الناجحون تجارب وعادات الدكتور محمد بن جواد الخرس الطبعة األولى1211:م – 4114م 24 of 1Page
الفهرس الناجحون :تجارب وعادات 1 ................................................................................................. هل النجاح وليد الحظ ،أو الصدفة؟ 2 ............................................................................................. محاور النجاح 7 ............................................................................................................ المحور األول :التفكير االستراتيجي 7 ...................................................................................... المهارة األولى :كسب األصدقاء الناجحين11 ................................................................................ . المهارة الثانية :العصف الذهني 17 .............................................................................................. المهارة الثالثة :تحديد األهداف 44 ............................................................................................. : المهارة الرابعــة :التخطيط42 .................................................................................................... المحور الثاني :حــشـد الطاقات 41 ......................................................................................... المهارة األولى :التـــركيز41 ..................................................................................................... المهارة الثانيـــة :ترتيب األولويات 42 .......................................................................................... المحور الثالث :جــني الثمار 12 .............................................................................................. المهارة األولى :اإلتــــقان 12 ...................................................................................................... المهارة الثانــية :اإليجابيــة 17 .................................................................................................... المهارة الثالثــة :االتصال الفعال 21 ..............................................................................................
24 of 4Page
بسم هللا الرحمن الرحيم
مقدمـة :أن تفكر بشكل استراتيجي في ما هو داخل بيئتك الداخلية من قوة وضعف ,أو ما هو واقع في بيئتك الخارجية من فرص ومخاطر ,فتلك الخطوة األولى على طريق النجاح في الحياة ,يلزم بعد ذلك أن تحشد طاقاتك وقواك؛ لتفعلها وذلك بتعظيم منافعك ,واالبتعاد عن المخاطر ,من خالل المبادرة وتقديم المهم على األهم ,مع التركيز واإلخالص أثناء إنجاز تلك المهام ,وذلك في منظومة زمـنية معدة مسبقا ,مع مراعاة أن تقدم إنجازاتك تلك لنفسك, ولآلخرين في إطـار مـن اإليجابية ,وبشكل متقن . عزيزي القارئ :إذا كنت ممن ينجز أعماله تحت مظلة هذه المحاور ,والمهارات اإليجابيــة المدرجة فيها فإنك أحد الناجحين الذين يستحقون الحياة ,كما أنك تستحق أن تتولى قيادة غيرك؛ لتنشر مفاهيم النجاح من خالل مواقعك في الحياة :كأب ,أو أم ,أو موظف في مهنة تعليمية ,أو صحية ,أو بحثية ....إلخ . وإن كنت من التواقين لنيل هذه المرتبة اإلنسانية المرموقة ,فعليك أن تواصـل قراءة محاور هذا الكتاب ,والعمل بجدية الكتساب مهارات النجاح؛ لتغـدو ,ملكــات رائعة تزين جمال إنسانيتك, حيث كل محور تندرج تحته مهارات يلزم اكتسابها ,وتلك المحاور والمهارات التي ستطلع عليها في هذا الكتاب كما يلي: المحور األول :التفكير االستراتيجي ,ومهارات هذا المحور هي: -1مهارة كسب األصدقاء الناجحين. -2مهارة العصف الذهني. -3مهارة تحديد األهداف. -4مهارة التخطيط. المحور الثاني :حشد الطاقات ومهاراته هي: -1مهارة التركيز. -2مهارة إدارة الوقت. المحور الثالث :جني الثمار ومهاراته هي: -1مهارة اإلتقان. -2مهارة اإليجابية. -3مهارة االتصال الفعال. هذا وهللا ولي التوفيق ،وله الحمد والثناء.
24 of 1Page
هل النجاح وليد الحظ ،أو الصدفة؟ قبل أن أفتتح معك ملف النجاح ,وكيفية اكتسابه دعني أسأل سؤاال محوريا. ترى هل النجاح وليد الحظ أو الصدفة ؟ أم أنه صنعة يمكن اكتسابها؟. الجواب ببساطة إنه ليس وليد الحظ وال الصدف ,بل صنعة يمكن اكتسابها ,نعم قد يحدث أن يكون إنسان حقق نجاحه في الحياة عبر الصدفة والحظ ,ولكن يظل الحظ حظ ,والصدفة صدفة ,بمعنى أن كال منهما غير قابلين لإلنتاج ,والتوفر عليهما عند الحاجة ,وبالتالي ال يعول عليهما دائما عندما نكون تواقين إلى تحقيق النجاح في حياتنا ,وال يمكن أن نضعهما ضمن مكونات خطة النجاح ,فهذين العاملين دائما خارج سيطرة الفرد ,وبالتالي ال يمكن التعويل عليهما ,وما نحن بصدده في هذا الكتاب ,هو السعي نحو وضع أقدامنا على طريق يؤدي إلى النجاح بشكل مضمون, إذا تم أخذ مشروع التحول إلى قائمة الناجحين على محمل الجد ,وبمعنى آخر أن يكون عملنا عمال استراتيجيا ,نزرع في الحاضر لنجني الثمار في المستقبل, والعملية ال تخفى على الناجحين الذين تربعوا مع أقرانهم على قمة من قمم النجاح, فهي سهلة ,ال تستلزم في مسار الرحلة من معدات وتجهيزات غير القناعة بإمكانية تحقيق ذلك الهدف. وإليك واحدة من الصدف التي نادرا ما تجود بها األيام ,حيث من الصعب توفير أمثال تلك الصدفة المردوفة بالحظ ,ما حدث لعبدهللا بوحليقة ,أحد تجار حاضرة األحساء في النصف األول من القرن العشرين ميالدية ,كان تاجرا معروفا في أسواق األحساء ,حيث له في سوقها المركزي المعروف بالقيصرية محال كغيره من الباعة ,لكن ذبابة ذهبية طافت أرجاء محله كغيرها من زميالتها التي يكثر انتشارها في واحة األحساء في بعض مواسم الزراعة فيها ,حيث تشتهر هذا الحاضرة باتساع رقعتها الزراعية ,و رواج تجارة األرزاق فيها ,كأبرز سوق في الخليج العربي قاطبة آنذاك. تلك الذبابة -وألقبها بـ "الذهبية" لطرافة ستعرفها الحقا -حطت رحالها على خطاب حرره عبدهللا بوحليقة إلى مورد رئيسي في الهند يطلب فيه 1111كيلوا من مادة الزرنيخ ,وهو مستحضر يستخدمه زبائن السوق ,في إزالة الشعر ,وأحيانا يدخل كمركب في عالج الجرب الذي يصيب الحيوانات ,فما كان من تلك الذبابة إال أن 24 of 2Page
ألقت بفضالتها أمام األصفار في الرقم 1111ليرتفع إلى 11111كيلوا من الزرنيخ ,ولما أرسل الخطاب إلى المورد الهندي في الهند ,استغرب؛ الرتفاع حجم الطلب ,لكن ال حيلة له ألخذ العلم بجدية عبدهللا بوحليقة حيث ال هواتف جوال ,أو شبكات انترنت آنذاك ,والحال أن طالب الكمية تاجر معروف بأمانته ومصداقيته, فما كان من المورد الهندي إال أن أرسل الطلبية إلى ميناء العقير ,ومنه إلى سوق األحساء ,فهال عبدهللا بوحليقة كثرة الجمال الناقلة ألكياس الزرنيخ ,بل وزادت تلك الحالة حيرة في أمره ,ماذا سيصنع بهذه الكمية؟ وأي سوق يستوعبها؟ حيث حجم الطلب عليها منخفض جدا ,واألدهى من ذلك أي المستودعات ستستوعب تلك الكميات؟ وكيف سيدبر دفع أجرتها؟ أسئلة لفت ,ودارت في رأس عبدهللا بوحليقة مرارا وتكرارا ,وعليه اآلن أن يدبر أمره ,فما ترك مكانا يمكن تخزين الزرنيخ فيه إال واستخدمه ,حتى فاضت جنبات مستودعاته به ,وصار يضعه على جنبات الطرق ,ومفارقها القريبة من محله ومستودعاته ,ولكن الحظ ابتسم لعبدهللا بوحليقة, وحط ركابه في متجره ,بعد صدفة الذبابة وفضالتها آنذاك أمام الرقم ,1111وذلك الحظ هو انتشار وباء الجرب في قطعان الجمال في البادية المحيطة بواحة األحساء, وزاد الطلب على الزرنيخ؛ لوصفته الناجعة في مكافحته ,ونفدت الكميات من تجار األحساء ,ولم يصمد أمام تزايد الطلب عليها غير مستودعات عبدهللا بوحليقة, فالكميات الوفيرة لديه ,صارت هي المنقذ لحياة الجمال ,فباع منها ما در عليه سيولة نقدية غير متوقعة أحالت الحاج عبدهللا إلى قمة من قمم الناجحين بشكل أكبر مما كان عليه ,بل لعل هذه القضية كان لها دورا جوهريا؛ ليصبح أحد أبرز التجار في السوق ,حتى لقد كانت متاجره كثيرا ما تكون مطمعا لعصابات السرقة. و السؤال الذي يتمخض عن سرد هذه القصة ,ترى هل أحد من معاصري عبدهللا بوحليقة سعى الستنساخ تجربته؟ منتظرا لصدفة وفرصة تحيل حياته إلى جنة بعد جحيم ,أو يرتفع من إلى قمم جبال سامقة بعد العيش طويال في الحفر .طبعا الجواب بالنفي ,نعم ...لقد ظلت تجربته قصة يتندر بها سكان الحاضرة طيلة سنوات عديدة من حياتهم ,فهي حقيقة صدفة ,وحظ اجتمعتا في تجربة نادرة ,فهذين المكونين صعبي الوجود ,بل يعدان من المستحيالت ,عندما نريد الجمع بينهما في وقت واحد من أجل أن ننتج نجاحا ,لكن في األمر سعة لو تدبرها العاقل ,المتطلع للنجاح بشكل جاد ,حيث بإمكانه أن ينتج النجاح ولكن بإرادة جادة منه. وإن كانت الثنائية بين أمرين ملحة على مزاج البعض وتعتبر حلما لديه ,كصدفة وحظ ,فليستبدلهما بثنائية من الممكن الحصول عليها ,هما :الجاهزية ,والفرصة. نعم ....ليعد نفسه إعدادا جيدا ,بحيث يصبح في حالة من الجاهزية القتناص الفرص ,وما أكثرها تلك التي تمر في حياته مرورا بطيئا ,لكن ال تعود ,فقد قال عنها سيد الحكماء ,اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب.
24 of 2Page
إن ما يريد تحقيقه هذا الكتاب في تجربة القراء ,هو تحييد أمثال قصة عبدهللا بوحليقة ألنها حالة نادرة ,وإن كان كال والبد من المكوث أطول في حياض تجربة بوحليقة ,فلنأخذ منها الصورة الناصعة ,ففي الحقيقة تجربته لم تكن مخاض اثنينية الصدفة والحظ ,بل زاد عليهما ثنائية الجاهزية ,واستغالل الفرصة ,فلوال حنكته, وثبات عزمه ,وحكمته ,لضرب به الخوف من الخسارة ,ما كان يفقده الصواب ,في حسن التصرف ,وعلى سبيل المثال أن يسعى إلى تصريف تلك الكمية عبر المزاد بأسعار زهيدة ,أو أن ينشغل بكيفية التصرف فيها ,ويذهل عن باقي السلع الرائجة في متجره ,وهو كثيرا ما يقع لمن ليس لديه خبرة ,ودراية بطرق النجاح. وفي ختام هذه المقدمة ,أقول :إن داعبت القصة أو مثيالتها مخيلة أحد ,منتظرا واحدة مثلها تجود بها األيام على حياته وواقعه فذاك مع األسف ال يعدو أن يكون حلما كاذبا ,ليس حقيقيا ,حيث األحالم الحقيقية يمكن أن تتحقق ,بل من النادر أن نجد نجاحا جاء من فراغ ,أو ولد من رحم عقيم ,فاألحالم الجادة مطلوبة ,ومعول عليها كل التعويل ,فكم فرد عادي أصبح رقما صعبا بفضل أحالم حقيقية داعبت مشاعره, وسكنت أرجاء كيانه ,ما جعل حواسه ,ومصادر تعلمه مرهفة ,تلتقط كل معلومة من شأنها أن تأخذ به نحو طرق النجاح ,فسار فيها حتى بلغ مناه. أما ترى كيف نظم أحدهم سلسلة عالقات بين الحلم ,والمصير ,فأوضح العالقة الوثيقة بينهما ,الحظ وتأمل فيما يقول: راقب أفكارك ألنها تتحول أقوال. راقب أقوالك ألنها تتحول أفعال. راقب أفعالك ألنها تتحول عادات. راقب عاداتك ألنها تتحول طباع. راقب طباعك ألنها تتحول مصير. والذي يسعى له هذا الكتاب أن يقود ذوي األحالم الجميلة نحو النجاح كأجمل مصير ونهاية ,يتطلع لها الفرد ,واآلن دعونا نخوض غمار تلك المحاور ونبصر مهارتها الكفيلة بتحقيق كل محور تندرج تحته.
