الناجحون

Page 1

‫الناجحون‬ ‫تجارب وعادات‬ ‫الدكتور‬ ‫محمد بن جواد الخرس‬ ‫الطبعة األولى‪1211:‬م – ‪4114‬م‬ ‫‪24 of 1Page‬‬


‫الفهرس‬ ‫الناجحون‪ :‬تجارب وعادات ‪1 .................................................................................................‬‬ ‫هل النجاح وليد الحظ‪ ،‬أو الصدفة؟ ‪2 .............................................................................................‬‬ ‫محاور النجاح ‪7 ............................................................................................................‬‬ ‫المحور األول ‪ :‬التفكير االستراتيجي ‪7 ......................................................................................‬‬ ‫المهارة األولى ‪ :‬كسب األصدقاء الناجحين‪11 ................................................................................ .‬‬ ‫المهارة الثانية ‪ :‬العصف الذهني ‪17 ..............................................................................................‬‬ ‫المهارة الثالثة ‪ :‬تحديد األهداف ‪44 ............................................................................................. :‬‬ ‫المهارة الرابعــة ‪ :‬التخطيط‪42 ....................................................................................................‬‬ ‫المحور الثاني ‪ :‬حــشـد الطاقات ‪41 .........................................................................................‬‬ ‫المهارة األولى ‪ :‬التـــركيز‪41 .....................................................................................................‬‬ ‫المهارة الثانيـــة ‪ :‬ترتيب األولويات ‪42 ..........................................................................................‬‬ ‫المحور الثالث‪ :‬جــني الثمار ‪12 ..............................................................................................‬‬ ‫المهارة األولى‪ :‬اإلتــــقان ‪12 ......................................................................................................‬‬ ‫المهارة الثانــية‪ :‬اإليجابيــة ‪17 ....................................................................................................‬‬ ‫المهارة الثالثــة‪ :‬االتصال الفعال ‪21 ..............................................................................................‬‬

‫‪24 of 4Page‬‬


‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬

‫مقدمـة‪ :‬أن تفكر بشكل استراتيجي في ما هو داخل بيئتك الداخلية من قوة وضعف‪ ,‬أو ما هو‬ ‫واقع في بيئتك الخارجية من فرص ومخاطر‪ ,‬فتلك الخطوة األولى على طريق النجاح في‬ ‫الحياة‪ ,‬يلزم بعد ذلك أن تحشد طاقاتك وقواك؛ لتفعلها وذلك بتعظيم منافعك‪ ,‬واالبتعاد عن‬ ‫المخاطر‪ ,‬من خالل المبادرة وتقديم المهم على األهم‪ ,‬مع التركيز واإلخالص أثناء إنجاز تلك‬ ‫المهام‪ ,‬وذلك في منظومة زمـنية معدة مسبقا‪ ,‬مع مراعاة أن تقدم إنجازاتك تلك لنفسك‪,‬‬ ‫ولآلخرين في إطـار مـن اإليجابية‪ ,‬وبشكل متقن ‪.‬‬ ‫عزيزي القارئ‪ :‬إذا كنت ممن ينجز أعماله تحت مظلة هذه المحاور‪ ,‬والمهارات اإليجابيــة‬ ‫المدرجة فيها فإنك أحد الناجحين الذين يستحقون الحياة‪ ,‬كما أنك تستحق أن تتولى قيادة غيرك؛‬ ‫لتنشر مفاهيم النجاح من خالل مواقعك في الحياة‪ :‬كأب‪ ,‬أو أم‪ ,‬أو موظف في مهنة تعليمية‪ ,‬أو‬ ‫صحية‪ ,‬أو بحثية ‪ ....‬إلخ ‪.‬‬ ‫وإن كنت من التواقين لنيل هذه المرتبة اإلنسانية المرموقة‪ ,‬فعليك أن تواصـل قراءة محاور هذا‬ ‫الكتاب‪ ,‬والعمل بجدية الكتساب مهارات النجاح؛ لتغـدو‪ ,‬ملكــات رائعة تزين جمال إنسانيتك‪,‬‬ ‫حيث كل محور تندرج تحته مهارات يلزم اكتسابها‪ ,‬وتلك المحاور والمهارات التي ستطلع‬ ‫عليها في هذا الكتاب كما يلي‪:‬‬ ‫المحور األول‪ :‬التفكير االستراتيجي‪ ,‬ومهارات هذا المحور هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬مهارة كسب األصدقاء الناجحين‪.‬‬ ‫‪ -2‬مهارة العصف الذهني‪.‬‬ ‫‪ -3‬مهارة تحديد األهداف‪.‬‬ ‫‪ -4‬مهارة التخطيط‪.‬‬ ‫المحور الثاني‪ :‬حشد الطاقات ومهاراته هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬مهارة التركيز‪.‬‬ ‫‪ -2‬مهارة إدارة الوقت‪.‬‬ ‫المحور الثالث‪ :‬جني الثمار ومهاراته هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬مهارة اإلتقان‪.‬‬ ‫‪ -2‬مهارة اإليجابية‪.‬‬ ‫‪ -3‬مهارة االتصال الفعال‪.‬‬ ‫هذا وهللا ولي التوفيق‪ ،‬وله الحمد والثناء‪.‬‬

‫‪24 of 1Page‬‬


‫هل النجاح وليد الحظ‪ ،‬أو الصدفة؟‬ ‫قبل أن أفتتح معك ملف النجاح‪ ,‬وكيفية اكتسابه دعني أسأل سؤاال محوريا‪.‬‬ ‫ترى هل النجاح وليد الحظ أو الصدفة ؟ أم أنه صنعة يمكن اكتسابها؟‪.‬‬ ‫الجواب ببساطة إنه ليس وليد الحظ وال الصدف‪ ,‬بل صنعة يمكن اكتسابها‪ ,‬نعم قد‬ ‫يحدث أن يكون إنسان حقق نجاحه في الحياة عبر الصدفة والحظ‪ ,‬ولكن يظل الحظ‬ ‫حظ‪ ,‬والصدفة صدفة‪ ,‬بمعنى أن كال منهما غير قابلين لإلنتاج‪ ,‬والتوفر عليهما عند‬ ‫الحاجة‪ ,‬وبالتالي ال يعول عليهما دائما عندما نكون تواقين إلى تحقيق النجاح في‬ ‫حياتنا‪ ,‬وال يمكن أن نضعهما ضمن مكونات خطة النجاح‪ ,‬فهذين العاملين دائما‬ ‫خارج سيطرة الفرد‪ ,‬وبالتالي ال يمكن التعويل عليهما‪ ,‬وما نحن بصدده في هذا‬ ‫الكتاب‪ ,‬هو السعي نحو وضع أقدامنا على طريق يؤدي إلى النجاح بشكل مضمون‪,‬‬ ‫إذا تم أخذ مشروع التحول إلى قائمة الناجحين على محمل الجد‪ ,‬وبمعنى آخر أن‬ ‫يكون عملنا عمال استراتيجيا‪ ,‬نزرع في الحاضر لنجني الثمار في المستقبل‪,‬‬ ‫والعملية ال تخفى على الناجحين الذين تربعوا مع أقرانهم على قمة من قمم النجاح‪,‬‬ ‫فهي سهلة‪ ,‬ال تستلزم في مسار الرحلة من معدات وتجهيزات غير القناعة بإمكانية‬ ‫تحقيق ذلك الهدف‪.‬‬ ‫وإليك واحدة من الصدف التي نادرا ما تجود بها األيام‪ ,‬حيث من الصعب توفير‬ ‫أمثال تلك الصدفة المردوفة بالحظ‪ ,‬ما حدث لعبدهللا بوحليقة‪ ,‬أحد تجار حاضرة‬ ‫األحساء في النصف األول من القرن العشرين ميالدية‪ ,‬كان تاجرا معروفا في‬ ‫أسواق األحساء‪ ,‬حيث له في سوقها المركزي المعروف بالقيصرية محال كغيره من‬ ‫الباعة‪ ,‬لكن ذبابة ذهبية طافت أرجاء محله كغيرها من زميالتها التي يكثر انتشارها‬ ‫في واحة األحساء في بعض مواسم الزراعة فيها‪ ,‬حيث تشتهر هذا الحاضرة باتساع‬ ‫رقعتها الزراعية‪ ,‬و رواج تجارة األرزاق فيها‪ ,‬كأبرز سوق في الخليج العربي‬ ‫قاطبة آنذاك‪.‬‬ ‫تلك الذبابة ‪-‬وألقبها بـ "الذهبية" لطرافة ستعرفها الحقا‪ -‬حطت رحالها على خطاب‬ ‫حرره عبدهللا بوحليقة إلى مورد رئيسي في الهند يطلب فيه ‪ 1111‬كيلوا من مادة‬ ‫الزرنيخ‪ ,‬وهو مستحضر يستخدمه زبائن السوق‪ ,‬في إزالة الشعر‪ ,‬وأحيانا يدخل‬ ‫كمركب في عالج الجرب الذي يصيب الحيوانات‪ ,‬فما كان من تلك الذبابة إال أن‬ ‫‪24 of 2Page‬‬


‫ألقت بفضالتها أمام األصفار في الرقم ‪ 1111‬ليرتفع إلى ‪ 11111‬كيلوا من‬ ‫الزرنيخ‪ ,‬ولما أرسل الخطاب إلى المورد الهندي في الهند‪ ,‬استغرب؛ الرتفاع حجم‬ ‫الطلب‪ ,‬لكن ال حيلة له ألخذ العلم بجدية عبدهللا بوحليقة حيث ال هواتف جوال‪ ,‬أو‬ ‫شبكات انترنت آنذاك‪ ,‬والحال أن طالب الكمية تاجر معروف بأمانته ومصداقيته‪,‬‬ ‫فما كان من المورد الهندي إال أن أرسل الطلبية إلى ميناء العقير‪ ,‬ومنه إلى سوق‬ ‫األحساء‪ ,‬فهال عبدهللا بوحليقة كثرة الجمال الناقلة ألكياس الزرنيخ‪ ,‬بل وزادت تلك‬ ‫الحالة حيرة في أمره‪ ,‬ماذا سيصنع بهذه الكمية؟ وأي سوق يستوعبها؟ حيث حجم‬ ‫الطلب عليها منخفض جدا‪ ,‬واألدهى من ذلك أي المستودعات ستستوعب تلك‬ ‫الكميات؟ وكيف سيدبر دفع أجرتها؟ أسئلة لفت‪ ,‬ودارت في رأس عبدهللا بوحليقة‬ ‫مرارا وتكرارا‪ ,‬وعليه اآلن أن يدبر أمره‪ ,‬فما ترك مكانا يمكن تخزين الزرنيخ فيه‬ ‫إال واستخدمه‪ ,‬حتى فاضت جنبات مستودعاته به‪ ,‬وصار يضعه على جنبات‬ ‫الطرق‪ ,‬ومفارقها القريبة من محله ومستودعاته‪ ,‬ولكن الحظ ابتسم لعبدهللا بوحليقة‪,‬‬ ‫وحط ركابه في متجره‪ ,‬بعد صدفة الذبابة وفضالتها آنذاك أمام الرقم ‪ ,1111‬وذلك‬ ‫الحظ هو انتشار وباء الجرب في قطعان الجمال في البادية المحيطة بواحة األحساء‪,‬‬ ‫وزاد الطلب على الزرنيخ؛ لوصفته الناجعة في مكافحته‪ ,‬ونفدت الكميات من تجار‬ ‫األحساء‪ ,‬ولم يصمد أمام تزايد الطلب عليها غير مستودعات عبدهللا بوحليقة‪,‬‬ ‫فالكميات الوفيرة لديه‪ ,‬صارت هي المنقذ لحياة الجمال‪ ,‬فباع منها ما در عليه سيولة‬ ‫نقدية غير متوقعة أحالت الحاج عبدهللا إلى قمة من قمم الناجحين بشكل أكبر مما‬ ‫كان عليه‪ ,‬بل لعل هذه القضية كان لها دورا جوهريا؛ ليصبح أحد أبرز التجار في‬ ‫السوق‪ ,‬حتى لقد كانت متاجره كثيرا ما تكون مطمعا لعصابات السرقة‪.‬‬ ‫و السؤال الذي يتمخض عن سرد هذه القصة‪ ,‬ترى هل أحد من معاصري عبدهللا‬ ‫بوحليقة سعى الستنساخ تجربته؟ منتظرا لصدفة وفرصة تحيل حياته إلى جنة بعد‬ ‫جحيم‪ ,‬أو يرتفع من إلى قمم جبال سامقة بعد العيش طويال في الحفر‪ .‬طبعا الجواب‬ ‫بالنفي‪ ,‬نعم ‪ ...‬لقد ظلت تجربته قصة يتندر بها سكان الحاضرة طيلة سنوات عديدة‬ ‫من حياتهم‪ ,‬فهي حقيقة صدفة‪ ,‬وحظ اجتمعتا في تجربة نادرة‪ ,‬فهذين المكونين‬ ‫صعبي الوجود‪ ,‬بل يعدان من المستحيالت‪ ,‬عندما نريد الجمع بينهما في وقت واحد‬ ‫من أجل أن ننتج نجاحا‪ ,‬لكن في األمر سعة لو تدبرها العاقل‪ ,‬المتطلع للنجاح بشكل‬ ‫جاد‪ ,‬حيث بإمكانه أن ينتج النجاح ولكن بإرادة جادة منه‪.‬‬ ‫وإن كانت الثنائية بين أمرين ملحة على مزاج البعض وتعتبر حلما لديه‪ ,‬كصدفة‬ ‫وحظ‪ ,‬فليستبدلهما بثنائية من الممكن الحصول عليها‪ ,‬هما‪ :‬الجاهزية‪ ,‬والفرصة‪.‬‬ ‫نعم‪ ....‬ليعد نفسه إعدادا جيدا‪ ,‬بحيث يصبح في حالة من الجاهزية القتناص‬ ‫الفرص‪ ,‬وما أكثرها تلك التي تمر في حياته مرورا بطيئا‪ ,‬لكن ال تعود‪ ,‬فقد قال‬ ‫عنها سيد الحكماء‪ ,‬اغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب‪.‬‬

‫‪24 of 2Page‬‬


‫إن ما يريد تحقيقه هذا الكتاب في تجربة القراء‪ ,‬هو تحييد أمثال قصة عبدهللا‬ ‫بوحليقة ألنها حالة نادرة‪ ,‬وإن كان كال والبد من المكوث أطول في حياض تجربة‬ ‫بوحليقة‪ ,‬فلنأخذ منها الصورة الناصعة‪ ,‬ففي الحقيقة تجربته لم تكن مخاض اثنينية‬ ‫الصدفة والحظ‪ ,‬بل زاد عليهما ثنائية الجاهزية‪ ,‬واستغالل الفرصة‪ ,‬فلوال حنكته‪,‬‬ ‫وثبات عزمه‪ ,‬وحكمته‪ ,‬لضرب به الخوف من الخسارة‪ ,‬ما كان يفقده الصواب‪ ,‬في‬ ‫حسن التصرف‪ ,‬وعلى سبيل المثال أن يسعى إلى تصريف تلك الكمية عبر المزاد‬ ‫بأسعار زهيدة‪ ,‬أو أن ينشغل بكيفية التصرف فيها‪ ,‬ويذهل عن باقي السلع الرائجة‬ ‫في متجره‪ ,‬وهو كثيرا ما يقع لمن ليس لديه خبرة‪ ,‬ودراية بطرق النجاح‪.‬‬ ‫وفي ختام هذه المقدمة‪ ,‬أقول‪ :‬إن داعبت القصة أو مثيالتها مخيلة أحد‪ ,‬منتظرا‬ ‫واحدة مثلها تجود بها األيام على حياته وواقعه فذاك مع األسف ال يعدو أن يكون‬ ‫حلما كاذبا‪ ,‬ليس حقيقيا‪ ,‬حيث األحالم الحقيقية يمكن أن تتحقق‪ ,‬بل من النادر أن نجد‬ ‫نجاحا جاء من فراغ‪ ,‬أو ولد من رحم عقيم‪ ,‬فاألحالم الجادة مطلوبة‪ ,‬ومعول عليها كل‬ ‫التعويل‪ ,‬فكم فرد عادي أصبح رقما صعبا بفضل أحالم حقيقية داعبت مشاعره‪,‬‬ ‫وسكنت أرجاء كيانه‪ ,‬ما جعل حواسه‪ ,‬ومصادر تعلمه مرهفة‪ ,‬تلتقط كل معلومة من‬ ‫شأنها أن تأخذ به نحو طرق النجاح‪ ,‬فسار فيها حتى بلغ مناه‪.‬‬ ‫أما ترى كيف نظم أحدهم سلسلة عالقات بين الحلم‪ ,‬والمصير‪ ,‬فأوضح العالقة الوثيقة‬ ‫بينهما‪ ,‬الحظ وتأمل فيما يقول‪:‬‬ ‫راقب أفكارك ألنها تتحول أقوال‪.‬‬ ‫راقب أقوالك ألنها تتحول أفعال‪.‬‬ ‫راقب أفعالك ألنها تتحول عادات‪.‬‬ ‫راقب عاداتك ألنها تتحول طباع‪.‬‬ ‫راقب طباعك ألنها تتحول مصير‪.‬‬ ‫والذي يسعى له هذا الكتاب أن يقود ذوي األحالم الجميلة نحو النجاح كأجمل مصير‬ ‫ونهاية‪ ,‬يتطلع لها الفرد‪ ,‬واآلن دعونا نخوض غمار تلك المحاور ونبصر مهارتها‬ ‫الكفيلة بتحقيق كل محور تندرج تحته‪.‬‬

‫‪24 of 1Page‬‬


‫محاور النجاح‬ ‫المحور األول ‪ :‬التفكير االستراتيجي‬ ‫التفكير االستراتيجي‪ :‬عصف ذهني تجند فيه شتى الطاقات العصبيـة‪ ,‬مـن معارف‪,‬‬ ‫وخبرات‪ ,‬بهدف تحديد مواطن القوة والضعف الذاتية‪ ,‬الواقعة في بيئة اإلنسان‬ ‫الداخلية‪ ,‬باإلضافة إلى اكتشاف الفرص والمخاطر الواقعـة فـي بـيئـة اإلنسان‬ ‫الخارجية المحيطة به‪ ,‬وذلك من أجل تحديد المشكالت الحالية‪ ,‬والقضايا المستقبلية‪،‬‬ ‫و رصدها بشكل دائم والتعامل الجاد معها‪ ،‬بهدف التطور‪ ،‬و الصمود أمام حركات‬ ‫المنافسين الحاليين‪ ،‬أو القادمين‪.‬‬ ‫وفي سبيل تفعيل هذا المحور في حياتك‪ ،‬باعتبارك أحد التواقين إلى النجاح‪ ،‬عليك أن‬ ‫تكتسب المهارات التالية‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ .1‬كسب األًصدقاء الناجحين ‪.‬‬ ‫‪ .4‬العصف الذهني‪.‬‬ ‫‪ .1‬تحديد األهداف ‪.‬‬ ‫‪ .2‬التخـطيط‪.‬‬ ‫وقبل المضي قدما في الحديث عن هذه المهارات‪ ،‬دعني أحدثك عما يفترض أن يتم‬ ‫في حركة التفكير االستراتيجي‪.‬‬ ‫عادة ما يخرج من يمارس هذا النشاط العقل‪ ،‬بعدة أمور فاجعل نفسك أحدهم‪ ،‬ألنك‬ ‫إذا وضعت يدك عليها‪ ،‬وكتبتهـــا في ســجلك الخـاص‪ ،‬وحفظتها كما تحفظ نقودك!!‪،‬‬ ‫وهنا أعني ما أقول نعم تحفظها مكتوبة كما تحفظ نقودك من الضياع‪ ،‬وتنظر فيها بين‬ ‫الحين واآلخر؛ ألن فيها االستثمار الحقيقـــي لجميع طاقاتك وقواك‪ ،‬فإن هذا بال شك‬ ‫سيمنحك فرصة كبيرة ألن تجني لك ثمار السعادة من‪ :‬اطمئنان و مال‪ ،‬وأسرة‬ ‫ناجحة‪ ،‬وصداقة طيبة‪ ،‬وكل ما في الحياة من مــفردات اإليجابيـة والسعادة‪.‬‬ ‫أما الحصيلة المنشودة من التفكير االستراتيجي ما يلي ‪:‬‬ ‫أوالً ‪:‬تحديد رؤيتك ورسالتك في الحياة‪:‬‬ ‫حيث األول منهما جاذب " ‪ "PULL‬واآلخر دافع " ‪"PUSH‬‬ ‫فالرؤية ‪.VISION‬‬ ‫‪24 of 7Page‬‬


