تاريخ تطور األغراض الخطابية في المنبر الحسيني عبر أدواره الثالثة حاضرة األحساء في المملكة العربية السعودية :حالة دراسية (منذ واقعة الطف وحتى تاريخ 4141هـ) -4الدور التأسيسي -2الدور الروائـي -1الدور التفسيري المدرسة التاريخية لمؤسسها الشيخ كاظم سبتي. المدرسة العلمية لمؤسسها الشيخ الدكتور أحمدالوائلي.
تقديم :سماحة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي تأليف :الدكتور محمد بن جواد الخرس (أبوعلي) الطبعة الثانية 4111ه2142 -م
1
بسم هللا الرحمن الرحيم
2
الفهرس تقديم سماحة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي 6......................................................... "شكر و اعتذار" 11............................................................................ اإلطار العام للبحث 46............................................................................. مصطلحات البحث11......................................................................... : مقدمة21......................................................................................... : أهمية البحث23.................................................................................: هدف البحث23................................................................................. : فرضيات البحث22............................................................................ : منهج البحث21................................................................................. : الدراسات السابقة21........................................................................... : الحدود الزمنية والمكانية للبحث33......................................................... : تقسيمات البحث31.............................................................................: الفصل األول :الدور األول الدور التأسيسي 12............................................... تمهيد32......................................................................................... : المبحث األول :المجالس الحسينية في الدور التأسيسي واألغراض الخطابية فيه 33 المطلب األول:انعقاد أول مجلس حسيني عند جسد الحسين عليه السالم من قبل عائلته ،وأبرز األغراض الخطابية فيه32.............................................. . المطلب الثاني :المجالس الحسينية المنعقدة في قصر عبيد هللا بن زياد ويزيد بن معاوية ،وأبرز األغراض الخطابية فيها 31............................................. المطلب الثالث :خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم في الشام ،وأبرز األغراض الخطابية فيها 22................................................................ المطلب الرابع :خطب اإلمام زين العابدين عليهم السالم و العلويات في شوارع المدينة ،وأبرز األغراض الخطابية فيها21.............................................. المطلب الخامس :األغراض التي تناولها اإلمام زين العابدين عليه السالم في خطبته بالمدينة ،وأبرز األغراض الخطابية فيها24.................................. . المبحث الثاني :الوسائل التي انعقد بها المجلس الحسيني في الدور التأسيسي 12.... المبحث الثالث :آثار الدور التأسيسي على مسيرة المجالس الحسينية المعاصرة 11. المبحث الرابع :انتهاء الدور التأسيسي ،وبداية الدور الروائي في مسيرة الخطابة الحسينية16....................................................................................... المبحث الخامس :المجالس الحسينية في األحساء خالل الدور التأسيسي 11.........
3
المطلب األول :الخلفية الحضارية لحاضرة األحساء 11.............................. المطلب الثاني :سفيان بن مصعب العبدي كرائد مؤسس في مجال الخطابة الحسينية في مدرسة اإلمام جعفر الصادق عليه السالم 14............................ الفصل الثاني :الدور الثاني /الدور الروائي 66.............................................. المبحث األول :منشأ تسمية الدور الروائي ،والوسائل المستخدمة في دراسة مالمحه41........................................................................................ المطلب األول :كتاب "اللهوف في قتلى الطفوف" للعالمة بن طاووس رحمة هللا. 63.............................................................................................. المطلب الثاني :كتاب "روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي رحمه هللا 62........................................................................................... المطلب الثالث:كتاب "رياض المصائب " للعالمة التنكباني رحمه هللا 61........ المطلب الرابع :كتاب "المنتخب في جمع المراثي والخطب" ،المشهور بالفخري ،للعالمة الشيخ الطريحي رحمة هللا66....................................... المطلب الخامس :كتاب "التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة" للعالمة الشيخ عبد المحسن اللويمي رحمة هللا133................................... . المبحث الثاني :واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي واإلسهام الذي قدمته في هذا الدور134................................................................. المطلب األول :واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي134... . المطلب الثاني :خطباء أحسائيون في الدور الروائي 112............................. الفصل الثالث :الدور الثالث /الدور التفسيري421........................................... المبحث األول :الكتب الحسينية المؤلفة حول الخطابة الحسينية خالل الدور التفسيري122.................................................................................... المطلب األول :الخصائص المشتركة للكتب الحسينية في الدور التفسيري 122.. المطلب الثاني :كتاب "مصائب المعصومين" للعالمة اليزدي رحمه هللا121..... المطلب الثالث :كتاب "إكسير العبادات في أسرار الشهادات" للعالمة الدربندي رحمه هللا124................................................................................. المطلب الرابع :كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب" للعالمة الشيخ محمد أبي خمسين رحمه هللا131.......................................................... المبحث الثاني :الممارسة الفعلية للخطباء خالل الدور التفسيري121............... . المطلب األول :المدرسة التاريخية122................................................. . المطلب الثاني :المدرسة العلمية111.................................................... . المبحث الثالث :المآتم الحسينية في األحساء خالل الدور التفسيري111............. . المطلب األول :الشيخ عبد هللا بن علي الوايل (تويف 0011هـ)114....................... . المطلب الثاني :المال علي الرمضان ( ولد -1211توفي 1323هـ ) 111......... المطلب الثالث :الشيخ حسن بن عيثان (توفي سنة 1321هـ)113................. . المطلب الرابع :الشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب (ولد 1213هـ -توفي 1324هـ )111...........................................................................................
2
المطلب الخامس :الشيخ أحمد بن محمد البغلي (توفي سنة 1311هـ) 111........ المطلب السادس :مال أحمد بن رمل ( ولد - 1331توفي 1316هـ )116...... . المطلب السابع :المال داوود الكعبي ( ولد 1312هـ -وتوفي 1362هـ )143..... المطلب الثامن :السيد شرف عبد هللا الموسوي (ولد سنة 1313هـ)143........... المطلب التاسع :الخطيب الشيخ عبد الحميد الهالل (ولد 1321هـ )142........... المطلب العاشر :الشيخ كاظم الصحاف ( ولد 1313هـ ،وفاته 1362هـ )141.. . المطلب الحادي عشر :الشيخ حسن الجزيري (ولد -1322توفي سنة .)1233 146............................................................................................ المطلب الثاني عشر :الشيخ كاظم المطر (ولد عام 1312هـ ،وتوفي 1363هـ). 161............................................................................................ المبحث الرابع :أصداء المدرسة العلمية في األحساء232.............................. . المبحث الخامس :محاوالت تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء232...... . المبحث السادس :نجاح تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء231........... . الفصل الرابع :الخطابة الحسينية في األحساء في الوقت الراهن212................... المبحث األول :بحث ميداني حول بعض مالمح الخطابة الحسينية في األحساء في الوقت الراهن236............................................................................. . المطلب األول :الهدف من البحث213.................................................... المطلب الثاني :أهمية البحث213........................................................ . المطلب الثالث :منهج البحث213........................................................ . المطلب الرابع :مجتمع الدارسة213...................................................... المطلب الخامس :صعوبة جمع البيانات212............................................ المطلب السادس :تحديد عينة البحث العشوائي211.................................... المطلب السابع :استمارة االستبيان الموجهة إلى عينة البحث العشوائي211..... . المبحث الثاني :تراجم لخطباء أحسائيين معاصرين211............................... . المطلب األول :الشيخ علي الدهنين211.................................................. المطلب الثاني :الشيخ حبيب الهديبي216................................................ الخاتمة212..................................................................................... : مصادر البحث211............................................................................ :
1
تقديم سماحة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي لكي نتعرف مركز الخطابة الحسينية عند المسلمين ودورها في نشر الفكر االسالمي البد لنا من ان نمهد لذلك باإللمام إلى مركز الشيعة في األمة األسالمية ودورهم في الفكر االسالمي ،ذلك أن الخطابة الحسينية تمثل جانبا مهما من الحضارة الشيعية ،تلك الحضارة العريقة التي تمثل – هي األخرى -أحد خطى حركة الفكر اإلسالمي والحركة التي تشأت في أحضان البيئة األسالمية االولى، وباشراف الرسول القائد نبينا محمد (ص) ،ذلك انها ولدت مع اعتناق االمام علي (ع) لألسالم ،وانطلقت بانطالقته يوم تحرك يعضد النبي (ص) ويحمل الدعوة بلسانه خطابة وتعليما ،وبقلمة كتابة وتأليفا ،وبسيفه يدك حصون الشرك ويهد قالع الوثينة. وكلما امتد الزمان يستقبل دعوة االسالم ،وامتد المكان يحتضن انتشار الدعوة ،توسعت مجاال ونماء وعطاء . وقد كان من أهم وسائل اإلعالم والدعاية للدعوة آنذاك وسيلتا الخطابة والشعر . وكان للدعوة اإلسالمية أثر بليغ في رفع مستوى الخطابة العربية متأثرة بـالقرآن الكريم وباإليمان الحافز للمسلمين عل حمل اإلسالم ودعوة الناس إليه فكانت من أهم الوسائل لذلك. وأهم ماكان يميز الخطابة في عصر الرسالة وصدر اإلسالم "عذوبة ألفاظها ومتانة أسلوبها ،وقوة تأثيرها ،واقتباسها من القرآن،
1
وانتهاجها منهجه في اإلرشاد واإلقناع ،وإبداؤها بحمد هللا والصالة 1 على رسوله " وأشهر من أشتهر من خطباء هذا العصر :النبي محمد (ص) واإلمام علي (ع) . قال الجاحظ يصف خطابة النبي" :كان كالمه الكالم الذي قل عدد حروفه ،وكثر عدد معانية ،وجل عن الصنعة ،ونزه عن التكلف، استعمل المبسوط في موضع البسط ،والمقصور في موضع القصر، وهجر الغريب الوحشي ،ورغب عن الهجين السوقي ،فلم ينطق اال عن ميراث الحكمة ،ولم يتكلم اال بكالم قد حف بالعصمة ،وشد بالتأييد ،ويسر بالتوفيق ،ثم لم يسمع الناس بكالم قط اعم نفعا ،ال أصدق وال اسهل مخرجا ،وال افصح من معناه ،وال ابين من فحواه، من كالمه _(ص)_" .2 وقال الزيات يصف خطابة االمام علي ":والنعلم بعد رسول هللا (ص) فيمن سلف وخلف أفصح من علي في المنطق ،والأبل ريقا َ في الخطابة ،كان حكيماَ تتفجر الحكمة من بيانه ،وخطيبا ً تتدفق البالغة على لسانه ،وواعظا ً ملء السمع والقلب ،ومترسالً بعيد غور الحجة ،ومتكلما ً يضع لسنه حيث يشاء ،وهو باإلجماع أخطب المسلمين ،وأيام المنشئين ،وخطبه في الحث على الجهاد ،ورسائله إلى معاوية ،ووصفه الطاووس والخفاش والدنيا ،وعهده لألشتر النخعي – أن صح ذلك – 3تعد من معجزات اللسان العربي وبدائع
-1تارخيه االدب العريب ألمحد حسن الزيات ط 21ص .111 - 2م .س . 143 -3ملعرفة ثبوت صحة صدور العهد املشار اليه من اإلمام أمري املؤمنني لي ( ع ) وتوثيقه سنداً ومتناً يرجع إىل كتاب مصادر هنج البالغة ليشيخ لبد اهلل نعمة رقم ، 13ص ، 221ط 1362هـ . كتاب مصادر هنج البالغة و اسانيده ليسيد لبد الزهراء احلسيين 2ظ 361رقم 13ط 2
1
العقل البشري ،ومانظن من ذلك قد تهيأ له اال لشدة خالطه للرسول، 4 ومرانته منذ الحداثة على الخطابة له والخطابة في سبيله " وقد جمع الشريف الرضي المتوفي سنه 232هـ خطبه ورسائله وحكمة في كتاب أطلق عليه (نهج البالغة) فكان _ بحق _ اسما على مسمى . سئل عبد الحميد الكتاب :من أين تعلمت البالغة ؟ فأجاب :من خطب األصلع ،يعني عليا ً (ع) . ومن بعد علي (ع) أستمرت الخطابة في دعوة أهل البيت (ع) وسيلة مهمة من وسائل االحتجا واالقناع ،وفي خطب السيدة زينب بنت علي بعد وقعة كربالء نموذ حي لهذا . وفي مجال الشعر تقرأ في أريج الدعوة العلوية هاشميات الكميت بن زيد االسدي ،وقصائد العبديين ،وقالئد السيد الحميري ،وتأئية دعبل بن علي الخزاعي ،وروائع الشريفين المرتضى والرضي ،وكثيراً غيرها . وحتى نصل القرن الرابع عشر الهجري يتنامى شعر الدعوة عند إتباع أهل البيت ويتكاثر من حيث الكم ،ويتوسع في انتشاره من حيث الرقعة الجغرافية ،فيعم جميع حواضر الشيعة في سواحل الخليج األخضر ،فألى جانب السيد حيدر الحلي ،والسيد جعفر الحلي ،والسيد إبراهيم بحر العلوم ،والشيخ صالح الكزاز ،والشيخ صالح التميمي ،والشيخ كاظم األزري ،واضرابهم من شعراء النجف ،والحلة ،وبغداد ،كان هنا في سواحل الخليج أمثال :الشيخ أحمد بن مهدي أبو السعود القطيفي ،والشيخ محمد الزهيري السيهاتي ،والحا عبدهللا العبيدي التاروتي ،والسيد ناصر آل السيد عبد الصمد البحراني ،و السيد عدنان الغريفي ،والشيخ عبد هللا 4تاريخ األدب العريب 141
4
الذهبة البحراني ،والمال علي بن رمضان األحسائي ،والشيخ عبدهللا بن علي األحسائي والشيخ أحمد بن علي الصحاف ،وآخرين كثيرين . وفي النجف االشرف ،وبعد عودة المرجعية اليها إثر وفاة المجدد الشيرازي سنة 1312هـ تحركت الحوزة العلمية في اكثر من خط تجدد وتبدع . ففي الخط السياسي كانت الدعوة الى الحكم الدستوري ،المعروفة بـ (المشروطة) بقيادة المرجع الديني الشيخ محمد كاظم الخراساني . وفي الخط العلمي الحوزوي نتج أهم كتابين في الفقه وأصوله، طورا فيها ،فجددا وأضافاً ،وهما : كتاب ( العروة الوثقى ) للسيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي،الذي احتوى من الفروع الفقهية الشيء الكثير بما يعد اضافة مهمة على ماتقدمه من متون فقهية ورسائل عملية . كتاب (كفاية األصول) للشيخ محمد كاظم الخراساني ،الذي يعد –وبحق – نقلة موفقة في تطوير اصول الفقه االمامي . وفي خط الشعر كان السيد جعفر الحلي آل الشبيبي الشيخ جواد وابناه الشيخ محمد رضا والشيخ باقر ،والشيخ علي الشرقي ،والذين مثلوا ريادة النهضه االدبية في النجف االشرف خاصة ،وفي العراق عامة . وفي خط إحياء التراث والدراسات اللغوية كان الشيخ محمد رضا الشبيبي عضو المجامع اللغوية والعلمية العربية ،والدكتور عبد الرزاق محي الدين ،والدكتور مهدي المخزومي مجدد النحو العربي في هذا القرن وغيرهم.
6
وفي خط الفهارس التراجم كان الشيخ علي آل كاشف الغطاء صاحب (الحصون المنيعة في طبقات الشيعة) ،والسيد محسن األمين العاملي مؤلف الموسوعة الكبيرة ( أعيان الشيعة ،والشيخ عبد هللا المامقاني مؤلف الموسوعة الرجالية (تنقيح المقال في أحوال الرجال) وشيخ المفهرسين والمجيزين الشيخ آغا بزرك الطهراني مؤلف الموسوعتين الشهيرتين (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) و(طبقات اعالم الشيعة). وفي خط الفقه كان الشيخ آغا رضا الهمدني مؤلف موسوعة (مصباح الفقهيه) والسيد محسن الحكيم مؤلف الموسوعه المعروفه (مستمسك العروة الوثقى). وفي خط العقيدة كان الشيخ محمد حسن المظفر مؤلف موسوعته (دالئل الصدق) ،والشيخ عبد الحسين االميني مؤلف الموسوعة الذائعة الشهرة (الغدير في الكتاب والسنة واألدب) . وفي خط العلوم الطبيعية كان الشيخ كاظم الملكي مؤلف (المعجم الزيولجي) . وكانت هذه المعطيات وأضعافها مما سبقها مما شارك فيه الشيعة بخدمة اإلسالم وقضاياه في العقيدة والتشريع والفكر عامة . وقد يعد باالضافة الى نسبتهم العددية لعموم المسلمين اكثر بكثير ماهو متوقع منهم ويرجع هذا الستمرار باب اإلجتهاد مفتوحا ً عندهم ،ولتبينهم العقل منطلقا ً آخر من منطلقات التفكير ،واليمانهم بضرورة تغطية كل متطلبات التطور ،وبحرية كاملة تتمحور حول اصالة االسالم في خط التجديد المفيد. في هذه الحقبة الزمنية الخصبة وفي بيئتها المكانية المعطاء ،وفي هذا الجو العلمي المليء بالنشاط الثقافي ،و المفعم بالعمل و اإلبداعي ،نبغ في هذا الخطابة الحسينية المشايخ آل السبتي ،وعلى 13
رأسهم كبير األسرة الخطيب كاظم السبتي المتوفي سنة 1322هـ، الذي طور في فن الخطابة الحسينية من طريقها المألوفة قبله ،و التي تمثلت في تالوة تاريخ سيرة اإلمام الحسين ( ع ) من الكتب المعدة لذلك ،أمثال : كتاب المنتخب من المراثي والخطب ،المعروف بالفخري، للشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى سنة 1341هـ . كتاب المجالس في أيام عاشوراء ،للشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي المتوفى سنة 1334هـ كتاب مثير األحزان ،للشيخ شريف الجواهري المتوفى سنة 1312هـ إلى طريقته المبتكرة ،و التي تتمثل بقراءة قصيد من الرثاء الحسيني قريضا ثم شعبياً ،فقراءة مجلس قد يكون موحداً الموضوع وقد يكون منوع الموضوعات عن ظهر قلب ،أي خار الكتاب ،ثم التخلص إلى ذكرى واقعة كربالء ،فالختام بالنعي . وقد ساعد هذا التنوير السبتي أن يتحول واقع عطاء المنبر الحسيني من تالوة إلى محاضرة تعد اعداداً علمياً ،ويعد لها االسلوب األمثل في االلقاء و االعطاء ليحقق المنبر هدفه في مجالي التربية و التعليم . وقد يكون أهم أثر لمسناه من هذا هو تجذير روح االنتماء إلى المذهب عند الشيعة ،ووقوف عاطفة الحب عندهم سيا مناعة قويا يحصن الفكر و الوالء . وال رتباط الحواضر الشيعية في سواحل ،ومنها حاضرة األحساء بالنجف األشرف مذهبيا ً وفكريا ً تأثر شكل ومضمون الخطابة الحسينية فيها بما تطور اليه في النجف األشرف ،وبرز على ساحتها العشرات من الخطباء الحسينين ،واشتهر كثيرون منهم، فتنقلوا في مختلف مدن الساحل من البصرة إلى مسقط ،يرقون المنبر الحسيني ويقومون بدور نشر فكر أهل البيت ( ع ) و 11
التذكير بمأساة الطف ،ولتبرز اساتذة منهم في فن الخطابة الحسينية ساهموا في التطوير و التجديد ،و بخاصة في جانب الشكل ،وتمثل هذا في نظم الشعر الشعبي الذي عرف في أوساطهم بالفايزي نسبة لمبتكره المال علي الفايز األحسائي، وكذلك بادخال فن التخميس في القريض وبتلحينه الخاص بخطباء الخليج ،ومنهم انتشر في الربوع الشيعية االخرى . وألن األحساء – وكما يؤكد تاريخها – من أهم الحواضر العلمية و البيئات األدبية في هذا الساحل الغني بما وهبه اله تعالى من طبيعة ولوجود الواحات الزراعية الخضراء المنتشرة على طول الساحل ،وحيث النفط المتدفق من باطنها يغذي شرايين الجسم االقتصادي العالمي انفتحت في أكثرمن مجال تساير التطور المسرع في تغيراته . وكان من هذا ان تحركت تواكب حركة التأليف في العالم االسالمي ،وبخاصة فيما يرتبط بالعقيدة و التاريخ من قضايا وشؤون ،فتوسلت بالوسائل االعالمية و التربوية الحديثة ،فأقامت (مهرجان الغدير) لعام 1213هـ ،وأعلنت قبله عن المسابقة في التأليف بما أشرت اليه ،ورصدت لذلك الجوائز الثمينة . وكانت االستجابة لذلك فوق المتوقع من الطليعة االحسائية المؤمنة بقضيتها ،المتمسكة بانتمائيها ،و المتطلعة لمستقبل أفضل وعيا ً وثقافة ،وكان من بين الذين شاركوا في هذه المسابقة الكريمة المؤلف الفاضل االستاذ محمد الخرس ،وبوحي من انتمائه لتربة هذه البلدة الطيبة اختار ان يكتب في جانب مهم من تاريخها المسهم في خدمة قضايا الفكر و العقيدة ،وهو جانب الخطابة الحسينية . و القارئ المعايش و المعاصر للنهضة التطويرية لهذا الفن المثمر ،يلمس وبوضوح أهمية دور خطباء المنبر الحسيني 12
االحسائيين في الدعوة لفكر أهل البيت ،و التطوير المساير لما يستجد على الساحة الخطابية في العالم اإلسالمي،وقد وفق في اختياره ،ووفق في تأليفه منهجا ً ومادة وتحقيقا ً للغاية النبيلة التي هدف اليها. وتقديراً لهذا وللجهد المثمر الذي بذله بصبر ومثابرة الخرا كتابه القيم هذا استحق من لجنة التحكيم أن توصي بمنحة الجائزة األولى ،وإذ أبارك له هذا الفوز أتوسم فيه وفي اخوته األفاضل الذين شاركوا في هذه المسابقة الخيرة على أيديهم أن تتحقق على أيديهم وأيدي لداتهم من الجيل المثقف عودة الحركة الثقافية في هذه الحاضرة الكريمة إلى زحفها في النماء و العطاء ،وهللا تعالى ولي لتوفيق ،وهو الغاية . عبد الهادي الفضلي دارة الغريين – الدمام في 4141 / 6 / 22هـ
13
أقوال مأثورة في حق المنبر الحسيني ورد لــن أيب لبــد اهلل الصــاد ليي ـه الســالم يف ح ـواره مــع أحــد ــيعته ،أنــه قال: "جتيس ــوت وتتح ــدثوت قيـ ـ :جعيـ ـ ف ــدا نع ــم ،ق ــال :إت تي ــجمل اس ــال أحبهــا ،فــأحيوا أمرنــا إت مــن ركرنــا ،أو ركرنــا لنــده ،ف ــر مــن لينــه م ـ جناح الذباب ،غفر اهلل له رنوبه ،ولو كان أك ر من زبد البحر. أيب جعفر حممد بن لي بن احلسني الصدو ،ثواب األلمال ولقاب األلمال(،مكات الطبع( :بدوت) ،تاريخ الطبع( :بدوت)) ،ص.223
قال أحد مراجع األمة اإلسالمية قدس اهلل نفسه الزكية-: " إت البكاء ليى سيد الشهداء لييه السالم ،وإقامة اسال اليت حفظ اإلسالم منذ أربعة لشر قرناً".
احلسينية ،ه
12
"شكر و اعتذار" أعتق رقبة هذه الدراسة بعض أفراد عائلة الباحث وأرحامهم بعد طول رق ألدرا مكتبه ،فلهم الشكر والتقدير والجزاء األوفى من هللا على مبادرتهم ،ولوال تلك لظلت الدراسة تحت آمال الباحث بأن يعطف عليها مرة في جولة أخرى ليطورها ،مستوعبا ما استجد على ساحة الخطابة الحسينية العالمية من جهة ،ومن جهة أخرى لما استجد على الساحة األحسائية على أيدي خطبائها البارزين، فالدراسة تم تدوينها في عام 1213هـ ،وتاريخ طباعتها عام 1233هـ وعليه فإن الباحث يلتمس العذر من خطباء المنبر الحسيني المعاصرين داخل األحساء وخارجها ،خاصة أولئك الذين يجدر بالدراسة أن تستوعب إنجازاتهم ،وإبداعاتهم الخطابية الحسينية ،أما ما سوف يالحظه القارئ الكريم من بعض المعلومات المضافة على الدراسة في بعض جوانبها فتلك تمت عند إعدادها للطباعة ،أما جوهرها ومنهجيتها فلم يتم عليها إال تعديالت طفيفة ،هذا وهللا ولي التوفيق.
الباحث
11
اإلطار العام للبحث مصطلحات البحث: فيما يلي إيضاح لمعاني بعض المصطلحات التي وردت في سياق البحث ،ما لم يشتمل السياق التي وردت فيه معنى آخر.
11
الح ِس َى" "ويراد بها السهل من األرض يستنقع األحساء لغة :من " َ فيه الماء ،ويراد بها أيضا الرمل المتراكم تحته صالبة ،فإذا نزل المطر منع الرم ُل َح َّر الشمس أن يُنَ َّشفَهُ ،ومنعتهُ الصالبةُ أن يغور، فإذا ُحفِ َر وجْ هُ الرمل عن ذلك الما ِء نب َع باردا عذبا ً ،كما يحدث في
عمق الواحة األحسائية
موقع األحساء في المملكة العربية السعودية
إقليم األَحساء في شرق الجزيرة العربية" (املعجم الوسيط :مادة (حسى)) ،أما اصطالحا فهي أبرز حواضر الجزيرة العربية ،تقع ما
بين دائرتي عرض 21-11وخطي طول 11-24في الجزء الجنوبي من المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية ،وتقدر مساحتها بـ 133ألف كيلو متر مربع ،ممثلة بذلك نسبة %22من مساحة المملكة ،وتشتمل على عدة مدن :الهفوف ،والمبرز ،والجفر، والعمران ،والعيون ،ويتبع المدن الخمس 22قرية هذا مضافا إلى واحة زراعية شاسعة تعد األكبر على مستوى العالم حسب المقاييس العالمية في تعريف الواحات حيث يراد بها المنطقة الزراعية التي تحيط بها الصحاري من جميع الجهات ،ومن أشهر منتجاتها التمر، والموالح ،والعنب ،والتين ،والرمان ،وجميع أنواع الخضروات المعروفة في البيئة العربية ،مضافا إليها مساحة رملية شاسعة خالية تصل أطرافها إلى حدود دولة قطر ،واإلمارات العربية المتحدة، وعمان ،واليمن ،تدعى بـ صحراء الربع الخالي ،وتقدر مساحتها بـ 123ألف كيلو متر مربع ،و صحراء من الناحية الغربية تدعى بـ صحراء الدهناء تقدر مساحتها بـ 43ألف كم مربع ( ،العيدات، 11
العرفج ،اخلرس :األحساء يف مئوية التوحيد والبناء ،ص ،)42-13
وتختزن في أراضيها أكبر مخزون نفطي على مستوى العالم ،أما من حيث المستوى التعليمي فهي تضم العديد من الجامعات، والكليات ،والنوادي األدبية العامة والخاصة ،هذا باإلضافة إلى حوزتين علميتين واحدة منها في مدينة المبرز تدعى بـ "الحوزة العلمية في األحساء" ،وهي حوزة توفر لطالب العلم جميع الدروس التي يحتاجها في جميع مراحل درسه في مجال اللغة والمنطق والفلسفة ،والفقه واألصول والحديث وعلم الرجال ليس فحسب في مراحله األولية بل وحتى الدروس المتقدمة التي تؤهل لمرحلة االختصاص واالجتهاد في مجال العلوم الشرعية ،وأخرى في مدينة الهفوف تدعى بـ "حوزة آية هللا الشيخ محمد بن سلمان الهاجري"، وكل من الحوزتين تمثالن امتدادا عريقا لظاهرة الدرس الشرعي في حاضرة األحساء كمدينة عرفت بكثرة مدارسها ،و حوزاتها ،وأربطتها العلمية قبل أن تدخلها الدراسة النظامية فيها ممثلة في المدارس والجامعات الحديثة ،فقد كانت ملتقى لطالب العلم في الجزيرة العربية ،لمن أراد طلب العلم في مختلف العلوم على جمع آراء المذاهب اإلسالمية :كالمذهب اإلمامي ،والحنفي، والشافعي ،والمالكي ،والحنبلي ،وهو ما يعكس من الناحية الديموغرافية احتضانها لكامل ألوان الطيف المذهبي الديني على أراضيها ،األمر الذي جعلها تحظى بالعديد من العلماء والمفكرين واألدباء ،هذا من حيث واقعها المعاصر ،أما في ماضيها فقد عرفت على طول خط تاريخها بعدة أسماء فكانت تدعى بالبحرين 14
تارة ،وهجر تارة أخرى ،كما شهدت على أراضيها حضارات عدة منها حضارة الفينيقين قبل ارتحالهم إلى سواحل البحر المتوسط، وكذا حضارة دلمون ،وفي صدر الدعوة اإلسالمية برز من رجالها من كان في عداد الصحابة األجالء أمثال صعصة بن صوحان العبد وأخوته الثالثة زيد وسيحان وعبدهللا وغيرهم من أفراد قبيلة بني عبد القيس ما أهلهم أن يكونوا سباقين في التفاعل مع أحداث الرسالة ،ومن أبرز مظاهر ذلك التفاعل إقامتهم لثاني جمعة جمعت في اإلسالم في مسجدهم في جواثى ،وبذا يفتخر الشاعر العبدي حيث يقول: والمسجد الثالث الشـرقي كان لنا أيام ال مــــــسجد للنـاس تعـرفه
والمنبران وفصل القول في الخطب إال بطيبة والمحـــجو ذي الحجب
وال غرابة في عراقة تكوينها االجتماعي أن تكون رائدة في إسهامها البشري على مستوى النخبة الطليعية في كل حين ،فهي تعد من أقدم الحواضر التي استوطنها اإلنسان على وجه البسيطة -منذ العصر الحجري القديم واألوسط والحديث كما دلت عليها اآلثار والقطع الحجرية ،وللمزيد من التعرف على تاريخها القديم يمكن الرجوع إلى متحف المركز التاريخي للملك عبدالعزيز بالرياض -ولم ينفك عنها؛ لتميزها من حيث الموقع الجغرافي الهام على مستوى قارة آسيا ،كحلقة وصل بين الجزيرة العربية والعديد من بلدان القارة - فهي تقع في الجانب الشرقي منها ،مطلة بذلك على الخليج العربي - ولوفرة الثروات الطبيعية فيها :من مياه ،وأراضي زراعية خصبة. األغراض الخطابية :األغراض جمع غرض ،والغرض في اللغة هو الهدف الذي يُر َمي إليه ،ويراد به أيضا الحاجة والقصد :يقال: فهمت غرضك ،أي قصدك (املعجم الوسيط :مادة (غرض)) ، .أما من الناحية االصطالحية ،فإن األغراض الخطابية في المأتم الحسيني، يراد بها األهداف والحاجات والمقاصد التي يراد الوصول إليها الخطيب الحسيني من خالل خطبته. 16
الحسينية :هي مكان اجتماع الناس بغرض إقامة المأتم على اإلمام الحسين عليه السالم ،ويستفاد منها أيضا في إقامة كافة المناسبات الدينية واالجتماعية التي ترتبط بخدمة المجتمع. التطبير :وهي الممارسات المتمثلة في ضرب الظهور واألكتاف بالسالسل أو ضرب الجباه بالسيوف ،وذلك في أجواء مشبعة بالحزن عبر إنشاد أشعار الرثاء بصوت شجي مؤثر. الحوزوي :ويقصد به كل فرد التحق بالدراسة الدينية ،متدرجا في تعليمية بدراسة المقدمات والتي تشتمل على علوم اللغة العربية من نحو،وصرف ،وبيان ،ومقدمة في الفقه ،والمنطق ،تعقبها مرحلة متقدمة تسمى بالسطوح ،ويدرس خاللها دروس متقدمة في الفقه وأصوله،ثم الدخول في مرحلة عليا وهو البحث الخار . الشبيه أثناء المجلس الحسيني :هو دور تمثيلي يقرب صورة المأساة التي جرت على أهل البيت عليهم السالم مثل :إدخال طفل رضيع إلى المأتم ،يأخذه الخطيب على يديه ممثال به عبدهللا الرضع الذي قتل على يدي والده اإلمام الحسين عليه السالم يوم عاشوراء، أو إدخال غالم يمثل دور القاسم بن اإلمام الحسن عليهما السالم عندما وقف أمام عمه اإلمام الحسين عليه السالم يوم العاشر من المحرم ،وهو يردد األبيات التي ارتجز بها عند نزوله إلى الميدان. صاحب الفضيلة :وهو كل طالب علم دخل مرحلة البحث الخار وتكون لديه مقدرة على تدريس كتب مرحلة السطوح. طالب العلم :وهو كل من دخل سلك الدراسة الحوزوية ،سواء كان في بداية دروس المقدمات وحتى مرحلة السطوح. المنبر الحسيني :مصطلح يقصد منها في اإلستعمال العام العديد من الفعاليات التي تهدف إلى إحياء ذكرى استشهاد اإلمام الحسين 23
عليه السالم ،عبر الدراسات والبحوث ،والمدونات الصحفية، والمهرجانات الشعرية ،ولكن في هذا البحث سيرد كمرادف للمأتم الحسيني ،أو المجلس الحسيني ،أحد أهم وسائل التعبير عن النهضة الحسينية ،حيث يراد من المأتم لغة ،واصطالحا ما يلي: المأتم لغة :الجماعة من الناس في حزن أو فرح ،وغلب استعماله في األحزان( .املعجم الوسيط :مادة (أمت)). المأتم اصطالحا :فيراد بالمأتم الحسيني :البكاء لقتل اإلمام الحسين عليه السالم ،بإخرا الدمع بصوت وبدونه ،والتعرض لما يسبب ذلك ،وإظهار شعار الحزن ،والتأسف والتألم لما صدر عليه ،وتذكر مصابه ،ونظم األشعار في رثائه ،وتالوتها ،واستماعها ،وتهييج النفوس بها للحزن والبكاء ،وتالوة واستماع خبر مقتله ،وما جرى عليه ،وذكر فضائله ،ومناقبه ،ووصف أخالقه الكريمة ،وشمائله بما يشبه تأبين األموات ،واالجتماع وعقد المجالس لذلك ،وبذل المال والطعام في حبه ،بمعنى إهداء ثواب ذلك إليه ،وغير ذلك مما هو من هذا القبيل ،بشرط عدم االشتمال على محرم نص الشرع على تحريمه ،وعلمت حرمته في دين اإلسالم( .األمني :إقناع الالئم ليى
إقامة املآمت ،ص .)2
المجتهد :وهو كل من وصل مرتبة علمية يتمكن من خاللها استنباط الحكم الشرعي من الدليل التفصيلي.
مقدمة: منذ استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم ،وحتى تاريخنا المعاصر، يقيم شيعة أهل البيت عليهم السالم -وبالتحديد أفراد المذهب اإلمامي -مجالس العزاء إحياء لذكرى استشهاده ليس فقط في أيام عاشوراء من شهر محرم الحرام ،بل طيلة أيام السنة ،حتى لقد باتت 21
مسألة التذكير بحدوث تلك الواقعة األليمة برنامجا يوميا لدى الكثير منهم ،من خالل الحضور في الحسينيات أو إقامتها في منازلهم، ومزارعهم ،بل يرى البعض أنه ال يهنأ له العيش حتى يقيم ذكرى الحسين عليه السالم ،في أشد المناسبات سعادة على قلبه ،كسكنى البيت الجديد ،فهم يجعلون من ذكراه وتالوة مصيبته بشكل متواصل ومتكرر طريقا لالرتباط بمنهج الحسين عليه السالم ،واستلهام األهداف التي نهض من أجلها والتي تتمثل في االلتزام بالدين الحنيف ،وشعائره ،حيث قالها الحسين عليه السالم صريحة" :إني لم أخر أشرا وال بطرا ،وال ظالما وال مفسدا وإنما خرجت من أجل اإلصالح في أمة جدي رسول هللا ،إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر" ،وبالتالي فعقدهم المتكرر لمجالس تذكر فيها ما جرى عليه من مصائب ،إنما بقصد الوفاء لتلك التضحيات الكبيرة التي قدمها ألمة جده رسول هللا. بينما في المقابل هناك من يرى بأن المنبر الحسيني خضع لقوى التفاعل الشعبي على طول تاريخه الطويل ،بسبب جسامة الجريمة النكراء التي وقعت على سبط النبي األكرم و أصحابه وأهل بيته عليهم السالم ،من جهة ،ومن جهة أخرى ما ألهل البيت عليه السالم من قدسية خاصة في قلوب المؤمنين ،مما أدى بالمنبر أن يصطبغ بجانب عاطفي كبير ،ال يتناسب مع أهداف النهضة الحسينية. األمر الذي يستدعي متابعة وفحص األدوار التاريخية التي مر بها المنبر الحسيني ،ورصد معالم أغراضه الخطابية التي اتسم بها كل دور ،وتحديد الثوابت الهيكلية في الخطاب المنبري الحسيني؟ وذلك من أجل رصد ظاهرة التطور فيه كيف بدأت؟ وكيف وصلت إلينا في تاريخنا المعاصر؟ وذلك بغرض حل إشكالية مدى تعرض المنبر لقوى التفاعل الشعبي ،أم أنها على العكس من ذلك ،لم يكن التفاعل الشعبي هذا إال امتثاال شرعيا لتعاليم دينية ،وبذا يصنف تفاعلهم تحت عنوان إحياء الشعائر اإلسالمية ،التي أمر هللا عز وجل بها. 22
أهمية البحث: -0رفع درجة الوعي المتعلقة بشرعية المنبر الحسيني وتاريخه منذ مقتل اإلمام الحسين عليه السالم وحتى تاريخنا لمعاصر. -2التعرف على األغراض الخطابية للمنبر الحسيني خالل دراسة تاريخه. -4رفع درجة الوعي بتاريخ حاضرة األحساء في المملكة العربية السعودية في إقامتها للمآتم الحسنيية عبر التاريخ. -0إضافة إلى المكتبة اإلسالمية دراسة تعنى بتاريخ المنبر الحسيني.
هدف البحث: هذا البحث يعنى باالجابة على التساؤالت التالية: -0هل للمآتم الحسينية خلفية تاريخية ،تمتد جذورها إلى تاريخ ما بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم؟ أم أنها حالة طارئة على أفراد المجتمع الشيعي؟ -2ما هو موقف أئمة أهل البيت عليه السالم ،من المآتم الحسينية، باعتبارهم أوصياء النبي األكرم عليهم الصالة و السالم ،والخلفاء من بعده ،و امتداده الطبيعي لحفظ مسار األمة ،حيث لهم تجاه كل حادثة أو نازلة باألمة موقف شرعي؟ -2هل أن المجلس الحسيني مر بأدوار إلى حين وصل إلى ما وصل إليه حتى تاريخ كتابة هذا البحث ،أم أنه أخذ سمتا واحدا لم يتغير؟ وإن كان فيه تغيرات هل هناك جوانب الزمت مساره حتى تاريخنا المعاصر لم تنفك عنه ،و أخرى تغيرت بتغير الظروف ،و تحول ثقافات الشعوب وممارساتها؟ -0هل قامت الحوزة العلمية -ممثلة في علمائها وفقهائها -بدعم هذه المسيرة ،أم أنها تركتها تحت قوة التفاعل الشعبي؟ وإن كانت لهم 23
إسهامات في دعمها ورعايتها فما مظاهر ذلك الدعم؟ وهل فيها خطباء حسينيون؟ وإن كان هناك خطباء حوزويون فما مكانتهم الخطابية؟ وما نصيبهم في الحضور العلمي خار أسوار الحوزة العلمية كالتواجد في المناخات األكاديمية ،والتتلمذ في أروقة الجامعات ،بهدف العلم بالعلوم الحديثة ،وتوظيف النافع منها في تنمية معارف المشاركين في تلك المجالس؟
فرضيات البحث: ما تم إثارته من أسئلة فيما سبق ،جعلها الباحث نصب عينيه عند خوضه هذا الموضوع ،واشتق منها فرضيات دراسته ،وسيسعى الختبار صحتها من عدمها ،وتلك الفرضيات كما يلي: -0للمنبر الحسيني جذور تاريخية تعود إلى ما بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم ،مباشرة. -2أئمة أهل البيت عليهم السالم ،شاركوا في دور عقد تلك المجالس، بل ومارسوا دور الخطيب في بعض منها ،وحثوا على ممارسة الخطابة الحسينية في زمانهم. -0التزمت المجالس الحسينية بجانب إشاعة الحزن ،وإذكاء أور المصيبة في جميع المجالس الحسينية التي عقدت من قبل شيعة أهل البيت عليهم السالم ،بحيث يعتبر هذا الجانب ركيزة لم تتخل عنها مجالسهم العزائية المقامة تحت عنوان العزاء على روح سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم. -0على فرض صحة فرضية وجود خلفية تاريخية للمجالس الحسينية تمت بشكل مباشر بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم ،وعلى فرض صحة فرضية التزام المأتم الحسيني بالجانب العاطفي فيه ،كذلك التزمت تلك المآتم بالجانب الموضوعي 22
والمتمثل في عرض أهداف النهضة الحسينية ،كعمل إصالحي في األمة. -4قامت الحوزة العلمية بتخريج عدد من الكفاءات التي شاركت في القيام بدور الخطيب الحسيني. -5ساهم علماء المذهب اإلمامي في دعم المآتم الحسينية بالكتب والتوجيهات ،وذلك تأكيدا منهم على شرعيتها. ولعل أبرز ما سيتمخض عن البحث بعد اإلجابة على هذه التساؤالت ،هو العلم بتاريخ تطور األغراض الخطابية التي تناولها المنبر الحسني.
منهج البحث: وظف هذا البحث عدة مناهج بحثية أملتها عليه طبيعة البحث وتعدد محطاته التاريخية ،غير أن المنهج الذي غلب عليه هو المنهج الوثائقي التاريخي ،وذلك عند استطراد الباحث في تتبع تطور األغراض الخطابية التي اعتمدها الخطباء على طول خط تاريخ الخطابة الحسينية ،كما عمد في كل محطة تاريخية من تاريخ تطور أغراض المنبر الحسيني إلى جعل األحساء حالة دراسية لواقع الخطابة الحسينية ،هذا وقد عمد الباحث إلى إجراء دراسة ميدانية تطبيقية لتاريخها المعاصر ،ومعتمدا في أدوات بحثه استبانة لجمع بياناته األولية منها ،وذلك بأخذ عينة عشوائية طبقية عبر أسلوب إحصائي معتمد في الدراسات الميدانية ،تمكن الباحث من خاللها أن يعمم نتائج بحثه على مجتمع الدراسة الذي استقى منه بياناته.
21
ويرجح قرار أخذ هذه الحاضرة حالة دراسية لهذا البحث؛ لكونها من أشهر المناطق التي يقطنها الشيعة اإلمامية منذ فجر اإلسالم ،إذ بلحاظ ما للحسين عليه السالم من مكانة كبيرة في قلوب المسلمين بشكل عام والشيعة بشكل خاص ،فإنه من المقدر أن حاضرة األحساء قد اهتمت – كغيرها من المناطق اإلسالمية – بالقضية الحسينية ،وأنها لم تكن على هامش األحداث بعد مقتل الحسين عليه السالم ،بل عاشت غضبا عارما ،لما نال سبط الرسول األكرم صلى هللا عليه وآله وسلم ،كما في المناطق الشيعية التي تلقت أنباء مقتله الشريف ،فتفاعلت بقضيته كغيرها من المناطق ،عبر أدوار تاريخية عدة ،سيتم التعرض لها بإذن هللا في سياق البحث. لعل من المالئم في ظل هذه المنهجية أن يتناول البحث األدوار التي مرت بها األغراض الخطابية للمنبر الحسيني عبر التاريخ تناوال عاما دون تخصيص منطقة بعينها ،بعد ذلك يتم الحديث عن أصداء تلك األدوار في حاضرة األحساء ،ورصد جوانب تفاعلها مع معطيات الساعة آنذاك ،وتعريف ببعض الخطباء الذين احتفظ لنا التاريخ ببعض أسمائهم السيما في القرون المتقدمة ،كما يستهدف البحث رصد الكتب التي اهتمت بالمجالس الحسينية ،باعتبارها وسيلة من وسائل عقد المجالس الحسينية في أحد األدوار، وإسهامات األحسائيين في مسيرة الخطابة الحسينية بشكل عام ،وكذا دور بعض خطبائها في نقل ما استجد من أغراض خطابية حسينية برزت على طول خط تاريخها الطويل ،في األمصار اإلسالمية المجاورة ،وغيرها من المعلومات التي تم العثور عليها ،ولها طرف من األهمية ما يجعلها تستحق الذكر.
الدراسات السابقة: تكاد أن تكون الدراسات السابقة لهذا البحث معدومة ،مما شكل ذلك قيداً كبيراً على الباحث في ظل تطلعه للقيام بعمل يتسم بالتوسع، واالستطراد في جنبات الدراسة ،بحيث تمكن أجيال الحاضر 21
التعرف على مراحل تطور األغراض الخطابية كما تم اإلشارة لذلك سلفا ،ولعل هذه المشكلة ذاتها واجهها سماحة العالمة الشيخ محمد مهدي شمس الدين عند تأليفه كتاب " ثورة الحسين في الوجدان الشعبي " وقد صرح بذلك في قوله ":ليس لدينا مراجع تعرض لمراحل تكون المآتم وتطوراته التي مر بها عبر التاريخ ،ومضمونه الثابت والمتغير" (مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب،
ص ،)052وعليه فإن الباحث يوافق العالمة "شمس الدين " فيما ذهب إليه بأن لكتابه المذكور شرف الريادة في هذا المجال ،ففي حدود علم الباحث لم يُطرق البحث بهذا النحو من التوسع والتأصيل قبل الشيخ المذكور .من جهة أخرى تعرض البحث لقيد آخر ،وهو قيد مرتبط أيضا بالمصادر التاريخية السابقة ،ولكن هذه المرة في ماضي حاضرة األحساء محل التطبيق كحالة دراسية ،حيث المحزن المبكي لتاريخها ،فهي تعاني من ضعف ذاكرة التاريخ عنها بشكل عام ،وبشكل خاص في مجال البحث عن تاريخ الخطابة الحسينية فيها ،على الرغم من أنها حاضرة عامرة بمفردات الحضارة اإلنسانية على طيلة مسيرة تاريخها العريق ،كان آخرها الحضارة اإلسالمية التي دخلتها بعد انبثاق فجرها المشرق في مكة المكرمة. كم لحاضرة األحساء من تاريخ مجيد عرفت خالله بالتشيع المحض ،والوالء الصادق آلل محمد عليهم السالم ،تقلدت خاللها أوسمة الشرف ،واالفتخار بشهادة علماء المذهب ،وأساطينه ،حيث لها الحضور الديني المتميز، والسيما في جانب العشق، والوالء آلل محمد صلى هللا عليه وآله وسلم ،و َعبَّر أبناء الحاضرة على طول خط التاريخ الحسيني
الشيخ باقر بوخمسين 21
عن تلك المشاعر والرؤى بعدة فعاليات ،ومن أبرزها اهتمامهم بمجلس عزاء سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم. لقد أنجبت هذه الحاضرة فقهاء مجتهدين ،و أصحاب فضيلة، وشعراء فحول ،وخطباء مفوهين ،قدموا الواجب المقدس في خدمة الشريعة الغراء ،ولكن التاريخ جر عليهم مسحة نسيان ،وتجاهل لدورهم ،فكم يتألم الباحث عندما يريد أن يتعرف بشكل تفصيلي لتراث هذه الحاضرة المعطاءة على مر التاريخ ،ولكن ال يجد إال شذرات متناثرة في بطون الكتب ،ولعل المغفور له قاضي األوقاف والمواريث في األحساء أحد أبرز السباقين في االهتمام بتراث األحساء وأدبائها العالمة الشيخ محمد باقر بن آية هللا الشيخ موسى أبي خمسين رحمة هللا عليهما ،كان محقا ً حينما عتب على التاريخ، والمؤرخين لهذا التجاهل حيث قال" :هل أن هذه الرقعة أساءت إلى التاريخ بشيء حتى نسيها ،وجعلها في سلة المهمالت ،أو أن الشمس أشرقت عليها من حيث أمرها هللا أن تشرق على هذا الكوكب ،ولم يدر فيها كائن حي فيحق للمؤرخ أن يقول :ما الذي أذكره ،وليس فيها سوى الرمال ،وسقي األعاصير ،وهل أن هذه الرقعة أساءت إلى أعالم التراجم بإساءة ساكنيها معهم ،أو أنهم لم يحملوا من المعارف ،واآلداب كما حمله غيرهم ،فلم يشاركوا في علم ،ولم يساهموا في أدب ،ولم يقرضوا شعراً ،ولم تبرز قرائحهم ،ولم تسجل أقالمهم ما أنتجه من شعر ،ونثر فيقول الكاتب :وما عسى أن أكتب عن أمة ،صم ،بكم ،عمي" (املطر :قالئد وفرائد ،مقدمة الديوات،
ليعالمة الشيخ حممد باقر أيب مخسني ص)41
24
حسينية في األحساء يرجع تاريخها إلى عدة قرون هجرية سابقة إن الباحث يرى أنه ال سبيل إلى الخرو من هذه العزلة ،والتجاهل إال بجهود أبنائها ،وذلك بتدوين ،ونشر ما بقي ،وما أمكن العثور عليه ،حتى ال يذوب ويتالشى ،وتسحقه عربة التاريخ كما فعلت بما مضى ،وهذه الدراسة تتطلع إلى سد إحدى فجوات تاريخ األحساء 26
في مجال تاريخ تشيعها ،ووالئها آلل محمد صلى هللا وسلم عليه وآله الطاهرين. إن من أبرز المؤشرات الدالة على عمق الوجود العلمي الشيعي في حاضرة األحساء ما أورده آية هللا الشيخ محمد بن أبي جمهور األحسائي في مقدمة كتابه غوالئ الآلليء حيث أفرد طريقا خاصا لعلماء األحساء ضمن سبعة طرق لروايته لألحاديث الواردة في كتابه المذكور ،وممن ورد في طريق الرواية والده الشيخ علي عن قاضي قضاة اإلسالم ناصر الدين الشهير بابن نزار ،عن أستاذه جمال الدين حسن الشهير بالمطوع الجرواني األحساوي ،عن الشيخ أحمد بن فهد بن إدريس المقري األحساوي ،عن ابن المتو البحراني عن ابن المطهر الحلي ،وهذه السلسلة الروائية عاش أفرادها في القرن السابع والثامن الهجري ،وإذا غاص المتتبع إلى ماهو أبعد من هذين القرنين ،سيجد الشيخ أبو ناصر الغاري في القرن الخامس الهجري ،ومن قبله الشيخ أبو صالح السليلي بحسب إفادة الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة إلى تصانيف الشيعة عند تحريره لبيانات كتابين للشيخ السليلي "السقيفة" ،و "الفتن".
الحدود الزمنية والمكانية للبحث: من حيث المكان سيتناول البحث واقع األغراض الخطابية للمنبر الحسيني في المجتمع الشيعي بشكل عام حيث ما كان ،غير أنه سينال من التركيز بشكل أكبر على البلدان العربية ليسر التعامل في جوانب الرصد من الناحية اللغوية التي يتقنها الباحث ،أما من حيث الجانب الزمني فسيكون منذ واقعة كربالء وحتى تاريخ عام 1213هـ فقط ،حيث يوافق تاريخ كتابة البحث ،ولظروف خاصة تعود للباحث قد ال يكون من المالئم التعرض لها في هذه المرحلة من سيرته. 33
تقسيمات البحث: يشتمل البحث على أربعة أبواب تناول الباحث في كل دور شطراً من مسيرة المنبر الحسيني عبر التاريخ مسلطا ً الضوء على أبرز فعالياته ،وقد أطلق الباحث اسما على كل دور بما يتناسب مع أبرز الخصائص المميزة لكل واحد منها وهي كاآلتي: الفصل األول :ويشتمل على الدور التأسيسي. الفصل الثاني :ويشتمل على الدور الروائي. الفصل الثالث :ويشتمل على الدور التفسيري. و تم الحديث بشكل مفصّل عن مدرستين خطابيتين بارزتين ،في هذا الدور ،منذ بدايته ،وحتى تاريخ إجراء هذا البحث ،وقد أطلق الباحث أسماء لمدارس خطابية تتناسب مع األغراض الخطابية لتلك المدرستين ،وهما: -1المدرسة التاريخية :وهي المدرسة التي تأسست على يد الشيخ كاظم سبتي ،موضحا ً تاريخ نشأتها ،و أبرز األغراض الخطابية فيها ،والرواد األوائل فيها. -2المدرسة العلمية :وهي المدرسة التي تأسست على يد الدكتور أحمد الوائلي ،موضحا ً ظروف نشأتها ،وأغراضها الخطابية. الفصل الرابع :وقد تم تخصيصه لدراسة الواقع الخطابي في األحساء في الوقت الراهن ،عبر بحث ميداني يتناول واقع الخطابة في األحساء ،يقيس من خالله مقدار تناول الخطباء لمجموعة من األغراض الخطابية و تحديد أبرز الخطباء المتميزين في تناولها، وأيضا ً بعض الشعارات الحسينية المتعلقة بالمآتم ،وتوقعات عن مستقبل الخطابة في األحساء.
31
الفصل األول :الدور األول الدور التأسيسي تمهيد: أول من أسس لظاهرة المجالس الحسينية هم عائلة اإلمام الحسين عليه السالم ،من خالل ممارستهم العملية لها في أرض كربالء، ومجلس ابن زياد في الكوفة وسككها ،ومجلس يزيد بن معاوية في الشام ،وكذا عند عودتهم إلى المدينة المنورة ،كما أن أهل البيت بعد حادثة كربالء مارسوا عقد المجالس الحسينية وحثوا عليها ،لذا يمكن القطع بأن تلك المجالس العفوية استطاعت أن تضع اللبنات األولى لمالمح المجالس الحسينية ،و هذا الفصل سيسعى لرسم مالمح ذلك الدور من حيث معرفة األغراض الخطابية الواردة فيها، وهل كان الخطاب آنذاك مغرقا في الناحية العاطفية؟ أم أنه كان يتناول بعدا موضوعيا في النهضة الحسينية؟ وما هي وسائل انعقاد المجلس آنذاك؟ وهل لها أثر على مسيرة المجالس الحسينية المعاصرة؟ وكيف كان واقع المآتم الحسينية في حاضرة األحساء آنذاك باعتبارها حالة دراسية لهذا البحث؟ وكيف و َّدعت مسيرة الخطابة الحسينية الدور التأسيسي لتبدأ دورا جديدا في حياتها ممثال في الدور الروائي؟ وأخيرا واقع األحساء وحالتها في مرحلة الدور التأسيسي كيف كان؟ و هل كانت على هامش األحداث؟ وإن كان لها دور فما مدى إسهامها في هذا الدور؟ وسيتم اإلجابة على تلك التساؤالت ،وغيرها من التساؤالت الهامة في هذا الفصل من خالل المباحث التالية: المبحث األول :المجالس الحسينية في الدور التأسيسي واألغراض الخطابية فيه. المبحث الثاني :الوسائل التي انعقد بها المجلس الحسيني في الدور التأسيسي. المبحث الثالث :آثار الدور التأسيسي على مسيرة المجالس الحسينية المعاصرة.
32
المبحث الرابع :انتهاء الدور التأسيسي ،وبداية الدور الروائي في مسيرة الخطابة الحسينية. المبحث الخامس :المجالس الحسينية في األحساء خالل الدور التأسيسي.
المبحث األول :المجالس الحسينية في الدور التأسيسي واألغراض الخطابية فيه ويشتمل على المطالب التالية: المطلب األول :انعقاد أول مجلس حسيني عند جسد الحسين عليه السالم من قبل عائلته ،وأبرز األغراض الخطابية فيه. المطلب الثاني :المجالس الحسينية المنعقدة في قصر عبيدهللا بن زياد ويزيد بن معاوية ،وأبرز األغراض الخطابية فيها. المطلب الثالث :خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم في الشام، وأبرز األغراض الخطابية فيها. المطلب الرابع :خطب اإلمام زين العابدين عليه السالم والعلويات في شوارع المدينة ،وأبرز األغراض الخطابية فيها. المطلب الخامس :األغراض التي تناولها اإلمام زين العابدين عليه السالم في خطبته بالمدينة ،وأبرز األغراض الخطابية فيها.
33
المطلب األول:انعقاد أول مجلس حسيني عند جسد الحسين عليه السالم من قبل عائلته ،وأبرز األغراض الخطابية فيه. بدأ الدور األول للمآتم الحسينية بمجلس عائلي أقامته نساء الحسين عليه السالم بصحبة األطفال، واليتامى عند جسد الشهيد أبي عبد هللا الحسين عليه السالم ،فهو بحق كان من أصدق المآتم الحسينية على اإلطالق ،فأوار مالمح من العزاء الحسيني المصيبة وحدتها على قلوب األول لعائلة اإلمام الحسين العلويات كان عظيما ً ،فقد أحاطت عليه السالم في يوم عاشوراء النساء بجسده الطاهر وهن في حالة ذعر وهلع ،وكم كان وقع هذا المأتم عظيما ً ،فلقد أبكى حتى األعداء لهول ما جرى عليهن من فقد الرجال واألحبة ،وقد أذن هذا المأتم العفوي بقيام مآتم عائلية ال حصر لها .حيث شهدت كربالء من حيث كثرتها ما يمكن القول بأنه لم يفتأ النساء واألطفال من البكاء ،والنياحة إال لعارض قهري ،وما يميز هذه المآتم من الناحية الشرعية أنها كانت تحت رعاية إمام زمانه اإلمام علي بن الحسين السجاد عليه السالم ،فبمقدار ما كان يغلب عليها طابع الحزن ،واأللم لفقد الرجال ،واألبناء ،واألحبة، وبقائهن في أيدي األعداء بال ولي ،وال حمى ،إال أنها لم تأخذ طابع التذمر والتحسر ،وندب الحظ العاثر لوقوفهن بين األعداء بتلك الحالة ،بل تجد لهن في مقابل هذا التألم والحزن ،مواقف بطولة وجرأة لم يشهد لها مثيل. األغراض الخطابية في المجلس الحسيني األول لعائلة اإلمام الحسين عليه السالم:
32
لقد كان للنساء الثكلى واألرامل مواقف عظيمة تُفصح عن عظيم وعيهن بأسرار نهضة اإلمام الحسين عليه السالم ،فهن على علم بأن خروجه إنما كان فداء للدين العظيم ،وأنه إن ذهب في ساحة القتال شهيداً بقي عليهن دور آخر عظيم ،وهو تبليغ أهداف هذه النهضة المقدسة ،ونقل الصورة الواضحة لتفاصيلها المؤلمة إلى العالم، لتتكامل بذلك النهضة الحسينية فتعطي ثمارها المنشودة ،ولعل كالم السيدة زينب ،عند جسد أخيها الحسين عليهما السالم ،وقد رفعت طرفا ً منه ورفعت السماء بطرفها قائلة" :اللهم تقبل منا هذا القربان" ،أصدق دليل على ذلك.
المطلب الثاني :المجالس الحسينية المنعقدة في قصر عبيد هللا بن زياد ويزيد بن معاوية ،وأبرز األغراض الخطابية فيها أقيمت مجالس حسينية في كل من الكوفة والشام .وكان لها طابع آخر ،مغاير لذلك المأتم العائلي الذي كان سمته الحزن والبكاء فقط، فقد أبدت بنات الرسالة مع قائدهن زين العابدين عليهم السالم من البطولة ،والشجاعة ،ما حقق أمل الحسين عليه السالم من إخراجهن ،وكان أبرز سمة لهذه المآتم هي إنفرادها عن بقية المآتم التي أقيمت في الدور األول ،بعنصرين هامين في الخطابة الحسينية بشكل عام-: -2الحزن. -4الموضوع. لتكامل هذين العنصرين بشكل ال يمكن ألحدهما أن يستقل عن اآلخر ،كما أن لكل منهما هدف خاص به. فعلى صعيد جانب الموضوع في الخطابة الحسينية ،نجد أن الهدف الخاص هو تحقيق أهداف نهضة اإلمام الحسين عليه السالم ،وهو بث الوعي في األمة.
