬‬ ‫مكتوبة‪ ،‬من أجل أن تقرأ داخل المآتم الحسينية إال كتاب روضة‬ ‫الشهداء‪ ،‬لمؤلفه العالمة الشيخ حسين بن علي الكاشفي‪ ،‬وذلك في‬ ‫تاريخ ‪421‬هـ‪ ،‬والذي سبق الحديث عنه‪.‬‬ ‫‪133‬‬


‫‪ -2‬يعتبر الكتاب شاهد تاريخي هام لكيفية انعقاد المآتم في القرن‬ ‫الحادي عشر‪ ،‬فقد نقل المؤلف رحم‪ ،‬هللا صورة جيدة لمحتوى المآتم‬ ‫الحسينية آنذاك‪ ،‬من حيث مادتها العلمية والتاريخية‪ ،‬واألدبية‪.‬‬ ‫‪-3‬نظراً ألسبقية الكتاب في كتابة نصوص المجالس الحسينية‪،‬‬ ‫وإعدادها لكي تقرأ من قبل أحد القراء‪ ،‬فقد نال استحسان أغلب‬ ‫األوساط الشعبية‪ ،‬ولم يقتصر على البالد العربية‪ ،‬بل ترجم إلى‬ ‫الفارسية‪ ،‬واألردية‪ ،‬والتركية واستمرت شعبيته إلى وقت قريب‪ ،‬بل‬ ‫الزال بعض أصحاب الحسينيات يقرأون فيه كالعادة قبل مجيء‬ ‫الخطيب على الرغم من وجود بعض الكتب الحسينية‪ ،‬والتي‬ ‫صدرت بعده محاكية ألسلوبه‪ ،‬إال أن انتشارها محدود‪ ،‬بالقياس إلى‬ ‫انتشار الفخري‪ ،‬لهذا فالباحث يعتقد أن للكتاب أثر كبير على مسيرة‬ ‫الخطابة الحسينية عبر التاريخ‪ ،‬فهو يقرأ في المجالس من الكتاب‬ ‫مباشرة‪ ،‬وبعض الخطباء يحفظون نص خطبته‪ ،‬ويلقونها مرة أخرى‬ ‫على المستمعين‪ ،‬واستمر هذا الوضع ردحا ً من الزمن ليس‬ ‫بالقصير‪.‬‬ ‫‪ -2‬تناول هذا الكتاب األغراض الخطابية التي الزمت المآتم‬ ‫الحسينية منذ نشأتها وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استثارة مشاعر الحزن واللوعة‪.‬‬ ‫ج‪ -‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫وفيما يلي بعض الفقرات التي جاءت في كتابه بما يتناسب مع كل‬ ‫غرض‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ذكر آنفا أن هذا الغرض من ثوابت المجلس الحسيني‪ ،‬وقد أكد على‬ ‫استمراريته إلى زمان تأليف الكتاب من خالل العبارات التالية‪:‬‬ ‫"جسوم وهللا طالما أتعبوها في عبادة الرحمن‪ ،‬وقراءة القرآن‪ ،‬فوا‬ ‫عجباه كيف شمخت عليهم أنوف الظالمين‪ ،‬حتى فعلوا ما أغضبوا‬ ‫رب العالمين" (الطرحي ‪ :‬املنت ب‪ ،‬ص ‪.)221‬‬ ‫‪131‬‬


‫وفي مقطع آخر قال‪ ":‬فوا عجباه ممن مال من الحق إلى الباطل‪،‬‬ ‫وارتكب مثل هذا الخطب الهائل‪ ،‬وتجري على انتهاك ذرية‬ ‫الرسول‪ ،‬وأوالد فاطمة البتول‪ ،‬وما ذاك إال لطلب الدنيا ونعيمها"‬

‫(الطرحي ‪ :‬املنت ب‪ ،‬ص ‪.)311‬‬

‫ب‪ -‬استثارة مشاعر الحزن‪:‬‬ ‫قال الشيخ الطريحي رحمه هللا‪ ":‬أيها المؤمنون السامعون‪ ،‬واألمناء‬ ‫الصالحون‪ ،‬اعلموا أن هللا تعالى‪ ،‬قد ابتلى ابن نبيكم الحسين عليه‬ ‫السالم ببالء عظيم‪ ،‬بكت من أجله السماوات بأركانها‪ ،‬واألرض‬ ‫بأرجائها‪ ،‬واألشجار بأطيارها‪ ،‬وأغصانها‪ ،‬والمالئكة المقربون‪،‬‬ ‫وأهل السماوات أجمعون‪ ،‬فأي قلب ال ينصدع لقتله‪ ،‬وأي فؤاد ال‬ ‫يحزن من أجله‪ ،‬وكيف ال وقد أصبح أهل البيت مطرودين‪،‬‬ ‫مشردين‪ ،‬ومذودين عن األوطان‪ ،‬والديار‪ ،‬شاسعين في البراري‬ ‫واألمصار‪ ،‬كأنهم أوالد اليهود والكفار‪ ،‬فيا لها من مصيبة عظيمة‬ ‫في اإلسالم‪ ،‬وجليل خطب عم ساير األنام‪ ،‬فيا أخواني ال تقصروا‬ ‫في البكاء‪ ،‬والعويل‪ ،‬وتساعدوا على هذا الرزء الجليل‪ ،‬وأبرزوا‬ ‫الدموع الهتان‪ ،‬ومخفيات األشجان‪ ،‬و األحزان‪ ،‬على ما أصاب‬ ‫سادات الزمان من الذل‪ ،‬والهوان "‪.‬‬ ‫ج‪ -‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫تحدث كتاب المنتخب عن ثواب الباكين على الحسين عليه السالم‪،‬‬ ‫ولربما نوه بالثواب دون سرد أي رواية في هذا المقام حيث يقول‪:‬‬ ‫"وأظهروا النوح والعويل على هذا الرزء الجليل‪ ،‬أما علمتم أنكم‬ ‫توافقون المالئكة في ثوابهم‪ ،‬وتواسون النبي في الحزن على‬ ‫مصابهم‪ ،‬أما تحبون أن يرضى عنكم مبدع الموجودات "(الطرحي ‪:‬‬ ‫املنت ب‪ ،‬ص ‪ .)21‬وتارة أخرى يورد بعض الروايات التي تحقق‬ ‫هذا الغرض فقد ذكر رضوان هللا تعالى عليه أنه ورد في الخبر عن‬ ‫أهل العلم‪ ،‬واألثر عن منذر النوري سمعت الحسين عليه السالم‬ ‫‪132‬‬


‫يقول‪ ":‬من دمعت عينيه فينا دمعة‪ ،‬أو قطرت عينه فينا قطرة بوأه‬ ‫هللا في الجنة حقبا"‪ ،‬وعنه عليه السالم أنه قال‪" :‬أنا قتيل العبرة‪ ،‬ما‬ ‫ذكرت عند مؤمن إال بكى‪ ،‬واغتم لمصابي"‪.‬‬ ‫‪ -5‬ذكر المصائب التي جرت على بقية أهل البيت عليهم السالم‪:‬‬ ‫تناول الشيخ في كتابه بعض مصائب أهل البيت عليهم السالم؛‬ ‫ليوسع بذلك من فاعلية المأتم الحسيني‪ ،‬وليكون قادراً على استيعاب‬ ‫جميع ما مر على أهل البيت من ممارسات ظالمة‪ ،‬فتعطي حقها من‬ ‫الذكر والتاريخ‪ ،‬ولكن لم يفرد مجالس بكاملها لعرض تلك‬ ‫المصائب‪ ،‬بل تعرض لها في سياق المجلس‪ ،‬وعلى سبيل المثال‪:‬‬ ‫تعرض لمصيبة الزهراء في صفحة ‪ ،12‬وصفحة ‪ 21‬من كتابه‪.‬‬ ‫‪ -6‬نشر فضائل أهل البيت عليه السالم‪:‬‬ ‫ويقصد بفضائل أهل البيت‪ :‬مناقبهم‪ ،‬ومزاياهم العلمية‪ ،‬والقدسية‬ ‫التي وهبهم هللا إياها‪ ،‬وهذا الغرض الخطابي هام ألنه يحقق‬ ‫األهداف التالية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الترويج لفضائل أهل البيت عليه السالم‪ ،‬ومناقبهم التي تميزوا‬ ‫بها‪ ،‬لكونها فضيلة في ذاتها‪ ،‬كما أنها تجلب القلوب إليهم‪ ،‬وترفع من‬ ‫مستوى التمسك بمنهجهم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬كشف النقاب عن مكانة أهل البيت عليهم السالم في الشريعة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ومقدار القداسة التي يحملونها‪.‬‬ ‫ تخليص المجلس من القوالب التقليدية التي تكتفي بذكر المصائب‬‫فقط‪ ،‬حيث من خالل ذكر مناقب أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬تفتح‬ ‫األبواب شرعا؛ لالطالع على جوانب هامة من حياتهم‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬كتاب "التحفة الفاخرة في ذكر‬ ‫مصائب العترة الطاهرة" للعالمة الشيخ عبد المحسن‬ ‫اللويمي رحمة هللا‪.‬‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬ ‫‪133‬‬


‫الفرع األول‪ :‬مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫هو العالمة الشيخ عبد المحسن بن محمد بن مبارك اللويمي‬ ‫األحسائي‪ ،‬يرجع نسبه إلى بني الم القبيلة العربية القحطانية‬ ‫المشهورة‪ ،‬من أبرز أعالم القرن الثالث عشر الهجري توفي في‬ ‫حدود ‪1213‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لمحة موجزة عن الكتاب‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في ثالث مجلدات من القطع العادي‪ ،‬ولم يقف الباحث‬ ‫على غير المجلد األول وهو يحتوي على ‪ 363‬صفحة‪ ،‬وقد رتبه‬ ‫المؤلف " على عشرين مجلسا ً وفي كل مجلس ثالثة أبواب" (اليومي ‪:‬‬

‫التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪.)1‬‬

‫‪ ،‬وهو مطبوع طبعة حديثة‪.‬‬ ‫يضم الكتاب مجالس حسينية تناسب أيام عاشوراء‪ ،‬ذكر المؤلف أن‬ ‫هدفه من تأليفه هو "إظهار الجزع على المصاب‪ ،‬عشر المحرم‬ ‫وأيامه على مرور األزمنة‪ ،‬والدهور إلى يوم النشور"‪(.‬اليومي ‪:‬‬

‫التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪.)1‬‬

‫والكتاب من الناحية الفكرية‪ ،‬لم يتخل عن الهدف الذي نواه المؤلف‬ ‫في مقدمة الكتاب‪ ،‬فقد التزم جانب إظهار المصائب التي جرت عن‬ ‫أهل بيت النبوة‪ ،‬فقد سجلها ووصفها من وراء أحاسيس البيئة التي‬ ‫عاش المؤلف ضمن إطارها بقصد إكثار الدموع وتصعيد‬ ‫الزفرات‪(.‬اليومي ‪ :‬التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪.)4‬‬

‫‪132‬‬


‫الفرع الثالث‪ :‬لغة الكتاب‪.‬‬ ‫نظراً ألن تاريخ تأليف الكتاب يعود إلى القرن الثالث عشر‬ ‫الهجري‪ ،‬لم يخل من السجع المتكلف‪ ،‬السائد في ذلك الزمان‪ ،‬والذي‬ ‫يظهر بشكل جلي على كتاباتهم‪ ،‬وخطبهم كما ذكرت ذلك سابقا ً‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬نصيب الشعر في الكتاب‪.‬‬ ‫ال غنى عن الشعر في المآتم الحسينية‪ ،‬وخاصة الرثاء منه؛ لما له‬ ‫من أثر في إذكاء أوار المصيبة في قلوب المستمعين‪ ،‬وقد جاء الشيخ‬ ‫اللويمي قدس سره بالكثير من الشعر‪ ،‬ولكن من المؤسف أنه لم يذكر‬ ‫أسماء شعرائها‪ ،‬ففات على الحركة األدبية الكثير من المنافع في‬ ‫مجال تدوين بيانات األدباء‪ ،‬في المقابل كان للشيخ الطريحي في‬ ‫منتخبه أثرا كبيرا في تدوين بيانات الشعراء‪ ،‬فكم من القصائد لم‬ ‫تكن معروفة للشيخ مغامس‪ ،‬أو الشيخ علي السبعي وهم شعراء‬ ‫ينتمون إلى منطقة األحساء"‪ ،‬وكان السبب في معرفة أصحابها هو‬ ‫إشارة الشيخ الطريحي في كتابه المنتخب‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي‪.‬‬ ‫‪-1‬تبدو أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي إحداثه تغييرا طفيفا‬ ‫في بناء المجلس من الناحية الفنية‪ ،‬حيث الحظ الباحث ظاهرة‬ ‫التعليق بعد أو قبل القصائد التي يوردها في منتصف الخطبة‪ ،‬وهو‬ ‫أيضا تعليق مسجوع‪ ،‬وهذا مالم يجده الباحث عند الشيخ الطريحي‬ ‫في المنتخب المشهور بالفخري‪ ،‬وتعليقه هذا ال يشرح فيه عبارات‬ ‫القصيدة‪ ،‬وإنما يظهر فيه التفجع لما جرى على الحسين وأهل بيته‪،‬‬ ‫لما جرى عليهن‪ ،‬وهذه تعتبر بداية في خلخلة السرد الروائي بشيء‬ ‫من التعليق‪ ،‬ولكن لم يوجد له تعليق على النصوص المروية‪ ،‬وإنما‬ ‫‪131‬‬


‫فقط على نحو االستنكار والتبرم لما جرى على أهل البيت عليهم‬ ‫السالم‪.‬‬ ‫‪-2‬يعتبر الكتاب محطة تاريخية هامة في مسار دراسة تطور‬ ‫األغراض الخطابية للمنبر الحسيني في دوره الروائي‪ ،‬وإلى أي‬ ‫اتجاه كان يسير‪ ،‬وكذا بناء المجلس الحسيني من الناحية الفنية‪،‬‬ ‫واألغراض الخطابية التي كان الخطباء يتناولونها في فترة زمنية‬ ‫سابقة‪ ،‬وتبدو فائدة الكتاب ككاشف عما تم ذكره إذا تم إجراء‬ ‫المقارنة بكتاب الفخري للطريحي حيث المدة الزمنية الفاصلة بينهما‬ ‫حوالي ‪ 233‬سنة‪ ،‬فالطريحي كان من أعالم القرن الحادي عشر‬ ‫الهجري‪ ،‬واللويمي من أعالم القرن الثالث عشر‪ ،‬وال علم للباحث‬ ‫عن تاريخ تأليف كل من الكتابين على نحو وثيق‪ ،‬ولكن الخالصة‬ ‫التي انتهى لها الباحث من قراءة كال الكتابين‪ ،‬أن كال الكتاب يمثل‬ ‫اتجاها خطابيا في زمانه‪ ،‬كما أنهما متطابقان من حيث المستوى‬ ‫اللغوي والبناء الفني للمجالس نثرا‪ ،‬وشعرا‪ ،‬والطريقة التي يفتتح بها‬ ‫المجلس‪ ،‬ويختم بها‪ ،‬غير أن هناك اختالفا في العبارات التي تقال‬ ‫عند نهاية المجلس في كل من الكتابين‪ ،‬وال يعلم الباحث هل هذا‬ ‫يعود إلى ذوق المؤلف نفسه‪ ،‬حين يجعل له نصا ثابتا يقوله عند‬ ‫نهاية كل خطبة‪ ،‬أو أن هذا يعود إلى ما هو سائد في المجالس‬ ‫الحسينية في زمان تأليف كال منهما‪ ،‬ولعل االحتمال األول هو‬ ‫األرجح‪.‬‬ ‫‪-3‬احتفظ الشيخ اللويمي في كتابه المذكور بنفس األغراض الخطابية‬ ‫التي الزمت المجالس الحسينية عبر تاريخه الطويل‪ ،‬والتي مر بها‬ ‫كتاب المنتخب للطريحي‪ ،‬وهذا يؤكد على استمرارها إلى زمان‬ ‫تأليف الكتاب وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ج‪-‬استثاره مشاعر الحزن واللوعة على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫د‪-‬إبراز مصائب بقية أهل البيت عليه السالم‪.‬‬

‫‪131‬‬


‫‪-4‬ذكر الشيخ رحمه هللا أهمية إبراز مصائب أهل البيت عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وإظهار الحزن عليهم‪ ،‬ولكن لم يفصل في ذكر مصائبهم‪،‬‬ ‫كما هو الحال عند تاريخ هذا العصر‪ ،‬إذ أفرد لوفاة كل إمام مجلسا‬ ‫خاصا‪ ،‬كعادة معاصريه‪ ،‬كما أورد ذلك الشيخ عبد الخالق اليزدي‬ ‫رحمه هللا في كتابه "رياض المصائب"‪.‬‬ ‫‪-1‬ذكر المؤلف مصيبة الزهراء عليها السالم وما جرى عليها من‬ ‫مصائب بعد وفاة رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم والحكمة في‬ ‫دفنها سراً ‪(،‬اليومي ‪ :‬التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪ .)313‬وخطبتها في شأن‬ ‫فدك وتعقيب عليها‪( ،‬اليومي ‪ :‬التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪،)221-221‬كذلك‬

‫تعرض إلى مقتل أمير المؤمنين عليه السالم بالتفصيل (اليومي ‪:‬‬ ‫التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪ .)322‬كما تعرض لوفاة اإلمام الحسن عليه‬

‫السالم عليه السالم‪ ،‬وما القاه من ظلم على يد بني أمية وكيف دس‬ ‫السم إليه (اليومي ‪ :‬التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪ ،)321-321‬وما ألحقوه من‬ ‫ظلم‪ ،‬وأذية بعد مماته‪ ،‬وذلك بمنعهم من دفن جثمانه الشريف إلى‬ ‫جوار جده رسول هللا (اليومي ‪ :‬التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪ ،.)311‬بل‬

‫وتعرضوا إلى جنازته بالنبل (اليومي ‪ :‬التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪ ، )311‬أما‬ ‫بقية األئمة فلم يذكر ألي منهم مصيبة مفصلة‪ ،‬هذا ما جاء في المجلد‬ ‫األول من كتابه‪ ،‬وربما وقع تفصيل في المجلدات األخرى‪ ،‬لكن‬ ‫الباحث لم يطلع عليها‪.‬‬ ‫‪ -1‬ذكر الشيخ مجموعة من فضائل أهل البيت عليه السالم منها ما‬ ‫أورده الشيخ الصدوق في فضل الزهراء عليه السالم‪ ،‬وكيف أن‬ ‫الخالئق يوم القيامة تغض نظرها حتى تجوز على الصراط‬ ‫(اليومي ‪ :‬التحفة الفاخرة‪ ،‬ص ‪.)36‬‬

‫‪131‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬واقع الخطابة الحسينية في‬ ‫األحساء خالل الدور الروائي واإلسهام الذي قدمته‬ ‫في هذا الدور‪.‬‬ ‫ويشتمل على المطالب التالي‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور‬ ‫الروائي‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬خطباء أحسائيون في الدور الروائي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬واقع الخطابة الحسينية في األحساء‬ ‫خالل الدور الروائي‪.‬‬ ‫نظراً للوجود الشيعي في حاضرة األحساء منذ زمن متقدم في‬ ‫التاريخ اإلسالمي‪ ،‬فإن الباحث يقدر أن لها اهتماما بالمآتم الحسينية‬ ‫خالل الدور الروائي "الدور الثاني"’ كما كان لهم في الدور‬ ‫التأسيسي " الدور األول "‪.‬‬ ‫ولعل أبرز المؤشرات التي تؤكد لنا وجود هذا االهتمام لدى أبناء‬ ‫المنطقة ما يلي‪:‬‬ ‫‪-1‬أنجبت هذه المنطقة مجموعة من الخطباء الحسينيين يرجع تاريخ‬ ‫أحدهم إلى القرن التاسع الهجري‪ ،‬وبعد مزيد من البحث تمكن‬ ‫الباحث من الوقوف على أسماء وتراجم لبعض منهم‪ ،‬وهم كل من‪:‬‬ ‫أ‪-‬الشيخ مغامس بن داغر‪.‬‬ ‫ب‪-‬داغر "ولد الشيخ مغامس"‪.‬‬ ‫ الشيخ علي السبعي‪.‬‬‫د‪-‬الشيخ أحمد البالدي‪.‬‬ ‫‪134‬‬


‫وسترد تراجمهم الحقا‪.‬‬ ‫‪-2‬الزالت بعض الحسينيات في األحساء حتى تاريخنا المعاصر‪،‬‬ ‫وذوي األوقاف الحسينية يقرأون المقتل الحسيني يوم العاشر من‬ ‫محرم‪ ،‬وهي من األعمال التي أيدها أهل البيت عليهم السالم‪،‬‬ ‫وانتشرت في الدور التأسيسي "الدور األول"‪ ،‬والباحث يقدر أن هذا‬ ‫االهتمام كان موجوداً في الدور الروائي؛ الستمراره إلى زماننا‪.‬‬

‫‪136‬‬


‫‪-3‬نظراً لإلقبال المنقطع النظير على كتاب المنتخب الطريحي‬ ‫المشهور "بالفخري"‪ ،‬وشهرته في األوساط الشعبية‪ ،‬حيث من‬ ‫مظاهرها أن تم ترجمته إلى بعض اللغات كالفارسية واألردية‪ ،‬و‬ ‫كان ألهل األحساء إقبال عليه بشكل ال يقل عما هو موجود في باقي‬ ‫األوساط الشيعية األخرى‪،‬‬ ‫وهذا الكتاب يعود إلى الدور‬ ‫الروائي كما تم ذكره‪ ،‬ومن‬ ‫الجدير بالذكر أنه قد انتشر في‬ ‫األحساء كتاب محرف باسم‬ ‫الفخري‪ ،‬ويضم نفس مجالس‬ ‫الشيخ الطريحي‪ ،‬عدا قصائده‬ ‫الرثائية حيث استبدلوها بقصائد‬ ‫لشعراء من أهل البحرين‬ ‫(الرمضات‪ :‬مقابية صية) ‪ ،‬وقد‬ ‫اشتهر كتاب المنتخب للطريحي‬ ‫عندهم بالفخري‪ ،‬حتى صار‬ ‫هذا االسم علما ً يطلق على كل‬ ‫كتاب يحتوي على مجالس‬ ‫الشيخ محمد بن حسين بوخمسين حسينية‪ ،‬ومن تلك الكتب التي‬ ‫أطلق عليها اسم الفخري هو‬ ‫كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب" للعالمة الشيخ محمد‬ ‫بن حسين أبو خمسين رحمه هللا تعالى‪ ،‬وان كان انتشار هذا الكتاب‬ ‫محدود جداً حيث يقرأ في حسينية أبي خمسين فقط‪ ،‬و سيتم الحديث‬ ‫عنه في محله الحقا‪ ،‬لكونه ينتسب من حيث منهجيته في تطور‬ ‫األغراض الخطابية للمجالس الحسينية إلى الدور التفسيري‪.‬‬ ‫‪ -3‬أسهم أحد علماء األحساء بكتاب ضم فيه مجالس حسينية‪ ،‬تننمي‬ ‫من حيث منهجيتها إلى الدور الروائي‪ ،‬بخالف فخري العالمة الشيخ‬ ‫محمد أبي خمسين السالف ذكره‪ ،‬المصنف من حيث منهجيته إلى‬ ‫الدور التفسيري‪ ،‬والكتاب للعالمة الشيخ عبد المحسن بن محمد بن‬ ‫‪113‬‬


‫مبارك اللويمي األحسائي‪ ،‬وعنوانه "التحفة الفاخرة في ذكر‬ ‫مصائب العترة الطاهرة" السابق ذكره وقد توفي هذا العالمة في‬ ‫حدود ‪1213‬هـ‪ .‬واشتهر هذا الكتاب "بتحفة اللويمي"‪ ،‬وقد وردت‬ ‫ترجمة مفصلة عن حياته في بداية تحفته منها ما يلي‪:‬‬ ‫نسبه‪ :‬عبد المحسن بن محمد بن مبارك‪ ،‬ينتهي نسبه إلى بني الم‪،‬‬ ‫القبيلة العربية المشهورة‪ ،‬يقيم كثير منهم في العراق وإيران‪ ،‬كما‬ ‫يتواجد منهم جموع غفيرة في المملكة العربية السعودية بمحافظة‬ ‫األحساء‪ ،‬ويعرف هؤالء باللويم أو اللويمي‪.‬‬ ‫مولده ومدفنه‪ :‬ولد في قرية من قرى األحساء تدعى بالبطالية‪ ،‬نسبة‬ ‫إلى ابن بطال أحد أمراء القبائل العربية المعروفة في تلك المناطق‪،‬‬ ‫يحتمل أن تكون والدته في العقد الثامن من القرن الثاني عشر‬ ‫للهجرة‪ ،‬أما زمن وفاته فقد ذكر الشيخ آغا ما بزرك الطهراني أنه‬ ‫توفي في حدود سنة ‪1213‬هـ‪ ،‬ودفن في قرية من قرية شيراز تدعى‬ ‫"سرجون" وكان قد هاجر إليها من األحساء على أثر قيام بعض‬ ‫الفتن الدينية آنذاك‪ ،‬حيث نقل حوزته العلمية الدينية األحسائية إلى‬ ‫هناك‪ ،‬و التحق به جملة من تالمذته‪.‬‬ ‫إجازاته‪:‬أجيز في الرواية من قبل كثير من علماء الطائفة رضوان‬ ‫هللا عليهم منهم‪:‬ــ‬ ‫‪-1‬السيد ابن بحر العلوم الطباطبائي المتوفى عام ‪ 1312‬هـ‪.‬‬ ‫‪-2‬الشيخ الفهامة حسين آل عصفور المتوفى عام ‪1211‬هـ‪.‬‬ ‫‪-3‬الشيخ الفاضل أحمد بن حسين آل عصفور‪.‬‬ ‫‪-2‬السيد العالمة مهدي الشهرستاني‪.‬‬ ‫كما أجاز رواية جملة من العلماء من بينهم‪:‬‬ ‫‪-1‬ولده‪.‬‬ ‫‪-2‬الشيخ سليمان آل عبد الجبار‪.‬‬ ‫‪-3‬الشيخ علي بن الشيخ مبارك آل حميدان الجارودي‪.‬‬ ‫‪111‬‬


‫مؤلفاته‪:‬توجد له مجموعة مؤلفات في جملة من حقول المعرفة‬ ‫اإلسالمية والعربية‪:‬‬ ‫‪-1‬مشكاة األنوار في فقة الصالة‪.‬‬ ‫‪-2‬الرسائل الثالث في الصالة‪ :‬الصغرى والوسطى والكبرى‪.‬‬ ‫‪-3‬جامع األصول عن أهل األصول‪.‬‬ ‫‪-2‬معرفة أحوال الرجال الذين لم يعرف لهم حال‪.‬‬ ‫‪-1‬رسالة في التجويد‪.‬‬ ‫‪-1‬شرح العوامل الجرجانية‪.‬‬ ‫‪-1‬شرح األجرومية‪.‬‬ ‫‪-4‬كفاية الطالب المودعة أسرار العرب "نظم‪،‬شرح"‪.‬‬ ‫‪-6‬وفاة النبي يحيى عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-13‬وفاة اإلمام الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-11‬وفاة اإلمام الكاظم عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-12‬التحفة الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬خطباء أحسائيون في الدور الروائي‬ ‫ويشتمل على عدة فروع كما يلي‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الشيخ مغامس بن داغر‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الشيخ علي السبعي‪.‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الشيخ أحمد بن حاجي البالدي‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الشيخ مغامس بن داغر‬ ‫الشيخ مغامس بن داغر األحسائي‪ ،‬من خطباء األحساء وأدبائها‬ ‫المنقطعين ألهل البيت بالحب والوالء‪ ،‬آخر من ترجم له الشيخ جواد‬ ‫بن حسين الرمضان‪ ،‬في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء‬ ‫وأدباء اإلحساء و القطيف والبحرين وقد عده من خطباء األحساء‪،‬‬ ‫وأدبائها‪.‬‬ ‫‪112‬‬


‫شــعـــره‪ :‬له روائع في الشعر العربي‪ ،‬تالمس شفاف القلب السيما‬ ‫قصائده الرثائية التي أورد جزء منها كل من الشيخ عبد الحسين‬ ‫األميني في كتابه الغدير (األمني‪ :‬الغدير‪ ،2 ،‬ص ‪ ، )261‬والسيد‬

‫جواد شبر في كتابه أدب الطف ( رب‪ :‬أدب الطف‪ ،2 ،‬ص ‪،)261‬‬ ‫وقد ترجم له األخير في كتابه فقال‪ " :‬شاعر طويل النفس‪ ،‬بديع‬ ‫النظام‪ ،‬حلو االنسجام‪ ،‬ينتسب إلى إحدى العشائر العربية القاطنة‬ ‫ضواحي الحلة‪ ،‬هذا وقد استوطن الحلة حتى توفي فيها‪ ،‬قال الشيخ‬ ‫الخطيب اليعقوبي في "البابليات" وقفت أخيراً على قصائد المترجم‬ ‫في أهل البيت عليه السالم‪ ،‬وذكر الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ‬ ‫محمد علي الطريحي – أخو فخر الدين صاحب المجمع والمنتخب‬ ‫– في مؤلف له كتب بالحلة سنة ‪1311‬هـ وكله في مراثي آل‬ ‫الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم ومديحهم‪ ،‬وهو من بقايا‬ ‫مخطوطات كتب آل طريح‪ ،‬ولكنه طالما عبر فيه عن المترجم بـ‬ ‫البحراني فيمكن أن يكون أصله من البحرين وهبط العراق وسكن‬ ‫الحلة للحصول على الغاية التي أشرت إليها‪ ( .‬رب‪ :‬أدب الطف‪،‬‬

‫‪ ،2‬ص ‪.)261‬‬

‫وقد جمع منها "أي قصائد المترجم له " العالمة الشيخ محمد‬ ‫السماوي ديونا ً باسم المترجم له‪ ،‬يربو على ‪ 1313‬بيتا ً عدا الذي‬ ‫عاثت به أيدي الشتات‪ ( .‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،2 ،‬ص ‪.)261‬‬ ‫خطابة بن داغر‪ ،‬وخطابة والده‪":‬استظهر الشيخ عبد الحسين‬ ‫األميني أعلى هللا مقامه‪ ،‬أنه خطيب وأديب وابن خطيب أديب‪ ،‬من‬ ‫قوله في إحدى قصائده النبوية‪( :‬األميين‪ :‬الغدير‪ ،1 ،‬ص ‪.)24‬‬ ‫فتارة أنظم األشـــــــــعار ممتدحا ً‬

‫وتارة أنظــــــم األقوال في الخطب‬

‫أعملت في مدحكم فكري وعلمني‬

‫نظـم المديح وأوصــــاني بذاك أبي‬

‫‪113‬‬


‫وقد علق على هذين البيتين أعلى هللا مقامه قائال في غديره‪:‬‬ ‫"كان الشيخ مغامس من أحد القبائل العربية القاطنة في ضواحي‬ ‫الحلة الفيحاء‪ ،‬فهبطها للدراسة‪ ،‬ولم يبارحها حتى قضى بها نحبه‬ ‫شاعراً خطيبا ً‪ ،‬وذلك في أواسط القرن التاسع‪ ،‬ويعرب شعره عن أنه‬ ‫كان له شوط في مضمار الخطابة‪ ،‬كما كان يركض في كل حلبة من‬ ‫حلبات القريض‪ ،‬ومن شعره‪:‬‬

‫فتارة أنظم األشــــعار ممتدحا ً وتارة أنظـم األقوال في الخطب‬

‫وكان أبوه داغر شاعراً مواليا‪ ،‬وهو الذي علمه قرض الشعر‪،‬‬ ‫ومرنه على والء العترة الطاهرة كما يأتي في قوله‪:‬‬ ‫أعملت في مدحكم فكري فعلمني نظم المديح وأوصاني بذاك أبي‬ ‫من شعر الشيخ مغامس بن داغر‪ ( :‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،2 ،‬ص‬

‫‪.)332‬‬

‫أتطلب دنيـــــــــا ً بعد شيب قذال‬ ‫أما كـــن في شـيب القذال هداية‬ ‫أتأمل في دار الغــــــرور إقامة‬ ‫تمسكت منها باألماني كمثل من‬ ‫فيا ســودتا إن حان حـيني وهذه‬ ‫وكان جديراً أن يمـــــوت صبابة‬ ‫أتخدعنـي الدنيا وقد شاب مفرقي‬ ‫ولي أســـــــــــوة فيـها بآل محمد‬ ‫تقسمهم ريب المــــنون فأصبحوا‬

‫وتـــذكر أياما ً مضـــــــــت وليال‬ ‫فيهديك نـــور الشيب بعد ضالل‬ ‫ألنـت حريــص في طالب محال‬ ‫تمـسك من نوم بطـــــيـف خيــال‬ ‫سبــــــيلي ولم أحذر قبــيح فعالي‬ ‫فتى حاله في المذنبــــين كحالي‬ ‫وأصبـــــحت معقــوالً لها بعقالي‬ ‫بـني خــــيـر مبعــوث وأكرم آل‬ ‫عباديـــد أشتاتا ً بكــــــل مجال‬

‫وقال أيضا ً‪:‬‬ ‫لعمرك يا دنيا ثنـــيت عنــاني‬ ‫ومن كان باأليام مثـلي عارفا ً‬

‫وذاك ألمــر مــن عناك عناني‬ ‫لـواه الــــــذي عن حبهم لواني‬ ‫‪112‬‬


‫وفاته‪:‬لم يعثر على تاريخ والدة الشيخ رحمه هللا ولكنه توفي في‬ ‫حدود ‪413‬هـ‪ ( .‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،2 ،‬ص ‪.)261‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الشيخ علي السبعي‪.‬‬ ‫الشيخ علي السبعي أحد الخطباء الحسينيين في القرن العاشر‬ ‫الهجري‪ ،‬ترجم له الشيخ جواد بن حسين الرمضان في كتابه مطلع‬ ‫البدرين بقوله‪":‬الشيخ علي بن حسين السبعي القاري األحسائي‪،‬‬ ‫والقاري نسبه إلى بلدة القارة وهي موطن آل السبعي‪ ،‬ذكره الفاضل‬ ‫السيد جواد شبر النجفي في موسوعته أدب الطف ضمن ترجمة‬ ‫الشيخ محمد السبعي األحسائي بقوله‪ :‬وجاء في المنتخب للشيخ عبد‬ ‫الوهاب الطريحي‪ ،‬والمخطوط بخطه سنة ‪1311‬هـ شعر كثير‬ ‫للشيخ علي بن الشيخ حسين السبعي‪ ،‬وكله في رثاء الحسين عليه‬ ‫السالم فأحببت اإلشارة إليه‪ ،‬وال أعلم هل هو ممن يمت للمترجم له‬ ‫بصلة أم سبعي آخر‪ .‬انتهى‬ ‫يقول الشيخ جواد الرمضان‪ :‬الظاهر أن المترجم له هو حفيد الشيخ‬ ‫محمد المتقدم‪ ،‬وقد وقعت على قصيدة له في رثاء الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬جاري بها قصيدة جده المذكور‪ ،‬وصرح في آخرها بذلك‬ ‫حيث قال الجد رحمه هللا‪.‬‬ ‫لم أبك موالي الحسـين بمدمع‬

‫إال ظننت جوارحي هي تبكي معي‬

‫فجاء المترجم له وجاراه بقصيدة رثى به اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬كما رثى ابنا له اسمه علي‪ ،‬وذكر المقبرة التي أقبر فيها‬ ‫االبن واسمها ناظرة‪ ،‬وهي مقبرة لقريتي القارة والتويثير‬ ‫األحسائيتين‪ ،‬وال تزال بهذا االسم حتى أيامنا هذه‪ .‬قال رحمه هللا‪:‬‬ ‫‪111‬‬


‫تعجل بسوق الغــــــاديات الهمع‬ ‫تشفي الغليل بنزبة المتــــــضوع‬ ‫مسكا عـلى أرجاء تلــك األجرع‬ ‫من صوب مزنك بالذنوب المترع‬ ‫أكرم به مـــــــــن فاضل متورع‬ ‫تهمـــي على تلك الربــوع بأربع‬ ‫بها عيـني علــــــــى عيني معي‬

‫قـل للـبرو الساريات اللــــمع‬ ‫وتشق جيـــــب الغاديات بملحد‬ ‫قبر بـ(ناظرة) تأر تربـــــــــة‬ ‫يا قـــبر ال تبخــــل عليه وأسقه‬ ‫قبـــر تضـــمن فاضال متورعا‬ ‫ولئن بخلــــت عليه إن مدامعي‬ ‫وتقل مني عبــره مهراقة تبكي‬ ‫أعلي قد أوحشتـــــني ومضيت‬

‫يا سؤلي إلى ريض الجنان فأمرعي‬

‫إلى أن قال في آخرها‪-:‬‬ ‫أهداكم الســــبعي حسـن رويها‬ ‫لم أبك موالي الحسين بمدمعي‬

‫فأتـــت إليكم فــــــي مقاده طيع‬ ‫إال ظنـنت جوارحي تبكي معي‬

‫وللمترجم شعر كثير كله في أهل البيت عليهم السالم خصوصا في‬ ‫رثاء الحسين عليه السالم جاري في معظمه جده‪ ،‬وآلل السبعي‬ ‫شعر كثير متفرق في المجاميع الخطية لعدة شعراء مفرق منهم ثالثة‬ ‫شعراء هم‪ :‬الشيخ محمد بن عبدهللا‪ ،‬وابنه الشيخ أحمد بن محمد‪،‬‬ ‫والمترجم له‪ ،‬ومن الصعب على الباحث التمييز في نسبه بعض‬ ‫القصائد آلي منهما‪ ،‬وكلها تنتهي بالسبعي ال غير‪ ،‬فمن القصائد‬ ‫المنسوب للمترجم التي جارى بها جده وصرح بذلك في نهاية‬ ‫قصيدته‪.‬‬ ‫خطابته‪:‬كان من خطباء األحساء الحسينيين‪ ،‬وتلمس هذا من خالل‬ ‫قصيدته (العينية) التي ذكرنا شطرا منها ومطلعا‪:‬‬

‫قل للبروق الساريات اللمع‬

‫تعجــل بسوق الغاديات الهمع‬

‫فقد رثا ابنه كما تم ذكره سالفا‪ ،‬ولوح بأنه يحضر مجامع البكاء‬ ‫الحسينية‪ ،‬والظاهر من األبيات أنه هو خطيب ذلك المجمع‪ ،‬فقد‬ ‫‪111‬‬


‫ذكره أنه يبكي على ابنه إذ ينظر إلى ذلك المجمع وقد افتقده منه‪،‬‬ ‫ويزداد البكاء أكثر‪ ،‬وأكثر إلى ذكر مصاب الحسين عليه السالم‪.‬‬

‫واألبيات هي‪ ( -:‬رب‪ :‬أدب الطف‪ ،2 ،‬ص ‪.)32‬‬ ‫أبكيك إذ تبـكــــي آلل محمد‬ ‫يعزز علي بأن أكون بمجمع‬ ‫أبكيك ثم إذا ذكــرت مصابه‬

‫بفــــؤاد حــــــــران ولهجة موجــع‬ ‫أبكي الحســين وليس تحضر مجمع‬ ‫صار البكاء علـى عظيم المصـــــرع‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أحمد بن حاجي البالدي‪.‬‬ ‫الشيخ أحمد بن حاجي البالدي األحسائي من أبرز خطباء القرن‬ ‫الثاني عشر الهجري‪ ،‬وأشهرهم فقد كان شاعرا مكثرا ذائع الصيت‪.‬‬ ‫منشأه وحياته‪:‬ترجم له صاحب كتاب أعالم هجر بقوله‪" :‬أنه كان‬ ‫من أهل قرية البطالية المعروفة باألحساء‪ ،‬وكانت تسمى قديما بـ‬ ‫البالد‪ ،‬والبالدي نسبة إليها ظاهرا‪ ،‬والمضنون أنه عاش في‬ ‫األحساء‪ ،‬وبها نشأ ثم انتقل إلى البحرين‪ ،‬وتوطن بها حتى توفي‪،‬‬ ‫وكانت أشعاره وآثاره موجودة في البحرين لدى أرحامه وذويه‪،‬‬ ‫ويوجد اآلن في البطالية – وطن المترجم له ‪ -‬عائلة معروفة تدعى‬ ‫بـ (آل حاجي) ال يستبعد أن يكونوا من أرحام المترجم له وأسرته‬

‫(الش‬

‫‪ :‬ألالم هجر‪ ،1 ،‬ص ‪.)61‬‬

‫وفاته‪ :‬توفي قدس سره سنة ‪1122‬هـ كما في "األزهار األرجية"‬ ‫وفي "الغدير" أن وفاته كانت في أوائل القرن الثاني عشر الهجري‪،‬‬ ‫والمظنون أنه توفي في وطنه األخير في البحرين‪.‬‬

‫‪111‬‬


‫مكانته الشعرية‪ :‬يقول صاحب أنوار البدرين‪ ،‬والمترجم له جد‬ ‫صاحب الكتاب‪" :‬وهذا الشيخ أعني جدنا الشيخ أحمد بن حاجي لم‬ ‫أقف على أحواله سوى اشتهار شعره وكثرته‪ ،‬حتى سمعت أن له‬ ‫من المراثي والقصائد الحسينية ما يقارب ألف قصيدة دون غيرها‬ ‫من التواريخ والمدائح "‪.‬‬ ‫مكانته الخطابية‪ :‬يبدو أن المترجم له من أوائل الخطباء المشهورين‬ ‫في المنطقة فقد قال عنه صاحب تاريخ البحرين‪ ":‬الشيخ أحمد بن‬ ‫حاجي وهو من أدباء البحرين وخطيبها‪ ،‬ومن أولى المفاخر ونقيبها‬ ‫جمع من الشعر بعض العلوم األدبية‪ ،‬وله ديوان كبير يشتمل على‬ ‫‪ :‬ألالم هجر‪ ،1 ،‬ص ‪ ،.)61‬وقد أشار السيد‬ ‫مجلدين " (الش‬ ‫هاشم الشخص في كتابه أعالم هجر عن ملكات الشيخ الخطابية‬ ‫حيث يقول عن صاحب أنوار البدرين أنه ( كانت له ملكة في‬ ‫التواريخ لم تكن عند أحد غيره‪ ،‬كان يتكلم بالتاريخ الذي يريده بداهة‬ ‫‪ :‬ألالم هجر‪ ،1 ،‬ص ‪،)61‬‬ ‫وارتجاال بال تأمل وتدبر) (الش‬ ‫وقد أثنى عليه الشيخ األمين في كتابه الغدير حيث قال‪( :‬الشيخ أحمد‬ ‫بن حاجي البالدي‪ ،‬عالم‪ ،‬فاضل‪ ،‬أديب‪ ،‬من شعراء أهل البيت عليهم‬ ‫السالم ومادحيهم) (األميين‪ :‬الغدير‪ ،11 ،‬ص ‪.)322‬‬ ‫من شعره‪:‬‬ ‫ما حال قومــــــي غــداة البين ال بانوا‬ ‫وال أصابتــــــــهم عين الحـــسود وال‬ ‫ساروا فصـــــار فؤادي في طـــالبهم‬ ‫ما ان سرى ضعنهم إال سرت مهجي‬ ‫وال عين العين شمـــــس منهم غربت‬ ‫شقوا بشقتـــــــــــهم قلبي فليــــس لهم‬ ‫إن حاولوا قطـــــع وصــلي فالفؤاد له‬

‫وال عفى ربعــــهم واستوحــش البان‬ ‫ليت الحسود ولــــــيت الواش ال كانوا‬ ‫ألنهم لفؤاد الصــــــــــــــــب جنحان‬ ‫واستوطنتـــــها من الهـــجران نيران‬ ‫إال وهم في ســـــــــــويد القلب سكان‬ ‫عليـــــــــه لـو هام وجدا قــط سلطان‬ ‫بهم زيادة وصـــــــــــل أين ما كانــوا‬ ‫‪114‬‬


‫عليك يا مــــــــــنزال بالمنحنى شجني‬ ‫قد كنت مأنـــــوس قوم غاب شاهدهم‬ ‫أال أبــــــــعد هللا أرباب القلـــوب وال‬ ‫قوم لهم من أثــــيل المجد كم وضعت‬ ‫آل الرسول ومــــــــن في شأن شأنهم‬ ‫أنوار غرتهـــم في طــــي طرتهم لهم‬ ‫هلل من موقـــــــف بالطــــف أوردهم‬ ‫كم أحــــــــرموا للمنايا فيه واغتسلوا‬ ‫وفيه كم عفـــــــــرت من غــرة ولكم‬ ‫وكم ثوى فيــــــــه بدر خر من فلـــك‬ ‫مثل الحسين قضى ضام ومن عجـب‬

‫طــول الزمان وكل الـــــــدهر أشجان‬ ‫فتـلك أوطــانهم لليــــــــــــــوم أوطان‬ ‫جـــرت عليها مــــــن اإلحزان أردان‬ ‫فوق الرؤوس على الخـــرصان تيجان‬ ‫كــم قــــــــام عند ذوي التحقيق برهان‬ ‫مــن هللا تقديــــــــــــــــــــس وسبحان‬ ‫حوض الحمام فصـــاحي القـوم سكران‬ ‫من النحـــــــــور وساقي الترب أكــفان‬ ‫قد أرغمــــــــــــت فــيه أنــاف وأذقان‬ ‫لـــه تخــــــــــــــر من األفالك أركان‬ ‫الماء في راحتـــــــــــــــيه وهو ظمآن‬

‫ما انحط عن ســـرجه إال وسبحت األمالك‬

‫حزنا وناح اإلنــــــــــــس والجــان‬

‫وال تنــــــــــــــــكب عــن مرقاة منبره‬ ‫وال على صــــــــدره الزاكي جثى حنقا‬

‫إال بكــت مــــــــــــريم حزنا وعمران‬ ‫إال رثـــــــــــــــــــى أبو ذر وسلمــان‬

‫وله قصيدة تبلغ ‪ 11‬بيتا طبعت في نيل األماني ص‪ 311‬مطلعها‪:‬‬

‫(الش‬

‫‪ :‬ألالم هجر‪ ،1 ،‬ص ‪.)133-66‬‬

‫يا ابن الغطارفة األشراف من مضر‬

‫ومن هم ألصـــــــول الدين تبيان‬

‫وله قصيدة تبلغ ‪ 11‬بيتا‪ ،‬أيضا مذكورة في نيل األماني ص ‪-316‬‬ ‫‪143‬‬ ‫ومن أبياتها‪-:‬‬ ‫بني لؤي ويا ســـــفن النجاة ومن‬

‫عليهم بعد رب العــــــــــرش أتكل‬ ‫‪116‬‬


‫قد ران لي فيكم حسن الرثاء وكم‬ ‫ال غرو أن أحمــد أهـدى جواهره‬

‫قد طاب فيكم لـــدى المدح والغزل‬ ‫لسادة تقبـــــــل األعمـــال إن قبلوا‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الدور الثالث‪ /‬الدور التفسيري‬ ‫مقدمة‪:‬‬ ‫من األهمية بمكان والبحث يتدر في الحديث عن تاريخ المآتم‬ ‫الحسينية‪ ،‬واألدوار التي مرت بها‪ ،‬أن يتم تسليط الضوء على ثالث‬ ‫أدوارها‪ ،‬ألنه يحضى بأهمية بالغة ليس فقط لكونه آخر حلقة في‬ ‫سلسلة تاريخ المآتم ولكن لخصوصية في ذاته‪ ،‬إذ غدا المأتم في هذه‬ ‫الفترة من حياته‪ ،‬من أضخم المؤسسات العلمية التي تضطلع بنشر‬ ‫مفاهيم النهضة الحسينية ليعم سناها إلى أرجاء المعمورة‪ ،‬مؤديا‬ ‫بذلك رسالة من أعظم رساالت اإلنسانية‪ ،‬السيما وأن الخطيب‬ ‫الحسيني في المجلس الحسيني يعتبر أحد األلسنة المعبرة والناطقة‬ ‫باسم الفكر الشيعي اإلسالمي المحمدي صاحب الرسالة الخاتمة‬ ‫لرساالت األنبياء‪ ،‬والتي كتب هللا لها الحياة واالستمرار إلى أن يرث‬ ‫هللا األرض ومن عليها‪.‬‬ ‫لقد تميز هذا الدور بأن الخطيب‪ ،‬قد تخلص من قيد المالمسة‬ ‫السطحية للروايات واألحداث التاريخية والنصوص الشعرية‪ ،‬والتي‬ ‫كان الخطيب آنذاك يكتفي بإيرادها دون أية محاولة تذكر في تسليط‬ ‫الضوء عليها الستنباط العظة والعبرة من النص المذكور‪ ،‬وكان‬ ‫النص بذكره على هذا النحو ال يخلو من فائدة‪ ،‬ولكن ليست على‬ ‫المستوى المطلوب‪ ،‬إذ ال شك بأن ما يختزنه النص من معارف‬ ‫ومفاهيم ستبقى على حالها من االستقرار‪ ،‬إال ما قد يتسرب منها‬ ‫بفعل تكاثر النصوص المرافقة لبعضها في الخطبة والتي تصب في‬ ‫رافد واحد‪ ،‬فتشكل بمجموعها فكرة أو رسالة تصل إلى ذهن‬ ‫المستمع فتحدث تأثيرا محدودا يتناسب مع مقدار مالئمة تلك‬ ‫‪123‬‬


‫النصوص بعضها للبعض اآلخر‪ ،‬ولهذا نجدها عندما تأتي مبعثرة ال‬ ‫تضمها وحدة عضوية في المفهوم‪ ،‬تبعثر تركيز المستمع فال يخر‬ ‫بشيء سوى ثواب الحضور‪ ،‬أو ما يعلق بذهنه من فهم بعضها‪.‬‬ ‫لقد أطلق الباحث تسمية الدور التفسيري على الدور الثالث من تاريخ‬ ‫المآتم الحسينية‪ ،‬ألن خطباء المنبر جعلوا التفسير وسيلة للنفوذ إلى‬ ‫المواضيع المراد الحديث عنها‪.‬‬ ‫كان الخطيب في العهد الروائي يكتفي بافتتاح المجلس الحسيني‬ ‫بعبارات التعزية‪ ،‬واستنهاض مشاعر الحزن عن المستمعين‪ ،‬ثم‬ ‫بعدها ينشد قصيدة رثاء‪ ،‬يذكر بعدها الروايات التي تشكل بمجملها‬ ‫المجلس الحسيني‪ ،‬ثم يختتم حديثه بقصيدة رثاء‪ ،‬يرتجي أن يستوفي‬ ‫الحضور حقهم من البكاء على سيد الشهداء عليه السالم‪.‬‬ ‫أما في العهد التفسيري فإن الخطيب يبدأ مجلسه الحسيني بقصيدة‬ ‫رثاء‪ ،‬تعقبها قراءة النص الرئيس في المجلس والذي سيقوم بتفسيره‬ ‫فيما بعد‪ ،‬وهذا النص إما أن يكون آية قرآنية‪ ،‬أو حديثا نبويا‪ ،‬أو‬ ‫خطبة من نهج البالغة‪ ،‬أو حديثا شريفا ألحد المعصومين‪ ،‬أو‬ ‫مقطوعة شعرية‪ ،‬وهكذا‪ ،...‬وبعد أن يستوفي الخطيب الشرح‬ ‫والتعليق على النص االفتتاحي‪ ،‬ينهي مجلسه بقصيدة رثائية خاتمة‪.‬‬ ‫وسيقوم الباحث بدراسة أغراض الدور التفسيري من خالل‬ ‫وسيليتين عبر مبحثين‪ ،‬ثم سيفرد مبحثا يلقي من خالله الضوء‬ ‫على الواقع الخطابي الحسيني في حاضرة األحساء‪ ،‬وتلك المباحث‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الكتب الحسينية المؤلفة حول الخطابة الحسينية خالل‬ ‫الدور التفسيري‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الممارسة الفعلية للخطباء خالل الدور التفسيري‪.‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المآتم الحسينية في األحساء خالل الدور التفسيري‪.‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬أصداء المدرسة العلمية في األحساء‪.‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬محاوالت تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في‬ ‫األحساء‪.‬‬ ‫‪121‬‬