‫هي الصورة التي ترسمها لنفسك‪ ,‬وتتمنى أن تكون إياها في المســتقبل‪ ,‬ستكون لك‬ ‫غدا مرجع فلسفي يساعدك في الحكم على صحة تصرفاتك‪ ,‬و وجهات نظرك ‪,‬‬ ‫وفعالياتك في الحياة‪ ,‬وأي اإلنجازات مناسبا لك‪ ,‬وأيها غير مناسب؛ لترى بعدها‬ ‫أنك أنجزت رسم لوحة فنيـة بديعـة‪ ,‬متجانسة األلوان والخطوط‪ ,‬حقا لها أن تكون‬ ‫صدرت من إنسان مبدع ‪ ...‬ناجح في الحيـــاة هو أنت‪ ,‬هو أنت‪ ,‬نعم ‪ ...‬هو أنت‪.‬‬ ‫وإنما وصفت الرؤية ‪ VISION‬بالجانب الجاذب " ‪ "PULL‬ألنها بمثابة المجـال‬ ‫المغناطيسي لكل العناصر‪ ,‬والمكونات التي ينبغي أن تجذبها نحوك‪ ,‬ولتـرتبط بـك‬ ‫لتحقق حلمك في الحياة‪.‬‬ ‫أما الرسالة ‪.MISSION‬‬ ‫فهي تعنى بوضع التفاصيل الهامة لذلك الحلم؛ تمهيدا لدفعه إلى حيز الواقع‪ ,‬وعليه‬ ‫يتم في هذه المرحلة اإلجابة على تساؤالت عدة هي ‪:‬‬ ‫‪ .1‬ما هو منهجك في الحياة؟ (?‪.)What‬‬ ‫‪ .2‬من هم جمهورك؟ ومن سيتلقون نتاجك؟ وإبداعاتك في الحياة؟ (?‪. )Who‬‬ ‫‪ .3‬ما هي الكيفية التي ستمارسها لتقديم إنجازاتك في الحياة؟ ما هي القنوات‬ ‫المناسبة إلى جمهورك والمحيطين بك الذين تستهدفهم؟ (? ‪.)How‬‬ ‫‪ .4‬ما هي األسباب الرئيسية لوجودك في المجال الذي ترغب أن تصنع‬ ‫منجزاتك؟ ( ?‪. ) Why‬‬ ‫‪ .5‬ما هي نقاط القوة والتميز التي تمتلكها أنت و التي ينبغي أن تركز عليها؟‬ ‫‪ .6‬ما هي نقاط الضعف التي تقلل من انجازاتك‪ ,‬وتعرضها للضياع‪ ,‬أو تحجبك‬ ‫عن استثمار الفرص التي في بيئتك الخارجية‪ ,‬وبالتالي يجب أن تتخلص‬ ‫منها؟‬ ‫‪ .7‬ما هي المحركات الدافعـة لك بشكل إيجابي للنجاح في الحياة؟‬ ‫دعني أسهل األمر عليك‪ ,‬من خالل عرض نماذج لمؤسسات وضعت المهمة بجوار‬ ‫الرسالة‪ ,‬ووضحت بشكل جلي مرادها من المفردتين‪ ,‬المهمة ‪ VISION‬والرسالة‬ ‫‪.MISSION‬‬ ‫الرؤية في البنك األردنــي‪ :‬أن نكون البنك الرائد في األردن‪ ,‬وحيثما نتواجد فـي‬ ‫العالم‪ ,‬نتفوق في تلبية احتياجاتنا وتطلعات عمالئنا المالية والمصرفية‪ ,‬ونواصـل‬ ‫التطور و االرتقاء بخدمتهم‪ ,‬وبناء عالقة متميزة معهم ‪.‬‬ ‫الرسالة في البنك األردنـي‪ :‬نعمل بكل طاقتنا؛ لنكون الشريك األقوى واألقـرب‬ ‫للعمالء‪ ,‬بحيث نبقى على الدوام البنك المفضــل لـديهم‪ ,‬نلبـي احتياجاتـهم‪,‬‬ ‫ونستجيب لتوقعاتهم‪ ,‬من خالل مجموعة خدمات‪ ,‬وحلول مالية‪ ,‬ومصرفية متطورة‬ ‫ذات قيمة مضافة تسهم في تحقيق آمالهم‪ ,‬و طموحاتهم بمسـتقبل أكثر نجاحا‪ ,‬نعامل‬ ‫‪24 of 8Page‬‬


‫ونتعامل بشفافية وعدالة‪ ,‬وبروح الفريق المؤهل والمحفز‪ ,‬نعظم قيمة مؤسستنا‪,‬‬ ‫ونعمـل معا كنموذج إيجابي وفعال يسهم في تطور وتقدم المجتمع ‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن بعض الجهات يروق لها عدم الفصل بين الرؤية والرسالة‪,‬‬ ‫فهي ترى بأنهما مفهوم واحد ولكن تختلف التسميات فقط‪ ,‬وعلى سبيل المثال ما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫الرؤيـة في مدرسة أم هاني في إمارة دبي في اإلمارات العربية المتحدة ‪:‬‬ ‫تنشئة جيل ملتزم بعقيدته‪ ,‬وبقضايا وطنه و أمته‪ ,‬مبدع في الفكر والعمل‪ ,‬متجدد مع‬ ‫الحياة العملية‪.‬‬ ‫ومن هنا نخلص إلى أن من يرى الفصل بين الرؤية والرسالة‪ ,‬فهو في واقع األمر‬ ‫يرى بأن الرؤية هدف الطريق‪ ,‬والرسالة طريق الهدف‪ ,‬بينما جهات أخرى ال ترى‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫والحقيقة أن الرؤية صنعة فكرية تسبق عملية اختيار الرسالة‪ ,‬فالمتطلع للنجاح ال بد‬ ‫أن يكون من الحالمين أوال‪ ,‬وإذا لم يمتلك هذه الصنعة بعد‪ ,‬فليتقنها من اآلن‪ ,‬ألن‬ ‫من أدوات النجاح صناعات يمكن اكتسابها‪.‬‬ ‫ولعل سائل يسأل لماذا يجب أن نكون حالمين أوال؟‬ ‫الجواب‪ :‬ألن رؤانا وتطلعاتنا‪ ,‬تحرك ذواتنــا نحـو العمل‪ ,‬و تستقطب ما نحتاجه من‬ ‫طاقات وإمكانيات لتحقيق الحلم إلى حقيقة‪ .‬انظر سيرة الناجحين جميعا تجد أنهم‬ ‫كانوا يحلمون أكثر من غيرهم‪ ,‬وكانوا يسعون نحو تلك األحالم بصبر وإصرار‪,‬‬ ‫فحققوا طموحاتهم‪ ,‬خذ أديسـون على سبيل المثال تجد أنه حلم باختراع المصباح‬ ‫الكهربائي فأفنى شطرا كبيرا من وقته ليحقق حلمـه‪ ,‬حتى لقد تجاوزت عدد تجاربه‬ ‫‪ 999‬مرة‪ ,‬كما اكتشف في هذه التجربة المفعمـة بالصمود أن واحدة هي التي تنتج‬ ‫المصـباح والحاالت الباقية ال تنتج المصـباح‪ ,‬فهو يعامل جميع الحاالت على حد‬ ‫سواء‪ ,‬يراها جميعا حاالت اكتشاف‪ ,‬ال يرى أنـه فشل‪ ,‬وهذه الحالة النفسية ال‬ ‫يمتلكها غير صاحب عزيمـة واثـقة بإمكانية النجـاح‪ ,‬وتحقيق الحلم إلى واقع‬ ‫ملموس ‪ ,‬وتجربته تلك أشهر من رأس على علم‪ ,‬كتبها الكثيرون وتحدث بها‬ ‫المدربون‪.‬‬ ‫من هذه الواقعة نكتشف أن الحلم إذا اختمر في عقل صاحبه يكون بمثابة الوقــود‬ ‫والطاقة التي ال تنفد‪ ,‬و تخفف عليه آالمه‪ ,‬وتهـون عليه مصائبه‪.‬‬ ‫مثال آخر نجده في سيرة الدكتور إبراهيم الشهاوي‪ ،‬حدثني بها خالل إحدى مقابالتي‬ ‫له في مكتبه بالقاهرة‪ ،‬حيث على كبر سنه دخل مرحلة تحدي على مستوى الهوية‪،‬‬ ‫‪24 of 2Page‬‬


‫وقد ذرفت سنون حياته على السبعين عاما‪ ،‬تحديا لم يخطر له ببال من ذي قبل‪ ،‬لكن‬ ‫هي عادة الناجحين‪ ،‬ال يعرفون للعمل مرحلة عمرية‪ ،‬وال لتحقيق الذات حدود‪ ،‬فهم‬ ‫يعتقدون بأنهم ماداموا على قيد الحياة‪ ،‬البد أن يكونوا من المنتجين‪ ،‬تلك قناعة ثبتت‬ ‫في مشاعرهم‪ ،‬كما ثبتت األصابع في راحة الكف‪.‬‬ ‫ذلك التحدي افتعله صاحب مؤسسة في الرياض‪ ،‬عندما جاءه إبراهيم على أثر إعالن‬ ‫صاحب المكتب عن وظيفة شاغرة لـ محامي‪ ،‬ولما عرض الشهاوي إمكانياته‪،‬‬ ‫وخبرته‪ ،‬حيث كان آخر منصب تقلده في القاهرة وكيل وزارة التجارة‪ ،‬والمحامي‬ ‫بالنقض واإلدارية العليا‪ ،‬ومستشار مصلحة الشركات‪ ،‬لكن األخير لم يكترث بهذه‬ ‫الخبرة وسنون الحياة‪ ،‬ففاجأه بحدة طبع غير مسبوقة إلبراهيم‪ ،‬وذلك بسؤاله‪:‬‬ ‫ هل أنت دكتور؟‬‫ فرد عليه إبراهيم‪ :‬ال!!‪.‬‬‫ فقال صاحب المكتب‪ :‬نحن نريد دكاترة!!!‬‫بهذه الكلمات الموجزة‪ ،‬انتهت المقابلة‪ ،‬فخرج إبراهيم من المكتب‪ ،‬وصاحب المكتب‬ ‫ال يعلم كم شمعة خمدت نارها‪ ،‬وانطفأت جذوتها داخل إبراهيم قد اشتعلت من جديد‪،‬‬ ‫وكم دهليزا مظلما مليئا بالطاقة ادخره لمواجهات الحياة‪ ،‬قد أضاء بفعل تلك الشموع‪،‬‬ ‫عندها خرج ابراهيم وقرر آنذاك أن يحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة عين‬ ‫شمس في مجال القانون‪ ،‬وفي تخصص جديد‪ ،‬مأل الدنيا ضجيجا‪ ،‬والمؤتمرات حراكا‬ ‫وحيوية‪ ،‬فسايرها بروح الشباب في جبة الشيخوخة‪ ،‬وقد تخرج وله من العمر ‪74‬‬ ‫عاما أمضى خاللها ‪ 2‬سنوات من عمره‪ ،‬كان موضوع بحثه عن الخصخصة‪ ،‬ودور‬ ‫القطاع الخاص في تنمية البنية التحتية‪ ،‬عبر آلية البناء ثم التشغيل واإلعادة‪،‬‬ ‫ويختصر بـ )‪ ،)Build - BOT– Operate – Transfer‬وقد أثار هذا البحث‬ ‫إعجاب لجنة المناقشة‪ ،‬حتى لقد خاطب المشرف على الرسالة أ‪.‬د‪.‬محمد سعيد حسين‬ ‫الدكتور إبراهيم الشهاوي قائال‪" :‬لقد جسمت لنظام الـ ‪ BOT‬كيانا‪ ...‬كان يتيما‪،‬‬ ‫واآلن أصبح له أب"‪ ،‬وأجمعت أعضاء اللجنة على أن كبر سن الباحث كان ميزة‬ ‫كبيرة؛ حيث أثَّرت حنكة الشيوخ على البحث ونتائجه‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬تحديد نقاط القوة والضعف في البيئة الداخلية‪ ،‬والفرص والمخاطر فـي البيئة‬ ‫الخارجية‪.‬‬ ‫الناجح في الحياة هو‪ :‬البصير‪ ,‬الناقد‪ ,‬العارف ببيئتيـــه الداخليــة والخارجيــة‪ ,‬حيث‬ ‫من خالل هذه الملكات يستطيع أن يتعرف على أي شيء يتميز به‪ ,‬فيجعله أحد نقاط‬ ‫قـوته‪ ,‬وأي شيء يعيبه أو يقلل من شأنه يعتبره نقطة ضعف‪ ,‬وبعد هذا الفرز‬ ‫والتحديد فيما هو قوي وضعيف‪ ,‬يعمد إلى توظيف نقاط قوته في تحقيق أهدافه‪,‬‬ ‫و السعي إلصالح نقاط ضعفه إن كان ذاك ممكنا‪ ,‬وفي حالة عدم إمكانية إصالحها‬ ‫ينتابه الحذر مما يمكن أن يتسرب إلى أهدافه من خاللها كمؤثرات سلبية‪.‬‬ ‫‪24 of 11Page‬‬


‫إن نقاط الضعف والقوة أحد مكونات البيئة الداخلية للفرد‪ ,‬أي أنها عوامل ال تخضع‬ ‫لمؤثرات خارجية بل جميعها تحت السيطرة‪ ,‬أما مكونات البيئة الخارجية‪ ,‬وهي تلك‬ ‫التي ال يمكن التحكم فيها هي الفرص والمخاطر‪ ,‬ودوره تجاهها يكمن في استثمار‬ ‫الفرص من خالل توظيف نقاط القوة‪ ,‬أو تحاشي التهديدات التي تهدد وجوده‪,‬‬ ‫و تعرق مكاسبه‪ ,‬أو يتعامل معها بإيجابية تقلب الخســارة فيها إلى ربح‪ ,‬وهو معنى‬ ‫اإليجابية من وجهة نظر الهندسة النفسية حيث يراد بهــا اتخاذ القرار األفضل في‬ ‫الوضع األسوأ‪.‬‬

‫التحليل الرباعي لالسـتراتيجـية‪:‬‬ ‫التحليل يهدف إلى دمج نتائج البيئة الخارجية‪ :‬الفرص والمخاطر‪ ,‬مع نتائج البيئـة‬ ‫الداخلية‪ :‬القوة والضعف‪ ,‬وذلك تحت سقف واحد‪ ,‬واتخاذ القرار المناسـب تجـاه كل‬ ‫واحد‪ ,‬بشكل يراعى فيه األولوية‪ ,‬ويراد باألولوية‪ :‬تقديم األهم على المهم‪.‬‬ ‫والناجحون يتعاملون مع هذه الخاليا األربع الهامة بشكل حيوي وفعال‪ ,‬مــرتبين‬ ‫سلم أولوياتهم بشكل دقيق‪ ,‬فهناك لديهم أربعة خاليا كما في الشكل رقــم ( )‪ ,‬وتلك‬ ‫الخاليا نستطيع أن نطلق عليها التسميات التاليــة‪:‬‬ ‫المربع األول‪ :‬المـربع الذهبي (التركيز على نقاط القوة)‪:‬‬ ‫وفيه يركز الناجح في الحياة على نقاط قوته قدر اإلمكان؛ ألنها تمنح التميز والتفرد‬ ‫بخصائص ال ينافسه فيها إال القليل‪ ,‬فيظل رقما في عداد الناجحين‪ ,‬و واحـد من‬ ‫النخبة ما دام محافظا على قوته‪ ,‬ربما وأنت في مسعاك لتسكن هذا المربع الذهبي‪,‬‬ ‫قد تواجهك معوقات في تحديد ما تتميز به‪ ,‬لكن ما المانع أن تضع لنفسك سلما يبدأ‬ ‫من الواحد إلى العشرة‪ ,‬وتصنف ما تمتاز بـه على هذا المقيــاس؛ لترى أي شيء‬ ‫أنت فيه متفردا‪ ,‬وبحاجة إلى تطويره وتنميتـه؛ لتجني من وراءه النجاح والسعادة‪.‬‬ ‫على سبيل المثال‪....‬‬ ‫اسأل نفسك‪ ,‬هل أنت عضو في الجمعية الخيرية؟ وترى أنك تدير مجموعات األيتام‬ ‫في زياراتهم الميدانية أكثر من قدرتك على تحصــيل التبرعات لهم‪.‬‬ ‫فإن كان الجواب‪ ,‬بـ نعم‪.‬‬ ‫هنا أنت استطعت أن تحدد نقطة قوة‪ ,‬من المالئم أن تقوم باستثمارها‪ ,‬من خالل‬ ‫تطويرها و التركيز عليها‪ ,‬كرسالة نحو رؤيتك ككافل لأليتام ومخفف لهم من آالم‬ ‫اليتم‪ ,‬ومن أوجه تطوير ملكاتك في هذا المجال ما يلي‪:‬‬ ‫ اإلطالع على تجارب الناجحين في مجال رعاية األيتام‪.‬‬‫‪24 of 11Page‬‬


‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫قراءة العديد من القصص المناسبة لسن األطفال‪ ,‬وخاصة منها تلك التي‬ ‫تعزز من قيمة االعتماد على الذات‪ ,‬والثبات في مواجهة مصاعب الحياة‪.‬‬ ‫قراءة سيرة العظماء الذين اكتووا في طفولتهم بنار اليتم‪ ,‬والغربة في‬ ‫المجتمع‪ ,‬ولكن بفضل العصامية استطاعوا الوصول إلى مراتب عليا لم‬ ‫يصلها العديد من أفراد المجتمع من غير فئة األيتام‪.‬‬ ‫حفظ العديد من األلغاز‪ ,‬والنكات التي من شأن حكايتها أن تشيع جوا من‬ ‫اإليجابية والمرح عند األيتام خالل اللقاء بهم‪.‬‬ ‫تطوير ملكاتك في مهارات التعامل مع األطفـال بشكل إيجابي‪ ,‬كما أنه من‬ ‫المناسب أن تقرأ في سير الناجحين الذين كانوا أيتامـا فـي طفولتهم فتحولوا‬ ‫إلى قادة عظام‪ ,‬وعلى رأس القائمة النبي محمد صلى هللا عليه وآله وسلم‪ ,‬و‬ ‫نبـي هللا عيسى (ع)‪ ,‬وهما من أولي العزم بعد أن اصطفاهما هللا وخصهما‬ ‫برسالة إلهيــه‪.‬‬

‫ومثال آخر‪....‬‬ ‫هل تجد نفسك كرجل مبيعات لديك قدرة على مصاحبة الشخصــيات التي تهتم‬ ‫بفنون التعامل العصري وتغرق فيها‪ ,‬أكثر من مسايرة األوساط الشعبية في‬ ‫تصرفاتها وميولها في اختيارها وطلباتها؟‬ ‫فإن الجواب‪ ,‬بـ نعم‪.‬‬ ‫فهنا يوجد العديد من أوجه تطوير ملكاتك عندما تستهدف هذه الفئة‪ ,‬ومن تلك‬ ‫الملكات ما يلي‪:‬‬ ‫ باالهتمام بأخبار النخبة مـن الشخصـيات البارزة في المجتمع‪.‬‬‫ إتقان استخدام تقنيات األلفــة المقــررة فـي الهندسة النفسية‪ ,‬لتمد جسورا من‬‫الصداقـة بشكل سـريع فتحصل علـى ما تتطلع له من عقد صفقات تجارية‬ ‫ناجحة‪.‬‬ ‫ االعتناء بأخــبار هذه الفئة‪ ,‬وتتبع مناسباتهم االجتماعية الهامة‪ ,‬السارة منها‬‫وغير السارة؛ لتبدي تعاطفك أو فرحك بمناسباته فهذا بال شك يقربك من هذه‬ ‫الطبقة‪ ,‬ويزداد قبولك في أوساطهم‪.‬‬ ‫وينطبق الحال على العديد من الموارد‪ ,‬حيث الفكرة هي التركيز على األبعاد‬ ‫اإليجابية في الشخصية‪ ,‬ومواصلة الجهد‪ ,‬حتى تصل إلى درجة عالية من التألق‪,‬‬ ‫والتميز‪.‬‬ ‫األستاذ الدكتور عمر العامودي عضو هيئة تدريس في جامعة الملك فهد للبترول‬ ‫والمعادن‪ ،‬اكتشف ذاته وحدد المربع الذي يتألق فيه أكثر من غيره من مربعات‬ ‫الحياة‪ ،‬إنه مربع البحث العلمي الجاد‪ ،‬حتى لو أدى به إلى االنقطاع عما تعارف بقية‬ ‫الناس عليه من اهتمامات‪ ،‬وميول‪ ،‬تمكن من نشر أكثر من ‪ 141‬بحثا‪ ،‬في أشهر‬ ‫‪24 of 14Page‬‬