31
أما على صعيد البكاء والحزن ،فإن له هدفا ً في ذاته هو اآلخر ،وهو حمل الباقي على التجاوب مع المفاهيم ،واألفكار التي جاء الحسين عليه السالم من أجلها ،هذا من جانب ومن جانب آخر ،وعد هللا عز وجل الباكين على الحسين بالجزاء األوفى. كان لتلك المجالس المنعقدة في مجلسي عبيد هللا بن زياد ويزيد بن معاوية ،في هذا الدور وضع خاص ،بحيث ولو قمنا بدراسة لتلك الخطب لوقفنا بشكل جلي على مضامينها. ولعل أبرز األغراض الخطابية التي تناولتها تلك المآتم ما يلي: األغراض الخطابية في مأتم الكوفة: لقد أقام سبايا اإلمام الحسين عليه السالم مآتم حسينية في تلك اللحظات الحرجة التي أعقبت المقتل ،والزالت األجواء مشبعة بالتوتر والحذر ،ومع ذلك أقام اإلمام السجاد عليه السالم بمعية العلويات مأتم في غاية األهمية ،تناولت أغراضا ً عقائدية هامة، تناسب طبيعة الموقف آنذاك ،وأهم تلك األغراض الخطابية التي تناولتها هي-: أولا :توجيه العتاب إلى أهل الكوفة لغدرهم بالحسين عليه السالم-: أقام سبايا اإلمام الحسين عليه السالم مآتم ومناحات ال مثيل لها، عبر خطب وجهوا فيها النقد الالذع لسلوك أهل الكوفة في غدرهم بسيد الشهداء ،وذلك من خالل رسائلهم التي أرسلوها لإلمام الحسين عليه السالم ،يدعونه فيها للبيعة كما ورد في بعضها: " لقد اخضّر الجناب ،وأينعت الثمار ،ولطم الحمام ،فأقدم فإنما تقدم على جند لك مجنَّده" ،و بالتالي هم الذين يقاتلونه ،وقد احتلت لهجة العتاب ،واللوم مساحة كبيرة من تلك الخطب النارية. -4عتاب في خطبة زينب عليها السالم-: " أما بعد يا أهل الكوفة ،يا أهلل القتلل ،والغلدر ،أتبكلون؟ فلال رقلأت الدمعة ،وال هدأت الرنة ،إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد 31
قلوة أنكاثللا ،تتخلذون أيمللانكم دخلالً بيلنكم "( .املقــرم :مقتـ احلسـني لييــه السالم ،ص )313 -2العتاب في خطبة فاطمة بنت الحسين عليهما السالم-: " أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل المكر ،والغدر ،و الخليالء( " .املقـرم:
مقت احلسني لييه السالم ،ص )312
-1العتاب في خطبة أم كلثوم عليها السالم-: " يا أهل الكوفة :سوأة لكلم ،ملا لكلم خلذلتم حسلينا ً وقتلتملوه و انتهبلتم أمواللله ،وسللبيتم نسللاءه فتب لا ً لكللم وسللحقا ً " (املقــرم :مقت ـ احلســني لييــه
السالم ،ص .)311
-2العتاب في خطبة اإلمام السجاد عليه السالم-: " أيها الناس ناشدتكم هللا هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبلي وخلدعتموه، وأعطيتملوه مللن أنفسللكم العهللود ،والميثلاق ،والبيعللة ،وقللاتلتموه؟ فتبلا ً لكم لما قدمتم ألنفسكم ،وسوأه لرأيكم ،بأي عين تنظرون إلى رسلول هللا ،إذ يقول لكم ،قتلتم عترتي ،وانتهكتم حرمتي ،فلسلتم ملن أمتلي "
(املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص.)311
وقال أيضا ً-: " هيهات هيهات أيها الغدرة الكفرة ،حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص.)311 ثانيا ا :توضيح مقام أهل البيت عليه السالم: لم يترددوا عليهم السالم في تذكير الجموع الغفيرة ،الذين حضروا مسجد الكوفة بمقام أهل البيت عليهم السالم ،وأنهم أولى بالمحبة،
31
والوالء من يزيد ،و ابن مرجانه ،وعلى سبيل المثال نجده في ما يلي-: -4مقام أهل البيت في خطبة فاطمة بنت الحسين عليهما السالم-: " أما بعد يا أهل الكوفة ،يا أهل المكر ،والغدر ،و الخيالء ،فإنا أهل بيت ابتالنا هللا بكم ،وابلتالكم بنلا ،فجعلل بالءنلا حسلنا ً ،وجعلل علمله عنللدنا ،وفهملله لللدينا ،فللنحن عييللة علملله ،و وعللاء فهملله وحكمتلله، وحجته على األرض في بلالده لعبلاده ،أكرمنلا هللا بكرامتله ،وفضللنا بنبيه محمد صلى هللا عليه وآله وسللم عللى كثيلر ملن خللق تفضليال"
(املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)312
-2مقام أهل البيت في خطبة زينب عليها السالم: " ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً ،وأنى ترحضون قتل سلليل خلاتم النبللوة ،ومعللدن الرسللالة ...،ومنللار حجللتكم ،ومفللزع نللازلتكم ،وسلليد شللباب أهللل الجنللة ،أال سللاء مللا تللزرون" (املقــرم :مقت ـ احلســني لييــه
السالم ،ص .)311
-1مقام أهل البيت في خطبة أم كلثوم عليها السالم-: " قتلتم خير الرجاالت بعد النبي ،ونزعت الرحمة من قلوبكم ،أال إن حللزب هللا هللم المفلحللون ،وحللزب الشلليطان هللم الخاسللرون" (املقــرم:
مقت احلسني لييه السالم ،ص .)311
ثالثا ا :تشخيص حجم الجريمة-: وفي المقام أقرحوا أجفان تلك الجموع ،لما نقلوا تلك الصور المروعة ،والمعبرة عما جرى على الحسين وأنصاره الطيبين. نقلوا تلك الصور بكل أمانة تاريخية ،مؤدين بذلك جزءاً كبيراً من المسئولية المناطة بهم ،والملقاة عليهم من خالل حضورهم معركة كربالء. 34
فالحسين عليه السالم ال يمكن أن يطمئن إلى نقل األعداء ،لكونهم ال يعرفون للكلمة أمانة ،إذ من المحتمل أن ينسجوا صوراً خيالية ال تليق بمقامه ،ومقام أصحابه عليه السالم. فكان خروجهم فيه حكمة بالغة ،ولعل من أبرز تلك الحكم سد طرق النقل المزيف المحتمل عن طريق األعداء ،ألنها ستعتبر هي المعلومات األولية عن مقتل الحسين عليه السالم ،فلو جاءت مغلوطة مشوهة ،لن تأخذ نهضته المقدسة طريقها نحو الهدف المنشود ،بل ستتفرق بها السبل ،وتضيع تلك الجهود المبذولة سدى. ومن العبارات الصريحة التي جاءت لتشخيص أبعاد تلك الجريمة النكراء التي نفذت بحق الحسين عليه السالم وأهل بيته ،وأنصاره. -4وصف اإلمام السجاد عليه السالم: " أنا ابن من انتهكت حرمته ،وسلبت نعمته ،و انتهب عياله ،أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل وال تراث ،أنا ابن من قتل صبرا ،وكفى بذلك فخراً" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم،
ص.)311
-2وصف زينب عليها السالم: "ويلكم يا أهل الكوفة ،أتدرون أي كبد لرسول هللا فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟ لقد جئتم شيء إ ّدا ،تكاد السماوات يتفطلللرن منللله ،وتنشلللق األرض ،وتخلللر الجبلللال هللل ّدا" (املقــرم :مقت ـ
احلسني لييه السالم ،ص .)311
-1وصف فاطمة بنت الحسين عليه السالم: " فكذبتمونا ،وكفرتمونا ،ورأيتم قتلنا حالالً ،وأموالنا نهبا ً ،كأننا أوالد ترك ،أو كابل ،كما قتلتم جدنا باألمس ،وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)312 -1وصف أم كلثوم عليه السالم: 36
" يا أهل الكوفة سوأة لكم ،ما بكم خذلتم حسينا ً ،وقتلتموه ،وانتهبتم أمواله ،وسبيتم نساءه ،ونكبتموه ،فتبا ً لكم ،وسحقا ً" (املقرم :مقت
احلسني لييه السالم ،ص .)311
رابعا ا :تعريف أهل الكوفة بشخصيتهم الحقيقية-: في خضم هذا السبيل الهادر من العتاب ،والتهديد والتصوير الصادق للفاجعة الكبرى ،حاولوا عليهم السالم أن ينبهوا هذه الفئة إلى صفاتهم الشخصية الذميمة التي بسببها أقدموا على كل هذه الجرائم المروعة ،لعلهم بذلك يقودونهم إلى طريق الصالح .فقد كشفت زينب عليها السالم النقاب عن هذا الجانب بشكل جلي، ودقيق حين قالت لهم-: " إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ،تتخذون أيمانكم دخالً بينكم ،أال وهل فيكم إال الصلف النطف ،والعجب، والكذب ،والشنف ،وملق اإلماء ،ومغمز األعداء ،وكمرعى على دمنه ،أو كفضه على ملحودة ،أال بئس ما قدمت لكم أنفسكم ،أن سخط هللا عليكم ،وفي العذاب أنتم خالدون" (املقرم :مقت احلسني لييه
السالم ،ص .)311
خامسا ا :التهديد بالمصير األسود لقتلة الحسين عليه السالم: والبد في مثل هذه الخطب ،التي تميزت بالمكاشفة الصريحة لواقع أهل الكوفة ،أن توضع النقاط على الحروف ،وأن يبلغ بالمصير الذي ينتظرهم من جراء فعلتهم تلك ،فقد هددتهم أم كلثوم عليها السالم بقولها " :ويلكم أتدرون أي دواه دهتكم ،وأي وزر على ظهوركم" (مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب ،ص .)233 أما فاطمة بنت الحسين عليه السالم فقد أغلظت عليهم بالقول في هذا المقام وقالت-: 23
" تبا ً لكم فانظروا اللعن والعذاب ،فكأن قد حل بكم ،وتواترت من السماء نقمات ،فيسحقكم العذاب ،ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب األليم يوم القيامة ،بما ظلمتمونا أال لعنة هللا على الظالمين" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)311 سادسا ا :استثارة الحزن والبكاء: تعرضت األغراض الخطابية الخمسة السابقة للشق الموضوعي في رسالة المنبر الحسيني في الدور التأسيسي ،أما في هذا الغرض – السادس -فإن الخطب استوفت جانب الحزن والبكاء أيضا ً، فالمؤرخون يؤكدون أن تلك الخطب النارية أحدثت عظيم األثر في تلك الجموع الغفيرة ،ومما رصدته أقالمهم ما يلي-: أثر خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم-: " فارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية ،وقال بعضهم لبعض ،هلكتم وما تعلمون " (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص
.)323
أثر خطبة السيدة زينب عليها السالم-: " قال من سمعها :فلم أر وهللا خفرة أنطق منها ،كأنما تنتزع عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ،فو هللا ما أتممت حديثها حتى ضج الناس بالبكاء ،وذهلوا ،وسقط ما في أيديهم من هول المحنه الدهماء" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)323 أثر خطبة السيدة أم كلثوم عليها السالم-: " فضج الناس بالبكاء ،والنحيب ،ونشر النساء شعورهن ،ووضعن التراب على رؤوسهن ،و خمشن وجوههن ،ولطمن خدودهن،
21
ودعون بالويل ،والثبور ،وبكى الرجال فلم ير باك ،و باكية أكثر من ذلك اليوم " (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)323 وعن أثر خطبة السيدة فاطمة بنت الحسين عليهما السالم: " فارتفعت األصوات بالبكاء والنحيب ،وقالوا حسبك يابنة الطاهرين ،فقد أحرقت قلوبنا ،وأنضجت نحورنا ،وأضرمت أجوافنا فسكتت ".
المطلب الثالث :خطبة اإلمام زين العابدين عليه السالم في الشام ،وأبرز األغراض الخطابية فيها لم تتح الفرص للعلويات أن يخطبوا في الشام خطبا ً كما فعلن في الكوفة ،وأما ما نسمعه من كلمات حادة ،قالتها العقيلة زينب عليها السالم أمام يزيد ،فهو مجرد حوار دار بينها ،وبينه ،ومع ذلك جردت يزيد في كلماتها من كل ألقابه الرسمية ،وصارت تصدع بحقائق دامغة ،لم يسمع يزيد بمثلها في حياته ،وجعلته مرمى لنبال منطقها الفياض الذي سددت له منه سهاما ً بالغة التأثير. أما اإلمام السجاد عليه السالم فقد أتيحت له الفرصة أن يلقي خطبته الشهيرة ،وذلك على أثر خطبة ذاك األجير المرتزق الذي أثنى على معاوية ونال من الحسين وآله عليهم السالم( .املقرم :مقت احلسني لييه
السالم ،ص .)312
ومن المالحظ أن األغراض التي تناولها اإلمام عليه السالم تختلف عن األغراض التي تناولها في خطبته في الكوفة.
22
األغراض التي تناولها اإلمام عليه السالم في خطبته بالشام: أولا :توحيد هللا عز وجل: افتتح اإلمام عليه السالم خطبته بتوحيد هللا عز وجل ،وألقاها بأسلوب بليغ ال يبارى ،بحيث يعلم السامع أن هذا المتكلم رجل مسلم ،وأنه على مستوى من العلم ،والفضيلة ،بحيث ال يختلف عليه اثنان ،وهذا يفند تُهم يزيد لهم بأنهم خوار ،فقد قال في خطبته: الحمد هللا الذي ال بداية له ،والدائم الذي ال نفاد له ،واألول الذي ال أولية له ،واآلخر الذي ال آخرية له ،والباقي بعد فناء الخلق ،قدر الليالي واأليام ،وقسم فيما بينهما األقسام ،فتبارك هللا الملك العالم"
(املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)312
ثانيا ا :الشمائل الخلقية التي ينتمي لها: أراد اإلمام عليه السالم أن يأخذ بأيديهم ليعرفهم بالبيت الذي ينتمي له ،و الخصائص النفسية والخلقية لهذا البيت .والفضائل التي اختصوا بها دون العالمين والذين تخرجوا من هذا البيت الطاهر فقال: "أيها الناس أعطينا ستا ً ،وفضلنا بسبع :أعطينا العلم ،والسماحة، والفصاحة ،والشجاعة ،والمحبة في قلوب المؤمنين ،وفضلنا بأن منا النبي ،والصديق ،والطيار ،وأسد هللا ،وأسد رسوله ،وسبطا هذا األمة" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)312 ثالثا ا :التعريف بأن ذبيح كربالء هو والده الحسين عليه السالم: في سبيل الوصول إلى هذه المعلومة ،اتخذ اإلمام أسلوب التدر ليصل إلى مقصوده ،وهو أنه ينتمي إلى اإلمام الحسين عليه السالم الذي ذبحه يزيد في أرض كربالء ،وحتى يصل إلى هذا المعنى بدأ اإلمام بالتعريف ،موظفا أبسط المفردات التي لها عالقة بالدين، والتي من المتوقع أن تكون قريبة من أذهانهم ،فبدأ باسم مكة المكرمة ،حيث يقع فيها بيت هللا الحرام قبلة المسلمين ،التي يستقبلونها في اليوم والليلة خمس مرات ،كما أورد لهم اسم منى ،و 23
زمزم والصفا ،فكل هذه المفردات قريبة من ذهن كل مسلم على أقل تقدير ،ومن ثم ربطها بنفسه حتى يقرب لهم الصورة المقدسة التي ينتمي إليها ،وينتمي إليها والده الحسين ،وأهل بيته الطاهرين ،وذلك بقوله " :أنا أبن مكة ومنى ،أنا ابن زمزم والصفا ...الخ" (املقرم:
مقت احلسني لييه السالم ،ص .)313
وهكذا تدر معهم رويداً إلى أن وصل إلى مطلوبة وهو قوله-: " أنا ابن المرمل بالدماء ،أنا ابن ذبيح كربالء ،أنا بن من بكى عليه الجن في الظلماء ،وناحت عليه الطير في الهواء"(املقرم :مقت احلسني
لييه السالم ،ص .)312
رابعا ا :إقامة الحزن والبكاء في المسجد: على الرغم من الجهل الكبير الذي يلف عقول الشاميين بأهل بيت العصمة ،ولكن استطاع اإلمام بقدرته الخطابية الرائعة أن يحقق الجانب الموضوعي ،وهو كشف النقاب عن هويته ،وأن يقيم مأتما ً حسينيا ً ضج الناس فيه بالبكاء والنحيب ،وقد رصدت أقالم المؤرخين أثر خطبته عليه السالم: يقول المؤرخون ،أن السجاد عليه السالم لما وصل إلى عبارات "أنا ابن فاطمة الزهراء وسيدة النساء ،وابن خديجة الكبرى ،أنا ابن المزمل بالدماء ،أنا ابن ذبيح كربالء ،أنا ابن من بكى عليه الجن في الظلماء وناحت الطير في الهواء" ،ضج الناس بالبكاء وخشي يزيد الفتنة فأمر المؤذن أن يؤذن للصالة" (املقرم :مقت احلسني لييه
السالم ،ص .)312
أبرز أسباب اختالف األغراض الخطابية التي تناولها اإلمام عليه السالم في الشام عن الكوفة:
22
لعل أبرز األسباب التي جعلت اإلمام زين العابدين عليه السالم يتناول أغراضا مختلفة عما تناولها في الكوفة أن أهل الشام كانوا على جهل كبير بأهل البيت عليهم السالم ،وهذا بخالف أهل الكوفة الذين يعرفون أهل البيت أتم المعرفة ،فقد عاش اإلمام أمير المؤمنين ،وأبناؤه في الكوفة طيلة أيام خالفته ،هذا من جانب ،ومن جانب آخر ،بسبب سياسة العزلة الرهيبة التي فرضها معاوية على الشاميين ،لئال يتأثروا بثقافة العراقيين ،أو غيرهم في هذا الشأن.
(مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب ،ص .)221
لقد واجه اإلمام عليه السالم مجتمعا جاهال به وبوالده اإلمام الحسين عليه السالم وأهل بيته ،وكل ما يعرفون عنهم أنهم خوار على خالفة يزيد ويريدون بث الفرقة ،والخالف ،في صفوف المسلمين، ومن مؤشرات ذلك الجهل ،ما صدر من شيخ شامي لما كان اإلمام يسير في الطريق ،فقد قال-: " الحمد هلل الذي أهلككم ،وأمكن األمير منكم " فقال له عليه السالم، يا شيخ هل قرأت القرآن ؟ قال :بلى ! قال عليه السالم :أقرأت " ال أسألكم عليه أجراً إال المودة في القربى " وقرأت قوله تعالى " وآت ذا القربى حقه " وقوله تعالى " واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن هلل خمسة وللرسول ولذي القربى " قال :الشيخ نعم قرأت ذلك. فقال عليه السالم :نحن وهللا القربى في هذه اآليات ثم قال له اإلمام: أقرأت قوله تعالى ":إنما يريد هللا ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً "؟ قال بلى. فقال عليه السالم :نحن أهل البيت الذين خصهم هللا بالتطهير. قال الشيخ :باهلل عليكم أنتم هم؟ فقال عليه السالم :وحق جدنا رسول هللا إنا نحن هم من غير شك. 21
فوقع الشيخ على قدميه يقبلهما ،ويقول أبرأُ إلى هللا من قتلتكم ،وتاب على يد اإلمام مما فرط في القول معه ،وبلغ يزيد فعل الشيخ ،وقوله فأمر بقتله( .املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)326 فهذه القصة تعتبر مؤشراً واضحا ً على جهل الشاميين بأهل البيت عليهم السالم ،والحال أن هذا المتكلم شيخ كبير ،ويفترض أنه عارف لما يدور حوله ،ولكن هذا هو واقع سياسة بني أمية التي فرضوها على الشاميين فقد كان لها أثر كبير في عزلتهم عن أهل البيت عليهم السالم.
المطلب الرابع :خطب اإلمام زين العابدين عليهم السالم و العلويات في شوارع المدينة ،وأبرز األغراض الخطابية فيها شهدت المدينة المنورة مآتم عظيمة ،وال بد أن طابع هذه المآتم أخذ شكالً مختلفا ً عن المآتم األخرى ،فهي تبدو أكثر شجاوة ولوعة .لقد خرجت العلويات برفقة الحسين عليه السالم وشباب بني هاشم ،أما بعد واقعة كربالء فقد أضحوا بال رجال ،غير اإلمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السالم ،لقد رجعن وتلك الدور أضحت مقفرة، خالية من كل شيء عدا أصوات بكاء الثكلى ،واألرامل ،واأليتام، هذا من جانب ،ومن جانب آخر فقد جئن إلى منطقة مليئة باألحبة، واألقارب الذين عقدوا المآتم على الحسين عليه السالم ،بعد أن سمعن بخبر مقتله مباشرة. فقد عاشت دور بني هاشم في المدينة حالة استنفار هائل ،حزنا ً على الحسين عليه السالم كما يقول الشيخ المفيد عليه الرحمة في "اإلرشاد" :أن يزيد أرسل عبد الملك بن أبي الحارث السلمي إلى المدينة ليبلغ عامله عليها عمر بن سعيد بن العاص بمقتل الحسين 21
عليه السالم ،وقد وصف عبد الملك دور بني هاشم لما نادى بالخبر في المدينة-: " فلم أسمع قط واعية مثل واعية بني هاشم في دورهم على الحسين بن علي حين سمعوا النداء بقتله" (مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات
الشعيب ،ص .)221
وفي هذا الجو المشبع بالحزن ،ترى ماذا سيجري إذا دخل ركب السبايا إلى المدينة؟ حيث من المقطوع به أن الموقف سيكون أكثر لوعة ،وشجاوة. وفعالً كما هو متوقع ،فقد أمر اإلمام السجاد بشر بن حذلم أن ينعى الحسين عليه السالم قبل وصول الركب إلى داخل المدينة. وعندها جاء بشر بن حذلم بأبياته المشهورة-: يا أهل يثرب ال مقام لكم بها قتل الحسين فأدمعي مدرار والرأس منه على القناة يدار الجسم منه بكربالء مضر ثم نادى "هذا علي بن الحسين مع عماته ,وأخواته قد حلوا بساحتكم، ونزلوا بفنائكم ،وأنا رسوله إليكم ،أعرفكم مكانه" (املقرم :مقت
احلسني لييه السالم ،ص .)312
" يقول بشر :فما بقيت في المدينة مخدرة ،وال محجبة ،إال برزت من خدرها ،وهن يدعين بالويل ،والثبور ،ولم يبق في المدينة أحد إال وخر ،وهم يضجون بالبكاء ،فلم أرى باكيا ً أكثر من ذلك اليوم، وال يوم أحر على المسلمين منه بعد وفاة رسول هللا". تقول الرواية " كان بيد اإلمام خرقة يمسح بها دموعه ،وخلفه خادم، ومعه كرسي فوضع له وجلس عليه ،وهو ال يتمالك من العبرة".
21
يقول بشر بن حذلم ،وارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية يعزونه ،فضجت تلك البقعة ضجة شديدة ،فأومأ بيده أن اسكتوا، فسكنت فورتهم فخطب فيهم خطبة مؤثرة ".
المطلب الخامس :األغراض التي تناولها اإلمام زين العابدين عليه السالم في خطبته بالمدينة ،وأبرز األغراض الخطابية فيها. تناول اإلمام في خطبته بالمدينة أغراضا ً خطابية مختلفة عما تناوله في الكوفة والشام ،فقد عاد اإلمام إلى قواعده الشعبية التي خر منها ،تلك القواعد التي خرجت وهي في حالة حزن ،وهلع ،تقدم مشاعر المواساة له و لخفرات بيت الرسالة ،مخففة عليهم ما أصابهم في رحلتهم الشاقة ،وأبرز األغراض التي تناولها في ذلك الموقف التاريخي هي: أولا :الحمد و الشكر على المصيبة: لقد عاد اإلمام إلى المدينة بعد رحلة شاقة ،ذاق خاللها ،شتى ألوان المتاعب والهموم على قلبه من جراء مقتل والده الحسين وأنصاره عليهم السالم ،والطواف بالنساء من بلد إلى بلد ،وعلى الرغم من كل هذه المصائب إال أن الجماهير لم تتغير من اإلمام السجاد شيئا، فقد عاد إليهم كما عهدوه ،العالم ،العابد ،الشاكر لنعماء ربه ،في السراء ،والضراء. فاإلمام وإن جرت دموعه على خديه حزنا ً على والده ،فإن ذلك ال يعني أنه تخلى عن مبادئه اإلسالمية ،فهو حجة هللا في زمان ،ومن ذاك ما جرى عليه لما دخل المدينة وسأله إبراهيم بن طلحة بن عبد هللا وقال :من الغالب ؟ فقال عليه السالم " إذا دخل وقت الصالة
24
فأذن وأقم تعرف الغالب" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)311 يشير بهذا إلى أن يزيد ،وكل من حاول أن يمحو ذكر رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،لم يستطيعوا ،وبقي ذكره يتردد في كل أذان وإعالن.
ويمكن أن نتلمس معالم شخصية هذا العالم ،العابد ،المؤمن بقضاء هللا لما جرى على والده من ظلم من خالل خطبته حيث قال-: " الحمد هللا رب العالمين ،الرحمن الرحيم ،مالك يوم الدين بارئ، الخالئق أجمعين ،الذي بعد فارتفع في السماوات العلى ،وقرب فشهد النجوى ،بحمده على عظائم األمور ،وفجائع الدهور ،وألم الفجائع " (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)312 ثانيا ا :إعالمهم بالمصائب التي تعرضوا لها: وهو جزء رئيسي ومهم في مسيرته اإلعالمية ،وذلك من أجل أن يكشف حقيقة بني أمية للناس ،وإن كان حالهم ال يخفى عن كثير من أهل المدينة ،فقد قال " :أيها القوم ،إن هللا تعالى ،وله الحمد ،ابتالنا بمصائب جليلة ،وثلمة في اإلسالم عظيمة ،قتل أبو عبد هللا الحسين وعترته ،وسبيت نساؤه ،وصبيته ،ودار برأسه في البلدان ،من فوق عامل السنان ،وهذه الرزية التي ال مثلها رزية" (املقرم :مقت احلسني
لييه السالم ،ص .)321
ثالثا ا :استنهاض مشاعر أهل المدينة للبكاء على الحسين عليه السالم: وهذا من أبرز األعمال التي قام بها في إرساء القواعد السلوكية الالزمة ألفراد األمة اإلسالمية ،تجاه قضية الحسين عليه السالم وهو البكاء ،لما في البكاء من آثار روحية تنعكس على سلوك الباكي تجاه المبكي عليه ،بما يقتضي الحال. 26
وهنا يشير الباحث إلى أن دعوته لهم للبكاء على والده ،خالف دعوة زينب لمجتمع الكوفة بالبكاء ،فدعوتها هناك حينما قالت-: " أتبكون وتنتحبون ،أي وهللا فابكوا كثيراً ،واضحكوا قليالً ،فلقد ذهبتم بعارها ،وشنارها ،ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً" (املقرم:
مقت احلسني لييه السالم ،ص .)312
إنما دوافعها في هذه الكلمات هو عتابهم ،وتأنيبهم على جريمتهم الشنعاء. أما دعوة السجاد عليه السالم مختلفة ،الختالف المقام ،فمجتمع المدينة بالنسبة إليهم هو أول مجتمع لم يشترك في جريمة كربالء، وهذا بخالف مجتمعي الكوفة والشام الضالعين في الجريمة ،وإنما هو مجتمع يمثل باقي أفراد المجتمع اإلسالمي بكل صدق ،إذا استثنينا من مجتمع الكوفة والشام .وفيه أراد اإلمام أن يضع حجر أساس للخطباء من بعده أن يذكروا مصيبة الحسين عليه السالم، بالشكل الذي يستنهض عبرات المؤمنين فقد قال-: " أيها الناس ،فأي رجاالت منكم يسرون بعد قتله؟ أم أي فؤاد ال يحزن من أجله؟ أم أي عين منكم تحبس دموعها وتظن عن انهمالها؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ،وبكت البحار بأمواجها، والسماوات بأركانها ،واألرض بأرجائها واألشجار بأغصانها، والحيتان في لجج البحار ،والمالئكة المقربون ،وأهل السموات أجمعون ". " أيها الناس ،أي قلب ال ينصدع لقتله؟ أم أي فؤاد ال يحن إليه؟ أم أي سمع يسمع هذه المثلة التي ثلمت في اإلسالم وال يهم؟" (املقرم:
مقت احلسني لييه السالم ،ص .)311
وختاما لهذا المبحث ،إن الباحث ليالحظ من خالل عرضه لألغراض الخطابية التي جاءت في خطب اإلمام زين العابدين والعلويات عليهم السالم ،أنها أغراض لم تغلب عليها مسحة الحزن 13
ولوعة المصاب ،بل تنوعت بين جانب موضوعي وآخر عاطفي، حيث يالحظ عليها اللغة الموضوعية الهادفة التي حاولت أن تحدث قناعة في أذهان المستمعين ،كما يالحظ ذلك في خطبة اإلمام زين العابدين في الشام ،وتارة تتحول إلى لغة عاطفية بحتة وهو ما يالحظ في شق من خطبة اإلمام زين العابدين في المدينة ،ويرى الباحث أن هذا خالف ما يراه العالمة الشيخ محمد مهدي شمس الدين إذ يقول في كتابه ثورة الحسين في الوجدان الشعبي-: " لقد كانت لغة المآتم لغة موضوعية هادئة في بداية الدور األول واحتفظت بها ردحا ً من الزمن في الدور األول ،ثم داخلها التغيير من هذه الجهة في نهايته بحيث تحولت في الدور الثاني إلى لغة عاطفية". وفي هذا الصدد يرى الباحث أنه لو تم عرض الجزء العاطفي من خطبة اإلمام السجاد في المدينة ،وأخرى من خطب ومآتم الشيخ فخر الدين الطريحي الذي كتب مجالسه في الدور الثاني للمأتم الحسيني لما وجدنا فارقا ً ومن خطبه الواردة في منتخبه: " فأي قلب ال ينصدع لقتله؟ وأي فؤاد ال يحزن ألجله؟ فكيف ال وقد أصبح أهل البيت مطرودين ،مشردين ،مذودين عن األوطان، والديار ،شاسعين في البراري ،واألمصار" إلى أن يقول " :فيا أخواني ال تقصروا في البكاء والعويل وتساعدوا على هذا الرزء الجليل" (الطرحي :املنت ب ،ص .)343 ونجد نفس العبارات أو ما يقاربها في خطبة اإلمام زين العابدين في المدينة حيث يقول-: " أيها الناس فأي رجاالت منكم يسرون بعد قتله ؟أم أي فؤاد ال يحزن من أجله ؟ أم أي عين منكم تحبس دموعها وتضن عن انهمار لها؟ " (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)311
11
المبحث الثاني :الوسائل التي انعقد بها المجلس الحسيني في الدور التأسيسي يظن البعض بأن وسيلة انعقاد المآتم في الدور التأسيس كانت محصورة فقط في إنشاد الشعر ،ولكن التاريخ يؤكد أن هناك وسائل أخرى كانت منتشرة ،بإزاء اإلنشاد الشعري. ويمكننا استقراء تلك الوسائل من خالل الحوار الذي دار بين اإلمام الصادق عليه السالم وبين عبد هللا بن حماد البصري ،فقد سأل اإلمام الصادق قائالً-: " بلغني أن قوما ً يأتونه " قبر الحسين عليه السالم " من نواحي الكوفة وناسا ً من غيره ،ونساء يندبنه ،وذلك في النصف من شعبان، فمن بين قارئ يقرأ ،وقاص يقص ،ونادب يندب ،وقائل يقول المراثي ". فقلت :له نعم ،جعلت فداك قد شهدت بعض ما تصفه ،فقال الحمد هلل الذي جعل في الناس من يفد إلينا يمدحنا ،ويرثي علينا ،وجعل عدونا من يطعن عليهم من قرابتنا ،أو من غيرهم يهددونهم ،ويقبحون ما يصنعون" (املقرم :مقت احلسني لييه السالم ،ص .)311 وبهذا يمكن أن نخلص من هذه الرواية بأن ذكر مصيبة الحسين عليه السالم لم تأخذ شكل اإلنشاد فقط ،بل تشاركها وسائل أخرى منها مايلي: -4القراءة :ويقصد بها قراءة مقتل الحسين عليه السالم ،وال يعلم أبي أي المقاتل كانت تقرأ ولكن في تلك الفترة كان هناك مقتل مخنف. -2القصص :فقد كان القصاصون منتشرون في تلك الفترة ،ويرجع تاريخ نشأتهم إلى عهد معاوية ،أو إلى عهد الخليفة عثمان ،وقد أورد األستاذ ،مصطفى الرافعي في كتابه تاريخ األدب نبذة عنهم فقال-: 12
" هم الذين يقصون على الناس ،ويكون من علمهم التفسير ،واألثر، والخبر عن األمم البائدة وغيرهم ،وكانوا في القرن األول يقدمونهم في بعض حروب بني أمية ليقصوا على المقاتلة أخبار الشهداء، وفضائلهم ،وما وعدوا به في الجنة :من ال عين رأت ،و ال إذن سمعت" ويقول أيضا ً :أن مهمة القاص ،مقصورة على الموعظة الحسنة والتذكير وما إلى ذلك ،ويذكر أيضا ً أن هذا اللون الثقافي قد انخرط فيه عدد من كبار الصحابة كأمثال :األسود بن سريع ،وهو أول قاص ،ومن التابعين عبيد بن عمير الليثي ،وصار للقصاص حلقة في مسجد النبي بالمدينة ،كحلق الدرس ،وأول من لزم ذلك فيه مسلم بن جندب الهذلي. وأيضا ً ممن دخل في هذا السلك الثقافي هو الحسن البصري ،وقد كان من كبار القصاصين المتوفى سنة 113هـ( .الرافع :تاريخ
األدب العريب ،ص .)341-316
وبعد هذا التعريف لتاريخ القصاصين ،ونشاطهم يقدر الباحث أن نشاط القصاصين عند قبر الحسين عليه السالم ،يعتبر أحد الوسائل الهامة التي أسهمت بشكل مباشر في دعم المجالس الحسينية ،في جانب الوعظ واإلرشاد المتضمن تفسير اآليات ،واألحاديث ،وما شابه ،بينما كانت الوسائل األخرى كالشعر الرثائي يغذي جانب الحزن ،وعلى مر األيام تالقحت هذه الوسائل ،وانتهت إلى الشكل الذي نراه اليوم من مآتم حسينية. -1الرثاء :ولعل أول من قال شعر رثاء في اإلمام الحسين عليه السالم هو " سليمان بن قته " كما يرى ذلك السيد محسن األمين في أعيان الشيعة ،حيث يقول :وينبغي أن يكون أول من رثاه سليمان بن قته العدوي اليمني مولى بني تميم بن مره المتوفى بدمشق سنة 121 هـ( .األمني :أليات الشيعة ،1 ،ص.)334 13
وكان منقطعا ً إلى بني هاشم ،وقد جاء كربالء بعد مقتل الحسين عليه السالم بثالث أيام فنظر إلى مصارعهم ،وكان متكئا ً على فرس عربية أنشأ يقول ( :رب :أدب الطف ،1 ،ص .)12 فلم أرها أمثــالها يـوم حلــت مررت على أبيــات آل محـمد لقتل حسين والبـالد اقشـعرت ألم تر أن الشمس أضحت مريضة إلى أن يقول-: وإن قتيل الطف من آل هاشم
أذل رقاب المـــــــسلمين فذلت
وقد أعولت تبكي السماء لفقده
وأنجمنا ناحـــــت عليه وصلت
وقد يرى البعض أن السيدة الرباب زو الحسين عليه السالم هي أول من رثاه ،حيث أنها حضرت الواقعة ،وأنشدت فيه ،شعرها المعروف: واحسينا ً فال نـــسـيت حسينا ً أقصدته أســـــــنة األعداء غادروه بكربالء صــــريعا ً
ال سقى هللا جانبي كربالء
وذلك عندما كانت في الشام ،حيث أخذت رأس الحسين عليه السالم، وقبلته ،و وضعته في حجرها. -1الندب :الندب في اللغة :تقدير محاسن الميت ،والبكاء عليه، وهو أحد الوسائل التي كانت تعقد به المجالس الحسينية حول قبر الحسين عليه السالم (املنجد:ص ،)164فهناك مجموعة من المنشدين ،والنائحين ،ورد في كتب التاريخ أن لهم إسهامات في إقامة المآتم الحسينية ،وكان بعضهم قد تخصص ،ونال شهرة تجاوزت بلدانهم ،كما ذكر ذلك الشيخ محمد مهدي شمس وقد عرفوا 12
بالنّواح ،ويقدر الباحث أن النائح يقوم بدور أكبر من دور المنشد ،إذا المنشد يقتصر على ذكر قصيدة الرثاء بأسلوب الرقة كما طلبها اإلمام الصادق عليه السالم ،ذات مرة من أحد المنشدين وهو أبو هارون المكفوف ،أما النائح فهو الذي يبكي على الميت بصراخ، وعويل ويكون هذا في مأل من الناس ،وعادة ما يعرف هذا عن النساء ،وقد ذكر "الكشي" في رجاله أن اإلمام الصادق طلب من سفيان بن مصعب العبدي أن يكتب شعراً تنوح به النساء (األمني:
أليات الشيعة ،1 ،ص.)211
هذا ويزعم الباحث أن من نتائج بحثه الوقوف على منشأ إطالق الخطيبات الحسينيات على قصائد الشعر الرثائي الحسيني بكلمة "سفينة" وذلك خاصة في منطقة الخليج العربي كاألحساء ،والقطيف والبحرين ،تعود إلى سفيان بن مصعب العبدي حيث يعد أول من كتب شعرا لتنوح به النساء بأمر من اإلمام الصادق عليه السالم، حسب تتبع الباحث ،حيث في البلدان األخرى في الخليج يطلق على كتب الشعر لديهن بالمرثيات أو ما شابه. ومن النواح الذين أوردهم العالمة الشيخ محمد مهدي شمس الدين هم-: -1ذرة النائحة. -2أحمد بن المزوق النائح كان حيا ً في سنة 321هـ. -3أبو القاسم عبد العزيز الشطرنجي ،وهو نائح محترف وكان حيا ً في نهاية القرن الثالث ،وبداية القرن الرابع ،وكان ينوح بقصيدة الناشئ والصغير " علي بن عبد هللا بن الوصفي ". -2خلب ،وهي نائحة مجيدة تنوح بقصيدة الناشئ. وأما المنشدون الذين عقدوا مآتم حسينية من خالل إنشادهم المراثي في الحسين عليه السالم فهم-: -1السيد الحميري ،وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم.
( رب :أدب الطف ،1 ،ص.)164
11
-2سفيان بن مصعب العبدي ،وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم ( .رب :أدب الطف ،1 ،ص .)161 -3أبو هارون المكفوف ،وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم ( .رب :أدب الطف ،1 ،ص .)233 -2أبو عمارة ،وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم.
(األمني :اقناع الالئم ،ص.)64
-1جعفر بن عفان ،وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم.
( رب :أدب الطف ،1 ،ص .)162
-1عبد هللا بن غالب ،وقد أنشد بحضور اإلمام الصادق عليه السالم.
( رب :أدب الطف ،1 ،ص .)231
-1دعبل الخزاعي ،وقد أنشد بحضور اإلمام الرضا عليه السالم.
( رب :أدب الطف ،1 ،ص .)333
ويالحظ على قائمة المنشدين أعاله كثرتهم في عهد اإلمام الصادق عليه السالم ،مما يشير إلى أن حركته اإلصالحية الشاملة في مسيرة األمة ،اشتملت على جانب المنبر الحسيني في دوره التأسيسي.
المبحث الثالث :آثار الدور التأسيسي على مسيرة المجالس الحسينية المعاصرة ترك الدور التأسيسي بصمات واضحة على مسيرة المآتم الحسينية، وال زالت آثار باقية إلى يومنا هذا ،ولعل أهم تلك اآلثار التي تركها ما يلي-: -1إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المآتم الحسينية. -2وضع حجر األساس للبرنامج الزمني لنعقاد المآتم. -1تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم ،وزيارة عاشوراء. -1إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء. 11
-5تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي. -6حث الشعراء على رثاء الحسين عليه السالم. ويقدر الباحث أن تلك المعالم التي تم إرسائها من قبل أهل بيت العصمة مبنية على الرواية التي أوردها الشيخ الطوسي " رضوان هللا عليه " في كتابه " مصباح المتهجد " حيث قال: روى محمد بن إسماعيل بن زريع عن صالح بن عقبه عن أبيه عن الباقر عليه السالم ،قال -:من زار الحسين بن علي عليه السالم ،يوم عاشوراء من المحرم ،يظل عنده باكيا لقي هللا عز وجل يوم القيامة بثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة ،كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ومع األئمة الراشدين .قال :قلت ،جعلت فداك فما عن من كان في بعيد البالد وأقاصيها ،ولم يمكنه المسير إليه في ذلك اليوم قال :إذا كان كذلك برز إلى الصحراء ،أو صعد سطحا ً مرتفعا ً في داره ،وأومأ إليه بالسالم ،واجتهد في الدعاء على قاتليه ،وصلى من بعد ركعتين، وليكن ذلك في صدر النهار قبل أن تزول الشمس ،ثم ليندب الحسين عليه السالم ويبكيه ويأمر من في داره ممن ال يتقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه ،وليعز فيها بعضهم بعضا ً بمصابهم بالحسين عليه السالم ،وأنا الضامن لهم إذا فعلوا ذلك جميع ذلك ،قلت جعلت فداك ،أنت الضامن ذلك لهم والزعيم ؟ قال :أنا الضامن وأنا الزعيم لمن فعل ذلك ،قلت :فكيف يعزي بعضنا بعضا ً قال :تقولون: " عظم هللا أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السالم ،وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه اإلمام المهدي من آل محمد عليهم السالم ". وإن استطعت أن ال تخر في يومك في حاجة فافعل ،فإنه يوم نحس ،ال يقضى فيه حاجة مؤمن ،وإن قضيت لم يبارك له فيما أدخر ،ولم يبارك له في أهله ،فإذا فعلوا ذلك كتب هللا لهم ثواب ألف حجة ،وألف عمرة ،وألف غزوة كلها مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ،وكان له أجر وثواب مصيبة كل نبي رسول ،ووصي، وصديق ،وشهيد مات أو قتل ،منذ خلق هللا الدنيا إلى أن تقوم 11
الساعة"( .القم :مفتايح اجلنات ،ص ،550نقال لن مصباح املتهجد ليشيخ الطوس ) من خالل هذه الرواية يجد الباحث أن اإلمام الباقر عليه السالم قد أرسى معالم كل الممارسات التي تقوم بها الشيعة في ذكرى مقتل الحسين عليه السالم ،وهي-:
-4إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المآتم الحسينية: من أبرز آثار هذا الدور ،أن أهل البيت عليه السالم أسسوا ظاهرة الحزن ،والبكاء داخل المآتم الحسيني ،وجعلوا البكاء هدفا ً في حد ذاته ،لما فيه من جزيل األجر ،و الثواب ،والمغفرة عند هللا عز وجل ،وهو خالف لما يراه البعض من أن الدموع ليست هدفا ً في ذاتها ،بل هي وسيلة لحث األمة ،على االلتحام مع أهداف الحسين عليه السالم. نعم يمكن القول أن من آثار الدموع هو ذلك ،ولكنه ال يمثل كل الدوافع التي جعلت أهل البيت يبكون على الحسين عليه السالم ،فلو قدر في أي زمن من األزمان أن جاءت وسيلة تجذب الناس إلى أهداف الحسين عليه السالم ،وتحقيق الغرض بغير البكاء والحزن فهل يمكن القول أن البكاء في مثل هذه الظروف الجديدة فقد أهميته! ويجب التخلي عنه لوجود وسيلة أخرى ،حتما ً كال ،وسيتم الوقوف على نصوص كثيرة داخل البحث تكشف عن مدى اهتمام أهل البيت عليهم السالم بجانب البكاء ،وإظهار الحزن داخل المآتم. -2وضع حجر األساس للبرامج الزمنية لنعقاد المآتم: أوضح اإلمام الباقر أن زيارة اإلمام الحسين عليه السالم يوم عاشوراء لها أجر عظيم عند هللا عز وجل ،وأن يكون الزائر في حالة من البكاء ،والحزن على مصابه ،عبر الوسائل المتاحة آنذاك، و هي الرثاء ،و القصص ،وقراءة المقتل ،والندب كما ورد في رواية عبدهللا بن حماد البصري التي جاءت على شكل حوار مع 14
اإلمام الصادق عليه السالم ،والرواية تتحدث عن الزائرين للقبر في ليلة النصف من شعبان ،وتعدد وسائلهم في البكاء ،ولما كانت وسائلهم المذكورة آنفا في تلك الليلة ،فإنه من المقرر أن تكون في يوم عاشوراء ،فثواب الباكي فيه على الحسين أنه يلقي هللا بثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة كثواب من حج واعتمر مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ،ومن الجدير بالذكر أن هناك الكثير من األوقات الهامة التي نوه عنها أئمة أهل البيت عليهم السالم ،وحبذوا فيها زيارة الحسين عليه السالم ،منها يوم عرفة، وليلة العيدين " الفطر – واألضحى " ،وليلة الجمعة. -1تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم والزيارة يوم عاشوراء: أشار اإلمام عليه السالم إلى أن قبر الحسين عليه من أفضل األماكن ،وقد أتاح الفرصة للزائر المتواجد في أقاصي البالد ،وال يستطيع الوصول إلى الضريح ،أن يقيم الذكرى الحسينية ويؤدي حق الزيارة وهو في داره ،حتى ال تكون مشقة السفر ،وعناء الطريق حائالً ،ومانعا ً لمشاعر الشيعة والمحبين ،أن تحوحم حول الضريح فيخسرون بذلك فرصة ال تعوض إال في العام القادم ،وقد أشار اإلمام على الزائر من أقاصي البالد أن يبرز إلى الصحراء، أو يصعد سطحا ً مرتفعا ً في داره. إذ من المقدر أن هدف اإلمام من ذلك هو تعميق نزعة الوالء ،إذ في خروجه إلى الصحراء أو صعوده إلى أعلى السطح زوال لكل الحواجز المادية التي تحول بين الزائر وقبر الحسين عليه السالم ،إذ لعل كتائب من المالئكة ستبارك هذا الصعود أو الخرو ،فتضفي طابعا ً روحانيا ً على هذه المحاولة الجادة في تحقيق المواساة بذكرى الخطب الجلل ،والمصاب الكبير ،الذي أصاب الدين بفقد اإلمام الحسين عليه السالم ،فقد يكون هذا المسعى الجاد لتقريب المسافة بين الزائر البعيد بجسده عن قبر اإلمام الحسين عليه السالم ،القريب بمشاعره وأحاسيسه منه ،سببا ً في استنهاض مشاعر الحزن والبكاء عنده ،فيحصل على الثواب المكتوب لمن زار الحسين ،ويبكي عليه في مثل هذه اليوم العظيم عند هللا عز وجل. 16
-1إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء: يقدر أيضا ً أن اإلمام الباقر عليه السالم أول من أرسى دعائم ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية التي تولد عنها إغالق المحالت التجارية، فقد صرح عليه السالم بأن هذا يوم نحس حيث قال ":وإن استطعت أن ال تخر في يومك في حاجة فافعل فإنه يوم نحس ال يقضي فيه حاجة مؤمن وأن قضيت لم يبارك له فيما أدخر ولم يبارك في أهله"
(القم :مفتايح اجلنات ،ص .)550
نعم أشار بأنه يوم نحس ،ال تُقضى فيه حاجة مؤمن ،وأن هللا ال يبارك فيما يُدخر ،وال يُبارك في أهله. وربما أن هدف اإلمام من هذا التوجيه الهام ،يريد أن يحدد المسار العام لسلوك الشيعة في هذا اليوم ،وهو التفرغ إلظهار الحزن ،وأثر المصيبة ،ومن أجل أن يدعم هذا السلوك الجماعي ،و يجذره في سلوك األمة ،ويبعث فيها مؤهالت االستمرار والبقاء ،كما أبرز عليه السالم بعد األجر ،والمثوبة من هللا عز وجل لمن التزم بهذا السلوك ،وذلك في تصريحه-: " فإذا فعلوا ذلك كتب هللا لهم ثواب ألف حجة وألف عمرة ،وألف غزوة ،كلها مع رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ،وكان له أجر وثواب مصيبة كل نبي ،و رسول ،و وصي ،و ص ّديق ،و شهيد مات أو قتل ،منذ خلق هللا الدنيا إلى أن تقوم الساعة" (القم :مفتايح
اجلنات ،ص )550
إن الهدف من تشويق اإلمام ،وترغيبه للشيعة في االلتزام بهذا السلوك ،هو جعل األمة تعيش حالة من الشجب ،واالستنكار للجريمة النكراء التي نفذت بحق الحسين عليه السالم؛ ألن في تعطيل المصالح الدنيوية ،وإغالق المحالت التجارية احتجا صارخ من شأنه أن يبعث رسائل مؤثرة ذات مضمون سامي ،تبلغ 13
من تصل إليه بأن الحسين عليه السالم لم يمت ،وأن تضحيته لم تذهب أدرا الرياح ،وأن كل قطرة دم سالت من نحره الشريف ،لم يسر إلى األرض وإنما سالت في شرايين كل محبي الخير والسالم في العالم ،وأنه سيظل بذلك نبراس هدى ،يؤمه كل أباة الضيم، ورافضي الظلم والعدوان ،الذي يما َرس بحق اإلنسان ،بغض النظر عن انتمائه المذهبي أو الطائفي؛ ولهذا يستحق كل فرد الثواب الموعود لمن ينظم في هذا التظاهرة العالمية الهامة. ومما يثلج الصدر أن هذه الظاهرة ال زالت موجودة ،ويمارسها الشيعة اإلمامية إلى يومنا هذا ،فهي ممتدة إلى عمق التاريخ ،فقد كانت هذه الظاهرة موجودة على عهد الفاطميين في مصر خالل القرن الرابع الهجري .وهذا ما نجده في أحد النصوص التاريخية التي تشير إلى حالة مصر يوم العاشر من المحرم " :وفي عاشوراء من سنة ستة وتسعين وثالث مائة جرى األمر فيه على ما يجري في كل سنه :من تعطيل األسواق ،وخرو المنشدين إلى جامع القاهرة، ونزولهم مجتمعين بالنوح والنشيد" (مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب ،ص ،)202وأيضا ً ما نقله أبن األثير في أحداث سنة
312هـ أيام الدولة البويهية حيث قال ":في هذه السنة أمرت الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم في العاشر من محرم ،ويعطلوا األسواق، والبيع ،والشراء ويظهروا النياحة على الحسين ففعل الناس ذلك"
(مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب ،ص.)202
كم هو عظيم أن تجد يوم العاشر من المحرم ،وقد أغلقت فيه أبواب المحالت التجارية ،على الرغم من كثرة عددها في المدينة الواحدة، والربح المتوقع في مثل هذا اليوم ،حيث من المالحظ أنها تحدث أثرا هاما في النفوس ،ممثلة احتجاجا صامتا على تلك الجريمة النكراء ،مدويا عبر الزمن في نفوس األحرار ،وإن طالت بهم السنون ،كما أنها ترسل رسائل بالغة األثر لمن يجهل بوقوع تلك 11
الجريمة ،أو يعلم بها ولكن ال يعي حجم فداحتها في ضمائر األحرار ،فتكون ظاهرة اإلغالق للمحال التجارية سببا في نفض غبار الزمان على تلك الحادثة األليمة ،لتعود حية مرة أخرى من جديد. وإن ذاكرة الباحث لتختزن صوراً حية لهذه الظاهرة أبان طفولته، حيث كان يسكن في أحد أحياء مدينة الهفوف في حاضرة األحساء، الصاخبة بالحركة التجارية ،منذ قرون طويلة مرت على المدينة، كما دلت على خرائط المؤرخين الذين أرخوا لهذه المدينة الهامة، وقد كان باعة بعض سلع السوق أغلبهم من الشيعة اإلمامية ،فكم كان يستمتع هو وأقرانه من األطفال الذين ال تتجاوز أعمارهم آنذاك سن الثانية عشر عاما ،أن يقفوا في السوق الذي يخترق تجمعهم السكاني في تلك المحلة ،وأن يالحظوا عالمات التعجب التي تعلو وجوه مرتادي السوق من بعض أهل البادية ،و القرى الشمالية، والشرقية لحاضرة األحساء ،والبلدان المجاورة لهم ممن تغيب عن ذاكرتهم ،أو وعيهم حادثة عاشوراء األليمة ،أو يعلمون بها ولكن ال يرون وجها إلغالق المحالت التجارية بسببها ،فيسألون عن سبب إغالق المحالت التجارية في وقت ال يصادف عطلة رسمية ،أو ما شابه ،وبالذات جميع محالت هذا السوق ،وبعض المحالت التجارية األخرى كسوق القيصرية الشعبي ،و سوق الحدادين ،والنجارين، والصفارين ،وباعة البشوت والعباءات النسائية ،وبعض محالت بيع المالبس الخارجية والداخلية ،وأغلب الباعة للمواد الغذائية بالجملة الكائنة في مركز مدينة الهفوف حيث القلب النابض لها ،الصاخب بالنشاط والحيوية كما هو عادته ،فكان البعض يسأل عن سبب إغالق كل هذه المحالت دفعة واحدة على الرغم من أهميتها ،ووفرة الربح فيها ،فيأتيه الجواب من سكان المحلة ،وربما من األطفال أنفسهم أن اليوم يوم عاشوراء الحسين عليه السالم ،واستنكارا لتلك المصيبة األليمة التي مرت قبل كل هذه القرون ،يواصل أصحاب المحالت التجارية الشجب لها من خالل إغالق تلك المحالت لهذا الغرض ،في هذا اليوم ،نعم كان هذا الموقف من السائل والمجيب، موضع متعة ألولئك األطفال في ذلك السن لكونه يبرز جانبا من 12
االلتزام بالرؤية وهو بلوغ رضا هللا ،وبالرسالة التي خطها أهل البيت عليهم السالم كطريق مؤدي لتلك الرؤية ،و يحفظ القيم األصيلة التي ورثتها األجيال المعاصرة عمن مضوا ،عن أهل بيت الرسالة ،وفي ذلك أبلغ دروس التربية ،التي ال يمكن أن تصل بنفس األثر عبر الكتب ،والخطب ،التي قد ال تستوعبها عقولهم لحداثة سنهم آنذاك. -5تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي: لقد ربط اإلمام الباقر عليه السالم مشاعر األمة ربطا وثيقا بالمصاب الجلل ،الذي جرى على الحسين ،وأهل بيته ،وأصحابه ،و وسع دائرة االهتمام بالقضية الحسينية ،لتشمل األمة بأسرها ،ولم يجعلها قاصرة على بيوت بني هاشم فقط ،حيث الجميع ينبغي لهم أن يستشعروا األسى ،والحزن في مقتل إمامهم ،وهذا ما نستشفه من قوله عليه السالم ،لما سأله أحدهم ،فكيف يعزي بعضنا البعض، فقال له اإلمام ":تقولون :عظم هللا أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السالم ،وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره ،مع وليه اإلمام المهدي من آل محمد عليه السالم"( .مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب،
ص.)112
إن من الواضح أن اإلمام استخدم ضمير " نا " للمتكلمين في كلمة "أجورنا"؛ لتشيع مشاعر الحزن الجماعية ،فيكون استشعار المصيبة أكبر على جميع أفراد المجتمع ،حيث خروجه إلى أرض كربالء كان بغرض إنقاذ اإلنسانية من غياهب الفساد ،و الضالل. -6حث الشعراء على رثاء الحسين عليه السالم: لما كان الشعر من أصدق وسائل التعبير عما يجيش في مشاعر اإلنسان من أحزان ،وأفراح ،كان من البديهي أن يكون لحادثة الطف أثر عميق في نفوس المسلمين بشكل عام ،والشيعة بشكل خاص ،وأن تحتل ذكرى الحسين عليه السالم ،وما جرى عليه من 13
مصائب مساحة واسعة من اهتماماتهم ،وأن تترجم تلك المشاعر، واألحاسيس عبر الشعر كوسيلة صادقة في هذا المجال ،لما للشعر من خصوصية يمتاز بها في ذلك الوقت وهو أنه من أقوى وسائل التعبير عن آراء المجتمع. فقد كان الشاعر بمثابة اللسان الناطق ،والقلم المعبر ،حيث ال جريدة ،وال إذاعة ،وما شابه من وسائل اإلعالم ،ولهذا كانت القبيلة في العرب قبل الجاهلية إذا نبغ فيها شاعر ،أتت إليها القبائل فهنأتها، وصنعت األطعمة واجتمعت النساء يلعبن بالمزامير ،كما يصنعون في األعراس ،و يتباشر الرجال ،والولدان ،ألنه حماية ألعراضهم، وذب عن أحاسيسهم ،وإشادة بذكرهم ،وكانوا ال يهنئون إال بغالم، أو شاعر ينبغ فيهم( .فروخ :تاريخ األدب العريب ،4 ،ص .)67 ولما كان الشعر في ذلك الزمان يمثل هذه المنزلة القوية في الدفاع، واإلعالن ،فقد تعرض الشعراء الذين رثوا اإلمام الحسين عليه السالم ،وأرخوا فاجعته ،إلى أشد ألوان العذاب ،والتضييق ،و التنكيل ،كما صرح بذلك أبو الفر األصفهاني في مقاتل الطالبين": كانت الشعراء ال تقدم على رثاء الحسين عليه السالم ،مخافة من بني أمية ،وخشية منهم" ( رب :أدب الطف ،1 ،ص ،.)22بل إن القصيدة التي تذكر الحسين عليه السالم كانت تكتم ،كما ورد في تاريخ ابن األثير عندما أورد قصيدة أعشى همدان التي رثا فيها التوابين الذين طلبوا بثائر الحسين ،والتي منها: فساروا وهم مابين ملتمس التقى وآخر مما جـــرى باألمس تائب وقال وهي مما يكتم في ذلك الزمان. وكان األئمة عليه السالم على علم تام بما يجري على الشعراء الذين يرثون الحسين عليه السالم ،ويعلمون أيضا ً فداحة الخطب الذي سيترتب على استجابة الشعراء لهذا اللون من الضغط المشكل عليهم 12
من بني أمية ،وفي الوقت ذاته يعلمون أيضا ً بأن قضية الحسين عليه السالم تحتا إلى اإلعالم الالزم لتغطية أحداثها ،والوسيلة التي تسير بذكرها إلى المحافل االجتماعية والثقافية ،وأنه البد أن تأخذ وسائل اإلعالم طريقها في تلك القنوات الطبيعية؛ لتصل إلى أفراد المجتمع ،ولتنتقل إلى األجيال القادمة ،لتحدث األثر الذي أراده الحسين عليه السالم من نهضته المقدسة ،فما كان منهم عليه السالم إال أن أعطوا بعداً ثوابيا ً لمن قال الشعر في اإلمام الحسين عليه السالم من باب أن ذلك من تعظيم الشعائر كما قال تعالى " ومن يعظم شعائر هللا فإنها من تقوى القلوب " فقد وعدوا كل شاعر بالجزاء األوفى لمن قال ولو بيتا ً واحداً من الشعر في اإلمام الحسين عليه السالم ،وجعلوا قرض الشعر في رثائه لونا ً من ألوان الجهاد في سبيل هللا. لعل من أبرز التصريحات الهامة التي دفعت مسيرة الشعر الحسيني ،تلك األحاديث المروية عن اإلمام الصادق عليه السالم في ذلك ،فقد كان لها أثر واضح في دفع مسيرة التشيع بشكل عام، وعلى كل األصعدة ،نظراً للظروف الجيدة التي كان يعيشها فترة من حياته الشريفة ،مقارنة ببقية عهود األئمة عليه السالم الذين سبقوه، والذين جاؤا من بعده ،فقد عاصر المرحلة االنتقالية بين الحكم األموي والحكم العباسي ،ولما لهذا االنتقال من أثر بالغ أضعف قدرة كلتا الدولتين ،حيث األولى في دور االحتضار ،والثانية في طور الوالدة ،وقد استفاد اإلمام من هذه الفرصة في نشر مبادئ اإلسالم الحقة ،ومن ضمن ما اهتم به ،وأعطاه من الرعاية ما يستحق هي المآتم الحسينية ،وتشجيع الشعراء على رثاء الحسين عليه السالم ،بل مطلق نظم الشعر في فضائل أهل البيت حـتى أنه قال " :من قال فينا بيتا ً من الشعر يؤيد بروح القدس " ،وأيضا ً قال": من قال فينا بيتا ً من الشعر بنى له هللا بيتا ً في الجنة " ( رب :أدب
الطف ،1 ،ص ،22نقال لن ليوت أخبار الرضا ليشيخ الصدو ).