‫المبحث السادس‪ :‬نجاح تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في‬ ‫األحساء‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الكتب الحسينية المؤلفة حول‬ ‫الخطابة الحسينية خالل الدور التفسيري‪.‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫لم ينتقل المجلس الحسيني من شكله الروائي إلى الدور التفسيري‬ ‫دفعة واحدة‪ ،‬بعد أن كان الخطيب ال يفتتح بآية‪ ،‬أو حديثا نبويا‪ ،‬أو‬ ‫خطبة من خطب نهج البالغة‪ ،‬كما سيتضح ذلك الحقا من خالل‬ ‫دراسة أسلوب الخطيب الشيخ كاظم سبتي رحمه هللا تعالى المولود‬ ‫عام ‪1214‬هـ‪ ،‬والمتوفى عام ‪1322‬هـ رائد التجربة األولى في‬ ‫الدور التفسيري في مجال الممارسة الفعلية على المنابر‪ ،‬والتي تم‬ ‫اإلشارة إليها بكونها الوسيلة الثانية في دراسة األغراض الخطابية‬ ‫في هذا الدور‪.‬‬ ‫على الرغم من أن أسلوب الشيخ كاظم سبتي كان حدثا تجديداً‬ ‫إبداعيا ظاهراً للعيان‪ ،‬األمر الذي حدا بأحد أعالم زمانه وهو آية‬ ‫هللا الشيخ محمد طه نجف أن يصفه بأنه من أسرار النهضة الحسينية‬ ‫(داخ ‪ :‬من الحيضره اخلطيب‪ ،1 ،‬ص ‪ ، )14‬على حد نقل سماحة‬ ‫البحاثة الشيخ جواد شبر‪ ،‬إال أن الباحث يرى أن هذا الحدث‬ ‫التجديدي سبقته مرحلة تمهيدية كتابية قبل الممارسة الفعلية على‬ ‫المنابر‪ ،‬حيث كشفت محاولته البحثية في تقصى واقع تلك الحركة‬ ‫التأليفية عن مجالس حسينية كتبت قبل محاولة الشيخ كاظم التجديدية‬ ‫منها كتاب "مصائب المعصومين" للشيخ عبدالخالق اليزدي الذي‬ ‫فرغ من تأليفه عام ‪1221‬هـ‪،‬حيث جعل الكتاب وسيلة النعقاد‬ ‫المجلس الحسيني يقرأه الخطيب على الحضور‪ ،‬وعليه فإن من‬ ‫المقدر أن لهذا الكتاب وأمثاله من الكتب طرقت جانب تفسير النص‬ ‫قبل حركة تجديد الشيخ سبتي‪ ،‬وبهذا يمكن الخرو بنتيجة أن‬ ‫‪122‬‬


‫التطوير في أغراض المنبر الحسيني في الدور التفسيري جاء على‬ ‫مرحلتين هما‪:‬‬ ‫المرحلة األولى‪ :‬وهي مرحلة التدوين للمجالس الحسينية التي‬ ‫التزمت بتفسير النصوص في المجلس الحسيني‪ ،‬ومن أقدم تلك‬ ‫الكتب التي عثر عليها الباحث كتاب "مصائب المعصومين"‬ ‫لليزدي‪.‬‬ ‫المرحلة الثانية‪ :‬وهي مرحلة الممارسة العملية لتفسير النصوص‬ ‫من قبل الخطيب الحسيني على المنبر والذي كان الرائد األول في‬ ‫هذه التجربة هو الشيخ كاظم سبتي‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الباحث يرى أهمية مساهمة اليزدي في الحركة‬ ‫التجديدية لتطور األغراض الخطابية للمنبر الحسيني في الدور‬ ‫التفسيري إال أن جهده‪-‬الباحث‪ -‬ربما يكون مشوبا بالنقص لعدم‬ ‫تمكنه من االستقراء التام لكل ما كتب في هذا المجال ولكن على أقل‬ ‫تقدير هو جُه ٌد بحثي في الكتب العربية المتداولة بين أيد الخطباء‬ ‫وخاصة منهم في البيئة العربية‪ ،‬ولفعالية هذه الوسيلة في استقصاء‬ ‫مالمح األغراض الخطابية في هذا الدور فقد تمت مواصلة البحث‬ ‫عن أمثال كتاب اليزدي‪ ،‬ومما تم العثور عليه في هذا الدور من‬ ‫كتب تلتقي في قاسم مشترك واحد‪ ،‬أال وهو تفسير النصوص الدينية‬ ‫مفارقة بذلك الدور الروائي الذي يكتفي بسرد النصوص دون تفسير‬ ‫وقد جاءت جميعها بعد زمن تأليف كتاب العالمة اليزدي (مصائب‬ ‫المعصومين) عام ‪1221‬هـ ‪ -‬ما يلي‪:‬‬ ‫إكسير العبادات في أسرار الشهادات للعالمة آقا بن عابد الدربندي‬ ‫وانتهى من تأليفه عام ‪1212‬هـ‪.‬‬ ‫مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب للعالمة الشيخ محمد بن‬ ‫حسين|أبي خمسين األحسائي ولم يُعثر على تاريخ تأليفه‪ ،‬إذ الزال‬ ‫مخطوطا ولكن أقدم تاريخ لنسخة مخطوطة هو عام ‪1261‬هـ‪،‬‬ ‫وكانت وفاة الشيخ عام‪1311‬هـ‪ ،‬أي أنها نسخت في حياته‪.‬‬ ‫روضات الجنان للعالمة الشيخ جعفر أبو المكارم القطيفي المتوفى‬ ‫‪1321‬هـ وانتهى من تأليفه عام ‪1331‬هـ‪،‬‬ ‫‪123‬‬


‫وعليه فإن الباحث سيعمد إلى عرض الخصائص المشتركة بين‬ ‫الكتب الحسينية التي تم تأليفها في الدور التفسيري‪ ،‬كما سيتطرق‬ ‫إلى كل كتاب منها في مطلب منفرد كما يلي‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الخصائص المشتركة للكتب الحسينية في الدور‬ ‫التفسيري‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مصائب المعصومين للعالمة اليزدي رحمه هللا‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬إكسير العبادات في أسرار الشهادات للعالمة‬ ‫الدربندي رحمه هللا‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب للعالمة الشيخ‬ ‫محمد أبي خمسين رحمه هللا‪.‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬روضات الجنان للعالمة الشيخ جعفر أبي المكارم‬ ‫رحمه هللا‬

‫المطلب األول‪ :‬الخصائص المشتركة للكتب الحسينية‬ ‫في الدور التفسيري‬ ‫من خالل الفحص الذي قام به الباحث لهذه الكتب الثالثة‪ ،‬مضافا لها‬ ‫كتاب اليزدي‪ ،‬وجدها تجتمع في خصائص مشتركة تشير إلى‬ ‫حدوث نمو جدير بالذكر في مسار المجالس الحسينية نحو الدور‬ ‫التفسيري مغادرة بذلك الدور الروائي‪ ،‬وتلك الخصائص مايلي‪:‬‬ ‫‪-1‬اتفقت هذه الكتب في خصيصة جديدة وهي محاولة إلقاء الضوء‬ ‫على النصوص الدينية‪ :‬من آيات‪ ،‬و روايات أهل البيت التي جاءت‬ ‫حول مصائب أهل البيت عليهم السالم وشهادته وذلك بشرحها‬ ‫وتحليلها‪.‬‬ ‫‪-2‬البناء الفني للمجالس الحسينية قد أخذ طريقه نحو التطور إلى‬ ‫األفضل‪ ،‬إذ ال شك في أن ما تناوله العالمة الشيخ جعفر أعلى هللا‬ ‫مقامه في كتابه رياض الجنان ‪-‬نظراً لتأليفه عام ‪1331‬هـ‪ -‬أفضل‬ ‫مما جاء به العالمة اليزدي في كتابه مصائب المعصومين والذي‬ ‫‪122‬‬


‫فرغ من تأليفه عام ‪1221‬هـ‪،‬هذا إذا نظرنا إلى البناء الفني للمأتم‪،‬‬ ‫بغض النظر عن غزارة المادة العلمية المطروحة في كال الكتابين‪،‬‬ ‫فقد كان األخير يتخلى عن اإلتجاه التفسيري‪ ،‬ويعود إلى الطريقة‬ ‫الروائية بشكل ملحوظ وسريع نظرا لقرب زمن تأليف الكتاب من‬ ‫العهد الروائي‪ ،‬فقد كان يكتفي بذكر تفسير اآلية من أحد الكتب‬ ‫المعتبرة ثم يكمل مأتمه بسرد الروايات كما عهدناه في الدور‬ ‫الروائي‪ ،‬وعليها من التعليق الطفيف النادر‪ ،‬بينما العالمة الشيخ‬ ‫جعفر أبو المكارم بلحاظ فارق المدة وبعدها عن زمن اليزدي والتي‬ ‫حتما تخللها ممارسة وتطبيق من الخطباء على االتجاه التفسيري‪،‬‬ ‫فقد تطور أسلوبه وأخذ وضعا أحسن وبشكل ملحوظ‪ ،‬حيث أنه يفتتح‬ ‫بآية قرآنية ويعلق عليها في بعض المجالس‪ ،‬بخطبة أو رواية ثم‬ ‫يدعم التعليق بقصة ثم تعليق وهكذا ولعل من أبرز األسباب في هذا‬ ‫التقدم هو ظهور المدرسة التاريخية والتطبيق العملي فوق المنابر‬ ‫وذلك على يد الشيخ كاظم سبتي كما سيتم الكالم عنه في محله‪،‬‬ ‫ويجدر بالذكر إلى أن الشيخ محمد بن حسين أبي خمسين‪ ،‬لم يلتزم‬ ‫بإيراد آية في صدر المجلس‪ ،‬ولكن كان يتعرض في مجالسه إلى‬ ‫اآليات والروايات الواردة في ثنايا المجلس بالتفسير والتحليل‪،‬‬ ‫وربما انفرد عن غيره بشكل واضح في اعتماده طريقة عرض‬ ‫إشكال ثم التصدي له بالتعليق و الحل‪ ،‬ولكن في المجمل العام ليس‬ ‫بشكل كثير في كل مجالسه‪ ،‬وجاء على نفس المنوال‪ ،‬كتاب إكسير‬ ‫العبادات في أسرار الشهادات من حيث عدم االلتزام بذكر آية في‬ ‫صدر المجلس‪.‬‬ ‫‪-3‬اعتمدت أسلوب السجع وذلك جريا وراء أسلوب البناء اللغوي‬ ‫السائد في زمن تأليف تلك الكتب‪.‬‬ ‫‪-2‬أوردت ما جرى على أهل البيت عليهم السالم من مصائب‬ ‫ومحن‪ ،‬ولكن بدرجة مختلفة من كتاب إلى آخر‪.‬‬ ‫‪-1‬أوردت العديد من فضائل ومناقب أهل البيت‪ ،‬وأشادت بها‬ ‫ومجدتها‪.‬‬ ‫‪-1‬احتفظت باألغراض الخطابية التي اتسمت بها المجالس الحسينية‬ ‫وجاء بها من الدور التأسيسي وحافظ عليها في الدور الروائي وهي‪:‬‬ ‫‪121‬‬


‫أ‪-‬االستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم‪.‬‬ ‫التنويه بالثواب للباكين على الحسين عليه السالم وبقية‬‫المعصومين‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬كتاب "مصائب المعصومين" للعالمة‬ ‫اليزدي رحمه هللا‪.‬‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬مؤلف الكتاب‬ ‫هو الحجة الشيخ عبدالخالق بن عبدالرحيم اليزدي رحمه هللا‪ ،‬من‬ ‫علماء القرن الثالث عشر الهجري‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لمحة موجزة عن الكتاب‬ ‫يقع الكتاب في ‪ 111‬صفحة من القطع العادي‪ ،‬في طبعة حجرية‪،‬‬ ‫وقد ضم بداخله اثنين وستين مجلسا حسينيا‪ ،‬وتعرض خاللها إلى‬ ‫مصائب المعصومين وما جرى عليهم من الخطوب والمحن‪ ،‬وقد‬ ‫وقع الفراغ من تأليفه عام ‪1221‬هـ‪.‬‬ ‫يتعرض خالل المجلس إلى مصيبة أحد المعصومين بما فيهم اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم‪ ،‬مبتدئا المجلس بآية أو بخطبة لإلمام أمير‬ ‫المؤمنين علي عليه السالم‪ ،‬ويتعرض لآليات بالتفسير ولكن ال يشبع‬ ‫البحث فيها‪ ،‬وأحيانا يأتي بسبب نزول اآلية‪ ،‬ويكتفي في مجلسه‬ ‫بذكر الروايات والقصص التي تصب في جانب مصيبة اإلمام‬ ‫المقصود ذكره‪ ،‬ويفصل أحيانا بين الرواية‪ ،‬واألخرى ببعض‬ ‫العبارات التي تثير الحزن وتدعو إلى إظهار المصاب‪ ،‬ويعر على‬ ‫ذكر مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم في أثناء المجلس‪ ،‬بما‬ ‫يرادف مصيبة اإلمام المعصوم المراد الحديث عنه ‪ -‬كأمير‬ ‫‪121‬‬


‫المؤمنين أو اإلمام الحسن أو اإلمام زين العابدين‪ ،-‬وأحياننا يجعل‬ ‫ختام المجلس بمصاب اإلمام الحسين عليه السالم‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نصيب الشعر في كتابه‪.‬‬ ‫أورد شعرا في كتابه‪ ،‬ولكن ليس بالكثرة الموجودة في كتب المآتم‬ ‫األخرى ككتاب الفخري‪ ،‬ومن المالحظ أنه ال يختم المجلس بقصيدة‬ ‫رثاء‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬لغة المأتم‪.‬‬ ‫جاءت عبارات الكتاب مسجوعة عدا النصوص والروايات المنقولة‪،‬‬ ‫وهي سمة لكتابة وخطابة العصر الذي عاش فيه المؤلف‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري‪.‬‬ ‫للكتاب أهمية تبدو فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬للكتاب أهمية في دراسة تطور األغراض الخطابية في الدور‬ ‫التفسيري‪ ،‬فقد اتجه العالمة اليزدي إلى إيراد اآليات في بداية‬ ‫المجلس‪ ،‬ويتعرض لها بالتفسير من خالل نقله آلراء أحد المفسرين‬ ‫كالقمي‪ ،‬أو تفسير أحد األئمة من كتاب الكافي وما شابه‪ ،‬ولكن لم‬ ‫يوسع البحث في أجواء اآلية‪ ،‬بل يتجه سريعا على الطريقة المعتادة‬ ‫في ذلك الزمان‪ ،‬وهي إيراد الروايات التي تصب في أجواء مصيبة‬ ‫اإلمام المراد إقامة العزاء بمناسبة وفاته‪ ،‬وقد مهدت هذه المحاوالت‬ ‫التي تهتم بإدخال تفسير اآليات‪ ،‬أو تفسير األحاديث لمن جاء من‬ ‫الخطباء في الفترات المتأخرة أن يطرقوا المجلس الحسيني بأبحاث‬ ‫متكاملة تعتمد طريقة تفسير اآلية وإيراد األبحاث المراد ذكرها من‬ ‫خالل تفسير تلك النصوص‪.‬‬ ‫أيضا هناك إضافة أخرى وجده الباحث وهي أن الكتاب يعتبر ثاني‬ ‫أقدم كتاب وقع في دائرة مراجعه بعد كتاب الفخري‪ ،‬للشيخ‬ ‫‪121‬‬


‫الطريحي‪ ،‬المتوفى سنة ‪1341‬هـ‪ ،‬واإلضافة تلك هي إدراجه‬ ‫لمصائب المعصومين في داخل مجالسه الحسينية بشكل أفضل مما‬ ‫كان عليه في كتاب الفخري‪ ،‬فقد أفرد مجالس كاملة لكل واحد من‬ ‫المعصومين األربعة عشر‪ ،‬ويذكر خالل المجلس عن بعض حياة‬ ‫المعصوم المراد الحديث عنه‪ ،‬وكيف توفي؟ وعلى يد من؟ ويردف‬ ‫الحديث خالل ذلك بمصيبة الحسين عليه السالم‪ ،‬أما فيما يتعلق‬ ‫باإلمام الحجة عليه السالم‪ ،‬فقد تحدث عنه فيما يقوم به بعد خروجه‪.‬‬ ‫‪-2‬ال زال الخطاب في تلك الفترة يغلب عليهم السجع والتكلف في‬ ‫لغة المجلس الحسيني‪.‬‬ ‫‪-3‬أكد على استمرارية سرد الروايات خلف بعضها بعضا‪ ،‬دون‬ ‫تعليق‪ ،‬وهي ظاهرة مميزة لهذا الدور‪.‬‬ ‫‪-2‬احتفظ الكتاب بمسيرة المآتم الحسينية في تناولها لألغراض‬ ‫الرئيسة فيها منذ بداية انطالقتها وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس الحسيني‪.‬‬ ‫ج‪-‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬كتاب "إكسير العبادات في أسرار‬ ‫الشهادات" للعالمة الدربندي رحمه هللا‪.‬‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫العالمة الشيخ آقا بن عابد بن رمضان بن زاهد الدربندي الشيروبي‬ ‫أعلى هللا مقامه من أعالم القرن الثالث عشر الهجري‪.‬‬

‫‪124‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬لمحة موجزة عن الكتاب‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في ‪ 163‬صفحة من القطع الكبير‪ ،‬ومطبوع بطبعة‬ ‫حجرية‪ ،‬وهو كتاب لم يقتصر على مجالس حسينية‪ ،‬بل ضم بداخله‬ ‫موضوعات كثيرة متعلقة بالقضية الحسينية بشكل عام‪ ،‬وجعلها في‬ ‫إحدى عشرة مقدمة علمية وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫‪-1‬المقدمة األولى في إيضاح أسرار الشهادة‪.‬‬ ‫‪-2‬المقدمة الثانية في أخبار الحزن والبكاء‪.‬‬ ‫‪-3‬المقدمة الثالثة في اإلبكاء واإلنشاد وإظهار الجزع برفع الصوت‬ ‫وما شابه‪.‬‬ ‫‪-2‬المقدمة الرابعة في الغناء في المراثي‪.‬‬ ‫‪-1‬المقدمة الخامسة في تحقيق الحال في‬ ‫مسألة الشبيه المتعارف بين الناس‪.‬‬ ‫‪-1‬المقدمة السادسة في صرف األموال في‬ ‫اإلطعام في مجالس العزاء‪.‬‬ ‫‪-1‬المقدمة السابعة فيما جرى على األنبياء‬ ‫حين مرورهم في كربالء‪.‬‬ ‫‪-4‬المقدمة الثامنة في أخبار نزول المالئكة‬ ‫قبل والدة الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-6‬المقدمة التاسعة في زيارة سيد الشهداء عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-13‬المقدمة العاشرة في اإلشارة إلى جملة من مناقب سيد الشهداء‬ ‫عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-11‬المقدمة الحادية عشرة في المقدمات العشر السابقة وفي بيان‬ ‫عدم جواز نقل األحاديث الموضوعة المكذوبة في المأتم‪.‬‬ ‫أتى المؤلف بعد ذلك بأربعة وأربعين مجلسا‪ ،‬تطرق خاللها إلى‬ ‫نهضة الحسين عليه السالم منذ خروجه معرجا على السبايا وما‬ ‫جرى على الركب الحسيني من مصائب وحتى عودتهم إلى المدينة‪،‬‬ ‫كما أنه تعرض إلى الروايات بالتحليل والتفسير لكثير منها‪ ،‬ولم يبدأ‬ ‫مجالسه بآية قرآنية أو رواية‪ ،‬وقد اختص الكتاب بالحسين عليه‬ ‫السالم فقط‪ ،‬ولم يتعرض لبقية مصائب المعصومين‪ ،‬هذا ولم يعتمد‬ ‫‪126‬‬


‫المؤلف طريقة الديباجة التي اعتاد خطباء تلك الفترة عند افتتاحهم‬ ‫للمجلس الحسيني وأيضا لم يختم بها‪ ،‬وقد وقع الفراغ من تأليف‬ ‫الكتاب عام ‪1212‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نصيب الشعر في كتابه‪.‬‬ ‫أورد شعرا ولكن ليس بالكثرة الموجودة في كتاب الفخري‪ ،‬كما أنه‬ ‫لم يختم مجالسه بالشعر المرثي‪.‬‬

‫الفرع الرابع‪ :‬لغة المجالس‪.‬‬ ‫جاءت عبارات الكتاب مسجوعة عدا النصوص والروايات المنقولة‪،‬‬ ‫ولكن هناك اتجاها واضحا في أسلوب الشيخ أليى اهلل مقامه وهو حماولة‬ ‫الت ي من غيبة السجع يف أسيوبه‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي‪.‬‬ ‫للكتاب أهمية تبدو فيما يلي‪:‬‬ ‫‪-1‬للكتاب أهمية في دراسة الدور التفسيري‪ ،‬فقد أتى بما لم يرد في‬ ‫الكتب التي تم تأليفها من قبله في المآتم الحسينية وهو التعرض‬ ‫لبعض الروايات بالتفسير والتحليل‪ ،‬وذكر الحكمة من وقوع بعض‬ ‫األحداث وأسرارها فهو يتوافق مع عنوانه "إكسير العبادات في‬ ‫أسرار الشهادات"‪ ،‬وال يعلم الباحث هل سبقه أحد في هذا المضمار‪،‬‬ ‫فقد عثر على كتاب مخطوط للشيخ محمد أبي خمسين من أعالم‬ ‫األحساء وهو أيضا كتاب قد دون فيه مجالس حسينية ونهج نفس‬ ‫الطريقة من حيث التعرض لبعض الروايات بالتحليل والتفسير‪،‬‬ ‫واسمه مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب‪ ،‬وال أدري أي الكتابين‬ ‫أسبق في الظهور‪ ،‬ألن األخير لم يتم العثور على تاريخ الفراغ من‬ ‫تأليفه‪ ،‬وإنما فقط تاريخ استنساخه وهو عام ‪1261‬ومؤلفه الشيخ‬ ‫‪133‬‬


‫محمد بن أبي خمسين رحمه هللا المتوفى عام ‪1311‬هـ ويذكر من‬ ‫ترجم له أنه عاش مائة وخمسة سنوات‪ ،‬بينما تاريخ تأليف كتاب‬ ‫إكسير العبادات وقع الفراغ من تأليفه عام ‪1212‬هـ‪.‬‬ ‫‪-2‬لم يكن الكاتب مباشرا في تناول األغراض الرئيسة للمأتم‬ ‫الحسيني السابق تناولها من قبل الشيخ الطريحي في الفخري‪ ،‬و‬ ‫اليزدي في كتاب مصائب المعصومين‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس الحسيني‪.‬‬ ‫ج‪-‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫فقد اكتفى بإيراد ثواب البكاء في المقدمة الثانية الكتاب بمسيرة المآتم‬ ‫الحسينية في تناولها لألغراض الرئيسة فيها منذ بداية انطالقتها‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع‬ ‫المسكوب" للعالمة الشيخ محمد أبي خمسين رحمه‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫العالمة الشيخ محمد بن الشيخ حسين بو خمسين األحسائي (توفي‬ ‫عام ‪1311‬هـ)‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لمحة موجزة عن الكتاب‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في مجلدين من القطع الكبير ومجموع صفحاتهما ‪211‬‬ ‫صفحة وهو ال يزال مخطوطا‪ ،‬وقد تعرض خالله إلى مصائب‬ ‫اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬وتلك المصائب مرتبة بطريقة ذكرها‬ ‫‪131‬‬


‫المؤلف رحمه هللا في كتابه حيث قال‪ " :‬ورتبته على أربعة عشر‬ ‫مقصدا‪ ،‬وكل مقصد فيه مطلبان‪ ،‬وكل مطلب فيه فصالن بعدد أيام‬ ‫األسبوع ولياليها‪ ،‬وكل فصل منها يشتمل على ذكر مصائب‪،‬‬ ‫ومناقب‪ ،‬وفوادح‪ ،‬ومدائح بحسب ما يسنح بالبال من النقل‪،‬‬ ‫والمقال"‪.‬‬ ‫لم يبدأ المؤلف مجالسه بآية أو رواية بل كان يكتفي بديباجه يظهر‬ ‫من خاللها ألمه وحزنه لما جرى على الحسين وأهل بيته عليهم‬ ‫السالم‪ ،‬أو يورد عبارات يستنهض فيها مشاعر وأحزان المستمعين‪،‬‬ ‫ثم يبدأ موضوعه عبر فكرة يطرحها‪ ،‬ومناقشتها لها مدعما ذلك‬ ‫باألدلة‪ ،‬أو يورد إشكال من الفرق األخرى ويتعرض له بالرد‪ ،‬أو‬ ‫يناقش مسالة تاريخية تتعلق بعقيدة الشيعة اإلمامية ويناقشها‬ ‫مستشهدا بآية قرآنية وأحاديث نبوية‪ ،‬وفي نهاية المجلس اعتمد أن‬ ‫يذكر ديباجة ثابتة في جميع مجالسه و ال تتغير إال بنحو طفيف‪،‬‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫" أوال تحبون أيها الحاضرون أن تكونوا كبعض مادحيهم حين‬ ‫عرته األحزان فنظم فيهم وقال‪ ،":‬ولم يذكر قصائد في نهاية‬ ‫مجالسه‪ ،‬علما بأنه يورد عبارة توحي لسامعها بأن هناك قصيدة‬ ‫رثاء ستقال فيما بعد‪ ،‬ومن تلك العبارات قوله‪ ":‬فنظم فيهم وقال‪":‬‬ ‫ثم يتوقف منهيا المجلس‪ ،‬ومن المتوقع في هذا الحالة أنه لم يورد‬ ‫نصا شعريا في هذا الموضع بهدف ترك المجال للخطباء الحسينيين‬ ‫أن يختاروا ما يناسبهم من قصائد‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نصيب الشعر في كتابه‪.‬‬ ‫أورد شعرا كثيرا في كتابه‪ ،‬ولكن مما يؤسف أنه لم يذكر اسماء‬ ‫ناظميه‪ ،‬كما حدث من العالمة الشيخ عبدالمحسن اللويمي في كتابه‬ ‫التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة‪ ،‬ولكن يقول المؤرخ‬ ‫الشيخ جواد بن حسين الرمضان حفظه هللا أن أغلب القصائد‬ ‫المذكورة في كتاب مقرح القلوب المذكور والمشهور بفخري الشيخ‬ ‫‪132‬‬


‫محمد بوخمسين رحمه هللا للشيخ عبدهللا بن علي الوايل الخطيب‬ ‫الشاعر المبدع رحمه هللا تعالى‪ ،‬فقد كان يكتفي بقوله‪ ،‬وقال أحد‬ ‫المعاصرين أو يقول ولبعض األخوان ومن ثم يأتي بالقصيدة دون‬ ‫ذكر‪ ،‬ولو ذكر الشيخ المؤلف أعلى هللا مقامه أسماء الشعراء لحفظ‬ ‫لنا هوية أولئك الشعراء عن الضياع واالندراس‪ ،‬ومن تلك القصائد‬ ‫التي قال فيها ولبعض اإلخوان‪:‬‬ ‫ولهفي لنســوانه الطاهــرات‬ ‫حواسر عنها تمـاط الســتور‬ ‫يهرولن بالسعي نحو الشهيـد‬ ‫لهن ضجـــيج الحجــيج ينال‬ ‫فطورا تروم استـالم الحطيم‬ ‫وطورا لهن بنــــشر الشعور‬ ‫وأفجع أمر يذيــــــــب الحشا‬ ‫مقالة زيــنــــــــب في نعــيها‬ ‫أخي كنت مخمد نار الخطوب‬ ‫أخي كنـت مــــدرك ثار العدا‬ ‫أخي كنت قــــدما حمي الحما‬ ‫عليك ابن أبـي مناحـي يطول‬ ‫تلهفي لتلك الوجـــوه الحسان‬ ‫ولهفي ألبدانها الناعمــــــات‬ ‫يسقن أســـــارى كمثل العبيد‬ ‫مصاب عظــــــــيم له قل إن‬

‫توالى عليــها البال والصغار‬ ‫ويسلب عنها الـردا والخمار‬ ‫لهن طواف بــــه واعـــتمار‬ ‫صاف الصخور منه انفطـار‬ ‫وللقوم في سلبـــــــهن ابتدار‬ ‫بمشعر تلك الـــــرزايا شعار‬ ‫ويقدح في القلـب منه استعار‬ ‫وللدمع من مقلتــــيـها انهمار‬ ‫فكيف استـطارت لها فيك نار‬ ‫فكيف استـــــثار لها منك ثار‬ ‫فكيف استباحت حماك الشرار‬ ‫وسلوان قلبـــــي زواه استثار‬ ‫عراهن بعد البــأهاء اصفرار‬ ‫يؤلم بالـــــسوط منــهن الفقار‬ ‫يباشرن وجوهـــــهن البــشار‬ ‫تمور السماء أو تفور البحـار‬

‫الفرع الرابع‪ :‬أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري‪.‬‬ ‫للكتاب أهمية تبدو فيما يلي‪:‬‬ ‫يقع زمن تأليف الكتاب على وجه التقدير في النصف الثاني من‬ ‫القرن الثالث عشر الهجري‪ ،‬إذ من الواضح أن الشيخ كتب الكتاب‬ ‫بعد رجوعه من النجف‪ ،‬كما تبدو على صفحات الكتاب انطباعاته‬ ‫‪133‬‬


‫المستنكرة لمعامل بعض للشيعة اإلمامية في ذلك الزمان‪ .‬وقد تخلى‬ ‫الشيخ عن األسلوب الجديد في هذا الدور وهو ابتداء المجلس بآية أو‬ ‫رواية عن أحد المعصومين ثم التعرض لها بالتفسير كما وجدنا ذلك‬ ‫في كتب العلماء الذين عاشوا في عصره وتناولوا المجالس الحسينية‬ ‫بالكتابة على نفس طريقته أمثال‪ :‬العالمة الشيخ عبدالخالق اليزدي‬ ‫في كتابه مصائب المعصومين المؤلف عام ‪1221‬هـ وكتاب العالمة‬ ‫الشيخ آقا عابد بن رمضان الدربندي في كتابه أسرار الشهادات‬ ‫المؤلف عام ‪1212‬هـ‪ ،‬فقد حاكى المؤلف في أسلوبه – وبالذات في‬ ‫افتتاح مجلسه‪ -‬طريقة الشيخ الفخري في كتابه المنتخب في جمع‬ ‫المراثي والخطب‪ ،‬حيث يقتصر على التفجع على مصائب أهل‬ ‫البيت‪ ،‬وندب أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬أو محاولة استنهاض مشاعر‬ ‫الحاضرين إلظهار الحزن‪ ،‬ولكن ومع ذلك فإن الشيخ لم يتخل عن‬ ‫خصائص هذا الدور وهو االبتعاد عن الدور الروائي الذي يتسم‬ ‫بسرد الروايات دون أي تحليل أو تعليق عليها‪ ،‬بل امتاز كتابه عن‬ ‫باقي الكتب المذكورة بأنه يكثر من إيراد اإلشكاالت التي يكثر‬ ‫األطراف اآلخرى من إيرادها‪ ،‬كما تصدى لها المؤلف بالتفنيد‪،‬‬ ‫وهذا لم يجده الباحث في الكتب التي جاءت معه في هذا الدور والتي‬ ‫تمت اإلشارة لها بالذكر آنفا‪.‬‬ ‫السمة الغالبة لمجالس الشيخ رحمه هللا أنها تركز على مفاهيم الوالء‬ ‫ألهل البيت عليه السالم والبراءة من أعدائهم الذين تعرضوا لهم‬ ‫بالظلم والعدوان‪ ،‬وهو في سبيله إلى عرض هذه المفاهيم تجده يحلق‬ ‫في أجواء عرفانية بحتة‪ ،‬تدعوه أن يوظف عبارات عرفانية حكمية‬ ‫من شأنها أن تخر الموضوع من دائرة الوعظ واإلرشاد المباشر‬ ‫إلى أبحاث متقدمة في الجانب العرفاني‪ ،‬بحيث أنها قد تفقد القارئ‬ ‫الغير مختص القدرة على مواصلة القراءة في بعض مجالسه لعدم‬ ‫فهم مراد المؤلف‪ ،‬ولكنها قد تعكس من جانب آخر جانبا لمستوى‬ ‫الوعي والمعرفة للشيعة اإلمامية في األحساء بهذه المعاني وخاصة‬ ‫الفئات التي كانت تتعاطى القراءة في فخري الشيخ محمد بوخمسين‬ ‫محل الدراسة‪ ،‬ولعل هذا الوجه يكون محل اعتبار بلحاظ أن الشيخ‬ ‫يفترض فيه الحكمة والتقدير المنطقي لألمور بحيث أنه ال يورد‬ ‫‪132‬‬


‫عبارات غير مفهومة للقراء والمستمعين الذين تقرأ عليهم تلك‬ ‫المجالس‪ ،‬وعلى أقل تقدير يمكن القول أن هذا الجهد منه رحمه هللا‬ ‫كان بهدف نشر هذه المعرفة‪ ،‬وتجذيرها من خالل تكرار قراءتها‬ ‫بشكل دوري ودائم كمجالس حسينية‪ ،‬ومن تلك الفقرات التي جاءت‬ ‫في ثنايا مجالس هذه السطور ما نصه‪":‬وعند حبيبه خاتم األنبياء‬ ‫وسيدهم وأشرفهم على اليقين عليه وعليهم صلوات هللا أبد اآلبدين‬ ‫والمفروض على كافة الخلق أجمعين‪ ،‬الذي وجد ألجله البريات من‬ ‫العلويات‪ ،‬والسفليات‪ ،‬والماديات الشهودية‪ ،‬والمجردات الغيبية؛‬ ‫لثبوت أنها عين معرفة الذات األحدية ألنه سبحانه ال يعرف إال من‬ ‫نحو آياته اآلفاقية واآليات الباطنية النفسية‪ ،‬وسبيل عالماته‬ ‫وظهوراته الفعلية‪ ،‬ال من نحو ذاته المقدسة المتعالية عن اإلحاطات‬ ‫الغيرية‪ ،‬إذ ال يمكن ألحد أن يعرفه تعالى بكنه صفاته الذاتية‬ ‫القديمة‪ ،‬من جميع البرية‪ ،‬وال يمكن ألحد الوصول واإلدراك‬ ‫واإلحاطة بشيء من الصفات األزلية؛ لظهور أن الطريق إليه‬ ‫مسدود‪ ،‬والطلب مردود‪ ،‬إنما دليله الدال على معرفة آياته التي‬ ‫ألقاها في أثره ليعرف بها‪ ،‬ووجود إثباته بمشاهدة تجلياته‪ ،‬وال شك‬ ‫يا ذوي األنفس الزكية أن الحقيقة المحمدية صلى هللا عليها في‬ ‫الصبح والعشية‪ ،‬أفضل آياته األفقية‪ ،‬التي أودع فيها هيمنته‬ ‫األلوهية‪ ،‬وقهارته الربوبية‪ ،‬وأظهر منها آثار صفاته القدسية التي‬ ‫يستدل بها على كمال ذاته األحدية‪ ،‬وأزكى عالماته اإلمكانية‪،‬‬ ‫وأشرف عنواناته العلية الدالة عليه داللة استدالل ألدلة الحقية‬ ‫الحقيقية"‪.‬‬ ‫احتفظ الشيخ في كتابه بأهم األغراض الخطابية التي عرف بها‬ ‫المجلس الحسيني خالل الدور الروائي والدور التفسيري وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬االستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس الحسيني‪.‬‬ ‫التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬‫د‪-‬التعرض لمصائب بقية أهل البيت عليهم السالم‪.‬‬ ‫هـ‪-‬نشر فضائل أهل البيت عليهم السالم‪.‬‬ ‫‪131‬‬


‫الفرع الخامس‪ :‬أسلوب الشيخ في حل اإلشكالت‪.‬‬ ‫استخدم الشيخ األسلوب العلمي بشكل مقارب لما هو قائم ومعروف‬ ‫في المجالس الحسينية في العهد الحاضر‪ ،‬فقد كان يطرح اإلشكال‬ ‫العقائدي الموجه للفكر الشيعي اإلمامي‪ ،‬بعدها يتناوله بنوع من‬ ‫النقاش العلمي الرصين ومفندا له‪ ،‬ومن تلك اإلشكاالت التي تعرض‬ ‫لها مسألة النص على والية اإلمام علي عليه السالم‪ ،‬وقد بدأ بعرض‬ ‫اإلشكال بقوله" إن الذين يعتقدون ويزعمون أن رسول هللا الذي‬ ‫خلق ألجله العالمون‪ ،‬وما فيها من الموجودات واألنبياء والمرسلون‬ ‫والمالئكة الكروبيون‪ ،‬والمقربون والشهداء والصديقون‪ ،‬وعبادهللا‬ ‫الصالحين صلى هللا عليهم مادامت السماء واألرض‪ ،‬مضى لسبيله‬ ‫عن أمته إلى جوار ربه‪ ،‬في غرفات جنته‪ ،‬وأهمل في الوجود أمر‬ ‫رعيته‪ ،‬ولم يعين لهم إماما هاديا من أفاضل عترته‪ ،‬ولم ينصب‬ ‫فيهما علم رشاد من أرومته‪ ،‬ولم يوص لها باتباع أحد بعينه من‬ ‫عشيرته"‪ ،‬إلى أن قال‪ " :‬وأن تختار لها رجال من المهاجرين‪،‬‬ ‫واألنصار وتجعله لنفسها منارا‪ ،‬إال أنه من قريش ال من ساير‬ ‫القبائل وأهل األنصار‪ ،‬وقال أن أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم‬ ‫اهتديتم"‪ ،‬وقد فند الشيخ هذا اإلشكال في حديث يطول ذكره ‪ ،‬ولكن‬ ‫سيتم إيراد ما استدل به في دحض اإلشكال وهو كما يلي‪:‬‬ ‫أن القول بأن رسول هللا انتقل إلى الرفيق األعلى من دون أن يعين‬ ‫وليا من بعده هذا محض إدعاء ال أساس له ألنه خالف قاعدة اللطف‬ ‫باألمة‪ ،‬ومؤدي بها إلى التشتت والتفرق‪.‬‬ ‫إن هذا االدعاء إنما أقاموه لكي يتيحوا الفرصة ألنفسهم التخاذ من‬ ‫يرضون إمامته‪.‬‬ ‫إن إدعاء عدم وجود نص فهو أمر باطل لوجود النص وتواتره‪.‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬نسخ الكتاب المخطوط‪.‬‬ ‫قبل ختام الحديث عن كتاب الشيخ أبي خمسين أعلى هللا مقامه‪،‬‬ ‫ينبغي اإلشارة إلى أن الباحث رأى الكتاب في مخطوطتين‪ ،‬األولى‬ ‫أصلية ولم يعثر إال على المجلد الثاني منها فقط وتاريخ نسخه عام‬ ‫‪131‬‬


‫‪1261‬هـ‪ ،‬ولم يكتب عليه اسم الناسخ‪ ،‬وهذه النسخة موجودة في‬ ‫األحساء عند أحد أقرباء الباحث‪ ،‬والمجلد األول فقد في ظروف‬ ‫غامضة‪ ،‬والنسخة األخرى مصورة تصويرا سيئا عن األصل‪ ،‬إذ‬ ‫أغلب السطور التي في أسفل الصفحات غير واضحة‪ ،‬ويصعب‬ ‫قراءتها‪ ،‬وهذه النسخة موجودة في الكويت وناسخها هو السيد هاشم‬ ‫بن السيد خليفة النحوي وذلك عام ‪1331‬هـ‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪:‬كتاب "روضات الجنان" للعالمة الشيخ‬ ‫جعفر أبي المكارم رحمه هللا‪.‬‬ ‫وفيه عدة فروع‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤلف الكتاب‪.‬‬ ‫هو العالمة الشيخ جعفر بن الشيخ محمد أبو المكارم المولود في عام‬ ‫‪1241‬هـ والمتوفى عام ‪1322‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬لمحة موجة عن الكتاب‪.‬‬ ‫يقع الكتاب في ثالث مجلدات من القطع الكبير‪ ،‬ولم يكتمل تأليفه‬ ‫بعد‪ ،‬وقد اطلع الباحث على المجلد األول‪ ،‬ويتكون من ‪ 231‬صفحة‪،‬‬ ‫والمجلد الثاني يتكون من ‪ 336‬صفحة‪ ،‬وال يزال الكتاب مخطوطا‬ ‫ولم يسبق نشره‪ ،‬وقد فرغ من تأليف الجزء األول في ‪ 21‬ذي الحجة‬ ‫‪1331‬هـ والجزء الثاني ‪6‬ذي الحجة عام ‪1334‬هـ‪.‬‬ ‫ضم الكتاب بداخله مجالس حسينية‪ ،‬تنتمي من حيث بنائها الفني‬ ‫والفكري إلى الدور التفسيري‪ ،‬هذا وقد تعرضت المجالس الحسينية‬ ‫في المجلد األول منه إلى مواضيع هامة مرتبطة بنهضة الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬وذلك قبل عرصة الطف‪ ،‬ومن تلك المواضيع ما يلي‪-:‬‬ ‫‪-1‬ما يتعلق بمولد الحسين عليه السالم ونشوئه وقبوله للمحنة‪.‬‬ ‫‪131‬‬


‫‪-2‬في أخذ العهد عليه السالم من هللا تعالى‪.‬‬ ‫‪-3‬في ال بداية تلك الواقعة‪ ،‬وتعزية المالئكة ألبيه‪ ،‬وجده‪ ،‬وأخيه‪،‬‬ ‫وأمه صلوات هللا عليهم أجمعين‪.‬‬ ‫‪-2‬في إيصال تربته إلى جده‪ ،‬وأمره بحفظها‪ ،‬وتعاهدها حتى تكون‬ ‫دما‪.‬‬ ‫‪-1‬في تسلية أم سلمة‪ ،‬وتعزيتها وبكائها عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-1‬في بكاء األنبياء عليه‪ ،‬وحث الشيعة على البكاء عليه‪ ،‬وما أعد‬ ‫لهم من الثوب‪.‬‬ ‫بعدها تعرض إلى بداية نهضته من المدينة‪ ،‬ومروره بمكة‪ ،‬وحتى‬ ‫وصل إلى أرض كربالء‪ ،‬وفصل الحادثة في مجلس طويل‪ ،‬وذكر‬ ‫ما جرت من أحداث بعد واقعة الطف من السبي حتى الرجوع إلى‬ ‫المدينة‪ ،‬وتعرض أيضا إلى محنة نبي هللا يعقوب عليه السالم‪ ،‬وجد‬ ‫أيوب عليه السالم‪ ،‬ومواضع أخرى ذات قيمة‪ ،‬وفصل في كتابه عن‬ ‫العباس عليه السالم‪ ،‬والمواقف التي أبداها يوم الطف‪ ،‬ومنزلته‬ ‫العلمية وما أخذ من والده أمير المؤمنين عليه السالم من صفات‬ ‫علميه وجسدية‪ ،‬وهذا وقد تعرض إلى بطولة بقية بني هاشم‬ ‫ودورهم في الدفاع والذب عن سيدهم الحسين عليه السالم‪ ،‬وقد‬ ‫تعرض في الكتاب إلى األنصار‪ ،‬وأشبع الكالم في أحوالهم ومكانتهم‬ ‫بأنصار النبي محمد صلى هللا عليه وآله وأنصار أمير المؤمنين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬وأورد بعض الموضوعات المتعلقة بمحنة النبي‬ ‫يعقوب مع ابنه يوسف عليهما السالم‪ ،‬وصبر نبي هللا أيوب عليه‬ ‫السالم‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬نصيب الشعر في كتابه‪.‬‬ ‫أورد شعرا كثيرا‪ ،‬فقد التزم يأتيان قصيدة في نهاية كل مجلس‪،‬‬ ‫وربما بلغت القصيدة ‪ 12‬بيتا أو أكثر من ذلك من نظم المؤلف أعلى‬ ‫هللا مقامه‪ ،‬هذا باإلضافة إلى بعض القصائد الورادة في السيرة‬ ‫الحسينية التي اعتاد أرباب المقاتل أن يأتو بها‪.‬‬ ‫‪134‬‬


‫الفرع الرابع‪ :‬لغة المجلس‪.‬‬ ‫لم يخ ُل الكتاب من السجع كعادة علماء تلك الفترة‪ ،‬ولكن الواضح أنه‬ ‫استطاع التخلص منها في بعض مجالس الكتاب‪ ،‬كما تضمن‬ ‫عبارات حكمية‪ ،‬وفلسفية‪:‬كالالهوت‪ ،‬والملكوت‪ ،‬واألزل‪ ،‬والعلل‪،‬‬ ‫والعوالم‪ ،‬بل وتجد فقرات تحتا إلى فهم في علم الحكمة‪ ،‬والعقائد‬ ‫حتى يستطيع أن يعرف مراد المؤلف رحمه هللا ومنها‪:‬‬ ‫"واعلم أنه ظهر من هذه الكلمات الرموز واإلشارات أن جميع‬ ‫المخلوقات من ذوي النفوس الناطقة وغيرها من الحيوانات وغيرها‬ ‫من األجسام النامية‪ ،‬والجمادات كانوا في علم اإلمكان أهل شعر‬ ‫وإدراك‪ ،‬ولذا لما أحسوا بهذه المصيبة العظمى‪ ،‬والرزية الكبرى‬ ‫تضعضعت منها قوتهم وتغيرت لها كينونيتهم‪ ،‬وضعفت بنيتهم‪،‬‬ ‫وإنما فقدت الشعور واإلدراك لما حصلت في القوس النزولي‪ ،‬وهو‬ ‫بروزها إلى عالم الوجود والتكليف‪ ،‬وإال فهي في عالم الذر وهو‬ ‫القوس الصعودي كلما تذكرت تجددت عليها األحزان"‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن الباحث وجد هذا االتجاه عند الشيخ محمد أبي‬ ‫خمسين في كتابه مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب‪ ،‬وما ورد‬ ‫من احتماالت عن سبب هذه الظاهرة هناك يرد في هذا المقام‪ ،‬وال‬ ‫يعلم ما العلة في إيراد مثل هذه العبارات التي يستعصي فهمها على‬ ‫غير المتخصص ؟! والحال أن المجالس الحسينية يحضرها من‬ ‫مختلف الطبقات‪.‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري‪.‬‬ ‫تبدو أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري‪ ،‬أنه فسر اآليات‬ ‫والراويات التي افتتح بها صدر المجلس‪ ،‬ولم يكتفي بإيراد تفسير‬ ‫اآلية على نحو إعطاء مفهوم اآلية فقط‪ ،‬بل دعمها بروايات أهل‬ ‫‪136‬‬


‫البيت عليهم السالم تارة‪ ،‬وتارة أخرى دعمها بحدث تاريخي‪ ،‬لذا‬ ‫من المؤسف له حقا أن الكتاب لم يتح له النشر‪ ،‬حتى يأخذ نصيبه‬ ‫من دفع مسيرة المآتم الحسينية التي اضطلعت بمهمة نشر المعارف‬ ‫اإلسالمية سواء منها األخالقية‪ ،‬أو التاريخية‪ ،‬أو األدبية غير تفسير‬ ‫آيات الكتاب والسنة المحمدية‪ ،‬السيما وأن الكتاب يكتنـز من‬ ‫المعارف ذات قيمة وأهمية كبيرة‪.‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬ملخص ألحد مجالسه‪.‬‬ ‫بدأ المجلس بآية كريمة "إن هللا يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا‬ ‫كأنهم بنيان مرصوص"‪ ،‬ثم شرحها مبينا فيها ثواب الجهاد في سبيل‬ ‫هللا عز وجل‪ ،‬أعقبها بخطبة لإلمام علي أمير المؤمنين عليه السالم‬ ‫نصها‪":‬اعلموا أيها المؤمنون أن هللا قد دلكم على تجارة تنجيكم من‬ ‫عذاب أليم‪ :‬اإليمان باهلل‪ :‬ورسوله‪ ،‬والجهاد في سبيله‪ ،‬وجعل ثوب‬ ‫ذلك مغفرة الذنب‪ ،‬ومساكن طيبة في جنات عدن رضوان من هللا‬ ‫أكبر‪ ،‬وأخبركم أنه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان‬ ‫مرصوص‪ ،‬فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص‪ ،‬ثم قال أتدرون ما‬ ‫سبيل هللا‪ ،‬أنا سبيل هللا الذي نصبني لإلتباع بعد نبيه محمد صلى هللا‬ ‫عليه وآله" انتهى‪.‬‬ ‫بعدها قال المؤلف‪ :‬فاعلموا أن السبيل المأمور بالقتل فيه هو اإلمام‬ ‫المأمور من هللا عز وجل باتباعه‪ ،‬وترك الخالف عليه كما علم أن‬ ‫األمر بالتراص كالبنيان‪ ،‬كناية عن اجتماع القلوب على طاعته‪،‬‬ ‫واإلكباب على محبته واألخذ بواليته‪.‬‬ ‫ثم نوه بأهمية تحمل الموالي للنصب والجهد الذي سيالقيه في سبيل‬ ‫االحتفاظ بواليتهم‪ ،‬وهكذا تدر في الحديث إلى أنصار الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬وكيف بذلوا أنفسهم في سبيل هللا وفداء لموالهم الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬بعدها عر إلى ما جرى من قتال يوم العاشر من‬ ‫المحرم‪.‬‬ ‫‪123‬‬