‫المجالت العلمية على مستوى العالم‪ ،‬في مجال الهندسة المدنية‪ ،‬التقيت به صدفة في‬ ‫إحدى الرحالت الجوية‪ ،‬تعرفت عليه‪ ،‬وتجاذبنا أطراف الحديث عن العلوم السلوكية‬ ‫الحديثة‪ ،‬و لكن فاجأني بحكم عن نفسه‪ ،‬حيث قال من الجيد أن يتمكن الفرد من‬ ‫اإلطالع على مثل هذه العلوم‪ ،‬لكني في الحقيقة لم أتمكن من فعل شيء‪ ....‬لقد سرقني‬ ‫تخصصي‪ ،‬وصرت جاهال في كل العلوم عدا الهندسة المدنية فأنا فيها عالم‪ ،‬والسر‬ ‫يعود إلى تركيزي في مجال التخصص‪ ،‬يقول عن تجربته الكتابية‪:‬‬ ‫أنتقي أقوى األوراق العلمية المحكمة‪ ،‬وإذا شرعت في قراءة الواحدة منها‪ ،‬أبدأ‬ ‫بالقراءة بدون قلم‪ ،‬ثم أعود لها من جديد أتناوب عليها بالقراءة مرارا وتكرارا‬ ‫مستخدما معي عدة أقالم فمرة أقرأ الورقة من البداية وحتى النهاية واضعا مالحظاتي‬ ‫باللون األحمر‪ ،‬ومن جديد مستخدما األزرق‪ ،‬وهكذا باللون األخضر‪ ،‬و بالقلم‬ ‫الرصاص‪.‬‬ ‫لكن بعد هذه القراءات التفحصية لمجموعة من المقاالت التي تعالج موضوعا معينا‪،‬‬ ‫ولكثرة المالحظات التي أضعتها على المقاالت المقروءة‪ ،‬ال تهدأ هذه الحملة النقدية‬ ‫المعمقة إال وقد ولد لي بحثا‪ ،‬أصيال‪ ،‬حديثا‪ ،‬يقبل للنشر‪ ،‬أو المشاركة به في أشهر‬ ‫المؤتمرات العلمية على مستوى العالم في مجال الهندسة المدنية‪ ،‬بل و تتلقفها مني‬ ‫لجان البحوث العلمية الشهيرة بكل تقدير واحترام‪ ،‬وإمعانا في التأكيد على ممارسته‬ ‫لهذه الحالة طلبت منه أن يطلعني على واحدة من أوراقه كيف يفعل بها بأقالمه‬ ‫الذكية‪ ،‬وفعال أطلعني على أحد األوراق العلمية التي كانت معه في حقيبته اليدوية‬ ‫فوجدت الورقة تحولت إلى خرائط للمعرفة‪ ،‬وليست صفحة مكتوب عليها مقالة‪.‬‬ ‫هذا في إطار العمل العلمي بين دفات الكتب والدوريات‪ ,‬ومراكز البحوث والنشر‪,‬‬ ‫ومثال آخر أجده جدير بالطرح لكونه على خالف العادة‪ ,‬بين من يجد لديه ملكات‬ ‫متعددة في بيئته الداخلية‪ ,‬لو وظف إحداها وركز عليها لحقق نجاحا باهرا‪ ,‬لكن أن‬ ‫يفضل السير في طريق محفوف بالمصاعب‪ ,‬لكونه في الحقل االجتماعي‪ ,‬وفي ديار‬ ‫غربة‪ ,‬ففعال هو عمل على خالف العادة ألن الذين يفضلون الحياة خارج أوطانهم‬ ‫قليلون‪ ,‬خاصة مع امكانية مواصلة حياتهم كأقرانهم بين األحبة‪ ,‬األحفاد‪ ,‬و األسباط‪,‬‬ ‫ال سيما إذا كان ذلك المكث من أجل نشر العلم وغرس معالم الطهر والفضيلة في‬ ‫بيئات هي أشد ما تكون في الحاجة إليه‪ ,‬فالمعاناة هنا تكون أشد لطبيعة تغيير البناء‬ ‫الداخلي للمجتمعات‪ ,‬سواء منها على صعيد المعايير‪ ,‬أو القيم‪ ,‬أو االعتقادات‪ ,‬حيث‬ ‫هي التي تشكل الجانب المغمور في شخصية اإلنسان وما يظهر من سلوك سواء من‬ ‫قول أو فعل إنما هو لنتائج التغير في هذا الجانب المغمور‪ ,‬فأنى لغريب فعل ذلك‬ ‫غير قبل أن يقرأ ذلك المجتمع قراءة جيدة واعية‪ ,‬يشخص من خاللها احتياجاتهم‪,‬‬ ‫وطرق التغيير المناسبة لهم‪ ,‬لكنه اختار هذا الطريق على الرغم من صعوبته ولم‬ ‫يكن خياره ذاك إال من واقع قراءة جادة‪ ,‬ومعرفة حصيفة لمفردات بيئته الداخلية‪,‬‬ ‫وبيئة أخرى وجد فيها فرصة تتناغم مع طموحاته وآماله‪ ,‬حيث هذا الطموح رسم‬

‫‪24 of 11Page‬‬


‫معالمه عندما قرر في حداثة سنه أن يكون من الدعاة إلى الطهر والفضيلة‪ ,‬حتى‬ ‫ولو كانت على حساب لذاته و سعادته‪.‬‬ ‫إنه السيد فارس الحسيني‪ ,‬وإنها إندونيسيا رحل إليها ليعيش بين جملة من أيتامها‬ ‫وفقرائها ليكون لهم األب بعدما انقطت بهم أسباب العيش الكريم‪ ,‬وأبوته تلك لم تكن‬ ‫على نحو يتكفل فيها أسباب المسكن والمأكل والمشرب فقط‪ ,‬وذلك عبر دعم‬ ‫المحسنين‪ ,‬بل والتربية الصالحة‪ ,‬على وفق الذائقة التي تربى عليها وتعلم أصولها‬ ‫في أرقى مدارسها العلمية حتى تخرج فيها من أهل الفضيلة والعلم واألدب‪ ,‬بل ومما‬ ‫ورثه عن آبائه وأجداده كأعالم في حاضرة سامراء والنجف األشرف العلميتين‪.‬‬ ‫وهو اآلن وبعد مضي احدى عشر سنة على غرسه االجتماعي أثمر عن فريق عمل‬ ‫يديره بمعية النخبة من أولئك األيتام و الفقراء‪ ,‬حتى صاروا األوائل في مشاطرتهم‬ ‫إياه رؤيته نحو العمل االجتماعي‪.‬‬ ‫فهو لهم امام جماعة‪ ,‬ومحاضر‪ ,‬ومربي‪ ,‬وصانع ناجحين للجيل الحاضر منهم‪,‬‬ ‫يضاف إلى ذلك أن جعل من صلب اهتمامه أجيال المستقبل أيضا‪ ,‬فهو يعكف على‬ ‫ترجمة الكتب اإلسالمية التربوية إلى اللغة الماالوية‪ ,‬وهي لغة ينطق بها ‪351‬‬ ‫مليون نسمة‪ ,‬منها الشعب األندونيسي‪.‬‬ ‫إنها صنعة نجاح لم يتقن مهارة إكتسابها والتألق فيها فقط‪ ,‬بل أثمر منها أيضا عن‬ ‫بناء شخصيات ناجحة كان من المحتمل أن تسحقهم عربة الفقر‪ ,‬وفقدان األمل‪,‬‬ ‫وضعف التربية‪.‬‬ ‫المربع الثاني‪ :‬المربع الفضي (استغالل نقاط القوة؛ من أجل إزالة أو تحـييد‬ ‫المخاطر المحدقة بك)‪:‬‬ ‫الناجح عندما يعلم بجودة إمكانياته وكثرتها‪ ,‬قد ينزعج لوجود نقاط ضعف تجاورها‪,‬‬ ‫داخل منظومته القيمية أو الجمسية‪.‬‬ ‫فمن نقاط الضعف في المنظومة القيمية‪ ,‬داء الغضب‪ ,‬وهي من القيم التي تمس‬ ‫كرامة اإلنسان وتفسد إنجازاته‪ ,‬كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وآله وسلم‪:‬‬ ‫"الغضب يفسد األمر‪ ,‬كما يفسد الخل العسل"‪ ,‬ويحق لألفراد الناجحين أن ينزعجوا‬ ‫من وجودها‪ ,‬خاصة وأن مثل هذه السمة تالزم ذوي القيم اإليجابية المتسمين بكثرة‬ ‫اإلنجاز‪ ,‬حيث من أبرز سمات هؤالء اإلصرار على إنجاز األهداف‪ ,‬واإلخالص‪,‬‬ ‫و اإلتقان‪ ,‬وسرعة التنفيذ‪ ,‬والمصداقية‪.‬‬

‫‪24 of 12Page‬‬


‫أما نقاط الضعف التي ترد على الناحية الجسمية‪ ,‬ترى أحدهم ممشوق القوام‪ ,‬قوي‬ ‫العضالت‪ ,‬وسيم الوجه‪ ,‬غير أنه يعاني من فقد أحدى عينيه‪ ,‬ومما الشك أن الناجح‬ ‫يسعى دائما إلى كمال جوانبه‪ ,‬حتى تجده يأتي على كل ما من شأن معيقا لمسيرة‬ ‫تعظيم مكاسبه‪ ,‬التي تجعله في عداد الناجحين‪ ,‬ويعمل على التخلص منه‪ ,‬وهذا أمر‬ ‫محمود لدى العقالء‪.‬‬ ‫لقد جرت العادة لدى الناجحين في كيف يتعاملون مع هذين النوعين من نقاط‬ ‫الضعف في الشخصية‪ ,‬ويسعون إلى التعامل معها بكل واقعية‪ ,‬فهم دائما يفرقون‬ ‫بين ما هو يمكن السعي في إصالحه‪ ,‬وما ال يمكن ذلك‪ ,‬فإن كان من األمور‬ ‫الممكنة‪ ,‬تجدهم يبادرون وبكل حماس واهتمام‪ ,‬كما هو حال الغضب‪ ,‬حيث يأخذون‬ ‫بإرشادات المختصين في هذا المجال بحسب مشاربهم الفكرية‪ ,‬فقد يلجأون إلى‬ ‫الحلول الشرعية‪ ,‬أو من ذوي االختصاص الطبي في ذلك‪ ,‬مستثمرين ما لديهم من‬ ‫قيم إيجابية ثابتة في شخصيتهم كما مر سابقا كاإلصرار على انجاز األهداف‪ ,‬بحيث‬ ‫يجعل من مسألة التخلص من الغضب هدفا له‪ ,‬ومن عادة الناجحين أنهم إذا استهدفوا‬ ‫أمرا يصلون إليه ألن من لج ولج‪ ,‬ومن أكثر طرق الباب ال بد أن يفتح له‪.‬‬ ‫أما مسألة فقد العين فهي من أوجه الضعف الخارجة عن إرادته‪ ,‬وهنا يستنهض‬ ‫جميع القيم اإليمانية التي تساعده على تخطي هذه المشكلة‪ ,‬ويتعامل معها على كونها‬ ‫ابتالء‪ ,‬ينبغي له أن يستثمره بالرضا والقبول والصبر ليفوز بما وعد هللا عز وجل‬ ‫الصابرين حيث يقول جل وعال‪ ":‬وبشر الصابرين‪ ,‬الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا‬ ‫إنا هلل وإنا إليه راجعون‪ ,‬أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم‬ ‫المهتدون"‪.‬‬ ‫المربع الثالث‪ :‬المربع البرونزي (معالجة نقاط الضعف‪ ،‬مع محاولة استغالل فرصة‬ ‫خارجية)‪:‬‬ ‫الحظ أننا جعلنا مسألة معالجة نقاط الضعف في المرحلة الثالثة من الخيارات ‪ ,‬بل‬ ‫وستقع في الخيار الرابع أيضا‪ ,‬نعم ينبغي على االستراتجي الناجح أن ينشغل أوال‬ ‫بقـواه وما يتميز به‪ ,‬و أخيرا ينشغل بضعفه‪ ,‬ألن العكس يأتي بنتائج سيئة كمـا يلي‪:‬‬ ‫ المنشغل بإصالح عيوبه وفقط‪ ,‬دون االلتفات إلى استثمار نقاطه اإليجابية‪,‬‬‫سيكون في أحسن أوضاعه فــردا عاديا‪ ,‬كبقية أفراد بيئته‪ ,‬وبهذا يكون قد‬ ‫فوت على نفسه فرص الــــتألق والنجاح والتميز‪.‬‬ ‫ كثرة االنشغال بنقاط الضعف تسبب له كثرة توجيه الخطابات السلبية إلى‬‫العقـل‪ ,‬سواء كان من األفراد المعنيين به وغير المعنيين‪ ,‬بل وحتى من نفسه‬ ‫ذاتها؛ ألنــه ربما ال يعرف كيف يتحدث لنفسه بشكل إيجابي عند استشـــعاره‬ ‫حالــة الضــعف والقصور‪ ,‬فهناك لغة إيجابية ينبغي أن يتعلمها‪ ,‬و إال زاد‬ ‫الطين بلة‪ ,‬فعلـى سبيل المثال لو كان ضعيفا في معرفة اللغة اإلنجليزية‪ ,‬فقد‬ ‫‪24 of 12Page‬‬


‫يسأل نفسه أسئلة بدافع التخلص من ضعفه‪ ,‬ولكنه في الواقع ينسج حول عقله‬ ‫طبقات من العوازل الكثيفـة التي من شأنها أن تصيبه باإلعاقـة المزمنة‪ ,‬ألن‬ ‫األسـئلة بمثابة شعاع اللـيزر للوعي البشري فهي تعمل على توجيه القدرة‬ ‫الفكرية‪ ,‬وما يخرج به من نتائج سيكون سلوكا في المستقبل‪ ,‬إن خيرا فخير‪,‬‬ ‫وإن شرا فشر‪ ,‬انظر إلى هذه األسئلة‪ ,‬وتدبر كيف تعيـق تطور السائل ‪:‬‬ ‫قد يسأل نفسه‪ :‬لماذا أنا ضعيف الذاكرة‪ ,‬وال أستطيع أن أستحضر الكلمات‬ ‫المناسـبة خـالل المحادثة ؟‬ ‫فيأتيـه الجـواب‪ :‬لقد كبرت على الدراسة‪ ,‬فلماذا أتعب نفسي في أمر مستحيل‬ ‫تحقيقه؟‬ ‫وهكذا يوجه إلى عقله من هذا الصنف من العبارات السلبية التي تنسـيه ملكاته ويبدأ‬ ‫يركز على سلبياته‪.‬‬ ‫المربع الرابع‪ :‬المربع الخشبي (عالج نقاط الضعف أو تقليل المخاطر المحدقة بك)‪:‬‬ ‫ويجرى في هذا المربع ما قيل في المربع الثالث بل ويزاد عليها أن الفــرد هنـا‬ ‫سوف ينشغل بسلبيتين واحدة في بيئته الداخلية وهي الضعف‪ ,‬وأخـرى في بيئتــه‬ ‫الخارجية وهي المخاطر لذا فهي أسوأ القرارات‪ ,‬ووفقا لهاتين السلبيتين عليه أن‬ ‫يعرف موضع قدمــه ويأخذ الحيطة والحذر‪.‬‬ ‫المهارات الالزمـة لتفعيل محور التفكير االستراتيجي‬

‫المهارة األولى ‪ :‬كسب األصدقاء الناجحين‪.‬‬ ‫قد تستغرب أن أسوق هذه العادة في مطلع الحديث عـن المهـــارات الالزمــة‬ ‫للنجاح‪ ,‬وهذا االستغراب سيزول حتما إذا أدركنا أهميتها في هذه المرحلة‪ ,‬إذ‬ ‫الصداقة هنا ليست من أجل المتعة والتسلية‪ ,‬بل من أجل فتح المجــال للعقل الباطن‬ ‫لتلقي رسائل إيجابية من خالل معاشرة الناجحين و اإلطالع على مسار حياتهم‪ ,‬وما‬ ‫هي رؤيتهم؟ وما هي رسالتهم التي تبنوهـا حتى وصلوا إلى ما وصــلوا إليه؟‬ ‫فمن شأن هذه العالقة اإليجابية أن تجعلك تتعرف على تجربة أفراد يشـاطرونك‬ ‫السمات الفسيولوجية الطبيعية (عينان ‪ ,‬أذنان ‪ ,‬لسانا و شفتان ‪ ....‬إلخ )‪ ,‬غير أنهم‬ ‫يتميزون عن أقرانهم بالعزم‪ ,‬والمثابرة‪ ,‬واإلقدام‪ ,‬ما أدى بهم أن يكونــوا فــي‬ ‫النخبــة الناجحـة‪.‬‬

‫‪24 of 11Page‬‬


‫وال أقصد بمصادقة الناجحين االلتصاق الدائم بهم‪ ,‬ألن هذا قد يتعذر من جهة‬ ‫انشغال الناجح واهتمامه بتنمية ملكاته التي تميز بها‪ ,‬ولكن األمر ال يخـلو من فسحة‬ ‫إلحراز تلك الصداقة من خالل ما يـلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬قراءة سيرهم الذاتية بتمعن وإتـقان‪.‬‬ ‫‪ .2‬عقد صداقات مباشرة معهم‪ ,‬ويفضل أن تأخذ موعدا مسبقا معهم ليمنحوك‬ ‫االهتمام‪ ,‬حيث هذه الفئة كثيرا ما تكون في غاية االلتزام ببرامجها المعدة‬ ‫مسبقا‪.‬‬ ‫‪ .3‬االتصال الهاتفي بهم بعد االتفاق على مدى إمكانية ذلك‪ ,‬لتتمكن من خاللها‬ ‫مناقشة ما يعتـرض طريقك مــن صعوبات ومشاكل تطلب فيها االستشارة‬ ‫والنصيحة‪ .‬و ال تترد في إبداء اإلعجاب بتجاربهم الشخصية‪ ,‬ألن هذا‬ ‫اإلعجاب سيكون بمثابة الرابط العقلي لديه‪ ,‬يجعله يمنحك من االهتمام‬ ‫المباشر بما يتناسب مع إمكانياتك والظروف التي تمر بها‪.‬‬ ‫‪ .4‬التواصل مع مجموعات تلتقي ميولهم مع توجهاتك‪ ,‬وأهدافك‪ ,‬مما يمنحك‬ ‫فرصة كبيرة ألن تتبادل معهم فرصة عرض الخبرات والتجارب‪ ,‬وفي‬ ‫بعض الحاالت يمكن أن تحصل على دعم لحل المشاكل التي تواجهها‪ ,‬وتبدو‬ ‫أهمية هذا النوع من الصداقات في كونها تفسح المجال لمناقشة الحلول‬ ‫وتدبرها‪ ,‬ودراستها‪ ,‬وهذا في حد ذاته تدريب رائع على مناقشة مزايا‬ ‫وعيوب الحـلول‪ ,‬الختيار أفضلها‪.‬‬

‫المهارة الثانية ‪ :‬العصف الذهني‬ ‫الناجحون في الحياة يجمعهم قاسم مشترك هام هو الجدية في مواجهة المشاكل التي‬ ‫تعترض طريق نجاحهم‪ ,‬وفي سبيل ذلك يبذلون قصارى جهــدهم‪ ,‬بـل ويتفننون في‬ ‫تفتيت المشاكل إلى أصغر الجزئيات؛ حتى يتمكنــوا مــن وضــع أيديهم على مصدر‬ ‫المشكلة‪ ,‬ال االنشغال بأعراضها‪ ,‬أال تنظر إلــى األطبـــاء كيف يتفاوتون في سرعة‬ ‫عالج مرضاهم‪ ,‬ذلك يعود إلى تفاوتهم في تشخيص المرضى والوقوف على السبب‬ ‫الرئيسي له‪ ,‬ال االنشغال بـاألعراض‪ ,‬ولــو انشغــلوا باألعـراض لمات المرضى‪,‬‬ ‫وماتت سمعة األطباء معهم ‪.‬‬ ‫خذ على سبيل المثال تفاعل رواد إدارة الجودة الشاملة (‪Total )T.Q.M‬‬ ‫‪ Quality Management‬في مسألة حل المشكالت‪ ,‬إنهم يوظفون عدة آليات‬ ‫بهدف تطويق المشكلة‪ ,‬وتسليط الضــوء عليها‪ ,‬فآليــة لجمع البيانات‪ ,‬وأخرى‬ ‫لعرضــها‪ ,‬وثالثــة لوضــع الحــل‪ ,‬وتسييرها في نموذج يشبه العجلة يُدعى بعجلة‬ ‫"ديمنغ " يتم متابعتها بشكل دائــم ومستمر حتى يضمن تقديم المنتجات بجودة تامة‬ ‫على الدوام‪.‬‬

‫‪24 of 17Page‬‬


‫نعم لديهم قناعــة بأن ال يكفي أن تعلم بوجود المشكلة‪ ,‬و وضـع حلول مؤقتة لها‪,‬‬ ‫وإنما شغلهم الشاغل كيفية القضاء عليها‪ ,‬قضاء مبرما؛ ليحققوا رضــا عمالئهم عن‬ ‫منتجاتهم‪ ,‬وهو ما يتطلعون إليه دائـما‪.‬‬ ‫من أجل ذلك أرى من الضرورة أن نتعرف على تفاصيل نجاحهم فــي حــل‬ ‫المشكالت‪ ,‬من خالل عرض آلياتهم في هذا المجال لنلتقي مع أولئك الناجحين‪,‬‬ ‫ونكتسب خبرتهم‪ ,‬فقد اتفقنا سابقا على مبدأ مفاده‪ :‬أن الراغب في النجاح ال بد وأن‬ ‫يمتلك مهارات الناجحين‪ ,‬ويعمل على تجذيرهـا في سلوكه؛ ليلحق بركبهم ‪.‬‬ ‫وقبل أن أنتقل إلى عرض آلياتهم‪ ,‬دعنى أحدثك عن اليابانيين كمجتمع عشــق‬ ‫منهجية إدارة الجودة الشاملة ‪ T.Q.M‬كفكر إداري حديث ساهم في تطوير منتجاتهم‬ ‫ومواجهة مشــاكلهم عبر آلياته‪.‬‬ ‫لقد خرج اليابانيون من الحرب العالمية الثانية محطمين من كل شــيء عــدا العزم‪,‬‬ ‫واإلرادة الصلبة التواقة إلى إرجاع المجد الياباني‪ ,‬والعودة إلى المساهمة في ريادة‬ ‫العالم‪ ,‬لكن هذه المرة لن يكون عبر البوابة العسكرية‪ ,‬بل مــن خــالل البوابة‬ ‫االقتصادية‪ ,‬يريدون أن ينتجـوا منتجات تتلقفها أيدي العمالء‪ ,‬وتــدر عليهم عائدا؛‬ ‫لكونها جيدة‪ ,‬وبسعر يتناسب مع إمكانياتهم المالية‪ ,‬فانتدبوا لهــذا الهدف اثنين من‬ ‫أبرز علماء الواليات المتحدة األمريكية أحدهم‪ :‬إدوارد ديمنغ‪ ,‬واآلخر جوزيف‬ ‫جوران‪ ,‬وبفضل تركيزهم وإصرارهم تم تجذير هـذه الثقافة اإلدارية الحديثـة في‬ ‫الحياة اليابانية‪ ,‬وتقدمـوا بها في طريق النجاح ممـا أهلهما إلى أن يتقلدا وشاح‬ ‫اإلمبراطور الياباني؛ تكريما لصنيعهما‪.‬‬ ‫لو أتينا على ذكر أمثلة نجاح اليابانيين لطال بنا المقام ولكن خذ هذا المثال كواحد‬ ‫من عشرات بل من مئات األمثلة ‪:‬‬ ‫شركة "زيروكس" األمريكية إلنتاج آالت التصوير تأسست عام ‪1959‬م‪ ,‬بلغت من‬ ‫الشهرة وقوة المنافسة أن سيطرت على سوق آالت التصوير‪ ,‬بل بلغ الحال من شدة‬ ‫قناعة العمالء بها ورضاهم عنها كآالت جيدة أن استبدل المســـتخدمين في أمريكا‬ ‫كلمة "تصوير" بــ "زيروكس"‪ ,‬ولكن اليابانيين تمكنوا مـن إنتاج آالت نافست‬ ‫زيروكس أيما منافسة بسبب صغر حجمها وانخــفاض تكلفتها‪ ,‬وأدت هذه‬ ‫المنافــــسة إلى انخفاض حاد في مستوى عــائد الشركة األمريكية مما جعلها تفكر‬ ‫بشكل جاد أن تجعل أسلوب إدارة الجودة الشامــلة ‪ T.Q.M‬قائــدا لنشاط المنشأة‬ ‫في في بداية ‪ 1991‬م‪ ,‬وفعال تم التحول في العام المذكور‪ ,‬ونظرا لتركيزها على‬ ‫هذا المدخل أدركت أنها سوف تحقق أرباح كبيرة تتراوح مــن ‪ 25‬إلى ‪ 31‬بليون‬ ‫دوالر بحلول عام ‪1995‬م ‪.‬‬ ‫ولو أمعنا النظر في سر النجاح باستخدام إدارة الجودة الشامــلة‪ ,‬لوجدنا أن منهجيتها‬ ‫تقوم على تغيير خرائط عقول العمالء‪ ,‬عمــا اعتــادوا عليه‪ ,‬مــن خالل تزويدهم‬ ‫‪24 of 18Page‬‬