24 of 1Page
محاور النجاح المحور األول :التفكير االستراتيجي التفكير االستراتيجي :عصف ذهني تجند فيه شتى الطاقات العصبيـة ,مـن معارف, وخبرات ,بهدف تحديد مواطن القوة والضعف الذاتية ,الواقعة في بيئة اإلنسان الداخلية ,باإلضافة إلى اكتشاف الفرص والمخاطر الواقعـة فـي بـيئـة اإلنسان الخارجية المحيطة به ,وذلك من أجل تحديد المشكالت الحالية ,والقضايا المستقبلية، و رصدها بشكل دائم والتعامل الجاد معها ،بهدف التطور ،و الصمود أمام حركات المنافسين الحاليين ،أو القادمين. وفي سبيل تفعيل هذا المحور في حياتك ،باعتبارك أحد التواقين إلى النجاح ،عليك أن تكتسب المهارات التالية ،وهي: .1كسب األًصدقاء الناجحين . .4العصف الذهني. .1تحديد األهداف . .2التخـطيط. وقبل المضي قدما في الحديث عن هذه المهارات ،دعني أحدثك عما يفترض أن يتم في حركة التفكير االستراتيجي. عادة ما يخرج من يمارس هذا النشاط العقل ،بعدة أمور فاجعل نفسك أحدهم ،ألنك إذا وضعت يدك عليها ،وكتبتهـــا في ســجلك الخـاص ،وحفظتها كما تحفظ نقودك!!، وهنا أعني ما أقول نعم تحفظها مكتوبة كما تحفظ نقودك من الضياع ،وتنظر فيها بين الحين واآلخر؛ ألن فيها االستثمار الحقيقـــي لجميع طاقاتك وقواك ،فإن هذا بال شك سيمنحك فرصة كبيرة ألن تجني لك ثمار السعادة من :اطمئنان و مال ،وأسرة ناجحة ،وصداقة طيبة ،وكل ما في الحياة من مــفردات اإليجابيـة والسعادة. أما الحصيلة المنشودة من التفكير االستراتيجي ما يلي : أوالً :تحديد رؤيتك ورسالتك في الحياة: حيث األول منهما جاذب " "PULLواآلخر دافع " "PUSH فالرؤية .VISION 24 of 7Page
هي الصورة التي ترسمها لنفسك ,وتتمنى أن تكون إياها في المســتقبل ,ستكون لك غدا مرجع فلسفي يساعدك في الحكم على صحة تصرفاتك ,و وجهات نظرك , وفعالياتك في الحياة ,وأي اإلنجازات مناسبا لك ,وأيها غير مناسب؛ لترى بعدها أنك أنجزت رسم لوحة فنيـة بديعـة ,متجانسة األلوان والخطوط ,حقا لها أن تكون صدرت من إنسان مبدع ...ناجح في الحيـــاة هو أنت ,هو أنت ,نعم ...هو أنت. وإنما وصفت الرؤية VISIONبالجانب الجاذب " "PULLألنها بمثابة المجـال المغناطيسي لكل العناصر ,والمكونات التي ينبغي أن تجذبها نحوك ,ولتـرتبط بـك لتحقق حلمك في الحياة. أما الرسالة .MISSION فهي تعنى بوضع التفاصيل الهامة لذلك الحلم؛ تمهيدا لدفعه إلى حيز الواقع ,وعليه يتم في هذه المرحلة اإلجابة على تساؤالت عدة هي : .1ما هو منهجك في الحياة؟ (?.)What .2من هم جمهورك؟ ومن سيتلقون نتاجك؟ وإبداعاتك في الحياة؟ (?. )Who .3ما هي الكيفية التي ستمارسها لتقديم إنجازاتك في الحياة؟ ما هي القنوات المناسبة إلى جمهورك والمحيطين بك الذين تستهدفهم؟ (? .)How .4ما هي األسباب الرئيسية لوجودك في المجال الذي ترغب أن تصنع منجزاتك؟ ( ?. ) Why .5ما هي نقاط القوة والتميز التي تمتلكها أنت و التي ينبغي أن تركز عليها؟ .6ما هي نقاط الضعف التي تقلل من انجازاتك ,وتعرضها للضياع ,أو تحجبك عن استثمار الفرص التي في بيئتك الخارجية ,وبالتالي يجب أن تتخلص منها؟ .7ما هي المحركات الدافعـة لك بشكل إيجابي للنجاح في الحياة؟ دعني أسهل األمر عليك ,من خالل عرض نماذج لمؤسسات وضعت المهمة بجوار الرسالة ,ووضحت بشكل جلي مرادها من المفردتين ,المهمة VISIONوالرسالة .MISSION الرؤية في البنك األردنــي :أن نكون البنك الرائد في األردن ,وحيثما نتواجد فـي العالم ,نتفوق في تلبية احتياجاتنا وتطلعات عمالئنا المالية والمصرفية ,ونواصـل التطور و االرتقاء بخدمتهم ,وبناء عالقة متميزة معهم . الرسالة في البنك األردنـي :نعمل بكل طاقتنا؛ لنكون الشريك األقوى واألقـرب للعمالء ,بحيث نبقى على الدوام البنك المفضــل لـديهم ,نلبـي احتياجاتـهم, ونستجيب لتوقعاتهم ,من خالل مجموعة خدمات ,وحلول مالية ,ومصرفية متطورة ذات قيمة مضافة تسهم في تحقيق آمالهم ,و طموحاتهم بمسـتقبل أكثر نجاحا ,نعامل 24 of 8Page
ونتعامل بشفافية وعدالة ,وبروح الفريق المؤهل والمحفز ,نعظم قيمة مؤسستنا, ونعمـل معا كنموذج إيجابي وفعال يسهم في تطور وتقدم المجتمع . ومن الجدير بالذكر أن بعض الجهات يروق لها عدم الفصل بين الرؤية والرسالة, فهي ترى بأنهما مفهوم واحد ولكن تختلف التسميات فقط ,وعلى سبيل المثال ما يلي: الرؤيـة في مدرسة أم هاني في إمارة دبي في اإلمارات العربية المتحدة : تنشئة جيل ملتزم بعقيدته ,وبقضايا وطنه و أمته ,مبدع في الفكر والعمل ,متجدد مع الحياة العملية. ومن هنا نخلص إلى أن من يرى الفصل بين الرؤية والرسالة ,فهو في واقع األمر يرى بأن الرؤية هدف الطريق ,والرسالة طريق الهدف ,بينما جهات أخرى ال ترى ذلك. والحقيقة أن الرؤية صنعة فكرية تسبق عملية اختيار الرسالة ,فالمتطلع للنجاح ال بد أن يكون من الحالمين أوال ,وإذا لم يمتلك هذه الصنعة بعد ,فليتقنها من اآلن ,ألن من أدوات النجاح صناعات يمكن اكتسابها. ولعل سائل يسأل لماذا يجب أن نكون حالمين أوال؟ الجواب :ألن رؤانا وتطلعاتنا ,تحرك ذواتنــا نحـو العمل ,و تستقطب ما نحتاجه من طاقات وإمكانيات لتحقيق الحلم إلى حقيقة .انظر سيرة الناجحين جميعا تجد أنهم كانوا يحلمون أكثر من غيرهم ,وكانوا يسعون نحو تلك األحالم بصبر وإصرار, فحققوا طموحاتهم ,خذ أديسـون على سبيل المثال تجد أنه حلم باختراع المصباح الكهربائي فأفنى شطرا كبيرا من وقته ليحقق حلمـه ,حتى لقد تجاوزت عدد تجاربه 999مرة ,كما اكتشف في هذه التجربة المفعمـة بالصمود أن واحدة هي التي تنتج المصـباح والحاالت الباقية ال تنتج المصـباح ,فهو يعامل جميع الحاالت على حد سواء ,يراها جميعا حاالت اكتشاف ,ال يرى أنـه فشل ,وهذه الحالة النفسية ال يمتلكها غير صاحب عزيمـة واثـقة بإمكانية النجـاح ,وتحقيق الحلم إلى واقع ملموس ,وتجربته تلك أشهر من رأس على علم ,كتبها الكثيرون وتحدث بها المدربون. من هذه الواقعة نكتشف أن الحلم إذا اختمر في عقل صاحبه يكون بمثابة الوقــود والطاقة التي ال تنفد ,و تخفف عليه آالمه ,وتهـون عليه مصائبه. مثال آخر نجده في سيرة الدكتور إبراهيم الشهاوي ،حدثني بها خالل إحدى مقابالتي له في مكتبه بالقاهرة ،حيث على كبر سنه دخل مرحلة تحدي على مستوى الهوية، 24 of 2Page
وقد ذرفت سنون حياته على السبعين عاما ،تحديا لم يخطر له ببال من ذي قبل ،لكن هي عادة الناجحين ،ال يعرفون للعمل مرحلة عمرية ،وال لتحقيق الذات حدود ،فهم يعتقدون بأنهم ماداموا على قيد الحياة ،البد أن يكونوا من المنتجين ،تلك قناعة ثبتت في مشاعرهم ،كما ثبتت األصابع في راحة الكف. ذلك التحدي افتعله صاحب مؤسسة في الرياض ،عندما جاءه إبراهيم على أثر إعالن صاحب المكتب عن وظيفة شاغرة لـ محامي ،ولما عرض الشهاوي إمكانياته، وخبرته ،حيث كان آخر منصب تقلده في القاهرة وكيل وزارة التجارة ،والمحامي بالنقض واإلدارية العليا ،ومستشار مصلحة الشركات ،لكن األخير لم يكترث بهذه الخبرة وسنون الحياة ،ففاجأه بحدة طبع غير مسبوقة إلبراهيم ،وذلك بسؤاله: هل أنت دكتور؟ فرد عليه إبراهيم :ال!!. فقال صاحب المكتب :نحن نريد دكاترة!!!بهذه الكلمات الموجزة ،انتهت المقابلة ،فخرج إبراهيم من المكتب ،وصاحب المكتب ال يعلم كم شمعة خمدت نارها ،وانطفأت جذوتها داخل إبراهيم قد اشتعلت من جديد، وكم دهليزا مظلما مليئا بالطاقة ادخره لمواجهات الحياة ،قد أضاء بفعل تلك الشموع، عندها خرج ابراهيم وقرر آنذاك أن يحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة عين شمس في مجال القانون ،وفي تخصص جديد ،مأل الدنيا ضجيجا ،والمؤتمرات حراكا وحيوية ،فسايرها بروح الشباب في جبة الشيخوخة ،وقد تخرج وله من العمر 74 عاما أمضى خاللها 2سنوات من عمره ،كان موضوع بحثه عن الخصخصة ،ودور القطاع الخاص في تنمية البنية التحتية ،عبر آلية البناء ثم التشغيل واإلعادة، ويختصر بـ ) ،)Build - BOT– Operate – Transferوقد أثار هذا البحث إعجاب لجنة المناقشة ،حتى لقد خاطب المشرف على الرسالة أ.د.محمد سعيد حسين الدكتور إبراهيم الشهاوي قائال" :لقد جسمت لنظام الـ BOTكيانا ...كان يتيما، واآلن أصبح له أب" ،وأجمعت أعضاء اللجنة على أن كبر سن الباحث كان ميزة كبيرة؛ حيث أثَّرت حنكة الشيوخ على البحث ونتائجه. ثانيا :تحديد نقاط القوة والضعف في البيئة الداخلية ،والفرص والمخاطر فـي البيئة الخارجية. الناجح في الحياة هو :البصير ,الناقد ,العارف ببيئتيـــه الداخليــة والخارجيــة ,حيث من خالل هذه الملكات يستطيع أن يتعرف على أي شيء يتميز به ,فيجعله أحد نقاط قـوته ,وأي شيء يعيبه أو يقلل من شأنه يعتبره نقطة ضعف ,وبعد هذا الفرز والتحديد فيما هو قوي وضعيف ,يعمد إلى توظيف نقاط قوته في تحقيق أهدافه, و السعي إلصالح نقاط ضعفه إن كان ذاك ممكنا ,وفي حالة عدم إمكانية إصالحها ينتابه الحذر مما يمكن أن يتسرب إلى أهدافه من خاللها كمؤثرات سلبية. 24 of 11Page
إن نقاط الضعف والقوة أحد مكونات البيئة الداخلية للفرد ,أي أنها عوامل ال تخضع لمؤثرات خارجية بل جميعها تحت السيطرة ,أما مكونات البيئة الخارجية ,وهي تلك التي ال يمكن التحكم فيها هي الفرص والمخاطر ,ودوره تجاهها يكمن في استثمار الفرص من خالل توظيف نقاط القوة ,أو تحاشي التهديدات التي تهدد وجوده, و تعرق مكاسبه ,أو يتعامل معها بإيجابية تقلب الخســارة فيها إلى ربح ,وهو معنى اإليجابية من وجهة نظر الهندسة النفسية حيث يراد بهــا اتخاذ القرار األفضل في الوضع األسوأ.
التحليل الرباعي لالسـتراتيجـية: التحليل يهدف إلى دمج نتائج البيئة الخارجية :الفرص والمخاطر ,مع نتائج البيئـة الداخلية :القوة والضعف ,وذلك تحت سقف واحد ,واتخاذ القرار المناسـب تجـاه كل واحد ,بشكل يراعى فيه األولوية ,ويراد باألولوية :تقديم األهم على المهم. والناجحون يتعاملون مع هذه الخاليا األربع الهامة بشكل حيوي وفعال ,مــرتبين سلم أولوياتهم بشكل دقيق ,فهناك لديهم أربعة خاليا كما في الشكل رقــم ( ) ,وتلك الخاليا نستطيع أن نطلق عليها التسميات التاليــة: المربع األول :المـربع الذهبي (التركيز على نقاط القوة): وفيه يركز الناجح في الحياة على نقاط قوته قدر اإلمكان؛ ألنها تمنح التميز والتفرد بخصائص ال ينافسه فيها إال القليل ,فيظل رقما في عداد الناجحين ,و واحـد من النخبة ما دام محافظا على قوته ,ربما وأنت في مسعاك لتسكن هذا المربع الذهبي, قد تواجهك معوقات في تحديد ما تتميز به ,لكن ما المانع أن تضع لنفسك سلما يبدأ من الواحد إلى العشرة ,وتصنف ما تمتاز بـه على هذا المقيــاس؛ لترى أي شيء أنت فيه متفردا ,وبحاجة إلى تطويره وتنميتـه؛ لتجني من وراءه النجاح والسعادة. على سبيل المثال.... اسأل نفسك ,هل أنت عضو في الجمعية الخيرية؟ وترى أنك تدير مجموعات األيتام في زياراتهم الميدانية أكثر من قدرتك على تحصــيل التبرعات لهم. فإن كان الجواب ,بـ نعم. هنا أنت استطعت أن تحدد نقطة قوة ,من المالئم أن تقوم باستثمارها ,من خالل تطويرها و التركيز عليها ,كرسالة نحو رؤيتك ككافل لأليتام ومخفف لهم من آالم اليتم ,ومن أوجه تطوير ملكاتك في هذا المجال ما يلي: اإلطالع على تجارب الناجحين في مجال رعاية األيتام.24 of 11Page
-
قراءة العديد من القصص المناسبة لسن األطفال ,وخاصة منها تلك التي تعزز من قيمة االعتماد على الذات ,والثبات في مواجهة مصاعب الحياة. قراءة سيرة العظماء الذين اكتووا في طفولتهم بنار اليتم ,والغربة في المجتمع ,ولكن بفضل العصامية استطاعوا الوصول إلى مراتب عليا لم يصلها العديد من أفراد المجتمع من غير فئة األيتام. حفظ العديد من األلغاز ,والنكات التي من شأن حكايتها أن تشيع جوا من اإليجابية والمرح عند األيتام خالل اللقاء بهم. تطوير ملكاتك في مهارات التعامل مع األطفـال بشكل إيجابي ,كما أنه من المناسب أن تقرأ في سير الناجحين الذين كانوا أيتامـا فـي طفولتهم فتحولوا إلى قادة عظام ,وعلى رأس القائمة النبي محمد صلى هللا عليه وآله وسلم ,و نبـي هللا عيسى (ع) ,وهما من أولي العزم بعد أن اصطفاهما هللا وخصهما برسالة إلهيــه.