‫المبحث الثاني‪ :‬الممارسة الفعلية للخطباء خالل‬ ‫الدور التفسيري‪.‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫لقد بلغت القراءة الحسينية في هذا الدور شأنا عظيما ومكانة سامية‪،‬‬ ‫بل غدت علما وفنا ال يبارى في مضمار الخطابة بشكل عام‪ ،‬ولم‬ ‫تصل إلى هذا المستوى الرفيع إال عبر جهود كبيرة بذلت من علماء‬ ‫أفاضل‪ ،‬انخرطوا في سلك الخطابة الحسينية‪ ،‬وأعطوا جوهر‬ ‫أوقاتهم الثمينة في سبيل السمو بها‪ ،‬واالرتفاع بأدائها لتغدو اللسان‬ ‫الناطق المعبر عن فكر الرسالة المحمدية‪ ،‬والترجمان الواعي آلمال‬ ‫الحسين عليه السالم في نهضته المقدسة‪ ،‬وقد قصد منها فتحا مقدسا‬ ‫أكد عليه في أحد رسائله إلى بني هاشم قائال‪":‬من لحق بنا منكم‬ ‫استشهد‪ ،‬ومن تخلف لم يبلغ الفتح"‪.‬‬ ‫فكما أن الحسين عليه السالم قد خطط لنهضته‪ ،‬ووضع لها األهداف‬ ‫النبيلة والسامية‪ ،‬وهو تحقيق الفتح المبين الذي ستشرق منه شمس‬ ‫الهداية المحمدية على العالمين‪ ،‬ودعا لاللتحاق بركبها ذوي‬ ‫الضمائر الحية والمؤمنة بشريعة هللا عز وجل كمنها حياة‪.‬‬ ‫كما أنه قام بكل ذلك‪ ،‬فقد استجاب له ثلة من المؤمنين الخلص‪،‬‬ ‫حضروا معه واقعة الطف‪ ،‬وأبلوا معه البالء الحسن‪ ،‬حتى تضرجوا‬ ‫بدمائهم الزكية‪ ،‬وغادروا الدنيا وعلى شفاههم ابتسامة نصر قد‬ ‫تحقق‪ ،‬واطمئنان بأمل واعد‪ ،‬يلوح في األفق بأن جيال آخراً من‬ ‫األنصار سيدخل ساحة الجهاد والنصرة لنهضة أبي عبد هللا الحسين‬ ‫عليه السالم اإلصالحية‪ ،‬ليكمل المشوار‪ ،‬ولكن هذه المرة على هيئة‬ ‫خطباء وأدباء حسينيين يرددون أفكاره التي قتل من أجلها‪.‬‬

‫‪121‬‬


‫وال غرابة أن يالحظ بأن هذا الجيل قد أمتد بهم الزمن من بعد واقعة‬ ‫الطف وإلى يومنا هذا‪ ،‬ونشاط أفراده في عمل دؤوب‪ ،‬ال يشوبه كلل‬ ‫وال ملل‪ ،‬وقد تمخض العهد المعاصر الذي أطلق عليه الباحث‬ ‫بـالعهد التفسيري في تاريخ المآتم الحسينية‪ ،‬عن مدرستين خطابيتين‬ ‫عمالقتين‪ ،‬قد حلقتا في سماء العلم والفضيلة واألدب‪ ،‬استطاع أتباع‬ ‫كل مدرسة أن يؤدوا الواجب الذي وطنوا أنفسهم على حمله‪،‬‬ ‫إرضاء هلل عز وجل؛ ليأتوا يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى هللا‬ ‫بقلب سليم‪ ،‬وقد وفاهم هللا عز وجل بالجزاء العظيم‪.‬‬ ‫لقد كشفت الممارسة الفعلية للخطباء في هذا الدور عن مدرستين‬ ‫تشتركان في سمة التفسير للنصوص الدينية سواء منها القرآنية أو‬ ‫الحديثية أو األدبية‪ ،‬ولكن تختلفان في منهجية العرض‪ ،‬وعمق‬ ‫الطرح‪ ،‬وحداثة المعلومات‪ ،‬وفي هذا المبحث ستعرض سمات‬ ‫هاتين المدرستين من خالل المطلبين التاليين‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬المدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة العلمية‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬المدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫وهي أول مدرسة أدخلت التجديد في الدور العلمي‪ ،‬فبجهود‬ ‫مؤسسها رحمه هللا استطاع أن يخلص المآتم من سمات الدور‬ ‫الروائي الذي أثقل كاهله ردحا من الزمن‪ ،‬والذي لم يكن دور‬ ‫الخطيب فيها أكثر من عرض مجموعة من النصوص التاريخية‪،‬‬ ‫واألدبية‪ ،‬الدينية‪ ،‬وتسكب في قوالب تفتقد إلى الوحدة في بنائه‪.‬‬ ‫وسيتم عرض سمات هذه المدرسة من خالل الفروع التالية‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مؤسسها‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬ظروف نشأتها‪.‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬أسباب تسميتها بالمدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫‪122‬‬


‫الفرع الرابع‪ :‬انطباع أحد األدباء عن أبرز خطباء المدرسة‬ ‫التاريخية‪.‬‬ ‫الفرع الخامس‪ :‬تاريخ نشأة المدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫الفرع السادس‪ :‬أبرز سماتها‪.‬‬ ‫الفرع السابع‪ :‬األغراض الخطابية في المدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫الفرع الثامن‪ :‬أبرز رواد المدرسة التاريخية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤسسها‪.‬‬ ‫تأسست هذه المدرسة على يد الشيخ كاظم بن الشيخ حسن سبتي‬ ‫السهالني الحميري المولود عام ‪1214‬هـ والمتوفى عام ‪1323‬هـ‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬ظروف نشأتها‪.‬‬ ‫جاء الحديث عن ظروف‬ ‫نشأة هذه المدرسة في‬ ‫سياق ترجمة الشيخ كاظم‬ ‫سبتي رحمه هللا في كتاب‬ ‫أدب الطف للسيد جواد‬ ‫شبر والكالم يعود لألخير‬ ‫حيث يقول‪" :‬كان المنبر‬ ‫ذلك اليوم ال يتعدى غير‬ ‫قصة الحسين عليه السالم‬ ‫ومقتله يوم عاشوراء‪،‬‬ ‫وإذا بهذا المتكلم "أي‬ ‫الشيخ كاظم سبتي" يروي‬ ‫خطب األمام أمير‬ ‫المؤمنين عليه السالم عن‬ ‫ظهر غيب‪ ،‬فعجب الناس‬ ‫واعتبروه فتحا كبيرا في‬

‫الشيخ كاظم سبتي‬ ‫‪123‬‬


‫عالم الخطابة‪ ،‬ثم قام يروي السيرة النبوية وسير أهل البيت عليهم‬ ‫السالم وربما روى سيرة األنبياء السابقين عليهم السالم أجمعين‪،‬‬ ‫وقصصهم فكان بهذه الخطوة يراه الناس مجددا‪ ،‬حيث حفظ وقرأ‪،‬‬ ‫وهكذا من يحفظ ويقرأ يرونه مجددا ؛ ألنهم كانوا ال يحسنون أكثر‬ ‫من قراءة المقتل‪ ،‬وفي ذلك الحين يسمى كل من يقرأ بقراءة كتاب‬ ‫"روضة الشهداء" للشيخ الكاشفي بـ"روضة خون"‪.‬‬ ‫يمتاز الخطيب المترجم له أنه ال يروي اال الصحيح‪ ،‬فال يروي‬ ‫األخبار غير المسندة‪ ،‬أو الضعيفة‪ ،‬وكان المنبريون قبله ال يحسنون‬ ‫أكثر من تناول الواحد منهم كتاب "روضة الشهداء"‪ ،‬ويقرأه نصا‬ ‫ثم تطورت إلى حفظ ذلك الكتاب ورواية ما فيه فقط كالسيد حسين‬ ‫آل طعمة سنة‪1213‬هـ وهو ممن ولد ونشأ ومات بكربالء المقدسة‪،‬‬ ‫وسلسلة نسبه رحمه هللا هي‪ :‬حسين بن درويش بن أحمد بن يمي بن‬ ‫خليفة نقيب األشراف ويتصل نسبه بالسيد إبراهيم المجاب بن حمد‬ ‫العابد بن اإلمام موسى الكاظم عليه السالم‪.‬‬ ‫وهكذا كان معاصره‪ ،‬وهو السيد هاشم الفائزي سنة ‪1213‬هـ‪،‬‬ ‫وأيضا ولد ونشأ وتوفي بكربالء وهو ابن السيد سلمان بن السيد‬ ‫درويش بن السيد احمد بن السيد يحي آل طعمة‪ ،‬وكان في أسلوبه ال‬ ‫يخر عن الشيخ كاظم وقد تكور منبره إلى رواية سير النبي‬ ‫واألئمة عليهم السالم‪ ،‬وحفظ خطب اإلمام علي عليه السالم‪ ،‬فكان‬ ‫فتحا جديدا في المنبر الحسيني‪.‬‬ ‫ولهذه الشهرة التي حازها‪ ،‬طلبه جماعة من وجهاء بغداد وأكابرهم‪،‬‬ ‫ليكن هناك‪ ،‬فهاجر إليها سنة ‪1334‬هـ وبقي سبع سنين يرقي المنابر‬ ‫في المحافل الحسينية‪ ،‬ويؤمئذ كانت المحافل تغص بالسامعين‪ ،‬فال‬ ‫إذاعة تشغلهم‪ ،‬وال تلفزيون يلهيهم‪ ،‬وفي سنة ‪1311‬هـ‪ ،‬ألزمه‬ ‫جماعة من علماء النجف بالعودة للنجف‪ ،‬فكان خطيب العلماء‪ ،‬يتلذذ‬ ‫السامعون بحديثه‪ ،‬ويقبلون عليه بلهفة وتشوق ولهم كلمات بحقه تدل‬ ‫‪122‬‬


‫على نظمه ونبله" ( رب‪ :‬أدب الطف‪،‬‬

‫السيد جواد شبر‪.‬‬

‫‪ ،6‬ص ‪ .)11‬انتهى كالم‬

‫وقد أيد هذا الرأي الشيخ جعفر آل محبوبة في كتابه ماضي النجف‬ ‫وحاضرها‪ ،‬فقد قال عن آل سبتي "آل سبتي توارثوا الخطابة‬ ‫الحسينية‪ ،‬فكانوا من السابقين في ميادينها‪ ،‬والمحلقين بخيرها‪،‬‬ ‫خدموا المنابر خدمة جليلة تشكر‪ ،‬وتذكر‪ ،‬وترددها السنة الثناء"‬ ‫(آل حمبوبة‪:‬ماض النجف وحاضرها‪ ،2 ،‬ص ‪)333‬ثم تحدث عن‬ ‫الخطيب الحسيني الشيخ كاظم سبتي قائال‪":‬كنت أحضر مجالسه في‬ ‫عشرة المحرم في دار آل بحر العلوم‪ ،‬فيرتقي المنبر قبله أربعة أو‬ ‫خمسة شيوخ‪ ،‬وكلهم يقرأ في موضوع خاص‪ ،‬فال يتركوا ما يخص‬ ‫الموضوع من شاردة أو واردة إال ذكروها‪ ،‬حتى يستعين البعض‬ ‫منهم بالمراسل واألخبار الضعاف والمنامات‪ ،‬فإذا رقى المنبر جاءنا‬ ‫بشيء جديد لم نسمعه ممن كان قبله‪ ،‬وأخذ بحقه من البكاء‪ ،‬فكان‬ ‫السبق له‪ ،‬وحقا أقول أنه مخترع‪ ،‬ومبتدع في فن الخطابة" (آل‬

‫حمبوبة‪:‬ماض النجف وحاضرها‪،‬‬

‫‪ ،2‬ص ‪.)223‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬أسباب تسميتها بالمدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫لعل أبرز ما يشد انتباه الباحث إلى هذه المدرسة ليعطيها اسما يليق‬ ‫بها هو التحامها بالمادة التاريخية‪ ،‬فقد جعلت التاريخ محورا رئيسيا‬ ‫لألبحاث التي يقدمها الخطيب أثناء انعقاد المآتم‪ ،‬فهي تستأثر‬ ‫بالنصيب األكبر من اهتمامه‪ ،‬ولهذا سميت بالمدرسة التاريخية‪،‬‬ ‫ولعل أكثر المواضيع التاريخية طرحا ما يلي‪:‬‬ ‫أول‪-‬السيرة النبوية‪ :‬وتضم حالة العرب قبل البعثة‪ ،‬وتاريخ بعثة‬ ‫النبي صلى هللا عليه وآله وهجرته‪ ،‬وجهاده في نشر الدعوة‪،‬‬ ‫وغزواته‪ ،‬وسيرته الذاتية‪.‬‬ ‫‪121‬‬


‫ثانيا‪-‬سيرة األنبياء‪ :‬وهي ظاهرة غير مألوفة في المآتم التي سبقت‬ ‫الدور العلمي‪ ،‬وبالذات المدرسة التاريخية إال بنحو قليل جدا‪،‬‬ ‫كالحديث عن صبر أيوب‪ ،‬وبكاء يعقوب على يوسف‪ ،‬وقتل يحي بن‬ ‫زكريا عليهم السالم‪ ،‬أما في المدرسة التاريخية فصار الحديث عن‬ ‫األنبياء أكثر اتساعا وشموال‪.‬‬ ‫ثالثا‪-‬أحداث الخالفة اإلسالمية‪ :‬فهي تعرض األحداث التي وقعت‬ ‫بعد وفاة النبي صلى هللا عليه وآله‪ ،‬وما جرى فيها من وقائع حولت‬ ‫مسار الخالفة اإلسالمية‪ ،‬وما صاحب ذلك من أحداث مؤلمة‪.‬‬ ‫رابعا‪-‬عرض التاريخ األموي والعباسي‪ :‬أكثرت المدرسة التاريخية‬ ‫من عرض الفضائح التي ارتكبت في ظل هذين العهدين تحت‬ ‫عنوان تثبيت دعائم الخالفة اإلسالمية‪ ،‬وضرب أيدي العابثين بها‪،‬‬ ‫وما نال العلويين في ظلهما من معاناة‪ ،‬وتشريد‪ ،‬وتنكيل‪.‬‬ ‫خامسا‪-‬التركيز على تاريخ النهضة الحسينية‪ :‬وذلك بتحليل‬ ‫أحداثها‪ ،‬والدخول إلى التفصيالت الدقيقة التي وردت في المقاتل‬ ‫والسير‪.‬‬ ‫وفي أثناء الطرح التاريخي الموسع كان الخطيب يقف على معالم‬ ‫العظة والعبرة‪ ،‬التي يستشفها من تلك األحداث‪ ،‬موضحا ذلك باألدلة‬ ‫القرآنية‪ ،‬واألحاديث النبوية‪ ،‬والشواهد الشعرية‪ ،‬ويسكب ذلك في‬ ‫قوالب أدبية‪ ،‬يتحدد مستواها على قدرات الخطيب‪.‬‬

‫‪121‬‬


‫الفرع الرابع‪ :‬انطباع أحد األدباء عن أبرز خطباء المدرسة‬ ‫التاريخية‪.‬‬ ‫سجل الشيخ عبد الحسن الغراوي‪ ،‬عضو جمعية الرابطة األدبية في‬ ‫العراق‪ ،‬انطباعاته عن أبرز خطباء المدرسة التاريخية‪ ،‬وهو الشيخ‬ ‫محمد علي اليعقوبي‪ ،‬فقال عنه في‬ ‫مقاله التأبيني الذي نشره في العدد‬ ‫الخاص بالشيخ اليعقوبي الصادر‬ ‫عن مجلة اإليمان‪ ،‬فقال فيه‪" :‬وهو‬ ‫رجل السيرة والتاريخ‪ ،‬الذي أخذ‬ ‫على عاتقه مهمة التاريخ كل‬ ‫التاريخ قديمه وحديثه‪ ،‬فال تخفاه‬ ‫خافيه‪ ،‬وال يغرب عن ذهنه حادثة‪،‬‬ ‫مهما كانت النهاية"‪.‬‬ ‫كان يصوغ الحوادث بقوالب‬ ‫ذهبية‪ ،‬ويسكبها بأسلوب محبب الشيخ محمد علي اليعقوبي‬ ‫تصغي له األسماع‪ ،‬ويأخذ‬ ‫باألعناق‪ ،‬و يستهوي األفئدة‪ ،‬دون أن يشعر السامع أنها هي التي‬ ‫مرت عليه في مطالعته وما بين قراءاته‪.‬‬ ‫و إن من بين ما يمتاز به في هذا المضمار الشائك‪ ،‬والدرب الطويل‬ ‫المليء باألرقام‪ :‬من أيام‪ ،‬وشهور‪ ،‬وأعوام‪ ،‬وحقب‪ ،‬وأسماء مدن‪،‬‬ ‫وعواصم‪ ،‬وقرى‪ ،‬وصحاري‪ ،‬وملوك‪ ،‬وقواد‪ ،‬ووزراء‪ ،‬وأعيان‪،‬‬ ‫وجنود‪ ،‬ومصلحين‪ ،‬وعابثين‪ ،‬استحضاره للكثير منها في العديد من‬ ‫المواضع‪ ،‬وهو أمر لعله من الصعب على اإلنسان أن يحيط شموال‬ ‫‪121‬‬


‫بكل ذلك في كل آن‪ ،‬وليس من السهل أن يستعرض ما شاء في كل‬ ‫وقت يشاء" (جمية اإلميات‪:‬الغراوي‪ ،‬لام ‪1341‬هـ‪ ،‬ص ‪.)211‬‬

‫الفرع الخامس‪ :‬تاريخ نشأة المدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫يعتبر تاريخ نشأة المدرسة التاريخية هو تاريخ بداية الدور‬ ‫التفسيري‪ ،‬وذلك في حدود نهاية النصف الثاني من القرن الثالث‬ ‫عشر الهجري‪ ،‬فقد مر علينا أن تاريخ والدة الشيخ كاظم سبتي‬ ‫رحمه هللا كان عام ‪1214‬هـ وأن شهرته علت ونمت بحيث أن‬ ‫أهالي ووجهاء بغداد قد ألحوا عليه بالهجرة إليهم فهاجر إليها عام‬ ‫‪1334‬هـ‪ ،‬فمن المحتمل أن تكون فترة التجديد واالبتكار الذي عرف‬ ‫به‪ ،‬كانت في نهاية النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري‬ ‫كما ذكر‪.‬‬

‫الفرع السادس‪ :‬أبرز سماتها‪.‬‬ ‫أول‪-‬حفظ نصوص نهج البالغة‪ :‬وهي‬ ‫أبرز سمة في رواد المدرسة‪ ،‬إذ أن أول‬ ‫ما شد جماهير هذه المدرسة هو عنصر‬ ‫المفاجأة الذي تحقق على يد مؤسسها‬ ‫الشيخ كاظم سبتي‪ ،‬كما جاء في كالم‬ ‫السيد جواد شبر‪ ،‬إذ أنه جاء بما لم يكن‬ ‫معهودا‪ ،‬وهو تالوة نصوص نهج‬ ‫البالغة على رغم طولها وذلك عن‬ ‫ظهر قلب‪ ،‬إذ ربما استدعى المأتم‬ ‫الحسيني أن يورد الخطيب فيه خطبة أو‬ ‫السيد صالح الحلي‬ ‫خطبتين‪ ،‬وهذه ظاهرة نجدها في أغلب‬ ‫رواد هذه المدرسة‪ .‬فعلى سبيل المثال نجد السيد صالح الحلي‬ ‫المتوفي عام ‪1316‬هـ لما أرد أن ينتهج الخطابة‪ ،‬وقد كان عمره‬ ‫‪124‬‬


‫آنذاك ‪26‬عاما وقد أنهى في ذلك السن دروس السطوح‪ ،‬ولم تكن له‬ ‫يومئذ أية صلة بالخطابة وكان ذلك عام ‪1314‬هـ حيث أحس من‬ ‫نفسه القدرة الخطابية‪ ،‬وقوة البيان‪ ،‬وطالقة اللسان‪ ،‬توجه أول ما‬ ‫توجه إلى حفظ نهج البالغة من خطب اإلمام أمير المؤمنين عليه‬ ‫السالم ( رب‪:‬أدب الطف‪ ،6 ،‬ص ‪.)231‬‬ ‫وإليك اآلخر‪ ،‬الشيخ مهدي اليعقوبي الذي يقول عنه أخوه الشيخ‬ ‫محمد علي اليعقوبي أنه كان يحفظ ثالثة أرباع نهج البالغة‪.‬‬ ‫( رب‪:‬أدب الطف‪ ،13 ،‬ص ‪.)21‬‬ ‫أيضا نجد الشيخ عبد الحميد الهالل‬ ‫يحفظ الكثير‪ ،‬ومعه اآلخر المال‬ ‫أحمد بن رمل كما أفاد بذلك‬ ‫العالمة الدكتور عبد الهادي‬ ‫الفضلي حفظه هللا‪ ،‬ومن المجالس‬ ‫التي عايشها الباحث في صباه أنه‬ ‫قد استمع بعض الخطباء وهم ممن‬ ‫ينتمون إلى المدرسة التاريخية‪،‬‬ ‫وكانوا يأتون في المآتم التي تعقد‬ ‫بمناسبة مجلس الفاتحة على روح‬ ‫أحد الموتى بخطبة أو خطبتين من‬ ‫نهج البالغة فتأتي على جميع وقت المأتم‪ ،‬ومن مشاهدات الباحث‬ ‫عن وجود هذه الظاهرة من قبل كل من السيد عبدهللا الصفوي‪،‬‬ ‫والسيد محمد العلوي الصفوي‪ ،‬والمال مسيري‪ ،‬حيث طاب لهم‬ ‫المقام في األحساء وشاركوا في مآتمها ما يربو على ثالثين عاما‪،‬‬ ‫وقد كانوا من خطباء المدرسة التاريخية وهم من حاضرة القطيف‬ ‫في المملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫الشيخ الدكتور عبدالهادي‬ ‫الفضلي‬

‫‪126‬‬


‫وتعود أسباب حفظ نصوص نهج البالغة لما تكتنـزه من بالغة‬ ‫وتاريخ‪ ،‬ودين وأدب‪ ،‬وعلوم إنسانية واجتماعية‪ ،‬وغيرها من العلوم‬ ‫التي ال تجدها إال في القرآن الكريم‪ ،‬وال عجب في ذلك فقد صدرت‬ ‫من سيد البلغاء والمتكلمين بعد رسول هللا صلى هللا عليه وآله‪ ،‬فهم‬ ‫نعم الزاد لمن أراد أن يكون خطيبا‪.‬‬ ‫ولعل الرواد األوائل لهذه المدرسة أو كل من ينتمي إليها خطيبا‪ ،‬قد‬ ‫أجهدوا أنفسهم في حفظ خطب النهج‪ ،‬ألن به وثائق تاريخية‪ ،‬تحكي‬ ‫الوضع السياسي واالجتماعي والديني‪ ،‬لفترة ما بعد وفاة النبي صلى‬ ‫هللا عليه وآله‪ ،‬وما جرى به من أحداث عظيمة غيرت مجرى‬ ‫أحداث‪ ،‬كان من المخطط لها أن تكون‪ ،‬فهي في الواقع تعطي‬ ‫الخطيب فرصة كبيرة لطرق القضايا التاريخية التي تعتبر العمود‬ ‫الفقري والرئيسي في كثير من مجالس الخطباء الذين ينتمون إلى‬ ‫المدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫ثانيا‪-‬الهتمام بالجانب المأساوي الذي أصاب الحسين عليه السالم‪:‬‬ ‫فقد نشأت المدرسة التاريخية وهي الزالت حديثة العهد بآثار الدور‬ ‫الروائي‪ ،‬أو باألحرى الزالت فعاليات الدور الروائي تأخذ مجراها‬ ‫ووضعها بشكل طبيعي في كثير من األرجاء التي يقطنها شيعة أهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪ ،‬و بالذت في األماكن الريفية‪ ،‬والنائية‪ ،‬القليلة‬ ‫التأثر بما يجري حولها من تجديد وتطوير‪.‬‬ ‫فالمدرسة التاريخية اهتمت بذلك للسبب الذي ُذكر سالفا‪ ،‬ولما جاء‬ ‫من أهل البيت عليهم السالم من توصيات باالهتمام بهذا الجانب على‬ ‫مدى الدهر‪ ،‬وهو من مكتسبات الدور التأسيسي األول‪.‬‬

‫الفرع السابع‪ :‬األغراض الخطابية في المدرسة التاريخية‬ ‫من الصعب القيام بحصر األغراض الخطابية التي تناولها رواد‬ ‫المدرسة التاريخية‪ ،‬ولكن من الممكن اإلشارة إلى أهمها وهي‪-:‬‬ ‫‪113‬‬


‫‪-1‬جعل المادة التاريخية – من ذكر األنبياء واألئمة عليهم السالم‪،‬‬ ‫وعرض األحداث اإلسالمية‪ -‬عمودا فقريا يتقوم به المأتم الحسيني‪.‬‬ ‫‪-2‬الوقوف على معالم العظة والعبرة من قراءة التاريخ‪.‬‬ ‫‪-3‬طرق المسائل التربوية التي تعالج أمراض سلوكية على مستوى‬ ‫الفرد واألسرة‪.‬‬ ‫‪-2‬ذكر الشواهد األدبية التي توافق موضوع البحث‪.‬‬ ‫‪-1‬التعرض لمصائب بقية أهل البيت عليهم السالم وبعض العلويين‪.‬‬ ‫‪-1‬التنويه بالبعد الفضائلي في سيرة أهل البيت عليهم السالم‪.‬‬ ‫‪-1‬االحتفاظ بثوابت المأتم الحسيني‪ ،‬والمتمثل في اآلثار التي تركها‬ ‫لنا الدور التأسيسي عبر توجيهات وممارسات أهل البيت عليهم‬ ‫السالم وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬التنويه بالثواب العظيم للباكين عليه‪.‬‬ ‫ج‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم‪.‬‬

‫الفرع الثامن‪ :‬أبرز رواد المدرسة التاريخية‪.‬‬ ‫في نهاية النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري‪ ،‬برز‬ ‫مجموعة من الخطباء األفاضل السائرين على خطا التجديد‪ ،‬وذلك‬ ‫على أثر االنعطافة التي أحدثها الشيخ كاظم سبتي مؤسس المدرسة‬ ‫التاريخية المولود عام ‪1214‬هـ والمتوفى عام ‪1322‬هـ‪.‬‬ ‫وكما وصف من نقل‬ ‫سيرتهم‪ ،‬أنهم متفانون في‬ ‫خدمة المنبر الحسيني‬ ‫آنذاك‪ ،‬وكان لهم تضلع‬ ‫ملحوظ في شئون األدب‪،‬‬ ‫واللغة‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والثقافة‬ ‫اإلسالمية منهم‪ :‬الشيخ‬ ‫محسن أبو الحب (الجد) ولد‬ ‫‪111‬‬ ‫الشيخ محسن أبو الحب‬


‫عام ‪1231‬هـ‪ ،‬وتوفي عام ‪1331‬هـ‪ ،‬علما بأنه أسبق مولد من‬ ‫مؤسس هذه المدرسة‪ ،‬وقد نعت بأوصاف تدل على قدراته الخطابية‬ ‫بالتصرف في فنون الكالم‪ ،‬وأنه إذا ارتقى األعواد تنقل في‬ ‫المناسبات ( رب‪:‬أدب الطف‪ ،4 ،‬ص ‪ ، )11‬وقد شهد في حقه‬ ‫وقدرته الخطابية الشيخ الجليل محمد حرز الدين النجفي في كتابه‬ ‫معارف الرجال‪ ،‬من خالل ما استمع إليه في بعض مجالسه بما يلي‪:‬‬ ‫"كان فاضال‪ ،‬أديبا‪ ،‬بحاثة‪ ،‬ثقة‪ ،‬جليال‪ ،‬ومن عيون الحفظ‬ ‫المشهورين‪ ،‬والخطباء البارعين‪ ،‬له القوة الواسعة في الرثاء‪،‬‬ ‫والوعظ‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬وكان راثيا آلل رسول هللا صلى هللا عليه وآله‪،‬‬ ‫وشاعرا مجيدا‪ ،‬حضرت مجلس قراءته‪ ،‬فلم أر أفصح منه لسانا‪،‬‬ ‫وال أبلغ منه أدبا وشعرا" ( رب‪:‬أدب الطف‪ ،4 ،‬ص ‪.)11‬‬ ‫ولعل هذه المواصفات التي ذكرها لنا رحمه هللا‪ ،‬توحي للقارئ‬ ‫بشخصية فذة‪ ،‬كانت لها القدرة على إحداث أثر في مسار الخطابة‪.‬‬ ‫ومن األسماء الالمعة في سماء المدرسة التاريخية المال محمد القيم‬ ‫الحلي‪ ،‬الذي عده السيد جواد شبر أستاذ الخطابة في بغداد‪ ،‬وهو والد‬ ‫الشيخ حسن بن المال محمد القيم الحلي أحد نوابغ عصره‪ ،‬ولداته‬ ‫( رب‪:‬أدب الطف‪ ،4 ،‬ص ‪.)126‬‬ ‫ومنهم أيضا الشيخ محمد المال‪ ،‬ترجم له البحاثة الشيخ علي الخاقاني‬ ‫في (شعراء الحلة)‪ ،‬وقال عنه‪:‬‬ ‫"أديب كبير‪ ،‬وخطيب مفوه‪ ،‬طرق كافة النواحي بمحاضراته‬ ‫ومساجالته" ( رب‪:‬أدب الطف‪ ،4 ،‬ص ‪.)4‬‬ ‫ومنهم أيضا الشيخ مهدي الخاموش ولد ‪1213‬هـ وتوفي عام‬ ‫‪1332‬هـ‪ ،‬قال فيه السيد جواد شبر‪-:‬‬

‫‪112‬‬


‫" تدر على مجالس العلم وأندية األدب‪ ،‬فبرع في الخطابة لحسن‬ ‫التعبير‪ ،‬وجميل األسلوب‪ ،‬وأعظم حسنة له أنه تخر على يده السيد‬ ‫جواد الهندي خطيب كربالء" ( رب‪:‬أدب الطف‪ ،4 ،‬ص ‪.)213‬‬ ‫وهذا األخير ولد عام ‪1213‬هـ وتوفي ‪1333‬هـ‪ ،‬وقد طبقت شهرته‬ ‫األرجاء‪ ،‬كما شهد في حقه الخطيب محمد علي اليعقوبي في حاشية‬ ‫ديوانه أبي المحاسن‪ ،‬وقال في بعض ما قال‪":‬ما رأيت‪ ،‬وال سمعت‬ ‫أحدا من الخطباء‪ ،‬أملك لعنان الفنون المنبرية على كثرة ما رأيت‬ ‫منهم وسمعت‪ ،‬فقد حاز قصب السبق بطول الباع‪ ،‬وسعة االطالع‬ ‫في التفسير‪ ،‬والحديث‪ ،‬واألدب‪ ،‬واللغة‪ ،‬واألخالق‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬إلى‬ ‫غير ذلك" ( رب‪:‬أدب الطف‪ ،4 ،‬ص ‪.)231‬‬ ‫ويقول فيه الشيخ محمد علي قسام "كانت له القدرة التامة على جلب‬ ‫القلوب‪ ،‬وإثارة العواطف‪ ،‬وانتباه السامعين‪ ،‬السيما إذا تحدث عن‬ ‫فاجعة كربالء‪ ،‬فال يكاد يملك السامع دمعته" ( رب‪:‬أدب الطف‪،‬‬

‫‪ ،13‬ص ‪.)13‬‬

‫وقد علق السيد جواد شبر قائال‪" :‬سبب اشتهاره بالهندي لسمرة‬ ‫لونه‪ ،‬أو ألنه ينحدر من ساللة كانت تسكن الهند وهللا أعلم وكان‬ ‫يجيد الخطابة باللغتين العربية والفارسية" ( رب‪:‬أدب الطف‪،4 ،‬‬

‫ص ‪.)212‬‬

‫وممن برز في هذه المدرسة الشيخ محمد علي قسام توفي ‪1313‬هـ‪،‬‬ ‫قال فيه السيد جواد شبر رحمه هللا " كنا نستمد من براعته وأساليبه‪،‬‬ ‫ونتعلم منه أساليب الخطابة‪ ،‬ويظهر من أسلوبه أنه درس المبادئ‪،‬‬ ‫وأتقن النحو‪ ،‬والصرف‪ ،‬والمنطق‪ ،‬والبالغة‪ ،‬والفقه‪ ،‬واألصول‪،‬‬ ‫وأضاف إلى ذلك مطالعة الكتب الحديثة‪ ،‬فأكسبته مرونة‪ ،‬وعذوبة‬ ‫‪113‬‬


‫فكان يمتاز بتجسيد القصة‪ ،‬وتجسيم الواقعة التي يتحدث عنها‬ ‫كواقعة كربالء‪ ،‬أو غيرها حتى كأنك تشاهدها‪ ،‬وهو أقدر الخطباء‬ ‫على التأثير في النفوس" ( رب‪:‬أدب الطف‪ ،13 ،‬ص ‪ ، )13‬وقد‬

‫لقبه لشدة اإلعجاب به بفارس المنابر ( رب‪:‬أدب الطف‪،‬‬ ‫‪.)13‬‬

‫‪ ،13‬ص‬

‫أما الشيخ كاظم آل نوح فقد عرف بقوة حجته‪ ،‬ومن حسن المواقف‬ ‫أن أتيحت له الفرصة في مخاطبة الدكتور أحمد أمين في إحدى‬ ‫مجالسه‪ ،‬محاكما له على مفترياته التي أوردها ضد الشيعة في كتابه‬ ‫(فجر اإلسالم) وكان ذلك بحضور الدكتور أحمد مجلس الشيخ في‬ ‫الكاظمية‪ ،‬وقد وعد األخير بطبع الكتاب خاليا من األغالط‬

‫( رب‪:‬أدب الطف‪ ،13 ،‬ص ‪121‬بتصرف)‬

‫أما عن السيد صالح الحلي فحدث وال حر ‪ ،‬فقد بلغ من القوة‬ ‫الخطابية أن صار مع الشيخ محمد علي اليعقوبي كفرسي رهان في‬ ‫حلبة الخطابة‪ ،‬وربما رأى البعض أنه أشهر الخطباء الحسينيين‬ ‫ومنهم السيد جواد شبر حيث يقول‪" :‬إن شهرته لم يحصل على مثلها‬ ‫خطيب حتى اليوم‪ ،‬يتحلى بجرأة قوية‪ ،‬وبسطة في العلم والجسم‪،‬‬ ‫ولد سنة ‪1246‬هـ في الحلة هاجر إلى النجف" ( رب‪:‬أدب الطف‪،‬‬ ‫‪ ،6‬ص ‪.)232‬‬

‫بينما يرى البعض بأن الشيخ محمد علي اليعقوبي كان رأسا على‬ ‫مدرسة خطابية مضت كما سيأتي الحقا‪.‬‬

‫‪112‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬المدرسة‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫هي ثاني مدرسة تبرز وتتألق في الدور‬ ‫الثالث من تاريخ المنبر الحسيني‪ ،‬فهي‬ ‫في تقدير الباحث تمثل العهد الذهبي‬ ‫للمنبر الحسيني حتى تاريخ كتابة البحث‬ ‫لام ‪1111‬هـ ‪ ،‬وستعرض الدراسة‬ ‫لتاريخ هذه المدرسة من خالل الفروع‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مؤسسها‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب تسميتها بالمدرسة‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬ظروف نشأتها‪.‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬األغراض الخطابية في المدرسة العلمية‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬مؤسسها‪.‬‬ ‫نشأت هذه المدرسة على يد الشيخ الدكتور أحمد بن حسون بن‬ ‫الشيخ سعيد بن الشيخ حمود اليثي الوائلي النجفي‪ ،‬المولود يوم‬ ‫الجمعة الموافق ‪ 11‬ربيع األول عام ‪1321‬هـ‪ ،‬صادف مولده‪ ،‬في‬ ‫يوم والدة النبي األكرم صلى هللا عليه وآله‪ ،‬وحفيده اإلمام الصادق‬ ‫عليه السالم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬أسباب تسميتها بالمدرسة العلمية‪.‬‬ ‫لم يقصد الباحث بتسمية هذه المدرسة ( بالمدرسة العلمية) أن ما‬ ‫عداها من مدارس خطابية –قامت عبر التاريخ الطويل للمآتم‬ ‫الحسيني خالل أدواره الثالثة التأسيسي والروائي والتفسيري –لم‬ ‫تكن علمية‪ ،‬كال‪ .‬بل أراد بذلك اإلشارة إلى االستجابة الواعية من‬ ‫‪111‬‬


‫رائد هذه المدرسة للحاجة الثقافية ألبناء عصره من العلوم‬ ‫والمعارف الحديثة آنذاك‪ ،‬فقد عمد إلى إدراجها في مجالسه‬ ‫الحسينية‪ ،‬ليردم الفجوة الفكرية التي فصلت بين الكثير من شباب‬ ‫ذلك الجيل وبين المجالس الحسينية آنذاك‪.‬‬ ‫وقد جاءت تلك المعلومات التي تعاطاها في المآتم على نحو‬ ‫االستشهاد بها وتحليلها ودعمها بالمصادر القرآنية والروائية‬ ‫واألدبية تارة‪ ،‬وتارة أخرى من أجل تفنيدها وإبراز موارد الضعف‬ ‫فيها‪ ،‬وكثيرا ما كان عرضه لتلك العلوم في مختلف الحاالت سببا‬ ‫داعما ألفكاره اإلصالحية والتربوية الرامية إلى جذب المستمعين‬ ‫إلى دين هللا القويم‪.‬‬ ‫ومن تلك العلوم التي طرقها واستعان بها في أبحاثه المنبرية علم‬ ‫االقتصاد‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬والنفس‪ ،‬واإلحياء‪ ،‬والطبيعيات‪ ،‬والكيمياء‪،‬‬ ‫والفلك‪ ،‬والجيولوجيا‪ ،‬هذا فضال عن العرض العلمي الجيد لمسائل‬ ‫التاريخ‪ ،‬والتربية‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والتشريع اإلسالمي‪ ،‬وسيرد بعض‬ ‫التفصيل في الصفحات القادمة إن شاء هللا‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬ظروف نشأتها‪.‬‬ ‫هناك عدة عوامل كان لها األثر الكبير في بروز هذه المدرسة‬ ‫الخطابية الشامخة‪ ،‬ونوجز تلك العوامل فيما يلي‪:‬‬ ‫أول‪-:‬نضج المدرسة التاريخية‪:‬‬ ‫لقد بلغت المدرسة التاريخية مرحلة من النضج والتطور الكبيرين‬ ‫على يدي أبرز روادها في تلك الفترة‪ ،‬وهو الشيخ محمد علي‬ ‫اليعقوبي‪ ،‬الذي اعتبره المراقبون للساحة الثقافية في تلك الفترة‪،‬‬ ‫ومنهم الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي حيث يقول في مقامة‬ ‫التأبيني للشيخ محمد علي اليعقوبي‪ ،‬والذي نشر في مجلة اإليمان‪،‬‬ ‫فقد قال حفظه هللا‪":‬فيما انطبعت به من خالل تتبعي لمجالسه‬ ‫‪111‬‬


‫الحسينية‪ ،‬رأس من أعالم مدرسة خطابية‪ ،‬وربما كان هو‬ ‫خاتـــمها" (جمية اإلميات‪ :‬الفضي ‪ ،‬ص ‪.)62‬‬ ‫ويوافقه في هذه الرأي أيضا‪ ،‬الشيخ محمد مهدي اآلصفي عضو‬ ‫جمعية الرابطة األدبية‪ ،‬حيث يقول "ولم يكن اليعقوبي في الخطابة‬ ‫شيخ وحده‪ ،‬فقد كان امتدادا لمدرسة الخطابة في النجف األشرف‪،‬‬ ‫ظهر في فترة من حياة هذه المدرسة ونشأ فيها‪ ،‬فكانت مؤهالته‬ ‫الشخصية أهلته إلى أن يتفوق على أقرانه في ميدان الخطابة" (جمية‬

‫اإلميات‪ :‬اآلصف ‪ ،‬ص ‪.)211‬‬

‫وقد كان الشيخ الوائلي من معاصري نشاط هذه المدرسة‪ ،‬وبالذات‬ ‫في حياة الشيخ محمد علي اليعقوبي المتوفى في ‪1611/13/11‬م‬ ‫والذي تطورت في عهده فنون الخطابة وبلغت الذروة‪ ،‬هذا‬ ‫باإلضافة إلى شخصيات بارزة في سماء هذه المدرسة قد عاصر‬ ‫خطابتها أمثال السيد صالح الحلي‪ ،‬والشيخ محمد علي قسام‪.‬‬ ‫ولعل أبرز ما تركته المدرسة التاريخية من أثار على المدرسة‬ ‫التفسيرية ممثلة في خطابة مؤسسها األول الوائلي‪ ،‬هي قدراته‬ ‫الخالبة‪ ،‬والمثيرة‪ ،‬عند طرح المسائل التاريخية‪ ،‬فقد انطلق في هذا‬ ‫االتجاه من حيث انتهى الغير‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ظهور المؤسسات العلمية الحديثة وانتشارها‪:‬‬ ‫كان لظهور المؤسسات العلمية الحديثة‪ ،‬ممثلة في الجامعات‬ ‫والمعاهد المتخصصة والمدارس‪ ،‬وانتشارها في أرجاء البالد‬ ‫اإلسالمية أثر مباشر في ظهور المدرسة التفسيرية ألن هذه‬ ‫المؤسسات العلمية الحديثة نشرت العلم والمعرفة وخفضت من نسبة‬ ‫األمية والجهل المنتشر في تلك الفترة‪ ،‬وهذا أدى إلى رفع الذوق‬ ‫المعرفي والثقافي عند أبناء ذلك الجيل‪ ،‬مما جعل الكثير منهم يتطلع‬ ‫إلى لون ثقافي أخر يطرح من خالل المنبر الحسيني بما يتناسب مع‬ ‫‪111‬‬


‫أذواقهم الثقافية فلم يبت عطاء المدرسة التاريخية كافيا لتلبية‬ ‫احتياجات الساحة الفكرية‪ ،‬فهناك علوم إنسانية أخرى ظهرت في‬ ‫تلك الفترة وأفراد األمة يسمعون بها‪ ،‬ويدرسونها‪ ،‬في أروقة‬ ‫الجامعات والمعاهد‪ ،‬أو على األقل يقرأون بعض مفاهيمها على‬ ‫صفحات الجرائد‪ ،‬والمجالت ومن أمثلة تلك العلوم‪ :‬االقتصاد‪،‬‬ ‫االجتماع‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلوم أخرى كاإلحياء والطبيعيات‪ ،‬وهي‬ ‫علوم لها صلة كبيرة في مجال إثبات وجود هللا تعالى‪ ،‬وقدرته عز‬ ‫وجل‪ ،‬وكلها أساليب عصرية‪ ،‬وحديثة لدعم نظريات الوجود‪.‬‬ ‫فالحديث عن األجرام السماوية‪ ،‬والفلك أو الجيولوجيا كعلم عن‬ ‫طبقات األرض‪ ،‬وعرض النظرية النسبية آلينشتاين للتدليل على‬ ‫الجاذبية‪ ،‬وما يلف لف هذه المواضيع ذات الصفة العلمية‪ ،‬التي تدعم‬ ‫نداءات القرآن للمؤمنين ليكونوا من المتفكرين في خلق السماوات‬ ‫واألرض‪ ،‬كما قال تعالى‪ ":‬الذين يتفكرون في خلق السماوات"‪،‬‬ ‫وعليه صار من الواجب المقدس على خطباء ذلك العصر أن يسدوا‬ ‫تلك الفجوة العلمية الحديثة‪ ،‬في الخطابات الحسينية‪ ،‬وهو ما تحقق‬ ‫على يد رائد المدرسة العلمية‪.‬‬ ‫هذا فضال عن االستفسارات‪ ،‬واإلشكاالت التي انقدحت في أذهانهم‬ ‫بسبب االحتكاك مع الثقافات األخرى التي انتشرت بفضل انتشار‬ ‫دور النشر‪ ،‬والطباعة‪ ،‬والوسائل العلمية األخرى من راديو‬ ‫وتلفزيون وغيرها‪ ،‬فقد تركت هذه الظروف مجتمعة ثروة ثقافية في‬ ‫أذهان أبناء الجيل المعاصر ال يستهان بها‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬المؤهالت العلمية لرائدها األول‪:‬‬ ‫وهو من أهم األسباب‪ ،‬إذا أن مستوى الوعي واإلدراك الذي كان‬ ‫يتمتع به الشيخ الوائلي‪ ،‬قد أهله إلى أن يضطلع بمهمة التجديد في‬ ‫دور المنبر‪ ،‬وابتكار مدرسة خطابية تلبي احتيا المجتمع كما ورد‬ ‫سالفا‪ .‬لقد مر الوائلي بظروف نادرة‪ ،‬قلما يجود به الزمان مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬صاغت منه شخصية خطابية فذة‪ ،‬أهلته إلى أن يحلق في‬ ‫‪114‬‬


‫سماء الفضيلة واإلبداع الخطابي‪ ،‬ومن أهم تلك الظروف التي مر‬ ‫بها كما يلي‪:‬‬ ‫‪-4‬المحيط الجتماعي‪ :‬فالشيخ الوائلي من أبناء‬ ‫النجف األشرف‪ ،‬حاضرة العلم والثقافة‪ ،‬حضارة‬ ‫تضم بين جنباتها أكبر حوزة علمية إسالمية‪،‬‬ ‫وأقدمها تاريخيا‪ ،‬وأغزرها علما وعلماء على‬ ‫اإلطالق‪ ،‬وإلى جانب تلك الحوزة المجيدة الشامخة‬ ‫بعلمها‪ ،‬توجد المدارس والكليات ذات الصبغة‬ ‫األكاديمية النظامية‪ ،‬األمر الذي أتاح للشيخ الوائلي‬ ‫أن يجمع بين فضيلتي الدراستين الحوزوية واألكاديمية منذ نعومة‬ ‫أظفاره‪ ،‬واستفاد من التجربتين‪ ،‬ففي السابق من عمره الشريف‬ ‫درس لدى الكتاتيب‪ ،‬وحفظ القرآن الكريم‪ ،‬وكان ذلك في مسجد‬ ‫الشيخ علي نواية في سفح جبل الطمة من محلة العمارة‪ ،‬وكان شيخه‬ ‫آنذاك الشيخ عبد الكريم قفطان‪ ،‬وبعد تعلم القراءة والكتابة‪ ،‬وقراءة‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬صلب عوده واشتد ساعده‪ ،‬راح يشكل مستقبله‬ ‫العلمي بشكليها األكاديمي والحوزوي‪ ،‬مستثمرا لنبوغه و فطنته‪،‬‬ ‫فجمع الفضيلتين‪ ،‬واستفاد من التجربتين‪ ،‬ففي األولى أنهى الدارسة‬ ‫االبتدائية بمدرسة الملك غازي االبتدائية في النجف سنة ‪1612‬هـ ثم‬ ‫دخل متوسطة منتدى النشر‪ ،‬فكلية مندى النشر وتخر منها بتفوق‪،‬‬ ‫ومن أقرانه في هذه المرحلة‪:‬‬ ‫السادة‪:‬صادق القاموسي‪ ،‬ومحمد حسن آل ياسين‪ ،‬ومحمد رضا‬ ‫المستعطي‪ ،‬وأحمد المظفر‪ ،‬ومحمد حسين العيافي‪ ،‬ومحمد حسن‬ ‫القاضي‪.‬‬ ‫ولما تأسست كلية الفقه سنة ‪1614‬هـ انتسب إليها‪ ،‬وتخر سنة‬ ‫‪1612‬هـ بحصوله على بكالوريوس في اللغة العربية والعلوم‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ثم أكمل الماجستير في الشريعة اإلسالمية في معهد‬ ‫الدراسات العليا التابع لجامعة بغداد‪ ،‬وكانت رسالته بعنوان "أحكام‬ ‫السجون"‪ ،‬ثم غادر إلى جمهورية مصر العربية‪ ،‬حيث درس في‬ ‫‪116‬‬


‫كلية دار العلوم جامعة القاهرة‪ ،‬ونال درجة الدكتوراه سنة ‪1614‬هـ‬ ‫عن أطروحته الموسومة بـ "استغالل األجير وموقف اإلسالم منه"‬ ‫وخالل وجوده في القاهرة إلعداد أطروحة الدكتوراه‪ ،‬درس‬ ‫االقتصاد في معهد الدارسات العليا التابع لجامعة الدول العربية‪،‬‬ ‫ومن أساتذته في هذا االختصاص علي لطفي‪.‬‬ ‫أما دراسته الحوزوية‪ ،‬فقد بدأ بقراءة مقدمات العلوم العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬ثم تدر في ذلك حتى أنهى مرحلة السطوح‪ ،‬وهي‬ ‫مرحلة متقدمة في الدارسة الدينية لجامعة النجف الكبرى‪ ،‬وحظى‬ ‫خالل الفترة بمجموعة من األساتذة األجالء‪ ،‬ومن أساتذته في‬ ‫العربية وعلومها‪:‬‬ ‫الشيخ علي تامر (توفي ‪1343‬هـ)‪.‬‬‫الشيخ هادي بن شريف بن مهدي القرشي (‪ 1323‬هـ)‪.‬‬‫ومن أساتذته في الفقه واألصول‪:‬‬ ‫الشيخ علي بن الشيخ محمد سماكه ( ولد ‪ 1316‬توفي ‪ 1323‬هـ)‪.‬‬‫السيد حسين يوسف مكي العاملي ( ولد ‪ 1321‬توفي ‪ 1361‬هـ)‪.‬‬‫السيد محمد تقي بن السيد محمد سعيد الحكيم ( ولد ‪ 1321‬هـ)‪.‬‬‫ومن أساتذته في دراسة التفسير‪ ،‬والعقائد‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والمنطق‪:‬‬ ‫الشيخ علي بن الشيخ رضا كاشف الغطاء( ولد ‪ 1331‬هـ)‪.‬‬‫الشيخ محمد حسين بن محمد المظفر ( ولد ‪ 1312‬توفي ‪1341‬‬‫هـ)‪.‬‬ ‫الشيخ محمد رضا المظفر ( ولد ‪ 1321‬توفي ‪ 1343‬هـ )‪.‬‬‫الشيخ محمد تقي بن الشيخ جواد األيرواني ( ولد ‪ 1331‬هـ)‪.‬‬‫أما في النصوص األدبية فقد حضر لدى الشيخ محمد سعيد بن‬ ‫سلمان مانع‪.‬‬ ‫أما في دروس الفلك والهيئة فقد حضر لدى الشيخ جليل العادلي‪.‬‬ ‫‪113‬‬


‫أما في دروس الرياضيات والهندسة فقد حضر لدى السيد كاظم‬ ‫الحيوي‪.‬‬ ‫أما في اللغة اإلنجليزية فقد حضر لدى السيد كاظم كشكول‪.‬‬ ‫وفي الخطابة تتلمذ لدى نخبة من خير مشاهير خطباء عصره وهم‪-:‬‬ ‫ السيد باقر السيد سلمون‪.‬‬‫ الشيخ مسلم الجابري‪.‬‬‫‪ -‬الشيخ محمد علي قسام‪( .‬جمية املوسم‪ :‬لام ‪1646‬م‪ ،‬لدد ‪ ،2‬ص‬