‫بمنتجات ال تحقق فقط الجــودة التــي يتطلعون إليها بــل ويتجاوزونها بشكل ملفت‬ ‫للنظر‪ ,‬وفي نفس الوقت بكلفة منخفضــة إذا ما قيست بأقرانها‪.‬‬ ‫نعم لقد تمكن اليابانيون من أن يشغلوا العالم بمنتجـــاتهم‪ ,‬ويلهجــون بهـا‪ ,‬ويكثرون‬ ‫اإلطراء واإلعجاب بأدائها‪ ,‬سواء في المحافل الدولية‪ ,‬أو بين األفراد على حد‬ ‫سواء‪ ,‬لقد غيروا خرائط عقول الناس‪ ,‬تجاه بعض السلع‪ ,‬فنزعوا والء الكثير للعديد‬ ‫من المنتجات األمريكية واألوربية السائدة آنذاك‪ ,‬فاستحوذوا على محافظ نقودهم‬ ‫وهو الهدف الذي تطلع له اليابانيون في بداية تحولهم نحو البوابة االقتصادية‪.‬‬ ‫وفي سبيل تحقيق هذا التطلع اهتموا باآلتي ‪:‬‬ ‫‪ .1‬إنتاج منتجات حسب رغبة العمالء وبشكل يتجاوز توقعـــاتهم‪ ,‬وهــذا سوف‬ ‫يجعل المنتجات تبيع نفسها بنفسها بدال من البحث عــن عمــيل يشتريها ‪.‬‬ ‫‪ .2‬االهتمام بوضع آلية عمل تضمن إنتاج منتجات خالية من العيوب تماما‪ ,‬من‬ ‫أجل توفير كلفة الفحص عند اإلنتاج فيخفف تكاليف اإلنتاج‪ ,‬هذا من جهة‬ ‫أخرى ومن أجل سالمة سمعتهم التي يعملون علــى بنائها في عقول العمالء‪.‬‬ ‫‪ .3‬االعتناء بمسألة خفض التكلفة بشكل دائم ومستمر‪ ,‬ومن أبرز مــوارد خفض‬ ‫التكاليف المبادرة بإزالة أي نشاط غير مضيف للقيمــة بالنسبة للعميل مثل‪,‬‬ ‫تخزين المنتجات قبل وصولها إليه ‪.‬‬ ‫ولعل اليابانين وهم يمرون هذه األيام بأحلك‪ ,‬وأصعب أيام حضارتهم الحديثة على‬ ‫أثر التسونامي األخير الذي ضرب العديد من الجزر اليابانية‪ ,‬ال شك لدي بأنهم‬ ‫يخططون للعودة إلى أقوى مما كانوا عليه‪ ,‬ألن خميرة النجاح لديهم جيدة‪ ,‬مما‬ ‫ستمكنهم من صنع كعكات جديدة وبأشكال أكثر جماال‪ ,‬وأطيب مذاقا‪ ,‬لكن المسألة‬ ‫مسألة وقت‪ ,‬وحكمي على ذلك ليس من باب المبالغة‪ ,‬فالكل يعلم مدى تميز اليابان‬ ‫في منظومتهم القيمية‪ ,‬ولعل أبرز مفرداتها "االلتزام"‪ ,‬وهم دائما ملتزمون بمبدأ‪,‬‬ ‫اإلتقان والتفوق ولو بعد حين‪.‬‬ ‫لقد استطاع اليابانيون أن يصدروا مفاهيم النجاح إلى الخارج‪ ,‬وليس المنتجات فقط‪,‬‬ ‫حتى لقد ألهبوا حماس جيرانهم في قارة آسيا‪ ,‬فهناك على سبيل المثال‪ :‬كوريا‪,‬‬ ‫وماليزيا‪ ,‬وتايلند‪ ,‬و الهند‪ ,‬وإيران‪ ,‬وجميعها دول قررت التغيير نحو األفضل‪ ,‬من‬ ‫خالل استنساخ تجربة اليابان في التغيير المستمر نحو األفضل‪ ,‬ولكن ربما األقوى‬ ‫في اكتساب التجربة‪ ,‬وربما يكون األكثر سيطرة على أسواق العالم في الوقت‬ ‫المعاصر هي الصينيون‪ ,‬و منهجهم مستنسخ من التجربة اليابانية‪ ,‬وال أقصد بأنهم‬ ‫استنسخوها بدرجة ‪ %111‬و إنما احتفظوا ألنفسهم كناجحين بأن يضيفوا لمساتهم‬ ‫الخاصة على تجربة نجاحهم‪ ,‬وأي لمسة؟ لمسة تتناسب مع حجم طموحهم‪ ,‬فهم‬ ‫يتطلعون ألن يحققوا المركز األول في مجال االقتصاد العالمي‪ ,‬يليهم الهنود في‬ ‫المرتبة الثانية‪ ,‬وألجل هذا الهدف على الصعيد العالمي‪ ,‬اهتموا بإدارة معارفهم‬ ‫بشكل عالمي أيضا‪ ,‬ومن ذاك االهتمام‪ ,‬يحدثني أحد العرب الذي عاش في الصين‬ ‫‪24 of 12Page‬‬


‫لمدة عشر سنوات واقترن بأحد الصينيات وتحول بعدها إلى رجل أعمال عربي في‬ ‫جبة صينية‪ ,‬حدث عن طموح الصينيين في المرحلة القادمة وكيف يخططون بجدية‬ ‫لها‪ ,‬ومن ذاك إلزامهم لخريجيهم في مرحلة البكالوريوس بأن يخرج كل واحد منهم‬ ‫إلى دولة من دول العالم لمدة سنة‪ ,‬ويتعلم لغة تلك الدولة‪ ,‬ومن ثم يكتب تقريرا عن‬ ‫أوجه االستفادة المتبادلة بين الدولتين‪ ,‬وتحديد األرضية المشتركة بينهما‪ ,‬بما يسمح‬ ‫القيام بنشاط متبادل بينهما على أي صعيد‪ :‬ثقافي‪ ,‬اقتصادي‪ ,‬اجتماعي‪ ,‬وهكذا‪ ,‬ومن‬ ‫معالم إدارتهم لمعارفهم أن طوروا إمكانيات طالبهم‪ ,‬ودربوهم الجتياز أقوى‬ ‫االختبارات الدولية التي تمكنهم من االلتحاق بالجامعات الغربية‪ ,‬بحيث حققوا رقما‬ ‫غير مسبوق في هذا المجال‪.‬‬ ‫يحدثني أحد أبنائنا الناجحين في هذا الصدد‪ ,‬وهو المهندس محمد بن أحمد بن جواد‬ ‫الخرس‪ ,‬لما أراد االلتحاق بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن كعضو هيئة تدريس‪,‬‬ ‫وهو حاصل على شهادة الهندسة في نظم المعلومات‪ ,‬ودرجة الماجستير في إدارة‬ ‫األعمال‪ ,‬من نفس الجامعة‪ ,‬وقد طلبت منه إدارة الجامعة أن يحصل على ‪611‬‬ ‫درجة في اختبار ‪ ,GAMAT‬ومن سبق له الدخول في هذا االختبار يعلم مقدار‬ ‫جديته وصعوبته؛ لكون يقيس ثالثة أبعاد في وقت واحد‪ :‬قدرات في اللغة‬ ‫االنجليزية‪ ,‬وقدرات في الرياضيات‪ ,‬وقدرات تحليلية‪ ,‬والدرجة المذكورة درجة‬ ‫متقدمة‪ ,‬غير أنه استطاع أن يحقق منها في أول اختبار ‪ 571‬درجة‪ ,‬وهي درجة‬ ‫متقدمة بمقياس من يقدمون هذا االختبار‪ ,‬وفعال التحق حاليا بالجامعة كعضو هيئة‬ ‫تدريس فيها في عام ‪1432‬هـ ‪2111 -‬م‪ ,‬وأخبروه بأنه هذه الدرجة كافية ليكمل‬ ‫إجراءات قبوله كعضو في الجامعة‪ ,‬و ربما تكون كافية إلكمال مسوغات االلتحاق‬ ‫ببعض الجامعات األمريكية للحصول على درجة الدكتوراه‪ ,‬إال أنه استهدف الدرجة‬ ‫المطلوبة‪ ,‬وبات مصرا على تحقيقها‪ ,‬وجعلها ضمن أحد أهدافه وفعال تمكن من‬ ‫تحقيق ‪ 711‬درجة‪ ,‬إال أن استهدافه لها كان مستبطنا باستغراب عمن يمكنه تحقيق‬ ‫مثل هذه الدرجة العالية‪ ,‬وإذا بالمفاجأة له لما سأل أحد المختصين‪ ,‬أجابه بأن هناك‬ ‫فئتين تحقق هذه الدرجة وتتجاوزها بدرجات‪ ,‬علما بأنهم ليسوا ممن لغتهم األصلية‬ ‫اللغة اإلنجليزية‪ ,‬أو عاشوا في أحضان الغرب‪ ,‬خاصة وأن االختبار يعرض لمسائل‬ ‫ينبغي أن يكون الطالب ملما ببعض المعلومات الدقيقة عن أمريكا و الغرب بشكل‬ ‫عام‪ ,‬وهم‪ :‬الصينيون‪ ,‬والهنود‪ ,‬حيث تبلغ عندهم إلى ‪ 751‬درجة من أصل ‪911‬‬ ‫درجة‪ ,‬والسر يعود في أن لديهم مراكز متخصصة في التدريب على هذا النوع من‬ ‫االختبارات‪ ,‬وبلغة أخرى هم يستهدفون رفع درجة النجاح في هذا االختبار المتقدم‪,‬‬ ‫بشكل منظم‪ ,‬من خالل التدريب‪ ,‬عندها قرر "الخرس" أن يأخذ نفس المسار‪,‬‬ ‫ويتدرب لكن المفاجأة أكبر لما علم بوجود مركز متخصص في دبي لمثل هذه‬ ‫االختبارات‪ ,‬لكن الدورة فيه تكلف آالفا من الدوالرات‪ ,‬واخبرني برقم‪ ,‬لو ذكرته‬ ‫لكان ضربا من المبالغة الغير منطقية‪ ,‬لكن هذا هو الحال‪.‬‬

‫‪24 of 41Page‬‬


‫الشاهد في الموضوع أن الصينيين والهنود إذ يستهدفون مراكز الطليعة في قيادة‬ ‫العالم اقتصاديا‪ ,‬لم يكن تطلعهم فارغا‪ ,‬بل مبنيا على أسس‪ ,‬ألن السماء ال تمطر‬ ‫ذهبا وال فضة‪ ,‬وال يوجد شعب بلغ الثريا في المعرفة‪ ,‬وقد ولد و والمعرفة وضعت‬ ‫في فمه بملعقة من ذهب‪.‬‬ ‫ثم الحظ كيف جعل الصينيون تعلم لغات العالم على الكرة األرضية هدفا لهم‪ ,‬بغض‬ ‫النظر عن مدى حيوية اللغة‪ ,‬أو سعة انتشار استخدامها‪ ,‬فقد تجاهلوا كل االعتبارات‬ ‫المتعارف عليها في بيئتنا عند عقد العزم على تعلم لغة معينة‪ ,‬كل هذا ألنهم يؤمنون‬ ‫بأهمية الجاهزية واالستعداد الستثمار الفرص المتاحة في البيئة الخارجية‪.‬‬ ‫وبناء على هذا الطموح العالمي‪ ,‬والتصرف المناسب له أيضا على مستوى عالمي‪,‬‬ ‫دائما ما أكرر على أن معايشة التجربة الصينية وهي في بداية اندفاعها نحو‬ ‫المستقبل‪ ,‬ستظل تمنح العالم فرصة للتتلمذ على يديها‪ ,‬وبالمجان‪ ,‬ليس مطلوبا من‬ ‫أحد غير متابعة مراحل اكتمال لوحتهم الفنية التي سيطلون بها على العالم في عام‬ ‫‪2125‬م كما يتوقع الخبراء االقتصاديين هذا إن لم يكن قبل هذا التاريخ‪ ,‬لكن علينا‬ ‫ونحن نتابع جمال الخطوط واأللوان المنثورة باحتراف على لوحتهم‪ ,‬حري بنا أن ال‬ ‫تشغلنا حالة اإلعجاب واالنبهار بجمال التجربة‪ ,‬ونقف متفرجين‪ ,‬بل علينا أن نبادر‪,‬‬ ‫ونحدد ما هو ممكن لنا القيام به إذا كان لدينا من نقاط القوة المشابهة‪ ,‬وبإزائها‬ ‫فرصة مالئمة كما عندهم‪ ,‬مع ترك بصمتنا الخاصة عند التنفيذ‪ ,‬ألن عربة الزمان‬ ‫ال ترحم الكسالى وال المتفرجين‪.‬‬ ‫ومن موارد استنساخ التجربة الصينية في إدارة معارفنا‪ ,‬أقترح على شبابنا المبتعثين‬ ‫إلى الخارج‪ ,‬عليهم أن يبادروا إلى تعلم لغات عالمية وليكن الصينية أحد تلك‬ ‫اللغات‪ ,‬إذ ليس فخرا أن يبتعث إلى أمريكا أو بريطانيا ويعود وهو يجيد اللغة‬ ‫االنجليزية‪ ,‬ألنها لغته في الدراسة والتتلمذ في جامعته الغربية‪ ,‬كما أنه ليس فخر لنا‬ ‫أن نجيد اللغة العربية ألنها لغتنا األصلية في بالدنا العربية‪ ,‬لكن الفخر كل الفخر أن‬ ‫نعود بلغات جديدة نكتسبها خالل تواجدنا في الخارج‪ ,‬حيث توجد فرصة كبيرة لهذا‬ ‫الهدف‪ ,‬ومن أبرز تلك اللغات المتاحة التعلم هناك‪ ,‬ولها أهميتها‪ :‬اللغة األسبانية‪,‬‬ ‫واللغة الفرنسية‪.‬‬ ‫بالمناسبة صديقنا الدكتور عبدالجليل األنصاري‪ ,‬اكتسبت منه مهارة تحليل‬ ‫الشخصية من خالل خط اليد عام ‪1429‬هـ‪ ,‬عبر علم يدعى بـ علم الجرافولوجي‪,‬‬ ‫وكان له شرف نقل هذا العلم من الغرب إلى البيئة العربية‪ ,‬وذلك بوضع ضوابط‬ ‫تحليل النص العربي‪ ,‬وفقا قواعد تحليل الخط المعتمدة في هذا العلم‪ ,‬حيث وضعت‬ ‫في األصل على الحروف الالتينية‪ ,‬كما هو الحال في التحليل التكاملي الذي يعنى‬ ‫بمعرفة التغيرات الطارئة على بنية الحرف في شكلها األصلي‪ ,‬وبالتالي يتمكنون‬ ‫من معرفة سمات الشخصية من خاللها‪ ,‬حيث يقررون في هذا العلم بأن الكلمة‬ ‫‪24 of 41Page‬‬


‫المكتوبة بخط اليد ما عادت توصل معاني فقط لآلخرين بل تنثر المنظومة القيمية‬ ‫للكاتب‪ ,‬وإن غيبها بالتصنع واالفتعال‪ ,‬لقد بدأ هذا العلم على يد الطبيب البشري‬ ‫كاميلو بالدو عام ‪1622‬م‪ ,‬وهذا العلم بين مؤيد ومعارض في الدول الغربية‪ ,‬لكن‬ ‫من الثابت أن هناك العديد من الجامعات الغربية واألسيوية أدرجت هذا العلم ضمن‬ ‫مقرراتها الدراسية‪ ,‬وله مجالت علمية تنشر نتاج الباحثين فيه ومن أبرزهم‪ :‬دافنا‬ ‫يالون‪ ,‬و أريكا كاروز‪ ,‬وقد تبنت هذا العلم عدة مدارس علمية في عدة دول‪,‬‬ ‫واستحدثوا مناهج للتحليل بأسماء دولهم‪ ,‬فهناك المنهج األلماني‪ ,‬والمنهج الفرنسي‪,‬‬ ‫والشيق في األمر أن الدكتور عبدالجليل وهو في مسعاه للتعلم في دول الغرب‪,‬‬ ‫سواء في هذا العلم المذكور‪ ,‬أو غيرهم من العلوم السلوكية المرتبطة بالتواصل مع‬ ‫اآلخرين‪ ,‬وكثرة تنقله بين دولهم استطاع أن يتعلم كل تلك اللغات‪ ,‬وأضاف عليها ما‬ ‫كان يتقنه من قبل حيث هو من سكان مملكة البحرين‪ ,‬وعليه أصبح يتقن على وجه‬ ‫التقريب سبع لغات‪ :‬العربية‪ ,‬واالنجليزية‪ ,‬والفرنسية‪ ,‬واأللمانية‪ ,‬واالسبانية‪,‬‬ ‫واألردو‪ ,‬والفارسية‪.‬‬

‫المهارة الثالثة ‪ :‬تحديد األهداف ‪:‬‬ ‫ماذا يتوقع القارئ أن يطلع عليه في هذه المهارة‪ ,‬وقد قتلت بحثا وتعليقـا من قبل‬ ‫الكثير من الكتاب؟ ترى هل من جديد يستحق الذكر؟‬ ‫هذا السؤال مهم جدا‪ ,‬وال نقلل من أهميته‪ ,‬فتحديد األهداف تم بحثه من قــبل‬ ‫الكثيرين‪ ,‬أما أهمية ذكر هذه المهارة والتنويه بها فأعتقد بأنهــا القنديـــل الــذي‬ ‫يضيء الطريق المظلم‪ ,‬ومـن دونه يتخبط السالك يمينا وشمال‪ ,‬وربما مال عن‬ ‫جادته فهوى في أخطاء يكون حتفه فيها‪ ,‬هذا من جهة‪ ,‬ومن جهــة أخرى يجب أن‬ ‫ال ننسى أن هذه المادة إنما جعلت للراغبين في النجاح‪ ,‬و ال يمــكن ألي مخطط‬ ‫للنجاح أن يغفل أهمية هذا الموضوع أبدا فقد تــذهب مــوارده أدراج الرياح إذا لم‬ ‫يحدد الهدف بشكل دقيق‪.‬‬ ‫وتحديد األهداف بمثابة العدسة الجيدة التي تجمع أشعة الشمس لتركز قوتها على ما‬ ‫تحتها‪ ,‬لذا نعود ونقول ال بد من الحديث عــن األهداف‪.‬‬ ‫الفرق بين الهدف و الغاية ‪:‬‬ ‫قبل أن أسعى في التفريق بين الهدف والغاية‪ ,‬دعني أسألك سؤاال هاما‪ ,‬هل أنت‬ ‫ممن يجيد وضع أهداف لنفسه؟ فإن كنت كذلك فهذا أمر جيد‪ ,‬وإن كان عكس ذلك‪,‬‬ ‫فأرجو تركيز انتباهك لما سيأتي‪.‬‬