ومثال آخر.... هل تجد نفسك كرجل مبيعات لديك قدرة على مصاحبة الشخصــيات التي تهتم بفنون التعامل العصري وتغرق فيها ,أكثر من مسايرة األوساط الشعبية في تصرفاتها وميولها في اختيارها وطلباتها؟ فإن الجواب ,بـ نعم. فهنا يوجد العديد من أوجه تطوير ملكاتك عندما تستهدف هذه الفئة ,ومن تلك الملكات ما يلي: باالهتمام بأخبار النخبة مـن الشخصـيات البارزة في المجتمع. إتقان استخدام تقنيات األلفــة المقــررة فـي الهندسة النفسية ,لتمد جسورا منالصداقـة بشكل سـريع فتحصل علـى ما تتطلع له من عقد صفقات تجارية ناجحة. االعتناء بأخــبار هذه الفئة ,وتتبع مناسباتهم االجتماعية الهامة ,السارة منهاوغير السارة؛ لتبدي تعاطفك أو فرحك بمناسباته فهذا بال شك يقربك من هذه الطبقة ,ويزداد قبولك في أوساطهم. وينطبق الحال على العديد من الموارد ,حيث الفكرة هي التركيز على األبعاد اإليجابية في الشخصية ,ومواصلة الجهد ,حتى تصل إلى درجة عالية من التألق, والتميز. األستاذ الدكتور عمر العامودي عضو هيئة تدريس في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ،اكتشف ذاته وحدد المربع الذي يتألق فيه أكثر من غيره من مربعات الحياة ،إنه مربع البحث العلمي الجاد ،حتى لو أدى به إلى االنقطاع عما تعارف بقية الناس عليه من اهتمامات ،وميول ،تمكن من نشر أكثر من 141بحثا ،في أشهر 24 of 14Page
المجالت العلمية على مستوى العالم ،في مجال الهندسة المدنية ،التقيت به صدفة في إحدى الرحالت الجوية ،تعرفت عليه ،وتجاذبنا أطراف الحديث عن العلوم السلوكية الحديثة ،و لكن فاجأني بحكم عن نفسه ،حيث قال من الجيد أن يتمكن الفرد من اإلطالع على مثل هذه العلوم ،لكني في الحقيقة لم أتمكن من فعل شيء ....لقد سرقني تخصصي ،وصرت جاهال في كل العلوم عدا الهندسة المدنية فأنا فيها عالم ،والسر يعود إلى تركيزي في مجال التخصص ،يقول عن تجربته الكتابية: أنتقي أقوى األوراق العلمية المحكمة ،وإذا شرعت في قراءة الواحدة منها ،أبدأ بالقراءة بدون قلم ،ثم أعود لها من جديد أتناوب عليها بالقراءة مرارا وتكرارا مستخدما معي عدة أقالم فمرة أقرأ الورقة من البداية وحتى النهاية واضعا مالحظاتي باللون األحمر ،ومن جديد مستخدما األزرق ،وهكذا باللون األخضر ،و بالقلم الرصاص. لكن بعد هذه القراءات التفحصية لمجموعة من المقاالت التي تعالج موضوعا معينا، ولكثرة المالحظات التي أضعتها على المقاالت المقروءة ،ال تهدأ هذه الحملة النقدية المعمقة إال وقد ولد لي بحثا ،أصيال ،حديثا ،يقبل للنشر ،أو المشاركة به في أشهر المؤتمرات العلمية على مستوى العالم في مجال الهندسة المدنية ،بل و تتلقفها مني لجان البحوث العلمية الشهيرة بكل تقدير واحترام ،وإمعانا في التأكيد على ممارسته لهذه الحالة طلبت منه أن يطلعني على واحدة من أوراقه كيف يفعل بها بأقالمه الذكية ،وفعال أطلعني على أحد األوراق العلمية التي كانت معه في حقيبته اليدوية فوجدت الورقة تحولت إلى خرائط للمعرفة ،وليست صفحة مكتوب عليها مقالة. هذا في إطار العمل العلمي بين دفات الكتب والدوريات ,ومراكز البحوث والنشر, ومثال آخر أجده جدير بالطرح لكونه على خالف العادة ,بين من يجد لديه ملكات متعددة في بيئته الداخلية ,لو وظف إحداها وركز عليها لحقق نجاحا باهرا ,لكن أن يفضل السير في طريق محفوف بالمصاعب ,لكونه في الحقل االجتماعي ,وفي ديار غربة ,ففعال هو عمل على خالف العادة ألن الذين يفضلون الحياة خارج أوطانهم قليلون ,خاصة مع امكانية مواصلة حياتهم كأقرانهم بين األحبة ,األحفاد ,و األسباط, ال سيما إذا كان ذلك المكث من أجل نشر العلم وغرس معالم الطهر والفضيلة في بيئات هي أشد ما تكون في الحاجة إليه ,فالمعاناة هنا تكون أشد لطبيعة تغيير البناء الداخلي للمجتمعات ,سواء منها على صعيد المعايير ,أو القيم ,أو االعتقادات ,حيث هي التي تشكل الجانب المغمور في شخصية اإلنسان وما يظهر من سلوك سواء من قول أو فعل إنما هو لنتائج التغير في هذا الجانب المغمور ,فأنى لغريب فعل ذلك غير قبل أن يقرأ ذلك المجتمع قراءة جيدة واعية ,يشخص من خاللها احتياجاتهم, وطرق التغيير المناسبة لهم ,لكنه اختار هذا الطريق على الرغم من صعوبته ولم يكن خياره ذاك إال من واقع قراءة جادة ,ومعرفة حصيفة لمفردات بيئته الداخلية, وبيئة أخرى وجد فيها فرصة تتناغم مع طموحاته وآماله ,حيث هذا الطموح رسم
24 of 11Page
معالمه عندما قرر في حداثة سنه أن يكون من الدعاة إلى الطهر والفضيلة ,حتى ولو كانت على حساب لذاته و سعادته. إنه السيد فارس الحسيني ,وإنها إندونيسيا رحل إليها ليعيش بين جملة من أيتامها وفقرائها ليكون لهم األب بعدما انقطت بهم أسباب العيش الكريم ,وأبوته تلك لم تكن على نحو يتكفل فيها أسباب المسكن والمأكل والمشرب فقط ,وذلك عبر دعم المحسنين ,بل والتربية الصالحة ,على وفق الذائقة التي تربى عليها وتعلم أصولها في أرقى مدارسها العلمية حتى تخرج فيها من أهل الفضيلة والعلم واألدب ,بل ومما ورثه عن آبائه وأجداده كأعالم في حاضرة سامراء والنجف األشرف العلميتين. وهو اآلن وبعد مضي احدى عشر سنة على غرسه االجتماعي أثمر عن فريق عمل يديره بمعية النخبة من أولئك األيتام و الفقراء ,حتى صاروا األوائل في مشاطرتهم إياه رؤيته نحو العمل االجتماعي. فهو لهم امام جماعة ,ومحاضر ,ومربي ,وصانع ناجحين للجيل الحاضر منهم, يضاف إلى ذلك أن جعل من صلب اهتمامه أجيال المستقبل أيضا ,فهو يعكف على ترجمة الكتب اإلسالمية التربوية إلى اللغة الماالوية ,وهي لغة ينطق بها 351 مليون نسمة ,منها الشعب األندونيسي. إنها صنعة نجاح لم يتقن مهارة إكتسابها والتألق فيها فقط ,بل أثمر منها أيضا عن بناء شخصيات ناجحة كان من المحتمل أن تسحقهم عربة الفقر ,وفقدان األمل, وضعف التربية. المربع الثاني :المربع الفضي (استغالل نقاط القوة؛ من أجل إزالة أو تحـييد المخاطر المحدقة بك): الناجح عندما يعلم بجودة إمكانياته وكثرتها ,قد ينزعج لوجود نقاط ضعف تجاورها, داخل منظومته القيمية أو الجمسية. فمن نقاط الضعف في المنظومة القيمية ,داء الغضب ,وهي من القيم التي تمس كرامة اإلنسان وتفسد إنجازاته ,كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم: "الغضب يفسد األمر ,كما يفسد الخل العسل" ,ويحق لألفراد الناجحين أن ينزعجوا من وجودها ,خاصة وأن مثل هذه السمة تالزم ذوي القيم اإليجابية المتسمين بكثرة اإلنجاز ,حيث من أبرز سمات هؤالء اإلصرار على إنجاز األهداف ,واإلخالص, و اإلتقان ,وسرعة التنفيذ ,والمصداقية.
24 of 12Page
أما نقاط الضعف التي ترد على الناحية الجسمية ,ترى أحدهم ممشوق القوام ,قوي العضالت ,وسيم الوجه ,غير أنه يعاني من فقد أحدى عينيه ,ومما الشك أن الناجح يسعى دائما إلى كمال جوانبه ,حتى تجده يأتي على كل ما من شأن معيقا لمسيرة تعظيم مكاسبه ,التي تجعله في عداد الناجحين ,ويعمل على التخلص منه ,وهذا أمر محمود لدى العقالء. لقد جرت العادة لدى الناجحين في كيف يتعاملون مع هذين النوعين من نقاط الضعف في الشخصية ,ويسعون إلى التعامل معها بكل واقعية ,فهم دائما يفرقون بين ما هو يمكن السعي في إصالحه ,وما ال يمكن ذلك ,فإن كان من األمور الممكنة ,تجدهم يبادرون وبكل حماس واهتمام ,كما هو حال الغضب ,حيث يأخذون بإرشادات المختصين في هذا المجال بحسب مشاربهم الفكرية ,فقد يلجأون إلى الحلول الشرعية ,أو من ذوي االختصاص الطبي في ذلك ,مستثمرين ما لديهم من قيم إيجابية ثابتة في شخصيتهم كما مر سابقا كاإلصرار على انجاز األهداف ,بحيث يجعل من مسألة التخلص من الغضب هدفا له ,ومن عادة الناجحين أنهم إذا استهدفوا أمرا يصلون إليه ألن من لج ولج ,ومن أكثر طرق الباب ال بد أن يفتح له. أما مسألة فقد العين فهي من أوجه الضعف الخارجة عن إرادته ,وهنا يستنهض جميع القيم اإليمانية التي تساعده على تخطي هذه المشكلة ,ويتعامل معها على كونها ابتالء ,ينبغي له أن يستثمره بالرضا والقبول والصبر ليفوز بما وعد هللا عز وجل الصابرين حيث يقول جل وعال ":وبشر الصابرين ,الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا هلل وإنا إليه راجعون ,أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". المربع الثالث :المربع البرونزي (معالجة نقاط الضعف ،مع محاولة استغالل فرصة خارجية): الحظ أننا جعلنا مسألة معالجة نقاط الضعف في المرحلة الثالثة من الخيارات ,بل وستقع في الخيار الرابع أيضا ,نعم ينبغي على االستراتجي الناجح أن ينشغل أوال بقـواه وما يتميز به ,و أخيرا ينشغل بضعفه ,ألن العكس يأتي بنتائج سيئة كمـا يلي: المنشغل بإصالح عيوبه وفقط ,دون االلتفات إلى استثمار نقاطه اإليجابية,سيكون في أحسن أوضاعه فــردا عاديا ,كبقية أفراد بيئته ,وبهذا يكون قد فوت على نفسه فرص الــــتألق والنجاح والتميز. كثرة االنشغال بنقاط الضعف تسبب له كثرة توجيه الخطابات السلبية إلىالعقـل ,سواء كان من األفراد المعنيين به وغير المعنيين ,بل وحتى من نفسه ذاتها؛ ألنــه ربما ال يعرف كيف يتحدث لنفسه بشكل إيجابي عند استشـــعاره حالــة الضــعف والقصور ,فهناك لغة إيجابية ينبغي أن يتعلمها ,و إال زاد الطين بلة ,فعلـى سبيل المثال لو كان ضعيفا في معرفة اللغة اإلنجليزية ,فقد 24 of 12Page
يسأل نفسه أسئلة بدافع التخلص من ضعفه ,ولكنه في الواقع ينسج حول عقله طبقات من العوازل الكثيفـة التي من شأنها أن تصيبه باإلعاقـة المزمنة ,ألن األسـئلة بمثابة شعاع اللـيزر للوعي البشري فهي تعمل على توجيه القدرة الفكرية ,وما يخرج به من نتائج سيكون سلوكا في المستقبل ,إن خيرا فخير, وإن شرا فشر ,انظر إلى هذه األسئلة ,وتدبر كيف تعيـق تطور السائل : قد يسأل نفسه :لماذا أنا ضعيف الذاكرة ,وال أستطيع أن أستحضر الكلمات المناسـبة خـالل المحادثة ؟ فيأتيـه الجـواب :لقد كبرت على الدراسة ,فلماذا أتعب نفسي في أمر مستحيل تحقيقه؟ وهكذا يوجه إلى عقله من هذا الصنف من العبارات السلبية التي تنسـيه ملكاته ويبدأ يركز على سلبياته. المربع الرابع :المربع الخشبي (عالج نقاط الضعف أو تقليل المخاطر المحدقة بك): ويجرى في هذا المربع ما قيل في المربع الثالث بل ويزاد عليها أن الفــرد هنـا سوف ينشغل بسلبيتين واحدة في بيئته الداخلية وهي الضعف ,وأخـرى في بيئتــه الخارجية وهي المخاطر لذا فهي أسوأ القرارات ,ووفقا لهاتين السلبيتين عليه أن يعرف موضع قدمــه ويأخذ الحيطة والحذر. المهارات الالزمـة لتفعيل محور التفكير االستراتيجي
المهارة األولى :كسب األصدقاء الناجحين. قد تستغرب أن أسوق هذه العادة في مطلع الحديث عـن المهـــارات الالزمــة للنجاح ,وهذا االستغراب سيزول حتما إذا أدركنا أهميتها في هذه المرحلة ,إذ الصداقة هنا ليست من أجل المتعة والتسلية ,بل من أجل فتح المجــال للعقل الباطن لتلقي رسائل إيجابية من خالل معاشرة الناجحين و اإلطالع على مسار حياتهم ,وما هي رؤيتهم؟ وما هي رسالتهم التي تبنوهـا حتى وصلوا إلى ما وصــلوا إليه؟ فمن شأن هذه العالقة اإليجابية أن تجعلك تتعرف على تجربة أفراد يشـاطرونك السمات الفسيولوجية الطبيعية (عينان ,أذنان ,لسانا و شفتان ....إلخ ) ,غير أنهم يتميزون عن أقرانهم بالعزم ,والمثابرة ,واإلقدام ,ما أدى بهم أن يكونــوا فــي النخبــة الناجحـة.
24 of 11Page
وال أقصد بمصادقة الناجحين االلتصاق الدائم بهم ,ألن هذا قد يتعذر من جهة انشغال الناجح واهتمامه بتنمية ملكاته التي تميز بها ,ولكن األمر ال يخـلو من فسحة إلحراز تلك الصداقة من خالل ما يـلي: .1قراءة سيرهم الذاتية بتمعن وإتـقان. .2عقد صداقات مباشرة معهم ,ويفضل أن تأخذ موعدا مسبقا معهم ليمنحوك االهتمام ,حيث هذه الفئة كثيرا ما تكون في غاية االلتزام ببرامجها المعدة مسبقا. .3االتصال الهاتفي بهم بعد االتفاق على مدى إمكانية ذلك ,لتتمكن من خاللها مناقشة ما يعتـرض طريقك مــن صعوبات ومشاكل تطلب فيها االستشارة والنصيحة .و ال تترد في إبداء اإلعجاب بتجاربهم الشخصية ,ألن هذا اإلعجاب سيكون بمثابة الرابط العقلي لديه ,يجعله يمنحك من االهتمام المباشر بما يتناسب مع إمكانياتك والظروف التي تمر بها. .4التواصل مع مجموعات تلتقي ميولهم مع توجهاتك ,وأهدافك ,مما يمنحك فرصة كبيرة ألن تتبادل معهم فرصة عرض الخبرات والتجارب ,وفي بعض الحاالت يمكن أن تحصل على دعم لحل المشاكل التي تواجهها ,وتبدو أهمية هذا النوع من الصداقات في كونها تفسح المجال لمناقشة الحلول وتدبرها ,ودراستها ,وهذا في حد ذاته تدريب رائع على مناقشة مزايا وعيوب الحـلول ,الختيار أفضلها.
المهارة الثانية :العصف الذهني الناجحون في الحياة يجمعهم قاسم مشترك هام هو الجدية في مواجهة المشاكل التي تعترض طريق نجاحهم ,وفي سبيل ذلك يبذلون قصارى جهــدهم ,بـل ويتفننون في تفتيت المشاكل إلى أصغر الجزئيات؛ حتى يتمكنــوا مــن وضــع أيديهم على مصدر المشكلة ,ال االنشغال بأعراضها ,أال تنظر إلــى األطبـــاء كيف يتفاوتون في سرعة عالج مرضاهم ,ذلك يعود إلى تفاوتهم في تشخيص المرضى والوقوف على السبب الرئيسي له ,ال االنشغال بـاألعراض ,ولــو انشغــلوا باألعـراض لمات المرضى, وماتت سمعة األطباء معهم . خذ على سبيل المثال تفاعل رواد إدارة الجودة الشاملة (Total )T.Q.M Quality Managementفي مسألة حل المشكالت ,إنهم يوظفون عدة آليات بهدف تطويق المشكلة ,وتسليط الضــوء عليها ,فآليــة لجمع البيانات ,وأخرى لعرضــها ,وثالثــة لوضــع الحــل ,وتسييرها في نموذج يشبه العجلة يُدعى بعجلة "ديمنغ " يتم متابعتها بشكل دائــم ومستمر حتى يضمن تقديم المنتجات بجودة تامة على الدوام.
