Mirrors of Heritage - Number 11 - مرايا التراث - العدد الحادي عشر

Page 1

Mirrors of Heritage ٢٠٢٠ ‫  شتاء‬/ ٢٠١٩ ‫العدد الحادي عشر – خريف‬

‫َم َل ّف العدد‬

‫زمن لبنان الكبير‬ َّ ‫علَ ٌم من بيروت‬ • ‫كل لبنان‬ َّ ‫غطى‬ ‫المطاحن َأيام زمان‬ •

٢٠١٩  ‫العدد الحادي عشر – خريف‬

Mirrors of Heritage

Issue No. 11 – Fall 2019

Issue No. 11 – Fall 2019 /  Winter 2020

Special section The Era of Greater Lebanon • Tourism

in the 1930s • Douma Tribunal


‫ـمية ُم َـح َّك َمة َتصدر مرتين في السنة‬ ‫َأكادي ّ‬ ‫َي ُ‬ ‫نش ُرها‬ ‫مركز التراث اللبناني‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫الجامعة اللبنانية األميركية‬ ‫رئيس التحرير ال ُ‬ ‫ـمسؤول‪ /‬مديـر الـمركـز‬ ‫هنري زغيب‬ ‫ميــة‬ ‫الهـيـئَ ـة ِ‬ ‫العــلْ َّ‬ ‫َ‬ ‫العائلة)‪:‬‬ ‫الدكاتــرة‬ ‫األساتذةُ َّ‬ ‫اسم ِ‬ ‫(ترتيبا َأ ً‬ ‫ً‬ ‫بجديا ِب ْ‬ ‫ناديا اسكندراني | جامعة بيروت العربية | رئيسة قسم اللغة الفرنسية وآدابها‬ ‫سامي بارودي | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫الدولية‬ ‫األميركية | ُ أستاذ العلوم السياسية والعالقات ُ‬ ‫رمزي بعلبكي | الجامعة َ‬ ‫كرسي الدراسات العربية‬ ‫األميركية | ُ أستاذ‬ ‫ّ‬ ‫واإلسالمية‬ ‫َأ َ‬ ‫هيف سنو | جامعة القديس يوسف | ُأستاذ الدراسات العربية ِ‬ ‫قسطنطين ضاهر | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية | عميد ُكلية اآلداب والعلوم (بالوكالة)‬ ‫پـول طبر | الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية | ُأستاذ العلوم االجتماعية‬ ‫منسق الهيئة العلْ مية‬ ‫الروح القدس ‪ -‬الكسليك | ّ‬ ‫َأنطوان ّ‬ ‫قسيس | جامعة ّ‬ ‫َ‬ ‫واإلعالم‬ ‫كلوديا كوزمان | الجامعة اللبنانية األميركية | ُأستاذة مساعدة في الصحافة ِ‬

‫اإلدارة والتحرير‬ ‫ِ‬

‫مركز التراث اللبناني ‪ -‬الجامعة اللبنانية َ‬ ‫األميركية ‪ -‬قريطم ‪ -‬بيروت‬ ‫(المقسم ‪)1600‬‬ ‫هاتف‪+ 961 1 78 64 64 :‬‬ ‫ّ‬ ‫فاكس‪+ 961 1 78 64 60 :‬‬ ‫ص ب‪ 13 - 5053 :‬بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫‪clh@lau.edu.lb‬‬

‫‪www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh‬‬

‫مجلة مرايا التراث‬ ‫تصميم و إخراج‬

‫‪Facebook: Mirrors of heritage‬‬

‫‪STRATCOM –LAU‬‬


‫العدد الحادي عشر ‪ -‬خريف ‪  / 2019‬شتاء ‪2020‬‬

‫‪3‬‬

‫ُأولى الــ‪‬مرايا‪ - ‬هنري زغيب‬ ‫بشواهد صوتيةٍ تَ حفظ ً‬ ‫محفوظات غنيةٌ‬ ‫ساطعا‬ ‫تراثا‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬

‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫‪10‬‬

‫عبدالستار الالز‬ ‫عل ٌم من بيروت َّ‬ ‫غطى َّ‬ ‫َ‬ ‫كل لبنان‬

‫‪34‬‬

‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬ ‫ً‬ ‫وزيتونا لمواسم الخير‬ ‫قمحا‬ ‫تراث الخير ً‬

‫‪17‬‬

‫وسام اللحام‬ ‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬ ‫مدننا على العملة الورقية‬ ‫ُصور‪ ،‬الصرفنْ د‪ ،‬صيدا‪ :‬مطالع ُ‬

‫ف العدد‬ ‫َم َل ّ‬

‫‪2‬‬ ‫هنري زغـيب‬

‫زمن لبنان الكبير‬

‫‪50‬‬

‫‪‬بعد اعتراف فرنسا بضرورة استقاللنا سنة ‪1860‬‬ ‫لن أرضى بعد ستين سنة أن يُمَسّ َوي ُ‬ ‫حك َمنا الغير‪‬‬

‫‪69‬‬

‫كمال ديب‬ ‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‬ ‫حي‬ ‫لبنان ٌ‬ ‫كيان ٌّ‬

‫‪56‬‬

‫هيام جورج مالّ ط‬ ‫‪‬ال‪ ‬النضمام جبل لبنان ِإلى سوريا‬ ‫‪‬ال‪ ‬النضمام الليطاني وحرمون ِإلى فلسطين‬

‫‪69‬‬ ‫‪106‬‬

‫القضائي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬ ‫وما‬ ‫مدخل ْتأريخي لمحكمة ُد َ‬

‫‪Patrimoine Historique‬‬ ‫‪Antoine Kassis‬‬ ‫‪Le Liban chez François de Pagès‬‬

‫الغالف‪:‬‬ ‫صو ًرا على النقد اللبناني‬ ‫ معالم من لبنان صدرت َ‬


‫ُأولى الـ ‪‬مرايا‪‬‬

‫محفوظات غني ٌة بشواه َد صوتيةٍ‬ ‫ٌ‬ ‫تَحفظ ً‬ ‫ساطعا‬ ‫تراثا‬ ‫ً‬ ‫هنـري زغـيـب‬ ‫رئيس التحرير‬

‫في ندوةٍ عنوانُ ها ‪‬من تاريخ لبنان ِإلى تاريخ اللبنانيين‪ ‬عقدها مركز‬ ‫التراث اللبناني قبل ست سنوات (‪ 2‬كانون َ‬ ‫جم َع ال ُـمنتدون‬ ‫األ َّول ‪َ )2013‬أ َ‬ ‫الحقيقية َي ُ‬ ‫الشعب ال الـمؤَ ِّرخون‪ .‬وورد في بطاقة‬ ‫ـحفظها‬ ‫على َأ َّن ‪‬الذاكرة‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫معظ َم ُه ْ‬ ‫استنفد َ‬ ‫السياسي‬ ‫ريخ‬ ‫والدبلوماسي‪.‬‬ ‫‪‬تاريخ لبنان‬ ‫الدعوة‪:‬‬ ‫التأ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫هات سياسيةٍ وغير سياسية أ ْب َع َدتْ ُه عن‬ ‫لتو ُّج ٍ‬ ‫وغالبا ما َ‬ ‫خضع هذا التأ ُ‬ ‫ً‬ ‫ريخ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واطن يعيش في ُغربةٍ بين تاريخه‬ ‫واقعه أل‬ ‫غراض ِإيديولوجيةٍ‬ ‫جعلت الـ ُـم َ‬ ‫ٍ‬ ‫تراث مناطقه الثقاف ُّـي‬ ‫تاريخ لبنان‬ ‫وحياته اليومية‪ .‬من هنا َأ َّن‬ ‫الحقيقي هو ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫جيل‪ ،‬وماذا‬ ‫تنامت تلك الـمناطق‬ ‫االجتماعي‪ :‬كيف َ‬ ‫َّ‬ ‫جيل ِإلى ٍ‬ ‫وتطو َرت من ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫تركت من َأثـ ٍـر َ‬ ‫َ‬ ‫لألجيال ِوإ ْر ٍث للذاكرة‪ .‬من هنا َيـجدر البحث عن تراث‬ ‫فراد في‬ ‫الوطن بــاالنتقال من تاريخ لبنان‬ ‫مجموعا ِإلى تاريخ اللبنانيين َكأ ٍ‬ ‫ً‬ ‫تلك المجموعة‪.‬‬ ‫تلك الندوة‪ ،‬في ُج ِّلها‪َ ،‬‬ ‫عال َـجت الحفاظ على التراث المكتوب والورقي‪:‬‬ ‫منوعة‪َ ،‬أغــراض خاصة وشخصية (بطاقات‬ ‫ُص َور فوتوغرافية‪ ،‬نُ صوص َّ‬ ‫َّ‬ ‫سجالت قيد‪ ،‬رسائل‪ ،‬محفوظات وتــذكــارات عائلية‪ ،)...،‬وثائق‬ ‫هوية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ومعدات‬ ‫منسية مـخطوطة‪ ،‬آالت وأ َدوات‬ ‫َّ‬ ‫مكتوبة قديمة مطبوعة‪ ،‬وثائق َّ‬ ‫متروكة‪ ،‬وسواها‪.‬‬ ‫مقاالت َوأب ً‬ ‫نش َأة ‪‬مرايا التراث‪( ‬ربيع ‪ )2014‬وهي ُ‬ ‫ومنذ ْ‬ ‫ـحاثا‬ ‫تنشر‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ـات َّ‬ ‫موث ً‬ ‫مصورةً ْ‬ ‫المادي وغير‬ ‫مث َبتَ ًة باألسانيد عن تــراث لبنان‬ ‫قة‬ ‫ودراسـ ٍ‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫المادي بوجوهه التاريخية والسياحية واألدبية والصحافية واأل َثرية وسواها‬ ‫ِّ‬ ‫الغني‪.‬‬ ‫من صفحات تراثنا اللبناني‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫والحفاظ عليها‪:‬‬ ‫االهتمام بها وحفْ ُظها‬ ‫من تلك الوجوه التي َي ْـج ُدر‬ ‫ُ‬ ‫حددت َّ‬ ‫يوما َ‬ ‫ميا لــ ‪‬التراث‬ ‫عي‪ .‬ومن َأجله َّ‬ ‫منظمة اليونسكو ً‬ ‫عال ًّ‬ ‫التراث َ‬ ‫الس ْم ّ‬ ‫السمعي والبصري‪ 27( ‬تشرين َ‬ ‫األ َّول)‪ .‬وكانت المديرةُ العامة للمنظمة‬ ‫ـمعدات‬ ‫منو َه ًة َبأ َّن‬ ‫‪‬كثيرا من ال َّ‬ ‫صدرت بيانها هذا العام ِّ‬ ‫ً‬ ‫ُأودري آزوالي َأ َ‬


‫السمعية والبصرية َّ‬ ‫هشةٌ متقادمة‪ ،‬مضمونُ ها اندثر مع الزمن بسبب سوء‬ ‫حفْ ظها َأو كوارث طبيعية ْ‬ ‫تحديث‬ ‫مأساوية َأو حروب وحوادث دامية‪ ،‬ويجب‬ ‫ُ‬ ‫الـمضمون الباقي ُ‬ ‫متطورة تحفظه من‬ ‫معدات حديثة رقميةٍ‬ ‫ونقله ِإلــى َّ‬ ‫ِّ‬ ‫والتفتت مع مرور الوقت‪.‬‬ ‫االندثار‬ ‫ُّ‬

‫‪4‬‬

‫الغالف األول واألخير ألسطوانة‬ ‫ناصر مخول عن تراث األغاني الشعبية اللبنانية‬

‫هنري زغـيب‬


‫محفوظات غني ٌة بشواه َد صوتيةٍ‬ ‫ٌ‬ ‫‪5‬‬

‫تَحفظ ً‬ ‫ساطعا‬ ‫تراثا‬ ‫ً‬

‫ُ‬ ‫االنغماس في الماضي بالصوت‬ ‫‪‬شعار هذه السنة‬ ‫وخل َصت ِإلى َأ َّن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فه َم الحاضر‬ ‫نسترجع‬ ‫والـصــورة‪َ ،‬عبر آالتهما َوأدواتهما كي‬ ‫َ‬ ‫التاريخ فنَ َ‬ ‫َ‬ ‫جليا َألجيالنا ال ُـمقبلة‪.‬‬ ‫ونُ َـخــزِّ نَ ه ًّ‬ ‫خصوصا تلك التي‬ ‫من هنا ضرورةُ العودة ِإلى التسجيالت الصوتية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫سبقَ ت انتشار التسجيالت البصرية‪ ،‬ما ُي ِّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫غنية‬ ‫محفوظات‬ ‫خزانة‬ ‫شكل‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صليا ِمن –‬ ‫ساطعا منقوال‬ ‫بشواهد صوتيةٍ تحفَ ظ تراثا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫شفويا َعن – أو أ ًّ‬ ‫شخاص في القرى والبلدات والدساكر وال ُـمدن يروون بالصوت تجاربهم‬ ‫َأ‬ ‫ٍ‬ ‫رث من بالدنا قد ال يكون‬ ‫الشخصية َأو رواياتهم الغَ يرية‪ ،‬فيكون لنا ِإ ٌ‬ ‫النبض الحي في الـموروث الـمخطوط َأو الـمطبوع‪.‬‬ ‫ً‬ ‫موجودا بهذا ْ‬ ‫َأعرف كثيرين من َّ‬ ‫ـمتخصصة‬ ‫طالب الشهادات العليا َأو الدراسات ال‬ ‫ِّ‬ ‫َأو الباحثين َ‬ ‫آالت التسجيل وقصدوا معنيين بدراساتهم‬ ‫األكاديميين حملوا ِ‬ ‫َوأطاريحهم في مواضيع الزَ جل َأو الغناء الشعبي َأو العادات الشفوية في‬ ‫يكون التسجيل‬ ‫غالبا ما تختلف بين منطقة ُوأخــرى‪ ،‬كي‬ ‫َ‬ ‫المناطق‪ ،‬وهي ً‬ ‫موثوقا َّ‬ ‫ً‬ ‫موثقً ا لـما ُهم ِإليه‪.‬‬ ‫مرجعا‬ ‫الصوتي‬ ‫ً‬ ‫ـجمع تراث الشاعر الياس َأبو شبكة‪،‬‬ ‫كنت‬ ‫وفي مرحلةٍ سابقة ُ‬ ‫ًّ‬ ‫مهتما ِب ْ‬ ‫اإلعالم َأن تَ ـجمع َأصوات َأعالم لبنانيين عند مطلع‬ ‫وكان في برنامج وزارة ِ‬ ‫اإلذاعة‪ ،‬فإذا بمحفوظاتها الصوتية ال ترقى ِإ َّال ِإلى سنة ‪ ،1950‬فيما‬ ‫عهد ِ‬ ‫مقطع بصوته هو الذي‬ ‫َأبو شبكة توفي سنة ‪ ،1947‬فلم يكن ممكنً ا حفْ ُظ‬ ‫ٍ‬ ‫كان له برنامج ُأسبوعي َأدبي خاص كان يذيعه بصوته مباشرةً على الهواء‬ ‫نصوص من حلقاته‬ ‫بعض‬ ‫حاليا ُ‬ ‫قبل ْبدء التسجيل ال ُـمسبق‪ ،‬لذا في متحفه ًّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫تلك بدون صوته‪.‬‬ ‫وجود فيلم قصير صامت (‪ 8‬ملم) من‬ ‫يضا‪:‬‬ ‫الندرة السعيدة َأ ً‬ ‫من هذه ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫متحدثا وهو ِّ‬ ‫البصري‬ ‫اإلرث‬ ‫‪ 29‬ثانية لـجبران يبدو‬ ‫ُّ‬ ‫يدخن سيجارة‪ ،‬هو ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هم‬ ‫لفرد كنوف سنة ‪ ،)1929‬وهنا ْكن ُز ُه األ ُّ‬ ‫الوحيد لـجبران (بكاميرا ناشره أ ِ‬ ‫والكتب الصادرة عنه‪.‬‬ ‫صور فوتوغرافية تَ حفَ ل بها محفوظاته‬ ‫ُ‬ ‫من مجموعات َ‬ ‫ٌ‬ ‫وحيد َألمين الريحاني يلقي‬ ‫تسجيل صوت ٌّـي‬ ‫يضا‬ ‫من الندرة ذاتها َأ ً‬ ‫ٌ‬ ‫وفيلم قصير صامت‬ ‫خطابا في نيويورك سنة ‪ 1937‬عن القضية العربية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫(‪ 8‬ملم) من ‪ 15‬ثانية للريحاني سنة ‪ 1931‬على متن باخرةٍ كانت تُ ِق ُّله من‬ ‫عائدا ِإلى لبنان‪.‬‬ ‫نيويورك ً‬


‫هنا ِإذً ا َأهـمـيــةُ ال ـتــراث الـصــوتــي والـبـصــري‪ ،‬يسعى ِإلـيــه الباحثون‬ ‫مسجل لـمبدع لبناني َأو‬ ‫ـوت‬ ‫فرحا باكتشاف صـ ٍ‬ ‫ـمهتمون ً‬ ‫َّ‬ ‫والــدارســون وال ُّ‬ ‫للعوام من الناس‪.‬‬ ‫العامة‬ ‫شخصية ِإبداعية‪ ،‬عدا تلك التسجيالت‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ـمعدات‬ ‫ومن هنا‪ِ ،‬إلى التراث المخطوط والمطبوع والفوتوغرافي وال َّ‬ ‫َ‬ ‫(معظ ُمها‬ ‫مواد التراث الصوتي‬ ‫واآلالت القديمة‪َ ،‬أهميةُ االنصراف ِإلى جمع ّ‬ ‫سطوانات فونوغرافية كبيرة قديمة) لـما فيها من كنوز َأصلية تبقى‬ ‫على ُأ‬ ‫ٍ‬ ‫حيةً يُفتَرَض‪ ،‬عند ِإيـجادها بـحالتها القديمة‪ْ ،‬نق ُلها ِإلى الوسائط‬ ‫شواهدَ َّ‬ ‫الرقمية الحديثة التي تكفَ ل حفْ ظها بدون خطر اندثارها مع مرور الوقت‪.‬‬ ‫ـمحفوظ بـجميع حاالته الوقائية َ‬ ‫ُ‬ ‫يسطع في الحاضر من‬ ‫وحده الـتراث ال‬ ‫َ‬ ‫ماضيه مرآةً َأكيدةً لذاكرة المستقبل‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫مدير المركز‪ /‬رئيس التحرير‬

‫هنري زغـيب‬


‫ُ‬ ‫شروط النشر في مجلة ‪‬مرايا التراث‪‬‬ ‫ً‬ ‫وهيئة ْ‬ ‫علمية‪َ ،‬أن تلفت الباحثين ِإلى‬ ‫هم مجلة ‪‬مرايا التراث‪ِ ،‬إدارةً‬ ‫َي ُّ‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫مرس ٍل للنشر‬ ‫غير‬ ‫رسل َأ‬ ‫‪َ .1‬أن يكون‬ ‫ُ‬ ‫صيال في بابه‪َ ،‬‬ ‫البحث ُ‬ ‫منشور َأو َ‬ ‫الم َ‬ ‫ٍ‬ ‫في مجلة ُأخرى‪.‬‬

‫العلمية‬ ‫ـتعارف عليها فــي المجالت‬ ‫المنهجية‬ ‫‪ .2‬اعتماد‬ ‫ّ‬ ‫الم َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العلمية ُ‬ ‫ُ‬ ‫الم ّ‬ ‫حكمة‪ :‬التوثيق في كتابة الحواشي واألص ــول والمصادر والمراجع‬ ‫ُ‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫رات‬ ‫ختص‬ ‫والم‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫المسنَ دة‬ ‫‪ .3‬عدم‬ ‫ُّ‬ ‫واإلسقاطات غير ُ‬ ‫التهجم الشخصي ِوإلماحات األدلجة ِ‬ ‫في مقاربات البحث‪.‬‬

‫‪ .4‬جميع َ‬ ‫الم َق َّدمة ِإلى المجلة تَ خضع لتحكيم اللجنة العلمية‪،‬‬ ‫األبحاث ُ‬ ‫وقد تستعين ِإدارة المجلة عند الحاجة بهيئة اختصاصيين تبقى َأسماء‬ ‫الع ْرف َ‬ ‫األكاديمي‪.‬‬ ‫طي الكتمان وفق ُ‬ ‫َأعضائها ّ‬

‫‪ُ .5‬يرسل الباحث مع نصه َّ‬ ‫بحثه‬ ‫بغير لغة ِ‬ ‫ملخ ًصا عنه في نحو ‪ 200‬كلمة ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بحاثها في‬ ‫تفضيال َأو بالفرنسية)‬ ‫(باإلنكليزية‬ ‫تسهيال َلفهرسة المجلة وأ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫البيبليوغرافيا العالمية‪.‬‬

‫َ‬ ‫شروط‬ ‫‪ .6‬تحتفظ ِإدارة المجلة ِب َح ّق النشر َأو برفض َأ ِّي بحث ال يستوفي‬ ‫النشر َأعاله‪.‬‬

‫اآلراء ال ــواردةَ في َ‬ ‫ُ‬ ‫األبحاث‬ ‫العلمية‬ ‫واللجنة‬ ‫‪ .7‬ال تتبنى ِإدارةُ المجلة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫المنشورة‪ ،‬وتبقى هذه على ُ‬ ‫ولية ُكـتّ ابها‪.‬‬ ‫مسؤ ّ‬

‫‪َ .8‬يحصل ُّ‬ ‫نسخة‬ ‫صدوره‪ ،‬وعلى‬ ‫كل‬ ‫باحث على ثالث ُن َسخ من العدد عند ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِإلكترونية من بحثه‪.‬‬ ‫‪ .9‬تَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫تعاون الباحثين في احترام شروط‬ ‫العلمية‬ ‫واللجنة‬ ‫شكر ِإدارةُ المجلة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حفاظا على المستوى ْ‬ ‫وخدمة لنصاعة‬ ‫العلمي في نهج الجامعة‪،‬‬ ‫النشر‪،‬‬ ‫التراثية في لبنان‪.‬‬ ‫الذاكرة‬ ‫ّ‬

‫نصوصهم باسم رئيس التحرير على هذا العنوان‪:‬‬ ‫‪ُ .10‬يرسل الباحثون‬ ‫َ‬ ‫مجلة ‪‬مرايا التراث‪ – ‬مركز التراث اللبناني‬ ‫الجامعة اللبنانية األميركية – قريطم – بيروت‬ ‫لكترونيا على عنوان ‪‬مركز التراث اللبناني‪clh@lau.edu.lb :‬‬ ‫َأو ِإ‬ ‫ًّ‬


‫‪8‬‬

‫هنري زغـيب‬


‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫عبدالستار الالز‬

‫بدر دمشقية‪:‬‬

‫عل ٌم من بيروت َّ‬ ‫غطى َّ‬ ‫َ‬ ‫كل لبنان‬ ‫وسام اللحام‬

‫النقد عالمة سيادة الدولة‪:‬‬

‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬ ‫مدننا على العملة الورقية‬ ‫ُصور‪ ،‬الصرفنْ د‪ ،‬صيدا‪ :‬مطالع ُ‬ ‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬

‫الـمطاحن َأيام زمان‬

‫ً‬ ‫وزيتونا لمواسم الخير‬ ‫قمحا‬ ‫تراث الخير ً‬


‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫بدر دمشقية‪:‬‬

‫غطى َّ‬ ‫م من بيروت َّ‬ ‫كل لبنان‬ ‫عل َ ٌ‬ ‫عبدالستار الالز‬

‫يتهي ُأ لدخول المطبعة‪ ،‬حين‬ ‫كان هذا العدد من ‪‬مرايا التراث‪َّ ‬‬ ‫صدر في بيروت كتاب ‪‬بدر بك دمشقية (‪ )1952 – 1881‬صفحات‬ ‫عبدالستار الالز (‪ 328‬صفحة‬ ‫رجل وحكاية مدينة‪ ‬للكاتب‬ ‫ّ‬ ‫من حياة ُ‬ ‫كبيرا – منشورات مكتبة أنطوان)‪ ،‬وفيه سيرة هذا اللبناني‬ ‫ً‬ ‫قطعا ً‬ ‫ملحقً‬ ‫صور‬ ‫ومجموعة‬ ‫ا‬ ‫‪11‬‬ ‫ذات‬ ‫صول‬ ‫ـمانية‬ ‫ث‬ ‫على‬ ‫ممتد‬ ‫الكبير‬ ‫فُ‬ ‫ةً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫تصدر للمرة ُ‬ ‫األولى‪ .‬إهداء الكتاب‪ :‬إلى كل الذين تسكنهم بيروت‬ ‫ُ‬ ‫أينما َس َك ُنوا‪ ،‬وعلى غالفه األخير كلمة عن بدر من صديقه أمين‬ ‫الريحاني صدرت في ‪‬النهار‪ 12( ‬تشرين األول ‪.)1933‬‬ ‫تض ِّو َئ على كل َم ْـع َـل ٍـم من تراثنا‬ ‫ألن رسالة ‪‬مرايا التراث‪ ‬أن َ‬ ‫اللبناني الغني‪ ،‬وألن بدر دمشقية‪ ،‬ابن البسطة التحتا‪َ ،‬‬ ‫عل ٌم بيروت ٌّـي‬ ‫ساطع من هذا التراث‪ ،‬هو الذي َّ‬ ‫ترأس بلدية بيروت ثالثين سنة‪،‬‬ ‫وأسس ‪‬رابطة ُ‬ ‫األسر البيروتية‪ ،‬و‪‬جمعية تنشيط السياحة‬ ‫واالصطياف‪ ،‬و‪‬جمعية أصدقاء الشجرة‪ ،‬إلى مشاريع عمرانية‬ ‫وزراعية وسياحية شتى‪ ،‬كان ال ُب َّد من اإلضاءة‬ ‫عليه في هذا العدد‪ ،‬باقتطاف نص ‪‬السياحة‬ ‫واالصطياف‪( ‬ص‪ 212 ‬إلى ‪ )220‬من الفصل‬ ‫السادس في الكتاب ‪‬تجارب في السياسة‬ ‫وخارجها‪ ،‬لِ ـما فيه من معلومات غنية جديدة‬ ‫على أيام السياحة في لبنان مع مطلع العقد‬ ‫الثالث من القرن العشرين‪.‬‬ ‫‪‬مرايا التراث‪ ‬تشكر المؤلف األستاذ‬ ‫عبدالستار الالز على سماحه بنشر هذا النص‬ ‫القيم‪.‬‬ ‫من كتابه التوثيقي ِّ‬


‫سياحة واصطياف‬

‫بدر دمشقية‬ ‫‪11‬‬

‫غطى َّ‬ ‫م من بيروت َّ‬ ‫كل لبنان‬ ‫عل َ ٌ‬

‫تنشيط‬ ‫‪‬جمعية‬ ‫السياحة واالصطياف‬ ‫هي مؤسسة ذات منفعة‬ ‫عامة‪ ،‬ال تحمل أي‬ ‫طابع تجاري‪ ،‬وال تعمل‬ ‫مجانً ا إلى السادة السياح‬ ‫بهدف الربح‪ّ .‬‬ ‫تقدم ّ‬ ‫والمصطافين المعلومات التي قد يحتاجون‬ ‫اليها من أجل رحالتهم وإقامتهم في لبنان‬ ‫وسوريا‪ .‬مكاتبها الواقعة في شارع اللنبي‪ ،‬بوسط‬ ‫مدينة بيروت‪ ،‬مفتوحة لعموم الذين بإمكانهم‬ ‫أن يجدوا فيها كل ما يلزمهم من وثائق مثل‪:‬‬ ‫اتجاهات الطرق‪ ،‬وسائل االتصال‪ ،‬األدلّ ة الفندقية‪ ،‬المعلومات حول‬ ‫البيوت المفروشة وغير المفروشة‪ ،‬الخرائط والمنشورات إلخ‪ ..‬وبإمكان‬ ‫محبي الرياضات الشتوية إيجاد المعلومات حول منسوب الثلوج في‬ ‫المراكز الرئيسية‪ ،‬وأحوال الطرقات‪،‬‬ ‫وكذلك العثور على أماكن للنوم أو غرف‬ ‫في الفنادق‪.‬‬ ‫هكذا جمعية تنشيط السياحة‬ ‫تقدم نفسها في جميع‬ ‫واالصطياف‬ ‫ّ‬ ‫المنشورات التي بدأت تُ صدرها فور‬ ‫تأسيسها‪ ،‬بإشراف مديرها ولولب الحركة‬ ‫أسعار العمالت كما وردت في كتاب‬ ‫فيها بدر دمشقية‪ .‬وقبل ذلك لم يكن ‪‬السياحة في سوريا ولبنان‪‬‬ ‫أي ترويج للسياحة في بالدنا‪ ،‬أو‬ ‫منتظما ُّ‬ ‫ً‬ ‫محصورا بمرجعية حكومية واحدة‪.‬‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مثال كتاب دعائي بالفرنسية‪،‬‬ ‫من ذلك‬ ‫مجهول التاريخ‪ ،‬صادر عن ‪‬مفوضية‬ ‫السياحة في الدول التي تحت االنتداب‪،‬‬ ‫ترجيحا‪ ،‬نحو مطلع الثالثينات‪ ،‬إذ‬ ‫صدر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مقطع عن ‪‬القفزة الكبيرة التي‬ ‫فيه‬ ‫ورد‬ ‫ٌ‬ ‫عاما‪،‬‬ ‫تعيشها بيروت منذ اثني عشر ً‬ ‫أي ما يوافق انتداب الفرنسيين سوريا‬ ‫صو ُر مدن رئيسة ومراكز سياحية في سوريا ولبنان‪،‬‬ ‫ولبنان‪ .‬وفي الكتاب َ‬ ‫مع تعريف وجيز ٍّ‬ ‫السائح‪.‬‬ ‫معلومات‬ ‫إلى‬ ‫إضافة‬ ‫منها‪،‬‬ ‫لكل‬ ‫مفيدةٍ‬ ‫َ‬


‫‪‬اوتيل سرسق الجديد‪ ‬في سوق الغرب عام ‪1935‬‬

‫فندق القادري في زحلة‬

‫عام ‪ 1935‬أصدرت ‪‬مديرية الزراعة والخدمات االقتصادية في‬ ‫ً‬ ‫دليال للفنادق في جميع مناطق لبنان‪ ،‬فيه معلومات‬ ‫الجمهورية اللبنانية‪‬‬ ‫وصور عن أهم الفنادق في المصايف اللبنانية‪ .‬ثم أصدرت وزارة االقتصاد‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫دعائيا ساهمت فيه جمعية تنشيط السياحة واالصطياف‪.‬‬ ‫دليال‬ ‫الوطني‬ ‫ً‬ ‫صدر بالعربية والفرنسية واإلنكليزية‪ ،‬على غالفه صورة سيدة تزاول‬ ‫رياضة التزلج في أحد جبال لبنان‪ ،‬وعلى صفحته األولى صور رئيس‬ ‫البالد إميل إده وأعضاء الحكومة اللبنانية‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫عبدالستار الالز‬

‫أول دليل سياحي للفنادق في لبنان‬ ‫مع ‪ 1936‬دخل الترويج السياحي مرحلة االحتراف بفضل جمعية تنشيط‬ ‫السياحة واالصطياف بإدارة بدر دمشقية‪ .1‬وهي أصدرت أول دليل للفنادق‬ ‫َّ‬ ‫ظلت الجمعية واجهة شبه رسمية لقطاع السياحة في لبنان حتى ‪ 1948‬حين‬ ‫‪ 11‬‬ ‫ُأنشئت ‪‬المفوضية العامة للسياحة واالصطياف واإلشتاء‪ ‬فكان لها دور رئيس في‬ ‫الترويج السياحي‪ .‬عام ‪ُ 1959‬ألحقت المفوضية بوزارة اإلعالم ثم ُألغيت عام ‪1962‬‬ ‫بعد إنشاء المجلس الوطني إلنماء السياحة الذي عاش أربع سنوات حتى إنشاء وزارة‬ ‫السياحة عام ‪.1966‬‬


‫بدر دمشقية‬ ‫‪13‬‬

‫غطى َّ‬ ‫م من بيروت َّ‬ ‫كل لبنان‬ ‫عل َ ٌ‬

‫كتيب باألبيض واألسود حوى معلومات‬ ‫في ِّ‬ ‫وافية عن فنادق َّ‬ ‫بعضها عالمات بارزة‬ ‫شكل ُ‬ ‫في تاريخ بيروت االجتماعي والسياسي‪ .‬وفي‬ ‫الدليل معلومات عن فنادق في بيروت مثل‬ ‫‪‬بيروت باالس‪ ‬ألصحابه ساريكاكيس وشركاه‪،‬‬ ‫وهـما من‬ ‫و‪‬متروبول‪‬‬ ‫لصاحبيه باليك وإنغر ُ‬ ‫َ‬ ‫‪‬مياها جارية وهاتفً ا‪ ،‬وفندق ‪‬سان جورج‪‬‬ ‫يقدمان لزبائنهما‬ ‫الدرجة األولى‪ِّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫أسسته ‪‬شركة فنادق الشرق الكبرى‪ ‬ويصفه الدليل ‪‬خارج التصنيف‪‬‬ ‫ْ‬ ‫‪‬هاتفً‬ ‫ومياها جارية‪.‬‬ ‫أميركي‬ ‫ا‬ ‫وبار‬ ‫ا‬ ‫ومصعد‬ ‫مركزية‬ ‫وتدفئة‬ ‫ا‬ ‫لزبائنه‬ ‫ويقدم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫شامال بالفرنسية (لم نعثر على نسخة عربية‬ ‫دليال‬ ‫ثم أصدرت الجمعية‬ ‫َّ‬ ‫للفيالت والبيوت المعروضة لإليجار في جميع قرى لبنان مرتَّ َب ًة‬ ‫منه)‬ ‫ً‬ ‫وعدد‬ ‫موقعا ومساحة‬ ‫بيت‬ ‫بالتسلسل األبجدي‪ ،‬وفيه تفاصيل وافية عن كل ٍ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫وكلفة إيجار‪.‬‬ ‫خدمات‬ ‫ونوع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫غرف َ‬ ‫ً‬ ‫دليال أكثر‬ ‫عام ‪ 1937‬أصدرت الجمعية‬ ‫ملون‪ ،‬فيه الئحة بأسماء‬ ‫ً‬ ‫تطورا‪ ،‬بغالف َّ‬ ‫مندوبي الجمعية في جميع المناطق اللبنانية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تفاصيل‪ ،‬بمقاييسنا اليوم‪ ،‬مفاجئةٌ ‪،‬‬ ‫وفيه‬ ‫كالتعريف بفندق ‪‬كونتيننتال‪-‬عاليه‪ ‬لصاحبته‬ ‫السيدة أسما سلموني‪ :‬موظفوه يتكلمون‬ ‫يقدم وجبات‬ ‫األلمانية والعبرية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ومطبخه ّ‬ ‫كاشير (الطعام الحالل عند اليهود) للراغبين‪.‬‬ ‫وفي التعريف بــ ‪‬فندق عاليه الكبير‪‬‬ ‫‪‬مياها جارية وهاتفً ا‬ ‫لعائلة جبيلي أن فيه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫وصالة‬ ‫وملعب تنِ س‬ ‫وحديقة‬ ‫وأوركسترا‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ومعرفة‬ ‫وصالة لعب‬ ‫احتفاالت ومصفِّ َف َشعر‬ ‫ووجبات كاشير اختيارية‪.‬‬ ‫باللغات األجنبية‬ ‫ِ‬ ‫وبهمة عالية وحماسة كبيرة‪ ،‬واصل بدر دمشقية ورفاقه في الجمعية‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫سعيا لتنشيط السياحة واالصطياف في بلد آمنوا أن له‬ ‫نشاطهم الدؤوب ً‬ ‫ً‬ ‫موقعا‬ ‫تؤهله ليكون الوجهة السياحية األولى في المشرق‪:‬‬ ‫مقومات‬ ‫ٍ‬ ‫أساسية ِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مرغوبا‬ ‫ا‬ ‫متوسطي‬ ‫ا‬ ‫ومطبخ‬ ‫معتدال‬ ‫ا‬ ‫ومناخ‬ ‫أثرية‬ ‫ا‬ ‫ـمي‬ ‫م‬ ‫فريدةً‬ ‫وثروةً‬ ‫زً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫طبيعيا َّ‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫جاذبة أخرى‪.‬‬ ‫وعوامل‬ ‫رئيسا لتنظيم قطاع الفنادق بتنظيم عمل‬ ‫وكان بدر دمشقية مـحفِّ زً ا‬ ‫ً‬ ‫أصحاب المنشآت السياحية وتأطيرهم في منظومة واحدة‪ .‬ففي موقع‬


‫نقابة أصحاب الفنادق على األنترنت‪ :‬نهار‬ ‫‪ 17‬شباط ‪ 1937‬تنادى أصحاب اللوكندات‬ ‫لعقد أول اجتماع لهم لدى جمعية تنشيط‬ ‫ْ‬ ‫السياحة واالصطياف‪َّ ...‬‬ ‫ترأسه السيد بدر‬ ‫وحضر من أصحاب‬ ‫دمشقية ممثل الجمعية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اللوكندات السادة شكراهلل أبو رجيلي‪ ،‬ديب‬ ‫الهبر‪ ،‬نجيب خير اهلل‪ ،‬ضاهر أنطون‪،‬‬ ‫شاهين سرور‪ ،‬نسيب يمين‪َ ،‬أمين بشارة‪،‬‬ ‫سبع شاهين‪ ،‬يوسف رحمة‪ ،‬شكري كامل‬ ‫جزار‪ ،‬سعد الدين رعد‪ ،‬ميشال غسطين‪،‬‬ ‫رفيق قرقماز‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫المفوض السامي دو مارتيل (بالقبعة) بعد زيارة‬ ‫مكاتب الجمعية اواخر ‪ 1936‬وبدا الى يساره‬ ‫مصطفى ابو عز الدين ثم الدونا ماريا سرسق‬ ‫والى يمينه محمد شهيب مدير بنك مصر وبدر دمشقية‬ ‫(بالطربوش) ثم ميشال شيحا والبارون دو السوس‬

‫عبدالستار الالز‬

‫أول خطة مدروسة لتطوير قطاع االصطياف‬ ‫ً‬ ‫خطة شاملة‬ ‫وفي تشرين الثاني ‪ 1938‬رفعت الجمعية إلى الحكومة‬ ‫عامئذ مئة مليون‬ ‫لتطوير قطاع االصطياف والسياحة الذي بلغَ ت مداخيله‬ ‫ٍ‬ ‫بأن ّ‬ ‫وقدمت الجمعيةُ‬ ‫تقدمت في النهج‬ ‫‪‬كلما‬ ‫برنامجها ْ‬ ‫فرنك فرنسي‪ّ .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قناعتها العميقة بالثروات الهائلة التي يمكن‬ ‫ازدادت‬ ‫لنفسها‪،‬‬ ‫الذي رس َـم ْت ُه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫نظرا لـموقعه االستثنائي في‬ ‫االصطياف والسياحة أن يقدماها للبنان ً‬ ‫الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وذكرت الجمعية ّأن خطتها تمتد على خمس‬ ‫سنوات بتكاليف سنوية تتراوح بين ‪ 300‬ألف‬ ‫‪‬أساسا ِج ّد ًّيا‬ ‫و‪ 400‬ألف ليرة سورية‪ ،‬وتشكل‬ ‫ً‬ ‫يتعين البدء به‬ ‫للعمل المطلوب إنجازه والذي َّ‬ ‫َ‬ ‫وسألت‪ :‬لماذا نترك أنفسنا‬ ‫على الفور‪.‬‬ ‫فوائد جمة يمكن البالد‬ ‫التكاسل‬ ‫نخسر بسبب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أن تبدأ باإلفادة منها خالل السنوات المقبلة؟‬ ‫تطور المنافسة المحتملة‬ ‫ولماذا نخاطر أمام ُّ‬ ‫ورودس واليونان‪‬؟‬ ‫من قبرص ُ‬


‫يبدو ّأن الحصيلة العامة لعمل سنوات‬ ‫طويلة في هذا الميدان لم تكن مشجعة‪،‬‬ ‫عبر عنه‪ ،‬بـمرارةٍ ‪ ،‬بدر دمشقية‬ ‫وهو ما ّ‬ ‫في مقال بعنوان ‪‬الحكومات المتعاقبة‬ ‫لم تُ ْع َن باالصطياف‪ .‬هكذا يقول بدر بك‬ ‫دمشقية‪ ،‬نَ َش َرتْ ُه صحيفة ‪ ‬كل شيء‪‬‬ ‫في ‪ 15‬أيار ‪ 1947‬اتهم فيها الحكومات‬ ‫المتعاقبة بالتقصير في تطوير القطاع‬ ‫السياحي‪ .‬ومما جاء في المقال‪... :‬‬ ‫ّ‬ ‫ينحط ً‬ ‫سنة بعد‬ ‫نرى أن موسم اإلصطياف‬ ‫سنة مما ينذر بسوء العاقبة ‪ ...‬وهنا ال َّبد لنا من أن نقول بصراحة إن‬ ‫جميع حكوماتنا المتعاقبة‪ ،‬ويا لألسف‪ ،‬لم تُ عِ ر هذه الناحية الحيوية ً‬ ‫شيئا‬

‫بدر دمشقية‬

‫الخيبة من ُّ‬ ‫تلكؤ الدولة‬

‫‪15‬‬

‫غطى َّ‬ ‫م من بيروت َّ‬ ‫كل لبنان‬ ‫عل َ ٌ‬

‫عدةً ‪ ،‬منها زيادة‬ ‫وتضمنَ ت الخطة‬ ‫أفكارا َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫عدد المنازل في قرى الجبل لجذب ‪‬ماليين‬ ‫األشخاص حولنا م َّـمن ال يتمتعون بهبات‬ ‫الطبيعة‪ ،‬ويختنقون من الحرارة في بلدانهم‪،‬‬ ‫ومنها ضرورة بناء فنادق جديدة‪ ،‬وكازينوهات‪،‬‬ ‫وتحسين البنى التحتية في مراكز االصطياف‬ ‫وخدمات صحية وزيادة الرقابة‬ ‫من مياه وكهرباء َ‬ ‫على الفنادق وتنظيم مهرجانات ورحالت في‬ ‫ً‬ ‫شق طرق جديدة بين‬ ‫الطبيعة‪،‬‬ ‫فضال عن ّ‬ ‫القرى وصيانة الطرق القديمة‪.‬‬ ‫قسما يتعلق باإلشتاء‬ ‫وتضمنت الخطة‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫بالنقل‬ ‫يتعلق‬ ‫وآخر‬ ‫التزلج‪،‬‬ ‫رياضة‬ ‫وتطوير‬ ‫َ‬ ‫قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب‬ ‫البري الداخلي والنقل البحري الخارجي‪ ،‬وبدر دمشقية يوزعان الكؤوس‬ ‫واقتراحا بفتح مكاتب في العراق وفلسطين على الفائزين في بطولة لبنان للتزلج‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫في األرز عام ‪1948‬‬ ‫ومصر وفرنسا لتشجيع السياحة في لبنان‪.‬‬ ‫ال نعرف ماذا َّ‬ ‫ً‬ ‫زاوية تسهم في‬ ‫المفصلة التي لم تترك‬ ‫حل بهذه الخطة‬ ‫ّ‬ ‫تطوير وتنشيط السياحة واالصطياف في لبنان ّ‬ ‫إال تطرقت إليها مقترحةً‬ ‫َ‬ ‫والمبتكرة ِح ْـق َـبــتَ ــئِ ٍـذ في الثلث األول من القرن‬ ‫كثيرا من األفكار العصرية‬ ‫ً‬ ‫العشرين‪.‬‬


‫الجدي‪ ،‬حتى وال بحثت األسباب التي ّأدت إلى انحطاط‬ ‫من االهتمام‬ ‫ّ‬ ‫عاما بعد عام لتعمل على تالفيها‪ .‬وقد اكتفت باتِّ باع‬ ‫موسم االصطياف ً‬ ‫البرامج القديمة الجامدة كطبع النشرات واإلعالنات البسيطة‪ ،‬وزيارة‬ ‫لماما‪ ،‬وتوزيع الدليل المعهود‪ ،‬وما أشبه من التدابير األولية التي‬ ‫الفنادق ً‬ ‫ال تسمن وال تغني من جوع‪ ،‬وال توصل إلى شيء من اإلصالح الحقيقي‬ ‫والمنشود‪ .‬بل ال أبالغ إذا قلت إنها أتت وتأتي بنتائج معكوسة‪ ،‬ألن‬ ‫المصطاف يلمس ً‬ ‫شاسعا بين الوصف والحقيقة‪ .‬فهذا االستخفاف‬ ‫بونا‬ ‫ً‬ ‫ضته‬ ‫والتفاهم من ِق َـبـل المسؤولين قد أنزل بالموسم‬ ‫عر ْ‬ ‫ً‬ ‫أضرارا بالغة َّ‬ ‫بحق أنه إذا استمر الحال على هذا‬ ‫للخطر والزوال حتى أصبحنا نعتقد ٍّ‬ ‫المنوال‪ ،‬ولم ُيتَ دارك األمر بسرعة وحكمة وعمل إيجابي‪ ،‬فلن يمضي‬ ‫ـحرم البالد من‬ ‫وقت طويل حتى ُيقضى على هذه المواسم الحيوية‪ ،‬وتُ َ‬ ‫عظيم فوائدها المادية والمعنوية‪.‬‬ ‫‪16‬‬

‫إمتياز جر المياه إلى قرى االصطياف‬

‫عبدالستار الالز‬

‫في الجلسة الحادية عشرة من العقد العادي األول لسنة ‪،1939‬‬ ‫مشروع قانون ُم ً‬ ‫بجر وتوزيع‬ ‫ناقش مجلس النواب‬ ‫َ‬ ‫ـحاال من الحكومة يتعلق ّ‬ ‫مياه الشرب في قرى عين الجديدة والعبادية وشويت وعاريا والكحالة‬ ‫وبعلشميه وبتاتر وعين الرمانة والقماطية وسوق الغرب وكيفون وعين‬ ‫يعتبر هذا المشروع كمصلحة‬ ‫السيدة وعيناب وعيتات وغيرها‪ ،‬على أن َ‬ ‫عامة يمكن للحكومة إعطاء امتيازها‪.‬‬ ‫ومن الحوار الذي جرى إبان الجلسة‪:‬‬ ‫جدا ألنه يجلب مياه الشرب إلى‬ ‫– اسكندر البستاني‪ :‬المشروع مفيد ً‬ ‫ضروري ومفيد‪ ،‬أرى‬ ‫منطقة اصطياف مهمة‪ .‬ومع رأيي أن هذا المشروع‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫وتقع‬ ‫العمل‬ ‫سير‬ ‫يتعرقل‬ ‫أن تسعى الحكومة لتمهيد كل العقبات حتى ال‬ ‫َ‬ ‫الحكومة في خسائر مادية ومتاعب عدلية‪.‬‬ ‫عمون‪ :‬من هو صاحب االمتياز؟‬ ‫– شارل ّ‬ ‫– وزير األشغال (كبريال خباز)‪ :‬بدر دمشقية‪.‬‬


‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫النقد عالمة سيادة الدولة‪:‬‬

‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬

‫صور‪ ،‬الصرف ْند‪ ،‬صيدا‪ :‬مطالع م ُدننا على العملة الورقية‬ ‫ُ‬ ‫وسام اللحام‬ ‫دراسة النقد ال تقتصر على علم االقتصاد من حيث اهتمامه بالمال‬ ‫من الناحية الوظيفية فقط (أي دور المال في حركة السوق واالنتاج‬ ‫دراست ُه تتم من حيث تاريخ نشأته وتطوره عبر الزمن‬ ‫وتراكم الثروات)‪ ،‬بل‬ ‫ُ‬ ‫عرفتها في هذا البلد أو ذاك‪ .‬فالعمالت المعدنية‬ ‫وفق أشكال مختلفة‬ ‫ْ‬ ‫والورقية وثائق تاريخية تنقل ثقافة الشعوب وتعكس حضارتها‪ ،‬ويعتمد‬ ‫عليها الباحثون مصادر ُأولى للمعلومات تتيح إعادة تكوين التاريخ السياسي‬ ‫واالجتماعي لألمم الغابرة‪ .‬كما يدخل النقد في علم اآلثار إذ يفتح نافذة‬ ‫على الماضي السحيق تطل على ما َّ‬ ‫خلفته حضارات قديمة من تراث ثقافي‬ ‫وسياسي ومعماري‪.‬‬ ‫يعرف النقود (أو ‪‬السكة‪ )‬بأنها ‪‬الختم‬ ‫هوذا ابن خلدون في مقدمته ّ‬ ‫نقش‬ ‫على الدنانير والدراهم‬ ‫المتعامل بها بين الناس بطابع حديد تُ َ‬ ‫َ‬ ‫ضرب بها على الدينار أو الدرهم‪ ،‬فتخرج‬ ‫فيه صور أو كلمات مقلوبة‪ُ ،‬وي َ‬ ‫رسوم تلك النقوش عليها ظاهرةً مستقيمةً بعد أن يعتبر عيار النقد من‬ ‫ذلك الجنس في خلوصه بالسبك مرة بعد أخرى‪ ‬ويضيف بأنها ‪‬وظيفة‬ ‫للملك إذ بها يتميز الخالص من المغشوش بين الناس في‬ ‫ضرورية ُ‬ ‫ويتقون في سالمتها الغش من ختم السلطان‬ ‫النقود عند المعامالت‪َّ ،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫عليها بتلك النقوش المعروفة‪. ‬‬ ‫قيمة النقد من قيمة معدنه‬ ‫سائدا للنقود باعتبارها معادن ثمينة‬ ‫تقليديا‬ ‫يتبنى ابن خلدون تعريفً ا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫أساسا من الذهب والفضة‪ .‬فقيمة النقد كانت لدى القدماء تنبع‬ ‫مصنوعة‬ ‫ً‬ ‫وختم السلطان‬ ‫من قيمة معدنها‪ :‬الدينار من ذهب‪ ،‬والدرهم من فضة‪ْ ،‬‬ ‫عليها تأكيد الدولة على وزن هذه القطعة‪ ،‬أي أن الدولة ال تخلق قيمة‬ ‫المعدن الثمين بل تضمن وزن القطعة‪ .‬لذا كانت النقود قبل العصر‬ ‫‪ 11‬‬

‫مقدمة ابن خلدون‪ ،‬دار ومكتبة الهالل‪ ،‬بيروت‪ ،1983 ،‬ص‪.170 .‬‬


‫‪18‬‬

‫الحديث مصنوعة من المعدن فقط ألن النقود الورقية (وهي اليوم من‬ ‫شائعة وبديهية) مصنوعة من ورق أي من مادة قيمتها متدنية إن لم تكن‬ ‫وقيمتها إبرائية ألن الثقة بها تأتي من خارجها أي من‬ ‫شبه معدومة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الدولة التي أصدرتها ال من قيمة المادة التي صنعت منها‪ .‬ومع أن أكثر‬ ‫ـحدث انتشار‬ ‫من دولة في القرن التاسع عشر أصدرت عمالت ورقية‪ ،‬لم َي ُ‬ ‫النقد الورقي ّ‬ ‫إال في القرن العشرين‪ ،‬ال سيما بعد الحرب العالمية األولى‬ ‫(‪ )1918–1914‬التي َأرغمت الدول على التخلي عن نظام التغطية الذهبية‬ ‫الستحالة استبدال العملة الورقية بما يماثلها من نقود ذهبية‪ ،‬بل باتت‬ ‫قيمتها تقتصر على ثقة الجمهور بالدولة التي أصدرتها‪.‬‬ ‫كيف نشأ النقد الورقي اللبناني خالل مرحلة االنتداب الفرنسي‪ ،‬تركيزً ا‬ ‫على تصميم األوراق النقدية باستعراض الصور التي ظهرت عليها وتحديد‬ ‫مصدرها؟ نقتصر في هذا البحث على الفترة من إنشاء البنك السوري‬ ‫(أول مؤسسة إصدار رسمية عرفها لبنان سنة ‪ )1919‬وسنة ‪ 1964‬مع انتهاء‬ ‫امتياز بنك سوريا ولبنان وانتقال مهمة إصدار النقد إلى مصرف لبنان‪.‬‬

‫وسام اللحام‬ ‫‪ 100‬ليرة اصدار بنك سوريا ولبنان الكبير سنة ‪1935‬‬ ‫ويظهر عليها صورة المركز الرئيسي للبنك‬

‫بطاقة بريدية‪ :‬مبنى البنك االمبراطوري العثماني في‬ ‫منطقة المرفأ والذي أصبح الحقا مبنى البنك السوري‬

‫إبان االنتداب الفرنسي‬ ‫‪ .1‬مؤسسات اإلصدار َ‬

‫النقد من عالمات سيادة الدولة التي يحق لها وحدها إصدار عملة‬ ‫وطنية تفرض استخدامها على كامل أراضيها‪ .‬سنة ‪ 1863‬قررت الدولة‬ ‫ً‬ ‫شركة‬ ‫العثمانية منح البنك األمبراطوري العثماني (تأسس سنة ‪1856‬‬ ‫أجنبية خاصة برأسمال إنكليزي فرنسي مشترك) امتيازَ إصدار النقد‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫رسمية تتولى إصدار النقد الورقي‬ ‫إصدار‬ ‫مؤسسة‬ ‫حصرا‪ ،‬فتحول‬ ‫الورقي‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫من فئة ليرة تركية وما فوق‪ ،‬وظل سك النقود المعدنية صالحية حصرية‬ ‫فروعا متعددة له في مختلف مدن السلطنة العثمانية‪،‬‬ ‫للدولة‪ .‬وافتتح البنك‬ ‫ً‬ ‫َوأ َ‬ ‫نشأ فرع بيروت في تشرين األول ‪.1856‬‬


‫النقد عالمة سيادة الدولة‬ )1964( ‫) إلى مصرف لبنان‬1919( ‫من البنك السوري‬

19

‫ وانسحابه‬،‫مع هزيمة الجيش التركي في نهاية الحرب العالمية األولى‬ ‫ وجد البنك األمبراطوري العثماني أن‬،1918 ‫من لبنان وسوريا سنة‬ ‫مصالحه باتت مهددة لعجزه عن االستمرار في وظيفته كمؤسسة إلصدار‬ ‫ لذا اجتمع في باريس‬.‫النقد في مناطق انفصلت عن الدولة العثمانية‬ ‫مجلس إدارة البنك (ال ُـم َش َّكل من مستثمرين إنكليز وفرنسيين) وسارع في‬ ‫البنك السوري‬ ‫ إلى إنشاء شركة جديدة عرفت بــ‬1919 ‫ كانون الثاني‬2 ‫ سهم يملك منها‬20000 ‫برأسمال عشرة ماليين فرنك فرنسي موزعة على‬ .‫ سهم‬18900 ‫البنك العثماني‬ ً ‫خوفا من المنافسة‬ ‫إنشاء البنك السوري بهذه السرعة كان كي يحصل من سلطات االحتالل‬ ‫ وكي يقطع‬،‫الفرنسي على امتياز إصدار النقد الورقي في سوريا ولبنان‬ ‫الطريق على منافسة بنوك أخرى قد تنقَ ُّض على مرحلة اضطراب سياسي‬ .2‫في البالد فتعزز نفوذها‬ ‫ـحث في أهمية‬ َ ‫) َب‬1919 ‫ كانون الثاني‬3 – ‫في مؤتمر اقتصادي (باريس‬ ‫المصالح الفرنسية في سوريا ولبنان وضرورة إنشاء بنك يخلف البنك‬ ‫ ألقى أحد‬،‫العثماني في تلك المناطق المنفصلة عن السلطنة العثمانية‬ :‫خطابا جاء فيه‬ ‫مدراء البنك الشاهاني العثماني‬ ً

«La Banque Impériale Ottomane a une connaissance parfaite des besoins, des capacités et des usages du pays; la réouverture de ses agences et le rétablissement des communications avec elles va même lui permettre d’avoir des renseignements de première source sur les répercussions qu’a pu avoir la guerre sur l’état économique de la Syrie. De plus, grâce à l’ancienneté et à retendue de ses restions avec la clientèle locale, elle a pu apprécier la valeur des principaux commerçants des places syriennes et elle pourrait, mieux que quiconque, dispenser le crédit nécessaire pour faciliter le commerce d’exportation. Enfin, la Banque Impériale Ottomane a d’importants intérêts dans les diverses entreprises créées en Syrie ; elle peut ainsi suivre de plus près les affaires syriennes et participer activement au développement économique du pays. A ce rôle nouveau, la Banque Ottomane ne rencontre qu’un obstacle: à savoir sa nationalité turque et sa qualité de Banque Samir Saul, «La Banque de Syrie et du Liban (1919–1970): banque 22 française en Méditerranée orientale», Entreprises et histoire, 2002/4, n° 31, p. 71–92.