11
وقد استجاب الكثير من شعراء أهل البيت عليهم السالم لنداء اإلمام الصادق ،وغيره من األئمة الذين أكدوا على ثواب من أنشد شعراً في اإلمام الحسين ،وبقية األئمة ،وكم كان اإلمام يحتفي بما أبدعته قرائح الشعراء ،ويهيئ األجواء المناسبة التي تشجع الشعراء؛ إلنشاد ما جادت به مشاعرهم ،ولعل في الرواية التي رواها ثقة اإلسالم الكليني أكبر دليل ،فقد روى في روضة الكافي بإسناده عن أبي داوود المسترق قال :دخلت على أبي عبد هللا عليه السالم ،فقال: قولوا ألم فروة تجيء فتسمع ما صنع بجدها ،قال ،فجاءها فقعدت خلف الستار ،ثم قال أنشدنا :فقلت-: بدمعك المسكوب فرو جــودي فصاحت ،وصحن النساء فقال أبو عبد هللا عليه السالم الباب، فاجتمع أهل المدينة على الباب ،قال فبعث إليهم أبو عبد هللا أن صبيا ً لنا غشي عليه فضجت النساء (بتصرف) ،وفي رجال الشيخ أن اإلمام الصادق عليه السالم قال" :يا معشر الشيعة علموا أوالدكم شعر العبدي فإنه على دين هللا" ( رب :أدب الطف ،1 ،ص .)113 وقد بذل اإلمام الصادق عليه السالم في سبيل تشجيع الشعراء ما يستطيع ،حتى لو كان التشجيع فيه كشف ألمور غيبية ،فقد روى الكشي بإسناده عن زيد الشحام ،قال :كنا عند أبي عبد هللا ونحن جماعة من الكوفيين فدخل جعفر بن عفان على أبي عبد هللا عليه السالم فقربه ،وأدناه ثم قال يا جعفر قال ،لبيك جعلني هللا فداك ،قال بلغني أنك تقول الشعر في الحسين عليه السالم ،وتجيده فقال له نعم جعلني هللا فداك قال :قل ،فأنشد فبكى عليه السالم ،ومن حوله ،حتى جرت الدمـوع على وجهه ولحيته ،ثم قال يا جعفر ":وهللا لقد شهدت مالئكة هللا المقربون هاهنا يسمعون قولك في الحسين عليه السالم، ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر ،ولقد أوجب هللا تعالى يا جعفر في ساعتك الجنة بأسرها ،وغفر لك ،ثم قال يا جعفر أال أزيدك قال نعم يا سيدي ،قال ما من أحد قال في الحسين شعراً فبكى وأبكى به إال أوجب هللا له الجنة وغفر له ( رب :أدب الطف ،1 ،ص ، )162 ومن شعر جعفر بن عفان على الحسين-: 11
أال يا عين فابـكي ألف عام
وزيدي إن قدرت علـــى البكاء
إذا ذكـر الحــسين فال تملي
وجودي الدهر بالعبرات جودي
بكـين وما درين وأنت تدري
فكيف تهم عـــــــــينك بالجمود
أتنسى سبط أحمد حين يمسي
ويصــــبح بين أطباق الصـعيد
ومن المالحظ في سيرة اإلمام الصادق أنه إذا استنشد شاعراً أو منشداً ،ال يقتصر الحضور على نفسه الزكية ،وإنما يدعو أهل بيته من النساء أيضا ً للمشاركة ،وهذا مصداق الهتمامه بجعل المجالس الحسينية تشيع فيها روح الحزن الجماعية ،وكما يروي ابن قولويه في كامل الزيارات ،قال :حدثني محمد بن جعفر عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن عبدهللا بن حسان عن ابن أبي شعبة عن عبدهللا بن غالب ،قال :دخلت على أبي عبد هللا عليه السالم فأنشدته مرثية في الحسين ،فلما انتهت إلى هذا الموضع: بمسقاه الثرى عفر التراب فيا ليلية تكسو حسينا صاحت باكية من وراء الستر :وا أبتاه ( .رب :أدب الطف ،1 ،ص
.)231
وقد قال الشيخ المامقاني عن الشيخ الطوسي أن اإلمام الصادق عليه السالم قال في حق عبد هللا بن غالب :إن ملكا يلقنك الشعر وإني ألعرف ذلك الملك"" ( .رب :أدب الطف ،1 ،ص .)233 وأيضا ً ما رواه ابن قولويه بإسناده عن أبي أبو هارون المكفوف قال :دخلت على أبي عبد هللا عليه السالم فقال لي أنشدني :فأنشدته:
( رب :أدب الطف ،1 ،ص .)164
11
امرر على جدث الحسين
وقل ألعظــــــمه الزكية
يا أعظـــــما ً الزلــت من ما لذ عــــــــــــــيش بعـد
وطفــــاء ساكـــبة روية رضك بالجياد األعـوجية
قبر تضـــــــــــــمن طيبا آباؤه أهــــــــــــل الرياسة
آباؤه خــــــــــــير البــرية والخـــــــــالفة والوصـــية
والخير والشـــــيم المهذبة
الطيــــــــــــــبة الرضـــية
فإذا مررت بقـــــــــــــبره
فأطل به وقــــف المـــطية
وابك المطـــــهر للمطـهر
والمطـــهــــــــرة الــزكية
والنتيجة التي تمخضت عن هذه الرعاية الكبيرة من اإلمام الصادق عليه السالم ،وإشرافه المباشر على موضوع رثاء الحسين منذ بداية المشوار ،ومنحه الرعاية ما يستحق ،أن بلغ من حيث الكثرة، والجودة ،ما يصعب حصره ،فقد يحتا من أراد جمع هذا اإلنتا األدبي إلى مئات المجلدات ،كما صرح بذلك السيد جواد شبر في كتابه " أدب الطف " فقد أورد رحمة هللا إحصائيات تشير إلى ضخامة الكم الذي أنجز في هذا المجال منها-: -1الشيخ أحمد البالدي األحسائي من شعراء القرن الثاني عشر الهجري نظم 1333قصيدة في رثاء اإلمام الحسين عليه السالم، ودونها في مجلدين ضخمين كما روى ذلك الشيخ األميني في . موسوعته -2الشيخ الخليعي جمال الدين بن عبد العزيز ،وهو من شعراء القرن التاسع له ديوان شعر كله في اإلمام الحسين عليه السالم. -3الشيخ حسن الدمستاني البحراني ،من شعراء القرن الثالث عشر، له ديوان كله في يوم كربالء.
14
-2الشيخ محمد الشويكي من شعراء القرن الثاني عشر ،له ديوان في مدائح النبي وآله الطاهرين ،وآخر في مراتبهم اسماه " مسيل العبرات " ويحتوي على 13قصيدة في أوزان مختلفة. -1مئات المقاتل التي تروي قصة الحسين عليه السالم،وتثبت شواهد من الشعر الذي قيل في رثائه. -1مجاميع خطيه في الكتاب العامة والخاصة ،وفيها المئات من القصائد الحسينية ولم يذكر اسم ناظمها وقائلها. وهذا غيض من فيض ،وما جاء إال بالنزر القليل ،ولو جاء فقط باسماء من رثوا الحسين عليه السالم في موسوعته لطال به المقام.
وهلل در من قال ( :رب :أدب الطف ،1 ،ص .)4 تجاوبت الدنيا عليك مآتما ً
نواعيك فيها للقيامة تهتف
المبحث الرابع :انتهاء الدور التأسيسي ،وبداية الدور الروائي في مسيرة الخطابة الحسينية من غير الممكن أن يوضع حدا ًفاصالً بين نهاية الدور التأسيسي،وبداية الدور الروائي في تاريخ المآتم الحسينية إذ هناك تمازجا ً مابين العهدين ،ولكن يمكن القول أن الدور التأسيسي استوفى مدته بوضع أئمتنا عليهم السالم األسس والقواعد الثابتة للمآتم الحسينية ،وذلك في عهد اإلمام السجاد ،واإلمام الباقر، واإلمام الصادق عليهم السالم وهذه القواعد واألسس متمثلة فيما ذكرناه سابقا ً تحت عنوان آثار الدور التأسيسي ،وهي-: -4إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المأتم الحسيني. -2وضع حجر األساس للبرنامج الزمني لنعقاد المآتم. -1تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم ،والزيارة يوم عاشوراء. -1إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء. -5تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي. 16
-6حث شيعتهم على رثاء الحسين عليه السالم. وجاء من بعدهم بقية األئمة المعصومين هم :الكاظم ،والرضا، والجواد ،والهادي ،والعسكري ،والمهدي عليهم السالم ،سائرين على نهج من سبقوهم من أئمة أهل البيت عليهم السالم ،ومؤكدين على أهمية استمرار المآتم على هذه القواعد الثابتة. أما الدور الروائي فقد جاء بعد الدور التأسيسي ،إن لم يكن متمازجا ً معه فقد جاء بعد الرعاية المتميزة التي أوالها كل من اإلمام الباقر والصادق عليهما السالم بالذات ،نظراً للظروف المتميزة التي عاشاها وخاللها فجّرا ثورتها العلمية واهتما بكثير من الجوانب العلمية ،والدينية ومن ضمنها المآتم الحسينية ،كما تم ذكره سالفا ً، وقد كان لإلمام السجاد الدور الكبير في إرساء ظاهرة البكاء على والده الحسين عليهما السالم ،بحيث أنه ح ّول حياته كلها إلى قطعة من البكاء واأللم حزنا ً لما جرى في عرصة الطف ،فقد روى ابن شهر أثوب في " المناقب " عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السالم أنه قال :بكى علي الحسين عشرين سنة ،وما وضع بين يديه طعام إال بكى ،حتى قال له مولى له :جعلت فداك يا بن رسول هللا إني أخاف أن تكون من الهالكين قال عليه السالم :إنما أشكو بثي، وحزني إلى هللا ،وأعلم من هللا ما ال تعلمون ،إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إال خنقتني العبرة( .األمني :إقناع الالئم ،ص .)44 وقد بدأت فعاليات الدور الروائي ونمت بفعل اهتمام األوساط الشعبية ورعاية األئمة عليهم السالم لهم ،وقد أفرز هذا االهتمام مجموعة من الوثائق الهامة ،التي أعطت بعض التصور عن تفاعل تلك األوساط بالقضية الحسينية ،وإقامة المآتم إلحيائها. إن من أبرز تلك الوثائق ،ذلك العدد الكبير من المقاتل التي تقرأ عند قبر الحسين عليه السالم ،أو في المآتم الحسينية البعيدة في أقاصي 13
البالد ،وهذه العادة ليست مقتصرة على الدور الروائي ،بل ال زالت مستمرة إلى وقتنا هذا ،فمن المالحظ أن المقاتل وقراءتها لم تكن وقفا ً على زمان معين ،وقد أورد اآلغا بزرك الطهراني في كتابه " الذريعة إلى تصانيف الشيعة " أسماء المقاتل الحسينية ،وقد أحصى الباحث عدد المقاتل التي جاء بذكرها والتي تبدأ بكلمة مقتل وهي خاصة بمقتل الحسين فوجدها " " 11مقتالً وال زال التأليف في هذا المضمار جاريا ً ،وآخر ما جاءنا من المقاتل " مصرع الحسين " للشيخ عبد الوهاب الكاشي الطبعة األولى في 1362هـ ،وآخر للشيخ عبد الزهراء الكعبي كما للشيخ سعيد أبو المكارم العوامي القطيفي مقتل بعنوان " قتيل العبرة ".
المبحث الخامس :المجالس الحسينية في األحساء خالل الدور التأسيسي ويشتمل على المطالب التالية: المطلب األول :الخلفية الحضارية لمنطقة األحساء. المطلب الثاني :سفيان بن مصعب العبدي كرائد مؤسس في مجال الخطابة الحسينية.
المطلب األول :الخلفية الحضارية لحاضرة األحساء نظرا الهتمام هذه الدراسة بواقع الخطابة الحسينية في حاضرة األحساء ،وذلك بجعل واقعها حالة دراسية ،كما هو مقرر في منهجيتها ،تلك الحاضرة التي جاء اسمها في التاريخ باسم البحرين، تارة وباسم هجر تارة ،و األحساء تارة أخرى كما هو اآلن ،وعليه من الالزم وفقا لذلك أن ترصد مسيرة الخطابة الحسينية فيها منذ حادثة كربالء عام 11هـ ،إال أنه على الرغم من الخلفية الحضارية المتقدمة لهذه المنطقة يبقى تاريخها إلى اآلن يلفه غموض كبير، وعتمه منقطعة النظير ،وال يدرك ذلك إال من يتعرض للبحث عن 11
بعض شئونها ،كما تم ذكره ،لذا عندما حاول الباحث الكتابة عن تاريخها ،فيما يتعلق بواقعة الطف وما جرى بعدها ،وكيف بدأ المأتم الحسيني فيها؟ وعلى يد من بدأ؟ وكيف تطور؟ لم يجد ما يدله على ذلك ،وهو أمر مؤسف حقا ً ،فكم هو مؤلم أن ال تعرف العمق التاريخي لهذه الظاهرة اإليمانية في هذا البلد المؤمن ،الذي يعطي المآتم الحسينية حفاوة منقطعة النظير على الصعيد العالمي ،عدا بعض المناطق المجاورة له ،بل من يزورها ،ويقارنها بغيرها من البلدان ،يجد أنها تمتاز بهذه المجالس ،وعلى سبيل المثال ال الحصر كثرة الحسينيات والمآتم المنعقدة في المساجد ،والمنازل، واالستراحات ،والمزارع ،فعلى سبيل المثال ال يخلو حي من أحياء مدينة الهفوف – وإال وفيه عشر " " 13حسينيات على األقل وعلى هذا فقس في مدينة المبرز وقرى األحساء شرقها وشمالها ،مضافا لما يعقد في أماكن السكن والنزهة ،وال يقتصر عقد المآتم على أيام عاشوراء ،بل طيلة العام في العديد منها ،خاصة الحسينيات التي بها أوقاف كافية تسد نفقاتها ،أما البيوت فالعادات األسبوعية ظاهرة جارية في أحياء مدنها وقراها ،بل تجد أن األغلبية العظمى منهم ال يمكن أن يهدأ لهم بال حتى يعقدوا مجالس حسينية في المنازل الجديدة التي يسكنوها ،والحيازات الزراعية التي يقتنونها للضيافة والترفيه. إن الباحث يقدر أن حاضرة األحساء كان فيها أصداء واسعة االنتشار لواقعة الطف المجيدة ،كغيرها من باقي المناطق اإلسالمية التي تلقت نبأ مقتل اإلمام الحسين عليه السالم ،ويبني الباحث تقديره هذا ،على ما وقع بيده من مؤشرات هامة تشير إلى خلفيتهم اإليمانية ،والحضارية ،وإطالعهم على آخر األحداث اإلسالمية وتفاعلهم بها وهي كاآلتي-: -1إن أفراد هذه المنطقة لم يعيشوا على هامش األحداث اإلسالمية التي انبثقت في شبه الجزيرة العربية منذ بزوغ نجم اإلسالم فيها ،بل كان لهم الحضور الواضح الفعال الذي ال يشوبه شك ،ولعل إسالم المنذر بن ساوي والي هجر من قبل الفرس ،وتحليه بتلك الرؤية 12
المنفتحة التي شبهها رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم بانفتاحية األنصار حيث قال" :يا معشر األنصار أكرموا إخوانكم فإنهم أشبه الناس بكم في اإلسالم ،أسلموا طائعين غير مكرهين وال موتورين"، وهى انفتاحية ،وعقالنية و َّجه رسول هللا صلى هللا عليه وآله األنظار إليها ،من خالل تقديره لموقفها الحضاري ،كما أشاد بها وأطراها، ويمكن إدراك ذلك من خالل كلماته التي تعتبر أو سمة شرف، ونياشين كرامة علقها على صدورهم ،حينما قال: . " ليلأتين ركلب ملن قبلل أهلل المشللرق ،للم يكرهلوا عللى اإلسلالم"
)العسقالين ،اإلصابة يف متييز الصحابةص (331
وفي رواية أخرى " سيطلع عليكم من هاهنا ركب هم من خير أهل . المشرق " وقد قال هذه العبارات مخبراً أهل المدينة ،ليلة ذاك اليوم الذي قدم فيه وفد من عبد القيس ،قبيلة المنذر بن ساوي وذلك في السنة السابعة للهجرة. وكم كان ترحيب النبي صلى هللا عليه وآله وسلم بهم حاراً ،فقد قال . لهم عند مقدمهم "مرحبا ً بالقوم ال خزايا وال ندامى" ولم يفته أن يبارك لهم خطوتهم اإليمانية بدخولهم اإلسالم طائعين ،و أن يدعو لهم بقوله":اللهم اغفلر لعبلد القليس") .العسـقالين ،اإلصـابة يف
متييز الصحابةص (331
ولمللا عللادوا إلللى األحسللاء حولللوا بيعللتهم إلللى مسللجد) ،العســقالين، اإلصابة يف متييز الصحابةص ،(331حيث كانوا يدينون بالنصرانية. -2متابعتهم الدقيقة والجادة ألخبار الرسالة أوالً بأول ،على رغم البعد المكاني بينهم وبين مصدر اإلشعاع ،فرسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم في الجانب الغربي لشبه الجزيرة العربية ،وأهالي هجر في الجانب الشرقي منها ومع ذلك كانوا متابعين لما يجري في ساحة 13
الرسالة من تشريعات ،وحوادث ،ومن أهم المؤشرات في هذا الجانب هو إقامتهم الصالة لثاني جمعة في اإلسالم ،في مسجد جواثا الواقع شرق قرية الكالبية في األحساء ،وقد كان هذا المسجد تابعا ً لقرية جواثا ولكنها اندثرت ولم يبقى منها إال أطاللها ،وبذلك يفتخر بنو عبد القيس بهذا السبق في بناء المسجد ،والصالة فيه ثاني جمعة في اإلسالم كما ورد في صحيح مسلم عن الصحابي الجليل عبد هللا بن عباس قال: أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ،في مسجد عبد القيس بجواثا ،وبذلك يفتخر بنو عبد القيس ،حيث يقول شاعرهم: والمسجد الثالث الشرقي كان لنا
والمنبران وفصل القول في الخطب
أيام ال مـــــسجد للـناس تعــرفه
إال بطيبه والمحـــــــجو ذو الحجب
-3انخراط مجموعة ملن أبنائهلا البلللللررة فلللللي علللللداد الصلللللحابة والتلللللابعين ،ووالئهلللللم عقائلللللديا ً لإلمام علي عليه السالم وسيرهم على نهجه بعد وفلاة النبلي محملد صللللللى هللا عليللللله وآلللللله وسللللللم وثبللاتهم معلله فللي تلللك األحللداث الصاخبة التي اجتاحلت المجتملع اإلسللللالمي آنللللذاك ،واسللللتمرار سلللليرة تشلللليعهم ووالئهللللم لبقيللللة األئمة ملن بعلده (الشـ ،ألـالم
هج ـ ـ ـ ــر ،مقدم ـ ـ ـ ــة الش ـ ـ ـ ــيخ ال ـ ـ ـ ــدكتور الشيخ جواد بن حسين الرمضان
12
لبداهلادي الفضي ،ص.)21
كأمثال زيد بن صوحان العبدي وأخوه صعصعة بن صوحان العبدي ،وعبدهللا بن صوحان العبدي ،وحكيم بن جبلة العبدي، وخالس بن عمر الهجري ممن عرفوا تاريخيا ً ومذهبيا ً بأصحاب علي عليه السالم فزيد ،وحكيم قاتال مع علي يوم الجمل، وصعصعة صاحب المواقف المعروفة مع معاوية حتى نفاه المغيرة من الكوفة بأمر معاوية إلى جزيرة أوال في البحرين فمات فيها، وكل من هؤالء الثالثة كان من سادات عبد القيس وشجعانها، وبهؤالء وأمثالهم بما أبلوا من بالء حسن إعالميا ً وعسكريا ً في الوقوف إلى جانب اإلمام علي عليه السالم ،نمت بذرة التشيع في المنطقة وذهبت تضرب بجذورها عميقا ً وامتدت تظلل بفروعها وريفا ً( .الش ،ألالم هجر ،مقدمة الشيخ الدكتور لبداهلادي الفضي ،
ص.)21
-2تعاقب مجموعة من الوالة الذين كان لهم ميول شيعية واضحة، ومكثوا في المنطقة مدة طويلة ،وال يستهان بأثرهم في تشيع كثير من أبناء المنطقة ،فقد ذكر السيد األمين في أعيان الشيعة ،بأن العلة في تشيع هذه المنطقة منذ القدم ناقال ذلك عن كتاب مجالس المؤمنين ":أن تشيع أهل البحرين وقصباتها مثل القطيف والحسا، شائع من قديم الزمان ،وهذا يعود إلى أن أبان بن سعيد كان عامالً عليها مدة في مبدأ اإلسالم ،وهو من الموالين ألمير المؤمنين علي عليه السالم ،وصار عامالً عليها عمر بن أبي سلمة مدة ،وأمه أم سلمة أم المؤمنين رضي هللا عنها وهو أيضا ً من محبي أمير المؤمنين عليه السالم فغرس فيها التشيع"( ،األمني :أليات الشيعة،
،1ص ،161نقال لن جمال املؤمنني (بتصرف).
وفي عهد أمير المؤمنين عليه السالم وليها تارة معبد بن العباس بن عبدالمطلب ،وتارة عمر بن أم سلمة ربيب رسول هللا صلى هللا عليه 11
وآله وسلم ،أما مؤلف كتاب "أسد الغابة" قال في ترجمة حكيم بن جبلة العبدي " نسبه إلى عبد القيس وكانت تتشيع هي وربيعه" (األمني :أليات
الشيعة ،1 ،ص ،212نقال لن أسد الغابة).
-1بروز مجموعة من العلماء األعالم في عهود اآلغا بزرك الطهراني مبكرة ومن أبرزهم الشيخ أبوصالح السليلي بن أحمد بن عيسى بن شيخ األحسائي من أعالم القرن الرابع الهجري وقال عنه اآلغا بزرك الطهراني في كتاب "الذريعة إلى تصانيف الشيعة" ،وأكثر مشايخ السليلي من علماء العامة مثل محمد بن جرير صاحب التاريخ المتوفى 313وغيره، ولكن بعض مشايخه من الخاصة مثل بن أبي الثلج محمد بن أحمد المتوفى 321هـ" ،وقد صنف كال من الشيخ باقر أبي هاشم والسيد خمسين، الشخص في تراجمهما ألعالم األحساء الشيخ السلولي من علماء الشيعة اإلمامية في المنطقة ،وكذا الشيخ جواد بن حسين الرمضان في كتابه مطلع البدرين ،بينما عده السيد ابن طاووس من علماء العامة، أما آية هللا الشيخ محمد بن سلمان الهاجري توقف عن الشيخ محمد بن سلمان الهاجري 11
ترجيحه ألي طرف(اهلاجري :مقابية صية) ،غير أن اآلغا بزرك الطهراني الختصاصه في جمع تصانيف الشيعة أورد عنواني كتابين له هما ":السقيفة " ،واآلخر كـتاب " الفتن " ،مما يشير إلى أنه من علماء الشيعة ،ومن أراد التوسع فليراجع. -1نبغ فيها مجموعة من الشعراء الذين خدموا الشريعة اإلسالمية بقرائحهم المفعمة بحب آل محمد صلى هللا عليه وآله وسلم ،ومن ألمع وأبرز من ناضل إعالميا ً في الدعوة ألهل البيت من المنتسبين لهذه المنطقة ،الشاعران العبديان ،سفيان بن مصعب العبدي ،ويحي بن بالل العبدي ،وكان األول منهم معاصر للسيد الحميري كما كان يلتقي باإلمام الصادق عليه السالم ويأخذ عنه الحديث في الفضائل المتعلقة بأهل البيت عليهم السالم ،وينشرها بين الناس بشعره ،حتى قال اإلمام الصادق عليه السالم في حقه قولته المعروفة " :يا معشر الشيعة علموا أوالدكم شعر العبدي فإنه على دين هللا". ومن خالل تتبع الباحث لنشاط الشاعر سفيان بن مصعب العبدي رضوان هللا تعالى عليه ،اتضح أنه كان من أبرز الخطباء المنتسبين إلى هجر ،ولم يعثر على خطيب حسيني في الدور التأسيسي غير العبدي ،هذا الشاعر المـ ُجيد الذي ترك بصمات واضحة على بناء المآتم الحسينية منذ تأسيسها بسبب قربه من اإلمام الصادق عليه السالم ،وسوف ترد ترجمته في الصفحات القادمة إن شاء هللا. بنا ًء على هذه المؤشرات " الستة " فإن من المقدر أن هناك اهتمام كبير بالمآتم الحسينية خالل الدور التأسيسي للمآتم الحسينية ،وبشكل يتناسب مع خلفيتها الحضارية وقيمتها اإليمانية الواضحة.
11
المطلب الثاني :سفيان بن مصعب العبدي كرائد مؤسس في مجال الخطابة الحسينية في مدرسة اإلمام جعفر الصادق عليه السالم وفيه عدة فروع:
الفرع األول:ترجمته. ترجم له العالمة الكبير الشيخ عبد الحسين بن أحمد األميني النجفي في كتابه الغدير حيث قال: " أبو محمد سفيان بن مصعب العبدي الكوفي من شعراء أهل البيت الطاهر ،المتزلفين إليهم بوالئه وشعره ،المقبولين عندهم؛ لصدق نيته ،وانقطاعه إليهم ،وقد ضمن شعره غير يسير من مناقب أمير المؤمنين الشهيرة ،وأكثر من مدحه ومدح ذريته األطيبين وأطاب ،وتفجع على مصائبهم ،ورثاهم على ما انتابهم من المحن ،ولم نجد له الشيخ عبدالحسين األميني شعراً"، في غير آل هللا (األميين :الغدير ،0 ،ص ،)091وكان من حواري اإلمام الصادق عليه السالم والموالين له والذابين عن فكر آل محمد صلى هللا عليه وآله وسلم. عاش المترجم له مع اإلمام الصادق في الفترة االنتقالية الفاصلة بين سقوط الدولة األموية وقيام الدولة العباسية ،والتي تمكن عليه السالم أن يفجر خاللها علوم آل محمد وينشرها في المأل ،وكان له جهودا بارزة في هذا الدور حيث أن الخطابة الحسينية أخذت نصيبها من الرعاية واالعتبار من قبل اإلمام الصادق عليه السالم ،كغيرها من 14
المجاالت الدينية العلمية في تلك الفترة الذهبية من حياة األمة، والخطيب العبدي أدى دوره الريادي في هذا المجال ،وتخصص فيه كغيره من األفذاذ الذين عاشوا فترة االنفجار العلمي ،حيث كان لكل واحد منهم إسهامات بارزة في مجال معين ،فكما كان ألبان بن تغلب حضور متميز وبروز في مجال الحديث ،والفقه ،وهشام بن الحكم في المناظرة ،والكالم ،والفضل بن عمر في العلوم الطبيعية، والطبية ،وجابر بن حيان في الرياضيات ،والكيمياء ،وغيرهم من العلماء كان لسفيان بن مصعب العبدي دور هام وريادي ،في مجال الشعر ،واإلنشاد الحسيني.
الفرع الثاني :جهوده الرائدة في الدور التأسيسي للمجالس الحسينية. نظللراً إلرسللاء معللالم المللآتم الحسللينية فللي الللدور التأسيسللي علللى يللد األئملللة المعصلللومين ،ولكلللون الشلللعر الرثلللائي فيهلللا يشلللكل العملللود الفقري ،إن لم يكن أحد أهلم وسلائل انعقلاده (مشـ الـدين :ثـورة احلسـني
يف الوجدات الشعيب ،ص .)214
وبشكل مستقل في عهد اإلمام الصادق عليه السالم ،كما تم تحقيقه سالفا في رواية عبد هللا بن حماد البصيري ،فقد استطاع المترجم له أن يطور من شعره الرثائي في اإلمام الحسين عليه السالم ،وأن ال يقف عند حد التفجع ،وإثارة الحزن ،واللوعة على مصابه ،وبهذا يمكن القول أن للمترجم إضافة جديدة تحسب له في مسيرة المجالس الحسينية المنعقد بالشعر ،كوسيلة من وسائلها البارزة آنذاك ،وتلك اإلضافة تتمثل فيما يلي: أول -أول من أدخل النزعة الكالمية في الرثاء الحسيني: لم يقتصر دور العبدي على إبراز الحزن ،واللوعة على مصاب اإلمام الحسين فقط ،بل انتقل إلى غرض آخر وهو الدخول إلى الشعر الرثائي ذي النزعة الكالمية ،وذلك بالتوسع في عرض 16
تفاصيل األحداث ،ومسبباتها القديمة السابقة فيها مما يتصل بخالفة رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم ،والسياسات التي انبعثت في عهد عثمان ،والسياسات األموية بصورة شاملة ولهذا يتوقع الشيخ محمد مهدي شمس الدين بأن سفيان بن مصعب العبدي هو أول من نهج هذا األسلوب في الشعر الرثائي إذ يقول-: " ويمكن أن يكون سفيان بن مصعب العبدي " توفي سنة 123هـ أو 121هـ " والكميت بن زيد األسدي " تلوفي سلنة 123هلـ " هملا أول من نهج هذا األسلوب في الشعر الرثائي ،وإن كان فلي شلعر الملدح، والفضائل عند الكميت أظهر منه في شعره الرثائي " ( .مشـ الـدين:
ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب ،ص .)214
ويقللول أيضللا ":فللإذا انتهينللا إلللى القللرن الثالللث ومللا بعللده وجللدنا هللذا اللللون ملللن شللعر الرثلللاء شللائعا ً بلللين شللعراء الرثلللاء الحسلليني مثلللل عبدالسالم بن رغبان " ديك الجن " ،وعللي الخزاعلي ،و القاسلم بلن يوسلللف المكاتبلللة ،و الشلللريفين :الرضلللي ،والمرتضلللى ،وغيلللرهم، ويستمر هذا النهج الشعري فلي النملو ،واالنتشلار حتلى يغلدو الشلعر الرثائي في نهايات القرن الخامس ،وكأنه سلجل تلاريخي فضلائلي"،
(مش الدين :ثورة احلسني يف الوجدات الشعيب ،ص .)214
وبهذا فإن الباحث يقدر أن سفيان بن مصعب العبدي كان رائدا من رواد النهضة الحسينية في مجال خطابتها ليس في الجانب العاطفي فيها كمنشد وناظم شعر وراع للمآتم الحسينية النسائية بنظم الشعر الذي يناسب مآتم النساء فحسب ،بل كذلك في المجال الموضوعي الذي يعالج قضايا فكرية متقدمة وإن كانت مصاغة في قوالب شعرية ،وريادته تلك تعتبر إسهاما مبكراً من حاضرة هجر في مسار المنبر الحسيني في جانبه العاطفي والموضوعي.
ثانيا -نظمه الرثاء الحسيني لتنوح به النساء: اهتم اإلمام الصادق عليه السالم بالمجالس الحسينية حتى على صعيد النساء ،فقد أعطى رعاية لمجالسهن ،ومن ذلك االهتمام 43
إيعازه لسفيان بن مصعب العبدي أن ينظم شعراً رثائيا ً لتنوح به النساء( .األمني :أليات الشيعة ،1 ،ص ،211نقال لن رجال
الكش ).
ولعل اإلمام قصد بذلك أن يحد من دخول أية زيادات عن طريق مآتم النساء إذ من المحتمل أن يخرجن بالمجالس الحسينية عن النصوص التاريخية المعتبرة؛ ألسباب عاطفية ترتبط بتكوينهم الشخصي ،هذا ويتوقع الباحث سببا ً آخر وهو أن اإلمام أراد للمأتم الحسيني أن يتجذر في سلوك األمة أكثر ،وأكثر عن طريق النساء لما لهن من استعداد عاطفي أكثر في هذا المجال ،كما فعل النبي صلى هللا عليه وآله وسلم مع نساء المدينة لما لم يجد نوائح على عمه الحمزة عليه السالم ،وقد استجبن لنداء النبي صلى هللا عليه وآله وسلم عندها ،واستمرت الحال أياما ً بعد مقتله ،حتى صارت عادة عند أهل المدينة إلى يومنا هذا عند الكثيرين منهن ،كما نُقِ َل للباحث عن بعض سكانها المعاصرين ،فقد توارثوا ظاهرة البكاء على الحمزة بحيث ال يبدأن بالبكاء على ميتهم حتى يبكين الحمزة عليه السالم. ومن جدير بالذكر أن الخطيبات الحسينيات في األحساء إلى يومنا هذا يطلقون على الكتب التي تضم قصائد الرثاء الحسينية للمأتم الحسينية بـ" السفينة " ومن المقدر بأنها نسبة إلى سفيان بن مصعب العبدي رضوان هللا تعالى عليه كما مر سابقا.
الفرع الثالث :بكاء اإلمام الصادق عليه السالم في مأتم أقامه العبدي. حظي المترجم له بمكانة خاصة عند اإلمام الصادق عليه السالم، بفضل جهوده المخلصة في مجال الشعر والخطابة ،ويكفي العبدي شرفا ً أن يصدر األمر الشريف من اإلمام وهو حجة هللا في أرضه 41
إلى شيعته بأن يعلموا أوالدهم شعر العبدي ،وهي إشارة إلى تميزه بالشعر الوالئي حيث يقول ":يا معشر الشيعة علموا أوالدكم شعر العبدي فإنه على دين هللا "( ،األمني :أليات الشيعة ،1 ،ص ،211
نقال لن رجال الكش ) .وكم لإلمام الصادق من دموع قد ترقرقت وسالت على وجنتيه الشريفتين بتأثير كلمات العبدي ،وأسلوبه في اإلنشاد ،فقد استنشد اإلمام الصادق عليه السالم العبدي شعراً في رثاء الحسين عليه السالم ،وأجابه كما في روضة الكافي عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسين عن أبي داوود المسترق عن سفيان بن مصعب العبدي ،يقول :دخلت على أبي عبد هللا فقال قولوا ألم فروة تجيء وتسمع ما صنع بجدها فجاءت فقعدت خلف الستر ثم قال أنشدنا فقلت: بدمعك المسكوب " " فرو جودي فصاحت وصحن النساء ،وقال أبو عبد هللا عليه السالم ،الباب فاجتمع أهل المدينة على الباب فبعث إليهم أبو عبد هللا عليه السالم، صبيا ً لنا غشي عليه فصحن النساء.
الفرع الرابع :أمانته العلمية في ترجمة أفكار أهل البيت عليه السالم. بمقدار ما كان يهتم " العبدي " رضوان هللا تعالى عليه بسكب ألفاظه في قوالب شعرية جذابة ،فقد اهتم أيضا ً باألمانة العلمية في النقل ،واإلفصاح عما يريده أهل البيت أن ينتشر في المأل ،فقد بلغ األمر منه أنه يأخذ الحديث من اإلمام الصادق عليه السالم في مناقب العترة الطاهرة فينظمه في الحال ثم يعرضه على اإلمام كما روى ذلك ابن عياش في " "مقتضب األثر " عن أحمد بن زياد الهمداني قال :حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم قال :حدثني أبي عن الحسن بن علي عن أبان بن عمر قال كنت عند أبي عبد هللا عليه السالم فدخل عليه سفيان بن مصعب العبدي قال :جعلني هللا فداك ما 42
تقول في قوله تعالى ذكره :وعلى األعراف رجال يعرفون كالً بسيماهم؟ قال :هم األوصياء من آل محمد اثني عشر ال يعرف هللا إال من عرفهم وعرفوه ،قال :فما األعراف جعلت فداك ؟ قال: كتائب من مسك عليها رسول هللا واألوصياء يعرفون كال بسيماهم، فقال سفيان :أفال أقول في ذلك شيء ،فقال في قصيدة مطلعها: أيا ربهم هل فيك لي اليوم مربع وهل لليال كن لي فيك مرجع
يقول فيها( :األميين :الغدير ،0 ،ص .)124 وأنتم والة الحشر والنشر والجزاء وأنتم على األعـراف وهي كثائب ثمانية بالعــــرش إذ يحملونه ومن
أنتم الــــــيوم لمفزع الهول مفزع من الــــــمسك ريهــا بكم يتضوع بعدهم في األرض هادون أربع.
ومن جميل أسلوبه في نشر مناقب أهل البت التي جاءت على لسان النبي األمي صلى هللا عليه وآله وسلم ،قوله:
ومما رأيت الناس قـد ذهبــت بهم ركبت على اسم هللا في سفن النجا وأمسكت حــــــبل هللا وهو والئهم
مذاهبهم في أبحــــــــــر الغي والجهل وهم أهل البيت المصطفى خاتم الرسل كما قد أمـــــــــرنا بالتمــسك بالحبل
وهي أبيات موافقة لقول النبي صلى هللا عليه وآله وسلم في عترته " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق" ( .األميين :الغدير ،0 ،ص .)124 وأيضا ً له: ال يقبل هللا العبد عمالً حتى يواليهم بإخالص الوال
43
وهو شعر يوافق قول النبي صلى هللا عليه وآله وسلم " لو أن رجل صف بين الركن والمقام فصلى ،ثم لقي هللا وهو مبغض ألهل بيت محمد يدخل النار"(.األميين :الغدير ،0 ،ص .)124 ومن أراد التوسع أكثر في هذا الموضوع فعليه بكتاب " الغدير " فإن به نفائس إبداعه األدبي.
الفرع الخامس :شهادة السيد الحميري في حق العبدي. حاز العبدي على شهادة راقية في حقه من قبل أشعر الناس في زمانه ،فبمقدار ما كان يتمتع به السيد الحميري من شهرة ،وانتشار صيت ،شهد في حق العبدي قائال ":أنا أشعر الناس إال العبدي " وقد استحق الشهادة من السيد الحميري على أثر مالحظة أبداها العبدي على شعر السيد الحميري كما روي ذلك أبو الفر األصفهاني في كتابه "األغاني " ،عن أبي داوود المسترق سليمان بن سفيان أن السيد والعبدي اجتمعا فأنشد السيد: إني أدين بما دان الوصي به وبالذي دان يوم النهروان به
يوم الخـريبة من قتل المحلينا وشاركت كفـــــه كفي بصفينا
فقال له العبدي ،أخطأت ،لو شاركت كفك كفه كنت مثله ،ولكن قل تابعت كفه كفي تكون تابعا ً ال شريكا ً ،فقال السيد بعد ذلك قولته المشهورة: " أنا أشعر الناس إال العبدي" (األميين :الغدير ،0 ،ص .)297
الفرع السادس :مكانة السيد الحميري األدبية. يقول الشيخ األميني أعلى هللا مقامه في كتابه الغدير عند ترجمته للسيد الحميري: 42
" كان السيد في مقدمة المكثرين والمجيدين ،وأحد الشعراء الثالثة الذين أكثروا الشعر في الجاهلية واإلسالم وهم :السيد الحميري، وبشار بن برد ،وأبو العتاهية. وقال أبو الفر ،ال يعلم أن أحداً قدر على تحصيل شعر أحد منهم أجمع وقال المرزباني لم يسمع أن أحداً عمل شعراً جيداً وأكثر غير السيد" (األميين :الغدير ،0 ،ص .)236 وممن تكلم في كثرة شعر السيد مانقله السيد جواد شبر في أدب الطف " بأن المعتز ذكر في طبقات الشعراء أنه رأى جمال في بغداد مثقالً فسئل عن حمله فقال ميمات السيد ،وفي تذكرة ابن المعتز أنه كان للسيد أربع بنات كل واحدة منهن تحفظ أربعمائة قصيدة من قصائده ،ولم يترك فضيلة ،وال منقبة ألمير المؤمنين إال نظم فيها شعراً ،على أن فضائله عليه السالم ال يحيط بها نطاق النظم ،والشعر" (.رب :أدب الطف ،4 ،ص .)022
الفرع السابع :دفاع الشيخ األميني " قدس " عن العبدي. دافع الشيخ األميني في غديره عن العبدي ورد على من استشكل على سيرته ،وجاء ذلك في قوله أعلى هللا مقامه ":والقارئ إذا ضمن بعض ما ذكرنا من حديث المترجم له إلى اآلخر ،يقف على رتبة عظيمة له من الدين ،تقصر دون شأوها الوصف بالثقة، ويشاهد له في طيات التاريخ حسن حال ،وصحة مذهب ،تفوق شؤون الحسان ،فال مجال للتوقف في ثقته كما فعل العالمة الحلي، وال لعده من الحسان كما فعل غيره ،وال يبقى لنسبته إلى الطيارة " أي الغلو واالرتفاع في المذهب "وزن كما رآه أبو عمرو الكشي في شعره ،ولم نجد في شعره البالغ إلينا إال المذهب الصحيح ،والوالء المحض لعترة الوحي ،والتشيع الخالص عن كل شائبة سوء، 41
ويزيدك ثقة به واعتماداً عليه رواية مثل أبي داوود ،المسند عن سليمان بن سفيان المسترق المتسالم على ثقته عنه ،وأبو داوود هو شيخ اإلثبات ،نظراء الحسن بن محبوب ،ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ،وعلي بن الحسن بن فضال،كما أن أفراد مثل الحسين بن محمد بن علي األزدي الكوفي المجمع على ثقته وجاللته تأليفا ً في أخبار المترجم وشعره ،كما عده النجاشي في فهرسته ،ومن كتبه يؤذن بموقفه الشامخ عند األعاظم ،وينبئ عن إكبارهم بمحله من العلم والدين(.األميين :الغدير ،0 ،ص .)097
الفرع الثامن :من قصائد العبدي في رثاء الحسين عليه السالم. لقد هـد ركـــــني رزء آل محمد وأبكت جفوني بالفرات مصارع عظام بأكــــــناف الفــرات زكية فكم حـــــــــــرة ســـبية ويتـيـمة آلل رســـــول هللا صــلت عليهم أفاطــــــم أشجـــاني بنورك ذوو وأصبــحت ال ألتذ طيب معيشتي وال البارد العــذب الفرات أسيغه يقولون لي صــبراً جميالً وسـلوة فكيف اصطـــباري بعد آل محمد
وتلك الرزايا والخطـوب عظام آلل النـــبي المـصطفى وعظام لهن علينا حــــــــــرمه وذمــام وكــم من كريم قد عاله حـــسام مالئكـــة بيــــض الوجوه كراك العـلى فشبت وإني صادق لغالم كأن علــــي الطيــــــــبات حرام وال ظل يهنــــــــيني العداة طعام ومالي إلى الصـــبر الجميل مرام وفي القــلب منــــي لوعة وضرام
الفصل الثاني :الدور الثاني /الدور الروائي تمهيد: الدور الروائي هو ثاني دور في مسيرة المنبر الحسيني بعد الدور التأسيسي ،و تعود تسميته بالدور الروائي لسمة فيه .ترى ما هي تلك السمة؟ وما هي الوسائل التي اعتمدها الباحث في دراسة مالمح 41
ذلك الدور؟ وما هو واقع الخطابة الحسينية فيه؟ و ما هو اإلسهام الذي قدمته األحساء للخطابة الحسينية في إطاره؟ و في هذا الفصل سيتم اإلجابة على هذه التساؤالت وغيرها من األسئلة ذات الصلة من خالل المبحثين التاليين: المبحث األول :منشأ تسمية الدور الروائي ،والوسائل المستخدمة في دراسة مالمحه. المبحث الثاني :واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي ،واإلسهام الذي قدمته في هذا الدور.
المبحث األول :منشأ تسمية الدور الروائي، والوسائل المستخدمة في دراسة مالمحه. جاءت تسمية الدور الثاني بالدور الروائي ،لسمة بارزة فيه ،وهي اكتفاء الخطباء فيه بقراءة مجموعة من الروايات المتتابعة خلف بعضها ،بحيث أنه ال يفصل بين النص واآلخر غير كلمة " وقال الراوي " أو ما شابه ،سواء كانت هذه النصوص المذكورة عبارة عن روايات ألحداث تاريخية ،أو كالم ألحد المعصومين ،أو قصيدة شعر ،أو قصة ،وال يتخلل هذه النصوص أي تعليق يذكر ،إال بما دعت إليه الضرورة من استنهاض مشاعر المستمعين؛ إلبراز الحزن وأثر المصاب ،واإلكثار من البكاء ،أما إلقاء الضوء على تلك النصوص ،ومحاولة استخرا العظة ،والعبرة منها ،أو القيام بتحليلها والربط بينها ليشكل منه مجلسا ً له وحده عضوية ،أو توظيفها في مسار استداللي إلثبات صحة فرضية من عدمها ،فهذا غير موجود على اإلطالق ،أي أن وجودها ال ترعاه منهجية استقرائية أو استنباطية ،هذا في حدود علم الباحث عن هذا الدور. لقد حاول الباحث في دراسته لهذا الدور أن يتعرف على أبرز األغراض الخطابية التي كان يتناولها الخطباء في هذا الدور ،وجعل مصادر دراسته الكتب اآلتية: 41
"-1اللهوف قي قتلى الطفوف" للعالمة السيد علي بن موسى بن طاووس الحسيني المتوفى سنة 112هـ. " -2روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي المؤلف عام 421هـ. "-3المنتخب في المراثي والخطب" للعالمة الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى سنة 1341هـ. "-2رياض المصائب" للعالمة السيد محمد مهدي بن السيد محمد التنكباني المؤلف عام 1223هـ. "-1التحفة الفاخرة في ذكرى مصائب العترة الطاهرة" للعالمة الشيخ عبد المحسن بن محمد اللويمي األحسائي المتوفى في حدود 1213هـ. وقد اعتمد الباحث هذه المصادر بهدف دراستها ،وتحليلها؛ نظراً ألن مؤلفيها دونوا فيها مجالس حسينية لتكون زاداً لخطباء زمانهم، فهي مصدر الباحث في معرفة سمات هذا الدور ،وهو يقدر أن هذه الكتب لن تعطي صورة كاملة وكافية بشكل دقيق ومفصل ،ولكنها حتما ً ستقدم تصوراً إجماليا ً ،يمكن أن تبنى عليها العديد من النتائج في هذه الدراسة. والخصائص المشتركة لهذه المجموعة من الكتب إذا استثنى منها مقتل اللهوف في قتلى الطفوف كاآلتي: -1البناء الفني يفتقر إلى الوحدة العضوية والترابط ،فهي كتب تتناول مجالس حسينية من خالل سرد مجموعة من النصوص المروية ،سواء كانت هذه النصوص أحاديث عن أهل البيت عليهم السالم ،أو قصصا ً أو أشعاراً ،وتجعل هذه النصوص داخل إطار حسيني عبر ديباجه يجعلها المؤلف في مقدمة المجلس وفي نهايته، وال تعليق يذكر على الروايات إال بنحو نادر جداً ،وقد دون الباحث مالحظاته على كل كتاب كما سيأتي.
44
-2المستوى اللغوي لهذه الكتب يبدو عليه التكلف ،والتصنع إلغراقها في السجع ،لوقوع زمن تأليف هذه الكتب قبل تاريخ نهضة األدب العربي الحديثة. -3أبرز سمة لهذه الكتب أن المجالس فيها لم تعتمد منهجية شرح آية قرآنية ،أو قول مأثور ،وهذا أدى إلى ضعف الوحدة العضوية فيها. -2اهتمت هذه الكتب بإبراز مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم بشكل رئيسي ،كما أنها لم تغفل بقية مصائب أهل البيت عليه السالم على نحو يتفاوت بين الكتاب واآلخر. -1حافظت هذه المجالس المدونة على أبرز سمات المأتم الحسيني، الذي ورثه من الدور التأسيسي ،متمسكا ً باألغراض الخطابية التي أسسها أهل البيت عليهم السالم فيه ،وهي: أ-الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم. ج-التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. ومن أجل إثراء البحث تم دراسة كل واحد من هذه الكتب عبر المطالب التالية: المطلب األول :كتاب "اللهوف في قتلى الطفوف" للعالمة بن طاووس رحمة هللا. المطلب الثاني :كتاب " روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي. المطلب الثالث :كتاب "رياض المصائب" للعالمة التنكباني رحمة هللا. المطلب الرابع :كتاب "المنتخب في جمع المراثي والخطب المشهور" بالفخري للعالمة الشيخ الطريحي رحمة هللا. المطلب الخامس :كتاب "التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة" للعالمة الشيخ عبدالمحسن اللويمي رحمة هللا.
46
المطلب األول :كتاب "اللهوف في قتلى الطفوف" للعالمة بن طاووس رحمة هللا. وفيه عدة فروع:
الفرع األول :مؤلف الكتاب. هو العالمة السيد علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسيني المتوفى عام 112هـ.
الفرع الثاني :لمحة موجزة عن الكتاب. يقع الكتاب في 63صفحة من القطع العادي ،وقد ضم بداخله مقتل الحسين عليه السالم وهو مقسم إلى ثالثة مسالك ،ذكر فيه ما جرى على الحسين عليه السالم من خروجه من المدينة ،ومروراً بمكة وحتى مصرعه الشريف في كربالء ،وما جرى على عياله حتى عودتهم إلى المدينة ،وقد أراد المؤلف من كتابه أن يخفف على زائري الحسين عليه السالم يوم عاشوراء أن ال يأخذوا المقتل لضيق وقت الزوار ،ولهذا فقد ابتعد عن اإلطالة ،واإلكثار على حد تعبيره( .ابن طاووس :اليهوف ،ص .)5
الفرع الثالث :نصيب الشعر منه. أورد فيه من الشعر ،ما اعتاد أرباب المقاتل في تلك الفترة أن يوردوه ،وهو الشعر المتصل بالفاجعة فقط ،على ما نقله المؤرخون.
الفرع الرابع :لغة المجلس. كانت لغة الكتابة والخطابة في ذلك العصر ،تبدو عليها مسحة من التكلف ،وقد انعكس ذلك الوضع على المجالس؛ ألنها أحد األشكال 63
الثقافية التي تؤثر وتتأثر بثقافة العصر ،وهي إلى يومنا هذا تمتاز بهذه الخاصية ،فالمستوى اللغوي لمجالس يتقدم في فترة التقدم، ويهبط في فترة الهبوط اللغوي والمعرفي ،ولعل السجع من أبرز مظاهر التكلف في أسلوب أهل ذلك العصر ،وهذا ما نجده في أسلوب كتابة هذا الكتاب ،وذلك حينما يكون الحديث يعود للمؤلف نفسه وليست رواية ينقلها ،غير أن المقاطع التي وردت فيها عبارات مجموعة تكاد تكون قليلة جداً ،ومتركزة في بداية الكتاب وفي نهايته وبالذات في صفحة 2من المقدمة وص 63 -46في النهاية ،وفي بعض الصفحات القليلة جداً ،والمتفرقة في وسط الكتاب.
الفرع الخامس :أهمية كتاب اللهوف في دراسة الدور الروائي. يعتبر كتاب اللهوف في قتلى الطفوف من الكتب المعتبرة عند علماء الشيعة ،ومن أقدم المقاتل التي كتبت بهدف قراءتها إلقامة المآتم عند ضريح الحسين عليه السالم يوم عاشوراء ،كما صرح بذلك السيد بن طاووس في مقدمة الكتاب حيث يقول " :إن من أجل البواعث لنا على سلوك هذا الكتاب ،لما جمعت كتاب مصباح الزائر ،وجناح المسافر ،ورأيته قد احتوى على أقطار محاسن الزيارات ،ومختار أعمال األوقات ،فحامله مستغن عن نقل المصباح لذلك الوقت الشريف ،أو حمل مزار كبير أو لطيف ،أحببت أيضا ً أن يكون حامله مستغنيا ً عن نقل مقتل في زيارة عاشوراء إلى مشهد الحسين عليه السالم ،فوضعت هذا الكتاب ". وهو بخالف أقدم المقاتل على اإلطالق المسمى بمقتل " أبي مخنف " ،ألنه كتب من أجل التاريخ لواقعة الطف فقط ،ولهذا وقع اختيار الباحث على هذا الكتاب ألن بن طاووس عليه الرحمة تناول أغراضا ً خطابية جديرة بالذكر في دراسة الدور الروائي. كان الباحث مخيراً عند انتقاء هذا الكتاب ،بينه وبين كتاب ابن نما الحلي المتوفى سنة ،121حيث الكتابان دخال عالم ذكرى كربالء 61
في القرن السابع الهجري ،وال يعلم أي الكتابين أسبق في الصدور، إذ ال يوجد تاريخ تأليف لكل منهما ،فالموجود فقط تاريخ وفاة مؤلفيهما عليهما الرحمة والرضوان ،ولكن هناك خصائص مشتركة فيما بين الكتابين من حيث-: -1لغة المجلس. -2األغراض الخطابية وتتمثل فيما يلي: أ-الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة. ج -السرد التاريخي الروائي لواقعة كربالء. د -التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. وسيكتفي الباحث بإبراز شواهد لكل غرض خطابي من كتاب اللهوف في قتلى الطفوف وهي كما يلي: أ -الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم: وهذا الغرض الخطابي أحد الثوابت التي ال زمت المنبر الحسيني منذ بداية نشأته ،ولم ينفك عنه قيد أنملة بل تطور ونما ،وهو ما نجده في عبارات صريحة جاءت في الكتاب":فكيف طاب للنفوس مع تداني الزمان ،مقابلة إحسان أبيهم بالكفران وتكدير عيشه بتعذيب ثمرة فؤاده ،وتصغير قدره ،بإراقة دماء أوالده ،وأين موضع القبول لوصاياه بعترته وآله"(.ابن طاووس :اليهوف ،ص .)1 ب -استنهاض مشاعر الحزن واللوعة: وأيضا ً هذا من الثوابت التي الزمت المأتم الحسيني بل أحد أغراضه الرئيسية ،والمتصلة بجوهره ،لذا كان من الطبيعي أن تتجاذب أجواء المآتم عبارات مشجية ،تستدر مدامع المحبين ،وفي هذا الصدد يقول السيد ابن طاووس ":فيا هلل من قلب ال ينصدع؛ لتذكار تلك األمور ،ويا عجباه من غفلة أهل الدهور ،وما عذر آل اإلسالم، 62
واإليمان في إضاعة أقسام األحزان ،ألم يعلموا أن محمدا صلى هللا عليه وآله وسلم موتور وجيع ،وحبيبه مقهور صريع ،والمالئكة يعزونه على جليل مصابه ،واألنبياء يشاركونه أحزانه ومصائبه، فيا أهل الوفاء لخاتم األنبياء ،عالم ال تواسونه في البكاء ،باهلل عليك، أيها المحب لولد الزهراء ،نح معها على المنبوذين في العراء ،وجد ويحك بالدموع الجسام ،وابك على ملوك اإلسالم ،لعلك تحوز ثواب المواسي في المصاب ،وتفوز بالسعادة يوم الحساب" (ابن طاووس:
اليهوف ،ص .)1
ج -السرد التاريخي لواقعة كربالء: ويشكل هذا الجانب ،الغالبية العظمى من مادة النصوص التي كان يتلوها أصحاب المآتم ،حيث السرد التاريخي المفصل لواقعة الطف فقط دون تضمين أي بحث تربوي ،أو فضائلي ،أو تفسيري ،أما المادة التاريخية في كتابه جاءت على شكل منظم ،حيث قسمه إلى ثالث مسالك على النحو التالي-: المسلك األول :وخصصه لذكر األمور المتقدمة على القتال ،والتي تتناول سيرة اإلمام الحسين منذ طفولته ،وحتى ورود الحسين إلى عرصة كربالء ،ويقع هذا الجزء في 33صفحة. المسلك الثاني :وخصصه لتفصيل وقائع المعركة حيث يبدأ من قيام المعركة ،وحتى سقوط سيد الشهداء صريعا ً على التراب ،وهو يقع في 22صفحة. المسلك الثالث :وخصصه لذكر األحداث التي جرت على عياله بعد مقتله مستوعبا ً مرحلة السباء ،وحتى رجوعهم إلى المدينة ويقع هذا المسلك في 31صفحة. د -التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم: وهو من الثوابت التي الزمت المنبر الحسيني ،والتي أرسى دعائمها أهل البيت عليهم السالم في المآتم الحسينية. 63
وقد أورد ابن طاووس بعض الروايات التي تصب في هذا الرافد، حيث قال" :روى عن موالنا الباقر عليه السالم أنه قال كان زين العابدين عليه السالم ،يقول أيما مؤمن ذرفت عيناه لقتل الحسين عليه السالم حتى تسيل على خده ،بوأه هللا غرفا ً من الجنة ،يسكنها أحقابا ً ،و أيما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من األذى من عدونا في الدنيا بوأه هللا منزل صدق ،و أيما مؤمن مسه أذى فينا صرف هللا عن وجهه األذى ،وأمن يوم القيامة من سخط النار".
المطلب الثاني :كتاب "روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي رحمه هللا وفيه عدة فروع:
الفرع األول :مؤلف الكتاب( :القمي :الكنى واأللقاب،ج ، 3ص 501بتصرف). هو العالم الفاضل المولى حسين بن علي البيهقي السبزواري ،واعظ جامع للعلوم الدينية ،مفسر ،محدث ،متبحر ،خبير. له مصنفات كثيرة منها جواهر التفسير ،ومختصره ،وأنوار السهيلي في تهذيب كليلة ودمنة ،ألفه باسم األمير أحمد الشهير بالسهيلي، توفي بهراة في حدود سنة 613هـ.
الفرع الثاني :وصف الكتاب. حاول الباحث أن يحصل على نسخة من الكتاب؟ بهدف اعتماده مرجعا رئيسا كغيره من الكتب المعتمدة لدراسة مالمح األغراض الخطابية في الروائي ،وليقوم بتحقيقه ولكن ضيق الوقت المحدد 62
إلنجاز البحث حال دون هذه األمنية ،واكتفى هنا باقتباس نبذة يسيرة مما ورد عنه في كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة ،للعالمة الشيخ آقا بزرك الطهراني إذ يقول ":روضة الشهداء " فارسي ملمع للمولى الواعظ الحسين بن علي الكاشفي البيهقي المتوفى حدود613 هـ ،مرتب على عشرة أبواب ،وخاتمه ،فيها ذكر أوالد السبطين وجملة من السادات ،وكتب الخاتمة مستقلة في 11ورقة ،وقد احتمل البعض أنه أول مقتل فارسي ،شاعت قراءته بين الفرس حتى عرف بـ "روضة خوان" ،ثم توسع في هذا العنوان إلى هذا الزمان حتى يقال لكل قارئ " روضة خوان " (الطهراين :الذريعة،11 ،
ص)261
ومن هنا جاء لفظ " َروز ُخون" المنتشر عندنا غي منطقة الخليج، والذي يطلق على الخطيب الشجي في طرقه ،وأطواره.
الفرع الثالث :تاريخ تأليف الكتاب. ترجم السيد محسن األميني في األعيان للعالمة الكاشفي في كتابه بقوله ":فارسي فيه شرح وفاة الرسول واألئمة وفاطمة عليهم السالم ،السيما شهادة الحسين عليه السالم ،وهو كتاب متداول معروف بين الناس ،ويظهر منه تشيعه مع مراعاة جانب المدارة وكان تأليفه سنة 421هـ وأورد في خاتمته أحوال بقية األئمة اإلثنى عشر "(األمني :أليات الشيعة ،1 ،ص.)122 ،ألفه باسم مرشد الدين عبد هللا ،المشتهر بالسيد ميرزا ،من أبناء ملك ذلك العصر ،وينقل فيه عن كثير من الكتب ،وينقل عن بعض كتب الشيعة كعيون أخبار الرضا عليه السالم للصدوق ،وإرشاد المفيد وأعالم الورى للطبري ،وكتاب اآلل ال بن خلويه ،لكن أكثر رواياته بل كلها مأخوذة من كتب غير مشهورة ،بل غير معول عليها وقد ترجم كتابه هذا المولى الفضولي البغدادي اإلمامي الشاعر بالتركية ترجمة في غاية الحسن ،واستحسنها أهل هذه اللغة جداً ،من جميع الجهات ،وحكي في الرياض عن كتاب حبيب السير 61
أنه صنفه في كبر سنه ،بل في آخر عمره وهو ينافي كون تأليفه سنة ." 421
الفرع الرابع :أقوال العلماء في الشيخ حسين بن علي الكاشفي. حاز الشيخ الكاشفي مقاما علميا بارزا ،ومما قيل فيه ما يلي: -1قال فيه العالمة الميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري في كتابه روضات الجنات ":كان جامعا ً للعلوم الدينية ،عارفا ً بالمعارف اليقينية ،كاشفا ً عن األسرار العرفانية ،وملما ً في التفسير والحديث، والرياضيات ،والنجوم". -2قال فيه السيد محسن األمين في كتابه أعيان الشيعة ما أورده صاحب رياض العلماء في الشيخ الكاشفي ":الشاعر ،األديب، المنشئ ،الفاضل ،العالم ،الفقيه ،المحدث ،المفسر ،النجم الجامع، ألكثر العلوم حتى علوم السحر ،واألعداد ،والنجوم ،وأسرار الحروف ،والجفر ،وغير ذلك وفي كل التأليفات"( .األمني :أليات
الشيعة ،1 ،ص.)122
الفرع الخامس :مكانة كتاب روضة الشهداء في الدور الروائي من األهمية بمكان أن يتم الحديث عن كتاب "روضة الشهداء"، ومكانته في الدور الروائي في تاريخ الخطابة الحسينية ،ومسار تطور األغراض الخطابية فيها ،فهذا الكتاب حاز على قصب السبق في تأليف الكتب التي تضم مجالس حسينية ،حيث قال فيه العالمة المتتبع الميرزا محمد الخوشاري أعلى هللا مقامه":كتاب روضة الشهداء في مقاتل أهل البيت عليه السالم ،وظني أنه أول كتاب صنف في هذا الشأن ،ملمعا ً بالنظم ،واإلنشاء الفاخرين ،على ذلك النهج الحميد ،فتلقاه أهل الذكر المصائب المظلومين بالقبول، 61
وأنشدوه على رؤوس المنابر" ( .اخلو اري :روضات اجلنات،1 ، ص .)216 انتشر هذا الكتاب ،وظل محط اهتمام الراغبين في عقد المآتم الحسينية إلى تاريخ متأخر وهو عام ،1213كما نوه بذلك السيد جواد شبر في كتابه أدب الطف حيث يقول ":كان المنبريون قبله ال يحسنون أكثر من تناول الواحد منهم كتاب "روضة الشهداء"، ويقرأه نصا ً ،ثم تطورت إلى حفظ ذلك الكتاب رواية ما فيه فقط، كالسيد حسين آل طعمة المتوفى سنة 1213هـ " ( رب :أدب الطف،
،1ص .)11
المطلب الثالث:كتاب "رياض المصائب " للعالمة التنكباني رحمه هللا وفيه عدة فروع:
الفرع األول :مؤلف الكتاب. هو السيد محمد مهدي بن محمد جعفر الموسوي التنكباني ،من علماء أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
الفرع الثاني :لمحة موجزة عن الكتاب يقع الكتاب في 214صفحة من القطع العادي ،مطبوع بطبعة حجرية ،وقد ضم بداخله ثمانية وستون مجلسا ً حسينيا ً ،وسمي كل المآتم بـ "روضة " على نمط "روض الشهداء" للكاشفي ،وتعرض خالل الكتاب إلى مصائب المعصومين الخمسة أصحاب الكساء، وذكر ما جرى عليهم من المحن والخطوب ،وفضائلهم ومناقبهم، وقد وقع الفراغ من تأليفه عام 1223هـ.
