ﻴﺴﺄﻟﻭﻨﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ ﺍﻟﻤﻭﺅﺩ "
ﺘﺄﻟﻴﻑ :ﺩ .ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ
1
ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ : ﻴﻌﻜﺱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺼﻭﺭﺓ ﻋﻥ ﻤﺴﺎﺭ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒـ"ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ " ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﻭﺃﺩﻩ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺨﻼل ﺜﻼﺙ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ"
ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﻀل ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﺤﺘﻀﺎﻥ ﻤﺸﺭﻭﻋﻨﺎ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻭﻤﺎ ﺍﺴﺘﺩﻋﺘﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﻤﻥ ﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻭﺴﺠﺎﻻﺕ ﻭﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺒﻠﻐﺕ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ﺘﺤﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ .
ﻟﻘﺩ ﻗﻤﻨﺎ ﺒﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﺇﻟﻰ ﻗﺴﻤﻴﻥ ،ﻤﺘﻭﺨﻴﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﺴل ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺒﻲ ) ﺍﻟﻜﺭﻭﻨﻭﻟﻭﺠﻲ ( ﺒﻬﺩﻑ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ﺘﺨﻠﹼﻕ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻭﺃﺩ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒـ" ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ " ،ﻓﺒﺩﺃﻨﺎ ﺍﻟﻘﺴﻡ
ﺍﻻﻭل ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﺎﻅﺭ ﺯﻤﻨﻴﺎ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﻤﻤﺘﺩﺓ ﺒﻴﻥ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ ٩٩ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ٢٠ﺍﻴﻠﻭل ،٢٠٠٠ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺩﺭﺕ ﺒﻌﺩ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺜﻼﺜﺔ ﺸﻬﻭﺭ ﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻷﻭل ﺴﻨﺔ ، ٢٠٠١ﻓﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﻫﺎﺘﻴﻥ ﺍﻟﻠﺤﻅﺘﻴﻥ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﺃﻁﺭﺘﺎ ﺍﻟﺭﺒﻊ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻤﻥ ﺴﻨﺔ ٢٠٠٠ﻜﺘﺒﻨﺎ ﺜﻼﺙ ﻤﻘﺎﻻﺕ ،ﻜﻨﺎ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺨﻀﻡ ﺍﻟﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻹﺼﺩﺍﺭ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻹﺤﻴﺎﺀ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ) :ﻭﻴﺴﺄﻟﻭﻨﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ -
ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﺎﻤﺸﻲ ..ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ -ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ( ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﻘﻴﺕ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ،ﺒﻌﺩ ﻗﺭﺍﺭ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻓﻜﺎﻥ ﻟﺫﻟﻙ ﺘﺩﺍﻋﻴﺎﺕ ﺭﺼﺩﺘﻬﺎ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﻗﺩ ﺨﺼﺼﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﻓﻲ ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ . ﻟﻘﺩ ﻭﺠﺩ ﻨﺹ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﺭﺍﻏﺎ ﺭﻭﺤﻴﺎ ﻏﺎﺌﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻓﻤﻸﻩ ،ﻭﻟﺫﺍ ﺘﺭﻙ ﺃﺼﺩﺍﺀﺍ ﻭﺍﺴﻌﺔ ،ﺇﺫ ﻨﺸﺭ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﻴﺘﻴﻥ ،ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻨﺸﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﻠﻘﺘﻴﻥ ،ﻜﻤﺎ ﻨﺸﺭ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﺔ
"ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ" ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺯﺍﻭﻴﺔ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﺘﺒﻬﺎ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺠﻤﺎل ﺍﻟﻐﻴﻁﺎﻨﻲ ، 2
ﻜﺭﺴﺕ ﻟﻠﺤﻔﺎﻭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺭﺤﻴﺏ ﺒﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻭﻤﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺃﻗل ﺤﺎﺠﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎﺹ ﺤﻭﺍﺭﻴﺎ ﻭﻨﻘﺩﻴﺎ ﻤﻊ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ !. ﺜﻡ ﺘﻌﻭﺩ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ –ﺒﻌﺩ ﻨﺼﻑ ﺴﻨﺔ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ -ﺇﻟﻰ ﺘﻨﺸﻴﻁ ﺃﻨﺴﺎﻡ ﻟﺤﻅﺎﺕ ﺍﻟﺭﺒﻴﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩ ﺩﺨﻠﺕ ﻏﺭﻓﺔ ﺍﻻﻨﻌﺎﺵ ﺒﻌﺩ ﻗﺭﻉ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻁﺒﻭل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﻤﻁﻠﻊ
ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﺌﻴﻤﺔ . ﻟﻘﺩ ﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻓﻲ ﺃﻋﺩﺍﺩ / ٧ / ١٠ - ٩ -٨ ، ٢٠٠١ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻨﺹ " ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻘﺒﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻜﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ،
ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻘﺒﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻜﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻗﺩ ﺨﺘﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺴﻡ )ﺍﻷﻭل( ﺒﺤﻭﺍﺭ ﻨﻘﺩﻱ ﻭﻜﺎﺸﻑ ﻭﻤﻭﻏل ﻤﻊ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻤﺜﹼل ﺍﻟﺭﺩ ﺇﻴﻤﺎﺀﺓ ﻤﻬﻤﺔ
ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﺇﺫ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻜﺎﺘﺏ ﻴﻌﻴﺵ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺎﻭﺭ-ﻭﺒﻠﻐﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ -ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ -ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺩىﻌﻘﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ -ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻜﺜﺭﻤﻥ ﺍﺴﺘﺩﻋﺎﺀ ﻭﺍﺴﺘﻴﻀﺎﺡ .
ﻭﻗﺩ ﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻓﻲ ﻜﺭﺍﺱ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺒﺎﻋﺩﺍﺩﻩ
ﻭﺘﻭﺯﻴﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﻁﺎﻕ ﻭﺍﺴﻊ ،ﻜﻤﺎ ﻨﺸﺭ ﻨﺹ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺒﺎﺕ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻲ ﻜﺭﺍﺱ ﻤﻌﺩ ﻋﻥ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎﻻ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺤﺘﻀﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ،ﺭﻏﻡ ﺍﻋﺘﺭﺍﺽ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ،ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺍﻹﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻼﺒﺴﺎﺕ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻟﺤﻘﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻜل ﻓﺼل ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺴﻴﺎﻗﻪ ﺫﻟﻙ .
ﻜﻤﺎ ﺴﻴﻀﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺴﻡ )ﺍﻷﻭل ( ﻓﺼﻼ ﻤﺨﺼﺼﺎ ﻴﻌﻜﺱ ﻁﻤﻭﺡ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻟﻼﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ
ﺭﺒﻴﻊ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺤﻭﺍﺭﻨﺎ ﺍﻟﻨﻘﺩﻱ ﻤﻊ "ﻭﺜﻴﻘﺘﻬﻡ" ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻘﺒﻭل ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﻭﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌﻠﻬﻡ . ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﻟﻘﺩ ﻏﻁﺕ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﻜﻭﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻀﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺒﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﻭﺃﺩﻩ ،
ﺤﻴﺙ ﺨﻴﻡ ﻤﻨﺎﺥ ﻤﺘﻠﺒﺩ ﺒﻐﻴﻭﻡ ﺍﻟﻜﺂﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺅﻡ ﻭﺍﻟﻘﻠﻕ ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﻋﻴﺩ ﺒﻌﺩ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﺍﻟﻌﺸﺭﺓﺍﻟﻨﺎﺸﻁﻴﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺴﺘﺘﺭﺩﺩ ﺍﺴﻤﺎﺅﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻓﺼل ﻤﻥ ﻓﺼﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻭﺸﻬﺩﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻹﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ -ﻤﺎﻗﺒل ﺇﻁﻼﻕ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ -ﻨﻭﻋﺎﻤﻥ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻠﻀﺭﺒﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﺴﺘﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺤﻭﺍﺭ ﻤﺯﻋﻭﻡ ﺘﺤﺕ ﻅﻼل ﺴﻴﻭﻑ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺒﻤﻭﺠﺒﻬﺎ ﺃﻱ ﺍﻤﺘﺜﺎﻻ ﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭﺓ ) ﺍﻟﺘﺭﻫﻴﺏ ﻭﺍﻟﺘﺭﻏﻴﺏ ( ) ﺇﻤﺎ ﺍﻟﻘﺒﺭ
ﻭﺇﻤﺎ ﺍﻟﻘﺼﺭ ( ﺇﻤﺎ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺍﻭ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻫﺩﻑ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ،
ﻤﻤﺎ ﺘﻁﻠﺏ ﻤﻭﻗﻔﺎ ﺸﺠﺎﻋﺎ ﻻﻴﻔﺭﻁ ﺒﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﻨﺔ ﺤﻘﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﻁﻴﺔ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩﺓ 3
،ﻭﻜﺎﻥ ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﺒﺭﺍﺯﺍﻟﻨﺯﻭﻉ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻡ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﻴﻤﻴﺯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﻫﻭ ﻤﻘﺎل ) ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ..ﺃﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺈﻋﺩﺍﻤﻙ ( ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺤﻜﻡ ﺒﻌﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻤﻤﺎ ﺸﻜل ﻟﻨﺎ ﺼﺩﻤﺔ ﺘﺠﺎﻩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻴﺔ ﺍﻟﻠﻬﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﺭﻫﺎﺒﻴﺘﻬﺎ
ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻓﻭﻀﻌﻨﺎ ﺩﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻜﻔﻨﺎ – ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻥ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻜل ﻓﺼﻭﻟﻪ ﻴﻜﻤﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ – ﻭﻜﺘﺒﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ،ﻟﻨﻌﻴﺩ ﻗﺫﻴﻔﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺇﻟﻰ ﻓﺴﻁﺎﻁ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺇﻋﻼﻥ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺭﻓﺽ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺒﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺝ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﺩ ﺸﺭﺴﺎ ﻓﻲ ﻋﺩﻭﺍﻨﻴﺘﻪ ﻭﺼﻴﻐﺘﻪ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺸﻌﺏ ﺫﻱ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﻤﻨﻲ ﺭﺍﺡ ﻴﺩﻋﻭ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ – ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﺯﻤﻨﺔ ﺍﻟﺘﻁﻬﻴﺭ – ﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻨﺎ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﺒﻤﻘﺎل ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ) ﺃﺩﻋﻭ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ( ﻓﻜﺎﻥ ﺨﻁﺎﺒﺎ ﺘﺼﻌﻴﺩﻴﺎ ﺘﺼﻔﻭﻴﺎ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻟﻠﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻻ ﺘﻌﻨﻲ ﺴﻭﻯ ﺍﻻﻋﺩﺍﻡ ! ﻤﻊ ﺴﻠﺴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺘﺘﻭﺠﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺤﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻀﻲ . ﻭﺭﺍﻓﻕ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺫﺍﺘﻪ ،ﺍﺘﺼﺎﻻﺕ ﻤﻥ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﺘﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺒﺎﺘﺨﺎﺫ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ﻭﺒﺎﻨﺘﻅﺎﺭ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺼﺭ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻱ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﺒﺭ ﺘﻼﻋﺏ ﺘﻘﻨﻲ ﺃﻤﻨﻲ ﺒﻬﺩﻑ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﺘﻬﻭﻴﺵ ﻭﺍﻟﺘﺸﻭﻴﺵ ﻓﺎﻟﺘﻁﻔﻴﺵ !
ﻟﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ) ﺍﻟﺘﺼﻔﻭﻴﺔ ( ﺩﺨﻠﺕ ﻓﻲ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻟﻘﺎﺌل " ﺭﺏ ﻀﺎﺭﺓ ﻨﺎﻓﻌﺔ " ﺇﺫ ﺍﺴﺘﻨﻔﺭﺕ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺍﻴﻘﻅﺕ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﺤﺭﺍﻜﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﺍﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﺒﺎﺕ ﺘﺤﺕ ﻤﻅﻠﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺎﻋﺘﻬﺎ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻀﺩ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺸﺎﻋﺕ ﺘﺴﻤﻴﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﻌﺸﺭﺓ ﺍﻷﻓﺎﻀل . ﺇﺫ ﻜﹸﺘﺒﺕ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻜﺭﺓ ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ ) ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻻﻤﻨﻴﺔ ( ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﺭﺩﻨﺎ ﻟﻬﺎ ﻓﺼﻼ ﻤﺴﺘﻘﻼ ،ﻭﻅﻬﺭ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺜﺒﺘﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻠﺤﻕ ،ﻤﻨﻬﺎ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﻭﻗﻌﻬﺎ ﺤﻭﺍﻟﻲ ١٥٠ﻤﺜﻘﻔﺎ ﻭﻜﺎﺘﺒﺎ ﻭﻓﻨﺎﻨﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻋﺭﺒﻴﺎ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺇﻴﺫﺍﻨﺎ ﺒﺩﺨﻭل ﺭﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﻥ :ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻭﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ) ﻤﺨﺭﺠﻴﻥ ﻭﻤﻤﺜﻠﻴﻥ ( ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺇﺫ ﺍﺴﺘﺸﻌﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﻴﻕ ﺒﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ، ﻓﻴﻤﺎ ﺒﺩﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺩ " ﻴﺫﻜﺭ ﺒﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﺘﻴﻕ " ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻭﻤﺎﺯﺍل ﻜﺎﺒﻭﺴﺎ ﺜﻘﻴﻼ ﻴﻘﺘل ﺍﻟﻌﻘﻭل ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺒﺩﻋﺔ ،ﻭﺴﻴﻔﺎ ﻤﺸﻬﺭﺍ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ،ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺒﻼﻍ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ، ٢٠٠٢/٩/٥ﻭﻫﻭ ﻤﺜﺒﺕ ﻓﻲ ﻤﻠﺤﻕ ﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ . ﻭﻗﺩ ﺃﻀﻔﻨﺎ ﻓﺼﻼ ﺜﺎﻟﺜﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﺴﻡ ،ﻴﻭﺍﻜﺏ ﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻻﺼﻼﺡ ،ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻔﻴﺔ ﻫﺯﻴﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻭﺴﻘﻭﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﻨﻘﺩﻡ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭ ﻤﻨﻬﺠﻲ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻨﺎﺴل ﻤﻥ ﺼﻠﺏ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺘﺤﺕ ﺼﻴﻐﺔ ﺇﻥ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﺸﻤﻭﻟﻴﺎ ﻻ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻤﺠﺘﻤﻌﻪ ﻭﺸﻌﺒﻪ ﻻ ﻴﺤﻤل ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺼﻤﻭﺩ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ، ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﺍﻻﻨﻜﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺯﻭﻑ ﻭﺍﻟﻼﻤﺒﺎﻻﺓ ﻭﺍﻟﺫﻫﻭل ،ﻴﻌﺎﻗﺏ ﺃﻨﻅﻤﺘﻪ 4
ﺒﺎﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻨﺸﺅﻭﻩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻫﻲ "ﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺼﻤﺕ" ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺄﺘﻲ ﺠﺤﺎﻓﺎ ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ،ﺇﺫ ﻴﻘﻑ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺤﻴﺎﺩﻴﻴﻥ ﻻﻤﺒﺎﻟﻴﻥ "ﺴﻜﺎﺭﻯ ﻭﻤﺎﻫﻡ ﺒﺴﻜﺎﺭﻯ" ﺘﺠﺎﻩ ﻨﻅﺎﻤﻬﻡ ﻭﻫﻭ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺒﻼ ﻤﺒﺎﻻﺘﻬﺎ ﻭﻋﺯﻭﻓﻬﺎ ﻭﺍﻨﻜﻔﺎﺌﻬﺎ ﻭﺫﻫﻭﻟﻬﺎ ﺇﻨﻤﺎ ﺘﻬﺯﻡ ﺍﻨﻅﻤﺘﻬﺎ ،ﻗﺒل
ﺃﻥ ﺘﻬﺯﻤﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻤﺘﻔﻭﻗﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻫﺯﻡ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻫﻭ ﺸﻌﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﻗﺏ ﻨﻅﺎﻤﻪ ﺒﺼﻤﺕ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺒﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺃﻗل ﺘﻔﻭﻗﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﻴﻥ ﺸﻌﺏ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭﻴﻥ . ﺃﺭﺩﻨﺎ ﻤﻤﺎ ﻜﺘﺒﻨﺎﻩ ﻭﺍﺜﺒﺘﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺼل ﺃﻥ ﻻ ﻴﻀﻴﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻓﺭﺼﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻻﺴﺘﻨﻬﺎﺽ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻴﺸﻜل ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺴﻠﻴﻤﺔ ﻟﺼﻤﻭﺩ ﻤﺎ ﺯﺍل ﻤﻤﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﻋﺎﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻭﺘﺤﺩﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺘﻌﻴﻥ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﻬﻴﻐﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﺯل ﻓﻲ
ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﺎﻡ ﺍﻷﻟﻔﻴﻥ ﺘﺤﺕ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﺔ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ – ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ – ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ " ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻻ ﺘﻨﻁﻔﻲ ﺸﺭﺍﺭﺓ " ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ " ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻨﻘﺩﺤﺕ ﻓﻲ ﻋﻤﺎﺀ ﻭﺠﻭﺩﻨﺎ ﺍﻟﻘﺎﺤل ﺭﺒﻴﻌﺎ ﻋﺎﺒﺭﺍ ﻤﻭﺅﺩﺍ ﻓﻲ ﺤﻠﻜﺔ ﻟﻴل ﺒﻬﻴﻡ ﻭﺼﺤﺭﺍﺀ ﺠﺩﺒﺎﺀ ،ﺃﺠﺩﺒﺕ ﺭﻭﺡ ﻭﻋﻘل ﻭﻭﺠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺍﻷﻤﺔ .
ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﻬﺘﺒﻠﻬﺎ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻟﺘﺤﻴﺔ ﺠﺭﻴﺩﺓ ) ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ( ﻓﻲ ﺸﺨﺹ ﺭﺌﺎﺴﺘﻬﺎ ) ﻏﺴﺎﻥ ﺘﻭﻴﻨﻲ ﻭﺠﺒﺭﺍﻥ
ﺘﻭﻴﻨﻲ ( ﻭﺍﻟﺼﺩﻴﻘﻴﻥ ﺠﻬﺎﺩ ﺍﻟﺯﻴﻥ ﻭﺇﻟﻴﺎﺱ ﺍﻟﺨﻭﺭﻱ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﺩﻴﻥ ﻟﻠﻤﻨﺒﺭ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ﺍﻟﺤﺭ ﻭﺍﻟﻨﺯﻴﻪ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ،ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺤﺫﻑ ﻭﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ،ﺤﻴﺙ ﺸﻜﻠﺕ ﻟﻲ ﻭﻟﻠﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ) ﺒﻘﻌﺔ ﻀﻭﺀ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ( ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍﺕ ﻅﻼﻡ ﺍﻟﻨﻔﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﻴﻪ ﻨﺘﺭﺩﻯ ...
٢٠٠٣ - ٧-٢٢
5
ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺘﻤﻬﻴﺩ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ
ﻤﻥ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ
6
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ :
ﻤﻥ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﻨﺫ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒـ" ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ " ٩٩ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺒﺄﻭﻟﻭﻴﺔ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﺩﺨﻼ ﻭﺤﻴﺩﺍ ﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺘﺸﻬﺩ ﺤﺭﺍﻜﺎ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺎ .
ﻓﻜﺄﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺄﺴﻨﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺎل ﻋﻘﻭﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ،ﺘﺨﻠﻰ ﻓﻴﻬﺎ – ﺒﻤلﺀ
ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ – ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ ﺒﺤﺠﺔ " ﺤﺭﻕ ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل " ؛ ﻭﺇﺫ ﺒﻪ ﻴﻜﺘﺸﻑ ،ﺒﻜﺎﻓﺔ ﺘﻴﺎﺭﺍﺘﻪ ،ﺤﺎﺠﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺍﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﺴﻴﺭﻭﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻤﻨﺫ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺤﻭل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺒﺭﺓ ،ﻭﻜﺄﻥ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺍﻟﻬﻴﻐﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻓﺭﻑ ﻓﻭﻕ ﻁﻴﺎﺕ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻗﺭﺭ ﻓﺠﺄﺓ ﺃﻥ ﻴﺤﻁ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ٢٠٠٠ﻓﻲ
ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻟﻴﺘﻌﻴﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺜﻼﺜﻴﺔ " :ﺍﻟﻤﺠﺘﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ – ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ – ﺤﻘﻭﻕ
ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ " .ﻟﻘﺩ ﺍﻨﻘﺩﺤﺕ ﺸﺭﺍﺭﺓ " ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ " ﺃﺨﻴﺭﺍ ﻓﻲ ﺤﻠﻜﺔ ﻟﻴل ﺒﻬﻴﻡ ﻁﺎل ...ﻭﻁﺎل !
7
ﻜﻴﻑ ﺒﺩﺃﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ؟ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ) ( ٢٠٠٠ﺒﺩﺃ ﻟﻔﻴﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﺩﻭﺭﻴﺔ ، ﺍﺨﺘﺎﺭﻭﺍ ﻟﻬﺎ ﺍﺴﻡ " ﺠﻤﻌﻴﺔ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ،ﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺘﻭﺍﻟﻲ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﻭﺘﻭﺴﻊ ﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺩﻴﻥ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻘﻭﺽ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺠﻲ ﻟﺒﺴﻴﻜﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺩﺕ ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ
ﺨﺼﻴﺼﻴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺴﻭﺭﻴﺔ .
ﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻻﺸﻙ ﺃﻥ ﺭﺩﺓ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺩﺌﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻠﻰ " ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ " ٩٩ﺃﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺇﺫﻜﺎﺀ ﺭﻭﺡ ﺍﻷﻤل ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺏ ﻤﻊ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻻﺼﻼﺡ ،ﻭﺃﺴﻬﻡ – ﻤﻥ ﺜﻡ – ﻓﻲ ﺒﺯﻭﻍ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﺩﻗﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻟﺨﻁﺎﺏ ..ﻭﻟﻭ ﺒﺤﺫﺭ ﺸﺩﻴﺩ ،ﻓﻘﺩ ﻋﺎﺸﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻁﻭﻴﻼ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ " ﺨﺼﻭﺒﺔ ﺍﻟﻼﻤﺘﻭﻗﻊ " ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺒﺭﻭﺩﻭﻥ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻴﺘﺒﺎﺩﻻﻥ ﺍﻟﺤﺫﺭ ﻤﻥ ﻤﺠﻬﻭل ﺁﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺤﺩﺩ ،ﺇﺫ ﺤﻴﻥ ﺘﻐﻴﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﻴﺴﻭﺩ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﻴﺴﺒﺢ ﺍﻟﻜل – ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ – ﻓﻲ ﻓﻠﻙ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻓﺎﻟﻁﻐﻴﺎﻥ – ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ – ﻫﻭ ﺃﻥ ﺘﺘﺼﺭﻑ ﺩﻭﻥ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺤﺴﺎﺏ ! ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺒﺩﺃﺕ ﻟﻘﺎﺀﺍﺘﻨﺎ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻟﻠﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺼﻴﻐﺔ ﺒﺩﻴﻠﺔ ،ﺘﻁﻭﺭ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺘﻔﻌﻠﻬﺎ ، ﻭﺘﻁﻤﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺘﺠﺎﻭﺯ " ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ " ﻭﻓﻕ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺸﻬﻴﺩ ﻤﻬﺩﻱ
ﻋﺎﻤل ،ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺘﺨﺸﺏ ﻭﺘﺨﺜﺭ ،ﻭﺘﺼﻠﺒﺕ ﺸﺭﺍﻴﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻜل ﺃﺸﻜﺎﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ )
ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ – ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ( ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺃﻱ ﻓﻲ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭ " ﺠﺒﻬﺘﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ " ﻓﻜﺎﻥ ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺘﻔﺠﻴﺭﻩ ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻭﺃﺴﻠﻭﺒﻴﺎ . ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻬل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺼﻴﻐﺔ ﻤﺘﻔﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﺩﺩﻨﺎ ﻜﻤﺅﺴﺴﻴﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﻜﺎﻥ ﺤﻭﺍﻟﻲ ٢٠ﻤﺜﻘﻔﺎ ،ﻴﺘﻨﻭﻋﻭﻥ ﻓﻲ ﻓﻲ ﺃﺸﻜﺎل ﺇﻨﺘﺎﺠﻬﻡ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ :ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﺍ
ﻭﺃﺩﺒﺎ ...ﻭﻴﺘﻨﻭﻋﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﺸﺎﺭﺒﻬﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻤﺭﺠﻌﻴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺩﺭﻭﺍ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻟﻴﺸﻜﻠﻭﺍ ﺴﻘﻔﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻋﻨﻭﺍﻨﻪ " :ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺤﺩ ﺃﺩﻨﻰ ﻤﻥ ﺍﻨﺘﻅﺎﻡ ﺸﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺩﺩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﻷﺠﻬﺯﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺘﻡ ﺍﻗﺘﺭﺍﺡ ﺼﻴﻐﺔ " ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﺒﺩﻴﻼ ﻟﺼﻴﻐﺔ " ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ " ﺇﺫ ﺘﺒﺩﺕ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻤﺎﺌﻌﺔ ﻭﺭﺨﻭﺓ ﺩﻻﻟﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺤﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻭﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ .
ﻭﺃﻤﺎ ﺼﻴﻐﺔ " ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻓﻘﺩ ﺒﺩﺕ ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻠﺴﺅﺍل ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﻴﻜل ﻋﻤل ﻗﻁﺎﻉ ﻭﺍﺴﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺩﻴﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﻴﻥ ،ﻭﻫﻭ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻓﻜﺭ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ) ﺒﺸﻌﺎﺭﺍﺘﻪ :ﺘﻨﻭﻴﺭ – ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ – ﺘﻘﺩﻡ – ﺤﺩﺍﺜﺔ ( ﺒﻭﺼﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﻤﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭ ﻟﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ،ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ
8
ﺍﻟﺘﺭﺍﺜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺩﺜﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺘﺒﺩﺃ ﺒﺎﺒﻥ ﺭﺸﺩ ﺃﻭ ﺒﺎﺒﻥ ﺤﺯﻡ ﺃﻭ ﺒﺎﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ !
ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻻﺴﺎﺱ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ؟ ﻴﻁﺭﺡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻬﺎﺌﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﻁﻠﺢ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ "
ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﺼﻁﻠﺤﺎ " ﻏﺭﺒﻴﺎ " ﻴﻨﺴﺎﻕ ﻟـ " ﺍﻟﻤﻭﻀﺔ " ﻭﺒﻭﺼﻔﻪ " ﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺘﺂﻤﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ
ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ " ﺒﺴﺒﺏ ﻅﻬﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺒﻭﻟﻭﻨﻲ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﻋﻤﺩ ﺍﻟﺨﻁﺎﺒﺎﻥ :
ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ،ﻭﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩ ﺍﻨﺘﺎﺠﻪ ﺒـ"ﺘﺎﺘﺸﺭﻴﺔ ﻜﺎﺭﻴﻜﺎﺘﻭﺭﻴﺔ " ١ﺇﻟﻰ ﺘﺄﺜﻴﻡ ﻤﺼﻁﻠﺢ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﺒﻌﺩﻩ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ﻭﺍﺨﺘﺭﺍﻗﺎ ﻗﺎﻡ ﺒﻪ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ﻭﻏﺯﻭﺍ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻏﺭﺒﻴﺎ ، ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺒﻴﻥ ﻨﺴﻴﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﺩﻋﺎﺘﻬﻤﺎ ﻫﻲ
ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ،ﻻ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﻴﻌﺭﺏ ﺒﻥ ﻗﺤﻁﺎﻥ !
ﻭﺍﻟﺤﻕ ﺃﻥ ﻤﺼﻁﻠﺢ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻤﺎ ﻴﺯﺍل ﻴﻜﺘﻨﻔﻪ ﺍﻟﻠﺒﺱ ﻭﺍﻟﻐﻤﻭﺽ ﻜﻤﻔﻬﻭﻡ ﻨﻅﺭﻱ ﻴﺸﻜل ﺘﺠﺭﻴﺩﺍ ﻨﻅﺭﻴﺎ ﻟﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻘﺭﻭﻥ ،ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻭ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ . ﻭﻤﺭﺩ ﻏﻤﻭﺽ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻘﻁﻊ ،ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ " ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ " ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ " ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ " ،ﻭﻗﺩ ﺃﺴﺴﺕ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ
ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ) ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ – ﺍﻟﺒﻌﺙ ( ،ﺜﻡ ﺃﺴﻬﻤﺕ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻏﻁﺎﺀ ﻨﻅﺭﻱ ﻟﻬﺎ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﺴﺘﻠﻬﺎﻡ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺸﻤﻭﻟﻲ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ ) ﻫﻭ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻲ ( .
ﻭﺒﺩﺃﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻭﺃﺩ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻫﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ) ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ( ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ .
ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺇﻴﻘﺎﻑ ﺍﻟﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺘﺤﻤل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ – ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺤﺴﻥ ﻨﻭﺍﻴﺎﻫﻡ – ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻗﺘﻨﻌﺕ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﺒﺄﻥ ﺘﻠﻐﻲ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺎﺴﻡ " ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ " ﻭﻟﻜﻥ ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺘﺒﻴﻥ ﻤﻊ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻲ ﻟﻼﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،
-1ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻭﺼﺎل ﻓﺭﺤﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺜﺕ ﺍﻷﻤﺎﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﻋﻥ ﺯﻭﺠﻬﺎ ﺨﺎﻟﺩ
ﺒﻜﺩﺍﺵ ﺤﻴﺙ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻻﻟﺘﺤﺎﻕ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺍﻟﺫﻭﺒﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ،ﺃﻥ ﺘﺤﺭﺽ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺨﻼل ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺒﺩﻋﻭﺘﻪ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﻨﺸﻁﺎﺀ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻤﺤﺫﺭﺓ ﻭﻤﺫﻜﺭﺓ ﺒﺎﻨﻬﻴﺎﺭ ) ﻨﻅﺎﻡ ﺸﺎﻭﺸﻴﺴﻜﻭ ( ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻓﺭﺝ ﻋﻨﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺭ!
9
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻤﺼﻁﻠﺢ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻋﺎﺩ ﻟﻴﻨﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﺨﻼل ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﺠﻤﻊ ،ﻭﻁﺎﻟﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻨﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻤﻜﺎﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ! ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻱ ﺘﺄﺠﻴل ﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺭﻗﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺴﺭﺍﺤﻪ ﻟﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﺯﻤﻨﺎ
ﺇﻀﺎﻓﻴﺎ ﻨﻀﻴﻔﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻏﺘﺭﺍﺒﻨﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻭ ﺒﺩﺍﻫﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﻗﺩ ﺍﻨﺘﻘل ﻤﻥ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ، ،ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤﺭﺍﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ) ﺒﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ ( ،ﺇﺫ ﻤﻥ ﺼﻠﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺴﻴﺘﻭﻟﺩ ﻨﺴل ﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻭﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻴﻪ " ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ " ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭﻴﺔ " ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﻫﻭ ﻤﻌﺎﺩل ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻼﻨﻘﻼﺏ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻘل
ﻤﺭﻜﺯ ﺜﻘل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺭﺽ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﻓﻙ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ
ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ
ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺴﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻓﺼل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل " ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ " ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ﺴﻴﻨﺘﺢ ﻋﻨﻪ " ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ " ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﺴﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺴﻴﺘﻁﻠﺏ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﻔﺭﺩ ﺫﺍﺘﺎ ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻏﺎﺌﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻋﺎﻗﻠﺔ ،ﻤﺎﻟﻜﺔ ﻟﺤﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺒﺩﻨﻬﺎ ﻭﺫﻫﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻟﺫﺍﺘﻪ ﻭﻋﻘﻠﻪ ﻭﺫﻫﻨﻪ ﺴﻴﻨﺘﺢ ﻋﻨﻪ ﻤﺎ ﻴﻌﺎﺩﻟﻪ ﻓﻲ ﺤﻘل
ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﻭﺃﻋﻨﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺘﻭﺝ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺨﻼﻗﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻟﺤﺭ ﺴﻴﺘﻭﺝ ﻤﻔﻬﻭﻡ " ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﺽ ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ " ﺤﻴﺙ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺃﺼل ﺍﻟﺠﺩل ،ﻭﺍﻟﺠﺩل ﻫﻭ ﺃﺼل ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺃﺼل ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻭﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .
ﻋﻥ " ﺍﻟﻬﺠﻨﺔ " ﻭ " ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ " :ﺃﺴﺌﻠﺔ
ﺒﻤﺎﺫﺍ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﻨﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ،ﻋﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﻭﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ، ﻭﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺒﻤﺼﺎﺌﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺒﺸﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻭﺍﻵﺨﺭﺓ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻭﺤﺩ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ
ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ؟ ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ) ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻲ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ( ، ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻫﺠﻴﻨﺔ ﻭﻏﺯﻭﺍ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺒﺎﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺒﺎﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩ ،ﻭﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺤﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﻓﺼل
ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ) ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻠﺔ ( ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ) ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻤﺔ ( ؟ ﺃﻟﻴﺴﺕ ﻤﺴﻴﺭﺘﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﻨﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ﻫﻲ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻁﻭﺭ ﺼﻴﺭﻭﺭﺓ ﺩﺍﺌﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﻘﻭﻤﺎﺘﻪ ﻜﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ) ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ – ﺘﺤﺩﻴﺙ – ﺘﻨﻭﻴﺭ ( ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ) ﺤﺭﻴﺔ ﺘﻌﺒﻴﺭ – ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ – ﺤﻭﺍﺭ – ﻨﻘﺩ – ﻋﺸﺭﺍﺕ 10
ﺍﻟﺼﺤﻑ ﻭﺍﻟﻤﺠﻼﺕ ( ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ) ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺤﺯﺒﻴﺔ ،ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﺕ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﺼﺭﺍﻉ ﺴﻠﻤﻲ ،ﺘﺩﺍﻭل ﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ) ﻨﺯﺍﻫﺔ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻨﻅﺎﻓﺔ ﺍﻟﻴﺩ ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ( ؟
ﺃﻟﻴﺴﺕ ﻫﺫﻩ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ؟ ﺃﻟﻴﺴﺕ ﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ؟ ﺃﺘﺭﻨﺎ ﻨﺴﺘﻌﻴﺭ ﻨﻤﺎﺫﺝ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻨﺎ ،ﺃﻡ ﻨﺤﻥ ﻨﺴﺘﺄﻨﻑ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻭﺃﻭﻗﻔﺕ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻭﺫﺍﺘﻴﺔ ؟ ﺃﻟﺴﻨﺎ ﻨﺤﻴﻲ ﺴﻴﺭﺓ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺘﻤﺕ ﺍﻟﻘﻁﻴﻌﺔ ﻤﻌﻬﺎ ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﻁﻴﺒﺔ ﻭﻨﻭﺍﻴﺎ ﺤﺴﻨﺔ ﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﺎﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ) ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ – ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ – ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ( ﺒﺎﺴﻡ " ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ " ﺜﻡ ﺘﺒﻴﻨﺕ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻬﺎ ﻨﻘﺩﻴﺎ ﻭﺒﺸﺠﺎﻋﺔ ؟
ﺃﻟﻴﺴﺕ " ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ " ﻭﺍﻟﺤﺎل ﻫﺫﻩ ،ﺇﻻ ﺘﺄﺨﺭﻨﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ،ﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﻨﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﺔ
ﻋﻥ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﺘﺎﺭﻴﺦ ﻜﻠﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻋﺒﺭ ﻤﺎﺭﻜﺱ ﻭﺍﺼﻔﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﺨﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ؟ ﻓﻬل ﻏﺩﺍ ﺍﻟﺘﺄﺨﺭ ﻤﺯﻴﺔ ﻨﺒﺎﻫﻲ ﺒﻬﺎ ﺍﻷﻤﻡ ،ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺨﺎﺼﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ؟ ﻫل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ ،ﺇﻻ ﺇﺨﻀﺎﻉ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺍﻟﺘﻲ
ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ ﻗﻨﻭﺍﺕ ﻟﻠﺭﻗﺎﺒﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻻﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ؟ ﻭﻤﻥ ﻴﺨﺸﻰ ﺭﻗﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻠﺼﻭﺹ ﻭﺍﻟﻔﺎﺴﺩﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺨﺫﻭﺍ ﺤﻕ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻁ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺎﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﺸﻭﻜﺔ ﻭﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﺩﻡ ﻓﻲ ﺃﻓﻭﺍﻩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺘﺩﺍﻋﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺎﻟﺤﻕ ؟! ﻤﺎﺫﺍ ﺘﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻭﺤﺩﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺩﻭل ﻭﺍﻷﻨﻅﻤﺔ
ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ؟ ﻫل ﺘﺒﻘﻰ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺴﻭﻯ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺎ ﺭ ﻓﻲ ﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺭﻭﺤﻲ ﻭﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ؟ ﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻨﺼﺭﺍ ﻤﻭﺤﺩﺍ
ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ؛ﻭﺘﻠﻙ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻏﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻨﺎ ،ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ، ﻭﻟﻤﺼﻴﺭ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﺒﻠﺒﻨﺎﻥ ! ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﻤﻔﻬﻭﻡ " ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ " ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ " ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ " ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ ،ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﺭﻭﺤﻴﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻻﺴﺘﺠﺎﺒﺔ
ﺍﻟﻁﻭﻋﻴﺔ ﻟﻠﺒﺸﺭ ،ﻭﺤﻴﺙ ﺍﻷﻓﻕ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﺨﺭﻭﺝ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻤﻥ ﻤﺄﺯﻗﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﻬﻲ ﻭﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺯﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ . ﻓﺎﺴﺩﻭﻥ ﻭﻤﺸﺒﻭﻫﻭﻥ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺼﻔﻭﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﻫﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﻭﻥ ،ﻭﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﺸﺒﻭﻩ ﻭﺨﺎﺌﻥ !
ﺃﻴﺔ ﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ :ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﻁﻨﻴﺎ ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺸﻌﺒﻪ ﺨﺎﺌﻨﺎ ! ﻤﻥ ﻴﺜﺒﺕ ﺍﻟﻴﻭﻡ
ﺠﺩﺍﺭﺓ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺩﺨل ﺇﻟﻰ ﺤﺭﻴﺔ ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﺤﺭﻴﺘﻨﺎ ﻨﺤﻥ :ﺃﻫﻲ 11
ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻸ ﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ..ﺃﻡ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ " ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﻭﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺎﺀ " ﺍﻟﺩﺍﻋﻭﻥ ﺇﻟﻰ " ﺤﻘﻥ ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﻭﻀﺒﻁ ﺍﻟﻨﻔﺱ " ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻀﻊ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﻭﺍﻷﻁﻔﺎل ﻓﻲ ﺨﺎﻨﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺴﻭﺍﺀ ؟!
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻻﺒﺩ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺃﻥ ﻨﻬﻤﺱ ﻓﻲ ﺫﻥ ﻓﻼﺴﻔﺔ " ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺨﻴﺎﻨﺔ
ﺍﻟﺸﻌﺏ " ﺃﻥ ﻴﻌﻭﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻭﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻭﺇﻥ ﻓﻌﻠﻭﺍ ﻓﻠﻥ ﻴﺨﺭﺠﻭﺍ ﺇﻻ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ : ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻬل ﺃﻥ ﺘﺸﺘﺭﻱ ﺤﺎﻜﻤﺎ ،ﻗﺎﺌﺩﺍ ،ﺃﻤﻴﺭﺍ ،ﻤﻠﻜﺎ ،ﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻟﻡ ﻴﻘﺩﻡ ﻤﺜﺎﻻ ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺸﺭﺍﺀ ﺃﻤﺔ !
ﻋﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ /ﺼﺩﻯ ﻭﺘﻔﺎﻋل : ﺇﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺘﺤﻤل ﺃﻁﻴﺎﻓﺎ ﻤﺘﻤﺎﻭﺠﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﺄﺼﻴل ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻫﻲ ﻤﻥﺜﻡ ﺘﺤﺩﺩ ﺍﻟﻤﻬﺎﻡ ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎﻤل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻴﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻏﺩﺍ " ﻁﺒﻘﺔ ﺜﺎﻟﺜﺔ " ..ﻜﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻗﺒل ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺍﻟﻤﺭﻓﻭﻉ ﺒﻴﻥ ﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﻭﻁﺒﻘﺔ ﺍﻻﻜﻠﻴﺭﻭﺱ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻁﻐﻤﺘﺎﻥ ﺍﻟﻠﺘﺎﻥ ﺘﺠﻌﻼﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺜﺎﻟﺜﺎ ﻤﺭﻓﻭﻋﺎ ،ﻓﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ) ﺸﻜﻼ ( ﻭﺍﻷﺘﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ) ﻓﻌﻼ ( ،ﺇﺫ ﻨﺴﺒﺘﻬﻤﺎ ﺘﺴﺎﻭﻱ % ٥ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺤﻭﺯ
ﻤﺎ ﻴﻌﺎﺩل %٩٥ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺒل %٩٥ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻻ ﻴﺤﻭﺯﻭﻥ ﺇﻻ %٥ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ !
ﻟﻘﺩ ﺘﻡ ﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺒﻌﺩ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺒﻬﺩﻑ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﺒﻌﺩﺃﻥ ﺘﻡ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺴﻴﻊ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻻﺼﻁﻼﺤﻲ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ "ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ" :ﻤﻥ ﻤﻨﺘﺞ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﺒﺸﺘﻰ ﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ..ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﻭﻀﻌﻲ ﻟﻠﻤﺜﻘﻑ
،ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻴﺤﻤل ﺤﺩﺍ ﻀﺭﻭﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺘﺅﻫﻠﻪ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﺎﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ، ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻴﻪ ،ﺒﻬﺩﻑ ﺘﻔﻌﻴل ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺯﻭﻑ ﻭﺍﻻﻨﻜﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﺭ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺕ ﻭﺍﻫﻨﺔ ،ﺸﺎﺤﺒﺔ ،ﻗﻠﻘﺔ ،ﺴﻭﺩﺍﻭﻴﺔ ،ﻀﺠﺭﺓ ،
ﻤﺘﺄﻓﻔﺔ ،ﻤﻬﺯﻭﻤﺔ ،ﺸﻜﺎﻜﺔ ﺒﻘﺩﺭﺘﻬﺎ ﻭﻗﺩﺭﺓ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺠﺘﺭﺍﺡ ﺃﻱ ﻓﻌل ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭﺓ ﻭﺍﻟﺩﺍﺌﻤﺔ .
ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻤﻔﺎﺠﺄﺓ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺭﻯ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻗﺒﺎل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ،ﻗﺭﺍﺀﺓ ،ﻭﺤﻭﺍﺭﺍ ،ﻭﺘﻭﻗﻴﻌﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻋﻤﻕ ﺸﻌﻭﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺤﺎﺠﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺘﻪ ﻭﺍﻨﺴﺎﻨﻴﺘﻪ ﻭﻜﺭﺍﻤﺘﻪ ،ﺇﺫ ﺘﻠﻭﺡ ﻟﻪ ﺘﺒﺎﺸﻴﺭ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻨﻪ ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺴﺭﺍﺤﻪ . ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻗﺒﺎل ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻱ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﻋل ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻵﺭﺍﺀ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﻭﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺃﻓﺭﺍﺩ ،ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻤﺎ ﻵﺭﺍﺌﻬﺎ ﺤﻴﻨﺎ ﻭﻤﺸﺎﻋﺭﻫﺎ ﺤﻴﻨﺎ ﺁﺨﺭ ،ﺃﻭ ﺍﺤﺘﺭﺍﻤﺎ ﻟﻜﻼ ﺍﻷﻤﺭﻴﻥ ﻤﻌﺎ
ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻷﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺤﺯﺒﻴﺔ ،ﺒل ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ 12
ﻓﻜﺭﻴﺔ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺼﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﻤﻘﺎل ﺠﻤﺎﻋﻲ ﻨﻅﺭﻱ – ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻜﺜﻑ ،ﻜﺘﺏ ﺒﻠﻐﺔ ﻫﻲ ﻤﺯﻴﺞ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻥ ،ﺃﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭﻭ ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﺇﺫ ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻁﻤﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺎ ،ﻟﻜﻥ ﻋﺒﺭ ﺒﻭﺍﺒﺔ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ
ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ،ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺼﺢ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎ ،ﺇﺫ ﻻ ﻤﻌﻨﻰ ﻟﻁﺭﺡ
ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﺤﺴﺎﺱ ﺍﻟﻌﻤﻴﻕ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺒﻤﺄﺴﻴﻪ ﻭﻤﺂﻻﺘﻪ ﻭﻤﺼﺎﺌﺭﻩ . ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ،ﻻ ﻨﺭﻴﺩ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻓﻲ ﺘﻔﺎﺼﻴل " ﺍﻟﺘﻬﻭﻴﺸﺎﺕ " ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﻓﻘﺕ ﺘﺩﺍﻭل ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ،ﺤﻭﺍﺭﺍ ﻭﺘﻭﻗﻴﻌﺎ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻨﺯﻴﺩ ﺍﻟﺘﺸﻭﻴﺵ ﺘﺸﻭﻴﺸﺎ ،ﻭﻟﻜﻲ ﻻ ﻨﻀﻴﻑ ﺭﺼﻴﺩﺍ ﺠﺩﻴﺩﺍ ﺇﻟﻰ ﺠﻌﺒﺔ ﺍﻟﻤﺸﻭﺸﻴﻥ ﺃﻓﺭﺍﺩﺍ ﺃﻭ ﺠﻬﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﺠﻬﺯﺓ .
١
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺴﻨﻜﺘﻔﻲ ﺒﺎﻟﻘﻭل :ﺇﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺩﺭﺕ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻷﻟﻑ ﻤﺜﻘﻑ ،ﺼﺤﻴﺤﺔ ﻨﺼﺎ ، ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻠﺘﺒﺴﺔ ﻓﻲ ﺇﻋﻼﻨﻬﺎ ﻨﺴﺒﺎ ،ﻤﻤﺎ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﻭﻴﺵ ﻭﺍﻟﺘﻜﻬﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺄﻭﻴل ، ﻭﻫﻲ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺃﻨﺘﺠﺘﻬﺎ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻤﻨﺘﺠﻴﻬﺎ ،ﺇﺫ ﺸﻜﻠﺕ ﺴﻘﻔﺎ ﻟﻬﻡ ﻟﻼﻨﻀﻭﺍﺀ ﻭﺍﻻﻟﺘﻘﺎﺀ ﻭﺍﻻﻟﺘﻔﺎﻑ ﺘﺤﺕ ﺼﻴﻐﺘﻬﺎ ﻟﺘﺸﻜل ﻤﻨﺒﺭﺍ ﺤﻭﺍﺭﻴﺎ ﻤﺒﺎﺸﺭﺍ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﻭﺴﻴﻁ ،ﻓﻬﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﻤﻭﺠﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺇﻟﻴﻪ ﺘﻌﻭﺩ ،ﻭﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺒﺄﻴﺔ ﺴﻠﻁﺔ
ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﺴﻭﻯ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭﻱ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل ﻷﻋﻀﺎﺀ ﻟﺠﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ؛ ﻭﻤﺒﺩﺅﻫﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ :ﻨﺯﻉ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻘﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭ ﺃﻋﻠﻨﻪ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻤﺭﻗﺹ " :ﻜﻔﺎﻨﺎ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺤﺭﺒﺎ " .
-1ﺍﻻﺸﺎﺭﺓ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻟﺘﺒﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺜﺎﺭﻫﺎ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﻨﺎﺸﻁ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘل ﻤﻨﺫ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺴﻨﺘﻴﻥ
ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻟﻠﻭﺜﻴﻘﺔ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺇﻋﻼﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻘﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻗﺭﺘﻬﺎ . 13
ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻷﻭل
14
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل
-١
ﻭﻴﺴﺄﻟﻭﻨﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ
-٢
ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﺎﻤﺸﻲ ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ
-٣
ﻟﺠﺎﻥ ) ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﻭﺨﻁﺎﺏ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ
-٤
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ
-٥
ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ ﻭﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ (
-٦
ﻤﺩﺨل ﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ
-٧
ﻜﻔﻰ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻨﺎﻁﻘﺎ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ) ﺤﻭﺍﺭ ﻤﻊ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ (
15
ﻭﻴﺴﺄﻟﻭﻨﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ * ﻴﺘﺴﺎﺀل ﺭﺌﻴﺱ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﺔ " ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ " ) ﻋﺩﺩ ( ٢٦١ﺴﺎﺨﺭﺍ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺩﺍﻓﻌﻴﻥ ﺍﻟﻤﻴﺎﻤﻴﻥ ﻋﻥ ﻤﻘﻭﻟﺔ “ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻫل ﻴﺸﻜل ﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ﻋﺸﺭ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺴﻭﺭﻱ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻤﺩﻨﻴﺎ ٠٠٠؟ " ﻭﻴﻌﻘﺏ ﻤﺘﻬﻜﻤﺎ " ﻭﻭﺩﺩﻨﺎ ﻟﻭ ﺴﻤﻭﻩ ﻟﻨﺎ ٠٠ﻓﻘﻁ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺃﻥ ﻨﻌﺭﻑ ﻤﺎ ﻨﺠﻬل؟!! ﺇﻥ ﺘﺴﺎﺅل ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺨﺫﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻘﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﺴﺎﺒﻴﻊ ﺘﺒﻨﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﻱ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻟﻠﻘﻭﻯ "ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ" ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻻ ﻴﻔﻬﻡ ﻤﻥ ﺘﻬﻜﻤﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻟﻡ ﺴﻭﻯ ﺇﻨﺎﻁﺔ ﻤﻔﻬﻭﻡ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﻌﺩﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ،ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﺎﻜﺴﺘﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل – ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺩﺩﻱ – ﻤﻨﺠﺯﺓ ﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﺃﻀﻌﺎﻑ ﻤﺎ ﺃﻨﺠﺯﺘﻪ ﺴﻭﻴﺴﺭﺍ ﻤﺜﻼ !!؟ ﻭﻓﻲ ﻋﺩﺩ ﺴﺎﺒﻕ ) ( ٢٦٠ﻴﻘﻭﻡ ﻤﺼﺩﺭ ﺴﻭﺭﻱ ﻭﺜﻴﻕ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ﻟﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﻤﻨﺫ ﺒﻀﻌﺔ ﺃﺴﺎﺒﻴﻊ ،ﻓﻘﻁ ﺒﺩﺃ ﺍﻟﻀﺠﻴﺞ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻭ ﺍﻹﻋﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺒﺎﻻﺭﺘﻔﺎﻉ ﺘﺩﺭﻴﺠﻴﺎ ﺤﻭل ﻭﺠﻭﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ " ﺒﺈﻗﺎﻤﺔ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ "
ﻭﺫﻟﻙ ﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻪ ﻜﻘﻨﺎﻉ ٠٠ﻹﻁﻼﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ٠٠٠ﻭﺘﺤﻭﻴﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺴﺎﺤﺔ ﻟﻠﻔﻭﻀﻰ ﻴﺠﺭﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﺘﺴﻭﻴﻕ ﻜل ﺘﻤﺎﻴﺯ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻭ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﻁﺎﺌﻔﻲ ،ﺩﻭﻥ ﻗﻴﻭﺩ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ،ﺤﻕ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﻴﺘﺤﻭل ﻓﻴﻪ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﺭﺼﻑ ﻤﻭﺍﺯﺍﻴﻴﻜﻲ ، ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﻭﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ،ﻻ ﺤﺼﺭ ﻟﻪ" ﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﻀﻲ ﺒﻬﺎ ﺨﻁﺎﺏ ﺍ ﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﻭﺜﻴﻕ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ؟
ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﻭﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺒﻌﺩﻡ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺇﺠﺎﺒﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﺍﻟﺘﻌﺠﺒﻲ ﻟﺭﺌﻴﺱ ﺘﺤﺭﻴﺭﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺤﻭل ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ﻋﺸﺭﻤﻠﻴﻭﻨﺎ ﻴﺸﻜﻠﻭﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻤﺩﻨﻴﺎ ﺃﻡ ﻻ!؟
ﺍﻟﺴﺫﺍﺠﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺼﻭﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲﻭﻜﺄﻨﻪ ﻤﻨﺸﺄﺓ ﺨﺩﻤﺎﺘﻴﺔ ﺃﻭ ﺴﻴﺎﺤﻴﺔ ﺃﻭ ﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ...ﺍﻟﺦ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺈﻗﺎﻤﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﻻ ﻴﺴﻤﺢ ،ﻭﻫﻭ
ﻴﻀﻤﺭ ﻭﻋﻴﺎ ﺴﻠﻁﻭﻴﺎ ﻤﻨﻭﻫﺎ ﺒﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺸﻲﺀ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻨﺢ ﺇﻗﺎﻤﺔ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ! ﺇﻨﻪ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻷﻭﺍﻤﺭﻱ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﺭﻭﺙ ﻋﺴﻜﺭﻴﺘﺎﺭﻱ ﻴﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻜﻭﺤﺩﺓ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ) ﺴﺭﻴﺔ – ﻜﺘﻴﺒﺔ – ﻟﻭﺍﺀ – ﻓﺭﻗﺔ ...ﺍﻟﺦ(.
ﻴﻘﺭ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻔﻘﺩﺍﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺫﻟﻙﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻜﻘﻨﺎﻉ ﻹﻁﻼﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤل
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ !...
ﺍﻨﻁﻭﺍﺀ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﻓﻘﺭ ﻨﻅﺭﻱ ﺒﺎﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺒﺩﺀﺍﻤﻥ ﻫﻭﺒﺯ ﻭﻟﻭﻙ ،ﻭﺠﺎﻥ ﺠﺎﻙ ﺭﻭﺴﻭ ،ﻭﻤﻭﻨﺘﺴﻜﻴﻭ ،ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﻫﻴﻐل ﻓﻤﺎﺭﻜﺱ 16
ﻓﻐﺭﺍﻤﺸﻲ ،ﺤﻴﺙ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻻ ﻴﺤﻴل ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ، ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯ ﻟﻠﺘﻔﻜﻙ ﻭﺍﻟﺘﻜﺴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﺘﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻷﻓﻘﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻲ ﺍﻹﻗﻁﺎﻋﻲ ) ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺤﺩﺍﺕ ﻤﻌﺯﻭﻟﺔ ،ﺇﻤﺎﺭﺍﺕ ،ﻋﺎﺌﻼﺕ ،ﻤﺫﺍﻫﺏ ،ﻤﻠل ﻭﻨﺤل ...ﺍﻟﺦ (
ﺃﻱ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻔﻅ
ﺘﻭﺍﺯﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻭﺤﺩﺓ ﺍﻨﺩﻤﺎﺠﻬﺎ ) ﺍﻷﻤﱠﻭﻱ ( ﺒﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﺎﻨﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﻊ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ، ﻓﺎﻟﺭﺼﻑ ﺍﻟﻤﻭﺯﺍﻴﻴﻜﻲ – ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ – ﻫﻭ ﻨﺘﺎﺝ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﻭﻟﻴﺘﺎﺭﻴﺔ ،ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺸﺎﻫﺩﻨﺎ ﺨﺭﺍﺒﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻷﻗﻭﺍﻤﻲ ﻭﺍﻻﺜﻨﻲ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻭﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻲ ﻓﻲ ﻅل ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺤﻘﻕ
ﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻤﺎﺭﻜﺱ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻴﺘﺄﻤل ﺠﻴﺩﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺎﺌﺭ ﻭﺍﻟﻤﺂﻻﺕ ،ﻓﻠﻴﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﺍﻟﺴﺭﺍﺡ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﺒل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﺘﻬﻡ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺘﻅﻥ ﻭﺍﻫﻤﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﻫﻀﻤﺘﻬﻡ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﻤﺭﺤﻭﻡ ﺴﻌﺩ ﺍﷲ
ﻭﻨﻭﺱ ﺒﺭﻫﻥ ﻟﻨﺎ ﻤﺴﺭﺤﻴﺎ ﻓﻲ " ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻠﻙ " ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻜل ﻤﻠﻭﻜﻬﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺴﻤﻤﻭﺍ ،ﺒل ﺘﺯﺩﺍﺩ ﺃﺠﺴﺎﻤﻬﻡ ﻭﻭﺠﻭﻫﻬﻡ ﻨﻀﺎﺭﺓ ! ﺃﻻ ﺘﺘﻌﺎﺭﺽ ﺇﺸﺎﺭﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻤﻊ ﻤﻨﻅﻭﺭ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ؟ ﻫل ﻻ ﻴﺯﺍل ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﻴﻨﻌﺸﻭﻥ ﺫﺍﻜﺭﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺼﻠﻲ ﺃﺼﻭل ﻨﻅﺭﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺴﺎﻁﻊ ﺍﻟﺤﺼﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﻤﻴﺸﻴل ﻋﻔﻠﻕ ﺇﻟﻰ ﺯﻜﻲ ﺍﻷﺭﺴﻭﺯﻱ ﻭﺼﻭﻻ ﻟﻭﺍﻀﻊ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ؟ ﻫل ﻴﻘﻭل ﻫﺅﻻﺀ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﺇﻻ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ
ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﺜﻭﺭﺓ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺜﻭﺭﺓ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﺍﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻫﻤﺎ ﻭﺠﻬﺎﻥ ﻟﻠﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ .
-
ﻭﻫل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻘﻕ ﺠﺩل ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻭﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻓﻕ ﺠﺩل ﻫﻴﻐل ﻋﻥ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺠﺯﺌﻲ ﻭﺍﻟﻜﻠﻲ ،ﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﺍﻷﻋﻅﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ،ﺴﻭﻯ ﺘﺠل ﺨﻼﻕ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ
ﻜﻤﻌﺎﺩل ﻟﺠﺩل ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺩﻴﻨﺎﻤﻴﻜﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ، ﻓﻬﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﺩﻭﻟﺔ ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ ،ﺇﻨﻬﺎ ﻟﻥ ﺘﻜﻭﻥ – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ – ﺇﻻ ﺇﻤﺎﺭﺓ ﺍﺴﺘﻴﻼﺀ ﺘﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ) ﺃﻗﻭﺍﻤﻴﺔ – ﻗﺒﻠﻴﺔ – ﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ( ﻤﺎ ﻗﺒل ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺸﻭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻹﻗﺎﻤﺔ ﻤﻠﻙ ﻋﻀﻭﺽ ﻤﺩﻤﺭ ﻟﻠﻌﻤﺭﺍﻥ ﺤﺴﺏ ﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ .
17
ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﻭﺜﻴﻕ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ :ﻓﻲ ﻜل ﻭﺍﻗﻊ ﻴﻨﻀﻭﻱ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺘﺤﺘﻪ ،ﻨﻘﻑ ﺤﻴﺎل ﺘﻔﺘﻴﺕ ﺃﻭ ﺘﺠﺯﺌﺔ ﻟﻠﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ..ﻭﺒﺼﺭﺍﺤﺔ ﺃﺸﺩ ،ﻓﺈﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺯ ﻫﻲ ﺠﻭﻫﺭ ﺇﻗﺎﻤﺔ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺜﻡ ﻴﻜﺸﻑ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺒﺭﺍﻋﺘﻪ ﻭﺩﻫﺎﺀﻩ ﻓﻲ ﺇﻤﺴﺎﻙ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ﻤﻥ ﺘﻼﺒﻴﺒﻪ ،ﻭﻫﻭ ﺸﻴﻁﺎﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺨﺘﺒﺊ ﻭﺭﺍﺀ ﻤﻘﻭﻟﺔ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻭﺭﺍﺀ ﺨﺭﺍﺏ ﺒﻭﻟﻭﻨﻴﺎ ﻭﺩﻭل ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ! ﻨﻘﻭل :ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺄﺤﺩ ﻭﺠﻭﻫﻪ ﺒﺄﻨﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﻭﻡ ﺭﻭﺍﺒﻁﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ )
ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﺩﻡ ( ،ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻴﻨﺘﻘل ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺭﺍﺒﻁﺔ ) ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ( – ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﻋﻭ ﻟﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻭﺜﻴﻕ – ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺴﻴﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺤل ﺍﻟﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ) ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ،ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ( ﻤﺤل ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﺩﻡ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺨﺸﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ – ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻭﺜﻴﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺘﺕ – ﻭﻫﻭ ﻤﺤﻕ – ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﺎﺴﻤﻪ ،ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻌﻠﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﻀﻭﺍﻨﻲ ،ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺩﺃﺕ ﺘﺘﻜﻭﻥ
ﻨﻭﻴﺎﺘﻪ ﻤﻊ ﺴﻘﻭﻁ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ) ﺩﻭﻟﺔ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﻤﻠﺔ( ﻭﺒﺩﺍﻴﺔ ﺘﺸﻜل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ) ﺩﻭﻟﺔ
ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻷﻤﺔ ( ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻤﻭﻤﺎ ﺃﻋﺎﺩ ﻤﻊ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ) ﺍﻟﺸﺨﺒﻭﻁﻴﺔ ( ﺃﻱ ﺒﻌﺩ ﻫﺯﻴﻤﺔﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻱ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ) ﻤﺎ ﻗﺒل ﻜﻭﻟﻭﻨﻴﺎﻟﻴﺔ( ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﻤﻠﻭﻜﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻲ ، ﻤﻨﻜﻔﺌﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ .
ﺃﻤﺎ ﺍﻹﺜﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺃﻭ "ﺍﻟﺨﻁﻴﺌﺔ" ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ – ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ -ﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﺒﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻬﻭ ﺇﻗﺭﺍﺭ ﺼﺭﻴﺢ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﺒﺄﻥ ﻻ ﺘﻤﺎﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻴﻌﺘﺒﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺒﺩﺍﻫﺎﺕ ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻓﻜﺄﻨﻪ ﺒﺫﻟﻙ ﻴﻭﺼﻑ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﻐﺭﺍﺒﻪ " ﺃﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻻ ﻤﺘﺩﺍﻭﻻ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﺨﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺍﻟﻤﻨﻀﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ،ﺇﻻ ﻤﻨﺫ ﺃﺸﻬﺭ
ﻗﻠﻴﻠﺔ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻟﻡ ﺘﺘﺒﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺇﻻ ﺒﻔﻌل ﺍﻻﻨﺴﻴﺎﻕ ﻭﺭﺍﺀ ﻤﻭﻀﺔ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ – ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ – ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻴﻭﺵ ﻭﺍﻟﺠﺤﺎﻓل ،ﺒل ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ) ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﻭﺘﻁﺒﻴﻘﺎﺘﻪ ( ﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﺒﻴﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ٠
-ﻨﻘﻭل :ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻻ ﻴﻁﺭﺤﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﻘﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺤل ،ﻫﻜﺫﺍ ﻴﻘﻭل
ﻤﺎﺭﻜﺱ ،ﻓﻤﺼﻁﻠﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻡ ﻴﻭﻟﺩ ﺇﻻ ﺒﺴﺒﺏ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺒﻪ 18
ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﺜﻘل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺍﺡ ﻴﺘﻘﺸﺭ ﺘﺩﺭﻴﺠﻴﺎ ﻤﻥ ﺇﻫﺎﺏ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﺴﻭﻯ ﺒﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻨﻴﺎﺸﻴﻨﻬﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺤﺘﻭﻯ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ ﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ،ﻭﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ )ﺍﻹﺼﻼﺤﻲ( ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺫﺍﺘﻪ ﻴﻘ ﺭ ﺒﺎﺴﺘﺸﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﻤﻡ ،ﻓﻬﺫﺍ
ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻘﺩﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻋﻨﻔﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﺎﻨﻭﻥ ،ﻟﺘﺘﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﻋﺎﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﺸﺭﻋﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻓﺈﻥ ﻤﻬﻤﺘﻬﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺘﻐﺩﻭﻤﻁﺎﺭﺩﺓ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﻭﻀﻊ ﻜﻌﺏ ﺭﺠﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻓﻭﺍﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺘﺩﺍﻋﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺎﻟﺤﻕ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ،ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺃﺼﻭﺍﺘﻬﻡ ﻭﺤﻨﺎﺠﺭﻫﻡ ﻟﻤﺎ ﺘﻤﺎﺩﻯ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻋﻠﻨﻴﺔ ﺍﻟﺭﺸﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻠﻎ ﺤﺩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﻌﺎﺭ ﻜل ﻤﻘﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ
،ﻓﻠﻜل ﻤﻘﺭﺭ ﺴﻌﺭ ﺤﺴﺏ ﺤﺠﻤﻪ ﻭﺩﺭﺠﺔ ﻤﺭﻭﻨﺔ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺃﻭ ﺠﺸﻌﻪ ،ﺤﺘﻰ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﻤﺭﺀ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻌﻤﻡ ﺒﻠﻎ ﺤﺩﺍ ﺃﻨﻪ ﻴﺴﺘﺤﻴل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺴﻭﺭﻱ ﻟﻴﺱ ﺭﺍﺸﻴﺎ ﺃﻭ ﻤﺭﺘﺸﻴﺎ ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺃﺒﺴﻁ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ،ﺒﺫﻟﻙ ﻨﻐﺩﻭ ﺃﻤﺔ ﻤﻠﻌﻭﻨﺔ ﻤﻁﺭﻭﺩﺓ ﻤﻥ ﺭﺤﻤﺔ ﺍﷲ ،ﻭﻓﻕ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻨﺒﻭﻱ ،ﻟﻌﻥ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺍﺸﻲ ﻭﺍﻟﻤﺭﺘﺸﻲ ٠ ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻏﻴﺭ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺘﻤﻨﺢ ﻓﻴﻪ ﻋﻼﻤﺎﺕ ﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ؟ ﻭﻴﻌﻁﻰ ﻤﻨﺩﻭﺏ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ
ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﺸﺔ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﻤﻊ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻴﺤﺩﺩ ﻋﺩﺩ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺭﺸﻭﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﻘﺩﻡ ﻟﻠﻁﻠﺒﺔ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﻴﻴﻥ ؟ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻥ ﺘﻀﻔﻲ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﺢ ﻋﻼﻤﺎﺕ ﻨﺠﺎﺡ ﺇﻏﺭﺍﺀ ﻟﻠﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻔﺘﻴﺎﻥ ﺃﻥ ﻴﻠﺘﺤﻘﻭﺍ ﺒﻌﺠﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﻤﻰ ﺫﻟﻙ ﻓﺴﺎﺩﺍ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩﺍ ﻟﻀﻤﺎﺌﺭ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻴﻌﺭﻑ ﺒﺄﻨﻪ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺴﻴﺄﺨﺫ ﻤﻘﻌﺩ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺯﻤﻴﻠﻪ ﺍﻟﺸﺭﻴﻑ ﺍﻟﻤﺘﺭﻓﻊ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺒﺄﻫﻠﻪ ﻋﻥ ﺃﻱ ﻜﺴﺏ ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺭﺓ ﻋﻤﻠﻪ ﻭ ﺠﻬﺩﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﺹ ٠
ﺴﻤﻌﻨﺎ ﺍﻷﺩﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺘﺩﺍﻭل ﻓﻲ ﺤﻘﻠﻬﺎ ﺍﻟﺩﻻﻟﻲ ﻤﺠﺎﺯ ) ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ( ﻟﻜﻥ ) ﺍﻟﻌﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ( ﻟﻡ ﻨﺴﻤﻊ ﺒﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺜﻤﺭﺓ ﺇﺒﺩﺍﻉ ﻤﺤﻠﻲ ﻭﺘﺘﺼل ﺒﺎﻟﺤﻘل ﺍﻟﺩﻻﻟﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﺃﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺘﺄﺴﻴﺴﺎ ﺩﻭﻟﺘﻴﺎ ﻤﻘﻭﻨﻨﺎ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎ ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻹﻓﺴﺎﺩ ؟ ﺃﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺘﺨﺭﻴﺏ ﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺒﻬﺩﻑ ﺇﻟﺤﺎﻗﻪ ﺒﺄﻱ ﺜﻤﻥ ﺒﻘﺎﻁﺭﺓ ﺴﻠﻁﺎﺕ ﻗﺼﻴﺭﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ،
ﻀﻴﻘﺔ ﺍﻷﻓﻕ ،ﺘﻅﻥ ﺃﻥ ﺒﻼﺩﻫﺎ ﻗﺎﺒﻌﺔ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻪ ﻭﻨﻅﻤﻪ؟ٍٍ ٠ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺭﺘﻔﻊ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺃﻻ ﻴﻐﺩﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻭ ﺍﻟﻤﺄﻟﻭﻑ ﺃﻥ ﺘﺸﺘﺭﻯ ﺍﻟﻤﻨﺎﺼﺏ ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﻜﺯ ﺒل ﻭﻤﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺜﺭﻴﺔ ) ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺩﺭﻭﺱ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ( ﻭﻤﻘﺎﻋﺩ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒل ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺩﻭﻨﺎﺕ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﻤﺭﺍﺠﻊ ﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻓﻤﻥ ﻴﺩﻓﻊ ﻴﺭﺒﺢ ،ﺒل ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﻅﺎﺌﻑ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻌﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺫﺒﻴﻥ ﺒﺎﻷﺭﺽ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٢٥٠٠ل .ﺱ )ٍ ٥٠ﺩﻭﻻﺭ( ﻴﺘﻁﻠﺏ ﺸﺭﺍﺀﻫﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﻌﺎﺩل ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻭ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺭﻭﺍﺘﺏ
! 19
ﻟﻘﺩ ﺘﺨﺼﺨﺼﻨﺎ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻏﺩﺍ ﻗﺎﺒﻼ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻭﺍﻟﺸﺭﺍﺀ ) ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ – ﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻥ – ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ( ﻭﻻ ﻨﻌﺭﻑ ﻤﺎﺫﺍ ﺒﻘﻲ ﻓﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺴﺎﺱ ﺒﺫﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻨﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﻜﺭﺍﻤﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻤﻨﻜﻭﺏ ﻭﺍﻟﻤﺭﻜﻭﺏ ؟
ﺍﻟﻤﺎل ﺃﻭﻻ ،ﻭﺍﻟﻭﻻﺀ ﺜﺎﻨﻴﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﺎل ﻏﺩﺕ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻗﻭﻯ ﻭﺃﻜﺜﺭ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﻟﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﻤﺂﺭﺏ ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻭﺍﻟﺸﺭﺍﺀ ،ﻓﺎﻟﻜل ﻴﺘﺩﺍﻓﻊ ﺯﺍﺤﻔﺎ ﺒﺎﺤﺜﺎ ﻋﻥ ﺃﻱ "ﻤﻜﺎﻥ" ﺒﺄﻱ ﺜﻤﻥ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺜﻤﻨﻪ " ﺍﻟﻤﻜﺎﻨﺔ" ،ﻓﻜل ﺩﺭﺠﺔ ﻴﺭﺘﻘﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻓﻲ ﺴﻠﻡ ﺍﺤﺘﻼل " ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ" ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻴﻘﺎﺒﻠﻪ ﻫﺒﻭﻁ ﻓﻲ ﺴﻠﻡ "ﺍﻟﻤﻜﺎﻨﺔ" ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺤﻀﻴﺽ ،ﺤﺘﻰ ﻴﺘﺭﺃﺭﺃ ﻟﻨﺎ ﻋﺎﻟﻡ " ﺍﺒﺘﻭﻥ ﺴﻴﻨﻜﻠﻴﺭ " ﺍﻟﻘﻴﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺘﻪ " ﺍﻟﻐﺎﺏ " ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻜل ﻴﺤﺎﻭل ﺭﻓﺱ ﻤﻥ ﺩﻭﻨﻪ ،ﻭﺤﻴﺙ ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺭﺘﻔﻊ ﺒﻜﻔﺎﺀﺘﻪ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻤﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﺭﺠل ﺍﺭﺘﻔﻊ ﻓﺎﻋﻠﻡ ﺃﻨﻙ
ﺍﻟﺘﻘﻴﺕ ﺒﻭﻏﺩ ! ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻭﻀﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﺒل ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺕ – ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻹﺼﻼﺤﻲ ﺠﺎﺩﺍ – ﺇﻁﻼﻕ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻴﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﻔﻨﻪ ،ﻭﺘﺄﺴﻨﻪ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ،ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻀﻤﻴﺭﻩ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺎﺕ ﺩﺍﺨﻠﻪ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻟﺭﺤﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺩﺩ ،ﺤﻴﺙ
ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻀﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺫﺌﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ .ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻠﺒﺸﺭ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﺸﻌﺭﻭﺍ ﻜﺎﺌﻨﻴﺘﻬﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﺩﺭﺕ ﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﻐﺎﺏ ،ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﺭﻗﺎﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺠﻼﺩﻴﻪ ﻭﻟﺼﻭﺼﻪ ،ﻭﺨﻭﻨﺘﻪ ،ﻓﻌﺒﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ، ﺃﺤﺯﺍﺏ ،ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ،ﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ،ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻭﻟﻴﺱ " ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺩﻤﻰ " ،ﺃﻱ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺤﻴﻭﻴﺔ ﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﻭﺸﺭﺍﺌﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭ ﻟﻴﺱ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻋﻀﻭﺍﻨﻴﺔ ﺘﻠﺘﻑ ﺤﻭل ﻨﻔﺴﻬﺎ ،
ﺘﺘﻘﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ،ﻭﻓﺘﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﺍﺌﺩ ،ﻭﺘﺒﻠﻎ ﻋﻀﻭﺍﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﺨﻭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻤﻭﻴﺔ ﺍﻟﻠﺯﺠﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ
ﻤﻤﺜل ﺃﺴﺭﺓ ،ﺯﻭﺝ ﻓﻲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ،ﻭﺯﻭﺠﺔ ﻭﺯﻴﺭﺓ ،ﺃﻭ ﺃﻤﻴﻨﺔ ﻋﺎﻡ ﺤﺯﺏ ﺘﺭﺜﻪ ﻋﻥ ﺯﻭﺠﻬﺎ ، ﻓﺘﺸﻜل ﻗﻴﺎﺩﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻻﺒﻥ ﻭﺍﻟﺼﻬﺭ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺩﺱ )ﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﺒﺤﻀﻭﺭ ﺭﻭﺡ ﺍﻷﺏ ﺍﻟﺸﺒﺢ ( ! ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺒﺎﻟﻔﺎﺴﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻔﺴﺩﻴﻥ ﺒﺎﻷﺭﺽ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ؟ ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺒﺴﻠﻁﺔ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺎﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ
ﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ،ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ،ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ، ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ؟ ﺇﺫ ﺸﺘﺎﻥ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻭﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ.
ﻭﺇﻨﻪ ﻷﻤﺭ ﻋﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﻭﻻﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺏﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﺴﺘﺒﺎﺤﺔ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺭﻯ ﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺒﺎﻟﻭﻁﻥ ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻪ ﻤﺯﺭﻋﺔ ﻟﻬﺎ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﺃﻤﺭ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺃﻭ ﻭﻁﻨﻪ ﺸﻴﺌﺎ
!!؟
20
ﻜﻔﺎﻨﺎ ﺃﻭﻫﺎﻤﺎ ﻋﻥ ﻁﻠﻴﻌﻴﺘﻨﺎ ﻭﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺒﺸﺘﻰ ﺘﻴﺎﺭﺍﺘﻬﺎ " ﻗﻭﻤﻴﺔ ،ﺒﻌﺜﻴﺔ ، ﺃﻭ ﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ،ﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﻤﺴﻔﻴﺘﺔ ﺃﻡ ﻤﻠﺒﺭﻟﺔ " ﻻ ﺘﺯﺍل ﻀﺤﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﺕ ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺯﻟﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻘﻁﻴﻌﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺘﻼﺸﻰ ﺍﻟﻨﻭﻴﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﺼﻨﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺨﻼل ﻗﺭﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺒﻌﺽ ﺤﻴﺎﺓ ،ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ) ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ( ﺍﻟﺴﻠﻔﻭﻱ ﺍﻹﺴﻼﻤﻭﻱ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻨﻘﻴﺽ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ ،ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﻤﺎ ﻨﻌﺭﻓﻪ ﺒﺎﻟﻀﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ،ﻤﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻻﻨﻜﻔﺎﺌﻴﺔ ؟ ﻫل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﺯﻡ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺭ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﺸﺩ ﺍﻷﻭل ﻟﻺﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺸﺎﺏ ﺼﺎﻋﺩ " ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ " ؟
ﺃﻡ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻭﻫﻡ ﺃﻨﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺃﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﻀﻁﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺨﻭﺽ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺤﻔﺭﺕ ﺃﺨﺩﻭﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ؟ ﻫل ﺍﻨﻬﺯﻡ ﺍﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ،ﺃﻡ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺘﺩﺕ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺠﻌﻠﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻤﺩﺨﻼ ﺴﺤﺭﻴﺎ ،ﺠﺎﻫﻠﻴﻥ ﺃﻥ ﺃﻓﻀل ﺍﻟﻜﻼﺏ ﻭﺃﻜﺜﺭﻫﺎ ﺘﺭﻭﻴﻀﺎ ،ﺘﻐﺩﻭ ﺸﺭﺴﺔ ﺤﻴﻥ ﺘﻅل ﻤﻘﻴﺩﺓ ﺒﺎﻟﺴﻼﺴل ﺩﺍﺌﻤﺎ ،ﻭﺃﻥ ﻜل ﻤﻔﺭﻭﺽ ﻤﺭﻓﻭﺽ .ﺇﻥ
ﺘﺭﺩﻱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻭ ﻨﺘﺎﺝ ﺍﻀﻤﺤﻼل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺴﻠﻁﺔ ﻏﺎﺸﻤﺔ ﻓﺎﺴﺩﺓ ﻤﻤﺎ ﻴﺩﻓﻊ ﺒﺎﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺭﺠﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﻋﺼﺒﻴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺫﻫﺒﻴﺔ . ﻫل ﺒﻌﺙ ﺒﻌﺽ ﻗﻴﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﺭﻏﻡ ﻋﻤﻕ ﺍﻟﻤﻴﺭﺍﺙ ﺍﻟﺒﺩﻭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻴﺯﻩ ﻋﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻴﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺃﻋﺎﻕ ﺍﻻﻨﻁﻼﻗﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺩﻴﺩ ﺒﺎﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ )ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ( ،ﺃﻡ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﻅل ﺴﻠﻁﺔ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﻺﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ؟
ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ، ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺠﺤﺎﻓل ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﺃﻭ ﺍﻻﺴﺘﺒﺎﺤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻁﻭﺭﺓ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺜﻤﺭﺓ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺸﻌﺒﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﻴﺢ ﺒﻨﻴﻭﻴﺎ ﻓﺭﺼﺔ ﻟﻠﺘﺂﻤﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻻ ﻴﺘﺸﺨﺼﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻟﻴﺴﻬل ﺍﻟﺘﺂﻤﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺜﺎﻨﻪ ،ﺃﻱ ﻻ ﻤﻌﻨﻰ ﻹﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﻴﻌﻴﺩ
ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻨﻅﺎﻤﻪ ﺒﻨﻔﺴﻪ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﺘﻘﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﺩ ﻤﻼﺫﺍ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺫﻋﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻫﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻻ ،ﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺭﻋﺒﺎ ﻤﻥ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻤﺘﻠﻙ ﺃﻱ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ .
21
ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺠﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺍﻟﺒﻭﻟﻭﻨﻲ ﻭﺍﻷﻭﺭﺒﻲ ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﻻ ﻟﻠﺘﺄﻤل ﻓﻲ ﺘﺠﺭﺒﺔﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﺩﺭﻭﺱ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﻻ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﺍﺯﻴﻥ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﻜﺭﺘﻭﻨﻴﺎ ،ﺩﻭﻻ ﻤﻠﺤﻴﺔ .
ﻜﻠﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﺨﺘﺭﻨﺎ ﺨﻁ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭ ﺜﻭﺭﻱ ﺍﻨﻘﻼﺒﻲ ،ﻜﺎﻥ ﻟﻨﺎ ﻤﺒﺭﺭﺍﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻨﻨﺎ ﻟﻥ ﻨﻨﺘﻅﺭ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻨﻀﺞ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻓﻭﺜﺒﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻅﻬﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺜﺒﺎ ،ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺃﻨﻨﺎ ﺴﻘﻁﻨﺎ ﺴﻘﻭﻁﺎ ﻤﺩﻭﻴﺎ ،
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻤﻥ ﻟﻪ ﺒﺼﺭ ﻴﻨﻅﺭ ﻭ ﻗﻠﺏ ﻴﺭﻯ ،ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ – ﺍﻟﺘﻲ ﺁﻤﻨﺎ ﻤﺨﻠﺼﻴﻥ ﺒﻀﺭﻭﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ – ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻟﻬﺎ ﻤﻌﻨﻰ ﻗﺒل ﺒﻨﺎﺀ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ،ﻜﺎﻥ ﺴﻘﻭﻁﺎ ﻤﺩﻭﻴﺎ ﻷﻥ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻗﺭﻭﺴﻁﻴﺔ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺃﻭﺘﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺭﻭﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺸﺭﻗﻴﺔ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﺭﻴﺔ ﺇﻻ ﻟﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ ﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻫﻴﻐل . ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻻ ﺒﺩ ﻗﺒل ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻠﻬﻤﻨﺎﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﺍﻟﻤﻨﻬﺎﺭ ،ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻠﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻗﺒل ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ
ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻤﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻨﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ،ﻭﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﻨﻀﺞ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺇﻨﺠﺎﺯ ﻤﻬﻤﺎﺘﻪ ﻟﻜﻲ ﻨﻨﺘﻘل ،ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻪ ﻤﺎﺭﻜﺱ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ " ﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﺎﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﺩﻭﻥ ﺫﻜﺭ ﺍﺴﻤﻪ ،ﺒﺄﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡﺒﺎﻨﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺜﻡ ﻴﻜﻠﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺸﺎﺒﺎ ﻨﻔﱠﺠﺎ ﺩﻋﻴﺎ ﻴﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻨﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ﻟﻠﻤﺤﻁﺎﺕ ﺍﻹﺫﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻀﺎﺌﻴﺔ ﻟﻠﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﺒﺫﻜﺭ ﺍﻻﺴﻡ ﺍﻟﺼﺭﻴﺢ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﻋﺩﺩ ) . ( ٢٦١
ﻗﺒل ﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﻟﻠﺭﺩﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﻴﺸﻴل ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻁﺭﺍﺩ ﻋﺎﺒﺭ ﻟﻜﻨﻪ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ، ﻭﻫﻭ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ﺍﻟﻨ ﱠﻔَﺞ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺒﻠﻎ ﺒﻪ ﻏﺭﻭﺭﻩ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﻁﺎﻭل ﻋﻠﻰ ﺯﻋﻴﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ " ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ " ﻤﻌﺘﺒﺭﺍ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﻴﻨﺎﻗﺵ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻌﺩﺍﺩ ﺤﺯﺒﻪ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺒﻀﻊ ﻋﺸﺭﺍﺕ ،ﺒل ﻴﺒﻠﻎ ﺒﻪ ﺸﻁﻁ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺜﺎﺜﺔ ﻭﺍﻻﺒﺘﺫﺍل
ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻜﺘﺎﺒﺔ ﺘﻘﺎﺭﻴﺭ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﻋﻠﻨﺎ ﺒﺄﺴﺎﺘﺫﺘﻪ ﺤﻴﺙ ﻴﻘﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﻭﺸﺎﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺒﺄﺴﺘﺎﺫﻴﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭﻴﻥ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﺭﻗﺎﻭﻱ ﻭﻴﻭﺴﻑ ﺴﻼﻤﺔ ﺒﺄﻨﻬﻤﺎ ﻴﻨﻔﺜﺎﻥ ﺤﻘﺩﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﻑ ﺍﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ﻟﻴﻨﺎﻟﻭﺍ ﺸﺭﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ . ﺇﻥ ﺍﻟﻭﻗﻔﺔ ﻋﻨﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻊ ﺘﺤﺕ ﺍﺴﻤﻪ ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺍﻻﺒﺴﺘﻤﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ ﺒﺈﺸﺭﺍﻑ
ﺃﺴﺎﺘﺫﺘﻪ ﺍﻟﻤﻭﺸﻰ ﺒﻬﻡ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻻ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺏ ،ﺇﻨﻤﺎ ُﻴﻘﺼﺩ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﻗﻔﺔ
ﺍﺴﺘﻜﻨﺎﻩ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﺩﻻﻟﻲ ﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻗﻴﻡ ﺍﻟﻜﻭﺍﺩﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺫﻴﻥ 22
ﻴﺼﻭﻏﻭﻥ ﺨﻁﺎﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻟﺘﻠﻤﺱ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺤﻁﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺩﺭﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ ﺍﻷﺨﻼﻕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ،ﻭﻤﺩﻯ ﺍﻟﻁﺭﺍﻓﺔ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻨﻔﺴﻪ ﻴﻌﺘﺒﺭ ) ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺸﺭﻑ ( ﻭﻫﻭ ﺒﻜﺎﻤل ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻴﺨﺘﺎﺭ ﻁﺭﻴﻘﺎ ﺁﺨﺭ ﻏﻴﺭ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺸﺭﻑ .
ﺇﻥ ﻤﻥ ﻻ ﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺯﻭﺍﺤﻑ ﻭ ﺍﻟﻌﺒﻴﺩ ﻭﺍﻟﺨﺼﻴﺎﻥ ،ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ،ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﺨﻼﻑ ،ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻭﻗﻔﻨﺎ ﻤﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ .ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺎ ﻁﻭﺍل ﻋﻤﺭﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻨﻘﻴﺽ ،ﻟﻜﻥ ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺘﻘﺘﻀﻲ ﻤﻤﻥ ﻴﻤﺘﻠﻜﻬﺎ – ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺨﺼﻤﺎ – ﺃﻥ ﻴﻘﻑ ﺇﺠﻼﻻ ﻭﺇﻜﺒﺎﺭﺍ ﻟﺭﺠل ﻗﺩﻡ ﺃﻤﺜﻭﻟﺔ ﻨﺎﺩﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺼﻤﺩ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺯﻨﺯﺍﻨﺔ ﻤﻨﻔﺭﺩﺓ
ﻟﻴﻐﺩﻭ ﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺠﺒﻴﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺠﺎﺏ ﺍﻟﺭﺠﺎل ،ﻭﻟﻴﺱ ﺃﺸﺒﺎﻩ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﻭﻻ ﺭﺠﺎل ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻋﻠﻲ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺭﻏﻡ ﻜل ﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﺤﻕ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺠﺎﺏ ﻤﺌﺎﺕ ) ﻨﻠﺴﻭﻥ ﻤﺎﻨﺩﻴﻼ ( ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﺘﺎﺤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ،ﻟﻴﻁﺭﺡ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻁﺭﺤﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﻀﻐﺎﺌﻥ ﺃﻭ ﺃﺤﻘﺎﺩ ﺃﻭ ﻨﺯﻋﺎﺕ ﺍﻨﺘﻘﺎﻡ ،ﻭﻜﺄﻥ ﺃﻁﺭﻭﺤﺔ ﻫﻴﻐل ﺤﻭل
ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺘﺠﺩ ﺫﺭﻭﺓ ﺘﻌﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻤﺴﺘﻌﻠﻨﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ " ﻜﻔﺎﻨﺎ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺤﺭﺒﺎ " ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻤﺭﻗﺹ ،ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻥ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ،ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﻨﺴﺘﻌﻴﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻗﻴﻤﻪ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻨﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻜﻔ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ،ﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺭﺍﺤﻡ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺩﺩ ﺒﻴﻥ ﻗﻭﻯ ﻭﻓﺌﺎﺕ ﻭﺃﻓﺭﺍﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺤﻘﻭﻥ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺜﻤﺎﻟﺔ ﻋﻨﻔﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﺴﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﺔ ﻴﺘﻨﺎﺜﺭ ﻏﺒﺎﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ ﻭﻴﺘﻨﺸﻘﻬﺎ ﻜل ﻤﻥ ﻻ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻁﻤﺭ ﺭﺃﺴﻪ ﺒﺎﻟﺘﺭﺍﺏ .
ﻫل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﺃﻥ ﻨﺼل ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻼﻤﻌﻘﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل ﻭ ﺍﻟﻌﻨﺠﻬﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﺒﻁﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻻﺴﺘﺨﻔﺎﻑ ﻭﺍﻻﺴﺘﻔﺯﺍﺯ ﻟﺭﺠل ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻓﻌﻼ ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ ﺍﻻﺴﺘﺴﻼﻡ ،ﻟﻴﻘﺎل ﻟﻪ ﺃﻥ ﺤﺯﺒﻪ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺒﻀﻊ ﻋﺸﺭﺍﺕ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﻟﻭ ﻋﺎﺩ ﻷﺭﺸﻴﻔﻪ ﺍﻷﻤﻨﻲ ،ﻻﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻤﻠﻴﻭﻥ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻨﻪ
ﺤﺘﻰ ﺒﻀﻊ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﻟﻭ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﺸﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻭ ﺍﺴﺄﻟﻭﺍ ﻋﻥ ﺠﺎﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﺒﺔ ﻓﻲ ﺤﻠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻤﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻻﺴﻡ ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺼﻁﻑ ﺃﻤﺎﻤﻪ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﺃﺭﺘﺎﻻ ﻟﻴﻘﺩﻤﻭﺍ ﺘﻭﺒﺘﻬﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﺸﻴﺦ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﺤﻨﺔ ﺍﻟﺩﻤﻭﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻤﻊ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﺇﻥ ﺸﺌﺘﻡ ﺍﻟﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﻓﺎﺴﺄﻟﻭﺍ ﻫل ﺴﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﻴﺭ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻲ ﺫﻱ ﺍﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻲ ﻋﺸﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻨﺯل ﺭﻓﻴﻕ ﻭﺍﺤﺩ ﻟﻠﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﺯﺒﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﻠﱢﻘﺕ ﺸﺭﻋﻴﺘﻪ !!؟
23
ﻨﻌﻭﺩ ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﺘﻁﺭﺍﺩ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡﺒﺎﻨﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻁﻭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﺃﻭ ﻤﺎ ﺴﻤﺎﻩ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﻭﺍﺸﻲ ﺒﺄﺴﺎﺘﺫﺘﻪ ) ﺃﻭﻫﺎﻡ ﻨﺴﻑ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺇﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ( ،ﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﻨﺎﻗﺵ ﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻤﻴﺸﻴل ،ﻓﻬﻲ ﻗﺩ ﺠﺎﺀﺕ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﺍﻷﻋﻅﻡ
ﻟﺸﺭﺍﺌﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﻫﻲ ﺒﺨﻁﻭﻁﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﻴﻀﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺸﻜل ﺃﻓﻘﺎ ﻟﻤﻨﻅﻭﺭ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﻜﺭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ﻭﺠﻭ ﺩﻫﺎ ﻭﻤﻤﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ؟ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﺠﻤﺎﻉ ﻭﺘﺸﺎﺒﻙ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﻗﻭﻯ ﻭﺸﺭﺍﺌﺢ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻴﻭﺤﺩﻫﺎ ﻫﺩﻑ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻤﻌﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ ﻭﺯﻤﻥ ﻤﺤﺩﺩ .
ﺃﻻ ﻴﻜﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺤﺎﻤل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ % ٩٥ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻻ ﻴﺤﺼﻠﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺇﻻ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺤﺼﺔ ﻤﺎ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻴﻪ %٥ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻐﻡ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ؟ ﺃﻻ ﺘﻜﻔﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻜﻬﺩﻑ ﻴﻭﺤﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﺘﻨﺸﻐل ﺒﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ
ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻜﻤﺎ ﺘﻨﺸﻐل ﺒﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻜﻤﺩﺨل ﻻ ﺒﺩ ﻤﻨﻪ ﻷﻱ ﺇﺼﻼﺡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺃﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺃﻭ
ﺇﺩﺍﺭﻱ .ﺃﻻ ﻴﻜﻔﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺠﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ، ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻨﻪ ) ﺍﺴﺘﻘﻼﻻ ﺠﺩﻟﻴﺎ ( ﺘﻔﺎﻋﻠﻴﺎ ،ﻭﺇﻻ ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ،ﻜﻤﺩﺨل ﻻ ﺒﺩ ﻤﻨﻪ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﻴﺔ .ﺇﻥ ﺨﻁﺎﺏ ﻤﻴﺸﻴل ﻟﻴﺱ ﺍﻨﻘﻼﺒﺎ ﻭﻻ ) ﺨﺭﺍﺒﻭﻴﺎ ( ﻭﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴﻪ ﺃﻭﻫﺎﻡ ﺫﺍﺘﻭﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻨﺴﻑ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺎﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﺇﻻ ﺩﻋﺔ ﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻪ ﻤﻥ ﺒﺭﺍﺜﻥ ﺃﺠﻬﺯﺓ
ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻭﻟﺕ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺇﻟﻰ ﺤﻘﻭﻕ ﻤﻜﺘﺴﺒﺔ ﻭﻤﺸﺭﻋﻨﺔ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ ﺘﺨﻭﻟﻬﺎ ﺭﻜﻭﺏ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﺴﺘﺒﺎﺤﺘﻪ . ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻜﺜﺭ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﺩﺍﻋﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺅﻴﺩﺓ ﻟﻺﺼﻼﺡ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻤﻴﺸﻴل ،ﻤﻥ ﺍﻨﻁﻼﻕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﻤﻥ ﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺒﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺴﺘﻨﺩ
ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﻭﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻓﻲ ﺨﻁﺒﻪ ﺃﻭ ﺤﻭﺍﺭﺍﺘﻪ ،ﻭﻟﻡ ﺘﺤﺎﻭل ﺍﻟﻭﺭﻗﺔ ﺃﻥ ﺘﻨﺎﻗﺵ ﺃﻭ ﺘﺤﺎﻭﺭ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻨﺘﻘﺎل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺃﺜﺎﺭﺕ ﻤﻥ ﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﻭﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻭﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ . ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﻀﺭﺏ ﺼﻔﺤﺎ ﻋﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻟﻪ
ﻋﻼﻗﺔ ﺒﺎﻟﻤﺎﻀﻲ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺘﺜﻴﺭ
ﺍﻟﺨﻼﻑ ،ﻭﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﺯﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺎﺤﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺭﻏﺒﻭﻴﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﺭ ،ﺃﻱ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻭﻋﻲ ﻤﻁﺎﺒﻕ 24
ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺤﺎﺠﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺭ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﺭﺍﺩﻭﻴﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﺘﻌﻜﺱ ﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻘﺘﺭﺡ ﺤﻠﻭﻻ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻭﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻤﺜﺎل ﺃﻥ ﻴﺤﺎﺴﺏ ﺴﺎﺭﻗﻭ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﺍﻟﻤﻘﺩﺭﺓ ﺒﺴﺒﻌﻴﻥ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﻤﻬﺭﺒﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﺒﺄﻥ ﻴﻌﻴﺩﻭﺍ % ٢٥ﻤﻨﻬﺎ ﻭﺇﻻ ﺃﻨﺯل ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ . ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺡ ﻴﺘﻘﺎﻁﻊ ﻤﻊ ﺍﻗﺘﺭﺍﺤﺎﺕ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻭﻋﻤﻠﻴﺔ ﻴﺘﺩﺍﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺒﻨﻭﺭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻭﺒﺩﺍﻫﺔ ﺍﻟﺤﺱ ﺍﻟﺴﻠﻴﻡ ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺄﺒﻪ ﺒﺘﻜﻨﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻗﺘﺭﺍﺤﺎﺕ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ) ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ -ﺘﺨﻁﻴﻁ -ﻤﺎﻟﻴﺔ ( ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺘﻌﺎﻤﻼ
ﻭﻀﻌﺎﻨﻴﺎ ،ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺁﻟﺕ ﺇﻟﻴﻪ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ
ﺘﻨﻬﺏ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﺜﺭﻭﺍﺕ ﻭﺘﺤﻭل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﺭﻋﺔ ،ﺤﺘﻰ ﻏﺩﺕ ﺍﻟﻤﺯﺭﻋﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻗﺎﻋﺎ ﺼﻔﺼﻔﺎ ،ﺜﻡ ﺘﻜﻠﻑ ﻭﺯﺭﺍﺀﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﺒﺭﺭﻭﺍ ﻭﻴﺸﺭﻋﻨﻭﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻻ ﻤﻭﺍﺯﻨﺎﺕ ، ﻻ ﺇﻴﺭﺍﺩﺍﺕ ،ﺘﻌﺎﻅﻡ ﺘﻌﺩﺍﺩ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻴﻌﺭﻓﻭﻥ ﺃﻥ ﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ،ﻭﺃﻥ ﺭﻗﻡ ﺴﺒﻌﻴﻥ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺍﻟﻤﻬﺭﺏ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻤﺘﻭﺍﻀﻊ ﺠﺩﺍ ،ﺤﻴﺙ ﺤﺴﺏ ﺇﺤﺼﺎﺌﻴﺎﺕ ﻤﺭﻜﺯ ﺃﺒﺤﺎﺙ ﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴﻴﻥ ﻫﻴﻜل ،ﺘﺒﻠﻎ
ﺍﻷﻤﻭﺍل ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺭﺒﺔ ﺒﻤﺌﺔ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﺤﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻗﻭﺭﻨﺕ ﺒﻤﺼﺭ ) ( ١٣٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻤﺄﺨﻭﺫﺍ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺤﺠﻡ ﺍﻟﺴﻜﺎﻨﻲ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻴﺔ ) ( ١٥٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻤﺄﺨﻭﺫﺍ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﺎﺭﻕ ﺍﻟﺴﻴﻭﻟﺔ .ﺃﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﻗﻡ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻘﺎﻁﻊ ﻤﻊ ﺍﻗﺘﺭﺍﺡ ﺇﻋﺎﺩﺓ ، %٢٥ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺩﺍﻭﻟﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻥ ﺃﺠل
ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺍﻷﺯﻤﺔ ،ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺎﻁﻰ ﺃﺜﺭﻴﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻋﻘﻼﻨﻴﺎ ،ﻓﻠﻭ
ﺘﻜﺎﺘﻔﻭﺍ ﻭﺍﺘﻔﻘﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺒﺈﻋﺎﺩﺓ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺴﻨﻭﻴﺎ ،ﻟﺤﺎﻓﻅﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺃﻭﻻﺩﻫﻡ ﻤﻥ ﻋﺎﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻭﻏﺩﺭﻩ ﻟﻤﺩﺓ ﺴﺒﻌﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﺍﻟﻤﻬﺭﺒﺔ ٧٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﻗﺭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺌﺔ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻡ ،ﻭﻫﻡ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﺎﻟﻤﻭﻥ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﺘﻌﻅﻭﻥ ﻭﻻ ﻴﻭﻗﻨﻭﻥ ﺒﺄﻥ ﺴﻭﻫﺎﺭﺘﻭ ﻭﺯﺒﺎﻨﻴﺘﻪ ﻟﻥ ﻴﺤﻜﻤﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ !!
ﻴﻌﻤﺩ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻬﻭﻴل – ﻜﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ – ﻤﻥ ﺨﻁﺭ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻤﻌﺘﺒﺭﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻏﻁﺎﺀﺍ ﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻨﺸﺎﻁﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ . ﺇﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻴﺒﺭﻫﻥ ﺃﻨﻪ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﺘﻌﻤﻴﻕ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺘﺤﺩﻴﺜﻪ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻭﺒﺎﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ،ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﺘﻨﻤﻭ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﻟﺘﺴﻴﺞ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭ ﺘﺭﻓﻊ ﻤﻥ
ﻤﻨﺴﻭﺏ ﻭﻋﻴﻪ ﺒﻬﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻓﻊ ﺒﺎﻨﺤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺤﻴﺯﻩ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻭﻫﻭ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﻭﺒﺎﻟﻌﻜﺱ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ 25
ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻗﻤﻌﺎ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺘﺭﺩﻴﺎ ،ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻌﻤﻕ ﻨﻔﻭﺫ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﻋﻲ ) ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻱ ( ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺘﻲ ) ﺍﻟﻤﺫﻫﺒﻲ – ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻲ – ﺍﻟﻤﻠﻠﻲ – ﺍﻟﻨﺤﻠﻲ – ٠٠ﺍﻟﺦ ( ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻨﺘﻘﺎل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻭ
ﺍﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻤﺠﺘﻤﻊ ) ﺍﻟﻤﻠﺔ ( ﺇﻟﻰ ) ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻤﺔ ( ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻨﺤﺩﺍﺭ ﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻬﻭﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﻠﺔ ( ﺇﻻ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ ﺇﺨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻴﻔﻲ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻓﻲ ﺤل ﻤﻬﻤﺎﺕ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﻭﻤﻴﻭﻥ ) ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﻭﻥ ( ﺸﻜﻠﻭﺍ ﻤﻊ ) ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﻴﻥ ( ﻁﺭﻓﻲ ﺍﻟﻜﻤﺎﺸﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻁﺒﻘﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻭﺃﺩ ﺒﺭﺍﻋﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺤﺭﺒﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﺒﺎﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺴﻨﺔ ١٩٦٧ﺤﻴﺙ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻫﺯﻴﻤﺔ ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ﻟﺤﻅﺔ
ﺍﻨﻁﻼﻕ ﻨﻔﻭﺫ ﺴﻠﻁﺎﻥ ﺍﻷﻴﺩﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ،ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﺭﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻁﻊ ﺃﻥ ﺘﻤﺩ ﺠﺴﻭﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﺄﺨﺭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺠﺫﻭﺭ ﺍﻟﺒﺩﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﺔ ﻭﻋﺎﺸﺕ ﺒﺸﻜل ﻫﺎﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺩﻥ ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻨﺨﺭﺍﻁﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤﻴﻡ ﺒﺄﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﻯ ﻨﺎﻓﺫﺓ ﻤﺤﻤﻴﺔ ﺒﺜﺭﺍﺌﻬﺎ
ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﺎﻟﺘﻬﺭﻴﺏ ﺒﺩﺀﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨﺎﻥ ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺎﻟﺴﻼﺡ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺩﺭﺍﺕ ﻭﻟﺘﺸﻜل ﺠﻬﺎﺯﺍ ﺃﻤﻨﻴﺎ ﺍﺤﺘﻴﺎﻁﻴﺎ ﻟﻘﻭﻯ ﻤﺘﺨﻠﻔﺔ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﺘﺎﺤﺕ ﻟﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ
)ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ( ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺸﺭﺍﻜﺔ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﻤﻌﻬﺎ ،ﻭﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻴﺭﺍﺙ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭﻱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺘﻨﺤﺴﺭ ﻭﺘﻨﺴﺤﺏ ﻭﺘﻨﻐﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺤﺭﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﺎ ﻭﻗﻴﻤﻬﺎ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ،ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻌﺯﺯ ﺩﻭﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺭﻋﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻬﻤﺠﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺼﺒﺢ ﻟﻬﺎ ﺜﻘل ﺘﻤﺜﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ،ﺒل ﺒﻠﻎ ﺒﻬﺎ ﺤﺩ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺃﻥ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﻭﻻﺀ ﻟﻬﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ،ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﺎل ﻜﻭﺠﻪ ﺁﺨﺭ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻭﻻﺀ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ
ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﺩﻓﻌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﺯﺩﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﺩﻴﻨﻲ ﺇﺫ ﻻ ﺘﺘﺭﺩﺩ –ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻻﺀ -ﺃﻥ ﺘﺤﺘﻘﺭ ﻜل ﺃﻁﺒﺎﺀ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﻴﻥ ﻟﺘﻌﻴﻥ ﻤﺩﻴﺭﺍ ﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺘﺎﺒﻊ ﻟﻠﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﺨﺘﺼﺎ ﺒﺎﻟﻁﺏ ﺍﻟﺒﻴﻁﺭﻱ،ﻫل ﺘﻔﺴﺭ ﻟﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻫﺭﻭﻟﺔ ﻜﺒﺎﺭ ﻤﺴﺅﻭﻟﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻠﻌﻼﺝ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ !؟
ﻭﺴﻁ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﻤﻌﻘﺩ ﻭﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻡ ﻴﺘﻡ ﺘﺩﺍﻭل ﺤﻠﻭل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻹﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ
ﺘﺴﺘﺨﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺘﺭﻭﻴﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺃﺤﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻠﻭل ﻫﻭ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺘﺭﻜﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻨﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ،ﻭﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻜﺤﺎﻤﻴﺔ ﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻱ ﻟﻤﺩﻨﻴﺘﻪ ﻭﺤﺩﺍﺜﺘﻪ ﻭﺘﻌﺩﺩﻴﺘﻪ ،ﺃﺘﺎﺤﺕ ﻗﻴﺎﻡ ﺤﺭﻜﺔ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﺴﺘﻨﻴﺭﺓ ، ﺭﺍﻓﻀﺔ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻠﺘﻌﺎﻴﺵ ﻭﻗﺒﻭل ﺍﻵﺨﺭ ،ﻓﺎﻟﺠﻴﺵ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻨﺴﻴﺠﻪ ﺍﻟﺴﻴﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺃﺼﻭﻟﻪ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺸﻜل ﻀﻤﺎﻨﺔ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺘﻪ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺎ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻴل ﺩﻭﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ 26
ﺫﺭﺍﺌﻌﻴﺎ ﻴﻨﺎل ﻤﻥ ﻗﺩﺴﻴﺘﻪ ،ﻭﻴﻨﺎل ﻤﻥ ﻗﻭﺘﻪ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻴﺔ ﻟﺭﻭﺡ ﺍﻷﻤﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺤﻕ ﻷﺤﺩ ﺃﻁﺭﺍﻓﻬﺎ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﻜﺭﻩ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻭﻻﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺃﻱ ) ﺍﻟﺩﻴﻥ ( ﻴﺸﻜل ﻤﺸﺘﺭﻙ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻭﻋﻲ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ،ﻫﺫﺍ ﻤﻊ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻟﻴﺱ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﺇﺴﻼﻤﻴﺎ ﺴﻨﻴﺎ ﺼﺭﻓﺎ ﻜﺎﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻤﺜﻼ .
ﺇﻨﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﻘﺩﻡ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻬﺠﺔ ،ﻟﻜﻨﺎ ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﻭﺃﻗﺩﺍﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺤل ﺃﻥ ﻨﺴﺭﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﺤﻼﻡ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺃﻱ ﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﺒﺴﻴﻑ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ . ﺇﻥ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺘﺭﻜﻲ ﻟﻴﺱ ﺒﺴﺒﺏ ﻨﺠﺎﺤﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻔﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺒل ﻭﻴﺸﻜل ﺴﺘﺔ ﺃﻀﻌﺎﻑ ﺤﻀﻭﺭ ﺩﻭل ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ﻜﺒﺭﻯ ﻜﻤﺼﺭ ﺃﻭ ﺇﻴﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﻗﺴﻤﺔ
ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺒﻠﻎ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ٢٥-٢٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﻭﻫﻲ ﻜﻠﻬﺎ ﻏﻴﺭ ﻨﻔﻁﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺇﺠﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﻤﻌﺩل ﺨﻤﺱ ﻤﻠﻴﺎﺭﺍﺕ ، ﻭﺍﻹﻴﺭﺍﻨﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻨﻔﻁﻴﺔ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﻨﻔﺴﻪ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ﺨﻤﺱ ﻤﻠﻴﺎﺭﺍﺕ . ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺴﻤﻴﺭ ﺃﻤﻴﻥ ﻟﻴﺴﺘﻨﺘﺞ ﺃﻥ ﺃﺤﺩ ﺃﻫﻡ ﻋﻭﺍﻤل ﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺔ ،ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻤﻊ ﺍﻟﺘﺸﺩﻴﺩ ﻫﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ .
ﺃﻗﻭل :ﺇﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﻘﺩﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﻨﺠﺎﺤﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻵﻨﻑ ﺍﻟﺫﻜﺭ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃﻥ ﺘﻌﻤﻕ ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﺩﺍﺨﻠﺔ ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﻟﺘﻘﺩﻡ ﺃﺭﻗﻰ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻭﺭﻏﻡ ﺃﻨﻬﻡ ) ﺍﻷﺘﺭﺍﻙ ( ﻫﻡ ﺍﻟﻘﻭﻡ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﺄﺨﺭﺍ ﺏ ) ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﺭﺱ ( . ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺨﻠﺕ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﺴﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﻗﻭﺭﻨﻭﺍ ﹺ
ﻟﻘﺩ ﻤﺎﺭﺴﺕ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺔ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻻﻨﻘﻁﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎل ﺍﻟﺭﻤﺯﻱ ﻟﻠﻤﻘﺩﺱ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺃﺭﻜﻭﻥ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻴﺔ ﻋﻘﺩﺓ ﺤﻭل ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﺼﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ، ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻥ ﻫﻭﻴﺘﻪ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻪ ،ﺒل ﻁﻭﺭﻫﺎ ﻭﺤﺩﺜﻬﺎ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﻨﺔ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻹﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺎﺕ ﺘﺨﻠﻔﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﻫﻲ ﻟﻡ ﺘﻠﺞ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺒﺴﺒﺏ ﻨﻤﻭ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻬﺎ ،ﺒل ﻜﺎﻥ ﺴﺒﻴﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺙ ﻴﻤﻠﻴﻪ ﺍﺴﺘﺸﻌﺎﺭ ﻋﻤﻴﻕ ﺒﺎﻻﻨﺤﻁﺎﻁ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻬﺎ ﻨﻬﻀﺕ ﻟﻴﺱ ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺒل ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻨﺤﻁﺎﻁﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻓﻬل ﺃﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻨﺤﻁﺎﻁﺎ ﻤﻤﺎ ﻫﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻤﺔ ﺒﺎﻷﻤﺱ ﺘﺴﺘﺸﻌﺭ ﻭﻁﺄﺓ ﻗﺎﺒﻠﻴﺘﻬﺎ ﻟﻼﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺤﺴﺏ ﻤﺎﻟﻙ ﺒﻥ ﻨﺒﻲ ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﺴﺘﺸﻌﺭ ﻟﺫﺓ ﻤﺎﺴﻭﺸﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﻭﻁﺌﻪ .
ﺩ .ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ
27
•
ﻨﺸﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺸﻜل ﺜﻼﺜﻴﺔ ﻓﻲ ﻜﺭﺍﺱ ﻤﻊ ﻤﻘﺎﻟﻲ ) ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ – ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﺎﻤﺸﻲ ( ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﻜﻤﺎ ﺴﻴﺭﺩ ﻻﺤﻘﺎ ،ﻭﻗﺩ ﻨﺸﺭﻫﺎ ﻭﻭﺯﻋﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ) ﺘﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﺨﻤﺴﺔ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ( ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺭ . ٢٠٠١ / ١
28
ﺍﻟﺒﻌﺙ :ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﺎﻤﺸﻲ
ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ ؟ ﺇﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻤﺜﻠﻪ ﻤﺜل ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻗﺩ ﺸﺎﺥ ﻭﺸﺎﺨﺕ ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺨﻭﺨﺔ ﻫﻨﺎ ﻻ ﺘﻤﺱ ﺍﻟﻤﻀﺎﻤﻴﻥ ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﺘﺤﺭﺭﻱ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻷﻥ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﻻ ﺘﺸﻴﺦ ﺤﺘﻰ ﺘﺘﺤﻘﻕ ،ﻓﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻟﻌﺠﺯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻤﻔﻬﻭﻡ " ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ " ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺘﻜﺴﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﺅﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﺩﻡ ،ﻭﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﺸﻴﺭﺓ ،ﻓﺎﻟﻁﺎﺌﻔﺔ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﻁﺎﺒﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻤﻊ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻷﻤﺔ ،ﺃﻱ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﺘﺭﺘﻘﻲ ﺒﺎﻟﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻤﻥ ﺴﺩﻴﻡ ﻜﺘل ﺒﺸﺭﻴﺔ ﺘﺘﺨﺎﺒﻁ
ﻋﺸﻭﺍﺌﻴﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺩﺍﻭﺓ ﻁﺒﻘﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻭﻋﻲ " ﺍﻷﻤﻭﻱ " ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺸﺩﻩ ﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ
ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ " ،ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻱ " ﻻ ﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﺩﻡ ﻭﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ﻭﺍﻟﻁﺎﺌﻔﺔ .ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﻻ ﺘﺯﺍل ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺘﺸﻜل -ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﻭﺒﺎﻻﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ -ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﻜﺎﺒﺢ ﻭﺍﻟﻘﺎﻤﻊ ﻟﺘﻁﻠﻌﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﻬﻲ ﺇﺫ ﺘﻬﺩﺩﻨﺎ ﺒﺄﺭﻗﻰ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺘﻤﻁﺭﻨﺎ ﺒﻌﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺎﺕ ﻋﻥ ﺴﻘﻭﻁ ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ -ﻓﻲ ﻗﻤﺔ ﺯﻫﻭ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ -ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺇﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﺤﻕ ﻷﺤﺩ
ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺒﺎﺌﺱ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺃﻤﻨﻪ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺴﻭﻯ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻭﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺭ ﻓﻘﻁ ﻤﻥ ﺤﻘﻪ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﻔﻅ ﺒﺈﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎﻩ ،ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﻭﺭ ﺃﻨﻬﺎ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﺃﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺨﻭﺽ ﺤﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻀﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻷﻥ ﻋﺼﺭﻨﺎ ﻫﺫﺍ – ﻭﻓﻕ ﻤﻨﻁﻭﻗﻬﺎ -ﻋﺼﺭ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ،ﻻ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ !!
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﻠﻴﺱ ﻤﺎ ﺸﺎﺥ ﻭ ﺘﻘﺎﺩﻡ ﻓﻲ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻷﺨﺭﻯ ) ﺸﻴﻭﻋﻴﺔ – ﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ( ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ،ﺒل ﺍﻟﺒﻨﻰ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺘﺠﺩﺩ ﻟﻺﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺭﺤﻬﺎ ﺘﺤﻭﻻﺕ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﻭﺇﻨﺠﺎﺯﺍﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻨﻴﺔ . ﻤﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﻜﻲ ﻴﺭﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺴﺎﻭﻕ
ﻤﻊ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺘﻴﺔ ،ﻻ ﺒﺩ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﺼﻴل ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
29
ﻏﺭﻗﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﺨﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺤﻴل ﺇﻻ ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻐﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ . ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺄﺼﻴل ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺭﺍﻫﻨﻴﺎ ﺒﺄﺼﺎﻟﺔ ﻭﺍﻤﺘﻴﺎﺯ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﻭﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻟﻭﺍﻀﻊ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ " ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ " .
ﻭﺃﻫﻤﻴﺔ ﻭﺍﻀﻊ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻻ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺓ ﻤﺼﻔﻭﻓﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺙ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺃﻭﺼﺎل ﺍﻟﺒﻨﻰ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺓ ﻤﺼﻔﻭﻓﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻋﺎﺵ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻟﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﻘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ) ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ، ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ( ﻭﻗﺩ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺘﻌﺎﻁﻑ ﻤﻊ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ ﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺎ ،ﻭﻁﻨﻴﺎ ﻭﻗﻭﻤﻴﺎ ﻭﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ،ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﺨﺘﺭﺍﻗﻪ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻭﻴﺔ
ﻑ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﻋﻭﻩ ﻤﻬﺩﻱ ﻋﺎﻤل ﺏ " ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ". ﺍﻟﺘﺒﺴﻴﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴ ﹼ ﺇﻥ ﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﺘﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺠﺩﻴﺩ ﻟﻠﺸﺭﻋﻴﺔ ،ﻗﻭﺍﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻭﻋﻲ ﻤﻁﺎﺒﻕ ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ﻴﺴﺘﺤﻀﺭ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻜﻤﻜﺘﺴﺏ ﻤﻌﺭﻓﻲ ﺘﻨﻭﻴﺭﻱ ،ﻟﻜﻥ ﻋﺒﺭ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﻭﺤﺸﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﻫﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ،ﻭﻴﺴﺘﺤﻀﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻜﺜﻭﺭﺓ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﻴﺴﺘﺤﻀﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻜﺄﻓﻕ ﻟﻺﻨﺴﺎﻨﻴﺔ .
ﺇﻥ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﻟﻠﺠﺫﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ " ﺍﻻﺒﺴﺘﺎﻤﻲ " ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺤﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ،ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﺏ "ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ " ،ﻜﺎﻥ ﺍﻜﺘﺸﺎﻓﺎ ﻓﺎﺌﻘﺎ ﻓﻲ ﻗﺩﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺴﻠﻁﺎﻥ ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻭﺴﻁﻴﺔ ،ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻨﺴﺕ ﺃﻨﻬﺎ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺘﺸﺭﻴﻥ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺠﺭﺕ ﺤﻭﺍﺭﺍ ﻤﻌﻲ ،ﺘﺒﺭﺃﺕ ﻤﻥ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺘﻲ ﻭ ﺍﻋﺘﺒﺭﺘﻨﻲ ﻫﺭﻁﻭﻗﺎ ﻤﺠﺩﻓﺎ ،ﻭﻨﺴﻲ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ) ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻨﻴﻭﻥ ،ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ( ﺃﻥ ﺤﺯﺒﻬﻡ
ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻫﻭ ﻋﻠﻤﺎﻨﻲ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻜﻤﺎ ﻨﺴﻭﺍ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﺜﻭﺭﺓ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ، ﻭﻟﻭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻭل ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻟﻜﺎﻥ ﻋﻨﺼﺭ " ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ " ﺍﻟﻤﻭﺤﺩ ﻟﻬﺎ ﻜﺎﻓﻴﺎ ﻟﺘﺠﻨﺒﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺭﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﺒﻬﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺯﺤﻑ ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺼﻭﺭ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﺒﺄﻨﻨﺎ ﻤﻁﻠﻭﺒﻭﻥ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﺒﺎﺴﻡ " ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺼﻑ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﻭﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻱ ﻭﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ .
ﺍﻟﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻭﺍﻀﻊ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻵﺨﺭ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻓﻜﻤﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺎ ﻜﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺎ ،ﻓﺎﻟﻤﺩﺨل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻟﻠﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻷﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﻁﻠﻕ ﻜل ﻗﻭﻯ ﺍﻷﻤﺔ ﻗﻭﻤﻴﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺘﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻜﻌﻨﺼﺭ ﺩﻤﺞ ﻟﻘﻭﻯ
ﺍﻷﻤﺔ ﻟﻜﻲ ﻴﺤل ) ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻤﺔ ( ﻤﺤل ) ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻠﺔ ( ﻭﻟﺘﺤل ﺭﺍﺒﻁﺔ " ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ " ﻤﺤل 30
ﺭﺍﺒﻁﺔ " ﺍﻟﻘﺭﺍﺒﺔ " ،ﻭﻟﻴﺤل ﻤﺤل ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ " ،ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ" ﻭﻤﺤل ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺫﻫﺒﻴﺔ " ﺍﻟﻨﺤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ " ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ،ﻭﻴﺤل ﻤﺤل ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ، ﻭﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ،ﻤﺤل ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ
ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻨﺢ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ،ﻷﻨﻬﻤﺎ ﺼﻨﻭﺍﻥ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ .
ﻤﺼﻔﻭﻓﺔ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﺇﺫﻥ ﺘﺘﻴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﻹﻨﺘﺎﺝ ﺴﻘﻑ ﻨﻅﺭﻱ ﺘﺘﻌﺎﻴﺵ ﺘﺤﺘﻪ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻲﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻤﺠﻤﻭﻋﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺒﺎﻷﺴﺒﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻭﻕ ﻭﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺒﻌﺙ ﻨﻬﻭﻀﻲ ﻋﻘﻠﻲ ﻭﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺴﻴﺎﺴﻲ ﺸﺎﻤل ﻻ ﻴﻤﺱ ﺒﻨﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﺒﻨﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺤﻀﺭ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺢ ﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻱ ،ﻤﺤل ﻤﺼﻁﻠﺢ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ
ﺍﺨﺘﺯﺍﻻ ﺸﻌﺎﺭﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺨﺘﺯل ﺒﺩﻭﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺒﺎﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤل ﻤﺸﻜﻠﺘﻬﺎ ) ﺍﻟﺨﻁﺔ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﺔ ( !!.
ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺘﺴﺎﻋﺩﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻭﻟﻤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻬﺎﻟﻜﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﺌﻠﻴﻥ ﻤﻥ ﺜﻡ ﺒﺤﻴﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ،ﻟﻴﻭﺍﺼﻠﻭﺍ ﺍﻟﻭﻫﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻨﺫ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ،ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺒﻤﻌﺯل ﻋﻥ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ
ﺃﻨﺘﺠﻬﺎ ،ﺃﻱ ﺒﻤﻌﺯل ﻋﻥ ﺠﺫﻭﺭ ﺸﺠﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻤﻤﺘﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺨﻤﺴﺔ ﻗﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺎ ﻭﺘﺠﺭﻴﺩﻴﺎ ،ﻭﺒﻤﻌﺯل ﻋﻥ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺃﻨﺴﺎﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻴﺔ .
ﻭﺒﺎﻟﻤﺤﺼﻠﺔ ﻓﺈﻨﻲ ﺃﺯﻋﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺸﻘﻴﻪ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ )ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ،ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻱ( ﺃﻭ) ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ( ﻻﺒﺩ ﻟﻪ ﻤﻥ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻴﺘﺸﺒﻊ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺄﻟﻘﺔ ﻟﻠﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻭﺍﻀﻊ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺴﺎﻩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻟﻠﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻸﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺘﺭﺴﻴﻤﺘﻪ ،ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻤﺘﻠﻜﻬﺎ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﺘﻤﺜﻠﻬﺎ ﻟﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ . ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻭﻟﻜل ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﻘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﺎﺭﻙ ﺍﻟﺒﻌﺙﺠﺒﻬﺘﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ،ﺃﻥ ﻴﻌﻭﺩﻭﺍ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﻥ ﺍﻏﺘﺭﺍﺒﻬﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺎﻟﺤﺯﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻴﻌﻜﺱ ﻭﻴﻤﺜل ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺸﺭﺍﺌﺢ
ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻁﺒﻘﻴﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﻨﺨﺏ ،ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻤﻰ
ﺒﺎﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺃﺴﻭﺓ ﺤﺴﻨﺔ ،ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻼ ﺃﺴﻑ. ﻟﻘﺩ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺇﻟﻰ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍﺕ ﻫﺎﻤﺸﻴﺔ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻤﺘﻨﻔﺫ ﻓﻤﺎ ﻋﺎﺩﺕ ﺘﻤﺜل ﺴﻭﻯ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻪ ﺤﺎﻜﻡ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻟﻤﺭﺘﺠﻰ ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﻋﺒﺭ ﻤﺭﺍﺠﻌﺘﻪ ﻷﺼﻭﻟﻪ ﻭﺃﻭﺍﻟﻴﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ،ﺃﻥ ﻴﻨﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﺇﺫﺍ ﺸﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﺎﺘﺤﺎ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻤﻊ ﻜل ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻫﻠﻲ ﻜﻤﺭﺤﻠﺔ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﻨﻭﻴﺎﺕ 31
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﻭﺃﺩﻫﺎ ﺸﻌﺒﻭﻴﺎ ،ﻓﻼﺤﻴﺎ ،ﻋﺴﻜﺭﻴﺎ ،ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺃﻱ ﻟﻴﺱ ﻤﻊ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﺎﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ -ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻔﻨﺕ ﻗﺒل ﺍﻟﻨﻀﺞ -ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻓﻲ ﻗﺎﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻗﺩ ﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺴﻘﻁﻭﺍ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﻋﻥ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀ ﺒﺎﻟﺘﻤﻴﺯ
ﻭﺍﻟﻔﺭﺍﺩﺓ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻻ ﻴﺸﺭﻑ ﺃﺤﺩﺍ ﻻ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﻻ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻡ ،ﻻ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻱ ﻭﻻ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﻭﻻ
ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ،ﻓﺎﻷﻤﺔ ﻤﻬﺩﺩﺓ ﺒﻜﻴﺎﻨﻬﺎ ﻭﻜﻴﻨﻭﻨﺘﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺭﺃﺱ ﺍﻷﻤﺔ ،ﻻ ﺭﺃﺱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ، ﺃﻭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺌﺔ ،ﺫﻟﻙ ﻤﻁﻤﺢ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻭﺇﺴﺭﺍﺌﻴل . ﻓﻬل ﺴﻴﺘﻤﻜﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻤﻴﻨﺎ ﻻﺴﻤﻪ ﻓﻴﺒﻌﺙ ﻨﻬﻀﺔ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﺠﻬﺎﺯ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻟﻴﺘﺎﺡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﺘﺤﻜﻤﻪ ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ،ﻻ ﺴﻠﻁﺔ ﺃﺠﻬﺯﺓ ،ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﺘﻔﺘﺢ ﺒﺫﻟﻙ ﻜﻭﻯ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ؟ ﻭﻟﻌل ﺍﻟﻤﺩﺨل ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺃﻭل ﺍﻟﺩﺍﻋﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺍﻟﺴﻲﺀ ﺍﻟﺼﻴﺕ ، ﻭﺍﻹﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻜﺨﻁﻭﺓ ﺃﻭﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺭﺍﺴﺨﺔ ،ﻴﺤﻤﻲ ﻭﺤﺩﺘﻬﺎ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺘﺸﻜل ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺃﺴﺎﺱ ﺘﺠﺩﻴﺩﻩ
ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻭﺜﻭﺭﺘﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻭﺘﺸﻜل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺃﺴﺎﺱ ﺘﺠﺩﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺜﻭﺭﺘﻪ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﺎ ﻴﺤﻁ ﻤﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻜﺈﻨﺴﺎﻥ ،ﺒﺩﺀﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻤﻌﻨﻰ ﻷﻴﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻻ ﺘﺒﺩﺃ ﻤﻨﻪ ﺃﻭﻻ . ﻭﺇﺫﺍ ﺘﻤﻜﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ،ﺴﻴﺘﻤﻜﻥ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻤﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻙ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﺒﻴﻥ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ،ﻭﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺭﺠل ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺤﺩﺕ ﻓﻲ ﺫﻫﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺘﺩﺍﺨل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻜﻤﺅﺴﺴﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻷﻤﻥ ﻜﺠﻬﺎﺯ ﺴﻠﻁﻭﻱ ،ﻭﻋﻨﺩﻫﺎ ﺴﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﻓﺘﻭﺘﻪ ﺍﻟﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺅﻜﺩ
ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻪ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻪ ﻋﻥ ﺃﻱ ﺭﺍﺒﻁ ﺒﻨﻴﻭﻱ ﺒﺎﻷﺠﻬﺯﺓ ،ﻭﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺩﻭﺭﻩ ﻤﻊ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﻤﻀﻁﺭﺩ ﻻﻨﺘﺯﺍﻉ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ . ﺩ.ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ * ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ – ﺍﻟﺸﻬﺭ ٢٠٠١ / ١
32
ﻟﺠﺎﻥ ) ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﻭ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ * ﻴﻘﻭﻡ ﺸﺨﺹ ﺒﺎﺴﻡ ﻨﺎﺼﺭ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺒﺈﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﺇﺭﻫﺎﺒﻲ ﻴﻬﺩﺩ ﻭﻴﺘﻭﻋﺩ ﻟﺠﺎﻥ ﺍﻹﺤﻴﺎﺀ ﺒﺄﻨﻬﻡ " ﻟﻥ ﻴﻔﺭﺤﻭﺍ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﺒﻤﺎ ﺼﻨﻌﺕ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ﻭﺴﻭﻑ ﻴﻠﻘﻭﻥ ﺍﻟﺠﺯﺍﺀ ﺍﻟﻌﺎﺩل " ...ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺍﻟﻌﺩﺩ ٢٨٠ﺸﺒﺎﻁ . ٢٠٠١ / ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻌﺯﺯ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ ،ﺒﺄﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﻡ ﻏﻴﺭ ﻤﻭﺠﻭﺩ ﻭﻫﻭ ﺍﺴﻡ ﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ﻷﺤﺩ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻤﺘﻀﺭﺭﺓ ﻤﻥ ﺭﻴﺎﺡ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻬﺩﻫﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ .
ﻭﻤﺎ ﻋﻨﺎﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ،ﺃﻨﻪ ﻴﻌﻨﻴﻨﺎ ﺒﺘﻠﻭﻴﺢ ﻋﺼﺎ ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻟﻌﺎﺩل ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﺘﻁﻊ ﻤﻘﺘﻁﻔﺎﺕ ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻟﻨﺎ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﻨﺸﺭ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻜﺭﺍﺱ ﻴﻀﻡ ﺜﻼﺙ ﻤﻘﺎﻻﺕ ،ﻭﻗﺩ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﻜﺭﺍﺱ ﺒﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﺃﻱ ﺃﻨﺘﺠﻬﺎ ﻤﻴﻜﺎﻨﻴﺯﻡ ﺘﻔﻌﻴل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺘﻁﻠﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ، ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻁﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﺘﺤﻭل ﻓﻴﻪ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻨﺘﺎﺝ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﺫﺍﺘﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺘﻔﺎﻋﻠﻬﺎ ﻭﺘﻌﺒﻴﺭﻫﺎ ﻋﻥ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ،ﻭﻟﻌﻠﻬﺎ ﻤﺩﻋﺎﺓ ﻟﻔﺭﺤﻲ ﻭﺍﻋﺘﺯﺍﺯﻱ ﻜﻜﺎﺘﺏ ،ﺃﻥ ﻴﺼﻠﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺭﺍﺱ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺫﺍﺘﻬﻡ ﻭﻫﻡ ﻴﺘﺩﺍﻭﻟﻭﻨﻪ . ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺒﺤﻜﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﺒﺨﻔﺔ ﺩﻡ ﻤﻅﻠﻴﺔ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺘﺭﺍﺠﻴﻜﻭﻤﻴﺩﻱ ﻤﺩﻓﻌﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻘﻴل ،ﻭﻴﻭﺭﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻜﺎﻴﺔ ﻟﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺘﺎﺒﻊ ﻭﻤﺘﺒﻭﻉ ،ﺒﻬﺩﻑ
ﺍﻟﻭﻗﻴﻌﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ،ﻋﻥ ﻤﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ ﻭﻤﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺘﺒﻭﻉ ،ﺠﺎﻫﻼ ﺃﻭ ﻤﺘﺠﺎﻫﻼ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﺒﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﻭﺍﻓﻘﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﺤﻭل ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻹﺤﺼﺎﺌﻴﺎﺕ ،ﻨﺘﻤﺘﻊ ﺒﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺫﺍﺘﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﻨﺘﺎﺠﻨﺎ ﺍﻷﺩﺒﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ،ﻤﺎ ﻴﺅﻫﻠﻨﺎ ﻷﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺩﺍﺌﺭﺘﻨﺎ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﺒﺴﻌﺔ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺤﺒﻪ ﻻ ﻟﻨﺭﻜﺒﻪ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻨﻜﺘﺏ ﻋﻥ ﻗﻀﺎﻴﺎﻩ ﺩﻭﻥ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﻤﻜﺎﻓﺄﺓ ،ﺴﻭﻯ ﻕ ﻤﻜﺎﺴﺏ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻭﻫﻲ ) ﻋﺼﺎ ﺍﻟﺠﺯﺍﺀ ( ، ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺩﻨﺎ ﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﻋﺸﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﺘﻠ ﱠ ﻭﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻓﺈﻥ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ ﻤﺅﻟﻔﺎﺘﻲ ﺴﺘﺒﻠﻎ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﻜﺘﺎﺒﺎ ،
ﺘﺅﻫﻠﻨﻲ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ ﻭﺍﻟﻤﺘﺒﻭﻉ ،ﻭﻫﻲ ﺒﻜل ﻋﻨﺎﻭﻴﻨﻬﺎ ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻌﻘل ﻨﻘﺩﻱ ،ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻌﺎﺩﻻ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻤﺨﻠﺼﺔ ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻭﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﻌﺘﻭﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺨﻁﺄ ﺃﻭ ﺼﻭﺍﺏ ،ﻭﻗﺩ ﺘﻠﻘﻴﻨﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ) ﺍﻟﺠﺯﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ ( ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺒﺸﺭﻨﺎ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ،ﻟﻥ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎﺕ ،ﻭﻋﺩﺩ ﺍﻻﻴﻘﺎﻓﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﺤﺭﻤﺎﻥ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻜﻠﻔﻪ ﻜل ﺩﺴﺎﺘﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .
33
ﻴﺘﻬﻤﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻨﺎ ﻟﺭﻗﻡ ٩٥ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻴﺤﺼﻠﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻗل ﻤﻤﺎ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻴﻪ ٥ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺌﺔ ﻤﻨﻪ ،ﻫﻭ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻻ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻪ ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﻘﻁﻌﻲ ،ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌﺘﺭﻑ ﺒﺫﻟﻙ ،ﻓﻨﺤﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﻤﺩﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻴﺭﺍﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﺇﻨﻤﺎ ﻋﻤﺩﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺴﺅﺍل ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﻴﻥ ﻨﺜﻕ ﺒﺨﺒﺭﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ، ﻭﺒﻭﻁﻨﻴﺘﻬﻡ ﻭﻨﺯﺍﻫﺘﻬﻡ ،ﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻨﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﻜﺎﺨﺘﺼﺎﺼﻴﻴﻥ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ
ﺍﻟﺩﻟﻴل ﺍﻟﻘﻁﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺒﻠﺩ ﻜﺒﻠﺩﻨﺎ ) ﺴﻭﺭﻴﺎ ( ﻻ ﺘﻤﺘﻠﻙ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ، ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ) ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ،ﺼﺤﻑ ،ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺒﺤﻕ ( ﺃﻥ ﻴُﻁﻤﺄﻥ ﺇﻟﻰ ﺼﺤﺔ ﺃﻱ ﺭﻗﻡ ﺤﺘﻰ ﺃﺭﻗﺎﻡ ﺩﺭﺠﺎﺕ ﺍﻟﺤﺭﺍﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺴﺎﺨﺭ ﻟﺼﺩﻴﻘﻨﺎ ﻤﻤﺩﻭﺡ ﻋﺩﻭﺍﻥ . ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺘﻔﻀل ﺍﻟﻨﺎﻗﺩ ﻟﻨﺎ ﻟﻌﺩﻡ ﺩﻗﺘﻨﺎ ﺒﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ،ﻭﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻤﻥ ﻴﻤﻠﻙ
ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ؟ ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﻗﺩ ﺘﻘﺼﻰ ﻓﺎﻜﺘﺸﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﻗﻡ ﻟﻴﺱ % ٩٥ﺒل %٩٠ﻤﺜﻼ ؟ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻤﺜﻠﻤﺎ ﺍﻨﻔﻌل ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﺍﺒﻥ ﺍﻷﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻭﻡ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻜﺩﺍﺵ ،ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﻨﻘﺎﺵ ﺤﻭل ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﻋﺩﺩ ﻀﺤﺎﻴﺎ ﺍﻹﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴﺔ ،ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺫﻜﺭ ﺭﻗﻡ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻀﺤﻴﺔ ،ﺍﺤﺘﺞ ﺍﺒﻥ ﺍﻷﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺴﺎﺒﻘﺎ ﻭﺍﻷﻤﻴﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻻﺤﻘﺎ ،ﻤﻜﺫﺒﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﻭﻤﺅﻜﺩﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﻻ ﻴﺒﻠﻎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﺘﺔ ﻤﻼﻴﻴﻥ ﻀﺤﻴﺔ ﻓﻘﻁ ﻻ ﻏﻴﺭ !؟
ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻫﺸﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ،ﺃﻨﻪ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ،ﻴﺠﻌل ﺍﻟﻤﻘﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺍﻷﺴﺩ ﺩﺭﻴﺌﺔ ﺘﻨﺼﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻜل ﻋﻴﻭﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﻟﻡ ﺘﺘﻁﺭﻕ ﻻ ﻤﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﻭﻻ ﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻷﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻭﺼﻑ ﻭﺘﺸﺨﱢﺹ ﻭﺘﻨﺘﻘﺩ ﻭﻀﻌﺎ ﻻ ﺸﺨﺼﺎ ،ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﺩﺍﺨل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻭﺍﻟﺸﺨﺹ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺭﺍﺤل ، ﻓﺎﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺘﺠﻨﺒﺕ ﺃﻱ ﺇﺸﺎﺭﺍﺕ ﻻ ﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻔﺘﺢ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ
ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺫﺍﺘﻪ ﻋﺒﺭﻨﺎ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﻭﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻤﻊ ﺴﻴﺎﺴﺘﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﺩﻋﻲ ﻤﻥ ﻗﺒﻠﻪ ﻗﺭﻉ ﺍﻟﻁﺒﻭل ،ﻭﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﺒﺎﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ، ﻭﺍﻹﻨﺫﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﻋﻴﺩ ،ﺇﻻ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻵﺨﺭ ) ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻭﻥ ( ﺃﻋﻠﻨﻭﺍ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻓﺄﻋﻠﻨﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻀﻭﺕ ﺒﺎﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ،ﺃﻭ
ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺴﺤﺒﺕ ﻤﻨﻬﺎ ) ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ – ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ( ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻘﺩﺘﻬﺎ ﻭﻨﻘﺩﺕ ﺴﻴﺎﺴﺘﻪ ﺒﺸﺩﺓ
) ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ – ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ﻭ) ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺜﻭﺭﻱ ( ،ﻓﻠﻡ ﻴﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﻌﺭﻜﺔ ﻤﻊ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ! ﺇﻻ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﺭﺏ . ﻟﻘﺩ ﻜﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻨﺠﺎﻫﺭ ﻋﻠﻨﺎ ﺒﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﺤﺘﻰ ﺒﻌﺽ
ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ) ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ( ﻋﺎﺭﻀﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ،ﺍﻨﺴﺠﺎﻤﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ،ﻓﻠﻡ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺃﻴﺔ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌل ﺃﻤﻨﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﺒﻠﻎ ﻟﻬﺠﺘﻨﺎ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺩﺓ ،ﺃﻥ ﻗﺎﺌﺩ ﻜﺘﻴﺒﺘﻨﺎ ﻋﺯﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﺔ ﺨﺎﺼﺔ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍ ﻟﻨﺎ ﻋﻥ ﺯﻤﻼﺌﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﺸﻭﺭﻴﻥ ﺒﺄﻋﺩﺍﺩ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﻏﺭﻓﻬﻡ ،ﻟﻘﺩ ﻓﻌل ﺫﻟﻙ ﻟﻴﺱ ﺴﺠﻨﺎ ،ﺒل ﺍﺤﺘﻴﺎﻁﺎ ﻭﺘﺤﺴﺒﺎ ﻤﻥ ﺍﻨﺩﻓﺎﻋﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﺃﻥ ﺘﻘﻭﺩﻨﺎ 34
ﻟﺘﻘﺩﻴﻡ ﺨﺩﻤﺎﺕ ﻟﻠﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ ﺩﺨﻭل ﻗﻭﺍﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎﻥ . ﺘﻔﺭﺩ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﺒﻌﻼﻗﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺯﺓ ﻤﻊ ﺇﻴﺭﺍﻥ ،ﻭﺘﻘﺩﻴﺭﻩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻟﻺﻤﺎﻡ
ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﺼﺩﺭﻨﺎ ﺒﻴﺎﻨﺎ ﻨﺩﺩﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺒﻔﺘﻭﻯ ﺍﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﺍﻟﺩﺍﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺘل ﺴﻠﻤﺎﻥ ﺭﺸﺩﻱ ﻭﺍﻋﺘﺒﺭﻨﺎﻫﺎ ﻓﺘﻭﻯ ﻗﺭﻭﺴﻁﻴﺔ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺃﻋﻠﻥ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﻤﻘﺎﺒﻼﺘﻪ ،ﺒﺄﻥ ﺴﻠﻤﺎﻥ ﺭﺸﺩﻱ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻟﺤﺎﻜﻤﻨﺎﻩ ،ﺇﺫﺍ ﻓﺎﺨﺘﻼﻑ ﻤﻭﻗﻔﻨﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻟﻡ ﻴﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﻋﻴﺩ ،ﺒل ﻟﻡ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﺃﻱ ﻤﻨﺎ ﻷﻴﺔ ﻤﺴﺎﺀﻟﺔ . ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺫﺭﻭﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺒﺎﻴﻥ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻨﻨﺎ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ﻤﻥ ٥٢ﻤﺜﻘﻔﺎ ،ﺍﻟﻤﻨﺩﺩ ﺒﻌﺩﻭﺍﻥ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ
ﻀﺩ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻤﻨﺩﺩﻴﻥ ﺒﺎﻟﺤﻠﻔﺎﺀ ) ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ( ﻭﻜﺘﺒﻨﺎ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﻨﺎﺭﻴﺔ ،ﻭﻜﻨﺎ ﻨﻀﻊ ﻤﺎ ﺴﻤﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ ) ﺤﻘﻴﺒﺔ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ( ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﻭﻱ ﺍﻷﺩﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺘﺏ ﻭﺍﻟﺴﺠﺎﺌﺭ ،ﻤﺘﺄﻫﺒﻴﻥ ﻓﻲ ﻜل ﻟﺤﻅﺔ ﻟﻼﺴﺘﺩﻋﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺩﺍﻫﻤﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﺤﺼل ﺃﻱ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺭﻏﻡ ﺩﻗﺔ ﺍﻟﻅﺭﻑ ﻭﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ،ﻓﻘﺩ ﺤﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺒﻬﺩﻭﺀ ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺩﻋﺔ ﺒل ﻓﻲ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﺤﻴﺙ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﻜﺎﺭﻴﺯﻤﺎ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﺭﺍﺤل ،ﺤﻴﺙ
ﺃﺨﺭﺱ ﺼﺭﺍﺥ ﻭﺠﻌﺠﻌﺔ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﻟﻸﺩﻤﻐﺔ ﺍﻟﺴﺎﺨﻨﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻘﻭل ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ،ﻓﻠﻡ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ،ﺴﻭﻯ ﻤﺒﻴﺕ ﻟﻴﻠﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻤﻊ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ،ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺍﻋﺘﺫﺭ ﺍﻷﻤﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﺘﺼﺎﻟﻬﻡ ﺒﺩﻤﺸﻕ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺘﻭﺠﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻟﻘﺎﺀ ﺤﻭﺍﺭﻱ ﻤﻁﻭل ﻤﻊ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻁﺭﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺃﺤﻤﺩ ﻀﺭﻏﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﺇﻋﻼﻥ ﺘﻀﺎﻤﻨﻪ ﻤﻊ ﺃﻱ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻀﻐﻭﻁ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ،ﻭﻗﺩ ﺍﻨﺘﻘﺩﺕ ﻴﻭﻤﻬﺎ ﺒﺤﺩﺓ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺯﻴﺭ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺠﻬﺎﺯﻩ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺤﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺘﺘﻬﺎﺩﻯ ﻤﺘﺒﺨﺘﺭﺓ ﺒﻔﺨﻔﺨﺔ ،ﻭﺼﻼﻓﺔ ﻭﻏﺭﻭﺭ ،ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺤﺎﻤﻼﺕ ﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺘﻨﺎ !؟ ﻭﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﻭﺯﻴﺭ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺴﻴﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﺃﻱ ﺴﻔﺎﺭﺓ ﺃﺠﻨﺒﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻐﻁﻲ ﻤﻭﻗﻔﻨﺎ ﻭﺘﺩﻓﻊ ﻟﻨﺎ ﻤﻘﺎﺒل ﺘﻀﺎﻤﻨﻨﺎ ﻤﻊ ﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻀﺩ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ !
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺘﺭﺍﺜﻴﺔ ﺘﻠﻴﺩﺓ ) ﻤﻥ ﺠﺎﻫﺭﻨﺎ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﺠﺎﻫﺭﻨﺎﻩ ،ﻭﻤﻥ ﺘﺠﻨﺒﻨﺎ ﺘﺠﻨﺒﻨﺎﻩ ( ،ﻓﻜﺎﻥ ﻤﺘﺎﺤﺎ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻭﺠﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻨﺘﻘﺎﺩﺍﺘﻨﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﻭﺍﻹﻴﺤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﻨﺎﻴﺔ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺃﺠﻬﺯﺘﻪ ،ﺃﻨﻪ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻤﺒﺎﺸﺭﺍ ﺼﺭﺍﺤﺎ ، ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﻬﺘﻤﻭﻥ ﺒﺘﺄﻭﻴل ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺙ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻔﻌل ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻁﺎﻗﻡ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺴﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻨﺘﺒﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺴﻴﺌﻭﻥ ﻟﻠﺭﺍﺤل ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺅﻭﻟﻭﻥ ﺃﻱ ﺤﺩﻴﺙ ﻨﻘﺩﻱ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﺠﺎﺯﺍ ﻻ ﻴﺤﻴل ﺇﻻ ﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻓﻜﺄﻨﻬﻡ ﺒﺫﻟﻙ ﻴﺒﻐﻭﻥ ) ﺸﻕ ﺍﻟﺼﺩﻭﺭ ( ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺩﻭﺍﺨﻠﻬﺎ .
35
ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ﻟﻨﻭﺍﻴﺎﻨﺎ ﻭﺩﺨﻴﻠﺘﻨﺎ ﺘﺒﻠﻎ ﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻭﺱ ﺍﻟﺘﻭﺘﺎﻟﻴﺘﺎﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩ ﺇﺤﺼﺎﺀ ﺍﻷﻨﻔﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﺫ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﻻ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺇﻻ ﺒﺈﻅﻬﺎﺭ ﺇﺴﻼﻤﻪ ،ﻭﻴﺭﻓﺽ ﺃﻥ ﻴﺸﻕ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻟﻴﻌﺭﻑ ﻤﺩﻯ
ﺇﻴﻤﺎﻨﻬﻡ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻴﺭﻓﺽ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﻨﺩﻴﺩ ﺍﻟﻴﺎﻓﻊ ﺍﻟﻤﺘﺤﻤﺱ ﺃﻥ ﻴﻘﺒل ﻅﺎﻫﺭ ﺨﻁﺎﺒﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻴﺭ ﻋﺒﺭ
ﻜل ﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺩﻡ ﻭﺭﻭﺩ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻬﻭ ﻴﺭﻴﺩ ﺘﻘﺼﻲ ﺩﺨﻴﻠﺔ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ، ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻟﻭ ﻗﺭﺃ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻻﺴﺘﻔﺎﺩ ﻤﻥ ﻨﺼﺎﺌﺢ ﺠﺩﻩ ﺯﻴﺎﺩ ﺍﺒﻥ ﺃﺒﻴﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺨﺎﻁﺏ ﺃﻫل ﺍﻟﺒﺼﺭﺓ ﺒﺨﻁﺒﺘﻪ ﺍﻟﺒﺘﺭﺍﺀ :ﻗﺎﺌﻼ " :ﺇﻨﻲ ﻟﻭ ﻋﻠﻤﺕ ﺃﻥ ﺃﺤﺩﻜﻡ ﻗﺩ ﻗﺘﻠﻪ ﺍﻟﺴل ﻤﻥ ﺒﻐﻀﻲ ﻟﻡ ﺃﻜﺸﻑ ﻟﻪ ﻗﻨﺎﻋﺎ ﻭﻟﻡ ﺃﻫﺘﻙ ﻟﻪ ﺴﺘﺭﺍ ﺤﺘﻰ ﻴﺒﺩﻱ ﻟﻲ ﺼﻔﺤﺘﻪ "...
ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻔﻴﺩ ﺍﻟﻘﻠﻴل ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺴﺘﺭ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﺴﻡ ﻨﺎﺼﺭ ﻋﻼﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻠﻙ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻤﻥ ﺃﺼﻭل ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ،ﻟﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﻻ ﺘﺴﺘﻔﺯ ﺸﻌﺒﻬﺎ ،ﺒﺎﺴﺘﻨﻁﺎﻕ ﺩﻭﺍﺨﻠﻬﻡ ﻭﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺵ ﻋﻥ ﻤﻜﺎﻤﻥ ﺍﻟﺒﻐﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺏ ،ﺍﻟﺘﻌﺎﻁﻑ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺭﺍﻫﻴﺔ ،ﺒل ﻴﻘﺭﺃ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﻭﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﻤﺒﺩﺍﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ﻻ ﺍﻟﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻷﻥ ﻋﻠﻤﻬﺎ ﻋﻨﺩ ﻋﻼﻡ ﺍﻟﻐﻴﻭﺏ ! ﻭﻟﻭ ﺍﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺒﺩﺍﻫﺔ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﺠﺩﻩ ) ﺍﺒﻥ ﺃﺒﻴﻪ ( ﻟﻜﺴﺏ ﻤﻭﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﺴل ﺍﻟﺒﻐﺽ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻤﻭﺍ ﻻ ﻴﺠﺎﻫﺭﻭﻨﻪ ﺃﻭ ﻴﺒﺩﻭﻥ ﻟﻪ ﺼﻔﺤﺘﻬﻡ ،ﻭﻟﻌﺼﻡ ﻉ ﻜﻠﻪ ﺍﻹﺴﺎﺀﺓ . ل ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻨﻪ ،ﺩﻓﺎ ﹴ ﺍﻟﺭﺍﺤ َ
ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﺘﻘﻲ ﻤﻊ "ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭﻨﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﻨﺔ" ﻭﻤﻊ ﺤﻤﻠﺔ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ،ﻷﻥ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻁﺎﺭﻨﺔ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻵﺨﺭ ﻟﻠﻌﻘل ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻐﻲ ﺍﻵﺨﺭ ﻨﻜﺎﻻ ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﺍ ،ﻭﺍﻟﻤﺩﺨل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻤﻊ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ،ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ،ﻭﻗﺒﻭل
ﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﻤﻊ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﻥ ،ﻭﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻁﻭﻋﻲ ﻟﺸﻜل ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻀﻭﻨﻬﺎ ل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻤﻊ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻫﻭ ﻤﺩﺨل ﻟﺘﺨﺩﻡ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺩﺨل ﻻ ﻴﺤ ّ ﻹﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺘﻔﻌﻴل ﺃﻱ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻭﻁﻨﻲ ﻭﻗﻭﻤﻲ ﻭﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻭﺤﺩﻭﻱ ﻋﺭﺒﻲ ،ﻭﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻫﻲ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻨﺤﻁﺕ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻋﻀﻭﻱ ،ﺘﺤﻜﻤﻬﺎ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺤل ﺇﻟﻰ ) ﺭﻉ ( ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ) ﺍﻟﻤﻁﺒﺦ ﻭﺍﻟﻜﻨﻴﻑ ( ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ .
ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺩﺨل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻹﺤﻴﺎﺀ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻷﻤﺔ ،ﻭﺒﻌﺙ ﺸﻌﻭﺭﻫﺎ ﺒﻜﺭﺍﻤﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻲ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﺒﺄﺴﻠﺤﺘﻪ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺴﺠل ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﺒﻁﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﺫﺓ ﺤﻴﺙ ﺃﺭﻗﻰ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ،ﺒﺩﻭﻥ ﻭﺼﺎﻴﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ،ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺒﺎﺴﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ﺃﻥ ﺘﻬﺯﻡ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ،ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﺒﻭﺼﺎﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ .
ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺎﻜﻥ ﻓﻲ ﺠﺴﻡ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ،ﺃﻨﻪ ﺃﺴﺎﺀ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻭﻫﻭ
ﻴﺘﻭﻫﻡ ﺒﺤﻤﺎﻗﺔ ﺃﻨﻪ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻭﱠل ﻜل ﻤﻼﺤﻅﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﻭﺠﻬﺔ ﻟﻠﺭﺍﺤل ، 36
ﻭﻟﻡ ﻴﺘﻌﻠﻡ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻤﻥ ﺃﺼﻭل ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﺭﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ " ﺘﺠﻨﺏ ﻤﻥ ﻴﺘﺠﻨﺒﻙ " ،ﻻ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﻬﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺩﻭﺍﺨﻠﻬﻡ ،ﻭﻀﻤﺎﺌﺭﻫﻡ ،ﻭﺼﺩﻭﺭﻫﻡ ،ﻟﺘﻀﻌﻬﻡ ﺠﻤﻴﻌﺎ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺤﺎﻡ ،ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻟﻨﻴل ﺍﻟﺠﺯﺍﺀ .
ﻭﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﻓﻲ ﺃﻤﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ،ﺃﻨﻪ ﻴﺩﻋﻲ ﺃﻥ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ
ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻲ ﺒﺂﺩﺍﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺘﻔﺭﺽ ﻋﻠﻴﻪ " ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺘﺎﺌﻡ ﻭﺍﻻﺒﺘﻌﺎﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺘﺭﺍﺕ "، ﻭﻫﻭ ﻻ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﻁﻠﻕ ﻋﻠﻰ ﻨﺎﺸﻁﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺄﻨﻬﻡ " ﻟﻤﺎﻤﺔ " ،ﻓﺄﻱ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻲ ﺒﺎﻵﺩﺍﺏ ،ﺒل ﺃﻱ ﺒﺸﺭ ﻫﺅﻻﺀ ؟ ﻭﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﻤﺘﻨﻔﺫﻭﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﻨﺨﺒﺔ ﺒﻼﺩﻫﻡ ) ﻜﺘﺎﺏ – ﻤﻔﻜﺭﻭﻥ –ﻓﻨﺎﻨﻭﻥ – ﺃﺩﺒﺎﺀ ( ﺒﺄﻨﻬﻡ ) ﻟﻤﺎﻤﺔ ( ﻭﺃﻱ ﻤﺩﻴﺭﻭﻥ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﻅﺭﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺼﺎﻨﻌﻴﻥ ﻟﻠﻘﻴﻡ ﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ ﻟﻸﻤﺔ ،ﻭﻟﻭﺤﺔ ﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺒﺄﻨﻬﻡ ) ﻟﻤﺎﻤﺔ ( ﺃﻤﺎﻡ ﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺴﻭﻯ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل " ﺁﻩ ﻴﺎ ﺒﻠﺩ " ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺴﻤﻊ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻭﻜﺒﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻴﺭﺓ ﻁﻼﺌﻊ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻭﻀﻬﺎ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﻭﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﻟﻴﺴﻭﺍ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﺴﻭﻯ ﻋﻤﻼﺀ ﻟﻠﺴﻔﺎﺭﺍﺕ – ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺯﻴﺭ ﺍﻹﻋﻼﻡ – ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل " ﺁﺥ ﻴﺎ ﻭﻁﻥ " ﻭﺃﻱ ﺯﻤﻥ ﺃﻨﺕ ﻴﺎ ﺯﻤﻥ !!؟
• ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ – ﺍﻟﺴﺒﺕ . ٢٠٠١ / ٢ / ٢٤
37
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ* ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻜﻴﻨﻭﻨﻲ ) ﺍﻷﻭﻨﺘﻭﻟﻭﺠﻲ ( ﺒﺄﻨﻪ ﻨﺯﻋﺔ ﻏﺭﻴﺯﻴﺔ ﻗﻁﻴﻌﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻠﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﻁﺭﺓ ،ﻓﺈﺫﻥ ﻴﻭﺠﺩ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻁﺒﻴﻌﻴﺎ ﺤﻴﺙ ﺘﻭﺠﺩ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻁﺒﻴﻌﻴﺎ ،ﻭﻫﻭ ﺒﺎﻟﻤﺂل ﺜﻤﺭﺓ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻷﻗﻭﻯ ﺒﺎﻷﻀﻌﻑ ،ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻐﺎﺏ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻫﺎﺘﻴﻥ ﺍﻟﻨﺯﻋﺘﻴﻥ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺘﻴﻥ ﺇﻻ ﻨﺘﺎﺝ ﻤﺎ ﺘﺭﺴﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﻭﻋﻲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ ﻟﻠﺒﺸﺭ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻨﻔﺼﻠﻭﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﻴﺘﺤﺴﺴﻭﺍ ﺫﺍﺘﻬﻡ ﻜﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻔﻀﻲ ﺒﻨﺎ
ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺴﺘﻨﺒﺎﻁ ﺍﻟﻘﺎﺌل :ﺒﺎﻻﻀﻤﺤﻼل ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺠﻲ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻭﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺨﻀﻭﻉ ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻤﻜﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ،ﻭﻋﻤﱠﻕ ﻤﻨﺠﺯﺍﺘﻪ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ) ﺍﻟﻌﺎﻁﻔﻲ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭﻱ ( ﻓﺈﻨﻪ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﺘﺯﺩﺍﺩ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻜﻠﻤﺎ ﻀﺎﻗﺕ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺩﺩ ﻭﺍﻟﺭﺤﻤﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻠﻌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺩﻭﺭﺍ ﻤﺤﻭﺭﻴﺎ ،ﺇﺫ ﻴﺘﻡ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ – ﺤﺴﺏ ﻫﻭﺒﺯ – ﺍﻟﻔﺭﺍﺭ ﻤﻥ
ﺍﻟﺘﺴﺎﻭﻱ ﺃﻤﺎﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺘﻤﺎﻴﺯ ﻴﺅﻤﻥ ﺍﻟﺒﻁﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺨﻠﻭﺩ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻴﺘﺩﺨل ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻹﻟﻬﻲ ، ﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺘﻪ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻤﺭ ﻭﺍﻟﻁﺎﻋﺔ . ﺃﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ – ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻓﺘﺤﺩﺩ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﻓﻕ ﻤﻌﻴﺎﺭ ﺩﺭﺠﺔ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻨﻴﺔ .
ﻴﻘﺎﺭﻥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﺒﺭﻫﺎﻓﺔ ﻤﺸﻭﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺒﻨﻴﺘﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﻥ ،ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ، ﻭﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻨﻲ ،ﻴﻘﻭل ﻓﻲ ﺴﻴﺭﺘﻪ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ " :ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﻜﻨﺕ ﺃﺫﻫل ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﺃﺭﻯ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭﺠﺭﺃﺘﻪ ﻭﺜﻘﺘﻪ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﺘﺤﺭﺭﻩ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻤﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺨﻭﻑ ! ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺩﻴﻙ ،ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺩﻭﺩﺓ .ﻫﻨﺎﻙ ﺤﺒل ﺴﺭﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻭﺼﻭﻟﺔ ﺒﺎﻷﻟﻭﻫﺔ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺤﺒﻠﻪ ﻤﻘﻁﻭﻉ ﺒﺘﺎﺘﺎ ، ﺒﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﺒﺩ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻌﻨﻔﻭﺍﻥ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻟﻭﺩﺍﻋﺔ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺒﺭﻭﻤﺜﻴﻭﺜﻴﺔ ﻁﺎﻏﻴﺔ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻭﺭﺍﺤﺔ
ﺍﻟﺒﺎل ،ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺸﻙ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻟﻴﻘﻴﻥ ﻭﺍﻟﺘﻠﻘﻴﻥ ﻭﺍﻻﻤﺘﺜﺎل ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺴﺎﺀل ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﻭﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﻴﺠﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ " ﺃﻥ ﺒﻼﺩﻩ ﻜﻔﺕ ﻋﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻼﺩ ﺍﻟﺨﻭﻑ " .ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺘﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻤﻨﺫ ﺸﻬﻭﺭﻩ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺘﺘﻌﺎﻭﺭﻩ ﺃﺸﻜﺎل ﻻ ﺘﺤﺼﻰ ! ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩ ﺍﻹﻴﻤﺎﻨﻲ ،ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺒﻼﺩ
ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﺴﺭﻴﺭ " ﺒﺭﻭﻜﺴﺕ " ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻜل ﻓﺭﺩ ،ﻭﻴﺘﻤﺩﺩ ﻓﻭﻗﻪ ﻭﻟﻜﻥ ﻟﺘﻘﻁﻊ ﺨﺼﻴﺘﺎﻩ ﻓﻴﻐﺩﻭ ﻀﺤﻴﺔ ﻭﺩﻴﻌﺔ ﻤﺫﻋﻨﺔ ،ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ ﻓﺭﺍﺭ ،ﻭﻤﻭﺘﻬﺎ ﺨﻼﺹ .
38
ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺘﺤﺩ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻬﺎ ﻨﺘﺎﺠﺎ ﻤﻜﺜﻔﺎ ﻤﺯﺩﻭﺠﺎ ﻟﻠﻁﻐﻴﺎﻥ ،ﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﻭﻁﻐﻴﺎﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻴﺩﺨل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻌﺎ ﻨﻔﻕ ﺍﻟﺭﻋﺏ ،ﺍﻟﻘﻭﺓ ،ﺍﻟﺒﻁﺵ ، ﻭﻜﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﺒﻁﺵ ﺍﺴﺘﻔﺤﺎﻻ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﺨﻭﺍﺀ ﻭﻓﻘﺭﺍ ،ﻓﻘﻴﺭﺓ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ
ﺩﺍﺨﻠﻬﺎ ﻓﻼ ﺘﺠﺩ ﺇﻻ ﺍﻟﺨﻭﺍﺀ ،ﻓﺘﻤﻠﺅﻫﺎ ﺒﺎﻟﺒﻁﺵ ﻭﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺘﺄﻤل ﺃﻓﻼﻁﻭﻥ ﺃﺤﻭﺍل ﺯﻤﺎﻨﻪ ﻭﺤﻜﺎﻤﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻨﻌﺩﻡ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻴﺴﻭﺩ ﺍﻟﻅﻼﻡ ﻭﻴﻜﺜﺭ ﺍﻟﻭﺸﺎﺓ ،ﻭﺘﺤﺎﻙ ﺍﻟﺩﺴﺎﺌﺱ ﻭﺍﻟﻤﺅﺍﻤﺭﺍﺕ ،
ﻭﻴﺴﻭﺩ ﺍﻟﺸﻙ ﻭﺍﻟﺤﺫﺭ ﻭﺍﻟﺭﻴﺒﺔ ،ﺤﺘﻰ ﻴﻁﺎل ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻤﺩﺠﺞ ﺒﻜل ﺼﻨﻭﻑ ﺍﻟﻘﻭﺓ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻴﺵ ﺃﺴﻴﺭ ﻗﻭﺘﻪ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻴﻔﻘﺩ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺒﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﻤﻥ ﻴﺤﻴﻁﻭﻥ ﺒﻪ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻴﺠﻌﻠﻬﻡ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻋﻴﻭﻨﺎ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﻋﻠﻰ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺒﻌﻀﺎ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺘﻁﻠﺏ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﺒﺴﺒﺏ ﺸﻜﻪ ﺃﻥ
ﻴﺒﻁﺵ ﺒﺄﻗﺭﺏ ﺍﻟﻤﻘﺭﺒﻴﻥ ﻟﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻴﺨﻠﺹ ﺃﻓﻼﻁﻭﻥ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﻨﺘﺎﺝ
ﻀﻌﻔﻪ ،ﻭﻫﻭ ﺇﺫ ﻴﺘﻭﻫﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻤﺭﻩ " ﻋﺒﺩ " ﺇﻨﻪ ﻋﺒﺩ ﻟﺸﻬﻭﺍﺘﻪ ،ﻭﻤﻴﻭﻟﻪ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻨﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﻁﺭﺓ ،ﻭﻋﺒﺩ ﻫﻭﺍﺠﺴﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌﻠﻪ ﻴﻘﻀﻲ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺨﻭﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻫﺎﻡ ﺭﻓﻌﺘﻪ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩ ﺸﻭﻫﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﺠﻌﻠﺘﻪ ﺃﺸﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺤﺴﺩﺍ ﻭﻏﺩﺭﺍ ﻭﻅﻠﻤﺎ ،ﻭﺃﺘﻌﺱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﺎﻁﺒﺔ ،ﻓﻬﻭ ﺒﻼ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ،ﻷﻥ ﻜل ﻤﻥ ﻴﺤﻴﻁ ﺒﻪ ﻤﺤﻜﻭﻡ ﺒﺎﻟﺭﻏﺒﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺭﻫﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺯﻟﻑ ﻭﺍﻟﺘﻤﻠﻕ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﻠﻎ
ﺤﺩ ﺇﻀﻔﺎﺀ ﺍﻷﻟﻘﺎﺏ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺍﺴﺘﻔﺴﺭ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﻋﺠﺏ " ﺃﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﺃﻥ ﻴﺤﺎﺴﺏ ؟! " ﻁﺒﻌﺎ ﺇﻥ ﺴﺅﺍﻟﻪ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻴﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺭﻋﻴﺔ ﺒﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺤﺎﻜﻤﻬﺎ ،ﺒل ﺇﻟﻰ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﷲ ﺫﺍﺘﻪ . ﻴﺤﺩﺜﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﻭﻁﻲ ﻋﻥ ﻴﺯﻴﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺃﻨﻪ " ...ﺃﺘﻰ ﺒﺄﺭﺒﻌﻴﻥ ﺸﻴﺨﺎ ﻓﺸﻬﺩﻭﺍ ﻟﻪ ،ﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻔﺎﺀ ﺤﺴﺎﺏ ﻭﻻ ﻋﺫﺍﺏ " ﻭﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺴﺒﻘﻪ ﺃﺒﻭﻩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺒﻥ ﻤﺭﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺨﻁﺒﺘﻪ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺼﻌﺩ ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ﻟﻴﻘﻭل " :ﻭﺍﷲ ﻻ ﻴﺄﻤﺭﻨﻲ ﺃﺤﺩ ﺒﺘﻘﻭﻯ ﺍﷲ ﺒﻌﺩ ﻤﻘﺎﻤﻲ ﻫﺫﺍ ﺇﻻ ﻀﺭﺒﺕ ﻋﻨﻘﻪ ،
ﺜﻡ ﻨﺯل " ! ﻭﻓﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺘﺭﺍﺜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻴﺯ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻟﻠﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﻅﺭ ﻓﻼﺴﻔﺔ ﺍﻷﺼﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺤﺩﺜﻨﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﺘﺒﺩﻭ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻫﻲ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﻤﺜﻼ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺘﺭﺍﺜﻲ ﺍﻟﺘﻠﻴﺩ ،ﺤﻴﺙ ﻏﻴﺎﺏ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺸﺨﺼﻨﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺔ
ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ،ﻓﻜﻴﻑ – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ -ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻭﺤﺩﺓ ﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻡ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻴﻌﺸﻌﺵ ﻓﻲ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻭﺍﺀ ،ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺨﺎﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺨﺎﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻜﻠﻬﻡ ﻓﻲ ﻓﻠﻙ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻴﺴﺒﺤﻭﻥ .
ﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ :
ﻴﺤﺩﺩ ﺠﻭﺭﺝ ﺍﻭﺭﻭَل ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺘﻪ ) ( ١٩٨٤ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺒﻨﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ .ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ؟ ﺇﻨﻬﺎ :ﺃﻥ ﺘﻌﺭﻑ ﻭﺃﻥ ﻻ ﺘﻌﺭﻑ ،ﺃﻥ ﺘﻌﻲ 39
ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺼﺎﺩﻗﺔ ﻜل ﺍﻟﺼﺩﻕ ﻭﺘﺭﻯ ﺒﺩﻻ ﻤﻨﻬﺎ ﻜﺫﺒﺎﺕ ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺒﻌﻨﺎﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﺩﻴﻙ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻭﺠﻬﺘﺎ ﻨﻅﺭ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺘﺎﻥ ﻭﺃﻨﺕ ﺘﻌﺘﻘﺩ ﻭﺘﺅﻤﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﻭﺃﻥ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻨﻜﺭ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﺩﻋﻴﻪ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻌﺘﻘﺩ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻤﻜﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﻨﻔﺱ
ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺘﻨﺎﺩﻱ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻫﻭ ﺤﺎﻤﻲ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻨﺱ ﻤﺎ ﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻷﻥ ﺘﻨﺴﺎﻩ ﺜﻡ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺜﻡ ﺘﻌﻭﺩ ﻓﺘﻨﺴﺎﻩ ﻤﺭﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ، ﺍﻷﻨﻜﻰ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻜﻠﻪ ،ﺃﻥ ﺘﻁﺒﻕ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﻴﺠﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻠﺏ . ﻴﻘﺩﻡ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﻭﻨﻭﺱ ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺘﻪ " ﻴﻭﻡ ﻤﻥ ﺯﻤﺎﻨﻨﺎ " ﻤﺜﺎﻻ ﻨﻤﻭﺫﺠﻴﺎ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ،ﻭﻨﺴﻴﺎﻥ ﻤﺎ ﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻷﻥ ﺘﻨﺴﺎﻩ ،ﺜﻡ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩ ،ﺜﻡ ﺘﻌﻭﺩ ﻓﺘﻨﺴﺎﻩ .
ﻴﻘﻭل ﻤﺩﻴﺭ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﻤﻤﺜل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻨﺴﻴﺎﻥ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺫﺍﺕ ﺩﻻﻟﺔ ﻻ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻟﻬﺎ ﻭﻓﻕ ﺤﺎﺠﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﻟﻬﺎ ﺒﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﺒﺩﻭ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﺘﹸﻨﺴﻰ ،ﻟﻴﺘﻡ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻫﻜﺫﺍ ﻭﻓﻕ ﺠﺩل ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ،ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ .
ﻴﺭﻯ ﻤﻤﺜل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ " :ﺍﻟﺭﺸﻭﺓ " " ﺍﻟﻨﻬﺏ " " ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ " "ﺍﻹﺜﺭﺍﺀ " " ﺍﻟﻨﺼﺏ " ﻭ " ﺍﻻﺤﺘﻴﺎل " . ﻭﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﺴﺘﺒﺩﺍﻟﻬﺎ ﻭﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻜﻠﻤﺎﺕ " ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ " " ﺍﻟﻌﻤﻭﻟﺔ " " ﺍﻟﺭﺒﺢ " " ﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﻔﺭﺹ " "ﺍﻟﻌﺼﺎﻤﻴﺔ " " ﺍﻟﻤﺭﻭﻨﺔ " ﻭ " ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ " . ﺇﻥ ﻓﺎﺭﻭﻕ ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﻴﺎﺕ " ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﻤﻥ ﺯﻤﺎﻨﻨﺎ " ﻴﺘﻤﺯﻕ ﻋﻘﻠﻪ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﻲ ﺒﻴﻥ ﻤﺩﻴﺭ ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺘﻠﻤﻴﺫﺍﺘﻪ ﻟﻠﺩﻋﺎﺭﺓ ﻤﺠﺭﺩ ﻫﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﻨﺎﺕ ﻤﺎﺩﺍﻡ ﻭﻻﺅﻫﻥ ﻻ ﺸﻙ ﻓﻴﻪ
ﺃﻤﺎﻡ ﺃﻡ ﺍﻟﻔﻀﺎﺌل ﻭﻫﻲ ﻤﺤﺒﺔ " ﺍﻟﺠﻨﺭﺍل " ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻭﻻﺀ ﻟﻪ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻓﺎﻟﻤﺩﻴﺭ ﻤﺸﻐﻭل ﺒﺎﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺫﺍﺕ ﺍﻟﻠﻭﺍﺘﻲ ﻴﻜﺘﺒﻥ ﻀﺩ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍل ﻋﻠﻰ ﺠﺩﺭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺭﺍﺤﻴﺽ ،ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻨﻁﻕ ﻤﺩﻴﺭ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻟﻐﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﺩﻤﺭ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ،ﻓﻼ ﻴﺠﺩ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﻼﺫﺍ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ،ﺴﻭﻯ ﺘﻤﺯﻕ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻬﺭﻭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻭﺍﻟﻼﺠﺩﻭﻯ ،ﺍﻟﻬﺭﻭﺏ
ﻤﻥ ﺸﺤﻭﺏ ﻭﺤﺸﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﻭﻻﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺭﻑ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻤﺒﻐﻰ
،ﻫﺎﺭﺒﺎ ﺒﻔﻀﺎﺌﻠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ..ﻨﻌﻡ " ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﺹ ﻤﻊ ﺩﻭﻟﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻓﺎﺭﻭﻕ " .ﻟﺘﻜﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺨﺎﺘﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ،ﻭﺃﻤﺜﻭﻟﺔ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺴﻌﺩ ﺍﷲ . ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ﺘﺘﻴﺢ ﻟﻙ ﺍﻟﻬﺭﻭﺏ ﻤﻥ ﺘﻔﻜﻴﺭﻙ ،ﻭﺘﻨﻘﺫﻙ ﻤﻥ ﻀﻐﻁ ﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﺒﻨﻰ ﻭﺠﻬﺘﻲ ﻨﻅﺭ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺘﻴﻥ ﻭﺘﺅﻤﻥ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻜﻠﻴﻬﻤﺎ ،ﻓﺎﻟﻐﺭﺏ ﻤﺭﺤﺏ ﺒﻪ ﻜﺴﻠﻌﺔ ،
ﻓﺈﺫﺍ ﻗﻠﺕ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻨﻁﻘﻴﺎ ،ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ،ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ،ﻤﻥ ﺍﻤﺘﻼﻙ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺘﺞ ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ﺍﻨﻘﺽ ﻋﻠﻴﻙ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﻋﻘل ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﻁﻘﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺭ ﻭﻤﺩﻴﺭﻱ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ ﻤﻥ ﺸﻴﻭﺥ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﺇﻟﻰ 40
ﺸﻴﻭﺥ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﺸﻴﻭﺥ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ،ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻨﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻠﻬﺞ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﺔ ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻠﺕ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺘﻴﺔ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﺭﺓ ،ﻟﻭﻻ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﻔﺭﺩ ﺫﺍﺘﺎ ﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻏﺎﺌﻴﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻋﺎﻗﻠﺔ ،ﻤﺎﻟﻜﺔ ﻟﺤﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺒﺩﻨﻬﺎ ﻭﺫﻫﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺴﻴﺘﻭﺝ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﺓ ،ﻭﻴﺘﻭﺝ ﻤﻔﻬﻭﻡ " ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﺽ ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ " .
ﻓﺤﺏ ﺍﻟﺸﻬﺭﺓ –ﺍﻟﻤﺫﻤﻭﻡ ﻭﺍﻟﻤﺩﺍﻥ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻜﺄﻨﻪ ﻤﻌﺎﺩل ﻟﻠﺘﺸﻬﻴﺭ – ﻫﻭ ﻤﻥ ﺃﻭل ﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺭﻜﺕ ﺃﻫﻭﺍﺀ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﻲ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺘﻭﻗﺎ ﻟﻠﻤﺠﺩ ﻭﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺍﻟﻘﻭﻱ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ :ﻜﺩﻴﻙ ﻻ ﻜﺩﻭﺩﺓ ،ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ ﻭﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺒﺭﻭﻤﻴﺜﻴﻭﺜﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﻕ ﺍﻟﺤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺠﺎﻤﺢ ﻟﻠﻨﺠﺎﺡ ،ﻭﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﻭﺍﻟﻔﺨﺭ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﻫﺎﺓ ﺒﺎﻻﺒﺘﻜﺎﺭ ،ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻔﺠﺭ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻟﻼﻨﺘﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻙ ﻭﺍﻟﺨﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﺩ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﺎﻟﻌﺠﺯ ،ﻓﺎﻻﻟﺘﺼﺎﻕ ﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻱ ﺒﺎﻷﺩﻴﻡ ،ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺘﻌﺩل
ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ،ﻭﻟﻭﻻ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻉ ) ﺍﻟﺸﻬﺭﺓ – ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ – ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﻭﺍﻟﻤﺒﺘﻜﺭ ( ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻐﺩﻭ ﻗﻭﻯ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﺃﻥ ﺘﺘﻁﻭﺭ ،ﻭﻜل ﺫﻟﻙ ﺘﺤﻘﻕ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﻤﻥ ﺘﻌﻤﻴﻕ ﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﺍﻟﻘﻭل ، ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺭﺓ ،ﻭﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ،ﻭﺍﻻﺤﺘﻜﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺼﻨﺩﻭﻕ
ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﻉ ..ﺇﻟﺦ
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻘﻭل ﺃﻥ ﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺴﻠﻌﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺠﺎﺤﺎﺕ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻵﻨﻔﺔ ﺍﻟﺫﻜﺭ ،ﻭﺃﻥ ﻴﺴﺘﺤﻴل ﺤل ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ ،ﻭﻀﻌﻴﺎ ،ﺘﻘﻨﻴﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺭﻗﻴﻌﻴﺎ ،ﺒﺩﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻻﻨﻘﺽ ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ﻤﻨﺩﺩﺍ ﻤﻬﺩﺩﺍ ،ﻤﺘﻭﻋﺩﺍ ﻤﺘﻬﻤﺎ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻟﻠﻐﺭﺏ !!
ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﻭﻜﻼﺀ ﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﺩﺨل ،ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻡ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎ ﺃﻱ ﺴﻭﻗﺎ ﻟﻠﺘﺼﺭﻴﻑ ،ﻻ ﺫﺍﺘﺎ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺃﻱ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ . ﻭﻟﻜﻲ ﺘﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺨﻭﻑ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻭﻁﻐﻴﺎﻥ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻋﻠﻴﻙ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ،ﺃﻥ ﺘﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﻟﻠﺴﻠﻌﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﺎ ﻋﻘﻠﻴﺎ ،ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ،ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻟﻬﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺎ ،ﻤﺩﻨﻴﺎ ،ﺘﻌﺎﻗﺩﻴﺎ ،ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻭﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻙ ﻓﻘﻁ ﺃﻥ ﺘﺴﻤﺢ
ﻟﺫﺍﻜﺭﺘﻙ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﺤﻀﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻭﺍﺭﻴﺦ ﻤﻥ ﺒﻬﻭ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ،ﻓﻘﻁ ) ﻟﻠﻌﻠﻙ ( ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭﻱ ﺍﻷﻜﺎﺩﻴﻤﻲ ، ﻭﺘﻠﻔﻅﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻭﺭ ﻤﻥ ﺫﺍﻜﺭﺘﻙ ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻨﺴﻰ ﻓﺘﺘﺸﺩﻕ ﻓﺘﺄﺘﻴﻙ ﺍﻟﺴﻬﺎﻡ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ، ﻫﻜﺫﺍ ﻴﻨﻘﺫﻙ ﺠﻭﺭﺝ ﺍﻭﺭﻭَل ﻤﻥ ﻤﻨﻁﻘﻙ ﺒﻤﻨﻁﻘﻙ ﻭﻤﻥ ﺫﺍﻜﺭﺘﻙ ﺒﺫﺍﻜﺭﺘﻙ ،ﻭﻤﻥ ﻨﻔﺴﻙ ﺒﻨﻔﺴﻙ ﻭﺘﻘﻬﺭ ﺭﻭﺤﻙ ﻋﺒﺭ ﻁﻤﺱ ﻤﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺫﺍﺕ .
ﻓﻔﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺎ – ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺴﺘﻌﻴﺭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻫﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﻠﻭﻱ – ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺯﺍﺌﻡ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ،ﻷﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻤﻬﻤﺎ ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ،ﺒل ﺍﻟﻤﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺤﻔﻅ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﻫﻜﺫﺍ 41
ﺤﻤﺩﻨﺎ ﺍﷲ ﺒﻌﺩ ﺤﺭﺏ ، ١٩٦٧ﻭﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺎ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﻻ ﺘﻔﻜﺭ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﻓﻠﻜل ﺩﻴﺎﺭ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻭﻨﺴﻕ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ﻴﺭﻏﻤﻙ ﺘﺤﺕ ﺃﻭﺍﻤﺭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺃﻥ ﺘﺭﻯ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻤﺘﺠﺎﻭﺭﺓ ﺜﻨﺎﺌﻴﺎ ،ﺃﻱ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺠﺎﺕ ،ﺘﺘﺠﺎﻭﺭ ﻭ ﺘﺘﻀﺎﻴﻑ ،ﺘﺘﻨﺎﻅﺭ ﻤﺤﺎﻭﺭﻫﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ
ﺘﻠﺘﻘﻲ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﻨﻬﺎﻴﺔ ﺇﻻ ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﺍﷲ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﻤﺜﻼ ﻴﺴﺭﻕ ﻓﻀل ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ،
ﻓﺈﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻨﺎ ﻫﻲ ﺴﺭﻗﺔ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﻓﻀﻠﻬﺎ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺴﺭﻗﺔ ﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤل ،ﻓﻬﻨﺎ ﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺍﻟﻌﻤل ﻭﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤل ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺘﺎﺡ ﻟﻠﻤﺴﺭﻭﻕ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺤﺯﺒﻴﺎ ،ﺇﻋﻼﻤﻴﺎ ، ﻨﻘﺎﺒﻴﺎ ﺃﻨﻪ ﻤﺴﺭﻭﻕ ،ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﺩﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ِﺘُﺴﺭﻕ ﻭﺃﻨﺕ ﺘﻤﺩﺡ ﺁﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴل ﻭﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺴﺎﺭﻗﻴﻙ ﻟﺘﻔﻀﻠﻬﻡ ﻋﻠﻴﻙ ﺒﻔﺭﺼﺔ ﻋﻤل ﺘﺘﻴﺢ ﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎ ﻟﻠﺴﺭﻗﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻷﻗل
ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﺘﺘﻴﺢ ﻟﻙ ﻟﻘﻤﺔ ﻋﻴﺵ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﻻ ﺘﺭﻯ ﺒﺘﺎﺘﺎ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻤﻐﻤﺴﺔ ﺒﺎﻟﺫل ﻭﺍﻟﻬﻭﺍﻥ ،ﻓﻤﻌﻠﻡ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ – ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل – ﻭﻫﻭ ) ﺍﻟﺭﺴﻭل ﺍﻟﻤﺒﺠل ( ﺤﺴﺏ ﺸﻭﻗﻲ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻠﻡ ﺃﻥ ﻴﻨﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻤﺎ ﻴﻌﺎﺩل ﺜﻤﻥ ﻟﺘﺭﻱ ﻭﻴﺴﻜﻲ ﻤﻥ ﻨﻭﻉ ) ﺍﻟﺒﻼﻙ ﻟﻴﺒل ( ﺍﻟﻔﺎﺨﺭ !! ﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺎ ،ﺃﻨﺕ ﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﺃﻤﺭ ﻨﻔﺴﻙ ﺸﻴﺌﺎ ،ﺒل ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﺃﻤﺭﻙ ﺇﻻ ﺒﻀﻊ ﺴﻨﺘﻴﻤﺘﺭﺍﺕ ﻤﻜﻌﺒﺔ ﺩﺍﺨل ﺠﻤﺠﻤﺘﻙ ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻴﻪ ﺩﻤﺎﻏﻙ ،ﻭﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﻓﻲ ﺼﺩﺭﻙ ﺴﻭﻯ " ﻗﻠﺏ ﻓﺄﺭ " ﻭﻓﻕ ﺘﻭﺼﻴﻑ ﺘﻭﻟﻭﺴﺘﻭﻱ ،ﻗﻠﺏ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺴﺎﺤﺭﺓ ﺘﻭﻟﻭﺴﺘﻭﻱ ﻭﻻ ﺃﻱ ﺴﺎﺤﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﺃﻟﺒﺴﻪ
ﺠﻠﺩ ﻨﻤﺭ ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻴﻬﺭﺏ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﻁ . ﻭﺇﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﻨﻤﺭﺍ ،ﻓﻌﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﺩﻤﺎﻏﻙ ﺍﻟﻤﻜﻌﺏ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭ ﻟﻴﺄﻤﺭ ﻗﻠﺒﻙ ﻟﻼﻨﺼﻴﺎﻉ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻜﻭﻨﻪ " ﻗﻠﺏ ﻓﺄﺭ " ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻓﺈﻥ " ﻨﻤﺭﻴﺘﻙ " ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺘﻜﻴﻑ ﻓﻲ ﺩﻨﻴﺎ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺩﻡ ﻟﻙ ﻤﺭﻭﻀﻙ ﺍﻟﺤﺸﺎﺌﺵ ﻓﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ " ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ " ،
ﻓﺘﻘﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺸﺎﺌﺵ ﻫﺎﺸﺎ ﺒﺎﺸﺎ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺘﺴﺭﺏ ﻟﻠﻤﺭﻭﺽ ﺃﻨﻙ ﻟﻡ ﺘﻨﺱ" ﻨﻤﺭﻴﺘﻙ ﺍﻟﻠﺤﻭﻤﻴﺔ " ، ﻓﻌﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﺘﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﻟﺤﻭﻤﻴﺘﻙ ﻓﺘﻠﺘﻬﻡ ﺍﻟﺤﺸﺎﺌﺵ ﻭﺘﺜﻐﻭ ﺭﺍﻜﻀﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﻁﻴﻊ ﻭﺃﻨﺕ ﻤﺘﺄﺭﺠﺢ ﺍﻹﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻓﺭﺤﺎ ﻜﺄﻱ ﺤﻤل ﻭﺩﻴﻊ . ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎل ﻟﻙ ﺍﻟﻤﺭﻭﺽ ﻜﻥ ﻗﻁﺎ ،ﻓﺄﺠﺒﻪ ﻤﻭﺍﺀ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻗﺎل ﻟﻙ ﻜﻥ ﻜﻠﺒﺎ ﻓﺄﺠﺒﻪ ﻋﻭﺍﺀ ،ﻤﺘﻀﺭﻋﺎ ﻤﺘﺫﻟﻼ ﻤﺘﻌﻠﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﻭﺭﻩ ﺘﺸﻴﺨﻭﻑ ﻜﻴﻑ ﺘﺸﻤﺸﻡ ﺒﻭﻁ ﺴﻴﺩﻙ ﻭﺃﻨﺕ ﺘﺘﻘﻠﺏ ﻋﻠﻰ
ﻅﻬﺭﻙ ﻤﺤﺭﻜﺎ ﺫﻨﺒﻙ ﺒﺒﻬﺠﺔ ﻭﺃﻨﺕ ﺘﺤﺱ ﺒﻠﺫﺓ ﻤﺎﺴﻭﺸﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﻭﻗﻊ ﺴﻴﺎﻁ ﺴﻴﺩﻙ ،ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﻻ ﺘﻅﻬﺭ ﻟﻪ ﺃﻱ ﺍﻤﺘﻌﺎﺽ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭ ﺃﻭ ﺭﻓﺽ ،ﻷﻨﻪ ﺒﺫﻟﻙ ﻗﺩ ﻴﻜﺘﺸﻑ ﺃﺜﺎﺭ ﺒﻌﺽ ﻤﻥ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺘﻙ ﻻ ﻴﺯﺍل ﺜﺎﻭﻴﺎ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻙ ،ﻓﻌﻨﺩﻫﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻙ ،ﻗﺩ ﺍﺨﺘﺭﺕ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺠﻠﺠﻠﺔ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﻌﺫﺍﺏ ﺍﻟﻤﻘﻴﻡ . ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﺤﻘﻕ ) ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ (١٩٨٤ﻟﻭﻴﻨﺴﺘﻭﻥ " :ﻜل ﺸﻲﺀ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻙ ﺴﻴﻤﻭﺕ ،ﻟﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺏ ،ﻭﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻀﺤﻙ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺠﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ،
ﺍﻨﻙ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻜﺼﺩﻓﺔ ﻓﺎﺭﻏﺔ ،ﺴﻨﻌﺼﺭﻙ ﺤﺘﻰ ﺘﺼﺒﺢ ﻜﺎﻟﺠﻴﻔﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﺜﻡ ﻨﻤﻸﻙ 42
ﺒﺄﻨﻔﺴﻨﺎ " ﻫل ﺴﻤﻌﺘﻡ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﺍﻟﺤﺎﺽ ﻋﻠﻰ ﺒﺭ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﻴﺨﺸﻭﻥ ﺼﻠﺘﻬﻡ ﺒﺄﺒﻴﻬﻡ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺠﻭﻓﻭﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻭﻤﻸﻭﻫﻡ ﺒﺄﻨﻔﺴﻬﻡ ﻜﻤﺎ ﻓﻌﻠﻭﺍ ﺒﻭﻴﻨﺴﺘﻭﻥ ؟ ﻨﻌﻡ ﺇﻥ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ﺨﻴﺭ ﺨﻴﺎﺭ ﻨﻅﺭﻱ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻟﺘﻌﺼﻤﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ
ﺍﻟﻤﻁﺎﺭﺩﺓ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻗﺎل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻟﻥ ﻴﺴﻤﺤﻭﺍ ﻷﺤﺩ ﺃﻥ ﻴﻬﺩﻡ ﻤﺎ ﺒﻨﻭﺍ ،ﻓﻌﻠﻴﻙ ﺃﻥ ﻻ
ﺘﻭﺴﻭﺱ ﻟﻙ ﻨﻔﺴﻙ ﺍﻷﻤﺎﺭﺓ ﺒﺎﻟﺴﻭﺀ ﻓﺘﺘﻴﺢ ﻟﻠﺸﻴﻁﺎﻥ ﺍﻟﻭﺴﻭﺍﺱ ﺍﻟﺨﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻴﻭﺴﻭﺱ ﻓﻲ ﺼﺩﺭﻙ ﺯﺍﺭﻋﺎ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺸﻙ ﻭﺍﻟﺭﻴﺒﺔ ﻓﺘﺘﺴﺎﺀل :ﺃﻱ ﺒﻨﺎﺀ ﻴﻘﺼﺩﻭﻥ ؟ ﻫل ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﺃﻡ ﺍﻷﻁﻴﺎﻥ ؟ ﻫل ﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺤﻤﺭﺍﺀ ﺃﻡ ﺍﻟﻔﻴﻼﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﺯﺍﺭﻉ ﺍﻟﺨﻀﺭﺍﺀ ؟ ﺃﻡ ﺍﻟﻴﺨﻭﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﺭﺍﻓﻰﺀ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﺯﺭﻗﺎﺀ ؟
ﻋﻠﻴﻙ ﻟﻜﻲ ﺘﺠﻴﺏ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﺃﻥ ﺘﻜﻑ ﻋﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﻋﻘﻠﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﺩﻙ ﻟﻠﺤﻜﻡ ﺒﺄﻥ :
ﺍﺜﻨﻴﻥ +ﺍﺜﻨﻴﻥ = ﺃﺭﺒﻌﺔ ،ﻟﺘﻌﻤﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ،ﻓﺘﺠﻴﺏ ﺒﺄﻥ ﺍﺜﻨﻴﻥ +ﺍﺜﻨﻴﻥ ﻗﺩ ﻴﺴﺎﻭﻱ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻭ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺃﻭ ﺨﻤﺴﺔ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻗﺩ ﺘﻜﺴﺏ ﺭﻀﺎﻫﻡ ﻭﻟﻜﻨﻙ ﺴﺘﺨﺴﺭ ﺤﺭﻴﺘﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ !!
ﺨﺼﻭﺒﺔ ﺍﻟﻼﻤﺘﻭﻗﻊ :
ﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺘﺘﺴﻊ " ﺨﺼﻭﺒﺔ ﺍﻟﻼﻤﺘﻭﻗﻊ " ﻟﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺫﺭ ﺭﺠل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺤﺴﺏ ﺒﺭﻭﺩﻭﻥ ،ﺇﻟﻰ ﺤﺫﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩ ﻴﺘﺨﺫ ﺸﻜل ﺭُﻫﺎﺏ ﻭﺴﻭﺍﺴﻲ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺘﺒﺎﺩل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺤﺫﺭ ﻤﻥ ﻤﺠﻬﻭل ﺁﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺤﺩﺩ ،ﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﻴﺤﺘﻜﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺘﻨﻅﻡ ﻋﻼﻗﺘﻪ
ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻤﻴﺯ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﺒﺄﻨﻪ ﻨﻅﺎﻡ ﺠﻭﻫﺭﻩ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ،ﺴﻠﻁﺎﻨﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻡ ﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺎ ،ﻓﻜل ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﺴﺘﻴﻼﺀ ﺒﺎﻟﻌﺼﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ . ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻔﺭﺥ ﻟﻠﺨﻭﻑ ،ﻭﺍﻟﻼﺠﻡ ﻟﻠﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻷﻨﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻴﻘﺘل ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻔﺭﺩ ،ﻓﻴﺭﺘﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺤﻁ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺩﻨﺎﺀﺓ ﻭﺍﻟﺨﺴﺔ ﻭﺍﻨﺘﻬﺎﺯ ﺍﻟﻔﺭﺹ ،ﻭﺍﻟﺨﻨﻭﻉ ﺍﻟﺫﻟﻴل ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺘﻴﺒﻴﺔ " ﺍﻟﻬﺭﺍﺭﺸﻴﺔ " ﺤﻴﺙ ﺘﺘﺄﺴﺱ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺒﻭﺩﻴﺔ ،ﺒﻴﻥ ﻜل ﺩﺭﺠﺔ ﻭ ﻤﺎ ﺩﻭﻨﻬﺎ ،ﺃﻭ ﻤﺎ ﻓﻭﻗﻬﺎ ،ﻭﺼﻭﻻ
ﺇﻟﻰ ﺘﻜﺭﻴﺱ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﺒﻭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺒﻭﺒﻴﺔ ﺘﺒﺩﺃ ﺒﺎﻷﺏ " ﺭﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ " ﻭﻻ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﺒﺎﻷﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺒﺄﻤﺭ ﺍﷲ " ﺭﺏ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ " ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﻨﺯل ﻭ ﺍﻟﺘﻨﺯﻴل ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻜﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ " ﺍﻟﻬﺭﺍﺭﺸﻴﺔ " ﻓﺎﻷﻤﺭ ﻴﺼﺩﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭ ﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﺴﻭﻯ ﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﺍ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﺯﻤﻨﺔ ﺍﻻﻨﺤﻁﺎﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﻴﻐﺕ ﺒﻘﻭل ﺃﺒﻲ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻱ :ﻤﺎ ﺘﻁﺎﻭل ﺃﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﺩﻭﻨﻪ ﺇﻻ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﺘﺼﺎﻏﺭ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻥ ﻓﻭﻗﻪ .
ﺍﻟﻘﻤﻊ /ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻴﻘﺘل ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﻴﻘﺘل ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻪ ، ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﻫﻭ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺤﻨﺔ ﺃﺭﻨﺩﺕ ،ﻓﺈﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻴﻐﺩﻭ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻅل ﺩﻭﻟﺔ ﺠﻭﻫﺭ ﻨﻅﺎﻤﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ، ﻭﻷﻨﻬﺎ ﺍﻋﺘﺒﺎﻁﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺴﺭﺤﺔ ﺘﺘﻴﺢ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻭﻀﻭﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ
ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻟﻴﺱ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﺃﻴﻀﺎ ﻴﻐﺩﻭ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻤﺴﺘﺤﻴﻼ ،ﻭﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ 43
ﺒﺎﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ﺘﺤﺩﺩﻫﺎ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻘﺭﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻘﻤﻊ /ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻑ ﻓﻜل ﺸﻲﺀ ﻤﻤﻜﻥ ،ﻭ ﺇﻥ ﻜﻨﺕ ﻓﻲ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻤﻔﻌﻭﻟﻴﺔ ﻓﻜل ﺸﻲﺀ ﻤﺴﺘﺤﻴل ،ﺤﺘﻰ ﺘﺼل ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻤﻔﻌﻭﺍﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻤﻔﻌﻭل ﺒﻪ ﺜﺎﻨﻲ ،ﺃﻭ ﻤﻔﻌﻭل ﻤﻁﻠﻕ ! ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻴﻐﺩﻭ
ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻤﻭﻗﻭﺘﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﻁﻠﻕ ﺩﻗﺎﺘﻬﺎ ﻓﻴﻜل ﻟﺤﻅﺎﺕ ﺤﺴﺏ ﺴﺘﻴﻔﻥ ﺴﺒﻨﺩﺭ ،ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺘﺴﻊ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﺨﺼﻭﺒﺔ ﺍﻟﻼﻤﺘﻭﻗﻊ . ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀﺍﺕ ﺘﻨﺤل ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺠﺭﻱ ﻋﻤﻠﻴﺔ ) ﺘﺩﻫﻴﻡ ( ﻴﻭﻤﻲ ﻟﻬﺎ ﻟﺘﺒﻠﻎ ﺒﺩﻫﻤﺎﻭﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﻫﻤﺎﺀ ﺤﺩ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺠﻼﺩﻫﺎ ،ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﻫﺭﺒﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻭﺍﻟﻼﺠﺩﻭﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﺠﻬﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻡ ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻓﺭﻭﻡ ،ﺃﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ
ﺴﻠﻔﻴﺔ ﺃﻡ ﺃﻭﺘﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻁﻐﻴﺎﻨﻴﺔ ﻤﺤﺩﺜﺔ .
ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺘﺤﻭل )ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ( ﺇﻟﻰ ) ﺭﻋﻴﺔ ( ،ﻭ ﺍﻟﺭﻋﻴﺔ ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺏ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ﻟﻔﺭﺩﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺸﻌﻭﺭﻩ ﺒﺄﻨﺎﻩ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﻁﻤﻭﺤﺎﺘﻪ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﻟﻼﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﻀﻐﻭﻁ ﺩﺍﺨﻠﻪ ﻋﻭﺍﻁﻔﺎ ﻭ ﻤﺸﺎﻋﺭﺍ ﻭﺤﻨﻴﻨﺎ ﻭﺤﺒﺎ ﻭﻜﺭﻫﺎ ،ﻓﻔﻲ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻤﻜﺎﻥ ﺇﻻ ﻟﻠﻜﺭﻩ ﻭﺍﻷﻟﻡ ،ﻻ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻠﻌﻭﺍﻁﻑ ﺍﻟﺭﺍﻗﻴﺔ ﻭﻻ ﻟﻶﻻﻡ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻘﺩﺓ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﺤﺘل ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺸﺎﺸﺔ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻓﻁﻤﺱ ﻤﻌﺎﻟﻤﻬﺎ ،ﻟﻘﺩ ﻤﻀﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻴﻌﻴﺵ ﺤﺎﺭﺍ ﻭﻁﺎﺯﺠﺎ ،ﻴﺤﺏ ﻭﻴﺼﺎﺩﻕ ،
ﻭﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﻴﻘﻑ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﺒﻌﻀﺎ ﺩﻭﻨﻤﺎ ﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺴﺒﺏ ، ﻓﺎﻟﺨﻭﻑ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻨﺸﺏ ﺃﻅﺎﻓﺭ ﺨﻼﻴﺎﻩ ﺍﻟﺴﺭﻁﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭﻱ ﻟﻠﺒﺸﺭ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﻔﺘﻙ ﺒﻜل ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻌﻅﻴﻤﺔ :ﺍﻟﺤﺏ ،ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ،ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻥ ،ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺤﻡ ،ﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺭ ﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺈﺤﺴﺎﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒﻌﻅﻤﺘﻪ ﻭﻨﺒﻠﻪ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻓﻔﻲ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻓﺴﺤﺔ ﻟﻠﻌﻅﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﺒل ﻭﻨﻜﺭﺍﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺒل
ﻟﻠﻀﻌﺔ ﻭﺍﻟﺨﺴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻨﺎﺀﺓ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻜل ﻴﺘﺭﺍﻓﺱ ﻭﺍﻷﻜﺜﺭ ﻨﺠﺎﺤﺎ ﻭﺘﻔﻭﻗﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﺱ ﻤﻥ
ﺩﻭﻨﻪ ،ﻭﻜﻠﻤﺎ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﺭﺘﻔﺎﻋﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻓﺎﻋﻠﻡ ﺃﻨﻪ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺍﻨﺤﺩﺍﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻨﺔ ،ﻓﻔﻲ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻴﺭﺘﻘﻲ ﺴﻭﻯ ﺍﻷﻭﻏﺎﺩ . ﺍﻟﻜل ﻴﺘﺭﺍﻜﺽ ﺘﻭﺍﻗﺎ ﻟﻴﺼﻌﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻜﺘﺎﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﻫﺭﺒﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﺒل ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﺭﻴﻙ ﻓﺭﻭﻡ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺽ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﺴﺩ ﻭﺸﻌﺎﺭ " ﻟﻥ ﺃﺴﻤﺢ ﻟﻶﺨﺭ ﺃﻥ ﻴﺼﻌﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻜﺘﺎﻓﻲ " ﻷﻥ ﺃﻜﺘﺎﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻻ ﻤﺘﺴﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻶﺨﺭ ) ﺍﻷﺥ ،ﺍﻻﺒﻥ ،ﺍﻷﺏ ،ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ،ﺍﻟﺭﻓﻴﻕ (... ،ﺒﻌﺩ
ﺃﻥ ﺸﻐﻠﻬﺎ ﺠﺜﻭﻡ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﺭﻋﺏ ﻓﺎﺤﺘﻠﻬﺎ ،ﻓﻼ ﻏﺭﺍﺒﺔ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻟﻴﺱ ﺒﺭﻜﺏ ﺃﻜﺘﺎﻑ ﺍﻟﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺭﻋﻨﺎﺀ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﺭﻜﻭﺏ ﺸﺭﻓﻬﺎ ! ﻨﻘﻭل :ﺒﺄﻥ ﻗﺘل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺭﺩﺍﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﻔﺭﺩ ،ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺘﺤﻭل ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻫﺅﻻﺀ ﻤﻥ ) ﺭﻋﻴﺔ ( ﺇﻟﻰ ) ﺭﻋﺎﻉ ( ﻭﺍﻟﺭﻉ ﻫﻭ ﻤﻥ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺸﺭﻭﻯ ﻨﻘﻴﺭ ،ﺇﻨﻪ ﺍﻟﻤﻌﺩﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﻤﺎ ﻴﺭﻋﺎﻩ
ﻴﻭﻤﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﻬﻭ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺤﺘﻰ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻗﻴﻡ ﺭﻭﺤﻴﺔ ﻭﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ
ﺘﺅﻫﻠﻪ ﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﺩﻤﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﻋﺎﻋﻴﺔ ﺘﺸﻜل 44
ﺍﻟﺨﺯﺍﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻟﻜل ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﺅﻻﺀ ﻻ ﻴﺒﻌﺜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻴﻨﺘﺠﻭﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻋﺭ ﺍﻟﻤﻌﻤﻡ ،ﻫﻭ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻼﻗﺘﻬﻡ ﺒﻤﺎﻀﻴﻬﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤﻠﻭﻥ ﺭﻋﺒﺎ ﻋﺼﺎﺒﻴﺎ ﻭﺭﻫﺎﺒﻴﺎ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﻭﺩﻭﺍ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻴﻬﺒﻁﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﻬﻡ ﺍﻟﺴﻔﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺩﺭﻭﺍ ﻤﻥ
ﺴﻔﻠﻴﺘﻪ ،ﻓﻬﺅﻻﺀ ﻫﻡ ﺃﺩﺍﺓ ﺍﻟﺒﻁﺵ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﺘﺴﺎﻭﻯ ﺃﻤﺎﻡ ﺴﻜﺎﻜﻴﻨﻬﻡ ﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻭﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﺨﺭﺍﻑ ،
ﻭﻫﻡ ﺍﻟﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻘﻤﻊ/ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺤﻴﺙ ﻴﺘﻭﺍﻟﺩﻭﻥ ﻴﻭﻤﻴﺎ ،ﻭﻴﻘﺩﻤﻭﻥ ﺠﻤﻬﻭﺭﺍ ﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻻ ﺘﻨﺘﺞ ﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﻤﻥ ﺠﻨﺴﻬﺎ ﻭﻨﺴﻠﻬﺎ ﻭﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺃﻥ ﻴﻨﺘﺞ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻤﺴﻭﺥ ﻭﺍﻟﺨﺼﻴﺎﻥ ﻋﻨﻴﻨﻲ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻭﺍﻟﺭﻭﺡ ﺴﻠﻁﺎﻨﺎ ﻭﺭﻋﻴﺔ . ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﻴﺎﺜﺎﻨﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﺞ ﻗﻴﻤﺎ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺍﺩ ،ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺅ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ،ﺇﻨﻪ ﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ،ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ،ﻭﺃﻓﺭﺍﺩﺍ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺠﺭﺩﻭﺍ ﻤﻥ ﻫﻭﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻜﺄﻓﺭﺍﺩ ﻴﻨﺘﻤﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻁﺒﻘﺎﺕ ،ﺃﻱ ﺠﺭﺩﻭﺍ ﻤﻥ ﻫﻭﻴﺔ " ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ " ،ﻭﺘﺤﻭﻟﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ،ﺭﻋﻴﺔ ، ﺭﻋﺎﻋﻴﺔ ،ﻫﻤﺠﻴﺔ ،ﺩﻫﻤﺎﻭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻜﻡ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ﻫﺫﻩ ،ﻫﻲ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺘﻭﺤﻴﺩﻫﺎ ﺤﻭل ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺩﺍﺨﻠﻪ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻓﻘﺩﺕ ﺤﺴﻬﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺒﺎﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ،ﻭﺍﺭﺘﺩﺕ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺭﻭﺤﻲ ﻭﺍﻟﺫﻫﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻜﺴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺕ ،ﻭﺍﻟﺘﺫﺭﻴﺭ ،ﻓﺘﺴﺘﺒﺩل ﺭﺍﺒﻁﺔ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ،ﺒﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﺩﻡ ،ﺍﻟﻘﺭﺍﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﻴﺔ ،ﺍﻟﻌﺸﺎﺌﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﻠﻠﻴﺔ ،ﺍﻟﻨﺤﻠﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻁﻘﺴﻲ ﺍﻟﺒﺭﺒﺭﻱ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺎﺡ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻭﺜﻨﻴﺔ ﺇﻴﻤﺎﻨﻴﺔ ﻗﺭﻭﺴﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺇﻟﺤﺎﺩ ﺃﺨﻼﻗﻲ ﻤﺤﺩﺜﻥ ﻭﻤﻬﺠﻥ ،ﻜﻤﻌﺎﺩل ﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﻑ ) ﺍﻟﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ( ﻭ ﺍﻟﺒﻭﻁ )ﺍﻟﺨﻑ( ﺍﻷﻭﺘﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺒﻕ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺨﻭﻓﺎ ﻭﺭﻫﻘﺎ ،ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺴﺩﻴﻤﻲ ﺃﻏﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻨﻴﺌﺔ ،ﻓﺎﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺘﻁﺎﺒﻘﺔ ﻤﻊ ﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺱ ،ﺒل ﻫﻲ ﻤﺘﻁﺎﺒﻘﺔ ﻤﻊ ﻋﻜﺴﻬﺎ
ﺤﺴﺏ ﻓﺭﻭﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ) ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺹ " : ( ٩٨ﺇﻥ ﺍﻷﻨﺎﻨﻴﺔ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻩ ،ﻭﻫﻲ ﻤﺜل ﻜل ﺍﻟﺸﺭﻩ ﺘﺤﺘﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺯﻋﺯﻋﺔ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﺩﻡ ﻭﺠﻭﺩ ﺇﺸﺒﺎﻉ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﺇﻁﻼﻗﺎ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺭﻩ
ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺤﻔﺭﺓ ﻻ ﻗﺭﺍﺭ ﻟﻬﺎ ﺘﺴﺘﻨﻔﺩ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺠﻬﺩ ﻻ ﻨﻬﺎﺌﻲ ﻹﺸﺒﺎﻉ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻁﻼﻗﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﺸﺒﺎﻉ .ﻭﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺩﻗﻴﻘﺔ ﺘﺒﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻷﻨﺎﻨﻲ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻗﻠﻘﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﻨﻔﺴﻪ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺎﻨﻌﺎ ﺇﻁﻼﻗﺎ ،ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺴﺎﻗﺎ ﺒﺎﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺃﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ،ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻨﺴﻲ ﺸﻴﺌﺎ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻤﺤﺭﻭﻡ ﻤﻥ ﺸﻲﺀ .ﺇﻨﻪ ﻤﻤﺘﻠﻰﺀ
ﺒﺤﺴﺩ ﺤﺎﺭﻕ ﺘﺠﺎﻩ ﻜل ﺸﺨﺹ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﺩﻴﻪ ﺃﻜﺜﺭ .ﻭﺇﺫﺍ ﻻﺤﻅﻨﺎ ﺒﺩﻗﺔ ﺃﺸﺩ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻼﺸﻌﻭﺭﻴﺔ ،ﺴﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﻟﻴﺱ ﻤﻐﺭﻤﺎ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﺃﺴﺎﺴﺎ ،ﺒل ﻫﻭ ﻴﻜﺭﻩ ﻨﻔﺴﻪ ﺤﺘﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ . ﻭﺍﻟﻤﺂل ،ﻻ ﺴﺒﻴل ﺇﻟﻰ ﺘﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺇﻻ ﺒﺈﺤﻴﺎﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻤﺎ ﻴﺸﺘﻕ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ ﻨﺴل ﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﺘﺘﻔﺭﻉ ﻤﻥ ﺼﻠﺒﻪ ﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺏ ) ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ( ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﻤﻊ /ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺴﻴﻌﺸﻌﺵ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ 45
ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﻓﻲ ﺨﻼﻴﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻀﻤﺤل ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺩﻫﻤﺎﻭﻱ ،ﺍﻟﺭﻋﺎﻋﻲ ، ﻭﺍﻟﺭﻋﺎﻋﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﻻ ﺘﺸﻜل ﺨﺯﺍﻨﺎ ﺒﺸﺭﻴﺎ ﻟﻠﻘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﻭﻟﻠﻘﻤﻊ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻷﻥ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﻻ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﻴﺔ ﺸﺭﻋﻴﺔ ،ﻻ ﺒﺩ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻤﺎ ،ﻟﻴﺠﺩﻫﺎ ﺒﺎﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ
ﺘﻜﻤﻥ ﻭﻅﻴﻔﺘﻪ ﺒﺈﻀﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﺜﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺇﺭﻫﺎﺏ ﺜﻘﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻭل ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻘﺩﺕ ﺇﺤﺴﺎﺴﻬﺎ ﺒﻔﺭﺩﻴﺘﻬﺎ ،ﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺘﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ،ﺘﺘﺤﺩﺩ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺒﺭ ﻭﺴﻴﻁ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ،ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻻ ﻴﺠﺩ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻤﻼﺫﺍ ﺇﻻ ﺒﻭﺴﻴﻁ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ) ﺍﺒﻥ ﺠﻤﺎﻋﺘﻪ ( ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﻲ ،ﺍﻟﻌﺸﻴﺭﻱ ،ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ،ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻲ .
ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺫﻟﻙ ﻴﻔﻘﺩ ﺘﻨﻀﻴﺩﻩ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﻁﺒﻘﻲ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺘﺤﺩﺭ ﺇﻟﻰ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻋﻀﻭﺍﻨﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺘﺞ ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﺎ ،ﻓﻴﻐﺩﻭ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺒﺫﻟﻙ ﻤﺜﻘﻑ ﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﻻ ﻤﺜﻘﻑ ﻤﺠﺘﻤﻊ ،
ﺤﺘﻰ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻬﺎ ﺒﻨﻰ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻴﺔ ،ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻓﺼﺎﺌﻠﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻤﺜﻘﻔﻭﻫﺎ ، ﻭﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﺘﻨﺸﺄ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺒﻌﺎﺩ ﻭﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ،ﺒﻴﻥ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺘﺘﺨﺎﺒﻁ ﻓﻲ ﺴﺩﻴﻡ ﺃﻏﺒﺭ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﺤﺎﺴﺩ ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺽ ،ﻭ ﺍﻟﻨﻤﺎﺌﻡ ،ﻭﺍﻟﺩﺴﺎﺌﺱ ،ﺘﺤﺭﻜﻬﺎ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺩﻡ ،ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻭﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﺩﻡ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺸﻴﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺘﺒﺎﺩل ﻫﺫﺍﻥ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﺍﻥ
ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﺎﻋل ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺘﺸﻜﻴﻠﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻟﻬﺎ ﺠﻤﺎﻋﺘﻬﺎ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ،ﻓﺎﻟﺩﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻓﻊ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ . ﻭﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻋﻥ ) ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ /ﺍﻟﺭﺼﺎﺼﺔ ( ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻬﻡ ﻟﻤﻥ ﺘﺘﻭﺠﻪ ﺍﻟﺭﺼﺎﺼﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺜﻘﻑ ﻴﻌﻴﺵ ﺤﺎﻟﺔ ﺫﻋﺭ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ،ﻓﻠﻴﺱ ﻟﻪ ﺇﻻ
ﺃﻥ ﻴﺘﻬﺎﻭﻯ ﻭﻴﺴﱠﺎﻗﻁ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﺩﺍﻡ ﺤﻤﺎﺘﻪ ﻜﺎﺌﻨﺎ ﺭﺨﻭﻴﺎ ،ﺃﻭ ﻜﻠﺒﺎ ﻭﻓﻴﺎ ﻭﻟﺫﺍ ﻟﻥ ﻨﺴﺘﻐﺭﺏ ﺃﻥ ﻨﺠﺩ ﻓﻲ
ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺭﺌﻴﺴﺎ ﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻗﺎﺌﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﺌﺎﺴﺔ " ﺠﻤﺎﻋﺘﻪ " ﻤﻨﺫ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻟﻴﺔ ﻨﻌﻤﺘﻪ ،ﻟﻴﺱ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﻭﺯﻴﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻭﻤﻔﺘﻲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻨﻴﺔ ،ﺒل ﻭﻗﺎﺩﺓ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ " ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ " ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ،ﻷﻥ ﻜﻠﻤﺔ " ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ " ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻁﻘﺱ ﺍﻟﻤﻴﺜﻲ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻟﻬﺭﻁﻘﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﷲ ﻻ ﻴﺤﻭل ﻭﻻ ﻴﺯﻭل ﻭﻻ ﺘﺩﺭﻜﻪ ﺍﻟﻌﻘﻭل ،ﻭﻋﻠﻰ
ﻫﺫﺍ ﻟﻴﺱ ﻤﺴﺘﺒﻌﺩﺍ ﺃﻥ ﻴﻨﻴﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺒﻤﺜﻘﻔﻪ " ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩ " ﻤﻬﻤﺔ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻜﻠﻤﺔ " ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ " ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﻟﻬﺎ ﺏ " ﺍﻟﺘﺄﺒﻴﺩ " ﻭﺫﻟﻙ ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﻤﺩﻴﺭ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﻓﻲ " ﻴﻭﻡ ﻤﻥ ﺯﻤﺎﻨﻨﺎ " ﻭﻜﻤﺎ ﻴﻔﻌل ﺴﺎﻴﻡ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ١٩٨٤ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻀﻊ ﻗﺎﻤﻭﺴﺎ ﺠﺩﻴﺩﺍ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ
ﻫﻭ ﻋﻜﺱ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ " ﺍﻟﻤﺎﺠﺩ " ﻓﺎﻷﻭل ﻤﺜﻘﻑ ﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﺜﻘﻑ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺎﺠﺩ ،ﺤﻴﺙ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻬﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻤﻁﻭﻕ ﺒﺎﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﺍﻟﻌﺯﻟﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺠﺩ
ﺃﻨﻪ ﻏﺭﻴﺏ ،ﻭﺃﻏﺭﺏ ﺍﻟﻐﺭﺒﺎﺀ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻏﺭﺒﺘﻪ ﻏﺭﻴﺒﺎ ،ﻭﻓﻕ ﺍﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻤﺘﺄﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﺒﻭ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻱ ﺒﻠﻭﻋﺔ ﺼﻭﻓﻴﺔ ﺤﺎﺭﻗﺔ ﻭﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻟﺩﻨﻴﺔ ﺤﺎﺭﻗﺔ ،ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﻼﺤﻕ 46
ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻤﺎﺠﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻠﻭ ﺒﻘﺎﻤﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺯﻤﻨﻪ ﺍﻟﺭﺩﻱﺀ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﺒﻌﺙ ﺭﺃﻱ ﺒﻠﺯﺍﻙ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﺸﺩ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺭﻋﺒﺎ ﺃﻭ ﺒﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺸﺭﻴﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺸﻌﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻨﺒﻭﻴﺎ ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﻭل " :ﻓﺎﻟﻤﻨ ُﺒٌﺕ ﻻ ﺃﺭﻀﺎ ﻗﻁﻊ ﻭﻻ ﻅﻬﺭﺍ ﺃﺒﻘﻰ " .
ﻭﻟﺫﺍ ﻓﺎﻟﻤﺜﻘﻑ " ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩ " ﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﻁﺎﺭﺩ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ " ﺍﻟﻤﺎﺠﺩ " ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻱ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻕ ﻜﻌﺏ ﺍﻷﺤﺒﺎﺭ ﻤﺜﻘﻑ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﻫﻭ ﻴﻁﺎﺭﺩ ﺃﺒﺎ ﺫﺭ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭﻱ ،ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺎﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﻭﺍﻋﻅ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻼﺤﻕ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻭﻑ ﻟﻴﺘﻭﺝ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﻩ ﺒﺤﺭﻕ ﻜﺘﺏ ﺍﺒﻥ ﺭﺸﺩ ،ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻬﺩﻯ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻱ ،ﺸﻴﺦ ﺇﺴﻼﻡ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ ﻭﻫﻭ ﻴﻁﺎﺭﺩ ﺍﻷﻓﻐﺎﻨﻲ ،ﻭﻴﺩﺱ ﺍﻟﺴﻡ ﻟﻠﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ،ﻭﻴﺘﻨﺎﺴل ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻔﺘﻲ ﻭﻭﺯﻴﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺭﺌﻴﺱ ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻜﺘﺸﻑ ﻟﺫﺍﺘﻬﺎ
ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ،ﺴﻭﻯ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ،ﻭﺘﻔﺭﻴﺦ ﺍﻷﻭﺍﺒﺩ ،ﻭﺇﻨﺘﺎﺝ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻻ ﻴﻤﻠﻙ
ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺴﻭﻯ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﺤﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻌﻼﺀ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺫﻜﺭ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻐﻁﺭﺴﻴﻥ ﺃﻨﺼﺎﻑ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻥ ،ﺃﻨﺼﺎﻑ ﺍﻷﻤﻴﻴﻥ ،ﺒﺄﻥ ﻴﺨﻔﻔﻭﺍ ﺍﻟﻭﻁﺀ ،ﻓﻤﺎ ﺃﺩﻴﻡ ﺍﻷﺭﺽ ﺇﻻ ﻤﻥ ﺍﻷﺠﺴﺎﺩ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺤﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺘﺭﺍﺘﺒﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺼﻑ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﺃﻥ ﻴﺘﺭﺤﻡ ﻋﻠﻰ ﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌل : ﺤﻴﻥ ﻴﺼﻴﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻀﻔﺎﺩﻋﺎ ﻤﻔﻘﻭﺀﺓ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ ،
ﻓﻼ ﻴﺜﻭﺭﻭﻥ ﻭﻻ ﻴﺸﻜﻭﻥ ، ﻭﻻ ﻴﻐﻨﻭﻥ ﻭﻻ ﻴﺒﻜﻭﻥ ، ﻭﻻ ﻴﻤﻭﺘﻭﻥ ﻭﻻ ﻴﺤﻴﻭﻥ ، ﺘﺤﺘﺭﻕ ﺍﻟﻐﺎﺒﺎﺕ ،ﻭﺍﻷﻁﻔﺎل ﻭﺍﻷﺯﻫﺎﺭ ، ﺘﺤﺘﺭﻕ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ ،
ﻭﻴﺼﺒﺢ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻤﻭﻁﻨﻪ ، ل ﻤﻥ ﺼﺭﺼﺎﺭ " !! ... " ﺃﺫ ّ ﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ ،ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺹ ) ١٧ﻗﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﻭﻥ ( ﺒﻴﺭﻭﺕ _ ١٩٧٤•
ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺃﻟﻘﻴﺕ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ،ﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒـ"ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ" -١١ . ٢٠٠١-٣
•
ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ. ٢٠٠١-٣ -١٢
•
ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ – ٢٠٠١/٤/١
•
ﻤﻠﻑ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ
47
ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ " ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ " ﻭﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ* ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻗﺩ ﺒﺩﺃ ﻴﺩﺨل ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺤﺩﺙ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻋﺒﺭ ﻓﺘﺢ ﻤﻠﻔﺎﺕ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ،ﻴﺴﺘﻀﻴﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺤﺎﻭﺭ ،ﺜﻡ ﻴﻨﻀﻡ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺁﺨﺭﻭﻥ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻬﺎﺘﻑ . ﻟﻜﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺒﻌﺩ ﻜﺭﻨﻔﺎﻟﻲ ﻏﺭﺍﺌﺒﻲ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﺩﻋﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻟﻴﻨﺘﺼﺭ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﻴﻘﻬﺭ ﺭﻭﺤﻪ ،ﻓﺘﺘﻡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﺒﺎﺩﺓ ﻋﻠﻨﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﻠﺫﺫ ﺒﺎﻻﻨﺴﺤﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺦ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻭﻴﻨﺴﺘﻭﻥ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺔ ) ( ١٩٨٤ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﺤﺜﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻁﻭﻋﻲ ﻟﻠﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ﻭﺘﻼﺸﻲ ﺃﻨﺎﻩ . ﻫﻜﺫﺍ ﺒﺩﺃﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺸﻬﺭ ﺒﺎﻟﻌﺯﻴﺯ ﻭﻟﻴﺩ ﺇﺨﻼﺼﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻋﻠﻥ ﺃﻥ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﺭﻀﻰ ﻴﻠﺯﻡ ﻋﻼﺠﻬﻡ ،ﻭ ﻻ ﻨﻌﺭﻑ ﻤﺎ ﻫﻲ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻌﻼﺝ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﻔﻜﺭ ﺒﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺘﺯ ﺒﺘﻤﺎﻫﻴﻪ ﻤﻊ ﺤﻠﺏ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ؟!
ﻟﻘﺩ ﺍﺭﺘﻀﻰ ﻭﻟﻴﺩ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺩﺨﻭﻟﻪ ﺤﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﺫﻜﺭ ﻭﺍﻟﻠﻬﺞ ﺒﺎﻷﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﻟﻴﻀﻊ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ) ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩﻴﻥ ( ﺒﻤﺠﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ) ﺍﻟﻌﻀﺎﺭﻴﻁ ( ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ،ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻤﺘﻌﻴﺵ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﺌﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻀﺭﺏ ﺒﻌﺼﺎﻩ ،ﻭﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﻓﺈﻥ ﻋﺼﻰ ﻭﻟﻴﺩ ﻟﻡ ﺘﻭﻓﺭ ﺤﺘﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﻋﻤﺭﻩ ﻭﺭﻭﺤﻪ ﻭﺤﻴﺎﺘﻪ !
ﻟﻡ ﻨﺘﺫﻜﺭ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺢ ﺍﻟﻤﺴﻭﺨﻲ ﻫﺫﻩ ،ﻟﻭﻻ ﺍﻟﻨﺩﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻘﺩﻫﺎ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ – ﺍﻟﺴﺒﺕ – ٢٠٠١ / ٣ / ٢٤ﺤﻴﺙ ﻗﺩ ﺍﺭﺘﻀﻰ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻭﺭﺍﻥ )ﻁﻴﺏ ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ – ﺠﻤﺎل ﺒﺎﺭﻭﺕ ( ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺎﻥ ﻟﻨﻔﺴﻬﻤﺎ ﺃﺩﺍﺀ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻘﺒﻭل ﺒﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﺯﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺤﺼﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺴﻁﻭﺓ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺒﻬﺩﻑ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺨﻁﺎﺏ ﺇﺭﻫﺎﺏ
ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﻴﺘﻤﺜل ﺫﻟﻙ ﻓﻲ :
ً – 1ﻟﻘﺩ ﺍﺭﺘﻀﻰ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻭﺭﺍﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﺎﻭﺭﺍ ﺩﻭﻥ ﻭﺠﻭﺩ " ﻨﻘﻴﻀﺔ " ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ﻟﻨﻭﻉ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ )ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﻭﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﺘﺭﻜﻴﺏ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻤﺜﻠﺙ ﺍﻟﺠﺩﻟﻲ ﺍﻟﻬﻴﻐﻠﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ( ﻓﻜﻼﻫﺎ ﻤﻨﺴﺠﻡ ﻤﻊ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ) ﺃﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﺘﺼﺭ ﻜل ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺒﺎﺕ ( ،ﺃﻭ ﻭﺠﻭﺩ ﻨﻘﻴﻀﺔ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ) ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ ﺒﻌﺜﻴﺎﻥ ﻤﺘﻤﺭﻜﺴﺎﻥ ( ﺒﺎﻷﺼﻭل ،ﻤﺘﻤﺎﻴﺯﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺭﻭﻉ ) ،ﺍﻷﻭل ( ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ ﻤﺤﺎﻓﻅ ﻋﻠﻰ ﺃﺼﻭﻟﻴﺘﻪ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ
ﺒﺄﺼﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ،ﻓﻬﻭ ﻤﻭﻓﺩ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ
48
ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺒﻌﺜﻲ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﺴﺘﻨﻔﺫ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺩﻭﺭﻩ ﻜﺤﺯﺏ ﻤﺴﺘﻘل ﻤﻠﻐﻴﺎ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺜﻡ ﺍﺴﺘﻭﻯ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻟﻠﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ ) ﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ( ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﻭﺯﻫﻭ ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﻤﺂل ﺨﺘﺎﻥ ﻓﻲ ﺨﺘﺎﻥ .
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻓﻬﻭ ﻤﺜﻘﻑ ﺒﻌﺜﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻭﻫﺒﺔ ﻤﻥ ﺃﺴﺘﺎﺫﻩ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺒﻌﺜﻴﺘﻪ ،ﻴﺘﺭﻜﻬﺎ ﻭﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ،ﻓﻬﻭ ﻗﺎﺩﺭ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺜﻘﻑ ﻜل ﺍﻷﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺒﺭ ﻭﺍﻷﻭﻁﺎﻥ . ﺍﻟﻨﻘﻴﻀﺔ ﺍﻟﻬﻴﻐﻠﻴﺔ ،ﻟﻴﺴﺕ ﺃﺴﺎﺴﺎ ﻷﻱ ﺠﺩل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﺇﻥ ﻤﻨﻅﺭﺓ ﻨﻘﺩ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ) ﺃﻭﺒﺭﺯﻓﻴﻠﺩ ( ﺘﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﻴﻀﺔ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺒﻨﻴﻭﻱ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯ ﻟﻠﺩﺭﺍﻤﺎ ، ﻓﻠﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺤﻭﺍﺭ ﻴﺭﺘﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺩﺭﺍﻤﻲ ﺒﺩﻭﻨﻬﺎ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻔﺘﻘﺩ ﺍﻟﻨﻘﻴﻀﺔ ،ﻓﻨﺤﻥ
ﻨﻜﻭﻥ ﺘﺠﺎﻩ ﺃﺭﺩﺃ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ،ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻡ ﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻨﻴﺔ ،ﺃﻡ ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺤﻭل ﻤﺴﺘﻘﺒل
ﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻭﺍﻹﺼﻼﺡ ! ﻓﻠﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻻﺜﻨﺎﻥ ﻴﺤﻤﻼﻥ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻟﻘﻴﻡ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻟﺭﻓﻀﺎ ﺃﻥ ﻴﺤﺎﻭﺭﺍ ﺃﻨﻔﺴﻬﻤﺎ ، ﻭﻟﻁﺎﻟﺒﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺍﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺭﺒﻌﺔ ﻋﺸﺭ ﻤﺅﺴﺱ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺘﻭﺍﻨﻰ ) ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ ﺍﻟﺸﺎﺏ ( ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺢ ﺘﻜﺭﺍﺭﺍ ﻟﻠﺘﺸﻜﻴﻙ ﺒﻨﺯﺍﻫﺘﻬﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،
ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻷﻭﺍﻤﺭ ﺒﻁﺎﻨﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻐﻡ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﻟﺩﻯ ﻤﺅﺴﺴﻲ
ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺼﻼﺕ ﺒﺎﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﻟﺒﺠﱠﻠﻭﻫﻡ ﻭﻁﺎﻟﺒﻭﻫﻡ ﺒﺎﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻤﻨﺎﺼﻔﺔ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﻤﻁﻤﺌﻨﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻭﻜﺒﺔ ) ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻹﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﻫﻲ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻭﻭﻁﻨﻴﺎ ﻭﻗﻭﻤﻴﺎ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﻐﻀﻭﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺩﺍﺨﻠﻴﺎ ﻭﺨﺎﺭﺠﻴﺎ . ً – 2ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺄﻟﻭﻑ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﺍﻹﻋﻼﻡ ،ﻫﻲ ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﺘﻌﻅﻴﻡ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺘﻤﺠﻴﺩﻩ ﻓﻲ
ﻗﻭﻟﻪ ﻭﻓﻌﻠﻪ ،ﻭﻜل ﺸﺅﻭﻨﻪ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ،ﻟﻨﻘﻠﻪ ﻤﻥ ﻤﻠﻜﻭﺕ ﺍﻟﻨﱠﺎﺴﻭﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﻠﻜﻭﺕ ﺍﻟﻼﻫﻭﺕ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺘﺤﻭل ﻜل ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍﺕ ﺸﻌﺎﻋﻴﺔ ﻟﻨﻭﺭﺍﻨﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻴﻊ ﻫﺎﻻﺘﻪ ﺍﻟﻘﺩﺴﻴﺔ ﻟﺘﻤﻸ ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺒﺸﺭ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺘﻤﻸ ﻨﻔﻭﺴﻬﻡ ﺒﺤﻘﻴﻘﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﺘﺭﺍﺼﻔﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻭﻫﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻨﻬﻡ ﻤﺎ ﻭﺠﺩﻭﺍ ﺇﻻ ﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ ﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺩﻨﻴﻭﻴﺎ ،ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻟﻠﺘﺤﺎﻟﻑ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻭﺠﺩ
ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺼﻨﻭﻴﻥ ﻤﻨﺫ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﻥ .
ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻴﺘﻪ ﺍﻟﺭﺜﺔ ﺇﻋﻼﻤﻴﺎ ﻓﻲ ﺩﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺎ ،ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺩﻋﺎﺓﻟﻼﺴﺘﻬﺠﺎﻥ ﻭﺍﻻﺸﻤﺌﺯﺍﺯ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻨﺘﺎﺠﻪ ﻨﻅﺭﻴﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﻴﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻬﺭﺠﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻁﻘﻭﺴﻴﺔ ﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻴﻨﺒﺭﻭﻥ ﻟﻺﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ،ﺒل ﻭﻴﻁﻤﺤﻭﻥ ﻹﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﻨﻅﺭﻱ ﻤﻁﺎﺒﻕ ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻓﻼ ﻴﺒﺩﺃﻭﻥ ﺠﻤﻠﺔ ﺇﻻ ﻭﻴﺒﺴﻤﻠﻭﻥ ﺒﻤﻘﻁﻊ ﻤﻥ ﺨﻁﺎﺒﺎﺕ ﻭﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺩﺃﺒﻪ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻭﻤﺎ
ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﺴﺭ ﺤﺎﺠﺯ ﺍﻟﻼﻫﻭﺕ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻴﺨﻠﻊ ﺍﻟﺭﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﻟﻴﺅﺴﺱ 49
ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻤﺘﺤﻀﺭﺓ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻴﻨﺯل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ،ﻭﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ،ﻭﻴﺤﻀﺭ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺩﻭﻥ ﺇﻋﺩﺍﺩﺍﺕ ﺒﺭﻭﺘﻭﻜﻭﻟﻴﺔ ﻤﺴﺒﻘﺔ ،ﻭﻴﺘﺤﺎﻭﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﻭﻴﻌﻁﻲ ﺘﻭﺠﻴﻬﺎﺕ ﺒﺈﺯﺍﻟﺔ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺒﺎﻟﺼﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺒﺎﺭﻯ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﻭﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻟﻠﺘﺨﻔﻲ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺭﻴﺎﺀ ﻭﻨﻔﺎﻗﺎ.
ﻟﻘﺩ ﻭﺠﺩﻨﺎ ﺒﻤﺠﻤﻭﻉ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭﺓ ﻭﺒﺨﻁﺎﺒﺎﺘﻪ ﻭﺤﻭﺍﺭﺍﺘﻪ ،ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺴﻴﻤﻴﺎﺌﻴﺔ ﺘﺸﻲ ﺒﺩﻻﻻﺕ ﻭﺇﻴﺤﺎﺀﺍﺕ ﻤﺸﺠﻌﺔ ﻟﻨﺎ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻋﺯﻟﺘﻨﺎ ﻭﻋﺯﻭﻓﻨﺎ ﻭﺍﻨﻜﻔﺎﺌﻨﺎ ﻭﺘﺸﺎﺅﻤﻨﺎ ، ﻭﻤﺭﺍﺭﺍﺕ ﻫﺯﺍﺌﻤﻨﺎ ،ﻭﺴﻭﺩﺍﻭﻴﺘﻨﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺯﻴﻥ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻤﺴﺘﻘﺒل ﻤﺒﻬﻡ ،ﻷﺠﻴﺎل ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻻ ﻨﺭﻴﺩ ﺘﺴﻠﻴﻤﻬﺎ ﺭﺍﻴﺎﺕ ﻤﻨﻜﺴﺭﺓ . ﻨﻘﻭل :ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺯﻤﺔ ﺍﻟﺩﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﻤﺄﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﻭﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ،ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺤﺩ
ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ ) ( ٩٩ﻭﻓﻲ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻤﻴﺕ ﺒﹻ ) ﺍﻷﻟﻑ ( ﻭﻫﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ .
ﻓﺄﺭﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺴﺎﻫﻡ ﺒﺎﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻠﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﻺﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﻗﻭﻯ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻟﺘﺸﻜل ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ،ﻷﻱ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺇﺼﻼﺤﻴﺔ . ﻫﻜﺫﺍ ﻗﺭﺃﻨﺎ ﺍﻟﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻺﺼﻼﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺃﻴﺔ ﺘﺼﻭﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺭﺴﻴﻤﺔ
ﻟﻠﻌﺭﺽ ﻭﺍﻻﺴﺘﻌﺭﺍﺽ ،ﺃﻭ ﺃﻨﻬﺎ ﺩﻋﻭﺓ ﻟﻭﻟﻴﻤﺔ ،ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺘﻌﻔﻑ ﻭﻨﺸﻜﺭ ﺍﻟﻤﻀﻴﻑ ﺩﻭﻥ ﺍﻷﻜل ﻜﻤﺎ ﺭﺍﺤﺕ ﺍﻟﺭﺴﻭﻡ ﺍﻟﻜﺎﺭﻴﻜﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺭﺒﻴﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﺃﻭ ﻜﻤﺎ ﺭﺴﻤﺘﻬﺎ ﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﻴﻭﺴﻑ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ :ﺇﺨﺭﺱ ...ﻗﻠﺘﻠﻙ ﺍﺤﻜﻲ ،ﻗﻤﺕ ﺼﺩﻗﺕ ﻭﺼﺭﺕ ﺘﺤﻜﻲ !!! ﻟﻡ ﻴﺨﻁﺭ ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺒﺎل ﺃﻨﻪ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﺩﻭﻟﺔ ﺘﺸﺎﻏﺏ ﻋﻠﻰ ﺸﻌﺒﻬﺎ ﻓﺘﻨﺼﺏ ﻟﻪ ﺍﻷﻓﺨﺎﺥ ، ﻟﺘﺴﺘﺩﺭﺠﻪ ﻟﻠﺴﻘﻭﻁ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺘﺭﻤﻲ ﻟﻪ ﻗﺸﺭ ﺍﻟﻤﻭﺯ ﻟﻴﻨﺯﻟﻕ ،ﻓﺘﻨﻔﺽ ﺒﻘﻀﻬﺎ ﻭﻗﻀﻴﻀﻬﺎ ﻀﺎﺭﺒﺔ
ﻁﺒﻭل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﻋﻴﺩ !
ﻭﻻ ﻨﺯﺍل ﺒﻌﺩ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻀﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﻋﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ ،ﺒﺄﻥ ﻗﺭﺍﺀﺘﻨﺎ ﻟﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﺍﻹﺼﻼﺤﻴﺔ ﺴﻠﻴﻤﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ ﻟﻨﺎ ،ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺴﺭﻁﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﻨﻴﻭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺘﺎﻜﺔ ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺘﻐﻠﻐﻠﺔ ﻓﻲ ﻜل ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﺠﺴﺩ ﺒل ﻭﺴﺭﻁﻨﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﻓﺴﺎﺩﺍ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩﺍ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺴﻭﺥ ﺃﻨﻪ ﺃﻨﺘﺞ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ،ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻭﺫﺭﻭﺘﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻤﻥ ﺸﺭﻋﻨﺔ ﻨﻔﺴﻪ ﻨﻅﺭﻴﺎ ﻭﻓﻜﺭﻴﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻌﻀﺎﺭﻴﻁ ) ﺍﻟﺸﺎﺏ ( ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻭﺭﻴﻥ ،ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﻗﺭﻉ ﺍﻟﻁﺒﻭل ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺘﺫﻜﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺘﻬﺎ ،ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺯﻟﺕ ﻟﻠﻘﺼﻑ ﺍﻷﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺩﻱ ﻟﻠﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻤﻊ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﻜﺄﻨﻬﻡ ﻤﻤﺜﻠﻭﻥ ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺩل ﻭﺍﻟﻨﺯﻴﻪ ،ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻭل ﺍﻟﻬﻤﺠﻴﺔ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻌﻘل ) ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﻭﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺍﻷﻤﻨﻲ ﻭﻓﻕ ﻟﻐﺔ ﺯﻤﺎﻨﻨﺎ ( ﺃﻥ ﻴﺼﻭﺭﻫﺎ ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﻤﻁﺭﻗﺔ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻤﺘﻸﺕ ﺒﺎﻟﻔﻭﻀﻰ ﻭﺍﻟﻌﺼﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ ﻴﻌﺭﻓﻬﻡ ﻤﺜﻘﻑ
ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻹﻓﺴﺎﺩ ﺠﻴﺩﺍ ﺒﻭﺼﻔﻬﻡ ﺴﺩﻨﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻹﻓﺴﺎﺩ . 50
ﻭﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻔﺎﺴﺩ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﻤﻌﺎﺩﻻ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ﻟﻠﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺴﺩﺓ ﻹﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻠﺘﺤﻲ ﺒﺎﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻠﻭﺡ ﺒﺴﻴﻑ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻭﻴل ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ،ﺇﻟﻰ ﺨﻁﺎﺏ ﺩﻴﻨﻲ ﺘﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﻟﻴﻔﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﻤﺴﺒﻘﺔ
ﺘﻌﺘﻘل ﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﻭﺯ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﻴﺔ ﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻬﺎ ﺤﻴﺎﺩﻴﺔ ﺘﺠﺎﻩ ﺸﻌﺒﻬﺎ ،ﻻ ﺘﺩﺨل ﻁﺭﻓﺎ ﻀﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻴﺤﺔ ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﺘﻔﺘﺭﺽ ﺒﺎﻟﺭﺌﻴﺱ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻘﻴل ﻤﻥ ﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺼﻠﻪ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﻟﻴﻜﻭﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻜﻠﻪ ،ﺒﻜل ﺃﺤﺯﺍﺒﻪ ﻭﻗﻭﺍﻩ ﻭﺸﺭﺍﺌﺤﻪ . ﻟﻜﻥ ﻋﻘل ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻴﺄﺒﻰ ﺇﻻ ﻭﺃﻥ ﻴﺯﺝ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻜﺘﻪ ﺍﻟﻔﺎﺴﺩﺓ ،ﻋﺒﺭ ﺘﺤﻭﻴل ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﻲ ﺇﻟﻰ ﺨﻁﺎﺏ ﺘﻘﺩﻴﺴﻲ ﺒﻘﻤﻊ ﻋﻘل ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺼﺒﺢ
ﻓﺼل ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺜﺒﻭﺘﻴﺔ ﺼﺩﻗﻴﺘﻪ ﻜﺼﺩﻗﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻲ ،ﻭﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﻁﻴﺏ ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ ﻗﺩ ﻋﺎﺵ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻨﺼﻭﺼﻲ ﻓﻲ ﺤﻭﺍﺭﺍﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﻠﻔﺯﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﺭﻤﻀﺎﻥ ﺍﻟﺒﻭﻁﻲ! ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﻭﺤﺵ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺸﺎﻋﻪ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﺨﻼل ﻋﻘﻭﺩ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﻤﺘﻌﻔﻨﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻷﻓﻭﺍﻩ ،ﺍﺴﺘﺩﺭﺝ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﻋﺯﻤﻲ ﺒﺸﺎﺭﺓ ﻟﻴﺩﻟﻲ ﺒﺩﻟﻭﻩ ﻓﻲ ﺒﺭﻜﺔ ﻤﺘﺄﺴﻨﺔ ﻤﻠﻴﺌﺔ ﺒﺎﻟﻤﻜﺭ ﻭﺍﻟﺨﺩﺍﻉ ،ﻟﻴﻜﻭﻥ ﺸﺎﻫﺩ ﺯﻭﺭ ،ﻋﺒﺭ ﺇﺤﺭﺍﺝ ﻋﻼﻗﺎﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻁﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ
ﻭﻁﻨﻴﺎ ﻤﻊ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻓﺭﺍﺡ ﺍﻟﺭﺠل ﻴﺤﻠﻕ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻓﻲ ﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻭﺤﻕ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻟﻴﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﻭﻟﻴﻤﺔ ﺇﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻔﺱ ،ﻭﻗﻬﺭ ﺍﻟﺭﻭﺡ ،ﻭﻁﻤﺱ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﺴﺘﻐﻼﻻ ﻟﻭﻀﻌﻪ ﺍﻟﺩﺒﻠﻭﻤﺎﺴﻲ ﺍﻟﺤﺭﺝ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻓﺄﺭﻏﻡ ﺍﻟﺭﺠل ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﺭﺴل ﺒﺎﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻤﻜﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﻀﺎﺌﻬﻡ ﻤﻘﺭﺍ ﻤﻌﺘﺭﻓﺎ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﻟﺠﻨﺔ ﺘﺤﻘﻴﻕ " ﺒﺄﻨﺎ ﺍﺴﺘﻭﺭﺩﻨﺎ ﺁﺨﺭ ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺢ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺭﻭﺭ ﺒﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﺍﻷﻭﺭﺒﻲ " .
ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻏﻤﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻀﺎﺭﻴﻁ " ﻤﺜﻘﻔﻭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ " ﻴﻘﻭﺩ ﺍﻟﺭﺠل ﻹﺒﺎﺩﺓ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻤلﺀ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﻁﻬﻴﺭ ﻭﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻹﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺫﻨﺏ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺘﺼﻔﻴﺔ ،ﻓﻠﻭ ﻜﺎﻥ ﻤﺼﻁﻠﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺍ ،ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻓﺈﻥ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻴﺘﺤﻤل ﻭﺯﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺜﺎﻗﻔﺔ ﺍﻟﻭﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﻁﺭﺓ ﻭﺍﻷﻜﺎﺩﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺤﻘﱠﻕ ﻤﻌﻪ ﻋﺯﻤﻲ ﺒﺸﺎﺭﺓ ﻨﻔﺴﻪ ، ﻷﻨﻪ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻭﻀﻊ ﻜﺘﺎﺒﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﺭﺒﻴﺎ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻫﻡ ﻜﺘﺎﺏ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻓﻲ
ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻨﻅﻥ ﺃﻥ ﻤﻨﺎﻀﻼ ﻤﻥ ﻁﺭﺍﺯ ﺭﻓﻴﻊ ﻜﻌﺯﻤﻲ ﺒﺸﺎﺭﺓ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﻥ ﻓﺭﺍﻍ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻟﺘﺯﺠﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺃﻤﻭﺭ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻓﻜﺭﻴﺔ ﺯﺍﺌﻔﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ ﺤﺎﺠﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺇﻻ ﻟﻴﻘﺩﻡ ﻟﻠﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻤﺜﺎﻻ ﻟﻠﻤﺼﻁﻠﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻨﺘﺞ ﻭﻋﻴﺎ ﻤﻁﺎﺒﻘﺎ ﺒﺘﺎﺭﻴﺨﻬﺎ ﻭﺯﻤﻨﻬﺎ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻌﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ ﺍﻻﻨﻁﻼﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩ ﺩﻭﻟﺔ ﺘﻨﺘﺞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺘﻁﻠﺏ ﺇﻨﺘﺎﺠﻪ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻗﺭﻭﻥ . 51
ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺒﻌﺩ ﺤﺎﺠﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺢ ﻷﻥ ﺇﻨﺠﺎﺯﻩ ﺘﻁﻠﺏ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻗﺭﻭﻥ ،ﻴﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺒﻌﺩ ﻜﻤﻨﺠﺯ ﻤﻜﺘﺴﺏ ﻭﻤﺤﻘﻕ ﻭﻤﻌﻴﻭﺵ ﻜﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻻﺘﺯﺍل ﻁﻭﺒﻰ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻤﺔ ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ،ﻓﻬل ﻨﺭﻤﻲ ﻜل ﻤﺎ
ﻜﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﻤﻬﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻤﻨﻬﺠﻪ ﻤﺅﺴﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﻻﻴﺯﺍل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺤﻠﻤﻬﺎ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻓﻲ ﻋﻠﻡ ﻏﻴﺏ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ؟!! ﻟﻘﺩ ﻜﻨﺎ ﻗﺩ ﺘﺴﺎﺀﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻨﺎ ﺴﺎﺒﻕ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻴﺩﻴﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﺼﻁﻠﺤﺎ ﻏﺭﺒﻴﺎ ﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺍ ،ﻴﻨﺴﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ﻫﻭ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﻴﻌﺭﺏ ﺒﻥ ﻗﺤﻁﺎﻥ !!
ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻵﺨﺭ ،ﻫل ﻗﺩﻤﺕ ﻭﺜﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺒﹻ ) ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﻟﻑ ( ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺃﻜﺜﺭ
ﻤﻥ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ) ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ( ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ ﺜﻭﺭﺓ ﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﻟﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ،ﻭﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻤﻤﻜﻥ ﺍﻟﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻘﺎﻁﻊ ﺘﺤﺕ ﺴﻘﻔﻪ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ،ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ،ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ،ﻭﻟﻡ ﻨﺴﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ،ﺇﻻ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﻋﻲ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﻻ ﻤﻌﻨﻰ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺃﻱ ﺤﻠﻡ ﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﺒﺎﻟﻌﺩﺍﻟﺔ
ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺇﻨﺠﺎﺯ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺇﺸﺒﺎﻋﻬﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ، ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،ﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ،ﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ،ﻓﺎﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻻ ﺘﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻭﺘﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺭﻭﺴﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺸﺭﻗﻴﺔ ﻗﺭﻭﺴﻁﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺭﻴﻌﻲ ،ﻁﻔﻴﻠﻲ ،ﻟﺼﻘﺭﺍﻁﻲ . ﻓﻬل ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻜﺜﺭ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﺭﺍﻓﻨﺎ ﺒﺭﺜﺎﺜﺔ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻏﻴﺒﺕ ﻓﻴﻪ ﻨﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻫﻤﺸﺕ ﻭﻫﺸﻤﺕ ﻤﻨﺫ ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺴﻨﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺍﻟﻤﺭﻓﻭﻉ ،
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺘﻪ ﻤﻥ ﻏﺭﺒﺘﻪ ﻭﺍﻏﺘﺭﺍﺒﻪ ﻭﺍﺴﺘﻼﺒﻪ ،ﺒﻌﺩ ﺇﻁﻼﻕ ﺴﺭﺍﺤﻪ ،ﻟﻴﻔﻌل ﻤﻴﻜﺎﻨﻴﺯﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻷﻱ ﻤﻤﻜﻥ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺇﺼﻼﺤﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺃﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻟﻴﻌﻴﺩ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﻤﺎ ﻴﺘﻼﺀﻡ ﻭﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭﻱ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻠﻐﺘﻪ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﺴﺘﻴﺭﺍﺩ ﺼﻭﺭﺓ ﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ) ﺩﺍﻓﻭﺱ ( ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺎﻟﺏ ﺒﺘﺩﺨل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻙ ﻜﻤﺎ ﻴﻔﻬﻡ ﻤﻥ ﺤﺩﻴﺙ ﻋﺯﻤﻲ ﺒﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﺩﺭﺝ ﻟﻠﻘﻭل ﺒﺎﻨﺎ ﻨﺴﺘﻭﺭﺩ ﺁﺨﺭ ﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ .
ﻨﺤﻥ ﻨﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﻤﻔﻬﻭﻡ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﻨﺸﺄﺘﻪ ﻭﺘﻁﻭﺭﻩ ﻋﺒﺭ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺠﺕ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻨﻌﻡ ﻴﺎ ﺃﺨﻲ ﻋﺯﻤﻲ ﻨﺤﻥ ﻤﺘﻭﺍﻀﻌﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﻟﺒﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻭﺠﻬﺎ ﺒﻴﺎﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻠﻥ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻗﺭﻨﻴﻥ ،ﻓﻬل ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺒﻁﺭ ﻭﺘﺩﻟﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ؟
52
ﻫل ﻓﻲ ﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﺴﺘﺤﻀﺎﺭ ﺼﻭﺭﺓ ﺩﻭﻟﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻗﺭﻨﻴﻥ ،ﻨﺯﻭﻉ ﻟﻠﻤﻭﻀﺔ ﻭﻋﺩﻡ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ، ﻭﻋُﺼﺎﺏ ﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﺜﺄﺭ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻨﻘﻼﺒﻲ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻋﻀﺎﺭﻴﻁ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻤﺜﻘﻔﻭ ﺍﻟﻁﻐﻡ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺘﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﻋﻀﺎﺭﻴﻁ ﺍﻷﻤﺱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﺤﺘﻘﺭﻫﻡ ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻁﻴﺏ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ،
ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻤﺜﻘﻔﻲ ﺴﻠﻁﺎﻥ ) ﺴﻴﻑ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ( ﺍﻟﺫﻱ ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺭﻩ ) ﻟﻠﺭﻭﻡ ﻏﺎﺯﻴﺎ ( ، ﻭﻴﺤﻘﻕ ﺍﻷﻤﺠﺎﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﻠﺒﺕ ﻟﺏ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻁﻴﺏ .
ﻟﺴﻨﺎ ﻗﻠﻴﻠﻲ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺌﺴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺸﻨﺎ ﻋﻤﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ ﺠﺒﻬﺘﻬﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻔﻨﺕ ﻗﺒل ﺍﻟﻨﻀﺞ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻋﺸﻨﺎ ﺭﺩﺤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺎﺸﻪ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﺴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺸﻜﺭﺍ
ﻟﻠﻌﺯﻴﺯ ﻤﺤﻴﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻻﺫﻗﺎﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺯﺍﻭﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺠﺎﺏ ﻋﻨﺎ ﻭﺒﺎﺴﻤﻨﺎ ،ﺒﺄﻥ
ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺴﺘﺭﻭﻴﻜﺎ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﺃﻨﺎﻫﺎ ،ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺒل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﺔ ﻋﺸﺭ ﻋﺎﻤﺎ ﺃﺒﻌﺩﺘﻨﺎ ﻋﻥ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻵﻏﺎ ﺍﻷﻤﻤﻲ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻜﺩﺍﺵ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻﻴﺯﺍل ﻭﺭﺜﺘﻪ ﻴﺸﺘﻤﻭﻨﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻓﻔﻲ ﻜل ﺴ ﱠﺒﺔ . ﻋﺩﺩ ﺠﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺠﺭﻴﺩﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ،ﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ُ ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻤﺸﺭﻭﻋﻨﺎ ﻟﺩﻤﻘﺭﻁﺔ ،ﻭﻤﺩﻨﻨﺔ ،ﻭﻗﻭﻨﻨﺔ ،ﻭﻋﻘﻠﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺭﺓ
ﻨﺯﻋﺔ ﺍﻨﻘﻼﺒﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﺼﺎﺒﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺜﺄﺭﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻔﺎﺼﺢ ﻋﻀﺎﺭﻴﻁ ﺃﺨﺭ ﺍﻟﺯﻤﻥ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﻏﻡ ﻤﺩﻴﺭ ﺍﻟﻨﺩﻭﺓ ﺃﻥ ﻴﻨﺒﻬﻬﻡ ﻭﻫﻡ ﻓﻲ ﺤﻤﻰ ﺍﻻﺴﺘﺸﻬﺎﺩ ،ﻭﺍﻻﻗﺘﻁﺎﻑ ،ﻭﺍﻟﺘﻀﻤﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﻭﻴﺫ ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻘﻁ ،ﻟﻴﻠﻔﺕ ﻨﻅﺭﻫﻡ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ ﺒﻌﻴﺩ . * ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺘﻴﺔ – ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ٢٠٠١ /٤ / ٢٠
53
ﻤﺩﺨل ﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ* ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ : ...ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻜﻤﻔﻬﻭﻡ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻭﺠﻭﺩ ﻴﺘﺄﻟﻑ ﻤﻥ ﻜﺜﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﻤﻨﻌﺯﻟﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺭﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺒﺩﺃ ﻭﺍﺤﺩﻱ ﻤﻔﺭﺩ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻱ ﻴﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻭﺭﺍﺀ ﻜل ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻤﺼﺩﺭ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻱ ﺃﺴﺎﺱ ﻨﻅﺭﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﻭﻨﺎﺩ ( ﻋﻨﺩ ﻻﺒﻴﻨﺘﺯ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﻭﻨﺎﺩ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺒﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ،ﻓﻬﻭ ﺘﺎﺭﺓ
ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺘﺎﺭﺓ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﻠﻭﺠﻭﺩ،ﻭﻫﻭ ﻋﻨﺩ ﻻﺒﻴﻨﺘﺯ " ﺠﻭﻫﺭ ﺒﺴﻴﻁ ﻤﻐﻠﻕ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ". ﺱ ﻹﻨﻜﺎﺭ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﺒﺩﺃ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﺤﺩﺩ ﻓﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻜﺄ ﱟ
ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻬﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﺘﺘﻁﻠﻊ ﻟﺘﻘﺩﻴﻡ ﺭﺅﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﻤﺎﺩﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻡ ﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ، ﻓﺎﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻫﻲ
ﺍﻷﺴﺎﺱ ،ﻭﺤﺴﺏ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﻼﺴﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻫﻴﻐل ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻤﺫﻫﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﺘﺴﺎﻗﺎ ،ﻭﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻟﻴﺔ ﻭﻓﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﺘﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ ﺒﺄﻥ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﻤﺎﺩﻱ ،ﻭﺃﻥ ﻜل ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﺃﺸﻜﺎل ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺤﺭﻜﺔ، ﻭﺘﻤﺘﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻴﻀﺎ ( ١ ) . ﻭﻓﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻁﻼﻻﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ،ﺴﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﺸﻌﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،
ﻁﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﺒﺴﻴﻥ ،ﻤﺤﺒﺱ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﺼﻤﺩﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻜل ﺘﻌﺩﺩ ﺸﺭﻙ ﻭﻭﺜﻨﻴﺔ ،ﻭﻤﺤﺒﺱ ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ) ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ( ،ﻓﺎﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺘﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺔ ﻜﻭﺤﺩﺓ ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ، ﻜﺭﻭﺡ ﻤﻁﻠﻕ ﻤﺘﻌﺎﻟﻲ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ،ﻜﻤﻭﻨﺎﺩ ﺭﻭﺤﺎﻨﻲ ﻤﻐﻠﻕ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ،ﻭﻫﻭ ﺒﺤﻜﻡ ﻁﺒﻴﻌﺘﻪ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺩﺓ ﻻ ﻴﺘﺠﻠﻰ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ " ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺨﺎﻟﺩﺓ " ﻷﻤﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺠﻭﱠﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﺭﺤﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ( ٢ ) .
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ " ﺘﺘﺴَﻔﻴَﺕ " ﻭﻴﺤﻭﻟﻬﺎ ﺴﺘﺎﻟﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ " ﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺎ " ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ "ﺃﺴﺱ ﺍﻟﻠﻴﻨﻴﻨﻴﺔ " ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺫﻴﻭﻋﺎ ﻭﺍﻨﺘﺸﺎﺭﺍ ،ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻪ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﺸﻴﻭﻋﻴﻲ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻟﻜﻭﻤﻨﺘﺭﻥ ،ﻭﺒﺩﺍﻴﺔ ﺠﺫﺏ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﻴﺘﻲ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ) ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ( ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﺞ ﺴﻭﻯ ﺒﻌﺩ ﻭﺍﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻟﻴﺤل ﻤﺤل ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﻴﺴﺎﻜﻨﻬﺎ ﻭﻴﺤﺎﻭﺭﻫﺎ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻴﺤل
54
ﻓﻴﻬﺎ ﺤﻠﻭﻻ ﺘﻨﺎﺴﺨﻴﺎ ﺴﺤﺭﻴﺎ ،ﻭﻴﻐﺩﻭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﺘﺠﻠﻴﺎ ﻟﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺠﻌﻠﻪ ﻴﺘﺤﺭﻙ ﻜﻭﻨﻴﺎ ﻭﻓﻕ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﺤﺩ " ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻁﺒﻘﻲ" ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﻘﻭﺩ ﺤﺘﻤﻴﺎ ﻓﻲ ﻜل ﺯﻤﺎﻥ ﻭﻤﻜﺎﻥ ،ﺇﻟﻰ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻴﻠﻐﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻨﻭﻉ ،ﺤﻴﺙ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ،
ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺘﺄﻤﻴﻡ ﺍﻟﺘﻨﻭﻉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ )ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻻﺜﻨﻲ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ( ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺒﺸﺭﻱ ﻜﻭﻨﻲ ) ﺭﻭﺒﻭﺕ ( ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﺨﻀﺎﻉ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻱ ،ﻟﻴﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻨﺘﻘﺎل ﻤﻨﺘﻅﻡ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﺍﻟﺨﻤﺱ ،ﻓﺎﻟﺘﻌﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﺍﺕ ،
ﻭﺍﻟﺘﻐﺎﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺼﺎﺌﺹ ﻭﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﻭل ﻤﻥ ﺘﺸﻜﻴﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺨﺭﻯ ﻫﺭﻁﻘﺔ ﺘﻤﺱ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ !
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺘﻘﺘﻀﻲ ﻤﻨﺎ ﺘﻘﺼﻲ ﺍﻟﻨﻭﺍﺓ ﺍﻟﻁﺎﺭﺩﺓ ﻟﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﺴﺘﺠﻼﺀ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺤﻀﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺤﻁﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﻭﺼﻔﻬﺎ ﺒﺎﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ،ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻟﺨﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﺎﻟﻁﺕ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ – ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ) ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ – ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ – ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ( . ﺍﻟﻨﻭﺍﺓ ﺍﻟﻁﺎﺭﺩﺓ ﺇﺒﺴﺘﻤﻴﺎ :
ﺍﻟﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ – ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺎﻡ – ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ،ﻓﻲ ﻤﺠﺎﻻﺕ ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ) ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ – ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ – ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ – ﺩﻴﻨﻴﺔ ( .
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ،ﺘﺒﺩﺃ ﺒﺘﻌﺭﻴﻔﻬﺎ ﺴﻠﺒﺎ ،ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻀﺩ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ،ﻭﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺘﺘﺸﻜل ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻭﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻼﺨﺘﺯﺍل ﺇﻟﻰ ﻤﺒﺩﺃ ﻭﺍﺤﺩ ( ٣ ) .
ﻭﻴﻀﻴﻑ ﻗﺎﻤﻭﺱ )) (( Robertﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺏ ﺍﻟﻤﺘﻨﻭﻉ ﻟﻠﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ،ﻭﺇﻓﺭﺍﺩﻫﻡ ،
ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻬﻡ ﺒﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﻤﺩ ﻋﺩﺓ ﻭﺴﺎﺌل ﻟﻠﺘﻭﺠﻪ )ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ
ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻲ( ﻭﻗﺎﻤﻭﺱ ﻻﺭﻭﺱ ﻴﻌﺘﺒﺭﻫﺎ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ،ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ .... ،ﺇﻟﺦ ،ﻴﻘﺭ ﺒﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺘﻨﻭﻉ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ .
ﻭﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ،ﻫﻲ ﻤﺫﻫﺏ ﻻ ﻴﻘﺭ ﺇﻻ ﺒﻜﻴﺎﻨﺎﺕ ﻤﺭﻜﺒﺔ ﻭﻤﻔﺭﺩﺓ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ( ٤ ) .
ﺍﻟﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻴﺔ ﺍﻨﺘﻘﺩﺘﻬﺎ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻀﺎﺩﺓ ﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻠﻭﺠﻭﺩ ،ﻜﻤﺎ ﺃﺴﻠﻔﻨﺎ ،ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻟﻼﺤﻘﺔ ﺒﺘﺄﻜﻴﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻻﻨﻁﻼﻕ ﻤﻥ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﻲ ،ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻔﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺌﻥ ﻜﺫﺍﺕ ﻋﺎﻗﻠﺔ ،ﻤﺎﻟﻜﺔ ﻟﺤﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺒﺩﻨﻬﺎ ﻭﺫﻫﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻟﺫﺍﺘﻪ ﻭﻋﻘﻠﻪ ﻭﺫﻫﻨﻪ ﺴﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻤﺎ
ﻴﻌﺎﺩﻟﻪ ﻓﻲ ﺤﻘل ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﻤﺎ ﻨﻌﻨﻴﻪ :ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺘﻭﺝ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺨﻼﻗﺔ ،ﻭﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻟﺤﺭ ﺴﻴﺘﻭﺝ ﻤﻔﻬﻭﻡ " ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﺽ ﻭﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ " ﺍﻟﻤﺅﺴﺱ ﻟﻠﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺃﺼل ﺍﻟﺠﺩل ،ﻭﺍﻟﺠﺩل ﻫﻭ ﺃﺼل ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺃﺼل ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻭﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭ .
).(٥
55
ﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺘﺤﻴل ﺇﻟﻰ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻜﻤﻌﺎﺩل ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ " ﺍﻟﻤﻐﺎﻴﺭﺓ ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﺽ " ﺴﺘﻜﻭﻥ ﺜﻤﺎﺭ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺴﻴﺸﻜل ﻜﺘﺎﺏ ﺴﺘﻴﻭﺭﺍﺕ ﻤﻴل " ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ " ﺘﺘﻭﻴﺠﺎ ﺸﻬﻴﺭﺍ ﻟﻬﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻭﻋﺭﺒﻴﺎ ﻜﻤﺎ ﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺃﺤﻤﺩ ﻟﻁﻔﻲ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺃﺴﺘﺎﺫ ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ﻭﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴﻴﻥ ﻫﻴﻜل ( ٦ ) .
ﺇﻥ ﺃﻭل ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﻟﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭ ﻤﻌﺭﻓﻲ "ﺍﺒﺴﺘﻤﻲ" ﻫﻲ ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﻤﻘﺎﺭﻨﺘﻪ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﻭﺍﻟﻐﺭﺏ . ﻓﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ﻴﻤﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﻋﻘﻠﻴﻥ " ﻋﻘل ﻏﺭﺒﻲ ﻓﻠﺴﻔﻲ " ﻭ " ﻋﻘل ﺸﺭﻗﻲ ﺩﻴﻨﻲ " ﻭﻫﻭ ﺇﺫ ﻴﺅﺴﺱ ﻟﻨﻅﺎﻤﻴﻥ ﻋﻘﻠﻴﻴﻥ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻴﻨﺸﺩ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻻﻟﺘﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻜﻼ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻥ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﻴﻘﻭل ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ،ﺍﺒﺴﺘﻤﻴﺎ " ،ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ " ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺴﻨﺔ : ١٩٢٥
" ﻓﺎﻟﻤﺩﻥ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻴﺔ ﺸﻬﺩﺕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﺭﺴﺘﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻁﺭﻓﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺯﺍل ﺃﺜﺭﻫﺎ ﻗﻭﻴﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﺒﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻭﻋﺭﻓﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ
ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺨﺎﻀﻌﺎ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﺤﺩ ﻟﻡ ﻴﺘﻐﻴﺭ ﻭﻟﻡ ﻴﺘﺒﺩل ،ﻭﻫﻭ ﻨﻅﺎﻡ
ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﺓ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻔﻘﺩ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻜل ﺤﻅ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ " ( ٧ ) .
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺫﻩ ) ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ( ﻓﻲ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﺴﻭﺩ ﻫﺫﻩ ) ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ( ﺃﻨﻅﻤﺔ ﻭﺒﺸﺭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ؟
" ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﻀﻌﺕ ﻟﻠﺸﻌﺭ ﻓﻲ ﺃﻭل ﺃﻤﺭﻫﺎ ،ﺜﻡ ﺨﻀﻌﺕ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻟﻠﻌﻘل ،ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺨﺼﺏ ﺤﻴﺎﺓ ﻋﺭﻓﻬﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ...ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﺠﺩ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻲ ﻴﺴﻠﻙ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺘﻔﺴﻴﺭﻫﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺸﺄﺕ ﻋﻨﻪ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺴﻘﺭﺍﻁ ﻭﺃﻓﻼﻁﻭﻥ ﻭﺃﺭﺴﻁﻭﻁﺎﻟﻴﺱ ﺜﻡ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺩﻴﻜﺎﺭﺕ ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻭﻜﻭﻨﺕ ﻭﻫﻴﻐل ﻭﺴﺒﻨﺴﺭ ،ﻨﺠﺩ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﻴﺫﻫﺏ ﻤﺫﻫﺒﺎ ﺩﻴﻨﻴﺎ ﻗﺎﻨﻌﺎ
ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺘﻔﺴﻴﺭﻫﺎ :ﺨﻀﻊ ﻟﻠﻜﺎﻫﻥ ﻓﻲ ﻋﺼﻭﺭﻩ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﻟﻠﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﻭﺭﻩ ﺍﻟﺭﺍﻗﻴﺔ ،ﻭﺍﻤﺘﺎﺯ ﺒﺎﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ﻜﻤﺎ ﺍﻤﺘﺎﺯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻲ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺒﺎﻟﻔﻼﺴﻔﺔ " ( ٨ ) . ﻫﻜﺫﺍ ﻴﻀﻌﻨﺎ ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻨﻅﻭﻤﺘﻴﻥ ﻤﻌﺭﻓﻴﺘﻴﻥ ﺘﺘﺸﻜﻼﻥ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺘﻴﻥ :ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﺸﻌﺭ ، ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ . ﻓﺎﻟﻌﻘل = ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ = ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ = ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺒﺩﻟﺔ ) ﻤﻠﻜﻴﺔ – ﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ –
ﺃﺭﺴﺘﻘﺭﺍﻁﻴﺔ – ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ( ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ .
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺸﻌﺭ = ﺍﻟﻜﻬﺎﻨﺔ = ﺍﻟﻨﺒﻭﺓ = ﺍﻟﺩﻴﻥ = ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﻭﻻ ﺘﺘﺒﺩل = ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺃﻱ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ . ﻟﻌل ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﻌﻘل ﺇﺒﺴﺘﻤﻴﺎ ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻪ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﻟﻠﻔﻜﺭ ﻭﺠﻬﺎﺯﺍ ﻟﻠﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﻓﺎﻟﻌﻘل – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ – ﻟﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻫﻭ
ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﺒل ﻫﻭ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻅﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ( ٩ ) . 56
ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻹﺒﺴﺘﻤﻲ ﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻭﺍﺓ ﺍﻟﻁﺎﺭﺩﺓ ﻟﻠﺘﻌﺩﺩ ﺸﺭﻗﻴﺎ ﻋﺭﺒﻴﺎ ،ﺇﺴﻼﻤﻴﺎ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﻴﺜﻴﺔ ( ﺍﻟﺴﺤﺭﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ .
ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ /ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ :
ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺃﻥ ﺘﻔﺨﺭ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﺭﺠﺎ ﻟﻸﺤﺯﺍﺏ ﺨﻼل ﺍﻷﻋﻭﺍﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺒﻘﺕ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻤﻊ ﻤﺼﺭ
ﻋﺎﻡ ، ١٩٥٨ﻭﺒﺄﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻏﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻻ ﺘﺠﺎﺭﻴﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻴﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ
ﺃﺨﺭﻯ ،ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺘﻁﺭﺡ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻨﺎﺸﻁﺎ ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺘﺩﺍﺨل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻤﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻷﻟﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺼﺭﺍﻋﺎﺘﻬﺎ ( ١٠ ) . ﻫل ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺘﺩﺍﺨل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻭﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ، ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺍﻟﺠﺎﻤﻊ ﻭﺍﻟﻤﻭﺤﺩ ﻟﺘﻌﺩﺩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻭﺍﺠﻬﺔ ﻤﻊ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ؟
ﻟﻘﺩ ﻀﻤﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺃﺤﺯﺍﺒﺎ ﻤﻨﺤﻠﺔ ﻜﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺩﻭﻥ ﺭﺌﻴﺴﻪ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ﺫﻱ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ،ﻭﺃﺒﺭﺯ ﻤﻤﺜﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﻴﻥ ،ﻭﻗﺩ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﺸﻜل ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻜﺎﻥ ﻤﻭﺠﻬﺎ ،ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺠﻭﺍﻨﺒﻪ ﻀﺩ ﺯﻋﺎﻤﺔ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﻀﻁﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻔﻰ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﺤﺘﻰ ﻋﺎﻡ ، ١٩٣٧ﻜﻤﺎ ﻀﻤﺕ ﻤﻊ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻗﺴﻤﺎ ﻤﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺤﺯﺏ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .
ﺘﺄﺴﺴﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﻓﻲ ١٩ﺘﺸﺭﻴﻥ ، ١٩٢٧ﻟﺘﻜﻭﻥ ﺇﻴﺫﺍﻨﺎ ﺒﺒﺩﺍﻴﺔ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻫﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎل
ﺏ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ،ﻭﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ،ﺤﻴﺙ ﻋﻘﺩ ﺃﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻤﺅﺘﻤﺭﺍ ﻓﻲ ﺒﻴﺭﻭﺕ ﺴﻤﻲ ﹺ " ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻓﻲ ﺒﻴﺭﻭﺕ " ﻭﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺘﺘﻤﺨﺽ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﻘﻭﺩ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻤﻥ ( ١١ ) . ١٩٤٥ – ١٩٢٨ ﺇﻥ ﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﻴﻔﻴﺩﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺸﻜﻠﺕ ﺍﻟﻘﺎﻉ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻤﻊ ﻗﻴﺎﻤﻬﺎ ﻴﻨﻘل ﻤﺭﻜﺯ ﺜﻘل ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﻴﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺩﻥ ،ﻤﻥ
ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻭﺯﻋﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺭﻴﻑ ،ﺇﻟﻰ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺘﺤﺩﺭ ﻤﻥ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺴﺭﺓ ،ﻤﻥ ﺸﺭﺍﺌﺢ ﺼﺎﻋﺩﺓ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺘﺠﺎﺭﻴﺔ ﻭﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ، ﻭﻓﺌﺎﺕ ﻭﺴﻁﻰ ،ﻭﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﺤﻴﺙ ﺴﺘﺸﻜل ﺍﻟﻤﻬﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ﻨﺸﻭﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺩﺍﻭل ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﻗﺒل ﻤﺎ ﻋﺭﻑ ﺒﺎﻻﻨﻘﻼﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ،ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﻋﻨﺩ ﻤﺎ ﺍﻨﺤﻠﺕ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺒﻴﻥ ﻜﺒﻴﺭﻴﻥ ﻴﺘﻨﺎﻓﺴﺎﻥ ﺴﻠﻤﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ
ﻫﻤﺎ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ١٩٤٧ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻀﺭﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺒﻭﻓﺎﺓ ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺠﺎﺒﺭﻱ ٢٠ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ، ١٩٤٧ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺭﺠﺎﻟﻬﺎ ﺸﺠﺎﻋﺔ ﻭﺍﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ،ﻭﻗﺩ ﺘﺩﺍﻭل ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﻘﻭﺘﻠﻲ ﻤﻊ ﺍﺜﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﻴﻥ ،ﻭﻫﻤﺎ ﺠﻤﻴل ﻤﺭﺩﻡ ﻭﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﺨﻭﺭﻱ ﻭﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺃﻴﻠﻭل ﻋﺎﻡ ١٩٤٣ﻭﻋﺎﻡ ( ١٢ ) . ١٩٤٧
57
ﻭﻤﻤﺎ ﻟﻪ ﺩﻻﻟﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺒﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﺩﺍﻭل ﺃﻥ ﺍﻨﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻟﻡ ﻴﻘﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺎﺕ ،ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﻻﺕ ﻭﺘﺼﻔﻴﺎﺕ ﻜﻤﺎ ﺴﺘﺸﻬﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻻﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻟﻡ ﺘﺘﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻹﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻴﻜﻠﺕ ﻜﺘﺎﺏ ﺒﺎﺘﺭﻴﻙ
ﺴﻴل ) ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺭﻴﺎ ( ﺘﻠﻙ ﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺅﻁﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺤﻠﺒﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﺍﻟﻬﻭﻯ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻤﺸﻘﻲ ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻱ ﺍﻟﻨﺯﻭﻉ ،ﺒل ﺇﻥ ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﻘﻕ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﺤﻠﺏ ﻜﻤﺎ ﺴﻴﻘﺭ ﺴﻴل ﻨﻔﺴﻪ ﺤﻴﺙ ﺒﺫﻭﺭ ﺍﻻﻨﺸﻘﺎﻕ ﺘﺒﺩﺃ ﺒﺎﻨﻔﺼﺎل ) ﺭﺸﺩﻱ ﺍﻟﻜﻴﺨﻴﺎ ﻭ ﻨﺎﻅﻡ ﺍﻟﻘﺩﺴﻲ ( ﻋﻥ ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺠﺎﺒﺭﻱ ( ١٣ ) .ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻴﻨﺘﻤﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺌﻼﺕ ﺤﻠﺒﻴﺔ ﻤﻌﺭﻭﻓﺔ .
ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﺘﺩﺤﺽ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺠﺎﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺭﻗﻴﻥ ﻜﺠﺎﻙ ﺒﻴﺭﻙ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ :ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺩﺓ ) ﺍﻻﻨﺸﻘﺎﻗﺎﺕ ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ( ﺘﺤل ﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﺍﻟﻁﻭﻋﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺼﺩﺩ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻜﻤﺕ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﻴﻀﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺭﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ،ﺤﻴﺙ ﺍﻻﻨﺩﻓﺎﻋﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ -ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭﻩ – ﻓﻲ ﺃﻱ ﻗﻁﺭ ﻋﺭﺒﻲ ﺘﻤﻴل ﺇﻟﻰ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﺘﺠﻤﻊ ﻋﺭﻴﺽ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﺠﺎﻨﺱ ،ﻤﺜل " ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ " ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭ" ﺍﻟﻭﻓﺩ " ﻓﻲ ﻤﺼﺭ " ،ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﻼل " ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻭ "ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ" ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺘﺂﻟﻑ – ﺤﺴﺏ ﺒﻴﺭﻙ – ﺭﺠﺎل ﺒﻤﺎﺽ ﻭﻤﺸﺎﺭﺏ ﻤﺘﺒﺎﻴﻨﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺩﻑ ﻭﺤﻴﺩ ﻫﻭ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻨﺠﺎﺤﺎﺕ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺴﻭﺍﺀ ﺃﺘﺕ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻀﺩﻫﺎ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺸﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻻﻨﺸﻘﺎﻗﺎﺕ – ﺤﺴﺏ ﺭﺃﻴﻪ – ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤل ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺩﺓ ﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﺍﻟﻁﻭﻋﻴﺔ – ﻜﻤﺎ
ﺃﺴﻠﻔﻨﺎ ) . ( ١٤
ﻤﺎﻜﺱ ﻓﻴﺒﺭ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ) ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ( ﺤﻴﺙ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﻌﻤل ﺘﻁﺒﻴﻘﺎ ﻟﻠﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻻ ﺘﻘل ﻋﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﻠﺕ ﻤﺤل ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﺍﻵﻻﺕ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻴﺔ ،ﻭﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻌﺩ ﺘﺤﻭﻻ ﺠﺫﺭﻴﺎ ﻟﻘﻭﻯ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ... ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺘﺭﺤﻬﺎ – ﻓﻴﺒﺭ – ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺸﻬﻴﺭﺓ ﻭﻫﻲ : ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ – ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ،ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻬﺎﻟﺔ ( ١٥ ) .
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺒﺘﺄﺴﻴﺴﻬﺎ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ – ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻗﺩ ﺃﺤﺩﺜﺕ ﺜﻭﺭﺓ ﺇﺩﺍﺭﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻭﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﻤﻊ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺠﺫﻭﺭ ﺍﻟﺭﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻬﻭﺍﻤﺵ ﺍﻟﺭﻋﺎﻋﻴﺔ ﻷﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺩﻥ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻜﺼﺕ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﻭﻟﻭﻨﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﺘﻨﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻤﻠﻭﻜﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻓﻕ ﺍﻟﺘﺸﺨﻴﺹ ﺍﻟﺭﻫﻴﻑ ﻟﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﻀل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻤﻠﻭﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ،ﺒﺄﻥ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃﻥ ﺘﻨﻬﺽ ﺒﺄﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻷﻤﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﺠﺘﻴﺎﺡ 58
ﺍﻟﻤﻐﻭل ﻭ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻥ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻓﺌﻭﻴﺔ ،ﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ،ﺸﺨﺒﻭﻁﻴﺔ ،ﺘﺠﻤﻊ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻬﺎﻟﺔ ) ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ( ﻟﻸﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ . ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﻜﺭﻱ ﺍﻟﻘﻭﺘﻠﻲ ﺍﻟﺭﺍﻏﺏ ﺒﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺘﻪ ،ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻬﺯ ﻓﺭﺼﺔ ﻭﻓﺎﺓ ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺠﺎﺒﺭﻱ
ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻟﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻋﺎﻡ ١٩٤٧ﻡ ﻟﻴﺩﻓﻊ ﺒﻤﺸﺭﻭﻉ
ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ٦٨ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ،ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻌﺩ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻋﺸﺭ ﺸﻬﺭﺍ ،ﺤﺘﻰ ﻴﺄﺘﻲ ﺨﺎﻟﺩ ﺍﻟﻌﻅﻡ ﻤﻥ ﺒﺎﺭﻴﺱ ١٩٤٨ﻟﻴﻨﻬﻲ ﺃﺯﻤﺔ ﺘﺭﻜﺕ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻼ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﻥ ،ﻭﻟﻴﺸﻜل ﻭﺯﺍﺭﺓ ﻤﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻓﻲ ١٦ﻜﺎﻨﻭﻥ ﺍﻷﻭل ،ﺜﻡ ﻭﺍﺠﻪ ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭﺓ ﺃﻴﺎﻡ ﻤﺠﻠﺴﺎ ﻨﻴﺎﺒﻴﺎ ﺜﺎﺌﺭﺍ .
ﺨﺎﻟﺩ ﺍﻟﻌﻅﻡ ﺃﺘﻰ ﻤﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻼﺕ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﺭﻋﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻫﻠﺘﻪ ﻷﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻫﻡ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ . ﺇﺫﻥ ﻟﻘﺩ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺄﺴﻴﺴﻬﺎ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﻋﺼﺭﻱ ﻭﺤﺩﻴﺙ ،ﻤﺴﺘﻨﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺴﻠﻁﺔ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ – ﺃﻥ ﺘﺘﻴﺢ ﻟﺭﺠل ﻻ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺘﻭﺍﺯﻨﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻴﺎﺒﻴﺔ ،ﻟﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﻭﻓﻲ
ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﻬﺩﺕ ﻟﻪ ﻭﺯﺍﺭﺕ ﺘﻘﺎﻨﻴﺔ ) ﻤﺎﻟﻴﺔ – ﺘﻤﻭﻴﻥ ( ،ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻻ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻭﻻﺀ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻥ ﺍﻟﻴﻭﻡ . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻴﻐﺩﻭ ﻤﻥ ﻋﺩﻡ ﺍﻹﻨﺼﺎﻑ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻻﻨﺸﻘﺎﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺼﺭﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺘﻬﺎ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﻨﻭﻋﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤل ﻤﺤل ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻷﺼﻠﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺠﺎﻙ ﺒﻴﺭﻙ . ﻭﻟﻭ ﺃﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯﺍﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻨﻅﺎﻡ
ﻋﻘﻼﻨﻲ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﻤﺩﻨﻲ ﺤﺩﻴﺙ ﻭﻋﺼﺭﻱ ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺘﻪ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ،ﻨﻘﻭل ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﻓﻲ
ﺍﻨﺸﻘﺎﻗﻪ ﻭﺼﺭﺍﻋﺎﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻟﻤﺎ ﺃﺘﺎﺡ ﻟﻠﻌﺴﻜﺭﻴﻴﻥ ﺍﻨﻘﻼﺒﺎﺘﻬﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻭﻻ ﺍﻨﻘﻼﺒﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﻴﻔﻴﺔ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﻭﺇﻗﺼﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻫﻭ ﻴﻨﻤﻭ ﻋﺒﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﻭﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ،ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻘﺎﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺴﺦ ﺇﻟﻰ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﻟﻠﻔﺭﺠﺔ ﻻ ﻨﺭﻯ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻪ ﺇﻻ ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﺕ ﺩﻤﻰ ﻤﺘﺤﺭﻜﺔ . ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ /ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺸﻘﻲ :
ﻟﻌل ﺨﻴﺭ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻨﻅﺭﻱ ﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻫﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ،ﻓﻘﺩ ﺠﻤﻊ ﺍﻟﺭﺠل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺍﻫﺎ ﺒﺩﺀﺍ ﻤﻥ ﺃﻭل ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﻓﻴﺼل ،ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﻭﺯﻴﺭﺍ ﻟﻠﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ .ﻭﻟﻌل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺩﺍﺨل ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﺴﺭ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﺍﻹﺠﺭﺍﺌﻴﺔ ﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ،ﻓﻠﻘﺩ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ﻜﺘﺎﺒﺎ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
59
ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ " ﺤﻴﺙ ﻨﺸﺭﻩ ﻜﻤﻘﺎﻻﺕ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻤﻘﺘﻁﻑ ﺨﻼل ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻨﻴﺎﺕ ،ﺜﻡ ﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻘﺘﻁﻑ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﻋﺎﻡ ١٩٣٦ﻡ . ﺇﻥ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ﺍﻹﺠﺭﺍﺌﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﺘﺘﻤﺜل ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤل ﺘﺜﻘﻴﻔﻲ ﻴﺘﻭﺠﻪ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻭﺠﻬﺔ ﺘﻌﺒﻭﻴﺔ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﻴﺴﻌﻰ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻪ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺃﻥ ﻴﺒﻠﻭﺭ ﺘﺼﻭﺭﺍ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﺎﺒﻕ ﻟﺤﺎﺠﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻓﺎﻟﻤﺨﺎﻁﺏ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻴﺼﺩﺭ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ،ﻭﻴﻨﺸﺭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ ﻤﺼﺭﻴﺔ ،ﻭﻟﻌل ﺃﻭل ﻤﺎ ﻴﻠﻔﺕ ﺍﻻﻨﺘﺒﺎﻩ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﺒﺭﺓ ﺍﻟﻭﺍﺜﻘﺔ ﺘﺠﺎﻩ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺸﺭﻗﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻟﻭﻗﻔﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻻﺴﺘﻜﻨﺎﻩ ﺩﻻﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﺌﻲ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺠﻲ ﻋﻥ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺼﻠﺏ ﺍﻟﻜﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﻁﺭﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ،ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻭﺘﻭﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺯﻴﺩ
ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺸﻘﺎﺀ ! ﺇﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺸﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻴﺘﺄﺘﻰ ﻓﻲ ﻨﺹ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﺴﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ،ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﺒﻴﻥ ﺍﻹﻋﺠﺎﺏ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ، ﻭﺍﻻﻨﺸﺩﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ) ﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺯﻴﺔ ( ﻤﻤﺎ ﻻﺸﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺯﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻨﺹ ﻗﺩ ﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﻜل ﺍﻟﻭﻴﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﻨﻬﺎﻀﻬﺎ ﺘﺘﻘﺎﻁﻊ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺘﺒﺭﻫﺎ )ﺤﻴﺎﺓ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ( : ﻓﺎﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺯﻴﺔ " ﻓﻲ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﻐﻠﹼﺒﺎ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻰ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻴﺭﺃﺴﻬﺎ ﺨﻠﻴﻔﺔ ﺘﺤﻑ ﺒﻪ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﺭﺜﺔ ﺒل ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻴﻀﺎ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﺍ ﺒﺎﻫﺭﺍ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﺃﺠﻨﺒﻴﺔ ﻴﻌﻀﺩﻫﺎ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﺀ ﻭﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺘﻬﻡ ﺍﻨﻜﻠﺘﺭﻩ ﻭﺇﻨﻘﺎﺫﺍ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﺭﻜﻲ ﻤﻥ ﺍﻻﻀﻤﺤﻼل ﺤﺘﻰ
ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﺸﻲﺀ ﻴﺩﻋﻰ ﺤﻴﺎﺓ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻬﻭ ﺘﺠﺩﺩ ﺸﺒﺎﺏ ﺘﺭﻜﻴﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻬﺭﻡ ﻭﻨﻬﻭﺽ ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ﻴﻨﻔﻀﻭﻥ ﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻥ ﻭﺠﻭﻫﻬﻡ " ) ( ١٦
ﺏ "ﺤﺭﺒﻬﻡ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﻤﻴﺎﺩﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﻭﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺇﻋﺠﺎﺒﻪ ﹺ ﻭﺘﺨﻠﻴﻬﻡ ﻋﻥ ﺃﺸﺩ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺜﺒﺎﺘﺎ ﻭﻤﺤﺎﻓﻅﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻷﺤﻭﺍل ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻤﻥ ﺯﻭﺍﺝ ﻭﻁﻼﻕ ﻭﻤﻴﺭﺍﺙ ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﻟﻭﺍ ﺒﻪ ﺃﺤﺩﺙ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺒﺘﺕ ﻓﻲ ﺩﻴﺎﺭ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻤﻊ ﺘﻌﺩﻴل ﻁﻔﻴﻑ . ﺒل ﻭﻴﺘﺨﺫ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻭﺤﺠﺔ " ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻻ ﺘﺄﺘﻲ ﺒﻁﺎﺌل
...ﻭﻴﺘﺴﺎﺀل ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ " ﻓﻠﻭ ﺃﺤﻨﻰ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﻭﻥ ﺭﺅﻭﺴﻬﻡ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺤﻜﻭﻤﺘﻪ ﻭﺴﺠﻠﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺘﺭﻜﻴﺎ ﻤﻌﺎﻫﺩﺓ " ﺴﻴﻔﺭ " ﺍﻟﻤﺭﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺇﺫﻻﻟﻬﺎ ﻟﻠﺘﺭﻙ ،ﻓﺄﻴﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ؟ ﻭﻤﺎﺫﺍ ﺘﻨﻔﻌﻬﻡ " ﻋﺼﺒﺔ ﺍﻷﻤﻡ " ﺍﻟﻤﺘﻔﺴﺨﺔ ،ﻭﻻ ﻴﻐﻴﺏ ﻋﻥ ﺫﻫﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﻫﻲ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻗﺩ ﺘﺨﺴﺭ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﺔ ﺍﻟﺜﻤﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﺍﻷﻜﻔﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﻴﻥ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻴﻌﺘﺎﺽ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻻﺘﺴﺎﻕ ﻭﺴﺭﻋﺔ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯ " ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻓﻲ
ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﺯﻋﺎﺯﻉ ﻭﺍﻟﻌﻭﺍﺼﻑ " ،ﻭﻴﻀﺭﺏ ﻤﺜﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﺴﺭﻋﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ 60
ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ،ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺫﻫﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﻨﻘﺔ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ١٩١٥ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ ﺼﺎﺭ ﻟﻪ ﺯﻤﻴل ﻴﻘﺎﺒﻠﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﻨﻘﺔ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ١٩٢٥ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ( ١٧ ) .
ﺇﺫﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ،ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﺒﺎﺴﻡ " ﺴﺭﻋﺔ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯ " ،ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺒﺎﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ،ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺘﺤﻘﻕ
ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻓﺎﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ﺒﺄﺴﺌﻠﺘﻪ ﺘﻠﻙ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﻴﺅﺴﺱ ﻹﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﻭﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺒل ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﺒﺄﺴﺌﻠﺘﻪ ﻫﺫﻩ ﻴﺴﺎﻫﻡ ﺒﺭﺴﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ – ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻁﻠﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﺍﻟﺤﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﺒﺄﻤل ﻓﻙ ﺭﻗﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭ ﺇﻁﻼﻕ ﺴﺭﺍﺤﻪ ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ .
ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻲ ﺴﻴﻭﺍﺠﻬﻨﺎ ﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ﻟﻠﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺒﺈﻋﺠﺎﺏ ﻭﺍﻓﺘﻨﺎﻥ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻀﻊ ﻋﻨﻭﺍﻨﺎ ﻤﺒﺎﺸﺭﺍ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻘﺎﺼﺩﻩ ﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻴﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ " ﺃﺼﻠﺢ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ " ﻴﻜﺘﺏ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﻭﺒﻼ ﻟﺒﺱ " ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺏ ﺍﻟﺤﺭ – ﺠﻬﺩ ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ – ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺼﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻷﻫﻠﻭﻥ "
ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻜل ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻨﺎﺴﺏ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺫﺍﺕ " ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﻤﻘﻴﺩ ﺒﺎﻻﻨﺘﺩﺍﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺸﺅﻭﻨﻬﻡ " ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﻁﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﺘﻤﺘﻌﺎ ﺒﺎﺴﺘﻘﻼﻟﻪ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻓﺨﻴﺭ ﻤﺎ ﻴﻨﺎﻟﻪ ﺃﻥ ﺘﺘﺎﺡ ﻟﻪ " ﻴﺩ ﻤﺴﺘﺒﺩﺓ ﻋﺎﺩﻟﺔ " ﺘﻨﻘﺫﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺒﺎﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻜﺒﻠﺩﺍﻨﻨﺎ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺘﺤﻀﺭ
ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﻜﻤﺜﺎل ﻋﻠﻰ ﻋﺠﺯ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺭﻏﻡ ﺘﻔﻭﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ . ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ﺭﺠل ﻓﻜﺭ ﻭﻋﻤل ،ﻭﻫﺯ ﻴﻨﻁﻠﻕ ﻓﻲ ﺘﺸﻐﻴل ﺠﻬﺎﺯ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻤﻥ ﺇﻤﺩﺍﺩﻩ ﺒﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ،ﻓﺎﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﺒﺭﻫﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﺼﺤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﺭﻀﻭﺍ ﻤﻤﺜﻠﻴﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺭﺩﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺘﻤﺤﱠﻠﺘﻬﺎ ،ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﻪ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﻟﻘﺩ ﺃﺨﻔﻘﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺇﺨﻔﺎﻗﺎﺕ
ﻋﺩﻴﺩﺓ ،ﺃﻤﺎﻡ ﺇﺼﺭﺍﺭ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻓﺎﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﻜﺜﺭﺓ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺃﻗﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ " ﻓﺄﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﺃﻗﻼﻡ ﺍﻟﺤﻕ " ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺴﺘﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺘل ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻤﺼﻠﺤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ . ﻭﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﻴﺴﻭﻕ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺒﻴﻥ ﻟﺤﻅﺘﻲ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺩﺴﺘﻭﺭ ١٩٠٨ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻩ ،ﺒﺄﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ
ﻴﻌﺎﻨﻭﻥ ﺤﺸﺭﺠﺔ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺘﺤﺕ ﻜﺎﺒﻭﺱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ ،ﻭﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻅﻨﻭﻥ ﺃﻥ ﻤﺠﺭﺩ ﺇﻋﻼﻥ 61
ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺏ ﻭﺘﺭﻙ ﺍﻟﻤﻨﺎﺒﺭ ﻟﻠﺨﻁﺒﺎﺀ ﻴﺘﻜﻠﻤﻭﻥ ﺴﺘﻌﻴﺩﻫﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻅﻬﺭ ﻟﻬﻡ ﺃﻨﻪ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺩﻟﺕ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺤﺴﻥ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﺭﺴﻠﺕ ﺒﺎﻹﺠﻤﺎل ﺇﻟﻰ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﺃﻨﺎﺴﺎ ﻻ ﻴﺨﺘﻠﻔﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻡ ﻜﺜﻴﺭﺍ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻭﻟﻭﺍ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺨﻁﻴﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﻭﺸﻜل ﺍﻟﻐﻁﺎﺀ ﻭﻜﺜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺒﺭﺍﻗﻊ ،ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻠﻴﺔ ﻜل
ﺍﻟﺒﻠﻴﺔ ﺘﺤﻜﻴﻡ ﺍﻷﻜﺜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﺔ ﻤﻥ ﺴﻭﺍﺩ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺌﻪ ٠
) ( ١٨
ﻤﺎ ﺍﻟﻌﻤل ﺇﺫﻥ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﺴﻴﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻨﻭﻋﻴﺔ ؟ ﻫﻨﺎ ﻴﺘﻭﺠﻪ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻤﻨﺸﻁﺭ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺍﻟﻨﻭﻉ ،ﺍﻟﻔﺎﻋل " ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﺒﻥ ﺴﻌﻭﺩ " ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺴﻴﺼﻁﺩﻡ ﺒﺒﺩﺍﻭﺓ ) ﺍﺒﻥ ﺴﻌﻭﺩ ( ﻓﻬﻭ ﻟﻴﺱ ﺃﺘﺎﺘﻭﺭﻙ ﻭﻻ ﻤﻭﺴﻭﻟﻴﻨﻲ ،ﻓﻠﻭ ﻜﺎﻥ " ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﺍﻟﻨﺎﺒﻐﺔ ﻤﺴﻠﺤﺎ ﺒﺴﻼﺡ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﻤﺸﺒﻌﺎ ﺒﺭﻭﺡ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻴﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻤﺎ ﺃﻀﺎﻉ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﺍﻟﺴﺎﻨﺤﺔ ﻻﻟﺘﻔﺎﻑ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺤﻭﻟﻪ ﻭﺍﺘﺨﺎﺫﻫﻡ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻪ ﻤﺭﻜﺯﺍ ﻟﺒﺙ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﻭﻤﻥ ﺃﺩﻋﻰ
ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺍﻷﺴﻑ ﺃﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺭﻓﺕ ﻻﺴﺘﻨﻬﺎﻀﻪ ﻗﺩ ﺃﺨﻔﻘﺕ ( ١٩ ) .
ﺇﺫﺍ ﻤﺎ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﺴﻴﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻌﺩﺩ ) ﺍﻷﻜﺜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﺔ ( ﻭﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻘﺩﻡ ﻟﻪ ﺴﻭﻯ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﻠﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ﺍﻟﺒﺩﻭﻱ ﺍﻟﺠﺎﻫل ﻭﺍﻟﻤﺘﺨﻠﻑ ؟
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺴﻴﻌﺎﺩ ﻁﺭﺤﻪ ﺒﻤﺴﺘﻭﻱ ﻨﻅﺭﻱ ﺭﻓﻴﻊ ﻤﻊ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻁﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺙ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭﻱ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﺩﻭﻥ ﻋﻴﺵ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻜﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ، ﻭﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﻜﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﻠﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﻭﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻜﺄﻓﻕ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒل . ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ /ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ :
ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺯﻤﻨﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺴﻴﻜﺘﺏ ﺴﻠﻴﻡ ﺨﻴﺎﻁﺔ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻗﻭﻤﻲ ﺁﺨﺭ ،ﻤﻭﻗﻊ ﻗﻭﻤﻲ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ
ﻴﺴﺎﺭﻱ ﻤﺘﺤﺩﺭ ﻤﻥ ﻭﺴﻁ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺘﻤﺄﺴﺱ ﺍﻟﺘﺒﻌﻲ ﻟﻠﻜﻭﻤﻨﺘﺭﻥ
ﺴﻨﺔ ١٩٣٦ﻡ . ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ،ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻓﻜﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﺤﺭﻜﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻗﺩ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯﺍﺕ ﺒﻌﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﻻﺤﻘﺎ ،ﺃﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ
ﻓﻴﻬﺎ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻴﻨﺘﺠﻭﻥ ﻓﻜﺭﺍ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺎ ﺘﻨﻭﻴﺭﻴﺎ ،ﻨﻬﻀﻭﻴﺎ ،ﻤﺸﺒﻌﺎ ﺒﺭﻭﺡ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻗﻭﻤﻴﺔ ،ﻗﺒل ﺍﻟﺘﺤﺎﻕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺒﺎﻟﻜﻭﻤﻨﺘﺭﻥ ﻭﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﻻﺤﻘﺎ ﻟﻠﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﻤﻊ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭﺓ ﺒﺎﺴﻡ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺯﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺇﻻ ﺜﻤﺭﺓ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻴﺔ ،ﻭﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻁﺭﺤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺩﺒﻠﻭﻤﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻴﺔ . 62
ﻓﻔﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ – ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻨﻴﺎﺕ – ﺫﺭﻭﺓ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺨﺎﺘﻤﺘﻪ ﻤﻊ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ ﺘﺘﻁﻠﻊ ﻟﻤﺩ ﺠﺴﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﻭﺭﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻁﺎﻤﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻌل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﻋﻤﻕ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻗﺒل ﺃﻥ
ﺘﺅﺜﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﻴﻥ ﻁﺒﻘﻴﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﻴﻥ ) ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ( ﻗﻭﻤﻴﺎ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﺩﻴﻨﻴﺎ . ﻟﻘﺩ ﻁﻤﺤﺕ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﺴﻠﻴﻡ ﺨﻴﺎﻁﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺭﺓ ﻭﻁﻨﻴﺎ ﻭﻗﻭﻤﻴﺎ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺼﺎﺩﺭ ﺃﻤﻤﻴﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻜﻭﻤﻨﺘﺭﻥ ،ﻟﺠﻌل ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍ ﻤﺒﻴﺌﺎ ﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻭﻓﻀﺎﺀﺍ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻤﻨﻬﺠﻴﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﺸﻌﺎﺭﻴﺎ ﻭﺸﻌﺎﺌﺭﻴﺎ ،ﻜﻤﺎ ﺴﻴﺤﺩﺙ ﻻﺤﻘﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻨﺘﻘل ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻥ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺄﻟﻴﻑ ﺇﻟﻰ
ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘل ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻋﻥ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﻓﻴﻕ ﺍﻷﻤﻤﻲ ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻲ ﺍﻷﻜﺒﺭ. ﺴﻠﻴﻡ ﺨﻴﺎﻁﺔ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻨﺨﺭﻁﺎ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﻭﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ﻜﻌﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ،ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺠﻨﺏ ﺍﻻﻨﻐﻤﺎﺱ ﺒﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﻭﻤﺸﻜﻼﺘﻪ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺤﺩﺜﻨﺎ ﺘﻠﻤﻴﺫﻩ ،ﻨﻴﻘﻭﻻ ﺸﺎﻭﻱ -ﺍﻷﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ -ﻓﻲ ﻤﺫﻜﺭﺍﺘﻪ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺄﺴﺘﺎﺫﻴﺔ ﺴﻠﻴﻡ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻘﻁﺎﺒﻪ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ،ﺭﻏﻡ ﺯﻫﺩﻩ ﻜﻤﻔﻜﺭ ﺒﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻘﺩ
ﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺘﻌﺭﻴﺏ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺭﺩﺍ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﺎﺴﺘﺒﺩﺍل ﻋﻨﺼﺭ ﻏﻴﺭ ﻋﺭﺒﻲ ﺒﻌﻨﺼﺭ ﻋﺭﺒﻲ ، ﻟﻘﺩ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺩ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﻤﻨﻬﺠﺎ ،ﺒﻴﺌﺔ ،ﻓﻀﺎﺀ ،ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ،ﻟﻴﺭﺘﻘﻲ ﺒﻁﺭﺡ ﺃﺴﺌﻠﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﻋﻘل ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ،ﻭﺴﻘﻔﻬﺎ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻀﺭﺒﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭﻭﻥ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻪ ﻟﻴﺨﺘل ﻨﻅﺎﻡ ﺩﻤﺎﻏﻪ ،ﻹﺩﺭﺍﻜﻬﻡ ﻟﻌﺒﻘﺭﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﺒﻜﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻀﻴﻌﻪ ﺭﻓﺎﻗﻪ ﺨﻭﻓﺎ ﻭﺤﺴﺩﺍ ﻭﺼﻐﺎﺭﺍ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺎﻹﻤﻜﺎﻥ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺭﺠل ﻷﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ ) . ( ٢٠
ﻴﻘﺎﺭﻥ ﺴﻠﻴﻡ ﺒﻴﻥ ﻋﻘل ﺍﻟﺸﺭﻕ ﻭﻋﻘل ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺒﻤﺴﺘﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﺍﻹﺒﺴﺘﻤﻲ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﻲ ،ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺴﺘﺨﻠﺼﻪ ﺍﺴﺘﺨﻼﺼﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺭﺒﺘﻨﺎ ﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ﺴﺎﻟﻔﺎ ،ﻴﻘﻭل : " ﺍﻟﻘﺼﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﻫﻭ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﻨﻅﺭﺍﺕ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﻤﻴﻭل ﺍﻟﻨﻔﺱ ،ﻤﻊ ﺃﺴﻠﻭﺏ ﻋﻤﻠﻬﻤﺎ ﻭﺇﻨﺘﺎﺠﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻨﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺒﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﺘﻭﺤﻲ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ " ) ( ٢١
ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﺤﻔﺭ ﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﺒﺎﺤﺜﺎ ﻋﻥ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻻﻨﻘﺴﺎﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺸﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﻥ ) :ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ( ﺍﻟﻌﺒﺭﺍﻨﻲ ﻭ ) ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ( ﺍﻹﻏﺭﻴﻘﻲ ،ﻋﻥ ﺃﺼﻠﻬﻤﺎ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﻥ ،ﻫﻭ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ،ﺘﺎﺭﺓ ﻴﺘﻐﻠﺏ ﻫﺫﺍ ،ﻭﺘﺎﺭﺓ ﻴﺘﻐﻠﺏ ﺫﺍﻙ ،ﻓﺎﻨﻘﻼﺏ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﺸﺭﻗﺎ ﻭﻨﺯﻭﺡ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﻴﻨﻴﻘﻴﺎ ﻓﺒﻼﺩ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ،ﻭﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﻫﻭ ﻨﻘﻁﺔ ﺍﻻﻨﻁﻼﻕ ﺒﻴﻥ ﻋﻘل ﺍﻟﺸﺭﻕ ﻭﻋﻘل ﺍﻟﻐﺭﺏ .
ﻟﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﺼﺩﺩ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﻤﻊ ﺴﻠﻴﻡ ﺤﻭل ﺼﺤﺔ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﻨﺴﻘﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭﻫﻤﺎ ﺴﻤﻴﺭ ﺃﻤﻴﻥ ﺜﻤﺭﺓ ﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺴﻡ ﺨﻁﺎ ﻤﺴﺘﻘﻴﻤﺎ ﻟﻴﻭﺼﻠﻬﺎ ﺒﺎﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ،ﻟﻜﻥ ﻤﺎ 63
ﻴﻌﻨﻴﻨﺎ ﻫﻭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺩﻻﻟﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺴﻠﻴﻡ ﻟﻴﺨﻠﺹ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻨﻤﻁ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻱ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ . ﻴﺭﻯ ﺴﻠﻴﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻌﺒﺭﺍﻨﻲ ﺍﻟﺴﺎﻤﻲ ﺤﺼﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻟﻪ ﻓﺭﺩ ﻭﺍﺤﺩ ﻗﺎﻫﺭ ،ﻤﺘﺴﻠﻁ ﻭﻏﻴﻭﺭ ،ﺤﺎﻜﻡ ﺒﺄﻤﺭﻩ ...ﺘﻔﻨﻰ ﻜل ﺍﻻﺭﺍﺩﺍﺕ ﻓﻲ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﻴﻔﺴﺭ
ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﺠﺒﺭﻴﺔ ﻭﺍﻹﻏﺭﺍﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻭﺍﻜل ،ﻭﺘﺴﻠﻴﻡ " ﺍﻟﻀﻌﻴﻑ " ﺠﻤﻴﻊ ﺃﻤﻭﺭﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭﻱ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺒﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻷﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﺴﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﺄ :ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﺠﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻬﻭﺱ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺭﻀﺎﺀ ﻫﺫﺍ " ﺍﻟﻔﺭﺩ " ﺍﻟﺭﻫﻴﺏ ﺒﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻹﻜﺜﺎﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻠﻭﺍﺕ ﻭﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ( ٢٢) .
ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻹﻏﺭﻴﻕ ﺘﺸﻜﻠﺕ ﻓﻜﺭﺓ " ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ " ﺒﺈﻴﺠﺎﺩﻫﻡ ﺠﻤﻌﺎ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺘﺘﻭﺯﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﺎ
ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﻭﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺒﻌﻀﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻅﺎﺌﻑ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺭﻤﻭﺯﺍﺕ ...ﻤﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺩﻏﺎﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺒﺨﺎﻟﻘﻴﻬﺎ ،ﻓﺼﺎﺭﺕ ﺨﺎﻟﻘﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ .ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﺤﺒﻴﺏ ﻭﺁﻟﻬﺔ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﺤﺩ . ﻟﻴﺨﻠﺹ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ﺘﻭﺼﻠﻭﺍ ﺒﺴﺒﺏ " ﺘﻌﺩﺩﻴﺘﻬﻡ " ﺇﻟﻰ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻴﻜﺎﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻥ ﻴﺘﻭﺼل ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻨﻬﺎ ،ﺃﻻ ﻭﻫﻲ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻴﺨﺘﺹ ﺒﺎﻟﻭﺠﻭﺩ ﻀﻤﻥ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻻ ﺨﺎﺭﺠﻪ ،ﻭﺃﻥ " ﺩﻴﻨﺎﻤﻴﺔ " ) ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﺤﺭﻜﺔ ( ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻫﻲ ﻤﻨﻪ ﻭﻓﻴﻪ ،ﻤﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺩﻴﻥ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ﻜﺎﻥ ﺩﻴﻥ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ...ﻓﻠﻡ ﺘﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻏﻴﺒﻴﺎﺕ ﻴﺘﻁﺭﻑ ﺒﺎﺴﺘﻌﻁﺎﻓﻬﺎ ﺒﺘﻁﺭﻓﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﻟﺘﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺫﺍﺕ ﻭﻅﻴﻔﺔ " ﻁﺒﻘﻴﺔ " ﺘﺘﺄﻟﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻬﻨﺔ ﻭﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ...ﻭﻫﻨﺎ ﻴﺤﻴل ﺇﻟﻰ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻨﻀﺎل ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻜﻡ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻘﻘﻬﺎ ﻤﺎﺭﻜﺱ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺎﻤﺵ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺁﺭﺍﺀ ﻤﺎﺭﻜﺱ ﻭﻴﻜﺘﻔﻲ ﺒﺸﺭﺤﻬﺎ ﻭﺘﻔﺴﻴﺭﻫﺎ ،ﻜﻤﺎ ﺴﻴﺤﺩﺙ ﻻﺤﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﻤﺩﻴﺭﻱ
ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻲ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻴﺤﻭﻟﻭﻥ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻴﻨﻴﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻴﻘﻭﻨﺔ .
ﻤﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺫﻟﻙ ؟ ﻟﻴﺱ ﻫﺩﻑ ﺴﻠﻴﻡ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺒﻁﺭ ﺍﻟﺘﺄﻤل ﻭﺍﻟﺘﺜﺎﺅﺏ ﻓﻭﻕ ﺠﺒﺎل ﺍﻷﻭﻟﻤﺏ ،ﺒل ﺇﻥ ﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ) ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ( ﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﺴﻴﺭ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﻋﹼﻠﻴﺘﻬﺎ ،ﺴﺒﺒﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻨﺘﺎﺌﺞ ،ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻱ " ﺃﻟﻬﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻱ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻤﻬﺩ ﻓﻴﺜﺎﻏﻭﺭﺙ ﺴﺒﻴل ﺍﻴﻨﺸﺘﺎﻴﻥ ،ﻭﺇﻗﻠﻴﺩﺱ ﻭﺃﺭﺨﻤﻴﺩﺱ ﺴﺒﻴل ﻨﻴﻭﺘﻥ ﻭﻏﺎﻟﻴﻠﻴﻭ،ﻫﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﺃﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻓﺈﻥ ﻨﻴﺘﺸﻪ ﻫﻭ ﺍﻻﺒﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻟﺩﻴﻭﺠﻴﻨﻴﺱ ،
ﻭﻜﺎﻥ ﺴﻘﺭﺍﻁ ﺴﺎﺒﻕ ) ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺘﻭﻟﺴﺘﻭﻱ ( . ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ﺍﻟﻁﻠﻴﻕ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻱ ﻟﺴﻠﻴﻡ ﺨﻴﺎﻁﻪ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻼﺤﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﺯﻴﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺭﻤﻲ ) ﻨﻴﺘﺸﻪ ﻭﻜﺎﻨﺕ ( ﺒﺎﻟﺭﺠﻌﻴﺔ ﺤﺴﺏ ﻤﻠﺨﺼﺎﺕ ﻜﺘﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻴﺔ ،ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺭﺤﺎﺒﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺘﺘﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ،
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻻ ﻴﺯﺍل ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﻨﻭﻴﺭ ) ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺘﻭﻟﺴﺘﻭﻱ ( ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﺴﺘﻜﻨﺎﻩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺭﻀﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻘﺭﻭﺴﻁﻲ ﻜﻤﺎ 64
ﺴﻴﺠﺘﻬﺩ ﻻﺤﻘﺎ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ،ﻤﻁﻭﺭﺍ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﺭﻭﻱ ،ﻭﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﺘﺘﺒﺩﻯ ﺭﺍﻫﻨﻴﺔ ﺴﻠﻴﻡ ﺨﻴﺎﻁﺔ ﻭﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ . ﺴﻠﻴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻡ ﺃﻋﻅﻡ ﻜﺸﻑ ﻓﻀﺎﺌﺤﻲ ﻟﻠﻔﺎﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺯﻴﺔ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ " ﺤﻤﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ " ﻓﻲ
ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻨﺎﺕ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺃﺘﺎﺤﺕ ﻟﻪ ﺭﺅﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺸﻑ ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻟﺘﺒﺴﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻟﻌﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ،ﻓﺎﻋﺘﺒﺭﻫﺎ ﺴﻠﻴﻡ ﻨﻭﻋﺎ ﻤﻥ " ﺒﻌﺽ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﺭﺠﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ – ﻜﺎﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺸﺴﺘﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻭﻡ ﻜﺄﺜﺭ ﻤﻥ ﺁﺜﺎﺭ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﺍﻟﻤﻭﺤﺩ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺎﻡ " ) ( ٢٣ﻭﻴﺨﺘﻡ ﺒﺤﺜﻪ ﺍﻟﺸﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﻓﻲ ﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ) ﺍﻟﻤﻭﺤﺩ ( ،ﻓﻴﺭﻯ ﺴﻴﺭﺘﻪ ﺸﺒﻴﻬﺔ
ﺒﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺒﺭﺍﻨﻲ ،ﻜﻠﻤﺎ ﺍﺘﺼل ﺒﺎﻟﻌﻘل ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻱ ﺍﻹﻏﺭﻴﻘﻲ ﻜﻠﻤﺎ ﺃﻋﻁﻰ ﻨﺘﺎﺠﺎﺕ ﺇﺒﺩﺍﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭ ،ﻭﺍﻟﻘﺹ ) ﺃﻟﻑ ﻟﻴﻠﺔ ﻭﻟﻴﻠﺔ ( ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻴﺯ
ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻟﻨﺎﺒﻪ ﻨﻭﻋﺎ ﻤﺎ ﻭﻗﺘﺌﺫ ﻋﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﺍﻟﻐﺎﻓل ﻋﻠﻰ ﻁﻭل ﻓﻲ ﺠﻬﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻴﺔ ،ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻨﺤﺘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺍﻟﻬﺎﺭﻤﻭﻨﻴﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻭﻗﻔﺕ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ﺩﻭﻨﻬﺎ ﺴﺩﺍ ﺠﺎﻫﻤﺎ ﻻ ﻴﺨﺘﺭﻕ ،ﻭﻓﻲ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻌﺩ ﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻁﻭﻴل ﻓﻲ ﺘﻼﻓﻴﻑ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ
...ﺘﻐﻠﺒﺕ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻴﺔ ﻭﺼﺭﻋﺘﻪ ﻓﻲ ﺃﺭﻀﻪ ،ﻭﻫﺎﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﺯﺍل ﺤﻴﺙ ﻜﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﻟﻑ ﺴﻨﺔ ﻭﻨﻴﻑ .
ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ :ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ
ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺎﻏﻪ ﺴﻠﻴﻡ ﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﻘل ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ،ﻭﻨﻁﺒﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ،ﻓﻨﻘﻭل : ﺒﺩﺃ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻴﺘﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﺒﻌﺩ ﺇﻋﻼﻥ ﺩﺴﺘﻭﺭ ، ١٩٠٨ﻭﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭﺓ ﻗﺭﻭﻥ ﻤﻥ
ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ،ﻓﻌﺎﺸﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻨﺼﻑ ﻗﺭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ،ﺤﺘﻰ ﻋﺎﻡ ١٩٥٨ﺤﻴﺙ ﺃﻏﻠﻘﺕ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺒﺎﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ؟ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺠﺎﺯﻴﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺩﻻﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ : ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ١٩٥٨ – ١٩٠٨ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻨﺩﺕ ﻓﻲ ﺸﺭﻋﻴﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺜﻤﺭﺘﻬﺎ ﻗﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ،ﺒﺩﺃﺕ ﺘﺩﺨل
ﺍﻟﻌﺼﺭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺤﺩﻴﺙ ﺒﻨﺎﻫﺎ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺜﻭﺭﺓ ﺤﺴﺏ ﻤﺎﻜﺱ ﻓﻴﺒﺭ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻭﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺩﺍﻭل ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻜل ﻤﺎ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﻌﺯﺯ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻴﻨﺘﺞ ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﺠﺩﻴﺩﺍ ﻟﻠﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ،ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻜﺎﺌﻨﺎ ﺤﻘﻭﻗﻴﺎ ﻗﺎﺌﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻪ . ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ،ﺘﺸﻜﻠﺕ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻤﺘﺎﺤﺎ ﻟﻬﺎ ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺘﻨﻘﻠﺏﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﺒﺩﻭﺍﻓﻊ ﻭﻨﻭﺍﻴﺎ ﻁﻴﺒﺔ ﺍﺴﺘﺩﻋﺘﻬﺎ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺜﻭﺭﻴﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ، 65
ﻭﻓﻜﺭﺓ ﺤﺭﻕ ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺙ ﻓﻲ ﺭﻭﻉ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ،ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﻻﺩﺓ ) ﺍﻟﺒﻁل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ( ﻜﻤﻤﺜل ﻟﻠﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺸﻌﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ " ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺍﻟﻌﺎﺩل " . -ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻋﺭﻋﺕ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ﻟﻨﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ) ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ( ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﺘﺞ ﺴﻴﺭﻭﺭﺘﻬﺎ ﻫﺫﻩ ﻓﻲ ﻅل
ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻜﻭﻟﻭﻨﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﺍﻟﻜﺎﺒﺤﺔ ﻟﻠﺘﻁﻠﻌﺎﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ) ﺍﻟﻜﺎﺭﻴﺯﻤﺎ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ( ﻭﺇﻟﻰ ﻜﺎﺭﻴﺯﻤﺎ ﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺨﻠﻔﺎﺀ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﻋﺎﺩﻭﺍ ﺴﻴﺭﺘﻪ ﺒﺸﻜل ﻤﺄﺴﺎﻭﻱ ،ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺒﻌﺩﻫﻡ ﺴﻴﺤﻘﻕ ﺜﻼﺜﻴﺔ ﻫﻴﻐل ﺤﻭل ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﺤﻴﺙ ﺴﻴﻌﻴﺩﻭﻥ ﺴﻴﺭﺓ ﺃﺴﻼﻓﻬﻡ ﺒﺸﻜل ﻜﺎﺭﻴﻜﺎﺘﻭﺭﻱ .
ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻭل ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺠﻲ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻋﺒﺭ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ،ﺃﺼﺒﺤﺕﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻤﺜﺎﺭ ﻓﺘﺢ ﺠﺭﺡ ﻨﻭﺴﺘﺎﻟﺠﻲ ،ﻭﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻬﺯﺍﺌﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ، ﻭﺼﻐﺎﺭ ﻭﺩﻨﺎﺀﺓ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ،ﻭﺘﺤﻭﻴل ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﺯﺍﺭﻉ ،ﺘﺴﺘﻌﺎﺩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻬﺎ ﺭﺃﺴﻤﺎﻻ ﺭﻤﺯﻴﺎ ﻀﺭﻭﺭﻴﺎ ﻟﻠﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻨﺯﺍﻫﺔ ﻭﺍﻟﻌﻔﺔ ﺍﻟﻁﻬﺭﺍﻨﻴﺔ .
ﺇﻥ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﻟﺫﻟﻙ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺍﻀﻤﺤﻼل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒل ﻭﺘﻼﺸﻴﻪ ﻤﻥﺨﻼل ﺍﺒﺘﻼﻉ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻪ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﻘﺸﺭﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻤﻥ ﻜل ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ،ﻭﻫﺒﻁﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺭﺼﻨﺔ ،ﻭﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻐﻡ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺤﻭﻟﺕ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﻨﺴﺦ ﻭﺘﻨﺎﺴﺦ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺤﺎﻤﺩ ﺍﻟﺸﺎﻜﺭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻜﺎﺭﻴﻜﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ " ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ " ،ﻏﺩﻯ ﺍﻟﺤﻨﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻫﻭ ﺍﻷﻓﻕ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ
ﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺘﺎﻤﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻨﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺤﻜﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘل
ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﻫﻭ ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ) ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻭﺤﻲ – ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺭﺍﺸﺩﻴﺔ ( ،ﺒل ﻭﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻭﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ﻭﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻫﻭ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺤﻨﻴﻥ ﻤﺯﺩﻭﺝ ﻟﻠﺘﻌﺩﺩ ﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺯﺍﻫﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻏﺩﺍ ﻤﻨﺎﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺠﺔ ) ﻨﻭﺴﺘﺎﻟﺠﻴﺎ ( ﻟﺯﻤﻨﻲ ﺠﻤﺎل ﻋﺒﺩ
ﺍﻟﻨﺎﺼﺭ ) ﺍﻟﻨﺯﺍﻫﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ( ﻭ ﺨﺎﻟﺩ ﺍﻟﻌﻅﻡ ) ﺍﻟﻨﺯﺍﻫﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ( .
66
.١
ﺍﻟﻬﻭﺍﻤﺵ :
ﺭﺍﺠﻊ ﺍﻟﻤﻭﺴﻭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ – ﻡ.ﺭﻭﺯﻨﺘﺎل – ﺏ.ﻴﻭﺭﻴﻥ – ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺴﻤﻴﺭ
ﻜﺭﻡ – ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ :ﺼﺎﺩﻕ ﺠﻼل ﺍﻟﻌﻅﻡ – ﺠﻭﺭﺝ ﻁﺭﺍﺒﻴﺸﻲ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ ﺒﻴﺭﻭﺕ – ﻁ-٤ -١٩٨١ﺭﺍﺠﻊ ﺹ – ١٣٣ﺹ – ٥١١ﺹ . ٥٧٢
.٢
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻲ ﻴﺘﺭﺃﺭﺃ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎل ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻤﻥ ﺯﻜﻲ ﺍﻷﺭﺴﻭﺯﻱ – ﻤﻴﺸﻴل ﻋﻔﻠﻕ – ﻗﺴﻁﻨﻁﻴﻥ ﺯﺭﻴﻕ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ " ١٩٤٢ ﻤﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ " ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻜﻤﻔﻬﻭﻡ ﻭﻀﻌﻲ ﻏﺭﻴﺏ ﻋﻥ ﻤﺼﻔﻭﻓﺎﺘﻬﻡ
ﺱ ﺍﻟﻁﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺭﻴﺔ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﻤﺸﺘﻕ ﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻷ
ﻱ – ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻱ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻠﺔ ﺍﻟﻘﺭﻭﺴﻁﻲ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯ ﻭﻅﻴﻔﻴﺎ ﻟﻠﻭﻋﻲ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ -ﺍﻷﻤﱠﻭ
ﻤﺎ ﻗﺒل ﻗﻭﻤﻲ ،ﻭﺴﻴﻅل ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﺤﺩﻱ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﺭﻭﺤﺎﻨﻲ ،ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﺴﻴﻔﻜﻜﻪ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﻭﻴﻌﻴﺩ ﺇﻨﺘﺎﺠﻪ ،ﺃﻨﻅﺭ ﻜﺘﺎﺒﻨﺎ " ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ " ﻨﻘﺩ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﺘﺄﺨﺭ ؛ ﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺴﺒﺎﻗﺔ ﻓﻲ ﺘﻘﺸﻴﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻤﻥ ﻟﺤﺎﺌﻪ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻲ ﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ،ﺃﺘﺕ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺭﺌﻴﻑ ﺨﻭﺭﻱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﻀﻊ ﻜﺘﺎﺒﺎ ﻨﻘﺩﻴﺎ ﻴﻔﻨﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﻗﺴﻁﻨﻁﻴﻥ ﺯﺭﻴﻕ ،ﻟﻜﻥ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺭﺌﻴﻑ ﺒﺩﺕ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺭﺍﺌﺩﺓ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻤﻌﺯﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺘﻨﻭﻉ ﺇﻨﺘﺎﺠﻪ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻷﺩﺒﻲ ﻭﺍﻟﺸﻌﺭﻱ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﺃﻨﺘﺞ ﻤﺼﻔﻭﻓﺔ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ
ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻋﻘﻼﻨﻴﺎ ،ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺎ ،ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺎ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻜﺘﺎﺒﻨﺎ " ﻤﺩﺨل ﺇﻟﻰ ﻓﻜﺭ ﺭﺌﻴﻑ ﺨﻭﺭﻱ " ﺤﻴﺙ ﺃُﻓﺭﺩ ﻓﺼل ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﺭﻴﺎﺩﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺭﺌﻴﻑ ﻭ ﻗﺴﻁﻨﻁﻴﻥ ﻤﻨﺫ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻨﺎﺕ . .٣
Encyclopedie – Hachette – 99 : CD
.٥
ﺭﺍﺠﻊ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﺭﻭﻱ – ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ – ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ –
.٦
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ – ﺹ . ٤٢
.٤
.٧
ﺭﺍﺠﻊ ﻤﺎﺩﺓ “ . “ Pluralismﻗﺎﻤﻭﺱ Robertﻭ ﻻﺭﻭﺱ .
ﻁ ١٩٨٨ -٤؛ ﻓﺼل :ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ – ﺨﺎﺼﺔ ﺹ ٤١ -٤٠
ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ – ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﺍﻟﻤﺠﻠﺩ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ – ﺒﻴﺭﻭﺕ – – ١٩٧٣ﺹ . ١٩٣
.٨
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ – ﺹ .١٩٣
.٩
ﺭﺍﺠﻊ ﻜﺘﺎﺒﻨﺎ – ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ – ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ –
.١٠
ﺒﺎﺘﺭﻴﻙ ﺴﻴل – ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺭﻴﺎ – ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺴﻤﻴﺭ ﻋﺒﺩﻩ – ﻤﺤﻤﻭﺩ
ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻹﻨﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ – ﺤﻠﺏ – – ١٩٩٥ﺹ . ٨٢
ﻓﻼﺤﺔ – ﻁﻼﺱ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ – ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ – ﺹ . ١٦
67
ﺩ.ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺤﻨﺎ – ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ ) ( ١٩٤٠ – ١٨٧٩ﻋﻠﻡ
.١١
ﻨﻬﻀﻭﻱ ﻭﺭﺠل ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ – ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ – ﺩﻤﺸﻕ – -١٩٨٩ﺭﺍﺠﻊ ﺹ ١٢٩ – . ١٣٣
.١٢
ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺭﻴﺎ – ﺴﺒﻕ ﺫﻜﺭﻩ – ﺭﺍﺠﻊ ﺹ . ٤٧
.١٤
ﺠﺎﻙ ﺒﻴﺭﻙ – ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ – ﺍﻟﻤﺠﻠﺩ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺭ – ﺩﺍﺌﺭﺓ
.١٥
ﺠﺎﻥ ﺒﻴﻴﺭ ﻜﻭﺕ – ﺠﺎﻥ ﺒﻴﻴﺭ ﻤﻭﻨﻴﻴﻪ – ﻋﻨﺎﺼﺭ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻋﻠﻡ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ
.١٣
.١٦
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ – ﺹ . ٤٨
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ – ﺒﺎﺭﻴﺱ ) ( ١٩٥٧ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ . ٤٧
ﺴﻴﺎﺴﻲ – ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺃﻨﻁﻭﻥ ﺤﻤﺼﻲ – ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ – ﺩﻤﺸﻕ – ١٩٩٤ﺭﺍﺠﻊ ﻤﻥ ﺹ ٣١٢ – . ٣١٨
ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺒﻨﺩﺭ – ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ١٩٣٦
ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ – -١٩٩٣ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻭﺘﻘﺩﻴﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻜﺎﻤل ﺨﻁﻴﺏ – ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ – ﺩﻤﺸﻕ – ١٩٩٣ﺹ . ٨٦
.١٧
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ – ﺹ . ٩٠ – ٨٩
.١٨
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ – . ٩٥ -٩٢
.١٩
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺹ . ٩٤
.٢٠
ﺭﺍﺠﻊ ﺩﺭﺍﺴﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ " ﺍﻟﻨﻬﺞ " ﻋﺩﺩ ) – ( ٧ﺸﺒﺎﻁ – ١٩٨٥ﺘﺤﺕ
.٢١
ﻋﻨﻭﺍﻥ ﻤﻌﺎﻟﻡ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ /ﺴﻠﻴﻡ ﺨﻴﺎﻁﺔ ،ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل ،ﺍﻟﻤﺒﺩﻉ – ﺹ . ٢٠٩ – ١٨٠
ﺴﻠﻴﻡ ﺨﻴﺎﻁﺔ – ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺩﻫﻭﺭ – ﺒﻴﺭﻭﺕ – ﻜﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ١٩٣٤ﺍﻟﻌﺩﺩ
ﺍﻷﻭل – ﺍﻟﻤﺠﻠﺩ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻋﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ – ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺍﻷﻭل – ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ – ﺇﻋﺩﺍﺩ ﻭﺘﻘﺩﻴﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻜﺎﻤل ﺍﻟﺨﻁﻴﺏ – ﺩﻤﺸﻕ – – ١٩٨٩ﺹ . ٨٩
.٢٢ .٢٣
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ – ﺹ . ٩٠
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ -ﺹ . ٩٤ * ﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ) ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ (– ﻤﻨﺸﻭﺭﺍﺕ ﺃﻭﺭﺍﺏ ﻭﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻔﻭﻀﻴﺔ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﺔ – ﺒﺎﺭﻴﺱ. ٢٠٠١
68
ﻜﻔﻰ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻨﺎﻁﻘﺎ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل * ﺤﻭﺍﺭ ﻤﻊ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻤﻠﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺜﻼﺙ ﺤﻠﻘﺎﺕ ،ﻤﻥ ﻴﻭﻡ ٧ / ٨ﺤﺘﻰ ٢٠٠١/ ٧ / ١٠ﻴﺘﻨﺎﻭل ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺒﻴﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ) ﺒﻴﺎﻥ ﺍل
، ٩٩ﻭﺒﻴﺎﻥ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒﺎﻷﻟﻑ ( ﻭﻗﺩ ﻗﺩﻤﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻨﻤﻭﺫﺠﻴﻥ ﻟﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﻠﺕ
ﻤﻥ ﺤﻜﻡ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ،ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻷﻭل ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻤﺘﻤﺜﻼ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻀﺭﺘﻨﺎ ﻋﻥ " ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺜﺎﺭﺘﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻤﺘﻤﺜﻼ ﺒﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﺭﺝ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ﺍﻷﺤﺩ ١٨ﺸﺒﺎﻁ ،ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﺍﺨل ﺒﻬﺎ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ .
ﻭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻗﺩ ﻨﺸﺭﺘﻬﺎ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻬﻲ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﺒل ﻏﺩﺕ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺎﻤل ﻤﻌﻬﺎ ﻜﻨﺹ ) ﻋﺎﻡ ( ﻴﺤﻕ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻨﺎﻗﺸﻬﺎ ﻭﻴﺤﺎﻭﺭﻫﺎ ﺘﺄﻴﻴﺩﺍ ﺃﻡ ﻨﻘﺩﺍ ! ﻭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﻨﺹ ﻤﺤﺎﻀﺭﺘﻲ ﻗﺩ ﻀﻤﻪ ﻤﻠﻑ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻊ ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻜﺈﻴﺤﺎﺀ ﻏﻴﺭ
ﻤﺒﺎﺸﺭ ،ﻟﻤﺎ ﺘﻌﺎﻭﺭﺘﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﻤﺤﺎﻭﺭﺍﺕ ﻭﺃﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ،ﻭﺃﻁﺭﻭﺤﺎﺕ
ﻤﻀﺎﺩﺓ ،ﻓﺈﻨﻲ ﺭﻏﺒﺕ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﻨﺸﻴﻁ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺤﻭل ﺃﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ . ﻗﺒل ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ،ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺤﻭﺍﺭ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﻭ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ،ﻟﻡ ﻴﻔﺽ ﺇﻟﻰ ﺘﺭﻜﻴﺏ ﻨﻭﻋﻲ ﺠﺩﻴﺩ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﺜﻠﺙ ﻫﻴﻐل
ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ،ﺒل ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﻭﻫﻲ ﺃﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻜﻤﺎ ﺘﻌﺭﻓﻭﻥ ﻭﺘﻌﻬﺩﻭﻥ ﻤﻨﺫ ﺃﻟﻑ ﺴﻨﺔ ﻓﺈﻨﻬﺎ ،ﺃﻱ ) ﺃﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ( ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻬﺯﻭﻤﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻓﻲ ﻁﻭﺭ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺠﻬﺎ ﺒﺈﺤﺭﺍﻕ ﻜﺘﺏ ﺍﺒﻥ ﺭﺸﺩ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻡ ﻴﺒﻠﻎ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺜﻠﺙ ﺍﻟﻬﻴﻐﻠﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﺭﻨﺎﻥ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋﻠﻲ ﺒﻴﻥ ﻋﻨﺼﺭﻴﻥ ﻴﺅﺩﻱ ﻟﻭﻻﺩﺓ ﻋﻨﺼﺭ ﺜﺎﻟﺙ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﺒﻴﻨﻤﺎ
ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻻ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺘﻔﺎﻋل ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺘﺩﻤﻴﺭ ﺃﺤﺩ ﻁﺭﻓﻴﻬﺎ ﻟﻶﺨﺭ ﻭﺇﺒﺎﺩﺘﻪ ،ﻫﻜﺫﺍ ﺍﻨﻘﻀﺕ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ،ﻟﺘﻔﺘﺢ
69
ﺤﻭﺍﺭ ﺇﺒﺎﺩﺓ ،ﺃﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﺤﻭﺍﺭ ﺍﻹﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺫﻱ ﺸﻬﺩﺘﻪ ﺴﻨﺔ ، ١٩٨٠ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ﻭﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺒﺎﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻭﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁﺎﺕ ﺒﺎﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻭﺍﻟﺘﺂﻤﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﺎﺒﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ " ،ﻭ ﺯﺭﻉ ﺒﺫﺭﺓ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺠﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺭﺍﺜﻴﻡ ﻴﻨﻤﻭ ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﺘﻡ ﻤﻜﺎﻓﺤﺘﻬﻡ " ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺃﺤﺩ ﺍﻷﻜﺎﺩﻴﻤﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺤﻀﺭﻭﺍ ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻴﻠﺘﻤﺱ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻌﺫﺭ ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻥ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺘﺎﻥ ،ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﻭﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ،ﻭﻟﺩﺘﺎ ﻓﻲ ﺴﺎﺤﺔ ﺤﺭﺏ ،ﺃﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ) ﺍﻟﺤﺭﺒﻭﻱ ( ﻴﻌﻠﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺒﻌﺩﺩ ﺃﺼﺎﺒﻊ ﺍﻟﻴﺩﻴﻥ،ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺃﻗﻼﻤﻬﻡ ﻭﺃﻭﺭﺍﻗﻬﻡ ﻭﺃﺤﻼﻤﻬﻡ ﺒﺄﻭﻁﺎﻥ ﻤﻌﺎﻓﺎﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻷﻭﻏﺎﺩ ،ﻓﺫﻟﻙ ﺃﻤﺭ ﺠﻠل !
ﻴﺤﺩﺜﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻨﺎﻗﺸﺕ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻭﻗﺎﻤﺕ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻟﺨﻁﻭﺍﺕ ،ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻹﺠﺎﺯﺓ ﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ﺒﻔﺘﺢ ﻤﻜﺎﺘﺏ ﻭﺇﺼﺩﺍﺭ ﺼﺤﻑ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻻﻨﺘﺒﺎﻩ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻓﻲ ﻗﻭﻟﻪ " ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺒﺨﻠﻕ ﻤﻨﺎﺥ ﻋﺎﻡ ﻴﺭﻴﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻴﺠﻌﻠﻬﻡ ﻴﺒﺤﺜﻭﻥ ﻜﻴﻑ ﻴﺴﺎﻫﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻟﺩﻋﻡ ﻭﻁﻨﻲ ﺸﺎﻤل " .
ﻟﻨﻼﺤﻅ ﻜﻴﻑ ﻴﺸﺘﻐل ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻓﻲ ﻋﻘل ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﻴﻥ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺨﻼل ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ . ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻴﻘﺭ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻏﻴﺭ ﻤﺭﻴﺢ ،ﻭﺃﻥ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺤﺎﺠﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﺼﻨﻊ ﻭﺘﻘﺭﻴﺭ ﻤﺼﺎﺌﺭﻫﻡ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﻴﺘﻜﺸﻑ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺎ ﺭ ﻭﺜﺎ ﹴﻭ ﻓﻲ " ﺍﻟﻼﺸﻌﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ " ﻟﻠﺨﻁﺎﺏ ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺤﺩﺩ ﻤﺎﻫﻴﺔ ﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻓﻴﺭﺍﻫﺎ ﺘﻜﻤﻥ ﻭﻓﻕ – ﺨﻁﺎﺏ ﻨﺎﺌﺏ
ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ – ﻓﻲ " ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ " ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻟﺏ ﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻜﻡ
ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﺤﻜﻤﻬﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻟﺏ ﻟﺒﺎﺏ ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻁﺭﺕ ﻓﻌل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ . ﻓﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩ ﺤﺩﻭﺩ ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ " ﺃﻱ ﺘﺤﺸﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺤﻭل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ " ،ﻓﺎﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺘﻘﺎﻡ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺴﻴﺭﺍﺕ ﺘﺴﻴﺭ
ﻟﻺﺸﺎﺩﺓ ﺒﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ،ﻓﺈﻥ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭﺠﻭﺩﻫﺎ
ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻫﻲ ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺩ ﻭﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﺤﺠﺭ ﻭﺍﻟﺸﺠﺭ ﻭﺍﻟﻁﻴﺭ ﻜﻠﻬﺎ ﺘﻠﻬﺞ ﺒﺫﻜﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻨﻌﻤﻬﺎ ﻭﺁﻻﺌﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻻ ﻤﻬﻤﺔ ﻟﻪ ﺴﻭﻯ ﻀﺒﻁ ﻜل ﺍﻟﺤﻴﺯﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ،ﻀﺒﻁﺎ ﺇﻋﻼﻤﻴﺎ ،ﺃﻤﻨﻴﺎ ، ﻋﺴﻜﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺇﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻘﺭﺭ ﻤﺩﺭﺴﻲ ﻭﺠﺎﻤﻌﻲ ﻟﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ "ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ".
70
ﻭﻤﺎﺩﺍﻤﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﻨﻲ ﺤﻴﺙ ﻫﻲ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻟﻐﺎﻴﺎﺕ ،ﻭﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﻤﺂﻻﺕ ﻓﻬﻲ ﺘﻘﺭﺭ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺇﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻐﺩﻭ ﻓﻲ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺩﻗﻴﻘﺔ ) ﻓﻴﺯﻴﺎﺀ – ﻭﻜﻴﻤﻴﺎﺀ – ﻋﻠﻭﻡ – ﺭﻴﺎﻀﻴﺎﺕ ( ﻭﺘﺘﻘﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﻤﻘﺭﺭ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻻ
ﻴﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﺴﻴﺎﻥ ﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻤﻥ ﺃﺤﺩ ﺨﻁﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﻤﺎﺩﺓ "ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ" ﻴﻌﺎﺩل ﻨﺴﻴﺎﻥ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺭﻴﺎﻀﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺘﻘﺭﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﺸﻌﺎﺌﺭﻴﺔ ، ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺘﻴﺔ ،ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ !؟ ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ،ﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻁﺒﻊ ﺒﻁﺎﻗﺔ ﺩﻋﻭﺓ ﻟﻌﺭﺱ ،ﺃﻭ ﺘﻨﺸﺭ ﻨﻌﻭﺓ ، ﺒﺩﻭﻥ ﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺭﻗﻴﺏ ﻋﺘﻴﺩ ،ﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻱ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ
ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺔ ﻨﻅﺎﻡ ﺨﻁﺎﺏ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺫﺍﺘﻪ ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﻘﻴﺩﺓ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻤﺘﻤﺜﻼ ﺒﺎﻟﻘﻭل ﺍﻟﻘﺭﺁﻨﻲ " ﻭﻤﺎ ﺨﻠﻘﺕ ﺍﻹﻨﺱ ﻭﺍﻟﺠﻥ ﺇﻻ ﻟﻴﻌﺒﺩﻭﻥ " ﻓﻜﻤﺎ ﻻ ﻏﺎﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺴﻭﻯ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﷲ ﺩﻴﻨﻴﺎ ،ﻓﻬﻡ ﻻ ﻏﺎﻴﺔ ﻟﻬﻡ ﺴﻭﻯ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺩﻨﻴﻭﻴﺎ !
ﻟﻘﺩ ﺫﻜﺭﻨﺎ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ) ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ – ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ – ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ – ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ – ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ – ﺍﻟﻁﺒﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ...ﺍﻟﺦ ( ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻴﻎ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ، ﻭﻓﻕ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻐﺭﺍﻤﺸﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ – ﻭﻓﻕ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ ﺃﻴﻀﺎ – ﻓﻴﺘﻤﺜل
ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ) ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ – ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ – ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ( ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺩﻨﺎ ﻭﺘﻘﺼﻴﻨﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻓﻕ ﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﻓﺴﻨﺠﺩ ﺃﻨﻨﺎ ﻭﻓﻕ – ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ – ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﻻ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺴﻴﺎﺴﻲ ! ﻓﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﻜﻭﻥ ﻜل ﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺘﻪ ،ﻭﻨﻘﺎﺒﺎﺘﻪ ،ﻭﺘﻌﻠﻴﻤﻪ ،ﻭﺠﻤﻌﻴﺎﺘﻪ ،ﻭﻁﺒﺎﻋﺘﻪ ،ﻭﻨﺸﺭﻩ ،ﻤﻬﻤﺘﻬﺎ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﻟﻴﺱ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻤﺩﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﻷﻨﻪ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻠﺤﻕ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻏﺎﻴﺘﻪ ﺩﻋﻤﻬﺎ
. ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻴﺎ ﻓﻴﻪ ﺃﻨﺎﺱ ﻤﻨﺯﻭﻋﻭ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺴﻭﻯ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ، ﻫﻭ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻀﻭﺍﻨﻲ ،ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﺭﺴﻁﻭ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ :ﺇﻥ ) ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺤﻴﻭﺍﻥ ﺴﻴﺎﺴﻲ ( ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺘﻨﺯﻉ ﻋﻨﻪ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺒﻘﻰ ﺤﻴﻭﺍﻨﺎ ﻓﻘﻁ !؟
ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﻌﻁل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ،ﻤﻘﻭﺽ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺘﻴﺔ ،ﻭﻴﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻋﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﻴﻭﺍﻨﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﻤﻜﺘﻔﻴﺎ ﺒﺤﺩﻭﺩﻩ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﻴﺄﻜل ﻭﻴﺸﺭﺏ ﻭﻴﺘﻨﺎﺴل ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜل ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ) ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ +ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ +ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ( ﻻ
ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻨﻪ ﺴﻭﻯ ) ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ +ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ( ﺘﺴﻭﺱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻗﻁﻌﺎﻨﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺭﻋﺎﺘﻬﺎ ﻟﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻬﺎ ، ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺫﺍﺕ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺘﺭﺍﺜﻴﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﻠﻴﺩﺓ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺴﻌﻴﺩ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﺃﻤﺎﻡ
ﻗﻁﻌﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺍﻟﺩﻫﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺔ ﺤﻭل ﺒﻴﺕ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺒﻥ ﻋﻔﺎﻥ ،ﻓﻘﺎل ﻟﻬﻡ " :ﺍﻨﺼﺭﻓﻭﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ
) ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ( ﺒﺴﺘﺎﻥ ﻗﺭﻴﺵ " ،ﻭﻤﻨﺫ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﺈﻥ ﺤﻜﺎﻡ ) ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺎ ( ﻜﻠﻬﻡ ) 71
ﻗﺭﺸﻴﻭﻥ ( ،ﻴﺘﺼﺭﻓﻭﻥ ﺒﺒﻼﺩﻫﻡ ﻭﺃﻭﻁﺎﻨﻬﻡ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺒﺴﺎﺘﻴﻨﺎ ،ﺇﺨﻼﺼﺎ ﻭﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ) ﺍﻟﻘﺭﺸﻴﺔ ( ،ﻭﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺃﻥ ﻴﻘﺭﺃ ) ﻗﺭﺸﻴﺔ ( ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ ) ﻗﺭﻴﺵ ( ﺃﻭ ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ) ﺍﻟﻘﺭﺵ ( ﻭﺒﺈﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺃﻥ ﻴﻘﺭﺃ) ﺍﻟﻘﺭﺵ ( ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻨﻘﺩﺍ ﺃﻭ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺤﻭﺘﺎ ..ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻡ ..
!
ﻟﻨﺘﺼﻭﺭ ﺃﻱ ﻨﻅﺎﻡ ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻨﺫ ﻋﻘﻭﺩ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻐﺩﻭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ – ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ – ﻫﻲ ﺇﺭﺍﺤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻜﻲ ﻴﻤﺎﺭﺴﻭﺍ ﺤﺭﻴﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻷﻨﺴﺏ ﻹﺭﺍﺩﺍﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ! ﺇﺯﺍﺀ ﺫﻟﻙ ،ﻻ ﻨﻤﻠﻙ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺸﻜﺭ ﺍﻟﻌﻤﻴﻡ ﻟﻠﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺃﻨﻬﻡ ﺘﻭﻗﻔﻭﺍ ﻋﻥ ﻤﻨﺢ ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ! ﻭﻋﺎﻗﺒﻭﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺤﺭﻤﺎﻨﻪ ﻤﻥ ﻓﺭﺩﻭﺴﻬﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﻏﺒﺎﺀ ﻤﺜﻘﻔﻴﻪ ﻭ " ﺠﻬﻠﻬﻡ ﺒﻤﻨﻬﺠﻴﺔ
ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻭﺍﻻﺴﺘﻜﺸﺎﻑ " ﻭﻓﻕ ﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﻗﺴﻁﻨﻁﻴﻥ ﺯﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺴﻭﻗﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻟﺩﺤﺽ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻓﻲ :ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺘﻌﻨﻲ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺒﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻭﺃﺤﺯﺍﺒﻪ ﻭﻨﻘﺎﺒﺎﺘﻪ ﻭﺠﻤﻌﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻭﺼﺤﺎﻓﺘﻪ ﻭﺇﻋﻼﻤﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺭﺍﺭ ﺠﻤﺎﻉ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺇﺭﺍﺩﺘﻬﺎ ﻭﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﻭﻤﺼﺎﺌﺭﻫﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ .
ﻴﻌﺩﺩ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﻨﺠﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﻘﻘﺔ ﺨﻼل ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﻭ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺍﻟﻜﻬﺭﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻁﺭﻗﺎﺕ ،ﻫل ﺠﺎﺀﺕ ﻤﻥ ﻓﺭﺍﻍ ؟ ﻭﻨﺤﻥ ﺒﺩﻭﺭﻨﺎ ﻨﺼﻭﻍ ﺴﺅﺍل ﺴﻴﺎﺩﺘﻪ ﺒﺴﺅﺍل ﻤﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻁﻤﺌﻥ ﻤﺨﻠﺼﺎ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺠﺯﺍﺕ ، ﻭﺫﻟﻙ ﻋﺒﺭ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﻤﻊ ﺃﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﻤﻥ ﺩﻭل ﺍﻟﺠﻭﺍﺭ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺤﺭﺏ
ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺒﻠﻎ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻭﺴﻜﺎﻨﺎ ﻨﺼﻑ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻭﻋﺩﺩ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻷﻋﻠﻡ ﺒﺎﻟﻤﻠﻑ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻤﺔ ﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ . ﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﺩﻋﻲ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﻤﻠﻙ ﺃﺭﻗﺎﻤﺎ ،ﻷﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻻ ﻴﻌﻠﻤﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺨﺎﻟﻕ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ، ﻟﻜﻨﻲ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﻗﺩﻡ ﺸﺨﺼﻴﺎ ﻜﻤﻭﺍﻁﻥ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﺒﻌﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﻤﻥ ﺫﻫﺏ ﻟﻠﻌﻼﺝ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺍﻷﺭﺩﻥ ﻤﺜﻼ ،ﻭﻟﻥ ﺃﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻁﺭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺫﻫﺒﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﺒﺎ
،ﻓﻬﺫﺍ ﺸﺄﻥ ﺠﻴﻭﺒﻬﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﺭﺓ !
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ – ﻴﺎ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ – ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﻀﺭﺏ ﺍﻟﻤﺜل ﻓﻲ ﻋﻘﻭﻕ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻀﻁﺭ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﺃﻥ ﻴﺩﺨﻠﻭﺍ ﺁﺒﺎﺀﻫﻡ ﺃﻭ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ ﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ) ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ( ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻴﻀﻁﺭ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺤﻔﺎﻅﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻷﻥ ﻴﺒﻴﻊ ﺃﺜﺎﺙ ﺒﻴﺘﻪ ﻟﻴﺩﻓﻊ ﻟﻠﻁﺏ ﺍﻟﺨﺎﺹ .
72
ﻟﻥ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ،ﻭﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ،ﻭﺸﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ،ﻭﺴﻭﺀ ﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺤﺕ ﺘﻠﺤﻕ ﺒﻬﺎ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺫﻜﺭﻨﺎ ﺒﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻠﻐﺎﺭﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ( ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﻭﺼﻑ ﻤﺎﺭﻜﺱ ﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻨﻭﺍ ﻭﺒﻨﻴﻨﺎ .
ﻭﻟﻥ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺨﺭﺠﻭﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻤﻌﺎﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ،ﻭ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺤﻅ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ﻤﻥ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﻭﻅﻴﻔﺔ ﺘﺅﻤﻥ ﻟﻪ ﺃﻭﻁﺄ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﺨل ﺠﺯﺍﺌﺭ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﺫﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ . ﻴﻨﻌﻰ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻨﺎﻭﻟﺕ ﺜﻼﺙ ﻤﺴﺎﺌل ) ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ، ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺃﻫﻤﻠﺕ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺸﺎﻏل ﻜل
ﻁﻔل ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻜل ﺸﻴﺦ ﻭﺍﻤﺭﺃﺓ ﻭﻜل ﺭﺠل ،ﻜل ﺫﻟﻙ " ﻟﻡ ﻴﺠﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻨﻪ " ﻭﻜﺄﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻠﺩ ﻤﺭﺘﺎﺡ ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ،ﻤﺭﺘﺎﺡ ﺩﻭﻟﻴﺎ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﻤﺘﻭﻓﺭﺓ ،ﻟﻜﻥ ﺒﻘﻴﺕ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﻥ ﻨﺼﺩﺭ ﺒﻴﺎﻨﺎ ﺃﻭ ﻻ ﻨﺼﺩﺭ ﺒﻴﺎﻨﺎ ،ﻋﻠىﺤﺩ ﺍﺴﺘﻐﺭﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ! ﻗﺒل ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺼﻠﺏ ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺩﻫﺸﺔ ﻤﻤﺎﺜﻠﺔ ﻟﺩﻫﺸﺘﻪ ،ﻓﻨﻘﻭل :
ﺃﻨﻪ ﻤﺎﺩﺍﻤﺕ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺃﻭ ﻋﺩﻡ ﺇﺼﺩﺍﺭﻩ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻫﻴﻨﺔ ،ﻭﻀﺌﻴﻠﺔ ،ﻭﺘﺎﻓﻬﺔ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺃُﺨﺫﺕ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﺤﻤل ﺍﻟﺠﺩ ﻫﺫﺍ ؟
ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺃﻁﻠﻘﺕ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺸﻨﻴﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﻭﺍﺴﺘﻨﻔﺎﺭ ﻜل ﺃﺭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻀﺩ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺃﺼﺩﺭﻭﺍ ﻤﺠﺭﺩ ﺒﻴﺎﻥ ! ؟ ﻭﻫل ﺤﻘﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺘﺠﺎﻫل ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺸﺎﻏل
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﺃﻁﻔﺎﻻ ﻭﻨﺴﺎﺀﺍ ﻭﻜﺒﺎﺭﺍ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ؟
ﺇﻥ ﻤﻥ ﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ،ﺴﻴﺠﺩ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ،ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻁﺭ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻁﺭﺡ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺒﺩﻴﻬﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻀﻴﻔﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ! ﺇﻥ ﺃﻱ ﻤﺸﺘﻐل ﺒﺤﻘل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺩﺩ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺃﻱ ﻨﺹ ،
ﻓﺈﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﻨﺹ ﺒﻴﺎﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ،ﻜﺎﻥ ﺒﺎﻟﻀﺒﻁ ﻫﻭ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ،ﻭﺃﺘﻰ
ﺠﺴﻡ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺸﺭﺡ ﻭﺘﻔﺴﻴﺭ ﻭﺘﻌﻠﻴل ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺭﺩﻱ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻜل ﺍﻟﻤﻬﺎﺩ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺘﺭﺩﻱ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ،ﻭﺃﺘﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻟﻴﺒﺭﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﺒﺩﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﺨﻠﺼﻬﺎ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻤﺘﺄﺴﻔﺎ ) ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﻓﻠﻥ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﻤﻥ
ﺃﺠل ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﺴﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ،ﺇﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻭﺴﻠﻁﺔ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻭﺴﻠﻁﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﺩﻱ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ، 73
ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ،ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﺭﻜﻭﺏ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻤﺘﻬﺎﻥ ﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﺇﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﻜﻬﺫﻩ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻨﻬﺽ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺨﻤﺴﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﺒﺭﻫﻨﺕ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ) ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﺘﺯﺩﺍﺩ ﻗﻭﺓ ﻭﺘﻔﻭﻗﺎ ﻭﻏﻁﺭﺴﺔ ﻭﺸﺭﺍﺴﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﺤﻥ ) ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻘﻤﻊ ( ﻨﺯﺩﺍﺩ ﻀﻌﻔﺎ ﻭﺘﺭﺩﻴﺎ ﻭﺨﻨﻭﻋﺎ ﻭﺘﻔﻜﻜﺎ ﻭﻁﻨﻴﺎ ﻭﻗﻭﻤﻴﺎ . ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺩﻟﺔ ﺠﺎﻫﺯﺓ :
ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺩﻟﺔ ﻨﺸﺘﺭﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﻭﺃﻥ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺼﻠﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺇﻻ ﻀﻤﻥ ﻜﻔﺎﺡ ﻭﺘﻁﻭﺭ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻭﺜﻭﺭﺓ ﻜﺭﻭﻤﻭﺍﻱ ﻓﻲ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ .
ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻨﺤﻴﻁ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻋﻠﻤﺎ ،ﺃﻥ ﻜل ﻤﻥ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﻟﻑ ،ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺸﺘﺭﻱ ﺒﺩﻟﺔ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﺏ ،ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻥ ﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺭﺴﻴﺩﺱ ،ﻭﺍﻟﺸﺒﺢ ،ﻭﺍﻟﻔﻴﻼﺕ ، ﻻ. ﻭﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ،ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﻓﺊ ،ﻭﺍﻟﺒﻴﻭﺕ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺤﻤﺭﺍﺀ .......ﺍﻟﺦ ﻫﺫﺍ ﺃ ﻭ ﹰ ﻭﺜﺎﻨﻴﹰﺎ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺭﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺘﺎﺭﻴﺨﺎ ﺃﻭﺭﺒﻴﺎ ﻁﻭﻴﻼ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻴﺘﺠﺎﻫل ﺃﻨﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺫﺍﺘﻪ ﻟﻠﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﻟﻠﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ،ﻭﻟﺫﺍ ﺴﻤﻴﺕ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ) ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻨﻜﻠﻴﺯﻴﺔ ( ﺒﺎﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺍﺴﺘﻘﺎﻡ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻨﻅﺭﻴﺎ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻭﺭﺩ
ﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻴﺴﺘﻠﻬﻡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻴﻀﺎ ﺒﺩﻟﺔ ﻏﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﻴﻌ ﹼ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﻭﺍﻻﻏﺘﺭﺍﺏ ﻭﺍﻻﺴﺘﻴﺭﺍﺩ ،ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺠﺎﻫﺯﺓ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ؟ ﻭﻗﺩ ﻋﺒﺭﻨﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﻤﻘﺎﻻﺘﻨﺎ ،ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺃﻴﻀﺎ ﻫﻲ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﺍﻷﻟﻤﺎﻥ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻨﺘﺎﺝ ﻋﻘل ﻴﻌﺭﺏ ﺒﻥ ﻗﺤﻁﺎﻥ !
ﻟﻴﺱ ﺩﻋﺎﺓ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﺨﺘﺭﻋﻭﺍ ﻤﻁﻠﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺒل ﻟﻘﺩ ﻋﺎﺸﻬﺎ ﺁﺒﺎﺅﻨﺎ ﻴﺘﺼﺎﺭﻋﻭﻥ ﻓﻲ ﺃﺤﺯﺍﺏ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻤﻨﺎﺒﺭ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺭﺓ ،ﺩﻭﻥ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﺃﻭ ﻋﻨﻑ ﺃﻭ ﺘﻌﺴﻑ . ﺒل ﻭﺇﻥ ﻭﺍﻀﻊ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ،ﻫﻭ ﺃﻭل ﺒﻌﺜﻲ ﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﺘﺨﻠﻲ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻭﻑ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻟﻠﺒﻌﺙ ،ﺃﻥ ﻴﻘﻭل :ﻜل ﻤﺎ ﺃﻋﻠﻤﻪ ﺃﻥ ﺒﻌﺜﻴﺔ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺒﻼ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﺠﻌﻠﻨﻲ ﻏﻴﺭ ﺒﻌﺜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﻤﺎﺭﻜﺱ ،ﻟﻤﺒﺘﺫﻟﻲ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ " :ﻜل ﻤﺎ ﺃﻋﻠﻤﻪ ﺘﺠﺎﻩ ﺫﻟﻙ ﺃﻨﻨﻲ ﻟﺴﺕ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ " ! ﺇﻥ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺇﻁﻼﻕ ﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﺘﺘﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻔﺎﺼل ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ، ﻓﻬﺎ ﻫﻲ ﺘﻁل ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﻋﻼﻥ ﻭﺼﺎﻴﺔ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﺒﻭﺼﻔﻬﻡ ﻗﺎﺼﺭﻴﻥ ،ﻓﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺨﺘﺎﺭﻭﻩ ) ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ( ﺴﻨﺔ ١٩٧٢ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﻜل
ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ،ﺃﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺱ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻟﻤﺎﺫﺍ ؟ 74
ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺒﻴﻌﻭﻥ ﺃﺼﻭﺍﺘﻬﻡ ،ﻭﻴﺘﺴﺎﺀل ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ " ﻫل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﺍﺀ ﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ؟ " ﻻ ،ﺇﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﺍﺀ ﻻ ﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺤﻘﺎ ،ﻟﻜﻥ ﺃﻱ ﺸﺭﺍﺀ ،ﻫل ﺸﺭﺍﺀ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ،ﺃﻡ ﺸﺭﺍﺀ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ؟!
ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺃﻴﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﻭﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺇﻻ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺫﻫﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺎﻏﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ " ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ " ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﺴﻨﺔ ١٩٥٤ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻔﻬﻪ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ،ﻭﻴﺒﻨﻲ ﺘﺴﻔﻴﻬﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﺃﺘﺎﺡ ﻟﻸﻗﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ) ( ١٧ ﺒﻌﺜﻴﺎ ،ﺃﻥ ﻴﻘﻭﺩﻭﺍ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ . ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺸﻜﻠﻴﺎ – ﻜﻤﺠﺎﻟﺴﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ – ﻻ ﻫﺩﻑ ﻟﻪ ﺴﻭﻯ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﻏﻁﺎﺀ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺯﺍﺌﻔﺔ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺸﻤﻭﻟﻲ ﻴﻔﻬﻡ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺨﻴﺎﺭﺍ ﻁﻭﻋﻴﺎ ﻟﻠﻌﺒﻭﺩﻴﺔ :ﺃﻱ ﻟﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﻓﻲ ﺯﻤﻨﻬﻡ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺯﻤﺎﻨﻨﺎ ،ﻟﻤﺎ ﺃﺘﻴﺢ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻥ ﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻗﻁ !
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ :
ﺇﻨﻪ ﻷﻤﺭ ﻴﺩﻋﻭ ﻟﻠﺩﻫﺸﺔ ﺃﻥ ﻻ ﻴﺠﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻨﻤﺎﺫﺝ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺴﻭﻯ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻙ ﻭ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﻴﻭﻏﻭﺴﻼﻓﻴﺎ ﻭﺍﻟﺼﻭﻤﺎل .
ﻭﻻ ﻨﺩﺭﻱ ﺃﻴﺔ ﺼﻠﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﻻ ﻨﺩﺭﻱ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺒﺤﻕ ﻜﻔﺭﻨﺴﺎ ﻭﺴﻭﻴﺴﺭﺍ ﻭﺍﻟﺴﻭﻴﺩ ﻤﺜﻼ !؟ ﻫل ﻴﻌﻘل ﺃﻥ ﻴﻘﺩﻡ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺒﻠﻲ ﻗﺭﻭﺴﻁﻲ ﻜﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺼﻭﻤﺎﻟﻲ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ؟ ﻫل ﻤﺎ ﺃﺴﻘﻁ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻫﻲ ﺒﻴﺭﻴﺴﺘﺭﻭﻴﻜﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ،ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ﺍﺒﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻭﻓﻕ ﺘﺸﺨﻴﺹ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ؟ ﺃﻡ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻭﺘﺤﻭل ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ
ﻨﺨﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﺤﺯﺏ ﺒﻠﺩ ﺍﻟﻤﻠﻴﻭﻥ ﺸﻬﻴﺩ ،ﺇﻟﻰ ﻁﻐﻡ ﻟﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺤﻭﻟﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﺜﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﺜﺭﻭﺓ ،ﻭﺘﻤﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻨﻬﺏ ﻟﻠﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﻟﻬﺎ ﺸﺒﻴﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ل ﺍﻟﺘﻨﺎﻫﺏ ﺒﺩل ﺍﻟﺘﻭﺍﻫﺏ ، ﻋﻨﺩﻨﺎ ،ﻭﻋﻨﺩ ﻜل ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺍﻟﺘﻭﺘﺎﻟﻴﺘﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺌﺩﺓ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺤ ّ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺒﺫ ﺒﺩل ﺍﻟﺘﺠﺎﺫﺏ ،ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺽ ﺒﺩل ﺍﻟﺘﻭﺍﺩﺩ ! ﻻ ﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺯﺃﺭﺓ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺃﻨﺠﺯﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻨﺫ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺤﻠﺕ
ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻡ ﺍﻷﻫﻠﻲ ،ﻭﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺒل ﺒﻬﺯﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺎﻁﺒﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﻫﺯﻴﻤﺔ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻻ ﺘﺯﺍل ﺍﻟﻁﻐﻡ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ ﻋﺎﺠﺯﺓ ﻋﻨﻪ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ،ﻓﻼ ﺘﺯﺍل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺃﻥ ﺘﺭﻓﻊ ﺼﻭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﺘﻴﻥ ) ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻭﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻭﻴﺔ ( ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺒﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺩﻓﻥ ﺤﻴﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﻘﺩﻴﻥ !
75
ﻴﻘﺭ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻴﻬﻴﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ،ﻟﻜﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺃﻨﻬﻡ ﺍﻷﻜﺜﺭﻴﺔ ، ﻭﻴﺘﺴﺎﺀل :ﻫل ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻋﻨﺩ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺼﻭﺕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﻟﺨﺼﻭﻤﻬﻡ ﺃﻭ ﻟﻐﻴﺭﻫﻡ ؟ ﻭﻫل ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻭ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻥ ﻴﻔﺼل ﻤﻠﻴﻭﻨﹰﺎ ﻭﻨﺼﻑ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻋﻀﺎﺌﻪ
ﺍﻟﻤﻠﻴﻭﻨﻴﻥ ﺤﺘﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ؟
ﻭﻴﻀﻴﻑ ﻗﺎﺌﻼ :ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻔﻴﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻗﺩﻡ ﻤﺫﻜﺭﺓ ﻁﺎﻟﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ، ﻭﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ﺘﻤﺯﻴﻘﺎ ﻟﻠﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ . ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻴﺴﺘﻌﻤل ﺨﻁﺎﺒﺎ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻟﻪ ﺃﻴﺔ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻭ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺴﺭﺩﻴﺎﺕ " ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻤﺭﺠﻌﻲ " ،ﻓﺎﻟﺨﻁﺎﺏ ﻻ ﻴﺅﺴﺱ ﻷﻱ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻴﺤﺎل ﺇﻟﻴﻪ ﻜﻤﺭﺠﻊ ،ﻓﻌﺎﻟﻡ
ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻤﻰ ﺒـ " ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ " ﺍﻨﻬﺎﺭ ﻭﺍﻨﻬﺎﺭ ﻤﻴﺜﺎﻗﻪ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺸﺭﻋﻥ
ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻷﻜﺜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻭﻫﻤﻴﺔ ﻟﻸﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﻭﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺘﻬﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺒﺭﻫﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﺴﻤﺔ ﺴﻭﻯ ﺃﻨﻬﺎ ﺒﻨﺕ " ﻤﺩﻨﺎ ﻤﻠﺤﻴﺔ " ﻟﻴﺴﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﺼﻼﺒﺔ ﻤﻥ ﻤﺩﻥ ﻤﻠﺢ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻤﻨﻴﻑ . ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﺒﻴﺭﻴﺴﺘﺭﻭﻴﻜﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻜﻜﺘﻬﻡ ،ﺒل ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺘﺤﺕ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﻜﻬﻭﻑ ،ﺃﻤﺎﻡ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻬﻭﺍﺀ
ﻓﺘﻬﺎﻭﺕ ﺨﻴﻭﻁ ﺍﻟﻌﻨﻜﺒﻭﺕ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻁﻥ ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺨﺭ ﻜﻴﺎﻨﻬﺎ ،ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺘﺩﻙ ﺩﻜﺎ !
ﻓﺎﻟﻌﺸﺭﻭﻥ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺸﻴﻭﻋﻲ ﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ،ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺼﻭﺘﻭﻥ ﻟﻤﺭﺸﺤﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﻴﻥ ﻟﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ –ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ - ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺯﻓﺕ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ،ﻟﻡ ﻴﺨﺭﺝ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﻟﻠﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﻠﻕ ﻨﺸﺎﻁﻪ ،ﺒل ﻫﻡ
ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﺼﻭﺘﻭﻥ ﻟﻤﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻫﻡ ﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ،ﺤﺴﺏ ﺍﺴﺘﻐﺭﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ! ﻭﻅﻬﺭﺕ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﻭﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﺘﻭﺤﻴﺩ ﻗﺴﺭﻱ ،ﻜﺎﻥ ﻤﻼﻁﻪ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻹﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ،ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﺎﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻴﺔ ) ﺍﻷﻤﻤﻴﺔ ( ﺍﻟﺯﺍﺌﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺸﻔﺕ ﻋﻥ ﺍﺜﻨﻴﺎﺕ ﻭﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻋﺭﻗﻴﺔ ﻟﻭ ﺘﺭﻜﺕ ﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻬﺎ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻻﻨﻘﺭﻀﺕ ﺒﺫﺍﺘﻬﺎ !
ﻭﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺫﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺂﻜل ﺒﻔﻌل ﺍﻟﺴﻭﺱ ،ﻭﺃﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺱ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺫﻉ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻻ ﺘﺯﺍل ﺃﻏﺼﺎﻨﻪ ﻤﺼﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺨﻀﺭﺍﺀ ﺤﻴﺔ ،ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺃﻥ ﺘﺴﻘﻁ ﻭﺘﻤﻭﺕ ، ﻭﺘﺼﺭ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺼﺎﻤﺩﺓ ﻭﺤﻴﺔ ،ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻋﻨﺔ ﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻤﻭﺤﺩ ،ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻭﺤﺩ ﺤﻭل ﺴﻠﻁﺘﻪ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ ﺍﻟﻘﻬﺎﺭﺓ ،ﺃﻥ ﻴﺘﻬﺎﻭﻯ ،ﻭﺘﺘﻘﻭﺽ ﻜل ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ،ﻭﻴﺒﻘﻰ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺒﻜل ﺍﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻘﻠﻲ ﻭﺭﺍﺤﺔ ﺒﺎل ﻭﻀﻤﻴﺭ ؟
76
ﺃﻅﻥ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﺒﻼﺩﻨﺎ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨﺎ ﻭﺸﻌﻭﺒﻨﺎ ﻭﺴﻠﻁﺎﺘﻨﺎ ﻭﺤﻜﺎﻤﻨﺎ ،ﺃﻥ ﻨﺘﺄﻤل ﻭﻨﺘﺩﺒﺭ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ،ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻟﻴﻘﻅﺔ ﻭﺍﻟﺤﺫﺭ ﻟﻤﻌﺎﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﻭﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺭﻓﺽ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﻭ ﺘﻜﺫﻴﺒﻪ ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻤﺅﺍﻤﺭﺓ ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺘﻔﻌل ﺒﻌﺽ ﺤﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﺩﺭﻭﺸﺔ
ﻭﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ) ﺍﻟﺒﻜﺩﺍﺸﻴﺔ ( ﺍﻟﻤﺸﺘﻐﻠﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺤﻭﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻨﻴﺔ ،ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻌﻴﻥ ﺍﻟﻴﻘﻅﺔ ﻭﺍﻟﺤﺫﺭﺓ ﺴﻨﺘﻤﻜﻥ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﻥ ﺇﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤﻠﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ،ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻭﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻥ ﻨﻭﺍﺠﻪ
ﺒﺠﺭﺃﺓ ﻭﺠﺴﺎﺭﺓ ﻭﻋﻴﻥ ﻤﻔﺘﻭﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﺘﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺍﻷﻓﻕ ،ﻟﻜﻲ ﻨﻜﻭﻥ ﻗﺎﺩﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﺴﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻭﺇﺘﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻓﻨﺩﻓﻌﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻁ ،ﺨﻴﺭ ﻟﻨﺎ ﻤﻥ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺒﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ،ﺒﺼﻴﻐﺔ ﻜﻭﺍﺭﺙ ﻭﺯﻻﺯل ﻭﻤﺎ ﻻ ﻴﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺯﺭﻉ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺃﺴﺎﻓﻴﻨﺎ ﻭﺃﻓﺨﺎﺥ ﻋﺭﻗﻴﺔ ،ﻭﺍﺜﻨﻴﺔ ،
ﻭﺃﻗﻭﺍﻤﻴﺔ ،ﻭﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ،ﻭﻗﺒﻠﻴﺔ ﻭﻋﺸﺎﺌﺭﻴﺔ ،ﻭﻋﺎﺌﻠﻴﺔ ،ﻭﺠﻬﻭﻴﺔ ،ﺍﻤﻌﺎﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﻟﺘﻔﺘﻴﺕ ﻭﺍﻟﺘﺫﺭﻴﺭ ﻭﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ! ﻭﻻ ﻴﻐﻴﺒﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﺎل ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻤﻴﺯﻨﺎ ﻋﻥ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ،ﺃﻥ ﺍﻷﻴﺩﻱ ﺍﻟﻭﺍﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻫﻡ ) ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴﺔ ﻤﺜﻼ ( ﺘﻔﺼﻠﻬﺎ ﻋﻥ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﺃﺯﻤﻨﺔ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﻨﺴﺒﻴﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻴل ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻤﻨﻬﺎﺭ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺼﺎﻨﻌﻲ ﺃﺨﺩﻭﺩ ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ ،ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﻴﻘﻅﺔ ﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﻜﻭﻙ ﺒﻨﺯﺍﻫﺘﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺼﺩﻗﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺩ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻟﺼﺎﻨﻌﻲ ﺍﻷﻤﺱ ﺃﻥ ﻴﻨﺴﺤﺒﻭﺍ ﻤﻥ ﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺤﻤل ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﺃﻭﺯﺍﺭ ﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺍﻵﺒﺎﺀ ،ﻭﻟﻜﻲ ﻴﺠﻌﻠﻭﺍ ﺃﺒﻨﺎﺀﻫﻡ ﺒﻌﻴﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﺁﺜﺎﻡ ﺁﺒﺎﺌﻬﻡ ﺒﺎﻷﻤﺱ ،ﺴﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﺜﺎﻡ ﻤﻠﻭﻨﺔ ﺒﻠﻭﻥ ﺍﻟﺩﻡ ؟! ﺩﻋﻭﺍ ﺠﻴل ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺌﻜﻡ ﻻ ﻴﺤﻤل ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻘﻪ ﺃﻭﺯﺍﺭ ﻤﺎﻀﻴﻜﻡ !
ﺩﻋﻭﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻤﻊ ﺠﻴﻠﻪ ﻴﻘﺘﺤﻡ ﻤﻐﺎﻤﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻋﺒﺭ ﻓﺘﻨﺔ ﺍﻻﻨﻘﻁﺎﻉ ﻤﻊ ﻜل ﺭﻤﻭﺯﻜﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﻭﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﺽ ﻋﻘﻴﻡ ،ﻭﺨﻁﺎﺒﺎﺘﻜﻡ ﺍﻟﻤﻜﺭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻔﻭﺘﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﻭﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ،ﻭﻨﻅﻡ ﺘﻔﻜﻴﺭﻜﻡ ﺍﻟﻤﺘﻴﺒﺴﺔ ،ﻭﻗﻭﺍﻋﺩ ﺴﻠﻭﻜﻜﻡ ﺍﻟﻤﺘﺨﺸﺒﺔ ،ﻭ ﻭﺼﺎﻴﺎﺘﻜﻡ ﺍﻷﺒﻭﻴﺔ ) ﺍﻟﺒﻁﺭﻜﻴﺔ ( ﺍﻟﻤﺴﺘﻠﺒﺔ ،ﺍﻟﻤﻐﺭﺒﺔ ،ﺍﻟﻜﺎﺒﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻗﻠﺔ ﻟﻜل ﺤﺭﻜﺔ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻴﻜﻔﻴﻨﺎ – ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ - ﺘﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺒﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻭﻴﻜﻔﻴﻨﺎ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻪ ﺤﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ !
• ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – ﺍﻟﺸﻬﺭ ٢٠٠١ / ٧
77
ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل :ﻭﺜﺎﺌﻕ ،ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ -١
ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ – ٩٩ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – -٢٠ﺃﻴﻠﻭل – . ٢٠٠٠
-٢
ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺃﻭ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒﺒﻴﺎﻥ ﺍﻷﻟﻑ
-٤
ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﺒﺭ ﻤﺭﺍﺴﻠﻬﺎ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺃﻡ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ؟ – ﺩ.ﻓﺎﻴﺯ ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ
-٣
ﺤﻤﻴﺩﻱ -١
ﺤﻭﺍﺭ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ...ﻜﺴﺭ ﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ..ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺘﻨﻤﻭ ﻜﺎﻟﻔﻁﺭ ﻤﺅﻗﺘﺎ
-٢
ﺤﻭﺍﺭﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﻨﻘﺎﺵ ﻓﻲ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ
-٣
ﺤﻭﺍﺭ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ :ﻟﻥ ﻨﺴﻤﺢ ﺒﺠﺯﺃﺭﺓ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻬﺩ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﺎﺕ
-٥
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ – ﺘﻌﻠﻴﻕ ﺍﻓﺘﺘﺎﺤﻴﺔ ﻤﺠﻠﺔ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ
78
ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ٩٩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺼﺩﺭﻩ ٩٩ﻤﺜﻘﻔﺎ ﻭﻓﻨﺎﻨﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﻴﺸﻜل ﺼﺭﺨﺔ ،ﻭﻫﺴﻲ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺘﻌﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .
ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻭﻥ ﻴﺴﺘﻌﻴﺩﻭﻥ ﺩﻭﺭﻫﻡ ﻤﻌﻠﻨﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻭ ﻀﻤﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﻴﺒﺩﺃ ﺒﺎﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺯﺍﻫﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ . ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻫﻭ ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﺠﺭﺃﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻨﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻜل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺍﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﺴﺭﻱ ﺨﻼل ﺴﺠﻨﻪ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻁﻭﻴل ،ﺜﻡ ﺼﺎﺭ ﺍﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﺨﺭﻭﺠﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻤﺘﻠﻙ
ﺠﺭﺃﺓ ﺍﻟﻘﻭل ﻭﺍﻟﻌﻤل ،ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺭﻕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻬﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﻤﺩ ﺒﺎﻟﻌﺫﺍﺏ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﺒل ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ . "ﺍﻟﻤﻠﺤﻕ " ﻴﻨﺸﺭ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ ، ٩٩ﻤﻊ ﺃﺴﻤﺎﺀ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻴﻥ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻤل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻋﻭﺩﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻭﻤﻜﺎﻨﺘﻬﺎ ،ﻭﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻟﺤﺭﻴﺘﻪ ،ﻭﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻘﺭﺃ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻥ ﻨﻨﺴﻰ ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﻭﻨﻭﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﻏﻴﺎﺒﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺤﻀﻭﺭﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ،ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ﺍﻷﻭل ﻟﺒﻴﺎﻥ ﻜﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ . * ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – ﺍﻟﺴﺒﺕ ٢٠٠٠/٩/٣٠ *ﻭﻗﺩ ﺃﺘﺕ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻤﺸﻴﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﺒﺭﺯ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻴﻥ ﻋﻠﻴﻪ : ﺩ.ﺼﺎﺩﻕ ﺠﻼل ﺍﻟﻌﻅﻡ – ﺩ.ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ -ﺩ.ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ – ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ.
ﻨﺹ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ :
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻤﺒﺎﺩﺉ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻐﺔ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺘﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ
ﺸﻌﻭﺏ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺘﻭﺤﺩ ﺁﻤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻏﺩ ﺃﻓﻀل .
ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﻭﻻﺕ ﺒﺸﻜل ﺍﻨﺘﻘﺎﺌﻲ ﻻﻤﺭﺍﺭ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ،ﺒﻌﻴﺩﺍ ﻋﻥ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻭﺴﻴﺴﺎﺓ ﺍﻻﻤﻼﺀ ،ﻗﺩ ﺴﻤﺢ ﻟﺸﻌﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﺴﻴﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺃﻥ ﻴﺘﺄﺜﺭ ﺒﺘﺠﺎﺭ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ، ﻭﻴﺅﺜﺭ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻤﻁﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻪ ﻏﻴﺭ ﻤﻐﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ .
ﻭﺘﺩﺨل ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺃﻤﺱ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﻷﻥ ﺘﺘﻀﺎﻓﺭ
ﺠﻬﻭﺩ ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ، ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻤﺩﻋﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻭﻗﺕ ﻤﻀﻰ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺤﺎﻀﺭﻩ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻪ .
79
ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ،ﻭﺤﺭﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺤﺩﺘﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﺇﻴﻤﺎﻨﺎ ﻤﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺒﻠﺩﻨﺎ ﻻ ﻴﺼﻨﻌﻪ ﻏﻴﺭ ﺃﺒﻨﺎﺌﻪ ،ﻭﺒﻭﺼﻔﻨﺎ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﻨﻅﺎﻡ ﺠﻤﻬﻭﺭﻱ ﻴﻤﻨﺢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻕ -١
ﻓﻲ ﻏﺒﺩﺍﺀ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻴﻥ ﻨﺩﻋﻭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻵﺘﻴﺔ : ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻨﺫ ﻋﺎﻡ
. ١٩٦٣ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﻋﻔﻭ ﻋﺎﻡ ﻋﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﻠﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ
-٢
ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ﻭﺍﻟﻤﻼﺤﻘﻴﻥ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ،ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺒﻌﻭﺩﺓ ﺍﻟﻤﺸﺭﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﻔﻴﻴﻥ -٣
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﺠﻤﻴﻌﺎ.
ﺇﺭﺴﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﻭﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻘﻴﻭﺩ ،ﻭﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﻔﺭﻭﻀﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺴﻤﺢ ﻟﻠﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺘﻨﺎﻓﺱ ﺴﻠﻤﻲ ﻭﺒﻨﺎﺀ ﺅﺴﺴﺎﺘﻲ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭﻫﺎ .
ﺇﻥ ﺃﻱ ﺇﺼﻼﺡ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻡ ﻏﺩﺍﺭﻴﺎ ﺃﻡ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ ،ﻟﻥ ﻴﺩﺨل ﺍﻟﻁﻤﺄﻨﻴﻨﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻭﺍﻜﺒﻪ ،ﻓﻲ ﺸﻜل ﻜﺎﻤل ،ﻭﺤﻨﺒﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﻨﺏ ،ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩ ،ﻓﻬﻭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﺼﺎل ﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺸﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﺭ ﺍﻷﻤﺎﻥ .
ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻭﻥ :
ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻬﺎﺩﻱ ﻋﺒﺎﺱ )ﻤﺤﺎﻡ
-١٢
-١٣
ﻋﻤﺭ ﺃﻤﻴﺭﺍﻻﻱ )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ (
-٢
ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻌﻴﻥ ﺍﻟﻤﻠﻭﺤﻲ )ﻋﻀﻭ
-١٤
-١٥
ﺨﺎﻟﺩ ﺘﺎﺠﺎ )ﻤﻤﺜل (
ﺒﺴﺎﻡ ﻜﻭﺴﺎ )ﻤﻤﺜل (
-٣
ﺃﻨﻁﻭﻥ ﻤﻘﺩﺴﻲ )ﻜﺎﺘﺏ ﻭﻤﻔﻜﺭ(
-١٦
ﻨﺎﺌﻠﺔ ﺍﻷﻁﺭﺵ )ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ (
-٥
ﺼﺎﺩﻕ ﺠﻼل ﺍﻟﻌﻅﻡ )ﻜﺎﺘﺏ
-١٨
ﺴﻤﻴﺭ ﺴﻌﻴﻔﺎﻥ )ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ(
-١٩
ﻓﻴﺼل ﺩﺭﺍﺝ )ﺒﺎﺤﺙ(
-٢١
ﻨﺯﻴﻪ ﺃﺒﻭ ﻋﻔﺵ )ﺸﺎﻋﺭ(
-١
ﻭﻜﺎﺘﺏ(
ﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ(
-٤
-٦ -٧ -٨ -٩ -١٠ -١١
ﺒﺭﻫﺎﻥ ﻏﻠﻴﻭﻥ )ﻜﺎﺘﺏ ﻭﻤﻔﻜﺭ(
ﻭﻤﻔﻜﺭ( ﻭﻤﻔﻜﺭ(
ﻋﺒﺩ
ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ
ﻋﻴﺩ
)ﻜﺎﺘﺏ
ﻤﻴﺸﺎل ﻜﻴﻠﻭ )ﻜﺎﺘﺏ( ﻁﻴﺏ ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ )ﻜﺎﺘﺏ ﻭﻤﻔﻜﺭ( ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻤﻨﻴﻑ )ﺭﻭﺍﺌﻲ( ﺃﺩﻭﻨﻴﺱ )ﺸﺎﻋﺭ(
ﺒﺭﻫﺎﻥ ﺒﺨﺎﺭﻱ ) ﺒﺎﺤﺙ (
ﺤﻨﺎ ﻋﺒﻭﺩ )ﻜﺎﺘﺏ(
ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺤﻨﺎ )ﺒﺎﺤﺙ ﻭﻤﺅﺭﺥ(
-١٧
ﺤﻴﺩﺭ ﺤﻴﺩﺭ )ﺭﻭﺍﺌﻲ (
-٢٠ -٢٢
-٢٣ -٢٤
80
ﺤﺴﻥ ﻡ ﻴﻭﺴﻑ )ﺼﺤﺎﻓﻲ
ﻭﻗﺎﺹ(
ﺃﺴﺎﻤﺔ ﻤﺤﻤﺩ )ﺴﻨﻤﺎﺌﻲ ( ﻨﺒﻴل ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ )ﺭﻭﺍﺌﻲ ﻭﻨﺎﻗﺩ (
-٢٥ -٢٦ -٢٧
ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ )ﻜﺎﺘﺏ ﻭﺒﺎﺤﺙ( )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ(
ﻋﺒﺩ
ﺍﻟﻠﻁﻴﻑ
ﻋﺒﺩ
ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ
-٥٦
ﺴﻤﻴﺭ ﺫﻜﺭﻯ )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ(
-٢٨
ﺃﺤﻤﺩ ﻤﻌﻼ )ﻓﻨﺎﻥ ﺘﺸﻜﻴﻠﻲ (
-٣٠
ﺤﺴﺎﻥ ﻋﺒﺎﺱ )ﺒﺎﺤﺙ (
-٢٩
-٥٤ -٥٥
ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﺤﻠﻭ )ﻤﻤﺜل(
-٥٧
ﺤﺴﻥ ﺴﺎﻤﻲ ﻴﻭﺴﻑ )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ ﻭﻜﺎﺘﺏ ( ﻭﻤﻤﺜﻠﺔ( ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ(
ﻭﺍﺤﺔ ﺤﻤﻴﺩ
ﺍﻟﺭﺍﻫﺏ
)ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴﺔ
ﻤﺭﻋﻲ
)ﻤﺴﺘﺸﺎﺭ
ﺭﻓﻌﺕ ﺍﻟﺴﻴﻭﻓﻲ )ﻤﻬﻨﺩﺱ(
-٥٨
ﻤﻭﻓﻕ ﻨﻴﺭﺒﻴﺔ )ﻜﺎﺘﺏ(
ﻤﻤﺩﻭﺡ ﻋﺯﺍﻡ )ﺭﻭﺍﺌﻲ (
-٦٠ -٦١
ﺠﻤﺎل ﺸﺤﻴﺩ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ(
-٣٣
ﻋﺎﺩل ﻤﺤﻤﻭﺩ )ﺸﺎﻋﺭ(
-٦٢
ﺭﻴﻤﻭﻥ ﺒﻁﺭﺱ )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ(
-٣٤
ﺤﺎﺯﻡ ﺍﻟﻌﻅﻤﺔ )ﻁﺒﻴﺏ ﻭﺃﺴﺘﺎﺫ
-٦٣
ﺍﻨﻁﻭﺍﻨﻴﺕ ﻋﺎﺯﺭﻴﺔ)ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴﺔ(
-٣٦
ﺒﺭﻫﺎﻥ ﺯﺭﻴﻕ )ﻤﺤﺎﻡ(
ﻤﺤﻤﺩ ﺭﻋﺩﻭﻥ )ﻤﺤﺎﻡ(
-٦٥
-٦٦
ﻤﻲ ﺴﻜﺎﻑ )ﻤﻤﺜﻠﺔ(
-٣٧
ﻴﺎﺴﺭ ﺼﺎﺭﻱ )ﻤﺤﺎﻡ(
ﻴﻭﺴﻑ ﺴﻠﻤﺎﻥ )ﻤﺘﺭﺠﻡ(
-٦٧ -٦٨
ﻓﺭﺝ ﺠﻭﺨﺩﺍﺭ )ﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ(
-٣٩
ﻫﻨﺩ ﻤﻴﺩﺍﻨﻲ )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴﺔ(
-٦٩
ﻟﻘﻤﺎﻥ ﺩﻴﺭﻜﻲ )ﺸﺎﻋﺭ(
-٣١
-٣٢
ﺤﻨﺎﻥ ﻗﺼﺎﺏ ﺤﺴﻥ )ﺃﺴﺘﺎﺫﺓ ﺠﺎﻤﻌﻴﺔ (
ﺠﺎﻤﻌﻲ (
-٣٥
-٣٨ -٤٠ -٤١
ﻤﻨﺫﺭ ﻤﺼﺭﻱ )ﺸﺎﻋﺭ ﺓﺘﺸﻜﻴﻠﻲ
(
-٥٩
ﻨﺠﻴﺏ ﻨﺼﻴﺭ )ﻨﺎﻗﺩ ﻭﻜﺎﺘﺏ(
ﻨﻀﺎل ﺍﻟﺩﺒﺱ ) ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ(
ﺍﻜﺭﻡ ﻗﻁﺭﻴﺏ )ﺸﺎﻋﺭ(
-٧٠
ﺤﻜﻤﺕ ﺸﻁﺎ )ﻤﻌﻤﺎﺭﻱ(
-٧١
ﻤﺤﻤﺩ ﻨﺠﺎﺘﻲ ﻁﻴﺎﺭﺓ )ﺒﺎﺤﺙ(
ﺃﺤﻤﺩ ﻤﻌﻴﻁﺔ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ(
-٤٢
ﻭﻓﻴﻕ ﺴﻠﻴﻁﻴﻥ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ(
-٧٣
-٤٣
ﻋﻤﺭ ﻜﻭﺵ )ﻜﺎﺘﺏ(
-٦٤
-٧٢
ﻤﺤﺎﺏ ﺍﻻﻤﺎﻡ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ (
ﺴﻬﻴل ﺸﺒﺎﻁ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ(
ﻨﺠﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻥ )ﻗﺎﺹ(
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ(
ﻋﻠﻲ
ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ
)ﺒﺎﺤﺙ
-٤٤
ﻤﻨﺫﺭ ﺤﻠﻭﻡ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ(
-٧٤
ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺤﻼﻕ )ﺒﺎﺤﺜﺔ(
-٤٥
ﻤﺎﻟﻙ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ(
ﺴﺭﺍﺏ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ )ﺒﺎﺤﺜﺔ(
-٧٥ -٧٦
ﻨﻭﺍل ﺍﻟﻴﺎﺯﺠﻲ )ﺒﺎﺤﺜﺔ(
-٤٧
ﺘﻭﻓﻴﻕ ﻫﺎﺭﻭﻥ )ﻤﺤﺎﻡ(
ﻋﺼﺎﻡ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ )ﻁﺒﻴﺏ(
-٧٧ -٧٨
ﺴﻭﺴﻥ ﺯﻜﺯﻙ )ﺒﺎﺤﺜﺔ(
-٤٩
ﺠﻭﺯﻴﻑ ﻟﺤﺎﻡ )ﻤﺤﺎﻡ(
-٧٩
ﺒﺸﺎﺭ ﺯﺭﻗﺎﻥ )ﻤﻭﺴﻴﻘﻲ(
-٥١
ﻗﻀﻤﺎﺘﻲ
-٨١
ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻔﻬﺩ )ﺼﺤﺎﻓﻲ ﻭﺸﺎﻋﺭ(
-٨٣
ﻨﺠﺎﺓ ﻋﺎﻤﻭﺩﻱ )ﻤﺭﺒﻴﺔ(
-٤٦ -٤٨ -٥٠
-٥٢
-٥٣
ﻋﻁﻴﺔ ﻤﺴﻭﺡ )ﺒﺎﺤﺙ( ﺠﺎﻤﻌﻲ(
ﺭﻀﻭﺍﻥ
-٨٠ )ﺃﺴﺘﺎﺫ
ﻨﺯﺍﺭ ﺼﺎﺒﻭﺭ )ﻓﻨﺎﻥ ﺘﺸﻜﻴﻠﻲ(
ﺸﻌﻴﺏ ﻁﻠﻴﻤﺎﺕ )ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ(
-٨٢ -٨٤ 81
ﻤﺤﻤﺩ ﻗﺎﺭﺼﻠﻲ )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ( ﺸﻭﻗﻲ ﺒﻐﺩﺍﺩﻱ )ﺸﺎﻋﺭ( ﻓﺎﻴﺯ ﺴﺎﺭﺓ )ﺼﺤﻔﻲ(
ﻤﺤﻤﺩ ﺒﺭﻱ ﻟﻌﻭﺍﻨﻲ )ﻤﺴﺭﺤﻲ( ﻋﺎﺩل ﺯﻜﺎﺭ )ﻁﺒﻴﺏ ﻭﺸﺎﻋﺭ(
-٨٥
ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺨﻀﺭ )ﺸﺎﻋﺭ(
-٨٦
ﻤﺤﻤﺩ ﺴﻴﺩ ﺭﺼﺎﺹ )ﻜﺎﺘﺏ(
-٨٨
ﻤﺤﻤﺩ ﺤﻤﺩﺍﻥ )ﻜﺎﺘﺏ(
-٩٠
ﺘﻤﻴﻡ ﻤﻨﻌﻡ )ﻤﺤﺎﻡ(
-٩٢
ﺃﻨﻭﺭ ﺍﻟﺒﻨﻲ )ﻤﺤﺎﻡ(
-٨٧ -٨٩ -٩١
ﻗﺎﺴﻡ ﻋﺯﺍﻭﻱ )ﺸﺎﻋﺭ(
ﻨﺒﻴل ﺍﻟﻴﺎﻓﻲ )ﺒﺎﺤﺙ(
ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻜﻴﻡ )ﻤﺤﺎﻡ(
-٩٣
ﺨﻠﻴل ﻤﻌﺘﻭﻕ )ﻤﺤﺎﻡ(
-٩٤
ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺠﻨﺩﻱ )ﺸﺎﻋﺭ(
-٩٦
ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﺍﻟﺨﻁﻴﺏ )ﺒﺎﺤﺙ(
-٩٧
ﻤﻤﺩﻭﺡ ﻋﺩﻭﺍﻥ )ﺸﺎﻋﺭ(
-٩٩
ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ )ﺼﺤﺎﻓﻲ(
-٩٥
-٩٨
ﻋﻠﻲ ﻜﻨﻌﺎﻥ )ﺸﺎﻋﺭ(
ﻤﺤﻤﺩ ﻤﻠﺹ )ﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻲ (
82
ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻭﻗﺕ ﻤﻀﻰ ،ﺇﻟﻰ ﻭﻗﻔﺔ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻻﺴﺘﺨﻼﺹ ﺩﺭﻭﺱ
ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺭﺩﺕ ﺃﻭﻀـﺎﻋﻬﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻴﺔ ﻼ ﻋﻥ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻭﺃﻀﻴﻔﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻓﻀ ﹰ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺭﺡ ﻋﻠﻰ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻭﺃﻤﺘﻨﺎ ﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﻨﻬـﻭﺽ ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻬـﺎ ﻭﺩﺭﺀ ﺃﺨﻁﺎﺭﻫﺎ. ﻭﺍﻨﻁﻼﻗﹰﺎ ﻤﻥ ﺇﻴﻤﺎﻥ ﺼﺎﺩﻕ ﺒﺎﻟﻭﻁﻥ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﻤﺎ ﻴﺘﻭﻓﺭﺍﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺕ ﺨﻼﻗﺔ ﻭﻗﻭﻯ
ﺤﻴﺔ ،ﻭﺤﺭﺼﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﻤﻊ ﺃﻱ ﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺠﺎﺩﺓ ﻟﻺﺼﻼﺡ ،ﺘﻤﺱ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺇﻟـﻰ ﺤﻭﺍﺭ ﺸﺎﻤل ﺒﻴﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻓﺌﺎﺘﻪ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻗـﻭﺍﻩ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻤﺜﻘﻘﻴـﻪ ﻭﻤﺒﺩﻋﻴـﻪ ﻭﻤﻨﺘﺠﻴﻪ ،ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻨﻤﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻤﺅﺴـﺱ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺒﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺤﻕ ﻭﻗﺎﻨﻭﻥ ﺘﻜـﻭﻥ ﺩﻭﻟـﺔ ﺤـﻕ ﻭﻗﺎﻨﻭﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺠﻤﻴﻊ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ﻭﻤﻭﻁﻥ ﺍﻋﺘﺯﺍﺯﻫﻡ ،ﺒﻼ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻭﻻ ﺘﻤﻴﻴﺯ .ﻓﺒﻼﺩﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ
ﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻹﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺭﻡ ﻀـﻌﻔﻪ ﻭﺇﻀـﻌﺎﻓﻪ ،ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻘـﻭﺩ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ،ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻤﻥ ﻗﺩﺭﺍﺕ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺎﺕ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻤﻬﻤﺔ ﻭﺠﺩﺕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﺠﺒـﺭﺓ ﻋﻠـﻰ ﺍﻻﺒﺘﻌﺎﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ. ﻭﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻜﺘﻨﻑ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ،ﻨﺎﺸﺊ ﻋﻥ ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻭﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻻ ﻴﻨﻔﻲ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﻲ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻜﻴﻨﻭﻨﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘـﺎﺭﻴﺦ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﻭﻻ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻨﺘﻘﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﺜﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺼﺭﻱ ﻭﺤﺩﻴﺙ ،ﺍﻟﺘـﻲ ﺃﻨـﺘﺞ ﻤﺠﺘﻤﻌﻨـﺎ
ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﻤﺘﺠﺩﺩﺓ ﻭﺼﺤﺎﻓﺔ ﺤﺭﺓ ﻭﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻭﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺃﺤﺯﺍﺒﹰﺎ ﺴﻴﺎﺴـﻴﺔ ﻭﺸـﺭﻋﻴﺔ ﺩﺴـﺘﻭﺭﻴﺔ ﻻ ﺴﻠﻤﻴﹰﺎ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﺤﺘﻰ ﻏﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﺃﻗل ﺍﻷﻗﻁﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺘﺄﺨﺭﹰﺍ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻥ ﺃﺜﺭﻫـﺎ ﺘﻘـﺩﻤﹰﺎ. ﻭﺘﺩﺍﻭ ﹰ ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺘﺭﻗﻰ ﺒﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺤﺩﺙ ﺫﻟـﻙ ﺍﻟﻘﻁﻊ ﺍﻟﻤﺅﺴﺱ ﻋﻠﻰ " ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ" ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ .ﻭﻟـﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻤﻜﻨﹰﺎ ﺘﻬﻤﻴﺵ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺘﻐﻴﻴﺒﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨـﺤﻭ ،ﻟﻭﻻ ﺘﻤﺎﻫﻲ ﺍﻟـﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ، ﻭﺘـﻤﺎﻫﻲ ﺍﻟﺸـﺨﺹ ﻭﺍﻟﻤﻨﺼﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸـﻐﻠﻪ ،ﻭﺼﺒﻎ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺒﺼﺒﻐﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤـﺩ ﻭﺍﻟﻠـﻭﻥ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻭﺍﺤـﺩ ،ﻭﺠﻌﻠﻬﺎ ﺩﻭﻟـﺔ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻻﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﺠﺯﺌﻴﺘﻪ ،ﺒل ﻴﻘﺩﻡ ﻨﻔـﺴﻪ ﻼ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﻭ" ﻗﺎﺌﺩﹰﺍ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ" ﻭﻴﺨﻔﹼﺽ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻭﻻﺀ ﻤﻤﺜ ﹰ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ،ﻭﻴﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﻡ ﻤﺠﺭﺩ ﺭﻋﺎﻴﺎ .ﻓﻐﺩﺕ ﺃﻤﻭﺍل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺜـﺭﻭﺍﺕ
ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻜﺄﻨﻬﺎ ﺇﻗﻁﺎﻋﺎﺕ ﻭﺤﻴﺎﺯﺍﺕ ﺨﺎﺼﺔ ﺘﻭﺯﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻟﻴﻥ 83
ﻭﺍﻷﺘﺒﺎﻉ ،ﻓﺤﻠﹼﺕ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﻤﺤل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﻟﻬﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻌﻁﺎﻴﺎ ﻤﺤل ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﺎﺼـﺔ ﻤﺤل ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻭﺍﺴﺘﺒﻴﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻨﺘﻬﺒﺕ ﺜﺭﻭﺍﺘﻪ ،ﻭﺘﺤﻜﻡ ﻤﻥ ﺼﺎﺭﻭﺍ ﺭﻤﻭﺯﹰﺍ ﻟﻠﻌـﺴﻑ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺒﻤﻘﺩﺭﺍﺘﻪ ،ﻭﻏﺩﺍ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻤﺸﺘﺒﻬﹰﺎ ﺒﻪ ﺒل" ﻤﺩﺍﻨﹰﺎ ﻭﺘﺤﺕ ﺍﻟﻁﻠﺏ" .ﻭﺭﺍﺤﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﻨﻅﺭ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻜﻡ ﻤﻬﻤل ﻭﻤﻭﻀﻭﻉ ﻹﺭﺍﺩﺘﻬﺎ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻗﺎﺼﺭ ﻭﻨﺎﻗﺹ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻭﻤﻭﻀﻊ ﺭﻴﺒﺔ ﻭﺸﻙ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺨل ﺍﻷﻤﺭ ﻤﻥ ﺘﺨﻭﻴﻨﻪ ﻜﻠﻤﺎ ﺒﺩﺭﺕ ﻤﻨﻪ ﺒﻭﺍﺩﺭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭ ﻋـﻥ ﺭﺃﻴـﻪ ﻭﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﺤﻘﻭﻗﻪ .ﻭﺘﺠﺩﺭ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﻐﻴﻴﺏ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺘﻐﻴﻴﺏ ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ، ﻤﻤﺎ ﻴﺅﻜﺩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﺠﺩﻟﻴﺔ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﺇﺫ ﻻ ﻴﻘﻭﻡ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻵﺨﺭ .ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻭ ﻤـﻀﻤﻭﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻫﻲ ﺸﻜﻠﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻫﻤﺎ ﻤﻌﹰﺎ ﻴﺸﻜﻼﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ.
ﺇﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻨﺘﺞ ﺜﻭﺭﺍﺘﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻭﺤﺭﻜﺘـﻪ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺌـﺔ
ﻟﻼﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﺃﺴﻔﺭ ﻋﻥ ﻭﺭﻭﺤﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ /ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻭﺜﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ،ﻭﺍﻟـﺫﻱ ﺼﺒﺭ ﻭﺼﺎﺒﺭ ﻭﻗﺩﻡ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺩﺍﺀ ﻭﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩل ،ﻻ ﻴﺯﺍل ﻗﺎﺩﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻩ ﻭﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ﻭﻓﻕ ﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ،ﻭﺍﻻﻨﻁﻼﻕ ﻓﻲ ﺭﻜﺎﺏ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻨﻲ .ﻭﻫﻭ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠـﻰ ﺘﺠـﺎﻭﺯ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻨﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺘﻤﻔﺼﻠﺕ ﻤﻊ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺯﺌـﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺠﻤﺕ ﻋﻨﻬﺎ. ﻟﻘﺩ ﺒﺎﺘﺕ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻟﻠﻌﻴﺎﻥ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺎﺴـﻡ ﺍﻻﺸـﺘﺭﺍﻜﻴﺔ. ﻭﺘﺒﻴﻥ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻤﻊ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻲ ﻭﺍﺴﺘﻁﺎﻻﺘﻪ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺔ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ﻭﻓـﻲ ﻤـﺎ ﻜـﺎﻥ ﻴﺴﻤﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ،ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺃﻭ ﺒﻨﺎﺀ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﺒـﻼ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴـﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ .ﻜﻤﺎ ﺘﺒﻴﻨﺕ ﻫﺸﺎﺸﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺴﺘﻤﺩ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ .ﻭﺘﺒﻴﻨﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﻨﺘـﺎﺌﺞ
ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻤﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﻤﻭﻀﻭﻉ " ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ" ،ﻭﻨﺘﺎﺌﺞ ﺇﻨﻜﺎﺭ ﺃﻓﺭﺍﺩﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗـﻊ ﻭﺘﻌﺩﺩ ﻤﻜﻭﻨﺎﺘﻪ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺘﻨﻭﻋﻬﺎ ،ﻭﺍﺨﺘﻼﻑ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﻓﺌﺎﺘـﻪ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻭﺘﺒﺎﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺇﻨﻜﺎﺭ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺒﺼﻔﺘﻪ ﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﻌﺒﻴﺭﹰﺍ ﺤﻘﻭﻗﻴﹰﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺒﺼﻔﺘﻪ ﺘﻌﺒﻴﺭﹰﺍ ﻋﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺸﺘﺭﻙ ﺒﻴﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻭﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻫـﻭ ﺘـﺴﻭﻴﺔ
ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺫﻟﻙ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﻭﺍﻡ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ.
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺘﺞ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺍﻟﻤﺩﻭﻨﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺒﻤﺎ ﻴﺘﺴﻕ ﻭﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﺄﺜﺭ ،ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ،ﺒﺈﻴﻘﺎﻉ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺩﺴﺎﺘﻴﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺘﻌﺩل ﻭﺘﻁـﻭﺭ ﺃﻭ ﺘﻐﻴـﺭ ﻭﻓﻕ ﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ .ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻓـﻲ ﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻤﻜﺎﻨﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ،ﻜﺎﻥ ﻭﻻ ﻴﺯﺍل
ﻴﻤﺜل ﺒﺩﺍﻫﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻤﻨﺫ ﺍﻨﺘﻘل ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ،ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤـﺭﺍﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﺒﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﺒﻥ ﺨﻠﺩﻭﻥ .ﻭﻤﻥ ﺼﻠﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﻴﺘﻭﻟﺩ ﻨﺴل ﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻲ ﻴﻨﺘﺞ 84
ﻋﻨﻪ ﻭﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻴﻪ" ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ" ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ "ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻹﻟﻬﻲ" ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺩﻋﺎﻩ ﺍﻷﺒـﺎﻁﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﻠـﻭﻙ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﻭﻥ ﻷﻨﻔﺴﻬﻡ .ﻭﻤﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺴﻭﻯ ﻤﻌﺎﺩل ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻼﻨﻘﻼﺏ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﻌـل ﻤﺭﻜـﺯ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻓﺄﻨﺘﺞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜـﺔ؛
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻔل ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺌﺭ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻜﻔﺎﻟﺘﻬﺎ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭ ،ﻓﻲ ﻅـل ﺍﻻﻋﺘـﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﻔﺭﺩ ﺫﺍﺘﹰﺎ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻭﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﻤﺎﻟﻜﺔ ﺯﻤﺎﻡ ﺤﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﺎ ﻭﺤﺭﺓ ﻓﻲ ﻓﻜﺭﻫـﺎ ﻭﻀﻤﻴﺭﻫﺎ ،ﻭﺒﻤﺎ ﻴﻨﺘﺞ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﻓﻲ ﺤﻘل ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻤـﻥ ﺤﺭﻴـﺔ ﻤﺤـﺩﺩﺓ ﺒﺎﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ﻭﻤﺸﺭﻭﻁﺔ ﺒﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺘﺘﻭﺠﻬﺎ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺨﻼﻗﺔ ﻭﺤﺏ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﻤﻥ ﺃﺠﻠﻬﺎ. ﻟﺫﻟﻙ ﻜﻠﻪ ،ﺘﻠﺢ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﺘﺤﺭﺭﺓ ﻤﻥ ﻫﻴﻤﻨﺔ
ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ﻭﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﺤﺕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺼﻼﺤﻴﺎﺕ ،ﻭﻤﺘﺤﺭﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﺒﻁ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻨﻰ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ،ﻜﺎﻟﻤﺫﻫﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺌﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ﻭﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻨﻬﺎ؛ ﻭﺫﻟﻙ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺇﻨﺘـﺎﺝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ ﺍﻟﺤﺭﺓ ﺍﻟﻭﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﺎﺩﻓﺔ ،ﻭﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﻨﺴﻴﻕ ﻭﻅﺎﺌﻔﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺘﻌﺯﻴﺯ ﺍﻟﻭﺤـﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﻭﻁﻴﺩ ﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺴﻴﺎﺩﺘﻬﺎ ﻭﺼﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﺭﺠﻌﹰﺎ ﻋﺎﻤﹰﺎ ﻭﺤﻜﻤﹰﺎ ﻟﻠﺠﻤﻴـﻊ.
ﻓﻔﻲ ﻨﻁﺎﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻓﻘﻁ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺇﻁﻼﻕ ﺤﻭﺍﺭ ﻭﻁﻨﻲ ﺸﺎﻤل ﻗﻭﺍﻤﻪ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﺼﻭﺍﺏ ،ﻟﺘﻔﻌﻴل ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻨﻁﻼﻗـﹰﺎ ﻤـﻥ
ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺨﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻓﻠﻴﺱ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺃﻱ ﻓﺌﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﻘـﺭﺭ، ﻭﺤﺩﻫﺎ ،ﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﻭﺍﻷﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ؛ ﻟـﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﻓﺌﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻤﺴﻜﺔ ﺒﺩﻓـﺔ ﺍﻟﺤﻜـﻡ ﺍﻟﻴـﻭﻡ ،ﺃﻥ
ﺘﻁﺭﺡ ﺭﺅﻴﺘﻬﺎ ﻭﺘﺼﻭﺭﺍﺘﻬﺎ ﻭﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺤﻭﻟﻬﺎ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺤﻭﺍﺭ
ﻤﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺤﺭﺓ ﻭﺇﻋـﻼﻡ ﺤـﺭ ﻭﺃﺤـﺯﺍﺏ ﺤـﺭﺓ ﻭﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺤﺭﺓ ﻭﻤﺅﺴﺴﺔ ﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺤﻘﹰﺎ ﻭﻓﻌﻼﹰ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺇﺼﻼﺡ ﻤﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺤﻭﺍﺭ ﻭﻁﻨﻲ ﺸﺎﻤل ،ﻓﺎﻟﺤﻭﺍﺭ ﻴﻨﺘﺞ ﺩﻭﻤﹰﺎ ﺤﻘﺎﺌﻕ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻴﺴﺕ ﻷﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻭﺭﻴﻥ ،ﺒل ﻟﻬﻡ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻓﻴﻬﻡ ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ .ﻭﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻴﻨﻔﻲ" ﻤﻨﻁﻕ" ﺍﺤﺘﻜـﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘـﺔ ﻭﺍﺤﺘﻜـﺎﺭ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺃﻱ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺁﺨﺭ .ﻟﺫﻟﻙ ﻨﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﻟﺤل ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺒﺎﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻫﻡ ،ﻭﻫﺫﻩ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻤﺯﺍﻴﺎﻩ.
ﻭﻻ ﺘﺘﺠﻠﻰ ﺤﻴﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺸﻲﺀ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﺘﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﻁﻭﻋﻴـﺔ ﻏﻴﺭ ﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻭﻏﺎﻴﺘﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺤﻕ ﻭﻗـﺎﻨﻭﻥ ﺘﻜﻔـل ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺘﺼﻭﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ .ﻟﺫﻟﻙ ﻨﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺩﻓﺎﻋﹰﺎ ﻋـﻥ ﺩﻭﻟﺘﻪ ﻭﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻤﺴﻜﺔ ﺒﺯﻤﺎﻤﻬﺎ.
85
ﻭﻟﻜﻲ ﺘﺜﻤﺭ ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻲ ﺘﻨﺠﺢ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻤﻬﺩ ﻟﻬﺎ ﻭﻴﺭﺍﻓﻘﻬﺎ ﺇﺼﻼﺡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﺸﺎﻤل ،ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﻟﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﻤﺄﻤﻭل ﻤﻨﻬـﺎ. ﻟﺫﺍ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﺘﺤﻭل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﻭﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺁﻟﻴﺔ ﻋﻤـل ﻗﺎﻨﻭﻨﻴـﺔ ﺩﺍﺌﻤـﺔ ﺘﺤﻔـﺯ
ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺘﻌﺯﺯ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﻭﺍﻹﺸﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺴـﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ ﺍﻟﺘـﻲ ﻫـﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻨﻔﻊ ﻋﺎﻡ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻨﺸﻁﺔ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻓﻲ ﺠﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﺭﺹ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺨﻁﻴﻁ ﻭﺍﻹﻋﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ﻭﺍﻟﺘﻘﻭﻴﻡ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻭﺍﻟﻬﺩﺭ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻓﻭﺭ ﻭﻗﻭﻋﻬﺎ ،ﻭﺘﻤﻜﻴﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﻴـﺔ
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺎﺕ ﺍﻟﺠﺯﺌﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻨـﺴﺎﺒﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺌﻴـﺔ ﻻ ﺘـﺅﺩﻱ ﺇﻟـﻰ ﺍﻹﺼﻼﺡ.
ﻭﺇﺫ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﺭﺅﻴﺘﻨﺎ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻏﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺤﺭﻴﺘـﻪ ﻭﻜﺭﺍﻤﺘـﻪ ﻭﺭﻓﺎﻫﻴﺘﻪ ﻭﺴﻌﺎﺩﺘﻪ ﻫﻲ ﻫﺩﻑ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ،ﻭﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻤـﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤـﺔ ﻤﺒـﺩﺃﻴﻥ ﻭﻤﻌﻴﺎﺭﻴﻥ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ﻤﺘﺴﺎﻭﻴﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻓﻼ ﺘﻤﻴﻴـﺯ ﺒﻴﻨﻬﻡ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻜﺎﻥ ،ﻭﻻ ﺘﻔﺎﻀل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ؛ ﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻀل ﻴﻨﺘﺠـﺎﻥ ﺩﻭﻤـﹰﺎ
ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﻭﻤﺤﺭﻭﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﻭﻴﺒﺫﺭﺍﻥ ،ﻤﻥ ﺜـﻡ ،ﺒـﺫﻭﺭ ﺍﻟﺘﻔﺭﻗـﺔ ﻭﺍﻟـﺸﻘﺎﻕ، ﻭﻴﻨﺤﻁﺎﻥ ﺒﺎﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻭﺇﺫ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﺭﺅﻴﺘﻨﺎ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻨﺎ ﻜﺫﻟﻙ ﻤـﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺤﻘﹼﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻌﻘﺩ ﺠﻤﻴﻊ ﺩﻻﻻﺘﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤـﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴـﺔ /ﺍﻟﻘﻭﻤﻴـﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻹﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺘﻨﺴﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟـﺸﻌﺏ ﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻓﺭﺍﺩ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺇﻨﻤﺎ ﺘﺘﺤﺩﺩ ﺒﺎﻟﻜل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟـﻭﻁﻨﻲ
ﻼ ﻭﻻﺘﺤﺩﺩﻩ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻫﻭ ﻤﺼﺩﺭ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤـﺩﺨ ﹰ
ﻀﺭﻭﺭﻴﹰﺎ ﻭﻭﺤﻴﺩﹰﺍ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻜﻭﺩ ﻭﺍﻟﺘﺭﺩﻱ ﻭﺇﺨﺭﺍﺝ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻤﻥ ﻋﻁﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺯﻤﻨـﺔ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺎﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻟﻺﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﺤﺘﻤل ﺍﻟﺘﺄﺠﻴل ﻫﻲ ﺍﻵﺘﻴﺔ :
١ـ ﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻡ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻭﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ،ﻭﺘﺩﺍﺭﻙ ﻤﺎ ﻨﺠﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﻅﻠﻡ ﻭﺤﻴﻑ .ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺴﺭﺍﺡ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ، ﻭﺘﺴﻭﻴﺔ ﺃﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺤﻕ ﺍﻟﻌﻤـل ﺒﻤﻭﺠـﺏ ﺍﻟﻘـﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻷﺤﻜـﺎﻡ
ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺒﻌﻭﺩﺓ ﺍﻟﻤﺒﻌﺩﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ.
٢ـ ﺇﻁﻼﻕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﻻﺴﻴﻤﺎ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟـﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴـﺭ ،ﻭﻗﻭﻨﻨـﺔ ﺍﻟﺤﻴـﺎﺓ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺈﺼﺩﺍﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻋﻤل ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻭﺍﺩﻱ ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻤـﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺩﻭﻟﺘﻴـﺔ ﻓﻔﻘـﺩﺕ ﻜﻠﻴـﹰﺎ ﺃﻭ ﺠﺯﺌﻴـﹰﺎ ﺍﻟﻭﻅﺎﺌﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻨﺸﺌﺕ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻬﺎ.
86
٣ـ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﻁﺒﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻔل ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺘـﻡ ﺘﻌﻁﻴﻠـﻪ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ.
٤ـ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻨﺘﺨﺎﺏ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ،ﺒﻤـﺎ ﻴـﻀﻤﻥ ﻼ ﻓﻌﻠﻴﺎﹰ ،ﻭﺠﻌل ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ﺒﺭﻤﺘﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﺇﺸـﺭﺍﻑ ﻗـﻀﺎﺀ ﺘﻤﺜﻴل ﻓﺌﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻜﺎﻓﺔ ﺘﻤﺜﻴ ﹰ ﻤﺴﺘﻘل ،ﻟﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﻭﺭﻗﺎﺒﻴﺔ ﺤﻘﹰﺎ ﺘﻤﺜل ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﻤﺭﺠﻌﹰﺎ ﺃﻋﻠﻰ ﻟﺠﻤﻴﻊ
ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﻭﺘﻌﺒﻴﺭﹰﺍ ﻋﻥ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻤﺸﺎﺭﻜﺘﻬﻡ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴـﺩ ﺍﻟﻨﻅـﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻓﺈﻥ ﻋﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻜﻠﻴﺘﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﺠﻠﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺸﻲﺀ ﺃﻜﺜـﺭ ﻤﻤـﺎ ﺘﺘﺠﻠﻴـﺎﻥ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﺅﺴـﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ .
٥ـ ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻨﺯﺍﻫﺘﻪ ﻭﺒﺴﻁ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻡ. ٦ـ ﺇﺤﻘﺎﻕ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺼﻭﺹ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﻅﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟـﺩﺍﺌﻡ ﻟﻠـﺒﻼﺩ، ﻭﻤﻥ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻓﻲ ﻨﺼﻴﺏ ﻋﺎﺩل ﻤﻥ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل
ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻜﺭﻴﻤﺔ ،ﻭﺤﻤﺎﻴﺔ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﺠﻴﺎل ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻨﻅﻴﻔـﺔ. ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻤﻌﻨﻰ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﺅﺩ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﻅﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺃﻨﺴﻨﺔ ﺸـﺭﻭﻁ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻤل ﻭﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﺭ.
ﻥ ﺍﻻﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﺤﺯﺍﺏ " ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ" ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ ٧ـﺇ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺘﺴﺘﻨﻔﺩ ﺤﺭﻜﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻻﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ" ﺘﻔﻌﻴـل" ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﺠﺒﻬـﺔ، ﺴﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺍﻤﺔ ﺍﻟﺭﻜﻭﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺸﻠل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ؛ ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ
ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺃﻱ ﻤﺒﺩﺃ ﺁﺨﺭ ﻴﻘﺼﻲ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋـﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ.
٨ـ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺃﻱ ﺘﻤﻴﻴﺯ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ. ﻭﺒﻌﺩ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻤﻥ ﻤﻨﻁﻠﻕ ﺍﻹﺴﻬﺎﻡ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ، ﻨﺘﺩﺍﻋﻰ ﻭﻨﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻭﻗﻊ ﻭﻗﻁﺎﻉ ،ﻫـﻲ ﺍﺴـﺘﻤﺭﺍﺭ
ﻭﺘﻁﻭﻴﺭ ﻟﺼﻴﻐﺔ" ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ" ﻋﻠﹼﻨﺎ ﻨﺴﻬﻡ ،ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ
ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﻓﻲ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺯﻭﻑ ،ﻭﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﺭﻜﻭﺩ ﺍﻟﺘـﻲ ﺘـﻀﺎﻋﻑ ﺘﺄﺨﺭﻨﺎ ﻗﻴﺎﺴﹰﺎ ﺒﻭﺘﺎﺌﺭ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ .ﻭﻋﻠﹼﻨﺎ ﻨﺨﻁﻭ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺍﻟﺤﺎﺴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘـﺄﺨﺭﺕ ﻋﻘـﻭﺩﹰﺍ ﻓـﻲ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺤﺭ ﺴﻴﺩ ﻤﺴﺘﻘل ،ﻴﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺇﺭﺴﺎﺀ ﺃﺴﺱ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﻨﻬﻀﻭﻱ ﻼ ﺃﻓﻀل ﻷﻤﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ. ﻴﻀﻤﻥ ﻤﺴﺘﻘﺒ ﹰ
87
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺃﻡ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ؟*.. ﺩ.ﻓﺎﻴﺯ ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﺎ ﺴﻭﻑ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻐﺒﻁﺎ ﻓﻴﻨﺎ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺍﺼل ﻤﻌﻨﺎ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﺎ ﺩﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺼﺩﺩ ﻤﺸﺭﻭﻋﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻱ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﺭﺭﻱ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ . ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﺭﻭﺡ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻫﻭ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﻠﻤﺱ ﻟﻠﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﺅﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺎﺼﺭ :ﺍﻟﺘﺠﺎﺫﺏ ﻭﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ،ﻭﺇﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﺭﺅﻴﻭﻱ .
ﻓﺎﻟﺤﻭﺍﺭ – ﻟﻐﺔ – ﻫﻭ ﺤﺩﻴﺙ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺠﻭﺍﺏ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﻴﺤﻤل ﻤﻥ ﺴﺅﺍل ..ﻭﺍﺴﻠﻭﻴﺎ
ﻫﻭ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﻟﻠﻌﻘل ،ﻭﺇﻋﻼﺀ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻵﺨﺭ ﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭ ﺃﻥ ﺍﻓﺘﻘﺎﺩ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻵﺨﺭ ﻻ ﻴﺴﻬل ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ..ﺇﺫﺍ ،ﻨﺤﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﻁﻘﻭﺴﻴﺔ ﺍﻟﺒﺭﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺒﺭﻱﺀ ﺍﻟﻨﺯﻴﻪ . ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﻘﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ﻟﻪ ﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺴﺄل ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﻭﻴﺠﻴﺏ ،ﺍﻭ ﺃﻥ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺴﺅﺍﻟﻨﺎ ﻭﻴﺠﻴﺏ ﺒﺎﻟﻨﻴﺎﺒﺔ ..ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻫﻲ ﻟﺤﻭﺍﺭ ﺒﺫﺍﺘﻪ ،ﻭﻟﺫﺍﺘﻪ ..ﻭﻗﺩ ﻻ ﻴﻌﻨﻴﻨﺎ ﻤﺜل ﻫﻜﺫﺍ
ﺤﻭﺍﺭ ..ﺃﻤﺎ ﺤﻴﻥ ﻴﺭﺍﻗﺏ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ،ﻭﻴﻀﺒﻁﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺴﺅﺍﻻ ﻭﺍﻨﺘﻅﺎﺭﺍ ﻟﻠﺠﻭﺍﺏ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﻓﻼ ﺒﺩ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻤﻭﻟﻭﺩ ﻁﺒﻴﻌﻲ . ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﺎ ﻨﻘﺭﺭ ﻓﻲ ﺘﺜﺎﻗﻔﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﺩﻴﻪ ﺠﻭﻉ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻭﻉ ﻗﺩ ﻻ ﻴﺴﻤﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻟﻠﺴﻴﺎﻻﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺒﺄﻥ ﺘﻜﻤل ﺩﻭﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻴﺯﻴﺎﺀ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻟﻠﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻗﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﺘﺩﻓﻕ ﻤﻐﺯﺍﺭﺍ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻷﻓﻭﺍﻩ ﺃﻥ ﺘﺘﻠﻘﻔﻪ ﺒﻬﺩﻭﺀ ﻭﺘﻬﻀﻤﻪ ﺒﺎﻋﺘﻴﺎﺩﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﺌﺫ ﺴﻴﺒﻘﻰ
ﺍﻤﺎﻤﻨﺎ ﻭﺍﺠﻠﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﻟﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﻟﺤﺎل ﻥ ﻭﺍﻻﻨﺘﺒﺎﻩ ﻟﻠﻁﺭﻕ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻭﺼﻭﻻ ﻟﻠﻤﺄﻤﻭل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﺍﻟﻼﺯﻡ ..ﻭﺘﺩﻋﻭﻨﺎ ﻟﻔﻬﻤﻬﺎ – ﺤﺎﻟﺌﺫ – ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺘﺤﺴﻴﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻐﺫﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﺫﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﺠﻌﺔ ﻓﻲ ﻫﺩﻑ ﺘﺭﺒﻭﻱ ،ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻨﺎﻀﺞ ،ﻭﺴﻴﺎﻕ ﺘﻔﺎﻋﻠﻲ ﻤﻌﺎﻓﻰ ،ﻭﻏﺭﻀﻴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻤﺤﺼﻨﺔ . ﻭﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ) ﺍﻟﻤﻠﻘﻲ ( ﻴﺘﻜﺊ ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﺍﻫﺎ ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺭﺅﻴﺎﻩ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ) ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ( ﻴﺠﺩ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻨﺒﻭﺏ ﺍﻻﺨﺘﺒﺎﺭ ﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﻨﺔ ..ﻭﻟﻤﺠﻤﻭﻉ ﻤﺎ ﺘﺭﺍﻜﻡ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﻥ ﻋﻠﻡ ﻭﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺘﺠﺭﺒﺔ ،ﻓﻴﺼﺩﺭ ﻓﻲ ﺤﻭﺍﺭﻩ ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﻭﻓﻲ ﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ
،ﻭﺍﻟﺘﺜﺎﻗﻑ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘﻭل ،ﻭﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﻤﻠﻴﻥ ﺤﺘﻰ ﺘﻜﺘﺸﻑ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﻤﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﻭﺼل ﺒﻴﻥ ﻗﻤﺘﻴﻥ .. ﻭﺍﻗﺼﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﻫﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ،ﻓﺎﻻﺴﺘﻘﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺫﻫﻨﻲ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﺴﻭﻑ ﺘﺒﻘﻰ ﺃﻗﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺎﺕ ﺒﻴﻥ ﻫﺩﻓﻴﻥ ،ﻭﺒﻐﻴﺭﻫﺎ ﺘﺘﻌﺭﺝ ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻙ ﻭﺘﻜﺜﺭ ﺍﻻﻟﺘﻭﺍﺀﺍﺕ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻓﻘﺩ 88
ﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﺍﺴﺘﻤﻌﻨﺎ – ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩىﻰ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ –ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﻘﻴﺕ ﺤﻭل ) ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ( ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ..ﻓﻼﺤﻅﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻗﺩ ﻋﻨﻲ ﺒﺘﻤﻌﻥ ﻓﻲ ﺒﻌﺩﻱ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻭﻀﻭﻋﻪ :ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩﻱ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻻﺴﻘﺎﻁﻲ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺩﻱ .
ﻭﻤﻨﺫ ﺃﻥ ﺒﺩﺃﺕ ﺍﺴﺘﻬﺩﺍﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺘﻤﺴﺢ ﺍﻟﺠﻭ ﺍﻟﻔﻴﺯﻴﻘﻲ ﻟﺼﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ
ﺇﻅﻬﺎﺭﻴﺔ ﻟـ)ﻜﺎﺭﻴﺯﻤﺎ( ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺘﻤﺘﺭﺱ ﺨﻠﻔﻬﺎ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ ﻟﻴﻤﺎﺭﺱ ﺒﺭﺍﻋﺔ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺹ ﻓﻲ ﺤﻘﻥ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺒـ)ﻜﻭﺭﺘﻴﺯﻭﻥ( ﺍﻟﻨﻔﺦ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺦ ،ﺤﻴﺙ ﻁﺎﻓﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻤﺸﺎﻋﺭ ﻤﺤﻔﺯﺓ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﺼﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﻘﻴﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻴﺭﺍﺩ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺼل ﺒﺩﻭﺍﺌﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﻐﻁﻴﺔ ﻋﻘﻭل ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﺠﻤﻴﻌﺎ .. ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻥ ﻭﺍﻟﻤﻀﻤﺭ ﺘﻨﻭﺱ ﺒﺎﻷﺫﻫﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ،ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ،
ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﺒﺎﺴﺘﺒﻁﺎﻥ ﺃﻜﻴﺩ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﻤﺴﺢ ﺫﻜﻴﺔ ﻷﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻴﻥ ﻋﺒﺭ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺇﻴﻬﺎﻤﻴﺔ ﻤﻀﻠﻠﺔ
ﻟﻭﺍﻗﻊ ﻤﺴﺘﺤﻀﺭ ﺫﻫﻨﻴﺎ . ﻭﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺩ ﺘﺭﺍﺘﺒﺕ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﺭﺍﺘﺏ ﺍﻟﻬﻨﻭﺩ ﺍﻟﺤﻤﺭ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺭﻜﻬﻡ ، ﻭﺘﺩﺍﻓﻌﺕ ﻋﻠﻰ ﺸﻜل ﻤﻭﺠﺎﺕ ﻓﻜﺭﻴﺔ ،ﻜل ﻤﻭﺠﺔ ﺘﺤﺘل ﻭﺘﻭﻁﺩ ﻟﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻟﻠﻤﻭﺠﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ .
ﻓﻲ ﻅل ﻫﺫﺍ ﺴﺎﻕ ﺍﺴﺘﺸﻬﺎﺩﺍﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﺒﺔ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺘﻭﺤﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﻴﻨﻘﻠﻨﺎ ﻤﻥ ﻨﺼﺎﺏ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﻨﺼﺎﺏ ﺍﻟﻭﺼﻭل ..ﻭﺃﻥ ﻤﻥ ﻴﺠﺎﺫﻑ ﻤﻨﺎ ﺒﺎﻻﻋﺘﺭﺍﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﺴﻴﻀﻊ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻋﺭﺍﻙ ﻤﻌﻨﻭﻱ ﻭﻨﻔﺴﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﻓﻴﻪ . ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﻴل ﺒﺩﺃ ﺒﺭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺭﻫﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻴﺘﻔﺠﺭ ،ﻭﻴﻠﻘﻲ ﺒﺤﻤﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺠﺎﺀ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺤﻴﻥ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻘﻭل ﻓﻲ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ) ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺴﺠﺎل ( ﻴﻌﻠﻥ ﻋﻥ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺄﺘﻴﻨﺎ ﻤﻥ ﻤﻨﺸﺎ ﻁﻐﻴﺎﻨﻲ ﻓﻲ
ﺍﻷﺴﺭﺓ ﺃﻭﻻ ،ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺃﺨﻴﺭﺍ ..ﻭﺃﻥ ﺃﻓﻼﻁﻭﻥ ﻗﺩ ﺍﻋﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﻫﻭ ﻤﻥ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﻥ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻗﺩ ﺍﺴﺘﻬﺠﻥ
ﺃﻥ ﻴﺴﺎﺀل ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﺎﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﺴﺅﺍل ..ﻭﺤﻴﻥ ﺘﻐﻴﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻻﻨﻭﻨﻴﺔ ﻴﺴﻠﻁﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ، ﻭﺘﻌﺸﻌﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﻴﺴﻜﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺴﻭﺍﺀ ..ﻭﺃﻥ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺘﻔﺭﺯ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺝ ،ﻭﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﻔﺭﺩ
ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ،ﻭﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺴﻭﻗﺎ ﻟﻠﺘﺼﺭﻴﻑ ،ﻻ ﺫﺍﺘﺎ ﻟﻠﺘﺼﺭﻑ ...ﺒﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﺭﺘﻔﻊ ﻤﻭﺝ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻟﻴﻼﻤﺱ ﺸﻭﺍﻁﺊ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺒﺘﻨﻅﻴﺭﻴﺔ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﻭﺘﻠﻤﻴﺢ ﺍﺴﻘﺎﻁﻲ ﻤﺤﺴﻭﺱ ،ﻭﻗﺩ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺇﻟﻰ ﻟﻐﺔ ﻗﺭﺍﺭﻩ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺸﻴﻭﻉ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺤل ﺍﻟﻨﺎﺠﻊ ﻟﻠﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﻜﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﺎ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻭﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻭﺠﻭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﻁﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﺒﻠﺩﻨﺎ ،ﺍﻭ ﻜﺄﻥ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﻟﻡ ﺘﻠﺤﻅ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻓﻲ ﺃﻫﺩﺍﻓﻬﺎ ﻭﻭﻗﺎﺌﻌﻬﺎ ..
ﻭﺍﻟﻤﺜﻴﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﺩ ﺃﻥ ﺘﺘﻡ ﺍﻟﻘﻁﻴﻌﺔ ﻤﻊ ﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﺤﺎﻀﺭ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﻤﻨﺫ 89
ﺜﻼﺜﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎ ،ﺒل ﻭﻴﺘﻡ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﻤﺎ ﻴﺤﺩﺩ ﺴﻤﺎﺕ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﻟﻤﻨﻁﻕ ﻋﺩﻤﻲ ﻻ ﻴﻘﺭﻩ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ، ﻭﻻ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ..ﻭﻟﻭ ﺍﻥ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻗﺩ ﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻗﻌﻴﺎ ﻭﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻤﻨﺠﺯ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻔﺘﺢ ﺍﻟﺼﺩﺭ ﻟﻠﻤﺩﺍﻭﻟﺔ
ﺤﻭل ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻭﻁﻨﻲ ﻭﻗﻭﻤﻲ ﻴﺼﻌﺩ ﻭﺘﺎﺌﺭ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﺫﻫﺏ ﺁﺨﺭ ،ﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻘﻠﻊ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺒﻤﺎ ﻴﻭﺤﻲ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﻗﺩ ﺤﻜﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﺴﺒﻘﺎ ،ﻓﻬل ﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻗﺩ ﺩﻋﺎﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺤﻭل ﺍﺤﺘﻤﺎﻻﺕ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻭ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺃﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ،ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺎل ﻫﺫﺍ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺩﻋﺎﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺠﻠﺴﺔ ﻨﻁﻕ ﻻﺴﺘﺤﻭﺍﺫ ﻭﺍﻟﻘﺭﺍﺭ !!؟
ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻋﻨﺩﻱ ﺍﺤﺴﺎﺱ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﺴﻤﺎﻉ ﻤﺤﺎﻀﺭ ﻤﺘﻭﺘﺭ ﻭﻁﻨﻴﺎ ﻭﻗﻭﻤﻴﺎ ،ﻭﻟﺩﻴﻪ ﻗﻠﻘﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ ﻭﻜﺫﺍ ﺍﻟﺤﺎل ﻟﺴﻤﺎﻉ ﻤﺜﻘﻑ ﻤﺘﻭﺘﺭ ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﻫﺫﺍ ﺃﻤل ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻭﺴﻠﻭﻙ ﺨﻼﺼﻲ ،ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺸﻌﺭ ﺒﻌﻜﺱ ﻤﺎ ﺘﻤﻨﻴﺕ ﻫﻭ ﺍﺨﺘﻼﻁ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻤﺘﻭﺘﺭ ﺒﺎﻟﻁﺭﺡ ﺍﻟﻤﻭﺘﻭﺭ ﻭﺘﺩﺍﺨل ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﻕ ﺍﻟﻨﺒﻴل ﺍﻟﻤﺤﺼﻥ ﺒﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﻠﻕ ،ﺍﻟﻌﺎﻤل ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺭﺠﺎﻉ ﻤﺎ ﺫﻫﺒﺕ ﺒﻪ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﻭﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﺎل ﺍﺴﺘﺩﻋﺕ ﺫﺍﻜﺭﺘﻲ ﺒﻴﺕ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭل :
ﺃﻨﻴﺱ ﻭﻟﻡ ﻴﺴﻤﺭ ﺒﻤﻜﺔ ﺴﺎﻤـــﺭ
ﻜﺄﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺒﻲ ﺍﻟﺤﺠﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻔﺎ
ﻭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﻴﺠﺎﺩﻟﻨﻲ ﻤﺠﺎﺩل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﻤﻌﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺤﻭل ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺠﺎﺌﺯ ﺃﻥ ﻴﺤﺭﻙ ﺒﺄﺤﺩ ﺍﻨﻔﻌﺎل ﺍﻟﻐﻀﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺭﻴﺒﺔ ..ﺃﻟﻴﺴﺕ ﺍﻷﺠﻭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﻴﺩﻫﺎ ﻗﺎﺌﺩ ﺍﻟﺤﺯﻴﺏ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﻫﻲ ﺃﺠﻭﺍﺀ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﺘﻨﻭﺭ ...؟؟ ﻭﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﺴﻭﻑ ﺘﻜﻭﻥ ﺇﺠﺎﺒﺘﻲ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ..ﻟﻜﻥ ﺴﻭﻑ ﻴﺒﻘﻰ ﺍﺤﺘﻔﺎﻅﻲ ﺒﺄﻤﻨﻴﺘﻲ ﻤﺸﻭﺭﻋﺎ ﻭﺩﻋﻭﺘﻲ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻤﺘﻭﺍﺼﻠﺔ ﺒﺄﻥ ﻨﺒﻨﻲ ﻤﻌﺎ ﺃﺠﻭﺍﺀ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻭﻁﻥ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ،
ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭﻨﺎ ﻟﻠﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻤﺒﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻭﻁﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻥ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻥ ﻨﻁﻭﺭ ﻤﻥ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺒﻤﺎ ﻴﻌﻴﺩ ﺘﺄﻫﻴل ﺍﻟﻜﻭﺍﺩﺭ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺠﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻤﺯﺩﻫﺭ . ﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﻨﺼﺭﻑ ﺍﻟﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺇﻟﻰ ﺘﺠﺎﻫل ﻤﺎ ﻨﺤﻥ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺍﻓﺘﺭﺍﺽ ﻭﺍﻗﻊ ﻨﻜﺜﻑ ﻤﻥ ﺇﺩﺍﻨﺘﻪ ﺒﺎﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻤﺨﺼﺏ ﻟﻜﻭﺭﺘﻴﺯﻭﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺭﺍﻫﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺒﺎﻟﺘﻨﻅﻴﺭ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻤﻌﻨﺎﻩ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺫﻫﻨﻲ ﻤﺘﺼﻭﺭ ،ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻨﺴﺎﻨﻲ ﻋﺎﻡ ..ﺃﻤﺎ ﺇﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻤﺜل ﺒﻠﺩﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍ ،ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻤﺤﺎﻀﺭﺍ ﺒﺎﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺫﺍﺘﻪ .
ﺇﻥ ﻤﻥ ﻴﺘﺎﺒﻊ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﺒﻠﺩﻨﺎ ﻴﻠﺘﻘﻲ ﺒﺎﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺨﺫ ﺤﺠﺠﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻤﺭﺍﺕ ،ﻭﻤﺭﺍﺕ ،ﻋﻨﺩ ﻤﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻨﺘﻅﺭﻭﻥ ﺍﻟﺤﺠﺔ ..ﻭﻗﺩ ﺼﺩﺭﺕ ﻤﺅﻟﻔﺎﺕ ﺇﻻﻟﻤﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ :ﻤﻥ ﺃﻗﻼﻤﻬﻡ
90
ﻨﺩﻴﻨﻬﻡ ..ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺍﺴﺘﻤﺭﺕ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﻌﻁﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺩ ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻁﺔ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ . ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻨﺕ ﻨﻤﻭﺫﺠﻬﺎ – ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺤﺯﺏ – ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ
ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺨﻁﻴﻁ ﻭﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺴﺒﺔ .
ﺇﻥ ﻟﻠﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻨﻤﻭﺫﺠﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻪ ﻨﺴﻴﺠﻪ ،ﻭﻤﺎ ﻨﺘﻤﻨﺎﻩ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻻ ﻨﺨﻠﻁ ﺒﺩﻭﻥ ﻋﻠﻡ ﻭﻻ ﻨﺭﺸﻕ ﺍﻟﻠﻭﻥ ﺒﺩﻭﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﻷﻥ ﺫﻟﻙ ﻟﻭ ﺤﺼل ﺴﻨﻨﺘﺞ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻀﻌﻑ ،ﻭﺍﻻﻨﻘﺴﺎﻡ ،ﻭﺍﻟﺘﺸﺘﺕ ،ﻻ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ..ﻭﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺅﺠل – ﻓﻲ ﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﺓ – ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭﻱ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﺤﺘل ﺍﻟﺠﻭﻻﻥ ﻭﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﻨﺩﻋﻰ – ﺠﻤﻴﻌﺎ–ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﻗﻔﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺇﺯﺍﺀﻫﺎ.
ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻬﺎﻤﻨﺎ ﺍﻟﻤﻤﺎﺜﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻤل ،ﻭﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺘﻤﻬﻴﺩﺍ ﻻﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻬﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻓﻴﻪ ﺼﻭﺭ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻜل ﺍﻟﺸﻌﺏ .. ﺍﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻻﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺘﺸﻭﻴﻪ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺘﻐﺎﺓ ﺘﺤﻤل ﺍﻟﺘﺩﺭﻥ ﻭﻤﻅﺎﻫﺭ ﺨﺭﺍﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻓﺎﻟﻨﺎﺘﺞ – ﻤﻨﻁﻘﻴﺎ – ﻫﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺘﺴﺭﻁﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻔﺘﺢ ﻟﻨﺎ ﺒﻭﺍﺒﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ
ﻟﻨﺩﺨل ،ﺒل ﺴﻭﻑ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﺎﺒﺎ ﻟﺨﺭﻭﺠﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ..ﻓﻬل ﻫﻜﺫﺍ ﺘﻭﺭﺩ ﻴﺎ ﺴﻌﺩ ﺍﻹﺒل ؟!! • ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ – ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻓﻜﺭﻴﺔ – ٢٠٠١/٣/٢٤
91
ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﺒﺭ ﻤﺭﺍﺴﻠﻬﺎ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ )(١ ﻟﺠﺎﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺘﺼﺩﺭ ﻨﻅﺎﻤﻬﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﺩﻤﺸﻑ ﺘﺴﻤﺢ ﺒـ "ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ " ﻭ"ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " ﺃﻭﻟﻰ ﻤﺤﺎﻀﺭﺍﺘﻪ ﺃﺒﻠﻎ ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ﺒﺎﺴﻡ " ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ " ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﺤﺴﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ " ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺴﻤﺤﺕ ﻟـ "ﻤﻨﺘﺩ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ " ﺒﺎﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﻨﺸﺎﻁﺎﺘﻪ ،ﻓﺄﻟﻘﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺃﻤﺱ ﻋﻥ " ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " ﻻﻓﺘﺎ
ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺨﻤﺴﺔ " ﺒﻌﺜﻴﻴﻥ " ﻤﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻓﺭﻉ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ﺃﺒﻠﻐﻭﻩ ﻨﻴﺘﻬﻡ ﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ . ﻓﻲ ﻏﻀﻭﻥ ﺫﻟﻙ ﺤﺼﻠﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ل"/ﻟﺠﺎﻥ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ " ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺎﻟﺏ ﺒﺈﺼﺩﺍﺭ ﻋﻔﻭ ﻴﺴﻤﺢ ﺒـ"ﻋﻭﺩﺓ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﻁﻭﻋﻴﻴﻥ ﺒﻀﻤﺎﻨﺎﺕ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ " ،ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺯﻴﺎﺭﺓ ﺭﺌﻴﺱ " ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ " ﻤﺤﻤﺩ ﻓﺎﺌﻕ ﺩﻤﺸﻕ ﺃﺨﻴﺭﺍ .
ﻭﺠﺎﺀ ﻓﻲ " ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ " ﺃﻥ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺴﺘﻌﻤل " ﺒﺸﻜل ﺴﻠﻤﻲ " ﻭﻭﻓﻕ " ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺴﻴﺎﺩﺓ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ " ﻋﻠﻰ ﺇﻁﻼﻕ " ﺠﻤﻴﻊ ﻤﻌﺘﻘﻠﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺭ " ﻭﺘﺄﻤﻴﻥ " ﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﻨﺯﻴﻬﺔ ﻭﻋﻠﻨﻴﺔ ﺍﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻟﻠﻤﺘﻬﻤﻴﻥ ،ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﺯﻴﺎﺭﺍﺕ ﻟـ"ﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﻔﻭ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ " ) ﺍﻤﻨﻴﺴﺘﻲ ﺍﻨﺘﺭﻨﺎﺸﻴﻭﻨﺎل" ﻟﻠﺴﺠﻨﺎﺀ ﻟﻼﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﻭﺍﻟﻬﻡ ﺨﻼل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل .
ﻭﺘﻌﺘﺒﺭ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺃﻭل ﻨﺸﺎﻁ ﻋﻠﻨﻲ ﺭﺴﻤﻲ ﻷﻱ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺜﻘﺎﻓﻲ ﻤﻨﺫ ﻗﺭﺍﺭ
ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻓﺭﺽ ﺨﻤﺴﺔ ﺸﺭﻭﻁ ﻋﻠﻰ ﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﺍﺘﻬﻡ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﻨﺸﻁﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒـ " ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﺤﻤﺭ " ﻭﺩﻓﻊ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ " ﺍﻟﺠﺯﺃﺭﺓ " ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﺤﻭل " ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ " ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻴﻤﻪ ﻓﻲ ﻤﻨﺯﻟﻪ " ﻤﻀﺎﻓﺔ ﺸﻌﺒﻴﺔ " ﻴﺴﺘﻘﺒل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻨﺎﺌﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ .
ﻭﻋﻠﻤﺕ " ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﺃﻥ ﻤﺴﺅﻭﻻ ﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺃﺒﻠﻎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ
ﻭﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭﺓ ﺴﺭﺍﺏ ﺍﺒﻨﺔ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﺒـ"ﻤﻭﺍﻓﻘﺘﻬﻡ ﺸﻔﻭﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻋﻤل ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ" ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﻤﻨﻌﺕ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻓﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻘﺭﺭﺓ ﻗﻔﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ " 92
ﺠﻼﺩﺕ ﺒﺩﺭﺨﺎﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ " ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻋﺸﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺎﻤﺸﻠﻲ ﺸﺭﻕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ، ﻭﻋﻠﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ " ﺍﻗﺘﺭﺤﺕ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻅل ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻭﺍﻟﺘﺭﺯﺍﻡ ﻤﻨﻅﻤﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ " ﻭﻗﺎل ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ " :ﺘﺼﺭﻓﻨﺎ ﺒﻌﺩ ﻗﺭﺍﺭ ﻭﻗﻑ ﻨﺸﺎﻁ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺃﻥ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻤﺴﺘﻤﺭ ﻓﻲ ﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ ﺘﺤﺕ
ﺍﻟﺸﻤﺱ " ﻭﺘﺯﺍﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻊ ﺍﺒﻼﻍ ﻤﺴﺅﻭل ﺃﻤﻨﻲ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭﺓ ﺍﻻﺘﺎﺴﻲ ﺒـ"ﻟﻁﻑ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺸﺩﻴﺩﻴﻥ " ﺃﻥ ﻻ ﺍﻋﺘﺭﺍﺽ ﻟﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﺸﺭﻁ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﺴﺅﻭﻻ ﻋﻨﻪ . ﻭﻋﻠﻰ ﺭﻏﻡ ﻋﺩﻡ ﻭﺠﻭﺩ ﺭﺨﺼﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻋﺘﺒﺭ ﻤﺴﺅﻭﻻ ﻋﻨﻪ ﻋﺒﺩ ﻻﻟﻌﻅﻴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺨﻠﻑ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺭﺌﺎﺴﺔ " ﺤﺯﺏ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ " ﻓﺈﻥ
ﺍﺤﺩ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﻴﻥ " ﺍﻟﺘﺯﻡ ﻋﺩﻡ ﺤﺼﻭل ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯﺍﺕ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ،ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﻴﻥ " ﻭﺃﺒﻠﻎ ﺃﺤﺩ ﻫﺅﻻﺀ " ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻨﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻨﺘﻘﺩ ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﻔﻌل ﺫﻟﻙ ﺒﺸﻜل ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﺒﻬﺩﻑ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻙ ،ﻭﺴﻨﻜﻭﻥ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻋﻥ ﺃﻱ ﺨﻁﺄ ".
ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﺘﺴﺘﺒﻌﺩ ﻤﺼﺎﺩﺭ ﻋﻭﺩﺓ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﺇﻟﻰ " ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﺒﻌﺩ ﺍﻨﺴﺤﺎﺒﻪ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻋﺘﺭﺍﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺅﻟﻔﺔ ﻤﻥ ١٥ﻋﻀﻭﺍ ﺍﻗﺭﺍﺭ ﻭﺜﻴﻘﺔ " ﺘﻭﺍﻓﻘﺎﺕ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ " ﺼﺎﻏﻬﺎ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻟﻠﻤﺜﻘﻔﻴﻥ . • ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – ٢٠٠١/٣/١٢ )(٢ ﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻨﺸﺎﻁﻬﺎ ﺇﺴﺎﻤﻴﻭﻥ ﻭ" ﺒﻌﺜﻴﻭﻥ " ﻭﻤﺎﺭﻜﺴﻴﻭﻥ ﻴﺘﺤﺩﺜﻭﻥ ﻋﻥ " ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " *
ﺍﺴﺘﺄﻨﻑ ﻤﻨﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻨﺸﺎﻁﻪ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻭل ﻤﻥ ﺃﻤﺱ ﺒﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ
ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ "ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " ﻟﺘﻌﻭﺩ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﺃﺕ ﻤﻨﻬﺎ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻼﻓﺕ ﺩﺨﻭل ﺍﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﺒﻌﺩ " ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ " ﻋﻠﻰ ﺨﻁ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ .
•
ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﺓ " ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ " ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺃﻭ " ﻤﻁﺎﻟﻌﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ " ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ " ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ " ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺘﻘﺩﻩ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺜﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﺤﻤﺴﻴﻥ ﺇﻟﻰ
ﺍﻥ ﺩﺨل ﻤﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻨﺤﻭ ﻋﺸﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ . ﻭﻗﺎل ﻋﻴﺩ " :ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺴﻭﺩ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﺤﻴﺙ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻫﻭ ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ،ﻴﺴﻭﺩ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺍﻟﺤﺫﺭ ﻤﻌﺸﺸﺎ ﻓﻲ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ،ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻨﺨﺎﻑ 93
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺨﺎﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ " ﻤﺸﻴﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ " ﺍﻟﻘﻤﻪ ﺍﻟﻤﻔﺭﺥ ﻟﻠﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﻼﺠﻡ ﻟﻠﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻷﻨﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻴﻘﺘل ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻔﺭﺩ ،ﻟﻴﺭﺘﺩ ﺇﻟﻰ ﺃﺤﻁ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺩﻨﺎﺀﺓ ﻭﺍﻟﺨﺴﺔ ﻭﺍﻨﺘﻬﺎﺯ ﺍﻟﻔﺭﺹ ،ﻭﺍﻟﺨﻨﻭﻉ ﺍﻟﺫﻟﻴل ﻟﻠﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺘﺒﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺘﺄﺴﺱ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺒﻭﺩﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻜل
ﺩﺭﺠﺔ ﻭﻤﺎ ﺩﻭﻨﻬﺎ ،ﺃﻭ ﻤﺎ ﻓﻭﻗﻬﺎ ،ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺘﻜﺭﻴﺱ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻷﺒﻭﻴﺔ ) (..ﻓﺎﻷﻤﺭ ﻴﺼﺩﺭ ﻤﻥ
ﺍﻻﻋﻠﻰ ﻭﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﺴﻭﻯ ﺍﻻﺫﻋﺎﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﺃﺯﻤﻨﺔ ﺍﻻﻨﺤﻁﺎﻁ . ﻭﺍﻜﺘﻅ ﻤﻨﺯل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٣٠٠ﺸﺨﺼﺎ ﺘﺯﺍﺤﻡ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺝ ﺍﻟﻤﻨﺯل ﻭﻤﺩﺨﻠﻪ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﻤﺯﺓ ﺠﻨﻭﺏ ﺩﻤﺸﻕ ﻭﻜﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﻁﻠﻘﻭﺍ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﻤﺜل ﻓﺎﺘﺢ ﺠﺎﻤﻭﺱ ﻤﻥ " ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ " ﻭﺃﻋﻀﺎﺀ " ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ " ﻟـ " ﻟﺠﺎﻥ ﺍﺤﻴﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻤﺜل ﻴﻭﺴﻑ ﺴﻠﻤﺎﻥ ﻭﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﺸﺎﺭﻙ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ " ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻜﺱ " ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺼﺼﻪ ﻓﻴﺼل ﺍﻟﻘﺎﺴﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﻟﻠﻭﻀﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ . ﻭﻗﺎل ﻋﻴﺩ " :ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻤﻊ /ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻴﻘﺘل ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﻴﻘﺘل ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺨﻠﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﻫﻭ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﻴﺩﺓ ،ﻓﺈﻥ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻴﻐﺩﻭ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻅل ﺩﻭﻟﺔ ﺠﻭﻫﺭ ﻨﻅﺎﻤﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ " .
ﻭﻜﺎﻥ ﻻﻓﺘﺎ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻜﻼﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻋﻥ ﻨﺹ ﺴﺎﺒﻕ ﺃﻋﺩﻩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻨﻔﺴﻪ ﻻﻟﻘﺎﺌﻪ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎﺕ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺇﺫ ﺃﻟﻐﻴﺕ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻟﻪ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻘﺭﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ " ﺒﺩﺭﺨﺎﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ " ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻤﺸﻠﻲ ﺸﺭﺒﻕ ﺍﻟﺒﻼﺩ .ﻭﻗﺎل ﻋﻴﺩ " :ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺘﻨﺤل ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ،ﺘﺘﺤﻭل ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻋﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺭﻋﻴﺔ ) (..ﺇﻟﻰ ﺭﻋﺎﻉ ،ﻭﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺭﻋﺎﻋﻴﺔ ﺘﺸﻜل ﺍﻟﺨﺯﺍﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻟﻜل ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﺅﻻﺀ ﻻ ﻴﺒﻌﺜﻭﻥ
ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻴﻨﺘﺠﻭﻥ ﺤﺎﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻋﺭ ﺍﻟﻤﻌﻤﻡ ". ﻭﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻨﺘﻘﺎﺩﻱ ﻗﻭﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻋﺘﺒﺭﻭﺍ ﺃﻨﻪ ﻴﺭﻭﺝ ﻟـ"ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﺤﻭﺩ " ﻭ " ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﻟﻐﺎﺀ " ﺒﺎﻨﻜﺎﺭﻩ " ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺕ ﻭﺍﻻﻨﺠﺎﺯﺍﺕ " ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻘﻘﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻤﻨﺫ ﺍﺴﺘﻼﻡ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﺎﻡ . ١٩٦٣
ﻭﻜﺎﻥ ﺃﻭل ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺜﻴﻥ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺃﻯ " ﺃﻥ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﻀﺎﺩ ﺤﻴﻭﻱ
ﻟﻠﺨﻭﻑ " ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺘﺒﻌﻪ ﺯﻤﻴﻠﻪ ﻓﻲ " ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ " ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﺒﺎﻨﺘﻘﺎﺩ ﻀﻤﻨﻲ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻡ " ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ ﻏﺎﺼﺕ ﻓﻲ ﻋﻤﻕ ﺠﺭﺤﻨﺎ ﺒﻘﺴﻭﺓ " . ﻭﺃﻋﺭﺏ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺴﻠﻴﻡ ﺒﺭﻜﺎﺕ ﻋﻥ " ﺍﻻﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻭﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺤﻭﺍﺭ ﻭﻨﻘﺎﺵ " ﻤﺸﻴﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻥ " ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻤﻔﺭﻭﺵ ﺒﺎﻟﻭﺭﺩ ﻟﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﻨﻬﺞ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻟﻠﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺓ " ﻓﻲ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺴﻠﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺘﻤﻭﺯ
94
)ﻴﻭﻟﻴﻭ ( ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺭﻜﺎﺕ " :ﺇﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻻ ﻨﻘﺒل ﺃﻥ ﻴﺴﻜﺕ ﺍﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺄ " ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ ﺒﺎﻟﺘﺼﻔﻴﻕ ﻭﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻊ . ﻭﻜﺎﻥ ﻻﻓﺘﺎ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ،ﺇﺫ ﺒﺩﺃ ﻓﻴﺼل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻪ ﺒﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺃﻥ
" ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻴل ،ﻭﺇﻨﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻀﺩ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﻜل ﺒﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﺨﻁﺎﺀ ،ﻭﺨﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺌﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﺍﺒﻴﻥ " ﺩﺍﻋﻴﺎ " ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻨﺩﺍﺩﺍ ﻷﻨﺩﺍﺩ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻴﺯ ﺍﻨﺴﺎﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﺴﺎﻥ ﻫﻭ ﺍﷲ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻌﺏ " ﻜﻤﺎ ﺍﻨﺘﻘﺩ ﺍﺴﻼﻤﻲ ﺁﺨﺭ ﻫﻭ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺤﻤﻭﺩ ﺍﺴﺘﻨﺎﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺈﻟﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻜﺨﻠﻔﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻤﺸﻴﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﻭل ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ " :ﻤﺘﻰ ﺍﺘﻌﺒﺩﺘﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺩ ﻭﻟﺩﺘﻬﻡ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ ﺃﺤﺭﺍﺭﺍ " . ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ٢٠٠١/٨/١٣
•
)(٣ ﺒﻌﺩ ﺩﺨﻭل ﺍﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﻭﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻨﺩﻭﺓ " ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " ﺩﻤﺸﻕ :ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻋﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ * ﺃﻟﻐﻰ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻜﺎﻥ ﻤﻘﺭﺭﺍ ﺃﻥ ﻴﻠﻘﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺴﻤﻴﺭ ﺍﻟﺘﻘﻲ ﻤﺴﺎﺀ ﺃﻤﺱ ﻋﻥ " ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ " ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﺨﻠﻴل ﻤﻌﺘﻭﻕ ﻗﺭﺏ ﺩﻤﺸﻕ ﺒﺎﻟﺘﺯﺍﻤﻥ ﻤﻊ
ﺍﺒﻼﻍ ﻤﺴﺅﻭل ﺒﺎﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻨﻭﺍل ﺍﻟﻴﺎﺯﺠﻲ ﺤﺼﻭﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻀﺎﻓﺔ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﺔ ﺩﻋﺩ ﻤﻭﺴﻰ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ " ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ " ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﻴﻭﻡ ) ﺍﻟﺜﻼﺜﺎﺀ ( . ﻭﺃﻟﻐﻴﺕ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺃﻤﺱ ﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﻀﺎﻓﺔ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻻﺤﺩ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ " ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ " ،ﻭﻜﺎﻥ ﻻﻓﺘﺎ ﺩﺨﻭل ﺍﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺨﻁ
ﻨﺸﺎﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻭﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺒﻌﺩ ﺤﺼﻭﻟﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﻓﻘﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ . ﻭﻗﺎل ﻤﻌﺘﻭﻕ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ " :ﺘﺒﻠﻐﺕ ﻗﺒل ﺍﺭﺒﻊ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻨﻌﻘﺎﺩ ﺍﻟﻨﺩﻭﺓ ﻋﺩﻡ ﺤﺼﻭﻟﻲ ﻋﻠﻰ
ﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ " ﻻﻓﺘﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺘﻘﺩﻡ ﻗﺒل ﺒﻀﻌﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻭﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻓﻘﻁ ﻟﻠﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﺸﻬﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺨﻤﺴﺔ ﺸﺭﻭﻁ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺘﺘﻀﻤﻥ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺭﺨﺼﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻭﺘﻘﺩﻴﻡ ﻨﺴﺨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻭﻤﻤﻜﺎﻥ
ﺍﻨﻌﻘﺎﺩﻫﺎ ﻭﻋﺩﺩ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻗﺒل ﺍﺴﺒﻭﻋﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﻋﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ،ﻭﻗﺎل ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻘﺭﻴﺒﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﻌﺘﻭﻕ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺃﻨﻪ ﺘﺒﻠﻎ " ﺃﻥ ﻤﺎ ﺤﺼل ﻟﻤﻤﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻜﺎﻥ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺤﺼﻠﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺭﺴﻤﻴﺔ " . 95
ﻭﻴﻌﺘﻘﺩ ﻤﺭﺍﻗﺒﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺍﺭﺕ ﺃﻭل ﺃﻤﺱ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ،ﻏﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺒﺩﺃ ﺒﻜﻼﻡ ﻨﻅﺭﻱ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻤﻭﻤﺎ ،ﺜﻡ ﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻌﺩ ﺘﺤﻤﺴﻪ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻤﺩﺍﺨﻼﺘﻬﻡ ﻭﺘﻭﺠﻴﻪ ﺍﻨﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﺘﻘﺩﻴﻤﻪ "ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻨﻅﺭﻴﺔ " ﺃﻭ " ﻤﻁﺎﻟﻌﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ " ﺃﻭ " ﻤﻁﺎﻟﻌﺔ ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯﻴﺔ ".