‫‪d’État de l›Empire Ottoman. Mais il importe de rappeler que,‬‬ ‫‪dans son essence, elle est un groupement de capitaux français‬‬ ‫‪et anglais et qu›elle obéit à des directions françaises et anglaises.‬‬ ‫‪Il lui suffirait donc, pour la Syrie, de se dégager de cette forme,‬‬ ‫‪de changer en nationalité de droit sa nationalité de fait, pour‬‬ ‫‪constituer l’organisme financier le mieux outillé pour être le‬‬ ‫‪support de l’influence économique française en Syrie»3.‬‬

‫‪20‬‬ ‫وسام اللحام‬

‫خمس ليرات عثمانية اصدار الخزينة العثمانية سنة ‪1915‬‬

‫في ‪ 31‬أذار ‪ 1920‬أصدر المفوض السامي الجنرال هنري غورو القرار‬ ‫رقم ‪ 129‬الذي أنشأ عملة جديدة عرفت بــ ‪‬الليرة السورية‪ ‬وفي مادته‬ ‫الثالثة منح البنك السوري امتياز إصدارها فقط على شكل عملة ورقية‪.‬‬ ‫وكان البنك استبق هذا القرار‪ ،‬كما صدر يومها في الصحف المحلية‪ :‬من‬ ‫نهار أمس أول أذار باشر بنك سورية أعماله في بيروت وجميع المعامالت‬ ‫والعالقات التي كانت مع البنك العثماني في بيروت أصبحت منوطة‬ ‫ببنك سورية وهو في محل البنك العثماني نفسه ومديره العام الخواجا‬ ‫ماريوس هانموغلو والمدير المعاون المسيو نوبله‪.4‬‬ ‫اتفاقات لبنان الكبير‬ ‫البنك السوري‪ ،‬إلحكام سيطرته وتأكيد وجوده في المناطق الخاضعة‬ ‫ً‬ ‫اتفاقا (تشرين الثاني ‪ )1921‬مع البنك العثماني‬ ‫لالنتداب الفرنسي‪ ،‬عقد‬ ‫‪Importance actuelle des Intérêts français en Syrie. Leur développement‬‬ ‫‪ 33‬‬ ‫‪dans l’avenir. La Banque de Syrie, Communication faite, le 3 janvier 1919,‬‬ ‫‪au Congrès Français de la Syrie, par M. BOISSIRRE, Directeur de la Banque‬‬ ‫‪Impériale Ottomane, à Paris, p. 25.‬‬

‫‪ 44‬‬

‫البشير‪ 2 ،‬آذار ‪ ،1920‬عدد ‪.2539‬‬


‫‪ 55‬في المادة الخامسة من االتفاقية‪ :‬يحق للبنك دون سواه أن يصدر ً‬ ‫أوراقا نقدية‬ ‫تدفع قيمتها لحاملها عند االطالع عليها في دوائره بالبالد السورية وبالد لبنان‬ ‫سنتيما‬ ‫الكبير‪ ،‬وذلك ِب ِش ّك على باريس أو مرسيليا كما يشاء حامله‪ ،‬بمعدل عشرين‬ ‫ً‬ ‫فرنسويا لكل قرش وتكون هذه األوراق بقيمة قرش واحد‪ ،‬وخمسة قروش‪ ،‬وعشرة‬ ‫ًّ‬ ‫قرشا‪ ،‬وخمسين ً‬ ‫قروش‪ ،‬وخمسة وعشرين ً‬ ‫قرشا‪ ،‬وليرة واحدة‪ ،‬وخمس ليرات‪ ،‬وعشر‬ ‫ليرات‪ ،‬وخمس وعشرين ليرة‪ ،‬وخمسين ليرة‪ ،‬ومئة ليرة‪.‬‬

‫النقد عالمة سيادة الدولة‬

‫بنك سوريا ولبنان‬ ‫توقيع اتفاقية بين البنك ودول االتحاد‬ ‫في ‪ 23‬كانون الثاني ‪ 1924‬تَ َّـم‬ ‫ُ‬ ‫السوري ولبنان الكبير لفترة ‪ 15‬سنة تنتهي في ‪ 31‬أذار ‪ .1939‬ومع انتهاء‬ ‫فترة هذا االمتياز أجرت الحكومة اللبنانية في عهد الرئيس إميل اده‬ ‫مفاوضات مع البنك لعقد اتفاق جديد توقّ ع مثله الحكومة السورية‪ ،‬ما لم‬ ‫يحصل ألن سوريا قطعت المفاوضات مع البنك فعقد معه لبنان اتفاقية‬ ‫وع ِّدل االسم‬ ‫منفصلة‪ ،‬وتَ َّـم في ‪ 29‬أيار ‪ 1937‬توقيع اتفاق لفترة ‪ 25‬سنة ُ‬ ‫من بنك سوريا ولبنان الكبير إلى ‪‬بنك سوريا ولبنان‪ ‬الذي استمر طيلة‬ ‫الفترة (‪ 25‬سنة) يعمل كمؤسسة اإلصدار الرسمية في لبنان‪ ،‬ثم فقد‬ ‫ومنحته إلدارة‬ ‫هذه الصفة في سوريا التي في آذار ‪ 1950‬سحبت امتيازه‬ ‫ْ‬

‫‪21‬‬

‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬

‫أن يتخلى عن فروعه التسعة في سوريا ولبنان فتصبح تابعة مباشرة‬ ‫لـ ‪‬البنك السوري‪.‬‬ ‫مع األول من أيلول ‪( 1920‬إعالن دولة لبنان الكبير) بات للبنان حكم‬ ‫منتخبة يجسدها مجلس تمثيلي (أصبح ‪‬مجلس‬ ‫ذاتي بسلطة محلية‬ ‫َ‬ ‫النواب‪ ‬سنة ‪ 1926‬مع َتبنِّ ي الدستور)‪ .‬هذا الواقع الجديد ولَّ د منهجية‬ ‫فرض امتياز جديد بـمجرد‬ ‫مختلفة فما عادت سلطات االنتداب تستطيع‬ ‫َ‬ ‫قرار (كما فعل غورو) بل باتت مضطرة للتفاوض مع المجلس التمثيلي‬ ‫إلصدار النقد‪ ،‬وهو ما ت ّـم بالفعل في اتفاقية ‪ 23‬كانون الثاني ‪1924‬‬ ‫تجديد امتيازها لفترة ‪ 15‬سنة‪.‬‬ ‫بتصديق المجلس التمثيلي اللبناني‪ ،‬ثم ت َّـم‬ ‫ُ‬ ‫تكرست التطورات السياسية بتعديل اسم البنك إلى ‪‬بنك سوريا‬ ‫هكذا َّ‬ ‫ولبنان الكبير‪ ‬ما انعكس على األوراق النقدية التي سيضعها البنك في‬ ‫نصت‬ ‫التداول‪.5‬‬ ‫ً‬ ‫وحرصا على استقالل الكيان اللبناني وانفصاله عن سوريا َّ‬ ‫المادة السادسة من االتفاقية على إنشاء فئتين من األوراق المالية على‬ ‫أن ُيكتَ ب على رأس إحداها ‪‬لبنان الكبير‪ ‬وعلى رأس الفئة األخرى‬ ‫‪‬سوريا‪ ،‬وكان يمكن تداول األوراق في جميع األراضي الخاضعة لالنتداب‬ ‫أي جدوى اقتصادية‬ ‫بدون تفريق إذ لم يكن للفصل بين سلسلتَ ـي األوراق ُّ‬ ‫بل غايته سياسية فقط‪.‬‬


‫مرتبطة بوزارة المالية تدعى ‪‬مؤسسة إصدار النقد السوري‪ .‬هكذا تحول‬ ‫بنك سوريا ولبنان إلى مصرف تجاري عادي في سوريا‪.‬‬ ‫قبيل نهاية امتياز بنك سوريا ولبنان أصدر الرئيس فؤاد شهاب (في‬ ‫‪ 1‬آب ‪ )1963‬قانون النقد والتسليف وفي المادة ‪ 12‬منه إنشاء مصرف‬ ‫لبنان وما زال حتى اليوم هو المصرف المركزي ومؤسسة اإلصدار الرسمية‪.‬‬ ‫باشر أعماله في ‪ 1‬نيسان ‪ 1964‬ثم انتقل في ‪ 24‬نيسان إلى مبناه الحالي‪.‬‬ ‫‪ .2‬والدة الليرة اللبنانية‬

‫‪22‬‬ ‫وسام اللحام‬

‫جزءا من السلطنة العثمانية‪،‬‬ ‫في نهاية القرن التاسع عشر كان لبنان ً‬ ‫وتوزعت أراضيه بين متصرفية جبل لبنان ووالية بيروت ووالية سوريا‪.‬‬ ‫أساسا من ثالث فئات‪:‬‬ ‫وكان النقد الرسمي المتداول يتشكل‬ ‫ً‬ ‫أ‪ .‬عملة معدنية (ذهبية‪ ،‬فضية‪ ،‬نحاسية ونيكل) َّ‬ ‫سكتها الدولة وكانت‬ ‫الليرة التركية مئة قرش وكل قرش ‪ 40‬بارة‪.‬‬ ‫ب‪ .‬نقد ورقي أصدره البنك الشاهاني العثماني بين ‪ 1863‬و‪1914‬‬ ‫لكن التداول به في الواليات العثمانية ظل‬ ‫بموجب امتياز خاص من الدولة‪ّ ،‬‬ ‫محدودا واقتصر على العاصمة اسطنبول‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ج‪ .‬عملة ورقية أصدرتها الخزينة العثمانية بعد اندالع الحرب العالمية‬ ‫سب ْبتها الحرب‪ .‬وألن تلك األوراق صدرت‬ ‫األولى لتغطية أعباء مالية َّ‬ ‫قيمتها من مئة قرش ذهبي (قيمتها االسمية‬ ‫بكميات كبيرة جدا‪ ،‬تدهورت ُ‬ ‫القانونية) إلى تسعة قروش ذهبية (كانون األول ‪ .)1918‬وفي نص الخوري‬ ‫أنطون يمين شهادة شاهد عيان‪ ،‬فكتب عن هذه األوراق المالية‪ :‬اتفق‬ ‫طلعت باشا وزير المالية في تلك األيام مع زمالئه الوزراء على طبع‬ ‫الماليين من الورق التركي (‪ .)...‬طبعوه ووزعوه في والياتهم العثمانية‬ ‫وأصدروا األوامر المشددة بلزوم تداوله وإلغاء المعاملة بالذهب والفضة‪.‬‬ ‫كثيرا جراء ذلك‪ ،‬ولم يكن ألرباب األموال عندنا أدنى‬ ‫هاجت األفكار‬ ‫ً‬ ‫ثقة بمالية تلك الدولة البائدة‪ .‬بثُّ وا العيون في كل األماكن وكلفوا‬ ‫الجواسيس العديدين باكتشاف المكنون من الذهب في جيوب األهالي‪،‬‬ ‫فأخذوا مبالغ طائلة من الذهب في صناديق الشعب ونقدوهم الورق‬ ‫التركي بدل الذهب‪ )...( 6...‬وما قطعنا األيام األولى من شباط‬ ‫ً‬ ‫جدا‪ .‬ونتيجة ذلك‬ ‫هبوطا‬ ‫‪ 1917‬حتى هبطت عملة الورق التركي‬ ‫ً‬ ‫فاحشا ًّ‬ ‫‪ 66‬الخوري انطون يمين اللبناني‪ ،‬لبنان في الحرب العمومية‪ ،‬المطبعة األدبية‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،1919 ،‬ص‪.117 .‬‬


‫السقوط رفع التجار في كل البالد السورية أثمان بضائعهم وحوائجهم‬ ‫إلى درجة فاحشة للغاية‪.7‬‬

‫النقد عالمة سيادة الدولة‬

‫‪7 7‬‬ ‫‪ 88‬‬

‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.141 .‬‬ ‫أي سعر الصرف الرسمي‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬

‫الجنيه المصري ترفضه سلطة االنتداب‬ ‫حين احتل الجيش اإلنكليزي المنطقة أصدر القائد العسكري الجنرال‬ ‫أمرا أجاز التداول بالجنيه الورقي الصادر‬ ‫ِّألنبي في ‪ 23‬تشرين الثاني ‪ً 1917‬‬ ‫عن البنك األهلي المصري (كان مع الجنود اآلتين من مصر)‪ .‬انتشر النقد‬ ‫الورقي المصري في المناطق الساحلية لفلسطين ولبنان وسوريا‪ .‬استاء‬ ‫ضرب نفوذهم‪ ،‬فسارع البنك السوري إلى طبع‬ ‫الفرنسيون واجدين فيه‬ ‫َ‬ ‫اعتبارا من ‪،1919‬‬ ‫عملة ورقية‬ ‫ً‬ ‫وصلت منها الدفعة األولى‬ ‫إلى بيروت في كانون األول‬ ‫‪( 1919‬سرعة قياسية) قبل‬ ‫أن يحصل البنك على امتياز‬ ‫إصدار النقد الورقي‪ ،‬وهو ما‬ ‫حصل الحقً ا مع قرار غورو‬ ‫رقم ‪ 129‬في نهاية آذار ‪1920‬‬ ‫وهو قضى بإنشاء عملة جديدة نموذج لخمسة قروش اصدار البنك السوري ‪1919‬‬ ‫هي الليرة السورية‪.‬‬ ‫أوكل البنك السوري طباعة هذه األوراق إلى شركة برادبري ولكنسون‬ ‫العريقة في لندن‪ ،‬وتراوحت الفئات من قرش سوري واحد إلى مئة ليرة‬ ‫سورية‪ ،‬وكانت تغطية العملة الجديدة بالفرنك على شكل ودائع في فرنسا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فرنسيا (الليرة ‪ 100‬غرش سوري‪،‬‬ ‫فرنكا‬ ‫وتساوي كل ليرة سورية عشرين‬ ‫ًّ‬ ‫والغرش ‪ 100‬سنتيم)‪ .‬وضع البنك هذه األوراق في التداول في أول أيار‬ ‫أي تداول بالجنيه المصري‪.‬‬ ‫ومنِ َع‬ ‫تدريجيا ُّ‬ ‫‪ُ 1920‬‬ ‫ًّ‬ ‫فرضت السلطات الفرنسية التداول باألوراق النقدية الجديدة لكن‬ ‫الجمهور شكك بها لتقلب سعر صرفها‪ .‬ولتشجيع الناس على قبول الليرة‬ ‫السورية أصدر البنك السوري ً‬ ‫بيانا جاء فيه‪ :‬يعلن بنك سورية لكل من‬ ‫يريد الحصول على أوراق النقد السوري أنه سيقوم بصرف قطعه مجانً ا‪.‬‬ ‫وهو يضع تحت أمر الجمهور جميع القطع الصغيرة من كل الفئات‬ ‫وغدا‬ ‫ويقبض لقاءها أوراقا سورية أو مصرية على حساب سعر الكمبيو‪ً .8‬‬


‫خصيصا لهذه الغاية من الساعة ‪9‬‬ ‫نهار األحد ‪ 2‬أيار سيفتح البنك‬ ‫ً‬ ‫صباحا إلى الظهر‪.9‬‬ ‫ً‬

‫‪24‬‬ ‫وسام اللحام‬

‫العملة الفرنسية تكفل الليرة السورية‬ ‫وفي ‪ 12‬تموز ‪ 1920‬أصدر المندوب االداري للمنطقة الغربية الكولونيل‬ ‫ً‬ ‫رسميا جاء فيه‪ :‬على سكان القرى أن يطمئنوا إلى التعامل‬ ‫إعالنا‬ ‫نيجر‬ ‫ًّ‬ ‫بالعملة السورية التي هي مكفولة بالعملة الفرنسوية وتُ وازيها قيمة‪.‬‬ ‫والحكومة الفرنساوية‪ ،‬تسهيالً الستبدال العملة المصرية بالعملة‬ ‫السورية‪ ،‬عمدت موقتً ا إلى تخصيص دائرتين‪ :‬في إدارة مالية الجيوش وفي‬ ‫يقدم لها من العملة المصرية على‬ ‫إدارة بنك سورية‪ ،‬تقومان بتبديل ما َّ‬ ‫أسعار كمبيو باريس اليومية‪ .‬على هذه الصورة يمكن لكل من لديه عملة‬ ‫تكليف وال حسم‪.‬‬ ‫مصرية أن يستبدلها بعملة سورية بقيمتها األصلية دون‬ ‫ٍ‬ ‫مع اتفاقية ‪( 1924‬تحويل البنك السوري إلى بنك سوريا ولبنان الكبير)‬ ‫تقرر تعديل تسمية العملة الرسمية كي تصبح الليرة اللبنانية السورية بدل‬ ‫الليرة السورية‪ .‬وجرى طبع سلسلة جديدة من األوراق النقدية إنما على‬ ‫المصدرة من ‪ً 25‬‬ ‫غرشا إلى‬ ‫المطابع التابعة لبنك فرنسا‪ ،‬فتراوحت الفئات‬ ‫َّ‬ ‫‪ 100‬ليرة لبنانية سورية‪ ،‬حملت جميعها تاريخ ‪ 15‬نيسان ‪ ،1925‬لكنها لم‬ ‫توضع في التداول إال من ‪ 28‬شباط ‪.1927‬‬ ‫الليرة اللبنانية لم تُ بصر النور قبل ‪ 1937‬إذ أدى توقيع لبنان اتفاقية‬ ‫قانونيا عن نظيرتها السورية‪.‬‬ ‫إحاديا إلى انفصال الليرة اللبنانية‬ ‫‪1937‬‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫‪10‬‬ ‫نصت على تعديل العملة إلى الليرة اللبنانية بدل الليرة‬ ‫فالمادة الثانية َّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية السورية‪ ،‬مع تنفيذ اتفاقية ‪ 1937‬لم يبدأ إال سنة ‪ 1939‬تاريخ‬ ‫انتهاء مدة اتفاقية ‪ 1924‬القديمة‪ .‬هكذا أصدر بنك سوريا ولبنان أول‬ ‫مجموعة لبنانية خالصة ُطبعت في فرنسا وحملت تاريخ ‪ 1‬نيسان ‪،1939‬‬ ‫المصدرة من ليرة واحدة إلى ‪ 50‬ليرة‪ .‬ثم أجاز المفوض‬ ‫وتراوحت الفئات‬ ‫َّ‬ ‫السامي إصدار ورقة من فئة ‪ 250‬ليرة‪.‬‬ ‫االثنين ‪ 2‬شباط ‪ 8 :1948‬ساعات لتبديل العملة‬ ‫ظلت الليرة اللبنانية مرتبطة بالفرنك الفرنسي‪ .‬ومع االنفصال القانوني‬ ‫ً‬ ‫مشابهة الليرةَ السورية من الجوانب االقتصادية‪:‬‬ ‫في اتفاقية ‪ 1937‬ظلت‬ ‫‪ 99‬البشير‪ ،‬تاريخ ‪ 1‬أيار ‪ ،1920‬عدد ‪.2564‬‬ ‫‪ 110‬إن العملة اللبنانية التي تبقيها السلطات العمومية مساوية للعملة الفرنسوية هي‬ ‫العملة القانونية الوحيدة في لبنان او وحدة النقد هي الليرة اللبنانية وهي تعادل عشرين‬ ‫ً‬ ‫فرنسويا وتقسم الى ماية قرش‪.‬‬ ‫فرنكا‬ ‫ًّ‬


‫(‪Bradbury‬‬

‫استعان البنك السوري بخبرة شركة برادبري ولكنسون‬ ‫‪ )Wilkinson‬في لندن لطباعة المجموعة األولى من أوراق نقدية ُح ِّد َد‬ ‫السماح سنة ‪ 1921‬بوضعها في التداول بمبلغ ‪ 12.5‬مليون ليرة سورية‬ ‫موزعة على مختلف الفئات‪.‬‬ ‫تولّ ت شركة برادبري ولكنسون (تأسست سنة ‪ )1856‬تصميم وطباعة‬ ‫األوراق النقدية لمجموعة كبيرة من دول العالم بطريقة الصور النقشية‬ ‫(‪ )gravures‬على العمالت الورقية‪ .‬والصورة النقشية (‪ )estampe‬هي كل‬ ‫طب ُع على ورقة باستخدام قالب من حجر أو خشب أو فوالذ‪ .‬جمال‬ ‫رسم ُي َ‬ ‫يدويا بـمهارة كبيرة‬ ‫هذه التقنية في حرفيتها العالية‪ :‬يـحفُ ُر الفنان‬ ‫القالب ًّ‬ ‫َ‬ ‫يحولها‬ ‫كي‬ ‫رسمها‬ ‫يكون‬ ‫والتي‬ ‫المزمع نقشها‬ ‫ودقة عالية‪ ،‬وأمامه الصورة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫النقاش إلى قالب جاهز لعملية الطباعة‪.‬‬ ‫الصور النَ قشية‬ ‫تقنية‬ ‫َ‬ ‫أجمل الصور النقشية صدرت في كتب رحالة ومستشرقين أوروبيين‬ ‫أخصها األراضي المقدسة التي شكلت‬ ‫زاروا مناطق من السلطنة العثمانية‪ُّ ،‬‬

‫النقد عالمة سيادة الدولة‬

‫وموضوعا‬ ‫تصميما‬ ‫‪ .3‬األوراق النقدية‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫‪25‬‬

‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬

‫داول في سوريا‪ .‬وسنة‬ ‫يتم التداول بها في لبنان كما الليرة اللبنانية تُ تَ َ‬ ‫‪ 1948‬وقَّ ع لبنان اتفاقية مع فرنسا قضت بفك االرتباط بين الليرة اللبنانية‬ ‫والفرنك الفرنسي‪ .‬هكذا بات على كل من لبنان وسوريا تأمين تغطية‬ ‫عملتهما وفق سياستهما االقتصادية‪ .‬اختلف سعر صرف الليرة اللبنانية‬ ‫والليرة السورية فأصدرت وزارة المالية اللبنانية ً‬ ‫بيانا للجمهور اللبناني‬ ‫وحدد لذلك نهار‬ ‫بضرورة تبديل األوراق السورية معهم إلى أوراق لبنانية‪َّ ،‬‬ ‫صباحا و‪ 4:00‬بعد الظهر‪.‬‬ ‫االثنين ‪ 2‬شباط ‪ 1948‬بين الساعة ‪8:00‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أوراقا جديدة‬ ‫وكان بنك سوريا ولبنان منذ ‪ 1946‬وضع في التداول‬ ‫حملت تاريخ ‪ 1‬كانون األول ‪ 1945‬ظهرت عليها بشكل صريح قيمة الفئة‬ ‫بالليرة اللبنانية‪ .‬واستمر هذا البنك بإصدار العملة الورقية اللبنانية حتى‬ ‫‪ 1964‬تاريخ انتهاء امتيازه‪ .‬وآخر مجموعة له كانت سلسلة فئات حملت‬ ‫تاريخ ‪ 1952‬وطبعت أكثر من مرة وعرفت بين الجمهور بــ ‪‬المجموعة‬ ‫الشمعونية‪ ‬ألن وضعها بالتداول تزامن مع بداية عهد الرئيس كميل‬ ‫واعتبارا من ‪ 1‬آذار ‪ 1966‬وضع مصرف لبنان أوراقه في التداول‬ ‫شمعون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تدريجيا أوراق بنك سوريا ولبنان‪ ،‬وما زال حتى اليوم يؤدي مهامه‬ ‫مستبدال‬ ‫ً‬ ‫كمؤسسة اإلصدار للعملة الوطنية‪.‬‬


‫‪26‬‬ ‫وسام اللحام‬

‫هدفً ا للحج أو التأمل بمصير األمم والحضارات الغابرة‪ .‬كان المستشرق‬ ‫يصطحب معه من يرسم مدن المنطقة وطبيعتها والحياة اليومية لناسها‪،‬‬ ‫كتاب يسرد مشاهدات الرحالة‪.‬‬ ‫ثم تَ صدر هذه اللوحات‬ ‫ً‬ ‫صورا نقشية في ٍ‬ ‫وتزخر كتب تلك الفترة بصور بديعة لمدن بالد الشرق‪ ،‬منها مجموعة كبيرة‬ ‫لطبيعة لبنان كالجبال وغابات األرز وأخرى لِ ُـمدنه المختلفة من طرابلس‬ ‫إلى صور ومن بيروت إلى بعلبك‪.‬‬ ‫استعانت شركة برادبري ولكنسون بالصور النَ قشية في كتب رحالة زاروا‬ ‫ودمجتها بطريقة فنية في األوراق‬ ‫لبنان وسوريا في القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫النقدية‪ ،‬فعكست تلك الصور مشاهد من المناطق اللبنانية والسورية‪،‬‬ ‫وتركيزً ا على معالم أثرية خاصة بعلبك التي ظهرت بأشكال متعددة على‬ ‫أكثر من ورقة نقدية‪.‬‬ ‫للمصممين‪ :‬كتاب نشره جون كارني (‪John‬‬ ‫بارز كان‬ ‫مرجع ٌ‬ ‫ً‬ ‫مصدرا ثمينً ا ُ‬ ‫‪ )Carne‬سنة ‪ 1837‬في لندن حول رحلته إلى سوريا واألراضي المقدسة سنة‬ ‫‪ .1821‬فهو وصف المدن التي زارها ّ‬ ‫وركز اهتمامه على معالِ َـم بارزةٍ فيها‬ ‫فنشر صورة نَ قشية في كل فصل من فصول كتابه‪ .‬وغالبية تلك اللوحات‬ ‫الخالبة وضعها الفنان ويليام هنري برتليت (‪.)William Henry Bartlett‬‬ ‫مدن لبنان ُص َو ٌر على النقد الورقي‬ ‫صدرت على الجهة‬ ‫بين تلك الصور النَ قشية لوحة آلثار مرفأ صور‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الخلفية من ورقة ‪ 10‬ليرات‪ ،‬أصدرها البنك السوري في ‪ 1‬كانون الثاني‬ ‫تعديل‬ ‫مجددا عن بنك سوريا ولبنان في ‪ 1‬أيلول ‪ 1939‬مع‬ ‫‪ ،1920‬وصدرت‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫في األلوان‪ .‬ووصف كارني تلك اللوحة هكذا‪:‬‬

‫مرفـأ صور على الجهة الخلفية لعشر ليرات‬ ‫اصدار بنك سوريا ولبنان ‪1939‬‬

‫الصورة األصلية لمرفأ صور‬

‫‪“All that now remains of ancient Tyre is the old wall of the‬‬ ‫‪port, of which this is a view looking towards the main land. The‬‬ ‫‪causeway of Alexander is now covered with a vast accumulation‬‬


‫النقد عالمة سيادة الدولة‬ )1964( ‫) إلى مصرف لبنان‬1919( ‫من البنك السوري‬

27

of sand; it is situated on the right, and beyond it are the remains of the aqueduct, of considerable extent, but poor character; and still farther a hill crowned with a mosque. Fishermen were dragging their nets on the ancient walls; a visible fulfillment of the prophetic words, “they shall break down the towers of Tyrus, and make her like the top of a rock; it shall be a place for the spreading of nets in the midst of the sea: they shall lay thy pleasant houses, thy stones, and thy timber in the midst of the water; and the sound of thy harps shall be no more heard”. It was a scene and hour that in after days it will be delightful to remember: the noon-day heat was tempered by the light seabreeze: the atmosphere was free from the thin purple haze that often dims the horizon at this hour: Lebanon filled the whole scene on the right, its every crest and peak seemed, in the exquisite clearness, to be near at hand: a few Tyrian boats were moored near the ruins: the voices of the fishermen, at intervals, came on the solitude like the voices of the past, for thus it had been predicted of “the renowned city, which was strong in the sea; though thou be sought for, yet shalt thou never he found again, saith the Lord”11.

‫وبين تلك الصور‬ ‫أيضا صورةٌ نَ قشية‬ ً ‫للصرفند من جهة البحر‬ ‫أيضا على الجهة‬ ً ‫ظهرت‬ ‫ ليرة‬50 ‫الخلفية لفئة‬ ‫أصدرها البنك السوري‬ ‫ كانون الثاني‬1 ‫بتاريخ‬ ‫ ثم صدرت من‬،1920 ‫الصرفند على الجهة الخلفية لخمسين ليرة‬ 1939 ‫جديد عن بنك سوريا اصدار بنك سوريا ولبنان‬ ‫ولبنان في األول من‬ .‫ ولكن مع تعديل في األلوان‬1939 ‫أيلول‬ ‫وقد نشر هذه اللوحة هنري ستِ بينغ‬ ‫) في كتابه حول‬Henry Stebbing( ‫الصورة األصلية للصرفند‬

Syria, the Holy land, Asia Minor, illustrated in a series of views drawn 111 from nature by W. H. Bartlett, William Purser & c. with descriptions of the plates by John Crane esq. second, Fisher, Son, & Co, London, Paris & New York p.43–44.


‫أيضا من عمل‬ ً ‫) وهي‬1847 ‫المسيحيين في فلسطين (صدر في لندن سنة‬ :‫ وشرح المؤلف‬.‫الفنان بارتليت‬

“At the distance of about three hours from Sidon lies the town of Sarphan, occupying some part of the site of Sarepta, venerable for its connection with the history of Elijah. This city was formerly a place of considerable importance, but now consists of only a few poor houses, and the scattered ruins of edifices long levelled with the dust. Tradition points out the spot where the prophet is said to have met the poor widow gathering sticks; and St. Jerome particularly mentions Sarepta as one of the places sought by the devout pilgrim”12.

‫الصورة األصلية لصيدا‬

1956 ‫صيدا على الجهة الخلفية لعشر ليرات اصدار‬

“Sidon is a walled town and, unlike Beirut which has overleaped its walls and spread for miles around, it keeps closely pent up within its narrow limits. A more compact city could hardly be imagined, for not only the streets are too The Christian in Palestine, or, Scenes of sacred history, historical and 112 descriptive. By Henry Stebbing. Illustrated from sketches taken on the spot, by W. H. Bartlett. Stebbing, Henry, 1799–1883. London: G. Virtue, 1847, p. 32.

28 ‫وسام اللحام‬

10 ‫لوحة أخرى مميزة ألسوار صيدا وشاطئها على الجهة الخلفية لفئة‬ ‫ صدرت هذه الصورة النقشية‬.1956 ‫ليرات إصدار بنك سوريا ولبنان سنة‬ ‫واشت ِهر‬ )1881 ‫ (نيويورك‬‫فلسطين المصورة‬ ‫في المجلد الثالث من كتاب‬ ُ ‫ أشرف‬.‫لطباعته الفخمة وكثافة الصور واللوحات البديعة في صفحاته‬ ‫مهندسا في جمعية‬ ‫ وهو عمل‬،‫على إعداده الكولونيل شارل ويليام ِولْ ُسن‬ ً ‫واضعا‬ ‫ وعمل فيها عشرة أشهر‬1864 ‫ زار القدس سنة‬،‫اكتشاف فلسطين‬ ً .‫مرجعا ذا تفاصيل‬ ‫ ما جعل الكتاب‬،‫للمدينة خرائط مدنية وعسكرية‬ ً ‫) وهو زار مصر‬J.D. Woodward( ‫رسم الصورة جون دوغالس وودوارد‬ ‫ ووصف صيدا وشوارعها الضيقة‬.)1879‫ و‬1877( ‫والمشرق في رحلتين‬ :‫وتنوعها السكاني كما يلي‬


‫النقد عالمة سيادة الدولة‬ )1964( ‫) إلى مصرف لبنان‬1919( ‫من البنك السوري‬

29

narrow to allow loaded camels to pass each other with facility, but the houses are to a great extent built on arches over the streets, so that one can ride or walk from one end of the town to the other under dark, gloomy tunnels. Within the town are six great khans, called by the people wakaleh or agencies. They are quadrangular, built around a large paved courtyard, two stories high, with numerous rooms for travelers and storehouses for merchandise. But Beirut has destroyed the commerce of Sidon, and the caravans, bringing the wheat and butter of the Hauran to Beirut and carrying back the wares of Europe, pass by Sidon, outside the walls. About seven hundred of the people are Muslims, five hundred Jews, and the rest Catholics, Maronites, and Protestants”13.

‫ ففي‬.‫الصور النَ قشية لم تكن المصدر الوحيد لتصميم األوراق النقدية‬ ‫اآلخر من القرن التاسع عشر وصلت تقنية التصوير الفوتوغرافي‬ َ ‫النصف‬ ‫ افتتح الفنان‬1867 ‫ وسنة‬.‫إلى لبنان ومناطق مختلفة من السلطنة العثمانية‬ ‫) محترفً ا أنتج كمية كبيرة من‬Felix Bonfils( ‫الفرنسي فيليكس بونفيس‬ .‫الصور للبنان وسوريا وفلسطين ومصر شكلت ثروة توثيقية لتاريخ المنطقة‬ ‫الفوتوغرافيا والبطاقات البريدية‬ ‫ظهور البطاقة البريدية في‬ ‫ساهم في انتشار الصور الفوتوغرافية‬ ُ ‫خصوصا مع تزايد السياح والحجاج األجانب إلى األراضي‬ ،‫متناول الجمهور‬ ً ،‫المصورون‬ ‫ كانت تلك البطاقات تعيد طباعة كليشيهات التقطها‬.‫المقدسة‬ ِّ ‫ ومن‬.1943‫ و‬1896 ‫ بطاقة بين‬10000 ‫فبلغ عدد البطاقات عن لبنان نحو‬ ‫ صرافيان وطرزي‬:‫أبرز لبنانيين عملوا على إصدار البطاقات البريدية‬ .‫وميشال قرم‬ ‫يضم‬ ‫ نشر بونفيس في فرنسا‬1878 ‫سنة‬ ً ً ‫مجلدا‬ ُّ ‫كبيرا في عدة أجزاء‬ 14 ‫ بينها صورة جميلة‬،‫عشرات صور فوتوغرافية التقطها من بلدان المشرق‬ ً ‫بطاقة‬ ‫ ُط ِب َعت الحقً ا‬،‫ وفي الخلفية منظر لجبال مكسوة بالثلوج‬،‫ألرزة مهيبة‬ ً ‫ وضع‬1939 ‫ وسنة‬.1905 ‫أصدرتْ ـها محالت ديمتري طرزي سنة‬ ‫بريدية‬ َ ،‫بنك سوريا ولبنان مجموعة جديدة من األوراق النقدية الخاصة بلبنان‬ Picturesque Palestine, Sinai, and Egypt, Volume 3, ed. by Colonel 113 Wilson, New York: D. Appleton and Co, p. 43. Souvenirs d’Orient: Album pittoresque des sites, villes et ruines les 114 plus remarquables de la Syrie et de la Côte-d’Asie, photographié et édité par Félix Bonfils, Alais, 1878, p. 43.


‫‪30‬‬

‫صدرت على مطابع تابعة لبنك فرنسا‪،‬‬ ‫أوراق على جهتها الخلفية لفئة‬ ‫بينها‬ ‫ٌ‬ ‫الليرة إصدار ‪ 1‬نيسان ‪ِّ 1939‬‬ ‫تمثل‬ ‫صورة األرزة التي نشرت سنة ‪.1878‬‬ ‫أعاد بنك سوريا ولبنان إصدار هذه‬ ‫الورقة سنة ‪ 1945‬و‪ 1950‬مع إدخال‬ ‫تعديالت طفيفة عليها‪.‬‬ ‫صور فوتوغرافية أخرى صدرت‬ ‫على شكل بطاقات بريدية‪ ،‬ثم ظهرت‬ ‫على األوراق النقدية‪ ،‬منها جامع‬ ‫التوبة في طرابلس (بني سنة ‪1315‬‬ ‫في العصر المملوكي) ظهر على الجهة‬ ‫الخلفية لفئة الخمس ليرات إصدار‬ ‫بنك سوريا ولبنان تاريخ ‪ 1‬نيسان‬ ‫‪ ،1939‬والبوابة الكبيرة لقصر بيت‬

‫األرزة على الجهة الخلفية لليرة إصدار ‪1950‬‬

‫أرزة وفقا لصورة فوتوغرافية التقطها بونفيس‬

‫وسام اللحام‬ ‫جامع التوبة في طرابلس على الجهة الخلفية لخمس ليرات‬ ‫اصدار ‪1939‬‬

‫بطاقة بريدية جامع التوبة طرابلس‬

‫الدين أصدرتها محالت طرزي على بطاقة بريدية سنة ‪ 1902‬ثم صدرت‬ ‫في دليل‪ 15‬سياحي زمن االنتداب‪ .‬وفي الصورة شجرة سرو كبيرة في‬ ‫باحة القصر الداخلية قرب بركة الماء قبل أن يتم قطعها‪ .‬والجهة الخلفية‬ ‫لفئة العشر ليرات إصدار بنك سوريا ولبنان تاريخ ‪ 1‬نيسان ‪َ 1939‬‬ ‫حملت‬ ‫مجددا سنة ‪ 1945‬و‪.1950‬‬ ‫الصورة ذاتها لبيت الدين وصدرت‬ ‫ً‬ ‫‪Le tourisme en Syrie et au Liban, édité par la Commission du 115‬‬ ‫‪Tourisme des Etats sous Mandat, Beyrouth, p. 14.‬‬


‫بطاقة بريدية‬ ‫قصر بيت الدين‬

‫‪American Colony. Photo Dept, photographer. Baalbek Heliopolis, etc. 116‬‬ ‫]‪Cedars in the Lebanon. Ba‘labakk Lebanon, None. [Between 1898 and 1914‬‬ ‫‪[Photograph] Retrieved from the Library of Congress, https://www.loc.gov/‬‬ ‫‪item/mpc2004007486/PP/.‬‬

‫‪31‬‬

‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬

‫الو َرقي‬ ‫فئات النقد اللبناني َ‬ ‫من أشهر األوراق اللبنانية فئة المئة ليرة إصدار بنك سوريا ولبنان‬ ‫(‪ 1‬كانون األول ‪ )1945‬وهي أجمل العمالت الورقية اللبنانية‪ ،‬بزخارفها‬ ‫المنمقة كأنها لوحة فنية بريشة مبدع‪ ،‬ألوانها متناسقة تحتاج تدقيقً ا لفك‬ ‫أسرارها ومالحظة تناسب في تصميمها‪ .‬لكن مصيرها حزين إذ بعد‬ ‫خمس سنوات على وضعها في التداول تبين وجود أوراق مزورة أثارت موجة‬ ‫هلع بين المواطنين‪ ،‬ما دفع بنك سوريا ولبنان إلى اتخاذ تدابير سريعة‬ ‫بسحبها من السوق سنة ‪.1952‬‬ ‫على الجهة الخلفية لهذه الفئة‪ ،‬في اإلطار األمامي‪ ،‬أرزة كبيرة‬ ‫في منطقة بشري‪ ،‬وفي اإلطار الخلفي مشهد قمة جبل مرتفع تكسوه‬ ‫َ‬ ‫‪‬المستوطنة األميركية‪‬‬ ‫الثلوج‪ .‬التقطت الصورةَ الفوتوغرافية‪ 16‬جمعية‬ ‫تض ُّم مجموعة مؤمنين وصلوا سنة ‪1881‬‬ ‫(‪ ،)American Colony‬وهي ُ‬ ‫اهتماما‬ ‫واستقروا في القدس للقيام بأعمال الخير‬ ‫إلى األراضي المقدسة‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬

‫النقد عالمة سيادة الدولة‬

‫بيت الدين على الجهة الخلفية لعشر ليرات اصدار ‪1945‬‬


‫بالفقراء والمرضى وإنشاء المدارس‪ .‬سنة ‪ 1898‬تأسس في الجمعية قسم‬ ‫كبيرا لدى سياح اشتروا الصور ما َّأمن‬ ‫التصوير الفوتوغرافي فلقي‬ ‫ً‬ ‫نجاحا ً‬ ‫ماليا ساهم في تمويل نشاط الجمعية‪ .17‬ثم صدرت صورة تلك‬ ‫ً‬ ‫مردودا ًّ‬ ‫ً‬ ‫األلمانية‪.‬‬ ‫ميونخ‬ ‫مدينة‬ ‫في‬ ‫بريدية‬ ‫بطاقة‬ ‫األرزة‬ ‫ّ‬

‫أرزة في بشري على الجهة الخلفية لمئة ليرة اصدار ‪1945‬‬

‫‪32‬‬

‫بطاقة بريدية ارزة في منطقة بشري‬

‫وسام اللحام‬

‫أيضا صور فوتوغرافية لمعالم حديثة‬ ‫وعلى األوراق النقدية ظهرت ً‬ ‫نسبيا من النصف اآلخر للقرن التاسع عشر في عهد السلطان العثماني‬ ‫ًّ‬ ‫أبرزها برج الساعة الحميدية ُ‬ ‫(ش ِّيد سنة ‪ 1898‬قرب‬ ‫عبد الحميد الثاني‪ُ ،‬‬ ‫السراي الكبير اليوم) ظهر على وجه فئة العشر ليرات إصدار البنك‬ ‫نبع ماء ُ(بنِ َي سنة‬ ‫السوري سنة ‪( 1920‬صدرت‬ ‫ً‬ ‫مجددا سنة ‪ .)1939‬وظهر ُ‬ ‫‪ 1890‬في بعقلين) على الوجه الخلفي لفئة ‪ 25‬ليرة إصدار البنك السوري‬ ‫مجددا سنة ‪ .)1939‬ومن المرافق اللبنانية المهمة‬ ‫سنة ‪( 1920‬صدرت‬ ‫ً‬ ‫تجاريا مهم‬ ‫ا‬ ‫بيروت‬ ‫ل‬ ‫وتحو‬ ‫االقتصادي‬ ‫التطور‬ ‫التي جسدت حينها‬ ‫مركزً‬ ‫ًّ‬ ‫ُّ‬ ‫يربط بين الرأسمال األوروبي ومدن المنطقة‪ :‬المرفأ الحديث الذي ظهرت‬

‫مرفأ بيروت على الجهة الخلفية لليرة اصدار ‪1939‬‬

‫‪ 117‬هذه المجموعة من آالف الصور لمختلف بلدان المشرق‪ ،‬هي اليوم في محفوظات‬ ‫مكتبة الكونغرس في واشنطن‪.‬‬


‫صورته على أكثر من ورقة نقدية بأشكال مختلفة كفئة الليرة (إصدار‬ ‫‪ )1939‬وفئة ‪ 100‬ليرة (إصدار ‪.)1952‬‬ ‫خاتمة‬

‫‪33‬‬

‫من البنك السوري (‪ )1919‬إلى مصرف لبنان (‪)1964‬‬

‫األوراق النقدية تعكس مراحل مختلفة من تاريخ لبنان الحديث منذ‬ ‫ً‬ ‫وصوال إلى االستقالل‪.‬‬ ‫مرورا بفترة االنتداب الفرنسي‬ ‫والدته سنة ‪1920‬‬ ‫ً‬ ‫والليرة واكبت التطور االقتصادي والسياسي في المجتمع اللبناني حتى‬ ‫اللبنانيين الجماعية‪ .‬والمقارنة بين إصدارات أوراق‬ ‫جزءا من ذاكرة‬ ‫ّ‬ ‫باتت ً‬ ‫ً‬ ‫كبيرا في‬ ‫تحوال‬ ‫ظهر‬ ‫‪1994‬‬ ‫بعد‬ ‫الالحقة‬ ‫واإلصدارات‬ ‫القديمة‬ ‫النقد‬ ‫تُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أشكاال هندسية‬ ‫تصميم العملة اللبنانية‪ :‬إلى األوراق النقدية اليوم تحمل‬ ‫مجردة ورموزً ا ال تحمل أي مضمون ثقافي خاص بلبنان‪ .‬العمالت تعبر‬ ‫جسدت‬ ‫عن تاريخ الدول وتراث الشعوب‪ .‬وكما األوراق النقدية منذ ‪1919‬‬ ‫َ‬ ‫هوية لبنان الثقافية وتاريخه وتنوعه الحضاري‪ ،‬على األوراق المالية اليوم‬ ‫بصور‬ ‫أن تكون‬ ‫ً‬ ‫امتدادا لهذا اإلرث الغني‪ ،‬بـمعالم أثرية في أرجاء لبنان أو َ‬ ‫شخصيات فكرية لبنانية وإنتاجها الثقافي الرائد‪.‬‬

‫النقد عالمة سيادة الدولة‬

‫بطاقة بريدية مرفا بيروت‬


‫التاريخي‬ ‫تراثنا‬ ‫ّ‬

‫‪1‬‬

‫المطاحن أَيام زمان ‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬ ‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬ ‫ُ‬ ‫تبدأ الحكاية مع الجاروشة التي َّقلما كان بيت في لبنان يخلو منها‪،‬‬ ‫رش القمح أو الشعير أو الذرة‪،‬‬ ‫ألنّ ها مفتاح الحصول على اللقمة‪ ،‬لـ َـج ِ‬ ‫وتحويلها إلى ‪‬طلْ ِم ِّية‪( ‬رغيف سميك)‪ .‬مع السنوات ّ‬ ‫حل ِت المطحنة‬ ‫ّ‬ ‫بدقّ‬ ‫وإتقان‪،‬‬ ‫محلها‬ ‫دير حجارة الرحى‪ُ .‬ب َنيت المطاحن ةٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وصارت المياه تُ ُ‬ ‫األنهار الدائمة الجريان‪،‬‬ ‫حيث‬ ‫بعيدا عن المساكن في األودية‬ ‫ُ‬ ‫عظمها ً‬ ‫ُ‬ ‫ُم ُ‬ ‫الصفا ومجاري روافدهما‪ ،‬في‬ ‫كما على مجرى نهر الباروك ومجرى نهر ّ‬ ‫قسم آخر على مجاري‬ ‫والدب ّية في منطقة‬ ‫بلدتَ ي بريح‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ني ٌ‬ ‫الفخيتِ ة؛ فيما ُب َ‬ ‫الشتوية كما‬ ‫الينابيع كما في المختارة وعين قني‪ ،‬أو على مجاري السواقي‬ ‫ّ‬ ‫الضهر وعينبال‪.‬‬ ‫في مزرعة ّ‬ ‫ً‬ ‫سمى‬ ‫وفضال عن طحن الحبوب‪ ،‬فالمطحنة تهرس الزيتون وعندها تُ ّ‬ ‫المطروف‪.‬‬ ‫وإذ ال ُيمكن أن تُ َ‬ ‫مؤه ًلة‬ ‫نشأ المطحنة في ُك ّل قرية‪ ،‬كانت ً‬ ‫قرى أخرى ّ‬ ‫مقصدا‪.‬‬ ‫تعوض ُفتصبح‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وكان قرب ّ‬ ‫يربط ضفَّ تَ ي النّ هر منها وإليها‪.‬‬ ‫جسر‬ ‫كل مطحنة‬ ‫ٌ‬ ‫معقود ُ‬ ‫ٌ‬ ‫جدا‪ :‬كانت َ‬ ‫توق ُف‬ ‫ومن دقة العمل َ‬ ‫زمن كانت الوسائل واإلمكانات محدودة ًّ‬ ‫ً‬ ‫الرحى والفَ راش على الصوص والنقطة‪ ،‬إضافة إلى الكور‬ ‫األبواب وحجارة ّ‬ ‫َ‬ ‫قِّ‬ ‫والجيازة والطرطاق والرباط‬ ‫ر‪،‬‬ ‫الحج‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫وي‬ ‫القمح‬ ‫يستقبل‬ ‫أو الدلو الذي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫العلوي بالسيوف في معالجة الزيتون‪،‬‬ ‫است ِبد َل الحجر‬ ‫لتحديد‬ ‫الكمية؛ ثم ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السفلي‬ ‫وراح َع َمل المطحنة يعتمد َض ّخ المياه على الفراش في الطابق‬ ‫ّ‬ ‫عملية‬ ‫العلوي وتجري‬ ‫فيدير الحجارة في الطابق‬ ‫ليدور العمود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األفقي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واحد‬ ‫شخص‬ ‫بات‬ ‫حاجته‪:‬‬ ‫حيال‬ ‫اإلنسان‬ ‫ة‬ ‫عبقري‬ ‫على‬ ‫يدل‬ ‫الطحن‪ ،‬ما‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫كنه إدارة المطحنة‪.‬‬ ‫تُ ْـم ُ‬ ‫موسمية‪،‬‬ ‫الجزم ُّأيها كانت‬ ‫والمطاحن دائمة‬ ‫وموسمية‪ .‬إنما ال ُيمكن َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفقً‬ ‫ألحوال‬ ‫ا‬ ‫إنما‬ ‫دائمة‪،‬‬ ‫تكون‬ ‫أن‬ ‫يمكن‬ ‫المطاحن‬ ‫وأيها دائمة‪ .‬جميع‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ 11‬‬

‫يقتصر هذا النص على معاصر الزيتون ومطاحن الحبوب في قضاء الشوف‪.‬‬


‫رسم الجاروشة‬

‫دكاش ّ‬ ‫‪ 22‬الياس ّ‬ ‫مؤسسة ّ‬ ‫للطباعة‪،‬‬ ‫بتدين اللقش قرية من الجبل‬ ‫القطار‪ّ ،‬‬ ‫اللبناني‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫البوار – كسروان – لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،2000 ،‬ص ‪.15‬‬ ‫البستاني‬ ‫اللبناني بإشراف فؤاد أفرام‬ ‫‪ 33‬شارل مالك‪ ،‬لبنان في ذاته‪ ،‬مكتبة التّ راث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة أ‪ .‬بدران وشركاه‪ ،‬بيروت‪ ،1974 ،‬ص ‪.14–11‬‬ ‫‪ّ ،2‬‬ ‫علمي)‪ ،‬مرايا من تُ راث لبنان‪،‬‬ ‫(مقدمة)‪ ،‬في هنري زغيب (ناشر‬ ‫‪ 4 4‬جوزيف جبرا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبناني‪ .2008 ،‬ص ‪.6‬‬ ‫راث‬ ‫مركز‬ ‫منشورات‬ ‫ة‪،‬‬ ‫األميركي‬ ‫ة‬ ‫بناني‬ ‫الل‬ ‫الجامعة‬ ‫الطبعة األولى‪،‬‬ ‫التّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪35‬‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬

‫جاروشة صغيرة‬ ‫لدى د‪ .‬فؤاد أبو حمزة‬ ‫في بلدة الخريبة‬

‫المطاحن أَيام زمان ‬

‫خصوصا تلك التي ّ‬ ‫تتغذى من‬ ‫موسميا‪،‬‬ ‫الطقس والفصول‪ ،‬كان بعضها‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ِ‬ ‫الفوارة وعين قني وبريح‪ .‬ويؤكد بعض‬ ‫والسواقي في‬ ‫مجاري الينابيع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شتوية‪.‬‬ ‫الضهر وعينبال وغريفة مطاحن‬ ‫القرويين ّأن المطاحن في مزرعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وطبيعي أن تكون مطاحن مجاري األنهار دائمة العمل كما في المختارة‬ ‫ٌّ‬ ‫وجديدة الشوف ودير كوشه (جسر القاضي)‪.‬‬ ‫ثقافي من‬ ‫اجتماعي‬ ‫المطاحن عنصر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمعماري يجب ْ‬ ‫التأريخ‬ ‫اللبناني‬ ‫التراث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬‬ ‫له‪ .‬فتراثنا هو ِع ُلمنا‬ ‫وهديتنا إلى‬ ‫ّ‬ ‫الصاعدة بما فيه من المخزون‬ ‫األجيال ّ‬ ‫مي‪ .‬وهو ما عناه شارل‬ ‫ي‬ ‫والق‬ ‫المعنوي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ‬ ‫مالك‪ 3‬في كتابه ‪‬لبنان في ذاته‪ ‬عن‬ ‫اللبنانية كركن من أركان الوجود‬ ‫القرية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصلي خالق من وجوه‬ ‫والديمومة‪ ،‬وكوجه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫راث ذكرى الماضي‪،‬‬ ‫كان‬ ‫و‪‬إذا‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫الت ُ‬ ‫ّ‬ ‫تاليا ذاكرةُ المستقبل‪.4‬‬ ‫فهو ً‬


‫ّ‬ ‫بقطر بين ‪ 30‬إلى‬ ‫بازالتيين‬ ‫إسطوانيين‬ ‫حج َرين‬ ‫تتشكل الجاروشة من َ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫سنتمترا‪َّ .‬‬ ‫رفية لمقبض‬ ‫تتخلل الحجر‬ ‫‪50‬‬ ‫خشبي ُمستقيم‬ ‫ّ‬ ‫العلوي فتحة ط ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وسطية إلدخال‬ ‫الساعة‪ ،‬وأخرى‬ ‫يسمح بإدارة الحجر‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫عكس عقارب ّ‬ ‫ستقبل ّ‬ ‫الطحين على قطعة قماش نظيفة‪.‬‬ ‫الحبوب‪ُ .‬وي َ‬ ‫‪11‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14 15‬‬

‫‪36‬‬

‫‪17‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪16‬‬

‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪18‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪10‬‬

‫‪19‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪20‬‬

‫األول قناة مسقط المياه؛‬ ‫رسم المطحنة مع مستوياتها الثالثة‪ّ :‬‬ ‫سفلي حيث الفَ راش‬ ‫الثاني قسم معالجة الحبوب أو الزيتون؛ والثالث قبو‬ ‫ّ‬

‫أفقية‬ ‫‪ .1‬‬ ‫عارضة ّ‬ ‫ِ‬ ‫‪ .2‬الكور‪ ،‬الدلو‬ ‫تحرك)‬ ‫الع ّ‬ ‫لوي الم ُـ ِّ‬ ‫الرحى (الحجر ُ‬ ‫‪ .3‬حجر ّ‬ ‫فلي الثابت‬ ‫‪ .4‬الحجر ُ‬ ‫الس ّ‬ ‫حديدي ُمستطيل‬ ‫منه‬ ‫العلوي‬ ‫الجزء‬ ‫محور‬ ‫‪ .5‬عمود‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خشبي‬ ‫فلي‬ ‫والجزء ُ‬ ‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫‪ .6‬الدالية‬ ‫حامل المزالق من األمام‬ ‫‪ .7‬‬ ‫ِ‬ ‫الدالية‬ ‫‪ .8‬المزالق‪ ،‬لوح ّ‬ ‫‪ .9‬الفراش‬ ‫خشبي يرتكز عليه الفِ راش‬ ‫‪ .10‬نُ ّو ِامة‪ ،‬جسر‬ ‫ّ‬


‫الضهر‬ ‫مطحنة مسعود وسليمان حنّ ا عيد – مزرعة ّ‬

‫المطاحن أَيام زمان ‬

‫‪. 11‬‬ ‫‪ .12‬‬ ‫‪ .13‬‬ ‫‪ .14‬‬ ‫‪ .15‬‬ ‫‪ .16‬‬ ‫‪ .17‬‬ ‫‪ .18‬‬ ‫‪ .19‬‬ ‫‪ .20‬‬

‫قناة إيصال المياه‬ ‫البير‪ ،‬فوهة َمسقَ ط المياه‬ ‫قنطرة تعلوها قناة المياه‬ ‫الباقوف‬ ‫الب ّد‬ ‫الرافعة‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫جرن إحتواء الزيت‬ ‫الزغل‬ ‫َّ‬ ‫الزيت‬ ‫فخ‬ ‫خابية‬ ‫ّ‬ ‫ارية لوضع ّ‬ ‫ّ‬ ‫قبو عقد‬ ‫الفراش في حالة ُسكون؛ المياه تنزلق إلى الخارج‬

‫‪37‬‬

‫تعمل المطحنة كما يلي‪ :‬تتدفّ ق المياه في قناة للمطحنة تنتهي بفتحة‬ ‫الكوة‪ 5‬على الفَ راش‬ ‫من نحو ‪ 10‬سنتم لتخرج منها مضغوطة وتسقط في ّ‬ ‫(قطر بين ‪ 1.45‬و ‪ 1.68‬م‪ ،‬سماكة بين ‪ 15‬و ‪ 20‬سنتم‪ ،‬وفتحة في الوسط‬ ‫التقنية‪:‬‬ ‫الكوة‪ ،‬بسبب فقدان المصطلحات‬ ‫‪ 55‬‬ ‫ّ‬ ‫تسمى الفتحة أو المزالق أو الكور أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدرس والباقوف ِحلو أو ُم ّر؟ العلم في ِح َيل استخراج‬ ‫المطروف‪،‬‬ ‫ساز‪،‬‬ ‫شانه‬ ‫نادر‬ ‫حب‬ ‫َ‬ ‫ُم ّ‬ ‫الثقافية‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬الطبعة‬ ‫كنولوجيا‬ ‫في‬ ‫أنتروبولوجي‬ ‫بحث‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫في‬ ‫الزيتون‬ ‫زيت‬ ‫التّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األولى ‪ ،2008‬ص ‪ 94‬حاشية رقم ‪.1‬‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬

‫قناة مسقط المياه‬

‫المطحنة من الخارج‬


‫تقريبا‬ ‫مربعة قطر ‪ 13‬سنتم‬ ‫قد تكون ّ‬ ‫ً‬ ‫مربعة جانب بين ‪ 15‬و ‪ 20‬سنتم)‬ ‫أو ّ‬ ‫معدنية ال ّ‬ ‫تقل عن‬ ‫أضالع‬ ‫مجموع‬ ‫وهو‬ ‫ّ‬ ‫‪6‬‬ ‫ثالثين ‪ ،‬عريضة ومائلة‪ ،‬تالئم انصباب‬ ‫الدوران‪.‬‬ ‫وتاليا إحداث ّ‬ ‫المياه‪ً ،‬‬