61
اعتمد الكاتب منهجية سرد الروايات ،الواحدة تلو اآلخرى ،ولم يفتتح مجالسه بأي ديباجة ،أو يختم بها ،بل يأتي بالمجلس مفتتحا ً له بعنوان ،ثم يسرد الروايات ،فمثالً تجده يقول في صفحة 111مايلي: "الروضة الثانية في ذكر سخاوة سيدنا ،وإمامنا سيد الشهداء خامس أهل العباد الحسين بن علي ،روحي لهما الفداء وجسمي لجسمهما الوقاء ،عليهم سالم هللا من اآلن إلى يوم اللقاء ،روي أن رجالً يسمى عبد الرحمن كان معلما ً ألوالد الحسين عليه السالم في المدينة" ،وأيضا ً لم يفتح مجالسه بآية أو خطبة من خطب اإلمام أمير المؤمنين كما فعل الحجة الشيخ عبد الخالق بن عبد الرحيم اليزدي رحمة هللا في كتابه مصائب المعصومين ،علما ً بأن فترة تأليف الكتابين متقارب جداً :فكتاب مصائب المعصومين تم تأليفه عام 1221هـ ،والكتاب المترجم له عام 1223هـ.
الفرع الثالث :نصيب الشعر في كتابه. أورد شعراً كثيراً ،ولكن ليست بالكثرة الموجودة في كتاب الفخري، وأيضا ً من المالحظ على هذا الكتاب أنه لم يختم مجالسه بقصيدة رثاء كما فعل صاحب كتاب مصائب المعصومين.
الفرع الرابع :لغة المجالس. جاءت عبارات الكتاب مسجوعة ،عدا النصوص والروايات المنقولة ،ونظراً لعدم ذكره الديباجة المعروفة في ذلك الزمان فقد كان كالم المؤلف قليالً نسبة إلى بعض الكتب المماثلة كالفخري، ومصائب المعصومين.
الفرع الخامس :أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي. -1احتفظ الكتاب بأهم األغراض الرئيسية التي تناولتها المجالس الحسينية في الدور الروائي وهي: 64
أ -الستنكار لما جرى على الحسين عليه السالم. ب -استثارة مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس. ج -التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. -2أكد الكتاب على أن لغة المجالس المسجوعة ال زالت موجودة حتى زمان تأليفه. -3أكد على استمرارية منهجية الدور الروائي الذي يعتمد أسلوب سرد الروايات تباعا دون تعليق يذكر عليها ،وكان هذا النحو من ممارسة الخطابة في الدور الروائي مستمرا حتى عام 1223هـ الموافق لتاريخ تأليف الكتاب.
المطلب الرابع :كتاب "المنتخب في جمع المراثي والخطب" ،المشهور بالفخري ،للعالمة الشيخ الطريحي رحمة هللا. وفيه عدة فروع:
الفرع األول :مؤلف الكتاب. هو العالمة الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى عام 1341هـ.
الفرع الثاني :لمحة موجزة عن الكتاب. يقع الكتاب في 132صفحة من القطع العادي ،قسمه المؤلف إلى عشرين مجلسا ً وأبوابا ً على حد تعبيره ،وقد أورد فيه ما استطرفه من فضائل ،ومراثي أهل البيت عليهم ،والتزم الطريقة الروائية البحتة ،فلم يوجد له تعليقا ً على الروايات التي جاء بها في كتابه ،وقد اعتاد الشيخ الطريحي أن يفتتح مآتمه بعبارات يتفجع فيها على آل 66
الرسول؛ لما أصابهم من المحن ،يورد بعدها روايات وأشعاراً، وعند الختام يأتي بديباجة ثابتة ،جاءت في ختام جميع مجالسه دون تخلف ،وهي: "فعلى األطائب من أهل بيت الرسول فليبك الباكون ،وإياهم فليندب النادبون ،ولمثلهم تذرف الدموع من العيون ،أوال تكونوا كبعض ما دحيهم حيث عرته األحزان فنظم وقال فيهم" ،ثم يأتي بعد هذه العبارة في جميع مجالسه بإحدى قصائد رثاء اإلمام الحسين عليه السالم بشكل خاص ،أو رثاء أهل البيت بشكل عام.
الفرع الثالث :نصيب الشعر في كتابه. أورد قصائد رثاء كثيرة ،والعديد منها يعتبر من مطوالت القصائد، يبلغ بعضها 13بيتا ً من الشعر ،وقد التزم رضوان هللا عليه ،بذكر أسماء ناظميها ،مثل الشيخ صالح بن عبد الوهاب ،والشيخ الخليعي، وابن المتو ،والشيخ مغامس بن داغر االحسائي ،وابن العرندس، والشيخ محمد السبعي األحسائي ،والشيخ مفلح الصميري ،وبن حماد ،والشيخ داود البحراني ،والشيخ عبد هللا األريكي.
الفرع الرابع :لغة المجالس. جاءت عبارات الكتاب مسجوعة بتكلف في كثير من مآتمه.
الفرع الخامس :أهمية كتاب المنتخب في دراسة الدور الروائي وتتمثل أهميته فيما يلي: -1لم يعرف الخطباء الحسينيون كتابا قبله ،أعد خطبا ً حسينية، مكتوبة ،من أجل أن تقرأ داخل المآتم الحسينية إال كتاب روضة الشهداء ،لمؤلفه العالمة الشيخ حسين بن علي الكاشفي ،وذلك في تاريخ 421هـ ،والذي سبق الحديث عنه. 133
-2يعتبر الكتاب شاهد تاريخي هام لكيفية انعقاد المآتم في القرن الحادي عشر ،فقد نقل المؤلف رحم ،هللا صورة جيدة لمحتوى المآتم الحسينية آنذاك ،من حيث مادتها العلمية والتاريخية ،واألدبية. -3نظراً ألسبقية الكتاب في كتابة نصوص المجالس الحسينية، وإعدادها لكي تقرأ من قبل أحد القراء ،فقد نال استحسان أغلب األوساط الشعبية ،ولم يقتصر على البالد العربية ،بل ترجم إلى الفارسية ،واألردية ،والتركية واستمرت شعبيته إلى وقت قريب ،بل الزال بعض أصحاب الحسينيات يقرأون فيه كالعادة قبل مجيء الخطيب على الرغم من وجود بعض الكتب الحسينية ،والتي صدرت بعده محاكية ألسلوبه ،إال أن انتشارها محدود ،بالقياس إلى انتشار الفخري ،لهذا فالباحث يعتقد أن للكتاب أثر كبير على مسيرة الخطابة الحسينية عبر التاريخ ،فهو يقرأ في المجالس من الكتاب مباشرة ،وبعض الخطباء يحفظون نص خطبته ،ويلقونها مرة أخرى على المستمعين ،واستمر هذا الوضع ردحا ً من الزمن ليس بالقصير. -2تناول هذا الكتاب األغراض الخطابية التي الزمت المآتم الحسينية منذ نشأتها وهي: أ-الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استثارة مشاعر الحزن واللوعة. ج -التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. وفيما يلي بعض الفقرات التي جاءت في كتابه بما يتناسب مع كل غرض: أ -الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ذكر آنفا أن هذا الغرض من ثوابت المجلس الحسيني ،وقد أكد على استمراريته إلى زمان تأليف الكتاب من خالل العبارات التالية: "جسوم وهللا طالما أتعبوها في عبادة الرحمن ،وقراءة القرآن ،فوا عجباه كيف شمخت عليهم أنوف الظالمين ،حتى فعلوا ما أغضبوا رب العالمين" (الطرحي :املنت ب ،ص .)221 131
وفي مقطع آخر قال ":فوا عجباه ممن مال من الحق إلى الباطل، وارتكب مثل هذا الخطب الهائل ،وتجري على انتهاك ذرية الرسول ،وأوالد فاطمة البتول ،وما ذاك إال لطلب الدنيا ونعيمها"
(الطرحي :املنت ب ،ص .)311
ب -استثارة مشاعر الحزن: قال الشيخ الطريحي رحمه هللا ":أيها المؤمنون السامعون ،واألمناء الصالحون ،اعلموا أن هللا تعالى ،قد ابتلى ابن نبيكم الحسين عليه السالم ببالء عظيم ،بكت من أجله السماوات بأركانها ،واألرض بأرجائها ،واألشجار بأطيارها ،وأغصانها ،والمالئكة المقربون، وأهل السماوات أجمعون ،فأي قلب ال ينصدع لقتله ،وأي فؤاد ال يحزن من أجله ،وكيف ال وقد أصبح أهل البيت مطرودين، مشردين ،ومذودين عن األوطان ،والديار ،شاسعين في البراري واألمصار ،كأنهم أوالد اليهود والكفار ،فيا لها من مصيبة عظيمة في اإلسالم ،وجليل خطب عم ساير األنام ،فيا أخواني ال تقصروا في البكاء ،والعويل ،وتساعدوا على هذا الرزء الجليل ،وأبرزوا الدموع الهتان ،ومخفيات األشجان ،و األحزان ،على ما أصاب سادات الزمان من الذل ،والهوان ". ج -التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. تحدث كتاب المنتخب عن ثواب الباكين على الحسين عليه السالم، ولربما نوه بالثواب دون سرد أي رواية في هذا المقام حيث يقول: "وأظهروا النوح والعويل على هذا الرزء الجليل ،أما علمتم أنكم توافقون المالئكة في ثوابهم ،وتواسون النبي في الحزن على مصابهم ،أما تحبون أن يرضى عنكم مبدع الموجودات "(الطرحي : املنت ب ،ص .)21وتارة أخرى يورد بعض الروايات التي تحقق هذا الغرض فقد ذكر رضوان هللا تعالى عليه أنه ورد في الخبر عن أهل العلم ،واألثر عن منذر النوري سمعت الحسين عليه السالم 132
يقول ":من دمعت عينيه فينا دمعة ،أو قطرت عينه فينا قطرة بوأه هللا في الجنة حقبا" ،وعنه عليه السالم أنه قال" :أنا قتيل العبرة ،ما ذكرت عند مؤمن إال بكى ،واغتم لمصابي". -5ذكر المصائب التي جرت على بقية أهل البيت عليهم السالم: تناول الشيخ في كتابه بعض مصائب أهل البيت عليهم السالم؛ ليوسع بذلك من فاعلية المأتم الحسيني ،وليكون قادراً على استيعاب جميع ما مر على أهل البيت من ممارسات ظالمة ،فتعطي حقها من الذكر والتاريخ ،ولكن لم يفرد مجالس بكاملها لعرض تلك المصائب ،بل تعرض لها في سياق المجلس ،وعلى سبيل المثال: تعرض لمصيبة الزهراء في صفحة ،12وصفحة 21من كتابه. -6نشر فضائل أهل البيت عليه السالم: ويقصد بفضائل أهل البيت :مناقبهم ،ومزاياهم العلمية ،والقدسية التي وهبهم هللا إياها ،وهذا الغرض الخطابي هام ألنه يحقق األهداف التالية: أ -الترويج لفضائل أهل البيت عليه السالم ،ومناقبهم التي تميزوا بها ،لكونها فضيلة في ذاتها ،كما أنها تجلب القلوب إليهم ،وترفع من مستوى التمسك بمنهجهم. ب -كشف النقاب عن مكانة أهل البيت عليهم السالم في الشريعة اإلسالمية ،ومقدار القداسة التي يحملونها. تخليص المجلس من القوالب التقليدية التي تكتفي بذكر المصائبفقط ،حيث من خالل ذكر مناقب أهل البيت عليهم السالم ،تفتح األبواب شرعا؛ لالطالع على جوانب هامة من حياتهم.
المطلب الخامس :كتاب "التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة" للعالمة الشيخ عبد المحسن اللويمي رحمة هللا. وفيه عدة فروع: 133
الفرع األول :مؤلف الكتاب. هو العالمة الشيخ عبد المحسن بن محمد بن مبارك اللويمي األحسائي ،يرجع نسبه إلى بني الم القبيلة العربية القحطانية المشهورة ،من أبرز أعالم القرن الثالث عشر الهجري توفي في حدود 1213هـ.
الفرع الثاني :لمحة موجزة عن الكتاب. يقع الكتاب في ثالث مجلدات من القطع العادي ،ولم يقف الباحث على غير المجلد األول وهو يحتوي على 363صفحة ،وقد رتبه المؤلف " على عشرين مجلسا ً وفي كل مجلس ثالثة أبواب" (اليومي :
التحفة الفاخرة ،ص .)1
،وهو مطبوع طبعة حديثة. يضم الكتاب مجالس حسينية تناسب أيام عاشوراء ،ذكر المؤلف أن هدفه من تأليفه هو "إظهار الجزع على المصاب ،عشر المحرم وأيامه على مرور األزمنة ،والدهور إلى يوم النشور"(.اليومي :
التحفة الفاخرة ،ص .)1
والكتاب من الناحية الفكرية ،لم يتخل عن الهدف الذي نواه المؤلف في مقدمة الكتاب ،فقد التزم جانب إظهار المصائب التي جرت عن أهل بيت النبوة ،فقد سجلها ووصفها من وراء أحاسيس البيئة التي عاش المؤلف ضمن إطارها بقصد إكثار الدموع وتصعيد الزفرات(.اليومي :التحفة الفاخرة ،ص .)4
132
الفرع الثالث :لغة الكتاب. نظراً ألن تاريخ تأليف الكتاب يعود إلى القرن الثالث عشر الهجري ،لم يخل من السجع المتكلف ،السائد في ذلك الزمان ،والذي يظهر بشكل جلي على كتاباتهم ،وخطبهم كما ذكرت ذلك سابقا ً.
الفرع الرابع :نصيب الشعر في الكتاب. ال غنى عن الشعر في المآتم الحسينية ،وخاصة الرثاء منه؛ لما له من أثر في إذكاء أوار المصيبة في قلوب المستمعين ،وقد جاء الشيخ اللويمي قدس سره بالكثير من الشعر ،ولكن من المؤسف أنه لم يذكر أسماء شعرائها ،ففات على الحركة األدبية الكثير من المنافع في مجال تدوين بيانات األدباء ،في المقابل كان للشيخ الطريحي في منتخبه أثرا كبيرا في تدوين بيانات الشعراء ،فكم من القصائد لم تكن معروفة للشيخ مغامس ،أو الشيخ علي السبعي وهم شعراء ينتمون إلى منطقة األحساء" ،وكان السبب في معرفة أصحابها هو إشارة الشيخ الطريحي في كتابه المنتخب.
الفرع الخامس :أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي. -1تبدو أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي إحداثه تغييرا طفيفا في بناء المجلس من الناحية الفنية ،حيث الحظ الباحث ظاهرة التعليق بعد أو قبل القصائد التي يوردها في منتصف الخطبة ،وهو أيضا تعليق مسجوع ،وهذا مالم يجده الباحث عند الشيخ الطريحي في المنتخب المشهور بالفخري ،وتعليقه هذا ال يشرح فيه عبارات القصيدة ،وإنما يظهر فيه التفجع لما جرى على الحسين وأهل بيته، لما جرى عليهن ،وهذه تعتبر بداية في خلخلة السرد الروائي بشيء من التعليق ،ولكن لم يوجد له تعليق على النصوص المروية ،وإنما 131
فقط على نحو االستنكار والتبرم لما جرى على أهل البيت عليهم السالم. -2يعتبر الكتاب محطة تاريخية هامة في مسار دراسة تطور األغراض الخطابية للمنبر الحسيني في دوره الروائي ،وإلى أي اتجاه كان يسير ،وكذا بناء المجلس الحسيني من الناحية الفنية، واألغراض الخطابية التي كان الخطباء يتناولونها في فترة زمنية سابقة ،وتبدو فائدة الكتاب ككاشف عما تم ذكره إذا تم إجراء المقارنة بكتاب الفخري للطريحي حيث المدة الزمنية الفاصلة بينهما حوالي 233سنة ،فالطريحي كان من أعالم القرن الحادي عشر الهجري ،واللويمي من أعالم القرن الثالث عشر ،وال علم للباحث عن تاريخ تأليف كل من الكتابين على نحو وثيق ،ولكن الخالصة التي انتهى لها الباحث من قراءة كال الكتابين ،أن كال الكتاب يمثل اتجاها خطابيا في زمانه ،كما أنهما متطابقان من حيث المستوى اللغوي والبناء الفني للمجالس نثرا ،وشعرا ،والطريقة التي يفتتح بها المجلس ،ويختم بها ،غير أن هناك اختالفا في العبارات التي تقال عند نهاية المجلس في كل من الكتابين ،وال يعلم الباحث هل هذا يعود إلى ذوق المؤلف نفسه ،حين يجعل له نصا ثابتا يقوله عند نهاية كل خطبة ،أو أن هذا يعود إلى ما هو سائد في المجالس الحسينية في زمان تأليف كال منهما ،ولعل االحتمال األول هو األرجح. -3احتفظ الشيخ اللويمي في كتابه المذكور بنفس األغراض الخطابية التي الزمت المجالس الحسينية عبر تاريخه الطويل ،والتي مر بها كتاب المنتخب للطريحي ،وهذا يؤكد على استمرارها إلى زمان تأليف الكتاب وهي: أ-الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. ج-استثاره مشاعر الحزن واللوعة على الحسين عليه السالم. د-إبراز مصائب بقية أهل البيت عليه السالم.
131
-4ذكر الشيخ رحمه هللا أهمية إبراز مصائب أهل البيت عليه السالم ،وإظهار الحزن عليهم ،ولكن لم يفصل في ذكر مصائبهم، كما هو الحال عند تاريخ هذا العصر ،إذ أفرد لوفاة كل إمام مجلسا خاصا ،كعادة معاصريه ،كما أورد ذلك الشيخ عبد الخالق اليزدي رحمه هللا في كتابه "رياض المصائب". -1ذكر المؤلف مصيبة الزهراء عليها السالم وما جرى عليها من مصائب بعد وفاة رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم والحكمة في دفنها سراً (،اليومي :التحفة الفاخرة ،ص .)313وخطبتها في شأن فدك وتعقيب عليها( ،اليومي :التحفة الفاخرة ،ص ،)221-221كذلك
تعرض إلى مقتل أمير المؤمنين عليه السالم بالتفصيل (اليومي : التحفة الفاخرة ،ص .)322كما تعرض لوفاة اإلمام الحسن عليه
السالم عليه السالم ،وما القاه من ظلم على يد بني أمية وكيف دس السم إليه (اليومي :التحفة الفاخرة ،ص ،)321-321وما ألحقوه من ظلم ،وأذية بعد مماته ،وذلك بمنعهم من دفن جثمانه الشريف إلى جوار جده رسول هللا (اليومي :التحفة الفاخرة ،ص ،.)311بل
وتعرضوا إلى جنازته بالنبل (اليومي :التحفة الفاخرة ،ص ، )311أما بقية األئمة فلم يذكر ألي منهم مصيبة مفصلة ،هذا ما جاء في المجلد األول من كتابه ،وربما وقع تفصيل في المجلدات األخرى ،لكن الباحث لم يطلع عليها. -1ذكر الشيخ مجموعة من فضائل أهل البيت عليه السالم منها ما أورده الشيخ الصدوق في فضل الزهراء عليه السالم ،وكيف أن الخالئق يوم القيامة تغض نظرها حتى تجوز على الصراط (اليومي :التحفة الفاخرة ،ص .)36
131
المبحث الثاني :واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي واإلسهام الذي قدمته في هذا الدور. ويشتمل على المطالب التالي: المطلب األول :واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي. المطلب الثاني :خطباء أحسائيون في الدور الروائي.
المطلب األول :واقع الخطابة الحسينية في األحساء خالل الدور الروائي. نظراً للوجود الشيعي في حاضرة األحساء منذ زمن متقدم في التاريخ اإلسالمي ،فإن الباحث يقدر أن لها اهتماما بالمآتم الحسينية خالل الدور الروائي "الدور الثاني"’ كما كان لهم في الدور التأسيسي " الدور األول ". ولعل أبرز المؤشرات التي تؤكد لنا وجود هذا االهتمام لدى أبناء المنطقة ما يلي: -1أنجبت هذه المنطقة مجموعة من الخطباء الحسينيين يرجع تاريخ أحدهم إلى القرن التاسع الهجري ،وبعد مزيد من البحث تمكن الباحث من الوقوف على أسماء وتراجم لبعض منهم ،وهم كل من: أ-الشيخ مغامس بن داغر. ب-داغر "ولد الشيخ مغامس". الشيخ علي السبعي.د-الشيخ أحمد البالدي. 134
وسترد تراجمهم الحقا. -2الزالت بعض الحسينيات في األحساء حتى تاريخنا المعاصر، وذوي األوقاف الحسينية يقرأون المقتل الحسيني يوم العاشر من محرم ،وهي من األعمال التي أيدها أهل البيت عليهم السالم، وانتشرت في الدور التأسيسي "الدور األول" ،والباحث يقدر أن هذا االهتمام كان موجوداً في الدور الروائي؛ الستمراره إلى زماننا.
136
-3نظراً لإلقبال المنقطع النظير على كتاب المنتخب الطريحي المشهور "بالفخري" ،وشهرته في األوساط الشعبية ،حيث من مظاهرها أن تم ترجمته إلى بعض اللغات كالفارسية واألردية ،و كان ألهل األحساء إقبال عليه بشكل ال يقل عما هو موجود في باقي األوساط الشيعية األخرى، وهذا الكتاب يعود إلى الدور الروائي كما تم ذكره ،ومن الجدير بالذكر أنه قد انتشر في األحساء كتاب محرف باسم الفخري ،ويضم نفس مجالس الشيخ الطريحي ،عدا قصائده الرثائية حيث استبدلوها بقصائد لشعراء من أهل البحرين (الرمضات :مقابية صية) ،وقد اشتهر كتاب المنتخب للطريحي عندهم بالفخري ،حتى صار هذا االسم علما ً يطلق على كل كتاب يحتوي على مجالس الشيخ محمد بن حسين بوخمسين حسينية ،ومن تلك الكتب التي أطلق عليها اسم الفخري هو كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب" للعالمة الشيخ محمد بن حسين أبو خمسين رحمه هللا تعالى ،وان كان انتشار هذا الكتاب محدود جداً حيث يقرأ في حسينية أبي خمسين فقط ،و سيتم الحديث عنه في محله الحقا ،لكونه ينتسب من حيث منهجيته في تطور األغراض الخطابية للمجالس الحسينية إلى الدور التفسيري. -3أسهم أحد علماء األحساء بكتاب ضم فيه مجالس حسينية ،تننمي من حيث منهجيتها إلى الدور الروائي ،بخالف فخري العالمة الشيخ محمد أبي خمسين السالف ذكره ،المصنف من حيث منهجيته إلى الدور التفسيري ،والكتاب للعالمة الشيخ عبد المحسن بن محمد بن 113
مبارك اللويمي األحسائي ،وعنوانه "التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة" السابق ذكره وقد توفي هذا العالمة في حدود 1213هـ .واشتهر هذا الكتاب "بتحفة اللويمي" ،وقد وردت ترجمة مفصلة عن حياته في بداية تحفته منها ما يلي: نسبه :عبد المحسن بن محمد بن مبارك ،ينتهي نسبه إلى بني الم، القبيلة العربية المشهورة ،يقيم كثير منهم في العراق وإيران ،كما يتواجد منهم جموع غفيرة في المملكة العربية السعودية بمحافظة األحساء ،ويعرف هؤالء باللويم أو اللويمي. مولده ومدفنه :ولد في قرية من قرى األحساء تدعى بالبطالية ،نسبة إلى ابن بطال أحد أمراء القبائل العربية المعروفة في تلك المناطق، يحتمل أن تكون والدته في العقد الثامن من القرن الثاني عشر للهجرة ،أما زمن وفاته فقد ذكر الشيخ آغا ما بزرك الطهراني أنه توفي في حدود سنة 1213هـ ،ودفن في قرية من قرية شيراز تدعى "سرجون" وكان قد هاجر إليها من األحساء على أثر قيام بعض الفتن الدينية آنذاك ،حيث نقل حوزته العلمية الدينية األحسائية إلى هناك ،و التحق به جملة من تالمذته. إجازاته:أجيز في الرواية من قبل كثير من علماء الطائفة رضوان هللا عليهم منهم:ــ -1السيد ابن بحر العلوم الطباطبائي المتوفى عام 1312هـ. -2الشيخ الفهامة حسين آل عصفور المتوفى عام 1211هـ. -3الشيخ الفاضل أحمد بن حسين آل عصفور. -2السيد العالمة مهدي الشهرستاني. كما أجاز رواية جملة من العلماء من بينهم: -1ولده. -2الشيخ سليمان آل عبد الجبار. -3الشيخ علي بن الشيخ مبارك آل حميدان الجارودي. 111
مؤلفاته:توجد له مجموعة مؤلفات في جملة من حقول المعرفة اإلسالمية والعربية: -1مشكاة األنوار في فقة الصالة. -2الرسائل الثالث في الصالة :الصغرى والوسطى والكبرى. -3جامع األصول عن أهل األصول. -2معرفة أحوال الرجال الذين لم يعرف لهم حال. -1رسالة في التجويد. -1شرح العوامل الجرجانية. -1شرح األجرومية. -4كفاية الطالب المودعة أسرار العرب "نظم،شرح". -6وفاة النبي يحيى عليه السالم. -13وفاة اإلمام الحسين عليه السالم. -11وفاة اإلمام الكاظم عليه السالم. -12التحفة الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة.
المطلب الثاني :خطباء أحسائيون في الدور الروائي ويشتمل على عدة فروع كما يلي: الفرع األول :الشيخ مغامس بن داغر. الفرع الثاني :الشيخ علي السبعي. الفرع الثالث :الشيخ أحمد بن حاجي البالدي.
الفرع األول :الشيخ مغامس بن داغر الشيخ مغامس بن داغر األحسائي ،من خطباء األحساء وأدبائها المنقطعين ألهل البيت بالحب والوالء ،آخر من ترجم له الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء اإلحساء و القطيف والبحرين وقد عده من خطباء األحساء، وأدبائها. 112
شــعـــره :له روائع في الشعر العربي ،تالمس شفاف القلب السيما قصائده الرثائية التي أورد جزء منها كل من الشيخ عبد الحسين األميني في كتابه الغدير (األمني :الغدير ،2 ،ص ، )261والسيد
جواد شبر في كتابه أدب الطف ( رب :أدب الطف ،2 ،ص ،)261 وقد ترجم له األخير في كتابه فقال " :شاعر طويل النفس ،بديع النظام ،حلو االنسجام ،ينتسب إلى إحدى العشائر العربية القاطنة ضواحي الحلة ،هذا وقد استوطن الحلة حتى توفي فيها ،قال الشيخ الخطيب اليعقوبي في "البابليات" وقفت أخيراً على قصائد المترجم في أهل البيت عليه السالم ،وذكر الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ محمد علي الطريحي – أخو فخر الدين صاحب المجمع والمنتخب – في مؤلف له كتب بالحلة سنة 1311هـ وكله في مراثي آل الرسول صلى هللا عليه وآله وسلم ومديحهم ،وهو من بقايا مخطوطات كتب آل طريح ،ولكنه طالما عبر فيه عن المترجم بـ البحراني فيمكن أن يكون أصله من البحرين وهبط العراق وسكن الحلة للحصول على الغاية التي أشرت إليها ( .رب :أدب الطف،
،2ص .)261
وقد جمع منها "أي قصائد المترجم له " العالمة الشيخ محمد السماوي ديونا ً باسم المترجم له ،يربو على 1313بيتا ً عدا الذي عاثت به أيدي الشتات ( .رب :أدب الطف ،2 ،ص .)261 خطابة بن داغر ،وخطابة والده":استظهر الشيخ عبد الحسين األميني أعلى هللا مقامه ،أنه خطيب وأديب وابن خطيب أديب ،من قوله في إحدى قصائده النبوية( :األميين :الغدير ،1 ،ص .)24 فتارة أنظم األشـــــــــعار ممتدحا ً
وتارة أنظــــــم األقوال في الخطب
أعملت في مدحكم فكري وعلمني
نظـم المديح وأوصــــاني بذاك أبي
113
وقد علق على هذين البيتين أعلى هللا مقامه قائال في غديره: "كان الشيخ مغامس من أحد القبائل العربية القاطنة في ضواحي الحلة الفيحاء ،فهبطها للدراسة ،ولم يبارحها حتى قضى بها نحبه شاعراً خطيبا ً ،وذلك في أواسط القرن التاسع ،ويعرب شعره عن أنه كان له شوط في مضمار الخطابة ،كما كان يركض في كل حلبة من حلبات القريض ،ومن شعره:
فتارة أنظم األشــــعار ممتدحا ً وتارة أنظـم األقوال في الخطب
وكان أبوه داغر شاعراً مواليا ،وهو الذي علمه قرض الشعر، ومرنه على والء العترة الطاهرة كما يأتي في قوله: أعملت في مدحكم فكري فعلمني نظم المديح وأوصاني بذاك أبي من شعر الشيخ مغامس بن داغر ( :رب :أدب الطف ،2 ،ص
.)332
أتطلب دنيـــــــــا ً بعد شيب قذال أما كـــن في شـيب القذال هداية أتأمل في دار الغــــــرور إقامة تمسكت منها باألماني كمثل من فيا ســودتا إن حان حـيني وهذه وكان جديراً أن يمـــــوت صبابة أتخدعنـي الدنيا وقد شاب مفرقي ولي أســـــــــــوة فيـها بآل محمد تقسمهم ريب المــــنون فأصبحوا
وتـــذكر أياما ً مضـــــــــت وليال فيهديك نـــور الشيب بعد ضالل ألنـت حريــص في طالب محال تمـسك من نوم بطـــــيـف خيــال سبــــــيلي ولم أحذر قبــيح فعالي فتى حاله في المذنبــــين كحالي وأصبـــــحت معقــوالً لها بعقالي بـني خــــيـر مبعــوث وأكرم آل عباديـــد أشتاتا ً بكــــــل مجال
وقال أيضا ً: لعمرك يا دنيا ثنـــيت عنــاني ومن كان باأليام مثـلي عارفا ً
وذاك ألمــر مــن عناك عناني لـواه الــــــذي عن حبهم لواني 112
وفاته:لم يعثر على تاريخ والدة الشيخ رحمه هللا ولكنه توفي في حدود 413هـ ( .رب :أدب الطف ،2 ،ص .)261
الفرع الثاني :الشيخ علي السبعي. الشيخ علي السبعي أحد الخطباء الحسينيين في القرن العاشر الهجري ،ترجم له الشيخ جواد بن حسين الرمضان في كتابه مطلع البدرين بقوله":الشيخ علي بن حسين السبعي القاري األحسائي، والقاري نسبه إلى بلدة القارة وهي موطن آل السبعي ،ذكره الفاضل السيد جواد شبر النجفي في موسوعته أدب الطف ضمن ترجمة الشيخ محمد السبعي األحسائي بقوله :وجاء في المنتخب للشيخ عبد الوهاب الطريحي ،والمخطوط بخطه سنة 1311هـ شعر كثير للشيخ علي بن الشيخ حسين السبعي ،وكله في رثاء الحسين عليه السالم فأحببت اإلشارة إليه ،وال أعلم هل هو ممن يمت للمترجم له بصلة أم سبعي آخر .انتهى يقول الشيخ جواد الرمضان :الظاهر أن المترجم له هو حفيد الشيخ محمد المتقدم ،وقد وقعت على قصيدة له في رثاء الحسين عليه السالم ،جاري بها قصيدة جده المذكور ،وصرح في آخرها بذلك حيث قال الجد رحمه هللا. لم أبك موالي الحسـين بمدمع
إال ظننت جوارحي هي تبكي معي
فجاء المترجم له وجاراه بقصيدة رثى به اإلمام الحسين عليه السالم ،كما رثى ابنا له اسمه علي ،وذكر المقبرة التي أقبر فيها االبن واسمها ناظرة ،وهي مقبرة لقريتي القارة والتويثير األحسائيتين ،وال تزال بهذا االسم حتى أيامنا هذه .قال رحمه هللا: 111
تعجل بسوق الغــــــاديات الهمع تشفي الغليل بنزبة المتــــــضوع مسكا عـلى أرجاء تلــك األجرع من صوب مزنك بالذنوب المترع أكرم به مـــــــــن فاضل متورع تهمـــي على تلك الربــوع بأربع بها عيـني علــــــــى عيني معي
قـل للـبرو الساريات اللــــمع وتشق جيـــــب الغاديات بملحد قبر بـ(ناظرة) تأر تربـــــــــة يا قـــبر ال تبخــــل عليه وأسقه قبـــر تضـــمن فاضال متورعا ولئن بخلــــت عليه إن مدامعي وتقل مني عبــره مهراقة تبكي أعلي قد أوحشتـــــني ومضيت
يا سؤلي إلى ريض الجنان فأمرعي
إلى أن قال في آخرها-: أهداكم الســــبعي حسـن رويها لم أبك موالي الحسين بمدمعي
فأتـــت إليكم فــــــي مقاده طيع إال ظنـنت جوارحي تبكي معي
وللمترجم شعر كثير كله في أهل البيت عليهم السالم خصوصا في رثاء الحسين عليه السالم جاري في معظمه جده ،وآلل السبعي شعر كثير متفرق في المجاميع الخطية لعدة شعراء مفرق منهم ثالثة شعراء هم :الشيخ محمد بن عبدهللا ،وابنه الشيخ أحمد بن محمد، والمترجم له ،ومن الصعب على الباحث التمييز في نسبه بعض القصائد آلي منهما ،وكلها تنتهي بالسبعي ال غير ،فمن القصائد المنسوب للمترجم التي جارى بها جده وصرح بذلك في نهاية قصيدته. خطابته:كان من خطباء األحساء الحسينيين ،وتلمس هذا من خالل قصيدته (العينية) التي ذكرنا شطرا منها ومطلعا:
قل للبروق الساريات اللمع
تعجــل بسوق الغاديات الهمع
فقد رثا ابنه كما تم ذكره سالفا ،ولوح بأنه يحضر مجامع البكاء الحسينية ،والظاهر من األبيات أنه هو خطيب ذلك المجمع ،فقد 111
ذكره أنه يبكي على ابنه إذ ينظر إلى ذلك المجمع وقد افتقده منه، ويزداد البكاء أكثر ،وأكثر إلى ذكر مصاب الحسين عليه السالم.
واألبيات هي ( -:رب :أدب الطف ،2 ،ص .)32 أبكيك إذ تبـكــــي آلل محمد يعزز علي بأن أكون بمجمع أبكيك ثم إذا ذكــرت مصابه
بفــــؤاد حــــــــران ولهجة موجــع أبكي الحســين وليس تحضر مجمع صار البكاء علـى عظيم المصـــــرع
الفرع الثالث :أحمد بن حاجي البالدي. الشيخ أحمد بن حاجي البالدي األحسائي من أبرز خطباء القرن الثاني عشر الهجري ،وأشهرهم فقد كان شاعرا مكثرا ذائع الصيت. منشأه وحياته:ترجم له صاحب كتاب أعالم هجر بقوله" :أنه كان من أهل قرية البطالية المعروفة باألحساء ،وكانت تسمى قديما بـ البالد ،والبالدي نسبة إليها ظاهرا ،والمضنون أنه عاش في األحساء ،وبها نشأ ثم انتقل إلى البحرين ،وتوطن بها حتى توفي، وكانت أشعاره وآثاره موجودة في البحرين لدى أرحامه وذويه، ويوجد اآلن في البطالية – وطن المترجم له -عائلة معروفة تدعى بـ (آل حاجي) ال يستبعد أن يكونوا من أرحام المترجم له وأسرته
(الش
:ألالم هجر ،1 ،ص .)61
وفاته :توفي قدس سره سنة 1122هـ كما في "األزهار األرجية" وفي "الغدير" أن وفاته كانت في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، والمظنون أنه توفي في وطنه األخير في البحرين.
111
مكانته الشعرية :يقول صاحب أنوار البدرين ،والمترجم له جد صاحب الكتاب" :وهذا الشيخ أعني جدنا الشيخ أحمد بن حاجي لم أقف على أحواله سوى اشتهار شعره وكثرته ،حتى سمعت أن له من المراثي والقصائد الحسينية ما يقارب ألف قصيدة دون غيرها من التواريخ والمدائح ". مكانته الخطابية :يبدو أن المترجم له من أوائل الخطباء المشهورين في المنطقة فقد قال عنه صاحب تاريخ البحرين ":الشيخ أحمد بن حاجي وهو من أدباء البحرين وخطيبها ،ومن أولى المفاخر ونقيبها جمع من الشعر بعض العلوم األدبية ،وله ديوان كبير يشتمل على :ألالم هجر ،1 ،ص ،.)61وقد أشار السيد مجلدين " (الش هاشم الشخص في كتابه أعالم هجر عن ملكات الشيخ الخطابية حيث يقول عن صاحب أنوار البدرين أنه ( كانت له ملكة في التواريخ لم تكن عند أحد غيره ،كان يتكلم بالتاريخ الذي يريده بداهة :ألالم هجر ،1 ،ص ،)61 وارتجاال بال تأمل وتدبر) (الش وقد أثنى عليه الشيخ األمين في كتابه الغدير حيث قال( :الشيخ أحمد بن حاجي البالدي ،عالم ،فاضل ،أديب ،من شعراء أهل البيت عليهم السالم ومادحيهم) (األميين :الغدير ،11 ،ص .)322 من شعره: ما حال قومــــــي غــداة البين ال بانوا وال أصابتــــــــهم عين الحـــسود وال ساروا فصـــــار فؤادي في طـــالبهم ما ان سرى ضعنهم إال سرت مهجي وال عين العين شمـــــس منهم غربت شقوا بشقتـــــــــــهم قلبي فليــــس لهم إن حاولوا قطـــــع وصــلي فالفؤاد له
وال عفى ربعــــهم واستوحــش البان ليت الحسود ولــــــيت الواش ال كانوا ألنهم لفؤاد الصــــــــــــــــب جنحان واستوطنتـــــها من الهـــجران نيران إال وهم في ســـــــــــويد القلب سكان عليـــــــــه لـو هام وجدا قــط سلطان بهم زيادة وصـــــــــــل أين ما كانــوا 114
عليك يا مــــــــــنزال بالمنحنى شجني قد كنت مأنـــــوس قوم غاب شاهدهم أال أبــــــــعد هللا أرباب القلـــوب وال قوم لهم من أثــــيل المجد كم وضعت آل الرسول ومــــــــن في شأن شأنهم أنوار غرتهـــم في طــــي طرتهم لهم هلل من موقـــــــف بالطــــف أوردهم كم أحــــــــرموا للمنايا فيه واغتسلوا وفيه كم عفـــــــــرت من غــرة ولكم وكم ثوى فيــــــــه بدر خر من فلـــك مثل الحسين قضى ضام ومن عجـب
طــول الزمان وكل الـــــــدهر أشجان فتـلك أوطــانهم لليــــــــــــــوم أوطان جـــرت عليها مــــــن اإلحزان أردان فوق الرؤوس على الخـــرصان تيجان كــم قــــــــام عند ذوي التحقيق برهان مــن هللا تقديــــــــــــــــــــس وسبحان حوض الحمام فصـــاحي القـوم سكران من النحـــــــــور وساقي الترب أكــفان قد أرغمــــــــــــت فــيه أنــاف وأذقان لـــه تخــــــــــــــر من األفالك أركان الماء في راحتـــــــــــــــيه وهو ظمآن
ما انحط عن ســـرجه إال وسبحت األمالك
حزنا وناح اإلنــــــــــــس والجــان
وال تنــــــــــــــــكب عــن مرقاة منبره وال على صــــــــدره الزاكي جثى حنقا
إال بكــت مــــــــــــريم حزنا وعمران إال رثـــــــــــــــــــى أبو ذر وسلمــان
وله قصيدة تبلغ 11بيتا طبعت في نيل األماني ص 311مطلعها:
(الش
:ألالم هجر ،1 ،ص .)133-66
يا ابن الغطارفة األشراف من مضر
ومن هم ألصـــــــول الدين تبيان
وله قصيدة تبلغ 11بيتا ،أيضا مذكورة في نيل األماني ص -316 143 ومن أبياتها-: بني لؤي ويا ســـــفن النجاة ومن
عليهم بعد رب العــــــــــرش أتكل 116
قد ران لي فيكم حسن الرثاء وكم ال غرو أن أحمــد أهـدى جواهره
قد طاب فيكم لـــدى المدح والغزل لسادة تقبـــــــل األعمـــال إن قبلوا
الفصل الثالث :الدور الثالث /الدور التفسيري مقدمة: من األهمية بمكان والبحث يتدر في الحديث عن تاريخ المآتم الحسينية ،واألدوار التي مرت بها ،أن يتم تسليط الضوء على ثالث أدوارها ،ألنه يحضى بأهمية بالغة ليس فقط لكونه آخر حلقة في سلسلة تاريخ المآتم ولكن لخصوصية في ذاته ،إذ غدا المأتم في هذه الفترة من حياته ،من أضخم المؤسسات العلمية التي تضطلع بنشر مفاهيم النهضة الحسينية ليعم سناها إلى أرجاء المعمورة ،مؤديا بذلك رسالة من أعظم رساالت اإلنسانية ،السيما وأن الخطيب الحسيني في المجلس الحسيني يعتبر أحد األلسنة المعبرة والناطقة باسم الفكر الشيعي اإلسالمي المحمدي صاحب الرسالة الخاتمة لرساالت األنبياء ،والتي كتب هللا لها الحياة واالستمرار إلى أن يرث هللا األرض ومن عليها. لقد تميز هذا الدور بأن الخطيب ،قد تخلص من قيد المالمسة السطحية للروايات واألحداث التاريخية والنصوص الشعرية ،والتي كان الخطيب آنذاك يكتفي بإيرادها دون أية محاولة تذكر في تسليط الضوء عليها الستنباط العظة والعبرة من النص المذكور ،وكان النص بذكره على هذا النحو ال يخلو من فائدة ،ولكن ليست على المستوى المطلوب ،إذ ال شك بأن ما يختزنه النص من معارف ومفاهيم ستبقى على حالها من االستقرار ،إال ما قد يتسرب منها بفعل تكاثر النصوص المرافقة لبعضها في الخطبة والتي تصب في رافد واحد ،فتشكل بمجموعها فكرة أو رسالة تصل إلى ذهن المستمع فتحدث تأثيرا محدودا يتناسب مع مقدار مالئمة تلك 123
النصوص بعضها للبعض اآلخر ،ولهذا نجدها عندما تأتي مبعثرة ال تضمها وحدة عضوية في المفهوم ،تبعثر تركيز المستمع فال يخر بشيء سوى ثواب الحضور ،أو ما يعلق بذهنه من فهم بعضها. لقد أطلق الباحث تسمية الدور التفسيري على الدور الثالث من تاريخ المآتم الحسينية ،ألن خطباء المنبر جعلوا التفسير وسيلة للنفوذ إلى المواضيع المراد الحديث عنها. كان الخطيب في العهد الروائي يكتفي بافتتاح المجلس الحسيني بعبارات التعزية ،واستنهاض مشاعر الحزن عن المستمعين ،ثم بعدها ينشد قصيدة رثاء ،يذكر بعدها الروايات التي تشكل بمجملها المجلس الحسيني ،ثم يختتم حديثه بقصيدة رثاء ،يرتجي أن يستوفي الحضور حقهم من البكاء على سيد الشهداء عليه السالم. أما في العهد التفسيري فإن الخطيب يبدأ مجلسه الحسيني بقصيدة رثاء ،تعقبها قراءة النص الرئيس في المجلس والذي سيقوم بتفسيره فيما بعد ،وهذا النص إما أن يكون آية قرآنية ،أو حديثا نبويا ،أو خطبة من نهج البالغة ،أو حديثا شريفا ألحد المعصومين ،أو مقطوعة شعرية ،وهكذا ،...وبعد أن يستوفي الخطيب الشرح والتعليق على النص االفتتاحي ،ينهي مجلسه بقصيدة رثائية خاتمة. وسيقوم الباحث بدراسة أغراض الدور التفسيري من خالل وسيليتين عبر مبحثين ،ثم سيفرد مبحثا يلقي من خالله الضوء على الواقع الخطابي الحسيني في حاضرة األحساء ،وتلك المباحث ما يلي: المبحث األول :الكتب الحسينية المؤلفة حول الخطابة الحسينية خالل الدور التفسيري. المبحث الثاني :الممارسة الفعلية للخطباء خالل الدور التفسيري. المبحث الثالث :المآتم الحسينية في األحساء خالل الدور التفسيري. المبحث الرابع :أصداء المدرسة العلمية في األحساء. المبحث الخامس :محاوالت تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء. 121
المبحث السادس :نجاح تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء.
المبحث األول :الكتب الحسينية المؤلفة حول الخطابة الحسينية خالل الدور التفسيري. تمهيد: لم ينتقل المجلس الحسيني من شكله الروائي إلى الدور التفسيري دفعة واحدة ،بعد أن كان الخطيب ال يفتتح بآية ،أو حديثا نبويا ،أو خطبة من خطب نهج البالغة ،كما سيتضح ذلك الحقا من خالل دراسة أسلوب الخطيب الشيخ كاظم سبتي رحمه هللا تعالى المولود عام 1214هـ ،والمتوفى عام 1322هـ رائد التجربة األولى في الدور التفسيري في مجال الممارسة الفعلية على المنابر ،والتي تم اإلشارة إليها بكونها الوسيلة الثانية في دراسة األغراض الخطابية في هذا الدور. على الرغم من أن أسلوب الشيخ كاظم سبتي كان حدثا تجديداً إبداعيا ظاهراً للعيان ،األمر الذي حدا بأحد أعالم زمانه وهو آية هللا الشيخ محمد طه نجف أن يصفه بأنه من أسرار النهضة الحسينية (داخ :من الحيضره اخلطيب ،1 ،ص ، )14على حد نقل سماحة البحاثة الشيخ جواد شبر ،إال أن الباحث يرى أن هذا الحدث التجديدي سبقته مرحلة تمهيدية كتابية قبل الممارسة الفعلية على المنابر ،حيث كشفت محاولته البحثية في تقصى واقع تلك الحركة التأليفية عن مجالس حسينية كتبت قبل محاولة الشيخ كاظم التجديدية منها كتاب "مصائب المعصومين" للشيخ عبدالخالق اليزدي الذي فرغ من تأليفه عام 1221هـ،حيث جعل الكتاب وسيلة النعقاد المجلس الحسيني يقرأه الخطيب على الحضور ،وعليه فإن من المقدر أن لهذا الكتاب وأمثاله من الكتب طرقت جانب تفسير النص قبل حركة تجديد الشيخ سبتي ،وبهذا يمكن الخرو بنتيجة أن 122
التطوير في أغراض المنبر الحسيني في الدور التفسيري جاء على مرحلتين هما: المرحلة األولى :وهي مرحلة التدوين للمجالس الحسينية التي التزمت بتفسير النصوص في المجلس الحسيني ،ومن أقدم تلك الكتب التي عثر عليها الباحث كتاب "مصائب المعصومين" لليزدي. المرحلة الثانية :وهي مرحلة الممارسة العملية لتفسير النصوص من قبل الخطيب الحسيني على المنبر والذي كان الرائد األول في هذه التجربة هو الشيخ كاظم سبتي. وعلى الرغم من أن الباحث يرى أهمية مساهمة اليزدي في الحركة التجديدية لتطور األغراض الخطابية للمنبر الحسيني في الدور التفسيري إال أن جهده-الباحث -ربما يكون مشوبا بالنقص لعدم تمكنه من االستقراء التام لكل ما كتب في هذا المجال ولكن على أقل تقدير هو جُه ٌد بحثي في الكتب العربية المتداولة بين أيد الخطباء وخاصة منهم في البيئة العربية ،ولفعالية هذه الوسيلة في استقصاء مالمح األغراض الخطابية في هذا الدور فقد تمت مواصلة البحث عن أمثال كتاب اليزدي ،ومما تم العثور عليه في هذا الدور من كتب تلتقي في قاسم مشترك واحد ،أال وهو تفسير النصوص الدينية مفارقة بذلك الدور الروائي الذي يكتفي بسرد النصوص دون تفسير وقد جاءت جميعها بعد زمن تأليف كتاب العالمة اليزدي (مصائب المعصومين) عام 1221هـ -ما يلي: إكسير العبادات في أسرار الشهادات للعالمة آقا بن عابد الدربندي وانتهى من تأليفه عام 1212هـ. مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب للعالمة الشيخ محمد بن حسين|أبي خمسين األحسائي ولم يُعثر على تاريخ تأليفه ،إذ الزال مخطوطا ولكن أقدم تاريخ لنسخة مخطوطة هو عام 1261هـ، وكانت وفاة الشيخ عام1311هـ ،أي أنها نسخت في حياته. روضات الجنان للعالمة الشيخ جعفر أبو المكارم القطيفي المتوفى 1321هـ وانتهى من تأليفه عام 1331هـ، 123
وعليه فإن الباحث سيعمد إلى عرض الخصائص المشتركة بين الكتب الحسينية التي تم تأليفها في الدور التفسيري ،كما سيتطرق إلى كل كتاب منها في مطلب منفرد كما يلي: المطلب األول :الخصائص المشتركة للكتب الحسينية في الدور التفسيري. المطلب الثاني :مصائب المعصومين للعالمة اليزدي رحمه هللا. المطلب الثالث :إكسير العبادات في أسرار الشهادات للعالمة الدربندي رحمه هللا. المطلب الرابع :مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب للعالمة الشيخ محمد أبي خمسين رحمه هللا. المطلب الخامس :روضات الجنان للعالمة الشيخ جعفر أبي المكارم رحمه هللا
المطلب األول :الخصائص المشتركة للكتب الحسينية في الدور التفسيري من خالل الفحص الذي قام به الباحث لهذه الكتب الثالثة ،مضافا لها كتاب اليزدي ،وجدها تجتمع في خصائص مشتركة تشير إلى حدوث نمو جدير بالذكر في مسار المجالس الحسينية نحو الدور التفسيري مغادرة بذلك الدور الروائي ،وتلك الخصائص مايلي: -1اتفقت هذه الكتب في خصيصة جديدة وهي محاولة إلقاء الضوء على النصوص الدينية :من آيات ،و روايات أهل البيت التي جاءت حول مصائب أهل البيت عليهم السالم وشهادته وذلك بشرحها وتحليلها. -2البناء الفني للمجالس الحسينية قد أخذ طريقه نحو التطور إلى األفضل ،إذ ال شك في أن ما تناوله العالمة الشيخ جعفر أعلى هللا مقامه في كتابه رياض الجنان -نظراً لتأليفه عام 1331هـ -أفضل مما جاء به العالمة اليزدي في كتابه مصائب المعصومين والذي 122
فرغ من تأليفه عام 1221هـ،هذا إذا نظرنا إلى البناء الفني للمأتم، بغض النظر عن غزارة المادة العلمية المطروحة في كال الكتابين، فقد كان األخير يتخلى عن اإلتجاه التفسيري ،ويعود إلى الطريقة الروائية بشكل ملحوظ وسريع نظرا لقرب زمن تأليف الكتاب من العهد الروائي ،فقد كان يكتفي بذكر تفسير اآلية من أحد الكتب المعتبرة ثم يكمل مأتمه بسرد الروايات كما عهدناه في الدور الروائي ،وعليها من التعليق الطفيف النادر ،بينما العالمة الشيخ جعفر أبو المكارم بلحاظ فارق المدة وبعدها عن زمن اليزدي والتي حتما تخللها ممارسة وتطبيق من الخطباء على االتجاه التفسيري، فقد تطور أسلوبه وأخذ وضعا أحسن وبشكل ملحوظ ،حيث أنه يفتتح بآية قرآنية ويعلق عليها في بعض المجالس ،بخطبة أو رواية ثم يدعم التعليق بقصة ثم تعليق وهكذا ولعل من أبرز األسباب في هذا التقدم هو ظهور المدرسة التاريخية والتطبيق العملي فوق المنابر وذلك على يد الشيخ كاظم سبتي كما سيتم الكالم عنه في محله، ويجدر بالذكر إلى أن الشيخ محمد بن حسين أبي خمسين ،لم يلتزم بإيراد آية في صدر المجلس ،ولكن كان يتعرض في مجالسه إلى اآليات والروايات الواردة في ثنايا المجلس بالتفسير والتحليل، وربما انفرد عن غيره بشكل واضح في اعتماده طريقة عرض إشكال ثم التصدي له بالتعليق و الحل ،ولكن في المجمل العام ليس بشكل كثير في كل مجالسه ،وجاء على نفس المنوال ،كتاب إكسير العبادات في أسرار الشهادات من حيث عدم االلتزام بذكر آية في صدر المجلس. -3اعتمدت أسلوب السجع وذلك جريا وراء أسلوب البناء اللغوي السائد في زمن تأليف تلك الكتب. -2أوردت ما جرى على أهل البيت عليهم السالم من مصائب ومحن ،ولكن بدرجة مختلفة من كتاب إلى آخر. -1أوردت العديد من فضائل ومناقب أهل البيت ،وأشادت بها ومجدتها. -1احتفظت باألغراض الخطابية التي اتسمت بها المجالس الحسينية وجاء بها من الدور التأسيسي وحافظ عليها في الدور الروائي وهي: 121
أ-االستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم. التنويه بالثواب للباكين على الحسين عليه السالم وبقيةالمعصومين.
المطلب الثاني :كتاب "مصائب المعصومين" للعالمة اليزدي رحمه هللا. وفيه عدة فروع:
الفرع األول:مؤلف الكتاب هو الحجة الشيخ عبدالخالق بن عبدالرحيم اليزدي رحمه هللا ،من علماء القرن الثالث عشر الهجري.
الفرع الثاني :لمحة موجزة عن الكتاب يقع الكتاب في 111صفحة من القطع العادي ،في طبعة حجرية، وقد ضم بداخله اثنين وستين مجلسا حسينيا ،وتعرض خاللها إلى مصائب المعصومين وما جرى عليهم من الخطوب والمحن ،وقد وقع الفراغ من تأليفه عام 1221هـ. يتعرض خالل المجلس إلى مصيبة أحد المعصومين بما فيهم اإلمام الحسين عليه السالم ،مبتدئا المجلس بآية أو بخطبة لإلمام أمير المؤمنين علي عليه السالم ،ويتعرض لآليات بالتفسير ولكن ال يشبع البحث فيها ،وأحيانا يأتي بسبب نزول اآلية ،ويكتفي في مجلسه بذكر الروايات والقصص التي تصب في جانب مصيبة اإلمام المقصود ذكره ،ويفصل أحيانا بين الرواية ،واألخرى ببعض العبارات التي تثير الحزن وتدعو إلى إظهار المصاب ،ويعر على ذكر مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم في أثناء المجلس ،بما يرادف مصيبة اإلمام المعصوم المراد الحديث عنه -كأمير 121
المؤمنين أو اإلمام الحسن أو اإلمام زين العابدين ،-وأحياننا يجعل ختام المجلس بمصاب اإلمام الحسين عليه السالم.
الفرع الثالث :نصيب الشعر في كتابه. أورد شعرا في كتابه ،ولكن ليس بالكثرة الموجودة في كتب المآتم األخرى ككتاب الفخري ،ومن المالحظ أنه ال يختم المجلس بقصيدة رثاء.
الفرع الرابع :لغة المأتم. جاءت عبارات الكتاب مسجوعة عدا النصوص والروايات المنقولة، وهي سمة لكتابة وخطابة العصر الذي عاش فيه المؤلف.
الفرع الخامس :أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري. للكتاب أهمية تبدو فيما يلي: -1للكتاب أهمية في دراسة تطور األغراض الخطابية في الدور التفسيري ،فقد اتجه العالمة اليزدي إلى إيراد اآليات في بداية المجلس ،ويتعرض لها بالتفسير من خالل نقله آلراء أحد المفسرين كالقمي ،أو تفسير أحد األئمة من كتاب الكافي وما شابه ،ولكن لم يوسع البحث في أجواء اآلية ،بل يتجه سريعا على الطريقة المعتادة في ذلك الزمان ،وهي إيراد الروايات التي تصب في أجواء مصيبة اإلمام المراد إقامة العزاء بمناسبة وفاته ،وقد مهدت هذه المحاوالت التي تهتم بإدخال تفسير اآليات ،أو تفسير األحاديث لمن جاء من الخطباء في الفترات المتأخرة أن يطرقوا المجلس الحسيني بأبحاث متكاملة تعتمد طريقة تفسير اآلية وإيراد األبحاث المراد ذكرها من خالل تفسير تلك النصوص. أيضا هناك إضافة أخرى وجده الباحث وهي أن الكتاب يعتبر ثاني أقدم كتاب وقع في دائرة مراجعه بعد كتاب الفخري ،للشيخ 121
الطريحي ،المتوفى سنة 1341هـ ،واإلضافة تلك هي إدراجه لمصائب المعصومين في داخل مجالسه الحسينية بشكل أفضل مما كان عليه في كتاب الفخري ،فقد أفرد مجالس كاملة لكل واحد من المعصومين األربعة عشر ،ويذكر خالل المجلس عن بعض حياة المعصوم المراد الحديث عنه ،وكيف توفي؟ وعلى يد من؟ ويردف الحديث خالل ذلك بمصيبة الحسين عليه السالم ،أما فيما يتعلق باإلمام الحجة عليه السالم ،فقد تحدث عنه فيما يقوم به بعد خروجه. -2ال زال الخطاب في تلك الفترة يغلب عليهم السجع والتكلف في لغة المجلس الحسيني. -3أكد على استمرارية سرد الروايات خلف بعضها بعضا ،دون تعليق ،وهي ظاهرة مميزة لهذا الدور. -2احتفظ الكتاب بمسيرة المآتم الحسينية في تناولها لألغراض الرئيسة فيها منذ بداية انطالقتها وهي: أ-الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس الحسيني. ج-التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم.
المطلب الثالث :كتاب "إكسير العبادات في أسرار الشهادات" للعالمة الدربندي رحمه هللا. وفيه عدة فروع:
الفرع األول :مؤلف الكتاب. العالمة الشيخ آقا بن عابد بن رمضان بن زاهد الدربندي الشيروبي أعلى هللا مقامه من أعالم القرن الثالث عشر الهجري.
124
الفرع الثاني :لمحة موجزة عن الكتاب. يقع الكتاب في 163صفحة من القطع الكبير ،ومطبوع بطبعة حجرية ،وهو كتاب لم يقتصر على مجالس حسينية ،بل ضم بداخله موضوعات كثيرة متعلقة بالقضية الحسينية بشكل عام ،وجعلها في إحدى عشرة مقدمة علمية وهي كاآلتي: -1المقدمة األولى في إيضاح أسرار الشهادة. -2المقدمة الثانية في أخبار الحزن والبكاء. -3المقدمة الثالثة في اإلبكاء واإلنشاد وإظهار الجزع برفع الصوت وما شابه. -2المقدمة الرابعة في الغناء في المراثي. -1المقدمة الخامسة في تحقيق الحال في مسألة الشبيه المتعارف بين الناس. -1المقدمة السادسة في صرف األموال في اإلطعام في مجالس العزاء. -1المقدمة السابعة فيما جرى على األنبياء حين مرورهم في كربالء. -4المقدمة الثامنة في أخبار نزول المالئكة قبل والدة الحسين عليه السالم. -6المقدمة التاسعة في زيارة سيد الشهداء عليه السالم. -13المقدمة العاشرة في اإلشارة إلى جملة من مناقب سيد الشهداء عليه السالم. -11المقدمة الحادية عشرة في المقدمات العشر السابقة وفي بيان عدم جواز نقل األحاديث الموضوعة المكذوبة في المأتم. أتى المؤلف بعد ذلك بأربعة وأربعين مجلسا ،تطرق خاللها إلى نهضة الحسين عليه السالم منذ خروجه معرجا على السبايا وما جرى على الركب الحسيني من مصائب وحتى عودتهم إلى المدينة، كما أنه تعرض إلى الروايات بالتحليل والتفسير لكثير منها ،ولم يبدأ مجالسه بآية قرآنية أو رواية ،وقد اختص الكتاب بالحسين عليه السالم فقط ،ولم يتعرض لبقية مصائب المعصومين ،هذا ولم يعتمد 126
المؤلف طريقة الديباجة التي اعتاد خطباء تلك الفترة عند افتتاحهم للمجلس الحسيني وأيضا لم يختم بها ،وقد وقع الفراغ من تأليف الكتاب عام 1212هـ.
الفرع الثالث :نصيب الشعر في كتابه. أورد شعرا ولكن ليس بالكثرة الموجودة في كتاب الفخري ،كما أنه لم يختم مجالسه بالشعر المرثي.