‫‪24 of 44Page‬‬


‫الفرق بين الهدف والغاية هو أن الهدف عــبارة عن مالحقة دائمة لغايات مهمة حتى‬ ‫يتم تحقيقها‪ ,‬وينبغي التأكــيد على مسألة أنها "دائمة"‪ ,‬أي مستــمرة على الدوام حتى‬ ‫يبلغ الــناجح مناه‪ .‬ومن دون التفريق هذا سينشغل المتطلع للنجاح بفرحة النجاحات‬ ‫الصــغيرة التي حققها – األهداف ‪ -‬وهي في الواقع ال تــعدو أن تكون وسيلة فقط‬ ‫لغاية كبيرة تمثل ثمرته التي يتطلع إليها‪.‬‬ ‫أنظر إلى فريق كرة القدم لو انشغـلوا بلذة إبداعهم في تسجيل الهدف األول والــثاني‬ ‫وتصفــيق الجماهير وحفاوتــهم بهم‪ ,‬ونسوا أهمية الغاية وهو الفوز بالمبادرة؛‬ ‫لضاع جهدهم أدراج الرياح‪ ,‬هذا مثال بسيط أوردته لسهولة فهمه‪.‬‬ ‫وبنفس المنطق يمكن دعم ومساندة المتطلع للنجاح بتحقيق غايات كبيرة‪ ,‬بأن يقسم‬ ‫مراحل بلوغ الغاية إلى أهداف صـغيرة ويركز عليها‪ ,‬ويتفاعل معها‪ ,‬ولينظر فيما‬ ‫بعد كم استطاع أن يقترب من غايته‪ ,‬ومن هنا جاءت أهمية تناول مفهوم بطاقات‬ ‫األداء المتوازن )‪ ,Balanced Scored Card (BSC‬فهي تزود المخطط‬ ‫االستراتيجي بعدسة إضافية أثناء رصده لمسار تنفيذ خطته‪ ,‬حيث األغلب يركز‬ ‫على ما تبقى من الخطة فيتفاجأ في نهاية مشوار إنجازه أن ما أنجزه دون‬ ‫المستهدف‪ ,‬بينما ‪ BSC‬تجعله على الدوام مراقبا ما تم إنجازه وهو ما تقوم به‬ ‫العدسة الخلفية للمراقبين‪ ,‬وفي نفس الوقت ترصد ما تبقى من الخطة‪ ,‬وهو ما تقوم‬ ‫به العدسة األمامية‪.‬‬ ‫الشاعر جاسم الصحيح غادر اإلحساء‪ ,‬إلى الواليات المتحدة األمريكية‪ ,‬ليحصل‬ ‫على شهادة البكالوريوس في مجال الهندسة الكيميائية‪ ,‬لكنه عاد منها بقريحة‬ ‫شعرية‪ ,‬كتب من خاللها بدايات شعرية واعدة‪ ,‬لقد اكتشف إحدى نقاط قوته وركز‬ ‫عليها وطورها‪ ,‬وقسم مراحل نجاحه الكبيرة إلى أهداف صغيرة‪ ,‬أوالها نجاحاته في‬ ‫المحافل المحلية‪ ,‬تالها نجاح على مستوى الدولة في مهرجان شعري بقرية المفتاحة‬ ‫بمدينة أبها‪ ,‬بعدها حصل على "جائزة البابطين" على مستوى الوطن العربي في‬ ‫عرس ثقافي بهيج‪ ,‬وال يزال كذلك بارزا في المحافل األدبية‪ ,‬ولعل من أبرزها‬ ‫حصوله على المركز الثالث في شاعر المليون في أبوظبي‪ ,‬ولم تكن حصد الجوائز‬ ‫هدف النهائي‪ ,‬وإنما وسيلة للتواجد في المحافل العالمية‪ ,‬وهكذا وصل إلى غاية‬ ‫كـبيرة من خالل حصده ألهداف صغيرة‪ ,‬ولو اكتفى أو أنشغل بنجاحات صـغيرة‬ ‫وهي الفوز بجوائز محلية لذهل عن التطلع للعالمية في الحضور‪ ,‬والتواجد‪ ,‬وتناول‬ ‫القضايا ذات الصبغة الشمولية لقيمة اإلنسان ومعاناته حيثما كان‪.‬‬ ‫الناجحون‪ ،‬وصفات أهدافهم الناجحــة‪:‬‬ ‫قبل أن نخوض غمار وصف األهداف الناجحة ينبغي اإلشارة إلى أمر هام هو أن‬ ‫كل إنســان له خلطة سـرية خاصة به‪ ,‬لو أتقن االعــتراف بها لنفسه لكفاه عناء‬ ‫مطاردة أو استجداء أهداف ناجحين آخرين بهدف تكرارها عن طريقه‪ ,‬فكل إنسان‬ ‫‪24 of 41Page‬‬


‫لديه بصمــة عقلية‪ ,‬وسلوكية‪ ,‬واجتماعية‪ ,‬تميزه عن اآلخرين‪ ,‬ال يشاركها فيها‬ ‫حتى إخوته الذين تناسلوا معه في بطن واحد‪ .‬تماما كما لكل واحد بصمة إصبع‬ ‫خاصة به‪ ,‬أيضا لكل واحد منا بصمة إنسانية خاصة به‪ ,‬وكل ما عليه أن يتقن‬ ‫تفعليها لتأخذ حيزها الطبيعي في سلم النجاح والتفوق‪.‬‬ ‫يذكــرني هذا بنصيحة أحد األخوة الذين حضروا دورة خطابة‪ ,‬فكان أحد المتدربين‬ ‫مغرم بتقليد طريقة الشيخ عبد الحميد كشك في طريقة إلقائه و تناوالته‪ ,‬حتى لقد‬ ‫مل المتدربون من كثرة تعمده للتقليد‪ ,‬مما دعا المدرب أن يأخذه جانبا بعد رحيــلهم‬ ‫فقال له‪ ,‬الشيخ كشك أحد المبدعين‪ ,‬والجماهير تطلب مبدعا آخرا‪ ,‬يحق لها أن‬ ‫تهوى إلى منبره‪ ,‬وتتلذذ بسمــاع محاضراته‪ ,‬فالناس تطلب التجديد‪ .‬البد وأن تعثر‬ ‫على نفسك في داخلك ‪,‬ستجد هناك شخص منحه الباري عز وجل خصائص ومزايا‬ ‫خاصة به‪ ,‬فعليك بذلك ‪.‬‬ ‫قد يظن البعض أن هذا يتناقض مع ما ذكرناها في الصفحات السابقة حول مصادقة‬ ‫الناجحين‪ ,‬نعم ال يوجد تناقض‪ ,‬ألن الهدف من مصادقة الناجحين هو اكتساب‬ ‫خبرتهم في اكتشاف خلطتهم السرية للملكات التي أهلتهم للنجاح‪ ,‬وكيف تم تفعيلها‪.‬‬ ‫حيث ال مجال لسرقة أو اغتصاب خلطة أحد‪ ,‬ولو أراد ذلك لن يجد هناك ما يسرقه‪,‬‬ ‫ألن لكل واحد خلط خاصة به‪ ,‬فليدرك ذلك تماما ويقصر الطريق على نفسه‪ .‬نعم‬ ‫ليتعرف على مهاراتهم في النجاح وكفى‪ ,‬وهذا ما يسعى له هذا الكتاب العملي الذي‬ ‫بين يديك‪.‬‬ ‫أال تنــظر كم نحن بحاجـة إلى أن نعترف بقوتنــا‪ ,‬ولو من باب بعث الثقة في‬ ‫إمكانياتنا‪.‬‬ ‫واآلن جاء دور الحديث عن أهم سمات أهدافك التي ستقودك إلى النجاح‪:‬‬ ‫‪ .1‬أهم أهدافك يجب أن تكون من وضعك أنت‪.‬‬ ‫‪ .2‬أهدافك يجب أن تكون مهمة‪.‬‬ ‫‪ .3‬أهدافك يجب أن تكون محددة وقابلة للتقييم‪.‬‬ ‫‪ .4‬أهدافك يجب أن تكون مرنة‪.‬‬ ‫‪ .5‬أهدافك يجب أن تكون مثيرة وباعثة على التحدي‪.‬‬ ‫‪ .6‬أهدافك يجب أن تكون متوافقة مع قيمك‪.‬‬ ‫‪ .7‬أهدافك يجب أن تكون متوازنة بشكل جيد‪.‬‬ ‫‪ .9‬أهدافك يجب أن تكون واقعية‪.‬‬ ‫‪ .9‬أهدافك يجب أن تشتمل على إسهام ما‪.‬‬ ‫أهدافك بحاجة إلى المساندة‪.‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫مساندة األهداف‪:‬‬ ‫‪24 of 42Page‬‬


‫يراد بالمساندة‪ :‬الدعم والتأييد‪ ,‬وهذا حتما يتطلب إبالغ اآلخرين‪ ,‬وتعريفهم بما أنت‬ ‫عازم على تحقيقه‪ ,‬وهنا يقع الفرد بين خيارات ثالثة تتفاوت في حجم الدعم ونوعيته‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫الخيار األول‪ :‬أن يعلن للجميع ما ينوي فعله فيورط نفسه‪ ,‬ويقبل أن يقع في التحدي‬ ‫أمام المأل‪ ,‬حتى ينجز أهدافه‪ ,‬ولعل في قبول التــحدي دافعا كبيرا له؛ ألن المتطلع‬ ‫للنجاح كما يحب أن يعلم الجميع بنجاحه‪ ,‬فهو يبغض أن يعلن فشله على المأل‪ ,‬وهذا‬ ‫بال شك يمنحه دعما معنويا كبيرا‪.‬‬ ‫الخــيار الثاني‪ :‬أن يكتم أهدافه حتى يتفرغ منها‪ ,‬متطلعا بلهفة لحظة اإلعالن عن‬ ‫ميالد إنجازه‪ ,‬الذي سوف يحقق لـه النجاح وبعلم الجميع‪ ,‬وكتمانه ذاك إلى حين‬ ‫اإلعالن يعتبر دافعا له للعمل بصمت‪ ,‬وهذا من صنف الدعم المعنوي‪.‬‬ ‫الخيار الثالث‪ :‬أن يقع في مرحلة وسطى بين الخيارين التاليين‪ ,‬حيث يعلن عن‬ ‫أهدافه للنخبة الذين يهتمون بنجاحـه وتطلعاته‪ ,‬ليسترشد بآرائهم‪ ,‬وليحققوا له الدعم‬ ‫المعنوي والمادي وقت الحاجة‪.‬‬

‫المهارة الرابعــة ‪ :‬التخطيط‬ ‫سألت أحد الناجحين األحسائيين عن سر تألق أعماله‪ ,‬وجودتها ؟ فأجاب‪:‬‬ ‫كنت في صباي أعمل في خياطة العباءة الرجالية ‪ -‬ويدعى في اللهجة األحسائية‬ ‫الدارجة بـ البشت‪ ,‬وهو ملبس عربي يرتديه النخبة االجتماعية في المناسبات على‬ ‫مالبســهم الخارجية ‪-‬حيث ورثت هذه المهنة عن آبائي‪ ,‬ومن أهم ما تعلمته فيها‬ ‫كيف أرسم مقاسات قماش البشت‪ ,‬قبل البدء في قص المقاسات‪ ,‬ألنه ثمين جدا‪ ,‬وأي‬ ‫خطأ فيه يهدد عالقتي بصاحب المشـغل‪ ,‬فمن الممكـن أن أفقد وظيفتي عنـده‪ ,‬أو‬ ‫يخصم من أجرتي‪ ,‬لذا كنت أعطيه من وقتي عناية كبيرة حتى ال تذهب جهودي‬ ‫في الخياطة والتطريز والتلميع أدراج الرياح‪ ,‬فأنا أعلم أن مهنتـــي ال يقل عملها‬ ‫عن جهود الفنـان؛ ألني أسكب خيوط الذهب على األقمشة بطرق فنية أصيلة تكسب‬ ‫البس البشت شـعورا بالفخر واالعتزاز‪ ,‬كما الفنان يسكب ألوانه بريشته على‬ ‫لوحته ليمتع الناظرين إليها‪ ,‬لذا علي أن أكون فنانا على الدوام‪ ,‬هذا باإلضافة إلى‬ ‫أن أدواتــي حادة ال ترحم أبدا‪ ,‬فالمقص إذ عمل في القماش وقطعه أوصاال لن‬ ‫يمكن أن يتم إصالحه‪ ,‬كما العطار ال يمكنه أن يصلح ما أفسده الدهر‪ .‬لذا كنت أقيس‬ ‫القمــاش مـرتين قبل القطع ألنه مرة واحدة‪ ,‬فقبل القطـع لدي عدة فرص لتالفي‬ ‫الخطأ أما بعد القطع فال يمكـن اإلصالح أبدا‪ ,‬ولما دخلت في ميادين العمل‪,‬‬ ‫وجدت نفسي أمام أعمال هامة تستلــزم التخطيط لها قبل اإلقدام عليها؛ ألن الخطـأ‬ ‫فيها يعنـي ضياع للمال‪ ,‬والمــواد‪ ,‬والوقت‪ ,‬والسمعة بين العمالء الحاليـين‬ ‫‪24 of 42Page‬‬


‫والمرتقبين‪ ,‬والمنافسين‪ ,‬وعجلة التطوير‪ ,‬والتجديد ال يرحمان المهمل أبدا‪ ,‬لذا‬ ‫قــررت أن أتعامـــل مع مشاريعي الصغيرة والكبيرة منها كما كنت أتعامل مع‬ ‫البشت الذي تعلمته فــي الصغــر‪.‬‬ ‫و نخرج من الحالة السابقة إلى أن التخطيط فـي حياة الناجحين بمثابة الرئة التي‬ ‫يتنفسون منها الحياة‪ ,‬فهي تمنحهم إمكانية أفضل الستثمار جهــودهم‪ ,‬وأوقاتهم‪,‬‬ ‫وأموالهم؛ ألنها طاقات‪ ,‬ومواد إذا صرفت لن تعود مرة أخرى إال بقيمـة أخرى‪,‬‬ ‫و بالتالي تضمن لهم مستقبال أفضل‪ ,‬باذن هللا‪.‬‬

‫المحور الثاني ‪ :‬حــشـد الطاقات‬ ‫تأتي أهمية محور حشد الطاقات بعد التفكير االستراتيجي؛ لكونه الجانب العمــلي‬ ‫فــي رحلة النــجاح‪ ,‬إذ طالمــا تطلع الناجحون إلى منال مميز‪ ,‬وحللوا بإمعان واقع‬ ‫بيئتهما الداخلية والخارجــية‪ ,‬وخرجوا برؤية ورسالة أشبه شيء بالبصمة العقلية‬ ‫للناجح‪ ,‬ولكن تلك البصمة لــن تأخذ صورتها على الواقع الخارجي ما لم تهيأ‬ ‫الظــروف‪ ,‬ويتحــقق سعي مركز جاد في المجاالت الكفيلة بوضع الخطط‪,‬‬ ‫و األحالم على أرض الواقع‪ ,‬في الجامعــة‪ ,‬أو المكتبة‪ ,‬أو السوق‪ ,‬أو المختبر‪.‬‬ ‫إن من األهمية بمكان أن تنطبع البصمة العقليـة على أرضية مالئمة ومتوافقـة‬ ‫مــعها‪ ,‬فقد عاش صاحبها عصفا ذهنيا مميزا‪ ,‬وحلقت آماله في آفاق النــاجحين‬ ‫عــبر صــداقة أفكارهم وطموحاتهم‪ ,‬وحددت األهداف بعناية‪ ,‬ثم عكفت علــى‬ ‫وضــع الخطط الالزمة لتحقيق األهــداف‪.‬‬ ‫إذن الناجح بحاجة إلى جهد كبير لجمع كل ما لديه من قــوى مالــية‪ ,‬ووقتـــية‪,‬‬ ‫وذهنية‪ ,‬وجسمانية‪ ,‬وعقالنيـة‪ ,‬وتنسيق تلك القوى من أجل تحقيق تلك األحالم إلى‬ ‫واقع‪ ,‬من أجل هذا سمينا هذا المحور بمحور حشد الطاقات وال ننــسى أن هـذه‬ ‫المرحلة على الرغم من جمالها في حياة الناجح‪ ,‬وقد يظن أنها نهايـــة المشــوار‪,‬‬ ‫غير أن الواقع يقول إنها ليست النهاية ولكن هي بداية النهاية‪ ,‬لذا عليــه أن يكون‬ ‫فعاال‪ ,‬يقظا لطبيعة المرحلة‪ ,‬وليستعد لمحور ثالث‪ ,‬اصطلحنا عليها بمحور جنــي‬ ‫الثمار والذي سوف نعالجه في موضعه قريبا‪.‬‬

‫المهارة األولى ‪ :‬التـــركيز‬ ‫عندما نتحدث عن التركيز‪ ,‬والنجاح‪ ,‬لن نحيلها إلى جدلية الدجاجة والبيضة أيهما‬ ‫أسبق في الوجــود‪ ,‬ال ‪ ..‬فالنتيجة محسـومة لصالح التركيز في األغلب األعم‪.‬‬ ‫‪24 of 41Page‬‬


‫فكم نكرة دخل مدينة علمية فتحول إلى معرفة بفضل جهده‪ ,‬وصبره‪ ,‬وتركزه‪ ,‬وكــم‬ ‫باحث بدأ بحثه وهو واهي العلمية‪ ,‬و اإلحاطة بموضوع بحثــه‪ ,‬فتحول بعدها إلى‬ ‫علم من أعالم ذلك الموضوع‪ ,‬وكم سالك في طريق خال من المؤنسات‪ ,‬ولكن‬ ‫بفضل المثابرة والتركيز قدم إسهاما علميا أنار الطريق ألجيال قادمة‪ ,‬أتت بعده‪,‬‬ ‫وكم فقير معدم من كل المؤهالت عدا الثقة باهلل والعزيمة التــي ال تلين دخل ساحة‬ ‫االقتصاد والمال فتحول بعدها إلى أكبر رجالها األثرياء‪ ,‬من أولئك الشيخ سليمان‬ ‫الراجحي‪ ,‬رجل األعمال المــعروف‪ ,‬يحدثنا عن تجربته أستاذنا الدكتور عصام‬ ‫كوثر حيث عمل معه في القطاع المصرفي‪ ,‬فهندس أعماله‪ ,‬واستطاع بفضل‬ ‫تركيزه وتخطيطه أن ينقل واقع مصرفية الراجحي إلى ما هي عليه اآلن من الجودة‬ ‫بعد أن كانت أشبه بدكاكين صرافة تقليدية‪ ,‬يقول عن تجربة الراجحي‪ :‬بدأ حياته‬ ‫عامال بسيطا يحمل رماد مواقد بيوت أهل القصيم على كتفه‪ ,‬رحل بعد أسبوعين من‬ ‫زواجه إلى مكة المكرمــة وهــو ال يملك أي شيء حـتى أجرة نقله‪ ,‬قايضها‬ ‫بخدمتـه في القافلة وقد قبلت بعرضه‪ ,‬أنزلته القافلة في سوق الصيارفة بجانب‬ ‫الحرم‪ ,‬ففتح عينيه على صناعة الصرافة‪ ,‬وعمل في بداية أيامه حماليا للمتسوقين‬ ‫والتجار في السوق‪ ,‬غير أنه ما لبث أن كسب ثقــة بعض التجار فأجروه ليقوم‬ ‫بأعمال الصرافة بنفسه‪ ,‬وقد افترش لهذا المجد الجديــد خيشة على األرض‪ ,‬وفعـال‬ ‫حولها سليمان الراجحـي إلى مجد بفضل جهده ومتابعته حتى تحول إلى أبرز‬ ‫الصيارفة في البالد‪ ,‬وانخرط بعدها في مجال األمــن الغــذائي وتحول إلى أكبر‬ ‫المنتجين للدواجن‪ ,‬والخضروات‪ ,‬والفواكــه‪.‬‬ ‫والشيخ سليمان العليان تجربته هو اآلخر أشهر من نار على علم‪ ,‬لكن للتأكيد على‬ ‫تألقها نذكرها هنا‪ :‬فقد بدأ حياته كسائق "تراكتور" في شركة أر امكو‪ ,‬وهــو اآلن‬ ‫من أكبر رجال المال واالقتصاد على الصعيد العالمــي أسس شركة قابضة فــي‬ ‫الــداخل والخارج‪ ,‬لديه وكاالت صناعــية وتجارية لعدة شركات عالمية منها‪ :‬كوكا‬ ‫كوال‪ ,‬وتوشيبا‪ ,‬وكولقيت‪ ,‬وكرافت‪ ,‬وكلينكس‪ ,‬وبسكوت نبسكــو‪ ,‬كما له حضور‬ ‫عالمي فـي ســوق األسهــم واألوراق المالية‪.‬‬ ‫لو انتقلنا من ساحة المال واالقتصاد إلى األدب والتأريخ لوجدنا الشيخ عــبد الرحمن‬ ‫المال‪ ,‬صاحب كتاب "تاريخ هجر" كيف كان يتساير مع إمكانياته المحـدودة‬ ‫والمتمثــلة في كفاف بصره‪ ,‬ألن من فقد حسا فقد علما‪ ,‬لكنه استطاع أن يعــوض‬ ‫نقص هذه الحاسة بالتركيز واالستثمار الدائم لباقي حواسه بشكل تفـوق إمكانيات‬ ‫المبصرين‪ ,‬تعال معي وانظر كيف يكتب على الرغم من كفاف بصره‪ ,‬سألته في‬ ‫إحدى اللقاءات عن كيفية تدوينه ألفكاره‪ ,‬فقال‪:‬‬ ‫إذا جن علي الليل‪ ,‬وغط جميع من في البيت في ســباتهم‪ ,‬أتــيت إلـى جهـاز‬ ‫التسجيل‪ ,‬ودونت ما أريد كتابته صوتا‪ ,‬وإذا أردت التعديل بالحذف أو اإلضافة ال‬ ‫أتردد في ذلك‪ ,‬وإن كان أمرا مزعجا من خالل جهــاز التســجيل‪ ,‬وإذا أصبحت‬

