Mirrors of Heritage - مرايا التراث - عدد خاص - Special Edition - The greater Lebanon era

Page 1


‫ـمية ُم َـح َّك َمة َتصدر مرتين في السنة‬ ‫َأكادي ّ‬ ‫َي ُ‬ ‫نش ُرها‬ ‫مركز التراث اللبناني‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫الجامعة اللبنانية األميركية‬ ‫رئيس التحرير ال ُ‬ ‫ـمسؤول‪ /‬مديـر الـمركـز‬ ‫هنري زغيب‬ ‫ميــة‬ ‫الهـيـئَ ـة ِ‬ ‫العــلْ َّ‬ ‫َ‬ ‫العائلة)‪:‬‬ ‫الدكاتــرة‬ ‫األساتذةُ َّ‬ ‫اسم ِ‬ ‫(ترتيبا َأ ً‬ ‫ً‬ ‫بجديا ِب ْ‬ ‫ناديا اسكندراني | جامعة بيروت العربية | رئيسة قسم اللغة الفرنسية وآدابها‬ ‫سامي بارودي | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫الدولية‬ ‫األميركية | ُ أستاذ العلوم السياسية والعالقات ُ‬ ‫رمزي بعلبكي | الجامعة َ‬ ‫كرسي الدراسات العربية‬ ‫األميركية | ُ أستاذ‬ ‫ّ‬ ‫واإلسالمية‬ ‫َأ َ‬ ‫هيف سنو | جامعة القديس يوسف | ُأستاذ الدراسات العربية ِ‬ ‫قسطنطين ضاهر | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية | عميد ُكلية اآلداب والعلوم (بالوكالة)‬ ‫پـول طبر | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية | ُأستاذ العلوم االجتماعية‬ ‫منسق الهيئة العلْ مية‬ ‫الروح القدس ‪ -‬الكسليك | ّ‬ ‫َأنطوان ّ‬ ‫قسيس | جامعة ّ‬ ‫َ‬ ‫واإلعالم‬ ‫كلوديا كوزمان | الجامعة اللبنانية األميركية | ُأستاذة مساعدة في الصحافة ِ‬

‫اإلدارة والتحرير‬ ‫ِ‬

‫مركز التراث اللبناني ‪ -‬الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية ‪ -‬قريطم ‪ -‬بيروت‬ ‫(المقسم ‪)1600‬‬ ‫هاتف‪+ 961 1 78 64 64 :‬‬ ‫ّ‬ ‫فاكس‪+ 961 1 78 64 60 :‬‬ ‫ص ب‪ 13 - 5053 :‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫‪clh@lau.edu.lb‬‬

‫‪www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh‬‬

‫مجلة مرايا التراث‬ ‫تصميم و إخراج‬

‫‪Facebook: Mirrors of heritage‬‬

‫‪STRATCOM –LAU‬‬


‫زمن لبنان الكبير – عدد خاص باألول من أيلول ‪٢٠١٩‬‬

‫‪3‬‬

‫ُأولى الــ ‪‬مرايا‪ - ‬هنري زغيب‬ ‫األزرق َ‬ ‫مستقل بين َ‬ ‫ٌّ‬ ‫الد َول الكبرى‬ ‫كيان‬ ‫مئوية لبنان الكبير‪ٌ :‬‬ ‫واألحمر على َو َرق ُ‬

‫‪7‬‬

‫‪2‬‬

‫لبنان الكبير‪:‬‬ ‫التقسيمات اإلدارية واسترجاع األقضية األربعة‬

‫‪11‬‬

‫الجنرال غورو في ِإعالن ‪‬لبنان الكبير‪:‬‬ ‫من خطابه على مدخل قصر الصنوبر‬ ‫نهار َ‬ ‫األربعاء ‪َ 1‬أيلول ‪ُ 1920‬معلنً ا ‪‬لبنان الكبير‪‬‬

‫‪15‬‬

‫النشيد الوطني في َ‬ ‫األ َّول من َأيلول‬

‫‪13‬‬

‫َح َ‬ ‫ول البطريرك الحويك في ‪‬اليوم الكبير‪‬‬

‫‪17‬‬

‫ميشال ُّزكور في افتتاحية ‪‬المعرض‪:‬‬ ‫َ‬ ‫‪‬أول َأيلول ُي ِّ‬ ‫ـمثل الفكرةَ السامية‪ :‬لبنان ِبـحدوده الطبيعية‪‬‬

‫هنري زغـيب‬

‫‪19‬‬

‫الشيخ بشارة الخوري قبل ربع قرن من رئاسته‪:‬‬ ‫األولى ِإلى َ‬ ‫الخطوات ُ‬ ‫األ َّول من َأ ُيلول‬ ‫ُ‬

‫‪50‬‬

‫رسالة كليمنصو ِإلى البطريرك الحويك‪:‬‬ ‫انتداب فرنسا على لبنان‬ ‫طلب َأهاليكم‬ ‫َ‬ ‫نستجيب َ‬ ‫ُ‬

‫‪54‬‬

‫وسام اللحام‪:‬‬ ‫َ‬ ‫األول من َأيلول‪ُ ...‬وأولى الخطوات الرسمية‬

‫‪33‬‬

‫عنبرة سالم الخالدي‪:‬‬ ‫‪ ...‬ال يا سيدتي‪ ،‬سنكون عديدين‬ ‫لخدمة وطننا ال لخدمة فرنسا االنتداب‪‬‬

‫‪52‬‬

‫المطران مبارك إلى البطريك الحويك‪:‬‬ ‫الجميل مندوبان ِإلى غبطتكم‬ ‫ِإميل ِإ ّده ويوسف‬ ‫ّ‬

‫‪71‬‬

‫بطريرك ‪‬لبنان الكبير‪:‬‬ ‫الم ْط َلق‬ ‫‪‬لن نرضى ِإ َّال باستقاللِ هِ‬ ‫ِّ‬ ‫التام ُ‬ ‫دود ِه َ‬ ‫األصلية‪‬‬ ‫وباستعادةِ ُح ِ‬

‫الغالف‪ :‬الجنرال ويغان في احتفال األول من أيلول (‪ )١٩٢٣‬أمام السراي القديم‬


‫ُأولى الـ ‪‬مرايا‪‬‬

‫ٌّ‬ ‫مستقل‬ ‫كيان‬ ‫مئوية لبنان الكبير‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫بين األَزرق واألَحمر على َورَق ال ُد َول الكبرى‬ ‫هنـري زغـيـب‬ ‫رئيس التحرير‬

‫تحضيرات ُوأ ُس ًسا وتَ ْثبيت كيان؟‬ ‫بعد ما يقال في ‪‬دولة لبنان الكبير‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫هل ُ‬ ‫األولى لـ َ‬ ‫عشية ال ِـم َئوية ُ‬ ‫َ‬ ‫ـ ‪‬األ َّول من َأيلول‪ ،‬ما الذي لم ُي َ‬ ‫بعد من‬ ‫كشف ُ‬ ‫ُظروف ذاك َ‬ ‫األربعاء التاريخي على درج قصر الصنوبر؟‬ ‫واحد في ِإعالن ‪‬الدولة‪‬‬ ‫جميع َمن كانوا حول الـ ‪‬غورو‪ ،‬من ْرأي‬ ‫هل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يومذاك؟‬ ‫واحد ِإلى‬ ‫اتجاه‬ ‫واحد ذي‬ ‫قبطان‬ ‫وهل تلك السفينة كانت تسير بقيادة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُوجهةٍ واحدة؟‬ ‫خصص البطريرك الحويك عن يمينه‬ ‫الجنرال غــورو‪ ،‬في خطابه‪َّ ،‬‬ ‫جيد ال ُـم ِّ‬ ‫جهود حياته‪ .‬فهل مفتي بيروت عن‬ ‫كل ِل‬ ‫بتحيةٍ في ‪‬هذا اليوم ال َـم ِ‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫جهوده‪ ‬كذلك؟‬ ‫‪‬مكل ًال‬ ‫اليوم‬ ‫يساره كان ذاك‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عن مؤَ ِّرخ بيروت الدكتور حسان َّ‬ ‫دراسات َ‬ ‫نش َرها في موقعه‬ ‫حالق (من‬ ‫ٍ‬ ‫اإللكتروني ‪‬يا بيروت‪َ )‬أ َّن الجنرال غورو زار مفتي بيروت الشيخ مصطفى‬ ‫ِ‬ ‫ليدعوه ِإلى حضور احتفال َ‬ ‫األول من َأيلول‪ ،‬حتى ِإذا َ‬ ‫قابله المفتي‬ ‫نجا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪‬يجعله‪ ‬مفتي دولــة لبنان الكبير‪ ،‬وهــو ما‬ ‫بــاالعـتــذار‪ ،‬عـ َـرض عليه َأن‬ ‫يقبل بمنصب من سلطة َأجنبية غير ِإسالمية‪،‬‬ ‫رفضه ال ُـمفتي كذلك َألنه ال َ‬ ‫ومنصبه من السلطان العثماني محمد رشاد‪َّ .‬‬ ‫وظل المفتي يرفض حضور‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫وفد من وجهاء المسلمين طالبين ِإليه الحضور ِإث َر‬ ‫االحتفال حتى زاره ٌ‬ ‫كتي ٍب‬ ‫تهديد الجنرال غورو بنفْ يه ِإلى جزيرة كورسيكا ِإ ْن هو لم َيحضر (من ِّ‬ ‫تذكاري بعد وفاة المفتي نجا في ‪.)1932/1/31‬‬ ‫ّ‬ ‫غير َأ َّن البطريرك الحويك‪ ،‬في الوفود الثالثة ِإلى باريس‪ ،‬منذ مؤْ تمر‬ ‫دوما َّ‬ ‫يتكلم باسم اللبنانيين بجميع طوائفهم‪ ،‬ما دفع‬ ‫الصلح (‪ )1919‬كان ً‬ ‫رئيس الحكومة كليمنصو ِإلــى مخاطبته بـ َـأن ‪‬الحلول التي نعرضها في‬ ‫مؤْ تمر الصلح منسجمةٌ في مجملها مع آمال َ‬ ‫األهالي الذين ُي ِّ‬ ‫مقامكم‬ ‫ـمثلهم ُ‬ ‫العالي‪( ‬رسالة كليمنصو ِإلى الحويك في ‪ .)1919/10/10‬وفي المراجع‬


‫‪4‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫المحدد بجبل لبنان‪،‬‬ ‫كذلك َأ َّن البطريرك الحويك رفَ ض لبنان الصغير‬ ‫َّ‬ ‫األقضية َ‬ ‫صر على استعادة َ‬ ‫سلخها منه العثمانيون‪ .‬وهو ما‬ ‫األربعة التي َ‬ ‫َوأ َّ‬ ‫جهدت سنة ‪ 1860‬كي‬ ‫اعترف به كليمنصو في الرسالة ذاتها‪ :‬فرنسا التي َ‬ ‫وسع مساحةٍ ‪ ،‬واعيةٌ‬ ‫ناجم‬ ‫تقليص مساحته الحالية‬ ‫تماما َبأن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫تؤَ ِّمن للبنان َأ َ‬ ‫ً‬ ‫طويال منه لبنان‪ .‬وهو ما دعا المفوض السامي‬ ‫عن الظلم الذي عانى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صدر القرار رقم ‪( 321‬الثلثاء‬ ‫الجنرال غورو‪ ،‬عشية األ َّول من أيلول‪ ،‬أن ُي ِ‬ ‫قر ًرا‬ ‫‪ 31‬آب ‪ُ )1920‬م ً‬ ‫وم ِّ‬ ‫لغيا لبنان ‪‬المتصرفية ذات البروتوكول الدولي‪ُ ‬‬ ‫َ‬ ‫‪‬إلغاء المنطقة اإلداريــة ألراضــي لبنان المستقلة ونظاماتها ومصالحها‬ ‫ِ‬ ‫اإلدارية العمومية والمحلية‪ ،‬وهو جاء بعد قراره في زحلة (الرقم ‪– 299‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬يتم َض ُّم َأقضية حاصبيا وراشيا‬ ‫ولى‪:‬‬ ‫األ‬ ‫مادته‬ ‫وفي‬ ‫‪)1920‬‬ ‫آب‬ ‫‪3‬‬ ‫تاريخ‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫بنظامها‬ ‫يتعلق‬ ‫والمعلقة ِإلــى لبنان في كل ما‬ ‫وبعلبك‬ ‫اإلداري‪ ،‬وكذلك‬ ‫ِ‬ ‫رسم فيه حدود لبنان الحالية حتى اليوم‪.‬‬ ‫القرار ‪ 30( 318‬آب ‪ )1920‬الذي َ‬ ‫يكتب ِإلــى البطريرك‬ ‫وفيما كــان مطران بيروت اغناطيوس مبارك ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لجنة للمخابرة مع‬ ‫‪‬نخبة من َأعيان الطائفة المارونية َألَّ فوا‬ ‫الحويك َأ َّن‬ ‫الكوميسارية االفرنسية باسم الطائفة‪( ‬رسالته في ‪ 14‬نيسان ‪،)1919‬‬ ‫آخر َ‬ ‫ذك َـرتْ ُه السيدة عنبرة سالم الخالدي‬ ‫آخر من اللبنانيين‬ ‫موقف َ‬ ‫لنفر َ‬ ‫ٌ‬ ‫كان ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫في مذكراتها بأن األمير فيصل (ابن الحسين ملك الحجاز) ‪‬م َّـر ببيروت‬ ‫فاستقبله َ‬ ‫َ‬ ‫األهالي‬ ‫نهار ‪ 19‬تشرين الثاني ‪ 1919‬في طريقه ِإلى ﭘـاريس‬ ‫ً‬ ‫واقتصر هذا االستقبال على الفريق‬ ‫حماسيا بلغ حد الجنون‪،‬‬ ‫استقباال‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫المتحمس ِإلنشاء الدولة العربية التي كانت ْ‬ ‫طواال‪َ .‬أما‬ ‫سنين‬ ‫حل َمه الجميل‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫الفريق الذي كان ينتظر أن ُيصبح لبنان وتُ صبح سوريا قطعة من فرنسا –‬ ‫َأو على َ‬ ‫فظهرت عليه عالئم االشمئزاز‬ ‫األقل تحت ُح ْكم فرنسي مباشر –‬ ‫َ‬ ‫من هذا االستقبال الحماسي‪ ...‬حتى ِإذا انهار السوريون بعد موقعة‬ ‫َ‬ ‫مقدرات سوريا ولبنان‪،‬‬ ‫ميسلون (‪ 24‬تموز ‪)1920‬‬ ‫استولت فرنسا على ّ‬ ‫َ‬ ‫وحك َم ْتها بطريقة َأقرب ما تكون ِإلى الطريقة المباشرة‪.‬‬ ‫* * *‬

‫جامعا في الصورة‬ ‫ظاهرا نراه‬ ‫غير الذي‬ ‫نحن ِإذً ا في‬ ‫ٍ‬ ‫هكذا ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مشهد ِ‬ ‫التاريخية على مدخل قصر الصنوبر‪ .‬فحتى اليوم ما زال كثيرون من‬ ‫ً‬ ‫جائرا‪ ‬على الرغم من‬ ‫فرنسيا‬ ‫‪‬احتالال‬ ‫اللبنانيين يـ َـرون في االنتداب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سلطةُ‬ ‫االنتداب‪ ،‬فيما‬ ‫تغييرات تحسينية مؤَ َّسساتية أنشأتْ ها في بالدنا‬ ‫وحدود‬ ‫مزيف‬ ‫‪‬مصطنعا ذا‬ ‫نفر آخر م َّـمن يعتبرون كيان لبنان‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫تاريخ َّ‬ ‫يرفضه ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫صنع التاريخ الممتدة‬ ‫‪‬من‬ ‫تاريخية‬ ‫حقيقة‬ ‫كيانه‬ ‫في‬ ‫ـرون‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫بة‪،‬‬ ‫مرك‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬


‫يخطئ َمن قالوا بـ ‪‬المنطق االحتاللي‪ ‬لسلطة االنتداب‪ .‬فها‬ ‫وقد ال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هو البطريرك الحويك ذاتــه‪ ،‬وهو ‪‬أبــو لبنان الكبير‪ ‬والــذي أ َصـ َّـر على‬ ‫حدود‬ ‫حق لبنان َبأراضيه التاريخية والطبيعية ُسلِ َب منه حين ُر ِس َـمت‬ ‫َأ َّن َّ‬ ‫ُ‬ ‫متصرفية جبل لبنان سنة ‪ ،1861‬فَ ـ ُـح ِرم من السهول والمدن الساحلية‪:‬‬ ‫فواجه‬ ‫ـاد‬ ‫بيروت‪ ،‬طرابلس‪ ،‬صيدا‪ ،‬صــور‪ ،‬و‪‬الــواليــات‪ ‬المحيطة به‪ ،‬عـ َ‬ ‫َ‬ ‫ـمنتدبة حين سعى ِإلــى ُح ْسن‬ ‫ٍ‬ ‫صعوبات جـ َّـمـ ًـة مــع السلطة الفرنسية ال ِ‬ ‫شرط عدم تحويله َش ً‬ ‫َ‬ ‫كال من َأشكال االستعمار‪ ،‬وطالب‬ ‫تطبيق االنتداب‬ ‫وطموحات َأبنائها وطوائفها‪ ،‬وتَ َش َّد َد‬ ‫البالد‬ ‫موافق‬ ‫بوضع قانون َأساسي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫في المحافظة على نظام َ‬ ‫األحــوال الشخصية َألسباب تاريخية اجتماعية‬ ‫َ‬ ‫التدخل في الشؤُ ون الداخلية‪،‬‬ ‫بعدم‬ ‫وطال َب السلطات الفرنسية‬ ‫ودينية‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فكار أجنبية ِإلى لبنان ال‬ ‫ـدم ِإدخـ ِ‬ ‫ـال أ ٍ‬ ‫واحترام الخصوصية اللبنانية‪ ،‬وعـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الحويك كان أوسع‬ ‫طالب به البطريرك‬ ‫لبنان الذي‬ ‫الء ُم‬ ‫وواقعه‪ .‬بل َأكثر‪ُ :‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تَ تَ َ‬ ‫يضا بحيرة حمص التي َي ُص ُّب فيها‬ ‫م ّـما هو اليوم لناحية الشمال ِإذ َض ّم َأ ً‬ ‫ُ‬ ‫وسهل القُ َصير‪ ،‬ولناحية الجنوب َض َّم سهل الحولة وبحيرتَ ها‬ ‫نهر العاصي‬ ‫ُ‬ ‫نهر الحاصباني‪.‬‬ ‫فيها‬ ‫يصب‬ ‫التي‬ ‫ُ‬ ‫هكذا َ‬ ‫نشأت دولة لبنان الكبير‪ ،‬بين الــ ‪‬ال‪ ‬النضمام جبل لبنان ِإلى‬ ‫ونجح لبنان‬ ‫سوريا‪ ،‬وال ــ ‪‬ال‪ ‬النضمام الليطاني وحرمون ِإلى فلسطين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تقسيمات جرت في الحرب العالمية‬ ‫سليما من‬ ‫وخرج‬ ‫في ترسيم كيانه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫األزرق َ‬ ‫حددتَ ا باللونين َ‬ ‫ُ‬ ‫واألحمر مناطق‬ ‫األولى بين فرنسا ِوإنكلترا اللتين َّ‬ ‫نفوذهما على َو َرق الخرائط‪َ :‬‬ ‫األزرق للفرنسيين (متصرفية جبل لبنان‬

‫مئوية لبنان الكبير‬

‫جذوره ِإلى ما قبل التاريخ الجلي‪ .‬الدولة تركيب ِإثني‪ .‬ولعلها َأجدر ُ‬ ‫الشؤُ ون‬ ‫ً‬ ‫تمثيال للحياة العقلية التي هي من خصائص االجتماع‬ ‫والمظاهر الثقافية‬ ‫اإلنساني‪( ‬كمال يوسف الحاج)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قرار مجلس‬ ‫ومن التحضيرات التي آلت ِإلى ُبلوغ ِإعالن األ َّول من أيلول‪ُ :‬‬ ‫ِإدارة لبنان (‪َ 20‬أيار ‪ )1920‬المناداةَ باستقالل لبنان ِوإرجاعه ِإلى حدوده‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال منذ القديم بحدوده‬ ‫الطبيعية والتاريخية‪ ...‬باعتبار جبل لبنان‬ ‫واغتصابا من‬ ‫التاريخية والجغرافية‪ ،‬والقطع التي فُ ِص َلت عنه ُسلِ َخت عنوةً‬ ‫ً‬ ‫واإلداري‬ ‫الدولة التركية‪ ،‬لذا طالب ذلك‬ ‫ُ‬ ‫القرار ‪‬باستقالل لبنان السياسي ِ‬ ‫في حدوده الجغرافية والتاريخية‪ ،‬واعتبار البالد المغصوبة منه ‪ -‬ومعظم‬ ‫َّ‬ ‫بالدا لبنانية كما كانت قبل َس ْلخها عنه‪(َ ‬أعادت‬ ‫سكانها من اللبنانيين – ً‬ ‫ْ‬ ‫نش َر القرار جريدةُ ‪‬البشير‪ ‬في عددها ‪َ 3‬أيلول ‪.)1946‬‬

‫‪5‬‬


‫لإلنكليز (القسم َ‬ ‫وجزء من والية بيروت القديمة)‪َ ،‬‬ ‫األكبر من‬ ‫واألحمر ِ‬ ‫العراق وفلسطين)‪.‬‬ ‫* * *‬

‫‪6‬‬

‫ٌ‬ ‫ضمها‬ ‫مقاالت‬ ‫مقطوف من‬ ‫معظم ما َور َد في هذه االفتتاحية‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ووثائق َي ُّ‬ ‫العدد الخاص الذي َيفتتح احتفاالت مئوية لبنان الكبير‪ .‬وهو ال َّيدعي‬ ‫هذا‬ ‫ُ‬ ‫َج ْـم َـع ِّ‬ ‫وحد َث ُ‬ ‫الحدث‬ ‫وكتِ ب‪ِ .‬إن هو ِإ َّال ِإطاللة موجزة على هذا‬ ‫َ‬ ‫كل ما قيل َ‬ ‫وجه لبنان ال ُـمتَ َع ْث ِمن َأربعة قرون‪َ ،‬‬ ‫محا مما كان‪،‬‬ ‫الذي َغ َّير َ‬ ‫نش ْرنا فيه لُ ً‬ ‫ْ‬ ‫نش َر ْ‬ ‫ُمراعين ْ‬ ‫احتراما لـموضوعية المجلة التي تَ نقُ ل‬ ‫والرأي اآلخر‪،‬‬ ‫الرأي‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ـمادي‪ ،‬بكل ِغناه ُ‬ ‫وك ُنوزه وما رافقَ ها ويرافقُ ها‬ ‫ماد َّيه‬ ‫تراثنا اللبناني‪ِّ ،‬‬ ‫وغير ال ّ‬ ‫َ‬ ‫جديد ومفيد‪.‬‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫حامل ًة َ‬ ‫غاية ‪‬مركز التراث اللبناني‪‬‬ ‫هي ذي رسالة ‪‬مرايا التراث‪،‬‬ ‫شاءتْ ه الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية ذاكرةً للبنان‪.‬‬ ‫الذي َ‬ ‫طيب ثمارها َوأغناها‪ ،‬ذاكرة لبنان‪.‬‬ ‫ويا ما َأ َ‬

‫هنري زغـيب‬

‫مدير المركز‪ /‬رئيس التحرير‬ ‫‪‬مرايا التراث‪ ‬تشكُ ر‪:‬‬ ‫العدد َأســداهــا من َمـحفوظاته‬ ‫– العميد َأدونـيــس نعمه على‬ ‫َ‬ ‫وثائق لهذا َ‬ ‫ومـحفوظات والده الـمؤَ ِّرخ جوزف نعمه‪.‬‬ ‫الخاصة َ‬ ‫واإلنكليزية)‬ ‫باقتطاف‬ ‫– الدكتور طريف الخالدي على ِإذْ نه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫مقاطع (بالعربية ِ‬ ‫السيدة عنبرة سالم الخالدي‪.‬‬ ‫من كتاب والدته ِّ‬ ‫– الـمطران سمير مظلوم رئيس ‪‬الـمركز الـماروني للتوثيق َ‬ ‫واألبـحــاث‪‬‬ ‫مقاطع من كتاب الخوري أسطفان ابرهيم الخوري ‪‬وثائق‬ ‫باقتطاف‬ ‫على ِإذْ نه‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫الصادر عن الـمركز‪.‬‬ ‫البطريرك الحويك السياسية‪‬‬ ‫ِ‬ ‫– ُ‬ ‫َ‬ ‫وبطاقات بريديةٍ من‬ ‫وثائق‬ ‫مجموعة‬ ‫طوبيا على ِإسدائه‬ ‫األستاذ سامي‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫مـجموعاته الـخاصة‪.‬‬ ‫– ُ‬ ‫وسام لَ َّـحام على ِإغنائِ ه نَ َّص ُه ِب َـمجموعةِ الطوابع والنقود والوثائق‬ ‫األستاذ َ‬ ‫الخاصة بــزَ َمن لبنان الكبير‪.‬‬ ‫– األستاذ علي غالييني عضو مجموعة ‪‬تراث بيروت‪ ،‬على وثائقه النادرة‪.‬‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫لبنان الكبير‪ :‬التقسيمات اإلدارية‬ ‫واسترجاع األقضية األربعة‬

‫إِعادة األَقضية األَربعة إِلى لبنان‬ ‫القرار رقم ‪ – 299‬زحلة – الثلثاء ‪ 3‬آب ‪1920‬‬ ‫إن الجنرال غورو‪ ،‬المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سوريا‬ ‫وكيليكيا‪،‬‬ ‫بناء على مرسوم رئيس الجمهورية في ‪ 8‬تشرين َ‬ ‫األول ‪،1919‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫تحقيق أماني المواطنين الذين‪ ،‬بكامل حريتهم‪ ،‬أعلنوا‬ ‫واستجابة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫والمعلقة إلى لبنان‬ ‫عن رغبتهم في ضم أقضية حاصبيا وراشيا وبعلبك‬ ‫المستق ّل لتنظيم شؤُ ونهم اإلدارية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وسعيا ِإلى وضع قانون َأساسي للبنان الكبير‪،‬‬ ‫ً‬ ‫اإلداري في المنطقة الغربية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وبناء على اقتراح الحاكم ِ‬ ‫ْ‬ ‫يقرر ما يأتي‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫المادة ُ‬ ‫ّ‬ ‫والمعلقة ِإلى‬ ‫يتم َض ُّم َأقضية حاصبيا وراشيا وبعلبك‬ ‫األولى‪ُّ :‬‬ ‫اإلداري‪.‬‬ ‫لبنان في كل ما يتعلق بنظامها ِ‬ ‫اإلجراءات الالزمة َلي ُض َّم‬ ‫حاكم لبنان‬ ‫المادة الثانية‪َّ :‬يتخذ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جميع ِ‬ ‫داريا هذه َ‬ ‫فورا إلى‬ ‫ِإ ً‬ ‫األقضية المذكورة ِإلى ِإدارته المركزية‪ُ ،‬ويرسل ً‬ ‫اإلداري والمالي‬ ‫اإلداري جميع اإلجراءات المتعلقة بالتنظيمات ِ‬ ‫الحاكم ِ‬ ‫َ‬ ‫المنض َّمة‪ ،‬والوظائف التي تضمن سير‬ ‫والقضائية في هذه األقضية‬ ‫َ‬ ‫المصالح المحلية هناك‪.‬‬ ‫تعيين حدود لبنان الكبير‬ ‫القرار رقم ‪ – 318‬الثلثاء ‪ 31‬آب ‪1920‬‬ ‫إن الجنرال غورو‪ ،‬المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سوريا‬ ‫وكيليكيا‪ ،‬والقائد األعلى لجيش الشرق‬ ‫بناء على مرسوم رئيس الجمهورية في ‪ 8‬تشرين َ‬ ‫األول ‪،1919‬‬ ‫ً‬


‫وبما َأن فرنسا لم تقصد بمجيئها ِإلى سوريا ِإ َّال تمكين َأهالي سوريا‬ ‫ولبنان من تحقيق غايتهم في الحرية واالستقالل‪،‬‬ ‫عينها‬ ‫يتم ِب ِـإعادة لبنان ِإلى حدوده الطبيعية كما َّ‬ ‫وألن تـحقيق تلك الغاية ُّ‬ ‫ُم ِّ‬ ‫جمعت عليها رغبة َأهاليه‪،‬‬ ‫ـمثلوه َوأ َ‬ ‫وبما َأن لبنان الكبير ِبـحدوده الطبيعية ُيـمكنه‪ ،‬كحكومة مستقلة‪َ ،‬أن‬ ‫رسمتها بما ّيتفق ومصالحه‬ ‫يسير بمساعدة فرنسا على الخطة التي‬ ‫ْ‬ ‫السياسية واالقتصادية‪،‬‬ ‫يقرر ما ْيأتي‪:‬‬ ‫ِّ‬

‫‪8‬‬

‫المادة األولى‪َّ :‬‬ ‫تشك َلت حكومة باسم ‪‬دولة لبنان الكبير‪ ‬تشتمل‪:‬‬ ‫ • ً‬ ‫أوال‪  :‬على منطقة لبنان اإلدارية الحالية‪.‬‬ ‫ثانيا‪  :‬على أقضية بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا ً‬ ‫وفقا لألوامر الصادرة‬ ‫ • ً‬ ‫في القرار ‪ – 299‬زحلة الثلثاء ‪ 3‬آب ‪.1920‬‬ ‫ • ً‬ ‫المفصلة في ما يلي‪:‬‬ ‫ثالثا‪ :‬على أراضي والية بيروت‬ ‫َّ‬ ‫‪ 1.1‬سنجق صيدا خال ما ُأ ْل ِح َق منه بفلسطين بحسب االتفاقات الدولية‪.‬‬ ‫‪ 2.2‬سنجق بيروت‪.‬‬ ‫‪ 3.3‬قسم مــن سنجق طــرابـلــس يشمل أراض ــي قـضــاء عـكــار الواقعة‬ ‫مديريتَ ي الضنّ ّية والـمنْ ية‪ ،‬وقسم‬ ‫جنوبي النهر الكبير‪ ،‬وقضاء طرابلس مع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫من قضاء حصن َ‬ ‫ـمعينة في‬ ‫األكــراد الواقع جنوب َّـي حدود لبنان الكبير ال َّ‬ ‫المادة الثانية الالحقة من هذا القرار‪.‬‬

‫المادة الثانية‪ :‬تكون حدود دولة لبنان الكبير كما يأتي‪ ،‬بقطع النظر‬ ‫وضعها للحدود في ما بعد‪:‬‬ ‫عن التعديالت الجزئية التي قد يقتضي‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫شماال‪ :‬من َم َص ّب النهر الكبير على ٍّ‬ ‫خط ُيرافق مجرى النهر إلى نقطة‬ ‫ •‬ ‫الصاب فيه على علو جسر القمر‪.‬‬ ‫خالد‬ ‫بوادي‬ ‫اجتماعه‬ ‫ِّ‬ ‫شرقا‪ّ :‬‬ ‫ • ً‬ ‫  خط القمة الفاصل بين وادي خالد ووادي نهر العاصي‬ ‫مارا بقُ رى مصرعة مربعانة – حيط أبيح – فيصان‬ ‫ُ(أ ُور ْون ْت) ًّ‬ ‫ُّ‬ ‫حدود‬ ‫الخط تابع‬ ‫(؟) على ُع ُل ّو قريتي بريفا ومتربة (؟)‪ .‬وهذا‬ ‫َ‬ ‫قضاء بعلبك الشمالية من الجهة الشمالية الشرقية والجهة‬ ‫الجنوبية الشرقية ثم حدود أقضية بعلبك والبقاع وحاصبيا‬ ‫وراشيا الشرقية‪.‬‬ ‫معينة في االتفاقات الدولية‪.‬‬ ‫ • ً‬ ‫جنوبا‪  :‬حدود فلسطين كما هي َّ‬ ‫غربا‪  :‬البحر المتوسط‪.‬‬ ‫ • ً‬


‫إلغاء المتصرفية التاريخية ذات البروتوكول الدولي‬

‫تنظيم دولة لبنان الكبير‬

‫قسم دولة لبنان الكبير إلى أربع متصرفيات‪ ،‬وبلدتَ ين‬ ‫المادة الثانية‪ :‬تُ َ‬ ‫َّ‬ ‫مستقلتين‪ .‬تتألف المتصرفيات من ‪ 12‬قضاء‪ ،‬وتتألف األقضية من‬ ‫مديريات‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫التقسيمات اإلدارية واسترجاع األقضية األربعة‬

‫القرار رقم ‪ – 336‬األربعاء ‪َ 1‬أيلول ‪1920‬‬ ‫إن الجنرال غورو‪ ،‬المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سوريا‬ ‫وكيليكيا‪ ،‬والقائد األعلى لجيش الشرق‬ ‫بناء على مرسوم رئيس الجمهورية في ‪ 8‬تشرين َ‬ ‫األول ‪،1919‬‬ ‫ً‬ ‫بناء على القرار رقم ‪318‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫سينظم‬ ‫اللبناني الذي‬ ‫األساسي‬ ‫القانون‬ ‫اإلجراء‬ ‫موضع‬ ‫ع‬ ‫يوض‬ ‫أن‬ ‫وإلى‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫وفق المادتين ‪ 94‬و‪ 97‬من معاهدة ِسيـﭭـر لالنتداب المنصوص عليه في‬ ‫المادتين المذكورتين‪ ،‬تُ عطى دولة لبنان الكبير‪ ،‬وفقً ا لرغائب األهالي‪،‬‬ ‫إداريا ُيساعدهم‪ ،‬بمساعدة فرنسا‪ ،‬على أن يحققوا برنامج‬ ‫تنظيما‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫والحكم الذاتي الذي َع َّولوا عليه‪،‬‬ ‫االستقالل‬ ‫يقرر ما يلي‪:‬‬ ‫اإلداري ال ُـم َوقَّ ت الذي ُأعلِ َن لدولة لبنان الكبير‪،‬‬ ‫التنظيم‬ ‫المادة األولى‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫حدوده في القرار ‪ – 318‬تاريخ ‪ 31‬آب ‪ ،1920‬يجري حسب‬ ‫وتقر َرت‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫التقسيمات اإلدارية التالية‪:‬‬

‫«لبنان الكبير»‬

‫القرار رقم ‪ – 321‬الثلثاء ‪ 31‬آب ‪1920‬‬ ‫إن الجنرال غورو‪ ،‬المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سوريا‬ ‫وكيليكيا‪ ،‬والقائد األعلى لجيش الشرق‬ ‫بناء على مرسوم رئيس الجمهورية في ‪ 8‬تشرين َ‬ ‫األول ‪،1919‬‬ ‫ً‬ ‫يقرر ما ْيأتي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫تُ لغى المنطقة اإلدارية ألراضي لبنان المستقلة ونظاماتها ومصالحها‬ ‫اإلدارية العمومية والمحلية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫(أي أنّ هذا القرار ألغى كلّ ما كان له عالقة بـمتصرفية لبنان المستقل)‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫المادة الثالثة‪ :‬التقسيمات اإلدارية هي‪:‬‬ ‫‪ 1.1‬متصرفية لبنان الشمالي‪ .‬مركز حكومتها‪ :‬زغرتا‪ ،‬وتتألف من‪:‬‬ ‫– قضاء عكار المشتمل على قضاء عكار الحالي وعلى القسم الواقع‬ ‫جنوبي نهر الكبير من حصن األكراد‪ ،‬ما عدا القسم الواقع شمالي‬ ‫ً‬ ‫شرقا بالخط الممتد على مرتفعات وادي‬ ‫والمحدد‬ ‫النهر الكبير‬ ‫َّ‬ ‫الحديد‪.‬‬ ‫وبشري‪.‬‬ ‫– قضاء زغرتا المؤلف من مديريات الزاوية والضنّ ّية‬ ‫ّ‬ ‫مديريتَ ي البترون والكورة‪.‬‬ ‫– قضاء البترون المؤلف من‬ ‫َّ‬ ‫‪ 2.2‬متصرفية جبل لبنان‪ .‬مركز حكومتها‪ :‬بعبدا‪ ،‬وتتألف من‪:‬‬ ‫– قضاء كسروان‪ ،‬قضاء المتن‪ ،‬قضاء الشوف‪ ،‬مديرية دير القمر الحالية‪.‬‬ ‫‪ 3.3‬متصرفية لبنان الجنوبي‪ .‬مركز حكومتها‪ :‬صيدا‪ ،‬وتتألف من‪:‬‬ ‫– قضاء صيدا المؤلف من مديريات التفاح وجزين والشقيف والقسم‬ ‫الشمالي من الشمر‪.‬‬ ‫– قضاء صور المؤلف من القسم الجنوبي من الشمر‪ ،‬ومن القسم‬ ‫الواقع شمالي الحدود الفلسطينية من بالد بشارة‪.‬‬ ‫– قضاء حاصبيا المؤلف من قضاء حاصبيا الحالي ومن مرجعيون‬ ‫حتى الحدود الفلسطينية‪.‬‬ ‫‪ 4.4‬متصرفية البقاع‪ .‬مركز حكومتها‪ :‬زحلة‪ ،‬وتتألف من‪:‬‬ ‫– قضاء راشيا‪ ،‬قضاء البقاع‪ ،‬قضاء بعلبك‪ ،‬مديرية الهرمل‪.‬‬ ‫‪ 5.5‬مدينة بيروت وضواحيها‪ .‬تتألف منها منطقة قائمة بذاتها ُي َّعين‬ ‫نظامها في ما بعد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ 6.6‬مدينة طرابلس وضواحيها‪ .‬تتألف منها منطقة قائمة بذاتها ُي َّعين‬ ‫نظامها في ما بعد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫المادة الرابعة‪ :‬عاصمة لبنان الكبير هي بيروت‪.‬‬