الفرع الرابع :لغة المجالس. جاءت عبارات الكتاب مسجوعة عدا النصوص والروايات المنقولة، ولكن هناك اتجاها واضحا في أسلوب الشيخ أليى اهلل مقامه وهو حماولة الت ي من غيبة السجع يف أسيوبه.
الفرع الخامس :أهمية الكتاب في دراسة الدور الروائي. للكتاب أهمية تبدو فيما يلي: -1للكتاب أهمية في دراسة الدور التفسيري ،فقد أتى بما لم يرد في الكتب التي تم تأليفها من قبله في المآتم الحسينية وهو التعرض لبعض الروايات بالتفسير والتحليل ،وذكر الحكمة من وقوع بعض األحداث وأسرارها فهو يتوافق مع عنوانه "إكسير العبادات في أسرار الشهادات" ،وال يعلم الباحث هل سبقه أحد في هذا المضمار، فقد عثر على كتاب مخطوط للشيخ محمد أبي خمسين من أعالم األحساء وهو أيضا كتاب قد دون فيه مجالس حسينية ونهج نفس الطريقة من حيث التعرض لبعض الروايات بالتحليل والتفسير، واسمه مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب ،وال أدري أي الكتابين أسبق في الظهور ،ألن األخير لم يتم العثور على تاريخ الفراغ من تأليفه ،وإنما فقط تاريخ استنساخه وهو عام 1261ومؤلفه الشيخ 133
محمد بن أبي خمسين رحمه هللا المتوفى عام 1311هـ ويذكر من ترجم له أنه عاش مائة وخمسة سنوات ،بينما تاريخ تأليف كتاب إكسير العبادات وقع الفراغ من تأليفه عام 1212هـ. -2لم يكن الكاتب مباشرا في تناول األغراض الرئيسة للمأتم الحسيني السابق تناولها من قبل الشيخ الطريحي في الفخري ،و اليزدي في كتاب مصائب المعصومين ،وهي: أ-الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس الحسيني. ج-التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. فقد اكتفى بإيراد ثواب البكاء في المقدمة الثانية الكتاب بمسيرة المآتم الحسينية في تناولها لألغراض الرئيسة فيها منذ بداية انطالقتها.
المطلب الرابع :كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب" للعالمة الشيخ محمد أبي خمسين رحمه هللا. وفيه عدة فروع:
الفرع األول :مؤلف الكتاب. العالمة الشيخ محمد بن الشيخ حسين بو خمسين األحسائي (توفي عام 1311هـ).
الفرع الثاني :لمحة موجزة عن الكتاب. يقع الكتاب في مجلدين من القطع الكبير ومجموع صفحاتهما 211 صفحة وهو ال يزال مخطوطا ،وقد تعرض خالله إلى مصائب اإلمام الحسين عليه السالم ،وتلك المصائب مرتبة بطريقة ذكرها 131
المؤلف رحمه هللا في كتابه حيث قال " :ورتبته على أربعة عشر مقصدا ،وكل مقصد فيه مطلبان ،وكل مطلب فيه فصالن بعدد أيام األسبوع ولياليها ،وكل فصل منها يشتمل على ذكر مصائب، ومناقب ،وفوادح ،ومدائح بحسب ما يسنح بالبال من النقل، والمقال". لم يبدأ المؤلف مجالسه بآية أو رواية بل كان يكتفي بديباجه يظهر من خاللها ألمه وحزنه لما جرى على الحسين وأهل بيته عليهم السالم ،أو يورد عبارات يستنهض فيها مشاعر وأحزان المستمعين، ثم يبدأ موضوعه عبر فكرة يطرحها ،ومناقشتها لها مدعما ذلك باألدلة ،أو يورد إشكال من الفرق األخرى ويتعرض له بالرد ،أو يناقش مسالة تاريخية تتعلق بعقيدة الشيعة اإلمامية ويناقشها مستشهدا بآية قرآنية وأحاديث نبوية ،وفي نهاية المجلس اعتمد أن يذكر ديباجة ثابتة في جميع مجالسه و ال تتغير إال بنحو طفيف، وهي: " أوال تحبون أيها الحاضرون أن تكونوا كبعض مادحيهم حين عرته األحزان فنظم فيهم وقال ،":ولم يذكر قصائد في نهاية مجالسه ،علما بأنه يورد عبارة توحي لسامعها بأن هناك قصيدة رثاء ستقال فيما بعد ،ومن تلك العبارات قوله ":فنظم فيهم وقال": ثم يتوقف منهيا المجلس ،ومن المتوقع في هذا الحالة أنه لم يورد نصا شعريا في هذا الموضع بهدف ترك المجال للخطباء الحسينيين أن يختاروا ما يناسبهم من قصائد.
الفرع الثالث :نصيب الشعر في كتابه. أورد شعرا كثيرا في كتابه ،ولكن مما يؤسف أنه لم يذكر اسماء ناظميه ،كما حدث من العالمة الشيخ عبدالمحسن اللويمي في كتابه التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة ،ولكن يقول المؤرخ الشيخ جواد بن حسين الرمضان حفظه هللا أن أغلب القصائد المذكورة في كتاب مقرح القلوب المذكور والمشهور بفخري الشيخ 132
محمد بوخمسين رحمه هللا للشيخ عبدهللا بن علي الوايل الخطيب الشاعر المبدع رحمه هللا تعالى ،فقد كان يكتفي بقوله ،وقال أحد المعاصرين أو يقول ولبعض األخوان ومن ثم يأتي بالقصيدة دون ذكر ،ولو ذكر الشيخ المؤلف أعلى هللا مقامه أسماء الشعراء لحفظ لنا هوية أولئك الشعراء عن الضياع واالندراس ،ومن تلك القصائد التي قال فيها ولبعض اإلخوان: ولهفي لنســوانه الطاهــرات حواسر عنها تمـاط الســتور يهرولن بالسعي نحو الشهيـد لهن ضجـــيج الحجــيج ينال فطورا تروم استـالم الحطيم وطورا لهن بنــــشر الشعور وأفجع أمر يذيــــــــب الحشا مقالة زيــنــــــــب في نعــيها أخي كنت مخمد نار الخطوب أخي كنـت مــــدرك ثار العدا أخي كنت قــــدما حمي الحما عليك ابن أبـي مناحـي يطول تلهفي لتلك الوجـــوه الحسان ولهفي ألبدانها الناعمــــــات يسقن أســـــارى كمثل العبيد مصاب عظــــــــيم له قل إن
توالى عليــها البال والصغار ويسلب عنها الـردا والخمار لهن طواف بــــه واعـــتمار صاف الصخور منه انفطـار وللقوم في سلبـــــــهن ابتدار بمشعر تلك الـــــرزايا شعار ويقدح في القلـب منه استعار وللدمع من مقلتــــيـها انهمار فكيف استـطارت لها فيك نار فكيف استـــــثار لها منك ثار فكيف استباحت حماك الشرار وسلوان قلبـــــي زواه استثار عراهن بعد البــأهاء اصفرار يؤلم بالـــــسوط منــهن الفقار يباشرن وجوهـــــهن البــشار تمور السماء أو تفور البحـار
الفرع الرابع :أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري. للكتاب أهمية تبدو فيما يلي: يقع زمن تأليف الكتاب على وجه التقدير في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ،إذ من الواضح أن الشيخ كتب الكتاب بعد رجوعه من النجف ،كما تبدو على صفحات الكتاب انطباعاته 133
المستنكرة لمعامل بعض للشيعة اإلمامية في ذلك الزمان .وقد تخلى الشيخ عن األسلوب الجديد في هذا الدور وهو ابتداء المجلس بآية أو رواية عن أحد المعصومين ثم التعرض لها بالتفسير كما وجدنا ذلك في كتب العلماء الذين عاشوا في عصره وتناولوا المجالس الحسينية بالكتابة على نفس طريقته أمثال :العالمة الشيخ عبدالخالق اليزدي في كتابه مصائب المعصومين المؤلف عام 1221هـ وكتاب العالمة الشيخ آقا عابد بن رمضان الدربندي في كتابه أسرار الشهادات المؤلف عام 1212هـ ،فقد حاكى المؤلف في أسلوبه – وبالذات في افتتاح مجلسه -طريقة الشيخ الفخري في كتابه المنتخب في جمع المراثي والخطب ،حيث يقتصر على التفجع على مصائب أهل البيت ،وندب أهل البيت عليهم السالم ،أو محاولة استنهاض مشاعر الحاضرين إلظهار الحزن ،ولكن ومع ذلك فإن الشيخ لم يتخل عن خصائص هذا الدور وهو االبتعاد عن الدور الروائي الذي يتسم بسرد الروايات دون أي تحليل أو تعليق عليها ،بل امتاز كتابه عن باقي الكتب المذكورة بأنه يكثر من إيراد اإلشكاالت التي يكثر األطراف اآلخرى من إيرادها ،كما تصدى لها المؤلف بالتفنيد، وهذا لم يجده الباحث في الكتب التي جاءت معه في هذا الدور والتي تمت اإلشارة لها بالذكر آنفا. السمة الغالبة لمجالس الشيخ رحمه هللا أنها تركز على مفاهيم الوالء ألهل البيت عليه السالم والبراءة من أعدائهم الذين تعرضوا لهم بالظلم والعدوان ،وهو في سبيله إلى عرض هذه المفاهيم تجده يحلق في أجواء عرفانية بحتة ،تدعوه أن يوظف عبارات عرفانية حكمية من شأنها أن تخر الموضوع من دائرة الوعظ واإلرشاد المباشر إلى أبحاث متقدمة في الجانب العرفاني ،بحيث أنها قد تفقد القارئ الغير مختص القدرة على مواصلة القراءة في بعض مجالسه لعدم فهم مراد المؤلف ،ولكنها قد تعكس من جانب آخر جانبا لمستوى الوعي والمعرفة للشيعة اإلمامية في األحساء بهذه المعاني وخاصة الفئات التي كانت تتعاطى القراءة في فخري الشيخ محمد بوخمسين محل الدراسة ،ولعل هذا الوجه يكون محل اعتبار بلحاظ أن الشيخ يفترض فيه الحكمة والتقدير المنطقي لألمور بحيث أنه ال يورد 132
عبارات غير مفهومة للقراء والمستمعين الذين تقرأ عليهم تلك المجالس ،وعلى أقل تقدير يمكن القول أن هذا الجهد منه رحمه هللا كان بهدف نشر هذه المعرفة ،وتجذيرها من خالل تكرار قراءتها بشكل دوري ودائم كمجالس حسينية ،ومن تلك الفقرات التي جاءت في ثنايا مجالس هذه السطور ما نصه":وعند حبيبه خاتم األنبياء وسيدهم وأشرفهم على اليقين عليه وعليهم صلوات هللا أبد اآلبدين والمفروض على كافة الخلق أجمعين ،الذي وجد ألجله البريات من العلويات ،والسفليات ،والماديات الشهودية ،والمجردات الغيبية؛ لثبوت أنها عين معرفة الذات األحدية ألنه سبحانه ال يعرف إال من نحو آياته اآلفاقية واآليات الباطنية النفسية ،وسبيل عالماته وظهوراته الفعلية ،ال من نحو ذاته المقدسة المتعالية عن اإلحاطات الغيرية ،إذ ال يمكن ألحد أن يعرفه تعالى بكنه صفاته الذاتية القديمة ،من جميع البرية ،وال يمكن ألحد الوصول واإلدراك واإلحاطة بشيء من الصفات األزلية؛ لظهور أن الطريق إليه مسدود ،والطلب مردود ،إنما دليله الدال على معرفة آياته التي ألقاها في أثره ليعرف بها ،ووجود إثباته بمشاهدة تجلياته ،وال شك يا ذوي األنفس الزكية أن الحقيقة المحمدية صلى هللا عليها في الصبح والعشية ،أفضل آياته األفقية ،التي أودع فيها هيمنته األلوهية ،وقهارته الربوبية ،وأظهر منها آثار صفاته القدسية التي يستدل بها على كمال ذاته األحدية ،وأزكى عالماته اإلمكانية، وأشرف عنواناته العلية الدالة عليه داللة استدالل ألدلة الحقية الحقيقية". احتفظ الشيخ في كتابه بأهم األغراض الخطابية التي عرف بها المجلس الحسيني خالل الدور الروائي والدور التفسيري وهي: أ-االستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المجلس الحسيني. التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم.د-التعرض لمصائب بقية أهل البيت عليهم السالم. هـ-نشر فضائل أهل البيت عليهم السالم. 131
الفرع الخامس :أسلوب الشيخ في حل اإلشكالت. استخدم الشيخ األسلوب العلمي بشكل مقارب لما هو قائم ومعروف في المجالس الحسينية في العهد الحاضر ،فقد كان يطرح اإلشكال العقائدي الموجه للفكر الشيعي اإلمامي ،بعدها يتناوله بنوع من النقاش العلمي الرصين ومفندا له ،ومن تلك اإلشكاالت التي تعرض لها مسألة النص على والية اإلمام علي عليه السالم ،وقد بدأ بعرض اإلشكال بقوله" إن الذين يعتقدون ويزعمون أن رسول هللا الذي خلق ألجله العالمون ،وما فيها من الموجودات واألنبياء والمرسلون والمالئكة الكروبيون ،والمقربون والشهداء والصديقون ،وعبادهللا الصالحين صلى هللا عليهم مادامت السماء واألرض ،مضى لسبيله عن أمته إلى جوار ربه ،في غرفات جنته ،وأهمل في الوجود أمر رعيته ،ولم يعين لهم إماما هاديا من أفاضل عترته ،ولم ينصب فيهما علم رشاد من أرومته ،ولم يوص لها باتباع أحد بعينه من عشيرته" ،إلى أن قال " :وأن تختار لها رجال من المهاجرين، واألنصار وتجعله لنفسها منارا ،إال أنه من قريش ال من ساير القبائل وأهل األنصار ،وقال أن أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" ،وقد فند الشيخ هذا اإلشكال في حديث يطول ذكره ،ولكن سيتم إيراد ما استدل به في دحض اإلشكال وهو كما يلي: أن القول بأن رسول هللا انتقل إلى الرفيق األعلى من دون أن يعين وليا من بعده هذا محض إدعاء ال أساس له ألنه خالف قاعدة اللطف باألمة ،ومؤدي بها إلى التشتت والتفرق. إن هذا االدعاء إنما أقاموه لكي يتيحوا الفرصة ألنفسهم التخاذ من يرضون إمامته. إن إدعاء عدم وجود نص فهو أمر باطل لوجود النص وتواتره.
الفرع السادس :نسخ الكتاب المخطوط. قبل ختام الحديث عن كتاب الشيخ أبي خمسين أعلى هللا مقامه، ينبغي اإلشارة إلى أن الباحث رأى الكتاب في مخطوطتين ،األولى أصلية ولم يعثر إال على المجلد الثاني منها فقط وتاريخ نسخه عام 131
1261هـ ،ولم يكتب عليه اسم الناسخ ،وهذه النسخة موجودة في األحساء عند أحد أقرباء الباحث ،والمجلد األول فقد في ظروف غامضة ،والنسخة األخرى مصورة تصويرا سيئا عن األصل ،إذ أغلب السطور التي في أسفل الصفحات غير واضحة ،ويصعب قراءتها ،وهذه النسخة موجودة في الكويت وناسخها هو السيد هاشم بن السيد خليفة النحوي وذلك عام 1331هـ.
المطلب الخامس:كتاب "روضات الجنان" للعالمة الشيخ جعفر أبي المكارم رحمه هللا. وفيه عدة فروع:
الفرع األول :مؤلف الكتاب. هو العالمة الشيخ جعفر بن الشيخ محمد أبو المكارم المولود في عام 1241هـ والمتوفى عام 1322هـ.
الفرع الثاني :لمحة موجة عن الكتاب. يقع الكتاب في ثالث مجلدات من القطع الكبير ،ولم يكتمل تأليفه بعد ،وقد اطلع الباحث على المجلد األول ،ويتكون من 231صفحة، والمجلد الثاني يتكون من 336صفحة ،وال يزال الكتاب مخطوطا ولم يسبق نشره ،وقد فرغ من تأليف الجزء األول في 21ذي الحجة 1331هـ والجزء الثاني 6ذي الحجة عام 1334هـ. ضم الكتاب بداخله مجالس حسينية ،تنتمي من حيث بنائها الفني والفكري إلى الدور التفسيري ،هذا وقد تعرضت المجالس الحسينية في المجلد األول منه إلى مواضيع هامة مرتبطة بنهضة الحسين عليه السالم ،وذلك قبل عرصة الطف ،ومن تلك المواضيع ما يلي-: -1ما يتعلق بمولد الحسين عليه السالم ونشوئه وقبوله للمحنة. 131
-2في أخذ العهد عليه السالم من هللا تعالى. -3في ال بداية تلك الواقعة ،وتعزية المالئكة ألبيه ،وجده ،وأخيه، وأمه صلوات هللا عليهم أجمعين. -2في إيصال تربته إلى جده ،وأمره بحفظها ،وتعاهدها حتى تكون دما. -1في تسلية أم سلمة ،وتعزيتها وبكائها عليه السالم. -1في بكاء األنبياء عليه ،وحث الشيعة على البكاء عليه ،وما أعد لهم من الثوب. بعدها تعرض إلى بداية نهضته من المدينة ،ومروره بمكة ،وحتى وصل إلى أرض كربالء ،وفصل الحادثة في مجلس طويل ،وذكر ما جرت من أحداث بعد واقعة الطف من السبي حتى الرجوع إلى المدينة ،وتعرض أيضا إلى محنة نبي هللا يعقوب عليه السالم ،وجد أيوب عليه السالم ،ومواضع أخرى ذات قيمة ،وفصل في كتابه عن العباس عليه السالم ،والمواقف التي أبداها يوم الطف ،ومنزلته العلمية وما أخذ من والده أمير المؤمنين عليه السالم من صفات علميه وجسدية ،وهذا وقد تعرض إلى بطولة بقية بني هاشم ودورهم في الدفاع والذب عن سيدهم الحسين عليه السالم ،وقد تعرض في الكتاب إلى األنصار ،وأشبع الكالم في أحوالهم ومكانتهم بأنصار النبي محمد صلى هللا عليه وآله وأنصار أمير المؤمنين عليه السالم ،وأورد بعض الموضوعات المتعلقة بمحنة النبي يعقوب مع ابنه يوسف عليهما السالم ،وصبر نبي هللا أيوب عليه السالم.
الفرع الثالث :نصيب الشعر في كتابه. أورد شعرا كثيرا ،فقد التزم يأتيان قصيدة في نهاية كل مجلس، وربما بلغت القصيدة 12بيتا أو أكثر من ذلك من نظم المؤلف أعلى هللا مقامه ،هذا باإلضافة إلى بعض القصائد الورادة في السيرة الحسينية التي اعتاد أرباب المقاتل أن يأتو بها. 134
الفرع الرابع :لغة المجلس. لم يخ ُل الكتاب من السجع كعادة علماء تلك الفترة ،ولكن الواضح أنه استطاع التخلص منها في بعض مجالس الكتاب ،كما تضمن عبارات حكمية ،وفلسفية:كالالهوت ،والملكوت ،واألزل ،والعلل، والعوالم ،بل وتجد فقرات تحتا إلى فهم في علم الحكمة ،والعقائد حتى يستطيع أن يعرف مراد المؤلف رحمه هللا ومنها: "واعلم أنه ظهر من هذه الكلمات الرموز واإلشارات أن جميع المخلوقات من ذوي النفوس الناطقة وغيرها من الحيوانات وغيرها من األجسام النامية ،والجمادات كانوا في علم اإلمكان أهل شعر وإدراك ،ولذا لما أحسوا بهذه المصيبة العظمى ،والرزية الكبرى تضعضعت منها قوتهم وتغيرت لها كينونيتهم ،وضعفت بنيتهم، وإنما فقدت الشعور واإلدراك لما حصلت في القوس النزولي ،وهو بروزها إلى عالم الوجود والتكليف ،وإال فهي في عالم الذر وهو القوس الصعودي كلما تذكرت تجددت عليها األحزان". ومن الجدير بالذكر أن الباحث وجد هذا االتجاه عند الشيخ محمد أبي خمسين في كتابه مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب ،وما ورد من احتماالت عن سبب هذه الظاهرة هناك يرد في هذا المقام ،وال يعلم ما العلة في إيراد مثل هذه العبارات التي يستعصي فهمها على غير المتخصص ؟! والحال أن المجالس الحسينية يحضرها من مختلف الطبقات.
الفرع الخامس :أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري. تبدو أهمية الكتاب في دراسة الدور التفسيري ،أنه فسر اآليات والراويات التي افتتح بها صدر المجلس ،ولم يكتفي بإيراد تفسير اآلية على نحو إعطاء مفهوم اآلية فقط ،بل دعمها بروايات أهل 136
البيت عليهم السالم تارة ،وتارة أخرى دعمها بحدث تاريخي ،لذا من المؤسف له حقا أن الكتاب لم يتح له النشر ،حتى يأخذ نصيبه من دفع مسيرة المآتم الحسينية التي اضطلعت بمهمة نشر المعارف اإلسالمية سواء منها األخالقية ،أو التاريخية ،أو األدبية غير تفسير آيات الكتاب والسنة المحمدية ،السيما وأن الكتاب يكتنـز من المعارف ذات قيمة وأهمية كبيرة.
الفرع السادس :ملخص ألحد مجالسه. بدأ المجلس بآية كريمة "إن هللا يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص" ،ثم شرحها مبينا فيها ثواب الجهاد في سبيل هللا عز وجل ،أعقبها بخطبة لإلمام علي أمير المؤمنين عليه السالم نصها":اعلموا أيها المؤمنون أن هللا قد دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم :اإليمان باهلل :ورسوله ،والجهاد في سبيله ،وجعل ثوب ذلك مغفرة الذنب ،ومساكن طيبة في جنات عدن رضوان من هللا أكبر ،وأخبركم أنه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ،فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص ،ثم قال أتدرون ما سبيل هللا ،أنا سبيل هللا الذي نصبني لإلتباع بعد نبيه محمد صلى هللا عليه وآله" انتهى. بعدها قال المؤلف :فاعلموا أن السبيل المأمور بالقتل فيه هو اإلمام المأمور من هللا عز وجل باتباعه ،وترك الخالف عليه كما علم أن األمر بالتراص كالبنيان ،كناية عن اجتماع القلوب على طاعته، واإلكباب على محبته واألخذ بواليته. ثم نوه بأهمية تحمل الموالي للنصب والجهد الذي سيالقيه في سبيل االحتفاظ بواليتهم ،وهكذا تدر في الحديث إلى أنصار الحسين عليه السالم ،وكيف بذلوا أنفسهم في سبيل هللا وفداء لموالهم الحسين عليه السالم ،بعدها عر إلى ما جرى من قتال يوم العاشر من المحرم. 123
المبحث الثاني :الممارسة الفعلية للخطباء خالل الدور التفسيري. تمهيد: لقد بلغت القراءة الحسينية في هذا الدور شأنا عظيما ومكانة سامية، بل غدت علما وفنا ال يبارى في مضمار الخطابة بشكل عام ،ولم تصل إلى هذا المستوى الرفيع إال عبر جهود كبيرة بذلت من علماء أفاضل ،انخرطوا في سلك الخطابة الحسينية ،وأعطوا جوهر أوقاتهم الثمينة في سبيل السمو بها ،واالرتفاع بأدائها لتغدو اللسان الناطق المعبر عن فكر الرسالة المحمدية ،والترجمان الواعي آلمال الحسين عليه السالم في نهضته المقدسة ،وقد قصد منها فتحا مقدسا أكد عليه في أحد رسائله إلى بني هاشم قائال":من لحق بنا منكم استشهد ،ومن تخلف لم يبلغ الفتح". فكما أن الحسين عليه السالم قد خطط لنهضته ،ووضع لها األهداف النبيلة والسامية ،وهو تحقيق الفتح المبين الذي ستشرق منه شمس الهداية المحمدية على العالمين ،ودعا لاللتحاق بركبها ذوي الضمائر الحية والمؤمنة بشريعة هللا عز وجل كمنها حياة. كما أنه قام بكل ذلك ،فقد استجاب له ثلة من المؤمنين الخلص، حضروا معه واقعة الطف ،وأبلوا معه البالء الحسن ،حتى تضرجوا بدمائهم الزكية ،وغادروا الدنيا وعلى شفاههم ابتسامة نصر قد تحقق ،واطمئنان بأمل واعد ،يلوح في األفق بأن جيال آخراً من األنصار سيدخل ساحة الجهاد والنصرة لنهضة أبي عبد هللا الحسين عليه السالم اإلصالحية ،ليكمل المشوار ،ولكن هذه المرة على هيئة خطباء وأدباء حسينيين يرددون أفكاره التي قتل من أجلها.
121
وال غرابة أن يالحظ بأن هذا الجيل قد أمتد بهم الزمن من بعد واقعة الطف وإلى يومنا هذا ،ونشاط أفراده في عمل دؤوب ،ال يشوبه كلل وال ملل ،وقد تمخض العهد المعاصر الذي أطلق عليه الباحث بـالعهد التفسيري في تاريخ المآتم الحسينية ،عن مدرستين خطابيتين عمالقتين ،قد حلقتا في سماء العلم والفضيلة واألدب ،استطاع أتباع كل مدرسة أن يؤدوا الواجب الذي وطنوا أنفسهم على حمله، إرضاء هلل عز وجل؛ ليأتوا يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى هللا بقلب سليم ،وقد وفاهم هللا عز وجل بالجزاء العظيم. لقد كشفت الممارسة الفعلية للخطباء في هذا الدور عن مدرستين تشتركان في سمة التفسير للنصوص الدينية سواء منها القرآنية أو الحديثية أو األدبية ،ولكن تختلفان في منهجية العرض ،وعمق الطرح ،وحداثة المعلومات ،وفي هذا المبحث ستعرض سمات هاتين المدرستين من خالل المطلبين التاليين: المطلب األول :المدرسة التاريخية. المطلب الثاني :المدرسة العلمية.
المطلب األول :المدرسة التاريخية. وهي أول مدرسة أدخلت التجديد في الدور العلمي ،فبجهود مؤسسها رحمه هللا استطاع أن يخلص المآتم من سمات الدور الروائي الذي أثقل كاهله ردحا من الزمن ،والذي لم يكن دور الخطيب فيها أكثر من عرض مجموعة من النصوص التاريخية، واألدبية ،الدينية ،وتسكب في قوالب تفتقد إلى الوحدة في بنائه. وسيتم عرض سمات هذه المدرسة من خالل الفروع التالية: الفرع األول :مؤسسها. الفرع الثاني :ظروف نشأتها. الفرع الثالث :أسباب تسميتها بالمدرسة التاريخية. 122
الفرع الرابع :انطباع أحد األدباء عن أبرز خطباء المدرسة التاريخية. الفرع الخامس :تاريخ نشأة المدرسة التاريخية. الفرع السادس :أبرز سماتها. الفرع السابع :األغراض الخطابية في المدرسة التاريخية. الفرع الثامن :أبرز رواد المدرسة التاريخية.
الفرع األول :مؤسسها. تأسست هذه المدرسة على يد الشيخ كاظم بن الشيخ حسن سبتي السهالني الحميري المولود عام 1214هـ والمتوفى عام 1323هـ.
الفرع الثاني :ظروف نشأتها. جاء الحديث عن ظروف نشأة هذه المدرسة في سياق ترجمة الشيخ كاظم سبتي رحمه هللا في كتاب أدب الطف للسيد جواد شبر والكالم يعود لألخير حيث يقول" :كان المنبر ذلك اليوم ال يتعدى غير قصة الحسين عليه السالم ومقتله يوم عاشوراء، وإذا بهذا المتكلم "أي الشيخ كاظم سبتي" يروي خطب األمام أمير المؤمنين عليه السالم عن ظهر غيب ،فعجب الناس واعتبروه فتحا كبيرا في
الشيخ كاظم سبتي 123
عالم الخطابة ،ثم قام يروي السيرة النبوية وسير أهل البيت عليهم السالم وربما روى سيرة األنبياء السابقين عليهم السالم أجمعين، وقصصهم فكان بهذه الخطوة يراه الناس مجددا ،حيث حفظ وقرأ، وهكذا من يحفظ ويقرأ يرونه مجددا ؛ ألنهم كانوا ال يحسنون أكثر من قراءة المقتل ،وفي ذلك الحين يسمى كل من يقرأ بقراءة كتاب "روضة الشهداء" للشيخ الكاشفي بـ"روضة خون". يمتاز الخطيب المترجم له أنه ال يروي اال الصحيح ،فال يروي األخبار غير المسندة ،أو الضعيفة ،وكان المنبريون قبله ال يحسنون أكثر من تناول الواحد منهم كتاب "روضة الشهداء" ،ويقرأه نصا ثم تطورت إلى حفظ ذلك الكتاب ورواية ما فيه فقط كالسيد حسين آل طعمة سنة1213هـ وهو ممن ولد ونشأ ومات بكربالء المقدسة، وسلسلة نسبه رحمه هللا هي :حسين بن درويش بن أحمد بن يمي بن خليفة نقيب األشراف ويتصل نسبه بالسيد إبراهيم المجاب بن حمد العابد بن اإلمام موسى الكاظم عليه السالم. وهكذا كان معاصره ،وهو السيد هاشم الفائزي سنة 1213هـ، وأيضا ولد ونشأ وتوفي بكربالء وهو ابن السيد سلمان بن السيد درويش بن السيد احمد بن السيد يحي آل طعمة ،وكان في أسلوبه ال يخر عن الشيخ كاظم وقد تكور منبره إلى رواية سير النبي واألئمة عليهم السالم ،وحفظ خطب اإلمام علي عليه السالم ،فكان فتحا جديدا في المنبر الحسيني. ولهذه الشهرة التي حازها ،طلبه جماعة من وجهاء بغداد وأكابرهم، ليكن هناك ،فهاجر إليها سنة 1334هـ وبقي سبع سنين يرقي المنابر في المحافل الحسينية ،ويؤمئذ كانت المحافل تغص بالسامعين ،فال إذاعة تشغلهم ،وال تلفزيون يلهيهم ،وفي سنة 1311هـ ،ألزمه جماعة من علماء النجف بالعودة للنجف ،فكان خطيب العلماء ،يتلذذ السامعون بحديثه ،ويقبلون عليه بلهفة وتشوق ولهم كلمات بحقه تدل 122
على نظمه ونبله" ( رب :أدب الطف،
السيد جواد شبر.
،6ص .)11انتهى كالم
وقد أيد هذا الرأي الشيخ جعفر آل محبوبة في كتابه ماضي النجف وحاضرها ،فقد قال عن آل سبتي "آل سبتي توارثوا الخطابة الحسينية ،فكانوا من السابقين في ميادينها ،والمحلقين بخيرها، خدموا المنابر خدمة جليلة تشكر ،وتذكر ،وترددها السنة الثناء" (آل حمبوبة:ماض النجف وحاضرها ،2 ،ص )333ثم تحدث عن الخطيب الحسيني الشيخ كاظم سبتي قائال":كنت أحضر مجالسه في عشرة المحرم في دار آل بحر العلوم ،فيرتقي المنبر قبله أربعة أو خمسة شيوخ ،وكلهم يقرأ في موضوع خاص ،فال يتركوا ما يخص الموضوع من شاردة أو واردة إال ذكروها ،حتى يستعين البعض منهم بالمراسل واألخبار الضعاف والمنامات ،فإذا رقى المنبر جاءنا بشيء جديد لم نسمعه ممن كان قبله ،وأخذ بحقه من البكاء ،فكان السبق له ،وحقا أقول أنه مخترع ،ومبتدع في فن الخطابة" (آل
حمبوبة:ماض النجف وحاضرها،
،2ص .)223
الفرع الثالث :أسباب تسميتها بالمدرسة التاريخية. لعل أبرز ما يشد انتباه الباحث إلى هذه المدرسة ليعطيها اسما يليق بها هو التحامها بالمادة التاريخية ،فقد جعلت التاريخ محورا رئيسيا لألبحاث التي يقدمها الخطيب أثناء انعقاد المآتم ،فهي تستأثر بالنصيب األكبر من اهتمامه ،ولهذا سميت بالمدرسة التاريخية، ولعل أكثر المواضيع التاريخية طرحا ما يلي: أول-السيرة النبوية :وتضم حالة العرب قبل البعثة ،وتاريخ بعثة النبي صلى هللا عليه وآله وهجرته ،وجهاده في نشر الدعوة، وغزواته ،وسيرته الذاتية. 121
ثانيا-سيرة األنبياء :وهي ظاهرة غير مألوفة في المآتم التي سبقت الدور العلمي ،وبالذات المدرسة التاريخية إال بنحو قليل جدا، كالحديث عن صبر أيوب ،وبكاء يعقوب على يوسف ،وقتل يحي بن زكريا عليهم السالم ،أما في المدرسة التاريخية فصار الحديث عن األنبياء أكثر اتساعا وشموال. ثالثا-أحداث الخالفة اإلسالمية :فهي تعرض األحداث التي وقعت بعد وفاة النبي صلى هللا عليه وآله ،وما جرى فيها من وقائع حولت مسار الخالفة اإلسالمية ،وما صاحب ذلك من أحداث مؤلمة. رابعا-عرض التاريخ األموي والعباسي :أكثرت المدرسة التاريخية من عرض الفضائح التي ارتكبت في ظل هذين العهدين تحت عنوان تثبيت دعائم الخالفة اإلسالمية ،وضرب أيدي العابثين بها، وما نال العلويين في ظلهما من معاناة ،وتشريد ،وتنكيل. خامسا-التركيز على تاريخ النهضة الحسينية :وذلك بتحليل أحداثها ،والدخول إلى التفصيالت الدقيقة التي وردت في المقاتل والسير. وفي أثناء الطرح التاريخي الموسع كان الخطيب يقف على معالم العظة والعبرة ،التي يستشفها من تلك األحداث ،موضحا ذلك باألدلة القرآنية ،واألحاديث النبوية ،والشواهد الشعرية ،ويسكب ذلك في قوالب أدبية ،يتحدد مستواها على قدرات الخطيب.
121
الفرع الرابع :انطباع أحد األدباء عن أبرز خطباء المدرسة التاريخية. سجل الشيخ عبد الحسن الغراوي ،عضو جمعية الرابطة األدبية في العراق ،انطباعاته عن أبرز خطباء المدرسة التاريخية ،وهو الشيخ محمد علي اليعقوبي ،فقال عنه في مقاله التأبيني الذي نشره في العدد الخاص بالشيخ اليعقوبي الصادر عن مجلة اإليمان ،فقال فيه" :وهو رجل السيرة والتاريخ ،الذي أخذ على عاتقه مهمة التاريخ كل التاريخ قديمه وحديثه ،فال تخفاه خافيه ،وال يغرب عن ذهنه حادثة، مهما كانت النهاية". كان يصوغ الحوادث بقوالب ذهبية ،ويسكبها بأسلوب محبب الشيخ محمد علي اليعقوبي تصغي له األسماع ،ويأخذ باألعناق ،و يستهوي األفئدة ،دون أن يشعر السامع أنها هي التي مرت عليه في مطالعته وما بين قراءاته. و إن من بين ما يمتاز به في هذا المضمار الشائك ،والدرب الطويل المليء باألرقام :من أيام ،وشهور ،وأعوام ،وحقب ،وأسماء مدن، وعواصم ،وقرى ،وصحاري ،وملوك ،وقواد ،ووزراء ،وأعيان، وجنود ،ومصلحين ،وعابثين ،استحضاره للكثير منها في العديد من المواضع ،وهو أمر لعله من الصعب على اإلنسان أن يحيط شموال 121
بكل ذلك في كل آن ،وليس من السهل أن يستعرض ما شاء في كل وقت يشاء" (جمية اإلميات:الغراوي ،لام 1341هـ ،ص .)211
الفرع الخامس :تاريخ نشأة المدرسة التاريخية. يعتبر تاريخ نشأة المدرسة التاريخية هو تاريخ بداية الدور التفسيري ،وذلك في حدود نهاية النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ،فقد مر علينا أن تاريخ والدة الشيخ كاظم سبتي رحمه هللا كان عام 1214هـ وأن شهرته علت ونمت بحيث أن أهالي ووجهاء بغداد قد ألحوا عليه بالهجرة إليهم فهاجر إليها عام 1334هـ ،فمن المحتمل أن تكون فترة التجديد واالبتكار الذي عرف به ،كانت في نهاية النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري كما ذكر.
الفرع السادس :أبرز سماتها. أول-حفظ نصوص نهج البالغة :وهي أبرز سمة في رواد المدرسة ،إذ أن أول ما شد جماهير هذه المدرسة هو عنصر المفاجأة الذي تحقق على يد مؤسسها الشيخ كاظم سبتي ،كما جاء في كالم السيد جواد شبر ،إذ أنه جاء بما لم يكن معهودا ،وهو تالوة نصوص نهج البالغة على رغم طولها وذلك عن ظهر قلب ،إذ ربما استدعى المأتم الحسيني أن يورد الخطيب فيه خطبة أو السيد صالح الحلي خطبتين ،وهذه ظاهرة نجدها في أغلب رواد هذه المدرسة .فعلى سبيل المثال نجد السيد صالح الحلي المتوفي عام 1316هـ لما أرد أن ينتهج الخطابة ،وقد كان عمره 124
آنذاك 26عاما وقد أنهى في ذلك السن دروس السطوح ،ولم تكن له يومئذ أية صلة بالخطابة وكان ذلك عام 1314هـ حيث أحس من نفسه القدرة الخطابية ،وقوة البيان ،وطالقة اللسان ،توجه أول ما توجه إلى حفظ نهج البالغة من خطب اإلمام أمير المؤمنين عليه السالم ( رب:أدب الطف ،6 ،ص .)231 وإليك اآلخر ،الشيخ مهدي اليعقوبي الذي يقول عنه أخوه الشيخ محمد علي اليعقوبي أنه كان يحفظ ثالثة أرباع نهج البالغة. ( رب:أدب الطف ،13 ،ص .)21 أيضا نجد الشيخ عبد الحميد الهالل يحفظ الكثير ،ومعه اآلخر المال أحمد بن رمل كما أفاد بذلك العالمة الدكتور عبد الهادي الفضلي حفظه هللا ،ومن المجالس التي عايشها الباحث في صباه أنه قد استمع بعض الخطباء وهم ممن ينتمون إلى المدرسة التاريخية، وكانوا يأتون في المآتم التي تعقد بمناسبة مجلس الفاتحة على روح أحد الموتى بخطبة أو خطبتين من نهج البالغة فتأتي على جميع وقت المأتم ،ومن مشاهدات الباحث عن وجود هذه الظاهرة من قبل كل من السيد عبدهللا الصفوي، والسيد محمد العلوي الصفوي ،والمال مسيري ،حيث طاب لهم المقام في األحساء وشاركوا في مآتمها ما يربو على ثالثين عاما، وقد كانوا من خطباء المدرسة التاريخية وهم من حاضرة القطيف في المملكة العربية السعودية. الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي
126
وتعود أسباب حفظ نصوص نهج البالغة لما تكتنـزه من بالغة وتاريخ ،ودين وأدب ،وعلوم إنسانية واجتماعية ،وغيرها من العلوم التي ال تجدها إال في القرآن الكريم ،وال عجب في ذلك فقد صدرت من سيد البلغاء والمتكلمين بعد رسول هللا صلى هللا عليه وآله ،فهم نعم الزاد لمن أراد أن يكون خطيبا. ولعل الرواد األوائل لهذه المدرسة أو كل من ينتمي إليها خطيبا ،قد أجهدوا أنفسهم في حفظ خطب النهج ،ألن به وثائق تاريخية ،تحكي الوضع السياسي واالجتماعي والديني ،لفترة ما بعد وفاة النبي صلى هللا عليه وآله ،وما جرى به من أحداث عظيمة غيرت مجرى أحداث ،كان من المخطط لها أن تكون ،فهي في الواقع تعطي الخطيب فرصة كبيرة لطرق القضايا التاريخية التي تعتبر العمود الفقري والرئيسي في كثير من مجالس الخطباء الذين ينتمون إلى المدرسة التاريخية. ثانيا-الهتمام بالجانب المأساوي الذي أصاب الحسين عليه السالم: فقد نشأت المدرسة التاريخية وهي الزالت حديثة العهد بآثار الدور الروائي ،أو باألحرى الزالت فعاليات الدور الروائي تأخذ مجراها ووضعها بشكل طبيعي في كثير من األرجاء التي يقطنها شيعة أهل البيت عليهم السالم ،و بالذت في األماكن الريفية ،والنائية ،القليلة التأثر بما يجري حولها من تجديد وتطوير. فالمدرسة التاريخية اهتمت بذلك للسبب الذي ُذكر سالفا ،ولما جاء من أهل البيت عليهم السالم من توصيات باالهتمام بهذا الجانب على مدى الدهر ،وهو من مكتسبات الدور التأسيسي األول.
الفرع السابع :األغراض الخطابية في المدرسة التاريخية من الصعب القيام بحصر األغراض الخطابية التي تناولها رواد المدرسة التاريخية ،ولكن من الممكن اإلشارة إلى أهمها وهي-: 113
-1جعل المادة التاريخية – من ذكر األنبياء واألئمة عليهم السالم، وعرض األحداث اإلسالمية -عمودا فقريا يتقوم به المأتم الحسيني. -2الوقوف على معالم العظة والعبرة من قراءة التاريخ. -3طرق المسائل التربوية التي تعالج أمراض سلوكية على مستوى الفرد واألسرة. -2ذكر الشواهد األدبية التي توافق موضوع البحث. -1التعرض لمصائب بقية أهل البيت عليهم السالم وبعض العلويين. -1التنويه بالبعد الفضائلي في سيرة أهل البيت عليهم السالم. -1االحتفاظ بثوابت المأتم الحسيني ،والمتمثل في اآلثار التي تركها لنا الدور التأسيسي عبر توجيهات وممارسات أهل البيت عليهم السالم وهي: أ-الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-التنويه بالثواب العظيم للباكين عليه. ج-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم.
الفرع الثامن :أبرز رواد المدرسة التاريخية. في نهاية النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري ،برز مجموعة من الخطباء األفاضل السائرين على خطا التجديد ،وذلك على أثر االنعطافة التي أحدثها الشيخ كاظم سبتي مؤسس المدرسة التاريخية المولود عام 1214هـ والمتوفى عام 1322هـ. وكما وصف من نقل سيرتهم ،أنهم متفانون في خدمة المنبر الحسيني آنذاك ،وكان لهم تضلع ملحوظ في شئون األدب، واللغة ،والتاريخ ،والثقافة اإلسالمية منهم :الشيخ محسن أبو الحب (الجد) ولد 111 الشيخ محسن أبو الحب
عام 1231هـ ،وتوفي عام 1331هـ ،علما بأنه أسبق مولد من مؤسس هذه المدرسة ،وقد نعت بأوصاف تدل على قدراته الخطابية بالتصرف في فنون الكالم ،وأنه إذا ارتقى األعواد تنقل في المناسبات ( رب:أدب الطف ،4 ،ص ، )11وقد شهد في حقه وقدرته الخطابية الشيخ الجليل محمد حرز الدين النجفي في كتابه معارف الرجال ،من خالل ما استمع إليه في بعض مجالسه بما يلي: "كان فاضال ،أديبا ،بحاثة ،ثقة ،جليال ،ومن عيون الحفظ المشهورين ،والخطباء البارعين ،له القوة الواسعة في الرثاء، والوعظ ،والتاريخ ،وكان راثيا آلل رسول هللا صلى هللا عليه وآله، وشاعرا مجيدا ،حضرت مجلس قراءته ،فلم أر أفصح منه لسانا، وال أبلغ منه أدبا وشعرا" ( رب:أدب الطف ،4 ،ص .)11 ولعل هذه المواصفات التي ذكرها لنا رحمه هللا ،توحي للقارئ بشخصية فذة ،كانت لها القدرة على إحداث أثر في مسار الخطابة. ومن األسماء الالمعة في سماء المدرسة التاريخية المال محمد القيم الحلي ،الذي عده السيد جواد شبر أستاذ الخطابة في بغداد ،وهو والد الشيخ حسن بن المال محمد القيم الحلي أحد نوابغ عصره ،ولداته ( رب:أدب الطف ،4 ،ص .)126 ومنهم أيضا الشيخ محمد المال ،ترجم له البحاثة الشيخ علي الخاقاني في (شعراء الحلة) ،وقال عنه: "أديب كبير ،وخطيب مفوه ،طرق كافة النواحي بمحاضراته ومساجالته" ( رب:أدب الطف ،4 ،ص .)4 ومنهم أيضا الشيخ مهدي الخاموش ولد 1213هـ وتوفي عام 1332هـ ،قال فيه السيد جواد شبر-:
112
" تدر على مجالس العلم وأندية األدب ،فبرع في الخطابة لحسن التعبير ،وجميل األسلوب ،وأعظم حسنة له أنه تخر على يده السيد جواد الهندي خطيب كربالء" ( رب:أدب الطف ،4 ،ص .)213 وهذا األخير ولد عام 1213هـ وتوفي 1333هـ ،وقد طبقت شهرته األرجاء ،كما شهد في حقه الخطيب محمد علي اليعقوبي في حاشية ديوانه أبي المحاسن ،وقال في بعض ما قال":ما رأيت ،وال سمعت أحدا من الخطباء ،أملك لعنان الفنون المنبرية على كثرة ما رأيت منهم وسمعت ،فقد حاز قصب السبق بطول الباع ،وسعة االطالع في التفسير ،والحديث ،واألدب ،واللغة ،واألخالق ،والتاريخ ،إلى غير ذلك" ( رب:أدب الطف ،4 ،ص .)231 ويقول فيه الشيخ محمد علي قسام "كانت له القدرة التامة على جلب القلوب ،وإثارة العواطف ،وانتباه السامعين ،السيما إذا تحدث عن فاجعة كربالء ،فال يكاد يملك السامع دمعته" ( رب:أدب الطف،
،13ص .)13
وقد علق السيد جواد شبر قائال" :سبب اشتهاره بالهندي لسمرة لونه ،أو ألنه ينحدر من ساللة كانت تسكن الهند وهللا أعلم وكان يجيد الخطابة باللغتين العربية والفارسية" ( رب:أدب الطف،4 ،
ص .)212
وممن برز في هذه المدرسة الشيخ محمد علي قسام توفي 1313هـ، قال فيه السيد جواد شبر رحمه هللا " كنا نستمد من براعته وأساليبه، ونتعلم منه أساليب الخطابة ،ويظهر من أسلوبه أنه درس المبادئ، وأتقن النحو ،والصرف ،والمنطق ،والبالغة ،والفقه ،واألصول، وأضاف إلى ذلك مطالعة الكتب الحديثة ،فأكسبته مرونة ،وعذوبة 113
فكان يمتاز بتجسيد القصة ،وتجسيم الواقعة التي يتحدث عنها كواقعة كربالء ،أو غيرها حتى كأنك تشاهدها ،وهو أقدر الخطباء على التأثير في النفوس" ( رب:أدب الطف ،13 ،ص ، )13وقد
لقبه لشدة اإلعجاب به بفارس المنابر ( رب:أدب الطف، .)13
،13ص
أما الشيخ كاظم آل نوح فقد عرف بقوة حجته ،ومن حسن المواقف أن أتيحت له الفرصة في مخاطبة الدكتور أحمد أمين في إحدى مجالسه ،محاكما له على مفترياته التي أوردها ضد الشيعة في كتابه (فجر اإلسالم) وكان ذلك بحضور الدكتور أحمد مجلس الشيخ في الكاظمية ،وقد وعد األخير بطبع الكتاب خاليا من األغالط
( رب:أدب الطف ،13 ،ص 121بتصرف)
أما عن السيد صالح الحلي فحدث وال حر ،فقد بلغ من القوة الخطابية أن صار مع الشيخ محمد علي اليعقوبي كفرسي رهان في حلبة الخطابة ،وربما رأى البعض أنه أشهر الخطباء الحسينيين ومنهم السيد جواد شبر حيث يقول" :إن شهرته لم يحصل على مثلها خطيب حتى اليوم ،يتحلى بجرأة قوية ،وبسطة في العلم والجسم، ولد سنة 1246هـ في الحلة هاجر إلى النجف" ( رب:أدب الطف، ،6ص .)232
بينما يرى البعض بأن الشيخ محمد علي اليعقوبي كان رأسا على مدرسة خطابية مضت كما سيأتي الحقا.
112
المطلب الثاني :المدرسة العلمية. هي ثاني مدرسة تبرز وتتألق في الدور الثالث من تاريخ المنبر الحسيني ،فهي في تقدير الباحث تمثل العهد الذهبي للمنبر الحسيني حتى تاريخ كتابة البحث لام 1111هـ ،وستعرض الدراسة لتاريخ هذه المدرسة من خالل الفروع التالية: الفرع األول :مؤسسها. الفرع الثاني :أسباب تسميتها بالمدرسة العلمية. الفرع الثالث :ظروف نشأتها. الفرع الرابع :األغراض الخطابية في المدرسة العلمية.
الفرع األول :مؤسسها. نشأت هذه المدرسة على يد الشيخ الدكتور أحمد بن حسون بن الشيخ سعيد بن الشيخ حمود اليثي الوائلي النجفي ،المولود يوم الجمعة الموافق 11ربيع األول عام 1321هـ ،صادف مولده ،في يوم والدة النبي األكرم صلى هللا عليه وآله ،وحفيده اإلمام الصادق عليه السالم.
الفرع الثاني :أسباب تسميتها بالمدرسة العلمية. لم يقصد الباحث بتسمية هذه المدرسة ( بالمدرسة العلمية) أن ما عداها من مدارس خطابية –قامت عبر التاريخ الطويل للمآتم الحسيني خالل أدواره الثالثة التأسيسي والروائي والتفسيري –لم تكن علمية ،كال .بل أراد بذلك اإلشارة إلى االستجابة الواعية من 111
رائد هذه المدرسة للحاجة الثقافية ألبناء عصره من العلوم والمعارف الحديثة آنذاك ،فقد عمد إلى إدراجها في مجالسه الحسينية ،ليردم الفجوة الفكرية التي فصلت بين الكثير من شباب ذلك الجيل وبين المجالس الحسينية آنذاك. وقد جاءت تلك المعلومات التي تعاطاها في المآتم على نحو االستشهاد بها وتحليلها ودعمها بالمصادر القرآنية والروائية واألدبية تارة ،وتارة أخرى من أجل تفنيدها وإبراز موارد الضعف فيها ،وكثيرا ما كان عرضه لتلك العلوم في مختلف الحاالت سببا داعما ألفكاره اإلصالحية والتربوية الرامية إلى جذب المستمعين إلى دين هللا القويم. ومن تلك العلوم التي طرقها واستعان بها في أبحاثه المنبرية علم االقتصاد ،واالجتماع ،والنفس ،واإلحياء ،والطبيعيات ،والكيمياء، والفلك ،والجيولوجيا ،هذا فضال عن العرض العلمي الجيد لمسائل التاريخ ،والتربية ،والتفسير ،والتشريع اإلسالمي ،وسيرد بعض التفصيل في الصفحات القادمة إن شاء هللا.
الفرع الثالث :ظروف نشأتها. هناك عدة عوامل كان لها األثر الكبير في بروز هذه المدرسة الخطابية الشامخة ،ونوجز تلك العوامل فيما يلي: أول-:نضج المدرسة التاريخية: لقد بلغت المدرسة التاريخية مرحلة من النضج والتطور الكبيرين على يدي أبرز روادها في تلك الفترة ،وهو الشيخ محمد علي اليعقوبي ،الذي اعتبره المراقبون للساحة الثقافية في تلك الفترة، ومنهم الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي حيث يقول في مقامة التأبيني للشيخ محمد علي اليعقوبي ،والذي نشر في مجلة اإليمان، فقد قال حفظه هللا":فيما انطبعت به من خالل تتبعي لمجالسه 111
الحسينية ،رأس من أعالم مدرسة خطابية ،وربما كان هو خاتـــمها" (جمية اإلميات :الفضي ،ص .)62 ويوافقه في هذه الرأي أيضا ،الشيخ محمد مهدي اآلصفي عضو جمعية الرابطة األدبية ،حيث يقول "ولم يكن اليعقوبي في الخطابة شيخ وحده ،فقد كان امتدادا لمدرسة الخطابة في النجف األشرف، ظهر في فترة من حياة هذه المدرسة ونشأ فيها ،فكانت مؤهالته الشخصية أهلته إلى أن يتفوق على أقرانه في ميدان الخطابة" (جمية
اإلميات :اآلصف ،ص .)211
وقد كان الشيخ الوائلي من معاصري نشاط هذه المدرسة ،وبالذات في حياة الشيخ محمد علي اليعقوبي المتوفى في 1611/13/11م والذي تطورت في عهده فنون الخطابة وبلغت الذروة ،هذا باإلضافة إلى شخصيات بارزة في سماء هذه المدرسة قد عاصر خطابتها أمثال السيد صالح الحلي ،والشيخ محمد علي قسام. ولعل أبرز ما تركته المدرسة التاريخية من أثار على المدرسة التفسيرية ممثلة في خطابة مؤسسها األول الوائلي ،هي قدراته الخالبة ،والمثيرة ،عند طرح المسائل التاريخية ،فقد انطلق في هذا االتجاه من حيث انتهى الغير. ثانيا :ظهور المؤسسات العلمية الحديثة وانتشارها: كان لظهور المؤسسات العلمية الحديثة ،ممثلة في الجامعات والمعاهد المتخصصة والمدارس ،وانتشارها في أرجاء البالد اإلسالمية أثر مباشر في ظهور المدرسة التفسيرية ألن هذه المؤسسات العلمية الحديثة نشرت العلم والمعرفة وخفضت من نسبة األمية والجهل المنتشر في تلك الفترة ،وهذا أدى إلى رفع الذوق المعرفي والثقافي عند أبناء ذلك الجيل ،مما جعل الكثير منهم يتطلع إلى لون ثقافي أخر يطرح من خالل المنبر الحسيني بما يتناسب مع 111
أذواقهم الثقافية فلم يبت عطاء المدرسة التاريخية كافيا لتلبية احتياجات الساحة الفكرية ،فهناك علوم إنسانية أخرى ظهرت في تلك الفترة وأفراد األمة يسمعون بها ،ويدرسونها ،في أروقة الجامعات والمعاهد ،أو على األقل يقرأون بعض مفاهيمها على صفحات الجرائد ،والمجالت ومن أمثلة تلك العلوم :االقتصاد، االجتماع ،وعلم النفس ،وعلوم أخرى كاإلحياء والطبيعيات ،وهي علوم لها صلة كبيرة في مجال إثبات وجود هللا تعالى ،وقدرته عز وجل ،وكلها أساليب عصرية ،وحديثة لدعم نظريات الوجود. فالحديث عن األجرام السماوية ،والفلك أو الجيولوجيا كعلم عن طبقات األرض ،وعرض النظرية النسبية آلينشتاين للتدليل على الجاذبية ،وما يلف لف هذه المواضيع ذات الصفة العلمية ،التي تدعم نداءات القرآن للمؤمنين ليكونوا من المتفكرين في خلق السماوات واألرض ،كما قال تعالى ":الذين يتفكرون في خلق السماوات"، وعليه صار من الواجب المقدس على خطباء ذلك العصر أن يسدوا تلك الفجوة العلمية الحديثة ،في الخطابات الحسينية ،وهو ما تحقق على يد رائد المدرسة العلمية. هذا فضال عن االستفسارات ،واإلشكاالت التي انقدحت في أذهانهم بسبب االحتكاك مع الثقافات األخرى التي انتشرت بفضل انتشار دور النشر ،والطباعة ،والوسائل العلمية األخرى من راديو وتلفزيون وغيرها ،فقد تركت هذه الظروف مجتمعة ثروة ثقافية في أذهان أبناء الجيل المعاصر ال يستهان بها. ثالثا :المؤهالت العلمية لرائدها األول: وهو من أهم األسباب ،إذا أن مستوى الوعي واإلدراك الذي كان يتمتع به الشيخ الوائلي ،قد أهله إلى أن يضطلع بمهمة التجديد في دور المنبر ،وابتكار مدرسة خطابية تلبي احتيا المجتمع كما ورد سالفا .لقد مر الوائلي بظروف نادرة ،قلما يجود به الزمان مرة أخرى ،صاغت منه شخصية خطابية فذة ،أهلته إلى أن يحلق في 114
سماء الفضيلة واإلبداع الخطابي ،ومن أهم تلك الظروف التي مر بها كما يلي: -4المحيط الجتماعي :فالشيخ الوائلي من أبناء النجف األشرف ،حاضرة العلم والثقافة ،حضارة تضم بين جنباتها أكبر حوزة علمية إسالمية، وأقدمها تاريخيا ،وأغزرها علما وعلماء على اإلطالق ،وإلى جانب تلك الحوزة المجيدة الشامخة بعلمها ،توجد المدارس والكليات ذات الصبغة األكاديمية النظامية ،األمر الذي أتاح للشيخ الوائلي أن يجمع بين فضيلتي الدراستين الحوزوية واألكاديمية منذ نعومة أظفاره ،واستفاد من التجربتين ،ففي السابق من عمره الشريف درس لدى الكتاتيب ،وحفظ القرآن الكريم ،وكان ذلك في مسجد الشيخ علي نواية في سفح جبل الطمة من محلة العمارة ،وكان شيخه آنذاك الشيخ عبد الكريم قفطان ،وبعد تعلم القراءة والكتابة ،وقراءة القرآن الكريم ،صلب عوده واشتد ساعده ،راح يشكل مستقبله العلمي بشكليها األكاديمي والحوزوي ،مستثمرا لنبوغه و فطنته، فجمع الفضيلتين ،واستفاد من التجربتين ،ففي األولى أنهى الدارسة االبتدائية بمدرسة الملك غازي االبتدائية في النجف سنة 1612هـ ثم دخل متوسطة منتدى النشر ،فكلية مندى النشر وتخر منها بتفوق، ومن أقرانه في هذه المرحلة: السادة:صادق القاموسي ،ومحمد حسن آل ياسين ،ومحمد رضا المستعطي ،وأحمد المظفر ،ومحمد حسين العيافي ،ومحمد حسن القاضي. ولما تأسست كلية الفقه سنة 1614هـ انتسب إليها ،وتخر سنة 1612هـ بحصوله على بكالوريوس في اللغة العربية والعلوم اإلسالمية ،ثم أكمل الماجستير في الشريعة اإلسالمية في معهد الدراسات العليا التابع لجامعة بغداد ،وكانت رسالته بعنوان "أحكام السجون" ،ثم غادر إلى جمهورية مصر العربية ،حيث درس في 116
كلية دار العلوم جامعة القاهرة ،ونال درجة الدكتوراه سنة 1614هـ عن أطروحته الموسومة بـ "استغالل األجير وموقف اإلسالم منه" وخالل وجوده في القاهرة إلعداد أطروحة الدكتوراه ،درس االقتصاد في معهد الدارسات العليا التابع لجامعة الدول العربية، ومن أساتذته في هذا االختصاص علي لطفي. أما دراسته الحوزوية ،فقد بدأ بقراءة مقدمات العلوم العربية واإلسالمية ،ثم تدر في ذلك حتى أنهى مرحلة السطوح ،وهي مرحلة متقدمة في الدارسة الدينية لجامعة النجف الكبرى ،وحظى خالل الفترة بمجموعة من األساتذة األجالء ،ومن أساتذته في العربية وعلومها: الشيخ علي تامر (توفي 1343هـ).الشيخ هادي بن شريف بن مهدي القرشي ( 1323هـ).ومن أساتذته في الفقه واألصول: الشيخ علي بن الشيخ محمد سماكه ( ولد 1316توفي 1323هـ).السيد حسين يوسف مكي العاملي ( ولد 1321توفي 1361هـ).السيد محمد تقي بن السيد محمد سعيد الحكيم ( ولد 1321هـ).ومن أساتذته في دراسة التفسير ،والعقائد ،والفلسفة ،والمنطق: الشيخ علي بن الشيخ رضا كاشف الغطاء( ولد 1331هـ).الشيخ محمد حسين بن محمد المظفر ( ولد 1312توفي 1341هـ). الشيخ محمد رضا المظفر ( ولد 1321توفي 1343هـ ).الشيخ محمد تقي بن الشيخ جواد األيرواني ( ولد 1331هـ).أما في النصوص األدبية فقد حضر لدى الشيخ محمد سعيد بن سلمان مانع. أما في دروس الفلك والهيئة فقد حضر لدى الشيخ جليل العادلي. 113
أما في دروس الرياضيات والهندسة فقد حضر لدى السيد كاظم الحيوي. أما في اللغة اإلنجليزية فقد حضر لدى السيد كاظم كشكول. وفي الخطابة تتلمذ لدى نخبة من خير مشاهير خطباء عصره وهم-: السيد باقر السيد سلمون. الشيخ مسلم الجابري. -الشيخ محمد علي قسام( .جمية املوسم :لام 1646م ،لدد ،2ص
.)223
-2األفق الحضاري لحاضرة النجف: رغم أن النجف تضم أقدم حوزة علمية دينية عرفتها البالد اإلسالمية ،إال أن ذلك لم يحجب عند الكثير من علمائها روح التطور ،واالنفتاح ،بل سايروا الركب الحضاري بكل ما فيه من تجديد مع المحافظة الشديدة على األصالة الفكرية التي يحملونها. -1نضج الحوزة العلمية واستقرارها: مرت سنوات الدارسة الحوزوية عند الشيخ الوائلي في فترة بلغت الحوزة العلمية في النجف ذروتها من حيث االتساع واالستقرار، وتتابع جيل من مراجع التقليد المحققين المؤهلين لقيادة الحوزة ،وقد ضمت هذه الفترة على تعاقب واجتماع كال من: الميرزا حسن النائيني.السيد أبو الحسن األصفهاني.السيد محسن الحكيم.الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء.السيد أبو القاسم الخوئي.الشيخ محمد حسن المظفر.111
السيد عبد الهادي الشيرازي.السيد حسن الحمامي.السيد محمد رضا آل ياسين.السيد محمود الشاهرودي.السيد محمد تقي بحر العلوم.الشيخ حسين الحلي.السيد محمد الشاهرودي.الشيخ حسين الحلي.و أضرابهم من فحول العلماء األعالم ،وهؤالء مجرد أمثلة ال على نحو االستيعاب ،وتليهم طبقة أخرى ضمت مجموعة منهم: الشيخ مرتضى آل ياسين.الشيخ محمد رضا المظفر.السيد محمد تقي آل بحر العلوم.السيد محمد باقر الصدر.السيد محمد تقي الحكيم.الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي.السيد الميرزا حسين البجنوردي.وأمثالهم ،وهذه المجموعة هي اآلخرى مجرد نماذ من عدد كبير (جمية املوسم :لام 1646م ،لدد ،2ص .)213 -1معاصرته ألبرز خطباء المدرسة التاريخية: ولعل أبرزهم الشيخ محمد علي اليعقوبي ،والشيخ محمد علي قسام والسيد صالح الحلي ،وكان لهؤالء دور بارز في الصعود بمستوى الخطابة إلى ذروتها في إطار المدرسة التاريخية كما ذكرت. -5معاصرته ألبرز األدباء والشعراء في زمانه-:
112
كان ألولئك الشعراء طابعهم النجفي الخاص وأدبهم الناضج الرائد، ابتداء من الشيخ األديب محمد جواد الشبيبي والشيخ محمد رضا الشبيبي ،والشيخ علي الشرقي ،ومحمد مهدي الجواهري ،والسيد محمد سعيد الحبوبي ،والشيخ مصالح الجعفري ،والدكتور عبد الرزاق يحي الدين ،وكثير غيرهم ممن صقلتهم أبعاد النجف الحضارية( .جمية املوسم :لام 1646م ،لدد ،2ص .)213
الفرع الرابع:األغراض الخطابية في المدرسة العلمية. ليس من السهل حصر جميع األغراض الخطابية التي تناولتها المدرسة العلمية إذ أن كثرة العطاء ،والشمول للمعارف يجعل من العسير التشخيص الكامل ألغراضها ولكن يمكن اإلشارة إلى أبرزها وهي كما يلي: -1التصدي للهجمات الفكرية الموجهة ضد الدين اإلسالمي ،والتي يراد منها التشكيك في صالحياته لقيادة الحياة ،كما يراد منها إضعاف الروح المعنوية لمعتنقيه ،وتفنيد نظرياتهم بروح علمية نزيهة ،تعتمد األسلوب العلمي في المناقشة. -2تحليل األحداث التاريخية التي مرت باألمة اإلسالمية والوقوف على مكامن العظة منها ،وذلك من خالل الرؤية اإلسالمية الواعية التي تريد النهوض بمقدرات األمة نحو األعلى. -3محاولة النهوض بسلوك األفراد داخل األسرة ،وذلك بتشخيص المسئوليات والواجبات الملقاة على أفرادها سواء في ذلك الوالدان أو األبناء. -2التصدي لهجمات المغرضين الذي يريدون النيل من المذهب الجعفري وذلك من خالل الحوار الموضوعي ،المبني على الدليل الشرعي ،والمنتزع من كتب الخصوم أنفسهم. -1كشف النقاب عن مصادر الفقه الجعفري بالمقدار الذي يُعرف الطبقة المثقفة الغير متخصصة في قضايا التشريع ،وذلك بعرض بعض االستشهادات الفقهية ،واألصولية بنحو يحقق المطلوب لهذه الفئة. 113
-1محاولة ذكر فلسفة التشريعات اإللهية ،وعللها ،ما أمكن المقام، حتى يدرك المتعبد الحكم اإللهية من ذلك. -1التعرض ألصول العقيدة اإلسالمية الحقة من منظور فكر أهل البيت عليهم السالم ،والتي تمثل الحكم المطلوب على المكلف شرعا أن يعتقد بها. -4الدفاع عن حقوق المرأة ،بإيضاح مكانتها االجتماعية من منظور الشريعة اإلسالمية ،وإبطال دعاوي المشككين في ذلك ،والرد عليهم بتوضيح المفاسد التي تترتب على خرو المرأة بالشكل السافر الذي تُمزق فيه القيم اإلنسانية واالجتماعية. -6كشف النقاب عن نظريات التشريع اإلسالمي في ميدان االقتصاد، وما يتعلق بها في الكثير من المسائل الحيوية وعلى سبيل المثال-: أ-مسألة الملكية في الشريعة اإلسالمية واستخالف اإلنسان في المال. ب-مسألة جمع الثروات ،وتوضيح القنوات الشرعية في الكسب واإلنفاق. مسالة الفقر ،والجوع ،واالنفجار السكاني ،وتحديد النسل وماشابه من مسائل متعلقة بالتنمية االقتصادية ,وطرح رأي اإلسالم في كل ذلك. د-مناقشة المشكلة االقتصادية والمتمثلة في نضب الموارد على الرغم من الطلب المتزايد على السلع والخدمات ،والرد على المشككين في القدرة اإللهية على التوزيع العادل لهذه الثروات بين الشعوب. -13التعرض لمصائب أهل البيت عليهم السالم بشكل مفصل وإشباع الحديث في ذلك ،محتفظة بالمالمح الرئيسية التي أرساها أهل البيت في الدور األول ،غير أن جرعتها داخل المأتم أقل مما كانت عليه في األدوار السابقة ،لغلبة المادة العلمية على مناخ المجلس الحسيني.