‫كوة المياه واللوح‬ ‫الفَ راش‬ ‫ّ‬ ‫الحديدي مع ّ‬

‫‪38‬‬

‫الحديدي‬ ‫الفَ راش‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬

‫الصوص والنّ قطة‬ ‫ّ‬ ‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪5‬‬

‫‪8‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪96‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪11‬‬

‫‪15‬‬ ‫مقطع ُيظهر َع َمل مطحنة ‪‬التَّ ْحتا‪ – ‬شحيم‬

‫‪13‬‬

‫حديديا‪ .‬وألن الخشب سريع االهتراء‪،‬‬ ‫قديما من الخشب ّثم أصبح‬ ‫‪ 66‬كان الفَ راش‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫خشبي‬ ‫لفراش‬ ‫أثر‬ ‫ال‬ ‫لذا‬ ‫‪.‬‬ ‫حديدي‬ ‫ر‬ ‫بآخ‬ ‫استبداله‬ ‫تم‬ ‫للماء‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫عر‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبخاصة متى كان ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الشوفية‪.‬‬ ‫أي من القُ رى‬ ‫في ٍّ‬ ‫ّ‬


‫الرحى‬ ‫الكور وحجر ّ‬

‫‪ 77‬‬

‫العامل في المطحنة‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬

‫المتحرك الذي‬ ‫الرحى‬ ‫محور‬ ‫يخرقُ ه‬ ‫عمودي ِ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫يصله بـحجر ّ‬ ‫الفَ راش ُ‬ ‫يتراوح قطره بين ‪ 90‬سم و‪1.38‬م‪ ،‬بسماكة ما بين ‪ 7‬و ‪ 29‬سنتم‪ ،‬وثقب‬ ‫دائري في الوسط من ‪ 15‬إلى ‪ 37‬سنتم‪ ،‬يدور حين يدور الفَ راش بالماء‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫الطحان من داخل المطحنة ِبفَ تح أو‬ ‫العملية يتحكم بها‬ ‫ال ُـمتدفّ ق‪ .‬وهذه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الب ّراك‪ 7‬لفوهة َص ّب المياه على الفَ راش بوساطة لوح دالية‪.‬‬ ‫إقفال َ‬

‫المطاحن أَيام زمان ‬

‫‪. 1‬‬ ‫‪ .2‬‬ ‫‪ .3‬‬ ‫‪ .4‬‬ ‫‪ .5‬‬ ‫‪ .6‬‬ ‫‪ .7‬‬ ‫‪ .8‬‬ ‫‪ .9‬‬ ‫‪ .10‬‬ ‫‪ .11‬‬ ‫‪ .12‬‬ ‫‪ .13‬‬ ‫‪ .14‬‬ ‫‪ .15‬‬

‫ُّ‬ ‫التحكم بالمزالق‬ ‫الدالية‪ ،‬قضيب‬ ‫الرحى‬ ‫حجر َّ‬ ‫ّ‬ ‫المتحرك‬ ‫فلي‬ ‫الس‬ ‫حن‬ ‫الط‬ ‫حجر‬ ‫ِّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫تحتضن حجارة َّ‬ ‫الطحن‬ ‫الحافّ ة التي‬ ‫ِ‬ ‫السفلي من العمود محور خشب‬ ‫الجزء ُّ‬ ‫أسافين‬ ‫رباط‬ ‫كوة المياه‪ ،‬صندوق من خشب‬ ‫ّ‬ ‫الخلف‬ ‫حامل المزالق‪ ،‬جهة َ‬ ‫المزالق‪ ،‬لوح الدالية الذي يسمح بتدوير الفراش‬ ‫الفراش‬ ‫ِر َيش الفراش‬ ‫حامل المزالق من األمام‬ ‫المحوري‬ ‫الصوص والنقطة‪ ،‬مركز الدوران‬ ‫ّ‬ ‫خشبي يرتكز عليهِ الفَ راش‬ ‫ّنوامة‪ ،‬جسر‬ ‫ّ‬


‫‪1‬‬

‫‪6‬‬

‫‪2‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪7‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪9‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪14‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪40‬‬

‫‪16‬‬

‫الدلو‪ :‬مطحنة ‪‬التَّ ْحتا‪ – ‬شحيم‬ ‫رسم الكور أو ّ‬

‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬

‫‪ .1‬حائط َك ّلين (بين ‪ 80‬و ‪ 100‬سم)‬ ‫السفلي‬ ‫قصبة (كبيرة في الجزء‬ ‫‪ .2‬حائط‬ ‫خارجي من حجارة ُم َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لوي)‬ ‫الع ّ‬ ‫وأصغر في ُ‬ ‫الحشوة‪َ :‬مزيج من تراب‪َ ،‬ق ّش‪ ،‬سماد وحصى‬ ‫‪ .3‬‬ ‫َ‬ ‫(م ّ‬ ‫غطاة بخليط من القَ ّش‬ ‫سة‬ ‫لي‬ ‫م‬ ‫بة‬ ‫قص‬ ‫م‬ ‫حجارة‬ ‫من‬ ‫داخلي‬ ‫حائط‬ ‫‪ .4‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫والتراب والسماد مطروش بكلس َح ّي)‪.‬‬ ‫السقف‬ ‫‪َ .5‬م ّد‪ :‬جذع‬ ‫خشبي ُم َّثبت في الحائط ُ‬ ‫وم َع َّلق في ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪َ .6‬حبل‪ ،‬رباط‬ ‫خشبية‬ ‫‪ِ .7‬ق ّدة‬ ‫ّ‬ ‫‪ .8‬رباط‬ ‫الدلو‬ ‫أو‬ ‫الكور‬ ‫‪ .9‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .10‬فاكورة‪ ،‬خشبة مثقوبة ُ‬ ‫الجيازة لتعديلِ هِ‬ ‫يدخ ُلها َحبل ّ‬ ‫الجي ِازة‬ ‫‪ .11‬رباط ّ‬ ‫الجي ِازة والطرطاق‬ ‫عدني ّتتصل به ّ‬ ‫‪ .12‬قضيب َم ّ‬ ‫الجي ِازة‬ ‫‪ .13‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .14‬الطرطاق‬ ‫الطرطاق من الخروج عن الحجر‬ ‫نع‬ ‫‪ .15‬رباط لِ َم‬ ‫ْ‬ ‫‪ .16‬حجر ّ‬ ‫تحرك‬ ‫الع ّ‬ ‫لوي الم ُـ ِّ‬ ‫الطحن ُ‬


‫المطاحن أَيام زمان ‬

‫بجذع‬ ‫خشبي) ارتفاعه نحو ‪1‬م‪ُ ،‬م َّعلق‬ ‫توضع الحبوب في الكور (دلو‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تحرك‬ ‫أفقيا في الحائط‪ ،‬فوق فُ تحة الحجر‬ ‫ّ‬ ‫العلوي الم ُـ ِّ‬ ‫خشبية (ال َـم ّد) ُد َّست ًّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫معدني ورباطات‪،‬‬ ‫بقضيب‬ ‫الكور‬ ‫أسفل‬ ‫في‬ ‫ازة‪‬‬ ‫‪‬الجي‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ث‬ ‫المطحنة‪.‬‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫تُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يدخ ُلها‬ ‫التحكم بها بوساطة الفاكورة (قطعة‬ ‫ويتم‬ ‫خشبية صغيرة مثقوبة ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قدمة‬ ‫عقارب‬ ‫جاه‬ ‫الفاكورة‬ ‫تدار‬ ‫ه)‪.‬‬ ‫ازة‬ ‫الجي‬ ‫بل‬ ‫َح‬ ‫باتّ‬ ‫لتعديلِ‬ ‫الساعة فترتفع ُم ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكمية أكبر‪ .‬والطرطاق‬ ‫بالعكس‬ ‫الجيازة‬ ‫ّ‬ ‫وتحد من تساقط الحبوب‪ ،‬أو َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخلفية من الكور برباط يمنعها من‬ ‫الجهة‬ ‫إلى‬ ‫موصولة‬ ‫ة‬ ‫خشبي‬ ‫قطعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتتدلّ‬ ‫الرحى من‬ ‫حجر‬ ‫على‬ ‫ى‬ ‫طرف‬ ‫من‬ ‫ازة‬ ‫بالجي‬ ‫صل‬ ‫تت‬ ‫الحجر‪،‬‬ ‫الخروج عن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫صعودا‬ ‫الجيازة‬ ‫فيهز‬ ‫يتحرك الطرطاق‬ ‫الطرف اآلخر‪ّ .‬كلما يدور الحجر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫العلوية نحو الطحن‪.‬‬ ‫الح ّب فيتساقط في فوهة الحجر‬ ‫ونزوال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتراقص َ‬

‫‪41‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬

‫الفَ راش َ‬ ‫حج َري الطحن‬ ‫وقضيب تعيير المسافة بين َ‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬

‫الخيال‪ ،‬باتر‪ :‬مطحنة ‪‬الفَ وقا‪‬‬ ‫إجر ميزان ّ‬

‫أسافين لتعيير المسافة بين حجري ّ‬ ‫الطحن‬ ‫ً‬ ‫ونزوال ل َـجرش البرغل أو ّ‬ ‫الطحن‬ ‫صعودا‬ ‫ً‬ ‫(شحيم‪ :‬مطحنة ‪‬التَّ ْحتا‪)‬‬


‫‪. 1‬‬ ‫‪ .2‬‬ ‫‪ .3‬‬ ‫‪. 4‬‬ ‫‪ .5‬‬ ‫‪ .6‬‬ ‫‪ .7‬‬ ‫‪ .8‬‬ ‫‪ .9‬‬

‫‪42‬‬

‫َقضيب تَ عيير المسافة بين َح َج َري ّ‬ ‫الخيال)‬ ‫الطحن (إجر ميزان ّ‬ ‫أسافين‬ ‫ُّ‬ ‫التحكم بالمزالق أو بلوح الدالية‬ ‫الدالية‪ :‬قضيب‬ ‫خشبي‬ ‫فلي‬ ‫العلوي‬ ‫عمود محور‪ :‬الجزء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حديدي ُمستطيل والجزء ُ‬ ‫ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫الخلف‬ ‫حامل المزالق من َ‬ ‫ِ‬ ‫الدالية الذي يتيح تدوير الفراش‬ ‫المزالق‪ :‬لوح ّ‬ ‫الحديدي‬ ‫الفَ راش‬ ‫ّ‬ ‫حامل المزالق من األمام‬ ‫خشبي يرتكز عليهِ الفِ راش‬ ‫ّنوامة‪ :‬جسر‬ ‫ّ‬

‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬

‫حج َري الطحن‬ ‫لتعيير المسافة بين َ‬ ‫قوي ُيعرف‬ ‫خشبي‬ ‫قضيب‬ ‫يخترق‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫النوامة‬ ‫بـ ‪‬إجر ميزان‬ ‫ّ‬ ‫الخيال‪ ‬أسفل ّ‬ ‫نحو حجر الرحى في الجهة المقابلة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫مخل‬ ‫يتحكم بها‬ ‫أفقية‬ ‫نتهيا ِب َمسكة‬ ‫ُم ً‬ ‫ّ‬ ‫لرفع الحجر‬ ‫لوضع األسافين تحتها‬ ‫ِ‬ ‫الح َجر الثابت عند‬ ‫المتحرك عن َ‬ ‫ِّ‬ ‫جرش البرغل َب َدل الطحين‪.‬‬

‫قاعدة حجر ّ‬ ‫الطحن الثاني‬

‫الطبيعي‬ ‫محتوى المطحنة‪ .‬الغرفة ُمستطيلة من الحجر‬ ‫ّ‬ ‫قصب) ُم ّ‬ ‫غطاة بعقد ُم َ‬ ‫صالب‬ ‫(الم ُـ َّ‬


‫‪13‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪9‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪11‬‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬ ‫مطحنة ومطروف‪ ،‬عين قني‪:‬‬ ‫الس ّت‬ ‫مطحنة ْبر ِكة َ‬ ‫العروس أو طاحون ّ‬

‫‪12‬‬

‫الزَّ غل ومكان عصر الخوص‬

‫وتوسعت من الجنوب إلى‬ ‫المائية لمعالجة الجفت ّثم الزيتون‪،‬‬ ‫التقنية‬ ‫‪ 88‬بدأت هذه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫القرنين الخامس‬ ‫الشمال‪ .‬أقدم تأريخ لها في شمال فلسطين‪ ،‬جنوب لبنان‪ ،‬ودمشق في‬ ‫وع ِر َفت في شمال لبنان في القَ َ‬ ‫رنين السادس عشر والسابع عشر‪،‬‬ ‫عشر والسادس عشر‪ُ ،‬‬ ‫وفي جبل لبنان في القَ رنين السابع عشر والثامن عشر‪ .‬وفي القرن العشرين وردت في‬ ‫كتابات لحد خاطر وأنيس فريحة الستخراج الزيتون‪ :‬محب نادر شانه ساز‪ ،‬المطروف‪،‬‬ ‫المدرس والباقوف ِحلو أو ُم ّر؟ العلم في ِح َيل استخراج زيت الزيتون في لبنان‪ ،‬ص ‪.135‬‬ ‫َ‬

‫‪43‬‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬

‫ً‬ ‫أصال َ‬ ‫لطحن الحبوب‪ .‬إنما في الخريف مع موسم الزيتون‪،‬‬ ‫المطحنة‬ ‫‪8‬‬ ‫كان ُيستغنى عن أحد حجارتها إلقامة المطروف مكانه لعصر الزيتون‪.‬‬ ‫تقاطعتين (طول ما بين ‪57‬‬ ‫تحرك بشفرتين (سيفَ ين) ُم ِ‬ ‫ُي َ‬ ‫ستبدل الحجر الم ُـ ِّ‬ ‫و ‪ 88‬سنتم‪ ،‬وعرض ‪ 5‬سنتم‪ ،‬وسماكة من ‪ 1‬إلى ‪ 2‬سنتم) متباعدتَ ين بضعة‬ ‫األساسي‪،‬‬ ‫وم ّثبتتين على المحور‬ ‫سنتيمترات‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫معدل ‪70‬‬ ‫حدود‬ ‫مع‬ ‫ٍ‬ ‫دائرية حولهما‪ :‬تنّ ور (قطر ّ‬ ‫ّ‬ ‫دوران‬ ‫عشوائيا‪ .‬وخالل‬ ‫سنتم) لِ َمنع انزالق الزيتون‬ ‫ًّ‬ ‫ِ‬ ‫الفَ راش تُ ِّ‬ ‫لب الزيتون في التجويف‪.‬‬ ‫قشر الشفرتان َّ‬ ‫ستخدمة‬ ‫كثيرا عن تلك ال ُـم‬ ‫َ‬ ‫وهذه الطريقة ال تختلف ً‬ ‫نوعية أفضل من الزيت‪ ،‬إذ‬ ‫في المعاصر بل تُ عطي ّ‬ ‫عكس ال َـمعاصر‬ ‫في المطروف ال تُ سحق النوى‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫كاملة‪.‬‬ ‫حبة الزيتون‬ ‫التي تَ هرس ّ‬

‫المطاحن أَيام زمان ‬

‫‪2‬‬

‫‪. 1‬‬ ‫‪ .2‬‬ ‫‪ .3‬‬ ‫‪ .4‬‬ ‫‪ .5‬‬ ‫‪ .6‬‬ ‫‪ .7‬‬ ‫‪ .8‬‬ ‫‪ .9‬‬ ‫‪ .10‬‬ ‫‪ .11‬‬ ‫‪ .12‬‬ ‫‪ .13‬‬

‫األول‬ ‫حجر الرحى ّ‬ ‫سيوف المطروف‬ ‫محور الدوران‬ ‫تنّ ور‬ ‫الحجر الثابت‬ ‫جورة الطحين‬ ‫حجر الرحى الثاني‬ ‫جورة الطحين‬ ‫مصطبة‬ ‫خوابي الزيت‬ ‫أكياس زيتون‬ ‫أسافين‬ ‫خشبيان للطحين‬ ‫رفشان‬ ‫ّ‬


‫‪1‬‬

‫حجر ّ‬ ‫الطحن والمطروف‬

‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪9‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬

‫‪44‬‬ ‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬

‫‪7‬‬ ‫‪‬الج ِد ِيدة‪‬‬ ‫قسم ُمعالجة الزيت في المطحنة‪ ،‬وادي ّ‬ ‫الدير – مطحنة ْ‬

‫‪. 1‬‬ ‫‪ .2‬‬ ‫‪ .3‬‬ ‫‪ .4‬‬ ‫‪ .5‬‬ ‫‪ .6‬‬ ‫‪ .7‬‬ ‫‪ .8‬‬ ‫‪ .9‬‬ ‫‪ .10‬‬ ‫‪ .11‬‬ ‫‪ .12‬‬ ‫‪ .13‬‬

‫َسقف َعقد‬ ‫الرافعة أو مخل العتصار‬ ‫َ‬ ‫الب ّد‪ ،‬الم َـ ْرد‪ّ ،‬‬ ‫كعب من حجارة‬ ‫الباقوف َ‬ ‫شبي بين ُم َّ‬ ‫الخ ّ‬ ‫جرن الزيت‬ ‫ارية لوضع الزيت‬ ‫خوابي ّ‬ ‫فخ ّ‬ ‫الزَ غل (حجر مثقال لمخل االعتصار)‬ ‫التثبيت‬ ‫َحبل ّ‬ ‫الرحى‬ ‫حجر ّ‬ ‫التنّ ور‬ ‫سيوف ال َـمطروف‬ ‫حجر الطحن الثابت‬ ‫أسافين‬ ‫َ‬ ‫مصطبة‬

‫‪8‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬


‫المطاحن أَيام زمان ‬ ‫‪45‬‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬

‫يتم بوساطة الرافعة والحجارة األثقال؛‬ ‫كان العصر ً‬ ‫غالبا في الطواحين ّ‬ ‫ومن أحجار هذا النّ ظام ما يتراوح طول الواحد بين ‪ 53‬و ‪ 80‬سنتم‪،‬‬ ‫وعرضه بين ‪ 53‬و ‪ 56‬سنتم‪.‬‬ ‫وقوي) في ُك ّوة في‬ ‫خشبي عريض‬ ‫ُي ّثبت أحد أطراف ‪‬الم َـ ْرد‪( ‬جذع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحائط (فتحة أو طاقة)‪ ،‬يخرق إطار الخشب المحفور في الباقوف (جذع‬ ‫قائم بين حجارة‬ ‫القفَ ف تجنُّ ًبا‬ ‫ِ‬ ‫خشبي كبير يحتضن الخوص أو ِ‬ ‫لوقوعها) وهو ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫الجهة األخرى من الم َـ ْرد‬ ‫رية‬ ‫جمعة لكنّ ها‬ ‫ً‬ ‫تتحرك ِب ُح ّ‬ ‫ُم َّ‬ ‫ّ‬ ‫صعودا ونزوال‪ .‬وفي ِ‬ ‫البر ّي‪.‬‬ ‫العريش‬ ‫أي‬ ‫اللعلوع‬ ‫من‬ ‫مجدولة‬ ‫حبال‬ ‫بوساطة‬ ‫ة‪‬‬ ‫‪‬خنزير‬ ‫ربط‬ ‫تُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫حجرين) بالفجوات المحفورة فيه‬ ‫أو‬ ‫حجر‬ ‫عن‬ ‫عبارة‬ ‫(ثقل‪،‬‬ ‫الزغل‬ ‫ط‬ ‫رب‬ ‫وي‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫تتحرك‬ ‫الليف)‪.‬‬ ‫أو‬ ‫ب‬ ‫(من‬ ‫التثبيت‬ ‫بال‬ ‫ح‬ ‫بوساطة‬ ‫الخنزيرة‬ ‫هذه‬ ‫إلى‬ ‫ِ‬ ‫القنَّ‬ ‫ّ‬ ‫األثقال بوساطة ‪‬الالّ فوك‪( ‬ذراع الملفاف) وهو ُيوازي المخل في اتّ جاهه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫نزوال على المنضدة الموضوعة‬ ‫عملية العصر ّتتجه العارضة‬ ‫عندما تبدأ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الخ َوص وينزل‬ ‫العارضة‪،‬‬ ‫تحتها قرب نقطة تثبيت‬ ‫فيتم كبس مجموعة ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫جرن أدنى من منضدة العصر‪،‬‬ ‫نحو‬ ‫تقوده‬ ‫ة‬ ‫خارجي‬ ‫الزيت‪ ،‬ويخرج بمسقاة‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الزوايا‪.‬‬ ‫في خندق قائم ّ‬ ‫بعد وضع الثمار المسحوقة على حصيرة من شعر الماعز (إذا كانت‬ ‫كوم هذه الرزم بعضها فوق بعض‬ ‫ذات‬ ‫ٍ‬ ‫أطراف تُ طوى هذه على الثمار)‪ ،‬تُ َّ‬ ‫قطعةٌ‬ ‫دائرية ثقيلة‬ ‫ة‬ ‫خشبي‬ ‫الكومة‬ ‫أعلى‬ ‫في‬ ‫وتوضع‬ ‫العصر‪،‬‬ ‫منضدة‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحت ‪‬الم َـ ْرد‪ ‬أو العارضة التي ُي ّثبت أحد طرفيها في تجويف في الحائط‪،‬‬ ‫يختلف طولُ ه بحسب مكان العصر‪ .‬تُ َّعلق حجارة أثقال كبيرة في الطرف‬ ‫فتؤدي دور الثقل الموازن‪.‬‬ ‫اآلخر من الرافعة ليزداد الضغط على الرزم ّ‬ ‫قاومة مجدولة من ّ‬ ‫ٌ‬ ‫اللعلوع ملفوفة على‬ ‫موصول‬ ‫طرف الرافعة‬ ‫ٍ‬ ‫بحبال ُم ِ‬ ‫يسهل دورانها على ذاتها‪ ،‬تُ داخلها فتحات الستقبال قطعة‬ ‫إسطوانة بشكل ّ‬ ‫شكل عامل دفع للرافعة فيما ثقل الحجر ُي ّ‬ ‫خشبية بالتواء ُمتعاقب تُ ّ‬ ‫شكل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خشبية‬ ‫قطعة‬ ‫دخل‬ ‫ي‬ ‫األول‬ ‫الن‪:‬‬ ‫عام‬ ‫إدارته‬ ‫على‬ ‫د‬ ‫ويتساع‬ ‫ة‬ ‫إضافي‬ ‫دفع‬ ‫قوة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حتى‬ ‫في اإلسطوانة ُويديرها ربع دورة‪ ،‬يليه اآلخر بربع دورة للذراع الثانية‪ّ ،‬‬ ‫تمام الدورة والوصول إلى أقصى نقطة من الضغط إلنزال الرافعة على‬ ‫الحبل حولها تنخفض بفضل وزن األثقال فتوضع‬ ‫ُ‬ ‫الخ َوص‪ ،‬فعندما ُي ُّ‬ ‫لف َ‬ ‫عملية العصر‬ ‫خشبة مكانها تمنع دوران اإلسطوانة إلى الوراء‪ .‬وعند بنهاية ّ‬ ‫ببرمها إلى الجهة الم ُـعاكسة‪.‬‬ ‫يحرر العامالن اإلسطوانة ِ‬ ‫الخوص الموضوعة بعضها‬ ‫تحريك ‪‬الم َـ ْرد‪ ‬بهذه الطريقة يضغط على ُ‬ ‫فوق بعض‪ ،‬على حجر العصر (طول ‪ 1.60‬م‪ ،‬عرض ‪ 1.30‬م‪ ،‬ارتفاع‬ ‫خارجي ‪ 70‬سنتم‪ ،‬والفسحة التي تستقبل الخوص قطرها ‪ 90‬سنتم)‪،‬‬ ‫ّ‬


‫الرزم قطعةٌ‬ ‫الضغط عليها‪ .‬هكذا يسيل‬ ‫وتعلو هذه‬ ‫تؤمن توزيع ّ‬ ‫خشبيةٌ ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الزيت من مزراب حجر العصر إلى جرن في مستوى أدنى‪.‬‬ ‫سح ُب ‪‬الم َـ ْرد‪ُ ‬وي َّعلق بالحبل والزَ َردة في‬ ‫حين تنتهي‬ ‫عملية العصر ُي َ‬ ‫ّ‬ ‫سقف الغرفة كي ال ُيزعج العاملين‪.‬‬ ‫يؤدي‬ ‫المهمةِ‬ ‫الصخر‪ّ ،‬‬ ‫ستعمل هو حجر خام‪ ،‬أو منحوت من ّ‬ ‫الزَ غل ال ُـم َ‬ ‫ّ‬ ‫المطلوبة‪.9‬‬ ‫خشبي كبير‪،‬‬ ‫والباقوف جذع‬ ‫ّ‬ ‫ُيرفع وسط كومة من الحجارة‪ .‬إنما‬ ‫الصخر‪ ،‬أو ُصنِ ع من‬ ‫الحقً ا نُ ِح َت في ّ‬ ‫طلية بالكلس حتى‬ ‫تجميع حجارة َم ّ‬ ‫بات من اإلسمنت‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫ُبرك لتركيد الزيت بمستويات مختلفة‬ ‫السيد علي)‬ ‫(المختارة – مطحنة ّ‬

‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬ ‫حجر عصر الجفت بعد تسخينه‬ ‫َ‬ ‫(المختارة – طاحون َب ّدا)‬

‫محب في كتابه إلى ّأن أنماط البقوف مع مثقال واحد ّ‬ ‫توقفت عن‬ ‫‪ 99‬أشار الدكتور‬ ‫ّ‬ ‫المدرس‬ ‫المطروف‪،‬‬ ‫ساز‪،‬‬ ‫شانه‬ ‫نادر‬ ‫محب‬ ‫‪:1972‬‬ ‫ى‬ ‫‪1940‬‬ ‫من‬ ‫العمل في الجبل‬ ‫حتّ‬ ‫َ‬ ‫والباقوف ِحلو أو ُم ّر؟ ص ‪.78‬‬


‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪5‬‬

‫‪8‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪. 1‬‬ ‫‪ .2‬‬ ‫‪ .3‬‬ ‫‪ .4‬‬ ‫‪ .5‬‬ ‫‪ .6‬‬ ‫‪ .7‬‬ ‫‪ .8‬‬

‫ِب َ‬ ‫الم ْهل‬ ‫ركة ِ‬ ‫ِب َ‬ ‫اللب‬ ‫ركة ّ‬ ‫ِب َ‬ ‫ركة الزيت‬ ‫َ‬ ‫نبات ّ‬ ‫البركتَ ين رقم ‪ 3‬و ‪4‬‬ ‫البالن إلغالق الفتحة بين‬ ‫حجر َعصر الجفت بعد تسخينِ ه‬ ‫كيس الجفت‬ ‫الب ّد‬ ‫فتحة في الحائط إلدخال َ‬ ‫الب ّد أو مخل العتصار‬ ‫َ‬

‫إلى جانب ّ‬ ‫عدة برك للمياه‪ ،‬على ُمستويات ُمختلِ فة‪،‬‬ ‫كل مطروف ّ‬ ‫لمعالجة الجفت (طول بين ‪ 1.09‬و‪ 3.80‬م‪ ،‬وعرض بين ‪ 1‬و ‪ 2.70‬م) أو‬ ‫كمية باقية من الزيت‪.‬‬ ‫ما تبقّ ى من الزيتون المعصور ألن فيه ّ‬

‫‪47‬‬

‫قمحا وزيتو ًنا لمواسم الخير‬ ‫تراث الخير‬ ‫ً‬

‫ُمعالجة المهل في المطروف‬

‫المطاحن أَيام زمان ‬

‫‪2‬‬


‫فوق‬ ‫الرفش لتحريك الجفت في المياه المتدفّ قة من قناة َ‬ ‫ُيستخدم ّ‬ ‫فيترسب‪ ،‬ويطفو النوى المسحوق‪ ،‬ويطفو‬ ‫البركة األولى (بركة المهل)‬ ‫ّ‬ ‫اللب ُم ً‬ ‫ّ‬ ‫فيخفق هو اآلخر بالرفش حتى‬ ‫)‬ ‫ب‬ ‫الل‬ ‫(بركة‬ ‫الثانية‬ ‫نتقال إلى البركة‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫انفصال الزيت‪ ،‬وانتقاله إلى البركة الثالثة (بركة زيت القشرة) ُويحال دون‬ ‫انتقال القشور إلى هذه األخيرة بوضع ّ‬ ‫شوكي) في باب‬ ‫البالن (نبات ّبري‬ ‫ّ‬ ‫أخف ً‬ ‫وزنا من الماء ُيرفَ ع عن سطحها‬ ‫قناة الوصل أو المزراب‪ .‬وكون الزيت ّ‬ ‫ستخدم في صناعة الصابون‪.‬‬ ‫سمى قاحوطة‪ُ ،‬وي‬ ‫بقطعة‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫خشبية تُ ّ‬ ‫اللب من البركة الثانية‪،‬‬ ‫وللحصول على آخر نقطة من الزيت كان ُيرفع ّ‬ ‫وثمة طريقة‬ ‫ُوي َّ‬ ‫سخن بالماء في الدست‪ ،‬أو ِ‬ ‫الح ّلة‪ ،‬فيطفو الزيت ُوي َ‬ ‫قحط‪ّ .‬‬ ‫خاص (قطر ‪ 1.10‬م)‪،‬‬ ‫حجر‬ ‫فوق‬ ‫أكياس‬ ‫في‬ ‫اللب‬ ‫وضع‬ ‫على‬ ‫تقوم‬ ‫أخرى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يدوي‪.‬‬ ‫كبس بمكبس‬ ‫ّ‬ ‫وتُ َ‬ ‫المراجع‬ ‫‪48‬‬ ‫د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‬

‫علمي)‪ ،‬مرايا من‬ ‫(مقدمة)‪ ،‬في هنري زغيب (ناشر‬ ‫ •جبرا جوزيف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األميركية‪ ،‬منشورات‬ ‫اللبنانية‬ ‫ُتراث لبنان‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبناني‪ ،2008 ،‬ص ‪.6‬‬ ‫مركز التراث‬ ‫ّ‬

‫ •الحلو صوالنج‪ ،‬معاصر الزيتون ومطاحن الحبوب في قضاء الشوف‬ ‫عدت لنيل شهادة‬ ‫خالل العصر‬ ‫العثماني‪ ،‬أطروحة غير منشورة ُأ ّ‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية في الفنون واآلثار‪ ،‬إشراف األستاذ الدكتور أنطوان‬ ‫الدكتوراه‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬المعهد العالي للدكتوراه في اآلداب والعلوم‬ ‫القسيس‪ ،‬الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واإلجتماعية‪ ،‬سن الفيل‪.2016–2015 ،‬‬ ‫ة‬ ‫اإلنساني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدرس والباقوف ِحلو أو ُم ّر؟‬ ‫حب نادر‪ ،‬المطروف‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ •شانه ساز ُم ّ‬ ‫العلم في ِح َيل استخراج زيت الزيتون في لبنان‪ ،‬بحث أنتروبولوجي في‬ ‫الثقافية‪ ،‬دار الحداثة‪ ،‬الطبعة األولى‪.2008 ،‬‬ ‫التكنولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫ • ّ‬ ‫مؤسسة ّ‬ ‫دكاش‬ ‫بتدين اللقش قرية من الجبل‬ ‫القطار الياس‪ّ ،‬‬ ‫اللبناني‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للطباعة‪ ،‬البوار – كسروان – لبنان‪ ،‬بيروت‪.2000 ،‬‬

‫اللبناني بإشراف فؤاد أفرام‬ ‫ •مالك شارل‪ ،‬لبنان في ذاته‪ ،‬مكتبة التّ راث‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة أ‪ .‬بدران وشركاه‪ ،‬بيروت‪.1974 ،‬‬ ‫البستاني ‪ّ ،2‬‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫زمن لبنان الكبير‬ ‫ً‬ ‫مستقبال الجنرال غورو في الديمان‬ ‫البطريرك الحويك‬

‫‪‬بعد اعتراف فرنسا بضرورة استقاللنا سنة ‪1860‬‬ ‫لن أرضى بعد ستين سنة أن يُمَسّ َوي ُ‬ ‫حك َمنا الغير‪‬‬ ‫منطق ‪‬لبنان الكبير‪:‬‬

‫‪‬ال‪ ‬النضمام جبل لبنان ِإلى سوريا‬ ‫‪‬ال‪ ‬النضمام الليطاني وحرمون ِإلى فلسطين‬ ‫هيام جورج مالّ ط‬ ‫عالن َ‬ ‫ٌ‬ ‫األول من َأيلول‬ ‫طويل‬ ‫تاريخ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫سابق ِإ َ‬

‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‬ ‫حي‬ ‫لبنان ٌ‬ ‫كيان ٌّ‬

‫كمال ديب‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫البطريرك الحويك‬ ‫مستقب ً‬ ‫ال الجنرال غورو في الديمان‬

‫«بعد اعتراف فرنسا بضرورة استقاللنا سنة ‪1860‬‬ ‫لن أرضى بعد ستين سنة أن يُمَسّ وي َ ُ‬ ‫منا الغير»‬ ‫حك َ‬

‫بين الوثائق النادرة في كتاب الخوري أسطفان ابرهيم الخوري‬ ‫الحويك السياسية‪ :‬الوثيقة ‪– 172‬‬ ‫‪‬رســائــل البطريرك الـيــاس‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫نص الخطاب الذي ألقاه البطريرك الحويك في‬ ‫ّ‬ ‫الملف‪ ،43 ‬وفيها ُّ‬ ‫َ‬ ‫الديمان صبيحة استقبل الجنرال غورو في احتفال حاشد‪ ،‬وما قاله‬ ‫غورو َ‬ ‫متأ ِّث ًرا بخطاب البطريرك‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫وهــذا النص َأخــذه الـخــوري أسطفان عن جريدة ‪‬الـمحاكم‪‬‬ ‫اإلثـنـيــن ‪ 5‬كــانــون َ‬ ‫األ َّول ‪ .1921‬ننقُ ُله حــرفـ ًّـيــا كما صدر‬ ‫عــددهــا ِ‬ ‫في الجريدة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العالمة بطريرك الطائفة المارونية مار بطرس‬ ‫خطاب غبطة السيد‬ ‫الص َمدانية‪.‬‬ ‫الياس الحويك‬ ‫الكلي الطوبى رعاه اهلل بعينه َ‬ ‫ّ‬ ‫المرخص السامي للجمهورية الفرنساوية‬ ‫جناب الجنرال غــورو‪،‬‬ ‫زار‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الكلي‬ ‫غبطة السيد البطريرك‬ ‫الفخيمة في لبنان الكبير وفــي سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مقره الصيفي بالديمان‬ ‫الطوبى والقداسة في أواخر سبتمبر الماضي‪ ،‬في ِّ‬ ‫ربا فيه لجنابه عن أماني أبناء‬ ‫فواج َهه بالخطاب اآلتي ُم ْع ً‬ ‫من أعمال لبنان‪َ ،‬‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫وهذا‬ ‫بالدهم‪.‬‬ ‫باستقالل‬ ‫لبنان وتَ َـم ُّسكهم‬ ‫ّ‬ ‫‪َ 11‬أ َ‬ ‫ُ‬ ‫ـمعروف بــ ‪‬عزتلو يوسف بك آصاف‪ .‬وهو‬ ‫نشأها في مصر يوسف آصاف‪ ،‬ال‬ ‫َ‬ ‫واإليطالية‬ ‫العربية‬ ‫س‬ ‫در‬ ‫‪،١٨٥٩‬‬ ‫سنة‬ ‫ولد‬ ‫لبناني‪،‬‬ ‫خ‬ ‫ر‬ ‫ومؤ‬ ‫كاتب‬ ‫آصاف‪،‬‬ ‫همام‬ ‫يوسف بن‬ ‫ِّ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ومبادئ العلوم في مدرسة مار عبدا التي َأ َ‬ ‫َ‬ ‫نشأتْ ها عائلتُ ه في لبنان‪ .‬زاول التدريس في‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫مترج ًـما‪،‬‬ ‫ل‬ ‫فعم‬ ‫مصر‬ ‫في‬ ‫واستقر‬ ‫وتركيا‪،‬‬ ‫يطاليا‬ ‫إ‬ ‫لى‬ ‫إ‬ ‫سافر‬ ‫الفرنسية‪.‬‬ ‫تقن‬ ‫وأ‬ ‫عكا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫نشأها الياس زيادة والد َ‬ ‫واشترى مطبعة المحروسة وجريدتَ ها عام ‪(َ ١٨٧٦‬أ َ‬ ‫األديبة مي‬ ‫زيادة)‪َ ،‬وأ َ‬ ‫درس الحقوق وتَ َـخ َّـر َج سنة‬ ‫نشأ المطبعة العمومية في القاهرة سنة ‪َ .١٨٨٨‬‬ ‫محاميا لدى المحاكم األهلية‪َ ،‬وأ َ‬ ‫نشأ جريدة ‪‬ال َـمحاكم‪ .‬توفي سنة‬ ‫فأصبح‬ ‫‪1890‬‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫مصنَّ‬ ‫فات تاريخية وقانونية (‪‬مرايا التراث‪.)‬‬ ‫مجموعة‬ ‫ا‬ ‫‪١٩٣٨‬تارك‬ ‫ٍ‬


‫البطريرك الحويك‬

‫‪51‬‬

‫مستقب ً‬ ‫ال الجنرال غورو في الديمان‬


‫‪52‬‬

‫قدر سرورنا بزيارتكم َفل ْسنا‪،‬‬ ‫‪‬يا حضرة الجنرال‪ ،‬إنك تعلم ْ‬ ‫دائما بيننا على الرحب‬ ‫والحالة هذه‪ ،‬بحاجة إلى البيان‪ ،‬فأنت ً‬ ‫والسعة‪.‬‬ ‫ّإن ما لنا َ‬ ‫أمور تهم‬ ‫فيك من الثقة ُيبيح لنا أن نصارحك ببعض ٍ‬ ‫فقابلت‬ ‫مارا في القطر المصري‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫البالد‪ .‬كنت منذ ِسنين خلت ًّ‬ ‫الحديث على‬ ‫معتمد فرنسا‪ .‬وقد دار بيننا‬ ‫في القاهرة حضرة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫العدل والمحاكم في مختلف األمصار‪ ،‬فقال المعتمد إن ‪ 95‬في‬ ‫المئة من َمحاكم فرنسا تقضي بالعدل الصحيح‪ ،‬والباقي تحت‬ ‫الشك واليقين‪ .‬فقلت له إن ‪ % 95‬من محاكم الدولة ال تقضي‬ ‫بالعدل‪ ،‬والباقي ما بين الشك واليقين‪ .‬فنحن اليوم‪ ،‬ياحضرة‬ ‫الجنرال‪ ،‬نريد أن نأمل‪ ،‬بفضل المساعدة التي تأتون بها‪ ،‬أن‬ ‫ستتعدل فيصبح ‪ %95‬من محاكمنا على ما َنو ُّد من القضاء‬ ‫األمور‬ ‫َّ‬ ‫والعدل بين الناس‪.‬‬ ‫َ‬ ‫استقالل لبنان بحدوده‬ ‫أعلنت‪ ،‬يا حضرة الجنرال‪،‬‬ ‫إنك قد‬ ‫َ‬ ‫عظيما‪.‬‬ ‫شديدا وامتنانُ نا‬ ‫فرحنا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الطبيعية‪ ،‬وأنت تدري كم كان ُ‬ ‫غير أن بوادر األحوال ُّ‬ ‫تهدد‬ ‫تدل من مدة على أن هناك‬ ‫أخطارا ِّ‬ ‫ً‬ ‫ذلك االستقالل‪ .‬ففي البالد ٌ‬ ‫وهمس حول الوحدة السورية أو‬ ‫لغط‬ ‫ٌ‬ ‫االتحاد مع سوريا‪.‬‬ ‫ال ُت َص ِّدق ال ُـمطالبين باالتحاد مع سوريا‬ ‫إنك تعلم يا حضرة الجنرال أن اللبنانيين ال يريدون هذا وال‬ ‫حملت إليها‬ ‫يرضون به {تصفيق}‪ .‬فأنا يوم سافرت إلى باريس‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الوكاالت ممضاة من كل طوائف لبنان‪ ،‬باسم اللبنانيين قاطبة‪،‬‬ ‫تعلم‬ ‫ُ‬ ‫وطالبت هنالك باستقالل البالد وبالحدود الطبيعية‪ .‬وأنت ُ‬ ‫َ‬ ‫أرسله‬ ‫أن في أحاديثي مع المسيو كليمنصو وفي الكتاب الــذي‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫استقاللنا‬ ‫مجاال للشك‪َّ ،‬أن‬ ‫رسميا‪ ،‬وبطريقة ال تترك‬ ‫تصرح‬ ‫إلي‬ ‫ِّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫يتمتع باستقالله التام عن كل حكومة‬ ‫ال يقبل‬ ‫الجدل‪ ،‬وأن لبنان َّ‬ ‫َ‬ ‫مجاورة {تصفيق}‪.‬‬ ‫فـ ـ ِـإذا ك ــان جــاءكــم ق ــوم م ـف ـســدون‪ ،‬وقــالــوا لــك إن اللبنانين‬ ‫تصدق ما يقولون‪ .‬أنــا أنطق بلسان‬ ‫قد رجعوا عن رأيهم‪ ،‬فال‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تشبثاً‬ ‫اللبنانيين على بكرة أبيهم‪ ،‬فأقول لك إن اللبنانيين ألشد ُّ‬ ‫اليوم باالستقالل منهم في ّ‬ ‫كل زمان مضى {تصفيق حاد}‪ .‬ولئن‬ ‫أقل ٍّ‬ ‫عندك ُّ‬ ‫َ‬ ‫شك في األمر‪ ،‬فأنا باستطاعتي في أربع وعشرين‬ ‫كان‬


‫ساعة أن آتيك بالبالد ِّكلها شهادةً وتأمينً ا {تصفيق حاد متواصل‬ ‫وهتاف استحسان}‪.‬‬ ‫جدودنا‬ ‫لحكم أجنبي‪ .‬إن‬ ‫هذا وإن لبنان لم‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫يرضخ ً‬ ‫يوما من األيام ُ‬ ‫وآباءنا ما ارتضوا بهذه الجبال الجرداء ينزلونها معتصمين‪َّ ،‬‬ ‫إال‬ ‫َ‬ ‫وهمهم الوحيد حمايةُ حريتهم وحقوقهم فال تصل إليها وإليهم ُيد‬ ‫ُّ‬ ‫الغزاة الفاتحين {تصفيق حاد متواصل وهتاف استحسان}‪.‬‬

‫البطريرك الحويك‬ ‫‪53‬‬

‫مستقب ً‬ ‫ال الجنرال غورو في الديمان‬

‫منذ ‪ 1860‬تعمل فرنسا على استقالل لبنان وحكومته الوطنية‬ ‫َ‬ ‫االستقالل‬ ‫إن فرنسا ذاتها سنة ‪ 1860‬كانت تريد أن تحقِّ ق لنا‬ ‫َ‬ ‫والحكومة الوطنية البحتة على ْرأسها حاكم وطني لبناني‪.‬‬ ‫التام‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫يومئذ‬ ‫فرنسا‬ ‫خارجية‬ ‫وزير‬ ‫أرسلها‬ ‫على‬ ‫بنفسي‬ ‫لعت‬ ‫اط‬ ‫وأنا‬ ‫برقيةٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫إلى سفيره في األستانة يقول فيها‪َ :‬‬ ‫حاكم لبنان‬ ‫‪‬أطلب أن يكون‬ ‫ُ‬ ‫تتحو ْل عنه َّ‬ ‫إال‬ ‫دافـ ْـع عن هذا المبدأ حتى النهاية‪ ،‬وال‬ ‫وطنيا‪ِ .‬‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ٍّ‬ ‫لإلشكال‪ .‬وفي هذه الحال ال‬ ‫ل‬ ‫ـح‬ ‫ب‬ ‫القبول‬ ‫م‬ ‫سيتحت‬ ‫أنه‬ ‫رأيت‬ ‫إذا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫حال كان َّ‬ ‫رسميا أن الوطنيين ال يكونون‬ ‫ضمنت‬ ‫إال إذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ترض ّ‬ ‫ً‬ ‫بأي ٍ‬ ‫محرومين في المستقبل من تَ قَ ُّلد منصب الحاكم العام‪.‬‬ ‫هــذا ما كانت ترمي إليه فرنسا سنة ‪ ،1860‬فال ُيعقَ ل أن‬ ‫مضي ستين سنة ونرضى بــأن َي ْـحـكمنا‬ ‫نرجع إلــى الــوراء بعد‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫سافرت‪ ،‬كما تَ َعلم‪،‬‬ ‫فمن ًعا لمثل ذلك‬ ‫الغير {تصفيق شديد}‪ْ .‬‬ ‫ُ‬ ‫من سنتَ ين‪ .‬واليوم‪ ،‬إذا كان استقالل لبنان في خطر فأنا‪ ،‬رغم‬ ‫وعانيته من التعب في‬ ‫المشاق‬ ‫تكبدتُ ه من‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫شيخوختي‪ ،‬بل رغم ما ْ‬ ‫السفرة األخيرة‪ ،‬أنا أركب البحر بال إهمال فأذهب إلى باريس‬ ‫ولن أعود منها ّ‬ ‫خطي رسمي أن االستقالل‬ ‫عهد‬ ‫إال وفي يدي ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫أمر نهائي ثابت ال رجوع فيه‪{ .‬تصفيق حاد وهتاف استحسان‬ ‫شديد متواصل}‪.‬‬ ‫وأنا أرى أنهم في أوروبا َّ‬ ‫كثيرا عن سوريا وال َيذكرون‬ ‫يتكلمون ً‬ ‫الد َول باستقالل لبنان كما اعترفَ ت‬ ‫لبنان‪ .‬فنحن نريد أن تعترف ُ‬ ‫وتعتمده جمعية األمــم {تصفيق‬ ‫به فرنسا‪ ،‬بل نطلب أن تُ ـ ِـقـ َّـره‬ ‫َ‬ ‫وتأمين}‪.‬‬ ‫لكن يجب أن‬ ‫يا حضرة الجنرال‪ ،‬نحن نثِ ق بك‪ ،‬ونثِ ق بفرنسا‪ْ ،‬‬ ‫يوما‪ ،‬فأنا أؤكد لكم أن‬ ‫ال تُ َـم َّد ٌّيد إلى استقالل لبنان‪ .‬وإذا ُم َّس ً‬ ‫احتجاجا‪{ ‬تصفيق وهتاف}‪.‬‬ ‫مسه‬ ‫ً‬ ‫البالد تَ ُـه ُّب بل تشتعل على ِّ‬


‫‪54‬‬

‫ُ‬ ‫وكيل األمة اللبنانية أيها الس ِّي ُد الجليل»‪.‬‬ ‫غورو‪« :‬أَنت‬ ‫فلم يتمالك فخامة الجنرال عندئذ من إظهار عالئم الدهش واالنفعال‪،‬‬ ‫فوقف غير ُم ْـخ ٍف ُّ‬ ‫تأثره‪ ،‬وقال إنه ال يرى ما يحمل غبطته على الخوف من‬ ‫تشهد بحبه للبنان‬ ‫اعتداء يصل إلى استقالل لبنان‪ .‬ثم سرد األعمال التي َ‬ ‫وم ْن حوله ِّ‬ ‫ررا عهد‬ ‫وغيرته عليه‪ .‬واجتهد أن يطمئن غبطة البطريرك َ‬ ‫مك ً‬ ‫فرنسا باحترام استقالل لبنان وتنفيذه‪.‬‬ ‫وبعد أن َّ‬ ‫تكلم هذا النمط حوالي الخمس عشرة دقيقة‪ ،‬أنهى كالمه‬ ‫بقوله‪:‬‬ ‫– أكبر برهان على أننا محافظون على وعودنا‪ ،‬هو وجودي اآلن على‬ ‫مائدتك‪ ،‬أيها السيد الجليل‪ ،‬وأنت وكيل األمة اللبنانية‪ .‬أكرر لك‬ ‫شاربا نخبك ونخب لبنان الكبير‪.‬‬ ‫عهدنا للبنان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ثم قــام الجميع إلــى القاعة حيث َ‬ ‫جلس غبطته والجنرال مواصلين‬ ‫ذهب ٌّ‬ ‫كل إلى غرفته‪ ،‬فبات الجنرال ومن‬ ‫الحديث أكثر من ساعة‪ .‬وبعدها َ‬ ‫ً‬ ‫ساعة‬ ‫معه في ضيافة البطريرك‪ .‬وفي صباح اليوم التالي اختلى بغبطته‬ ‫جدد له فيها الوعود والعهود‪ .‬وعلى أثر ذلك غادر الجنرال‬ ‫من الزمن‪َّ ،‬‬ ‫مود ًعا غبطته في اإلجالل وتمام المودة‪.‬‬ ‫الديمان ِّ‬

‫الحويك لم يتك َّلم باسم طائفته فقط‬ ‫‪1‬‬ ‫اسم جميع اللبنانيين‬ ‫بل ب ِ ْ‬

‫هذه خالصة ما دار في مقابلة الديمان التي ُكث َر التحدث فيها‪.‬‬ ‫النتَ ف التي كانت قد‬ ‫وإذا كان اللبنانيون قد قابلوا بمزيد اإلعجاب تلك ُ‬ ‫طر ًبا للوقفة الوطنية‬ ‫ترامت إليهم من ذلك الخطاب‪ ،‬فإنهم اليوم يصفِّ قون َ‬ ‫التي وقفَ ها غبطة البطريرك الكبير‪ .‬فبمثل هذه المواقف تُ كتَ َسب الزعامة‪،‬‬ ‫وبمثل تلك اللهجة الصادقة تُ ستمال قلوب األحــرار مجاهدين في سبيل‬ ‫حرية بالدهم واستقاللها‪.‬‬ ‫ففي الديمان لم َّ‬ ‫يتكلم غبطة البطريرك الماروني باسم أبناء طائفته‪،‬‬ ‫بل َّ‬ ‫ومسيحيهم‪ .‬ولقد صدق‬ ‫هم‬ ‫ودرزي‬ ‫سلمهم‬ ‫م‬ ‫كافة‬ ‫لبنان‬ ‫تكلم باسم أبناء‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫احتجاجا على مس االستقالل‪ ،‬إذا‬ ‫تهب‪ ،‬بل تشتعل‬ ‫ً‬ ‫في قوله إن البالد ّ‬ ‫ُمـ َّـدت إليه يــد‪ .‬بل إن هــذه الصراحة في القول تُ َع ّد أجـ ّـل خدمة تُ سدى‬ ‫للدولة التي تولَّ ت إدارة لبنان‪ ،‬وتَ قيها ُّ‬ ‫التعثر في سياسة ال ُيقرها الوطنيون‬ ‫‪ 11‬‬

‫وضع ‪‬مرايا التراث‪ ‬وليست في النص َ‬ ‫ً‬ ‫األصلي‪.‬‬ ‫العناوين الجانبية‪،‬‬ ‫تسهيال‪ ،‬من ْ‬


‫البطريرك الحويك‬ ‫‪55‬‬

‫مستقب ً‬ ‫ال الجنرال غورو في الديمان‬

‫عليها‪ .‬فالمهاجرون اليوم يطالبون مع غبطة البطريرك إصالح المحاكم‬ ‫يحتجون على مشروع المحاكم المختلطة‬ ‫إلقامة العدل بين الناس‪ ،‬وهم‬ ‫ُّ‬ ‫كل احتجاج‪ ،‬ألنه إذا كان الغرض منها ضمان العدل لألجانب‪ ،‬فاألحرى‬ ‫ُبأولي األمر أن ال َيتركوا أبناء البالد بين براثن ُ‬ ‫الظلم‪ ،‬بل يصلحوا المحاكم‬ ‫األهلية لتَ ْضمن العدل للجميع على السواء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أشد‬ ‫نظام النقد‬ ‫إصالح‬ ‫وهم يطلبون‬ ‫المختل الذي قد ُي ِلحق بالبالد َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ونقده الورقي ُلتصان‬ ‫الكوارث اإلقتصادية‪ ،‬ووضـ َـع‬ ‫نظام للبنك السوري ْ‬ ‫ٍ‬ ‫مصالح البالد‪.‬‬ ‫الح ْكم العسكري بإقامة حكومة وطنية نيابية‪،‬‬ ‫هم يطلبون الخالص من ُ‬ ‫ً‬ ‫مسؤوال بالتضامن أمام مجلس النواب‪.‬‬ ‫وإنشاء مجلس للمديريين يكون‬ ‫عمالُ ه المختصون‬ ‫هم يطلبون سيادة لبنان على جميع موارده‪ ،‬فيكون َّ‬ ‫مسؤولين عن الدخل والخرج‪ ،‬فال يبقى كل ذلك في أيدي رجال المفوضية‬ ‫يتصرفون فيه بطرق ُعرفية‪.‬‬ ‫وصفوة القول‪ُ :‬هم يطالبون ِبإنفاذ االستقالل الذي أعلنه الجنرال غورو‬ ‫ً‬ ‫كامال ال يعتَ ِو ُره استثناء‪ ،‬وال يشوبه تقييد‪ .‬فإذا نالوا ما‬ ‫صحيحا‬ ‫إنفاذً ا‬ ‫ً‬ ‫يطلبون – وحقُّ هم في طلبهم صريح – تكون األمة الفرنساوية الكريمة‬ ‫قد َ‬ ‫عملت بتقاليدها الحرة المعروفة‪ ،‬بل أنقذت في لبنان ذلك االستقالل‬ ‫الفعلي الذي أرادتْ ه له هي نفسها في سنة ‪ .1860‬وهكذا تُ كتَ سب صداقةُ‬ ‫يؤيد نفوذَ ها في الشرق‪ ،‬بل في سائر أنحاء المعمور‪ ،‬ألن‬ ‫شعب نشيط ِّ‬ ‫ً‬ ‫حيي اليوم‪ ،‬في غبطة‬ ‫شرقا‬ ‫أبناءه ضربوا في األرض‬ ‫ً‬ ‫وغربا‪ .‬فإذا كنا نُ ّ‬ ‫عاليا في‬ ‫السيد البطريرك‪ ،‬الوطنية الصادقة‪ ،‬فإننا نرجو أن يرتفع صوتُ ه ً‬ ‫المسموع ال ُـمجاب‪.‬‬ ‫الصوت‬ ‫سردناها‪ ،‬فإنه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جميع الشؤون التي َ‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫منطق «لبنان الكبير»‪:‬‬

‫«ال» النضمام جبل لبنان إِلى سوريا‬ ‫«ال» النضمام الليطاني وحرمون إِلى فلسطين‬ ‫هيام جورج م ّ‬ ‫الط‬ ‫ً‬ ‫هدنة أمــام المارشال فوش‬ ‫في ‪ 11‬تشرين الثاني ‪ 1918‬وقَّ ــع األلمان‬ ‫فانتهت الحرب على الجبهة الغربية‪ ،‬بعد هدنة م ــودروس (‪ 31‬تشرين‬ ‫األول ‪ )1918‬وانهيار األمبراطوريتين األلمانية والنمساوية ْإثــر سقوط‬ ‫األمبراطورية القيصرية الروسية سنة ‪ 1917‬على أن تُ لغى السلطنة العثمانية‬ ‫لكن غبطة هذا االنتصار على الجبهات الغربية والشرقية في‬ ‫سنة ‪َّ .1923‬‬ ‫جدا لهذا االنهيار‪.‬‬ ‫خطيرة‬ ‫سياسية‬ ‫نتائج‬ ‫أخفت‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫األو‬ ‫العالمية‬ ‫الحرب‬ ‫ً‬ ‫وراحت نتائج مؤتمر الصلح في فرساي‪ ،‬وبعده مؤتمر سان ريمو (‪ 25‬نيسان‬ ‫موضوع تساؤالت‪.‬‬ ‫نجاحات كانت‬ ‫‪ )1920‬تعكس السعي لحلها مع‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫انسحاب العثمانيين (من شرق أدنــى حكموه منذ ‪ّ )1516‬‬ ‫هزة‬ ‫شكل ّ‬ ‫ُ‬ ‫سياسية وصدمة تاريخية حاسمة‪ .‬فالسلطان والباب العالي كانا ألربعة‬ ‫محور نشاط مباشر لألجيال السياسية في الشرق األدنى‪ .‬ومع تدفُّ ق‬ ‫قرون َ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫مجتاحة الواليات العثمانية في الشرق‬ ‫تدريجيا من مصر‬ ‫الحلفاء‬ ‫جيوش‬ ‫ًّ‬ ‫األدنى ومتصرفية جبل لبنان‪ ،‬انفتحت ُّللبنانيين صفحةٌ جديدةٌ لم يكونوا‬ ‫تبين أن الحلفاء المنتصرين في الحرب اتفقوا على تقسيم‬ ‫يتوقعونها إذ َّ‬ ‫األمبراطورية العثمانية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫خطوطا زرقاء وحمراء‬ ‫قس َم ْتنا على الورق‬ ‫الدول الكبرى َّ‬