‫أقسام كل‬ ‫المادة الخامسة‪ :‬تُ َّعين في ما بعد‪ ،‬بعناية السلطة اإلدارية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫متصرفية بصورة مدقَّ قة‪.‬‬

‫* من كتاب ‪‬حقائق لبنانية‪ ‬للرئيس بشارة الخوري – الجزء األول‪ ،‬ص ‪ ٣٠٩‬إلى ‪٣١٤‬‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫الجنرال غورو في إِعالن «لبنان الكبير»‬ ‫من خطابه على مدخل قصر الصنوبر‬ ‫نهار األَربعاء ‪ 1‬أَيلول ‪ُ 1920‬معل ًنا «دولة لبنان الكبير»‬

‫‪‬يا َأهل لبنان الكبير‬ ‫انتظره ً‬ ‫عبثا‬ ‫‪‬اليوم الذي كم‬ ‫قلت لكم في ساعة حاسمة‪:‬‬ ‫قبل َأسابيع‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫جره‪.‬‬ ‫آباؤُ كم‪ ،‬والذي ستسعدون برؤْ ية فَ جره‪ ،‬بات ً‬ ‫قريبا فَ ُ‬ ‫فجره َأشرق اليوم‪.‬‬ ‫وها ُ‬ ‫ضمها جبل‬ ‫َأمام هذه الحشود المتقاطرة من جميع المناطق التي َي ُّ‬ ‫ً‬ ‫قوي‬ ‫حدة في‬ ‫لبنان‪ ،‬كانت حتى َأمس ُمتَ تَ‬ ‫اخمة َوأصبحت اليوم َّ‬ ‫وطن ٍّ‬ ‫مت َ‬ ‫ٍ‬ ‫عظيم بمستقبله‪،‬‬ ‫بماضيه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َوأمام َأركان الحكومة اللبنانية‪َ ،‬وأبناء َأشهر ُ‬ ‫األ َسر‪ ،‬والرؤَ ساء الروحيين‬ ‫َ‬ ‫بطريرك‬ ‫جالل‬ ‫من جميع المذاهب والطوائف‪ ،‬وفي صدارتهم ُأ ِّ‬ ‫حيـي ِبـ ِـإ ٍ‬ ‫جيد ال ُـم ِّ‬ ‫كل ِل‬ ‫لبنان العظيم الذي نَ زَ ل من جبله لحضور احتفال هذا اليوم ال َـم ِ‬ ‫ودورهم‬ ‫َ‬ ‫جهود حياته‪ ،‬ويؤْ سفني َأ َّال َأرى بين الحضور مندوبيكم ِإلى باريس ُ‬ ‫كان َ‬ ‫ساسيا بمقترحاتهم ِإلى الحكومة الفرنسية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ًّ‬ ‫وبحضور ِّ‬ ‫الجهاد الطويل معنا‬ ‫كثرها ذلك‬ ‫َ‬ ‫ممثلي الدول التي بذل َأ ُ‬ ‫انتصارا للحق والحرية‪ ،‬وبحضور ممثلي فرنسا الذين يسعدني َأن ُأحيي‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫رية الشرق‪،‬‬ ‫ـح‬ ‫ب‬ ‫قائد‬ ‫دوبون‬ ‫ميرال‬ ‫األ‬ ‫بينهم‬ ‫َ ْ َّ‬ ‫َ‬ ‫عنيدا لـثباتها‬ ‫تجسد قوة بالدكم حصنً ا ً‬ ‫وقبالة هذه الجبال ال َـمهيبة التي ِّ‬ ‫وحريتها‪،‬‬ ‫شاطئ البحر ُ‬ ‫األسطوري الذي َ‬ ‫مجاذيف المراكب الفينيقية‬ ‫عرف‬ ‫وعلى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وح َـمل ِإلى َأصقاع العالم َأسالفَ كم الثاقبي الفكر‪،‬‬ ‫واليونانية والرومانية‪َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫حامال‬ ‫الحاذقي الحس التجاري‪ ،‬البارعي الفصاحة‪ ،‬ويعود اليوم ِإليكم‬ ‫ومنافع الصلح الفرنسي‪،‬‬ ‫تكريس صداقةٍ كبيرةٍ وعريقةٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َوأمام هؤُ الء الشهود على آمالكم ونضاالتكم وانتصاركم‪،‬‬ ‫ومشار ً‬ ‫وافتخاركم‪،‬‬ ‫فرحكم‬ ‫كة َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُأعلن ‪‬لبنان الكبير‪ِ ،‬وباسم الجمهورية الفرنسية ُأ َحـ ِّـيــيه في عظمته‬ ‫قمم لبنان الشرقي‪.‬‬ ‫وكنوزه من النهر الكبير‪ِ ،‬إلى َأبواب فلسطين‪ِ ،‬إلى َ‬


‫خطاب الجنرال غورو‬ ‫‪12‬‬

‫هذا هو لبنان‪:‬‬ ‫المضطرم‪،‬‬ ‫قلب هذه البالد‬ ‫ِب َـج َبله‪ ،‬وفيه َيـخفق ُ‬ ‫ِ‬ ‫سيحفَ ظ ِذ ْك ُره‬ ‫بسهل البقاع الخصيب‪ ،‬تَ َك َّرس اتِّ ُ‬ ‫ـحاده في يوم زحلة الذي ُ‬ ‫في الصدور‪،‬‬ ‫ومقر‬ ‫المرفإ العظيم لهذه الدولة الجديدة‪،‬‬ ‫ذات‬ ‫ِبـمدينة بيروت‪ِ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫حكومتها‪،‬‬ ‫ـجددانه في اتحادهما‬ ‫ِبـمدينَ تَ ـي صيدا وصور وماضيهما العظيم ُي ِّ‬ ‫بالوطن الكبير‪.‬‬ ‫وناديت ُموه‪.‬‬ ‫الوطن الذي هتَ فْ ُتم له‬ ‫هذا هو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫في إِعالن «لبنان الكبير»‬


‫حول َ ُه في «اليوم الكبير»‬ ‫َ‬ ‫وتناولتها ريشة‬ ‫اشتهرت هذه الصورة منذ صدورها قبل ‪ 100‬عام‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫الرسامين‪ ،‬في طليعتهم فيليب موراني (‪َ ،)1970–1875‬ويظهر فيها‬ ‫الجنرال هنري غورو يعلن دولة لبنان الكبير‪ ،‬عن يمينه البطريرك الياس‬ ‫صدرت في المراجع‬ ‫ونادرا ما‬ ‫الحويك وعن يساره المفتي مصطفى نجا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫سماء سائر الحاضرين‪.‬‬ ‫َأ ُ‬ ‫‪‬مرايا التراث‪ ‬تنشر هذه َ‬ ‫وردت في كتاب ‪‬قصر الصنوبر‪:1‬‬ ‫األسماء كما َ‬ ‫متصرف والية بيروت‪ ،2‬محمد الجسر‪َ ،‬ألفرد‬ ‫صوان‬ ‫ِّ‬ ‫نجيب بك َأبو ّ‬ ‫سرسق‪ ،‬الدكتور كالْ ِـم ّْت‪ ،‬الدكتور لوبرون‪ ،‬بيار دوريو قنصل فرنسا‪،‬‬ ‫عمون‪ ،‬الخوري مارون غصن‪ ،‬الدكتور‬ ‫عبدالقادر الدنا‪ ،‬شارل قرم‪ ،‬داود ُّ‬ ‫ِإميل عرب‪ ،‬الشيخ محمد ُ‬ ‫الكستي (قاضي قضاة الشرع)‪ ،‬سعيد زين الدين‪،‬‬ ‫نجيب بك قباني‪ ،‬مختار بيهم‪ِ ،‬إميل خوري‪ ،‬رامز مخزومي‪ ،‬كامل جميل‪،‬‬

‫ودنيز عمون – منشورات ‪ – ACR‬باريس ‪َ .1999‬ص َد َر‬ ‫‪ 11‬‬ ‫ْتأليف بيار فورنـيـيـه ُ‬ ‫وص َو ِره‪َ ،‬‬ ‫مؤ ِّر ًخا زيارةَ الرئيس الفرنسي جاك شيراك بيروت في‬ ‫صوصه‬ ‫بنُ‬ ‫‪،‬‬ ‫الكتاب‬ ‫هذا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫شبه الكامل ِإ َّبان‬ ‫‪ 30‬أ َّيار ‪ 1998‬لتدشين قصر الصنوبر بعد ِإتـمام ترميمه ِإ ْثر تدميره ِ‬ ‫سنوات الحرب في لبنان‪.‬‬ ‫ترحيبا بالجنرال غورو‪ .‬ومن كلمته‪ :‬في هذه‬ ‫‪ 22‬وهو افتتح االحتفال ِباسم بيروت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫هيبة التي تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫لالمـحاء‪ ،‬هي ذي بيروت‪،‬‬ ‫قابلة‬ ‫غير‬ ‫حقبة‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫دخل‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫التاريخ لتُ َ ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫الساعة ال َـم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫وتُ‬ ‫تُ‬ ‫ـحيــي في‬ ‫راعيها‪،‬‬ ‫م‬ ‫فيك‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ـحي‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ـح‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ها‬ ‫نفاس‬ ‫أ‬ ‫مستعيدة‬ ‫الكبير‪،‬‬ ‫عاصمة لبنان‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫شخصكم فرنسا ال َـمجيدة‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫الشيخ كسروان الخازن‪ ،‬الشيخ بديع الخازن‪ ،‬الشيخ يوسف الخازن‪ ،‬محمد‬ ‫بربير‪ ،‬جميل شهاب‪َ ،‬أكرم عازار‪َ ،‬ألبير قشوع‪َ ،‬أنيس طراد‪ ،‬حبيب طراد‪.‬‬ ‫وحول الجنرال غورو‪ :‬البطريرك الياس الحويك‪ ،‬مفتي بيروت الشيخ‬ ‫َ‬ ‫مصطفى نجا‪ ،3‬محمد َأديب درنيقه‪ ،‬صالح الدين لبابيدي‪ ،‬باسيل يارد‪،‬‬ ‫األب ِإرنست سارلُ وت‪ ،‬يوسف فرعون‪َ ،‬‬ ‫عمر بك بيهم‪َ ،‬‬ ‫األميرال بونيه‪،‬‬ ‫الكومندان ترابو حاكم لبنان الكبير‪َ ،‬ألبير نقاش‪ ،‬جان دوفريج‪ ،‬الـﭭـيكونت‬ ‫قشوع‪ ،‬المطران بستاني‪َ ،‬‬ ‫طرازي‪ ،‬ميشال شيحا‪ِ ،‬إميل ُّ‬ ‫األب‬ ‫فيليب دو َّ‬ ‫المعتمد كوبان‪ ،‬نصري‬ ‫عواد‪ ،‬الكولونيل ليجيـيـه‪،‬‬ ‫َأنطوان عقل‪ ،‬المطران َّ‬ ‫َ‬ ‫حداد‪ ،‬هنري مسك‪.‬‬

‫حول َ ُه‬ ‫َ‬ ‫‪14‬‬

‫في «اليوم الكبير»‬ ‫ـمسلمين كي َي َ‬ ‫ـحضر الـمفتي نـجا هذا االحتفال‪،‬‬ ‫‪ 33‬كان الجنرال غورو‪،‬‬ ‫ً‬ ‫استرضاء ال ْ‬ ‫لكن الـمفتي رفض اللقَ ب والحضور‪ ،‬وما‬ ‫َع َرض عليه لقب ‪‬مفتي دولة لبنان الكبير‪ّ ،‬‬ ‫كان َ‬ ‫ـمضاعفات‪َ ،‬أ ُّقلها‬ ‫مسلمي بيروت بحضور االحتفال تَ ـجنُّ ًبا ل‬ ‫حضر لو لم ْيق ِنعهُ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وجهاء ْ‬ ‫تهديد غورو بِـنَـفْي الـمفتي َنـجا ِإلى جزيرة كورسيكا‪.‬‬


‫الكبير‬ ‫لبنانالكبير‬ ‫زمنلبنان‬ ‫زمن‬

‫نشيد األ َ َّول من أَيلول‬

‫فراد‬ ‫طني‬ ‫هذا هو َأ َّو ُل‬ ‫ٍ‬ ‫رسمي مع فجر ‪‬لبنان الكبير‪َ ،‬أ َ‬ ‫نشد ُه َأ ُ‬ ‫نشيد َو ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫موسيقى الضابطية اللبنانية َأمام مدخل قصر الصنوبر‪ ،‬نهار َ‬ ‫األربعاء ‪َ 1‬أيلول‬ ‫الرسمي ِبإعالن ‪‬دولة لبنان الكبير‪ ،‬ثم عادوا‬ ‫‪ ،1920‬عند ْبدء االحتفال‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫فأ َ‬ ‫دوه عند ختام االحتفال‪.‬‬ ‫نش ُ‬ ‫َ‬ ‫استعاد ُه‬ ‫وليا ثم‬ ‫نظ َمه الخوري مارون غصن‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ووضع له بشارة فرزان لـحنً ا َأ ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األب بولس األشقر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫‪ 20‬أيلول‬ ‫اإلثنين‬ ‫آخر‬ ‫بدء‬ ‫ُأعيد َعزفُ ه‬ ‫مي َ‬ ‫ثانية عند ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫احتفال ْ‬ ‫رس ٍّ‬ ‫صباح ِ‬ ‫نشاده بعدذاك في سائر‬ ‫‪ 1920‬في السراي الحكومي الكبير‪ ،‬وتوالى‬ ‫ُ‬ ‫عزفه ِوإ ُ‬ ‫االحتفاالت الرسمية‪ ،‬حتى ‪ 1926‬مع ِإنشاء الجمهورية اللبنانية وتكريس‬ ‫النشيد الوطني الحالي الذي َ‬ ‫نظ َمه رشيد نخلة َول َّـحنه وديع صبرا‪.‬‬ ‫‪‬مرايا التراث‪ ‬تنشر‬ ‫نص نشيد َ‬ ‫األ َّول من َأيلول‬ ‫وهـما‬ ‫وكتابتَ ه الموسيقية‪ُ ،‬‬ ‫من محفوظات جوزف‬ ‫َوأدونيس نعمه‪.‬‬


‫‪16‬‬

‫نشيد األ َ َّول من أَيلول‬

‫ـان ال تَ ْـخ َـش ال ُـعد ‬ ‫ى‬ ‫لـبـن ُ‬ ‫ِإخــوانن ـ ـ ــا مـات ـ ــوا ف ــدا ‬

‫الم َـهـنَّ ـدا‬ ‫ـوم الوغى ُ‬ ‫ُك ـ ُّـلـ ـ ـن ـ ــا تَ ــقَ ـ َّـلـ ــد ا لِ ـي ِ‬ ‫كي َ‬ ‫للمدى ُمؤَ َّيدا‬ ‫تنال السؤْ ُددا فَ ــعِ ـ ـ ْـش َ‬

‫شر َقـ ْـت‬ ‫الب ُن ِود َأ َ‬ ‫يـا َأرزةً عـلى ُ‬ ‫َأبـطالُ ـنـا ِب َـح ْـسرة قـ ــد َق َضوا‬ ‫الالزمة‪:‬‬ ‫للعلى ‬ ‫َأال فارفَ عوا ُ‬ ‫اَل‬ ‫فيا ما حاَل ما ح ‬

‫رايـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـة ‬ ‫َأ ُرزن ـ ـ ـ ـ ـا ‬

‫ـدود‬ ‫فَ َـحــقَّ ـقَ ــت ُمـن ــى الـ ُـجـ ْ‬ ‫الو ُع ْود‬ ‫َو ُهم على رج ـ ـ ـ ــا ُ‬ ‫الح ف ـي ـ ـ ـهـ ـ ــا َأ ُرزن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َ‬ ‫وع ـ ـ ـ ـ ُّـزن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َرمـ ـ ُـزنـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ‬

‫مام ‬ ‫السالم نُ ْك ِر ُم‬ ‫ْ ‬ ‫لبنان ِإنَّ ا في‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الضيف ُ‬ ‫اله ْ‬ ‫ِوإن َدجا ُ‬ ‫الخصام نُ ِور ُد ال َـخ ْص َم ال ِـح ْ ‬ ‫مام‬ ‫ليل‬ ‫ْ ‬ ‫َقـ ْـلـ ُـبـن ـ ـ ا‬ ‫َب ْط ُـشن ـا ‬ ‫ِإن َطـ ـغــى ال ـض ُّـد َأو َب ـغــى‬

‫ونَ رعى ُحقُ وق َ‬ ‫نام‬ ‫األ ْ‬ ‫سام‬ ‫غراز ُ‬ ‫الح ْ‬ ‫ِبماضي ِ‬

‫ـور‬ ‫قُ ـ ـ ـ َّـد م ـ ـ ــن ُصـ ـ ْـخ ـ ـ ـ ـ ْ‬ ‫ـور‬ ‫ُيـ ِ‬ ‫ـرع ــب ال ـلـي ـ َـث الـ َـه ُـصـ ْ‬ ‫والن ُس ْور‬ ‫الو ُحوش ُ‬ ‫صار َم َ‬ ‫طعم ُ‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫ميشال ُّ‬ ‫زكور في افتتاحية «المعرض»‪:‬‬

‫«أَول أَيلول يُـمثِّل الفكر َة السامية‪:‬‬ ‫لبنان ِبـحدوده الطبيعية»‬

‫يوم الكونت ُد َمرتِ ل لقَّ ب ميشال زكور ‪‬الفتى المتمرد‪ ‬لم يكن ُم ً‬ ‫ـخطئا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫دوي‬ ‫نائبا‬ ‫فقل ُمه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ووزيرا‪ ،‬كان ُي ّ‬ ‫صحافيا‪ ،‬كان ُيرهب سلطة االنتداب‪ ،‬وصوتُ ه‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫بالفكرة اللبنانية‪.‬‬ ‫علن الجنرال غورو والدةَ ‪‬لبنان الكبير‪ .‬وفي َ‬ ‫في َ‬ ‫األول‬ ‫األول من َأيلول َأ َ‬ ‫ً‬ ‫منصة لتحقيق‬ ‫علن ميشال زكور والدةَ جريدته ‪‬الـمعرض‪،‬‬ ‫من َأيار ‪َ 1921‬أ َ‬ ‫معتبرا َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫األول من َأيلول‬ ‫االنتداب‪،‬‬ ‫سلطة‬ ‫عن‬ ‫ا‬ ‫تباع‬ ‫ة‬ ‫مستقل‬ ‫الفكرة اللبنانية‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وطنيا‪.1‬‬ ‫عيدا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫في هذه السياق نُ عيد هنا نَ ْشر افتتاحيته ُ‬ ‫األسبوعية ‪‬على هوامش‬ ‫الحوادث‪ ‬في الصفحة ُ‬ ‫األولى من ‪‬المعرض‪ :‬السنة الحادية ْ‬ ‫عشرة‪ ،‬العدد‬ ‫‪َ ،966‬‬ ‫األحد ‪َ 6‬أيلول ‪.1931‬‬ ‫والعيد‬ ‫فجر االستقالل‬ ‫َ‬ ‫‪ 11‬لم َي ِعش ميشال ُّزكور حتى ‪ ٢٢‬تشرين الثاني ‪ 1943‬كي يرى َ‬ ‫ًّ‬ ‫الوطني كما كان ُ‬ ‫مستقال عن سلطة االنتداب‪ .‬فهو تُ ِّ‬ ‫ربيعا في‬ ‫يحلم بلبنان‬ ‫وفـي عن ‪ً 41‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫الشؤُ‬ ‫تولد في‬ ‫وزيرا للداخلية ومكلفا‬ ‫َ‬ ‫ون الخارجية قبل أن َ‬ ‫‪ 19‬حزيران ‪ ،1937‬وكان َ‬ ‫يومها ً‬ ‫لبنان وزارةُ الخارجية‪.‬‬

‫العيد الوطني‬ ‫كان العيد الوطني ‪‬أول أيلول‪ً ‬‬ ‫مليئا بشعور الشعب به‪ ،‬فكانت حفالته‬ ‫ً‬ ‫جميال من مظاهر هذا الشعور الوطني‪ ،‬وكانت األيام‬ ‫مظهرا‬ ‫في كل األنحاء‬ ‫ً‬ ‫منش ٍط لهذا الشعب على ثقته بكيانه‪ ،‬وقد َ‬ ‫أكبر ِّ‬ ‫غلبت السنون ذلك التشاؤُ َم‬ ‫ُّ‬ ‫منهزما أمام روح التفاؤُ ل الفتية‪.‬‬ ‫يضمحل‬ ‫فأخذ‬ ‫ً‬ ‫عجب البعض من احتفال اللبنانيين في أول أيلول بدل ‪ 26‬أيار‬ ‫وقد ُي َ‬ ‫الذي هو تاريخ إعالن الجمهورية‪ .‬وإلزالة أسباب هذا العجب نقول إن‬ ‫ً‬ ‫أصال بمبدإ الحكم وشكله ونوعه‪ ،‬فإنه ُيقام‬ ‫العيد الوطني ال عالقة له‬ ‫إعالن الجمهورية‬ ‫تذكارا لكيان الوطن اللبناني‪ ،‬كما أن ‪ 14‬تموز ال يفيد‬ ‫َ‬ ‫ً‬


‫‪18‬‬

‫تذكار هدم الباستيل الذي كان يمثل االستبداد‪ ،‬لرفع علم‬ ‫في فرنسا بل‬ ‫َ‬ ‫الحرية مكانه‪.‬‬ ‫ألمر فَ لِ َل ْهجة بعض الصحف اللبنانية في استقبال أول‬ ‫وإذا كنا نأسف ٍ‬ ‫أيلول‪ .‬وإننا نفهم أن تنتقد صحيفةٌ لبنانية‪ ،‬لها إيمانها الوطني اللبناني‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وتشدد النَ كير عليهم وعلى أعمالهم‪ .‬بل‬ ‫وأعمال الحكومة‪،‬‬ ‫الحكم‬ ‫رجال‬ ‫ّ‬ ‫يعتقد صحافي لبناني بعدم صالحية ْ‬ ‫شكل هذا‬ ‫قد نفهم عند الضرورة أن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ويحب َذ ما يريد تحبيذه‪.‬‬ ‫فينتقد ما يريد انتقاده‪،‬‬ ‫الحكم أو ذاك لبالده‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫فوزه‬ ‫أما أن ينتقد الصحافي‬ ‫َ‬ ‫العيد الوطني َ‬ ‫نفسه‪ ،‬وهو يحمل إليه ذكرى ِ‬ ‫بتحقيق أمانيه ومطالبه‪ ،‬بل مطاليب آبائه وأجداده‪ ،‬فهذا ما ال نفهم له‬ ‫معنى َّ‬ ‫يروي الشعب باالنتقاد‬ ‫إال أن يعتقد الواحد منا ّأن من واجبه أن ّ‬ ‫كيفما جاء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رجال إدارة‪ ،‬بل ليس‬ ‫أعمال حكومةٍ ‪ ،‬وال‬ ‫حكومة‪ ،‬وال‬ ‫إن أول أيلول ليس‬ ‫أيضا مبدأ ْ‬ ‫الفكرة اللبنانية السامية‪،‬‬ ‫يمثل‬ ‫إنه‬ ‫بل‬ ‫تذكاره‪،‬‬ ‫لننتقد‬ ‫حكم‬ ‫هو ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫التذكار الوطني‬ ‫يحترم هذا‬ ‫فكرةَ لبنان بحدوده الطبيعية‪ ،‬فعلى اللبناني أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العزيز‪.‬‬

‫ميشال ُّ‬ ‫زكور في افتتاحية «المعرض»‬

‫ميشال َز ُّكور‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫الشيخ بشارة الخوري‬ ‫قبل ربع قرن من رئاسته‪:‬‬

‫الخطوات األُولى إِلى األ َ َّول من أَيلُول‬ ‫ُ‬

‫منذ مطالع التَ َح ُّرك ال ِّ‬ ‫مهام ‪‬االنتداب‪ ،‬كان‬ ‫ـمحلي ِإ ْثر تَ َو ِّلي فرنسا‬ ‫َّ‬ ‫المحامي بشارة خليل الخوري يترقَّ ب من مكتبه في فرن الشباك تَ َـوالي‬ ‫مقر ًبا من الحاكم‬ ‫تدريجيا في شؤُ ونه‬ ‫دخل‬ ‫ذاك‬ ‫التحرك‪ِ ،‬إلى َأن َ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫مستشارا َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الحويك‪َ ،‬‬ ‫عاما لحكومة لبنان‪ .‬وبهذه‬ ‫الفرنسي ورسوله لدى البطريرك‬ ‫ِّ‬ ‫فأمينً ا ًّ‬ ‫عالن الجنرال غورو ‪‬دولةَ لبنان الكبير‪ ‬فاستقال من وظيفته‬ ‫الصفة َ‬ ‫حض َر ِإ َ‬ ‫ْ‬ ‫ساعيا ِإلى‬ ‫ا‬ ‫فوزير‬ ‫ا‬ ‫نائب‬ ‫السياسية‬ ‫الساحة‬ ‫على‬ ‫حضوره‬ ‫رة‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫ينصرف‬ ‫كي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ً‬ ‫استقالل لبنان عن االنتداب‪ِ ،‬إلى َأن َّتوج ذاك الحضور َبأن كان َأ َّول رئيس‬ ‫ً‬ ‫مفص َل ًة في كتابه‬ ‫سجل مذكراتِ ه‬ ‫جمهورية االستقالل عن فرنسا‪ .‬وهو َّ‬ ‫كاملة َّ‬ ‫َ‬ ‫‪‬حقائق لبنانية‪ ‬من ثالثة َأجزاء (منشورات ‪‬أوراق لبنانية‪ .)1960 – ‬من‬ ‫صفحات جزئه َ‬ ‫سبقَ ت‬ ‫األول (‪ 94‬إلى ‪ )114‬نقتطف‬ ‫َ‬ ‫مقاطع عن المرحلة التي َ‬ ‫ِإعالن َ‬ ‫األول من َأيلول ‪.1920‬‬

‫‪ ...‬خفَ َت البحث في انضمام لبنان إلى المقاطعات الفرنسية‪ ،‬وانصرفَ ْت‬ ‫َ‬ ‫خشية حرمانها من السيطرة على غيره‬ ‫التمسك بلبنان‬ ‫سلطة االحتالل إلى‬ ‫ُّ‬ ‫من أجزاء البالد التي ُح ِّر َرت من ْ‬ ‫الحكم التركي‪.‬‬ ‫أول وفد لبناني إلى باريس‪ :‬االستقالل إنما‪ ...‬بإرشاد فرنسا‬ ‫حر َك ْته تلك السلطةُ في مجلس إدارة الجبل‪ ،‬كان‬ ‫أول عمل سياسي َّ‬ ‫تشكيل وفد ْ‬ ‫يش َخص إلى باريس للمطالبة باستقالل لبنان ِبإرشاد فرنسا‬ ‫فاستصد َرت في كانون األول ‪ 1918‬المضبطة المعروفة التي‬ ‫ومساعدتها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مندوبا أول‪ ،‬وإلى إميل إده ونجيب‬ ‫المجلس إلى داود عمون‬ ‫فوض‬ ‫ً‬ ‫بموجبها َّ‬ ‫ُ‬ ‫عبد الملك وعبد الحليم الحجار مندوبين آخرين َليسعوا وراء تحقيق تلك‬ ‫الخطة‪ .‬وأشارت السلطةُ الفرنسية باختيار هؤالء الموفَ دين‪ ،‬فأسرع حبيب‬ ‫مارونيين بارزَ ين‬ ‫الجو بغياب‬ ‫َّ‬ ‫باشا السعد لتَ َبنِّ ي االقتراح َأم ًال بأن يصفو له ُّ‬


‫ً‬ ‫كبارا على تنافسهما‪ .‬لم تلبث األخبار أن جاءت من باريس‬ ‫كان يبني‬ ‫آماال ً‬ ‫اختالفهما‪ٌ ،‬‬ ‫عصبي المزاج‪،‬‬ ‫وإده َح ُّد الطبع‪،‬‬ ‫تنقل تفصيل‬ ‫ِ‬ ‫عمون ّ‬ ‫فكل من ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ينزع إلى االست ـئ ـثــار‪ ،‬ويطمع باحتالل المركز األول في لبنان‪ ،‬فابتسم‬ ‫سره ورأى أمله يتحقق‪.‬‬ ‫حبيب باشا في ِّ‬ ‫على األثر سافر األمير فيصل بن الحسين إلى لوندرة فباريس لالتفاق‬ ‫مع فرنسا على ُح ْكم المنطقة الشرقية‪ .‬أخذت الحيرة من الفرنسيين كل‬ ‫مأخذ‪ ،‬ووقعوا بين نارين‪ :‬مجاملة األمير من جهة – ولذلك أحسنوا وفادته‬ ‫ً‬ ‫أصيال – ومن جهة أخرى‪:‬‬ ‫عربي‬ ‫جوادا‬ ‫رئيس وزارتهم‬ ‫وأهداه كليمنصو‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫راعون شعور اللبنانيين‬ ‫إبقاء لبنان‬ ‫خارج نطاق نفوذ األمير‪ ،‬فراحوا ُي ُ‬ ‫َ‬ ‫انحصرت سيطرتهم على المنطقة الغربية‪.‬‬ ‫إذا‬ ‫للغد‪،‬‬ ‫تحس ًـبا‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫تظاهرة بعبدا‪ :‬إيهام فرنسا بدعم فيصل‬ ‫‪20‬‬

‫أعدوا لألمير فيصل‬ ‫كانت نتيجة تلك الحيرة أن الحكام الفرنسيين ّ‬ ‫ً‬ ‫نظيره‪،‬‬ ‫رسميا َع ـ َّـز‬ ‫استقباال‬ ‫– عند عودته من فرنسا ومروره في بيروت –‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ظهروا تَ َـم ُّسكهم باستقاللهم‪،‬‬ ‫خفي‪ ،‬بأن ُي ِ‬ ‫وأوعزوا إلى اللبنانيين‪ ،‬من َ‬ ‫طرف ّ‬ ‫كبير منهم إلى تظاهرة حماسية في بعبدا نادت باستقالل لبنان‬ ‫فتنادى ٌ‬ ‫قسم ٌ‬ ‫ْ‬ ‫اشترك ُت في تلك التظاهرة مع ميشال زكور‪ ،‬وتَ َل ْو ُت‬ ‫(ربيع سنة ‪ ،)1919‬وقد‬ ‫ومطلعها‪:‬‬ ‫على مسامعه بهذه المناسبة قصيدةَ يوسف السودا عن لبنان‬ ‫ُ‬ ‫وحسبكم هذا اللقب‬ ‫بناء‬ ‫َ‬ ‫َأ َ‬ ‫لبنان الكرام ْ‬ ‫وسها أن يقول إنها من ْ‬ ‫نظم‬ ‫فكتَ َبها ميشال ً‬ ‫فورا َوألقاها على الجماهير‪َ ،‬‬ ‫واتجهت من ميدان السراية نحو‬ ‫لها‪،‬‬ ‫الجماهير‬ ‫ت‬ ‫فاهتز‬ ‫يوسف السودا‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِس ْبنَ يه تُ نشد األغاني الشعبية وتنادي باالستقالل‪.‬‬ ‫وم َّـما علِ ق بالذاكرة‪ُ ،‬‬ ‫الزجال الخوري سمعان الفغالي (أبو شحرور‬ ‫ِ‬ ‫قول َّ‬ ‫الوادي)‪:‬‬ ‫يشه ْب ِذ ِّلـه ما نْ ِـح َّـبا‬ ‫ِع ِ‬ ‫اإلستقالل‬ ‫يا ِم ـ ْـنــنَ ال ِ‬

‫منتخ َّبا‬ ‫ْمنِ ْت َظ َاهر ما‬ ‫َ‬ ‫وروبا‬ ‫يا ْمنِ ْر َحل َع ُأ َّ‬


‫البطريرك الحويك إلى فرنسا‪ :‬مطالع ال َت َح ُّرك االستقاللي‬

‫الشيخ بشارة الخوري‬ ‫‪21‬‬

‫قبل ربع قرن من رئاسته‬

‫بعيدا عن كل اختالط سياسي‪،‬‬ ‫قضيت صيف ‪ 1919‬في فرن الشباك ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أرقب الحوادث وأتَ تَ َّبع السياسة الفرنسية في سوريا ولبنان‪ ،‬آسفً ا أن‬ ‫فذهب بعض أفرادها إلى دمشق‬ ‫انقس َمت على نفسها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫العائالت الكبيرة َ‬ ‫َ‬ ‫انصرف البعض اآلخر إلى‬ ‫لينضموا إلى مجلس األمير فيصل‪ ،‬بينما‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫شجب السياسة العربية‪.‬‬ ‫وي‬ ‫الفرنسيين‬ ‫ام‬ ‫الحك‬ ‫إلى‬ ‫ب‬ ‫يتحب‬ ‫لبنان‬ ‫متصرفية‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫المعسكرين‪،‬‬ ‫فبقي على اعتداله‪ ،‬وأبى االنضمام إلى أحد‬ ‫أما الوالد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نسيبه حبيب باشا السعد له وبين َمسعى األمير شكيب‬ ‫مقاب ًال بين معاملة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫نصح لي‬ ‫أرسالن لدى جمال باشا إلعادته من منفاه في أيام الحرب‪ .‬وقد َ‬ ‫أتدخل في‬ ‫[الوالد] بأن ألزم موقفً ا رصينً ا ريثما ينجلي الجو‪ .‬ولهذا لم‬ ‫َّ‬ ‫أجرتْ ه لجنة كرين األميركية بشأن اختيار الدولة المنتَ َدبة‬ ‫االستفتاء الذي َ‬ ‫ظهرت األكثرية بجانب فرنسا بعد أن أعلنَ ت أميركا ُزهدها‬ ‫على لبنان‪ ،‬وقد َ‬ ‫وساعدت فرنسا على بلوغ تلك النتيجة‪.‬‬ ‫بهذه المهمة‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ظل ُ‬ ‫مشغوال قلِ قً ا‪ .‬لم يكونوا أمينين على نتائج مساعيهم‬ ‫بال الفرنسيين‬ ‫ُ‬ ‫البطريرك الياس الحويك إلى باريس‪ ،‬على‬ ‫المحلية‪ ،‬فَ َر َجوا أن يذهب‬ ‫وفد من األحبار والكهنة‪ ،‬للمطالبة باستقالل لبنان في رعاية الدولة‬ ‫ْرأس ٍ‬ ‫وأيضا‪ ،‬فنزل البطريرك على رغبتهم وأبحر من جونيه في‬ ‫أيضا ً‬ ‫الفرنسية ً‬ ‫َ‬ ‫بمزيد من الرصانة‪،‬‬ ‫عمله‬ ‫ر‬ ‫وباش‬ ‫حربية‪،‬‬ ‫عة‬ ‫مدر‬ ‫على‬ ‫‪1919‬‬ ‫أواخر صيف‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫وقدم مذكرته المعروفة إلى جورج كليمنصو رئيس الوزارة الفرنسية‪ ،‬ونال‬ ‫َّ‬ ‫جوابا ْ‬ ‫ملؤُ ه االطمئنان على مستقبل لبنان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومما يروى عن مقابلة البطريرك للرئيس كليمنصو ّأن هذا الرجل‪،‬‬ ‫الملقّ ب بالنمر والقليل اإليمان بحقائق الدين‪ ،‬رأى غبطته ُم ْق ً‬ ‫بال عليه مع‬ ‫غبطتكم‬ ‫ذلك العدد العديد من األساقفة والرهابين فقال له‪ :‬إذا كانت‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫كثير على رجل واحد‪.‬‬ ‫الحشد‬ ‫تَ طمع بإرجاعي إلى اإليمان فهذا‬ ‫ْ‬ ‫الضخم ٌ‬ ‫عرض مطالبه‪ ،‬التفت‬ ‫ضحك الجميع للنكتة‪ .‬وقبل أن يباشر البطريرك ْ‬ ‫إليه الرئيس الفرنسي كليمنصو وبادره بقوله‪َ :‬‬ ‫‪‬أؤَ كد لغبطتكم أن وطنكم‬ ‫لبنان سينال َم ْنفَ ًذا إلى البحر ُأسوةً بغيره من البلدان الصديقة التي تَ سعى‬ ‫وراء هذه الغاية‪ .‬فَ َلفَ تَ ُه البطريرك إلى موقع لبنان وإلى كثرة الشطآن فيه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫جو‬ ‫وساد‬ ‫فاعتذر كليمنصو بتراكم المطالب عليه من هذا النوع‪،‬‬ ‫َ‬ ‫المقابلة ٌّ‬ ‫َ‬ ‫الكبيرين‪.‬‬ ‫الرجلين‬ ‫مر ٌح ُو ّد ٌّي بين‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وكانت البالد تنتظر بفارغ الصبر عودةَ البطريرك‪ّ ،‬‬ ‫إال أن تلك العودة‬ ‫تأخ َرت إلى نهاية العام‪.‬‬ ‫َّ‬