112
لقد وظفت المدرسة العلمية المنبر الحسيني بالشكل المطلوب ،وهذا يتمثل في توجيه مشاعر الناس وعقولهم نحو فكر الحسين عليه السالم ومنهجه في الحياة ،ومع كل ذلك لم تتخل عن المالمح األساسية للمأتم الحسيني وهي: -4الستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. -2استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المآتم. -1التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم. -2تناول البعد الفضائلي في سيرة أهل البيت عليهم السالم والتنويه بالمؤهالت الروحية والعقلية التي جعلتهم في مقام القياد والزعامة لألمة.
المبحث الثالث :المآتم الحسينية في األحساء خالل الدور التفسيري. تمهيد: عاشت منطقة األحساء كغيرها من المناطق الشيعية تولي المجالس الحسينية اهتماما بالغا ،فقد وفد إليها العراق، من الخطباء والقطيف، والبحرين، ومارسوا فيها األساليب في المنتشرة الخطابية زمانهم ،السيما تلك المرتبطة التاريخية، بالمدرستين والعلمية. وفدت إلى األحساء أساليب المدرسة التاريخية التي
الشيخ كاظم المطر 111
برزت في مآتم العراق الحسينية على يد الشيخ كاظم سبتي ،وذلك على أيدي خطباء بارزين أمثال الشيخ كاظم المطر المولود 1312 والمتوفى 1363هـ ،والمال أحمد بن رمل المولود عام 1331 والمتوفى 1311هـ ،والحا مال خضير الحياوي. لقد تتلمذ هؤالء الخطباء في العراق آنذاك ،واكتسبوا أساليب هذه المدرسة ،ومارسوا طرقها حتى باتت أحد ملكاتهم الخطابية ،بل أصبحوا من الرواد البارزين فيها ،كما أشاد السيد عبد الزهراء الخطيب بذكر أحدهم وهو الشيخ أحمد بن رمل األحسائي ،في جملة الخطباء البارزين آنذاك ،وذلك في قوله: "وقد أدركت جماعة من جهابذة الخطباء لم أوفق لالستماع إليهم كالسيد صالح الحلي والمال حضير الحياوي ،والشيخ محمد جواد المسيباوي ,والمال محمد الشطري ,والمال محمد الجلعاوي ,والمال أحمد بن رمل ,والشيخ سلمان األنباري ولكن سمعت الشيء الكثير عنهم" (داخ :من ال حيضره اخلطيب ،ص .)14 كان للخطباء وأمثالهم الذين تمت اإلشارة إليهم بالذكر في بداية الحديث عن دخول أساليب المدرسة التاريخية إلى األحساء أكبر األثر ،ولكن أخصبهم ،وأوفرهم عطا ًء هو الشيخ كاظم المطر رحمه هللا تعالى ،بحكم أنه استوطن األحساء ،موطن آبائه وأجداده ،ومكث فيها قرابة 33سنة ،وتتلمذ عليه أربعة من الخطباء هم :المال طاهر البحراني ،والمال طاهر الموسى ،والمال جواد بن الشيخ كاظم المطر ،والمال محمد صالح بن الشيخ كاظم المطر .وكان رحمه هللا خالل تعليمه لهم شديد االعتناء ،واالهتمام في رفع مستواهم الخطابي ،وله من المواقف التربوية الجادة ستذكر إن شاء هللا.
111
هذا فضال عن زياراته المتقطعة ،خالل مواسم المآتم الحسينية ،التي سبقت نزوله إلى األحساء عام 1313هـ مع آية هللا الشيخ حبيب بن قرين قدس سره الذي توفي 1313هـ بينما مال أحمد بن رمل ،والمال خضير الحياوي ،فقد كان مجيئهما إلى األحساء ال يستغرق الشهر أو الشهرين ،وربما ال يزيد على ذلك خالل كل عام. وأيضا هناك كوكبة من الخطباء البارزين الذين مارسوا الخطابة في األحساء ممن ينتمون إلى هذه المدرسة ،وكانت لهم جهود كبيرة في إحياء مجالس العزاء ،وتثبيت دعائم التشيع في األحساء ،فجزاهم هللا خير الجزاء .ولعل من أبرزهم وأشهرهم الخطباء التالي ذكرهم: -1مال داوود الكعبي. -2مال ناصر بن نمر. -3مال سلمان الثواب. -2سيد منصور الحاجي. -1سيد محمد حسن الشخص. -1الشيخ حسن الجزيري. -1الشيخ كاظم الصحاف. -4مال طاهر البحراني. -6السيد عبدهللا الشخص. -13السيد محمد الشخص. هذا وعلى الرغم من انتشار خطباء بارزين ويتناولون أغراض المدرسة التاريخية بما فيها من سمة التجديد بالنسبة إلى المستوى الخطابي بشكل عام ،إال أن هناك مجموعة من الخطباء احتفظوا بالطابع الروائي في مآتمهم الحسينية مع تغيير طفيف نحو المدرسة التاريخية ،وكانوا على مستوى راق في األداء والتأثير مثل-: -1مال عبدهللا المحيسن رحمه هللا. 111
-2مال عبد علي بن عبدهللا المحيسن رحمه هللا. -3مال محمد حسن المحيسن رحمه هللا. -2مال محمد صالح المحيسن رحمه هللا. ونظرا الختصاص هذا المبحث بالتعريف بخطباء األحساء من المدرسة التاريخية ،عليه سيتم التطرق إلى بعضهم ،وذلك بلحاظ وفرة المعلومات عنهم وذلك عبر المطالب التالية: المطلب األول :الشيخ عبدهللا بن علي الوايل توفي 1333هـ المطلب الثاني :مال علي الرمضان توفي 1323هـ المطلب الثالث :الشيخ حسن بن عيثان توفي 1332هـ المطلب الرابع :الشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب توفي 1324هـ المطلب الخامس :الشيخ أحمد بن محمد البغلي توفي 1311هـ المطلب السادس :مال أحمد بن رمل 1316هـ المطلب السابع :مال داوود الكعبي 1362هـ المطلب الثامن :السيد شرف عبد هللا الموسوي المطلب التاسع :الشيخ عبد الحميد الهالل المطلب العاشر :الشيخ كاظم الصحاف توفي 1366هـ المطلب الحادي عشر :الشيخ حسن الجزيري توفي 1233هـ المطلب الثاني عشر :الشيخ كاظم المطر1363هـ
المطلب األول :الشيخ عبد هللا بن علي الوايل (توفي 0011هـ). نسبه وعلمه :ترجم له األديب البحاثة الشيخ جواد بن حسين الرمضان في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء، والقطيف ،والبحرين ،ترجمة أمالها على الباحث في عام 1213هـ و تراجم لمجموع من الخطباء األحسائيين ،وذلك قبل طباعة كتابه السالف الذكر ،في زمان عزت فيه التراجم على الراغبين في 114
معرفة الواقع الفكري والحضاري لحاضرة األحساء ،فجزاه هللا خير الجزاء. قال فيه الرمضان :الشيخ عبد هللا بن علي الوايل المعروف بولد علي الصايغ األحسائي .....،شاعر أهل البيت عليهم السالم الكبير. كان المترجم له من أسرة تحترف صياغة الذهب إال جده ووالده، تركا هذه الحرفة ،خصوصا بعد غارة األعراب على العتبات المقدسة في النجف األشرف ،وكربالء المقدسة ،ونهبهم ما على تلك القباب الشريفة من ذهب ،وسلب لسكان المدنيين ونهبهم ،وذلك تحرجا منهم أن يصوغوا ذهبا عليه شبهة شرعية ،من نهب أو سلب ،وقد رمى الكثير من الصاغة عدتهم في عين الخدود ،والحقل، وهاتان العينان من العيون العذبة الغزيرة المياه ،التي تشتهر بها حاضرة األحساء ،و قريبتان من منازل عوائل الصاغة في مدينة الهفوف ،أما بعد تركهما لمهنة الصياغة تحولوا إلى مهنتي الخياطة والتجارة. ترجمته :ترجم له العالمة البالدي في أنوار البدرين ،والشيخ علي كاشف الغطاء في الحصون المنيعة ،و أورد له الشيخ حسين القديحي في رياض المدح بعض القصائد ،وترجم له السيد جواد شبر في أدب الطف. أساتذته :يعد المترجم له من تالمذة العالمة الشيخ محمد بن الشيخ حسين آل أبي خمسين األحسائي المتوفى عام 1311هـ. وفاته :توفي المترجم له في بلدة سيهات من قرى القطيف ودفن بها وصلى عليه العالمة الشيخ أحمد بن الشيخ صالح آل طعان وذلك عام 1333هـ.
116
خطابته :كان من أبرز الخطباء في زمانه عرفته منابر القطيف و األحساء والبحرين. شاعريته:كان من أكبر شعراء أهل البيت عليهم السالم ،وله من المساجالت الشعرية مع شعراء المنطقة أمثال السيد الجليل الجد حفص البحراني ،والشيخ أحمد بن مهدي بن نصر هللا الخطي َ الباحث بأن المتوفى سنة ،1331وقد أخبر الشي ُخ جواد الرمضان أغلب الشعر المذكور في كتاب مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب المشهور بفخري الشيخ محمد بن حسين أبي خمسين أعلى هللا مقامه ،للمترجم له ولكن كان الشيخ ال يذكر اسم الشاعر عنده ذكره للقصائد كما ذكرت سابقا. وقد ذكر السيد جواد شبر في أدب الطف ناقال عن صاحب أنوار البدرين أن للمترجم له قصيدة هائية جاري بها ملحمة المال كاظم األزدي تبلغ ثالثة آالف بيت َع َّدد فيها مواقف أهل البيت في المغازي وذكر فضائلهم ،وأكثر أشعاره في الحسين عليه السالم (داخ :من ال حيضره اخلطيب ،4 ،ص .)43 عليهم بها كـــــــادت تقــوم قيام وقابلــــــــهم من نفـــسه بكتائب لها بـــــقراع الدارعـــين غرام وثارت لديــــه غلمه مضـــرية به البيـض بيض والدمــاء مدام تهش إلى الحــرب العوان كأنها قيان ونقـــــع الصافنـــات خيام وسمر العوالي إذ تأود عــطفها وقد شب للحرب العـوان ضرام يخوضون تيار الحمام ضــواميا كما فر مـن خوف البــزاة حمام تفر األعــــادي خيفة من لقائـهم سجدت لها الهـــامات وهـي قيام إذا ركعت في الدارعين سيوفهم وفاجأهم بالمرهفـــــــــات حمام إلى أن أريقت في الصعاد دماؤهم بدور هوت في التـرب وهي تمام وخروا علــى عفر التراب كأنـهم له عن حماه في الطعــان صدام وآب فتـــــى العليا وابن زعيمــها ومن شعره: فيا عجبا للدهر يسقيك حتفه
ولوالك منه ما استقام نظام
113
ولم ال هوت فوق البسيط سماؤها ولألرض لم قرت وأنـت أشمـتها وتقضي بجنب النهر ظام ولم تزل فيا فلك العـــــــــيا كيف تحمــلت برغم المعالي أن تظل على الثـرى وتترك في حــــــر الظهـــيرة ثاويا
وأنــت لها يا بن الوصـي دعام وقد هد مــــــــنه بالعراء شمام بجدواك تستجدي الفيوض أنام قـــواك وهاد للثـــــــرى وأكام تريــب المحــيا قد كساه رغام يسومك مـن لفح الهجير سوام
المطلب الثاني :المال علي الرمضان ( ولد -4256 توفي 4111هـ ) (الرمضات :مقابية صية ،امالء من كتابه مطيع البدرين لام 4141ه) هو الخطيب الشيخ مال علي بن محمد آل موسى آل رمضان الخزاعي األحسائي ،المولود عام 1211هـ والمتوفى سنة 1323هـ من شعراء أهل البيت المشهورين في المنطقة ،له ديوان شعر كبير جله من رثاء أبي الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم ،ترجم له البالدي في أنوار البدرين قال في حقه ما نصه: "مال علي بن رمضان األحسائي ،من أهل هذا البيت (رمضان) األديب الشاعر مال علي رمضان القاري المعاصر ،وله شعر كثير في المدائح والمراثي ،وسمعت بعضه ،ونقل أن له روضة على الحسين (يعني قصائد في الرثاء) على جميع حروف الهجاء ،وله في رثاء النبي صلى هللا عليه وآله ،ورثاء الزهراء ،واألئمة جميعا مراث كثيرة متكررة ،توفي رحمه هللا سنة 1323هـ ) انتهى... ومن شعره-: من جذ عرنين الهدى والديــن
من آل طه عله التكـوين
واجتث يمنى هاشـــم وشمالها
وأذل منهم كل ليث عرين 111
وبكربال قتل الحسين على ظمى فيحق إهراق الدمـــوع لــه دما فقد اشتــــــرى أرواح أمة جده وبكــــــــــــربالء هلل أدى ذلـك وبقى يصـــافح الصفاح ويلتقي
مع صحــــــبه من كل ليث عرين في كل وقـــــت في الزمان وحين من ذى الجــــــالل بعالم التكوين الميثاق فمـــــــــــــنه هدى ويقين سمر الرماح بمــــــــنحر وجبين
وله أيضا في رثاء اإلمام الحسين عليه السالم-: أترجو بعـــــــد يوم الطف عيدا
وفخـر الدين فيه قضى شهيدا
قضى يشــكو األوام وكان بحرا
يمير الكون من جدواه جودا
أتدرع الجــــــــــــــديد بكل عيد
وتنــــشق فيه ريحانا وعودا
أتبتهج القلـــــــــوب من ارتياح
وبهـــــــجة قلب فاطمة أبيدا
وتشـــــــــرب باردا عذبا وشم ٌر
على عطش فرى منه الوريدا
وآفاق الســــــــــما انبجست عليه
دما حيـــــــث كان لها عميدا
فأضــــــــحى وهو ظل هللا ملقى
بال ظل وقد افتـــرشا الصعيدا
112
المطلب الثالث :الشيخ حسن بن عيثان (توفي سنة 4111هـ)( .الرمضات :مقابية صية ،امالء من كتابه مطيع البدرين لام 4141ه) ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف والبحرين ،منها ما يلي: الشيخ حسن بن عبد هللا بن الشيخ علي بن الشيخ أحمد آل عيثان القاري األحسائي ،والقاري نسبة إلى بلدة القارة ،أحد مشاهير الشعراء والخطباء في األحساء في النصف األول من القرن الرابع عشر الهجري ،وقد توفي سنة 1321هـ تقريبا،ذكره العالمة الشيخ حسين القديحي القطيفي في تعليقه على كتاب والده ،كتاب أنوار البدرين في هامش ترجمة أخو المترجم الشيخ محمد بقوله :توفي قدس سره سنة 1331هـ ،وقد أرخ عام وفاته أخوه الكامل المؤتمن بقوله-: عالمة األحــــــساء ألبس رزءه
كل األناـــــــــم من األسى جلبابا
لهفي على قــــــمر تكور نوره
في األرض واتخذ التراب حجابا
وغدت تنــــــوح لفقده أم العال
مذ أرخــــــــــوه (فيا لبدر غابا) 1331هـ
وأورد له القديحي أيضا قصيدة عينية في كتابه المجالس العاشورية وهي في رثاء اإلمام الحسين عليه السالم-: تذكرت المعاهد والربوعا
ففارقت
المسرة
والهجوعا 113
منازل أقفــــــرت من ساكنيها
فما ترجو لساكـــــــــــنها رجوعا
وقفـت بها فما وقفــت دموعي
أسائلها كأن بها سمـــــــــــــــيعا
وماذا تنكر العرصـــــات مني
وقد أرويت ساحتــــــــــها دموعا
وما برحت بروق المزن تهدي
إلى األطـــــــــــالل بارقة لموعا
وركب من ســـــــراه بني علي
عن األوطان قد رحــــــلوا جميعا
يؤمهم فتـــــــــــى العليا حسين
قد اتخذ الحـــــــــسام له ضجيعا
وأسمر ناظر مــــــهج األعادي
بعين تنــــــــــــــــفث السم النجيعا
بدور أشرقت والنقـــــــــــع ليل
وقد جــــــــعلوا القلوب لهم دروعا
تخالهم على الجــــــرد العوادي
كواكب حلت الفلك الرفـــــــــــيعا
والكهم وقد بدت المــــــــــــنايا
ألعينهم فـــــــــــما أبدوا خضوعا
ومما أثكل الدنــــــــــيا وأجرى
مدامــــــــــــــــعها دما قان نجيعا
تساهــــمهم سجال الحرب حتى
تهـــاووا في ثرى الرمضا وقوعا
وعاد بياض ثكـــــــــــلهم برمل
نقي الخد نكــــــــــــــيسا صريعا
ومن لحيان حمــــــــــرته جساد
له األجـــــــــساد قد فنيت هلوعا
وعند حـــــرم اإلله غدا يحامي
عديم النــــــصر خشية أن يضيعا 112
ولما أنشبـــــــــــــت فيه المنايا
مخالبـــــــــها وقد ساءت صنيعا
هوت بهــــــــــويه عمد المعالي
وحبــــــل الدين قد أمسى قطيعا
ورب مروعـــــــــه برزت ولما
تجد غـــــــير السياط حما منيعا
وتهتف بالســــــــــراة بني نزار
فما وجدت لدعــــــــــوته سميعا
وقد ترجم له الشيخ جعفر الهاللي في سلسلة األدب المنسي في األحساء ،التي كان ينشرها في مجلة تراثنا ،وقد ذكر لمحه عن دراسته العلمية فقال: "أخذ هو وأخوه الشيخ علي ،على يد ابن عمهما الشيخ علي بن أحمد آل عيثان ،فقرا عنده مبادئ العلوم من نحو وصرف وغيرهما ،ثم بعد عودة أخيهما األكبر الشيخ محمد بن الشيخ عبد هللا ،حضروا عنده في الفقه واألصول ،عرف المترجم بعد ذلك بفضيلته العلمية، واألدبية ،وكان باإلضافة إلى ذلك يزاول الخطابة الحسينية".
المطلب الرابع :الشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب (ولد 4261هـ -توفي 4116هـ )( .الرمضات :مقابية صية ،امالء من كتابه مطيع البدرين لام 4141ه) ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف والبحرين فقال: 111
نسبه :هو العالم الفاضل األديب الشيخ أحمد بن عبدهللا بن محمد آل الشايب العمراني األحساء. دراسته :توفي سنة 1324هـ عن عمر يقارب السبعين عاما،كان رحمه هللا عالما فاضال ،وخطيبا بارزا ،وشاعرا مطبوعا ،تلقى علومه األولية في بلده األحساء ،وبعدها هاجر إلى العراق إلكمال تحصيله الفقهي ،وهو في العقد الثالث من عمره فأقام في بلد العلم والفقه النجف األشرف مدة تزيد على عشرة أعوام ،ولما نال ما يطمح إليه من المعرفة عاد إلى وطنه... وقد ترجم له الشيخ جعفر الهاللي في مجلة تراثنا تحت عنوان من األدب المنسي باألحساء فقال عن والدته أنها كانت 1213هـ وأنه مكث في النجف األشرف للدارسة مدة 13عشر عاما عاد بعدها إلى بالده خطيبا بارزا ويقوم فيها باألمور الحسبية (جمية تراثنا :األدب
املنس يف األحساء ،اهلاليل ،رجب 4144هـ ،ص )411
. خطابته الحسينية :قال فيه صاحب كتاب مطلع البدرين أنه كان كثير التنقل بين مدن الخليج ألجل الخطابة وإقامة التعازي الحسينية فقد عرفته محافل القطيف ،والكويت ،والبصرة ،ومسقط. نماذج من شعره: عش ما بدالك في سرور
في ظل شاهقة القصور
ال بد أن تعـــــلم موقنا
أن لســـت إال في غرور
مهما تقعقعت النفوس
وقد عزمت على المسير 111
ورحلت عنها مرغما
وعددت من أهل القبور
فاعلم لنفســـــــك إنما
حظ المقصر في قصور
فعساك تحظى بالرضا
والفوز في يوم النــشور
و الزم محبة من بهم
يرجى الخالص من السعير
أبناء فاطمـــــة البتول
وعترة الهـــــادي البشير
أهل الرياســة والعلى
والفخر والشرف الخطير
علل الوجود ونعمة
المعبود في كل الـــدهور
تحي بذكرهم القلوب
وينــجلي غسق الصدور
جار الزمان عليهم
ورمتهـــم أيدي الشرور
المطلب الخامس :الشيخ أحمد بن محمد البغلي (توفي سنة 4155هـ )( .الرمضات :مقابية صية ،امالء من كتابه مطيع البدرين لام 4141ه) ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف والبحرين ترجمة أورد منها ما يلي: 111
الشيخ أحمد بن الحا محمد بن الشيخ أحمد البغلي ,المتوفى باألحساء سنة ،1311كان رحمه هللا عالما فاضال ,تقيا ،خطيبا، شاعرا ،من بيت علم وفضل تتلمذ على والده المرحوم الحا محمد بن الشيخ أحمد البغلي ،ثم على العالمة الشيخ موسى بن الحا عبدهللا أبي خمسين األحساء ،وقد نصبه شيخه المذكور إماما لمسجد الحدادين في الهفوف ،وبقي إماما فيه إلى أن لبى نداء ربه في التاريخ المذكور ،وللمترجم شعر في المدح والرثاء ومنه هذه األبيات من قصيدة له في رثاء سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم ،وقد أمالها علي التقي الورع الشيخ علي بن أحمد آل يوسف آل شبيث األحسائي رحمه هللا ،قال المترجم رحمه هللا-: أميما ذريني فخطب جليل
ودمعي غزير وجسمي نحيل
ولست بمصغ لعذل العذول
ومن ريــــــب رائق ال أميل
ولحن البالبل ما راق لي
وال كالنـــــزيف وال كالثميل
وليــــــس بذلك من طائل
بلى فيه نقــــــص لكل جليل
ويطربني صوت باكى بكى
لرزء الحســين اإلمام القتيل
فديتــــــــــك ياناعيا سيدي
عليك بذاك بكــرة واألصيل
فلو تلفت بالبكـــاء النفوس
لهـــــــــذا كان األقل القليل
أتلتذ بالعـــــيد بعد الحسين
أطيب يفوح ودمــــع يسيل
وما العيد إال خرو اإلمام
وهدي األنام سواء السبيل 114
وعيد المحب إذا ما بكى
وسيل دمعا كسيل المسيل
فكيف وأحمد خير الورى
نبي النــــــبيين طه النبيل
يقول لفاطم ال تجزعي
لرزء حسين فصبر جميل
سينشئ رب العال شيعة
كراما فتنـــدب جيال فجيل
فهان على فاطم وجدها
ولكن بكاها البكـاء الطويل
فأثنت على الشيعة األكرمين
بصدق الوالء الثناء الجميل
حسين يدا هللا في العالمين
وشاهد غيب غيوب المنيل
وعبرة باكية مرحومة
ويجزي عليه الجزاء الجميل
المطلب السادس :مال أحمد بن رمل ( ولد - 4111 توفي 4112هـ ). نسبه:هو الخطيب مال أحمد بن محمد بن أحمد من آل رمل. ولدته :ولد المترجم له سنة 1331هـ في العراق ،في سوق الشيوخ من محافظة الناصرية. نشأته وخطابته :نشأ المترجم له في مدينة سوق الشيوخ ،واتصل بمشايخها
المال أحمد بن رمل 116
وحمله علومها ،أمثال آل حيدر ،ثم هاجر إلى قضاء أبي الخصيب، وبقي فيها عشر سنوات ،ثم انتقل بعد ذلك إلى عربستان المحمرة، واتصل بخطبائها وعلمائها .أخذ الخطابة لنفسه على يد المرحوم الخطيب السيد سلمان محمد القاروني ،المتوفى في مسقط دفن ،حيث مدفنه هناك سنة 1331هـ. وقد تعلم المترجم له فنون الخطابة ،وأساليبها ،و أدرك ما يحتاجه المنبر من مهارة وعبقرية ،فاشتهر وحلق وقد امتاز بالصوت القوي الجهوري ،والجرأة األدبية ،وكان يكثر في خطابته من خطب اإلمام أمير المؤمنين علي عليه السالم ،هذا باإلضافة إلى مقدرته الفائقة في إذكاء نار الحزن في قلوب المستمعين ،وتجديد المصاب على اإلمام الحسين عليه السالم ،كما عرف الخطيب بالروح المرحة، المطبوعة على الطرف والدعابة. شاعريته :يجيد المترجم له نظم الشعر ،ويتفنن في صياغته بقوالب عديدة ،لم يقتصر شعره على رثاء أهل البيت عليهم السالم بل جاءت له قصائد في الغزل ،واإلخوانيات ،والمدح ،صدر له ديوان من جمع األنصاري عنونه بـ "صداح البالبل". وفاته :توفي رحمه هللا في مدينة مسقط بعد أن أدى مناسك الحج بأيام وذلك عام 1316هـ ،ودفن فيها ،ثم نقل جثمانه إلى النجف األشرف.
المطلب السابع :المال داوود الكعبي ( ولد 4142هـ - وتوفي 4122هـ )( .الرمضات :مقابية صية ،امالء من كتابه مطيع البدرين لام 4141ه)
143
ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف والبحرين ترجمة منها ما يلي: مال داوود بن سليمان بن محمد بن عبدهللا بن شهاب الكعبي األحسائي ،نزيل المبرز ،ذكره المرجاني في المنبر خطباء كتابه الحسيني ،قائال :الخطيب الحا مال داوود الكعبي ينتهي نسبه إلى قبيلة كعب. ولد المترجم له سنة 1312هـ في قرية الدورق من عربستان أو األهواز، وقد نشأ بها وحضر المقدمات على بعض أفاضلها ،والذين يترددون عليها أمثال أسد هللا البهبهاني ،والشيخ محمد صالح بن سعد ،أخذ الخطابة لنفسه وله من العمر11سنة ،وتتلمذ على يد الخطيب مال علي العقيلي الذي راح بدوره يحبب له القراءة ويعلمه فنونها ،وسرعان ما حفظ األخبار والشعر المثير للدموع ،وأول ما قرأ عنده ،ثم صعد المنبر الحسيني عند أخواله آل نصار الذي يسكنون القصبة ،وهم رؤساء تلك المنطقة يوم ذاك ،وقد نجح في خطابته حتى ذاع صيته وانتشر في أغلب البلدان ،كالقطيف ،والبحرين والكويت والعراق،وقد طلب أهل البحرين منه أن يسكن عندهم فلم يجد مانعا من ذلك فسكن البحرين مدة من الزمن خطيبا وواعظا ،ثم طُلب إلى األحساء فانتقل إليها وسكن في بلدة المبرز ،فأصبح الخطيب الشهير البارز ،كما كان يمتاز بقوة الحافظة لألخبار واألحاديث بأسلوبه المعروف ،وعليه المال داوود الكعبي
141
فهو خطيب كبير كأمثال الحا مال عطية الجمري ،والحا مال أحمد بن رمل ،والشيخ عبد الحميد الهاللي ،ومال إبراهيم البحراني، والشيخ محمد علي حميدان فهو من هذه الطبقة ،كما عرف بالوداعة ،والبساطة ،واشتهر بالذكاء المفرط ،وطول الباع ،وسعة اإلطالع ،لقد تذوق الشعر العربي وحفظ منه الكثير ،وأخذ ينظم في المناسبات ،ومن ذاك قوله مؤرخا قدوم المرحوم العالمة السيد ناصر األحساء وهو قوله-:
ضربت أشعة نوره هام السهى حمل النسيم طـريفة من روحه أنعم بكــــــــعبته أقــم تاريـخه
فتراه للعــمش العيون دراري فشممتها مسـكا كمــسك الدار (طوبى لكم يا شيعة الكــرار)
وإلى هنا انتهى كالم المرجاني. مؤلفاته :له عدة مؤلفات منها المطبوع ومنه الذي ال يزل مخطوطا وأهمها: -1الدروع الداوودية ،ويقع في أربعة أجزاء وهو مطبوع (للخطباء). -2مقدمة الدروع،ويقع في عشرة أجزاء ،والمطبوع منه جزءان. -3نزهة الناظر وفرحة الخاطر ،وهو بمثابة كشكول في األدب. -2البلوى في بنات حوا ،وهو يقع في مجلدين،وله مالحق ،وقد طبع الجزء األول والثاني في مجلدين كبيرين. -1ديوان شعر جله في رثاء سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم وأل البيت عليهم السالم ومراثي ،ومدائح ،في علمائهم األعالم. وفاته :توفي المترجم له في مدينة النجف األشرف يوم االثنين التاسع من شهر شعبان سنة 1362هـ ،وأقبر في مقبرة وادي السالم.
142
المطلب الثامن :السيد شرف عبد هللا الموسوي (ولد سنة 4141هـ)( .الرمضات :مقابية صية ،امالء من كتابه مطيع البدرين لام 4141ه) ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف والبحرين ترجمة منها ما يلي: نسبه :السيد شرف بن السيد عبدهللا بن السيد محمد بن السيد علي آل السيد عبد النبي الموسوي األحسائي. ولدته :ولد في قرية التويثير من قرى األحساء عام 1313هـ وفيها نشأ. دراسته وخطابته :تلقى العلم في قرية القارة ،وتصنع في الخطابة على خطبائها البارزين حتى استقل بنفسه ،وأصبح خطيبا بارزا مرموقا ،وكان كثير التردد على حواضر العراق خصوصا النجف األشرف ،وكربالء المقدسة ،والكاظمية ،وهناك التقى بأدبائها، وعلمائها مما زاد في ثقافته األدبية ،له شعر كثير معظمه في المدح، والرثاء في أهل البيت عليهم السالم ،وفي علمائهم ،له ديوان شعر صغير ال يزال مخطوطا رأيته في زيارتي له في منزله في قريته المذكورة.
143
المطلب التاسع :الخطيب الشيخ عبد الحميد الهالل (ولد 4124هـ )( .الرمضات :مقابية صية ،امالء من كتابه مطيع البدرين لام 4141ه) ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء والقطيف والبحرين ترجمة منها ما يلي: نسبه :الخطيب الكبير الشيخ عبد الحميد بن الحا إبراهيم بن حسين بن علي بن أحمد بن محمد بن عبدهللا بن هالل بن أحمد الهاللي األحساء أصال ،البصرة مولدا ،النجف مسكنا ولد بالبصره سنة 1321هـ ،ينتهي نسبه إلى بني هالل بن عامر بن صعصعة من هوازن من عدنان. الشيخ عبدالحميد الهالل
نشأته ودراسته :نزح أسالفه من األحساء في القرن الثالث الهجري ،وسكنوا قضاء الزبير من توابع البصرة ،حيث ولد المترجم له ،وهو من مشاهير الخطباء في عصرنا ،وأحد شيوخ المنابر الحسينية ،ترجم له الفاضل المرجاني في كتابه "خطباء المنبر الحسيني" قائال :هو الخطيب الشيخ مال عبد الحميد بن الحا ابراهيم الهاللي نسبه إلى بني هالل ،ولد المترجم له في مدينة البصرة سنة 1321هـ ونشأ بها وقضى فيها أيام طفولته ،ثم انتقل إلى المحمرة ،وبقي فيها خمسة عشر سنة ،ثم رجع إلى البصرة وبقي فيها مدة طويلة ،وفي البصرة درس بعض العلوم على يد المرحوم العالمة السيد مهدي البحراني ،كما تتلمذ في علوم أخرى على يد المرحوم العالمة السيد مهدي القويني ،وأتم دراسته للغة العربية على يد العالمة الشيخ ميرزا محسن بن الشيخ سلطان 142
األحسائي نزيل البصرة ،وبعد هذا كله هاجر من البصرة إلى النجف االشرف طلبا للعلم العزيز ،أخذ الخطابة وتتلمذ خطابة على السيد مهدي البحراني ،وهو يرى ونحن نرى أيضا أن الخطابة يجب أن تكون مبنية على قواعد علمية متينة ،وال تتحقق دراسة هذه القواعد في غير مدينة النجف ،وهذا ما أراده بهجرته للنجف لطلب علم الخطابة وفنونها ،كل ذلك مكنه من فهم الخطابة فهما دقيقا ،فهو الطيب الفاضل ،الذي حلق في خطابته العلمية ذات المادة الدسمة بالشعر ،والقصص ،واألمثلة ،والقواعد ،والخطب ،والتاريخ، والتفسير ،فهو من شيوخ المنبر الحسيني،وهو من طبقة خطباء المنبر األوائل أمثال :الحا عطية الجمري ،ومال أحمد الرمل ،ومال داوود الكعبي ،والشيخ مهدي البدري ،والشيخ عبود النويني، والشيخ محمد علي حميدان ،وأضرابهم ،وال زالت مجالسه عامرة وكثيرة ويتردد عليها في البصرة ،والبحرين ،والقطيف ،واألحساء، وعبادان ،والمحمرة ،والنجف ،والكوفة ،ومسقط ،ودبي أضف إلى معلوماته العلمية صوته الرقيق(.إلى هنا انتهي كالم المرجاني). أولده :له ابن فاضل أديب شاعر هو الخطيب الشيخ جعفر نزيل الكويت حاليا(.انتهى كالم الشيخ جواد الرمضان).
المطلب العاشر :الشيخ كاظم الصحاف ( ولد 4141هـ، وفاته 4122هـ ). ترجم له الخطيب الشيخ جعفر الهاللي في مجلة تراثنا ،تحت عنوان من التراث األدبي المنسي في األحساء ،منها ما يلي( :جمية تراثنا،
يف األدب املنس (1234،)13هـ،ص)113
األحساء،
اهلاليل
،العدد
الرابع
141
نسبه :الشيخ كاظم بن الشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ حسين الصحاف األحسائي ،وهو شاعر آخر من شعراء األحساء المنسيين. ولدته :ولد الشاعر المذكور في الكويت سنة 1313هـ. نشأته :نشأ المترجم له في الكويت على يد أخيه الشيخ حسين ويظهر أن أباه توفي وهو صغير فكان مالزما ألخيه الشيخ حسين، وقد سافر به أخوه إلى النجف األشرف ،وكان أول تحصيله على يد أخيه ،وبعد وفاة أخيه انقطع إلى الدرس والتحصيل على يد جماعة من العلماء ،منهم الشيخ سلمان السلمان األحساء ،فقد أخذ عنه المنطق ،والمعاني ،والبيان ،ومعالم األصول ،كما أخذ بعض دروسه في الفقه على يد السيد حسن الصافي ،ودرس أيضا على يد الشيخ منصور المرهون القطيفي ،وحضردروس حجة اإلسالم والمسلمين السيد ناصر األحسائي في الفقه ،و الحكمة على يد الميرزا موسى الحائري. جاء في كتاب "نفائس األثر" عن كتاب "تذكرة األشراف في آل الصحاف" عن المترجم له نفسه ،أنه بعد أن ارتقى في معارفه وتحصيله العلمي اعتمد عليه الميرزا موسى الحائري فأرسله إلى مدينة سوق الشيوخ في العراق؛ ليقوم هناك باألمور الشرعية والحقوق الحسبية ،فمكث هناك مدة ثم عاد إلى مسقط رأسه الكويت، وقام بصالة الجماعة في مسجد الصحاف بأمر الميرزا موسى الحائري ،وولده الميرزا علي ،لكنه لم يقم فيها طويال ،فغادرها إلى األحساء بلد آبائه ،ومحط أغلب أسرته ،وموطنه األصلي ،ونزل بعد وصوله إليها في ضيافة حجة اإلسالم والمسلمين الشيخ موسى أبوخمسين )223( ،أكبر علماء األحساء آنذاك ،وقد درس أيضا على يده بعض دروس الحكمة،كماسعى الشيخ أبوخمسين في زوا المترجم له ،فتزو هناك ،واستقر به الحال في الهفوف عاصمة األحساء ،وكان باإلضافة إلى فضيلته العلمية خطيبا حسينيا ،مارس الخطابة حتى آخر حياته ،وينقل عن المترجم له أن لديه وكالة في 141
األمور الشرعية الحسبية من أيام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، كما أن له وكالة في الموضوع نفسه من الشيخ حبيب آل قرين األحساء نزيل البصرة. أدبه وشعره :زاول المترجم له نظم الشعر وكان مكثرا فيه ،وشعره بين الجيد والمتوسط ،وبدأ يضعف في آخر حياته ،وقد ساهم في كثير من المناسبات الدينية فمدح بعض علماء عصره ،ونظم في القصائد ،والردود و أغلبية شعره في أهل البيت عليهم السالم. آثاره :خلف المترجم له مجموعة من اآلثار األدبية والعلمية ،ال تزال كلها مخطوطة ويخشى عليها من الضياع والتلف،وهي كاآلتي-: روضة الرحمن في أحاديث رمضان.البيان في أحوال اإلنسان.النمط األوسط ،وهو كتاب يشتمل عل األصول الخمسة.السبيكة الذهبية في معرفة مذهب اإلمامية.الجوهرة البديعة ،لمعرفة أصل الشيعة وأصولها ،أقام فيها األدلةالعقلية ،والنقلية من كتب علماء السنة. لوح الفوائد ونور المقاصد ،يحتوي على أسرار علمية وفوائدبدنية. الحق والصواب بين السؤال والجواب في األصول الخمسة.الفصول في األصول ،منظومة شعرية تبحث في األصول الخمسة.الدليل الحاسم على فتح الطالسم ،وهي قصيدة جارى بها الشاعرقصيدة إيليا أبي ماضي ،قرأ على منها بعض فصولها عند زيارتي له في مدينة األحساء ،وهي قصيدة رائعة مشبعة باألدلة التي نقض بها أوهام أبي ماضي ،ولكن لألسف الشديد لم يتيسر لي في تلك الفترة نسخها ،وقد توفي الشاعر بعد فترة ونرجو أن نوفق للحصول عليها من بعض ورثته ،ويخشى عليها من الضياع. الدر الثمين في مدح النبي وآله الطاهرين صلوات هللا عليهمأجمعين ،وهو ديوان شعر. 141
اللؤلؤ المنثور في مآتم عاشور ،وهو ديوان شعر فيه لكل يوم منمحرم قصيدة مناسبة إلى ليلة الحادي عشر. العقد األزهر في قصائد صفر ،وهو ديوان شعر يحتوي علىقصائد حسينية في أحداث الكوفة ،والشام ،والرجوع إلى المدينة. وفاته :كانت وفاة الشاعر في الكويت ،وذلك في 13شعبان سنة 1366هـ ،ونقل جثمانه إلى النجف األشرف تغمده هللا برحمته. شعره :وهذه نماذ من شعره بين يدي القارئ الكريم ،فمن ذلك هذه القصيدة التي قالها في مدح اإلمام أمير المؤمنين عليه السالم جارى فيها القصيدة الكوثرية للسيد رضا الهندي ،وقد ألقاها في مسجد الخضراء بمناسبة عيد الغدير سنة 1344هـ.
أسناء الفــــــــجر لنا أسـفر وثنــايا الثـــــــغر تلـوح لنا ما لــبدر جمـــــالك إذ يبدو يا ريم الحي وأخـــت البدر ِرقـي لفــتـــــى صـب أرق فإالم فــــــــؤادك ال يحـــنو إن كـان بــــــــدا مـني ذنب كنز األعمــال سني اإلجالل قطب المحـراب أو األطياب أفنى األبــــــطال بصــارمه وبواحـــــــــدة أردى عمـرا قسمــا بخـــــــــــالفته العليا لــواله الديـــــن لما ارتفعت فمراشــده وفوائـــــــــــــده مـــلـــك عدل وصل فصل أواله هللا المـــــــــــلك وما
بجبيــنك أم بــــــدر أزهـــر أم ذاك البـــرق أم الجـــوهر ما لســيف لحاظك ما الجؤذر ونــــور الصــــبح إذا أسفر لك طـــــول الليل غدا يسهر يا أخـــت البدر متى نســـهر فبمـــدح أبــــــي حسن يغفر وساقـــي الخلق من الكــوثر وليـــــــث الغاب متى قد كر ولمرحب جنـــــدل في خيبر فغدت في الدهــــر لـــه تذكر وبغامــــــض باطــنه األنور منــه األركان ولم تشــــــهر ومآثــــــــــــره عــنه تـؤثر علم حـــكم فيــــــــــما قــدر قــد شاء بـــــــــــه فلـه َع ّمر 144
أو يعجـــزه الفـــلك األعلى يا مــن أنكـــــرت له فضال فلئـــن ماثــــــــلت به أحدا فإلى مــــــوالي أبي حسن
وبإذن هللا لــــــــــــــه ســـير فالشـــــــــمس هنالك ال تنكر ما لـــرمل يمـــاثل بالجـوهر نعم في الكـــون فال تحـصر
المطلب الحادي عشر :الشيخ حسن الجزيري (ولد -4122توفي سنة .)4111 ترجم له األديب المعاصر الشيخ جواد بن حسين الرمضان ،في كتابه مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف والبحرين ترجمة منها ما يلي: نسبه :الخطيب الشيخ حسن بن عبد المحسن بن محمد آل متو الجزيري العمراني األحسائي المعاصر. ولدته :ولد في قرية الشويكة أو غمسي من قرى منطقة العمران من قرى األحساء الشرقية في حدود العقد الثاني من القرن الرابع عشر الهجري. نشأته" :الجزيري نسبة إلى جزيرة من جزر البحرين تسمى قديما جزية آكل ،وفي أيامنا تدعى بجزيرة النبيه صالح ،وفي النسب ينتمي إلى آل متو ،وهي عائلة اشتهرت ولمعت في القرن التاسع الهجري لما نبغ فيها من العلماء العظام ،وعلى رأسهم العالمة الشيخ أحمد بن الشيخ عبدهللا بن سعيد بن محمد بن علي بن حسن المعروف بابن المتو البحراني المتوفى سنة 423هـ ،وكان من أجل تالمذة الشهيد األول وفخر المحققين ،وكان أسالف المترجم قد هاجروا من موطنهم البحرين من قديم الزمان ،منهم من سكن العمران ،ومنهم من سكن قرية المطيرفي ،وتوفي المترجم له سنة 1233هـ ودفن في المدينة المنورة" انتهى... 146
ترجم له الشيخ جعفر الهاللي في مجلة تراثنا تحت عنوان من التراث األدبي لمنسي في األحساء (جمية تراثنا :األدب املنس يف
األحساء ،اهلاليل ،العدد ال اين1233 ،هـ ،ص ،)13ناقال عن المرحوم الشيخ باقر أبي خمسين من كتاب له لم يكتمل في تراجم علماء وأدباء األحساء ،وقد ذكر الشيخ جعفر -والكالم يعود له -أن مولده في عام 1322في قرية (غمسي) ووفاته في األحساء في نفس القرية في شهر شعبان عام 1233هـ. دراسته :ختم القرآن الكريم في آخر العقد األول من عمره ،وفي منتصف العقد الثاني ذهب إلى قرية الجبيل ملتصقا بصاحب الفضيلة الشيخ عبد الكريم الممتن ،وتلقى دروسه العلمية على يده، فدرس مقدمات العلوم كالنحو ،والصرف ،والبيان ،والمنطق ،كما قرأ عليه دروسا في الفقه ،واألصول ،والحكمة اإللهية ،كذلك أخذ عن بعض علماء األحساء العديد من المعارف والعلوم ،فكان أحد أهل الفضل ،واألدب ،قام بوظيفته الدينية ،فأم الجماعة ،وأفاد في نشر المعارف الدينية ،وكان المترجم له باإلضافة إلى منزلته العلمية خطيبا وشاعرا ،وعرف بتقواه. خطابته :اقتصر في خطابته الحسينية على مدينة األحساء ،فكان يرقى األعواد في الهفوف عاصمة األحساء ،وفي سائر قرى األحساء. نماذج من شعره-:ومن قصيدة له في رثاء اإلمام الحسين عليه السالم: جلت لنهضة سبط المصطفى الرتب هلل من نــهــــــــضة للدين مابرحت يا حبـذا نهــــضة ماس الوجـود لها وذاك لما عرى الدين الحنيف عضا يشكو الســــــقام إلى خير األنام وقد هناك شمر حامي الديـــــــــن كالؤه
وفي ذرى المجد مضـروب لها طنب تهدي األنام وفيـــــها تكشف الكرب إلى عالها نظـــــــام الديــن ينتسب ل الدا وأضــحى بناه منه يضطرب جد البال ورجـــــال المجد قـد ذهبوا تحفه األهل واإلخــــوان والصـحب
163
عصابة من نبـــــي عدنان شرفــهم قام الحسين الذي أم العــــال عقـمت يذب عن حـــــوزة اإلسالم مجـتهدا
إلهـــــــــــهم وتعالى منهم النســـب عن مثله وبهذا تنطـــــــــــق الكتب في فتية كأســـــــــود الغاب إذ تثب
المطلب الثاني عشر :الشيخ كاظم المطر (ولد عام 4142هـ ،وتوفي 4121هـ)( .جمية تراثنا :األدب املسين باألحساء اهلاليل ،العدد ال اين0411 ،هـ ،ص .)51 ترجم له ابنه األديب المعاصر والخطيب المفوه المال محمد صالح بن الشيخ كاظم المطر،في مقدمة ديوان قالئد وفرائد للمترجم له قائال: نسبه" :هو الشيخ كاظم نجل الحا مال محمد صالح عبد الحسين آل مطر" مولده :ولد في البصرة عام 1312هـ. نشأته :نشأ في أحضان الفضيلة، تتجاذبه السمات الهاشمية من جهة األم ،فأمه السيدة العلوية الهاشمية بنت السيد محمد،حيث ينتمي إلى العائلة الغريفية المعروفة بالعلم والفضل والتقى واألدب ،فمنها العالمة الكبير السيد عدنان بن السيد شبر ،والسيد حسن من سكان المحمرة ،وتتجاذبه السمات الحسينية من جهة األب ،فأبوه الحا مال الشيخ كاظم المطر
161
محمد صالح بن الحا عبد الحسين المطر ،كان خطيب الخطباء في عصره ،وكان من الشجاعة وقوة المراس ما جعله زعيما لحركة مناهضة للدولة العثمانية تقوم بقطع اإلمدادات والمؤن التي ترد عن طريق البصرة لتمويل حركتها في األقطار األخرى ،ثم كان بعد ذلك من أبرع خطباء المنبر الحسيني ممن يشار إليهم بالبنان في مدينة البصرة وجميع العراق ،وقد ذاع صيته في أقطار الخليج كالبحرين، وعمان ،واإلمارات ،وقد زار أول ما زار األحساء ،حيث جالس العلماء وخصوصا العالم الجليل السيد هاشم بن السيد أحمد بن السيد حسين السيد سلمان الموسوي المتوفى سنة 1321هـ ،وهو كما كان قدوة الخطباء ،كان علما من أعالم األدب ،وال أدل على ذلك من شعره الذي لم نستطيع العثور إال على ثالث قصائد في رثاء الحسين عليه السالم ،و هي روعة في الشعر العربي. خطابته :بدأ حياته المنبرية على والده الحا مال محمد صالح ،ثم مع الخطيب المال حمزة العمراني ،وهو من المشهورين في البصرة في فن المنبر ،باإلضافة إلى ما كان معروفا بمكارم األخالق: كرما ،وشجاعة ،وحلما ،ثم مع خاله السيد سعيد بن السيد محمد الغريفي ،وهو من في المبرزين الخطباء المحمرة.
الشيخ محمد رضا آل ياسين 162
وتفنن في الخطابة وما لبث أن ذاع صيته ،وانتشر ذكره انتشار الطيب ،وصارت له صوالت وجوالت في سباق الفن واألساليب المنبرية ،مع قرناءه المميزين :كالحا مال أحمد الرمل ،والحا محمد بن عياشه ،والحا مال خضير الحياوي ،فكان ابن جالها، وكان واسع االطالع ،قضى زهاء خمسة وثالثين عاما في استقراء الكتب ،ال يكاد يستريح فيها إال حالة ممارسة واجباته الحياتية ،حتى أثر ذلك في عينيه إلى درجة عدم القدرة على المطالعة إال بالجهد. دراسته :كانت دراسته مزيجا من العلم ،واألدب ،وذلك أثناء إقامته بالمحمرة ،درس خاللها في مجالس العلماء :كالعالمة الكبير السيد عدنان السيد شبر الغريفي البحراني المتوفى سنة 1321هـ ،والشيخ عيسى الشيخ صالح الجزائري ،وكان يذهب إلى النجف األشرف بين الفينة والفينة يستمد من علمائها ،خصوصا العالمة الشيخ محمد رضا الياسين ،وكان له دور مع علماء األحساء كالعالمة الشيخ موسى بوخمسين ،فهو عندما يزورها يحل ضيفا عنده ،وقد ذكر له الكثير من األيادي العلمية
السيد ناصر األحسائي
163
والكالمية ،والعالمة السيد ناصر األحسائي الذي رافقه فترة كلها علم وأدب ،وله فيه قصائد مدح، ورثاء ،يوجد بعضها في ذكر وفاة السيد ناصر ،وفي البصرة الزم العالمة الشيخ حبيب بن قرين العالم المجتهد ،وقد رافقه إلى األحساء، وكان يتلقي منه معارفه مالزما له فترة وجوده في األحساء ،حيث تزو خاللها ،ولم يزل إلى أن قبض الشيخ حبيب سنة 1313هـ ،ثم قرر أن يقيم في األحساء ،إقامة دائمة ،جلب أثنائها أبناءه من البصرة ،ليعيشوا معه، وكان آخر رفقاء طريقه السيد محمد بن السيد حسين عالم األحساء بالمبرز ،الذي كان نموذجا للتقوى حتى توفي سنة 1346هـ ،ورثاه بعدد من القصائد ،وعاش بعد ذلك قليال ثم قبضت روحه في نفس السنة. الشيخ موسى بن عبدهللا بوخمسين
حياته األدبية :بدأ نظم الشعر منذ حداثة سنة بعامل الوراثة ،فأبوه من خيرة الشعراء ،كما أن للوسط الذي ترعرع فيه ،واألدباء الذين اختلط بهم أثر كبير في صياغة شخصيته األدبية ،ما أدى أن يكون نتاجه األدبي من الرصانة ،و المطبوعية بمكان ،فأول قصيدة نظمها كان مطلعها-: بمهـــــــــامه وفدافد وقفـار حتام توخــــذ أي هذا الساري ثم تدر في فنون الشعر حتى صار يشار إليه بالبنان ،وله الشيء الكثير في الغزل ،والنسيب ،والوصف ،والمدح ،والرثاء ،باستخدام شتى البحور ،واألوزان :من موشح ،ومذيل ،وبند ،وله الكثير من التخميس ،والتشطير ،مما يستهوي السامع ،ويشد القارئ؛ لجزالة 162
اللفظ ،ومطبوعيته ،وله مساجالت شعرية مع الشيخ محمد صالح قنطان ،والسيد عباس شبر ،والشيخ عبد الكريم الممتن ،والشيخ حسن الجزيري ،والشيخ هادي الصالح خطيب كربالء ،غير أنه لم يكن يحتفظ بشعره ،مما جعله عرضة للضياع ،ولو كان مدونا، ومحفوظا لكان من أعظم الدواوين الشعرية حجما. نهاية المطاف :قر قراره باألحساء بعد وفاة المرحوم الشيخ حبيب بن قرين ،وهو خطيب الخطباء وبليغ األدباء، مما ال يختلف فيه اثنان ،وقد تتلمذ على يديه من أوالده مال جواد الخطيب الحا ومن غيرهم مال والناشر، عباس بالمحمرة ،والخطيب مال طاهر الموسى، الحا والخطيب الحا مال طاهر البحراني ،وكان سبب وفاته إصابته بشلل نصفي ،نقل على أثره للمستشفى حيث هوى من إحدى نوافذه ،وهو يحاول القيام من الدور الثالث ،وتوفاه هللا تعالى في ليلة 1363/6/11هـ. الشيخ حبيب بن قرين
وقد ترجم له صاحب كتاب مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء األحساء و القطيف والبحرين ،الفاضل األديب الشيخ جواد حسين الرمضان حيث قال-: هو الخطيب الكبير الشاعر المبدع الشيخ كاظم بن الحا محمد صالح بن عبد الحسين آل مطر األحساء المتوفى في األحساء سنة 1363هـ عن عمر يتجاوز السبعين عاما وكانت والدته في البصرة 161
حيث هاجر إليها أسالفه في القرن الثالث عشر الهجري ،وهم من أهل بلدة الفضول من قرى األحساء الشرقية ،وفي مدينة البصرة نشأ ،وفيها تلقى علومه وتتلمذ في الخطابة على والده ،وكان من مشاهير الخطباء ،واألدباء في عصره ،وفي أول العقد السابع من القرن الماضي عاد بأسرته إلى بلد أجداده باألحساء ،وبقي فيها إلى أن توفي في التاريخ المذكور. وقد حفلت بذكره العطر كتب السير والتراجم ،منها ما قاله السيد محمد حسن الشخص في كتاب "ذكرى حجة اإلسالم العالمة السيد ناصر األحسائي" ما نصه: "الفاضل األديب الشيخ كاظم بن الحا محمد صالح خطيب مصقع ،له مقدرة فائقة في الخطابة ،يأتيك بمعاني سامية في ألفاظ رقيقة ،مع براعة األسلوب ،ومتانة التعبير ،وإلى جانب ذلك أديب سامي األدب ،رقيق الشعور". وذكر المرحوم المتاجر في منتظم الدرين بقوله :الفاضل األديب المصقع ساللة األعاظم ،الشيخ كاظم بن الحا محمد صالح األحسائي ،الفاضل األديب الكامل الشاعر المعاصر ،شاعر قدير، ومتفنن غزير ،سيال القريحة ،بديع المعاني ،فصيح البيان ،واسع الخيال ،سهل ممتنع،رأيت قطعة من ديوانه كأنه سموط الآللئ على عجل. وقد أرخ حدث وفاته نجله األكبر الخطيب األديب الحا المطر بالبيتين التاليين-: إن قلب الـــــــــهدى يسعر شــهر صــــــــوم بتاريخه
جواد
ودموع التقـــــــــــــي تهـمر قد بكى كاظما منبر ()1363
نموذ من شعره-: عودي علي بمـنة اإلســـــــــعاف
إما بوصل أو بــــــــوعـد شافي
161
هجري أطلت وإذ ملكت فأسجحى ياربه الحـسن الــبديع صفـــــــاؤه أسرفت فـي قتــلي وهبــــك محقة ماحيلــــتي وغريمـــتي لم ينعطف تاهت على كلـــف بمائـس عطفها لجت عناداً وانــثـــــنت وبزعـمها كال فــذا قشــر الهـــــــوى ولبابه حب الوصـــي وآله األشــــــراف وثناؤه الحسن الجمــــــيل شعارنا يا منكراً فضـــــل العل ّي الشأن أو سل هل أتى عما أتى فيها من النـ هيهات يدرك كنـه معنى صنو من عن بعض ما أوتيـــه يرجع خاسئا الحق منحــــصر بأمـــــــــة أحمد عالّمها مقــــدامـــــــــها مطعامها أخاه دونــــهم النــــــــــــــبي وإنه
فلقتل صبك بعــــــض هذا كافي معناك أخرس مقـــول الوصاف أو ما نهى ربي عــــن اإلسراف لي قلبها مع كثـرة اســـــتعطافي والتيه شأن موائـس األعـــطاف أن قد تمكن حبها بشــغافــــــــي ألبي الحســين وآله األشـــراف وهللا خير وراثـــة األســــــالف حتى نوافيه على األعـــــــراف أفضاله وهو األعــم الضافــــي بأ العظيم وســــــــورة اإليالف داس البساط بغــير خـلع خفاف بصر العقول فج ّل عن أوصاف وهو المدير له بغـــــــير خالف للحكم للهيــــــــــجاء لألضياف ألد ّل برهان علــى استخـالف
من مواقفه التربوية (البحراين :مقابية صية يف :)1213كان الشيخ كاظم رحمه هللا شديد االهتمام بتالميذه ،ففي زيارة من الباحث ألحد تالميذه وهو المال طاهر البحراني رحمه هللا ذكر له أن شيخه المترجم له في أحد السنوات اعتذر عن القراءة في مجالسه المعتادة لظروف خاصة ،فاستغلها فرصة في حضور مجالس المذكور، وكان إذا جاء الحسينية ال يدخلها ،وإنما يبقى عند الباب يستمع القراءة حتى نهايتها ،وكان يرفض الدخول مع إصرار الكثيرين، وذلك خوفا من أن يقع في نفس تلميذه أثناء الخطبة حرجا ً أو ما شابه ،فيؤثر ذلك على مستوى المأتم وال يخر على الوجه المطلوب. وكان رحمه هللا يبقى خار الحسينية عند الباب حتى يخر المال طاهر ،فان أعجبته القراءة،كان يأخذه باألحضان والتقبيل مشجعا له ،ومناديا له ولدي ،ومهنئا ً لنفسه أنه ترك ابنا بارا وخطيبا مصقعا 161
يؤدي الخدمة الحسينية على الوجه المطلوب،ويقول إني لم أمت إذا كنت بهذا المستوى ،وإن وجد مالحظة في القراءة أو خطأ ارتكبه أخذه جانبا خار الحسينية وبعيدا عن المستمعين فأبدى له بمالحظته ،وكان البعض يصرون على الشيخ في هذه الحاالت التنبيهية أن يدخل هو والمال داخل الحسينية فكان يرفض بشده ويقول :هو ابني ،والنصح له في المأل تقريع ،ويا لها من حكمة بالغة ،فجزاه هللا خيرا ،وتغمده هللا بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنته عن الخطابة والخطباء. و المال طاهر بن محمد بن علي البحراني ،خطيب شهير يرجع نسبه إلى قبلة آل عصفور في البحرين ،وقد نزحوا إلى األحساء على أثر ظروف خاصة – من مدة 333سنة ثالثمائة عام – مر بها جدهم الشيخ سلمان العصفور ،وعند قدومه إلى األحساء ،احتضنه علماء األحساء وطالب العلم فيها فاستقام فيها ،أما بالنسبة للمترجم له فقد ولد في األحساء بتاريخ /1محرم1326/هـ.