‫اتفاق‬ ‫سرا في القاهرة اجتماعات نجم عنها‬ ‫في آذار ‪1916‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫انعقدت ًّ‬ ‫ُ‬ ‫قنصل فرنسا السابق فــي بـيــروت فـ َـرنـســوا جــورج بيكو‬ ‫ـوصـ ُـه‬ ‫وضــع نـصـ َ‬ ‫ُ‬ ‫وممثل بريطانيا مارك سايكس (‪Sir Mark‬‬ ‫(‪،)François Georges Picot‬‬ ‫‪ 2)Sykes‬وممثل روسيا سازونوف (‪ّ )Sazonov‬تم توقيعه في سان بترسبورغ‬ ‫محام وأستاذ جامعي – رئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‬ ‫‪ 11‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫سابقا‪.‬‬ ‫ومؤسسة المحفوظات الوطنية‬ ‫‪Christopher Simon Sykes, The man who created the Middle East,‬‬ ‫‪ 22‬‬ ‫‪William Collins, London 2016.‬‬

‫‪١‬‬


‫اإلشكال َ‬ ‫ترسيم الحدود‬ ‫األ َّول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫دوليا‬ ‫ترسيما‬ ‫لم تعرف أيــةُ منطقة أخــرى في الشرق األدنــى‬ ‫ً‬ ‫رسميا ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫لحدودها ّ‬ ‫إال حدود متصرفية جبل لبنان سنة ‪( 1861‬للمناطق الخاضعة‬ ‫َ‬ ‫رسميا‬ ‫مباشرةً لسلطة الــوالة العثمانيين) باعتراف السلطنة العثمانية‬ ‫ًّ‬ ‫عصرئذ (فرنسا‪ ،‬بريطانيا العظمى‪ ،‬روسيا‪،‬‬ ‫ودوليا مع القوى العظمى‬ ‫ٍ‬ ‫ًّ‬ ‫النمسا‪ ،‬هنغاريا‪ ،‬بروسيا وإيطاليا)‪ .‬من هنا‪ ،‬عند إنشاء َ‬ ‫دولتَ ي لبنان‬ ‫وســوريــا‪ ،‬جــدلـ َّـيــةُ الترسيم ل ـحــدود ب ـلــدان االن ـتــداب الـفــرنـســي‪ ،‬وبـلــدان‬ ‫خصوصا حيال إصرار البعثة‬ ‫جنوبي لبنان)‬ ‫االنتداب البريطاني (فلسطين‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫الصهيونية إلى مؤتمر الصلح في فرساي على ‪‬وجوب أن يشمل ترسيم‬ ‫منابع المياه المتدفّ قة من سفح جبال لبنان‪.‬‬ ‫األراضــي الفلسطينية‬ ‫َ‬ ‫فالحياة االقتصادية في فلسطين مرتبطةٌ بينابيع المياه في الشمال‪،‬‬ ‫ضب َط المياه من منابعها‪ .‬وركزت مجلة ‪‬فلسطين‪( ‬لسان‬ ‫ٌّ‬ ‫وحيوي أن تُ َ‬ ‫‪3‬‬

‫ً‬ ‫ودراسات كثيرة‪ ،‬منها مؤلفات الدكتور عصام خليفة‬ ‫أبحاثا‬ ‫استقطبت‬ ‫‪ 33‬حدود لبنان‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫وأبرزها‪ :‬الحدود الجنوبية للبنان‪ ،‬بيروت‪1985 ،‬؛ لبنان المياه الحدود‪ ،‬الجزء األول‪،‬‬ ‫بيروت‪1996 ،‬؛ الجزء الثاني‪ ،‬بيروت‪2001 ،‬؛ الجزء الثالث لبنان الحدود والمياه‪،‬‬ ‫بيروت‪2008 ،‬؛ الحدود اللبنانية – السورية‪ ،2000 ،1920 ،‬بيروت ‪ 2006‬مع ملحق‬ ‫خاص بالخرائط‪.‬‬

‫منطق «لبنان الكبير»‬

‫لكن الثورة‬ ‫(‪ 11‬أيــار ‪ )1916‬مـحـ ِّـد ًدا مناطق النفوذ في الشرق األدنــى‪َّ .‬‬ ‫مفاوضات طويلة معقّ دة بين‬ ‫مجد ًدا‬ ‫الروسية نقَ ضت االتفاق فانعقَ دت‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫وحددتَ ا مناطق نفوذهما على الخرائط كما يلي‪ :‬باألزرق‬ ‫فرنسا وإنكلترا َّ‬ ‫َّ‬ ‫منطقةُ‬ ‫النفوذ الفرنسي غطت بــاألزرق‬ ‫للفرنسيين وباألحمر لإلنكليز‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ووالية سوريا وجبل‬ ‫وجزءا من والية بيروت القديمة‬ ‫متصرفية جبل لبنان‬ ‫ً‬ ‫مربع بما فيها‬ ‫الــدروز وكيليكيا والموصل (مجموعها نحو ‪ 200,000‬كلم ّ‬ ‫بيروت وحلب وأنطاكية واإلسكندرونة ودمشق) ومنطقة النفوذ اإلنكليزي‬ ‫َّ‬ ‫القسم األكبر من العراق وفلسطين‪ .‬أما مصر وبعض إمارات‬ ‫غطت باألحمر‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أصال تحت النفوذ اإلنكليزي‪.‬‬ ‫الخليج والحجاز فكانت‬ ‫قبل معالجة األسس القانونية التي َّأدت إلى إنشاء ‪‬دولة لبنان الكبير‪،‬‬ ‫نتوقف عند مسألة ترسيم الحدود بين منطقة النفوذ الفرنسي (لبنان‬ ‫وسوريا) ومنطقة النفوذ اإلنكليزي (فلسطين)‪ ،‬هذه التي خطورتُ ها ال تزال‬ ‫تترد ُد حتى اليوم في الصراع اإلسرائيلي العربي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫إعالن‬ ‫وتاليا كيف تَ َّـم‬ ‫كيف تَ َّـم ترسيم الحدود بين األزرق واألحمر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫‪‬دولة لبنان الكبير‪‬؟‬

‫‪57‬‬


‫‪58‬‬ ‫هيام جورج مالّط‬

‫حال الصهيونيين البريطانيين) في ‪ 16‬كانون األول ‪ 1919‬على أن ‪‬تشمل‬ ‫مناطق شماليةً توفّ ر المياه لفلسطين‪ ،‬وتشمل‬ ‫األراضــي الفلسطينية‬ ‫َ‬ ‫‪4‬‬ ‫وثلوج حرمون‪.‬‬ ‫ومنابع األردن‬ ‫ضفتَ ي نهر الليطاني‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫في ‪ 23‬كانون األول ‪ُ 1920‬أ ِقـ ّـرت اتفاقيةُ ترسيم الحدود بين أراضي‬ ‫االنتداب الفرنسي وأراضي االنتداب البريطاني‪ .‬وجاء في مقدمتها أنها‬ ‫االنتداب على‬ ‫منح بريطانيا العظمى‬ ‫لـ‬ ‫ـ ‪‬ضب ِط المشكالت الناشئة عن ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫االنتداب على‬ ‫ومنح فرنسا‬ ‫فلسطين وبــاد ما بين النهرين (الـعــراق)‪ْ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ونصت المادةُ ُ‬ ‫األولى‬ ‫ريمو‪.‬‬ ‫سوريا ولبنان َوفْ ق المجلس األعلى في سان‬ ‫َّ‬ ‫على ‪‬ترسيم الـحــدود بين ســوريــا ولبنان‪ ،‬وبين بــاد مــا بين النهرين‬ ‫(العراق) وفلسطين‪ ،‬والمادةُ الثانية على ‪‬تشكيل لجنة لتثبيت الخط‬ ‫الحدودي بين األراضــي الخاضعة لالنتداب الفرنسي وتلك الخاضعة‬ ‫تعينهما‬ ‫لالنتداب البريطاني‪ .‬تتشكّ ل اللجنة من أربعة أعضاء‪ :‬اثنان ّ‬ ‫المنتدبة –‬ ‫تسميهما – بموافقة القوى‬ ‫فرنسا وبريطانيا‪ ،‬واآلخ ــران‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫الحكومات المحلية المستفيدة من األراضي التي تحت سيطرة االنتداب‬ ‫ُ‬ ‫‪‬أي صراعات تنتج عن‬ ‫أن‬ ‫المادة‬ ‫تلك‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫البريطاني‪.‬‬ ‫أو‬ ‫الفرنسي‬ ‫ّ‬ ‫عمليات هذه اللجنة تحال إلى مجلس عصبة األمــم‪ ،‬وتتمتع قراراتها‬ ‫بالصفة النهائية‪.‬‬ ‫بعد هذه االتفاقية جرى اتفاق بوليه – نيوكومب (‪ 3‬شباط ‪)1922‬‬ ‫االنتدابين الفرنسي والبريطاني‪ ،‬من‬ ‫تقني لحدود األراضي تحت‬ ‫َ‬ ‫بترسيم ّ‬ ‫‪5‬‬ ‫البحر‬ ‫وس ّجل هــذا االتفاق‬ ‫ّ‬ ‫المتوسط حتى محطة إلحامه في ســوريــا ‪ُ .‬‬ ‫ً‬ ‫بروتوكوال في عصبة األمم في ‪ 6‬شباط ‪.1924‬‬ ‫مطامع الصهاينة في مياه لبنان منذ ‪1919‬‬ ‫ً‬ ‫وضـ ُـع‬ ‫سجل قانونيون‬ ‫حساسة طرحها ْ‬ ‫ْ‬ ‫ولكن‪ ،‬منذ ‪َّ ،1925‬‬ ‫إشكالية ّ‬ ‫الحدود بين لبنان وفلسطين‪ ،‬كما ورد في دفاع شارل بيركهارد (‪Charles‬‬ ‫‪ )Burckard‬عــن أطــروحـتــه (جامعة مونبليــيه ‪ )1925‬حــول ‪‬االن ـتــداب‬ ‫الفرنسي على سوريا ولبنان‪:‬‬ ‫‪Joseph Chami, Le mémorial du Liban, Tome 1: Du Mont-Liban à‬‬ ‫‪ 44‬‬ ‫‪l’indépendance 1861-1943, Beyrouth 2002, p. 57.‬‬

‫‪ 55‬‬ ‫‪Haut-Commissariat de la République française en Syrie et au Liban:‬‬ ‫‪Les Actes diplomatiques, p. 31 et suiv., Beyrouth 1935.‬‬


»‫منطق «لبنان الكبير‬ 59

«La frontière syro-palestinienne de 1916 était finalement modifiée à notre détriment. Elle fut d’abord remplacée en 1918 par une limite de la zone sud plus au nord. Les Sionistes trouvaient que ce tracé amputait la Palestine historique de ses territoires septentrionaux, et rendait impossible l’existence du nouvel État. Ils demandaient le contrôle des vallées du Haut Jourdain, du Litani et des eaux du Yarmouk, en vue de l’irrigation et de l’utilisation de la houille blanche. Leur projet de frontière en suivant la vallée du Litani laissée à la Palestine et remontant le Liban - aurait traversé la Békaa pour suivre l’Hermon et aboutir près de Deraa à la ligne Sykes-Picot de 1916. De telles prétentions amenèrent les protestations des Libanais. La Commission administrative du Liban en décembre 1920 proclama la vallée du Litani comme partie importante du Liban et nécessaire à son développement. La convention du 23 décembre 1920 – délimitant les pays sous mandat français des pays sous mandat britannique – s’en est tenue à un tracé étudié à Londres en février/mars 1920. La frontière syro-palestinienne actuelle part du Ras el Nakoura même point que la ligne Sykes-Picot, qu’elle quitte pour laisser à l’état sioniste toute la vallée du Jourdain sur les deux rives du fleuve, du nord de la mer de Tibériade jusqu’à la latitude de Tyr; après avoir traversé cette mer du nord au sud elle rejoint au-delà du chemin de fer du Hedjaz, la frontière de 1920. Ainsi la convention de 1920, par rapport aux accords de 1916, agrandit la Palestine aux dépens de la Syrie. Le foyer juif dessine dans le mandat français une grande entaille profonde de 40 à 45 kilomètres dans la direction de Damas. Le libre emploi des eaux des fleuves est laissé à la France, sauf en ce qui concerne le Jourdain et le Yarmouk où la Palestine n’exercera des droits qu’après «satisfaction des besoins des territoires du mandat français» (article 8).

.‫تعدلَ ت على حسابنا‬ َّ ‫ السورية الفلسطينية‬1916 ‫حدود‬ :‫ما ترجمته‬ ً ‫استُ بدلت‬ ‫ بحدودٍ للمنطقة الجنوبية أوسـ َـع من حدود‬1918 ‫أوال سنة‬ ‫ ووجد الصهاينة أن هذا الخط المرسوم يقتطع من‬.‫المنطقة الشمالية‬ ً‫ ما يجعل مستحيال‬،‫فلسطين التاريخية أراضيها الشمالية‬ ‫قيام الدولة‬ ُ ‫ طالبوا باإلشراف على أوديــة األردن العليا والليطاني ومياه‬.‫الجديدة‬ ‫ ومشروعهم‬.‫ري واستخدام الفحم األبيض‬ ّ ‫اليرموك إلنشاء مشاريع‬ ‫صعودا‬ ‫لفلسطين‬ ‫ا‬ ‫الليطاني‬ ‫وادي‬ ‫خط‬ ‫ لترسيم الحدود على‬،‫هذا‬ ً‫متروك‬ ً َّ ‫ـرب درعــا‬ ‫خط‬ ‫تاليا جبال الحرمون‬ ً َ ‫بلوغا قـ‬ ً ‫ يقطع البقاع‬،‫إلــى لبنان‬


‫االدعــاءات أثــارت احتجاج اللبنانيين فأعلنت‬ ‫سايكس بيكو ‪ .1916‬هذه ّ‬ ‫جزء مهم‬ ‫اللجنة اإلدارية في لبنان (كانون األول ‪ )1920‬أن وادي الليطاني ٌ‬ ‫لتطوره‪ .‬أما اتفاقية ‪ 23‬كانون األول ‪( 1920‬ترسيم‬ ‫من لبنان وضــروري‬ ‫ُّ‬ ‫حدود البلدان الخاضعة لالنتداب الفرنسي وتلك الخاضعة لالنتداب‬ ‫خطا ُم َر َّس ًما نوقش في لندن خالل شباط وآذار ‪.1920‬‬ ‫البريطاني) فكانت ًّ‬ ‫حاليا‪ :‬باتت الحدود السورية الفلسطينية عند رأس الناقورة (كما في‬ ‫ًّ‬ ‫ترسيم سايكس بيكو) وتترك للدولة الصهيونية كامل وادي األردن على‬ ‫شمالي بحيرة طبرية حتى بطاح صور‪ ،‬وتقطع البحيرة‬ ‫ضفتي النهر من‬ ‫ّ‬ ‫من الشمال إلى الجنوب لتلتقي َّ‬ ‫خط سكة حديد الحجاز كما في حدود‬ ‫توسع مساحة‬ ‫‪ .1920‬من هنا أن اتفاقية ‪ ،1920‬حيال اتفاقيات ‪ّ ،1916‬‬ ‫فلسطين على حساب مساحة سوريا‪ .‬وتبقى لفرنسا حريةُ استخدام مياه‬ ‫األنهر عدا األردن واليرموك وال حقوق فيها لفلسطين إالّ بعد اكتفاء‬ ‫الحاجة إليها في أراضي االنتداب الفرنسي‪( ‬المادة ‪.6)8‬‬ ‫‪60‬‬

‫جدلية المياه عند ترسيم حدود لبنان‬

‫هيام جورج مالّط‬

‫كتب ْت أ‪ .‬م‪ .‬غواشون (‪ )A. M. Goichon‬في دراستها ‪‬المياه‬ ‫سنة ‪َ 1964‬‬ ‫مشكلة حيوية في منطقة األردن‪:‬‬

‫‪«Pendant la première guerre mondiale, en 1916, les Sionistes‬‬ ‫‪anglais poussaient la Grande Bretagne à demander tous les‬‬ ‫‪terrains en rapport avec le Jourdain, pour les inclure dans la‬‬ ‫‪Palestine sous mandat anglais. De plus, ils estimaient que sa‬‬ ‫‪frontière nord devait être marquée par le cours est-ouest du‬‬ ‫‪Litani, à partir du coude où il quitte son orientation nord-sud. Mais‬‬ ‫‪lorsque la conférence de San-Remo (25 avril 1920) eut placé le‬‬ ‫‪Liban sous le mandat français, les frontières furent, à la demande‬‬ ‫‪du Liban, fixées selon le relevé des cartes d’état-major du corps‬‬ ‫‪d’occupation français en 1860. Ce tracé fut à l’origine de l’actuel‬‬ ‫‪Grand-Liban. Le bassin du Litani y était inclus tout entier».‬‬

‫ما ترجمته‪ :‬سنة ‪َّ ،1916‬إبان الحرب العالمية األولى‪ ،‬دفع الصهاينةُ‬ ‫جميع األراضــي‬ ‫تنضم إلــى فلسطين‬ ‫اإلنكليزُ بريطانيا إلــى طلب أن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫تترسم‬ ‫المتصلة بــاألردن‪ ،‬برعاية االنتداب البريطاني‪ .‬وأكثر‪ :‬رأوا أن‬ ‫َّ‬ ‫حدودها الشمالية بالمجرى الشرقي الغربي لنهر الليطاني منذ المنعطف‬ ‫ّ‬ ‫المكل ُ‬ ‫َ‬ ‫اعترفت بحقها في‬ ‫ترسيم حدود فلسطين السورية الفلسطينية‬ ‫فة‬ ‫‪ 66‬اللجنة‬ ‫َ‬ ‫سد لرفع مستويات المياه على بحيرتي طبرية والحولة‪.‬‬ ‫بناء ٍّ‬


»‫منطق «لبنان الكبير‬ 61

‫ بعدما مؤتمر‬،‫ولكن‬ .‫اتجاهه الشمالي الجنوبي‬ ‫النهر‬ ‫يغير فيه‬ َ ْ ّ ‫الذي‬ ُ ‫وبناء‬ ،‫وضع لبنان تحت االنتداب الفرنسي‬ َ )1920‫ نيسان‬25( ‫سان ريمو‬ ً ‫ترسيم الحدود وفق خارطة األركان العليا لجيش‬ ‫ تثَ َّب َت‬،‫على طلب لبنان‬ ُ ‫ َو ُو ِض َع حوض الليطاني كامالً ضمن هذه‬.1860 ‫االحتالل الفرنسي سنة‬ ‫الحدود التي ُأعلِ نَ ت‬ .7‫لبنان الكبير‬ ‫أساس‬ َ ً ‫ عند ترسيم حدود لبنان‬،‫حيوية مسألةُ المياه وهي‬ ‫الحد كانت‬ ّ ‫إلى هذا‬ ً ‫سياسيا‬ ‫جدال‬ ‫ أثارت‬،‫وسائر بلدان الشرق األدنى غداة معاهدة فرساي‬ ًّ ‫حادا حتى اليوم مع النمو الديمغرافي والحاجة إلى‬ ًّ ‫ودبلوماسيا ال يزال‬ ًّ ‫المياه للري والصناعة والخدمة المنزلية وعدم تجديد المخزون المائي في‬ .‫والتصحر‬ ‫يهد ُدها الجفاف‬ ِّ ‫بلدان من المنطقة‬ ُّ ٍ ‫لبنان الكبير‬ ‫خارطة الطريق ِإلى‬ ‫إنجاز تحديد النظام القانوني للبلدان التي تحت النفوذ‬ ‫ضروريا‬ ‫كان‬ ُ ًّ 8 ُ ‫مماطالت‬ ‫ وبعد‬.‫الفرنسي‬ ‫تخيله وز ُيــر دفاع أفريقيا‬ ‫نجح مبدأ‬ ٍ َ َّ ‫انتداب‬ ٍ ،9‫) في تحقيق إجماع الدول‬Général Smuts( ‫الجنوبية الجنرال سموتْ س‬ ‫ من‬22 َ‫) وبات المادة‬1919 ‫ كانون الثاني‬30( ‫ِب َـح ٍّل تبنّ اه مجلس العشرة‬ :‫ وفيها‬،)1919 ‫ نيسان‬28( ‫ميثاق عصبة األمم‬

«…Certaines communautés qui appartenaient autrefois à l’Empire Ottoman, ont atteint un degré de développement tel que leur existence comme nations indépendantes peut être reconnue provisoirement, à la condition que les conseils et l’aide A.M. Goichon, L’eau – problème vital de la région du Jourdain, 77 Correspondance d’Orient, p. 8., Bruxelles, 1964.

ّ .‫المتعلقة بقيام دولتي لبنان وسوريا‬ ‫مؤلفات كثيرة عرضت االختيارات والنقاشات‬

88 :‫منها‬

Khoury (Gérard), Une tutelle coloniale Le mandat français en Syrie et au Liban, Ecrits politiques de Robert de Caix, Belin, 2006;Howard (Harry IV.), An American Inquiry in the Middle East. The King Crane Commission, Khayat, Beyrouth, 1993, Voir aussi, The King-Crane Commission, report 28 August 1919, New York – Editor and Publisher Cie, 1922, v. 55 no. 27, 2nd section; Général Catroux, Deux missions au Moyen-Orient, Plon, Paris, 1958; Meir Zamir, The formation of modern Lebanon, Cornell University, 1985; James Barr, A line in the sand – Britain, France and the struggle that shaped the Middle East, Simon and Schuster, London, 2011, Cet ouvrage jette un regard nouveau sur bien des aspects de la création des États du Proche-Orient et des conflits qui ne cessent de secouer la région depuis 1918.

99 Pierre Fournier et Jean Louis Riccioli, La France et le Proche Orient 1916 –1946, p. 64, Casterman 1966.


‫‪d’un mandataire guident leur administration jusqu’au moment‬‬ ‫‪où elles seront capables de se conduire seule. Les vœux de ces‬‬ ‫‪communautés doivent être pris d’abord en considération pour le‬‬ ‫»…‪choix du mandataire‬‬

‫مــا تــرجـمـتــه‪ :‬ب ـعــض الـمـنــاطــق ال ـتــي كــانــت تنتمي إل ــى السلطنة‬ ‫موقَّ تً ا بوجودها أوطانً ا‬ ‫العثمانية‪ ،‬بلغت من‬ ‫التطور أن يمكن االعتراف َ‬ ‫ّ‬ ‫ومساع َدتُ ُه إلى إدارتها حتى‬ ‫االنتداب‬ ‫نصائح‬ ‫تقود‬ ‫مستقلّ ة‪ ،‬شرط أن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تصبح قادرة على تسيير أمورها بذاتها‪ .‬وتمنيات هذه المناطق يجب أن‬ ‫تُ بنى ً‬ ‫المنتدبة ‪....‬‬ ‫تحددها السلطة‬ ‫ِ‬ ‫أوال على اعتبارات ّ‬ ‫بداية الوفود‪ :‬فرساي مع البطريرك الحويك‬

‫‪62‬‬ ‫هيام جورج مالّط‬

‫حاضرا على جميع المستويات‪ .‬وكانت‬ ‫كان الميراث السياسي والدستوري‬ ‫ً‬ ‫كرسه‬ ‫ُ‬ ‫مكتسبات اللبنانيين منذ عهد المتصرفية تدعو إلى دعم حكم ذاتي ّ‬ ‫بمقررات مؤتمر‬ ‫يومئذ‬ ‫القانون األساسي (البروتوكول) سنة ‪ ،1861‬وارتبط‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫بيروت الدولي‪ .‬ظهرت مؤلفات ومقاالت ومداخالت حول الموضوع‪ ،‬وقامت‬ ‫ُ‬ ‫البطريرك الماروني الياس الحويك‪ ،‬وحضر إلى فرساي‬ ‫بعثات ترأس إحداها‬ ‫للمطالبة بقيام دولة لبنان في حدودها الطبيعية التي تُ عتبر قابلة للحياة‪.‬‬ ‫وفي رسالة البطريرك باسم البعثة اللبنانية إلى مؤتمر الصلح‪ ،‬تحت‬ ‫مطالب ُت ُه باألمور التالية‪:10‬‬ ‫عنوان ‪‬مطالب اللبنانيين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫‪ .1‬االعتراف باستقالل لبنان كما نادت به حكومة لبنان وشعبه في‬ ‫حدوده التاريخية والطبيعية في ‪ 20‬أيار ‪.1919‬‬ ‫‪ .2‬إعادة لبنان إلى حدوده التاريخية والطبيعية‪.‬‬ ‫نصت عليه معاهدة الصلح (فرساي–‪28‬‬ ‫‪ .3‬تكريس مبدأ االنتداب كما ّ‬ ‫حزيران ‪ .)1919‬ولبنان‪ ،‬من دون التنازل عن حقه بالسيادة‪ ،‬ووفْ ق المادة‬ ‫تكليفا بهذا االنتداب‬ ‫‪ 22‬من ميثاق عصبة األمم‪ ،‬منَ َح الحكومةَ الفرنسية‬ ‫ً‬ ‫لمساعدته ونصائحه‪.‬‬

‫‪ 110‬المجلة الفينيقية (‪ ،)La Revue Phénicienne‬العدد الرابع‪ ،‬ص ‪ 236‬وما بعدها‪،‬‬ ‫بيروت‪ ،‬ميالد ‪.1919‬‬


‫مجلس إدارة لبنان‪:‬‬ ‫إعادة األراضي التي سلخ ْتها عنه السلطنة العثمانية‬

‫‪ 111‬جريدة البشير لآلباء اليسوعيين‪ 3 ،‬أيلول ‪.1946‬‬

‫منطق «لبنان الكبير»‬

‫في قرار مجلس إدارة لبنان (‪ 20‬أيار ‪ )1920‬المناداة باستقالل لبنان‬ ‫وإرجاعه إلى حدوده الطبيعية والتاريخية‪َ ،‬ورد‪:‬‬ ‫‪‬لما كان جبل لبنان مستقالًّ منذ القديم بحدوده التاريخية والجغرافية‪،‬‬ ‫واغتصابا من الدولة التركية‪،‬‬ ‫لخت عنوةً‬ ‫والقطع التي فُ ِصلَ ت عنه ُس َ‬ ‫ً‬ ‫‪‬ولما كانت الدولة الغاصبة تقلّ ص ُظلمها واضمحلَّ ت سيطرتها على‬ ‫هذه البالد‪،‬‬ ‫‪‬ولما كان ال يتسع له العيش والرقي ما لم تعد إليه القطع المفصولة‬ ‫عنه‪،‬‬ ‫‪‬ولما كانت دول الحلفاء َأعلنَ ت َأنها تساعد على تحرير الشعوب‬ ‫المظلومة وإعــادة األراضــي المغصوبة إلى بالدها األصلية‪ ،‬وكانت تلك‬ ‫ومعظم سكانها من‬ ‫قسما منه‪،‬‬ ‫المغتص َبة مــن لبنان تعتبر‬ ‫القطع‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫اللبنانيين َأصالً ‪،‬‬ ‫المتواصلة‬ ‫‪‬بناء على ذلــك كلِّ ه‪ ،‬وعلى طلبات وإلحاح اللبنانيين‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫والمعلَ نة في عموم أنحاء الجبل‪،‬‬ ‫‪‬اجتمع هذا المجلس بصفته ممثالًّ للشعب اللبناني‪ ،‬وأصدر القرار‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫واإلداري بحدوده الجغرافية‬ ‫‪‬أوال‪ :‬المناداة باستقالل لبنان السياسي ِ‬ ‫سكانها من اللبنانيين‬ ‫والتاريخية‪ ،‬واعتبار البالد المغصوبة منه – ومعظم َّ‬ ‫بالدا لبنانية كما كانت قبل سلْ خها عنه‪.‬‬ ‫َأصالً – ً‬ ‫مؤسسة على الحرية‬ ‫ً‬ ‫‪‬ثانيا‪ْ :‬‬ ‫جعل حكومة لبنان هذه‪ ،‬ديمقراطية َّ‬ ‫حفظ حقوق َ‬ ‫األقلية وحرية األديان‪.‬‬ ‫واإلخاء والمساواة مع ْ‬ ‫المساعدة‪ ،‬على‬ ‫‪‬ثالثً ا‪ :‬تتفق حكومة لبنان‪ ،‬والحكومة الفرنسية‬ ‫ِ‬ ‫تقرير العالئق االقتصادية بين لبنان والحكومات المجاورة‪.‬‬ ‫‪‬رابعا‪ :‬مباشرة ْدرس وتنظيم القانون األساسي بطريقته األصولية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬خامسا‪ :‬تقديم هذا القرار إلى مؤتمر الصلح العام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪‬سادسا‪ :‬إعالن هذا القرار في الجريدة الرسمية وفي غيرها من الجرائد‬ ‫ً‬ ‫‪11‬‬ ‫الوطنية‪ ،‬تطمينً ا ألفكار اللبنانيين وبيانً ا للمحافظة على حقوقهم‪. ‬‬

‫‪63‬‬


‫صوت الشعب اللبناني‪:‬‬ ‫اندغامهُ السياسي بسوريا‬ ‫لبنان‬ ‫لن يُفيد‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪64‬‬ ‫هيام جورج مالّط‬

‫لقيت فيها ُخ َط ٌب‬ ‫ْإثـ َـر صــدور هذا القرار جرت في بعبدا مظاهرة ُأ َ‬ ‫بالفرنسية والعربية‪ ،‬منها خطاب شبلي َّ‬ ‫مالط وفيه مراجعةُ إشكالية لبنان‬ ‫ُ‬ ‫خطوات لبناء‬ ‫تنتهج من‬ ‫ومدخل ما على السياسة اللبنانية أن‬ ‫السياسية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫دولة‪.‬‬ ‫نشر هنا للمرة ُ‬ ‫هنا نص هذا الخطاب الذي ُي َ‬ ‫األولى‪:‬‬ ‫ـامــا أيتها البقيةُ التي َ‬ ‫عين‬ ‫غفلت عنها ُ‬ ‫‪‬مرحبا أيها اإلخ ــوان‪ ،‬وسـ ً‬ ‫ً‬ ‫االضـطـهــاد‪ ،‬وقـصــرت عنها يــد المظالم‪ ،‬فـجــاءت الـيــوم تطالب بحقِّ ها‬ ‫ً‬ ‫األولون‬ ‫أيام كان‬ ‫المغصوب‪ ،‬وتعيد‬ ‫ُ‬ ‫جدودها ّ‬ ‫صفحة من تاريخ لبنانها القديم َ‬ ‫ويذلّ‬ ‫تعبا‬ ‫يضربون في األرض‬ ‫لون البحار على ذوات الشراع‪ ،‬ال يعرفون ً‬ ‫وال ً‬ ‫ً‬ ‫ذُ‬ ‫وغربا –‬ ‫ا‬ ‫شرق‬ ‫المعمور‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫حيث‬ ‫–‬ ‫الفينيقي‬ ‫اسم‬ ‫ملال حتى أن‬ ‫كِ‬ ‫ً‬ ‫أصبح َم ً‬ ‫ولقائل ‪‬ما‬ ‫رودا باإلقدام والكد في طلب المعاش والتجارة‪.‬‬ ‫ثال َش ً‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫الفينيقي‬ ‫الجواب أن التاريخ ُيعيد نفسه‪ :‬فكما‬ ‫الرميم‪،‬‬ ‫الفخر‬ ‫ُ‬ ‫بالعظم َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫سليله اللبناني‪ .‬نعم‪ :‬هو اللبناني الذي نحت‬ ‫تفرد‪ ،‬امتاز اليوم‬ ‫باألمس ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فحولها منخفضات‬ ‫مغروسة‪،‬‬ ‫فحولها حقوال‬ ‫ّ‬ ‫وارتد على روابيه َّ‬ ‫صخور جبلِ ه َّ‬ ‫وضيقوا‬ ‫محروثة من روعــة‪ .‬ولما سلبوه ما سلبوه من أراضيه الزراعية‬ ‫ّ‬ ‫وتطرقت عليه الحضارة وانكشفَ ت‬ ‫ولعبت به أيدي االستبداد‬ ‫عليه الخناق َ‬ ‫ّ‬ ‫له وجــوه البذخ والحــت له بــوارق العلم‪ ،‬نزعت به نفسه ً‬ ‫وكبرا إلى‬ ‫أنفة‬ ‫ً‬ ‫وبعضه أوروبا‪،‬‬ ‫بعضه وادي النيل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫هاجرة فخاض غمار البحار ونزل ُ‬ ‫ال ُـم َ‬ ‫ومعظمه أرض العالم الجديد‪ .‬وبرهن ابن لبنان‪ ،‬حيث نزل من البالد‪ ،‬على‬ ‫ِّ‬ ‫المفكر والشاعر والصحافي‬ ‫النشاط واالجتهاد والصدق والذكاء‪ .‬وكان منه‬ ‫والمحامي والموظف والتاجر والعامل والصانع‪ ،‬فأضاف – بما اجتمع‬ ‫إليه من هذه الفضائل – صفحة حديثة من المجد إلى صفحات أجداده‬ ‫القديمة المجيدة‪ ،‬وصدق فيه قول ‪‬إن هذا الشبل من ذاك األسد‪ .‬وإلى‬ ‫مجده األول يشير شوقي بقوله‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬ ‫لبنــان مجـ ُـدك فــي المشــارق َأ َّول وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫سنـــــــام‬ ‫رض رابـيــــة وأنــت‬ ‫وفي أبنائه اليوم يقول حافظ‪:‬‬ ‫ر ُادوا المناهل في الدنيا ولو وجدوا‬

‫إلــى المجــرة ً‬ ‫ركبــا صاعـ ًـدا ركبــوا‬

‫هذا هو لبناننا من حيث الوجهة االجتماعية‪ .‬أما من حيث الوجهة‬ ‫ًّ‬ ‫أمية‬ ‫السياسية فقد كان ولم يزل‬ ‫مستقال منذ الخلفاء الراشدين إلى بني ّ‬


‫منطق «لبنان الكبير»‬

‫إلى بني عباس إلى الدولة الفاطمية‪ .‬وقد كانت الــدول في تلك العهود‬ ‫والمطوقة بالجبال‬ ‫التحرش بداخليته المأهولة وسكانه المردة‪،‬‬ ‫تتحاشى‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫وسياسيا‪،‬‬ ‫ا‬ ‫إداري‬ ‫البدء‪،‬‬ ‫منذ‬ ‫ل‬ ‫المنفص‬ ‫لبنان‬ ‫إن‬ ‫الطبيعية‪.‬‬ ‫ه‬ ‫معاقل‬ ‫هي‬ ‫التي‬ ‫ِ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫أشبه ببيتين متجاورين يحتفظ‬ ‫عن جارته الصديقة‪ ،‬ال يزال على انفصاله َ‬ ‫ٌّ‬ ‫وحق الجوار‪ ،‬ليس‬ ‫كل منهما باستقالله الداخلي‪ ،‬مع مراعاة صلة اإلخاء ِّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫االستقالل غايةُ كل شعب ناهض‪ .‬فاذا كانت جارتنا‬ ‫إال‪ .‬ومن الطبيعي أن‬ ‫َ‬ ‫فباألولى أن يتغانى لبنان‬ ‫الكريمة تتغانى وتبذل غوالي المهج في سبيله‪،‬‬ ‫ويجود بآخر نفَ سه دونه‪ ،‬وهو العريق في استقالله‪ .‬وكأني هنا أسمع‬ ‫عليه‬ ‫َ‬ ‫وضخموه‬ ‫جسمتموه‬ ‫تمتمة ‪‬معناها‪ :‬كيف يعيش لبنان‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫اقتصاديا؟ سؤال َّ‬ ‫توسع بعضهم وجعله كالقول تخويفً ا‬ ‫ومثلوه بهيئات مختلفة مرعية حتى ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تطبلوا‪ .‬إن المسألة عند أحــد أمرين‪ :‬إما‬ ‫وتهويال‪.‬‬ ‫مهال بني أمــي وال ِّ‬ ‫أن تكون حكومة سوريا المستقبلية المستقلة تطمح إلى العدل والرقي‬ ‫وعندئذ تجري األمور على القاعدة‬ ‫بكل معنى الكلمة‪ ،‬وهو ما نتمناه لها‬ ‫ٍ‬ ‫المتبعة بين الحكومات المستقلة المتاخمة من عقد االتفاقات‬ ‫االقتصادية َّ‬ ‫ّ‬ ‫وحينئذ‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وإما أال تطمح إلى الرقي والعدل وهو ما ال نريده لها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫اندغام لبنان السياسي بها‪ .‬وفي الماضي والتاريخ والسياسات‬ ‫لن ُيفيد‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫السفَّ ل‬ ‫والمواعيد الدولية تذكرةٌ‬ ‫للمتذكر ِ‬ ‫وعبرة للمعتَ بر‪ .‬كذا نقول وقد بلغ ُ‬ ‫ُ‬ ‫المدعون والمتاجرون بهذا الوطن المسكين‪.‬‬ ‫وكثر ّ‬ ‫إن لبنان الحالي‪ ،‬لوال شبه السيطرة التي كانت لتركيا عليه – يعني لو‬ ‫ًّ‬ ‫تجر َأت‬ ‫إداريــا‬ ‫مستقال‬ ‫كان لبنان‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وسياسيا ووقعت الحرب العامة – َل َـما َّ‬ ‫تركيا وال أقدمت على االنتقام منه بحجة تلك السيطرة‪َ ،‬ول َـما كان لها سبيل‬ ‫ونصب المشانق ألبنائه وإبادة نحو ربع مليون منهم‬ ‫إلى اتهامه بالخيانات ْ‬ ‫وتغريبا‪ .‬فيا إخوتي اللبنانيين‪ :‬أنتم اليوم تطالبون‬ ‫وتعذيبا‬ ‫وضربا‬ ‫جوعا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بأغلى وأثمن وأشرف ما يتمناه اإلنسان‪ .‬بعدما قاسيتم من مكاره السنوات‬ ‫تفضلون وال شك الموت والفقر‪ ،‬تفضلون َ‬ ‫أكل ُ‬ ‫سيرة‬ ‫األربع وأحوالها‪ِّ ،‬‬ ‫الك َ‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫وسك َن األك ــواخ‪ ،‬على أخـ ّـف نير تركبونه في رقابكم مهما‬ ‫ولب َس العباءة‬ ‫ْ‬ ‫يتبعه من المواعيد والقصور والذهب وجنات الخلود‪ .‬أنتم اليوم تنادون‬ ‫باستقاللكم‪ ،‬وما أحلى هذا النغم وأطربه في المسامع‪.‬‬ ‫أمــا الشعب فأنتم‪ ،‬وأمــا الحكومة فهذه‪ ،‬وأمــا الشعار ف ــاألرزة التي‬ ‫وعبق َأر ُجها في‬ ‫تتفيأون‪ .‬هذه هي األرزة التي أعطي لها مجد لبنان‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫القرون العديدةُ البعيدةُ من آرام‬ ‫الطيب‬ ‫ترابه‬ ‫في‬ ‫واندغمت‬ ‫سليمان‪،‬‬ ‫هيكل‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وكنعان وفينيقيا‪ ،‬ومن قبل ومن بعد‪ ،‬وهي على طول الدهور خالدةٌ صاعدةٌ‬ ‫في فضاء الالنهاية‪ ،‬تحمل أنفاس األجيال المتالشية إلى الحي الذي ال‬ ‫يموت‪ .‬هذه هي التي تفرش اليوم أغصانها الخضراء على الهيكل الذي‬

‫‪65‬‬


‫‪66‬‬ ‫هيام جورج مالّط‬

‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫المعلم الطبيعي‬ ‫وتذكركم بمجد الجدود وأنتم تذكرون‪ .‬هذا هو‬ ‫تقيمون‪،‬‬ ‫الذي ِّ‬ ‫يعلمكم الثبات وأنتم تَ ْع َلمون‪.‬‬ ‫‪‬أيها اإلخوان‪ :‬كونوا على ثقة بأن الدول العظام المتحالفة التي أراقت‬ ‫دماء الماليين من شبيبتها الزاهرة وكابدت األحوال في تذليل هضاب الظلم‬ ‫تدخ ًال إلى تحرير الشعوب الضعيفة‪ ،‬لن‬ ‫واستئصال االستبداد والهمجية ُّ‬ ‫َ‬ ‫قرون يذوق ألوان‬ ‫عدده المليون‪ ،‬وهو منذ‬ ‫شعبا كالشعب اللبناني يبلغ ُ‬ ‫تهمل ً‬ ‫ٍ‬ ‫مهضوم الحقوق‪ .‬وال ُ‬ ‫يخطر على بال‬ ‫مضطه ًدا‬ ‫مظلوما‬ ‫العذاب والتعاسة‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫فعلت‪ ،‬للغاية الشريفة التي ذكرناها‪،‬‬ ‫فعلت ما َ‬ ‫أحدكم أن هذه الدول التي َ‬ ‫ترضى أن تتغاضى عن ضمان مستقبل هذا الشعب المشهود له باالستعداد‬ ‫المتقدمة‪.‬‬ ‫للترقّ ي ومجازاة الشعوب الناشطة‬ ‫ِّ‬ ‫‪‬حضرة رئيس المجلس وهيئته الكريمة‪ ،‬إن الوطنية اللبنانية التي‬ ‫ِّ‬ ‫تمثلونها بأبهى مجاليها‪ ،‬والقرار الذي أعلنتم فيه استقالل لبنان يبرهن‬ ‫كبيرا في سبيل حرية لبنان‬ ‫نفسا‪ ،‬وال تستكبرون ً‬ ‫على أنكم ال تستغلون ً‬ ‫تجاو َب بهما الجبل من أقاصيه إلى أقاصيه‪ ،‬وقامت‬ ‫التامة‪ ،‬هما اللذان‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫الجموع المتألبة اليوم في مجلسكم النيابي‬ ‫حماسة لهما هــذه‬ ‫وقعدت‬ ‫ُ‬ ‫الوطني ال َـجسور‪.‬‬ ‫أيها اإلخوان‪ :‬إن السماء تساعدنا فال تخافوا وال تيأسوا‪ْ .‬‬ ‫طأطئوا اآلن‬ ‫احتراما‪ ،‬وانحنوا أمام الشعار الذي طالما انحنَ ت أمامه األجيال‬ ‫الرؤُ وس‬ ‫ً‬ ‫لبنان الكبير المستقل‪.‬‬ ‫بصوت‬ ‫قبلكم‪ ،‬واهتفوا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وقلب واحد‪ :‬فَ ْل ِيعِ ْش ُ‬ ‫واحد ٍ‬ ‫«لبنان الكبير»‪ :‬ثالثة قرارات‪...‬‬ ‫يجب النظر‬ ‫في هذا السياق من المرجعية السياسية والدبلوماسية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إلى قرار المفوض السامي الفرنسي في لبنان وسوريا‪ ،‬الجنرال غورو‪،‬‬ ‫حــول ِإنشاء دولــة لبنان الكبير‪ .‬فهو يعكس تعقيدات األوضــاع الموروثة‬ ‫ً‬ ‫نسبة للمكونات‬ ‫من الحقبة العثمانية‪ ،‬وضرورة وضع ُبنً ى سياسية مالئمة‬ ‫اإلنسانية والدينية في لبنان‪ .‬وتحليل الـقــرارات يكشف تعقيد الموقف‬ ‫المعتمدة لتكوين دولة لبنان وخصوصياته السياسية‬ ‫والمسيرة المؤسساتية‬ ‫َ‬ ‫والدستورية‪.12‬‬ ‫ثالثة قرارات َّ‬ ‫َ‬ ‫شك َلت‬ ‫أصدر المفوض السامي الفرنسي الجنرال غورو‬ ‫األسس القانونية لقيام وتأسيس ‪‬دولة لبنان الكبير‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫‪ 112‬النشرة السنوية‪ :‬قرارات المفوضية السامية الفرنسية في لبنان وسوريا‪.‬‬


‫‪ ...‬وثالث مراحل‬ ‫هـكــذا يـكــون لبنان الـحــديــث‪ ،‬مــن أجــل ِإق ــرار الحقوق والمكتَ سبات‬ ‫مر بثالث مراحل قانونية‪:‬‬ ‫ومطالبات اللبنانيين خالل قرون‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫المعلقة‪ ،‬بعلبك) إلى‬ ‫‪ .1‬ضـ ُّـم األقضية األربـعــة (حاصبيا‪ ،‬راشـ ّـيــا‪،‬‬ ‫المستم َّرة الستعادة‬ ‫إقرارا بمطالب اللبنانيين‬ ‫أراضي المتصرفية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫هذه األقضية في منطقتهم‪ .‬وكان جوبالن في ‪‬المسألة اللبنانية‪‬‬ ‫ضم هذه األقضية‬ ‫وسب َب ُّ‬ ‫(‪ )1908‬وكثيرون سواه مطالبين بذلك‪ّ .‬‬ ‫ـحل ّ‬ ‫سياسية كبيرةً لن تُ َّ‬ ‫ً‬ ‫إال الحقً ا بعد الثالثينات‪.‬‬ ‫اعتراضات‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واألقضية األربعة‪.‬‬ ‫منطقة المتصرفية‬ ‫جامعا‬ ‫ إنشاء ‪‬لبنان الكبير‪‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫توسعت حتى‬ ‫وتسمية ‪‬لبنان الكبير‪ ‬جــاءت ألن أراض ــي لبنان َّ‬ ‫الضعفَ ين‪ ،‬وألن ‪‬لبنان الكبير‪ ‬جاء َ‬ ‫تتمة لبنان المتصرفية‪ .‬فقبلذاك‬ ‫ُ‬ ‫كــان يدعى ‪‬لبنان الصغير‪ ‬كما جــاء في مؤتمر بيروت الدولي‬ ‫مؤتمر من نوعه في العالم السياسي والدبلوماسي‬ ‫أول‬ ‫(‪ِ )1861‬‬ ‫ٍ‬ ‫ـدود دولــةٍ أخــرى (السلطنة العثمانية‬ ‫وضــع‬ ‫تناو َل ْ‬ ‫أراض ضمن حـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫الواسعة) وكان لها نظام أساسي َيعترف ب ُـم َـمـيزاتها وخصوصيات‬ ‫لها سياسية وبشرية ما زالــت حتى اليوم‪ :‬إنشاء مجلس إداري‪،‬‬

‫منطق «لبنان الكبير»‬

‫ّ‬ ‫والمعلقة‬ ‫‪ .1‬القرار ‪ 3( 299‬آب ‪ُ )1920‬ي ْل ِح ُق أقضية حاصبيا وراشيا‬ ‫داريا باألراضي اللبنانية‪.‬‬ ‫وبعلبك ِإ ًّ‬ ‫رسم حدود دولة لبنان الكبير‪ .‬بدأ‬ ‫‪ .2‬القرار ‪ 31( 318‬آب ‪َ )1920‬ي ُ‬ ‫تنفيذه في ‪ 1‬أيلول ‪( 1920‬وفق المادة ‪ 3‬من القرار)‪ .‬وفي األسباب‬ ‫القرار‪ :‬جاءت فرنسا إلى سوريا لتساعد أهل سوريا‬ ‫الموجبةِ هذا‬ ‫َ‬ ‫ولبنان على تحقيق رغائبهم في نيل الحرية واالستقالل‪ .‬لذا وجب‬ ‫عينها مندوبو الجبل ونادى بها‬ ‫ُ‬ ‫إرجاع لبنان إلى حدوده الطبيعية كما َّ‬ ‫الشعب بصوت واحد‪ .‬وعلى لبنان الكبير‪ ،‬في حدوده الطبيعية‪ ،‬أن‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫قادرا على تنفيذ الخطة‬ ‫فرنسا‪،‬‬ ‫وبمساعدة‬ ‫ة‬ ‫مستقل‬ ‫كحكومة‬ ‫يكون‪،‬‬ ‫ً‬ ‫التي رسمها لنفسه وفقً ا لمصلحته السياسية واالقتصادية‪.‬‬ ‫‪ .3‬القرار ‪ 31( 321‬آب ‪ُ )1920‬يعلن َّ‬ ‫حل منطقة الحكم الذاتي في‬ ‫لبنان (أي المتصرفية)‪ .‬فبعد صدور القرار ‪( 318‬في اليوم ذاته‪:‬‬ ‫أراض‬ ‫‪ 13‬آب) بإنشاء ‪‬دولــة لبنان الكبير‪ ،‬ونتيجة تعديالت في‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫قائمة منطقةُ لبنان‬ ‫اإلداريــة الحالية‪ ،‬لم تَ ُع ْد‬ ‫ِ‬ ‫لحقَ ت بالتقسيمات ِ‬ ‫ذات الحكم الذاتي‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫ونظام قضائي على قاعدة التوزيع الطائفي‪ ،‬وإنشاء قوى األمن‬ ‫الداخلي الوطني‪ ،‬واالستقاللية المالية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الحل‬ ‫‪ .3‬حـ ُّـل المتصرفية وإدماجها في ‪‬لبنان الكبير‪ .‬وكــان قــرار‬ ‫وف َق القانون الدولي في‬ ‫اعترافً ا بالذات المؤَ سساتية لهذه المنطقة‪ْ ،‬‬ ‫النصف الثاني من القرن التاسع عشر‪ .‬هكذا‪ ،‬بموجب مؤتمر سان‬ ‫وف َق القانون‬ ‫تكليف فرنسا‬ ‫ريمو (‪ 25‬نيسان ‪)1920‬‬ ‫االنتداب َّبر َر‪ْ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـاد واقــع مؤسساتي َأرســى بشهادته خارطة الطريق‬ ‫الــدولــي‪ ،‬إيـجـ َ‬ ‫لتأسيس ‪‬دولة لبنان الكبير‪.‬‬

‫‪68‬‬ ‫هيام جورج مالّط‬


‫زمن لبنان الكبير‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عالن األَول من أَيلول‬ ‫طويل‬ ‫تاريخ‬ ‫سابق إ ِ‬ ‫َ‬

‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‬ ‫حي‬ ‫لبنان‬ ‫كيان ٌّ‬ ‫ٌ‬ ‫كمال ديب‬

‫جامعة ُأتَ وى – كندا‬

‫ُ‬ ‫أحتفل بذكرى استقالل لبنان عن فرنسا عام ‪ ،1943‬وبالذكرى‬ ‫ألنني‬ ‫منطق الذين يسخرون‬ ‫المئوية لوالدة دولة لبنان الكبير عام ‪ ،1920‬أرفض‬ ‫َ‬ ‫مزيف وحدودٍ مركّ بة‪ ،‬وكذلك‬ ‫‪‬مصطنعا ذا‬ ‫من كيان لبنان ويعتبرونه‬ ‫تاريخ َّ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫منطق َمن يسخرون من رموز لبنان الثقافية والحضارية واالجتماعية‪.‬‬ ‫دولة ‪‬لبنان الكبير‪ ‬نشأت عام ‪ 1920‬وكان أساسها فكرة لبنانية ترتكز‬ ‫على ثالثة أعمدة‪ :‬شرعية الكيان‪ ،‬أسطورته التاريخية‪ ،‬وضعه الراهن‪.‬‬ ‫فماذا عن ٍّ‬ ‫كل منها؟‬ ‫‪ .1‬شرعية الكيان‬ ‫تيارات فكريةٌ راوحــت بين القومية اللبنانية والقومية‬ ‫لبنان‬ ‫تنازعت‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫السورية والقومية العربية‪ .‬أصحاب ‪‬القومية اللبنانية‪ ،‬بأبحاثها الفكرية‬ ‫فشلوا في دحــض أفكار العقائد القومية ُ‬ ‫األخــرى‬ ‫والفلسفية والعلمية‪ِ ،‬‬ ‫أيضا في خلق‬ ‫فشلتا‬ ‫والعربية‬ ‫السورية‬ ‫القوميتان‬ ‫المنتشرة في لبنان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حقيقةٍ لعقائدها جغرافيةٍ تُ ِّ‬ ‫ـمكنها من وضعها في التجربة والتطبيق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حقيقة شرعية راهـنــة‪ :‬فاألمة‬ ‫ونجحت القومية اللبنانية في امتالكها‬ ‫اللبنانية – ال األمة السورية وال األمة العربية – هي التي أصبحت حقيقة‬ ‫قائمة في دولة لبنان الكبير عام ‪.1920‬‬ ‫ّ‬ ‫المفكر اللبناني كمال يوسف الحاج سعى إلــى بناء مشروع فكري‪:‬‬ ‫‪‬الفلسفة اللبنانية‪َّ ‬‬ ‫وركزَ أساس مشروعه على ثالثة ‪‬فالسفة‪ ‬لبنانيين‬ ‫عاصرهم في شبابه‪ :‬شارل مالك وأمين الريحاني وأنطون سعادة‪ .‬وإذا‬ ‫أنطون سعادة وضع ‪‬الفكرة السورية‪( ‬كانت حاضرة قبله في بالد الشام)‬ ‫سياسيا في الثالثينيات‪ ،‬فقبله قال‬ ‫حزبا‬ ‫أســس عليه ً‬ ‫ً‬ ‫في قالب قومي ّ‬ ‫الحكم‬ ‫المناهض‬ ‫مفكرون آخــرون سبقوا سعادة بـمقولة الوطن السوري‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫التركي في طليعتهم بطرس البستاني صاحب نفير ســوريــة‪ ،‬وابراهيم‬ ‫اليازجي‪ ،‬وأعـضــاء الجمعية العلمية السورية‪ ،‬والجمعية السرية في‬


‫بيروت‪ .‬يبدو ّأن أنطون سعادة‪ 1‬استوحى أفكاره من تلك البيئة‪ ،‬لكنه لم‬ ‫توس َع إلى‬ ‫يكتَ ِف بـما َ‬ ‫أنتج ُه البستاني واآلخرون في القرن التاسع عشر‪ ،‬بل َّ‬ ‫أفكارا مستوحاةً من تاريخ المشرق لتأسيس‬ ‫درس الفكر األوروبي فاستنبط‬ ‫ً‬ ‫فكرة قومية تعود إلى ما قبل التاريخ الجلي‪.‬‬ ‫قوميات ثالث ُو ِلدت في لبنان‬ ‫ً‬ ‫مقارنة بمنهج سعادة السوسيولوجي‪ ،‬جاء منهج كمال الحاج في القومية‬ ‫تاريخي كسعادة‪ .‬برز منذ الستينات‬ ‫وثقافيا في قالب‬ ‫فلسفيا‬ ‫اللبنانية‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫مبينً ا نقاط ضعفهما ‪ .‬رأى‬ ‫مقارعا العقيدتَ ين‬ ‫ً‬ ‫القوميتَ ين السورية والعربية ِّ‬ ‫َّ‬ ‫األهـ ُّـم من مظاهر‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫األسلوب‬ ‫ّأن‬ ‫تعبر به أمـّة عن ذاتها هو المظهر َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مجسدةً في فضاء‬ ‫القومية‪ ،‬وأسلوب التعبير هذا يبدأ بأن تكون األمة‬ ‫حقيقة َّ‬ ‫محدد‪ .‬وهذا ما استطاعته القومية اللبنانية‬ ‫وحيز زمني‬ ‫ّ‬ ‫معين ِّ‬ ‫جغرافي َّ‬ ‫احتراما‬ ‫يكن‬ ‫وعجزت عنه‬ ‫القوميتان السورية والعربية‪ .‬كان كمال الحاج ُّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫تفتقده وحدات‬ ‫عدا‬ ‫كبيرا ألنطون سعادة‪ ،‬لذا أخذ مقولته ّإن األمة تمتلك ُب ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫جغرافية ُّ‬ ‫أقل ً‬ ‫‪‬البعد السياسي الذي يسبق البنيتَ ين االجتماعية‬ ‫شأنا‪ ،‬هو ُ‬ ‫البعد السياسي الذي‬ ‫واالقتصادية‪ .‬هكذا ّأكــد الحاج ّأن لبنان يمتلك ُ‬ ‫رآه سعادة‪ ،‬وهو ما يجعله ُ‬ ‫‪‬أ َّمة‪ .‬والالفت أن القوميات الثالث (اللبنانية‬ ‫جزءا من نشاط فكري‬ ‫والعربية والسورية) ُولدت‬ ‫ُ‬ ‫جميعها في لبنان‪ ،‬وكانت ً‬ ‫وثقافي لبناني انفرد به لبنان دون الدول العربية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫هدف‬ ‫تحدى الحاج األفكار القومية السورية والعربية بتساؤُ له‪ :‬إذا كان‬ ‫ّ‬ ‫القوميين السوريين والقوميين العرب إزالـ َـة مفاعيل االستعمار األوروبــي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األساسية في‬ ‫العربية‬ ‫المنطقة‬ ‫قس َم‬ ‫القوةَ‬ ‫ٍ‬ ‫دويالت‪ ،‬فلماذا لم ُيصبحوا ّ‬ ‫الذي َّ‬ ‫الجواب في‬ ‫مجتمعات لبنان والمشرق؟ ولماذا لم َي ِصلوا إلى الحكم؟ ورأى‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وجدتْ ـها الفكرةُ اللبنانية‬ ‫مساحة‬ ‫تج ْد‬ ‫شعبية تحتضنها مثلما َ‬ ‫ّأن أفكارهم لم ِ‬ ‫فاعتبار‬ ‫مزيف ومصطنع‪‬‬ ‫في لبنان‪ .‬أما اعتبار هؤالء ّأن دولة لبنان ‪‬كيان ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وتعايش‬ ‫قرون من التاريخ والعادات والتقاليد‬ ‫ألن لبنان هو تَ والي‬ ‫خاطىء ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الفئات الدينية واإلثنية‪ .‬وهذا التوالي التاريخي ال يمكن أن يختفي مهما‬ ‫‪2‬‬