‫وصول الجنرال غورو‪َ :‬هيبة العسكري الحازم‬

‫‪22‬‬

‫بقي الحال على هذا المنوال إلى أن وصل إلى بيروت في أوائل تشرين‬ ‫– قائد حملة الدردنيل وجيش األرغون أثناء‬ ‫الثاني ‪ 1919‬الجنرال غورو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ساميا‪ :‬االستفادةُ من خبرته‬ ‫مفو ًضا‬ ‫الحرب الكبرى –‬ ‫ً‬ ‫والهدف من تعيينه َّ‬ ‫وضع المنطقة‬ ‫العسكرية التي قد‬ ‫تحتاجها حكومة باريس في معالجة ْ‬ ‫ُ‬ ‫أضف‬ ‫بقيت‪ ،‬حتى ذاك الحين‪ ،‬في َغ ِير قبضة الفرنسيين‪ِ .‬‬ ‫الشرقية التي َ‬ ‫َ‬ ‫خصوصا إذا كان من‬ ‫الثوب العسكري عادةً ‪،‬‬ ‫الهيبة التي ترافق‬ ‫إلى ذلك‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ومنتصريها‪.‬‬ ‫الكبرى‬ ‫الحرب‬ ‫قادة‬ ‫من‬ ‫يرتديه‬ ‫ِ‬ ‫أعدت له‬ ‫مدرعة فرنسية في مرفأ بيروت‪َّ .‬‬ ‫نزل الجنرال غورو من َّ‬ ‫ً‬ ‫السلطةُ‬ ‫وم َّر في شوارع المدينة‪،‬‬ ‫رائعا‪ ،‬فامتطى‬ ‫ً‬ ‫استقباال ً‬ ‫جوادا أبيض‪َ ،‬‬ ‫يؤَ‬ ‫والطائرات تحلق‬ ‫التحية‪،‬‬ ‫ون‬ ‫د‬ ‫الطريق‬ ‫ي‬ ‫جانب‬ ‫على‬ ‫مصطفون‬ ‫والعساكر‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫فعرض‬ ‫الشهداء)‪،‬‬ ‫(ساحة‬ ‫البرج‬ ‫ساحة‬ ‫إلى‬ ‫موكبه‬ ‫َ‬ ‫في السماء‪ ،‬حتى وصل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والفرسان ‪‬الصباحيين‪ ،‬ثم ِركب‬ ‫والمصفحات‬ ‫والبحرية‬ ‫البرية‬ ‫القوى‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫عد له في الحي‬ ‫سيارة مكشوفة يواكبه هؤالء الفرسان إلى ال َـمقر الذي ُأ َّ‬ ‫الشرقي‪.‬‬ ‫في المساء ُأقيمت في قصر‬ ‫وتعارف‪،‬‬ ‫الصنوبر حفلةُ استقبال‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سهم‬ ‫أثناءها‬ ‫المدافع واأل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُأطلقَ ت َ‬ ‫َ‬ ‫ولفظ المركيز جان دي‬ ‫النارية‪،‬‬ ‫– أحد وجوه البيروتيين –‬ ‫فريج‬ ‫ُ‬ ‫عدد فيه مناقب‬ ‫خطابا‬ ‫ترحيبيا َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫المفوض السامي الجديد‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫من بطولةٍ في الدردنيل ذهبت‬ ‫ذراعيه‪ ،‬ومن دراية في‬ ‫ِبإحدى‬ ‫َ‬ ‫فبدت على وجه‬ ‫األمور‪،‬‬ ‫تسيير‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫دالئل السرور والبهجة‪،‬‬ ‫الجنرال‬ ‫والطف األعيان الذين قُ ّدموا‬ ‫َ‬ ‫إليه‪ ،‬وخرج إلى الشرفة ُم َـح ـ ِّـي ـ ًـيا‬ ‫الوفود الغفيرةَ التي انتشرت في‬ ‫َ‬ ‫الساحات والحدائق‪.‬‬ ‫أراد الجنرال أن يحيط نفسه‬ ‫هام منصبه‪.‬‬ ‫بأبهةٍ منذ تَ َس ُّل ِمهِ َم ّ‬ ‫حرسا‬ ‫ومن مظاهر ذلك‪ :‬تأليفُ ه ً‬


‫وفر َض‬ ‫ً‬ ‫وطنيا لِ ُـمواكبته على الخيول العربية في تَ نَ قُّ لِ ه في أسواق المدينة‪َ ،‬‬ ‫أن يكون جميع أفراد هذا الحرس من جبل الدروز‪ .‬وظنَّ هم كذلك‪ ،‬لكن‬ ‫جي َء بهم من قرى لبنان‪ُ ،‬‬ ‫وك ِّح َلت عيونهم ليوهموا‬ ‫بعض هؤالء الفرسان ْ‬ ‫تطوعهم‬ ‫السلطة أنهم من جبل الدروز‪ ،‬وأخذ أحد السياسيين جعالة على ُّ‬ ‫الحرس ً‬ ‫وافرا‪.‬‬ ‫ال بأس بقيمتها‪ .‬وهكذا َّكلف ذلك‬ ‫ماال ً‬ ‫ُ‬

‫‪23‬‬

‫قبل ربع قرن من رئاسته‬

‫َور َدت األنباء أن غبطة البطريرك الحويك يصل في ‪ 23‬من كانون األول‬ ‫وكنت من لجنة االستقبال َ‬ ‫الحاكم أن‬ ‫فطلب مني‬ ‫عائدا من باريس‪.‬‬ ‫‪1919‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫رسوله إلى غبطته في ما ينويه‪.‬‬ ‫أكون‬ ‫هبت عاصفةٌ شديدةٌ َّقلما سمع كبار السن بمثلها‪،‬‬ ‫وفي يوم الوصول ّ‬ ‫القلق خشية أن تكون قد‬ ‫الناس‬ ‫وشمل‬ ‫مدة‪،‬‬ ‫الباخرة‬ ‫وانقطعت أخبار‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫السعاة‬ ‫وإذا‬ ‫الميالد‪،‬‬ ‫عيد‬ ‫يوم‬ ‫إلى‬ ‫الجمر‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫أح‬ ‫على‬ ‫وبقينا‬ ‫ت‪.‬‬ ‫غر َق‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يطوفون على أعضاء اللجنة ِّ‬ ‫مبشرين بظهور المركب أمام بيروت على‬ ‫بعد بضعة أميال‪َ .‬خفَ فْ نا إلى الميناء‪ ،‬ودخلت الباخرة‪ ،‬ونزل منها غبطةُ‬ ‫والمدافع تطلق‪ ،‬والعساكر الفرنسيون‬ ‫وحاشيته بقارب رسمي‪،‬‬ ‫الحويك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يؤدون التحية‪ ،‬وواكب الخيالةُ ‪‬الصباحيون‪ ‬سيارةَ البطريرك حتى‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫خطابا‬ ‫ألقى‬ ‫الشكر‪،‬‬ ‫صالة‬ ‫ه‬ ‫غبطت‬ ‫ى‬ ‫صل‬ ‫أن‬ ‫وبعد‬ ‫جرجس‪.‬‬ ‫مار‬ ‫كاتدرائية‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ظهرتْ ه من العطف على قضية لبنان‪ .‬ثم اتَّ ـجه‬ ‫َختَ َمه ُ‬ ‫بالدعاء لفرنسا لِ َـما َأ َ‬ ‫خف الجميع على اختالف مذاهبهم‬ ‫الموكب إلى مدرسة الحكمة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫فرحب بهم بمنتهى الوقار والبساطة‪.‬‬ ‫وميولهم للسالم على غبطته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ومكث بضعة أيام في المدرسة يستقبل الزائرين‪ ،‬ومنهم كبار الموظفين‬ ‫الوطنيين والفرنسيين‪.‬‬ ‫علي‬ ‫خصني‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫غبطته بمقابلة في صباح اليوم الثاني من وصوله‪ّ ،‬‬ ‫وقص ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫قدمها للحكومة‬ ‫التي‬ ‫الرصينة‬ ‫رة‬ ‫المذك‬ ‫على‬ ‫وأطلعني‬ ‫‪،‬‬ ‫تفصيال‬ ‫رحلته‬ ‫ّ‬ ‫انتهزت‬ ‫الفرنسية‪ ،‬وعلى جواب المسيو كليمنصو رئيس الوزارة عليها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وعرضت على البطريرك هواجس الحاكم الكومندان البرو ورغبته‬ ‫الفرصة‬ ‫ُ‬ ‫غبطته باألمر‪ .‬وعلى األثر‪َ ،‬‬ ‫قابله الحاكم‬ ‫فمانع‬ ‫اإلدارة‪،‬‬ ‫مجلس‬ ‫في حل‬ ‫ُ‬ ‫احتفاء‬ ‫ونزل عند إرادته‪ ،‬ودعاه إلى حفلة تقام على شرفه في سراية بعبدا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وعرفانا لجميله لِ ـما صرفه من جهود في سبيل المحافظة على استقالل‬ ‫به‬ ‫ُ‬ ‫فقبل غبطةُ البطريرك الدعوة‪ .‬طلب مني الحاكم البرو أن ألقي في‬ ‫لبنان‪ِ ،‬‬ ‫ً‬ ‫رت عن نزعة اللبنانيين إلى‬ ‫الحفلة خطبة ترحيبية بالبطريرك‬ ‫وعب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ففعلت‪ّ ،‬‬ ‫طيب‪ِ ،‬إ ّال أن بعض الموظفين الفرنسيين‪،‬‬ ‫وقع ِّ‬ ‫االستقالل‪ .‬كان لكالمي ٌ‬

‫الشيخ بشارة الخوري‬

‫ضه َّ‬ ‫عودة البطريرك الحويك‪ :‬ر ْف ُ‬ ‫حـل مجلس اإلدارة اللبناني‬


‫والغالةَ في ُحب فرنسا من اللبنانيين‪ ،‬امتعضوا من تَ َب ُّسطي في التوق إلى‬ ‫التعاون الفرنسي‪ .‬واتَّ ضح في‬ ‫تحقيق االستقالل‪ ،‬ومن تضييقي في مدى‬ ‫ُ‬ ‫جليا ّأن االستقالل هو األصل‪ ،‬وأن التعاون فرع‪.‬‬ ‫خطابي ً‬ ‫رجع البطريرك إلى بكركي محفوفً ا باإلكرام واالحترام‪ .‬وما إن وصل إليها‬ ‫ديبوا – رئيس‬ ‫حتى َح َّلت في بيروت‪ ،‬في مطلع عام ‪ِ ،1920‬ركاب الكردينال َ‬ ‫أساقفة باريس – موفَ ًدا من حكومته بمهمة دينية وسياسية‪ُ ،‬‬ ‫فأقيمت على‬ ‫حفالت متعددة‪ .‬واتصل نيافته بالـمقامات الكنسية والمدنية ووجوه‬ ‫شرفه‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫عامة‪ ،‬وفي لبنان خاصة‪.‬‬ ‫تدعيما لـمركز فرنسا في الشرق‬ ‫البالد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عاما لحكوم َة لبنان‪« :‬لن أَتَّبِعَ سياس َة أحد»‬ ‫تعييني أمي ًنا ً‬

‫‪24‬‬

‫علي بقبول‬ ‫بقي‬ ‫ُ‬ ‫الحاكم البرو يتردد ّ‬ ‫إلي في بيروت وفرن الشباك‪ُ ،‬ويلِ ُّح َّ‬ ‫‪‬إغراءه‪ ‬مفَ ِّض ًال خدمة بالدي‬ ‫وبقيت أرفض‬ ‫منصب كبير في المتصرفية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ومتابعا في الوقت عينه عملي بالمحاماة‪ .‬وانتهى به‬ ‫بعيدا عن كل وظيفة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وفد جديد برئاسة‬ ‫اإللحاح أن َخ َّيرني بين أمرين‪َّ :‬إما السفر إلى باريس في ٍ‬ ‫وإما تَ َولّ ي منصب األمانة العامة لإلشراف على‬ ‫المطران عبداهلل خوري‪َّ ،‬‬ ‫واخترت األمر‬ ‫ه‬ ‫إلحاح‬ ‫عند‬ ‫نزلت‬ ‫تنظيمها‪.‬‬ ‫وإلعادة‬ ‫جميع الدوائر اللبنانية‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مساء (‪ )1920‬لمقابلة الجنرال‬ ‫إلي أن أصحبه في أول شباط‬ ‫ً‬ ‫الثاني‪ .‬طلب ّ‬ ‫فرافق ُته‪ ،‬وكانت مقابلة طويلة قال لي الجنرال في خاللها‪ :‬أنت من‬ ‫غورو‬ ‫ْ‬ ‫بشيء‪ .‬سوى أني أطلب‬ ‫اآلن ٌ‬ ‫أمين ٌّ‬ ‫عام لحكومة لبنان‪ .‬وال أريد أن ُأ َق ّيدك ْ‬ ‫واحدا‪ ،‬هو أن ال تَ َّتبع سياسة حبيب باشا السعد‪ ،‬ألنها شخصيةٌ‬ ‫مرا‬ ‫ً‬ ‫منك َأ ً‬ ‫ٌّ‬ ‫مستقل‬ ‫أجبته‪ :‬لن أتَّ َبع سياسة أحد‪ .‬أنا رجل‬ ‫غير راضين عنها‪ُ .‬‬ ‫ونحن ُ‬ ‫بذاتي‪ ،‬وسأكون للبنان ووظيفتي قبل كل شيء‪.‬‬ ‫هنَّ أني المفوض السامي‪ ،‬وأخذ ُيسهب في الكالم عن سياسة فرنسا‬ ‫ومهمتها في سوريا ولبنان والشرق األوسط‪ ،‬وعن استعدادها لتحرير‬ ‫َّ‬ ‫الشعبين‪ .‬وشكا ِبـمرارةٍ من المصاعب التي تعترض َ‬ ‫وعدم‬ ‫سبيله في سوريا‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫نيات فرنسا الحرةَ ‪ ،‬إلى آخر ما هنالك‪ .‬وبعد أن وقَّ ع على‬ ‫تفهم السوريين ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫الغامض‬ ‫شاكرا‪ ،‬ومفَ ك ًرا بما عساه أن يكون المستقبل‬ ‫عت ُه‬ ‫ود ُ‬ ‫ُ‬ ‫قرار تعييني‪َّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫في هذه الظروف العصيبة‪.‬‬ ‫جدا بما سمع‪،‬‬ ‫عدت إلى فرن الشباك‪َ ،‬وأ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خبرت والدي بما جرى‪ ،‬فَ ُس ّر ًّ‬ ‫كافيا له عما ناله من ِإجحاف‪.‬‬ ‫وع َّده‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫تعويضا ً‬ ‫ناصعا‬ ‫ثوبا‬ ‫َّ‬ ‫أثناءها األرض ً‬ ‫ً‬ ‫تأخر تبليغي َ‬ ‫اكتست َ‬ ‫أيام َ‬ ‫قرار التعيين أربعة ٍ‬ ‫من الثلج من أعلى صنين حتى ساحل البحر‪ .‬بدا المنظر َّ‬ ‫وانقطعت‬ ‫خال ًبا‪،‬‬ ‫َ‬


‫عمون وحبيب باشا السعد‬ ‫بين داود ُّ‬

‫‪25‬‬

‫قبل ربع قرن من رئاسته‬

‫وتسلمت وظيفتي في الخامس من‬ ‫القرار‬ ‫غت‬ ‫انسحب ُمـمتَ ً‬ ‫ُ‬ ‫عضا‪ُ .‬ب ِّل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واتخذت مكتبي في الغرفة التي‬ ‫هت إلى سراية بعبدا‪،‬‬ ‫‪.1920‬‬ ‫شباط‬ ‫ُ‬ ‫توج ُ‬ ‫َّ‬ ‫كانت َ‬ ‫اندفعت‬ ‫ذكريات المتصرفية‪.‬‬ ‫المخيلة‬ ‫عيدا بعينَ ي‬ ‫ِ‬ ‫لألميراالي‪ُ ،‬م ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫للعمل َّ‬ ‫وأعدد ُت بعض النصوص‬ ‫فنظمت األعمال اإلدارية في الدوائر ِّكلها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫األساسية‪ ،‬ومنها قانون اإلحصاء والنفوس‪ ،‬وغيرها من القرارات والقوانين‪.‬‬ ‫وكنا نرسلها إلى حاكم المنطقة الكولونيل نياجر في بيروت‪ ،‬فتَ قترن‬ ‫حافظت على تمام‬ ‫بمصادقته وتُ صبح نافذةً وتُ نشر في الجريدة الرسمية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫التوقيع عنه‬ ‫بتفويضي‬ ‫قرارا‬ ‫الحياد في إجراء وظيفتي‪ ،‬فأصدر الحاكم‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تغيبه‪َّ .‬‬ ‫وامتعض حبيب باشا السعد‬ ‫هلل داود عمون‪،‬‬ ‫َ‬ ‫على األوراق في حالة ُّ‬ ‫بح ْكم التقليد السابق‪َ .‬ول ّـما‬ ‫ألنه رئيس مجلس اإلدارة‪ ،‬فهو وكيل المتصرف ُ‬ ‫أبدى مالحظته للحاكم بهذا الشأن‪ ،‬أجابه الحاكم‪:‬‬ ‫–   السلطة اإلدارية منفصلة عن سلطة المجلس‪ ،‬وال عالقة ُ‬ ‫لألولى‬ ‫بالثانية‪.‬‬ ‫أذعن لألمر على مضض‪ ،‬وبقيت عالقتنا بحبيب باشا حسنة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫خصوصا أنني لم ْ‬ ‫يوما إلى النكاية به‪ ،‬على‬ ‫لرحابة صدره وصدري‪،‬‬ ‫ألجأ ً‬ ‫ً‬ ‫رغم ارتباط جميع الدوائر اإلدارية بي مباشرةً ‪ .‬كانت للحاكم صالحيةُ‬ ‫التقرير النهائي في مختلف ُ‬ ‫فوس ْـم ُت مشورتي له بطابع االعتدال‬ ‫الشؤُ ون‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫وطال ما سعيت إلى تحسين العالئق بينه وبين مجلس اإلدارة‬ ‫واإلنصاف‪،‬‬ ‫غير مرة‪.‬‬ ‫فلم ُأفلح‪ ،‬لكني منعت االصطدام َ‬

‫الشيخ بشارة الخوري‬

‫َ‬ ‫الطبيعة هي سبب التأخير‪ .‬وزارني داود بك عمون‬ ‫فظننت أن‬ ‫المواصالت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وصارحني أنه هو‬ ‫– عضو المجلس اإلداري – في بيتي بفرن الشباك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫القرار باعتباري من أقرباء حبيب باشا السعد‪،‬‬ ‫تبليغي‬ ‫تأخير‬ ‫طلب‬ ‫الذي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عد ُت على‬ ‫نسب إلى نفسه‬ ‫الفضل في تَ ْوليتي منصبي‪َ .‬أ ْ‬ ‫وأن حبيب باشا َ‬ ‫أفضيت به للجنرال‪ ،‬فأجابني‪:‬‬ ‫مسامعه ما‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مقاومة صريحة ألنه‬ ‫تقاوم نفوذ حبيب باشا‬ ‫–   ال يكفي‪ .‬عليك أن‬ ‫َ‬ ‫وإن لم َي ُبح لك به‪.‬‬ ‫ُي ِض ّر بالبالد‪ ،‬والجنرال‬ ‫راغب بذلك ْ‬ ‫ٌ‬ ‫قلت له‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مقيدةً بشروط‪.‬‬ ‫–  أنا ُم ْستَ غْ ٍن عن الوظيفة‪ ،‬وال َأقبلها َّ‬


‫إعالن فيصل َمل ِ ًكا على سوريا واعتراض أعيان بيروت‬

‫‪26‬‬

‫من األحداث المهمة أثناء توليتي األمانة العامة‪ ،‬أن حكومة لبنان قررت‬ ‫وفد جديد إلى باريس للدفاع عن استقالل لبنان واستعادة أراضيه‬ ‫إرسال ٍ‬ ‫التي ُسلِ خت عنه‪ .‬وتم االتفاق على أن يرئس الوفد المطران عبداهلل‬ ‫الخوري‪ .‬زرت البطريرك وطلبت إليه باسم الحاكم أن يجيز السفر للمطران‬ ‫رئيسا ومن إميل ّإده واألمير توفيق‬ ‫عبداهلل فَ قَ ِبل‪ .‬وتألف الوفد من المطران ً‬ ‫الجميل أعضاء‪ .‬وسافروا في أوائل آذار‪ .‬وما إن‬ ‫أرسالن والشيخ يوسف‬ ‫ّ‬ ‫أبحروا حتى وقع حدث بالغ األهمية والخطورة في سوريا أال وهو إعالن‬ ‫األمير فيصل ً‬ ‫عظيما في لبنان‪.‬‬ ‫وقعا‬ ‫ملكا عليها في ‪ 8‬آذار ‪ 1920‬ووقع النبأ ً‬ ‫ً‬ ‫وجرت في مركز المتصرفية تظاهرة احتجاج اشترك فيها ُوجوه‬ ‫اللبنانيين وبعض أعيان بيروت مطالبين باستقالل لبنان خشية أن يسعى‬ ‫بعض اللبنانيين المنضوين تحت راية الملك الجديد في دمشق لضم‬ ‫المتخوفين ونقول لهم ان هذا‬ ‫المستحدثة‪ .‬وكنا نُ َط ْمئِ ُن‬ ‫لبنان الى المملكة‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫التغيير في سوريا لن يمس استقالل لبنان‪ .‬وعلى أثر ذلك كله أراد الحاكم‬ ‫أن يختار اللبنانيون َ‬ ‫خاصا بهم فدعا لهذا الغرض بعض األعيان‬ ‫عل ًما‬ ‫ًّ‬ ‫عام ًة يرغبون بالعلم األبيض وفي وسطه أرزة‬ ‫إلى بعبدا‪ .‬وكان اللبنانيون َّ‬ ‫خضراء‪ ،‬غير أن الفرنسيين في حاكمية المنطقة الغربية كانوا يريدون‬ ‫غيره‪ ،‬واستنجدوا ببعض وجوه المسيحيين في بيروت فحضر هؤالء إلى‬ ‫شتاء وبيت الدين صيفً ا) وفي جيب أحدهم َ‬ ‫العلم‬ ‫مركز المتصرفية (بعبدا‬ ‫ً‬ ‫الفرنسي وفي وسطه أرزة خضراء‪ .‬وبينما الخطباء في قاعة السراية‬ ‫خفي إلى الوجيه البيروتي‬ ‫يحبذون الشكل األول‪ ،‬أشار الحاكم من طرف ٍّ‬ ‫شكري أرقش بأن يرفع َ‬ ‫العلم الثاني (ال َّ‬ ‫ـمثلث األلوان) على الصاري‪،‬‬ ‫وأعطى األوامر الالزمة بهذا الشأن إلى معاونه العسكري‪ ،‬وكان له ما‬ ‫أراد‪ ،‬خالفً ا لرغبة أكثر المجتمعين‪ ،‬مما أثبت أن االجتماع لم يكن َّ‬ ‫إال‬ ‫وتمويها فقط‪ .‬وهكذا خفق َ‬ ‫العلم الجديد وأطلق بعض المتهوسين‬ ‫ُص َو ًّريا‬ ‫ً‬ ‫احتفاء‪َّ ،‬‬ ‫وظل هذا َ‬ ‫الدور الرسمية وفي‬ ‫العيارات النارية‬ ‫العل ُم يرتفع على ُ‬ ‫ً‬ ‫أنحاء لبنان حتى انقالب ‪.1943‬‬ ‫توقيف أعضاء مجلس اإلدارة‬ ‫ٌ‬ ‫رسول من قبل الحاكم البرو يدعوني‬ ‫في ليل ‪ 11/10‬تموز َد َّق بابي‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫يتمشى في الباحة الداخلية‬ ‫فرأيته‬ ‫السراية‬ ‫نزلت إلى‬ ‫حاال‪.‬‬ ‫لمقابلته‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مضطربا‪ .‬ولما سمع َو ْط َء َأقدام اقترب مني وقال‪:‬‬ ‫ً‬


‫في اليوم الثاني َّ‬ ‫لعت على الوثيقة التاريخية التي ُض ِب َطت مع األعضاء‬ ‫اط ُ‬ ‫المعتَ قَ لين‪ .‬وال شك في أني كنت ُأوقّ ع عليها ِب َيدي‪ ،‬لوال احتواؤُ ها على‬ ‫الحقَ ة ال َـمطالب الواردة‬ ‫وجوب الخروج من لبنان والتَ َو ُّجه إلى دمشق لِ ُـم َ‬ ‫فيها‪ ،‬م َّـما يثير اللبس‪.‬‬ ‫حس بانكماش الحاكم تجاهي بعد تلك‬ ‫في األيام التي تَ َلت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بقيت ُأ ّ‬ ‫وصممت على‬ ‫ال ُـمساجالت‪ ،‬وأنا كما يقولون ‪‬على صوص ونقطة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منتظ ًـرا أول فرصة لذلك‪.‬‬ ‫االستقالة ِ‬ ‫األعضاء الموقوفون إلى مجلس حربي فرنسي‪ُ ،‬وب ِد َئ بمحاكمتهم‬ ‫ُأحيل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يومين كاملين‪،‬‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫فورا (‪ 17‬تموز) في ٍّ‬ ‫استمرت المحاكمة َ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫جو من ِ‬ ‫ظواهر ال تَ ُـم ُّت إلى ُحرمة القضاء بسبب‪ .‬وتَ فَ َّوه الكولونيل ديـﭭـو‬ ‫جرت فيها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫بعبارات‬ ‫العام العسكري‪،‬‬ ‫النائب‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫حذ‬ ‫وحذا‬ ‫المحكمة‪،‬‬ ‫رئيس‬ ‫ون‬ ‫كريس‬ ‫ِ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬

‫الشيخ بشارة الخوري‬

‫اللجوء إلى دمشق لدعم مطالب لبنان (؟!)‬

‫‪27‬‬

‫قبل ربع قرن من رئاسته‬

‫إال ّأن هناك ً‬ ‫نومك‪َّ .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خطيرا‪َ :‬‬ ‫أوقفْ نا‬ ‫حدثا‬ ‫أيقظتك من‬ ‫– ُ  أعذرني أنني‬ ‫ً‬ ‫وهم في طريقهم‬ ‫في نقطة المديرج بعض أعضاء مجلس اإلدارة ُ‬ ‫‪‬خ َونَ ة‪( ‬كذا) حاولوا االنضمام إلى األمير فيصل‬ ‫إلى دمشق‪ .‬إنهم َ‬ ‫ـحاق لبنان بسوريا‪ ،‬وقد ُح َّل المجلس اإلداري‪ .‬أما حبيب باشا‬ ‫وإلْ َ‬ ‫وقفْ ُه إنما سيكون له حسابه معنا‪ ،‬وهو حساب عسير‪.‬‬ ‫السعد فلم نُ ِ‬ ‫استغربت األمر َأ َّيـما استغراب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫طلق لعمل الفرنسيين‪ ،‬فرآني‬ ‫انتظر الكومندان البرو‬ ‫تحبيذ َي ال ُـم َ‬ ‫ِ‬ ‫واجما‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫–   ما لك؟‬ ‫–   ال َش ْيء‪ .‬إنما لي سؤال‪ :‬على ماذا استَ نَ ْدتُ م في مثل هذا العمل‬ ‫العنفي؟‬ ‫أنت لبنان ٌّـي قبل كل َش ْيء‪ ،‬فهل‬ ‫–   لدينا وثيقةٌ (لم ُي ْطلِ ْعني عليها)‪َ .‬‬ ‫توافق على عملهم؟‬ ‫– ُ  أوافق على ّ‬ ‫أحدا من‬ ‫كل َم ْط َل ٍب استقاللي‪ .‬غير أني ال أستعين عليه ً‬ ‫خارج لبنان‪.‬‬ ‫سي َ‬ ‫حاكم أعضاء المجلس أمام المحكمة العسكرية في‬ ‫–   إذً ا اتفقنا‪ُ .‬‬ ‫بيروت‪.‬‬ ‫يستحس ْن جوابي‪.‬‬ ‫شعرت أن الحاكم لم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬


‫‪28‬‬

‫َ‬ ‫الرئيس المذكور من‬ ‫يتحرج‬ ‫المحاكمين‪ .‬ولم‬ ‫وتحقير لألعضاء‬ ‫تهديد‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫الحق العام‬ ‫شهود الدفاع وتَ ْذعيرهم‪ ،‬وال تَ َو َّر َع عن تَ َـم ُّلق شهود‬ ‫تعنيف‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫‪‬ح ِّبهم لفرنسا‪.‬‬ ‫على‬ ‫تهم‬ ‫وتهنئ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬المت َهمين‪ ،‬وال باعتراضهم‬ ‫بدفاع وكالء‬ ‫يأخذ المجلس الحربي‬ ‫لم ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫نصوص البروتوكول‬ ‫صالحيته‪ ،‬وال باعتراضهم على َخرقه‬ ‫القانوني على‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫كريسون‬ ‫ـو‬ ‫ﭭ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫الكولونيل‬ ‫كان‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫الحقوق‬ ‫ومبادئ‬ ‫َ‬ ‫اللبناني‬ ‫(الدستور)‬ ‫ُّ‬ ‫وأصدر‬ ‫لمنطقها وصوابها القانوني‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫غير ِآبــهٍ‬ ‫َ‬ ‫َي ُر ُّد االعتراضات ً‬ ‫تباعا َ‬ ‫المجلس ُح ْكمه في أساس التهمة‪ ،‬فقضى ِبنَ فْ ِي الموقوفين‪ ،‬وتغريمهم‬ ‫وبإسقاط حق التوظيف عنهم‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فأرسلوا إلى جزيرة‬ ‫نقدية‬ ‫غرامات‬ ‫ٍ‬ ‫باهظة‪ِ ،‬‬ ‫وتعذيب ُ‬ ‫يطول شرحها‪.‬‬ ‫إهانات‬ ‫كورسكا بعد‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُأ ِخذ الرأي العام اللبناني فجأة ْ‬ ‫صورت‬ ‫بتأثير الدعاوة الفرنسية التي َّ‬ ‫ً‬ ‫وأعداء لوطنهم‪ .‬ولم تلبث‬ ‫خونة للقضية اللبنانية‬ ‫أعضاء مجلس اإلدارة‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫بعض‬ ‫رغم م َّـما جرى فيها من طغيان – أن كشفَ ت‬ ‫– على‬ ‫المحاكمة‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫المخلصون عمل‬ ‫والوطنيون‬ ‫العقالء‬ ‫‪‬التهمة‪ ‬فَ قَ َّد َر‬ ‫ْ‬ ‫الحجاب عن حقيقة ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫أعضاء المجلس واستاؤُ وا من تَ َص ُّرف االحتالل العسكري الفرنسي‪.‬‬ ‫المغتربون يتح َّركون‬

‫ْ‬ ‫تحتج‬ ‫فهبت جمعيات المغتربين‬ ‫كان‬ ‫ُّ‬ ‫للحكم َو ْق ُعه الشديد في المهجر‪ّ ،‬‬ ‫مقدمتها ‪‬الجمعية اللبنانية‪ ‬التي ألَّ فَ ها خيراهلل خيراهلل في‬ ‫وفي‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بيضاء في َب ْسط القضية على الرأي العام‬ ‫باريس‪ .‬كانت لهذه األخيرة َيـ ٌـد‬ ‫ُ‬ ‫‪1‬‬ ‫الفرنسي وعلى برلمانه وحكومته‪ .‬وانبرى النائب أندره برتون والشيخ‬ ‫فيكتور بيرار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ – وكالهما‬ ‫من أمراء المنبر البرلماني – يدافعان عن براءة األعضاء المحكوم عليهم‬ ‫وعدم قانونية‬ ‫تدبير سلطة االنتداب في بيروت‪،‬‬ ‫ُظ ًلما‪ ،‬ويستهجنان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المحاكمة‪ .‬واستمرت األحزاب اللبنانية في المهجر تكافح إلطالق سبيل‬ ‫المنفيين ورفاقهم‪ .‬واشترك بعض أحبار الكثلكة في هذا المسعى ُ‬ ‫فر َج‬ ‫فأ ِ‬ ‫عن قسم من المنفيين بعد أن أجبرهم الجنرال غورو على التوقيع على‬ ‫‪‬يندمون فيه على عملهم!‪ّ .‬أما القسم اآلخر فأبى التوقيع على ‪‬فعل‬ ‫بيان َ‬ ‫الندم‪ ،‬وآثر حياة النفْ ي والتشريد على استصغار نفسه‪.‬‬ ‫جديد في البرلمان الفرنسي‪،‬‬ ‫صدى‬ ‫كان لتدبير الجنرال غورو هذا ً‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فاضط ّرت حكومة باريس للسماح للقسم اآلخر بالرجوع إلى وطنهم (آخر‬ ‫نائبا‪َ .‬من يقصده الكاتب هنا هو جول لويس‬ ‫‪ 11‬أندريه ْب ُرتون هو الشاعر‪ ،‬ولم يكن ً‬ ‫ْبـ ُـرتون (‪ )1940 – 1872‬وكان‬ ‫‪‬شير‪( Cher ‬مرايا التراث‪.)‬‬ ‫نائبا عن منطقة ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عامئذ ً‬


‫‪ )1922‬بال قيد وال شرط‪ُ .‬وأسدل الستار على أول مأساة انتدابية فَ َّتحت‬ ‫عيون الكثيرين‪.2‬‬ ‫ـمهيدا‪ :‬البحث في َ‬ ‫تَ‬ ‫ضم بيروت وطرابلس واألقضية األربعة‬ ‫ً‬

‫الشيخ بشارة الخوري‬

‫َ‬ ‫الطريقة‬ ‫‪ 22‬انتقد الـمـسيو [جول لويس] ْب ُرتون في جلسة ‪ 20‬تشرين األول ‪1921‬‬ ‫مناق َض ٍة للعدل‪َ ...‬ف َر َّد المسيو بريان‬ ‫التي حوكم بها َأعضاء مجلس اإلدارة ‪‬في َأحوال ِ‬ ‫جرت فيها المحاكمة‪.‬‬ ‫‪ Aristide Briand‬رئيس الوزارة ِّ‬ ‫متلم ًسا ً‬ ‫عذرا عن الطريقة التي َ‬ ‫ٌ‬ ‫سهل في بالد ُح َّرة‪ ،‬في وقت‬ ‫أمر‬ ‫ومما قاله ما تعريبه‪ :‬إن احترام‬ ‫ُ‬ ‫الطرق القانونية ٌ‬ ‫ْ‬ ‫مضطربة وكان في‬ ‫بالد‬ ‫لكن إذا ُو ِج َد‬ ‫السلم‪ ،‬كما هي الحال في فرنسا‪ْ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫قائد في ٍ‬ ‫عر ٌ‬ ‫ضة للقتل‬ ‫حدودها‬ ‫ًّ‬ ‫حين ْ‬ ‫مضطرا إلى مواصلة أعمال حربية دامية – وهو في كل ٍ‬ ‫المعامالت القانونية ُّكلها ً‬ ‫حفظا‬ ‫مؤخرا – فهل تريد‪ ،‬والحالة هذه‪ ،‬أن تُ راعى‬ ‫كما جرى‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫تاما كما ولو كانت المسألة في فرنسا؟‪ ...‬هل هذا عدل؟‪ ...‬فأجابه المسيو برتون‪:‬‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫لكن ال يقولوا إنهم يحاكمونهم!‪( ...‬الجريدة‬ ‫‪‬إذا‪ ،‬يا حضرة الرئيس‪َ ،‬ف ْل ُي ْع ِد ُموا الناس‪ْ .‬‬ ‫الفرنسية الرسمية‪ :‬العدد ‪ ،112‬ص ‪ 3610‬و‪.)3611‬‬