24 of 17Page
نعم لديهم قناعــة بأن ال يكفي أن تعلم بوجود المشكلة ,و وضـع حلول مؤقتة لها, وإنما شغلهم الشاغل كيفية القضاء عليها ,قضاء مبرما؛ ليحققوا رضــا عمالئهم عن منتجاتهم ,وهو ما يتطلعون إليه دائـما. من أجل ذلك أرى من الضرورة أن نتعرف على تفاصيل نجاحهم فــي حــل المشكالت ,من خالل عرض آلياتهم في هذا المجال لنلتقي مع أولئك الناجحين, ونكتسب خبرتهم ,فقد اتفقنا سابقا على مبدأ مفاده :أن الراغب في النجاح ال بد وأن يمتلك مهارات الناجحين ,ويعمل على تجذيرهـا في سلوكه؛ ليلحق بركبهم . وقبل أن أنتقل إلى عرض آلياتهم ,دعنى أحدثك عن اليابانيين كمجتمع عشــق منهجية إدارة الجودة الشاملة T.Q.Mكفكر إداري حديث ساهم في تطوير منتجاتهم ومواجهة مشــاكلهم عبر آلياته. لقد خرج اليابانيون من الحرب العالمية الثانية محطمين من كل شــيء عــدا العزم, واإلرادة الصلبة التواقة إلى إرجاع المجد الياباني ,والعودة إلى المساهمة في ريادة العالم ,لكن هذه المرة لن يكون عبر البوابة العسكرية ,بل مــن خــالل البوابة االقتصادية ,يريدون أن ينتجـوا منتجات تتلقفها أيدي العمالء ,وتــدر عليهم عائدا؛ لكونها جيدة ,وبسعر يتناسب مع إمكانياتهم المالية ,فانتدبوا لهــذا الهدف اثنين من أبرز علماء الواليات المتحدة األمريكية أحدهم :إدوارد ديمنغ ,واآلخر جوزيف جوران ,وبفضل تركيزهم وإصرارهم تم تجذير هـذه الثقافة اإلدارية الحديثـة في الحياة اليابانية ,وتقدمـوا بها في طريق النجاح ممـا أهلهما إلى أن يتقلدا وشاح اإلمبراطور الياباني؛ تكريما لصنيعهما. لو أتينا على ذكر أمثلة نجاح اليابانيين لطال بنا المقام ولكن خذ هذا المثال كواحد من عشرات بل من مئات األمثلة : شركة "زيروكس" األمريكية إلنتاج آالت التصوير تأسست عام 1959م ,بلغت من الشهرة وقوة المنافسة أن سيطرت على سوق آالت التصوير ,بل بلغ الحال من شدة قناعة العمالء بها ورضاهم عنها كآالت جيدة أن استبدل المســـتخدمين في أمريكا كلمة "تصوير" بــ "زيروكس" ,ولكن اليابانيين تمكنوا مـن إنتاج آالت نافست زيروكس أيما منافسة بسبب صغر حجمها وانخــفاض تكلفتها ,وأدت هذه المنافــــسة إلى انخفاض حاد في مستوى عــائد الشركة األمريكية مما جعلها تفكر بشكل جاد أن تجعل أسلوب إدارة الجودة الشامــلة T.Q.Mقائــدا لنشاط المنشأة في في بداية 1991م ,وفعال تم التحول في العام المذكور ,ونظرا لتركيزها على هذا المدخل أدركت أنها سوف تحقق أرباح كبيرة تتراوح مــن 25إلى 31بليون دوالر بحلول عام 1995م . ولو أمعنا النظر في سر النجاح باستخدام إدارة الجودة الشامــلة ,لوجدنا أن منهجيتها تقوم على تغيير خرائط عقول العمالء ,عمــا اعتــادوا عليه ,مــن خالل تزويدهم 24 of 18Page
بمنتجات ال تحقق فقط الجــودة التــي يتطلعون إليها بــل ويتجاوزونها بشكل ملفت للنظر ,وفي نفس الوقت بكلفة منخفضــة إذا ما قيست بأقرانها. نعم لقد تمكن اليابانيون من أن يشغلوا العالم بمنتجـــاتهم ,ويلهجــون بهـا ,ويكثرون اإلطراء واإلعجاب بأدائها ,سواء في المحافل الدولية ,أو بين األفراد على حد سواء ,لقد غيروا خرائط عقول الناس ,تجاه بعض السلع ,فنزعوا والء الكثير للعديد من المنتجات األمريكية واألوربية السائدة آنذاك ,فاستحوذوا على محافظ نقودهم وهو الهدف الذي تطلع له اليابانيون في بداية تحولهم نحو البوابة االقتصادية. وفي سبيل تحقيق هذا التطلع اهتموا باآلتي : .1إنتاج منتجات حسب رغبة العمالء وبشكل يتجاوز توقعـــاتهم ,وهــذا سوف يجعل المنتجات تبيع نفسها بنفسها بدال من البحث عــن عمــيل يشتريها . .2االهتمام بوضع آلية عمل تضمن إنتاج منتجات خالية من العيوب تماما ,من أجل توفير كلفة الفحص عند اإلنتاج فيخفف تكاليف اإلنتاج ,هذا من جهة أخرى ومن أجل سالمة سمعتهم التي يعملون علــى بنائها في عقول العمالء. .3االعتناء بمسألة خفض التكلفة بشكل دائم ومستمر ,ومن أبرز مــوارد خفض التكاليف المبادرة بإزالة أي نشاط غير مضيف للقيمــة بالنسبة للعميل مثل, تخزين المنتجات قبل وصولها إليه . ولعل اليابانين وهم يمرون هذه األيام بأحلك ,وأصعب أيام حضارتهم الحديثة على أثر التسونامي األخير الذي ضرب العديد من الجزر اليابانية ,ال شك لدي بأنهم يخططون للعودة إلى أقوى مما كانوا عليه ,ألن خميرة النجاح لديهم جيدة ,مما ستمكنهم من صنع كعكات جديدة وبأشكال أكثر جماال ,وأطيب مذاقا ,لكن المسألة مسألة وقت ,وحكمي على ذلك ليس من باب المبالغة ,فالكل يعلم مدى تميز اليابان في منظومتهم القيمية ,ولعل أبرز مفرداتها "االلتزام" ,وهم دائما ملتزمون بمبدأ, اإلتقان والتفوق ولو بعد حين. لقد استطاع اليابانيون أن يصدروا مفاهيم النجاح إلى الخارج ,وليس المنتجات فقط, حتى لقد ألهبوا حماس جيرانهم في قارة آسيا ,فهناك على سبيل المثال :كوريا, وماليزيا ,وتايلند ,و الهند ,وإيران ,وجميعها دول قررت التغيير نحو األفضل ,من خالل استنساخ تجربة اليابان في التغيير المستمر نحو األفضل ,ولكن ربما األقوى في اكتساب التجربة ,وربما يكون األكثر سيطرة على أسواق العالم في الوقت المعاصر هي الصينيون ,و منهجهم مستنسخ من التجربة اليابانية ,وال أقصد بأنهم استنسخوها بدرجة %111و إنما احتفظوا ألنفسهم كناجحين بأن يضيفوا لمساتهم الخاصة على تجربة نجاحهم ,وأي لمسة؟ لمسة تتناسب مع حجم طموحهم ,فهم يتطلعون ألن يحققوا المركز األول في مجال االقتصاد العالمي ,يليهم الهنود في المرتبة الثانية ,وألجل هذا الهدف على الصعيد العالمي ,اهتموا بإدارة معارفهم بشكل عالمي أيضا ,ومن ذاك االهتمام ,يحدثني أحد العرب الذي عاش في الصين 24 of 12Page
لمدة عشر سنوات واقترن بأحد الصينيات وتحول بعدها إلى رجل أعمال عربي في جبة صينية ,حدث عن طموح الصينيين في المرحلة القادمة وكيف يخططون بجدية لها ,ومن ذاك إلزامهم لخريجيهم في مرحلة البكالوريوس بأن يخرج كل واحد منهم إلى دولة من دول العالم لمدة سنة ,ويتعلم لغة تلك الدولة ,ومن ثم يكتب تقريرا عن أوجه االستفادة المتبادلة بين الدولتين ,وتحديد األرضية المشتركة بينهما ,بما يسمح القيام بنشاط متبادل بينهما على أي صعيد :ثقافي ,اقتصادي ,اجتماعي ,وهكذا ,ومن معالم إدارتهم لمعارفهم أن طوروا إمكانيات طالبهم ,ودربوهم الجتياز أقوى االختبارات الدولية التي تمكنهم من االلتحاق بالجامعات الغربية ,بحيث حققوا رقما غير مسبوق في هذا المجال. يحدثني أحد أبنائنا الناجحين في هذا الصدد ,وهو المهندس محمد بن أحمد بن جواد الخرس ,لما أراد االلتحاق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن كعضو هيئة تدريس, وهو حاصل على شهادة الهندسة في نظم المعلومات ,ودرجة الماجستير في إدارة األعمال ,من نفس الجامعة ,وقد طلبت منه إدارة الجامعة أن يحصل على 611 درجة في اختبار ,GAMATومن سبق له الدخول في هذا االختبار يعلم مقدار جديته وصعوبته؛ لكون يقيس ثالثة أبعاد في وقت واحد :قدرات في اللغة االنجليزية ,وقدرات في الرياضيات ,وقدرات تحليلية ,والدرجة المذكورة درجة متقدمة ,غير أنه استطاع أن يحقق منها في أول اختبار 571درجة ,وهي درجة متقدمة بمقياس من يقدمون هذا االختبار ,وفعال التحق حاليا بالجامعة كعضو هيئة تدريس فيها في عام 1432هـ 2111 -م ,وأخبروه بأنه هذه الدرجة كافية ليكمل إجراءات قبوله كعضو في الجامعة ,و ربما تكون كافية إلكمال مسوغات االلتحاق ببعض الجامعات األمريكية للحصول على درجة الدكتوراه ,إال أنه استهدف الدرجة المطلوبة ,وبات مصرا على تحقيقها ,وجعلها ضمن أحد أهدافه وفعال تمكن من تحقيق 711درجة ,إال أن استهدافه لها كان مستبطنا باستغراب عمن يمكنه تحقيق مثل هذه الدرجة العالية ,وإذا بالمفاجأة له لما سأل أحد المختصين ,أجابه بأن هناك فئتين تحقق هذه الدرجة وتتجاوزها بدرجات ,علما بأنهم ليسوا ممن لغتهم األصلية اللغة اإلنجليزية ,أو عاشوا في أحضان الغرب ,خاصة وأن االختبار يعرض لمسائل ينبغي أن يكون الطالب ملما ببعض المعلومات الدقيقة عن أمريكا و الغرب بشكل عام ,وهم :الصينيون ,والهنود ,حيث تبلغ عندهم إلى 751درجة من أصل 911 درجة ,والسر يعود في أن لديهم مراكز متخصصة في التدريب على هذا النوع من االختبارات ,وبلغة أخرى هم يستهدفون رفع درجة النجاح في هذا االختبار المتقدم, بشكل منظم ,من خالل التدريب ,عندها قرر "الخرس" أن يأخذ نفس المسار, ويتدرب لكن المفاجأة أكبر لما علم بوجود مركز متخصص في دبي لمثل هذه االختبارات ,لكن الدورة فيه تكلف آالفا من الدوالرات ,واخبرني برقم ,لو ذكرته لكان ضربا من المبالغة الغير منطقية ,لكن هذا هو الحال.
24 of 41Page
الشاهد في الموضوع أن الصينيين والهنود إذ يستهدفون مراكز الطليعة في قيادة العالم اقتصاديا ,لم يكن تطلعهم فارغا ,بل مبنيا على أسس ,ألن السماء ال تمطر ذهبا وال فضة ,وال يوجد شعب بلغ الثريا في المعرفة ,وقد ولد و والمعرفة وضعت في فمه بملعقة من ذهب. ثم الحظ كيف جعل الصينيون تعلم لغات العالم على الكرة األرضية هدفا لهم ,بغض النظر عن مدى حيوية اللغة ,أو سعة انتشار استخدامها ,فقد تجاهلوا كل االعتبارات المتعارف عليها في بيئتنا عند عقد العزم على تعلم لغة معينة ,كل هذا ألنهم يؤمنون بأهمية الجاهزية واالستعداد الستثمار الفرص المتاحة في البيئة الخارجية. وبناء على هذا الطموح العالمي ,والتصرف المناسب له أيضا على مستوى عالمي, دائما ما أكرر على أن معايشة التجربة الصينية وهي في بداية اندفاعها نحو المستقبل ,ستظل تمنح العالم فرصة للتتلمذ على يديها ,وبالمجان ,ليس مطلوبا من أحد غير متابعة مراحل اكتمال لوحتهم الفنية التي سيطلون بها على العالم في عام 2125م كما يتوقع الخبراء االقتصاديين هذا إن لم يكن قبل هذا التاريخ ,لكن علينا ونحن نتابع جمال الخطوط واأللوان المنثورة باحتراف على لوحتهم ,حري بنا أن ال تشغلنا حالة اإلعجاب واالنبهار بجمال التجربة ,ونقف متفرجين ,بل علينا أن نبادر, ونحدد ما هو ممكن لنا القيام به إذا كان لدينا من نقاط القوة المشابهة ,وبإزائها فرصة مالئمة كما عندهم ,مع ترك بصمتنا الخاصة عند التنفيذ ,ألن عربة الزمان ال ترحم الكسالى وال المتفرجين. ومن موارد استنساخ التجربة الصينية في إدارة معارفنا ,أقترح على شبابنا المبتعثين إلى الخارج ,عليهم أن يبادروا إلى تعلم لغات عالمية وليكن الصينية أحد تلك اللغات ,إذ ليس فخرا أن يبتعث إلى أمريكا أو بريطانيا ويعود وهو يجيد اللغة االنجليزية ,ألنها لغته في الدراسة والتتلمذ في جامعته الغربية ,كما أنه ليس فخر لنا أن نجيد اللغة العربية ألنها لغتنا األصلية في بالدنا العربية ,لكن الفخر كل الفخر أن نعود بلغات جديدة نكتسبها خالل تواجدنا في الخارج ,حيث توجد فرصة كبيرة لهذا الهدف ,ومن أبرز تلك اللغات المتاحة التعلم هناك ,ولها أهميتها :اللغة األسبانية, واللغة الفرنسية. بالمناسبة صديقنا الدكتور عبدالجليل األنصاري ,اكتسبت منه مهارة تحليل الشخصية من خالل خط اليد عام 1429هـ ,عبر علم يدعى بـ علم الجرافولوجي, وكان له شرف نقل هذا العلم من الغرب إلى البيئة العربية ,وذلك بوضع ضوابط تحليل النص العربي ,وفقا قواعد تحليل الخط المعتمدة في هذا العلم ,حيث وضعت في األصل على الحروف الالتينية ,كما هو الحال في التحليل التكاملي الذي يعنى بمعرفة التغيرات الطارئة على بنية الحرف في شكلها األصلي ,وبالتالي يتمكنون من معرفة سمات الشخصية من خاللها ,حيث يقررون في هذا العلم بأن الكلمة 24 of 41Page
المكتوبة بخط اليد ما عادت توصل معاني فقط لآلخرين بل تنثر المنظومة القيمية للكاتب ,وإن غيبها بالتصنع واالفتعال ,لقد بدأ هذا العلم على يد الطبيب البشري كاميلو بالدو عام 1622م ,وهذا العلم بين مؤيد ومعارض في الدول الغربية ,لكن من الثابت أن هناك العديد من الجامعات الغربية واألسيوية أدرجت هذا العلم ضمن مقرراتها الدراسية ,وله مجالت علمية تنشر نتاج الباحثين فيه ومن أبرزهم :دافنا يالون ,و أريكا كاروز ,وقد تبنت هذا العلم عدة مدارس علمية في عدة دول, واستحدثوا مناهج للتحليل بأسماء دولهم ,فهناك المنهج األلماني ,والمنهج الفرنسي, والشيق في األمر أن الدكتور عبدالجليل وهو في مسعاه للتعلم في دول الغرب, سواء في هذا العلم المذكور ,أو غيرهم من العلوم السلوكية المرتبطة بالتواصل مع اآلخرين ,وكثرة تنقله بين دولهم استطاع أن يتعلم كل تلك اللغات ,وأضاف عليها ما كان يتقنه من قبل حيث هو من سكان مملكة البحرين ,وعليه أصبح يتقن على وجه التقريب سبع لغات :العربية ,واالنجليزية ,والفرنسية ,واأللمانية ,واالسبانية, واألردو ,والفارسية.
المهارة الثالثة :تحديد األهداف : ماذا يتوقع القارئ أن يطلع عليه في هذه المهارة ,وقد قتلت بحثا وتعليقـا من قبل الكثير من الكتاب؟ ترى هل من جديد يستحق الذكر؟ هذا السؤال مهم جدا ,وال نقلل من أهميته ,فتحديد األهداف تم بحثه من قــبل الكثيرين ,أما أهمية ذكر هذه المهارة والتنويه بها فأعتقد بأنهــا القنديـــل الــذي يضيء الطريق المظلم ,ومـن دونه يتخبط السالك يمينا وشمال ,وربما مال عن جادته فهوى في أخطاء يكون حتفه فيها ,هذا من جهة ,ومن جهــة أخرى يجب أن ال ننسى أن هذه المادة إنما جعلت للراغبين في النجاح ,و ال يمــكن ألي مخطط للنجاح أن يغفل أهمية هذا الموضوع أبدا فقد تــذهب مــوارده أدراج الرياح إذا لم يحدد الهدف بشكل دقيق. وتحديد األهداف بمثابة العدسة الجيدة التي تجمع أشعة الشمس لتركز قوتها على ما تحتها ,لذا نعود ونقول ال بد من الحديث عــن األهداف. الفرق بين الهدف و الغاية : قبل أن أسعى في التفريق بين الهدف والغاية ,دعني أسألك سؤاال هاما ,هل أنت ممن يجيد وضع أهداف لنفسه؟ فإن كنت كذلك فهذا أمر جيد ,وإن كان عكس ذلك, فأرجو تركيز انتباهك لما سيأتي.