164
طاهر المال البحراني صوت حسيني مدوي في مآتم أهل عليهم البيت السالم ،له من في الحضور محافل العزاء ما جعله الشخصية الحسينية المتألقة سماء في الخطابة الحسينية األحساء، في كانت األحساء تحن لخطابته انقطاعه إبان لحسنها عنها وشجاوتها، ولخبرة صاحبها في جلب الدمعة ،ولهذا كان جماهيره الذين استمعوه الزالت تتردد أطواره وطرائقه المشهور به في أصول آذانهم ،فقد افتقدته المآتم الحسينية وروادها ،وبالذات في أيام عاشوراء ،حيث القلوب تتوجه في مآتمه إلى مصاب الحسين عليه السالم ،وكلها أمل في أن تواسي النبي صلى هللا عليه وآله في مصاب عزيزهم الحسين عليه السالم ،ولهذا كانت مآتمه عامرة بالحضور لسكب الدموع ،وإطالق اآلهات بكل صدق ولوعة ,كما أوصى بذلك أئمة الهدى عليهم السالم. المال طاهر البحراني
166
بدأ مشواره الخطابي على أثر تشجيع تلقاه من اثنين من الخطباء، كانا يأتيان في أيام عاشوراء إلى بيت والده وهما من أهالي الجيل، لعالقة رحم وقرابة وهما-: المال علي بن المال حجي آل ممتن رحمه هللا. المال عبد الحميد بن المال حجي آل ممتن رحمه هللا. وقد كان له من العمر 12سنة فقد استلطفا شخصيته ،وصوته، وشجاعته على الخطابة وكان األكثر تشجيعا له المال علي بن المال حجي ،وابتدأ الخطابة معهم في البيت وبحضور والده ،من خالل التدريب على أداء األطوار الشجية ،ومع مرور الزمن عزم على إكمال مشواره الخطابي ،فاتصل بخطباء عدة كان لهم الفضل في صقل موهبته وبروزها بالشكل الذي ظهر به وكان أكثرهم تأثيرا في مهارته الخطابية هو الشيخ كاظم المطر ،كما أن هناك شخصية ساهمت في صقل مهارته قبل اتصاله بأستاذه المذكور ،وهو مال عبد المحسن بن ناصر من خطباء القطيف ،وكان هذا يأتي إلى األحساء للخطابة فيقرأ مقدما له ،كما اختلط "البحراني" بخطباء حسينيين لهم الشهرة والبروز أمثال :مال ناصر بن نمر ،ومال محمد صالح آل محيسن ،وقد أمضى في تتلمذه 2سنوات متواصلة كلها جد ومثابرة ،وأخيرا انفرد المترجم له بالخطابة وفي هذا يقول: "وانفردت بالخطابة بنفسي والحمد هلل ببركة اإلمام الحسين عليه السالم ،وقد شجعوني الناس على عملي ،إذ كسبت رضاهم ونسأل هللا القبول". وقد ذاع صيته وانتشرت شهرته فقرأ الكويت،والبحرين،والدمام ،والخبر ،والثقبة ،وقطر.
في
كل
من
أما وصايا أستاذه له بحسب إفادته للباحث ما يلي: يقول :أوصاني األستاذ الشيخ مال كاظم المطر رحمه هللا بعدة وصايا ،كان لها األثر الكبير في مشواري الخطابي منها: بني :أكتب أحسن ما تسمع وترى. 233
و احفظ أحسن ما تكتب. وألقي في مجالسك أحسن ما تحفظ. وقال أيضا-: بني :احفظ ما يلي نصا وعن ظهر قلب وال تتصرف في أي جزء منها-: اآلية القرآنية.الحديث النبوي.كالم أحد المعصومين.الشعر.ولم يقتصر حضوره الخطابي في الحواضر المذكورة آنفا بل ذكر للباحث أنه في إحدى زياراته للعتبات المقدسة في العراق صادف وفاة النبي األكرم صلى هللا عليه وآله ،وقد حضر أحد مآتم النجف األشرف ،قد أقامه جمع من الخطباء في جامع الترك ،بحضور علماء النجف األعالم وكان ممن حضر في ذلك المأتم كل من آية هللا العظمى السيد محسن الحكيم ،وآية هللا العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين ،وآية هللا العظمى السيد الخوئي نور هللا ضرائحهم جميعا ،وقد كان الجامع يغص بالكثير من العلماء وأغلب الجمع من الخطباء ،وكان ممن حضر الشيخ علي بن الشيخ علي الخاقاني رحمه هللا وقبل انعقاد المأتم اقترح أحد الخطباء أن يختاروا خطيبا يأتيهم بالطور البحراني المميز والمنتشر في الخليج كاألحساء والقطيف والبحرين فما كان من أحد الخطباء إال أن أشار عليهم بالمال طاهر البحراني وقال هذا يجيد الطور البحراني ،واسمه بحراني وقد ألحوا عليه بالقراءة فامتنع ،لهيبة ذلك الجمع ومع الضغظ استجاب لدعوتهم على أن يتقاسم المأتم خطيب آخر فيكون هو األول والثاني أحد الخطباء المعروفين بالزهد والعبادة فيأتي بحديث روحاني يليق بمقام وفاة النبي األكرم صلى هللا عليه وآله.
231
ولما وافقوه على طلبه صعد المنبر أمام تلك الشخصيات العلمية الفذة ،فأنشد قصيدة للمرحوم الشيخ عبد الكريم الممتن األحسائي رحمه هللا أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب. والقصيدة هي-: خالف النفـس ودع عنك المالحا أيها الغافــــــــل ال نلـت نجاحا تحسـبن الجد من قولي مزاحا وأفــــــق من سكــرة الغـي وال وغراب البـين يدعوك الروحا كم تمادى في الهـوى ال ترعوي ونذير الشـيب في المفرق الحا كيف ال تقــــــــــلع عن معصية ودنا المـوت مــساء أو صباحا آذنت فـــــــــيك الليـــالي بالفـنا أنت من فــــــــوق مطـي األيام والفلك األطلس يحـــــــــدوك لحــاحا خافـــــــــضا هلل من ذل جناحا فاتخذ زادا من التقــــــوى وكن لفتى يغتـــــر في الدنـيا فالحا معرضا عن زهـرة الدنــيا فهل إنها دار غرور طبعــها الغدر والكر فبعـــدا وانـــــــــــــــــــتزاحا أحمد لم تخــــــــش افتـضاحا أولم تسمع بما قد صنـعت ببني سيئات تمــــــأل القلب جراحا شتتـهم فرقا واجـــــــــــترحت قلب الدين واشــــــتلت صفاحا صوبـت فيهم ســهاما لم تصب غير واستباحوا كل ما ليـــس مباحا أظــهرت أبناؤها ما أضـــمرت
ولما انتهى المجلس استدعاه الشيخ علي الخاقاني ودعا له بالتوفيق، وسأله عن ناظم هذه األبيات وطلب منه أن يكتبها له ،وقال عبارة وال تدل على سعة اطالعه ومتابعة إن هذه القصيدة ما طبعت نشرت.
المبحث الرابع :أصداء المدرسة العلمية في األحساء. ساعد على انتشار صوت المدرسة العلمية في الخطابة الحسينية ممثلة في خطابة مؤسسها األول الشيخ الدكتور أحمد الوائلي رحمه هللا ،أنها ظهرت في فترة انتشرت فيها الوسائل التكنولوجية من راديو ،ومسجالت صوتية ،فقد وصل صوته المدوي عبر إذاعة 232
عبادان التي كانت تبث في إيران آنذاك باللغة العربية ،وذلك في أيام عاشوراء ،وكان لهذا أثر كبير في ذيوع صيته ،وتعرف المجتمع على بروز لون خطابي جديد على الساحة الحسينية ،فالمادة العلمية التي كان يطرحها الدكتور رحمه هللا تمتاز بالحداثة واألصالة في آن واحد ،السيما أنها مسكوبة في قوالب ثمينة راقية ،وبصوت رخيم شجي جذاب ،وكان هذا كافيا أن يشد الناس إليه ،ويجعلهم يستمعون إليه من خالل هذا الجهاز الذي لم يتعود الناس أن يسمعوا من خالله مآتم حسينية غير مقتل الحسين يوم عاشوراء بصوت الشيخ عبد الزهراء الكعبي رحمه هللا تعالى. وأما التسجيالت الصوتية فقد كان أثرها أكبر فقد وصلت محاضراته من خالل أشرطة الكاسيت و تالقفتها األيدي واقتناها الكثير من عشاق الكلمة الهادفة ورواد المآتم الحسينية ،بل وكلما تقدمت التقنية في مسراها العلمي بوسائل أكثر تجسيدا بالصوت والصورة ،كان لعشاق الوائلي وخطابته نصيبا وافرا في توظيفها ،فقد جاء بعد الكاسيتات ،أجهزة الفيديو ،وهي أجهزة تشبه الكاسيتات ولكن بمزايا الصورة ،كما جاء من بعدها ثورة الحاسبات اآللية و ما حوته من أساليب في الحفظ والتخزين اإللكتروني عبر األقراص المدمجة، فهنا تم إضافة ميزة جديدة وهي سهولة النقل والحفظ وانخفاض التكلفة مقارنة بأشرطة الفيديو ،هذا و الوائلي له حضور في كل وسائل النقل هذه وعشاق كلمته يتابعون خطاباته وإن بعدت بهم المسافات المكانية ،لكن هذه األجهزة قربت شخصه وإفاضاته لهم، فكانت فتحا لهم في كل أنواعها ،أما بعد دخول الشبكة العنكبوتية "االنترنت" في واقع حياة الناس ،فقد أخذ "الوائلي" مكانته الخاصة على هذه الشبكة ،بحيث يمكن القطع بأن أي موقع تخصص في توفير خطب حسينية على الموقع للخطباء المعاصرين ،يالحظ أن "الوائلي" في طليعتهم ،وأما في عصر الفضائيات وهو متزامن مع فعالية الشبكة العنكبوتية ،فله حضور ولكن كان محدودا وذلك لدخوله في وعكة صحية أدخلته في مرض سريري انقطع خاللها 233
عن محبيه ومرتادي مجالسه ،انتهت بوفاته ،ورحيله إلى دار اآلخرة. ونظر للنجاح الكبير بأساليب هذه المدرسة العلمية الحديثة ،بدأت مرحلة جديدة خطابية في األحساء تسعى نحو التخلص من أساليب المدرسة التاريخية وتتجه إلى األسلوب العلمي ،وهذا جاء بشكل واضح على أسلوب الخطباء الجدد ،حيث الكل يحاول السير على هذا االتجاه إال ما قل وندر.
المبحث الخامس :محاولت تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء. في أول مجد المدرسة العلمية بدأت محاوالت غير قليلة من بعض الخطباء الذين عرفوا باألسلوب التاريخي ،لألخذ بهذه األغراض الجديدة ،إال أن أغلب تلك،لم يكتب لها النجاح ،بل قوبلت بالرفض التام ،واالستهجان ،وذلك يعود إلى عدم القدرة على إحداث النقلة المالئمة للمستمعين من األسلوب التاريخي -الذي يكتفي بالحديث في التاريخ وبعض المواعظ واإلرشادات -إلى األسلوب العلمي الذي يتسم بالحداثة والتجديد واألصالة الفكرية ،عبر تناول أغراض خطابية تالمس الواقع المعاش ،من قضايا فكرية معاشة ،إلى تحليل موسع للتاريخ ،أو ربط بين مكتشفات العلم الحديث والدين وإلى غيرها من المواضيع التي تتطلب مستوى فكريا وعلميا راقيا للخطيب ،هذا ما أدى إلى تندر البعض من عدم قدرة الخطباء على مجاراة هذا اللون الجديد ،بل بلغ الحال أن صرح وكالء بعض أصحاب الحسينيات والمآتم التي تعقد في البيوت إلى نفس الخطباء، وطلبوا منهم اإلقالع عن هذا األسلوب واعتماد األسلوب التاريخي فقط ،وهذه الحالة جرت فقط على الخطباء الجدد الذين دخلوا سلك الخطابة حديثا مع انتشار صيت المدرسة العلمية ،وهذا يعود إلى كونه لم ينتسب إلى المدرسة التاريخية ،ولتتلمذه على المدرسة 232
العلمية من خالل استماع الكاسيتات ،وألنسه من نفسه بقدرة الطرح في ميدان الخطابة على نهج هذه المدرسة ،ولكن كل هذا لم يكن كافيا أن يرقى المنابر وأن يحوز على قبول الجماهير ،ألنها قد تذوقت عطا ًء صعب المجاراة من مؤسسها األول ،وعليه فقبول الجديد من الخطباء وفق أغراض هذه المدرسة كان صعبا جدا، وهذه األزمة في قبول هذا الطرح بلغت ذروتها خالل عام 1361هـ و 1361هـ.
المبحث السادس :نجاح تطبيق أسلوب المدرسة العلمية في األحساء. ال شك أن أسلوب المدرسة العلمية خطابيا يعتبر مظهر حضاري، ومؤشر على التقدم العلمي ،فإذا مالت إليه النفوس والعقول ،فتلك ظاهرة صحية سليمة ,وأن الرغبة الجادة في االلتحاق بها البد من استجابة سوف تتحقق ،وفعال تحقق أول نجاح في إدخال أسلوب المدرسة العلمية إلى المآتم الحسينية في األحساء وذلك يرجع إلى عام 1361هـ تقريبا ،فقد استطاع كل من الشيخ عبدهللا ال ُس َميّن رحمه هللا ،والشيخ باقر الهاللي رحمه هللا المتوفى في حدود 1231هـ على أثر حادث سير أليم ،أن ينجحا في طرق المأتم بهذا األسلوب الجديد ،وأن يحوزا على رضا المستمعين آنذاك. فالشيخ عبدهللا السمين ،عند قراءته في ذلك التاريخ وقد كان ونشاطا ً، حيويةً، ممتأل وإخالصا ال يشك أحداً أن أسلوبه الشيخ الوائلي ال من حيث أغراضه الخطابية ،أو أسلوب الطرح ،واالستشهاد فحسب ،بل وحتى طريقة الصوت، ونبرة الحديث
الشيخ عبدهللا السمين 231
ومخار الحروف في بعض الحاالت ،فقد استطاع أن يلفت الشيخ السمين انتباه الجميع إلى قدرته تلك ،وقد حدث الباحث سماحة العالمة الدكتور عبدالهادي الفضلي ،ابان إقامته في النجف أنه ذات مرة دخل أحد أروقة النجف واستمع إلى صوت خطيب ظن أنه الوائلي ،فأبدى استغرابا لتوقيت ومكان القراءة ولما تحقق األمر وجده الشيخ السمين ،فلهذه القدرة على تقفي أثر المؤسس األول لهذه المدرسة لم يخالط الشك أحد ممن استمع إليه أنه استطاع اللحوق بركب هذه المدرسة على كثرة من عز عليه أن يحققوا نجاحا يذكر فيها ،ولهذا ذاع صيته ليس في الكويت ،والبحرين ،و القطيف و األحساء فحسب ،بل حتى في العراق ،ففي مدينة العلم والعلماء النجف األشرف قرأ في مسجد الخضراء ،والمسجد الهندي ،كما قرأ في العديد من مدن العراق ومحافظاتها وقراها ،ومن تلك الصقاع :الكوفة ،وكربالء، والرميثة ،والحمزة الشرقي، والمشخاب ،والفاو ،والعزيزية، وسوق الشيوخ ،والحلة. الشيخ عبدالهادي الفضلي ابان اقامته في النجف
ونسبه هو الشيخ عبدهللا بن حسين بن علي السمين ،ولد عام 1312هـ بمدينة المبرز في 231 السيد علي الناصر
األحساء ،وبدأ مشواره العلمي عام 1313هـ في مسجد الدندن بمدينة المبرز باألحساء في حي العيوني ،وخالل دراسته الحوزوية مال نحو الخطابة الحسينية في مرحلة مبكرة في حياته العلمية عام 1311هـ ،وذاك لشدة ذكائه االجتماعي ،و حلو سليقته في التعاطي مع مفردات بيئته ،كما كان يمتاز بصوت عذب ،وفصاحة لسان، وقوة جنان ،األمر الذي مكنه للنجاح السريع في مشواره الخطابي. وفي عام 1342هـ شد الرحال إلى النجف األشرف، لينهل من نمير علوم رجالها، فهناك بدأ رحلته العلمية في مدرسة كاشف الغطاء وبها أقام. شرع في دراسة المقدمات، فكان درس المنطق على يد العالمة السيد علي الناصر السلمان حفظه هللا ،وشرائع اإلسالم في الفقه على يد آية هللا الشيخ
السيد الخوئي
بشير النجفي ،وألفية ابن مالك على يد الشيخ محمد العطية، بعدها أخذ دروس السطوح على يد جملة من العلماء، فعلى يد السيد عبد المجيد الحكيم درس اللمعة الدمشقية والمكاسب ،أما الوسائل فعلى يد السيد محي الدين الغريفي. الشيخ بشير النجفي
231
بعدها بدأ دراسة البحث الخار ،حيث التحق ببحث آية هللا العظمى نصر هللا المستنبط ،وبحث آية هللا العظمى السيد الخوئي رحمهما هللا. وألجل هذه الخلفية العلمية الحوزوية استطاع "السمين" الخوض في مسالك العلوم الحديثة التي ذاعت مطالبها بين أبناء جيله ،إلى جانب الجوانب الشرعية التي تلقاها على أيدي علماء عصره ،جامعا بذلك بين األصالة الشرعية ،والعلوم الحديثة ،وقد كان قمة نضجه الخطابي أبان تواجده في النجف األشرف ،وبالتحديد في مرحلة جمعه بين طلب العلم و ممارسة الخطابة الحسينية. أما الشيخ باقر الهاللي عليه الرحمة ،فقد كانت له خصوصية تذكر في هذا المجال. فقد كان على رغم صغر سنه في ذلك الوقت ،إال أنه استطاع أن يجذب الشباب إلى منبره على الرغم من عدم إقامته في األحساء ،بل كان يتردد عليها في المواسم كمحرم وصفر ورمضان ،وكان الباحث أحد مرتادي مجالسه منذ عام 1361هـ ،لذا فهو يفرغ في هذه السطور مشاهداته ووجهات نظره كمتابع ألحداث الساحة الخطابية الحسينية منذ ذلك التاريخ. نعم لقد استطاع الشيخ باقر الهاللي أن يجذب انتباه الشباب وذلك لتناوله بعض المواضيع الهامة في نظر أبناء ذلك الجيل الذين أصيبوا بفتور ديني ،وكانوا ينظرون إلى الدين بأنه دين العجائز، حيث لم يأت بعد المد الديني الجارف على أثر انتصار الثورة اإلسالمية في إيران. ركز الشيخ في مجالسه آنذاك على المواضيع ذات الصفة العلمية في مجال االكتشافات العلمية الحديثة ،وربطها بالدين من حيث القدرة اإللهية في الخلق واإلبداع ،واإلشارات القرآنية إلى بعض هذه النظريات العلمية الحديثة ،بما عنده من إلمام ولباقة في الحديث ودقة 234
بالغة في التحليل ،وكان ألسلوبه هذا آن ر ّو للدين الحنيف في أوساط الشباب ،وبرهن لهم بأنه منها حياة ،وليس كما يدعون أنه أفيون الشعوب كما كان يردد على صفحات المجالت والصحف والكتب ،هذا إذا أخذنا عامال آخر غير أسلوبه العلمي وهو عامل السن المتقارب مع أولئك الشباب. فقد كان صغر سنه من أهم العوامل المؤثرة في لفت انتباههم ،إذ لم يتعودوا أن يروا شابا في مقتبل العمر ويمارس الخطابة الحسينية، ويكون بهذه الثقافة واالنفتاح على العلم الحديث ،فرحمه هللا رحمة األبرار ،وكم تطلع الباحث أن يحصل على ترجمة لهذا الفقيد وقد بادر باالتصال بمن كان يتوقع منه التجاوب ،ولكن حال بعد الزمان والمكان دون هذه األمنية.
الفصل الرابع :الخطابة الحسينية في األحساء في الوقت الراهن. ويشتمل على مبحثين: المبحث األول :بحث ميداني حول بعض مالمح الخطابة الحسينية في األحساء في الوقت الراهن. المبحث الثاني :تراجم لخطباء أحسائيين معاصرين.
المبحث األول :بحث ميداني حول بعض مالمح الخطابة الحسينية في األحساء في الوقت الراهن. تمهيد: رأى الباحث أن من األجدى عند كتابة هذا الجزء من البحث أن ال يتحدث عن واقع الخطابة الحسينية والشعائر اآلخرى المرتبطة بها من خالل انطباعاته الشخصية ،ومالحظاته ،أو االعتماد على أقوال 236
الغير؛ لذا قرر توظيف أدوات البحث العلمي المعروفة بدقتها النسبية إذا ما قورنت باألدوات اآلخرى التي تقوم على الحدس والتخمين، وفي ظل خيار استخدام منهج البحث العلمي أيضا وقع بين عدة خيارات ،إما أن يعمد إلى العينة الميسرة فيأخذ أيسر ما تمكن الوصول له ،أو العينة التحكمية ،فيتوجه إلى جهات بعينها بشكل مباشر العتقاده بأهمية تلك اآلراء وسدادها ،أو أن يعمد إلى أخذ عينة عشوائية ،من مجتمع دراسته حسب األصول المتبعة في اختيار العينات اإلحصائية ،وقد رجح الخيار األخير لدقته النسبية في مجال البحث العلمي ،وخلوها من التحيز ،وخالل هذا المبحث تطلع الباحث أن يقدم إجابات على أسئلة عدة عن هدف البحث الميداني ،و ما مدى أهميته؟ وما المنهجية المتبعة في البحث؟ وما هي أبرز الصعوبات التي واجهت الباحث خالل البحث؟ وأبرز النتائج التي توصل لها الباحث؟ و ما هي التوصيات التي طرحها؟ وذلك عبر عدة مطالب كما يلي: المطلب األول :الهدف من البحث. المطلب الثاني :منهج البحث. المطلب الثالث :مجتمع البحث. المطلب الرابع :صعوبات جمع البيانات. المطلب الخامس :تحديد عينة البحث العشوائي. المطلب السادس :استمارة االستبيان الموجهة إلى عينة البحث العشوائي. المطلب السابع :نتائج البحث الميداني.
المطلب األول :الهدف من البحث. البحث الميداني استهدف القيام بجمع بيانات صادقة عن واقع الخطابة الحسينية في األحساء في عدة جوانب منها: -1قياس مدى اهتمام خطباء المنبر الحسيني في تناول األغراض الخطابية التالية-: 213
أ -المفاهيم العقائدية الهامة ،والتي تمثل الكم المطلوب على المكلف شرعا أن يعتقد بها. ب -حث المجتمع على تعلم المسائل الشرعية ،والتي من الممكن أن تكون موضع االبتالء ،والحاجة إليها. المواضيع التربوية التي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة بشكلخاص والمجتمع بشكل عام. د -توعية الشباب حتى ال يقعوا فريسة لرفقاء السوء. هـ -تعريف المجتمع بعلماء المذهب وعنائهم في سبيل حفظ الشريعة ،وسيرتهم الذاتية. و -طرح المسائل الخالفية من خالل إطار الوحدة اإلسالمية. ز -إذكاء مشاعر الحزن واللوعة في تصوير مصائب أهل البيت عليهم السالم. ي -االهتمام بالعنصر النسائي ثقافةً ،وسلوكا ً ،وتحصينا ً ضد الشعارات الوافدة. -2قياس مقدار عطاء الخطباء الحسينيين المعاصرين ،وتحديد أبرزهم في تناول األغراض الخطابية المشار إليها سابقا. -3قياس مقدار اقتناع األفراد بممارسة الشعائر الحسينية اآلخرى كالعزاء المتمثل في ضرب الصدور ،والشبيه أثناء المجلس والتطبير ،وتحديد دوافع األفراد في ممارسة ذلك ،أو تأييده لتلك الظاهرة. -2قياس وجهة نظر مجتمع الدراسة نحو أهمية المواضيع الخطابية ،وترتيب أولوية طرحها من خالل المنبر الحسيني في الوقت الراهن. -1قياس وجهة نظر مجتمع الدراسة نحو تقسيم وقت المآتم بين الجانب الموضوعي فيه الذي يركز على رفع الجانب الفكري لدى 211
المستمعين من خالل تفسير النصوص وتحليلها وأخذ العظة والعبرة منها ،والجانب العاطفي المأساوي الذي يتناول ما جرى على اإلمام الحسين وأهل بيته وكذا بقية المعصومين عليهم السالم ،وهل هناك رغبة في زيادة أي جانب عن التركيبة القائمة حاليا للمأتم والمتمثل في جعل %43من وقته للجانب العلمي الموضوعي،و%23 لجانب العاطفة وإبراز المصيبة والعزاء على أهل البيت عليهم السالم ،وذلك بمراعاة الفرق بين أيام عاشوراء والمناسبات اإلسالمية اآلخرى في سائر أيام السنة. -1قياس رغبة المستمعين في الزمن الذي يستغرقه المأتم ،مع مراعاة أيضا الفرق بين أيام عاشوراء ،والمناسبات اآلخرى وبين األيام العادية خالل العام. -1قياس رغبة المستمعين في وقت انعقاد المأتم مع مراعاة الفرق بين أيام عاشوراء والمناسبات اآلخرى ،وبين األيام العادية خالل العام. -4استجالء وجهة نظر فئة المجتهدين ،والفضالء في المستوى العلمي للخطيب الحسيني. -6معرفة األسلوب الخطابي المناسب للمجتمع في الوقت الراهن من حيث المستوى اللغوي ،واستخدام المصطلحات في المأتم واألسلوب األدبي في إيصال األفكار. -13معرفة مستوى الخطابة في األحساء قبل (11سنة) مقارنة بالوقت الراهن. -11معرفة مستوى الخطابة الحسينية في الوقت الراهن.
212
-12معرفة التوقعات عن مستوى الخطابة في األحساء بعد 11سنة مقارنة بالوضع الراهن. -13معرفة مدى والء الناس للمنبر الحسيني في الوقت الراهن. -12معرفة مدى تأثير المنبر الحسيني في حياة الناس في الوقت الراهن.
المطلب الثاني :أهمية البحث. سيكشف البحث عن أوجه قصور المأتم في األحساء في تناول بعض األغراض الخطابية الهامة السابق ذكرها ،مما يسهل على خطبائنا األفاضل في ترتيب أولية أبحاثهم التي سوف تطرح مستقبال إن شاء هللا ،كما سينقل لألجيال القادمة صورة صادقة ولو بشكل تقريبي عن واقع الخطابة في األحساء في زمن البحث الميداني.
المطلب الثالث :منهج البحث. اعتمد البحث على األسلوب الميداني القائم على تعبئة استمارات االستبيان من خالل المقابلة الشخصية لعينة مجتمع الدارسة.
المطلب الرابع :مجتمع الدارسة. اختار الباحث الحوزويين مجتمعا لدراسته ،وقسمهم إلى ثالث مجموعات هي: المجموعة األولى :فئة المجتهدين. المجموعة الثانية :فئة الفضالء. المجموعة الثالثة :فئة الطلبة.
213
السبب في جعل الحوزويين مجتمع الدارسة: تم اختيار الحوزويين مجتمعا للدراسة الباحث وذلك يعود الشتمال استمارة االستبيان على أسئلة تحتا إلى مستوى علمي معين، وإحاطة ببعض شئون المنبر والتوعية اإلسالمية ،هذا من جهة ومن جهة أخرى إلمكانية حصر أعداد هذه الفئات ،وبالتالي التمكن من اختيار عينة عشوائية منهم ممثلة لمجتمع الدراسة ،وذلك اعتمادا على األسلوب القائم على العمليات اإلحصائية المعروفة في تصميم العينات.
المطلب الخامس :صعوبة جمع البيانات. استغرق الباحث خمسة شهور تقريبا في كتابة هذه الدراسة ،بما فيها البحث الميداني ،وتلك الشهور هي :جمادى الثاني ،و رجب، وشعبان ،و رمضان ،وجزء من شهر شوال ،وهي مدة قصيرة إلجراء بحث ميداني فضال عن القيام بدراسة تبحث عن تطور األغراض الخطابية الحسينية عبر التاريخ ،وتدوين ما يخص المآتم الحسينية في األحساء ،على اعتبار أنها عينة من المجتمعات التي تفاعلت مع أحداث مقتل اإلمام الحسين الشريف عليه السالم منذ واقعة الطف .هذا إذا وضعنا في االعتبار النقص الكبير في المراجع ،والكتب التي تناولت هذا الجانب ،وهذا في حد ذاته كلف الوقت الكثير. هذا وقد واجه الباحث الكثير من المعاناة في جمع البيانات الميدانية والسبب يعود إلى اآلتي: -1انتشار مجتمع الدارسة جغرافيا ،خار نطاق مدينة الهفوف والمبرز ،فقد شملت العديد من الحوزويين المتواجدين في كل من: قرية القارة ،والرميلة ،والدالوة ،والبطالية ،والشعبة.
212
-2إن فترة جمع البيانات صادفت من الناحية التاريخية أيام عطلة فصل الربيع ،وهذا مما أدى إلى ندرة فرصة االلتقاء بالطلبة لذهاب أغلبهم إلى أداء العمرة أو زيارة الرسول األكرم صلى هللا عليه وآله. -3تخلل أيضا فترة جمع البيانات شهر رمضان المبارك ،وهي فترة لها خصوصيتها ،من حيث كثرة الزيارات ،وازدحام البرنامج اليومي بأعمال يكثر تواجد الطلبة خار بيوتهم. -2ارتباط الباحث بإنهاء الدراسة إلى جهة علمية لتحكيمه بحيث ال يتجاوز تاريخ 21شوال 1213هـ. وعليه فقد كان من آثار تلك المعوقات في جمع بيانات الدراسة أن الباحث لم يتمكن من مقابلة جميع أفراد عينة البحث والذين من المقرر مقابلتهم وكان عددهم كاآلتي-: مجتهد واحد. فاضالن. اثنان وعشرون طالب علم.أما المجتهد فلم يتمكن الباحث من مقابلته على الرغم من كثرة المواعيد التي أخذها منه ،وذلك النشغاله الدائم ،وقد حاول مقابلة واستبيان المجتهد اآلخر ،وقد تم اللقاء ولكن اعتذر عن اإلدالء بأية إجابة. أما فئة الطلبة فعلى الرغم أن العدد يتمثل في 22طالب فقط ،إال أن الباحث لم يتمكن من مقابلتهم جميعا ،فقد كان نصيبه 12طالبا ،وذلك خالل 33زيارة لهم في منازلهم وكان أسباب عدم إجابة العشرة الباقين ،تعود إلى رفض بعضهم اإلجابة ،وسفر البعض اآلخر، ومنهم لظروف خاصة لم تتم مقابلته. والباحث إذ يذكر هذه الظروف والمالبسات لغرض علمي على أقل تقديراته أن يتعرف الباحثون الراغبون في إجراء دراسة على 211
مجتمع طالب العلم ،والفضالء ،والمجتهدين ،من حيث الظروف المحتملة في مثل الحاالت التي واجهها الباحث ،زمانا ،ومكانا.
المطلب السادس :تحديد عينة البحث العشوائي. أعتمدت الدراسة عينة من مجتمع الدارسين للعلوم الدينية في منطقة األحساء ،وقد تم تصنيفهم على اعتبار المستويات العلمية،المعمول بها في أوساط الحوزات العلمية إلى ثالث مجموعات ،ويمكن الرجوع إلى مقدمة البحث للوقوف على المراد من تلك التصنيفات، وتلك كما يلي: المجموعة األولى :مجموعة المجتهدين وعددهم اثنان. المجموعة الثانية :مجموعة الفضالء وعددهم خمسة عشر فاضال. المجموعة الثالثة :مجموعة الطلبة وعددهم مائة واثنان وستون طالبا. وتم اعتماد العينة العشوائية في الدراسة. ومن المجتمع المذكور تم حساب العينة بموجب المعادلة التالية-: حجم العينة = العينة األولية (+1( /العينة األولية – / ) 1 (مجتمع الدارسة )). (William G. Cochnan, Sampling Techniques, 1977, 3 Ed). وقد تم اعتبار مجتمع الدارسة حسب ما تم ذكره آنفا ،ومجموعهم مائة وتسعة وسبعون فردا (.)116 وتم حساب العينة األولية بموجب المعطيات التالية-: العينة األولية = )DD/ (T2) x (PQ 211
وقد تم اعتماد االفتراضات Assumptionsالتالية-: -1حيث أن Tتعني احتمال الثقة وجعلناها نسبة %66وبالتالي تصبح .14،2 =T -2وحيث أن Dتعني درجة الثقة وهي عبارة عن الخطأ المتوقع في التقدير وهي تساوي .3.1 -3وحيث أن Pتعني نسبة النجاح ،و Qتعني احتمال عدم النجاح فقد تم احتساب المعامل المعياري وهو عبارة عن حاصل ضرب Q في Pعلى أساس أن 3.1 =Pبينما .3.1 = 3.1-1 =Q وعليه تم التوصل إلى أن حجم العينة المقبول على أساس العملية المذكورة آنفا = 21فردا ،وبموجب نسبة كل فرد في المجتمع الدارسة تم تحديد عينة لكل فرد في مجتمع الدراسة ،ثم تحديد عينة لك فئة كالتالي: فئة المجتهدين = 1مجتهد فئة الفضالء = 2فاضالن فئة الطلبة = 22طالب
المطلب السابع :استمارة الستبيان الموجهة إلى عينة البحث العشوائي. بسم هللا الرحمن الرحيم ،والحمد هلل رب العالمين ،والصالة والسالم على محمد وآله ،أما بعد، سماحة /فضيلة.... تستهدف الدراسة معرفة واقع الخطابة الحسينية في األحساء في عهدها الراهن ،وقد تم اختيار شخصكم الكريم لإلجابة على أسئلة عدة بهدف إنجاز هذا الغرض العلمي.
211
واالستبانة المرفقة تشتمل على أسئلة عدة كما يلي: السؤال األول: الفقرات التالية تهتم بقياس ما استأثرت به المآتم الحسينية المنعقدة في مدينة األحساء ،وذلك بهدف توعية المجتمع. الرجاء التكرم باختيار اإلجابة المناسبة من اإلجابات الموجودة أسفل كل فقرة ،مع ذكر أفضل خطيب قام باسهامات بارزة في الموضوع المذكور في كل فقرة. الموضوع األول :المفاهيم العقائدية الهامة التي تمثل الكم المطلوب على المكلف شرعا أن يعتقد بها. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. أذكر أفضل خطيب من حيث إسهاماته في هذا الموضوع هو.-: الموضوع الثاني :دفع المجتمع إلى تعلم المسائل الشرعية الالزمة لهم في العبادات والمعامالت ،والتي من الممكن أن تكون موضع ابتالء الناس. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟214
الموضوع الثالث :المواضيع التربوية والتي تتعلق بسلوك األفراد، داخل األسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟الموضوع الرابع :توعية الشباب بالمخاطر المحيطة به ،حتى ال يقعوا فريسة لرفقاء السوء وينخرطوا في طريق الرذيلة والفساد. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟الموضوع الخامس :تعريف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري وعن إسهاماتهم في حفظ الشريعة اإلسالمية بالكلمة ،وتأليف الكتب، وتأسيس المشاريع اإلسالمية. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. 216
-1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟الموضوع السادس :المسائل الخالفية مع المذاهب اإلسالمية اآلخرى ،وتوضيح مالبساتها والشروح الوافية ألدلة الشيعة فيما تعتقد به ،وذلك في إطار الوحدة اإلسالمية ،دون إذكاء للنعرات المذهبية. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟الموضوع السابع :إذكاء مشاعر الحزن واللوعة في تصوير مصائب أهل البيت عليهم السالم. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟الموضوع الثامن :االهتمام بالعنصر النسائي وذلك بتشخيص الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عواتقهن :كأداء الحقوق 223
الزوجية ،والعائلية ،وتوجيههن الستغالل أوقاتهن بالقراءة, واإلطالع وغيرها من الواجبات. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟الموضوع التاسع :األهتمام بالعنصر النسائي وذلك بتوعيتهن ضد الشعارات الوافدة التي تحاول أن تفقدهن أصالتهن ،وتدفعهن إلى اهتمامات وممارسات غير شرعية مثل :التخلي عن االلتزام بالحجاب اإلسالمي. -1لم يتم تناوله. -2تم تناوله بشكل قليل. -3تم تناوله بشكل متوسط. -2تم تناوله بشكل كثير. -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب. من هو أفضل خطيب أسهم في هذا الموضوع؟ السؤال الثاني-: ما مدى اهتمام الخطباء في األحساء بحسن سبك الموضوع، واالعتناء بالوحدة الموضوعية في البحث. -1ال يوجد. -2يوجد بنحو قليل. 221
-3يوجد بنحو متوسط. -2تم تناوله بنحو كثير. من هو أفضل خطيب في هذا المجال؟السؤال الثالث-: ما مدى اهتمام الخطباء في األحساء بالصياغة األدبية الراقية لمفرداته اللغوية ،القريبة من أذهان المستمعين. -1ال يوجد. -2يوجد بنحو قليل. -3يوجد بنحو متوسط. -2تم تناوله بنحو كثير. من هو أفضل خطيب في هذا المجال؟السؤال الرابع-: ماذا تفضل أن يركز عليه الخطيب في الوقت الراهن مع مراعاة التفريق بين أيام عاشوراء والمناسبات من وفيات ومواليد ألهل البيت عليهم السالم ،واألحداث اإلسالمية ،وبين سائر األيام العادية على طول العام.
الموضوع
أيام عاشوراء والمناسبات الدينية اآلخرى
األيام العادية
أ-التركيز على الموضوع بشكل أكبر مما هو عليه 222
األن. ب-التركيز على الجانب المأساوي بشك أكبر مماعليه اآلن. االحتفاظ بما هومتبع في الوقت الراهن. السؤال الخامس-: ماهو الوقت الذي تفضله في مدة القراءة. الموضوع
أيام عاشوراء والمناسبات الدينية اآلخرى
األيام العادية
-1أكثر من 13دقيقة -2من 13دقيقة إلى 21دقيقة -3من 21دقيقة إلى 33دقيقة -2أقل من 33دقيقة
223
الموضوع
أيام عاشوراء والمناسبات الدينية اآلخرى
األيام العادية
-1من بعد صالة الفجر وحتى 1صباحا. -2من 1صباحا وحتى 11صباحا. -3من 2ظهرا وحتى 3.1عصرا. -2من 3.1عصرا وحتى المغرب. -1من بعد صالة المغرب وحتى الساعة 13مساء. -1من الساعة 13مساء، وحتى منتصف الليل. السؤال السادس-: ماهو الوقت الذي تفضله ألنعقاد المآتم مع مراعاة الفرق الوارد في السؤال الخامس السؤال السابع-: ما هو تقييمك لممارسة الشعائر الحسينية التالية في الوقت الراهن: أوال :العزاء الحسيني بشكل عام ( ) 2غير جيد ( )1جيد
( اختر اإلجابة المناسبة )
إذا كانت اإلجابة بـ ( جيد ) ،اختر السبب مع تحديد الكم الذي يمثل وجهة نظركم. قليل متوسط كثير الموضوع 222
أ-ألن به تربوية. ب-له طابع الحماس الديني. فيه أداء ومواساة ألهل البيتعليه السالم. د-فيه طابع التعبير االستنكاري الصارخ لما جرى على اإلمام الحسين عليه السالم. هـ -فيه اقتداء بزينب لما ضربت رأسها بمقدم المحمل حزنا على أخيها الحسين (كما في الرواية). و-كل ما بسق. ز-ال شئ مما سبق.
إذا كانت اإلجابة بـ (غير جيد ) اختر السبب مع تحديد الحكم الذي يمثل وجهة نظركم: قليل متوسط كثير الموضوع أ-ألن العزاء يسئ إلى سمعة المذهب بشكل عام عند الغير. ب -ألن العزاء يسئ إلى سمعة الشعائر الحسينية عند الغير. ألن الضرب على الصدورلن يقدم في قضية الحسين عليه السالم شيء. د-كل ما سبق. هـ-ال شيء مما سبق.
221
ثانيا-:التشبيه في أثناء المجلس وخار المجلس الحسيني (اختر اإلجابة المناسبة). ( ) 1جيد ( ) 2غير جيد إذا كانت اإلجابة بـ ( جيد ) :اختر السبب مع تحديد الكم الذي يمثل وجهة نظركم: قليل متوسط كثير الموضوع أ-ألنه يجسد صورة المأساة والظلم الذي وقع على أهل البيت بشكل واضح. ب-ألنه يثير مشاعر الحزن واللوعة بشكل أكبر. ألنه يقرب صورة المأساة إلىأذهان األطفال. د-كل ما سبق. هـ-ال شيء مما سبق. إذا كانت اإلجابة بـ (غير جيد) اختر السبب مع تحديد الكم الذي يمثل وجهة نظركم: قليل متوسط كثير الموضوع أ-ألنها تخل بوقار الشعائر الحسينية عند الناس. ب-صعوبة تصوير شخصية اإلمام المعصوم أو أحد أهل بيته وأصحابه في شخصية إنسان عادي. ألنها تسئ إلى سمعة الشعائرالحسينية عند الغير. 221
د-ألنها تسئ إلى سمعة المذهب بشكل عام عند الغير. هـ -كل ما سبق. و-الشيء مما سبق. ( اختر اإلجابة المناسبة): ثالثا -:التطبير -2غير جيد -1جيد إذا كانت اإلجابة بـ (جيد ) اختر السبب مع تحيد الكم الذي يمثل وجهة نظركم. قليل متوسط كثير الموضوع أ-ألن به معان تربوية. ب-له طابع الحماس الديني. فيه أداء ومواساة ألهل البيتعليهم السالم. د-فيه تعبير استنكاري صارخ لما جرى على الحسين هـ-فيه اقتداء بزينب عليها السالم لما ضربت رأسها بمقدمة المحمل حزنا على أخيها الحسين عليه السالم. و -كل ما سبق. ز-الشيء مما سبق. إذا كانت اإلجابة بـ (غير جيد) اختر السبب مع تحديد الكم الذي يمثل وجهة نظركم: قليل متوسط كثير الموضوع
221
أ-ألن العزاء يسئ إلى سمعة المذهب بشكل عام عند الغير. ب-ألن العزاء يسئ إلى سمعة الشعائر الحسينية عند الغير. أن الضرب على الصدور لنيقدم في قضية الحسين شيء. د-كل ما سبق. هـ -ال شيء مما سبق. السؤال الثامن ( :هذا السؤال يطرح على فئة المجتهدين والفضالء فقط). هل تفضيل أن يكون الخطيب حوزويا( .اختر اإلجابة المناسبة) -1نعم
-2ال
إذا كانت اإلجابة بـ (نعم) ،يرجى التكرم باختيار المستوى الدراسي من االختيارات التالية: أ-أنهى دروس المقدمات. ب-أنهى دروس السطوح. يدرس في مرحلة البحث الخار .إذا كانت اإلجابة بـ (ال ) اختر السبب مع تحيد الحكم الذي يمث وجهة نظركم: قليل متوسط كثير الموضوع أ-يكفي للخطيب أن يطلع على كتب السيرة واألخالق. ب-يكفي للخطيب أن يستمع إلى الخطباء. كل ما سبق.د-ال شيء مما سبق. 224
السؤال التاسع: ما هو تقييمك لألسلوب الخطابي المناسب للمجتمع من النواحي التالية( ،اختر اإلجابة المناسبة من وجهة نظرك) -1المستوى اللغوي: أ-استخدام اللغة الفصحى ب-استخدام العامية. بين العامية والفصحى.-2استخدام المصطلحات الفنية-: أ-أن تكون صرفة دون توضيح. ب-استخدامها مع التوضيح. عدم استخدامها مطلقا.-3استخدام األسلوب األدبي في إيصال األفكار: أ-يستخدم بكثرة. ب-بشكل متوسط. بشكل نادر.السؤال العاشر: ما رأيك في مستوى الخطابة قبل 11سنة مقارنة بالوضع الراهن في منطقة األحساء (اختر اإلجابة المناسبة من وجهة نظرك) أ-أفضل. ب-مساوي. أسوأ.السؤال الحادي عشر: ما رأيك في مستوى الخطابة في الوقت الراهن بمنطقة األحساء. أ-ممتاز. ب-جيد جدا. جيد.226
د-ضعيف. السؤال الثاني عشر: ما هي توقعاتك لمستوى الخطابة في األحساء بعد 11سنة مقارنة بالوضع الراهن لو استمرت الخطابة على هذا االتجاه ( اختر اإلجابة المناسبة) أ-أفضل. ب-مساوي. أسوأ.السؤال الثالث عشر: ما مدى تأثير المنبر الحسيني في حياة الناس في الوقت الراهن (اختر اإلجابة المناسبة) أ-ممتاز. ب-جيد جدا. جيد.د-ضعيف. السؤال الرابع عشر: ما مدى والء الناس للمنبر الحسيني في الوقت الراهن؟ أ-ممتاز. ب-جيد جدا. جيد.د-ضعيف.
المطلب الثامن :نتائج الستبيان. قام الباحث بتفريغ البيانات الواردة في استمارات االستبيان -في جداول معدة مسبقا لذلك ،وأجرى عليها بعض المعالجات الرياضية، والمتمثلة في إخرا المتوسط الحسابي آلراء عينة الدراسة في كل 233
فقرات االستبانة ،والعينة المشار إليها تشمل فئتي الطلبة ،والفضالء فقط ،وذلك العتذار فئة المجتهدين عن اإلدالء بآرائهم كما تم ذكره سالفا. وقد أسفرت هذه العملية عن نسب مئوية تمثل آراء عينة البحث، وهي نسب متفاوتة في المقادير حول كل نقطة ،وذلك يرجع إلى اختالف وجهات نظر مجتمع الدارسة وعلى الرغم من انخفاض عدد أفراد عينة البحث ،الذين تمت مقابلتهم وأخذ وجهات نظرهم، اال أن كثيرا من تلك الفقرات لم يبدو تشتتا كبيرا في نتائجها ،بحيث يصعب تحقيق أهداف البحث ،بينما جاء البعض من تلك الفقرات مشتت النتائج ،وهذا أمر طبيعي وظاهرة صحية في البحوث الميدانية .وقد يجد القارئ أن هناك نقصا في بعض النسب المئوية بحيث أنها لم تصل في مجموعها إلى ،%133وذلك يعود إلى أن بعض عينات البحث أحجمت عن اإلجابات على بعض األسئلة. نتيجة السؤال األول-: السؤال األول ،يتضمن 6فقرات وكل فقرة تتضمن شقين ،الشق األول وهو يتعلق بقياس مقدار ما استأثرت به المآتم الحسينية في األحساء بأحد األغراض الخطابية ،والشق الثاني متعلق بتحديد أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول الغرض الخطابي الذكور في الشق األول. ونظرا لوجود تشتت في نتائج أسئلة الشق الثاني فقد قرر الباحث أن ال يذكر إال أسماء من حازوا على %13فأكثر من آراء عينة البحث؛ لتحقق معنى البروز الذي تم قصده عند طرح السؤال على العينة. ففيما يتعلق بالموضوع األول والذي يتضمن السؤال عن مقدار تناول المفاهيم العقائدية الهامة ،التي تمثل الكم المطلوب على المكلف شرعا أن يعتقد بها فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول اآلتي رقم ()1 231
جدول رقم ( :) 4مقدار تناول الخطباء األحسائيين للمفاهيم العقائدية الهامة ،التي تمثل الكم المطلوب على المكلف شرعا أن يعتقد بها. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام -1لم يتم تناوله واحد منهم يميل إلى %13 -2تم تناوله بشكل هذا المقدار قليل % 23 -3تم تناوله بشكل متوسط واآلخر منهم يميل %1 -2تم تناوله بشكل إلى هذا المقدر كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب أما الشق اآلخر ،والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي ،فقد أشارت عينة البحث إلى الشيخ علي الدهنين ،وبنسبة إجمالية مقدارها %11بما فيهم رأي االثنين من أصحاب الفضيلة. أما الموضوع الثاني والذي يتضمن السؤال عن مقدار حث المجتمع إلى تعلم المسائل الشرعية الالزمة لهم في العبادات والمعامالت والتي من الممكن أن تكون موضع ابتالء الناس .فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول اآلتي رقم (.)2
جدول رقم ( :) 2مقدار حث خطباء األحساء المجتم َع إلى تعلم المسائل الشرعية الالزمة لهم في العبادات والمعامالت والتي من الممكن أن تكون موضع ابتالء الناس 232
الخيارات -1لم يتم تناوله -2تم تناوله بشكل قليل -3تم تناوله بشكل متوسط -2تم تناوله بشكل كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب
النسبة المئوية آلراء العينة بشكل عام %1 %23
وجهات نظر صاحبي الفضيلة واحد منهم يميل إلى هذا المقدار واآلخر منهم يميل إلى هذا المقدر
%31
أما الشق اآلخر ،والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي فلم تتضح الرؤية النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن .%13 أما الموضوع الثالث والذي يتضمن السؤال عن مقدار طرح المواضيع التربوية والتي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام ،فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم (.)3 جدول رقم ( :) 1مقدار طرح خطباء األحساء المواضي َع التربوية والتي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام -1لم يتم تناوله 233
%13
واحد منهم يميل إلى هذا المقدار
-2تم تناوله بشكل قليل -3تم تناوله بشكل متوسط واآلخر منهم يميل %31 -2تم تناوله بشكل إلى هذا المقدر كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب أما الشق اآلخر ،والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي ،فلم تتضح الرؤية النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن .%13 أما الموضوع الرابع ،والذي يتضمن السؤال عن مقدار طرح المواضيع التي تقوم بتوعية الشباب وإنارة الطريق أمامهم حتى ال يقعوا فريسة لرفقاء السوء ،وينخرطوا في طريق الرذيلة والفساد فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول التالي رقم (.)2 جدول رقم ( :) 1مقدار طرح خطباء األحساء المواضي َع التي تقوم بتوعية الشباب حتى ل يقعوا فريسة لرفقاء السوء النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام -1لم يتم تناوله تميل وجهتي نظرهما %16 -2تم تناوله بشكل إلى هذا المقدار قليل %21 -3تم تناوله بشكل متوسط -2تم تناوله بشكل كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب 232
أما الشق اآلخر ،والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي فلم تتضح الرؤية النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن .%13 أما الموضوع الخامس ،والذي يتضمن السؤال عن مقدرا طرح المواضيع التي تعرف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري ،وسيرتهم في مجال التوعية بالكلمة ،و تأليف الكتب ،و تأسيس المشاريع اإلسالمية ،فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول اآلتي رقم ( .) 1 جدول رقم ( :) 5مقدرا طرح خطباء األحساء المواضي َع التي تعرف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري ،وسيرتهم في مجال التوعية بالكلمة ،و تأليف الكتب ،و تأسيس المشاريع اإلسالمية. النسبة المئوية وجهات نظر صاحبي الخيارات الفضيلة آلراء العينة بشكل عام تميل وجهتي نظرهما %26 -1لم يتم تناوله إلى هذا المقدار %12 -2تم تناوله بشكل قليل %1 -3تم تناوله بشكل متوسط -2تم تناوله بشكل كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب أما الشق اآلخر ،والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي فلم تتضح الرؤيا النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن .%13 أما الموضوع السادس ،والذي يتضمن السؤال عن مقدار طرح المواضيع التي تتناول المسائل الخالفية مع المذاهب اإلسالمية األخرى ،وتوضيح مالبساتها ،والشرح الوافي ألدلة الشيعة فيما 231
تعتقد به ،وذلك من خالل إطار الوحدة اإلسالمية ،دون إذكاء للنعرات المذهبية ،فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول التالي رقم (.)1 جدول رقم ( :) 6مقدار طرح خطباء األحساء المواضي َع التي تتناول المسائل الخالفية مع المذاهب اإلسالمية اآلخرى النسبة المئوية وجهات نظر صاحبي الخيارات الفضيلة آلراء العينة بشكل عام -1لم يتم تناول واحد منهم يميل إلى %13 -2تم تناوله بشكل قليل هذا المقدار واآلخر منهم يميل %31 -3تم تناوله بشكل إلى هذا المقدر متوسط %1 -2تم تناوله بشكل كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب أما الشق اآلخر والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته فتناول هذا الغرض الخطابي ،فقد أشارت عينة البحث إلى الشيخ علي الدهنين وبنسبة إجمالية مقدارها %12بما فيهم رأي االثنين من أصحاب الفضيلة. أما الموضوع السابع والذي يتضمن السؤال عن مقدار إذكاء مشاعر الحزن واللوعة عن تصويرهم لمصائب أهل البيت عليهم السالم في المآتم الحسينية في األحساء فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم ( .) 1
231
مشاعر الحزن جدول رقم ( :) 1مقدار إذكاء خطباء األحساء َ واللوعة عند تصويرهم لمصائب أهل البيت عليهم السالم في المآتم الحسينية في األحساء النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام -1لم يتم تناول -2تم تناوله بشكل قليل %12 -3تم تناوله بشكل متوسط تميل وجهتي نظرهما %41 -2تم تناوله بشكل إلى هذا المقدار كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب أما الشق اآلخر ،والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي ،فلم تتضح الرؤية النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن .%13أما الموضوع الثامن ،والذي يتضمن السؤال عن مقدار تناول المواضيع التي تهتم بالعنصر النسائي ،وذلك بتشخيص الواجبات والمسؤوليات الملقاة على عواتقهن كأداء الحقوق الزوجية والعائلية ودفعهن الستغالل أوقاتهن بالقراءة واالطالع ،وغير ذلك من الواجبات،قد جاءت النتائج ممثلة في الجدل رقم ( .) 4 جدول رقم ( :) 6مقدار تناول خطباء األحساء المواضي َع التي تهتم بالعنصر النسائي
الخيارات
النسبة المئوية آلراء العينة
وجهات نظر صاحبي الفضيلة 231
-1لم يتم تناوله -2تم تناوله بشكل قليل
بشكل عام %12 %11
-3تم تناوله بشكل متوسط
%22
-2تم تناوله بشكل كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب
%1
تميل وجهتي نظرهما إلى هذا المقدار تميل وجهتي نظرهما إلى هذا المقدار
أما الشق اآلخر والذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي ،فلم تتضح الرؤية النخفاض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن .%13 أما الموضوع التاسع ،والذي يتضمن السؤال عن مقدار االهتمام بالعنصر النسائي وذلك بتوعيتهن ضد الشعارات الوافدة التي تحاول أن تذوب أصالتهن وتدفعهن نحو اهتمامات و ممارسات سيئة مثل عدم االلتزام بالحجاب اإلسالمي الصحيح الذي ال يتناسب مع كرامة المرأة وحشمتها .فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم ( .) 6 جدل رقم ( :) 2مقدار اهتمام خطباء األحساء بالعنصر النسائي وذلك بتوعيتهن ضد الشعارات الوافدة. وجهات نظر النسبة المئوية الخيارات آلراء العينة بشكل صاحبي الفضيلة عام %1 -1لم يتم تناول 234
-2تم تناوله بشكل قليل -3تم تناوله بشكل متوسط
%24 %13
تميل وجهتي نظرهما إلى هذا المقدار
-2تم تناوله بشكل كثير -1تم تناوله بشكل أكثر من المطلوب أما الشق اآلخر الذي يتضمن السؤال عن أفضل خطيب من حيث إسهاماته في تناول هذا الغرض الخطابي ،فلم تتضح الرؤية النخفض نسبة كل واحد من المشار إليهم عن .%13 نتيجة السؤال الثاني-: وهو يتضمن استفسار عن مقدرا اهتمام الخطباء في األحساء بحسن سبك الموضوع ،واالعتناء بالوحدة الموضوعية في البحث وقد جاء النتائج ممثلة في الجدول رقم ( .) 13 جدول رقم ( :) 41مقدرا اهتمام خطباء األحساء بحسن سبك الموضوع ،والعتناء بالوحدة الموضوعية في البحث. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحبي الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام واحد منهم يميل إلى %21 -1ال يوجد هذا المقدار %31 -2يوجد ولكن بشكل قليل واآلخر يميل إلى هذا %31 -3يوجد ولكن بشكل المقدار متوسط %1 -2يوجد ولكن بشكل 236
كثير أما الشق اآلخر من السؤال والذي يتضمن االستفسار عن الخطيب الذي يتميز بهذا االهتمام فقد أشارت عينة البحث إلى الشيخ حبيب الهديبي ونسبة إجمالية مقدارها %13بما فيهم واحد من أصحاب الفضيلة. نتيجة السؤال الثالث-: وهو يتضمن استفسار عن مقدار اهتمام الخطباء في األحساء بالصياغة األدبية الراقية للموضوع واالنتقاء الجيد للعبارات الواضحة والغريبة من أذهان المستمعين .فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول اآلتي رقم ( .)11 جدول رقم ( :) 44مقدار اهتمام خطباء األحساء بالصياغة األدبية الراقية للموضع والنتقاء الجيد للعبارات الواضحة والغريبة من أذهان المستمعين. النسبة المئوية وجهات نظر صاحبي الخيارات آلراء العينة الفضيلة بشكل عام
-1ال يوجد -2يوجد ولكن بشكل قليل -3يوجد ولكن بشكل متوسط -2يوجد ولكن بشكل كثير
%31 %31
واحد منهم يميل إلى هذا المقدار واآلخر يميل إلى هذا المقدار
%12
أما الشق اآلخر من السؤال والذي يتضمن االستفسار عن الخطيب الذي يتميز بهذا االهتمام فقد أشارت عينة البحث إلى الشيخ حبيب الهديبي وبنسبة إجمالية %13بما فيهم واحد من أصحاب الفضيلة. 223
نتيجة السؤال الرابع: فيما يتعلق بالوقت المفضل المستغرق النعقاد المأتم فهو موضح في الجدول رقم ( )12كما يلي: جدول رقم ( :) 42الوقت المفضل المستغرق لنعقاد المأتم في األحساء. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام %12 -1أكثر من 13دقيقة %31 -2من 13دقيقة إلى 21دقيقة تميل وجهتي نظرهما %23 -3ن21دقيقة إلى إلى هذا المقدار 33دقيقة -2أقل من 33دقيقة ب-المآتم في األيام العادية وهو موضح بالجدول رقم (.)13 جدول رقم ( :) 41الوقت المستغرق للمآتم في األيام العادية في األحساء النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام -1أكثر من 13دقيقة %1 -2من 13دقيقة إلى 21دقيقة واحد منهم يميل إلى %16 -3من21دقيقة إلى هذا المقدار 33دقيقة واآلخر يميل إلى هذا %1 -2أقل من 33دقيقة المقدار 221
نتيجة السؤال الخامس: ففيما يتعلق بهذا السؤال الذي يهتم باالستفسار عما يجب أن يركز هل يكثر من الموضوع بشكل أكبر عليه الخطيب في بحثه، مما هو عليه في الوقت الراهن والذي يستحوذ تقريبا على %43من وقت المأتم ،أو أن يكثر من التعرض لمصائب أهل البيت عليهم السالم بشكل أكبر مما هو عليه اآلن والذي يمثل في الوقت الراهن %23من وقت المأتم ،أو أن يحتفظ بالتقسيم المذكور دون أي زيادة ونقص وقد جاءت نتائج االستبيان عن هذا السؤال: أ-ففيما يتعلق بالمأتم أيام عاشوراء والمناسبات األخرى وهو موضح بالجدول رقم ( .)12 جدول رقم ( :) 41تقسيم وقت الخطيب في خطابته المنبرية بين الموضوع والجانب البكائي خالل أيام عاشوراء ،والمناسبات اآلخرى في األحساء
النسبة المئوية وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة آلراء العينة بشكل عام وجهتي نظرهما %12 -1التركيز على تميل إلى هذا الموضوع بشكل أكبر االختيار على مما هو عليه اآلن %12 -2التركيز على الجانب المأساوي بشكل أكبر مما هو عليه اآلن %12 -3االحتفاظ بالتقسيم القائم 222
ب-فيما يتعلق بالمأتم في األيام العادية ،وهو موضح في الجدول رقم ( .) 11 جدول رقم ( :) 45تقسيم وقت الخطيب في خطابته المنبرية بين الموضوع والجانب البكائي في األيام العادية في األحساء. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام %31 -1التركيز على الموضوع بشكل أكبر على مما هو عليه اآلن وجهتي نظرهما تميل -2التركيز على إلى هذا االختيار %31 الجانب المأساوي بشكل أكبر مما هو عليه اآلن %21 -3االحتفاظ بالتقسيم القائم نتيجة السؤال السادس: وهو فيما يتعلق بزمن انعقاد المأتم وجاء كما يلي: أ-أيام عاشوراء والمناسبات األخرى وهو موضح بالجدول ( .) 11
رقم
جدول رقم ( :) 46الزمن المفضل لنعقاد المأتم في أيام عاشوراء والمناسبات األخرى في األحساء. وجهات نظر النسبة الخيارات المئوية آلراء صاحب الفضيلة العينة بشكل 223
عام -1من بعد صالة الفجر إلى الساعة 1صباحا -2من الساعة 1صباحا إلى 11ظهرا -3من الساعة 11ظهر إلى 2عصرا -2من الساعة 2ظهرا حتى المغرب -1من المغرب حتى الساعة13مساء
%63
تميل وجهتي نظرهما إلى هذا االختبار
من الساعة13مساء حتى 1،11مساء
ب-األيام العادية وهو موضح بالجدول رقم (.)11 جدول رقم ( :) 41الزمن المفضل لنعقاد المأتم في األيام العادية في األحساء. وجهات نظر النسبة الخيارات صاحب الفضيلة المئوية آلراء العينة بشكل عام -1من بعد صالة الفجر إلى 222
الساعة 1صباحا -2من الساعة 1صباحا إلى 11ظهرا -3من الساعة 11ظهر إلى 2عصرا -2من الساعة 2ظهرا حتى المغرب -1من المغرب حتى الساعة 13مساء
%63
تميل وجهتي نظرهما إلى هذا االختبار
-1من الساعة13مساء حتى 1،11مساء نتيجة السؤال السابع-: أما فيما يتعلق بتقييم عينة البحث لممارسة الشعائر الحسينية والمتمثلة في كل من: أوال :العزاء الحسيني. ثانيا :الشبيه أثناء المجلس. ثالثا :التطبير. فقد جاءت النتائج بين مؤيد ومعارض ،ويمكن التعرف على ذلك من خالل الجدول رقم ( .) 14 جدول رقم ( :) 46تقييم عينة البحث لممارسة الشعائر الحسينية في األحساء. وجهتي نظر نسبة وجهة نظر الشعيرة نسبة صاحب الحسينية اإلختيار صاحبي الفضيلة اإلختيار الفضيلة بـ غير بـ جيد جيد %1 تميل وجهتي العزاء %41 221
الحسيني %11
الشبيه أثناء المجلس التطبير %26
نظرهما إلى هذا االختبار واحد منهما يميل إلى هذا االختيار واحد منهما يميل إلى هذا االختيار
%31 %12
واآلخر يميل إلى هذا االختيار واآلخر يميل إلى هذا االختيار
وقد أورد الباحث أسئلة تابعة خلف كل اختار من هذا السؤال كما هو موضح في استمارة االستبيان ،من أجل أن يحدد دوافع الفرد عند اقباله على االختيار الذي قام به ،وقد جاءت نتائج االستبيان كاالتي-: أوال :العزاء الحسيني-: فقد جاءت دوافع القائلين بـ (جيد ) كما في الجدول رقم (.)16 جدول رقم ( :) 42دوافع القائلين بـ (جيد ) حول المأتم الحسيني في األحساء النسبة المئوية وجهات نظر الدوافع آلراء العينة صاحب الفضيلة بشكل عام
أ-ألن به معاني تربوية ب-له طابع الحماس الديني فيه مواساة ألهل البيت عليهمالسالم د-فيه اقتداء بزينب عليها السالم لما ضربت رأسها بمقدم المحمل حزنا على أخيها الحسين عليه السالم
%12 %12 %12
221
و -كل ما سبق
%11
واحد منهم يميل إلى هذه الدوافع واآلخر إلى ما في (أ) و (د).