‫‪29‬‬

‫قبل ربع قرن من رئاسته‬

‫في ‪ 25‬تموز ‪َ 1920‬‬ ‫وجرت موقعة‬ ‫مشت الجيوش الفرنسية إلى دمشق‪َ ،‬‬ ‫ميسلون المشهورة فغادر الملك فيصل األراضي السورية‪ .‬وابتدأ البحث‬ ‫الجدي في َض ِّم بيروت وطرابلس َ‬ ‫واألقضية األربعة إلى لبنان‪ ،‬وإعالن‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫مستقال تحت االنتداب الفرنسي‪.‬‬ ‫‪‬لبنان الكبير‪‬‬ ‫ـجسون النبض ليعرفوا ما إذا كان بإمكانهم أن ُي ْسندوا‬ ‫أخذ الفرنسيون َي ّ‬ ‫َ‬ ‫قويتَ ين‪ .‬وذات يوم من‬ ‫حاكمية لبنان إلى واحد منهم بدون ضجة ومعارضة َّ‬ ‫فوجئت بالكابتن دوردور معاون الحاكم يزورني في مكتبي‪ ،‬على‬ ‫شهر آب‬ ‫ُ‬ ‫موعد سابق‪ .‬استهل حديثه بقوله‪:‬‬ ‫غير‬ ‫وعلى‬ ‫غير عادةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لتبادل الرأي بيننا على شؤُ ون عامة؟‬ ‫–   هل من مانع ُ‬ ‫–   كال‪.‬‬ ‫توسيع أراضي لبنان‬ ‫قريب‬ ‫وسي َعلن عن‬ ‫–‬ ‫  التنظيم الحالي سيزول‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫واستقاللُ ه تحت االنتداب الفرنسي‪.‬‬ ‫غير‬ ‫غير قصيرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فشعرت أن لديه َ‬ ‫حام الرجل حول الموضوع فترةً َ‬ ‫فانتظرت‪ .‬ثم زاد‪:‬‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫–   هل تعرف أن الجنرال غورو محتار في ْ‬ ‫حكم لبنان الكبير‪ ،‬وال يعرف‬ ‫ما إذا كان يجب أن ُيسنِ َده إلى لبناني أو إلى إداري فرنسي ذي خبرة‬ ‫واسعة‪ .‬فما هو رأيك بالموضوع؟‬ ‫–   ال ّ‬ ‫سي ُ‬ ‫فرنسيا‪ .‬أما أنا‬ ‫حاكما‬ ‫طلبون منه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شك أن بعض اللبنانيين َ‬ ‫الحك َم َّ‬ ‫يت ْ‬ ‫لبنانيا‪.‬‬ ‫إال‬ ‫كنت الجنرال غورو‪َ ،‬ل َـما ولَّ ُ‬ ‫فأقول‪ :‬لو ُ‬ ‫ً‬


‫ْ‬ ‫فأيقن ُت أن زيارته لم‬ ‫عبارات عادية‪،‬‬ ‫تبادل‬ ‫وص َمت‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫وانتقلنا إلى ُ‬ ‫ابتس َم َ‬ ‫َ‬ ‫أيضا‬ ‫تكن ِإ َّال لمعرفة رأيــي الشخصي في جنسية الحاكم العتيد‪ .‬وأيقنت ً‬ ‫فرنسيا‪.‬‬ ‫أنه سيكون‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫حقيقة االنتداب؟‬ ‫ـص ٍّ‬ ‫«دولة َّ‬ ‫ـك الحق»‬ ‫وكلت نفسها بِـحـ ْزم‪ ،‬وثَ َّب َتت وكالتها ب ِ َ‬

‫‪30‬‬

‫َبـحث علماء القانون الدولي في ماهية االنتداب القانونية‪ ،‬وفي مصادره‬ ‫ً‬ ‫مثيال أو سابقة ُيستَ نَ د إليها‪ .‬ودخل هؤالء‬ ‫القريبة والبعيدة‪ ،‬فلم َيـجدوا لها‬ ‫العلماء في مشروحات َ‬ ‫َّ‬ ‫والمجالت والصحف‪ُ ،‬يستخلص منها‬ ‫مألت الكتب‬ ‫َ‬ ‫عمليا‪:‬‬ ‫ومختل ٌف على تطبيقها‬ ‫نظريا‬ ‫أمور عامة ُم َّتفَ ق عليها‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صادرا عن‬ ‫منها َّأن االنتداب (ومعناه اللغوي والقانوني‪ :‬وكالة) ليس‬ ‫ً‬ ‫الشعب الـمنتَ َدب عليه‪ ،‬بل عن جمعية األمم‪ .‬وبالحقيقة وواقع األمر‪ :‬عن‬ ‫نفسها َّأو ًال َوثـ َّـبــتَ ْت وكالتها ِب َص ٍّك الحق‪.‬‬ ‫الدولة الـمنتَ ِد َبة نفسها‪ .‬فكأنها َو َّك َلت َ‬ ‫مبدئيا لمصلحة الشعب ال ُـمنتَ َدب عليه‪.‬‬ ‫ومنها َّأن االنتداب فُ ِر َض‬ ‫ًّ‬ ‫أراضي الشعب‬ ‫يض َّم إلى ممتلكاته‬ ‫ومنها َّأن ول َّـي االنتداب ال ُّ‬ ‫يحق له أن ُ‬ ‫َ‬ ‫المستعمرات وبلدان االنتداب‪،‬‬ ‫تفريق بين‬ ‫الواقع تحت االنتداب‪ .‬وفي هذا‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ولسن في مبادئه األربعة َ‬ ‫عشر التي جعلها قاعدةً‬ ‫ٌ‬ ‫وتجسيم لفكرة الرئيس ُ‬ ‫وضع شروط السلم في ‪ 28‬حزيران ‪.1919‬‬ ‫للحلفاء في ْ‬ ‫فيد إفادةً مادية من‬ ‫مجانية‪ ،‬فال ُّ‬ ‫ومنها أن مهمة ال ِ‬ ‫يحق له أن ُي َ‬ ‫ـمنتدب ّ‬ ‫ممارستها‪.‬‬ ‫التصرف بـ َـموارده‬ ‫ومنها أن الشعب الواقع تحت االنتداب يملك حق‬ ‫ُّ‬ ‫ودخل موازنته‪ ،‬وال تُ فرض على أهاليه خدمةٌ عسكرية‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يحافظ ولِ َّـي االنتداب على حرية الدين والمعتقَ د‪.‬‬ ‫ومنها أن‬ ‫ـمنتدبةُ في بالدنا بعض هذه المبادئ المنصوص‬ ‫طبقَ ت الدولةُ ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫عنها‪ ،‬وحافظت على حرية المعتقَ د‪ ،‬وقامت بأعمال عمرانية ال ْبأس بها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أعماال أخرى كان بمقدورها أن تحقِّ قَ ها‪ ،‬وخالفت بعض المبادئ‬ ‫وأهملت‬ ‫ْ‬ ‫مباشرا على إدارتها – أفادت َّ‬ ‫موظفيها‬ ‫أجرا‬ ‫ً‬ ‫المذكورة ألنها – وإن لم تأ ُخذ ً‬ ‫ومستشاريها وشركاتها وصاحبة االمتياز منها إفادات ال ُيستهان بها‪،‬‬ ‫شتى الدوائر‪ ،‬ووضعت يدها على دخل‬ ‫وأفرطت في تعيين الفرنسيين في ّ‬ ‫وحج َب ْت ُه عن الخزامة الوطنية َّ‬ ‫فغلت يدنا‬ ‫الجمارك وهو أعظم الموارد‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وتوسعت في مسألة التجنيد االختياري‬ ‫عن العمران وتحسين حالة البالد‪ّ ،‬‬


‫فجعلت منه دعامة لجيشها ال ُـم ّ‬ ‫حتل‪ ،‬وزادت عدد الوحدات العسكرية‬ ‫الوطنية التابعة لقيادتها من سورية وعلوية ولبنانية‪.‬‬ ‫انتداب هذا؟ أم احتالل؟‬ ‫ٌ‬

‫القرار بتوسيع حدود لبنان‪ ،‬وفي َّأول َأيلول‬ ‫صدر‬ ‫في ‪ 31‬آب ‪1920‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مستقال‪ ،‬مع المساعدة الفرنسية‪.‬‬ ‫أعلن الجنرال غورو ‪‬لبنان الكبير‪‬‬ ‫الحدث‪ ،‬في قصر الصنوبر في‬ ‫دعيت لحضور االحتفال الرسمي بهذا‬ ‫َ‬ ‫خطابه المعروف‪ ،‬عن يمينه البطريرك الياس‬ ‫بيروت‪ ،‬وألقى الجنرال غورو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قرار‬ ‫صدر‬ ‫ر‬ ‫األث‬ ‫وعلى‬ ‫نجا‪.‬‬ ‫مصطفى‬ ‫الشيخ‬ ‫المفتي‬ ‫الحويك‪ ،‬وعن شماله‬ ‫ُ‬

‫الشيخ بشارة الخوري‬

‫توسيع لبنان وإعالن «دولة لبنان الكبـير»‬

‫‪31‬‬

‫قبل ربع قرن من رئاسته‬

‫بعض العذر في ما َ‬ ‫رهيف الضعف البشري‪،‬‬ ‫فعلت‪ ،‬واإلنسان‬ ‫ُ‬ ‫قد يكون لها ُ‬ ‫يخص بالعطف مواطنيه ويفسح أمامهم مجاالت الكسب‪ ،‬أما التقصير‬ ‫استئثارها بالسلطة واإلدارة‪ ،‬ولم‬ ‫المنتدبة فخو‬ ‫الفادح الذي ارتكبته الدولة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫للتمرس باستقاللهم في انتظار الساعة‪ ،‬ألنها ما كانت ترغب‬ ‫تُ ــعِ ـ َّـد اللبنانيين‬ ‫ُّ‬ ‫تدق تلك الساعة‪ .‬وساعدها على ذلك أن َص َّك االنتداب لم َيذكر‬ ‫في أن َّ‬ ‫الد َول المنتَ ِدب عليها بكثير أو قليل‪َّ ،‬‬ ‫فظلت المسألة غامضة‬ ‫السيادة في ُ‬ ‫نظريا في‬ ‫يتساءلون‪ :‬ل َـمن تعود السيادة‬ ‫تمام الغُ موض‪ ،‬وأخذ علماء القانون‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الدول الواقعة تحت االنتداب؟ ول َـمن تعود ممارستها فعال؟‬ ‫تلك كانت حقيقة االنتداب القانونية العملية‪ :‬من كانت في يده ممارسة‬ ‫للتجاوز عليها‪.‬‬ ‫السيادة له جميع السلطات دون حاجة إلى تعدادها وال َم َر َّد‬ ‫ُ‬ ‫اآلمر‬ ‫ـمفوض السامي‪ ،‬فكان‬ ‫وتجسمت سيادة الدولة الم ِ‬ ‫ـنتدبة في ٍ‬ ‫فرد هو ال َّ‬ ‫َ‬ ‫بمقدرات الناس‪ ،‬يرفع هذا ويضع ذاك‪ ،‬يدير ويشترع‪،‬‬ ‫الناهي والـحاكم‬ ‫ّ‬ ‫الدستور عندما يشاء‪ ،‬ويعيده‬ ‫يوق ُف‬ ‫ويحجب عن الخزانة موارد الجمارك‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫كامال متى يشاء‪ ،‬ثم يوقفه بــ ‪‬االستنساب‪.‬‬ ‫منقوصا ثم‬ ‫ً‬ ‫ـمنتدب عليه الضعيف‪ ،‬ويزيد‬ ‫وكانت كفَّ ة ال ِ‬ ‫ـمنتدب القوي ترجح على ال َ‬ ‫وأنصار من الـمواطنين‪ ،‬وتكون‬ ‫أعوان‬ ‫من ضعفه حين يكون لدولة االنتداب‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫روح التفرقة متأصلة في البالد‪ ،‬يغذيها صاحب السلطان في نفس صاحب‬ ‫الحاجة إلى السلطان‪.‬‬ ‫ذلك كان وضع لبنان تجاه االحتالل ثم تجاه االنتداب‪ .‬ومن تلك النقطة‬ ‫تَ نطلق ُأعجوبةُ الـمراحل التي مشاها اللبنانيون خطوة بعد ُأخرى‪ ،‬حتى‬ ‫َ‬ ‫استقاللهم وسيادتَ هم‪.‬‬ ‫بلغوا‪َ ،‬بعون اهلل‪،‬‬


‫حاكما على ‪‬لبنان الكبير‪ ‬على‬ ‫المفوض السامي بتعيين الكومندان ترابو‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫أن َّ‬ ‫مهام الحكم في أول تشرين األول‪.‬‬ ‫يتسلم َّ‬ ‫ومقَ ِّري معه بصفتي َأمينً ا‬ ‫ُ‬ ‫قر الحاكم صيفً ا‪َ ،‬‬ ‫رجعت إلى بيت الدين َ‬ ‫(م ّ‬ ‫ْ‬ ‫وابتدأ ُت بتصفية أشغالي وأشغال مجلس اإلدارة (وقد‬ ‫عاما للحكومة)‪،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫فرفضها الحاكم‬ ‫مت استقالتي‪،‬‬ ‫قد‬ ‫أيلول‬ ‫آخر‬ ‫وفي‬ ‫ه)‪.‬‬ ‫حل‬ ‫بعد‬ ‫بها‬ ‫ت‬ ‫ـج‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ُو ِّل ْ ُ‬ ‫البرو‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫–   لم تَ ُعد المسألة من اختصاصي‪ ،‬بل من اختصاص ترابو‪.‬‬ ‫علي مركزً ا‬ ‫وزودني بكتاب ِّ‬ ‫ّ‬ ‫يقدمني فيه إليه‪َ ،‬ويطلب منه أن َيعرض َّ‬ ‫فهمت مما دار بيننا من‬ ‫أني‬ ‫غير‬ ‫الجديدة‪.‬‬ ‫اإلدارية‬ ‫التشكيالت‬ ‫في‬ ‫كبيرا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مديرا‬ ‫تعييني‬ ‫من‬ ‫ـمنع‬ ‫ي‬ ‫الحاكم‬ ‫جنسية‬ ‫عن‬ ‫دوردور‬ ‫للكابتن‬ ‫جوابي‬ ‫أن‬ ‫حديث‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫عضوا في‬ ‫حد َثت‪ ،‬وسيمنع من تعييني‬ ‫عاما في إحدى ال ُـمديريات التي ُ‬ ‫است ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫تشكيله‪.‬‬ ‫وي‬ ‫المجلس التمثيلي ال ْ‬ ‫ـمن ّ‬ ‫‪32‬‬

‫ر ْفضي « َعرض» شارل دبَّاس‪ ...‬وخيبتي من هذا االنتداب‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عمر عبدالسالم تدمري‬

‫إال إذا ّ‬ ‫مصمما أن أتشبث باستقالتي‪َّ ،‬‬ ‫والني‬ ‫قابلت الكومندان ترابو‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قائال‪ :‬إنني أعرف‬ ‫السكرتيرية العامة في ‪‬دولة لبنان الكبير‪ ،‬فبادرني‬ ‫بت بها‪ ،‬وأنا أثق بكالمك فيما إذا‬ ‫رأيك في جنسية الحاكم والمسألة قد ّ‬ ‫اكتفيت بالرأي الذي أبديتَ ه دون السعي إلى تحقيقه‪ ،‬ولهذا أعرض عليك‬ ‫َ‬ ‫كبيرا في التنظيم الجديد‪ .‬وسألته‪ :‬ما هو المركز؟ فأجاب‪ :‬معاون‬ ‫مركزً ا ً‬ ‫عته‪ .‬وعند‬ ‫فرنسيا مثلي‪ .‬فشكرته‬ ‫السكرتير العام الذي سيكون‬ ‫وود ُ‬ ‫معتذرا ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫نُ‬ ‫خروجي من ديوانه استوقفني شارل دباس وكان قد قل من المفوضية العليا‬ ‫مديرا للعدلية في لبنان وقال لي‪ :‬ما َ‬ ‫لك ولإلدارة فأنت ابن عدلية وفيها‬ ‫ً‬ ‫إليك ً‬ ‫أسندتُ ُه َ‬ ‫حاال‪.‬‬ ‫شئت‬ ‫فإذا‬ ‫االتهامية‪،‬‬ ‫الدائرة‬ ‫رئاسة‬ ‫هو‬ ‫شاغر‬ ‫كبير‬ ‫مركز‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حقوقها‪ ،‬بدون‬ ‫مطمع سوى أن تنال بالدي‬ ‫معتذرا بأن ليس لي‬ ‫فشكرتُ ُه‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫االستسالم إلى أحد‪ ،‬مع معرفتي أن االنتداب أمر واقع ال بد منه في تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬فعلينا أن نسعى لتخفيف وطأته واإلفادة من دولة قوية لها تقاليد‬ ‫إدارية ّ‬ ‫نتعلم منها ُأصول ْ‬ ‫الحكم ونصبح قادرين على تَ َـح ُّـمـ ِـل تبعاتنا‪.‬‬ ‫وتعسر الفرنسيون من‬ ‫وخابت آمالُ نا حتى من جهة اإلصالح اإلداري‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫اللحظة ُ‬ ‫األولى في طريق األعمال التي قاموا بها لتحسين الحالة العامة‪،‬‬ ‫وتقلبوا مع الظروف وال َّ‬ ‫فاستعانوا بــ ‪‬ترضية الخواطر‪َّ ‬‬ ‫خط َة ُمثلى لهم في‬ ‫ً‬ ‫الضيقة‪ ،‬نزلوا في مضمارها‬ ‫حزبياتنا‬ ‫وبدال من أن يرتفعوا فوق‬ ‫أعمالهم‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ولم ُيـحالِ فْ هم التوفيق‪َّ ،‬‬ ‫تتخبط في ذُ يول الخيبة‪.‬‬ ‫وظلت اإلدارة َّ‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫عنبرة سالم الخالدي سنة ‪:١٩٢٠‬‬

‫«‪ ...‬ال يا سيدتي‪ ،‬سنكون عديدين‬ ‫لخدمة وطننا ال لخدمة فرنسا االنتداب»‬

‫عنبرة سالم الخالدي‬ ‫كبير في‬ ‫اسم‬ ‫(‪)1986–1897‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تاريخ النهضة الوطنية اللبنانية‬ ‫ـميتين‬ ‫ِإ َّبان‬ ‫ُ‬ ‫يعبر َ‬ ‫حربين عال ّ‬ ‫لبنان ُ‬ ‫ويتلمس طريقه ِإلى فجر‬ ‫ُك ْب َر َي ْين‪َّ ،‬‬ ‫السلطنة‬ ‫االستقالل بعد ُغروب َ‬ ‫العثمانية عن َأراضيه وانسحاب‬ ‫سلطة االنتداب عنها‪.‬‬ ‫رافقَ ت َ‬ ‫األحداث في لبنان‪ ،‬ثم‬ ‫في فلسطين بزواجها من َأحمد‬ ‫سامح الخالدي‪ ،‬ففي َعودتها‬ ‫النهائية ِإلى بيروت بعد تهجير‬ ‫‪ .1948‬وهي عاشت في بيت‬ ‫زعامة بيروتية وطنية عريقة‪:‬‬ ‫والدها سليم‬ ‫َج ُّدها علي سالم‪ُ ،‬‬ ‫بعده‬ ‫علي سالم‪ ،‬شقيقُ ها صائب سالم رئيس الحكومة اللبنانية‬ ‫ورئيسها َ‬ ‫ُ‬ ‫وسج َلت ّ‬ ‫مذكراتها في‬ ‫نضال وطني ُم َش ِّرف‪،‬‬ ‫تَ َّـمام سالم‪َ .‬أمضت حياتها في‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫طبعته ُ‬ ‫األولى في‬ ‫صد َرت‬ ‫ُ‬ ‫كتاب ‪‬جولة في الذكريات بين لبنان وفلسطين‪َ ،‬‬ ‫منشورات ‪‬دار النهار‪ )1978( ‬والثانية في ُ‬ ‫‪‬الجمل‪.)2015( ‬‬ ‫منشورات‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫فصال‪َ 1‬روت فيه مرحلة االنتداب التي في‬ ‫من هذا الكتاب‪ ،‬نقتطف‬ ‫مطالعها ُولِ د ِإعالن دولة لبنان الكبير‪.‬‬ ‫‪ )1‬مركز التراث اللبناني ُ‬ ‫يشكر للدكتور طريف الخالدي َسـماحه ْ‬ ‫بنشر هذا الفصل من‬ ‫َ‬ ‫واإلنكليزي الذي قام هو بترجمته‪.‬‬ ‫الكتاب‪َّ ،‬‬ ‫بنصيه العربي األصلي‪ِ ،‬‬


‫االحتالل واالنتداب‬

‫‪34‬‬ ‫عنبرة سالم الخالدي‬

‫أيام حتى َ‬ ‫تصدم حلم‬ ‫بوادر‬ ‫بدأت تظهر للعيون‬ ‫حقائق مفجعةٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫تمض ٌ‬ ‫لم ِ‬ ‫االستقالل المنشود‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نزول‬ ‫احتالل فرنسي‪ ،‬ثم أصبحنا وإذا بنا نشاهد‬ ‫بدأنا نسمع بقرب‬ ‫ٍ‬ ‫مقد ً‬ ‫َّ‬ ‫مة لذلك االحتالل‪ .‬ال أدري كم كان‬ ‫عساكر‬ ‫محتلة من اإلنكليز والهنود ِّ‬ ‫عددهم‪ ،‬لكنني أتخيلهم يمألون السهل والوعر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫دخل الجنرال أل ـ ْـنــبي‬ ‫جيش‬ ‫َ‬ ‫دمشق في ‪ 3‬كانون األول ‪ 1918‬على رأس ٍ‬ ‫جميعها ستكون تحت قيادته إلى أن‬ ‫بريطاني معلنً ا أن المناطق المحتلة‬ ‫َ‬ ‫َتوقَّ َع معاهدة سالم مع األتراك‪ .‬وكانت الصدمة الكبرى لنا‪ ،‬نحن الفتية‬ ‫المتحمسة‪ ،‬حينما علِ ْمنا بأن َ‬ ‫ْ‬ ‫احتفلنا برفعه على السراي‪ ،‬قد‬ ‫العلم الذي‬ ‫يتقرر بعد‪.‬‬ ‫جاء األمر بإنزاله بعد أيام قليلة‪ ،‬ألن ‪‬مصير لبنان لم َّ‬ ‫علم ُت بأنه‬ ‫ال أعلم ما كان تأثير الخبر على أولياء األمور منَّ ا‪ ،‬لكنني ْ‬ ‫ً‬ ‫وممثال للبلد‪ ،‬أن َيأمر‬ ‫رئيسا للبلدية‬ ‫ُطلِ ب إلى السيد عمر الداعوق‪ ،‬بصفته ً‬ ‫العلم العربي‪ .‬وقد قام بذلك على مضض‪َ ،‬‬ ‫فأنزل َ‬ ‫بإنزال َ‬ ‫العلم في ‪ 9‬تشرين‬ ‫عاما على‬ ‫األول‪ ،‬وعاد شكري باشا إلى دمشق بعد أن كان قد ُع ّين‬ ‫حاكما ً‬ ‫ً‬ ‫بيروت ولبنان‪.‬‬ ‫تحمسنا لتحقيق اآلمال‪ ،‬كانت السياسة الغربية‬ ‫وبينما كنا نحن في ذروة ُّ‬ ‫بعضا‬ ‫تَ لعب‬ ‫سبل حياتنا وتساوم بعضها ً‬ ‫َّ‬ ‫بمقدراتنا في الخفاء‪ ،‬وترسم لنا ُ‬ ‫على تمزيق وطننا العربي الكبير‪ ،‬وتوزيع مناطقه في ما بينها‪ .‬أما البالد‬ ‫مؤتمر‬ ‫وأهلها فكأنهم أحجار شطرنج ينقلونها كما يشاؤُ ون‪ ،‬إلى أن َأ َق َّر‬ ‫ُ‬ ‫باريس الدولي – الذي ُع ِقد بعد الحرب – َّ‬ ‫كل ما اتفقوا عليه في السابق‬ ‫وفسروها بأنها‬ ‫في ما بينهم‪ُ ،‬وأ ِ‬ ‫دخ َلت في النظام الدولي كلمة ‪‬االنتداب‪َّ ،‬‬ ‫تعني ‪‬مساعدة األقوام في البلد المنتدب عليه على االستقالل‪ ،‬إلى أن‬ ‫يتعودوا على استالم أمور إدارتها بأنفسهم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫أتى الفرنسيون إلى البالد بعقلية ‪‬الحاكم ْ‬ ‫المط َلق‪ ‬وكأنهم سيقيمون‬ ‫حادثة جرت لي ِّ‬ ‫ً‬ ‫اجتمع ُت‬ ‫تدلل على هذه العقلية‪:‬‬ ‫بيننا إلى األبد‪ .‬وال أنسى‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فسأل ْتني‬ ‫عماتي –‬ ‫مرةً إلى زوجة أحد المستشارين – وكانت جارةَ إحدى َّ‬ ‫ً‬ ‫ثمانية‬ ‫عن عائلتي وعدد أفرادها‪ .‬وحينما أخبرتُ ها َّأن لي من اإلخوة الذكور‬ ‫هتفَ ت مبتهجة‪:‬‬ ‫– ِ  إذن ستكونون عديدين لخدمة فرنسا‪.‬‬ ‫أحسسته في صدري حينما أجبتها‪:‬‬ ‫وال أنسى ذلك السهم الذي‬ ‫ُ‬ ‫–   ال يا سيدتي‪ ،‬بل سنكون عديدين لخدمة وطننا‪.‬‬


‫لم نكن نعلم نوايا الفرنسيين واإلنكليز‬

‫‪35‬‬

‫لخدمة وطننا ال فرنسا االنتداب»‬

‫ْ‬ ‫استقالل‬ ‫الحك َم العربي‪ ،‬كنا ال نزال نأمل بحكم‬ ‫دمشق‬ ‫بعد إعالن‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫لكل البالد العربية‪ .‬لم نكن ندري ما ُيـ َـخـ َّـبـ ُـأ لنا في الخفاء بعد أن اقتسم‬ ‫اإلنكليز والفرنسيون هذه المنطقة من العالم‪ ،‬وهو ما أصبح معروفً ا بعدئذ‬ ‫بــ ‪‬معاهدة سايكس بيكو‪ ،‬تلك التي بموجبها َ‬ ‫دخلت سوريا ولبنان تحت‬ ‫َ‬ ‫ودخلت فلسطين تحت ْ‬ ‫الحكم اإلنكليزي‪.‬‬ ‫النفوذ الفرنسي‪،‬‬ ‫بوادر االحتالل َ‬ ‫بدأت‪ ،‬منذ السابع من تشرين الثاني‪ ،‬بوصول جيوش‬ ‫ُ‬ ‫اإلنكليز إلى بيروت ومعها الفيلق الهندي‪ .‬ولما كانت البالد في ما يشبه‬ ‫انفراجا بالمواد الغذائية‪ :‬كان‬ ‫أحد َث وجود الجيش في البلد‬ ‫المجاعة‪َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وصغارا‪ ،‬يتراكضون إلى مضارب الجنود‬ ‫وصب َية‬ ‫ورجاال‬ ‫نساء‬ ‫األهالي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫المعلبات المختلفة من لحوم وحلويات ثم أنواع السكاير الفاخرة‪.‬‬ ‫يشترون‬ ‫يسدوا جوعهم‬ ‫كي‬ ‫ويلتهمونه‬ ‫األثمان‪،‬‬ ‫بأبخس‬ ‫جميعه‬ ‫ذلك‬ ‫يشترون‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫والمغذيات الوافرة‪ .‬وكان بعضهم يتاجر بما‬ ‫واشتياقهم إلى المآكل اللذيذة‬ ‫يبيعها بضعف أثمانها‪ ،‬فكنت تجد في‬ ‫يشتريه من الجنود ويدور على البيوت ُ‬ ‫بيت من بيوت بيروت ً‬ ‫شيئا من مستودعات الجيوش‪ .‬وعدا المآكل‪ ،‬أقبل‬ ‫كل ٍ‬ ‫الناس على شراء البطانيات اإلنكليزية لرخصها وجودة نوعها‪ ،‬وتَ َـح ُّسبهم‬ ‫للحاجة إليها مع اقتراب فصل الشتاء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تنفيذا للخطة‬ ‫بوادر الجيوش الفرنسية بدأت تصل إلى بيروت‬ ‫المرسومة مع اإلنكليز‪ .‬بدأنا نسمع عن الرئيس ِولْ ُسن وعن بنوده األربعة‬ ‫ْ‬ ‫الحكم الذي تختاره البالد التي كانت‬ ‫عشر للحريات‪ ،‬ومنها حرية انتقاء‬ ‫تحت الحكم التركي‪ .‬ثم كانت الدعوة إلى مؤتمر السالم في باريس‪ ،‬فانتَ َد َب‬ ‫الملك حسين ملك الحجاز ابنَ ه فيصل – وهو استلم الحكم في دمشق –‬ ‫محاربا مع قوى الحلفاء‪ .‬القى‬ ‫إلى تمثيله في ذلك المؤتمر بوصفه حليفً ا‬ ‫ً‬

‫«‪ ...‬ال يا سيدتي‪ ،‬سنكون عديدين‬

‫توافد الصحافيون ُ‬ ‫والك َّتاب الفرنسيون إلى بيروت‪ ،‬يكتبون ما توحيه‬ ‫لهم مخيالتهم‪ .‬وقد اجتمعت إلى كاتبة فرنسية كانت لها شهرة في تلك‬ ‫األيام واسمها مريام هاري‪ .‬أذكر – كدليل على خلط صحة تحقيقاتهم –‬ ‫ً‬ ‫محجبة‬ ‫حديثا عني في إحدى المجالت‪،‬‬ ‫نشرت‬ ‫تتصدره صورةُ امرأةٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫أنها َ‬ ‫مغربيا وتحته تعليق‪ :‬هذه الصورة هي عنبرة بالحجاب‪ .‬ومع أنها‬ ‫حجابا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫تتورع عن‬ ‫لم‬ ‫فإنها‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫شك‬ ‫مما‬ ‫الكثير‬ ‫فيها‬ ‫ة‬ ‫عد‬ ‫أحاديث‬ ‫لي‬ ‫ت‬ ‫نشر‬ ‫تُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أقُ‬ ‫الصور – اجتماعية كانت‬ ‫كانت‬ ‫وهكذا‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ل‬ ‫لم‬ ‫وما‬ ‫ه‬ ‫قلت‬ ‫ما‬ ‫عني‬ ‫تنقل‬ ‫أن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مشوهة إلى العالم الغربي‪ ،‬وهذا ال يزال إلى اآلن‬ ‫أم سياسية – تُ نقل عنا َّ‬ ‫حد ما‪.‬‬ ‫إلى ٍّ‬


‫‪36‬‬ ‫عنبرة سالم الخالدي‬

‫فيصل عراقيل من الدولة الفرنسية لتمنع دخوله إليه‪ ،‬وحتى دخوله إلى‬ ‫باريس‪ .‬وأذكر أن فيصل م َّـر ببيروت نهار ‪ 19‬تشرين الثاني في طريقه إلى‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫حماسيا بلغ حد الجنون‪ ،‬واقتصر هذا‬ ‫استقباال‬ ‫فاستقبله األهالي‬ ‫باريس‬ ‫ً‬ ‫االستقبال على الفريق المتحمس إلنشاء الدولة العربية التي كانت ْ‬ ‫حلمه‬ ‫ً‬ ‫طواال‪.‬‬ ‫سنين‬ ‫الجميل‬ ‫َ‬ ‫الفريق الذي كان ينتظر أن يصبح لبنان وتصبح سوريا قطعة من فرنسا‬ ‫– أو على األقل تحت حكم فرنسي مباشر – ظهرت عليه عالئم االشمئزاز‬ ‫من هذا االستقبال الحماسي‪ ،‬حتى أصبح الناس في الطرقات وفي حوافل‬ ‫التراموايات يتراشقون األقوال وفيها االتهامات الظاهرة منها والمستترة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫رسميا من الجنرال بولفين‪ ،‬قائد الفيلق‬ ‫استقباال‬ ‫القى األمير فيصل‬ ‫ً‬ ‫البريطاني الذي كان متمركزً ا في بيروت‪ .‬ونزل في بيت الياس ابراهيم‬ ‫سرسق في حي السراسقة‪ .‬وأذكر أننا ذهبنا إلى بيت طراد في ذلك الحي‬ ‫لنشاهد االستقبال‪َ ،‬‬ ‫كثيرا عن‬ ‫وأقمنا النهار كله ننتظر وصوله الذي تأخر ً‬ ‫نعده‬ ‫موعده‪ .‬وال أنسى الرعشة التي‬ ‫ْ‬ ‫انتابتني عند رؤيتي الرجل الذي كنا ّ‬ ‫رمزً ا لالستقالل العربي‪ .‬استقبله أعيان بيروت‪ ،‬الناقمون عليه والمبتهجون‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وأثرت شخصيته الجذابة على الكثيرين من مخالفيه حتى كان ُيقال إنهم‬ ‫فيغيروا رأيهم فيه‪.‬‬ ‫تناصحوا بعدم االجتماع إليه كي ال يتأثروا بشخصه ِّ‬ ‫لجنة أَميركية إِنكليزية فرنسية (!؟)‬

‫هذا الموقف المتناقض يعود إلى أن أكثرية رجال الطائفة اإلسالمية‬ ‫جيل نشأ على حلم األمبراطورية العربية الكبرى‪ ،‬ورأوا‬ ‫حينذاك كانت من ٍ‬ ‫َ‬ ‫الرسول الذي ُبعث لتحقيق أحالمها‪ ،‬وعلقت عليه من آمالها ما‬ ‫في فيصل‬ ‫ال يقدر على تحقيقه‪.‬‬ ‫تربت على‬ ‫من جهة أخرى كانت الغالبية الكبرى من الطائفة المسيحية َّ‬ ‫االعتقاد بأنها لن تجد الحماية والرعاية إال من فرنسا‪ ،‬حتى ُس ِّمـ َـيت لهم‬ ‫تباعد واسع لم يصل‬ ‫‪‬األم الحنون‪ ،‬فنشأ عن ذلك في الرأي السياسي‬ ‫ٌ‬ ‫حد النزاع والتصادم‪ ،‬ولم َي ُـحل دون المودة التي كانت تربط أبناء البلد‬ ‫إلى ّ‬ ‫كثيرا ما انقلب الجدل الجدي بينهم إلى المزاح وتبادل النكات‪،‬‬ ‫الواحد‪ .‬بل ً‬ ‫وهم َّ‬ ‫أي حال‪ ،‬أجمعت‬ ‫على‬ ‫الغامض‪.‬‬ ‫المستقبل‬ ‫به‬ ‫سيأتي‬ ‫ما‬ ‫إلى‬ ‫يتطلعون‬ ‫ّ‬ ‫الطائفتان على االرتياح من ُّ‬ ‫معا من‬ ‫تقلص العهد العثماني ومما لحقهما ً‬ ‫أذى وضيم في ظله‪.‬‬ ‫قاصدا‬ ‫بيروت على طراد بريطاني‬ ‫بعد ثالثة أيام غادر األمير فيصل‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫مرسيليا لحضور مؤتمر باريس‪ .‬وكان من نتيجة تضارب اآلراء في كيفية‬