ﻭﻗﺎل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺴﻠﻴﻡ ﺒﺭﻜﺎﺕ )ﺒﻌﺜﻲ ( " :ﺍﻨﻨﻲ ﻤﻁﻤﺌﻥ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻭﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﺒﻪ ﻤﻥ ﺤﻭﺍﺭ ﻭﻨﻘﺎﺵ " ﻤﺸﻴﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻥ " ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻤﻔﺭﻭﺵ ﺒﺎﻟﻭﺭﺩ ﻟﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﻨﻬﺞ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻟﻠﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ " ﻓﻲ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺴﻠﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺘﻤﻭﺯ )ﻴﻭﻟﻴﻭ ( ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺭﻜﺎﺕ " :ﺇﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻻ ﻨﻘﺒل ﺃﻥ ﻴﺴﻜﺕ ﺍﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺄ " ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ ﺒﺎﻟﺘﺼﻔﻴﻕ ﻭﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻊ .
ﻭﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﻓﻘﺩ ﺒﺩﺃ ﻓﻴﺼل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻪ ﺒﺎﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺃﻥ " ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻴل ،ﻭﺇﻨﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻀﺩ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﻜل ﺒﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﺨﻁﺎﺀ ،ﻭﺨﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺌﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﺍﺒﻭﻥ " ﺩﺍﻋﻴﺎ " ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻨﺩﺍﺩﺍ ﻷﻨﺩﺍﺩ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻴﺯ ﺍﻨﺴﺎﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﺴﺎﻥ ﻫﻭ ﺍﷲ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻌﺏ " ﻭﺨﺘﻡ ﺒﻘﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ " ﻻ ﻴﻐﻴﺭ ﺍﷲ ﻤﺎ ﺒﻘﻭﻡ ﺤﺘﻰ ﻴﻐﻴﺭﻭﺍ ﻤﺎ
ﺒﺄﻨﻔﺴﻬﻡ " ﺯﺼﻔﻕ ﻟﻪ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻨﺘﻘﺩ ﺍﺴﻼﻤﻲ ﺁﺨﺭ ﻫﻭ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺤﻤﻭﺩ ﺍﺴﺘﻨﺎﺩ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺈﻟﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻜﺨﻠﻔﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻤﺸﻴﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﻭل ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ " :ﻤﺘﻰ ﺍﺘﻌﺒﺩﺘﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺩ ﻭﻟﺩﺘﻬﻡ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ ﺃﺤﺭﺍﺭﺍ " . •
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ٢٠٠١/٨/١٣
96
ﻤﻠﻑ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﻋﺩﺍﺩ :ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ )*(١ ﻜﺎﻥ ﻨﻤﻭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ – ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻜﺎﻟﻔﻁﺭ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ،ﺒﻤﺎ ﺤﻤﻠﺘﻪ ﻤﻥ ﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﻭﻤﺩﺍﻭﻻﺕ ﺘﺯﺍﻤﻨﺕ ﻤﻊ ﺼﺩﻭﺭ ﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﻤﺜل
ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ ٩٩ﻭﺒﻴﺎﻥ ﺍﻷﻟﻑ .
ﻭﻴﺴﺠل ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﺍﻨﻪ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻜﺴﺭ ﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺩﻋﺎ ﻓﻲ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﻓﻲ ١٧ﺘﻤﻭﺯ )ﻴﻭﻟﻴﻭ ( ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺭﺍﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺒﻌﺩﻡ ﺍﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺘﻁﻜﻭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺎﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺔ ﺃﻭ ﺸﺭﻴﺤﺔ ﺃﻭ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻤﺎ ﺸﺠﻊ ﻨﺸﻁﺎﺀ ﻤﻌﻅﻤﻬﻤﻤﻥ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺘﺤﻭل ﻤﻨﺎﺯﻟﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺘﺴﺘﻀﻴﻑ ﻤﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺃﻓﻕ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ .
ﻭﻜﺎﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻗﺸﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟـ ١٢ﺍﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻭﻗﺒﻭل ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﺒﻁﺭﺤﻬﻡ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﻤﺴﺘﻘﺭﺓ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻻﺼﻼﺤﻲ ،ﻭﺍﺴﺘﻌﺠﺎ ﻻﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ،ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻏﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺃﻭ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻤﺒﺩﺃ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻗﺎﺌﺩﺍ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﺍﺭﺘﻜﺎﺒﻬﻡ ﺃﺨﻁﺎﺀ ﺃﻫﻤﻬﺎ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻤﺭ ﺍﻴﺠﺎﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ
ﺍﻻﺨﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺭﻩ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻨﺴﻔﺎ ﻟﺜﻼﺜﺔ ﻋﻘﻭﺩ ﻭﺇﺴﺎﺀﺓ ﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ . ﻭﻗﺎل :ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻗﺎﻡ ﺒﺼﺩﻕ ﺒﺩﻋﻡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻭﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﺃﻱ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻨﺘﻬﺎﺯﻴﻭﻥ ،ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺯﻴﻭﻥ ﻴﻌﺭﻗﻠﻭﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ،ﻴﻘﻔﻭﻥ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﻬﺎ ، ﻻﻓﺘﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﻜﻠﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻫﻭ ﺃﺴﺎﺴﺎ ﻤﻥ ﺭﻤﻭﺯ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﻤﻥ
ﺘﻜﻠﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﺴﺔ ،ﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻴﺸﻬﺩ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻫﻡ ﺃﻋﺩﺍﺌﻬﺎ ،ﻭﺒﻌﺽ ﻤﻤﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻫﻭ ﻤﻥ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻭﻀﻌﻭﺍ ﺍﻟﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﺨﺘﺒﺅﻭﺍ ﺨﻠﻔﻬﺎ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ . ﻭﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻅﺭﻭﻑ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻭﻟﻤﺎ ﻗﻴل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻅﻬﺭ ﺍﺠﻤﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﺠﻤﻴﺩ ﻨﺸﺎﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺒﺎﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺒﺎﻟﺴﻤﺎﺡ ﻟﻪ ﺸﻔﻭﻴﺎ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﻤﻨﺤﻪ ﺘﺭﺨﻴﺼﺎ ﻤﻜﺘﻭﺒﺎ ﻷﻨﻪ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻱ ﻜﺘﻠﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﻨﺫ
97
، ١٩٧٢ﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻭﻀﻊ ﺍﻷﺴﺩ ﺨﻁﻭﻁﺎ ﺤﻤﺭﺍ ﻫﻲ :ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺃﻫﺩﺍﻓﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻨﻬﺞ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ،ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ. ﻭﺘﺴﺎﺀل ﺍﻷﺴﺩ ﻓﻲ ﺤﺩﻴﺙ ﺇﻟﻰ ﺼﺤﻴﻔﺔ ﻟﻭﻓﻴﻐﺎﺭﻭ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ :ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻠﺠﺄ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﻤﻥ
ﺃﻏﻠﻘﺕ ﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺘﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻐﻠﻕ ﻓﻲ ﻓﺒﺭﺍﻴﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ؟
ﻭﻗﺎل :ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻭل ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﺃﻱ ﻤﻅﻬﺭ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻫﻭ ﻤﻅﻬﺭ ﻭﻫﻤﻲ ﻭﻏﻴﺭ ﺤﻘﻴﻘﻲ . ﻭﻷﻥ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺼل ﻓﻲ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .
ﺘﻨﺸﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻨﺹ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ
ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻻﺘﺎﺴﻲ . ﻭﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ،ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ﻋﻥ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ . ﻭﺘﺸﻴﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻻ ﻴﻌﻜﺱ ﻤﻭﻗﻔﻬﺎ ،ﺒل ﺠﺎﺀ ﻷﻨﻬﺎ ﺃﻭل
ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺃﻟﻘﻴﺕ ﺒﻌﺩ ﺍﻏﻼﻕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﺍﻵﺘﻴﺔ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻱ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ.
ﺒﺩﺃﺕ ﺍﻷﻤﺴﻴﺔ ﺒﻜﻠﻤﺔ ﺃﻗﺎﻫﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﺤﺒﻴﺏ ﻋﻴﺴﻰ ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻤﻊ ﺍﺴﺘﻬﻼل ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﺓ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ (...) .ﻓﻘﺎل : ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﺎﺌﻔﻴﻥ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﺨﺎﺌﻔﻴﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺨﻁﻭﻁ ﻤﺘﻘﺎﺭﺒﺔ ﺇﺫﺍ ﺍﻨﻁﻠﻘﻨﺎ ﻤﻥ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﻭﺍﺴﺘﺒﻌﺩﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻭﺭ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﺎﻓﻰ ﻤﻥ ﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ﺘﻜﺒل ﺤﺭﻜﺘﻪ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ .
ﺍﻟﺨﺎﺌﻔﻭﻥ ﻤﻥ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﻴﺒﺭﺭﻭﻥ ﻤﻭﺍﻗﻔﻬﻡ ) ﺒﻌﺩ ﺍﺴﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻤﺒﺭﺭ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﺃﺴﺎﺱ ( ،ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺨﺎﻓﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﻴﺨﺸﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺴﺭﻉ ،ﻭﺃﻨﻬﻡ ﻀﺩ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻀﺩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻤﻊ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ، ﻭﺃﻨﻬﻡ ﻀﺩ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺭﻗﺔ ﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺎﹰ ،ﻭﻴﺨﺸﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻐﻔل ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ
ﻋﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ،ﻭﺃﻨﻬﻡ ﻴﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻘﻀﺕ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎل
ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﺃﻨﻬﻡ ﻴﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻗﺎﺌﺩﹰﺍ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺃﻨﻬﻡ ﻀﺩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻻ ﺘﻠﻴﻕ ﺒﻨﺎ ،ﻷﻥ ﻅﺭﻭﻓﻨﺎ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻨﺎﻀﺠﺔ ،ﻭﺃﻨﻬﻡ ﻴﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻋﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ،ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺇﻟﻰ ﺁﺨﺭ ﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﻟﻠﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﺤﻤﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻨﻌﺭﻑ ﻤﻥ ﻭﻀﻌﻬﺎ .
ﺇﻥ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻨﻁﻠﻕ ﻤﻨﻪ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻷﺼل ،ﻭﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺴﻭﺀ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻁﺎﺭﺉ ﻭ
ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺇﺜﺒﺎﺕ ،ﺇﻥ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻴﺩﻓﻌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻥ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺤﺭﺹ ﻻ ﻴﺨﺘﻠﻑ 98
ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺤﺩ ،ﻭﺃﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺨﺎﻀﻊ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﻭﻻ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﻭﺍﻻﻨﻔﻌﺎﻻﺕ ﻭﺭﺩﻭﺩ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺒﺭﺭﺓ . ﻟﻘﺩ ﺭﺍﺠﻌﺕ ﻜل ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻤﻥ ﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎﹰ ،ﻭﺘﺎﺒﻌﺕ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﺍﺭﺕ ﻓﻲ
ﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻓﻠﻡ ﺃﺠﺩ ﻤﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻫﺩﻡ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻟﻡ ﺃﻋﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ
ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﺒﺎﻟﺘﺩﺨل ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﺼﻬﺎﻴﻨﺔ ﺇﻻ ﺒﺼﻔﺘﻬﻡ ﺃﻋﺩﺍﺀ ﻟﻸﻤﺔ ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻟﻡ ﻨﺼﺎﺩﻑ ﻤﻥ ﻴﺘﻬﺠﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻘﻀﺕ ،ﺼﺎﺩﻓﻨﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﻟﻠﺘﻐﻴﻴﺭ ﻭﺍﻻﻨﻌﺘﺎﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻁﺎﺭﺌﺔ ﻭﺘﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺭﻓﻊ ﻭﺼﺎﻴﺔ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺘﻔﻌﻴل ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺘﺤﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺴﻭﺍﺀ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ ،ﻭﺼﺎﺩﻓﻨﺎ
ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻓﻬل ﻴﻔﻬﻡ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﻜﻠﻪ ﺃﻨﻪ ﺘﻬﺠﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻘﻀﺕ ،ﺃﻡ ﺃﻨﻪ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻔﻬﻡ ﻀﻤﻥ ﺴﻴﺎﻗﻪ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻜﺩﻋﻭﺓ ﺘﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻟﺘﺒﻨﻴﻪ ،ﻭﻻ ﺘﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﺨل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﻤﺎﻟﻪ ﻭﻤﺎ ﻻ ﻟﻠﻔﻌل ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ . ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺒﺄﻱ ﺤﺎل ﻤﺠﺎ ﹰ
ﺼ ﱠﺩﻗﹶﻙ ﻨﻘﻭل ﻹﺨﻭﺍﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺼ َﺩﻗﹶﻙ ﻻ ﻤﻥ َ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻷﺨﻭﺓ :ﺍﻨﻁﻼﻗ ﹰﺎ ﻤﻥ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﻤﻥ َ
ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﺩﺴﺎﺘﻴﺭ ﻟﻡ ﻭﻟﻥ ﺘﺼﻨﻊ ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻗﺎﺌﺩﹰﺍ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻏﺎﻟﺒﹰﺎ ﻤﺎ ﺃﻓﺭﻏﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻤﻥ ﻤﻀﺎﻤﻴﻨﻬﺎ ﻭﺤﻭﻟﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺠﻬﺎﺯ ﻤﻥ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ .ﻭﺍﻷﻤﺜﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻻ ﺘﻌﺩ ﻭﻻ ﺘﺤﺼﻰ ،ﻭﻨﺤﻥ ﻜﻘﻭﻤﻴﻴﻥ ،ﻭﺒﻜل ﺍﻟﺘﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺩﻋﻭ ﺇﻟﻴﻪ ﻨﺄﻤل ﻓﻲ ﺃﻥ
ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﺭﻴﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻌﻀﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺘﻪ ﻻ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻭ ﺒﻌﻀﹰﺎ ﻤﻥ ﺃﺠﻬﺯﺘﻬﺎ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻡ ﺘﻔﺘﻙ ﺒﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺤﺴﺏ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﺘﻬﻤﺕ ﺃﺤﻼﻡ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺤﻜﻤﻭﻫﺎ ...ﻓﻠﻨﺴﺘﻌﺩ ﺃﺤﻼﻤﻨﺎ ﻤﻌﹰﺎ ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻋﺩﻭ ﻻ ﻴﺴﺘﺜﻨﻲ ﺃﺤﺩﹶًﺍ ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﺔ ﻤﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ...
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻷﺨﻭﺓ
ﺇﻥ ﻫﺎﺠﺴﻨﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻟﻘﺩ ﺃﻀﻨﺘﻨﺎ ﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺼﺭﺍﻋﺎﺘﻪ ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﺴﻴﺒﻘﻰ ﺴﺎﺤﺔ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﻤﻥ ﺍﺠل ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻭﻗﺩ ﺃﺜﺒﺕ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻭﻗﻭﺍﻩ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻤﻘﺩﺭﺓ ﻭﺴﻤﻭﹰﺍ ﻗل ﻨﻅﻴﺭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺩﺍﻋﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻟﺘﺼﺤﻴﺤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻷﻤﺔ ﻜﻠﻬﺎ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻟﺤل ﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ،ﻭﺒﺤﻴﺙ
ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻫﻭ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﻌﻤل ﺤﺼﺭﹰﺍ ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ، ﻭﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﻨﺴﻤﺢ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺃﻥ ﺘﻨﻘﻠﺏ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ . 99
ﻟﻬﺫﺍ ﻜﻠﻪ ﻨﺄﻤل ﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻟﻠﻨﺸﺎﻁ ﻭﺍﻟﻌﻁﺎﺀ ﻭﺃﻥ ﺘﻌﻭﺩ ﻤﺸﺎﻋﻠﻬﺎ ﻟﺘﻀﻲﺀ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ،ﻓﺒﺎﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺒﺎﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺤﺩﻩ ﻨﺴﺘﺭﺸﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ .ﻭﻨﺤﻥ ﻻ ﻨﻘﻭل ﻀﻤﺩﻭﺍ ﺠﺭﺍﺤﻨﺎ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻨﻘﻭل ﺩﻋﻭﻨﺎ ﻨﻀﻤﺩ ﺠﺭﺍﺤﻨﺎ ﺒﺄﻴﺩﻴﻨﺎ ،ﺩﻋﻭﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﻤﻘﺩﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﺭﺍﺯ ﺍﻟﺼﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ..ﺩﻋﻭﺍ ﺠﻬﺎﺯﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﻲ ﻴﻌﻤل ﺒﻁﺎﻗﺘﻪ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ...
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻷﺨﻭﺓ ﺤﺘﻰ ﻨﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻨﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﺁﻓﺔ ﻓﺘﺎﻜﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ . ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻫﻭ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ،ﻭﻫﻭ ﻏﻨﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ،ﻓﻤﻨﺫ
ﻓﺘﺭﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻭﻫﻭ ﻴﻌﻤل ﻤﺴﺤﺭﺍﺘﻴﹰﺎ ﻓﻲ ﻭﻁﻨﻪ ،ﺃﻥ ﺃﻓﻴﻘﻭﺍ ﻤﻥ ﺘﺤﺕ ﻜﻭﺍﺒﻴﺴﻜﻡ ﻭﺍﻗﺘﻠﻭﺍ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺫﻭﺍﺘﻜﻡ ،ﻭﺍﺴﺘﻌﻴﺩﻭﺍ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺘﻜﻡ . ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻪ ﻓﻠﻴﺘﻔﻀل .
ﻨﺹ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ.. • ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ٢٠٠١/٧/٨ )*(٢ ﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻋﺩﺩ ﺃﻤﺱ ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﻘﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ،ﻭﺘﻨﺸﺭ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﻌﻘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ ﻭﺍﻟﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺁﺭﺍﺀ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻋﻴﺩ :
ﺩ .ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺅﺸﺭ ﻋﻠﻰ ﺤﺎﺠﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻜل ﻗﻁﺎﻉ ﻭﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﻜل ﺯﺍﻭﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﻜل ﻤﺠﺎل ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻁﺭ ،ﺇﻟﻰ ﺇﺸﺭﺍﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﻓﻲ ﻜل ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻭﻜﺒﻴﺭﺓ ﺱ ﻗﻀﺎﻴﺎﻨﺎ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ .ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻟﺩﻴﻪ ﻤﻀﺎ ﺩ ﺤﻴﻭﻱ ﻟﻠﺨﻭﻑ ،ﻟﻴﺱ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺘﻤ
ﺇﻟﻰ ﺩﻋﻡ ﺨﻠﺭﺠﻲ ﻟﻜﻲ ﻴﻘﻭل ﻜﻠﻤﺔ ﺤﻕ .ﺇﻴﻤﺎﻨﻪ ﺒﻭﻁﻨﻪ ،ﺇﻴﻤﺎﻥ ﻜل ﻓﺭﺩ ﺒﻭﺍﺠﺒﻪ ﺘﺠﺎﻩ ﺸﻌﺒﻪ ﻫﻭ ل ﻜﺎﻤل ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﺴﻥ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻥ ،ﻟﻡ ﻴﺘﻌﻭﺩ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩ ﺍﻟﺤﻴﻭﻱ ﻭﺍﻟﻤﺎﻨﻊ ﻟﻠﺨﻭﻑ .ﺠﻴ ٌ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ .ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﻯ ﻗﻠﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺠﺩﹰﺍ ﻤﻨﻪ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻨﻤ ﺩ ﻟﻪ ﻴﺩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻨﺸﺠﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﻗﺩﻤﻴﻪ ﻟﻜﻲ ﻴﺄﺨﺫ ﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺭﺴﻡ ﻭﺒﻨﺎﺀ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺒﻠﺩ .ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ُﻭﻀﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻴل ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﻌﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﻤﻥ ﻗﻭل ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﻕ ،ﻤﺎﺘﺕ ﻭﺸﺎﺨﺕ ﻭﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﺼﻠﺢ ﺇﻁﺎﺭﹰﺍ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ،ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻁﻼﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ،ﺤﺭﻴﺔ
ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻘﻭل ﻏﻴﺭ ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻭﺯﻴﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺩﻴﺭ ،ﻭﻻ ﻴﻜﻭﻥ 100
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺒﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺃﻭ ﻜﺫﺍ ﺃﻭ ﻜﺫﺍ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺴﻤﻴﺎﺕ ﻭﻤﻊ ﺤﻔﻅ ﺍﻷﻟﻘﺎﺏ .ﻻﺒﺄﺱ ﺃﻥ ﻴﺠﻠﺱ ﺭﺠل ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ ﺃﻭ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻟﻜﻥ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺃﺜﺒﺕ ﻴﻭﻤﹰﺎ ﺒﻴﻭﻡ ﺃﻨﻪ ﻴﺅﺩﻱ ﺨﺩﻤﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﺃﻭ ﻟﺸﻌﺒﻪ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻟﻤﺩﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻴﺜﺒﺕ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻔﻌل ﺇﻻ ﺍﻹﻀﺭﺍﺭ
ﺒﻤﻨﻅﻤﺘﻪ ،ﺍﻹﻀﺭﺍﺭ ﺒﻤﺠﺘﻤﻌﻪ ،ﺍﻹﻀﺭﺍﺭ ﺒﺸﻌﺒﻪ ،ﻓﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻴﺴﺘﻤ ﺩ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ؟! ﺇﺫﹰﺍ ﺠﻴل ﻲ ﺤﺎﻟﻴﺎﹰ ،ﻨﺴﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻨﺤﻜﻤﻪ ﻤﻥ ﺒﺄﻜﻤﻠﻪ % ٧٥ ،ﻤﻥ ﺸﻌﺏ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤ
ﺠﺩﻴﺩ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻟﺘﻌﻭﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺴﻜﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ .ﺴﺄﻜﺘﻔﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻋﻠﻲ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻻ ﺃﺸﻜﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ .ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺘﻌﺭﻑ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻴﺭ ،ﺃﻭ ﹰ ﺒﻌﺩﻴﻥ :ﺒﻌﺩ ﻨﻘﺩﻱ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﻤﻨﺒﺜﻕ ﻋﻥ ﺍﻷﻭل :ﺒﻌﺩ ﺘﺠﺭﻴﺒﻲ .ﻤﺎ ﹸﻗﺩﻡ ﻓﻲ ﻨﺹ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻷﻭل ،ﺃﻱ ﻜﺸﻑ ﺍﻟﻐﻁﺎﺀ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻷﻗﻨﻌﺔ ﻋﻨﻪ .ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻌﺩ، ﺃﺭﻯ ﺒﺘﻘﺩﻴﺭﻱ ﺃﻨﻪ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﻻ ﻴﺴﺘﻭﻱ .ﺤﺒﺫﺍ ﻟﻭ ﺤﺩﺜﻨﺎ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻥ ﻤﺨﺭﺝ ،ﺃﻱ ﺤل ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻴﺤﺎﻜﻲ ﺍﻟﻤﺨﺭﺝ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻜل ﻓﺭﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ.
•ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﻟﻘﺩ ﺍﺴﺘﻤﻌﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻭﺠﺩﺍﻨﻴﺔ ﺭﺍﺌﻌﺔ ،ﻭﻗﺩ ﻏﺎﺹ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﻋﻤﻕ ﺠﺭﺤﻨﺎ ﺒﻘﺴﻭﺓ ﺤﺘﻰ ﻜﺎﺩ ﻴﺫﻜﺭﻨﺎ ﺒﺄﻨﻨﺎ ﺒﺸﺭ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻨﺎ ﺤﺎﻭﻟﻨﺎ ﺩﺍﺌﻤ ﹰﺎ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻨﺎ ﺍﻟﺒﺎﻁﻥ ﺃﻥ ﻨﻨﺴﻰ ﻋﻠﱢﻤﻨﺎ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ﻋﻥ ﻋﻭﺍﻗﺏ ﻤﻥ ﻴﺘﺫﻜﺭ ﻨﻔﺴﻪ .ﻟﻘﺩ ﺃﺨﺎﻓﻭﻨﺎ، ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃُﻓﻬﹺﻤﻨﺎ ﻭ ُ ﺃﺨﺎﻓﻭﺍ ﺸﺠﻌﺎﻨﻨﺎ ،ﻤﺜﻘﻔﻴﻨﺎ ،ﺭﺠﺎﻟﻨﺎ ،ﻨﺴﺎﺌﻨﺎ ،ﺃﻁﻔﺎﻟﻨﺎ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻀﺤﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺠﺯﺀﹰﺍ ﻓﻌﻠﻴﹰﺎ ﻤﻥ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ
ﻭﻓﻜﺭﻨﺎ .ﻫل ﻤﺤﻜﻭﻡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺨﻭﻑ ؟! ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل :ﻜﻴﻑ ﺘﺭﻯ ﻴﺎ ﺩﻜﺘﻭﺭ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻲ ﻭﻫل ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺠﺭﺃﺓ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﻤﻤﻥ ﻨﻁﺎﻟﺏ ﺒﻬﺎ ،ﻭﻜﻡ ﻫﻲ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺫﻱ ُﺒ ﻨ َ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ؟ •ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺴﻠﻴﻡ ﺒﺭﻜﺎﺕ ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻠﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ،ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻷﺼﺤﺎﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ .ﺃﺼﺒﺤﻨﺎ ﻨﻌﺘﺒﺭ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻭﺇﻥ ﻜﻨﺎ ﻨﻤﺜل ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﻓﻴﻪ .ﺠﺌﺕ ﻤﺩﻓﻭﻋﹰﺎ ﺒﺎﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﻷﻨﻨﻲ ﻓﺘﺸﺕ ﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﻷﺭﻯ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺒﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻠﻡ ﺃﺠﺩ ..ﺠﺌﻨﺎ ﻟﻨﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻟﻜﻲ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺨﻭﻑ 101
ﺒﺸﺫﺭﺍﺕ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ،ﻗﻴل ﻫﺫﺍ ﻭﻗﻴل ﻫﺫﺍ… ﺃﻨﺎ ﻤﻁﻤﺌﻥ ﻟﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ، ﻭﻤﻁﻤﺌﻥ ﻷﺼﺤﺎﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻭﻤﺅﺴﺴﻴﻪ .ﻭﻜل ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻔﺎﺌﻠﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﺥ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺃﻋﺭﻑ ﺍﺴﻤﻪ ،ﻓﺄﻨﺎ ﺃﻗﻭل ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻤﻔﺭﻭﺵ ﺒﺎﻟﻭﺭﺩ ﻟﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﺎﻋل ﻭﻁﻨﻴﺎﹰ ،ﻟﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ
ﻴﻌﻤل ﻭﻁﻨﻴﺎﹰ ،ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻟﻠﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ .ﻻ ﺃﻗﺒل ﺇﻁﻼﻗﹰﺎ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴُﻘﺎل ﺨﻭﻓﺎﹰ ،ﻓﻠ ﹶﻨﻘﹸل ﻤﺎ ﺸﺌﻨﺎ .ﻭﺜﻘﻭﺍ ﺘﻤﺎﻤﹰﺎ ﺃﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻭﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ،ﻻ ﻨﻘﺒل ﺃﻥ ﻨﺴﻜﺕ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﺄ ﺇﻁﻼﻗﺎﹰ " ،ﻭﻴﺩﻜﻡ ﻭﻤﺎ ﺘﻁﻭل " ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ .ﺘﻔﻌﻴل ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﺭﺭ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺸﻴﺌﹰﺎ ﻓﻠﻴﻘﺭﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻤﺎ ﻴﺸﺎﺀ ،ﻭﻟﻥ ﻨﺭﻯ ﻴﺩﹰﺍ ﺘﻤﺘﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﻜﻤﺎ ﺘﻤﺘﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ .ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻁﺒﻌﹰﺎ ﺃﻨﺎ ﺃﺨﺘﻠﻑ ﻤﻊ ﺍﻷﺥ ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻨﺯﻋﺔ ﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺘﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﻕ ،ﻭﺍﻟﻘﻠﻕ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ " ،ﻭﺍﻟﻠﻲ ﻤﺎ ﺒﻴﺨﺎﻑ ﻤﺎ ﺒﻴﺨﻭﻑ " ﻭﻫﻭ ﻟﻴﺱ ﻨﺯﻋﺔ ﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺔ ﺇﻁﻼﻗ ﹰﺎ .ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﻕ ،ﻭﺍﻟﻘﻠﻕ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ .ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻋﺭﺒﻴﺎﹰ، ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻗﺎﺌﻤﹰﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻗل ﻤﻥ ﻗﺭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﷲ ﺃﻜﺒﺭ ﺘﻠﻌﻠﻊ ﻓﻲ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﺭﺒﺎﻉ ﺍﻟﻜﺭﺓ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ ﺒﻔﻀل ﺍﻟﺴﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ .ﻭﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻻ ﺘﺩﻓﻌﻨﺎ ﻟﻜﻲ ﻨﺨﺎﻑ .ﺃﻓﻼﻁﻭﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻭﺃﺭﺴﻁﻭ ﻜﺎﻥ ﺭﺩﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻼﻁﻭﻥ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻙ ﺘﻔﻬﻡ ﺃﻓﻼﻁﻭﻥ
ﺨﻁﺄً ،ﻭﺃﻨﺎ ﺍﺨﺘﺼﺎﺼﻲ ﻓﻠﺴﻔﺔ .ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻭ ﺘﻔﻌﻴل ﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ،ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻫﻨﺎﻟﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﺘﻠﻁ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ .ﻭﺃﺭﺠﻭ ﻟﻭ ﻜﻨﺕ ﺃﺴﻤﻊ ﻤﻨﻙ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﺒﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ .ﻜل ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﻋﺩﺩﺘﻬﻡ ﻫﻡ ﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﻭﺍﺘﺤﺎﺩ ﻜﺘﺎﺏ ﻋﺭﺏ ﻭﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ،ﻓﻬﺅﻻﺀ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ،ﻫﺫﻩ ﻫﻲ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻟﻬﺎ ﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﻘﻭل ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ
ﺒﺩﻭﻥ ﺨﻭﻑ .ﻁﺒﻌﹰﺎ ﻨﺤﻥ ﻤﺎ ﻜﻨﺎ ﻨﺨﺎﻑ ﺇﻁﻼﻗﹰﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻜﻠﻡ ﺍﻟﺴﻔﻴﺭ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻭﺍﻟﺴﻔﻴﺭ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﻀﻪ ،ﻭﻤﺎ ﺨﻔﻨﺎ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺩﺨل ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻼ ﻼ ﻭﺴﻬ ﹰ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻨﺤﺘﺭﻤﻪ ﻭﻨﻘﺩﺭﻩ ،ﻭﻨﺤﺘﺭﻡ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻴﻔﻌل ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﺃﻫ ﹰ ﺒﻪ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ،ﻭﻀﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﻟﹼﺩﻩ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﺒﻜل ﺭﻭﺍﺌﺤﻪ ﺍﻟﻜﺭﻴﻬﺔ .ﻭﻟﻜﻥ ﻟﻲ ﻤﻼﺤﻅﺔ :ﺸﻌﺭﺕ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﺒﺎﻟﻅﻠﻡ ﻟﺸﻌﺒﻨﺎ ،ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻜﻜل ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ﻫﻲ ﻤﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺎﺘﻨﺎ .ﻭﻟﻜﻥ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻼ ﻴﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﺨﻭﻑ ﻭﻓﻲ ﺭﻋﺏ، ﺃﻗﻭل ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﻴﻌﻴﺵ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﻴﻀﻁﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻤﺠﺭﻴﺎﺕ ﺍﻷﻤﻭﺭ ،ﻓﻌ ﹰ ﻷﻨﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴُﺅﺨﺫ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺫﻨﺏ ،ﺠﺎﺭﻱ ﺃﻭ ﺼﺩﻴﻘﻲ ﺃﻭ ﺍﺒﻥ ﺼﺩﻴﻘﻲ ،ﻓﺄﻨﺎ ﺃﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻏﺩﹰﺍ
102
ﻲ .ﻓﻠﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻤﻨﹼﺎ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﻤﻤﻥ ﺃُﺨﺫﻭﺍ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻨﻌﻠﻡ ،ﺒﺫﻨﺏ ﺃﻭ ﺒﺩﻭﻥ ﺫﻨﺏ .ﻷﻨﻪ ﻟﻡ ﻋﻠ ﻨ َﺭ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺒﺸﻜل ﺸﻔﺎﻑ ﻜﻤﺎ ﻨﺩﻋﻲ ،ﻭﻤﺎﺯﺍﻟﺕ ﺍل " ﺘﺎﺒﻭ " ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺤﺭﻡ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻫﻭ ﺃﻥ ﺘﺘﻜﻠﻡ ﻋﻥ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻻ ﺘﹸﻁﺎل ،ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﻤﻁﻠﻘﺔ
ﺍﻟﺼﻼﺤﻴﺔ ،ﻭﻜل ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺃﺭﻗﺎﻡ ﺘﺄﺨﺫﻫﻡ ﻜﻤﺎ ﺘﺭﻴﺩ .ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻴﻁﻴل
ﺃﻱ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻟﺤﻜﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻟﻴﺱ ﺠﺒﺎﻥ ﺒﺎﻟﻔﻁﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺘﻤﺩﻨﺎ ﺒﻤﻌﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻭﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻠﻤﻨﺎﻫﺎ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺜل ﻴﻘﻭل " : ﺍﻟﻌﻴﻥ ﻻ ﺘﺤﺎﺭﺏ " .ﻓﻨﺘﻤﻨﻰ ﺃﻻ ُﻴ ﹾﻔﻘﹶﺩ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺒﺸﻌﺒﻨﺎ ،ﻭﺃﻥ ﻨﺩﻟﹼﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻀل ﻁﺭﻴﻕ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺃﻥ ﻨﺘﺼﺎﻟﺢ ﻤﻊ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﻨﺤﻥ ﻟﺴﻨﺎ ﺃﻋﺩﺍﺀ .ﻨﺤﻥ ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻌﻴﺵ ﻓﻲ
ل ﻤﻨﺎ ﺤﻘﻭﻗﻪ ،ﺒﻤﻁﻠﻕ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ،ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺩل ﻓﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻴﻌﺭﻑ ﻓﻴﻪ ﻜ ّ ﺍﻟﻌﺩل ،ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﺤﺘﺭﻤﺎﹰ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻭﻤﻌﻠﻨﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻜﻤﺎل ﺍﻟﻠﺒﻭﺍﻨﻲ ﻻ ﺃﻨﺎ ﺃﻗﻭل ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﺤ ﻴﹰﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﺃﻓﻀل ﻤﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﺡ ﺃﻭ ﹰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،ﻟﻜﻨﻲ ﺃﺩﻋﻭﻜﻡ ﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ،ﻭﻤﺸﺎﻫﺩﺓ ﻜﻡ ﻫﻭ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﻤﺠﺎﻨﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺩﻋﻭﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻗﺎﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺼﺒﺤﻭﺍ ﻤﺠﺎﻨﻴﻨﹰﺎ ﺇﻻ ﻷﻨﻬﻡ ﻫﺭﺒﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ .ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﻭﺤﺩ
ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻟﺴﻔﻠﻰ ﻤﻊ ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻴﺘﻐﻴﺭ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻥ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻓﻴﺼﺒﺢ ﺒﺩل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺴﻠﻭﺒﹰﺎ ﻭﻀﻌﻴﻔﹰﺎ ،ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻗﻭﻱ ﻭﻗﺎﺩﺭ… ﻓﻴﺘﻭﺤﺩ ﻤﻊ ﻋﻨﺼﺭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﻴﻔﻘﺩ ﺇﻴﻤﺎﻨﻪ ،ﻭﻴﻔﻘﺩ ﻫﻭﻴﺘﻪ ،ﻭﻴﻔﻘﺩ ﻋﻘﻠﻪ .ﺇﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺒﻁﺵ ﺒﺸﻜل ﻤﻨﺘﻅﻡ ﻭﻤﺴﺘﻤﺭ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺩﻴﻡ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺨﻭﻑ ﺇﻟﻰ ﺸﻌﻭﺭ ﺠﻤﻌﻲ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺍﻟﺠﻤﻌﻲ ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺘﺯﺭﻉ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﺎ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺸﻜل ﻗﻴﻡ ،ﻓﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺭﻗﻴﺏ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﻗﻴﺏ ﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻭﻴﺼﺒﺢ ﺴﻠﻭﻙ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻁﺒﻭﻋ ﹰﺎ ﺒﺎﻟﻁﺎﻋﺔ .ﻭﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤ ﺭ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﺒﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ،ﻭﺍﻟﻁﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒﺔ ﻫﻲ ﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﻁﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻨﻘﺘﻨﻊ .ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺠﺒﺭﻨﺎ ﺇﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻨﺄﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺜﺎل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل ٣=١+١ﻭﻫﻭ ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻨﻪ ،٢=١+١ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌﺭﻑ ﺃﻨﻪ ،٢=١+١ﻭﻫﻭ ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﻌﺭﻑ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻨﻪ ،٢ﻓﺎﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻫﻭ ﺘﺤﻁﻴﻡ ﻭﻋﻴﻪ ،ﺘﺤﻁﻴﻡ ﺃﻨﺎﻩ
ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻭﺘﺤﻭﻴﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻜﺎﺌﻥ ﻤﺴﻠﻭﺏ ﻴﺘﻨﻔﺱ ﺒﺄﻤﺭ ،ﻭﻴﺼﻔﻕ ﺒﺄﻤﺭ .ﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﺌﻨﺎ
ﻟﻨﻘﻭل ﺃﻥ ٢=١+١ﻟﻴﺱ ﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻤﻬﻤﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻟﻨﻘﻭل ﺃﻨﻨﺎ ﺫﻭﺍﺕ ،ﺫﻭﺍﺕ ﺘﺤﺭﺭﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺘﻤﺎﺭﺱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﻨﺸﻌﺭ ﺒﻜﺭﺍﻤﺘﻨﺎ ﻷﻨﻨﺎ ﻨﻘﻭل ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻨﻌﺭﻓﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻗﻭﻟﻬﺎ ﺒﺤ ﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﻫﻭ ﺤﺩﺙ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. 103
•ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﺤﻤﺩ ﺴﻼﻡ ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ .ﺒﻌﺽ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻴﺘﻭﻟﹼﺩ ﻤﻥ ﻋﺴﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﻭﻋﺴﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻴﺭﺘﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺍﻟﺫﻱ ﻴُﻌﻨﻲ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻪ ﺘﺠﻤﻴﺩ ﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﻭﺇﻁﻼﻕ ﻴﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﺭﻭﺍﺡ
ل ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺴﻤﻪ ،ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻲ ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺤﺭﻴﺎﺘﻬﻡ ﻭﻤﻤﺘﻠﻜﺎﺘﻬﻡ .ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺩ ّ ﺃﺤﻭﺍل ﻁﺎﺭﺌﺔ ﻜﺎﻟﻜﻭﺍﺭﺙ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻭﺏ .ﻭﻜﻭﻨﻪ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﹰﺎ ﻴُﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻪ ﻤﺅﻗﺘ ﹰﺎ ﻭﻟﻤﺩﺓ ﻤﺤﺩﻭﺩﺓ ﺴﻠﻔﹰﺎ ﻤﻥ ﻗﺒَل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ .ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ ،ﺃُﻋﻠﻨﺕ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺒﺎﻷﻤﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺭﻗﻡ ٢ﺘﺎﺭﻴﺦ 8/3/63ﻭﻻﺯﺍﻟﺕ .ﺃﺭﺒﻌﻭﻥ ﻋﺎﻤﹰﺎ ﺘﺤﺕ ﻜﺎﺒﻭﺱ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺠﻌﻠﺕ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﻤﺸﻠﻭﻟﺔ ﻭﻤﺴﻠﻭﺒﺔ ،ﻭﺠﻌﻠﺕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺃﺸﺒﻪ ﺒﺎﻟﻌﺒﺩ .ﻓﻲ ﻅﻠﹼﻪ ﻤﻭﺭﺴﺕ ﺠﻤﻴﻊ ﺼﻭﺭ ﺍﻟﻜﺒﺕ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻹﺫﻻل ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ﻭﺍﻟﺘﺼﻔﻴﺔ ﺍﻟﺠﺴﺩﻴﺔ .ﻭﻓﻲ ﻅﻠﹼﻪ ،ﻤﻭﺭﺴﺕ ﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﻤﺩﺍﻫﻤﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺵ ﻭﺍﺨﺘﺭﺍﻕ ﺤﺭﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻥ ﻭﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ .ﺇﻥ ﺍﻻﻨﺤﺭﺍﻑ ﻋﻥ ﻏﺎﻴﺔ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻫﻭ ﺃﺼل ﺍﻟﺩﺍﺀ ﻭﻜل ﺍﻟﺒﻼﺀ .ﻟﻴﺴﺕ ﺼﺤﻴﺤﺔ ﺘﺒﺭﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺴﺒﺒﻪ ﻜﻭﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻋﺩﺍﺀ ﻤﻊ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ،ﻷﻨﻪ ﻴﻤﻜﻥ ﻀﺒﻁ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ،ﻭﻷﻥ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺤﺎﻟﺔ ﻋﺩﺍﺀ ﻤﻊ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺩﻭل
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻟﻥ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ .ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺯﺍﻋﻡ ﺘﹸﻌﻨﻲ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺤﺘﻰ
ﺘﺯﻭل ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ،ﻭﻫﺫﺍ ﺸﻲﺀ ﻤﺨﻴﻑ .ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻫﻲ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻤﻐﺎﻨﻤﻬﺎ ،ﻭﻤﻨﻊ ﺘﺩﺍﻭﻟﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻜﻡ ﺒﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻻ ﻴﻜﻔﻲ ﺘﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻭﺯﻴﺭ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺒﺄﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻤﺠﻤﺩ .ﻨﺤﻥ ﻨﻁﺎﻟﺏ ﺒﺼﺩﻭﺭ ﺘﺸﺭﻴﻊ ﺒﺭﻓﻊ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺇﻨﻬﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻬﺎ، ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻓﻘﻁ ﻨﺨﻁﻭ ﺨﻁﻭﺓ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻁﺎﻟﺏ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤﻌﺘﻭﻕ ﻻ ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻸﺥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﺭﺍﺌﻌﺔ ،ﻭﻻ ﺒ ﺩ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺜﻤﻥ ﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﺃﻭ ﹰ
ﺒﻤﺤﺎﻀﺭﺘﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ،ﻭﺃﺜﻤﻨﻬﺎ ﻤﻀﻤﻭﻨﹰﺎ ﻭﺒﻨﻴﺎﻨﹰﺎ .ﻭﺍﺴﻤﺢ ﻟﻲ ﺒﻬﺫﻩ ،ﻻ ﺃﻗﻭل ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻫﻭﺍﺠﺱ .ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﻜﻴﻑ ﹸﻨ ﻘﺭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻤﺎ ﻴﺤﺘﻭﻴﻪ ﻤﻥ ﺘﻨﺎﻗﺽ .ﻓﻼ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﺨﻭﻑ ﺃﻥ ﻴﻨﺒﺕ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﻤﺎ ﻴﺠﺩﻩ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﻭﺍﻟﺠﻬل ﻤﻥ ﻟﻭﺍﻗﺢ .ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻤﺤﺼﻥ ﻤﻥ ﻜل ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺯﺭﻉ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺇﻨﻪ ﻴﺘﺴﻠﹼﺢ ﺒﺎﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻷﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ..ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻭ ﻴﺴﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺒﺩﺃ ﻭﻤﻨﻬﺞ ﻤﻌﺭﻭﻑ ،ﻭﻴﺩﺭﻙ ﺘﻤﺎﻤ ﹰﺎ
104
ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻴﺭ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻴﺄﺒﻪ ﻟﻤﺎ ﻴﻤ ﺭ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻤﻔﺎﺠﺂﺕ .ﺒﻌﻜﺱ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺸﻲ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻴﻥ ﻨﻬﺎﻴﺘﻪ ،ﻓﻬﻭ ﻴﺨﺎﻑ ﻤﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻭﺍﺠﻬﻪ .ﻭﺃﻋﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﺙ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺜﺒﺕ ﻙ ﺍﻷﺼﻠﻲ ﻭﺍﻻﻤﺘﺤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ ﻟﻠﻤﺜﻘﻑ ﻫﻭ ﺘﻌﺭﻀﻪ ﻟﻠﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒ ﹼ ﺍﻟﻤﺤ ﺠﺒُﻥ ﻓﻬﻭ ﻤﺩﻋﻲ ﺸﺠﺎﻋﺘﻪ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺨﻑ ،ﻭﻅل ﻭﻓﻴﹰﺎ ﻟﻸﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﻤﻠﻬﺎ ،ﻓﻬﻭ ﻤﺜﻘﻑ .ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﺨﺎﻑ ﻭ َ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻭﺸﺒﻪ ﻤﺜﻘﻑ ،ﻭﺍﺴﻤﺤﻭﺍ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﺒﺄﻨﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺨﻴﺎل ﻤﺜﻘﻑ .ﻨﻘﻁﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ : ﺤﺘﻰ ﻻ ﻴﺘﺒﻠﻭﺭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﺇﻟﻰ ﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺤﺼﻥ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﺒﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ، ﻭﻜﻨﺕ ﺁﻤل ﻟﻭ ﺘ ﻡ ﺍﻟﺘﻁﺭﻕ ﻟﻬﺎ :ﺇﻨﻬﺎ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ،ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ،ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎل ..ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻨﺤﻥ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻴﻪ .ﻭﺍﻟﻤﺜﺎل ﻭﺍﻀﺢ ﺠﺩﹰﺍ ..ﻓﺎﻷﺨﻭﺓ ﻓﻲ ﺤﺯﺏ ﺍﷲ ﻭﻓﻲ ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﺍﻟﺼﺎﻤﺩﺓ ،ﻟﻭ ﻟﻡ
ﻴﺘﺤﺼﻨﻭﺍ ﺒﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺍﻻﺴﺘﺸﻬﺎﺩ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ،ﻟﻤﺎ ﻁﺭﺩﻭﺍ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺼﺩﻭﺭﻫﻡ ﻭﺯﺭﻋﻭﻩ ﻓﻲ ﺼﺩﻭﺭ ﺃﻋﺩﺍﺌﻬﻡ .ﺇﺫﻥ ،ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎل ﻫﻲ ﻤﻁﻠﺏ ﻤﻨﺎ ﻭﻭﺍﺠﺏ ﻋﻠﻴﻨﺎ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻜﻡ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻓﻴﺼل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ل ﻭﻜﺒﺭﻩ ﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺫ ّ ﺒﺴﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﺍﻟﺭﺤﻴﻡ ..ﻴﻘﻭل ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ " :ﻭﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻪ ﻭﻟ ﺘﻜﺒﻴﺭﺍ " .ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻴل .ﺍﻟﺫﻟﻴل ﻏﻴﺭ ﻤﺅﻤﻥ ﻻ ﺒﺎﷲ ﻭﻻ ﺒﻜﺘﺒﻪ ﻭﻻ ﺒﺭﺴﺎﻻﺘﻪ .ﻓﻠﻤﺎ ﺘﻌﺒﺩﻨﺎ ﺁﻟﻬﺔ ﺍﻟﻘﻠﻕ ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ،ﻭﻤﺎﺭﺴﻨﺎ ﻁﻘﻭﺱ :ﻻ ﺃﺴﻤﻊ ،ﻻ ﺃﺭﻯ ،ﻻ ﺃﺘﻜﻠﻡ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻟﻙ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺸﻲﺀ ﻗﺒل ﻴﺩﻩ ﻭﺍﺩﻉ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﻜﺴﺭ ..ﻫﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻊ ﺃﻥ ﻴﺯﺩﺍﺩ ﺍﻻﺤﺘﻜﺎﺭ ﻭﺃﻥ
ﻴﺯﺩﺍﺩ ﺍﻻﺴﺘﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺃﺤﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺁﻤﻥ ،ﻻ ﻓﻲ ﺒﻴﺘﻪ ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻋﺭﻀﻪ
ﻭﻻ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻤﻠﻙ .ﻫﺫﻩ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺫﻜﺭﻫﺎ ..ﻨﺤﻥ ﻟﺴﻨﺎ ﻀﺩ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ..ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ..ﻭﻟﻜﻥ ﻜل ﺍﺒﻥ ﺁﺩﻡ ﺨﻁﹼﺎﺀ ،ﻭﺨﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺌﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﺍﺒﻴﻥ .ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﻡ ﻴﺤﺎﻭل ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ ﻓﺘﺭﺓ ﺯﻤﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﺍﺠﻊ ﻋﻥ ﺃﺨﻁﺎﺌﻪ ﻭﻴﻨﺎﻗﺵ ﻋﻴﻭﺒﻪ ..ﻜﻠﻨﺎ ﺨﻁﺎﺌﻴﻥ ..ﻻ ﺃﺤﺩ ﻓﻴﻨﺎ ﻤﻨﺯﻩ ﺇﻻ ﺍﷲ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ ﻷﻨﻪ ﺴﻼﻡ ﻭﻷﻨﻪ ﻭﺍﺤﺩ ﺃﺤﺩ .ﺃﻤﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻓﻨﺤﻥ ﻤﺘﻌﺩﺩﻭﻥ،
ﻯ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻀﻼل ﻤﺒﻴﻥ ".. ﻭﻻ ﺒ ﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ .ﻭﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ " :ﻭﺇﻨﹼﺎ ﺃﻭ ﺇﻴﺎﻜﻡ ﻟﻌﻠﻰ ﻫﺩ
ﻓﻼ ﻨﺤﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺩﻯ ﻭﻻ ﻫﻡ ﻓﻲ ﻀﻼل ﻤﺒﻴﻥ .ﻓﺘﻌﺎﻟﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻟﻨﻨﺎﻗﺵ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻓﺎﻟﻭﻁﻥ ﻫﻭ ﺍﻷﻤﺜل .ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻨﺎﺩﻱ ﺤﺯﺏ ﺒﺎﻟﻭﺤﺩﺓ ﺜﻡ ﻴﻘﻭل :ﺃﻨﺎ ﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺃﻨﺎ ﺯﻋﻴﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻟﻲ ،ﻓﺈﺫﻥ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻨﻔﺼﺎﻟﻴﹰﺎ .ﻓﻬﺫﻩ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺎﻟﻭﺤﺩﺓ ..ﺍﻟﻭﺤﺩﻭﻱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻑ ﻤﻊ ﻜل ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﻭﻻ ﻴﺘﻤﺎﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ..ﻤَﻥ ﻴﻤﻴﺯ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺴﺎﻥ ؟ ﻻ ﻴﻤﻴﺯ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺇﻻ
ﺍﷲ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﻌﺏ .ﻓﻠﻭ ﻜﺎﻥ ﺴﺒﺤﺎﻨﻪ ﻭﺘﻌﺎﻟﻰ ﻴﻀﻊ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ﻤﻠﻭﻙ ،ﻓﺴﺩﺕ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ..ﻓﻐﻴﺭﻫﺎ ﺒﻌﺩ
ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﺒﻌﺩ ﺍﻷﻨﺒﻴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ " .ﻻ ﻴﻐﻴﺭ ﺍﷲ ﻤﺎ ﺒﻘﻭ ﹴﻡ ﺤﺘﻰ ﻴﻐﻴﺭﻭﺍ ﻤﺎ ﺒﺄﻨﻔﺴﻬﻡ " ..ﺍﻟﻘﻭﻡ ﻫﻡ
105
ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ .ﻓﻠﺫﻟﻙ ﺃﻗﻭل :ﻋﻠﻰ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻥ ﻴﺭﺍﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻤﻥ ﻴﺨﺎﻑ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻫﻭ ﻤﺴﺘﺒﺩ ﻭﻁﺎﻏﻴﺔ ..ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻡ ﻭﺭﺤﻤﺔ ﺍﷲ ﻭﺒﺭﻜﺎﺘﻪ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﺤﻤﺩ ﺤﻤﻭﺩ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻡ ﻭﺭﺤﻤﺔ ﺍﷲ ..ﺃﻗﻭل ﺃﻥ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ،ﻤﻊ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻟﻬﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ،ﺃﻨﻪ ﺃﺸﺎﺭ ﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ..ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻗﺩ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺒﻬﺫﻩ
ﺍﻟﺤﻴﺜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﻁﺭﺤﻬﺎ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ..ﻓﺎﻟﺫﻱ ﻗﺎﻟﻪ ﻤﺭﻭﺍﻥ ﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﻗﺎﻟﻪ ﺴﻴﺩﻩ ﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ " :ﻤﺘﻰ ﺍﺴﺘﻌﺒﺩﺘﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻗﺩ ﻭﻟﺩﺘﻜﻡ ﺃﻤﻬﺎﺘﻜﻡ ﺃﺤﺭﺍﺭﺍ " ،ﻭﻗﺎل ﻤﻭﺍﻁﻨﻪ ﻟﻌﻤﺭ " : ﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ، ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﻓﻴﻙ ﺍﻋﻭﺠﺎﺠ ﹰﺎ ﻗﻭﻤﻨﺎﻙ ﺒﺤ ﺩ ﺴﻴﻭﻓﻨﺎ " ..ﻫﺫﻩ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﻋﻅﻴﻤﺔ َﺒﻨﹶﺕ ،ﻟﻡ ﺘﺒ ﹺ ﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﻓﺄﺭﺠﻭ ﺃﻥ ﻴﺘﻨﺒﻪ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ .ﻤﻼﺤﻅﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻭﻟﻡ ﺘﺒ ﹺ
:ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﺫﺍﻙ ﺩﻴﺒ ﹰﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﺩﻴﺩﺍﻥ ،ﺃﻨﺎ ﺃﺭﺠﻭ ﻤﻥ
ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﺃﻥ ﻴﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺴﺠﻭﻥ ﻜل ﺍﻷﻗﻁﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻴ َﺭ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻠﻴﺌﺔ ﺒﺎﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﺎﻟﺩﻴﺩﺍﻥ ،ﻭﺃﻥ ﺴﺠﻭﻨﻬﻡ ﺨﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻜﻠﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ .ﺜﻡ ﻤﻼﺤﻅﺔ ﻗﺼﻴﺭﺓ :ﺃﻗﻭل ﺃﻥ ﻤﺼﻴﺒﺘﻨﺎ ﺃﻨﻨﺎ ﻜﻠﻨﺎ ﺨﺎﺌﻔﻭﻥ ﺍﻵﻥ ،ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺨﺎﺌﻑ ل ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ،ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل، ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺨﺎﺌﻑ ،ﻭﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻠﺤﻅ ﺠﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﻜﻴﻑ ﻨﺤ ّ
ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ.
•ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺸﺎﻜﺭ ﺍﻟﻴﺴﺎﻭﻱ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ،ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻠﻤﺤﺎﻀﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺎﻀﺭﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ .ﻟﻘﺩ ﺴﻤﻌﺕ ﻤﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻏﺎﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ .ﺃﻨﺎ ﻜﻤﻭﺍﻁﻥ ،ﻭﺃﻤﺜل ﺭﺃﻴﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺃﻗﻭل :ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻟﻴﺴﺕ ﻁﺭﻴﻘﹰﺎ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻁﺭﻴﻘﹰﺎ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺯﻋﺎﻤﺔ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻁﺭﻴﻘ ﹰﺎ ﻭﺼﻭﻟﻴﹰﺎ ﻻﺒﺘﺯﺍﺯ ﺍﻟﻤﺎل .ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﹸﻓ ﺘﺤَﺕ ﻟﻨﻘﻭل ﻓﻴﻬﺎ ﻜﻠﻤﺔ ﺒﺼﻴﺭﺓ ﻭﺍﻋﻴﺔ ﻨﺎﻗﺩﺓ ،ﻜﻠﻤﺔ ﺘﻬ ﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻜﻠﻤﺔ ﻤﻭﺠﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺒﺴﻁ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻴﻔﻬﻤﻬﺎ ﻜل ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﺇﻥ ﺤلّ ﻀﻤﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ .ﺇﻥ ﻤﺸﺎﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ، ﻤﺸﺎﻜل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﹸﺘ َ ﻭﻗﺩ ﻋﻤل ﺍﻟﻌﺴﻜﺭ ﻤﻨﺫ ﻋﺎﻡ 1963ﻋﻠﻰ ﺇﺠﻬﺎﺽ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺇﺴﻘﺎﻁ ﺠﻨﻴﻨﻬﺎ .ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ،ﻫﻭ ﺃﻗﻭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﻭﺭﺍﻨﻴﻭﻡ ﺍﻟﻤﻨﻀﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃُﻟﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ .ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻴﺜﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺘﻐﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻴُﺨﺭﺴﻪ ﺍﻟﺨﻭﻑ .ﺇﻨﻨﺎ ﻨﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﺨﻀ ﻡ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ
106
ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ،ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ..ﻭﻟﻜﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﺨﻭﻑ ﻫﻭ ﺨﻭﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻷﻥ ﻋﻘﺎﺒﻬﺎ ﻋﺎﺠل ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﷲ ﻓﻬﻭ ﺁﺠل. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭ ﻜﺤﻠﻭﺱ ﺒﺩﺍﻴ ﹰﺔ ﺃﻭ ﺩ ﺃﻥ ﺃﺸﻜﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺘﻌﺭﻑ ﺃﻨﺯﻴﻤﺎﺘﻪ ﺃﻱ
ﺨﻭﻑ ،ﻓﻘﺩ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﻜﺔ ﺭﻏﻡ ﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ،ﻭﺃﺒﻰ ﺍﻟﺭﻀﻭﺥ ﻭﺍﻟﻨﺯﻭل ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻓﻠﻨﺸﻜﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل .ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﻜﺄﻨﻨﻲ ﺃﻟﺘﻤﺱ ﻓﻲ ﺤﺩﻴﺜﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺎﺴﻭﺸﻴﺔ ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺘﺴﺘﻠﺫ ﺒﺎﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ..ﻭﺃﻨﻪ ﻭﺇﻥ ﻏﺎﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﻗﺩ ﺘﺄﺘﻲ ﺒﺎﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﺘﻨﺼﺒﻪ ﺴﻠﻁﺎﻨﹰﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻤﻊ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻌﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻗﺩ ﺃﺘﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﺩﻓﻌﻭﻨﻪ ﻤﻥ ﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻓﺒﻤﺎﺫﺍ ﺘﻔﺴﺭ ﺫﻟﻙ ؟! ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ :ﻗﺒل ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﺌﻔﻭﻥ ﻫﻡ ﻓﻘﻁ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻭﻥ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ،ﻓﻘﺩ ﺃﻤﺴﻰ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻁﻔل
ﺍﻟﺭﻀﻴﻊ ﺒل ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻓﻲ ﺒﻁﻥ ﺃﻤﻪ ﻴﻌﻴﺵ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺴﻌﺩﻭﻥ ﻁﺭﹺﺡ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺘﺘﺩﺨل ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻴﺭ ،ﺒﺭﺃﻴﻲ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ،ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﻋﻤﻕ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻤﻤﺎ ﹸ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﻭﻴﺔ ..ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻨﺸﺄﺘﻪ .ﺘﻜﺭﱠﺴﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘ ﻡ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻗﺒَل ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺤﺎﻟﻴﹰﺎ :ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ .ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﻟﻴﺩﺓ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ،ﻭﺘﺤﺩﻴﺩﹰﺍ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻷﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ،ﻭﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﻟﺒﻘﻴﺔ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ،ﻫﻭ ﺘﻔﻜﻴﺭ ﺸﻤﻭﻟﻲ ﻤﺘﺄﺜﺭ ﺒﺎﻟﺸﺭﻕ ،ﺒل ﺒﺎﻟﺸﺭﻕ ﺘﺤﺩﻴﺩﺍﹰ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻔﻜﹼﻙ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻀﻴﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻨﻲ ﺍﻟﻤُﻌﺎﺵ .ﺃﻨﺎ ﻻ ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﺘﺨﻴل ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻗﻨﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺃﻨﻨﻲ ﻟﺴﺕ ﻤﻁﺎﻟﺒﹰﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻅل ﻨﻅﺎﻡ ﻋﺎﻟﻤﻲ ﺠﺩﻴﺩ ﺒﺄﻥ ﺃﻗﻭل ﺒﺄﻱ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ .ﻭﺃﻗﻭل ﺃﻥ
ﻻ ﺼﻐﻴﺭﹰﺍ ﺍﻟﺠﺭﺃﺓ ﺘﻘﺘﻀﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﺒﺎﻟﻠﺒﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻹﻟﻐﺎﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺔ ،ﻭﻗﺩ ﹸﻜﺘﺏ ﻓﻲ ﺼﺩﺩﻫﺎ ﻤﻘﺎ ﹰ ﺭﺍﺌﻌﹰﺎ – ﻭﺃﻨﺎ ﻟﺴﺕ ﻗﻭﻤﻴ ﹰﺎ ﺴﻭﺭﻴﹰﺎ – ﺃﻨﻨﺎ ﻨﺩﺭﻱ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﻭﺭﺜﻭﻥ ﻷﺒﻨﺎﺌﻬﻡ ﻭﺃﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀﻫﻡ ﺴﻴﻭﺭﺜﻭﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀﻫﻡ ﻤﻥ ﺒﻌﺩﻫﻡ .ﻭﻫﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺃﺨﻁﺭ ﻤﻤﺎ ﻴﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺒﻌﺽ ،ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﺒﻨﻴﻭﻴﺔ .ﻤﻁﻠﻭﺏ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻓﻲ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ﺤﺯﺒﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻋﻤﻴﻕ :ﺍﻨﺘﻤﺎﺀ
107
ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻷﻱ ﺃﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ .ﻜﻠﻤﺔ ﺃﺨﻴﺭﺓ ﻓﻘﻁ :ﻤﺎﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺘﻬﺩﻴﺩ ﺍﻟﺴﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺼﻠﺢ ﺇﺼﻼﺤﹰﺎ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﹰﺎ ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﻭﺯﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ؟! •ﺩ .ﻓﺎﻴﺯ ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺤﻴﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤُﺴﺘﹶﺸﻌَﺭ ﺃﻨﻪ ﻤﺅﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﺨﻭﻑ .ﺃﻨﺎ ﻟﻡ ﻴﻘﻨﻌﻨﻲ ﻗﺩ ﻴﺸ ﹼ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ،ﻷﻨﻪ ﺍﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺜﺒﺘﻬﺎ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺤﺘﻤﻠﻬﺎ .ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺘﹸﺤﺘﹶﻤل ﻟﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﹰﺎ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ،ﺃﻤﺎ ﺤﻴﻥ ﺘﺄﺘﻲ ﻤﺜﺒﺘﺔ ،ﻤﺼﻨﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﻋﺎﻟﻡ ﻏﻴﺒﻪ ﻟﻴﻔﺭﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻌﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﻤل ﺃﺠﺯﺍﺀ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻴﻘﻊ ﻫﻨﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻨﺴﻤﻴﻪ ﻤﻌﺎﺩل ﺘﻨﺎﻓﺭ ﺍﻷﻗﺼﻴﻴﻥ .ﺍﻟﻤﻨﻁﻭﻕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻟﻬﻴﻐﻠﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﻤل ﻟﻴﺱ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ،ﻓﺤﻴﻥ ﻼ ﻟﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺎﻤل ﺼﺎﺤﺏ ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭل .ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻤل ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻷﺼل ﻤﻤﺜ ﹰ
ﺤﻤل ﻓﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻤﻨﻁﻕ .ﻨﺤﻥ ﻜﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻤﻨﻁﻕ .ﺃﻨﺎ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺃﺤﻀﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ..ﻭﺃﻨﺎ ﻋﻀ ﻭ ﻋﺎﻤل ﻓﻲ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ..ﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺃﻗﻨﻌﺘﻨﻲ ﻟﻜﻨﺕ ﻤﻊ ﻤﺤﺎﻀﺭﻫﺎ ..ﻟﻜﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل :ﻫل ﻨﺤﻥ ﻨﺘﺤﺎﻭﺭ ﺍﻵﻥ ﺃﻡ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﻔﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ؟! ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺘﻡ ﺘﺄﺘﻭﻥ ﻟﺘﻔﺭﻀﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﻓﺄﻨﺎ ﺒﻌﺜﻲ ﺴﺄﻗﺎﺘﻠﻜﻡ ..ﺃﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺘﻡ ﺘﻔﺭﻀﻭﻥ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻓﺄﻨﺎ ﻤﺤﺎﻭﺭ ،ﻭﺃﺘﻴﻨﺎ ﻟﻨﻔﺘﺢ ﺍﻟﺼﺩﺭ .ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍﹰ ،ﻫل ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺜل
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ؟! ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻨﻁﻕ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ؟! ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ُﻴ ﹾﻔﺘﹶﺢ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ؟! ﺃﻨﺎ ﺃﺭﺠﻭﻜﻡ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﺘﻤﻨﺤﻭﻨﻲ ﻓﺭﺼﺔ ﺃﻥ ﺃﺤﻀﺭ ﻤﻌﻜﻡ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻭﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺎﻟﺞ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻗﻌﻴ ﹰﺎ ..ﺍﺒﺘﻌﺩﻭﺍ ﻋﻥ ﺍﻻﺴﺘﻌﺠﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﺄﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻀﺏ ..ﻻ ﺘﺤﻜﻤﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺤﻠﺘﻨﺎ – ﺃﺭﺒﻌﻭﻥ ﻋﺎﻤﹰﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﻓﻲ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ – ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺘﻘﻭﻟﻭﻥ ﻟﻲ :ﺼﻔﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺃﻨﺕ ﻓﻴﻪ ..ﻭﺁﺘﻲ ﺇﻟﻴﻜﻡ ﻭﺃﺒﺘﺴﻡ ،ﻫﺫﺍ ﻟﻴﺱ ﻤﻨﻁﻘﻴ ﹰﺎ .ﻓﺄﻨﺕ ﺘﻘﺎﻭﻡ ﺍﻟﻼﻤﻨﻁﻘﻲ ﺒﻼ ﻤﻨﻁﻕ ﻤﻘﺎﺒل ،ﻭﻟﻴﺱ
ﺒﻤﻨﻁﻕ ..ﻓﺄﺸﻌﺭ ﺃﻨﺎ ﻜﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻓﻴﻪ ﻅﻠ ﻡ ﻟﻨﺎ ،ﻓﻴﻪ ﻅﻠﻡ ﻟﻨﻅﺎﻤﻨﺎ..
ﻗﻭﻟﻭﺍ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﻕ ..ﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻟﻭﺍ ﻜﻠﻤﺔ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺤﻕ ،ﻭﻨﺤﻥ ﻤﺨﻁﺌﻭﻥ ﻭﺃﻨﺘﻡ ﻤﺤﻘﻭﻥ ﻓﻬﺫﺍ ﺨﻁﺄ. ﻜﻠﻤﺔ ﺃﺨﻴﺭﺓ :ﺇﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻴﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻴﺒﺩﺃ ﺒﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺴﻭﺓ. •ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺭﻫﺎﻥ ﺯﺭﻴﻕ ﺇﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﺍﻟﻌﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻌﺎﻤل ﺤﺎﻟﻴﹰﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﺘﻌﺎﻤل ﻓﻘﻁ ﻤﻥ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻔﺭﺩ .ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ؟ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩﻴﻤﹰﺎ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﻋﻼﻗﺔ ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﻡ ..ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻓﺎﻟﻤﺭﻜﺯ
108
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻐﻠﻪ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻫﻭ ﺍﻟ ُﻤ َﻌﻭﱠل ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﹸﻗﺴﻤﺕ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ ..ﺤﻴﺜﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﺼﺏ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺅﺭﺓ ﺃﻭ ﺤﺠﺭ ﺍﻟﺯﺍﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺤﻴﺙ ﺘﺘﺠﻪ ﻜل ﺍﻷﺴﺎﻟﻴﺏ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻔﺭﺩ ،ﻭﺒﺤﻴﺙ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻫﻲ
ﺍﻷﺴﺎﺱ ..ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻴﺴﻤﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ..ﺤﻴﺜﻤﺎ ﺘﹸﻨﺘﻬﻙ ﺍﻷﺴﺎﻟﻴﺏ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻐﺎﻴﺔ
ﻫﻨﺎﻟﻙ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻤﻨﺎﻫﺎ ..ﺤﻴﺜﻤﺎ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﻻ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻭﻻ ﻏﺎﻴﺔ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ .ﺤﻴﻥ ﻨﻘﻭل ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ،ﻋﻨﺩﺌﺫ ﻨﻘﻭل ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻟﻴﺴﺕ ﻤُﻜﻤﻠﺔ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺭﺨﺼﺔ ﻓﻲ ﻴﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺤﺭﻜﻬﺎ ،ﺘﺤﺩﺩﻫﺎ ..ﻭﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻟﻴﺴﺕ ﻫﺩﻓ ﹰﺎ ﻤﻥ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻴﺤﺎﻭﻟﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺩﺨﻠﻭﺍ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻜﻬﺩﻑ ﻤﻥ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻫﻨﺎﻟﻙ ﻋﻠﻡ ﺠﺩﻴﺩ ﺍﺴﻤﻪ ﻋﻠﻡ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻏﺎﻴﺘﻪ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻀﺭﻭﺭﺓ ..ﻭﻗﻑ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ .ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻌﻠﹼﻕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ..ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﻭﻗﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ..ﻭﻴﺘﺠﻭﻫﺭ ﻭﻗﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ..ﻗﺎل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺃﺤﻤﺩ
ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻜﻠﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻭﺭﺓ :ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ﺘﺸﺭﻴﻥ ،ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺨﻼل ﺴﺘﺔ ﺃﺸﻬﺭ ﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ ﻴﻨﺘﻬﻙ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ .ﺇﺫﻥ ﻨﺤﻥ ﻟﺴﻨﺎ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻭﻗﺕ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﻑ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ . •ﺩ .ﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺯﻋﺒﻲ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻡ ،ﺃﻨﺎ ﺃﻨﻅﺭ ﻟﻠﻤﺤﺎﻀﺭ ﻋﻠﻰ ﻗﺩﺭﺘﻪ ﺍﻟﻬﺎﺌﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﻤﻴﻊ ﻤﻥ ﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺤﺘﻰ ﻴﺨﺩﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻤﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ،ﻭﻫﻭ ﻜﺎﺘﺏ ﺼﺤﻔﻲ ،ﻭﺃﻋﺘﻘﺩ ﺃﻨﻪ ﻜﻜﺎﺘﺏ ﻫﻭ ﺃﻗﺭﺏ ﻤﻨﻪ ﻟﻠﺒﺎﺤﺙ ﻭﺍﻋﺫﺭﻭﻨﻲ ﺇﺫﺍ ﻗﻠﺕ ﺫﻟﻙ، ﻻ ﻗﺩ ﺘﻘﺒل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﻗﺩ ﻻ ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺇﺤﺼﺎﺀﺍﺕ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺎﺤﺙ ﻴﺨﺎﻁﺏ ﻋﻘﻭ ﹰ ﺘﻘﺒل ﻤﻁﻠﻘﹰﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ..ﻓﻌﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل :ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺭﺤﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺨﻴﻼﺕ ﻭﻴﺤﺎﻭل ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﻴﻨﻘﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ..ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺸﻴﺌﹰﺎ ﺇﻟﻬﻴﹰﺎ ﻤﻁﻠﻘﺎﹰ ،ﻜل ﺴﻠﻁﺔ ﺘﺨﻁﺊ ،ﻭﺍﻷﺨﻁﺎﺀ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻓﻲ ﺃﻴﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ..ﻟﻜﻥ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻜﻭﻥ ﺠﺭﻴﺌﻴﻥ ﻭﺃﻥ
ﻨﻘﻭل :ﻫل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻟﻡ ﺘﻘﺩﻡ ﺸﻴﺌﹰﺎ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﹰﺎ ؟ ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻨﻭ ﺩ ﺃﻥ ﻨﺤﺎﻭﺭ ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻭ ﺩ ﺃﻥ ﻨﺨﺎﻁﺏ ﻋﻘﻭل
ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺨﺎﻁﺏ ﻋﻘﻭل ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻴﺔ ،ﻭﺒﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻗﺔ ..ﺃﻨﺎ ﺃﻗﻭل ﻟﻜﻡ ﺒﺼﺭﺍﺤﺔ ﺃﻨﻪ ﻟﻭﻻ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﻤﺎ ﺘﻌﻠﻤﺕ ﻭﻟﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﻤﺩﺭﺴﹰﺎ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ،ﻷﻥ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﻜﺎﻥ ﻓﻼﺤﺎﹰ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻤﺴﺘ ﹶﻐﻼﹰ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻹﻗﻁﺎﻉ ﻭﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻜل ﺍﻟﻤﺤﺎﺼﻴل ﺘﺫﻫﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ..ﻜﻨﺕ ﺃﺘﻤﻨﻰ ﻟﻭ ﻨﻜﻭﻥ ﻤﻨﻁﻘﻴﻴﻥ ..ﻓﻜﺫﻟﻙ ﻴﻭﺠﺩ ﺽ ﺃﺒﺼﺎﺭﻨﺎ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺕ ..ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻻ ﻨﻐ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺕ ،ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺃ ﹼ
ﺃﺴﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل :ﺃﻨﺎ ﻜﺈﻨﺴﺎﻥ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺃﻗﺘﻨﻊ ﺃﻨﻪ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺩﺩ ﻤﺜﻘﻔﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ١٠٠ﻤﺜﻘﻑ ﻋﺩﺩﻫﻡ ﺃﻟﻑ ﻭﻋﺩﺩﻫﻡ ﻤﺌﺔ ﺃﻟﻑ ﺘﻘﺭﻴﺒ ﹰﺎ ..ﻜﻡ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﻴﻥ ؟ 109
ﺃﻀﻴﻑ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ :ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻡ ..ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﺸﻭﻴﻪ ..ﻭﻫل ﺍﻟﻌﺩل ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻴﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻘﻠﻬﺎ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ؟ •ﺩ .ﻴﻭﺴﻑ ﺴﻠﻤﺎﻥ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺒﺘﻌﺩ ﻋﻥ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﺒﺔ ﻭﺃﺘﺤﺩﺙ ﺇﻟﻴﻜﻡ ﺒﻬﺩﻭﺀ ..ﻷﻨﻨﻲ ﻜﻤﺎ ﺃﺯﻋﻡ ﻓﺈﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ
ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﺘﻭﺍﺠَﻪ ﺇﻻ ﺒﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ،ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻴﺒﺘﻌﺩ ﻜل ﺍﻟﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺸﺤﻨﺎﺕ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ..ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﺨﺎﻁﺏ ﺍﻟﻌﻘل ..ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﺴﺘﻨﻬﺽ ﺍﻟﻌﻘل ..ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺩﻋﻭ ﻜﻲ ﺘﺘﺤﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺍﻨﺘﻤﺎﺀﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻜﻲ ﻨﺘﺠﺎﺩل ﻤﻊ ﺤﺎﻀﻨﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺘﺸﻤل ﻜل ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺒﻐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻜﻲ ﻨﺅﺴﺱ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻷﻥ ﻤﺎ ﺠﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ﻤﻥ ﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﺘﻤﺎﻤ ﹰﺎ ﻟﻸﺴﻑ ..ﻓﻠﻘﺩ ﺘﺄﺴﺴﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺤﺎﻀﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻓﺄﻗﺼﻲ
ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺒﻤﺠﺭﺩ ﺃﻥ ﻭﺼل ﺫﺍﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ..ﺩﻋﻭﻨﺎ ﻨﻘﻭل ﻭﻨﺘﻌﺎﻫﺩ ﻋﻠﻰ ﻜﻠﻤﺔ ﺴﻭﺍﺀ :ﺃﻥ ﻨﻨﺘﻘﺩ.. ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻴﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺘﺸﺨﻴﺹ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ..ﺇﻥ ﻤﻥ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺃﻥ ﻨﺸﺨﺹ ﺍﻟﻌﻴﻭﺏ ،ﺃﻥ ﻻ ﻨﻘﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﺃﻨﻪ ﺼﺢ ..ﻫﺫﻩ ﻫﻲ ﻨﻘﻁﺔ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻨﻨﻁﻠﻕ ﻤﻨﻬﺎ ﻼ ..ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺤﻴﻲ ﺍﻟﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻤﻌﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺨﻭﺓ ﻟﻨﻘﻭل ﺃﻴﻀ ﹰﺎ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻨﺘﻅﺭﻨﺎ ﻤﺴﺘﻘﺒ ﹰ ﺒﺎﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ..ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺭﺤﺏ ﻭﻻ ﻨﺒﻐﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻨﻌﻤﻕ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ..ﻓﺒﺎﻟﺤﻭﺍﺭ
ﻨﺘﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﻜل ﻤﺎ ﻨﺭﻴﺩ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻨﺎﺼﺭ ﻋﺒﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭ
ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻹﺨﻭﺓ ،ﺃﺴﻌﺩﺘﻡ ﻤﺴﺎ ﺀ ..ﻗﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﺴﺘﻤﻌﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺒﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺴﺘﻔﺯﺍﺯ ﻭﺍﻟﺠﺤﻭﺩ ..ﻭﻜﻤﺎ ﺫﻜﺭ ﺍﻷﺥ ﻴﻭﺴﻑ ﻓﻨﺤﻥ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﻨﺒﺵ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ..ﻨﺤﻥ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺘﺘﻠﻤﺱ ﻫﻤﻭﻡ ﻭﺁﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺒ ﺩ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺒﺎﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻜﻲ ﻭﻜﻴﻑ ﺘﻬﺩﺩ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺃﻨﻪ ﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻓﺎﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺘﻘﻭل ﺒﺄﻨﻨﻲ ﺴﺎﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ﻜﺴﻠﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺒﻥ ﻭﺍﻟﻬﻤﺒﺭﻏﺭ ﻭﺍﻟﻜﻭﻜﺎﻜﻭﻻ ..ﻓﺒﺄﻱ ﺜﻘﺎﻓﺔ
ﻨﺤﻥ ﻨﻭﺍﺠﻪ ﻫﺠﻭﻡ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ..ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺨﻭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺜﻭﻥ ﻋﺎﺩﻭﺍ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﻨﻘﻁﺔ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ،ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻋﻁﺕ ﻓﺭﺼﹰﺎ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺒﺄﻥ ﺘﺼﺤﺢ ﻤﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﻤﻥ ﺨﻁﺄ ،ﻓﻌﺎﺩﺕ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻁﻭﻱ ﻤﺠﺘﻤﻌﹰﺎ ﻫﻤﺠﻴ ﹰﺎ ..ﻭﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺒﺎﻕ ﻟﻨﻤﻭ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ
110
ﻤﻥ ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻤﻬﻨﻴﺔ ﻭﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ..ﻭﺠﺎﺅﻭﺍ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻴﺘﺤﺩﺜﻭﻥ ﻋﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﻴﻘﻴﻥ ﺘﻤﺎﻤﹰﺎ ﺃﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒَل ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﺴﻴﻘﺘﺼﺭ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻰ ﺹ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻁﺭ ..ﻭﺠﺎﺅﻭﺍ ﻴﺘﺤﺩﺜﻭﻥ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻋﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨ
ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ..ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌﺘﻘﺩ ﺒﺄﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻻ ﺒ ﺩ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺤ ﺭ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﺤﻤﺩ ﺭﻋﺩﻭﻥ ﻜﻨﺕ ﻤﺩﺭﺴﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺔ ..ﻋﺎﻴﺸﺕ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻁﻰ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﻴﻴﻥ ﻓﻴﻬﺎ ٢٥ﺩﺭﺠﺔ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﻋﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺯل ﺒﺎﻟﻤﻅﻠﺔ ﻴﺄﺨﺫ 45ﺩﺭﺠﺔ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺤﻀﺭ ﺩﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁ
ﻴﺄﺨﺫ ٤٥ﺩﺭﺠﺔ ..ﺭﺃﻴﺕ ﺘﻤﻠﻤل ﺠﻴل ﻤﺠﺘﻬﺩ ﻤﻥ ﺠﻴل ﻜﺴﻭل ﻴﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺭﺍﺀ ﺜﻡ ﻴﺘﻘﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ..
ﻜﻨﺕ ﺃﻗﻭل ﻟﻬﻡ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺘﻘﺎﺒﻠﻭﺍ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻭﺘﺤﺘﺠﻭﺍ ،ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﻴﺤﺒﺴﻭﻥ ﺁﺒﺎﺀﻨﺎ ﻭﻴﺤﺒﺴﻭﻨﻨﺎ.. ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺤﺎﻤﻴ ﹰﺎ ﻤﻨﺫ ﻋﺸﺭﺓ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺘﻨﺘﻬﻙ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺘﺤﺭﻕ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ..ﻓﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻤﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺘﻘﻭل :ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻥ ﻤﺘﺴﺎﻭﻭﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ،ﻭﺘﻜﻔل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻤﺒﺩﺃ ﺘﻜﺎﻓﺅ ﺍﻟﻔﺭﺹ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ..ﻭﺤﺘﻰ ﻻ ﺃﻓﻴﺽ ﺒﺎﻷﻤﺜﻠﺔ ﺃﻗﻭل :ﻟﻜﻲ ﻨﺨﻠﻕ ﻤﻨﺎﺨﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻜل ﻤﻅﻠﻭﻡ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻁﺭﺡ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﺤﻴﺙ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ ،ﻭﻴﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻜﻜل ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﺼﺢ ﻋﻥ ﻻ :ﻤﻨﺒﺭﹰﺍ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻤﻨﻪ ..ﻜﻴﻑ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺘﻪ ..ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﺸﻴﺎﺀ :ﺃﻭ ﹰ ﺴﻴﺼل ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﺩﻭﻥ ﻤﻨﺒﺭ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻤﻨﻪ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ..ﺩﻭﻥ ﻤﻨﺒﺭﹰﺍ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻤﻨﻪ ..ﺜﺎﻨﻴﹰﺎ :ﻨﺭﻴﺩ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ..ﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻨﺔ ﺃﻭ ﻋﻁﺎﺀ ..ﻨﺭﻴﺩ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻪ ﺸﺭﻋﻴﺔ، ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻪ ﻏﻁﺎﺀ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻴﺴﻤﺢ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻴﻌﺒﺭﻭﺍ ﻋﻥ ﺁﺭﺍﺌﻬﻡ ﻭﻴﺴﻤﺢ
ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﻴﻔﺼﺢ ﻋﻥ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍﺘﻪ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﻜﻠﻡ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺅﻜﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺎﺌﻔﻴﻥ ﻻ ﻴﺼﻨﻌﻭﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻀﻌﻔﺎﺀ ﻻ ﻴﺨﻠﻘﻭﻥ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺭﺩﺩﻴﻥ ﻻ ﺘﻘﻭﻯ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ﺍﻟﻤﺭﺘﻌﺸﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ..ﻭﻨﺤﻥ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺭﻏﺒﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺒﺎﻟﺒﻨﺎﺀ ..ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺘﻜﻠﻡ ﻋﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺁﺨﺭ ﻤﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﻫﻭ ﺍﻋﺘﻴﺎﺩ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ
ﻟﺩﻯ ﺠﻴل ﻤﻥ ﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ..ﻤﻥ ﻴﺩﺨل ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻭﻴﻼﺤﻅ ﻤﺎ ﻫﻲ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ،ﻴﻼﺤﻅ ﺃﻨﻬﺎ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻼﺜﻘﺎﻓﺔ ..ﻓﻬﻲ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﺠﺩﹰﺍ ﻋﻥ ﺃﻱ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺜﻘﺎﻓﻲ
111
ﻴﺅﺴﺱ ﻟﻭﻋﻲ ﻗﻭﻤﻲ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﻭﺍﺀ ﻭﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻐﺯﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺎﻭل ﺃﻥ ﺘﺤﺭﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ..ﻭﺃﺨﻴﺭﹰﺍ ﺃﻗﻭل ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﺃﻨﺤﻨﻲ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﺤﺘﺭﺍﻤﹰﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﺨﻭﻓﹰﺎ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺭ ﺍﻟﻬ ﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻫﻭ ﻫ ﻡ ﻭﻁﻨﻲ ﻨﻅﻴﻑ ،ﻭﺨﻼﻓﹰﺎ ﻟﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻬﺎﺘﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺎﻟﺘﻪ ﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﺃﻭ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﻓﻬﻤﻬﺎ ﻨﺴﺒﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ..ﻭﺒﺭﻏﻡ ﻓﻬﻤﻲ ﻭﺇﻴﻤﺎﻨﻲ ﻜﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺤﺠﻡ ﺃﻱ ﺴﻠﻁﺔ ﺒﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻭﻀﻭﻋﹰﺎ ﻤﺭﻤﻴ ﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﻲ ﺴﺒﺏ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻴﺯﺍﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ﺃﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺼﻐﻴﺭ ﺒﺎﻟﻨﺎﺱ، ﺒل ﻫﻲ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﻭ ﺴﻭﺍﻫﺎ ،ﻫﻲ ﻤﺠﺭﺩ ﻤﻨﺘﻭﺝ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺨﺯﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺃﻗﻭل ﺇﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻤﺨﺯﻭﻨ ﹰﺎ ﺘﺴﻠﻁﻴﹰﺎ ﻤﺭﻤﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﺃﻨﺎ ﻟﻡ ﺃﻗﻭل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺫﻟﻙ ،ﺃﻗﻭل ﺇﻨﻪ ﻤﺨﺯﻭﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺘﺒﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﺴﻠﻁﻴﺔ ..ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺨﺯﻭﻥ ﻟﻡ ﻴﺭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﺒل ﻼ ﻤﻥ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺨﺯﻭﻥ ﺍﻋﺘﺒﺭﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻨﺘﻭﺝ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﻭﺝ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻗﺩﺭﹰﺍ ﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﺃﻭ ﻗﻠﻴ ﹰ ﺍﻟﺘﺴﻠﻁﻲ ﻻ ﺃﻜﺜﺭ ﻭﻻ ﺃﻗل ..ﻭﺒﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻨﻨﻲ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺅﻜﺩ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻤﻠﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﻜﺎﻥ ﺒﻌﻴﺩ ..ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ ﻟﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺴﺎﻭﻤﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒل ﻫﻲ ﺸﺄﻥ ﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﻪ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﺒﻜل ﻓﺌﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻤﻌﻨ ﻲ ﺒﻪ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺄﺘﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﻴﺦ ،ﺒل ﻫﻭ ﺤﺯﺏ ﺃﺼﻴل ﻭﺼﺎﺩﻕ ..ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻀ ﻡ ﺼﻭﺘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﺎﺅﻭﺍ ﻭﺸﺎﺭﻜﻭﺍ
ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ،ﻭﻫﺅﻻﺀ ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ..ﻭﺃﻴﻀﹰﺎ ﻨﻌﻨﻲ ﺒﻪ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺍﻟﻐﺎﺌﺏ ،ﺼﻭﺕ ﺍﻷﻁﻴﺎﻑ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﻲ ﻤﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻨﻌﻠﻡ ﻋﻨﻬﺎ ﺸﻴﺌﹰﺎ ﻭﺍﻟﻤﻤﺠﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ..ﺃﻨﺎ ﺃﻗﻭل :ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻤﻌﻨ ﻼ ..ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺭﻭﺡ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺒﻬﺅﻻﺀ ﺠﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﻭﻟﺩﻴﻬﻡ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻟﻜﻲ ﻴﻘﻭﻤﻭﺍ ﺒﻪ ﺤﺎﻀﺭﹰﺍ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒ ﹰ ﻭﺭﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﻭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﻴﻥ ﻫﻲ ﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺄﻥ ﺘﺭﻓﻊ ﻟﻨﺎ ﺭﺍﻴﺔ
ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻤﺠﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﻟﻜﻲ ﺘﺭﺩ ﻏﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻜﻤﺎل ﺴﻠﻭﻡ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻡ ﻭﺭﺤﻤﺔ ﺍﷲ ..ﻗﺭﺃﺕ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﺒﻤﺎ ﺭﻜﹼﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ..ﺃﻟﻴﺱ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻹﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﻭﺤﻕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ..ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺃﻭﺴﻊ ﺇﻁﺎﺭ ﺘﻜﺘﻤل ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﺒﺎﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺇﻟﻴﻪ ﺩﻭﻥ
112
ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﺠﺴﺭﹰﺍ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﻤﻊ ﺘﺭﻜﻴﺯﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻓﻨﻘﻭل :ﺃﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻤﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻤﻨﺫ ﺇﻗﺭﺍﺭﻩ ﺭﻏﻡ ﺍﻋﺘﺭﺍﺽ ﻭﺘﺤﻔﻅ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﻭﺒﻌﺩ ﻤﺭﻭﺭ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﻋﺎﻤﹰﺎ ﻤﻥ ﺘﻁﺒﻴﻘﻬﺎ ،ﺃﻟﻡ ﺘﺠﻌل ﻤﻥ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺩﺭﺠﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﻭﺜﺎﻨﻴﺔ
ﺒل ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺜﺎﻟﺜﺔ ..ﻭﺃﺨﻴﺭﹰﺍ ﺭ ﺩﹰﺍ ﺤﻭﺍﺭﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻓﺎﻴﺯ ﻭﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﻴﻥ ﺒﺄﻥ ﺃﻤل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻭﺍﻋﺩ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﺩﺍﺨل ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺤﺭﺍﻙ ﻤﻅﻬﺭﻩ ﺘﻠﻙ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺭﻓﺎﻗﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻤﻥ ﺍﻻﺭﺘﻬﺎﻥ ﻟﻠﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﻴﻥ ﻭﺍﻻﺤﺘﻜﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﻻ ﺒﺴﻴﻁﹰﺎ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﺤﺩ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻁﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ،ﻭﺃﺫﻜﺭ ﻤﺜﺎ ﹰ ﻗﻠﻨﺎ ﻜﻼﻤﹰﺎ ﻤﺸﺎﺒﻬﹰﺎ ﻓﻘﺎﻡ ﺃﺤﺩ ﺭﻓﺎﻗﻨﺎ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﺭﻉ ﻓﻘﺒﻠﻨﺎ ﻭﻗﺎل :ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻜﻡ ﻓﻘﺩ ﻗﻠﺘﻡ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻨﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﻗﻭﻟﻪ ..ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻡ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺤﺒﻴﺏ ﺼﺎﻟﺢ
ﺘﺫﻜﺭﻭﻥ ﺃﻨﻨﺎ ﺍﺴﺘﻔﺘﻴﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﺒـ ..% ٩٧ﻭﺃﺭﺠﻭ ﺃﻥ ﻴﺠﻴﺒﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻵﺨﺭ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﺭﻋﺕ ﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻤﺎﺯﺍﻟﺕ ﺼﺎﻟﺤﺔ ﺇﺒﺭﺍ ﺀ ﻭﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻗﻭﻤﻴﺔ ﻭﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻹﻗﺎﻤﺔ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ..ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺸﺭﻋﺕ ﻹﻗﺎﻤﺔ ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﺕ ،ﻭﺸﺭﻋﺕ ﻹﻗﺎﻤﺔ ﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺎﺕ ،ﻭﺸﺭﻋﺕ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ،ﻭﺸﺭﻋﺕ ﻭﺸﺭﻋﺕ ..ﻓﻜﻴﻑ ﻻ ﺘﺸﺭﻉ ﻹﻗﺎﻤﺔ ﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ..ﺜﻡ ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺘﻬﻤﻨﺎ ﺃﻨﻨﺎ
ﻟﻡ ﻨﺠﺫﺭ ﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ..ﻭﻜﻠﻨﺎ ﺇﻤﺎ ﻴﺴﺎﺭﻴﻭﻥ ﻭﺇﻤﺎ ﻗﻭﻤﻴﻭﻥ ﻭﺇﻤﺎ ﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﺠﺌﻨﺎ ﻤﻥ ﻜل ﻤﻼﻤﺢ ﻭﺨﻼﻴﺎ ﻭﻤﻭﻟﺩﺍﺕ ﻭﻋﻨﺎﺼﺭ ﻤﻜﻭﻨﺎﺕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ﺍﻟﻌﺠﻴﺏ ..ﺃﻥ ﺘﺘﻬﻡ ﻗﻭﻯ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﻗﻭﻯ ﻭﻟﻴﺩﺓ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻘﻴﻡ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻤﻊ ﺃﺠﻨﺒﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻨﻌﺭﻑ ﺃﻨﻪ ﻤﺎ ﺘ ﻡ ﻓﻲ ﻤﺩﺭﻴﺩ ﻭﻤﺎ ﺘ ﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ﻭﻤﺎ ﺘ ﻡ ﻓﻲ ﺃﻗﺎﺼﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﻲ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﻓﻲ ﻤﻴﺭﻻﻨﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺼﻔﻘﺎﺕ ﺃﻭ ﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﺃﻭ ﺘﻔﺎﻫﻤﺎﺕ ﺒﻴﻥ ﺩﻭل ﻭﺃﻨﻅﻤﺔ ،ﻭﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻗﺎﻤﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﺃﻭ
ﺠﺎﻟﺴﺘﻪ ﺃﻭ ﺃﻗﺎﻤﺕ ﺃﻭ ﺴﺎﻫﻤﺕ ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻓﻅﻠﺕ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺒﺭﻴﺌﺔ ﻤﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻬﻡ ..ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈﻥ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﺘﻬﻡ ﻭﺃﻨﺎ ﻻ ﺃﻓﺘﺭﻀﻬﺎ ﻓﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻭﺠﻪ ﻷﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻠﻙ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻭﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﻟﻠﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﺴﻔﺭﺍﺀ ﻭﻜﻭﺍﻟﻴﺱ ..ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺃﻗﺎﻤﺕ ﺃﻭ ﻟﻡ ﺘﻘﻡ ﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﻤﻊ ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﺘﺼﻠﺕ ﺃﻭ ﻟﻡ ﺘﺘﺼل ﺒﻪ ..ﺜﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ..ﻓﻘﺩ ﺒﺩﺃﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﺼﺭﺍﻉ
ﻭﺠﻭﺩ ﻭﺼﺭﺍﻉ ﺒﻘﺎﺀ ﻭﺍﻨﺘﻬﻴﻨﺎ ﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻪ ﺨﻴﺎﺭ ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻲ ﻭﺍﻨﺘﻬﺕ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ..ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﺘﺒﻘﻰ
ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ..ﻭﻟﻡ ﺘﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺔ ..ﺃﻴﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻟﺘﺯﻡ ﺒﻬﺎ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﺍﻨﺘﻘﻠﻭﺍ ﻓﻲ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻤﻥ ﺼﺭﺍﻉ ﻭﺠﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺼﺭﺍﻉ ﺴﻼﻡ..
113
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺅﺴﺴﻭﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻟﻠﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻌﻭﺩﻭﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﻴل ﺃﻭ ﺒﺎﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻴﻪ ..ﻓﻜﻴﻑ ﺘ ﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻭﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻏﺎﺌﺏ ؟ •ﺃ .ﺤﺠﺎﺏ ﺍﻟﺴﻤﺭﺓ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺁﺘﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﻤﻠﺔ ﻋﻭﺍﻤل ﻓﻼ ﺒ ﺩ ﺍﻟﺘﺨﻠﺹ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺠﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﻭﻫﻭ ﺴﺅﺍل ﻗﺎﺌﻡ ﺒﺤ ﺩ ﺫﺍﺘﻪ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻓﺎﺘﺢ ﺠﺎﻤﻭﺱ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻟﺨﻴﺭ .ﻟﻸﺴﻑ ﻭﻤﻊ ﻗﻨﺎﻋﺘﻲ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﻤﻭﻟﺩ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻟﻠﻔﻌل ﻭﻟﻜﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻨﻲ ﺒﺩﺃﺕ ﺃﺤﺘﻘﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺒﺴﺒﺏ ﻜﺜﺭﺓ ﺠﻭﺍﻨﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ..ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻀﻌﻴﻔ ﹰﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻀﻌﻑ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻤﻊ ﺃﺤﺩﹰﺍ ﺃﻭ ﻴﻁﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ..ﺃﻥ ﻴﻌﺯل ﺃﺤﺩﹰﺍ ..ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻋﺒﺭ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎﹰ ،ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﻭﻥ ﻫﻡ ﻤﻥ ﺘﺠﺭﺅﻭﺍ ﺒﻘﻁﻊ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻀﺩ ﺍﻟﺸﻤﻭل ﻭﺍﻟﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ
ﻼ :ﺃﻨﺎ ﻟﻡ ﺃﻗﺼﺩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻭﺩﻓﻌﻭﺍ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﻜﻭﺍﺩﺭﻫﻡ) ..ﻗﻴل ﻟﻪ ﻟﻴﺱ ﻭﺤﺩﻫﻡ( ،ﺭ ﺩ ﻗﺎﺌ ﹰ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﻋﻨﻴﻔﺔ ،ﺃﻨﺎ ﺃﻋﻨﻲ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ..ﺃﻨﺎ ﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﻷﺤﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻗﻁﻌ ﹰﺎ ﺤﻴﺜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ..ﻓﺒﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻴﺤﺎﺴﺏ ﺃﻱ ﺸﺨﺹ ..ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺤﺘﻘﺭ ﺍﻟﺴﺠﻥ ..ﻭﺃﺤﺘﻘﺭ ﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ..ﺜﻡ ﻜﻴﻑ ﻨﺤﺎﺭﺏ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﺃﻋﺘﻘﺩ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺠﺭﻯ ﺤﺭﺏ ﻫﺎﺌﻠﺔ ﻓﻲ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﻗﺒَل ﻗﻭﻯ ﺍﻨﺘﻘﻠﺕ ﺃﻭ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻭﺴﻁﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ..ﺍﻵﻥ ﻜﻴﻑ ﺘﺤﺎﺭﺏ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﻜﻴﻑ ﺘﺤﺎﺭﺏ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﺃﻋﺘﻘﺩ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﻨﺤﻥ ﻗﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﻨﺤﻥ ﻤﺘﻬﻤﻭﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺘﺤﻁﻴﻡ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺩﻓﻊ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻠﺤﻴﺩﺍﻥ ﻋﻥ ﻤﻭﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ..ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻁﻤﺌﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﻼ ﺘﺩﺭﻴﺠﻴﹰﺎ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻴﺭﺍﻋﻲ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺨﻭﻓﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ..ﻨﺭﻴﺩ ﻓﻘﻁ ﻋﻤ ﹰ ﺽ ﺃﺼﺎﺒﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﻴﺨﻠﺼﻪ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ،ﻭﻴﺩﻓﻌﻪ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺕ ..ﻫﻨﺎﻙ ﻟﻌﺒﺔ ﻋ
ﻗﻭﻯ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻻﺘﺯﺍل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻁﺢ ﻭﺒﻴﻥ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺨﻭﻑ ﻫﺎﺌل ..ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻘﺘل ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﻨﺘﻤﺴﻙ ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﻨﺅﻜﺩ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﻨﻨﺘﻘل ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺴﻠﺒﻲ ﻟﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺒﻭﺴﺎﺌل ﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻟﻨﺘﺤﺎﻭﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻟﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﻟﺴﺎﻋﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ. •ﺩ .ﻜﺎﻤل ﻋﻤﺭﺍﻥ
114
ﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺠﺸﻡ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻔﺭ ﻹﻟﻘﺎﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻻ :ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻫﻲ ﻭﺃﺭﺠﻭ ﻤﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﺴﻤﺢ ﻟﻲ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺃﻭ ﹰ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﻻﺤﻅﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻜﻠﻪ ﺍﺘﺠﻪ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻼﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻠﻤﹰﺎ ﺒﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺃﺒﻌﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ..ﺇﺫﺍ ﺠﺭﻯ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﻭﺍﺤﺩ ﺃﻭ ﺠﺎﻨﺏ ﺃﻗل ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ..ﻫﺫﻩ ﻗﻀﻴﺔ ..ﻭﺒﻤﻌﻨﻰ ﺁﺨﺭ ﻓﺈﻥ ﺘﻭﺼﻴﻑ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺩﻗﻴﻘﹰﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻋﺭﻓﻙ ﺠﻴﺩﺍﹰ ،ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺘﻭﺼﻑ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻓﺈﻨﻙ ﺘﻭﺼﻔﻬﺎ ﺒﺸﻜل ﺠﻴﺩ ،ﻓﻜﻴﻑ ﻻ ﺘﻭﺼﻑ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺒﺸﻜل ﺼﺤﻴﺢ) ..ﻓﻘﺎل ﻟﻪ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ﻀﺎﺤﻜ ﹰﺎ ﻷﻨﻨﻲ ﺨﺎﺌﻑ( .ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺨﺸﻰ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻨﻌﻁﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺘﻨﺠﺭﻑ ﺍﻨﺠﺭﺍﻓ ﹰﺎ ﻜﻠﻴﹰﺎ ﻋﻥ
ﺠﺫﻭﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﻭﻫﻲ ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ..ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺃﺴﻤﺢ ﻟﻁﻔل ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻴﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺨﺎﻑ ..ﻜﻴﻑ ﺃﺴﻤﺢ ﻟﻁﺎﻟﺏ ﺠﺎﻤﻌﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺃﻤﺎﻡ ﺃﺴﺘﺎﺫﻩ ﻭﻴﺒﺩﻱ ﺭﺃﻴ ﹰﺎ ﻭﻻ ﻴُﻘﻤَﻊ ..ﻜﻴﻑ ﺃﺴﻤﺢ ﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺃﻥ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻨﻅﺎﻡ ﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴُﻘﻤَﻊ ..ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺁﺨﺭ :ﺇﻥ ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﻻ ﺒ ﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﺍﺌﺭﻫﺎ ..ﺍﻷﺴﺭﺓ ،ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ،ﺍﻷﺨﻭﺓ ،ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻜﻜل.. ﺕ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ﻟﻨﻠﻘﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻭﺍﻫﻠﻪ ﻭﺇﻻ ﻤﺎ ﻭﻋﻨﺩﻫﺎ ﻨﺅﺴﺱ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﺸﻲﺀ ﺁﺨﺭ ..ﻨﺤﻥ ﻟﻡ ﻨﺄ
ﻤﻌﻨﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ؟! ﺃﻨﺎ ﺃﻋﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺴﺱ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺘﻨﻭﻴﺭﻴﺔ ﺴﻭﻑ ﺘﻌﺩل. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺒﺩﺭ ﺤﻴﺩﺭ
ﺃﻭل ﻀﺤﺎﻴﺎ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﻫﻭ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻷﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺤﺯﺒ ﹰﺎ ﺒﻜل ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻗﺒل ﺍﺴﺘﻼﻤﻪ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ.. ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻻ ﻴﻌﻘﺩ ﻤﺅﺘﻤﺭﹰﺍ ﺨﻼل ﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺭ ﻋﺎﻤﹰﺎ ﻓﻬﺫﻩ ﻤﺄﺴﺎﺓ.. ﺃﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﺭﻤﻭﺍ ﻋﻘﻭﻟﻨﺎ ..ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﻭل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻌﻭﺩ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ
ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻌﻠﻲ ﺴﺘﻨﺘﻬﻲ ﻤﺸﺎﻜل ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺒﺤ ﺩ ﺫﺍﺘﻬﺎ ..ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺍﻟﺸﺭﻓﺎﺀ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺒﻠﺩ ..ﻭﻏﻴﺭ ﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻜل ﺒﻌﺜﻲ ﻫﻭ ﻏﻴﺭ ﺸﺭﻴﻑ ..ﺃﺭﺠﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﻁﺎﻉ ..ﻓﻔﻲ ﻤﻨﻁﻘﺘﻨﺎ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻼﺙ ﺍﻗﻁﺎﻋﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺘﻠﻙ ﺃﻤﺎ ﺤﺎﻟﻴﹰﺎ ﻓﻜل ﻤﺴﺅﻭل ﺒﻌﺜﻲ ﻭﻜل ﻤﺴﺅﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻫﻭ ﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻱ ﻭﺇﻗﻁﺎﻋﻲ ..ﻻ ﻨﻁﺎﻟﺏ ﺒﺘﻌﻠﻴﻕ ﺍﻟﻤﺸﺎﻨﻕ.. ﻨﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻜﺸﻑ ﺤﺴﺎﺒﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ..ﻓﻘﺩ ﺘﻌﻠﻤﻨﺎ ﺨﺎﺭﺝ
ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺴﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺒﻠﺩ ﻭﻨﻌﺭﻑ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻟﻐﺔ ﻭﻨﺴﻤﻊ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ..ﻟﺫﺍ ﻴﺭﺠﻰ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻨﺼﻑ ﺜﺭﻭﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل. •ﺩ .ﺸﻔﻴﻕ ﺯﻴﺘﻭﻥ 115
ل ﻓﻲ ﺍﺨﺘﺼﺎﺼﻪ ﺤﺘﻰ ﻨﺼل ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻜﻨﺕ ﺃﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻜﻠﻡ ﻜ ّ ﻭﻤﺭﻀﻴﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻪ ﺍﺨﺘﻠﻁ ﺍﻟﺤﺎﺒل ﺒﺎﻟﻨﺎﺒل ..ﺤﺘﻰ ﻁﻠﺏ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﻤﻨﻲ ﻗﻠﻤﹰﺎ ﻭﺃﻨﺎ ﺯﻤﻴﻠﻪ ﻤﺤﺎﻤﻲ ﻓﺄﻋﻁﻴﺘﻪ ﻗﻠﻤﹰﺎ ﻭﻻ ﺃﻤﻠﻙ ﻏﻴﺭﻩ ..ﺜﻡ ﻗﺎل ﺃﻨﺕ ﺘﻤﺘﻠﻙ ﺃﻗﻼﻤﹰﺎ ﻜﺜﻴﺭﺓ ..ﻭﻫﺫﺍ ﻓﻴﻪ ﻅﻥ ﺴﻠﺒﻲ.. ﻭﻨﺤﻥ ﺠﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﺒﻜل ﺭﻭﺡ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ،ﻭﺒﻬﺩﻑ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﻜﻠﻨﺎ ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﺼل ﻜﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻭﻨﺄﺨﺫ ﺩﻭﺭﻨﺎ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ..ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻤﺠﺭﺩ ﺃﻨﻨﻲ ﺤﻀﺭﺕ ﻭﻁﻠﺏ ﻤﻨﻲ ﻗﻠﻤﹰﺎ ﻴﻘﻭل ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﻼﻤﻙ
ﻜﺜﻴﺭﺓ ..ﻨﻌﻭﺩ ﻟﻠﻘﻭل ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻜل ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻟﻬﺎ ﺍﺨﺘﺼﺎﺼﻬﺎ ..ﻫﻨﺎﻙ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻜﻠﻬﺎ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﺍﺨﺘﺼﺎﺼﻬﺎ ﺒﺎﻟﺸﻜل ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ..ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺎﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﻜﻤﺎ ﺘﻔﻀل ﻴﻌﻨﻲ ﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ..ﻨﺤﻥ ﻨﺭﻴﺩ ﺤﻭﺍﺭﹰﺍ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎﹰ ،ﻴﺼل ﺇﻟﻰ ﺃﻤﻭﺭ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ..ﻭﻟﻴﺄﺨﺫ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺍﻟﺘﺎﺠﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ..ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻠﻤﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺼﻁﻠﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﻋﻠﻭﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ..ﻫﻨﺎﻙ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺼﻁﻠﺤﺎﺕ ﻟﻡ ﺃﻋﺭﻓﻬﺎ ..ﻭﺃﻨﺎ ﺁﺘﻲ ﺇﻟﻰ
ﻫﻨﺎ ﻷﺤﺎﻭﺭ ﻭﻻ ﺃﻋﺭﻑ ﻜﻴﻑ ﺃﺭﺒﻲ ﺍﺒﻨﻲ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻭﺤﺩﺘﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜل ﺸﻬﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺼﻲ ﻭﺍﻟﺩﺍﻨﻲ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻤﺸﻬﻭﺩ ﻓﻴﻪ ..ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺃﻴﺩﻴﻨﺎ ،ﻨﺤﻀﺭﻫﺎ ،ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺘﺤﺎﻭﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻊ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭ ،ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻨﺼل ﺇﻟﻰ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻤﺭﻀﻴﺔ ﺘﻌﻜﺱ ﻟﻠﻭﻁﻥ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻭﻜل ﺍﻟﺨﻴﺭ ..ﻭﺃﻨﺎ ﻭﺍﺜﻕ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻭﺠﺩ ﺃﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﻴﻥ
ﺇﻻ ﻭﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ..ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻭﺍﻟﺨﻴﺭ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ..ﻭﺸﻜﺭﹰﺍ. •ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻤﺠﻴﺩ ﻤﻨﺠﻭﻨﺔ
ﺘﺼﺤﻴﺢ ﻟﻠﺘﺎﺭﻴﺦ ﺃﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻓﺭﻀﺕ ﻓﻲ ٢٨ﺁﺫﺍﺭ ﻋﺎﻡ ١٩٦٢ ﻭﺃﻜﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻘﺭﺍﺭ ﻤﺠﻠﺱ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺭﻗﻡ ٢ﻓﻲ ٨ﺁﺫﺍﺭ ..١٩٦٣ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻥ ﻤﺎ ﺴﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﺒﺎﻟﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﻴﺸﻌﺭﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻭﻤﻥ ﺨﻼل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﻤﺎ ﺴﺒﻕ ،ﺃﻨﻪ ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻴﻭﺤﺩ ﻭﻻ ﻴﻔﺭﻕ ،ﻭﻴﺠﻤﻊ ﻭﻻ ﻴﻨﺎﺯﻉ ،ﻭﻴﺩﻋﻭ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ
ﻁﺭﹺﺡ ﻓﻴﻪ ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺸﻴﺭ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ..ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﺍﻷﻁﻴﺎﻑ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻭﻤﺎ ﹸ ﻼ ﺃﻥ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺸﺩﻭﺩﺓ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﺔ ،ﺘﺤﻠﹼﻕ ﺒﻴﻨﻨﺎ ﻭﻫﻲ ﺴﻌﻴﺩﺓ ﻓﻌ ﹰ ﺠﺩﹰﺍ ﻟﻤﺎ ﺘﺴﻤﻌﻪ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻁﻴﺎﻑ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ..ﻜﻠﻨﺎ ﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻼﺀ ﻨﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺃﺭﻓﻊ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﻭﻜﻨﺎ ﻨﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻔﺭﻭﺸﹰﺎ ﺒﺎﻟﻭﺭﻭﺩ ..ﻭﻟﻜﻥ ﺘﺸﺨﻴﺹ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺎﺌﻡ ﻻ ﻴﺘﻨﺎﻗﺽ ﻤﻊ ﺃﻨﻨﺎ ﻨﺴﻌﻰ ﻷﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻜﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻭل ..ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻟﻭ ﺃﻥ ﻤﺅﺘﻤﺭ ﺤﺯﺏ
ﺹ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻨﻴﹰﺎ ﻟﻴﺴﻤﻊ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨ
116
ﺤﻴﺎﺘﻪ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺤﺯﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻀﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺎ ﻴﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟـ ٣٧ﻋﺎﻤﺎﹰ ،ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻴﻁﻠﻕ ﻤﺅﺘﻤﺭﹰﺍ ﻋﻠﻨﻴﹰﺎ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻴﻨﺸﺭ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﹸﻁﺭﺡ ﻓﻲ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﺎﺘﻪ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺃﻁﹼﻠﻊ ﺃﻨﺎ ﻜﻤﻭﺍﻁﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﺤﻕ ،ﻭﺃﺒﻨﺎﺌﻲ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺤﻕ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺒﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﻭﻟﻤﺎ ﻴﺘﺩﺍﻭل ﻓﻲ
ﺸﺅﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﺔ ..ﻨﺤﻥ ﻨﺭﻴﺩ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻠﻜﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﺎ ﻴﺭﺴﻡ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺒﻌﻘﻭل ﻨﻘﻴﺔ ﺼﺎﻓﻴﺔ ﺨﺎﻟﺼﺔ ﺤﺒﹰﺎ ﻟﻪ ﻭﻤﺠﺩﹰﺍ ﻟﻪ ﻭﺴﻌﻴﹰﺎ ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻪ ..ﻜﻠﻨﺎ ﻴﺎ ﺃﺨﻭﺘﻲ ﻨﺤﻤل ﺠﺯﺀﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻤﺎ ﻭﺼﻠﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻤﺘﻨﺎ . •ﺩ .ﻤﺤﻤﺩ ﺯﻜﺭﻴﺎ ﺨﻤﻴﺱ ﹶﻜﺒُﺭ ﻤﻘﺘﹰﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﷲ ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻟﻭﺍ ﻤﺎ ﻻ ﺘﻔﻌﻠﻭﻥ " ﻤﻨﺫ ٣٧ﻋﺎﻤﹰﺎ ﺘﹸﺭﻓﻊ ﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺭﺍﺌﻌﺔ ﻟﻥ ﻨﺠﺩ
"
ﺘﻁﺒﻴﻘﹰﺎ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻁﻼﻕ ..ﻨﺤﻥ ﻜﻨﺎ ﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻨﻜﻡ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ..ﻭﻟﻜﻥ ﻜﺎﻥ ﻫﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻁﺒﻕ ﻤﺎ
ﻨﺩﻋﻴﻪ.
•ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺴﺎﻤﺭ ﺍﻟﻤﻠﻭﺤﻲ ﺴﻤﻌﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺒﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻨﺎﻅﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﺤﻁﺔ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻜﺱ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻨﺸﺎﻫﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ..ﺜﻡ ﻗﺭﺃﻨﺎ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺒﺄﻥ ﻨﺎﺌﺏ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﻓﻴﻕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ
ﺨﺩﺍﻡ ﺍﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ﺒﺎﻟﺭﻓﺎﻕ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﻴﻥ ..ﺜﻡ ﻨﻘﺭﺃ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻤﺎ ﺩﺍﺭ ﻤﻥ
ﻼ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻏﺩﹰﺍ ﺤﻭﺍﺭ ﻭﻤﺎ ﺩﺍﺭ ﻤﻥ ﻤﺠﺎﺩﻻﺕ ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﹰﺎ ﻓﻴﻬﺎ ..ﻤﺜ ﹰ ﻨﻘﺭﺃﻩ ﻓﻲ ﺼﺤﻑ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﺭﻴﺔ ..ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺘﻨﺸﺭ ﺼﺤﻔﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀﺍﺕ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ؟! • ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ٢٠٠١/٧/٩ )*(٣ ﺨﺩﺍﻡ :ﻟﻥ ﻨﺴﻤﺢ ﺒـ " ﺠﺯﺃﺭﺓ ﺴﻭﺭﻴﺎ " ..ﻭﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻬﺩ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﺎﺕ ﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺘﻌﻘﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻻﺘﺎﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ
ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺙ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ
117
ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ﻗﺩ ﺍﺠﺘﻤﻊ ﻤﻊ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﺭﺝ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﺴﺎﺀ ﺍﻷﺤﺩ ١٨ﺸﺒﺎﻁ ) ﻓﺒﺭﺍﻴﺭ ( ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﻭﺍﻻﺸﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ،ﻭﺘﻨﺸﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺤﺭﻓﻲ ﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺨﺩﺍﻡ ﻭﺭﺃﻴﻪ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﺇﻟﻰ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺭﺤﺕ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ .
ﺭﻓﺎﻕ ،ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻨﺎﻗﺸﺕ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻭﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺭﻓﻴﻕ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺤﻴﺙ ﺘﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻋﻥ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻭﻗﺎﻤﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻟﺨﻁﻭﺍﺕ ،ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻻﺠﺎﺯﺓ ﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ﺒﻔﺘﺢ ﻤﻜﺎﺘﺏ ﻭﺇﺼﺩﺍﺭ ﺼﺤﻑ ،ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺒﺨﻠﻕ ﻤﻨﺎﺥ ﻋﺎﻡ ﻴﺭﻴﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻴﺠﻌﻠﻬﻡ ﻴﺒﺤﺜﻭﻥ ﻜﻴﻑ ﻴﺴﺎﻫﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﺩﻋﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻟﺩﻋﻡ ﻭﻁﻨﻲ ﺸﺎﻤل . ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﻜﻨﺎ ﻨﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻤﻥ ﻜﺘﺒﻭﺍ ﺃﻭ ﻴﻜﺘﺒﻭﻥ ﺒﺄﺨﺫ ﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﻭﺍﻻﺴﻬﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺘﺤﻭﻴﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ، ﻤﻥ ﺤﻭﺍﺭ ﺒﻴﻥ ﻓﺭﺩ ﻭﻓﺭﺩ ،ﺒﻴﻥ ﻤﻨﻅﻤﺔ ﻭﻤﻨﻅﻤﺔ ..ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ،ﻤﺎﺫﺍ ﺤﺩﺙ ؟
ﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺘﺼﺩﺭ ﺒﺎﺴﻡ ﻤﺜﻘﻔﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺃﻭﻻ ﺩﻋﻭﻨﺎ ﻨﺘﻔﻕ ﻤﺎﺫﺍ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ
ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ؟ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻗﺴﻁﻨﻁﻴﻥ ﺯﺭﻴﻕ ﺃﺤﺩ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻋﺭﻑ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻗﺎل :ﺍﻟﺜﻘﻔﺎﺓ ﺘﺘﺄﻟﻑ ﻤﻥ ﻋﻨﺼﺭﻴﻥ :ﺍﻷﻭل :ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺼﺤﻴﺤﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺠﻬﺩ ﺒﺎﻟﻌﻘل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻤﻊ ﺍﻁﻼﻉ ﻤﺘﻭﺍﺯﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻟﻠﻌﻠﻭﻡ ﻭﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﻤﻊ ﻋﻠﻡ ﻤﺘﺨﺼﺹ ﺒﺈﺤﺩﺍﻫﺎ ،ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﻭﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺘﺴﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺘﺼﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ
ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ؛ ﺇﺫﻥ ﺸﺭﻁ ﺸﻁ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺠﻬﺩ ﻋﻘﻠﻲ ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﻤﻨﻬﺠﻪ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻭﺍﻻﺴﺘﻜﺸﺎﻑ ،ﻓﻬل ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﻡ ؟ ﻫل ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻴﻤﺎ ﻭﺭﺩ ؟ ﻫل ﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺤﻘﺒﺔ ﻫﻲ ﺃﻫﻡ ﺤﻘﺒﺔ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻅﻠﻡ ﻭﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻻﻀﻁﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻘﺘل ؟ ﻫل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺼﺤﻴﺢ ؟ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺤﻠﻠﻭﺍ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻫل ﺩﺭﺴﻭﺍ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ،ﻭﻗﺎﺌﻊ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺌﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺎﺡ ﻟﻬﻡ ﻜل ﻓﺭﺹ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ،ﻫل ﻫﺫﺍ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻓﺭﺍﻍ ؟ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ،ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺍﻟﻜﻬﺭﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻁﺭﻗﺎﺕ ،ﻫل ﺠﺎﺀﺕ ﻤﻥ ﻓﺭﺍﻍ ؟ ﺜﻡ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻓﻲ ﻅل ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻐﻔﻭﺭ ﻟﻪ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻘﻴﺕ ﻭﺍﻗﻔﺔ ﺼﺎﻤﺩﺓ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺩﻭل ﺃﺨﺭﻯ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﺭﺨﺕ ،ﻫل ﻭﻗﻑ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺭﺍﻍ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ؟ ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺨﻁﺎﺀ ؟ ﻨﻌﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺨﻁﺎﺀ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺨﻠل ،ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺴﺎﺩ ،ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺎ ﻓﻌﻼ
ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﻴﻥ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﻨﺎ ﻨﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ،ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل :ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﻗﺩ ﺃﺼﺎﺒﺕ ﻓﻲ ﻜﺫﺍ ﻭﻜﺫﺍ ﻭﺃﺨﻁﺄﺕ ﻓﻲ ﻜﺫﺍ ﻭﻜﺫﺍ ،ﻟﻜﻥ ﻫل ﺤﺩﺙ ﺫﻟﻙ ؟ ﺜﻡ ﺠﺎﺀ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ 118
ﻓﻲ ﺜﻼﺙ ﻤﺴﺎﺌل ) ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ،ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻐل ﺒﺎل ﻜل ﻁﻔل ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻜل ﺸﻴﺦ ﻭﻜل ﺍﻤﺭﺃﺓ ﻭﻜل ﺭﺠل ﻫﻲ ﻤﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ-ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ) ﺃﻡ ﻴﺠﺭﻱ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻨﻬﺎ ( ﻭﻜﺄﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻠﺩ ﻤﺭﺘﺎﺡ ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ﻤﺭﺘﺎﺡ ﺩﻭﻟﻴﺎ ،
ﻭﻜﺄﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﻤﺘﻭﻓﺭﺓ ﻟﻜﻥ ﺒﻘﺕ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﻥ ﻨﺼﺩﺭ ﺒﻴﺎﻨﺎ ﺃﻭ ﻻ ﻨﺼﺩﺭ ﺒﻴﺎﻨﺎ . ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺩﻟﺔ ﺠﺎﻫﺯﺓ :
ﺠﺭﻯ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻤﻊ ﺘﻘﺩﻴﺭﻱ ﻟﻌﻠﻡ ﻗﺴﻡ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺼﺩﺭﻭﺍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ،ﻫﻡ ﺃﺨﻁﺅﻭﺍ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻨﺸﻭﺌﻬﺎ ﻭﺘﻁﻭﺭﻫﺎ . ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺒﺩﻟﺔ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻨﺸﺘﺭﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺃﻭ ﻨﻨﻘﻠﻬﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ، ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻭﺼﻠﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻀﻤﻥ ﻜﻔﺎﺡ ﻭﺘﻁﻭﺭ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ،ﻭﻤﻨﺫ ﺜﻭﺭﺓ ﻜﺭﻭﻨﻭﺍﻱ ﻓﻲ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ،ﻤﺘﻰ ﻭﺼل ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ
ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻤﺎ ؟ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺭﻓﻭﺍ ﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻻ ﻴﺩ ﻋﻤﻼ ﻟﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻀﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ،ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﻤﻁﻠﻊ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺸﻜﻠﻨﺎ ﻤﺠﻠﺱ ﺸﻌﺏ ﻭﻜﺎﻥ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﺍﻋﺘﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻨﺴﺒﻴﺎ ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﺠﺎﻟﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀﺕ ﻓﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ،ﻁﺒﻌﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﺠﻠﺴﺎ ﻤﻌﻴﻨﺎ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻁﻼﻗﺎ ،ﻷﻥ ﺸﺭﻁ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺃ ﻥ ﺘﻜﻭﻥ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
ﺒﻌﺩ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﺘﺨﺫﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ)ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ (١٩٩٠ﺘﻭﺠﻬﺎ ﺒﺘﺭﻜﺜﻠﺙ ﺍﻟﻤﻘﺎﻋﺩ ﻤﻔﺘﻭﺤﺔ ، ﺩﻋﻭﻨﺎ ﻨﺭ ﻜﻴﻑ ﺠﺭﺕ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﻭﻤﻥ ﺠﺎﺀ ﻭﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻌﺒﺕ ﺩﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ؟ ﺃﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﻤل ؟ ﻜﻠﻜﻡ ﺘﺎﺒﻌﺘﻡ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ :ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ﻭﺤﻠﺏ ﻭﺤﻤﺹ ﻭﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ،ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ﺼﺭﻑ ﺍﻟﻤﺭﺸﺤﻭﻥ ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻟﺸﺭﺍﺀ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ،ﻫل
ﻨﺴﺘﻁﻴﻐﻊ ﺍﻟﻘﻭ ﺃﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺸﺭﺍﺀ ﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ؟ ﺇﺫﻥ ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ
ﻓﻬﻤﺎ ﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺃﻭﻻ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺎﻁل ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺠﺎﺌﻊ ﻭﻴﻘﻭل ﻟﻪ ﻤﺭﺸﺢ ﺨﺫ ﺃﻟﻔﻲ ﻟﻴﺭﺓ ،ﺜﻼﻟﺙ ﺁﻻﻑ ﻟﻴﺭﺓ ) ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺩﻭﻻﺭﺍ ﺃﻤﺭﻴﻜﻴﺎ ( ، ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻨﺘﺨﺏ ﺍﻟﻤﺎل ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺘﺨﺏ . ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺭﻜﻥ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺃﺭﻜﺎﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻭﻫﻲ ﺃﺤﺩ ﺃﻫﺩﺍﻓﻪ ﻭﻨﺎﻀل ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﻤﻨﺫ
ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﻭﺃﻋﻭﺩ ﻫﻨﺎ ﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﺘﺤﺩﺙ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺠﻴﺔ ﻟﻼﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ، ﻤﻌﻅﻤﻜﻡ ﻗﺩ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﺸﻴﺌﺎ ﻋﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ،ﻓﻲ ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻗﻴل ﺃﻥ ﺃﻴﻀﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻨﻤﻭﺫﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﻬﺩ ،ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻓﻲ ﻋﻌﻬﺩ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﺇﻴﺎﻫﺎ ، ﻜﺎﻥ ١٧ﻨﺎﺌﺒﺎ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ، ١٩٥٤ﻓﻴﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻜﺜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﻤﻥ ﻨﻭﺍﺏ ﺍﻟﺤﺯﺏ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺌﺭ ،ﻭﺠﻤﻴﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﻤﻊ 119
ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺘﺭﻴﺩ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﺄﻱ ﺨﻁ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺴﺎﺭﺕ ﺒﻪ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ ﻜﺎﻥ ﻫﻭ ﺨﻁ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﺍﻷﻗﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻗﺎﺩﺕ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻀﺎﺭﺏ ﺒﻴﻥ ﺘﻁﻠﻌﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻋﻭﺍﻁﻔﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀﺕ ﺒﺤﻜﻡ ﺇﻤﺎ ﺍﻟﻤﺎل ﺃﻭ ﺍﻻﻗﻁﺎﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺸﺎﺌﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ .
ﺭﻓﺎﻕ ،ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺇﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻷﻨﻪ ﻏﺫﺍ ﻓﻌل ﻴﻜﻭﻥ ﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﻤﺒﺩﺃ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﻤﺒﺎﺩﺌﻪ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺨﺸﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻷﻥ ﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻨﻪ ﻋﺎﺠﺯ ،ﻓﻬﻭ ﻟﻴﺱ ﻋﺎﺠﺯﺍ ﻭﻻ ﻤﺘﺨﻠﻴﺎ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻗﻔﻪ ﻭﻤﺒﺎﺩﺌﻪ ،ﻟﻜﻥ ﻫل ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ؟ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻫﻲ ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﺃﻱ ﻜﺒﺕ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ﻫﻭ ﻤﺨﺎﻟﻑ
ﻟﻠﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﺃﻱ ﻜﺒﺕ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ﻫﻭ ﻗﺘل ﻟﻼﺒﺩﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﻟﻠﺘﻘﺩﻡ ﻭﻜل ﻤﺎ ﻫﻨﺎﻟﻙ .
ﻟﻜﻥ ﻫل ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ؟ ﺇﻁﻼﻗﺎ ﻻ ،ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺤﺭﻴﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻫﺫﺍ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻲ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﺍﻥ ﺃﻗﺘل ﺯﻴﺩ ﻭﻴﺘﻴﺢ ﻟﺯﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﺘل ﻋﻤﺭﻭ ﺃﻭ ﻴﻌﺘﺩﻱ ﻋﻠﻴﻪ ..ﻟﺫﻟﻙ ﺠﺎﺀ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺤﺩﺩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻭﻗﻀﻰ ﺃﻥ ﺘﺼﺩﺭ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺘﻨﻅﻡ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻟﻠﻔﺭﺩ ﺤﺭﻴﺔ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﺒﺎﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ
ﻻ ﻴﺘﻌﺎﺭﺽ ﺫﻟﻙ ﻤﻊ ﺤﻕ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻭﻕ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻴﺘﻌﺎﺭﺽ ﺃﻴﻀﺎ ﻤﻊ
ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺃﻤﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻭﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭﻩ . ﻫل ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺃﻥ ﻨﻘﻑ ﻭﻨﻘﻭل ﺃﻭ ﻨﻁﻠﻕ ﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﺍ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺘﻔﻴﻙ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ؟ ﻫل ﻫﺫﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ؟ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺎل ﺍﻟﺒﻌﺽ :ﺇﻥ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻓﺴﻴﻔﺴﺎﺀ ﺠﻤﻴل ﻤﻥ ﺃﺩﻴﺎﻥ ﻭﺃﻋﺭﺍﻕ ﻭﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ،ﻭﻜل ﻓﺌﺔ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ﻭﺤﻀﺎﺭﺘﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻤﺘﻭﺍﺯﻨﺎ ،ﻤﺎﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺫﻟﻙ ؟ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻋﺠﺯﺕ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻴﻥ ﺫﺍﻫﺒﻭﻥ
) ﺃﻓﺭﺍﺩ ﻫﺫﻩ ( ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ؟ ﻤﻌﻘﻭل ﺃﻥ ﻨﻘﺴﻡ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻁﻭﺍﺌﻑ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻋﺭﺍﻕ ﻭﻟﻜل ﺸﺭﻴﺤﺔ ﺤﺭﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺤﻀﺎﺭﺘﻬﺎ ﻭﺜﻘﺎﻓﺘﻬﺎ ؟ ﻤﺎﺫﺍ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ ﺃﺨﻁﺭ ﻤﺎ ﺃﻨﺘﺠﻪ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻫﻭ ﺘﻔﻜﻴﻙ ﺍﻟﻭﺤﺩﺍﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﻁﺭﺡ ﺸﻌﺎﺭ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ،ﻫﻡ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﻟﻸﻗﻠﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻴﻭﻏﻭﺴﻼﻓﻴﺎ ،ﻟﻜﻥ ﻴﺭﻓﻀﻭﻥ ﺘﻘﺭﻴﺭ
ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﻤﺯﺩﻭﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺃﻭ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ .
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ :
ﻁﺭﺡ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﺴﺘﻨﺩﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﻤﻌﻴﻨﺔ ،ﻫل ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺼﺭﺍﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﺘﺘﺎﺘل ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺽ ؟ ﺃﻭ ﻫل ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﺘﻘﺎﺘل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻊ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺽ ؟ ﻫل ﻨﺤﻥ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ؟ ﻁﻴﺏ ﺘﺭﻓﻀﻭﻥ ) ﻜﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ( ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻤﺎ ﻫﻭ
120
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺒﺩﻴل ؟ ﻫل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ،ﻫل ﻤﺎﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ؟ ﻫل ﻤﺎﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﻴﻭﻏﻭﺴﻼﻴﺎ ؟ ﻫل ﻤﺎﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻭﻤﺎل ؟ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠل ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ :ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺍﻟﺸﺎﺫﻟﻲ ﺒﻥ ﺠﺩﻴﺩ
ﻗﺭﺭ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺒﻴﺭﻭﺴﺘﺭﻭﻴﻜﺎ ،ﺠﻴﺩ ﻤﻥ ﺤﻘﻪ ،ﺃﻟﻘﻰ ﺨﻁﺎﺒﺎ ﺍﺘﻬﻡ ﺤﺯﺏ ﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ، ﻭﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻜﻠﻬﺎ ﺒﺎﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﺏ ﻭﺃﺠﺭﻯ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﺃﻤﺭ ﻁﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﺘﻨﺠﺢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ
ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻴﺘﻬﻡ ﺠﻤﻴﻊ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺎﻟﺨﺭﺍﺏ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ،ﺠﺎﺀﺕ ﺠﺒﻬﺔ ﺍﻻﻨﻘﺎﺫ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ،ﻤﺎﺫﺍ ﺤﺩﺙ ؟ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺒﺎﻨﻘﻼﺏ ،ﻤﺎﺫﺍ ﺤﺩﺙ ؟ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺘﺘﻤﺯﻕ ،ﺇﺫﺍ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻁﺭﺡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺩﺭﺱ ﻤﺎﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ .
ﻋﻠﻰ ﻜل ﺤﺎل ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺃﻨﻁﻭﻥ ﻤﻘﺩﺴﻲ ﺸﺭﺡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﻤﻘﺎﺒﻼﺘﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺸﻜل ﻭﺍﻀﺢ ،ﻫﻭ ﻗﺎل :ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻴﺘﻁﻠﺏ ﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺃﻱ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ،ﻗﺩ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺨﻠل ﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ،ﻨﻨﺎﻗﺵ ﺍﻟﺨﻠل ﻟﻜﻥ ﻻ ﻨﻨﺴﻑ ﻜل ﻤﺎﻫﻭ ﻗﺎﺌﻡ ﻷﻥ ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺒﺩﻴل ﻭﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺍﺤﺩ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻨﺴﻑ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺎﺌﻡ ،ﻫﺫﺍ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻷﻨﻨﺎ ﻟﻥ ﻨﺴﻤﺢ
ﺒﺸﻜل ﻤﻥ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﺒﺄﻥ ﺘﺘﺤﻭل ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻻ ﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﻻ ﻴﻭﻏﻭﺴﻼﻓﻴﺎ ﻭﻻ ﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻭﺍﻀﺤﺎ ،ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﺎﻋﺩﻭﺍ ﻓﻲ ﺘﻌﺯﻴﺯ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻓﻲ ﻨﻘﺩ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺎﺌﻡ ﻤﺎﺸﻲ ﺍﻟﺤﺎل ،ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ ﺒﺘﺠﺭﻴﻡ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺎﺌﻡ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﺎﺌﻡ ﻀﻼل ﺒﻀﻼل . ﻨﻌﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺨﻁﺎﺀ ،ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺭﺤﻭﻡ ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ﻭﻗﻑ ﻤﺭﺘﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ١٩٩٩ﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻠل ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻥ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻠل
،ﻭﻻ ﺃﺤﺩ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل ﻷﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻠل ﺃﻤﺭ ﻏﻴﺭ ﻀﺎﺭ ،ﻟﻜﻥ ﻨﻨﺎﻗﺵ ﺍﻟﺨﻠل ،ﻭﻨﻨﺎﻗﺵ ﻜﻴﻑ ﻨﺘﺠﺎﻭﺯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻠل ﻭﻨﻌﺎﻟﺠﻪ . ﺃﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ؟ ﻨﻌﻡ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ،ﻫل ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻤﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ؟ ﻨﻌﻡ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻴﺴﻴﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ ؟ ﻷﻥ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻫﻡ ﺍﻷﻜﺜﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ،ﻫل
ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻋﻨﺩ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﺼﻭﺕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﻟﺨﺼﻭﻤﻬﻡ ﺃﻭ ﻟﻐﻴﺭﻫﻡ ؟ ﻫل ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻭ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻥ ﻴﻔﺼل ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻭﻨﺼﻑ ﺍﻟﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻋﻀﺎﺌﻪ ﺍﻟﻤﻠﻴﻭﻨﻴﻥ ﺤﺘﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ؟
ﻤﻨﺫ ﺒﻀﻊ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻁﻠﺏ ﺍﻟﺴﻔﻴﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ) ﺭﺍﻴﺎﻥ ﻜﺭﻜﺭ ( ﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻌﻤﺎل ) ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻨﺎﺼﺭ ( ﻭﻗﺩﻡ ﻟﻪ ﻤﺫﻜﺭﺓ ﻴﻁﺎﻟﺒﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ،ﻴﻌﻨﻲ ﺍﺤﺎﺩ
ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻴﺼﻴﺭ ﻋﺸﺭ ﺍﺘﺤﺎﺩﺍﺕ ﻴﻌﻨﻲ ﺘﻤﺯﻴﻕ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻫل ﻫﺫﺍ ﻓﻲ ﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
121
ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻤﻥ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺘﻪ ؟ ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﻫﻡ – ﺁﺴﻑ ﻟﻠﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺃﻨﺎﺱ ﺘﺭﺒﻁﻨﻲ ﺒﻌﺩﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﺼﺩﺍﻗﺔ ﻭﺍﺤﺘﺭﻤﻪ – ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﻟﻡ ﺃﻥ ﻴﺠﺭﻱ ﺤﺩﻴﺙ ﺩﻭﻥ ﺘﻘﻭﻴﻡ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻭﺩﻭﻥ ﺘﺤﻠﻴﻠﻪ . ﺩﻋﻭﻨﺎ ﻨﺭﻯ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺨﻼل ﺜﻼﺜﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎ ،ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﻌﺭﻀﺕ ؟ ﻤﺎﺫﺍ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺨﻼل
ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎ ؟ ﺤﺭﺏ ﺘﺸﺭﻴﻥ ﺍﻷﻭل ) ﺍﻜﺘﻭﺒﺭ ( ﺍﻟﻌﺎﻡ ، ١٩٧٣ﺃﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﺤﺭﺏ ﺘﺸﺭﻴﻥ ﺍﺴﻘﺎﻁﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ؟ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺃﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﺴﻘﺎﻁﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ ﺨﻼﻓﻨﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺃﻨﻭﺭ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﺃﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﻪ ﺍﺴﻘﺎﻁﺎﺕ ؟ ﺍﺴﻘﺎﻁﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻷﺤﺩﺍﺙ
ﺍﻟﺩﺍﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺨﻼل ﺃﺭﺒﻊ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﺃﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﺴﻘﺎﻁﺎﺕ ﻓﻲ
ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ؟ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ – ﺍﻻﻴﺭﺍﻨﻴﺔ ،ﺍﺠﺘﻴﺎﺡ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻋﺎﻡ ، ١٩٨٢ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺃﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﺍﺴﻘﺎﻁﺎﺘﻬﺎ ؟ ﻤﺭﺽ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ﻭﻤﺸﻜﻠﺔ ﺭﻓﻌﺕ ﺍﻷﺴﺩ ﻭﺍﺠﺘﻴﺎﺡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻟﻠﻜﻭﻴﺕ ،ﻫﺫﻩ ﻜﻠﻬﺎ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﺭﺕ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻫل ﺘﻤﺭ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﺭﻙ ﺒﺼﻤﺎﺘﻬﺎ ؟ﻟﻭ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺠﺎﺕ ﺃﺨﺭﻯ .
ﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﺃﺴﺎﺘﺫﺓ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ : ﻭﻟﺩﻯ ﺍﻓﺴﺎﺡ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﻟﻸﺴﺌﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ،ﻴﺤﺩﺙ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﺎﺘﺫﺓ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ
ﺸﺎﺭﻜﻭﺍ ﻓﻲ ﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﻓﺄﺸﺎﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺴﻠﻴﻡ ﺒﺭﻜﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺃﻁﺭﻭﺤﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﺴﺘﻬﺩﻓﺕ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺃﻓﺎﺩﺕ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﺨﻠﺼﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﻫل ﻭﻜﻤﺎ ﻁﺭﺤﺘﻡ ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺘﻅﺭﻨﺎ ﻜﺤﺯﺏ ،ﻓﺎﻟﻤﻬﺭﻜﺔ ﺒﺩﺃﺕ ﻟﻠﺘﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﺸﻭﻫﺎﺕ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻤﺭ ،ﻭﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻀﻊ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺩﺴﺎﺕ ﺒﻴﻥ ﺃﻴﺩﻴﻨﺎ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﻭﺃﻥ ﻨﻘﻴﻡ ﺫﺍﺘﻨﺎ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻘﻴﻤﻨﺎ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺘﺴﺎﺀل :ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﺒﺩ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻜﺎﻟﺴﻴﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻷﺩﻨﻰ ؟ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﻻ ﻗﻴﻤﺔ
ﻟﻬﺎ ﺇﻁﻼﻗﺎ ﻓﻲ ﺍﺩﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﺇﻨﻬﺎ ﻤﺤﺸﻭﺓ ﺤﺸﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ) (...ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻓﻲ ﻗﻴﺎﺩﺘﻬﻡ ،ﻟﺫﻟﻙ ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﺼﻠﺢ ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻟﻥ ﺘﺼﻠﺢ ﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻤﻁﻠﻭﺏ ﺩﻭﺭ ﻓﻌﺎل ﻟﻠﺤﺯﺏ ﻭﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻁﻴﺔ ﻷﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﻭﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻨﻜﻭﻥ ﻤﻁﻴﺔ ﻟﻤﺒﺎﺩﺌﻨﺎ ،ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻔﺼل ﺒﺎﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻴﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ؟ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﺘﻤﺴﻙ
ﻓﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻤﻨﺫ ﻋﺎﻡ ١٩٦٣ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻴﻘﺩﻡ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﺩﻉ ؟ 122
ﻭﻗﺎل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﻜﺎﻤل ﻋﻤﺭﺍﻥ :ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻻ ﻨﺨﺸﻰ ﻤﻥ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺸﻜل ﻤﻥ ﺒﻘﺎﻴﺎ ﻤﻔﻠﺴﻴﻥ ﺸﺎﺨﻭﺍ ﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﺯﻤﻨﻴﺎ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓﺇﺫﺍ ﻤﺎﺍﻟﺘﻔﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻀﻤﺘﻬﻡ ﻟﻬﺎ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﺔ ﻭﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﺍﻥ ﺘﺘﺤﺭﻙ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺒﺸﻜل ﻜﺒﻴﺭ ﻟﻤﻌﺎﺠﻠﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ،ﻭﻨﺼﺢ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻤﻨﻴﺭ ﺍﻷﺤﻤﺩ ﺒـ ﻭﺠﻭﺏ ﺃﻥ ﻨﺘﻭﻗﻊ ﺘﺂﻤﺭﺍ ﻓﻲ ﻜل ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﻫﻡ
) ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻭﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﺒﺫﺭﺓ ﻟﻠﻔﺘﻨﺔ ﻭﺠﻴﻼ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺭﺍﺜﻴﻡ ﻴﻨﻤﻭ ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﺘﻡ ﻤﻜﺎﻓﺤﺘﻬﻡ . ﻤﻥ ﺠﻬﺘﻪ ﺍﻭﻀﺢ ﺩ.ﻋﻤﺎﺩ ﻓﻭﺯﻱ ﺍﻟﺸﻌﻴﺒﻲ ،ﻭﻫﻭ ﻏﻴﺭ ﺒﻌﺜﻲ :ﻓﻜﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻋﻬﺩﻩ ﺒﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻜﻭﺴﻴﻁ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻔﺎﺼﻴل
ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺒﺸﻜل ﺃﻭ ﺒﺂﺨﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺤﺘﻰ ،
ﻟﺫﻟﻙ ﺃﻗﺎﻡ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻴﺘﻡ ﺘﻔﻌﻴل ﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺒﺎﻟﺴﺭﻋﺔ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﺘﻘﺩﻴﻡ ﺨﺩﻤﺎﺕ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﻭﻤﻠﻤﻭﺴﺔ ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻨﺠﺩ ﺍﻨﻔﺴﻨﺎ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﺤﻅﺎﺕ ﻭﺃﺭﺠﻭ ﺃﻥ ﻻ ﺍﻜﻭﻥ ﺃﺒﺎﻟﻎ ﻫﻨﺎ ،ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻌﻰ ﻟﺘﺸﻜﻴل ﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭ ﻜﺎﺭﻴﻜﺎﺘﻭﺭﻱ ﻟﻠﻴﺵ ﻓﺎﻟﻴﺴﺎ ﻭﻟﻨﻘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻥ ﻓﻲ ﺒﻭﻟﻨﺩﺍ ﻋﺒﺭ ﺍﺨﺘﺒﺎﺭ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﺨﺘﺒﺭ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ .
ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺃﺤﻤﺩ ﺒﺭﻗﺎﻭﻱ ،ﻭﻫﻭ ﺍﺤﺩ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺸﺎﺭﻜﻭﺍ ﻓﺏ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻭﻨﺸﺎﻁﺘﻬﺎ ،ﺘﺴﺎﺀل: ﻟﻤﺎﺫ ﻅﻬﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﻭﻟﻡ ﺘﻅﻬﺭ ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﺁﺨﺭ ؟ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁﺎﺕ ﻨﺘﺎﺝ ﻟﻠﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺸﺎﻋﻪ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ،ﺇﺫ ﺍﻋﺘﻘﺩ ﺠﻤﻬﻭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺒﺄﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﻜﻔﻴل ﺒﺄﻥ ﻴﻭﺼل ﺭﺃﻴﻬﻡ ﺍﻵﺨﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺴﺎل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺭﻗﺎﻭﻱ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺨﺩﺍﻡ :ﻫل ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻤﻌﻨﺎﻩ ﻨﻘﺩ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻭﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺃﻡ ﻫﻭ ﻗﺭﺍﺭ ﺒﺈﻟﻐﺎﺌﻬﺎ ﻭﻭﻗﻔﻬﺎ ؟
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺠﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺨﺘﻼﻓﺎﺕ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﻓﻬﻡ ﺃﻨﻨﻁﺒﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻁﺎﺒﻊ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻵﺭﺍﺀﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﺘﺴﺎﻋﺩﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻡ ﺘﺠﺭﺒﺘﻨﺎ ﻭﻤﺎﻀﻴﻪ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺁﺭﺍﺀ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺸﺒﻪ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺤﺩﻴﺔ ،ﻤﺜﻼ ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻥ ﻨﺴﻤﻊ ﻤﻥ ﺸﺨﺹ ﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻟﺘﻭﻩ ﺃﻥ ﻴﺼﻔﻕ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﺇﻨﻪ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻻ ﻴﻌﻭﺩ ﻤﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻭﻫﺫﺍ ﺃﻤﺭ
ﻁﺒﻴﻌﻲ ﻭﺁﺨﺭ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻁﻭﺭ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ .
ﻭﺯﺍﺩ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺩﻨﺎﻥ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﺴﺅﺍل:ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﺘﺨﺯﻑ ﻤﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ؟ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺘﻬﺩﻑ ﻏﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺘﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺭﺴﻡ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻱ ﻓﺄﻫﻼ ﺒﻬﺎ ،ﻭﺃﺭﻴﺩ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻘﻑ ﺃﺤﺩ ﺒﻭﺠﻪ ﻫﺅﻻﺀ ﻷﻨﻬﻡ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﻡ ﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺒﻠﺩﻫﻡ ﻟﻜﻥ ﺒﺎﻟﺸﻜل ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺘﻔﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﺎﻟﺸﻜل ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻔﺭﻀﻪ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻭ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﺭﻀﻭﻨﻪ ﻋﻠﻴﻨﺎ .
123
ﻤﻥ ﺠﻬﺘﻪ ﺃﺠﺎﺏ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ،ﻤﻥ ﺠﻭﻫﺭ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻭﺯﺍﺩ :ﻴﺠﺏ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺨﻼل ٣٠ﺴﻨﺔ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻬﺎ ﺍﺴﻘﺎﻁﺎﺕ ﻭﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻨﻤﻭ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺸﻜﻭ ﻤﻨﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ،ﻫﻨﺎﻙ ﺘﺭﺍﻜﻤﺎﺕ ﺍﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺴﻠﺒﻴﺔ ﻭﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ
ﺃﻥ ﻴﺄﺨﺫ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺕ ﻭﻴﺘﺠﻨﺏ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻫل ﻨﺴﺘﻁﻲ ﺃﻥ ﻨﻠﻐﻲ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺤﺭﺏ ؟ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻤﻭﺭﺴﺕ ﻋﺒﺭﻩ ﺃﺨﻁﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺼﺤﻴﺢ ﻭﻁﺒﻕ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﻜﺎﻨﺕ ﺨﻁﺄ ﻫﺫﺍ ﺼﺤﻴﺢ ،ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻭﻨﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ،ﻟﻜﻥ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ،ﻤﻥ
ﺍﺠل ﺃﻥ ﺘﻔﻠﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ؟!
ﻭﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ ﻓﻲ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻗﺎل ﺨﺩﺍﻡ :ﺍﻁﻠﻌﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺒﺭﺃﻴﻲ ﻟﻡ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻤﻭﻓﻘﻴﻥ ،ﻭﻨﻘﻁﺔ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﻋﻨﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ) ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺸﻁﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ( ﻟﻴﺴﺕ ﻜﻭﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﻜﻴﻼ ﻟﺸﺭﻜﺔ ﺃﺩﻴﺩﺍﺱ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻨﻘﻁﺔ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﻋﻨﺩﻫﻡ ﻫﻡ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺍﻟﺭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﺫﻫﺒﻭﺍ ﻟﻴﺩﺍﻓﻌﻭﺍ ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻴﻬﺎﺠﻤﻭﺍ ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺼﺩﺭ ﻗﺭﺍﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﻟﺫﻫﺎﺏ
ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﻴﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﺘﻔﻨﻴﺩ ﻤﺎ ﻴﻁﺭﺡ ﻭﺇﻅﻬﺎﺭ ﺜﻐﺭﺍﺘﻪ ﻭﺨﻠﻔﻴﺎﺘﻪ .
ﻭﺘﺎﺒﻊ ﺃﻥ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻋﻁﺕ ﺍﻟﻨﺸﻁﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻤﻬﻠﺔ ﺴﺘﺔ ﺃﺸﻬﺭ ،ﻟﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺤﺩﻭﺩﺍ ﻭﺃﻫﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻭﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭﻩ ) (..ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﺸﻜل ﺠﺩﻱ ﺒﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻻ ﻴﺄﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻟﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ
ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺘﻭﻓﻴﺭ ﺤﺎﺠﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻓﺭﺹ ﺍﻟﻌﻤل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ )(١ ﻫل ﺒﺩﺃ ﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻴﻅﻬﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻁﺢ ؟ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﺘﺘﺩﺨل ﺃﺠﻬﺔ ﺍﻷﻤﻥ ﻋﻠﻨﺎ ﻟﺘﻤﻨﻊ ﻨﺸﺎﻁﺎﺕ ﺍﻟﻨﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺍﻟﺩﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﻅل ﻤﻨﺨﺎﺕ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺸﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ . 124
ﻓﻘﺩ ﻗﺎﻤﺕ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻤﺸﻠﻲ ﻭﺍﻟﺤﺴﻜﺔ ﺒﻤﻨﻊ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺩ.ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﺤﺩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﻴﻥ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻤﻥ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﻥ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ " ﻭﻫﻭ ﻤﻘﺎل ﺍﻓﺘﺘﺎﺤﻲ ﻨﺸﺭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺘﻴﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻷﺨﻴﺭ / ٢-١ﺸﺒﺎﻁ – ﻓﺒﺭﺍﻴﺭ . ٢٠٠١ /
ﻟﻘﺩ ﺒﻠﻐﺕ ﺍﻟﺸﺭﺍﺴﺔ ﺒﻤﻤﺜل ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻤﺸﻠﻲ – ﺒﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺫﺍﺘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺠﺢ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ -ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﻀﺭﺏ ﺍﻟﻤﺒﺭﺡ ﻻﺜﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﻤﺅﺴﺴﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻤﺸﻠﻲ ﻫﻤﺎ ﻤﻬﻨﺩﺱ ﻤﺩﻨﻲ ﻭﺤﻘﻭﻗﻲ . ﻫل ﺤﻘﺎ ﻫﻲ ﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺫﺍﺘﻴﺔ ﻤﻥ ﺭﺃﺱ ﺤﺎﻡ ﺃﺨﺭﻕ ؟ ﺃﻡ ﻫﻲ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺘﻭﺠﻪ ﺸﺎﻤل ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ
ﻴﻨﻘﺽ ﻋﻠﻰ ﺇﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺩﺃ ﻴﻜﺴﺏ ﺜﻘﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ؟! •
ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﺨﺼﺼﻬﺎ ﺃﺩﺒﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﺨﻭﻑ ،ﻭﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭ ،ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺩﻗﻕ ،ﺍﻥ ﻴﻠﺤﻅ ﺃﻥ ﺍﻻﺩﻴﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻭﻟﻲ ﺠﺎﻨﺒﺎ ﻻ ﻴﺴﺘﻬﺎﻥ ﺒﻪ ﻤﻥ ﻫﻤﻭﻤﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻟﻠﺨﻭﻑ ﺒﻜل ﺃﺸﻜﺎﻟﻪ ﻭﻁﺭﺍﺌﻘﻪ ﻭﺃﺴﺒﺎﺒﻪ . ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺭﻭﺍﻴﺔ ﺠﻭﺭﺝ ﺃﻭﺭﻭﻴل " " ١٩٨٤ﻗﺩ ﺍﺸﺘﻬﺭﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﻤﺜﻴﻼ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ – ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ – ﺃﻜﺜﺭ ﺘﺠﺫﺭﺍ ﻭﻋﺭﺍﻗﺔ
ﻓﻲ ﺜﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﻭﺃﺩﺒﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﻴﻥ ﻭﻴﺤﻕ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺨﺘﺎل ﺒﺘﻔﻭﻗﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺃﻤﻡ ﺍﻻﺭﺽ ! ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺘﻤﺘﺩ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺭﺒﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻟﻴﺱ ﻤﻌﻨﻬﺎ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ
ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻭ ﺘﻠﻙ ،ﺒل ﻫﻭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻁﻔﻼ ،ﺜﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻋﺩ ﺍﻟﺩﺭﺱ ﻭﻤﻊ ﺍﻟﺤﺭﻭﻑ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺘﻌﻠﻤﻬﺎ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺸﺏ ﻗﻠﻴﻼ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻗﺩ ﺍﺴﺘﻘﺭ ﻜﺄﺤﺩ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ ﺍﻻﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻏﺭﻴﺒﺎ ﺃﻥ ﺘﺤﻔﻼﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﻭﺍﻟﻠﻭﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺤﻭﺘﺔ ﺒﺎﻟﺨﺎﺌﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻤﻌﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻘﻤﻭﻋﻴﻥ .
ﻭﻗﺩ ﺤﺼﻠﺕ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻨﺹ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻟﻠﻨﺎﻗﺩ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻨﻨﺸﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﻴﺅﻜﺩ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺔ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺒل ﻫﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻭﺤﺩﺓ ﻭﻜﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﻓﻠﻙ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻨﺴﺒﺢ !! ﻭﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺃﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ ،ﻓﺎﻟﺨﻭﻑ
ﻴﺭﺘﺩ ﺃﺸﻜﺎﻻ ﺸﺘﻰ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻋﺭﻴﻕ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻴﻜﺎﺩ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﺃﻥ ﻴﺭﻀﻌﻭﻩ ﻤﻊ ﻟﺒﻥ ﺍﻤﻬﺎﺘﻬﻡ ،ﻭﺒﺩﻻ ﻤﻥ 125
ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺅ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ،ﻨﺠﺩ ﺍﻻﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ، ﻭﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺇﺤﺴﺎﺱ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﺒﺎﻟﻨﺒل ﻭﻨﻜﺭﺍﻥ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺒل ﻭﺍﻟﻌﻅﻤﺔ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻨﺴﺎﻨﺎ ﻴﻤﻠﻙ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﻨﺩ ﺍﻟﻀﻌﺔ ﻭﺍﻟﺨﺴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻨﺎﺀﺓ ﺃﻤﻭﺭﺍ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎ ،ﺒل ﺇﻥ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻻ ﻴﺴﻤﺢ ﺇﻻ ﺒﺎﺭﺘﻘﺎﺀ ﺍﻷﻭﻏﺎﺩ .
ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻘﺼﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺭﻕ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻐﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﻴﻥ ،ﺃﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺠﺎﻤﻌﻭ ﻭﻤﻭﺤﺩﺓ ﻟﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ! ﻭﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻓﻤﻨﺫ ﻁﺎﺭﺩ ﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻱ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻕ ﻜﻌﺏ ﺍﻷﺤﺒﺎﺭ – ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﺜﻘﻑ ﻋﺜﻤﺎﻥ – ﺃﺒﺎ ﺫﺭ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭﻱ ،ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺎﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ﺍﻟﻭﺍﻋﻅ ،ﻭﻤﻨﺎﺥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ
ﻴﻨﺘﺞ ﻓﻲ ﻜل ﺤﻘﺒﺔ ﻭﻤﺭﺤﻠﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻤﻬﻤﺘﻬﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ .
ﻟﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻨﺯﻫﺔ ﺒﺭﻴﺌﺔ ﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻤﺜﻘﻔﻲ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﺒﺩﻋﻭﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻔﻭﺍ ﺒﺩﻭﺭﻫﻡ ﻋﻥ ﺘﺤﻁﻴﻡ ﺍﺼﻨﺎﻡ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﻟﻡ ﺘﺨل ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻡ ﻴﻭﻤﺎ ﻤﻥ ﻤﺒﺩﻋﻴﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻬﻤﺘﻬﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻀﺩ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ .
ﻭﻤﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻘﻭﺩ ﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻭﺍﻟﻤﺒﺩﻉ ﻴﺴﺘﻤﺩ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ
ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺅ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ – ﻭﻴﻅل ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻤﺒﻬﺭﺍ – ﻜﻤﺎ ﻤﺭﺕ ﻋﻘﻭﺩ ﺃﺨﺭﻯ ﺸﻬﺩﺕ ﺼﺭﺍﻋﺎ ﻁﺎﺤﻨﺎ ﺒﻴﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ . ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺃﻨﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻭﺘﺠﺩ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻤﻥ ﻴﺘﻘﺩﻤﻭﻥ ﻟﻴﺤﺘﻠﻭﺍ ﻤﻭﺍﻗﻌﻬﻡ ﻜﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﻟﻠﺨﻭﻑ ﻭﺤﺭﺍﺱ ﻴﻘﺒﻀﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﻠﺤﺘﻬﻡ ﻤﺩﺍﻓﻌﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺝ ﻭﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﺎﺼﻠﺔ ﻭﻗﻤﻊ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻥ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ
ﺫﻟﻙ ﻓﻐﻥ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻟﻡ ﻴﺤﺴﻡ ﻤﻁﻠﻘﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﻅل ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺉ ﻭﺍﻟﻌﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺩﺠﻴﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﻀﻤﺎﻡ ﻟﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﺨﺎﺌﻔﻴﻥ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﺍﻡ ،ﻗﺩ ﻴﺨﻔﺕ ﺼﻭﺘﻪ ﻭﺘﺘﺤﻁﻡ ﺃﺠﻨﺤﺘﻪ ﻭﻴﻘﻁﻊ ﻟﺴﺎﻨﻪ ،ﻗﺩ ﻴﻐﻴﺏ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺒﻀﺎﻥ ،ﻗﺩ ﻴﻨﺴﺤﺏ ﻭﻴﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﺍﻻﺒﺘﻌﺎﺩ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻟﻡ ﻴﺤﺴﻡ ﻤﻁﻠﻘﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻭﻻ ﻨﻅﻥ ﺃﻨﻪ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺴﻡ – ﻨﻬﺎﺌﻴﺎ – ﻟﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﺎﻤﻌﺔ . •
ﺍﻓﺘﺘﺎﺤﻴﺔ ﻋﺩﺩ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺸﺭﺕ ﻓﻴﻪ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ .
126
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ -١
ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭ" ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺘﻪ"
-٢
ﻤﻴﺜﺎﻕ ) ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ( ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﻭﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ
-٣
ﺘﻌﻘﻴﺏ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﻭﻱ :ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻭﻥ ﻴﻌﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل
127
ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺘﻪ* ﻤﻀﻰ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺍﻟﺸﻬﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ٣ﺃﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻋﻥ " ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ " ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻜﺄﻓﻜﺎ ﹴﺭ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻟـ )) ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺸﺭﻑ ﻭﻁﻨﻲ ﻴﻨﻅﻡ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ (( ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ . ﻕ ﺍﻟﺼﺩﻯ ﺍﻟﺫﻱ ﻴُﻌﻭل ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻭﻥ ﻭ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻨﺫ ﻨﺸﺭﻩ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ) ﺍﻟﻨﹼﻬﺎﺭ ( ﻟﻡ ﻴﻠ ﹶ ل ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺼﺩﻯ ﻜﺎﻥ ﻭﺍﺴﻌﹰﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗ ّ
ﺒﺎﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻨﻅﺭﹰﺍ ﻟﻡ ﺍﻨﻁﻭﻯ ﻋﻠﻴﻪ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻤﻥ ﻨﻘﻠ ٍﺔ ﺍﻨﻌﻁﺎﻓﻴ ٍﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﻭ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ . ﺇﻥ ﻤﺠﻲﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺘﺅﻜﺩ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺀﻨﺎ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻘﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺴﺎﺒﻘ ٍﺔ ،ﻭ ﻫﻲ ﺃﻥ ﻤﻁﻠﻕ ﻫﻴﻐل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻓﺭﻑ ﻓﻭﻕ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ،ﻗﺭﺭ ﻓﺠﺄﻩ ﻭ ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﻤﻁﻠﻘﻴﺘﻪ ﺃﻥ ﻴﺘﻌ ﱠﻴﻥ ﻓﻲ ﺤﺴﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻠﻤﻭﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻲ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﺨﺎﺘﻤ ﹶﺔ
ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ،ﻤﺘﻤﺜﻠ ﹰﺔ ﺒﺘﻌﻴﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻤﻴﻪ ﻫﻴﻐل ﺒـ )) ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ (( ،ﻭ ﻗﺩ ﺤﺩﺩﻨﺎﻫﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻓﻲ ﺜﻼﺜﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ـ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ـ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ( ﻭ ﻫﺎﻫﻡ
ﻕ ﻴﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﺜﻼﺜﻴﺔ ) ﻨﺒﺫ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻴﻘﺭﺭﻭﻥ ﻭﻟﻭﺝ ) ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ ( ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻴﺜﺎ ٍ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ( ،ﻭ ﺒﺫﻟﻙ ﺘﻜﺘﻤل ﻟﻭﺤﺔ ﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻜﺎﻤﻠﻪ ﺍﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻁﻠﺕ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺔ ، ١٩٥٨ﻭ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻜﻴﻡ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻻﻗﺘﺭﺍﻉ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ
ﻴﻭﻡ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ،ﻭ ﻟﻘﺩ ﺘﻭﺝ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﻫﺯﻴﻤﺔ ﻤﺭﺸﺩﻫﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺭ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ﺏ ﺼﺎﻋ ٍﺩ ﻫﻭ ) ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻲ ( . ﺃﻤﺎ ﺸﺎ ﹴ ﺇﻥ ﺃﻭل ﺍﻟﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ،ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﻜﻭﻨﻪ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺃﻥ ﻴﺤﺭﻀﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﻭﺍﺭﻩ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻑ ﻓﻜﺭﻴﹰﺎ ﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﹰﺎ ،ﺩﻭﻥ ﺨﺸﻴ ﺔ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﻭ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﻡ ﻭ ﻫﺩﺭ ﺍﻟﺩﻡ .
ﻕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺤﺯﺏ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺃﻭ ﻗﻭﺓ ﻭ ﺜﺎﻨﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﻴﺘﻤﻅﻬﺭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺒ ﹶ
ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺨﺎﺭﺝ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ) ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ( ،ﻤﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻨﻪ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ،ﻭ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺘﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺒﺎﻟﻜل ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻻﺤﺘﻜﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﹰﺎ ،ﺃﻭ ﺒﺎﺴﻡ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺔ ﻗﻭﻤﻴﹰﺎ ،ﺃﻭ ﺒﺎﺴﻡ ﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﻟﹼﻠ ﻪ ﺩﻴﻨﻴﹰﺎ ،ﻓﺎﻟﻌﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﻴﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻨﺴﺒﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺭﻭﺭﺓ ﻭ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ،ﻭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻻ ﻴﺤﻕ ﻷﺤ ٍﺩ ﺃﻥ ﻴﻨﺼﺏ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﺒﹰﺎ ﺒﻁﺭﻜﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻭﺼﻴ ﹰﺎ ﻤﻠﻬﻤﹰﺎ ﺒﺎﻟﻭﺤﻲ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻟﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺩﺓ ،ﺃﻭ ﺒﺴﻤﺔ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺴﻤﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ !
128
ﻭ ﺜﺎﻟﺙ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ،ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻹﺨﻭﺍﻨﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺘﻤﻜﻨﺕ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻜﻤل ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺤﻘﻘﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺴﺘﻘﺩﻡ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺃﻤﺜﻭﻟ ﹰﺔ ﺤﻭل ﻨﻀﺞ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺭﻏﻡ ﺍﻟﻨﺯﻉ ﺍﻟﻤﻤﻨﻬﺞ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭ
ﻨﺯﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺴﻴﺸﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺍﻻﻨﻌﻁﺎﻓﻲ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﻨﻤﻭﺫﺠﹰﺎ ﻟﻁﻠﻴﻌﻴﺔ
ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺇﺫ ﺴﺘﺘﻭﻓﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻗﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﻨﺎﺼﺭﻴ ٍﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺯ ﻟﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺩﻤﻘﺭﻁﺘﻬﺎ ﻭﻋﻘﻠﻨﺘﻬﺎ ،ﻭ ﺃﺭﻗﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺠﻤﺎﻉ ﺜﻼﺙ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺤﻭل ﺃﻭﻟﻭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟـ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ـ ﻤﻜﺘﺏ ﺴﻴﺎﺴﻲ ) ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ،ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ،ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻟﺜﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻀﻁﻠﻊ ﺒﻪ
ﻤﺅﺴﺴﻪ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺯﺍل ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻴﻌﻴﺵ ﺩﻭﻥ ﺴﻘﻔﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺒﺎﻟﺘﺭﺍﺩﻑ
ﻤﻊ ﺩﻭﺭ ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻤﺭﻗﺹ ؛ ﻓﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺘﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺯ ﻟﻠﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل " ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " . ﺇﺫﻥ ﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﻨﺘﺎﺠﻬﺎ ﻤﺘﺤﻘﻘﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻟﻴﺘﻤﻜﻥ " ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ " ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺩﺭﺍﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭﻨﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻱ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻑ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﻭﺍﺭﻨﺎ ﺍﻟﻨﻘﺩﻱ ﻫﺫﺍ ﻴﺩﻋﻲ ﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺃﻭ ﻻ ﺃﺴﺌﻠﺔ ،ﻷﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﺩﻋﻲ ﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺔ ﺃﻭ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﺍﻟﺩﺭﻭﺱ ،ﺒل ﻟﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻼﺤﻅﺎﺘﻨﺎ ﺇ ﹼ ﺍﻹﺠﺎﺒﺎﺕ ،ﻓﺤﺴﺒﻨﺎ ﻁﺭﺡ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻨﺤﻭ ﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻴﺭ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺇﻨﻜﺎﺭ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺼﻴﺭﻭﺭﺓ ﻨﻬﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻼﻤﺘﻨﺎﻫﻲ . ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻴﺤﻕ ﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻹﺨﻭﺍﻨﻲ ،ﺃﻥ ﻴﺘﺴﺎﺀل ﻋﻥ
ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﻭ ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻭ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻤﻬﺘﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ : ﻫل ﻴﻜﻔﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ) ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺸﺭﻑ ﻭﻁﻨﻲ ( ،ﻟﻴﺴﺘﻭﺜﻕ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻤﻥ ﻀﻤﺎﻨﺔ ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﻓﻲ ) ﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ( ؟ ﺃﻭ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﺘﺄﺴﻴﺴ ﹰﺎ ﻨﻅﺭﻴﹰﺎ ﻴﻔﺴﺭ ﻭ ﻴﻌﻠل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﺍﻟﻨﻭﻋﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ) ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ( ﺇﻟﻰ ) ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ( ،
ﻤﻥ ) ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ( ﺇﻟﻰ ) ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ( ؟
ﺃﻟﻴﺱ ﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻥ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﺩﻤﻭﺍ ﺒﺭﻨﺎﻤﺠﹰﺎ ﻓﻜﺭ ﻴﹰﺎ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻹﺠﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﺅﺍل ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﻫل ﻫﻲ ) ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ ( ﺃﻡ ) ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺒﺸﺭﻴﺔ ( ؟ ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﻭ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ ﺒﻔﺼل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭ ﻴﺠﺏ ﺍﻟﺘﻨﺼﻴﺹ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﻴﺭﻜﺯ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻔﺼل ﺒﻴﻥ ) ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ( ﻭ ﻟﻴﺱ
ﺍﻟﻔﺼل ﺒﻴﻥ ) ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ( ﺃﻭ ) ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ( ،ﺘﺭﻜﻴﺯﻨﺎ ﻭﺘﻨﺼﻴﺼﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﻴﺘﻭﺨﻰ 129
ﺴﺤﺏ ﻭﺭﻗﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻌﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﺭﺍﺌﻌﻲ ﺒﻬﺎ ،ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻤﻨﺘﺤﻠﻲ ﺍﻷﺼﺎﻟﺔ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﺩﺜﻨﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﺭﻋﻨﻭﻥ ﻟﻠﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ،ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺩﻴﻥ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻙ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺨﺽ ﻴﻭﻤ ﹰﺎ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ،
ﻷﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺴﻭﻯ ﺍﻹﺩﻋﺎﺀ ﺒﺤﻤﺎﻴﺘﻪ ،ﻭ ﻟﻬﺫﺍ ﻓﻬﻲ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺫﺍﺘﻪ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺭﻋﺘﻬﺎ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻟﻪ ،ﻓﻬﻲ ﺘﻘﺩﻡ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﻸﻤﺔ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻫﻲ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﺍﻟﺩﻴﻥ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﺤﺭﻜﺎﺕ ) ﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ( ،ﺨﺎﺭﺠﺔ ﻋﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ،ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻜﻔﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻴﺔ . ﻟﻡ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻤﻥ ﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ،ﻫل ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺒﺸﺭﻴﺔ
ﺃﻡ ﻫﻲ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺴﻨﺔ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺒـ ) ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ( ﻭ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺒـ ) ﻭﻻﻴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻴﻪ ( ﻭ
ﻟﻡ ﻴﺘﺠﺭﺃ ﺃﺤﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺇ ﹼ ﻻ ﻭ ﹸﻨﺒﺫ ،ﺒﺩﺀﹰﺍ ﻤﻥ ﺃﺒﻲ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﹼﻭﺤﻴﺩﻱ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺭ ) ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ( ] ﺭﺒﻴﻊ ﺍﻷﻭل ١١ﻫـ /ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ٦٣٢ﻡ [ ﻤﺭﺠﻌﹰﺎ ﺒﺸﺭﻴ ﹰﺎ ﻻ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺩ ﺍﻟ ﺭﺍﺯﻕ ﻓﻲ ) ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻭ ﺃﺼﻭل ﺍﻟﺤﻜﻡ ( ،ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺭﻫﻥ ﺃﻴﻀ ﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﺎﻗﺩﻴﹰﺎ ﻭﺼﻭ ﹰ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ .
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻤﺭﻜﺯﻱ ،ﻭ ﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﻋﻨﻪ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴُﺘﻬﻡ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺒﺄﻨﻪ
ﺫﺍﺭﺌﻌﻲ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭ ﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﻓﻠﺘﺎﺕ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﺘﻔﺼﺢ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺴﻜﻭﺕ ﻋﻨﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩﻴﺔ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ))ﺇﺤﺩﻯ ﻋﻁﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ (( . ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺘﻨﺒﻌﺙ ﻤﻨﻬﺎ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﺴﺏ ﺃﺒﺩﹰﺍ ﻤﻊ ﻤﻔﻬﻭﻡ ) ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ( ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻹﻟﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﺩﻨﻴﻭﻱ ﻴﺤﻴل ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ،ﻓﻼ ﻤﻨﺎﺹ ﻤﻥ ﺍﻹﺫﻋﺎﻥ
ﻲ )) :ﺃﻨﺘﻡ ﺃﻋﻠﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﻬﺒﻁ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻹﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﻬﺒﻁ ﻤﻥ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﻹﻟﻬﻲ ،ﻭ ﻟﻬﺫﺍ ﻗﺎل ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻨﺒ ﻤﻥ ﺒﺸﺅﻭﻥ ﺩﻨﻴﺎﻜﻡ (( ،ﻓﺄﺘﺎﺡ ﻟﻬﻡ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل :ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭ ﺍﻻﺨﺘﺒﺎﺭ ﻭ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺏ ،ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬ ٍﺔ . ﻭ ﻤﻥ ﺠﻬ ٍﺔ ﺜﺎﻨﻴ ٍﺔ ،ﻤﺘﻰ ﺃﻋﻁﻰ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ؟
ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩﻴﺔ ،ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺍﺸﺩﻴﺔ ،ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﻱ ،ﺒﺸﺭ ﱟ ﻕ ﺩﻨﻴﻭ ﱟ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺴﻴﺎ ٍ ﻱ ،ﻴﺤﺘﻜﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﻴﺯﺍﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺘﺤﺕ ) ﺍﻟﺴﻘﻴﻔﺔ ( ﻭ ﺫﻟﻙ ﻗﺒل ﺘﺄﺼﻴل
ﺃﺼﻭل ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ،ﻭ ﺘﻔﺭﻴﻊ ﻓﺭﻭﻋﻬﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩﻤﺕ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﻏﻁﺎ ﺀ ﺴﻤﺎﻭﻴﹰﺎ ﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻏﺩﺍ ﻻﺤﻘ ﹰﺎ ﻅل ﺍﻟﹼﻠ ﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﺒﺩﺍﻫﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻟﻺﺴﻼﻡ ﻜﺩﻴﻥ ﻓﻁﺭﺓ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻠﺘﺸﺭﻴﻊ
ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻀﻌﻪ ) ﻋﺩﻤﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ ( -ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻜﻨﺩﻱ – ﺘﺤﺕ ﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻓﻲ ﺨﺩﻤﺘﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻭﻴﺔ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ . ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﺒﺩﺍﻫﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺇﻨﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻨﺯﻋﺔ ﺃﻨﺴﻴﺔ ﺤﺴﻴﺔ ﻤﺒﻜﺭﺓ ،ﺘﺠﻌل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺘﺄﺴﻴﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﺙ ﺍﻟﺸﺭﻴﻑ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻘﻼ ﻭﻨﻘﻼ )) ﻤﺎ ﺭﺁﻩ 130
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺤﺴﻨﺎ ،ﻓﻬﻭ ﻋﻨﺩ ﺍﷲ ﺤﺴﻥ (( ﻓﺎﻟﻤﻨﺎﻁ ﺃﻭﻟﻭﻴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻭﻟﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﷲ ) ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻔﺭﺝ ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺞ – ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻭﻓﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺞ ( ﻭﻓﻕ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻷﻭﻟﻭﻴﺎﺕ ﻟﻤﻘﺎﺼﺩ ﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ .
ﺘﺤﺩﺙ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﻋﻥ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻨﺘﻤﺎﺀ ﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ﻷﺒﻨﺎﺀ ﻗﻁﺭﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻨﻪ ﻜﻬﻭﻴﺔ . ﻤﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﺎﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ؟ ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﻤﺴﻠﻡ ﻭﻓﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﺯ ﺒﻬﻭﻴﺘﻪ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﺎ ﻗﺩﻤﺘﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻤﻥ ﺇﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﻭ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻭ ﺃﺩﺒﻴﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺒﺎﻹﺴﻼﻡ ﻜﻌﻘﻴﺩﺓ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﻤﺜ ﹰ ﻼ؟
ﺘﺘﺩﺍﻭل ﻜﺘﺏ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺠﻭﺯﻱ )) ﺯﻨﺎﺩﻗﺔ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺜﻼﺜﺔ :ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﻨﺩﻱ ،ﺃﺒﻭ
ﻱ ،ﺃﺒﻭ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﹼﻭﺤﻴﺩﻱ ؛ ﻭ ﺃﺨﻁﺭﻫﻡ ﺍﻷﺨﻴﺭ ،ﻷﻥ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ ﺍﻷﻭﻟﻴﻥ ﺼﺭﺤﺎ ،ﻭ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺍﻟﻤﻌﺭ ﻫﻭ ﻟﻡ ﻴﺼﺭﺡ ﺃﻭ ﺒﺼﻴﻐ ٍﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺃﻨﹼﻪ ﻤﺠﻤﺞ (( . ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ،ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺘﻘﺒل ﺯﻨﺩﻗﺘﻬﻡ ﻭ ﺘﺘﺩﺍﻭﻟﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺤﺴﺒﺔ ﺃﻭﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﻁﻠﻴﻕ ﺍﻟﺯﻭﺠﺎﺕ ،ﺃﻭ ﺇﺒﺎﺤﺔ ﺍﻟﺩﻡ .
ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﺭ ﺍﻹﺨﻭﺍﻨﻲ ﻟﻺﺴﻼﻡ ﻜﻬﻭﻴﺔ ﻭ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ،ﺃﻥ
ﻱ ( ﻭ ﻴﺭﻓﺽ ﻨﺴﻕ ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺠﻭﺯﻱ ، ﻱ ،ﺍﻟﺘﹼﻭﺤﻴﺩ ﻱ ،ﺍﻟﻤﻌﺭ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻨﺴﻕ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ) ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﻨﺩ ﻭ ﺍﺒﻥ ﺘﻴﻤﻴﺔ ،ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻤﺎ ﻴﻤﺜﻼﻥ ﻋﻘ ﹰ ﻼ ﻓﻘﻬﻴﹰﺎ ﺼﺩﺌﹰﺎ ؟ ﻼ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ) ﻫل ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻟﻺﺴﻼﻡ ﻜﻬﻭﻴﺔ ،ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻠﻤﺴﻠﻡ ﺃﻥ ﻴﺒﻘﻰ ﺤﺎﻤ ﹰ ﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ،ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ،ﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ( ﺩﻭﻥ ﺘﺄﺜﻴ ﹴﻡ ﺃﻭ ﺘﻜﻔﻴ ﹴﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﺃﻭﺼﻠﺕ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﻗﺭﺓ ﻋﻅﻤﺎ َﺀ ﻤﺒﺠﻠﻴﻥ ؟ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﺍﻵﻥ ـ
ﻼ ـ ﻴﻼﺤﻘﻭﻥ ﺃﺒﺎ ﻨﻭﺍﺱ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻘﻠﺕ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﺸﻔﻬﻴﺔ ﺍﻷﺴﺎﻁﻴﺭ ﻋﻥ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﻤﺜ ﹰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻔﺔ ﻤﻊ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺭﺸﻴﺩ . ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﻴﻘﺒﻠﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﻟﻺﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻟﻺﺴﻼﻡ ؛ ﻓﻬﻡ ﻤﺩﻋﻭﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﻭ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻹﺨﻭﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﻟﻜﻲ ﻴﺅﺴﺴﻭﺍ ﻨﻅﺭﻴ ﹰﺎ ﻟﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،
ﻭ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻌﻨﻰ ﻤﻁﺎﻟﺒﺘﻬﻡ ﺒﺄﻥ ﻴﺘﺤﻤﻠﻭﺍ ﻭﺤﺩﻫﻡ ﻭﺯﺭ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻓﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺘﺤﻤل ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺔ ﻤﺸﺭﻭﻋﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺫﻭﺭ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﻨﻅﺭﻴﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ ،ﻭ ﺤﺭﻕ ﺍﻟﻤﺭﺍﺤل ،ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﺴﻭﻯ ﺇﺤﺭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺫﺍﺘﻬﺎ! ﻓﺎﻹﺨﻭﺍﻥ ﻟﻜﻲ ﻴُﻘﺒل ﺨﻁﺎﺒﻬﻡ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻱ ،ﻤﻁﺎﻟﺒﻭﻥ ﺒﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺘﺠﺎﻩ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻬﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻭﻜﻴﺔ ،ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ؛ ﻭ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻻﺒ ﺩ
ﻟﻺﺨﻭﺍﻥ ـ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻨﻘﺩﻫﻡ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﻟﺘﺠﺭﺒﺘﻬﻡ ـ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﻜﺭﻭﺍ ﺒﺎﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ،ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ
ﺍﻟﺤﺎﻤل ﺍﻟﺩﻻﻟﻲ ﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻔﻌل ،ﻷﻥ ﺘﺎﺭﻴﺨﹰﺎ ﻤﺸﺒﻌﹰﺎ ﺒﺎﻟﻌﻨﻑ ،ﻻﺒ ﺩ ﻤﻥ ﺇﺤﺩﺍﺙ ﻗﻁﻴﻌﺔ ﻤﻌﻪ 131
ﻋﺒﺭ ﻨﻘﺩﻩ ،ﻭ ﺨﻠﻊ ﺭﺩﺍﺀ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻤﺊ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭ ﺘﻔﺘﺢ ﺠﺭﻭﺡ ﺤﻤﻭﻻﺕ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﺤﺘﻘﻥ ﺒﺎﻟﻌﺩﺍﻭﺓ ﻭ ﺍﻟﻜﺭﺍﻫﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ،ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻨﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ ،ﻭ ﻫﺫﺍ ل ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﻤﻁﻠﺏ ،ﻤﻁﻠﺏ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻻﺴﻡ ،ﻟﻴﺱ ﻤﻁﺭﻭﺤﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻋﻠﻰ ﻜ ّ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺭﺍﻏﺒ ﹰﺔ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻜﻔﻌل ﻤﺩﻨﻲ ،ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،
ﺘﻌﺩﺩﻱ ،ﺤﻭﺍﺭﻱ ،ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ) ﻋﺩﻭﹰﺍ ﺩﻴﻨﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻋﺩﻭﹰﺍ ﻗﻭﻤﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻋﺩﻭﹰﺍ ﻁﺒﻘﻴ ﹰﺎ ( ،ﻭ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻌﻨﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ،ﺒل ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻴﻜﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﺍﻙ . ﺱ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺤﻤﻭﻻﺕ ﺇﻥ ﺍﻟﺸﻐل ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻻﺴﻡ ﻭ ﺍﻟﻤُﺴ ﻤﻰ ،ﺴﺘﻤ ﻻ ﺇﻟﻰ ﻁﺎﺌﻔﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭ ﺍﻟﺤﻭﺍﻤل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻓﺎﺴﻡ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻻ ﻴﺤﻴل ﺇ ﹼ
ﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ،ﺃﻭ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻜﺘﺎﺌﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺍﻟﺴﻨﺔ ،ﺘﻤﺎﻤ ﹰﺎ ﻜﺤﺯﺏ ﺍﻟﹼﻠ ﻪ ﻭ ﺃﻤل ﺍﻟﻠﺫﺍﻥ ﻻ ﻴﺤﻴﻼﻥ ﺇ ﹼ ﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻭﺍﺭﻨﺔ . ﻴﺤﻴل ﺇ ﹼ
ﻥ ﺃﻱ ﺤﺯﺏ ﻻ ﻴﺤﻴل ﺇﻻ ﻟﻁﺎﺌﻔ ٍﺔ ،ﻫﻭ ﺤﺯﺏ ﺘﻘﻠﻴﺩﻭﻱ ﻤﻔﻭﺕ ﻤﻬﻤﺎ ﺭﻁﻥ ﺒﺎﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ،ﻷﻨﻪ ﺇ ﻴﺘﺄﺴﺱ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﹰﺎ – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ – ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻭﺩﻱ ) ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﺩﻡ ،ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ، ﺍﻟﻌﺸﻴﺭﺓ ،ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ،ﺍﻟﻤﻠﺔ ،ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﺔ ( .
ﻭ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﻟﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺌﻑ ،ﻭ ﻤﻥ ﺜﻡ
ﺇﻀﻔﺎﺀ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒُﻨﻰ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻁﺎﺌﻔﻴ ﹰﺔ ،ﻟﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺘﻜﺴﻴﺭﻴﺔ ،ﺘﻔﺘﻴﺘﻴﺔ ،ﺘﺫﺭﻴﺭﻴﺔ ،ﺠﻤﺎﻋﺎﺘﻴﺔ ،ﺘﺒﻠﻎ ﺤﺩ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺩ ﺒﺎﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﻲ ، ﻱ ،ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻱ ( ،ﻭ ﻤﻥ ﺜﻡ )) ﻓﻬﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﺎﺠﺯ ﹰﺓ ﻋﻥ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ) ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺍﻷ ﱠﻤﻭ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ (( ﻜﻤﺎ ﻴﻁﻤﺢ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ .ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻷﻓﻘﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ) ،ﺍﻟﺸﺭﻴﺤﺔ ،ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ،ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺔ ،ﺍﻟﻤﻬﻨﺔ ،ﺍﻟﺤﺯﺏ . . . ،ﺍﻟﺦ ( ،ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﻌﻤﻭﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﺤﻠﻴﺔ ،ﻭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻘﻠﺔ ﻻ ﺒﺩ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻤﻌﺎﺩﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﻡ ،ﻜﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺒﻘﺕ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﻤﻨﺫ ﻓﺘﺭﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻻﺴﻡ ﻭ ﺍﻟﻤُﺴﻤﻰ ،ﻭ ﻗﺩﻤﺕ ﻨﻘﺩﹰﺍ ﻨﺎﺒﻬﹰﺎ ﻭ ﻻﻓﺘﹰﺎ ﻟﻠﺤﺭﻜﺔ ﺍﻹﺨﻭﺍﻨﻴﺔ ﻋﺭﺒﻴ ﹰﺎ ،ﻭ ﺃﻅﻥ ﺃﻥ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﺩﻡ ﻤﻌﻴﻨﹰﺎ ﻤﻨﺎﺴﺒﹰﺎ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩﻩ
ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻟﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﺤﺭﻜﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺒﺎﺴﻡ ﺠﺩﻴﺩ ،ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﻭل ﺒﺎﻹﺴﻼﻡ ﻜﺎﻨﺘﻤﺎ ٍﺀ
ﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭ ﻫﻭﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺸﺭﻭﻁﻪ ﺍﻟﻌﻘﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺼﻲ ﻟﻴﺱ ﻜل ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻓﻘﻁ ، ﺒل ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﺴﻨﻴﺔ ﺃﻴﻀﹰﺎ . ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺤﺯﺏ ﺃﻥ ﻴﻜﻭ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺤﺩﻴﺜﺔ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻁﻊ ﺒﺭﻨﺎﻤﺠﻴﹰﺎ ـ ﻭ ﺞ ـ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻘﻁﺏ ﺇﻟﻰ ﻓﻀﺎﺀﺍﺘﻪ ﻜل ﺍﻟﺤ ﻴﺯﺍﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ، ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﺒﻼ ﺒﺭﻨﺎﻤ ﹴ
ﻻ ﻭﺍﻟﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻭ ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﺢ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻁﺒﻘﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻤﺜل ﺇ ﹼ
132
ﻼ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟ ٍﺔ ﺤﺩﻴﺜ ٍﺔ ﻗﺎﺩﺭ ٍﺓ ﻋﻠﻰ ﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭ ﺘﺭﺴﻴﺦ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻁﺎﺌﻔ ﹰﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺅﻫ ﹰ ،ﻭ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ . * ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – ٢٠٠١ / ٣ / ٢٤
133
ﻤﻴﺜﺎﻕ "ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ" ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ * ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﻭﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ
ﻟﻘﺩ ﻤﻀﻰ ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺸﻬﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻥ "ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ" ﻜﺄﻓﻜﺎﺭ ﺍﻭﻟﻴﺔ ﻟـ"ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺸﺭﻑ ﻭﻁﻨﻲ ﻴﻨﻅﻡ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ" ،ﻭﻜﺎﻥ ﺭﺩ ﺍﻟﻔﻌل
ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻱ ﺍﻻﻭل ﻓﻲ ٦ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻨﺎ ﻭﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ" ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ،ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﻅﺭ ﺍﻥ ﺘﺜﻴﺭ ﻭﺜﻴﻘﺔ "ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ" ﻨﻘﺎﺸﺎﺕ ﺍﻭﺴﻊ ،ﻭﻗﺩ ﺁﺜﺭﻨﺎ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺭﺩﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﻨﺎ ،ﺘﻭﻗﻌﺎ ﺍﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﺼﺩﻯ ﻤﻥ ﺍﻭﺴﺎﻁﻬﻡ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ. ﻫﻨﺎﻙ ﺼﺩﻴﺎﻥ ﻟﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻨﺎ ﺤﻭل ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﺍﻻﻭل ﺠﺎﺀ ﻤﻥ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﻤﻨﻲ "ﺭﻓﻴﻊ" ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﺠﺎﺒﺎﺘﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﺴﺌﻠﺔ ﺸﻌﺒﺎﻥ ﻋﺒﻭﺩ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ) ٢٠ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ 1001).ﻭﺍﻟﺼﺩﻯ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻜﺎﻥ ﻤﻘﺎﻻ ﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻨﺎ ،ﻨﺸﺭ ﻓﻲ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ) ٣ﺘﻤﻭﺯ (٢٠٠١ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ "ﺍﺩﺒﻴﺎﺕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ: ﻀﺂﻟﺔ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﻴﻥ" .ﻭﻟﻥ ﻨﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﺩﻯ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻷﻨﻪ ﻤﻥ ﻨﻭﻉ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻟﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﻁﻌﻡ ﻭﻻ ﺭﺍﺌﺤﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﻭ"ﺍﻟﻔﻬﻤﻨﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻸ ﺼﺤﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﻻ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ!
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺎﻨﻨﺎ ﺴﻨﻌﻭﺩ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﺼﺩﻯ ﺍﻻﻭل ﺭﻏﻡ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺼﺨﺭﻴﺔ ﻟﺨﻁﺎﺒﻪ ﻭﺍﻟﻨﺎﺘﺠﺔ ﻋﻥ ﻤﻭﻗﻊ
ﺼﺎﺤﺒﻪ ﺍﻱ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ "ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ". ﺍﻥ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﻟﻨﻘﺩ "ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ" ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ "ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ" ﺍﻥ "ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﻟﻡ ﻴﺘﻐﻴﺭﻭﺍ ...ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﻟﻡ ﻴﺭﺍﻓﻘﻪ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤل ﺠﺩﻴﺩ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻤﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﻭﻱ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ" .ﻭﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻨﻁﻼﻗﹰﺎ ﻤﻥ ﻤﻼﺤﻅﺘﻪ
ﻫﺫﻩ ﻴﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ" ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ) ٦ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ (٢٠٠١ﺤﻴﺙ ﻴﺭﻯ ﺍﻥ ﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻨﺎ ﺤﻭل ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ "ﻁﺭﺤﺕ ﺍﺴﺌﻠﺔ ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ...ﺘﻨﻡ ﻋﻥ ﻓﻬﻡ ﻋﻤﻴﻕ ﻭﻤﻁﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ،ﺒﻌﻜﺱ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻻﺨﺭﻯ."...
ﻭﻨﺤﻥ ﺒﺩﻭﺭﻨﺎ ﻻ ﻨﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﺍﻥ ﻨﺜﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺜﻨﺎﺌﻪ ﻭﺍﻥ ﻨﺭﻯ ﻋﺩﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺤﻭﺍﺭﻩ ﻭﺍﺠﺎﺒﺎﺘﻪ ﻋﻥ ﺍﺴﺌﻠﺔ ﺸﻌﺒﺎﻥ ﻋﺒﻭﺩ.
ﺍﻭﻟﻬﺎ ،ﻤﺎ ﻴﺘﺒﺩﻯ ﻟﺩﻯ ﺭﻋﻴل ﺭﺠﺎل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺠﺩﺩ ﻤﻥ ﻤﻴل ﻟﻼﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﺸﺒﺎﺡ ﺍﻟﻠﻴل ﺍﻟﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﻤﻥ ﻋﺎﻟﻡ ﻏﻤﻭﺽ ﻭﺍﻴﻬﺎﻡ ﺍﻟﻼﻫﻭﺕ" ﻭﺍﻟﺭﻫﺒﻭﺕ" ﺍﻟﻰ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻨﺎﺴﻭﺕ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺍﻗﻨﻌﺔ ﺒﻼ ﻭﺠﻭﻩ .ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﺴﻤﺎﺀ ﻴﻜﻔﻲ ﺫﻜﺭﻫﺎ ﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻘﺸﻌﺭﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﻻ ﻴﻜﺎﺩ ﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ﺍﺤﺩ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺍﻥ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻤﻠﻔﺎﺕ ﻜل
134
"ﺃﺤﺩ" ﺘﺤﺼﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻨﻔﺎﺴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻠﺤﺩ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺨﺭﻭﺝ ﻤﺴﺅﻭل ﺍﻤﻨﻲ ﻤﻥ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﺍﻟﻐﻤﻭﺽ ﻟﻴﺩﻟﻲ ﺒﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ﻭﺁﺭﺍﺀ ﻋﻠﻨﻴﺔ. ﻭﺜﺎﻨﻴﻬﺎ :ﺍﻥ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﻟﻭ ﻭﺼل ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﻘﺭﻴﻊ ﻭﺍﻻﺩﺍﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﺜﻴﻡ -ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ
ﺍﻻﻤﻨﻲ -ﻓﻬﻭ ﻴﺸﻲ ﺒﺎﻋﺘﺭﺍﻑ ﻀﻤﻨﻲ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺨﻁﻭﺓ ﺍﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺘﺴﺠﻠﻬﺎ ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺸﻌﺒﺎﻥ ﻋﺒﻭﺩ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ "ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ".
ﻭﺜﺎﻟﺜﻬﺎ :ﻭﻫﻲ ﺍﻻﻫﻡ ،ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﻋﻥ "ﺘﺤﻔﻅ" ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ،ﻭﻤﺼﺩﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤﻔﻅ ﺍﻥ "ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ" ﻟﻡ ﻴﺭﺍﻓﻘﻪ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤل ﺠﺩﻴﺩ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻤﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﻭﻱ ﻤﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ.
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤﻔﻅ ﻤﺸﺭﻭﻉ ،ﻭﻗﺩ ﻋﺒﺭﻨﺎ ﻋﻨﻪ ﺨﻼل ﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ،ﻭﻟﻌل ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻤﺼﺩﺭ ﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ "ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ" ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﻨﺎ! ﻻ ﺸﻙ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻜﺎﺸﻔﺔ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ" ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ" ﻭﻓﻲ ﺘﺤﻔﻅﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ،ﻫﻲ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺨﻁﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﻤﺎﻡ ،ﻭﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺴﻼﺡ، ﻭﺴﻠﻭﻙ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﻭﻋﻅﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ.
ﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺤﺘﻲ ﺍﻵﻥ ،ﻟﻤﺎ ﺠﺭﻯ ﻤﻥ ﻨﻘﺎﺵ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺘﺎﺤﺕ ﻟﻨﺎ ،ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻼ ﻤﻥ ﻗﺒل، ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻤﻊ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ )ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭ"ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ"( .ﺍﻥ ﻨﺩﺨل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺩﺨل ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻤﺴﺘﺤﻴ ﹰ ﺩﻭﻥ ﺍﻻﻨﺴﺤﺎﻕ ﺒﻴﻥ ﻤﻁﺭﻗﺔ )ﺒﻭﻁ( ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻻﻭﺘﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﻭﺴﻨﺩﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﻑ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻱ ﺍﻻﺨﻭﺍﻨﻲ )ﺍﻟﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻲ(. ﺒﻌﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﻠﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻲ ﻓﻲ ﺨﻁﺎﺒﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ،ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻁﺭﺡ
ﺍﻻﺴﺌﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ،ﻤﺜﻠﻤﺎ ﻁﺭﺤﻨﺎﻫﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻻﺨﻭﺍﻨﻲ ،ﻭﺍﻥ ﻟﻡ ﻨﻠﻕ ﺍﺠﺎﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﺴﺌﻠﺘﻨﺎ ﻤﻥ "ﺍﺥ" ﻤﻥ ﺩﺍﺨل ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻓﻴﺒﺩﻭ ﺍﻨﻬﻡ -ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ -ﻗﺩ ﺍﺴﺘﻔﺎﺩﻭﺍ
ﻤﻥ ﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﻭﻫﻡ ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻭﺭﻭﺒﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻐﻤﻭﺽ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻴﺢ ﺯﺤﺯﺤﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﻭﻤﻭﺍﺭﺒﺘﻪ ،ﻭﺍﻨﺯﻴﺎﺤﻪ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ! ﻨﺒﺩﺃ ﺠﻤﻠﺔ ﺘﺴﺎﺅﻻﺘﻨﺎ ،ﺒﺎﻟﺘﺴﺎﺅل ﺤﻭل ﺘﺤﻔﻅ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﻟﻡ ﻴﺭﺍﻓﻘﻪ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤل ﺠﺩﻴﺩ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﻤﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ".
ﻤﺎ ﻫﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺭﻴﺩﻩ ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ؟ ﻫل ﻴﻜﻔﻲ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻥ ﻴﺠﻴﺏ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﺌﻠﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﺘﺒﺭﻫﺎ ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ،ﻭﺘﻨﻡ ﻋﻥ ﻓﻬﻡ ﻋﻤﻴﻕ؟! ﺃﻟﻴﺴﺕ ﺍﻻﺠﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻨﺎ ﻨﻨﺘﻅﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ،ﻫﻲ ﺍﺠﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺯﺍل ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻋﻀﺎﺌﻬﺎ ﻴﻘﺒﻌﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ؟
ﻜﻨﺎ ﻨﺭﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻥ ﻴﺅﺴﺴﻭﺍ ﻟﻨﺎ ﻨﻅﺭﻴﺎ ﻭﻤﻌﺭﻓﻴ ﹰﺎ ﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﻭﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺎﻻﺠﺎﺒﺔ ﻋﻥ ﺴﺅﺍﻟﻨﺎ ﺤﻭل ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ "ﺍﻟﻬﻴﺔ ﺍﻡ ﺒﺸﺭﻴﺔ"؟ 135
ﻭﻫل ﻫﻡ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻭل ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩﻱ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ؟ ﻭﻜﻴﻑ ﻟﻬﻡ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﺍﺭﺍﺩﺓ ﻭﻁﻥ ﻭﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻭﺤﺩ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﻗﺎﻋﺩﺘﻬﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻁﺎﺌﻔﻴﺔ؟
ﻭﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺌﻑ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻘﻕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺩﻤﺞ )ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻱ( ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺍﻱ
ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺌﻑ ﻭﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ،ﺍﻥ ﺘﺤل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ؟ ﺍﻭ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺁﺨﺭ ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻥ ﺘﺤل ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ "ﺍﻟﻤﻠﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺤﻠﻴﺔ" ﻤﺤل ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ "ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻁﺒﻘﻴﺔ" ﻭﻴﺒﻘﻰ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﺍﻟﻌﻤل ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﻭﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻭﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ؟ ﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﺍﺴﺌﻠﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺎﻟﺏ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﻡ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻴﺠﻴﺏ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻴﻅﻬﺭ
ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻨﻪ ﻴﻭﺍﻓﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻫل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺌﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﻓﻌﻼﹰ؟ ﻭﺍﻥ ﻴﻜﻔﻲ ﺍﻻﺠﺎﺒﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻴﻌﻴﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺍﺴﻠﻭﺏ ﺍﻟﺘﻌﺎﻁﻲ ﻤﻊ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ؟ ﻭﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻻﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻰ ﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻻﻤﻥ ﺤﻘﺎ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﺠ ﹺﺭ ﻤﻨﺫ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻜﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻻﻋﻼﻥ ﻋﻥ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﺍﻱ ﺍﻗﺭﺍﺭ ﺤﻘﻴﻘﻲ
ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ؟ ﻓﺎﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ 600ﻤﻌﺘﻘل ،ﻭﺍﻏﻼﻕ ﺴﺠﻥ ﻤﺯﺓ ﺍﻨﺠﺎﺯ ﻤﻬﻡ ﻓﻲ
ﺩﻻﻟﺘﻪ ،ﻟﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺘﺘﻘﻭﺽ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﺌﺎﺕ ﺁﺨﺭﻭﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻨﻨﺎ -ﻭﺍﻻﻤﺭ
ﻜﺫﻟﻙ -ﺴﺘﻭﺍﺠﻬﻨﺎ ﺩﻻﻟﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﺅﺴﻔﺔ ،ﻤﺨﻴﺒﺔ ﻭﻤﺤﺒﻁﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻤﺊ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ،ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺭﺓ ﻨﻀﺞ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻻﺼﻼﺡ ،ﺒل ﻫﻭ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻟﻠﻨﻬﺞ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺘﺭﺍﺜﻴﺔ ﺸﺭﻗﻴﺔ ﻤﻀﻤﻭﻨﻬﺎ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟـ"ﻫﺒﺔ ،ﻋﻁﺎﺀ ،ﻤﻨﺢ" ﻟﻜﻲ ﺘﺒﻘﻰ ﺁﻟﻴﺔ ﺸﺨﺼﻨﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ" ﺍﻟﻤﺎﻨﺢ ،ﺍﻟﻤﺎﻨﻊ" ﺤﻴﺙ ﺘﺒﻘﻰ ﺍﻵﻟﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺘﻔﻌل ﻓﻌﻠﻬﺎ) ،ﺍﻟﻌﻁﺎﺀ ﻟﻤﻥ
ﺘﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﻊ ﻟﻤﻥ ﺘﺸﺎﺀ ،ﺍﻟﻌﻔﻭ ﻋﻤﻥ ﺘﺸﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻟﻤﻥ ﺘﺸﺎﺀ ،ﻓﻲ ﻴﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻠﻙ ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻗﺩﻴﺭﺓ(! ﺍﻨﻪ ﻟﻌﺠﺏ ﻋﺠﺎﺏ ﺍﻥ ﺘﺨﺠل ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻤﻥ ﺼﻔﺔ ﺘﻤﺜﻴل ﺍﺭﺍﺩﺓ ﺸﻌﺒﻬﺎ، ﻭﺍﻥ ﺘﺠﻨﺩ ﺍﻗﻼﻡ ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﺎ ﻟﻜﻲ ﺘﻌﻠﻥ ﺍﻥ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻟﻴﺱ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻻﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻨﻀﺎل ﺍﻻﺤﺯﺍﺏ ﻭﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻬﻡ ﻭﺩﻋﻭﺍﺕ ﻟﺠﺎﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻟﺠﺎﻥ ﺍﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺒل ﻫﻭ ﻋﻔﻭ ﺘﺒﺭﻋﺕ ﺒﻪ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ -ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ -ﻋﻥ ﻤﻘﺩﺭﺓ ،ﻭﺍﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺨﻀﻊ ﻟﻀﻐﻭﻁﺎﺕ ﺍﺤﺩ!
ﺒل ﺭﺍﺡ ﻴﺘﺴﺭﺏ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ،ﺍﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺜﻤﺔ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻟﻼﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻟﻜﻥ "ﻨﻜﺎﻴﺔ" ﺒﻜل ﺍﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﻓﻌﻭﺍ ﺍﺼﻭﺍﺘﻬﻡ ﻤﻨﺎﺩﻴﻥ ﺒﺎﻻﻓﺭﺍﺝ ﻭﻤﻁﺎﻟﺒﻴﻥ ﺒﻪ ،ﺍﻓﺭﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ،ﻭﺃﺒﻘﻰ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻟﺠﺩﻉ ﺍﻨﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺒﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ! ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻻﺒﻁﺎل ﻴﺩﻓﻌﻭﻥ ﻀﺭﻴﺒﺔ ﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺤﺭﻴﺘﻬﻡ ،ﺍﻨﻁﻼﻗﹰﺎ ﻤﻥ ﺘﻔﻜﻴﺭ ﺴﻠﻁﻭﻱ ﻴﺅﺴﺱ ﺤﻤﻴﺘﻪ ﻭﻤﻬﺎﺒﺘﻪ ﻭﻋﻨﺠﻬﻴﻴﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺘﺘﺭﻨﻡ ﺒﻘﻭل ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ:
ﻓﻨﺠﻬل ﻓﻭﻕ ﺠﻬل ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻨﺎ
ﺃﻻ ﻻ ﻴﺠﻬﻠﻥ ﺍﺤﺩ ﻋﻠﻴﻨﺎ 136
ﻨﻌﻡ ﺍﻨﻪ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻻﻭﺍﻤﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺼﻭﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺠﻨﻭﺩﹰﺍ ،ﻓﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻠﺠﻨﺩﻱ ﺃﻥ ﻴﺄﻤﺭ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍل؟ ! ﻜل ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺘﻤﺩﻥ ﺘﺘﺒﺎﻫﻰ ﺒﺎﻨﺼﻴﺎﻋﻬﺎ ﻻﺭﺍﺩﺓ ﺍﻻﻤﺔ ﻭﺍﺫﻋﺎﻨﻬﺎ ﻟﻬﺎ ،ﺘﺘﻔﺎﺨﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﺒﺄﻨﻬﺎ
"ﺍﺠﺭﺍﺀ" ﻋﻨﺩ ﺍﻻﻤﺔ ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﺒﻭ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺍﻟﻤﻌﺭﻱ ﻴﻘﺭﺭ ﻭﻴﺴﺘﻘﺭﺉ ،ﺒل ﺍﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻰ ﻤﺎﺭﻜﺱ -ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻁﺒﻘﺔ ،ﺘﺒﺫل ﻜل ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻻﻋﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭﺓ ،ﻻﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ،ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻤﺜل ﺍﺤﺩﻯ ﻁﺒﻘﺎﺘﻪ ،ﺒل ﻫﻲ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻁﺒﻘﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻜﺱ ﺍﺭﺍﺩﺓ ﺍﻻﻤﺔ. ﻓﺎﻟﺩﻭﻟﺔ -ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻤﺭﻫﺎ -ﺘﻤﺜل ﺍﻟﺠﺯﺀ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺩﻋﻲ ،ﻭﻟﻭ ﻜﺫﺒ ﹰﺎ ﺍﻨﻬﺎ ﺘﻤﺜل ﺍﻟﻜل ،ﻭﺒﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ
ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺘﻤﻜﻨﺕ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺍﻻﻭﺭﻭﺒﻴﺔ -ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ -ﺍﻥ ﺘﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻻﻗﻁﺎﻋﻴﺔ،
ﻟﺘﺤل ﻤﺤل ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻻﻗﻁﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ .ﻭﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻴﺘﻭﻟﺩ ﻤﻥ ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﺒﻭﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺄﻥ ﻤﺼﻠﺤﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺘﺘﻁﺎﺒﻕ ﻤﻊ ﻤﺼﻠﺤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻁﺒﻘﻴﺔ .ﻭﻟﻌل ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻫﺫﻩ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺘﺎﺤﺕ ﻗﺎﻋ ﹰﺎ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴ ﹰﺎ ﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻻﻭﺭﻭﺒﻴﺔ، ﻭﻓﻕ ﻟﻠﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻠﻴﺔ ﻟﺘﺤﻠﻴﻼﺕ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ.
ﻟﻜﻥ ﺴﻠﻁﺘﻨﺎ ﺘﺨﺠل ﻤﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﻻﺭﺍﺩﺓ ﺍﻻﻤﺔ ،ﺒل ﺍﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﻭﺭﻁ ﺤﺘﻰ ﺒﺎﻟﻜﺫﺏ ﺍﻋﻼﻤﻴ ﹰﺎ ﺒﺫﻟﻙ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺼﺩﻕ ﺍﻟﺸﻌﺏ! ﻓﻬﻲ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﻭﺍﻫﺒﺔ ،ﻤﺎﻨﺤﺔ ،ﻤﺘﻔﻀﻠﺔ ﺒﻌﻁﺎﺀﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻁﺎﺀﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻭﻁﺄ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ! ﻭﻫﻲ ﺼﺎﺤﺒﺔ ﺍﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﻻ ﺘﺤﺼﻰ ﻭﻻ ﺘﻌﺩ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻥ ﺘﺤﻔﻅ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﻋﻥ ﻅﻬﺭ
ﻗﻠﺏ ﺒﺩﺀﹰﺍ ﻤﻥ ﻁﻼﺏ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻻﻋﺩﺍﺩﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻁﺎﻤﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺔ ﺤﻴﺙ ﻨﺴﻴﺎﻥ ﺍﺤﺩ ﺍﻟﻤﻨﺠﺯﺍﺕ ﻗﺩ ﺘﻜﻠﻑ ﺍﻟﻁﺎﻟﺏ ﻤﺼﻴﺭ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺒل ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺘﻴﺔ ،ﻷﻥ "ﻋﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﻀﺎل" ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻅﻬﺎﺭ ﻤﻨﺠﺯﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻓﻀﺎﺌﻠﻬﺎ ﻭﺸﻤﺎﺌﻠﻬﺎ ﻭﻤﺂﺜﺭﻫﺎ ﻭﻨﺒﻠﻬﺎ ﻭﻋﻅﻤﺘﻬﺎ ،ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻟﻌﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻴﺯﻴﺎﺀ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻘﺭﺭ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺘﺤﺎﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺸﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻀﺒﻁ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻱ
ﻭﺍﻻﻤﻨﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺍﻨﻬﺎ "ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ" ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﻻ
ﻨﻅﻥ ﺍﻥ "ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ" ﺴﻴﻐﺎﻟﻭﻥ ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻨﻪ ﻓﻲ ﺘﻌﺩﺍﺩ ﻓﻀﺎﺌل ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻘﻪ ،ﻭﻓﻲ ﻜل ﺍﻻﺤﻭﺍل ﻓﺈﻥ ﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻻ ﺘﺅﺜﺭ ﺩﺭﺠﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺍﻟﻁﺎﻟﺏ ﻭﻗﺒﻭﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ. ﺒﻠﻰ ﻟﻘﺩ ﺒﻠﻎ ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ ﺍﻟﻨﻀﺎﻟﻲ ﺒﻤﻭﺠﻬﻲ ﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ )ﺍﻟﻁﺎﻟﺒﺎﻨﻲ( ﺍﻥ
ﺍﺸﺎﻋﻭﺍ -ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ -ﻤﻨﺎﺤﺔ ﻟﻁﻼﺏ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺔ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻻﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﺤﻔﻅ ﺒﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﺤﻔﻅ ﺍﻟﻘﺭﺁﻥ ،ﺤﺘﻰ ﻴﺒﺩﻭ ﺍﺴﺎﺘﺫﺓ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﺤﻴﺎل ﺍﺨﻁﺎﺀ ﺍﻟﻁﻼﺏ ﻓﻲ ﺍﻗﻭﺍل ﺍﷲ ﻭﺍﺤﺎﺩﻴﺙ ﻨﺒﻴﻪ ،ﺒﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﻐﺎﻻﺓ )ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻁﺎﻟﺒﺎﻨﻴﺔ( ﻟﻤﺩﺭﺴﻲ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﻟﺒﻬﻡ ﺤﻔﻅ ﺍﻗﻭﺍل ﺭﻤﻭﺯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺨﻁﺒﻬﺎ! 137
ﻭﻻ ﻨﺩﺭﻱ ﻤﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﻜل ﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﻟﺤﺯﺏ "ﺍﻟﺒﻌﺙ" ﺍﻟﺫﻱ ﻏﺩﺍ ﻤﻊ ﺍﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ )ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ( ﺍﺤﺯﺍﺒﺎ ﺒﻼ ﺒﺭﺍﻤﺞ ،ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺘﺴﺒﻴﺢ ﺒﺂﻻﺀ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻋﻅﻤﺘﻬﺎ ﻭﺍﻨﺠﺎﺯﺍﺘﻬﺎ ،ﻓﻬﻡ ﻭﺍﻻﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ،ﻻ ﻴﺨﺘﻠﻔﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ
ﺍﻤﺘﻼﻙ ﺍﻟﺒﺭﺍﻤﺞ ،ﻓﺄﻴﻥ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﺒﻨﺎ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻨﻅﺭﻴﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺜﻤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﻟﻤﻁﺎﻟﺒﻨﺎ ﻫﺫﻩ؟ ﺍﻴﻥ ﺘﺜﻤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﻟﻜﺸﻔﻨﺎ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﻤﻥ ﻓﺠﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﻭﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ
ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻓﻲ "ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ "٩٩ﻭﻤﺎ ﺴﻤﻲ "ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﻟﻑ" ،ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺎﺭﻜﻬﺎ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺍﻨﻔﺴﻬﻡ - ﺒﻌﻜﺱ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺤﺎﻨﻕ ﺍﻟﻤﺘﻬﺩﺩ ﻭﺍﻟﻤﺘﻭﻋﺩ -ﻭﻜﺄﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻤﺨﺘﻠﻑ! ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺍﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻀﻴﻌﺕ ﻓﺭﺼﺔ ﺫﻫﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﺫ ﺍﺴﺘﻴﻘﻅ ﻤﻥ ﺴﺒﺎﺘﻪ ﻭﻋﺯﻭﻓﻪ ﻭﺍﻨﻜﻔﺎﺌﻪ ﻭﺘﺸﺎﺅﻤﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻴﺴﺘﺸﻌﺭ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺫﻭﺒﺎﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﺘﺤﺕ ﺸﻤﺱ ﺭﺒﻴﻌﻴﺔ ﻤﺄﻤﻭﻟﺔ ،ﻟﻴﻨﻔﺽ ﻋﻥ ﺫﺍﺘﻪ ﺼﻘﻴﻊ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﻜﺂﺒﺘﻬﺎ ،ﺇﺫ ﻻﺡ ﻟﻪ ﺇﻤﻜﺎﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻜﻤﻭﺍﻁﻥ ﻓﺎﻋل ،ﻤﺸﺎﺭﻙ ،ﻟﻪ ﺤﺼﺔ
ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﻟﻭ "ﺒﻼﻁﺔ" ﻤﻥ ﺒﻼﻁﺎﺕ ﺴﺎﺤﺎﺘﻪ ،ﻴﻨﺯل ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻁﻭﻋﺎ ﻭﺒﺎﺭﺍﺩﺘﻪ ﺍﻟﺤﺭﺓ ،ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻨﺯﻭﻟﻪ ﻫﺫﺍ ﻟﺘﺤﻴﺔ ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺴﺎﺤﺔ ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﺍﻟﺠﺎﺒﺭﻱ ﻓﻲ ﺤﻠﺏ. ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻨﺎﺓ ﻫﺫﻩ ،ﻟﺤﻅﺔ ﻴﻘﻅﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﺭﻭﺡ ،ﺭﺍﺤﺕ ﻁﺒﻭل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺘﻘﺭﻉ، ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺘﻁﻠﻕ ،ﻤﻤﺎ ﺍﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺎﻡ ١٩٨٠ﺍﻟﻤﺸﺅﻭﻡ ﻋﺎﻡ ﺍﺴﺘﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘل ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺴﻠﻁﺔ ﻭﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ )ﺍﺴﻼﻤﻭﻴﺔ( ،ﻭﺍﻨﻁﻼﻕ ﻏﺭﺍﺌﺯ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻟﺩﻡ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ
ﺍﻻﺴﺎﺴﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻟﺤﻘﺕ ﺒﻪ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﺍﻻﻜﺒﺭ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﺸﻌﺭﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻗﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻓﺎﻁﻠﻘﺕ ﻋﻨﺎﻥ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ. ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻋﻼﻥ ﺍﻟﻘﺴﻡ ،ﻭﺍﻟﻭﻋﺩ ﺒﺎﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﺒﺯﻭﻍ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﻓﻭﺠﺌﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺄﻤﻭﻟﺔ ،ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺴﻭﻯ ﺘﻌﺩﺩ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻟﺫﺍﺕ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺤﺯﺏ "ﺍﻟﺒﻌﺙ" ﻻ ﻴﺯﺍل ﺤﺯﺒﺎ ﻫﺎﻤﺸﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻤﺜﻠﻪ ﻤﺜل ﺍﺤﺯﺍﺏ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ "ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ" ﻤﺤﺘﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺘﺤﺕ ﺘﺼﺭﻓﻬﺎ ﻜﺄﺠﻬﺯﺓ ﻤﻥ ﺍﺠﻬﺯﺘﻬﺎ ﺍﻻﻋﻼﻤﻴﺔ،
ﺤﻴﺙ ﺍﻁﻠﻘﺕ ﺤﺭﻴﺔ ﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ،ﻓﺄﻀﺎﻓﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺠﺭﺍﺌﺩ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﻰ ﺤﻭﺯﺓ ﻋﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺩﺴﻴﺔ ﺍﻟﻨﺭﺠﺴﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﻨﻴﺔ ،ﻓﻠﻡ ﺘﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ ﺴﻭﻯ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ،ﻭﺘﻜﺭﺍﺭ )ﻟﻤﻭﻨﺎﺩﺍ( ﺍﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﻴﺔ ﺍﻟﺼﻤﺩﻴﺔ .ﻭﻟﻌل ﺍﻻﻁﻴﺎﻑ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻗﻴﺔ ﻟﻠﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﻨﻲ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺴﺭ ﻟﻨﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺴﺤﺔ ﺍﻟﻼﻫﻭﺘﻴﺔ ﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ" ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ" ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ "ﻏﺴﻴل ﺍﻟﺫﻨﻭﺏ"
ﻭ"ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻴﺎﺕ ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﺒﺎﻟﺨﻁﺎﻴﺎ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺭﺠل ﺍﻟﺩﻴﻥ ،ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ
138
"ﺍﻟﻘﻴﺎﻤﻴﺔ" ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻷﻥ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﺫﺍﺕ" ﻗﻴﻭﻤﻴﺔ" ،ﺭﺍﺤﺕ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺘﻤﺎﻫﻰ ﺒﻬﺎ ،ﺍﻭ ﺘﺤل ﺒﻬﺎ ﻨﺴﺨﺎ ﻭﺘﻨﺎﺴﺨﺎ. ﺨﻼل ﺴﻨﺔ ﺠﺭﺕ ﻤﺤﺎﻭﻟﺘﺎﻥ ﻟﺨﺭﻭﺝ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺸﺭﻨﻘﺔ ﻋﺯﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﻤﻀﺎﺀ ،ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﺘﻤﺜﻠﺕ ﻓﻲ ﻟﻘﺎﺀ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ﻤﻊ ﺍﻷﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻼﺘﺤﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ، ﻭﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻡ ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺨﻤﺴﺔ ﺍﺤﺯﺍﺏ ﻭﻫﻭ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﺤﺴﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ .ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻟﻡ ﻴﺘﻜﺭﺭ .ﻭﺜﺎﻨﻴﺘﻬﻤﺎ ﺍﺸﺭﺍﻙ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ ﻟﺩﻋﻡ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﻤﻊ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻴﺤﺴﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ،ﺍﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﺴﻭﺍﻩ ،ﻓﻠﻨﺘﺼﻭﺭ ﻫﺫﺍ "ﺍﻵﺨﺭ" ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻥ ﻭﺴﻁ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺸﺩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺩﻫﺎﻗﻨﺔ ﺍﺠﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻟﺠﺒﻬﻭﻴﻴﻥ ،ﻭ"ﻋﺩﻤﺎﺀ"
ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﻴﻥ ،ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﻠﻭ ﻟﻠﻔﻴﻠﺴﻭﻑ ﺍﻟﻜﻨﺩﻱ ﺍﻥ ﻴﺴﻤﻲ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺩﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺭﻩ، ﻭﺍﺒﺎﻁﺭﺓ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ،ﻭﺍﺴﺎﻁﻴﻥ ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺩﻤﻰ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻀﺭﺏ ﺍﻟﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻻﻜﺒﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﺒﺼﻔﺘﻬﻡ ﺍﺒﻁﺎل ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻹﻓﺴﺎﺩ؟! ﻭﻟﻌل ﺍﻁﺭﻑ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻻﻗﺭﺍﺭ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﻴﺔ ﺍﻻﻟﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ﺍﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻭﺯﻴﺭﺓ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤل ﺒﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻘﺩﺴﻲ ﺒﺭﺩ ﻁﻠﺏ
ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻻﺘﺎﺴﻲ ﻟﻠﺘﺭﺨﻴﺹ ﻟﻨﺸﺎﻁﻪ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺘﺤﺕ ﺼﻴﻐﺔ ﻭﺯﺍﺭﻴﺔ ﻋﺠﺎﺌﺒﻴﺔ "ﻋﺩﻡ ﺍﺨﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺒﺫﻟﻙ ﻭﺭﻓﺽ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ" ،ﻓﺄﻴﺔ" ﺒﺭﺍﻋﺔ" ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﻟﻠﺴﻴﺩﺓ ﺍﻟﻭﺯﻴﺭﺓ )ﺒﺎﺭﻋﺔ( ،ﺒل ﺘﺒﻠﻎ ﺍﻟﺒﺭﺍﻋﺔ ﺒﻬﺎ ﺤﺩ ﺍﻥ ﺘﺘﻁﺎﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﻴﺔ ﻟﻠﺭﺌﺎﺴﺔ ،ﻓﺘﺘﺠﺎﻫل ﺘﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻟﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻤﺠﺩ" ﺍﻻﺭﺩﻨﻴﺔ ،ﺒﺎﻟﺴﻤﺎﺡ ﺭﺴﻤﻴﺎ ﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻻﺘﺎﺴﻲ ،ﺒل ﻭﻤﻭﺍﻜﺒﺔ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻤﺎﺡ ﺒﺎﻟﺤﻭﺍﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﻴﻥ .ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ "ﺍﻟﺒﺎﺭﻋﺔ" ﺴﺎﺒﻘﺔ ﻨﺎﺩﺭﺓ ﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻁﺎﺭ ﻋﺠﺎﺌﺏ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺍﻥ ﻴﺘﺠﺎﻫل ﻭﺯﻴﺭ ﻤﺎ ﻗﺭﺍﺭ ﻤﺎ ﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻤﺎ ،ﻤﻨﺫ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﺎ...
ﻭﺍﺨﻴﺭﺍ ﻨﻅﻥ ﺍﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻭﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻻ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻟﻠﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ .ﻓﺎﻻﺤﺯﺍﺏ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ -ﻜﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ -ﻜﻠﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻨﻘﻼﺒﻴﺔ .ﻓﺎﻻﻨﺘﻘﺎل ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﻭﺍﻻﺴﺘﻨﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻻ ﺒﺩ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ
"ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ" ﺍﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ "ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺏ" ،ﻤﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ "ﺍﻟﻘﺘﺎل" ﺍﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ "ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ" ،ﻤﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ "ﺍﻟﻤﻤﺎﻨﻌﺔ" ﺍﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ "ﺍﻟﻤﺠﺎﺫﺒﺔ" ،ﻤﻥ" ﺍﻟﻤﻭﻨﻭﻟﻭﺝ" ﺍﻟﻰ "ﺍﻟﺩﻴﺎﻟﻭﻍ" ،ﻭﺍﺫﺍ ﻜﻨﺎ ﻁﺭﺤﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺌﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﻓﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﻨﻁﺭﺤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﺒﻬﺎ ﻷﻥ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﻤﻥ ﻤﺭﻤﺎﻫﺎ ،ﻭﻷﻨﻬﺎ ﺘﻤﻠﻙ ﻤﻌﻅﻡ ﺨﻴﻭﻁ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ "ﺘﻐﻭل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺸﺨﺼﻨﺘﻬﺎ ﻭﺘﻭﺜﻴﻨﻬﺎ ﻭﺍﺤﺩﻴﺎ" ﺍﻟﻰ "ﺘﺩﻭل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻨﺴﻨﺘﻬﺎ ﻭﺒﺸﺭﻨﺘﻬﺎ ﺘﻌﺩﺩﻴﺎ" .ﺒﺫﻟﻙ ﻓﻘﻁ
ﻴﺸﻌﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻟﻪ ،ﻭﻤﺤﺒﺘﻪ ﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﻻ ﺭﻫﺒﺔ ﻭﻻ ﺭﻏﺒﺔ ،ﻻ ﻁﻤﻌﺎ ﻓﻲ ﻤﻐﺎﻨﻤﻪ ،ﻭﻻ
139
ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﺍﻗﺒﻴﺘﻪ .ﻭﻟﻠﺘﺎﺭﻴﺦ ﺇﺘﺎﻭﺍﺘﻪ ﻭﺍﺴﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺘﻪ ،ﻓﺎﻻﻓﻀل ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨﺎ ﺍﻥ ﺘﻭﺍﺠﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺘﺎﻭﺍﺕ ﺒﺎﻟﺘﻘﺴﻴﻁ .ﻻ ﺩﻓﻌﻬﺎ ﺠﻤﻠﺔ ﻓﻌﻨﺩﻫﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﺔ ،ﻭﻻﺕ ﺤﻴﻥ ﻤﻨﺎﺹ. ﻜﻔﺎﻨﺎ ﺸﻌﻭﺭﺍ ﻤﺨﺯﻴﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ ،ﻫﻭ ﺤﺼﺎﻨﺔ ﺤﺭﻴﺘﻨﺎ .ﻜﻔﺎﻨﺎ ﺍﻤﺘﻬﺎﻨﺎ ﻻﺤﺴﺎﺴﻨﺎ ﺒﺎﻟﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﺍﻥ ﻴﺘﺩﺨل ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ )ﺍﻟﺒﺎﺒﺎ ﺍﻭ ﺸﻴﺭﺍﻙ( ﻟﻠﻭﺴﺎﻁﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺥ ﻭﺍﺨﻴﻪ .ﻭﺍﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ
ﺍﻟﻤﻨﻘﺫ ﻟﻸﺥ ﻤﻥ ﺒﺭﺍﺜﻥ ﺍﺨﻴﻪ ﻭﺍﺒﻥ ﺩﻤﻪ ﻭﺍﺒﻴﻪ ،ﻭﺍﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ ﺍﻜﺜﺭ ﺭﺤﻤﺔ ﻭﻋﻁﻔﺎ ﻭﺤﺒﺎ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﻤﻥ ﺤﺎﻜﻤﻴﻪ؟! ﻓﺄﻴﺔ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﻷﻤﺔ ﻻ ﻴﺠﺩ ﺸﻌﺒﻬﺎ ﻤﻼﺫﺍ ﻟﻪ ﺍﻻ ﻓﻲ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺤﺼﺎﻨﺘﻪ؟ ﻭﺍﻴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺴﻴﺎﺩﺓ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﻻ ﺘﺠﺩ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺍﻻ ﻓﻲ ﻅل ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ؟ ﻭﻻ ﺘﺠﺩ ﺸﻔﻴﻌﺎ ﻟﺸﻌﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺫل ﺍﻟﻤﻬﺎﻥ ﺍﻻ ﺒﺎﻻﺫﻋﺎﻥ ﻟﻠﺨﺎﺭﺝ ﻤﺫﻟﺔ ﻭﺨﻨﻭﻋﺎ ﻭﺠﺩﻋﺎ ﻷﻨﻑ ﺍﻷﻤﺔ ﺸﻌﺒﺎ ﻭﺴﻠﻁﺔ؟ ﺩ.ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ * ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – ٢٠٠١/٨/٣
140
"ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ" ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻭﻥ ﻴﻌﺩﻭﻥ * "ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل" ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﻭﻱ ﺴﺒﻕ ﻟﺭﻭﺠﻴﻪ ﻏﺎﺭﻭﺩﻱ ﻗﺒل ﺘﺤﻭﻟﻪ ﻨﺤﻭﻨﺎ ﺃﻥ ﻗﺎل :ﺇﻥ ﻜﺎﺭل ﻤﺎﺭﻜﺱ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻭﺒﻭﺴﻊ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻨﺒﻁﻭﺍ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺘﻬﻡ ﻤﻤﺎ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﺫﺨﺎﺌﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻘﻑ ﻋﻨﺩ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻘﻭل ،ﺒل ﺃﻜﻤل ﺍﻟﻤﺴﻴﺭﺓ ﺒﺘﺤﻭﻟﻪ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻡ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ
ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻗﻀﺎﻴﺎﻨﺎ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭﻴﺔ. ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل :ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﻨﻘل ﻤﻘﻭﻟﺔ ﻏﺎﺭﻭﺩﻱ ﻤﻥ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺃﻴﻀﺎﹰ؟! ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﻭﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺴﺘﻨﻜﺭﻭﻥ ﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﻏﺎﺭﻭﺩﻱ ﺤﺘﻰ ﻗﺎل ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻗﻭﻟﺘﻪ ،ﻭﻭﻀﻊ ﺤﺩﹰﺍ ﻻﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺒﺴﻘﻭﻁ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ.
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﻭﻥ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻴﺭﺒﻁﻭﻥ ﻋﺠﻠﺘﻬﻡ ﺒﻌﺠﻠﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ )ﻤﻭﻀﺔ( ﺍﻟﻌﺼﺭ ،ﻭﻴﺭﻓﻀﻭﻥ ﺃﻴﺔ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻓﻬﻤﻬﻡ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻬﻡ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ.
ﻨﺤﻥ ﻨﺴﺘﻌﺠل ﻓﻨﻔﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻤﺎ ﺠﺭﱠﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ل ﻤﺎ ﻴﻘﺎل ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ. ﻭﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺃﻗ ّ ﺕ ﺒﻬﺎ ،ﺃﻭ ﺇﺫﺍ ﺩﻋﻭﺕ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﻫل ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻥ ﺘﺭﻓﻀﻨﻲ ﺍﺫﺍ ﻟﻡ ﺍﺭﻓﻀﻬﺎ ،ﺍﻭ ﺍﺫﺍ ﻗﺒﻠ ﹸ
ﺒﻬﺎ!! ﻫل ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻥ ﺘﺴﺄﻟﻨﻲ ﻋﻥ ﻋﻘﻴﺩﺘﻲ ﺍﻭ ﺩﻴﻨﻲ ﺍﺫﺍ ﻗﻠﺕ ﻟﻙ :ﺍﻨﺎ ﺃﻭﻤﻥ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺍﻭ ﺍﻥ ﻋﻘﻴﺩﺘﻲ ﺍﻭ ﺩﻴﻨﻲ ﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺍﻟﻰ ﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ )ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ( ﺒﻜل ﻤﺎ ﺃﻭﺘﻴﺕ ﻤﻥ ﻁﺎﻗﺔ؟
ﺕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﹰﺎ ﺤﻘﺎﹰ ،ﻓﺎﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻨﻙ ﺍﻥ ﺘﻜﺴﺏ ﺍﻻﺼﺩﻗﺎﺀ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺃﻥ ﺘﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﺇﺫﺍ ﻜﻨ ﹶ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺍﻥ ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﺴﻡ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﻻﺴﺘﻌﺎﺩﺘﻬﺎ ﺍﻭ ﺍﻗﺎﻤﺘﻬﺎ ﺍﻭ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻬﺎ ،ﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ.
ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ) (٢٠٠١/٨/٣ﻋﻥ "ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﻭﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ" ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺨﺼﺏ ﻟﻠﻤﻁﺎﺭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺍﻟﻌﺎﺠﻠﺔ ﻭﺍﻵﺠﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺴﻭﺍﺀ. ﻓﻲ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﻅﻥ ﺒﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻨﻲ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ، ﻭﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺨﻼﻑ ﺫﻟﻙ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺫﻜﺎﺀ ﻨﺸﻬﺩ ﺒﻪ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ .ﻭﺴﻭﻑ ﻨﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭل ﺤﺠﺭ
ﺍﻟﺯﺍﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ،ﻭﺴﻭﻑ ﻨﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻜل ﻤﺎ ﻨﺩﻋﻭﻩ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻨﺩﻋﻭ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﻤﻥ ﺘﺄﺠﻴل ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺠﺎﻨﺒﻴﺔ ،ﺍﻭ ﺍﺨﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﺍﻭ ﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ،ﻟﺌﻼ ﺘﺴﺘﻐل ،ﻓﺘﻜﻭﻥ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺍﻟﺫﻱ "ﻴﺤﺭﻕ ﺍﻟﻠﺤﺎﻑ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺒﺭﻏﻭﺙ" )ﺃﺭﺠﻭ ﻋﺩﻡ ﺍﻻﺴﺘﺨﻔﺎﻑ ﺒﺎﻟﻤﺜل(. 141
ﻟﻘﺩ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺤﻴﻥ ﻁﺎﻟﺏ ﺍﻻﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻜﻠﻬﺎ ،ﺒل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺒﺎﺴﻡ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ...ﺒﻤﺎ ﻁﺎﻟﺏ ﺒﻪ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ :ﺍﻱ ﺒﺎﻤﺘﻼﻙ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤل ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻤﻔﺼل ﺤﻴﻥ ﻴﻘﻭل" :ﺇﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ،ﻭﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻻ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ
ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻟﻠﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﻤﻌﺭﻓﻴﹰﺎ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ...ﻭﺍﺫﺍ ﻜﻨﺎ ﻁﺭﺤﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺌﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﻓﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﻤﺩﺍﺨﻠﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﻥ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﻓﻲ ﻤﺭﻤﺎﻫﺎ ،ﻭﻷﻨﻬﺎ ﺘﻤﻠﻙ ﻤﻌﻅﻡ ﺨﻴﻭﻁ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻨﻁﺭﺤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﻬﻲ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻷ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﺘﻐﻭل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺸﺨﺼﻨﺘﻬﺎ ﻭﺘﻭﺜﻴﻨﻬﺎ ﻭﺍﺤﺩﻴﹰﺎ ﺍﻟﻰ ﺘﺩﻭل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺒﺸﺭﻨﺘﻬﺎ ﺘﻌﺩﺩﻴﹰﺎ "...ﻟﺫﻟﻙ ﻋﻤﺩ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﻀﻭﺀ ﺫﻟﻙ:
-١ﻭﻟﻌل ﺃﺤﺭﺝ ﺴﺅﺍل ﻭﺠﻬﻪ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭل ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ" :ﻫل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺌﻠﺔ ﻫﻲ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﻓﻌﻼﹰ؟ ﻭﻫل ﺘﻜﻔﻲ ﺍﻻﺠﺎﺒﺔ ﻋﻨﻬﺎ ﻟﻴﻌﻴﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻁﻲ ﻤﻊ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ؟". -٢ﻓﺎﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻻﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ -ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل -ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﺠﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻨﺫ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ...ﺍﻱ ﺍﻗﺭﺍﺭ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ؟ -٣ﻟﻌﺠﺏ ...ﺃﻥ ﺘﺨﺠل ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻤﻥ ﺼﻔﺔ ﺘﻤﺜﻴل ﺍﺭﺍﺩﺓ ﺸﻌﺒﻬﺎ.
-٤ﺍﻥ ﺘﺤﻔﻅ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﻋﻥ ﻅﻬﺭ ﻗﻠﺏ ﺒﺩﺀﹰﺍ ﻤﻥ ﻁﻼﺏ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻻﻋﺩﺍﺩﻴﺔ ...ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻟﻌﻼﻤﺎﺕ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻔﻴﺯﻴﺎﺀ... -٥ﻤﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺫﻟﻙ ﻜﻠﻪ ﺒﺎﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﻟﺤﺯﺏ "ﺍﻟﺒﻌﺙ"؟ -٦ﺃﻴﻥ ﺘﺜﻤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﻟﻜﺸﻔﻨﺎ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﻤﻥ ﻓﺠﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﻭﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭ
ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ...ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺎﺭﻜﻬﺎ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ،ﻴﻌﻜﺱ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺤﺎﻨﻕ ﺍﻟﻤﺘﻬﺩﺩ ﻭﺍﻟﻤﺘﻭﻋﺩ -ﻭﻜﺄﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻤﺨﺘﻠﻑ. -٧ﺭﺍﺤﺕ ﻁﺒﻭل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺘﻘﺭﻉ ،ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺘﻁﻠﻕ ،ﻤﻤﺎ ﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺎﻡ١٩٨٠ ﺍﻟﻤﺸﺅﻭﻡ ...ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﺸﻌﺭﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻗﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻓﺄﻁﻠﻘﺕ ﺍﻟﻌﻨﺎﻥ. -٨ﺍﻥ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﻟﻭ ﻭﺼل ﺍﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﻘﺭﻴﻊ ﻭﺍﻻﺩﺍﻨﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﺜﻴﻡ. -٩ﻜﻔﺎﻨﺎ ﺸﻌﻭﺭﹰﺍ ﻤﺨﺯﻴﹰﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ ،ﻫﻭ ﺤﺼﺎﻨﺔ ﺤﺭﻴﺘﻨﺎ.
ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺒﺎﺭﻋﹰﺎ ﺃﻴﻀ ﹰﺎ ﻓﻲ ﺘﺤﻠﻴل ﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻭﺯﻴﺭﺓ ﺒﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻘﺩﺴﻲ ،ﻭﻓﻲ ﺘﻘﻭﻴﻡ ﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻴﻥ ﺍﺜﻨﺘﻴﻥ ﻟﺨﺭﻭﺝ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺸﺭﻨﻘﺔ ﻋﺯﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﻤﻀﺎﺀ :ﻟﻘﺎﺀ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺨﺩﺍﻡ ﻤﻊ ﺍﻻﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻼﺘﺤﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻭﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﺍﺸﺭﺍﻙ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﺤﺴﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻟﺠﻨﺔ ﻟﺩﻋﻡ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﻤﻊ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺸﺨﺼﻴﺔ "ﺤﻴﺙ ﻴﻀﺭﺏ
ﺍﻟﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻻﻜﺒﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﺒﺼﻔﺘﻬﻡ ﺃﺒﻁﺎل ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻻﻓﺴﺎﺩ؟!".
142
ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺴﺎﺕ ﺘﻜﻔﻲ ﻟﻠﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺤﻴﻥ ﺍﺴﺘﺸﻬﺩ ﺒﻜﻼﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻀﺩ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺭﺤﻪ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻭﻥ ،ﺍﻱ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻼ ﺒﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ،ﻻ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻻ ﺤﻭل ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﻟﻴﺱ ﻤﺅﻤﻨﹰﺎ ﺃﺼ ﹰ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻻ ﺤﺘﻰ ﻗﺒﻭل ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺍﻥ ﺍﺼﺩﺭﻭﺍ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤﻠﻬﻡ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ،
ﻜﻤﺎ ﻴﺭﻏﺏ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ،ﺴﺒﻕ ﻟﻲ ﺍﻥ ﺃﺸﺭﺕ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻋﻨﻭﺍﻨﻬﺎ" :ﺘﻐﻴﺭ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﻗﺭﺍﺀﺘﻪ ﺍﻻﻤﻨﻴﺔ" ﺍﻟﻘﺩﺱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ "٢٠٠١/٧/٣٠ﺍﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ" :ﻫﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﺍﻤﻨﻴﺔ ﻤﻜﺸﻭﻓﺔ ﻴﻌﺭﻓﻬﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻭﻴﻌﺭﻓﻬﺎ "ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ" ﻭ"ﻫل ﺍﻻﻤﺭ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻰ ﺫﻜﺎﺀ ﻤﻔﺭﻁ ﻜﻲ ﻨﻜﺸﻑ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺠﻬﺔ ﺘﺤﺎﻭل ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻭﺸﻌﺒﻪ ،ﺒﺘﺨﻭﻴﻔﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺍﻭ ﺒﺘﻌﻁﻴل ﻤﺸﺭﻭﻋﻪ ﺍﻻﺼﻼﺤﻲ ،ﻜﻤﺎ ﺘﺤﺎﻭل ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻨﺼﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻻﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﺒﺤﺠﺔ ﺍﻥ
ﻫﺅﻻﺀ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﻭﻥ ﻭﺃﻭﻟﺌﻙ ﺩﻴﻨﻴﻭﻥ."... ﻜﺎﻥ ﺒﻭﺩﻱ ﺍﻻﻜﺘﻔﺎﺀ ﺒﺘﺜﻤﻴﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﺒﻜﺸﻔﻪ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻴﻠ ﺢ ﻋﻠﻰ ﺴﻤﺎﻉ ﻜﻼﻡ ﺍﺨﻭﺍﻨﻲ ﺤﻭل ﺘﺴﺎﻭﻻﺘﻪ" :ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ :ﺍﻟﻬﻴﺔ ﺍﻡ ﺒﺸﺭﻴﺔ؟ ﻫل ﻫﻡ ﻗﺎﺩﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻭل ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺩﻱ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ؟."...
ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺸﻜﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﺤﻪ ﻭﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﺘﻔﺴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅل .ﻭﻟﻜﻴﻼ ﺃﻁﻴل ﻓﻲ ﻼ ﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﺭﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﺼﻴل ،ﻓﺈﻥ ﺃﻭل ﻤﺎ ﻴﺨﻁﺭ ﻟﻲ ﺍﻟﺠﻭﺍﺏ ،ﺒل ﺍﻻﺠﻭﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﺤﻕ ﻓﻌ ﹰ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻥ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻥ ﻫﻭ ﺍﻋﻼﻥ ﺭﺃﻱ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺍﻟﺼﺭﻴﺢ ﻷﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻴُﺴﻘﻁ ﺃﻭ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻥ ﻴُﺴﻘﻁ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺍﻭ ل ﺇﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻤﻥ ﻴﺴﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﺭﺱ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻤﺘﺸﺩﺩﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﺤ ّ
ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻓﺎﻻﺴﺘﺎﺫ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ )ﺍﻻﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ -ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ( ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺘﻤﻨﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻋﻼﻥ ﺭﺃﻴﻬﻡ ﺒﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻭ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ...ﺼﺭﺡ ﺒﺄﻥ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﺤﻕ ﺒﺘﺄﺴﻴﺱ ﺤﺯﺏ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ،ﻤﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ .ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻨﺘﻬﺯ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻷﺨﺘﺼﺭ ﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻼﺕ ﻓﺄﻗﻭل :ﺇﻥ ﺘﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺘﻬﻡ ﻤﻨﺫ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ
ﺤﺘﻰ ﻴﻭﻤﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﻟﻴﺴﺕ ﻟﻐﺯﹰﺍ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺨﺎﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﺒﺎﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ ،ﻭﻜل ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﺘﻭﻀﻴﺤﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺠﺭﻭﺍ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ،ﻟﺫﻟﻙ ﺠﺎﺀ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻋﻠﻨﻭﻩ ﻤﻨﺫ ﺸﻬﺭﻴﻥ ﺼﺭﻴﺤ ﹰﺎ ﻓﻲ "ﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻤﻥ ﺍﻱ ﻁﺭﻑ ﻜﺎﻥ". ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺘﻌﺭﻑ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻻﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﺩﺍﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺒل ﻤﻨﺫ ﺍﻨﻘﻼﺏ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﻤﻥ ﺁﺫﺍﺭ ﺃﻴﻀﹰﺎ .ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻟﻴﺱ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻜﻲ ﺃﻋﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺴﻤﻌﻪ ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ
ﺯﻤﻴﻠﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺍﺸﺘﺭﻙ ﻫﻭ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﺘﺄﻟﻴﻔﻪ ﺤﻭﺍﺭﻴﺎﹰ ،ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ:
143
"ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻡ" ،ﻭﻟﻥ ﻴﻐﻀﺏ ﺍﺫﺍ ﺫﻜﹼﺭﺘﻪ ﺒﺄﻥ ﺠﻬﺩ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﻼ: ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻤﺜ ﹰ -ﻤﻘﺎﺭﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ )١٩٩٩ﻡ( -ﺭﺍﺸﺩ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ.
ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ )٢٠٠٠ﻡ( -ﺭﺍﺸﺩ ﺍﻟﻐﻨﻭﺸﻲ. ﺤﻭل ﺍﺴﺎﺴﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻟﻨﻬﻀﺔ ﺍﻷﻤﺔ -ﺩ .ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ. ﺍﻻﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ -ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﻘﺭﻀﺎﻭﻱ. ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ -ﺝ - ١ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ -ﺘﺤﺭﻴﺭ ﻓﻴﺼل ﺩﺭﺍﺝ ﻭﺠﻤﺎل ﺒﺎﺭﻭﺕ.
ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻻﺨﻴﺭ ﻤﺎ ﻨﺼﻪ" :ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻤﻴﺯﻫﺎ ﺃﻱ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﺨﻭﺍﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ) (...ﺍﻨﻬﺎ ﻜﺴﺭﺕ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﻓﻲ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺎﻟﻨﻤﻁ ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻨﻲ ...ﻭﺍﻜﺘﺴﺒﺕ ﻓﻌﻠﻴ ﹰﺎ ﺸﻜل ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺜﹼل ﻁﺭﻓﹰﺎ ﻤﻥ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﺴﻕ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻱ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻲ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ،ﻭﻴﻌﻤل ﻭﻓﻕ ﻗﻭﺍﻋﺩﻩ ﻭﻤﻌﺎﻴﻴﺭﻩ ،ﺘﺠﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻤﻁ ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻨﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﻤﻁ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﺎﻡ ١٩٤٩ﻡ ﻟـ"ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻤﺕ ﻟﻠﻨﺎﺨﺒﻴﻥ ﺒﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺴﻤﻴﺘﻪ ﺒﺄﻭل ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺸﺎﻤل ﻭﻤﺘﻜﺎﻤل ﻟﻼﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻓﺎﺯﺕ ﺒﻤﻭﺠﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ
ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻋﺎﻡ ١٩٤٩ﻡ ﺒﺄﺭﺒﻌﺔ ﻨﻭﺍﺏ ،ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺸﻜل ﻤﻜﺜﻑ :ﺇﻥ ﻤﺯﺍﻴﺎ ﺍﻻﻨﺠﺎﺯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻨﺴﻕ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻲ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻱ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻴﻭﻤﺌﺫ ﻗﺩ ﺃﺩﺕ ﺍﻟﻰ ﺘﻐﺫﻴﺔ ﺭﺍﺠﻌﺔ ،ﻟﻡ ﺘﻜﺘﺴﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻤﺠﺭﺩ ﺸﻜل ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻲ ﻭﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﺍﻗﺘﺭﺒﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻰ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﺴﻼﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ ﻨﻤﻁ ﺍﻻﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻭﺍﻤﻴﺭﻜﺎ ﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺍﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺩﻗﺔ ﻴﻌﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺤﺘﻤﺎل ،ﻭﻴﺩﻓﻊ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﻨﺤﻭﻩ ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻻﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺤﺎﻀﺭﺓ ﻓﻲ ﻭﻋﻴﻪ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﺩﻨﻰ ﺸﻙ ،ﺇﻻ ﺍﻥ ﺍﻟﺴﺒﺎﻋﻲ ﻓﻜﹼﺭ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺒﺩﻭ ﺒﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻜﺜﺭ ﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺔ ﻟﺠﺒﻬﺘﻪ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺘﻜﺜﻴﻑ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﺠﺒﻬﺘﻪ ﺒﺎﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻪ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ،ﻭﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻀﺩ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ
ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻻﻭﺴﻁ ،ﻭﺘﺒﻨﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻲ ،ﻭﻁﺭﺡ ﺍﺼﻼﺡ ﺯﺭﺍﻋﻲ ﺠﺫﺭﻱ، ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻊ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻲ ،ﻭﻁﺭﺡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻜﺒﺩﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ").ﺹ.(٢٥٨ - ٢٥٧ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺘﻪ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺍﻥ ﻴﻌﺘﺭﺽ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﻁﻠﺢ "ﺤﺯﺏ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﺴﻼﻤﻲ" ﺍﻟﺫﻱ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ -ﻓﻲ ﺭﺃﻴﻪ -ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻭ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻗﻭﻟﻪ ﺒﺄﺴﻤﺎﺀ ﺍﻻﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻭﺭﻭﺒﺎ ﻭﺍﻤﻴﺭﻜﺎ ﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺹ
ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ؟ .ﻨﺤﻥ ﻨﺴﺄل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻟﻼﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻰ "ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ" ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﻼﺴﺘﺸﻬﺎﺩ ﺒﺎﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ 144
ﺁﺴﻔﻴﻥ .ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺘﺅﻜﺩ "ﺍﻟﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼﻠﺕ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻻﺨﻴﺭﺓ ﺘﺭﺠﺢ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺸﺄﻨﹰﺎ ﺍﺠﺭﺍﺌﻴﹰﺎ ...ﻭﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺸﹼﺭ ﺒﻪ ﺸﻭﻤﺒﻴﺘﺭ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ :ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺼﻠﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺒﻊ
ﺍﻻﺨﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﺍﻟﻰ ﻤﻨﻌﻁﻑ ﺤﺎﺴﻡ ،ﺠﻌل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ ﺒﺎﻷﺴﺎﺱ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻙ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺒﺎﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺒﺩﺭﺠﺔ ﺃﻭ ﺍﺨﺭﻯ ﻓ "ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻡ -ﺹ ١٣٦ﻭ ،"١٣٩ﻭﺍﺼﻁﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ. ﻭﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﻨﺸﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﻤﺎﺩﺓ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ" :ﺍﻻﺴﻼﻡ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻻﻭﺴﻁ" "ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ
ﻨﺕ ،ﺘﺎﺭﻴﺦ ٢٠٠١/٧/٢٣ﻡ" ﺘﻌﺭﺽ ﻜﺘﺎﺒﹰﺎ ﻴﻀﻡ ﻋﺩﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﻟﻌﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻻﺠﺎﻨﺏ ﺒﺼﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺘﻬﻴﻨﺎ ﺍﻟﻴﻪ .ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻴﺭﻯ ﺠﻭﻥ ﺍﺴﺒﻭﺯﻴﺘﻭ ﺘﺭﺍﺠﻌﹰﺎ ﻤﺴﺘﻤﺭﹰﺍ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻻﻭﺴﻁ، ﺒل ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻨﺨﺏ .ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻻﻭﺴﻁ ﻤﺘﻼﺯﻤﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ، ﺭﻏﻡ ﺍﻨﻬﺎ ﺘﺯﻋﻡ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﺘﺭﻜﻴﺎ ﻭﺘﻭﻨﺱ. ﻭﻴﻼﺤﻅ ﻋﺯﺍﻡ ﺍﻟﺘﻤﻴﻤﻲ ﺍﺨﻁﺎﺀ "ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﻴﻥ" ﺤﻴﻥ ﻴﺴﻘﻁﻭﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻨﻅﺭﺓ ﺍﻭﺭﻭﺒﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﻓﺼﻠﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ. ﻻ ﻫﻭ ﻤﺎ ﺍﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺘﺤﻭل ﺩﻭﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻓﻲ ﺃﻤﺎ ﺠﻭﻥ ﻜﻴﻥ ﻓﻴﻁﺭﺡ ﺴﺅﺍ ﹰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﺤﻭﻟﺕ )ﺩﻭﻏﻤﺎ( ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺭﻯ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺘﺤﻤل ﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻔﺯ ﻋﻨﻬﺎ ...ﻭﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﺘﻨﺎﻗﺽ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﺁﺨﺭ ﻫﻭ ﺘﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻤﻥ
ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﻤﺴﻤﻴﺎﺕ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻟﻤ ﺩ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ، ﻭﻤﺜل ﻤﻨﻊ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﺍﻭ ﺍﻟﺘﻀﻴﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺘﺤﺕ ﻤﺴﻤﻰ ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻭ ﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ .ﺍﻤﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﻴﺭﻱ ﻓﻴﻨﺎﻗﺵ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻔﺎﺕ ﺍﻻﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﻴﻁﺭﺡ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺘﺠﺩﻴﺩﻴﺔ ﻏﻴﺭ "ﻓﺼل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ" ،ﻓﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺸﺎﻤﻠﺔ ...ﺤﻭﺴﺒﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ :ﻴﻌﻨﻲ ﺘﻜﺭﻴﺱ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻟﻼﺸﻴﺎﺀ ﻭﻟﻠﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ .ﺍﻤﺎ ﺒﺭﻭﻴﺯ ﻤﻨﺼﻭﺭ ﻓﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺘﻔﻜﻴﻙ
ﺍﻟﻘﺩﺍﺴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻨﻘﺽ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻤﻭﺌل ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻡ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻨﻪ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻥ ﻴﺘﻡ ﺤﺒﺱ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ،ﻭﻜﺄﻨﻪ ﺼﺭﺍﻉ ﺒﻴﻥ ﻗﻴﻡ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﺍﻻﻴﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ،ﺍﻭ ﺒﻴﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﻟﻠﺘﻤﻜﻥ ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﻤﺘﻤﻜﻥ ،ﺒل ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺴﺩ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺘﺠﺎﻭﺯ ﻭﺍﻻﻓﺘﺭﺍﺽ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﺜﻴﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺎﻤﺔ ﻗﺩ ﺘ ﻡ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺍﻟﻴﻬﺎ! ﻗﺩ ﻴﻌﺘﺭﺽ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﻁﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻟﻠﺘﻴﺎﺭ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻴﺭﻏﺏ
ﺒﺄﻥ ﻴﺴﻤﻊ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻬﺎ ،ﻭﺒﺸﻜل ﻤﻔﺼل ﻓﻲ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺸﺅﻭﻥ 145
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺘﻀﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﻭﺍﻟﺒﺭﺍﻤﺞ ﺃﻟﻭﺍﻨﹰﺎ ﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺍﻭ ﺘﻌﻤﻕ ﺠﻭﺍﻨﺏ ،ﻭﺘﻀﻌﻑ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﻭﻫﻜﺫﺍ. ﻫﺫﺍ ﻁﻠﺏ ﻤﺸﺭﻭﻉ ،ﻭﻓﻲ ﻋﻠﻤﻲ ﺍﻥ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺒﺼﺩﺩ ﺍﺼﺩﺍﺭ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤل ﺘﻔﺼﻴﻠﻲ ﻴﺘﻀﻤﻨﻪ
"ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل" ،ﻭﺃﺘﻭﻗﻊ ﺍﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻻﺠﻭﺒﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒﺔ ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻏﻴﺭ
ﺒﻌﻴﺩ .ﺇ ﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻐل "ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ" ﺍﻵﻥ ﻫﻭ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻘﺎﺀ ﺍﻻﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﻭﻁ ﻋﺭﻴﻀﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺠﻤﻊ ﺍﻟﺸﻤل، ﻭﻴﺨﺘﺼﺭ ﺍﻟﺠﻬﺩ ،ﻭﻴﺅﺠل ،ﺃﻭ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ،ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺍﻭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺠﺎﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﻴﺩ ﺍﻟﻤﻌﻭﻗﻴﻥ ﺍﻭ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻀﻌﻑ ﺍﻻﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﺩﻴﺔ ﻟﻼﺼﻼﺡ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻜﻠﻪ ﻻ ﻴﻨﻔﻲ ﺍﻟﺘﺫﻜﻴﺭ ﺒﺄﻥ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﻻ ﻴﻘﻴﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻥ ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﻟﻠﺤﺎﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﺼﻴﻐﺔ ﺘﻌﺎﻗﺩﻴﺔ ﺤﺭﺓ.
•
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠١ / ٩ / ٥
146
ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ
147
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل -١
ﻋﺠﺯ ﺍﻻﻓﻬﺎﻡ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﻤﻥ ﻭﻗﺎﺌﻊ ﻓﻲ ﺒﺭ ﺍﻟﺸﺎﻡ
-٢
ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺃﻡ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻪ
-٣
ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ) ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻭﻁﻤﺱ ﺍﻷﺜﺭ ( -ﺼﺒﺤﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ
-٤
ﻋﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﻟﻙ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ) ﻫل ﺜﻤﺔ ﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ (
148
ﻋﺠﺯ ﺍﻻﻓﻬﺎﻡ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﻤﻥ ﻭﻗﺎﺌﻊ ﻓﻲ ﺒﺭ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﺍﻷﺭﺒﻌﺎﺀ ٥ﺃﻴﻠﻭل ،ﺍﺠﺘﻤﻊ ﺤﻭﺍﻟﻲ ٥٠٠ﻤﺜﻘﻑ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ
ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺴﺴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺩﻤﺸﻘﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺭﺯ ﻓﻲ ﺍﻵﻭﻨﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻜﺼﻭﺕ
ﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﺍﻋﻲ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻜﻤﺜل ﻟﻠﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺤﺕ ﺘﻁﺭﺩ ﻤﻥ ﺴﺎﺤﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻹﻓﻼﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﺁل ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻀﻌﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺘﻌﺎﻅﻡ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺍﻟﻜﺎﺴﺢ ﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺃﻭ ﻤﺎ ﺩﻋﻭﻨﺎﻩ ﺏ ) ﺍﻟﻁﻐﻡ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ( ،ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺤﺕ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﺓ ﻭﺍﻟﺩﺒﺎﺒﺔ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺩﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺒﺎﻟﺨﻴﺭ ﺍﻟﻌﻤﻴﻡ ﺩﻭﻥ ﺘﻌﺏ ﺃﻭ ﺠﻬﺩ ،ﺴﻭﻯ ﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻬﺎﺕ ﻟﻬﻡ ﺒﺎﻟﺘﻭﻓﻴﻕ ﻟﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ﺒﻴﻥ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺫﻫﺏ !
ﻭﺃﻥ ﺘﺨﺼﻬﻡ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺒﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻘﺩﺭ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﻭﻜﻴل ﺼﻔﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻴﻭﻱ ﻭﻓﻕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭﺍﺕ ﻴﻔﻴﻕ ﻜل ﺼﺒﺎﺡ ﻤﻥ ﺼﺒﺎﺤﺎﺕ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻟﻴﺠﺩ ﺤﺴﺎﺒﻪ ﻗﺩ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﺜﻤﺎﻨﻴﻥ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻟﻴﺭﺓ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﺃﻱ ﻤﺎ ﻴﻔﻭﻕ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭ ﻭﻨﺼﻑ ﺩﻭﻥ ﺃﻴﺔ ﺘﻭﻅﻴﻔﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ،ﺴﻭﻯ ﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻟﻭﺍﻟﺩﻴﻥ !
ﻭﻟﻌل ﻓﻀﺢ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﻘﺔ ) ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ( ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠﺕ ﻤﻨﻪ ﺭﺠﻼ ﺨﻁﻴﺭﺍ ﺨﺎﺭﺠﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻓﺘﻡ ﺍﺴﺘﺩﻋﺎﺅﻩ ﻭﺘﻭﻗﻴﻔﻪ ﻷﻨﻪ ﺘﺤﺩﻯ ﻗﺭﺍﺭ ﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺘﺸﻜل ﺨﻁﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ،ﻟﻜﻥ ﺃﻱ ﺩﺴﺘﻭﺭ ؟ ﺇﻨﻪ ﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﻜﺎﻨﺯﻴﻥ ﻟﻠﺫﻫﺏ ﻭﺍﻟﻔﻀﺔ ﺒﻔﻀل ﺼﻠﺔ ﺍﻟﺭﺤﻡ ،ﻭﺍﻤﺘﺜﺎﻟﻬﻡ ﻟﺘﻘﻭﻯ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻹﻟﻬﻲ " ﺍﻷﻗﺭﺒﺎﺀ ﺃﻭﻟﻰ ﺒﺎﻟﻤﻌﺭﻭﻑ " ﻭﻜل ﺫﻟﻙ ﻴﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺇﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﺭﺍﺴﺨﺔ ﻋﻤﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺩﺒﺎﺒﺔ ﻜﺄﻓﻀل ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻺﻨﺘﺎﺝ ،ﻭﺍﻟﺴﺠﻥ ﻜﺄﻓﻀل ﻭﺴﻴﻠﺔ
ﻟﻠﺘﺄﻫﻴل ﻭﺍﻹﻗﻨﺎﻉ .
ﻓﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﺍﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﺒﺴﺒﺏ ) ﺍﻟﻐﺒﺎﺀ ( ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻋﺠﺯﻭﺍ ﻤﻨﺫ ﺃﺭﺒﻌﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻋﻥ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺫﻫﺒﻴﺔ ،ﺍﻤﺴﻙ ﺒﺎﻟﺴﻼﺡ ﺘﻤﺴﻙ ﺒﺎﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻭﺒﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻐﺒﺎﺀ ﺃﺤﻴل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺄﻫﻴل ﻭﺍﻹﻗﻨﺎﻉ ! ﻭﺴﺒﻘﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺄﻫﻴل ﻨﺎﺌﺏ ﻤﺴﺘﻘل ﺁﺨﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺤﻤﺼﻲ ﺘﺤﺴﺱ ﻤﺨﺎﻁﺭ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﻲ ﺍﻟﻤﻨﺘﺞ ،ﻓﺎﺴﺘﺸﻌﺭ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻹﻓﻼﺱ
ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺒﻘﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﺭﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺴﺤﻘﻪ ﺒﺎﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ،ﻓﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﺴﻭﻯ ﺃﻥ ﻴﺼﺩﺭ ﺒﻴﺎﻨﺎ ،ﺘﺒﺩﺃ ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻴﻪ ﺒﺎﻻﺴﺘﻐﺎﺜﺔ ﺒﺎﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ! ﺇﺫ ﺭﺍﺡ ﺍﻟﺭﺠل ﻴﻁﺎﻟﺒﻬﻡ ﺒﺎﺤﺘﺭﺍﻡ ﺤﺘﻰ ﺩﺴﺎﺘﻴﺭﻫﻡ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺘﺤﺕ ﺘﺼﺭﻑ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ،ﻟﻜﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﻜﻔﻴﻬﻡ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻨﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌل " :ﺇﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ
149
ﻗﺎﺌﺩ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ " ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻋﺒﺭ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﺤﺘﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻁﺎﺒﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﺘﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﻜﻠﻤﺔ ) ﻗﺎﺌﺩ ( ﻜﻠﻤﺔ ) ﻤﺎﻟﻙ ( ﺤﺘﻰ ﺘﺭﺘﺎﺡ ﻀﻤﺎﺌﺭﻫﻡ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﺤﺴﻬﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺒﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ،ﻓﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ
ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﻓﻕ ﺭﻏﺒﺎﺘﻬﻡ " ﺇﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻗﺎﺌﺩ ﻭﻤﺎﻟﻙ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ " ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺘﺭﻓﺭﻑ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺭﻫﻴﻔﺔ ﻫﻔﻬﺎﻓﺔ ﻓﻭﻕ ﻭﻁﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺩﺩﻩ ﺃﻁﻔﺎل ﺍﻟﺤﻀﺎﻨﺔ ﻭﺍﻟﻁﻼﺌﻊ ﻭﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﻠﻎ ﻭﻓﻕ ﺘﻘﺩﻴﺭﺍﺕ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻭﻨﺼﻑ ﺒﻌﺜﻲ ،ﻤﺘﻭﺴﻁ ﻋﺎﺌﻠﺔ ﻜل ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺃﻓﺭﺍﺩ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻀﺭﺒﻨﺎ ﻜﺎﻥ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ٦ﻤﻼﻴﻴﻥ ،ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩﻭﺍ ﺃﻨﻬﻡ ﻗﺎﺌﺩﻭﻥ ﻭﻤﺎﻟﻜﻭﻥ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ، ﻜﺭﺸﻭﺓ ﻤﻌﻨﻭﻴﺔ ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻔﺎﺌﻘﺔ ﺍﻟﺤﻅ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ %٥ﺇﻟﻰ %٩٥ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ
ﺍﻟﻤﺫﻟﻴﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﻨﻴﻥ ﺭﻜﻀﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻌﻴﺵ ،ﻤﺜﻠﻬﻡ ﻤﺜل ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﺴﻭﺍﺩ ﺍﻷﻋﻅﻡ ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﻴﺘﻤﻴﺯﻭﻥ ﻋﻥ ﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺒﻌﻴﺸﻬﻡ ﺤﺎﻟﺔ ﻗﻬﺭ ﻤﺯﺩﻭﺝ ،ﺍﻟﻘﻬﺭ ﺍﻷﻭل ﻫﻭ ﻤﻌﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ﻜﻤﻌﺎﻨﺎﺓ ﻜل ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺸﻌﺭﻭﺍ ﺃﻨﻬﻡ ﺤﺯﺏ ﻗﺎﺌﺩ ،ﻭﺃﻥ ﺤﻘﻪ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻜﻤﻨﹼﺔ ،ﻜﻤﻨﺤﺔ ،ﻜﻬﺒﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺘﺴﺘﺒﻴﺤﻪ ﻨﻬﺎﺭﺍ ،ﺠﻬﺎﺭﺍ ،ﺸﻜﺭﺍﻨﺎ ،ﻭﺘﻜﺒﻴﺭﺍ ،
ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻴﻐﺩﻭ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﻬﻭﺭ ﻤﺭﺘﻴﻥ ،ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻠﺏ ﻤﺭﺘﻴﻥ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺘﻘﺒل ﻴﺩ ﺠﻼﺩﻫﺎ . ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺭﺍﻓﻘﻴﻥ ﻟﻠﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻭﻤﺎ ﺃﻜﺜﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﺒﺭ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻥ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﻨﺎﻭﺒﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﺍﺴﺔ ﺃﺴﻴﺎﺩﻫﻡ ﺍﻟﻤﺘﻨﻌﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﺩﻑﺀ ﻤﻊ ﻤﺤﻅﻴﺎﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺼﺒﺎﺭﺓ ﻗ ﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﻤﻜﻴﻔﺎﺕ ﻓﻲ ﺤﻤﺎﺭﺓ ﻗﻴﻅ ﺍﻟﺼﻴﻑ .
ﻴﻌﺒﺅﻭﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻴﻥ ﺒﻤﺸﺎﻋﺭ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻅﻭﺓ ﻭﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻭﺯﻭﻨﻪ ،ﻓﻴﻌﻤﻘﻭﻥ ﻤﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻜﺭﺍﻫﻴﺔ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﻭﺭ ﻟﻬﻡ ﻜﻌﺩﻭ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻷﻫل ﻭﺍﻟﻀﻴﻌﺔ ﻭﺍﻷﻗﺭﺒﺎﺀ ،ﻓﻴﺭﻓﻌﻭﻥ ﻤﻥ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻴﻥ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻴﻥ ﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻬﻡ ،ﻟﻴﻐﺩﻭﺍ ﺭﻤﻭﺯﺍ ،ﻟﻠﺠﻨﺩﻱ ﺍﻟﻤﺤﻅﻭﻅ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺘﻘل ﺇﻟﻰ ﺭﺘﺒﺔ ﻤﺴﺎﻋﺩ ،ﻓﻐﺩﺍ ﺼﺎﺤﺏ ﺃﻁﻴﺎﻥ ﻭﻓﻴﻼﺕ ﻭﻗﺼﻭﺭ ،ﻓﺘﻬﻔﻭ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﻭﺘﻌﺭﺵ ﺍﻷﺤﻼﻡ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﻤﺤﻁﻤﺔ ،ﺒﺎﺌﺴﺔ ،ﻤﻘﻬﻭﺭﺓ ،ﻓﺘﻨﻔﺘﺢ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺴﺎﻤﺔ ﻟﻠﻨﻤﻴﻤﺔ ، ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﺴﺩ ،ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻏﺽ ،ﺤﺘﻰ ﺒﻴﻥ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ .
ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻰ ) ﻤﺎﻨﺩﻴﻼ ﺴﻭﺭﻴﺎ ( ﺤﻴﺙ ﻗﻀﻰ ﺴﺒﻌﺔ ﻋﺸﺭﺓ ﻋﺎﻤﺎ ﻭﺴﺒﻌﺔ ﺸﻬﻭﺭ ﻓﻲ ﺯﻨﺯﺍﻨﺔ ﻤﻨﻔﺭﺩﺓ ،ﺃﻟﻘﻰ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ،ﺍﺭﺘﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻭﻕ ﺠﺭﺍﺤﻪ ﻭﺁﻻﻤﻪ ﻭﻋﺫﺍﺒﺎﺘﻪ ،ﺍﺭﺘﻔﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻗﺎﻤﺘﻪ ﺍﻟﺴﺎﻤﻘﺔ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻓﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ﺒﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺃﺴﺱ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻓﻲ
ﺴﺒﻴل ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﻭﻁﻨﻲ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺒﻨﻴﺘﻪ ﻭﺘﺭﺘﻴﺒﻪ ﻭﺘﺯﻤﻴﻨﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻬﺩﻑ
ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ " ﻜﻠﻤﺔ ﺴﻭﺍﺀ " ﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺒﻴﻴﺽ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻭﺇﻨﻬﺎﺀ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ، 150
ﻭﺍﺒﺘﻌﺎﺩ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻋﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻟﻠﺩﺨﻭل ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻨﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻭﺘﻨﺘﻅﻡ ﺍﻻﺨﺘﻼﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﺘﻨﺘﻌﺵ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺒﺸﻜل ﺤﺭ ﻭﺸﺭﻋﻲ ،ﻭﺘﻌﻭﺩ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺭﺓ ،ﻭﻴﺴﻭﺩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺘﺯﺩﻫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﺔ ..ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ
ﻨﻅﺎﻡ ﻭﻁﻨﻲ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺩﺴﺘﻭﺭ ﺤﺩﻴﺙ ﻴﻀﻤﻥ ﻟﻠﺒﻼﺩ ﺃﻻ ﻴﻘﻁﻊ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل .
ﻟﻡ ﻴﻜﺘﻑ ﺍﻟﺭﺠل ﺒﺫﻟﻙ ،ﺒل ﺃﺒﺩﻯ ﺘﺠﺎﻭﺒﺎ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎ ﻤﻊ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ،ﺤﻴﺙ ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻪ ﻨﻜﻬﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻟﻐﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺘﻘﺭ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﺍﻷﺯﻤﺔ ،ﻭﺒﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ...ﺍﻟﺦ .
ﺭﻏﻡ ﻜل ﺫﻟﻙ ﺍﻋﺘﻘل ﺍﻟﺭﺠل ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻓﻅﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﻋﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ،ﻭﺃﺤﻴل ﺇﻟﻰ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻥ ،ﻭﺃﺠﺭﻯ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﻠﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﺡ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻭﻴﺨﻀﻊ ﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻼﺝ ﺩﻗﻴﻕ ﻭﻤﻜﺜﻑ . ﻟﻤﺎﺫﺍ ؟ ﻷﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻟﻡ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺴﻌﺎﺩﺘﻪ ﻭﺍﻤﺘﻨﺎﻨﻪ ﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻤﺎﻩ ﻓﻲ ﺯﻨﺯﺍﻨﺔ ﻤﻨﻔﺭﺩﺓ ﻗﺭﺍﺒﺔ ﺍﻟﻌﻘﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺨﺭﺝ ﺇﻻ ﺒﻀﻐﻭﻁﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻟﻡ ﻴﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺯﻨﺯﺍﻨﺘﻪ ﻤﻘﺎﺒل ﺃﻱ ﺘﻨﺎﺯل ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺩﺨل ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻨﺎﻗﺩﺍ ﻤﻌﺎﺭﻀﺎ ،ﻭﺨﺭﺝ ﻨﺎﻗﺩﺍ ﻭ
ﻤﻌﺎﺭﻀﺎ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺨﻑ ﺫﻟﻙ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺫﺍﺘﻪ . ﻭﺃﻅﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺫﺍﺘﻪ ﺒﺨﺒﺭﺘﻪ ﻭﺘﺠﺭﺒﺘﻪ ،ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻴﺘﺼﺭﻑ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻁﻴﺵ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻨﻲ ﻷﺠﻬﺯﺓ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﺸﺎﺒﺔ ﻤﻔﺘﻭﻨﺔ ﺒﻘﻭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺴﺩﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺸﻴﺦ ﻁﺎﻋﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻥ ﻜﺎﻟﺘﺭﻙ ،ﻻ ﺃﻅﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺤﻴﺎ ﺴﻴﺘﻤﻜﻥ ﺃﺤﺩ ﻤﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﺎﻭﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻘﻨﻌﻪ
ﺒﺘﻀﻴﻴﻊ ﺴﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺩﺅﻭﺒﺔ ﻟﺘﺤﺴﻴﻥ ﺴﻤﻌﺘﻬﺎ ﻭﺼﻭﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻤﻘﺎﺒل ﻨﻘﺩ
ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻟﻪ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺼﺭﻴﺤﺎ ﻭﻤﺒﺎﺸﺭﺍ ﻜﻨﻘﺩ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘل ﺒﻼ ﻗﻴﺩ ﺃﻭ ﺸﺭﻁ ،ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻀﻐﻁ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﺯﻥ ﻭﺍﻷﻟﻡ ﻭﻁﻨﻴﺎ
،ﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻷﺨﻭﺓ ﻭﺍﻷﻫل ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺘﺴﻴﺭ ﻭﺒﺸﻜل ﻤﻀﻁﺭﺩ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻟﻠﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺨﻁﺎﺒﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻴﻤﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ،ﻓﺎﻟﻜل ﺩﻋﺎﺓ
ﻨﺯﻉ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻜل ﺩﻋﺎﺓ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﻭﻨﺒﺫ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩل ،ﻫل ﻓﻜﺭ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺴﻜﺭﻯ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ﻭﺍﻟﻌﻨﻑ ﺃﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﺭﺠل ﺸﻴﺦ ﻤﺭﻴﺽ ﻤﻬﺩﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،ﺃﻱ ﻋﺎﺭ ﺴﻴﺠﻠﺒﻭﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻟﻭ ﺤﺩﺙ ﺍﻟﻤﻘﺩﻭﺭ ﻻ ﺴﻤﺢ ﺍﷲ،ﻭﺃﻴﺔ ﺴﻨﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺴﻴﻔﺘﺘﺤﻭﻥ ﺒﻬﺎ ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ!!
ﺍﻟﻜل ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻁﻲ ﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﺍﻻﺭﺘﻔﺎﻉ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﺠﺭﺍﺤﺎﺕ ﻭﺍﻵﻻﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﻠﻔﺘﻬﺎ ﺴﻨﺔ ١٩٨٠ﺍﻟﺸﺌﻴﻤﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺒﻘﺕ ﺒﻭﺍﻗﻌﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻼﻤﻌﻘﻭﻟﺔ ﻭﻻ ﻤﻌﻘﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﻲ 151
،ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﺨﻴﺎﻟﻲ ﻟﺠﻭﺭﺝ ﺍﻭﺭﻭل ﺒﺄﺭﺒﻌﺔ ﺃﻋﻭﺍﻡ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺭﻭﺍﻴﺘﻪ ، ١٩٨٤ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻜﺎﻥ ﻴﻠﻬﻤﻪ ﺸﻴﻁﺎﻥ ﻋﺒﻘﺭﻴﺘﻪ ،ﺒﺄﻥ ﻨﺒﻭﺀﺘﻪ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻨﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻤﺴﺭﺡ ﺃﺤﺩﺍﺜﻬﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻨﻔﻠﺕ ﻏﺭﺍﺌﺯ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺒﻼ ﺤﺩﻭﺩ ﻟﺘﺠﺘﺎﺡ ﻤﺨﺯﻭﻥ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻤﻬﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻵﺭﺍﻤﻲ ،ﻓﺎﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﺭﻭﻤﺎﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ .
ﻟﻘﺩ ﻭﺼﻠﺕ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻜﻠﺕ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺅﻟﻔﺔ ﻤﻥ ﺭﻋﺎﻉ ﺍﻟﺭﻴﻑ ﻭ ﺤﺜﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺩﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ،ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻬﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻗﺭﺍﺭ ﻟﻪ ،ﻓﻤﻬﻤﺎ ﺤﺎﺯ ﻭﻤﻠﻙ ﻭﻭﻓﺭ ،ﻴﺴﺘﺸﻌﺭ ﺒﻨﻬﻤﻪ ﺍﻟﻌﻤﻴﻕ ﺒﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻤﺔ ﻤﺎ ﻴﻨﻘﺼﻪ ،ﻭﺜﻤﺔ ﻤﻥ ﻴﻨﺎﻓﺴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻓﻴﺸﺘﺩ ﺍﻟﺴﻌﺎﺭ ﺍﻟﻜﻠﺒﻲ ،ﻟﻴﺼل ﺤﺩ ﺤﺭﻕ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﺠل
ﺇﺸﻌﺎل ﺴﻴﺠﺎﺭﺓ .
ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﺔ ،ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺍﻷﻓﻕ ،ﻏﺒﺎﺀ ،ﻭﺤﺴﺩﺍ ،ﻭﺤﺴﻴﺔ ﺘﺘﻌﺒﺩ ﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﺒﻠﺫﺓ ﻤﺎﺴﻭﺸﻴﺔ ،ﺘﺘﻤﺎﺯﺝ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺯﻭﻉ ﻟﻠﺘﻭﺍﺼل ﺍﻟﺠﺴﺩﻱ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﻤﻊ ﻤﺜﺎﻻﺘﻪ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﻭﻟﺫﺍ ﺘﺭﻯ ﻗﻁﻌﺎﻨﺎ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﻤﺤﺩﺜﻲ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﻭﺍﺼﻠﻭﻥ ﻤﻊ ﻜل ﻤﺎ ﺤﻭﻟﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻘﻀﻴﺏ ،ﺤﻴﺙ ﻜل ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺍﺕ ﺤﻭﻟﻬﻡ ،ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ،ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ، ﺍﻟﻔﻨﻭﻥ ،ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﺍﻨﻭﺜﺔ ،ﻤﻭﻀﻭﻉ ﻟﻠﺭﻏﺒﺔ ﻭﺍﻻﺸﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺴﺘﻨﻔﺫ ﻨﻬﻤﻪ ﺍﻟﻔﻼﺤﻲ ﺍﻟﺭﻋﺎﻋﻲ
ﻻﺤﺘﻭﺍﺀ ﻜل ﻤﺎ ﺤﻭﻟﻪ ﺤﺴﻴﺎ ) ﺍﻴﺭﻭﺴﻴﺎ ( ،ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎ ﺍﻨﺜﻭﻴﺎ ﺨﻨﺜﻭﻴﺎ ﻟﻠﻤﺒﺎﻀﻌﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻉ ﻟﻴﺘﻡ ﺇﺨﻀﺎﻋﻪ ،ﻫﻜﺫﺍ ﺘﻌﺎﻤل ﺍﻟﻌﻘل – ﺍﻟﺠﺴﺩ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻤﻊ ﻜل ﻤﺎ ﺤﻭﻟﻪ ﻤﻥ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ) ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ( ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎ ﻟﻠﻔﻌل ،ﻟﻠﻤﻔﻌﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺫﺍﺘﺎ ﻟﻠﻔﻌل ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺅ .
ﻜل ﺍﻟﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻭﻥ ﺘﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻜل ﺤﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺒﻭﻁ ،ﻭﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻨﻘﺩﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻟﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻭل ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻟﻸﺠﻭﺭ ﻴﻘل ٣٠٠ ﻤﺭﺓ ﻋﻥ ﺤﺩ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ،ﻭﺘﺩﻫﻭﺭﺕ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺃﻥ ﻭﺼل ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺭﺘﻔﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ﻭﺍﻷﺠﻭﺭ) ﻤﻨﺫ ﻋﺎﻡ ١٩٨٥ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻡ ( ٢٠٠٠ﺇﻟﻰ ، %٢٠٠ﻭﻟﻌل ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺤﺯﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺼﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﻠﻎ ﻋﺩﺩ ﺴﻜﺎﻨﻬﺎ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺃﻀﻌﺎﻑ ﻋﺩﺩ ﺴﻜﺎﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﺭﻏﻡ ﻋﺩﻡ ﺜﺭﺍﺌﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﻤﻴﻥ % ٧٥ﻤﻥ ﻁﻼﺏ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺘﺎﺒﻌﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ
ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻗﻠﺏ ﺒﺭ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺨﺼﻭﺒﺔ ﻭﺜﺭﺍﺀ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻤﻭﺍﺭﺩﺍ ،ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﺅﻤﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٤٢،٣ %ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻠﺒﺔ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺎﺒﻌﻭﻥ ﺩﺭﺍﺴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻴﺔ ،ﻭﻜل ﻫﺅﻻﺀ ﻤﺩﻓﻭﻋﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ،ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺠﻭﺍﺭ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺤﺕ ﺘﻨﺘﻘﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻨﺯﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻭﺍﻹﻟﺤﺎﻕ ﻭﺍﻻﺤﺘﻭﺍﺀ ﻭﺍﻹﺨﻀﺎﻉ ،ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ
ﻤﻊ ﺃﻴﺔ ﻤﺤﺎﻓﻅﺔ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﺒﻘﺘل ﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻤﻠﺅﻭﻥ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ
ﻭﺍﻷﺭﺩﻨﻴﺔ ،ﻭﺘﺼﻁﻑ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ) ﺃﺴﺎﺘﺫﺓ ﺠﺎﻤﻌﺎﺕ – ﺃﻁﺒﺎﺀ – ﻤﻬﻨﺩﺴﻭﻥ ( ﺒﺎﻟﻁﻭﺍﺒﻴﺭ ﺃﻤﺎﻡ 152
ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺭﺃﻯ ﻤﻥ ﻋﻴﻭﻥ ﻭﺃﻨﻅﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺸﻌﺭﻫﺎ ﺫﻟﻙ ﺒﺄﻱ ﺤﺭﺝ ﺃﻭ ﺨﺠل ﻤﻥ ﺸﻌﺒﻬﺎ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﻐﻁﺭﺱ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺘﺘﻌﻨﺠﻪ ﺒﻘﻭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻀﻌﻔﻪ ﻭﺠﻭﻋﻪ ﻟﻠﻠﻘﻤﺔ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ،ﻭﻻ ﺘﺠﺩ ﻤﻼﺫﺍ ﻟﺘﻨﻔﻴﺙ ﻋﻘﺩ ﻀﻌﻔﻬﺎ ﻭﻋﺠﺯﻫﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺴﻭﻯ ﺸﻌﺒﻬﺎ ﺍﻟﻁﻴﺏ ، ﺍﻟﺼﺎﺒﺭ ،ﻓﺘﺼﺏ ﺠﺎﻡ ﻏﻀﺒﻬﺎ ،ﻟﺘﺴﺘﺸﻌﺭ ﺭﺠﻭﻟﺘﻬﺎ ﻭﻓﺤﻭﻟﺘﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻔﻌل ﺃﻱ ﺫﻜﺭ ﺸﺭﻗﻲ ﻤﻬﺯﻭﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻓﻴﺴﺘﻌﺭﺽ ﺭﺠﻭﻟﺘﻪ ﻭﻓﺤﻭﻟﺘﻪ ﺃﻤﺎﻡ ﻋﺎﺌﻠﺘﻪ ﻭﺯﻭﺠﺘﻪ ،ﻭﺃﻁﻔﺎﻟﻪ . ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻐﻁﺭﺴﺔ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﺓ ﻓﻲ ﻅﺎﻫﺭﻫﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻌﻨﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺭﺁﺓ ﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﺴﺭﻋﺎﻥ ﻤﺎ ﺘﺘﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺼﻠﻑ ﻭﻏﺭﻭﺭ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻷﻫل ﻭﺍﻷﺨﻭﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﻏﺭ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﺅل ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ .
ﻟﻘﺩ ﻤﻸﻨﺎ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﺼﻴﺎﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ،ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺒﺭ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﻥ ﻴﻤﻨﺢ
ﻋﻼﻤﺎﺕ ﺇﻀﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻘﺒﻭل ﺒﺎﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ،ﺜﻤﻨﺎ ﻻﺭﺘﻬﺎﻥ ﺍﻟﻁﺎﻟﺏ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻷﻤﻥ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻁﺎﻟﺒﻨﺎﻫﻡ ﺃﻥ ﻴﻘﺩﻤﻭﺍ ﻟﻨﺎ ﻤﺜﺎﻻ ﺸﺒﻴﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻓﻲ ﺠﺯﺭ ﺍﻟﻘﻤﺭ ،ﻟﻜﻲ ﻨﺘﻌﺯﻯ ﻓﻨﻘﻭل ﻨﺤﻥ ﻭﺠﺯﺭ ﺍﻟﻘﻤﺭ ﻤﺸﺘﺭﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﻨﺢ ﻋﻼﻤﺎﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﻟﻤﺅﻴﺩﻱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﻜﻨﺎ ﻨﺘﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﺴﻨﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺃﻥ ﺘﻜﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﺔ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻬﺯﻟﺔ ﻷﻨﻬﺎ ﻻ ﻴﻌﺎﺩﻟﻬﺎ ﻓﻀﻴﺤﺔ ﻓﻲ ﻜل ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﺃﻴﺔ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻤﻭﺱ ﺍﻷﺸﺒﺎﻩ ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﺌﺭ
،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺸﺎﻫﺩﻨﺎ ﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻴﺔ ،ﻴﺤﺘل ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ﺍﻷﻫﻡ ﺒﻴﻥ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ،ﻟﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﻁﻤﺄﻨﻴﻨﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﺤﻭل ﻤﻔﺎﻀﻠﺔ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺤﻕ ﻟﻜل ﺸﺒﻴﺒﻲ ﺃﻥ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻤﺎﺕ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻜﺭﺸﻭﺓ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺩﺨﻭﻟﻪ ﻓﻲ ﻤﺤﻔل ﺍﻟﻬﺘﺎﻑ ﺍﻟﺤﺯﺒﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ،ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺘﺸﺭﻋﻥ ﺩﻭﻟﺘﻴﺎ ﻷﺨﻼﻕ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﻭﺍﻟﻤﻤﻨﻬﺞ .
ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺎﻓﻅﺕ – ﻀﻤﻥ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ – ﻋﻠﻰ ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺘﻌﺴﻜﺭﺕ ﻓﻲ ﻤﺩﻯ ﺴﻨﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻘﺒﻠﻭﺍ ﻀﻴﻭﻓﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﺇﻻ ﺒﻌﺩ ﺴﺎﻋﺔ ﻤﺤﺩﺩﺓ ،ﺒﺄﻤﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺯﻴﺭﺓ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺒﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻤﺜل ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺠﻴل ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻭﺍﻹﺼﻼﺡ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺘﻨﺒﻴﻪ ﻟﻠﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻏﺒﻭﻥ ﺯﻴﺎﺭﺓ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺤﺎﻓﻅﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻗﻰ ﺴﻤﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺨﻼل ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ ،ﺃﻥ ﻴﺴﺄﻟﻭﺍ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻋﻴﺩ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺍﺕ ﻗﺒل ﺯﻴﺎﺭﺓ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﻘﻔﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭﺍ ﻟﻤﻭﻋﺩ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺫﻱ
ﺘﺤﺩﺩﻩ ﺍﻷﻭﺍﻤﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻟﻠﻭﺯﻴﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻥ ﻴﺄﺨﺫﻭﺍ ﻤﻭﺍﻋﻴﺩ ﻤﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺯﻴﺎﺭﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻤﻘﺎﺒل ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ،ﺤﺘﻰ ﻴﺤﻴﻥ ﻤﻭﻋﺩ ﺍﻻﺴﺘﻘﺒﺎل !؟ ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﻨﺩ ﺒﺎﺏ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﺤﺎﺭﺱ ﻋﺘﻴﺩ ﻻ ﻴﺴﺄل ﻋﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩ ،ﻓﻼ ﻴﻔﻴﺩ ﻤﻌﻪ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺯﺍﺌﺭ
ﻨﺠﻴﺏ ﻤﺤﻔﻭﻅ ﺃﻭ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺩﺭﻭﻴﺵ ﺃﻭ ﺍﺩﻭﺍﺭﺩ ﺴﻌﻴﺩ ،ﻓﺎﻟﻨﺎﺱ ﺃﻤﺎﻤﻬﻡ ﺴﻭﺍﺴﻴﺔ ﻜﺄﺴﻨﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﻁ! ...؟
153
ﻭﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻴﺭﺃﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺃﻗﺩﻡ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﺘﺤﺎﺩ ﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻨﺘﺨﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺤﺩ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﻔﺘﻲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺭﺌﻴﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻌﺭ ﺒﺎﻟﻐﺒﻁﺔ ﻷﺩﺍﺌﻪ ﺩﻭﺭ ﺭﺌﻴﺱ ﻓﺭﻉ ﺍﻷﻤﻥ ،ﻓﻼ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺴﻠﻡ ﺯﻤﻼﺀﻩ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺩﻤﻰ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ،
ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻷﻗﺩﺍﺭ ﻋﺎﻜﺴﺘﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺎﺩﺘﻪ ﻷﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺸﻌﺏ ،ﺒﺩل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺭﺌﻴﺱ
ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻔﺭﻭﻉ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﺇﻨﻪ ﺃﻏﺭﺏ ﺭﺌﻴﺱ ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﻔﺎﻓﻪ ﺒﻤﻘﺎﻤﻪ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻲ ، ﻭﻤﻥ ﺤﺴﻥ ﺤﻅﻨﺎ ﺃﻨﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻪ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺘﻁﺎﻟﻨﺎ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻲ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﻓﻲ ﺘﺴﻠﻴﻤﻨﺎ ﻟﻠﺸﺭﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﻤﻊ ﺯﻤﻼﺌﻪ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺘﻀﺎﻤﻨﻪ ﻤﻌﻬﻡ )ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ( .
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ٦٧ﻤﻥ ﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻟﻌﺎﻡ ، ١٩٧٣ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ٢١ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺴﻨﺔ ، ١٩٧٤ﻜﻼ ﺍﻟﺼﻴﻐﺘﻴﻥ ﺘﻨﺼﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﻕ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﺒﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻓﻲ " ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﻭﺩ " ﻓﻘﻁ . ﻭﻻ ﻨﻌﺭﻑ ﻤﺎﻫﻭ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﻭﺩ ﻟﻠﺴﻴﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺤﻤﺼﻲ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺒﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺘﻠﺒﺴﺎ ﺒﺠﻭﻋﻪ ﺒﺴﺒﺏ ﺇﻀﺭﺍﺒﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﻌﺎﻡ ،ﻤﻁﺎﻟﺒﺎ ﺒﺘﻨﻔﻴﺫ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻭﺍﻴﻘﺎﻑ
ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺴﺭﺍﺡ ﺍﻟﻤﻌﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻫل ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﺠﺭﻡ ،ﺃﻟﻴﺱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﻫﻭ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﻭﺤﻠﻡ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺴﻭﺭﻱ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺭﺩﺍﺏ ﺇﻟﻰ ﻭﺠﻪ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻅﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﺭ ،ﻫل ﻴﺭﻓﻊ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﺌﻴﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺤﺎﻟﻡ ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻪ ﻭﻤﺠﻠﺴﻪ ﻤﻤﺜﻠﻭ ﺤﺼﺎﻨﺘﻪ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﻓﻴﻌﺘﻘﻠﻪ ﺒﻜﻠﺘﻴﻪ ،ﻟﻴﻌﻴﺩ ﺘﺄﻫﻴﻠﻪ ، ﺤﻴﺙ ﻻ ﺤﺼﺎﻨﺔ ﻟﻤﻥ ﻫﻭ ﻓﻲ ﻁﻭﺭ ﺍﻟﻭﺼﺎﻴﺔ !
ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺠﺭﻡ ﺍﻟﻤﺸﻬﻭﺩ ﻟﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻭﻗﻅ ﻤﻥ ﻨﻭﻤﻪ ﻟﻠﻘﺒﺽ ﻋﻠﻴﻪ ؟ﻫل ﺍﻟﻨﻭﻡ ﺠﺭﻡ ﻤﺸﻬﻭﺩ ،ﺃﻡ ﺃﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﺴﺠﻠﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺤﻼﻤﻪ ،ﻓﻘﺒﺽ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺘﻠﺒﺴﺎ ﺒﺤﻠﻡ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ؟
ﺃﻋﻠﻨﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺃﻨﻪ ﻤﻤﻨﻭﻉ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺇﻻ ﺒﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ،ﻓﺘﻭﻗﻔﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ،ﺒﺎﻨﺘﻅﺎﺭ ﻭﻀﻊ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻟﻠﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺒﻨﺎ ﻻ ﻨﺠﺩ ﻤﺭﺠﻌﺎ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻡ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤل ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﺭﺩ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﻱ ﻋﺠﺎﺌﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﺭﻴﺎﻟﻴﺘﻬﺎ " ﻋﺩﻡ ﺍﺨﺘﺼﺎﺹ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺒﺫﻟﻙ
ﻭﺭﻓﺽ ﺍﻟﻁﻠﺏ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ " ﻟﻨﻜﺘﺸﻑ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺨﻭﻟﺔ ﺒﺫﻟﻙ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ،ﻓﺭﻉ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻓﺈﺫ ﺒﻨﺎ ﻨﻔﺘﺢ ﺒﺎﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﻟﻴﻌﻁﻭﻨﺎ ﺩﺭﺴﺎ ﻻ ﻨﻨﺴﺎﻩ ﺒﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻤﺎﺩﻤﻨﺎ ﻨﻁﺎﻟﺏ ﺒﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻓﺄﺼﺒﺢ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻴﺠﺘﻤﻊ ﻟﺩﻴﻪ ﺜﻠﺔ ﻤﻥ ﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻪ ﻴﺴﺘﺩﻋﻰ ﻭﻴﻜﺘﺏ ﺘﻌﻬﺩﺍ ،ﺒﺄﻨﻪ ﻟﻥ ﻴﺴﺘﻀﻴﻑ ﺃﺤﺩﺍ ﻓﻲ ﻤﻨﺯﻟﻪ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺇﺫﻥ ﺘﺭﺨﻴﺹ ﻤﻥ ﻓﺭﻉ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻓﺄﺼﺒﺢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺨﺸﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻱ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻟﻠﺘﻭﻓﻴﺭ ، ﻭﺘﻠﻙ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻜﺘﺸﻔﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﻅﻔﻭﻥ ﺍﻟﺒﺅﺴﺎﺀ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺠﺘﻤﻌﻭﻥ ﻟﻠﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﺒﻤﺒﻠﻎ ﻴﻘﺘﺭﻋﻭﻥ ﺸﻬﺭﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻴﻨﺎﻟﻪ ﻟﻭﻓﺎﺀ ﺩﻴﻨﻪ . 154
ﺘﻜﻭﻨﺕ ﺨﺒﺭﺓ ﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻗﺭﻭﻥ ،ﺘﺠﻌل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺘﻜﻔﺭ ﺒﺄﻱ ﻤﻁﻠﺏ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺠﺩ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻋﻥ ﺍﺭﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻤﻁﺎﻟﺒﻬﻡ ،ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺎﻟﺏ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﻴﻨﻔﺫ ﻓﻘﻁ ،ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺘﺼﻭﺭ ﻋﺴﻜﺭﻱ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺠﻨﻭﺩﺍ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ،ﻓﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍل ﺃﻥ ﻴﺄﺘﻤﺭ ﺒﺄﻤﺭ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺠﻨﻭﺩ !
ﺒﻌﺩ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻏﺩﺍ ﺭﻤﺯﺍ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ﻭﺴﺠﻨﺎﺀ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ،ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٥٠٠ﻤﺜﻘﻑ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻴﺘﺒﺎﺭﻭﻥ ﻟﺭﻓﻊ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﺎ ،ﻟﻡ ﺘﻨﺘﻪ ﺍﻟﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﺤﺘﻰ ﺒﻌﺩ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻠﻴل ،ﺒﻌﺩ ﺍﻻﻋﺘﺫﺍﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﺭﺭﻭﺍ ﻤﻥ ﺨﻭﻓﻬﻡ ﺒﺈﻋﻼﺀ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺘﺤﺩﻴﺎ ﻭﺘﻨﺩﻴﺩﺍ ﻭﺫﻫﺎﺒﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺎﺕ ،ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﺼﺒﺭ ﻗﺩ ﻨﻔﺫ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻅﺎﺭ ﻓﻭﻕ ﺠﺒل ﺍﻷﺤﻘﺎﻑ ) ﺍﻟﻤﻁﻬﺭ
( ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻬﺒﻭﻁ ﺇﻟﻰ ﻗﺎﻉ ﺠﺤﻴﻡ ﺍﻟﺴﺠﻥ ،ﻓﻤﺎ ﻋﺎﺩﻭﺍ ﻴﺤﺘﻤﻠﻭﻥ ﺃﺼﻔﺎﺩ ﺍﻨﺘﻅﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل .
ﻜﺎﻨﺕ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﻤﺩﻋﺎﺓ ﻟﻠﺩﻫﺸﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﺘﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺴﺘﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻥ ،ﻭﻻ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻟﺫﻟﻙ ﺴﻭﻯ ﺍﺴﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻭﻁ ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﺍﺨﺘﺯﺍﻟﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺭﻋﺎﻴﺎ ﺘﺄﻜل ﻭﺘﺸﺭﺏ ﻭﺘﺘﻨﺎﺴل ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺃﻋﻠﻥ ﺃﺭﺴﻁﻭ ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ " ﺤﻴﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ " ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺘﻨﺘﺯﻉ ﻤﻨﻪ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻴﻌﺩﻭ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﻴﻭﺍﻨﺎ ﻓﻘﻁ .
ﻓﻜﻤﺎ ﻻ ﺒﺭﺍﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﻭﺕ ،ﻜﺫﻟﻙ ﻻﺒﺭﺍﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﺴﺠﻥ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻴﻌﺎﻨﻕ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺤﺭﻴﺘﻪ ،ﻭﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺘﻪ ،ﺃﻱ ﻴﺼﺒﺢ ﺤﺭﺍ ﻜﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ، ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺘﺘﻔﺘﺢ ﻤﺴﺎﻟﻙ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﻤﻨﻌﺭﺠﺎﺘﻬﺎ ﺸﻭﻗﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻷﻋﻠﻰ ،ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ،ﺍﷲ ،ﻏﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻭﻤﻌﻨﺎﻩ ﺍﻟﻤﻨﺒﺙ ﺤﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺨﻠﻘﻪ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻕ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺩﺭﺏ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﻼﺘﺤﺎﺩ ﺒﺎﻟﺤﻕ . ﺇﻥ ﺴﻨﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﻋﻤﺭ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺘﺩﺸﻥ ﺒﺎﻋﺘﻘﺎل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﻋﻀﻭﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻻ ﺘﺒﺸﺭ ﺇﻻ ﺒﺴﻨﻭﺍﺕ ﻋﺠﺎﻑ ،ﻭﻟﻌﺒﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻥ ﻴﺼﺩﻗﻬﺎ ﺃﺤﺩ ﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﻻ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﻓﻴﻪ
ﻟﻠﻘﻀﺎﺀ ﻭﻻ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﺍﻷﻭل ﻟﻠﻘﺒﻭل ﺒﺴﻠﻙ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﻋﻀﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ،ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻨﻴﻥ ﺃﻋﻠﻥ ﻋﻤﺎﻨﻭﺌﻴل ﻜﺎﻨﺕ :ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺃﻥ ﺘﺭﻜﻊ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻷﺤﺩ ﺃﻥ ﻴﺼﺩﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﻷﻨﻪ ﺃﻭل ﺍﻟﺭﺍﻜﻌﻴﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ .
ﺃﻓﺭﺠﻭﺍ ﻓﻭﺭﺍ ﻋﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ ،ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺇﻨﻘﺎﺫ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻭﺇﻨﻘﺎﺫ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﻁﻲ ﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﺴﻴﺩﺨﻠﻭﻥ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺓ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩ ،ﻭﻨﺨﺴﺭ ﻜل ﺍﻟﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﻋﺩﺓ ﻟﻠﺴﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺌﺘﺔ ،ﻭﻨﺩﺨل ﺠﻤﻴﻌﺎ ﺸﻌﺒﺎ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﻨﻔﻕ ﻤﻅﻠﻡ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺤﻔﻨﺔ ﻤﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺴﺭﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻟﻺﺼﻼﺡ ،ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ .
155
*ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻴﻠﻭل – ٢٠٠١ /ﺘﻡ ﻁﻠﺏ ﻭﻗﻑ ﻨﺸﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﺒﻌﺩ ﺃﺤﺩﺍﺙ ١١ﺍﻴﻠﻭل ،ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺒﻌﺩﻡ ﺍﻟﺘﺄﺠﻴﺞ ،ﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻁﺭﺡ ١٦ﺴﺅﺍﻻ ﻤﻜﺘﻭﺒﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﻤﺄﺕ ﻟﻨﺎ ﺒﺈﻴﺤﺎﺀﺍﺕ ﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺍﻟﻔﻀﻼﺀ ،ﺍﺴﺘﺘﺒﺎﻋﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﺍﻟﻤﻬﻭل ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ،ﻭﻫﻭ ﺤﺩﺙ ١١ﺍﻴﻠﻭل
156
ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺃﻡ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻪ ؟ * ﺘﺩﺍﻭﻟﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﺠﻤﻠﺔ ﻭﺭﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﻔﺎﺩﻫﺎ : ﺃﻥ ﻟﺩﻯ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺨﺒﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ،ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻥ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻨﻬﺎ ،ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺍﻥ ﺃﻋﺭﻑ ﻤﺼﺩﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﻠﻡ ﺃﺠﺩ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻱ ﺇﺸﺎﺭﺓ .
ﻓﻭﻜﺎﻟﺔ ﺍﻷﻨﺒﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ) ﺴﺎﻨﺎ ( ﺘﺤﺩﻱ\ﺜﺕ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻟﻠﺴﻨﺎﺘﻭﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺠﻭﻥ ﺩﻴﻔﺴﻭﻥ ﺯﻭﻜﻔﻠﺭ ﻭﻻﻟﻭﻓﺩ ﺍﻟﻤﺭﺍﻓﻕ ،ﻭﺍﺸﺎﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ " ﺩﺍﺭ ﺤﻭل ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺘﺏ ﺘﺭﺘﺒﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺃﻴﻠﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩﻴﻥ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻲ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﻲ " ﻭﻗﺩ ﺃﻜﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ – ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻠﻭﻜﺎﻟﺔ – ﺃﻥ ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻠﻴل
ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻗﻴﺎﻤﻪ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺒﺎﻟﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺡ ﺤﺎﻟﻴﺎ ﻫﻭ ﺍﺭﻫﺎﺏ ﺒﻌﻴﺩ ﻜل ﺍﻟﺒﻌﺩ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ .
ﻭﺃﻭﻀﺢ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺃﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻌﺭﻴﻕ ﻴﺅﻜﺩ ﺘﻤﺴﻙ ﺸﻌﺒﻬﺎ ﺒﻘﻴﻡ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻘﻕ ﻭﻴﺤﻘﻕ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭﻫﺎ . ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺴﻤﻌﻨﺎ ﺘﻌﻠﻴﻕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻌﻡ ﺴﺎﻡ ﺭﺒﺕ ﻋﻠﻰ ﻜﺘﻑ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻡ ،ﺜﻡ ﺘﻨﺎﻗل ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﻴﻥ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻤﺤﺎﻴﺩ ﻭﺒﻴﻥ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻨﺎﻗﺩ ،ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺍﻷﺥ ﺼﺒﺤﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻘﺩﺱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺴﺎﺀل :ﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ؟ ﻫل ﻫﻲ ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺴﺭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ،ﻭﻗﻴﺎﻡ ﻜﺘﺎﺌﺏ ﻤﺨﺘﺎﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻠﻭﺍﺀ ﻋﻠﻲ ﺤﻴﺩﺭ ،ﺒﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺤﻤﺎﻩ ٢٧ﻴﻭﻤﺎ ،ﻭﻗﺼﻔﻬﺎ ﺒﺎﻟﻤﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺩﺒﺎﺒﺎﺕ ،ﻗﺒل ﺍﺠﺘﻴﺎﺤﻬﺎ ،ﻭﺍﺴﺘﺒﺎﺤﺘﻬﺎ ﻭﺘﺨﻠﻴﻔﻬﺎ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺒﻴﻥ ٤٠ – ٣٠ﺃﻟﻑ ﻗﺘﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﻴﻥ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ٥١ﺃﻟﻑ ﻤﻔﻘﻭﺩ ﻭﻟﻡ ﻴﺘﻡ ﺍﻟﻌﺜﻭﺭ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻭﺘﻬﺠﻴﺭ ﻨﺤﻭ ١٠٠ﺃﻟﻑ ،ﻭﺘﻬﺩﻴﻡ ﺃﺤﻴﺎﺀ ﻜﺎﻤﻠﺔ ) ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ،ﺍﻟﻜﻴﻼﻨﻲ ، ﺍﻟﺤﻤﻴﺩﻴﺔ ،ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ( ؟ ﻤﺸﻴﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﺘﺭﻴﻙ ﺴﻴل ﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﺄﻥ " ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻜﺎﻥ ﻭﺤﺸﻴﺎ " ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻻ ﻴﻭﺍﻓﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺤﻤﺎﺓ ﻫﻲ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺒﻴﻥ ﺜﻨﺎﺌﻴﺎﺕ ) ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﺍﻻﺴﻼﻡ ،ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻭﻴﻴﻥ ،ﺍﻟﺭﻴﻑ ﻭﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ( ،ﻟﻴﻌﻭﺩ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﻤﺘﺴﺎﺌﻼ :ﻫل ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺩﻙ ﻗﻨﺩﻫﺎﺭ ﻭﻜﺎﺒﻭل ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ ﻤﺎ ﻓﻌﻠﺕ ﺴﺭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ،ﻭﺍﻟﻭﺤﺩﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺤﻤﺎﺓ ؟ ﺃﻡ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻌﻴﻥ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﻤﺭﺍﺴﻴﻡ ﺃﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺘﺤﻜﻡ ﺒﺎﻻﻋﺩﺍﻡ ﻭ)ﺒﻤﻔﻌﻭل ﺭﺠﻌﻲ ( ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻨﺘﺴﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﺎﻟﺒﺎﻥ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ؟ ﺍﻡ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻭﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺃﻥ ﻴﻤﺘﻁﻲ ﻅﻬﺭ ﺩﺒﺎﺒﺔ ﻓﻲ ﻗﻠﺏ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﻜﺎﺒﻭل ﻭﺃﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺒﻤﻜﺒﺭ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺃﻨﻪ ﻤﺴﺘﻌﺩ ﻟﻘﺘل ﺃﻟﻑ ﺸﺨﺹ
ﻜل ﻴﻭﻡ ) ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﻗﺎﺌﺩ ﻋﺴﻜﺭﻱ ﺴﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﺤﻠﺏ ﻓﻲ ﻨﻴﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﻋﺎﻡ ( ١٩٨٠؟! 157
ﻭﻤﻨﻁﻠﻕ ﺍﻷﺥ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺀﺘﻪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺒﺔ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺤﺭﻴﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ ﺍﻟﻤﺸﺅﻭﻤﺔ ..ﻓﺘﺘﻔﺎﺩﻯ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﺘﺤﺎﻭل ﻁﻤﺱ ﺁﺜﺎﺭﻫﺎ ﻭﻁﻲ ﺼﻔﺤﺘﻬﺎ ..ﻭﺜﻤﺔ
ﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻨﺴﻴﺎﻨﻬﺎ ﺃﻭ ﺘﻨﺎﺴﻴﻬﺎ ....