‫‪24 of 47Page‬‬


‫أوكلت مهمة تدوين ما في شريط التسجيل إلى سكرتير خاص بمهمة القــــراءة مـن‬ ‫الكتب‪ ,‬وتدويــن األشرطة‪.‬‬ ‫أما المؤرخ الشيخ جواد الرمضـان عضو النادي األدبي في الدمام‪ ,‬أمضى شـطرا‬ ‫كبيرا من حياته في خياطة البشوت‪ ,‬لكن بفضل تركيزه وجهده وبحثه كتب تـراجم‬ ‫ألعالم بالده في مصنفه المعروف "مطلع البدرين"‪ ,‬ومن أبرز مــا يمــيز هـذا‬ ‫المصنف هو استنــقاذه للعديد من التراثيات التــي كــادت أن تندثـر لـوال جهــوده‬ ‫وحرصه‪ ,‬وهمته ومن همته تلك‪ ,‬لما بلغــه أن إحدى مغارات جبل القارة صارت‬ ‫أرشيفا بل مقبرة لألوراق البالية من الكتب القديمــة التراثيـــة تعلوهــا أكــداس‬ ‫التــراب والحشرات‪ ,‬هناك وجد ضالته المنشودة في العديد من أكياس الخيش‪,‬‬ ‫فصار يمضي نهار كل خميس هناك للبحث والتنقيب فيها‪ ,‬وعادة ما يصطحب معه‬ ‫مجموعة ممن يصغرونه سنا من خياطي البشوت الذين يعمل معهم؛ ليساهموا معه‬ ‫في عملية البحث‪ ,‬ومن أولئك األستاذ فضل هللا بن سلمان بوحليقة‪ ,‬وقد نقل لي‬ ‫بعض مشاهداته حيث يقول‪ :‬كان الحاج جواد الرمضان‪ ,‬دؤبا في عمله البحثي‪ ,‬وفي‬ ‫نفس الوقت كان صاحب عائلة‪ ,‬وال بد أن يوفر لها لقمة العيش‪ ,‬فكانت فرصته‬ ‫للبحث في مغارة جبل القارة يوم الخميس‪ ,‬وهي فرصتنا أيضا للراحة من عناء‬ ‫العمل األسبوعي‪ ,‬فكنا نخرج معه للنزهة في حقول األحساء‪ ,‬وللسباحة في ينابيعها‬ ‫الطبيعية‪ ,‬و يجعل ضمن برنامج الرحلة البحث في تلك األكوام من الورق‪ ,‬وقد عثر‬ ‫خاللها على العديد من الدواوين‪ ,‬والوصايا‪ ,‬والصكوك‪ ,‬ألن البعض يتحرج من‬ ‫حرقها‪ ,‬ولهذا اعتادوا على أن يأتوا بها إلى المساجد القريبة منهم‪ ,‬ومن ثم يقوم‬ ‫القائمون على المسجد بنقلها إلى هذه المغارة من الجبل وعادة ما يعود بالعديد من‬ ‫المصادر األولية الالزمة إلنجاز عملية بحثه في تاريخ األحساء ورجالها‪.‬‬ ‫ومن اهتمامه ذاك سفره إلى البحرين مــا يربو على ثالثين مرة بالسفن التقليدية‬ ‫(اللنج) من أجل جمع تراث أهل البحرين‪.‬‬ ‫وفي مجال العمل الحكومي ترك الدكتور محمد الطويل منهجا إداريا رائــدا‪ ,‬نـــال‬ ‫على أثرها ترشيحا إلدارة المعهد الدولي للعلوم والتقنية في بلجيكا‪ ,‬ونافس على‬ ‫المركز األول‪ ,‬لكن الحظ ابتسم ألحد اليابانيين‪ ,‬كان هذا في عام ‪ 1991‬تقريبا‪.‬‬ ‫لقد حقق "الطويل" هذا اإلنجاز‪ ,‬بعد فترة طويلة من الكفاح‪ ,‬حيث بدأ مشواره في‬ ‫معهد اإلدارة العامة في الرياض‪ ,‬موظفا على جهاز بدالة سنترال المعهد‪ ,‬ولكنه‬ ‫أكمل تعليمه ليال‪ ,‬هم تدرج في سلم الوظيفة في المعهد إلى ان تقلد منصب مدير عام‬ ‫المعهد‪.‬‬ ‫وهذه واحدة من أشهر القضايا التي سارت بها الركبان‪ ,‬ما هو معروف عن األستاذ‬ ‫علي النعيمي فقد كان يرعى الغنم في بداية حياته مع أخــوالــه فـي إحدى بوادي‬ ‫‪24 of 48Page‬‬


‫الجزيرة العربية‪ ,‬بعدها التحق بشركة أرامكو كعامل نظافة وتــدرج فيهــا حتى‬ ‫صار رئيسا لها وقد دامت خدمته فيها ‪ 45‬سنة‪ ,‬وهو وزير النفط في المملكة‬ ‫العربية السعودية‪.‬‬

‫المهارة الثانيـــة ‪ :‬ترتيب األولويات‬ ‫النـــاجحون فـي حياتهم هم األكثر حرصـا على ترتيب أولوياتهم‪ ,‬ويــراد بترتيب‬ ‫األولويات عدم التعامل مع األمور والمهام على وتيرة واحدة من حيث األهمية في‬ ‫توقيت التنفيذ‪ ,‬ومدته‪ ,‬والدعم المــالي المناسب له‪ ,‬ومدى إمكانية تفويض إنجازه‬ ‫عن طريق اآلخريـن‪.‬‬ ‫بسبب عدم ترتيب األولويات عادة ما تكون العائــلة‪ ,‬والصحـة‪ ,‬والعالقات‬ ‫االجتماعية من أكثر ضحــايا مدمني األعمال واإلنجازات‪ ,‬وإذا ما حانت ساعة‬ ‫العتاب والشره من قبل األصحاب واألحبة‪ ,‬تذرعوا ‪ -‬أصحاب األعمال – بضيق‬ ‫الوقت وكثرة المهام‪ ,‬غــير أن للناجحين منهجيــة وأسلوب جديرة باالطالع‪ ,‬وهذه‬ ‫واحدة من تلك المنهجيات‪:‬‬ ‫منهجية الخيارات األربع‪:‬‬ ‫ال أحد يستطيع أن يفرض عليك أن تنجز كل مهمة تتصل بك‪ ,‬بل لك من الحق‬ ‫األدبي‪ ,‬والقانونــي‪ ,‬والعرفي‪ ,‬واألخالقي‪ .... ,‬وكل ما في الوجود من لوائح‬ ‫وتشريعات‪ ,‬تؤكد أن كل فرد في هذا الوجــود ما دام عاقـال‪ ,‬تام األهليــة‪,‬‬ ‫والواليــة‪ ,‬أن يعمل عقله لمراجعة ما هو واجب عليه آدائــه بحكم الشـرع والقانون‪,‬‬ ‫وما عدا ذلك فهو مخير فيـه بين إنجازه بنفسه‪ ,‬ولكن ليس في الحال‪ ,‬أو تفويضه‪,‬‬ ‫أو رفضه تماما‪ ,‬وإخراجه من قائمة مهامه‪ .‬إذن نخرج من هذا أن على الراغب‬ ‫في النجاح أن يصنف األعمال التي تقع تحت يده إلى أربعة أصـناف‪ ,‬وعليه أن‬ ‫يخاطب عقله تجاهها بأحد الخطابات التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬اتركــها‪ ....‬نعم‪ ....‬قل لعقلك أتركها‪ ,‬مادمت لست ملزما بها‪ ,‬ألن من ال‬ ‫يقول ال‪ ,‬ال يستطيع أن يقول نعم للمهام التي هي من صميم واجباته‪.‬‬ ‫‪ .2‬فوضها‪ ....‬تقولها عندما ترى من الواجب القيام بها‪ ,‬لكن ليست بالضرورة‬ ‫من خاللك‪ ,‬هنا ليس عليك فقط أن تقول لعقلك اتركهـا وفقط‪ ,‬بل فكـر أيضا‬ ‫فـي الشخص المناسب للقيام بها بشكل يماثـل دورك وربما يزيد عليه‪.‬‬ ‫‪ .3‬أجلها ‪ ....‬تقولها عندمـا تكون األعمال ليست على مستوى من األهمية في‬ ‫الوقت الحاضر إذا ما قورنت بالمهام ذات الصبغة العاجلة‪ ,‬أو التي حـان‬ ‫وقت إنــجازها كما هو مقرر لها في جدول األعمـال‪.‬‬ ‫‪ .4‬قم بها ‪ ....‬تقولـها لألعمال ذات األهمية القصوى‪ ,‬والتي ال يمكن القيام بها‬ ‫عن طريق اآلخرين‪ ,‬ومن الواجب أن تكون عدد هذه المهام في أقل مستوى‬ ‫من األعمال الـتي تدخل حياتك‪ ,‬والحظ أن هناك ثالثة فالتر مرت‬ ‫‪24 of 42Page‬‬


‫(اتركها‪ ,‬فوضها‪ ,‬أجلها) إنما وضعت قبلها‪ ,‬فذاك من أجل تخفيف قائمة‬ ‫األعمال العاجــلة والطارئة؛ لتفرغ حقا لما هو يستحق أن تتفــرغ له بنفسك‪,‬‬ ‫لتظل أعمالك الهامة هي التـي تدفع بك في عداد الناجحين‪ ,‬ألن الناجح ال‬ ‫يقوم بكل شيء بل له أعوان يساهمون في بناء صرح نجاحه‪ ,‬فلتكن أحد‬ ‫أولئك المخدومين‪.‬‬ ‫الدكتور عصام كوثر في مدينة جدة‪ ,‬من أكثر األكاديميين انشغاال‪ ,‬أشرف على‬ ‫أطروحتي في درجة الماجستير في مجال إدارة األعمال‪ ,‬وكانت حول جاهزية‬ ‫المؤ سسات المرشحة للتخصيص لتطبيق إدارة الجودة الشاملة ‪ ,TQM‬التقيت‬ ‫به عدة مرات خارج إطار اإلشراف على الرسالة‪ ,‬غير أنه لم تتح لي فرصة‬ ‫اإلطالع على منهجية فـي إدارة أعماله المنزلــية والحاجيات الخاصة‪ ,‬لكن ذات‬ ‫مرة دعاني لوجبة غداء مع أحد الزمالء‪ ,‬أتاحت لنا تلك الجلسة العفوية التأمل‬ ‫قليال في منهجيته عند ترتيب أولوياته المنزلية والمكتبية‪ ,‬دار الكالم حـول كيفية‬ ‫النـجاح فـي تخفيف أعباء الحــياة اليومية عن كاهــل المنشغلين بالمهام الكبيرة‬ ‫في حياتهم فخرجنا من منهجيته بتصور مفاده ما يلي‪:‬‬ ‫ينبغـي للناجح أن ال يكون " ســوبرمان " زمانه وذلك بأن يقوم بكل شيء‬ ‫يخصه‪ ,‬بل عليه ان ينتقي من يفوض له بعض المهام التي من شأنها أن تفوض‬ ‫له‪ ,‬وأمر آخر في غاية األهمية وهو عـليه أن ينتقي للمهام القابلة للتفويض ذات‬ ‫الصفة المتكررة أشخاصا أو مؤسسات‪ ,‬وليكـن االنتقاء بحرص وعناية‪ ,‬بعد‬ ‫ذلك يقوم بتثبيت مستوى الجـودة المطلوبة في المـهام التـي سـتفوض لهم‪ ,‬ألن‬ ‫المتطلع للنجاح لو تصدى إلنجاز جميع ما هو مطلوب منه – وما أطول تلك‬ ‫القائمة ؟؟ ‪ -‬لضاع وقته وأصبح معقبا في الدوائـر الحكوميــة‪ ,‬أو مندوب‬ ‫مشــتريات لمقاضي البيت‪ ,‬أو مســئول صيانة منافع البيت والسيارة‪ ,‬أو سائق‬ ‫يجوب الشوارع ليل نهار‪ ,‬وبهذا لن يفرغ إلنجاز غاياته التي يتطلع إليها‪.‬‬ ‫الجيد في نتائج هذا اللقاء أني وقفت على مصداق خارجي لمسألة هامة‪ ,‬أال‬ ‫وهي أن الناجحين تجمعهم عادات ومهارات أشبه شيء بالقواسم المشتركة التي‬ ‫تميز حياتهم‪ ,‬والذي قادني إلى هذه النتيجة بشكل عملي‪ ,‬تذكرت خـالل عرض‬ ‫الدكتور عصام لمنهجيته في إسناد مهامه المكتبية والمـنزلية إلى ذوي المهـارة‬ ‫الذين تم انتقاؤهم بجــودة محددة‪ - ,‬تذكرت – كالم للدكتور طارق السويدان في‬ ‫نفس الموضوع عبر مقابلة تلفزيونيــة‪ ,‬وقد التقت وجهة نظر كل منهما في أن‬ ‫النـاجح بإمكانه أن ينجز مهامه الخاصــة ذات الطـابع المنزلـي‪ ,‬عبر تحديد‬ ‫مجموعـة من المراكز والمؤسسات‪.‬‬

‫‪24 of 11Page‬‬


‫واآلن بعد الوقوف على هاتين الخبرتين في مجال ترتيب األولويات‪ ,‬أال يمكـننا‬ ‫أن نحدد مصادر لخدماتنا وسلعنا؛ من أجل تخفيض وقت الحصول عليها‪,‬‬ ‫وتحديد جودتها‪ ,‬تعال معي وشاركني وجهة نظرك فيما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬اختيار سوق متنوع السلع تحت سقف واحد (سوبر ماركت)‪ ,‬يتم‬ ‫تخصيصه لشراء الحاجات اليومية المنزلية‪ ,‬وهذا من شأنه أن يسهل‬ ‫الحصول على السلع المطلوبة للمنزل بشكل سريع‪ ,‬بلحاظ كثرة التردد‬ ‫على هذا السوق وحفظ أماكن السلع وأرففها‪.‬‬ ‫‪ .2‬اختيار مركز لصيانة األعمال المنزلية‪ ,‬وهذا من شأنه أن يسهل عملية‬ ‫االتصال به عند الحاجة‪ ,‬فهو بدوره أيضا سيتعرف على موقع البيت‬ ‫ويتابع بشكل دوري لألعطال الطارئة ويقوم بالصيانة الدورية بشكل‬ ‫منتظم‪ ,‬وجميع هذه الخدمات يمكن أن تتم من دون حاجة الذهاب للمركز‬ ‫في كل حالة يحتاجها البيت لعملية صيانة‪ ,‬وكذا يقلل عناء التعرف على‬ ‫األسعار‪ ,‬والحال يجري أيضا على اختيار مركز لصـيانة السيارة‪ ,‬عند‬ ‫الحاجة إلصالح األعطال الخفيفة فيها كإصالح أعطال كهرباء السيارة‪,‬‬ ‫وصيانة إطار السيارات‪.‬‬ ‫‪ .3‬اختيار مطعم إلعداد وجبات الحفالت‪ ,‬سواء منها المتعلقة بالمناسبات‬ ‫العائلية أو ما يتعلق منها بالعمـل‪ ,‬ويمكن من خالل التعامل‪ ,‬معرفة‬ ‫األصناف أكثر‪ ,‬والتالي يسهل تحديد مستويات األصناف وأنواعها‪ ,‬وهذا‬ ‫سيكفي الواحد منا عناء ضمان الخدمة من خالل الهاتف‪ ,‬وعادة ما يتم‬ ‫ذلك عن طريقك أنت‪ ,‬أو سكرتير المكتب‪.‬‬ ‫‪ .4‬اختيار مستشفى معين؛ وذلك لضمان فتح ملف للعائلة‪ ,‬والحصول على‬ ‫متابعة للحاالت المرضية من خالل عياداته‪ ,‬ومختبراته واألجمل من كل‬ ‫ذلك إمكانية متابعة تاريخ الحاالت المرضية ال سمح هللا فهي توفر‬ ‫الوقت والجهد الكبير لالستشاريين‪.‬‬ ‫‪ .5‬اختيار مكتب لحجز السفريات‪ ,‬والفنادق‪ ,‬وهذا لن يسهل علينا الخدمة‬ ‫ونحن في داخل البالد‪ ,‬بل وحتى في خارجها‪.‬‬ ‫جرب واحكم بنــفسك‪:‬‬ ‫العقل يأنس للتجارب العملية عند برمجته فلماذا ال نمتع عقولنا بأحد التجــارب‬ ‫العملية التي لن تكلفنا سوى القليل؟ لكن نتاجها‪ :‬ثر‪ ,‬غزير في كل ساعة من ساعات‬ ‫أيامنا وعقودنا المقبلة بإذن هللا‪ ,‬خذ إناء بالستيكيا شفافا‪ ,‬وحجــارة ورمـال‪ ,‬واعمل‬ ‫تجربتين كما يلي‪:‬‬ ‫التجربة األولى‪ :‬ضع في اإلناء أكبر الحجر ما استطعت‪ ,‬وتخيل أن كـل حجــارة‬ ‫تمثل واحدة من مهامك الكبيرة في جدولك اليومي‪ ,‬والتي البد أن تنجزها‪ .‬ثم اسكب‬ ‫الرمـل علـى الحجارة‪ ,‬ماذا سيحدث؟ سترى بأن الرمل أخذ وضعا مناسبا له بين‬

‫‪24 of 11Page‬‬


‫الحجر‪ ,‬وأنت تسكب الرمل بين الحجر‪ ,‬تخيل أن كل حبة رمل تمثل موقفا وتصرفا‬ ‫ومهمة صغيرة تقوم بها في يومك‪.‬‬ ‫التجربة الثانية‪ :‬وهي قلب الوضع بين بداية وضع الحجارة والرمل‪ ,‬هذه المرة أبدا‬ ‫بوضع الرمل أوال‪ ,‬ماذا ستجد؟ تجد أن الحجارة لم يعد لها موضعا في اإلنــاء‪ ,‬وإذا‬ ‫حاولت تكديسها فوق بعضها‪ ,‬لوجدت أنها أمام أي حركة بسيطة ســتقع‪ ,‬وربمــا‬ ‫وقعت على قدمك فأدميته‪.‬‬ ‫أليس في هذا مثال عملي على أن اإلنسان المتميز المتطلع إلى األفضل‪ ,‬ينبغي عليه‬ ‫أن ينظر إلى أيام حياته على أنها وعاء زمني‪ ,‬وأنه سوف يرتفع عند هللا‪ ,‬ثم عند‬ ‫نفسه‪ ,‬وعند الناس بمقدار مـا يضــع مـن إنجازات ونجاحات في أيام حياته‪ .‬وعليه‬ ‫أن يراعي أن يبدأ بملء وعائه بالمهام الكبيرة؛ لتأخذ مكانها الهادئ المستقر الذي ال‬ ‫تزعزعه المــؤثرات المنغصات‪ ,‬وليترك لمنافعه وملذاته‪ ,‬ولصداقاته‪ ,‬ولعالقاته‬ ‫العامة العفوية فرصـــتها فـي حياته‪ ,‬وستأخذ نصيبها بشكل مرضي كما أخذت‬ ‫حبات الرمل فرصــتها بيـن أكـوام الحجر‪.‬‬ ‫لقد أتاحت لي العالقة مع الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي‪ ,‬مجاال لإلطالع على‬ ‫برنامجه اليومي بعد أن تقاعد من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة‪ ,‬وكان برنامجه‬ ‫مثاال لالحتذاء فقد أثمر عن شخصية ناجحة‪ ,‬بل تحول بفضل االلتزام بتنظيم الوقت‬ ‫إلى مدرسة للنجاح في عدة ميادين علمية وميدانية‪ ,‬فهو اآلن أحد أعالم العربية على‬ ‫الصعيد العالمي‪ ,‬وعالما دينيا بارزا‪ ,‬ومفكرا‪ ,‬وكاتبا‪ ,‬وأديبا بارعا‪ ,‬عاش الدراسة‬ ‫الدينية في أرقى منازلها العلمية‪ ,‬ومارس الحياة األكاديمية وكان في الطليعة المميزة‬ ‫بين أعضاء هيئة التدريس فيها‪ ,‬برنامجه اليومي يبدأ والعالم من حوله يغط في‬ ‫سبات عميق‪ ,‬عدا أمثاله من الناجحين‪ ,‬فهو يستقيظ باكرا‪ ,‬قبل الفجر بساعة‪ ,‬أو‬ ‫ساعتين ويشرع في برنامج عبادي‪ ,‬وبحثي حتى تشرق الشمس‪ ,‬بعدها يتناول‬ ‫اإلفطار‪ ,‬ثم يطلع على الصحافة المحلية‪ ,‬بعدها يواصل مشوار بحثه حتى الظهيرة‪,‬‬ ‫وبعد صالة الظهر والعصر‪ ,‬وأخذ قسط من الراحة وتناول الغداء‪ ,‬يفرغ ألبنائه‬ ‫وأحفاده وأسباطه‪ ,‬عصرا وحتى الغروب‪ ,‬وبعد صالة المغرب والعشاء يستقبل‬ ‫زواره بشكل منتظم حتى الساعة التاسعة ليال‪ ,‬ثم يخلد للنوم استعادا ليوم آخر حافل‬ ‫بالنجاح واإلنجاز‪ ,‬وبفضل هذا البرنامج ألف من الكتب والمراجع العلمية‪ ,‬ما يربو‬ ‫على ستين كتابا‪ ,‬ولعل برنامجه يشتمل على نظام يشترك فيه العديد من الناجحين‪,‬‬ ‫وذلك القاسم المشترك هو إيداع أكبر إنجازاته في وعاء يومه قبل كل شيء ثم يتفرغ‬ ‫لألمور االعتيادية المطلوبة منه كأب مع أبنائه‪ ,‬أو كعالم بين رواده من الباحثين‪,‬‬ ‫والمثقفين‪.‬‬ ‫الملفت في تجربة الشيخ الدكتور‪ ,‬أنه استطاع أن يطبع أفراد عائلته ببرنامجه‪,‬‬ ‫واستوعبوها جيدا فرس الته في الحياة معلنة لدى الجميع‪ ,‬بل والكل يعلمها ويقدرها‪,‬‬ ‫‪24 of 14Page‬‬