‫«‪ ...‬ال يا سيدتي‪ ،‬سنكون عديدين‬ ‫‪37‬‬

‫لخدمة وطننا ال فرنسا االنتداب»‬

‫ْ‬ ‫لسن إرسال لجنة أميركية‬ ‫الحكم على هذه البقعة من األرض‪ ،‬أن اقترح ِو ُ‬ ‫إنكليزية فرنسية تستقصي آراء أهل البالد في ما يختارون من ْ‬ ‫حك ٍم‬ ‫لبالدهم التي انفصلت عن الدولة العثمانية‪.‬‬ ‫قرر مؤتمر باريس إرسال هذه اللجنة‪ .‬ويظهر أن خالفً ا نشأ بين‬ ‫أصر ولسن على رأيه‬ ‫اإلنكليز والفرنسيين على تأليف اللجنة وإرسالها‪َّ .‬‬ ‫وعرفَ ت بــ ‪‬لجنة كينغ –كراين‪ ‬اللذين‬ ‫فتألفت اللجنة من أميركيين فقط‪ُ ،‬‬ ‫رأساها‪ .‬وكانت هذه أول معرفتنا بأمر اللجان التي توالت على بالدنا في‬ ‫وخصوصا على فلسطين‪ .‬لم نأخذ من نتائجها ونتائج أبحاثها إال‬ ‫ما بعد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يأسا‪ .‬مع أنها عند مجيئها َّادعت أنها‬ ‫ما يزيد المعتدي قوة ويزيد المظلوم ً‬ ‫ستأخذ برغائب أهل البالد ولن تتأخر عن تحقيقها‪ .‬وكان رجال العرب ال‬ ‫يزالون على سذاجة ظاهرة بأالعيب السياسية الغربية ويأملون منها بعض‬ ‫الخير إذا لم يكن الخير كله‪.‬‬ ‫في تموز ‪ 1919‬وصلت اللجنة إلى بيروت‪ .‬ذهبت إليها الوفود تُ فْ ضي‬ ‫برأيها في كيفية ْ‬ ‫حكم البالد‪ .‬وذهب وفد نسائي‪ ،‬كنت في عداد أعضائه‪،‬‬ ‫قدم إليها ِّ‬ ‫مذكرة ال تختلف في مطالبها عن مطالب الوطنيين اآلخريين‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وفيها أننا نطالب قبل كل شيء باستقالل بالدنا‪ .‬وإذا كان ال ّبد لنا من طلب‬ ‫العون‪ ،‬فإننا نطلبه ً‬ ‫أوال من أميركا ألنها ليست لها مطامع استعمارية (؟؟)‪.‬‬ ‫تعذر ذلك‪ ،‬نفضل مساعدة إنكلترا‪ ،‬على ّ‬ ‫وإذا َّ‬ ‫أال تدوم مدة المساعدة أكثر‬ ‫رفضا باتً ا‪.‬‬ ‫من عشرين سنة‪ .‬أما فرنسا فإننا نرفضها ً‬ ‫وهنا ُ‬ ‫واستقبل في‬ ‫أذكر هنا ْأن عندما عاد األمير فيصل من باريس‬ ‫ُ‬ ‫ذهب ُت مع وفد نسائي‬ ‫بيروت نهار ‪ 30‬نيسان ‪ ،1919‬ثم أكمل إلى دمشق‪ْ ،‬‬ ‫للسالم عليه بعد بضعة أيام من وصوله إلى هناك‪ُ .‬‬ ‫وك ِّلفت بإلقاء خطاب‬ ‫حم ُلته تحقيق كل آمالنا الفتية‬ ‫ترحيبي بين يديه‪ ،‬ال أذكر منه إال أنني َّ‬ ‫باالستقالل‪ ،‬وبتأسيس دولة عربية حرة ِّ‬ ‫نسلم إليه قيادتها‪ .‬كما أذكر أنه‬ ‫كان شديد ُّ‬ ‫واعدا ببذل‬ ‫شاكرا‪،‬‬ ‫التأثر لِ َـما سمع‪ ،‬وأخذ الخطاب من يدي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تقدم المرأة‬ ‫الغالي والثمين في سبيل تحقيق األماني‪َّ .‬‬ ‫وحد َثنا عما رآه من ُّ‬ ‫ً‬ ‫دقيقة عن متناقضات ْنه َضتِ ها ومحاسن‬ ‫مالحظات‬ ‫في الغرب‪ ،‬وأبدى‬ ‫ٍ‬ ‫ومساوئ سيرها‪ .‬وفي اليوم التالي جاءنا إلى الفندق الذي نزلْ نا فيه‪،‬‬ ‫إلي يومذاك أن الشام كانت‬ ‫وترك لكل واحدة منا بطاقة باسمها‪ُ .‬‬ ‫وخ ِّيل َّ‬ ‫زاهية مبتهجة‪.‬‬ ‫بلدا مطمئنً ا‪ :‬من الدسائس الداخلية إلى‬ ‫لكن المطامع األجنبية ال َتدع ً‬ ‫وقع الكثيرين في شباكها وكان الشرق‬ ‫طرق‬ ‫إغراء تُ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫األموال المبذولة‪ ،‬إلى ُ‬ ‫األوسط بأكثرية أبنائه يجهل أساليبها‪ ،‬حتى راحت هذه المطامع تعصف‬ ‫بالبلد وأهله‪.‬‬


‫‪38‬‬ ‫عنبرة سالم الخالدي‬

‫المؤتمر السوري‪ ...‬و«ما ُكتِب قد ُكتِب»‬ ‫أجمع الرأي على عقد مؤتمر يمثل كافة البالد التي كانت تسمى سوريا‬ ‫الكبرى ومن ضمنها لبنان وفلسطين‪ .‬جاء نواب عنها يمثلون الكثير من‬ ‫وع ِقد المؤتمر في دمشق نهار ‪7‬‬ ‫بلدانها‪ .‬بلغ عدد المندوبين ‪69‬‬ ‫عضوا‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫وأجمعت فيه الكلمة على ْ‬ ‫الحكم الذي‬ ‫حزيران ‪ 1919‬برئاسة األمير فيصل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫يختارونه لبالدهم‪ ،‬فيتقدمون به إلى اللجنة األميركية‪ .‬لكن عمل اللجنة‬ ‫وضعا للتسلية‪،‬‬ ‫وتقاريرها والتقارير المختلفة التي ُر ِفعت إليها‪ ،‬لم تكن إال‬ ‫ً‬ ‫كأن الدول الكبرى تمثل ملهاة أمام أطفال‪ ،‬هي العارفةُ أن أوضاع البالد‬ ‫لن تخرج عن اتفاقات سرية قررتها هي في ما بينها‪ ،‬وهي وحدها التي‬ ‫ستوضع موضع التنفيذ‪.‬‬ ‫إزاء كل هذه األالعيب من إنكلترا وفرنسا‪ ،‬وبعد مفاوضات عدة مع‬ ‫األمير فيصل‪ ،‬دعاه اللويد جورج‪ ،‬رئيس وزراء بريطانيا‪ ،‬للسفر إلى إنكلترا‬ ‫وعق ِد اتفاق نهائي‪ .‬أبحر فيصل في ‪ 12‬أيلول ‪ 1919‬إلى‬ ‫للتفاوض معه ْ‬ ‫ُ‬ ‫مارا بباريس‪ ،‬وهناك ُأبلِ غَ عن اتفاق إنكلترا وفرنسا على كل األمور‪،‬‬ ‫إنكلترا‬ ‫ًّ‬ ‫نهائيا‪.‬‬ ‫وعلى اقتسام البالد‬ ‫ً‬ ‫بقي األمير يتنقل من باريس إلى لندن ومن لندن إلى باريس‪ ،‬يالقي من‬ ‫الصعاب ما ُينهك األعصاب ُويدخل اليأس إلى القلوب‪ ،‬لكنه صمد وظل‬ ‫يناضل ويطالب‪ ،‬بدون جدوى‪ ،‬ألن الطامعين استمروا في أطماعهم‪ .‬أظهر‬ ‫حد‪ .‬ظل يأخذ‬ ‫هو بعض اللين في االتفاق معهم لكن مطامعهم لم يكن لها ّ‬ ‫األمور بالصدر الرحب وطول األناة إلى أن غادر أوروبا في ‪ 6‬كانون الثاني‬ ‫مارا ببيروت التي وصلها في ‪ 13‬منه‪ ،‬فاستقبلته‬ ‫‪1920‬‬ ‫ً‬ ‫عائدا إلى دمشق ً‬ ‫ً‬ ‫عظيما‪ ،‬وحملوا سيارته على األعناق حتى نزل في دار‬ ‫استقباال‬ ‫الشبيبة‬ ‫ً‬ ‫جميل األلشي‪ ،‬المعتمد العربي الذي كان ِّ‬ ‫يمثله في بيروت ويتخذ سكنً ا له‬ ‫منزل عمر الداعوق‪ .‬وأذكر أننا ذهبنا إلى ميدان سباق الخيل في مكان‬ ‫للمحجبات‪ ،‬كي نتفرج عليه وهو يحضر السباق‪ ،‬وكان بصحبته‬ ‫خصص‬ ‫َّ‬ ‫يوسف العظمة كأنه حارسه وحاميه من كل ما قد يتعرض له من أذى‪.‬‬ ‫بعد ذلك اجتمع في منزل عمر الداعوق بعدد كبير من زعماء بيروت‬ ‫ِّ‬ ‫ومفكريها‪ ،‬وعرض لهم ما يالقيه من صعاب‪ ،‬وما يتطلبه منه الفرنسيون‬ ‫سمعت‬ ‫من تنازالت‪ .‬كان في كالمه كثير من االتزان مع الكثير من األلم‪ ،‬كما‬ ‫ُ‬ ‫أيضا مدى حماسة بعض الحاضرين‬ ‫من والدي الذي روى لنا حينذاك ً‬ ‫وإعالنهم ً‬ ‫التهور واالندفاع العاطفي في وطنيتهم‪ .‬ومما قاله له‬ ‫شيئا من‬ ‫ّ‬ ‫والدي يومئذ‪:‬‬ ‫جميعا نقول لك‪ :‬نفديك ونضحي في سبيلك‪،‬‬ ‫مو األمير‪ ،‬إننا‬ ‫ً‬ ‫–   يا ُس َّ‬ ‫ونفعل كذا وكذا‪ ،‬ولكن ال أحد يعلم كم من األقوال تتحقق عندما‬


‫مقدرات سوريا ولبنان‬ ‫‪ ...‬واستولت فرنسا على‬ ‫ّ‬

‫‪39‬‬

‫لخدمة وطننا ال فرنسا االنتداب»‬

‫بشهرين‪ ،‬دعا األمير فيصل إلى عقد المؤتمر السوري‬ ‫بعد ذلك‬ ‫َ‬ ‫الذي كان قد انعقد في صيف السنة السابقة‪ ،‬وضم مندوبين عن مناطق‬ ‫كانت تعتبر إلى ذلك الحين منطقة واحدة وتسمى سوريا‪ ،‬هي الداخلية‬ ‫والساحلية والجنوبية‪ .‬وكان والدي من المندوبين إلى المؤتمر‪ ،‬كما كان‬ ‫انتدب مكان أبيه المتوفى‬ ‫رياض الصلح وأمين بيهم‪ ،‬على صغر سنه‪ ،‬لكنه ُ‬ ‫قبل ذلك بمدة قصيرة‪.‬‬ ‫في هذا المؤتمر ُأعلِ ن استقالل سوريا‪ ،‬كما ُأعلن تنصيب األمير فيصل‬ ‫ً‬ ‫ملكا عليها في ‪ 7‬آذار ‪ ،1920‬وبايعه جميع أعضاء المؤتمر مع مراعاة‬ ‫أماني اللبنانيين في كيفية إدارة لبنان ضمن حدوده المعروفة قبل الحرب‬ ‫كتابا يعرض‬ ‫العامة‪ .‬وبعد رجوع والدي إلى بيروت‪ ،‬تلقَّ ى من الملك فيصل ً‬ ‫لكن والدي اعتذر العتقاده بأن وجوده في‬ ‫فيه عليه تَ َو ِّلي رئاسة الحكومة‪ّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫أفضل لخدمة المصلحة العامة‪.‬‬ ‫بيروت في ذلك الحين‬ ‫إثر إعالن الملكية‪ ،‬أرسل الملك فيصل من ُيبلغ بريطانيا وفرنسا بإعالن‬ ‫ْ‬ ‫الملكية واالستقالل‪ .‬لكن الدولتين رفضتا االعتراف بذلك‪ ،‬وبدأت المشاكل‬ ‫تثار في المملكة الجديدة‪ُّ .‬‬ ‫ظلوا يخاطبونه بلقب ‪‬األمير‪ ،‬ويخلقون له‬ ‫المتاعب‪ ،‬ويبعثون إليه بالشروط تلو الشروط‪ ،‬حتى زحف الفرنسيون‬ ‫على سوريا بقيادة الجنرال غورو‪ ،‬والتقى في ميسلون بما يسمى ‪‬الجيش‬ ‫السوري‪ ،‬وهو لم يكن إال بعض متطوعين يحملون أسلحة مختلفة‪ ،‬منها‬ ‫ما هو لصيد العصافير ومنها العصي والنبابيت‪ ،‬بعد أن ُس ِّرحوا من الجيش‬ ‫ً‬ ‫استجابة لشروط غورو الذي تجاهل االستجابة وزحف بجحافله وعتاده‪.‬‬ ‫انهار السوريون عند أول موقعة في ‪ 24‬تموز‪ ،‬وقُ تِ ل قائدهم يوسف‬ ‫العظمة وهو يدفع بصدره الجيوش المحتلة‪ .‬كانت الموقعة‬ ‫انتحارا‪ ،‬وليس‬ ‫ً‬ ‫فيها شيء من مقومات الحروب‪ .‬كنا في بيروت نتابع هذه االخبار بقلوب‬ ‫ْ‬ ‫حرى‪ ،‬ألنه كان في‬ ‫ملؤُ ها األسى‪ .‬وأذكر أنني بكيت يوسف العظمة بدموع َّ‬ ‫ُ‬ ‫األمل الذي كنا نعقده عليه‪ .‬كان‬ ‫وبفقده انهار‬ ‫نظرنا رمز البطولة العربية‪ْ ،‬‬ ‫في طريقة استشهاده رمزً ا للتضحية الوطنية العظمى‪.‬‬ ‫مقدرات سوريا ولبنان‪َ ،‬‬ ‫وحك َم ْتها بطريقة أقرب‬ ‫استولت فرنسا على ّ‬ ‫ما تكون إلى الطريقة المباشرة‪ ،‬مع أنه كان لكليهما مجلس وزراء وطني‪،‬‬

‫«‪ ...‬ال يا سيدتي‪ ،‬سنكون عديدين‬

‫مناسبا‪ ،‬ألنك‬ ‫تقع الواقعة‪ .‬وعليه‪ ،‬أرى أن نترك لك تقرير ما تراه‬ ‫ً‬ ‫فاتك ْل على اهلل‪َ ،‬وأ ْق ِدم‬ ‫أعلم الجميع بما يجري في الجهر والخفاء‪ِ .‬‬ ‫عمل ما تجد فيه الخير‪.‬‬ ‫على ِ‬


‫ورئيس وطني‪ ،‬إنما لم يكن ألحد منهم صالحية في التعيين أو العزل أو‬ ‫اإلتيان بأي عمل إال بموافقة المندوب السامي‪ ،‬ولو كان ذلك يختص بتعيين‬ ‫حارس محكمة أو ّبواب دائرة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ي والدي إلى دوما‬ ‫نف ُ‬

‫‪40‬‬ ‫عنبرة سالم الخالدي‬

‫كان والدي‪ ،‬بنزعته االستقاللية‪ ،‬من مقاومي االحتالل الفرنسي‬ ‫مرارا‪ .‬وفي كل مرة كانت تُ َلفَّ ق له قضيةُ‬ ‫يساق‬ ‫فس ِج َن‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫مقاومة عنيفة‪ُ ،‬‬ ‫بسببها إلى السجن من جديد ثم يظهر تَ لفيقها في ما بعد‪ .‬آخر مرة كانت‬ ‫في ‪ 1922‬حينما داهمت بيتَ نا ً‬ ‫ليال قوى الجيش الفرنسي بأسلحة جنوده‬ ‫ومدافع دباباته التي طوقت البيت من كل جوانبه‪ ،‬حتى ال ُي َترك له مجال‬ ‫ً‬ ‫ونساء ُور َّض ًعا على جلبتهم وهم يدخلون المنزل‪ ،‬وال‬ ‫رجاال‬ ‫للهرب‪ .‬استفقنا‬ ‫ً‬ ‫يتورعون عن مداهمة غرفه َوب َعثرة الخزائن والجوارير ً‬ ‫عما َّيدعونه من‬ ‫بحثا ّ‬ ‫وجود أسلحة ال وجود لها‪ .‬اكتفوا بأخذ ما وجدوه من أوراق‪ ،‬حتى أوراقي‬ ‫الخاصة التي كانت تمأل مكتبتي الصغيرة‪ ،‬وحتى أوراق إخوتي الصغار‬ ‫المدرسية‪ .‬ثم أخذوا والدي معهم إلى سجن القلعة في رأس بيروت‪ ،‬ومعه‬ ‫بعض أصحابه ومنهم صالح بيهم وحسن القاضي وحسين العويني‪ .‬ثم نُ فُ وا‬ ‫جميعهم إلى قرية دوما في الشمال من محافظة البترون‪ ،‬وهناك بقوا من‬ ‫ُ‬ ‫أيار إلى أيلول‪ ،‬وكان لهم هناك استقبال ُو ِّد ٌّي خالص‪َ ،‬ولقوا من اإلكرام‬ ‫وح ْسن الضيافة ما ال يوصف بكلمات قصيرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عاما على تلك الحوادث‪ ،‬ال أزال‬ ‫خمسين‬ ‫من‬ ‫أكثر‬ ‫مرور‬ ‫بعد‬ ‫اآلن‪،‬‬ ‫وإلى‬ ‫ً‬ ‫أحن إلى دوما‪ ،‬وأحفظ ألهلها في قلبي مركزً ا ممتازً ا من الحب والتقدير‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عدها عن بيروت في تلك األيام يستغرق‬ ‫كانت دوما قرية لبنانية حقة‪ ،‬وكان ُب ُ‬ ‫كبيرا فيه كل ما يحتاج‬ ‫نحوا من ست ساعات‪ّ .‬‬ ‫في السيارة ً‬ ‫قدموا لوالدي بيتً ا ً‬ ‫وبقي ْت‬ ‫إليه من مفروشات وأدوات منزلية‪ ،‬فلحقت به أمي مع صغارها‪َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫أحيانا لزيارتهما‪ ،‬وال نكاد‬ ‫بجانبه حتى اإلفراج عنه‪ .‬أما نحن فكنا نذهب‬ ‫نصل البيت‪ ،‬ويحس الجيران من أهل القرية بازدياد عدد سكان المنزل‪،‬‬ ‫الزما من فراش وطعام إلخ‪...‬‬ ‫حتى يسارعوا إلى إرسال ما يحسبونه ً‬ ‫بح ْسن موقعها وجمال جبالها الخضراء ُوأنس سكانها‪،‬‬ ‫علي دوما ُ‬ ‫ّأثرت ّ‬ ‫ً‬ ‫مقاال في ذلك الحين َ‬ ‫نش َرتْ ه مجلة ‪‬الكشاف‪ ‬تحت عنوان‬ ‫كتبت‬ ‫حتى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أودع ُت ُه َّ‬ ‫كل ما أحسه نحو هذه القرية الجميلة المضيافة‪.‬‬ ‫‪‬منفى أبي‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫نموذجا لقراه يحتوي على‬ ‫م‬ ‫يقد‬ ‫أن‬ ‫لبنان‬ ‫أراد‬ ‫‪‬لو‬ ‫فيه‪:‬‬ ‫قلت‬ ‫وأذكر أنني‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫أفضل مزايا القرية اللبنانية‪ ،‬لَـما وَجَد خيرًا من دُوما تُـمثّله أَصدق تمثيل‪.‬‬


to the first of September 1920

Anbara Salam Khalidi:

Thus was Lebanon prior

41

Thus was Lebanon prior to the first of September 19201 translated by Tarif Khalidi

Occupation and the Mandate Within a matter of days it became obvious to all that the elements of a real tragedy were about to overwhelm our dreams of independence. We began to hear that the French occupation was imminent. Then one morning we woke up to see British and Indian forces in our streets as the vanguard of that occupation. I do not know their numbers but it seemed to me as if they were everywhere. General Allenby entered Damascus on December 3, 1918 at the head of a British army and declared that all occupied territories were to be under his command until a peace treaty was signed with Turkey. For us, the youth of that period, our hearts burning with zeal, the shock was great indeed, especially when we learned that the flag we had raised over the Serail a few days before had been ordered to be taken down, since the fate of Lebanon had not yet been decided. I can’t imagine what impact this had on our leaders, but I learnt that “Umar at-Da’uq, as head of the municipality and city representative, was ordered to bring down the Arab flag. He did so reluctantly, and 1) Excerpts from her Arabic “Memoirs of an Early Arab Feminist” translated into English (Pluto Press – London 2013) by her son Tarif Khalidi who – Thanks to him – allowed us to publish these excerpts.


Then the vanguard of French troops began to arrive in Beirut in accordance with the plan they had agreed with the British. We had begun to hear of President Wilson and his fourteen points, especially the principle of self-determination for provinces previously under Ottoman rule. There followed the convening of the Paris Peace Conference, to which King Husayn of the Hijaz delegated his son, the Emir Feisal, then heading the Damascus government, to attend in his capacity as a war ally of the Aliens. I will not add here to what historians have described in detail, such as the obstacles placed in Feisal’s path to prevent his arrival in Paris, and what the French government, in particular, did in this regard. But I recall that Feisal arrived in Beirut on his way to Paris on November 19, and was received by the inhabitants with almost frantic enthusiasm. This reception, however, was confined to that sector of the population who were still excited by the dream of an Arab state, a dream we had cherished for many long years. As for the other sector of the population, the one that expected Lebanon and Syria to become part of France, or at least to fall under direct French rule, there were distinct signs of revulsion at the warmth of Feisal’s reception. The people on the streets or riding on the tramways would exchange insulting remarks or else threats both open and oblique. In any case, Feisal

42 Anbara Salam Khalidi

French had divided between themselves our region of the world, in accordance with what later on came to be known to all as the Sykes-Picot agreement. According to that agreement, Syria and Lebanon fell under the French sphere of influence while Palestine fell under the British. The earliest signs of occupation became evident with the arrival in Beirut of the British army accompanied by an Indian contingent on November 7. Since the country was then in a state of near starvation, the presence of the army in town caused an alleviation of the food shortage. The city’s inhabitants – men, women and children – converged on the soldiers’ camps buying various canned meats, sweets and luxury cigarettes. They bought these items at greatly reduced prices, then proceeded to consume them to assuage their hunger or satisfy their longings for luxury foodstuffs. Some of them began to trade in these goods, buying them from the soldiers and hawking them from house to house, selling them at double the price. In every Beirut home, one could find some item from army stores. Apart from foodstuffs, English blankets were a brisk seller because of their low price and good quality, and there was a felt need for them now that winter was approaching.


to the first of September 1920 Thus was Lebanon prior

43

the flag came down on November 9. Shukri pasha at-Ayyubi returned to Damascus after having been appointed Governor General of Beirut and Lebanon. And thus, while we burned with hope to achieve our dreams, Western policy was manipulating our destiny in secret, drawing up its own plans for our lives and engaging in horse-trading to tear apart our larger Arab homeland. These countries and their inhabitants were little more than pawns on a chessboard, to be moved wherever the great powers decided. Eventually, at the Paris Peace Conference held after the war, they confirmed what they had agreed upon before. The word “Mandate” now entered the political lexicon, interpreted by the victorious powers to mean helping the people in mandated territories to achieve independence by getting used to running their own affairs. The French arrived in our country with the mentality of an absolute ruler as though they intended to remain with us forever. I will never forget an incident which well illustrates the mentality. I once met the French wife of an adviser to the government, who was a neighbor of an aunt of mine. She asked me about my family and how many we were. When I replied that I had eight brothers she cried out with joy, “Aha! The more to serve France!” That was an unforgettable arrow aimed right at my heart, so I replied, “No, Madame, the more to serve our country.” French journalists and writers flocked to Beirut, writing whatever their imaginations dictated to them. I met a French writer, well known in those days, called Myriam Harry [18691958] and recall as an example of French reporting, with its mixture of truth and fancy, that she published an interview with me, fronted by a picture of a woman in a Moroccan veil, with the caption: “The veiled Anbara”. Although she quoted me fairly accurately, she did not hesitate to mix what I told her with what I did not. This is how a distorted image of us was conveyed to Western world, both socially and politically; and, I daresay, still is conveyed to some extent up to the present day.

The French and British intentions Following the proclamation of an Arab government in Damascus, we had still hoped that the Arab countries would gain their independence. We were ignorant, as mentioned above, of what was being planned for us in secret once the British and


detached from the Ottoman Empire. The conference adopted the idea but it appears that French and British objections to the composition of this commission and its dispatch to the region led them to pull out of it. Wilson, however, insisted and the commission of inquiry was thus made up of Americans only. It came to be known as the King-Crane Commission, named after the two Americans who headed it. This was to be our first experience of the many commissions of inquiry sent thereafter to our region, especially to Palestine. Their only effect was to strengthen the aggressor and increase the despair of the victims, although, upon its arrival, the commission claimed it would take into consideration the wishes of the inhabitants and would quickly put them into effect. Arab politicians were still totally innocent where Western policy manipulations were concerned and hoped some good might come out of such policies, even if they were not totally beneficial.

I recall that the Emir Feisal returned from Paris and was received in Beirut on April 30, 1919 then traveled to Damascus. I went along to Damascus with a women’s delegation to pay our respects a few days after he arrived and I was asked to deliver a welcoming speech in his presence. The only thing I remember from that speech is that I placed in his hands all our youthful hopes for independence and for the creation of a free Arab state under his leadership. He was deeply touched and took the speech from my hand with gratitude, promising to do all in his power to fulfill our dreams. He spoke to us about women in the West and the progress they had made, and added a number of closely observed comments about the contradictory facets of their renaissance, and some of the good and bad points on their path to progress. The following day, he visited the hotel

44 Anbara Salam Khalidi

The king-Crane Commission arrived in Beirut in July 1919. Delegations went off to meet its members to offer their views on how the country should be ruled. A women’s delegation, of which I was a member, met the commission and presented it with a memorandum that did not differ in essential respects from the demands of the other nationalists. In that memorandum, we asked first for full independence for our country. If accepting help from others was inevitable, we demanded it first come from America because, we then imagined, it had no imperialist ambitions. If this was impossible, we preferred British help provided this lasted no more than twenty years. As for France, we expressed our absolute rejection of its help.


to the first of September 1920 Thus was Lebanon prior

45

was given an official reception by General Edward Bulfin, who commanded the British army stationed in Beirut. Feisal stayed at the house of Ilyas Ibrahim Sursock in the Sursock quarter. I recall that we went to the Trad house2 in that quarter to be present at the reception given for him and remained all day long waiting for him, for he arrived much later than scheduled. I still remember my shiver of excitement when I finally saw the man we considered to be a symbol of Arab independence. He was then received by the Beirut notables, both those who supported him and those who did not. His personal magnetism and charm has a great effect on those who opposed him, and it was said that they advised each other not to meet with him in order not to fall under his spell and change their views of him.

US-French-British commission of inquiry This conflict in attitudes stemmed from the fact that most Muslim notables at that time belonged to a generation which cherished the vision of a great Arab empire and saw in Feisal the man who could realize that vision, pinning on him grand hopes that he could not possibly have fulfilled. On the other side, the vast majority of the Christians had been brought up to believe that protection and care could only come from France, nicknamed “Our tender mother�. Accordingly a wide rift in political opinions was now visible, but this did not lead to clashes or conflict nor did it lessen the ties of amity that bound the people of the one country. Indeed, serious discussions would often degenerate into witticisms and trading jokes as they looked forward to the dark future that lay in store for them. In any case, the two religious communities were united in expressing great relief that Ottoman rule had ended, recognizing the harm and damage it had done to both communities alike. Three days later Feisal left Beirut abroad a British warship for Marseilles to attend the Paris Peace Conference. As a result of the victorious Allies’ conflicting views regarding the governing of our region, Wilson suggested that a US- French-British commission of inquiry be sent to find out the views of the inhabitants as to their preferred form of government now that they had been 2)

The Trads were a wealthy Christian family of Beirut.


France to rule over Syria and Lebanon Two months later, Feisal sent out invitations to a second Syrian Congress, the first having already convened the previous summer. It had included delegates of the region all of which was known as Syria, inner, coastal, and southern. My father was a delegate, along with Riyad al-Solh and Amin Bayhum who, despite his young age, was chosen to replace his recently deceased father [Ahmad Mukhtar Bayhum]. At this second congress, the independence of Syria was proclaimed and Feisal was declared king on March 7, 1920. All the delegates paid him homage, although a special dispensation was given to Lebanese sentiments and their wishes for a measure of autonomy within the borders of Mount Lebanon, as defined prior to the First World War. When my father returned to Beirut, he received a letter from King Feisal offering him the post of prime minister of his government, but my father declined the offer, believing that his presence in Beirut was preferable for the sake of public service.

46 Anbara Salam Khalidi

deal of patience and willingness to compromise until he finally left Europe on January 6, 1920, returning to Damascus via Beirut where he arrived on January 13. Once again the reception was overwhelming. Youthful shoulders carried his car and he stayed at the house of his delegate in Beirut, Jamil al-Alshi, who resided in the house of ‘Umar al-Da’uq. I remember that we went to see him at the racecourse in a section assigned to veiled women. With him was Yusuf al-’Azmeh, who acted as his personal bodyguard, protecting him from all harm. He then met with a large number of Beirut notables and intellectuals in the al-Da’uq house, and explained to them at length the difficulties he had faced and the concessions demanded by the French. He spoke in moderate tones, but with a great deal of pain. All this I heard from my father who also told us how some of those present were completely carried away by nationalist zeal and emotion. My father reported that he had said the following to him: “Your Excellency, we all say that we are ready to sacrifice ourselves for your sake and to do this, that and the other. But quite frankly, I don’t know how much of this will be done when the real crisis is upon us. Accordingly, I suggest that we leave it up to you to take whatever decision you see fit since you know more than anyone here what is happening, openly or in secret. So place your trust in God and go ahead and do what you think best.”


to the first of September 1920 Thus was Lebanon prior

47

where we were staying and left a visiting card for each one of us by name. It seemed to me that Damascus in those days was jubilant and prosperous. But foreign ambitions can never leave a country in peace: internal plots, monies expended, all sorts of wiles to trap the many in their nets – the sort of wiles to which most Middle Easterns were unaccustomed, to the point where these foreign ambitions, like raging storms, began to toss and turn the country and its people.

The Syrian Congress, but… it was too late! By general agreement, a congress representing all the countries hitherto called al-Sham (Greater Syria) – namely Syria, Lebanon and Palestine  – was convened, at which delegates from its cities and regions, sixty-nine in number, assembled in Damascus. The Syrian Congress opened on June 7, 1919, under the presidency of the Emir Feisal. Consensus was reached as to the kind of rule the members wanted for their countries and their resolutions were forwarded to the King-Crane Commission. But the commission, its report and the various reports submitted to it all appeared to be part of a kind of entertainment, as though the great powers were putting on some children’s play, knowing full well that the final outcome for these countries would not be anything other than what the great powers has secretly decided among themselves, these secret decisions being the only ones that would be put into effect. In the face of all these machinations by Britain and France, and following extensive negotiations between the two powers and Feisal, the latter was invited by British Prime Minister Lloyd George to travel to England for final negotiations. Feisal set out by sea on September 12, 1919, passing through Paris. There he was informed that Britain and France has reached a final agreement on all matters and had decided to divide the Arab countries among themselves. I leave it up to specialist historians to describe the efforts made by Feisal and the obstacles placed in his path, but I recall that he kept shuffling between London and Paris, where he met with the sorts of difficulties calculated to exhaust anyone’s nerves and to drive them to despair. But he stood fast and kept pressing his case though to no avail, for the greedy powers had no intention of giving up on their acquisition. He himself displayed some flexibility and a great


48 Anbara Salam Khalidi

broke into all our rooms indiscriminately, emptied cupboards and drawers looking for non-existent weapons, then contented themselves with taking all the papers they found, even my own private papers which filed my small library as well as the school books and papers of my younger brothers. They then took my father to the Qal’a prison in Ras Beirut where he found some of his colleagues such as Salah Bayhum, Hasan al-Qadi and Husayn al-’Uwayni. They then exiled them all to the village of Duma in the northern province of Batrun, where they remained from May until September. The villagers of Duma received them with great friendliness and extended to them the kind of hospitality that I simply cannot describe in a few words. Even after the passage of more than fifty years, I still cherish the memory of that warm reception by the people of Duma who hold a very special place in my heart. It was, in truth, a genuine Lebanese village though distant from Beirut, for it would take us about six hours by car to reach it. They offered my father a large house in which to live, with all its comforts, and my mother followed him with my younger siblings and stayed with him until he was released. The rest of us would visit from time to time. No sooner would we arrive and the news spread of our arrival, or else if the villagers felt that the number of lodgers had increased, then they would send what they estimated was necessary in terms of mattresses, food, and so forth. Duma, with its beautiful location, its green mountains and the warmth of its inhabitants left a lasting impression on me, so deep that I wrote an article at that time which was published in the journal al-Kashshaf, under the title “My father’s place of exile,” I poured into it all the sentiments I felt towards that beautiful and hospitable village. I recall one sentence of that article: “If Lebanon ever wished to put forward one of its villages as an example of the very best in a Lebanese village, it would not find anywhere better that Duma.”


to the first of September 1920 Thus was Lebanon prior

49

Following the proclamation of the monarchy King Feisal sent emissaries to Britain and France informing them of the establishment of the monarchy and of independence. The two states refused to recognize the fact, and a storm of difficulties was stirred up in the face of the new kingdom. The Western governments continued to address him as Emir and to bombard him with new conditions, as is well known to modern historians. Eventually the French army under General Gouraud marched on Syria and at the village of Maysalun met the so-called Syrian army. This was a mere group of volunteers carrying diverse weapons, which included shotguns, sticks and clubs. The regular army had been disbanded in response to one of Gouraud’s conditions, but the latter simply ignored the fact and ordered his fully equipped army forward. The Syrian force quickly collapsed at Maysalun on July 24, and their leader, Yusuf al-’Azmeh, was killed, having decided to make a suicidal stand against an attacker in a battle that was no battle at all. In Beirut, we followed the news with great sorrow, and I remember crying hot tears for Yusuf al-’Azmeh who in our eyes was a symbol of Arab heroism. With his death the hopes we had placed upon him collapsed and his martyrdom was a shining example of the ultimate selfsacrifice in a national cause. France then came to rule over Syria and Lebanon, and that rule was closer to direct government, although each country had a native council of ministers and a native president. But neither had any power at all to appoint or dismiss or indeed to do anything at all except with the consent of the French High Commissioner, even if this concerned the appointment of a guard in a courthouse or the janitor in a government office.