‫‪.)223‬‬

‫‪-2‬األفق الحضاري لحاضرة النجف‪:‬‬ ‫رغم أن النجف تضم أقدم حوزة علمية دينية عرفتها البالد‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬إال أن ذلك لم يحجب عند الكثير من علمائها روح‬ ‫التطور‪ ،‬واالنفتاح‪ ،‬بل سايروا الركب الحضاري بكل ما فيه من‬ ‫تجديد مع المحافظة الشديدة على األصالة الفكرية التي يحملونها‪.‬‬ ‫‪-1‬نضج الحوزة العلمية واستقرارها‪:‬‬ ‫مرت سنوات الدارسة الحوزوية عند الشيخ الوائلي في فترة بلغت‬ ‫الحوزة العلمية في النجف ذروتها من حيث االتساع واالستقرار‪،‬‬ ‫وتتابع جيل من مراجع التقليد المحققين المؤهلين لقيادة الحوزة‪ ،‬وقد‬ ‫ضمت هذه الفترة على تعاقب واجتماع كال من‪:‬‬ ‫الميرزا حسن النائيني‪.‬‬‫السيد أبو الحسن األصفهاني‪.‬‬‫السيد محسن الحكيم‪.‬‬‫الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء‪.‬‬‫السيد أبو القاسم الخوئي‪.‬‬‫الشيخ محمد حسن المظفر‪.‬‬‫‪111‬‬


‫السيد عبد الهادي الشيرازي‪.‬‬‫السيد حسن الحمامي‪.‬‬‫السيد محمد رضا آل ياسين‪.‬‬‫السيد محمود الشاهرودي‪.‬‬‫السيد محمد تقي بحر العلوم‪.‬‬‫الشيخ حسين الحلي‪.‬‬‫السيد محمد الشاهرودي‪.‬‬‫الشيخ حسين الحلي‪.‬‬‫و أضرابهم من فحول العلماء األعالم‪ ،‬وهؤالء مجرد أمثلة ال على‬ ‫نحو االستيعاب‪ ،‬وتليهم طبقة أخرى ضمت مجموعة منهم‪:‬‬ ‫الشيخ مرتضى آل ياسين‪.‬‬‫الشيخ محمد رضا المظفر‪.‬‬‫السيد محمد تقي آل بحر العلوم‪.‬‬‫السيد محمد باقر الصدر‪.‬‬‫السيد محمد تقي الحكيم‪.‬‬‫الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي‪.‬‬‫السيد الميرزا حسين البجنوردي‪.‬‬‫وأمثالهم‪ ،‬وهذه المجموعة هي اآلخرى مجرد نماذ من عدد كبير‬ ‫(جمية املوسم‪ :‬لام ‪1646‬م‪ ،‬لدد ‪ ،2‬ص ‪.)213‬‬ ‫‪-1‬معاصرته ألبرز خطباء المدرسة التاريخية‪:‬‬ ‫ولعل أبرزهم الشيخ محمد علي اليعقوبي‪ ،‬والشيخ محمد علي قسام‬ ‫والسيد صالح الحلي‪ ،‬وكان لهؤالء دور بارز في الصعود بمستوى‬ ‫الخطابة إلى ذروتها في إطار المدرسة التاريخية كما ذكرت‪.‬‬ ‫‪-5‬معاصرته ألبرز األدباء والشعراء في زمانه‪-:‬‬

‫‪112‬‬


‫كان ألولئك الشعراء طابعهم النجفي الخاص وأدبهم الناضج الرائد‪،‬‬ ‫ابتداء من الشيخ األديب محمد جواد الشبيبي والشيخ محمد رضا‬ ‫الشبيبي‪ ،‬والشيخ علي الشرقي‪ ،‬ومحمد مهدي الجواهري‪ ،‬والسيد‬ ‫محمد سعيد الحبوبي‪ ،‬والشيخ مصالح الجعفري‪ ،‬والدكتور عبد‬ ‫الرزاق يحي الدين‪ ،‬وكثير غيرهم ممن صقلتهم أبعاد النجف‬ ‫الحضارية‪( .‬جمية املوسم‪ :‬لام ‪1646‬م‪ ،‬لدد ‪ ،2‬ص ‪.)213‬‬

‫الفرع الرابع‪:‬األغراض الخطابية في المدرسة العلمية‪.‬‬ ‫ليس من السهل حصر جميع األغراض الخطابية التي تناولتها‬ ‫المدرسة العلمية إذ أن كثرة العطاء‪ ،‬والشمول للمعارف يجعل من‬ ‫العسير التشخيص الكامل ألغراضها ولكن يمكن اإلشارة إلى‬ ‫أبرزها وهي كما يلي‪:‬‬ ‫‪-1‬التصدي للهجمات الفكرية الموجهة ضد الدين اإلسالمي‪ ،‬والتي‬ ‫يراد منها التشكيك في صالحياته لقيادة الحياة‪ ،‬كما يراد منها‬ ‫إضعاف الروح المعنوية لمعتنقيه‪ ،‬وتفنيد نظرياتهم بروح علمية‬ ‫نزيهة‪ ،‬تعتمد األسلوب العلمي في المناقشة‪.‬‬ ‫‪-2‬تحليل األحداث التاريخية التي مرت باألمة اإلسالمية والوقوف‬ ‫على مكامن العظة منها‪ ،‬وذلك من خالل الرؤية اإلسالمية الواعية‬ ‫التي تريد النهوض بمقدرات األمة نحو األعلى‪.‬‬ ‫‪-3‬محاولة النهوض بسلوك األفراد داخل األسرة‪ ،‬وذلك بتشخيص‬ ‫المسئوليات والواجبات الملقاة على أفرادها سواء في ذلك الوالدان أو‬ ‫األبناء‪.‬‬ ‫‪-2‬التصدي لهجمات المغرضين الذي يريدون النيل من المذهب‬ ‫الجعفري وذلك من خالل الحوار الموضوعي‪ ،‬المبني على الدليل‬ ‫الشرعي‪ ،‬والمنتزع من كتب الخصوم أنفسهم‪.‬‬ ‫‪-1‬كشف النقاب عن مصادر الفقه الجعفري بالمقدار الذي يُعرف‬ ‫الطبقة المثقفة الغير متخصصة في قضايا التشريع‪ ،‬وذلك بعرض‬ ‫بعض االستشهادات الفقهية‪ ،‬واألصولية بنحو يحقق المطلوب لهذه‬ ‫الفئة‪.‬‬ ‫‪113‬‬


‫‪-1‬محاولة ذكر فلسفة التشريعات اإللهية‪ ،‬وعللها‪ ،‬ما أمكن المقام‪،‬‬ ‫حتى يدرك المتعبد الحكم اإللهية من ذلك‪.‬‬ ‫‪-1‬التعرض ألصول العقيدة اإلسالمية الحقة من منظور فكر أهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪ ،‬والتي تمثل الحكم المطلوب على المكلف شرعا‬ ‫أن يعتقد بها‪.‬‬ ‫‪-4‬الدفاع عن حقوق المرأة‪ ،‬بإيضاح مكانتها االجتماعية من منظور‬ ‫الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وإبطال دعاوي المشككين في ذلك‪ ،‬والرد عليهم‬ ‫بتوضيح المفاسد التي تترتب على خرو المرأة بالشكل السافر الذي‬ ‫تُمزق فيه القيم اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪-6‬كشف النقاب عن نظريات التشريع اإلسالمي في ميدان االقتصاد‪،‬‬ ‫وما يتعلق بها في الكثير من المسائل الحيوية وعلى سبيل المثال‪-:‬‬ ‫أ‪-‬مسألة الملكية في الشريعة اإلسالمية واستخالف اإلنسان في‬ ‫المال‪.‬‬ ‫ب‪-‬مسألة جمع الثروات‪ ،‬وتوضيح القنوات الشرعية في الكسب‬ ‫واإلنفاق‪.‬‬ ‫مسالة الفقر‪ ،‬والجوع‪ ،‬واالنفجار السكاني‪ ،‬وتحديد النسل وما‬‫شابه من مسائل متعلقة بالتنمية االقتصادية‪ ,‬وطرح رأي اإلسالم في‬ ‫كل ذلك‪.‬‬ ‫د‪-‬مناقشة المشكلة االقتصادية والمتمثلة في نضب الموارد على‬ ‫الرغم من الطلب المتزايد على السلع والخدمات‪ ،‬والرد على‬ ‫المشككين في القدرة اإللهية على التوزيع العادل لهذه الثروات بين‬ ‫الشعوب‪.‬‬ ‫‪-13‬التعرض لمصائب أهل البيت عليهم السالم بشكل مفصل‬ ‫وإشباع الحديث في ذلك‪ ،‬محتفظة بالمالمح الرئيسية التي أرساها‬ ‫أهل البيت في الدور األول‪ ،‬غير أن جرعتها داخل المأتم أقل مما‬ ‫كانت عليه في األدوار السابقة‪ ،‬لغلبة المادة العلمية على مناخ‬ ‫المجلس الحسيني‪.‬‬

‫‪112‬‬


‫لقد وظفت المدرسة العلمية المنبر الحسيني بالشكل المطلوب‪ ،‬وهذا‬ ‫يتمثل في توجيه مشاعر الناس وعقولهم نحو فكر الحسين عليه‬ ‫السالم ومنهجه في الحياة‪ ،‬ومع كل ذلك لم تتخل عن المالمح‬ ‫األساسية للمأتم الحسيني وهي‪:‬‬ ‫‪-4‬الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-2‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المآتم‪.‬‬ ‫‪-1‬التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-2‬تناول البعد الفضائلي في سيرة أهل البيت عليهم السالم والتنويه‬ ‫بالمؤهالت الروحية والعقلية التي جعلتهم في مقام القياد والزعامة‬ ‫لألمة‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬المآتم الحسينية في األحساء خالل‬ ‫الدور التفسيري‪.‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫عاشت منطقة األحساء‬ ‫كغيرها من المناطق الشيعية‬ ‫تولي المجالس الحسينية‬ ‫اهتماما بالغا‪ ،‬فقد وفد إليها‬ ‫العراق‪،‬‬ ‫من‬ ‫الخطباء‬ ‫والقطيف‪،‬‬ ‫والبحرين‪،‬‬ ‫ومارسوا فيها األساليب‬ ‫في‬ ‫المنتشرة‬ ‫الخطابية‬ ‫زمانهم‪ ،‬السيما تلك المرتبطة‬ ‫التاريخية‪،‬‬ ‫بالمدرستين‬ ‫والعلمية‪.‬‬ ‫وفدت إلى األحساء أساليب‬ ‫المدرسة التاريخية التي‬

‫الشيخ كاظم المطر‬ ‫‪111‬‬


‫برزت في مآتم العراق الحسينية على يد الشيخ كاظم سبتي‪ ،‬وذلك‬ ‫على أيدي خطباء بارزين أمثال الشيخ كاظم المطر المولود ‪1312‬‬ ‫والمتوفى ‪1363‬هـ‪ ،‬والمال أحمد بن رمل المولود عام ‪1331‬‬ ‫والمتوفى ‪ 1311‬هـ‪ ،‬والحا مال خضير الحياوي‪.‬‬ ‫لقد تتلمذ هؤالء الخطباء في العراق آنذاك‪ ،‬واكتسبوا أساليب هذه‬ ‫المدرسة‪ ،‬ومارسوا طرقها حتى باتت أحد ملكاتهم الخطابية‪ ،‬بل‬ ‫أصبحوا من الرواد البارزين فيها‪ ،‬كما أشاد السيد عبد الزهراء‬ ‫الخطيب بذكر أحدهم وهو الشيخ أحمد بن رمل األحسائي‪ ،‬في جملة‬ ‫الخطباء البارزين آنذاك‪ ،‬وذلك في قوله‪:‬‬ ‫"وقد أدركت جماعة من جهابذة الخطباء لم أوفق لالستماع إليهم‬ ‫كالسيد صالح الحلي والمال حضير الحياوي‪ ،‬والشيخ محمد جواد‬ ‫المسيباوي‪ ,‬والمال محمد الشطري‪ ,‬والمال محمد الجلعاوي‪ ,‬والمال‬ ‫أحمد بن رمل‪ ,‬والشيخ سلمان األنباري ولكن سمعت الشيء الكثير‬ ‫عنهم" (داخ ‪ :‬من ال حيضره اخلطيب‪ ،‬ص ‪.)14‬‬ ‫كان للخطباء وأمثالهم الذين تمت اإلشارة إليهم بالذكر في بداية‬ ‫الحديث عن دخول أساليب المدرسة التاريخية إلى األحساء أكبر‬ ‫األثر‪ ،‬ولكن أخصبهم‪ ،‬وأوفرهم عطا ًء هو الشيخ كاظم المطر رحمه‬ ‫هللا تعالى‪ ،‬بحكم أنه استوطن األحساء‪ ،‬موطن آبائه وأجداده‪ ،‬ومكث‬ ‫فيها قرابة ‪ 33‬سنة‪ ،‬وتتلمذ عليه أربعة من الخطباء هم‪ :‬المال طاهر‬ ‫البحراني‪ ،‬والمال طاهر الموسى‪ ،‬والمال جواد بن الشيخ كاظم‬ ‫المطر‪ ،‬والمال محمد صالح بن الشيخ كاظم المطر‪ .‬وكان رحمه هللا‬ ‫خالل تعليمه لهم شديد االعتناء‪ ،‬واالهتمام في رفع مستواهم‬ ‫الخطابي‪ ،‬وله من المواقف التربوية الجادة ستذكر إن شاء هللا‪.‬‬

‫‪111‬‬


‫هذا فضال عن زياراته المتقطعة‪ ،‬خالل مواسم المآتم الحسينية‪ ،‬التي‬ ‫سبقت نزوله إلى األحساء عام ‪1313‬هـ مع آية هللا الشيخ حبيب بن‬ ‫قرين قدس سره الذي توفي ‪1313‬هـ‬ ‫بينما مال أحمد بن رمل‪ ،‬والمال خضير الحياوي‪ ،‬فقد كان مجيئهما‬ ‫إلى األحساء ال يستغرق الشهر أو الشهرين‪ ،‬وربما ال يزيد على ذلك‬ ‫خالل كل عام‪.‬‬ ‫وأيضا هناك كوكبة من الخطباء البارزين الذين مارسوا الخطابة في‬ ‫األحساء ممن ينتمون إلى هذه المدرسة‪ ،‬وكانت لهم جهود كبيرة في‬ ‫إحياء مجالس العزاء‪ ،‬وتثبيت دعائم التشيع في األحساء‪ ،‬فجزاهم هللا‬ ‫خير الجزاء‪ .‬ولعل من أبرزهم وأشهرهم الخطباء التالي ذكرهم‪:‬‬ ‫‪-1‬مال داوود الكعبي‪.‬‬ ‫‪-2‬مال ناصر بن نمر‪.‬‬ ‫‪-3‬مال سلمان الثواب‪.‬‬ ‫‪-2‬سيد منصور الحاجي‪.‬‬ ‫‪-1‬سيد محمد حسن الشخص‪.‬‬ ‫‪-1‬الشيخ حسن الجزيري‪.‬‬ ‫‪-1‬الشيخ كاظم الصحاف‪.‬‬ ‫‪-4‬مال طاهر البحراني‪.‬‬ ‫‪-6‬السيد عبدهللا الشخص‪.‬‬ ‫‪-13‬السيد محمد الشخص‪.‬‬ ‫هذا وعلى الرغم من انتشار خطباء بارزين ويتناولون أغراض‬ ‫المدرسة التاريخية بما فيها من سمة التجديد بالنسبة إلى المستوى‬ ‫الخطابي بشكل عام‪ ،‬إال أن هناك مجموعة من الخطباء احتفظوا‬ ‫بالطابع الروائي في مآتمهم الحسينية مع تغيير طفيف نحو المدرسة‬ ‫التاريخية‪ ،‬وكانوا على مستوى راق في األداء والتأثير مثل‪-:‬‬ ‫‪ -1‬مال عبدهللا المحيسن رحمه هللا‪.‬‬ ‫‪111‬‬


‫‪-2‬مال عبد علي بن عبدهللا المحيسن رحمه هللا‪.‬‬ ‫‪-3‬مال محمد حسن المحيسن رحمه هللا‪.‬‬ ‫‪-2‬مال محمد صالح المحيسن رحمه هللا‪.‬‬ ‫ونظرا الختصاص هذا المبحث بالتعريف بخطباء األحساء من‬ ‫المدرسة التاريخية‪ ،‬عليه سيتم التطرق إلى بعضهم‪ ،‬وذلك بلحاظ‬ ‫وفرة المعلومات عنهم وذلك عبر المطالب التالية‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الشيخ عبدهللا بن علي الوايل توفي ‪1333‬هـ‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مال علي الرمضان توفي ‪1323‬هـ‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬الشيخ حسن بن عيثان توفي ‪1332‬هـ‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬الشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب توفي ‪1324‬هـ‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬الشيخ أحمد بن محمد البغلي توفي ‪1311‬هـ‬ ‫المطلب السادس‪ :‬مال أحمد بن رمل ‪1316‬هـ‬ ‫المطلب السابع‪ :‬مال داوود الكعبي ‪1362‬هـ‬ ‫المطلب الثامن‪ :‬السيد شرف عبد هللا الموسوي‬ ‫المطلب التاسع‪ :‬الشيخ عبد الحميد الهالل‬ ‫المطلب العاشر‪ :‬الشيخ كاظم الصحاف توفي ‪1366‬هـ‬ ‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الشيخ حسن الجزيري توفي ‪1233‬هـ‬ ‫المطلب الثاني عشر‪ :‬الشيخ كاظم المطر‪1363‬هـ‬

‫المطلب األول‪ :‬الشيخ عبد هللا بن علي الوايل (توفي‬ ‫‪0011‬هـ)‪.‬‬ ‫نسبه وعلمه‪ :‬ترجم له األديب البحاثة الشيخ جواد بن حسين‬ ‫الرمضان في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء‪،‬‬ ‫والقطيف‪ ،‬والبحرين‪ ،‬ترجمة أمالها على الباحث في عام ‪1213‬هـ‬ ‫و تراجم لمجموع من الخطباء األحسائيين‪ ،‬وذلك قبل طباعة كتابه‬ ‫السالف الذكر‪ ،‬في زمان عزت فيه التراجم على الراغبين في‬ ‫‪114‬‬


‫معرفة الواقع الفكري والحضاري لحاضرة األحساء‪ ،‬فجزاه هللا خير‬ ‫الجزاء‪.‬‬ ‫قال فيه الرمضان‪ :‬الشيخ عبد هللا بن علي الوايل المعروف بولد‬ ‫علي الصايغ األحسائي‪ .....،‬شاعر أهل البيت عليهم السالم الكبير‪.‬‬ ‫كان المترجم له من أسرة تحترف صياغة الذهب إال جده ووالده‪،‬‬ ‫تركا هذه الحرفة‪ ،‬خصوصا بعد غارة األعراب على العتبات‬ ‫المقدسة في النجف األشرف‪ ،‬وكربالء المقدسة‪ ،‬ونهبهم ما على تلك‬ ‫القباب الشريفة من ذهب‪ ،‬وسلب لسكان المدنيين ونهبهم‪ ،‬وذلك‬ ‫تحرجا منهم أن يصوغوا ذهبا عليه شبهة شرعية‪ ،‬من نهب أو‬ ‫سلب‪ ،‬وقد رمى الكثير من الصاغة عدتهم في عين الخدود‪ ،‬والحقل‪،‬‬ ‫وهاتان العينان من العيون العذبة الغزيرة المياه‪ ،‬التي تشتهر بها‬ ‫حاضرة األحساء‪ ،‬و قريبتان من منازل عوائل الصاغة في مدينة‬ ‫الهفوف‪ ،‬أما بعد تركهما لمهنة الصياغة تحولوا إلى مهنتي الخياطة‬ ‫والتجارة‪.‬‬ ‫ترجمته‪ :‬ترجم له العالمة البالدي في أنوار البدرين‪ ،‬والشيخ علي‬ ‫كاشف الغطاء في الحصون المنيعة‪ ،‬و أورد له الشيخ حسين‬ ‫القديحي في رياض المدح بعض القصائد‪ ،‬وترجم له السيد جواد‬ ‫شبر في أدب الطف‪.‬‬ ‫أساتذته‪ :‬يعد المترجم له من تالمذة العالمة الشيخ محمد بن الشيخ‬ ‫حسين آل أبي خمسين األحسائي المتوفى عام ‪1311‬هـ‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬توفي المترجم له في بلدة سيهات من قرى القطيف ودفن بها‬ ‫وصلى عليه العالمة الشيخ أحمد بن الشيخ صالح آل طعان وذلك‬ ‫عام ‪1333‬هـ‪.‬‬

‫‪116‬‬


‫خطابته‪ :‬كان من أبرز الخطباء في زمانه عرفته منابر القطيف و‬ ‫األحساء والبحرين‪.‬‬ ‫شاعريته‪:‬كان من أكبر شعراء أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬وله من‬ ‫المساجالت الشعرية مع شعراء المنطقة أمثال السيد الجليل الجد‬ ‫حفص البحراني‪ ،‬والشيخ أحمد بن مهدي بن نصر هللا الخطي‬ ‫َ‬ ‫الباحث بأن‬ ‫المتوفى سنة ‪ ،1331‬وقد أخبر الشي ُخ جواد الرمضان‬ ‫أغلب الشعر المذكور في كتاب مقرح القلوب ومهيج الدمع‬ ‫المسكوب المشهور بفخري الشيخ محمد بن حسين أبي خمسين أعلى‬ ‫هللا مقامه‪ ،‬للمترجم له ولكن كان الشيخ ال يذكر اسم الشاعر عنده‬ ‫ذكره للقصائد كما ذكرت سابقا‪.‬‬ ‫وقد ذكر السيد جواد شبر في أدب الطف ناقال عن صاحب أنوار‬ ‫البدرين أن للمترجم له قصيدة هائية جاري بها ملحمة المال كاظم‬ ‫األزدي تبلغ ثالثة آالف بيت َع َّدد فيها مواقف أهل البيت في‬ ‫المغازي وذكر فضائلهم‪ ،‬وأكثر أشعاره في الحسين عليه السالم‬ ‫(داخ ‪:‬من ال حيضره اخلطيب‪ ،4 ،‬ص ‪.)43‬‬ ‫عليهم بها كـــــــادت تقــوم قيام‬ ‫وقابلــــــــهم من نفـــسه بكتائب‬ ‫لها بـــــقراع الدارعـــين غرام‬ ‫وثارت لديــــه غلمه مضـــرية‬ ‫به البيـض بيض والدمــاء مدام‬ ‫تهش إلى الحــرب العوان كأنها‬ ‫قيان ونقـــــع الصافنـــات خيام‬ ‫وسمر العوالي إذ تأود عــطفها‬ ‫وقد شب للحرب العـوان ضرام‬ ‫يخوضون تيار الحمام ضــواميا‬ ‫كما فر مـن خوف البــزاة حمام‬ ‫تفر األعــــادي خيفة من لقائـهم‬ ‫سجدت لها الهـــامات وهـي قيام‬ ‫إذا ركعت في الدارعين سيوفهم‬ ‫وفاجأهم بالمرهفـــــــــات حمام‬ ‫إلى أن أريقت في الصعاد دماؤهم‬ ‫بدور هوت في التـرب وهي تمام‬ ‫وخروا علــى عفر التراب كأنـهم‬ ‫له عن حماه في الطعــان صدام‬ ‫وآب فتـــــى العليا وابن زعيمــها‬ ‫ومن شعره‪:‬‬ ‫فيا عجبا للدهر يسقيك حتفه‬

‫ولوالك منه ما استقام نظام‬

‫‪113‬‬


‫ولم ال هوت فوق البسيط سماؤها‬ ‫ولألرض لم قرت وأنـت أشمـتها‬ ‫وتقضي بجنب النهر ظام ولم تزل‬ ‫فيا فلك العـــــــــيا كيف تحمــلت‬ ‫برغم المعالي أن تظل على الثـرى‬ ‫وتترك في حــــــر الظهـــيرة ثاويا‬

‫وأنــت لها يا بن الوصـي دعام‬ ‫وقد هد مــــــــنه بالعراء شمام‬ ‫بجدواك تستجدي الفيوض أنام‬ ‫قـــواك وهاد للثـــــــرى وأكام‬ ‫تريــب المحــيا قد كساه رغام‬ ‫يسومك مـن لفح الهجير سوام‬

‫المطلب الثاني‪ :‬المال علي الرمضان ( ولد ‪-4256‬‬ ‫توفي ‪4111‬هـ ) (الرمضات‪ :‬مقابية صية‪ ،‬امالء من كتابه مطيع‬ ‫البدرين لام ‪4141‬ه)‬ ‫هو الخطيب الشيخ مال علي بن محمد آل موسى آل رمضان‬ ‫الخزاعي األحسائي‪ ،‬المولود عام ‪1211‬هـ والمتوفى سنة ‪1323‬هـ‬ ‫من شعراء أهل البيت المشهورين في المنطقة‪ ،‬له ديوان شعر كبير‬ ‫جله من رثاء أبي الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬ترجم له‬ ‫البالدي في أنوار البدرين قال في حقه ما نصه‪:‬‬ ‫"مال علي بن رمضان األحسائي‪ ،‬من أهل هذا البيت (رمضان)‬ ‫األديب الشاعر مال علي رمضان القاري المعاصر‪ ،‬وله شعر كثير‬ ‫في المدائح والمراثي‪ ،‬وسمعت بعضه‪ ،‬ونقل أن له روضة على‬ ‫الحسين (يعني قصائد في الرثاء) على جميع حروف الهجاء‪ ،‬وله‬ ‫في رثاء النبي صلى هللا عليه وآله‪ ،‬ورثاء الزهراء‪ ،‬واألئمة جميعا‬ ‫مراث كثيرة متكررة‪ ،‬توفي رحمه هللا سنة ‪1323‬هـ ) انتهى‪...‬‬ ‫ومن شعره‪-:‬‬ ‫من جذ عرنين الهدى والديــن‬

‫من آل طه عله التكـوين‬

‫واجتث يمنى هاشـــم وشمالها‬

‫وأذل منهم كل ليث عرين‬ ‫‪111‬‬


‫وبكربال قتل الحسين على ظمى‬ ‫فيحق إهراق الدمـــوع لــه دما‬ ‫فقد اشتــــــرى أرواح أمة جده‬ ‫وبكــــــــــــربالء هلل أدى ذلـك‬ ‫وبقى يصـــافح الصفاح ويلتقي‬

‫مع صحــــــبه من كل ليث عرين‬ ‫في كل وقـــــت في الزمان وحين‬ ‫من ذى الجــــــالل بعالم التكوين‬ ‫الميثاق فمـــــــــــــنه هدى ويقين‬ ‫سمر الرماح بمــــــــنحر وجبين‬

‫وله أيضا في رثاء اإلمام الحسين عليه السالم‪-:‬‬ ‫أترجو بعـــــــد يوم الطف عيدا‬

‫وفخـر الدين فيه قضى شهيدا‬

‫قضى يشــكو األوام وكان بحرا‬

‫يمير الكون من جدواه جودا‬

‫أتدرع الجــــــــــــــديد بكل عيد‬

‫وتنــــشق فيه ريحانا وعودا‬

‫أتبتهج القلـــــــــوب من ارتياح‬

‫وبهـــــــجة قلب فاطمة أبيدا‬

‫وتشـــــــــرب باردا عذبا وشم ٌر‬

‫على عطش فرى منه الوريدا‬

‫وآفاق الســــــــــما انبجست عليه‬

‫دما حيـــــــث كان لها عميدا‬

‫فأضــــــــحى وهو ظل هللا ملقى‬

‫بال ظل وقد افتـــرشا الصعيدا‬

‫‪112‬‬


‫المطلب الثالث‪ :‬الشيخ حسن بن عيثان (توفي سنة‬ ‫‪4111‬هـ)‪( .‬الرمضات‪ :‬مقابية صية‪ ،‬امالء من كتابه مطيع البدرين‬ ‫لام ‪4141‬ه)‬ ‫ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان‪ ،‬في‬ ‫كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف‬ ‫والبحرين‪ ،‬منها ما يلي‪:‬‬ ‫الشيخ حسن بن عبد هللا بن الشيخ علي بن الشيخ أحمد آل عيثان‬ ‫القاري األحسائي‪ ،‬والقاري نسبة إلى بلدة القارة‪ ،‬أحد مشاهير‬ ‫الشعراء والخطباء في األحساء في النصف األول من القرن الرابع‬ ‫عشر الهجري‪ ،‬وقد توفي سنة ‪1321‬هـ تقريبا‪،‬ذكره العالمة الشيخ‬ ‫حسين القديحي القطيفي في تعليقه على كتاب والده‪ ،‬كتاب أنوار‬ ‫البدرين في هامش ترجمة أخو المترجم الشيخ محمد بقوله‪ :‬توفي‬ ‫قدس سره سنة ‪1331‬هـ‪ ،‬وقد أرخ عام وفاته أخوه الكامل المؤتمن‬ ‫بقوله‪-:‬‬ ‫عالمة األحــــــساء ألبس رزءه‬

‫كل األناـــــــــم من األسى جلبابا‬

‫لهفي على قــــــمر تكور نوره‬

‫في األرض واتخذ التراب حجابا‬

‫وغدت تنــــــوح لفقده أم العال‬

‫مذ أرخــــــــــوه (فيا لبدر غابا)‬ ‫‪1331‬هـ‬

‫وأورد له القديحي أيضا قصيدة عينية في كتابه المجالس العاشورية‬ ‫وهي في رثاء اإلمام الحسين عليه السالم‪-:‬‬ ‫تذكرت المعاهد والربوعا‬

‫ففارقت‬

‫المسرة‬

‫والهجوعا‬ ‫‪113‬‬


‫منازل أقفــــــرت من ساكنيها‬

‫فما ترجو لساكـــــــــــنها رجوعا‬

‫وقفـت بها فما وقفــت دموعي‬

‫أسائلها كأن بها سمـــــــــــــــيعا‬

‫وماذا تنكر العرصـــــات مني‬

‫وقد أرويت ساحتــــــــــها دموعا‬

‫وما برحت بروق المزن تهدي‬

‫إلى األطـــــــــــالل بارقة لموعا‬

‫وركب من ســـــــراه بني علي‬

‫عن األوطان قد رحــــــلوا جميعا‬

‫يؤمهم فتـــــــــــى العليا حسين‬

‫قد اتخذ الحـــــــــسام له ضجيعا‬

‫وأسمر ناظر مــــــهج األعادي‬

‫بعين تنــــــــــــــــفث السم النجيعا‬

‫بدور أشرقت والنقـــــــــــع ليل‬

‫وقد جــــــــعلوا القلوب لهم دروعا‬

‫تخالهم على الجــــــرد العوادي‬

‫كواكب حلت الفلك الرفـــــــــــيعا‬

‫والكهم وقد بدت المــــــــــــنايا‬

‫ألعينهم فـــــــــــما أبدوا خضوعا‬

‫ومما أثكل الدنــــــــــيا وأجرى‬

‫مدامــــــــــــــــعها دما قان نجيعا‬

‫تساهــــمهم سجال الحرب حتى‬

‫تهـــاووا في ثرى الرمضا وقوعا‬

‫وعاد بياض ثكـــــــــــلهم برمل‬

‫نقي الخد نكــــــــــــــيسا صريعا‬

‫ومن لحيان حمــــــــــرته جساد‬

‫له األجـــــــــساد قد فنيت هلوعا‬

‫وعند حـــــرم اإلله غدا يحامي‬

‫عديم النــــــصر خشية أن يضيعا‬ ‫‪112‬‬


‫ولما أنشبـــــــــــــت فيه المنايا‬

‫مخالبـــــــــها وقد ساءت صنيعا‬

‫هوت بهــــــــــويه عمد المعالي‬

‫وحبــــــل الدين قد أمسى قطيعا‬

‫ورب مروعـــــــــه برزت ولما‬

‫تجد غـــــــير السياط حما منيعا‬

‫وتهتف بالســــــــــراة بني نزار‬

‫فما وجدت لدعــــــــــوته سميعا‬

‫وقد ترجم له الشيخ جعفر الهاللي في سلسلة األدب المنسي في‬ ‫األحساء‪ ،‬التي كان ينشرها في مجلة تراثنا‪ ،‬وقد ذكر لمحه عن‬ ‫دراسته العلمية فقال‪:‬‬ ‫"أخذ هو وأخوه الشيخ علي‪ ،‬على يد ابن عمهما الشيخ علي بن أحمد‬ ‫آل عيثان‪ ،‬فقرا عنده مبادئ العلوم من نحو وصرف وغيرهما‪ ،‬ثم‬ ‫بعد عودة أخيهما األكبر الشيخ محمد بن الشيخ عبد هللا‪ ،‬حضروا‬ ‫عنده في الفقه واألصول‪ ،‬عرف المترجم بعد ذلك بفضيلته العلمية‪،‬‬ ‫واألدبية‪ ،‬وكان باإلضافة إلى ذلك يزاول الخطابة الحسينية"‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب (ولد‬ ‫‪4261‬هـ ‪ -‬توفي ‪4116‬هـ )‪( .‬الرمضات‪ :‬مقابية صية‪ ،‬امالء‬ ‫من كتابه مطيع البدرين لام ‪4141‬ه)‬ ‫ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان‪ ،‬في‬ ‫كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف‬ ‫والبحرين فقال‪:‬‬ ‫‪111‬‬


‫نسبه‪ :‬هو العالم الفاضل األديب الشيخ أحمد بن عبدهللا بن محمد آل‬ ‫الشايب العمراني األحساء‪.‬‬ ‫دراسته‪ :‬توفي سنة ‪1324‬هـ عن عمر يقارب السبعين عاما‪،‬كان‬ ‫رحمه هللا عالما فاضال‪ ،‬وخطيبا بارزا‪ ،‬وشاعرا مطبوعا‪ ،‬تلقى‬ ‫علومه األولية في بلده األحساء‪ ،‬وبعدها هاجر إلى العراق إلكمال‬ ‫تحصيله الفقهي‪ ،‬وهو في العقد الثالث من عمره فأقام في بلد العلم‬ ‫والفقه النجف األشرف مدة تزيد على عشرة أعوام‪ ،‬ولما نال ما‬ ‫يطمح إليه من المعرفة عاد إلى وطنه‪...‬‬ ‫وقد ترجم له الشيخ جعفر الهاللي في مجلة تراثنا تحت عنوان من‬ ‫األدب المنسي باألحساء فقال عن والدته أنها كانت ‪1213‬هـ وأنه‬ ‫مكث في النجف األشرف للدارسة مدة ‪ 13‬عشر عاما عاد بعدها إلى‬ ‫بالده خطيبا بارزا ويقوم فيها باألمور الحسبية (جمية تراثنا‪ :‬األدب‬

‫املنس يف األحساء ‪ ،‬اهلاليل‪ ،‬رجب ‪4144‬هـ‪ ،‬ص ‪)411‬‬

‫‪.‬‬ ‫خطابته الحسينية‪ :‬قال فيه صاحب كتاب مطلع البدرين أنه كان‬ ‫كثير التنقل بين مدن الخليج ألجل الخطابة وإقامة التعازي الحسينية‬ ‫فقد عرفته محافل القطيف‪ ،‬والكويت‪ ،‬والبصرة‪ ،‬ومسقط‪.‬‬ ‫نماذج من شعره‪:‬‬ ‫عش ما بدالك في سرور‬

‫في ظل شاهقة القصور‬

‫ال بد أن تعـــــلم موقنا‬

‫أن لســـت إال في غرور‬

‫مهما تقعقعت النفوس‬

‫وقد عزمت على المسير‬ ‫‪111‬‬


‫ورحلت عنها مرغما‬

‫وعددت من أهل القبور‬

‫فاعلم لنفســـــــك إنما‬

‫حظ المقصر في قصور‬

‫فعساك تحظى بالرضا‬

‫والفوز في يوم النــشور‬

‫و الزم محبة من بهم‬

‫يرجى الخالص من السعير‬

‫أبناء فاطمـــــة البتول‬

‫وعترة الهـــــادي البشير‬

‫أهل الرياســة والعلى‬

‫والفخر والشرف الخطير‬

‫علل الوجود ونعمة‬

‫المعبود في كل الـــدهور‬

‫تحي بذكرهم القلوب‬

‫وينــجلي غسق الصدور‬

‫جار الزمان عليهم‬

‫ورمتهـــم أيدي الشرور‬

‫المطلب الخامس‪ :‬الشيخ أحمد بن محمد البغلي (توفي‬ ‫سنة ‪4155‬هـ )‪( .‬الرمضات‪ :‬مقابية صية‪ ،‬امالء من كتابه مطيع‬ ‫البدرين لام ‪4141‬ه)‬ ‫ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان‪ ،‬في‬ ‫كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف‬ ‫والبحرين ترجمة أورد منها ما يلي‪:‬‬ ‫‪111‬‬


‫الشيخ أحمد بن الحا محمد بن الشيخ أحمد البغلي ‪ ,‬المتوفى‬ ‫باألحساء سنة ‪،1311‬كان رحمه هللا عالما فاضال‪ ,‬تقيا‪ ،‬خطيبا‪،‬‬ ‫شاعرا‪ ،‬من بيت علم وفضل تتلمذ على والده المرحوم الحا محمد‬ ‫بن الشيخ أحمد البغلي‪ ،‬ثم على العالمة الشيخ موسى بن الحا‬ ‫عبدهللا أبي خمسين األحساء‪ ،‬وقد نصبه شيخه المذكور إماما لمسجد‬ ‫الحدادين في الهفوف‪ ،‬وبقي إماما فيه إلى أن لبى نداء ربه في‬ ‫التاريخ المذكور‪ ،‬وللمترجم شعر في المدح والرثاء ومنه هذه‬ ‫األبيات من قصيدة له في رثاء سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وقد أمالها علي التقي الورع الشيخ علي بن أحمد آل يوسف‬ ‫آل شبيث األحسائي رحمه هللا‪ ،‬قال المترجم رحمه هللا‪-:‬‬ ‫أميما ذريني فخطب جليل‬

‫ودمعي غزير وجسمي نحيل‬

‫ولست بمصغ لعذل العذول‬

‫ومن ريــــــب رائق ال أميل‬

‫ولحن البالبل ما راق لي‬

‫وال كالنـــــزيف وال كالثميل‬

‫وليــــــس بذلك من طائل‬

‫بلى فيه نقــــــص لكل جليل‬

‫ويطربني صوت باكى بكى‬

‫لرزء الحســين اإلمام القتيل‬

‫فديتــــــــــك ياناعيا سيدي‬

‫عليك بذاك بكــرة واألصيل‬

‫فلو تلفت بالبكـــاء النفوس‬

‫لهـــــــــذا كان األقل القليل‬

‫أتلتذ بالعـــــيد بعد الحسين‬

‫أطيب يفوح ودمــــع يسيل‬

‫وما العيد إال خرو اإلمام‬

‫وهدي األنام سواء السبيل‬ ‫‪114‬‬


‫وعيد المحب إذا ما بكى‬

‫وسيل دمعا كسيل المسيل‬

‫فكيف وأحمد خير الورى‬

‫نبي النــــــبيين طه النبيل‬

‫يقول لفاطم ال تجزعي‬

‫لرزء حسين فصبر جميل‬

‫سينشئ رب العال شيعة‬

‫كراما فتنـــدب جيال فجيل‬

‫فهان على فاطم وجدها‬

‫ولكن بكاها البكـاء الطويل‬

‫فأثنت على الشيعة األكرمين‬

‫بصدق الوالء الثناء الجميل‬

‫حسين يدا هللا في العالمين‬

‫وشاهد غيب غيوب المنيل‬

‫وعبرة باكية مرحومة‬

‫ويجزي عليه الجزاء الجميل‬

‫المطلب السادس‪ :‬مال أحمد بن رمل ( ولد ‪- 4111‬‬ ‫توفي ‪4112‬هـ )‪.‬‬ ‫نسبه‪:‬هو الخطيب مال أحمد بن محمد‬ ‫بن أحمد من آل رمل‪.‬‬ ‫ولدته‪ :‬ولد المترجم له سنة ‪1331‬هـ‬ ‫في العراق‪ ،‬في سوق الشيوخ من‬ ‫محافظة الناصرية‪.‬‬ ‫نشأته وخطابته‪ :‬نشأ المترجم له في‬ ‫مدينة سوق الشيوخ‪ ،‬واتصل بمشايخها‬

‫المال أحمد بن رمل‬ ‫‪116‬‬


‫وحمله علومها‪ ،‬أمثال آل حيدر‪ ،‬ثم هاجر إلى قضاء أبي الخصيب‪،‬‬ ‫وبقي فيها عشر سنوات‪ ،‬ثم انتقل بعد ذلك إلى عربستان المحمرة‪،‬‬ ‫واتصل بخطبائها وعلمائها‪ .‬أخذ الخطابة لنفسه على يد المرحوم‬ ‫الخطيب السيد سلمان محمد القاروني‪ ،‬المتوفى في مسقط دفن‪ ،‬حيث‬ ‫مدفنه هناك سنة ‪1331‬هـ‪.‬‬ ‫وقد تعلم المترجم له فنون الخطابة‪ ،‬وأساليبها‪ ،‬و أدرك ما يحتاجه‬ ‫المنبر من مهارة وعبقرية‪ ،‬فاشتهر وحلق وقد امتاز بالصوت القوي‬ ‫الجهوري‪ ،‬والجرأة األدبية‪ ،‬وكان يكثر في خطابته من خطب اإلمام‬ ‫أمير المؤمنين علي عليه السالم‪ ،‬هذا باإلضافة إلى مقدرته الفائقة‬ ‫في إذكاء نار الحزن في قلوب المستمعين‪ ،‬وتجديد المصاب على‬ ‫اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬كما عرف الخطيب بالروح المرحة‪،‬‬ ‫المطبوعة على الطرف والدعابة‪.‬‬ ‫شاعريته‪ :‬يجيد المترجم له نظم الشعر‪ ،‬ويتفنن في صياغته بقوالب‬ ‫عديدة‪ ،‬لم يقتصر شعره على رثاء أهل البيت عليهم السالم بل‬ ‫جاءت له قصائد في الغزل‪ ،‬واإلخوانيات‪ ،‬والمدح‪ ،‬صدر له ديوان‬ ‫من جمع األنصاري عنونه بـ "صداح البالبل"‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬توفي رحمه هللا في مدينة مسقط بعد أن أدى مناسك الحج‬ ‫بأيام وذلك عام ‪1316‬هـ‪ ،‬ودفن فيها‪ ،‬ثم نقل جثمانه إلى النجف‬ ‫األشرف‪.‬‬

‫المطلب السابع‪ :‬المال داوود الكعبي ( ولد ‪4142‬هـ ‪-‬‬ ‫وتوفي ‪4122‬هـ )‪( .‬الرمضات‪ :‬مقابية صية‪ ،‬امالء من كتابه‬ ‫مطيع البدرين لام ‪4141‬ه)‬

‫‪143‬‬


‫ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان‪ ،‬في‬ ‫كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف‬ ‫والبحرين ترجمة منها ما يلي‪:‬‬ ‫مال داوود بن سليمان بن‬ ‫محمد بن عبدهللا بن شهاب‬ ‫الكعبي األحسائي‪ ،‬نزيل‬ ‫المبرز‪ ،‬ذكره المرجاني في‬ ‫المنبر‬ ‫خطباء‬ ‫كتابه‬ ‫الحسيني‪ ،‬قائال‪ :‬الخطيب‬ ‫الحا مال داوود الكعبي‬ ‫ينتهي نسبه إلى قبيلة كعب‪.‬‬ ‫ولد المترجم له سنة‬ ‫‪1312‬هـ في قرية الدورق‬ ‫من عربستان أو األهواز‪،‬‬ ‫وقد نشأ بها وحضر‬ ‫المقدمات على بعض أفاضلها‪ ،‬والذين يترددون عليها أمثال أسد هللا‬ ‫البهبهاني‪ ،‬والشيخ محمد صالح بن سعد‪ ،‬أخذ الخطابة لنفسه وله من‬ ‫العمر‪11‬سنة‪ ،‬وتتلمذ على يد الخطيب مال علي العقيلي الذي راح‬ ‫بدوره يحبب له القراءة ويعلمه فنونها‪ ،‬وسرعان ما حفظ األخبار‬ ‫والشعر المثير للدموع‪ ،‬وأول ما قرأ عنده‪ ،‬ثم صعد المنبر الحسيني‬ ‫عند أخواله آل نصار الذي يسكنون القصبة‪ ،‬وهم رؤساء تلك‬ ‫المنطقة يوم ذاك‪ ،‬وقد نجح في خطابته حتى ذاع صيته وانتشر في‬ ‫أغلب البلدان‪ ،‬كالقطيف‪ ،‬والبحرين والكويت والعراق‪،‬وقد طلب أهل‬ ‫البحرين منه أن يسكن عندهم فلم يجد مانعا من ذلك فسكن البحرين‬ ‫مدة من الزمن خطيبا وواعظا‪ ،‬ثم طُلب إلى األحساء فانتقل إليها‬ ‫وسكن في بلدة المبرز‪ ،‬فأصبح الخطيب الشهير البارز‪ ،‬كما كان‬ ‫يمتاز بقوة الحافظة لألخبار واألحاديث بأسلوبه المعروف‪ ،‬وعليه‬ ‫المال داوود الكعبي‬

‫‪141‬‬


‫فهو خطيب كبير كأمثال الحا مال عطية الجمري‪ ،‬والحا مال‬ ‫أحمد بن رمل‪ ،‬والشيخ عبد الحميد الهاللي‪ ،‬ومال إبراهيم البحراني‪،‬‬ ‫والشيخ محمد علي حميدان فهو من هذه الطبقة‪ ،‬كما عرف‬ ‫بالوداعة‪ ،‬والبساطة‪ ،‬واشتهر بالذكاء المفرط‪ ،‬وطول الباع‪ ،‬وسعة‬ ‫اإلطالع‪ ،‬لقد تذوق الشعر العربي وحفظ منه الكثير‪ ،‬وأخذ ينظم في‬ ‫المناسبات‪ ،‬ومن ذاك قوله مؤرخا قدوم المرحوم العالمة السيد‬ ‫ناصر األحساء وهو قوله‪-:‬‬

‫ضربت أشعة نوره هام السهى‬ ‫حمل النسيم طـريفة من روحه‬ ‫أنعم بكــــــــعبته أقــم تاريـخه‬

‫فتراه للعــمش العيون دراري‬ ‫فشممتها مسـكا كمــسك الدار‬ ‫(طوبى لكم يا شيعة الكــرار)‬

‫وإلى هنا انتهى كالم المرجاني‪.‬‬ ‫مؤلفاته‪ :‬له عدة مؤلفات منها المطبوع ومنه الذي ال يزل مخطوطا‬ ‫وأهمها‪:‬‬ ‫‪ -1‬الدروع الداوودية‪ ،‬ويقع في أربعة أجزاء وهو مطبوع‬ ‫(للخطباء)‪.‬‬ ‫‪ -2‬مقدمة الدروع‪،‬ويقع في عشرة أجزاء‪ ،‬والمطبوع منه جزءان‪.‬‬ ‫‪ -3‬نزهة الناظر وفرحة الخاطر‪ ،‬وهو بمثابة كشكول في األدب‪.‬‬ ‫‪ -2‬البلوى في بنات حوا‪ ،‬وهو يقع في مجلدين‪،‬وله مالحق‪ ،‬وقد طبع‬ ‫الجزء األول والثاني في مجلدين كبيرين‪.‬‬ ‫‪-1‬ديوان شعر جله في رثاء سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم‬ ‫وأل البيت عليهم السالم ومراثي‪ ،‬ومدائح‪ ،‬في علمائهم األعالم‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬توفي المترجم له في مدينة النجف األشرف يوم االثنين التاسع‬ ‫من شهر شعبان سنة ‪1362‬هـ‪ ،‬وأقبر في مقبرة وادي السالم‪.‬‬

‫‪142‬‬


‫المطلب الثامن‪ :‬السيد شرف عبد هللا الموسوي (ولد‬ ‫سنة ‪4141‬هـ)‪( .‬الرمضات‪ :‬مقابية صية‪ ،‬امالء من كتابه مطيع‬ ‫البدرين لام ‪4141‬ه)‬ ‫ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان‪ ،‬في‬ ‫كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف‬ ‫والبحرين ترجمة منها ما يلي‪:‬‬ ‫نسبه‪ :‬السيد شرف بن السيد عبدهللا بن السيد محمد بن السيد علي آل‬ ‫السيد عبد النبي الموسوي األحسائي‪.‬‬ ‫ولدته‪ :‬ولد في قرية التويثير من قرى األحساء عام ‪1313‬هـ وفيها‬ ‫نشأ‪.‬‬ ‫دراسته وخطابته‪ :‬تلقى العلم في قرية القارة‪ ،‬وتصنع في الخطابة‬ ‫على خطبائها البارزين حتى استقل بنفسه‪ ،‬وأصبح خطيبا بارزا‬ ‫مرموقا‪ ،‬وكان كثير التردد على حواضر العراق خصوصا النجف‬ ‫األشرف‪ ،‬وكربالء المقدسة‪ ،‬والكاظمية‪ ،‬وهناك التقى بأدبائها‪،‬‬ ‫وعلمائها مما زاد في ثقافته األدبية‪ ،‬له شعر كثير معظمه في المدح‪،‬‬ ‫والرثاء في أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬وفي علمائهم‪ ،‬له ديوان شعر‬ ‫صغير ال يزال مخطوطا رأيته في زيارتي له في منزله في قريته‬ ‫المذكورة‪.‬‬

‫‪143‬‬


‫المطلب التاسع‪ :‬الخطيب الشيخ عبد الحميد الهالل (ولد‬ ‫‪4124‬هـ )‪( .‬الرمضات‪ :‬مقابية صية‪ ،‬امالء من كتابه مطيع البدرين‬ ‫لام ‪4141‬ه)‬ ‫ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن‬ ‫حسين الرمضان‪ ،‬في كتابه مطلع البدرين في‬ ‫تراجم علماء وأدباء األحساء والقطيف‬ ‫والبحرين ترجمة منها ما يلي‪:‬‬ ‫نسبه‪ :‬الخطيب الكبير الشيخ عبد الحميد بن‬ ‫الحا إبراهيم بن حسين بن علي بن أحمد بن‬ ‫محمد بن عبدهللا بن هالل بن أحمد الهاللي األحساء أصال‪ ،‬البصرة‬ ‫مولدا‪ ،‬النجف مسكنا ولد بالبصره سنة ‪1321‬هـ‪ ،‬ينتهي نسبه إلى‬ ‫بني هالل بن عامر بن صعصعة من هوازن من عدنان‪.‬‬ ‫الشيخ عبدالحميد الهالل‬