ز -الشيء مما سبق أما القائلين بـ (غير جيد ) فقد كانت نسبتهم قليلة إذ تقدر بـ % 1 فقط ،ودوافعهم متمثلة في أسباب خاصة لم يذكرها. ثانيا :الشبيه أثناء المجلس-: فقد جاء دوافع القائلين بـ (جيد ) كما في الجدول رقم (.)23 جدول رقم ( :) 21دوافع القائلين بـ (جيد) حول الشبيه أثناء المأتم الحسيني في األحساء. النسبة المئوية وجهات نظر الدوافع آلراء العينة صاحب الفضيلة بشكل عام أ-ألنه يجسد صورة المأساة والظلم الذي وقع على أهل البيت عليهم السالم بشكل أوضح. ب-ألنه يثير مشاعر الحزن بشكل أكبر. ألنه يقرب صورة المأساةإلى أذهان األطفال فيعرفهم بأهل البيت عليهم السالم. واحد منهم يميل % 11 د-كل ما سبق إلى هذه الدوافع هـ -الشيء مما سبق
221
أما القائلين ( بغير جيد ) فقد كانت دوافعهم ممثلة في الجدول رقم (.)21 جدول رقم ( :) 24دوافع القائلين بـ (غير جيد) حول الشبيه أثناء المأتم الحسيني في األحساء. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الدوافع الفضيلة العينة بشكل عام واحد منهم يميل إلى %21 أ-ألنها تخل بوقار هذه الدوافع الشعائر الحسينية عند الناس. ب-صعوبة تصوير اإلمام المعصوم أو أحد أهل بيته وأصحابه في شخصية إنسان عادي. ألنها تسيء إلىسمعة المذهب بشكل عام عند الغير. د-كل ما سبق هـ -الشيء مماسبق
%12
%1
%1
ثالثا :التطبير: جاءت دوافع القائلين ( بجيد ) كما في الجدول رقم ( ) 22 جدول رقم ( :) 22دوافع القائلين بـ (جيد ) حول التطبير في األحساء. وجهات نظر النسبة المئوية آلراء الدوافع 224
أ-ألن به معاني تربوية ب-له طابع الحماس الديني فيه أداء ومواساةألهل البيت عليهم السالم د-فيه تعبير استنكاري صارخ لما جرى على الحسين عليه السالم هـ-فيه اقتداء بزينب عليه السالم لما ضربت رأسها بمقدم المحمل حزنا على أخيها الحسين عليه السالم كما في الرواية و -كل ما سبق ز -ال شيء مما سبق
العينة بشكل عام %1
صاحب الفضيلة
%1
%1
واحد منهم يميل إلى هذه الدوافع
%1
أما القائلين ( بغير جيد) فقد كانت دوافعهم ممثلة في الجدول رقم (.)23 جدول رقم ( :) 21دوافع القائلين بـ (غير جيد ) حول التطبير في األحساء النسبة المئوية وجهات نظر صاحب الدوافع 226
أ -ألنها تسيء إلى سمعة المذهب بشكل عام عند الغير. ب -ألنها تسيء إلى سمعة الشعائر الحسينية عند الغير. إن ضرب القاماتوإسالة الدماء فيها مضرة مباشرة للجسد. د -لن يقدم شيء للقضية الحسينية. هـ -كل ما سبق. و -ال شيء مما سبق
آلراء العينة بشكل عام %23
الفضيلة
%21 %12 %1 %1
واحد منهم يميل إلى هذه الدوافع
نتيجة السؤال الثامن-: طرح السؤال الثامن بشكل خاص على فئة الفضالء فقط وذلك العتذار فئة المجتهدين من اإلدالء بآرائهم ،وجاءت النتائج كاآلتي-: أجمعت فئة الفضالء وبنسبة %133على أهمية أن يكون الخطيب حوزويا. أجمعت فئة الفضالء وبنسبة %133أيضا على أن مستوى الطالب الحوزوي الذي أنهى دروس المرحلة السطوح يعتبر مستوى مناسبا للخطابة الحسينية في الوقت الرهن. نتيجة السؤال التاسع-: أما فيما يتعلق باألسلوب الخطابي المناسب للمجتمع والمتمثل في-: المستوى اللغوي.استخدام المصطلحات العلمية.213
استخدام األسلوب األدبي في إيصال األفكار.وقد جاءت النتائج كاآلتي-: -1المستوى اللغوي ونتائجه ممثلة في الجدول رقم (.)22 جدول رقم ( :) 21آراء عينة البحث حول األسلوب الخطابي المناسب للمجتمع األحسائي النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام أ-استخدام اللغة الفصحى ب-استخدام العامية تميل وجهتي نظرهما %63 استخدام الفصحىإلى هذا االختيار والعامية -2استخدام المصطلحات ونتائجه ممثلة في الجدول رقم ( .)21 جدول رقم ( :) 25آراء عينة البحث حول كيفية استخدام المصطلحات العلمية في الخطابة الحسينية باألحساء. وجهات نظر النسبة المئوية الخيارات آلراء العينة صاحب الفضيلة بشكل عام أ -أن تكون صرفة دون تحديد. تميل وجهتي %11 ب -استخدام المصطلح مع نظهرهما إلى التوضيح. هذا االختيار %12 عدم استخدام المصطلحالعلمي على االطالق. 211
-3استخدام األسلوب األدبي في إيصال األفكار ونتائجه ممثلة في الجدول رقم( .)21 جدول رقم ( :)26آراء عينة البحث حول استخدام األسلوب األدبي في إيصال األفكار إلى المستمعين في األحساء. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام %31 أ -يستخدم بكثرة. تميل وجهتي %11 ب -يستخدم بشكل نظهرهما إلى هذا متوسط االختيار يستخدم بشكلنادر. نتيجة السؤال العاشر-: أما فيما يتعلق بالمستوى الخطابي في األحساء قبل 11سنة مقارنة بالوضع الراهن - ،ويالحظ بأنه تم تقييد السؤال بتاريخ يعود للمدة المذكورة ،ألنه يتوافق بشكل تقريبي مع أول محاولة إلدخال األسلوب العلمي إلى المآتم الحسينية إلى األحساء ، -وقد جاءت النتائج ممثلة بالجدول رقم( ) 21 جدول رقم ( :) 21آراء عينة البحث عن المستوى الخطابي في األحساء قبل 45سنة مقارنة بالوضع الراهن النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام تميل وجهتي %12 أ-أفضل نظهرهما إلى هذا االختيار ب-مساوي 212
-أقل مستوى
%26
نتيجة السؤال الحادي عشر-: أما فيما يتعلق بتحديد المستوى الخطابي في الوقت الراهن بمنطقة األحساء ،فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم ( .)24 جدول رقم ( :) 26آراء عينة البحث عن المستوى الخطابي في الوقت الراهن بمنطقة األحساء. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام واحد منهما يميل إلى %12 أ-ممتاز هذا الرأي %26 ب-جيد جدا %23 جيدواآلخر يميل إلى هذا %1 د-ضعيف الرأي نتيجة السؤال الثاني عشر-: أما فيما يتعلق بالتوقعات عن مستوى الخطابة بعد 11سنة مقارنة بالوضع الراهن لو استمرت الخطابة على هذا االتجاه فقد جاءت النتائج ممثلة في الجدول رقم ( .) 26 جدول رقم ( :) 22آراء عينة البحث عن التوقعات المستقبلية لمستوى الخطابة في األحساء بعد 45سنة مقارنة بالوضع الراهن لو استمرت الخطابة على هذا التجاه النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام واحد منهما يميل إلى %11 أ-أفضل 213
هذا الرأي ب-مساوي -أقل مستوى
%12 %12
واآلخر يميل إلى هذا الرأي
نتيجة السؤال الثالث عشر-: أما فيما يعلق عن مدى تأثير المآتم الحسينية في حياة الناس في الوقت الراهن فقد جاءت آراءهم ممثلة في الجدول رقم ( .) 33 جدول رقم ( :) 11آراء عينة البحث عن مدى تأثير المآتم الحسينية في حياة الناس في الوقت الراهن في األحساء. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام واحد منهما يميل إلى %23 أ -ممتاز. هذا الرأي %1 ب -جيد جدا. %12 جيد.واآلخر يميل إلى هذا %26 د -ضعيف. الرأي نتيجة السؤال الرابع عشر-: أما فيما يعلق عن مدى والء الناس للمآتم الحسينية في الوقت الراهن منطقة األحساء وقد جاءت اآلراء ممثلة في الجدول رقم ( .) 31 جدول رقم ( :) 14آراء عينة البحث حول مدى ولء الناس للمآتم الحسينية في الوقت الراهن في األحساء. النسبة المئوية آلراء وجهات نظر صاحب الخيارات الفضيلة العينة بشكل عام 212
أ-ممتاز
%11
ب-جيد جدا
%1
-جيد
%12
د-ضعيف
%12
تميل وجهتي نظرهما إلى هذا الرأي
المبحث الثاني :تراجم لخطباء أحسائيين معاصرين. تمهيد: ورد في سياق البحث الميداني عن واقع الخطابة الحسينية في الوقت الراهن شخصيتين خطابيتين ،انفردتا بتميز لدى مجتمع الدراسة بالذكر بنحو %13فأكثر في بعض الموارد الخطابية المطروحة في السؤال األول من االستبيان ،وهم كال من الشيخ علي الدهنين، والشيخ حبيب الهديبي ،لذا يجد الباحث من األهمية بمكان أن يتم تعريف القارئ الكريم بهما من خالل المطلبين التاليين: المطلب األول :الشيخ علي الدهنين. المطلب الثاني :الشيخ حبيب الهديبي.
المطلب األول :الشيخ علي الدهنين (الدهنني:رسالة خطية من الشيخ لي الدهنني بتاريخ 0400هـ) 211
نسبه :هو حجة اإلسالم والمسلمين الشيخ علي بن علي الدهنين حفظه هللا. ولدته :ولد في مدينة الهفوف باألحساء بتاريخ /13ربيع األول 1314 /هـ. الشيخ علي بن علي الدهنين حفظه هللا من أبرز خطباء المنبر الحسيني في األحساء، علت شهرته ،وذاع صيته في مدينة الهفوف ،والمبرز ،وقرى األحساء ،وخار األحساء في سلطنة عمان ،واإلمارات العربية المتحدة. عرفته مآتم األحساء بخطاباته العلمية التي ال تبارح المسائل الفقهية، العقائدية ،واألخالقية ،كما كشف عن ذلك نتائج البحث الميداني الذي انفردت به هذه الدراسة ،وقد أشتهر في زمن البحث الميداني بطرح المسائل الخالفية ذات الصبغة الوحدوية التي تدعو إلى نبذ الفرقة بين فرق المسلمين. أقام في مسقط بسلطنة عمان وكيال للمرجع الديني الكبير آية هللا العظمى السيد محمد رضا الكلبيكاني رحمه هللا قائما باألمور الحسبية ،وكان خالل تواجده في عمان يتردد على األحساء مسقط رأسه في شهر ذي الحجة ،بعد موسم الحج وفي شهر محرم و شهر صفر للخطابة الحسينية في مآتمها العامرة. رحلته العلمية :يرى الباحث أن يترك القارئ الكريم مع المترجم له ليطلع على رحلته العلمية عبر رسالة خطية بعث بها إليه من مسقط في عمان تحدث خاللها عن رحلته العلمية. بسمه تعالى إلى األخ العزيز..... 211
كان المرحوم والدي يكره لي أن أكون في المدرسة ،لذا لم يتول المصاريف المدرسية ،وكان يرغب أن أكون من طلبة العلم ،فكنت أذهب إلى بيت العالمة الشيخ محمد الهاجري ،فقرأت األجرومية على يد فضيلة الشيخ عبدالوهاب الغريري ،والقطر على يد السيد هاشم ،درست في المدارس إلى السادس ابتدائي ،فأشار علي العالمة الشيخ محمد الهاجري أن أترك المدارس ،والتحق بطالب العلم وأتخصص ،فاستجبت له وتركت ولكن كانت على ضجة كبيرة في المجتمع لم أستطع مقاومتها ،فعدت إلى المدرسة وأكملت بعض المتوسط ،خرجت منها وواصلت دراستي في األحساء ،أنهيت فيها النحو والمنطق ،وبعد أن وفقت للذهاب إلى النجف األشرف ،وكان على أثر دعاء والدتي تحت ميزاب الكعبة أن يهيئ هللا تعالى من يربيني ،فذهبت إلى النجف األشرف في نهاية عام 1361هـ ،أقمت فيها عشر سنوات هيأ هللا تعالى لي األستاذ العالمة الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم ،وكان يعتني بي كواحد من أوالده وأعز تالميذه، وقد هيأ لي من قدم لي االمتحان في النحو والمنطق ،وهيأ لي أساتذة للحاشية واألصول ،والفقه واللمعة ،وقد درست اللمعة على أساتذة عدة منهم السيد عبد الصاحب الحكيم ،والسيد عالء الحكيم والسيد عبد الوهاب الحكيم،ودرست المكاسب عند ثالثة: الشيخ األيرواني ( الشيخ محمد تقي والد الشيخ باقر ) واألستاذ آية هللا الشيخ بشير. واألستاذ المربي آية هللا الشيخ مرتضى البروجردي. ودرست الكفاية عند األستاذ السيد ودرست الرسائل عند السيد عبد الرزاق الحكيم وانتهيت آخر درس في السطوح – األصول – وأمرني األستاذ السيد عبد الصاحب بحضور بحث خار ( األصول ) بعد أن امتحنني. وحضرت بحث خار عند األستاذ آية هللا الشيخ بشير وحضرت بحث خار عند األستاذ آية هللا السيد عبد الصاحب الحكيم حضرت عنده شهرين وكتبت أبحاثه وقررتها ،ثم استشهد في شعبان ،وكنت أقرأ المكاسب (الخيارات) عند الشيخ مرتضى البروجردي ،أنهيت بحث الخيارات – آخر بحث في المكاسب _ 211
وأمرني باألمر الذي شرفني طول العمر بحضور بحث آية هللا العظمى المرجع األعلى المرحوم السيد أبو القاسم الخوئي رحمه هللا ،وحضرت بحثه الشريف ثالث سنوات تقريبا من عام 1233هـ، ( في نهايته ) وعام 1232هـ 1231،هـ1231،هـ ،إلى شهر شعبان منه ،وفي يوم 23خرجت من البحث الشريف ،وكتبت أبحاث السيد في الفقه( ،انتهى نص الرسالة) لعل قارئ هذه السيرة الحافلة بالعمل والجد والمثابرة لمس فيها أمرا ،وهو أنها غير معدة للنشر ،ولكن الباحث أحب أن ينشرها لئال يخلع عليها من أحاسيسه ومشاعره شيئا ،وأن يدع الحديث له.
214
المطلب الثاني :الشيخ حبيب الهديبي( .اهلدييب:مقابية صية يف 0400هـ) نسبه وولدته :هو فضيلة الشيخ حبيب بن إبراهيم الهديبي ،من أهالي قرية المنصورة ،إحدى قرى الشرقية في األحساء ،ولد بها عام 1314هـ. المترجم له أحد أبرز الالمعين في سماء الخطابة واألدب على مستوى األحساء ،كما كشف عنه نتائج البحث الميداني الذي انفردت به هذه الدراسة عنه وعن الشيخ علي بن علي الدهنين ،ال تكاد تستمع إلى خطابته حتى تنشد إليها ،لما له من قدرة فائقة في حسن سبك الموضوع واالعتناء بالوحدة العضوية في بناء مجلسه،كيف ال وقد أسفرت نتائج االستبيان المدر في هذا البحث ،أنه حاز المستوى األول في هذا المضمار ،ناهيك عن قدراته الفائقة في تحليل المسائل التاريخية واستخرا العظة والعبرة منها ،وإشباعه للمسائل التربوية واألخالقية ،وقد وهبه هللا تعالى ملكة إذكاء اللوعة في قلوب المستمعين ،عبر أدائه المميز في عرض مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم وبقية مصائب أهل البيت عليهم السالم ولعل أكثر ما يؤهله لحيازة هذا المقام هو الوقار والهدوء الذي يمتاز به،فانعكس على قلوب مستمعيه إجالال وهيبة له. رحلته الخطابية والعلمية :بدأ مشواره في خدمة أهل البيت عليهم السالم وهو في سن السادسة عشر من عمره أي عام 1362هـ، حيث أمضى 2سنوات تقلب فيها على أيدي خطباء حسينيين بارزين هم-: 216
-1السيد محمد علي الصفوي. -2الشيخ حسن عبدهللا القيسي. -3السيد محمد صالح السيد عدنان البحراني الموسوي. بعدها انتقل إلى حاضرة العلم واألدب النجف األشرف وذلك عام 1364هـ ،أمضى فيها 2سنوات تتلمذ فيها على أيدي مشايخها، أنهى خاللها النحو على يد الشيخ حسين الكاظمي ،ومبادئ الفقه على يد الشيخ عبد الحميد الجزيري ،والمنطق على يد الشيخ غالب، كما أنهى فيها مبادئ األصول ،ثم عاد إلى األحساء لظروف قاهرة ألزمت الكثير من طلبة العلوم الدينية للخرو منها وكان ذلك عام 1232هـ ،وكان خالل إقامته بالنجف يرجع إلى األحساء للخطابة والتبليغ ثم يعود للتحصيل العلمي ابتداء من بداية شهر ربيع األول وحتى نهاية شهر شعبان. عند عودة المترجم له إلى األحساء قصد آية هللا الشيخ محمد الهاجري رحمه هللا ،والزمه في دروس الفقه واألصول. ورعه وتقواه :عرفه الباحث شيخا وقورا ،ورعا ،تقيا ،ولتلك الخصائص النفيسة ألحت عليه جموع المؤمنين وفضالء العلم بإمامة الجماعة في قريته المنصورة ،فاستجاب ومن أبرز أولئك سماحة العالمة السيد علي الناصر حفظه هللا. شاعريته :يمتلك من القريحة الشعرية الخصبة ،ما أهلته أن يتبوأ مكانة أدبية تليق بمقامه ،فشعره ينضح بالوالء الصادق العذب ،مدحا ورثاء ،ومما جادت به قريحته قصيدة أنشدها في في إحتفال عيد الغدير عام 1212هـ ،بعنوان "نشيد الوالء" ومنها ما يلي:
213
وله قصيدة بعنوان "الحق الجريح" أنشدها في مولد السيدة الزهراء (عليها السالم) عام 1212هـ. ذكــراك نور بها األجــيال تفتخر ذكراك نبع بــروح الطهر طافحة رمز العفاف ورمــز الطهر فاطمة كفـــاني فخــــــرا أن أعيد وأنشد لحن تقدســـه القـــــــــــلوب ألنه لحن الغـــدير يهـــــز في أعماقنا ال زلت يا عيــد الغــــدير شعارنا ال لن نحـــــيد عن الطــريق وإننا أولم نكن نعطـــي الرقاب لقطعها عيد الغدير وقــــــد تنــكر معشر وتكلفوا التأويــــل رغـم وضوحه نزلت له اآلية الكــريمة من لـدى انصب علينا قائدا لسفـــينة الدين فهناك أعلنها الـــــنـــبي أال فــذا فتبادر األقــــــــوام أعــطوا بـيعة جاءت تعاهد باليمين وخلقه اليسرى قد شرفت عالم الدنيا بمـــــــولدها لتصبح البضعة الزهــراء له مثال ******* بنت النـــبوة كم هلل من حـــــــــدث أيام مكة والبطــــحــــــاء شاهــــدة وعلى الصدور ذوي اإليمـان جاثمـة
والمصطفى يرقب األحداث فـي ألم وأنت في قوة اإليمـــــان شامـــخة تنفسين عن المختــــــــــار كربتــه ******* حتى إذا هاجر المختــار والتحقق تطاولت نحوك األعــنــاق طالعـة
يا د َّرةً مثـــــــلها لم تعهد العصر ال يغتدي صـفوها ثوب وال كدر بل رمز كتـــل كــمال رامـه بشر
لحــــــنا آليــــــــات الـــوالء مـرددا رمــــــز الوالية بل وعنــوان الهدى شغف القلوب تذوب في رجع الصدى هامتـنا تعـــــــــــــــــلو إذا مـــا رددا صبــــــــ ٌر لما نلقـاه من وخز المدى في حــــــب حيــدرة لنا يحلو الردى فأبو علــــــــــــيك فأولــوا ذاك الندا نصا يبـــين لنا الـــــطريـق األرشدا رب السمــا واألمـــــــر جاء مؤكدا الحنيف عقــيب شخـــــــصك رائدا بعــدي إمام الحـــــــق فأعطوه اليدا وجبــــين بعضــــــهم يقطب حاسدا تديـــــــــــــــر في الخـــفاء مكائــدا واستبشر الحــق إذ قد كان ينتظر أعلى وتؤخـــذ من تاريخها العبر ********* سجلت حيـــــث فيه الحـــق ينتصر مر العذاب وفيـــــها يشـــهد الحجر والكفر ينعــــــــــق جذالنا ويفتــخر والقلب مـضنى بما جــرى ويعتصر رغم الطفولة ال خـــــوف وال خور والعين من عطـــفك الفـياض تنهمر ********* به الجـــــــحافل واإلسـالم ينتشر قرب الرسول وكل نحــوك ابتدرا
211
أما دروا أن هذا األم،،ر مرجعــه حتى إذا ،،،اء أمر هللا يحــــمله زو عليا بتول الط،هر ليــس لها فعشتما في رح،،،اب هللا ضمــكما بدأتما ترســــــــمان الخط في سنن اإلسالم
******* ترسخـــــت قدم اإلسالم وانتـشرت حتى إذا اختار رب العرش صفوته تغيرت صـــور األحداث والتهـبت حوادث ســـــجل التاريخ صفحتـها من بينها جلــجل الحق الجريح وقد وأطلقت فاطــم الزهراء صرختـها هلل منطقــــها الفـــياض كم حـشدت فأخرست منطق األقــــوام فالتـجؤا إذا أبطلت بضـعة المختار حجـتهم فليت شعري هل كانوا بما زعمـوا أم أن غايتـــــــهم إقصــــاء فاطمة فال اجتهـــاد فما للـــــرأي من أثر
إلى القضـــا وقد أمــضى به القدر جبريل للمصــــــــطفى هلل يأتــمر كفؤ ســواه فال بــــــد ٌو وال حضر بيت تظــــــــــله اآليات والــسور كي ما تقـــــــــتفي نهجيكما األسر ********* رسالة هللا واألتبـــــــاع قد كثروا لعام الـــقدس ال هــــــــم وال كدر كوامن الحــــــــقد ال تبقي وال تذر وملؤها شطـــــــــــط أعقابه خسر أراد إسكـــــــاته قســـرا فما قدروا صــــوت يدوي حتى يبعــث البشر جحـــــــــافال من بيان كــــله غرر لمنطق آخر يا بعــــــــــد ما ذكروا جاءوا بدعـوى بها لم يثبـــت الخير قد خصهم أحــــــــمد علما به أثروا عن حقها باجتـــــــهاد منهم ابتكروا مقابل النص حيــــــث الرأي يندحر
وفي ذكرى مولد النبي األكرم محمد صلى هللا عليه وآله ،وحفيده اإلمام الصادق عليه السالم يوم 11ربيع األول عام 1212هـ أنشد وقال-: يزهـــو فخارا في ظالل العيد في يوم ذكـــــــر المــولدين نشيدي أعظم بــــــجد طاهــر وحـفيد ذكرى والدة أحمـــــــــــــد وحفيده من حجــــــر آمــنة بخير وليد شمس بأفاق الــــــــــوجود تألألت عم الوجـــــود بنــفحة المولود فأضاء فيهـــا المشــرقات وعطرها فــجر لعــــهد في الزمان حديد فبدت له اآليات تنــــــــــــــــذر أنه فغــدت هبــــا ًء رغـم كل وقود سل نار فارس كيف أخـمد ضوءها فاهــتز مرعـــوبا كما الرعـديد وكــــــــــــــذلك األيوان سله ما به من بعــــد ما كانت محل ورود وسل البحـــــيرة كيف جف معينها واد لها هــــل كان خـوف وعيد وسل السمـاوة كـــيف فاض بمائها فيك الدنا واستبـــــشرت بسعود يا قطب دائــرة الوجــــود تشرفت 212
قد جئت كي تمــــحو غياهب ظلمة قد جئت ترجع للــــــــــبرية عقلها ورفضت لإلنســـــان ذال ينـــحني قد جئت تنـــــــــشئ قواعــد دولة الحق رائد حــــــــــكمها برســالة في ظل منهـــجك القويم توحــدت برسالة الديــــن الحنـــيف توثقت ********* عفـــوا أبا الزهــــراء هاك رسالة أنت العلـيــــــــــــم بأن أمتك التي رضيت بأن تحـــــــــي حياة مذلة وتمزقـــــــــت شــذرا وذلك بأنها يا أمــة اإلســـــــالم هال تنهضي يا صادق األطهــــار حسبي إنني ما ضرني شخص يلــوي و آخر أو يرســل األلـــــقاب نبزا شافها ً يا أخوة اإلســــــــالم هل أنصفتم أفهل يكـــون والء آل محــــــمد أفهل تراكم تجهــــلون بأنهـــــــم نحن على العهـــــد القديم ألحــمد
سادت بعهــد في الظـــالل بعيد من بعــــــــد نيــــة قاتل ورقود إال لـــــــــــرب خـالق معبـــود يثنــي يعتـــــــدل للسماء وطيد ال سيــد يــــــــزري بها بمسود أمــم برغـــــــم فوارق وسدود تلك األواصــــر في قديم عهود ********* تدمـى فؤادك من صميم وجودي كم قــد بذلت لها عظيم جهودي تحــني التــرؤوس لحاقد عربيد ما بينــها يقـــــــــوى بكل شديد بالوحدة الكــــبرى قواك أعيدي أنمي إليك بمذهـــــبي وعهودي يرنـــــــــو إلي بحــدة وصـدود نحــوي بغــــــيــر تحر وقيود فينا بقـــــــــــول عائــب مردود عيــبا لنا في أمــــــــــة التـوحيد عيــش العلـــــوم وحجة المعبود لم يثننا ســـــيف بقـــطع وريدي
213
الخاتمة: سيعرض الباحث أهم النتائج التي وردت في بحثه المعنون بــ "تاريخ تطور األغراض الخطابية في المنبر الحسيني عبر أدواره الثالثة حاضرة األحساء في المملكة العربية السعودية :حالة دراسية (منذ واقعة الطف وحتى تاريخ 1213هـ)" ،وسيتضمن العرض نتائج اختبار صحة فرضيات البحث المذكورة في اإلطار العام للبحث وهي كما يلي: -0للمنبر الحسيني جذور تاريخية تعود إلى ما بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم ،مباشرة. -2أئمة أهل البيت عليهم السالم ،شاركوا في دور عقد تلك المجالس، بل ومارسوا دور الخطيب في بعض منها ،وحثوا على ممارسة الخطابة الحسينية في زمانهم. -0التزمت المجالس الحسينية بجانب إشاعة الحزن ،وإذكاء أور المصيبة في جميع المجالس الحسينية التي عقدت من قبل شيعة أهل البيت عليهم السالم ،بحيث يعتبر هذا الجانب ركيزة لم تتخلى عنها مجالسهم العزائية المقامة تحت عنوان العزاء على روح سيد الشهداء اإلمام الحسين عليه السالم. -4على فرض صحة فرضية وجود خلفية تاريخية للمجالس الحسينية تمت بشكل مباشر بعد استشهاد اإلمام الحسين عليه السالم ،وعلى فرض صحة فرضية التزام المأتم الحسيني بالجانب العاطفي فيه ،كذلك التزمت تلك المآتم بالجانب الموضوعي والمتمثل في عرض أهداف النهضة الحسينية ،كعمل إصالحي في األمة.
212
-5قامت الحوزة العلمية بتخريج عدد من الكفاءات التي شاركت في القيام بدود الخطيب الحسيني. -2ساهم علماء المذهب االمامي في دعم المآتم الحسينية بالكتب والتوجيهات ،وذلك تأكيدا منهم على شرعيتها. وقد ثبتت صحة فرضيات الباحث جميعها عدا الفرضية رقم ()2 حيث كشفت الدراسة أن المنبر الحسيني في الدور الروائي كان مقتصرا على الجانب العاطفي من المنبر ،ولم يهتم بالجانب الموضوعي. وفيما يلي أهم نتائج البحث: أول :مرت الخطابة الحسينية بثالثة أدوار رئيسة هي: الدور األول ،أطلق عليه الباحث اسم الدور التأسيسي ،حيث تمت نشأة المجالس الحسينية على يد عائلة اإلمام الحسين عليه السالم عند مصرعه الشريف ،وطيلة رحلة السبي من كربالء ومرورا بالكوفة والشام ،ومن ثم كربالء أيضا ،وحتى عودتهم إلى ديارهم في المدينة المنورة ،وقد كانت هذه المرحلة تحت رعاية اإلمام السجاد عليه السالم ،ونمت بذرة المجالس وترعرعت وأخذت دورها بالتنمية والتوسع في عهد اإلمام الصادق عليه السالم ،حيث أفرد لها الشيء الكثير من اهتماماته اإلصالحية ،وجاء األئمة المعصومون من بعده مكملين مشوار التأسيس والتأصيل عبر دعوة الشعراء ،وحث المؤمنين على إقامة المآتم على الحسين عليه السالم ،وزيارة قبره الشريف. الدور الثاني ،وأطلق عليه الباحث اسم الدور الروائي ،وتعود تسميته بالروائي؛ لسمة فيه وهي اكتفاء الخطباء بقراءة مجموعة من الروايات المتتابعة خلف بعضها ،بحيث ال يفصل بين النص و 211
اآلخر غير كلمة "وقال الراوي" ،دون أدنى محاولة للخطيب في استنطاق تلك النصوص بأي نوع من التحليل أو التوضيح. الدور الثالث ،وأطلق عليه الباحث اسم الدور التفسيري ،لكون الخطيب تخلص في هذا الدور من المالمسة السطحية للنصوص المروية في المآتم الحسينية ،وذلك بتعريض مفردات النصوص الدينية اإلسالمية للشرح والتوضيح ،وربطها بواقعة كربالء، والخلوص منها بجملة من المواعظ والعبر ،وقد ولد في أحضان هذا الدور مدرستان هما: المدرسة التاريخية :لمؤسسها الشيخ كاظم سبتي ،المولود عام 1214هـ والمتوفى عام 1322هـ ،حيث استطاع أن يرتقي بالمنبر الحسيني في غرض جديد ،وطور جديد من أطواره ،وذلك يتمثل في التخلص من قراءة الكتب التي تروي أحداث واقعة الطف من على المنبر ،وكذا تفسير النصوص الدينية وربطها بواقعة كربالء. المدرسة العلمية :لمؤسسها الشيخ الدكتور أحمد الوائلي ،وقد أسماها الباحث بالعلمية ليس بقصد أن ما عداها من مدارس خطابية ليست علمية ..كال ،بل أراد بذلك اإلشارة إلى االستجابة الواعية من رائد هذه المدرسة للحاجة الثقافية ألبناء عصره من العلوم والمعارف الحديثة آنذاك ،فقد عمد إلى إدراجها في مجالسه الحسينية ،ليردم الفجوة الفكرية التي فصلت بين الكثير من شباب ذلك الجيل وبين المجالس الحسينية آنذاك. وقد جاءت تلك المعلومات التي تعاطاها في المآتم على نحو االستشهاد بها وتحليلها ودعمها بالمصادر القرآنية والروائية واألدبية تارة ،وتارة أخرى أراد من عرضها التفنيد وإبراز موارد الضعف فيها ،وكثيرا ما كان عرضه لتلك العلوم في مختلف الحاالت سببا داعما ألفكاره اإلصالحية والتربوية الرامية إلى جذب المستمعين إلى دين هللا القويم ،ومن تلك العلوم التي طرقها واستعان بها في أبحاثه المنبرية علم االقتصاد ،واالجتماع ،والنفس، 211
واإلحياء ،والطبيعيات ،والكيمياء ،والفلك ،والجيولوجيا ،هذا فضال عن العرض العلمي الجيد لمسائل التاريخ ،والتربية ،والتفسير، والتشريع اإلسالمي. ثانيا :تم خالل البحث الوقوف على العديد من النتائج التي توصل إليها الباحث ،وسيتم إدرا تلك النتائج حسب تقسيمات البحث وأدواره ،السيما منها تلك النتائج المتصلة بحاضرة األحساء لكونها حالة دراسية اختارها الباحث كواحدة من األمصار اإلسالمية التي تلقت نبأ مقتل اإلمام الحسين عليه السالم ،وتفاعلت مع قضيته من خالل عدة مظاهر من أبرزها :االهتمام بالمآتم الحسينية ،وتشييد الحسينيات ،و دعم الخطباء السالكين في طريق الخدمة الحسينية، ولعل أبرز النتائج التي تم التوصل إليها بخصوص هذه الحاضرة بشكل خاص ،و تطور األغراض الحسينية في المنبر الحسيني بشكل عام ما يلي: النتائج المتعلقة بالدور التأسيسي: -1أن عائلة اإلمام الحسين عليه السالم هم المؤسسون األوائل لهذه المآتم ،حيث كان أوار المصيبة حادا على قلوبهم ،وبذا شهدت كربالء العديد منها بطريقة عفوية صادقة ،تحت رعاية إمام زمانه علي بن الحسين السجاد عليه السالم ،ومن ثم تمت الرعاية بشكل أكثر توسع على نطاق المجتمع من خالل رعاية اإلمام الصادق عليه السالم وكثرة الخطباء الذين أنشدوا عنده بطريقة الرقة المبكية. -2أن خطب اإلمام زين العابدين والعلويات عليهم السالم ،لم تقتصر على الحزن ولوعة المصاب ،بل تنوعت بين جانب موضوعي وآخر عاطفي ،حيث يالحظ عليها اللغة الموضوعية الهادفة التي حاولت أن تحدث قناعة في أذهان المستمعين ،كما في خطبة اإلمام زين العابدين في الشام ،وتارة تتحول إلى لغة عاطفية بحتة وهو ما يالحظ في شق من خطبة اإلمام زين العابدين في المدينة ،ويرى الباحث أن هذا خالف ما يراه العالمة الشيخ محمد 211
مهدي شمس الدين إذ يقول في كتابه ثورة الحسين في الوجدان الشعبي-: " لقد كانت لغة المآتم لغة موضوعية هادئة في بداية الدور األول واحتفظت بها ردحا ً من الزمن في الدور األول ،ثم داخلها التغيير من هذه الجهة في نهايته بحيث تحولت في الدور الثاني إلى لغة عاطفية". -3انعقد المأتم الحسيني في الدور التأسيس بعدة وسائل منها اإلنشاد الشعري ،والندب ،والنياحة ،وقراءة المقتل الشريف ،و قراءة القصاصين ،كما جاء في رواية عبد هللا بن حماد البصري لما سأله اإلمام الصادق عليه السالم عن أحوال قبر جده الحسين عليه السالم وما يقوم به الزوار هناك في موسم زيارة النصف من شعبان، فأخبره بأن هناك بين قارئ يقرأ ،وقاص يقص ،ونادب يندب ،وقائل يقول المراثي. -2ترك الدور التأسيسي بصمات واضحة على مسيرة المآتم الحسينية ،ال زالت باقية إلى يومنا هذا ،أبرزها ما يلي: أ -إظهار مشاعر الحزن والبكاء داخل المآتم الحسينية. ب -وضع حجر األساس للبرنامج الزمني لنعقاد المآتم. ج -تحديد أفضل مكان لنعقاد المآتم ،وزيارة عاشوراء. د -إرساء ظاهرة تعطيل المصالح الدنيوية يوم عاشوراء. هـ -تأسيس ظاهرة الحزن الجماعي. و -حث الشعراء على رثاء الحسين عليه السالم. -5عاشت حاضرة األحساء المسماة بهجر تارة والبحرين تارة أخرى في الدور التأسيسي حالة من التجاوب مع واقعة الطف ،كان من أبرز إسهاماتها فيه هو مشاركة سفيان بن مصعب العبدي أحد أفراد قبيلة بني عبد القيس بعمل ريادي في عصر اإلمام الصادق عليه السالم ،حيث تخصص في مجال الخطابة واإلنشاد وترويج أفكار أهل البيت عبر المجالس الحسينية ،كما تخصص أقرانه في 214
مدرسة اإلمام الصادق عليه السالم ،أمثال جابر بن حيان في الكيمياء ،وهشام بن الحكم في العقائد ،ومن أبرز إسهاماته ما يلي: أ -إنشاده الشعر الرثائي بحضور اإلمام الصادق عليه السالم. ب -توليه كتابة الشعر الرثائي لتنوح به النساء على اإلمام الحسين عليه السالم وذلك بأمر من اإلمام الصادق عليه السالم حيث روي أنه قال له :اكتب شعرا لتنوح به النساء على جدي الحسين عليه السالم ،وقد أخذ هذا على عاتقه هذا األمر ،ومن مالحظات الباحث في هذا الشأن والتي يزعم بأنها أحد نتائج بحثه أن األحساء الزالت إلى تاريخنا المعاصر تسمي الكتب الرثائية التي تتداول في أيدي الخطيبات الحسينيات بـ"السفينة" ،نسبة إلى سفيان بن مصعب العبدي. النتائج المتعلقة بالدور الروائي: -1عمد الباحث إلى دراسة هذا الدور من خالل بعض الكتب التي دونت مجالسا حسينية بهدف دراستها وتحليلها ،من أبرزها: "اللهوف قي قتلى الطفوف" للعالمة السيد علي بن موسى بنطاووس الحسيني المتوفى سنة 661هـ. "روضة الشهداء" للشيخ حسين بن علي الكاشفي المؤلف عام718هـ. "المنتخب في المراثي والخطب" للعالمة الشيخ فخر الدينالطريحي النجفي المتوفى سنة 1875هـ. "رياض المصائب" للعالمة السيد محمد مهدي بن السيد محمدالتنكبائي المؤلف عام 1211هـ. "التحفة الفاخرة في ذكرى مصائب العترة الطاهرة" للعالمة الشيخعبد المحسن بن محمد اللويمي األحسائي المتوفى في حدود 1258هـ. وقد أسفرت الدراسة بعد فحص تلك الكتب وتحقيقها أنها اشتملت على خصائص مشتركة فيما بينها ،عدا كتاب اللهوف في قتلى الطفوف ألنه مقتل يتضمن حادثة الطف ابتدا ًء من الخرو من المدينة ،مروراً بمكة وتفاصيل حادثة الطف ومسيرة السبايا وحتى 216
الرجوع إلى المدينة دون تفصيل ذلك في مجالس حسينية متفرقة وإنما جعل ذلك ليقرأ يوم العاشر من المحرم ،وهو ما صرح به مؤلفه " السيد ابن طاووس رحمة هللا في مقطعة المقتل " ،وأما أبرز الخصائص المشتركة تلك كما يلي: البناء الفني يفتقر إلى الوحدة العضوية والترابط ،فهي كتب تتناولمجالس حسينية من خالل سرد مجموعة من النصوص المروية، سواء كانت هذه النصوص أحاديث عن أهل البيت عليهم السالم ،أو قصصا ً أو أشعاراً ،وتجعل هذه النصوص داخل إطار حسيني عبر ديباجة يجعلها المؤلف في مقدمة المجلس وفي نهايته ،وال تعليق يذكر على الروايات إال بنحو نادر جداً. المستوى اللغوي لهذه الكتب يبدو عليه التكلف ،والتصنع إلغراقهافي السجع ،لوقوع زمن تأليف هذه الكتب قبل تاريخ نهضة األدب العربي الحديث. أبرز سمة لهذه الكتب أن المجالس فيها لم تعتمد منهجية شرح آيةقرآنية ،أو قول مأثور ،وهذا أدى إلى ضعف الوحدة العضوية فيها. اهتمت هذه الكتب بإبراز مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم بشكلرئيسي ،كما أنها لم تغفل بقية مصائب أهل البيت عليه السالم على نحو يتفاوت بين الكتاب واآلخر. حافظت هذه المجالس المدونة على أبرز سمات المأتم الحسيني،الذي ورثه من الدور التأسيسي ،متمسكا ً باألغراض الخطابية التي أسسها أهل البيت عليهم السالم فيه ،وهي: أ-االستنكار الصريح لما جرى على الحسين عليه السالم. ب-استنهاض مشاعر الحزن واللوعة داخل المأتم. التنويه بالثواب الموعود للباكين على الحسين عليه السالم.-2أسهمت األحساء في هذا الدور بكتاب من كتب المجالس الحسينية الروائية لمؤلفه سماحة الشيخ عبدالمحسن بن محمد اللويمي المتوفى حدود عام 1213هـ ،عنوانه :التحفة الفاخرة في ذكر مصائب العترة الطاهرة. 213
-3برز فيها جملة من الخطباء الحسينيين في قرون سالفة وهم كل من: الشيخ مغامس بن داغر األحسائي ،عاش في أواسط القرن التاسعالهجري ،وقد اهتم بترجمته العديد من العلماء واألدباء في تراجمه لرقة شعره ،منهم الشيخ األميني في "الغدير" ،والسيد جواد شبر في "أدب الطف" ،والخطيب اليعقوبي في "البابليات" ،والشيخ جواد الرمضان في "مطلع البدرين". الشيخ علي السبعي ،عاش في القرن العاشر الهجري ،وقد كانشاعرا رثائيا لإلمام الحسين عليه السالم ،وقد اعتنى بذكر ترجمته كال من السيد جواد شبر في "أدب الطف" ،والشيخ جواد الرمضان في "مطلع البدرين. الشيخ أحمد بن حجي البالدي ،من أبرز خطباء القرن الثاني عشرالهجري ،عاش في قرية البطالية ثم انتقل إلى البحرين ،وكان شاعرا مكثرا ذائع الصيت ،له من المراثي الحسينية ما بلغت ألف قصيدة ،دون غيرها من التواريخ والمدائح ،وقد ترجم له األميني في "الغدير" ،وحفيده في كتابه "أنوار البدرين" ،والشيخ جواد الرمضان في "مطلع البدرين" ،كما أفرد له الخطيب الحسيني سماحة الشيخ حسن بن موسى الصفار كتابا مستقال استوعب جوانب حياته الخطابية واألدبية. النتائج المتعلقة بالدور التفسيري: -1توصل الباحث إلى نتيجة هامة وهي أن تجربة الشيخ سبتي الريادية في تخليص المنبر الحسيني من دوره الروائي ،لم تكن خالية من اإلرهاصات والممهدات ،فقد سبقه حركة تأليف لمجالس حسينية أسست لهذه الظاهرة ،وكان أبرز تلك الكتب ما يلي: كتاب مصائب المعصومين للشيخ عبدالخالق اليزدي الذي فرغ منتأليفه عام 1221هـ ،حيث عمد هذا الكاتب إلى كتابة مجالس حسينية ،مبتدئا المجلس فيها بآية أو بخطبة لإلمام أمير المؤمنين علي عليه السالم ،ويتعرض لآليات بالتفسير ولكن ال يشبع البحث فيها ،وأحيانا يأتي بسبب نزول اآلية ،ويكتفي في مجلسه بذكر 211
الروايات والقصص التي تصب في جانب مصيبة اإلمام المقصود ذكره ،ويفصل أحيانا بين الرواية ،واألخرى ببعض العبارات التي تثير الحزن وتدعو إلى إظهار المصاب ،ويعر على ذكر مصيبة اإلمام الحسين عليه السالم في أثناء المجلس ،وفي تقدير الباحث أن هذه المحاوالت الكتابية للتخلص من سمات الدور الروائي كانت بمثابة إرهاصا لبروز المدرسة التاريخية على يد الشيخ كاظم سبتي رحمه هللا ،هذا وقد جاء على منوال اليزدي العديد من الكتب تخللت فترة حياة سبتي ،أو خالطت أيام عطائه وتجديده وهو مما يؤكد على استمرارية التوجه الفكري في المنبر الحسيني نحو التخلص من سمات الدور الروائي ومن تلك الكتب ما يلي: كتاب"أكسير العبادات في أسرار الشهادات" للعالمة آقا بن عابدالدربندي وانتهى من تأليفه عام 1212هـ. كتاب "مقرح القلوب ومهيج الدمع المسكوب" ،للعالمة الشيخمحمد بن حسين أبي خمسين األحسائي ولم يُعثر على تاريخ تأليفه، إذ الزال مخطوطا ولكن أقدم تاريخ لنسخه مخطوطة هو عام 1261هـ ،وكانت وفاة الشيخ عام1311هـ ،أي أنها نسخت في حياته. كتاب "روضات الجنان" ،للعالمة الشيخ جعفر أبو المكارمالقطيفي المتوفى 1321هـ وانتهى من تأليفه عام 1331هـ. -2برز في األحساء العديد من الخطباء الحسينيين الذين تعاطوا أغراض خطابة المدرسة التاريخية وقد كان األكثر برزوا في طرق نواديها الحسينية بتلك األغراض هم :الشيخ كاظم المطر المولود في 1312هـ والمتوفى في 1363هـ ،،والمال أحمد الرمل المتوفى عام 1331هـ ،،والمال خضير الحياوي ،وهذا يعود إلى تعاظم خبرة تلك المدرسة ،و انتشار صيتها ،و قبول أغراضها الخطابية ،إذ قبل هؤالء المتميزين في طرق األغراض المدرسة التاريخية كانت األحساء تتعاطى أغراض المدرسة التاريخية لكن بشكل محدود 212
وعلى أيدي قلة من خطبائها ،ومن أبرز من سار في ركب المدرسة التاريخية من خطباء األحساء ما يلي: الشيخ عبدهللا بن علي الوايل توفي 1333هـمال علي الرمضان توفي 1323هـالشيخ حسن بن عيثان توفي 1332هـالشيخ أحمد بن عبد هللا الشايب توفي 1324هـالشيخ أحمد بن محمد البغلي توفي 1311هـمال أحمد بن رمل 1316هـمال داوود الكعبي 1362هـالسيد شرف عبد هللا الموسويالشيخ عبد الحميد الهاللالشيخ كاظم الصحاف توفي 1366هـالشيخ حسن الجزيري توفي 1233هـالشيخ كاظم المطر1363هـ-3دخلت أغراض المدرسة العلمية لرائدها األول الشيخ الدكتور أحمد الوائلي ،على يد الشيخ عبدهللا السمين ،والشيخ جعفر الهاللي، وقد كانت قدرات "السمين" وملكاته الخطابي ال تدع مجاال للشك في قدرته على طرق ميادين المدرسة العلمية وذلك لتمكنه من أغراضها. النتائج المشتركة بين األدوار الثالثة التي مر بها المنبر الحسيني(التأسيسي ،والروائي ،والتفسيري): أبرز المالمح المشتركة فيما بين األدوار الثالثة التي مر بها المنبر الحسيني ما يلي: -1اكتنف المنبر الحسيني ،واهتم بشؤونه العلمية واألدبية ،وأعطاه من الرعاية ما يستحقه في هذا الجانب ،أرقى شريحة اجتماعية في المجتمع اإلسالمي وهم :األئمة ،والعلماء ،واألدباء ،وزودوه بما جادت به أذهانهم ،وقرائحهم من نظريات ،ومفاهيم ،وتوجيهات في 213
أشكال عدة :كفتاوى ،وخطب ،وأشعار ،وغيرها من نتاجهم الفكري ،واألدبي. -2كان المنبر الحسيني مصدر إشعاع فكري للمجتمع الذي كان يعيش فيه ،وينبوع وعي ،يشحذ أذهان مرتاديه بالحس اإليماني الالزم ،الكفيل بصيانة فطرة المؤمنين من التحلل واالنحراف. -1أن المنبر الحسيني ال يعدو كونه كأي وسيلة من وسائل االتصال ،تنمو ،وتشتد مع المراس ،وتتطور بفعل تراكم الخبرات، ولكن مما يحسب له من وجهة نظر الباحث أن المنبر الحسيني حاول في ظل اإلمكانيات المتاحة له في كل دور أن يقوم بواجبه على طول مساره المجيد ،في أداء الحق والواجب تجاه مصيبة أهل البيت عليهم السالم ،واالهتمام بإذكاء مشاعر الحزن في قلوب الشيعة والمحبين ،ولم يفوت فرص نيل الثواب الموعود لمن بكي أو تباكى حزنا ً على اإلمام الحسين عليه السالم" ،كما أنه اعتنى بذكر مصائب بقية أهل البيت المعصومين عليهم السالم ،وما جرى على السادة األبرار من أهل بيت الرسالة ،وما جرى عليهم على أيدي جالوزة األمويين والعباسين ،ومن حذا حذوهم على طول مسيرة التاريخ. ثالثا :أجرى الباحث بحثا ميدانيا عن واقع الخطابة الحسينية في األحساء في تاريخ 1213هـ وتوصل الباحث فيه إلى النتائج التالية: -1كشف البحث عن تدني كبير في مقدار تناول المفاهيم اإلسالمية، المشار إليها في السؤال األول من استبانة البحث ،وأهم تلك النتائج: أ-بالنسبة إلى مقدرا تناول المفاهيم العقائدية الهامة والتي تمثل الكم المطلوب شرعا أن يعتقد بها فقد بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها على نحو قليل %1وعلى نحو متوسط .%23 ب-المواضيع التربوية والتي تتعلق بسلوك األفراد داخل األسرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام ،فقد بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها على نحو قليل بنسبة .%16 212
المواضيع التي تقوم بتوعية الشباب وإنارة الطريق أمامهم حتىال يقع فريسة لرفقاء السوء فقد بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها على نحو قليل بنسبة .%16 د-المواضيع التي تعرف المجتمع بعلماء المذهب الجعفري وسيرتهم وعنائهم في حفظ الشريعة قد بلغ هذا الجانب من التدني الشيء الكثير ،كما بلغت نسبة القائلين بأن هذا الموضوع لم يتم تناوله على اإلطالق %26وعلى نحو قليل %12وعليه فإن الباحث يقترح إعداد تقويم مقدس لمواليد ووفيات علماء الطائفة ،وتجعل في هذه التواريخ فرصة لتناول ذكرهم في المجالس الحسينية. ولو تصدى أحد الباحثين إلى إيجاز هذا المشروع الضخم لسد فراغا في المكتبة اإلسالمية. هـ-المواضيع التي تتناول المسائل الخالفية المذهبية ،وتوضيح مالبساتها ،والشرح الوافي ألدلة الشيعة فيما تعتقد به وذلك من خالل إطار الوحدة اإلسالمية ،دون إذكاء للنعرات المذهبية فقد بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها بشكل قليل %13وبشكل متوسط .%31 و-المواضيع التي تهتم بالعنصر النسائي ،وذلك بتشخيص الواجبات المسئوليات الملقاة على عواتقهن :كأداء الحقوق الزوجية ،والعائلية، وتوعيتهن بأهمية استغالل أوقاتهن بالقراءة واالطالع ،وغير ذلك من الواجبات بلغت نسبة القائلين بأنه تم تناولها على نحو قليل %11 وهذه نسبة متدنية جدا ،تفرض على العلماء والمهتمين بالشأن الديني في األحساء منحهن المزيد من الرعاية واالهتمام نظرا النطواء الكثيرات منهن على اهتمامات سطحية مما يجعل وسطهن معرضا للغزو الفكري بشكل أكبر مما هو عليه في الوسط الرجالي، 211
فاالعتناء بهن أمر مهم ألنهن نصف المجتمع ،ومربيات النصف اآلخر.
مصادر البحث: المصادر العربية: *ابن طاووس :السيد علي اللهوف في قتلى الطفوقالنجف .المطبعة الحيدرية1161 .هـ. *ابن أبي جمهور :محمد بن علي عوالئ اللئالئقم .مطبعة سيد الشهداء1181 ،هـ .الطبعة األولى. *آل محبوبة :الشيخ جعفر ماضي النجف وحاضرهامكان النشر( :بدون) .تاريخ النشر(بدون). *األمين :السيد محسن أعيان الشيعةبيروت .دار التعارف1231 .هـ. اقناع الالئم على إقامة المآتم(مكان الطبع( :غير معروف) ،مطبعة العرفان1322 ،هـ) *األميني :الشيخ عبد الحسين الغديربيروت .دار الكتاب العربي1181 .هـ .الطبعة الخامسة. *حسن :السيد داخل 211
من ال يحضره الخطيبمقدمة الكتاب للشيخ عبدالزهراء الخطيب بيروت .دار البالغ1211 .هـ .الطبعة األولى. *الخوشاري :الميرزا محمد باقر روضات الجناتبيروت .الدار اإلسالمية1211 .هـ. *شبر :السيد جواد أدب الطفبيروت .دار المرتضى1213 .هـ. *الشخص :السيد هاشم أعالم هجربيروت .مقدمة الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي. *شمس الدين :الشيخ محمد مهدي ثورة الحسين في الوجدان الشعبيبيروت.الدار اإلسالمية1188 .هـ .الطبعة األولى. *الصدوق :أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ثواب األعمال و عقاب األعمالمكان الطبع (بدون) .تاريخ الطبع (بدون). الرافعي :مصطفى صادق تاريخ األدب العربي .بيروت :دار الكتاب العربي .تاريخ الطبع (بدون)). *القمي :الشيخ عباس مفاتيح الجنانبيروت .مؤسسة األعلمي1212 .هـ .الطبعة األولى. 211
الكنى واأللقابمكان الطبع( :بدون) .مكتبة الصدر. *فروخ :د .عمر تاريخ األدب العربيبيروت .دار العلم للماليين1171 ،هـ. *الطريحي :الشيخ فخر الدين المنتخب في جمع المراثي والخطب بيروت .مؤسسة األعلمي .تاريخ الطبع(بدون)). *الطهراني :الشيخ آقا بزرك الذريعة إلى تصانيف الشيعةبيروت .دار األضواء .تاريخ الطبع (بدون). *العسقالني :الحافظ أحمد بن علي بن حجر اإلصابة في تمييز الصحابةبيروت .دار الكتب العلمية1221 .هـ .الطبعة الثالثة. *العيدان .العرفج .الخرس األحساء في مئوية التوحيد والبناءاألحساء :بلدية األحساء1216 .هـ .الطبعة األولى. *المطر :الشيخ كاظم بن محمد صالح قالئد وفرائد .مقدمة الديوان للعالمة الشيخ محمد باقر بوخمسينبيروت .دار البيان العربي1111 .هـ .الطبعة األولى .الناشر المال محمد صالح المطر. *المقرم :السيد عبد الرزاق مقتل الحسين عليه السالم 214
بيروت .دار الكتاب اإلسالمي1366.هـ .الطبعة الخامسة. *اللويمي :الشيخ عبد المحسن بن محمد التحفة الفاخرةمكان الطبع (بدون) .تاريخ الطبع (بدون). مجالت دورية: *الغراوي :الشيخ عبد الحسن الشيخ محمد علي اليعقوبي. مجلة اإليمانعام 1341هـ .العدد الخاص بالشيخ محمد علي اليعقوبي. *مجلة الموسم الملف الخاص بالشيخ الوائلي.عام 1646م عدد .3-2 *الهاللي :الشيخ جعفر األدب المنسي في األحساء.مجلة تراثنا .العدد الثالث .22السنة السادسة .رجب 1211هـ. األدب المنسي في األحساءمجلة تراثنا .العدد الرابع ( )13السنة الثالثة.شوال 1234هـ. األدب المسني باألحساءمجلة تراثنا.العدد الثاني .23سنة 1233هـ. مقابالت شخصية: *البحراني :المال طاهر بن محمد بن علي مقابلة شخصيةتاريخ 1213هـ. 216
الحسيني :السيد حيدر مقابلة شخصية. *الرمضان :الشيخ جواد بن حسين مقابلة شخصية.تاريخ 1213هـ. *الهاجري :آية هللا الشيخ محمد بن سلمان الهاجري. مقابلة شخصية. *الهديبي :الشيخ حبيب بن إبراهيم مقابلة شخصيةعام 1213هـ. رسائل خطية: *الدهنين :الشيخ علي بن علي رسالة خطيةتاريخ 1213هـ. مصادر أجنبية: *Cochnan: William G. -Sampling Techniques 1977. 3 Ed.
243