24 of 44Page
الفرق بين الهدف والغاية هو أن الهدف عــبارة عن مالحقة دائمة لغايات مهمة حتى يتم تحقيقها ,وينبغي التأكــيد على مسألة أنها "دائمة" ,أي مستــمرة على الدوام حتى يبلغ الــناجح مناه .ومن دون التفريق هذا سينشغل المتطلع للنجاح بفرحة النجاحات الصــغيرة التي حققها – األهداف -وهي في الواقع ال تــعدو أن تكون وسيلة فقط لغاية كبيرة تمثل ثمرته التي يتطلع إليها. أنظر إلى فريق كرة القدم لو انشغـلوا بلذة إبداعهم في تسجيل الهدف األول والــثاني وتصفــيق الجماهير وحفاوتــهم بهم ,ونسوا أهمية الغاية وهو الفوز بالمبادرة؛ لضاع جهدهم أدراج الرياح ,هذا مثال بسيط أوردته لسهولة فهمه. وبنفس المنطق يمكن دعم ومساندة المتطلع للنجاح بتحقيق غايات كبيرة ,بأن يقسم مراحل بلوغ الغاية إلى أهداف صـغيرة ويركز عليها ,ويتفاعل معها ,ولينظر فيما بعد كم استطاع أن يقترب من غايته ,ومن هنا جاءت أهمية تناول مفهوم بطاقات األداء المتوازن ) ,Balanced Scored Card (BSCفهي تزود المخطط االستراتيجي بعدسة إضافية أثناء رصده لمسار تنفيذ خطته ,حيث األغلب يركز على ما تبقى من الخطة فيتفاجأ في نهاية مشوار إنجازه أن ما أنجزه دون المستهدف ,بينما BSCتجعله على الدوام مراقبا ما تم إنجازه وهو ما تقوم به العدسة الخلفية للمراقبين ,وفي نفس الوقت ترصد ما تبقى من الخطة ,وهو ما تقوم به العدسة األمامية. الشاعر جاسم الصحيح غادر اإلحساء ,إلى الواليات المتحدة األمريكية ,ليحصل على شهادة البكالوريوس في مجال الهندسة الكيميائية ,لكنه عاد منها بقريحة شعرية ,كتب من خاللها بدايات شعرية واعدة ,لقد اكتشف إحدى نقاط قوته وركز عليها وطورها ,وقسم مراحل نجاحه الكبيرة إلى أهداف صغيرة ,أوالها نجاحاته في المحافل المحلية ,تالها نجاح على مستوى الدولة في مهرجان شعري بقرية المفتاحة بمدينة أبها ,بعدها حصل على "جائزة البابطين" على مستوى الوطن العربي في عرس ثقافي بهيج ,وال يزال كذلك بارزا في المحافل األدبية ,ولعل من أبرزها حصوله على المركز الثالث في شاعر المليون في أبوظبي ,ولم تكن حصد الجوائز هدف النهائي ,وإنما وسيلة للتواجد في المحافل العالمية ,وهكذا وصل إلى غاية كـبيرة من خالل حصده ألهداف صغيرة ,ولو اكتفى أو أنشغل بنجاحات صـغيرة وهي الفوز بجوائز محلية لذهل عن التطلع للعالمية في الحضور ,والتواجد ,وتناول القضايا ذات الصبغة الشمولية لقيمة اإلنسان ومعاناته حيثما كان. الناجحون ،وصفات أهدافهم الناجحــة: قبل أن نخوض غمار وصف األهداف الناجحة ينبغي اإلشارة إلى أمر هام هو أن كل إنســان له خلطة سـرية خاصة به ,لو أتقن االعــتراف بها لنفسه لكفاه عناء مطاردة أو استجداء أهداف ناجحين آخرين بهدف تكرارها عن طريقه ,فكل إنسان 24 of 41Page
لديه بصمــة عقلية ,وسلوكية ,واجتماعية ,تميزه عن اآلخرين ,ال يشاركها فيها حتى إخوته الذين تناسلوا معه في بطن واحد .تماما كما لكل واحد بصمة إصبع خاصة به ,أيضا لكل واحد منا بصمة إنسانية خاصة به ,وكل ما عليه أن يتقن تفعليها لتأخذ حيزها الطبيعي في سلم النجاح والتفوق. يذكــرني هذا بنصيحة أحد األخوة الذين حضروا دورة خطابة ,فكان أحد المتدربين مغرم بتقليد طريقة الشيخ عبد الحميد كشك في طريقة إلقائه و تناوالته ,حتى لقد مل المتدربون من كثرة تعمده للتقليد ,مما دعا المدرب أن يأخذه جانبا بعد رحيــلهم فقال له ,الشيخ كشك أحد المبدعين ,والجماهير تطلب مبدعا آخرا ,يحق لها أن تهوى إلى منبره ,وتتلذذ بسمــاع محاضراته ,فالناس تطلب التجديد .البد وأن تعثر على نفسك في داخلك ,ستجد هناك شخص منحه الباري عز وجل خصائص ومزايا خاصة به ,فعليك بذلك . قد يظن البعض أن هذا يتناقض مع ما ذكرناها في الصفحات السابقة حول مصادقة الناجحين ,نعم ال يوجد تناقض ,ألن الهدف من مصادقة الناجحين هو اكتساب خبرتهم في اكتشاف خلطتهم السرية للملكات التي أهلتهم للنجاح ,وكيف تم تفعيلها. حيث ال مجال لسرقة أو اغتصاب خلطة أحد ,ولو أراد ذلك لن يجد هناك ما يسرقه, ألن لكل واحد خلط خاصة به ,فليدرك ذلك تماما ويقصر الطريق على نفسه .نعم ليتعرف على مهاراتهم في النجاح وكفى ,وهذا ما يسعى له هذا الكتاب العملي الذي بين يديك. أال تنــظر كم نحن بحاجـة إلى أن نعترف بقوتنــا ,ولو من باب بعث الثقة في إمكانياتنا. واآلن جاء دور الحديث عن أهم سمات أهدافك التي ستقودك إلى النجاح: .1أهم أهدافك يجب أن تكون من وضعك أنت. .2أهدافك يجب أن تكون مهمة. .3أهدافك يجب أن تكون محددة وقابلة للتقييم. .4أهدافك يجب أن تكون مرنة. .5أهدافك يجب أن تكون مثيرة وباعثة على التحدي. .6أهدافك يجب أن تكون متوافقة مع قيمك. .7أهدافك يجب أن تكون متوازنة بشكل جيد. .9أهدافك يجب أن تكون واقعية. .9أهدافك يجب أن تشتمل على إسهام ما. أهدافك بحاجة إلى المساندة. .11 مساندة األهداف: 24 of 42Page
يراد بالمساندة :الدعم والتأييد ,وهذا حتما يتطلب إبالغ اآلخرين ,وتعريفهم بما أنت عازم على تحقيقه ,وهنا يقع الفرد بين خيارات ثالثة تتفاوت في حجم الدعم ونوعيته وهي: الخيار األول :أن يعلن للجميع ما ينوي فعله فيورط نفسه ,ويقبل أن يقع في التحدي أمام المأل ,حتى ينجز أهدافه ,ولعل في قبول التــحدي دافعا كبيرا له؛ ألن المتطلع للنجاح كما يحب أن يعلم الجميع بنجاحه ,فهو يبغض أن يعلن فشله على المأل ,وهذا بال شك يمنحه دعما معنويا كبيرا. الخــيار الثاني :أن يكتم أهدافه حتى يتفرغ منها ,متطلعا بلهفة لحظة اإلعالن عن ميالد إنجازه ,الذي سوف يحقق لـه النجاح وبعلم الجميع ,وكتمانه ذاك إلى حين اإلعالن يعتبر دافعا له للعمل بصمت ,وهذا من صنف الدعم المعنوي. الخيار الثالث :أن يقع في مرحلة وسطى بين الخيارين التاليين ,حيث يعلن عن أهدافه للنخبة الذين يهتمون بنجاحـه وتطلعاته ,ليسترشد بآرائهم ,وليحققوا له الدعم المعنوي والمادي وقت الحاجة.
المهارة الرابعــة :التخطيط سألت أحد الناجحين األحسائيين عن سر تألق أعماله ,وجودتها ؟ فأجاب: كنت في صباي أعمل في خياطة العباءة الرجالية -ويدعى في اللهجة األحسائية الدارجة بـ البشت ,وهو ملبس عربي يرتديه النخبة االجتماعية في المناسبات على مالبســهم الخارجية -حيث ورثت هذه المهنة عن آبائي ,ومن أهم ما تعلمته فيها كيف أرسم مقاسات قماش البشت ,قبل البدء في قص المقاسات ,ألنه ثمين جدا ,وأي خطأ فيه يهدد عالقتي بصاحب المشـغل ,فمن الممكـن أن أفقد وظيفتي عنـده ,أو يخصم من أجرتي ,لذا كنت أعطيه من وقتي عناية كبيرة حتى ال تذهب جهودي في الخياطة والتطريز والتلميع أدراج الرياح ,فأنا أعلم أن مهنتـــي ال يقل عملها عن جهود الفنـان؛ ألني أسكب خيوط الذهب على األقمشة بطرق فنية أصيلة تكسب البس البشت شـعورا بالفخر واالعتزاز ,كما الفنان يسكب ألوانه بريشته على لوحته ليمتع الناظرين إليها ,لذا علي أن أكون فنانا على الدوام ,هذا باإلضافة إلى أن أدواتــي حادة ال ترحم أبدا ,فالمقص إذ عمل في القماش وقطعه أوصاال لن يمكن أن يتم إصالحه ,كما العطار ال يمكنه أن يصلح ما أفسده الدهر .لذا كنت أقيس القمــاش مـرتين قبل القطع ألنه مرة واحدة ,فقبل القطـع لدي عدة فرص لتالفي الخطأ أما بعد القطع فال يمكـن اإلصالح أبدا ,ولما دخلت في ميادين العمل, وجدت نفسي أمام أعمال هامة تستلــزم التخطيط لها قبل اإلقدام عليها؛ ألن الخطـأ فيها يعنـي ضياع للمال ,والمــواد ,والوقت ,والسمعة بين العمالء الحاليـين 24 of 42Page
والمرتقبين ,والمنافسين ,وعجلة التطوير ,والتجديد ال يرحمان المهمل أبدا ,لذا قــررت أن أتعامـــل مع مشاريعي الصغيرة والكبيرة منها كما كنت أتعامل مع البشت الذي تعلمته فــي الصغــر. و نخرج من الحالة السابقة إلى أن التخطيط فـي حياة الناجحين بمثابة الرئة التي يتنفسون منها الحياة ,فهي تمنحهم إمكانية أفضل الستثمار جهــودهم ,وأوقاتهم, وأموالهم؛ ألنها طاقات ,ومواد إذا صرفت لن تعود مرة أخرى إال بقيمـة أخرى, و بالتالي تضمن لهم مستقبال أفضل ,باذن هللا.
المحور الثاني :حــشـد الطاقات تأتي أهمية محور حشد الطاقات بعد التفكير االستراتيجي؛ لكونه الجانب العمــلي فــي رحلة النــجاح ,إذ طالمــا تطلع الناجحون إلى منال مميز ,وحللوا بإمعان واقع بيئتهما الداخلية والخارجــية ,وخرجوا برؤية ورسالة أشبه شيء بالبصمة العقلية للناجح ,ولكن تلك البصمة لــن تأخذ صورتها على الواقع الخارجي ما لم تهيأ الظــروف ,ويتحــقق سعي مركز جاد في المجاالت الكفيلة بوضع الخطط, و األحالم على أرض الواقع ,في الجامعــة ,أو المكتبة ,أو السوق ,أو المختبر. إن من األهمية بمكان أن تنطبع البصمة العقليـة على أرضية مالئمة ومتوافقـة مــعها ,فقد عاش صاحبها عصفا ذهنيا مميزا ,وحلقت آماله في آفاق النــاجحين عــبر صــداقة أفكارهم وطموحاتهم ,وحددت األهداف بعناية ,ثم عكفت علــى وضــع الخطط الالزمة لتحقيق األهــداف. إذن الناجح بحاجة إلى جهد كبير لجمع كل ما لديه من قــوى مالــية ,ووقتـــية, وذهنية ,وجسمانية ,وعقالنيـة ,وتنسيق تلك القوى من أجل تحقيق تلك األحالم إلى واقع ,من أجل هذا سمينا هذا المحور بمحور حشد الطاقات وال ننــسى أن هـذه المرحلة على الرغم من جمالها في حياة الناجح ,وقد يظن أنها نهايـــة المشــوار, غير أن الواقع يقول إنها ليست النهاية ولكن هي بداية النهاية ,لذا عليــه أن يكون فعاال ,يقظا لطبيعة المرحلة ,وليستعد لمحور ثالث ,اصطلحنا عليها بمحور جنــي الثمار والذي سوف نعالجه في موضعه قريبا.
المهارة األولى :التـــركيز عندما نتحدث عن التركيز ,والنجاح ,لن نحيلها إلى جدلية الدجاجة والبيضة أيهما أسبق في الوجــود ,ال ..فالنتيجة محسـومة لصالح التركيز في األغلب األعم. 24 of 41Page
فكم نكرة دخل مدينة علمية فتحول إلى معرفة بفضل جهده ,وصبره ,وتركزه ,وكــم باحث بدأ بحثه وهو واهي العلمية ,و اإلحاطة بموضوع بحثــه ,فتحول بعدها إلى علم من أعالم ذلك الموضوع ,وكم سالك في طريق خال من المؤنسات ,ولكن بفضل المثابرة والتركيز قدم إسهاما علميا أنار الطريق ألجيال قادمة ,أتت بعده, وكم فقير معدم من كل المؤهالت عدا الثقة باهلل والعزيمة التــي ال تلين دخل ساحة االقتصاد والمال فتحول بعدها إلى أكبر رجالها األثرياء ,من أولئك الشيخ سليمان الراجحي ,رجل األعمال المــعروف ,يحدثنا عن تجربته أستاذنا الدكتور عصام كوثر حيث عمل معه في القطاع المصرفي ,فهندس أعماله ,واستطاع بفضل تركيزه وتخطيطه أن ينقل واقع مصرفية الراجحي إلى ما هي عليه اآلن من الجودة بعد أن كانت أشبه بدكاكين صرافة تقليدية ,يقول عن تجربة الراجحي :بدأ حياته عامال بسيطا يحمل رماد مواقد بيوت أهل القصيم على كتفه ,رحل بعد أسبوعين من زواجه إلى مكة المكرمــة وهــو ال يملك أي شيء حـتى أجرة نقله ,قايضها بخدمتـه في القافلة وقد قبلت بعرضه ,أنزلته القافلة في سوق الصيارفة بجانب الحرم ,ففتح عينيه على صناعة الصرافة ,وعمل في بداية أيامه حماليا للمتسوقين والتجار في السوق ,غير أنه ما لبث أن كسب ثقــة بعض التجار فأجروه ليقوم بأعمال الصرافة بنفسه ,وقد افترش لهذا المجد الجديــد خيشة على األرض ,وفعـال حولها سليمان الراجحـي إلى مجد بفضل جهده ومتابعته حتى تحول إلى أبرز الصيارفة في البالد ,وانخرط بعدها في مجال األمــن الغــذائي وتحول إلى أكبر المنتجين للدواجن ,والخضروات ,والفواكــه. والشيخ سليمان العليان تجربته هو اآلخر أشهر من نار على علم ,لكن للتأكيد على تألقها نذكرها هنا :فقد بدأ حياته كسائق "تراكتور" في شركة أر امكو ,وهــو اآلن من أكبر رجال المال واالقتصاد على الصعيد العالمــي أسس شركة قابضة فــي الــداخل والخارج ,لديه وكاالت صناعــية وتجارية لعدة شركات عالمية منها :كوكا كوال ,وتوشيبا ,وكولقيت ,وكرافت ,وكلينكس ,وبسكوت نبسكــو ,كما له حضور عالمي فـي ســوق األسهــم واألوراق المالية. لو انتقلنا من ساحة المال واالقتصاد إلى األدب والتأريخ لوجدنا الشيخ عــبد الرحمن المال ,صاحب كتاب "تاريخ هجر" كيف كان يتساير مع إمكانياته المحـدودة والمتمثــلة في كفاف بصره ,ألن من فقد حسا فقد علما ,لكنه استطاع أن يعــوض نقص هذه الحاسة بالتركيز واالستثمار الدائم لباقي حواسه بشكل تفـوق إمكانيات المبصرين ,تعال معي وانظر كيف يكتب على الرغم من كفاف بصره ,سألته في إحدى اللقاءات عن كيفية تدوينه ألفكاره ,فقال: إذا جن علي الليل ,وغط جميع من في البيت في ســباتهم ,أتــيت إلـى جهـاز التسجيل ,ودونت ما أريد كتابته صوتا ,وإذا أردت التعديل بالحذف أو اإلضافة ال أتردد في ذلك ,وإن كان أمرا مزعجا من خالل جهــاز التســجيل ,وإذا أصبحت
24 of 47Page
أوكلت مهمة تدوين ما في شريط التسجيل إلى سكرتير خاص بمهمة القــــراءة مـن الكتب ,وتدويــن األشرطة. أما المؤرخ الشيخ جواد الرمضـان عضو النادي األدبي في الدمام ,أمضى شـطرا كبيرا من حياته في خياطة البشوت ,لكن بفضل تركيزه وجهده وبحثه كتب تـراجم ألعالم بالده في مصنفه المعروف "مطلع البدرين" ,ومن أبرز مــا يمــيز هـذا المصنف هو استنــقاذه للعديد من التراثيات التــي كــادت أن تندثـر لـوال جهــوده وحرصه ,وهمته ومن همته تلك ,لما بلغــه أن إحدى مغارات جبل القارة صارت أرشيفا بل مقبرة لألوراق البالية من الكتب القديمــة التراثيـــة تعلوهــا أكــداس التــراب والحشرات ,هناك وجد ضالته المنشودة في العديد من أكياس الخيش, فصار يمضي نهار كل خميس هناك للبحث والتنقيب فيها ,وعادة ما يصطحب معه مجموعة ممن يصغرونه سنا من خياطي البشوت الذين يعمل معهم؛ ليساهموا معه في عملية البحث ,ومن أولئك األستاذ فضل هللا بن سلمان بوحليقة ,وقد نقل لي بعض مشاهداته حيث يقول :كان الحاج جواد الرمضان ,دؤبا في عمله البحثي ,وفي نفس الوقت كان صاحب عائلة ,وال بد أن يوفر لها لقمة العيش ,فكانت فرصته للبحث في مغارة جبل القارة يوم الخميس ,وهي فرصتنا أيضا للراحة من عناء العمل األسبوعي ,فكنا نخرج معه للنزهة في حقول األحساء ,وللسباحة في ينابيعها الطبيعية ,و يجعل ضمن برنامج الرحلة البحث في تلك األكوام من الورق ,وقد عثر خاللها على العديد من الدواوين ,والوصايا ,والصكوك ,ألن البعض يتحرج من حرقها ,ولهذا اعتادوا على أن يأتوا بها إلى المساجد القريبة منهم ,ومن ثم يقوم القائمون على المسجد بنقلها إلى هذه المغارة من الجبل وعادة ما يعود بالعديد من المصادر األولية الالزمة إلنجاز عملية بحثه في تاريخ األحساء ورجالها. ومن اهتمامه ذاك سفره إلى البحرين مــا يربو على ثالثين مرة بالسفن التقليدية (اللنج) من أجل جمع تراث أهل البحرين. وفي مجال العمل الحكومي ترك الدكتور محمد الطويل منهجا إداريا رائــدا ,نـــال على أثرها ترشيحا إلدارة المعهد الدولي للعلوم والتقنية في بلجيكا ,ونافس على المركز األول ,لكن الحظ ابتسم ألحد اليابانيين ,كان هذا في عام 1991تقريبا. لقد حقق "الطويل" هذا اإلنجاز ,بعد فترة طويلة من الكفاح ,حيث بدأ مشواره في معهد اإلدارة العامة في الرياض ,موظفا على جهاز بدالة سنترال المعهد ,ولكنه أكمل تعليمه ليال ,هم تدرج في سلم الوظيفة في المعهد إلى ان تقلد منصب مدير عام المعهد. وهذه واحدة من أشهر القضايا التي سارت بها الركبان ,ما هو معروف عن األستاذ علي النعيمي فقد كان يرعى الغنم في بداية حياته مع أخــوالــه فـي إحدى بوادي 24 of 48Page
الجزيرة العربية ,بعدها التحق بشركة أرامكو كعامل نظافة وتــدرج فيهــا حتى صار رئيسا لها وقد دامت خدمته فيها 45سنة ,وهو وزير النفط في المملكة العربية السعودية.