‫نشأته ودراسته‪ :‬نزح أسالفه من األحساء في القرن الثالث‬ ‫الهجري‪ ،‬وسكنوا قضاء الزبير من توابع البصرة‪ ،‬حيث ولد‬ ‫المترجم له‪ ،‬وهو من مشاهير الخطباء في عصرنا‪ ،‬وأحد شيوخ‬ ‫المنابر الحسينية‪ ،‬ترجم له الفاضل المرجاني في كتابه "خطباء‬ ‫المنبر الحسيني" قائال‪ :‬هو الخطيب الشيخ مال عبد الحميد بن الحا‬ ‫ابراهيم الهاللي نسبه إلى بني هالل‪ ،‬ولد المترجم له في مدينة‬ ‫البصرة سنة ‪1321‬هـ ونشأ بها وقضى فيها أيام طفولته‪ ،‬ثم انتقل‬ ‫إلى المحمرة‪ ،‬وبقي فيها خمسة عشر سنة‪ ،‬ثم رجع إلى البصرة‬ ‫وبقي فيها مدة طويلة‪ ،‬وفي البصرة درس بعض العلوم على يد‬ ‫المرحوم العالمة السيد مهدي البحراني‪ ،‬كما تتلمذ في علوم أخرى‬ ‫على يد المرحوم العالمة السيد مهدي القويني‪ ،‬وأتم دراسته للغة‬ ‫العربية على يد العالمة الشيخ ميرزا محسن بن الشيخ سلطان‬ ‫‪142‬‬


‫األحسائي نزيل البصرة‪ ،‬وبعد هذا كله هاجر من البصرة إلى النجف‬ ‫االشرف طلبا للعلم العزيز‪ ،‬أخذ الخطابة وتتلمذ خطابة على السيد‬ ‫مهدي البحراني‪ ،‬وهو يرى ونحن نرى أيضا أن الخطابة يجب أن‬ ‫تكون مبنية على قواعد علمية متينة‪ ،‬وال تتحقق دراسة هذه القواعد‬ ‫في غير مدينة النجف‪ ،‬وهذا ما أراده بهجرته للنجف لطلب علم‬ ‫الخطابة وفنونها‪ ،‬كل ذلك مكنه من فهم الخطابة فهما دقيقا‪ ،‬فهو‬ ‫الطيب الفاضل‪ ،‬الذي حلق في خطابته العلمية ذات المادة الدسمة‬ ‫بالشعر‪ ،‬والقصص‪ ،‬واألمثلة‪ ،‬والقواعد‪ ،‬والخطب‪ ،‬والتاريخ‪،‬‬ ‫والتفسير‪ ،‬فهو من شيوخ المنبر الحسيني‪،‬وهو من طبقة خطباء‬ ‫المنبر األوائل أمثال‪ :‬الحا عطية الجمري‪ ،‬ومال أحمد الرمل‪ ،‬ومال‬ ‫داوود الكعبي‪ ،‬والشيخ مهدي البدري‪ ،‬والشيخ عبود النويني‪،‬‬ ‫والشيخ محمد علي حميدان‪ ،‬وأضرابهم‪ ،‬وال زالت مجالسه عامرة‬ ‫وكثيرة ويتردد عليها في البصرة‪ ،‬والبحرين‪ ،‬والقطيف‪ ،‬واألحساء‪،‬‬ ‫وعبادان‪ ،‬والمحمرة‪ ،‬والنجف‪ ،‬والكوفة‪ ،‬ومسقط‪ ،‬ودبي أضف إلى‬ ‫معلوماته العلمية صوته الرقيق‪(.‬إلى هنا انتهي كالم المرجاني)‪.‬‬ ‫أولده‪ :‬له ابن فاضل أديب شاعر هو الخطيب الشيخ جعفر نزيل‬ ‫الكويت حاليا‪(.‬انتهى كالم الشيخ جواد الرمضان)‪.‬‬

‫المطلب العاشر‪ :‬الشيخ كاظم الصحاف ( ولد ‪4141‬هـ‪،‬‬ ‫وفاته ‪4122‬هـ )‪.‬‬ ‫ترجم له الخطيب الشيخ جعفر الهاللي في مجلة تراثنا‪ ،‬تحت عنوان‬ ‫من التراث األدبي المنسي في األحساء‪ ،‬منها ما يلي‪( :‬جمية تراثنا‪،‬‬

‫يف‬ ‫األدب املنس‬ ‫(‪1234،)13‬هـ‪،‬ص‪)113‬‬

‫األحساء‪،‬‬

‫اهلاليل‬

‫‪،‬العدد‬

‫الرابع‬

‫‪141‬‬


‫نسبه‪ :‬الشيخ كاظم بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسين‬ ‫الصحاف األحسائي‪ ،‬وهو شاعر آخر من شعراء األحساء المنسيين‪.‬‬ ‫ولدته‪ :‬ولد الشاعر المذكور في الكويت سنة ‪1313‬هـ‪.‬‬ ‫نشأته‪ :‬نشأ المترجم له في الكويت على يد أخيه الشيخ حسين‬ ‫ويظهر أن أباه توفي وهو صغير فكان مالزما ألخيه الشيخ حسين‪،‬‬ ‫وقد سافر به أخوه إلى النجف األشرف‪ ،‬وكان أول تحصيله على يد‬ ‫أخيه‪ ،‬وبعد وفاة أخيه انقطع إلى الدرس والتحصيل على يد جماعة‬ ‫من العلماء‪ ،‬منهم الشيخ سلمان السلمان األحساء‪ ،‬فقد أخذ عنه‬ ‫المنطق‪ ،‬والمعاني‪ ،‬والبيان‪ ،‬ومعالم األصول‪ ،‬كما أخذ بعض‬ ‫دروسه في الفقه على يد السيد حسن الصافي‪ ،‬ودرس أيضا على يد‬ ‫الشيخ منصور المرهون القطيفي‪ ،‬وحضردروس حجة اإلسالم‬ ‫والمسلمين السيد ناصر األحسائي في الفقه‪ ،‬و الحكمة على يد‬ ‫الميرزا موسى الحائري‪.‬‬ ‫جاء في كتاب "نفائس األثر" عن كتاب "تذكرة األشراف في آل‬ ‫الصحاف" عن المترجم له نفسه‪ ،‬أنه بعد أن ارتقى في معارفه‬ ‫وتحصيله العلمي اعتمد عليه الميرزا موسى الحائري فأرسله إلى‬ ‫مدينة سوق الشيوخ في العراق؛ ليقوم هناك باألمور الشرعية‬ ‫والحقوق الحسبية‪ ،‬فمكث هناك مدة ثم عاد إلى مسقط رأسه الكويت‪،‬‬ ‫وقام بصالة الجماعة في مسجد الصحاف بأمر الميرزا موسى‬ ‫الحائري‪ ،‬وولده الميرزا علي‪ ،‬لكنه لم يقم فيها طويال‪ ،‬فغادرها إلى‬ ‫األحساء بلد آبائه‪ ،‬ومحط أغلب أسرته‪ ،‬وموطنه األصلي‪ ،‬ونزل بعد‬ ‫وصوله إليها في ضيافة حجة اإلسالم والمسلمين الشيخ موسى‬ ‫أبوخمسين‪ )223( ،‬أكبر علماء األحساء آنذاك‪ ،‬وقد درس أيضا‬ ‫على يده بعض دروس الحكمة‪،‬كماسعى الشيخ أبوخمسين في زوا‬ ‫المترجم له‪ ،‬فتزو هناك‪ ،‬واستقر به الحال في الهفوف عاصمة‬ ‫األحساء‪ ،‬وكان باإلضافة إلى فضيلته العلمية خطيبا حسينيا‪ ،‬مارس‬ ‫الخطابة حتى آخر حياته‪ ،‬وينقل عن المترجم له أن لديه وكالة في‬ ‫‪141‬‬


‫األمور الشرعية الحسبية من أيام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء‪،‬‬ ‫كما أن له وكالة في الموضوع نفسه من الشيخ حبيب آل قرين‬ ‫األحساء نزيل البصرة‪.‬‬ ‫أدبه وشعره‪ :‬زاول المترجم له نظم الشعر وكان مكثرا فيه‪ ،‬وشعره‬ ‫بين الجيد والمتوسط‪ ،‬وبدأ يضعف في آخر حياته‪ ،‬وقد ساهم في‬ ‫كثير من المناسبات الدينية فمدح بعض علماء عصره‪ ،‬ونظم في‬ ‫القصائد‪ ،‬والردود و أغلبية شعره في أهل البيت عليهم السالم‪.‬‬ ‫آثاره‪ :‬خلف المترجم له مجموعة من اآلثار األدبية والعلمية‪ ،‬ال‬ ‫تزال كلها مخطوطة ويخشى عليها من الضياع والتلف‪،‬وهي‬ ‫كاآلتي‪-:‬‬ ‫روضة الرحمن في أحاديث رمضان‪.‬‬‫البيان في أحوال اإلنسان‪.‬‬‫النمط األوسط‪ ،‬وهو كتاب يشتمل عل األصول الخمسة‪.‬‬‫السبيكة الذهبية في معرفة مذهب اإلمامية‪.‬‬‫الجوهرة البديعة‪ ،‬لمعرفة أصل الشيعة وأصولها‪ ،‬أقام فيها األدلة‬‫العقلية‪ ،‬والنقلية من كتب علماء السنة‪.‬‬ ‫لوح الفوائد ونور المقاصد‪ ،‬يحتوي على أسرار علمية وفوائد‬‫بدنية‪.‬‬ ‫الحق والصواب بين السؤال والجواب في األصول الخمسة‪.‬‬‫الفصول في األصول‪ ،‬منظومة شعرية تبحث في األصول الخمسة‪.‬‬‫الدليل الحاسم على فتح الطالسم‪ ،‬وهي قصيدة جارى بها الشاعر‬‫قصيدة إيليا أبي ماضي‪ ،‬قرأ على منها بعض فصولها عند زيارتي‬ ‫له في مدينة األحساء‪ ،‬وهي قصيدة رائعة مشبعة باألدلة التي نقض‬ ‫بها أوهام أبي ماضي‪ ،‬ولكن لألسف الشديد لم يتيسر لي في تلك‬ ‫الفترة نسخها‪ ،‬وقد توفي الشاعر بعد فترة ونرجو أن نوفق للحصول‬ ‫عليها من بعض ورثته‪ ،‬ويخشى عليها من الضياع‪.‬‬ ‫الدر الثمين في مدح النبي وآله الطاهرين صلوات هللا عليهم‬‫أجمعين‪ ،‬وهو ديوان شعر‪.‬‬ ‫‪141‬‬


‫اللؤلؤ المنثور في مآتم عاشور‪ ،‬وهو ديوان شعر فيه لكل يوم من‬‫محرم قصيدة مناسبة إلى ليلة الحادي عشر‪.‬‬ ‫العقد األزهر في قصائد صفر‪ ،‬وهو ديوان شعر يحتوي على‬‫قصائد حسينية في أحداث الكوفة‪ ،‬والشام‪ ،‬والرجوع إلى المدينة‪.‬‬ ‫وفاته‪ :‬كانت وفاة الشاعر في الكويت‪ ،‬وذلك في ‪ 13‬شعبان سنة‬ ‫‪1366‬هـ‪ ،‬ونقل جثمانه إلى النجف األشرف تغمده هللا برحمته‪.‬‬ ‫شعره‪ :‬وهذه نماذ من شعره بين يدي القارئ الكريم‪ ،‬فمن ذلك هذه‬ ‫القصيدة التي قالها في مدح اإلمام أمير المؤمنين عليه السالم جارى‬ ‫فيها القصيدة الكوثرية للسيد رضا الهندي‪ ،‬وقد ألقاها في مسجد‬ ‫الخضراء بمناسبة عيد الغدير سنة ‪1344‬هـ‪.‬‬

‫أسناء الفــــــــجر لنا أسـفر‬ ‫وثنــايا الثـــــــغر تلـوح لنا‬ ‫ما لــبدر جمـــــالك إذ يبدو‬ ‫يا ريم الحي وأخـــت البدر‬ ‫ِرقـي لفــتـــــى صـب أرق‬ ‫فإالم فــــــــؤادك ال يحـــنو‬ ‫إن كـان بــــــــدا مـني ذنب‬ ‫كنز األعمــال سني اإلجالل‬ ‫قطب المحـراب أو األطياب‬ ‫أفنى األبــــــطال بصــارمه‬ ‫وبواحـــــــــدة أردى عمـرا‬ ‫قسمــا بخـــــــــــالفته العليا‬ ‫لــواله الديـــــن لما ارتفعت‬ ‫فمراشــده وفوائـــــــــــــده‬ ‫مـــلـــك عدل وصل فصل‬ ‫أواله هللا المـــــــــــلك وما‬

‫بجبيــنك أم بــــــدر أزهـــر‬ ‫أم ذاك البـــرق أم الجـــوهر‬ ‫ما لســيف لحاظك ما الجؤذر‬ ‫ونــــور الصــــبح إذا أسفر‬ ‫لك طـــــول الليل غدا يسهر‬ ‫يا أخـــت البدر متى نســـهر‬ ‫فبمـــدح أبــــــي حسن يغفر‬ ‫وساقـــي الخلق من الكــوثر‬ ‫وليـــــــث الغاب متى قد كر‬ ‫ولمرحب جنـــــدل في خيبر‬ ‫فغدت في الدهــــر لـــه تذكر‬ ‫وبغامــــــض باطــنه األنور‬ ‫منــه األركان ولم تشــــــهر‬ ‫ومآثــــــــــــره عــنه تـؤثر‬ ‫علم حـــكم فيــــــــــما قــدر‬ ‫قــد شاء بـــــــــــه فلـه َع ّمر‬ ‫‪144‬‬


‫أو يعجـــزه الفـــلك األعلى‬ ‫يا مــن أنكـــــرت له فضال‬ ‫فلئـــن ماثــــــــلت به أحدا‬ ‫فإلى مــــــوالي أبي حسن‬

‫وبإذن هللا لــــــــــــــه ســـير‬ ‫فالشـــــــــمس هنالك ال تنكر‬ ‫ما لـــرمل يمـــاثل بالجـوهر‬ ‫نعم في الكـــون فال تحـصر‬

‫المطلب الحادي عشر‪ :‬الشيخ حسن الجزيري (ولد‬ ‫‪ -4122‬توفي سنة ‪.)4111‬‬ ‫ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان‪ ،‬في‬ ‫كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف‬ ‫والبحرين ترجمة منها ما يلي‪:‬‬ ‫نسبه‪ :‬الخطيب الشيخ حسن بن عبد المحسن بن محمد آل متو‬ ‫الجزيري العمراني األحسائي المعاصر‪.‬‬ ‫ولدته‪ :‬ولد في قرية الشويكة أو غمسي من قرى منطقة العمران‬ ‫من قرى األحساء الشرقية في حدود العقد الثاني من القرن الرابع‬ ‫عشر الهجري‪.‬‬ ‫نشأته‪" :‬الجزيري نسبة إلى جزيرة من جزر البحرين تسمى قديما‬ ‫جزية آكل‪ ،‬وفي أيامنا تدعى بجزيرة النبيه صالح‪ ،‬وفي النسب‬ ‫ينتمي إلى آل متو ‪ ،‬وهي عائلة اشتهرت ولمعت في القرن التاسع‬ ‫الهجري لما نبغ فيها من العلماء العظام‪ ،‬وعلى رأسهم العالمة الشيخ‬ ‫أحمد بن الشيخ عبدهللا بن سعيد بن محمد بن علي بن حسن‬ ‫المعروف بابن المتو البحراني المتوفى سنة ‪423‬هـ‪ ،‬وكان من‬ ‫أجل تالمذة الشهيد األول وفخر المحققين‪ ،‬وكان أسالف المترجم قد‬ ‫هاجروا من موطنهم البحرين من قديم الزمان‪ ،‬منهم من سكن‬ ‫العمران‪ ،‬ومنهم من سكن قرية المطيرفي‪ ،‬وتوفي المترجم له سنة‬ ‫‪1233‬هـ ودفن في المدينة المنورة" انتهى‪...‬‬ ‫‪146‬‬


‫ترجم له الشيخ جعفر الهاللي في مجلة تراثنا تحت عنوان من‬ ‫التراث األدبي لمنسي في األحساء (جمية تراثنا‪ :‬األدب املنس يف‬

‫األحساء‪ ،‬اهلاليل‪ ،‬العدد ال اين‪1233 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪ ،)13‬ناقال عن‬ ‫المرحوم الشيخ باقر أبي خمسين من كتاب له لم يكتمل في تراجم‬ ‫علماء وأدباء األحساء‪ ،‬وقد ذكر الشيخ جعفر‪ -‬والكالم يعود له‪ -‬أن‬ ‫مولده في عام ‪ 1322‬في قرية (غمسي) ووفاته في األحساء في نفس‬ ‫القرية في شهر شعبان عام ‪1233‬هـ‪.‬‬ ‫دراسته‪ :‬ختم القرآن الكريم في آخر العقد األول من عمره‪ ،‬وفي‬ ‫منتصف العقد الثاني ذهب إلى قرية الجبيل ملتصقا بصاحب‬ ‫الفضيلة الشيخ عبد الكريم الممتن‪ ،‬وتلقى دروسه العلمية على يده‪،‬‬ ‫فدرس مقدمات العلوم كالنحو‪ ،‬والصرف‪ ،‬والبيان‪ ،‬والمنطق‪ ،‬كما‬ ‫قرأ عليه دروسا في الفقه‪ ،‬واألصول‪ ،‬والحكمة اإللهية‪ ،‬كذلك أخذ‬ ‫عن بعض علماء األحساء العديد من المعارف والعلوم‪ ،‬فكان أحد‬ ‫أهل الفضل‪ ،‬واألدب‪ ،‬قام بوظيفته الدينية‪ ،‬فأم الجماعة‪ ،‬وأفاد في‬ ‫نشر المعارف الدينية‪ ،‬وكان المترجم له باإلضافة إلى منزلته العلمية‬ ‫خطيبا وشاعرا‪ ،‬وعرف بتقواه‪.‬‬ ‫خطابته‪ :‬اقتصر في خطابته الحسينية على مدينة األحساء‪ ،‬فكان‬ ‫يرقى األعواد في الهفوف عاصمة األحساء‪ ،‬وفي سائر قرى‬ ‫األحساء‪.‬‬ ‫نماذج من شعره‪-:‬ومن قصيدة له في رثاء اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم‪:‬‬ ‫جلت لنهضة سبط المصطفى الرتب‬ ‫هلل من نــهــــــــضة للدين مابرحت‬ ‫يا حبـذا نهــــضة ماس الوجـود لها‬ ‫وذاك لما عرى الدين الحنيف عضا‬ ‫يشكو الســــــقام إلى خير األنام وقد‬ ‫هناك شمر حامي الديـــــــــن كالؤه‬

‫وفي ذرى المجد مضـروب لها طنب‬ ‫تهدي األنام وفيـــــها تكشف الكرب‬ ‫إلى عالها نظـــــــام الديــن ينتسب‬ ‫ل الدا وأضــحى بناه منه يضطرب‬ ‫جد البال ورجـــــال المجد قـد ذهبوا‬ ‫تحفه األهل واإلخــــوان والصـحب‬

‫‪163‬‬


‫عصابة من نبـــــي عدنان شرفــهم‬ ‫قام الحسين الذي أم العــــال عقـمت‬ ‫يذب عن حـــــوزة اإلسالم مجـتهدا‬

‫إلهـــــــــــهم وتعالى منهم النســـب‬ ‫عن مثله وبهذا تنطـــــــــــق الكتب‬ ‫في فتية كأســـــــــود الغاب إذ تثب‬

‫المطلب الثاني عشر‪ :‬الشيخ كاظم المطر (ولد عام‬ ‫‪4142‬هـ‪ ،‬وتوفي ‪4121‬هـ)‪( .‬جمية تراثنا‪ :‬األدب املسين باألحساء‬ ‫اهلاليل‪ ،‬العدد ال اين‪0411 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.)51‬‬ ‫ترجم له ابنه األديب المعاصر والخطيب المفوه المال محمد صالح‬ ‫بن الشيخ كاظم المطر‪،‬في مقدمة ديوان قالئد وفرائد للمترجم له‬ ‫قائال‪:‬‬ ‫نسبه‪" :‬هو الشيخ كاظم نجل الحا مال محمد صالح عبد الحسين آل‬ ‫مطر"‬ ‫مولده‪ :‬ولد في البصرة عام‬ ‫‪1312‬هـ‪.‬‬ ‫نشأته‪ :‬نشأ في أحضان الفضيلة‪،‬‬ ‫تتجاذبه السمات الهاشمية من جهة‬ ‫األم‪ ،‬فأمه السيدة العلوية الهاشمية‬ ‫بنت السيد محمد‪،‬حيث ينتمي إلى‬ ‫العائلة الغريفية المعروفة بالعلم‬ ‫والفضل والتقى واألدب‪ ،‬فمنها‬ ‫العالمة الكبير السيد عدنان بن السيد‬ ‫شبر‪ ،‬والسيد حسن من سكان‬ ‫المحمرة‪ ،‬وتتجاذبه السمات الحسينية من جهة األب‪ ،‬فأبوه الحا مال‬ ‫الشيخ كاظم المطر‬

‫‪161‬‬


‫محمد صالح بن الحا عبد الحسين المطر‪ ،‬كان خطيب الخطباء في‬ ‫عصره‪ ،‬وكان من الشجاعة وقوة المراس ما جعله زعيما لحركة‬ ‫مناهضة للدولة العثمانية تقوم بقطع اإلمدادات والمؤن التي ترد عن‬ ‫طريق البصرة لتمويل حركتها في األقطار األخرى‪ ،‬ثم كان بعد ذلك‬ ‫من أبرع خطباء المنبر الحسيني ممن يشار إليهم بالبنان في مدينة‬ ‫البصرة وجميع العراق‪ ،‬وقد ذاع صيته في أقطار الخليج كالبحرين‪،‬‬ ‫وعمان‪ ،‬واإلمارات‪ ،‬وقد زار أول ما زار األحساء‪ ،‬حيث جالس‬ ‫العلماء وخصوصا العالم الجليل السيد هاشم بن السيد أحمد بن السيد‬ ‫حسين السيد سلمان الموسوي المتوفى سنة ‪1321‬هـ‪ ،‬وهو كما كان‬ ‫قدوة الخطباء‪ ،‬كان علما من أعالم األدب‪ ،‬وال أدل على ذلك من‬ ‫شعره الذي لم نستطيع العثور إال على ثالث قصائد في رثاء الحسين‬ ‫عليه السالم‪ ،‬و هي روعة في الشعر العربي‪.‬‬ ‫خطابته‪ :‬بدأ حياته المنبرية‬ ‫على والده الحا مال محمد‬ ‫صالح‪ ،‬ثم مع الخطيب المال‬ ‫حمزة العمراني‪ ،‬وهو من‬ ‫المشهورين في البصرة في فن‬ ‫المنبر‪ ،‬باإلضافة إلى ما كان‬ ‫معروفا بمكارم األخالق‪:‬‬ ‫كرما‪ ،‬وشجاعة‪ ،‬وحلما‪ ،‬ثم مع‬ ‫خاله السيد سعيد بن السيد‬ ‫محمد الغريفي‪ ،‬وهو من‬ ‫في‬ ‫المبرزين‬ ‫الخطباء‬ ‫المحمرة‪.‬‬

‫الشيخ محمد رضا آل ياسين‬ ‫‪162‬‬


‫وتفنن في الخطابة وما لبث أن ذاع صيته‪ ،‬وانتشر ذكره انتشار‬ ‫الطيب‪ ،‬وصارت له صوالت وجوالت في سباق الفن واألساليب‬ ‫المنبرية‪ ،‬مع قرناءه المميزين‪ :‬كالحا مال أحمد الرمل‪ ،‬والحا‬ ‫محمد بن عياشه‪ ،‬والحا مال خضير الحياوي‪ ،‬فكان ابن جالها‪،‬‬ ‫وكان واسع االطالع‪ ،‬قضى زهاء خمسة وثالثين عاما في استقراء‬ ‫الكتب‪ ،‬ال يكاد يستريح فيها إال حالة ممارسة واجباته الحياتية‪ ،‬حتى‬ ‫أثر ذلك في عينيه إلى درجة عدم القدرة على المطالعة إال بالجهد‪.‬‬ ‫دراسته‪ :‬كانت دراسته مزيجا من العلم‪ ،‬واألدب‪ ،‬وذلك أثناء إقامته‬ ‫بالمحمرة‪ ،‬درس خاللها في مجالس العلماء‪ :‬كالعالمة الكبير السيد‬ ‫عدنان السيد شبر الغريفي البحراني المتوفى سنة ‪1321‬هـ‪ ،‬والشيخ‬ ‫عيسى الشيخ صالح الجزائري‪ ،‬وكان يذهب إلى النجف األشرف‬ ‫بين الفينة والفينة يستمد من علمائها‪ ،‬خصوصا العالمة الشيخ محمد‬ ‫رضا الياسين‪ ،‬وكان له دور‬ ‫مع علماء األحساء كالعالمة‬ ‫الشيخ موسى بوخمسين‪ ،‬فهو‬ ‫عندما يزورها يحل ضيفا‬ ‫عنده‪ ،‬وقد ذكر له الكثير من‬ ‫األيادي العلمية‬

‫السيد ناصر األحسائي‬

‫‪163‬‬


‫والكالمية‪ ،‬والعالمة السيد ناصر األحسائي الذي رافقه فترة كلها‬ ‫علم وأدب‪ ،‬وله فيه قصائد مدح‪،‬‬ ‫ورثاء‪ ،‬يوجد بعضها في ذكر وفاة‬ ‫السيد ناصر‪ ،‬وفي البصرة الزم‬ ‫العالمة الشيخ حبيب بن قرين العالم‬ ‫المجتهد‪ ،‬وقد رافقه إلى األحساء‪،‬‬ ‫وكان يتلقي منه معارفه مالزما له‬ ‫فترة وجوده في األحساء‪ ،‬حيث تزو‬ ‫خاللها‪ ،‬ولم يزل إلى أن قبض الشيخ‬ ‫حبيب سنة ‪1313‬هـ‪ ،‬ثم قرر أن يقيم‬ ‫في األحساء‪ ،‬إقامة دائمة‪ ،‬جلب أثنائها‬ ‫أبناءه من البصرة‪ ،‬ليعيشوا معه‪،‬‬ ‫وكان آخر رفقاء طريقه السيد محمد‬ ‫بن السيد حسين عالم األحساء‬ ‫بالمبرز‪ ،‬الذي كان نموذجا للتقوى‬ ‫حتى توفي سنة ‪1346‬هـ‪ ،‬ورثاه بعدد‬ ‫من القصائد‪ ،‬وعاش بعد ذلك قليال ثم قبضت روحه في نفس السنة‪.‬‬ ‫الشيخ موسى بن عبدهللا‬ ‫بوخمسين‬

‫حياته األدبية‪ :‬بدأ نظم الشعر منذ حداثة سنة بعامل الوراثة‪ ،‬فأبوه‬ ‫من خيرة الشعراء‪ ،‬كما أن للوسط الذي ترعرع فيه‪ ،‬واألدباء الذين‬ ‫اختلط بهم أثر كبير في صياغة شخصيته األدبية‪ ،‬ما أدى أن يكون‬ ‫نتاجه األدبي من الرصانة‪ ،‬و المطبوعية بمكان‪ ،‬فأول قصيدة نظمها‬ ‫كان مطلعها‪-:‬‬ ‫بمهـــــــــامه وفدافد وقفـار‬ ‫حتام توخــــذ أي هذا الساري‬ ‫ثم تدر في فنون الشعر حتى صار يشار إليه بالبنان‪ ،‬وله الشيء‬ ‫الكثير في الغزل‪ ،‬والنسيب‪ ،‬والوصف‪ ،‬والمدح‪ ،‬والرثاء‪ ،‬باستخدام‬ ‫شتى البحور‪ ،‬واألوزان‪ :‬من موشح‪ ،‬ومذيل‪ ،‬وبند‪ ،‬وله الكثير من‬ ‫التخميس‪ ،‬والتشطير‪ ،‬مما يستهوي السامع‪ ،‬ويشد القارئ؛ لجزالة‬ ‫‪162‬‬


‫اللفظ‪ ،‬ومطبوعيته‪ ،‬وله مساجالت شعرية مع الشيخ محمد صالح‬ ‫قنطان‪ ،‬والسيد عباس شبر‪ ،‬والشيخ عبد الكريم الممتن‪ ،‬والشيخ‬ ‫حسن الجزيري‪ ،‬والشيخ هادي الصالح خطيب كربالء‪ ،‬غير أنه لم‬ ‫يكن يحتفظ بشعره‪ ،‬مما جعله عرضة للضياع‪ ،‬ولو كان مدونا‪،‬‬ ‫ومحفوظا لكان من أعظم الدواوين الشعرية حجما‪.‬‬ ‫نهاية المطاف‪ :‬قر قراره‬ ‫باألحساء بعد وفاة المرحوم‬ ‫الشيخ حبيب بن قرين‪ ،‬وهو‬ ‫خطيب الخطباء وبليغ األدباء‪،‬‬ ‫مما ال يختلف فيه اثنان‪ ،‬وقد‬ ‫تتلمذ على يديه من أوالده‬ ‫مال جواد‬ ‫الخطيب الحا‬ ‫ومن غيرهم مال‬ ‫والناشر‪،‬‬ ‫عباس بالمحمرة‪ ،‬والخطيب‬ ‫مال طاهر الموسى‪،‬‬ ‫الحا‬ ‫والخطيب الحا مال طاهر‬ ‫البحراني‪ ،‬وكان سبب وفاته‬ ‫إصابته بشلل نصفي‪ ،‬نقل على‬ ‫أثره للمستشفى حيث هوى من‬ ‫إحدى نوافذه‪ ،‬وهو يحاول القيام من الدور الثالث‪ ،‬وتوفاه هللا تعالى‬ ‫في ليلة ‪1363/6/11‬هـ‪.‬‬ ‫الشيخ حبيب بن قرين‬

‫وقد ترجم له صاحب كتاب مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء‬ ‫األحساء و القطيف والبحرين‪ ،‬الفاضل األديب الشيخ جواد حسين‬ ‫الرمضان حيث قال‪-:‬‬ ‫هو الخطيب الكبير الشاعر المبدع الشيخ كاظم بن الحا محمد‬ ‫صالح بن عبد الحسين آل مطر األحساء المتوفى في األحساء سنة‬ ‫‪1363‬هـ عن عمر يتجاوز السبعين عاما وكانت والدته في البصرة‬ ‫‪161‬‬


‫حيث هاجر إليها أسالفه في القرن الثالث عشر الهجري‪ ،‬وهم من‬ ‫أهل بلدة الفضول من قرى األحساء الشرقية‪ ،‬وفي مدينة البصرة‬ ‫نشأ‪ ،‬وفيها تلقى علومه وتتلمذ في الخطابة على والده‪ ،‬وكان من‬ ‫مشاهير الخطباء‪ ،‬واألدباء في عصره‪ ،‬وفي أول العقد السابع من‬ ‫القرن الماضي عاد بأسرته إلى بلد أجداده باألحساء‪ ،‬وبقي فيها إلى‬ ‫أن توفي في التاريخ المذكور‪.‬‬ ‫وقد حفلت بذكره العطر كتب السير والتراجم‪ ،‬منها ما قاله السيد‬ ‫محمد حسن الشخص في كتاب "ذكرى حجة اإلسالم العالمة السيد‬ ‫ناصر األحسائي" ما نصه‪:‬‬ ‫"الفاضل األديب الشيخ كاظم بن الحا محمد صالح خطيب‬ ‫مصقع‪ ،‬له مقدرة فائقة في الخطابة‪ ،‬يأتيك بمعاني سامية في ألفاظ‬ ‫رقيقة‪ ،‬مع براعة األسلوب‪ ،‬ومتانة التعبير‪ ،‬وإلى جانب ذلك أديب‬ ‫سامي األدب‪ ،‬رقيق الشعور"‪.‬‬ ‫وذكر المرحوم المتاجر في منتظم الدرين بقوله‪ :‬الفاضل األديب‬ ‫المصقع ساللة األعاظم‪ ،‬الشيخ كاظم بن الحا محمد صالح‬ ‫األحسائي‪ ،‬الفاضل األديب الكامل الشاعر المعاصر‪ ،‬شاعر قدير‪،‬‬ ‫ومتفنن غزير‪ ،‬سيال القريحة‪ ،‬بديع المعاني‪ ،‬فصيح البيان‪ ،‬واسع‬ ‫الخيال‪ ،‬سهل ممتنع‪،‬رأيت قطعة من ديوانه كأنه سموط الآللئ على‬ ‫عجل‪.‬‬ ‫وقد أرخ حدث وفاته نجله األكبر الخطيب األديب الحا‬ ‫المطر بالبيتين التاليين‪-:‬‬ ‫إن قلب الـــــــــهدى يسعر‬ ‫شــهر صــــــــوم بتاريخه‬

‫جواد‬

‫ودموع التقـــــــــــــي تهـمر‬ ‫قد بكى كاظما منبر (‪)1363‬‬

‫نموذ من شعره‪-:‬‬ ‫عودي علي بمـنة اإلســـــــــعاف‬

‫إما بوصل أو بــــــــوعـد شافي‬

‫‪161‬‬


‫هجري أطلت وإذ ملكت فأسجحى‬ ‫ياربه الحـسن الــبديع صفـــــــاؤه‬ ‫أسرفت فـي قتــلي وهبــــك محقة‬ ‫ماحيلــــتي وغريمـــتي لم ينعطف‬ ‫تاهت على كلـــف بمائـس عطفها‬ ‫لجت عناداً وانــثـــــنت وبزعـمها‬ ‫كال فــذا قشــر الهـــــــوى ولبابه‬ ‫حب الوصـــي وآله األشــــــراف‬ ‫وثناؤه الحسن الجمــــــيل شعارنا‬ ‫يا منكراً فضـــــل العل ّي الشأن أو‬ ‫سل هل أتى عما أتى فيها من النـ‬ ‫هيهات يدرك كنـه معنى صنو من‬ ‫عن بعض ما أوتيـــه يرجع خاسئا‬ ‫الحق منحــــصر بأمـــــــــة أحمد‬ ‫عالّمها مقــــدامـــــــــها مطعامها‬ ‫أخاه دونــــهم النــــــــــــــبي وإنه‬

‫فلقتل صبك بعــــــض هذا كافي‬ ‫معناك أخرس مقـــول الوصاف‬ ‫أو ما نهى ربي عــــن اإلسراف‬ ‫لي قلبها مع كثـرة اســـــتعطافي‬ ‫والتيه شأن موائـس األعـــطاف‬ ‫أن قد تمكن حبها بشــغافــــــــي‬ ‫ألبي الحســين وآله األشـــراف‬ ‫وهللا خير وراثـــة األســــــالف‬ ‫حتى نوافيه على األعـــــــراف‬ ‫أفضاله وهو األعــم الضافــــي‬ ‫بأ العظيم وســــــــورة اإليالف‬ ‫داس البساط بغــير خـلع خفاف‬ ‫بصر العقول فج ّل عن أوصاف‬ ‫وهو المدير له بغـــــــير خالف‬ ‫للحكم للهيــــــــــجاء لألضياف‬ ‫ألد ّل برهان علــى استخـالف‬

‫من مواقفه التربوية (البحراين‪ :‬مقابية صية يف ‪ :)1213‬كان الشيخ‬ ‫كاظم رحمه هللا شديد االهتمام بتالميذه‪ ،‬ففي زيارة من الباحث ألحد‬ ‫تالميذه وهو المال طاهر البحراني رحمه هللا ذكر له أن شيخه‬ ‫المترجم له في أحد السنوات اعتذر عن القراءة في مجالسه المعتادة‬ ‫لظروف خاصة‪ ،‬فاستغلها فرصة في حضور مجالس المذكور‪،‬‬ ‫وكان إذا جاء الحسينية ال يدخلها‪ ،‬وإنما يبقى عند الباب يستمع‬ ‫القراءة حتى نهايتها‪ ،‬وكان يرفض الدخول مع إصرار الكثيرين‪،‬‬ ‫وذلك خوفا من أن يقع في نفس تلميذه أثناء الخطبة حرجا ً أو ما‬ ‫شابه‪ ،‬فيؤثر ذلك على مستوى المأتم وال يخر على الوجه‬ ‫المطلوب‪.‬‬ ‫وكان رحمه هللا يبقى خار الحسينية عند الباب حتى يخر المال‬ ‫طاهر‪ ،‬فان أعجبته القراءة‪،‬كان يأخذه باألحضان والتقبيل مشجعا‬ ‫له‪ ،‬ومناديا له ولدي‪ ،‬ومهنئا ً لنفسه أنه ترك ابنا بارا وخطيبا مصقعا‬ ‫‪161‬‬


‫يؤدي الخدمة الحسينية على الوجه المطلوب‪،‬ويقول إني لم أمت إذا‬ ‫كنت بهذا المستوى‪ ،‬وإن وجد مالحظة في القراءة أو خطأ ارتكبه‬ ‫أخذه جانبا خار الحسينية وبعيدا عن المستمعين فأبدى له‬ ‫بمالحظته‪ ،‬وكان البعض يصرون على الشيخ في هذه الحاالت‬ ‫التنبيهية أن يدخل هو والمال داخل الحسينية فكان يرفض بشده‬ ‫ويقول‪ :‬هو ابني‪ ،‬والنصح له في المأل تقريع‪ ،‬ويا لها من حكمة‬ ‫بالغة‪ ،‬فجزاه هللا خيرا‪ ،‬وتغمده هللا بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنته‬ ‫عن الخطابة والخطباء‪.‬‬ ‫و المال طاهر بن محمد بن علي البحراني‪ ،‬خطيب شهير يرجع نسبه‬ ‫إلى قبلة آل عصفور في البحرين‪ ،‬وقد نزحوا إلى األحساء على أثر‬ ‫ظروف خاصة – من مدة ‪ 333‬سنة ثالثمائة عام – مر بها جدهم‬ ‫الشيخ سلمان العصفور‪ ،‬وعند قدومه إلى األحساء‪ ،‬احتضنه علماء‬ ‫األحساء وطالب العلم فيها فاستقام فيها‪ ،‬أما بالنسبة للمترجم له فقد‬ ‫ولد في األحساء بتاريخ ‪/1‬محرم‪1326/‬هـ‪.‬‬

‫‪164‬‬


‫طاهر‬ ‫المال‬ ‫البحراني صوت‬ ‫حسيني مدوي‬ ‫في مآتم أهل‬ ‫عليهم‬ ‫البيت‬ ‫السالم‪ ،‬له من‬ ‫في‬ ‫الحضور‬ ‫محافل العزاء ما‬ ‫جعله الشخصية‬ ‫الحسينية المتألقة‬ ‫سماء‬ ‫في‬ ‫الخطابة الحسينية‬ ‫األحساء‪،‬‬ ‫في‬ ‫كانت األحساء‬ ‫تحن لخطابته‬ ‫انقطاعه‬ ‫إبان‬ ‫لحسنها‬ ‫عنها‬ ‫وشجاوتها‪،‬‬ ‫ولخبرة صاحبها في جلب الدمعة‪ ،‬ولهذا كان جماهيره الذين‬ ‫استمعوه الزالت تتردد أطواره وطرائقه المشهور به في أصول‬ ‫آذانهم‪ ،‬فقد افتقدته المآتم الحسينية وروادها‪ ،‬وبالذات في أيام‬ ‫عاشوراء‪ ،‬حيث القلوب تتوجه في مآتمه إلى مصاب الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وكلها أمل في أن تواسي النبي صلى هللا عليه وآله في‬ ‫مصاب عزيزهم الحسين عليه السالم‪ ،‬ولهذا كانت مآتمه عامرة‬ ‫بالحضور لسكب الدموع‪ ،‬وإطالق اآلهات بكل صدق ولوعة‪ ,‬كما‬ ‫أوصى بذلك أئمة الهدى عليهم السالم‪.‬‬ ‫المال طاهر البحراني‬

‫‪166‬‬


‫بدأ مشواره الخطابي على أثر تشجيع تلقاه من اثنين من الخطباء‪،‬‬ ‫كانا يأتيان في أيام عاشوراء إلى بيت والده وهما من أهالي الجيل‪،‬‬ ‫لعالقة رحم وقرابة وهما‪-:‬‬ ‫المال علي بن المال حجي آل ممتن رحمه هللا‪.‬‬ ‫المال عبد الحميد بن المال حجي آل ممتن رحمه هللا‪.‬‬ ‫وقد كان له من العمر ‪ 12‬سنة فقد استلطفا شخصيته‪ ،‬وصوته‪،‬‬ ‫وشجاعته على الخطابة وكان األكثر تشجيعا له المال علي بن المال‬ ‫حجي‪ ،‬وابتدأ الخطابة معهم في البيت وبحضور والده‪ ،‬من خالل‬ ‫التدريب على أداء األطوار الشجية‪ ،‬ومع مرور الزمن عزم على‬ ‫إكمال مشواره الخطابي‪ ،‬فاتصل بخطباء عدة كان لهم الفضل في‬ ‫صقل موهبته وبروزها بالشكل الذي ظهر به وكان أكثرهم تأثيرا‬ ‫في مهارته الخطابية هو الشيخ كاظم المطر‪ ،‬كما أن هناك شخصية‬ ‫ساهمت في صقل مهارته قبل اتصاله بأستاذه المذكور‪ ،‬وهو مال‬ ‫عبد المحسن بن ناصر من خطباء القطيف‪ ،‬وكان هذا يأتي إلى‬ ‫األحساء للخطابة فيقرأ مقدما له‪ ،‬كما اختلط "البحراني" بخطباء‬ ‫حسينيين لهم الشهرة والبروز أمثال‪ :‬مال ناصر بن نمر‪ ،‬ومال محمد‬ ‫صالح آل محيسن‪ ،‬وقد أمضى في تتلمذه ‪ 2‬سنوات متواصلة كلها‬ ‫جد ومثابرة‪ ،‬وأخيرا انفرد المترجم له بالخطابة وفي هذا يقول‪:‬‬ ‫"وانفردت بالخطابة بنفسي والحمد هلل ببركة اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وقد شجعوني الناس على عملي‪ ،‬إذ كسبت رضاهم ونسأل‬ ‫هللا القبول"‪.‬‬ ‫وقد ذاع صيته وانتشرت شهرته فقرأ‬ ‫الكويت‪،‬والبحرين‪،‬والدمام‪ ،‬والخبر‪ ،‬والثقبة‪ ،‬وقطر‪.‬‬

‫في‬

‫كل‬

‫من‬

‫أما وصايا أستاذه له بحسب إفادته للباحث ما يلي‪:‬‬ ‫يقول‪ :‬أوصاني األستاذ الشيخ مال كاظم المطر رحمه هللا بعدة‬ ‫وصايا‪ ،‬كان لها األثر الكبير في مشواري الخطابي منها‪:‬‬ ‫بني‪ :‬أكتب أحسن ما تسمع وترى‪.‬‬ ‫‪233‬‬


‫و احفظ أحسن ما تكتب‪.‬‬ ‫وألقي في مجالسك أحسن ما تحفظ‪.‬‬ ‫وقال أيضا‪-:‬‬ ‫بني‪ :‬احفظ ما يلي نصا وعن ظهر قلب وال تتصرف في أي جزء‬ ‫منها‪-:‬‬ ‫اآلية القرآنية‪.‬‬‫الحديث النبوي‪.‬‬‫كالم أحد المعصومين‪.‬‬‫الشعر‪.‬‬‫ولم يقتصر حضوره الخطابي في الحواضر المذكورة آنفا بل ذكر‬ ‫للباحث أنه في إحدى زياراته للعتبات المقدسة في العراق صادف‬ ‫وفاة النبي األكرم صلى هللا عليه وآله‪ ،‬وقد حضر أحد مآتم النجف‬ ‫األشرف‪ ،‬قد أقامه جمع من الخطباء في جامع الترك‪ ،‬بحضور‬ ‫علماء النجف األعالم وكان ممن حضر في ذلك المأتم كل من آية‬ ‫هللا العظمى السيد محسن الحكيم‪ ،‬وآية هللا العظمى الشيخ محمد‬ ‫رضا آل ياسين‪ ،‬وآية هللا العظمى السيد الخوئي نور هللا ضرائحهم‬ ‫جميعا‪ ،‬وقد كان الجامع يغص بالكثير من العلماء وأغلب الجمع من‬ ‫الخطباء‪ ،‬وكان ممن حضر الشيخ علي بن الشيخ علي الخاقاني‬ ‫رحمه هللا وقبل انعقاد المأتم اقترح أحد الخطباء أن يختاروا خطيبا‬ ‫يأتيهم بالطور البحراني المميز والمنتشر في الخليج كاألحساء‬ ‫والقطيف والبحرين فما كان من أحد الخطباء إال أن أشار عليهم‬ ‫بالمال طاهر البحراني وقال هذا يجيد الطور البحراني‪ ،‬واسمه‬ ‫بحراني وقد ألحوا عليه بالقراءة فامتنع‪ ،‬لهيبة ذلك الجمع ومع‬ ‫الضغظ استجاب لدعوتهم على أن يتقاسم المأتم خطيب آخر فيكون‬ ‫هو األول والثاني أحد الخطباء المعروفين بالزهد والعبادة فيأتي‬ ‫بحديث روحاني يليق بمقام وفاة النبي األكرم صلى هللا عليه وآله‪.‬‬

‫‪231‬‬


‫ولما وافقوه على طلبه صعد المنبر أمام تلك الشخصيات العلمية‬ ‫الفذة‪ ،‬فأنشد قصيدة للمرحوم الشيخ عبد الكريم الممتن األحسائي‬ ‫رحمه هللا أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب‪.‬‬ ‫والقصيدة هي‪-:‬‬ ‫خالف النفـس ودع عنك المالحا‬ ‫أيها الغافــــــــل ال نلـت نجاحا‬ ‫تحسـبن الجد من قولي مزاحا‬ ‫وأفــــــق من سكــرة الغـي وال‬ ‫وغراب البـين يدعوك الروحا‬ ‫كم تمادى في الهـوى ال ترعوي‬ ‫ونذير الشـيب في المفرق الحا‬ ‫كيف ال تقــــــــــلع عن معصية‬ ‫ودنا المـوت مــساء أو صباحا‬ ‫آذنت فـــــــــيك الليـــالي بالفـنا‬ ‫أنت من فــــــــوق مطـي األيام والفلك األطلس يحـــــــــدوك لحــاحا‬ ‫خافـــــــــضا هلل من ذل جناحا‬ ‫فاتخذ زادا من التقــــــوى وكن‬ ‫لفتى يغتـــــر في الدنـيا فالحا‬ ‫معرضا عن زهـرة الدنــيا فهل‬ ‫إنها دار غرور طبعــها الغدر والكر فبعـــدا وانـــــــــــــــــــتزاحا‬ ‫أحمد لم تخــــــــش افتـضاحا‬ ‫أولم تسمع بما قد صنـعت ببني‬ ‫سيئات تمــــــأل القلب جراحا‬ ‫شتتـهم فرقا واجـــــــــــترحت‬ ‫قلب الدين واشــــــتلت صفاحا‬ ‫صوبـت فيهم ســهاما لم تصب غير‬ ‫واستباحوا كل ما ليـــس مباحا‬ ‫أظــهرت أبناؤها ما أضـــمرت‬

‫ولما انتهى المجلس استدعاه الشيخ علي الخاقاني ودعا له بالتوفيق‪،‬‬ ‫وسأله عن ناظم هذه األبيات وطلب منه أن يكتبها له‪ ،‬وقال عبارة‬ ‫وال‬ ‫تدل على سعة اطالعه ومتابعة إن هذه القصيدة ما طبعت‬ ‫نشرت‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬أصداء المدرسة العلمية في‬ ‫األحساء‪.‬‬ ‫ساعد على انتشار صوت المدرسة العلمية في الخطابة الحسينية‬ ‫ممثلة في خطابة مؤسسها األول الشيخ الدكتور أحمد الوائلي رحمه‬ ‫هللا‪ ،‬أنها ظهرت في فترة انتشرت فيها الوسائل التكنولوجية من‬ ‫راديو‪ ،‬ومسجالت صوتية‪ ،‬فقد وصل صوته المدوي عبر إذاعة‬ ‫‪232‬‬


‫عبادان التي كانت تبث في إيران آنذاك باللغة العربية‪ ،‬وذلك في أيام‬ ‫عاشوراء‪ ،‬وكان لهذا أثر كبير في ذيوع صيته‪ ،‬وتعرف المجتمع‬ ‫على بروز لون خطابي جديد على الساحة الحسينية‪ ،‬فالمادة العلمية‬ ‫التي كان يطرحها الدكتور رحمه هللا تمتاز بالحداثة واألصالة في آن‬ ‫واحد‪ ،‬السيما أنها مسكوبة في قوالب ثمينة راقية‪ ،‬وبصوت رخيم‬ ‫شجي جذاب‪ ،‬وكان هذا كافيا أن يشد الناس إليه‪ ،‬ويجعلهم يستمعون‬ ‫إليه من خالل هذا الجهاز الذي لم يتعود الناس أن يسمعوا من خالله‬ ‫مآتم حسينية غير مقتل الحسين يوم عاشوراء بصوت الشيخ عبد‬ ‫الزهراء الكعبي رحمه هللا تعالى‪.‬‬ ‫وأما التسجيالت الصوتية فقد كان أثرها أكبر فقد وصلت محاضراته‬ ‫من خالل أشرطة الكاسيت و تالقفتها األيدي واقتناها الكثير من‬ ‫عشاق الكلمة الهادفة ورواد المآتم الحسينية‪ ،‬بل وكلما تقدمت التقنية‬ ‫في مسراها العلمي بوسائل أكثر تجسيدا بالصوت والصورة‪ ،‬كان‬ ‫لعشاق الوائلي وخطابته نصيبا وافرا في توظيفها‪ ،‬فقد جاء بعد‬ ‫الكاسيتات‪ ،‬أجهزة الفيديو‪ ،‬وهي أجهزة تشبه الكاسيتات ولكن بمزايا‬ ‫الصورة‪ ،‬كما جاء من بعدها ثورة الحاسبات اآللية و ما حوته من‬ ‫أساليب في الحفظ والتخزين اإللكتروني عبر األقراص المدمجة‪،‬‬ ‫فهنا تم إضافة ميزة جديدة وهي سهولة النقل والحفظ وانخفاض‬ ‫التكلفة مقارنة بأشرطة الفيديو‪ ،‬هذا و الوائلي له حضور في كل‬ ‫وسائل النقل هذه وعشاق كلمته يتابعون خطاباته وإن بعدت بهم‬ ‫المسافات المكانية‪ ،‬لكن هذه األجهزة قربت شخصه وإفاضاته لهم‪،‬‬ ‫فكانت فتحا لهم في كل أنواعها‪ ،‬أما بعد دخول الشبكة العنكبوتية‬ ‫"االنترنت" في واقع حياة الناس‪ ،‬فقد أخذ "الوائلي" مكانته الخاصة‬ ‫على هذه الشبكة‪ ،‬بحيث يمكن القطع بأن أي موقع تخصص في‬ ‫توفير خطب حسينية على الموقع للخطباء المعاصرين‪ ،‬يالحظ أن‬ ‫"الوائلي" في طليعتهم‪ ،‬وأما في عصر الفضائيات وهو متزامن مع‬ ‫فعالية الشبكة العنكبوتية‪ ،‬فله حضور ولكن كان محدودا وذلك‬ ‫لدخوله في وعكة صحية أدخلته في مرض سريري انقطع خاللها‬ ‫‪233‬‬