‫‪70‬‬ ‫كمال ديب‬

‫‪ 11‬لبناني أرثوذكسي ولد في ضهور الشوير (‪ 1‬آذار ‪ )1904‬أي قبل والدة لبنان‬ ‫دعون في المغتربات‬ ‫الكبير وقبل والدة الجمهورية اللبنانية‪ .‬وكان اللبنانيون‬ ‫عصرئذ ُي َ‬ ‫ٍ‬ ‫‪‬سوريين‪ ‬أو َ‬ ‫‪‬أ ً‬ ‫تراكا‪( ‬توركو)‪.‬‬ ‫‪http://www.kamalyoussefelhage.org/index.html‬‬ ‫‪ 22‬‬ ‫‪ 33‬كمال الحاج‪ ،‬من محاضرة ‪‬قوميات إزاء القومية اللبنانية‪ ،‬األحد ‪ 15‬شباط‬ ‫القدس‪ ،‬الكسليك (من سلسلة تسع محاضرات َّ‬ ‫نظ َمتْ ها الجامعة‬ ‫‪ 1970‬في جامعة الروح ُ‬ ‫نصوصها في كتاب ‪‬أبعاد القومية اللبنانية‪ 204 ،1970 ،‬صفحات)‪.‬‬ ‫ونشرت‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫‪ .2‬أسطورة لبنان التاريخية‬ ‫الفكرةُ اللبنانية احتاجت لدعمها إلى ُبعد تاريخي‪ .‬من مطلع القرن‬ ‫ّ‬ ‫ومفكرون‬ ‫وض َعها مثقفون‬ ‫العشرين حتى سبعيناته ظهرت كتابات كثيرة َ‬ ‫َخ َلقوا بها مكتبة متينة عن جذور لبنان منذ فينيقيا فـعهد اإلمارة (‪–1516‬‬ ‫ً‬ ‫وصوال إلى القرن العشرين‪.‬‬ ‫‪)1843‬‬ ‫ٌ‬ ‫نعت مضاف إلى‬ ‫‪ 44‬كمال الحاج‪ :‬إن لفظة ‪‬عربي‪‬‬ ‫صفة ال ُو ُجود‪ ،‬أو ُقل‪ :‬هي ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُوجود‪ .‬تعني فقط أن َّ‬ ‫عربي ً‬ ‫ُ‬ ‫لسانا‪.‬‬ ‫أنا‬ ‫وعليه‪:‬‬ ‫عربي‪.‬‬ ‫هو‬ ‫له‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫غة‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫العربية‬ ‫كل َمن يتكلم‬ ‫ٍ ٍّ‬ ‫ٌّ‬ ‫وهذا ال يتنافى مع قوميتي اللبنانية‪( ‬من المحاضرة ذاتها)‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‬ ‫حي‬ ‫لبنان‬ ‫كيان ٌّ‬ ‫ٌ‬

‫دولة من صنع التاريخ‬ ‫فلسفيا‪ :‬القومية اللبنانية‬ ‫حول شرعية الكيان يحلل كمال الحاج‬ ‫ً‬ ‫موجودة بالفعل والقانون‪ .‬وهي وليدة إرادة مجموعية تعود بجذورها الى‬ ‫مئات السنين في التاريخ األكبر‪ .‬لقد صــارت صيغة رياضية‪ ...‬هناك‬ ‫عقالنيا أن أؤكّ د وجود القومية اللبنانية‪ ،‬وال تجيز‬ ‫دولة لبنانية تجيز لي‬ ‫ً‬ ‫قوميتك الاللبنانية‪ُ .‬أكرر ما قاله أنطون‬ ‫وجود‬ ‫ا‬ ‫عاطفي‬ ‫لك أن تؤكّ د إال‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫يسجل األماني وال النيات بل األفعال والوقائع‪.‬‬ ‫سعاده إن التاريخ ال‬ ‫ّ‬ ‫وض َعه سعاده يمكنني القول إن القومية اللبنانية‬ ‫انطالقً ا من هذا السند َ‬ ‫موجودةٌ وحدها في لبنان بوجود الدولة اللبنانية‪ ...‬أنا قومي لبناني‬ ‫القوة التي لـمنطق الجدل‪ .‬أنا قومي لبناني بقوة الفعل الذي‬ ‫بفعل َّ‬ ‫لواقع السياسة‪ ...‬ربما كانت الحكومة اللبنانية يومذاك (عند إعالن‬ ‫لبنان الكبير) من صنع الجنرال غورو‪ .‬أما الدولة اللبنانية فهي من صنع‬ ‫جذوره إلى ما قبل التاريخ الجلي‪ .‬الدولة تركيب إثني‪.‬‬ ‫التاريخ الممتدة‬ ‫ُ‬ ‫ولعلها أجدر الشؤُ ون والمظاهر الثقافية تمثيالً للحياة العقلية التي هي‬ ‫من خصائص االجتماع االنساني‪ .‬إذا كانت القومية اللبنانية وليدة دولةٍ‬ ‫جاءت بشحطةٍ من رأس قلم غربي‪ ،‬فلماذا ال تزيلونها بشحطة معاكسة‬ ‫َ‬ ‫من رأس قلمكم؟ هكذا ترتاحون وتريحون‪ .‬هب أن القومية اللبنانية‬ ‫كرتونة‪ ،‬فهذه الكرتونة تغلَّ َبت على فوالذكم المزعوم‪ .‬وعندما يتغلب‬ ‫وأن فوالذكم كرتون‪.4‬‬ ‫الكرتون على الفوالذ‪ ،‬يعني ّأن كرتوننا فوالذ ّ‬

‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عالن األَول من أَيلول‬ ‫طويل‬ ‫تاريخ‬ ‫سابق إ ِ‬ ‫َ‬

‫تعرض لغزو خارجي لم يقدر على مواجهته‪ .‬وحتى‬ ‫هاجمه ٌ‬ ‫كيان أقوى منه أو َّ‬ ‫لو ّأدت التهديدات الخارجية إلى خسارة سيادة الدولة اللبنانية على أرضها‪،‬‬ ‫معا‪،‬‬ ‫شعبيا‬ ‫تقار ًبا‬ ‫ً‬ ‫عارما بين المسلمين والمسيحيين ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫فسي ْخ ُلق هذا الخطر ُ‬ ‫ً‬ ‫قومية لبنانية تعيد التوازن إلى الدولة وإلى السيادة‪ .‬ويستنتج كمال‬ ‫معب ًرا‬ ‫ّ‬ ‫الحاج ّأن انهيار الحكومة اللبنانية ال يؤدي إلى غياب الدولة‪.‬‬


‫فــي مقابلة مــع سياسي لبناني مخضرم يتغنّ ى بلبنان مـبــاشــرةً بعد‬ ‫ومدونً ا‬ ‫تاريخا موثَّ ًقا‬ ‫ـأن ‪‬لبنان ال يملك‬ ‫ً‬ ‫تحداه السائل بـ ّ‬ ‫االستقالل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫يميزه عن بيئته الجغرافية العربية اإلسالمية‪ .‬أجاب ذاك السياسي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫كل مؤرخ وأكاديمي لبناني أن يكتب‬ ‫على‬ ‫ب‬ ‫وج‬ ‫تقول‪،‬‬ ‫ما‬ ‫ا‬ ‫صحيح‬ ‫كان‬ ‫‪‬إذا‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫تاريخا مستقالًّ منفصالً عن غيره‪ .‬وم َّـمن عالجوا هذا األمر في‬ ‫للبنان‬ ‫ً‬ ‫حتي (لبنان في التاريخ) وكمال الصليبي (تاريخ‬ ‫القرن العشرين‪ :‬فيليب ّ‬ ‫لبنان الحديث)‪.‬‬

‫‪72‬‬ ‫كمال ديب‬

‫فيليب حتّ ي الـمرجع الـموثّ ق‬ ‫بين مؤلفات حتي‪ :‬لبنان في التاريخ‪ ،‬تاريخ العرب‪ ،‬سورية بما فيها‬ ‫غي َر العنوان األصلي باالنكليزية‬ ‫لبنان وفلسطين (تعريب عنوان هذا األخير َّ‬ ‫‪5‬‬ ‫فصدر بالعربية‪ :‬تاريخ سورية ولبنان وفلسطين) ‪ .‬وكان كتابه عن لبنان‬ ‫(‪ )1946‬أول محاولة شاملة َّ‬ ‫يمتد‬ ‫أكاديميا كيف‬ ‫موثقة شرحت‬ ‫ُ‬ ‫تاريخ لبنان ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫آالف السنين‪ ،‬ما َأعطى دعاة القومية اللبنانية‬ ‫بأمةٍ‬ ‫وثيقة تُ ثبت مقولتهم َّ‬ ‫لبنانيةٍ بدأت قبل ستة آالف سنة‪ .‬هكذا ُس ِّـم َي حتي ‪‬أبا التاريخ اللبناني‪‬‬ ‫وبات كتابه مرجع القائلين بالقومية اللبناني فجعلوا ينافحون عن فكرتهم‬ ‫بحجة دامـغــة‪ :‬هكذا جــاء في كتاب حتي‪ .‬وبعد حتي كتب‬ ‫داعمينها‬ ‫ّ‬ ‫مؤرخون لبنانيون كثيرون نبشوا تاريخ لبنان منذ ‪ 4000‬سنة قبل الميالد‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وصوال إلى إمارة جبل لبنان‪.‬‬ ‫انتقد مؤرخون جامعيون كتاب لبنان في التاريخ بأنّ ه ‪‬وصفي غير‬ ‫نقدي‪ ،‬وبقيت مرجعيته أنه الرواية التاريخية الكاملة عن لبنان قبل ظهور‬ ‫حتي ظهر بعدما‬ ‫أي مرجع مشابهٍ‬ ‫نقدي أو وصفي‪ .‬ورأى آخرون ّأن كتاب ّ‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ودوليا‪.‬‬ ‫عربيا‬ ‫سياسيا معترفً ا به‬ ‫وكيانا‬ ‫ودولة‬ ‫جغرافية‬ ‫حقيقة‬ ‫لبنان بات‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ورأى كمال الحاج ّأن ‪‬الفكرة اللبنانية‪ ‬لم تكن تحتاج إلى التبرير طالما‬ ‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‪.‬‬ ‫حي‬ ‫ُ‬ ‫الكيان ٌّ‬ ‫‪6‬‬ ‫في غياب روايــة رسمية للكيان (تشخيص أحمد بيضون )‪ ،‬ولـوضع‬ ‫موحد لكل اللبنانيين‪ ،‬ظهرت محاوالت توفيقية خفّ فت من‬ ‫كتاب تاريخ َّ‬ ‫المنحى األوروبي للفكرة اللبنانية ّ‬ ‫سامي‪،‬‬ ‫وأكدت ّأن الفينيقيين نطقوا بلسان‬ ‫ّ‬ ‫‪Philip Hitti, Lebanon in History, London, MacMillan, 1967; Philip Hitti,‬‬ ‫‪ 55‬‬ ‫‪History of Syria including Lebanon and Palestine, New York, MacMillan 1951.‬‬

‫فيليب حتي‪ ،‬تاريخ سورية ولبنان وفلسطين‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الثقافة‪.1998 ،‬‬ ‫‪ 66‬أحمد بيضون‪ ،‬الصراع على تاريخ لبنان‪ ،‬بيروت‪ ،‬منشورات الجامعة اللبنانية‪،‬‬ ‫‪.1989‬‬


‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عالن األَول من أَيلول‬ ‫طويل‬ ‫تاريخ‬ ‫سابق إ ِ‬ ‫َ‬

‫المقدس‬ ‫لبنان في الكتاب‬ ‫َّ‬ ‫المقدس‪:‬‬ ‫حول ِق َدم لبنان يشير شارل مالك إلى خلود لبنان في الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫رس َـمها‬ ‫‪‬شهادةُ الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫المقدس ستبقى‪ ،‬وستبقى معها الصورة التي َ‬ ‫سيتأمل لبنان في‬ ‫للبنان‪ .‬وكـ ُّـل من يقرأ الكتاب من اآلن وإلــى األبــد‬ ‫ّ‬ ‫رسمه األزلي‪ .8‬لبنان إذً ا‪ ،‬وما ّ‬ ‫المقدسة‪.‬‬ ‫يمثله َكب َلد‪ ،‬هو جزء من األرض‬ ‫ّ‬ ‫المقدس (العهد القديم والعهد الجديد) َور َد اسـ ُـم لبنان‬ ‫وفي الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫‪ 70‬مـ ّـرة‪ ،‬وأرز لبنان ‪ 75‬مـ ّـرة‪ ،‬ومدينة صــور ‪ 59‬مـ ّـرة‪ ،‬وصيدا ‪ 50‬مـ ّـرة‪،‬‬ ‫وور َد فيه ِذ ْك ُر ‪ 35‬قرية لبنانية و‪ 10‬مناطق لبنانية و‪ 10‬شخصيات لرجال‬ ‫َ‬ ‫ونساء من لبنان‪ .9‬ويصف سفْ ر القضاة سكان لبنان ‪‬من جبل بعل حرمون‬ ‫المقدس نصوص كثيرة ذكـ َـرت لبنان‬ ‫إلى مدخل حماة‪ .10‬وفي الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫‪‬هلمي معي مــن لبنان‪ /‬يا عــروس معي من‬ ‫فــي المزامير واألنــاشـيــد‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫شهدا‪ /‬تحت لسانك عسل ولبن‪ /‬ورائحة‬ ‫فتاك يا‬ ‫َ‬ ‫لبنان‪ /‬ش ِ‬ ‫عروس تقطران ً‬ ‫ُ‬ ‫جنة مغلقة عين مقفلة‪ /‬ينبوع‬ ‫ثيابك كرائحة لبنان‪ ...‬أختي العروس ّ‬

‫‪73‬‬

‫‪ 77‬موقع ألكسندر نجار اإللكتروني ينشر عن عشرات المبدعين اللبنانيين باللغة‬ ‫الفرنسية‪.‬‬ ‫‪ 88‬شارل مالك‪ ،‬لبنان في ذاته‪ ،‬بيروت‪ ،‬مكتبة التراث اللبناني‪ ،‬ص ‪.79‬‬ ‫المقدس‪ ،‬منصورية المتن‪ ،‬دار منهل الحياة‪،‬‬ ‫‪ 99‬غسان إيليا خلف‪ ،‬لبنان في الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫ص ‪.9‬‬ ‫‪ 110‬العهد القديم‪ ،‬سفر القضاة‪.3:3 ،‬‬

‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‬ ‫حي‬ ‫لبنان‬ ‫كيان ٌّ‬ ‫ٌ‬

‫وشاركوا َّ‬ ‫سكان المشرق بالعادات والتقاليد والثقافة‪ .‬وأكثر‪ :‬صحيح ّأن‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتاريخا وجغرافيا‪ .‬وإذا كان‬ ‫ثقافة‬ ‫محيطه‬ ‫خاصة لكنّ ه يشارك‬ ‫ميزات‬ ‫للبنان‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫العربي هو الذي يتكلم العربية لغتَ ه األ ّم ويعيش في المناخ الثقافي العربي‬ ‫أوالد‬ ‫فجميع اللبنانيين‪ ،‬عدا األرمــن‪ ،‬هم‬ ‫مسلما‪،‬‬ ‫مسيحيا كان أم‬ ‫العام‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫القبلي أو باإلرث اللغوي الثقافي‪ .‬واللبنانيون الضليعون‬ ‫عرب َّإما باألصل َ‬ ‫ٍ‬ ‫‪7‬‬ ‫في الثقافة الفرنسية (ومنهم عشرات أبدعوا في آداب اللغة الفرنسية )‬ ‫يتشاركون المواصفات مع بقية اللبنانيين‪ُ :‬هم أهل جبل وسهل وساحل‪،‬‬ ‫يفخرون بكرم الضيافة العربية وبالشرف والكرامة واألخالق االجتماعية‬ ‫َ‬ ‫والــروابــط العائلية (ال ُيعقَ ل أن يكون األمير بشير أو األمير فخرالدين‬ ‫نس َبهما الشريف إلى قبائل عربية عريقة)‪ .‬واللبنانيون‪ ،‬بـرغم تراثهم‬ ‫أغفَ ال َ‬ ‫السرياني‪ ،‬ال يتكلمون غير العربية لغَ ًة ُأ ًّما‪ ،‬ومثقفو لبنان‪ ،‬المسيحيون منهم‬ ‫عموما‪ ،‬حافظوا على اللغة العربية وحفظوها من اضمحالل أكيد ّإبان‬ ‫ً‬ ‫الهيمنة التركية وأعمال التتريك‪.‬‬


‫‪74‬‬ ‫كمال ديب‬

‫حية وسيول من لبنان‪ .11‬وفي سفْ ر‬ ‫مختوم‪ ...‬ينبوع ّ‬ ‫جنات‪ ،‬بئر مياه ّ‬ ‫‪‬نشيد األناشيد‪ ‬ملحمة حب بين عروسين يستعمل العريس في وصفِ هِ‬ ‫أيضا َ‬ ‫‪‬طلعتُ ه كلبنان فتى‬ ‫عروس ُه أسماء وتشابيه كثيرة من لبنان‪ .‬ويقول ً‬ ‫َ‬ ‫كاألرز‪ .‬وفي سفر أشعيا‪ :‬تفرح البرية واألرض اليابسة‪ ،‬ويبتهج القفر‬ ‫ويرنم‪ُ .‬يدفع إليه مجد‬ ‫أزهارا َويبتهج‬ ‫ويزهر كالنرجس‪ُ .‬يزهر‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ابتهاجا ّ‬ ‫وأيضا‪ :‬مجد لبنان إليك‬ ‫لبنان‪ ...‬هم َي َرون مجد الرب بهاء الهناء‪ً .12‬‬ ‫موضع‬ ‫معا لزينة مكان َم ْق ِدسي ُوأ َم ِّـج ُد‬ ‫َ‬ ‫يأتي السرو والسنديان والشربين ً‬ ‫رجلَ ّي‪.13‬‬ ‫جنوب لبنان ومدينَ تَ ـي صيدا وصور‪ ،‬وتَ َـج ِّليه‬ ‫وفي اإلنجيل زيارة المسيح‬ ‫َ‬ ‫مجده لتالميذه‪ ،‬وصورة إتيانه في ملكوته‪ْ ،‬‬ ‫وذك ٌر‬ ‫على جبل الشيخ معلنً ا‬ ‫َ‬ ‫واضح لجموع الناس من جنوب لبنان تهرع إليه‪ ،‬تصغي لتعاليمه وتؤْ من‬ ‫ٌ‬ ‫انتشار المسيحية في لبنان مع بداية العصر‬ ‫المقدس‬ ‫الكتاب‬ ‫ويشرح‬ ‫به‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وتأسيس كنائس في صور وصيدا ومدن الساحل‪ُ ،‬‬ ‫المسيح‬ ‫ويذكر‬ ‫الرسولي‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رامزً ا إليه بشجر األرز‪ .‬وبارك المسيح لبنان النتشار التسامح الديني في‬ ‫أراضيه‪ .‬ومن أمثلة هذا التسامح ّأن أحيرام ملك صور رضي أن يساهم في‬ ‫بناء هيكل سليمان‪ ،‬وفي الصرفند جنوب صيدا استقبلت أرملةٌ‬ ‫النبي إيليا‬ ‫َّ‬ ‫الهارب من ملكة آخاب‪ ،‬حادثةٌ ذكرها المسيح عندما ّوبخ اليهود لرفضهم‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫كل جديد وانطوائهم الزائد على ذواتهم‪ .‬وعندما قاومه الفريسيون جاء‬ ‫‪14‬‬ ‫طلبا للراحة في لبنان ‪.‬‬ ‫المسيح نواحي صيدا وصور ً‬ ‫‪ .3‬وضع لبنان الراهن‬

‫ً‬ ‫خالل ‪ 100‬عام كان لـ ‪‬لبنان الكبير‪ ‬أن يعطي َ‬ ‫حضارية‬ ‫العال َـم صورةً‬ ‫ثقافيا كأفضل نـمــوذج للمواطنية فــي المجتمعات المعاصرة‪،‬‬ ‫ومزيجا‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫وكمساهم بارز في النتاج الحضاري والثقافي واللغوي العربي‪ .‬واستقالل‬ ‫لبنان عام ‪ 1943‬أمر راهن ال جدال فيه‪ ،‬وتاريخه الذي سبق ‪ 1920‬أمر‬ ‫ال جدل فيه‪ .‬واالعتراف بالتاريخ العريق َيزيد ثقة اللبناني بذاته‪ُ ،‬ويؤَ ِّكد‬ ‫على صدقية الكيان الذي ال َيستنجد باألكاذيب لتبرير حضوره الثابت‪.‬‬

‫‪ 111‬العهد القديم‪ ،‬نشيد ‪ 8 :4‬إلى ‪.15‬‬ ‫‪ 112‬العهد القديم‪ ،‬سفر أشعياء ‪ 1:35‬و‪.2‬‬ ‫‪ 113‬العهد القديم‪ ،‬سفر أشعيا‪.13:60 ،‬‬ ‫المقدس‪ ،‬منصورية المتن‪ ،‬دار منهل الحياة‪،‬‬ ‫‪ 114‬غسان إيليا خلف‪ ،‬لبنان في الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫ص‪.13 .‬‬


‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عالن األَول من أَيلول‬ ‫طويل‬ ‫تاريخ‬ ‫سابق إ ِ‬ ‫َ‬ ‫‪75‬‬

‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‬ ‫حي‬ ‫لبنان‬ ‫كيان ٌّ‬ ‫ٌ‬

‫ُّ‬ ‫أسبابا حقيقية لالحتفال اعتزازً ا بمئوية‬ ‫سيجد طيلة هذا العام‬ ‫كل لبناني‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫لبنان الكبير‪ .‬وهي أسباب تاريخيةٌ‬ ‫واجتماعيا أعطت لبنان‬ ‫وسياسيا‬ ‫ثقافيا‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫المميزة وهويته الفريدة‪ .‬فماذا عنها‪:‬‬ ‫شخصيتَ ه‬ ‫َّ‬ ‫ذكرت في كتابي تاريخ لبنان الثقافي (المكتبة الشرقية –‬ ‫ثقافيا‪:‬‬ ‫أ)‬ ‫ُ‬ ‫ًّ‬ ‫قوامها بيروت وحلب والقاهرة‬ ‫بيروت) ّأن ‪‬النهضة العربية بــدأت نــواةً‬ ‫ُ‬ ‫ثم انطلقَ ت إلى بقية المدن والبلدان العربية‪ .‬لكن بيروت‪ ،‬بـمساهماتها‬ ‫ً‬ ‫ونوعية بإنتاج القواميس العربية‬ ‫حجما‬ ‫في النهضة‪ ،‬بـ ّـزت مـ ُـدن الشرق‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وعــدد الشعراء واألدب ــاء وصناعة اإلعــام والصحافة بالعربية‪ :‬أ َّمهات‬ ‫الصحف العربية في القاهرة (وأبرزها األهرام) والمجالت العلمية العربية‬ ‫والجمعيات العلمية والمؤسسات التعليمية وطباعة الكتب بالعربية حقَّ قها‬ ‫وحيويا‬ ‫مهما‬ ‫لبنانيون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبقيت مركزً ا ً‬ ‫واستمرت في ريادتها حتى حرب ‪َ 1975‬‬ ‫ّ‬ ‫لإلشعاع والحضارة‪ ،‬واستأنفت حضورها منذ انتهاء الحرب عام ‪.1990‬‬ ‫أوجه الثقافة مع جواره اإلقليمي العربي‬ ‫صحيح ّأن لبنان يتشارك بمعظم ُ‬ ‫لكنّ ه حمل َ‬ ‫صحيح ّأن رقصة الدبكة والفولكلور‬ ‫تراثه إلى جميع البلدان‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫الغنائي الشعبي واللباس‪ :‬مظاهر مشتركة مع سورية وفلسطين واألردن‬ ‫لوحات راقية مع فيروز واألخوين‬ ‫وقدمه للعالم‬ ‫ٍ‬ ‫طور هذا التراث ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن لبنان ّ‬ ‫رحباني والفرق الشعبية‪ .‬صحيح ّأن لبنان يتشارك في أصوله الفينيقية‬ ‫هويته الوطنية بمسحة فينيقية‬ ‫مع سورية وفلسطين لكنّ ه نجح في سكب ّ‬ ‫استمرت مع األجيال الجديدة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫سياسيا‪ :‬حافظ لبنان على نظامه الديمقراطي الحر برغم عيوبه‬ ‫ب)‬ ‫ًّ‬ ‫وخصوصا ثغراتُ ُه الطائفية‪ .‬وهو في محيطه البلد الوحيد الذي يشهد‬ ‫ً‬ ‫دوريــا في البرلمان والحكومات ومناصب السلطة األولــى ويعيش‬ ‫تغييرا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ملحوظا في الجمعيات واألحــزاب والحياة‬ ‫وتنو ًعا‬ ‫حزبية‬ ‫تعددية‬ ‫تجربة‬ ‫ُّ‬ ‫رسالةُ‬ ‫وس َـم ُـه البابا يوحنا‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لبنان‬ ‫الحرية‬ ‫السياسية واالجتماعية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قابلت كثيرين في حياتي أجمعوا ّأن الحرية‬ ‫بولس الثاني ‪‬أكثر من وطن‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وأن ما يكتبه المواطن في لبنان لن‬ ‫في لبنان أفضل حتى من دول أوروبا‪ّ ،‬‬ ‫يستطيعه في أميركا وأوروبا والبالد التي تتغنّ ى بالحريات‪.‬‬ ‫ينهر‬ ‫ج)‬ ‫اجتماعيا‪ :‬في أشــرس سنوات الحرب (‪ )1990–1975‬لم َ‬ ‫ًّ‬ ‫ظن كثيرون ّأن‬ ‫التالقي االجتماعي اللبناني وبقي ٌّ‬ ‫حد أدنى من التعاضد‪ّ .‬‬ ‫وأصر حازم صاغية في‬ ‫ويعود إلى السلم األهلي‪.‬‬ ‫سنوات ليلتـئ َـم‬ ‫لبنان يحتاج‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كتابه شعوب الشعب اللبناني على تظهير الفروقات إمعانا في تمويه الواقع‬ ‫ً‬ ‫التنوع المناطقي في المذاهب عاد إلى كل لبنان‪،‬‬ ‫إشراقا‪ .‬ولكن‬ ‫األكثر‬ ‫ُّ‬ ‫والزواج المختلط بات ً‬ ‫عاديا حتى بلغ عدد الزيجات المختلطة بين‬ ‫شأنا‬ ‫ً‬


‫مسلمين سنّ ة وشيعة المليون شخص‪ ،‬وبين مسلمين ومسيحيين عشرات‬ ‫ّ‬ ‫وتشكل مدينة زحلة الكبرى (امتداد عمراني واحد من شتورة إلى‬ ‫األلوف‪،‬‬ ‫تنوع ديني ومذهبي في لبنان خارج بيروت‪ .‬ويعرف‬ ‫حالة‬ ‫أكبر‬ ‫نوح)‬ ‫كرك‬ ‫ّ‬ ‫لبنان حياة مدنية لبنانية ناجحة في الثقافة والفنون واإلعــام والنوادي‬ ‫واألحزاب وأمكنة العمل وفي اإلدارات الرسمية وشبه الرسمية (مدارس‪،‬‬ ‫مستشفيات‪ )...‬والمؤسسات الخاصة (مصارف‪ ،‬شركات‪ ،‬مصانع‪ ،‬قطاع‬ ‫سياحي)‪ ،‬وتتنامى الصداقات المختلطة في الجامعات الكبرى والمدارس‪.‬‬ ‫منطق الذين يسخرون من كيان‬ ‫قلت إني أرفض‬ ‫َ‬ ‫لكل هذا‪ ،‬ولكثير سواه‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫منطق‬ ‫وحدود مركبة‪ ،‬وكذلك‬ ‫مزيف‬ ‫‪‬مصطنعا ذا‬ ‫لبنان ويعتبرونه‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫تاريخ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫َمن يسخرون من رموز لبنان الثقافية والحضارية واالجتماعية‪.‬‬ ‫ودوليا‪.‬‬ ‫عربيا‬ ‫إن لبنان حقيقة جغرافية ودولة وكيان سياسي معترف به‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ٌ‬ ‫وفاعل وموجود‪.‬‬ ‫حي‬ ‫إنه ٌ‬ ‫كيان ٌّ‬ ‫‪76‬‬ ‫كمال ديب‬


‫تراثنا القضائي‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬ ‫وما‬ ‫مدخل ْتأريخي لمحكمة ُد َ‬



‫تراثنا القضائي‬

‫مدخل تأْريخي لمحكمة ُدو َما‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬ ‫جامعي‬ ‫عدلي وأستاذ‬ ‫قاض‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ُ‬ ‫مطمئن‬ ‫يعيش بهدوء وسالم (‪ )...‬فهو على األقل‬ ‫وي هنا‬ ‫‪َ )...(‬‬ ‫ٌ‬ ‫الق َر ُّ‬ ‫َ‬ ‫التركية المجاورة‬ ‫خالف ما يجري في المقاطعات‬ ‫وحريته‬ ‫ّ‬ ‫إلى حياته ّ‬ ‫(‪ )...‬ولم أشاهد سوى فرقة ضئيلة من رجال األمن العام للمحافظة‬ ‫ٌ‬ ‫ومحترم‪ ،‬ينتقل من‬ ‫الملكية‬ ‫على النظام والسكينة (‪ )...‬نظام‬ ‫معروف ُ‬ ‫ّ‬ ‫األب إلــى ابنه (‪ )...‬النظام يسود المقاطعة التي يقطنها النصارى‪،‬‬ ‫يمكنك ْأن تسير فيها بدون رفيق ليالً‬ ‫ونهارا بدون أن تخشى سرقةً أو‬ ‫ً‬ ‫التمسك بمبادئ‬ ‫اعتداء‪ .‬فالجنايات نادرةُ الوقوع فيها‪ ،‬ويعود ذلك إلى‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الدين واألخالق ال إلى تنظيم القوانين (‪ .)...‬األب هنري المنس‪.‬‬ ‫الجمهورية‬ ‫محكمة القصبة‪ 1‬من ُأولــى المحاكم في لبنان قبل إعالن‬ ‫ّ‬ ‫البحث‬ ‫األولى بدستور ‪ّ 23‬أيار ‪ .21926‬قادني إلى استطالعها ميلي إلى‬ ‫ِ‬ ‫لكن‬ ‫التاريخي‪ ،‬ودراسة أحوال التشريع والقضاء في جبل لبنان التاريخي‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫تلقائيا من انشغاالت‬ ‫رافقهما‬ ‫وما‬ ‫‪،‬‬ ‫الجامعي‬ ‫والتدريس‬ ‫القضاء‬ ‫امتهاني‬ ‫ًّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وعائلية شغالني عن التدقيق في تاريخ محكمة بلدتي‬ ‫وأكاديمية‬ ‫قضائية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ُ 11‬أنشئت بالقرار ‪ 16( 3471‬كانون الثاني ‪ )1926‬وبدأ العمل بها في الخامس من‬ ‫شباط‪.‬‬ ‫حدد شكل الدولة اللبنانية ّ‬ ‫ونظم فيه السلطات الثالث بعدما‬ ‫‪ 22‬هو القانون الذي ّ‬ ‫عثمانية‪ّ :‬‬ ‫عكار وطرابلس وبيروت والبقاع والجنوب‪ .‬صدر‬ ‫مقاطعات‬ ‫ُض ّمت إلى الجبل‬ ‫ّ‬ ‫في ‪ 23‬أيار ‪ 1926‬إبان اإلنتداب الفرنسي‪ ،‬وبإقرار الدستور ُأعلنَ ت ‪‬الجمهورية اللبنانية‪‬‬ ‫وكانت قبلذاك (منذ ‪ )1920‬دولة لبنان الكبير‪.‬‬ ‫‪Edmond Rabbat, La formation historique du Liban politique et constitutionnel,‬‬ ‫‪publications de l’Université Libanaise, 1973; Antoine Hokayem, La‬‬ ‫‪constitution libanaise, Beyrouth, 2000.‬‬

‫متخصص في تأريخ التشريع‬ ‫بحوث‬ ‫‪ 33‬يفتقر العالم األكاديمي في لبنان إلى مركز‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وخصوصا في فرنسا التي اقتبسنا عنها التشريع‬ ‫خالفا لما في دول أوروبا‪،‬‬ ‫والقضاء‬ ‫ً‬ ‫مختبرات لهذه الغاية (‪Laboratoires‬‬ ‫القضائي‪ ،‬وفي العديد من جامعاتها‬ ‫والتنظيم‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫وتخص َص باحثون لديها في هذا الموضوع‪.‬‬ ‫‪)d’Histoire du droit‬‬ ‫ّ‬


‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫مدخل‬ ‫المحكمة بل‬ ‫تأريخا‬ ‫أخيرا كما يليق به‪ ،4‬ال‬ ‫تفرغت له‬ ‫ُد َ‬ ‫ً‬ ‫وما‪ ،‬حتى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫واالجتماعية‬ ‫األهلية‬ ‫بأن دراسة األوضاع‬ ‫سجالتها‬ ‫زادني التنقيب في‬ ‫قناعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـملحقَ ة بها من ناحية البترون‬ ‫ّ‬ ‫واالقتصادية في ُد َ‬ ‫ومــا البندر‪ ،‬والقرى ال َ‬ ‫ّ‬ ‫السجالت ودراسة األحكام لالطالع على أسعار‬ ‫العليا‪ ،‬إنما ينطلق من هذه‬ ‫أخالقياتهم وهمومهم‪.‬‬ ‫المالية بين النّ اس وعلى‬ ‫العقارات والتعامالت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومــا‪ ،‬األمكنة التي شغلتها‪ ،‬بيان‬ ‫هذا البحث يسرد تأسيس محكمة ُد َ‬ ‫المدنية) الصادرة‬ ‫(أي‬ ‫الجزائية منها‬ ‫عدد الدعاوى واألحكام‪،‬‬ ‫والحقوقية ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عموما‬ ‫عنها بين ‪ 1926‬و‪ ،1974‬إلى البحث في أحوال القضاء والتشريع‬ ‫ً‬ ‫مرورا بحقبة‬ ‫ـ ‪‬مقاطعجية‪‬‬ ‫التاريخي منذ عهد األمراء والـ‬ ‫في بلدات الجبل ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫جمهورية لبنان الكبير‪.‬‬ ‫فية فأوائل عهد‬ ‫القائمقامي ْتين‬ ‫ّ‬ ‫فالمتصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪80‬‬

‫‪ .1‬القضاء في ُدو َما وسائر نواحي جبل لبنان‬ ‫خالل عهد األمراء والمقاطعج ّية‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫وم ــا فــي عهد اإلم ــارة واإلق ـطــاع‪( 5‬كغيرها مــن قصبات جبل لبنان‬ ‫ُد َ‬ ‫‪6‬‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫فترتئذ) شكلت موئال‬ ‫التاريخي‬ ‫حرية تعيش في ِحـماه‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫لألقليات وملجأ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪7‬‬ ‫خجول‬ ‫باختالط‬ ‫متعددةٌ مختلفةُ األصل وال ُـمعتَ قَ د ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫طوائف ّ‬ ‫ٍ‬ ‫اللبنانيون‪ ،‬من آل معن‬ ‫عمد األمراء‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫حرصا على احترام هذه التعددية‪َ ،‬‬ ‫حق الطوائف ورؤسائها‬ ‫ّأو ًال إلى آل شهاب في مرحلةٍ ثانية‪ ،‬إلى تكريس ّ‬ ‫في التشريع والقضاء بين رعاياهم‪ .‬كان البطريرك واألساقفة هم يفصلون‬ ‫َ‬ ‫اإلداري في وزارة العدل‪ :‬ليس في‬ ‫عقبات أبرزها غياب األرشيف‬ ‫اعترض ْت بحثي‬ ‫‪ 44‬‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وما سوى عقود إيجار حديثة لـمركز المحكمة في مبنى يملكه جرجي‬ ‫ملف محكمة ُد َ‬ ‫الوطنية (بيروت) ال وثيقة عن‬ ‫وما‪ .‬وفي مؤسسة المحفوظات‬ ‫أنطون الباشا في سوق ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫سه َل ّ‬ ‫ّ‬ ‫اطالعي‬ ‫وما‬ ‫سجالت سليمة ترقى إلى ‪َّ 1926‬‬ ‫وما‪ .‬وعن مبنى محكمة ُد َ‬ ‫محكمة ُد َ‬ ‫عليها والوقوف على بياناتها وقيودها واستخراج أبرزها الكاتبان جيهان جوزف الشامي‬ ‫بإيعاز كريم من الزميلة القاضية مارجي مجدالني‪ .‬لهم الشكر‪.‬‬ ‫ومنير ابراهيم المعلوف‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫تابعة إليالة طرابلس بوالية آل سيفا‪ ،‬ثم انتقلت‬ ‫وما‬ ‫‪ 55‬في عصر اإلمارة كانت ُد َ‬ ‫فاريا (أقاموا في قرية توال وحالفوا األمراء المعنيين) ثم‬ ‫إلى ضمان آل الشاعر من ّ‬ ‫ّ‬ ‫وما‪،‬‬ ‫انتقل الضمان إلى آل حمادة المتاولة‪ .‬األب قسطنطين الباشا‬ ‫المخلصي‪ ،‬تاريخ ُد َ‬ ‫البولسية‪ ،1991 ،‬ص ‪ 81‬وما يليها‪.‬‬ ‫المطبعة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 66‬المحامي ميشال شبلي‪ ،‬التشريع والقضاء في عهد األمراء‪ّ ،‬‬ ‫مجلة المشرق‪،‬‬ ‫السنة ‪ ،46‬عدد كانون ّ‬ ‫الثاني‪ /‬شباط‪ ،1953 ،‬ص ‪ 335‬وما يليها‪.‬‬ ‫الماروني وعالقته بالشرع الروماني‪ ،‬جونية‪،‬‬ ‫‪ 77‬المونسنيور يوسف زيادة‪ ،‬القضاء‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،1929‬ص ‪ 74‬وما يليها‪.‬‬


‫‪Père Eugène Roger, La terre sainte ou description topographique‬‬ ‫‪ 88‬‬ ‫‪très particulière des saints lieux et de la Terre de promission avec un Traité‬‬ ‫‪des quatorze nations de différentes religions qui l’habitent, leurs mœurs,‬‬ ‫‪.croyances, cérémonies et police, deuxième édition, 1664‬‬

‫‪ 99‬المحامي ميشال شبلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.336‬‬ ‫‪ 110‬المونسنيور يوسف زيادة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.74‬‬ ‫‪ 111‬وزير عثماني ومؤرخ شهير في القرن التاسع عشر للميالد (‪)1895 – 1822‬‬ ‫نصراني األصل ولد في لوفجة (‪ )Lofea‬شمالي بلغارية‪ .‬وضع كتابه التاريخي تاريخ‬ ‫ّ‬ ‫وعرف بــ ‪‬تاريخ جودت‪َ .‬ق ّد َم األجزاء الثالثة األولى ِإلى‬ ‫وقائع الدولة العثمانية ُ‬ ‫ً‬ ‫رسميا للدولة‪ِ .‬وإلى كتابه ذاك‪ ،‬ووضع‬ ‫مؤرخا‬ ‫السلطان عبد الحميد فكافأه بتعيينه‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫عدة‪.‬‬ ‫مؤلفات‬ ‫قانونية ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 112‬تاريخ جودت المذكور ص ‪ 352‬وما يليها‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫القضاء في قبضة اإلكليروس‬ ‫خاصة) في تنظيم‬ ‫في تلك الحقبة باشر االكليروس (الماروني بصورةٍ‬ ‫ّ‬ ‫حص ُر‬ ‫‪1744‬‬ ‫مجمع‬ ‫في‬ ‫فتقرر‬ ‫القضاء بإدخال مفهوم االختصاص‬ ‫ْ‬ ‫المكاني‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الجغرافي فقط‪ ،‬وأعمال مجمع‬ ‫أبرشيته‬ ‫المكاني ضمن‬ ‫اختصاص األسقف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫استقر له‬ ‫كرست مبدأ االختصاص بإيالء القضاء من‬ ‫ّ‬ ‫بقعاتا عام ‪ّ 1756‬‬ ‫الزمنية‪ ( ‬القانون‬ ‫قاض واحد للفصل في الدعاوى‬ ‫ّ‬ ‫العلم فيه ‪‬وتعيين ٍ‬ ‫وتوسع في‬ ‫التخصص هذه‬ ‫الشهابي اعتمد فكرة‬ ‫رقم ‪ .)8‬األمير يوسف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫مدخل تأْريخي‬

‫ّ‬ ‫الشخصية ودعاوى النفوس‬ ‫والمتعلقة باألحوال‬ ‫الحقوقية‬ ‫في المنازعات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دون األب أوجين روجيه (‪ )Père Eugène Roger‬في مؤلَّ فه‬ ‫والتركات‪ ،‬كما َّ‬ ‫‪8‬‬ ‫واصفً‬ ‫ا نصارى جبل لبنان‪ :‬ليس لهذا الشعب‬ ‫المقدسة‬ ‫عن األراضــي‬ ‫ّ‬ ‫كل الخالفات‪ ،‬فال عالقة‬ ‫من قضاة سوى البطريرك واألساقفة يفصلون ّ‬ ‫بالدعاوى التي تنشأ بينهم‪.9‬‬ ‫للسلطنة‬ ‫العثمانية ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجهه األمير ملحم (‪ 1750‬م‪.‬؟)‬ ‫كتاب ّ‬ ‫َ‬ ‫وأورد المونسنيور يوسف زيادة ّ‬ ‫نص ٍ‬ ‫ّ‬ ‫عقاري بين الشيخ‬ ‫بخالف‬ ‫ق‬ ‫يتعل‬ ‫اد‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫سمعان‬ ‫الماروني‬ ‫البطريرك‬ ‫إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪‬ألن ما يمكن‬ ‫البت في الخالف‬ ‫والرهبان (؟)‬ ‫ّ‬ ‫طالبا منه ّ‬ ‫ً‬ ‫سنتو الخازن ُ‬ ‫‪10‬‬ ‫يشرعوا إالّ عند أرباب دينهم‪. ‬‬ ‫نخلّ ي النصارى ّ‬ ‫ً‬ ‫وما من اختصاص ّ‬ ‫الحكام الزمنيين‪.‬‬ ‫استدراكا‪ :‬كانت الدعاوى‬ ‫الجزائية ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫‪11‬‬ ‫استقرت عليه أمور جبل لبنان قبل العثمانيين‪،‬‬ ‫وفق ما‬ ‫فعن جودت باشا ‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫للمقاطعجية بالحكم في الجرائم التي تستوجب الحبس‬ ‫ّأن السلطنة ِأذنَ ت‬ ‫ّ‬ ‫والضرب‪ ،‬وأبقَ ت لألمير الحاكم اختصاص القصاص في الجرائم الخطرة‬ ‫حتى َ‬ ‫الشهابي إنّ ُه ‪‬رئيس القضاء‪.12...‬‬ ‫قيل عن األمير‬ ‫كالقتل والسطو‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬


‫‪82‬‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬


‫مدخل تأْريخي‬

‫حلبي األصل‪ُ ،‬س ّم َي ‪‬معلّ م مليح ولسانه فصيح‪ّ ،‬‬ ‫ظل‬ ‫الملكية‪،‬‬ ‫‪ 113‬مطران الطائفة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في القضاء زهاء خمس سنوات (‪.)1785 – 1780‬‬ ‫‪ 114‬المونسنيور يوسف زيادة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ً ،66 ،64‬‬ ‫نقال عن األب يوحنا‬ ‫السبعلي‪.‬‬ ‫‪ 115‬البطريرك يوسف اسطفان (بطريرك الموارنة ‪َ َ )1793–1766‬‬ ‫نزاع‬ ‫فصل في ٍ‬ ‫مطب ًقا أعراف النصارى‬ ‫عقاري كبير بين‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫الشيخين مشرف الخازن وابن ّ‬ ‫عمه أنطون‪ّ ،‬‬ ‫محو ًال إياه إلى مدرسة‬ ‫ديرا لعائلته ِّ‬ ‫المستقرة في جبل لبنان‪ .‬وهو من غوسطا َوو َق َف ً‬ ‫ّ‬ ‫عين ورقة‪ ،‬أول مدرسة في لبنان‪ ،‬تخرج منها المعلم بطرس البستاني والشدياق وبطاركة‬ ‫الحقون ومطارنة‪ .‬وقع خالف بينه وبين روما بسبب الراهبة هندية فنَ حاه الفاتيكان‬ ‫نافيا إياه إلى فلسطين‪ ،‬ثم ُأ ِع َيد إلى كرسيه‬ ‫عن الكرسي البطريركي سنة ونصف سنة ً‬ ‫البطريركي في احتفال فخم‪.‬‬ ‫‪ 116‬وجيه خوري‪ ،‬القضاء في لبنان على عهد الحكم االقطاعي‪ ،‬مجلّ ة المشرق‪،‬‬ ‫السنة ‪ ،31‬آذار ‪ ،1933‬ص ‪ 357‬وما يليها‪.‬‬ ‫سيما‬ ‫تشريعا‬ ‫المذكوران‬ ‫الكتابان‬ ‫‪ 1 17‬أصبح‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫وضعيا (‪ )Droit positif‬في جبل لبنان‪ ،‬ال ّ‬ ‫َ‬ ‫مقررات العام ‪ 1744‬حين اتّ خذ بطريرك الموارنة وأساقفة الطائفة‬ ‫بموجب‬ ‫بين الموارنة‬ ‫ّ‬ ‫نشرع فيها هي مختصر الشريعة والفتاوى ألخينا المطران‬ ‫التي‬ ‫‪‬الكتب‬ ‫بأن‬ ‫قرارا ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫والقضائي‪ ،1910 ،‬ص ‪.5‬‬ ‫التشريعي‬ ‫لبنان‬ ‫استقالل‬ ‫دوام‬ ‫الخازن‪،‬‬ ‫فيليب‬ ‫قرآالي‪‬‬ ‫عبداهلل‬ ‫ّ‬ ‫‪ 118‬فيليب الخازن‪ ،‬المرجع السابق‪ ،1910 ،‬ص ‪.5‬‬

‫‪83‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫عموما‪ ،‬فأقام‬ ‫الجبل‬ ‫مسيحيي‬ ‫تطبيقها ال على الموارنة فحسب بل على‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫‪13‬‬ ‫ُ‬ ‫األمراء أجور القضاة‬ ‫‪‬قاضيا على النصارى (‪ .)...‬وكفل‬ ‫المطران آدم‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫‪14‬‬ ‫سنويا ‪‬حسب العوائد القديمة‪. ‬‬ ‫فبلغت سنة ‪ 1791‬خمسماية غرش‬ ‫ًّ‬ ‫الكنسيون‪( 15‬أرثوذكسيون وملكيون وموارنة) كانوا يعتمدون في‬ ‫القضاة‬ ‫ّ‬ ‫ترجيحا سنة ‪ )1058‬وهو خالصة‬ ‫الناموس‪(ُ ‬و ِض َع‬ ‫أحكامهم على ‪‬كتاب ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مجموعتَ ْي‬ ‫الشرقية‪ ،‬نقال عن‬ ‫الرومانية‬ ‫االمبراطورية‬ ‫روماني في‬ ‫شرع‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وماني‬ ‫الر‬ ‫العرفي‬ ‫سيما الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫ثاودوسيوس ويوستينيانوس‪ ،‬ال ّ‬ ‫السوري ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪16‬‬ ‫يتوسلون‬ ‫الموارنة‬ ‫راح‬ ‫ثم‬ ‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫‪Livre‬‬ ‫‪coutumier‬‬ ‫(‪ou livre Syro-Romain‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ ‪17‬‬ ‫المسيحية‪ ‬و ‪‬الفتاوى‪ ‬لعبداهلل قرألي ‪.‬‬ ‫كتاب ْي‪ :‬مختصر الشريعة‬ ‫للحكم َ‬ ‫ّ‬ ‫التشريعية‪ ،‬فهو ً‬ ‫أوال‬ ‫تبدلت األحوال‬ ‫مع األمير بشير‬ ‫الشهابي الكبير ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وثانيا لبسط سلطانه الخاص على حساب‬ ‫التودد للسلطنة‬ ‫بدافع ّ‬ ‫العثمانية‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بحق تعيين القضاة وراح ُ‬ ‫يذكر في فرمان‬ ‫الدين‬ ‫رجال‬ ‫والمقاطعجية‪ ،‬استأثر ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية ‪‬مع احترام‬ ‫وجوب الحكم بموجب الشريعة‬ ‫كل منهم‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تنصيب ٍ‬ ‫‪18‬‬ ‫المحلية التي تكون مخالفةً لها‪ . ‬وما سار به من إصالحات‬ ‫العادات‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية بل في مجمل‬ ‫مستحبة‪ ،‬ال في تطبيق الشريعة‬ ‫بثمار‬ ‫قضائية جاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫سيما لجهة اعتماده الكفاءة واالختصاص في تسمية‬ ‫تنظيماته‬ ‫القضائية ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصول في التحقيق‪.‬‬ ‫باع‬ ‫المعنيين‬ ‫وإلزامه‬ ‫القضاة‪،‬‬ ‫اتّ َ‬ ‫ٍ‬


‫‪84‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫الفاتيكان‪ :‬تطبيق الشريعة اإلسالمية‬ ‫طالبا من رجــال الدين الكاثوليك تطبيق‬ ‫الرسولي‬ ‫الكرسي‬ ‫تدخل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـادة اإلرث خالفً ا لما سارت عليه أعــراف جبل‬ ‫الشريعة‬ ‫اإلسالمية في مـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪19‬‬ ‫القو ِل بعدم توريث االبنة عند وجود االبــن‪ ،‬وبتوريث الحفيد‬ ‫لبنان من ْ‬ ‫‪20‬‬ ‫يلق الترحاب بين أبناء‬ ‫العم ‪ .‬تطبيق الشريعة‬ ‫االسالمية لم َ‬ ‫ّ‬ ‫الذي ال يحجبه ّ‬ ‫عددا‬ ‫الجبل النصارى فثار أعيان كسروان من الموارنة وأوفدوا سنة ‪ً 1816‬‬ ‫الرسولي الذي‪،‬‬ ‫منهم إلى األمير بشير الذي لم يستجب لهم‪ ،21‬وال الكرسي‬ ‫ّ‬ ‫وجهه البطريرك الحبشي (أيلول ‪ّ )1826‬أكد فتوى المجمع‬ ‫ً‬ ‫ردا على كتاب ّ‬ ‫‪22‬‬ ‫يطبقون‬ ‫فراحوا‬ ‫األمير‬ ‫رات‬ ‫مقر‬ ‫األرثوذكس‬ ‫واعتنق‬ ‫‪.‬‬ ‫‪1803‬‬ ‫للعام‬ ‫س‬ ‫المقد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ممانعةٌ‬ ‫وها‬ ‫وملكي‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫أرثوذكس‬ ‫بين‬ ‫ة‬ ‫أهلي‬ ‫قامت‬ ‫إنما‬ ‫‪.‬‬ ‫اإلسالمي‬ ‫الشرع‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كما حصل بين المسيحيين الموارنة في كسروان‪.‬‬ ‫ـميـز القضاء فــي إم ــارة جبل لبنان عــن سائر أنـحــاء السلطنة‬ ‫إذً ا ت َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العربية‬ ‫ونزاهة‪ ،‬لجهة لغة أحكام استقامت فيها اللغة‬ ‫وعدال‬ ‫رقيا‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية ًّ‬ ‫ّ‬ ‫العثماني‬ ‫القضاء‬ ‫كان‬ ‫أيام‬ ‫والفساد‬ ‫الرشوة‬ ‫غياب‬ ‫لجهة‬ ‫أو‬ ‫ا‪،‬‬ ‫ونحو‬ ‫صرفً ا‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫تركية فصارت‬ ‫العربية بتعابير‬ ‫فعمت الــرشــوة وامتزجت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫في انحطاط ّ‬ ‫العقارية‬ ‫العائلية بين أبناء الجبل تقضي بالمحافظة على األمالك‬ ‫‪ 119‬كانت العادات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لكن ذلك ال يعني حرمان اإلناث من‬ ‫ضمن العائلة‪ّ ،‬ثم تنتقل من األب إلى أبنائه الذكور‪ّ .‬‬ ‫زواجهن‪ .‬فال‬ ‫خاصة لدى‬ ‫ّ‬ ‫الحصول على البائنة وعلى هبات ّ‬ ‫مادية من األموال المنقولة ّ‬ ‫ً‬ ‫سابقا مغبونات‪.‬‬ ‫كن‬ ‫يجب االعتقاد ّأن تطبيق الشرع‬ ‫اإلسالمي أنصف اإلناث اللواتي ّ‬ ‫ّ‬ ‫النصرانية في جبل لبنان كانت تقضي بمنح االبنة الوحيدة كامل تركة والدها‬ ‫فالعادات‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خالفا للشرع اإلسالمي الذي يوزّ ع الميراث بينها وبين الذكور من األعمام وأوالدهم‬ ‫الدين‪ ،‬القضاء في لبنان‪ ،‬دار الجديد للنشر‪ ،‬الطبعة األولى‪،1996 ،‬‬ ‫(سليمان‬ ‫تقي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ص ‪ .)27‬ورضخ النصارى لهذا التدبير وقام البطريرك الحبشي‪ ،‬بموافقة األمير‬ ‫مواد الفقه اإلسالمي‪ ،‬هو َ‬ ‫أوفد (بمعاونة الشيخ لطوف‬ ‫بشير‪ ،‬بتدريس القضاة الموارنة َّ‬ ‫(جد الرئيس الشيخ بشارة‬ ‫الدحداح)‬ ‫الطالب ْين الشيخ بشارة الخوري الفقيه من رشميا ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫(الحقا‪ :‬المطران يوحنا حبيب مؤسس جمعية‬ ‫بتدين‬ ‫الخوري) وحبيب الخوري من ّ‬ ‫المرسلين اللبنانيين) لدراسة الشرع اإلسالمي على يد الشيخ الزيعلي من أعمال والية‬ ‫ً‬ ‫مشترطا عليهما التظاهر بدراسة الصرف والنّ حو وإخفاء حقيقة دراستهما‬ ‫طرابلس‪،‬‬ ‫الفقهَ اإلسالمي (المحامي ميشال الشبلي‪ ،‬المرجع السابق‪ً ،‬‬ ‫نقال عن طنّ وس الشدياق‬ ‫في كتابه تاريخ األعيان في جبل لبنان)‪.‬‬ ‫التيان إلى‬ ‫‪ 220‬فتوى المجمع‬ ‫المقدس (‪ّ 7‬أيار ‪ً )1803‬‬ ‫ّ‬ ‫ردا على كتاب البطريرك يوسف ّ‬ ‫الكرسي الرسولي‪.‬‬ ‫مؤرخ وغير ّ‬ ‫نشرتْ هُ وزارة العدل‬ ‫موقع‬ ‫‪ 221‬تنظيم القضاء في لبنان‪ُ ،‬ك ّتيب غير ّ‬ ‫َ‬ ‫اللبنانية‪ ،‬ص ‪.7‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 222‬المحامي ميشال شبلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.345‬‬


‫‪‬طمع القاضي بالمال مقياس العدالة‬ ‫اللغة ‪‬سقيمةً هزيلة‪ 23‬وصار‬ ‫ُ‬ ‫الوحيد‪ 24‬فراح المتقاضون يساومون القاضي على دعواهم ‪‬كالمساومة‬ ‫على سلعةٍ تباع وتُ شرى‪.25‬‬

‫مدخل تأْريخي‬ ‫‪85‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫‪ 223‬المحامي يوسف الغندور المعلوف‪ ،‬القضاء في لبنان‪ ،‬مجلّ ة السنابل‪ ،‬عدد‬ ‫نيسان‪ ،1952 ،‬ص ‪.228‬‬ ‫ً‬ ‫مدنية شواطئ‬ ‫‪ 224‬وجيه خوري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .359‬نقال عن كميل ّإده‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫التركي‪ ،‬محاضرة‬ ‫المتوسط وعالم الحقوق في سورية‪ ،‬حالة القضاء في العهد‬ ‫البحر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(ال تحديد للمصدر)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسي في كتابه‪:‬‬ ‫المفكر‬ ‫‪ 225‬كما كتب‬ ‫ّ‬ ‫‪Constantin-François Chassebœuf de La Giraudais, comte Volney, dit Volney,‬‬ ‫‪Voyage en Syrie et en Égypte, pendant les années 1783, 1784 & 1785, 2 vol.,‬‬ ‫‪.1785, Paris, Volland et Dessenne, vol. 2, p. 258‬‬