‫ولذا يسعون بتهيئة الظروف إلنجاحها‪ ,‬وقد حدث أن عشت واحدة من المواقف‬ ‫الكاشفة عن هذا األمر‪.‬‬ ‫ففي إحدى الليالي التي كنا نتردد عليه في المنزل‪ ,‬وكان كعادته عالما‪ ,‬رائعا في‬ ‫عرض معلوماته مهاما تنوعت من حيث المشرب الفكري‪ ,‬طال بنشأتها الزمان أو‬ ‫قصر‪ ,‬حيث له من الذاكرة والرصد الدقيق‪ ,‬لألحداث قديمها وحديثا بشكل ملفت‪,‬‬ ‫وقد ازدحم المجلس بالحضور‪ ,‬وزادت المشاركات والمداخالت من الضيوف‪ ,‬ما‬ ‫أدى بالجلسة أن تزحف على موعد ختام برنامج االستقبال اليومي المقرر سلفا‪ ,‬فما‬ ‫كان من ابنه األستاذ فؤاد إال أن اعتذر بطريقة لبقة كعادته‪ ,‬موضحا أن برنامج‬ ‫الشيخ قد انتهى وال بد أن يستعد للنوم‪.‬‬ ‫المهارة الثالثـة‪ :‬إدارة الوقت‬ ‫هل سبق وأن رأيت بهلوان سيرك الكرات المقذوفة في الهواء على هيئة العجلة‬ ‫أثناء العرض؟ هل الحظت كيف تنشد له أعناق الحضور‪ ,‬وهم في حــال مـن‬ ‫الــذهول و اإلعجاب؟ ألم يستطع أن يغزو محافظ نقودهم‪ ,‬فجعلهم يشترون تذاكر‬ ‫الدخول كمـا غزا مشاعرهم وكسب رضاهم؟ أتعلم ما السر في هذا النجاح؟ السر‬ ‫هو نجاحه في إدارة وقته عند قذف الكرة‪ ,‬الستالم األخرى‪ ,‬وهكذا بحيث لو أخرها‬ ‫جــزء مــن الثانية لسقطت الكرات‪ ,‬وسقط إبداعه معها‪ ,‬نعم بإمكانه جمعــها مرة‬ ‫أخرى‪ ,‬إلعادة الكرات للعب مرة أخرى‪ ,‬لكن لن يجد جمهورا‪ ,‬كمــا لو كان في قمة‬ ‫إبداعــه وفنه‪.‬‬ ‫أنت أيها التواق إلى النجاح بإمكانك أن تشغل وقتك بما ينفعك‪ ,‬وتشغل الـدنيا معـك‬ ‫أيضا بجودة إنتاجك‪ .‬انظر إلى تجربة الدكتور سامي حسن حمود مصمم برنــامج‬ ‫"المرابحــة بأمر الشراء" البديل اإلسالمي للمقترضين من المصارف دون‬ ‫الخــوض في شبهة الربا بأي حال من األحوال‪ ,‬ترك البنك األهلي األردنـي بعد‬ ‫عشرين عاما من العمل في المصارف الوضعية‪ ,‬لينصر المنهجية اإلسالمية‪ ,‬وفعال‬ ‫تمكن من ذلك‪ ,‬وأداته التي صممها للمصارف اإلسالمية تستخدم في عمليات‬ ‫التمويل المصرفية بنسبة تتراوح ما بين ‪ %75-61‬من عمليات البنك‪ ,‬أو ليس هذا‬ ‫فيها إشـــغال للناس بالطاقــة بعدما أشغل نفسه بها‪ ,‬يتحدث أستاذنا فضيلة الدكتور‬ ‫أحمد بن حسن الحسني ‪-‬المشرف على أطروحتي في مرحلة الدكتوراه في تخصص‬ ‫االقتصاد اإلسالمي‪ -‬عن تجربة الدكتور سامي تلك‪ ,‬لما كان يحضر لرسالته في‬ ‫االقتصاد اإلسالمي في مصر‪ ,‬وقد أخذ على عاتقه إيجاد مخرج لمسألة الوعد الملزم‬ ‫في عقد مرابحة اآلمر بالشراء‪ ,‬هل أن الوعد ملزم ديانة‪ ,‬وقضاء‪ ,‬أم ديانة فقط‪,‬‬ ‫ومن صالح البنك أن يكون هذا الوعد قضاء حتى يتمكن من رفع دعاوى على‬ ‫العمالء الذين يأمرون البنك بشراء سلعة بصيغة المرابحة‪ ,‬على أن يشتريها العميل‬ ‫بعد ذلك من البنك بمبلغ يشتمل على قيمة الشراء وربح معلوم لدى البنك والعميل‪,‬‬ ‫لكن بعض العمالء ال يفون بوعد الشراء من البنك‪ ,‬وبالتالي تضيع كثير من حقوق‬ ‫البنك‪ ,‬و المتمثلة في شراء السلعة‪ ,‬ونقلها‪ ,‬وربما تحتاج بعض السلع إلى التخزين في‬ ‫‪24 of 11Page‬‬


‫ظروف معينة كالتبريد والحفظ من العوامل الخارجية‪ ,‬وغيرها من المصروفات‪ ,‬ثم‬ ‫ال يتمكنون من مقاضاة هذا العميل عند المحاكم‪ ,‬يقول فضيلة الدكتور أحمد أن‬ ‫الدكتور سامي أنفق وقتا طويال إليجاد مخرجا شرعيا‪ ,‬يتمكن من خالله القول‬ ‫بصحة المقاضاة في المحاكم‪ ,‬وقد أضناه البحث أيما ضنى‪ ,‬حتى كاد أن يفقد األمل‪,‬‬ ‫وقد طاول الليالي‪ ,‬وأفنى الساعات‪ ,‬واألدهى من ذلك أنه جعل سقفا له يتمثل في‬ ‫مجموعة كتب من التراث الفقهي‪ ,‬فإذا لم يجد فيها الحل فمعنى ذلك أن مخرجا‬ ‫شرعيا ستخسره المصرفية اإلسالمية‪ ,‬ولكن الحل جاء في آخر كتاب من الكتب‬ ‫المرصودة للدراسة والبحث‪ ,‬ووجد فيه ضالته‪.‬‬ ‫والخالصة التي نخرج بها من هذه التجربة أن بعض االنجازات ال يمكن أن تجنى‬ ‫ثمرها إال من خالل منحها الوقت الالزم والكافي‪ ,‬و إال ضاعت الجهود سدى‪ ,‬أما‬ ‫ترى قول اإلمام علي عليه عليه السالم في هذا الصدد ماذا يقول‪" :‬ومجتني الثمرة‬ ‫لغير وقت إيناعها كالزارع بأرض غيره"‪ ,‬أي أنه ال ينال منها شيء‪ ,‬فتجربة‬ ‫الدكتور سامي كانت طموحة ولكن تحتاج إلى تكثيف الجهد في زمن أطول‪ ,‬وعليه‬ ‫إذا كانت الطموحات كبيرة فلتمنح الوقت الكافي لها‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬جــني الثمار‬ ‫هذا هو المحور األخير في نموذج النجاح‪ ,‬تذكرون أننا تحدثنا عن محورين‬ ‫أساسيين أولهما‪ :‬التفكير االستراتيجي‪ ,‬و ثانيهما‪ :‬حشد الطاقات‪ ,‬واآلن جاء دور‬ ‫الحديث عن جني الثمار‪ ,‬وهو مكمل لمحور حشد الطاقات من حــيث التطبيق‪ ,‬فـي‬ ‫مقابل النظرية التي انفرد بها محور التفكير االستراتيجي ‪.‬‬ ‫إن مرحلة جني الثمار‪ ,‬مرحلة لها خصوصيتها فإن كان في تفكيره االستراتيجي‬ ‫عاش لحظات من الحلم والتطلع‪ ,‬وهو على أريـكـة مريحة‪ ,‬أو على ضفاف نهر‬ ‫دفاق‪ ,‬وقد بدى على هذه المرحلة طابع رومانسي نوعا مـا‪ ,‬فكانت أشــبه شــيء‬ ‫بــالحلم ‪.‬‬ ‫وكذا إن كانت مرحلة حشد الطاقات اتسمت بالحركة‪ ,‬والتعب‪ ,‬والسعي الحثـــيث‪,‬‬ ‫وفيها ما فيها من الصراع‪ ,‬فإن مرحلة جني الثمار ينبغي أن تكــون مرحــلة تتسم‬ ‫بالجمال‪ ,‬واألريحية‪ ,‬ألنها مرحلة إخراج النتاج إلى المستفيدين الذين طالما تطلــع‬ ‫الناجح أن يكون في أوساطهم ‪.‬‬ ‫أجل ‪ ..‬إن الطبيب ال يستطيع أن يحقق حلمــه بتقديــم العــالج وتضمـــيد جــراح‬ ‫المكلومين إال إذا كان لديه مرضى‪ ,‬والمدرس لن يستطيع أن يستشعر قيمة التعليم‪,‬‬ ‫والتربية الفكرية ما لم يتواجد في وسط تالميذ‪ ,‬بل وحتى األب ال يمكن له أن يحمل‬ ‫هذه المكانة إال بوجــود أوالد ينجبهم من صلبه‪ ,‬إذ ال يكفي أن يتزوج وفقط ‪.‬‬ ‫‪24 of 12Page‬‬


‫وجميع هؤالء المستفيدين يهمهم الجانب األخالقــي والقيمي عند تقديـم السلعة‬ ‫والخدمة لهم ‪ ... ,‬يهمهم أن يكونوا في حالة رضا عن المنتِج والمنتج ‪ .‬فالطبيب ال‬ ‫يكفي أن تكون لديه معلومات طبية متقدمة‪ ,‬بل البد أن يشعر المريض بحرص‬ ‫الطبيب على شفائه‪ ,‬ويحفه بالسؤال المخلص‪ ,‬ولالبتسامة في وجه المـريض‬ ‫وذويه‪ ,‬في بعض المواقف أثر يفوق المراهم ليونة ونعومة‪ ,‬كذلك األبناء اليهمهم‬ ‫فقط مسمى األبوة‪ ,‬وأنهم غير أيتام من الناحية الشرعية‪ ,‬فهم يتطلعون إلى أبوة‬ ‫حانية ينعمون بظاللها وفيئها‪ ,‬وكالخيمة تجمع الشمل في حياة رغيدة العيش‪ ,‬كـذلك‬ ‫الوالي والمـســئول عن رعاياه في كل مواقع المجتمع‪ ,‬يهمهم اللطف والمعاملة‬ ‫الطيبة‪ ,‬يقـول في هذا المضمار اإلمام علي في عهده لمالك األشتر‪ ,‬وقد واله أمر‬ ‫مصر‪" :‬وأشعر قلبك الرحمة بالرعية واللطف بهم‪ ,‬والحنان عليهم‪ ,‬وال تكونن عليهم‬ ‫سبعا ضـاريا تغتنم أكلهم فإنهم صـنفان‪ :‬إما أخ لك في الدين‪ ,‬أو نظير لك في الخلق‪.‬‬ ‫إذن ال بد للمتطلع للنجاح أن يرعى الجانب األخالقي عند ممارسة رسالته بين‬ ‫مستفيديه ليجني ثماره التي طالما تطلع إليها وداعبت مخيلته صورتها‪.‬‬

‫المهارة األولى‪ :‬اإلتــــقان‬ ‫أظن أني قمت بتمهيد كاف للحديث عن أهمية مهارة إتـــقان المخرجات النهائـــية‬ ‫للمستفيدين‪ ,‬ألنها تمثل روعة وجمال الطبق الذي تنطبع عليــه البصمــة العقليــة‬ ‫للناجح في الحياة‪ ,‬والتي هي بحق الوجه النهائي الذي سوف يــراه المستفيد‪,‬‬ ‫ويتفاعل معه‪ ,‬فهو ال يعلم كم جاهد الناجح في تفكيره‪ ,‬وسعيه‪ ,‬وكفاحه‪ ,‬لكــن يعلم‬ ‫تماما ما هي مخرجات ونتائج الناجح‪ ,‬هل هي جميلة وممتعة تسر الناظرين؟ أم‬ ‫قبيحة تثير السخط واألسف على الجهود التي ضاعت سدى عنــدما كــان هـذا‬ ‫المسكين في مرحلة تفكيره االستراتجي‪ ,‬وحشده لطاقاته؟ وهذه الصورة بكل حق‬ ‫هي ما تبقى في ذاكـرة المستفيدين من نتاجات العاملين‪ ,‬ومن خالل مستواها يحكم‬ ‫على جودة حياة المنتج من سوئها‪.‬‬ ‫الجيد في األمر أننا نرى أحدى أبرز نتاجات الناجحين في مجال اإلدارة طبقت هذه‬ ‫المفاهيم‪ ,‬و أخذت حظها من النجاح بشكل كبير‪ ,‬ولم تبق فقط فكــرة جميلة في‬ ‫ذهــن صاحبها وصفق لها المستمعين والقراء بجودة تنظيرها‪ ,‬ال ‪ ...‬بــل اســتطاع‬ ‫أن يجني ثمارهـا اقتصاديا وبشكل مروع للمداخل اإلدارية التقليدية األخرى‪ ,‬مما‬ ‫دعاهم أن يأتوا ليتعلموا فلسفتها وكأنهم لم يتعلموا من قبل‪ ,‬كل ذلك لينقذوا واقع‬ ‫مؤسساتهم من تنافسية قاتلة ستودي بهم نحو اإلفالس والضياع‪ ,‬وهذا المنهج ليس‬ ‫بجديد علــيك فقـد نوهــت عنــه فــي الصفحات السابقة عند الحديث عن المحور‬ ‫األول‪ ,‬إنه مدخل إدارة الجودة الشاملة (‪ )T.Q.M‬ذلك المـدخل الـذي اعتمد منهجية‬ ‫عمادها يقوم على تحقيق رضا العمـالء وتجاوز توقعاتهم‪ ,‬والذي دعاني‬

‫‪24 of 12Page‬‬


‫الستعراضه في هذا الموضع من الكتاب إنما من أجل أن أوضح طبيعة فلــسفته في‬ ‫تحقيق اإلتقان‪.‬‬ ‫إن إدارة الجودة الشامـلة‪ ,‬إذ تتطلع لإلتقان تدرك تماما أن اإلتقان المتـطلع إليه في‬ ‫منتجها ال يمكن أن يتحقق إذا تم التركيز عليه في المراحـل النهائية لإلنتـــاج فقط‪,‬‬ ‫ولو فكروا في ذلك‪ ,‬فإنهم لم يأتوا بجديـد في عالم الجــودة التـي ال زمـت الـذوق‬ ‫اإلنسانــي منذ القدم‪ ,‬كما دلت عليه شرائع حمورابـي‪ ,‬ونقوشات الحضارة‬ ‫اإلنسانــية في بالد الرافدين‪ ,‬وأرض الكنانة على يد الفراعنـة‪ ,‬إن اإلضافة التي‬ ‫تعتبر بالنسبة لهم كبصمة عقلية خاصة‪ ,‬هو أنهم صـمموا برنامجا ال يقتصر عــلى‬ ‫الجــودة فــي مراحلها النهائيـة فقط ‪ ,‬بل يعتنون بالجودة في جميع مراحـل اإلنتاج‬ ‫منذ البدايـة وحتــى النهائية‪ ,‬بحيث أنهم خلصوا إلى نتيجة مفادها‪ ,‬أنه مادامت‬ ‫الجـودة تدب في أرجـاء المنشأة بدءا باختيار المشروع‪ ,‬ومرورا بتوظيف العمال‪ ,‬و‬ ‫شراء المواد األوليـة‪ ,‬و انتهاء بمراحل اإلنتاج‪ ,‬فإنه من المحتوم أن يخرج المنتج‬ ‫جيدا‪ ,‬وبدون مبالغـة فهـم يعتنون بالتدريب؛ ليضمن كل فرد أن يؤدي دوره بإتقـان‬ ‫في كل المراحل‪ ,‬وفي سـبيل ذلك ال يقتصر التدريب على فئة بل التدريب يبدأ من‬ ‫عامل النظافة وحــتى رئيس مجلس اإلدارة‪ ,‬في كل اإلدارات‪ :‬التوظيف‪ ,‬والعالقات‬ ‫العامـة‪ ,‬والمالية‪ ,‬واإلنتاج‪ ,‬والتسويق‪ ,‬ولذا فإنهم يعولون على منهج إدارة الجـودة‬ ‫الشـاملة عنــدما يتطلعون إلى تحديــد وضبط مستوى مواصفات منتجاتـهم‪ ,‬وضـمان‬ ‫صفرية الخطــأ فيها؛ وفي هذا المثال العملي دليل واضـح على أهمية انســجام‬ ‫المراحـل الثــالثة لتتمكن من تحقيق المستوى المطلوب وهي‪ :‬التفكير االستراتيجي‪,‬‬ ‫وحشد الطاقات ‪ ,‬وجني الثمار ‪.‬‬ ‫من هنا ندرك أعزائي سر غزو المنتجات اليابانيـة في األسواق بـهذه السـرعـة‬ ‫الهائلـة ‪ ,‬لكونهم نفذوا منهجـية إدارة الجودة الشامــلة (‪ ,)T.Q.M‬وهي منهجية‬ ‫عمـادها يقوم على تحقيق رضـا العمـالء وتجــاوز توقعاتهم‪ .‬من أجل هذه النتيجـة‬ ‫الهامــة في سيرة حياة الناجح‪ ,‬ينبغي له أن يقدم عطاءه على أجمل طبق‪ ,‬تذكرون‬ ‫أننا كنا نتكلم عن البصمـة العقلية للنـاجح عند صياغة أفكاره بشكل استراتيجي‪,‬‬ ‫وأهميـة موائمة الوعـاء الذي تنطبع عليه تلك البصمة من حيث الصفاء و الجودة‪,‬‬ ‫من أجل ضمان وضـوح خطوط ومسـارات تلك البصمة‪ ,‬واآلن فـي هذا المحور‬ ‫نشتــرط شرطا آخر غير الصــفاء والموائمــة‪ ,‬نشترط جمال الوعاء الذي يقدم فــيه‬ ‫النــاجح نتاجــه‪ ,‬ينبغي أن يكون ذا روعـة وجمال يسر الناظرين‪ ,‬يستطيع أن يعيش‬ ‫بأفكاره ونتاجه مع مســـتفيديه على نحو يكون فيه مصداقا لقول أحد الرائعين في‬ ‫وصف العالقات اإلنسانــية‪ ( :‬خالطـوا الناس مخالطة إن عشتم معها حنوا إليكم وإن‬ ‫متم بكوا عليكم )‪.‬‬ ‫بقي جانب ال بد من إثارته عند الحديث عن اإلتقان في حياة الناجحين‪ ,‬تتمثل في أن‬ ‫هناك عالقة طردية بين جودة النتاج وسعة دائرة انتشاره؛ فكلما ارتفعت جودته‪,‬‬ ‫‪24 of 11Page‬‬


‫اتسعت دائرة انتشاره‪ ,‬لتصل إلى دوائر منظورة في بداية إخراجها إلى حيز‬ ‫االستفادة منها بشكل اجتماعي‪ ,‬وال تلبث كذلك حتى تتسع‪ ,‬وتتسع‪ ...‬أكثر وأكثر؛‬ ‫لتصل إلى أفراد ال نراهم وال نعلمهم‪ ,‬فهم سيستفيدون منها‪ ,‬بكل رضا‪ ,‬وسعادة‪,‬‬ ‫كما تتسع دائرة الحجارة إذا رميتها في بركة ماء‪ ,‬نعم قد نشاهد الموجات المائية‬ ‫التي تحدث بعد أن تغوص الحجارة في أعماق الماء‪ ,‬ولكن لكثرة تداعيها واتساع‬ ‫دائرتها فإن الدوائر تواصل ابتعادها عن مصدر حدث تلك الموجات‪ ,‬ال نراها‬ ‫ولكنها حتما تواصل انتشارها‪ ,‬وهكذا نتائج عمل المبدعين إذا أخلصوا في صياغة‬ ‫منتجات عقولهم‪ ,‬ومن تلك اإلبداعات المؤثرة تجربة الدكتور رمزي بن علي‬ ‫السليمان استشاري طب العيون في مستشفى الملك فهد في األحساء ومستشفى الجبر‪،‬‬ ‫ال أظن أحدا جربها قبله فهي بصمته الخاصة في عالم الدراسة والتتلمذ‪ ،‬يقول لما‬ ‫تخرجت من الجامعة ذهبت ذات يوم إلى مركز خدمة الطالب التي كنت أتردد عليها‬ ‫أمام بوابة الجامعة خالل دراستي‪ ،‬وإذا بأحد الطالب يطلب مذكرة دراسية باسمي‪،‬‬ ‫فاستغربت ما الذي دعاه يطلبها في هذا التاريخ من بعد تخرجي حيث مضت مدة‬ ‫تزيد عن ست سنوات‪ ،‬فسألت البائع عن ذلك‪ ،‬فقال لم ينقطع الطلب على هذه‬ ‫المذكرات‪ ،‬منذ عدة سنوات‪ ،‬والسر يعود في آلية إعداد هذه المذكرة‪ ،‬فهي من إعداده‬ ‫الخاص وليس أستاذ المادة‪ ،‬فقد كان يحضر لدروسه قبل دخول المحاضرة‪،‬‬ ‫وتحضيره في أوراق مكتوبة‪ ،‬ثم يستمع لما يقوله المحاضر‪ ،‬ويدون أهم النقاط‬ ‫الجديدة أو التي يلتبسها غموضا لم يفهمه خالل التحضير‪ ،‬وإذا عاد إلى المنزل جمع‬ ‫ما حضره‪ ،‬وما دونه من المحاضر‪ ،‬وإعادة كتابة ما يلزم ذكره من أصل مادة‬ ‫الكتاب‪ ،‬ويكون بذلك كتابا جديدا‪ ،‬ولشدة عنايته بإعداده كان يلجأ إلى مركز خدمة‬ ‫الطالب لتصوير الرسومات والصور التي تعج بها بعض المقررات‪ ،‬ويقوم بتثبيتها‬ ‫على المذكرات في مكانها الطبيعي من الشرح والتعليق‪.‬‬ ‫هذا من ناحية إعداد المذكرات‪ ،‬ويظل على هذه الحالة طيلة أيام األسبوع عدا نهايته‬ ‫يومي الخميس والجمعة‪ ،‬حيث في هذين اليومين يتفرغ لدراسة ما كتبه طيلة األيام‬ ‫السابقة‪ ،‬وهكذا طيلة الفصل الدراسي‪ ،‬عمل دراسي في المنزل أكثر من الجامعة‪،‬‬ ‫ولكنه أفاد بأنه ليلة االختبارات على صعوبة وكثرة أوراق مقررات الطب‪ ،‬كان‬ ‫يمضيها في الترفيه والنوم المبكر‪ ،‬وزمالؤه في حالة ذهول مما يصنع‪.‬‬