المهارة الثانيـــة :ترتيب األولويات النـــاجحون فـي حياتهم هم األكثر حرصـا على ترتيب أولوياتهم ,ويــراد بترتيب األولويات عدم التعامل مع األمور والمهام على وتيرة واحدة من حيث األهمية في توقيت التنفيذ ,ومدته ,والدعم المــالي المناسب له ,ومدى إمكانية تفويض إنجازه عن طريق اآلخريـن. بسبب عدم ترتيب األولويات عادة ما تكون العائــلة ,والصحـة ,والعالقات االجتماعية من أكثر ضحــايا مدمني األعمال واإلنجازات ,وإذا ما حانت ساعة العتاب والشره من قبل األصحاب واألحبة ,تذرعوا -أصحاب األعمال – بضيق الوقت وكثرة المهام ,غــير أن للناجحين منهجيــة وأسلوب جديرة باالطالع ,وهذه واحدة من تلك المنهجيات: منهجية الخيارات األربع: ال أحد يستطيع أن يفرض عليك أن تنجز كل مهمة تتصل بك ,بل لك من الحق األدبي ,والقانونــي ,والعرفي ,واألخالقي .... ,وكل ما في الوجود من لوائح وتشريعات ,تؤكد أن كل فرد في هذا الوجــود ما دام عاقـال ,تام األهليــة, والواليــة ,أن يعمل عقله لمراجعة ما هو واجب عليه آدائــه بحكم الشـرع والقانون, وما عدا ذلك فهو مخير فيـه بين إنجازه بنفسه ,ولكن ليس في الحال ,أو تفويضه, أو رفضه تماما ,وإخراجه من قائمة مهامه .إذن نخرج من هذا أن على الراغب في النجاح أن يصنف األعمال التي تقع تحت يده إلى أربعة أصـناف ,وعليه أن يخاطب عقله تجاهها بأحد الخطابات التالية: .1اتركــها ....نعم ....قل لعقلك أتركها ,مادمت لست ملزما بها ,ألن من ال يقول ال ,ال يستطيع أن يقول نعم للمهام التي هي من صميم واجباته. .2فوضها ....تقولها عندما ترى من الواجب القيام بها ,لكن ليست بالضرورة من خاللك ,هنا ليس عليك فقط أن تقول لعقلك اتركهـا وفقط ,بل فكـر أيضا فـي الشخص المناسب للقيام بها بشكل يماثـل دورك وربما يزيد عليه. .3أجلها ....تقولها عندمـا تكون األعمال ليست على مستوى من األهمية في الوقت الحاضر إذا ما قورنت بالمهام ذات الصبغة العاجلة ,أو التي حـان وقت إنــجازها كما هو مقرر لها في جدول األعمـال. .4قم بها ....تقولـها لألعمال ذات األهمية القصوى ,والتي ال يمكن القيام بها عن طريق اآلخرين ,ومن الواجب أن تكون عدد هذه المهام في أقل مستوى من األعمال الـتي تدخل حياتك ,والحظ أن هناك ثالثة فالتر مرت 24 of 42Page
(اتركها ,فوضها ,أجلها) إنما وضعت قبلها ,فذاك من أجل تخفيف قائمة األعمال العاجــلة والطارئة؛ لتفرغ حقا لما هو يستحق أن تتفــرغ له بنفسك, لتظل أعمالك الهامة هي التـي تدفع بك في عداد الناجحين ,ألن الناجح ال يقوم بكل شيء بل له أعوان يساهمون في بناء صرح نجاحه ,فلتكن أحد أولئك المخدومين. الدكتور عصام كوثر في مدينة جدة ,من أكثر األكاديميين انشغاال ,أشرف على أطروحتي في درجة الماجستير في مجال إدارة األعمال ,وكانت حول جاهزية المؤ سسات المرشحة للتخصيص لتطبيق إدارة الجودة الشاملة ,TQMالتقيت به عدة مرات خارج إطار اإلشراف على الرسالة ,غير أنه لم تتح لي فرصة اإلطالع على منهجية فـي إدارة أعماله المنزلــية والحاجيات الخاصة ,لكن ذات مرة دعاني لوجبة غداء مع أحد الزمالء ,أتاحت لنا تلك الجلسة العفوية التأمل قليال في منهجيته عند ترتيب أولوياته المنزلية والمكتبية ,دار الكالم حـول كيفية النـجاح فـي تخفيف أعباء الحــياة اليومية عن كاهــل المنشغلين بالمهام الكبيرة في حياتهم فخرجنا من منهجيته بتصور مفاده ما يلي: ينبغـي للناجح أن ال يكون " ســوبرمان " زمانه وذلك بأن يقوم بكل شيء يخصه ,بل عليه ان ينتقي من يفوض له بعض المهام التي من شأنها أن تفوض له ,وأمر آخر في غاية األهمية وهو عـليه أن ينتقي للمهام القابلة للتفويض ذات الصفة المتكررة أشخاصا أو مؤسسات ,وليكـن االنتقاء بحرص وعناية ,بعد ذلك يقوم بتثبيت مستوى الجـودة المطلوبة في المـهام التـي سـتفوض لهم ,ألن المتطلع للنجاح لو تصدى إلنجاز جميع ما هو مطلوب منه – وما أطول تلك القائمة ؟؟ -لضاع وقته وأصبح معقبا في الدوائـر الحكوميــة ,أو مندوب مشــتريات لمقاضي البيت ,أو مســئول صيانة منافع البيت والسيارة ,أو سائق يجوب الشوارع ليل نهار ,وبهذا لن يفرغ إلنجاز غاياته التي يتطلع إليها. الجيد في نتائج هذا اللقاء أني وقفت على مصداق خارجي لمسألة هامة ,أال وهي أن الناجحين تجمعهم عادات ومهارات أشبه شيء بالقواسم المشتركة التي تميز حياتهم ,والذي قادني إلى هذه النتيجة بشكل عملي ,تذكرت خـالل عرض الدكتور عصام لمنهجيته في إسناد مهامه المكتبية والمـنزلية إلى ذوي المهـارة الذين تم انتقاؤهم بجــودة محددة - ,تذكرت – كالم للدكتور طارق السويدان في نفس الموضوع عبر مقابلة تلفزيونيــة ,وقد التقت وجهة نظر كل منهما في أن النـاجح بإمكانه أن ينجز مهامه الخاصــة ذات الطـابع المنزلـي ,عبر تحديد مجموعـة من المراكز والمؤسسات.
24 of 11Page
واآلن بعد الوقوف على هاتين الخبرتين في مجال ترتيب األولويات ,أال يمكـننا أن نحدد مصادر لخدماتنا وسلعنا؛ من أجل تخفيض وقت الحصول عليها, وتحديد جودتها ,تعال معي وشاركني وجهة نظرك فيما يلي: .1اختيار سوق متنوع السلع تحت سقف واحد (سوبر ماركت) ,يتم تخصيصه لشراء الحاجات اليومية المنزلية ,وهذا من شأنه أن يسهل الحصول على السلع المطلوبة للمنزل بشكل سريع ,بلحاظ كثرة التردد على هذا السوق وحفظ أماكن السلع وأرففها. .2اختيار مركز لصيانة األعمال المنزلية ,وهذا من شأنه أن يسهل عملية االتصال به عند الحاجة ,فهو بدوره أيضا سيتعرف على موقع البيت ويتابع بشكل دوري لألعطال الطارئة ويقوم بالصيانة الدورية بشكل منتظم ,وجميع هذه الخدمات يمكن أن تتم من دون حاجة الذهاب للمركز في كل حالة يحتاجها البيت لعملية صيانة ,وكذا يقلل عناء التعرف على األسعار ,والحال يجري أيضا على اختيار مركز لصـيانة السيارة ,عند الحاجة إلصالح األعطال الخفيفة فيها كإصالح أعطال كهرباء السيارة, وصيانة إطار السيارات. .3اختيار مطعم إلعداد وجبات الحفالت ,سواء منها المتعلقة بالمناسبات العائلية أو ما يتعلق منها بالعمـل ,ويمكن من خالل التعامل ,معرفة األصناف أكثر ,والتالي يسهل تحديد مستويات األصناف وأنواعها ,وهذا سيكفي الواحد منا عناء ضمان الخدمة من خالل الهاتف ,وعادة ما يتم ذلك عن طريقك أنت ,أو سكرتير المكتب. .4اختيار مستشفى معين؛ وذلك لضمان فتح ملف للعائلة ,والحصول على متابعة للحاالت المرضية من خالل عياداته ,ومختبراته واألجمل من كل ذلك إمكانية متابعة تاريخ الحاالت المرضية ال سمح هللا فهي توفر الوقت والجهد الكبير لالستشاريين. .5اختيار مكتب لحجز السفريات ,والفنادق ,وهذا لن يسهل علينا الخدمة ونحن في داخل البالد ,بل وحتى في خارجها. جرب واحكم بنــفسك: العقل يأنس للتجارب العملية عند برمجته فلماذا ال نمتع عقولنا بأحد التجــارب العملية التي لن تكلفنا سوى القليل؟ لكن نتاجها :ثر ,غزير في كل ساعة من ساعات أيامنا وعقودنا المقبلة بإذن هللا ,خذ إناء بالستيكيا شفافا ,وحجــارة ورمـال ,واعمل تجربتين كما يلي: التجربة األولى :ضع في اإلناء أكبر الحجر ما استطعت ,وتخيل أن كـل حجــارة تمثل واحدة من مهامك الكبيرة في جدولك اليومي ,والتي البد أن تنجزها .ثم اسكب الرمـل علـى الحجارة ,ماذا سيحدث؟ سترى بأن الرمل أخذ وضعا مناسبا له بين
24 of 11Page
الحجر ,وأنت تسكب الرمل بين الحجر ,تخيل أن كل حبة رمل تمثل موقفا وتصرفا ومهمة صغيرة تقوم بها في يومك. التجربة الثانية :وهي قلب الوضع بين بداية وضع الحجارة والرمل ,هذه المرة أبدا بوضع الرمل أوال ,ماذا ستجد؟ تجد أن الحجارة لم يعد لها موضعا في اإلنــاء ,وإذا حاولت تكديسها فوق بعضها ,لوجدت أنها أمام أي حركة بسيطة ســتقع ,وربمــا وقعت على قدمك فأدميته. أليس في هذا مثال عملي على أن اإلنسان المتميز المتطلع إلى األفضل ,ينبغي عليه أن ينظر إلى أيام حياته على أنها وعاء زمني ,وأنه سوف يرتفع عند هللا ,ثم عند نفسه ,وعند الناس بمقدار مـا يضــع مـن إنجازات ونجاحات في أيام حياته .وعليه أن يراعي أن يبدأ بملء وعائه بالمهام الكبيرة؛ لتأخذ مكانها الهادئ المستقر الذي ال تزعزعه المــؤثرات المنغصات ,وليترك لمنافعه وملذاته ,ولصداقاته ,ولعالقاته العامة العفوية فرصـــتها فـي حياته ,وستأخذ نصيبها بشكل مرضي كما أخذت حبات الرمل فرصــتها بيـن أكـوام الحجر. لقد أتاحت لي العالقة مع الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي ,مجاال لإلطالع على برنامجه اليومي بعد أن تقاعد من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة ,وكان برنامجه مثاال لالحتذاء فقد أثمر عن شخصية ناجحة ,بل تحول بفضل االلتزام بتنظيم الوقت إلى مدرسة للنجاح في عدة ميادين علمية وميدانية ,فهو اآلن أحد أعالم العربية على الصعيد العالمي ,وعالما دينيا بارزا ,ومفكرا ,وكاتبا ,وأديبا بارعا ,عاش الدراسة الدينية في أرقى منازلها العلمية ,ومارس الحياة األكاديمية وكان في الطليعة المميزة بين أعضاء هيئة التدريس فيها ,برنامجه اليومي يبدأ والعالم من حوله يغط في سبات عميق ,عدا أمثاله من الناجحين ,فهو يستقيظ باكرا ,قبل الفجر بساعة ,أو ساعتين ويشرع في برنامج عبادي ,وبحثي حتى تشرق الشمس ,بعدها يتناول اإلفطار ,ثم يطلع على الصحافة المحلية ,بعدها يواصل مشوار بحثه حتى الظهيرة, وبعد صالة الظهر والعصر ,وأخذ قسط من الراحة وتناول الغداء ,يفرغ ألبنائه وأحفاده وأسباطه ,عصرا وحتى الغروب ,وبعد صالة المغرب والعشاء يستقبل زواره بشكل منتظم حتى الساعة التاسعة ليال ,ثم يخلد للنوم استعادا ليوم آخر حافل بالنجاح واإلنجاز ,وبفضل هذا البرنامج ألف من الكتب والمراجع العلمية ,ما يربو على ستين كتابا ,ولعل برنامجه يشتمل على نظام يشترك فيه العديد من الناجحين, وذلك القاسم المشترك هو إيداع أكبر إنجازاته في وعاء يومه قبل كل شيء ثم يتفرغ لألمور االعتيادية المطلوبة منه كأب مع أبنائه ,أو كعالم بين رواده من الباحثين, والمثقفين. الملفت في تجربة الشيخ الدكتور ,أنه استطاع أن يطبع أفراد عائلته ببرنامجه, واستوعبوها جيدا فرس الته في الحياة معلنة لدى الجميع ,بل والكل يعلمها ويقدرها, 24 of 14Page
ولذا يسعون بتهيئة الظروف إلنجاحها ,وقد حدث أن عشت واحدة من المواقف الكاشفة عن هذا األمر. ففي إحدى الليالي التي كنا نتردد عليه في المنزل ,وكان كعادته عالما ,رائعا في عرض معلوماته مهاما تنوعت من حيث المشرب الفكري ,طال بنشأتها الزمان أو قصر ,حيث له من الذاكرة والرصد الدقيق ,لألحداث قديمها وحديثا بشكل ملفت, وقد ازدحم المجلس بالحضور ,وزادت المشاركات والمداخالت من الضيوف ,ما أدى بالجلسة أن تزحف على موعد ختام برنامج االستقبال اليومي المقرر سلفا ,فما كان من ابنه األستاذ فؤاد إال أن اعتذر بطريقة لبقة كعادته ,موضحا أن برنامج الشيخ قد انتهى وال بد أن يستعد للنوم. المهارة الثالثـة :إدارة الوقت هل سبق وأن رأيت بهلوان سيرك الكرات المقذوفة في الهواء على هيئة العجلة أثناء العرض؟ هل الحظت كيف تنشد له أعناق الحضور ,وهم في حــال مـن الــذهول و اإلعجاب؟ ألم يستطع أن يغزو محافظ نقودهم ,فجعلهم يشترون تذاكر الدخول كمـا غزا مشاعرهم وكسب رضاهم؟ أتعلم ما السر في هذا النجاح؟ السر هو نجاحه في إدارة وقته عند قذف الكرة ,الستالم األخرى ,وهكذا بحيث لو أخرها جــزء مــن الثانية لسقطت الكرات ,وسقط إبداعه معها ,نعم بإمكانه جمعــها مرة أخرى ,إلعادة الكرات للعب مرة أخرى ,لكن لن يجد جمهورا ,كمــا لو كان في قمة إبداعــه وفنه. أنت أيها التواق إلى النجاح بإمكانك أن تشغل وقتك بما ينفعك ,وتشغل الـدنيا معـك أيضا بجودة إنتاجك .انظر إلى تجربة الدكتور سامي حسن حمود مصمم برنــامج "المرابحــة بأمر الشراء" البديل اإلسالمي للمقترضين من المصارف دون الخــوض في شبهة الربا بأي حال من األحوال ,ترك البنك األهلي األردنـي بعد عشرين عاما من العمل في المصارف الوضعية ,لينصر المنهجية اإلسالمية ,وفعال تمكن من ذلك ,وأداته التي صممها للمصارف اإلسالمية تستخدم في عمليات التمويل المصرفية بنسبة تتراوح ما بين %75-61من عمليات البنك ,أو ليس هذا فيها إشـــغال للناس بالطاقــة بعدما أشغل نفسه بها ,يتحدث أستاذنا فضيلة الدكتور أحمد بن حسن الحسني -المشرف على أطروحتي في مرحلة الدكتوراه في تخصص االقتصاد اإلسالمي -عن تجربة الدكتور سامي تلك ,لما كان يحضر لرسالته في االقتصاد اإلسالمي في مصر ,وقد أخذ على عاتقه إيجاد مخرج لمسألة الوعد الملزم في عقد مرابحة اآلمر بالشراء ,هل أن الوعد ملزم ديانة ,وقضاء ,أم ديانة فقط, ومن صالح البنك أن يكون هذا الوعد قضاء حتى يتمكن من رفع دعاوى على العمالء الذين يأمرون البنك بشراء سلعة بصيغة المرابحة ,على أن يشتريها العميل بعد ذلك من البنك بمبلغ يشتمل على قيمة الشراء وربح معلوم لدى البنك والعميل, لكن بعض العمالء ال يفون بوعد الشراء من البنك ,وبالتالي تضيع كثير من حقوق البنك ,و المتمثلة في شراء السلعة ,ونقلها ,وربما تحتاج بعض السلع إلى التخزين في 24 of 11Page