‫‪ .2‬القضاء في ُدو َما وسائر نواحي جبل لبنان‬ ‫خالل عهد القائمقام ّيت ْين‬

‫‪86‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫وعجزَ بشير‬ ‫حوادث ‪ّ 1840‬أدت إلى نفي األمير بشير‬ ‫ُ‬ ‫الشهابي الكبير‪ِ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫القائمقاميتَ ْين‬ ‫نظام‬ ‫الثالث عن فرض األمن وإعادة تثبيت اإلمارة‪ ،‬فَ فُ ِر َض‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وأصبحت ّ‬ ‫سكة بـيــروت‪/‬الـ ّـشــام الـحـ ّـد الفاصل مــا بين جـ َـبـ َـلـ ْـي النصارى‬ ‫خارجيته‬ ‫العثماني وزيـ َـر‬ ‫السلطان‬ ‫وال ــدروز‪ .‬وبعد فظائع ‪ 1845‬أرســل‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مجلسا‬ ‫قائمقام‪،‬‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫جانب‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫نص‬ ‫مفو ًضا‬ ‫ً‬ ‫ساميا َّ‬ ‫شكيب أفندي ّ‬ ‫ً‬ ‫‪26‬‬ ‫َ‬ ‫فأوك َل بموجبها إلى المجلس‬ ‫وزوده بما ُع ِر َف بالــ ‪‬تعليمات‪‬‬ ‫طوائفيا ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ومستشارا عن ّ‬ ‫كل‬ ‫ا‬ ‫قاضي‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫رأ‬ ‫على‬ ‫وجعل‬ ‫القضاء‬ ‫ة‬ ‫مهم‬ ‫االستشاري‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫والملكيون‬ ‫الستة (الموارنة والدروز واألرثوذكس‬ ‫التاريخية‬ ‫من الطوائف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكاثوليك والمتاولة والسنّ ة) وأمر أن يقوم الرؤساء الروحيون بانتخاب‬ ‫القضاة والمستشارين‪.27‬‬ ‫قائمقامية جبل لبنان الشمالي‬ ‫وما من أعمال‬ ‫في تلك الحقبة كانت ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫بقائمقامية النّ صارى)‪ ،‬وجرى فيها القضاء كما في سائر قصبات‬ ‫(ع ِرفَ ت‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫القضائية تصدر وفق الشريعة والتقاليد‬ ‫األحكام‬ ‫ت‬ ‫فبقي‬ ‫المسيحي‪،‬‬ ‫الجبل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫المقاطعجية‬ ‫حقبة‬ ‫في‬ ‫كما‬ ‫ة‬ ‫الديني‬ ‫والنصوص‬ ‫الجبل‬ ‫والعوائد الراسخة في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫القضائية‬ ‫استقاللي َة الجبل‬ ‫واإلمـ ــارة‪ ،‬مــا ي ـ ُـد ُّل على اح ـتــرام السلطنة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قضائيا‪ُ ،‬‬ ‫ً‬ ‫فأ َ‬ ‫أمره إلى‬ ‫إداريا‪ ،‬ال‬ ‫عمال‬ ‫والتشريعية‪ .‬وكان تنفيذ األحكام‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وكل ُ‬ ‫‪29‬‬ ‫‪28‬‬ ‫فية جبل لبنان ‪.‬‬ ‫حتى نشوء‬ ‫قي‬ ‫األمر هكذا ّ‬ ‫متصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫القائمقام ‪َ .‬وب َ‬ ‫‪ .3‬القضاء في ُدو َما وسائر نواحي جبل لبنان‬ ‫خالل عهد المتصرف ّية‬ ‫ً‬ ‫سياسي جديد ُ ِعــر َف‬ ‫لكيان‬ ‫واسعا‬ ‫استقالال‬ ‫فية‬ ‫كـ َّـر َس عهد‬ ‫ً‬ ‫المتصر ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫َ‬ ‫بروتوكولـي ‪ 1861‬و‪1864‬‬ ‫وثبت‬ ‫وأقر به المجتمع‬ ‫الدولي‪َّ ،‬‬ ‫بــ ‪‬جبل لبنان‪ّ ‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫عثمانيا صدر عن الباب العالي‪.‬‬ ‫قانونا‬ ‫‪ 226‬أصبحت في السنة التّ الية‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لبعثة‬ ‫تابع‬ ‫لصحة االنتخاب أن يكون‬ ‫مشترطا‬ ‫‪ 227‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫المرشح من سكان جبل لبنان‪ ،‬غير ٍ‬ ‫مستخدم لديها‪ ،‬وأن يوافق ُمشير صيدا على نتائج االنتخاب‪.‬‬ ‫أو‬ ‫ة‬ ‫أجنبي‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫السابق‪ ،‬ص‪.226 .‬‬ ‫المرجع‬ ‫المعلوف‪،‬‬ ‫الغندور‬ ‫يوسف‬ ‫المحامي‬ ‫‪ 228‬‬ ‫ّ‬ ‫فية ونظام القضاء فيها‪ :‬عبداهلل المالح‪ ،‬متصرفية جبل‬ ‫للتوسع حول‬ ‫‪ 229‬‬ ‫المتصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لبنان في عهد مظفر باشا ‪ ،1907–1902‬مؤسسة خليفة للطباعة‪ .1985 ،‬وكذلك‪:‬‬ ‫‪Antoine Khair, Le Moutaçarrifat du Mont-Liban, publications de l’Université‬‬ ‫‪.libanaise, Beyrouth 1973‬‬


‫الطوائفي‪ ،‬ومبادئ المواطنة والمساواة بين األهالي) وألغى‬ ‫(نظام الجبل‬ ‫ّ‬ ‫المقاطعجية (المواد‪ 1‬إلى ‪.)6‬‬ ‫امتيازات‬ ‫ّ‬ ‫‪30‬‬ ‫النظام الجديد‬ ‫أفر َد المواد ‪ 7‬إلى ‪ 14‬لتنظيم القضاء‪ .‬المادة ‪ 7‬أنشأت‬ ‫َ‬ ‫االبتدائية في ّ‬ ‫ونصت‬ ‫قضاء الصلح (‪ )Justice de paix‬والمحاكم‬ ‫ّ‬ ‫كل قضاء‪ّ ،‬‬ ‫على تكوين مجلس محاكمة كبير ّ‬ ‫ٌ‬ ‫التاريخية‬ ‫تتمثل فيه كل من الطوائف‬ ‫ّ‬ ‫بعضو ْين ُ(يضاف إلى األعضاء ّ‬ ‫البروتستانتية أو‬ ‫ممثل عن الطائفة‬ ‫الستة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬

‫مدخل تأْريخي‬ ‫‪87‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫الدبلوماسية في ذلك العصر‪،‬‬ ‫والفرنسية لغة‬ ‫‪ 330‬باللغتين‪ :‬التركية لغة السلطنة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وع ِر َف باسم‪.Règlement organique:‬‬ ‫ُ‬


‫‪88‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫‪31‬‬ ‫الطائفتين مصالح في الدعوى)‪.‬‬ ‫هاتين‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫اإلسرائيلية ّكلما كان ألحد أبناء ْ‬ ‫فحددت اختصاص قاضي‬ ‫ـادة ‪ 8‬رسمت مبادئ أصــول المحاكمات‬ ‫ّ‬ ‫والـمـ ّ‬ ‫كرست مبدأ التقاضي في المواد‬ ‫االبتدائية‪.‬‬ ‫الصلح والمحاكم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والمادة ‪ّ 9‬‬ ‫ـوزعـ ًـة أمــر النظر فيها بين قضاة الصلح‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـات‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫در‬ ‫ـاث‬ ‫الجزائية على ثـ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أسست‬ ‫‪10‬‬ ‫ة‬ ‫الماد‬ ‫الكبير‪.‬‬ ‫المحاكمة‬ ‫ومجلس‬ ‫االبتدائي‬ ‫المحاكمة‬ ‫ومجلس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدنية‬ ‫وتلك‬ ‫التجارية‬ ‫حق نظر النزاعات‬ ‫محكمة تجارة بيروت حاصرةً بها ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أجنبيا‪ .‬المواد ‪ 11‬إلى ‪ّ 13‬‬ ‫التي تجمع إلى أحد ّ‬ ‫نظمت‬ ‫شخصا‬ ‫سكان الجبل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أصــول تسمية القضاة وعزلهم وتأديبهم وحـ ّـددت أجورهم ومستحقّ اتهم‬ ‫والمادة ‪ّ 14‬كرست استقالل قضاء جبل لبنان عن التنظيم‬ ‫وامتيازاتهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العثماني المعمول به في بيروت وغيرها من أراضي السلطنة‪،‬‬ ‫القضائي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فأرست مبدأ االختصاص المكاني(‪ )principe de territorialité‬الذي‬ ‫يحدد ة جهة القضاء‬ ‫المختص بحسب مكان وقوع الجرم‪.32‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وما فترتَ ٍئذ كانت ً‬ ‫تابعة لقضاء البترون‪ ،‬الذي كان مع قضاء الشوف أكبر‬ ‫ُد َ‬ ‫ً‬ ‫(العثمانية)‪ً ،‬‬ ‫شرقا أعمال‬ ‫الضنية‬ ‫شماال أراضي‬ ‫تحده‬ ‫أقضية‬ ‫المتصرفية‪ّ :‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المتوسط‪ .‬وكان هذا‬ ‫وغربا البحر‬ ‫جنوبا قضاء كسروان‪،‬‬ ‫بعلبك‬ ‫ً‬ ‫(العثمانية)‪ً ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حد َثت في‬ ‫مديريات‪ :‬البترون السفلى‪ ،‬البترون الوسطى‬ ‫القضاء من ‪9‬‬ ‫ُ‬ ‫(است ِ‬ ‫ّ‬ ‫‪33‬‬ ‫بشري‪ ،‬إهدن‪ ،‬الزاوية‬ ‫‪ 14‬شباط ‪ ،) 1914‬البترون ُ‬ ‫العليا‪ ،‬قنات‪ ،‬حصرون‪ّ ،‬‬ ‫‪34‬‬ ‫وما ً‬ ‫حتى‬ ‫تابعة‬ ‫لمديرية البترون العليا (مركزها تنّ ورين) ّ‬ ‫ّ‬ ‫والهرمل ‪ .‬وبقيت ُد َ‬ ‫المفوض السامي‬ ‫صدقه‬ ‫‪ 9‬نيسان ‪ 1925‬تاريخ صــدور القرار ‪ّ s – a 86‬‬ ‫ّ‬ ‫خاصة بها‪.‬‬ ‫الفرنسي ساراي وقضى بإنشاء‬ ‫ّ‬ ‫مديرية ّ‬ ‫لغي نظام قضاة الصلح واستعيض عنهم بمشايخ‬ ‫وفي عهد داود باشا ُأ َ‬ ‫الحقوقية بما ال يتجاوز الـمئتَ ي‬ ‫القرى‪ُ 35‬وأوكـ َـل إليهم الحكم في المواد‬ ‫ّ‬

‫القانون اللبناني عن التشريع الفرنسي هذا التعبير المستغرب للداللة على‬ ‫‪ 331‬اقتبس‬ ‫ُ‬ ‫الطائفة اليهودية‪ ،‬فرجال القانون‬ ‫الفرنسيون يستعملون لفظة ‪ israélite‬لتعيين شخص‬ ‫ّ‬ ‫اليهودية ً‬ ‫ينتمي إلى الديانة‬ ‫عوضا عن استعمال عبارة ‪.juif‬‬ ‫ّ‬ ‫السابق‪ ،‬ص ‪.55‬‬ ‫‪ 332‬أنطوان خير‪ ،‬المرجع ّ‬ ‫‪ 333‬ميشال أبي فاضل‪ ،‬ابراهيم بك عقل‪ ،‬وجيه لبناني بارز في السياسة واإلدارة‬ ‫والقضاء‪ ،‬البترون‪.2013 ،‬‬ ‫وغالبا ما‬ ‫ضم بالد الهرمل إلى جبل لبنان التاريخي‪.‬‬ ‫‪ 334‬ال يجزم‬ ‫ً‬ ‫المؤرخون في سبب ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن بلدته‬ ‫تغنّ ى رئيس مجلس النواب األسبق حسين الحسيني‪ ،‬في مقابالته مع اإلعالم‪ّ ،‬‬ ‫ـ ‪‬المأمورية‪ ‬ومن أعمال قضاء كسروان‪.‬‬ ‫عر ُف ب‬ ‫شمسطار كانت في زمن‬ ‫ّ‬ ‫المتصرفية تُ َ‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارية على‬ ‫‪ 335‬مشايخ الصلح في القرى كان ينتخبهم األهالي وتصادق السلطة‬ ‫ّ‬ ‫االنتخاب (إدمون ّرباط‪ ،‬الوسيط في القانون الدستوري اللبناني‪ ،‬دار العلم للماليين‪،‬‬ ‫‪ ،1983‬ص ‪.)129‬‬


‫قابل لالستئناف‪ ،‬ونظر القباحات في المواد‬ ‫مبرما غير‬ ‫حكما‬ ‫غــرش‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫وج ٍنح تقع أمامهم أثناء المحاكمة كاليمين الكاذبة وغيرها‪ .‬إالّ‬ ‫الجزائية‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تطبيقً‬ ‫كبيرا لجهل معظم مشايخ القرى القراءة‬ ‫ا‬ ‫تلق‬ ‫لم‬ ‫التنظيمات‬ ‫هذه‬ ‫ّأن‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫‪36‬‬ ‫والكتابة وأصول التشريع ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫عدد‬ ‫المؤرخ األب قسطنطين الباشا‬ ‫وما‪ّ ،37‬‬ ‫المخلصي‪ ،‬في كتابه تاريخ ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫‪38‬‬ ‫تولّ‬ ‫حتى ما بعد ‪. 1935‬‬ ‫‪1861‬‬ ‫منذ‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫صلح‬ ‫شيخ‬ ‫منصب‬ ‫وا‬ ‫الذين‬ ‫أسماء‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ‬ ‫وما المتعاقبون‪ ،‬بحسب األب قسطنطين الباشا المخلّ صي‪:‬‬ ‫شيوخ صلح ُد َ‬

‫مسؤوليات‬ ‫القضائي‪،‬‬ ‫كتيب وزارة العدل‪ ،‬ص ‪9‬؛ وكان لمشايخ الصلح‪ ،‬إلى دورهم‬ ‫‪ 336‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عدة كانتخاب عضو مجلس اإلدارة وجباية الميري وغيرها من الضرائب‪ ،‬ودور الضابطة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للتوسع‪Antoine :‬‬ ‫المحاكم‪.‬‬ ‫عن‬ ‫ادرة‬ ‫الص‬ ‫اإلحضار‬ ‫رات‬ ‫مذك‬ ‫وتسليم‬ ‫ة‬ ‫والعدلي‬ ‫ة‬ ‫اإلداري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.Khair, Op.cit, p. 130 et s‬‬

‫ّ‬ ‫البولسية‪ ،‬جونية‪ ،‬طبعة‬ ‫وما‪ ،‬المكتبة‬ ‫‪ 337‬األب قسطنطين الباشا‬ ‫المخلصي‪ ،‬تاريخ ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫مشكورا البروفسور أنطوان شفيق الباشا ويعود‬ ‫بها‬ ‫ع‬ ‫تبر‬ ‫ً‬ ‫‪( 1991‬ص ‪ 262‬وما يليها) ّ‬ ‫وما‪.‬‬ ‫ريعها لوقف مار سمعان‪ُ ،‬د َ‬ ‫‪ 338‬حكومة لبنان الكبير ألغت منصب شيخ صلح القرى منذ عشرينات القرن الماضي‬ ‫محد ًدة مهامه بقانون ‪ّ 1928/1/13‬ثم بقانون ‪1947/11/27‬‬ ‫وأبقت على وظيفة المختار ِّ‬ ‫وتعديالته‪.‬‬ ‫العالمية األولى فرض األتراك تطبيق كامل تشريعاتهم على جبل‬ ‫‪ 339‬إبان الحرب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(الصادر في العام ‪1329‬ه‪1911/.‬م‪ ).‬لالكتفاء‬ ‫العثماني‬ ‫الصلح‬ ‫ام‬ ‫حك‬ ‫نظام‬ ‫لبنان بما فيها‬ ‫ّ‬ ‫صلحية ذات اختصاص ابتدائي شامل في ّ‬ ‫كل مركز‬ ‫محكمة‬ ‫يرأس‬ ‫واحد‬ ‫بحاكم صلح‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫تابعة لمحكمة صلح البترون‪.‬‬ ‫فترتئذ‬ ‫كانت‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫أن‬ ‫م‬ ‫تقد‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫بناء‬ ‫ونفترض‬ ‫قضاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬

‫مدخل تأْريخي‬

‫المتصرف أوهانّ س باشا قيومجيان في نظام الجبل‬ ‫عدل‬ ‫خالل ‪ّ 1913‬‬ ‫ّ‬ ‫منح المحاكم‬ ‫ّ‬ ‫فعزز استقالل القضاء اللبناني عن قضاء السلطنة بــأن َ‬ ‫تجارية كانت تنظر فيها سابقً ا‬ ‫بت نزاعات‬ ‫االبتدائية في الجبل سلطة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪39‬‬ ‫محكمة تجارة بيروت ‪.‬‬

‫‪89‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫وما‬ ‫أسماء شيوخ صلح ُد َ‬ ‫طنوس أبو نصر‬ ‫سمعان بطرس عبد النّ ور‬ ‫الياس خير عزيز‬ ‫داود حنّ ا الحداد‬ ‫اسكندر مخايل بشير‬ ‫عبد النور حنّ ا عبد النور المعلوف‬ ‫جرجس عبد النور المعلوف‬

‫سنوات الخدمة‬ ‫‪ – 1861‬؟‬ ‫؟ – ؟‬ ‫؟ – ‪1877‬‬ ‫‪1879 – 1877‬‬ ‫‪ – 1879‬؟‬ ‫؟ – ‪1935‬‬ ‫‪ – 1935‬؟‬


‫‪90‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫العثمانية‪ 40‬كانت نافذةً على أراضي جبل لبنان‪ ،‬ترجمها إلى‬ ‫القوانين‬ ‫ّ‬ ‫للمتصرف في بعض المسائل‬ ‫العربية وشرحها الحقوقي سليم باز‪ .‬وكان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫رضوخا للضغوط‬ ‫العثمانية‪،‬‬ ‫اضطرت السلطنة‬ ‫‪ 440‬مع نهايات القرن التّ اسع عشر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إجراء‬ ‫إلى‬ ‫‪،‬‬ ‫عهدئذ‬ ‫األوروبية‬ ‫التي مارستها الدول‬ ‫عملية تقنين (‪ )codification‬واسعة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النطاق‪ ،‬فنقلت قانون التجارة عن سويسرا وهو مستوحى من قانون التجارة الفرنسي‬ ‫ً‬ ‫العدلية وهو خليط بين مبادئ‬ ‫مدنيا ُع ِر َف بمجلّ ة األحكام‬ ‫للعام ‪ ،1807‬ووضعت‬ ‫ّ‬ ‫قانونا ًّ‬ ‫اإلسالمي وأخرى مستقاة من القانون المدني الفرنسي للعام ‪ ،1804‬وهو في‬ ‫الشرع‬ ‫ّ‬ ‫مطب ًقا حتى اليوم‪ ،‬واقتبست‬ ‫زال‬ ‫ما‬ ‫ومنها‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الكلي‬ ‫ـ ‪‬المبادئ‬ ‫ب‬ ‫ويبتدئ‬ ‫عدة‬ ‫مجلدات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ساريا في‬ ‫للجمعيات عن القانون الفرنسي للعام ‪ 1901‬وما زال‬ ‫ليبراليا‬ ‫قانونا‬ ‫سنة ‪1909‬‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫للتوسع‪:‬‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫حتى‬ ‫ة‬ ‫اللبناني‬ ‫الجمهورية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪Émile TYAN, Institutions du droit public musulman, Paris, (Recueil Sirey),‬‬ ‫‪.1957‬‬


‫مدخل تأْريخي‬

‫ً‬ ‫حق تفسير القوانين‪ .41‬انتقلت عدوى الفساد‬ ‫أحيانا‪،‬‬ ‫حق التشريع‬ ‫ودائما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫العثمانية إلى جبل لبنان‬ ‫السياسية من الواليات‬ ‫والتدخالت‬ ‫القضائي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتدخلون في الدعاوى لمصلحة أحد الخصوم‬ ‫المتصرفون وأزالمهم‬ ‫فكان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتَ رجح كفّ ته‪.42‬‬ ‫القائمقامي ْتين‪ ،‬تُ قَ ّد ُم أمام السلطة‬ ‫ـام‬ ‫ّ‬ ‫كانت الدعاوى فترتَ ٍئذ‪ ،‬كما ّأيـ َ‬ ‫ّ‬ ‫المتصرف أو من ينتدبانه‪ ،‬فتحيلها إلى‬ ‫الممثلة بالقائمقام أو‬ ‫اإلداريــة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحقوقية‬ ‫ـص ذيــل قــانــون المحاكمات‬ ‫المحاكم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المختصة‪ ،‬كما أشــار نـ ّ‬ ‫قُ‬ ‫وعدل األصول المعمول بها‬ ‫العثماني (صدر بيل الحرب‬ ‫العالمية األولى) ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارية‪،‬‬ ‫بالسلطة‬ ‫المرور‬ ‫دون‬ ‫المحاكم‬ ‫فأوجب رفع الدعاوى أمام‬ ‫مباشرةً‬ ‫ّ‬ ‫المدنية فألزم الخصوم بتبادل‬ ‫وكرس مبدأ المحاكمة المكتوبة في المواد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتواله‬ ‫وكرس الطابع القضائي للتنفيذ بعد أن كانت‬ ‫ة‪‬‬ ‫‪‬الخطي‬ ‫العرائض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلدارية‪.‬‬ ‫المراجع‬ ‫ّ‬ ‫‪ .4‬القضاء في ُدو َما وسائر نواحي جبل لبنان‬ ‫من التحرير حتى ‪ 5‬شباط ‪1926‬‬

‫‪91‬‬

‫تحرر جبل لبنان‪ 43‬من االحتالل العثماني‪ّ ،44‬‬ ‫وحل‬ ‫ّأدت األحــداث إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـرون أربعة من‬ ‫الفرنسيون‬ ‫ّ‬ ‫محل ‪‬رجــل العصر المريض‪ ‬الــذي‪ ،‬في قـ ٍ‬ ‫السورية‪،‬‬ ‫الشعوب‬ ‫أضاءتها‬ ‫ة‬ ‫عربي‬ ‫نهضة‬ ‫منارات‬ ‫أطفأ‬ ‫والقهر‪،‬‬ ‫االحتالل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حتما أبناء جبل لبنان‪.‬‬ ‫وبينهم ً‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫‪ 4 41‬المحامي يوسف الغندور المعلوف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.226 .‬‬ ‫‪ 442‬المحامي يوسف الغندور المعلوف‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.227 .‬‬ ‫للتوسع في دراسة تلك الحقبة‪:‬‬ ‫‪ 443‬‬ ‫ّ‬

‫‪Boutros Dib (sous la direction), Histoire du Liban, des origines au XXe siècle,‬‬ ‫‪.éditions Philippe Rey, 2006, spécialement p. 728 et s‬‬

‫والعنصرية َأ ْو َدت بنحو نصف سكان الجبل‪ ،‬بعدما‬ ‫‪ 444‬سياسات السلطنة الظالمة‬ ‫ّ‬ ‫الشعبين األرمني‬ ‫بحق‬ ‫ة‬ ‫الجماعي‬ ‫اإلبادة‬ ‫أنواع‬ ‫أسوأ‬ ‫مارست‬ ‫كانت سلطات القمع تلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫العالمية‬ ‫الحرب‬ ‫في‬ ‫الموارنة‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫سكان‬ ‫وبلغ‬ ‫وضواحيها)‪.‬‬ ‫(ماردين‬ ‫واألشوري‪/‬السرياني‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫مارونية‪ .‬حول هذه‬ ‫ة‬ ‫كنسي‬ ‫إحصاءات‬ ‫بحسب‬ ‫ا‬ ‫جوع‬ ‫‪20‬‬ ‫منهم‬ ‫توفي‬ ‫نفسا‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األولى ‪ً 55‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلبادة‪:‬‬ ‫‪Antoine Boustany, Histoire de la Grande famine au Mont-Liban, Beyrouth‬‬ ‫‪.2014, spécialement p. 183‬‬


‫‪92‬‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬


‫مدخل تأْريخي‬

‫‪93‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬


‫متجدد‬ ‫محكمة دوما‪ :‬بناء قديم وعدل‬ ‫ّ‬

‫‪94‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫وقضائية لتسيير‬ ‫إدارية‬ ‫مقررات‬ ‫سارع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفرنسيون إلى اتّ خاذ سلسلة ّ‬ ‫‪45‬‬ ‫حتى صدور‬ ‫شؤون لبنان ‪ .‬لكن نظام المحاكم‬ ‫بقي على حاله ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصلحية َ‬

‫الغربية (ضمنها جبل لبنان) قرار الحاكم العسكري رقم‬ ‫‪ 445‬بين إجراءات المنطقة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 17( 452‬حزيران ‪ )1919‬بإنشاء محكمة عليا في بيروت ّ‬ ‫تتولى مهام محكمة التمييز‬ ‫تحولت في ‪ 20‬نيسان ‪ 1920‬إلى ‪‬محكمة تمييز‪ ‬وشملت‬ ‫ّ‬ ‫العثمانية (مركزها اآلستانة)‪ّ ،‬‬ ‫صالحياتها جبل لبنان القديم وجبل العلويين وسنجق االسكندرونة ّ‬ ‫وظلت مرتبطة‬ ‫ّ‬


‫مدخل تأْريخي‬

‫العدلية في دولة لبنان‬ ‫مديرية‬ ‫الفرنسية حتّ ى ‪ 15‬آذار ‪ 1921‬تاريخ إنشاء‬ ‫بالسلطات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكبير‪.‬‬ ‫قسم‬ ‫تضم أقضية البترون والكورة‬ ‫‪ 446‬بموجبه أصبحت البترون محافظة‬ ‫ّ‬ ‫وبشري وتُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ونص القرار على‬ ‫أميون‪.‬‬ ‫ة‬ ‫ومديري‬ ‫ي‬ ‫بشر‬ ‫ة‬ ‫ومديري‬ ‫وما‬ ‫مديريات ثالث‪:‬‬ ‫إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مديرية ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وما‪ ،‬كفور العربي‪ ،‬حردين‪ ،‬بيت كساب‪،‬‬ ‫د‬ ‫الي‪:‬‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫ة‬ ‫لمديري‬ ‫ابعة‬ ‫والبلدات‬ ‫القرى‬ ‫كالتّ‬ ‫التّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كفرحلدا‪ ،‬بستان العصي‪ ،‬بيت شالال‪ ،‬تنورين التحتا‪ ،‬تنورين الفوقا‪ ،‬وطى حوب‪ ،‬شاتين‪،‬‬ ‫داعل‪ ،‬عوره‪ ،‬بشتودار‪ ،‬بشعله‪ ،‬أصيا‪ ،‬رام‪ ،‬راشا‪ ،‬حدتون‪ ،‬محمرش‪ ،‬العاللي‪ ،‬مراح‬ ‫الحاج ونيحا‪.‬‬ ‫المتصرفية بلغ عدد ّ‬ ‫سكان ناحية البترون السفلى من الذكور‬ ‫‪ 447‬في مطلع عهد‬ ‫ّ‬ ‫ذكرا بينهم ‪ 750‬في مدينة البترون‪ ،‬في حين بلغ العدد في ناحية البترون العليا‬ ‫‪ً 3448‬‬ ‫يوحنّ‬ ‫فترتئذ توازي‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫فكانت‬ ‫ا‪.‬‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫–‬ ‫ا‬ ‫مار‬ ‫في‬ ‫و‪7‬‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫في‬ ‫‪652‬‬ ‫بينهم‬ ‫ا‬ ‫ذكر‬ ‫ٍ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫‪ً 2657‬‬ ‫الديموغرافية (قسطنطين بيكوفيتش‪ ،‬لبنان‬ ‫ة‬ ‫األهمي‬ ‫حيث‬ ‫من‬ ‫البترون‬ ‫مدينة‬ ‫تقريبا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واللبنانيون‪ ،‬دار المدى‪ ،‬بيروت‪ ،1983 ،‬ص ‪ 59‬وما يليها)‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪95‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫القرار ‪ 9( 3018‬آذار ‪ )1925‬عن حاكم دولة لبنان الكبير‪ ،‬وهو أعاد رسم‬ ‫ضم األقضية األربعة إلى أراضــي جبل‬ ‫الخارطة‬ ‫ّ‬ ‫القضائية فأنشأ‪ ،‬بعد ّ‬ ‫ابتدائية في بيروت وطرابلس وصيدا وصور‬ ‫محكمة‬ ‫‪11‬‬ ‫اريخي‪،‬‬ ‫الت‬ ‫لبنان ّ‬ ‫ّ‬ ‫ونص القرار على‬ ‫ومرجعيون وبعقلين وبعبدا وجونية وزغرتا وزحلة وبعلبك‪ّ .‬‬ ‫صالحية ‪‬واسعة‪ ،‬منها واحدة في قضاء‬ ‫صلحية ذات‬ ‫إنشاء تسع محاكم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫البترون تمارس اختصاصها المكاني على امتداد جغرافيا قضاء البترون‬ ‫‪‬عادية‪ ‬في‬ ‫صالحية‬ ‫صلحية ذات‬ ‫وما‪ ،‬وأربع محاكم‬ ‫ّ‬ ‫بما في ذلك قصبة ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بيروت وطرابلس وكسروان والمتن‪.‬‬ ‫هــذا الـقــرار ّ‬ ‫نظم شــؤون الـعــدل بتشكيل المحاكم وسلطات القضاة‬ ‫كعالنية‬ ‫ونص على ضمانات التقاضي‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانيين والفرنسيين وأجورهم‪ّ ،‬‬ ‫العربية أو‬ ‫اللغتين‬ ‫لفظ الحكم‪...‬إلخ‪ ،‬وأوجــب تحرير األحكام بإحدى‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫حق طلب ترجمة الحكم إذا صدر في لغةٍ ال‬ ‫الفرنسية‬ ‫مانحا المتقاضي ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يفقهها‪.‬‬ ‫اإلداري ــة لدولة لبنان الكبير (وفــق القرار‬ ‫تبدل الخارطة‬ ‫تزامنً ا مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫المفوض السامي الفرنسي ساراي في ‪ 9‬نيسان‬ ‫رقم‪ s – a 86 ‬بمصادقة‬ ‫ّ‬ ‫منذئذ مركز‬ ‫وما أصبحت‬ ‫عيد النظر بالتنظيم‬ ‫ٍ‬ ‫‪ُ )461925‬أ َ‬ ‫القضائي‪ .‬وباتت ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫تضم أكثر من ثلث ّ‬ ‫سكان‬ ‫ّ‬ ‫مديرية تتبعها ‪ 22‬بلدة من بلدات البترون األعلى ّ‬ ‫قضاء البترون القديم‪ .47‬وصــدر عن المفوض السامي الفرنسي القرار‬ ‫االبتدائية‬ ‫محددا مناطق اختصاص المحاكم‬ ‫‪ 14( 3071‬نيسان ‪)1925‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ابتداء من ‪ 5‬شباط ‪ّ 1926‬ثم ُعـ ّـدل بالقرار ‪ 16( 3471‬كانون‬ ‫والصلحية‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وما‪.‬‬ ‫د‬ ‫صلح‬ ‫محكمة‬ ‫ا‬ ‫ئ‬ ‫منش‬ ‫‪)1926‬‬ ‫الثاني‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬


‫‪ .5‬إنشاء محكمة صلح ُدو َما‬ ‫الثالثة من القرار ‪ 16( 3471‬كانون ّ‬ ‫المادة ّ‬ ‫الصادر عن‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫الثاني ‪ّ )1926‬‬ ‫الصلحية في‬ ‫المفوض السامي الفرنسي دو جوفنيل‪ :‬تُ لغى محكمة حلبا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪48‬‬ ‫‪ 5‬شباط ‪ 1926‬وتُ َ‬ ‫عطى محكمة زغرتا‬ ‫الصالحية الواسعة‪،‬‬ ‫الصلحية ذات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪49‬‬ ‫وما ويكون مركزها‬ ‫وما وتتولّ ى القضاء في‬ ‫إسم محكمة صلح ُد َ‬ ‫مديرية ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫نش َئت في ‪ 16‬كانون ّ‬ ‫وش َر العمل‬ ‫وما ُأ ِ‬ ‫الثاني ‪ُ 1926‬وب ِ‬ ‫ُد َ‬ ‫وما‪ .‬هكذا محكمة ُد َ‬ ‫‪50‬‬ ‫وأول من مارس فيها القضاء ابراهيم‬ ‫بها في ‪ 5‬شباط من السنة عينها ‪ّ .‬‬ ‫أفندي‪ 51‬غزالة‪ 52‬قاضي صلح البترون‪ ،53‬وكان راتب قاضي الصلح الشهري‬ ‫العثمانية التي أصبحت عاصمة دولة لبنان الكبير)‬ ‫خارج بيروت (الوالية‬ ‫ّ‬ ‫يبلغ ‪ً 7200‬‬ ‫غرشا بموجب القرار ‪ 14( 3071‬نيسان ‪.)1925‬‬ ‫‪96‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫جديدتين في محافظة‬ ‫ابتدائي ْتين‬ ‫محكمتين‬ ‫المادة األولى من هذا القرار‬ ‫‪ 448‬أنشأت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫والقبيات‪ٌّ ،‬‬ ‫وكل من زغرتا وحلبا‬ ‫لمديري ْتي حلبا‬ ‫لمديرية زغرتا وأخرى‬ ‫طرابلس‪ :‬واحدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصادر‬ ‫والقبيات أصبحت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مديري ًة من أعمال محافظة طرابلس بموجب القرار ‪ّ s-a 86‬‬ ‫المفوض السامي الفرنسي ساراي (‪ 9‬نيسان ‪.)1925‬‬ ‫عن‬ ‫ّ‬ ‫القضائية المتعاقبة‬ ‫صلحية بموجب التنظيمات‬ ‫مقر محكمة‬ ‫‪ 449‬‬ ‫ٍ‬ ‫منذئذ أصبحت ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وما ّ‬ ‫(مرسوم اشتراعي رقم ‪ 6‬تاريخ ‪ 3‬شباط ‪ 1930‬والقرار ‪ 178‬تاريخ ‪ 10‬آب ‪1934‬‬ ‫األول ‪ 1939‬وقانون ‪14‬‬ ‫والقراران ‪ 239‬تاريخ ‪ 16‬أيلول ‪ 1939‬و‪ 324‬تاريخ ‪ 23‬تشرين ّ‬ ‫األول ‪ 1944‬وقانون ‪ّ 10‬أيار ‪ 1950‬الذي استبدل عبارة ‪‬محكمة الصلح‪ ‬بعبارة‬ ‫تشرين ّ‬ ‫بقاض منفرد‪ ،‬ثم‬ ‫ة‬ ‫ابتدائي‬ ‫محكمة‬ ‫ا‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫محكمة‬ ‫فأصبحت‬ ‫المنفرد‪‬‬ ‫الحاكم‬ ‫‪‬محكمة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫القضائي الحاصل بالمرسوم‬ ‫فالتنظيم‬ ‫‪1961‬‬ ‫ل‬ ‫األو‬ ‫تشرين‬ ‫‪16‬‬ ‫تاريخ‬ ‫‪7855‬‬ ‫رقم‬ ‫المرسوم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االشتراعي ‪ 83/150‬تاريخ ‪ 16‬أيلول ‪.)1983‬‬ ‫‪ 550‬أوردت هذا الخبر جريدة صدى الشمال‪ ،‬السنة األولى‪ ،‬العدد ‪ 33‬تاريخ ‪ 11‬شباط‬ ‫‪ ،1926‬ص ‪ ،2‬عامود ‪.2‬‬ ‫عهدئذ على منح القاضي لقب ‪‬أفندي‪ ‬ما لم يكن‪ ،‬قبل انخراطه‬ ‫‪َ 551‬د َرجت العادة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وما يظهر‬ ‫موا‪ .‬ومن التدقيق في‬ ‫ا‬ ‫متمتع‬ ‫في القضاء‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بلقب آخر أكثر ُس ً‬ ‫سجالت محكمة ُد َ‬ ‫ٍ‬ ‫قضاة على استعمال اللقب وإهمال آخرين إياه‪.‬‬ ‫حرص‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫سجالت المحكمة (سنة ‪ُ )1926‬يفيد ‪‬انتهى قيد‬ ‫‪ 552‬التدقيق في الصفحة األولى من‬ ‫حكما‬ ‫عشر‬ ‫وخمسة‬ ‫تسعماية‬ ‫مجموعها‬ ‫وبلغ‬ ‫‪1925‬‬ ‫الحقوقية عن سنة‬ ‫تسجيل األحكام‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫األول ‪ 925‬التوقيع ابراهيم غزالة‬ ‫كانون‬ ‫‪31‬‬ ‫ا‬ ‫تحرير‬ ‫ذلك‬ ‫على‬ ‫التصديق‬ ‫وعليه جرى‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مع خاتم مقروء يعود ل ِـ ‪‬حاكم صلح البترون‪.‬‬ ‫وما‪ ،‬فسنة ‪1929‬‬ ‫‪ 553‬لم يكن قاضي صلح البترون يشغل‬ ‫ً‬ ‫تلقائيا منصب قاضي صلح ُد َ‬ ‫قاضيا للبترون (ميشال أبي فاضل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.)184‬‬ ‫ُع ّي َن أسعد بك عقل‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وما ّأن القاضي آنذاك كان من آل عبداهلل‪ .‬وسنة ‪1930‬‬ ‫د‬ ‫محكمة‬ ‫سجالت‬ ‫ويظهر من‬ ‫ُ َ‬ ‫وما (جريدة البشير‪ ،‬السنة ‪،60‬‬ ‫د‬ ‫قاضي‬ ‫يوسف‬ ‫وداود‬ ‫للبترون‬ ‫ا‬ ‫قاضي‬ ‫رعد‬ ‫ناصر‬ ‫ُع ّين‬ ‫ً‬ ‫ُ َ‬ ‫العدد ‪ 4054‬تاريخ ‪ 6‬شباط‪.)1930 ،‬‬


‫ّ‬ ‫سجالت‪ 54‬المحكمة‪ 55‬وما ّزودنــا به‬ ‫وهنا ما تسنّ ت معرفته من خالل‬ ‫تباعا‪ ،‬وأسماء‬ ‫المعاصرون‪ 56‬من معلومات عن أماكن شغلتها المحكمة ً‬ ‫ّ‬ ‫الحقوقية‬ ‫الحكام والكتبة و‪/‬أو رؤساء األقالم المتعاقبين‪ ،‬وعدد الدعاوى‬ ‫ّ‬ ‫السنوية‪.‬‬ ‫سنويا‪ ،‬وعدد األحكام‬ ‫والجزائية التي كانت تَ ِر ُد‬ ‫(المدنية)‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪97‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫المسكوبية والمسرح القديمان‪،‬‬ ‫‪ 554‬محفوظة في مبنى المحكمة الجديد (المدرسة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ملك وقف الروم األرثوذكس) وهي ّ‬ ‫(ساهمت‬ ‫مقروء معظمه‬ ‫أنيق‬ ‫بخط‬ ‫مجلدة ومكتوبة‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مقر المحكمة وتجديده ليصبح ً‬ ‫وما)‪.‬‬ ‫الئقا بالعدالة ُ‬ ‫وبد َ‬ ‫في نقل ّ‬ ‫الحقوقية عن سنة ‪1925‬‬ ‫وجود قيد ُيفيد ‪‬انتهى قيد تسجيل األحكام‬ ‫بقي لغزً ا‬ ‫‪ 555‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حكما وعليه جرى التصديق على ذلك‬ ‫عشر‬ ‫وخمسة‬ ‫تسعماية‬ ‫مجموعها‬ ‫بلغ‬ ‫وقد‬ ‫ً‬ ‫األول ‪ 925‬التوقيع ابراهيم غزالة مع خاتم مقروء يعود ل ِـ ‪‬حاكم‬ ‫كانون‬ ‫‪31‬‬ ‫ا‬ ‫تحرير‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫سجل ‪ 1926‬مع ّأن المحكمة باشرت نشاطها في ‪ 5‬شباط‬ ‫صلح البترون‪ ‬في مطلع‬ ‫‪ 1926‬وأصدرت ّأول أحكامها في ‪ 26‬آذار ‪ .1926‬فمن أين أتت هذه األحكام؟ وهل‬ ‫وما؟ ولماذا يحمل القيد توقيع ‪‬حاكم‬ ‫تعود لمحكمة زغرتا‬ ‫الصلحية التي ‪‬ورثتها‪ُ ‬د َ‬ ‫ّ‬ ‫صلح البترون‪ ‬ال قاضي زغرتا؟ وهل هذه األحكام صدرت عن محكمة البترون‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫وما؟ في هذا‬ ‫هذه الحالة ينبغي التساؤل عن وجود هذا القيد في‬ ‫سجالت محكمة ُد َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وما‪ .‬ودراسة‬ ‫د‬ ‫محكمة‬ ‫ت‬ ‫سجال‬ ‫دراسة‬ ‫مستقبال في‬ ‫التوسع‬ ‫علمي يدفع إلى‬ ‫تحد‬ ‫ُ‬ ‫األمر ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية‬ ‫المعطيات‬ ‫من‬ ‫والكثير‬ ‫العقار‬ ‫وسوق‬ ‫االقتصاد‬ ‫أحوال‬ ‫توضح‬ ‫ت‬ ‫السجال‬ ‫هذه‬ ‫ّ‬ ‫واالقتصادية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 556‬بينهم والدي طانيوس ميشال شاهين الذي (منذ مطلع سبعينات القرن الماضي‬ ‫وما‪ .‬وكان‬ ‫حتى تقاعده سنة ‪ )2008‬شغل‬ ‫منصب ْي رئيس قلم ومأمور تنفيذ محكمة ُد َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫زمن الحرب األهلية وما تبعها‬ ‫األمانة‬ ‫وفي‬ ‫ة‬ ‫العام‬ ‫مثاال في التفاني للخدمة‬ ‫الوظيفية َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قاضيا‪ ،‬أبلغني رئيس مجلس القضاء‬ ‫تعييني‬ ‫مرسوم‬ ‫صدور‬ ‫وعند‬ ‫للفساد‪.‬‬ ‫استشراء‬ ‫من‬ ‫ً‬ ‫الوظيفية واستقامته وتفانيه وعلمه القانوني هي من أسباب‬ ‫والدي‬ ‫مسيرة‬ ‫أن‬ ‫األعلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قضائيا‪.‬‬ ‫مساعدا‬ ‫عما سمعه من قضاة ُك ُث ٍر عرفوا والدي‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫تول َي ِتي شرف القضاء‪ ،‬وأخبرني ّ‬ ‫‪ 557‬الحاشية ‪.54‬‬

‫مدخل تأْريخي‬

‫وما‬ ‫‪ .1‬األماكن التي شغلتها المحكمة في ُد َ‬ ‫الوطنية وال في‬ ‫ليس في وزارة العدل وال في أرشيف المحفوظات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سألت‬ ‫وما منذ تأسيسها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫السجالت ما ُيد ُّل على أمكنة شغلتها محكمة ُد َ‬ ‫بعض رجــال البلدة فأفادوني أنّ ها شغلت ّأو ًال أسفل منزل شفيق الباشا‬ ‫وما) حتى عهد القاضي الرئيس سليم الترك (‪ّ )1950‬ثم‬ ‫(مدخل سوق ُد َ‬ ‫انتقلت إلى مبنى جبرايل عيد المعلوف (شارع الصنوبر) وانتقلت مع أواخر‬ ‫الستينات إلى مبنى جرجي أنطون الباشا قرب كنيستَ ْي سيدة النياح ومار‬ ‫سمعان العامودي وبقيت فيه باإليجار حتى انتقالها إلى مبنى المدرسة‬ ‫المسكوبيين (ملك وقف الروم األرثوذكس المالصق كنيسة مار‬ ‫والمسرح‬ ‫ّ‬ ‫دومط‪.)57‬‬


‫‪98‬‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬


‫مدخل تأْريخي‬

‫‪99‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬


‫‪100‬‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬


‫وما‬ ‫‪ .2‬القضاة المتعاقبون في خدمة محكمة ُد َ‬ ‫وما قضاةٌ ‪ 58‬كثيرون‪ ،‬فكانت فأل خير لهم‬ ‫تعاقب في خدمة محكمة ُد َ‬ ‫ومسؤوليات سامية‬ ‫تبو َأ مناصب كبيرة‬ ‫إذ ٌ‬ ‫عدد منهم‪ ،‬بعد خدمته في ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫وما‪َّ ،‬‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وال ــوزارة وغيرها‪،‬‬ ‫كرئاسة محكمة التمييز‪ ،‬ورئاسة الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫ومنهم من لمعوا رجال علم وكان لهم في الفقه والقانون مساهمات ُجلى‪.‬‬

‫مدخل تأْريخي‬

‫‪ 558‬واجهتني في تحديد أسماء القضاة مشكلة غياب األرشيف اإلداري في وزارة العدل‬ ‫ّ‬ ‫غالبا‬ ‫ومنه تُ مكن معرفة أسماء القضاة المتعاقبين‪.‬‬ ‫وسجالت المحكمة ونصوص األحكام ً‬ ‫تذكر عائلة رئيس المحكمة دون اسمه األول‪.‬‬

‫‪101‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫سنوات الخدمة مالحظات‬ ‫إسم القاضي‬ ‫أيضا مركز قاضي صلح‬ ‫‪1926‬‬ ‫ابراهيم أفندي غزالة‬ ‫وكان ً‬ ‫البترون‬ ‫مراد أفندي أبي نادر ‪1928–1927‬‬ ‫مصباح أفندي توتنجي ‪1929–1928‬‬ ‫‪1930–1929‬‬ ‫(؟) أفندي عبداهلل‬ ‫وما‬ ‫‪1931–1930‬‬ ‫داوود أفندي يوسف‬ ‫تفرغ لـمحكمة صلح ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫‪1932–1931‬‬ ‫(؟) أفندي منصور‬ ‫منتدب‬ ‫شهر ْي شباط‬ ‫سيمون أفندي عيد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وآذار ‪1932‬‬ ‫منتدب‪ ،‬من كبار فقهاء‬ ‫شهر ْي نيسان‬ ‫زهدي بك يكن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫القانون في ّأيامه‪ُ ،‬له مؤلّ فات‬ ‫وأيار ‪1932‬‬ ‫ّ‬ ‫عدة‪ ،‬أبرزها موسوعة شرح‬ ‫قانون الموجبات والعقود‬ ‫بالفرنسية‬ ‫وضعه في لبنان‬ ‫ّ‬ ‫مطلع ثالثينات القرن‬ ‫الماضي ّ‬ ‫وحل مكان القانون‬ ‫المدني العثماني (مجلّ ة‬ ‫العدلية)‬ ‫األحكام‬ ‫ّ‬


‫يوسف أفندي باز‬

‫أمين الرافعي‬ ‫سليم الترك‬ ‫يوسف جبران‬

‫‪102‬‬

‫‪1936–1932‬‬

‫؟‬ ‫؟ – ‪1950‬‬ ‫؟‬

‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫أسعد دياب‬

‫؟‬

‫سعيد عدره‬

‫حتى‬ ‫‪ّ 1972‬‬ ‫نهاية الحرب‬ ‫األهلية‬ ‫ّ‬

‫سليل أسرة عريقة في‬ ‫القانون‪ .‬لنسيبه سليم باز‬ ‫فضل ترجمة القوانين‬ ‫العربية‬ ‫العثمانية إلى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وشرحها ّإبان عهد‬ ‫فية‪.‬‬ ‫المتصر ّ‬ ‫ّ‬ ‫أصبح الحقً ا رئيس مجلس‬ ‫القضاء األعلى فوزير العدل‪.‬‬ ‫اشتهر بأخالقه ونزاهته‬ ‫وبعلمه القانوني الغزير‪ ،‬له‬ ‫عدة‪ ،‬أبرزها كتابه‬ ‫مؤلّ فات ّ‬ ‫حول أصول التنفيذ‪.‬‬ ‫أصبح الحقً ا وزير العدل ّثم‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫رئيس الجامعة‬ ‫ّ‬ ‫رئيسا لمحكمة‬ ‫أصبح الحقً ا ً‬ ‫طرابلسي‪ ،‬اشتهر‬ ‫التمييز‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫باستقامته وأخالقه العالية‬ ‫وما‬ ‫أحب ُد َ‬ ‫وسعةِ علمه‪ّ .‬‬ ‫سنوات‬ ‫ويستذكر خدمته فيها‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫طواال‪ .‬بعد وفاته ُج ِم َعت‬ ‫اجتهاداته (بمبادرة من‬ ‫معوض) في‬ ‫القاضي حريص ّ‬ ‫علمي من ثالثة أجزاء‬ ‫مرجع‬ ‫ّ‬ ‫ونُ ّظ َمت له حفالت تكريم‬ ‫وفاء لذكراه‪ .‬وزار منزلنا في‬ ‫ً‬ ‫وما لصداقته مع والدي‬ ‫ُد َ‬ ‫مساعدا له رئيس‬ ‫الذي عمل‬ ‫ً‬ ‫قلم طيلة سنوات خدمته في‬ ‫وما‪ .‬وكان ُيكن لي ولشقيقي‬ ‫ُد َ‬ ‫ميشال محبة خاصة‪.‬‬


‫مدخل تأْريخي‬ ‫‪103‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫وما‬ ‫‪ .3‬الكتبة و‪/‬أو رؤساء األقالم المتعاقبين في محكمة ُد َ‬ ‫وما بكتبة و‪/‬أو رؤساء األقالم ذوي صيت حسن وكفاءة‬ ‫حظيت محكمة ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫سجالتها ما يلي‪:‬‬ ‫علمية‪ .‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫مالحظات‬ ‫سنوات‬ ‫إسم الكاتب‬ ‫الخدمة‬ ‫و‪/‬أو رئيس القلم‬ ‫‪ 1928–1927‬رئيس قلم‬ ‫(؟) رؤوف‬ ‫‪ 1930–1928‬كاتب‬ ‫توفيق خالد‬ ‫‪ 1932–1930‬كاتب‬ ‫(؟) سركيس‬ ‫‪ 1940–1932‬كاتب‬ ‫خطار غريب‬ ‫(؟)‬ ‫‪ 1941–1940‬كاتب‬ ‫(؟) جرجس‬ ‫كاتب‬ ‫‪(–1942‬؟)‬ ‫جميل فياض‬ ‫رئيس قلم‬ ‫(؟)‬ ‫سامي شديد‬ ‫وما‬ ‫من الستينات‬ ‫حداد‬ ‫توفيق ّ‬ ‫مباشر من ُد َ‬ ‫لمطلع‬ ‫سبعينات القرن‬ ‫الماضي‬ ‫كاتبا‬ ‫حتى‬ ‫طانيوس شاهين‬ ‫‪ّ 1972‬‬ ‫هو والدي‪ .‬بدأ ً‬ ‫في مركز المحافظة‬ ‫تقاعده سنة‬ ‫(طرابلس) ّثم رئيس قلم‬ ‫‪2008‬‬ ‫وما فمأمور‬ ‫محكمة ُد َ‬ ‫وما‪.‬‬ ‫تنفيذ دائرة تنفيذ ُد َ‬ ‫عاصر كبار قضاة تعاقبوا‬ ‫وما‬ ‫على رئاسة محكمة ُد َ‬ ‫(الحاشية ‪.)56‬كان لفترةٍ‬ ‫وما‬ ‫الكاتب بالعدل في ُد َ‬ ‫بالتكليف‪.‬‬


‫‪ .4‬رسم بياني بعدد الدعاوى واألحكام (‪)1974 – 1926‬‬ ‫(المدنية)‪.‬‬ ‫الحقوقية‬ ‫ّأو ًال‪ :‬في المواد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪59‬‬

‫حقوقية – مدنية‬ ‫دعاوى‬ ‫ّ‬

‫حقوقية – مدنية‬ ‫دعاوى‬ ‫ّ‬

‫‪104‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫حقوقية – مدنية‬ ‫دعاوى‬ ‫ّ‬

‫‪ 559‬تعداد األحكام وأسماء القضاة والمساعدين القضائيين يتوقف سنة ‪ 1974‬قبيل‬ ‫اللبنانية‪ .‬والسنوات ‪ 1974 – 1926‬هي في ‪ 3‬أقسام‪ :‬تأسيس المحكمة حتى‬ ‫الحرب‬ ‫ّ‬ ‫انتهاء االنتداب الفرنسي على لبنان‪ ،‬فحتى استبدال محاكم الصلح بمحاكم القضاة‬ ‫المنفردين‪ ،‬فحتى ‪.1974‬‬


‫ثانيا‪ :‬في المواد الجزائية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫حقوقية – جزاء‬ ‫دعاوى‬ ‫ّ‬

‫مدخل تأْريخي‬

‫حقوقية – جزاء‬ ‫دعاوى‬ ‫ّ‬

‫‪105‬‬

‫عامة حول قيود سجالّ ت المحكمة‬ ‫ثالثً ا‪ :‬مالحظات ّ‬ ‫ّ‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫لدى دراستنا‬ ‫سجالت المحكمة استوقفتنا المالحظات ّ‬

‫وما مخفر درك‪ ،‬بدليل وجود‬ ‫–‪ ‬منذ إنشاء المحكمة (‪ )1926‬كان في ُد َ‬ ‫متعددة ُمسنَ َدة لـمحاضر ّ‬ ‫نظمها المخفر المذكور‪.‬‬ ‫أحكام‬ ‫جزائية ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـمحال‬ ‫متعددة‪ ،‬أبرزها مراقبة التزام ال‬ ‫–‪ ‬كان رجال الدرك يقومون بمهام ّ‬ ‫ّ‬ ‫محال الجزارين‪.‬‬ ‫سيما في‬ ‫ّ‬ ‫التجارية في السوق معايير النظافة ّ‬ ‫العامة ال ّ‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫حقوقية – جزاء‬ ‫دعاوى‬ ‫ّ‬


‫‪106‬‬ ‫د‪ .‬كابي طانيوس شاهين‬

‫ميكانيكية قبل ‪ّ ،1926‬‬ ‫لعت على رؤية‬ ‫سيارات‬ ‫وما‬ ‫واط ُ‬ ‫–‪ ‬كانت ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫تضم ّ‬ ‫ّ‬ ‫عامئذ بمخالفة سير‪.‬‬ ‫قرار جزائي‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وما كانوا من اللبنانيين‬ ‫مكتوبة‬ ‫–‪ ‬كانت األحكام‬ ‫بالعربية‪ ،‬فالقضاة في ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫فرنسيون‪.‬‬ ‫ولم يكن بينهم‬ ‫ّ‬ ‫–‪ ‬حتى ثالثينات القرن الماضي اعتاد القضاة تحديد الغرامات ونفقات‬ ‫ّ‬ ‫ألن‬ ‫القديمة‬ ‫ة‬ ‫العثماني‬ ‫العملة‬ ‫من‬ ‫يقابلها‬ ‫وما‬ ‫ة‪‬‬ ‫‪‬السوري‬ ‫بالليرة‬ ‫المحاكمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الورقية الجديدة التي‬ ‫العملة‬ ‫استعمال‬ ‫على‬ ‫بعد‬ ‫اعتادوا‬ ‫األهالي لم يكونوا‬ ‫ّ‬ ‫أدخلها االنتداب‪.‬‬ ‫متقدمة من القرن العشرين اعتاد األهالي تحرير سندات‬ ‫–‪ ‬حتى فترة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدين بالـ ‪‬غرش‪ ‬التركي‪ ،‬ففي المحفوظات طلب حجز احتياطي سنة‬ ‫محرر بالعملة المذكورة يعود إلى ‪.1939‬‬ ‫‪ُ 1946‬مستند إلى سند دين ّ‬ ‫نحاسية‪.‬‬ ‫–‪ ‬في منتصف القرن العشرين كانت أواني المطبخ بمعظمها‬ ‫ّ‬ ‫حجز منقوالت من كانون ّ‬ ‫الثاني ‪ّ 1947‬أن المال المحجوز‬ ‫ففي محضر ْ‬ ‫وصينية‬ ‫ي ـضـ ّـم ‪‬دسـ ــت ن ـحــاس كـبـيــر وطـنـجــرتـ ْـيــن ن ـحــاس مــع ال ـغ ـطــاء‬ ‫ّ‬ ‫نحاس ‪ ...‬إلخ‪‬‬ ‫ً‬ ‫فاعلة في وزارة العدل‪.‬‬ ‫وما كانت أجهزة الرقابة‬ ‫–‪ ‬منذ نشأة محكمة ُد َ‬ ‫سنويا (‪ 14‬حزيران‬ ‫وما‬ ‫وكان‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫المفتش العام (‪ )inspecteur général‬يزور ُد َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1928‬و‪ 20‬شباط ‪ 1929‬مثال) فيطلع على السجالت ويمهرها بتوقيعه‬ ‫مع عبارة ‪‬نُ ِظر‪ّ .‬‬ ‫بالفرنسية‪:‬‬ ‫فرنسيا بدليل قيود‬ ‫المفتش العام كان‬ ‫ولعل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫‪ Vu, l’inspecteur général‬مع التاريخ والتوقيع‪.‬‬ ‫كالتعدي على‬ ‫الجزائية كان معظمها من النوع البسيط‪،‬‬ ‫–‪ ‬الجرائم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وغالبا‬ ‫المواشي‪.‬‬ ‫من‬ ‫يها‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫أو‬ ‫المزروعات‬ ‫إتالف‬ ‫أو‬ ‫األشجار‪،‬‬ ‫العقار بقطع‬ ‫َ ِ‬ ‫ً‬ ‫الجزائية باإلسقاط‪.‬‬ ‫الدعاوى‬ ‫ما انتهت ّ‬ ‫ّ‬ ‫عقاري ّ‬ ‫الطابع ودعاوى نفوس وإثبات‬ ‫المدنية في معظمها‬ ‫–‪ ‬الدعاوى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفاة وتوزيع تركات‪.‬‬ ‫الخالصة‬

‫ّ‬ ‫العالمة‬ ‫يصح فيهم قول‬ ‫مديريتها في تلك الحقبة‬ ‫ومــا وقرى‬ ‫ّ‬ ‫أبناء ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫األوروبـ ّـي دوالروك‪ :‬جمال لبنان وجودة مناخه – وهو على ما أعتقد‬ ‫أكثر المناخات اعـتـ ً‬ ‫حتما على تهذيب أخالق‬ ‫عمال‬ ‫ـداال في سوريا – ِ‬ ‫ً‬ ‫األهــالــي وجعلها هــادئــة كريمة‪ .‬ففي هــذا البلد يحتقرون النقائص‬ ‫يتحدثون عنها‪ ،‬وال عن قضايا كبيرة‬ ‫حتى ّأن الناس ال‬ ‫والكذب والنميمة ّ‬ ‫ّ‬


‫‪107‬‬

‫لمحكمة ُدو َما‬

‫الئحة المالحق‪:‬‬ ‫ـص القرار رقم ‪ 16( 3471‬كانون ّ‬ ‫الثاني ‪ )1926‬أعطى محكمة‬ ‫‪ .1‬نـ ّ‬ ‫وجعل مركزها في‬ ‫زغرتا ذات‬ ‫‪‬الصالحية الواسعة‪ ‬اسم محكمة ُد َ‬ ‫ومــا َ‬ ‫ّ‬ ‫وما ال ُـم َ‬ ‫نشأة في‬ ‫التابعة‬ ‫وحدد نطاقها الجغرافي بالبلدات ّ‬ ‫وما ّ‬ ‫ّ‬ ‫لمديرية ُد َ‬ ‫ُد َ‬ ‫‪ 9‬نيسان ‪.1925‬‬ ‫ّ‬ ‫المتعلق بأحكام ‪ 1925‬والحامل خاتم ‪‬قاضي‬ ‫‪ .2‬القيد ‪‬الغامض‪‬‬ ‫صلح البترون‪( ‬الحاشية ‪.)54‬‬ ‫للمرة الولى خاتم ‪‬محكمة‬ ‫‪ .3‬نهاية العام ّ‬ ‫األول للمحكمة ‪ 1926‬ويبدو ّ‬ ‫بالفرنسية ‪.Justice de Paix Douma‬‬ ‫بالعربية ويقابله‬ ‫وما‪‬‬ ‫صلح ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .4‬القيد الذي ّ‬ ‫وما‬ ‫للمفتش العام‬ ‫يوثق ّأول زيارة‬ ‫ّ‬ ‫للعدلية إلى محكمة ُد َ‬ ‫ّ‬ ‫في ‪ 14‬حزيران ‪.1928‬‬ ‫وما‬ ‫‪ .5‬الصفحة األولى من سجل أحكام الجزاء الصادرة عن محكمة ُد َ‬ ‫عام ‪.1926‬‬ ‫‪ .6‬الصفحة األولــى من سجل قيد األســاس للدعاوى الحقوقية عام‬ ‫‪.1926‬‬ ‫‪ .7‬الصفحة األولــى من سجل قيد األســاس للدعاوى الجزائية عام‬ ‫‪.1926‬‬ ‫نقدا ‪‬ذهب‬ ‫محرر بالغرش التركي (‪ )1939‬والمبلغ وصل ً‬ ‫‪ .8‬سند دين ّ‬ ‫عملة بيروت‪ .‬وهو أصبح ّ‬ ‫تنفيذية سنة ‪.1946‬‬ ‫محل معاملة‬ ‫ّ‬

‫مدخل تأْريخي‬

‫ألن‬ ‫أو اختالفات على الفائدة‪ ،‬أو عن إنزال عقوبة شائنة بأحد األهلين‪ّ ،‬‬ ‫يستحق مثل هذه العقوبة يستحيل وقوعه‪.‬‬ ‫الجرم الذي‬ ‫ّ‬ ‫يردده القاضي سعيد عدره لوالدي أنّ ه‪ ،‬إبان خدمته‬ ‫وما زلت أذكر ما كان ّ‬ ‫عاما) لم ُ‬ ‫ً‬ ‫جرم‬ ‫عقوبة شائنة‪.‬‬ ‫يستوجب‬ ‫ينظر ً‬ ‫وما (نحو عشرين ً‬ ‫في ُد َ‬ ‫ُ‬ ‫يوما في ٍ‬ ‫صلحا بين‬ ‫العقارية الشائكة في صالون منزلنا‬ ‫وطالما انتهت أكبر المسائل‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وما أو‬ ‫الخصوم‪ ،‬إذ درجت العادة أن يقصد والدي المتنازعون من أبناء ُد َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫النيات وتُ ستَ ذك ُر‬ ‫القرى الملحقة بها‬ ‫فيحكموه بينهم وتنفرج القلوب وتطيب ّ‬ ‫ُ‬ ‫سق َطت‬ ‫أ‬ ‫ولطالما‬ ‫ا‪.‬‬ ‫وم‬ ‫د‬ ‫الحبيبة‬ ‫بلدتي‬ ‫إليه‬ ‫تنتمي‬ ‫الذي‬ ‫لبنان‬ ‫أخالقيات جبل‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫الجزائية‪.‬‬ ‫الشخصية بين أفرقاء الشكاوى‬ ‫في صالون الصلح الحقوق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وما‪ّ ،‬‬ ‫علنا‬ ‫تلك‬ ‫أسطر من تاريخ مؤسسةٍ عريقة من مؤسسات قصبة ُد َ‬ ‫ٌ‬ ‫نَ‬ ‫أطاَلل َح َض َارةٍ َد َر َ ْســت بل تكون قراءته‬ ‫باستذكارنا الماضي ال ِق ُف على‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫فاتحة خير لِ ُب ْن َي ٍان َجديد‪.‬‬


PELLETIER Monique, François de Pagès, Autour du monde, Annales de Géographie, 1992, p.674.