‫عن محبيه ومرتادي مجالسه‪ ،‬انتهت بوفاته‪ ،‬ورحيله إلى دار‬ ‫اآلخرة‪.‬‬ ‫ونظر للنجاح الكبير بأساليب هذه المدرسة العلمية الحديثة‪ ،‬بدأت‬ ‫مرحلة جديدة خطابية في األحساء تسعى نحو التخلص من أساليب‬ ‫المدرسة التاريخية وتتجه إلى األسلوب العلمي‪ ،‬وهذا جاء بشكل‬ ‫واضح على أسلوب الخطباء الجدد‪ ،‬حيث الكل يحاول السير على‬ ‫هذا االتجاه إال ما قل وندر‪.‬‬

‫المبحث الخامس‪ :‬محاولت تطبيق أسلوب المدرسة‬ ‫العلمية في األحساء‪.‬‬ ‫في أول مجد المدرسة العلمية بدأت محاوالت غير قليلة من بعض‬ ‫الخطباء الذين عرفوا باألسلوب التاريخي‪ ،‬لألخذ بهذه األغراض‬ ‫الجديدة‪ ،‬إال أن أغلب تلك‪،‬لم يكتب لها النجاح‪ ،‬بل قوبلت بالرفض‬ ‫التام‪ ،‬واالستهجان‪ ،‬وذلك يعود إلى عدم القدرة على إحداث النقلة‬ ‫المالئمة للمستمعين من األسلوب التاريخي ‪ -‬الذي يكتفي بالحديث‬ ‫في التاريخ وبعض المواعظ واإلرشادات ‪ -‬إلى األسلوب العلمي‬ ‫الذي يتسم بالحداثة والتجديد واألصالة الفكرية‪ ،‬عبر تناول أغراض‬ ‫خطابية تالمس الواقع المعاش‪ ،‬من قضايا فكرية معاشة‪ ،‬إلى تحليل‬ ‫موسع للتاريخ‪ ،‬أو ربط بين مكتشفات العلم الحديث والدين وإلى‬ ‫غيرها من المواضيع التي تتطلب مستوى فكريا وعلميا راقيا‬ ‫للخطيب‪ ،‬هذا ما أدى إلى تندر البعض من عدم قدرة الخطباء على‬ ‫مجاراة هذا اللون الجديد‪ ،‬بل بلغ الحال أن صرح وكالء بعض‬ ‫أصحاب الحسينيات والمآتم التي تعقد في البيوت إلى نفس الخطباء‪،‬‬ ‫وطلبوا منهم اإلقالع عن هذا األسلوب واعتماد األسلوب التاريخي‬ ‫فقط‪ ،‬وهذه الحالة جرت فقط على الخطباء الجدد الذين دخلوا سلك‬ ‫الخطابة حديثا مع انتشار صيت المدرسة العلمية‪ ،‬وهذا يعود إلى‬ ‫كونه لم ينتسب إلى المدرسة التاريخية‪ ،‬ولتتلمذه على المدرسة‬ ‫‪232‬‬


‫العلمية من خالل استماع الكاسيتات‪ ،‬وألنسه من نفسه بقدرة الطرح‬ ‫في ميدان الخطابة على نهج هذه المدرسة‪ ،‬ولكن كل هذا لم يكن‬ ‫كافيا أن يرقى المنابر وأن يحوز على قبول الجماهير‪ ،‬ألنها قد‬ ‫تذوقت عطا ًء صعب المجاراة من مؤسسها األول‪ ،‬وعليه فقبول‬ ‫الجديد من الخطباء وفق أغراض هذه المدرسة كان صعبا جدا‪،‬‬ ‫وهذه األزمة في قبول هذا الطرح بلغت ذروتها خالل عام ‪1361‬هـ‬ ‫و‪ 1361‬هـ‪.‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬نجاح تطبيق أسلوب المدرسة‬ ‫العلمية في األحساء‪.‬‬ ‫ال شك أن أسلوب المدرسة العلمية خطابيا يعتبر مظهر حضاري‪،‬‬ ‫ومؤشر على التقدم العلمي‪ ،‬فإذا مالت إليه النفوس والعقول‪ ،‬فتلك‬ ‫ظاهرة صحية سليمة‪ ,‬وأن الرغبة الجادة في االلتحاق بها البد من‬ ‫استجابة سوف تتحقق‪ ،‬وفعال تحقق أول نجاح في إدخال أسلوب‬ ‫المدرسة العلمية إلى المآتم الحسينية في األحساء وذلك يرجع إلى‬ ‫عام ‪1361‬هـ تقريبا‪ ،‬فقد استطاع كل من الشيخ عبدهللا ال ُس َميّن‬ ‫رحمه هللا‪ ،‬والشيخ باقر الهاللي رحمه هللا المتوفى في حدود‬ ‫‪1231‬هـ على أثر حادث سير أليم‪ ،‬أن ينجحا في طرق المأتم بهذا‬ ‫األسلوب الجديد‪ ،‬وأن يحوزا على رضا المستمعين آنذاك‪.‬‬ ‫فالشيخ عبدهللا السمين‪ ،‬عند‬ ‫قراءته في ذلك التاريخ وقد كان‬ ‫ونشاطا ً‪،‬‬ ‫حيويةً‪،‬‬ ‫ممتأل‬ ‫وإخالصا ال يشك أحداً أن‬ ‫أسلوبه الشيخ الوائلي ال من‬ ‫حيث أغراضه الخطابية‪ ،‬أو‬ ‫أسلوب الطرح‪ ،‬واالستشهاد‬ ‫فحسب‪ ،‬بل وحتى طريقة‬ ‫الصوت‪،‬‬ ‫ونبرة‬ ‫الحديث‬

‫الشيخ عبدهللا السمين‬ ‫‪231‬‬


‫ومخار الحروف في بعض‬ ‫الحاالت‪ ،‬فقد استطاع أن يلفت‬ ‫الشيخ السمين انتباه الجميع إلى‬ ‫قدرته تلك‪ ،‬وقد حدث الباحث‬ ‫سماحة العالمة الدكتور‬ ‫عبدالهادي الفضلي‪ ،‬ابان‬ ‫إقامته في النجف أنه ذات مرة‬ ‫دخل أحد أروقة النجف‬ ‫واستمع إلى صوت خطيب‬ ‫ظن أنه الوائلي‪ ،‬فأبدى‬ ‫استغرابا لتوقيت ومكان‬ ‫القراءة ولما تحقق األمر وجده‬ ‫الشيخ السمين‪ ،‬فلهذه القدرة‬ ‫على تقفي أثر المؤسس األول‬ ‫لهذه المدرسة لم يخالط الشك‬ ‫أحد ممن استمع إليه أنه استطاع اللحوق بركب هذه المدرسة على‬ ‫كثرة من عز عليه أن يحققوا نجاحا يذكر فيها‪ ،‬ولهذا ذاع صيته ليس‬ ‫في الكويت‪ ،‬والبحرين‪ ،‬و القطيف و األحساء فحسب‪ ،‬بل حتى في‬ ‫العراق‪ ،‬ففي مدينة العلم والعلماء النجف األشرف قرأ في مسجد‬ ‫الخضراء‪ ،‬والمسجد الهندي‪ ،‬كما قرأ في العديد من مدن العراق‬ ‫ومحافظاتها وقراها‪ ،‬ومن تلك‬ ‫الصقاع‪ :‬الكوفة‪ ،‬وكربالء‪،‬‬ ‫والرميثة‪ ،‬والحمزة الشرقي‪،‬‬ ‫والمشخاب‪ ،‬والفاو‪ ،‬والعزيزية‪،‬‬ ‫وسوق الشيوخ‪ ،‬والحلة‪.‬‬ ‫الشيخ عبدالهادي الفضلي ابان‬ ‫اقامته في النجف‬

‫ونسبه هو الشيخ عبدهللا بن‬ ‫حسين بن علي السمين‪ ،‬ولد عام‬ ‫‪1312‬هـ بمدينة المبرز في‬ ‫‪231‬‬ ‫السيد علي الناصر‬


‫األحساء‪ ،‬وبدأ مشواره العلمي عام ‪1313‬هـ في مسجد الدندن بمدينة‬ ‫المبرز باألحساء في حي العيوني‪ ،‬وخالل دراسته الحوزوية مال‬ ‫نحو الخطابة الحسينية في مرحلة مبكرة في حياته العلمية عام‬ ‫‪1311‬هـ‪ ،‬وذاك لشدة ذكائه االجتماعي‪ ،‬و حلو سليقته في التعاطي‬ ‫مع مفردات بيئته‪ ،‬كما كان يمتاز بصوت عذب‪ ،‬وفصاحة لسان‪،‬‬ ‫وقوة جنان‪ ،‬األمر الذي مكنه للنجاح السريع في مشواره الخطابي‪.‬‬ ‫وفي عام ‪1342‬هـ شد‬ ‫الرحال إلى النجف األشرف‪،‬‬ ‫لينهل من نمير علوم رجالها‪،‬‬ ‫فهناك بدأ رحلته العلمية في‬ ‫مدرسة كاشف الغطاء وبها‬ ‫أقام‪.‬‬ ‫شرع في دراسة المقدمات‪،‬‬ ‫فكان‬ ‫درس المنطق على يد العالمة‬ ‫السيد علي الناصر السلمان‬ ‫حفظه هللا‪ ،‬وشرائع اإلسالم‬ ‫في الفقه على يد آية هللا الشيخ‬

‫السيد الخوئي‬

‫بشير النجفي‪ ،‬وألفية ابن مالك‬ ‫على يد الشيخ محمد العطية‪،‬‬ ‫بعدها أخذ دروس السطوح‬ ‫على يد جملة من العلماء‪،‬‬ ‫فعلى يد السيد عبد المجيد‬ ‫الحكيم درس اللمعة الدمشقية‬ ‫والمكاسب‪ ،‬أما الوسائل فعلى‬ ‫يد السيد محي الدين الغريفي‪.‬‬ ‫الشيخ بشير النجفي‬

‫‪231‬‬


‫بعدها بدأ دراسة البحث الخار ‪ ،‬حيث التحق ببحث آية هللا العظمى‬ ‫نصر هللا المستنبط‪ ،‬وبحث آية هللا العظمى السيد الخوئي رحمهما‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫وألجل هذه الخلفية العلمية الحوزوية استطاع "السمين" الخوض في‬ ‫مسالك العلوم الحديثة التي ذاعت مطالبها بين أبناء جيله‪ ،‬إلى جانب‬ ‫الجوانب الشرعية التي تلقاها على أيدي علماء عصره‪ ،‬جامعا بذلك‬ ‫بين األصالة الشرعية‪ ،‬والعلوم الحديثة‪ ،‬وقد كان قمة نضجه‬ ‫الخطابي أبان تواجده في النجف األشرف‪ ،‬وبالتحديد في مرحلة‬ ‫جمعه بين طلب العلم و ممارسة الخطابة الحسينية‪.‬‬ ‫أما الشيخ باقر الهاللي عليه الرحمة‪ ،‬فقد كانت له خصوصية تذكر‬ ‫في هذا المجال‪.‬‬ ‫فقد كان على رغم صغر سنه في ذلك الوقت‪ ،‬إال أنه استطاع أن‬ ‫يجذب الشباب إلى منبره على الرغم من عدم إقامته في األحساء‪ ،‬بل‬ ‫كان يتردد عليها في المواسم كمحرم وصفر ورمضان‪ ،‬وكان‬ ‫الباحث أحد مرتادي مجالسه منذ عام ‪1361‬هـ‪ ،‬لذا فهو يفرغ في‬ ‫هذه السطور مشاهداته ووجهات نظره كمتابع ألحداث الساحة‬ ‫الخطابية الحسينية منذ ذلك التاريخ‪.‬‬ ‫نعم لقد استطاع الشيخ باقر الهاللي أن يجذب انتباه الشباب وذلك‬ ‫لتناوله بعض المواضيع الهامة في نظر أبناء ذلك الجيل الذين‬ ‫أصيبوا بفتور ديني‪ ،‬وكانوا ينظرون إلى الدين بأنه دين العجائز‪،‬‬ ‫حيث لم يأت بعد المد الديني الجارف على أثر انتصار الثورة‬ ‫اإلسالمية في إيران‪.‬‬ ‫ركز الشيخ في مجالسه آنذاك على المواضيع ذات الصفة العلمية في‬ ‫مجال االكتشافات العلمية الحديثة‪ ،‬وربطها بالدين من حيث القدرة‬ ‫اإللهية في الخلق واإلبداع‪ ،‬واإلشارات القرآنية إلى بعض هذه‬ ‫النظريات العلمية الحديثة‪ ،‬بما عنده من إلمام ولباقة في الحديث ودقة‬ ‫‪234‬‬


‫بالغة في التحليل‪ ،‬وكان ألسلوبه هذا آن ر ّو للدين الحنيف في‬ ‫أوساط الشباب‪ ،‬وبرهن لهم بأنه منها حياة‪ ،‬وليس كما يدعون أنه‬ ‫أفيون الشعوب كما كان يردد على صفحات المجالت والصحف‬ ‫والكتب‪ ،‬هذا إذا أخذنا عامال آخر غير أسلوبه العلمي وهو عامل‬ ‫السن المتقارب مع أولئك الشباب‪.‬‬ ‫فقد كان صغر سنه من أهم العوامل المؤثرة في لفت انتباههم‪ ،‬إذ لم‬ ‫يتعودوا أن يروا شابا في مقتبل العمر ويمارس الخطابة الحسينية‪،‬‬ ‫ويكون بهذه الثقافة واالنفتاح على العلم الحديث‪ ،‬فرحمه هللا رحمة‬ ‫األبرار‪ ،‬وكم تطلع الباحث أن يحصل على ترجمة لهذا الفقيد وقد‬ ‫بادر باالتصال بمن كان يتوقع منه التجاوب‪ ،‬ولكن حال بعد الزمان‬ ‫والمكان دون هذه األمنية‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬الخطابة الحسينية في األحساء‬ ‫في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ويشتمل على مبحثين‪:‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬بحث ميداني حول بعض مالمح الخطابة الحسينية‬ ‫في األحساء في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تراجم لخطباء أحسائيين معاصرين‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬بحث ميداني حول بعض مالمح‬ ‫الخطابة الحسينية في األحساء في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫رأى الباحث أن من األجدى عند كتابة هذا الجزء من البحث أن ال‬ ‫يتحدث عن واقع الخطابة الحسينية والشعائر اآلخرى المرتبطة بها‬ ‫من خالل انطباعاته الشخصية‪ ،‬ومالحظاته‪ ،‬أو االعتماد على أقوال‬ ‫‪236‬‬


‫الغير؛ لذا قرر توظيف أدوات البحث العلمي المعروفة بدقتها النسبية‬ ‫إذا ما قورنت باألدوات اآلخرى التي تقوم على الحدس والتخمين‪،‬‬ ‫وفي ظل خيار استخدام منهج البحث العلمي أيضا وقع بين عدة‬ ‫خيارات‪ ،‬إما أن يعمد إلى العينة الميسرة فيأخذ أيسر ما تمكن‬ ‫الوصول له‪ ،‬أو العينة التحكمية‪ ،‬فيتوجه إلى جهات بعينها بشكل‬ ‫مباشر العتقاده بأهمية تلك اآلراء وسدادها‪ ،‬أو أن يعمد إلى أخذ‬ ‫عينة عشوائية‪ ،‬من مجتمع دراسته حسب األصول المتبعة في‬ ‫اختيار العينات اإلحصائية‪ ،‬وقد رجح الخيار األخير لدقته النسبية‬ ‫في مجال البحث العلمي‪ ،‬وخلوها من التحيز‪ ،‬وخالل هذا المبحث‬ ‫تطلع الباحث أن يقدم إجابات على أسئلة عدة عن هدف البحث‬ ‫الميداني‪ ،‬و ما مدى أهميته؟ وما المنهجية المتبعة في البحث؟ وما‬ ‫هي أبرز الصعوبات التي واجهت الباحث خالل البحث؟ وأبرز‬ ‫النتائج التي توصل لها الباحث؟ و ما هي التوصيات التي طرحها؟‬ ‫وذلك عبر عدة مطالب كما يلي‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الهدف من البحث‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬منهج البحث‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مجتمع البحث‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬صعوبات جمع البيانات‪.‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬تحديد عينة البحث العشوائي‪.‬‬ ‫المطلب السادس‪ :‬استمارة االستبيان الموجهة إلى عينة البحث‬ ‫العشوائي‪.‬‬ ‫المطلب السابع‪ :‬نتائج البحث الميداني‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الهدف من البحث‪.‬‬ ‫البحث الميداني استهدف القيام بجمع بيانات صادقة عن واقع‬ ‫الخطابة الحسينية في األحساء في عدة جوانب منها‪:‬‬ ‫‪-1‬قياس مدى اهتمام خطباء المنبر الحسيني في تناول األغراض‬ ‫الخطابية التالية‪-:‬‬ ‫‪213‬‬


‫أ‪ -‬المفاهيم العقائدية الهامة‪ ،‬والتي تمثل الكم المطلوب على المكلف‬ ‫شرعا أن يعتقد بها‪.‬‬ ‫ب‪ -‬حث المجتمع على تعلم المسائل الشرعية‪ ،‬والتي من الممكن أن‬ ‫تكون موضع االبتالء‪ ،‬والحاجة إليها‪.‬‬ ‫المواضيع التربوية التي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة بشكل‬‫خاص والمجتمع بشكل عام‪.‬‬ ‫د‪ -‬توعية الشباب حتى ال يقعوا فريسة لرفقاء السوء‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬تعريف المجتمع بعلماء المذهب وعنائهم في سبيل حفظ‬ ‫الشريعة‪ ،‬وسيرتهم الذاتية‪.‬‬ ‫و‪ -‬طرح المسائل الخالفية من خالل إطار الوحدة اإلسالمية‪.‬‬ ‫ز‪ -‬إذكاء مشاعر الحزن واللوعة في تصوير مصائب أهل البيت‬ ‫عليهم السالم‪.‬‬ ‫ي‪ -‬االهتمام بالعنصر النسائي ثقافةً‪ ،‬وسلوكا ً‪ ،‬وتحصينا ً ضد‬ ‫الشعارات الوافدة‪.‬‬ ‫‪ -2‬قياس مقدار عطاء الخطباء الحسينيين المعاصرين‪ ،‬وتحديد‬ ‫أبرزهم في تناول األغراض الخطابية المشار إليها سابقا‪.‬‬ ‫‪ -3‬قياس مقدار اقتناع األفراد بممارسة الشعائر الحسينية اآلخرى‬ ‫كالعزاء المتمثل في ضرب الصدور‪ ،‬والشبيه أثناء المجلس‬ ‫والتطبير‪ ،‬وتحديد دوافع األفراد في ممارسة ذلك‪ ،‬أو تأييده لتلك‬ ‫الظاهرة‪.‬‬ ‫‪ -2‬قياس وجهة نظر مجتمع الدراسة نحو أهمية المواضيع‬ ‫الخطابية‪ ،‬وترتيب أولوية طرحها من خالل المنبر الحسيني في‬ ‫الوقت الراهن‪.‬‬ ‫‪ -1‬قياس وجهة نظر مجتمع الدراسة نحو تقسيم وقت المآتم بين‬ ‫الجانب الموضوعي فيه الذي يركز على رفع الجانب الفكري لدى‬ ‫‪211‬‬


‫المستمعين من خالل تفسير النصوص وتحليلها وأخذ العظة والعبرة‬ ‫منها‪ ،‬والجانب العاطفي المأساوي الذي يتناول ما جرى على اإلمام‬ ‫الحسين وأهل بيته وكذا بقية المعصومين عليهم السالم‪ ،‬وهل هناك‬ ‫رغبة في زيادة أي جانب عن التركيبة القائمة حاليا للمأتم والمتمثل‬ ‫في جعل ‪ %43‬من وقته للجانب العلمي الموضوعي‪،‬و‪%23‬‬ ‫لجانب العاطفة وإبراز المصيبة والعزاء على أهل البيت عليهم‬ ‫السالم‪ ،‬وذلك بمراعاة الفرق بين أيام عاشوراء والمناسبات‬ ‫اإلسالمية اآلخرى في سائر أيام السنة‪.‬‬ ‫‪ -1‬قياس رغبة المستمعين في الزمن الذي يستغرقه المأتم‪ ،‬مع‬ ‫مراعاة أيضا الفرق بين أيام عاشوراء‪ ،‬والمناسبات اآلخرى وبين‬ ‫األيام العادية خالل العام‪.‬‬ ‫‪ -1‬قياس رغبة المستمعين في وقت انعقاد المأتم مع مراعاة الفرق‬ ‫بين أيام عاشوراء والمناسبات اآلخرى‪ ،‬وبين األيام العادية خالل‬ ‫العام‪.‬‬ ‫‪ -4‬استجالء وجهة نظر فئة المجتهدين‪ ،‬والفضالء في المستوى‬ ‫العلمي للخطيب الحسيني‪.‬‬ ‫‪ -6‬معرفة األسلوب الخطابي المناسب للمجتمع في الوقت الراهن‬ ‫من حيث المستوى اللغوي‪ ،‬واستخدام المصطلحات في المأتم‬ ‫واألسلوب األدبي في إيصال األفكار‪.‬‬ ‫‪ -13‬معرفة مستوى الخطابة في األحساء قبل (‪11‬سنة) مقارنة‬ ‫بالوقت الراهن‪.‬‬ ‫‪ -11‬معرفة مستوى الخطابة الحسينية في الوقت الراهن‪.‬‬

‫‪212‬‬


‫‪ -12‬معرفة التوقعات عن مستوى الخطابة في األحساء بعد ‪11‬سنة‬ ‫مقارنة بالوضع الراهن‪.‬‬ ‫‪ -13‬معرفة مدى والء الناس للمنبر الحسيني في الوقت الراهن‪.‬‬ ‫‪ -12‬معرفة مدى تأثير المنبر الحسيني في حياة الناس في الوقت‬ ‫الراهن‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أهمية البحث‪.‬‬ ‫سيكشف البحث عن أوجه قصور المأتم في األحساء في تناول بعض‬ ‫األغراض الخطابية الهامة السابق ذكرها‪ ،‬مما يسهل على خطبائنا‬ ‫األفاضل في ترتيب أولية أبحاثهم التي سوف تطرح مستقبال إن شاء‬ ‫هللا‪ ،‬كما سينقل لألجيال القادمة صورة صادقة ولو بشكل تقريبي عن‬ ‫واقع الخطابة في األحساء في زمن البحث الميداني‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬منهج البحث‪.‬‬ ‫اعتمد البحث على األسلوب الميداني القائم على تعبئة استمارات‬ ‫االستبيان من خالل المقابلة الشخصية لعينة مجتمع الدارسة‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مجتمع الدارسة‪.‬‬ ‫اختار الباحث الحوزويين مجتمعا لدراسته‪ ،‬وقسمهم إلى ثالث‬ ‫مجموعات هي‪:‬‬ ‫المجموعة األولى‪ :‬فئة المجتهدين‪.‬‬ ‫المجموعة الثانية‪ :‬فئة الفضالء‪.‬‬ ‫المجموعة الثالثة‪ :‬فئة الطلبة‪.‬‬

‫‪213‬‬


‫السبب في جعل الحوزويين مجتمع الدارسة‪:‬‬ ‫تم اختيار الحوزويين مجتمعا للدراسة الباحث وذلك يعود الشتمال‬ ‫استمارة االستبيان على أسئلة تحتا إلى مستوى علمي معين‪،‬‬ ‫وإحاطة ببعض شئون المنبر والتوعية اإلسالمية‪ ،‬هذا من جهة ومن‬ ‫جهة أخرى إلمكانية حصر أعداد هذه الفئات‪ ،‬وبالتالي التمكن من‬ ‫اختيار عينة عشوائية منهم ممثلة لمجتمع الدراسة‪ ،‬وذلك اعتمادا‬ ‫على األسلوب القائم على العمليات اإلحصائية المعروفة في تصميم‬ ‫العينات‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬صعوبة جمع البيانات‪.‬‬ ‫استغرق الباحث خمسة شهور تقريبا في كتابة هذه الدراسة‪ ،‬بما‬ ‫فيها البحث الميداني‪ ،‬وتلك الشهور هي‪ :‬جمادى الثاني‪ ،‬و رجب‪،‬‬ ‫وشعبان‪ ،‬و رمضان‪ ،‬وجزء من شهر شوال‪ ،‬وهي مدة قصيرة‬ ‫إلجراء بحث ميداني فضال عن القيام بدراسة تبحث عن تطور‬ ‫األغراض الخطابية الحسينية عبر التاريخ‪ ،‬وتدوين ما يخص المآتم‬ ‫الحسينية في األحساء‪ ،‬على اعتبار أنها عينة من المجتمعات التي‬ ‫تفاعلت مع أحداث مقتل اإلمام الحسين الشريف عليه السالم منذ‬ ‫واقعة الطف‪ .‬هذا إذا وضعنا في االعتبار النقص الكبير في‬ ‫المراجع‪ ،‬والكتب التي تناولت هذا الجانب‪ ،‬وهذا في حد ذاته كلف‬ ‫الوقت الكثير‪.‬‬ ‫هذا وقد واجه الباحث الكثير من المعاناة في جمع البيانات الميدانية‬ ‫والسبب يعود إلى اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬انتشار مجتمع الدارسة جغرافيا‪ ،‬خار نطاق مدينة الهفوف‬ ‫والمبرز‪ ،‬فقد شملت العديد من الحوزويين المتواجدين في كل من‪:‬‬ ‫قرية القارة‪ ،‬والرميلة‪ ،‬والدالوة‪ ،‬والبطالية‪ ،‬والشعبة‪.‬‬

‫‪212‬‬


‫‪-2‬إن فترة جمع البيانات صادفت من الناحية التاريخية أيام عطلة‬ ‫فصل الربيع‪ ،‬وهذا مما أدى إلى ندرة فرصة االلتقاء بالطلبة لذهاب‬ ‫أغلبهم إلى أداء العمرة أو زيارة الرسول األكرم صلى هللا عليه‬ ‫وآله‪.‬‬ ‫‪-3‬تخلل أيضا فترة جمع البيانات شهر رمضان المبارك‪ ،‬وهي فترة‬ ‫لها خصوصيتها‪ ،‬من حيث كثرة الزيارات‪ ،‬وازدحام البرنامج‬ ‫اليومي بأعمال يكثر تواجد الطلبة خار بيوتهم‪.‬‬ ‫‪-2‬ارتباط الباحث بإنهاء الدراسة إلى جهة علمية لتحكيمه بحيث ال‬ ‫يتجاوز تاريخ ‪ 21‬شوال ‪1213‬هـ‪.‬‬ ‫وعليه فقد كان من آثار تلك المعوقات في جمع بيانات الدراسة أن‬ ‫الباحث لم يتمكن من مقابلة جميع أفراد عينة البحث والذين من‬ ‫المقرر مقابلتهم وكان عددهم كاآلتي‪-:‬‬ ‫ مجتهد واحد‪.‬‬‫ فاضالن‪.‬‬‫ اثنان وعشرون طالب علم‪.‬‬‫أما المجتهد فلم يتمكن الباحث من مقابلته على الرغم من كثرة‬ ‫المواعيد التي أخذها منه‪ ،‬وذلك النشغاله الدائم‪ ،‬وقد حاول مقابلة‬ ‫واستبيان المجتهد اآلخر‪ ،‬وقد تم اللقاء ولكن اعتذر عن اإلدالء بأية‬ ‫إجابة‪.‬‬ ‫أما فئة الطلبة فعلى الرغم أن العدد يتمثل في ‪ 22‬طالب فقط‪ ،‬إال أن‬ ‫الباحث لم يتمكن من مقابلتهم جميعا‪ ،‬فقد كان نصيبه ‪12‬طالبا‪ ،‬وذلك‬ ‫خالل ‪ 33‬زيارة لهم في منازلهم وكان أسباب عدم إجابة العشرة‬ ‫الباقين‪ ،‬تعود إلى رفض بعضهم اإلجابة‪ ،‬وسفر البعض اآلخر‪،‬‬ ‫ومنهم لظروف خاصة لم تتم مقابلته‪.‬‬ ‫والباحث إذ يذكر هذه الظروف والمالبسات لغرض علمي على أقل‬ ‫تقديراته أن يتعرف الباحثون الراغبون في إجراء دراسة على‬ ‫‪211‬‬


‫مجتمع طالب العلم‪ ،‬والفضالء‪ ،‬والمجتهدين‪ ،‬من حيث الظروف‬ ‫المحتملة في مثل الحاالت التي واجهها الباحث‪ ،‬زمانا‪ ،‬ومكانا‪.‬‬

‫المطلب السادس‪ :‬تحديد عينة البحث العشوائي‪.‬‬ ‫أعتمدت الدراسة عينة من مجتمع الدارسين للعلوم الدينية في منطقة‬ ‫األحساء‪ ،‬وقد تم تصنيفهم على اعتبار المستويات العلمية‪،‬المعمول‬ ‫بها في أوساط الحوزات العلمية إلى ثالث مجموعات‪ ،‬ويمكن‬ ‫الرجوع إلى مقدمة البحث للوقوف على المراد من تلك التصنيفات‪،‬‬ ‫وتلك كما يلي‪:‬‬ ‫المجموعة األولى‪ :‬مجموعة المجتهدين وعددهم اثنان‪.‬‬ ‫المجموعة الثانية‪ :‬مجموعة الفضالء وعددهم خمسة عشر فاضال‪.‬‬ ‫المجموعة الثالثة‪ :‬مجموعة الطلبة وعددهم مائة واثنان وستون‬ ‫طالبا‪.‬‬ ‫وتم اعتماد العينة العشوائية في الدراسة‪.‬‬ ‫ومن المجتمع المذكور تم حساب العينة بموجب المعادلة التالية‪-:‬‬ ‫حجم العينة = العينة األولية ‪ (+1( /‬العينة األولية – ‪/ ) 1‬‬ ‫(مجتمع الدارسة ))‪.‬‬ ‫‪(William G. Cochnan, Sampling Techniques, 1977,‬‬ ‫‪3 Ed).‬‬ ‫وقد تم اعتبار مجتمع الدارسة حسب ما تم ذكره آنفا‪ ،‬ومجموعهم‬ ‫مائة وتسعة وسبعون فردا (‪.)116‬‬ ‫وتم حساب العينة األولية بموجب المعطيات التالية‪-:‬‬ ‫العينة األولية = )‪DD/ (T2) x (PQ‬‬ ‫‪211‬‬


‫وقد تم اعتماد االفتراضات ‪ Assumptions‬التالية‪-:‬‬ ‫‪ -1‬حيث أن ‪ T‬تعني احتمال الثقة وجعلناها نسبة ‪ %66‬وبالتالي‬ ‫تصبح ‪.14،2 =T‬‬ ‫‪ -2‬وحيث أن ‪ D‬تعني درجة الثقة وهي عبارة عن الخطأ المتوقع في‬ ‫التقدير وهي تساوي ‪.3.1‬‬ ‫‪ -3‬وحيث أن ‪ P‬تعني نسبة النجاح‪ ،‬و ‪ Q‬تعني احتمال عدم النجاح‬ ‫فقد تم احتساب المعامل المعياري وهو عبارة عن حاصل ضرب ‪Q‬‬ ‫في ‪ P‬على أساس أن ‪ 3.1 =P‬بينما ‪.3.1 = 3.1-1 =Q‬‬ ‫وعليه تم التوصل إلى أن حجم العينة المقبول على أساس العملية‬ ‫المذكورة آنفا = ‪ 21‬فردا‪ ،‬وبموجب نسبة كل فرد في المجتمع‬ ‫الدارسة تم تحديد عينة لكل فرد في مجتمع الدراسة‪ ،‬ثم تحديد عينة‬ ‫لك فئة كالتالي‪:‬‬ ‫فئة المجتهدين = ‪ 1‬مجتهد‬ ‫فئة الفضالء = ‪ 2‬فاضالن‬ ‫فئة الطلبة = ‪ 22‬طالب‬

‫المطلب السابع‪ :‬استمارة الستبيان الموجهة إلى عينة‬ ‫البحث العشوائي‪.‬‬ ‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم‬ ‫على محمد وآله‪ ،‬أما بعد‪،‬‬ ‫سماحة‪ /‬فضيلة‪....‬‬ ‫تستهدف الدراسة معرفة واقع الخطابة الحسينية في األحساء في‬ ‫عهدها الراهن‪ ،‬وقد تم اختيار شخصكم الكريم لإلجابة على أسئلة‬ ‫عدة بهدف إنجاز هذا الغرض العلمي‪.‬‬

‫‪211‬‬


‫واالستبانة المرفقة تشتمل على أسئلة عدة كما يلي‪:‬‬ ‫السؤال األول‪:‬‬ ‫الفقرات التالية تهتم بقياس ما استأثرت به المآتم الحسينية المنعقدة‬ ‫في مدينة األحساء‪ ،‬وذلك بهدف توعية المجتمع‪.‬‬ ‫الرجاء التكرم باختيار اإلجابة المناسبة من اإلجابات الموجودة أسفل‬ ‫كل فقرة‪ ،‬مع ذكر أفضل خطيب قام باسهامات بارزة في الموضوع‬ ‫المذكور في كل فقرة‪.‬‬ ‫الموضوع األول‪ :‬المفاهيم العقائدية الهامة التي تمثل الكم المطلوب‬ ‫على المكلف شرعا أن يعتقد بها‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫أذكر أفضل خطيب من حيث إسهاماته في هذا الموضوع هو‪.-:‬‬ ‫الموضوع الثاني‪ :‬دفع المجتمع إلى تعلم المسائل الشرعية الالزمة‬ ‫لهم في العبادات والمعامالت‪ ،‬والتي من الممكن أن تكون موضع‬ ‫ابتالء الناس‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬‫‪214‬‬


‫الموضوع الثالث‪ :‬المواضيع التربوية والتي تتعلق بسلوك األفراد‪،‬‬ ‫داخل األسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬‫الموضوع الرابع‪ :‬توعية الشباب بالمخاطر المحيطة به‪ ،‬حتى ال‬ ‫يقعوا فريسة لرفقاء السوء وينخرطوا في طريق الرذيلة والفساد‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬‫الموضوع الخامس‪ :‬تعريف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري وعن‬ ‫إسهاماتهم في حفظ الشريعة اإلسالمية بالكلمة‪ ،‬وتأليف الكتب‪،‬‬ ‫وتأسيس المشاريع اإلسالمية‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪216‬‬


‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬‫الموضوع السادس‪ :‬المسائل الخالفية مع المذاهب اإلسالمية‬ ‫اآلخرى‪ ،‬وتوضيح مالبساتها والشروح الوافية ألدلة الشيعة فيما‬ ‫تعتقد به‪ ،‬وذلك في إطار الوحدة اإلسالمية‪ ،‬دون إذكاء للنعرات‬ ‫المذهبية‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬‫الموضوع السابع‪ :‬إذكاء مشاعر الحزن واللوعة في تصوير‬ ‫مصائب أهل البيت عليهم السالم‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬‫الموضوع الثامن‪ :‬االهتمام بالعنصر النسائي وذلك بتشخيص‬ ‫الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عواتقهن‪ :‬كأداء الحقوق‬ ‫‪223‬‬


‫الزوجية‪ ،‬والعائلية‪ ،‬وتوجيههن الستغالل أوقاتهن بالقراءة‪,‬‬ ‫واإلطالع وغيرها من الواجبات‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬‫الموضوع التاسع‪ :‬األهتمام بالعنصر النسائي وذلك بتوعيتهن ضد‬ ‫الشعارات الوافدة التي تحاول أن تفقدهن أصالتهن‪ ،‬وتدفعهن إلى‬ ‫اهتمامات وممارسات غير شرعية مثل‪ :‬التخلي عن االلتزام‬ ‫بالحجاب اإلسالمي‪.‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب‪.‬‬ ‫من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟‬ ‫السؤال الثاني‪-:‬‬ ‫ما مدى اهتمام الخطباء في األحساء بحسن سبك الموضوع‪،‬‬ ‫واالعتناء بالوحدة الموضوعية في البحث‪.‬‬ ‫‪-1‬ال يوجد‪.‬‬ ‫‪-2‬يوجد بنحو قليل‪.‬‬ ‫‪221‬‬


‫‪-3‬يوجد بنحو متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بنحو كثير‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب في هذا المجال؟‬‫السؤال الثالث‪-:‬‬ ‫ما مدى اهتمام الخطباء في األحساء بالصياغة األدبية الراقية‬ ‫لمفرداته اللغوية‪ ،‬القريبة من أذهان المستمعين‪.‬‬ ‫‪-1‬ال يوجد‪.‬‬ ‫‪-2‬يوجد بنحو قليل‪.‬‬ ‫‪-3‬يوجد بنحو متوسط‪.‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بنحو كثير‪.‬‬ ‫ من هو أفضل خطيب في هذا المجال؟‬‫السؤال الرابع‪-:‬‬ ‫ماذا تفضل أن يركز عليه الخطيب في الوقت الراهن مع مراعاة‬ ‫التفريق بين أيام عاشوراء والمناسبات من وفيات ومواليد ألهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪ ،‬واألحداث اإلسالمية‪ ،‬وبين سائر األيام العادية‬ ‫على طول العام‪.‬‬

‫الموضوع‬

‫أيام‬ ‫عاشوراء‬ ‫والمناسبات‬ ‫الدينية‬ ‫اآلخرى‬

‫األيام العادية‬

‫أ‪-‬التركيز على‬ ‫الموضوع بشكل‬ ‫أكبر مما هو عليه‬ ‫‪222‬‬


‫األن‪.‬‬ ‫ب‪-‬التركيز على‬ ‫الجانب المأساوي‬ ‫بشك أكبر مماعليه‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫االحتفاظ بما هو‬‫متبع في الوقت‬ ‫الراهن‪.‬‬ ‫السؤال الخامس‪-:‬‬ ‫ماهو الوقت الذي تفضله في مدة القراءة‪.‬‬ ‫الموضوع‬

‫أيام عاشوراء‬ ‫والمناسبات‬ ‫الدينية‬ ‫اآلخرى‬

‫األيام العادية‬

‫‪-1‬أكثر من ‪13‬دقيقة‬ ‫‪-2‬من ‪13‬دقيقة إلى‬ ‫‪ 21‬دقيقة‬ ‫‪-3‬من ‪21‬دقيقة إلى‬ ‫‪ 33‬دقيقة‬ ‫‪-2‬أقل من ‪33‬دقيقة‬

‫‪223‬‬


‫الموضوع‬

‫أيام عاشوراء‬ ‫والمناسبات الدينية‬ ‫اآلخرى‬

‫األيام العادية‬

‫‪-1‬من بعد صالة الفجر‬ ‫وحتى ‪ 1‬صباحا‪.‬‬ ‫‪-2‬من ‪ 1‬صباحا وحتى‬ ‫‪ 11‬صباحا‪.‬‬ ‫‪-3‬من ‪ 2‬ظهرا وحتى‬ ‫‪ 3.1‬عصرا‪.‬‬ ‫‪-2‬من ‪ 3.1‬عصرا‬ ‫وحتى المغرب‪.‬‬ ‫‪-1‬من بعد صالة‬ ‫المغرب وحتى الساعة‬ ‫‪ 13‬مساء‪.‬‬ ‫‪-1‬من الساعة ‪13‬مساء‪،‬‬ ‫وحتى منتصف الليل‪.‬‬ ‫السؤال السادس‪-:‬‬ ‫ماهو الوقت الذي تفضله ألنعقاد المآتم مع مراعاة الفرق الوارد في‬ ‫السؤال الخامس‬ ‫السؤال السابع‪-:‬‬ ‫ما هو تقييمك لممارسة الشعائر الحسينية التالية في الوقت الراهن‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬العزاء الحسيني بشكل عام‬ ‫( ‪ ) 2‬غير جيد‬ ‫(‪ )1‬جيد‬

‫( اختر اإلجابة المناسبة )‬

‫إذا كانت اإلجابة بـ ( جيد )‪ ،‬اختر السبب مع تحديد الكم الذي يمثل‬ ‫وجهة نظركم‪.‬‬ ‫قليل‬ ‫متوسط‬ ‫كثير‬ ‫الموضوع‬ ‫‪222‬‬


‫أ‪-‬ألن به تربوية‪.‬‬ ‫ب‪-‬له طابع الحماس الديني‪.‬‬ ‫فيه أداء ومواساة ألهل البيت‬‫عليه السالم‪.‬‬ ‫د‪-‬فيه طابع التعبير االستنكاري‬ ‫الصارخ لما جرى على اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬فيه اقتداء بزينب لما ضربت‬ ‫رأسها بمقدم المحمل حزنا على‬ ‫أخيها الحسين (كما في الرواية)‪.‬‬ ‫و‪-‬كل ما بسق‪.‬‬ ‫ز‪-‬ال شئ مما سبق‪.‬‬

‫إذا كانت اإلجابة بـ (غير جيد ) اختر السبب مع تحديد الحكم الذي‬ ‫يمثل وجهة نظركم‪:‬‬ ‫قليل‬ ‫متوسط‬ ‫كثير‬ ‫الموضوع‬ ‫أ‪-‬ألن العزاء يسئ إلى سمعة‬ ‫المذهب بشكل عام عند الغير‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ألن العزاء يسئ إلى سمعة‬ ‫الشعائر الحسينية عند الغير‪.‬‬ ‫ألن الضرب على الصدور‬‫لن يقدم في قضية الحسين عليه‬ ‫السالم شيء‪.‬‬ ‫د‪-‬كل ما سبق‪.‬‬ ‫هـ‪-‬ال شيء مما سبق‪.‬‬

‫‪221‬‬


‫ثانيا‪-:‬التشبيه في أثناء المجلس وخار المجلس الحسيني (اختر‬ ‫اإلجابة المناسبة)‪.‬‬ ‫( ‪ ) 1‬جيد ( ‪ ) 2‬غير جيد‬ ‫إذا كانت اإلجابة بـ ( جيد )‪ :‬اختر السبب مع تحديد الكم الذي يمثل‬ ‫وجهة نظركم‪:‬‬ ‫قليل‬ ‫متوسط‬ ‫كثير‬ ‫الموضوع‬ ‫أ‪-‬ألنه يجسد صورة المأساة‬ ‫والظلم الذي وقع على أهل‬ ‫البيت بشكل واضح‪.‬‬ ‫ب‪-‬ألنه يثير مشاعر الحزن‬ ‫واللوعة بشكل أكبر‪.‬‬ ‫ألنه يقرب صورة المأساة إلى‬‫أذهان األطفال‪.‬‬ ‫د‪-‬كل ما سبق‪.‬‬ ‫هـ‪-‬ال شيء مما سبق‪.‬‬ ‫إذا كانت اإلجابة بـ (غير جيد) اختر السبب مع تحديد الكم الذي‬ ‫يمثل وجهة نظركم‪:‬‬ ‫قليل‬ ‫متوسط‬ ‫كثير‬ ‫الموضوع‬ ‫أ‪-‬ألنها تخل بوقار الشعائر‬ ‫الحسينية عند الناس‪.‬‬ ‫ب‪-‬صعوبة تصوير شخصية‬ ‫اإلمام المعصوم أو أحد أهل بيته‬ ‫وأصحابه في شخصية إنسان‬ ‫عادي‪.‬‬ ‫ألنها تسئ إلى سمعة الشعائر‬‫الحسينية عند الغير‪.‬‬ ‫‪221‬‬


‫د‪-‬ألنها تسئ إلى سمعة المذهب‬ ‫بشكل عام عند الغير‪.‬‬ ‫هـ ‪-‬كل ما سبق‪.‬‬ ‫و‪-‬الشيء مما سبق‪.‬‬ ‫( اختر اإلجابة المناسبة)‪:‬‬ ‫ثالثا‪ -:‬التطبير‬ ‫‪-2‬غير جيد‬ ‫‪-1‬جيد‬ ‫إذا كانت اإلجابة بـ (جيد ) اختر السبب مع تحيد الكم الذي يمثل‬ ‫وجهة نظركم‪.‬‬ ‫قليل‬ ‫متوسط‬ ‫كثير‬ ‫الموضوع‬ ‫أ‪-‬ألن به معان تربوية‪.‬‬ ‫ب‪-‬له طابع الحماس الديني‪.‬‬ ‫فيه أداء ومواساة ألهل البيت‬‫عليهم السالم‪.‬‬ ‫د‪-‬فيه تعبير استنكاري صارخ‬ ‫لما جرى على الحسين‬ ‫هـ‪-‬فيه اقتداء بزينب عليها‬ ‫السالم لما ضربت رأسها‬ ‫بمقدمة المحمل حزنا على أخيها‬ ‫الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫و ‪-‬كل ما سبق‪.‬‬ ‫ز‪-‬الشيء مما سبق‪.‬‬ ‫إذا كانت اإلجابة بـ (غير جيد) اختر السبب مع تحديد الكم الذي‬ ‫يمثل وجهة نظركم‪:‬‬ ‫قليل‬ ‫متوسط‬ ‫كثير‬ ‫الموضوع‬

‫‪221‬‬


‫أ‪-‬ألن العزاء يسئ إلى سمعة‬ ‫المذهب بشكل عام عند الغير‪.‬‬ ‫ب‪-‬ألن العزاء يسئ إلى سمعة‬ ‫الشعائر الحسينية عند الغير‪.‬‬ ‫أن الضرب على الصدور لن‬‫يقدم في قضية الحسين شيء‪.‬‬ ‫د‪-‬كل ما سبق‪.‬‬ ‫هـ ‪-‬ال شيء مما سبق‪.‬‬ ‫السؤال الثامن‪ ( :‬هذا السؤال يطرح على فئة المجتهدين والفضالء‬ ‫فقط)‪.‬‬ ‫هل تفضيل أن يكون الخطيب حوزويا‪( .‬اختر اإلجابة المناسبة)‬ ‫‪-1‬نعم‬

‫‪ -2‬ال‬

‫إذا كانت اإلجابة بـ (نعم)‪ ،‬يرجى التكرم باختيار المستوى الدراسي‬ ‫من االختيارات التالية‪:‬‬ ‫أ‪-‬أنهى دروس المقدمات‪.‬‬ ‫ب‪-‬أنهى دروس السطوح‪.‬‬ ‫يدرس في مرحلة البحث الخار ‪.‬‬‫إذا كانت اإلجابة بـ (ال ) اختر السبب مع تحيد الحكم الذي يمث‬ ‫وجهة نظركم‪:‬‬ ‫قليل‬ ‫متوسط‬ ‫كثير‬ ‫الموضوع‬ ‫أ‪-‬يكفي للخطيب أن يطلع على‬ ‫كتب السيرة واألخالق‪.‬‬ ‫ب‪-‬يكفي للخطيب أن يستمع إلى‬ ‫الخطباء‪.‬‬ ‫كل ما سبق‪.‬‬‫د‪-‬ال شيء مما سبق‪.‬‬ ‫‪224‬‬


‫السؤال التاسع‪:‬‬ ‫ما هو تقييمك لألسلوب الخطابي المناسب للمجتمع من النواحي‬ ‫التالية‪( ،‬اختر اإلجابة المناسبة من وجهة نظرك)‬ ‫‪-1‬المستوى اللغوي‪:‬‬ ‫أ‪-‬استخدام اللغة الفصحى‬ ‫ب‪-‬استخدام العامية‪.‬‬ ‫بين العامية والفصحى‪.‬‬‫‪-2‬استخدام المصطلحات الفنية‪-:‬‬ ‫أ‪-‬أن تكون صرفة دون توضيح‪.‬‬ ‫ب‪-‬استخدامها مع التوضيح‪.‬‬ ‫عدم استخدامها مطلقا‪.‬‬‫‪-3‬استخدام األسلوب األدبي في إيصال األفكار‪:‬‬ ‫أ‪-‬يستخدم بكثرة‪.‬‬ ‫ب‪-‬بشكل متوسط‪.‬‬ ‫بشكل نادر‪.‬‬‫السؤال العاشر‪:‬‬ ‫ما رأيك في مستوى الخطابة قبل ‪ 11‬سنة مقارنة بالوضع الراهن‬ ‫في منطقة األحساء (اختر اإلجابة المناسبة من وجهة نظرك)‬ ‫أ‪-‬أفضل‪.‬‬ ‫ب‪-‬مساوي‪.‬‬ ‫أسوأ‪.‬‬‫السؤال الحادي عشر‪:‬‬ ‫ما رأيك في مستوى الخطابة في الوقت الراهن بمنطقة األحساء‪.‬‬ ‫أ‪-‬ممتاز‪.‬‬ ‫ب‪-‬جيد جدا‪.‬‬ ‫جيد‪.‬‬‫‪226‬‬


‫د‪-‬ضعيف‪.‬‬ ‫السؤال الثاني عشر‪:‬‬ ‫ما هي توقعاتك لمستوى الخطابة في األحساء بعد ‪ 11‬سنة مقارنة‬ ‫بالوضع الراهن لو استمرت الخطابة على هذا االتجاه ( اختر‬ ‫اإلجابة المناسبة)‬ ‫أ‪-‬أفضل‪.‬‬ ‫ب‪-‬مساوي‪.‬‬ ‫أسوأ‪.‬‬‫السؤال الثالث عشر‪:‬‬ ‫ما مدى تأثير المنبر الحسيني في حياة الناس في الوقت الراهن‬ ‫(اختر اإلجابة المناسبة)‬ ‫أ‪-‬ممتاز‪.‬‬ ‫ب‪-‬جيد جدا‪.‬‬ ‫جيد‪.‬‬‫د‪-‬ضعيف‪.‬‬ ‫السؤال الرابع عشر‪:‬‬ ‫ما مدى والء الناس للمنبر الحسيني في الوقت الراهن؟‬ ‫أ‪-‬ممتاز‪.‬‬ ‫ب‪-‬جيد جدا‪.‬‬ ‫جيد‪.‬‬‫د‪-‬ضعيف‪.‬‬

‫المطلب الثامن‪ :‬نتائج الستبيان‪.‬‬ ‫قام الباحث بتفريغ البيانات الواردة في استمارات االستبيان‪ -‬في‬ ‫جداول معدة مسبقا لذلك‪ ،‬وأجرى عليها بعض المعالجات الرياضية‪،‬‬ ‫والمتمثلة في إخرا المتوسط الحسابي آلراء عينة الدراسة في كل‬ ‫‪233‬‬