‫المهارة الثانــية‪ :‬اإليجابيــة‬ ‫أنت اآلن في موقع يؤهلك ألن تدعو الجميع ألن يتذوق إنتاجك؛ ألنك ناجــح مــتقن‪,‬‬ ‫ومن سيرة الناجحين أنهم يفرحون لجودة منتجــاتهم‪ ,‬ويتوقعون المكافأة عليها‪ ,‬وإذا‬ ‫لم يجدوا من يكافئهم فهم ال يترددون في مكافأة أنفسهم بذلك‪ ,‬وما دام األمــر كــذلك‬ ‫لماذا ال ترسم ابتسامـة على شفاه حزيــن‪ ,‬وتمد العون لمحتــاج‪ ,‬وترشد تائــه أو‬ ‫جاهل‪ ,‬وتدعو إلى الخير كل ذلك من واقع تخصصك ورسالتك في الحياة؟ فهذه‬ ‫ليست من اختصاص أفراد جمعية البر‪ ,‬فأنت كطبيب‪ ,‬ومهندس‪ ,‬ومعلم‪ ,‬ومعلمة‪,‬‬ ‫‪24 of 17Page‬‬


‫وكاتب‪ ,‬وحارس‪ ,‬تقوم بها من واقع االختصاص والمهنة‪ ,‬وذلك بتقديم خدمتك‬ ‫لجمهورك الذين يمرون في طريق رسالتك الوظيفية في الحياة‪ ,‬إذا قمت بهذه‬ ‫األدوار سوف تشعر بقيمتك كناجح‪ ,‬أما تسمع قول أحدهم كيف يتضرع إلى هللا بأن‬ ‫يمنحه المزيد من الفرص لكي يخدم الناس حيث يقول زين العابدين‪" :‬اللهم أجر‬ ‫الخير عـلى يــدي للناس"‪ ,‬ألن من شروط النجاح هو ممارسة الناجح لملكاته في‬ ‫وســط جمهــوره‪ ,‬وسعادة هذا الصنيع على قلب المخلص ال تقل عن سعادة مكافأة‬ ‫الناجح لنفسه‪ ,‬ومن يمارس هذا األمر يدعى إيجابيا‪ ,‬غـير أن البعض يرى حدودا‬ ‫أخرى لإليجابية تأخــذ بعدا إنسانيا أعمق من األمثلة السابقة‪ ,‬إنه يرى أن اإليجابية‬ ‫هي‪" :‬اتخاذ القرار‪ /‬أو تقديم الصنيع األفضل في الوضع األسوأ"‪ ,‬يعني أن اإليجابي‬ ‫هو مــن يكــون فـي وضع يتوقع منه أن يرد بالمثل على من أخطأ في حقه وإذا به‬ ‫يعامــله بالحســنى‪.‬‬ ‫ممتثال قوله تعالى‪ " :‬ادفــع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنــه ولـي‬ ‫حميم "‪.‬‬ ‫دعني أفصل لك مشاعر اإليجابي لتدرك كم هو سعيد‪ ,‬ويســتحق أن يدرج في‬ ‫قائــمة الناجحين‪.‬‬ ‫اإليجابي كغيره يعيش ماضيه‪ ,‬وحاضره‪ ,‬ومستقبله‪ ,‬وله تجاه كل هذه األزمــنة‬ ‫مشاعر مناسبة‪ .‬إنه فخور بماضيــه‪ ,‬ومتحمس لواقعه‪ ,‬ومتفائــل بمســـتقبله‪ ,‬بعكس‬ ‫السلبي‪ ,‬تجده نادم على ماضيه‪ ,‬ومتذمر من واقعه‪ ,‬متشائم من حاضره‪.‬‬ ‫اإليجابي إذ يفتخر بماضــيه؛ ألنه يراه مستودع تجاربه و إن ضـم بعض المواقــف‬ ‫التي يسمــيها البعض فشال فهو ينظر إليها على أنها تجارب غير منتجة لما يريــد ‪,‬‬ ‫وال يسميها فشـال ألن استشعار الفشل بالنسبة إليه برمجــة سلبية لعقله الباطن‬ ‫ورسائل محبطة عليه أن يتخلص منها كلما حاولت الوصول إليــه ‪.‬‬ ‫واإليجابي إذ يتحمس لواقعه؛ ألنه يرى نفسه في واقعه وأحد الحكماء يقــول‪" :‬يــا‬ ‫ابن آدم إنما أنت سويعات‪ ,‬إذا ذهبت ساعة ذهب جزء منك" ومن كان حاله كذلك‪,‬‬ ‫ال بد أنه ســيكون حريص على عدم ضياع نفسه كمن يتحمس في الدفاع عن نفســه‬ ‫وماله وعرضه إذا تعرض للخطر‪.‬‬ ‫واإليجابي إذ يتفاءل بمستقبله؛ ألنه يظن باهلل خيرا‪ ,‬ومن كان هذا شأنه فسوف‬ ‫يعطيه مالك الوجود الخير كله‪ ,‬أما تسمع الحديث القدسي حيث يقول‪" :‬أنــا عنـد‬ ‫حسن ظن عبد بي"‪ ,‬وصدق من قال‪" :‬تفاءلوا بالخير تجدوه "‪.‬‬ ‫هل سمعت بقصة ذلك المحسن الذي دعا مواله ليأتيه بماء فلما أحضر المولى المــاء‬ ‫سقط اإلبريق على سيده‪ ,‬وكان الماء حارا‪ ,‬فما كان مـن المولـى إال أن بــادر‬ ‫باالعتذار عما فعل باآلتــي‪:‬‬ ‫‪24 of 18Page‬‬


‫قرأ آية من القرآن قوله تعالى‪ :‬والكاظمين الغيط فرد عليه سيده قائال ‪ " :‬كظمت‬ ‫غيظي"‬ ‫بعدها قرأ المولى قوله تعالى‪" :‬والعافين عن الناس"‪.‬‬ ‫فقال السيد ‪":‬عفوت عنك"‪.‬‬ ‫بعدها قال المولى مذكرا أيضا بقوله تعالى‪" :‬وهللا يحب المحسنين"‪.‬‬ ‫فقال السيد‪" :‬اذهب فأنت حر لوجه هللا"‪.‬‬ ‫نعم آيــة واحدة من القرآن‪" :‬والكاظمين الغيظ والعافين عـن النــاس‪ ,‬وهللا يحـب‬ ‫المحسنين" كافية ألن تكون سببا في عتق عبد و تحقق سعادته بالخروج من عالم‬ ‫العبوديــة إلى عالم الحرية‪ ,‬وهذا بالفعل ما يدعى باإليجابيــة‪.‬‬ ‫ومن أبرز سمات اإليجابيين في مرحلة إخراج النتائج أنهم يتسمون بالمرونة في‬ ‫اختيار أو قبول المجال الذي سيتحركون من خالله إلى جمهورهم‪ ,‬ولوال تلك‬ ‫المرونة ألدى ذلك في بعض الحاالت إلى هدر كل الطاقات واإلمكانيات التي‬ ‫استثمروها في بناء ملكاتهم‪ ,‬بل ولشدة جاهزيتهم لممارسة تلك المرونة‪ ,‬ترى‬ ‫البعض منهم يتحول من مربع إلى آخر من أجل اكتشاف الذات من جهة‪ ,‬والسعي‬ ‫نحو االختيار الدقيق للموقع الذي يوظف من خالله الملكات جميعها‪ ,‬وإن تنوعت أو‬ ‫تباينت من جهة أخرى‪ ,‬حتى تغدو بعض اإلنجازات نوعا من التركيب الفريد‪ ,‬الذي‬ ‫يميز صاحبه وتجربته‪ ,‬ومن تلك التجارب التي اشتملت على العديد من الملكات‬ ‫المتباينة في بعض منها ولكن صاحبها استطاع أن يحقق نجاحا في ترجمتها وبشكل‬ ‫مميز‪ ,‬تجربة الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم‪ ,‬تعرفت عليه من خالل قراءة أحد‬ ‫بحوثه التي شارك بها في إحدى المؤتمرات المنعقدة تحت مظلة منظمة المؤتمر‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬في مجال التورق‪ ،‬لفت انتباهي قدراته العلمية‪ ،‬مقارنة بما طرح في‬ ‫المؤتمر المذكور‪ ،‬وقد خرجت بانطباع عنه أنه باحث جاد في المجال الشرعي‪ ،‬لكن‬ ‫المفاجأة عندما وجدت اسمه على إحدى مكاتب بنك التنمية اإلسالمي في جدة‪ ،‬خالل‬ ‫إحدى زياراتي له‪ ،‬وكما هو معلوم بأن من يتبوأ موقعا في البنك اإلسالمي للتنمية‬ ‫يفترض أن يكون ممن بلغ درجة التخصص في مجال المصرفية والتمويل اإلسالمي‪،‬‬ ‫وشرط آخر أن يجيد لغة أجنبية حية‪ ،‬هذا في حدود توقعي‪ ،‬وقد سعيت للدخول عليه‬ ‫للتحقق من طبيعة تخصصه‪ ،‬وفي أي جامعة تخرج‪ ،‬وكيف استطاع أن يجمع بين‬ ‫الجنبة التخصصية في العلوم الشرعية‪ ،‬والعلوم االقتصادية‪ ،‬ووظيفته آنذاك‪ ،‬وإذا‬ ‫بالمفاجأة تزداد عندما صرح لي أنه كان متخصصا في مجال العلوم‪ ،‬في بداية‬ ‫دراسته الجامعية وذلك عام ‪1287‬م‪ ،‬بعدها حصل على ابتعاث للدراسة في أمريكا‪،‬‬ ‫نال خاللها درجة الدكتوراه من جامعة واشنطن بسانت لويس عام ‪1222‬م‪ ،‬ولما عاد‬ ‫‪24 of 12Page‬‬


‫إلى الرياض عمل في مصرف الراجحي وحصل له أن عمل مع اللجنة الشرعية في‬ ‫المصرف‪ ،‬ولكثرة مخالطته لهم تكونت لديه حصيلة علمية شرعية مكنته من أن‬ ‫يطور معارفه االقتصادية في مجال التمويل اإلسالمي‪ ،‬ولما سألته عن هذا التنوع‬ ‫متى بدأ؟ وكيف انتهى لما عليه الحال؟‪ ،‬أجاب‪ :‬بأن الفرد يمكن أن تأخذه األيام إلى‬ ‫عدة سواحل من المعارف والمهارات‪ ،‬لكن على الجاد في اكتشاف نفسه وطاقاته‪ ،‬أن‬ ‫يبحث عن موقع مالئم على خارطة إمكانياته‪ ،‬يخرج بقاسم مشترك على ذلك الموقع‬ ‫لجميع مالديه من ملكات‪ ،‬ويعمل على تطويرها بشكل تكاملي‪ ،‬وبالنتيجة سوف يخرج‬ ‫بمنتج فكري خاص يمكنه من تحقيق ذاته‪ ،‬ويضع بصمته الخاصة به في الحياة‪.‬‬ ‫ويبدو أن مجتمعنا يزخر بالقادرين على ممارسة هذا النوع من الجمع األكاديمي في‬ ‫تخصصات متباينة‪ ,‬لكن الفرق فيمن يعلق الجرس‪ ,‬ومن يبادر لذلك وإن حالت‬ ‫الظروف دون ذلك‪ ,‬بل ربما يصل به الحال أن ال يتردد في اقتحام المجهول‪ ,‬حتى‬ ‫يصل مناه‪ ,‬و تجربة الدكتور إبراهيم بن عبدالرسول محمد الخرس تجسد هذه‬ ‫الرغبة الجامحة نحو التميز على أرض الواقع‪.‬‬ ‫لقد أنهى الدكتور دراسته في جامعة الملك سعود بالرياض‪ ,‬وحاز على درجة‬ ‫البكالوريوس ثم الماجستير في طب الصيدلة بتقدير ممتاز‪ ,‬غير أن طموحه نحو‬ ‫الدرجات العلمية العليا كان أقوى من ظروف أحاطت به‪ ,‬كادت أن تجعله كأقرانه‬ ‫من الخريجين‪ ,‬فلديه تصميم أن يحصل على درجة الدكتوراه من أحد الجامعات‬ ‫األمريكية‪ ,‬إال أن المعوقات كانت أمامه أشبه بالطوفان‪ ,‬فبرامج االبتعاث كانت‬ ‫مقتصرة على منسوبي الجهات التعليمة تقريبا‪ ,‬فما كان منه إال أن أجرى تواصال‬ ‫مع جامعة واين في مدينة ديترويت بوالية متيشغان األمريكية ليلتحق بها‪ ,‬وخالل‬ ‫تداوله موضوع الدراسة مع أساتذة الجامعة التي سيدرس فيها‪ ,‬وجدوا لديه مكنة‬ ‫علمية كبيرة‪ ,‬على أثرها تقايضوا معه على أن يقوم بدور مدير تنفيذي ألحد‬ ‫مشروعات الجامعة‪ ,‬في مقابل أن يدرس لديهم بنظام الوقت الجزئي‪ ,‬وفعال أنهى‬ ‫دراسته هناك‪ ,‬ومن اللطيف في األمر أنه كان يذهب إلى البحرين بين الفينة‬ ‫واألخرى ليتابع بريده االلكتروني من هناك‪ ,‬وليتواصل معهم شفويا‪ ,‬عبر شبكة‬ ‫االنترنت‪ ,‬حيث لم تدخل الخدمة بعد إلى المملكة آنذاك‪ ,‬وعاد منها بالدكتوراه في‬ ‫مجال تطبيق إدارة الجودة الشاملة في حقل الصيدلة‪ ,‬وتمت معادلة الشهادة من قبل‬ ‫وزارة التعليم العالي في المملكة بالدكتواره في نفس التخصص‪ , ,‬وعلى أثرها‬ ‫عرضت عليه بعض الجامعات السعودية فرصة العمل معها‪ ,‬لكن بريق أمل آخر في‬ ‫مجال األكاديمية قد الح في األفق‪ ,‬حيث تم افتتاح برنامج الملك عبدهللا للدراسة في‬ ‫الخارج فما كان منه إال أن أكمل مسوغات ابتعاثه‪ ,‬واستقال من عمله في مستشفيات‬ ‫المانع‪ ,‬ليذهب مرة أخرى إلى الواليات المتحدة األمريكية ليحضر شهادة دكتوراه‬ ‫ثانية في مجال االقتصاد من جامعة فلوريدا‪ ,‬ليعود مرة ثانية إلى مستشفيات المانع‬ ‫كمؤسس ألكاديمية خاصة بمستشفيات المانع‪ ,‬وهنا يكون سر اإلبداع في صياغة‬ ‫التجربة وفق متطلبات الميدان‪ ,‬لقد جمع عدة أبعاد تخصصية‪ :‬واحدة في الصيدلة‪,‬‬ ‫‪24 of 21Page‬‬


‫وأخرى في اإلدارة‪ ,‬وثالثة في االقتصاد‪ ,‬ليكون بذلك مكونا نادرا ليأخذ به منصبا‬ ‫نادرا أيضا كصاحبه‪.‬‬

‫المهارة الثالثــة‪ :‬االتصال الفعال‬ ‫أنا وأنت من السعداء ألننا نبصر األِشــياء‪ ,‬ونســمع األصوات‪ ,‬ونحس باألِشـــياء‪,‬‬ ‫ونتكلم مع اآلخرين‪ ,‬فالبصر‪ ,‬والسمع‪ ,‬والحس‪ ,‬والكالم نوافذنا على اآلخرين‬ ‫فلنتخاطب ونتواصــل فيما بيـــننا وبينهم عـبر هذه المنافــذ بأفضل ما تكون عليه‬ ‫الخطابات من فعالية وكفاءة‪ ,‬حيث يراد بالفعالية أن نؤدي بقليل من استخدام تلك‬ ‫الحواس الكثير من النتائج‪ ,‬أما الكفاءة فيراد بها أن يكون هذا المنتج الكثير الذي‬ ‫ننتجه من استخدام تلك الحواس يتسم بالجودة واإلتقان‪ ,‬ومن يحرص على أن يكون‬ ‫إنتاجه غزيرا وفي نفس الوقت متقنا وجيدا‪ ,‬فهذا النجاح بعينه‪ ,‬ولعمري هذا ما يميز‬ ‫الناجح عن غيره‪ ,‬ألن الجميع لديه هذه الحواس ولكن الفرق هو في كم المنتج‬ ‫وجودته‪ ,‬ولعل أبرز ميدان لتوظيف الناجح لهذه الحواس تبدو في قراءة نجاحات‬ ‫اآلخرين‪ ,‬أو من أجــل إيصــال نجاحاته إلى الغــير‪.‬‬ ‫إن مما الشك فيه أن الناجح لم يصل إلى درجة النجاح‪ ,‬ألنه استطاع أن يعيد‬ ‫صناعة عجلة قام بصنعها ناجح قبله‪ ,‬وإنما نجح ألنه استطاع أن يستفيد من تجارب‬ ‫الناجحين ووضع بصمته الخاصة التي تميزه عمن سبقه‪ ,‬وبذلك استطاع أن يحقق‬ ‫ذاته‪ .‬وعليه فإن الناجح عادة ما يقف في خضم تجارب الناجحين‪ ,‬في مرحلة‬ ‫استقبال وإرسال‪ ,‬يعمل ضمن نظام منفتح على تجارب اآلخرين ومصدر لنتاجاته‬ ‫إلى العالم الخارجي‪ ,‬وجميع هذه الفعاليات التي تمر بها عملية االتصال‪ ,‬سواء بينه‬ ‫وبين من سبقه ومن يأتي بعده ال يمكن أن تمر دون حاسة من الحواس‪ :‬سمع‪ ,‬أو‬ ‫بصر‪ ,‬أو سمع‪ ,‬أو لمس‪ ,‬أو نطق‪ ,‬وبمقدار ما يوظفها بشكل منظم ومدروس بمقدار‬ ‫ما يعظم إنجازاته في عالقاته مع الغير‪ ,‬وبمقدار ما يعطل منها من قنوات‪ ,‬بمقدار‬ ‫ما يراوح مكانه‪ ,‬والزمان يجري‪ ,‬ورصيد األيام والساعات تنفد‪ ,‬ولهذا قال بعض‬ ‫أهل العقل والمنطق من فقد حسا‪ ,‬فقد علما‪.‬‬ ‫الحديث عن التواصل يطول ألنها المحطة األخيرة في عمل الناجح منذ نعومة‬ ‫أظفاره‪ ,‬فهو لم يتعلم إال من أجل أن يمارس‪ ,‬ويترجم ما تعلمه إلى واقع ملموس‪,‬‬ ‫وغالبا ما يكون نتاجه ذاك يستلزم أن يكون في حضور اآلخرين سواء كانوا وجها‬ ‫لوجه كما هو حال األطباء‪ ,‬والمعلمين‪ ,‬وأئمة الجماعة في الصالة‪ ,‬والخطباء‪ ,‬أو‬ ‫يكون المنتج عن بعد كما حال بعض التخصصات الهندسية‪ ,‬واإلنتاجية‪ ,‬حيث تعامله‬ ‫في البعض منها مع آالت صماء‪ ,‬لكن النتيجة في جميع الحاالت‪ ,‬سيرى الناجح أنه‬ ‫في مسار تواصل مع اآلخرين من خالل منتجاته‪ ,‬سواء كانوا بشكل مباشر أو غير‬ ‫مباشر‪ ,‬وعليه في هذه المرحلة الحساسة من مسار حياته عليه أن يتوخى الدقة في‬

‫‪24 of 21Page‬‬


‫خدمة جماهيره‪ ,‬ويسعى لتحقيق رضاهم‪ ,‬وإسعادهم‪ ,‬بشكل يتجاوز توقعاتهم‪ ,‬ألنهم‬ ‫نوافذه في الحياة‪ ,‬وبموجب ما ينتجه لهم سيقاس مستوى نجاحه في الحياة‪.‬‬

‫هذا والحمد هلل رب العالمين‬

‫‪24 of 24Page‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.