ظروف معينة كالتبريد والحفظ من العوامل الخارجية ,وغيرها من المصروفات ,ثم ال يتمكنون من مقاضاة هذا العميل عند المحاكم ,يقول فضيلة الدكتور أحمد أن الدكتور سامي أنفق وقتا طويال إليجاد مخرجا شرعيا ,يتمكن من خالله القول بصحة المقاضاة في المحاكم ,وقد أضناه البحث أيما ضنى ,حتى كاد أن يفقد األمل, وقد طاول الليالي ,وأفنى الساعات ,واألدهى من ذلك أنه جعل سقفا له يتمثل في مجموعة كتب من التراث الفقهي ,فإذا لم يجد فيها الحل فمعنى ذلك أن مخرجا شرعيا ستخسره المصرفية اإلسالمية ,ولكن الحل جاء في آخر كتاب من الكتب المرصودة للدراسة والبحث ,ووجد فيه ضالته. والخالصة التي نخرج بها من هذه التجربة أن بعض االنجازات ال يمكن أن تجنى ثمرها إال من خالل منحها الوقت الالزم والكافي ,و إال ضاعت الجهود سدى ,أما ترى قول اإلمام علي عليه عليه السالم في هذا الصدد ماذا يقول" :ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بأرض غيره" ,أي أنه ال ينال منها شيء ,فتجربة الدكتور سامي كانت طموحة ولكن تحتاج إلى تكثيف الجهد في زمن أطول ,وعليه إذا كانت الطموحات كبيرة فلتمنح الوقت الكافي لها.
المحور الثالث :جــني الثمار هذا هو المحور األخير في نموذج النجاح ,تذكرون أننا تحدثنا عن محورين أساسيين أولهما :التفكير االستراتيجي ,و ثانيهما :حشد الطاقات ,واآلن جاء دور الحديث عن جني الثمار ,وهو مكمل لمحور حشد الطاقات من حــيث التطبيق ,فـي مقابل النظرية التي انفرد بها محور التفكير االستراتيجي . إن مرحلة جني الثمار ,مرحلة لها خصوصيتها فإن كان في تفكيره االستراتيجي عاش لحظات من الحلم والتطلع ,وهو على أريـكـة مريحة ,أو على ضفاف نهر دفاق ,وقد بدى على هذه المرحلة طابع رومانسي نوعا مـا ,فكانت أشــبه شــيء بــالحلم . وكذا إن كانت مرحلة حشد الطاقات اتسمت بالحركة ,والتعب ,والسعي الحثـــيث, وفيها ما فيها من الصراع ,فإن مرحلة جني الثمار ينبغي أن تكــون مرحــلة تتسم بالجمال ,واألريحية ,ألنها مرحلة إخراج النتاج إلى المستفيدين الذين طالما تطلــع الناجح أن يكون في أوساطهم . أجل ..إن الطبيب ال يستطيع أن يحقق حلمــه بتقديــم العــالج وتضمـــيد جــراح المكلومين إال إذا كان لديه مرضى ,والمدرس لن يستطيع أن يستشعر قيمة التعليم, والتربية الفكرية ما لم يتواجد في وسط تالميذ ,بل وحتى األب ال يمكن له أن يحمل هذه المكانة إال بوجــود أوالد ينجبهم من صلبه ,إذ ال يكفي أن يتزوج وفقط . 24 of 12Page
وجميع هؤالء المستفيدين يهمهم الجانب األخالقــي والقيمي عند تقديـم السلعة والخدمة لهم ... ,يهمهم أن يكونوا في حالة رضا عن المنتِج والمنتج .فالطبيب ال يكفي أن تكون لديه معلومات طبية متقدمة ,بل البد أن يشعر المريض بحرص الطبيب على شفائه ,ويحفه بالسؤال المخلص ,ولالبتسامة في وجه المـريض وذويه ,في بعض المواقف أثر يفوق المراهم ليونة ونعومة ,كذلك األبناء اليهمهم فقط مسمى األبوة ,وأنهم غير أيتام من الناحية الشرعية ,فهم يتطلعون إلى أبوة حانية ينعمون بظاللها وفيئها ,وكالخيمة تجمع الشمل في حياة رغيدة العيش ,كـذلك الوالي والمـســئول عن رعاياه في كل مواقع المجتمع ,يهمهم اللطف والمعاملة الطيبة ,يقـول في هذا المضمار اإلمام علي في عهده لمالك األشتر ,وقد واله أمر مصر" :وأشعر قلبك الرحمة بالرعية واللطف بهم ,والحنان عليهم ,وال تكونن عليهم سبعا ضـاريا تغتنم أكلهم فإنهم صـنفان :إما أخ لك في الدين ,أو نظير لك في الخلق. إذن ال بد للمتطلع للنجاح أن يرعى الجانب األخالقي عند ممارسة رسالته بين مستفيديه ليجني ثماره التي طالما تطلع إليها وداعبت مخيلته صورتها.
المهارة األولى :اإلتــــقان أظن أني قمت بتمهيد كاف للحديث عن أهمية مهارة إتـــقان المخرجات النهائـــية للمستفيدين ,ألنها تمثل روعة وجمال الطبق الذي تنطبع عليــه البصمــة العقليــة للناجح في الحياة ,والتي هي بحق الوجه النهائي الذي سوف يــراه المستفيد, ويتفاعل معه ,فهو ال يعلم كم جاهد الناجح في تفكيره ,وسعيه ,وكفاحه ,لكــن يعلم تماما ما هي مخرجات ونتائج الناجح ,هل هي جميلة وممتعة تسر الناظرين؟ أم قبيحة تثير السخط واألسف على الجهود التي ضاعت سدى عنــدما كــان هـذا المسكين في مرحلة تفكيره االستراتجي ,وحشده لطاقاته؟ وهذه الصورة بكل حق هي ما تبقى في ذاكـرة المستفيدين من نتاجات العاملين ,ومن خالل مستواها يحكم على جودة حياة المنتج من سوئها. الجيد في األمر أننا نرى أحدى أبرز نتاجات الناجحين في مجال اإلدارة طبقت هذه المفاهيم ,و أخذت حظها من النجاح بشكل كبير ,ولم تبق فقط فكــرة جميلة في ذهــن صاحبها وصفق لها المستمعين والقراء بجودة تنظيرها ,ال ...بــل اســتطاع أن يجني ثمارهـا اقتصاديا وبشكل مروع للمداخل اإلدارية التقليدية األخرى ,مما دعاهم أن يأتوا ليتعلموا فلسفتها وكأنهم لم يتعلموا من قبل ,كل ذلك لينقذوا واقع مؤسساتهم من تنافسية قاتلة ستودي بهم نحو اإلفالس والضياع ,وهذا المنهج ليس بجديد علــيك فقـد نوهــت عنــه فــي الصفحات السابقة عند الحديث عن المحور األول ,إنه مدخل إدارة الجودة الشاملة ( )T.Q.Mذلك المـدخل الـذي اعتمد منهجية عمادها يقوم على تحقيق رضا العمـالء وتجاوز توقعاتهم ,والذي دعاني
24 of 12Page
الستعراضه في هذا الموضع من الكتاب إنما من أجل أن أوضح طبيعة فلــسفته في تحقيق اإلتقان. إن إدارة الجودة الشامـلة ,إذ تتطلع لإلتقان تدرك تماما أن اإلتقان المتـطلع إليه في منتجها ال يمكن أن يتحقق إذا تم التركيز عليه في المراحـل النهائية لإلنتـــاج فقط, ولو فكروا في ذلك ,فإنهم لم يأتوا بجديـد في عالم الجــودة التـي ال زمـت الـذوق اإلنسانــي منذ القدم ,كما دلت عليه شرائع حمورابـي ,ونقوشات الحضارة اإلنسانــية في بالد الرافدين ,وأرض الكنانة على يد الفراعنـة ,إن اإلضافة التي تعتبر بالنسبة لهم كبصمة عقلية خاصة ,هو أنهم صـمموا برنامجا ال يقتصر عــلى الجــودة فــي مراحلها النهائيـة فقط ,بل يعتنون بالجودة في جميع مراحـل اإلنتاج منذ البدايـة وحتــى النهائية ,بحيث أنهم خلصوا إلى نتيجة مفادها ,أنه مادامت الجـودة تدب في أرجـاء المنشأة بدءا باختيار المشروع ,ومرورا بتوظيف العمال ,و شراء المواد األوليـة ,و انتهاء بمراحل اإلنتاج ,فإنه من المحتوم أن يخرج المنتج جيدا ,وبدون مبالغـة فهـم يعتنون بالتدريب؛ ليضمن كل فرد أن يؤدي دوره بإتقـان في كل المراحل ,وفي سـبيل ذلك ال يقتصر التدريب على فئة بل التدريب يبدأ من عامل النظافة وحــتى رئيس مجلس اإلدارة ,في كل اإلدارات :التوظيف ,والعالقات العامـة ,والمالية ,واإلنتاج ,والتسويق ,ولذا فإنهم يعولون على منهج إدارة الجـودة الشـاملة عنــدما يتطلعون إلى تحديــد وضبط مستوى مواصفات منتجاتـهم ,وضـمان صفرية الخطــأ فيها؛ وفي هذا المثال العملي دليل واضـح على أهمية انســجام المراحـل الثــالثة لتتمكن من تحقيق المستوى المطلوب وهي :التفكير االستراتيجي, وحشد الطاقات ,وجني الثمار . من هنا ندرك أعزائي سر غزو المنتجات اليابانيـة في األسواق بـهذه السـرعـة الهائلـة ,لكونهم نفذوا منهجـية إدارة الجودة الشامــلة ( ,)T.Q.Mوهي منهجية عمـادها يقوم على تحقيق رضـا العمـالء وتجــاوز توقعاتهم .من أجل هذه النتيجـة الهامــة في سيرة حياة الناجح ,ينبغي له أن يقدم عطاءه على أجمل طبق ,تذكرون أننا كنا نتكلم عن البصمـة العقلية للنـاجح عند صياغة أفكاره بشكل استراتيجي, وأهميـة موائمة الوعـاء الذي تنطبع عليه تلك البصمة من حيث الصفاء و الجودة, من أجل ضمان وضـوح خطوط ومسـارات تلك البصمة ,واآلن فـي هذا المحور نشتــرط شرطا آخر غير الصــفاء والموائمــة ,نشترط جمال الوعاء الذي يقدم فــيه النــاجح نتاجــه ,ينبغي أن يكون ذا روعـة وجمال يسر الناظرين ,يستطيع أن يعيش بأفكاره ونتاجه مع مســـتفيديه على نحو يكون فيه مصداقا لقول أحد الرائعين في وصف العالقات اإلنسانــية ( :خالطـوا الناس مخالطة إن عشتم معها حنوا إليكم وإن متم بكوا عليكم ). بقي جانب ال بد من إثارته عند الحديث عن اإلتقان في حياة الناجحين ,تتمثل في أن هناك عالقة طردية بين جودة النتاج وسعة دائرة انتشاره؛ فكلما ارتفعت جودته, 24 of 11Page
اتسعت دائرة انتشاره ,لتصل إلى دوائر منظورة في بداية إخراجها إلى حيز االستفادة منها بشكل اجتماعي ,وال تلبث كذلك حتى تتسع ,وتتسع ...أكثر وأكثر؛ لتصل إلى أفراد ال نراهم وال نعلمهم ,فهم سيستفيدون منها ,بكل رضا ,وسعادة, كما تتسع دائرة الحجارة إذا رميتها في بركة ماء ,نعم قد نشاهد الموجات المائية التي تحدث بعد أن تغوص الحجارة في أعماق الماء ,ولكن لكثرة تداعيها واتساع دائرتها فإن الدوائر تواصل ابتعادها عن مصدر حدث تلك الموجات ,ال نراها ولكنها حتما تواصل انتشارها ,وهكذا نتائج عمل المبدعين إذا أخلصوا في صياغة منتجات عقولهم ,ومن تلك اإلبداعات المؤثرة تجربة الدكتور رمزي بن علي السليمان استشاري طب العيون في مستشفى الملك فهد في األحساء ومستشفى الجبر، ال أظن أحدا جربها قبله فهي بصمته الخاصة في عالم الدراسة والتتلمذ ،يقول لما تخرجت من الجامعة ذهبت ذات يوم إلى مركز خدمة الطالب التي كنت أتردد عليها أمام بوابة الجامعة خالل دراستي ،وإذا بأحد الطالب يطلب مذكرة دراسية باسمي، فاستغربت ما الذي دعاه يطلبها في هذا التاريخ من بعد تخرجي حيث مضت مدة تزيد عن ست سنوات ،فسألت البائع عن ذلك ،فقال لم ينقطع الطلب على هذه المذكرات ،منذ عدة سنوات ،والسر يعود في آلية إعداد هذه المذكرة ،فهي من إعداده الخاص وليس أستاذ المادة ،فقد كان يحضر لدروسه قبل دخول المحاضرة، وتحضيره في أوراق مكتوبة ،ثم يستمع لما يقوله المحاضر ،ويدون أهم النقاط الجديدة أو التي يلتبسها غموضا لم يفهمه خالل التحضير ،وإذا عاد إلى المنزل جمع ما حضره ،وما دونه من المحاضر ،وإعادة كتابة ما يلزم ذكره من أصل مادة الكتاب ،ويكون بذلك كتابا جديدا ،ولشدة عنايته بإعداده كان يلجأ إلى مركز خدمة الطالب لتصوير الرسومات والصور التي تعج بها بعض المقررات ،ويقوم بتثبيتها على المذكرات في مكانها الطبيعي من الشرح والتعليق. هذا من ناحية إعداد المذكرات ،ويظل على هذه الحالة طيلة أيام األسبوع عدا نهايته يومي الخميس والجمعة ،حيث في هذين اليومين يتفرغ لدراسة ما كتبه طيلة األيام السابقة ،وهكذا طيلة الفصل الدراسي ،عمل دراسي في المنزل أكثر من الجامعة، ولكنه أفاد بأنه ليلة االختبارات على صعوبة وكثرة أوراق مقررات الطب ،كان يمضيها في الترفيه والنوم المبكر ،وزمالؤه في حالة ذهول مما يصنع.