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺒﻪ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺎﻻﺭﺘﺩﺍﺩ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻴﻨﺴﻰ ﻤﺎ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﻪ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻫﺫﺍ ﺇﻥ ﺼﺤﺕ ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﻭﻡ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺒﺎﻟﺘﺫﻜﻴﺭ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺂﺴﻲ ﻭﺍﻟﻜﻭﺍﺭﺙ ﻭﻋﺭﻀﻬﺎ ﻨﺎﻜﺌﺎ ﺍﻟﺠﺭﺍﺡ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ! ﺴﺄﻟﺕ ﺃﺤﺩ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻤﻤﻥ ﻴﺘﺎﺡ ﻟﻬﻡ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻷﻤﻭﺭ –ﻨﺴﺒﻴﺎ – ﻋﻥ ﻜﺜﺏ ،ﻋﻥ
ﻭﺭﻭﺩ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻓﺄﺒﺩﻯ ﺍﺴﺘﻐﺭﺍﺒﻪ ﻭﻗﺎل ﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺴﻤﻌﻬﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻁﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺼﺎﺩﺭﻫﺎ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ،ﻭﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻨﻪ ﻗﺩﻡ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺘﺄﻭﻴﻠﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ
،ﻭﻫﻲ ﺍﻨﻪ ﻏﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﺭﺩﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻓﻌﻼ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺃﺘﺕ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺭﺸﻴﺩ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺩ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ،ﻟﻴﻘﻭل :ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺭﻏﻡ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﺘﻪ ﻀﺩ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻓﺈﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ،ﺇﺫ ﺍﻨﻪ ﻻﺘﺯﺍل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﻨﺔ ﻟﻠﻁﻬﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺼﺏ ﻭﺍﻻﻨﻐﻼﻕ ﻭﺍﻟﻌﻨﻑ ﻗﺎﺌﻤﺔ ،ﻓﺎﻟﺭﺌﻴﺱ ﺇﺫﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺅﺩﻴﺔ ﻟﻺﺭﻫﺎﺏ .
ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺈﺭﻫﺎﺏ ﻤﻤﺎﺜل ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻤﺜل ﻤﺎ ﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺼﺒﺤﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻑ ،ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﺠﺩﺭ ﺒﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻷﺨﻴﺭ )ﺤﺩﻴﺩﻱ( ﺍﻥ ﺘﺘﺭﻴﺙ ﻟﻠﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻷﺩﻟﺔ ،ﻭﻋﻥ ﺼﺤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻁﻲ ﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺘﺸﻜل ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺴﻠﻡ ﺃﻟﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻜل ﺃﻁﻴﺎﻓﻬﺎ
ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺇﻟﻰ ﻟﺠﺎﻥ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ،ﺇﻟﻰ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ . ﻨﺤﻥ ﺇﺫ ﻨﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻨﺹ ﺒﻴﺎﻥ ﻭﻜﺎﻟﺔ ﺍﻷﻨﺒﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ) ﺴﺎﻨﺎ ( ﻭﺇﻟﻰ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ " ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ " ،ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﺩﻋﻭﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺴﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻘﻁﻌﻲ ﻟﻠﺼﻴﻐﺔ ﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻘﻭﻟﺔ ﻋﻥ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺤﺘﻰ ﻴﺄﺘﻴﻨﺎ ﻤﺎ ﻴﻘﻁﻊ ﺩﺍﺒﺭ ﺍﻟﺸﻙ ﺒﺎﻟﻴﻘﻴﻥ . ﻓﺎﻟﻌﻘل ﻴﻘﻭل ﺒﺎﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻘل ﻭﺫﻟﻙ :
ﻷﻥ ﻤﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻐﺭﻫﺎﺏ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﺍﻟﺘﺒﺎﻫﻲ ﺃﻭ ﺍﻻﺸﺎﺩﺓ ﺒﺎﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻴﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠل ،ﺍﻟﻌﻠل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ، ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻭﺠﻬﺕ ﺒﻪ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﻠﺤﺭﺏ ﻭﺍﻟﺩﺍﻋﻴﺔ ﻟﻠﺴﻼﻡ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺨﺎﺭﺠﻬﺎ
،ﻤﺘﻤﺜﻼ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ " ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺭﻩ ﻟﻠﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ؟ "
158
ﻫﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻋﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻜﺭﻩ ﻻ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺒﺔ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ،ﻷﻥ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﻴﺘﻴﺢ ﻟﻨﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﺍﻟﺘﺄﻤل ﺍﻟﻌﻤﻴﻕ – ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ – ﺒﺎﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺒﻭﺍﻋﺙ ﻭﺃﺴﺒﺎﺏ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﺠﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺼﻔﺕ ﺒﺴﻭﺭﻴﺎ
ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻭﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻬﺎ ،ﻓﺎﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﻤﺠﺯﺭﺓ ﺤﻤﺎﺓ ﻴﺩﻋﻭﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻟﺘﻘﺼﻲ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﻭﺍﻟﻌﻠل ﺍﻟﻜﺎﻤﻨﺔ ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﻋﻥ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠﺕ ﻤﻥ ﺤﻤﺎﺓ ﻁﻬﻭﺭﻴﺔ
ﻤﺘﺯﻤﺘﺔ ﻤﻨﻜﻔﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺸﻜﻠﺕ ﺭﺍﻓﻌﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﺤﻭﺭﺍﻨﻲ ﻭﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﻻﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ،ﺤﻴﺙ ﻗﺩﻤﺕ ﺤﺭﻜﺔ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻨﻤﻭﺫﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺩﻤﺠﻬﺎ ) ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻱ ( ﻟﻜل ﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺏ ﻭﺍﻟﻁﻭﺍﺌﻑ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻭﺭ ﻋﻥ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻴﺸﻴﺩ ﻭﻴﺘﺒﺎﻫﻰ ﺒﻤﺂﺜﺭ ﻟﺤﻅﺔ
ﺫﻫﻭل ﺍﻨﻘﺎﺩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻏﺎﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻨﻔﻠﺘﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﺍﺌﺯ ﻤﻨﺩﺍﺤﺔ ﻤﻨﺫ ﺤﺎﺩﺜﺔ ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻓﻌﻴﺔ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺤﻭﺍﺩﺙ ﺤﻤﺎﺓ ،ﻭﺃﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻴﻘﻴﻥ ﺃﻨﻨﺎ ﺒﻌﺩ ﻭﻗﻔﺔ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻔﺱ ،ﻭﺒﻌﺩ ﺨﻁﻭﺍﺕ ﻤﻠﻤﻭﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺭﺍﻱ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻋﺎ ﻟﻪ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ،ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺘﻘﻴﺅ ﺴﻨﺔ ١٩٨٠ﻤﻥ ﺫﺍﻜﺭﺘﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﺇﻋﻼﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺸﺌﻴﻤﺔ ﺴﻨﺔ ﺤﺩﺍﺩ ﻭﻁﻨﻲ ،ﻷﻥ
ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻜﺎﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﺨﺎﺴﺭ ﺍﻷﻭﺤﺩ ،ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺍﺒﺤﻭﻥ ﺃﻭ ﻤﻨﺘﺼﺭﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺍﻋﺩﺍﺀ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺃﻟﻡ ﻴﻌﻠﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﺃﻨﻪ ﺴﻴﻌﺎﻗﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻨﺎ ﻟﻜﺎﻤﺏ ﺩﻴﻔﻴﺩ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﻴﻤﻸ ﺴﺎﺨﺎﺕ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺎﻟﺩﻡ ؟ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﺩﻭﻥ ﺤﻠﻔﺎﺌﻪ ﺍﻤﺭﻴﻜﺎ ﻭﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ، ﻓﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺇﺫﻥ ﻟﻡ ﺘﻨﺘﺼﺭ ،ﺇﺫ ﻻ ﻨﺼﺭ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺠﺘﻤﻌﻬﺎ ،ﻓﺎﻨﺘﺼﺎﺭ ﺍﻟﺩﻭل ﻴﻜﻤﻥ ﺒﺘﺤﻘﻴﻕ ﺴﻴﺎﺩﺘﻬﺎﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﻻ ﺒﻬﺯﻴﻤﺔ ﺸﻌﻭﺒﻬﺎ .
ﻭﻫﺯﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻫﻲ ﻫﺯﻴﻤﺔ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ،ﻓﻐﺏ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺤﻘﺕ ﺒﻘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻷﺼﻭﻟﻲ ،ﺨﺭﺝ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻨﻬﻭﻙ ﺍﻟﻘﻭﻯ ،ﻜﺎﺭﻫﺎ ،ﻜﺎﻓﺭﺍ ﺒﺄﻱ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﺎﻟﺸﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺸﺎﺘﻤﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻓﻌل ﺴﺎﺱ ﻭﻴﺴﻭﺱ ،ﻜﻤﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩﻩ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ) ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻤﻨﺯل ﻭﺍﻟﺒﺕ ( ﻏﺩﺍ ﻟﻠﻤﻭﺍﻁﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺩﻭﺍ ،ﺠﺤﻴﻤﺎ ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩﻱ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﻀﻭﻱ .
ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﺍﻨﺸﺭﺥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺸﺭﺨﺎ ﻋﻤﻭﺩﻴﺎ ،ﻋﻀﻭﺍﻨﻴﺎ ،ﻴﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﻋﻼﻗﺔ ﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﺩﻡ ﻭﺍﻟﻘﺭﺍﺒﺔ ﻭﺍﻟﻁﺎﺌﻔﺔ ،ﻟﻴﺘﻡ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺨﻤﺴﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﺎﺴﺱ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ﻴﺘﻨﻀﺩ ﺘﻨﻀﻴﺩﺍ ﺃﻓﻘﻴﺎ ،ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ،ﻁﺒﻘﻴﺎ ،ﺤﺯﺒﻴﺎ ،ﺒﺎﻟﻤﺂل ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻴﺎ ،ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻴﻨﻜﺴﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺠﻲ ﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻱ ،ﻴﻨﻜﻔﺊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻁﺎﺌﻔﺔ .
159
ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻨﻘﺎﺽ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻻﺠﺘﻤﻌﻲ ﺍﻟﻤﻬﺯﻭﻡ ﺍﻟﻤﺩﻤﺭ ،ﺴﻴﻨﻬﺽ ﺍﻟﺒﻭﻡ ﻭﺍﻟﻐﺭﺒﺎﻥ ،ﻭﺘﻔﻠﺕ ﺨﻔﺎﻓﻴﺵ ﺍﻟﻠﻴل ﻭﻭﻁﺎﻭﻴﻁ ﺍﻟﻅﻠﻤﺔ ﻟﻤﺹ ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻼﺕ ﺍﻟﺴﺎﺤﺎﺕ ﻭﺘﻘﻭﻡ ﺍﺩﻭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ﺒﺈﺸﺎﻋﺔ ﻤﻨﺎﺥ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻴﺼﻨﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺎﺱ ﻁﺎﺌﻔﻲ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺭﺨﻴﺼﺔ ﻭﺩﻨﻴﺌﺔ ،
ﻭﻻ ﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﺔ ﻴﺤﻀﺭ ﻷﻓﺭﺍﺩﻫﺎ ﺘﻬﻤﺔ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺃﺨﻭﺍﻥ ﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻤﺜﻼ ،ﻭﻟﺘﻠﻙ
ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﺔ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ،ﻭﻟﻬﺫﻩ ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﻤﻊ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ...ﺇﻟﺦ ، ﻭﺘﺤﻭﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﻋﻠﻕ ﺩﻤﻭﻱ ﻴﻤﺘﺹ ﺩﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺯﻑ ،ﻭﺩﻤﺎﺀ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺂﻜﻠﺕ ﻭﺘﺭﺍﺠﻌﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻨﺤﻁﺕ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ،ﻓﻐﺩﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﻓﻘﺩ ﻗﻭﺍﻩ ﺍﻟﺤﻴﺔ ﻗﺎﻋﺎ ﺼﻔﺼﻔﺎ ﻤﺸﻠﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺃﻤﺎﻡ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺴﻁﻭ ﻭﺴﻠﺏ ﻭﻨﻬﺏ ﻋﺯ ﻨﻅﻴﺭﻫﺎ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ
ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻟﻭﺍﻗﻊ ﺸﻔﺎ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺭﺍﻫﻥ ،ﻫﺫﺍ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﻌﺭﺏ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻬﻜﻡ ﺒﻴﺭﻴﺯ ﻤﻥ ﺃﻤﻭﺍل ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺭﻴﻌﻴﺔ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻤﻥ ﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﺫﻫﻭل ﺍﻟﻌﺎﺒﺙ ﻟﺠﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻜﺎﻥ ﺸﺎﺭﻭﻥ ﻴﺤﺎﺼﺭ ﺒﻴﺭﻭﺕ ١٩٨٢ﻭﻴﻭﺠﻪ ﻀﺭﺒﺔ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ﻤﻭﺠﻌﺔ ﻟﻘﻭﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﺜﻡ ﻴﺸﺩ ﺍﻟﺨﻴﻭﻁ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺒﻁل ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻫﺫﻩ ﺒﻔﺼل ﺼﺒﺭﺍ ﻭﺸﺎﺘﻴﻼ !
ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﻬﺎﻙ ﺍﻟﻌﺎﺒﺙ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﺠﺒﺭﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﺘﻔﺭﺝ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻙ
ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﺍﻟﻤﺭﻴﺭ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻭﺤﺵ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻭﻫﻭ ﻴﻔﺘﺭﺱ ﺍﻟﺜﻭﺭ ﺍﻷﺒﻴﺽ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﻭل )ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ( ، ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ . ﻭﺴﻨﺔ ١٩٨٠ﺍﻟﺸﺌﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺴﺴﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺨﺩﻭﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﻤﺕ ﺼﻤﺕ ﺍﻟﻘﺒﻭﺭ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺴﺭ ﺤﻴﺭﺘﻨﺎ ﻭﺍﺭﺘﺒﺎﻜﻨﺎ ،
ﻭﺍﻀﻁﺭﺍﺒﻨﺎ ،ﺒل ﻭﻋﺠﺯﻨﺎ ﺍﻤﺎﻡ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺔ !
ﺇﺫﻥ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺴﺒﺒﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻪ – ﻓﻴﻤﺎ ﻨﻅﻥ – ﺃﻥ ﻴﻘﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺒﺎﻫﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻟﻤﺭﻋﺏ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﺄﻭل ﺍﻟﺒﻌﺽ . ﺒل ﺇﻥ ﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ – ﻤﺎﻗﺒل ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ – ﻴﺩل ﺩﻻﻟﺔ ﻗﺎﻁﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻤﺘﻔﺎﻋل ﻤﻊ ﺍﻟﺤﺱ ﻭﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻓﻬﻭ ﻤﺩﻨﻲ ﻻ ﻋﺴﻜﺭﻱ ﻭﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻴﺴﺘﺄﻨﺱ ﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ
ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻨﻁﻭﻥ ﻤﻘﺩﺴﻲ ﻓﻲ ﺤﻭﺍﺭﻩ ﻤﻊ ﻤﺤﻤﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﻓﻼ ﺸﺨﺼﻨﺔ ﻟﺫﺍﺘﻪ ﻭﻻ ﺼﻨﻤﻴﺔ ﻭﻻ ﺘﻭﺜﻴﻥ ﺃﻭ ﺘﺄﻟﻴﻪ ،ﻓﻬﻭ ﻴﻅﻬﺭ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﺸﺔ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﻴﻠﺏ ﺴﺒﺩﻟﺔ ﺭﻴﺎﻀﻴﺔ ﻜﻜل ﺭﺅﺴﺎﺀ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭﺓ ،ﻴﻔﺎﺠﺊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻭﺍﺭﻉ ﻭﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻤﻁﺎﻋﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺭﺡ ﺩﻭﻥ ﺍﻱ ﺍﺴﺘﻌﺭﺍﺽ ﺃﻭ ﺒﻬﺭﺠﺔ ﺃﻭ ﺘﻭﺍﻀﻊ ﻤﻔﺘﻌل ﻜﺎﺫﺏ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﻌﻠﻘﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺼﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺭﺘﺩﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺯﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﺒﺭﺍﺀﺓ ﻓﺭﺡ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻜﻥ ﻤﺤﻴﺎﻩ .
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺎﻟﻨﺎﺱ – ﻟﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺒﺎﺏ – ﻴﺼﺩﻗﻭﻥ ﻭﻋﻭﺩﻩ ﺍﻹﺼﻼﺤﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺘﺸﻜﻙ ﺒﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺒﺩﻭﻥ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﺘﻌﺘﺒﺭ ﻫﻜﺫﺍ 160
ﺩﻋﻭﺓ ﻀﺭﺒﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻙ ،ﻷﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻫﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﺩﻋﻭﺓ ﺘﺒﺸﻴﺭﻴﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻭﻋﻅ ﺍﻟﻠﺹ ﺃﻥ ﻴﺘﻕ ﺍﷲ ﻭﻴﻜﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻻ ﺘﺯﺍل ﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻏﺎﺒﺔ ﺘﺤﻔل ﺒﻜل ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﻀﻭﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﺯﻭﺍﺤﻑ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ – ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺭﺤﻭﻡ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺴﻼﻤﺔ – ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻊ
ﻀﺭﻴﺒﺔ ﻭﺼﻔﻪ ﻟﻠﻁﻐﻡ ) ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ( ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ ،ﻓﻤﺎ ﻟﺒﺙ ﺃﻥ ﻁﺭﺩ ﻤﻥ ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ،ﺜﻡ ﺍﻟﺘﻬﻤﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ ﻗﻠﺒﻪ ﺒﻌﺩ ﺸﻬﻭﺭ ،ﻓﻤﺎﺕ ﻤﺠﻠﻭﻁﺎ ﻜﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺤﻴﺙ ﻻﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻫﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺒﺎﻟﺠﻠﻁﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺭﻁﺎﻥ ) ﺘﻭﻓﻲ ﺒﺎﻟﺴﺭﻁﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ :ﺇﻟﻴﺎﺱ ﻤﺭﻗﺹ ،ﺴﻌﻴﺩ ﺤﻭﺭﺍﻨﻴﺔ ،ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﻭﻨﻭﺱ ،ﺒﻭﻋﻠﻲ ﻴﺎﺴﻴﻥ ،ﻫﺎﻨﻲ ﺍﻟﺭﺍﻫﺏ ( ،ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺤﻤﻭﺩ ﺴﻼﻤﺔ ﺃﻭل ﺸﻬﺩﺍﺀ ﺍﻹﺼﻼﺡ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺁﻤﻨﻭﺍ
ﺒﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ .
ﺇﻥ ﺃﻭل ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ﻭﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻁﺎﺒﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻫﺩﺍﻑ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺘﻁﺎﺒﻕ ﻤﻊ ﺭﺴﺎﺌل ﻤﻌﺎﺩﻴﺔ – ﺒﻨﻴﻭﻴﺎ ﻟﻼﺼﻼﺡ ،ﻷﻨﻬﺎ ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ ﺘﺘﻌﺎﺭﺽ ﻤﻊ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺍﺨﻀﻌﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻊ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ.
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺃﻴﺔ ﺩﻋﻭﺓ ﻟﻼﺼﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻻ ﺒﺩ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ..ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻫﺩﺍﻑ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﻜﺎﻥ ﻀﺤﻴﺘﻪ ﻋﺸﺭﺓ ﺍﻓﺎﻀل ﻜﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻬﻡ ﺍﻟﻤﻨﺼﻑ ﺍﻟﻤﺭﺯﻭﻗﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ .ﻭﻴﺄﺘﻲ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﻬﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل "ﻤﺎﻨﺩﻴﻼ ﺴﻭﺭﻴﺔ" ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﺃُﻋﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﻗﻀﻰ ﺴﺒﻌﺔ ﻋﺸﺭ ﻋﺎﻤﺎ ﻭﺴﺒﻌﺔ ﺍﺸﻬﺭ ﻓﻲ ﺯﻨﺯﺍﻨﺔ ﻤﻨﻔﺭﺩﺓ ،ﻭﺯﻤﻴﻼﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ
ﺍﻟﺨﺒﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ،ﻭﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﻨﺎﺌﺒﺎﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺎﻥ ﺍﻟﻠﺫﺍﻥ ﺍﺴﺘﻴﻘﻅ ﻀﻤﻴﺭﻫﻤﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ،ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺤﻤﺼﻲ ﻭﻨﺎﺸﻁﻭﻥ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﻭﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﻬﻡ ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ﺍﻻﻋﻼﻤﻲ ﺒﺎﺴﻡ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻻﺘﺎﺴﻲ ﺤﺒﻴﺏ ﻋﻴﺴﻰ ،ﻭﻴﻔﺘﺭﺽ ﺍﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺎﺩﻱ ﺍﻜﺘﺴﺏ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ ﺭﻓﻀﻭﺍ ﺍﻋﻁﺎﺀ ﺍﻟﺘﺭﺨﻴﺹ، ﻭﻅﻠﻭﺍ ﻴﻼﺤﻘﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺘﻬﺩﻴﺩﺍ ﻭﻭﻋﻴﺩﺍ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﻻ ،ﻭﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻜﻤﺎل ﻟﺒﻭﺍﻨﻲ ،ﻭﺤﺒﻴﺏ ﺼﺎﺡ ،ﻭﺤﺴﻥ ﺴﻌﺩﻭﻥ ﻭﻓﻭﺍﺯ ﺘﻠﻠﻭ.
ﻭﺒﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻫﺩﺍﻑ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﺍﻭ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻪ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻭﻋﻲ ﻤﻁﺎﺒﻕ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﺭﺘﺠﻰ ،ﻓﺈﻥ ﺇﺤﺒﺎﻁﺎ ﻭﺨﻴﺒﺔ ﻭﻤﺭﺍﺭﺓ ﺘﺴﻭﺩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻟﻜﻥ ﻷﻨﻨﺎ ﻤﺤﻜﻭﻤﻭﻥ ﺒﺎﻷﻤل ،ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﻭﻨﻭﺱ ،ﻨﺠﺩ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﻨﺤﻤل ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﺫﺍﺘﻪ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻤﻜﻥ
ﻭﺼﻑ ﺤﺎﻟﺘﻨﺎ ﺒـ "ﺍﻟﻤﻠﺤﺒﻁﻴﻥ" ﻤﻥ "ﺍﻷﻤل ﻭﺍﻹﺤﺒﺎﻁ" ﺃﻭ "ﺍﻟﻤﺘﺸﺎﺌﻠﻴﻥ" ﻤﻥ "ﺍﻟﺘﻔﺎﺅل ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﺅﻡ"
161
ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺇﻤﻴل ﺤﺒﻴﺒﻲ ،ﻫل ﻫﻲ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺍﻥ ﻨﺠﺩ ﺍﻨﻔﺴﻨﺎ ﻜﻠﻤﺎ ﺍﺴﺘﺸﻬﺩﻨﺎ ﺒﻘﻭل ﺍﺤﺩ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻥ ﻨﻀﻊ ﺒﺠﺎﻨﺒﻪ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﺭﺍﺤل؟ ﻨﻅﻥ ﺍﻥ ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻟﻥ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﺜﻘﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺇﻻ ﻭﺴﻴﻭﻀﻊ ﺍﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ
ﺍﺴﻤﻪ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻏﺩﺍ ﺯﺍﺌﺩﹰﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ،ﻭﻤﺩﻋﺎﺓ ﻟﺘﻌﻜﻴﺭ ﺼﻔﻭ ﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﺼﺤﺎﺏ ﺍﻻﺴﺎﻁﻴل ﻭﺍﻟﻘﺼﻭﺭ ﻭﺍﻟﻤﺭﺍﻓﺊ ﻭﺍﻻﻁﻴﺎﻥ.
ﻟﻭ ﺴﺎﺭﺕ ﺍﻤﻭﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﺍﺕ ﻓﺈﻥ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺴﻴﺤﻜﻤﻪ ﻤﺯﻴﺞ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ "ﺍﻟﻠﺤﺒﻁﺔ" ﺤﻴﺎل ﺘﻘﺎﺴﻡ ﻭﻅﻴﻔﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺒﻴﻥ ﺤﺎﻜﻡ "ﺨﺭﻭﻁ" ﻭﻤﺜﻘﻑ "ﻋﻀﺭﻭﻁ" ،ﻭﻜﻨﺎ ﻗﺩ ﺸﺭﺤﻨﺎ ﻤﻌﻨﻰ "ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ" ﺒﺄﻨﻪ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺘﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺎﺕ ﻤﻭﺍﺌﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﻟﻴﻀﺭﺏ ﺒﻌﺼﺎﻩ،
ﺍﻤﺎ "ﺍﻟﺨﺭﻭﻁ" ﻓﻬﻭ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﺩ ﺸﻌﺒﻪ ﺒﺎﻟﺸﻭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﻫﻡ ﻟﻪ ﻜﺎﺭﻫﻭﻥ.
ﻗﺎل ﺍﻹﻤﺎﻡ ﻋﻠﻲ ،ﻷﺤﺩ ﻋﺘﺎﻭﻟﺔ ﻋﺼﺭﻩ ﺍﻟﺯﻨﻴﻤﻴﻥ :ﺇﻨﻙ ﻟﺨﺭﻭﻁ! ﻗﻴل ﻭﻤﺎ ﺍﻟﺨﺭﻭﻁ ﻴﺎ ﺍﻤﻴﺭ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨﻴﻥ؟ ﻗﺎل :ﻤﻥ ﻴﺅﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻫﻡ ﻟﻪ ﻜﺎﺭﻫﻭﻥ. ﻭ"ﺘﺸﺎﺅﻟﻨﺎ" ﺍﻭ "ﻟﺤﺒﻁﺘﻨﺎ" ﺘﺘﺒﺩﻴﺎﻥ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻐﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺭﺭﺓ ﻟﻤﺘﺸﺎﺌل ﺇﻤﻴل ﺤﺒﻴﺒﻲ )ﺍﻟﺤﻤﺩ ﷲ ﻫﻜﺫﺍ ﻭﻻ ﺍﻷﺴﻭﺃ( ﻓﺎﻟﺤﻤﺩ ﷲ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﻗﺩ ﺍﻋﺘﻘﻠﻭﺍ ،ﻭﻟﻭ ﺒﻌﺩ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﺫﻜﺭﺓ ﺘﻭﻗﻴﻑ ،ﻓﻌﻠﻰ
ﺍﻻﻗل ﻟﻡ ﻴﺨﺘﻁﻔﻭﺍ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﻤﺼﻴﺭﻫﻡ! ﻭﺍﻟﺤﻤﺩ ﷲ ﺍﻨﻬﻡ ﺴﻴﺤﺎﻜﻤﻭﻥ ،ﺭﻏﻡ ﺍﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺘﻨﻔﺫ ﺒﺤﺯﻡ ﻭﺼﺭﺍﻤﺔ ﺴﻭﻯ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ.
ﻭﻴﺠﺏ ﺍﻥ ﻨﺤﻤﺩ ﺍﷲ ﺍﻥ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﺤﻜﺎﻡ ﻋﺭﻓﻴﺔ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻤﺩ ﻟﻴﺱ ﺘﻬﻜﻤﺎ ،ﺒل ﻫﻭ ﻗﻭل ﺼﺭﺍﺡ ﻟﻤﺴﺌﻭل ﺃﻤﻨﻲ ،ﺍﻓﺭﺝ ﻋﻥ ﺍﺤﺩ ﺍﺼﺩﻗﺎﺌﻨﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﻗﻀﻰ ﺸﻬﺭﺍ ﻓﻲ ﺯﻨﺯﺍﻨﺔ ﻤﻨﻔﺭﺩﺓ، ﺍﻓﺭﺝ ﻋﻨﻪ ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﻨﺩﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭل ﺒﻐﺒﺎﺀ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﻴﻥ ﻟﻘﺎﻨﻭﻥ
ﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺴﺎﺀل ﺼﺩﻴﻘﻨﺎ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ "ﺍﻟﻐﺒﻲ ﺒﻐﺒﺎﺀ" :ﻟﻤﺎﺫﺍ؟ ﺃﺠﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭل ﺍﻻﻤﻨﻲ ﺍﻟﻔﻬﻠﻭﻱ :ﻻﻨﻪ ﻟﻭﻻ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻟﻤﺎ ﺍﻤﻜﻨﻨﻲ ﺍﻥ ﺍﻓﺭﺝ ﻋﻨﻙ ،ﻭﺍﻻ ﻜﻨﺕ ﻤﻀﻁﺭﺍ ﻟﻠﻌﻭﺩﺓ ﺍﻟﻰ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔﻴﻪ ﺍﺩﺍﻨﺘﻙ ﺒﻤﻌﺎﺩﺍﺓ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﻟﻴﺤﺒﺴﻙ ﻤﺩﺓ ﺍﺜﻨﻲ ﻋﺸﺭ ﻋﺎﻤﺎ ،ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﻤﺜﻠﻲ ﺍﻭ ﻏﻴﺭﻱ ﺴﻭﻯ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻥ ﻴﻔﻙ ﺍﺴﺭﻙ!! ﻓﺤﻤﺩ ﺼﺩﻴﻘﻨﺎ ﺍﷲ ﻭﻫﻭ "ﻤﺘﺸﺎﺌل ﻤﻠﺤﺒﻁ" ﺍﻨﻨﺎ ﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻗﻀﺎﺀ ،ﺴﻭﻯ ﻗﻀﺎﺀ ﺍﷲ ﻭﻗﺩﺭﻩ.
)ﻻ( ﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﺃُﺠﻬﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻴﺘﻪ ﻭﺒﻌﺩﻤﺎ ﺍﺼﺒﺢ ﺴﻠﻜﺎ ﻤﺘﺤﺯﺒﺎ ،ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ ﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ!
ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻋﻤﺎﻕ "ﺍﻟﻠﺤﺒﻁﺔ" ﻭ"ﺍﻟﺘﺸﺎﺅل" ،ﻴﻨﻤﻭ ﺍﻤل ﻓﻲ ﺍﻻﻭﺴﺎﻁ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ،ﺒﺄﻥ ﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﻭﺓ ﺠﺭﻴﺌﺔ ﻤﻤﺎﺜﻠﺔ ﻟﺨﻁﻭﺓ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ١٣٠ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﻱ ﺍﻟﻤﺸﺭﺏ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺄﻥ ﻴﺨﻭﺽ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻀﺩ ﺍﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﻤﺂﺭﺒﻬﻡ ﻭﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺒﻀﻴﻕ ﺍﻓﻘﻬﻡ. 162
ﻭﺴﻴﺭﻯ ﺍﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻌﻪ ،ﻷﻥ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻁﻴﺏ ،ﻭﻭﻁﻨﻨﺎ ﻜﺭﻴﻡ ﻤﺘﺴﺎﻤﺢ ﻜﺎﻷﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺴﻰ ﻏﻀﺒﻪ ﺍﺯﺍﺀ ﺍﻴﺔ ﺍﺸﺎﺭﺓ ﻁﻴﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺒﻥ ،ﻓﻠﻭ ﺘﻤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺒﺎﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺱ ﺍﻻﻓﺎﻀل ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﺨﻁﻭﺓ ﺍﻀﺎﻓﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃ
ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ.
ﻜﻤﺎ ﺍﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻁﻭﺓ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻟﻤﺴﺔ ﻭﺩ ﻭﻭﺩﺍﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺨﻔﻴﻑ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺘﻘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻭﺘﺭ ﻭﺍﻻﻨﻜﻔﺎﺀ ﻭﺍﻻﻨﺜﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺕ ﻤﻘﻬﻭﺭﺓ ﻤﺫﻟﺔ ﻤﻬﺎﻨﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺨﻠﻔﺘﻬﺎ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺴﻴﺭ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﻨﺤﻭ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻁﻠﻊ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻴﻪ ﻋﺒﺭ ﻗﻠﺏ ﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺒﻼ ﺜﺎﺭﺍﺕ ﺍﻭ ﻤﻨﺎﺯﻉ ﺍﻨﺘﻘﺎﻡ ،ﺒل ﺒﺒﻠﺴﻤﺔ ﺍﻟﺠﺭﺍﺡ ،ﻭﺭﺩ ﺍﻟﻅﻼﻤﺎﺕ ،ﻭﺍﻋﺎﺩﺓ
ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻟﻤﻥ ﺘﻌﺭﻀﻭﺍ ﻟﻠﻌﺴﻑ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺩﻋﺎ ﻟﻪ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺫﺍﺌﻌﺔ ﺍﻟﺼﻴﺕ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺨﻠﻔﺕ ﺫﻴﻭﻻ ﻭﻨﺘﺎﺌﺞ ﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﻤﻌﺔ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻜﻠﻔﺕ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺩﺅﻭﺏ ﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﺠل ﺘﺤﺴﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻤﻌﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ. ﻓﺎﻟﻭﻁﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﺼﺎﺌﺒﺔ ﺍﻭ ﺨﺎﻁﺌﺔ ﺘﺼﺩﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻭ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﺍﻭ ﺍﻱ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻭ ﺤﺯﺏ .ﻭﻟﻭ ﺍﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ
ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻓﻌﺎل ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻻﻗﻭﺍل ،ﻟﻜﺎﻨﺕ ﻜل ﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﻀﺭ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺩﻥ ﻤﺴﺠﻭﻨﺔ ،ﻭﻴﺘﻡ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻬﺎ ﺍﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ!!؟ ﻭﺍﺨﻴﺭﺍ ﺍﻥ ﻗﺭﺍﺀﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﻟﻤﺴﻴﺭﺓ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺘﺅﻜﺩ ﻟﻨﺎ ﻗﻁﻌﻴﺎ ،ﻨﻘﻼ ﻭﻋﻘﻼ ،ﺍﻥ
ﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻏﻴﺭ ﺼﺤﻴﺢ ،ﻓﻬﻭ ﻨﺤل ﻭﺘﺼﺤﻴﻑ ﻭﺘﺯﻭﻴﺭ ﺃﻤﺭﻴﻜﻲ ﺤﺘﻰ ﻴﺘﻡ ﺘﺄﻜﻴﺩﻩ ﻤﻭﺜﻘﹰﺎ. •
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠٢ /٢ /٧
163
ﺭﺩﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ :ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻭﻁﻤﺱ ﺍﻷﺜﺭ ﺒﻘﻠﻡ :ﺼﺒﺤﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ * ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ "ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﺴﺒﺎﺏ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﻡ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻪ" ،ﻨﺸﺭﺕ ﻓﻲ "ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﻴﻭﻡ ٧ﺸﺒﺎﻁ ﺍﻟﺠﺎﺭﻱ ،ﻴﺸﻴﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻟﻲ ﻨﺸﺭﺕ ﻓﻲ ﺼﺤﻴﻔﺔ "ﺍﻟﻘﺩﺱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ" ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ١١ﻜﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﺕ ﺘﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ﺤﻭل ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ،ﺍﺜﻨﺎﺀ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻭﻓﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻭﻨﻐﺭﺱ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ.
ﻭﻴﺒﺩﻭ ﻋﻴﺩ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﻤﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺃﻨﻨﻲ ﺘﺴﺭﻋﺕ ﻓﻲ ﺘﺄﻭﻴل ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺒﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻻﺴﺩ، ﻭﻴﻘﻭل" :ﻜﺎﻥ ﺍﻷﺠﺩﺭ ﺒﻘﺭﺍﺀﺓ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﺍﻥ ﺘﺘﺭﻴﺙ ﻟﻠﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻻﺩﻟﺔ ﻭﻤﻥ ﺼﺤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ". ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺼﺩﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻴﺴﻭﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﺼﺩﺭ ﻤﻘﺎﻟﺘﻪ ،ﻫﻲ ﺍﻵﺘﻴﺔ "ﺇﻥ ﻟﺩﻯ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺨﺒﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻥ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻨﻬﺎ".
ﻭﺍﻟﺤﺎل ﺃﻨﻨﻲ ﻟﺴﺕ ﻭﺍﺜﻘﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻥ ﻋﻴﺩ ﻗﺭﺃ ﻤﻘﺎﻟﺘﻲ ﺘﻠﻙ ،ﻷﻨﻨﻲ ﻻ ﺃﻗﺘﺒﺱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ،ﻭﺍﻗﺼﺩ
ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻨﻨﻲ ﻟﻡ ﺍﻗﺘﺒﺴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺘﺔ ،ﻻ ﻤﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﻭﻻ ﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ! ﻤﺎ ﻗﻠﺘﻪ ﻫﻭ ﺍﻵﺘﻲ ،ﺤﺭﻓﻴﹰﺎ "ﻗﺒل ﺍﻴﺎﻡ ﺍﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﻓﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻴﻭﺥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ،ﻭﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻤﻔﺎﻋﻴل ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻋﺸﺭ ﻤﻥ ﺍﻴﻠﻭل ،ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺎﺭﻴﻑ ﺘﺤﺩﺩ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻭﻫﻭﻴﺘﻪ ﻭﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ ﺒﺄﻨﻭﺍﻋﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻁﺭﺍﺌﻕ ﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ .ﻭﻨﻘﻠﺕ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻻﻋﻼﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻷﺴﺩ
ﺃﻋﻠﻥ ﻟﻠﻭﻓﺩ ﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻥ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺎﺭﺒﺕ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺒﻨﺠﺎﺡ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺴﻭﺭﻴﺔ".
ﻱ ﺃﻤﺎ ﻤﺼﺎﺩﺭﻱ ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ )ﺍﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻭﻜﺎﻻﺕ ﺍﻻﻨﺒﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻟﺩ ﺍﺴﺒﺎﺏ ﻻﺘﻬﺎﻤﻬﺎ ﺒﺘﺸﻭﻴﻪ ﺃﻗﻭﺍل ﺍﻻﺴﺩ ﻋﻥ ﺴﺎﺒﻕ ﻋﻤﺩ ﻭﺘﺼﻤﻴﻡ( ﺍﻟﻭﻜﺎﻟﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻟﻼﻨﺒﺎﺀ "ﺴﺎﻨﺎ" ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺨﺎل ﺃﻨﻬﺎ ﺃﺼﺩﻕ )ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻭﺜﻴﻘﻲ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻗل ﺘﻘﺩﻴﺭ( ﻤﻥ "ﺍﺤﺩ ﺍﻻﺼﺩﻗﺎﺀ
ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻤﻤﻥ ﻴﺘﺎﺡ ﻟﻬﻡ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻷﻤﻭﺭ )ﻨﺴﺒﻴﹰﺎ( ﻋﻥ ﻜﺜﺏ" ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺴﺄﻟﻪ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ ﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻓﻘﺎل ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ "ﺇﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺴﻤﻌﻬﺎ ﺍﻻ ﻓﻲ ﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻁﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﺼﺎﺩﺭﻫﺎ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ" ،ﻭ"ﺃﺒﺩﻯ ﺍﺴﺘﻐﺭﺍﺒﻪ" ﺘﺎﻟﻴ ﹰﺎ. ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﻤﻼﻤﺔ ﻋﻴﺩ ﻴﺴﻴﺭ ﻫﻜﺫﺍ "ﻭﻤﻨﻁﻠﻕ ﺍﻻﺥ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺀﺘﻪ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻠﻴﺔ ﻟﻠﻌﺒﺎﺭﺓ
ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺒﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﺍﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺍﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺤﺭﻴﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ ﺍﻟﻤﺸﺌﻭﻤﺔ ..ﻓﺘﺘﻔﺎﺩﻯ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﺘﺤﺎﻭل ﻁﻤﺱ ﺁﺜﺎﺭﻫﺎ ﻭﻁﻲ ﺼﻔﺤﺘﻬﺎ ..ﻭﺜﻤﺔ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻨﺴﻴﺎﻨﻬﺎ ﺍﻭ ﺘﻨﺎﺴﻴﻬﺎ .ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺒﻪ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺎﻻﺭﺘﺩﺍﺩ ﻋﻨﻪ ،ﻓﻴﻨﺴﻰ ﻤﺎ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﻪ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻫﺫﺍ ﺇﻥ ﺼﺤﺕ ﻨﺴﺒﺔ 164
ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﻭﻡ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺒﺎﻟﺘﺫﻜﻴﺭ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺂﺴﻲ ﻭﺍﻟﻜﻭﺍﺭﺙ ﻭﻋﺭﻀﻬﺎ ﻨﺎﻜﺌﹰﺎ ﺍﻟﺠﺭﺍﺡ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ"! ﺜﻤﺔ ،ﺃﻭﻻﹰ ،ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻟﻡ ﺍﻗﺘﺒﺴﻬﺎ ﺃﺒﺩﹰﺍ ﻭﻴﻠﻭﻤﻨﻲ ﻋﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺭﻉ ﻓﻲ ﻨﺴﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺴﺩ ،ﻭﺍﻗﺘﺒﺎﺴﻬﺎ
ﻭﺘﺄﻭﻴﻠﻬﺎ .ﻭﺜﺎﻨﻴﺎﹰ ،ﻟﻘﺩ ﻜﺘﺒﺕ ﻤﻘﺎﻟﺔ "ﺍﻟﻘﺩﺱ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ" ﻻ ﻟﻜﻲ ﺃﻗﻭﻡ ﺒﺎﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ )ﺭﻏﻡ
ﻼ ﺍﺴﺎﺴﻴﹰﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﺠﺏ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ، ﺍﻨﻨﻲ ﺍﻋﺘﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ ﻓﺼ ﹰ ﺍﻻﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﺘﻤﺎﻤﹰﺎ ﻋﻥ ﺤﻜﺎﻴﺔ "ﻨﻙﺀ ﺍﻟﺠﺭﺍﺡ"( ،ﺒل ﺠﻭﻫﺭﻴ ﹰﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﺽ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﻭﺍل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﺼﺩﺩ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ،ﻭﺘﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻤﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﻁﻭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ "ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ" ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ.
ﻭﻓﺎﺕ ﻋﻴﺩ ﺍﻥ ﻴﻼﺤﻅ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﺍﻻﺨﻼﻗﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺒﻴﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﺭﺘﻜﺒﺕ ﻤﺠﺯﺭﺓ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ،
ﻭ"ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ" ﺍﻟﺒﺴﻴﻁ )ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻜﻲ ﻤﺜل ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻲ( ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﻴﺩ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻥ ﺘﺤﺎﻭل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺩﻓﻥ ﻼ ﻋﻥ ﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ،ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺫﻜﺭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺯﺭﺓ ﻤﺎ ﺃﻤﻜﻥ؛ ﻭﺒﻴﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻭﺍﻟﻀﺤﺎﻴﺎ ،ﻓﻀ ﹰ ﻁ ﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﺴﻭﺩﺍﺀ ﺍﻻ ﻓﻲ ﺍﻁﺎﺭ ﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺸﺎﻤﻠﺔ ﻭﻓﻌﻠﻴﺔ )ﺍﻻﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﻋﻴﺩ ﺍﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺠ ﹺﺭ ﺒﻌﺩ ،ﺒل ُﺯﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺒﺄﺒﺭﺯ ﻭﺍﺸﺠﻊ ﻭﺍﻜﺜﺭ ﺩﻋﺎﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺼﺩﻗﻴﺔ :ﺭﻴﺎﺽ
ﺍﻟﺘﺭﻙ( ،ﻭﺒﻌﺩ ﺤﺴﺎﺏ ﻭﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﻭﻤﺴﺎﺀﻟﺔ .ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺃﺴﻤﺢ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺒﺎﻗﺘﺒﺎﺱ ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺍﻻﺨﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻟﺘﻲ" :ﺍﻟﺫﻜﺭﻯ ﺍﻟﻌﺸﺭﻭﻥ ﻟﻤﺠﺯﺭﺓ ﺤﻤﺎﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﺘﺤﻕ ﻭﻗﻔﺔ ﺍﺨﺭﻯ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﻨﻭﻋﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻜﻔﻜﻔﺔ ﺍﻵﻻﻡ )ﻟﻜﻲ ﻻ ﻨﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻤﻠﻤﺢ ﻨﻘﺩ ﺫﺍﺘﻲ ﻤﻥ ﺍﻱ ﻨﻭﻉ(، ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻀﺎﻓﺔ ﺍﻻﻫﺎﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺭﺡ ﺍﻟﻌﻤﻴﻕ ﺨﺼﻭﺼﹰﺎ ﻭﺍﻨﻪ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﻘﻁﺭ ﺩﻤﹰﺎ ﻗﺎﻨﻴ ﹰﺎ". ﻭﻴﺒﻘﻰ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﻔﺎﺅل ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﻤﺤﻠﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺤﻴﻥ ﻴﺤﺽ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﺨﻭﺽ
"ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻀﺩ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﻤﺂﺭﺒﻬﻡ ﻭﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺒﻀﻴﻕ ﺃﻓﻘﻬﻡ .ﻭﺴﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻌﻪ، ﻷﻥ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻁﻴﺏ ،ﻭﻭﻁﻨﻨﺎ ﻜﺭﻴﻡ ﻤﺘﺴﺎﻤﺢ ﻜﺎﻷﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺴﻰ ﻏﻀﺒﻪ ﺇﺯﺍﺀ ﺃﻴﺔ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﻁﻴﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺒﻥ". ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺒﻲ ﺃﻗﻭل ﺇﻨﻨﻲ ﺃﻋﺘﺒﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ،ﻭﺤﺘﻰ ﻴﺜﺒﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ ،ﺍﺒﻨﹰﺎ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ
ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ،ﻭﺍﻤﺘﺩﺍﺩﹰﺍ ﻋﻀﻭﻴﹰﺎ ﻟﻤﻌﻅﻡ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻪ ،ﻭﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﺍﻟﺭﺠل ﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺼﺎﻟﺢ ﻤﻊ "ﺍﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ" ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻫﻭ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻴﻌﻴﺩ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜ ﹼ ﺒﻌﻀﻬﺎ ..ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺭﺽ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻭﻴﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺸﺒﺎﺡ ﻭﻋﻅﺎﻡ ﺭﻤﻴﻡ! • ﺼﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ١٥ -ﺸﺒﺎﻁ ٢٠٠٢
165
ﻋﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﻟﻙ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻫل ﺜﻤﺔ ﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ )( ١ ﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺤﺭﺍﻜﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻗﺩ ﺘﻡ ﺘﻁﻭﻴﻘﻪ ﻭﺇﻋﺎﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺒﺭﺓ
ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺸﻐل ﻓﺴﺤﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻟﻠﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ
،ﺍﺘﺴﻡ ﺒﻁﺎﺒﻊ ﻴﺴﺎﺭﻱ ) ﻗﻭﻤﻲ ﻭﻤﺎﺭﻜﺴﻲ( ﺤﻴﺙ ﺴﺘﺒﺩﻭ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺒﺩﻭ ﻏﻴﺭ ﻋﻘﻼﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ) ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ( ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ) ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ( ، ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻬﺎ ﺫﺍﺕ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺜﻭﺭﻱ ﺍﻨﻘﻼﺒﻲ . ﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻋﺠﺯ ﺍﻟﺒﺭﺠﻭﺍﺯﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،
ﻭﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻤﻨﻬﺎ ﻋﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺍﻨﻪ ﻤﻨﺎﻁ ﺒﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﺇﻨﺠﺎﺯ
ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻤﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺼﺩﻱ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ،ﻭﻟﻌل ﺒﺩﺍﻴﺎﺕ ﺼﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﺒﺩﺃﺕ ﺒﺎﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺴﺨﺕ ﻤﻁﻠﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩ ﺍﺨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭﻱ ﺍﻟﺠﺫﺭﻱ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ " ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ "
ﺍﻟﺫﻱ ﻭﺼﻑ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺄﻨﻪ ﻴﻤﺜل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ) ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ( ﻜﺒﺩﻴل ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻤﻌﺎﺩل ﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ . ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ )ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ( ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﻴﺴﺎﺭﻱ ﺜﻭﺭﻱ ﺍﻨﻘﻼﺒﻲ ﻴﺭﻴﺩ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺤﻭﺍﺭﻱ ﻨﺎﺒﺫ ﻟﻠﻌﻨﻑ ﻗﺎﺒل ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻐﺎﻴﺭ ،ﻭﺘﻠﻙ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ
ﻤﻘﻠﻭﺒﺔ ﻭﻓﻕ ﻤﻨﻁﻕ ﺤﺘﻤﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﻜﻥ ﻋﻘل ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﻭﺘﺸﺤﻥ ﻭﺠﺩﺍﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻏﻁﺭﺴﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ،ﻭﺤﺎﻀﺭﻫﺎ
ﺍﻻﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﻔﺘﺘﻥ ﺒﺄﺴﻁﻭﺭﺓ ﺍﻋﺘﻼﺌﻪ ﺼﻬﻭﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻘﻭﺓ ) ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ( ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻴﺘﻨﺯﻟﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻻﻗﺘﺘﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻓﻬﻡ ﺼﻨﻌﻭﺍ ﻁﻴﺭ ﺃﺒﺎﺒﻴﻠﻬﻡ ﻟﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ،ﻭﺭﻤﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﻭﻓﻕ ﺒﺤﺠﺎﺭﺓ ﻤﻥ ﺴﺠﻴل ،ﻤﺤﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻐﻴﺒﻴﺔ ﺇﻟﻰ
ﺃﺠﺴﺎﻡ ﻤﺎﺩﻴﺔ ﺘﺩﻙ ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺩﻜﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻬﻭﺱ ﻟﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺭﺏ
ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺩﻟﻬﻭﻥ ﺒﺎﻓﺘﺘﺎﻥ ﻤﺎﺴﻭﺸﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺠﺴﺩﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺭﺨﺔ ﻓﻲ ﺴﺎﺩﻴﺘﻬﺎ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻷﻗﻭﻯ . ﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ،ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ .
166
ﻟﻨﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺭﺩ ﺍﻷﺥ ﺼﺒﺤﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻓﻲ " ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ " ﻴﻭ ﻡ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ٢٠٠٢/٢/١٥ﺒﻤﻘﺎل ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ :ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻭﻁﻤﺱ ﺍﻷﺜﺭ " . ﺤﻴﺙ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ ٧ﺸﺒﺎﻁ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ
ﺃﻡ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻪ " ﺃﺩﺤﺽ ﻓﻴﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻤﻨﺴﻭﺒﺔ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻵﺘﻴﺔ ":ﺃﻥ ﻟﺩﻯ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺨﺒﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ،ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻨﻬﺎ " ،ﻭﻗﺩ ﻁﺎﻟﺒﺕ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﺽ ﻤﻘﺎﻟﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﺃﻥ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﻴﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﻜﺩ ﻤﻥ ﺼﺤﺔ ﻨﺴﺏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺒﻨﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺠﺎﺘﻪ . ﻓﻴﻌﻠﻥ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﺒﺎﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻭﺍﺜﻘﺎ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺀﺘﻲ ﻟﻤﻘﺎﻟﻪ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻘﺒﺱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻻ ﻤﻥ
ﻗﺭﻴﺏ ﻭﻻ ﺒﻌﻴﺩ ﻤﻥ ،ﺜﻡ ﻴﺴﻭﻕ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺒﺎﻟﻀﺒﻁ " ﺃﻥ ﺍﻷﺴﺩ ﺃﻋﻠﻥ ﻟﻠﻭﻓﺩ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺍﻤﻜﺎﻥ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺎﺭﺒﺕ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺴﺭﻴﺎ " ،ﻭﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻟﺼﻴﺎﻏﺘﻨﺎ ﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻭﺼﻴﺎﻏﺔ ﺤﺩﻴﺩﻱ ،ﻟﻴﺘﺒﻴﻥ ﺤﻘﺎ ﻋﻤﺎ ﺇﺍﺫ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻪ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻡ ﻴﻘﺒﺴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺘﺔ ،ﻻ ﻤﻥ ﻗﺭﻴﺏ ﻭﻻ ﻤﻥ ﺒﻌﻴﺩ ،ﻭﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﻟﻡ ﺃﻗﺭﺃﻡ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺴﺠﺎﻟﻪ ؟!
ﺜﻡ ﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻭﺘﻨﺎ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺒﺄﻥ ﻴﺨﻁﻭ ﺨﻁﻭﺓ ﻤﻤﺎﺜﻠﺔ ﻟﻠﺨﻁﻭﺓ ﺍﻟﻁﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ
١٣٠ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ،ﺃﻥ ﻴﺘﺨﺫ ﻗﺭﺍﺭﺍ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﺒﺎﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻨﺎ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ) ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ،ﺩ.ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ،ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ،ﺤﺒﻴﺏ ﻋﻴﺴﻰ ،ﺩ.ﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ ،ﺩ.ﻜﻤﺎل ﺍﻟﻠﺒﻭﺍﻨﻲ ،ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ ،ﺤﺒﻴﺏ ﺼﺎﻟﺢ ،ﺤﺴﻥ ﺴﻌﺩﻭﻥ ،ﻓﻭﺍﺯ ﺘﻠﻠﻭ ( ﻷﻥ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻬﻡ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﻓﺎل ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻨﻬﻡ ﻗﺭﺍﺭﺍ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻭﺃﻥ ﻴﺨﻭﺽ
ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻀﺩ ﺍﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﺎﺼﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ
ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻟﺨﺩﻤﺔ ﻤﺂﺭﺒﻬﻡ ﻭﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﺒﻀﻴﻕ ﺃﻓﻘﻬﻡ ،ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺨﻁﻭﺓ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻻ ﺒﺩ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺨﻠﻕ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺝ ﻭﺘﺒﺩﻴﺩ ﺍﻻﺤﺘﻘﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺱ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ . ﻴﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﺄﻤﻨﻴﺎﺘﻪ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﻔﺎﺅﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﺤﻠﻪ ،ﻷﻨﻪ ﻴﻌﻨﺒﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ،ﻤﺤﺘﻰ
ﻴﺜﺒﺕ ﺍﻟﻌﻜﺱ ،ﺍﺒﻨﺎ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ،ﺍﻤﺘﺩﺍﺩ ﻋﻀﻭﻴﺎ ﻟﻤﻌﻅﻡ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻪ ،ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﺍﻟﺭﺠل ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﻊ " ﺍﻟﺤﻴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﺼﻭﺭﺍﺕ " ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻫﻭ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻴﻌﻴﺩ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺒﻌﻀﻬﺎ ..ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺭﺹ ﻭﺍﻟﺩﻩ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻭﻴﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺸﺒﺎﺡ ﻭﻋﻅﺎﻡ ﻭﺭﻤﻴﻡ ".
ﻻ ﺒﺩ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻤﻥ ﺍﻻﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻨﻔﺴﻪ – ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺴﺏ ﺤﺩﻴﺩﻱ
ﻋﻠﻰ ﺨﻁﻪ ﻭﻨﻬﺠﻪ – ﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻀﺭﺘﻪ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺒﺩﻯ ﺘﺠﺎﻭﺒﺎ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎ ﻤﻊ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ،ﺤﻴﺙ ﺭﺃﻯ ﻓﻴﻪ 167
ﻨﻜﻬﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻟﻐﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺘﻘﺭ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﺍﻷﺯﻤﺔ ،ﻭﺒﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ...ﺇﻟﺦ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻜﻑ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻋﻥ ﺘﺩﺨﻠﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ﻓﻲ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ... ﻻ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺨﻁﺎﺏ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺨﻁﺎﺒﺎ ﺘﻜﺘﻴﻜﻴﺎ ﻭﺃﻨﻪ ﻤل ﻴﻘل ﺫﻟﻙ ﺇﻻ
ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﻜﻭﻨﻪ ﻴﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ،ﻭﺃﻥ ﺤﺩﻴﺩﻱ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﺍﻥ ﻴﻘﻭل ﺭﺃﻴﺎ ﻤﺨﺘﻠﻔﺎ ﻷﻨﻪ ﻴﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻓﺎﻟﺭﺠل ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﻷﺤﺩ ﻟﺘﺯﻜﻴﺔ ﺸﺠﺎﻋﺘﻪ ،ﻭﺼﻤﻭﺩﻩ ﻭﺒﻁﻭﻟﺘﻪ . ﺒل ﺇﻥ ﺤﻭﺍﺭﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻪ ﻴﻌﻜﺱ ﺼﺩﻗﻴﺔ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ،ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺍﻻﺴﺒﺎﺏ ،ﺫﺍﺘﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻡ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ،ﻟﻘﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻨﺘﻘﺩ ﻭﺯﻴﻴﺭﺍ ﻭﺒﻠﻐﺔ ﺴﺎﺨﺭﺓ ﻭﻤﺘﻬﻜﻤﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻨﻘﺩﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻟﻨﺎ ﻤﻥ ﻋﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻙ ﺃﻴﺔ ﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃ ،ﻨﻘﺩ ﻋﺭﻴﻑ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﻥ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻨﻴﻼ ﻤﻥ ﻤﻬﺎﺒﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ !
ﺒل ﺇﻨﺎﻜﺘﺒﻨﺎ ﻤﻘﺎﻻ ﻓﻲ ﺠﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻨﺎﻗﺸﻨﺎ ﻭﻨﻘﺩﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺨﻁﺎﺏ ﻨﺎﺌﺏ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ﻓﻲ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺴﻭﻯ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻴﻀﺎﺨﺎﺕ ﺒﻠﻴﺎﻗﺔ ﻭﺘﻬﺫﻴﺏ ﻤﻥ ﺠﻬﺎﺕ ﺭﺴﻤﻴﺔ ﻋﻠﻴﺎ .
ﺒل ﺇﻥ ﺤﻭﺍﺭﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﺤﻭل ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻟﻤﻨﺴﻭﺏ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﺽ ﺃﻨﻬﺎ
ﺘﺘﺼل ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﻱ ﻟﻠﺭﺌﺎﺴﺔ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺩﺍﺌﺭﺓ ) ﺍﻟﻤﻀﻨﻭﻥ ﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺭ ﺃﻫﻠﻪ ( ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻴﺤﻴﻁ ﺒﻪ ﺭﻫﺒﻭﺕ ﻻﻫﻭﺘﻴﺔ ﻋﺘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺤﻴل ﺇﻻ ﺇﻟىﺎﻟﺼﻤﺕ ﺍﻟﺩﻓﻴﻥ،ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎ ﻤﻤﻨﻭﻋﺎ ﻟﻤﺴﻪ ﺴﻤﺎﻭﻴﺎ . ﺒﻠﻐﻨﺎ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻭﻤﻥ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻨﻬﻡ ﻻ ﺍﻋﺘﺭﺍﺽ ﻟﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺤﻭﺍﺭﻨﺎ ﻫﺫﺍ ،
ﻜل ﺫﻟﻙ ﻴﺅﻜﺩ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ .
ﻁﺒﻌﺎ ﻻ ﺒﺩ ﻟﻠﻤﺭﺍﻗﺏ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻﻴﻌﺭﻑ ﻤﻤﺎﻟﻙ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺵ ﻓﻲ ﺒﻼﺝ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﺃﻥ ﻴﺒﺘﺴﻡ ﺸﻔﻘﺔ ﻤﻥ ﺘﻭﺍﻀﻊ ﺃﺤﻼﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻭﻤﺩﻯ ﺘﻁﺎﻤﻥ ﺴﻘﻭﻑ ﺃﻤﻨﻴﺎﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻌﺘﺒﺭ ﻟﻁﻑ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻥ ﻓﻲ ﺤﻭﺍﺭﻨﺎ ﻤﻜﺴﺒﺎ ﺇﺼﻼﺤﻴﺎ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻨﻁﺭﺡ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺠﺫﺭﻱ ،ﺤﻭل ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻁﻲ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺒﺎﻻﺼل !؟
ﻓﻤﻨﺫ ﺒﺩﺃﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﺤﺘﻜﺎﻙ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻟﻡ ﻴﺠﺭ ﺴﻭﻯ ﺤﻭﺍﺭ ﺴﺎﺴﻲ ﻭﺍﺤﺩ ،ﺒﻴﻥ ﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﺍﺜﻨﻴﻥ ،ﻭﻫﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ :ﻨﺎﺌﺏ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺤﺴﻥ ﺍﺴﻤﺎﻋﻴل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ،ﻟﻜﻥ ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺸﺎﻉ ﻤﻨﺎﺨﺎ ﻤﻥ ﺍﻻﺭﺘﻴﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،
ﻟﻡ ﻴﺠﺭ ﺃﻱ ﺤﻭﺍﺭ ﻤﻊ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ،ﺃﻭ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺸﺭﻓﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﺃﻭ ﻤﻊ ﺃﻱ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺃﻭ ﻤﻔﻜﺭ ﺃﻭ ﻜﺎﺘﺏ ﺃﻭ ﻤﺜﻘﻑ ﺇل ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻊ ﺍﻻﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ . 168
ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ،ﻭﺭﻏﻡ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ،ﻓﻘﺩ ﺘﺤﺩﺙ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻗﺒل ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ،ﻭﺃﻅﻨﻪ ﻟﻥ ﻴﻐﻴﺭ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﻤﻥ ﺭﺃﻴﻪ ،ﺒﺄﻥ ﺜﻤﺔ ﺘﺤﻭﻻﺕ ﻭﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻏﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺜﻤﺭﺓ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺭﺒﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺜﻤﺭﺓ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻﻨﻅﻨﻪ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ – ﺒل ﻭﺤﺘﻤﻴﺎ – ﺴﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻑ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎﺘﺩﺭﻜﻪ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﺠﻴﺩﺍ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻤﺼﺩﺭ ﺍﺭﺘﺒﺎﻙ
ﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻬﺎ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ،ﻷﻥ ﺜﻤﺔ ﻋﻘﻭﻻ ﺤﺎﻤﻴﺔ ﻋﺎﺠﺯﺓ ﺃﻥ ﺘﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺎﻡ ،ﻭﻋﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﻟﻠﻌﻘل ،ﺃﻤﺎﻡ ﺴﻁﻭﺓ ﺍﻟﺩﻓﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺍﺌﺯ ﺍﻟﺴﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻀﻐﻁ ﺍﻟﻨﻬﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺒﻼ ﻗﺎﻉ ،ﻭﻻ ﻗﺭﺍﺭ ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ ،ﻓﻠﺴﻲ ﻤﻊ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﻬﻡ ﺃﻱ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻻﺸﺒﺎﻉ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ – ﺘﺘﺤﻜﻡ ﺒﺂﻟﻴﺔ ﻋﻼﻗﺘﻬﻡ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﻐﺭﻴﺯﺓ ﻭﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻭﺍﻻﺸﺘﻬﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻲ ﻟﻤﺒﺎﻀﻌﺔ ﻜل ﻤﺎ ﺤﻭﻟﻬﻡ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻤﻭﺠﻭﺩﺍ ﻟﻠﺒﺸﺭ ،ﻻ ﻴﺘﺒﺩﻯ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺒﺸﻜل ﻋﻘﻼﻨﻲ ﻜﻤﺎ ﻴﻌﺒﺭ ﻤﺎﺭﻜﺱ ،ﻓﺄﻴﺔ ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ ﻟﺫﻯ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﻴﻥ ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﻴﻥ ﻷﻴﺔ ﺘﻐﻴﻴﺭﺍﺕ ﺘﻤﺱ ﺼﻼﺤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ؟ ﻓﺎﻻﺼﻼﺡ ﻭﻓﻕ ﺘﺸﺨﻴﺼﻬﻡ ﺠﻬﺎﺭﺍ ﻴﺸﻜل ﻤﺴﺎﺱ ﺒﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻬﺎ ﺤﻘﻭﻗﺎ ﻤﻘﺩﺴﺔ ،ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻟﻐﺎﺀ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺘﻬﻡ ﺃﻱ ﺇﻟﻐﺎﺀﻫﻡ ،ﺤﺘﻰ ﺃﻥ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻴﺠﺎﻫﺭ ﺒﺫﻟﻙ ﻋﻠﻨﺎ ،ﻭﻻﻋﻘﻼﻨﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﻴﻔﻀﺤﻬﺎ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺭﺤﻪ ﺴﺒﺎﺭﺘﻜﻭﺱ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻲ ﺴﻨﺔ :ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻤﺼﻠﺤﺘﻜﻡ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻨﻭﺍ ﺃﺴﻴﺎﺩﻨﺎ ،
ﻓﻤﺎ ﻤﺼﻠﺤﺘﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻜﻭﻥ ﻋﺒﻴﺩﺍ ﻟﻜﻡ ؟ ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﺫﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻁﻴﻥ ﺩﻭﺍﻡ ﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﻤﻥ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﻨﺎﺯل ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺴﺱ ﺒﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻤﻨﻅﻭﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻴﺘﻴﺢ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺩ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺠﻬﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻲ ،ﻭﻴﺘﻴﺢ
ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﻴﺭﺘﻘﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﻤﻥ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺠﺯﺀ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜل ،ﻤﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺯ ،ﺇﻟىﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ..ﺇﻟﺦ . ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻙ ﻓﻲ ﻭﺤﺩﺓ ﺘﻨﺎﻏﻡ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﺘﺂﻟﻔﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻨﺘﺞ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺒﺎﻋﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﻭﻴﻡ ﺒﻴﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ) ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ( ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺒﻌﺽ ﻤﻥ ﻤﺜﻘﻔﻴﻪ ، ﻭﺤﺩﻴﺩﻱ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ،ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﻜﺒﻴﺭﻫﻡ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل )ﺭﻴﺎﺽ( ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺃﺜﺭ ﻜﺒﻴﺭ .
ﻟﻴﺴﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﻋﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ،ﻫﺫﺍ ﻏﻥ ﺼﺢ
ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﻭﺠﻭﺩ ﻴﺴﺎﺭ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺒل ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ ﺍﻷﺸﺩ ﻭﻁﺄﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻅﻬﺭﺕ ﺒﻌﺩ ﺃﺤﺩﺍﺙ ١١ﺃﻴﻠﻭل ،ﺤﻴﺙ ﻴﺘﻔﻘﻭﻥ ﻤﻊ ﻓﻭﻜﻭﻴﺎﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﻋﺩﻡ ﺘﺤﻤﻴل ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺃﻴﺔ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻤﻭﺍﻗﻑ ﺒﻌﺽ ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﻡ ﻓﻲ ﺘﺄﻴﻴﺩ ﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻻﻤﻴﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺴﻴﺄﺘﻲ ﺍﻟﺤﻴﺙ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻻﺤﻘﺔ .
169
)(٢ ﻫل ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻨﺘﺎﺝ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ..ﻭﺜﻤﺭﺓ ﻤﻨﻅﻭﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ..؟ ﺇﻥ ﺍﺭﺘﺒﺎﻙ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻓﻘﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺘﺂﻟﻔﻬﺎ ﻭﺘﻨﺎﻏﻤﻬﺎ ،ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻟﻐﻴﺎﺏ ﻜﺒﻴﺭﻫﻡ ) ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ﺃﺜﺭ ﻜﺒﻴﺭ ﻜﻤﺎ ﺃﺴﻠﻔﻨﺎ .
ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺸﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﺩﺭﻫﺎ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ )
ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ) ﺍﻟﺭﺃﻱ ( ﻴﻨﺸﺭ ﻤﻘﺎل ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﻤﻥ ﺘﻬﻤﻴﺵ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ..ﺇﻟﻰ ﺘﻬﻤﻴﺵ ﺍﻟﺩﻭل ..ﺇﻟﻰ ﺍﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻟﻭﺯﻥ " ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺍﻟﻤﻬﻤﺵ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻭﺍﻟﻤﺸﺭﺫﻡ ﻭﺍﻟﻤﺸﻠﻭل ،ﺒﻔﻌل ﺃﻨﻅﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﻨﺩ ﺍﻨﻌﻁﺎﻑ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻤﻥ ﻭﺯﻥ ١١ﺍﻴﻠﻭل ﺇﻟﻰ ﻜﻴﺎﻥ ﻫﺵ ﺘﺘﻘﺎﺫﻓﺔ ﺃﻤﻭﺍﺝ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩ
ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﺩ ﻤﺅﺘﻤﺭ ﺩﻭﻟﻲ ﺤﻭل ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻭﻤﻔﻬﻭﻤﻪ ﻭﺘﻤﻴﻴﺯﻩ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎل ﻤﻥ ﺍﺠل ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻭ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻋﺎﺠﺯ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ، ﻷﻥ ﻤﺅﺘﻤﺭﺍ ﺩﻭﻟﻴﺎ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﻁﺭﺡ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ ﻭﺠﻭﻩ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺘﺠﺎﻩ " ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﻌﺯل " ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻡ ﻟﻼﺤﺘﻼل ،ﺃﻭ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻤﺠﻤﻭﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﻀﺞ ﻨﻅﺎﻡ ﻓﺏ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺍﻭ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻤﻭﺠﻬﺎ ﻤﻥ ﻗل ﺃﻨﻅﻤﺔ ﻀﺩ ﺸﻌﻭﺒﻬﺎ ﻓﺤﻴﻨﻬﺎ ﻟﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻨﻅﺎﻡ ﻋﺭﺒﻲ ﻴﺤﻤل ﺼﻙ ﺒﺭﺍﺀﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻀﺩ ﺸﻌﺒﻪ ﺒﺸﻜل ﺃﻭ ﺒﺂﺨﺭ .
ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﻋﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻴﻨﺘﻘل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺎﺩﺌﺎ ﺒﺎﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺭﻯ ﺼﻭﺭﺘﻬﻡ ﺯﺍﻫﻴﺔ ،ﻟﻤﺎﺫﺍ ؟ ﻴﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺯﺍﻫﻲ ﻷﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺤﺴﺏ ﺃﺩﺒﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺒﺎﻨﻘﺴﺎﻤﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻤﻴﻥ ﺭﺌﻴﺴﻴﻴﻥ ﺨﻼل ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻗﺴﻡ ﻤﻊ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻭﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻨﺩﺓ ﻟﻬﺎ ،ﻭﻗﺴﻡ ﻤﻊ
ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺒﻠﻭﺭ ﺁﻨﺫﺍﻙ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﺨﻁ ﻋﻘﻼﻨﻲ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﻘﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻻﺤﺘﻼل ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ﻭﺍﻟﻬﺠﻭﻡ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ . ﺜﻡ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ،ﻭﻴﺨﺘﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺒﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻤﻥ ١١ ﺍﻴﻠﻭل ﻭﺨﻼل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻐﺎﻨﺴﺘﺎﻥ . -١
ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺘﻁﺭﻑ ﺒﻁﻴﻔﻪ ﺍﻟﺴﻠﻔﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭ
-٢
ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﺒﺭﺭﻴﻥ ﻭﻴﺸﻤل ﺸﺭﺍﺌﺢ ﻤﻥ ﻤﺜﻘﻔﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻻﺴﻼﻡ .
ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺃﻨﻭﺍﻋﻬﻡ ،ﺒﺎﻻﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﻴﻥ ، ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻟﺴﻠﻔﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﻴﻥ ..ﻭﻫﺅﻻﺀ ﺍﻗﺘﺼﺭ ﻤﻭﻗﻔﻬﻡ " ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ 170
ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ،ﻜﺎﻥ ﺜﻤﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻻﻭﺴﻁ ﻭﺍﻟﻜﻴل ﺒﻤﻜﻴﺎﻟﻴﻥ . -٣
ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤﺭﻜﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺘﻐﺭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺼﺭﻭﻥ ﺘﻘﺩﻤﻨﺎ
ﻓﻲ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﺼﻁﻔﺎﻓﻨﺎ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ،ﻭﺍﻷﺒﺭﺯ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤﺭﻙ ﻫﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻭﻥ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﻴﻥ ﺍﻟﻜﻭﻴﺘﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﻴﻥ ﺍل١ﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭﻭﻥ ﺨﻼﺼﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﺒﻊ ﺍﻟﺼﺩﺍﻤﻲ ﻟﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﻴﻴﻥ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻷﻓﻐﺎﻨﻴﺔ .
-٤
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺩﺍﺙ ﻓﻬﻭ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﻋﻘل ﺍﻟﻔﻜﺭ
،ﺃﻱ ﺭﺒﻁﻪ ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻭﻥ ﺍﻥ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﺒﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺇﺯﺍﺀ ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻓﻬﻲ ﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ " ﺃﻭﻻ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﺔ ﺒﻌﻼﻗﺎﺕ ﺘﺴﻠﻁﻴﺔ ...ﻭﺜﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ " . ﻤﺎﻜﻨﺎ ﺴﻨﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ،ﻟﻭﻻ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺭﺃﻴﺎ ﻓﺭﺩﻴﺎ ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻨﺸﺭ ﻓﻲ ﺃﺩﺒﻴﺔ ﺘﺤﻤل
ﺇﺴﻡ " ﺍﻟﺭﺃﻱ " ،ﻓﺎﻷﺩﺒﻴﺔ ﺸﺒﻪ ﺴﺭﻴﺔ ﻋﻠﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺎل ﻤﻐﻔل ﺇﺴﻡ ﻜﺎﺘﺒﻪ ،ﻭﻫﻭ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺇﻥ ﻤل ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺨﻁ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ، ،ﻓﻬﻭ ﻴﻌﺏ ﺭﻋﻥ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺸﻴﻊ ﻏﻴﻭﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﻤﻭﻤﺎ ،ﺒل ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻲ . ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺘﺘﻤﺜﻠﻔﻲ ﺍﻨﺩﻴﺎﺡ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﺩﻯ ﻗﻁﺎﻋﺎﺘﻭﺍﺴﻌﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ،ﻭﺒﺸﻜل ﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﻀﻰ ﺃﻜﺜﺭﻫﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻨﺼﻑ ﻋﻤﺭﻩ ،ﻭﺃﻗﻠﻬﻡ ﻟﻴﺱ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺭﺒﻊ ﻋﻤﺭﻩ ،ﺒل ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﻌﺵ ﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻨﺎﻀﺠﺔ ١٠-٣ﺴﻨﻭﺍﺕ ،
ﺇﺫﺍ ﺃﺨﺫﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺴﻥ ﺍﻟﺭﺸﺩ ١٨ﺴﻨﺔ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺃﻋﺩﺍﺩ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺍﻋﺘﻘﻠﺕ ﺒﻴﻥ ٢٥– ٢٠ ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻫﺎ ﻭﻟﻡ ﺘﺨﺭﺝ ﺇﻻ ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﻜﻬﻭﻟﺔ ﺍﻷﺭﺒﻌﻴﻥ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﻤﺜﻠﺔ ﻟﻡ ﻴﺨﺭﺠﻭﺍ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﺸﻴﺨﻭﺨﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻥ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻡ ﻴﺘﻠﻘﻭﺍ ﺃﻱ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ،ﻭﺒﻠﺴﻤﺔ ﺍﻟﺠﺭﺍﺡ ﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻜﻭﺍﺒﻴﺱ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﻓﺘﺢ ﺼﻔﺤﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ
ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻓﻅﻠﻭﺍ ﻤﻼﺤﻘﻴﻥ ،ﻤﺤﺎﺭﺒﻴﻥ ﺒﻠﻘﻤﺔ ﻋﻴﺸﻬﻡ ،ﻴﻀﻁﺭ ﺒﻌﺽ ﺭﻤﻭﺯﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﻤﺎ ﻗﺩﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻠﻴﺢ ٢٠ﺃﻟﻑ ﻤﻴﻠﻴﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺭﻭﻯ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺍﻟﻜﺎﻟﺤﺔ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻔﻌﻠﻭﺍ ﺫﻟﻙ ﻟﺸﻌﻭﺭ ﻋﺎل ﺒﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻫﺅﻻﺀ ﻴﺒﺤﺜﻭﻥ ﻋﻥ ﻋﻤل ﻴﻜﻔل ﻟﻬﻡ ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﻡ ﻤﻥ ﻤﺩ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ،ﺤﺘﻰ ﻷﻭﻻﺩﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻤﻠﺅﻭﺍ ﺭﻋﺒﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺁﺒﺎﺌﻬﻡ ،ﻨﻅﺭﺍ ﻟﻤﺎ ﻗﺎﺴﺎﻩ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻨﺘﺴﺎﺒﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺁﺒﺎﺀ ﻟﻡ ﻴﺨﺘﺎﺭﻭﻫﻡ ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻬﻡ ﻋﻀﻭﻴﺎ !
ﻜل ﺫﻟﻙ ﺍﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺩﻴﺎﺡ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻠﺒﻲ ،ﺍﻨﺘﻘﺎﻤﻲ ،ﻋﺩﻤﻲ ،ﻤﺸﺤﻭﻥ ﺒﺎﻟﺜﺄﺭ ﻟﻜﺭﺍﻤﺘﻪ
ﻭﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻬﺩﻭﺭﺓ ،ﺭﺍﺡ ﻴﺘﺸﺨﺹ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﻭﻻﺩﺓ – ﻤﺎ ﻜﻨﺎ ﻗﺩ ﺤﺫﺭﻨﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل – ﻨﻤﻭﺫﺝ 171
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺜﺄﺭ ﻤﻥ ﻗﻤﻊ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻬﺎ ﻭﻟﻭ ﺒﺎﻻﻟﺘﺤﺎﻕ ﺒﺎﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻭﻟﻭ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ، ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺃﻤﺭﻴﻜﻴﺎ ﺃﻡ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺎ ،ﻓﻭﺍﻭﻴﻠﺘﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﺔ ﻻ ﺘﺯﺍل ﻤﻨﺫ ﻗﺭﻭﻥ ﻻ ﻴﺠﺩ ﺃﺒﻨﺎﺅﻫﺎ ﻤﻼﺫﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﺴﻭﻯ ﺍﻷﻋﺩﺍﺀ ﻴﺴﺘﻘﻭﻭﻥ ﺒﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻫل ﻭﺍﻷﺸﻘﺎﺀ !؟
ﻫل ﻨﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻴﺤﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻴﻬﺎﻡ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ؟ ﻨﻌﻭﺩ ﺇﺫﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺎل " ﺍﻟﺭﺃﻱ " ﻟﻨﺭﻯ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﺠﻭﻫﺭﻩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻭﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺘﺄﻤﺭﻜﻴﻥ ﻜﺎﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺭﻭﻥ ﺃﻴﺔ
ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ١١ﺍﻴﻠﻭل ﺒﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﺒل ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﺔ ﺒﻌﻼﻗﺎﺕ ﺘﺴﻠﻁﻴﺔ ،ﻭﺜﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ . ﺃﻴﺔ ﻋﻘﻼﻨﻴﺔ ،ﻭﺃﻴﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻟﺨﻁﺎﺏ ﻤﺎﺭﻜﺴﻲ ﻴﺴﺎﺭﻱ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ " ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ "" ؟ ﻭﺃﻴﺔ ﺠﻭﻫﺭﺍﻨﻴﺔ ﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻜﻴﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻜﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ؟
ﺒل ﺍﻷﺩﻫﻰ ﺃﻥ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ﻟﻴﻌﻠﻥ ﺍﺘﻔﺎﻗﻪ ﻤﻊ ﻓﻭﻜﻭﻴﺎﻤﺎ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ
ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻤل ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻗﺎﺒﻠﻴﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ! ﻜل ﺫﻟﻙ ﻟﺘﺒﺭﺌﺔ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﺨﻼﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﺒﻊ ﺍﻟﺼﺩﺍﻤﻲ ، ﻭﺒﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﺍﻟﺒﻌﺒﻊ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺸﻜل ﻋﺎﻡ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﻋﺒﺭ ﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﺃﺕ ﻴﺘﻬﻴﻜل ﻭﻴﺘﺄﻁﺭ ﺒﺎﻟﺘﻀﺎﺩ ﻤﻊ ﺍﻻﺭﺍﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎل .
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺨﻁﺎﺏ ) ﺍﻟﺭﺃﻱ ( ﻴﻨﻌﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻋﺩﻡ ﺘﺒﻠﻭﺭ ﺨﻁ ﻋﻘﻼﻨﻲ ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻔﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﻘﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻻﺤﺘﻼل ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ،ﻭﺍﻟﻬﺠﻭﻡ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ . ﻭﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﻫﻨﺎ ﻻ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺎﺌﻊ ﺘﺜﺒﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻠﻁ ،ﺴﻭﻯ ﺍﻻﻴﺤﺎﺀ ﺍﻟﻤﻀﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺒﻴﺎﻥ ٥٢ﻤﺜﻘﻑ ﻭﻜﺎﺘﺏ ﻭﻓﻨﺎﻥ ﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﻤﻨﺩﺩ ﺒﺎﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻟﻡ ﻴﺼﺩﺭ ﺇﻻ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻴﻪ ﺃﻴﺔ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺘﻭﺤﻲ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﻠﻁ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﻋﺒﺭﻭﺍ ﻻﺤﻘﺎ ﺒﺎﺴﺘﺨﻔﺎﻑ ﺘﺠﺎﻩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻭﺍﻓﺘﺭﻀﻭﺍ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺠﺭﻱﺀ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻠﻑ ﻜل ﻤﻥ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﺎﻻ ﻴﺤﻤﺩ ﻋﻘﺒﺎﻩ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻭﻟﻰ – ﺤﺴﺏ ﺭﺃﻴﻬﻡ – ﺃﻥ ﻴﺼﺩﺭ ﻟﻠﺘﻀﺎﻤﻥ ﻤﻌﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﻌﺘﻘﻼﺘﻬﻡ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻊ ﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻤﺭﻴﻜﺎ ﺘﻨﺘﺞ ﻨﻅﺎﻤﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺸﻼﺌﻪ !؟
ﺒل ﻭﻴﺒﻠﻎ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺎﻟﺭﻫﺎﻓﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ – ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ – ﺃﻥ ﻴﺼﺒﺢ "
ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻷﻤﺭﻴﻜﺎ " ﻤﺩﻋﺎﺓ ﻟﻠﺴﺨﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻬﻜﻡ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﺤﺩﺙ ) ﺍﻟﺭﺃﻱ ( ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ 172
ﺃﻥ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻜﺎﻥ ﺜﻤﻥ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﻴل ﺒﻤﻜﻴﺎﻟﻴﻥ ،ﺘﺴﺨﺭ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﻓﺘﻘﻭل " :ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺤﺘﻤﻭﻥ ﺒﺤﺼﺎﻨﺔ ﻭﺸﺭﻑ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻷﻤﺭﻴﻜﺎ " ،ﻭﺘﺘﻬﻤﻬﻡ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﻤﺜﻘﻔﻭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻻ ﺘﻌﺭﻑ ﻤﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺭﺃﺕ ﻭﻗﺎﻟﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﻟﻸﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﺩﻓﻊ ﺜﻤﻥ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻬﺎ !؟
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﻗﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﻭﻥ ﻭﺍﻻﻭﺭﻭﺒﻴﻭﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﻭﻥ ،ﻭﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻜﺒﺎﺭ ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﻡ ﻭﻤﻔﻜﺭﻴﻬﻡ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﻴﺘﺭﺩﺩ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺭﻩ ﻟﻠﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ؟ " ﻭﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻱ ﻷﻤﺭﻴﻜﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻻﺤﺘﻤﺎﺀ ﺒﺤﺼﺎﻨﺔ ﻭﺸﺭﻑ ) ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻷﻤﺭﻴﻜﺎ ( .
ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﻜل ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻭﻗﻌﻭﺍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ )
ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ( ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻗﻔﻬﻡ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﺤﺘﻤﻲ " ﺒﺤﺼﺎﻨﺔ ﻭﺸﺭﻑ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻷﻤﺭﻴﻜﺎ " . ﺒل ﺤﺘﻰ ﻜﻭﻓﻲ ﻋﻨﺎﻥ ،ﺍﻷﻤﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻸﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ،ﻟﻡ ﻴﺭ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺜﻤﺭﺓ " ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ " ﺒل ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺒﺅﺱ ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺵ ﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ . ﺇﻥ ﺘﺠﻨﺏ ﺘﺤﻤﻴل ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﺃﻴﺔ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺘﺤﺕ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﺘﺤﻤل
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ) ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﺤﺼل ﻟﻨﺎ ﻴﻘﻊ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻘﻨﺎ ( ﻫﻭ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻡ ﻜل ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﺍﻟﻠﻭﺠﻴﺴﺘﻴﻜﻴﺔ ﻟﻸﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﻤﻥ ﺃﺭﺍﻀﻲ ،ﻭﻤﻁﺎﺭﺍﺕ
ﻭﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ،ﻭﻜل ﺸﺒﻜﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺕ ﺭﺍﺤﺕ ﺘﺘﺒﺎﺭﻯ ﻓﻲ ﺇﺭﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺨﻁﺎﺏ ﻨﺸﺭﺓ ) ﺍﻟﺭﺃﻱ ( ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻘﺎﻁﻊ ﻤﻊ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻷﻥ ﻜﻼ ﺍﻟﻤﻭﻗﻔﻴﻥ ﻴﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﺍﻷﻭل ﻴﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺴﻠﻁﺘﻪ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻴﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﻘﺎﻁﻬﺎ ،ﻭﻜﻠﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ !؟
ﻭﻟﻌل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﻨﺘﺎﺠﺎﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺴﺭ ﻟﻨﺎ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻓﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺸﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﺤﺎﺯﻡ ﺼﺎﻏﻴﺔ – ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ – ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺭﻤﺯ ﺘﻭﺠﻪ ﺨﻁ ﻴﺴﺎﺭﻱ ﻜﺎﻥ ﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺎ ﻓﻲ ﻭﻁﻨﻴﺘﻪ ﻭﻗﻭﻤﻴﺘﻪ . •
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ :ﺃﻴﺎﺭ ٢٠٠٢
173
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ -١
ﻫل ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ
-٢
ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒـ"ﺇﻋﺩﺍﻤﻙ"
-٣
ﺭﺩ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ :ﺃﺩﻋﻭ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ
-٤
ﺃﻜﺭﻡ ﺍﻟﺒﻨﻲ :ﻜﻲ ﻻ ﻴﻘﺎل :ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ
-٦
ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ :ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ
-٧
ﻤﺎﻟﻙ ﻤﺴﻠﻤﺎﻨﻲ :ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻷﻤﻠﺱ
-٨
ﻤﺤﻤﺩ ﻨﺠﺎﺘﻲ ﻁﻴﺎﺭﺓ :ﺘﺎﺒﻊ ﻤﺴﻠﺴل ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺍﻻﺭﻫﺎﺏ
-٩
ﻭﺍﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﻩ
-٥
ﺭﺩ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ :ﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ
-١٠ﺤﺯﺏ ﺴﺭﻱ ﺍﺴﻤﻪ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ – ﻤﻬﻨﺩ ﺩﻤﺸﻘﻲ
174
ﻫل ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ ؟ ﻫل ﻜﺎﻥ ﺜﻤﺔ ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻘﻲ ﺒﺎﻷﺼل ؟ ﺃﻡ ﻫﻭ ﺫﻭﺒﺎﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﻜﻤﺎ ﻭﺼﻑ ﺇﻴﻠﻴﺎ ﺍﻫﺭﻨﺒﺭﺝ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺴﺘﺎﻟﻴﻨﻴﺔ ؟
ﻓﻲ ﻜل ﺍﻷﺤﻭﺍل ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﺘﻨﺎﻗﺽ ،ﻓﺎﻟﻤﻔﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﻴﺘﺯﺍﻤﻥ ﺫﻭﺒﺎﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﻤﻊ ﺸﻤﺴﺎﺕ ﺍﻟﺭﺒﻴﻊ ، ﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻨﺘﺎﺝ ﻓﻌل ﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﺃﻭ ﺨﺎﺭﺠﻲ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﺎﻟﻤﻲ ،ﺒل ﻫﻭ ﻓﻌل ﻗﺩﺭﻱ ﻴﺩﺨل ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻻ ﺼﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ، ﺤﻴﺙ ﺭﺤل ﺍﻟﺴﻠﻑ ﻭﺤل ﺍﻟﺨﻠﻑ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺴﻨﺔ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺨﻠﻘﻪ ،ﻭﻟﻥ ﺘﺠﺩ ﻟﺴﻨﺔ ﺍﷲ ﺘﺒﺩﻴﻼ !
ﻭﻷﻥ ﺴﻨﺔ ﺍﷲ ﻓﻲ ﺨﻠﻘﻪ ﺘﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﻤﺘﻘﺩﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﺒﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻭﺘﺠﺎﺭﺒﻪ ، ﻭﻜﻤﺎ ﻨﺼﺢ -ﻤﻥ ﻗﺒل -ﻋﻤﺭ ﺒﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺭﻋﻴﺘﻪ،ﻋﻠﻤﻭﺍ ﺃﺒﻨﺎﺀﻜﻡ ﻏﻴﺭ ﻤﺎ ﺘﻌﻠﻤﺘﻤﻭﻩ ﻷﻨﻬﻡ ﺴﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺯﻤﻨﻜﻡ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻵﺒﺎﺀ ﻨﺤﻤﺩ ﺴﻨﺔ ﺍﷲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌﻠﻨﺎ ﻨﻔﺭﺡ ﺒﺘﻘﺩﻡ
ﺃﺒﻨﺎﺌﻨﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺃﻭﺍﻟﻌﻠﻡ ﺃﻭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ . ﻟﻘﺩ ﻓﺭﺤﺕ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺎﺒﻨﻬﺎ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﺨﻁﺎﺒﻪ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﺇﻋﻼﻨﻪ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻋﻥ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺇﻗﺼﺎﺌﻲ ﻭ ﺇﻟﻐﺎﺌﻲ ﻭﺴﺤﻘﻲ
ﻟﻶﺨﺭ ﻴﻜﻤﻥ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﻱ ،ﻭﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﻓﺈﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻵﺨﺭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻵﺨﺭ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ،ﺒل ﻫﻭ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺒﺩﺀ ﻓﻴﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﺫﺍﺕ ،ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺃﻭﻻ ﻷﻜﻭﻥ " ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﺎ ﻤﻨﺴﺠﻤﺎ ﺼﻠﺒﺎ " ، ﺜﻡ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺼﺎﺀ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ) ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ – ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻲ – ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ – ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ( ﻷﻥ ﻜل ﻓﺭﻗﺔ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻨﻪ ﻫﻭ ) ﺍﻟﻔﺭﻗﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻴﺔ ( ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ﻫﻲ ﺍﻟﻨﺎﺠﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ
،ﺃﻤﺎﻡ ﺃﻤﺔ ﺘﺘﺂﻜل ﺩﺍﺨﻠﻴﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻘﺘل ﺍﻟﻤﺘﻜﺭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻪ ) ﻗﺎﺒﻴل ( ﺘﺠﺎﻩ ﺃﺨﻴﻪ ) ﻫﺎﺒﻴل ( ﺍﻟﺫﻱ ﺩﺍﺌﻤﺎ – ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ – ﻫﻭ ﺍﻵﺨﺭ !
ﻓﻠﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﻜﻬﻭل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ -ﻷﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺸﺒﺎﺏ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﺔ – ﺴﻭﻯ ﺃﻥ ﻨﻔﺭﺡ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻭﻻﺩﺓ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺠﺩﻴﺩ ،ﻓﺄﺭﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻨﻔﺽ ﻋﻥ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﺘﺭﺍﻜﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﻟﻨﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺴﺒﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﺸﺘﻭﻱ ﺍﻟﻁﻭﻴل ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺠﻤﺩﻨﺎ ﺘﺤﺕ ﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﻭﺭﻁﻭﺒﺘﻪ ﻭﺍﺴﺘﻨﻘﺎﻋﻪ ﻭﺘﺄﺴﻨﻪ ،ﻭﺃﻤﺭﺍﻀﻪ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻌﺯﻭﻑ ﻭﺍﻟﻘﺭﻑ ،ﻭﺍﻻﻨﻜﻔﺎﺀ ﻭﺍﻻﺤﺒﺎﻁ ،
ﻭﺍﻟﺘﻜﻬﻑ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺫﺍﺕ ،ﻭﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺒﻁﻲﺀ !... ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻁﻘﺴﻲ ﺒﺩﺃ ﺫﻭﺒﺎﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﻤﻊ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ،ﻟﻴﺘﺯﺍﻤﻥ ﻤﻊ ﺘﻔﺘﺢ ﺯﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﺭﺒﻴﻊ ﺍﻟﺩﻤﺸﻘﻲ ﺍﻟﻜﻬل ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻊ ﺒﻴﺎﻥ ) (٩٩ﺜﻡ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﻟﻑ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻭﻟﺠﺎﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ .
175
ﻓﺈﺫﺍ ﺒﺎﻟﺯﻫﻭﺭ ﺍﻟﺫﺍﺒﻠﺔ ﻭﺍﻟﺫﺍﻭﻴﺔ ﺘﺤﻤل ﺍﻟﻌﻁﺵ ﺍﻷﺯﻟﻲ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﻗﻠﺏ ﺒﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﺤﺎﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻓﻔﻴﻬﺎ ﺘﺨﻠﺕ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ ﻋﻥ ﺒﺩﺍﻭﺘﻬﺎ ﻭﻋﻘﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻬﺎﺸﻤﻲ ،ﻟﺘﺼﺒﺢ ﻋﺭﻭﺒﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﺍﻟﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻷﻤﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﻓﻴﻬﺎ ﺘﻔﺘﺤﺕ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺘﺤﻡ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻬﺎ
ﺍﻗﺘﺤﺎﻤﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﺘﻌﻴﻴﻨﺎ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺃﻴﺎﻡ ﺤﻜﻡ ) ﺍﻟﺭﺠﻌﻴﺔ ( ،ﻭﻤﻨﺫ ﺃﻴﺎﻡ ) ﺍﻟﺭﺠﻌﻴﺔ ( ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻭﺼﻔﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺸﺎﺭﻴﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌﺘﺒﺭ ) ﺍﻟﺭﺠﻌﻲ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ( ﻤﻌﺭﻭﻑ ﺍﻟﺩﻭﺍﻟﻴﺒﻲ ﻤﻥ ﺃﻟﺩ ﺨﺼﻭﻤﻬﺎ ، ﻭﺫﻟﻙ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﻨﺘﻘل ﻟﻠﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻴﺔ ﻤﻌﻅﻡ ﻋﻤﺭﻩ ،ﻭﻴﺭﻓﺽ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻬﺎﻓﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ) ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﻴﻥ ( !
ﺜﻤﺔ ﻤﻨﺎﺥ ﺃﺴﻁﻭﺭﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺍﻟﺴﺎﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ ،ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ،ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﺠﻭﻫﺭﻴﺎ ﺤﺴﺏ – ﻤﻴﺭﺴﻴﺎ ﺇﻟﻴﺎﺩ – ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ " ﻗﺎﺒﻠﻴﺔ ﺘﻜﺭﺍﺭ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ " ﻓﺎﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻴﺔ ﻻ ﺘﻌﻠﹼﻡ ﺤﺎﻤﻠﻬﺎ ﻜﻴﻑ ﺃﺘﺕ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﺃﻴﻥ ﻴﺠﺩ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ،ﻭﻜﻴﻑ ﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺘﺘﺠﻠﻰ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﻭﺍﺭﻯ ﻋﻥ ﺍﻷﻨﻅﺎﺭ !؟
ﻜﻴﻑ ﺘﺠﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ؟ ﺘﺠﻠﻰ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﻘﺭﻉ ﻁﺒﻭل ﺍﻟﺤﺭﺏ ،ﻤﻤﺎ ﺃﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺫﻫﺎﻥ ﺴﻨﺔ ١٩٨٠ﺍﻟﺸﺌﻴﻤﺔ ،ﻓﺎﻟﻭﻋﻲ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤل ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺭﺒﺘﻪ ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻭﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻴل ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻜﺭﺍﺭ ،ﺃﻱ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﻫﻨﺎ ﻫﻭ ﻗﻠﺔ ﻤﻥ
ﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﻤﺎ ﻴﻬﺩﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﻪ ﺴﻭﻯ ﺃﻗﻼﻤﻬﻡ ،ﻭﺃﻗﻼﻤﻬﻡ ﺒﺎﻟﺘﺤﺩﻴﺩ ﻷﻨﻬﻡ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﺩﻯ ﺃﻱ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﻜﻤﺒﻴﻭﺘﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺴﺒﺏ ﺒﺨل ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻑ ﻭﺭﺍﺀﻫﻡ ! ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻻﻨﻜﻔﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬﻭﻑ ،ﻭﻫﻡ ﻴﺴﺨﺭﻭﻥ ﻤﻥ
ﺘﺎﺭﻴﺨﺎﻨﻴﺔ ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻭﻋﺒﻭﺍ ﺩﺭﻭﺱ ﺍﻟﺘﻜﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻠﻡ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭ ﻭﺍل ....ﻭﻟﺴﺎﻨﻬﻡ ﻴﻘﻭل
:ﺃﻟﻡ ﻨﻘل ﻟﻜﻡ ؟
ﻭﺫﻟﻙ ﺃﻨﻪ ﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻅﻬﻭﺭ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺒﺩﺍﻴﺔ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ، ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ :ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﻨﺼﺏ ﻟﻜﻡ ﺃﻓﺨﺎﺨﺎ ،ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺇﺨﺭﺍﺠﻜﻡ ﻤﻥ ﺠﺤﻭﺭﻜﻡ ﻟﻴﺼﻁﺎﺩﻭﻜﻡ ،ﻓﺈﺫﺍ ﺒﺎﻟﻭﻋﻲ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﻨﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﺎﻨﻲ ﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻗﺭﻉ ﻁﺒﻭل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﻼﻨﻬﺎ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺒﻭﻥ ﻤﻘﺎﺘﻠﻴﻥ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ،ﺍﻜﺘﻔﻭﺍ ﺒﺄﺨﺫ ﺍﻷﺴﺭﻯ ﻤﻥ ﺒﻴﻭﺘﻬﻡ ﻭﺒﻌﻀﻬﻡ ﻨﻴﺎﻡ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻬﻡ ﻗﺎﺩﺓ ﻤﺤﺘﻤﻠﻴﻥ ﻟﻠﺤﺭﺏ
ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ،ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻲ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ) ﺒﻥ ﺍﻟﺯﺒﻴﺭ ( ، 176
ﻭﺍﻟﻜﻬل ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻲ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ) ﺒﻥ ﺸﻤﺸﻭﻥ ( ﺍﻟﺫﻱ ﻀﺭﺏ ) ﺒﻭﻜﺱ ( ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻔﻪ ﻟﺠﺩﻉ ﺃﻨﻑ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺏ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ) ﺍﷲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻭل ( ﻨﺎﻫﺏ ﻋﻭﺍﺌﺩ ﺍﻟﺩﺨل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﺤﻭﺍﻟﻲ ١٠٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻭﻙ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ !؟
ﻻ ﻨﺯﺍل ﻨﻌﻴﺵ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﻟﺴﻨﺔ ١٩٨٠ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺩﻋﻭﻨﺎ ﻟﻜﻲ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﻨﺔ ﺤﺩﺍﺩ ﻭﻁﻨﻲ ،
ﻟﻜﻲ ﺘﺘﻘﻴﺄﻫﺎ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺯﻤﻥ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻀﺭ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺘﻜﺭﺍﺭﻴﺔ ﻻ ﺘﻨﻔﺫ ، ﻴﻌﻴﺩ ﺘﻜﺭﺍﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﻔﹼﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﺭﺩﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺒﺘﻜﻔﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺭ ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﻜﻔﺭ ﻭﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ،ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻕ ﻟﻪ ﺃﺴﻼﺏ ﺃﻋﺩﺍﺌﻪ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﻏﻨﺎﺌﻡ ،ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺘﻌﺭﺽ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺴﻁﻭ ﻭﺴﻠﺏ
ﻭﻨﻬﺏ ﻋ ﺯ ﻨﻅﻴﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻭﻴﺨﺒﺭﻨﺎ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﺃﻥ
ﺍﻟﺨﻭﺍﺭﺝ ﻜﻔﻭﺍ ﻋﻨﺩ ﺃﺨﺫ ﺍﻟﻐﻨﺎﺌﻡ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﻤﻌﺎﺭﻜﻬﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺘﺼﺭﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﻴﺵ ﻤﻌﺎﻭﻴﺔ ) ﺍﻟﻜﺎﻓﺭ ( ،ﻜﻔﻭﺍ – ﻓﻘﻁ -ﻋﻥ ﺴﺒﻲ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ) ﺒﻨﺎﺕ ﻋﻤﻭﻤﺘﻬﻡ ( ﺒﺴﺒﺏ ﻭﺠﻭﺩ ﺃﻡ ﺍﻟﻤﺅﻤﻨﻴﻥ )ﻋﺎﺌﺸﺔ ( ﺒﻴﻨﻬﻡ ! ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺸﺎﺭﻭﻥ ﻭﺒﻭﺵ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ،ﻻ ﺘﺯﺍل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻤﺴﺘﻌﺭﺓ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭ ،ﺭﻏﻡ
ﺘﻭﺒﺘﻪ ،ﻭﺭﻓﻌﻪ ﺍﻟﺭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ ﻤﻨﺫ ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ ،ﻭﺍﻨﺤﻼل ﻗﻭﺍﻩ ،ﻭﺍﻨﺤﻁﺎﻁ ﻫﻤﺘﻪ ،ﻜﻴﻑ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ) ﺍﺒﻥ ﺯﺒﻴﺒﺔ ( ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻷﺨﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻋﺔ ﻭﻫﻭ ﻴﺭﺴﻑ ﻓﻲ ﺃﻏﻼل ﻋﺒﻭﺩﻴﺘﻪ ،ﻭﻟﻘﺩ ﻋﺒﺭ ﺒﺎﺴﻤﻪ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻋﻨﺘﺭﺓ ﻤﺨﺎﻁﺒﺎ ﺸﻴﻭﺥ ﻗﺒﻴﻠﺘﻪ: ﻭﻋﻨﺩ ﺍﺼﻁﺩﺍﻡ ﺍﻟﺨﻴل ﻴﺎ ﺍﺒﻥ ﺍﻷﻜﺎﺭﻡ
ﻴﺩﻋﻭﻨﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻡ ﻴﺎ ﺍﺒﻥ ﺯﺒﻴﺒﺔ
ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻭﺭﻏﻡ ﺫﻟﻙ ،ﻓﻜﻤﺎ ﻟﻠﻁﺒﻴﻌﺔ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﺭﺒﻴﻊ ﻴﻨﺒﺕ ﺍﻷﺯﻫﺎﺭ ﻭﻟﻭ ﻋﻠﻰ ﺤﻭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎﺕ ،ﻓﺈﻥ ﻟﻠﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻨﻨﻪ ﺇﺫ ﺃﻥ ﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺭﺒﻴﻊ ﺴﺎﻟﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﻴﺫﻭﺏ ﻭﺴﻴﺫﻭﺏ ، ﻭﺴﺘﺘﺴﺭﺏ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﺘﺤﺕ ﺃﺸﺩ ﺍﻟﺠﺩﺭﺍﻥ ﺼﻼﺒﺔ ،ﻓﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻫﻲ ﺸﺎﻏﻠﺔ ﺍﻟﺤﻘل ﺍﻟﺩﻻﻟﻲ ﻟﻠﻔﻜﺭ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻓﺎﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺫﻟﺕ ﻓﻲ ﺒﺤﺭ ﺍﻟﺴﻨﺘﻴﻥ ﺍﻟﻔﺎﺌﺘﺘﻴﻥ ﻟﻥ ﺘﻀﻴﻊ ﻫﺒﺎﺀ ،
ﻟﻘﺩ ﺍﻨﺤﻔﺭﺕ ﻜﻭﺸﻡ ﻓﻲ ﺠﺴﺩ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻭﺫﺍﻜﺭﺘﻪ ،ﻓﺫﻭﺒﺎﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﺴﻴﺒﺭﺩ ﺍﻷﺩﻤﻐﺔ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻭﻴﺠﺒﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ
ﺍﻻﻨﺼﻴﺎﻉ ﻟﻠﺘﻜﻴﻑ ﻤﻊ ﺯﻤﻥ ﺜﻭﺭﺓ ﺍﻻﺘﺼﺎﻻﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ،ﻭﺘﺤﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﻴﺔ ﻜﻭﻨﻴﺔ ،ﻭﻟﻥ ﺘﻔﻴﺩﻫﺎ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻻﻋﻴﺏ ﺍﻟﺭﺨﻴﺼﺔ ﻓﻲ ﺘﺴﺠﻴل ﺍﻷﺸﺭﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﺠﻴﻥ ﺨﻔﻴﺔ ،ﺒﻬﺩﻑ ﺍﻟﻭﺸﺎﻴﺔ ﻭﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻔﹼﺭﻭﻨﻪ ،ﻟﻴﻅﻠﻭﺍ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻴﺴﺘﺒﻴﺤﻭﻨﻪ ﺘﺤﺕ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ .
ﻓﺎﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﻟﻡ ﺘﻌﺵ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺸﻌﺔ ،ﻭﻟﻥ ﺘﻭﺠﻪ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺴﻠﻭﻜﻬﺎ ﻟﺤﻅﺔ ﺠﻨﻭﻥ
ﺃﺫﻫﻠﺕ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻴﻨﺤﻔﺭ ﺃﺨﺩﻭﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻼ ﺴﺒﻴل ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ 177
ﺍﻟﺫﻫﻭل ﺇﻻ ﹺﺒﺭَﺩﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺨﺩﻭﺩ ،ﻭﺒﺭﺩﻤﻪ ﻓﻘﻁ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩ ﺼﻔﺘﻬﺎ ﻜﺩﻭﻟﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜل ﻻ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺠﺯﺀ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﻤﺔ ﻻ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻻ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺨﻔﻰ ﺘﺤﺘﻬﺎ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﻁﺎﻭﻴﻁ ﺍﻟﺨﺭﺍﺏ ،ﻭﺴﺩ ﺯﻴﺯﻭﻥ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻟﻤﺎ ﺒﻨﺘﻪ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ﺍﻟﻤﻠﻭﺜﺔ ﺒﺎﻟﺩﻤﺎﺀ ﻭﺁﺨﺭﻫﺎ ﺩﻤﺎﺀ ﻭﺠﻪ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ !
ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﻨﻌﺘﻪ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﺴﺘﻤﺭ ﻓﻲ ﻨﺴﻴﺞ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺤﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻟﺠﺎﻥ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ،ﻭﻗﺩ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻭﺤﺩ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ – ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ -ﻤﻊ ﻓﻜﺭ ﻭﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﺒﺴﺘﻤﻴﺎ )ﺍﻹﺒﺴﺘﻴﻡ ﺍﻹﻨﻘﻼﺒﻲ ﺍﻟﻌﻨﻔﻲ ( ،ﻭﻟﻡ
ﻴﺒﻕ ﻤﻥ ﻴﺘﺨﺒﻁ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻤﺎﺀ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻲ ﺍﻟﻌﻨﻔﻲ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻴﺫﻭﺏ ﺠﻠﻴﺩﻫﺎ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺫﻭﺒﺎﻥ ﺍﻟﺒﻁﻲﺀ ﻟﻠﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻭﻤﻥ ﺨﻼل ﺩﺒﻴﺏ ﻤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺠﻠﻴﺩ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻘﻌﻴﺔ ﺍﻵﺴﻨﺔ ﺘﺤﺕ ﺒﻨﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ) ﺍﻟﺯﻴﺯﻭﻨﻴﺔ ( ،ﻓﻼ ﻗﻀﺎﺀ ﻭﻻ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻭﻻ ﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﻻ ﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﻭﻻ ﻁﺒﺎﺒﺔ ﻭﻻ ﻤﺸﺎﻓﻲ ﻭﻻ ﺴﺩﻭﺩ ﻭﻻ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﺇﻻ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻤﻼﻁﻬﺎ ،ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﻭﺍﺠﻬﺘﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﺸﺭﺱ ﺤﺎﺭﺴﻬﺎ .
ﺃﻥ ﻨﺒﺩﺃ ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺒﺩﺃ ﺒﻨﺎ ﺍﻵﺨﺭﻭﻥ ،ﻭﺒﻭﺵ ﻭﺸﺎﺭﻭﻥ ﺠﺎﻫﺯﺍﻥ ﻟﺫﺒﺢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ! ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ /٥ -ﺘﻤﻭﺯ -ﻴﻭﻟﻴﻭ ٢٠٠٢/
178
ﻭﺩﺍﻋ ﹰﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺈﻋﺩﺍﻤﻙ
ﻨﻌﻡ ﻴﺎ ﺃﺨﻲ ﻋﺎﺭﻑ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﻲ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺤﻜﻡ ﺒﻌﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻓﻬﺫﺍ ﺤﻜﻡ ﺒﺈﻋﺩﺍﻤﻙ ،ﻷﻥ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺃﻤﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﺜﻼﺙ ﻭﺴﺘﻭﻥ ﻜﻤﺎ ﺃﺨﺒﺭﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ،ﻓﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻙ ﻭﻟﻨﺎ ﻭﺃﻨﺕ ﻤﺭﻴﺽ ﻜﻜل ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﺃﻥ ﻨﻀﻤﻥ ﺃﻨﻙ ﺴﺘﻌﻴﺵ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻥ ؟ ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻻ ﻨﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل ﻟﻙ ﻭﺩﺍﻋﺎ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ! ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺩ ﻋﻠﻤﻲ ﻭﻋﻤﺭﻱ ﻟﻡ ﺃﺴﻤﻊ ﺒﺄﻥ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﺤﺒﺱ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻩ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ
ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻲ ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻹﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ،ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻨﻁﻠﻘﻨﺎ ﻤﻥ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻫﻲ ﺴﻨﺔ ، ١٩١٦ﻨﺠﺩ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺒﻴﻥ ﻜل ﺸﻬﺩﺍﺀ ﺃﻴﺎﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺸﻨﻘﻬﻡ ﺠﻤﺎل ﺒﺎﺸﺎ ﺍﻟﺴﻔﺎﺡ ﻤﻥ ﺒﻠﻎ ﻋﻤﺭﻩ ﺍﻟﺴﺘﻴﻥ ،ﻭﻻ ﻨﻌﺭﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻹﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻤﻨﺎﻀﻼ ﻭﻁﻨﻴﺎ ﺤﻜﻡ ﺒﺎﻟﺴﺠﻥ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺴﺘﻴﻥ ،ﻭﻻ ﻨﻌﺭﻑ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻘل ﻭﻫﻭ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺴﺘﻴﻥ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﻜل ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻤﻥ ﺍﻋﺘﻘل ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺴﺘﻴﻥ ،ﺒل ﻜل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻗﻀﻭﺍ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﺨﺭﺠﻭﺍ ﺃﻭ ﺘﻭﻓﻭﺍ ﻭﻫﻡ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﻡ ﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤﺴﺎﺠﻴﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻓﻘﺩ ﺨﺭﺝ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﻋﻤﺭﻩ ، ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﻌﻭﺩ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻥ ،ﻭﺘﻠﻙ ﻤﺄﺌﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﻴﻀﻴﻔﻬﺎ ﺼﻨﺎﺩﻴﺩ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭ )ﻗﺒﻀﺎﻴﺎﺘﻬﺎ( ﺍﻟﺠﺩﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺇﺼﻼﺡ ﻭﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻵﺨﺭ !
ﻫﺫﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻟﻜل ﺍﻟﺒﺸﺭ ،ﻓﻜﻴﻑ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻋﻤﺭ ﺨﺒﻴﺭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ، ﺃﺴﺘﺎﺫ ﺠﺎﻤﻌﻲ ،ﻜﺎﺘﺏ ﻭﺒﺎﺤﺙ ،ﻭﻋﻤﻴﺩ ﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻓﻌﻨﺩﻫﺎ ﻻ ﻴﺤﺴﺏ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﺒﺎﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻴﺤﺴﺏ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻭﻗﺘﺎ ﻟﻺﻨﺠﺎﺯ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﺍﻹﻀﺎﻓﺔ ،ﻓﻌﻨﺩﻫﺎ ﻴﺨﺸﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﻤﻥ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﺘﺠﺎﻩ ﺃﻤﺔ ﻷﻨﻬﻡ ) ﺭﺠﺎل ﺍﻟﻌﻠﻡ ( ﻫﻡ ﺼﻭﺘﻬﺎ ،ﻭﺼﻭﺭﺘﻬﺎ ،ﻭﻋﻘﻠﻬﺎ ، ﻭﺭﻭﺤﻬﺎ ،ﻓﺒﺌﺴﺕ ﺃﻤﺔ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻠﻤﺎﺅﻫﺎ ﻭﻤﻔﻜﺭﻭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ،ﻭﻟﺼﻭﺼﻬﺎ ،ﻭﺴﺎﺭﻗﻭﻫﺎ ،
ﻭﻤﻨﺘﻬﻜﻭ ﺤﺭﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻜﺭﺍﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻫﻡ ﺍﻟﻁﻠﻘﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺴﻴﺩﻭﻥ .
ﻓﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻌﻼﺀ ﺍﻟﻤﻌﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺘﺩ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻬﺎﺒﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﺠﻴﺵ ﺍﺒﻥ ﻤﺭﺩﺍﺱ ﻭﺍﻟﻲ ﺤﻠﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺠﺭﺩ ﺤﻤﻠﺔ ﺘﺄﺩﻴﺏ ﻟﻠﻤﻌﺭﺓ ،ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺎﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻲ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻭﺼﻭﻻ ﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ،ﻟﻡ ﻴﻌﺘﻘل ﻓﻴﻬﺎ ﺭﺠل ﻋﻠﻡ ﺃﻭ ﻓﻜﺭ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﺎﺒﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻻﻨﻜﺸﺎﺭﻴﺔ ﻤﻘﺎﻤﻪ ﻓﻠﻡ ﺘﺘﺠﺭﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ،ﻓﺄﻭﻋﺯﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺒﺎﺸﻬﺎ ﻤﻥ
179
ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩﻴﻥ ﺒﻤﺠﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺘﺯﻗﺔ ) ﺃﺒﻭ ﺍﻟﻬﺩﻯ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩﻱ ( ﻟﻠﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻟﻤﺎﺠﺩ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﻹﻜﺭﺍﻫﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﺭ ،ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺎﻟﻌﻬﺩ ﺍﻹﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻀﻁﻬﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ،ﻤﺎ ﺒﻠﻐﻨﺎ ﻤﻥ ﻀﻐﻭﻁﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺯﻜﻲ ﺍﻷﺭﺴﻭﺯﻱ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻁﺎﻟﺒﻪ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻭﻥ ﺃﻥ ﻻ ﻴﻁﻨﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻟﻁﻼﺒﻪ ﻋﻥ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ،ﻷﻨﻬﻡ ﻴﻬﻤﻬﻡ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺜﻭﺭﺘﻬﺎ . ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻟﻡ ﻴﻘﻡ ﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﺍﻟﺫﺍﺌﻌﻲ ﺍﻟﺼﻴﺕ ﺍﻟﻤﺭﻋﺏ ﺒﺎﻋﺘﻘﺎل ﺭﺠل ﻋﻠﻡ ﺃﻭ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﻭ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﺤﺩ ،ﺒل ﺩﻋﻭﺍ ﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺨﺼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺒﻬﺠﺎﺀ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻑ ،ﻭﺃﻗﺎﻤﻭﺍ ﻟﻪ ﺃﻤﺴﻴﺔ ﺸﻌﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻜﺘﺒﺔ ﺍﻷﺴﺩ ،ﻓﻠﻡ ﻴﺭﺍﻋﻲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ – ﻭﻷﻨﻪ ﻜﺒﻴﺭ – ﺤﺘﻰ ﺃﺼﻭل ﻟﻴﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ،ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻗﺼﺎﺌﺩ ﻤﻠﻴﺌﺔ ﺒﺎﻻﻴﺤﺎﺀﺍﺕ
ﺍﻟﻤﺯﻋﺠﺔ ﻭﺍﻟﻤﺅﻟﻤﺔ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﺘﺩﺒﻴﺭ ﻗﺎﻡ ﺒﻪ ﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺍﻟﺴﻠﻑ ﺃﻨﻬﻡ ﻟﻡ ﻴﺒﺜﻭﺍ ﻗﺼﺎﺌﺩ ﺍﻟﺴﻬﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻤﻜﻠﻔﺎ ﺒﺘﺴﺠﻴﻠﻬﺎ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺴﻬﺭﺓ ﻤﻊ ﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ " .ﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻭﺼل ﺸﺭﻴﻁ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴل ﺇﻟﻰ ﻜل ﺍﻟﻨﺎﺱ ! ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﻭﻨﻭﺱ ﻓﻲ ﻤﺴﺭﺤﻴﺘﻪ " ﻴﻭﻡ ﻤﻥ ﺯﻤﺎﻨﻨﺎ " ﻴﺼل ﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﻬﻴﺭ ﺒﺘﺴﻠﻁ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺩﺭﺠﺔ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺃﻨﻪ ﻴﻔﻀل " ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﻻ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﺹ ﻤﻊ ﺩﻭﻟﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺎﻡ " ﻋﻠﻰ ﺤﺩ
ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻤﺴﺭﺤﻴﺘﻪ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﻜﺭﻡ ﺍﻟﺭﺠل ﻭﺃﻫﺘﻤﺕ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺒﻤﺭﻀﻪ ﻭﻋﻼﺠﻪ ،ﺒل ﻭﺍﻟﺘﺒﺎﻫﻲ ﺍﻹﻋﻼﻤﻲ ﺒﺘﺭﺸﻴﺤﻪ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﺌﺯﺓ ﻨﻭﺒل . ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ ﺴﻠﹼﻁ ﺴﻬﺎﻡ ﻏﻀﺒﻪ ﻭﻨﻘﺩﻩ ﺍﻟﻌﻨﻴﻑ ﺇﻟﻰ ﻜل ﺤﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺇﻋﻼﻨﻪ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﻁﻥ ﻜﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﻟﻪ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺴﺄﺨﻭﻥ ﻭﻁﻨﻲ " ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﺭﺴﻠﺘﻪ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﻤﺸﻜﻼﺕ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺎﻨﻲ ﻤﻨﻬﺎ .
ﻫﺅﻻﺀ ﻨﻤﺎﺫﺝ ﻟﻠﺼﻭﺕ ﺍﻷﺩﺒﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻉ ،ﻟﻜﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﻨﺎ ﻨﻜﺘﺏ ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻭﺃﺒﺤﺎﺜﺎ ﻓﻜﺭﻴﺔ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻟﻡ ﻨﻜﺘﺏ ﺒﺸﺠﺎﻋﺔ ﺃﻗل ،ﻭﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻜﺎﻥ ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺸﺠﻌﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ . ﻓﻬل ﻭﺼﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺘﺭﺤﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺍﻟﺴﻠﻑ ،ﻭﺴﻠﻑ ﺍﻟﺴﻠﻑ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﺒﻥ ﻤﺭﺩﺍﺱ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻭﺘﻪ ﻭﺒﻁﺸﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻁﺄﻁﺊ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﻬﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ،
ﺃﻤﺎﻡ ﺭﺠﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺠﺩﻴﻥ ﺍﻟﻨﺯﻴﻬﻴﻥ ﺍﻟﺸﺭﻓﺎﺀ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﻁﺒﻠﻴﻥ ﺍﻟﻤﺯﻤﺭﻴﻥ ﺍﻟﺴﻔﻬﺎﺀ ! ﻟﻡ ﻴﺤﺘﺭﻤﻭﺍ ﺴﻨﻙ – ﻴﺎ ﺃﺨﻲ ﻋﺎﺭﻑ – ﻜﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺤﺘﺭﻤﻭﺍ ﻋﻠﻤﻙ ،ﻟﻘﺩ ﻏﺩﻭﺕ ﻜﻜل ﻜﺘﺎﺏ ﻭﻤﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﺔ ﺯﺍﺌﺩﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ،ﺒل ﺃﺼﺒﺢ ﻭﺠﻭﺩﻙ ﺫﺍﺘﻪ ﻓﺎﻀﺤﺎ ﻟﻭﺠﻭﺩﻫﻡ ﻓﻼﺒﺩ ﺇﺫﻥ ﻤﻥ ﺴﺠﻨﻙ !
ﻴﺼﻭﺭ ) ﻗﺒﻀﺎﻴﺎﺕ ( ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻷﻏﺭﺍﺭ ﻋﻥ ﺠﻬل ﺃﻭ ﻋﻥ ﺘﺠﺎﻫل ﻟﻠﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ،ﺃﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﺯﻤﻼﺀﻩ ﻓﻲ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻴﺘﻁﺎﻭﻟﻭﻥ ﻋﻠﻰ 180
ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻭﻴﺴﺘﻀﻌﻔﻭﻨﻪ ،ﺠﺎﻫﻠﻴﻥ ﺃﻭ ﻤﺘﺠﺎﻫﻠﻴﻥ ﺃﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻤﺎ ﺍﻟﺘﻘﻭﺍ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻥ )(٩٩ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻟﻭ ﻟﻡ ﻴﺠﻤﻌﻬﻡ ﺼﻭﺕ ﻨﻘﺩﻱ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﻁﻭﻴل ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﺘﻔﺎﺀﻟﻭﺍ ﺒﺎﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺘﻁﺎﻭﻟﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ !
ﻭﺇﻻ ﻤﺎ ﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻤﻁﺭﻭﺩﺍ ﻤﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺠﻨﺭﺍﻻﺕ
ﺍﻟﺫﺍﺌﻌﻲ ﺍﻟﺼﻴﺕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺠﺩﻭﺍ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ،ﺼﻭﺕ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ) ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ( ، ﺴﻭﻯ ﺇﺒﻌﺎﺩﻩ ﻋﻥ ﻋﻤﻠﻪ ﻭﻤﺠﺎل ﺘﺄﺜﻴﺭﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ،ﻟﻜﻥ ﻟﻡ ﻴﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺒﺎﻟﻬﻡ – ﻗﻁ – ﺃﻥ ﻴﺤﺒﺴﻭﺍ ﻤﺜﻘﻔﺎ ،ﺭﻏﻡ ﻗﺩﺭﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﻬﺎﺌﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺒﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﻜﺎﻤﻠﻪ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎﻓﻌﻠﻭﻩ ! ﺇﻥ ﺃﻗﺼﻰ ﻋﻘﻭﺒﺔ ﻟﻘﻴﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﻟﻴﺱ ﺒﺎﺴﺘﺩﻋﺎﺌﻨﺎ ﻟﻜل ﻤﻘﺎل ﻨﻜﺘﺒﻪ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺤﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ،ﺒل ﺃﺒﻌﺩﻭﻨﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺱ ﺒﺎﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﻷﻨﻬﺎ ﻤﺭﻜﺯ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺤﺴﺏ ﺭﺃﻴﻬﻡ ،ﻭﺃﻭﻗﻔﻨﺎ
ﻟﻠﻴﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﻭﻟﻴﻠﺔ ﻫﻨﺎﻙ ،ﻟﻜﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﻀﺭﺏ ﻭﻻ ) ﺒﻭﻜﺱ ( ﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺒﺎﻟﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﻜﺎﺘﺒﺎ ﺃﻭ ﺒﺎﺤﺜﺎ ﺃﻭ ﻤﻔﻜﺭﺍ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﺒﺱ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻷﻴﺎﻡ ،ﻷﻨﺎ ﻋﺭﻓﻨﺎ ﺨﻁﻭﻁﻬﻡ ﻭﻋﺭﻓﻭﺍ ﺨﻁﻭﻁﻨﺎ ،ﻤﻨﻁﻠﻘﻴﻥ ﻤﻥ ﺤﺼﺎﻨﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻻ ﻴﺤﺒﺱ ، ﻭﻟﻡ ﻴﺤﺒﺱ ﻓﻲ ﻜل ﺍﻷﺯﻤﻨﺔ ،ﻭﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻨﺎ ﺴﺎﺒﻕ ﻨﺼﺤﻨﺎ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺼﻨﺎﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺍﺡ ﻴﺘﻬﺩﺩﻨﺎ
ﻭﻴﺘﻭﻋﺩﻨﺎ – ﺃﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﺘﻌﻠﻡ ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺎﺭﺱ ﻋﺘﻴﺩ ﻓﻲ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ
ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻲ ،ﻭﻜﻨﺎ ﻨﺼﻨﺤﻨﺎﻩ ﺒﻤﺭﺍﺠﻊ ﻟﺫﻟﻙ ،ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺨﻁﺒﺔ " ﺯﻴﺎﺩ ﺒﻥ ﺃﺒﻴﻪ " ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ " ﺍﻟﺒﺘﺭﺍﺀ " ﻭﺒﺩﺃﻨﺎ ﺒﻨﺼﻴﺤﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﻤﻔﺎﺩﻫﺎ ﻗﻭل ﺯﻴﺎﺩ " ﺇﻨﻲ ﻟﻭ ﻋﻠﻤﺕ ﺃﻥ ﺃﺤﺩﻜﻡ ﻗﺘﻠﻪ ﺍﻟﺴل ﻤﻥ ﺒﻐﻀﻲ ﻟﻡ ﺃﻜﺸﻑ ﻟﻪ ﻗﻨﺎﻋﺎ ﻭﻟﻡ ﺃﻫﺘﻙ ﻟﻪ ﺴﺘﺭﺍ ﺤﺘﻰ ﻴﺒﺩﻱ ﻟﻲ ﺼﻔﺤﺘﻪ " ... ﻭﻗﻠﻨﺎ ﻟﻬﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﺫﺍﺘﻪ ﻻ ﻴﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻹﻅﻬﺎﺭ ﻭﺍﻹﻋﻼﻥ ﻭﻟﻴﺱ
ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻁﻠﺏ ﻤﺩﻨﻲ ،ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻴﻬﺩﻑ ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻜﻴﺎﻥ ﺍﻷﻤﺔ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻭﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﻓﺄﻤﺭﻩ ﻤﻭﻜﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﺎﻥ ،ﻷﻥ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﺃﻤﺭ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﻋﻼﻡ ﺍﻟﻐﻴﻭﺏ . ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ،ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺔ ﺨﺒﺭﺘﻬﻡ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﻔﺎﺩﺘﻬﻡ ﻤﻥ ﺨﺒﺭﺓ ﻤﻌﻠﻤﻴﻬﻡ ﺍﻟﻤﺨﻀﺭﻤﻴﻥ ،ﺤﺭﻤﺘﻬﻡ ﻤﻥ ﻓﻬﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ) ﻤﻥ ﻴﺘﺠﻨﺒﻨﺎ ﻨﺘﺠﻨﺒﻪ ( ﻤﺎﺩﺍﻡ ﻟﻡ ﻴﺒﺩ ﻟﻨﺎ ﺼﻔﺤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺯﻴﺎﺩ ، ﺃﻤﺎ ﺃﻥ ﻨﻀﻊ ﺃﺸﺭﻁﺔ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴل ﻟﻨﻌﺭﻑ ﻤﺎﺫﺍ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺨﻠﻭﺍﺘﻬﻡ ،ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻴﻜﻨﻭﻥ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺨﻠﻬﻡ
،ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻴﺤﺒﻭﻥ ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻴﻜﺭﻫﻭﻥ ،ﻓﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻘﺫﺭﺓ ﺒﻌﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺼﻨﺎﺩﻴﺩ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻁﻤﺤﻭﻥ ﻓﻌﻼ ﻟﺴﺒﺭ ﺃﻏﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻤﻥ ﻴﺤﺒﻬﻡ ﻭﻤﻥ ﻴﻜﺭﻫﻬﻡ ،ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻤﻀﻁﺭﻭﻥ – ﺃﻤﺎﻡ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻡ ﻫﺫﻩ – ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻘﺎل % ٩٩,٩٩ﻭ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻬﻡ ! ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﺘﺴﺠﻴل ﺍﻷﺸﺭﻁﺔ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻗﺩﻴﻤﺔ ،ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻼﻋﺏ ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻷﺼﻭﺍﺕ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﺍﻷﺸﻜﺎل ،ﻭﺃﻥ ﺘﺴﺠﻴل ﺍﻷﺸﺭﻁﺔ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻤﻌﺘﻤﺩﺍ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ
ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺠﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺯﺒﺎﻨﻴﺔ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺇﻴﺼﺎل ﺭﺴﺎﻟﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺃﻨﻪ ﻻ ﺤﺼﺎﻨﺔ ﻭﻻ ﻤﻘﺎﻡ ﻭﻻ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﻷﺤﺩ ﺃﻤﺎﻡ ) ﻓﺘﻭﻨﺘﻬﻡ ( ﻭﻋﻀﻼﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﻟﺔ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻴﻌﺭﻓﻭﻥ ﺃﻥ 181
ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺍﻟﺘﻘﻰ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﻭﺃﻋﻠﻥ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﺭﺴﻤﻴﺎ ﻭﺇﻋﻼﻤﻴﺎ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﺒﻌﺙ ﺘﻔﺎﺅل ﻭﺍﺴﺘﺒﺸﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﺅﺸﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ ،ﻤﺎﺩﺍﻡ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻴﺴﺘﺸﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ،ﻓﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﺸﺎﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﻓﺜﻤﺔ ﺍﻟﺼﺩﻕ ﻭﺍﻟﺼﺩﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻕ
ﻭﺍﻟﻨﺯﺍﻫﺔ.
ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺯﺒﺎﻨﻴﺔ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺒﺎﻟﻤﺭﺼﺎﺩ ،ﺯﺒﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻤﺴﺭﺓ ﻭﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺏ ﻭﺍﻟﺴﻁﻭ ،ﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻁﻐﻡ ﺍﻟﻠﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﺃﺜﺭﻴﺎﺀ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺩﺭ ،ﻭﻭﺍﺼﻠﻭﺍ ﺍﻟﺭﺤﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ﻓﻲ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﺫﻫﺏ ﺒﻔﻀل ﺩﻋﻭﺍﺕ ﺃﻤﻬﺎﺘﻬﻡ ،ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻴﺤﻀﺭ ﻫﺅﻻﺀ ﻻ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻌﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺴﺠﻥ ،ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ) ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ -ﺍﻷﻤﻨﻲ ( ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻁﻤﺌﻥ ﻨﻔﻭﺴﻬﻡ ﺍﻟﺠﻭﻑ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ
ﻟﻜﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺭ ﻟﺭﺠل ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺴﺘﻴﻥ !
ﺍﻟﺤﻕ ﻴﻌﺭﻑ ﺒﺎﻟﺭﺠﺎل ،ﻭﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﺤﻕ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﺇﻻ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻔﻨﻭﻥ ﺫﺍﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺨﻠﻕ ،ﻫل ﻫﻲ ﺼﻭﻓﻴﺔ ؟ ﻨﻌﻡ ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻤﻌﺎﻨﻘﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﻨﻘﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻟﻴﺱ ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻲ ،ﺒل ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ،ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺫﻟﻜﻡ ﻫﻡ ﻀﻨﺎﺌﻥ ﺍﷲ ﺍﻷﺒﺩﺍل ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻷﺠل ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﻡ ﻴﺤﻔﻅ ﺍﷲ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻜﻭﻥ ،ﻭﻴﺤﺩﺩ ﺍﻟﺒﺴﻁﺎﻤﻲ ﻭﺍﻟﺤﻼﺝ
ﻭﺍﺒﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺠﻨﻴﺩ ﻋﺩﺩ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻷﺒﺩﺍل ﺒﺎﻟﻤﺌﺔ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻭﻻﻫﻡ ﻟﺠﻌل ﺍﷲ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻤﻠﻌﻭﻨﺔ ﻤﻁﺭﻭﺩﺓ ﻤﻥ ﺭﺤﻤﺘﻪ ﻭﻟﺩﻜﻬﺎ ﺩﻜﺎ ،ﻭﻟﻴﻌﻠﻡ ﺃﺒﺎﻁﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻭﻨﻬﺏ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ
ﺒﺒﺭﻜﺔ ﻀﻨﺎﺌﻥ ﺍﷲ ﻭﺃﺤﺒﺎﺌﻪ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻤﻨﺤﻭﺍ ﺤﻴﺎﺘﻬﻡ ﻟﺸﻌﻭﺒﻬﻡ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬﻡ . ﻋﺎﺭﻑ ﻤﻥ ﺃﻭﻟﺌﻙ ،ﻋﺭﻓﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺔ ١٩٧٠ﺃﺴﺘﺎﺫﺍ ﺠﺎﻤﻌﻴﺎ ﻓﻲ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺒﺤﻠﺏ ،ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻤﺠﺎﺫﻴﺏ ﺍﻟﻬﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﺤﻴﺜﻤﺎ ﻴﺴﻴﺭ ﺘﺠﺩﻩ ﻤﻊ ﻁﻼﺒﻪ ﻴﻨﺎﻗﺵ ﻭﻴﺤﺎﻭﺭ ﻭﻴﺭﺴﻡ ﺼﻭﺭﺓ ﻟﻭﻁﻥ ﻁﻭﺒﻰ
ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻁﻭﺒﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻁﻭﺒﻰ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﻁﻭﺒﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻭﻟﺩ ﻭﺘﺭﻋﺭﻉ ﻭﻜﺒﺭ ﻓﻲ ﺤﻀﻥ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻫﻤﻭﻡ ﺍﻷﻤﺔ ،ﻓﻼ ﻴﺘﺼﻭﺭﻩ ﺨﻴﺎل ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺇﻻ ﻤﺤﺎﻭﺭﺍ ،ﻤﻨﺎﻗﺸﺎ ،ﻭﻜﺄﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻟﻪ ﺸﺄﻥ ﺸﺨﺼﻲ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ،ﻫﺫﺍ ﻟﻴﺱ ﻤﻊ ﻁﻼﺒﻪ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﻤﻊ ﺯﻤﻼﺌﻪ ،ﻭﺭﻓﺎﻗﻪ ، ﻭﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻪ ،ﺤﺘﻰ ﻓﻭﺠﺌﻨﺎ – ﺫﺍﺕ ﻤﺭﺓ -ﻭﻓﻲ ﻤﺤﻁﺔ ﻤﻥ ﻤﺤﻁﺎﺕ ﺼﺩﺍﻗﺘﻨﺎ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻴﺠﻴﺩ
ﺍﻟﻤﺯﺍﺡ ﻭﺍﻟﻀﺤﻙ ،ﻭﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺒﺩﺍﻫﺔ ﺍﻟﺴﺭﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻕ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺼﻭﺭﺓ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻨﺎ ﺘﻀﺎﻑ ﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺘﻠﻔﻅ ﻫﺠﺭﺍ ،ﻭﻻ ﻴﺘﻔﻭﻩ ﻟﺴﺎﻨﻪ ﺍﻟﻨﻅﻴﻑ ﺒﺒﺫﺍﺀﺓ ﻗﻁ ﺤﺘﻰ ﻨﺤﻭ ﺍﻷﻋﺩﺍﺀ ، ﻓﻤﻥ ﺃﻴﻥ ﻟﻠﻤﻼﻜﻤﻴﻥ ﺍﻷﺸﺭﺍﺭ ﺃﻥ ﻴﺴﺠﻠﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﻴﺊ ﺤﺘﻰ ﻟﻸﻋﺩﺍﺀ ؟ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﻟﻌﺎﺭﻑ ﺃﻥ ﻴﻨﻤﻁﻭﻩ ،ﻭﻴﻬﻴﻜﻠﻭﻩ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻴﺴﻴﻬﻡ ﺍﻟﺤﺯﺒﻭﻴﺔ ،ﻓﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ، ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﺠﺩﻩ ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻭﻴﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ ،
ﺃﺭﺍﺩﻭﻩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺎﺯﻫﻡ ﺍﻟﻔﺎﺴﺩ ﻋﺒﺭ ﺸﺭﺍﺌﻪ ﺒﻤﻨﺼﺏ " ﻋﻤﻴﺩ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ " ﻓﻲ
182
ﺩﻤﺸﻕ ،ﻓﻘﺒل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻤﻴﺩﺍ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻤﻴﻼ ،ﺃﺭﺍﺩﻭﻩ ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ﻓﺌﻭﻴﺎ ﺼﻐﻴﺭﺍ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻤﻨﺘﺸﺭﺍ ﻜﺎﻟﻀﻭﺀ ﻗﻭﻤﻴﺎ ﻭﻭﻁﻨﻴﺎ . ﻜﻨﺕ ﺃﺤﺴﺩﻩ ﺤﺒﺎ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺩﻋﻰ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺤﻠﺏ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺩﺕ ﻤﺩﻴﻨﺘﻪ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺒﻌﺩ
ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﻟﻭﺩ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻓﺄﺠﺩ ﺍﻟﺤﺸﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﻀﻨﻪ ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﺃﺠﺩﻫﺎ ﺃﻨﺎ ﺍﺒﻥ ﺤﻠﺏ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻋﺭﻓﺕ ﺍﻟﺴﺭ ،ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻻ ﻭﻗﺕ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﻟﺘﺫﻭﻕ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻨﺴﺎﻨﻴﺘﻬﻡ ﻤﺩﺍﺴﺔ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﻻ ﻴﻘﻑ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺘﺨﻭﻡ ،ﺒل ﻴﻘﺘﺤﻡ ﻭﻴﻭﻏل ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﺡ ﻹﻟﺘﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﻴﻜﺭﻭﺏ ،ﻓﻴﻜﻭﻥ ﻨﻘﺎﺸﻪ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺤﻭل ﻟﻘﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻤﻌﺎﺸﻬﻡ ،ﻫﻤﻭﻤﻬﻡ ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ،ﺍﻤﺘﻬﺎﻥ ﻜﺭﺍﻤﺘﻬﻡ ،ﺴﺤﻕ ﺍﻨﺴﺎﻨﻴﺘﻬﻡ ،ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻀﺎﻗﺕ ﺒﻪ ﺼﺩﻭﺭ ﻟﺼﻭﺹ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺨﺎﺘﻤﺔ ﺍﻟﻤﻁﺎﻑ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺭﺸﺢ ﻟﻼﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ( ﺭﻏﺒﺔ ﻤﻨﻪ ﻓﻲ ﺃﻥ ) ﻴﺒﺭﻟﻡ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ( ﻟﻜﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻻ " ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺭﻋﺎﻴﺎ " ،ﻓﺘﻁﻭﻉ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻟﻜﻲ ﻴﻭﺯﻋﻭﺍ ﻗﺼﺎﺼﺔ ﺍﻟﻭﺭﻕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﺴﻊ ﺇﻻ ﻻﺴﻤﻪ ﺍﻟﻤﺭﺸﺢ ،ﻟﻘﺩ ﺘﺭﺸﺢ ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺃﺼﻭﺍﺕ ﺩﻤﺸﻕ ﻜﻠﻬﺎ ﻟﻭ ﺍﻨﺼﺒﺕ ﻓﻲ ﺼﻨﺩﻭﻗﻪ ﻓﻠﻥ ﻴﺠﺩ ﺇﻻ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭﺓ ﺴﻠﻔﺎ ،ﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻬﺎﻤﺵ ﺍﻟﻤﺘﺎﺡ ) ﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻡ ( ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻴﺘﻭﺍﺼل ﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺤﺒﻬﻡ ﻭﺃﺤﺒﻭﻩ
. ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻲ ﻤﻘﻨﻥ ،ﻭﻤﺤﺩﺩ ،ﻭﻤﻭﺠﻪ ،ﻭﻤﻠﺘﺯﻡ ﺒﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﻭﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﻭﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻤﻥ ﻴﻘﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒﻭﺏ ،ﻭﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻐﻀﻭﺏ ،ﻓﻠﻡ ﺘﺠﺩ ﻟﻌﺎﺭﻑ ﻤﻜﺎﻨﺎ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺴﺠﻥ ،ﻭﺤﻜﻤﺎ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ ﻟﻼﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺭ .
ﺒﻌﺩ ﻟﻘﺎﺀ ﻋﺎﺭﻑ ﺒﺎﻟﺭﺌﻴﺱ ،ﺤﺩﺜﻨﺎ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻤﺘﻔﺎﺌﻼ ﻤﺴﺘﺒﺸﺭﺍ ﺒﺄﻥ ﺜﻤﺔ ﻤﻨﺎﺹ ﻟﺸﻡ ﻋﻁﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻨﺕ ﻗﻨﺎﻋﺎﺕ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺩﻭﻥ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ – ﻷﻨﻪ ﻻ ﺤﻴﺎﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ -ﻓﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ،ﻓﺄﻋﻁﻰ ﺘﻔﺎﺅﻟﻪ ﻫﺫﺍ ﺠﺭﻋﺔ ﻟﺭﻓﻊ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴﺎﺕ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﻨﺎ ﻨﻨﺎﻗﺵ ﻓﻜﺭﺓ ﺇﻗﺎﻤﺔ
ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺇﻋﺩﺍﺩ ﻭﺜﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻭﺍﻓﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻤﺸﺎﺭﻜﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺨﻭﻓﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻠﻭﺙ ،ﻭﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺨﻁﻭﺍﺘﻨﺎ ﻤﺤﺎﻴﺜﺔ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ ،ﻓﺈﺫﺍ
ﻤﺎ ﺘﺄﻜﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺨﻁﻭﺍﺕ ﺠﺩﻴﺔ ﻓﺴﻨﺩﻋﻡ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﺍﻨﻘﻀﻭﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺘﺠﺭﺒﺘﻨﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻷﻗﺼﺭ ﻋﻤﺭﺍ ﻓﻲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﺍﻟﺒﺎﻫﻅﺔ ،ﻓﻌﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﻁﻬﺭﺍﻨﻲ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ
ﺨﻤﺱ ﺴﻨﻭﺍﺕ .
183
ﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ،ﺃﻨﺒﻴﻙ ﺃﺨﻲ ﻋﺎﺭﻑ ﻭﺃﺨﻲ ﻭﻟﻴﺩ ،ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﺔ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﺭﻴﻌﺔ ﺒﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﺭ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ،ﻓﺈﻥ ﻤﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﺴﺭﻴﻌﺎ ﺠﺩﺍ ، ﻓﺨﻼل ﺍﻟﺴﻨﺘﻴﻥ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﻤﻭﻀﻭﻋﺎﺕ ﻭﺜﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﻟﻑ ،ﺇﻟﻰ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺭﻜﻨﻴﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﻴﺔ ﻟﻠﻌﻘل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﺭﺍﺠﻊ ﻋﻨﻬﺎ ) ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ – ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ – ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ – ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ – ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ – ﺍﻹﻗﺭﺍﺭ ﺒﺎﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ،ﻭﻨﺯﻉ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ( ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﻤﻔﻬﻭﻤﻴﺔ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻭﻤﺘﺸﺎﺭﻁﺔ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻻ ﺒﺩﻴل ﻋﻨﻬﺎ ﻷﻴﺔ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﻫﻨﺎﻙ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﺃﻴﺔ ﺃﻁﺭﻭﺤﺔ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﻀﺎﺩﺓ ﻷﻁﺭﻭﺤﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺩﺕ ﺃﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺯﺍل ﺘﺅﻤﻥ ﺒﺎﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻟﺴﺠﻥ ﻜﺄﻁﺭﻭﺤﺔ ﻤﻀﺎﺩﺓ ﻭﺤﻴﺩﺓ . ﺒﻴﺩ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺃﻤل ﻭﺘﻔﺎﺅل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃﻥ ﺘﺨﻭﺽ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻟﻼﻨﺴﺠﺎﻡ ﻤﻊ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ ،ﺒﺎﻏﻼﻕ ﺴﺠﻥ ﺘﺩﻤﺭ ﻭﺴﺠﻥ ﻤﺯﺓ ﻭﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ،
ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺨﻁﻭﺍﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻑ ﻜل ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺤﻤﻘﻰ ) ﺍﻟﻤﻼﻜﻤﻴﻥ ﺍﻟﻘﺒﻀﺎﻴﺎﺕ ( ، ﻓﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﺎﻗل ،ﺨﻴﺭ ﻤﻥ ﺃﻟﻑ ﻤﺅﻴﺩ ﺃﺤﻤﻕ ﺠﺎﻫل ﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺩﻭل ﻫﻭ ﺒﺎﻟﺸﻭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﻼﻜﻤﺔ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺒﻨﺎﺌﻬﻡ ﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺒﻨﻤﻭﺫﺝ ﺒﻨﺎﺀ ﺴﺩ "ﺯﻴﺯﻭﻥ " ﻜﺭﻤﺯ ﻟﻜل ﻤﺎ ﺒﻨﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻟﻘﺩ ﺃﺜﺒﺘﻭﺍ ﺃﻥ ﻋﻀﻼﺘﻬﻡ ﻟﻡ ﻴﺘﻡ ﺘﻤﺭﻴﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻀﺩ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻷﺨﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻋﻀﻼﺕ ﺭﺨﻭﺓ ﻭﺍﻫﻨﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻷﻋﺩﺍﺀ !
ﻓﻬل ﺜﻤﺔ ﺠﺭﻋﺎﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﻌﻁﻰ ﻟﻺﺼﻼﺡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﻨﺢ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﺘﺘﺭﻨﺢ ﻤﻌﻪ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻨﺤﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﺍﺴﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﻴﺔ ﺃﻤﺭﻴﻜﻴﺔ –ﺇﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ﻻ ﺘﻘﺒل ﻤﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺴﻭﻯ ﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻭﺍﻻﺴﺘﺴﻼﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ؟ ﺴﺒﻕ ﻭﺤﺫﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻤﻥ ﺘﻔﺸﻲ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺄﺭﻱ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﻤﺯﺍﺝ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ
ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ ﻭﺍﻟﻤﺅﻟﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺘﺘﻔﺸﻰ ﻭﺒﺎﺘﺴﺎﻉ ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﻡ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻻﺤﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﺃﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻪ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﺘﺤﻭل ﻭﻻ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﻭﻻ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺭﻭﺭﺍﺕ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ
ﻗﺒﻭل ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺘﺄﻴﻴﺩﻩ ﻭﺇﻻ ﺴﻨﻌﻴﺵ ﺃﺒﺩ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻔﺭ !
184
ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺤﻜﻡ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻟﻌﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺘﻠﻘﻴﺕ ﺍﺘﺼﺎﻻ ﻫﺎﺘﻔﻴﺎ ﻤﻥ ﻤﺠﻬﻭل ﻗﺩﺭﺕ ﺃﻨﻪ ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺼﺤﻔﻴﺎ ،ﻴﺴﺄﻟﻨﻲ :ﻫل ﺴﻤﻌﺕ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺼﺩﻴﻘﻴﻙ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ ؟ ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﻠﺕ :ﻨﻌﻡ .
ﻗﺎل ﺴﺎﺨﺭﺍ ﺸﺎﻤﺘﺎ :ﺃﻻﺯﻟﺕ ﻤﺘﺤﻤﺴﺎ ﻭﻤﺼﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭﻙ ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﺔ ﻷﻱ ﺘﺩﺨل ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻓﻲ ﺸﺄﻨﻙ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ؟!
ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺜﻤﺔ ﻤﻨﺎﺹ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻀﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﻬﺎ ﻭﺫﻟﻙ ﻟﺘﻌﻤﻴﻕ ﺍﻷﺨﺩﻭﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻁﺎﻤﺤﺔ ﻷﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ،ﺸﺭﻋﻴﺔ ،ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺸﻌﺏ ،ﻻ ﺩﻭﻟﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﺒﻁﹼﺎﺸﺔ ﻭﻟﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ) ﻫﺒﺎﺸﺔ ( ،ﻭﺍﻟﻤﺩﺨل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻗﺭﺍﺭ ﺭﺌﺎﺴﻲ ﺒﺎﻹﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ
ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ،ﻷﻥ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻬﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻹﻓﺭﺍﺝ ﻋﻨﻬﻡ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﻓﻠﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺤﺩ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻴﺼﺩﻕ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻬﺭﻴﺞ )ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺍﻷﻤﻨﻲ(!
• ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ٢٠٠٢/٨/٧ -
185
ﺃﺩﻋﻭ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ* ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻻ ﻟﻜﺎﺘﺏ ﺴﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻴﻭﻡ ٧ﺁﺏ ٢٠٠٢ﺘﺤﺕ ﻨﺸﺭﺕ ﺠﺭﻴﺩﺘﻜﻡ ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻤﺔ ﻤﻘﺎ ﹰ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﻤﻠﻔﺕ ﻭﻤﺜﻴﺭ ﻫﻭ" :ﻭﺩﺍﻋﹰﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﻰ ﻟﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﻋﺩﺍﻤﻙ").(١ ﻭﺃﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﺽ ،ﻓﻬﻭ ﺤ ﺭ ﻓﻲ ﺍﻥ ﻴﻜﺘﺏ ﻭﻴﻨﺘﻘﺩ ﻤﻥ ﻴﺸﺎﺀ
ﻭﻜﻴﻑ ﻴﺸﺎﺀ ،ﻭﻁﺎﻟﻤﺎ ﻴﻌﺭﻑ ﻤﺴﺒﻘﹰﺎ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ﺃﺩﺒﻴﹰﺎ ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻗﻀﺎﺌىﹰﺎ .ﻭﺃﺤﺴﺏ ﺒﺄﻨﻨﻲ ﺃﻭ ﻏﻴﺭﻱ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻬﻤﺘﻪ ﻨﻘﺩ ﺍﻭ ﺍﻨﺘﻘﺎﺩ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻓﻘﻁ ﺒل ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻕ ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺒﺄﻥ ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﻟﻡ ﻴﻌﺠﺒﻨﻲ ﺍﻨﺎ ﻭﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻏﻴﺭﻱ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻋﺠﺏ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﻁﺒﻌﺎﹰ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺴﻨﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻫﻲ ﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﺎﻓﺔ ﻟﺘﻘﺭﺃ ﻭﻟﻴﻘﻭل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻵﺨﺭﻭﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﺠﺏ ﻭﻤﺎ ﻻ ﻴﻌﺠﺏ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺭﺍﺠﻴ ﹰﺎ ﺍﻥ ﻴﺘﻔﻬﻡ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺒﺄﻨﻨﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺘﻲ ﻻ ﺍﺭﻓﺽ ﺍﻥ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻜﺎﺘﺏ ﻋﻥ ﺼﺩﻴﻘﻪ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﺼﺩﻴﻘﻲ ﺃﻴﻀ ﹰﺎ ﻭﺼﺩﻴﻕ ﻤﺘﻤﻴﺯ ﻋﻨﺩﻱ ﻭﻟﻡ ﺃﺠﺩ ﺍﻥ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺍﺘﺨﺫﻩ ﻤﻥ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﻤﻭﻓﻘﺎﹰ،
ﻭﻗﺎﻡ ﺠﺩل ﻁﻭﻴل ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺓ ﺒﻴﻨﻲ ﻭﺒﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻭﺤﻭل ﺸﺅﻭﻥ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻋﺩﻴﺩﺓ.
ﻭﻟﻘﺩ ﻅﻬﺭﺕ ﻭﺇﻴﺎﻩ ﻜﻤﺘﺤﺎﻭﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﺎﺸﺔ ﻓﻀﺎﺌﻴﺔ "ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ" ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ١٣ﺁﺫﺍﺭ ٢٠٠١ﺤﻭل ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻪ ﻤﻭﻗﻔﻪ ﻭﻜﺎﻥ ﻟﻲ ﻤﻭﻗﻔﻲ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩ ﻁﺒﻌﹰﺎ ﻟﻤﻭﻗﻔﻪ ،ﻭﻟﻡ ﺍﺴﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻪ ﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﺭﻏﺒﻭﺍ ﻤﻨﻲ ﺍﻥ ﻻ ﺍﺴﺘﺠﻴﺏ ﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻔﻀﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻥ ﺍﻋﺘﺫﺭ ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺍﺼﺭﻴﺕ ﻭﻭﺍﺠﻬﺕ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻜﺼﺩﻴﻕ ﻭﻜﺭﻓﻴﻕ ﺭﺒﻤﺎ ﻷﻨﻪ ﺠﻤﻌﻨﺎ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﺍﻨﺘﻤﺎﺀ ﻋﻘﺎﺌﺩﻱ ﻭﺤﺯﺒﻲ ﻭﻓﻜﺭﻱ ﻭﺍﺤﺩ .ﻭﻷﻨﻨﻲ
ﻓﻀﻠﺕ ﺍﻥ ﻴﻘﻑ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻪ ﺸﺨﺹ ﺍﻭ ﺼﺩﻴﻕ ﻤﺜﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﻴﻭﺍﺠﻬﻪ ﺁﺨﺭ ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯﻱ ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺠﺭﻩ ﺍﻟﻰ ﻤﺎ ﺃﻨﺠﺭ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ .ﻭﺍﻨﺎ ﺍﻗﻭل ﻤﺼﻤﻤﹰﺎ ﺒﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺠﺭﻩ ﺍﻟﻰ ﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻭﺘﻭﺭﻁ ﻓﻴﻪ .ﻤﻊ ﺍﻨﻪ ﺭﺠل -ﻭﻜﻤﺎ ﻋﺭﻓﺘﻪ -ﻤﺘﻭﺍﺯﻥ ﻭﻤﺜﻘﻑ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﻤﺎﺩﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ .ﻭﺇﻻ ﻜﻴﻑ ﻜﺎﻥ ﻟﻠﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﺍﻥ ﺘﺨﺘﺎﺭﻩ ﺒل ﺍﻥ ﺘﻨﺘﻘﻴﻪ "ﻋﻤﻴﺩﹰﺍ ﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ" ﻭﻗﺩ ﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻪ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺩﻭﺍﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﻨﻬﻭﺽ ﺒﺎﻗﺘﺼﺎﺩﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﻟﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻜﺜﺭ ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺍﻗﻭل ﻤﻥ
ﺍﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻻﺴﺩ ﺍﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻭﺤﺎﻭﺭﻩ ﻭﻨﺎﻗﺸﻪ ﻓﻲ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﻋﺎﻤﺔ ﻟﻌﺩﺓ ﺴﺎﻋﺎﺕ ،ﻭﻟﻘﺩ ﺤﺩﺜﻨﻲ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻔﻌﻤﹰﺎ ﺒﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺒﺎﻟﺴﺭﻭﺭ ﻭﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻥ. ﻭﺍﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﺌﻴﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﻭﺍﺒﻠﻐﻪ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻗﺭﺭﺕ ﺍﻋﺎﺩﺘﻪ ﻟﻌﻤﻠﻪ ﻤﺤﺎﻀﺭﹰﺍ ﻓﻲ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺘﻜﺭﻴﻡ ﻭﺍﺨﺒﺭﻨﻲ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ.