My father’s opposition and his exile to Duma My father, with his firm commitment to independence, was a strong opponent of French occupation, and was often jailed for this. Each time some case would be fabricated against him and he would be jailed, only for the case to be exposed later as false. In the spring of 1922, our house was surrounded at night by a French force armed with guns and tanks, which encircled the house from all sides, allegedly to prevent my father from escaping. With the noise they made as they barged in, we all sprang from our beds, men, women, and even infants. They


‫زمن لبنان الكبير‬

‫رسالة الرئيس كليمنصو إِلى البطريرك الحويك‪:‬‬

‫طلب أَهاليكم‬ ‫نستجيب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫انتداب فرنسا على لبنان‬ ‫َ‬

‫بين التحضيرات ال ُـم ْضنية والمفاوضات واللقاءات والوفود والمؤْ تمرات‬ ‫ـمتها ِإلى ِإعالن ‪‬دولة لبنان الكبير‪ ،‬وثائق سبقت ذاك اإلعالن‬ ‫التي آلت خات ُ‬ ‫َ‬ ‫طويلةٌ‬ ‫فعليا منذ مطالع ‪1919‬‬ ‫ت‬ ‫بدأ‬ ‫مقابلة‪،‬‬ ‫وعروض‬ ‫وعروض‬ ‫ومراسالت‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وتُ ِّوجت في األول من أيلول ‪.1920‬‬ ‫جدا من رئيس الوزراء الفرنسي جورج‬ ‫من وثائق تلك الفترة‪ ،‬رسالةٌ مهمةٌ ًّ‬ ‫تتعهدها حكومة فرنسا‬ ‫التي‬ ‫الوعود‬ ‫يمهد له‬ ‫ْكـلِ منصو ِإلى البطريرك‬ ‫الحويك ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ـمنتدبة على شؤون لبنان‪.‬‬ ‫ال ِ‬ ‫‪‬مركز التراث اللبناني‪َ ‬ي ُ‬ ‫شكر للعميد الركن المتقاعد َأدونيس نعمه‬ ‫منْ َحه ‪‬مرايا التراث‪ ‬هذه الوثيقةَ َ‬ ‫األصليةَ النادرة‪ ،‬من مكتبة والده الـمؤَ ِّرخ‬ ‫الكبير جوزف نعمة‪ ،‬وهي‬ ‫زخ ُر بكنُ ٍوز تَ ــتَ ــفَ ـ َّـر ُد بـها‬ ‫تَ َ‬ ‫من المخطوطات الثمينة‬ ‫َ‬ ‫األصلية عن‬ ‫والوثائق‬ ‫حقبات رئيسةٍ تاريخ لبنان‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُهنا نص الرسالة‬ ‫َ‬ ‫ـمتــها‪.‬‬ ‫األصلية‪ ،‬وترج ُ‬


‫رئاسة مجلس الوزراء‬

‫باريس‪ 10 ،‬تشرين الثاني ‪1919‬‬

‫الحويك البطريرك الماروني‬ ‫السيد‬ ‫ّ‬ ‫ِإلى غبطة ّ‬

‫رسالة كليمنصو‬

‫كليمنصو‬

‫‪51‬‬

‫إِلى البطريرك الحويك‬

‫السيد البطريرك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اللقاءات التي‪ ،‬منذ ُو ُصولكم ِإلى باريس‪ ،‬كانت ُلكم مع وزير‬ ‫ال ُب َّد َأ َّن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رس َخت قناعتَ كم بأ َّن حكومة الجمهورية‬ ‫الشؤُ ون الخارجية ومعي‬ ‫ًّ‬ ‫شخصيا‪َّ ،‬‬ ‫عصور بين فرنسا ولبنان‪.‬‬ ‫المتبادل منذ‬ ‫تقليد الوفاء‬ ‫باقيةٌ على احترامها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ات َأ َّكدت لكم َأن الحلول التي نعرضها في‬ ‫وال َّبد َأن تكون تلك‬ ‫اللقاء ُ‬ ‫َ‬ ‫مؤْ تمر الصلح منسجمةٌ في مجملها مع آمال األهالي الذين ِّ‬ ‫يمثلهم مقامكم‬ ‫العالي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ُوأمنية اللبنانيين‪َ ،‬أن تكون لهم حكومةٌ ذاتيةٌ‬ ‫مستقل‪،‬‬ ‫وطني‬ ‫ونظام‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ـحررية‪.‬‬ ‫تنسجم ً‬ ‫ُ‬ ‫تماما مع ما لفرنسا من تقاليد ت ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫تجمع وطني آخر‪ ،‬يتأكد‬ ‫هكذا‪ِ ،‬بدعم فرنسا ومساعدتها دون أ ِّي ُّ‬ ‫ُ‬ ‫واإلدارية‪،‬‬ ‫السياسية‬ ‫وبناء مؤَ سساتهم‬ ‫احتفاظهم َبأعرافهم‪،‬‬ ‫ُّللبنانيين‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫والدهم في مدارسهم الوطنية‬ ‫ون بالدهم‪،‬‬ ‫وتفعيلهم ِّكل ـ ًّـيــا شؤُ َ‬ ‫وتحضير َأ َ‬ ‫ُ‬ ‫للوظائف العامة في لبنان‪.‬‬ ‫بسط االنتداب على‬ ‫وال َ‬ ‫تتب َّي ُن مزاولةُ هذا االستقالل قبل َأن يكتمل ْ‬ ‫سوريا‪ .‬ففرنسا التي جهدت سنة ‪ 1860‬كي تؤَ ِّمن للبنان َأوسع مساحةٍ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫واعيةٌ‬ ‫طويال‬ ‫ناجم عن الظلم الذي عانى‬ ‫تماما َبأن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫تقليص مساحته الحالية ٌ‬ ‫منه لبنان‪.‬‬ ‫وفرنسا الراغبةُ في ْتأمين َأفضل العالقات االقتصادية مع جميع‬ ‫البلدان ال َّ‬ ‫جدا‪ ،‬عند ترسيم حدود لبنان‪،‬‬ ‫ـمكلفَ ة‬ ‫االنتداب عليها‪ ،‬ستحرص ًّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ومنفذا ِإلى البحر‬ ‫على ضرورة ُأن تُ بقي َأراضي السهل لــ ‪‬جبل لبنان‪،‬‬ ‫ضروريا الزدهاره‪.‬‬ ‫ًّ‬ ‫واثق‪ِ ،‬بإعطائكم هذه الضمانات‪َ ،‬أنني ُأجيب عن المشاعر التي‬ ‫ِوإنني ٌ‬ ‫وآمل‪،‬‬ ‫دفعت َأهالي لبنان ِإلى طلب انتداب فرنسا‬ ‫َّ‬ ‫مجد ًدا على بالدهم‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫للمسألة السورية في مؤْ تمر الصلح‪ ،‬أن ُيتيح للحكومة‬ ‫من الحل النهائي‬ ‫األمنيات لدى ُأولئك َ‬ ‫تحقيق َأفضل ُ‬ ‫األهالي الشجعان‪.‬‬ ‫الفرنسية‬ ‫َ‬ ‫السيد البطريرك‪ ،‬بقبول تقديري العالي‪.‬‬ ‫تفضل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫المطران مبارك إلى البطريك الحويك‪:‬‬

‫إِميل إ ِ ّده ويوسف الجميّل‬ ‫مندوبان إِلى غبطتكم‬

‫بين التحضيرات الكثيرة التي آلت إلى بلوغ َ‬ ‫األ َّول من َأيلول ‪ ،1920‬لجنةٌ‬ ‫َّ‬ ‫تشكلت في بيروت من َأعيان الـموارنة للتواصل مع السلطة الفرنسية‪ ،‬كما‬ ‫ور َد في هذه الرسالة من مطران بيروت اغناطيوس مبارك ِإلى البطريرك‬ ‫َ‬ ‫الياس الـحويك‪.‬‬

‫كرسي مطرانية بيروت المارونية‬

‫في ‪ 14‬نيسان ‪1919‬‬

‫أيها األب األقدس‬ ‫بعد لثم راحات غبطتكم المقدسة وطلب بركتكم الرسولية أعرض‬ ‫ْ‬ ‫وصل ُت إلى‬ ‫أن أحوالنا في بيروت على غاية ما يرام حتى اآلن‪ .‬فقد‬ ‫رغما عن المواعظ العديدة‬ ‫آخر هذا الصوم المبارك بدون تعب زائد ً‬ ‫واالحتفاالت والخطب واالجتماعات واألشغال الدولية والزيارات العمومية‪.‬‬ ‫عوضا عن أن تتعبني‪ .‬فيا‬ ‫فإن الحفالت الدينية مهما كانت طويلة تريحني ً‬ ‫عندئذ مثل‬ ‫لكنت‬ ‫كالسابق‬ ‫أكرس لها معظم أوقاتي‬ ‫ٍ‬ ‫حبذا لو ُأعطي لي أن ّ‬ ‫السمك في الماء‪ .‬ولكننا في منقلب تاريخ والتيار السياسي يجري بالرغم‬ ‫ً‬ ‫غريبة عنا‪.‬‬ ‫عنا إلى االشتراك باألمور السياسية ألن هذه األمور ليست‬ ‫فقط أراجع لغبطتكم ما قلته سابقً ا إنني ال أخطو خطوةً وال ُأبدي إشارةً إال‬ ‫بأمركم وحسب رغبتكم‪ .‬فاعتبروني كمنفّ ٍذ ألوامركم في كل ما تشاؤونه‪.‬‬ ‫نخبة من أعيان الطائفة قد ألّ فوا ً‬ ‫وعليه فإن ً‬ ‫لجنة لضم الكلمة المارونية‬ ‫والمخابرة مع الكوميسارية االفرنسية باسم الطائفة وطلبوا مني أن أكون‬ ‫ً‬ ‫ممثال لغبطتكم‪ .‬فمن الطبع ال أقدر أن أمثلكم فيها بدون‬ ‫من هذه اللجنة‬ ‫الجميل يحمالن لغبطتكم من‬ ‫يوسف‬ ‫والشيخ‬ ‫ه‬ ‫إد‬ ‫إميل‬ ‫فاألفندية‬ ‫أمركم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مناسبا أن أدخل‬ ‫قبل هذه اللجنة قانونها األساسي فإذا رأيتم غبطتكم‬ ‫ً‬


‫معهم بالصورة الموجودة في القانون أدخل وإال أبقى على الحياد حتى تروا‬ ‫بحكمتكم فيما بعد ما يوافق عمله‪.‬‬ ‫ً‬ ‫طويال ركنً ا‬ ‫طالبا من اهلل أن يديمكم‬ ‫هذا ما‬ ‫ُ‬ ‫قصدت عرضه لغبطتكم ً‬ ‫للطائفة ومالذً ا لمن له الشرف أن يكون لغبطتكم الولد المخلص والمطيع‪.‬‬ ‫اغناطيوس مبارك مطران بيروت‪.‬‬

‫‪   )3‬في بيروت يوجد غير لجان ّ‬ ‫وكلهم يطلبون مشاركتي لهم في العمل‪.‬‬ ‫التزم ُت أن أترك أشغالي الرعائية وهي األولية‬ ‫فإذا لبيت طلب الجميع‬ ‫ْ‬ ‫عندي‪ .‬فمهمتي هي روحية قبل كل شيء‪ .‬وإذا شاركت في عمل الواحدة‬ ‫فريق دون اآلخر‪ .‬وعليه‬ ‫دون األخرى كانت مشاركتي هذه انحيازً ا إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وافية بالمقصود‪ .‬وإذا رأيتم‬ ‫فإني ال أشترك إال باللجنة التي ترونها‬ ‫مناسبا أن أبقى على الحياد التام‪ ،‬فال شيء يحملني على ترك هذا‬ ‫ً‬ ‫الحياد بنوع أني أكون رهين إشارتكم في كل ما ترتأونه‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫إلى البطريك الحويك‬

‫‪   )2‬إن اللجنة مؤلفةٌ من األعيان اآلتية أسماؤهم‪ :‬حبيب باشا السعد‪ ،‬خليل‬ ‫الجميل‪ ،‬الشيخ أسعد طوبيا‪ ،‬إميل أفندي ّإده‪،‬‬ ‫بك عقل‪ ،‬الشيخ يوسف‬ ‫ّ‬ ‫بسول‪ ،‬الشيخ طنّ وس جعجع‪ ،‬رشيد‬ ‫إدمون‬ ‫الخواجا‬ ‫جورج بك تابت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بك نخلة‪ ،‬قبالن بك فرنجية‪ ،‬ابراهيم بك عقل‪ ،‬نعوم أفندي باخوس‪،‬‬ ‫الشيخ سائد اسطفان‪ ،‬سليمان بك كنعان‪ ،‬عبدو أفندي بوخير‪.‬‬ ‫  ولكن حتى اآلن لم يجتمع منهم إال قسم وال أعلم سبب ّ‬ ‫تخلف الباقين‬ ‫وبكل حال للرئيس األعلى أن يرفض من يشاء ويضيف من يراه موافقً ا‪.‬‬

‫المطران مبارك‬

‫‪   )1‬إن غاية هذه اللجنة على ما ظهر لي منها حتى اآلن هي نبيلةٌ للغاية‬ ‫وحد كلمة الطائفة في الظروف الحاضرة تحت‬ ‫ومن الضروري أن تُ ّ‬ ‫رعاية رئيسها األعلى‪.‬‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬ ‫وأُولى الخطوات الرسمية‬ ‫وسام اللحام‬ ‫ً‬ ‫قانونيا‬ ‫نظاما‬ ‫ذات سلطة سيادية تفرض‬ ‫الوثائق ِإ‬ ‫جماال مرآةُ دولةٍ ِ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ـحق‬ ‫تعد ِدها‪َ ،‬أنها ثمرةٌ شرعيةٌ لـ ِّ‬ ‫موح ًدا‪َ .‬وأهمية الوثائق الرسمية‪ ،‬على ُّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وف َق أ ُطر‬ ‫الدولة في تنظيم الحيز االجتماعي وصياغة الروابط بين األفراد ْ‬ ‫ترسمها‪.‬‬ ‫قانونية‬ ‫ُ‬ ‫كرس ظهور دولة جديدة‬ ‫إعالن لبنان الكبير‪ ،‬األربعاء ‪ 1‬أيلول ‪َّ ،1920‬‬ ‫منح‬ ‫لتتخذ موقعها بين الدول‪ .‬لذلك كان ال ّبد من ْ‬ ‫درج بخطواتها األولى َّ‬ ‫تَ ُ‬ ‫ً‬ ‫إدارية ّ‬ ‫تؤكد حصولها على شخصية معنوية سيدة‬ ‫مقومات‬ ‫الوليدة‬ ‫الدولة‬ ‫ٍ‬ ‫وف َق نظرية القانون‪.‬‬ ‫على غرار سائر الدول ْ‬ ‫المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو كان‪ ،‬في ‪ 31‬آب ‪،1920‬‬ ‫أصدر القرار رقم ‪ 318‬وفي مادته ُ‬ ‫األولى ‪‬إنشاء دولة لبنان الكبير‪ ‬من‬ ‫متصرفية جبل لبنان القديمة وتنضم إليها المناطق التالية‪ :‬سنجق بيروت‪،‬‬ ‫سنجق صيدا‪ ،‬سنجق طرابلس‪ ،‬وأقضية بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا‪.‬‬ ‫وهو ما أعلنه غورو في اليوم التالي‪ :‬األربعاء ‪ 1‬أيلول ّإبان احتفال رسمي‬ ‫في ‪‬حديقة البارك‪( ‬قصر الصنوبر‪ ‬اليوم)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حاملة ُبشرى الحدث‪ ... :‬ولما‬ ‫وصدرت الصحف في اليوم التالي‬ ‫دوت‬ ‫لفظ (غورو) تلك الكلمة العذبة التي أعلن بها استقالل لبنان الكبير‪َّ ،‬‬ ‫ومدفعا‪ ،‬فصاحت الجماهير‬ ‫أصوات المدافع فأطلقت مئة مدفع‬ ‫ً‬ ‫صياح الخالص والسرور‪ ،‬وصفَّ قت األيادي وسالت دموع‬ ‫الفرح‪ .‬فكان موقف عظيم لم ِّ‬ ‫يسطر تاريخ هذه البالد‬ ‫موقفً ا أعظم منه‪ُ .‬وأطلقت األسهم النارية في الفضاء‬ ‫تنشر ألوانها الزاهية‪ .‬ومع احتشاد تلك األلوف‬ ‫المؤلفة والجماهير التي على ما قيل بلغ عددها‬ ‫‪ 60‬ألفً ا‪ ،‬لم يحدث ُّ‬ ‫مكدر بل كان السرور‬ ‫أقل حادث ِّ‬ ‫‪1‬‬ ‫ً‬ ‫واالبتهاج‬ ‫شامال للجميع‪ . ‬وكانت لـهذا الحدث‬ ‫‪ 11‬‬

‫جريدة البشير‪ ،‬عددها ‪ ، 2613‬الخميس ‪ 2‬أيلول ‪.1920‬‬


‫‪ .1‬لبنان الكبير في طوابعه البريدية‬

‫‪55‬‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫سياسي َبـ ِّـيـ ٌـن عبر إظهار‬ ‫الطوابع رمز دامغٌ لوجود الدولة‪ ،‬ولها َأث ٌر‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫تاريخ الدول واالحتفاء بتراثها العمراني والثقافي‪ .‬مع انفصال لبنان‬ ‫–‪ ‬ومعه المناطق السورية‪ – ‬عن السلطنة العثمانية في نهاية ‪،1918‬‬ ‫ً‬ ‫صالحة لالستعمال في البلدان الخاضعة‬ ‫لم تَ ُعد طوابع البريد العثماني‬ ‫للسيطرة الفرنسية‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬منذ وصل المفوض السامي الجديد الجنرال غورو إلى بيروت‬ ‫توشيحها‬ ‫طوابع فرنسيةٍ يجري‬ ‫استخدام‬ ‫في ‪ 21‬تشرين الثاني ‪ 1919‬تقرر‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بأحرف ‪ T.E.O.‬أي ‪‬أراضي العدو المحتلة‪Territoire ennemi( ‬‬ ‫‪ .)occupé‬عمليةُ توشيح الطوابع الفرنسية تَ َّـمت في بيروت لدى مطبعة‬ ‫محدودا لعددها القليل‬ ‫بقي‬ ‫ً‬ ‫جدعون‪ ،‬لكن استخدام اإلصدار األول منها َ‬ ‫نسبيا‪ ،‬وهي َأ ً‬ ‫ستعمل خارج بيروت‪.‬‬ ‫صال لم تُ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫تدريجيا في حياة‬ ‫المؤسس تداعيات قانونية وسياسية كبيرة راحت تظهر‬ ‫ًّ‬ ‫المواطنين‪.‬‬ ‫في هذا البحث‪ُ :‬أولى التجليات اإلدارية لــ ‪‬دولة لبنان الكبير‪‬‬ ‫وتَ ْ‬ ‫ـمظ ُهرها على مختلف أنواع الوثائق (طوابع‪ ،‬عمالت ورقية ومعدنية‪،‬‬ ‫تذاكر هوية‪ ،‬إيصاالت‪ )...،‬منذ ‪ 1920‬حتى ‪ 1926‬تاريخ تعديل اسم الدولة‬ ‫‪‬ابتداء من أول‬ ‫الرسمي كما نصت عليه المادة ‪ 101‬من الدستور ال ُـمتَ َبنَّ ى‪:‬‬ ‫ً‬ ‫أي‬ ‫أيلول سنة ‪ 1926‬تُ دعى دولةُ لبنان الكبير ‪‬الجمهورية اللبنانية‪ ‬دون ّ‬ ‫تعديل آخر‪.‬‬ ‫تبديل أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬


‫‪56‬‬

‫َّ‬ ‫أبرزها‬ ‫وطد الجنرال غورو النفوذَ الفرنسي باتخاذ‬ ‫ٍ‬ ‫إجراءات اقتصاديةٍ ُ‬ ‫اعتبارا من ‪ 1‬أيار‪ُ 1920‬ع ِرفَ ت بــ ‪‬الليرة‬ ‫استحداث عملة جديدة رسمية‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫توشيح جديد للطوابع الفرنسية بأحرف ‪O.M.F.‬‬ ‫اعتماد‬ ‫ر‬ ‫فتقر‬ ‫السورية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫أي ‪‬االحتالل العسكري الفرنسي‪)Occupation Militaire Française( ‬‬ ‫وتحتها كلمة ‪ ،Syrie‬ثم الفئة ال ُـم َّعبر عنها بالعملة السورية‪.‬‬ ‫بعد إعالن ‪‬دولة لبنان الكبير‪ 1( ‬أيلول ‪ )1920‬وإقرار مجلس ‪‬عصبة‬ ‫األمم‪ ‬صك االنتداب في ‪ 24‬تموز ‪( 1922‬عبارة ‪‬االحتالل العسكري‬ ‫رسميا ب ــ ‪‬نظام االنتداب على سوريا ولبنان‪ )‬لم‬ ‫است ْبدلت‬ ‫الفرنسي‪ُ ‬‬ ‫ًّ‬ ‫يعد ممكنً ا أن تظل الطوابع الفرنسية َّ‬ ‫موشحة فقط بكلمة ‪‬سوريا‪ ‬أو‬ ‫قرارا‬ ‫ويغان‬ ‫السامي‬ ‫المفوض‬ ‫تشير إلى ‪‬االحتالل العسكري‪ ،‬لذا أصدر‬ ‫ً‬ ‫بموجبه التوشيح القديم واستبدله بتوشيح جديد‪:‬‬ ‫في ‪ 26‬آب ‪ 1923‬ألغى‬ ‫َ‬ ‫مكر ًسا بذلك أول ظهور ل ــ ‪‬لبنان‪ ‬على طابع‬ ‫‪ِّ Syrie,Grand-Liban‬‬ ‫مشتركاً‬ ‫إصدارا‬ ‫طابعا) كانت‬ ‫بريدي‪ .‬وتلك المجموعة األولى (من ‪26‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫للبنان وسوريا‪ ،‬قبل نشأة الطابع المخصص للبنان‪.‬‬ ‫إميل ّإده‪ :‬فصل البريد اللبناني عن السوري‬ ‫تلك الطوابع المشتركة بين لبنان ودول االتحاد السوري فَ ْت َرتَ ئِ ٍذ (دولة‬ ‫سببت امتعاض أعضاء‬ ‫دمشق‪ ،‬دولة حلب‪ ،‬دولة العلويين‪ ،‬دولة جبل الدروز) َّ‬ ‫(المنتخب سنة ‪ )1922‬كانوا في أكثر من مناسبة‬ ‫في المجلس التمثيلي‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫عريضةٌ‬ ‫قدمها إميل‬ ‫‪:‬‬ ‫مثاال‬ ‫وحده‪.‬‬ ‫بلبنان‬ ‫خاصة‬ ‫طوابع‬ ‫طالبوا باستحداث‬ ‫َّ‬ ‫إده في جلسة ‪ 9‬نيسان ‪ ،1923‬اعتبر فيها أن وجود دوائر مشتركة بين‬ ‫لبنان والدول السورية (كالبريد ً‬ ‫مثال) ‪‬ال يتفق مع استقالل لبنان الكبير‪،‬‬ ‫ومرارا بعدها تكرر اعتراض نواب‬ ‫وطالب الحكومة بفصل البريد اللبناني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ألحوا على ضرورة إنشاء طوابع بريدية خاصة بلبنان فقط‪.‬‬ ‫بعد التوقيع على معاهدة لوزان (‪ 24‬تموز ‪َ )1923‬‬ ‫رسميا‬ ‫تنازلت تركيا‬ ‫ًّ‬ ‫خسرتْ ها في الحرب العالمية األولى‪ ،‬فابتدأ تنفيذ‬ ‫عن جميع األراضي التي‬ ‫َ‬ ‫يكرس وجود ‪‬لبنان الكبير‪ ‬ضمن‬ ‫الذي‬ ‫‪)1923‬‬ ‫أيلول‬ ‫صك االنتداب (‪29‬‬ ‫ِّ‬ ‫حدوده الجديدة وفق القانون الدولي‪ ،‬وترجمت السلطات الفرنسية ذلك‬ ‫عمليا بعد قبول عضوية لبنان الكبير واالتحاد السوري في االتحاد البريدي‬ ‫ًّ‬ ‫عندئذ أصدر المفوض السامي القرار رقم ‪ 17( 2342‬كانون األول‬ ‫العالمي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫تأسيسيا للبريد اللبناني‪ ،‬ففي مادته ُ‬ ‫األولى أن ‪‬إدارة البريد‬ ‫ا‬ ‫نص‬ ‫ًّ‬ ‫‪ًّ )1923‬‬ ‫على أراضي ٍّ‬ ‫اعتبارا من ‪ 1‬كانون‬ ‫كل من الدولتين تنتقل إلى لبنان وسوريا‬ ‫ً‬ ‫استخدام الطوابع السورية في‬ ‫منع‬ ‫الثاني ‪ .1924‬وفي المادة التاسعة ُي ُ‬ ‫ُ‬ ‫واستخدام الطوابع اللبنانية في مختلف الدول والمناطق السورية‪.‬‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫ُ‬


‫أهمية استقالل البريد اللبناني عبرت عنها افتتاحية جريدة ‪‬لسان‬ ‫الحال‪ ،‬وفيها‪ :‬تلهج الصحف بطوابع البريد اللبنانية الجديدة‪ ،‬وتنشر‬ ‫بارتياح َّ‬ ‫كل ما يتعلق بمصلحة البريد والبرق‪ ،‬بعد أن أصبحت لبنانية بحتة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الخالصة ٌ‬ ‫َ‬ ‫جديد على وحدة الدولة وانفصالها‪ ،‬وخطوة‬ ‫دليل‬ ‫ألن لبنانيتَ ها‬ ‫ٌ‬ ‫في سبيل االستقالل‪ .‬والبالد التي ال تكون لها السيطرة على بريدها‬ ‫وبرقها ال تتميز عن أقل مستعمرة تابعة ألية دولة‪.2‬‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫‪ 22‬‬

‫لسان الحال‪ ،‬الثلثاء ‪ 7‬آب ‪.1923‬‬

‫‪57‬‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫الطابع الذي أكَّ د وحدة الكيان اللبناني‬ ‫هكذا ُولِ د الطابع اللبناني‪ ،‬فاتُ خذت اجراءات التمييز بين طوابع لبنان‬ ‫وطوابع سوريا بالقرار ‪ 28( 2359‬كانون األول ‪ )1923‬ومادتُ ه األولى أن‬ ‫توشيح الطوابع الفرنسية التي ستستخدم في لبنان يكون بكلمة ‪Grand-‬‬ ‫بدءا من ليل ‪ 31‬كانون األول ‪1923‬‬ ‫‪ Liban‬فقط‪ ،‬وفي مادته الثالثة‪ً :‬‬ ‫سحب من التداول جميع الطوابع الحاملة التوشيحات القديمة‪ .‬وتلك‬ ‫تُ‬ ‫ُ‬ ‫الطوابع ُو ِّش َحت َّأو ًال باللغة الفرنسية فقط‪ ،‬ثم صدرت في حزيران ‪1924‬‬ ‫ً‬ ‫إضافيا بالعربية تَ َّـم في بيروت لدى مطابع اآلباء الكبوشيين‪.‬‬ ‫توشيحا‬ ‫حاملة‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ستخدمة في لبنان كانت فرنسية ًّأيا ُتكن أشكال‬ ‫جميع الطوابع ال ُـم‬ ‫َ‬ ‫تواشيحها‪ .‬وقرارات التوشيح تَ ُ‬ ‫موقَّ تً ا ريثما تكون للبنان‬ ‫ذكر دائما أنه يتم َ‬ ‫أشكال‬ ‫لتصميم‬ ‫مجموعته الخاصة من الطوابع‪ .‬وهو ما استغرق وقتً ا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فشحنِ ها إلى لبنان‪.‬‬ ‫جديدة فنَ يلِ ها‬ ‫فطبعِ ها في فرنسا ْ‬ ‫موافقة البريد اللبناني ْ‬ ‫أغض َب النائب أيوب ثابت فأعلن في جلسة‬ ‫تأخير صدور هذه الطوابع َ‬ ‫إصدار تلك الطوابع‬ ‫بوعدها‬ ‫أخ َّلت‬ ‫‪ 10‬تشرين الثاني ‪ 1924‬أن الحكومة َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حاليا بين‬ ‫السنة الفائتة‪ ،‬فأجاب مدير المالية أن ‪‬المفاوضات جارية‬ ‫ًّ‬ ‫الحكومة وال َـمعامل التي تُ عِ ُّد الطوابع البريدية بإشراف الحكومة الفرنسوي‪،‬‬ ‫ونأمل أن توضع هذه الطوابع في التداول هذه السنة‪.‬‬ ‫قرارا في ‪ 21‬شباط ‪ 1925‬بأن‬ ‫مع إنجاز الطبع أصدر المفوض السامي ً‬ ‫‪‬تخليص المراسالت الصادرة من سوريا ولبنان الكبير يجب أن يتم ابتداء‬ ‫من ‪ 1‬آذار ‪ 1925‬بواسطة الطوابع البريدية النهائية المخصصة لكل إدارة‬ ‫ذكرها اعاله‪ .‬هكذا ولِ َدت للبنان أول مجموعة‬ ‫من إدارات البريد المتقدم ُ‬ ‫طابعا بين ِع ْشر القرش و‪ً 25‬‬ ‫قرشا‪.‬‬ ‫‪18‬‬ ‫طوابع لبنانية ُك ِّل ًّيا‪ ،‬وكانت من‬ ‫ً‬ ‫هذا اإلصدار ّأكد وحدة الكيان اللبناني الوليد‪ ،‬فظهرت على الطوابع‬ ‫لحقت‬ ‫صو ُر مشاهد من مناطق لبنانية َثـ َّـبــتَ ـت انضمام المدن التي ُأ ِ‬ ‫العادية َ‬


‫بمتصرفية جبل لبنان في دولة واحدة‪ .‬هكذا تمثلت بيروت وطرابلس وبعلبك‬ ‫صور‬ ‫َ‬ ‫بطابعين‪ ،‬وصيدا وصور بطابع واحد‪ ،‬وتوزعت باقي الطوابع على َ‬ ‫مناطق جبل لبنان‪ :‬طابع واحد لكل من بيت الدين ودير القمر والمختارة‬ ‫وزحلة‪ ،‬وظهرت األرزة اللبنانية ألول مرة على طابع بريدي‪ .‬وانسحب ذلك‬ ‫على طوابع التغريم التي حملت رسوم نهر الكلب وبيروت وصخرة الروشة‬ ‫وقلعة الشقيف ومعبد فينوس في بعلبك‪.‬‬


‫‪ .2‬لبنان الكبير وأول تذكرة هوية‬

‫‪ 33‬الدستور‪ ،‬ترجمه من اللغة التركية الى العربية نوفل أفندي نعمة اهلل نوفل‪،‬‬ ‫المجلد األول‪ ،‬المطبعة األدبية في بيروت سنة ‪ ،)1883( 1301‬ص ‪.13‬‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫وتهديد َمن َرف ُضوه‬ ‫إحصاء فرنسي‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫غير أن انهيار السلطنة العثمانية وانفصال الواليات العربية عنها َّ‬ ‫شكال‬ ‫ً‬ ‫سياسية‬ ‫كيانات‬ ‫االنتداب الفرنسي‬ ‫إنشاء‬ ‫جديدا بتداعياته القانونية‪:‬‬ ‫واقعا‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫منح هويات جديدة لتكريس تلك التحوالت‪ .‬لذا أجرت السلطات‬ ‫استلزم ْ‬ ‫َ‬ ‫بطاقة‬ ‫عاما لسكان لبنان ُمنِ ح اللبنانيون بعده‬ ‫الفرنسية سنة ‪1921‬‬ ‫إحصاء ًّ‬ ‫ً‬ ‫هويةٍ جديدةً مكان التذاكر العثمانية‪ .‬وفي المادة ‪ 15‬من قرار المفوض‬ ‫السامي رقم ‪( 763‬تاريخ ‪ 9‬آذار ‪ )1921‬جاء‪ :‬تُ َس َّلم تذكرة نفوس لكل‬ ‫تذاكر النفوس الـممنوحة قبل‬ ‫شخص مقيد اسمه في السجالت‪ ،‬وتُ لغى‬ ‫ُ‬

‫‪59‬‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫بطاقة الهوية (‪‬تذكرة النفوس‪ ‬بتعبيرها القديم) رابطة قانونية‬ ‫فرد مواطنً ا في كيان سياسي محدد‪ .‬وهي وثيقة‬ ‫بالدولة التي تجعل من ٍ‬ ‫رسمية تعكس تحوالت مهمة‪ :‬والدة دول جديدة‪ ،‬انهيار نظام سياسي‬ ‫تطورت مع تطور‬ ‫واستبداله بنظام َ‬ ‫آخر‪ .)...( ،‬وتذكرة الهوية في لبنان ّ‬ ‫موزعةٍ على مقاطعات إدارية متعددة‬ ‫كيانه السياسي‪ :‬من مجموعة‬ ‫أراض َّ‬ ‫ٍ‬ ‫في السلطنة العثمانية‪ ،‬إلى دولةٍ خاضعة لالنتداب الفرنسي‪ ،‬فجمهوريةٍ‬ ‫مستقلة سنة ‪.1943‬‬ ‫َ‬ ‫المواطنَ ة حديثةٌ‬ ‫خصوصا في األمبراطورية العثمانية التي‬ ‫نسبيا‪،‬‬ ‫فكرةُ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫جدا‪ .‬فالوالء لم يكن لألمة‬ ‫ومتنوعة‬ ‫مختلفة‬ ‫وأعراق‬ ‫أديان‬ ‫من‬ ‫تتألف‬ ‫كانت‬ ‫ًّ‬ ‫وفق ‪‬نظام ال ِـملل‪ .‬ومع‬ ‫العثمانية كــ ‪‬وطن للجميع‪ ‬بل لالنتماء الديني ْ‬ ‫(خصوصا بعد‬ ‫شعور الدولة العثمانية بحاجتها إلى اإلصالح والتحديث‬ ‫ً‬ ‫هزائمها العسكرية أمام البلدان األوروبية) أطلق السلطان محمود الثاني‬ ‫حقبة تطوير سياسي وإداري عرفت بـ ‪‬التنظيمات‪ ،‬أقرت مبدأ المساواة‬ ‫بين الجميع‪ ،‬وضرورة االنتقال من نظام ال ِـملل إلى فكرة المواطنة مع ما‬ ‫رافق ذلك من تحديات وصعوبة توفيق بين مبدأ المساواة الحديث واإلبقاء‬ ‫على امتيازات المجموعات الدينية‪.‬‬ ‫كذا صدر في ‪ 19‬كانون الثاني ‪ 1869‬قانون ‪‬التابعية العثمانية‪ ‬وفي‬ ‫أب فقط في حالة تابعية‬ ‫مادته األولى أن ‪‬المولودين من َ‬ ‫والدين‪ ،‬أو من ٍ‬ ‫‪3‬‬ ‫الدولة العلية‪ُ ،‬ي َع ُّدون من تبعة الدولة العلية‪ . ‬وبهذا القانون بات اللبنانيون‬ ‫من ‪‬رعايا‪ ‬السلطنة فمنحتهم تذكرة هوية كانت أول تذكرة عرفها لبنان‪.‬‬


‫‪60‬‬

‫اإلحصاء الحالي‪ .‬ثمن تذكرة‬ ‫النفوس عشرون ً‬ ‫سوريا‪،‬‬ ‫قرشا‬ ‫ًّ‬ ‫وهي إلزامية‪ ،‬ومن تُ فقَ د منه‬ ‫ُيعطى صورةً منها بعد أن يدفع‬ ‫خمسة قروش سورية‪ُ ،‬ويعفى‬ ‫ً‬ ‫قرشا َمن‬ ‫من رسم العشرين‬ ‫تَ تَ َث َّبت اللجنة من فقرهم (‪،)...‬‬ ‫وتُ َ‬ ‫قطع ُّ‬ ‫دفتر ذي‬ ‫كل تذكرة من ٍ‬ ‫رقم العدد‪ُ ،‬ويعتبر‬ ‫َأرومة عليها ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وصل سنَ َد محاسبة‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫جرى اإلحصاء في ظروف سياسية متشنجة‪ ،‬إذ قاطعه من رفضوا‬ ‫االعتراف بـ ‪‬دولة لبنان الكبير‪ ‬فأصدرت لجنة االحصاء بيانات عدة ل َـح ّث‬ ‫المواطنين على المشاركة‪ ،‬كما في هذا البالغ الذي نشرته جريدة ‪‬لسان‬ ‫جوهريين‬ ‫واجبين‬ ‫الحال‪ :‬إذا لم تحصل على تذكرة إحصائك‪ ،‬خالفْ َت‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ألنك لن تستطيع التصويت في االنتخابات العامة المقبلة‪ .‬فاذهب إذً ا بال‬ ‫إبطاء لقَ ْيد اسمك‪ ،‬فليس لديك َّ‬ ‫إال الوقت الالزم ألداء هذا الواجب‪ .‬إن‬ ‫فتقدموا إذً ا إلى اإلحصاء‬ ‫الشعب الذي لم ُي ْـح َص ال يستطيع معرفة نفسه‪َّ ،‬‬ ‫لمعرفة أنفسكم‪ ،‬فـما من برهان يدل على أداء هذا الواجب َّ‬ ‫إال إبراز تذاكر‬ ‫إحصائكم‪.‬‬ ‫فهددت السلطات المخالفين بالعقوبات‬ ‫استمرت‬ ‫لكن المقاطعة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الصارمة‪ ،‬فأصدر حاكم بيروت اإلداري حسين األحدب ً‬ ‫بيانا جاء فيه‪:‬‬ ‫باشر جميع دوائر البوليس والجاندرمة بإجراء‬ ‫ست ِ‬ ‫‪‬في القريب العاجل ُ‬ ‫التفتيش الصارم على تذاكر النفوس الموجودة ِب َيد عموم األهلين‪ُّ .‬‬ ‫وكل من‬ ‫لم يستطع إبراز تذكرة نفوسه‪َّ ،‬‬ ‫محضر ضبط ُويساق‬ ‫ينظم بحقه في الحال‬ ‫ُ‬ ‫‪4‬‬ ‫إلى أقرب مخفر للبوليس والجندرمة‪. ‬‬ ‫أول تذكرة هوية لبنانية‬ ‫صدرت على شكل ورقة‬ ‫أول ‪‬تذكرة نفوس‪ ‬خاصة للدولة اللبنانية‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫حاملة تفاصيل‬ ‫ختم مديرية الداخلية‪،‬‬ ‫باسم ‪‬حكومة لبنان الكبير‪ ‬مع ْ‬ ‫المعني ومذهبه وأوصافه (القامة‪ ،‬لون العينين والشعر‪ ،‬شكل‬ ‫الشخص‬ ‫ّ‬ ‫الحاجبين‪ ،‬وجود لحية أو شارب)‪ .‬وبدأ توزيع تلك التذاكر قبل توقيع‬ ‫َ‬ ‫انشأت الجنسية اللبنانية من منظار القانون الدولي‪.‬‬ ‫معاهدة لوزان التي‬ ‫‪ 44‬‬

‫لسان الحال‪ ،‬االثنين ‪ 19‬كانون األول ‪.1921‬‬


‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫‪ .3‬بنك سوريا ولبنان الكبير‬