‫فقرات االستبانة‪ ،‬والعينة المشار إليها تشمل فئتي الطلبة‪ ،‬والفضالء‬ ‫فقط‪ ،‬وذلك العتذار فئة المجتهدين عن اإلدالء بآرائهم كما تم ذكره‬ ‫سالفا‪.‬‬ ‫وقد أسفرت هذه العملية عن نسب مئوية تمثل آراء عينة البحث‪،‬‬ ‫وهي نسب متفاوتة في المقادير حول كل نقطة‪ ،‬وذلك يرجع إلى‬ ‫اختالف وجهات نظر مجتمع الدارسة وعلى الرغم من انخفاض‬ ‫عدد أفراد عينة البحث‪ ،‬الذين تمت مقابلتهم وأخذ وجهات نظرهم‪،‬‬ ‫اال أن كثيرا من تلك الفقرات لم يبدو تشتتا كبيرا في نتائجها‪ ،‬بحيث‬ ‫يصعب تحقيق أهداف البحث‪ ،‬بينما جاء البعض من تلك الفقرات‬ ‫مشتت النتائج‪ ،‬وهذا أمر طبيعي وظاهرة صحية في البحوث‬ ‫الميدانية‪ .‬وقد يجد القارئ أن هناك نقصا في بعض النسب المئوية‬ ‫بحيث أنها لم تصل في مجموعها إلى ‪ ،%133‬وذلك يعود إلى أن‬ ‫بعض عينات البحث أحجمت عن اإلجابات على بعض األسئلة‪.‬‬ ‫نتيجة السؤال األول‪-:‬‬ ‫السؤال األول‪ ،‬يتضمن ‪ 6‬فقرات وكل فقرة تتضمن شقين‪ ،‬الشق‬ ‫األول وهو يتعلق بقياس مقدار ما استأثرت به المآتم الحسينية في‬ ‫األحساء بأحد األغراض الخطابية‪ ،‬والشق الثاني متعلق بتحديد‬ ‫أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول الغرض الخطابي الذكور‬ ‫في الشق األول‪.‬‬ ‫ونظرا لوجود تشتت في نتائج أسئلة الشق الثاني فقد قرر الباحث أن‬ ‫ال يذكر إال أسماء من حازوا على ‪ %13‬فأكثر من آراء عينة‬ ‫البحث؛ لتحقق معنى البروز الذي تم قصده عند طرح السؤال على‬ ‫العينة‪.‬‬ ‫ففيما يتعلق بالموضوع األول والذي يتضمن السؤال عن مقدار‬ ‫تناول المفاهيم العقائدية الهامة‪ ،‬التي تمثل الكم المطلوب على‬ ‫المكلف شرعا أن يعتقد بها فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول اآلتي‬ ‫رقم (‪)1‬‬ ‫‪231‬‬


‫جدول رقم ( ‪ :) 4‬مقدار تناول الخطباء األحسائيين للمفاهيم‬ ‫العقائدية الهامة‪ ،‬التي تمثل الكم المطلوب على المكلف شرعا أن‬ ‫يعتقد بها‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‬ ‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫‪%13‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫هذا المقدار‬ ‫قليل‬ ‫‪% 23‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫متوسط‬ ‫واآلخر منهم يميل‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫إلى هذا المقدر‬ ‫كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل‬ ‫أكثر من المطلوب‬ ‫أما الشق اآلخر‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي‪ ،‬فقد أشارت عينة البحث‬ ‫إلى الشيخ علي الدهنين‪ ،‬وبنسبة إجمالية مقدارها ‪ %11‬بما فيهم‬ ‫رأي االثنين من أصحاب الفضيلة‪.‬‬ ‫أما الموضوع الثاني والذي يتضمن السؤال عن مقدار حث المجتمع‬ ‫إلى تعلم المسائل الشرعية الالزمة لهم في العبادات والمعامالت‬ ‫والتي من الممكن أن تكون موضع ابتالء الناس‪ .‬فقد جاءت النتائج‬ ‫ممثلة في الجدول اآلتي رقم (‪.)2‬‬

‫جدول رقم ( ‪ :) 2‬مقدار حث خطباء األحساء المجتم َع إلى‬ ‫تعلم المسائل الشرعية الالزمة لهم في العبادات والمعامالت‬ ‫والتي من الممكن أن تكون موضع ابتالء الناس‬ ‫‪232‬‬


‫الخيارات‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫قليل‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫متوسط‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل‬ ‫أكثر من المطلوب‬

‫النسبة المئوية‬ ‫آلراء العينة بشكل‬ ‫عام‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪%23‬‬

‫وجهات نظر‬ ‫صاحبي الفضيلة‬ ‫واحد منهم يميل‬ ‫إلى هذا المقدار‬ ‫واآلخر منهم يميل‬ ‫إلى هذا المقدر‬

‫‪%31‬‬

‫أما الشق اآلخر‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي فلم تتضح الرؤية‬ ‫النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن ‪.%13‬‬ ‫أما الموضوع الثالث والذي يتضمن السؤال عن مقدار طرح‬ ‫المواضيع التربوية والتي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة بشكل‬ ‫خاص والمجتمع بشكل عام‪ ،‬فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول‬ ‫رقم (‪.)3‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 1‬مقدار طرح خطباء األحساء المواضي َع التربوية‬ ‫والتي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة بشكل خاص والمجتمع‬ ‫بشكل عام‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‬ ‫‪233‬‬


‫‪%13‬‬

‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫هذا المقدار‬

‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫قليل‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫متوسط‬ ‫واآلخر منهم يميل‬ ‫‪%31‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫إلى هذا المقدر‬ ‫كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل‬ ‫أكثر من المطلوب‬ ‫أما الشق اآلخر‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي‪ ،‬فلم تتضح الرؤية‬ ‫النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن ‪.%13‬‬ ‫أما الموضوع الرابع‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن مقدار طرح‬ ‫المواضيع التي تقوم بتوعية الشباب وإنارة الطريق أمامهم حتى ال‬ ‫يقعوا فريسة لرفقاء السوء‪ ،‬وينخرطوا في طريق الرذيلة والفساد فقد‬ ‫جاءت النتائج ممثلة في الجدول التالي رقم (‪.)2‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 1‬مقدار طرح خطباء األحساء المواضي َع التي تقوم‬ ‫بتوعية الشباب حتى ل يقعوا فريسة لرفقاء السوء‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‬ ‫تميل وجهتي نظرهما‬ ‫‪%16‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫إلى هذا المقدار‬ ‫قليل‬ ‫‪%21‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫متوسط‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل‬ ‫أكثر من المطلوب‬ ‫‪232‬‬


‫أما الشق اآلخر‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي فلم تتضح الرؤية‬ ‫النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن ‪.%13‬‬ ‫أما الموضوع الخامس‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن مقدرا طرح‬ ‫المواضيع التي تعرف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري‪ ،‬وسيرتهم‬ ‫في مجال التوعية بالكلمة‪ ،‬و تأليف الكتب‪ ،‬و تأسيس المشاريع‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول اآلتي رقم ( ‪.) 1‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 5‬مقدرا طرح خطباء األحساء المواضي َع التي‬ ‫تعرف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري‪ ،‬وسيرتهم في مجال‬ ‫التوعية بالكلمة‪ ،‬و تأليف الكتب‪ ،‬و تأسيس المشاريع اإلسالمية‪.‬‬ ‫النسبة المئوية وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫آلراء العينة‬ ‫بشكل عام‬ ‫تميل وجهتي نظرهما‬ ‫‪%26‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناوله‬ ‫إلى هذا المقدار‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫متوسط‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر‬ ‫من المطلوب‬ ‫أما الشق اآلخر‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي فلم تتضح الرؤيا النخفاض‬ ‫نسبة كل واحد من المشار إليهم عن ‪.%13‬‬ ‫أما الموضوع السادس‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن مقدار طرح‬ ‫المواضيع التي تتناول المسائل الخالفية مع المذاهب اإلسالمية‬ ‫األخرى‪ ،‬وتوضيح مالبساتها‪ ،‬والشرح الوافي ألدلة الشيعة فيما‬ ‫‪231‬‬


‫تعتقد به‪ ،‬وذلك من خالل إطار الوحدة اإلسالمية‪ ،‬دون إذكاء‬ ‫للنعرات المذهبية‪ ،‬فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول التالي رقم‬ ‫(‪.)1‬‬ ‫جدول رقم ( ‪:) 6‬مقدار طرح خطباء األحساء المواضي َع التي‬ ‫تتناول المسائل الخالفية مع المذاهب اإلسالمية اآلخرى‬ ‫النسبة المئوية وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫آلراء العينة‬ ‫بشكل عام‬ ‫‪-1‬لم يتم تناول‬ ‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫‪%13‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‬ ‫هذا المقدار‬ ‫واآلخر منهم يميل‬ ‫‪%31‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫إلى هذا المقدر‬ ‫متوسط‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر‬ ‫من المطلوب‬ ‫أما الشق اآلخر والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته فتناول هذا الغرض الخطابي‪ ،‬فقد أشارت عينة البحث إلى‬ ‫الشيخ علي الدهنين وبنسبة إجمالية مقدارها‪ %12‬بما فيهم رأي‬ ‫االثنين من أصحاب الفضيلة‪.‬‬ ‫أما الموضوع السابع والذي يتضمن السؤال عن مقدار إذكاء مشاعر‬ ‫الحزن واللوعة عن تصويرهم لمصائب أهل البيت عليهم السالم في‬ ‫المآتم الحسينية في األحساء فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم‬ ‫( ‪.) 1‬‬

‫‪231‬‬


‫مشاعر الحزن‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 1‬مقدار إذكاء خطباء األحساء‬ ‫َ‬ ‫واللوعة عند تصويرهم لمصائب أهل البيت عليهم السالم في‬ ‫المآتم الحسينية في األحساء‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪-1‬لم يتم تناول‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫قليل‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫متوسط‬ ‫تميل وجهتي نظرهما‬ ‫‪%41‬‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫إلى هذا المقدار‬ ‫كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل‬ ‫أكثر من المطلوب‬ ‫أما الشق اآلخر‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي‪ ،‬فلم تتضح الرؤية‬ ‫النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن ‪ .%13‬أما الموضوع‬ ‫الثامن‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن مقدار تناول المواضيع التي تهتم‬ ‫بالعنصر النسائي‪ ،‬وذلك بتشخيص الواجبات والمسؤوليات الملقاة‬ ‫على عواتقهن كأداء الحقوق الزوجية والعائلية ودفعهن الستغالل‬ ‫أوقاتهن بالقراءة واالطالع‪ ،‬وغير ذلك من الواجبات‪،‬قد جاءت‬ ‫النتائج ممثلة في الجدل رقم ( ‪.) 4‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 6‬مقدار تناول خطباء األحساء المواضي َع التي‬ ‫تهتم بالعنصر النسائي‬

‫الخيارات‬

‫النسبة المئوية‬ ‫آلراء العينة‬

‫وجهات نظر‬ ‫صاحبي الفضيلة‬ ‫‪231‬‬


‫‪-1‬لم يتم تناوله‬ ‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫قليل‬

‫بشكل عام‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪%11‬‬

‫‪-3‬تم تناوله بشكل‬ ‫متوسط‬

‫‪%22‬‬

‫‪-2‬تم تناوله بشكل‬ ‫كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل‬ ‫أكثر من المطلوب‬

‫‪%1‬‬

‫تميل وجهتي‬ ‫نظرهما إلى هذا‬ ‫المقدار‬ ‫تميل وجهتي‬ ‫نظرهما إلى هذا‬ ‫المقدار‬

‫أما الشق اآلخر والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي‪ ،‬فلم تتضح الرؤية‬ ‫النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن ‪.%13‬‬ ‫أما الموضوع التاسع‪ ،‬والذي يتضمن السؤال عن مقدار االهتمام‬ ‫بالعنصر النسائي وذلك بتوعيتهن ضد الشعارات الوافدة التي تحاول‬ ‫أن تذوب أصالتهن وتدفعهن نحو اهتمامات و ممارسات سيئة مثل‬ ‫عدم االلتزام بالحجاب اإلسالمي الصحيح الذي ال يتناسب مع كرامة‬ ‫المرأة وحشمتها‪ .‬فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم ( ‪.) 6‬‬ ‫جدل رقم ( ‪ :) 2‬مقدار اهتمام خطباء األحساء بالعنصر النسائي‬ ‫وذلك بتوعيتهن ضد الشعارات الوافدة‪.‬‬ ‫وجهات نظر‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫الخيارات‬ ‫آلراء العينة بشكل صاحبي الفضيلة‬ ‫عام‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪-1‬لم يتم تناول‬ ‫‪234‬‬


‫‪-2‬تم تناوله بشكل قليل‬ ‫‪-3‬تم تناوله بشكل متوسط‬

‫‪%24‬‬ ‫‪%13‬‬

‫تميل وجهتي‬ ‫نظرهما إلى هذا‬ ‫المقدار‬

‫‪-2‬تم تناوله بشكل كثير‬ ‫‪-1‬تم تناوله بشكل أكثر من‬ ‫المطلوب‬ ‫أما الشق اآلخر الذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث‬ ‫إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي‪ ،‬فلم تتضح الرؤية‬ ‫النخفض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن ‪.%13‬‬ ‫نتيجة السؤال الثاني‪-:‬‬ ‫وهو يتضمن استفسار عن مقدرا اهتمام الخطباء في األحساء بحسن‬ ‫سبك الموضوع‪ ،‬واالعتناء بالوحدة الموضوعية في البحث وقد جاء‬ ‫النتائج ممثلة في الجدول رقم ( ‪.) 13‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 41‬مقدرا اهتمام خطباء األحساء بحسن سبك‬ ‫الموضوع‪ ،‬والعتناء بالوحدة الموضوعية في البحث‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫‪%21‬‬ ‫‪-1‬ال يوجد‬ ‫هذا المقدار‬ ‫‪%31‬‬ ‫‪-2‬يوجد ولكن بشكل‬ ‫قليل‬ ‫واآلخر يميل إلى هذا‬ ‫‪%31‬‬ ‫‪-3‬يوجد ولكن بشكل‬ ‫المقدار‬ ‫متوسط‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪-2‬يوجد ولكن بشكل‬ ‫‪236‬‬


‫كثير‬ ‫أما الشق اآلخر من السؤال والذي يتضمن االستفسار عن الخطيب‬ ‫الذي يتميز بهذا االهتمام فقد أشارت عينة البحث إلى الشيخ حبيب‬ ‫الهديبي ونسبة إجمالية مقدارها ‪ %13‬بما فيهم واحد من أصحاب‬ ‫الفضيلة‪.‬‬ ‫نتيجة السؤال الثالث‪-:‬‬ ‫وهو يتضمن استفسار عن مقدار اهتمام الخطباء في األحساء‬ ‫بالصياغة األدبية الراقية للموضوع واالنتقاء الجيد للعبارات‬ ‫الواضحة والغريبة من أذهان المستمعين‪ .‬فقد جاءت النتائج ممثلة‬ ‫في الجدول اآلتي رقم ( ‪.)11‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 44‬مقدار اهتمام خطباء األحساء بالصياغة األدبية‬ ‫الراقية للموضع والنتقاء الجيد للعبارات الواضحة والغريبة من‬ ‫أذهان المستمعين‪.‬‬ ‫النسبة المئوية وجهات نظر صاحبي‬ ‫الخيارات‬ ‫آلراء العينة‬ ‫الفضيلة‬ ‫بشكل عام‬

‫‪-1‬ال يوجد‬ ‫‪-2‬يوجد ولكن بشكل قليل‬ ‫‪-3‬يوجد ولكن بشكل‬ ‫متوسط‬ ‫‪-2‬يوجد ولكن بشكل كثير‬

‫‪%31‬‬ ‫‪%31‬‬

‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫هذا المقدار‬ ‫واآلخر يميل إلى هذا‬ ‫المقدار‬

‫‪%12‬‬

‫أما الشق اآلخر من السؤال والذي يتضمن االستفسار عن الخطيب‬ ‫الذي يتميز بهذا االهتمام فقد أشارت عينة البحث إلى الشيخ حبيب‬ ‫الهديبي وبنسبة إجمالية ‪ %13‬بما فيهم واحد من أصحاب الفضيلة‪.‬‬ ‫‪223‬‬


‫نتيجة السؤال الرابع‪:‬‬ ‫فيما يتعلق بالوقت المفضل المستغرق النعقاد المأتم فهو موضح في‬ ‫الجدول رقم (‪ )12‬كما يلي‪:‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 42‬الوقت المفضل المستغرق لنعقاد المأتم في‬ ‫األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪-1‬أكثر من ‪13‬دقيقة‬ ‫‪%31‬‬ ‫‪-2‬من ‪13‬دقيقة إلى‬ ‫‪21‬دقيقة‬ ‫تميل وجهتي نظرهما‬ ‫‪%23‬‬ ‫‪-3‬ن‪21‬دقيقة إلى‬ ‫إلى هذا المقدار‬ ‫‪33‬دقيقة‬ ‫‪-2‬أقل من ‪33‬دقيقة‬ ‫ب‪-‬المآتم في األيام العادية وهو موضح بالجدول رقم (‪.)13‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 41‬الوقت المستغرق للمآتم في األيام العادية في‬ ‫األحساء‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪-1‬أكثر من ‪13‬دقيقة‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪-2‬من ‪13‬دقيقة إلى‬ ‫‪21‬دقيقة‬ ‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫‪%16‬‬ ‫‪-3‬من‪21‬دقيقة إلى‬ ‫هذا المقدار‬ ‫‪33‬دقيقة‬ ‫واآلخر يميل إلى هذا‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪-2‬أقل من ‪33‬دقيقة‬ ‫المقدار‬ ‫‪221‬‬


‫نتيجة السؤال الخامس‪:‬‬ ‫ففيما يتعلق بهذا السؤال الذي يهتم باالستفسار عما يجب أن يركز‬ ‫هل يكثر من الموضوع بشكل أكبر‬ ‫عليه الخطيب في بحثه‪،‬‬ ‫مما هو عليه في الوقت الراهن والذي يستحوذ تقريبا على ‪ %43‬من‬ ‫وقت المأتم‪ ،‬أو أن يكثر من التعرض لمصائب أهل البيت عليهم‬ ‫السالم بشكل أكبر مما هو عليه اآلن والذي يمثل في الوقت الراهن‬ ‫‪ %23‬من وقت المأتم‪ ،‬أو أن يحتفظ بالتقسيم المذكور دون أي زيادة‬ ‫ونقص وقد جاءت نتائج االستبيان عن هذا السؤال‪:‬‬ ‫أ‪-‬ففيما يتعلق بالمأتم أيام عاشوراء والمناسبات األخرى وهو موضح‬ ‫بالجدول رقم ( ‪.)12‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 41‬تقسيم وقت الخطيب في خطابته المنبرية بين‬ ‫الموضوع والجانب البكائي خالل أيام عاشوراء‪ ،‬والمناسبات‬ ‫اآلخرى في األحساء‬

‫النسبة المئوية وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫آلراء العينة بشكل‬ ‫عام‬ ‫وجهتي نظرهما‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪-1‬التركيز على‬ ‫تميل إلى هذا‬ ‫الموضوع بشكل أكبر‬ ‫االختيار‬ ‫على مما هو عليه اآلن‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪-2‬التركيز على‬ ‫الجانب المأساوي‬ ‫بشكل أكبر مما هو‬ ‫عليه اآلن‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪-3‬االحتفاظ بالتقسيم‬ ‫القائم‬ ‫‪222‬‬


‫ب‪-‬فيما يتعلق بالمأتم في األيام العادية‪ ،‬وهو موضح في الجدول رقم‬ ‫( ‪.) 11‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 45‬تقسيم وقت الخطيب في خطابته المنبرية بين‬ ‫الموضوع والجانب البكائي في األيام العادية في األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪%31‬‬ ‫‪-1‬التركيز على‬ ‫الموضوع بشكل أكبر‬ ‫على مما هو عليه‬ ‫اآلن‬ ‫وجهتي نظرهما تميل‬ ‫‪-2‬التركيز على‬ ‫إلى هذا االختيار‬ ‫‪%31‬‬ ‫الجانب المأساوي‬ ‫بشكل أكبر مما هو‬ ‫عليه اآلن‬ ‫‪%21‬‬ ‫‪-3‬االحتفاظ بالتقسيم‬ ‫القائم‬ ‫نتيجة السؤال السادس‪:‬‬ ‫وهو فيما يتعلق بزمن انعقاد المأتم وجاء كما يلي‪:‬‬ ‫أ‪-‬أيام عاشوراء والمناسبات األخرى وهو موضح بالجدول‬ ‫( ‪.) 11‬‬

‫رقم‬

‫جدول رقم ( ‪ :) 46‬الزمن المفضل لنعقاد المأتم في أيام عاشوراء‬ ‫والمناسبات األخرى في األحساء‪.‬‬ ‫وجهات نظر‬ ‫النسبة‬ ‫الخيارات‬ ‫المئوية آلراء صاحب الفضيلة‬ ‫العينة بشكل‬ ‫‪223‬‬


‫عام‬ ‫‪-1‬من بعد صالة الفجر إلى‬ ‫الساعة ‪ 1‬صباحا‬ ‫‪-2‬من الساعة ‪1‬صباحا إلى‬ ‫‪11‬ظهرا‬ ‫‪-3‬من الساعة ‪11‬ظهر إلى‬ ‫‪2‬عصرا‬ ‫‪-2‬من الساعة ‪2‬ظهرا حتى‬ ‫المغرب‬ ‫‪-1‬من المغرب حتى‬ ‫الساعة‪13‬مساء‬

‫‪%63‬‬

‫تميل وجهتي‬ ‫نظرهما إلى هذا‬ ‫االختبار‬

‫من الساعة‪13‬مساء حتى‬ ‫‪1،11‬مساء‬

‫ب‪-‬األيام العادية وهو موضح بالجدول رقم (‪.)11‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 41‬الزمن المفضل لنعقاد المأتم في األيام العادية‬ ‫في األحساء‪.‬‬ ‫وجهات نظر‬ ‫النسبة‬ ‫الخيارات‬ ‫صاحب الفضيلة‬ ‫المئوية‬ ‫آلراء العينة‬ ‫بشكل عام‬ ‫‪-1‬من بعد صالة الفجر إلى‬ ‫‪222‬‬


‫الساعة ‪ 1‬صباحا‬ ‫‪-2‬من الساعة ‪1‬صباحا إلى‬ ‫‪11‬ظهرا‬ ‫‪-3‬من الساعة ‪11‬ظهر إلى‬ ‫‪2‬عصرا‬ ‫‪-2‬من الساعة ‪ 2‬ظهرا حتى‬ ‫المغرب‬ ‫‪-1‬من المغرب حتى الساعة‬ ‫‪13‬مساء‬

‫‪%63‬‬

‫تميل وجهتي‬ ‫نظرهما إلى هذا‬ ‫االختبار‬

‫‪-1‬من الساعة‪13‬مساء حتى‬ ‫‪1،11‬مساء‬ ‫نتيجة السؤال السابع‪-:‬‬ ‫أما فيما يتعلق بتقييم عينة البحث لممارسة الشعائر الحسينية‬ ‫والمتمثلة في كل من‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬العزاء الحسيني‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الشبيه أثناء المجلس‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التطبير‪.‬‬ ‫فقد جاءت النتائج بين مؤيد ومعارض‪ ،‬ويمكن التعرف على ذلك من‬ ‫خالل الجدول رقم ( ‪.) 14‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 46‬تقييم عينة البحث لممارسة الشعائر الحسينية‬ ‫في األحساء‪.‬‬ ‫وجهتي نظر‬ ‫نسبة‬ ‫وجهة نظر‬ ‫الشعيرة نسبة‬ ‫صاحب‬ ‫الحسينية اإلختيار صاحبي الفضيلة اإلختيار‬ ‫الفضيلة‬ ‫بـ غير‬ ‫بـ جيد‬ ‫جيد‬ ‫‪%1‬‬ ‫تميل وجهتي‬ ‫العزاء ‪%41‬‬ ‫‪221‬‬


‫الحسيني‬ ‫‪%11‬‬

‫الشبيه‬ ‫أثناء‬ ‫المجلس‬ ‫التطبير ‪%26‬‬

‫نظرهما إلى هذا‬ ‫االختبار‬ ‫واحد منهما يميل‬ ‫إلى هذا االختيار‬ ‫واحد منهما يميل‬ ‫إلى هذا االختيار‬

‫‪%31‬‬ ‫‪%12‬‬

‫واآلخر يميل‬ ‫إلى هذا‬ ‫االختيار‬ ‫واآلخر يميل‬ ‫إلى هذا‬ ‫االختيار‬

‫وقد أورد الباحث أسئلة تابعة خلف كل اختار من هذا السؤال كما هو‬ ‫موضح في استمارة االستبيان‪ ،‬من أجل أن يحدد دوافع الفرد عند‬ ‫اقباله على االختيار الذي قام به‪ ،‬وقد جاءت نتائج االستبيان‬ ‫كاالتي‪-:‬‬ ‫أوال‪ :‬العزاء الحسيني‪-:‬‬ ‫فقد جاءت دوافع القائلين بـ (جيد ) كما في الجدول رقم (‪.)16‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 42‬دوافع القائلين بـ (جيد ) حول المأتم الحسيني‬ ‫في األحساء‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫وجهات نظر‬ ‫الدوافع‬ ‫آلراء العينة صاحب الفضيلة‬ ‫بشكل عام‬

‫أ‪-‬ألن به معاني تربوية‬ ‫ب‪-‬له طابع الحماس الديني‬ ‫ فيه مواساة ألهل البيت عليهم‬‫السالم‬ ‫د‪-‬فيه اقتداء بزينب عليها السالم‬ ‫لما ضربت رأسها بمقدم المحمل‬ ‫حزنا على أخيها الحسين عليه‬ ‫السالم‬

‫‪%12‬‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪%12‬‬

‫‪221‬‬


‫و‪ -‬كل ما سبق‬

‫‪%11‬‬

‫واحد منهم يميل‬ ‫إلى هذه الدوافع‬ ‫واآلخر إلى ما‬ ‫في (أ) و (د)‪.‬‬

‫ز‪ -‬الشيء مما سبق‬ ‫أما القائلين بـ (غير جيد ) فقد كانت نسبتهم قليلة إذ تقدر بـ ‪% 1‬‬ ‫فقط‪ ،‬ودوافعهم متمثلة في أسباب خاصة لم يذكرها‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الشبيه أثناء المجلس‪-:‬‬ ‫فقد جاء دوافع القائلين بـ (جيد ) كما في الجدول رقم (‪.)23‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 21‬دوافع القائلين بـ (جيد) حول الشبيه أثناء‬ ‫المأتم الحسيني في األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية وجهات نظر‬ ‫الدوافع‬ ‫آلراء العينة صاحب الفضيلة‬ ‫بشكل عام‬ ‫أ‪-‬ألنه يجسد صورة المأساة‬ ‫والظلم الذي وقع على أهل البيت‬ ‫عليهم السالم بشكل أوضح‪.‬‬ ‫ب‪-‬ألنه يثير مشاعر الحزن‬ ‫بشكل أكبر‪.‬‬ ‫ ألنه يقرب صورة المأساة‬‫إلى أذهان األطفال فيعرفهم بأهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪.‬‬ ‫واحد منهم يميل‬ ‫‪% 11‬‬ ‫د‪-‬كل ما سبق‬ ‫إلى هذه الدوافع‬ ‫هـ‪ -‬الشيء مما سبق‬

‫‪221‬‬


‫أما القائلين ( بغير جيد ) فقد كانت دوافعهم ممثلة في الجدول رقم‬ ‫(‪.)21‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 24‬دوافع القائلين بـ (غير جيد) حول الشبيه أثناء‬ ‫المأتم الحسيني في األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الدوافع‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫‪%21‬‬ ‫أ‪-‬ألنها تخل بوقار‬ ‫هذه الدوافع‬ ‫الشعائر الحسينية عند‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫ب‪-‬صعوبة تصوير‬ ‫اإلمام المعصوم أو‬ ‫أحد أهل بيته‬ ‫وأصحابه في‬ ‫شخصية إنسان‬ ‫عادي‪.‬‬ ‫ ألنها تسيء إلى‬‫سمعة المذهب بشكل‬ ‫عام عند الغير‪.‬‬ ‫د‪-‬كل ما سبق‬ ‫هـ‪ -‬الشيء مماسبق‬

‫‪%12‬‬

‫‪%1‬‬

‫‪%1‬‬

‫ثالثا‪ :‬التطبير‪:‬‬ ‫جاءت دوافع القائلين ( بجيد ) كما في الجدول رقم ( ‪) 22‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 22‬دوافع القائلين بـ (جيد ) حول التطبير في‬ ‫األحساء‪.‬‬ ‫وجهات نظر‬ ‫النسبة المئوية آلراء‬ ‫الدوافع‬ ‫‪224‬‬


‫أ‪-‬ألن به معاني‬ ‫تربوية‬ ‫ب‪-‬له طابع‬ ‫الحماس الديني‬ ‫فيه أداء ومواساة‬‫ألهل البيت عليهم‬ ‫السالم‬ ‫د‪-‬فيه تعبير‬ ‫استنكاري صارخ‬ ‫لما جرى على‬ ‫الحسين عليه السالم‬ ‫هـ‪-‬فيه اقتداء بزينب‬ ‫عليه السالم لما‬ ‫ضربت رأسها‬ ‫بمقدم المحمل حزنا‬ ‫على أخيها الحسين‬ ‫عليه السالم كما في‬ ‫الرواية‬ ‫و‪ -‬كل ما سبق‬ ‫ز‪ -‬ال شيء مما‬ ‫سبق‬

‫العينة بشكل عام‬ ‫‪%1‬‬

‫صاحب الفضيلة‬

‫‪%1‬‬

‫‪%1‬‬

‫واحد منهم يميل‬ ‫إلى هذه الدوافع‬

‫‪%1‬‬

‫أما القائلين ( بغير جيد) فقد كانت دوافعهم ممثلة في الجدول رقم‬ ‫(‪.)23‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 21‬دوافع القائلين بـ (غير جيد ) حول التطبير في‬ ‫األحساء‬ ‫النسبة المئوية وجهات نظر صاحب‬ ‫الدوافع‬ ‫‪226‬‬


‫أ‪ -‬ألنها تسيء إلى سمعة‬ ‫المذهب بشكل عام عند‬ ‫الغير‪.‬‬ ‫ب‪ -‬ألنها تسيء إلى سمعة‬ ‫الشعائر الحسينية عند‬ ‫الغير‪.‬‬ ‫ إن ضرب القامات‬‫وإسالة الدماء فيها مضرة‬ ‫مباشرة للجسد‪.‬‬ ‫د‪ -‬لن يقدم شيء للقضية‬ ‫الحسينية‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬كل ما سبق‪.‬‬ ‫و‪ -‬ال شيء مما سبق‬

‫آلراء العينة‬ ‫بشكل عام‬ ‫‪%23‬‬

‫الفضيلة‬

‫‪%21‬‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪%1‬‬ ‫‪%1‬‬

‫واحد منهم يميل إلى‬ ‫هذه الدوافع‬

‫نتيجة السؤال الثامن‪-:‬‬ ‫طرح السؤال الثامن بشكل خاص على فئة الفضالء فقط وذلك‬ ‫العتذار فئة المجتهدين من اإلدالء بآرائهم‪ ،‬وجاءت النتائج كاآلتي‪-:‬‬ ‫أجمعت فئة الفضالء وبنسبة‪ %133‬على أهمية أن يكون الخطيب‬ ‫حوزويا‪.‬‬ ‫أجمعت فئة الفضالء وبنسبة ‪ %133‬أيضا على أن مستوى الطالب‬ ‫الحوزوي الذي أنهى دروس المرحلة السطوح يعتبر مستوى مناسبا‬ ‫للخطابة الحسينية في الوقت الرهن‪.‬‬ ‫نتيجة السؤال التاسع‪-:‬‬ ‫أما فيما يتعلق باألسلوب الخطابي المناسب للمجتمع والمتمثل في‪-:‬‬ ‫المستوى اللغوي‪.‬‬‫استخدام المصطلحات العلمية‪.‬‬‫‪213‬‬


‫استخدام األسلوب األدبي في إيصال األفكار‪.‬‬‫وقد جاءت النتائج كاآلتي‪-:‬‬ ‫‪-1‬المستوى اللغوي ونتائجه ممثلة في الجدول رقم (‪.)22‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 21‬آراء عينة البحث حول األسلوب الخطابي‬ ‫المناسب للمجتمع األحسائي‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫أ‪-‬استخدام اللغة‬ ‫الفصحى‬ ‫ب‪-‬استخدام العامية‬ ‫تميل وجهتي نظرهما‬ ‫‪%63‬‬ ‫استخدام الفصحى‬‫إلى هذا االختيار‬ ‫والعامية‬ ‫‪-2‬استخدام المصطلحات ونتائجه ممثلة في الجدول رقم ( ‪.)21‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 25‬آراء عينة البحث حول كيفية استخدام‬ ‫المصطلحات العلمية في الخطابة الحسينية باألحساء‪.‬‬ ‫وجهات نظر‬ ‫النسبة المئوية‬ ‫الخيارات‬ ‫آلراء العينة صاحب الفضيلة‬ ‫بشكل عام‬ ‫أ‪ -‬أن تكون صرفة دون‬ ‫تحديد‪.‬‬ ‫تميل وجهتي‬ ‫‪%11‬‬ ‫ب‪ -‬استخدام المصطلح مع‬ ‫نظهرهما إلى‬ ‫التوضيح‪.‬‬ ‫هذا االختيار‬ ‫‪%12‬‬ ‫ عدم استخدام المصطلح‬‫العلمي على االطالق‪.‬‬ ‫‪211‬‬


‫‪-3‬استخدام األسلوب األدبي في إيصال األفكار ونتائجه ممثلة في‬ ‫الجدول رقم( ‪.)21‬‬ ‫جدول رقم (‪ :)26‬آراء عينة البحث حول استخدام األسلوب األدبي‬ ‫في إيصال األفكار إلى المستمعين في األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪%31‬‬ ‫أ‪ -‬يستخدم بكثرة‪.‬‬ ‫تميل وجهتي‬ ‫‪%11‬‬ ‫ب‪ -‬يستخدم بشكل‬ ‫نظهرهما إلى هذا‬ ‫متوسط‬ ‫االختيار‬ ‫ يستخدم بشكل‬‫نادر‪.‬‬ ‫نتيجة السؤال العاشر‪-:‬‬ ‫أما فيما يتعلق بالمستوى الخطابي في األحساء قبل ‪ 11‬سنة مقارنة‬ ‫بالوضع الراهن‪ - ،‬ويالحظ بأنه تم تقييد السؤال بتاريخ يعود للمدة‬ ‫المذكورة ‪ ،‬ألنه يتوافق بشكل تقريبي مع أول محاولة إلدخال‬ ‫األسلوب العلمي إلى المآتم الحسينية إلى األحساء‪ ، -‬وقد جاءت‬ ‫النتائج ممثلة بالجدول رقم( ‪) 21‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 21‬آراء عينة البحث عن المستوى الخطابي في‬ ‫األحساء قبل ‪ 45‬سنة مقارنة بالوضع الراهن‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫تميل وجهتي‬ ‫‪%12‬‬ ‫أ‪-‬أفضل‬ ‫نظهرهما إلى هذا‬ ‫االختيار‬ ‫ب‪-‬مساوي‬ ‫‪212‬‬


‫‪-‬أقل مستوى‬

‫‪%26‬‬

‫نتيجة السؤال الحادي عشر‪-:‬‬ ‫أما فيما يتعلق بتحديد المستوى الخطابي في الوقت الراهن بمنطقة‬ ‫األحساء‪ ،‬فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم ( ‪.)24‬‬ ‫جدول رقم ( ‪:) 26‬آراء عينة البحث عن المستوى الخطابي في‬ ‫الوقت الراهن بمنطقة األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫واحد منهما يميل إلى‬ ‫‪%12‬‬ ‫أ‪-‬ممتاز‬ ‫هذا الرأي‬ ‫‪%26‬‬ ‫ب‪-‬جيد جدا‬ ‫‪%23‬‬ ‫جيد‬‫واآلخر يميل إلى هذا‬ ‫‪%1‬‬ ‫د‪-‬ضعيف‬ ‫الرأي‬ ‫نتيجة السؤال الثاني عشر‪-:‬‬ ‫أما فيما يتعلق بالتوقعات عن مستوى الخطابة بعد ‪ 11‬سنة مقارنة‬ ‫بالوضع الراهن لو استمرت الخطابة على هذا االتجاه فقد جاءت‬ ‫النتائج ممثلة في الجدول رقم ( ‪.) 26‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 22‬آراء عينة البحث عن التوقعات المستقبلية‬ ‫لمستوى الخطابة في األحساء بعد ‪ 45‬سنة مقارنة بالوضع الراهن‬ ‫لو استمرت الخطابة على هذا التجاه‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫واحد منهما يميل إلى‬ ‫‪%11‬‬ ‫أ‪-‬أفضل‬ ‫‪213‬‬


‫هذا الرأي‬ ‫ب‪-‬مساوي‬ ‫‪-‬أقل مستوى‬

‫‪%12‬‬ ‫‪%12‬‬

‫واآلخر يميل إلى هذا‬ ‫الرأي‬

‫نتيجة السؤال الثالث عشر‪-:‬‬ ‫أما فيما يعلق عن مدى تأثير المآتم الحسينية في حياة الناس في‬ ‫الوقت الراهن فقد جاءت آراءهم ممثلة في الجدول رقم ( ‪.) 33‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 11‬آراء عينة البحث عن مدى تأثير المآتم‬ ‫الحسينية في حياة الناس في الوقت الراهن في األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫واحد منهما يميل إلى‬ ‫‪%23‬‬ ‫أ‪ -‬ممتاز‪.‬‬ ‫هذا الرأي‬ ‫‪%1‬‬ ‫ب‪ -‬جيد جدا‪.‬‬ ‫‪%12‬‬ ‫ جيد‪.‬‬‫واآلخر يميل إلى هذا‬ ‫‪%26‬‬ ‫د‪ -‬ضعيف‪.‬‬ ‫الرأي‬ ‫نتيجة السؤال الرابع عشر‪-:‬‬ ‫أما فيما يعلق عن مدى والء الناس للمآتم الحسينية في الوقت الراهن‬ ‫منطقة األحساء وقد جاءت اآلراء ممثلة في الجدول رقم ( ‪.) 31‬‬ ‫جدول رقم ( ‪ :) 14‬آراء عينة البحث حول مدى ولء الناس للمآتم‬ ‫الحسينية في الوقت الراهن في األحساء‪.‬‬ ‫النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب‬ ‫الخيارات‬ ‫الفضيلة‬ ‫العينة بشكل عام‬ ‫‪212‬‬


‫أ‪-‬ممتاز‬

‫‪%11‬‬

‫ب‪-‬جيد جدا‬

‫‪%1‬‬

‫‪-‬جيد‬

‫‪%12‬‬

‫د‪-‬ضعيف‬

‫‪%12‬‬

‫تميل وجهتي نظرهما‬ ‫إلى هذا الرأي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تراجم لخطباء أحسائيين‬ ‫معاصرين‪.‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫ورد في سياق البحث الميداني عن واقع الخطابة الحسينية في الوقت‬ ‫الراهن شخصيتين خطابيتين‪ ،‬انفردتا بتميز لدى مجتمع الدراسة‬ ‫بالذكر بنحو ‪ %13‬فأكثر في بعض الموارد الخطابية المطروحة‬ ‫في السؤال األول من االستبيان‪ ،‬وهم كال من الشيخ علي الدهنين‪،‬‬ ‫والشيخ حبيب الهديبي‪ ،‬لذا يجد الباحث من األهمية بمكان أن يتم‬ ‫تعريف القارئ الكريم بهما من خالل المطلبين التاليين‪:‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬الشيخ علي الدهنين‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الشيخ حبيب الهديبي‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الشيخ علي الدهنين (الدهنني‪:‬رسالة خطية من‬ ‫الشيخ لي الدهنني بتاريخ ‪0400‬هـ)‬ ‫‪211‬‬


‫نسبه‪ :‬هو حجة اإلسالم والمسلمين الشيخ علي بن علي الدهنين‬ ‫حفظه هللا‪.‬‬ ‫ولدته‪ :‬ولد في مدينة الهفوف باألحساء‬ ‫بتاريخ ‪/13‬ربيع األول ‪1314 /‬هـ‪.‬‬ ‫الشيخ علي بن علي الدهنين حفظه هللا من‬ ‫أبرز خطباء المنبر الحسيني في األحساء‪،‬‬ ‫علت شهرته‪ ،‬وذاع صيته في مدينة‬ ‫الهفوف‪ ،‬والمبرز‪ ،‬وقرى األحساء‪ ،‬وخار‬ ‫األحساء في سلطنة عمان‪ ،‬واإلمارات العربية المتحدة‪.‬‬ ‫عرفته مآتم األحساء بخطاباته العلمية التي ال تبارح المسائل الفقهية‪،‬‬ ‫العقائدية‪ ،‬واألخالقية‪ ،‬كما كشف عن ذلك نتائج البحث الميداني الذي‬ ‫انفردت به هذه الدراسة‪ ،‬وقد أشتهر في زمن البحث الميداني بطرح‬ ‫المسائل الخالفية ذات الصبغة الوحدوية التي تدعو إلى نبذ الفرقة‬ ‫بين فرق المسلمين‪.‬‬ ‫أقام في مسقط بسلطنة عمان وكيال للمرجع الديني الكبير آية هللا‬ ‫العظمى السيد محمد رضا الكلبيكاني رحمه هللا قائما باألمور‬ ‫الحسبية‪ ،‬وكان خالل تواجده في عمان يتردد على األحساء مسقط‬ ‫رأسه في شهر ذي الحجة‪ ،‬بعد موسم الحج وفي شهر محرم و شهر‬ ‫صفر للخطابة الحسينية في مآتمها العامرة‪.‬‬ ‫رحلته العلمية‪ :‬يرى الباحث أن يترك القارئ الكريم مع المترجم له‬ ‫ليطلع على رحلته العلمية عبر رسالة خطية بعث بها إليه من مسقط‬ ‫في عمان تحدث خاللها عن رحلته العلمية‪.‬‬ ‫بسمه تعالى‬ ‫إلى األخ العزيز‪.....‬‬ ‫‪211‬‬


‫كان المرحوم والدي يكره لي أن أكون في المدرسة‪ ،‬لذا لم يتول‬ ‫المصاريف المدرسية‪ ،‬وكان يرغب أن أكون من طلبة العلم‪ ،‬فكنت‬ ‫أذهب إلى بيت العالمة الشيخ محمد الهاجري‪ ،‬فقرأت األجرومية‬ ‫على يد فضيلة الشيخ عبدالوهاب الغريري‪ ،‬والقطر على يد السيد‬ ‫هاشم‪ ،‬درست في المدارس إلى السادس ابتدائي‪ ،‬فأشار علي العالمة‬ ‫الشيخ محمد الهاجري أن أترك المدارس‪ ،‬والتحق بطالب العلم‬ ‫وأتخصص‪ ،‬فاستجبت له وتركت ولكن كانت على ضجة كبيرة في‬ ‫المجتمع لم أستطع مقاومتها‪ ،‬فعدت إلى المدرسة وأكملت بعض‬ ‫المتوسط‪ ،‬خرجت منها وواصلت دراستي في األحساء‪ ،‬أنهيت فيها‬ ‫النحو والمنطق‪ ،‬وبعد أن وفقت للذهاب إلى النجف األشرف‪ ،‬وكان‬ ‫على أثر دعاء والدتي تحت ميزاب الكعبة أن يهيئ هللا تعالى من‬ ‫يربيني‪ ،‬فذهبت إلى النجف األشرف في نهاية عام ‪1361‬هـ‪ ،‬أقمت‬ ‫فيها عشر سنوات هيأ هللا تعالى لي األستاذ العالمة الشهيد السيد عبد‬ ‫الصاحب الحكيم‪ ،‬وكان يعتني بي كواحد من أوالده وأعز تالميذه‪،‬‬ ‫وقد هيأ لي من قدم لي االمتحان في النحو والمنطق‪ ،‬وهيأ لي أساتذة‬ ‫للحاشية واألصول‪ ،‬والفقه واللمعة‪ ،‬وقد درست اللمعة على أساتذة‬ ‫عدة منهم السيد عبد الصاحب الحكيم‪ ،‬والسيد عالء الحكيم والسيد‬ ‫عبد الوهاب الحكيم‪،‬ودرست المكاسب عند ثالثة‪:‬‬ ‫الشيخ األيرواني ( الشيخ محمد تقي والد الشيخ باقر )‬ ‫واألستاذ آية هللا الشيخ بشير‪.‬‬ ‫واألستاذ المربي آية هللا الشيخ مرتضى البروجردي‪.‬‬ ‫ودرست الكفاية عند األستاذ السيد‬ ‫ودرست الرسائل عند السيد عبد الرزاق الحكيم‬ ‫وانتهيت آخر درس في السطوح – األصول – وأمرني األستاذ السيد‬ ‫عبد الصاحب بحضور بحث خار ( األصول ) بعد أن امتحنني‪.‬‬ ‫وحضرت بحث خار عند األستاذ آية هللا الشيخ بشير‬ ‫وحضرت بحث خار عند األستاذ آية هللا السيد عبد الصاحب‬ ‫الحكيم حضرت عنده شهرين وكتبت أبحاثه وقررتها‪ ،‬ثم استشهد في‬ ‫شعبان‪ ،‬وكنت أقرأ المكاسب (الخيارات) عند الشيخ مرتضى‬ ‫البروجردي‪ ،‬أنهيت بحث الخيارات – آخر بحث في المكاسب _‬ ‫‪211‬‬


‫وأمرني باألمر الذي شرفني طول العمر بحضور بحث آية هللا‬ ‫العظمى المرجع األعلى المرحوم السيد أبو القاسم الخوئي رحمه‬ ‫هللا‪ ،‬وحضرت بحثه الشريف ثالث سنوات تقريبا من عام ‪1233‬هـ‪،‬‬ ‫( في نهايته ) وعام ‪1232‬هـ‪ 1231،‬هـ‪1231،‬هـ‪ ،‬إلى شهر شعبان‬ ‫منه‪ ،‬وفي يوم ‪ 23‬خرجت من البحث الشريف‪ ،‬وكتبت أبحاث السيد‬ ‫في الفقه‪( ،‬انتهى نص الرسالة)‬ ‫لعل قارئ هذه السيرة الحافلة بالعمل والجد والمثابرة لمس فيها‬ ‫أمرا‪ ،‬وهو أنها غير معدة للنشر‪ ،‬ولكن الباحث أحب أن ينشرها‬ ‫لئال يخلع عليها من أحاسيسه ومشاعره شيئا‪ ،‬وأن يدع الحديث له‪.‬‬

‫‪214‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬الشيخ حبيب الهديبي‪( .‬اهلدييب‪:‬مقابية‬ ‫صية يف ‪0400‬هـ)‬ ‫نسبه وولدته‪ :‬هو فضيلة‬ ‫الشيخ حبيب بن إبراهيم‬ ‫الهديبي‪ ،‬من أهالي قرية‬ ‫المنصورة‪ ،‬إحدى قرى الشرقية‬ ‫في األحساء‪ ،‬ولد بها عام‬ ‫‪1314‬هـ‪.‬‬ ‫المترجم له أحد أبرز الالمعين‬ ‫في سماء الخطابة واألدب على‬ ‫مستوى األحساء‪ ،‬كما كشف عنه نتائج البحث الميداني الذي انفردت‬ ‫به هذه الدراسة عنه وعن الشيخ علي بن علي الدهنين‪ ،‬ال تكاد‬ ‫تستمع إلى خطابته حتى تنشد إليها‪ ،‬لما له من قدرة فائقة في حسن‬ ‫سبك الموضوع واالعتناء بالوحدة العضوية في بناء مجلسه‪،‬كيف ال‬ ‫وقد أسفرت نتائج االستبيان المدر في هذا البحث‪ ،‬أنه حاز‬ ‫المستوى األول في هذا المضمار‪ ،‬ناهيك عن قدراته الفائقة في‬ ‫تحليل المسائل التاريخية واستخرا العظة والعبرة منها‪ ،‬وإشباعه‬ ‫للمسائل التربوية واألخالقية‪ ،‬وقد وهبه هللا تعالى ملكة إذكاء اللوعة‬ ‫في قلوب المستمعين‪ ،‬عبر أدائه المميز في عرض مصيبة اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم وبقية مصائب أهل البيت عليهم السالم ولعل‬ ‫أكثر ما يؤهله لحيازة هذا المقام هو الوقار والهدوء الذي يمتاز‬ ‫به‪،‬فانعكس على قلوب مستمعيه إجالال وهيبة له‪.‬‬ ‫رحلته الخطابية والعلمية‪ :‬بدأ مشواره في خدمة أهل البيت عليهم‬ ‫السالم وهو في سن السادسة عشر من عمره أي عام ‪1362‬هـ‪،‬‬ ‫حيث أمضى ‪ 2‬سنوات تقلب فيها على أيدي خطباء حسينيين بارزين‬ ‫هم‪-:‬‬ ‫‪216‬‬


‫‪-1‬السيد محمد علي الصفوي‪.‬‬ ‫‪-2‬الشيخ حسن عبدهللا القيسي‪.‬‬ ‫‪-3‬السيد محمد صالح السيد عدنان البحراني الموسوي‪.‬‬ ‫بعدها انتقل إلى حاضرة العلم واألدب النجف األشرف وذلك عام‬ ‫‪1364‬هـ‪ ،‬أمضى فيها ‪ 2‬سنوات تتلمذ فيها على أيدي مشايخها‪،‬‬ ‫أنهى خاللها النحو على يد الشيخ حسين الكاظمي‪ ،‬ومبادئ الفقه‬ ‫على يد الشيخ عبد الحميد الجزيري‪ ،‬والمنطق على يد الشيخ غالب‪،‬‬ ‫كما أنهى فيها مبادئ األصول‪ ،‬ثم عاد إلى األحساء لظروف قاهرة‬ ‫ألزمت الكثير من طلبة العلوم الدينية للخرو منها وكان ذلك عام‬ ‫‪1232‬هـ‪ ،‬وكان خالل إقامته بالنجف يرجع إلى األحساء للخطابة‬ ‫والتبليغ ثم يعود للتحصيل العلمي ابتداء من بداية شهر ربيع األول‬ ‫وحتى نهاية شهر شعبان‪.‬‬ ‫عند عودة المترجم له إلى األحساء قصد آية هللا الشيخ محمد‬ ‫الهاجري رحمه هللا‪ ،‬والزمه في دروس الفقه واألصول‪.‬‬ ‫ورعه وتقواه‪ :‬عرفه الباحث شيخا وقورا‪ ،‬ورعا‪ ،‬تقيا‪ ،‬ولتلك‬ ‫الخصائص النفيسة ألحت عليه جموع المؤمنين وفضالء العلم‬ ‫بإمامة الجماعة في قريته المنصورة‪ ،‬فاستجاب ومن أبرز أولئك‬ ‫سماحة العالمة السيد علي الناصر حفظه هللا‪.‬‬ ‫شاعريته‪ :‬يمتلك من القريحة الشعرية الخصبة‪ ،‬ما أهلته أن يتبوأ‬ ‫مكانة أدبية تليق بمقامه‪ ،‬فشعره ينضح بالوالء الصادق العذب‪ ،‬مدحا‬ ‫ورثاء‪ ،‬ومما جادت به قريحته قصيدة أنشدها في في إحتفال عيد‬ ‫الغدير عام ‪1212‬هـ ‪ ،‬بعنوان "نشيد الوالء" ومنها ما يلي‪:‬‬