186
ﺃﻨﺎ ﺸﺨﺼﻴﹰﺎ ﻟﻡ ﺃﺫﻜﺭ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺘﺏ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻓﻲ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﺒﻼ ﺭﻭﻴﺔ ﺍﻭ ﺘﻌﻘل ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗل ،ﻷﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﻬﻤﻨﻲ ﻤﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ،ﻭﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﺴﻤﻪ ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﻗﺭﺃﺕ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻤﻥ ﺃﻓﻙ ﺒﺤﻕ ﺒﻠﺩﻩ ﺘﺤﺕ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺼﺩﻴﻘﻪ "ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ" ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻨﻪ ﺃﺴﺎﺀ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻭﺃﺴﺎﺀ ﺤﺘﻰ ﻟﻭﻁﻨﻪ ﻜﻜل ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻴﻪ ﻓﺤﺴﺏ .ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺩﻓﻌﻨﻲ ﺍﻵﻥ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ
ﻜﺘﺏ ﻭﺃﻨﺎ ﻤﺸﺒﻊ ﺒﺎﻷﻟﻡ ،ﻭﻤﺘﺨﻡ ﺒﺎﻟﺨﻴﺒﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻗﺭﺃ ﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻭ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻋﺭﺒﻲ ﻭﻫﻭ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﻻ ﻭﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻲ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﻁﻨﻪ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﺃﻨﺎ ﺃﺤﺘﻜﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﺃﻭ ﹰ ﻜﺫﻟﻙ ﻭﻟﻌﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻤﺸﺎﻴﻌﻴﻪ. ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻟﻡ ﻴﺤﺼﺭ ﻜﺘﺎﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﺩﻓﺎﻋﹰﺎ ﻋﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺒل ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﻪ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﻟﻠﻨﻘﺩ
ﻭﻟﻠﻁﻌﻥ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ﻭﺒﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺸﺄﻨﻪ ﻭﻴﺘﺤﻤل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﻓﻴﻪ ،ﺍﻤﺎ ﺍﻥ ﺘﺄﺨﺫ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﻫﺫﻩ
ﻤﻨﺤﻰ ﺍﻻﺴﺎﺀﺓ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﻟﺘﺯﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﺯﻤﺘﻪ ﻭﻤﺤﻨﺘﻪ ﻓﻬﺫﺍ ﻤﺎ ﻻ ﺃﻗﺒﻠﻪ ﺸﺨﺼﻴﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺴﻌﻰ ﻓﻴﻪ ﻟﺘﻠﻁﻴﻑ ﺍﻻﺠﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻭﺍﻟﺘﻭﺴﻁ ﻤﺎ ﺃﻤﻜﻥ ﻟﻠﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺤل ﻭﺴﻁ ﻨﺤﻔﻅ ﻓﻴﻪ ﻟﻠﺤﻜﻭﻤﺔ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻭﺤﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻥ ﺘﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺴﻤﻌﺔ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﻭﺴﻼﻤﺔ ﺍﺠﺭﺍﺀﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺤﻘﻬﺎ ﻜﺄﻴﺔ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻻ ﻴﻨﺎﻗﺸﻬﺎ ﻓﻴﻪ ﺃﺤﺩ ﺇﻻ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺒﺩﻭﺍﻓﻊ ﺴﻠﻴﻤﺔ.
ﺃﺠل ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﻻ ﻴﺸﺎﺭﻙ ﺍﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺤﻭﻜﻤﻭﺍ ﻭﺤﻜﻤﻭﺍ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻭﺍ ﺍﻭ ﺼﺭﺤﻭﺍ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺒﺤﺙ ﻟﻬﻡ ﻋﻥ ﻤﺨﺭﺝ ﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﺍﻭ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﻴﻨﻬﻲ ﺍﺯﻤﺘﻬﻡ ﻭﻴﻌﻴﺩﻫﻡ ﺍﻟﻰ
ﺃﻫﻠﻴﻬﻡ ﻭﺒﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺒﻤﻭﺠﺏ ﺍﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺘﺘﺨﺫﻫﺎ ﻫﻲ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﺤﻜﻡ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻥ ﺘﻘﺎﻀﻲ ﻭﺘﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻥ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﺴﻤﻌﺘﻬﺎ ﻭﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﻌﻔﻭ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻭﺘﺴﻤﺢ ﻭﺘﺴﺎﻤﺢ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﻀﻌﻭﺍ ﻓﻲ ﺤﺴﺎﺒﻬﻡ ﺍﻥ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺤﺭﻤﺘﻬﺎ ﻭﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﺘﺠﻌل ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﻭﻟﻨﻅﺭﻴﺔ "ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ" ﻤﻥ ﺩﻭﺭ ،ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻫﻲ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﻀﻴﻴﻕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ
ﺤﺭﻴﺔ ﺭﺃﻱ ﻭﺒﻴﻥ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺘﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺍﻭ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻼﻤﺢ ﻓﻭﻀﻰ ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﻋﺭﺒﻴﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﻤﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﺍﻟﺘﺭﻭﻱ ﺴﻭﺍﺀ ﺃﻜﻨﺎ ﻤﻭﺍﻟﻴﻥ ﺍﻡ ﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ،ﻷﻨﻪ ﻜﻤﺎ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﻭﻤﻌﺎﺩﻻﺘﻬﺎ ﻜﺫﻟﻙ ﻟﻠﻤﻭﺍﻻﺓ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻻﺕ ﺒل ﻭﺍﻟﻀﻭﺍﺒﻁ ﺃﻴﻀﺎﹰ، ﺤﺘﻰ ﺘﻜﻭﻥ ﺃﻤﻭﺭﻨﺎ ﻤﺘﻭﺍﺯﻨﺔ ﻭﻋﺎﺩﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻁﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﺤﺘﻰ ﻻ ﺘﻌﻠﻭ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻻﺓ ﻋﻠﻰ ﻟﻐﺔ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻭ ﺘﺴﻲﺀ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﻓﺘﺘﻭﺭﻁ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﺠﺭﺍﺀﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺸﺩﺓ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻭﺍﺠﻬﻪ ﺍﻵﻥ ﺘﻘﺭﻴﺒ ﹰﺎ.
ﺃﺠل ﻟﻘﺩ ﺍﺸﺘﻁ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺒﺎﻟﻐﻭﺍ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻬﻡ ،ﻭﻤﻨﻬﻡ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﺭﺘﻜﺏ -ﻋﻠﻰ ﺫﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ -ﺍﺨﻁﺎﺀ ﺘﻨﺩﺭﺝ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ "ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل" ﺤﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ .ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل ﻤﻤﻨﻭﻉ ﻭﻤﺤﻅﺭ ﻭﻤﺤﻅﻭﺭ ﻟﻴﺱ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻓﻘﻁ ﺒل ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﺍﺤﻜﺎﻡ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﺩﺒﻴﺔ ﻭﺍﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﻭﺍﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻟﺴﺕ ﺍﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ،
ﺒل ﺍﺴﺘﻐﺭﺏ ﺫﻟﻙ ﻋﻨﻪ ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻗﺎﻟﻪ ﻫﻤﺴﹰﺎ ﻷﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﺒﺏ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻗﻠﻪ ﺍﻥ ﻤﻥ ﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﺒﻬﺫﺍ 187
ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل ﻜﺎﻥ ﻋﻁﻭﻓﹰﺎ ﻤﻌﻪ ﻭﺒﺎﻋﺘﺭﺍﻓﻪ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ .ﻭﺍﺫﻥ ﺴﻨﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺫﻟﻙ ﻜﺎﻥ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻀﻴﻕ ﻨﻔﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻨﻬﺎ ﺴﻘﻁﺔ ﻟﺴﺎﻥ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻤﻘﺼﻭﺩﺓ ﺍﻭ ﺍﻨﻪ ﻜﻔﺭ ﻭﺍﺴﺘﻐﻔﺭ ،ﻜل ﺫﻟﻙ ﺤﺘﻰ ﻨﻤﻠﻙ ﺍﻟﺠﺭﺃﺓ ﺍﻻﺩﺒﻴﺔ ﻓﻨﻨﺎﺸﺩ ﻤﻥ ﺘﺴﺘﺤﻕ ﻤﻨﺎﺸﺩﺘﻪ ﻟﻭ ﻴﺘﻜﺭﻡ ﻭﻴﻌﻔﻭ ،ﻭﺍﻟﻌﻔﻭ "ﻤﻥ ﺸﻴﻡ ﺍﻟﻜﺭﺍﻡ" ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ...ﻜﺒﺎﺭ
ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﻭﻜﺒﺎﺭ ﺍﻻﺨﻼﻕ ﺍﻟﻤﻨﺩﻤﺠﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﻱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ.
ﺇﻥ ﻨﻭﻋﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻁﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﻨﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺒﺔ ﻫﻭ ﺍﻓﻀل ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ ﺍﻻﺠﻭﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ "ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺼﺏ ﻓﻲ ﺨﺎﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻔﺯﺍﺯ ﻭﺍﻻﺒﺘﺯﺍﺯ ﻭﻻ ﺘﺼﻠﺢ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﺩﻓﺎﻋﹰﺎ ﻋﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﺍﻵﺨﺭﻴﻥ .ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻭﺠﺩﻨﺎ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺩﺭ ﺒﺤﻕ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺩﺓ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻨﻁﺒﻕ ﻋﻠﻰ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﺃﻴﻀﹰﺎ .ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻥ ﻨﺘﺴﺎﺀل: ﺘﺭﻯ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺼﺩﺭﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩﺓ ﻨﺴﺒﻴﺎﹰ؟ ﻫل ﻫﻲ ﻟﻼﻨﺘﻘﺎﻡ ﻤﺜﻼﹰ؟ ﻭﻫل ﻫﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻤﺯﺍﺠﻴﺔ ﻤﺜﻼﹰ؟ ﻭﻫل ﻴﻌﻨﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩل ﻭﺍﻨﻪ ﻴﺨﻀﻊ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﺨﺭﻯ؟ ﻗﺩ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺍﻻﺠﺎﺒﺎﺕ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺸﻴﺌﹰﺎ ﻭﺍﺤﺩﹰﺍ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻓﻲ ﺃﻋﺭﻕ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺘﻤﺴﻜﹰﺎ ﺒﺤﺭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺎﺘﻴﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻻ ﺒﺩ ﺍﻥ ﻴﺘﺠﺎﻭﺏ ﻤﻊ ﻤﺨﺎﻭﻑ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﺯﺍﺀ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻤﻥ ﺤﺴﺎﺱ ﺠﺩﹰﺍ ﻭﺤﺫﺭ ﺠﺩﹰﺍ ﻜﻭﻨﻪ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺄﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺃﻤﻭﺭ ﻻ ﻴﺴﺘﻭﻋﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﺍﻭ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺁﺤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻭ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻻﺤﻤﻕ. ﺍﻨﺎ ﻭﺍﺜﻕ ﺸﺨﺼﻴﹰﺎ ﺒﺄﻨﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺘﺨﺫ ﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﺯﺍﺠﺭﺓ ﻭﻋﻠﻰ ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺩﺓ ﺴﻭﺍﺀ ﺍﻜﺎﻨﺕ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﺍﻭ ﺍﺩﺍﺭﻴﺔ ﺍﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺘﺭﻯ ﻭﺘﺭﺍﻗﺏ ﻭﺘﻭﺍﺯﻥ ﺒﻤﺎ ﺘﻤﻠﻜﻪ ﻤﻥ ﺍﺨﺘﺼﺎﺼﺎﺕ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺃﺴﻬﺎ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺒﺩ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻭﺭﺃﻴﻬﺎ ﻭﻗﺭﺍﺭﻫﺎ ﻓﻲ
ﺘﻠﻁﻴﻑ ﺍﻻﻤﻭﺭ ﻭﺠﻌﻠﻬﺎ ﺍﻜﺜﺭ ﻤﺭﻭﻨﺔ ﻭﺘﻁﺎﺒﻘﹰﺎ ﻤﻊ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻋﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺃﺒﻭﺓ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ. ﻓﻜﻴﻑ ﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻫﻭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻻﺴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺸﺭ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺒﺘﻐﻠﻴﺏ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ،ﻭﻋﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺯﻋﺎﻤﺔ ...ﻭﺤﺎﺸﺎ ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﺍﻥ ﻴﺴﻤﺢ ﻷﺤﺩ ﺒﺘﻐﻠﻴﺏ ﻋﺎﻁﻔﺘﻪ ﺍﻭ ﻤﺼﻠﺤﺘﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ .ﻭﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﻨﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺎﺩﺘﻪ ﺍﺼﺩﺍﺭ ﻋﻔﻭ ﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﻜﺭﻴﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ.
ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻘﻭﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻨﺠﺘﻬﺩ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺨﻁﻭﺍﺘﻨﺎ ﻤﺘﻭﺍﺯﻨﺔ ،ﻓﺤﻴﺜﻤﺎ ﻴﻘﻊ ﺍﻱ ﺨﻁﺄ
ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻻ ﺒ ﺩ ﺍﻥ ﺘﻌﻘﺒﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺸﺎﻤﻠﺔ ﻭﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺠﺭﻴﺌﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻟﻼﻟﺘﻔﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻷﻨﻪ ﻻ ﺒﺩ ﺍﻥ ﻴﻘﻊ ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺒل ﺍﻟﺼﻭﺍﺏ ﺍﻭ ﺍﻟﻼﺨﻁﺄ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻴﺒﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻥ ﻴﻤﻠﻙ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻭﺴﻊ ﻓﻼ ﻴﺭﻯ ﺍﻻﻤﻭﺭ ﺒﻌﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻷﻥ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﺍﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﻻ ﺤﺼﺭ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻻﻋﻤﺎﺭﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻨﻔﺨﺭ ﺒﻬﺎ. ﻻ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﺴﺒﺘﻪ ﺍﻭ ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺤﺎﺴﺏ ﺍﺤﺩﻨﺎ ﺍﻟﺤﻜﻡ -ﻭﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺤﻘﻪ -ﻓﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺎﺩ ﹰ
ﻻ ﻭﺸﻔﺎﻓﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻌﻪ ﻜﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻭ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻪ ﻜﻤﺜل ﻤﻁﺎﻟﺒﺘﻪ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺄﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺎﺩ ﹰ 188
ﻤﺴﺎﺀﻟﺘﻪ ﻭﻤﺤﺎﺴﺒﺘﻪ ،ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺍﻻﺒﻴﺽ ﻭﺍﻻﺴﻭﺩ ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻴﺼﺭ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﻻ ﻴﺭﻯ ﺴﻭﻯ ﻟﻭﻥ ﻭﺍﺤﺩ ﻫﻭ ﺍﻻﺴﻭﺩ ،ﻭﺒﻌﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻓﻘﻁ ﻭﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻤﻥ ﻴﺸﺎﻴﻌﻭﻨﻪ ﻭﺘﻭﺭﻁﻭﺍ ﻤﺜﻠﻪ؟. ﻭﺃﻗﻭل ﺍﺴﺘﺩﺭﺍﻜﹰﺎ ﺍﻨﻪ ﺼﺩﺭﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﺤﻜﺎﻡ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ -ﻫﻲ ﺃﻗﺭﺏ ﻷﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﺤﻜﺎﻤﹰﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﺍﻭ ﺫﺍﺕ ﺒﻌﺩ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻻ ﻓﺭﻕ -ﻭﻜﺜﺭﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻ ﻷﻨﻬﺎ ﺍﺘﺴﻤﺕ ﺒﺎﻟﺸﺩﺓ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﻷﻨﻬﺎ ﺼﺩﺭﺕ ﻋﻥ ﻤﺭﺠﻌﻴﻥ ﻗﻀﺎﺌىﻴﻥ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻴﻅل ﻤﻭﻀﻊ ﺘﺴﺎﺅل ،ﺤﻴﺙ ﺤﻭﻜﻡ ﺍﺜﻨﺎﻥ ﻤﻥ ﺯﻤﻼﺌﻲ ﺍﻋﻀﺎﺀ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﻫﻤﺎ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺤﻤﺼﻲ ﻭﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﺍﻤﺎﻡ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﻴﺎﺕ ﻟﻤﺩﺓ ﺨﻤﺱ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻟﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ .ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺼﺩﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﺒﺎﻟﺴﺠﻥ ٥ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻭ ١٠ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻫﻲ ﻤﺤﻜﻤﺔ "ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ" ﻤﻊ ﺍﻥ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ -ﻭﻫﻲ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ -ﻤﺘﺸﺎﺒﻬﺔ .ﻜﺎﻥ
ﺍﻻﺼﺢ ﻫﻭ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺍﻤﺎﻡ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻭ ﻤﺭﺠﻊ ﻗﻀﺎﺌﻲ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻓﻬﺫﺍ ﺃﺩﻋﻰ ﻟﻸﺼﻭل ﻭﻟﻭ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺸﻜل ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗل ،ﻭﻟﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﺍﺼﺩﻗﺎﺀ ﺍﻋﺯﺍﺀ ﻭﻟﻬﻡ ﻤﻜﺎﻨﺘﻬﻡ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻤﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺭﺒﻤﺎ ﺍﻗﺘﺭﻓﻭﺍ ﺍﺨﻁﺎﺀ ﻴﻁﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ .ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻨﻲ ﺸﺨﺼﻴﹰﺎ ﺍﺤﺘﺭﻡ ﻜل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻱ ﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻗﺭﺍﺭﺍﺘﻪ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺸﺩﻴﺩﺓ ﺍﻭ ﻏﻴﺭ ﺸﺩﻴﺩﺓ ﻭﺍﺤﺘﺭﻡ ﻗﻴﺎﺩﺘﻪ ﻁﺒﻌﹰﺎ. ﻭﻴﻜﺘﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺨﺹ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ" ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻲ ...ﻴﻜﺘﺏ ﻓﻲ
"ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﻟﻴﻘﻭل ﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺘﺸﻬﻴﺭﹰﺍ ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ،ﻭﺘﻌﺭﻴﻀﹰﺎ ﺒﺎﻟﺒﻠﺩ ﻜﻜل ﻭﻫﺫﺍ ﺸﺄﻥ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ
ﻟﻴﺜﻴﺭ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﻲ ﻓﺄﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻷﻨﻪ ﻴﺨﺎﻁﺏ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻜﻠﻬﺎ ﻭﺍﺠﻬﺯﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺃﺩﺭﻯ ﻤﻨﻲ ﻓﻲ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻌﻪ .ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺠﺩ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯﹰﺍ ﻭﺍﺒﺘﺯﺍﺯﹰﺍ ﺴﻴﺎﺴﻴﹰﺎ ﺒﺸﻌﹰﺎ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻻﺠﺩﺭ ﻟﻭ ﻜﺘﺏ ﻤﺎ ﻴﺴﻬل ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﻲ ﺍﻟﻤﺒﺫﻭﻟﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺒﺫﻟﻬﺎ ﻟﺘﻀﻴﻴﻕ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﺓ ﻭﺘﻀﻴﻴﻕ ﺍﻨﻌﻜﺎﺴﺎﺕ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ ﺍﻻﺠﻭﻑ .ﻭﻤﺎ ﻴﻬﻤﻨﻲ ﺒﻌﺩ ﻜل ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ،
ﻻ ﻼ ﻤﻤﺎ ﻜﺘﺏ ...ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺴﺄﻨﻘﻠﻪ ﺃﻭ ﹰ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻤل ﻟﻭ ﻨﺴﻤﻊ ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭﹰﺍ ﻭﺍﺴﺘﻜﺒﺎﺭﹰﺍ ﻤﻨﻬﻡ ﻟﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻭﺘﺤﻠ ﹰ ﺒﺄﻭل ،ﻤﺒﺘﺩﺌﹰﺎ ﺒﻘﻭﻟﻪ: "ﺍﺭﺍﺩﻭﺍ ﻟﻌﺎﺭﻑ ﺍﻥ ﻴﺤﻨﻁﻭﻩ ،ﻭﻴﻬﻴﻜﻠﻭﻩ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻴﻴﺴﻬﻡ ﺍﻟﺤﺯﺒﻭﻴﺔ ،ﻓﺘﻤﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ، ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﺠﺩﻩ ﻴﺘﺤﻭل ﺍﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻭﻴﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺍﺭﺍﺩﻭﻩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﺯﺀﹰﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺎﺯﻫﻡ ﺍﻟﻔﺎﺴﺩ ﻋﺒﺭ ﺸﺭﺍﺌﻪ ﺒﻤﻨﺼﺏ "ﻋﻤﻴﺩ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ" ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ،ﻓﻘﺒل ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻤﻴﺩﹰﺍ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻤﻴﻼﹰ ،ﺍﺭﺍﺩﻭﻩ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﹰﺎ ﻓﺌﻭﻴﹰﺎ ﺼﻐﻴﺭﺍﹰ ،ﻓﻜﺎﻥ
ﻤﻨﺘﺸﺭﹰﺍ ﻜﺎﻟﻀﻭﺀ ﻗﻭﻤﻴﹰﺎ ﻭﻭﻁﻨﻴﹰﺎ". ﻭﻗﺎل ﺃﻴﻀ ﹰﺎ: "ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺭﺸﺢ ﻟﻼﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ "ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ" ﺭﻏﻤﹰﺎ ﻤﻨﻪ ﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺍﻥ "ﻴﺒﺭﻟﻡ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ" ﻟﻜﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ "ﻻ ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺭﻋﺎﻴﺎ" ﻓﺘﻁﻭﻉ ﺍﻻﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻟﻜﻲ ﻴﻭﺯﻋﻭﺍ ﻗﺼﺎﺼﺔ ﺍﻟﻭﺭﻕ ﺍﻟﺘﻲ
ﻻ ﺘﺘﺴﻊ ﺍﻻ ﻻﺴﻤﻪ ﺍﻟﻤﺭﺸﺢ".
189
ﻫﺫﺍ ﺒﻌﺽ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﻭﻓﻴﻪ ﻁﻌﻥ ﻭﻏﻤﺯ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﻁﺎﻭل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ "ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ" ﻴﻘﻊ ﺘﺤﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺴﻨﺠﺩ ﺒﺄﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﺤﻴل ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ - ﻭﺴﻭﻑ ﻴﺤﺎل ﻁﺒﻌ ﹰﺎ -ﻓﺴﻭﻑ ﻨﺴﻤﻊ ﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﻭﺃﻜﺎﺫﻴﺏ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺃﻨﻪ ﺍﺤﺩ ﻀﺤﺎﻴﺎ
ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ .ﻓﻬل ﺒﻌﺩ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻤﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺴﺎﺌﺒﺔ؟
ﻭﻗﺎل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻜﻼﻤﹰﺎ ﺁﺨﺭ ﻓﻴﻪ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻭﺠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﻓﻴﻪ ﻟﻐﻭ ﻭﺤﺸﻭ ﻴﺴﻲﺀ ﺍﻟﻰ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻨﻔﺴﻪ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻫﻭ ﺩﻓﺎﻉ ﻋﻨﻪ ،ﺍﻭ ﺍﻨﻪ ﺩﻓﺎﻉ ﻓﻲ ﻅﺎﻫﺭﻩ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻤﺤﻜﻭﻡ ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺘﻪ ﺍﻓﺘﺌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺤﻘﺎﺌﻕ ﻜﺜﻴﺭﺓ .ﻭﺃﻨﺎ ﺸﺨﺼﻴ ﹰﺎ ﺍﺠﺩﻨﻲ ﻤﻌﻨﻴﹰﺎ ﺒﺎﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ "ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ" ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺘﺢ ﻟﻌﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻫﻭ ﺼﺩﻴﻕ ﻟﻲ ﻁﺒﻌﹰﺎ ﺍﻥ "ﻴﺒﺭﻟﻤﻪ" ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﻗﻭل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻜﻭﻨﻲ ﻋﻀﻭﹰﺍ
ﻻ ﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ "ﺍﻟﻼﻤﺒﺭﻟﻡ" ﻭﺍﺭﺍﻨﻲ ﻤﻀﻁﺭﹰﺍ ﺍﻟﻰ ﺘﺫﻜﻴﺭ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ "ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻡ" ﺒﺄﻥ ﺭﺠﺎ ﹰ ﺭﺸﺤﻭﺍ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻟﻌﻀﻭﻴﺘﻪ ،ﻓﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﻨﺠﺢ ﻭﻓﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﺴﻘﻁ ،ﻭﻋﺭﻓﻭﺍ ﻓﻲ ﻤﺠﺘﻤﻌﻬﻡ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺸﺠﻌﺎﻥ ﻭﻤﺤﺘﺭﻤﻭﻥ ﻭﺍﺼﺤﺎﺏ ﻓﻜﺭ ﻤﺘﺤﺭﺭ ﻭﻴﺘﻌﺎﻁﻔﻭﻥ ﻤﻊ ﺍﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻫﻡ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺸﺭﻴﻔﺔ ﺫﺍﺘﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﺍﻟﻤﻭﻗﻊ ،ﺘﻌﺎﺭﺽ ﻟﻼﺼﻼﺡ ﻻ ﻟﻼﺴﻘﺎﻁ ﺍﻭ ﺍﻟﻬﺩﻡ ،ﻭﺘﺭﻫﻥ ﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻬﺎ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻜﻜل ﻻ ﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻓﺌﻭﻴﺔ ﺍﻭ ﺜﺄﺭﻴﺔ ﺒﺎﻟﻴﺔ ،ﺍﻭ ﻟﻤﺎ ﻴﺨﺩﻡ ﺍﻻﻋﺩﺍﺀ.
ﻭﺇﺫ ﻴﻨﺒﺵ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻓﻲ ﺩﻓﺎﺘﺭ ﺍﻻﻤﺱ ﺍﻟﻘﺭﻴﺏ ﻴﻜﺘﺏ ﻟﻴﻘﻭل" :ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﻨﺎ ﻨﻨﺎﻗﺵ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻋﺩﺍﺩ ﻭﺜﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﻻﻭﻟﻰ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻭﺍﻓﻘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﻤﺸﺎﺭﻜﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺨﻭﻓﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻠﻭﺙ ،ﻭﺍﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺨﻁﻭﺍﺘﻨﺎ ﻤﺤﺎﻴﺜﺔ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻻﺼﻼﺡ ،ﻓﺎﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﺄﻜﺩﻨﺎ ﺍﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺨﻁﻭﺍﺕ ﺠﺩﻴﺔ ﻓﺴﻨﺩﻋﻡ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﺍﻨﻘﻀﻭﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ". ﻫﻜﺫﺍ ﻴﺯﻋﻡ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ،ﻭﺃﺤﺴﺒﻨﻲ ﺃﺩﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺒﺄﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺤﻠل
ﻨﻔﺴﻪ ﻭﺒﺎﻋﺘﺭﺍﻑ ﻤﻨﻪ ﻟﻲ -ﻭﺃﻨﺎ ﻟﺴﺕ ﻜﺫﻭﺒﹰﺎ -ﺍﻨﻪ ﻭﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﺘﻭﺭﻁﹰﺎ ﺒﺤﻜﺎﻴﺔ "ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ" ﻭﺍﻷﻟﻑ ﺘﻭﻗﻴﻊ ،ﻭﺭﺩﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺴﻬﺭﺓ ﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺤﻀﺭﻫﺎ ﺍﺼﺩﻗﺎﺀ ﻤﺸﺘﺭﻜﻭﻥ ،ﻭﻴﺤﺯﻨﻨﻲ ﺠﺩﹰﺍ ﺒل
ﻴﺅﻟﻤﻨﻲ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺁل ﺍﻟﻴﻪ. ﻴﺅﻴﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻵﻥ ﻓﻠﻨﻘﺭﺃ ﻤﻌﹰﺎ ﻤﺎ ﺘﻔﻀل ﺒﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﻗﻭﻟﻪ،
ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻤل ﺍﻥ ﻨﻘﺭﺃ ﻭﻨﺴﻤﻊ ﺍﺤﺘﺠﺎﺝ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻨﻁﻕ ﺒﻪ ﻭﻜﻔﺭ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﻜﺩ ﺍﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺴﻴﻘﻴﻡ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﺍﺫﺍ ﻤﺎ ﺴﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻀﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﺤﺠﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭ ...ﻓﻤﺎﺫﺍ ﻜﺘﺏ؟ ﻭﻤﺎﺫﺍ ﻗﺎل ﻻ ﻓﺽ ﻓﻭﻩ؟: "ﺴﺒﻕ ﻭﺤﺫﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﻤﻥ ﺘﻔﺸﻲ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺄﺭﻱ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﻤﺯﺍﺝ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ ﻭﺍﻟﻤﺅﻟﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺍﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺘﺘﻔﺸﻰ ﻭﺒﺎﺘﺴﺎﻉ ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﻡ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺘﺤﺕ 190
ﻀﻐﻁ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻻﺤﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ .ﺇﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻪ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﺘﺤﻭل ﻭﻻ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﻭﻻ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺭﻭﺭﺍﺕ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻗﺒﻭل ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺘﺄﻴﻴﺩﻩ ﻭﺍﻻ ﺴﻨﻌﻴﺵ ﺃﺒﺩ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻔﺭ". ﻼ: ﻭﻴﺘﺎﺒﻊ ﻗﺎﺌ ﹰ
ﻻ ﻫﺎﺘﻔﻴﹰﺎ ﻤﻥ ﻤﺠﻬﻭل ﻗﺩﺭﺕ ﺍﻨﻪ "ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺤﻜﻡ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻟﻌﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺘﻠﻘﻴﺕ ﺍﺘﺼﺎ ﹰ ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺼﺤﺎﻓﻴﺎﹰ ،ﻴﺴﺄﻟﻨﻲ ،ﻫل ﺴﻤﻌﺕ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺼﺩﻴﻘﻴﻙ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ؟ ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﻠﺕ :ﻨﻌﻡ .ﻗﺎل ﺴﺎﺨﺭﹰﺍ ﺸﺎﻤﺘﹰﺎ :ﺃﻻ ﺯﻟﺕ ﻤﺘﺤﻤﺴﹰﺎ ﻭﻤﺼﺭﺍﹰﻋﻠﻰ ﺍﻓﻜﺎﺭﻙ ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﺔ ﻷﻱ ﺘﺩﺨل ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻓﻲ ﺸﺄﻨﻙ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ؟!" -ﺍﻨﺘﻬﻰ.-
ﺃﺠل ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺃﺼﺒﺢ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﻭﻤﺩﻋﺎﺓ ﻋﻨﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻼ "ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ" ﻭﺼﺤﺒﻪ ﻟﻠﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ...ﻓﻬل ﺘﺭﺍﻩ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺒﺫﻟﻙ؟ ﺃﻨﺎ ﺃﻗﻭل ﺒﺩﻴ ﹰ ﻋﻨﻪ :ﻻ ﻭﺃﻟﻑ ﻻ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﺎﻻﻋﺩﺍﻡ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻤﻨﺎﻩ ﻟﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ. ﻓﺄﻱ ﺍﺼﺩﻗﺎﺀ ﻫﺅﻻﺀ؟ ﻭﺃﻱ ﻜﺘﺒﺔ ﺍﻭ ﻜﺘﺎﺏ؟ ﻭﻫل ﻴﻘﺒل ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺄﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻭﺼﺎﺤﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ ﻤﻨﻬﻡ؟ ﻟﺴﺕ ﺃﺩﺭﻱ.
ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺠﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺎﻁﺭ ﻟﻴﺘﺸﺎﻁﺭ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﻜﺘﺎﺒﺔ ﺃﻭﻀﺢ ﺤﺘﻰ ﻟﻜﺄﻨﻪ ﻴﻅﻥ ﻭﻴﺤﺴﺏ ﺒﺄﻥ ﻤﻥ ﻴﺤﻜﻤﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺴﺫﺠ ﹰﺎ ﻭﺘﻨﻁﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺃﻤﺜﺎل ﺍﻟﺴﻁﻭﺭ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﺎﻭل ﺍﻥ ﻴﺘﺫﺍﻜﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ
ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ: ﻗﺎل "ﺤﻔﻅﻪ" ﺍﷲ ﻤﺨﺘﺘﻤﹰﺎ ﺩﺍﻋﻴﹰﺎ ﻟﻠﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺒﻌﺩ ﺩﻋﻭﺘﻪ ﺍﻟﻬﺠﻴﻨﺔ ﺍﻟﻭﻗﺤﺔ ﻟﻠﺘﺩﺨل ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺘﺴﻭﻴﻎ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ ﺒﺩﻋﻭﺓ ﺍﻤﻴﺭﻜﺎ
ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ.
ﺃﺠل ﻗﺎل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻤﺨﺘﺘﻤ ﹰﺎ ﺒﻌﺩ ﺩﻋﻭﺘﻪ ﻟﻠﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺘﺴﻭﻴﻐﻬﺎ: "ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺜﻤﺔ ﻤﻨﺎﺹ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻀﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺩﻱ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﻬﺎ ﻭﺫﻟﻙ ﻟﺘﻌﻤﻴﻕ ﺍﻻﺨﺩﻭﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻁﺎﻤﺤﺔ ﻷﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺸﻌﺏ ،ﻻ ﺩﻭﻟﺔ ﺴﻠﻁﺔ
ﺒﻁﺎﺸﺔ ﻭﻟﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ )ﻫﺒﺎﺸﺔ( ،ﻭﺍﻟﻤﺩﺨل ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻗﺭﺍﺭ ﺭﺌﺎﺴﻲ ﺒﺎﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺠﻤﻴﻊ
ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ،ﻷﻥ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻬﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻨﻬﻡ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎﹰ ،ﻓﻠﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺤﺩ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻴﺼﺩﻕ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻬﺭﻴﺞ )ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ -ﺍﻻﻤﻨﻲ("! ﺘﺭﻯ ﺃﻻ ﻴﺴﻭﻕ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻗﺎﺌﻠﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ؟ ﺃﺴﺄﻟﻭﺍ ﺃﻱ ﻤﺤﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ؟ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺩﻋﻭ ﻟﺼﺩﻭﺭ ﻋﻔﻭ ﺭﺌﺎﺴﻲ ﻜﺭﻴﻡ ﻭﻨﺭﻓﺽ ﺍﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﺘﻠﻭﺙ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ.
191
ﻭﺃﺨﻴﺭﹰﺍ ﺃﻨﺎ ﺃﺩﻋﻭ ﻭﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻲ ﻜﻌﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺍﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﺘﻬﺎﻡ ﻟﺸﺒﺎﺒﻨﺎ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﺅﻴﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻟﻜﻭﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻻﻨﻅﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻤﻨﻪ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻟﺘﺤﺭﻴﻀﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﺎﻡ ﻫﻜﺫﺍ ﻋﻠﻨﹰﺎ ﻭﺒﺄﺒﺸﻊ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ.
ﻭﺃﺴﺄل ﻫل ﻫﺫﻩ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ؟ ﻭﻫل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻫﻭ ﻜﻼﻡ ﺭﺠل ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻤﺨﺭﺝ ﺃﻭ ﺤل ﻷﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻨﻬﻡ؟ ﻭﻤﺎ ﺭﺃﻱ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ؟ ﻭﻫل ﻴﻘﺒﻠﻭﻥ ﺍﻭ ﻴﺸﺎﺭﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺎﺠﺭ ﻓﻲ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﻭﻁﺭﻭﺤﺎﺘﻪ؟ * ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – / ٢٣ﺁﺏ ٢٠٠٢ /
** ﺘﻭﻀﺢ "ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" :ﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﻫﻭ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺤﺔ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ . ٢٠٠٢ -٨-٧
192
ﻜﻲ ﻻ ﻴﻘﺎل :ﻭﺩﺍﻋ ﹰﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ !!* * ﺃﻜﺭﻡ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﺜﻼﺙ ﻤﻼﺤﻅﺎﺕ ﺘﺤﻀﺭ ﺒﻘﻭﺓ ﻓﻭﺭ ﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺀ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ) (٢٠٠٢/٨/٢٣ﺭﺩﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺴﺎﺒﻘﺔ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ "ﻭﺩﺍﻋﹰﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ"... ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ).(٢٠٠٢/٨/٧ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻻﻭﻟﻰ :ﺃﻥ ﻴﻠﺠﺄ ﻋﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺭﺩﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﺔ
ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻴﺨﺎﻟﻔﻬﺎ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﻴﻌﺎﺭﺽ ﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻭﻤﻭﺍﻗﻑ ﻨﺎﻗﺩﺓ ﻟﻠﻭﻀﻊ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻭﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ،ﻟﻬﻭ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺼﺤﻴﺔ ﻭﺠﺩﻴﺩﺓ ﻨﺴﺒﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ .ﻓﻠﻡ ﻨﻌﺘﺩ ،ﻤﻊ ﺒﻌﺽ
ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀﺍﺕ ،ﺍﻥ ﻴﻌﻤﺩ ﻁﺭﻑ ﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺴﻼﺡ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻴﺎﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﻪ ﺼﻭﺕ ﻤﻌﺎﺭﺽ ،ﻭﺍﻟﻰ ﻤﻘﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺒﺎﻟﻔﻜﺭﺓ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺒﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻤﻌﺘﻤﺩﹰﺍ ﺍﺴﻠﻭﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺴﺠﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻨﻭ ﺍﻟﻴﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻻﺩﺍﺭﺓ ﺃﻭﺠﻪ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺒﻭﺴﺎﺌل ﺴﻠﻤﻴﺔ.
ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﺃﺨل ﺤﻀﻭﺭ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﻭﺃﻀﻌﻔﻬﺎ ﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺤﻤﻭﻤﺔ ﺍﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﺴﺘﻘﻭﻴﹰﺎ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﺒﺄﺴﻠﻭﺏ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﺠﺯﺍﺀ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺭﺡ ﺒﻬﺎ!! ﻭﻤﻊ ﺭﻓﺽ ﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺍﻟﻴﻪ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺒﺩﻋﻭﺘﻪ ﻟﻤﻘﺎﻀﺎﺓ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺍﺴﺘﺴﻬﺎﻟﻪ ﺴﻭﻕ ﺒﻌﺽ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﻭﺇﺩﺍﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ،ﻴﺼﺢ ﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻥ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺴﺠﺎل ﺃﻤﺭ ﻤﻁﻠﻭﺏ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺇﺸﻬﺎﺭﻩ
ﻭﺘﻌﻤﻴﻤﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻟﻴﻐﺩﻭ ﺍﻟﺸﻜل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻀﻊ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﺕ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﺎ ﺍﻭ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﻬﺎ ،ﺍﻭ ﺍﻟﻰ ﺭﺩﻉ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺒﺼﻭﺕ ﺃﻋﻠﻰ ،ﺍﻭ ﺍﻟﻰ ﻗﻬﺭ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﺴﺠﻨﹰﺎ ﻭﺘﺨﻭﻴﻨﹰﺎ ﻻ ﻨﻘﺩﹰﺍ ﻭﺘﻔﻨﻴﺩﹰﺍ... ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﺍﻥ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻘﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺩﺭ ﺒﺤﻘﻪ ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺔ
ﺼﺩﻴﻘﻴﻪ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻨﻪ ﻜل ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻪ ﻭﻤﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭﻩ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ،ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺘﺘﻌﻠﻕ
ﺒﺎﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻭﻀﻌﻪ .ﺒل ﻫﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﺘﻌﻭﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺒﻌﺽ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺒﺩﺃﺕ ﺒﺎﻋﺘﻘﺎل ﻋﺸﺭﺓ ﻤﻥ
193
ﻨﺸﻁﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻬﻡ ﻭﺒﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﻭﺍﻟﺘﻀﻴﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺘﺴﺘﻤﺭ ﺒﻌﻭﺩﺓ "ﻤﺒﻁﻨﺔ" ﻟﻠﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺍﻻﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﻭﺍﻟﺭﺩﻉ ،ﺃﺒﺭﺯ ﻤﺤﻁﺎﺘﻬﺎ ﺇﺨﻀﺎﻉ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﻤﻌﺘﻘﻠﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻟﻼﺴﺘﺠﻭﺍﺏ ﺍﻟﻤﺴﻠﻜﻲ ﻭﺼﺩﻭﺭ ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ
ﻤﻬﻨﻴﺔ ﺒﺤﻘﻬﻡ ﺘﺤﺕ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﺍﻹﺩﻻﺀ ﺒﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ﺤﻭل ﺍﻭﻀﺎﻉ ﻤﻭﻜﻠﻴﻬﻡ ﻭﺤﻭل ﺍﺠﻭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺭﻱ.
ﻭﺤﻴﻥ ﻴﺭﻓﺽ ﺃﻱ ﺼﻭﺕ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺩﺭﺕ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻏﻴﺭﻩ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﻘﺼﺩ ﺍﺴﺎﺴﹰﺎ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﺎﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﻴﻭﺠﻪ ﺇﺼﺒﻊ ﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺭﺍﻫﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻠﺏ ،ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ،ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺤﺭﻴﺔ
ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺤﻕ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺴﻠﻤﻴﺔ ﻭﺸﺭﻋﻴﺘﻬﺎ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻤﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺍﻟﻴﻪ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺘﺯﺩﺍﺩ ﺇﻟﺤﺎﺤﹰﺎ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻻﺠﻭﺍﺀ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺫﺭ ﺒﻤﺨﺎﻁﺭ
ﺠﺩﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻤﻊ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﺤﺭﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻴﺔ -ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ،ﺒﻐﻴﺔ ﺍﺴﺘﻨﻬﺎﺽ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻭﺍﻻﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﻗﻭﻯ ﻴﻤﻴل ﻓﻲ ﺸﻜل ﻜﺎﺴﺢ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺃﻋﺩﺍﺀ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻤﻥ ﻴﺘﺭﺒﺼﻭﻥ ﺒﻪ ﺸﺭﹰﺍ .ﻜﻤﺎ ﺘﺯﺩﺍﺩ ﺍﻫﻤﻴﺔ ﻗﻁﻊ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻟﺘﻁﺭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺩﺕ
ﺘﻁل ﺒﺭﺃﺴﻬﺎ ﺒﺎﺸﻜﺎل ﻭﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﺇﻏﻼﻕ ﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻗﻬﺭ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻴﺴﺘﺠﺭ ﻤﻥ ﺩﻭﺍﻤﺔ ﺍﻟﻼﺠﺩﻭﻯ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌل ﻋﻨﻴﻔﺔ ﻭﻋﺩﻭﺍﻨﻴﺔ ،ﻭﻴﺸﻜل ﺘﺭﺒﺔ ﺨﺼﺒﺔ ﻟﻨﻤﻭ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﺘﻌﺼﺏ ﻭﺍﻻﺭﻫﺎﺏ. ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ :ﺘﺴﻭﻗﻨﺎ ﺍﻟﻰ ﻁﺭﺡ ﺍﺴﺌﻠﺔ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﻋﻥ ﺍﻻﺴﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻗﻠﻘﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﺍﻟﺒﺴﻴﻁ ﻭﺍﻟﻤﺤﺩﺩﻭ ﺠﺩﹰﺍ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﻟﻠﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻜﻲ ﺘﻠﺠﺄ ﺍﻟﻰ
ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺠﻥ؟! ﻭﺒﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﺨﺭﻯ ﻤﺎ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺨﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻜﻠﻬﺎ ﻫﺅﻻﺀ
ﺍﻟﻨﺸﻁﺎﺀ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﺘﻤﻭﻥ ﺍﻟﻰ ﺒﻀﻌﺔ ﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻭ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺃﺨﺫﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻘﻬﺎ ﺘﻨﺸﻴﻁ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺒﺎﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺩﻋﻭﺓ ﻤﻥ ﻴﺭﻏﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺴﻠﻁﺔ ،ﺍﻟﻰ ﺤﻭﺍﺭ ﻨﻘﺩﻱ ﺴﻠﻤﻲ ﻭﻋﻠﻨﻲ ﺤﻭل ﺍﻻﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻜﺎﻥ ﺴﻘﻔﻪ ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺍﻻﺨﻁﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﺍﻟﺤﺎﺼﻠﺔ ﻭﺍﻗﺘﺭﺍﺡ ﺍﻟﺤﻠﻭل ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﺘﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻻﺨﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺩﻗﺔ ﻭﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺜﻠﺔ ﺍﻤﺎﻤﻪ.
ﻭﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻫﻲ ﺨﻠﻴﻁ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﺠﺎﻨﺱ ﺘﺠﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﺭﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺘﻔﺭﻗﻬﺎ ﻤﻭﺍﻗﻑ ﻭﻤﻨﺎﺒﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻓﻜﺭﻴﺔ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺒل ﻭﻤﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺍﺤﻴﺎﻨﺎﹰ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﺸﻜل ﻓﻲ ﺃﺯﻫﻰ ﻤﺭﺍﺤﻠﻬﺎ ﺍﻱ ﺨﻁﺭ ﻴﺫﻜﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ...ﻭﺍﻟﺨﻁﺄ ﻜل ﺍﻟﺨﻁﺄ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺭﻭﺝ ﻟﻪ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺒﺄﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻟﻴﺱ ﺭﺍﻫﻨ ﹰﺎ ﻭﻤﺒﺎﺸﺭﹰﺍ ﻟﻜﻨﻪ ﺴﻴﻐﺩﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻜﺒﻴﺭﹰﺍ ﻭﻤﺅﺜﺭﹰﺍ ﺍﺫﺍ ﻤﻨﺤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻟﻨﻤﻭ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ!! ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻤﺎ ﺤﺼل ﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﺘﻤﺎﻤﺎﹰ ،ﻓﻘﺩ ﻭﻓﺭﺕ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ﺠﻭﹰﺍ ﺤﻴﹰﺎ ﻭﺼﺤﻴﹰﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ 194
ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺄﻨﺸﻁﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻭﺴﺎﻫﻤﺕ ﻓﻲ ﺸﻜل ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﺘﻌﻠﻡ ﺍﻻﺤﺭﻑ ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﻁﺭﺍﺌﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻭﻕ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﻨﺫ ﺃﻤﺩ ﺒﻌﻴﺩ ،ﻜﻤﺎ ﺴﺎﻋﺩﺕ ﺠﺩﻴ ﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﺴل ﺍﻟﻘﻠﻭﺏ ﻭﺘﺼﻔﻴﺘﻬﺎ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﻤﺎ ﺘﺭﺍﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ﻤﻥ ﺤﻘﺩ ﻭﻀﻐﺎﺌﻥ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ.
ﺃﻤﺎ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺸﻁﻁ ﻭﺘﻁﺎﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ﻭﻫﻭ ﺘﻁﺎﻭل ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻜﺭ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ .ﻓﻠﻴﺕ ﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺩﺭﺕ ﺤﺼﺭﺕ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﻌﺩﻯ ﻋﻘﻭﺒﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﺼﻭﻯ ﺴﺘﺔ ﺍﺸﻬﺭ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺼﺩﺭﺕ ﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩﺓ ﺍﺴﺎﺴ ﹰﺎ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻻﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻁﺭﻕ ﻏﻴﺭ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ،ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻀﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ
ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻭﺇﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻌﺭﺍﺕ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺫﻫﺒﻴﺔ !!...ﻭﻤﻊ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻬﻡ ﻟﻡ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺍﻟﻰ ﺃﻱ ﺃﺩﻟﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ ل ﺒﺄﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻭ ﺤﺎﻭل ﺍﻻﻀﺭﺍﺭ ﻭﻤﻠﻤﻭﺴﺔ ﻜﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﻘﺩﻡ ﺃﻴﺔ ﺇﺜﺒﺎﺘﺎﺕ ﺘﺅﻜﺩ ﺍﻥ ﺃﺤﺩﻫﻡ ﺃﺨ ّ ﺒﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺼﻤﻭﺩﻩ ،ﻓﺈﻥ ﻤﺎ ﻴﺸﻬﺩ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﻤﻭﺍﻗﻔﻬﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ﻓﻲ ﻏﻴﺭ ﺯﻤﺎﻥ ﻭﻤﻜﺎﻥ.
ﻭﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻤﺎﺫﺍ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻥ ﻴﻘﺎل ﻋﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﺴﻠﻭﻜﻪ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺁﺜﺭ
ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻤﺎﻡ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺒﻌﺩﻤﺎ ﺃﻋﻠﻥ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻜﺎﻤل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺁﺭﺍﺌﻪ ﺍﻟﺸﻔﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺘﻭﺒﺔ،
"ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﺭﻴﺩ ﺇﺜﺎﺭﺓ ﻓﺘﻨﺔ ﻭﺼﺏ ﺍﻟﺯﻴﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﻅﺭﻑ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻻ ﻴﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺄﺠﻴﺞ ﺍﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺍﻤﺎﻡ ﻁﻴﺵ ﺍﻤﻴﺭﻜﻲ ﻭﻋﻨﺼﺭﻴﺔ ﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻻ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺘل ﻭﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺴﺘﻤﺘﺩ ﺍﻟﻰ ﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ". ﺨﻼﺼﺔ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻥ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﺍﻵﻥ ﻟﻠﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺸﻬﺩﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﻊ ﺘﺴﻠﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻻﺴﺩ ﻤﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻻ ﻴﻌﻭﺩ ﺍﻟﻰ ﺃﺨﻁﺎﺀ ﺍﺭﺘﻜﺒﻬﺎ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻭﻥ
ﺒﺘﺠﺎﻭﺯﻫﻡ ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﺍﻟﺤﻤﺭ ﺍﻭ ﺘﻁﺎﻭﻟﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ،ﻭﻻ ﺍﻟﻰ ﺨﻁﻭﺭﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .ﺒل ﺍﻟﻰ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺭﻭﺡ ﺍﻻﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ﻟﺩﻯ ﺒﻌﺽ ﺍﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻻﺴﻠﻭﺒﻬﺎ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﺒﻌﺔ ﻭﺍﻟﻀﺒﻁ ،ﻭﻟﻨﻘل ﺒﺤﺴﻥ ﻨﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﻀﻌﻑ ﻗﺩﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻡ ﻭﺍﻟﺘﺄﻗﻠﻡ ﻤﻊ ﻭﺍﻗﻊ ﻴﺤﺘﻤل ﻭﺠﻭﺩ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻨﺸﻁﺔ ﺍﻭ ﺭﺃﻱ ﻤﺨﺎﻟﻑ ،ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺎ ﻟﻐﻴﺭﻩ ،ﻭﻤﻌﻨﻲ ﻤﺜﻠﻪ ﻤﺜل
ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﺒﺤﺎﻀﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻪ.
ﻭﻟﻌل ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺩﻋﻭﺘﻪ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻴﻐﺫﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﻴﻌﺯﺯ ﺤﻀﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺩل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﻁﻠﻴﻌﺔ ﻤﻥ ﻴﺤﺘﻜﻡ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺴﺠﺎل -ﻻ ﺍﻟﻰ ﺃﻴﺔ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﺍﺨﺭﻯ -ﻟﺘﻔﻨﻴﺩ ﻜل ﻤﺎ ﻴﺭﺍﻩ ﻏﻴﺭ ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺍﻟﻴﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺎﺩﺭ ﺍﻟﻰ ﻁﺭﺡ ﺭﺃﻴﻪ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﻭﻋﻼﻨﻴﺔ ﻭﺃﺸﺎﺭ ﺍﻟﻰ ﺃﺨﻁﺎﺀ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺒﻌﺽ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺃﺠﻬﺯﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﻰ ﻤﺯﺍﺝ ﻏﻴﺭ ﻤﺤﺩﻭﺩ ﺍﻭ ﻤﺭﻏﻭﺏ ،ﻟﻤﺴﻪ ﻋﻨﺩ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻓﻲ
ﻅل ﺍﻨﺴﺩﺍﺩ ﺍﻷﻓﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ .ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻤﺭ ﻻ ﻴﻌﺎﻟﺞ ﻓﻲ ﺤﺎل ﻭﺠﻭﺩﻩ ﺒﺈﺩﺍﻨﺔ ﻤﻥ ﺩل ﻋﻠﻴﻪ 195
ﻭﺘﺤﻤﻴﻠﻪ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺫﻟﻙ .ﺒل ﺒﺎﻟﺘﻘﺼﻲ ﺍﻟﺩﻗﻴﻕ ﻋﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﻭﺍﻫﺭ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩ ﺤﺠﻤﻬﺎ ﻭﺭﻗﻌﺔ ﺍﻨﺘﺸﺎﺭﻫﺎ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﺴﺒﺎﺒﻬﺎ ﻭﺩﻭﺍﻓﻌﻬﺎ ﻟﻴﺼﺎﺭ ﺍﻟﻰ ﻤﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﺠﺫﺭﻴﹰﺎ. ﻓﻤﻥ ﻴﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻴﺴﻌﻰ ﺍﻟﻰ ﺘﻌﺯﻴﺯ ﻗﻭﺘﻬﻤﺎ ﻭﻗﺩﺭﺘﻬﻤﺎ ﻴﺠﺏ ﺃﻻ ﻴﺨﺸﻰ
ﺍﻟﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻟﺨﻠل ﻭﺍﻟﻀﻌﻑ ،ﺒل ﺃﻥ ﻴﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﻰ ﺘﺼﺤﻴﺤﻬﺎ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻻﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻜﻥ
ﺍﻋﺩﺍﺀﻩ ﻤﻨﻪ ،ﺍﻀﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻤﺒﺩﺃ ﻤﻘﺩﺱ ﻻ ﻴﺭﺘﺒﻁ ﺒﺼﻭﺍﺏ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻭ ﺨﻁﺌﻪ ،ﻓﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﺍﺏ ﻭﺍﻟﺨﻁﺄ ﻗﻀﻴﺔ ﻨﺴﺒﻴﺔ ،ﻴﺠﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﻴﻐﻨﻴﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﻑ -ﻭﻨﺤﻥ ﻓﻲ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺘﻴﺔ ﻭﺍﻻﺘﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺫﻫﻠﺔ -ﺍﻥ ﻨﺩﻴﻥ ﺍﻭ ﻨﺠﺭﻡ ﺍﻱ ﺭﺃﻱ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻐﺎﻟﻴﹰﺎ ﻓﻲ ﺨﻁﺌﻪ، ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺘﺘﻭﺍﻓﺭ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻻﺴﺘﺠﻼﺀ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻻﻤﻭﺭ ﻭﻁﺭﺡ ﺍﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ﻭﺤﻘﺎﺌﻘﻬﻡ ﻭﻨﻘﺩ ﺁﺭﺍﺀ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ.
ﺃﺨﻴﺭﺍﹰ ،ﻨﺄﻤل ﺃﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺘﻭﻁﺌﺔ ﺍﻋﻼﻤﻴﺔ ﻟﺘﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻭ ﻟﻐﻴﺭﻩ ،ﺍﻭ ﻹﺸﺎﻋﺔ ﻤﻨﺎﺥ ﺍﺴﺘﺴﻬﺎل ﺍﻻﺩﺍﻨﺔ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ .ﺒل ﻓﺎﺘﺤﺔ ﻹﺭﺴﺎﺀ ﺍﺴﻠﻭﺏ ﻟﻠﺴﺠﺎل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻓﻲ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻋل ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻴﺤﺘﻜﻡ ﺍﺴﺎﺴﹰﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﺍﻟﻤﻠﻤﻭﺴﺔ ﻭﻴﻤﻨﺢ ﺜﻘﺘﻪ
ﻟﺩﻭﺭ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻜﺸﻑ ﺍﻟﻐﺙ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻤﻴﻥ ﻭﺭﻓﺽ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻀﺎﺭ ﻭﻓﺎﺴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. *ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ / ٢٨ -ﺁﺏ ٢٠٠٢ /
196
ﻨـﺎﻁــﻕ ﺍﻟﺘﺤـﺭﻴـــﻡ* * ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻨﺔ "ﺍﺩﻋﻭ ﻻﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ" )"ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ"( (٢٠٠٢/٨/٢٣ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻴﺤﺎﺀ ﺠﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻨﻪ )ﺍﻭ ﻗﻠﻤﻪ( ﻜﻤﺎ ﺴﺒﻕ
ﺍﻥ ﻭﻗﻊ ﻟﻪ ﻗﺒل ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﺎﻤﻴﻥ ،ﻟﻘﺩ ﺍﻋﺘﺭﻑ ﺍﻟﺭﺠل ﺒﻌﺩ ﻭﺍﻗﻌﺔ ٢٠٠٠/٦/١٠ﺍﻨﻪ ﺍﻭﺤﻲ ﺍﻟﻴﻪ ﺍﻴﺤﺎﺀ ﺍﻥ ﻴﺴﺄل ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﺤﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﻨﻌﺕ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺍﻻﻤﺎﺭﺓ ﺒﺎﻟﺴﻭﺀ ﻤﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﺍﻟﺭﺠل ﻗﺎﺒل ﻟﻼﻴﺤﺎﺀ ﻤﻤﻥ ﻴﻭﺤﻭﻥ ،ﻭﻗﺩ ﺍﻋﺘﻤل ﻤﺎ ﺍﻭﺤﻲ ﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻨﻔﺴﻪ ﺜﻡ ﺨﺭﺝ ﻤﻨﻬﺎ ﻟﻐﺔ ﺍﺘﻬﺎﻤﻴﺔ ﺘﺘﻭﺍﺘﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻜﻔﺭ ﻭﺍﻻﺴﺘﻐﻔﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺍﻟﻔﺠﻭﺭ ،ﻭﺍﻻﺴﺘﻨﻜﺎﺭ ﻭﺍﻻﺴﺘﻜﺒﺎﺭ )"ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ،(٢٠٠٢/٨/٢٣ ،ﺍﻻﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﻰ ﺍﻨﻪ ﻴﺼﺩﺭ ﻓﻲ ﻭﻋﻴﻪ )ﺍﻭ ﺒﺎﻻﺤﺭﻯ
ﻻﻭﻋﻴﻪ( ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻥ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻜﻔﺭﺍ ،ﻭﺘﺒﻴﺢ ﺘﺎﻟﻴﺎ ﺍﺴﺘﺘﺎﺒﺔ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻭﺍﻻ ﻓﻬﺩﺭ ﺩﻤﻪ ،ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻨﺴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺎﺭﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺼﺏ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻗﻠﻭﻴﺔ ﻭﻤﺄﺯﻭﻤﺔ .ﻭﻫﻭ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻤﺎ ﻻ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﺘﺤﺭﻴﺽ "ﻤﻥ ﻴﺤﻜﻤﻭﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ" ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﺜﺒﺘﻭﺍ ﺍﻨﻬﻡ "ﻟﻴﺴﻭﺍ ﺴﺫﺠﺎ" ﺘﻨﻁﻠﻲ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺍﻟﺴﻁﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺎﻭل ﻋﻴﺩ "ﺍﻟﺘﺫﺍﻜﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ" ﺒﺎﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ )ﻟﻌل ﻋﺒﺎﺭﺓ "ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ" ﺯﻟﺔ ﻟﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻤﻭﺼﻠﻲ،
ﻓﻬﻭ ﺤﺴﺏ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻟﻴﺱ ﻤﻤﻥ "ﻴﺤﻜﻤﻭﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ" ﺒل ﻤﻤﻥ ﻴﻤﺜﻠﻭﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ(.
ﻻﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻴﺘﻬﻡ ﻤﺜﻘﻑ ﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻌﺎﺩل ﻓﻌﻼ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺎﻋﺩﺍﻤﻪ ﻭ"ﺘﺴﻠﻴﻡ ﺭﻗﺒﺘﻪ" .ﻭﻻﻭل ﻤﺭﺓ ﺘﺼﺩﺭ ﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﻻ ﻤﻥ "ﺍﺼﻭﻟﻴﻴﻥ" ﺩﻴﻨﻴﻴﻥ ﻤﺘﻌﺼﺒﻴﻥ ﺒل ﻤﻥ ﺍﺼﻭﻟﻴﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﺎﺌﻘﻲ ﺍﻟﺘﻌﺼﺏ .ﻟﻴﺴﺕ ﺩﻋﻭﺓ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺍﺯﻕ ﻋﻴﺩ ﺸﻴﺌﺎ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻤﺎ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻪ ﻨﺼﺭ ﺤﺎﻤﺩ ﺍﺒﻭ ﺯﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﻋﺒﺩ
ﺍﻟﺼﺒﻭﺭ ﺸﺎﻫﻴﻥ ،ﻭﻫﻲ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻟﻨﺘﺫﻜﺭ ﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻫﻭ ﺍﻻﺼل ﻓﻲ ﻜل ﺘﺤﺭﻴﻡ ،ﺍﻭ ﺒﺎﻻﺤﺭﻯ ﺍﻥ ﻜل ﺘﺤﺭﻴﻡ ﻫﻭ ﺘﺤﺭﻴﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﺍﻥ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ ﻻ ﻴﺴﻴﺭ ﻤﻥ ﺘﻠﻘﺎﺀ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﻁﺎﻟﺔ ﺍﻭ "ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ" ﺒل ﻫﻭ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺎ ﻨﺨﺒﺔ ﻴﺼﺩﻑ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻭﺍﺒﺩﺍ ﺍﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻭ ﺘﺘﻨﻁﺢ ﻟﻠﻭﺼﻭل ﺍﻟﻴﻬﺎ. ﻓﻠﻨﺒﺩﺃ ﺍﻟﺤﻜﺎﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻭﻟﻬﺎ .ﻓﻲ ﻋﺩﺩ ٢٠٠٢/٨/٧ﻤﻥ ﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﻨﺸﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻤﻘﺎﻻ
ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ "ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒـ"ﺍﻋﺩﺍﻤﻙ" .ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺴﺨﻁ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺤﻜﻡ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺒﺎﻟﻌﻠﻴﺎ ﺒﺩﻤﺸﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺒﺎﻟﺴﺠﻥ
197
ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺒﺘﻬﻡ ﻻ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﻕ )ﺍﺜﺎﺭﺓ ﻋﺼﻴﺎﻥ ﻤﺴﻠﺢ ،ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻁﺭﻕ ﻏﻴﺭ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ،ﺍﻀﺎﻓﺔ ﺍﻟﻰ ﺠﻨﺤﺘﻴﻥ ﺍﻀﻴﻔﺘﺎ ﺍﻟﻰ ﻤﻠﻑ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﺠﻴل ﺨﻔﻲ ﻟﻜﻼﻡ ﻴﺩﻭﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻬﺠﻌﻬﻡ(.
ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺍﻴﻀﺎ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺘﻀﺎﻤﻥ ﻜﺎﺘﺒﻪ ﻤﻊ ﺼﺩﻴﻕ ﻭﺯﻤﻴل ﻓﻲ ﻟﺠﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﻓﻲ ﻤﺤﻨﺔ ﻤﻥ ﺠﺭﺍﺀ ﻨﺸﺎﻁﻪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﻠﻨﻲ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺍﺨﻴﺭﺍ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻴﺤﻠل ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻭﻀﺎﻉ ﺒﻠﺩﻩ ﻭﻴﺤﺫﺭ ﻤﻥ ﻤﺨﺎﻁﺭ ﻗﺩ ﻴﺘﺼﻑ ﺒﻬﺎ ﺍﺫﺍ ﺍﺴﺘﻤﺭ ﺍﻟﺘﻀﻴﻴﻕ ﺍﻻﻤﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺩﻓﻌﻬﻡ ﺍﻟﻰ
"ﻗﺒﻭل ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺘﺄﻴﻴﺩﻩ" ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ ﻤﺎ ﻓﻌل ﻤﻌﺎﺭﻀﻭﻥ ﻋﺭﺍﻗﻴﻭﻥ .ﻭﻴﻠﻤﺱ ﻋﻴﺩ "ﺸﻴﺌﺎ ﺠﺩﻴﺩﺍ ﻤﻔﺎﺠﺌﺎ ﻭﻤﺅﻟﻤﺎ" ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻫﻭ ﺍﻥ ﻋﺩﻭﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ،ﺍﺫﺍ ﺠﺎﺯ ﺍﻟﺘﻌﻤﻴﻡ "ﺘﺘﻔﺸﻰ ﻭﺒﺎﺘﺴﺎﻉ ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺍﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﻡ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ
ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻻﺤﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ" ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻌﺼﺎﺀ ﺍﻻﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺭﻭﺭﺍﺕ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ. ﻟﻌل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺒﺎﻟﻎ ﻗﻠﻴﻼ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺩﻭﻥ ﺘﺨﺼﻴﺹ ،ﻟﻜﻥ ﻻ ﺠﺩﺍل ﻓﻲ ﻭﺠﻭﺩ ﻫﺫﺍ "ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ" ﺍﻟﻤﺘﺨﻴل ﺍﻟﻰ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻴﻴﻥ ﺍﻭ ...ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻐﻴﺏ ﻓﻲ ﺍﻭﺴﺎﻁ ﻤﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﻊ ﺍﻟﻰ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﻴﺠﺩﻩ ﻤﺴﺘﺤﻴﻼ )ﻴﻘﻭل ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻌﺎﻡ ٢٠٠٢ ﺍﻥ ﻨﺴﺒﺔ ٥١ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺌﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻴﺤﻠﻤﻭﻥ ﺒﺎﻟﻬﺠﺭﺓ ﻤﻥ ﺒﻠﺩﺍﻨﻬﻡ ﻨﺤﻭ ﺍﻤﻴﺭﻜﺎ ﺍﻭﻻ ﺜﻡ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﺜﺎﻨﻴﺎ .ﻫﺫﺍ ﺍﺴﺘﻔﺘﺎﺀ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ( .ﻭﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺍﺯﻕ ﻋﻴﺩ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺍﻟﺸﻜﺭ ﻭﺍﻻﻤﺘﻨﺎﻥ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺼﻨﺎﻉ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻠﻴﻁﻪ ﺍﻟﻀﻭﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ،ﻫﺫﺍ ﻟﻭ ﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺴﻭﻱ ﻴﺤﺏ ﻜﺸﻑ ﻋﻴﻭﺒﻪ ﻻﺼﻼﺤﻬﺎ ﻻ ﺴﺘﺭﻫﺎ ﺍﻭ ﺍﻻﺴﺘﺘﺎﺭ ﻤﻨﻬﺎ.
ﺍﻤﺎ ﺍﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺼﻁﻨﻌﻭﻥ ﻋﻔﺔ ﻤﺯﻋﻭﻤﺔ ﻭﻴﻔﺘﺭﻀﻭﻥ ﻋﺫﺭﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻤﺱ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﻫﻡ
ﺍﻭل ﻤﻥ ﺍﻨﺘﻬﻜﻬﺎ ،ﻓﻬﻡ ﺍﻻﺠﺩﺭ ﺒﺎﻟﻠﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺨﺒﺜﻬﻡ ﻭﺘﺼﻴﺩﻫﻡ ﻟﻠﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺨﻁﺭ ﻟﻬﻡ ﺒﺒﺎل ﺍﻥ ﻏﻀﺒﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﺠل ﻭﻁﻨﻬﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﻴﺤﺎﻜﻤﻭﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻴﺯﻜﻲ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺍﻋﻁﺎﺀ "ﺠﺭﻋﺎﺕ ...ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻼﺼﻼﺡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﻨﺢ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﺘﺘﺭﻨﺢ ﻤﻌﻪ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻨﺤﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺒﻭﺍﺏ ﺍﺴﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻤﻴﺭﻜﻴﺔ -ﺍﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ﻻ ﺘﻘﺒل
ﻤﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺴﻭﻯ ﺍﻻﺫﻋﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻭﺍﻻﺴﺘﺴﻼﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ" .ﻭﻴﺴﻨﺩ ﻋﻴﺩ ﺩﻋﻭﺘﻪ ﺍﻟﻰ "ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺍﻥ ﺘﺨﻭﺽ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻟﻼﻨﺴﺠﺎﻡ ﻤﻊ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ"... ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﻟﻜل ﺸﺨﺹ ﻤﺨﻠﺹ ﺍﻥ "ﺍﻟﻔﺎﺠﺭ" ﻋﻴﺩ ﺍﻨﻤﺎ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺒﻜﻠﻤﺎﺘﻪ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ "ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ
ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﻁﻨﻪ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ" ﻋﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ "ﺍﻟﻬﺠﻴﻨﺔ ﺍﻟﻭﻗﺤﺔ ﻟﻠﺘﺩﺨل ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺘﺴﻭﻴﻎ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ ﺒﺩﻋﻭﺓ ﺍﻤﻴﺭﻜﺎ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ" ،ﻭﻤﻥ ﺤﺴﻥ
ﺍﻟﺤﻅ ﺍﻥ ﻗﻴﺽ ﺍﷲ ﻟﻨﺎ ﺭﺠﻼ ﺍﻤﻴﻨﺎ ﻭ"ﻟﻴﺱ ﻜﺫﻭﺒﺎ" ﺤﺴﺒﻤﺎ ﻭﺼﻑ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻟﻨﻔﺴﻪ ،ﻴﻜﺸﻑ "ﺼﺎﺤﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ" ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻴﻘﺘﻪ. 198
ﻴﺸﻴﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺼﺩﻴﻕ ﻭﺭﻓﻴﻕ "ﺠﻤﻌﻨﺎ ﺫﺍﺕ ﻴﻭﻡ ﺍﻨﺘﻤﺎﺀ ﻋﻘﺎﺌﺩﻱ ﻭﺤﺯﺒﻲ ﻭﻓﻜﺭﻱ ﻭﺍﺤﺩ" ،ﻓﻲ ﺍﺸﺎﺭﺓ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﻰ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ .ﻭﻴﺸﻬﺩ ﺍﻨﻪ "ﺭﺠل ﻤﺘﻭﺍﺯﻥ ﻭﻤﺜﻘﻑ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﻤﺎﺩﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ" .ﻭﻜﻴﻼ ﻴﻅﻥ ﺍﺤﺩ ﺍﻨﻪ ﻴﺯﺠﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺩﻴﺢ ﺒﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﻓﺎﻥ ﻤﻤﺜل
ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻴﺴﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﻓﻀﺎﺌل ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺒﺎﺨﺘﻴﺎﺭ ،ﺒل ﺒﺎﻨﺘﻘﺎﺀ" ،ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ" ﻟﻪ ﻋﻤﻴﺩﺍ ﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ. ﻭﻗﺩ ﻴﺘﺴﺎﺀل ﺍﻟﻤﺭﺀ :ﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ "ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ" ﺩﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ﻜﻔﺎﻴﺔ ﺩﻟﻴﻠﺔ ،ﻓﻼ ﺸﻙ ﺍﻥ ﻏﻀﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻓﺼﻠﻪ ﺍﻟﺘﻌﺴﻔﻲ ﻤﻥ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺩﻤﺸﻕ ﺒﻌﺩ ﻋﺎﻡ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﻋﻤﺎﺩﺘﻪ
ﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻓﻴﻬﺎ -ﻭﻫﻲ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻴﻨﺠﺢ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻨﺴﻴﺎﻨﻬﺎ -ﺩﻟﻴل ﻋﻠﻰ ﺘﻜﺸﻑ ﻋﺩﻡ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﺘﺩﻨﻲ ﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ...ﺍﻟﺦ .ﺍﻥ ﺭﻀﺎ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻌﺼﻭﻤﺔ ﻫﻭ ﺒﺭﻫﺎﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﻴﺔ ﻭﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻟﺠﺩﺍﺭﺓ.
ﻟﻜﻥ ﻤﺅﻫﻼﺕ ﺍﻟﺨﺒﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺴﺠﻴﻥ ﻻ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺎﺩﺘﻪ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺒل ﺘﺘﻌﺩﺍﻫﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﻟﻪ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﻋﺩﺓ .ﺜﻡ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻤﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﻭﺍﻋﺎﺩﺘﻪ ﺍﻟﻰ ﻋﻤﻠﻪ "ﻤﺤﺎﻀﺭﺍ ﻓﻲ ﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺘﻜﺭﻴﻡ" .ﺍﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻗﺒل ﺴﻁﻭﺭ ﻓﻘﻁ ﻋﻤﻴﺩﺍ
ﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ؟ ﻓﻜﻴﻑ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺤﺎﻀﺭﺍ؟ ﻭﻜﻴﻑ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻋﺎﺩﺓ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﻰ ﺍﻫﻠﻪ "ﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺘﻜﺭﻴﻡ" ﺍﻻ ﺍﺫﺍ ﺍﻓﺘﺭﻀﻨﺎ ﺍﻥ "ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ" ﺘﻤﻠﻙ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻤﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ؟
ﻴﺜﺒﺕ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻨﻪ ﻴﺤﺏ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺩﻟﻴﻠﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻴﺤﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻜﺜﺭ ﺠﺭﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺴﻨﺔ ﺍﺭﺴﻁﻭ ﺤﻴﺎل ﺍﻓﻼﻁﻭﻥ .ﻓـ"ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ" ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ "ﺍﺸﺘﻁﻭﺍ ﻭﺒﺎﻟﻐﻭﺍ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻬﻡ"، ﻭﻗﺩ "ﺍﺭﺘﻜﺏ -ﻋﻠﻰ ﺫﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ -ﺍﺨﻁﺎﺀ ﺘﻨﺩﺭﺝ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﺎﻭﻴﻥ "ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل" ﺤﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ
ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل ﻤﻤﻨﻭﻉ ﻭﻤﺤﻅﺭ ﻭﻤﺤﻅﻭﺭ "...ﻫﻨﺎ ﺍﻴﻀﺎ ﻴﻨﺠﺢ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻏﻔﺎل ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻥ ﺠﻨﺤﺔ "ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل" ﻭﺠﻬﺕ ﺍﻟﻰ "ﺼﺩﻴﻘﻪ" ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻜﻼﻡ ﺴﺠل ﺨﻠﺴﺔ ﻭﺍﻟﺭﺠل ﻓﻲ ﺴﺠﻨﻪ،
ﻭﺍﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺤﻜﻡ )ﻭﻓﻘﺎ ﻟﺤﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗل( ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ "ﺍﻟﺘﻁﺎﻭل" :ﺍﻻ ﺴﺘﺔ ﺸﻬﻭﺭ ﺍﺩﻏﻤﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺸﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ "ﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻪ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ" ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺘﺴﻌﺕ "ﺫﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ" ﻟﺘﻭﺠﻴﻬﻬﺎ ﻟﻪ ﻭﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﻭﻗﻭﻓﻲ ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺸل ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﻬﻭﺭ ﻓﻲ ﻤﺭﺍﻓﻌﺔ ﻤﻭﺼﻠﻲ.
ﻨﺘﻌﻠﻡ ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻋﻀﻭ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺍﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻨﻭﻋﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ" :ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻁﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﻨﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺒﺔ" ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﻋﺘﻘﺎل ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﻴﻥ ﻭﺍﺤﺎﻟﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﻫﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ "ﺍﻓﻀل ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ" ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ "ﺘﺼﺏ ﻓﻲ ﺨﺎﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻔﺯﺍﺯ ﻭﺍﻻﺒﺘﺯﺍﺯ" )ﺒﻌﺩ ﻗﻠﻴل ﺴﻨﺠﺩﻨﺎ ﺍﺯﺍﺀ "ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯ ﻭﺍﺒﺘﺯﺍﺯ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺸﻊ"( ﻜﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﺘﺒﻬﺎ ﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﺘﻌﺒﻴﺭﺍ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﻴﺎﺌﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺠل "ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻴﻌﺎﺏ ﻤﺎﺩﺘﻪ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ" .ﻋﻠﻤﺎ ﺍﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺎﺕ
ﺍﻻﻭﻟﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻻ ﺍﻥ ﺘﺘﺴﺎﺀل ﻋﻥ ﻫﺫﻩ "ﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩﺓ ﻨﺴﺒﻴﺎ" ،ﻭﻋﻤﺎ ﺍﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﺩﻓﻬﺎ 199
"ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﻡ ﻤﺜﻼ" ﺍﻭ ﻜﺎﻨﺕ "ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻤﺯﺍﺠﻴﺔ" ،ﺍﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﻫﻲ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻥ "ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻏﻴﺭ ﻋﺎﺩل ﻭﻴﺨﻀﻊ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﺨﺭﻯ". ﻭﺭﻏﻡ ﺍﻥ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻴﻘﺭ ﺒﺄﻥ ﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺩﺭﺕ "ﺍﻗﺭﺏ ﻷﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺍﺤﻜﺎﻤﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻭ
ﺫﺍﺕ ﺒﻌﺩ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻻ ﻓﺭﻕ" ﻓﺎﻨﻪ ﻴﻤﻨﺢ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺼﺩﺭﻫﺎ ﺤﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ ﻤﻊ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻪ ﻤﺨﺎﻭﻑ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﺯﺍﺀ ﺍﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁ ﺒﺄﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ .ﻜﻴﻑ؟ "ﻫﺫﻩ ﺍﻤﻭﺭ ﻻ ﻴﺴﺘﻭﻋﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﺍﻭ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﺤﺎﺩﻱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻻﺤﻤﻕ" .ﺘﺭﻯ ﻜﻡ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﻴﻥ ﻤﺘﻌﺩﺩﻱ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺴﺘﻭﻋﺒﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻤﻭﺭ؟ ﻤﻥ ﻤﺒﺘﺫﻻﺕ ﺍﻻﻤﻭﺭ ﺍﻥ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻨﺨﺒﻭﻴﺔ ﻤﺘﺭﺍﺩﻓﺎﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺩﻫﺎﺀ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻥ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻴﺅﺩﻱ ﺍﻟﻰ ﺍﻨﺤﻁﺎﻁ ﺩﺍﺌﻡ ﻻ ﻴﺭﺘﻔﻊ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ.
ﺤﺘﻰ ﻫﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﻌﺭﻑ ﺒﺎﻟﻀﺒﻁ ﻤﺎ ﻴﺄﺨﺫﻩ ﻤﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﻠﻰ "ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻤﻨﺘﻤﻲ ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ" ،ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺄﻤل ﺍﻥ ﻴﺴﻤﻊ ﻤﻨﻬﺎ "ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭﺍ ﻭﺍﺴﺘﻜﺒﺎﺭﺍ ...ﻭﺘﺤﻠﻼ ﻤﻤﺎ ﻜﺘﺏ" ﻋﻴﺩ .ﻤﺎﺫﺍ ﻜﺘﺏ؟ ﻴﻘﺘﺒﺱ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺜﻼﺜﺔ ﺍﺴﻁﺭ ﻴﺸﻴﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺘﺭﻙ "ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ" ﻷﻨﻪ ﺘﺤﻭل ﺍﻟﻰ "ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ" ،ﻭﺍﺭﺘﻀﻰ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ "ﻋﻤﻴﺩﺍ" ﻟﻜﻠﻴﺔ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ "ﻋﻤﻴﻼ" ﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ .ﻭﻓﻲ ﺴﻁﺭﻴﻥ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﺍﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻰ ﺭﻏﺒﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﺴﺠﻴﻥ ﺒـ"ﺒﺭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ" ﻟﻴﻜﻭﻥ "ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻻ ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺭﻋﺎﻴﺎ".
ﻴﺠﺩ ﻋﻀﻭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ "ﻁﻌﻨﺎ ﻭﻏﻤﺯﺍ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺘﻁﺎﻭﻻ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ...ﻴﻘﻊ ﺘﺤﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ" .ﻭﻻ ﻨﻌﻠﻡ ﻫل ﻴﺒﺙ ﻤﻌﻠﻭﻤﺔ ﺤﺼل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻁﺭﻗﻪ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺍﻡ ﺍﻨﻪ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﺤﻴﻥ ﻴﺅﻜﺩ ﺍﻥ ﻋﻴﺩ "ﺴﻭﻑ ﻴﺤﺎل ﻁﺒﻌﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ،
ﻭﻤﻭﺼﻠﻲ ﻤﺘﺄﻜﺩ ﺍﻨﻪ ﺴﻴﺴﻤﻊ ﻋﻨﺩﺌﺫ "ﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﻭﺍﻜﺎﺫﻴﺏ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻨﻪ ﺍﺤﺩ ﻀﺤﺎﻴﺎ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ" .ﻟﻤﺎﺫﺍ "ﺴﻭﻑ ﻴﺤﺎل ﻋﻴﺩ ﻁﺒﻌﺎ" ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ؟ ﻭﻫل ﻴﺤﻕ ﻷﻱ ﺸﺨﺹ ﺍﻥ ﻴﺘﻭﻋﺩ ﺸﺨﺼﺎ ﻟﻡ ﻴﻌﺠﺒﻪ ﻜﻼﻤﺎ ﺒﺎﻻﺤﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻌﺎﺩل ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺘﺤﺭﻴﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل؟ ﻭﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﻨﻘﺩ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻭ ﻨﻘﺩ ﺍﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ؟ ﻤﻥ ﺤﻕ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﺍﻥ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻜﻭﻨﻪ ﻋﻀﻭﺍ ﻓﻴﻪ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ،ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺤﻘﻪ ﺘﻬﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﻴﻨﺘﻘﺩ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺒﺄﻥ "ﻴﺤﺎل ﻁﺒﻌﺎ" ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ.
"ﻴﺼﺭ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻥ ﻴﺭﻯ ﻟﻭﻨﺎ ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻫﻭ ﺍﻻﺴﻭﺩ ،ﻭﺒﻌﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻓﻘﻁ" ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻋﻀﻭ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ،ﻭﻴﻀﺭﺏ ﻤﺜﻼ ﻋﻠﻰ ﻫﺅﻻﺀ "ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻤﻥ ﻴﺸﺎﻴﻌﻭﻨﻪ ﻭﺘﻭﺭﻁﻭﺍ ﻤﺜﻠﻪ" .ﻭﻟﻌل ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺴﺘﺠﻌل ﺍﻟﺨﺒﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺒﺎﻻﻟﻭﺍﻥ ﻭﺘﺸﻔﻴﻪ ﻤﻥ "ﺍﻟﺘﻭﺭﻁ" ﺒﺠﺭﻴﻤﺔ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺒﻌﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ .ﻭﻤﻊ ﺍﻥ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺍﺩﺭﻯ ﻤﻥ ﻋﻴﺩ ﺒﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻭﺍﻗﻑ "ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﻪ
ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻠل ﻨﻔﺴﻪ )؟( ﻭﺒﺎﻋﺘﺭﺍﻑ ﻤﻨﻪ ﻟﻲ -ﻭﺍﻨﺎ ﻟﺴﺕ ﻜﺫﻭﺒﺎ -ﺍﻨﻪ ﻭﺠﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﺘﻭﺭﻁﺎ ﺒﺤﻜﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻷﻟﻑ ﺘﻭﻗﻴﻊ ،ﻭﺭﺩﺩ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺴﻬﺭﺓ ﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺤﻀﺭﻫﺎ ﺍﺼﺩﻗﺎﺀ ﻤﺸﺘﺭﻜﻭﻥ" ،ﻤﻊ 200
ﺫﻟﻙ ﻓﺎﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﻰ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻟﻴﺸﻬﺩ ﺒﺎﻨﻘﺸﺎﻉ ﻏﻤﺎﻤﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻻﻟﻑ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﻋﻥ ﻋﻴﻨﻲ "ﺼﺩﻴﻘﻪ" ﻋﺎﺭﻑ ،ﻭﺍﻜﺘﻔﻰ ﺒـ"ﺍﻟﺤﺯﻥ ﺒل ﺒﺎﻻﻟﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺁل ﺍﻟﻴﻪ" ،ﻭﻜﺄﻥ ﻤﺎ "ﺁل ﺍﻟﻴﻪ" ﺘﺴﺒﺏ ﺒﻪ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻲ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ؟! ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻼﺌﻕ ﺍﻥ ﻨﻁﺎﻟﺏ
ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺒﺒﺭﻫﺎﻥ ﻤﻘﻨﻊ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻪ ﻋﻥ ﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﺴﺠﻴﻥ ﺒﺎﻟﺘﻭﺭﻁ ،ﺍﺫ ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﺒﺭﻫﺎﻥ ﺍﺴﻁﻊ ﻤﻥ ﺸﻬﺎﺩﺘﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺒﺄﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻜﺫﻭﺒﺎ!
ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻜل ﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﺼﻼ ﺴﺨﻴﻔﺎ ﻤﻥ ﻓﺼﻭل ﺍﻟﺴﺠﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺊ، ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﺍﻗﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻭﻻ ﺍﻥ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﻴﻨﺘﻘل ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻭﺍﻟﻨﺎﺸﻁ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘل ﺍﻟﻰ ﺘﻭﺠﻴﻪ "ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻀﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ"
ﺍﻟﻰ ﻋﻴﺩ .ﻟﻥ ﻨﺴﺘﻴﻌﺩ ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻤﻤﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻥ ﻴﺨﻁﺊ ﻓﻲ ﻓﻬﻤﻪ ﻁﻼﺏ ﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﺍﻻﺒﺘﺩﺍﺌﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻨﺫﻜﺭ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻜﺎﻥ ﻋﺎﻡ ١٩٩٠ﻭﺍﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺒﺔ
ﺨﻤﺴﻴﻥ ﻤﺜﻘﻔﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻗﻌﻭﺍ ﺒﻴﺎﻨﺎ ﻴﻨﺩﺩﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺒﺎﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻲ ﺍﻟﻭﺸﻴﻙ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ، ﻭﺒﺎﻨﻀﻤﺎﻡ ﺩﻭل ﻋﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻴﻪ .ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﺒﻴﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﻐﺎﻤﺭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻔﻌﻠﺘﻬﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻥ ﺘﻜﻠﻔﻬﻡ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ.
ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺭﺠل )ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺒﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺒل ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻴﻀﺎ( ﺘﻤﺭﻴﺭ ﺘﻬﻤﺔ "ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻀﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ" ،ﻴﺘﺤﻤﺱ ﻓﻴﺴﻤﻲ ﻋﻴﺩ "ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ" ،ﺜﻡ ﻻ ﺘﻠﺒﺙ ﺍﻻﻤﺎﻨﺔ ﺍﻥ ﺘﻤﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻀﺢ ﺩﻋﻭﺓ ﻋﻴﺩ "ﺍﻟﻬﺠﻴﻨﺔ ﻟﻠﺘﺩﺨل ﺍﻻﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﺘﺴﻭﻴﻎ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ ﺒﺩﻋﻭﺓ ﺍﻤﻴﺭﻜﺎ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ" .ﺍﻤﺎ ﻭﻗﺩ ﺘﻠﻭﺙ ﻋﻴﺩ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺘﺜﺒﺕ ﺒﺭﺍﻫﻴﻥ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻟﺴﺎﻁﻌﺔ ﺍﻋﻼﻩ ،ﻓﻠﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﺤﻕ ﻟﻪ
ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺒﻌﻔﻭ ﺭﺌﺎﺴﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ ﻤﺎ ﻴﺤﻕ ﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻨﻔﺴﻪ .ﺒل ﺍﻥ ﺩﻋﻭﺓ
ﻋﻴﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻀﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻴﺩﻱ ﻤﻥ "ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻻﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﻭﻤﺠﺘﻤﻌﻬﺎ" ﻭﻁﻤﻭﺤﻪ ﺍﻟﻰ "ﺩﻭﻟﺔ ﺤﺩﻴﺜﺔ ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺸﻌﺏ ،ﻻ ﺩﻭﻟﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﺒﻁﺎﺸﺔ ﻭﻟﺼﻘﺭﺍﻁﻴﺔ )ﻫﺒﺎﺸﺔ(" ،ﺍﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺘﺩﻓﻊ ﻤﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﻴﻨﺘﺤل ﺒﻨﻔﺴﻪ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻌﺎﻡ" :ﺍﻨﺎ ﺍﺩﻋﻭ ﻭﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻲ ﻜﻌﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻰ ﺍﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺍﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﺘﻬﺎﻡ ﻟﺸﺒﺎﺒﻨﺎ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﺅﻴﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻻﻤﻴﺭﻜﻲ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻟﻜﻭﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻻﻨﻅﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻤﻨﻪ ﺴﻭﺭﻴﺎ، ﻭﻟﺘﺤﺭﻴﻀﻪ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﺎﻡ )ﻜﺫﺍ( ﻫﻜﺫﺍ ﻭﺒﺄﺒﺸﻊ ﺍﻻﻟﻔﺎﻅ" .ﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﺍﻻ ﺍﻥ ﺘﻌﻘﺩ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻭﺘﺴﺘﺩﻋﻲ "ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻌﺎﻡ" ﻜﺸﺎﻫﺩ ﺍﺜﺒﺎﺕ. ﻟﻴﺱ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻻ ﻨﺎﻁﻘﺎ ﺒﺎﺴﻡ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ )ﻻ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ( ،ﻭﻫﻭ ﻻ ﻴﻀﻔﻲ ﺍﻟﻘﺩﺍﺴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻻ ﻟﺘﺴﻴﻴﺠﻬﻤﺎ ﺒﺄﻓﺘﻙ "ﺍﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﺸﺎﻤل" ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻴﺔ،
ﺍﻋﻨﻲ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ،ﺒﻤﺎ ﻴﻀﻤﻥ ﺩﻴﻤﻭﻤﺔ ﻨﻅﺎﻡ ﺘﺤﺭﻴﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ .ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻘﺩﺴﺔ ﻓﻲ ﻋﻴﻥ 201
ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﻜﻔﺭ ﺒﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺩﻨﻴﺱ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻤﻌﺘﺭﻀﻴﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻭﻴﺠﺏ ﺍﻥ ﻨﺭﻯ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺩﻤﺸﻕ ﺍﻻﺨﻴﺭﺓ ﻨﻀﺎﻻ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﻘﺩﺴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻟﺘﺠﺭﻴﻡ ﻤﺴﺎﺀﻟﺘﻬﺎ ﻭﻨﻘﺩﻫﺎ ﻭﺘﺤﺭﻴﻤﻬﻤﺎ .ﻭﻤﺎ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻻ ﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻀﺎل. •
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ / ٢٨ -ﺁﺏ ٢٠٠٢ /
202
* ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ*
ﺩﺭﺝ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﻭﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﻤﺎﻫﻡ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﺒﺎﻟﻤﺘﻤﺠﺩﻴﻥ ﻤﻥ "ﺃﻫل ﺍﻟﻘﻠﻡ ﻭﺃﻫل ﺍﻟﺴﻴﻑ"، ﻭﺍﻟﺫﺒﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻭﺼﻔﻬﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺒﺎﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺘﻘﻠﻴﺩ ﺭﺩﻱﺀ ﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ
ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻜﺎﺌﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻭﺍﺀ ﻴﺴﻤﻰ "ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ" ﺃﻭ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ؛ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻭﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﻫﻨﺎ ﺼﻔﺘﺎﻥ ﻏﺭﻴﺒﺘﺎﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻘﺩ ،ﺒل ﻫﻤﺎ ﺤﻜﻤﺎﻥ ﺫﺍﺘﻴﺎﻥ ،ﻭﻗل ﻤﺯﺍﺠﻴﻴﻥ ،ﻻ
ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﺒﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﺃﺩﻭﺍﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﺃﺴﺎﻟﻴﺒﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻭﺍﻹﺠﺭﺍﺌﻴﺔ ﻭﻏﺎﻴﺎﺘﻪ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ؛ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﻭﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻁﻭﻥ ﻭﺤﺩﻫﻡ ﻤﻥ ﻴﺤﺩﺩ ﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺒﻨﺎﺀ ﻭ ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﹰﺎ ﺃﻡ ﻫﺩﺍﻤﹰﺎ ﻭﺴﻠﺒﻴﺎﹰ؛ ﻓﻜل ﻤﺎ ﻴﻭﺍﻓﻘﻬﺎ ﻨﻘﺩ ﺒﻨﺎﺀ ﻭﻜل ﻤﺎ ﻴﺨﺎﻟﻔﻬﺎ ﺃﻭ ﻴﻌﺎﺭﻀﻬﺎ ﻨﻘﺩ ﻫﺩﺍﻡ ﺒل ﻤﻐﺭﺽ ﻭﻤﺸﺒﻭﻩ؛ ﺤﺘﻰ ﻓﻘﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺤﺱ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﻀﻴﻌﻭﺍ ﺃﺩﻭﺍﺘﻪ ،ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻔﻥ ،ﻨﺎﻫﻴﻜﻡ ﻋﻥ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ. ﻭﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻁﻭﻥ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺘﺤﺩﺩ ﻭﻫﻡ ﻤﻥ ﻴﺤﺩﺩﻭﻥ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﻤﻌﺎﻴﻴﺭﻩ ﻭﻏﺎﻴﺎﺘﻪ، ﺼﺎﺭ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻬﻡ ﺃﻥ ﺘﺤﺩﺩ ﻭﺃﻥ ﻴﺤﺩﺩﻭﺍ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻨﺎﻗﺩ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﻘﺩ؛ ﻭﻤﻌﺭﻭﻑ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺘﺄﻜل ﺍﻟﻤﻭﺼﻭﻑ ،ﻓﺼﻔﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﺘﺄﻜل ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺤﺘﻰ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻨﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ "ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ" ﺃﻭ
ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﺘﻤﺎﻤﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ .ﻭﺼﻔﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﻟﻠﻨﺎﻗﺩ ﺘﺄﻜل ﺍﻟﻤﻭﺼﻭﻑ ﺤﺘﻰ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻤﻨﻪ ﺴﻭﻯ ﻜﺎﺌﻥ ﺸﻤﻭﻟﻲ ﻗﺘل ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺸﺨﺼﻪ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ،ﺜﻡ ﻗﺘل ﺸﺨﺼﻪ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻭﺤﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﻡ ﻴﺄﻜل ﻭﻴﻤﺩﺡ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﻴﺸﻲ )ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺸﺎﻴﺔ( ﻭﻴﺩﻴﻥ ﺘﺼﻔﻘﺎﻥ؛ ﻭﻫﻲ ﺤﺎل ﻻ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻓﻲ ﺸﻲﺀ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺒﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻻﺀ
ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﻤﻠﻭﻜﻲ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻲ؛ ﻤﻥ ﻴﺄﻜل ﻤﻥ ﺨﺒﺯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ﻴﻀﺭﺏ ﺒﺴﻴﻔﻪ) ،ﻭﻤﻥ ﻴﺄﻜل ﻤﻥ ﺨﺒﺯ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻴﻀﺭﺏ ﺒﺴﻴﻔﻪ( .ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﺴﻠﺒﻴﺔ
ﺨﺎﻟﺼﺔ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﻵﺨﺭ ،ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ )ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ﻭﺍﻟﻜﺎﻓﺭ ﻭﺍﻟﻔﺎﺠﺭ ﻭﺍﻟﺨﺎﺌﻥ( ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺴﻭل ﻟﻪ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺩﻨﻴﺌﺔ
ﺃﻥ ﻴﺘﻁﺎﻭل ﻋﻠﻰ "ﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ" ﻭ "ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ" .ﻭﻻ ﻋﺠﺏ ،ﻓﺎﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﻲ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﻴﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩﻴﻥ ﻫﻭ ﻋﺎﻟﻡ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻭﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﻭﻀﻴﻌﺔ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﻤﻨﺯﻟﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺯﻟﺘﻴﻥ. ﺃﺠل ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺘﺄﻜل ﺍﻟﻤﻭﺼﻭﻑ ،ﻭﺘﺴﺘﻨﻔﺩﻩ ﺃﻭ ﺘﺴﺘﻐﺭﻗﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻘﺔ ،ﺨﻼﻓﹰﺎ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ﻭﻤﻨﻁﻘﻪ،
)ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻨﺼﻑ ﻤﻘﺎﻟﺔ ،ﻜﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﺘﻘﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺠﺎﺌﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﻴﺤﺫﺭ ﻤﻥ ﻤﻐﺒﺔ ﺍﻹﻤﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻻﺴﺘﻬﺎﻨﺔ ﺒﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﺒﺄﻨﻬﺎ
ﺨﺎﺌﻨﺔ ﺤﺘﻰ ﻨﺄﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺼﻭﻟﻬﺎ ﻜﻠﻪ؛ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺒﺩﻴﻬﻲ ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻜﺎﺘﺒﻬﺎ ﺨﺎﺌﻨﹰﺎ ﻭﻓﺎﺠﺭﺍﹰ، 203
ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺸﺎﻴﺔ ﺒﻪ ﻭﺍﻹﺠﻬﺎﺯ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻨﺫﻜﺭ ﺍﻟﻭﺸﺎﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻷﻨﻪ ﻤﻊ ﺍﻨﺘﻘﺎل ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻼﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻨﻘﻁﻊ ﺭﺯﻕ ﺍﻟﻭﺸﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﺨﺒﺭﻴﻥ ﺇﻻ ﻤﻥ ﻭﺍﻜﺏ ﺒﺤﺴﻪ ) (....ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﻭﺍﺒﺘﻜﺭ ﻀﺭﺒﹰﺎ ﺠﺩﻴﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺸﺎﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻨﻴﺔ ،ﺇﺫ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺍﻟﻭﺸﺎﻴﺔ ﻋﻴﺒﹰﺎ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎﹰ ،ﺒل ﻤﺒﺩﺃ ﻓﻲ
ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ؛ ﻓﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻫﻭ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻭﺸﺎﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ( ،ﻭﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺴﻠﻁﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﻴﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﺤﻕ ﺍﻟﻭﺼﻑ ﻭﺍﻟﺤﻜﻡ ﻭﺘﺼﻨﻴﻑ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﻭﻁﻨﻴﻴﻥ ﻭﺨﻭﻨﺔ ،ﻭﻻ ﻤﻨﺯﻟﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺯﻟﺘﻴﻥ .ﻭﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻴﺘﺠﺎﻫل ﻤﺒﺩﺃ "ﻻ ﺇﻜﺭﺍﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻴﻥ" ..ﻭ "ﻤﻥ ﺸﺎﺀ ﻓﻠﻴﺅﻤﻥ ﻭﻤﻥ ﺸﺎﺀ ﻓﻠﻴﻜﻔﺭ" ،ﻓﻴﻌﻴﺩ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ،ﺒﺈﻋﺎﺩﺓ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻤﺒﺩﺌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺼﻌﻴﺩ؛ ﻷﻨﻪ ﻻ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻨﻭﻉ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ،ﻭﻻ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﻤﻥ ﺜﻡ ﺒﺘﺴﺎﻭﻱ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ﻭﻗﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ،ﻭﺃﻴﻥ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺴﻔﻠ ﹸﺔ ﻭﺍﻟﺭﻋﺎﻉ؟ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺼﻔﻬﺎ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﻗﺒل ﻤﺌﺔ ﻋﺎﻡ ﻓﻲ "ﻁﺒﺎﺌﻊ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ" ﻻ ﺘﺯﺍل ﺤﺎﻟﻨﺎ ﻭﻤﻨﻭﺍﻟﻨﺎ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺴﺞ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻨﺎﺴﺠﻭﻥ ،ﻭﻫﻲ "ﺘﺴﻭﻍ" ﺃﻥ ﻴﺤﺎﺴﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺁﺭﺍﺌﻬﻡ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ،ﺒل ﻋﻠﻰ ﻨﻭﺍﻴﺎﻫﻡ ﻭﺴﺭﺍﺌﺭﻫﻡ ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻭﺍﻥ ﻴﺘﻬﻤﻭﺍ ﻓﻲ ﺩﻴﻨﻬﻡ ﻭﺃﺨﻼﻗﻬﻡ ﻭﻓﻲ "ﻭﻁﻨﻴﺘﻬﻡ".
ﻭﻟﻌل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﻓﻲ ﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ،ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﺃﻨﻪ ﻻ ﺘﻔﺎﻀل ﻭﻻ ﺘﻔﺎﻭﺕ ﺒﻴﻥ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻻ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ؛ ﻓﻠﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻫﻭ ﺇﻨﺴﺎﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﻻ ﻤﻥ ﻫﻭ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻵﺨﺭ؛ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻫﻭ ﻤﻥ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﻭﺸﻌﺏ ﻭﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﻤﻌﻴﺎﺭ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﻫﻭ ﺩﻭﻤﹰﺎ ﻤﻌﻴﺎﺭ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻗﻭﺍﻤﻪ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻜﻔﻠﻬﺎ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﻴﺤﻤﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﺃﻤﺎ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﺒﻤﺎ ﻫﻲ ﻨﺯﻋﺔ ﺃﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻭﻋﻘﻴﺩﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻻ ﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻨﺼﺭﻴﺔ ﻭﻓﺎﺸﻴﺔ ،ﻓﻠﻬﺎ ﺤﺩﻴﺙ ﺁﺨﺭ؛ ﻭﻗﺩ ﺁﻥ ﺍﻷﻭﺍﻥ ﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﻤﻥ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ،ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺼﻔﺔ ﺘﺸﻤل ﺠﻤﻴﻊ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺼﻔﺔ ﻻ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﺘﻔﺎﻀل ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ،ﺇﻻ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ،ﺩﻴﻨﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻡ "ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ" ،ﻭﻫﺫﻩ
ﺩﻭﻟﺔ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭﻴﺔ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ ﺤﻴﻥ ﺘﺤﺘﻜﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭ"ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ" ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﺃﻱ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺘﻴﺎﺭ ﺒﻌﻴﻨﻪ ﺃﻭ ﺤﺯﺏ ﺒﻌﻴﻨﻪ ،ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺍﻟﺠﺯﺀ ﻻ ﻴﺤﺩﺩ ﺍﻟﻜل ﺒل ﻴﺘﺤﺩﺩ ﺒﻪ .ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ،ﻭﺼﻔﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺤﻕ ﺃﻱ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻭﻁﻨﻴﹰﺎ ﺃﻭ ﻗﻭﻤﻴﹰﺎ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻴﺸﺎﺀ ،ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻤﻨﺢ ﻨﻔﺴﻪ ﺤﻕ ﻨﺯﻉ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﺇﻻ
ﻜﺎﻥ ﻓﺎﺸﻴﹰﺎ ﻭﻨﺎﺯﻴﺎﹰ ،ﻭﻤﺼﺩﺍﻕ ﻤﺎ ﻨﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﺸﻤل
204
ﺠﻤﻴﻊ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﻭﻤﻭﺍﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺯﻤﺎﻥ ﺃﻭ ﻤﻜﺎﻥ ،ﻭﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﻤﺎ ﺁﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﺘﺩﻤﻴﺭ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻬﺎ ﻭﺘﺨﺭﻴﺏ ﺃﻭﻁﺎﻨﻬﺎ .ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺤﻜﻡ ﻗﻴﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﺤﻜﻡ ﻭﺍﻗﻊ. ﻤﺒﺩﺃ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﻀل ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﻫﻭ ﺃﺴﺎﺱ ﻤﺒﺩﺃ ﺘﺴﺎﻭﻱ ﺠﻤﻴﻊ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ،ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﺍﺨﺘﻼﻓﺎﺕ ﻭﺨﻼﻓﺎﺕ ،ﻭﻫﻭ ﻨﻘﻴﺽ ﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ﻭﺍﻟﺘﻤﺠﺩ ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﻥ ﺩﻭﻤ ﹰﺎ ﺒﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ،ﺤﺘﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻁﻠﻕ ﺃﺼﺤﺎﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ، ﻭﻻ ﺒﺄﺱ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﻜﺭﻭﺍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻴﺔ ﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ؛ ﻓﺄﻨﺎ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻲ ﻟﻡ ﺃﻋﺩ ﺃﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ "ﻭﻁﻨﻴﹰﺎ" ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﹰﺎ ﻭﺩﻭﻏﻤﺎﺘﻴﺎﹰ ،ﺒل ﺃﺭﻏﺏ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﻤﻭﺍﻁﻨﹰﺎ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒﻜل ﻤﺎ ﺘﺘﻀﻤﻨﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻤﻥ ﺤﻘﻭﻕ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺃﺤﺩ ﺃﻥ ﻴﻔﺭﺽ ﻋﻠﻲ ﻤﺎ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﻨﻬﺎ ﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﻭﻁﻨﻴﺔ،
ﻼ ﻭﺘﺯﻤﻴﺭﹰﺍ ﻓﻲ ﻤﻭﻜﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺤﻘﻭﻗﻪ ﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺘﻁﺒﻴ ﹰ ﻭﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻨﻪ ﻓﺎﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻭﻻ ﻴﺯﺍﻟﻭﻥ ﻴﺠﻴﺩﻭﻨﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ "ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﻴﻥ" ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻴﻴﻥ.
ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﺎﺯﺍﺭﺍﺕ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﺁﻟﺕ ﻟﺩﻯ ﺒﻌﻀﻬﻡ ،ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ ،ﺇﻟﻰ ﻨﺯﻋﺔ ﺘﻜﻔﻴﺭ ﻭﺘﺨﻭﻴﻥ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻻ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ "ﺍﻟﻤﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻴﺔ" ،ﺁﻟﺕ ﺇﻟﻰ ﻨﺯﻋﺔ ﺇﻗﺼﺎﺀ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﺇﻟﻐﺎﺌﻪ ،ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻻ ﻴﺴﺘﻨﻔﺩﺍﻥ ﻓﻲ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻟﻬﺫﺍ
ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ،ﻭﻻ ﻓﻲ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ،ﻭﺇﻻ ﻴﻜﻑ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻋﻥ ﻜﻭﻨﻪ ﻭﻁﻨ ﹰﺎ ﻭﺍﻷﻤﺔ ﻋﻥ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺃﻤﺔ ،ﻓﻜﻔﺎﻨﺎ ﺨﻠﻁﹰﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﻭﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺔ ﻭ "ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ" ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﻴﺔ ﻭ"ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ" ،ﻭﻫﻨﻴﺌﹰﺎ ﻟﻤﻥ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺒﻴﻊ ﻭﻴﺸﺘﺭﻱ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺴﺩﺕ ﺒﻀﺎﻋﺘﻪ ﻭﻏﺩﺕ ﻤﻥ ﺴﻘﻁ ﺍﻟﻤﺘﺎﻉ .ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﻫﻭ ﻋﺭﺒﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺨﺭ ،ﺃﻤﺎ ﻤﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻓﻠﻪ ﺫﻟﻙ؛ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﺍﻗﻊ ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻻ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﺫﺍﺘﻴﺔ .ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺎﺕ
ﺍﻟﻼﻓﺘﺔ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻗﻁﺭﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ﻤﻊ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺘﺠﺯﺌﺔ ﻤﻌﻴﺎﺭﹰﺍ ﻤﻨﺎﺴﺒﹰﺎ .ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻷﻤﺔ ﻜﻴﺎﻨﹰﺎ ﻤﺘﺠﺎﻨﺴﺎﹰ ،ﻟﻴﺴﺕ ﺤﻤﻭﻟﺔ ﻭﻻ ﻋﺸﻴﺭﺓ ﻭﻻ ﻁﺎﺌﻔﺔ ﻭﻻ ﺤﺯﺒﹰﺎ ﻗﻭﻤﻴﹰﺎ ﻭﻻ ﻋﻘﻴﺩﺓ ﻗﻭﻤﻴﺔ ،ﺒل ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻤﺩﻨﻲ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺤﻕ ﻭﻗﺎﻨﻭﻥ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ﺒﻼ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻭﻻ ﺘﻤﻴﻴﺯ ،ﻭﻜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻜﺫﻟﻙ ﺘﻨﺤﻭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﺼﻴﺭ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ .ﺘﺘﺠﺴﺩ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﺍﻗﻌﻴﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ )= ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ( ،ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﻻ ﺤﺭﻴﺔ ﺒﻼ ﻗﺎﻨﻭﻥ .ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ،ﺒل ﻫﻲ ﻻ ﺘﺒﺩﻭ
ﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ،ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨل ،ﺴﻭﻯ ﺒﺼﻔﺘﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﺤﻕ ﻭﻗﺎﻨﻭﻥ ،ﺃﻤﺎ ﻟﻐﻴﺭ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ﻓﺘﺒﺩﻭ ﺒﺼﻔﺘﻬﺎ ﺩﻭﻟﺔ ﻗﻭﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﺤﺴﺏ ،ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺩﻭل ﻭﺘﺘﻤﺎﻴﺯ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﺘﺘﻌﺎﻴﺵ ﻓﻲ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻗﻭﻤﻴﺎﺕ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻊ ﺍﻟﻘﻭﻡ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﻨﺴﺏ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﻘﺹ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﻤﻥ ﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﻭﺤﺭﻴﺎﺘﻬﻡ ﺒﺤﻜﻡ ﻜﻭﻨﻬﻡ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻓﺤﺴﺏ،ﺃﻱ ﺒﺤﻜﻡ ﺼﻔﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ،ﻻ ﺒﺤﻜﻡ ﻤﺤﻤﻭﻻﺘﻬﻡ ﻭﺘﺤﺩﻴﺩﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ.
205
ﺃﺩﻯ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺜﻡ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺤﻘل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ،ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻼل ﺴﻴﻑ "ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ" ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﻜل ﻤﻥ ﻴﻌﺎﺭﺽ ﺃﻭ ﻴﻨﺘﻘﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺤﺘﻜﺎﺭ ﻭﻤﺎ ﻨﺠﻡ ﻋﻨﻪ ﻤﻥ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻗﺎﺩﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻥ ﻋﻁﺎﻟﺔ ﻭﺭﻜﻭﺩ ﻭﻓﺴﺎﺩ ،ﺤﺘﻰ ﺒﺎﺕ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻴﻌﺎﻗﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ
"ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" ،ﺒل "ﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ" ،ﻭﺒﻠﻐﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﺫﺭﻭﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﺨﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﻬﺭﻭﺍ ﺒﺎﻟﻨﻘﺩ ﻭﺩﻋﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﻭﻁﻲ ﻤﻠﻑ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺒﻤﺎ ﻟﻪ ﻭﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﻏﺩﺍ ﺘﺨﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻻﺯﻤﺔ ﻴﺭﺩﺩﻫﺎ ﺭﻤﻭﺯ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻤﻥ ﻟﻑ ﻟﻔﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺎﻟﻊ ﻭﺍﻟﻨﺎﺯل. ﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﺠﻬﺭ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺁﺜﺭﻭﺍ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻷﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ،ﻭﺁﺜﺭﻭﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ،ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻋﻠﻰ "ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ" ﺍﻟﻘﻁﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﻨﺄﻭﺍ ﻻ ﻭﻋﻤﻼﹰ ،ﻭﻻ ﻴﺯﺍﻟﻭﻥ ﻤﻤﺴﻜﻴﻥ ﺒﺠﻤﺭﺓ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺒﺄﻨﻔﺴﻬﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﻭﺍﺒﻁ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻗﻭ ﹰ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻤﺎ ﺃﻥ ﻴﺠﻬﺭ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﻫﺅﻻﺀ ﺒﺎﻟﻨﻘﺩ ﺤﺘﻰ ﺘﻘﻭﻡ ﻗﻴﺎﻤﺔ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﺼﻐﺎﺭﹰﺍ ﺼﻐﺎﺭﹰﺍ ﻭﻜﺒﺎﺭﹰﺍ ﺃﻭ ﺃﻨﺼﺎﻑ ﻜﺒﺎﺭ ،ﻴﺭﻓﻌﻭﻥ ﻋﻘﺎﺌﺭﻫﻡ ﺒﺎﻟﻭﻴل ﻭﺍﻟﺜﺒﻭﺭ ﻭﻋﻅﺎﺌﻡ ﺍﻷﻤﻭﺭ ،ﺇﺫ ﻫﺎﻟﻬﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺠﺘﻬﺩﻭﺍ ﻓﻲ ﺇﺴﻜﺎﺘﻪ ﻭﺘﺭﻭﻴﻌﻪ ﻭﺘﺭﻜﻴﻌﻪ ﻭﺘﺠﺭﻴﻌﻪ ﺼﻨﻭﻑ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻟﺫل ﻭﺍﻟﻬﻭﺍﻥ ﻻ ﻴﺯﺍل ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﻴﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ .ﻓﺸﻜﺭﹰﺍ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺒﺭﻫﻨﻭﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺸﺭﻑ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻭﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺤﻴﻥ ﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺒﺨﻼﻑ ﺍﻟﻠﻐﻭ ﻭﺍﻟﻬﺫﺭ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﺒﺘﺫل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻴﺢ ﻭﺍﻟﺜﻨﺎﺀ ﺘﺯﻟﻔﹰﺎ ﻨﻔﺎﻗﹰﺎ.
ﺒﺌﺱ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻁﻨﹰﺎ ﻴﺨﻭﻨﻪ ﻤﺜﻘﻔﻭﻩ ،ﻭﺒﺌﺴﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻗﻭﺍﻤﻬﺎ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ،ﻭﺒﺌﺴﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﺘﻘﻭﻯ ﻋﻠﻰ ﺸﻌﺒﻬﺎ ﻭﻻ ﺘﻘﻭﻯ ﺒﻪ ،ﻭﺒﺌﺴﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﺘﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻥ ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺘﺴﺘﻐﻨﻲ ﺒﻬﻡ .ﻭﻟﻭ ﺍﻓﺘﺭﻀﻨﺎ ﺃﻥ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﻜل ﻤﻥ ﻴﻨﺘﻘﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘل ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﻜل
ﻤﻥ ﻴﻌﺘﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻨﻬﺏ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﻴﻔﺘﻀﺢ ﺭﻤﻭﺯﻫﺎ ﻭﺍﻗﻌﹰﺎ ﻤﺤﻘﻘﹰﺎ ﻭﺜﺎﺒﺘﹰﺎ ﻓﺈﻥ ﻤﺎ ﻴﺩﻓﻊ ﺃﻤﺜﺎل
ﻫﺅﻻﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺃﺩﻫﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺃﻤﺭ. ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻟﻴﻌﺒﺄ ﺃﻭ ﻴﻬﺘﻡ ﺒﻤﻘﺎﻟﺔ ﻜﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻟﻭﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻤﻨﻁﻕ ﺃﻤﻨﻲ ﺨﺒﺭﻩ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻭﻥ ﻭﻋﺎﻨﻭﺍ ﻤﻥ ﻭﻴﻼﺘﻪ ﺍﻷﻤﺭﻴﻥ ،ﻭﺨﻴل ﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻨﻬﻡ ﻤﻥ ﺃﻤﺜﺎل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻭﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﺤﺒﻴﺏ ﻋﻴﺴﻰ ﻭﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ،ﻭﻤﻥ
ﺃﻤﺜﺎل ) ﺍﻟﺨﺎﺌﻥ ( ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻭﺼﺤﺒﻪ ﻤﻤﻥ ﻟﻡ ﻴﻌﺘﻘﻠﻭﺍ ﺒﻌﺩ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﻲ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺼﺤﺒﻪ ﻻﻋﺘﻘﺎﻟﻬﻡ ﻭﺇﺭﺍﺤﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻤﻥ ﺸﺭﻫﻡ ﻭﻁﻭل ﺃﻟﺴﻨﺘﻬﻡ ،ﺨﻴل ﻟﻠﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﻤﺜﺎل ﻫﺅﻻﺀ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺒﺎﺕ ﺸﻴﺌﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻭﻟﻜﻥ
ﻫﻴﻬﺎﺕ .ﻭﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﻟﻴﻌﺒﺄ ﺃﻭ ﻴﻬﺘﻡ ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ،ﻤﻊ ﻜل ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﻟﺸﺨﺹ ﻜﺎﺘﺒﻬﺎ ،ﻟﻭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻜﺎﺘﺒﻬﺎ ﻋﻀﻭﹰﺍ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﻟﻭ ﻟﻡ ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﺼﻔﺘﻪ ﻫﺫﻩ ﺒﺴﻭﻕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺴﻭﻕ
ﺍﻟﺴﺎﺌﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻴﻠﻘﻰ ﺠﺯﺍﺀﻩ ﺍﻟﻌﺎﺩل ﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﺒﺎﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺩﺍﻤﻐﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ. 206
ﻟﻌل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻨﺘﺨﺒﻭﺍ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺃﺤﺩ ﻗﺩ ﺍﻨﺘﺨﺒﻪ ﻁﻭﻋﺎﹰ ،ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻔﺘﺭﻀﻭﻥ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻓﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﻴﺄﺨﺫ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻓﻴﻀﻌﻬﺎ ﺒﻴﻥ ﻴﺩﻱ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻭﻴﻁﻠﺏ ﺍﺴﺘﺠﻭﺍﺏ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺤﻭل ﻋﺩﻡ ﻨﺯﺍﻫﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻪ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ
ﻨﻔﺴﻪ ﻗﺩ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺤﻭل ﺘﺒﻌﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺘﺎﻤﺔ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ،ﻭﻴﻁﻠﺏ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ
ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺘﺘﻔﺸﻰ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﻔﺸﻰ ،ﻭﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﺩﺕ ﻓﻲ ﻭﺠﻭﻫﻬﻡ ﺁﻓﺎﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻭﺒﺎﺘﻭﺍ ﻴﺸﻜﻠﻭﻥ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺤﻴﻁﺴﺕ )ﺃﻱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺴﻨﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﻴﻁﺎﻥ( ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﺃﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﻭﻓﺸﺕ ﻓﻲ ﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ،ﻭﻴﻁﻠﺏ ﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺍﻗﺘﺭﻓﺘﻪ ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﺘﻘﺘﺭﻓﺔ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺯﻤﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ،
ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ ﻗﺩ ﻁﺎﻟﺏ ﺒﺤل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﻭﺘﺤﻭﻴل ﻤﻘﺭﺍﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﻜﺘﺒﺎﺕ ﻋﺎﻤﺔ ،ﻓﺘﺒﻴﻥ
ﺃﻨﻪ )ﺨﺎﺌﻥ( ﻭﻟﻘﻲ ﺠﺯﺍﺀﻩ ﻭﻓﺎﻗﹰﺎ ﻟﻤﺎ ﺍﻗﺘﺭﻓﻪ ﻟﺴﺎﻨﻪ .ﻭﺘﺒﻴﻥ ﻟﻠﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺼﺤﺒﻪ ﺃﻥ ﻜل ﻤﻥ ﻴﻨﺘﻘﺩ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻥ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﻤﻴﻪ ﺨﺎﺌﻥ ﻭﻋﻤﻴل ﻭﻜﻠﺏ ﻭﺤﻘﻴﺭ ﻭﺍﺒﻥ ﻋﺎﻫﺭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺼﻑ ﻀﺒﺎﻁ ﺍﻷﻤﻥ ﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ .ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻌل ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻓﻘﺭﺭ ﺃﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺨﺎﺌﻥ ﻭﻁﺎﻟﺏ ﺒﺘﻘﺩﻴﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﻭﻀﻌﻪ ﻓﻲ ﻓﻡ ﺍﻟﻅﻼﹼﻡ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ،ﻓﺴﻭﺀ ﺍﻟﻅﻥ ﻤﻥ
ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻔﻁﻥ؛ ﻭﺇﺫﺍ ﺴﺎﺀﺕ ﻓﻌﺎل ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺴﺎﺀﺕ ﻅﻨﻭﻨﻪ .ﻓﻠﻌل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺩﺤﺸﻭﺍ ﺍﺴﻤﻪ ﻓﻲ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﻼ ﻴﺤﻔﻅﻭﻥ ﻟﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺄﺜﺭﺓ ﻭﻴﺩﺤﺸﻭﻨﻪ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﻟﻠﺩﻭﺭ "ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻲ" ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻓﻴﺴﻌﺩ ،ﻭﻴﺴﻌﺩ ﻗﺒ ﹰ ﺍﻟﻨﺎﺨﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀﻴﻥ ،ﻭﻟﻴﺫﻫﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻭﺼﺤﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺤﻴﻡ. ﻻ ﻟﻡ ﺘﻌﺠﺒﻪ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻟﻨﺘﻘﺭ ﻤﻨﻁﻕ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﻐﻴﻭﺭ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ :ﺃﻭ ﹰ ﻋﻴﺩ ،ﻭﻟﻡ ﺘﻌﺠﺏ ﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺤﻘﻪ ﻭﺤﻘﻬﻡ ﻜﺎﺌﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ،ﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ،
ﻜﻤﺎ ﺃﻋﺭﻓﻪ ،ﻻ ﻴﻜﺘﺏ ﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻤﺎ ﻴﻁﻠﺒﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻌﻭﻥ .ﻭﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﻟﻡ ﺘﻌﺠﺏ ﺼﺎﺤﺒﻨﺎ ﻭﻟﻡ ﺘﻌﺠﺏ ﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻓﻤﻥ ﺍﻟﺒﺩﻴﻬﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺃﻥ ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﻟﻡ ﻴﻌﺠﺒﻬﻡ ﺠﻤﻠﺔ ﻭﺘﻔﺼﻴﻼﹰ) ،ﺃﻭ ﻜﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﻀﻪ( ،ﺒل ﻟﻌﻠﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻴﻌﺠﺒﻬﻡ ﺃﺼﻼﹰ ،ﻓﺎﻟﺭﺠل ﻤﺼﺎﺏ ﺒﻠﻭﺜﺔ ﺃﺨﻼﻗﻴﺔ ﺍﺴﻤﻬﺎ ﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ،ﻭﻨﺤﻤﺩ ﺍﷲ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻭﺜﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺩﻴﺔ ،ﺇﻻ ﻓﻲ ﺸﺭﻭﻁ ﺨﺎﺼﺔ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ،ﻓﻼ ﺘﻨﺘﺸﺭ ﻜﻐﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﻭﺒﺌﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻜﺎﻟﺭﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ .ﺜﺎﻨﻴﺎﹰ ،ﻋﺩﻡ ﺍﻹﻋﺠﺎﺏ ،ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻋﺩﻡ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﻋﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺃﻥ ﻴﺸﻨﻑ ﺃﺫﻨﻴﻪ ﺒﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﺯﻤﻼﺌﻪ ﻭﺨﻁﺒﻬﻡ
ﺍﻟﻌﺼﻤﺎﺀ ،ﺴﺒﺏ ﻜﺎﻑ ﻟﻼﺘﻬﺎﻡ ﺒﺎﻟﻔﺠﻭﺭ ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ .ﺍﻨﺘﻬﺕ ﺍﻟﻘﺼﺔ .ﻭﻻ ﻨﺩﺭﻱ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﺘﻬﺎﻡ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻨﺎﺠﻤ ﹰﺎ ﻋﻥ ﻋﺩﻡ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺤﺩﻩ ﺃﻡ ﻋﻥ ﻋﺩﻡ ﺇﻋﺠﺎﺒﻪ ﻭﻋﺩﻡ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﻴﺸﺎﻁﺭﻫﻡ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﻴﺸﺎﻁﺭﻭﻨﻪ ،ﺃﻡ ﻜﺎﻥ ﻨﺎﺠﻤﹰﺎ ﻋﻥ ﻋﺩﻡ ﺇﻋﺠﺎﺏ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﻓﻘﻁ ،ﻓﺜﻤﺔ ﻓﺭﻕ. ﻭﻤﻥ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﻁﺎﻟﻊ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﺴﺔ ﻤﻥ ﻴﺘﺭﻓﻊ ﻋﻥ ﺫﻜﺭ ﺍﺴﻡ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻭﺃﺴﻤﺎﺀ
ﻻ ﻭﻻ ﻴﻨﻁﻘﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﻥ ﺼﺤﺒﻪ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﺘﻤﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﻻ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ ﺇﻻ ﺇﻓﻜﹰﺎ ﻭﻀﻼ ﹰ
ﻫﻭﻯ .ﻭﻟﻜﻥ ﺃﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﺭﺠل ﺃﻥ ﻴﺘﺭﻓﻊ ﻤﺎ ﻴﺸﺎﺀ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﻓﻊ ﻭﺍﻻﺭﺘﻔﺎﻉ؟ ﺒﻠﻰ ،ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ 207
ﻨﺅﺍﺨﺫﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﺴﻭﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻓﺎﻟﺴﻭﻕ ﻋﺎﺩﺓ ﻟﻠﺒﻬﺎﺌﻡ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺄﻟﻭﻑ ﻭﺍﻟﺠﺎﺭﻱ ﻋﻨﺩﻨﺎ ﻓﻲ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻓﻬل ﻴﺴﺘﺤﻘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﺃﻡ ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل ﺴﻭﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺫﺒﺢ ﻓﻲ ﺃﻗﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ؟ ﻓﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻷﻤﻥ ﻴﺘﺒﺎﺩﻻﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﻭﻅﺎﺌﻑ ﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ،ﻭﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒـ "ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ". ﻋﺎﻨﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻓﻜﺘﺏ ،ﻭﺍﺴﺘﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻨﻅﻥ ﻓﻜﺘﺏ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺤﺩ ﻓﺎﺼل ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒﺠﺩﺍﺭﺓ ﻻ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺘﺯﻜﻴﺔ ﺃﺤﺩ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻜﺘﺒﺔ ،ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻴﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺠﺩﺍﺭﺓ ﻻ ﻴﺸﻙ ﻓﻴﻬﺎ
ﺃﺤﺩ.
ﺘﺤﻴﺔ ﻟﻙ ﻴﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ،ﻴﺎ ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ ،ﻓﻘﺩ ﻜﻨﺕ ﺴﺒﺎﻗﹰﺎ ﻭﻤﺒﺎﺩﺭﹰﺍ ﺒﻭﻓﺎﺌﻙ ﺍﻟﺠﻤﻴل ﻟﺯﻤﻼﺌﻨﺎ ﻭﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ،ﻭﺒﺩﻓﺎﻋﻙ ﺍﻟﺠﺴﻭﺭ ﻋﻥ ﻗﻀﻴﺘﻬﻡ ،ﻗﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﻟﻌﺩل ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻓﺠﺯﺍﻙ ﺍﷲ ﻋﻨﺎ ﻭﻋﻨﻬﻡ ﻜل ﺨﻴﺭ ،ﻭﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻙ ﻴﻭﻡ ﻭﻟﺩﺕ ﻭﻴﻭﻡ ﺘﻌﺘﻘل ﺃﻭ ﺘﻤﻭﺕ ﻭﻴﻭﻡ ﺘﺒﻌﺙ ﺤﻴﹰﺎ. ﺩﻤﺸﻕ ٢٠٠٢/٠٨/٣٠
•
ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ
208
ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻷﻤﻠﺱ ﻤﺎﻟﻙ ﻤﺴﻠﻤﺎﻨﻲ ﻤﺎ ﻜﻨﺕ ﺴﺄﻋﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻀﻭﻉ ) ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭل ( ﻭﻓﻕ ﺘﺼﻨﻴﻑ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﻟﺒﻴﺏ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺇﺤﺩﻯ ﺘﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻤﺭﻴﺽ ،ﻭﻤﺠﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺘﺅﻁﺭﻩ ﻅﺎﻫﺭﺓ "ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻷﻤﻠﺱ" ﺍﻟﻨﺎﻓﺫ ﻋﺒﺭ ﻜل ﺍﻟﺜﻘﻭﺏ " "pass par toutﺍﻭ ﻤﺎ ﺴﻤﺎﻩ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒـ"ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ" ﺃﻱ ﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻟﻭﻻ ﻤﻘﺎل ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ " ﻨﻅﺭﻴﺔ
ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻭﻓﻭﻟﻜﻠﻭﺭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ " ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ ) ٢٦ﺁﺏ ٢٠٠٢ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ( ،ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﺩﻫﺸﺔ ﻤﻔﻌﻤﺔ ﺒﺎﻟﺴﺨﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻬﻜﻡ ،ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﻋﺭﻑ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒـ"ﺼﺎﺤﺏ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ" ،ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺭﺩﺩ ﺼﻔﺘﻪ ﻫﺫﻩ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﺸﺭ ﻤﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﺠﻤﺎل ﺒﺎﺭﻭﺕ -ﺤﺴﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ -ﻭﻋﺭﻑ ﺃﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺴﺒﺏ ﺭﺃﺴﻪ ﺍﻟﺤﺎﻤﻲ ﺃﺨﻔﻘﺕ ﺘﺠﺭﺒﺔ
ﺍﻹﺼﻼﺡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ! ﻜﻤﺎ ﻭﺍﻜﺘﺸﻑ ﺍﻨﻪ ﺫﺍﺘﻪ ﻫﻭ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺭﺃﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺇﺸﻌﺎل ﺍﻟﺤﻤﻰ ﻓﻲ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺠﺒﺭﻫﺎ –ﻤﻌﺫﻭﺭﺓ -ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﻘﻀﺎﺽ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺘﺘﻜﺭﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻼ ﺘﺴﺠﻨﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ،ﻁﺒﻌﺎ ﻭﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﺘﻔﻀﺢ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﻀﻤﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺤﺴﺭﺓ ﻓﻲ ﻗﻠﺏ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ) ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ،ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ،ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻱ ،ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ،ﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ،ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ...ﺍﻟﺦ ( ﺠﻤﺎل ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺭﺃﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻲ ﺼﺎﺤﺏ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ )ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ( ﻷﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻌﺘﻘل .ﻭﻷﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ )
ﺍﻟﻔﻬﺎﻤﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻴﺭ ﻤﻌﺎﺭﻙ "ﻗﺫﺭﺓ" ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺇﺭﻫﺎﺏ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ( ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ) \٢١ﺁﺏ \ (٢٠٠٢ﻭ ﻟﻜﻭﻥ ﺍﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﺍﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻴﺩ –ﺤﺴﺏ ﻴﺎﺴﻴﻥ -ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺒﺸﻜل ﻓﺭﺩﻱ ﻋﻥ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺝ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻓﻠﻘﺩ ﻟﺠﺄ ﺒﺎﺭﻭﺕ ) ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺁﺫﺍﺭ – ﻨﻴﺴﺎﻥ ( ٢٠٠١ ،ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺠﻤﺎﻋﺔ
ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ،ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻨﺼﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻴﺯﻋﻤﺎﻥ ) ﺘﺭﻨﺢ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ( ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ،ﻭﻫﻤﺎ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻻﻥ ﻋﻥ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌل ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺘﻘﺩﻡ " ﺘﺒﺭﻴﺭﺍ ﻋﺎﺠﻼ ﻻﻋﺘﻘﺎل ﻜل ﻤﻥ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ ﺒﺤﺩﺓ ﺃﻭ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ " ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻴﺎﺴﻴﻥ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺠﺯﺍﺀ ﻭﻓﺎﻗﺎ ﻟﻤﺎ ﺠﻨﺘﻪ ﻴﺩﺍﻩ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺘﻜﺭﻤﻭﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ
ﺤﻴﻨﻬﺎ ﻓﻠﻡ ﻴﻌﺘﻘل ،ﻭﻫﻭ ﻴﺠﺩﺩ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻟﻬﻡ -ﻤﺎﺩﺍﻡ ﻟﻡ ﻴﺭﺘﺩﻉ -ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺘﺏ ﻓﻴﻪ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺍﻟﺩﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻋﻴﺩ ،ﺇﺫ ﻻ ﻴﻔﺼل ﺒﻴﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ ﺴﻭﻯ ﻴﻭﻤﻴﻥ ،ﺍﻷﻭل ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻜﺘﺏ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﻓﻲ ) ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ( ﻴﻭﻡ / ٢١ﺁﺏ ٢٠٠٢ /ﺒﻴﻨﻤﺎ 209
ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻜﺘﺒﻪ ﻴﻭﻡ / ٢٣ﺁﺏ ، ٢٠٠٢ /ﻭﻤﺎ ﻴﺠﻤﻊ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﻗﺩﺡ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﻤﻔﺭﺩﺓ ) ﺍﻟﻔﺠﻭﺭ ( ،ﻭ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﻤﻔﺭﺩﺓ ) ﺍﻟﻘﺫﺍﺭﺓ ( ،ﺍﻷﻭل ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ،
ﻤﺎﺩﺍﻡ )ﻋﻴﺩ( ﻜﺭﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﻟﻡ ﻴﻘﺩﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺭﻡ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺘﻘل ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺎﻀﺩ ﺒﻴﻥ )ﺒﺎﺭﻭﺕ –ﻤﻭﺼﻠﻲ( ﻟﻡ ﻴﻨﺘﺒﻪ ﻟﻪ ﺍﻷﺥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻨﺘﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻤﺭ ﺁﺨﺭ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺭﻨﺢ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻟﻡ ﻴﺒﺩﺃ ﺒﺎﺴﺘﺨﺩﺍﻤﻬﺎ ﺒﻤﻘﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﺤﺴﺏ ﺘﻘﺩﻴﺭﺍﺕ ﻴﺎﺴﻴﻥ ،ﺒل ﺒﺩﺃ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻤﻨﺫ ﻨﺸﺭﻩ ﻟﻤﻘﺎﻟﺘﻪ
ﺃﻭ ﺸﺘﻴﻤﺘﻪ ﻟﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٨ﻨﻴﺴﺎﻥ ، ٢٠٠١ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺘﺼﻔﻴﺔ ﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺨﺎﺼﺔ ،
ﺒل ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻠﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺨﺭ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻷﺥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ،ﺇﺫ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺃﻜﺜﺭ ﺠﺩﻴﺔ ﺒﻜﺜﻴﺭ ،ﻷﻨﻪ ﻤﻨﺫ
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﻘﺎل ،ﺍﻟﺫﻱ ﺒﺩﺍ ﺸﺨﺼﻴﺎ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﺭﺏ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻋﻤﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺍﻟﺤﺭﺍﻙ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻔﺭﺩﻱ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺤﺯﺒﻲ ﻟﻺﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ " :ﻭﻻ ﺘﺫﺭ ﻭﺍﺯﺭﺓ ﻭﺯﺭ ﺃﺨﺭﻯ " ،ﻓﺎﻋﺘﻘﺎل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻻ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ،ﻭﻟﻘﺩ ﺃﺸﺎﺭ ﺍﻷﺥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ " ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ
ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻭﻓﻠﻜﻠﻭﺭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ " ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺇﻟﻰ " ﺃﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ) ﻟﺤﺯﺏ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ﺃﻋﻠﻡ ﺍﻷﻤﺎﻨﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺒﺄﻥ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺘﻪ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻻ ﻋﻥ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺤﺯﺏ " . ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﺴﻴﻌﻭﺩ ﻻ ﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ " ﺍﻟﻨﻭﻤﻨﻜﻼ ﺘﻭﺭﺍ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ " ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ٢١ﺁﺏ ٢٠٠٢ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺸﻑ ﺍﻷﺥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻋﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻨﺘﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻕ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﻨﻅﺭﻴﺔ
ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﻋﻘﻭل ﺒﺎﺭﺩﺓ ﻋﺒﺭ ﺘﺯﻜﻴﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺭﻤﻭﺯ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ ﻨﻔﺴﻪ ،
ﻓﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺩ .ﻓﺎﺌﺯ ﺍﻟﻔﻭﺍﺯ ﺒﺄﻨﻪ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﺭﺯ ﻤﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻤﻥ ﺭﺍﺩﻴﻜﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﺍﻻﻗﺼﺎﺌﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﻀﻲ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺇﺫﻥ ﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ) ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ( ﺴﻭﻯ ﺃﻥ ﻴﺘﺨﻠﻭﺍ ﻋﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺍﻟﺤﺎﻤﻲ ﺍﻟﺭﺃﺱ ) ﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺩﻱ ( ﻭﻴﻠﺘﺤﻘﻭﺍ ﺒﻔﺎﺌﺯ ﺍﻟﻔﻭﺍﺯ ﻟﻜﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﻨﻌﻬﺎ ﻟﻪ ﺃﺴﺎﺘﺫﺓ ﻭﻤﻌﻠﻤﻭ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻔﻭﺍﺯ
ﺼﺎﺤﺏ " ﺭﺃﺱ ﺒﺎﺭﺩ ﺘﻭﺍﻓﻘﻲ " .
ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺘﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺍﻟﺸﺘﺎﺌﻤﻲ ﺍﻟﺴﻴﺊ ﺍﻟﺫﻜﺭ ﻓﻲ ) ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٨ﻨﻴﺴﺎﻥ ( ﻓﻘﺩ ﺃﺴﺱ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻌﻭﻴل –ﻤﻌﻠﻤﻴﻪ -ﻋﻠﻰ ﺸﻕ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﻴﻥ ﺘﻴﺎﺭ ﺘﺼﻌﻴﺩﻱ ﻴﻤﺜﻠﻪ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻋﺒﺭ ﻨﺴﺏ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﻤﺴﻭﺩﺓ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻪ ،ﻭﺘﻴﺎﺭ ﺘﻭﺍﻓﻘﻲ ﻴﻤﺜﻠﻪ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﻋﺒﺭ ﻨﺴﺏ ﻟﻪ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻘﺎﺕ ...ﺍﻟﺦ ﻭﺴﻴﺄﺘﻲ ﺤﺩﻴﺙ ﺫﻟﻙ .
210
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻌﺏ ﻴﺼل ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﺸﻁﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻔﻀﻭﺤﺔ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭ " ﻤﺤﻨﺔ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻓﻲ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ " ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ١١ﺃﻴﻠﻭل . ٢٠٠٢/ ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ) ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ( ﻤﻥ ﻗﺒل ﻴﻤﺜل ﺭﺃﺴﺎ ﺤﺎﻤﻴﺎ ﻟﺠﺴﻡ ﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩل ﺍﻟﺘﺼﺎﻟﺤﻲ ،
ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻫﻨﺎ ﻟﺩﻯ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺘﺠﺎﻩ ﺭﺃﺱ ﻟﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻤﻌﺘﺩل ﺘﺼﺎﻟﺤﻲ ﻭﺘﺤﺎﻟﻔﻲ ﻫﻭ ﻫﻨﺎ )ﻋﻠﻲ ﺼﺩﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﻭﻨﻲ( ﻟﻜﻥ ﺠﺴﻡ ﺤﺯﺒﻪ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺍﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻋﻘﻠﻴﺔ " ﺍﻟﻤﻔﺎﺼﻠﺔ " ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﺔ ﻟﻠﺘﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ،ﻟﻬﺫﺍ ﻓﺎﻟﺒﻴﺎﻨﻭﻨﻲ ﻴﻨﺘﺞ ﺨﻁﺎﺒﺎ ﻤﺯﺩﻭﺠﺎ ،ﻟﻠﺩﺍﺨل ﻴﻌﻠﻥ ﺃﻨﻪ " ﻴﻘﺩﻡ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ " ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻴﻘﺩﻡ ﺨﻁﺎﺒﺎ " ﻟﻴﺱ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ﻓﺭﻭﻗﺎﺕ " . ﻭﺫﻟﻙ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﻤﻬﻴﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺤﻲ ﺒﺄﻥ ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﺘﺎﻭﻯ ﻓﻲ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﻤﻊ
ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻓﺎﻟﻜل ﻜﺎﻓﺭ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﻴﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﻴﻴﻥ ﻴﻔﺘﻭﻥ ﺏ " ﺠﻭﺍﺯ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﻤﻊ ﻜﺎﻓﺭ ﻤﺴﺎﻋﺩ ، ﻭﺭﻓﺽ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﻤﻊ ﺍﻟﻜﺎﻓﺭ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺏ " ﺃﻱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ . ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻨﺘﺞ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﻘﺭﺍﺀﺓ – ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺘﻴﺔ -ﺍﻟﻤﻭﺠﻬﺔ ﻋﻥ ﺒﻌﺩ ،ﺃﻥ ﻤﺅﺘﻤﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻓﻲ ﻟﻨﺩﻥ " ﺫﻱ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﻪ ﺍﻹﺨﻭﺍﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻬﺸﺎﺸﺔ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ " ﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻗﻭﻯ "ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻜﺎﻓﺭﺓ "
ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺅﺴﺱ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻋﺒﺭ ﻓﺘﻭﻯ ﺠﻭﺍﺯ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﻤﻊ " ﻜﺎﻓﺭ ﻤﺴﺎﻋﺩ " ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ
ﻜل ﻤﻥ ﺤﻀﺭ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻤﻥ ﻗﻭﻤﻴﻴﻥ ﻭﻋﻠﻤﺎﻨﻴﻴﻥ ﻭﻴﺴﺎﺭﻴﻴﻥ ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺸﻤﻭل ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﻭﻯ ،ﺃﻱ ﻗﺒﻭل ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﻤﻌﻪ ﺒﻭﺼﻔﻪ " ﻜﺎﻓﺭﺍ ﻤﺴﺎﻋﺩﺍ " ! ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﻭﺠﻴﻬﺎﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﺠﺭﻡ ﺒﺎﺭﻭﺕ ) ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ( ﺒﻌﺩ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﻭﻴﺒﺭﺉ ﻗﺎﻋﺩﺘﻪ ،ﻭﺍﻟﻴﻭﻡ ﻤﻁﻠﻭﺏ ﺘﺒﺭﺌﺔ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ) ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﻭﻨﻲ ( ﻭﺘﺠﺭﻴﻡ ﻗﻭﺍﻋﺩﻩ ،ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻬﻡ " ﻤﻔﺎﺼﻠﻴﻥ " ﻴﻜﻔﹼﺭﻭﻥ ﻜل ﻤﺨﺎﺭﺝ ﻟﻬﻡ ،ﻓﺎﻟﻜل ﻜﺎﻓﺭ ﻭﻓﻕ ﻓﻘﻪ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ) ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺏ ( ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻭﺤﻲ -ﺒﺎﺭﻭﺕ -ﺃﻥ ﻗﻴﺎﺩﺘﻬﻡ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﻟﻜﻥ ﺘﺤﺕ ﻓﺘﻭﻯ ﻗﺒﻭل ﺍﻵﺨﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻱ ﻷﺴﺒﺎﺏ ﺫﺭﺍﺌﻌﻴﺔ ﺒﻤﺜﺎﺒﺘﻪ "ﻜﺎﻓﺭﺍ ﻤﺴﺎﻋﺩﺍ " . ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ﻤﺴﺘﻨﻘﻌﺎﺕ ﺍﻟﺩﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺸﺭﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﻜﺎﻥ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺭﺌﻴﺴﺎ ﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻁﻼﺏ ﻴﻘﻭﺩ ﻤﺠﻤﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻬﺘﺎﻑ " ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻟﻺﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ " ﻭﻴﻤﺘﻁﻲ ﺴﻴﺎﺭﺓ ) ﺍﻟﺒﻴﺠﻭ ( ﺍﻟﺫﺍﺌﻌﺔ ﺍﻟﺼﻴﺕ ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺯﺍل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﺜﻴﺭ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻓﻲ ﻨﻔﻭﺱ ﺍﻟﺨﻠﻕ ،
ﻭﻴﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﺨﺼﺭﻩ ﻤﺴﺩﺴﺎ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴ ﹰﺎ ﺭﻫﻴﻔﹰﺎ ،ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻨﻨﻜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺨﻭﺽ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻟﻠﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺩﻤﻭﻴﺎ ،ﻟﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﻨﺼل ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﻴﺭﻤﻲ ﺒﻪ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻁﻭﺍل ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺩﻤﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺃﻤﺭ ﻴﺩﻋﻭ ﻟﻠﺨﺠل ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻅﻠﻤﺎ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺼﻔﻪ ﻋﻴﺩ ﺒﺄﻨﻪ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﺒﻌﺜﻴﺘﻪ ﻭ ﻴﺘﺨﻠﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﺤﺎﺠﺎﺕ ﻭ
ﺍﻟﻤﻨﺎﺒﺭ ﻭﺍﻷﺯﻤﺎﻥ ﻭﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ،ﺇﻨﻪ ﻴﻠﺒﺴﻬﺎ ﻭﻴﺨﻠﻌﻬﺎ ﻜﺎﻟﻘﻔﺎﺯ.
211
ﻓﻬﻭ ﻓﻲ ﻤﻠﻑ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺘﻴﺔ – ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺩﺙ ﻋﻨﻪ ﺍﻷﺥ ﻴﺎﺴﻴﻥ -ﻴﺴﻌﻰ ﻟﻺﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺃﻁﺭﺍﻑ ) ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ( ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﺘﺏ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻨﺎﺭﻴﺔ ﺃﻟﻴﻕ ﺒﻔﻨﺎﻥ ﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻘﺎﺌﺩ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭﻩ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﻔﻪ ﺒﺎﻻﻋﺘﺩﺍل ،ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺒﻴﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻭﻜﻭﺍﺩﺭ ﺤﺯﺒﻪ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻭﺍﺩﺭ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺭﺍﻓﻀﺔ ﻵﺭﺍﺀ ﺃﻤﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻟﻤﺤﻨﺎ ﺴﺎﺒﻘﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻨﻪ ﻤﻨﺫ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﻴﺘﺒﻴﻥ ﻟﻨﺎ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺃﻭﻜﻠﺕ ﻟﻪ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻁﺭﺍﻑ ﺩﺍﺨل ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ،ﻭﺁﺨﺭﻫﺎ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺩﺍﺨل ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ) ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻱ ( ﺒﻬﺩﻑ ﺸﻕ ﺍﻟﺼﻔﻭﻑ ،ﺤﻴﺙ ﺇﻴﻬﺎﻡ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﻤﻘﺒﻭﻟﻭﻥ ﻟﻼﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻬﻡ
ﺭﺴﻤﻴﺎ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻗﺒﻭﻟﻬﻡ ﺒﺎﻟﺠﺒﻬﺔ ﻻﻋﺘﺩﺍﻟﻬﻡ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺤﺭﻴﻀﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﺨﻭﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻷﻨﻬﻡ ﻋﻘﺒﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺴﺒﺏ ﻋﺩﻡ ﻤﺭﻭﻨﺘﻬﻡ ،ﻭﺤﻤﺎﻭﺓ ﺭﺅﻭﺴﻬﻡ ﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺩﻴﺔ ...ﺍﻟﺦ ﻤﻤﺎ
ﺒﺭﻋﺕ ﺒﻪ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺨﻼل ﻋﻘﻭﺩ ﻟﻴﺩﻓﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻤﺎﺱ ﻟﻪ ﺩﺭﺠﺔ ﺩﻋﻭﺘﻪ ﻟﻴﺤﺎﻀﺭ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ،ﺒل ﻭﻟﻴﻌﺘﺒﺭﻩ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﺤﺴﻭﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﺤﺴﺏ ﻤﺎ ﻴﺸﻴﻊ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻨﻔﺴﻪ !
ﻟﻴﺱ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ – ﺤﺴﺏ ﺒﺎﺭﻭﺕ – ﻭﻫﻭ )ﻋﻴﺩ( ﻤـﻥ ﻴﺒﺎﺭﻙ ﺍﻋﺘﻘﺎل ٨٠٠ﻤﻌﺘﻘل ﺴـﻴﺎﺴﻲ ﻤـﻥ ﺠﻨﺎﺡ ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ) ﻟﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺍﻭل ﻤﻥ ﻗﺩ ﻭﺼﻔﻪ ﻓﻲ
ﺇﺤﺩﻯ ﻤﻘﺎﻻﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺒﺄﻨﻪ ) ﻤﺎﻨﺩﻴﻼ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺠﺒﻴﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ( ﺤﺘﻰ ﻏﺩﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻤﻼﺯﻤﺎ ﻻﺴﻡ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺒل ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻠﱠﻑ
ﻻ ﺇﻟﻰ ﻤﻠﻑ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺘﻴﺔ ،ﺒل ﺒﺎﻹﺴﺎﺀﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻨﺫ ﺨﺭﻭﺠﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺼﻭ ﹰ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﻠﱠﻑ ﺒﺎﺼﻁﻴﺎﺩ ﻜﻭﺍﺩﺭﻩ ،ﻤﺴﺘﻔﻴﺩﺍ ﻤﻥ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ ﺍﻟﻀﺎﻏﻁﺔ ﻟﺩﻓﻌﻬﻡ
ﻟﻼﻨﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺯﺍﺒﻬﻡ ﻭﺼﺏ ﻋﺩﻭﺍﻨﻴﺘﻬﻡ ﻀﺩ ﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻬﻡ ،ﻟﻴﻨﺎﻟﻭﺍ ﺼﻜﻭﻙ ﺍﻟﻐﻔﺭﺍﻥ ﻭﺍﻟﺘﻭﺒﺔ،ﻜﻤﺎ ﻴﻔﻌل ﻤﻊ ﺸﻤﺱ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻜﻴﻼﻨﻲ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺤﻴﺙ ﻴﺤﺭﻀﻪ ﻟﻠﻜﺘﺎﺒﺔ ﻀﺩ ﻋﻴﺩ ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﻜﻴﻼﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ) ،( ٢٠٠١ / ٤ / ٢٠ﺒل ﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻜﻴﻼﻨﻲ ﺒﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺍﻟﺸﺘﺎﺌﻤﻲ ﻟﺒﺎﺭﻭﺕ ﻀﺩ ﻋﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻜﺄﻨﻪ ﻴﺅﺩﻱ ﻤﻬﻤﺔ ﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﻴﺴﺘﻌﻴﺽ ﺒﻬﺎ ﻋﻥ ﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﺍﻟﻨﻀﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺄﺴﻭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻟﻴﺴﻘﻁ ﻨﻬﺎﺌﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻘﻁ ﻓﻴﻪ ﻭﻴﻨﺴﺘﻭﻥ ﺒﻁل ﺭﻭﺍﻴﺔ ) ، ( ١٩٨٤ﻟﻴﻠﻐﻲ ﺫﺍﺘﻪ ﺒﺫﺍﺘﻪ ، ﺭﺍﻤﻴﺎ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﻘﺩ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻗﻀﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ – ﺒﺤﺜﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ – ﻓﻲ ﺴﻠﺔ ﺍﻟﻬﺒﺎﺀ ،
ﻟﻴﺴﺘﺄﻨﻑ ﺤﻴﺎﺓ ﺁﻤﻨﺔ ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻷﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻤﻬﻭﺭ ﺒﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﻥ ،ﺇﻨﻪ ﺍﻷﻤﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ،ﻟﻘﺩ ﺘﻤﻜﻨﺕ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺃﻨﻴﺎﺏ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﻀﻡ ﻜﻴﺎﻥ ) ﻜﻴﻼﻨﻲ ( ﺍﻟﻤﻘﻬﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ﻤﺎ ﺒﺎﺤﺜﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ! ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻋﻥ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ) ( ٩٩ﺒﺄﻨﻪ ﺠﺴﺩ ﺴﻘﻑ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﻫﻭ ﻴﻠﺘﻘﻲ ﻤﻊ
ﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﻲ ،ﻭﺍﻥ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻷﻟﻴﻕ ﺘﻭﺠﻴﻬﻪ ﺇﻟﻰ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻪ ،ﻭﺍﻟﻁﺭﻴﻑ 212
ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻭﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻭﺃﻨﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺴﺄل ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻭﻗﻊ ،ﻴﺠﻴﺏ :ﺃﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺤﺠﺏ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻭﻏﺎﻴﺔ ﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺒﻭﺍﻁﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺭﺏ ﻤﻥ ﻤﺭﺍﻜﺯ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻘﺭﺭ )) ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻴﻠﺘﻘﻲ ﻤﻊ
ﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﻲ (( ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻬﻭ ﺭﻏﻡ ﻜل ﺨﻁﻭﺭﺓ ﺸﺄﻨﻪ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ، ﻜﻴﻑ ﺘﺴﻨﻰ ﻟﻌﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﺤﻴل ﺩﻭﻥ ﺭﺠل ﻨﺎﻓﺫ ﻤﻁﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺭﺍﻤﺞ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ،ﺃﻥ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ؟ ﺒل ﻫﻭ ﻴﻘﺩﻡ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺄﻨﻪ )) ﺨﺒﻴﺭ ﺒﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ (( ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺘﻴﺔ ) ﻋﺩﺩ ٣ـ ٤ـ ٢٠٠١ـ ﺹ . ( ٨٥
ﻭ ﻟﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻤﺎ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺤﻲ ﻭﻜﺄﻨﻪ " ﻤﺭﻜﺯ ﺃﺒﺤﺎﺙ ﻨﻭﻭﻴﺔ "
ﻻﻨﻘﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﻅﻬﺭﻩ ﻀﺎﺤﻜﺎ ﻤﻥ ﻓﺨﺎﻤﺔ ﻭﻓﺨﻔﺨﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺏ ﺍﻟﺩﻴﻜﻲ ﺍﻟﻤﻬﺠﻥ ،ﻫل ﺘﻌﺭﻓﻭﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯ ﻻ ﻴﺘﺄﻟﻑ ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﺸﺨﺎﺹ ﻴﺭﺃﺴﻬﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ ﺍﻷﺴﺒﻕ ) :ﻋﻠﻲ ﻨﺎﺼﺭ ﻤﺤﻤﺩ ( ﻤﻊ ﺍﻻﻋﺘﺫﺍﺭ ﻤﻨﻪ ﻟﺘﻭﺭﻴﻁﺎﺕ -ﺒﺎﺭﻭﺕ -ﻟﻤﺭﻜﺯﻩ ،ﻭ ﻗﺩ ﺘﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﺍﻷﻭل ﻟﻠﺭﺌﻴﺱ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺤﺎﻤﺩ ﺨﻠﻴل ،ﻭﺒﻘﻲ ﻤﻭﻅﻔﺎﻥ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ) ﺍﻟﺨﺒﻴﺭ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻲ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ
( ﺠﻤﺎل ﺒﺎﺭﻭﺕ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻪ ﻤﺭﻜﺯ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺘﻪ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﺃﻴﺔ ﺩﺍﺭ ﻨﺸﺭ ﻤﺘﻭﺍﻀﻌﺔ ﻭﻤﺒﺘﺩﺌﺔ !