‫ً‬ ‫وفعال ال‬ ‫عن جان بودان‪ 5‬أن ‪‬سك النقود من عالمات سيادة الدولة‪.‬‬ ‫َأد َّل على وجود دولةٍ من إصدارها ْنقدها الخاص وتحديد سعر صرفه عبر‬ ‫ملز ً‬ ‫مة الجميع‪.‬‬ ‫منحه قوة إبرائية ِ‬ ‫إجراءات تمنع التداول‬ ‫بعد انسحاب الجيش العثماني اتخذ الحلفاء‬ ‫ٍ‬ ‫بالعملة التركية الورقية‪ .‬وأصدر الكولونيل ‪‬دو بييباب‪)De Piépape( ‬‬ ‫‪5 5‬‬

‫شرع قانوني فرنسي (‪َّ ، )1596–1529‬أول من قال بنظرية السيادة وحقوقها‪.‬‬ ‫‪ُ Bodin‬م ِّ‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫عبر عنه ترابو (حاكم ‪‬دولة لبنان الكبير‪ )‬برسالته إلى المجلس‬ ‫وهذا ما َّ‬ ‫‪‬إبان جلسة ‪ 12‬حزيران الماضي َلفَ ُّتم نظر‬ ‫التمثيلي في ‪ 31‬تموز ‪ّ :1922‬‬ ‫الحكومة إلى كيفية نص الشهادات التي تعطيها الحكومةُ إلى كل وطني‬ ‫ٌ‬ ‫أموال محجوزةٌ يرغب في إطالق يده للتصرف بها‪.‬‬ ‫لبناني له في إنكلترا‬ ‫َأ ِسفْ ُتم لشكل ذاك النص ورغبتم في إبدال عبارة ‪‬رعية سوريا‪ ‬الواردة‬ ‫أطلع ُت فخامة الجنرال المندوب‬ ‫في تلك األوراق بكلمة ‪‬رعية لبنانية‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫حاليا بإجابة‬ ‫له‬ ‫بل‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫أن‬ ‫تموز‬ ‫‪3‬‬ ‫بكتاب في‬ ‫السامي على طلبكم فأفادني‬ ‫ِ‬ ‫ًّ‬ ‫ٍ‬ ‫هذا الطلب الستحالته عليه‪ .‬فإلى أن تتم الموافقة النهائية على المعاهدة‬ ‫مع الدولة التركية ليس في القانون ‪‬رعية سورية‪ ‬وال ‪‬رعية لبنانية‪ ‬ويبقى‬ ‫سكان سوريا ولبنان الكبير وفلسطين‪ ،‬بحصر المعنى‪ ،‬رعايا عثمانيين‪.‬‬

‫‪61‬‬


‫‪62‬‬

‫الحاكم اإلداري على أراضي العدو المحتلة في المنطقة الشمالية (الساحل‬ ‫اللبناني والبقاع) القرار رقم ‪ 1( 11‬تشرين الثاني ‪ )1918‬حصر استخدام‬ ‫النقد الورقي بالعملة المصرية الورقية (فقط من فئات جنيه‪ ،‬ونصف‬ ‫جنيه‪ ،‬وربع جنيه) صادرة عن البنك األهلي المصري وكانت مع الجنود‬ ‫اإلنكليز اآلتين من مصر‪ .‬وفي الفقرة األخيرة من القرار‪ :‬ال ُيقبل ورق‬ ‫البنكنوط التركي في معامالت الدفع والقبض في الجيش البري والبحري‪،‬‬ ‫ومداوله من اآلن معلنة غير قانونية‪ .6‬هكذا ُمنِ ع التداول بالعملة العثمانية‬ ‫‪ 66‬‬

‫المجلة القضائية‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬نيسان ‪ ،1921‬العدد األول‪ ،‬ص ‪.7‬‬


‫‪ 77‬‬

‫محضر جلسة ‪ 10‬كانون الثاني ‪.1924‬‬

‫‪63‬‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫ً‬ ‫تاما‪‬‬ ‫أيوب تابت‪ :‬لبنان الكبير منفصل عن سوريا‬ ‫انفصاال ً‬ ‫مع إعالن ‪‬دولة لبنان الكبير‪ ‬وانتخاب المجلس التمثيلي سنة ‪،1922‬‬ ‫تغير الواقع السياسي ولم تَ ُعد سلطات االنتداب قادرةً على فرض امتياز‬ ‫َّ‬ ‫بقرار (كما فعل غورو) فتفاوضت مع المجلس التمثيلي على اتفاقية جديدة‬ ‫مع البنك ِإلصدار النقد‪ ،‬تم التوقيع عليها في ‪ 23‬كانون الثاني ‪1924‬‬ ‫وصدق عليها المجلس التمثيلي اللبناني بتجديد امتياز البنك ‪ 15‬سنة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وكرست التطورات السياسية تعديل اسم البنك فبات ‪‬بنك سوريا ولبنان‬ ‫وحرصا‬ ‫الكبير‪ ‬وينسحب ذلك على أوراق نقدية يضعها البنك في التداول‪.‬‬ ‫ً‬ ‫على استقالل الكيان اللبناني وانفصاله عن سوريا‪ ،‬نصت المادة السادسة‬ ‫من االتفاقية على إنشاء فئتَ ين من األوراق المالية‪ ،‬على رأس إحداها عبارة‬ ‫‪‬لبنان الكبير‪ ‬وعلى رأس الفئة األخرى كلمة ‪‬سوريا‪ ،‬وبدأ التداول‬ ‫وانسجاما مع‬ ‫بها في جميع األراضي الخاضعة لالنتداب دون تفريق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هذا التطورات‪ ،‬تم تعديل تسمية العملة الرسمية فباتت الليرة ‪‬اللبنانية‬ ‫السورية‪ ‬بدل ‪‬الليرة السورية‪.‬‬ ‫في محاضر المجلس التمثيلي أن النائب أيوب ثابت هو الذي اقترح‬ ‫إدخال تلك التعديالت لــ ‪‬تكريس شخصية لبنان المستقلة والقائمة‬ ‫بذاتها‪ .‬فهو قال في جلسة ‪ 10‬كانون الثاني‪ :‬لي تعديل على هذه المادة‪،‬‬ ‫الغرض منه أن َ‬ ‫يعلن اسم لبنان على سلسلة من األوراق النقدية‪ُ ،‬لي ْع َل َم‬ ‫ً‬ ‫فاوضت مندوبي‬ ‫تاما (‪.)...‬‬ ‫أن لبنان الكبير منفصل عن سوريا‬ ‫ُ‬ ‫انفصاال ً‬ ‫بأسا سوى نفقات يقتضيها التفريق بين‬ ‫البنك في اقتراحي فلم يروا فيه ً‬ ‫تقدر بعشرين ألف‬ ‫السلسلتين من حيث تغيير األسماء‪ ،‬وهذه النفقات َّ‬ ‫‪7‬‬ ‫أهم‬ ‫وأيد حبيب باشا السعد هذا االقتراح‬ ‫ليرة‪ّ . ‬‬ ‫ً‬ ‫معتبرا أن مصلحة لبنان ُّ‬ ‫من نفقات إضافية ستترتَّ ب على هذا التعديل‪.‬‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫الورقية في كل ما يتعلق بقوات الحلفاء‪ ،‬ما جعل الجمهور يمتنع عن قبول‬ ‫أوراق ترفضها سلطات االحتالل‪.‬‬ ‫انتشر النقد الورقي المصري في المناطق الساحلية من فلسطين ولبنان‬ ‫أغض َب الفرنسيين ألنه يضرب النفوذَ الفرنسي‪ .‬لذا أصدر‬ ‫وسوريا‪ ،‬ما َ‬ ‫الجنرال غورو القرار رقم ‪ 31( 129‬آذار ‪ )1920‬بإنشاء عملة جديدة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫البنك السوري (مصرف في باريس‬ ‫الليرة السورية‪ ،‬ومنَ َح امتيازَ إصدارها‬ ‫تهيمن عليه مجموعة فرنسيين)‪.‬‬


‫وهكذا ع َّـم التداول باألوراق التي يصدرها البنك جميع األراضي التي‬ ‫يشملها االنتداب سواء عليها ‪‬لبنان الكبير‪ ‬أو ‪‬سوريا‪ ‬ألن األراضي‬ ‫الخاضعة لالنتداب الفرنسي وحدة مالية وجمركية‪ ،‬فالغاية سياسية وال‬ ‫جدوى اقتصادية من الفصل بين سلسلتَ ي األوراق‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫األرزة منقوشة على القطع النقدية المعدنية‬ ‫أوراق‬ ‫طبق البنك بنود االتفاقية الجديدة فأصدر‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫نقد جديدةً وسحب القديمة التي كان أصدرها البنك‬ ‫ٍ‬ ‫السوري منذ ‪ .1919‬وطلب بنك سوريا ولبنان الكبير من‬ ‫المطابع التابعة لبنك فرنسا تحضير سلسلة جديدة من‬ ‫األوراق النقدية وطبعها‪ ،‬بتفريق واضح بين تلك الخاصة‬ ‫بلبنان وتلك الخاصة بسوريا‪ .‬استغرق إنجاز هذه العملية‬ ‫وقتً ا ولم يضعها البنك في التداول إال في بداية ‪1927‬‬ ‫وفق اإلعالن التالي‪ :‬يعلن بنك سوريا ولبنان الكبير‬ ‫أنه‪ ،‬بحسب االتفاقيات المعقودة بينه وبين الدول‬ ‫اعتبارا من‬ ‫الواقعة تحت االنتداب‪ ،‬يضع في التداول‬ ‫ً‬ ‫‪ 28‬شباط ‪ 1927‬أوراق نقد من رسم جديد‪ ،‬على بعض‬ ‫منها ‪‬سوريا‪ ‬وعلى البعض اآلخر ‪‬لبنان الكبير‪ ،‬يجب‬ ‫قبولها بدون تمييز في مناطق سورية ولبنان والعلويين‬ ‫وجبل الدروز جميعها‪.8‬‬ ‫ً‬ ‫غرشا حتى ‪ 100‬ليرة‪ ،‬حملت تاريخ‬ ‫المصدرة كانت من ‪25‬‬ ‫الفئات‬ ‫َّ‬ ‫‪ 15‬نيسان ‪ ،1925‬وتميزت بألوانها الغنية وزخارفها الجميلة من تصميم‬ ‫فنانين فرنسيين كبار‪ ،‬منهم ‪ Clément Serveau‬و‪Maurice-Sébastien‬‬ ‫‪ .Laurent‬وأعاد ‪‬بنك سوريا ولبنان الكبير‪ ‬إصدار بعض هذه الفئات‬ ‫سنتَ ي ‪ 1930‬و‪.1935‬‬ ‫َ‬ ‫البنك صالحية إصدار النقد الورقي فقط‪،‬‬ ‫منحت‬ ‫اتفاقية ‪َ 1924‬‬ ‫وحصرت بالدولة إصدار النقد المعدني‪ ،‬فــ ‪‬كلفت الحكومة بعض أرباب‬ ‫الفن واالختصاص من اللبنانيين بوضع انموذج رسوم تمثل المناظر والرموز‬ ‫َ‬ ‫الوطنية الختيار ما يوافق منها‬ ‫شكل النقود المعدنية اللبنانية‪ .9‬تَ َّـم في‬ ‫فرنسا سك تلك النقود (بقيمة غرشين وخمسة غروش) ووصلت إلى لبنان‬ ‫في أيار ‪ ،1924‬و‪‬استلمت الحكومة عشرة صناديق‪ ،‬وأقبل جمهور األهالي‬ ‫‪8 8‬‬ ‫‪ 99‬‬

‫البشير‪ ،‬السبت ‪ 26‬شباط ‪.1927‬‬ ‫البشير‪ ،‬الثلثاء ‪ 9‬كانون الثاني ‪.1923‬‬


‫على إبدال األوراق السورية بهذه النقود وبوشر بالتعامل بها في األسواق‪.10‬‬ ‫ً‬ ‫محاطة بتعبير ‪‬دولة‬ ‫وتلك القطع المعدنية حملت على وجهها رسم األرزة‬ ‫لبنان الكبير‪ .‬وتوالت بعدها قطع معدنية صدرت باسم ‪‬لبنان الكبير‪‬‬ ‫تدريجيا بعبارة ‪‬الجمهورية اللبنانية‪.‬‬ ‫حتى ‪ 1934‬حين تَ َّـم استبدالها‬ ‫ًّ‬ ‫‪ .4‬جريدة لبنان الكبير الرسمية‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫‪ 110‬البشير‪ ،‬السبت ‪ 17‬أيار ‪.1924‬‬ ‫‪َ 111‬ورد في كتاب دليل لبنان الصادر سنة ‪( 1903‬ص ‪ )59‬الشرح التالي‪ :‬لبنان‪ ،‬هي‬ ‫جريدة سياسية علمية تجارية أدبية تأسست سنة ‪ 1303‬الموافقة ‪ 1891‬وموعد صدورها‬ ‫االثنين والخميس من كل أسبوع لكنها تصدر كل يوم اثنين َّ‬ ‫ً‬ ‫الحقا أخذت‬ ‫موقتً ا‪ .‬لكنها‬ ‫تصدر ثالث مرات في األسبوع أيام الثالثاء والخميس والسبت‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫ليست الجرائد الرسمية مجرد نشرات قانونية تخص مؤسسات الدولة‬ ‫صحيح أن هذا النوع من الجرائد‬ ‫حصرا إلى الحقوقيين‪.‬‬ ‫تتوجه‬ ‫فقط‪ ،‬أو َّ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ال يحظى بانتشار الصحف العادية لكنه يتمتع بميزة أن الجريدة الرسمية‬ ‫التحوالت الكبرى التي تعرفها الدول‪ ،‬وتعكس على صفحاتها الحياة‬ ‫تواكب‬ ‫ُّ‬ ‫السياسية في نصوص قانونية تخفي صراع القوى وتضارب المصالح‪.‬‬ ‫أولى صحف لبنان الرسمية ظهرت سنة ‪ 4( ١٨٦٤‬صفحات بالعربية‬ ‫والفرنسية) في والية داود باشا أول حاكم زمن المتصرفية‪ .‬وحين أصبحت‬ ‫َ‬ ‫عاصمة واليةٍ عثمانية كبيرة أصدر واليها الجديد علي باشا جريدة‬ ‫بيروت‬ ‫‪‬والية بيروت‪ ‬الرسمية سنة ‪ 1888‬بطبعتين عربية وتركية لنشر أخبار‬ ‫وأوامر السلطات العثمانية‪ .‬وسنة ‪ 1891‬أصدر ابراهيم بك األسود في‬ ‫بعبدا جريدة ‪‬لبنان‪ 11‬وتحولت شبه رسمية بعدما تبنّ اها قبل واصا باشا‬ ‫لنشر أخبار حكومة المتصرفية‪ ،‬لكنها تعطلت فترةً في عهد المتصرف‬ ‫نعوم باشا كي تصدر من جديد في ‪ 25‬كانون الثاني ‪ 1909‬في بعبدا برعاية‬ ‫المتصرف يوسف باشا‪.‬‬ ‫تطورها األبرز في عهد االنتداب الفرنسي‪.‬‬ ‫الصحافة الرسمية عرفت ُّ‬ ‫مع إعالن لبنان الكبير ظهر كيان قانوني جديد لسلطات محلية تدير‬ ‫شؤونه‪ .‬وكان المفوض السامي غورو أصدر القرار رقم ‪ 1( 336‬أيلول‬ ‫وليا السلطة التنفيذية موظفً ا‬ ‫‪ )1920‬بتنظيم جهاز الدولة االداري للدولة ُم ً‬ ‫ضروريا إصدار جريدة تنشر األعمال‬ ‫ُعرف بــ ‪‬حاكم لبنان الكبير‪ .‬وكان‬ ‫ًّ‬ ‫القانونية التي يتخذها الحاكم باسم الدولة اللبنانية‪ ،‬فصدرت ‪‬جريدة‬ ‫لبنان الكبير الرسمية‪ ‬في نهاية ‪ ،1920‬وصدر في جريدة ‪‬البشير‪:‬‬


‫‪‬يعلم القراء أن جريدة لبنان الرسمية توقفت عن الصدور بعد إعالن لبنان‬ ‫الكبير‪ .‬ويسرنا اليوم أن نعلن ما اتصل بنا من أن حضرة حاكم لبنان العام‬ ‫رسميا أن يستأنف إصدار جريدة باسم لبنان الكبير (‪ )...‬وأن يكون‬ ‫قرر‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫محال في بيروت عاصمة‬ ‫موقتً ا في قصبة بعبدا إلى أن يختار لها‬ ‫صدورها َ‬ ‫لبنان‪ ،‬وأن تبقى كما كانت سابقً ا بإدارة مديرها ورئيس تحريرها حضرة‬ ‫رصيفنا الكاتب الشاعر شبلي بك مالط‪ .‬وكانت الجريدة تصدر األربعاء‬ ‫والسبت من كل أسبوع‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫تتصدر الجريدة الرسمية‬ ‫األرزة‬ ‫َّ‬ ‫فتصدرتْ ها األرزة اللبنانية‪،‬‬ ‫تطور شكل الجريدة الرسمية‬ ‫َّ‬ ‫سنة ‪َّ 1921‬‬ ‫وصدرت بالعربية والفرنسية‪ ،‬ثمن الواحد ‪‬غرشان سوريان‪ ،‬واالشتراك‬ ‫السنوي ‪ً 225‬‬ ‫غرشا للداخل و‪ 300‬غرش للخارج‪ .‬وبقيت محدودة االنتشار‪،‬‬ ‫خصوصا في أزمة الورق بين ‪ 1920‬و‪ ،1921‬فباتت تصدر مرة واحدة في‬ ‫ً‬ ‫وبن َسخ قليلة‪ .‬وسنة ‪ 1924‬فرض حاكم لبنان الكبير أن يشترك في‬ ‫األسبوع ُ‬ ‫جريدة لبنان الرسمية ّ‬ ‫كل موظف حكومي يتجاوز راتبه ‪ 30‬ليرة‪.‬‬ ‫كانت تلك الجريدة الرسمية تصدر على نفقة الدولة وعلى مطابعها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عهد به طباعتها إلى مطبعة‬ ‫حتى عقَ د الحاكم في ‪ 25‬آذار ‪1922‬‬ ‫اتفاقا َ‬ ‫خاصة‪ ،12‬ما أدى إلى إلغاء الجريدة الرسمية ‪‬وتسريح جميع مأموريها على‬ ‫خصوصا‬ ‫اختالف درجاتهم وأشغالهم‪ .13‬اعترض نواب على هذا اإلجراء‪،‬‬ ‫ً‬ ‫للتأخير في طباعة الجريدة الرسمية‪ ،‬فكانت الصحف المحلية تنشر‬

‫‪ 112‬مطبعة األدب (باب ادريس)‪ .‬أعداد الجريدة الرسمية المتوفرة في أرشيف‬ ‫المكتبات والجامعات هي أليار ‪ .1922‬وأعداد ‪ 1920‬و‪ 1921‬غير متوفرة ويصعب إيجاد‬ ‫أعدادها‪.‬‬ ‫‪ 113‬لسان الحال‪ ،‬الخميس ‪ 27‬نيسان ‪.1922‬‬


‫األوسمة التي تمنحها الدولة‬ ‫اللبنانية نص عليها سنة ‪ 1959‬المرسوم‬ ‫وحدد أنواعها‬ ‫االشتراعي رقم ‪122‬‬ ‫َّ‬ ‫والشروط القانونية العامة لمنحها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وعمال بأحكام الفقرة ‪ 8‬من المادة ‪53‬‬ ‫في الدستور يمنح رئيس الجمهورية‬ ‫أوسمة الدولة بمرسوم يصدر عنه‪ .‬لكن‬ ‫أقدم من ذلك‪ :‬بدأت مع‬ ‫ظاهرة األوسمة ُ‬ ‫ضروريا تزويد الدولة‬ ‫لبنان الكبير إذ كان‬ ‫ًّ‬ ‫(كسائر الدول الحديثة) بوسيلةٍ لتكريم‬ ‫‪ 114‬محضر جلسة ‪ 31‬تموز ‪.1922‬‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫‪ .5‬وسام االستحقاق‬

‫‪67‬‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫المقررات ومحاضر المجلس التمثيلي قبل صدورها في الجريدة الرسمية‪.‬‬ ‫كتابا رئيس المجلس التمثيلي‪ ،‬جاء فيه‪ :‬سأكون لكم ممتنً ا‬ ‫وأرسل الحاكم ً‬ ‫شخصيا إذا رأيتم أن تسألوا أعضاء المجلس الذي ترأسون َّ‬ ‫أال يدفعوا إلى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أوراقا رسمية لم تكن نُ ِشرت بعد في الجريدة الرسمية‪،‬‬ ‫الجرائد المحلية‬ ‫فرضا على َكتَ َبة المجلس َّ‬ ‫أال ُي ْطلعوا الصحافة المحلية على أية‬ ‫وأن تجعلوا ً‬ ‫ورقة كانت‪ ،‬وتبقى الصحافة المحلية في أن تأخذ خالل الجلسات ما تراه‬ ‫مناسبا فتنشره من مناقشات المجلس الشفهية‪.14‬‬ ‫ً‬ ‫في ‪ 13‬كانون األول ‪ 1922‬طالب النائب أيوب ثابت بفرض غرامة‬ ‫معتبرا أن تلزيم‬ ‫على ملتزم الجريدة الرسمية للتأخر الدائم في صدورها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الجريدة جرى من دون علم المجلس التمثيلي وموافقته‪ .‬وفي ‪ 1‬آب ‪1923‬‬ ‫صوت المجلس باالجماع على االقتراح التالي‪ :‬بناء على اقتراح اللجنة‬ ‫َّ‬ ‫يقرر المجلس اللبناني تأكيد رغبته بإعادة المطبعة الرسمية للقيام‬ ‫المالية‪ِّ ،‬‬ ‫بطبع ونشر الجريدة الرسمية‪ ،‬وكل ما يتعلق بمطبوعات الحكومة‪ ،‬ويرجو‬ ‫مشروعا بذلك في أول جلسة من الدورة المقبلة‪.‬‬ ‫من الحكومة أن تقدم‬ ‫ً‬ ‫وأعلن النائب عبداهلل أبو خاطر ْأن ‪‬ال يحسن بكرامة لبنان الكبير ّ‬ ‫أال‬ ‫تكون له مطبعة وجريدة رسمية كما كان لحكومة لبنان القديم‪ .‬لم يستجب‬ ‫الحاكم لرغبة النواب فظلت الجريدة الرسمية في عهدة الملتزم‪.‬‬ ‫تبدل اسم‬ ‫ومع َتبنِّ ي الدستور سنة ‪1926‬‬ ‫وتحول لبنان إلى جمهورية‪َّ ،‬‬ ‫ُّ‬ ‫الجريدة الرسمية ليصبح ‪‬جريدة الجمهورية اللبنانية الرسمية‪.‬‬


‫‪68‬‬

‫كل من يؤدي خدمات لها‪ .‬فالتكريم الصادر عن السلطة العامة هو األرفع‬ ‫وهو إقرار رسمي بجدارة ال ُـم َك َّرم‪ .‬وللوسام وظيفة سياسية‪ :‬القبول به‬ ‫منحته‪.‬‬ ‫حكما بشرعية الدولة التي‬ ‫ْ‬ ‫يستوجب القبول ً‬ ‫خطابا أمام اللجنة‬ ‫في ‪ 6‬كانون األول ‪ 1921‬ألقى حاكم لبنان الكبير‬ ‫ً‬ ‫اإلدارية عرض فيه أهمية إنشاء وسام فخري تمنحه الحكومة اللبنانية‪.‬‬ ‫وافقت اللجنة على المشروع فأصدر الحاكم في ‪ 16‬كانون الثاني ‪1922‬‬ ‫‪‬إنشاء ِم َدالية فخرية تدعى‬ ‫القرار رقم ‪ ،1080‬وفي مادته األولى‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مدالية االستحقاق اللبناني لمكافأة الذين يقومون بأعمال تدل على‬ ‫المروءة واإلخالص‪ ،‬ويمكن منحها للمستحقين بعد موتهم‪ .‬وفي المادة‬ ‫مواصفات الوسام‪ :‬قُ طر دائرة المدالية ثالثة سنتيمترات‪ ،‬تُ ذكر‬ ‫الخامسة‬ ‫ُ‬ ‫أخص األعمال الدالة على المروءة واإلخالص التي أنشئت‬ ‫على وجهها َ‬ ‫رسم بحروف ناتئة لفظتا‬ ‫المدالية للمكافأة عليها‪ ،‬وعلى الوجه اآلخر تُ َ‬ ‫‪‬الشرف والمروءة‪ ‬باللغتين الفرنسوية والعربية‪ ،‬ويحفر تحتها اسم أو‬ ‫رسم على دائرتها اسم‬ ‫كنية الشخص الذي أظهر الشجاعة والمروءة‪ُ ،‬وي َ‬ ‫‪‬لبنان الكبير‪ .‬وفي القرار أن الوسام من أربع درجات (ذهبية‪ ،‬فضية مع‬ ‫سعف‪ ،‬فضية‪ ،‬برونزية)‪ ،‬وشريطة الوسام العلم اللبناني القديم‪ ،‬أي العلم‬ ‫الفرنسي وتتوسطه أرزة‪.15‬‬ ‫فوز جورج داود قرم بتصميم وسام االستحقاق‬ ‫في ‪ 6‬شباط ‪ 1922‬تشكلت لجنة إشراف على مسابقة رسمية لتصميم‬ ‫وسام االستحقاق‪ ،‬اجتمعت بعد شهرين‪ ،‬كما جاء في جريدة ‪‬لسان الحال‪:‬‬ ‫قدمها محل الخواجات عبد النور ويوسف‪،‬‬ ‫‪...‬‬ ‫ونظرت في الرسوم التي َّ‬ ‫َ‬ ‫وجبرائيل بيطار‪ ،‬وجورج داود قرم‪ ،‬وبديع صيقلي‪ ،‬وخليل صليبي‪ ،‬والياس‬ ‫وقررت أن تختار الرسم الذي قدمه الخواجه جورج داود قرم‪ ،‬وأن‬ ‫سلهب‪َّ ،‬‬ ‫تمنحه جائزة الخمسين ليرا سورية المنصوص عليها في المادة السادسة‬ ‫ً‬ ‫لبنانيا بالزي‬ ‫رجال‬ ‫من النظام‪ .‬وهكذا فاز الفنان جورج قرم على تصميمه‬ ‫ًّ‬ ‫أسدا عن الهجوم على قرية لبنانية‪.‬‬ ‫يص ُّد ً‬ ‫التقليدي ُ‬

‫عدل الشريطة فأصبح َ‬ ‫العلم على شكله الحالي‪.‬‬ ‫‪ 115‬بعد االستقالل صدر قانون َّ‬ ‫َ‬ ‫والعلم اللبناني القديم كان أقره المجلس اإلداري لمتصرفية جبل لبنان في ‪ 22‬آذار‬ ‫‪ 1920‬واعترف به الجنرال غورو في منشور أعلنه نهار األربعاء ‪ 1‬أيلول ‪ 1920‬وفيه‪:‬‬ ‫‪‬بمناسبة إعالن لبنان الكبير‪ ،‬حين يهتف اللبنانيون بصوت واحد لحريتهم المستَ َر َّدة‪،‬‬ ‫وحين يتأهبون للعمل إلى تحقيق آمالهم‪ ،‬يعترف الجنرال القائد العام والمندوب السامي‬ ‫بعلم الحكومة اللبنانية‪ ،‬أي َ‬ ‫َ‬ ‫العلم الذي خفق في بعبدا‪ ،‬ويأذن برفعه فوق كل أراضي‬ ‫الحكومة التي اعتُ رف بها اآلن‪.‬‬


‫طالبت باإلسراع‬ ‫وكانت اللجنة اإلدارية‪ ،‬في جلسة ‪ 19‬كانون الثاني ‪َ ،1922‬‬ ‫ووجه رئيس‬ ‫في صنع ال ِـمدالية وقررت منحها مسبقً ا إلى الحاكم ترابو‪َّ .‬‬ ‫اللجنة اإلدارية داود عمون برقية إلى السلطات الفرنسية عبر الجنرال غورو‬ ‫تقديرا لتضحيات‬ ‫منح ال ِـمدالية للجندي المجهول‬ ‫لإلعالن عن قرار اللجنة ْ‬ ‫ً‬ ‫الجيش الفرنسي في الدفاع عن استقالل لبنان‪ .‬وهذه هي البرقية‪:‬‬

‫َّ‬ ‫واستقل لبنان عن «دول االتحاد السوري»‬ ‫الخاتمة‪... :‬‬ ‫يركز المؤرخون في لبنان‪ ،‬لكتابة التاريخ‪ ،‬على أحداث سياسية كبرى‬ ‫ويسعون إلى اكتشاف وثائق جديدة‬ ‫وتيارات فكرية أساسية شهدتها بالدنا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫علميا رصينً ا بدون‬ ‫التأريخ‬ ‫يكون‬ ‫لتحليلها والتحقيق في معلوماتها‪ .‬وال‬ ‫ًّ‬ ‫وثائق أصلية من الحقبة الـمدروسة‪ .‬لكن الوثائق ليست مجرد نصوص‬ ‫تسرد ً‬ ‫حدثا أو تشرح وجهة نظر فريق أو آخر‪ .‬إنها نصوص سياسية ت ُـه ُّم‬ ‫ُ‬ ‫المؤرخ فيصبح أسير منطقها ولو تعرض لها بالنقد‪.‬‬ ‫من هنا أهمية دراسة وثائق من طبيعة مختلفة (الطوابع واألوسمة‬ ‫معان‪ .‬فال ِـمدالية‬ ‫واألوراق الرسمية) فهي ليست مجرد شعارات بل رموز ذات ٍ‬ ‫تصو ًرا للشرعية السياسية‪ ،‬ومعالم‬ ‫أو الطابع من األعمال الفكرية‪ ،‬تعكس ُّ‬ ‫تشير إلى تحوالت مختلفة شهدها لبنان‪.‬‬ ‫‪ 116‬‬

‫‪Correspondance d’Orient, Numéro 283–284, 15–30 avril 1922, p. 230.‬‬

‫‪69‬‬

‫وأُولى الخطوات الرسمية‬

‫وصنِّ ع في باريس خالل فترة‬ ‫هكذا ُولِ َد وسام االستحقاق اللبناني‪ُ ،‬‬ ‫االنتداب‪ .‬هو أول وسام في تاريخ الدولة اللبنانية‪ ،‬وما زال حتى اليوم‪،‬‬ ‫يمنحه رئيس الجمهورية بوصفه السلطة التي انتقلت إليها صالحيات حاكم‬ ‫لبنان الكبير منذ إقرار الدستور في ‪ 23‬أيار ‪.1926‬‬

‫األَول من أَيلول‪...‬‬

‫‪« Unissant, dans un même sentiment de piété reconnaissante,‬‬ ‫‪magnifiques soldats et marins français qui ont combattu en‬‬ ‫‪France, en Orient et sur toutes les mers, pour salut, liberté‬‬ ‫‪du monde et indépendance nations opprimées, Commission‬‬ ‫‪administrative, interprète pays tout entier, a décidé unanimité‬‬ ‫‪demander que première médaille d’honneur du Mérite Libanais‬‬ ‫‪récemment créée soit décernée au Soldat Inconnu dont‬‬ ‫‪glorieuse dépouille repose sous arc de triomphe. Après cette‬‬ ‫‪décision, membres Commission Administrative se sont levés et‬‬ ‫‪recueillis un instant afin reporter toutes leurs pensées émues‬‬ ‫‪vers ceux qui, en tombant comme des héros, ont assuré et plus‬‬ ‫‪tard maintenu indépendance Grand Liban »16.‬‬


‫من هنا كان إبرازنا منطلقات سياسية َّ‬ ‫تحكمت بـتجليات لبنان الكبير‬ ‫إداريا ّإبان ظرف تاريخي َّ‬ ‫تأكد فيه استقالل لبنان عن سائر دول االتحاد‬ ‫ًّ‬ ‫مطالبةُ‬ ‫نواب بإيجاد طوابع خاصة بلبنان‪ ،‬إنشاء سلسلة أوراق‬ ‫السوري‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫نقدية للبنان الكبير كان التداول بها في سائر البلدان الخاضعة لالنتداب‬ ‫حاكما‬ ‫الفرنسي‪ ،‬إحصاء سكاني إشكالي سنة ‪ ،1921‬وسام لبناني ُمنِ ح َّأو ًال‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مجهوال‪.‬‬ ‫فرنسيا‬ ‫وجنديا‬ ‫أجنبيا‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ُ‬ ‫وتحليل وظيفتها‬ ‫واجب المؤرخ دراسةُ رمزيةِ هذا النوع من الوثائق‪،‬‬ ‫السياسية‪ ،‬فهي مادية ملموسة َبلغَ ْتنا شاهدةً على والدة لبنان الكبير‬ ‫ً‬ ‫كامال َّ‬ ‫تفككت خالله ٌ‬ ‫دول في منطقتنا كانت هي األخرى‬ ‫واستمراره قرن‬ ‫َ‬ ‫انتداب إنكليزي أو فرنسي‪.‬‬ ‫من‬ ‫قرار‬ ‫ٍ‬ ‫صنيعة ٍ‬

‫‪70‬‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫بطريرك «لبنان الكبير»‪:‬‬

‫م ْ‬ ‫طلَق‬ ‫«لن نرضى إِال َّ باستقال ِل ِه‬ ‫ِّ‬ ‫التام ال ُ‬ ‫حدو ِد ِه األَصلية»‬ ‫وباستعادة ُ‬ ‫ِ‬

‫الوثائق َ‬ ‫والكتب والنُ صوص‬ ‫صورة‬ ‫األصلية‬ ‫جدا هي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫كثيرةٌ ًّ‬ ‫والوثائق ال ُـم َّ‬ ‫والكتابات والدراسات والتحاليل التي صدرت عن مرحلةٍ سياسية منذ مطالع‬ ‫معظمها ُم ْض ٍن‬ ‫عهد االنتداب‪ ،‬وما رافقها من مراسالت ووفود ومباحثات‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صر على ِإعادة لبنان ِإلى حدوده‬ ‫رهق‪ ،‬وما تَ َـخ َّللها من‬ ‫وم ِ‬ ‫َ‬ ‫وقاس ُ‬ ‫مطالب تُ ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫األصلية التي مزَّ قَ ـ ْـتها السلطنة العثمانية لتسهيل ُح ْكمها ِوإحكام سيطرتها‬ ‫‪1‬‬ ‫الطاغية‪ .‬وكانت جهود البطريرك الياس الحويك طليعةَ تلك المرحلة‪ ،‬وقاوم‬ ‫كل مطلب ِب َض ِّم لبنان ِإلى سوريا حتى نجح في تحقيق َأماني شعب لبنان‬ ‫حدوده َ‬ ‫صدر مدخل قصر الصنوبر عند ِإعالن‬ ‫لبنان‬ ‫باستعادةِ‬ ‫َ‬ ‫األصلية‪ ،‬وتَ َّ‬ ‫َ‬ ‫األربعاء َ‬ ‫ـمستق ّل نهار َ‬ ‫األ َّول من َأيلول ‪.1920‬‬ ‫الجنرال غورو دولةَ لبنان الكبير ال‬ ‫ِ‬ ‫بين تلك الوثائق َ‬ ‫جدا‪ ،‬سلسلةُ‬ ‫مراسالت للبطريرك‬ ‫األصلية‬ ‫ٍ‬ ‫المهمة ًّ‬ ‫َّ‬ ‫‪2‬‬ ‫كبير منها في كتاب ‪‬وثائق البطريرك الحويك السياسية‪‬‬ ‫الحويك‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫صدر ٌ‬ ‫قسم ٌ‬ ‫ْ‬ ‫قَّ‬ ‫الباحث الخوري أسطفان ابرهيم الخوري‪.‬‬ ‫بد‬ ‫قها‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫بد‬ ‫ها‬ ‫ع‬ ‫ـم‬ ‫ج‬ ‫وحقَّ‬ ‫ِ ةٍ‬ ‫ُ‬ ‫التي َ َ َ‬ ‫َ ٍ‬ ‫ـمضي ِء على‬ ‫ـمهيد الـمؤَ لف ال‬ ‫ـمهم نقتطف‬ ‫مقاطع من تَ ِ‬ ‫َ‬ ‫من هذا الكتاب ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫ـملحق الخاتِ ـ ِـم وثائقَ ها‪.‬‬ ‫فصول الكتاب‪ ،‬ومن ال‬ ‫ِ‬ ‫عاما‬ ‫امتدت‬ ‫‪ 11‬هو البطريرك الماروني الثاني والسبعون (‪ّ ،)1931–1843‬‬ ‫حبريته ‪ً 33‬‬ ‫َّ‬ ‫(‪.)1931–1899‬‬