PORTER J.L., Five Years in Damascus, London, 1855.

RENAN E., Mission de Phénicie, Paris, 1864 (rééd. A Beyrouth, 1997)

REYCOQUAIS J.-P., Qalaat Faqra: un monument du culte impérial dans la montagne libanaise, Topoi, 9, 1999.

RICHTER J., A history of protestant mission in the Near East, New York, 1910.

RICHTER J., Mission und Evangelization im Orient, Gutersloh, 1908.

ROBINSON Ed., Later Biblical Researches in Palestine an the Adjacent Region, London, 1856.

SALIBY K., Histoire moderne du Liban, Beyrouth, 1978, p. 40–43.

SEETZEN U.J., Reisen durch Syrien, Palästina, Phönizien, die Transjordan-Länder, Arabia Petraea und unter-Äegypten, Berlin, 1-4, 1854-1859.

TAILLEMITE E., Dictionnaire des marins français, Paris, 2002.

THOMPSON W.N., The Land and the Book. Lebanon, London, 1886.

108 Antoine Kassis


chez François de Pagès Le Liban

109

CHARAF J., Le pacte shéhabit, dans P. A. CHEHWAN – A. KASSIS (éds.), Etudes de l’Orient et de l’histoire libanaise, (Mélanges offerts au P. Paul Féghali), Jounieh, 2002

CHARLIAT P -J., Histoire universelle des explorations, Paris, 1959, t. 3, p. 173–201.

CHEHWAN P. A. – KASSIS A. (éds.), Etudes de l’Orient et de l’histoire libanaise, (Mélanges offerts au P. Paul Féghali), Jounieh, 2002

CONDE B., See Lebanon, Beirut, 1960.

EMMANUEL M., La France et l’exploration polaire, Paris, 1959.

EYRIÈS J.-B.-B., L’abrégé des voyages modernes depuis 1780, 14 vol., Paris, 1822–1824.

GEMELLI CARERI Giovanni Francesco, Giro del mondo, Guiseppe ROSELLI éd., Roma, 1699–1700; 2e éd. 1708.

GEMELLI CARERI Giovanni Francesco, Voyage du tour du monde, (1651–1725), tr. fr. par E. Ganeau, Paris, 1719, nouvelle éd. augmentée sur la dernière de l’italien, Paris, 1727.

GUYS H., Relation d’un séjour de plusieurs années à Beyrouth et dans le Liban, Paris, 1847

HAQQI Bey I. (éd.), Le Liban: Etudes historiques, économiques et sociales, Revu et réédité avec introduction et tables par F. E. BOUSTANY, (Publication de l’Université Libanaise, Section des études historiques, 17), T. 1, Beyrouth, 1969.

L’histoire de la science, (Encyclopédie de la Pléiade), Paris, 1957.

LA BARBINAIS LE GENTIL Etienne M., Nouveau voyage autour du monde, 1–3, Paris, 1728.

LABORDE L. de, Voyage de la Syrie, Paris, 1837.

LACROIX Alfred, Figures de Savants, Paris, 1938.

LIPINSKI Ed. (éd.), Dictionnaire de la civilisation phénicienne et punique, Brepols, 1992.

LORTET Dr L., La Syrie d’aujourd’hui, Paris, 1884.

MARTIN-ALLANIC Jean-Etienne, Bougainville navigateur et les découvertes de son temps, 1–2, Paris, 1964.

MISLIN Mgr, Les Saints lieux, Paris, 1858.

PAGÈS François de, Voyages autour du monde et vers les deux pôles par terre et par mer pendant les années 1767, 1768, 1769, 1770, 1771, 1772, 1773, 1774 et 1776, Paris, 1782.

PAGÈS François de, Voyages autour du monde, en Asie, en Amérique et en Afrique, en 1788, 1789 et 1790, précédé d’un voyage en Italie et en Sicile en 1787, Paris, 1797.


C’est une manière de revivre son aventure et rétablir des valeurs dans des sociétés oubliées ou mal jugées. Abréviation BROC, Autour du monde = BROC Numa (éd.), Autour du monde: Voyage de François de Pagès par terre et par mer 1767 – 1771, Paris, 1991.

BUV = BOUCHER DE LA RICHARDERIE G., Bibliothèque universelle des voyages, 1–6, Paris, 1808, (réimprimé à Genève, 1970).

DCPP = Ed. LIPINSKI (éd.), Dictionnaire de la civilisation phénicienne et punique, Brepols, 1992.

MAIBL = Mémoires de l’Académie des Inscriptions et Belles-Lettres.

PAGÈS Voyages = PAGÈS François de, Voyages autour du monde et vers les deux pôles par terre et par mer pendant les années 1767, 1768, 1769, 1770, 1771, 1772, 1773, 1774 et 1776, 1–2, Paris, 1782.

Bibliographie •

AL-RIHANI A., Qalb Loubnan, Beyrouth, 1975.

BORDEAUX Pilgrim, tr. par Aubrey STEWART and annoted by Sir C.W. WILSON, in PPTS, 1–2, London, 1896.

BOUCHER DE LA RICHARDERIE G., Bibliothèque universelle des voyages, 1– 6, Paris, 1808, (réimprimé à Genève, 1970).

BOUGAINVILLE Louis Antoine, Voyage autour du monde, édition critique par Michel BIDEAUX et Sonia FAESSEL, Paris, 2001.

BOUGAINVILLE, Les navigations anciennes et modernes dans les hautes latitudes septentrionales, MAIBEL, Paris, 1788, p.

BOUILLET Marie Nicolas, Dictionnaire universel d’histoire et de géographie, Paris, 1798 –1864, 33e éd., Paris, 1908.

BROC Numa (éd.), Autour du monde: Voyage de François de Pagès par terre et par mer 1767 – 1771, Paris, 1991.

BROC Numa, La géographie des philosophes, Paris, 1975.

BROC Numa, Un anti-Bougainville? Le chevalier de Pagès, in L’importance de l’exploration maritime au siècle des lumières, Paris, 1982, p. 109 –121.

BROSSARD L’Amiral de, Kerguelen. Le découvreur et ses îles, Paris, 1970–1971.

BUCHET Christian, Pagès (François), Autour du monde. Présentation de Numa Broc, Paris, Imprimerie nationale, 1991, 304 p., 127 ill., dans Revue francçais d’outre mer, t. 80, n° 302, 1994, p. 98 – 99.

BURCKHARDT J.L., Travels in Syria and the Holy Land, London, 1824.

110 Antoine Kassis


chez François de Pagès

ses descriptions, écouté ses jugements et ses témoignages avec beaucoup d’attention mais aussi avec tout le plaisir de découvrir, à travers son texte, des régions de la montagne du Liban et leurs habitants.

Le Liban

111

Pagès, loin d’être un homme de science ou de lettres dans le sens moderne du terme, est un voyageur libre dans son comportement, libre dans sa pensée; mais avant tout, objectif dans ses jugements et ses témoignages.

Conclusion En lisant son récit de voyage, nous pouvons admiré son comportement vis-à-vis des habitants de cette région et accepté, bon gré malgré, ses jugements même s’ils ne correspondent pas à nos convictions. Ainsi, à la fin de son séjour, Pagès décrit, mais avec presque certain, les caractères des habitants chez qui il a vécu et avec qui il partager des bons moments101: «L’on trouve quatre nuances d’humeurs chez les Habitans; depuis Seyde jusques au fleuve d’Ibrahim en longueur, et en largeur depuis la mer jusques au Beca (ce grand vallon est entre les montagnes des Druses et celles de Damas, proprement nommées Antiliban), cette distance forme le pays soumis au grand Emir. Ceux du pays, entre Seyde et le fleuve Thamour, sont assez polis, bien fait, et braves; ceux du fleuve Thamour au Quesrouan sont plus féroces; ceux du Quesrouan moins fiers, mais âpres à la vengeance, haïssant moins les étrangers, mais plus pauvres; enfin ceux du pays au dessus du Quesrouan; proprement nommé Antiquesrouan, sont plus grossiers. A ces petites différences près, les mœurs sont par-tout les mêmes, et un étranger peut y bannir toute crainte de vol ou d’assassinat. J’ai passé trois mois à Abey; j’y dormois pendant la nuit dans un jardin sans mur ni haie, sur le bord d’un chemin; je n’y ai jamais reçu la moindre insulte». Pagès, dans son récit de voyage à travers le monde, reste pour les chercheurs d’aujourd’hui une source de valeur quant à l’étude des régions visitées par lui afin d’aborder des questions précises sur leurs situations d’alors. Redécouvrir Pagès dans les années quatre vingt dix, c’est en fait redécouvrir des aspects des régions méconnues ou presque. 101) Voir, PAGÈS Voyages, p. 402– 403.


mutuellement leurs mûriers, et tout le monde se retire chez soi, bien portant et en bonne intelligence; le Paysan seul y gagne la solde que l’Emir lui donne chaque année pour être à sa quisse et marche quand il l’ordonne; elle est d’autant plus considérable que sa bravoure est mieux reconnue»99. Si ces conflits internes sont, d’apparence, pacifiques, par contre ceux avec l’extérieur sont parfois furieux et terribles. Les habitants de la montagnes sont redoutables et de sang froid ils sont capables d’assassiner un ennemi chez lui et parmi ses troupes: «Il y a quelque temps qu’un Druse alla assassiner l’Aga de la Douane de Seyde, au milieu de ses gens, tandis qu’un Maronite de ses amis, le sabre et le pistolet à la main, empêchoit qu’on ne fermât la porte de la ville, pour lui couper la retraite.

Ainsi, Pagès regarde ce bon sens dans l’application des lois et le rôle joué par chacun selon sa place et son rang dans sa région et dans la société à laquelle il appartient.

5. Valeur du «Voyage» Le voyage de Pagès à travers le monde, en général, et son séjour au Liban en particulier, relève d’une importance majeure quant aux études historiques et celles des sciences humaines. Il est le précurseur des ethnologues et des géographes, mais avant tout c’est un sociologue qui s’intéresse à la vie de l’homme dans ses divers aspects. Pagès est un écrivain du 18e siècle. Son style et son vocabulaire répondent aux exigences culturelles de son époque. La valeur de son voyage, négligé longtemps après sa mort, doit être rétablie dans notre temps à la lumière des découvertes archéologiques et historiques. C’est ainsi que nous avons suivi son itinéraire, lu 99) Voir, PAGÈS Voyages, p. 396–398. 100) Voir, PAGÈS Voyages, p. 398–399.

112 Antoine Kassis

Le mery ou tribut de Grand Seigneur, est distribué par l’Emir sur les Cheikrs, qui à leur tour le répartissent sur leur village. Si le village ressort directement de l’Emir, alors les Habitans partagent l’imposition entre eux dans leurs assemblées. Ils tiennent ces assemblées pour toutes les affaires qui regardent la Nation, ou pour les réparations nécessaires pour fertiliser leurs terres. Ces impositions sont peu considérables, et sont très-également réparties, suivant le revenu des terres et des troupeaux.»100.


chez François de Pagès Le Liban

113

économiques, sociaux et militaires entre l’Emir et les autres féodaux97. Certes, la justice n’est pas rigoureuse. C’est la loi de la nature qui est respectée, c’est pourquoi Pagès s’est montré effrayé par l’application des châtiments vis-à-vis des criminels tel que: brûler une maison ou des plantations. Il y a toujours des difficultés à poursuivre un habitant de la montagne qui se réfugie chez un cheikh. Les gens sont toujours armés et repoussent la force par la force. Les féodaux n’ont le droit de protéger que leurs sujets et les terres qui leurs appartiennent. Cette politique interne reste intelligente et raisonnable, car le pacte selon lequel la montagne est gérée donne un rôle bien déterminé à toutes les composantes de la société: «Les Cheikers ou les Emirs d’une famille non régnante, n’ont droit de tenir des gens à leur solde ou quisse 98, que ceux de leurs terres; mais les Emirs de la famille régnante peuvent faire des levées dans toutes les montagnes, ce qui met quelquefois un frein à l’autorité du Grand Emir, lorsqu’il est en dispute avec ses parens. Les Bachas tâchent d’entretenir ces discussions, pour affoiblir ce gouvernement; et en devenant les médiateurs de leurs disputes, ils tâchent toujours d’extorquer quelques présens. Ces dissentions entre les Emirs et les Cheiks, ne sont jamais sanguinaires comme celles de famille à famille. Les levées des uns et des autres ne sont composées que de gens qui, suivant leur caprice ou leur connoissances, ont accepté certaines sommes plutôt d’un Emir que d’un autre, ce qu’on appelle se mettre à la quisse. Comme les familles sont étendues et dispersées dans des villages appartenant à divers Seigneurs, il se trouve souvent que le pere et le fils, les freres et les cousins marchent les uns contre les autres: ils ne sont jamais portés à verser leur sang pour les divisions de leurs Seigneurs; il y a seulement beaucoup de tapage. Les armées se rangent en présence l’une de l’autre; alors les Cheikrs et les principaux Paysans disent leurs avis: le reste des troupes politiques; car chaque homme se regarde comme un membre essentiel du Gouvernement. La voix du peuple pour l’accommodement passe aux Cheikrs; ils le proposent aux parties ennemies qui sont quasi forcées de l’accepter: si elles ne le veulent pas, elle se coupent 97) Voir sur cette question l’article de J. CHARAF, Le pacte shéhabit, dans P. A. CHEHWAN – A. KASSIS (éds.), Etudes de l’Orient et de l’histoire libanaise, (Mélanges offerts au P. Paul Féghali), Jounieh, 2002, p. 279-296. 98) Mot d’origine arabe qui veut dire sac, et selon le proverbe libanais, être à solde de quelqu’un.


dans le village de Ajltoun92. Impressionné par leur caractère et leur accueil, Pagès «fut surpris de trouver chez ces gens autant d’urbanité; la douceur de caractère du fils de Cheickr qui m’accompagoit par-tout, me parut très-intéressante»93. En fait, le Kesrwan a connu son indépendance sous les Khazens qui l’ont administré tout en reconnaissant l’autorité du grand EmirYoussef Chéhab résidant, à l’époque, à Déir el-Qamar. Pagès décrit cette situation: «Tout le Pays de Quesrouan leur appartient; on leur paye rente, et à leur tour ils payent une certaine somme à l’Emir, qui est lui-même tributaire du Grand-Seigneur 94; ils rendent la justice, et départissent les impôts; mais la différence des états n’y est pas aussi grandes qu’en Europe, et chaque homme y connoit sa valeur. Il n’y a que les Catholiques qui soient regardés comme Habitants, et les Turcs même payent un droit sur le chemin de Tripoly qui passe dans le bas des dépendances de ce pays; les Chrétiens seuls en sont exempts»95.

Quant à la justice en montagne, elle est pratiquée sous plusieurs aspects. Pour l’instaurer en dehors de leurs villages, les Cheikhs ont recours à la force; mais ils préfèrent la terminer à l’amiable chez eux. Si le concerné ne s’accommode pas, alors ils ont recours à l’Emir «qui juge souverainement dans toutes les montagnes, excepté sur les discussion qui concernent les possessions du Quesrouan ou de la Maison des Gazen et celles des Emirs subalternes, qui se gouvernent eux-mêmes»96. C’est un témoignage fort intéressant de la part de Pagès qui confirme l’existence d’un pacte shéhabit qui gère les rapports politiques, 92) Voir, PAGÈS Voyages, p. 349. 93) Voir, PAGÈS Voyages, p. 351. 94) Il s’agit du Sultan ottoman qui étais Mostafa 3 (1717-1774). 95) Voir, PAGÈS Voyages, p. 351. 96) Voir, PAGÈS Voyages, p. 395.

114 Antoine Kassis

En fait, le grand Emir gouverne directement le Chouf et surveille de près les autres régions de la montagne qui sont indépendantes, surtout la région de Kesrwan qui jouit d’une situation spéciale. Car la famille des Khazens est la plus tranquille parmi les autres familles féodales de l’époque. Mais cette famille si nombreuse et si divisée en branches est toujours sujette aux manipulations du grand Emir qui, jouant sur leurs divisions et leurs intérêts personnels, les a empêchés de se réunir contre lui avec d’autres féodaux de la montagne.


chez François de Pagès Le Liban

115

même son témoignage mérite d’être cité: «L’autre moitié des Habitans n’est composée que de Druses, qui se divisent en deux sortes. L’une suit la Religion naturelle, et l’autre est nommé Aquelle ou spirituelle; ces Aquels professent une Religion qui n’est pas connue. Les Druses simples ne peuvent être au nombre des Spirituels (qualité qui n’est point acquise par la naissance), qu’en menant une vie simple, integre, religieuse et pénitente. Ces spirituels ne sont vêtu que de couleur noire, ou rayée blanc et noir. Leur turban est blanc, mais rangé d’une façon modeste; ils ne peuvent porter des armes que lorsque la guerre, poussée à l’extrémité, fait marcher tous les Cheikrs: ils ne mangent que chez des personnes dont l’intégrité est solidement établie; ils ne reçoivent de présens que de ceux-là, craignant de participer à un bien qui seroit mal acquis; ils lisent souvent les cinq premiers livres de Moïse, qu’ils nomment en Arabe Taura, et d’autres qui me sont inconnus: ils s’assemblent pour prier dans leurs oratoires, dont je n’ai pu voir ni connoître l’intérieur: car ils tiennent des gardes à une demi-lieue aux environs, pendant le jour de leurs prieres. Les maisons où les plus religieux d’entre eux se renferment pour prier pendant plusieurs semaines, se nomme Caloué 89, et sont placées sur le sommet des montagnes les plus escarpées, aux environs de leurs villages»90. «Les Druses simples n’ont point de culte, du moins on n’en connoît pas; certains prient et craignent Dieu. Ils lisent le Taura avec plaisir; mais leur extérieur est plus rude que celui des Aquels et des Chrétiens. Ils tiennent leur bravoure à grand honneur, et j’en ai connu qui étoient fort brave gens, mais dont le seul extérieur et les préjugés me prévenoient beaucoup contre la bonté réelle de leur ame»91. 4. Politique et administration Dès que Pagès arrive à Beyrouth, il visite la douane de la ville qui était administrée directement, à son époque, par un wali nommé par l’empire ottoman et chargé de surveiller la montagne du Liban. Le Kesrwan était gouverné par la famille Khazen, divisée en plusieurs branches et dont la plus grande partie était regroupée 89) Khalwat en arabe, pluriel Khalāwāt: lieu de prière chez les Druzes. 90) Voir, PAGÈS Voyages, p. 399–401. 91) Voir, PAGÈS Voyages, p. 402.


donner à leurs Paroissiens, et je regarde le mariage comme un hommage à la nature, qui doit être cher à tout homme»87.

Tous ces Habitans des montagnes sont peu portés en faveur des Turcs, dont les principes de Religion et les préjugés les éloignent également: aussi les premiers ne doivent-ils qu’à leur bravoure et à l’aspérité de leurs montagnes, l’espece d’indépendance où ils sont du Gouvernement Turc. Les Druses sont amis des Chrétiens, et ils ne haïssent pas absolument les François, dont on les dit issus par des fugitifs réfugiés dans ces montagnes, lors de l’expulsion des Croisés. On reconnoît dans quelques-uns d’eux, des reste des principes des sujets du Vieux de la montagne»88. Dans sa description de la montagne et de ses habitants, Pagès se force de connaître et de comprendre la communauté druze. Mais il reste loin du fond de cette question. Ses remarques et son témoignage se limitent aux apparences extérieures sans toutefois pouvoir arriver à dévoiler les vérités historiques de cette communauté religieuse. Son problème ressemble à celui des autres orientalistes et voyageurs qui, avant et après lui, et malgré leurs efforts scientifiques, n’ont pas réussi à élucider la pensée et les pratiques religieuses des Druzes. Mais quant 87) Voir, PAGÈS Voyages, p. 378. 88) Voir, PAGÈS Voyages, p. 372–373.

116 Antoine Kassis

Il remarque, certes, que les différentes communautés religieuses s’entremêlent dans la montagne sans avoir, apparemment, des problèmes de voisinage. Il se déplace chez eux. Il les observe de près et les décrit selon ses impressions. «Celles du côté du sud-ouest (de Sidon) sont habitées par une secte de Musulmans, qui n’est liée avec aucune Nation; on les nomme Mutuallis. Ils ont pour les étrangers les mêmes principes d’éloignement que les Indiens; on ne peut loger chez eux, ni manger dans le même vase; ils me parurent même un peu féroces. Je n’en ai cependant jamais reçu de mauvais traitement, lorsque j’ai été dans leurs villages. Les Chrétiens habitent librement parmi eux, et ils ne les haïssent pas aussi fortement que les Turcs. Il y a aussi de ces Mutuallis au nord de Quesrouan. Leurs montagnes s’étendent depuis Gebail jusques à Balbec, et ces deux Villes leur appartiennent; mais on m’a peint ceux-ci plus féroces que ceux qui avoisinent Seyde. Les montagnes du nord-est de Seyde sont habitées par des Druses et des Chrétiens, entremêlés, comme chez les Mutuallis.


chez François de Pagès Le Liban

117

simple, de bonne foi et ignorant les questions théologiques. «Les prêtres y sont pauvre et travaillent de leurs mains pour soutenir leurs familles; car, quoique Catholiques, mais d’un rite différent du latin, ils peuvent être ordonnés après leur mariage contracté avec une fille seulement. Peu d’entre eux sont célibataires, ce qui est fort du goût des Paroissiens. Le service divin se célèbre en Langue Syriaque; mais l’Évangile et l’Office sont lus à haute voix par la Prêtre en Langue Arabe, qui est la Langue vulgaire de tous les Pays qui bordent l’Arabie. Ils sont généralement ignorans sur les questions théologiques, et ils n’ont pour toute étude que l’Écriture sainte et leur Catéchisme; mais ils sont de bonne foi et de bonnes mœurs, et peut-être plus de science fomenteroit-elle chez eux des disputes qui diminueroient l’extrême soumission qu’ils ont pour l’Eglise Romaine»85. Ainsi, Pagès plaide la cause urgente d’avoir des missionnaires catholiques dans cette région du monde afin de convaincre les schismatiques et les hérétiques à regagner l’autorité de Rome. Puis il revient à la question religieuse dans la région de Kesrwan où «Les Evêques et les Couvens des deux sexes y sont en grand nombre, la situation de ce pays étant le seul asile sûr des Chrétiens de l’Asie Turque; c’est la résidence du patriarche d’Antioche, à qui sont soumis les Maronites, ou du Patriarche des Arméniens, qui y a quelques couvens de son rit»86. Ses remarques concernant le clergé maronite reflètent une réalité sociale et religieuse de son époque. Même s’il distingue les moines des prêtres séculiers, l’on remarque qu’ils ont mené une même vie sociale à l’exception du mariage pour les prêtres: «Les Moines de Syrie ne sont ni extrêmement austeres, ni bon Théologiens; mais ils observent des regles simples, et qui sont scrupuleusement suivies. Ils sont réellement Religieux pauvres, et se procurent le nécessaire par le travail de leurs mains. Les Prêtres séculiers ne sont ni savans, ni d’un rang fort au dessus du commun; mais ils sont respectés, pieux, et n’ont d’autre instruction que l’Evangile; ils sont pauvres, et ils procurent cependant la subsistance à leur famille, par leur travail: ils prêchent la pureté des mœurs, par le bon exemple qui leur est facilité par le mariage. Les soins qu’ils prennent de leur famille, sont un nouveau sujet de bon exemple qu’ils peuvent 85) Voir, PAGÈS Voyages, p. 352. 86) Voir, PAGÈS Voyages, p. 354.


«… Au jour, nous allâmes entendre la Messe de ce bon Prêtre; après quoi, malgré ses instances, je me mis en chemin et je pris ma route vers la haute montagne». De retour de la haute montagne de Kesrwan, il s’arrête dans un couvent (Déir el Hriq ) Achqout) où il a été assez bien traité par les deux moines responsables. Le lendemain, après la messe, Pagès déjeune (en fait c’est le petit déjeuner) au couvent «car il n’est point d’usage de laisser partir ses hôtes à jeun»82. Il sera reçu de la même façon par le Patriarche arménien résidant à Bzoummar et par le patriarche maronite résidant à l’époque au couvent Saint Joseph à Ghosta. C’est cette hospitalité qui marque tout le séjour de Pagès qu’il soit dans le Kesrwan ou dans le Chouf. Par contre, il critiqua sévèrement le comportement des habitants des villes tel que Beyrouth, Sidon et Saint Jean d’Acre, car «leur esprit aussi délicat, subtil et rusé, que leur langage l’indiquoit»83.

Pagès, durant son séjour au Liban, a montré un intérêt particulier aux diverses communautés religieuses, à leurs conditions culturelles et sociales, à leurs croyances et à leurs pratiques cultuelles. Pour les connaître, il vit avec eux et chez eux. Il demande, il se renseigne afin de mieux les comprendre et de mieux les situer dans la société du 18e siècle. C’est pourquoi dès qu’il se décide à visiter la région de Kesrwan, il l’évoque ainsi, «on m’avoit aussi beaucoup parlé du nombre et de la valeur de ses Habitans, ainsi que de la quantité de Couvens pour les deux sexes qui s’y trouvent. Enfin, l’on m’avoit assuré que la Religion Catholique y étoit aussi librement exercée qu’en France, les Habitans ne permettent aucune secte chez eux»84. En réalité, si Pagès a voulu décrire la communauté maronite en tant qu’église catholique et dépendant du Pontife de Rome, par contre, ses réflexions sur leurs pratiques ou sur leurs dogmes restent superficielles. Mais quoique catholique, les Maronites, selon notre voyageur, se caractérisent par des différences de l’église latine. Son attention est pour le clergé qui est généralement pauvre, 82) Voir, PAGÈS Voyages, p. 366. 83) Voir, PAGÈS Voyages, p. 405. 84) Voir, PAGÈS Voyages, p. 345.

118 Antoine Kassis

3. Religions et communautés


chez François de Pagès Le Liban

119

à tour, et elle prenoit tous les soins du ménage. J’admirois la simplicité de leur façon de vivre; une espece de porche ou de galerie ouverte leur servoit de chambres; elle rangeoit par terre un lit où elle tâchoit d’endormir ses petits enfans; elle avoit en même temps l’œil à un fourneau, où elle faisoit cuire dans un pot, quelques tranches de citrouille: elle me prépara ensuite des œufs pour mon souper, avec du lait différemment apprêté, et du pain en façon de crêpes. Tantôt elle me persuadoit, par ses regards, son envie de me bien recevoir; tantôt elle étoit impatiente du retard de son mari. Sur ces entrefaites il arriva, et il tâcha de renchérir sur la réception de son épouse, qui suivant l’usage de l’Asie, qui tient les femmes retenues envers les hommes, ne se présenta plus à moi, ne s’occupant plus que des affaires de son ménage. A la nuit, l’heure de la priere fit assembler plusieurs Habitans, et on la récita en plein air, avec autant de dévotion que pourroient en inspirer les temples les mieux ornés. Quelquesuns des voisins me tinrent compagnie, ce qu’ils croyaient propre à m’amuser». «… Je fis faire mon lit dans un petit endroit élevé, sous le même porche, et il voulut coucher auprès de moi et de mon conducteur. C’est un usage dans ces montagnes, que le maître de maison est lui-même le gardien de ses hôtes. Les enfans du Cheiker de Jeltoun avoient suivi le même usage; d’ailleurs, vu la coutume d’éloigner les femmes des hommes, les étrangers ne peuvent loger dans la même maison que les femmes; les hôtes sont reçus sous des porches ou dans des appartements nommés Manzouls, qui n’ont point de communication avec la maison».


maçonnerie, échauffé par le feu qu’on y allume intérieurement…. Les Habitans de ces montagnes me paroissaient d’une noble simplicité» 79.

Après un repos chez un Cheikh très honnête dans le village de Qléaat, Pagès est accueilli fort bien, chez le curé de Kfardébian, par sa femme et ses enfants. Il passa la nuit chez lui et le quitta le lendemain en direction des ruines de Faqra. Laissant notre voyageur, ébloui par cette hospitalité montagnard, nous décrire ce qu’il a vécu81: «Cette bonne personne me reçut fort bien, me pria d’attendre son mari, et de me reposer. Je me plaisois à observer cette jolie femme au teint rustique, dans une grossesses assez avancée, et à la fleur de son âge, épouse d’un Prêtre apparemment aussi rustique, qui étoit occupé à labourer son champ. Elle étoit au milieu de trois petits enfans qu’elle tâchoit de contenter tour 79) Voir, PAGÈS Voyages, p. 342–343. 80) Voir, PAGÈS Voyages, p. 350–351. 81) Voir, PAGÈS Voyages, p. 356–359.

120 Antoine Kassis

Bien reçu par le Supérieur du couvent Saint Josèphe de Aïntoura dirigé par les Pères Jésuites à l’époque, Pagès, recommandé par ce Supérieur, se dirige vers Ajltoun où il a été reçu par un Cheikh de la famille Khazen. Hospitalité oblige, il reste trois jours chez les Khazen, «Je descendis chez le Cheicker (Cheikh) à qui j’étois adressé; il n’étois pas chez lui, et il y avoit plusieurs de ses parens qui s’amusoient sous une treille. Ils me firent politesse, et je fus ensuite très-bien accueilli par le maître de la maison. Il recommanda à un de ses enfants de ne pas me perdre de vue, et de me conduire dans les endroits les plus propres à m’amuser et à me satisfaire. Il ne me laissa partir que le troisieme jours de mon arrivée, et je passai mon temps chez différens Cheickers qui me donnoient des collations, ainsi que l’avoient fait des Négocians réfugié, et les Religieux d’Aintoura, lorsque j’étois allé les visiter. J’étois de leurs assemblées, qu’ils tiennent sous des arbres; ils me conduisoient exactement avec eux aux Offices divins ou à une assemblée du soir, où se rassemble toute la jeunesse. Dans cette assemblée, après quelque entretien amusant, on fait une lecture pieuse, et on récite quelques prieres. Je fus surpris de trouver chez ces gens autant d’urbanité; la douceur de caractere du fils du Cheicker qui m’accompanoit par-tout, me parut très-intéressante»80.


chez François de Pagès Le Liban

121

lui ne présentent que peu de différences. «J’eus lieu dans ce pays, d’assister aux funérailles des Habitans Druses, et à celle des Chrétiens, qui, aux prieres près, se ressemblent beaucoup. Quelques heures après le trépas, on expose sous une tente le corps du défunt, et il est vêtu et armé comme s’il étoit vivant; mais les Druses spirituels, dont je parlerai bientôt, ont un Livre de morale entre les mains. Les femmes environnent le corps et l’arrosent de leurs pleurs, et les hommes restent en silence un peu plus loin, après avoir fait retenir les vallons de leurs cris mâles et lugubres, afin que la nouvelle passe chez leurs parens et amis des villages voisins: ceux-ci accourent en troupes, et dès qu’on les voit venir, les parens vont au-devant d’eux, avec le corps qu’ils promenent à quelque distance autour du village, en exprimant leurs regrets par de grands cris et des sanglots, et en faisant de grands gestes avec leurs mouchoirs. On rapporte ensuite le corps sous la tente, où les femmes reprennent leur place, et la même cérémonie recommence à chaque nouvelle troupe de parens qui arrive. On garde ainsi le corps jusqu’au lendemain, où tous les Habitans du village, Druses et Chrétiens, étant rassemblés, on enleve le corps, après l’avoir enfermé dans une biere. Un Prêtre ou un Druse, suivant la religion du mort, récite des prieres à demi-voix. L’enlévement du corps est accompagné des cris et des oppositions des femmes, qui paroissent ne pouvoir se résoudre à s’en séparer. Les hommes gardent un morne silence, et regardent le tout tristement. Les plus proches parentes rentrent dans la maison en pleurant, et les hommes accompagnent le corps jusques à sa tombe. Après l’enterrement, les Habitans du village se distribuent entre eux les étrangers, pour les regaler le mieux qu’il leur est possible, et s’attendrir sur la mémoire du défunt»77. * L’hospitalité «J’étois très-bien reçu par-tout»78. C’est l’idée qui se répète chez Pagès depuis qu’il était au Liban. Cette hospitalité a marqué son séjour là où il a été accueilli que se soit chez la population pauvre ou bien chez les notables religieux et laïques. Il accorde une préférence aux aliments qu’il a goûtés, «Les mets les plus communs de ce pays sont du lait frais et aigri, et des pains faits en façon de crêpe, et cuits sur les côtés d’un cylindre de 77) Voir, PAGÈS Voyages, p. 392–393. 78) Voir, PAGÈS Voyages, p. 342.


simple que j’aye entendu, suivant le peu de connaissance que j’en ai pu prendre pendant mon séjour dans ce pays»73. Le monde des femmes est sacré, inabordable aux hommes et loin d’être un sujet de conversation. Il est honteux de les saluer. Mais Pagès trouve dans ce comportement une délicatesse outrée sur l’honneur des femmes. «Cependant elles s’amusent entre elles aussi bien et peut-être plus gaiement que nos Européennes ne le font dans leurs sociétés. Aucune espece d’intérêt ne les divise, et l’amusement est leur unique but: elles sont par conséquent plus libres et plus sociables: les jardins, les bains et les tombeaux sont leurs lieux publics; elle se visitent aussi dans leurs appartements». Pagès trouve dans la fréquentation des femmes et leurs comportements lors de leurs visites des tombeaux, une sensation forte en sorte qu’un «cœur bien placé trouve des douceurs et des leçons dans cet usage»74.

En réalité, il est méprisable, chez les habitants de la montagne, de donner leurs filles à des étrangers d’en dehors de leurs familles. Celui qui enfreint cet usage trouve «la mort aux approches de la bénédiction nuptiale, les familles sont unies, qu’en attaquant un de leurs membres, on a affaire à toute la famille»76. Pagès continue sa tournée dans la montagne où il assiste aux funérailles chez les Chrétiens et les Druzes. * Les funérailles Pagès décrit les cérémonie qui accompagne les funérailles que se soit chez les Chrétiens ou chez les Druzes, qui, selon 73) Voir, PAGÈS Voyages, p. 385. 74) Voir, PAGÈS Voyages, p. 385–386. 75) Voir, PAGÈS Voyages, p. 354–355. 76) Voir, PAGÈS Voyages, p. 396.

122 Antoine Kassis

De même Pagès insiste sur la religiosité des habitants de la montagne et sur leurs vertus75: «Tous les Habitans de la montagne sont généralement religieux, et quoique les vices soient communs à tous les pays, on en trouve moins ici que dans la plaine. Le sexe n’y est cependant pas si exactement voilé que dans les villes; mais une fille enceinte paye de sa vie, par la propre main de ses parents, la faute qui la met dans cet état. Une mere se croiroit déshonorée, si le lendemain des noces, la vertu de sa fille ne lui étoit prouvée par son gendre».


chez François de Pagès Le Liban

123

domestiques les plus attentifs, et elle ne mangent qu’après leur mari. Ils ne s’entretiennent jamais avec elles de leurs affaires, et ne leur donnent d’autre travail que celui qu’elles peuvent faire dans la maison, ou de telle nature au dehors que leur visage puisse rester voilé. Les femmes de tout état sont soumises ç ces usages, et elles ont également soin de leurs enfants et de leur ménage, qui se réduit à peu, vu leur simplicité»71. Furieux et révolté de voir ces relations en usages chez les habitants de la montagne du Liban, Pagès fait le rapprochement avec les peuples sauvages de l’Amérique, des Arabes ou chez les Asiatiques où les femmes sont traitées de la même façon. La femme est toujours derrière les hommes. C’est elle qui fait le travail, porte les bagages, exécute les plantations des vergers; quant à lui il se contente de porter son fusil, de monter sur son âne et de se reposer tranquillement dans sa pirogue. Pagès était étonné de voir le même rôle de la femme chez les peuples qu’il a visité. Il ajoute aussi «qu’une vieille fille, un vieux garçon ou une femme stérile sont regardés avec une espece de mépris. Les peres et meres ont une si grande considération pour leurs enfans, qu’après la naissance du premier enfant mâle ils quittent leur nom pour prendre celui de pere de cet enfant; …. C’est aussi alors qu’ils laissent croître leur barbe, comme une marque de leur nouvelle qualité et de la vénération que l’on doit avoir pour eux»72. Cette réalité sociale chez les Orientaux a amené Pagès à repasser en revue le comportement des Européens vis-à-vis des femmes et qui se réduit au désir de plaire. Il juge cette réalité légère, piquante et même superficielle pourtant devenue nécessaire dans nos conversations, car ainsi ils se rendront agréables aux jeunes femmes. Quant aux maintiens des jeunes gens «est aussi grave que leur conversations, qui sont cependant spirituelles; et cette gravité augmente chez les gens d’un âge mûr. Ils parlent peu, et ne perdent jamais de vue le but de leur conversation. Le peu de vivacité de leurs entretiens, les longs intervalles auxquels donnent lieu leur habitude de fumer, celle de passer leur main sur leur barbe, ou de manier une espece de chapelet, leur donnent le temps de mûrir leurs questions et leurs réponses; elles deviennent plus conforme à leur but, courtes et énergiques, la Langue Arabe étant la plus expressive et la plus 71) Voir, PAGÈS Voyages, p. 381–382. 72) Voir, PAGÈS Voyages, p. 383–384.


«Ils sont si jaloux de cette dignité de l’homme sur la femme, que beaucoup d’entre eux ne mangent avec leurs épouses; elles les servent à table avec le même soin qu’apporteroient nos

124 Antoine Kassis

Ainsi, Pagès est frappé par l’austérité des mœurs concernant la situation sociale des femmes en Orient. Mais à Saïda, en rencontrant le Consul de France, qui, avec sa femme le prient de prolonger son séjour dans la région. Notre voyageur est amené à établir un parallélisme entre la vie des femmes en Orient et en Occident. Il remarque qu’il est fréquent chez les Orientaux (arabes) «de cacher et de séparer les femmes d’avec les hommes; chaque sexe vit seul et à sa fantaisie, et le mari même passe pendant la journée très-peu de temps dans l’appartement de sa femme. Ils regardent cet usage comme avantageux pour l’un et pour l’autre. L’objet du mariage étant la fidélité réciproque, ils pensent que le mélange des deux sexes en est le plus grand écueil, et que si les humeurs des époux sont peu compatibles, en se voyant moins, ils ont aussi moins d’occasion de les aigrir, et ils sont très persuadés qu’ils ne pourroient trouver dans la fréquentation des deux sexes que des dangers pour la vertu, ou des aiguillons à leur humeur, sans aucun avantage réel. Les proches parens des deux sexe se fréquentent seulement et encore très-rarement, et la réserve y est si grande, que dans beaucoup de maisons, le logement des garçons qui ont atteint douze ou quatorze ans, est dans un corps de logis séparé des femmes, que l’on appelle mauzoul.


chez François de Pagès Le Liban

125

habité au début de son voyage. Il quitte Abey pour Beyrouth, puis à nouveau à Aïntoura où il rencontre ses anciens moines, à Ajaltoun où il visite ses anciens amis, à Mazraat où il retrouve son ami le curé du village. Il se dirige ensuite vers Beca Touta (Bqaatouta) où Pagès revoit un autre ami de la famille Khazen qui était son hôte durant son premier séjour dans cette région. A Bqaatouta, il a eu l’occasion de voir un beau couvent de filles Grecques Catholiques construit par les biens d’un négociant de Damas qui y a trouvé refuge des vexations des Turcs. De son recoin de ces montagnes de Kesrwan, il découvre «les possessions des Emirs de Besconta68, qui sont très-puissant»69. Le séjour de Pagès, dans la montagne du Liban, a pris fin en juin 1771. Il décide à repartir en Europe, c’est pourquoi il se dirige vers Saint Jean d’Acre, il embarque, fin août 1771, sur un bâtiment en direction de Marseille où il arrive le 5 décembre 1771. 2. Mœurs et traditions Pagès, par ses descriptions des mœurs et des traditions, devance les ethnologues. Ce sont les hommes dans leurs vies quotidiennes que Pagès suit et décrit. Depuis le début de son séjour et partout où il passe, on remarque dans son texte une attention particulière à la vie quotidienne des toutes les composantes de la société. C’est pourquoi l’on remarque qu’il a insisté sur les relations hommes-femmes, sur les funérailles et sur l’hospitalité des habitants de la montagne chez toutes les communautés religieuses. * Les relations hommes-femmes Pagès porte un regard singulier sur la femme et sur sa vie dans la société. Dès qu’il arrive à Kfardébian il est frappé par la simplicité de la femme du curé du village. Avec une grossesse avancée, elle tâche de calmer ses trois enfants tout en s’occupant de son ménage: cuisine, rangement de la maison, et sans oublier de lui préparer le repas attendant avec impatience le retour de son mari. Puis elle se retire pour s’absorber dans son travail laissant à son mari l’honneur de l’hospitalité. Selon les coutumes de la séparation hommes-femmes, Pagès dormira dans le Manzoul qui n’a aucune communication avec la maison70. 68) C’est le village de Baskinta qui était le fief de la famille Abi el-Lamaa, 69) Voir, PAGÈS Voyages, p. 404. 70) Voir, PAGÈS Voyages, p. 358.


le village de Abey. Ebloui par sa situation géographique entre Beyrouth et Saïda, il décide de le prendre pour sa résidence principale, à partir de laquelle visitera la région du Chouf. Il loge à l’hospice des Capucins dont le Custode avait pour lui une attention bien remarquable63.

De Abey, il fréquentait une douzaine de villages sans les nommer. Il fait allusion à un éboulement, dans la vallée de Nahr Damour, d’une partie de la montagne à coté du village de Rechmaya écrasant «un village et plusieurs hameaux qui s’étoient trouvés sur son chemin»67. En juin 1771, Pagès revient dans le pays de Kesrwan et il voulait habiter «Masra Kasar-de-Bian» (l’actuel Mazraat Kfardébian) déjà p. 40–43. 63) Voir, PAGÈS Voyages, p. 390. 64) Voir, PAGÈS Voyages, p. 393–394. 65) Actuellement connu par le fleuve Damour. Dans l’Antiquité ce fleuve était nommé Tamúras par Strabon, Géographie, XVI, 2, 22; et Damoúras par Polybe, Histoire, V, 68, 9. Voir aussi, DCPP, p. 307. 66) Il entend par cette appellation les Grecs Orthodoxes. 67) Voir, PAGÈS Voyages, p. 403. Pagès ne nomme pas ce village. Ces données historiques sont mal fondées et ne représentent aucune réalité véridique.

126 Antoine Kassis

Après avoir établi des liens avec les habitants de Abey, Pagès prend le chemin de Déir el-Qamar, il le décrit64: «J’allai visiter le village de Dair-el-Kamar, situé sur le revers de la montagne qui forme la rive du fleuve Thamour 65, opposée au revers de la montagne d’Abey. Je passai ce fleuve sur un pont bâti sur une croûte de vase pétrifiée, où étoient tracés les sillons de l’eau, et les roches détachées qui s’y étoient incrustées avant sa pétrification. Ce gros village est pour le moins aussi élevé qu’Abey, mais moins accessible: les sérails ou palais des Emirs de la maison régnante, sont assez beaux; les églises y sont belles et d’un goût agréable; quelques maisons de Cheikrs et Commandans y paroissent grandes et commodes; le reste du village est simple et mal bâti, mais il est très-bien arrosé. La moitié des Habitans, au moins, est composée de Maronites et Grecs Catholiques, l’autre moitié est de Druses; il y a très-peu de Grecs Schismatiques 66 dans cette partie, par les soins des Peres Capucins, qui, depuis vingt ans, ont réuni à l’Eglise Romaine plus des trois quarts de cette Nation».


chez François de Pagès Le Liban

127

produisent même pendant l’hiver. Certains arbres à la vérité sont sans feuilles, mais les jardins sont pleins de fleurs et de légumes nouvellement semés, qui produisent depuis le mois de Novembre jusques à l’été; et j’y ai mangé des fèves fraîches au mois de Novembre. La situation de la Syrie contribue aussi beaucoup à la beauté de son climat; elle est garantie du vent de nord par de hautes montagnes, et elle est bordée d’un côté par la mer, et de l’autre par le désert, dont le sol étant sec, pierreux et sablonneux, fournit peu d’exhalaisons, et par conséquent peu de pluie». «La Syrie réunit également les productions des climats chauds et celle de ceux qui sont froids; le bled, l’orge, le coton, le bamy ou gombeau, le chêne, le pin et le sycomore y croissent également bien. La vigne, le figuier, le mûrier, le pommier, et autres arbres d’Europe, y sont aussi communs que le jujubier, les figuiers bananiers, les oranges, les limoniers doux et aigres, et les cannes à sucre. Les productions communs aux deux climats pour les jardins, s’y trouvent aussi». «L’industrie des Habitans a fertilisé le sol des montagnes, et en a fait un jardin très agréable. Quantité de sources bien ménagées arrosent les mûriers qui forment le principal revenu de ce territoire, et ils n’exigent qu’un travail assez léger pour assurer la subsistance des Habitans, par le prix de la belle soie qu’on en retire. Le vin est aussi un objet principal de revenu, de même que l’huile et les figues». Quant Pagès décide de rester à Saïda afin de connaître les habitants de la montagne et surtout les Druzes, il commence son itinéraire par un retour dans le Kesrwan pour visiter le Patriarche maronite d’Antioche résidant à Ghosta. De retour à Beyrouth, il prend le chemin de Abey. Traversant la plaine de Beyrouth plantée par des mûriers, et son bois de pins où campent des Arabes60, Pagès arrive dans la plaine de Chouéfat plantée d’oliviers, où réside un Emir «particulier»61. Puis il passe par le village de Aramoun où se trouve «un château ou sérail appartenant à la famille de l’Emir régnant»62, et gagne, le soir, 60) Ce sont des tribus de nomades qui sont restées à l’entrée sud de Beyrouth jusqu’au 20e siècle. 61) De la famille Arslan. 62) C’était l’Emir Youssef Chéhab qui a gouverné de 1770 à 1788, avec lui commence le gouvernement de la branche maronite de la famille des Chéhab. Voir, K. SALIBY, Histoire moderne du Liban, Beyrouth, 1978,


montagnes 55. On voit aussi à Seyde un château bâti par S. Louis 56, quelques colonnes de marbre, et des parquets de jaspe en mosaïque, qui indiquent la beauté des maisons dont ils faisoient un des ornemens». A Sidon aussi Pagès découvre une mosquée assez considérable qui a mérité sa description57: «Celle-ci forme un carré long, disposé comme toutes les Mosquées, suivant la direction du lieu où l’on est avec la Mecque. Le fond carré est occupé par une grille qui laisse voir le simulacre d’un édifice représentant la maison d’Abraham, située à la Macque; une quantité prodigieuse de lampes alignées et entremêlées d’œufs d’autruches, sont suspendues à la voûte, et tombent ) sept ou huit pieds de distance de la terre. Le pavé est couvert de nattes très propres, destinées aux prosternations qui se font toujours la face tournée du côté de la Mecque».

«J’étois charmé de la beauté du climat, qui, selon moi, est ce dont jouit le plus un homme qui cherche à se rapprocher de la Nature. J’avois parcouru divers climats de l’Univers, et ne trouvois point de position plus favorable à cet égard que celle de la partie sud de la Syrie»; puis il termine «mais sous la latitude de trente à trente-cinq degré, les six mois de l’été sont sans pluie, et les six mois de l’hiver sont d’un froid supportable, et toujours entrecoupé par de longs intervalles où le temps est aussi beau que dans les plus beaux jours de l’été». «Les production du sol de la Syrie sont une preuve incontestable de ce que j’avance. Beaucoup de grains poussent et 55) Nous ne suivons pas l’explication de Pagès, car des découvertes archéologiques ultérieures ont affirmé l’usage funéraire, durant la période phénicienne, de ces grottes. Voir, DCCP, p. 5. 56) Les renseignements de Pagès à propos de ce château méritent une attention particulière quant à son étude historique et archéologique. Ce château est actuellement, dans un état dégradé. 57) Voir, PAGÈS Voyages, p. 371. 58) Nommé Syrie par lui selon le langage de son époque. 59) Voir, PAGÈS Voyages, p. 373–376.

128 Antoine Kassis

La géographie, le climat, la production agricole et l’habilité des hommes ont attiré son attention. Là, il fait des comparaisons avec d’autres régions du monde qu’il a visitées afin de donner un jugement préférentiel pour un Liban58 qui se distingue par son emplacement, sa formation géographique, et par son climat doux et tempéré. Pagès ne cache nulle part son enthousiasme quant à la beauté de la nature où l’homme trouve la paix et le calme. Il écrit59:


chez François de Pagès

descendu par le côté du dedans des terres et en côtoyant la montagne, qui est assez rude, j’entrai dans un vallon étroit, où coule un petit ruisseau 51». Il remonte l’autre côté de ce vallon afin de regagner le village de Aïntoura où il arrive, après six jours de marche, vers dix heures du matin le 23 août 1770.

Le Liban

129

Séjour à Saïda et dans le sud Le 24 août 1770, Pagès se rendit à Beyrouth où il apprit qu’un Chebec52 du Roi devait venir à Seyde53 (Saïda) et ainsi notre voyageur arrive à regagner son pays. Il arrive à Saïda le 25 août 1770, mais le retard du Chebec, la maladie de notre voyageur et l’insistance du Consul de France et de son épouse pour que Pagès reste encore dans la région afin de connaître de près les habitants de la montagne se sont conjugués pour le convaincre notre voyageur de rester au Liban. Une fois à Saïda, Pagès est touché par la verdure de cette région et par les curiosités archéologiques qui y existent, il écrit54: «Les dehors de Seyde offrent les points de vue les plus verdoyans et les plus champêtres que l’on puisse imaginer; des jardins, des vergers fertiles et bien arrosés ne forment que des bois touffus de toutes sortes d’arbres fruitiers, qui sont la plupart couverts de vignes qu’on y laisse s’étendre à volonté. L’on trouve dans les montagnes des environs, des cavernes pratiquées dans le roc, qui, plus ou moins, suivant leur grandeur, ont dix à douze petites cellules: on me dit qu’elles étoient les tombeaux des anciens Habitans de Sydon; mais je croirois plutôt qu’elles servoient de retraite aux anciens Habitans des 51) Voir, PAGÈS Voyages, p 368. Le petit ruisseau n’est autre que Nébaa Hrache (probablement le Haraj cité plus haut) qui irrigue les vergers du village de Ghadir. A l’époque et avant d’emmener l’eau potable de Nébaa el-Assal, par des canalisations, à Jounieh, tous les habitants de la région venaient s’approvisionner en eau de cette source très tôt le matin. Il paraît, selon le témoignage de Pagès que le couvent de St. Jean de Hrache n’a pas attiré son attention bien qu’il ait été fondé en 1643. 52) Une sorte de voilier rapide très connu au 18e siècle et utilisé par les marines. 53) C’est la manière de Pagès de déformer les noms propres. Saïda, à l’époque, était largement fréquenté par les Européens et surtout par les Français, compte tenu de sa situation administrative au sein de l’Empire Ottoman. 54) Voir, PAGÈS Voyages, p. 370–371.