‫‪213‬‬


‫وله قصيدة بعنوان "الحق الجريح" أنشدها في مولد السيدة الزهراء‬ ‫(عليها السالم) عام ‪1212‬هـ‪.‬‬ ‫ذكــراك نور بها األجــيال تفتخر‬ ‫ذكراك نبع بــروح الطهر طافحة‬ ‫رمز العفاف ورمــز الطهر فاطمة‬ ‫كفـــاني فخــــــرا أن أعيد وأنشد‬ ‫لحن تقدســـه القـــــــــــلوب ألنه‬ ‫لحن الغـــدير يهـــــز في أعماقنا‬ ‫ال زلت يا عيــد الغــــدير شعارنا‬ ‫ال لن نحـــــيد عن الطــريق وإننا‬ ‫أولم نكن نعطـــي الرقاب لقطعها‬ ‫عيد الغدير وقــــــد تنــكر معشر‬ ‫وتكلفوا التأويــــل رغـم وضوحه‬ ‫نزلت له اآلية الكــريمة من لـدى‬ ‫انصب علينا قائدا لسفـــينة الدين‬ ‫فهناك أعلنها الـــــنـــبي أال فــذا‬ ‫فتبادر األقــــــــوام أعــطوا بـيعة‬ ‫جاءت تعاهد باليمين وخلقه اليسرى‬ ‫قد شرفت عالم الدنيا بمـــــــولدها‬ ‫لتصبح البضعة الزهــراء له مثال‬ ‫*******‬ ‫بنت النـــبوة كم هلل من حـــــــــدث‬ ‫أيام مكة والبطــــحــــــاء شاهــــدة‬ ‫وعلى الصدور ذوي اإليمـان جاثمـة‬

‫والمصطفى يرقب األحداث فـي ألم‬ ‫وأنت في قوة اإليمـــــان شامـــخة‬ ‫تنفسين عن المختــــــــــار كربتــه‬ ‫*******‬ ‫حتى إذا هاجر المختــار والتحقق‬ ‫تطاولت نحوك األعــنــاق طالعـة‬

‫يا د َّرةً مثـــــــلها لم تعهد العصر‬ ‫ال يغتدي صـفوها ثوب وال كدر‬ ‫بل رمز كتـــل كــمال رامـه بشر‬

‫لحــــــنا آليــــــــات الـــوالء مـرددا‬ ‫رمــــــز الوالية بل وعنــوان الهدى‬ ‫شغف القلوب تذوب في رجع الصدى‬ ‫هامتـنا تعـــــــــــــــــلو إذا مـــا رددا‬ ‫صبــــــــ ٌر لما نلقـاه من وخز المدى‬ ‫في حــــــب حيــدرة لنا يحلو الردى‬ ‫فأبو علــــــــــــيك فأولــوا ذاك الندا‬ ‫نصا يبـــين لنا الـــــطريـق األرشدا‬ ‫رب السمــا واألمـــــــر جاء مؤكدا‬ ‫الحنيف عقــيب شخـــــــصك رائدا‬ ‫بعــدي إمام الحـــــــق فأعطوه اليدا‬ ‫وجبــــين بعضــــــهم يقطب حاسدا‬ ‫تديـــــــــــــــر في الخـــفاء مكائــدا‬ ‫واستبشر الحــق إذ قد كان ينتظر‬ ‫أعلى وتؤخـــذ من تاريخها العبر‬ ‫*********‬ ‫سجلت حيـــــث فيه الحـــق ينتصر‬ ‫مر العذاب وفيـــــها يشـــهد الحجر‬ ‫والكفر ينعــــــــــق جذالنا ويفتــخر‬ ‫والقلب مـضنى بما جــرى ويعتصر‬ ‫رغم الطفولة ال خـــــوف وال خور‬ ‫والعين من عطـــفك الفـياض تنهمر‬ ‫*********‬ ‫به الجـــــــحافل واإلسـالم ينتشر‬ ‫قرب الرسول وكل نحــوك ابتدرا‬

‫‪211‬‬


‫أما دروا أن هذا األم‪،،‬ر مرجعــه‬ ‫حتى إذا ‪،،،‬اء أمر هللا يحــــمله‬ ‫زو عليا بتول الط‪،‬هر ليــس لها‬ ‫فعشتما في رح‪،،،‬اب هللا ضمــكما‬ ‫بدأتما ترســــــــمان الخط في سنن اإلسالم‬

‫*******‬ ‫ترسخـــــت قدم اإلسالم وانتـشرت‬ ‫حتى إذا اختار رب العرش صفوته‬ ‫تغيرت صـــور األحداث والتهـبت‬ ‫حوادث ســـــجل التاريخ صفحتـها‬ ‫من بينها جلــجل الحق الجريح وقد‬ ‫وأطلقت فاطــم الزهراء صرختـها‬ ‫هلل منطقــــها الفـــياض كم حـشدت‬ ‫فأخرست منطق األقــــوام فالتـجؤا‬ ‫إذا أبطلت بضـعة المختار حجـتهم‬ ‫فليت شعري هل كانوا بما زعمـوا‬ ‫أم أن غايتـــــــهم إقصــــاء فاطمة‬ ‫فال اجتهـــاد فما للـــــرأي من أثر‬

‫إلى القضـــا وقد أمــضى به القدر‬ ‫جبريل للمصــــــــطفى هلل يأتــمر‬ ‫كفؤ ســواه فال بــــــد ٌو وال حضر‬ ‫بيت تظــــــــــله اآليات والــسور‬ ‫كي ما تقـــــــــتفي نهجيكما األسر‬ ‫*********‬ ‫رسالة هللا واألتبـــــــاع قد كثروا‬ ‫لعام الـــقدس ال هــــــــم وال كدر‬ ‫كوامن الحــــــــقد ال تبقي وال تذر‬ ‫وملؤها شطـــــــــــط أعقابه خسر‬ ‫أراد إسكـــــــاته قســـرا فما قدروا‬ ‫صــــوت يدوي حتى يبعــث البشر‬ ‫جحـــــــــافال من بيان كــــله غرر‬ ‫لمنطق آخر يا بعــــــــــد ما ذكروا‬ ‫جاءوا بدعـوى بها لم يثبـــت الخير‬ ‫قد خصهم أحــــــــمد علما به أثروا‬ ‫عن حقها باجتـــــــهاد منهم ابتكروا‬ ‫مقابل النص حيــــــث الرأي يندحر‬

‫وفي ذكرى مولد النبي األكرم محمد صلى هللا عليه وآله‪ ،‬وحفيده‬ ‫اإلمام الصادق عليه السالم يوم ‪ 11‬ربيع األول عام ‪1212‬هـ أنشد‬ ‫وقال‪-:‬‬ ‫يزهـــو فخارا في ظالل العيد‬ ‫في يوم ذكـــــــر المــولدين نشيدي‬ ‫أعظم بــــــجد طاهــر وحـفيد‬ ‫ذكرى والدة أحمـــــــــــــد وحفيده‬ ‫من حجــــــر آمــنة بخير وليد‬ ‫شمس بأفاق الــــــــــوجود تألألت‬ ‫عم الوجـــــود بنــفحة المولود‬ ‫فأضاء فيهـــا المشــرقات وعطرها‬ ‫فــجر لعــــهد في الزمان حديد‬ ‫فبدت له اآليات تنــــــــــــــــذر أنه‬ ‫فغــدت هبــــا ًء رغـم كل وقود‬ ‫سل نار فارس كيف أخـمد ضوءها‬ ‫فاهــتز مرعـــوبا كما الرعـديد‬ ‫وكــــــــــــــذلك األيوان سله ما به‬ ‫من بعــــد ما كانت محل ورود‬ ‫وسل البحـــــيرة كيف جف معينها‬ ‫واد لها هــــل كان خـوف وعيد‬ ‫وسل السمـاوة كـــيف فاض بمائها‬ ‫فيك الدنا واستبـــــشرت بسعود‬ ‫يا قطب دائــرة الوجــــود تشرفت‬ ‫‪212‬‬


‫قد جئت كي تمــــحو غياهب ظلمة‬ ‫قد جئت ترجع للــــــــــبرية عقلها‬ ‫ورفضت لإلنســـــان ذال ينـــحني‬ ‫قد جئت تنـــــــــشئ قواعــد دولة‬ ‫الحق رائد حــــــــــكمها برســالة‬ ‫في ظل منهـــجك القويم توحــدت‬ ‫برسالة الديــــن الحنـــيف توثقت‬ ‫*********‬ ‫عفـــوا أبا الزهــــراء هاك رسالة‬ ‫أنت العلـيــــــــــــم بأن أمتك التي‬ ‫رضيت بأن تحـــــــــي حياة مذلة‬ ‫وتمزقـــــــــت شــذرا وذلك بأنها‬ ‫يا أمــة اإلســـــــالم هال تنهضي‬ ‫يا صادق األطهــــار حسبي إنني‬ ‫ما ضرني شخص يلــوي و آخر‬ ‫أو يرســل األلـــــقاب نبزا شافها ً‬ ‫يا أخوة اإلســــــــالم هل أنصفتم‬ ‫أفهل يكـــون والء آل محــــــمد‬ ‫أفهل تراكم تجهــــلون بأنهـــــــم‬ ‫نحن على العهـــــد القديم ألحــمد‬

‫سادت بعهــد في الظـــالل بعيد‬ ‫من بعــــــــد نيــــة قاتل ورقود‬ ‫إال لـــــــــــرب خـالق معبـــود‬ ‫يثنــي يعتـــــــدل للسماء وطيد‬ ‫ال سيــد يــــــــزري بها بمسود‬ ‫أمــم برغـــــــم فوارق وسدود‬ ‫تلك األواصــــر في قديم عهود‬ ‫*********‬ ‫تدمـى فؤادك من صميم وجودي‬ ‫كم قــد بذلت لها عظيم جهودي‬ ‫تحــني التــرؤوس لحاقد عربيد‬ ‫ما بينــها يقـــــــــوى بكل شديد‬ ‫بالوحدة الكــــبرى قواك أعيدي‬ ‫أنمي إليك بمذهـــــبي وعهودي‬ ‫يرنـــــــــو إلي بحــدة وصـدود‬ ‫نحــوي بغــــــيــر تحر وقيود‬ ‫فينا بقـــــــــــول عائــب مردود‬ ‫عيــبا لنا في أمــــــــــة التـوحيد‬ ‫عيــش العلـــــوم وحجة المعبود‬ ‫لم يثننا ســـــيف بقـــطع وريدي‬

‫‪213‬‬


‫الخاتمة‪:‬‬ ‫سيعرض الباحث أهم النتائج التي وردت في بحثه المعنون بــ‬ ‫"تاريخ تطور األغراض الخطابية في المنبر الحسيني عبر أدواره‬ ‫الثالثة حاضرة األحساء في المملكة العربية السعودية‪ :‬حالة دراسية‬ ‫(منذ واقعة الطف وحتى تاريخ ‪1213‬هـ)"‪ ،‬وسيتضمن العرض‬ ‫نتائج اختبار صحة فرضيات البحث المذكورة في اإلطار العام‬ ‫للبحث وهي كما يلي‪:‬‬ ‫‪-0‬للمنبر الحسيني جذور تاريخية تعود إلى ما بعد استشهاد اإلمام‬ ‫الحسين عليه السالم‪ ،‬مباشرة‪.‬‬ ‫‪-2‬أئمة أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬شاركوا في دور عقد تلك المجالس‪،‬‬ ‫بل ومارسوا دور الخطيب في بعض منها‪ ،‬وحثوا على ممارسة‬ ‫الخطابة الحسينية في زمانهم‪.‬‬ ‫‪-0‬التزمت المجالس الحسينية بجانب إشاعة الحزن‪ ،‬وإذكاء أور‬ ‫المصيبة في جميع المجالس الحسينية التي عقدت من قبل شيعة أهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪ ،‬بحيث يعتبر هذا الجانب ركيزة لم تتخلى عنها‬ ‫مجالسهم العزائية المقامة تحت عنوان العزاء على روح سيد‬ ‫الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-4‬على فرض صحة فرضية وجود خلفية تاريخية للمجالس‬ ‫الحسينية تمت بشكل مباشر بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وعلى فرض صحة فرضية التزام المأتم الحسيني بالجانب‬ ‫العاطفي فيه‪ ،‬كذلك التزمت تلك المآتم بالجانب الموضوعي‬ ‫والمتمثل في عرض أهداف النهضة الحسينية‪ ،‬كعمل إصالحي في‬ ‫األمة‪.‬‬

‫‪212‬‬


‫‪-5‬قامت الحوزة العلمية بتخريج عدد من الكفاءات التي شاركت في‬ ‫القيام بدود الخطيب الحسيني‪.‬‬ ‫‪-2‬ساهم علماء المذهب االمامي في دعم المآتم الحسينية بالكتب‬ ‫والتوجيهات‪ ،‬وذلك تأكيدا منهم على شرعيتها‪.‬‬ ‫وقد ثبتت صحة فرضيات الباحث جميعها عدا الفرضية رقم (‪)2‬‬ ‫حيث كشفت الدراسة أن المنبر الحسيني في الدور الروائي كان‬ ‫مقتصرا على الجانب العاطفي من المنبر‪ ،‬ولم يهتم بالجانب‬ ‫الموضوعي‪.‬‬ ‫وفيما يلي أهم نتائج البحث‪:‬‬ ‫أول‪ :‬مرت الخطابة الحسينية بثالثة أدوار رئيسة هي‪:‬‬ ‫الدور األول‪ ،‬أطلق عليه الباحث اسم الدور التأسيسي‪ ،‬حيث تمت‬ ‫نشأة المجالس الحسينية على يد عائلة اإلمام الحسين عليه السالم عند‬ ‫مصرعه الشريف‪ ،‬وطيلة رحلة السبي من كربالء ومرورا بالكوفة‬ ‫والشام‪ ،‬ومن ثم كربالء أيضا‪ ،‬وحتى عودتهم إلى ديارهم في المدينة‬ ‫المنورة‪ ،‬وقد كانت هذه المرحلة تحت رعاية اإلمام السجاد عليه‬ ‫السالم‪ ،‬ونمت بذرة المجالس وترعرعت وأخذت دورها بالتنمية‬ ‫والتوسع في عهد اإلمام الصادق عليه السالم‪ ،‬حيث أفرد لها الشيء‬ ‫الكثير من اهتماماته اإلصالحية‪ ،‬وجاء األئمة المعصومون من بعده‬ ‫مكملين مشوار التأسيس والتأصيل عبر دعوة الشعراء‪ ،‬وحث‬ ‫المؤمنين على إقامة المآتم على الحسين عليه السالم‪ ،‬وزيارة قبره‬ ‫الشريف‪.‬‬ ‫الدور الثاني‪ ،‬وأطلق عليه الباحث اسم الدور الروائي‪ ،‬وتعود‬ ‫تسميته بالروائي؛ لسمة فيه وهي اكتفاء الخطباء بقراءة مجموعة من‬ ‫الروايات المتتابعة خلف بعضها‪ ،‬بحيث ال يفصل بين النص و‬ ‫‪211‬‬


‫اآلخر غير كلمة "وقال الراوي"‪ ،‬دون أدنى محاولة للخطيب في‬ ‫استنطاق تلك النصوص بأي نوع من التحليل أو التوضيح‪.‬‬ ‫الدور الثالث‪ ،‬وأطلق عليه الباحث اسم الدور التفسيري‪ ،‬لكون‬ ‫الخطيب تخلص في هذا الدور من المالمسة السطحية للنصوص‬ ‫المروية في المآتم الحسينية‪ ،‬وذلك بتعريض مفردات النصوص‬ ‫الدينية اإلسالمية للشرح والتوضيح‪ ،‬وربطها بواقعة كربالء‪،‬‬ ‫والخلوص منها بجملة من المواعظ والعبر‪ ،‬وقد ولد في أحضان هذا‬ ‫الدور مدرستان هما‪:‬‬ ‫المدرسة التاريخية‪ :‬لمؤسسها الشيخ كاظم سبتي‪ ،‬المولود عام‬ ‫‪1214‬هـ والمتوفى عام ‪1322‬هـ‪ ،‬حيث استطاع أن يرتقي بالمنبر‬ ‫الحسيني في غرض جديد‪ ،‬وطور جديد من أطواره‪ ،‬وذلك يتمثل في‬ ‫التخلص من قراءة الكتب التي تروي أحداث واقعة الطف من على‬ ‫المنبر‪ ،‬وكذا تفسير النصوص الدينية وربطها بواقعة كربالء‪.‬‬ ‫المدرسة العلمية‪ :‬لمؤسسها الشيخ الدكتور أحمد الوائلي‪ ،‬وقد‬ ‫أسماها الباحث بالعلمية ليس بقصد أن ما عداها من مدارس خطابية‬ ‫ليست علمية‪ ..‬كال‪ ،‬بل أراد بذلك اإلشارة إلى االستجابة الواعية من‬ ‫رائد هذه المدرسة للحاجة الثقافية ألبناء عصره من العلوم‬ ‫والمعارف الحديثة آنذاك‪ ،‬فقد عمد إلى إدراجها في مجالسه‬ ‫الحسينية‪ ،‬ليردم الفجوة الفكرية التي فصلت بين الكثير من شباب‬ ‫ذلك الجيل وبين المجالس الحسينية آنذاك‪.‬‬ ‫وقد جاءت تلك المعلومات التي تعاطاها في المآتم على نحو‬ ‫االستشهاد بها وتحليلها ودعمها بالمصادر القرآنية والروائية‬ ‫واألدبية تارة‪ ،‬وتارة أخرى أراد من عرضها التفنيد وإبراز موارد‬ ‫الضعف فيها‪ ،‬وكثيرا ما كان عرضه لتلك العلوم في مختلف‬ ‫الحاالت سببا داعما ألفكاره اإلصالحية والتربوية الرامية إلى جذب‬ ‫المستمعين إلى دين هللا القويم‪ ،‬ومن تلك العلوم التي طرقها واستعان‬ ‫بها في أبحاثه المنبرية علم االقتصاد‪ ،‬واالجتماع‪ ،‬والنفس‪،‬‬ ‫‪211‬‬


‫واإلحياء‪ ،‬والطبيعيات‪ ،‬والكيمياء‪ ،‬والفلك‪ ،‬والجيولوجيا‪ ،‬هذا فضال‬ ‫عن العرض العلمي الجيد لمسائل التاريخ‪ ،‬والتربية‪ ،‬والتفسير‪،‬‬ ‫والتشريع اإلسالمي‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬تم خالل البحث الوقوف على العديد من النتائج التي توصل‬ ‫إليها الباحث‪ ،‬وسيتم إدرا تلك النتائج حسب تقسيمات البحث‬ ‫وأدواره‪ ،‬السيما منها تلك النتائج المتصلة بحاضرة األحساء لكونها‬ ‫حالة دراسية اختارها الباحث كواحدة من األمصار اإلسالمية التي‬ ‫تلقت نبأ مقتل اإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬وتفاعلت مع قضيته من‬ ‫خالل عدة مظاهر من أبرزها‪ :‬االهتمام بالمآتم الحسينية‪ ،‬وتشييد‬ ‫الحسينيات‪ ،‬و دعم الخطباء السالكين في طريق الخدمة الحسينية‪،‬‬ ‫ولعل أبرز النتائج التي تم التوصل إليها بخصوص هذه الحاضرة‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬و تطور األغراض الحسينية في المنبر الحسيني‬ ‫بشكل عام ما يلي‪:‬‬ ‫النتائج المتعلقة بالدور التأسيسي‪:‬‬ ‫‪-1‬أن عائلة اإلمام الحسين عليه السالم هم المؤسسون األوائل لهذه‬ ‫المآتم‪ ،‬حيث كان أوار المصيبة حادا على قلوبهم‪ ،‬وبذا شهدت‬ ‫كربالء العديد منها بطريقة عفوية صادقة‪ ،‬تحت رعاية إمام زمانه‬ ‫علي بن الحسين السجاد عليه السالم‪ ،‬ومن ثم تمت الرعاية بشكل‬ ‫أكثر توسع على نطاق المجتمع من خالل رعاية اإلمام الصادق‬ ‫عليه السالم وكثرة الخطباء الذين أنشدوا عنده بطريقة الرقة المبكية‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن خطب اإلمام زين العابدين والعلويات عليهم السالم‪ ،‬لم‬ ‫تقتصر على الحزن ولوعة المصاب‪ ،‬بل تنوعت بين جانب‬ ‫موضوعي وآخر عاطفي‪ ،‬حيث يالحظ عليها اللغة الموضوعية‬ ‫الهادفة التي حاولت أن تحدث قناعة في أذهان المستمعين‪ ،‬كما في‬ ‫خطبة اإلمام زين العابدين في الشام‪ ،‬وتارة تتحول إلى لغة عاطفية‬ ‫بحتة وهو ما يالحظ في شق من خطبة اإلمام زين العابدين في‬ ‫المدينة‪ ،‬ويرى الباحث أن هذا خالف ما يراه العالمة الشيخ محمد‬ ‫‪211‬‬


‫مهدي شمس الدين إذ يقول في كتابه ثورة الحسين في الوجدان‬ ‫الشعبي‪-:‬‬ ‫" لقد كانت لغة المآتم لغة موضوعية هادئة في بداية الدور األول‬ ‫واحتفظت بها ردحا ً من الزمن في الدور األول‪ ،‬ثم داخلها التغيير‬ ‫من هذه الجهة في نهايته بحيث تحولت في الدور الثاني إلى لغة‬ ‫عاطفية"‪.‬‬ ‫‪ -3‬انعقد المأتم الحسيني في الدور التأسيس بعدة وسائل منها اإلنشاد‬ ‫الشعري‪ ،‬والندب‪ ،‬والنياحة‪ ،‬وقراءة المقتل الشريف‪ ،‬و قراءة‬ ‫القصاصين‪ ،‬كما جاء في رواية عبد هللا بن حماد البصري لما سأله‬ ‫اإلمام الصادق عليه السالم عن أحوال قبر جده الحسين عليه السالم‬ ‫وما يقوم به الزوار هناك في موسم زيارة النصف من شعبان‪،‬‬ ‫فأخبره بأن هناك بين قارئ يقرأ‪ ،‬وقاص يقص‪ ،‬ونادب يندب‪ ،‬وقائل‬ ‫يقول المراثي‪.‬‬ ‫‪ -2‬ترك الدور التأسيسي بصمات واضحة على مسيرة المآتم‬ ‫الحسينية‪ ،‬ال زالت باقية إلى يومنا هذا‪ ،‬أبرزها ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المآتم الحسينية‪.‬‬ ‫ب‪ -‬وضع حجر األساس للبرنامج الزمني لنعقاد المآتم‪.‬‬ ‫ج‪ -‬تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم‪ ،‬وزيارة عاشوراء‪.‬‬ ‫د‪ -‬إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء‪.‬‬ ‫هـ‪ -‬تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي‪.‬‬ ‫و‪ -‬حث الشعراء على رثاء الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫‪-5‬عاشت حاضرة األحساء المسماة بهجر تارة والبحرين تارة‬ ‫أخرى في الدور التأسيسي حالة من التجاوب مع واقعة الطف‪ ،‬كان‬ ‫من أبرز إسهاماتها فيه هو مشاركة سفيان بن مصعب العبدي أحد‬ ‫أفراد قبيلة بني عبد القيس بعمل ريادي في عصر اإلمام الصادق‬ ‫عليه السالم‪ ،‬حيث تخصص في مجال الخطابة واإلنشاد وترويج‬ ‫أفكار أهل البيت عبر المجالس الحسينية‪ ،‬كما تخصص أقرانه في‬ ‫‪214‬‬


‫مدرسة اإلمام الصادق عليه السالم‪ ،‬أمثال جابر بن حيان في‬ ‫الكيمياء‪ ،‬وهشام بن الحكم في العقائد‪ ،‬ومن أبرز إسهاماته ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬إنشاده الشعر الرثائي بحضور اإلمام الصادق عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪ -‬توليه كتابة الشعر الرثائي لتنوح به النساء على اإلمام الحسين‬ ‫عليه السالم وذلك بأمر من اإلمام الصادق عليه السالم حيث روي‬ ‫أنه قال له‪ :‬اكتب شعرا لتنوح به النساء على جدي الحسين عليه‬ ‫السالم‪ ،‬وقد أخذ هذا على عاتقه هذا األمر‪ ،‬ومن مالحظات الباحث‬ ‫في هذا الشأن والتي يزعم بأنها أحد نتائج بحثه أن األحساء الزالت‬ ‫إلى تاريخنا المعاصر تسمي الكتب الرثائية التي تتداول في أيدي‬ ‫الخطيبات الحسينيات بـ"السفينة"‪ ،‬نسبة إلى سفيان بن مصعب‬ ‫العبدي‪.‬‬ ‫النتائج المتعلقة بالدور الروائي‪:‬‬ ‫‪ -1‬عمد الباحث إلى دراسة هذا الدور من خالل بعض الكتب التي‬ ‫دونت مجالسا حسينية بهدف دراستها وتحليلها‪ ،‬من أبرزها‪:‬‬ ‫"اللهوف قي قتلى الطفوف" للعالمة السيد علي بن موسى بن‬‫طاووس الحسيني المتوفى سنة ‪661‬هـ‪.‬‬ ‫ "روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي المؤلف عام‬‫‪718‬هـ‪.‬‬ ‫"المنتخب في المراثي والخطب" للعالمة الشيخ فخر الدين‬‫الطريحي النجفي المتوفى سنة ‪1875‬هـ‪.‬‬ ‫"رياض المصائب" للعالمة السيد محمد مهدي بن السيد محمد‬‫التنكبائي المؤلف عام ‪1211‬هـ‪.‬‬ ‫"التحفة الفاخرة في ذكرى مصائب العترة الطاهرة" للعالمة الشيخ‬‫عبد المحسن بن محمد اللويمي األحسائي المتوفى في حدود‬ ‫‪1258‬هـ‪.‬‬ ‫وقد أسفرت الدراسة بعد فحص تلك الكتب وتحقيقها أنها اشتملت‬ ‫على خصائص مشتركة فيما بينها‪ ،‬عدا كتاب اللهوف في قتلى‬ ‫الطفوف ألنه مقتل يتضمن حادثة الطف ابتدا ًء من الخرو من‬ ‫المدينة‪ ،‬مروراً بمكة وتفاصيل حادثة الطف ومسيرة السبايا وحتى‬ ‫‪216‬‬


‫الرجوع إلى المدينة دون تفصيل ذلك في مجالس حسينية متفرقة‬ ‫وإنما جعل ذلك ليقرأ يوم العاشر من المحرم‪ ،‬وهو ما صرح به‬ ‫مؤلفه " السيد ابن طاووس رحمة هللا في مقطعة المقتل "‪ ،‬وأما أبرز‬ ‫الخصائص المشتركة تلك كما يلي‪:‬‬ ‫البناء الفني يفتقر إلى الوحدة العضوية والترابط‪ ،‬فهي كتب تتناول‬‫مجالس حسينية من خالل سرد مجموعة من النصوص المروية‪،‬‬ ‫سواء كانت هذه النصوص أحاديث عن أهل البيت عليهم السالم‪ ،‬أو‬ ‫قصصا ً أو أشعاراً‪ ،‬وتجعل هذه النصوص داخل إطار حسيني عبر‬ ‫ديباجة يجعلها المؤلف في مقدمة المجلس وفي نهايته‪ ،‬وال تعليق‬ ‫يذكر على الروايات إال بنحو نادر جداً‪.‬‬ ‫المستوى اللغوي لهذه الكتب يبدو عليه التكلف‪ ،‬والتصنع إلغراقها‬‫في السجع‪ ،‬لوقوع زمن تأليف هذه الكتب قبل تاريخ نهضة األدب‬ ‫العربي الحديث‪.‬‬ ‫أبرز سمة لهذه الكتب أن المجالس فيها لم تعتمد منهجية شرح آية‬‫قرآنية‪ ،‬أو قول مأثور‪ ،‬وهذا أدى إلى ضعف الوحدة العضوية فيها‪.‬‬ ‫اهتمت هذه الكتب بإبراز مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم بشكل‬‫رئيسي‪ ،‬كما أنها لم تغفل بقية مصائب أهل البيت عليه السالم على‬ ‫نحو يتفاوت بين الكتاب واآلخر‪.‬‬ ‫حافظت هذه المجالس المدونة على أبرز سمات المأتم الحسيني‪،‬‬‫الذي ورثه من الدور التأسيسي‪ ،‬متمسكا ً باألغراض الخطابية التي‬ ‫أسسها أهل البيت عليهم السالم فيه‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أ‪-‬االستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم‪.‬‬ ‫ب‪-‬استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم‪.‬‬ ‫التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم‪.‬‬‫‪-2‬أسهمت األحساء في هذا الدور بكتاب من كتب المجالس الحسينية‬ ‫الروائية لمؤلفه سماحة الشيخ عبدالمحسن بن محمد اللويمي المتوفى‬ ‫حدود عام ‪1213‬هـ‪ ،‬عنوانه‪ :‬التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة‬ ‫الطاهرة‪.‬‬ ‫‪213‬‬


‫‪-3‬برز فيها جملة من الخطباء الحسينيين في قرون سالفة وهم كل‬ ‫من‪:‬‬ ‫ الشيخ مغامس بن داغر األحسائي‪ ،‬عاش في أواسط القرن التاسع‬‫الهجري‪ ،‬وقد اهتم بترجمته العديد من العلماء واألدباء في تراجمه‬ ‫لرقة شعره‪ ،‬منهم الشيخ األميني في "الغدير"‪ ،‬والسيد جواد شبر في‬ ‫"أدب الطف"‪ ،‬والخطيب اليعقوبي في "البابليات"‪ ،‬والشيخ جواد‬ ‫الرمضان في "مطلع البدرين"‪.‬‬ ‫الشيخ علي السبعي‪ ،‬عاش في القرن العاشر الهجري‪ ،‬وقد كان‬‫شاعرا رثائيا لإلمام الحسين عليه السالم‪ ،‬وقد اعتنى بذكر ترجمته‬ ‫كال من السيد جواد شبر في "أدب الطف"‪ ،‬والشيخ جواد الرمضان‬ ‫في "مطلع البدرين‪.‬‬ ‫الشيخ أحمد بن حجي البالدي‪ ،‬من أبرز خطباء القرن الثاني عشر‬‫الهجري‪ ،‬عاش في قرية البطالية ثم انتقل إلى البحرين‪ ،‬وكان‬ ‫شاعرا مكثرا ذائع الصيت‪ ،‬له من المراثي الحسينية ما بلغت ألف‬ ‫قصيدة‪ ،‬دون غيرها من التواريخ والمدائح‪ ،‬وقد ترجم له األميني في‬ ‫"الغدير"‪ ،‬وحفيده في كتابه "أنوار البدرين"‪ ،‬والشيخ جواد‬ ‫الرمضان في "مطلع البدرين"‪ ،‬كما أفرد له الخطيب الحسيني‬ ‫سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار كتابا مستقال استوعب جوانب‬ ‫حياته الخطابية واألدبية‪.‬‬ ‫النتائج المتعلقة بالدور التفسيري‪:‬‬ ‫‪ -1‬توصل الباحث إلى نتيجة هامة وهي أن تجربة الشيخ سبتي‬ ‫الريادية في تخليص المنبر الحسيني من دوره الروائي‪ ،‬لم تكن‬ ‫خالية من اإلرهاصات والممهدات‪ ،‬فقد سبقه حركة تأليف لمجالس‬ ‫حسينية أسست لهذه الظاهرة‪ ،‬وكان أبرز تلك الكتب ما يلي‪:‬‬ ‫كتاب مصائب المعصومين للشيخ عبدالخالق اليزدي الذي فرغ من‬‫تأليفه عام ‪1221‬هـ‪ ،‬حيث عمد هذا الكاتب إلى كتابة مجالس‬ ‫حسينية‪ ،‬مبتدئا المجلس فيها بآية أو بخطبة لإلمام أمير المؤمنين‬ ‫علي عليه السالم‪ ،‬ويتعرض لآليات بالتفسير ولكن ال يشبع البحث‬ ‫فيها‪ ،‬وأحيانا يأتي بسبب نزول اآلية‪ ،‬ويكتفي في مجلسه بذكر‬ ‫‪211‬‬


‫الروايات والقصص التي تصب في جانب مصيبة اإلمام المقصود‬ ‫ذكره‪ ،‬ويفصل أحيانا بين الرواية‪ ،‬واألخرى ببعض العبارات التي‬ ‫تثير الحزن وتدعو إلى إظهار المصاب‪ ،‬ويعر على ذكر مصيبة‬ ‫اإلمام الحسين عليه السالم في أثناء المجلس‪ ،‬وفي تقدير الباحث أن‬ ‫هذه المحاوالت الكتابية للتخلص من سمات الدور الروائي كانت‬ ‫بمثابة إرهاصا لبروز المدرسة التاريخية على يد الشيخ كاظم سبتي‬ ‫رحمه هللا‪ ،‬هذا وقد جاء على منوال اليزدي العديد من الكتب تخللت‬ ‫فترة حياة سبتي‪ ،‬أو خالطت أيام عطائه وتجديده وهو مما يؤكد على‬ ‫استمرارية التوجه الفكري في المنبر الحسيني نحو التخلص من‬ ‫سمات الدور الروائي ومن تلك الكتب ما يلي‪:‬‬ ‫كتاب"أكسير العبادات في أسرار الشهادات" للعالمة آقا بن عابد‬‫الدربندي وانتهى من تأليفه عام ‪1212‬هـ‪.‬‬ ‫كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب"‪ ،‬للعالمة الشيخ‬‫محمد بن حسين أبي خمسين األحسائي ولم يُعثر على تاريخ تأليفه‪،‬‬ ‫إذ الزال مخطوطا ولكن أقدم تاريخ لنسخه مخطوطة هو عام‬ ‫‪1261‬هـ‪ ،‬وكانت وفاة الشيخ عام‪1311‬هـ‪ ،‬أي أنها نسخت في‬ ‫حياته‪.‬‬ ‫كتاب "روضات الجنان"‪ ،‬للعالمة الشيخ جعفر أبو المكارم‬‫القطيفي المتوفى ‪1321‬هـ وانتهى من تأليفه عام ‪1331‬هـ‪.‬‬ ‫‪-2‬برز في األحساء العديد من الخطباء الحسينيين الذين تعاطوا‬ ‫أغراض خطابة المدرسة التاريخية وقد كان األكثر برزوا في طرق‬ ‫نواديها الحسينية بتلك األغراض هم‪ :‬الشيخ كاظم المطر المولود في‬ ‫‪1312‬هـ والمتوفى في ‪1363‬هـ‪ ،،‬والمال أحمد الرمل المتوفى عام‬ ‫‪1331‬هـ‪ ،،‬والمال خضير الحياوي‪ ،‬وهذا يعود إلى تعاظم خبرة تلك‬ ‫المدرسة‪ ،‬و انتشار صيتها‪ ،‬و قبول أغراضها الخطابية‪ ،‬إذ قبل‬ ‫هؤالء المتميزين في طرق األغراض المدرسة التاريخية كانت‬ ‫األحساء تتعاطى أغراض المدرسة التاريخية لكن بشكل محدود‬ ‫‪212‬‬


‫وعلى أيدي قلة من خطبائها‪ ،‬ومن أبرز من سار في ركب المدرسة‬ ‫التاريخية من خطباء األحساء ما يلي‪:‬‬ ‫ الشيخ عبدهللا بن علي الوايل توفي ‪1333‬هـ‬‫مال علي الرمضان توفي ‪1323‬هـ‬‫الشيخ حسن بن عيثان توفي ‪1332‬هـ‬‫الشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب توفي ‪1324‬هـ‬‫الشيخ أحمد بن محمد البغلي توفي ‪1311‬هـ‬‫مال أحمد بن رمل ‪1316‬هـ‬‫مال داوود الكعبي ‪1362‬هـ‬‫السيد شرف عبد هللا الموسوي‬‫الشيخ عبد الحميد الهالل‬‫الشيخ كاظم الصحاف توفي ‪1366‬هـ‬‫الشيخ حسن الجزيري توفي ‪1233‬هـ‬‫الشيخ كاظم المطر‪1363‬هـ‬‫‪-3‬دخلت أغراض المدرسة العلمية لرائدها األول الشيخ الدكتور‬ ‫أحمد الوائلي‪ ،‬على يد الشيخ عبدهللا السمين‪ ،‬والشيخ جعفر الهاللي‪،‬‬ ‫وقد كانت قدرات "السمين" وملكاته الخطابي ال تدع مجاال للشك‬ ‫في قدرته على طرق ميادين المدرسة العلمية وذلك لتمكنه من‬ ‫أغراضها‪.‬‬ ‫النتائج المشتركة بين األدوار الثالثة التي مر بها المنبر‬ ‫الحسيني(التأسيسي‪ ،‬والروائي‪ ،‬والتفسيري)‪:‬‬ ‫أبرز المالمح المشتركة فيما بين األدوار الثالثة التي مر بها المنبر‬ ‫الحسيني ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬اكتنف المنبر الحسيني‪ ،‬واهتم بشؤونه العلمية واألدبية‪ ،‬وأعطاه‬ ‫من الرعاية ما يستحقه في هذا الجانب‪ ،‬أرقى شريحة اجتماعية في‬ ‫المجتمع اإلسالمي وهم‪ :‬األئمة‪ ،‬والعلماء‪ ،‬واألدباء‪ ،‬وزودوه بما‬ ‫جادت به أذهانهم‪ ،‬وقرائحهم من نظريات‪ ،‬ومفاهيم‪ ،‬وتوجيهات في‬ ‫‪213‬‬


‫أشكال عدة‪ :‬كفتاوى‪ ،‬وخطب‪ ،‬وأشعار‪ ،‬وغيرها من نتاجهم‬ ‫الفكري‪ ،‬واألدبي‪.‬‬ ‫‪ -2‬كان المنبر الحسيني مصدر إشعاع فكري للمجتمع الذي كان‬ ‫يعيش فيه‪ ،‬وينبوع وعي‪ ،‬يشحذ أذهان مرتاديه بالحس اإليماني‬ ‫الالزم‪ ،‬الكفيل بصيانة فطرة المؤمنين من التحلل واالنحراف‪.‬‬ ‫‪ -1‬أن المنبر الحسيني ال يعدو كونه كأي وسيلة من وسائل‬ ‫االتصال‪ ،‬تنمو‪ ،‬وتشتد مع المراس‪ ،‬وتتطور بفعل تراكم الخبرات‪،‬‬ ‫ولكن مما يحسب له من وجهة نظر الباحث أن المنبر الحسيني‬ ‫حاول في ظل اإلمكانيات المتاحة له في كل دور أن يقوم بواجبه‬ ‫على طول مساره المجيد‪ ،‬في أداء الحق والواجب تجاه مصيبة أهل‬ ‫البيت عليهم السالم‪ ،‬واالهتمام بإذكاء مشاعر الحزن في قلوب‬ ‫الشيعة والمحبين‪ ،‬ولم يفوت فرص نيل الثواب الموعود لمن بكي أو‬ ‫تباكى حزنا ً على اإلمام الحسين عليه السالم"‪ ،‬كما أنه اعتنى بذكر‬ ‫مصائب بقية أهل البيت المعصومين عليهم السالم‪ ،‬وما جرى على‬ ‫السادة األبرار من أهل بيت الرسالة‪ ،‬وما جرى عليهم على أيدي‬ ‫جالوزة األمويين والعباسين‪ ،‬ومن حذا حذوهم على طول مسيرة‬ ‫التاريخ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬أجرى الباحث بحثا ميدانيا عن واقع الخطابة الحسينية في‬ ‫األحساء في تاريخ ‪1213‬هـ وتوصل الباحث فيه إلى النتائج التالية‪:‬‬ ‫‪-1‬كشف البحث عن تدني كبير في مقدار تناول المفاهيم اإلسالمية‪،‬‬ ‫المشار إليها في السؤال األول من استبانة البحث‪ ،‬وأهم تلك النتائج‪:‬‬ ‫أ‪-‬بالنسبة إلى مقدرا تناول المفاهيم العقائدية الهامة والتي تمثل الكم‬ ‫المطلوب شرعا أن يعتقد بها فقد بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها‬ ‫على نحو قليل ‪ %1‬وعلى نحو متوسط ‪.%23‬‬ ‫ب‪-‬المواضيع التربوية والتي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة‬ ‫بشكل خاص والمجتمع بشكل عام‪ ،‬فقد بلغت نسبة القائلين بأنه تم‬ ‫تناولها على نحو قليل بنسبة ‪.%16‬‬ ‫‪212‬‬


‫المواضيع التي تقوم بتوعية الشباب وإنارة الطريق أمامهم حتى‬‫ال يقع فريسة لرفقاء السوء فقد بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها‬ ‫على نحو قليل بنسبة ‪.%16‬‬ ‫د‪-‬المواضيع التي تعرف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري وسيرتهم‬ ‫وعنائهم في حفظ الشريعة قد بلغ هذا الجانب من التدني الشيء‬ ‫الكثير‪ ،‬كما بلغت نسبة القائلين بأن هذا الموضوع لم يتم تناوله على‬ ‫اإلطالق ‪ %26‬وعلى نحو قليل ‪ %12‬وعليه فإن الباحث يقترح‬ ‫إعداد تقويم مقدس لمواليد ووفيات علماء الطائفة‪ ،‬وتجعل في هذه‬ ‫التواريخ فرصة لتناول ذكرهم في المجالس الحسينية‪.‬‬ ‫ولو تصدى أحد الباحثين إلى إيجاز هذا المشروع الضخم لسد فراغا‬ ‫في المكتبة اإلسالمية‪.‬‬ ‫هـ‪-‬المواضيع التي تتناول المسائل الخالفية المذهبية‪ ،‬وتوضيح‬ ‫مالبساتها‪ ،‬والشرح الوافي ألدلة الشيعة فيما تعتقد به وذلك من‬ ‫خالل إطار الوحدة اإلسالمية‪ ،‬دون إذكاء للنعرات المذهبية فقد‬ ‫بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها بشكل قليل ‪ %13‬وبشكل متوسط‬ ‫‪.%31‬‬ ‫و‪-‬المواضيع التي تهتم بالعنصر النسائي‪ ،‬وذلك بتشخيص الواجبات‬ ‫المسئوليات الملقاة على عواتقهن‪ :‬كأداء الحقوق الزوجية‪ ،‬والعائلية‪،‬‬ ‫وتوعيتهن بأهمية استغالل أوقاتهن بالقراءة واالطالع‪ ،‬وغير ذلك‬ ‫من الواجبات بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها على نحو قليل ‪%11‬‬ ‫وهذه نسبة متدنية جدا‪ ،‬تفرض على العلماء والمهتمين بالشأن الديني‬ ‫في األحساء منحهن المزيد من الرعاية واالهتمام نظرا النطواء‬ ‫الكثيرات منهن على اهتمامات سطحية مما يجعل وسطهن معرضا‬ ‫للغزو الفكري بشكل أكبر مما هو عليه في الوسط الرجالي‪،‬‬ ‫‪211‬‬


‫فاالعتناء بهن أمر مهم ألنهن نصف المجتمع‪ ،‬ومربيات النصف‬ ‫اآلخر‪.‬‬

‫مصادر البحث‪:‬‬ ‫المصادر العربية‪:‬‬ ‫*ابن طاووس‪ :‬السيد علي‬ ‫اللهوف في قتلى الطفوق‬‫النجف‪ .‬المطبعة الحيدرية‪1161 .‬هـ‪.‬‬ ‫*ابن أبي جمهور‪ :‬محمد بن علي‬ ‫عوالئ اللئالئ‬‫قم‪ .‬مطبعة سيد الشهداء‪1181 ،‬هـ‪ .‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫*آل محبوبة‪ :‬الشيخ جعفر‬ ‫ماضي النجف وحاضرها‬‫مكان النشر‪( :‬بدون)‪ .‬تاريخ النشر(بدون)‪.‬‬ ‫*األمين‪ :‬السيد محسن‬ ‫أعيان الشيعة‬‫بيروت‪ .‬دار التعارف‪1231 .‬هـ‪.‬‬ ‫اقناع الالئم على إقامة المآتم‬‫(مكان الطبع‪( :‬غير معروف)‪ ،‬مطبعة العرفان‪1322 ،‬هـ)‬ ‫*األميني‪ :‬الشيخ عبد الحسين‬ ‫الغدير‬‫بيروت‪ .‬دار الكتاب العربي‪1181 .‬هـ‪ .‬الطبعة الخامسة‪.‬‬ ‫*حسن‪ :‬السيد داخل‬ ‫‪211‬‬


‫من ال يحضره الخطيب‬‫مقدمة الكتاب للشيخ عبدالزهراء الخطيب‬ ‫بيروت‪ .‬دار البالغ‪1211 .‬هـ‪ .‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫*الخوشاري‪ :‬الميرزا محمد باقر‬ ‫روضات الجنات‬‫بيروت‪ .‬الدار اإلسالمية‪1211 .‬هـ‪.‬‬ ‫*شبر‪ :‬السيد جواد‬ ‫أدب الطف‬‫بيروت‪ .‬دار المرتضى‪1213 .‬هـ‪.‬‬ ‫*الشخص‪ :‬السيد هاشم‬ ‫أعالم هجر‬‫بيروت‪ .‬مقدمة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي‪.‬‬ ‫*شمس الدين‪ :‬الشيخ محمد مهدي‬ ‫ثورة الحسين في الوجدان الشعبي‬‫بيروت‪.‬الدار اإلسالمية‪1188 .‬هـ‪ .‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫*الصدوق‪ :‬أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين‬ ‫ثواب األعمال و عقاب األعمال‬‫مكان الطبع (بدون)‪ .‬تاريخ الطبع (بدون)‪.‬‬ ‫الرافعي‪ :‬مصطفى صادق‬ ‫تاريخ األدب العربي‪ .‬بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‪ .‬تاريخ الطبع‬ ‫(بدون))‪.‬‬ ‫*القمي‪ :‬الشيخ عباس‬ ‫مفاتيح الجنان‬‫بيروت‪ .‬مؤسسة األعلمي‪1212 .‬هـ‪ .‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫‪211‬‬


‫الكنى واأللقاب‬‫مكان الطبع‪( :‬بدون)‪ .‬مكتبة الصدر‪.‬‬ ‫*فروخ‪ :‬د‪ .‬عمر‬ ‫تاريخ األدب العربي‬‫بيروت‪ .‬دار العلم للماليين‪1171 ،‬هـ‪.‬‬ ‫*الطريحي‪ :‬الشيخ فخر الدين‬ ‫المنتخب في جمع المراثي والخطب‬ ‫بيروت‪ .‬مؤسسة األعلمي‪ .‬تاريخ الطبع(بدون))‪.‬‬ ‫*الطهراني‪ :‬الشيخ آقا بزرك‬ ‫الذريعة إلى تصانيف الشيعة‬‫بيروت‪ .‬دار األضواء‪ .‬تاريخ الطبع (بدون)‪.‬‬ ‫*العسقالني‪ :‬الحافظ أحمد بن علي بن حجر‬ ‫اإلصابة في تمييز الصحابة‬‫بيروت‪ .‬دار الكتب العلمية‪1221 .‬هـ‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬‬ ‫*العيدان‪ .‬العرفج‪ .‬الخرس‬ ‫األحساء في مئوية التوحيد والبناء‬‫األحساء‪ :‬بلدية األحساء‪1216 .‬هـ‪ .‬الطبعة األولى‪.‬‬ ‫*المطر‪ :‬الشيخ كاظم بن محمد صالح‬ ‫قالئد وفرائد‪ .‬مقدمة الديوان للعالمة الشيخ محمد باقر بوخمسين‬‫بيروت‪ .‬دار البيان العربي‪1111 .‬هـ‪ .‬الطبعة األولى‪ .‬الناشر المال‬ ‫محمد صالح المطر‪.‬‬ ‫*المقرم‪ :‬السيد عبد الرزاق‬ ‫مقتل الحسين عليه السالم‬ ‫‪214‬‬


‫بيروت‪ .‬دار الكتاب اإلسالمي‪1366.‬هـ‪ .‬الطبعة الخامسة‪.‬‬ ‫*اللويمي‪ :‬الشيخ عبد المحسن بن محمد‬ ‫التحفة الفاخرة‬‫مكان الطبع (بدون)‪ .‬تاريخ الطبع (بدون)‪.‬‬ ‫مجالت دورية‪:‬‬ ‫*الغراوي‪ :‬الشيخ عبد الحسن‬ ‫الشيخ محمد علي اليعقوبي‪.‬‬ ‫مجلة اإليمان‬‫عام ‪1341‬هـ‪ .‬العدد الخاص بالشيخ محمد علي اليعقوبي‪.‬‬ ‫*مجلة الموسم‬ ‫الملف الخاص بالشيخ الوائلي‪.‬‬‫عام ‪1646‬م عدد ‪.3-2‬‬ ‫*الهاللي‪ :‬الشيخ جعفر‬ ‫األدب المنسي في األحساء‪.‬‬‫مجلة تراثنا‪ .‬العدد الثالث ‪ .22‬السنة السادسة‪ .‬رجب ‪1211‬هـ‪.‬‬ ‫األدب المنسي في األحساء‬‫مجلة تراثنا‪ .‬العدد الرابع (‪ )13‬السنة الثالثة‪.‬شوال ‪1234‬هـ‪.‬‬ ‫األدب المسني باألحساء‬‫مجلة تراثنا‪.‬العدد الثاني ‪ .23‬سنة ‪1233‬هـ‪.‬‬ ‫مقابالت شخصية‪:‬‬ ‫*البحراني‪ :‬المال طاهر بن محمد بن علي‬ ‫مقابلة شخصية‬‫تاريخ ‪1213‬هـ‪.‬‬ ‫‪216‬‬


‫الحسيني‪ :‬السيد حيدر‬ ‫مقابلة شخصية‪.‬‬ ‫*الرمضان‪ :‬الشيخ جواد بن حسين‬ ‫مقابلة شخصية‪.‬‬‫تاريخ ‪1213‬هـ‪.‬‬ ‫*الهاجري‪ :‬آية هللا الشيخ محمد بن سلمان الهاجري‪.‬‬ ‫مقابلة شخصية‪.‬‬ ‫*الهديبي‪ :‬الشيخ حبيب بن إبراهيم‬ ‫مقابلة شخصية‬‫عام ‪1213‬هـ‪.‬‬ ‫رسائل خطية‪:‬‬ ‫*الدهنين‪ :‬الشيخ علي بن علي‬ ‫رسالة خطية‬‫تاريخ ‪1213‬هـ‪.‬‬ ‫مصادر أجنبية‪:‬‬ ‫*‪Cochnan: William G.‬‬ ‫‪-Sampling Techniques‬‬ ‫‪1977. 3 Ed.‬‬

‫‪243‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.