المهارة الثانــية :اإليجابيــة أنت اآلن في موقع يؤهلك ألن تدعو الجميع ألن يتذوق إنتاجك؛ ألنك ناجــح مــتقن, ومن سيرة الناجحين أنهم يفرحون لجودة منتجــاتهم ,ويتوقعون المكافأة عليها ,وإذا لم يجدوا من يكافئهم فهم ال يترددون في مكافأة أنفسهم بذلك ,وما دام األمــر كــذلك لماذا ال ترسم ابتسامـة على شفاه حزيــن ,وتمد العون لمحتــاج ,وترشد تائــه أو جاهل ,وتدعو إلى الخير كل ذلك من واقع تخصصك ورسالتك في الحياة؟ فهذه ليست من اختصاص أفراد جمعية البر ,فأنت كطبيب ,ومهندس ,ومعلم ,ومعلمة, 24 of 17Page
وكاتب ,وحارس ,تقوم بها من واقع االختصاص والمهنة ,وذلك بتقديم خدمتك لجمهورك الذين يمرون في طريق رسالتك الوظيفية في الحياة ,إذا قمت بهذه األدوار سوف تشعر بقيمتك كناجح ,أما تسمع قول أحدهم كيف يتضرع إلى هللا بأن يمنحه المزيد من الفرص لكي يخدم الناس حيث يقول زين العابدين" :اللهم أجر الخير عـلى يــدي للناس" ,ألن من شروط النجاح هو ممارسة الناجح لملكاته في وســط جمهــوره ,وسعادة هذا الصنيع على قلب المخلص ال تقل عن سعادة مكافأة الناجح لنفسه ,ومن يمارس هذا األمر يدعى إيجابيا ,غـير أن البعض يرى حدودا أخرى لإليجابية تأخــذ بعدا إنسانيا أعمق من األمثلة السابقة ,إنه يرى أن اإليجابية هي" :اتخاذ القرار /أو تقديم الصنيع األفضل في الوضع األسوأ" ,يعني أن اإليجابي هو مــن يكــون فـي وضع يتوقع منه أن يرد بالمثل على من أخطأ في حقه وإذا به يعامــله بالحســنى. ممتثال قوله تعالى " :ادفــع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنــه ولـي حميم ". دعني أفصل لك مشاعر اإليجابي لتدرك كم هو سعيد ,ويســتحق أن يدرج في قائــمة الناجحين. اإليجابي كغيره يعيش ماضيه ,وحاضره ,ومستقبله ,وله تجاه كل هذه األزمــنة مشاعر مناسبة .إنه فخور بماضيــه ,ومتحمس لواقعه ,ومتفائــل بمســـتقبله ,بعكس السلبي ,تجده نادم على ماضيه ,ومتذمر من واقعه ,متشائم من حاضره. اإليجابي إذ يفتخر بماضــيه؛ ألنه يراه مستودع تجاربه و إن ضـم بعض المواقــف التي يسمــيها البعض فشال فهو ينظر إليها على أنها تجارب غير منتجة لما يريــد , وال يسميها فشـال ألن استشعار الفشل بالنسبة إليه برمجــة سلبية لعقله الباطن ورسائل محبطة عليه أن يتخلص منها كلما حاولت الوصول إليــه . واإليجابي إذ يتحمس لواقعه؛ ألنه يرى نفسه في واقعه وأحد الحكماء يقــول" :يــا ابن آدم إنما أنت سويعات ,إذا ذهبت ساعة ذهب جزء منك" ومن كان حاله كذلك, ال بد أنه ســيكون حريص على عدم ضياع نفسه كمن يتحمس في الدفاع عن نفســه وماله وعرضه إذا تعرض للخطر. واإليجابي إذ يتفاءل بمستقبله؛ ألنه يظن باهلل خيرا ,ومن كان هذا شأنه فسوف يعطيه مالك الوجود الخير كله ,أما تسمع الحديث القدسي حيث يقول" :أنــا عنـد حسن ظن عبد بي" ,وصدق من قال" :تفاءلوا بالخير تجدوه ". هل سمعت بقصة ذلك المحسن الذي دعا مواله ليأتيه بماء فلما أحضر المولى المــاء سقط اإلبريق على سيده ,وكان الماء حارا ,فما كان مـن المولـى إال أن بــادر باالعتذار عما فعل باآلتــي: 24 of 18Page
قرأ آية من القرآن قوله تعالى :والكاظمين الغيط فرد عليه سيده قائال " :كظمت غيظي" بعدها قرأ المولى قوله تعالى" :والعافين عن الناس". فقال السيد ":عفوت عنك". بعدها قال المولى مذكرا أيضا بقوله تعالى" :وهللا يحب المحسنين". فقال السيد" :اذهب فأنت حر لوجه هللا". نعم آيــة واحدة من القرآن" :والكاظمين الغيظ والعافين عـن النــاس ,وهللا يحـب المحسنين" كافية ألن تكون سببا في عتق عبد و تحقق سعادته بالخروج من عالم العبوديــة إلى عالم الحرية ,وهذا بالفعل ما يدعى باإليجابيــة. ومن أبرز سمات اإليجابيين في مرحلة إخراج النتائج أنهم يتسمون بالمرونة في اختيار أو قبول المجال الذي سيتحركون من خالله إلى جمهورهم ,ولوال تلك المرونة ألدى ذلك في بعض الحاالت إلى هدر كل الطاقات واإلمكانيات التي استثمروها في بناء ملكاتهم ,بل ولشدة جاهزيتهم لممارسة تلك المرونة ,ترى البعض منهم يتحول من مربع إلى آخر من أجل اكتشاف الذات من جهة ,والسعي نحو االختيار الدقيق للموقع الذي يوظف من خالله الملكات جميعها ,وإن تنوعت أو تباينت من جهة أخرى ,حتى تغدو بعض اإلنجازات نوعا من التركيب الفريد ,الذي يميز صاحبه وتجربته ,ومن تلك التجارب التي اشتملت على العديد من الملكات المتباينة في بعض منها ولكن صاحبها استطاع أن يحقق نجاحا في ترجمتها وبشكل مميز ,تجربة الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم ,تعرفت عليه من خالل قراءة أحد بحوثه التي شارك بها في إحدى المؤتمرات المنعقدة تحت مظلة منظمة المؤتمر اإلسالمي ،في مجال التورق ،لفت انتباهي قدراته العلمية ،مقارنة بما طرح في المؤتمر المذكور ،وقد خرجت بانطباع عنه أنه باحث جاد في المجال الشرعي ،لكن المفاجأة عندما وجدت اسمه على إحدى مكاتب بنك التنمية اإلسالمي في جدة ،خالل إحدى زياراتي له ،وكما هو معلوم بأن من يتبوأ موقعا في البنك اإلسالمي للتنمية يفترض أن يكون ممن بلغ درجة التخصص في مجال المصرفية والتمويل اإلسالمي، وشرط آخر أن يجيد لغة أجنبية حية ،هذا في حدود توقعي ،وقد سعيت للدخول عليه للتحقق من طبيعة تخصصه ،وفي أي جامعة تخرج ،وكيف استطاع أن يجمع بين الجنبة التخصصية في العلوم الشرعية ،والعلوم االقتصادية ،ووظيفته آنذاك ،وإذا بالمفاجأة تزداد عندما صرح لي أنه كان متخصصا في مجال العلوم ،في بداية دراسته الجامعية وذلك عام 1287م ،بعدها حصل على ابتعاث للدراسة في أمريكا، نال خاللها درجة الدكتوراه من جامعة واشنطن بسانت لويس عام 1222م ،ولما عاد 24 of 12Page
إلى الرياض عمل في مصرف الراجحي وحصل له أن عمل مع اللجنة الشرعية في المصرف ،ولكثرة مخالطته لهم تكونت لديه حصيلة علمية شرعية مكنته من أن يطور معارفه االقتصادية في مجال التمويل اإلسالمي ،ولما سألته عن هذا التنوع متى بدأ؟ وكيف انتهى لما عليه الحال؟ ،أجاب :بأن الفرد يمكن أن تأخذه األيام إلى عدة سواحل من المعارف والمهارات ،لكن على الجاد في اكتشاف نفسه وطاقاته ،أن يبحث عن موقع مالئم على خارطة إمكانياته ،يخرج بقاسم مشترك على ذلك الموقع لجميع مالديه من ملكات ،ويعمل على تطويرها بشكل تكاملي ،وبالنتيجة سوف يخرج بمنتج فكري خاص يمكنه من تحقيق ذاته ،ويضع بصمته الخاصة به في الحياة. ويبدو أن مجتمعنا يزخر بالقادرين على ممارسة هذا النوع من الجمع األكاديمي في تخصصات متباينة ,لكن الفرق فيمن يعلق الجرس ,ومن يبادر لذلك وإن حالت الظروف دون ذلك ,بل ربما يصل به الحال أن ال يتردد في اقتحام المجهول ,حتى يصل مناه ,و تجربة الدكتور إبراهيم بن عبدالرسول محمد الخرس تجسد هذه الرغبة الجامحة نحو التميز على أرض الواقع. لقد أنهى الدكتور دراسته في جامعة الملك سعود بالرياض ,وحاز على درجة البكالوريوس ثم الماجستير في طب الصيدلة بتقدير ممتاز ,غير أن طموحه نحو الدرجات العلمية العليا كان أقوى من ظروف أحاطت به ,كادت أن تجعله كأقرانه من الخريجين ,فلديه تصميم أن يحصل على درجة الدكتوراه من أحد الجامعات األمريكية ,إال أن المعوقات كانت أمامه أشبه بالطوفان ,فبرامج االبتعاث كانت مقتصرة على منسوبي الجهات التعليمة تقريبا ,فما كان منه إال أن أجرى تواصال مع جامعة واين في مدينة ديترويت بوالية متيشغان األمريكية ليلتحق بها ,وخالل تداوله موضوع الدراسة مع أساتذة الجامعة التي سيدرس فيها ,وجدوا لديه مكنة علمية كبيرة ,على أثرها تقايضوا معه على أن يقوم بدور مدير تنفيذي ألحد مشروعات الجامعة ,في مقابل أن يدرس لديهم بنظام الوقت الجزئي ,وفعال أنهى دراسته هناك ,ومن اللطيف في األمر أنه كان يذهب إلى البحرين بين الفينة واألخرى ليتابع بريده االلكتروني من هناك ,وليتواصل معهم شفويا ,عبر شبكة االنترنت ,حيث لم تدخل الخدمة بعد إلى المملكة آنذاك ,وعاد منها بالدكتوراه في مجال تطبيق إدارة الجودة الشاملة في حقل الصيدلة ,وتمت معادلة الشهادة من قبل وزارة التعليم العالي في المملكة بالدكتواره في نفس التخصص , ,وعلى أثرها عرضت عليه بعض الجامعات السعودية فرصة العمل معها ,لكن بريق أمل آخر في مجال األكاديمية قد الح في األفق ,حيث تم افتتاح برنامج الملك عبدهللا للدراسة في الخارج فما كان منه إال أن أكمل مسوغات ابتعاثه ,واستقال من عمله في مستشفيات المانع ,ليذهب مرة أخرى إلى الواليات المتحدة األمريكية ليحضر شهادة دكتوراه ثانية في مجال االقتصاد من جامعة فلوريدا ,ليعود مرة ثانية إلى مستشفيات المانع كمؤسس ألكاديمية خاصة بمستشفيات المانع ,وهنا يكون سر اإلبداع في صياغة التجربة وفق متطلبات الميدان ,لقد جمع عدة أبعاد تخصصية :واحدة في الصيدلة, 24 of 21Page
وأخرى في اإلدارة ,وثالثة في االقتصاد ,ليكون بذلك مكونا نادرا ليأخذ به منصبا نادرا أيضا كصاحبه.
المهارة الثالثــة :االتصال الفعال أنا وأنت من السعداء ألننا نبصر األِشــياء ,ونســمع األصوات ,ونحس باألِشـــياء, ونتكلم مع اآلخرين ,فالبصر ,والسمع ,والحس ,والكالم نوافذنا على اآلخرين فلنتخاطب ونتواصــل فيما بيـــننا وبينهم عـبر هذه المنافــذ بأفضل ما تكون عليه الخطابات من فعالية وكفاءة ,حيث يراد بالفعالية أن نؤدي بقليل من استخدام تلك الحواس الكثير من النتائج ,أما الكفاءة فيراد بها أن يكون هذا المنتج الكثير الذي ننتجه من استخدام تلك الحواس يتسم بالجودة واإلتقان ,ومن يحرص على أن يكون إنتاجه غزيرا وفي نفس الوقت متقنا وجيدا ,فهذا النجاح بعينه ,ولعمري هذا ما يميز الناجح عن غيره ,ألن الجميع لديه هذه الحواس ولكن الفرق هو في كم المنتج وجودته ,ولعل أبرز ميدان لتوظيف الناجح لهذه الحواس تبدو في قراءة نجاحات اآلخرين ,أو من أجــل إيصــال نجاحاته إلى الغــير. إن مما الشك فيه أن الناجح لم يصل إلى درجة النجاح ,ألنه استطاع أن يعيد صناعة عجلة قام بصنعها ناجح قبله ,وإنما نجح ألنه استطاع أن يستفيد من تجارب الناجحين ووضع بصمته الخاصة التي تميزه عمن سبقه ,وبذلك استطاع أن يحقق ذاته .وعليه فإن الناجح عادة ما يقف في خضم تجارب الناجحين ,في مرحلة استقبال وإرسال ,يعمل ضمن نظام منفتح على تجارب اآلخرين ومصدر لنتاجاته إلى العالم الخارجي ,وجميع هذه الفعاليات التي تمر بها عملية االتصال ,سواء بينه وبين من سبقه ومن يأتي بعده ال يمكن أن تمر دون حاسة من الحواس :سمع ,أو بصر ,أو سمع ,أو لمس ,أو نطق ,وبمقدار ما يوظفها بشكل منظم ومدروس بمقدار ما يعظم إنجازاته في عالقاته مع الغير ,وبمقدار ما يعطل منها من قنوات ,بمقدار ما يراوح مكانه ,والزمان يجري ,ورصيد األيام والساعات تنفد ,ولهذا قال بعض أهل العقل والمنطق من فقد حسا ,فقد علما. الحديث عن التواصل يطول ألنها المحطة األخيرة في عمل الناجح منذ نعومة أظفاره ,فهو لم يتعلم إال من أجل أن يمارس ,ويترجم ما تعلمه إلى واقع ملموس, وغالبا ما يكون نتاجه ذاك يستلزم أن يكون في حضور اآلخرين سواء كانوا وجها لوجه كما هو حال األطباء ,والمعلمين ,وأئمة الجماعة في الصالة ,والخطباء ,أو يكون المنتج عن بعد كما حال بعض التخصصات الهندسية ,واإلنتاجية ,حيث تعامله في البعض منها مع آالت صماء ,لكن النتيجة في جميع الحاالت ,سيرى الناجح أنه في مسار تواصل مع اآلخرين من خالل منتجاته ,سواء كانوا بشكل مباشر أو غير مباشر ,وعليه في هذه المرحلة الحساسة من مسار حياته عليه أن يتوخى الدقة في
24 of 21Page
خدمة جماهيره ,ويسعى لتحقيق رضاهم ,وإسعادهم ,بشكل يتجاوز توقعاتهم ,ألنهم نوافذه في الحياة ,وبموجب ما ينتجه لهم سيقاس مستوى نجاحه في الحياة.
هذا والحمد هلل رب العالمين
24 of 24Page