Pagès continue son trajet pour arriver le soir, à Harissa, à l’hospice des Pères de St. François50 où il passe la nuit. «Cet hospice est situé sur le sommet d’une montagne qui est peu distante du bord de la mer, sur laquelle elle domine: mais son sol est sec, stérile et solitaire: il n’y a d’autre eau que celle des citernes. Le lendemain, je partis de bon matin, et après être 47) Voir, PAGÈS Voyages, p 367. 48) C’est la source de Aïn el-Jorn de Ghosta tout pré de l’église actuelle consacrée à Mar Sémaan. 49) C’est la maison du Chéikh Farid el-Khazen. Homme politique et plusieurs fois député sous Mandat Français et sous l’indépendance du Liban. 50) Fondé en 1681, le couvent est toujours occupé par l’ordre des Pères de St. François.

130 Antoine Kassis

quitte le Patriarcat maronite prenant le chemin qui contourne le village dont l’emplacement, l’éblouie. D’ailleurs, il le décrit ainsi47: «Je tournai autour de ce village, qui est très-agréable situé sur la pente d’une haute montagne, cultivée en forme d’un rude amphithéatre, qui laisse de petits espaces pour des jardins et pour des plantations de mûriers: les maisons sont éparses, et occupent le fer à cheval que forme la montagne, et dont l’ouverture est du côté de la mer; elles s’étendent jusque dans le bas, où la montagne forme une croupe encore très-élevée et bien arrosée; elle est par-tout bien cultivée et il y a en outre une source 48 abondante au milieu du village, vis-à-vis la maison d’un Cheikr 49. La position de ce lieu est belle; mais ordinairement, vers l’heure de midi, les nuages qui se trouvent arrêtés par la hauteur à pic de la montagne, obscurcissent l’air et causent une brume épaisse que je crois être mal-saine».


chez François de Pagès Le Liban

131

j’avois passée en allant au Masra»39. Il continue sa marche en direction de la falaise qui surplombe le village de Faraya et Hrajel où il traverse un sol sablonneux peu fertile pour arriver à un village, probablement, Mayrouba40 d’où il redécouvre le Masra (Mazraat Kfardébian) sur la montagne opposée. Le village traversé par Pagès, sans le nommer, est riche en «très-beaux mûriers, bien arrosés, et voisin d’un lieu nommé Haragges 41. Je dépassai ce village, et de même quelques endroits pierreux et des terres sablonneuses et peu fertile»42. Il continue son chemin jusqu’à un plateau situé dans un vallon où se trouve «une espèce de couvent avec une église 43: il n’y a qu’un Moine et un Frère, détachés d’un grand couvent supérieur»44. Passant la nuit au couvent, le lendemain après le petit déjeuné, Pagès se rend vers Bzoummar où il arrive vers neuf heures du matin. Il a le temps de visiter le Patriarche des Arméniens, puis de se dirige vers Ghosta (Agousta cité par Pagès): village qui domine la mer. Là, Pagès va rencontrer le Patriarche maronite d’Antioche45 qui résidait, à l’époque, dans le couvent de Mar Youssef el-Hosn46. Après le déjeuner et vers quatre heures de l’après midi, Pagès 39) Voir, PAGÈS Voyages, p. 365. 40) On devine le nom de ce village si nous suivons de près l’itinéraire de Pagès. 41) Nous croyons que ce village n’est autre que celui de Hrajel situé avant Mayrouba. Avis contraire chez BROC, Autour du monde, note 21, p. 283 qui nomme ce lieu, selon E. Renan, Souvenirs et impressions, p. 224, par Karageh. En fait, ce dernier lieu, Haraj, est connu à l’époque du Moutasarfiah dans la région entre Aïntoura et Zouk Mikaél, Voir I. HAQQI Bey (éd.), Le Liban: Etudes historiques, économiques et sociales, Revu et réédité avec introduction et tables par F. E. BOUSTANY, (Publication de l’Université Libanaise, Section des études historiques, 17), T. 1, Beyrouth, 1969, p. 85. 42) Voir, PAGÈS Voyages, p. 365–366. 43) D’après le chemin de Pagès, le couvent et l’église sont probablement situés dans le village de Béqaata tout pré de Achqout où se trouve le petit couvent, Déir Mar Sarkis et Bakhos (Serge et Bacchus) nommé el-Hriq (fondé en 1766), appartenant à l’ordre des Moines Mariamites connu, à l’époque de Pagès, par les Halépins. 44) Voir, PAGÈS Voyages, p. 366. 45) C’était le Patriarche Youssef Estéfane (1766 – 1793) qui a résidé au couvent Mar Youssef el-Hossen à Ghosta, et transformé par lui en un siège patriarcal durant son épiscopat. 46) Le couvent et son domaine, surtout l’école très célèbre de Aïn Warqa, sont un lègue, à l’église maronite, du Patriarche Youssef Estéfane et de sa famille originaires de Ghosta.


nom de cette source qui ne peut-être que celle de Laban (Yaourt) très connue dans la région. * Suite de la visite de Kesrwan Quittant Nébaa el-Laban, Pagès en suivant, à droite, l’autre pan de la montagne retrouve le pont naturel (Jisr el-Hajar). Il écrit35:

Pagès continue sa marche jusqu’à «un recoin que forment ces montagnes, je vis la source 37 de la rivière de la Croix 38, que 35) Voir, PAGÈS Voyages, p. 364–365. 36) Les mesures données par Pagès sont approximatives. Le pont naturel est situé à 1700m d’altitude et c’est une arche de 31m de largeur, 52m de longueur, 17m d’épaisseur et de 58m de hauteur. 37) Selon la direction de Pagès cette source est celle de Néba el-Assal (Source du miel) qui alimente, avec les eaux de Néba el-Laban, la rivière de la Croix. 38) Rivière de la Croix, «Naher Salib» qui prend sa naissance au point de rencontre des eaux des sources de Néba el-Assal et Néba el-Laban. Elle continue sa direction en passant par la vallée qui sépare Kfardébian, Daraya et Jiita du coté sud-est; et Faraya, Hrajel, Mayrouba, Féytroun, Qléaat et Jiita du coté nord-est; de Jiita cette rivière prend le nom de Naher el-Kalb (fleuve du chien). Il est à noter qu’il faut corriger BROC, Autour du monde, p. 283, note 20 par Wadi Salib et non pas «Salih» et ensuite le lieu de résurgence de cette rivière.

132 Antoine Kassis

«Je passai sur une arche 36 naturelle d’environ quarante pas de large, sur quatre-vingts de long. Je n’ai jamais vu d’ouvrage de la Nature aussi majestueux, et qui imitât aussi bien l’Art en certaines parties. Les eaux des montagnes s’écoulent avec rapidité pendant la fonte des neiges, ont formé un torrent qui saute par une cascade d’environ quarante pieds; il forme ensuite son lit à travers des rochers énormes, sous l’arc ou voûte dont je parle, qui est à cinquante pas au moins au dessous de la cascade. Cette voûte est au niveau du sol; mais elle est élevée au moins de la hauteur de cent pieds au dessus du lit du torrent, qui commence l’ouverture d’un vallon, et elle n’est soutenue que par les deux bords du torrent, comme une véritable arche. Je ne puis concevoir comment la Nature peut l’avoir taillée dans le roc à pic, uniment et en voûte, comme avec un ciseau. L’extrême violence des eaux de la fonte des neiges a miné apparemment le roc le plus foible, et rongé peu à peu et également celui qui reste, dont la dureté et la forme lui ont opposé une égale résistance».


chez François de Pagès Le Liban

133

n’est qu’aux mots de pere au lieu de celui de mere, qui sont aisés à se confondre en Arabe 29. Les gens du pays appellent ce lieu Elfogra30; c’étoit aussi dans ces lieux que Salomon fit couper les cedres dont il construisit une partie du temple de Jérusalem 31. Quoi qu’il en soit, la position de ce temple étoit charmante, et la même que j’ai citée de la plaine, à l’ouest de laquelle il étoit placé». Pagès quitte les ruines de Faqra en se dirigeant vers la montagne. Mais il s’arrête dans une petite plaine où coule une source froide, agréable et limpide; il y partage le repas avec les habitants de Masra (Mazraat Kfardébian). Pagès ne donne pas le nom de cette source qui n’est autre que Aïn el-Arousse32 tout près des ruines. Après son repas, il grimpe sur une colline où il découvre de courtes inscriptions grecques gravées dans le roc mais sans les relever. Il fait allusion aussi à d’autres ruines sans les décrire. Arrivant au sommet de cette colline formée d’un sol à dos d’âne33. Suivant un canal d’eau bien entretenu, il arrive «auprès d’une haute montagne à pic où il trouve une grande source, dont je ne pus découvrir le fond: elle fournit rapidement deux canaux qui peuvent contenir trois pieds cubes d’eau. Sa froideur est telle, qu’ayant voulu en boire, j’eus les dent gelées comme au froid de l’hiver, et je craignis que la fraîcheur ne me donnât des coliques: l’on m’a dit depuis, et j’ai trouvé vraisemblable, que ces sources ne provenoient que de la filtration de la fonte des neiges, qui sont à deux ou trois lieues au nord et plus élevées» 34. Pagès à nouveau ne mentionne pas le 29) Nous ne connaissons pas un cas semblable en arabe afin d’admettre l’explication de Pagès. Il semble que notre voyageur, compte tenu de sa manière de déformer l’orthographe des noms propres, ait proposé ce changement entre père et mère !!! 30) Connu actuellement sous le nom de Faqra. Pagès est le seul, parmi ceux qui l’ont mentionné, à transcrire par Elfogra le nom du site. Voir note supra n° 24. 31) Pagès suit les traditions populaires concernant le rôle de Salomon dans l’histoire ancienne du Proche-Orient et qui ne répondent jamais à une réalité historique. 32) La vocable cArousse signifie Samaké (poisson) qui n’est autre que l’animal associé au culte de la déesse Atargatis. 33) En réalité cet endroit est connu par Dahr el-Baghlé (dos de mulet) sur les plans cadastraux de la région, transformé en un grand rondpoint sous le nom du président Emile Lahoud. 34) Voir, PAGÈS Voyages, p. 363–364.


L’Académie a eu la bonté de m’en donner l’explication; elle désigne l’époque de la construction de la tour où elle est inscrite, et non du temple dont je parlerai bientôt, qui apparemment est plus ancien, et duquel cependant cette inscription fait mention 27.

«Ce bâtiment est presque ruiné; les colonnes et une grande partie des murs sont épars sur terre; il étoit construit entre des rochers taillés à pic et très-hauts, qui servoient de murs à plusieurs de ses côtés; l’on me dit que c’étoit un temple dédié à la Mere des Dieux, lors du regne des Ptolomées, sans savoir lequel. L’ancienneté de cette tradition doit l’avoir altérée, en ce quelle diffère de l’explication de l’Académie; et cette différence 27) La lecture proposée par l’Académie et rapportée par Pagès, est la suivante: «La trois cent cinquante-cinqieme année, Tholmus étant, pour la sixieme fois, chargé du soin du temple du Dieu suprême, ce bâtiment a été construit (L’ere désignée est celle des Séleucides, ou 312 ans avant JésusChrist)». En fait, la lecture finale de cette inscription grecque de Faqra ainsi que tout le corpus du site, est celle de M. J.-P. REY-COQUAIS, Qalaat Faqra: un monument du culte impérial dans la montagne libanaise, Topoi, 9, 1999, p. 629–664. 28) C’est l’autel extérieur du grand temple dédié à Baal Galassos mentionné dans les inscriptions grecques du site. Voir J.-P. REY-COQUAIS, Topoi, 9, 1999, p. 632–638, 645.

134 Antoine Kassis

«On voit des ruines qui s’étendent de cette tour, en descendant vers l’ouverture, à l’ouest de la plaine dont je viens de parler; elle conduisent à des ruines plus considérables, où je découvris une grosse pierre qui pouvoit former, par sa taille et sa forme, la base d’un autel: il y en a à côté une autre, sur le plan de laquelle et au milieu est un carré long, relevé et entouré d’un canal taillé dans la même pierre; elle formoit peut-être la table de même autel 28. L’on trouve ensuite des restes d’une grande porte fort large, aux côtés de laquelle, en dehors, regnent deux galeries qui font face. Au bout de ces galeries sont deux grandes salles ouvertes, ornées de colonnes, dont les chapiteaux, sculptés en fleurs, et en feuillages, indiquent l’immensité et la beauté de l’ouvrage: en dedans de la porte, est une grande cour avec un puits ou souterrain qui est dans le milieu. Dans le fond de cette cour, on voit une galerie qui tient toute la face du bâtiment; elle est ornée de colonnes très-grosses, comme celles du dehors: après cette galerie, toujours en face, sont les ruines d’un mur et le vide d’une vaste salle, au fond de laquelle sont encore d’autres ruines; je n’ai pu découvrir ce qu’il y a dessous, et si elles font la séparation d’une seconde salle qui est en arrière.


chez François de Pagès Le Liban

135

région. Son texte descriptif est très important pour connaître l’état de Faqra et sa région à son époque, un texte qui mérite l’attention à la fois des historiens et des archéologues. Avec l’attention aussi d’un géographe Pagès a écrit25: «Après déjeûner, on me conduisit un peu plus haut, à une plaine d’un sol fertile, d’une petite lieue de longueur sur un quart de largeur. Elle étoit semée des mêmes grains que la colline précédente, et la verdure en charmoit la vue. Cette plaine étoit bornée au sud par la haute montagne, qui offroit des rochers exactement à pic et à perte de vue; elle étoit bornée du côté du nord et de l’est, par une très-petite colline, et elle étoit ouverte vers l’ouest, d’où la vue s’étendoit et dominoit sur les montagnes qui se succédoient dans le lointain 26. L’on me fit voir les ruines d’une tour presque carrée; elle étoit bâtie avec des pierres d’une énorme grosseur, et assez longues pour servir de plancher aux espaces pratiqués en dedans, et de soutien au haut de la porte, au lieu d’arceau. Au dessus de cette porte étoit une inscription en caractère grecs, que je ne pus copier; mais à un angle en dehors j’en trouvai une autre que je copiai en entier et figurativement. p. 81–86. Le voyageur et écrivain libanais Amine Al-Rihani a voulu visiter ce site mais il est décédé sans l’avoir réalisé, A. AL-RIHANI, Qalb Loubnan, Beyrouth, 1975, p. 611. 25) Voir, PAGÈS Voyages, p. 359–362. 26) La vue sur Beyrouth en temps clair.


la route ancienne de ce village montagnard qui débute dans la vallée actuelle de Abou Mizanne, il décrit son chemin22: «J’arrivai au bord d’un vallon à pic. Il n’avoit de sol dans le fond, que la largeur d’une petite rivière qui rouloit ses eaux avec bruit et impétuosité à travers des rochers énormes. Je descendis la montagne à pied, et je passai la rivière sur un pont près d’un moulin. Je remontai la montagne de l’autre bord; c’étoit la plus rude que j’eusse encore rencontrée. Arrivé au sommet, j’étois un peu fatigué; mais j’y trouvai une campagne agréable, plantée des plus beaux mûriers que j’eusse encore vu: l’eau distillée de partout sur un sol fertile, sans pierre, et presque uni par la largeur des amphithéatres et par l’égalité de la crête de la montagne; le dessous des mûriers étoit cultivé en jardinage de différentes especes».

22) Voir, PAGÈS, Voyages, p. 355–356. J’ai eu l’occasion de traverser le même chemin utilisé par Pagès pour arriver à Mazraat Kfardébian. Son témoignage me paraît exacte compte tenu de l’état actuel de ce chemin qui reste praticable depuis Kfardébian jusqu’au fond de la vallée et même audelà en direction de Abou Mizanne. Le pont, le moulin et l’église ancienne sont dans un état de dégradation à cause, d’abord, du changement de la route principale qui mène au village, et en suite de l’irresponsabilité de l’homme qui a utilisé les lieux pour ses intérêts personnels. 23) Voir, J.L. BURCKHARDT, Travels in Syria and the Holy Land, London, 1824. 24) Les ruines de Faqra ont fasciné les voyageurs occidentaux qui, par leur passage vers Jérusalem, l’ont décrites. Voir, J.L. BURCKHARDT, Op. cit.; L. De LABORDE, Voyage de la Syrie, Paris, 1837, p. 36–52; H. GUYS, Relation d’un séjour de plusieurs années à Beyrouth et dans le Liban, Paris, 1847; J.L. PORTER, Five Years in Damascus, London, 1855, p. 29; Ed. ROBINSON, Later Biblical Researches in Palestine an the Adjacent Region, London, 1856, p. 612–614; Mgr MISLIN, Les Saints lieux, Paris, 1858, p. 304-305; U.J. SEETZEN, Reisen durch Syrien, Palästina, Phönizien, die Transjordan-Länder, Arabia Petraea und unter-Äegypten, Berlin, 1–4, 1854–1859, vol 1, p. 248–250; E. RENAN, Mission de Phénicie, Paris, 1864, p. 335-339 (rééd. A Beyrouth, 1997); Dr L. LORTET, La Syrie d’aujourd’hui, Paris, 1884; W.N. THOMPSON, The Land and the Book. Lebanon, London, 1886; J. RICHTER, Mission und Evangelization im Orient, Gutersloh, 1908; Id. A history of protestant mission in the Near East, New York, 1910; B. CONDE, See Lebanon, Beirut, 1960,

136 Antoine Kassis

En réalité le but de Pagès ne visait pas à séjourner à Mazraat Kfardébian mais plutôt d’aller visiter un endroit situé en haute montagne où se trouvent les ruines de Faqra. Il est le premier voyageur occidental à visiter le 21 août 1770 ce site et à l’avoir décrit, bien avant le voyageur anglais J. L. Burckhardt23. Il reste méconnu de tous les autres voyageurs24 qui ont visité cette


chez François de Pagès Le Liban

137

exploré la partie visitée par la mission W.G. Maxwell20 en 1873, mais il n’a pas laissé ses traces à l’intérieur de la grotte. Ce qui est étonnant chez Pagès c’est qu’il est le seul à mentionner la grotte supérieure qui reste méconnue jusqu’à 1958 au moment où un groupe de spéléologue libanais l’a mise au jour. Malheureusement Pagès ne précise ni l’emplacement exacte de l’entrée de la grotte, ni le moyen par lequel il y est pénétré? Dans sa visite de toutes les régions du Liban, Pagès est étonné de remarquer «un sol sec et pierreux»21. Mais malgré cette aridité, la terre qui est aménagée en terrasses par ses habitants, est tellement fertile qu’elle produit des fruits délicieux et fournit une bonne récolte. * Visite de Kfardébian et de Faqra Intéressantes sont ses descriptions géographiques des sentiers traversés souvent à pied ou à dos de mulet. Des sentiers qui sont actuellement méconnus ou peu fréquentés à cause du nouveau tracée des routes ou d’entrée des villages, ont attiré, par leurs contextes naturels, la curiosité de Pagès. Quant il quitte le village de Jelton (Ajltoun) en direction de Mafra (Mazraat Kfardébian) passant par le village de Claat (Qléaat), il traverse 20) Cette mission dirigée par W.G. Maxwell était composée de H. Haxley, D. Bless (directeur à l’époque de la Faculté évangélique syrienne devenue après l’Université Américaine de Beyrouth) et d’autres. 21) Cet idée se répète dans son texte, voir: Voir, PAGÈS, Voyages, passim.


«Le temps étoit couvert et depuis longtemps je n’avois vu ni des nuages entassés les uns sur les autres comme j’en voyois devant moi, ni tomber de pluie: je commençai à regretter la chaleur des climats que je venois de quitter, car les nuits étoient fraîches sur ces montagnes».

La visite du Kesrwan est marquée par la mention et la description de la grotte de Jéiita et des sources de Naher el-Kalb19: «Cette source sort d’une profonde caverne et anti-caverne. Cette anti-caverne, que l’on rencontre d’abord, est fort vaste et formée dans le roc, où pendent quantité de très-belles cristallisations; la caverne qui suit est plus basse en pente, et de difficile accès. Outre les cristallisations qui s’y trouvent aussi, il s’en sépare une de la voûte, qui, tombant jusques à un pied de terre, paroît former une espece de pilier de la grosseur d’un homme. On voit par un trou le cours de l’eau de la source, qui, passant en dessous de ces cavernes, fait, par son abondance et sa chute, un murmure considérable». La description et la visite de Pagès des grottes de Jéiita, en août 1770, est un premier témoignage certain qui devance, presque d’un siècle, celui du pasteur américain William Thomson considéré comme le premier découvreur de cette grotte. En fait, il parait, d’après le récit de Pagès, que notre voyageur a bien 16) Voir, PAGÈS Voyages, p. 345. 17) Voir, PAGÈS Voyages, p. 346. 18) Voir, PAGÈS Voyages, p. 346. 19) Voir, PAGÈS Voyages, p. 349.

138 Antoine Kassis

Sa visite du Kesrwan était déjà préparée, car il a été informé que cette région est bien fortifiée par «les défenses naturelles, par le nombre des montagnes presque inabordables où il est situé»16. Le passage de Naher el-Kalb (Fleuve du chien, le Lycus des Anciens), «formé par des rampes taillées dans le roc»17, est affreux pour lui mais assez doux à franchir. D’ailleurs il s’est attardé à l’embouchure de ce fleuve pour le décrire18: «là, le bord de la mer laisse une plage plantée de mûriers, et arrosée par les eaux de cette rivière, qu’on ménage par le moyen des canaux. Je n’entrai point dans cette plage; je pris à droite en remontant sur le bord de la rivière, qui, quoique serré d’abord par deux montagnes à pic, s’élargit ensuite, et est planté de mûriers. La pente de la montagne, à ma gauche, étoit travaillée en amphithéatre, arrosée et également plantée».


chez François de Pagès Le Liban

139

originalité et sa disqualification par ses contemporains ont été la cause principale de cet éloignement. En effet, c’est ce côté social et ces préoccupations géographiques qui nous intéressent chez Pagès, sans toutefois négliger ou ignorer ses remarques et renseignements sur l’administration et la politique au Liban. Ainsi, Pagès trouve, par l’originalité de son récit, sa place très importante dans le mouvement de l’orientalisme. Certes, la partie consacrée à son séjour au Liban relate tant de sujets portant sur différents axes d’orientation. Nous allons, au terme de cette recherche, suivre Pagès dans ses témoignages et leurs rapports avec le Liban d’autrefois. 1. Nature et géographie Dès que Pagès franchit l’Anti-Liban, il sera ébloui par la beauté de la nature et le travail de la terre. Là où il se déplace il décrit cette beauté et évoque la culture des vignobles, des mûriers et des fruits dont le goût est délicieux. Quant il traverse les deux chaînes de montagne du Liban il remarque des montées et des descentes escarpées, très étroites et rudes; en plus l’abondance de sources et de petites rivières ont été à l’origine de cette verdure dans les petites plaines et les terrains cultivés en terrasse. Touché par le climat tempéré du Liban en descendant de la montagne vers Beyrouth, il écrit15: 15) Voir, PAGÈS Voyages, p. 343.


23 août 1770

Retour à Aintoura par le chemin de la vallée de Hrach (Source de Hrach), après 6 jours d’absence et il regagne Beyrouth le soir du 23 août.

24 août 1770

Nuitée à Beyrouth

25 août 1770

Départ pour Saïda. A son arrivée, il rencontre le consul de France et souhaite partir pour la France, mais sous l’insistance du consul, il décide de rester à Saïda et ses environs où il passe presque un an.

25 août 1770 Il se met à apprendre l’arabe. Il décrit les → mœurs, les traditions, la géographie…. Fin août 1771 Il retourne dans le Kesrwan pour rencontrer le patriarche maronite et il s’absente deux jours.

Fin août 1771 Retour au Kesrwan et séjour à Masra kasar-debian (Mazraat Kfardébian) = Focqra cité à la page 255. Visite de Beca Touta (Beqaatouta) où sont les possessions des Emires de Besconta (Basqinta). Retour à Saïda Fin août 1771 Départ de St Jean d’Acre en direction de Marseilles. Il passe par Chypre, Rhodes, Malte, Tunis, Sardaigne et Marseilles le 5 décembre 1771. Itinéraire de Pagès au Liban

4. Pagès et le Liban Pagès consacre, dans son livre, une trentaine de pages pour décrire son séjour au Liban. Ce récit de voyage du 18e siècle n’a pas eu la notoriété chez les historiens libanais et étrangers puisque, semble-t-il, sa pauvreté en matière de politique ou d’événements sanglants, son aspect ethnologique et social, son intérêt porté à la nature et à la botanique, ou encore son

140 Antoine Kassis

Direction vers Abey en passant par Aramoun. Visite de Déir el-Qamar et le pays du Chouf. Visite de Rechmaya et des villages avoisinant de Abey


chez François de Pagès

14 août 1770

Départ de Beyrouth en direction de Kesrwan, il traverse Naher el-Kalb et se dirige vers le couvent Notre Dame de Louizé; de là il gagne le couvent des Jésuites à Aïntoura où il passe trois jours. Il découvre, en passant, le couvent des religieuses dirigé par les Jésuites.

17 août 1770

Il se dirige vers la montagne du Kesrwan, visite la grotte de Jéiita. Il arrive à Ajltoun où réside un évêque (?), et habite chez la famille Khazen pendant trois jours.

20 août 1770

De Ajltoun il se dirige vers Masra (Mazraat Kfardébian). Il passe à coté de la résidence d’un évêque en direction de Qléaat, puis il prend la route vers Abou Mizan pour traverser le Wadi Es-Salib où coulent les eaux de Nébaa el-Assal (La source du miel) et Nébaa el-Laban (La source du yaourt). Il traverse un pont et un moulin et gagne Mazraat Kfardébian par un sentier rude (c’était la seule route principale pour avoir accès à ce village).

Le Liban

141

Il habite chez le curé du village et passe une nuit chez lui. 21 août 1770

Visite des ruines de Faqra, du pont naturel et du Nébaa el-Laban. Il passe par le village de Faraya ou Mayrouba sans le nommé en précisant que ce village est voisin d’un lieu nommé Haragges (Hrajel?). Puis il continue son chemin vers un couvent où il passe la nuit du 21 août (Le couvent est probablement celui de Déir el-Hriq, de l’Ordre des Moines Mariamite, dans le village de Achqout).

22 août 1770

Direction vers Bzoummar où il visite le patriarche arménien. Puis il quitte pour Ghosta où il passe chez le patriarche maronite (Couvent Mar Chalita). De Ghosta il gagne le village de Harissa où il passe la nuit chez les Pères Franciscains.


Son séjour au Liban est réparti en deux étapes: * Du 8 août au 20 août 1770: arrivée à Beyrouth, visite du Kesrwan et séjours chez les Maronites; * Du 20 août 1770 à la fin d’août 1771: long séjours à Saïda et chez les Druses, il retourne rapidement dans le Kesrwan avant de quitter pour Saint Jean d’Acre. Au total il passe plus d’un an au Liban. Vers le 20 août 1771, il arrive à Saint Jean d’Acre d’où il embarqua en direction de Marseille en passant par Chypre, Rhodes, Malte, Tunis, et la côte méridionale de Sardaigne: un retour qui dure plus de trois mois et il débarqua à Marseille le 5 décembre 177113.

3. Séjour au Liban

Notre voyageur séjournera au Liban plus d’un an durant lequel il visite la région de Kesrwan, de Saïda et du Chouf. Nous traçons dans ce tableau l’itinéraire de son séjour au Liban14: 8 août 1770

Départ de Damas en direction de Beyrouth

9 août 1770

Arrivée dans la Beqaa après avoir traversé l’AntiLiban. Il passe le Litani et arrive dans un village, sans le nommer, qui joue le rôle d’entrepôt de grain pour la région.

11 août 1770

Grimpe la montagne du Liban.

12 août 1770

Il se dirige vers Beyrouth. En arrivant, il visite la douane. Puis il se rend chez les Capucins où il a été accueilli: le Supérieur des Capucins le renseigne sur les Maronites de Kesrwan. Il quitte Beyrouth deux jours après son arrivée.

13) Voir, BROC, Autour du monde, p. 18–20. 14) Voir, PAGÈS Voyages, p. 341– 405.

142 Antoine Kassis

Pagès n’a jamais été exploité par les historiens libanais ou étrangers afin d’exposer l’itinéraire de son voyage et de saisir ce qu’il a ramassé d’informations de tous niveaux. Son séjour au Liban est d’une utilité majeure quant à l’étude de l’histoire du Liban au18e siècle.


chez François de Pagès Le Liban

143

une mission, sans qu’il participe à aucune expédition officielle, après Le Gentil de La Barbinais11 qui entame un voyage semblable à la fin du règne de Louis XIV. L’italien Gemelli Careri12 les devance dans cette aventure entre 1695 et 1698; d’autres, restés anonymes, peut-être ontils fait des voyages semblables? Il arrive à La NouvelleOrléans le 28 juillet 1767, puis continue son chemin vers le Mexique en traversant l’actuel Texas, le Trinité, Colorado, Guadalupe, San Antonio, Rio Grande, Laredo et arrive à Saltillo la première ville mexicaine le 20 janvier 1768. Au Mexique, il visite Caracas, San Luis de Potosi, Querentaro puis Mexico. Il se dirige vers Acapulco afin de ne pas manquer le Galion de Manille sur lequel il s’embarqua le 2 avril 1768 pour atteindre les Philippines le 1er août 1768. Arrivé à Manille le 15 septembre 1768, il y séjourne 6 mois. Puis il Quitte pour Batavia le 7 mars 1769 et il y arrive le 15 avril de la même année. Ensuite, il se dirige vers les pays des Mahratta où il reste plusieurs mois (6 mois). Il revient à Surate d’où il monte sur un bateau, d’un riche arabe, piloté par un marin indien compétent selon Pagès, en direction de Bassora sur l’Euphrate: il y arrive le 25 juin 1770. De Bassora, il accompagne une petite caravane qui se dirige vers Alep: son voyage dans le désert est pénible car il a vécu une expérience inoubliable pour tout son voyage. Pillé dans le désert, il passe par Damas le 3 août 1770 et qualifie ses habitants de «méchants». Le 8 août 1770 il quitte Damas pour Beyrouth. 11) Voir, Etienne M. LE GENTIL de LA BARBINAIS, Nouveau voyage autour du monde, 1–3, Paris, 1728 12) Cf. Giovanni Francesco GEMELLI CARERI, Giro del mondo, Giuseppe ROSELLI éd., Roma, 1699-1700, 2e éd. 1708; Voir aussi la traduction française de Giovanni Francesco GEMELLI CARERI, Voyage du tour du monde, (1651–1725), tr. fr. par E. Ganeau, Paris, 1719, nouvelle éd. augmentée sur la dernière de l’italien, Paris, 1727.


François de Pagès Oublié en France depuis la fin du 18e siècle, il sera rétabli dans les années quatre vingt dix, c’est Numa BROC qui réédite son livre en 19918.

2.1. But du voyage Pagès suit la mode du 18e siècle. Bien que son objectif du voyage soit bien défini9, il ne l’a jamais respecté. En fait, il agit comme tous ses contemporains voyageurs occidentaux qui font des expéditions durant la même période10. Mais il ne rencontrera aucun voyageurs: d’où l’originalité de son voyage. Homme seul, sans appui officiel, sans moyens fournis par quiconque, et à l’inverse des autres voyageurs qui ont pris la route de l’hémisphère sud, lui, par contre, restera dans celui du Nord et il gagnera l’Extrême-Orient par le Pacifique.

Ainsi, il a eu le temps, plus que les autres voyageurs, d’observer, d’écrire et de décrire les sites et les hommes. En vivant chez les indigènes, il est considéré comme le précurseur de la géographie et de l’ethnologie.

2.2. Itinéraire du voyage En fait, il embarqua, le 30 juillet 1767, sur un bateau de commerce français à destination de La Nouvelle-Orléans, tentant d’atteindre les Indes orientales par la route de l’Ouest: Un but jamais réussi, avant lui, par de nombreux voyageurs depuis deux siècles. C’est le deuxième français à effectuer seul 8)

Voir, BROC, Autour du monde.

9)

Voir, BROC, Autour du monde, p. 17–18.

10) A titre d’exemple, voir Louis Antoine BOUGAINVILLE, Voyage autour du monde, édition critique par Michel BIDEAUX et Sonia FAESSEL, Paris, 2001; Voir aussi, Louis Antoine BOUGAINVILLE, Les navigations anciennes et modernes dans les hautes latitudes septentrionales, MAIBEL, Paris, 1788.

144 Antoine Kassis

C’est un voyageur insolite: sans argent, sans bagages ou peu, il utilise tous les moyens de transports: navire européen ou indigène, cheval, mulet, à pieds. Bref, il se contente de peu! Il aura recours à des travaux multiples pour payer ses voyages, c’est ce qui explique ses longs séjours dans plusieurs pays visités: il restera plus de 14 mois au Liban!


chez François de Pagès Le Liban

145 Différente de la première, l’édition de 1797 est en trois volumes, et elle ne contient pas le même texte. En ce qui concerne le séjour au Liban, nous remarquons un autre texte très réduit à une page dont les renseignements concernent la ville de Baalbeck et la Beqaa libanaise seulement sans autre indication à l’ensemble du séjour, il écrit7: «Non loin de-là (de Baalbeck qui est, pour lui, l’ancienne Nicomédie) se trouve un canton délicieux orné de jardin et de verger. Il y règne un printemps continuel. C’est-là qu’est situé le bourg d’Eden, où les Chrétiens orientaux croient que fut autrefois le paradis terrestre. C’est le pacha de Tripoli qui dispose de ce gouvernement».

7) Ibid., vol. 1, p. 167. Nous avons vérifié cette édition dans la BibliothèqueMédiathèque de la Communauté d’Agglomération de Niort où nous avons remarqué, d’abord, la différence entre les deux éditions et de l’éditeur: la 1ère édition, en deux volumes, est publiée chez Moutard, quant à la 2e, en trois volumes, est chez H.-J. Janson, c’est pourquoi nous croyons que des notes concernant l’ensemble du voyage de Pagès oubliées ou bien n’ont pas été pris en considération dans la 1ère édition ont formé le texte de la 2e édition augmentée par le voyage en Italie et en Sicile. Il faut corriger le numéro de cote de la même Bibliothèque en 2077 (Fonds ancien) au lieu de 1077.


1774), à Toulouse. Il a, Probablement, fréquenté l’Ecole des Gardes de la marine de Rochefort. Il s’enrôle dans la Marine royale à partir de 1757 et il y reste jusqu’à son évasion de SaintDomingue le 30 juillet 1767; il avait alors 26 ans, et il rêvait d’exécuter cet ambitieux projet de faire le tour du monde. Il sera de retour à Marseille le 5 décembre 1771.

2. Voyage autour du monde En 1782 dix ans avant sa mort, Pagès publie son livre Voyage autour du monde 3. Bien qu’il n’ait connu aucun succès en France, ce livre sera traduit en hollandais à Rotterdam en 1784, en allemand à Francfort en 1786, un extrait en suédois à Uppsala en 1788 et en anglais à Londres en 17914. G. Boucher de La Richarderie5 signale une deuxième édition augmentée d’un voyage en Italie et en Sicile, et publiée après sa mort en 17976. 3) Voir François de PAGÈS, Voyages autour du monde et vers les deux pôles par terre et par mer pendant les années 1767, 1768, 1769, 1770, 1771, 1772, 1773, 1774 et 1776, 1–2, Paris, 1782, enrichi de cartes et de dessins. Nous nous référons dans notre recherche à cette édition citée: PAGÈS, Voyages; J.-P. REYCOQUAIS, Qalaat Faqra: un monument du culte impérial dans la montagne libanaise, Topoi, 9, 1999, p. 631, cite cette édition comme étant de 1883. 4)

BUV, vol. 1, p. 150–151.

5)

Ibid., p. 150–151.

6) François de PAGÈS, Voyages autour du monde, en Asie, en Amérique et en Afrique, en 1788, 1789 et 1790, précédé d’un voyage en Italie et en Sicile en 1787, 1–3, Paris, 1797.

146 Antoine Kassis

Impliqué dans des événements militaires, il saura s’en sortir et de retour à Paris en 1771, il retrouvera sa place et ses grades d’officiers dans la Marine royale. Il se marie en 1786 après avoir choisi Saint-Domingue comme son lieu préféré d’habitation. Il eut deux filles en 1788 et 1790. Il meurt massacré par une révolte d’esclave, le 11 janvier 1792 à Saint-Domingue.


Patrimoine Historique

Le Liban chez François de Pagès Présentation critique et analytique

Antoine Kassis Professeur à l’Université Libanaise

Orientaliste français, François de Pagès entreprit un voyage autour du monde, il visita le Liban vers la fin du 18e siècle. A travers son journal de voyage, il nous laisse un témoignage vivant et intéressant quant à l’étude de l’histoire, de l’archéologie, de l’ethnologie et de la géographie des régions libanaises de cette époque révolue. Le Liban a suscité la curiosité des orientalistes et des voyageurs occidentaux depuis la visite de l’anonyme de Bordeaux1 au 4è siècle de notre ère. Leur nombre est bien élevé. L’exploration de ce domaine de recherche n’est exploitée que partiellement. Par ailleurs, beaucoup de voyageurs sont méconnus ou peu utilisés ou, encore, négligés: soit par des historiens de leur pays, soit par ceux des pays visités. C’est le cas de François de Pagès: un voyageur français qui a fait le tour du monde au 18è siècle. C’est pourquoi nous avons suivi les traces de ce voyageur original au sens large du terme comme nous allons le découvrir.

1. Biographie de Pagès2 Né à Toulouse le 16 octobre 1740. Nous sommes vaguement informés sur sa jeunesse et son éducation. Issu d’une famille de nobles, son père était le Procureur du Roi, Louis XV (1715– 1) Voir, BORDEAUX Pilgrim, tr. par Aubrey STEWART and annoted by Sir C.W. WILSON, in PPTS, 1–2, London, 1896. 2) Sur sa biographie, voir BROC, Autour du monde: Voyage de François de Pagès par terre et par mer 1767–1771, Paris, 1991, p. 15–17; Voir le compte rendu de: Monique PELLETIER, François de Pagès, Autour du monde, Annales de Géographie, 1992, p. 674; Christian BUCHET, Pagès (François), Autour du monde. Présentation de Numa Broc, Paris, Imprimerie nationale, 1991, 304 p., 127 ill., dans Revue francçais d’outre mer, t. 80, n° 302, 1994, p. 98–99; Voir aussi: Etienne TAILLEMITE, Dictionnaire des marins français, Paris, 2002, p. 402.


Patrimoine Historique

Antoine Kassis Le Liban chez François de Pagès

P. Badih El Hajj

148


‫صدر في ‪‬مرايا التراث‪‬‬ ‫العدد األول‪ :‬خريف ‪/  2014‬شتا ء ‪٢٠١٥‬‬

‫* تراثنا اللبناني‪ :‬معالم وعالمات‬ ‫•حسان حالق‪ :‬بلدية بيروت المحروسة في العهد العثماني‬ ‫•يوسف الحوراني‪ :‬حرمون جبل التجلي ونيسا مغارة أدونيس‬ ‫•ابرهيم كوكباني‪ :‬بعلبك مدينة الشمس ُاللغز الذي لم ُيعد لغزً ا‬

‫* ملف العدد‪ :‬التراث اللبناني الشفوي بين المروي والمحكي والموسيقي‬ ‫المروي‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬بيروت‪ ...‬إحكي لنا من تراثك‬ ‫ّ‬ ‫•جوزف أبي ضاهر‪ :‬الزجل اللبناني من البدايات – شعر الحياة اليومية‬ ‫والتراث‬ ‫•كفاح فاخوري‪ :‬من فصول الحياة الموسيقية في لبنان‬ ‫•محمود زيباوي‪ :‬التراث الفولكلوري الشعبي كما تناوله األخوان رحباني‬ ‫•ناصر مخول‪ :‬اآلالت الموسيقية التراثية‪ :‬تصنيعها والعزف عليها‬ ‫•بديع الحاج‪Le chant traditionnel au Liban :‬‬

‫* إرثنا التراثي‪ :‬تشريعات ومعايير‬ ‫•حنا العميل‪ :‬التراث الثقافي غير المادي‪ :‬تحديات المحافظة عليه‬ ‫•نسيب حطيط‪ :‬أسباب التلف والدمار في المصادر التراثية‬ ‫•محمد ناصر‪ :‬دور التشريعات في حفظ التراث وحمايته‬


‫العدد الثاني‪ :‬ربيع‪ /‬صيف ‪2015‬‬

‫والد َولي‬ ‫عدد خاص في موضوع‪ :‬لبنان في األرشيف الوطني ُ‬ ‫* لبنان في األرشيف المحلي‬ ‫•أحمد حطيط‪ :‬لبنان في أرشيف الحروب الصليبية‬ ‫•الياس القطار‪ :‬أرشيف لبنان في العهد المملوكي‬ ‫•أنطوان القسيس‪ :‬لبنان في الزمن الفينيقي‬ ‫•بطرس لبكي‪ :‬حرير لبنان في األرشيف المحلي واألجنبي‬ ‫•جوزف أبو نهرا‪ :‬لبنان في أرشيف األديار ‬ ‫•حسان حالق‪ :‬لبنان في أرشيف بيروت‬ ‫•رياض غنام‪ :‬لبنان في األرشيف األهلي‬ ‫•عبداهلل المالح‪ :‬لبنان في أرشيف المتصرفية‬ ‫•عمر عبدالسالم تدمري‪ :‬لبنان في األرشيف اإلسالمي‬

‫* لبنان في األرشيف األجنبي‬ ‫الحكيم‪ :‬لبنان في األرشيف الفرنسي‬ ‫•أنطوان‬ ‫ّ‬ ‫•عباس أبو صالح‪ :‬لبنان الخمسينات في األرشيف األميركي‬ ‫•عبداللطيف الحارس‪ :‬لبنان في األرشيف البريطاني‬ ‫•كرم رزق‪ :‬لبنان في األرشيف النمساوي‬ ‫•مسعود ضاهر‪ :‬لبنان في األرشيف األميركي‬


‫العدد الثالث‪ :‬خريف ‪/ 2015‬شتاء ‪2016‬‬

‫العمراني‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•نسيب حطيط‪ :‬ال ـتــراث الـعـمــرانــي فــي ب ـيــروت بين ال ـهــدم والتنمية‬ ‫المستدامة‬ ‫•مي عبود أبي عقل‪ُ :‬‬ ‫تراث لبنان باالندثار‪ُ ...‬م َه َّدد‬ ‫مج َّمد‬ ‫ُ‬ ‫وقانون حمايته في مجلس النواب‪َ ...‬‬ ‫•أنطوان فشفش‪ :‬تطور األشكال العمرانية والمدنية في بيروت منذ نهاية‬ ‫القرن التاسع عشر‬

‫في‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا ِ‬ ‫الح َر ّ‬ ‫ـعبية‪ ...‬قبل َأن تَ ـزُ ول‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬تقاليد ش َّ‬

‫التاريخي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫والتبعية في‬ ‫الحيز الجغرافي اللبناني بين التمايز‬ ‫•جــورج شلهوب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العهدين األموي والعباسي‬ ‫•مسعود ضاهر‪ :‬المسألة الطائفية في لبنان‪ :‬المسار التاريخي واآلفاق‬ ‫المستقبلية‬ ‫•مــروان أبي فاضل‪ :‬جبل الكرمل‪ :‬صراع بين النبي الياس وكهنة بعـل‬ ‫ُصــور الفينيقي‬


‫العدد الرابع‪ :‬ربيع ‪ /‬صيف ‪٢٠١٦‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا غير‬ ‫ّ‬ ‫•وجيه فانوس‪ :‬الشخصية التراثية المدينية في الوجدان الشعبي البيروتي‬ ‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫المادية في لبنان‬ ‫•رجا لبكي‪ :‬مدخل إلى دراسة الحضارة‬ ‫ّ‬

‫الصحافي‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫يائها‬ ‫•جوزف أبي ضاهر‪ :‬الصحافة اللبنانية من َأ ِل ِفها إلى ِ‬

‫* لبنان على أقالم الرحالة (‪)١‬‬ ‫• َأحمد َ‬ ‫األندلسيين في العصور الوسطى‬ ‫حطيط‪ :‬لبنان في كتابات الرحالة‬ ‫ّ‬

‫* تراثنا العائلي‬ ‫•أنطوان مسرة‪ :‬التربية على التراث من الشعار والحنين إلى السلوك في‬ ‫الحياة اليومية‬ ‫‪* Liban: patrimoine historique et touristique‬‬

‫‪• Hareth Boustani: Deir el-Qamar: patrimoine architectural et‬‬ ‫‪urbain‬‬

‫‪• Abdel-Raouf Sinno: The journey of the German emperor‬‬ ‫‪William II to Bilâd ash-Shâm in 1898‬‬


‫العدد الخامس‪ :‬خريف ‪/ ٢٠١٦‬شتاء ‪2017‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫لبناني َأثري وتاريخي في عكار‬ ‫•أنيس شعيا‪َ :‬م ْع َل ٌم‬ ‫ٌّ‬ ‫المادية‬ ‫الدينية في الحضارة‬ ‫•سوالنج الحلو‪ :‬موقع األوقاف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫الشعبي‬ ‫* ملف العدد‪ :‬تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•عبداللطيف فاخوري‪ :‬بيروت أيام زمان‪ :‬الطب وطب األسنان والصيدلة‬

‫الديني‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•عمر عبدالسالم تدمري‪ :‬جامع طينال الحاجب في طرابلس‬

‫* لبنان على أقالم الرحالة (‪)2‬‬ ‫•بيار مكرزل‪ :‬لبنان في رحلة المستشرق البلجيكي َأنسيلمي َأدورنو‬ ‫‪* Notre patrimoine religieux‬‬ ‫‪• Antoine Fischfisch: Église Mar Zakhia  –  Ajaltoun‬‬ ‫‪entre revitalisation et restauration‬‬ ‫‪• Paul Zgheib: L’art Syriaque : les paradigmes de l’existence‬‬

‫‪* Notre patrimoine historico-archéologique‬‬ ‫‪• Jeanine Abdul Massih: La carrière archéologique de Baalbek‬‬ ‫‪dévoile son secret‬‬


‫العدد السادس‪ :‬ربيع ‪ /‬صيف ‪٢٠١٧‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫موحدة‬ ‫•مروان أبي فاضل‪ :‬صيدا وصور في العصر الحديدي (مملكة ّ‬ ‫أم مملكتان؟)‬ ‫الشعبي‬ ‫* َم َل ّف العدد‪ :‬تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•علي شعيب‪ :‬الزعامة الشعبية في جنوب لبنان َ(أحمد َ‬ ‫نموذجا)‬ ‫األسعد‬ ‫ً‬

‫* لبنان على أقالم الرحالة (‪)٣‬‬ ‫• َأحـمـد ح َـطـيـط‪ :‬لبنان وبالد الشام َأ ّي َام حروب الفرنج في الشرق من‬ ‫جبير َ‬ ‫األندلسي (‪ 581–578‬هـ‪1185–1183/‬م)‬ ‫خالل رحلة ابن َ‬

‫التاريخي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•ليندا رزق‪ :‬ظاهرة رائدة في الشرق العربي‪ :‬التعليم العالي في لبنان‪:‬‬ ‫نشأته‪ ،‬منطلقاته‬ ‫‪* Notre patrimoine historique‬‬

‫‪• Dr Ibrahim Kaoukabani: Les stèles de Nahr el Kalb‬‬


‫العدد السابع‪ :‬خريف ‪/ 2017‬شتاء ‪٢٠١٨‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫قديما) حاضرة فينيقية منسية‬ ‫الص َر َفـنْ ـد (صربتا ً‬ ‫•د‪ .‬عصام علي خليفة‪َ :‬‬ ‫بين التاريخ والتقاليد‬ ‫•د‪ .‬صوالنج موريس الحلو‪ :‬معاصر الزيتون ومطاحن الحبوب في قضاء‬ ‫العثماني‬ ‫الشوف ّإبان الحكم‬ ‫ّ‬

‫بهية من تاريخ لبنان المعاصر‬ ‫* َم َل ّف العدد‪ :‬صفحة ّ‬ ‫•وسام اللحام‪ :‬لبنان في طوابعه ُ‬ ‫األولــى‪ :‬منذ ِإعالن دولة لبنان الكبير‬ ‫حتى االستقالل‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا غير‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫اللبنانية‬ ‫المسألة‬ ‫العثمانية على‬ ‫•د‪ .‬مسعود ضاهر‪َ :‬أ َثــر التنظيمات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫(‪)1860 – 1835‬‬ ‫•د‪ .‬جورج شلهوب‪َ :‬أضواء على الجذور التاريخية للكيان اللبناني‬ ‫•د‪َ .‬أمين الياس‪ :‬التجديد في منظومة الفكر العربي (المعلم بطرس‬ ‫نموذجا)‬ ‫البستاني‬ ‫ً‬

‫* مراسالت‬ ‫•أ‪.‬د‪ .‬عمر عبدالسالم تدمري‪ :‬بعلبك‪ ...‬ال ستة أعمدة بل ثمانية!‬


‫العدد الثامن‪ :‬ربيع‪/‬صيف ‪٢٠١٨‬‬

‫التاريخي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫نصار‪ :‬الياس ديب مطر (‪ّ )1910–1857‬أول محاولة لكتابة‬ ‫•د‪ .‬أندريه ّ‬ ‫الوطني‬ ‫التاريخ‬ ‫ّ‬ ‫•د‪ .‬بيار مكرزل‪ :‬القبطان الفرنسي توسان ّ‬ ‫أالر (‪ُ )Toussaint Allard‬م ْن ُ‬ ‫قذ‬ ‫َ‬ ‫األمير بشير سنة ‪1822‬‬

‫* َملَ ّف العدد‪ :‬تقاليدنا َ‬ ‫واألعراف‬ ‫‪‬الخضر‪ ‬بين‬ ‫•مروان أبي فاضل‪ :‬بيروت ‪‬عيد النهر‪ ،‬مار جرجس‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫األساطير والكنائس والمساجد‬ ‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•ميشال حالق‪ :‬عكار المنسية في أقصى الشمال‬ ‫* مهن ِح َر ِف ّية تقليدية‬ ‫•د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‪َ :‬‬ ‫الع َرق‬ ‫‪‬ش ْيل‪َ ‬‬ ‫‪* Notre patrimoine matériel‬‬ ‫‪• Eddy Choueiry: Liban sur Rail‬‬


‫العدد التاسع‪ :‬خريف ‪/ ٢٠١٨‬شتاء ‪٢٠١٩‬‬

‫األدبي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫•د‪.‬إلـهــام كــاّ ب البساط‪ :‬اللبنانية عفيفة كــرم ‪‬غــادة عمشيت‪ ‬رائــدة‬ ‫الرواية في َ‬ ‫األدب العـربي‬ ‫‪/‬االجتماعي في َأعمال َأنيس‬ ‫التاريخي‬ ‫•د‪ .‬إيلي حليحل‪ :‬ذاكرةُ تُ راثنا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فريحة‬ ‫* َملَ ّف العدد‪ :‬نافذة على نجمة بيروت‬ ‫•عبد الفتاح خطاب‪ :‬زاوية حنين من ذاكرة بيروت‪ :‬مقهى الحاج داود‪‬‬ ‫شاع ُر َ‬ ‫ـاشـق َب ْـي ُـروت‬ ‫الزعنِّ ي ِ‬ ‫الشعـب وع ِ‬ ‫•د‪ .‬وجيه فانوس‪ :‬عمر ّ‬ ‫•عبد اللطيف فاخوري‪ :‬الهندسة المعمارية في بيروت‬ ‫التاريخي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية‬ ‫•د‪ .‬ليندا رزق‪ :‬حميد فرنجية‪ :‬رجل االستقالل والمواقف‬ ‫ّ‬ ‫•د‪ .‬ديانا بشارة جحا‪ :‬يوسف الحويك رائد النحت في لبنان‬


‫العدد العاشر‪ :‬ربيع‪/‬صيف ‪٢٠١٩‬‬

‫المادي‬ ‫* تراثنا غير‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫تربية لجيل الغـد‬ ‫مسره‪ :‬تراث لبنان القيمي ثقافة من أمس‬ ‫•أنطوان ّ‬ ‫المادي‬ ‫* تراثنا‬ ‫ّ‬ ‫رث من بالدنا ِإلى كل بالد‬ ‫•د‪ .‬كمال ديب‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫المذاق اللبناني ِإ ٌ‬ ‫•د‪ .‬رجاء يوسف لبكي‪َ :‬‬ ‫الك ْـلس‬ ‫وس َـمر في انتظار ِ‬ ‫األتُّ ون‪َ ...‬س َهر َ‬ ‫* َملَ ّف العدد‪ :‬بعلبك كما كانت‪ ...‬بيروت لو تكون‬ ‫• َّ‬ ‫مخططات هيكل جو�يتر‪ -‬بعلبك في كتاب ‪‬المهرجان‪‬‬

‫‪* Notre patrimoine musical‬‬ ‫‪• P. Badih El Hajj: Le chant syriaque maronite‬‬ ‫‪et le chant traditionnel libanais‬‬

‫‪* Historical / Educational Heritage‬‬ ‫‪• Halide Edib: Memoirs of Halide Edib‬‬


‫زمن لبنان الكبير‪ :‬عدد خاص باألول من أيلول ‪٢٠١٩‬‬

‫•لبنان الكبير‪ :‬التقسيمات اإلدارية واسترجاع األقضية األربعة‬ ‫•الجنرال غورو في ِإعالن ‪‬لبنان الكبير‪‬‬ ‫• َح َ‬ ‫ول البطريرك الحويك في ‪‬اليوم الكبير‪‬‬ ‫•النشيد الوطني في َ‬ ‫األ َّول من َأيلول‬

‫•ميشال ُّزكور في افتتاحية ‪‬المعرض‪:‬‬ ‫َ‬ ‫‪‬أول َأيلول ُي ِّ‬ ‫ـمثل الفكرةَ السامية‪ :‬لبنان ِبـحدوده الطبيعية‪‬‬ ‫•الشيخ بشارة الخوري قبل ربع قرن من رئاسته‬

‫•عنبرة سالم الخالدي‪ ... :‬ال يا سيدتي‪ ،‬سنكون عديدين‬ ‫لخدمة وطننا ال لخدمة فرنسا االنتداب‪‬‬ ‫•رسالة كليمنصو ِإلى البطريرك الحويك‬ ‫•المطران مبارك إلى البطريك الحويك‪:‬‬ ‫الجميل مندوبان ِإلى غبطتكم‬ ‫ِإميل ِإ ّده ويوسف‬ ‫ّ‬ ‫•وسام اللحام‪َ :‬‬ ‫األول من َأيلول‪ُ ...‬وأولى الخطوات الرسمية‬

‫الم ْط َلق‬ ‫•بطريرك ‪‬لبنان الكبير‪ :‬لن نرضى ِإ َّال باستقاللِ هِ‬ ‫ِّ‬ ‫التام ُ‬ ‫دود ِه َ‬ ‫األصلية‪‬‬ ‫وباستعادةِ ُح ِ‬


Mirrors of Heritage Refereed journal published twice a year by The Center for Lebanese Heritage (CLH) at The Lebanese American University (LAU)

Henri Zoghaib – Editor

Issue No. 11 – Fall 2019 / Winter 2020

Historical Heritage: Tourism in the 1930s, Lebanese Paper Currency 1919 – 1964, The Mills in Lebanon Special Section: The Era of Greater Lebanon Judicial Heritage: Douma Tribunal Historical Heritage: Lebanon as perceived by François de Pagès

Center for Lebanese Heritage Lebanese American University, Kraytem, Beirut – Lebanon Phone: +961.1.78 64 64 (ext: 1600) Fax: +961.1.78 64 60 P.O. Box: 5053 13 Beirut – Lebanon email: clh@lau.edu.lb www.lau.edu.lb/centers-institutes/clh Design and layout by STRATCOM – LAU


Mirrors of Heritage ٢٠٢٠ ‫  شتاء‬/ ٢٠١٩ ‫العدد الحادي عشر – خريف‬

‫َم َل ّف العدد‬

‫زمن لبنان الكبير‬ َّ ‫علَ ٌم من بيروت‬ • ‫كل لبنان‬ َّ ‫غطى‬ ‫المطاحن َأيام زمان‬ •

٢٠١٩  ‫العدد الحادي عشر – خريف‬

Mirrors of Heritage

Issue No. 11 – Fall 2019

Issue No. 11 – Fall 2019 /  Winter 2020

Special section The Era of Greater Lebanon • Tourism

in the 1930s • Douma Tribunal


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.