‫ملفاته المصنفة‬ ‫‪ 22‬وثائق البطريرك الحويك السياسية ‪ -‬صادرة عنه ومختارة من ّ‬ ‫سياسية في أرشيف البطريركية المارونية في بكركي‪ ،‬تنسيق وتحقيق ِوإعداد الخوري‬ ‫أسطفان ابراهيم الخوري‪ ،‬تقديم الخورأسقف سعيد الياس سعيد‪ِ ،‬إصدار ‪‬المركز‬ ‫الماروني للتوثيق َ‬ ‫واألبحاث‪ 300 ‬صفحة ‪ ،‬الطبعة ُ‬ ‫األولى ‪.2013‬‬

‫من التمهيد‪ :‬أ ٌ‬ ‫َوراق شاهدة‬ ‫الحويك المحفوظة لدى أرشيف البطريركية‬ ‫‪ ...‬بين وثائق البطريرك‬ ‫ِّ‬ ‫سياسيا‪ .‬ويمكن‬ ‫مهمةٌ في أرشيفِ ه ال ُـمصنَّ ِف‬ ‫المارونية في بكركي‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ًّ‬ ‫أوراق َّ‬ ‫سط عهده على أربع مراحل‪ُ ،‬‬ ‫َب ُ‬ ‫األولى والثانية أيام هيمنة السلطنة العثمانية‬ ‫والمرحلة االنتقالية‪ ،‬والثالثة أيام المفاوضات لنيل االستقالل والفوز‬


‫بالكيان اللبناني‪ ،‬والرابعة أيام تَ َو ُّطد النفوذ الفرنسي‪ .‬وكان في جميعها‬ ‫مؤس ًسا حركة وطنية لبنانية فيها‬ ‫يتعاطى الشأن الوطني من بابه العالي‪ِّ ،‬‬ ‫رؤْ ُيته الثاقبة ُ‬ ‫لألمور واألحداث‪.‬‬ ‫فماذا عن هذه المراحل األربع؟‬ ‫‪ .1‬مرحلة المتصرفية (‪)1914/11/22 - 1898/11/24‬‬

‫‪72‬‬

‫َ‬ ‫دائما عن ُّ‬ ‫بالمواطنَ ة العثمانية‪ ،‬إال أنه كان‬ ‫تعلقه‬ ‫كان البطريرك ُي ّعبر ً‬ ‫يسعى إلى تحصين نظام المتصرفية الخاص بلبنان واالمتيازات التي ينعم‬ ‫وجعل‬ ‫سبل العيش‪ْ ،‬‬ ‫بها‪ُ ،‬ويطالب ِبإصالحات إدارية ونظامية‪ ،‬وبتحسين ُ‬ ‫دائما بالقوى‬ ‫البالد قادرةً على الحياة‪ ،‬وإيقاف الهجرة‪ .‬وكان يستعين ً‬ ‫الفرنسية‪ .‬وفيما اتسمت عالقته ببعض المتصرفين‪ ،‬مثل أوهانس باشا‪،‬‬ ‫بالود والتعاون المتبادل‪ ،‬لم تكن هذه العالقة جيدة بمتصرفين آخرين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫اضطر البطريرك‪،‬‬ ‫حتى أن مظفر باشا اتَّ همه بالعمالة ضد السلطنة‪ ،‬ما‬ ‫في النصف الثاني من ‪ ،1905‬للسفر إلى روما ومنها الى باريس‪ ،‬ومن‬ ‫باريس إلى اسطنبول‪ .‬وبقي في العاصمة العثمانية من ‪ 17‬تشرين األول‬ ‫إلى ‪ 2‬تشرين الثاني ‪ ،1905‬وقابل السلطان العثماني عبد الحميد الثاني‪،‬‬ ‫وكان اثنان بين حاشية السلطان من الموارنة اللبنانيين‪ :‬سليم ملحمة‬ ‫وشقيقه نجيب‪.‬‬ ‫‪ .2‬مرحلة الحرب العالمية األولى (‪)1918/10/10 - 1914/11/22‬‬

‫دخل العثمانيون جبل لبنان‪ ،‬ف ُّ‬ ‫ـحلوا مجلس إدارته‪ ،‬وألغوا نظام‬ ‫المتصرفية واالمتيازات األجنبية‪ .‬وفي ‪ 1915/8/23‬حاصر العثمانيون‬ ‫َبـ ًّـرا َ‬ ‫َ‬ ‫فاستفحلت المجاعة فيه‪ ،‬كما في شمال سوريا‪ ،‬ومات‬ ‫جبل لبنان‬ ‫الحويك َّ‬ ‫َ‬ ‫أموال‬ ‫إال أن َج ّير‬ ‫جوعا‪ .‬فما كان من البطريرك‬ ‫ثلث السكان‬ ‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫وأمواله الخاصة لِ ـمساعدة الفقراء وإطعامهم‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ونظم‬ ‫البطريركية المارونية‬ ‫وأم َر‬ ‫عمليات اإلغاثة‪ ،‬وكان مقر البطريركية أحد مراكز توزيع الطعام‪َ .‬‬ ‫غبطته َّ‬ ‫كل األوقاف واألديار بإعالة الفقراء‪َ ،‬وأ ِذ َن لها بالرهن واالستدانة‬ ‫ُ‬ ‫والبيع لهذه الغاية‪ .‬وحصل البطريرك على معونات مالية من المغتربين‬ ‫مفوضها في أرواد‪.‬‬ ‫اللبنانيين ومن الحكومة الفرنسية عن طريق َّ‬ ‫مرارا‬ ‫حاول جمال باشا ‪‬السفّ اح‪ ‬نَ فْ ي البطريرك‬ ‫ِّ‬ ‫الحويك‪ ،‬لكنه فَ ِشل‪ً .‬‬ ‫الحضور إلى مقره كي يتناول معه عالقة الكنيسة المارونية‬ ‫طلب منه‬ ‫َ‬ ‫الصحف الفرنسية عن‬ ‫في‬ ‫ت‬ ‫صدر‬ ‫مقاالت‬ ‫وراء‬ ‫بالوقوف‬ ‫مه‬ ‫ـه‬ ‫اتَّ‬ ‫بفرنسا‪َ .‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬


‫‪73‬‬ ‫غالف الطبعة األولى من الكتاب‬

‫‪ .3‬مرحلة المفاوضات (‪)1920/9/1 - 1918/10/10‬‬ ‫ُ‬ ‫وج َهها إليه األمير‬ ‫البطريرك‬ ‫َلـم يتجاوب‬ ‫ِّ‬ ‫الحويك مع الدعوة التي َّ‬ ‫يطلب منه – باسم العروبة – أن يؤسس الحكومة العربية‬ ‫محمد سعيد كي‬ ‫َ‬ ‫عدد من وجهاء‬ ‫المستقلة في جبل لبنان‪ ،‬مع أن هذا ما طلب ً‬ ‫أيضا إنقاذَ ه ٌ‬ ‫كسروان وممثلون عن عائالتهما‪ .‬بل إنه أبرق إلى األمير مالك شهاب‬ ‫المنتخب من موظفي الحكومة في بعبدا إلدارة الحكومة المؤقتة العربية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وأعلمه بوجوب المثابرة على إدارة الحكومة المؤقتة بحزم وحكمة‪ْ ،‬‬ ‫ووقف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تبادل اآلراء في هذا الشأن‪.‬‬ ‫يتم‬ ‫أن‬ ‫إلى‬ ‫البالد‪،‬‬ ‫بشؤون‬ ‫ق‬ ‫تتعل‬ ‫مخابرة‬ ‫كل‬ ‫ُ‬ ‫الحويك بدخول الحلفاء إلى بيروت وجبل لبنان‪ِ ،‬وب َـح ّل‬ ‫رحب‬ ‫ِّ‬ ‫وبعد أيام ّ‬ ‫ُ‬ ‫الحكومات العربية التي كانت أعلِ نت‪ ،‬وبانتهاء الحكم العربي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫طالبوا في باريس باستقالل لبنان َفأجاب فيصل‪:‬‬ ‫‪‬لبنان جزء من سوريا‪‬‬ ‫مجلس اإلدارة إلى مؤتمر الصلح في باريس َ‬ ‫أول‬ ‫في ‪ ،1918/12/9‬أرسل‬ ‫ُ‬ ‫أي جواب‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫عمون‪ ،‬لكنه لم ْيل َق ّ‬ ‫وفد لبناني رسمي برئاسة داود ّ‬

‫بطريرك «لبنان الكبير»‬

‫محاولة إبادة اللبنانيين بواسطة‬ ‫المجاعة‪ ،‬وأرغمه على تحرير‬ ‫بح ْسن معاملة‬ ‫رسائل ُيشيد فيها ُ‬ ‫جمال باشا له‪ِ ،‬وب َـح ْدبه على‬ ‫الشعب من خالل تأمين المواد‬ ‫الغذائية له‪ .‬في بداية ‪1918‬‬ ‫َ‬ ‫البطريرك‬ ‫احتجز جمال باشا‬ ‫في قرنة شهوان‪ ،‬ثم أطلقَ ه‬ ‫تدخل الفاتيكان وأمبراطور‬ ‫بعد ُّ‬ ‫النمسا‪ .‬وكان مؤتمر فرساي‬ ‫أفضى إلى تشكيل لجنة كينغ‪-‬‬ ‫كراين الستقصاء رغبات سكان‬ ‫سوريا ولبنان وفلسطين في‬ ‫مستقبل بلدانهم‪ .‬وحين قابلت‬ ‫َ‬ ‫اللجنةُ‬ ‫الحويك في‬ ‫البطريرك‬ ‫ِّ‬ ‫حزيران ‪ 1918‬طالب باستقالل‬ ‫لبنان وبالحماية الفرنسية له‪.‬‬


‫‪74‬‬

‫َ‬ ‫استقالل لبنان في حدود ‪.1860‬‬ ‫مجلس اإلدارة‬ ‫في ‪َ 1919/5/20‬أعلن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جزء من سوريا‪‬‬ ‫بعد هذا االعالن‪ّ ،‬‬ ‫صرح فيصل في دمشق بأن ‪‬لبنان هو ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الحويك‬ ‫مت‬ ‫وسل‬ ‫الطوائف‪،‬‬ ‫كل‬ ‫من‬ ‫البطريركي‬ ‫الصرح‬ ‫الوفود اللبنانية‬ ‫فأ َّمت‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫تفويضات من اللبنانيين – على اختالف طوائفهم في جبل لبنان ولبنان‬ ‫ٍ‬ ‫ـخوله ُّ‬ ‫التكل َم باسمهم‪ ،‬والسعي إلى تحقيق‬ ‫الكبير والمهجر على السواء –‪ ،‬تُ ِّ‬ ‫الوفد الثاني إلى مؤتمر الصلح‪ ،‬وفي ‪1919/8/23‬‬ ‫مطالبهم‪ .‬ألّ ف البطريرك‬ ‫َ‬ ‫وصل إلى باريس‪ ،‬فنزل ضيفً ا على الحكومة الفرنسية‪ .‬حمل البطريرك‬ ‫خطابا إلى رئيس مجلس الوزراء الفرنسي ورئيس مؤتمر‬ ‫الحويك بيده‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫يتضمن مطلب االستقالل التام ال ُـم َ‬ ‫طلق‪ِ .‬إ َّال أن الواقع‬ ‫كليمنصو‬ ‫الصلح‬ ‫ّ‬ ‫الذي َل ِق َيه في باريس جعله ُي ّغير في مطالبه ويتبنّ ى ال ُـم َّ‬ ‫ذكرة التي ُأ ِع ّدت‬ ‫مطلب االنتداب‬ ‫قد ُمها المؤتمر الصلح في ‪ ،1919/10/25‬وفيها‬ ‫هناك ُوي ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪‬مـطالب لبنان‪Les revendications( ‬‬ ‫الفرنسي وكانت المذكرة بعنوان َ‬ ‫‪.)du Liban‬‬ ‫تعه ٍد خطي من رئيس‬ ‫في ‪ 1919/11/10‬حصل البطريرك‬ ‫ِّ‬ ‫الحويك على ُّ‬ ‫مجلس الوزراء الفرنسي ورئيس مؤتمر الصلح كليمنصو‪َ ،‬يعِ ُد فيه اللبنانيين‬ ‫َ‬ ‫والجبل اللبناني بالسهول والمرافئ البحرية الضرورية‬ ‫باالستقالل‪،‬‬ ‫التعهد بمثابة وثيقة االستقالل‪.‬‬ ‫واعت ِبر هذا‬ ‫الزدهاره‪ُ .‬‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫المطران شكراهلل خوري‬ ‫الحويك‬ ‫البطريرك‬ ‫في ‪َ 1919/12/17‬أرسل‬ ‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫القارتين األميركيتين‪ .‬ومن األهداف األساسية‬ ‫بطريركيا إلى‬ ‫زائرا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫لزيارته‪ :‬دعوة الموارنة للعودة إلى وطنهم األم النتفاء األسباب التي‬ ‫دفع ْتهم إلى الهجرة بعد حصول البالد على استقاللها‪ ،‬والوعد بتوسيعها‬ ‫َ‬ ‫وجعلها قابلة للحياة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الحويك األراضي الفرنسية‪ .‬وفي‬ ‫البطريرك‬ ‫في ‪ 1919/12/18‬ترك‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫وصل إلى بيروت‪.‬‬ ‫‪1919/12/25‬‬

‫الوفد اللبناني الثاني برئاسة البطريرك الحويك‬ ‫إلى مؤتمر الصلح في باريس (أيلول ‪.)١٩١٩‬‬ ‫حوله من اليسار المطارنة‪ :‬اغناطيوس مبارك‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫كيرلس مغبغب‪ ،‬شكراهلل الخوري‪ ،‬بطرس فغالي‬ ‫(من محفوظات الخارجية الفرنسية)‬


‫بطاقة الدعوة من الجنرال غورو‬ ‫إلى البطريرك الحويك‬ ‫لحضور احتفال األول من أيلول‬ ‫إلعالن دولة لبنان الكبير‪،‬‬ ‫وهو حجز للبطريرك المقعد رقم ‪١‬‬ ‫في صدارة الحضور‬ ‫(من محفوظات متحف بكركي)‬

‫‪75‬‬

‫بطريرك «لبنان الكبير»‬

‫يستق ّل‬ ‫فيصل العائد من باريس‪ :‬لبنان لن ُي ّو َّسع ولن‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وس َع ولن‬ ‫إال أن فيصل‪ ،‬فور عودته من باريس‪ّ ،‬‬ ‫صرح بأن لبنان لن ُي َّ‬ ‫يستق َّل عن سوريا بل سيحصل في األكثر على ْ‬ ‫واسع من ضمن‬ ‫ذاتي‬ ‫ِ‬ ‫حك ٍم ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫الحويك هذا الطرح‪ .‬لِ ُـمعالجة هذه‬ ‫سوريا‪َ .‬قلِ قَ ت األفكار في لبنان ورفض‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫وفد‬ ‫قر َر إرسال ٍ‬ ‫األزمة‪َّ ،‬‬ ‫وبقوة التفويض الذي حصل عليه من اللبنانيين‪َّ ،‬‬ ‫لمتابعة المهمة التي كان قد باشر بها‪ .‬فكان الوفد الثالث إلى باريس‬ ‫الحويك في‬ ‫حددها البطريرك‬ ‫سعيا إلى تحقيق مطالب اللبنانيين ْ‬ ‫وف َق ما ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُم ّ‬ ‫مهمته األساسية‬ ‫وتركزت‬ ‫ذكرته إلى مؤتمر الصلح في ‪،1919/10/25‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والمرافئ البحرية‪،‬‬ ‫والمدن‬ ‫بمنحهِ السهول‬ ‫على توسيع الكيان اللبناني‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫وعلى المطالبة باالنتداب الفرنسي‪.‬‬ ‫لكن مساعي الوفد الثالث‪ ،‬لتثبيت الكيان اللبناني الكبير ولالعتراف‬ ‫باستقالله‪ ،‬لم تَ ُـم ّر بسهولةٍ وال بسالم‪ ،‬ال خالل وجوده في باريس وال بعد‬ ‫حلفاءه في‬ ‫عودته إلى لبنان‪ .‬فبينما كان الوفد في باريس‪ ،‬جمع فيصل‬ ‫َ‬ ‫دمشق في ‪ ،1920/3/7‬وعقَ د ما ُع ِرف بـ ‪‬المؤتمر السوري الثاني‪ ‬الذي‬ ‫َأ َ‬ ‫الرسمي‬ ‫عالن‬ ‫اإل َ‬ ‫َّ‬ ‫عل َن فيصل ملِ ًكا على سوريا وفلسطين ولبنان‪ .‬وكان هذا ِ‬ ‫األول للمملكة السورية‪ ،‬وعلى رأسها فيصل ً‬ ‫َ‬ ‫ملكا‪.‬‬ ‫في ‪َ 1920/4/25‬‬ ‫مؤتمر سان ريمو إلى فرنسا االنتداب على سوريا‬ ‫أوك َل‬ ‫ُ‬ ‫وأغفل ذكر لبنان‪.‬‬ ‫الحويك ُي ّبلغه أن فيصل أرسل ً‬ ‫ماال إلى‬ ‫في ‪ 1920/7/12‬كتب غورو إلى‬ ‫ِّ‬ ‫بيروت ُبغْ َي َة ْ‬ ‫رش َوة الناس لينحازوا إليه‪ .‬وبالفعل ارتُ ِش َي ثمانيةٌ من أعضاء‬ ‫َ‬ ‫مجلس اإلدارة بمبلغ ‪ 1500‬ليرة‪ ،‬وقد قبض غورو عليهم وأق ُّروا بذلك‪.‬‬ ‫في ‪ 1920/9/1‬أعلن المفوض السامي الجنرال هنري غورو والدة دولة‬ ‫لبنان الكبير تحت االنتداب الفرنسي من قصر الصنوبر في بيروت‪ ،‬إلى‬ ‫الحويك وإلى يساره مفتي بيروت الشيخ مصطفى نجا‪.‬‬ ‫يمينه البطريرك‬ ‫ِّ‬


‫تعه ٍد من‬ ‫حص َل على ُّ‬ ‫في ‪ 1920/9/25‬عاد الوفد الثالث إلى لبنان بعدما َ‬ ‫رئيس مجلس الوزراء الفرنسي ِّ‬ ‫ميلران باستقالل لبنان الكبير في حدوده‬ ‫الوفد بروما وحصل على بركة البابا ِبنِ ِدكتوس‬ ‫ومر‬ ‫ُ‬ ‫الطبيعية والتاريخية‪ّ .‬‬ ‫الحويك‬ ‫خطيا على خريطة لبنان الكبير‪ .‬وكان البطريرك‬ ‫الخامس عشر‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫يتراسل مع موفَ ِد ِه المطران عبداهلل خوري ويتابع من لبنان كل شيء ويقوم‬ ‫بكل ما يلزم‪.‬‬ ‫‪ .4‬مرحلة االنتداب الفرنسي (‪)1931/12/24 - 1920/9/1‬‬

‫‪76‬‬

‫ُ‬ ‫جمة‪ :‬من ‪ 25‬آب حتى‬ ‫البطريرك‬ ‫في مرحلة االنتداب واجه‬ ‫ٍ‬ ‫صعوبات ّ‬ ‫‪ 21‬أيلول ‪ُ 1921‬ع ِقد المؤتمر السوري‪ -‬الفلسطيني في جنيف‪ ،‬وشارك فيه‬ ‫االنتداب الفرنسي‬ ‫المؤتمر‬ ‫لبنانيون منهم النائب سليمان كنعان‪ .‬رفض هذا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وطالب بالوحدة السورية‪ .‬وفي ‪ُ 1923/7/24‬و ِضعت معاهدة السالم مع‬ ‫َ‬ ‫تركيا وجاءت على ذكر األرمن واألشوريين والكلدان وسوريا‪ ،‬ولم تَ ُ‬ ‫ذكر لبنان‬ ‫وفتن طائفيةٌ مدعومةٌ من فيصل‪ ،‬في‬ ‫وقعت حوادث دامية ٌ‬ ‫وال اللبنانيين‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حر َق منازلهم‬ ‫جبل عامل والبقاع والشمال‪ ،‬راح ضحيتَ ها‬ ‫ُّ‬ ‫مسيحيون كثر أ َ‬ ‫َ‬ ‫يات شيعية في جرود كسروان‪،‬‬ ‫وزَ ْر َعهم شيعةٌ ونُ صيريون‪،‬‬ ‫تعد ٌ‬ ‫وحصلت ّ‬ ‫بضم المدينتَ ين إلى سوريا‪ .‬وبين‬ ‫وأخذ سنَّ ةٌ من طرابلس وبيروت يطالبون ّ‬ ‫وانضم إليهم‬ ‫تكررت حوادث دامية على يد الشيعة والعلويين‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫‪ 1925‬و‪ّ 1926‬‬ ‫قسما منها ُ‬ ‫جبل الدروز في لبنان وسوريا‪ .‬أخذ الفرنسيون‬ ‫وشه َد ً‬ ‫الدروز‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫مسألة الواليات المتحدة السورية التي تؤَ ِّلف في ما‬ ‫يطرحون من جديد‬ ‫‪‬ف ِدراسيون‪ ،‬وفكرةَ االستفتاء من جديد على نهائية كيان لبنان‬ ‫بينها ِ‬ ‫تكرارا في مالحقة المجرمين ومحاكمتِ هم‪،‬‬ ‫وتقاعسوا‬ ‫واستقالله‪،‬‬ ‫الكبير‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أحيانا معاملة ْ‬ ‫مذنبين‪ ،‬ونزعوا‬ ‫نصفوا األبرياء المظلومين بل عاملوهم‬ ‫ولم ُي ِ‬ ‫سالحهم وتركوا السالح في أيدي المعتدين‪ ،‬ولم َيـحموا الضحايا‪.‬‬

‫ُّ‬ ‫الحويك‪ :‬أنا ال َ‬ ‫التكلم باسم جميع اللبنانيين‪‬‬ ‫ـمف َّو ُض‬ ‫البطريرك‬ ‫ِّ‬ ‫واحد سياسي ووطني بقيادة‬ ‫رأي‬ ‫ٍ‬ ‫ومع أن الموارنة لم يجتمعوا ُّكلهم على ٍ‬ ‫الحويك‪،‬‬ ‫البطريرك‬ ‫وحدد رؤيته للقضيةِ اللبنانية وخطةِ‬ ‫حسم غبطته أمره‪ّ ،‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫أسالفَ‬ ‫ه‪.‬‬ ‫الوصول إلى تحقيقها‪ ،‬ولم َي ِـح ْد عن الثوابت واألفكار التي قادت‬ ‫َور ًّدا على كل من ّ‬ ‫مطالبا بأمور منافية للمطالب التي‬ ‫تكلم باسم لبنان –‬ ‫ً‬ ‫الحويك ُي ِّ‬ ‫فو ُض من كل‬ ‫ذكر بأنه‬ ‫تقدم بها لمؤتمر الصلح – كان‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫الوحيد ال ُـم َّ‬ ‫ُّ‬ ‫التكلم باسمهم‪ .‬ودافع عن حقه بالتعاطي في الشؤون‬ ‫خو ُل‬ ‫اللبنانيين وال ُـم َّ‬ ‫الوطنية والسياسية في وجه المواقف الغربية التي كانت تدعو إلى َص ّد‬ ‫َ‬ ‫بالده أفضل من غيره‬ ‫الشيخ‬ ‫نفسه‬ ‫َ‬ ‫العارف َ‬ ‫رجال الدين عن ذلك‪ .‬واعتبر َ‬


‫الحويك‪ :‬على السلطة الفرنسية احترام الخصوصية اللبنانية‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫شكال من‬ ‫حسن تطبيق االنتداب وعدم تحويله‬ ‫وسعى‬ ‫ِّ‬ ‫الحويك إلى ْ‬ ‫موافق للبالد ولطموحات‬ ‫أشكال االستعمار‪ ،‬وإلى وضع قانون أساسي‬ ‫ٍ‬ ‫وشدد على‬ ‫أبنائها وطوائفها في المضمون والشكل كما في طريقة نصه‪ّ .‬‬ ‫المحافظة على نظام األحوال الشخصية ألسباب تاريخية اجتماعية ودينية‪.‬‬ ‫الذات اإللهية واحترامه الحرية‬ ‫الدستور‬ ‫يعبر عن إكرام‬ ‫َ‬ ‫واعتبر أن هذا األمر ّ‬ ‫ِ‬ ‫التدخل في الشؤون الدينية‪،‬‬ ‫الدينية‪ .‬وطالب السلطات الفرنسية بعدم‬ ‫ُّ‬ ‫أفكار أجنبية إلى لبنان ال‬ ‫إدخال‬ ‫واحترام الخصوصية اللبنانية‪ ،‬وعدم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وواقعه‪ .‬وأكد في الوقت نفسه على المحافظة على هيبة فرنسا‬ ‫تتالءم‬ ‫َ‬ ‫واستقالل‬ ‫توسيع للحدود‬ ‫واحترامها‪ .‬واعتبر أن كل ما تحقّ ق في إيامه من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫للبالد كان ثمرة نضال المسيحيين التاريخي في الشرق‪ ،‬وأنه نقطة البلوغ‬ ‫بج َبلهم‬ ‫ـ ‪‬األجداد‬ ‫الحتمية لملحمتهم التاريخية‪ ،‬ف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األمجاد آثروا االعتصام َ‬

‫‪77‬‬

‫بطريرك «لبنان الكبير»‬

‫در َك أين‬ ‫والصديق‬ ‫والعالِ َـم ِبـما تحتاج إليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األقدم لفرنسا في البالد‪ ،‬ال ُـم ِ‬ ‫مصلحتها العليا‪.‬‬ ‫تكمن‬ ‫ُ‬ ‫شخصيات وطنيةٍ وأجنبيةٍ مع رؤيته وخطة‬ ‫التقاء‬ ‫الحويك‬ ‫موقف‬ ‫عزز‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وصداقة األجانب‬ ‫وطنية اللبنانيين منهم‪،‬‬ ‫وامتد َح‬ ‫وإياهم‪،‬‬ ‫ن‬ ‫فتعاو‬ ‫عمله‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مرت بها البالد‬ ‫ومحبتهم‪ .‬تلك الحوادث المؤلمة واألحداث الصعبة التي ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كنقل الشعوب حتى‬ ‫حلوال‬ ‫الحويك يطرح‬ ‫سنتي ‪ 1925‬و‪ 1926‬جعلت‬ ‫جذرية ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫إيمانا بالعيش‬ ‫بلدا‬ ‫كرر في أكثر من رسالةٍ‬ ‫يصبح لبنان ً‬ ‫ً‬ ‫متجانسا‪ .‬لكنه ّ‬ ‫دينيا‬ ‫المشترك والوحدة اللبنانية‪ .‬ورأى أن السبب في كل ما يحدث ليس ً‬ ‫ُ‬ ‫والقضاء على استقالل‬ ‫إنهاء االنتداب الفرنسي‬ ‫الهدف منه‬ ‫سياسي‪،‬‬ ‫بل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫الحويك أن ما جرى من‬ ‫وحدة‪ .‬واعتبر‬ ‫لبنان‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫وإخضاعه إلى سوريا ال ُـم َّ‬ ‫حوادث ال ُي ّعبر عن الواقع اللبناني األصيل‪ ،‬وال عن إرادةٍ لبنانيةٍ وطنية‪ ،‬بل‬ ‫هو نتيجةُ‬ ‫وضع ِف‬ ‫وتقاع ٍس في تطبيق العدالة والمساواة‪،‬‬ ‫تأثير إقليمي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫السلطة الحاكمة في ْ‬ ‫حكم البالد وإدارة شؤونه‪ .‬ورأى أن الفرنسيين ُي َض ّحون‬ ‫بأصدقائهم المسيحيين ليكسبوا محبة المسلمين‪ ،‬وال يعاقبون هؤالء على‬ ‫أعمالهم اإلجرامية بل َيـمنحوهم وظائف إدارية أكثر مما يستحقون‪ ،‬وعلى‬ ‫خسروا محبة األصدقاء ولم‬ ‫حساب المسيحيين‪ ،‬وهم بسياستهم هذه ِ‬ ‫يكسبوا محبة اآلخرين‪ .‬وأشار إلى أن التطبيق ‪‬العادل‪ ‬لالنتداب‪ ،‬وتسليم‬ ‫المواطنين زمام الحكم واإلدارة والعدل‪ ،‬وإحقاق العدل والنظام‪ ،‬وإنصاف‬ ‫الجماعات ومساواتها‪ ،‬تُ عيد األمور إلى مجراها التاريخي الخاص بلبنان‪،‬‬ ‫بسالم كما كانت في الماضي‪.‬‬ ‫فتعيش الشعوب اللبنانية‬ ‫ٍ‬


‫مفضلين أراضيه الصخرية على السهول الخصبة محافَ ً‬ ‫ظة على‬ ‫المنيع‬ ‫ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫ً‬ ‫وديعة اإليمان التي صانوها والحمد هلل سالمة من كل شائبة‪. ‬‬ ‫الـملحق‪ :‬هذه هي األَراضي التاريخية الـمسلوبة‬ ‫من ُ‬

‫‪78‬‬

‫حق لبنان بأراضيه التاريخية والطبيعية‬ ‫اعتَ َبر البطريرك‬ ‫الحويـك أن َّ‬ ‫ِّ‬ ‫حدود متصرفية جبل لبنان سنة ‪ ،1861‬فَ ـ ُـح ِرم من‬ ‫ُسلِ َب منه حين ُر ِس َـمت‬ ‫ُ‬ ‫السهول والمدن الساحلية ‪ :‬بيروت‪ ،‬طرابلس‪ ،‬صيدا‪ ،‬صور‪ ،‬و‪‬الواليات‪‬‬ ‫ً‬ ‫سلسلة من الجبال‬ ‫قابل للحياة إذ تَ َـح َّول‬ ‫المحيطة به‪ُ ،‬‬ ‫فجعِ ل بذلك َ‬ ‫غير ٍ‬ ‫غير القادرة على ْتأمين المواد األولية لحياة سكانها الذين ُمنِ َعت‬ ‫الجرداء ِ‬ ‫َ‬ ‫هاجرون في‬ ‫عنهم التجارة الخارجية‪ ،‬ما جعلهم يعانون ضيق العيش‪ُ ،‬وي ِ‬ ‫الحويـك ُيطالب بتوسيع حدود الجبل‪ .‬ثم َّ‬ ‫الحرب‬ ‫ت‬ ‫حل‬ ‫شكل واسع‪ .‬لذا أخذ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ونُ‬ ‫فِّ‬ ‫لث سكانه‬ ‫ذ‬ ‫األولى‪،‬‬ ‫العالمية‬ ‫حصار بحري وبري على الجبل فمات ُث ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫جوعا‪ّ ،‬‬ ‫مجمل أراضيه التاريخية الطبيعية‪.‬‬ ‫وتأكدت حاجة استعادة لبنان‬ ‫ً‬ ‫طابق مساحة‬ ‫بها‬ ‫طالب‬ ‫الذي‬ ‫الكبير‪‬‬ ‫‪‬لبنان‬ ‫مساحة‬ ‫أن‬ ‫ـك‬ ‫الحوي‬ ‫اعتبر‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫تُ ِ‬ ‫فينيقيا القديمة الساحلية واللبنانية‪ ،‬ومساحة لبنان اإلمارة المعنية‬ ‫َ‬ ‫رس َـم ْتها األركان العامة في البعثة‬ ‫والشهابية‪،‬‬ ‫ومساحة الخريطة التي َ‬ ‫ّ‬ ‫قدمها في‬ ‫العسكرية الفرنسية سنة ‪ .1862–1860‬وفي ال ُـمـذكرة التي ّ‬ ‫حدد مساحة لبنان هكذا‪:‬‬ ‫‪ 1919/10/24‬إلى مؤتمر الصلح‪ّ ،‬‬ ‫إن لبنان‪ ،‬في ُم َ‬ ‫طالبته بتوسيعه‪ ،‬ال يلتمس في الواقع سوى إعادة أراضيه‬ ‫التي ُي ـ ْـثـ ِـبتها التاريخ وخريطةُ األركان العامة الفرنسية لألعوام ‪– 1860‬‬ ‫‪ .1862‬إن إعادة أراضي لبنان هذه‪ ،‬في حدوده التاريخية‪ ،‬هي الحدود‬ ‫المرسومة كما يلي‬ ‫إلى الغرب‪ :‬البحر المتوسط‪ ،‬إلى الشمال‪ :‬النهر الكبير (إيلوتيروس)‪،‬‬ ‫إلى الشمال الشرقي‪ّ :‬‬ ‫ويلتف حول سهل البقَ يعة‬ ‫خط ينطلق من هذا األخير‬ ‫ّ‬ ‫والضفة الشرقية لبحيرة حمص‪ ،‬إلى الشرق‪ :‬قمم الجبل الشرقي (سلسلة‬ ‫لبنان الشرقية) وقمم جبل الشيخ (جبل حرمون)‪ ،‬إلى الجنوب الشرقي‪ّ :‬‬ ‫خط‬ ‫ويلتف حول حوض الحولة وبحيرتها‬ ‫ينطلق من آخر خواصر جبل حرمون‬ ‫ّ‬ ‫(ساماكونيتيس)‪ ،‬إلى الجنوب‪ّ :‬‬ ‫شرقي هذه البحيرة‬ ‫الجبال‬ ‫من‬ ‫ينطلق‬ ‫خط‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫دعو رأس الناقورة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويلتف حولها ليصل إلى الغرب حتى الرأس ال َـم ّ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫هذه الحدود تشكل ً‬ ‫وشكل‬ ‫فينيقيا‪،‬‬ ‫جغرافيا كان في ما مضى‬ ‫كيانا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫األرض اللبنانية في األزمنة الحديثة حتى ‪.1840‬‬

‫الحويك‪َ ،‬ن ْشر جمعية راهبات‬ ‫‪ 11‬من ‪‬رسائل في المحبة للبطريرك الياس بطرس‬ ‫ِّ‬ ‫العائلة المقدسة المارونيات‪ ،2011 ،‬ص ‪.39‬‬


‫وسع من خارطة لبنان اليوم‬ ‫الحويك‬ ‫خارطة‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫يومئ ٍذ َأ ُ‬ ‫الحويك كان أوسع م ّـما‬ ‫وهكذا‪ ،‬يكون لبنان الذي طالب به البطريرك‬ ‫ِّ‬ ‫يص ُّب فيها نهر‬ ‫هو اليوم لناحية الشمال إذ َض ّم ً‬ ‫أيضا بحيرة حمص التي ُ‬ ‫العاصي وسهل القُ َصير‪ ،‬ولناحية الجنوب َض َّم سهل الحولة وبحيرتها التي‬ ‫يصب فيها نهر الحاصباني‪.‬‬ ‫لكن خريطة ‪‬لبنان الكبير‪ ‬التي عاد بها المطران عبداهلل خوري من‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫تض َّم بحيرةَ حمص‬ ‫فرنسا سنة ‪ ،1920‬جاءت أقّ ل‬ ‫مساحة من الشمال ولم ُّ‬ ‫وال َ‬ ‫سهل القُ َصير‪.‬‬ ‫قص م ّـما‬ ‫قرت في ظل اإلنتداب‪ ،‬جاءت أنْ َ‬ ‫وخريطة لبنان الحالية‪ ،‬التي ُأ ّ‬ ‫الحويـك سنة ‪ 1919‬لناحية‬ ‫يق م ّـما طالب به‬ ‫وأض َ‬ ‫كانت عليه سنة ‪ْ ،1920‬‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫الشمال والجنوب‪ ،‬ألنها استثنت شماال بحيرة حمص والقُ َصير‪ ،‬واستَ ــثــنَ ــت‬ ‫جنوبا بحيرة الحولة وسهلها وقيصرية بانياس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪79‬‬

‫بطريرك «لبنان الكبير»‬

‫الجنرال غورو يعلن دولة لبنان الكبير على مدخل قصر الصنوبر‬ ‫زيتية بريشة فيليب موراني‬


Mirrors of Heritage Refereed journal published twice a year by The Center for Lebanese Heritage (CLH) at The Lebanese American University (LAU)

Henri Zoghaib – Editor

The Greater Lebanon Era Special Issue for September 1st, 2019

General Gouraud Proclaims the State of Greater Lebanon The First Lebanon National Anthem – 1920 Anbara Salam Khalidi: Thus was Lebanon prior to the first of September 1920 Clemenceau’s Message to Patriarch Hoayek

Center for Lebanese Heritage Lebanese American University, Kraytem, Beirut – Lebanon Phone: +961.1.78 64 64 (ext: 1600) Fax: +961.1.78 64 60 P.O. Box: 5053 13 Beirut – Lebanon email: clh@lau.edu.lb www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh Design and layout by STRATCOM – LAU



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.