ﻭ ﻫﻭ ﺃﻴﻀﺎ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﺩﻡ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻵﺩﺍﺏ ،ﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻴﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﺎ ﻫﻭ ﺃﻫﻠﻲ /ﻓﻜﻠﻪ ﻗﻁﺎﻉ ﻋﺎﻡ ،ﺤﻴﺎﺯﺓ ﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭ ﻋﺎﺩﺓ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﻨﺩﻭﺏ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﺭﻴﻑ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ ! ﻨﺤﻥ ﻨﺘﺴﺎﺀل ﺃﻴﻥ ﻜﺘﺏ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ ﺇﺭﻫﺎﺏ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﻤﺘﻰ ﺃﺩﺍﺭ " ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﻘﺫﺭﺓ " ﻤﻊ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺴﺎﺒﻘﺎ ،ﻓﻲ ﻜل ﺍﻷﺤﻭﺍل ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺘﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻴﺩ ﻤﺤﺎﻭﺭﺍ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺒﺸﻜل ﻤﺒﺎﺸﺭ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ " ﻨﻘﺩ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ، ٢٠٠١/٨/٣ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﻟﻡ ﻴﺘﺭﻙ ﺼﺩﻯ ﺴﻠﺒﻴﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ،ﺒل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﺍﺴﺘﻘﺒل ﺒﺤﻔﺎﻭﺓ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺒﺩﻯ ﺃﻥ ﻨﻘﺩ ﻋﻴﺩ ﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺇﻨﻤﺎ ﺘﻨﺩﺭﺝ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﻨﻘﺩﻩ ﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻨﻅﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻐل ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﻥ
ﺨﻼل ﺘﻁﻠﻊ ﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﻜل ﻓﺼﺎﺌﻠﻬﺎ ،ﻟﻴﺱ ﻋﺒﺭ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺒﺭﺍﻤﺞ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻭﻓﺤﺹ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺩﺍﻭﻟﺔ ﻭﻨﻘﺩﻫﺎ ﻭﺘﻔﻜﻴﻜﻬﺎ ﻨﻅﺭﻴﺎ ،ﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺒﻴﻨﺕ ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﻤﻭﺡ ﻭﺫﻟﻙ ﻋﺒﺭ ﻨﻘﺩﻩ ﺒﺭﺍﻤﺞ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺒﻠﻬﺠﺔ ﻻ ﺘﻘل ﺠﺫﺭﻴﺔ ﻋﻥ ﻨﻘﺩﻩ ﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ،ﻭﻟﻌل ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺴﺭ ﺘﺭﺤﻴﺏ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﺤﻤﺩ ﺤﺴﻨﺎﻭﻱ ﺍﻟﻭﺩﻭﺩ ﺘﺠﺎﻩ ﺃﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ /٩/٥ . ٢٠٠١
213
ﻭﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻷﻭل ﻋﻥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ " ﻨﻘﺩ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﺘﺄﺨﺭ" ﺇﻻ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻁﻤﻭﺡ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ،ﻷﻨﻪ ﻭﻓﻕ ﻤﻨﻅﻭﺭ -ﻋﻴﺩ – ﻴﺴﺘﺤﻴل ﺘﺠﺩﻴﺩ ﺒﺭﺍﻤﺞ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ) ﻗﻭﻤﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻡ ﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ﺃﻡ ﺇﺴﻼﻤﻴﺔ ( ﺒﺄﺩﺍﻭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﺭﺍﻫﻨﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺒﺤﺭﺍﻜﻬﺎ ﻭﻁﺭﺍﺌﻕ
ﻭﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺘﻬﺎ ﺁﻟﺕ ﺒﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻨﻘﺎﻉ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ "ﺸﺭﻋﻨﺔ ﺍﻟﻔﻭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ" ﺇﻻ ﺨﻁﻭﺓ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻪ ﺍﻟﻁﻤﻭﺡ ﻫﺫﺍ ﻻﺴﺘﻜﻨﺎﻩ ﺍﻟﻜﻭﺍﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﻁﻨﺔ ﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﺍﻟﺤﺎﺌﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺯﻤﺎﻡ ﺍﻟﺫﺍﺕ ﻟﻼﺭﺘﻔﺎﻉ ﻓﻭﻕ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻁﺎﻡٍ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﻔﻲ ﻜل ﺤﻘﺒﺔ ﻟﺒﺎﺭﻭﺕ ﻤﻬﻤﺔ ﺘﻭﻜل ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻭﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻜـﺎﻥ
ﺭﻏﻡ ﺒﻌﺜﻴﺘﻪ ﻭ ﻗﻴﺎﺩﺘـﻪ ﻻﺘﺤـﺎﺩ ﺍﻟﻁﻼﺏ ﻤﻜﻠﻔﺎ ﺒﺎﻟﺩﻓﺎﻉ ﻭ ﺒﺤﻤﺎﺱ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ) ﺭﻴﺎﺽ
ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ﻀﺩ ﺘﻴﺎﺭ ) ﺨﺎﻟﺩ ﺒﻜﺩﺍﺵ ( ،ﻭﻓﻲ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻭﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﺍﻨﺘﻘل ﻟﻠﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻀﺩ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺤﻘﺕ ﺒﻬﻤﺠﻴﺘﻬﺎ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻜﻤﺎ ﻴﺘﺄﻭﱠل ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﻴﺜﺭﺏ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﺒﺩﺃ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﻴﻥ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭ ) ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ﺍﻷﺠﺩﺭ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻓﻨﺎﻨﺎ ﺘﺸﻜﻴﻠﻴﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﻗﺎﺌﺩﺍ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭﻩ
ﺤﻴﺙ ﻴﻐﺩﻭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﻤﻘﺎﻻﺘﻪ ﻓﻲ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﻋﺩﺩ / ٢١ﺁﺏ ) ﺃﻱ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﻨﻔﺴﻪ
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺯﺍﻤﻥ ﻓﻴﻪ ﺘﺤﺭﻴﻀﻪ ﻤﻊ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺩ ( ﺇﺫ ﻴﻘﻭل ﻋﻥ ﺠﻤﺎل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭ " ﺍﻟﻌﻅﻴﻡ ﺍﻟﻬﺎﺠﻊ ﻓﻲ ﺃﺭﻭﺍﺤﻨﺎ ﻤﺜل ﻨﻤﻁ ﺠﻤﻌﻲ " ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻜﻲ ﻴﺴﻜﺭ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﻴﻥ ﻨﺸﻭﻯ ﻓﻴﻨﺴﻭﺍ ﺤﺩﻴﺜﻪ ﻋﻥ " ﻫﻤﺠﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺤﻘﺕ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ " ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺃﺩﺍﺀ ﻤﻬﻤﺘﻪ ﺍﻟﻤﻠﺴﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﺘﺭﺃﺭﺃ ﻤﻬﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﻜل ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻘﻭﻴﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻤﺩﺭﺴﺘﻪ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ) ،ﺇﻴﺠﺎﺒﻲ ﻭ ﺴﻠﺒﻲ ( ﻜﻤﺎ ﻴﻜﺘﺏ ﻓﻲ " ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ " ﻭ ﺘﺄﺴﻴﺴ ﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ
ﺍﻟﺘﻘﻭﻴﻤﻴﺔ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻋﻥ " ﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺩﻱ " ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻭ " ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻘﻲ " ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ، ﻟﻴﻘﺩﻡ ﺘﻘﺎﺭﻴﺭ ﻋﻤﻥ ﻜﺘﺏ ﻤﺴﻭﺩﺓ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻋﻥ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻓﺎﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺩﻴﺔ ﻜﺘﺏ ﻤﺴﻭﺩﺘﻬﺎ ﻋﻴﺩ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل " ﻋﻥ ﻨﺨﺒﻭﻴﺘﻬﺎ ﻭﺤﺩﺍﺜﻭﻴﺘﻬﺎ ﻑ ﺃﺒﺩﺍ ﺘﺤﻔﻅﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺘﻬﺎ …ﺍﻟﺦ " ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻘﻴﺔ ﻜﺘﺏ ﻤﺴﻭﺩﺘﻬﺎ ﻜﻴﻠﻭ " ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺨ
ﺍﻷﻭﻟﻰ " ! ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺅﺩﻱ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭﻅﻴﻔﺘﻬﺎ ﻜﻭﺸﺎﻴﺔ ﻭﺩﺱ ﻭﺇﻴﻬﺎﻡ ﻴﺼل ﺤﺩ ﺍﻹﻴﺤﺎﺀ ﻭﻜﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺼﻠ ﹰﺔ
ﺃﻭ ﺍﺘﻔﺎﻗﹰﺎ ﺒﻴﻥ ﻨﺩﻭﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﻬﺯﻟﺔ ،ﻭ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ " ﺇﺒﺎﻥ ﺃﺯﻤﺔ ﻜﻴﻠﻭ ﻤﻊ " ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ " ﺩﻋﺎ ﺍﻟﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ) ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻲ ( ﺇﻟﻰ ﻨﺩﻭﺓ ﻋﻥ ﻤﻨﻬﺞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ " ) ﺍﻟﺴﺒﺕ ( ٢٠٠١ / ٣ / ٢٤ﻭﻻ ﻴﺩﺭﻱ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﺃﻴﺔ ﺼﻠﺔ ﺒﻴﻥ ﺃﺯﻤﺔ ﻜﻴﻠﻭ ﺍﻟﻤﺩﻋﺎﺓ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺒﺎﺭﻭﺕ ،ﻭﺍﻟﻨﺩﻭﺓ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺩﺱ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﺤﻲ ﻭﻜﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻭﺍﻓﻘﺎ ﻭﺘﻨﺴﻴﻘﺎ ﺒﻴﻥ ) ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻭ ﻜﻴﻠﻭ (.
ﻭﺍﻟﺩﺱ ﻫﺫﺍ ﻴﺸﺘﻐل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺸﻭﻑ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﻌﺯﻤﻲ ﺒﺸﺎﺭﺓ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ
ﻋﻴﺩ " ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻴﺭﻯ ﻓﻲ ﻋﺯﻤﻲ ﺒﺸﺎﺭﻩ ﺇﻻ ﻤﻭﻅﻔﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ " ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﻋﻴﺩ ﻴﺘﺤﺩﺙ 214
ﻋﻥ ﺒﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭ ﺍﻟﻼﻤﻊ ﻭﻋﻥ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﻋﻥ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺃﻫﻡ ﻜﺘﺎﺏ ﺼﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻟﻜﻥ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻴﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻋﻴﺩ ،ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻁﻤﺢ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺩﻭﺓ ،ﻭﻫﻲ ﺠﻌل ﺒﺸﺎﺭﺓ ﻤﻭﻅﻔﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ !
ﻑ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺒﺎﻏﺘﺭﺍﻑ ﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻏﺘﺭﺍﻓﻪ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭﻫﺎ ﻤﺸﺎﻋﺎ ، ﻟﻡ ﻴﻜﺘ
ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻘﻭل ﻟﻌﻴﺩ – ﻁﺒﻌﺎ ﺭﻴﺎﺀ ﻭﻤﺭﺍﻭﻏﺔ – ﺃﻥ ﻻ ﻴﻬﺘﻡ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻷﻨﻪ ﺃﻱ ) ﻋﻴﺩ ( ﻤﻠﻙ ﻟﻸﻤﺔ ، ﻨﻘﻭل ﻟﻡ ﻴﻜﺘﻑ ﺒﺫﻟﻙ ،ﺒل ﻫﻭ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﻴﺴﺭﻗﻪ ﺜﻡ ﻴﺒﻴﻌﻪ ﻤﺴﺭﻭﻗﺎﺘﻪ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ،ﻓﻴﺼﻔﻪ ﺒﺄﻨﻪ " ﺼﺎﺤﺏ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ " ،ﺴﺎﺭﻗﺎ ﻤﻨﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ! ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ -ﻴﺎ ﺃﺨﻲ ﻴﺎﺴﻴﻥ -ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺩﺩﻩ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺠﺫﻻ ﻓﺭﺤﺎ ﺒﻤﻭﺍﻫﺒﻪ ،ﺇﻨﻤﺎ
ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﻟﺘﺠﺭﺒﺘﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻜﺘﺎﺒﻪ " ﻨﺤﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺴﺘﺭﻭﻴﻜﺎ " ﺤﻴﺙ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺘﺼﻭﻴﺭﻩ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺘﺭﺍﻜﻤﻴﺔ ﺘﺜﻤﺭ ﺼﻴﺭﻭﺭﺓ ﻤﻨﺠﺯﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻜﺭ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﺭﻭﺭﺓ ﺤﺴﺏ ﻫﻴﻐل ،ﺘﻨﺘﻘل ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻗﻊ ﺃﻋﻠﻰ – ﺤﺴﺏ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ ﻋﻥ ﺍﺤﺘﻼل ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻊ – ﺒل ﻫﻲ–ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ -ﺘﻜﻤﻥ ﻤﻨﺘﻅﺭﺓ
ﻤﻭﺍﺯﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻟﺘﻨﻘﺹ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻋﻠﻰ " ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ " ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ
ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﺇﻴﻤﺎﺀ ﺩﻻﻟﻲ ﺘﻬﻜﻤﻲ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺕ ﻋﻴﺩ ﻟﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﻭﻟﻶﺨﺭ ،ﻴﺴﺘﺨﺩﻤﻪ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺒﺭﻗﺎﻋﺔ ﺘﺒﺩﺩ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺩﻻﻟﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺴﺒﺏ ﻓﻘﺭ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻟﺒﺎﺭﻭﺕ ﻭﻋﺠﺯﻩ ﺤﺘﻰ ﻋﻥ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺭﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻠﻑ . ﻭ ﻴﺨﺘﻡ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﺘﺄﻫﻴل ﻋﻴﺩ ،ﻁﺒﻌﺎ ﻻﺒﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ﺴﻴﻌﺭﻑ ﺃﻥ
ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻫﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎ ﻤﻥ ﻤﺜﺎل ﺘﻁﺒﻴﻘﻲ ﺘﺤﺕ ﻴﺩﻩ ﺩﺍﺌﻤﺎ ) ﺸﻤﺱ ﻜﻴﻼﻨﻲ ( ﻴﻘﺩﻤﻪ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﺘﺭﺒﻭﻴﺎ ﻟﻠﻨﺎﺱ . ﻭﺇﺫﺍ ﻜﻨﺎ ﻗﺩ ﺘﻭﻗﻔﻨﺎ ﻤﻁﻭﻻ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﺘﻬﺎﻤﺎﺘﻪ ﻟﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﻭﺼﻡ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ
ﺒﺎﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﺍﻟﻅﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،ﻓﻤﺎ ﺫﻟﻙ ﺇﻻ ﻷﻥ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻭﻓﻲ ﻤﻌﻅﻡ ﻤﻘﺎﻻﺘﻪ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﺘﺤﺭﻴﺽ ﻤﺯﺩﻭﺝ ﻀﺩﻩ :ﺘﺤﺭﻴﺽ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻭﺘﺤﺭﻴﺽ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻨﺎﺴﻴﺎ ﺃﻥ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺃﻋﻠﻨﻭﺍ ﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺃﻨﻬﻡ ﺒﺎﻟﺘﺄﻜﻴﺩ – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ – ﻟﻥ ) ﻴﻐﺘﺎﻟﻭﺍ ( ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺭﻏﻡ ﻤﺎ ﻴﻅﻥ ﻤﻥ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻟﻪ ﻋﻨﺩﻫﻡ ﺒﻭﺼﻔﻪ – ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺯﻋﻡ -ﻤﺨﺘﺼﺎ ﺒﺸﺅﻭﻨﻬﻡ ، ﻭﺼﺩﻴﻘﺎ ﻟﻬﻡ ﻻ ﻴﺘﻭﺭﻉ ﻋﻥ ﺘﺴﺩﻴﺩ ﺍﻟﻨﺼﺎﺌﺢ ﻟﻘﺎﺩﺘﻬﻡ ،ﻟﻴﺨﺭﺝ ) ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﻭﻨﻲ( ﻤﻥ "ﻤﺤﻨﺘﻪ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ " ﺍﻟﺘﺼﺎﻟﺤﻴﺔ ﻤﻊ ﻗﻭﺍﻋﺩﻩ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ " ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻴﺔ " ﺍﻟﻤﻔﺎﺼﻠﺔ ،ﻭﻟﻴﻜﻑ ﻋﻥ ﻗﺫﻑ ﺍﻟﺒﺎﻟﻭﻨﺎﺕ ) ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ . ( ٢٠٠٢/ ٨ / ٨
ﺃﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺈﺩﺍﺭﺓ ﻋﻴﺩ ﻟﻤﻌﺎﺭﻙ "ﻗﺫﺭﺓ " ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﺴﺄﻟﻪ ﺃﻴﻥ
ﺼﺩﻯ ﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ؟ ﻓﻨﺤﻥ ﻟﻡ ﻴﺼﻠﻨﺎ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺴﻭﻯ ﺭﺩ ﺼﺒﺤﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ 215
ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﻁﺊ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻀﻤﺭ ﻤﻊ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﻓﻕ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻭﺭﺩ ﺃﺩﺒﻴﺔ " ﺍﻟﺭﺃﻱ " ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ /ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ) ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ( ،ﻭﻫﻭ ﺭﺩ ﺤﻭﺍﺭﻱ ﻭﺩﻱ .
ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺩ ﻓﻌﻠﻲ ﺴﺠﺎﻟﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻬﻭ ﺭﺩ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺫﻱ
ﻴﻨﺘﺴﺏ ﺇﻟﻰ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ) ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ( ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺩ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻭﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺩ ) ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ، ( ٢٠٠٢/٨/٢٦ﻜﺎﺸﻔﺎ ﻓﻴﻪ ﻋﻥ ﻋﻤﻕ ﺘﺜﺒﺕ ﻋﻘﺩﺓ " ﻓﻠﻜﻠﻭﺭ ﺍﻟﺤﻘﺩ " ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺩ ! ﻟﻜﻥ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺩ ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻭﺍﺼل ﺘﺎﺭﻴﺦ ﻤﻬﻤﺎﺘﻪ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ
ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻤﻬﻤﺔ ﺫﺍﺕ ﻭﻅﻴﻔﺔ ﺍﺴﺘﻨﻁﺎﻗﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻨﻪ ﺴﺒﻕ ﻹﺤﺩﻯ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻥ ﺤﺫﺭﺕ ﻋﻴﺩ ﺃﻨﻪ ﻟﻥ ﻴﻔﻴﺩﻩ ﺇﻋﺘﻤﺎﺩﻩ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﻭﻤﻜﺭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻭﺩﻫﺎﺀ ﺍﻟﻜﻨﺎﻴﺔ ﻭﺇﻴﺤﺎﺀﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﻤﺯﻴﺔ ﻏﻴﺭ
ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﻓﻜل ﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﻴﺤل ﺒﻴﻨﻬﻡ –ﺤﺴﺏ ﺯﻋﻤﻬﻡ -ﻭﺒﻴﻥ ﺇﻋﺩﺍﺩ ﻤﺫﻜﺭﺓ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﻨﺘﻪ ﻭﻤﺴﺎﺀﻟﺘﻪ ﻗﻀﺎﺌﻴﺎ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻴﻔﺴﺭ ﺫﻟﻙ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﻭﺭﺍﺀ ﻤﻘﺎﻟﺘﻲ ) ﻤﻭﺼﻠﻲ – ﺒﺎﺭﻭﺕ ( ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻀﻴﺘﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻪ ﺍﻭ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ .
ﻟﻘﺩ ﺃﺨﺫ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻘﻪ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﺴﺘﻔﺯﺍﺯ ﻋﻴﺩ ﻟﻴﺨﺭﺠﻪ ﻋﻥ ﻁﻭﺭﻩ ،ﻓﻴﻜﺸﻑ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ
ﺍﻟﻤﺴﻜﻭﺕ ﻋﻨﻪ ﻤﺠﺎﺯﻴﺎ ﻓﻲ ﻨﺼﻭﺼﻪ ﻟﻴﺒﺭﺃ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺘﻬﻤﺔ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ " ﺍﻟﻘﺫﺭﺓ " ﻀﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ،ﻭﺒﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺒﺎﺭﻭﺕ ﺴﻴﻨﺘﺼﺭ ﻭﻴﻭﻗﻊ ﺒﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﺸﺒﺎﻙ ﻨﻭﺍﻴﺎﻩ " ﺍﻟﻘﺫﺭﺓ " ﻭﺫﻟﻙ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﻥ ﻴﻬﻤﻪ ﺍﻷﻤﺭ ! ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﻓﺈﻨﻨﻲ ﺃﺘﻭﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺯﻤﻼﺀ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺘﺒﻭﺍ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺍﻻﺴﺘﻨﻜﺎﺭ ﻀﺩ ﻤﻨﺫﺭ
ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻪ ،ﺃﻥ ﺘﻀﻴﻑ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﺤﻤﺩ ﺠﻤﺎل ﺒﺎﺭﻭﺕ ،ﻷﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺃﻗل ﻗﺫﻓﺎ ﻤﻘﺫﻋﺎ ،ﺃﻭ ﺘﺤﺭﻴﻀﺎ ﻋﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﺤﻴﺙ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻴﺤﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ، ﻭﺒﺎﺭﻭﺕ ﻴﺘﺄﺴﻑ ﻟﻌﺩﻡ ﺤﺩﻭﺜﻪ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ،ﻟﻺﻴﺤﺎﺀ ﺒﺘﻬﺩﻴﺩ ﻤﻀﻤﺭ ﻻ ﻴﻘل ﺸﻨﺎﻋﺔ ﻋﻥ ﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺯﻤﻥ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩ ﻷﻨﻪ ﻻﻴﻔﺼﻠﻬﻤﺎ ﺴﻭﻯ ﻴﻭﻡ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻤﺔ ﺘﻭﺍﻁﺅ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ،ﻭﺭﺍﻋﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺍﻁﺅ ﻭﻫﻭ ﻤﻌﻠﻡ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﻴﻬﻤﻪ ﺍﻷﻤﺭ
!....
ﻜﺘﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ " ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ " ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٧ﺁﺏ ، ٢٠٠٢ﺒﻤﺎ ﻴﻔﻴﺩ ﺒﺄﻨﻪ ) ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻻﻨﻜﺸﺎﺭﻴﺔ ﻫﺎﺒﺕ ﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﻓﻠﻡ ﺘﺘﺠﺭﺃ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ،ﻓﺄﻭﻋﺯﺕ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺒﺎﺸﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻤﺠﺩﻴﻥ ﺒﻤﺠﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻟﻠﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻭﺍﻜﺒﻲ ﻹﻜﺭﺍﻫﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﺠﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﺭ ( ... ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻤﻥ ﻴﻬﻤﻬﻡ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻋﺠﺒﻭﺍ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ) ﻜﺭﻤﻭﻩ ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺘﻘﻠﻭﻩ ( ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ
ﺒﺎﺭﻭﺕ ،ﺇﺫ ﺘﻠﻘﻔﻭﺍ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﻜﺎﻗﺘﺭﺍﺡ ﻓﺄﻭﻋﺯﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻤﺜﻘﻔﻴﻬﻡ ) ﻤﻭﺼﻠﻲ – ﺒﺎﺭﻭﺕ ...ﺍﻟﺦ ( ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻤﻭﺍ ﺒﺩﻭﺭ ﺍﻟﻀﻐﻁ ﻭﺍﻹﻜﺭﺍﻩ ﺫﺍﺘﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﺃﻭﺒﺎﺵ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﻴﻥ ! 216
ﺘﺎﺒﻊ ﻤﺴﻠﺴل ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ
ﺑﻘﻠﻢ :ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺠﺎﺗﻲ ﻃﻴﺎرة ﺨﻼل ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻟﻠﻤﺅﺘﻤﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ،
ﺍﻟﻤﻨﻌﻘﺩ ﻓﻲ ﻓﻨﺩﻕ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺒﺩﻤﺸﻕ ﻴﻭﻤﻲ ٨ﻭ، ٢٠٠٢/١٠/٩ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭﻭﻥ ﻴﺘﺎﺒﻌﻭﻥ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻟﺼﺒﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺩﺙ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻁﺎﺭﻕ ﻋﺯﻴﺯ ﻨﺎﺌﺏ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ،ﻭﻋﻘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺩ ﻫﺎﻨﻲ ﺍﻟﺨﺼﺎﻭﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﺨﺎﻟﺩ ﺴﻔﻴﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻐﺭﺏ ،ﺜﻡ ﺘﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻤﺩﺍﺨﻼﺕ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻁﻠﺒﻭﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﺤﻭﺍﻟﻲ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩﺓ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻅﻬﺭ ،ﺃﻋﻁﻰ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺃﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻟﻠﺴﻴﺩ ﻤﻨﺫﺭ
ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻓﺘﺤﺭﻙ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻨﺘﺒﻬﺕ ﻤﻊ ﺒﻌﺽ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺨﺭﺠﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ،ﺭﻏﺒﺔ ﻤﻨﺎ ﺒﻌﺩﻡ ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺴﺒﻕ ﻟﻪ ﺃﻥ ﺸﻬﺭ ﺴﻼﺡ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺩ .ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻁﺎﻟﺏ ﺒﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻪ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻜﺩ ﺃﻨﻪ ﺴﻴﺤﺎﻜﻡ
) (١
! ،ﻻﻟﺸﻲﺀ
ﺴﻭﻯ ﻜﻭﻥ ﺩ .ﻋﻴﺩ ﻗﺩ ﻜﻨﺏ ﻤﺤﺫﺭﹰﺍ ﻭﻤﺘﺄﻟﻤﹰﺎ ﻤﻥ ﺘﻔﺸﻲ ﻤﺯﺍﺝ ﺜﺄﺭﻱ ﺍﻨﺘﻘﺎﻤﻲ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ
) (٢
.ﻭﻗﺩ ﻓﻭﺠﺊ ﺍﻟﻤﻨﺴﺤﺒﻭﻥ ﻭﺒﺎﻗﻲ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻭﺭﺌﺎﺴﺘﻪ ﺒﺘﻀﺎﻤﻥ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ
ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ،ﺴﻭﺍﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻷﺸﻘﺎﺀ ﺍﻟﻌﺭﺏ .ﺤﺩﺙ ﺫﻟﻙ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﻭﻋﻔﻭﻴﺔ ﺨﻼل ﺩﻗﺎﺌﻕ ،ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﺘﺒﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ﺴﻭﻯ ﺒﻀﻊ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﺃﺼل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺌﺘﻲ ﻤﺸﺎﺭﻙ، ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻗﺩ ﺘﺎﺒﻌﻭﺍ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺤﺘﻰ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ .ﺨﻼل ﺫﻟﻙ ﻜﺎﻨﺕ ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻭﺒﺎﻗﻲ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﻗﺩ ﺃﺒﺩﻭﺍ ﺩﻫﺸﺘﻬﻡ ﻭﺘﺴﺎﺅﻟﻬﻡ ﻋﻥ ﺴﺒﺏ ﺨﺭﻭﺝ ﺃﻜﺜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ ﻭﻓﺭﺍﻍ ﺍﻟﻘﺎﻋﺔ ،
ﻓﺼﺭﺥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ )ﺇﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺨﺭﺠﻭﺍ ﻫﻡ ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ ﻤﺜل ﺯﻤﻴﻠﻬﻡ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺎﻟﺒﺕ ﺒﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺨﻴﺎﻨﺘﻪ( ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺩﻯ ﻟﻨﺸﻭﺏ ﻤﻼﺴﻨﺔ ﻜﻼﻤﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﺒﻘﻴﻥ؛ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﺴﺘﻐﺭﺒﻭﺍ ﺘﺨﻭﻴﻨﺎﺘﻪ ﻭﺘﻌﻤﻴﻤﺎﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺠﻤﻬﻭﺭ ﻭﺍﺴﻊ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻗﻴل ﺇﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻤﻨﺼﻭﺭ ﺍﻷﻁﺭﺵ ﺃﺸﺎﺭ ﺒﻴﺩﻩ ﻭﻁﻠﺏ ﻤﻨﻪ ﺍﻟﻨﺯﻭل ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ﻨﻅﺭﹰﺍ ﻟﻠﻀﺠﻴﺞ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺜﺎﺭﻩ ﻭﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻁﻠﻘﻬﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻗﺎﻟﺕ ﻤﺼﺎﺩﺭﻏﻴﺭ ﻤﺅﻜﺩﺓ ﺃﻥ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺃﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﻗﺩ ﺃﻤﺴﻙ ﺒﻴﺩﻩ ﻤﻊ ﻤﺸﺎﺭﻙ ﺁﺨﺭ ﻁﺎﻟﺒﻴﻥ ﻤﻨﻪ ﻤﻐﺎﺩﺭﺓ
ﺍﻟﻤﻨﺒﺭ ،ﻭﻓﻭﺭ ﺫﻟﻙ ﻋﺎﺩ ﺠﻤﻬﻭﺭ ﺍﻟﻤﻨﺴﺤﺒﻴﻥ ﻟﻤﺘﺎﺒﻌﺔ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ،ﻤﺅﻜﺩﻴﻥ ﺒﺫﻟﻙ ﺤﺭﺼﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻤﺎﺭﺴﻭﺍ ﺤﻘﻬﻡ ﻭﺤﺭﻴﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ ﻟﻠﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻼً ،ﻭﻟﻡ ﺘﺴﺘﻐﺭﻕ ﺍﻟﺤﺎﺩﺜﺔ ﻜﻠﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺩﻗﺎﺌﻕ ﻤﻌﺩﻭﺩﺓ .ﻻﺤﻘ ﹰﺎ ﻴﺘﻭﻗﻌﻭﻥ ﻭﺠﻭﺩﻩ ﻭﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻪ ﺃﺼ ﹰ
217
ﺼﺭﺡ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻨﺴﺤﺒﻴﻥ ﺇﻨﻪ ﻓﻭﺠﺊ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ،ﻨﻅﺭﹰﺍ ﻻﻓﺘﺭﺍﺽ ﻜﻭﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻤﺩﻋﻭﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ،ﻻﻫﻭ ﻭﻻ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﺤﺸﻭﻩ ﻓﻴﻪ) ﺃﻨﻅﺭ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ() ،(٣ﻭ ﻫﻭ
ﻻ ﻴﻤﺜل ﻤﻨﻅﻤﺔ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻭﻤﺩﻋﻭﺓ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﺴﺤﺒﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﻤﻨﻌﻭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻓﺫﻟﻙ ﺃﻤﺭ ﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﻨﻪ ﺃﺼﻼﹰ ،ﻋﻠﻤ ﹰﺎ ﺃﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﺒﺭ ﻤﻔﺘﻭﺤﺔ ﻟﻪ ﻭﻷﻀﺭﺍﺒﻪ ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﻘﻔﻭﻟﺔ ﻋﻠﻴﻬﻡ ،
ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻡ ﻻ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﻓﻘﻁ ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ ﻟﺸﺨﺹ ﻟﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺇﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺘﺨﻭﻴﻨﻬﻡ ﻭﻁﺎﻟﺏ ﺒﺘﺤﺭﻴﻙ ﻤﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺵ ﻀﺩ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺤﻘﻬﻡ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﺍﻻﺴﺘﻤﺎﻉ ﻭﻫﻡ ﺃﺤﺭﺍﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ. ﺇﺫ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻭﻁﻨﻴﹰﺎ ﻤﻔﺘﺭﻀﹰﺎ ﻤﻊ ﺸﺨﺹ ﻤﺜل ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻷﻨﻪ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﺭﻓﺽ ﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﻤﺒﺩﺃﻩ ﺃﺼﻼﹰ ،ﺤﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﻨﺎﻗﺵ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺩ .ﻋﻴﺩ ﻭﻟﻡ ﻴﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺘﻔﻨﻴﺩ ﺁﺭﺍﺌﻪ ﻭﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺒﺎﻟﻤﻨﻁﻕ ﻭﺍﻟﻌﻘل ،ﺒل ﻟﺠﺄ ﻓﻘﻁ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﻭﺃ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺘﺭﺍﺜﻨﺎ ﻭﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻘﺭﻭﻥ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺴﺘﺨﺩﻡ ﻤﺎ ﻴﺸﺒﻪ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺤﺴﺒﺔ ﻭﻤﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺵ . ﻟﻘﺩ ﺴﺎﻟﺕ ﺒﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻻﺤﻘﹰﺎ ﻋﻥ ﺴﺒﺏ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻓﺄﻜﺩ ﺃﻥ ﻼ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻟﻡ ﻴﺩﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﺴﺒﺏ ﻻﻓﺘﺭﺍﺽ ﺃﻨﻪ ﻴﻤﺜل ﺠﻬﺔ ﻤﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻤﺜﻠﺔ ﺃﺼ ﹰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ،ﻭﻤﻥ ﺤﻘﻬﺎ ﻟﻭ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺃﻥ ﺘﻤﺜل ﺒﻘﻴﺎﺩﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ .ﻭﺫﻟﻙ ﻴﻌﻨﻲ ﺤﺴﺏ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺤﻠﻠﻴﻥ ﺇﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻗﺩ ﺘﺴﻠل ﻭﻓﺭﺽ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻁﺎﻟﺒﹰﺎ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﺍﻗﺘﻨﺎﻋﹰﺎ ﻤﻨﻪ ﺒﺄﻥ ﻋﻀﻭﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺘﺨﻭﻟﻪ ﺤﻘﹰﺎ ﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺠﻬﺔ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺘﺴﻴﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻫﺫﻩ ﺇﺸﻜﺎﻟﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ، ﻟﻴﺱ ﻤﺠﺎل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﻤﻨﺎﺴﺒﹰﺎ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻓﺄﻤﺭ ﺘﺴﻠل ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻨﻁﻼﻗ ﹰﺎ ﻤﻥ ﺃﻭﻫﺎﻤﻪ ﺤﻭل ﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺃﻭ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺃﻤﺭ ﻤﻤﻜﻥ ،ﻭﻻ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﺘﺩﻗﻴﻘﹰﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﻼ ﻟﻬﺌﻴﺎﺕ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ؛ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺼﺩ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺎ ﻭﻭﺍﺴﻌ ﹰﺎ ﻭﻤﻤﺜ ﹰ .ﻴﺒﻘﻰ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺤﺘﻤﺎل ﺁﺨﺭﻫﻭ ﺃﻥ ﺸﺨﺼﹰﺎ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺴﻜﺭﺘﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻗﺩ ﺩﺤﺵ ﺍﺴﻤﻪ ﻓﺎﻨﺩﺤﺵ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺩﺘﻪ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻟﻡ ﺘﻌﺭﻑ ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﺒﺫﻟﻙ ،ﻭﻻ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﻷﻥ ﺘﻌﺭﻑ! ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎ ،ﻟﻡ ﻴﻨﺘﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﺴل ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻋﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌﻴﺔ ،ﻭﺸﻭﻫﺩ ﻴﺤﻤل ﻨﺴﺨ ﹰﺎ ﻤﻥ ﻭﺭﻗﺔ ﻤﻜﺘﻭﺒﺔ ﺒﺨﻁ ﺍﻟﻴﺩ ﻤﻊ ﺃﺴﻁﺭ ﻤﻘﺘﻁﻌﺔ ـ ﻋﻠﻰ ﻜﻴﻔﻪ ﺒﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎل ﻭﻋﻠﻰ
ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻻ ﺘﻘﺭﺒﻭﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ ـ ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺩ .ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺎﺠﻤﻬﺎ ﺴﺎﺒﻘﺎﹰ ،ﻭ ﻗﺎﻡ ﺒﺘﻭﺯﻴﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻭﻓﺩ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻭ ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﻴﻥ. ﺤﻤﻠﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺭﺍﻗﺔ ﻋﻨﻭﺍﻥ ) ﺒﻴﺎﻥ ﻋﺎﺠل ﺘﻭﻀﻴﺤﻲ( ﻭﺍﺴﻡ ﻜﺎﺘﺒﻬﺎ )ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ( ،ﻭﺠﺎﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ: )ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻁﺎﺭﻕ ﻋﺯﻴﺯ ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻡ.
ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻠﺴﺔ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺃﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻡ.
218
ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻨﺼﻭﺭ ﺍﻷﻁﺭﺵ ﻭﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻷﻋﺯﺍﺀ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ. ﺘﻌﺭﻀﺕ ﻅﻬﺭ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺇﺭﻫﺎﺏ ﻓﺠﺔ ﻭﻭﻗﺤﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ.ﻭﻫﻲ ﻓﺌﺔ ﺘﻨﺎﺩﻱ
ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺎﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﻗﺩ ﻨﺼﺒﻭﺍ ﻤﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺃﻭﺼﻴﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ
ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻴﻜﻴﺩﻭﻥ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻨﺤﻭ ﻤﺎ ﻅﻬﺭ ﻤﻥ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﻤﻤﺜﻠﻴﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﻨﺒﺭ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ( )......ﻭﻫﻡ ﻟﻡ ﻴﺤﻀﺭﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭﺇﻻ ﻻﺴﺘﻐﻼل ﻤﻨﺒﺭﻩ ﻟﻠﺘﺨﺭﻴﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻭﻟﻤﻬﺎﺠﻤﺔ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ( ..ﺘﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻋﺭﻀﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻘﺼﺔ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺩ.ﻋﻴﺩ ،ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎل) ﻭﺇﺫ ﺒﺤﻤﻠﺔ ﺇﺭﻫﺎﺒﻴﺔ ﻀﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﻭﻓﻲ ﺍﻻﻨﺘﺭﻨﻴﺕ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﻭﻫﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﻨﺹ ﺒﺘﻤﺎﻤﻪ
)) ﻴﻘﺼﺩ ﻨﺹ ﺩ .ﻋﻴﺩ(( :
ﺴﺒﻕ ﻭﺤﺫﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ"
ﻤﻥ ﺘﻔﺸﻲ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺄﺭﻱ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﻤﺯﺍﺝ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻴﺭﻜﻴﺔ( )......ﻭﺇﻻ ﺴﻨﻌﻴﺵ ﺃﺒﺩ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻔﺭ(. ﻭﺃﻜﻤل ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﻴﺎﻨﻪ ﻗﺎﺌ ﹰ ﻼ: ) ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻹﺨﻭﺍﻥ ﺍﻷﻋﺯﺍﺀ
ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺤﺭﻓﻲ ﺒﺄﻤﺎﻨﺔ ﻟﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﻭﻨﺸﺭﻩ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻤﻥ ﺁﺏ ٢٠٠٢ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺘﻭﻟﻴﺕ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻁﺎﻟﺒ ﹰﺎ ﺒﺘﻘﺩﻴﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻪ ،ﻓﺜﺎﺭﺕ ﺜﺎﺌﺭﺘﻬﻡ ﻀﺩﻱ ،ﻭﻟﻘﺩ ﺸﻬﺩﺘﻡ ﺒﺄﻨﻔﺴﻜﻡ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ .ﻭﺃﻨﺘﻡ ﺘﻌﺭﻓﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻨﺎ ﻭﻤﺎ ﻫﻭ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺤﺯﺒﻲ ﻭﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻜﻀﺎﺒﻁ ﻤﺨﻠﺹ ..ﻴﺭﺠﻰ ﺃﺨﺫ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻋﻥ ﻤﻌﺎﻨﺎﺓ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﻭﺩﻭﻟﺘﻨﺎ ﻭﺤﺯﺒﻬﺎ ﻤﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﻁﺌﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﻨﺩﻥ( .ﺍﻟﺨﻁﻭﻁ ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻜﺎﺘﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل.
ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﻀﻴﺴﺤﻲ ﺍﻟﻌﺎﺠل ،ﻭﻟﺩﻴﻨﺎ ﺼﻭﺭﺓ ﻋﻨﻪ ﻨﺤﺘﻔﻅ ﺒﻬﺎ ﻜﻭﺜﻴﻘﺔ ﻟﻤﻥ ﻴﺭﻏﺏ ﺍﻟﺘﺩﻗﻴﻕ ،ﻭﻴﺘﻀﺢ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺒﺴﻬﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻡ ﺒﻪ ﻜﺎﺘﺒﻪ ،ﻭﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺌﻪ ﺍﻟﺴﺎﻓﺭ ﻟﻠﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﺩﻴﻥ ﺒﺈﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺤﻴﻥ ﻴﺘﻬﻤﻬﻡ ﺒﺎﻟﻜﻴﺩ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺒﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﺨﺭﻴﺏ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ﻭﺒﺎﻟﺘﻭﺍﻁﺅ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ
ﻼ ﻭﺍﻀﺤﹰﺎ ﻓﻲ ﺇﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ، ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﻨﺩﻥ ،ﻋﻠﻤﹰﺎ ﺃﻥ ﺩﻭﺭﻫﻡ ﺒﺸﻬﺎﺩﺓ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻭﻓﻭﺩ ﻜﺎﻥ ﻋﺎﻤ ﹰ
ﻭﺘﺤﻭﻴﻠﻪ ﻤﻥ ﻤﻬﺭﺠﺎﻥ ﺍﺤﺘﻔﺎﻟﻲ ﺍﺴﺘﻌﺭﺍﻀﻲ ﻜﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻷﻭﻀﺎﻋﻨﺎ ﻭﻋﺠﺯﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﻗﺩ ﺃﺸﺎﺭﻭﺍ ﻤﻊ ﻏﻴﺭﻫﻡ ﻤﻥ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﻭﻓﻭﺩ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﺴﺘﻨﻬﺎﺽ ﺃﻭﻀﺎﻋﻨﺎ ﻭﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻋﺒﺭ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ، ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ
ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻁﺎﻟﺒﻭﺍ ﺒﺘﺤﻭﻴل ﺍﻟﺤﻘل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﺤﻘل ﻻ ﺘﺭﻯ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺇﻻ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺃﻤﻨﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺤﻘل ﻟﻠﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ 219
ﺃﺠل ﺇﻁﻼﻕ ﺴﺭﺍﺡ ﻁﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﻤﺼﺎﻟﺤﺘﻬﺎ ﻤﻊ ﻨﻅﻤﻬﺎ.ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﻌل ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺃﺴﺎﺴﹰﺎ ﻟﻤﻌﺎﺠﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﻭﺃﺩﻯ ﺒﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﺒﺤل ﻋﻭﺍﺌﻕ ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﺤﻘﻠﻴﻥ ﻤﻌ ﹰﺎ ﺤﺘﻰ ﻨﺘﻤﻜﻥ
ﺠﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﻤﻥ ﺘﻭﻓﻴﺭ ﺸﺭﻭﻁ
ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺩﻴﺩﺓ ﻭﺘﺤﻤل ﻨﺘﺎﺌﺞ ﻋﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻌﺴﻜﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺤﺎﻟﻴ ﹰﺎ ،ﻭﺍﻟﻤﺘﻭﻗﻊ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﻭﺘﻴﺭﺘﻪ ﻀﺩ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻀﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒل ﻀﺩ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻷﻤﺔ ،ﺒل ﻭﺼل ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﻁﻭﻉ ﻟﻠﺫﻫﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺒﻬﻡ ،ﺒﺩﻭﻥ ﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﻭﻓﻨﺎﺩﻗﻬﺎ، ﻭﻭﻀﻊ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻭﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﻀﻌﺔ ﺘﺤﺕ ﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ) ﺍﻟﺘﻲ ﻻﻴﺤﺒﻭﻨﻬﺎ ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻻﻫﻲ ﻭﻻ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ( .ﻭﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻊ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻭﻓﻭﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ
ﻟﻠﺘﻀﺎﻤﻥ ﺍﻟﻌﻔﻭﻱ ﻭﺍﻟﺴﺭﻴﻊ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻌﻬﻡ ﻤﻥ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭ ،ﺤﻴﺙ
ﺃﺤﺴﻭﺍ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺴﺒﺒﹰﺎ ﺠﻠﻼﹰ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﺘﻀﺢ ﻟﻬﻡ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﺃﻜﺩﻭﺍ ﺘﻀﺎﻤﻨﻬﻡ ،ﺒﺨﺎﺼﺔ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻭﻓﺩ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ،ﻨﻅﺭﹰﺍ ﻟﻤﺎﻋﺎﻨﻭﻩ ﻤﻥ ﺃﻤﺜﺎل ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻡ ﺒﻪ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻭﺼﻠﻲ ،ﻭﻁﻠﺒﻭﺍ ﻤﺘﺎﺒﻌﺔ ﺇﻁﻼﻋﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺒﺎﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﻘﻕ ﻻﺤﻘﹰﺎ .ﻋﻠﻤ ﹰﺎ ﺃﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻗﺩ ﺍﻜﺘﺸﻔﻭﺍ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻭﻓﺩ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻭﺍﻗﻔﻬﻡ ﻭﻜﻠﻤﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺼﺭﻴﺤﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﻴﺯﺓ،
ﻭﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺸﻜﺭﻭﻨﻬﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻴﻘﺒﻠﻭﻨﻬﻡ ﺇﺜﺭﻫﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻁﻠﺒﻭﺍ ﺘﺒﺎﺩل ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺭﺴﺎﺌل ،ﻭﻫﻡ
ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻤﻥ ﻤﻤﺜﻠﻲ ﻫﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﻤﻨﻅﻤﺎﺘﻪ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ. ﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺴﺎﺒﻘﹰﺎ ،ﹶﺫﻜﱠﺭ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻨﻪ ﺒﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﻓﻀ ﹰ ﻜﻀﺎﺒﻁ ﻤﺨﻠﺹ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺘﻨﺎﺴﻰ ﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ﻜﺭﺠل ﺃﻤﻥ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺫﻜﺭ ﺩﻭﺭﻩ ﻜﻤﺩﻴﺭ ﻟﻤﻜﺘﺏ ﺭﺌﻴﺱ ﺴﺎﺒﻕ ﻼ ،ﻓﺄﻋﺩ ﻗﻭﺍﺌﻡ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ )ﺃﺒﻭﻋﺒﺩﻭ (..ﺤﻴﻥ ﻗﺎﻡ ﺒﻭﺍﺤﺩﺓ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﻠﱢﺼﺔ ﻓﻌ ﹰ
ﻟﻺﻋﺩﺍﻤﺎﺕ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻻﺕ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺴﻭﺩﺍﺀ ﻤﻥ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺭﻴﺏ ،ﺤﻴﻥ ﺘﺤﻭل ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺴﻼﻟﺔ ﻏﺭﻴﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﺨﻭﺓ ﺍﻷﻋﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﺭﻋﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ﺘﺴﺘﻌﺩ ﻹﻨﺯﺍل ﻫﺯﻴﻤﺔ ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ﺒﺎﻟﻌﺭﺏ .ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻁﺒﻊ ﻴﻐﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻁﺒﻊ ،ﻓﺤﻤل ﺒﻴﺎﻨﻪ ﻤﺎ ﻴﺫﻜﱢﺭ ﺒﺩﻭﺭﻩ ﻜﺭﺠل ﺃﻤﻥ ،ﺒل ﻜﺩﺭﻜﻲ ﻭﻤﺨﺒﺭ ،ﺤﻴﻥ ﻜﺘﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ) ﻴﺭﺠﻰ ﺃﺨﺫ ﺍﻟﻌﻠﻡ ( ﻭﻓﻠﺘﺕ ﻤﻨﻪ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩل ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻭﺠﻬﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻤﺭﺅﻭﺱ ﻟﺭﺌﻴﺴﻪ ،ﻤﻥ ﻗﺒل ﺼﻐﻴﺭﻟﻜﺒﻴﺭﻩ ،ﻓﻁﻐﻰ ﻟﺫﻟﻙ
ﻼ ﺘﻭﻀﻴﺤﻴﹰﺎً ،ﻓﺼﺎﺭ ﺒﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻠﻔﻅ ﺘﻘﺭﻴﺭﹰﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻭﻕ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ؛ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﻋﺎﺠ ﹰ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻴﹰﺎ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ. ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺃﻴﻀﹰﺎ ،ﺃﺘﻰ ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻋﻥ ﻤﺜﻘﻔﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ،
ﻓﺴﻤﺎﻫﻡ )ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ( ﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ )ﺠﻤﺎﻋﺔ( ﻴﺴﺘﺨﺩﻤﻪ ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻤﻥ ﻋﺎﺩﺓ ،ﻭﻴﻨﺘﻤﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﺤﻘل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ،ﺤﻴﺙ ﻤﻥ ﺍﻷﺴﻬل ﺘﺼﻨﻴﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﻭﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ،ﺒﺫﻟﻙ ﻴﻠﻐﻰ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭﺍﻟﺘﻨﻭﻉ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺘﺼﺒﺢ ﻜل ﺫﺍﺕ ﺠﺯﺀﹰﺍ ﻤﻥ ﻨﺤﻥ ﻜﻠﻴﺔ ﺸﺎﻤﻠﺔ
ﻭﻨﻤﻁﻴﺔ .ﻭﻤﻊ ﺘﻨﺴﻴﺏ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﺎﺌل ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺯﻋﺎﻤﺎﺘﻴﺔ 220
ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﻜﺫﺍ ﺃﻭ ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻋﺔ
ﻓﻼﻥ ،ﻴﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺎﺌﻊ ﺨﻭﻑ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻁﻭل ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻋﺭﻀﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺃﻓﺭﺍﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺏ ﻤﻨﻬﻡ .ﻻ ﺘﻘﺒل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻀﺢ ﻋﺒﺭ ﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺇﻻ ﺒﻌﺩﻭ ﻜﻠﻲ ﺍﻟﻨﻤﻁ ،ﻓﺒﺫﻟﻙ ﻻ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻤﻬﺎﺠﻤﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻟﻤﻌﻘﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺒﻴﻥ ﻟﻠﺭﺃﺱ ،ﺇﺫ
ﻼ ﻷﺤﻜﺎﻡ ﺼﺎﺩﺭﺓ ﻴﻜﻔﻲ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻨﻁﻼﻗ ﹰﺎ ﻤﻥ ﺇﺤﺩﻯ ﺼﻔﺎﺘﻪ ﺃﻭ ﻜﻠﻤﺎﺘﻪ ،ﺃﻭ ﻨﻘ ﹰ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺸﺒﻬﻪ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ،ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺄﺨﻭﺫﺓ ﻤﻥ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺁﺨﺭـ ﻜﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺭﺴل ﻟﻲ ﻤﺴﺅﻭل ﻜﺒﻴﺭ ،ﺨﻼل ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ،ﻁﺎﻟﺒﹰﺎ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﻤﺭﻓﻘﹰﺎ ﻁﻠﺒﻪ ﺒﺘﺴﺎﺅل ﺴﺎﺨﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻋﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﻭﻓﺭ ﻓﻴﻪ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻠﻭﺍﻁﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﺴﺤﺎﻗﻴﺎﺕ؟ .ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻁﻠﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻤﻥ ﻤﻌﻨﻰ ،ﻓﻘﺩ ﺤﻤل ﻤﻌﻪ ﺇﻟﻐﺎﺀﻩ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل
ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺫﺍﻙ ﻓﻘﺩ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺒﻌﺩ ﺃﺸﻬﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺒﺈﺤﺩﻯ ﺘﻬﻡ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﺩﻭﺭﻴﺔ! ـ ﻟﺫﻟﻙ ﺃﻴﻀ ﹶﺎ ﻴﺼﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺼﺎﺤﺒﻬﺎ )ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻷﻤﻨﻲ( ﺘﻘﺒل ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻋﻥ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﻋﻥ ﺼﺎﺩﻕ ﺠﻼل ﺍﻟﻌﻅﻡ ﻋﻥ ﻴﻭﺴﻑ ﺴﻠﻤﺎﻥ ﻋﻥ ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ ﻋﻥ ﻜﺎﺘﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﻭﻋﻥ ﻭﻋﻥ ،ﻓﻜل ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﺫﺍﺕ ﺤﺭﺓ ﻭﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ﺃﻭﺫﺍﻙ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﻴﺘﻘﺒﻠﻭﻥ ﺍﺨﺘﻼﻓﺎﺘﻬﻡ ،ﻭﻻ ﻴﻭﻗﹼﻌﻭﻥ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ﺒﻴﻨﻬﻡ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻡ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـ ) ﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻷﻤﻨﻲ( ﺠﻤﺎﻋﺔ،
ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺇﻁﻼﻕ ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺘﺯ ﺒﺼﺩﺍﻗﺔ ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻭﻭﻁﻨﻴﺘﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﻓﺘﺭﺓ ﻗﺭﻴﺒﺔ .ﺒﺎﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ،ﻟﻘﺩ ﺘﻌﺏ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﻤﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﻭﻫﻡ ﻴﺤﺎﻭﻟﻭﻥ ﺠﻬﺩﻫﻡ ﺘﻌﻤﻴﻡ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ،ﻭﻗﺩ ﻗﺎﻟﻭﺍ ﻤﺭﺍﺭﺍ ﻭﺘﻜﺭﺍﺭﹰﺍ ﺃﻨﻬﻡ ﻟﻴﺴﻭﺍ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﻭﻻ ﻴﻨﻭﻭﻥ ﺘﺸﻜﻴل ﺤﺯﺏ ﺃﻭ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻓـ "ﻗﻠﺒﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻤﺽ ﻻﻭﻱ :ﻜﻤﺎ ﺫﻜﺭ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﺫﺍﺕ ﻤﺭﺓ
) (٤
.
ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﻋﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻨﻪ ،ﺘﺘﻬﺎﻓﺕ ﺒﺴﻬﻭﻟﺔ ،ﺤﻴﻥ
ﻨﺭﺍﻩ ﻴﻜﺘﺏ ) ﻭﻫﺎﻫﻭ ﺍﻟﻨﺹ ﺒﺘﻤﺎﻤﻪ( ﻭ) ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺤﺭﻓﻲ ﺒﺄﻤﺎﻨﺔ ﻟﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﻭﻨﺸﺭﻩ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ...ﺇﻟﺦ( ﻭﻫﻭ ﻟﻡ ﻴﻘﺩﻡ ﺴﻭﻯ ﺴﺒﻌﺔ ﺃﺴﻁﺭ ﺘﺤﺘﻭﻱ ﺘﺴﻌﻴﻥ ﻜﻠﻤﺔ ﺒﺎﻟﻀﺒﻁ ،ﻓﺄﻴﻥ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻲ ﺘﻘﺩﻴﻤﻪ ﺒﺘﻤﺎﻤﻪ ﻭﺤﺭﻓﻴﺘﻪ؟ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﺃﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﺍﻟﻤﻜﺘﻤل ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺒﺤﺙ ﻋﻨﻪ ، ﺃﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻭﺍﻷﺴﻁﺭ ﺍﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻷﺼﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻠﻎ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺍﻷﻟﻔﻲ ﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻗﺘﻁﻊ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺴﻁﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺄﻟﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺩ .ﻋﻴﺩ ﻭﻴﺤﺫﹼﺭ ،ﻟﻜﻥ ﻋﺒﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ﺍﻟﺼﻴﺎﻏﺔ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻤﻥ ﻴﺤﺴﻥ ﻗﺭﺍﺀﺘﻬﺎ ﻭﻴﻤﻴﺯ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺭﺍﻭﻱ ﻋﻥ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﻤﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ .ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺃﺴﻁﺭﹰﺍ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ﺍﻟﺴﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺩﺙ ﻓﻴﻪ ) ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ :ﺩ ﻋﻴﺩ(ﻋﻥ ﺍﺘﺼﺎل ﻫﺎﺘﻔﻲ ،ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺒﺴﺅﺍل ﺴﺎﺨﺭ ﺸﺎﻤﺕ ﻟﻪ :ﺃﻻ ﺯﻟﺕ ﻤﺘﺤﻤﺴﹰﺎ ﻭﻤﺼﺭﹰﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭﻙ ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﺔ ﻷﻱ ﺘﺩﺨل ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻓﻲ ﺸﺄﻨﻙ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ؟ ﻓﻌﻥ ﺃﻴﺔ ﺨﻴﺎﻨﺔ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﺒﻴﻥ
ﺸﻴﺌﹰﺎ ؟ ﺃﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﺠﺩﺭ ﺒﻪ ﺃﻥ ﻴﺭﺍﺠﻊ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﻘﺎﻫﺎ ﻤﻥ ﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ
)(٥
،ﻭﺒﻌﺩ ﺍﻟﻌﺯﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﻗﻊ ﻨﻔﺴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺃﻥ ﻴﺘﻭﺏ ﻋﻥ ﺃﺨﻁﺎﺌﻪ ﻓﻲ ﺇﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ 221
ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ،ﺒل ﻴﺘﻭﺏ ﺃﺼﻼﹰﻋﻥ ﻗﺼﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﻓﻬﻡ ﺍﻟﻨﺹ ﻭﺸﺭﺤﻪ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﻤﺴﺎﻤﺤﺘﻪ ﻓﺨﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺌﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﺍﺒﻭﻥ ،ﺒل ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻤﻊ ﻤﺎﻀﻴﻪ ﺃﻴﻀﹰﺎ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺘﺴﻌﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺠﻤﻴﻊ ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﻟﺢ ﻤﻊ ﻤﺎﻀﻴﻬﺎ ﺒﻌﺠﺭﻩ ﻭﺒﺠﺭﻩ ،ﻜﻲ ﺘﺴﺘﻌﻴﺩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻﺒﺩ ﻤﻨﻪ ﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻌﺼﺭ.
ﺍﻟﻬﻭﺍﻤﺵ ١ـ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ :ﺃﺩﻋﻭ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ،ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠٢/٨/٢٣ ٢ـ ﺩ .ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ :ﻭﺩﺍﻋﹰﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒﺈﻋﺩﺍﻤﻙ ،ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠٢/٨/٧
٣ـ ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ :ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ ،ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ٢٠٠٢/٩/٢٧ ٤ـ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ :ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻭﻥ ﻟﻴﺴﻭﺍ ﺤﺯﺒﺎﹰ ،ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ٢٠٠٢ /٩/٩ ٥ـ ﺍﻨﻅﺭ :ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ :ﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ ،ﻭ ﺃﻜﺭﻡ ﺍﻟﺒﻨﻲ :ﻜﻲ ﻻ ﻴﻘﺎل ﻭﺩﺍﻋﹰﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ،ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ، ٢٠٠٢/٨/٢٨ﻭﺍﻟﺒﻼﻍ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻥ ﻟﺠﺎﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ
، ٢٠٠٢/٩/٥ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺤﻤل ﺃﺴﻤﺎﺀ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭﻴﻥ ﻓﻘﻁ ،ﺜﻡ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻗﻌﻪ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ،ﻭﺃﺸﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺤﻴﻨﻬﺎ )ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﻭﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ( ،ﻭﺸﻁﺒﺕ ﺒﻨﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻊ ﺒﻌﺽ ﻤﺜﻘﻔﻲ ﻤﺩﻴﻨﺘﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ :ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻨﻪ ﺘﻤﻬﻴﺩﹰﺍ ﻟﺭﻓﻊ ﺩﻋﻭﻯ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻀﺩﻩ ،ﻷﻨﻨﻲ ﻻ ﺃﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﺃﻟﺠﺄ ﻟﻨﻔﺱ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ، ﻭﺃﺭﻏﺏ ﺃﻥ ﻴﺒﻘﻰ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺩﻭﻤﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ.
222
ﻭﺍ ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﻩ ! .......؟ ﻨﺼﺤﻨﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ﺒل ﻭﺍﻟﺨﺼﻭﻡ ﺍﻟﺸﺭﻓﺎﺀ ،ﺃﻥ ﻻ ﺃﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺸﺭﺘﻪ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻴﻭﻡ ٢٣ﺁﺏ ، ٢٠٠٢ﻟﻌﻀﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺃﺩﻋﻭ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ " ،ﻷﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﺴﻴﻘﻭﻤﻭﻥ – ﺤﺴﺏ ﺭﺃﻴﻬﻡ – ﺒﺎﻟﺭﺩ ﺘﺤﺴﺴﺎ ﻟﺭﻗﺎﺒﻬﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﺴﻴﻑ ﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﻤﻤﺜل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ( ﻭﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻟـ"ﺴﻭﻕ" ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ) ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﻴﻥ ( ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ – ﺍﻟﻌﺭﻓﻲ ﻁﺒﻌﺎ – ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻜﻡ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀﻨﺎ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺒﺎﻟﺴﺠﻥ ! ﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻭﺠﻬﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ؟ ﺇﻨﻬﺎ ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ !
ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺃﻭﻟﻰ :
ﻨﻌﻡ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﺒﻜل ﺒﺴﺎﻁﺔ ﻴﻁﻠﻘﻬﺎ ﻤﻤﺜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﻫﻭ ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻋﻴﺩ ،ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻋﻴﺩ ﻗﺎﺌﺩ ﺇﺤﺩﻯ ﻭﺤﺩﺍﺕ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻫﻨﺎﻨﻭ ﻭﺭﺌﻴﺱ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺤﻠﺏ ﻭ ﺇﺩﻟﺏ ﺨﻼل ﻋﻘﻭﺩ ) ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﺘﻌﻴﻴﻨﺎ ( . ﻻ ﺃﻋﺭﻑ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻭﺍﻟﺩﻱ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺭﺃﺕ ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ،ﻫل ﻷﻥ ﺍﻟﺩﺭﻜﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻁﺎﺭﺩ ﺃﺒﻲ ﺒﺎﻟﻭﺸﺎﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﺴﻴﺴﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺤﻜﻤﻭﻩ ﺒﺎﻹﻋﺩﺍﻡ ﻫﻭ ﺍﻟﺩﺭﻜﻲ ﺫﺍﺘﻪ –
ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﺩﻋﻲ ﻜﺎﻥ ﺩﺭﻜﻴﺎ ﻋﺭﻴﻘﺎ – ﻭﻗﺩ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﻋﺼﺭﻨﺎ ) ﻤﺨﺒﺭﺍ ( ؟ ﻫل ﻫﻭ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﻟﺤﻜﻤﻨﺎ ﺒﺎﻹﻋﺩﺍﻡ ؟ ﺃﻡ ﺃﻥ ﺍﻷﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻁﺎﺭﺩ ﺃﺒﻲ ،ﺨﻠﹼﻑ ﺍﻻﺒﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺎﺭﺩﻨﻲ ؟ ﻫل ﺤﻘﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ؟
ﻟﻘﺩ ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻋﻴﺩ ) ﺍﻟﺒﺭﻋﻲ ( ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻠﻘﺒﻪ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻫﻨﺎﻨﻭ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻴﺘﺒﺎﻫﻰ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺏ ﻭﻜﺄﻨﻪ " ﺘﻤﻴﻤﺔ " ﻭﺃﺫﻜﺭ ﻜﻠﻤﺎﺘﻪ ،ﻭﻜﺄﻨﻬﺎ ﺘﻭﺭﻕ ﻟﻠﺘﻭ ﻤﻥ ﺼﺩﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺤﺘﻀﻨﺘﻪ ﺠﺒﺎﻟﻬﺎ ﻭﻭﺩﻴﺎﻨﻬﺎ ﻭﻜﻬﻭﻓﻬﺎ ﻭﻫﻭ ﻴﺤﻤل ﺴﻼﺤﻪ ﻓﻲ ﺠﺒﺎل ﺍﻟﺯﺍﻭﻴﺔ :ﻗﺎﺩﺘﻨﺎ ﻴﺎ ﺒﻨﻲ ) ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻀﻌﻭﻥ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎﺩﺘﻜﻡ ﺃﻨﺘﻡ :ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﻭﻥ ) ﺸﻴﻭﻋﻴﻭﻥ ﻭﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ( ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻴﻀﻌﻭﻥ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ،ﻭﻟﺫﺍ ﻓﺜﻭﺭﺘﻨﺎ ﺍﻨﺘﺼﺭﺕ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﻨﺘﻡ ﺘﻨﻬﺯﻤﻭﻥ ﻭﺘﻨﻬﺯﻤﻭﻥ ﻤﻥ ﻤﻭﺴﻜﻭ
ﺇﻟﻰ ﻋﺩﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﻤﺸﻕ ( ...ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻴﻜﺜﺭ ) ﺍﻟﺩﺭﻙ ﻭﻴﻘل ﺍﻟﺜﻭﺍﺭ ( ، ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻭﺍﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺨﺎﻁﺭﻱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻱ ﻭﺃﻨﺎ ﺃﻗﺭﺃ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ .
223
ﻜﺎﻥ ﻴﻘﻭل :ﻜﻥ ﻤﺎ ﺸﺌﺕ ،ﺍﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺎ ﺃﻡ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺎ ،ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺎ ﺃﻡ ﻤﺘﺩﻴﻨﺎ ،ﻟﻜﻥ ﻻ ﺘﻨﺴﻰ ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﻌﻅﻤﺔ ﻭﺴﻠﻁﺎﻥ ﺒﺎﺸﺎ ﺍﻷﻁﺭﺵ ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﻠﻲ ﻭﻤﻌﻠﻤﻲ ﺇﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﻫﻨﺎﻨﻭ ،ﻓﻬﺅﻻﺀ ﺍﺨﺘﺼﺭﻭﺍ ﻟﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﺍﻟﻤﺄﺜﻭﺭ ،ﻭﻴﺘﺭﻨﻡ ﺒﻘﻭل ﻋﻨﺘﺭﺓ : ﻴﺨﺒﺭﻙ ﻤﻥ ﺸﻬﺩ ﺍﻟﻭﻗﻴﻌﺔ ﺃﻨﻨﻲ
ﻑ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻤﻐﻨﻡ ﺃﻏﺸﻰ ﺍﻟﻭﻏﻰ ﻭﺃﻋ ﹼ
ﻓﻬﺅﻻﺀ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﺨﺎﻀﻭﺍ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ،ﻟﻜﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺘﺭﻜﻭﻥ ﻏﻨﺎﺌﻤﻬﺎ ﻟﻠﺫﺌﺎﺏ ﻭﺍﻟﻜﻼﺏ . ﻭﻴﻘﻭل :ﺇﺫﺍ ﺸﺎﻫﺩﺕ ﺩﺭﻜﻴﺎ ﻓﺎﺴﺘﻌﺫ ﺒﺎﷲ ﻭﺃﻗﺭﺃ " ﻗل ﺃﻋﻭﺫ ﺒﺭﺏ ﺍﻟﻔﻠﻕ ﻤﻥ ﺸﺭ ﻤﺎ ﺨﻠﻕ " ﻓﻴﺫﻫﺏ ﻋﻨﻙ ﺍﻟﺭﺠﺱ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻤﺘﻌﻪ ﻓﻲ ﻜل ﺠﻠﺴﺔ ﺴﻤﺭ ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺩ ﺴﺭﺩ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻨﺒﻭﻱ ﻋﻥ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺫﺌﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻭﺍﻫﺎ ﺍﻟﺩﻤﻴﺭﻱ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻥ ﺇﺫ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﺭﺴﻭل /ﺹ " : /ﺃﺩﺨﻠﺕ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﺭﺃﻴﺕ
ﻓﻴﻬﺎ ﺫﺌﺒﺎ ﻓﻘﻠﺕ ﺃﺫﺌﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ،ﻓﻘﺎل ﺍﻟﺫﺌﺏ :ﺃﻜﻠﺕ ﺍﺒﻥ ﺸﺭﻁﻲ ،ﻗﺎل ﺍﺒﻥ ﻋﺒﺎﺱ :ﻫﺫﺍ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺃﻜل ﺍﺒﻨﻪ ،ﻓﻠﻭ ﺃﻜﻠﻪ )ﺍﻱ ﺍﻟﺸﺭﻁﻲ( ﻟﺭﻓﻊ ﻓﻲ ﻋﻠﻴﻴﻥ " . ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺄﺜﻭﺭﺍﺘﻪ ﺘﻨﺤﺼﺭ ﺒﻌﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺙ ﻭﺍﻵﻴﺎﺕ ،ﻜﺤﺩﻴﺙ " ﺍﺩﺭﺅﻭﺍ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺒﺎﻟﺸﺒﻬﺎﺕ " ﻭﺒﻌﺽ ﺍﻵﻴﺎﺕ " ﻴﺎ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺁﻤﻨﻭﺍ ﺇﺫﺍ ﺠﺎﺀﻜﻡ ﻓﺎﺴﻕ ﺒﻨﺒﺄ ﻓﺘﺒﻴﻨﻭﺍ ﺃﻥ ﺘﺼﻴﺒﻭﺍ ﻗﻭﻤﺎ ﺒﺠﻬﺎﻟﺔ ﻓﺘﺼﺒﺤﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﻌﻠﺘﻡ ﻨﺎﺩﻤﻴﻥ " " ،ﻭﻻ ﺘﺠﺴﺴﻭﺍ ﻭﻻ ﻴﻐﺘﺏ ﺒﻌﻀﻜﻡ ﺒﻌﻀﺎ " " ،ﻭﻻ
ﻴﺘﺨﺫ ﺒﻌﻀﻨﺎ ﺒﻌﻀﺎ ﺃﺭﺒﺎﺒﺎ" " ،ﻭﻤﻥ ﺸﺎﺀ ﻓﻠﻴﺅﻤﻥ ﻭﻤﻥ ﺸﺎﺀ ﻓﻠﻴﻜﻔﺭ ﻓﻠﺴﺕ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺒﻤﺴﻴﻁﺭ " ، ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺭﺃﺕ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﻭﺍﺸﻲ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﺘﺫﻜﺭﺕ ﻨﺼﺎﺌﺢ ﻭﻤﺄﺜﻭﺭﺍﺕ ﺘﻠﻤﻴﺫ ﻫﻨﺎﻨﻭ! -
ﺤﻜﻤﺕ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻋﻴﺩ ﺒﺎﻟﻤﺅﺒﺩ ﻭﺒﺎﻹﻋﺩﺍﻡ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺘﺤﺩﻯ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻭﻤﺨﺎﻁﺭ ﺍﻟﺠﺒﺎل ﻭﺍﻟﻜﻬﻭﻑ ،ﻭﺍﻟﻨﻭﻡ ﻤﻊ ﺍﻟﻀﺒﺎﻉ ﻭﺍﻟﺫﺌﺎﺏ ﻟﻴﻌﻴﺵ ﻤﺎ ﻴﻘﺎﺭﺏ ﻗﺭﻨﺎ ،ﺜﻡ ﻴﺄﺘﻲ ﺃﺒﻥ ) ﺩﺭﻜﻲ ( ﻤﻭﻅﻑ ﺤﻜﻭﻤﻲ ،ﻓﻴﺸﻔﻁﻪ ﺒﺴﻴﺎﺭﺘﻪ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ) ﺍﻟﺩﺭﻜﻴﺔ ( ﻟﻴﺭﺩﻴﻪ ﻗﺘﻴﻼ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺭﺩﻯ ﺍﻟﺭﺩﻯ ﺨﻼل ﻗﺭﻥ ،ﻓﻬﺭﺏ – ﺍﺒﻥ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ) ﺍﻟﻤﺩﻋﻭﻡ ( ﻭﻟﻡ ﻨﻌﺜﺭ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺜﺭ ﻤﻨﺫ ﺜﻤﺎﻨﻲ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻜﻨﺎ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﻓﻘﻁ ﻨﺭﻴﺩ ﺍﻟﺤﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺒﺈﻴﻘﺎﻓﻪ ) ( ١٥ﻴﻭﻤﺎ ،ﺇﻜﺭﺍﻤﺎ ﻟﺭﻭﺡ ﻗﺭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ،ﻓﺎﻟﻀﺤﻴﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻡ ﺒﺎﻟﻤﺅﺒﺩ ﻭﺍﻹﻋﺩﺍﻡ ،ﻭﺭﺌﻴﺱ ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺭﺠﺎل ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ،ﻟﻴﺱ ﺨﺭﻭﻓﺎ ،ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﺩﻱ ﻤﺎل ﻓﺄﻏﺭﻱ ) ﺍﻟﺩﺭﻙ ( ﺒﻤﻼﺤﻘﺘﻪ ،ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﻤﻼﺤﻘﺘﻲ ﻻﺤﻘﺎ ،ﻭﻻ ﺠﺎﻩ ﻋﻨﺩﻱ ﺴﻭﻯ ﻤﻌﺎﺭﻓﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ) ﺍﻟﺤﺭﺍﻓﻴﺵ ( ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﻋﻥ )
ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ( ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺼﺒﺢ ﻋﻠﻡ ﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻻ ﻴﻘﺘل ﺫﺒﺎﺒﺔ ،ﺃﻱ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻨﺎﺱ ) ﻜﻼﻡ
ﺒﻜﻼﻡ ( ﺃﻭ ) ﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ( ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻓﻬﺫﺍ ﻜﻼﻡ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻜﻠﻔﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺼﺒﺢ ) ﺍﻟﺩﺭﻙ ( ﻫﻡ ﻗﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﻭﻨﻘﺎﺩﻫﺎ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻓﺈﻨﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺃﻟﻤﻙ ﻟﺘﻔﺸﻲ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺘﺭﺤﻴﺏ ﺒﺎﻷﺠﻨﺒﻲ ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻴﻘﺭﺅﻭﻥ ) ﺍﻷﻟﻡ ( ﻓﺭﺤﺎ ،ﻭ ﻤﻔﺭﺩﺓ ﺍﻟﺘﻔﺸﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻴﺭ ﻓﻲ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺩﻻﻟﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻭﺒﺌﺔ ،ﻴﻨﻘﻠﺏ ﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺩﺭﻜﻲ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﺘﻔﺸﻲ ﻴﺤﻤل ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻻﻨﺘﺸﺎﺭ
ﺍﻟﻤﺤﺒﻭﺏ ﻭﺍﻟﻤﺭﻏﻭﺏ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻘﻭل ﺃﻥ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻴﺸﻤﺘﻭﻥ ﻭﻴﺴﺨﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﺔ ﻟﺘﺩﺨل ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ،ﻨﻐﺩﻭ ﻨﺤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻵﺨﺭ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺸﺎﻤﺕ ﺍﻟﺩﺍﻋﻲ ﻻﺤﺘﻼل ﺍﻟﺒﻼﺩ ! 224
ﻟﻘﺩ ﻀﺎﻉ ﺒﻀﻴﺎﻉ ﺩﻡ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺤﻤﻥ ﻋﻴﺩ ﻗﺭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻔﺎﺡ ﻤﻬﺩﻭﺭ ﺍﻟﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ،ﺭﻏﻡ ﻜل ﻤﺤﺎﻭﻻﺘﻨﺎ ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺒﺈﻨﻘﺎﺫ ﻜﺭﺍﻤﺔ ﺭﻭﺤﻪ ،ﻓﺭﻓﻌﻨﺎ ﻤﺫﻜﺭﺓ ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻅ ﻭﺃﺨﺒﺭﻨﺎ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ﻨﺅﻜﺩ ﻟﻬﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻐﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺴﻔﻭﺡ ﺍﻟﺩﻡ ﺒﺴﻴﺎﺭﺍﺘﻜﻡ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ،ﻫﻭ ﻭﺭﻴﺙ ﻋﻨﺘﺭﺓ ،ﺍﻟﻌﻅﻤﺔ ،ﺍﻷﻁﺭﺵ ،ﺍﻟﻌﻠﻲ ،ﻭﻫﻨﺎﻨﻭ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺘﻀﻴﻔﻪ ﺴﻨﻭﻴﺎ ﻤﻊ ﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻪ ﻓﻲ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺠﻼﺀ ١٧ﻨﻴﺴﺎﻥ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ،ﻟﻡ ﻨﺘﻠﻕ ﺠﻭﺍﺒﺎ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻭﻤﺎﺯﻟﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻨﻔﺘﺵ ﻋﻥ ﺘﺎﺭﻴﺨﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ،ﻓﻠﻡ ﻨﻌﺜﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺼﻤﻨﺎ ﺒﻬﺎ ) ﺍﻟﺩﺭﻜﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ (. ﻋﺫﺭﺍ – ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻷﺏ ﺍﻟﺒﺭﻋﻲ – ﻟﻡ ﺃﺴﺘﻁﻊ ﺃﻥ ﺃﻋﻤل ﻤﻥ ﺃﺠﻠﻙ ﺸﻴﺌﺎ ،ﻓﻤﻭﺭﺜﺎﺘﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺩﻋﺘﻬﺎ
ﺨﺭﻴﻁﺘﻲ ﺍﻟﻭﺭﺍﺜﻴﺔ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻟﻬﺎ ﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺩﻻﻻﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﻠﻭﺒﺔ ) ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ( ! ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ :
ﺍﺨﺘﻠﻔﺕ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺍﺕ ،ﻭﺘﻌﺩﺩﺕ ﺍﻻﺴﺘﺩﻻﻻﺕ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﻜﻨﺎﻩ ﻨﺹ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ( ﻭﺴﻴﺎﻗﺎﺘﻪ ﺍﻟﺩﻻﻟﻴﺔ ، ﻭﻤﺤﻔﺯﺍﺘﻪ ﺍﻟﺴﺭﺩﻴﺔ ،ﻭﻭﻅﺎﺌﻔﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﻴﺩﻭﻴﻠﻭﺠﻴﺔ . ﻫﻨﺎﻙ ﺭﺃﻴﺎﻥ :
ﺍﻷﻭل :ﻴﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻗﺩ ﺃﻭﺤﻲ ﻟﻪ ،ﻓﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﻭﺤﻰ ،ﺃﻭ ﺃﻨﻪ ﺍﻟﻌﺒﺩ ﺍﻟﻤﺄﻤﻭﺭ ،ﻁﻠﺒﺕ ﻤﻨﻪ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻐﺎﻤﻀﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﺘﺏ ﻓﻜﺘﺏ ،ﻭﺍﻟﺒﻌﺽ ﻤﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻴﻘﻭﻟﻭﻥ :ﺇﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻜﺘﺏ ﻟﻪ ﻭﺃﻤﺭ ﺃﻥ ﻴﻀﻊ ﺘﻭﻗﻴﻌﻪ ﻭﻴﻨﺸﺭ ﺒﺎﺴﻤﻪ ،ﻷﻥ ﺤﺠﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﺒﻠﻎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﻋﺘﻴﺎ ،ﻭﺃﻥ ﺫﺍﻜﺭﺘﻪ ﻟﺤﻘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ،ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ﺸﻭﺸﻬﺎ ﻋﺘﻪ ﺍﻟﺸﻴﺨﻭﺨﺔ ﻭﺍﻟﺤﺩﺜﺎﻥ ،ﻭﻟﺤﻘﺕ ﺒﺄﺨﻼﻗﻪ ﻭﻗﻴﻤﻪ ﺴﻔﺎﻫﺔ ﺍﻟﻁﻌﺎﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻥ ،ﻓﺄﻀﺎﻑ ﻤﻥ ﻋﻨﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻟﻪ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﻭﻗﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﻭﺍﻟﺸﻴﺒﺔ .
ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﻴﻘﻭل ﺒﺄﻨﻪ ﻜﺘﺏ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ،ﺒﻜﺎﻤل ﻭﻋﻴﻪ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻻ ﻴﺯﺍل ﻴﻤﺴﻙ ﻋﻠﻴﻪ ﺒﻌﺽ ﻗﻭﺍﻩ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻌﻔﻪ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻴﺭ ،ﺭﻏﻡ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻨﺼﻪ ﻤﻥ ﺭﻜﺎﻜﺔ ﻭﻟﻐﻭ ﻭﺤﺸﻭ ﻭﻓﻬﺎﻫﺔ ﻫﻲ ﻨﺘﺎﺝ ﺜﻘﺎﻓﺘﻪ ) ﺍﻟﺩﺭﻜﻴﺔ ( ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﻪ ﺍﻟﻀﺒﻭﻁ ﻭﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻴﺭ . ﻭﻴﺅﻜﺩ ﻤﻥ ﻴﺫﻫﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺫﻫﺏ ،ﺇﻟﻰ ﺇﻗﺭﺍﺭ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ( ﻨﻔﺴﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺴﻬﺭﺍﺘﻬﻡ ،
ﻭﻴﺅﻜﺩ ﺍﻟﺭﺍﻭﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺍﻋﺘﺭﻑ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﻤﺎ ﻜﺘﺏ ﺇﻻ ﻟﻴﻔﻭﺯ ﺒﻭﺜﺒﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﺭﺓ
ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ – ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻗﺘﺭﺏ ﻤﻭﻋﺩ ﺘﺄﻟﻴﻔﻪ . ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﻜﺘﺸﻑ – ﺤﺴﺏ ﻗﻭﻟﻪ – ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ) ﻤﻥ ﻴﺤﻔﺭ ﻟﻪ ﺘﺤﺕ ﻗﺩﻤﻴﻪ ( ،ﻭﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ) ﻴﺸﺭﻜﻠﻪ ( ﻴﺩﺤﺭﺠﻪ ﺨﺎﺭﺝ ﺃﺴﻭﺍﺭ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ . ﻭﻴﻀﻴﻑ ﺍﻟﺭﺍﻭﻱ ﺒﺄﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻜﺫﻭﺒﺎ – ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺫﻭﺏ ﻫﻭ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ( ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺴﺏ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺒﺄﻨﻪ ﺃﺴ ﺭ ﻟﻪ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﺘﻭﺭﻁ ﺒﺤﻜﺎﻴﺔ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻭﺍﻷﻟﻑ ﺘﻭﻗﻴﻊ ،ﻭﺩﻟﻴﻠﻪ ﻋﻠﻰ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺫﺏ ،ﺃﻥ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﻋﻭﻀﺎ ﻋﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﺭ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ( ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺭ ،ﻜﺎﻥ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻪ ﺃﻥ 225
ﻴﺫﻴﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺭ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻓﺘﺒﺭﺌﻪ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ،ﻭﺘﻌﻴﺩﻩ ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻗﻌﻪ ﻜﻌﻤﻴﺩ ﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ، ﻭﻴﺘﺠﻨﺏ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ . ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﻴل ﻟﻪ ،ﻜﻴﻑ ﻴﺒﻴﺢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ،ﺃﻥ ﻴﻠﻘﻲ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺨﻁﻴﺭﺓ ﻗﺩ ﺘﻜﻠﻑ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﻟﻭ
ﺃﺨﺫﺕ ﺘﻬﻤﺘﻪ ﺠﺩﻴﺎ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﻫﺩﻑ ﺍﻨﺘﻬﺎﺯﻱ ﺼﻐﻴﺭ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺼﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ؟
ﺸﻌﺭ ﺒﺎﻹﺤﺭﺍﺝ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺍﻟﻌﻴﻭﻥ ﻟﻪ ،ﻓﺘﻅﺎﻫﺭ ﺒﺎﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻨﺩﻡ ،ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻋﻥ ﺃﺴﻔﻪ ﻟﻜﻭﻨﻪ ﺍﻀﻁﺭ ﺃﻤﺎﻡ ﻜﻴﺩ ﺨﺼﻭﻤﻪ ﺃﻥ ﻴﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻓﺘﺭﺍﺀﺍﺕ ،ﻭﺍﻋﺩﺍ ﺒﺄﻨﻪ ﺴﻴﻌﺘﺫﺭ ﻋﻥ ﺘﻬﻤﺘﻪ ﻫﺫﻩ ، ﻟﻜﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻴﻀﻤﻥ ﻭﺼﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ !؟ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻤﺔ ﺍﻟﺭﺍﻭﻱ ﻭﻋﻬﺩﺘﻪ ،ﻟﻜﻥ ﻋﻨﺩ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺼﺤﻴﺢ ﺍﻟﻤﻨﻘﻭل ،ﻤﻊ ﺼﺭﻴﺢ
ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﻜﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ،ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺜﻤﺔ ﺘﻁﺎﺒﻘﺎ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﻴﺩل ﻋﻠﻰ ﻨﻅﻴﺭﻩ . -
ﻓﺎﻟﻤﻌﻘﻭل ﻴﻘﻭل :ﺇﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ﻟﻠﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺠﻌﺒﺘﻬﺎ ﻓﺎﺭﻏﺔ ﻭﻤﻔﻠﺴﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺎﻗﺔ ،ﻟﺘﻌﺘﻤﺩ ﻭﻜﻴﻼ ﻭﻨﺎﻁﻘﺎ ﺒﺎﺴﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻜﺎﻜﺔ ﻭﺍﻟﻌﻲ ،ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺃﺴﺒﺎﺒﻪ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻁﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﻭﻫﺒﺔ ،ﺃﻭ ﻤﻜﺘﺴﺒﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺸﻴﺨﻭﺨﺔ ﻭﺍﻟﻤﺭﺽ .
ﻭﻤﺠﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻴﺴﺘﻌﻅﻡ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻨﻘﺩﻨﺎ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺒﺄﻨﻪ ﺘﺨﻠﻰ ﻋﻥ ﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺃﻥ ﻨﻘﺩﻨﺎ ﻫﺫﺍ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻹﺤﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
،ﻭﻴﺭﺩﻑ ) ﻭﺴﻭﻑ ﻴﺤﺎل ﻁﺒﻌﺎ ( ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻹﺭﺩﺍﻑ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺤﻰ ﻟﻠﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺒﻠﺴﺎﻥ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻤﺭ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻴﻥ ﺒﺒﻭﺍﻁﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ،ﻴﺅﻜﺩﻭﻥ ﺒﺄﻨﻪ ﺴﻴﺘﻠﻘﻰ ﺘﻭﺒﻴﺨﺎ ﻭﻫﺯﺀﺍ ﻭﺴﺨﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻨﻪ ﻴﻭﺤﻲ ﺒﺄﻨﻪ ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻨﻬﻡ !
ﻴﻌﺘﻘﺩ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ( ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺃﺩﻯ ﻭﻅﻴﻔﺘﻪ ﻜـ) ﻤﺨﺒﺭ ( ﺒﻜﻔﺎﺀﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺃﻨﻪ ﺴﻴﺘﻠﻘﻰ ﻤﻜﺎﻓﺄﺓ ﻜﺒﺭﻯ
،ﺠﺎﻫﻼ ﺒﺄﻨﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻨﺸﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻤﻘﺎﻻ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﺎﻤﺸﻲ ،ﻓﻬل ﻴﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ ؟ ﻓﻠﻡ ﻴﻔﻬﻡ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻭﻥ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﺘﻲ ﻫﺫﻩ ﺃﻨﻲ ﺃﺭﻴﺩ ﺸﺭﺍ ﺒﺤﺯﺒﻬﻡ ،ﻭﺃﻨﻲ ﺇﺫ ﺃﻨﻘﺩﻩ ،ﻓﺈﻨﻤﺎ ﻷﺩﻋﻭﻩ ﻻﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﺩﻭﺭ ﻁﻠﻴﻌﻲ ﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺃﺩﺍﻩ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺘﺭﻫل ﻭﻴﺘﺒﻘﺭﻁ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﺤﺫﺭﺘﻪ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ
ﺍﻟﻨﺎﺼﺢ ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺏ ﺒﻔﻴﻠﺴﻭﻓﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻀﻌﺕ ﻋﻨﻪ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ :ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ "ﻨﻘﺩ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﺘﺄﺨﺭ" ،ﺇﺫﻥ ﻟﻘﺩ ﻜﻨﺕ ﻨﺎﺼﺤﺎ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺃﻥ ﻴﺠﺩﺩ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻟﻭﺍﻀﻊ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ،ﻓﻴﺴﺘﺠﻴﺏ ﻟﺤﺎﺠﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻻ ﺃﻥ ﻴﺴﺠﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﻘﻔﺹ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻓﻜﺭﻫﺎ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ ﻭﺍﻹﺠﺭﺍﺌﻲ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻨﻔﻌﻲ .
ﻓﻠﻡ ﻨﺴﻤﻊ ﻤﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﻟﻤﻘﺎﻀﺎﺘﻨﺎ ،ﺒﻠﻪ ﻟﻡ ﻨﺴﻤﻊ ﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻭﻓﻲ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ،ﻤﻥ ﻴﻭﺠﻪ ﻟﻨﺎ ﺤﺘﻰ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﻌﺘﺏ . 226
ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺩﻋﻭﻨﺎ ﻟﻼﺴﺘﻨﺒﺎﻁ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻗﺩ ﺘﻁﻭﻉ ﺘﻁﻭﻉ ) ﺍﻟﻤﺨﺒﺭ ( ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤل ﺍﻨﺠﺫﺍﺒﺎ ﻭﺍﻨﺸﺩﺍﺩﺍ ﺩﺍﺨﻠﻴﺎ ﺩﻓﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻁﺒﻘﺎﺕ ﻭﻋﻴﻪ ﻭﻻ ﻭﻋﻴﻪ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻤﻬﻨﺔ ﻋﻤﺭﻩ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩ ﻜـ) ﺩﺭﻜﻲ ( . -
ﻴﺨﻭﻨﻨﺎ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﺨﺒﺭ ( ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻋﺒﺭﻨﺎ ﻋﻥ ﺃﻟﻤﻨﺎ ﻟﺘﻔﺸﻲ ﻤﺯﺍﺝ ﺜﺄﺭﻱ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﻤﺯﺍﺝ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺠﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﻤﻅﻨﺔ ،ﻗﺎﻡ ﺒﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﺯﻭﻴﺭ ﻓﺎﻀﺤﺔ ﻭﺒﺸﻌﺔ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﺴﺏ ﻭﻭﻗﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤﺭ ﻭﺍﻟﺸﻴﺒﺔ ،ﺒل ﻫﻲ ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻟﻤﺨﺒﺭﻴﻥ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺤﻭل ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ " ﺃﻥ ﻥ ﺍﻟﺤﺭﻑ ﺍﻟﻤﺸﺒﻪ ﺒﺎﻟﻔﻌل " ﻟﻴﺤﻭل ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭﻴﺔ " ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ " ﺇ ﺘﻘﺭﻴﺭﻴﺔ ،ﻭﻜﺄﻨﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﻤﻥ ﻴﻘﻭﻟﻬﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﻔﺴﺭ ﺘﻔﺸﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺯﺍﺝ ﺒﺠﻤﻠﺔ " ﺘﺤﺕ
ﻀﻐﻁ ﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻹﺤﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ ﺃﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ " ،ﻓﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﺸﻴﺦ " ﺍﻟﻭﻗﻭﺭ " ﺒﻭﻀﻊ ﻨﻘﻁﺔ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻴﺄﺱ ،ﻟﻴﻘﻭل :ﺇﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ " ﻟﺘﺒﺩﻭ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺤﻜﻤﺎ ﻤﻥ ﻗﺒﻠﻨﺎ ! ﻭﺍﺨﺠﻠﺘﺎﻩ ،ﻭﺍﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﻩ !؟ ﺜﻡ ﻴﻌﻭﺩ ﻻﺘﻬﺎﻤﻨﺎ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﻷﻨﻨﺎ ﻨﻘﻠﻨﺎ ﺭﺃﻴﺎ ﺴﺎﺨﺭﺍ ﺸﺎﻤﺘﺎ ،ﻤﻥ ﺤﻤﺎﺴﻨﺎ ﻭﻗﻨﺎﻋﺘﻨﺎ ﺒﺄﻓﻜﺎﺭﻨﺎ ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﺔ ﻷﻱ ﺘﺩﺨل ﺃﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺸﺄﻨﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ .
ﻭﻤﺎ ﺴﻘﻨﺎ ﺭﺃﻱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺎﻤﺕ ﺍﻟﺴﺎﺨﺭ ،ﺇﻻ ﻷﻨﻪ ﻤﻌﺭﻭﻑ ﻋﻨﺎ ﻤﻭﻗﻔﻨﺎ ﻤﻥ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،
ﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻨﻜﺘﻑ ﺒﺘﻭﻗﻴﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺩﺩ ﺒﺎﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻗﺒﻠﻪ ﻜﻤﺎ ﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ٢٨ﺁﺏ ، ٢٠٠٢ﺒل ﻜﺘﺒﻨﺎ ﻋﺩﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻻﺕ ﻓﻲ ) ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ( ،ﻭﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻤﺨﺒﺭ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺃﻥ ﻴﻌﻭﺩ ﻷﻋﺩﺍﺩ ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺨﻼل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻟﻴﺭﻯ ﺃﻨﺎ ﻜﻨﺎ ﻨﻜﺘﺏ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﻨﺎﺭﻴﺔ ﻤﻘﺎﺘﻠﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺤﻤل ﺩﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻜﻔﻨﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻨﻤﻨﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ...
ﻓﻠﻭ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﺫﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ،ﻟﻤﺎ ﺯﺝ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺈﻁﻼﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﻭﺍﻫﻨﻪ ،ﻟﻴﺴﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﻨﻌﻤﺘﻪ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺴﻭﻟﻬﻡ ﻜﺭﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ،ﻭﻟﻴﺘﻬﻤﻬﻡ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﺤﺘﺴﺏ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻭﻗﻔﻬﻡ – ﺤﻴﻨﺫﺍﻙ -ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻨﺎ ﻗﺩ ﺃﺩﻨﺎﻩ ﻴﻭﻤﻬﺎ ،ﻭﻨﻘﺩﻨﺎ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺘﺠﺎﻫﻪ ،ﻟﻜﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﺒﻠﻎ ﻭﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﺍﻟﻨﺎﻗﺩ ،ﺤﺩ ﺍﺘﻬﺎﻡ ﺃﺤﺩ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ !؟
ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﻌﺯﺯ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻟﺩﻴﻨﺎ ،ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺭﺠل ﻤﺘﻁﻭﻉ ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻪ ﻻ ﺒﺈﺭﺍﺩﺓ ﻏﻴﺭﻩ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﺩﻡ ﺨﺩﻤﺎﺘﻪ ﻟﻠﻐﻴﺭ ﺃﻀ ﺭ ﺒﻬﻡ ﻭﺒﺴﻤﻌﺘﻬﻡ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻗﻠﻨﺎ ﻤﻥ ﻗﺒل :ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﺎﻗل ﺨﻴﺭ ﻤﻥ ﺃﻟﻑ ﻤﺭﻴﺩ ﻭﻤﺤﺎﺏ ﻭﻤﻭﺍل ﺠﺎﻫل ! -
ﻤﺎ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ،ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺘﻔﺸﻲ ﺍﻟﻤﺯﺍﺝ ﺍﻟﺜﺄﺭﻱ ،ﺇﻻ ﻟﻨﻘﻭل ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ :
ﺒﺄﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ) ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ – ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﺯﻴﻪ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘل ، 227
ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ( ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻟﺘﻔﺘﺢ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﻋﺎﻟﻤﻪ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺍﻟﺭﻭﺤﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻼﺒﺩﺍﻉ ﻭﺍﻻﺒﺘﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻏﺩﺕ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻗﻭﻤﻴﺔ ،ﻓﺤﻴﺙ ﺘﺘﺎﺡ ﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺃﻭﺴﻊ ﻟﻠﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻨﺠﺩ ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺼﻤﻭﺩ ﺒل ﻭﺍﻻﻨﺘﺼﺎﺭ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﺜﺒﺘﻪ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ،ﻟﻤﺎ ﻟﻠﺴﺎﺤﺔ
ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺯﺍﺕ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺃﻫﻠﻴﺔ ﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﺃﻭﺴﻊ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ ، ﻓﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﺘﺘﺴﻊ ﺴﺎﺤﺎﺕ ﺘﻔﺘﺢ ﺫﺍﺘﻴﺘﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﺘﺘﻭﻁﺩ ﺩﻋﺎﺌﻡ ﺼﻤﻭﺩﻩ ﻭﻤﻘﺎﻭﻤﺘﻪ ﻟﻠﻌﺩﻭ ،ﻭﻴﻜﺘﺸﻑ ﺃﺴﻠﺤﺘﻪ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻟﻀﺭﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ،ﻭﻗﻭﺓ ﺍﻟﻀﻐﻁ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺨﻼل ﺍﺠﺘﻴﺎﺡ ﺸﺎﺭﻭﻥ ﻟﻠﻀﻔﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ .
ﺸﻜﺭﺍ ﻟﻸﺨﻭﻴﻥ ﺍﻟﻌﺯﻴﺯﻴﻥ ) ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ،ﻭﺃﻜﺭﻡ ﺍﻟﻨﺒﻲ ( ﻋﻠﻰ ﺸﻬﺎﺩﺘﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺒﻌﺩﻡ ﺨﻴﺎﻨﺘﻲ ،ﻭﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻷﺥ ﺃﻨﻭﺭ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ﻟﻜﻨﻲ ﻻﺒﺩ ﻟﻲ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻤﻥ ﺃﻥ ﺃﺴﺠل ﺍﺨﺘﻼﻓﻲ ﻤﻊ ﺍﻷﺥ ﻴﺎﺴﻴﻥ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺭ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺍﻟﺩﺭﻜﻲ ( ﺒﺄﻨﻪ " ﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ " ﻤﻥ ﺃﺼﻭﻟﻴﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺍﻟﻤﻭﺤﻰ ﻟﻬﻡ ﺒﺄﻥ ﻴﻨﻁﻘﻭﺍ ﺒﻤﺎ ﻨﻁﻕ ﺒﻪ ،ﻓﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﺠل ﻻ ﻴﺭﺘﻘﻲ ﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ) ﻨﺎﻁﻕ ﺘﻘﺎﺭﻴﺭ ﻭﻭﺸﺎﻴﺎﺕ ( ،
ﻓﺎﻷﺼﻭﻟﻲ ) ﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻲ ( ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺸﺤﻨﺎﺕ ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ﺘﺩﻓﻌﻪ ﻟﻠﺘﻜﻔﻴﺭ ﻓﺎﻟﻘﺘل ،ﻟﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺫﺍﺘﻪ ﻴﻤﻠﻙ ﺤﺴﺎ ﺘﺭﺍﺠﻴﺩﻴﺎ ﺩﺍﺨﻠﻴﺎ ﻴﺩﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ،ﻓﺎﻷﺼﻭﻟﻲ ﺭﺠل ﻤﺒﺎﺩﻱﺀ ، ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺩﻤﺭﺓ ،ﻤﻥ ﺴﺘﺎﻟﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﺒﻥ ﻻﺩﻥ . ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺨﺒﺭﻭﻥ ﻭﺍﻟﺩﺴﺎﺴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻔﺭﻴﺴﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻭﺸﺎﺓ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺴﺭﺓ ﻤﻥ ﺴﻼﻟﺔ " ﻴﻬﻭﺫﺍ ﺍﻻﺴﺨﺭﻴﻭﻁﻲ " ﻓﺈﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺴﻭﻯ ﺸﺤﻨﺎﺕ " ﺍﻟﻭﻀﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﺩﻨﺎﺀﺓ ﻭﺍﻻﺴﺘﺨﺫﺍﺀ " ﻭﻋﺭﺽ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻨﺨﺎﺴﺔ ! ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ :ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻐﻀﺏ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻨﺎ ﻋﻥ ) ﻋﺎﺭﻑ ( ﻭﺍﻟﻐﻀﺏ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩ ؟ ﺒﺒﺴﺎﻁﻪ ،ﻟﻘﺩ ﺍﻟﺘﻘﻴﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺨﻤﺴﺔ ﺸﻬﻭﺭ ﺒﻤﺴﺅﻭل ﺭﺴﻤﻲ ﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ،ﺤﺩﺜﻨﺎ ﺒﻜﻴﺎﺴﺔ ﻭﺩﻤﺎﺜﺔ ﻭﻟﻁﻑ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻀﺠﺔ ﺍﻻﻋﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺤﺩﺜﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺯﻤﻼﺌﻨﺎ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﻟﻴﺴﺕ ﻓﻲ ﻤﺼﻠﺤﺘﻬﻡ
،ﻭﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﻋﺘﺏ ﺒﺸﻜل ﺭﻗﻴﻕ ﺃﻥ ﺩﻋﻭﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺠﻤﺎل ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻨﻔﺴﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺠﺭﻤﻴﻥ ،ﺇﺫﺍ ﺼﺢ ﺃﻥ ﺯﻤﻼﺀﻨﺎ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﻤﺠﺭﻤﻭﻥ ،ﺍﻋﺘﺒﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺘﺼﺏ ﺍﻟﺯﻴﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ، ﻭﺘﻀﻊ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﺤﺩﻱ ﺍﺭﺍﺩﺍﺕ ،ﻭﺘﻌﻨﻲ ﻤﻥ ﺜﻡ ﻗﺒﻭل ﺍﻻﻨﺼﻴﺎﻉ ﻟﻠﻀﻐﻭﻁ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻗﺒﻭﻟﻪ ﻤﻥ ﻁﺭﻓﻬﻡ ،ﻭﻟﻥ ﻴﺴﺎﻋﺩﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻤﺨﻔﻔﺔ ﻓﻲ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﺍﻷﺼﺩﻗﺎﺀ ، ﻭﺩﻋﺎﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺩﻭﺀ ،ﻟﻴﺴﺘﻁﻴﻌﻭﺍ ﺃﺨﺫ ﻗﺭﺍﺭﺍﺘﻬﻡ ﺒﻬﺩﻭﺀ ﺒﻤﺎ ﻴﺨﺩﻡ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﻭﻗﻭﻓﻴﻥ ،ﻭﻤﺎ ﻴﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺨﻔﻴﻑ ﺃﺠﻭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻭﺘﺭ ،ﻓﺘﻔﻬﻤﻨﺎ ﺩﻗﺔ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﻗﺩﺭﻨﺎ ﺤﺼﺎﻓﺔ ﻭﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻭﺍﻟﺘﺯﻤﻨﺎ
ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺄﺯﻕ ،ﻓﻠﻡ ﻨﻜﺘﺏ 228
ﺨﻼل ﺸﻬﻭﺭ ﺤﻭل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ،ﻟﻨﻔﺎﺠﺄ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻔﺯﺍﺯﻴﺔ ﺒﻬﺩﻑ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺼﻤﺕ ،ﻭﺇﺸﺎﻋﺔ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،ﻓﻠﻡ ﻨﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻨﺘﻔﺠﺭ ﻏﺎﻀﺒﻴﻥ ﻟﻴﺱ ﺒﺴﺒﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺤﻜﺎﻨﻡ ﺍﻟﺠﺎﺌﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻨﺎ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻟﻤﺎ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﻤﻥ ﺇﻴﺤﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ
ﺯﻤﻥ ﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺩﻋﻭﻨﺎ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺤﺩﺍﺩ ،ﻭﻁﺎﻟﻤﺎ ﻋﺒﺭﻨﺎ ﻋﻥ
ﺍﻤﻨﻴﺎﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺘﺘﻘﻴﺄﻫﺎ ﺫﺍﻜﺭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻤﺠﺘﻤﻌﺎ ﻭﺩﻭﻟﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻀﻤﻴﺭﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻴﻨﻭﺀ ﺒﺎﻟﻌﺎﺭ ﻟﻭ ﺃﻨﺎ ﺼﻤﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺇﻁﻼﻕ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺴﻭﺓ ﺘﺠﺎﻩ ﻋﺸﺭﺓ ﻤﻥ ﺃﺼﺩﻗﺎﺌﻨﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺼﺭﺨﺔ ﺍﺤﺘﺠﺎﺝ ﺃﻭ ﻜﻠﻤﺔ ﺘﻀﺎﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل . ﻻ ﻴﺯﺍل ﺜﻤﺔ ﻤﻨﺎﺹ ﻟﺸﻡ ﻋﻁﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴل ،ﻻ ﻴﺯﺍل ﺜﻤﺔ ﺃﻤل ﻻﺤﺘﻀﺎﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻷﻡ ﻟﻜل ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ
ﺍﻟﻭﺩﻴﻌﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻜﺴﻴﻥ ،ﺍﻟﻤﺅﻴﺩﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ،ﺍﻟﻬﺎﺩﺌﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻏﺒﻴﻥ ،ﻓﺭﺤﻡ ﺍﻷﻤﻭﻤﺔ ﻻ ﻴﻤﻴﺯ
ﺒﻴﻥ ﺠﻨﻴﻥ ﻭﺠﻨﻴﻥ ،ﻭﺭﺤﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﻨﺎﻥ ﺍﻷﻤﻭﻤﻲ ﻫﻲ ﺃﻋﺩل ﻤﺎ ﻓﺎﺽ ﺒﻪ ﺼﺩﺭ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ . ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻭﺩﺓ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻜل ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ﺘﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻕ ﻤﻥ ﻓﻲ ﻴﺩﻫﻡ ﺍﻷﻤﺭ ،ﻓﻬﻡ ﻭﺤﺩﻫﻡ ﻤﻥ ﻴﻤﻠﻙ ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺩ ﺍﻷﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻭﺌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻼﺤﻡ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺈﺼﺩﺍﺭ ﻗﺭﺍﺭ ﺭﺌﺎﺴﻲ ﺒﺎﻟﻌﻔﻭ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻋﻥ ﻜل ﻤﻌﺘﻘﻠﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﻭﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭ ﺤﺎﺠﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻷﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ،ﺴﻴﻤﺎ
ﻓﻲ ﻅﺭﻑ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺩﻗﻴﻕ ﻭﺼﻌﺏ ﺘﺴﻌﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﻔﻜﻴﻙ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺒﺄﺴﺭﻫﺎ ،ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﺘﺭﺘﻴﺒﻬﺎ ﻭﻫﻴﻜﻠﺘﻬﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﺘﻔﺭﺩ ﻗﻴﺎﺩﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ﻭﺒﻤﺎ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﺴﺎﻴﻜﺱ – ﺒﻴﻜﻭ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﺒﻭﺵ – ﺸﺎﺭﻭﻥ . • ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠٢/٨/٣١
229
ﺤﺯﺏ ﺴﺭﻱ ﺍﺴﻤﻪ " ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " *... • ﻤﻬﻨﺩ ﺩﻤﺸﻘﻲ :
ﺼﺩﺭ ﻋﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ " ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ ﻤﻥ ﺃﻴﻠﻭل /ﺴﺒﺘﻤﺒﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ "
ﺒﻼﻍ " ﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻤﻔﺘﻌﻠﺔ ﺤﻭل ﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺈﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ) ﻋﻀﻭ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ( ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻟﺩﻋﻭﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ
ﺒﺎﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ .
ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻼﺤﻅﺎﺕ ﻋﺩﺓ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩﻫﺎ ،ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺃﻥ " ﺍﻟﺒﻼﻍ " ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﻋﻥ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻋﻘﺩﺘﻪ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ٢٠٠٢/٨/٣١ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻜﺎﻥ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺨﺎﻤﺱ ﻤﻥ ﺍﻴﻠﻭل ﻭﺘﻡ ﺘﻭﺯﻴﻌﻪ ﻭﺇﻋﻼﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻤﻥ ﺍﻴﻠﻭل ،ﻭﻫﺫﺍ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻴﺫﻜﺭﻨﺎ ﺒﺸﻲﺀ ﻓﺈﻨﻤﺎ ﻴﺫﻜﺭﻨﺎ ﺒﺎﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻘﺩ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﺎﺘﻬﺎ ﺜﻡ ﺘﺼﺩﺭ " ﺒﻼﻏﺎﺕ " ﻋﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺒﻌﺩ ﻓﺘﺭﺓ ﻜﺎﻓﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺘﻤﻭﻴﻪ ﺍﻷﻤﻨﻲ !..؟
ﻭﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﺎﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﻜﺩ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ،ﻫﻲ ﺘﻌﺒﻴﺭ " ﺒﻼﻍ"
ﺒﻤﺎ ﻴﺫﻜﺭﻨﺎ ﺒﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﺎﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﻼﻍ ﺭﻗﻡ ١ﻭﻏﻴﺭﻩ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻤﺎﺘﻪ " ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ " ﺍﻵﻨﻔﺔ . ﻜﻤﺎ ﺘﺠﺭ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺃﻴﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻪ ﺘﻌﺒﻴﺭ " ﻴﺴﺎﺭﻱ " ﺩﺭﺠﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﺍﺤﺘﻔﺎﻅ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﻁﻔﻭﻟﻴﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ،ﺇﻥ ﻟﻡ ﻨﻘل ﺒﺴﺎﻁﺘﻬﺎ ﻭﺴﺫﺍﺠﺘﻬﺎ !.
ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺜﻴﺭ ﺍﻟﻀﺤﻙ ﻭﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻓﻬﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﺍﻟﻤﺫﻜﺭﻭ ﻴﻘﻭل ﺃﻥ " ﻟﺠﺎﻥ ﺍﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻋﺸﻴﺭﺓ ﺃﻭ ﻜﻨﻴﺴﺔ ﺘﺼﺩﺭ ﺼﻜﻭﻙ ﺍﻟﻐﻔﺭﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺭﻤﺎﻥ ،ﺒل ﻫﻲ ﺘﺠﻤﻊ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺍﺤﺭﺍﺭﺍ ﻴﺤﺭﻜﻬﻡ ﻭﻴﺅﺴﺱ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻬﻡ ﻭﻋﻴﻬﻡ ﻭﻀﻤﻴﺭﻫﻡ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻬﻡ ﻭﺍﻨﺘﻤﺎﺅﻫﻡ ﻟﻠﻭﻁﻥ ﻭﺍﻻﻨﺴﺎﻥ " ﺤﻴﺙ ﻴﺜﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺘﺴﺎﺅﻻ ﻫﺎﻤﺎ ﺠﺩﺍ :ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺇﺫﺍ ﺘﺼﺩﺭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻤﻲ
ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻟﺠﺎﻨﺎ ،ﺃﺤﻜﺎﻤﺎ ﻗﻁﻌﻴﺔ ﺘﻠﻐﻲ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﻭﺘﺠﺭﻤﻬﻡ ﻭﺘﺨﺘﺯﻟﻬﻡ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﺭﺩ ﺭﻋﺎﻉ ؟ ﻭﻫﻡ
ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺯﺍل ﺘﺤﺕ ﺨﻁ ﺍﻟﻭﻋﻲ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺯﻋﻤﻭﻥ ﻭﻴﺼﻭﺭﻭﻥ ﻭﻴﺭﻭﺠﻭﻥ ؛ ﺇﻥ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺭﻓﺽ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻴﻜﺕ ﻓﻲ
230
ﻤﺭﺍﻜﺯ ﻤﺸﺒﻭﻫﺔ ،ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺒﻴﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﺘﺭﺠﻤﺎﺕ ﺭﻜﻴﻜﺔ ﻟﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﻨﻬﻡ ﺍﻋﻼﻨﻬﺎ . ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺜﻴﺭﺓ ﺃﻴﻀﺎ ﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺘﻌﺘﺭﻑ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻭﺒﺸﻜل ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭ
ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﻋﺩﺩ ﻗﻠﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﻘﻭﻤﻭﻥ ﺒﺄﻱ ﻋﻤل ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺠﻠﻭﺱ ﻓﻲ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻫﻲ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ . ﻭﻗﺩ ﻨﻘل ﺒﻌﻀﻬﻡ ﻋﻥ ﺍﻵﺨﺭ ﺃﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻻﻓﻜﺎﺭ " ﺍﻟﻌﻅﻴﻤﺔ " ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺘﺭﺠﻤﺔ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻯ ﻨﺘﺎﺝ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﻠﺴﺎﺕ ،ﻭﺇﻥ ﺤﺩﺓ ﺒﻼﻏﺎﺘﻬﻡ ﺃﻭ ﻋﺩﻤﻬﺎ ﺘﺤﻜﻤﻬﺎ ﺤﻅﻭﻅﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺯﻫﺭ ،ﻭﺃﺤﺠﺎﺭ ﺍﻟﻁﺎﻭﻟﺔ . .ﺃﻤﺎ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺸﺭﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﻋﺩﺩ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺼﻭﺭﻭﻩ ﺒﺄﻨﻪ
ﻴﻘﻊ ﻓﻴﺄﻟﻑ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ،ﻟﻜﻲ ﻴﺘﻀﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﻍ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺃﻨﻬﻡ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻥ ﺴﺘﺔ ﻋﺸﺭ ﺸﺨﺼﺎ ﻫﻡ : ﺴﻤﻴﺭ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ،ﻤﺸﻌل ﺍﻟﺘﻤﻭ ،ﻓﻴﺼل ﻴﻭﺴﻑ ،ﻴﻭﺴﻑ ﻤﺭﻴﺵ ،ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺨﻠﻴل ،ﻴﻭﺴﻑ ﺴﻠﻤﺎﻥ ،ﻤﻌﺎﺫ ﺤﻤﻭﺭ ،ﺼﺎﺩﻕ ﺠﻼل ﺍﻟﻌﻅﻡ ،ﻤﻴﺔ ﺍﻟﺭﺤﺒﻲ ،ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ،ﺃﺴﺎﻤﺔ ﻋﺎﺸﻭﺭ ،ﻨﺠﺎﺘﻲ ﻁﻴﺎﺭﺓ ،ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺠﻭﻨﻲ ،ﺃﺼﻼﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ،ﺇﻴﻤﺎﻥ ﺸﺎﻜﺭ ،ﺴﺎﻤﺭ
ﺍﻟﻌﻁﺭﻱ ،ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ ،ﻨﺫﻴﺭ ﺠﺯﻤﺎﺘﻲ ،ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ....
ﺯﻋﻤﻭﺍ ﺤﻴﻨﻬﺎ ﺃﻨﻪ ﺒﻴﺎﻥ ﻟﻠﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻬﻡ ﻟﻡ ﻴﺠﻤﻌﻭﺍ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺍﻗﻴﻊ ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻬﻡ ﻗﺒﻠﻭﺍ ﺘﻭﺍﻗﻴﻊ ﻤﻥ ﺃﺸﺨﺎﺹ ﻟﻡ ﻴﻘﺭﺅﻭﺍ ﻜﺘﺎﺒﺎ . ﺇﻥ ﻤﺼﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﻲ ﻫﺅﻻﺀ ﻫﻭ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﻡ ﻤﻥ ﻴﻌﺭﻑ ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻤﻘﺩﺍﺭ ﻨﻔﺴﻪ .. ﻭﻴﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺩﻭﺭ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻤﻊ ﺃﻨﻬﻡ ﻗﺩ ﺘﺭﺒﻭﺍ ﻭﺘﺩﺭﺒﻭﺍ
ﻓﻲ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺃﻗل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ..ﻭﻗﺩ ﺘﺭﻜﻭﻫﺎ ﺃﻭ ﻓﺼﻠﻭﺍ ﻤﻨﻬﺎ ﻟﻴﺱ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﺨﺘﻼﻓﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻴﻬﺎ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﻋﺩﻡ ﻤﻘﺩﺭﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﺤﺘﻰ ﻤﺠﻼﺩ ﺸﻲﺀ ﻓﻴﻬﺎ . ﺍﻟﺠﺩﻴﺭ ﺒﺎﻟﻘﻭل ﺃﻴﻀﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻨﺎﻗﺸﻪ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺘﺠﻨﺒﻭﺍ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻪ ،ﺇﻥ
ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻟﻡ ﻴﻨﺘﻘﺩ ﻋﻴﺩ ﻜﺸﺨﺹ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﺎﺠﻡ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﻋﻥ ﺍﻥ " ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ..ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﻡ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ " ..ﻓﻬل ﺘﺭﻴﺩ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ
ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ؟ ﻭﻫل ﻓﻬﻤﻭﺍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ؟! ..ﺇﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻗﺩ ﻓﻬﻤﻭﺍ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺤﺎﻟﻭﺍ ﻤﻊ ﻜل ﻤﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺂﻤﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻤﺔ ،ﻭﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻔﻬﻤﻭﺍ ﻗﺘﻠﻙ ﺍﻟﻁﺎﻤﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ! ﺨﺼﻭﺼﺎ ﻭﺃﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻴﺠﺎﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﺎ ﺍﺩﻋﺎﻩ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻴﺩ ،ﺍﻟﺫﻱ " ﻴﺩﺍﻓﻌﻭﻥ " ﻋﻨﻪ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﻋﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ .
231
"ﺨﻴﺎﺭ ﻭﻓﻘﻭﺱ" ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺒﻘﻠﻡ :ﻤﺤﻤﺩ ﺩﻴﻭﺏ *
ﺜﻤﺔ ﺘﻼﺯﻡ ﺃﻭ ﺠﺩل ﻤﺴﺘﻤﺭ ﻭﺩﺍﺌﻡ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﻀﺩﺍﺩ ،ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﻴﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺯﻟﺔ ﻭﺍﻹﻗﺼﺎﺀ ،ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻔﻲ ﻭﺍﻹﻟﻐﺎﺀ ..ﺘﻠﻜﻡ ﻫﻲ ﺴﻨﺔ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﺤﻕ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﻭﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ
ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﺒل ﺤﻴﺙ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ..ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﺨﻴﺭ ﺒﺎﻟﺸﺭ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﻬﺩﻱ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺼﺔ ﺍﻟﺨﻠﻕ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﺌﻌﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ .ﻭﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﺘﹸﺭﻙ ﺍﻟﺸﻴﻁﺎﻥ ،ﺒل ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻴﻪ ﻤﻊ ﻗﺩﺭﺓ ﻜﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﻓﻨﺎﺌﻪ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ؟! ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﻓﻠﻴﺘﻔﻜﺭ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻭﻥ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺩﻴﻪ ﻓﻠﻴﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻤﻭﺭ. ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻡ ﻭﺴﺎﺩ ﺃﻭ ﻤﻸ ﺠﻬﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻷﺭﺒﻊ ﺒﻭﺠﻭﺩﻩ ،ﺫﻟﻙ
ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺨﺫ ﺒﻬﺎ ﻨﻬﺠﹰﺎ ﻭﺴﻠﻭﻜﺎﹰ ،ﻭﺍﻨﻜﻔﺄ ﺃﻭ ﺘﺨﻠﻑ ﻤﻥ ﻤﻨﻌﻬﺎ ،ﻭﻟﻥ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺩﺤﺭﻫﺎ ..ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻟﻴﺱ ﺃﻤﺭﹰﺍ ﻴُﻌﺘﺩ ﺒﻪ ﻜﺜﻴﺭﺍﹰ ،ﺃﻥ ﻴُﺤﺎل ﻜﺎﺘﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﻻ ﺃﻥ ﻴُﺤﻜﻡ ﻭﻴُﺴﺠﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺃﻭ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ )ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ( .ﺇﺫ ﺘﺩل ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺭﻫﺎﺏ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﺘﻌﻜﺱ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﻭﺍﻟﺨﻭﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﻜﺒﺔ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺼﺭ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ﺍﻟﺘﻭﺍﻜﺏ ﻤﻊ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺘﺼﺎﻋﺩﺓ ،ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ،ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺭﻗﻲ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ..ﻭﻟﻥ ﺘﻘﻠﻊ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻤﺎ
ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﻭﻟﻥ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ،ﻜل ﺍﻟﺯﻻﺯل ﻭﺍﻟﻌﻭﺍﺼﻑ ..ﺤﺘﻰ ﻭﻻ ﻜل ﻤﺎ ﺤل ﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﻜﻭﺍﺭﺙ ﻼ( .ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﺼﻴﹰﺎ ﺘﻌﻴﻕ ﻋﺠﻠﺔ ﻭﻓﻭﺍﺠﻊ )ﻟﻥ ﺘﺠﺩ ﻟﺴﻨﺔ ﺍﷲ ﺘﺒﺩﻴ ﹰ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻨﺩﻓﺎﻋﻬﺎ )ﻭﻻ ﺃﻗﻭل ﺤﺭﻜﺘﻬﺎ( ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺎﻡ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺼﻴﺭﻭﺭﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﺤﻭﺍﻫﺎ ﻭﻤﺒﺘﻐﺎﻫﺎ. ﻭﻻ ﻴﻅﻨﻥ ﺃﺤﺩ ﺃﻨﻨﻲ ،ﺇﻨﻤﺎ ﺃﻋﻨﻴﻪ ،ﺇﺫ ﻴﺘﻌﺎﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ﻋﻥ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﺘﺭﻗﻰ ﺃﺸﺨﺎﺼﻬﻡ )ﻭﻋﻴﹰﺎ ﻭﺴﻠﻭﻜ ﹰﺎ( ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻘﺒﻭل ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ،ﻓﻜﻴﻑ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ؟! ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺩﻋﻭﺓ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻭﻭﺍﻀﺤﺔ ﺃﻥ ﻴﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻜل ﺇﻨﺴﺎﻥ ﻻ ﻜل ﺍﻟﺒﺸﺭ ،ﻟﻘﻁﻊ
ﺩﺍﺒﺭ ﺍﻟﺘﺨﻠﻑ ﻓﻲ ﻤﻁﻠﻕ ﺍﻹﺤﺎﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ..ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺠﻤﻭﺩ ،ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺒﺭﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ ﻭﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ،ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﻨﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺠﻬﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻁﺭﺴﺔ .ﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ ﺸﺩﻴﺩ ،ﺃﻥ ﻨﻘﺎﻭﻡ ،ﻭﺒﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻭﺍﻟﻘﺩﺭﺍﺕ ،ﻜل ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
ﻭﻟﻴﺱ ﻫﺫﺍ ﺘﻠﺨﻴﺼﹰﺎ ﺃﻭ ﺍﺨﺘﺼﺎﺭﹰﺍ ﻟﻤﺄﺯﻕ ﺃﻭ ﺘﻭﺭﻴﻁ ﺍﻟﺴﻴﺩ "ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ" -ﻋﻀﻭ
ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،-ﺒل ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺃﻤﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺒﻭﺍﺏ ﺍﺴﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ..ﻭﻋﻠﻰ ﺨﻼﻑ ﻤﻊ ﻓﻬﻡ ﺃﻭ ﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ "ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ
232
ﺼﺎﻟﺢ" ،ﺇﺫ ﻴﺭﻯ ،ﻓﻲ ﻗﻭل ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻤﺩﻴﺤ ﹰﺎ ﻟﻠﺩﻜﺘﻭﺭ "ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ" ﺒﻤﻭﺍﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﺍﻟﺠﺩﺍﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﻭﺍﻟﺩﺭﺍﻴﺔ -ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﻌﻴﻴﻨﻪ "ﻋﻤﻴﺩﹰﺍ ﻟﻜﻠﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ" ﻭﻓﻲ ﺍﺴﺘﻘﺒﺎﻟﻪ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﺌﻴﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ..ﺇﻟﺦ )ﻭﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻤﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺘﻜﺭﻴﻡ(.
ﻋﻠﻰ ﺨﻼﻑ ﻤﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﻬﻡ ،ﺃﺘﻠﻤﺱ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ - ﻏﺎﻟﺒﹰﺎ -ﻤﺎ ﻴﻠﻘﻲ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﻫﺏ ﺍﻟﻨﻔﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺼﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺯﻴﺔ .ﻭﻻ ﺒﺩ
ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﺘﻜﺭﻴﻡ )ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻨﺘﻬﺎﻩ( ﻻ ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﻭﻉ ﻋﻨﺩ ﻤﻁﺏ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻉ ﻭﺍﻻﺭﺘﺯﺍﻕ ،ﺃﻭ ﻓﻲ ﺸﺭﻙ ﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺯ ﻭﺍﻟﻭﺼﻭل .ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻘﺒﻠﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ "ﺩﻟﻴﻠﺔ" ،ﻭﻟﻌﻠﻪ ﺭﻓﻀﻪ ﺒﺈﺒﺎﺀ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺤﻅﻲ "ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻜﺭﻴﻡ" ،ﻓﻠﺭﺒﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﻨﻔﺴﻪ ﻏﻴﺭ ﺠﺩﻴﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺤﻅﻭﺓ ،ﺃﻭ ﺃﻨﻪ ﺁﺜﺭ
ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺒﻌﻴﺩﹰﺍ ﻋﻥ ﺍﻨﺘﻬﺎﺯ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻭﺍﺴﺘﻐﻼﻟﻬﺎ .ﻭﻟﺭﺒﻤﺎ ،ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻭﺒﺩﺍﻓﻊ ﺍﻟﺼﺩﻕ ﻭﺍﻟﻭﻓﺎﺀ ﻭﺍﻷﻤﺎﻨﺔ
"ﻓﺎﻟﺭﺍﺌﺩ ﻻ ﻴﻜﺫﺏ ﺃﻫﻠﻪ" ﻴﻘﺭﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ "ﺩﻟﻴﻠﺔ" ﺃﻥ ﻴﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺨﻠﺹ ﺍﻷﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻭﻓﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺫﻯ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩ ﻴﻠﺤﻕ ﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺙ ﻭﺍﻹﺼﻼﺡ. ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻴﺠﺩﺭ ﺒﻲ ﺍﻟﺘﺫﻜﻴﺭ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻭﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻴﺨﺒﺭﻨﺎ ﻋﻥ ﺘﺭﻑ ﻭﺒﺫﺥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺨﻼﻓﺔ ﻭﻤﺎ ﺁﻟﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺤﺎل ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻤﻥ ﻨﻌﻤﺎﺀ ﺒﻼﻁﻬﺎ ﻭﻓﺠﻭﺭ ﺤﻭﺍﺸﻴﻬﺎ ﻭﺃﺯﻻﻤﻬﺎ.
ﺃﻗﻭل :ﺭﺒﻤﺎ ﺁﺜﺭ ﻋﺎﺭﻑ ،ﻭﺒﻌﻴﻥ ﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺜﺎﻗﺒﺔ ﺃﻥ ﻻ ﻴﺸﻴﺭ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﺃﻥ ﻴﻔﻀﺢ ﺍﻷﺨﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻴﻕ ﺒﺎﻟﻭﻁﻥ ﻭﺒﺎﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ﻤﻥ ﻁﻐﻤﺔ ﻓﺎﺴﺩﺓ ﺃﺸﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺼﺤﻴﻔﺔ "ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ" ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ -ﺒﻌﺩﺩﻫﺎ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ١٤ﺘﻤﻭﺯ - ٢٠٠٢ ﺤﻴﺙ ﻴﻘﻭل ﺒﺎﻟﺤﺭﻑ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ "ﻴﺒﻘﻰ ﻟﻭ ﻨﺴﺄل ،ﻫل ﺃﺼﻠﺤﻨﺎ ،ﻤﺴﺒﻘﺎﹰ ،ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﺕ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻭﺼل ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻤﻥ ﺨﻠل ﺒﺎﺕ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﻤﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﺼﻼﺡ؟ ..ﺃﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ
ﻭﺍﻹﻓﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻤﺜﻼﹰ؟ ﻭﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﻬﺩﺭ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺁﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﻤﺜﻼﹰ؟ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﺤﻜﺎﻡ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻗﻁﺎﻉ ،ﻭﺸﻴﻭﻉ ﺍﻟﻤﺤﺴﻭﺒﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺤﺯﺒﻲ ﻭﺭﻭﺍﺒﻁ ﺍﻟﻘﺭﺍﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﺌﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻫﺭﺓ ﻭﺘﻔﻀﻴل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﻭﺍﺒﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺒﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻭﻓﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻁﻤﻭﺤﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺠﺩﻭﻥ ﺃﻴﺔ ﻓﺭﺼﺔ ﻤﺘﺎﺤﺔ ﻟﻭﻀﻊ ﻜﻔﺎﺀﺍﺘﻬﻡ ﻭﺼﻔﺎﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻱ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻷﻨﻬﻡ ﻻ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﻭﻻ ﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺯﺒﻲ ﻭﻻ ﺍﻟﻘﺭﺍﺒﺔ ﺍﻟﺴﻌﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﻌﺩﺓ ..ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺤﺎﻻﺕ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻐﻼل
ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﻭﻤﻥ ﻴﻠﻭﺫ ﺒﻬﻡ ﻤﻥ ﺃﻫل ﻭﺃﻗﺭﺒﺎﺀ ﻭﻤﺤﺎﺴﻴﺏ ﻭﺒﻠﺩﻴﺎﺕ ﻤﻤﻥ ﻋﻜﻔﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺩﻤﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﺃﺒﺸﻊ ﺍﺴﺘﻐﻼل ﻤﻥ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺒﺎﻻﻟﺘﻔﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺘﺤﺕ ﺴﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺃﺤﺯﺍﺒﻬﺎ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺘﻬﺎ ﻜﺎﻓﺔ ،ﻭﺒﺠﺭﺃﺓ ﺘﺼل ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﻭﻗﺎﺤﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﻬﺘﺎﺭ ﺒﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ، ﻭﻴﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺃﺸﺨﺎﺹ ﺃﺼﺒﺤﻭﺍ ﻤﻌﺭﻭﻓﻴﻥ ﻤﺸﻬﻭﺭﻴﻥ ."..ﺜﻡ ﻴﺘﺎﺒﻊ ﻓﻲ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺍﻁﺅ "ﻓﺎﻟﺘﻜﻴﻑ
ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻨﻜﻴﻑ ﺃﻭﻀﺎﻋﻨﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺃﻱ ﺃﻥ ﻨﺒﺩل ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺘﻨﺴﺠﻡ ﻤﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻵﺨﺭ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻪ ﺍﻻﺴﺘﻐﻼﻟﻴﺔ ..ﺃﻱ ﺃﻥ ﺘﻌﺎﺩ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻨﺎ … ﻟﻴﻨﺴﺠﻡ ﻤﻊ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﺃﻱ 233
ﻤﻊ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕ ..ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺃﺠﺩﻫﺎ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻨﻴﺎﺕ ﻻ ﺃﻗﻭل ﺇﻨﻬﺎ ﺨﺒﻴﺜﺔ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻫﻲ ﺩﻋﻭﺓ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻨﻔﺘﺎﺤﻴﺔ ﻤﺭﻋﺒﺔ ) "..ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺍﻻﻗﺘﺒﺎﺱ(. ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﻭل ﺇﻟﻰ ﺘﻌﻠﻴﻕ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺤﻀﺭﻨﻲ ﻗﻭل ﺍﻟﺸﺎﻋﺭ "ﻻ ﺘﻨﻪ ﻋﻥ ﺨﻠﻕ ﻭﺘﺄﺕ ﻤﺜﻠﻪ"،
ﻭﻤﻥ ﺫﺍ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺫﺍﻜﻰ؟ )ﻤﻊ ﺃﻥ ﻟﻌﺒﺔ ﺍﻟﺘﺫﺍﻜﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﻫﻨﺎ( ..ﻭﺃﻴﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻗﻭﺍل ﻤﻥ ﺭﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ "ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ" ﺒﺸﺄﻥ ﺴﻤﻌﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺤﺭﻤﺘﻬﺎ؟ ﻭﻋﻥ ﺃﻱ ﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺃﻴﺔ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﻴﺘﺤﺩﺙ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺒﺎﻉ ﺍﻟﻁﻭﻴل -ﻜﻤﺎ ﻴﺤﺏ ﺃﻥ ﻴﺼﻑ ﻨﻔﺴﻪ -ﻓﻲ ﺘﺴﻭﻴﻎ ﻭﺘﺒﺭﻴﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ،ﺃﺴﺎﺴﺎﹰ ،ﻋﻠﻰ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﻭﺍﻟﺜﻭﺭﺓ )ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺭﺠﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﻟﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺍﻟﺤﺯﺒﻲ( .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﻻ ﻴﺴﺘﻘﻴﻡ ﺇﻻ ﻋﻨﺩ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎﹰ،
ﻼ ..ﺤﺎﻀﺭﹰﺍ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒﻼﹰ ،ﺒل ﻭﻤﺎﻀﻴﹰﺎ ..ﻭﻷﻥ ﺇﺤﻀﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻤﺤﺎل ،ﻓﻼ ﺒﺩ -ﻋﻨﺩﺌﺫ ﻻ ﻭﻓﻌ ﹰ ﻗﻭ ﹰ -ﻤﻥ ﻨﻘﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺩﻯ ﻴﺒﻠﻎ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﻁﻬﺭ ﻤﻥ ﻋﻴﻭﺒﻪ ﻭﺃﺨﻁﺎﺌﻪ ..ﻭﻤﻥ ﺃﻤﺭﺍﻀﻪ ،ﺃﻭ ﻤﻥ
ﺘﺠﺎﻭﺯﻩ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻗل ﺘﻘﺩﻴﺭ ،ﻋﻨﺩ ﺍﻻﻨﻁﻼﻕ ﻤﻥ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ -ﺃﺨﺫﹰﺍ ﺒﺎﺩﻋﺎﺀ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ -ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﻤﻌﻴﻨﺔ )ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺭﺍﻫﻥ ﻤﺨﺎﻟﻑ ،ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺘﻭﺍﻓﻕ ﻭﺇﻗﺭﺍﺭ ﺩﻭﻥ ﻨﻘﺩ ﻭﺘﺤﻠﻴل ،ﻟﻴﺱ ﻤﺤﻠﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎ( ..ﻭﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺫﻜﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ
ﻤﺭﻓﻭﺽ -ﺒﺎﻟﻤﻁﻠﻕ -ﻭﺘﺤﺕ ﺃﻱ ﻤﺴﻤﻰ ،ﺤﺘﻰ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺴﻤﻰ "ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ..ﻭﻻ ﺸﻲﺀ ﻏﻴﺭ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ -ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ..ﺃﻨﻰ ﻴﻜﻭﻥ ﺘﻭﺍﺠﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ -ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﻭﺼﺎﻴﺔ ﻭﻻ ﺍﺴﺘﻌﻼﺀ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻘﻭﺍﺀ ،ﻤﻊ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﻻ ﻴﺘﺴﻊ ﻟﻠﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ )ﺩﻭﺭﻫﺎ ..ﻭﻅﻴﻔﺘﻬﺎ ..ﻭﺠﺩﻭﺍﻫﺎ ،ﺃﻭ ﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ..ﻭﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ..ﻭﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ( ﻭﻟﻴﺱ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻟﺘﻐﻨﻲ ﺒﺴﻤﻌﺘﻬﺎ ﻭﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ﻭﺤﺭﻤﺘﻬﺎ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻤﺸﻭﻫﹰﺎ ﻭﻤﺤﺭﻓﹰﺎ ﺃﻭ ﻤﺯﻭﺭﹰﺍ.
ﻭﻟﻌﻤﺭﻱ ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ "ﻋﻴﺩ" ﻭﺍﻀﺤ ﹰﺎ ﻭﻤﺤﺩﺩﹰﺍ ﻓﻲ ﻨﻘﺩﻩ )ﺃﻭ ﺘﻁﺎﻭﻟﻪ ﻜﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ( ﻋﻨﺩ ﺤﺩﻭﺩ ﺠﻬﺔ ﺃﻭ ﺠﻬﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﺜﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻨﻘﺩﻩ "ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺘﻁﺎﻭل" ﻻ ﺠﻬﺔ ﻭﻻ ﺃﺤﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺃﺠﻬﺯﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ .ﻓﻌﻥ ﺃﻴﺔ ﻫﻴﺒﺔ ﻭﺴﻤﻌﺔ ﻴﺘﺤﺩﺙ؟ ﻭﻫل ﻴﺤﻕ ﻟﻪ ﻤﺎ ﻻ ﻴﺤﻕ ﻟﻐﻴﺭﻩ؟
ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﺤﻀﺭﻨﻲ ﻤﻘﻭﻟﺔ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ "ﺨﻴﺎﺭ ﻭﻓﻘﻭﺱ" ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ
"ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ " ﺒﻌﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻟﻨﻔﺱ ﺴﺒﺏ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺯﻤﻼﺌﻪ ﻤﻥ ﺨﻤﺱ ﺇﻟﻰ ﺜﻼﺙ ﺴﻨﻴﻥ. ﻭﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻘﻭل ،ﺠﺎﺯﻤﺎﹰ ،ﺇﻥ ﺃﺤﺩﹰﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﻗﻭﻓﻴﻥ )ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﻻ ﻓﺭﻕ( ﻟﻡ ﻴﺒﻠﻎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻗﻭل ﻋﻠﻨﻲ ﻟﻪ ،ﻻﻜﺘﺎﺒﺔ ﻭﻻ ﺸﻔﺎﻫﺔ ،ﻭﺃﻤﺎ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺩﻭﺭ ﺃﻭ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻗﻴﺩ ﺍﻟﻜﺘﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ..ﻓﻬﺫﺍ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻅﻥ ﻭﺃﻋﺘﻘﺩ ،ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺸﺄﻥ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺒﺸﺭ ..ﻭﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﺒﺸﺭ ﺃﺭﺒﺎﺒ ﹰﺎ! ﻭﻻ ﺒﺩ
ﻤﻥ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻴﺫﻫﺏ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﺘﻬﺎﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭﻟﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﺠﺩ ﻓﻲ ﺭﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺩ )ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻘﻤﺔ ..ﺇﺫ ﻴﺤﺩﺩﻫﻡ ﻓﻲ 234
ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺒﺄﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ(؛ ﻴﺘﻬﻤﻬﻡ ﺒﺎﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻭﺍﻁﺅ ﻤﻊ ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻭﻤﺨﻁﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﺍ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﺘﻤﺸﻰ ﻤﻊ ﻤﻨﻁﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭل ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ،ﻭﺃﻗﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻋﻴﺩ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻵﺨﺭ ﻤﺩﺍﻥ .ﻭﻟﺴﺕ ﺃﺩﺭﻱ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻜﺫﻟﻙ ..ﻤﻭﻗﻔﹰﺎ ﻭﺴﻠﻭﻜﹰﺎ.
ﻭﺒﺎﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺜﻤﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺜﻘﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ "ﻋﻴﺩ" ﻭﺘﻔﺎﺅﻟﻪ ﺒﺎﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﺒﺔ ،ﺤﻴﺙ
ﻴﺴﺘﺠﻴﺭ -ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺘﻤﻨﻲ ﻭﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ -ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ،ﺇﺫ ﻴﺼﺩﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺭﺍﺭ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻴﻨﻬﻲ ﻓﺼﻭل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺤﻨﺔ -ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺴﻤﻴﻬﺎ "ﺘﻬﺭﻴﺠﹰﺎ" )ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻪ ﺍﻷﺩﺒﻲ ﻭﺍﻟﻔﻨﻲ ..ﺃﻱ ﺍﻟﺒﻼﻏﻲ( ﻭﻻ ﺃﻅﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻴﺠﺎﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﺼﻑ ﺍﻟﺒﻼﻏﻲ )ﻗﻴﺎﺴﹰﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ( ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﻤﻭﻗﻭﻓﻴﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﻗﺎﺴﻴﹰﺎ ﻭﻅﺎﻟﻤﺎﹰ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻻﺕ،
ﻼ "ﺇﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻋﺭﻕ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒل ﻭﺍﻟﻀﻭﺍﺒﻁ ﺃﻴﻀﺎﹰ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻴﻤﻀﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻗﺎﺌ ﹰ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺘﻤﺴﻜﺎ ﺒﺤﺭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺎﺘﻴﺭ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ،ﻻ ﺒﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﺠﺎﻭﺏ ﻤﻊ ﻤﺨﺎﻭﻑ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺇﺯﺍﺀ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ" .ﻭﻟﺴﺕ ﺃﺩﺭﻱ ﻤﺩﻯ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺃﻱ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﻫﻲ ﺍﻷﻋﺭﻕ ﺃﻭ ﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺒل ﻭﻤﺩﻯ ﺘﺤﺩﻴﺩﻩ ﻭﺇﺩﺭﺍﻜﻪ ﻟﻤﺨﺎﻭﻑ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ :ﺃﻴﻥ ..ﻭﻜﻴﻑ ..ﻭﻤﺘﻰ ..ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ؟ ﺒل ﻤﺎ ﻫﻭ ،ﺤﻘﺎ ﻭﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ؟
ﺒﻠﻰ ،ﻟﻘﺩ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﺒﺭﺭ ،ﻭﻟﺭﺒﻤﺎ ﺍﻟﻌﻜﺱ ،ﻓﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻤﻁﺏ ﺍﻟﺒﻼﻏﻲ .ﻟﻨﻘل ﺇﻥ
ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻟﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺒﻼﻏﺔ ﺍﻟﻭﺼﻑ ،ﺇﺫ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻭﻀﻴﺢ ﺍﻟﺩﻗﻴﻕ ﻭﺍﻟﻠﻁﻴﻑ ﻓﻲ ﻗﺴﻭﺘﻪ ﺍﻟﺭﻗﻴﻘﺔ ﻻ ﻴﺘﻌﺩﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺒﺎﻟﻭﺼﻑ ﺍﻟﻠﻔﻅﻲ ﻤﻘﺩﺍﺭﹰﺍ ﻜﺎﻓﻴ ﹰﺎ ﻟﻠﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﻭﻟﻠﺠﺯﺍﺀ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ..ﺇﻟﺦ .ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﺫﺭ ،ﻭﺒﺸﺩﺓ، ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺍﻟﻤﺤﺩﻕ ﺒﺎﻟﻭﻁﻥ ﻭﺒﺎﻟﻌﺭﺏ ﺃﺠﻤﻌﻴﻥ ،ﺤﻴﻥ ﻴﻔﻀﺢ ﺨﻁﻁ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻁﺭ
ﻭﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺘﻔﻜﻴﻙ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻭﺘﻤﺯﻴﻕ ﻭﺤﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻀﻴﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ
ﻭﺘﺒﺭﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻨﺎﺓ ،ﻭﻜﺫﺍ ﺍﺴﺘﻐﻼل ﺤﺎﺠﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﻤﺄﻨﻴﻨﺔ ﻭﺍﻟﺭﻀﻰ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻵﻤﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺭﺓ ..ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻌﺯﺓ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﻨﺴﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻌﺔ ﻭﺍﻹﺒﺎﺀ ﻭﺍﻻﻨﺘﻤﺎﺀ. ﻭﻻ ﺠﺩﺍل ﺤﻭل ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﺎﺴﻙ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺍﻟﻤﺤﻥ ﻭﺍﻟﺼﻌﺎﺏ ﻭﺍﻷﺨﻁﺎﺭ .ﻭﻫﺫﺍ ،ﺘﺤﺩﻴﺩﺍﹰ ،ﻤﺎ ﻴﻨﺸﺩﻩ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺒﺤﺭﺹ ﺸﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻭﺍﻗﻔﻪ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻩ ،ﻭﻋﻠﻰ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺤﻭ ﻴﺒﺭﺯ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻷﻫﻡ :ﻫل ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ،ﻨﺸﺩﺍﻨﹰﺎ ﻻﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﺤﻴﻁﺔ ﻭﺍﻟﺘﺩﺍﺒﻴﺭ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻴﺔ ،ﺃﻭ ﻗل ﺍﻟﺘﺤﺫﻴﺭ ﻤﻥ ﺘﻔﺸﻲ ﻤﺭﺽ ﻭﺒﺎﺌﻲ ..ﻫل ﻫﻭ ﺩﻋﻭﺓ ﻟﻠﻤﺭﺽ ﺃﻥ ﻴﺘﻔﺸﻰ؟ ..ﺃﻭ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل :ﺇﻥ ﺘﺤﺫﻴﺭﻩ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻫﻭ ﺩﻋﻭﺓ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﺸﺭﻱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺃﻥ ﻴﻌﻡ ﺍﻟﺒﺎﻁل ﻓﻲ ﻜل ﻤﻔﺎﺼل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺘﺤﺩﻴﺩﺍﹰ ،ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ؟ ﺃﻭ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻠﻭﻥ ﺍﻷﺴﻭﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﺍﻩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺤﻕ ﺤﻴﻥ ﺘﻘﺎل؟
ﻭﻋﻭﺩ ﻋﻠﻰ ﺒﺩﺀ ..ﻤﺎ ﺃﺤﺴﺏ ﺃﻥ ﺭﺠل ﺩﻭﻟﺔ ﻴﻘﺒل ﺃﻥ ﻴﻘﺎل :ﺇﻨﻪ ..ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻜﺭﻡ ﺍﻟﺘﻔﻭﻕ
ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﻴﻘﺩﺭ ﺍﻟﻤﻭﺍﻫﺏ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺍﺕ ﻤﻥ ﻤﻨﻁﻠﻕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﻤﺔ! 235
..ﻭﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻨﻔﺱ ﺃﺒﻴﺔ ﻭﻋﺯﻴﺯﺓ ،ﻭﻻ ﻟﺤﺎﻤل ﺭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﻫﻤﻭﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ )ﻟﻨﻘل ..ﺇﻨﻪ ﺩﻋﻲ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﻤﻠﻤﻭﺴﺔ ﻫﻲ ﻤﺤﻙ ﺍﻟﻤﻌﺩﻥ ﺍﻷﺼﻴل(؛ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻟﻬﻜﺫﺍ ﺸﺨﺼﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﻨﺘﻬﺯ ﻓﺭﺼﺔ ﻟﻘﺎﺀ ﻏﻴﺭ ﺨﺎﺹ ،ﻭﻻ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻐل ﻜﺭﻡ ﺍﻟﻭﻓﺎﺩﺓ ﻭﺤﺴﻥ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺃﻱ ﻤﻜﺴﺏ ﺸﺨﺼﻲ ،ﻜﻤﺎ
ﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ -ﺒﺎﻋﺘﺯﺍﺯ -ﺇﻟﻰ ﻤﻭﻗﻑ ﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ ﻭﻜﺒﺭﻩ ،ﻭﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺃﻤﺭ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺩﻟﻴﻠﺔ
ﺤﻴﺎل ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻤﻥ ﻤﺅﻫﻼﺘﻪ .ﻭﻟﺴﺕ ﺃﺩﺭﻱ ..ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺃﻥ ﻴﺭﻯ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺴﺎﻤﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻔﻴﺽ ،ﻜﻼ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻭﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﻋﺯﺓ ﻭﻜﺭﺍﻤﺔ؟ ﺃﻡ ﺇﻥ ﻫﻜﺫﺍ ﻗﻴﻤﹰﺎ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻟﻬﺎ ﺃﻱ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ..ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﻠﻌﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻭﺍﻟﺸﺭﺍﺀ؟ ..ﻭﺸﺘﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻨﺒﻴل ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻁﻨﺏ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﺘﻭﺼﻴﻔﻪ ،ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﻭﺘﻜﺭﻴﻡ ﺍﻹﺒﺩﺍﻉ،
ﻭﺒﺨﺎﺼﺔ ﺤﻴﺙ ﺃﺸﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺘﻜﺭﻴﻡ ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﻭﻨﻭﺱ ،ﻭﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﻤﺎﻏﻭﻁ ،ﻭﻨﺯﺍﺭ ﻗﺒﺎﻨﻲ )ﻭﻟﺭﺒﻤﺎ ،ﻋﻠﻰ
ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴُﺤﺎل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ..ﻭﺒﺨﺎﺼﺔ ،ﺇﺫ ﻴﺘﺠﺎﻫل ﺸﻌﺭﺍﺀ ﺍﻟﺒﻼﻁ(؛ ﺃﻗﻭل :ﺸﺘﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﻨﺒﻴل ﻭﺭﺅﻴﺔ ﻜﺭﻴﻤﺔ ﻭﻤﺘﻌﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺒﻴﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﻭﺭﺅﻴﺔ ﺘﻁﺭﺤﺎﻥ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻨﺨﺎﺴﺔ! ﺇﻨﻪ ﻟﻤﻨﻁﻕ ﻏﺭﻴﺏ ..ﻋﺠﻴﺏ ..ﻤﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻬﻡ ﻭﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﻭﺍﻷﻓﻕ ،ﺇﺫ ﻴﻔﻘﺩ ..ﺒل ﻴﻨﺴﻑ
ﻼ ﺃﻭ ﻤﻨﻁﻘﹰﺎ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﹰﺎ ﻭﻭﺍﻗﻌﻴﺎﹰ ،ﻭﻟﻥ ﺃﻀﻴﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺸﻴﺌﺎ ،ﻓﻠﻌﻠﻪ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ -ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻓﻌ ﹰ ﻴﻜﻔﻲ! ﻭﻟﻜﻥ ،ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻻﺭﺘﻘﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﺭﺹ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻭﺍﻹﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺘﺭﺴﻴﺦ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻼﻤﺔ ﻜل ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺍﻟﻌﺎﻤل ﺍﻟﺤﺎﺴﻡ ،ﺒل ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻷﻤﻀﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺩﻱ ﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﻤﺨﻁﻁﺎﺕ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ )ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻴﺭﻴﺩﻩ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ(. • ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ ١٣ -ﺘﺸﺭﻴﻥ ﺍﻷﻭل ٢٠٠٢
236
ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﻭﺜﺎﺌﻕ -ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ ﺒﻼﻍ – ﻟﺠﺎﻥ ﺍﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻤﺩﻨﻲ :ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭ ﺘﺤﺭﻴﺽ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﻀﺩ
-١ ﻋﻴﺩ -٢
ﻨﺎﺌﺏ ﺴﻭﺭﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﻜﺎﺘﺏ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ – ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ
-٣
ﺍﻟﺘﺤﺫﻴﺭ ﻤﻥ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺎﺭﻱ ..ﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ – ﻤﻨﺫﺭ
-٤
ﻤﻭﺼﻠﻲ
-٥
ﻜﻴﻑ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﻗﺎﻨﻭﻥ ..ﺃﻟﻐﺎﻩ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ – ﺒﻠﻨﺩ ﺤﺴﻥ
ﺒﻴﺎﻥ ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻭﺼﻠﻠﻲ
ﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻴﺩﻋﻭﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ
-٦
ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻭﻁﻨﻲ ﺃﻡ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺃﺨﻭﺍﻨﻲ -ﻤﻬﻨﺩ ﺩﻤﺸﻘﻲ – ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ /١٠/٢٤-١٨
-٧ ٢٠٠٢ -٨ -٩
ﺤﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ..ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺼﻤﻭﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺼﻼﺒﺘﻬﺎ ؟ - ﺍﻟﻤﻬﻨﺩﺱ ﺴﺎﻫﺭ ﻗﺒﻼﻥ
ﺼﻼﺡ ﺒﺩﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ :ﺒﻨﺩ ﺠﺩﻴﺩ ﺇﻟﻰ ...ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ
237
) ﺒﻼﻍ ( ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ٢٠٠٢/٨/٣١ﻋﻘﺩﺕ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﺎ ،ﻨﺎﻗﺸﺕ ﻓﻴﻪ ﺒﻌﺽ
ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﻬﺎ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻟﺤﺼﻴﻠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﻴﻥ ،ﻭ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺨﺎﺼﺔ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺘﻌﺴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺼﺩﺭﺕ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﻴﻥ ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ،ﻭﺘﻁﺭﻗﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺴﺘﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺯﺍﻴﺩﺓ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺨﺫ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﺎﺸﻁﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﻴﻥ ، ﻭﻋﺒﺭﺕ ﻋﻥ ﻗﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻻﻻﺕ ﻭﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻭﺍﻻﺴﺘﺩﻋﺎﺀﺍﺕ .
ﻭﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺱ ﺒﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻨﺎﻗﺵ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻤﻘﺎل
ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ ﺼﺤﻴﻔﺔ " ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ " ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ) ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒـ"ﺇﻋﺩﺍﻤﻙ " ( ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ ، ٢٠٠٢/٨/٧ﻭﺭﺩ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ) ﺃﺩﻋﻭ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ( ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ . ٢٠٠٢/٨/٢٢
ﻭﺘﻭﻗﻔﻭﺍ ﻋﻨﺩ ﺍﻨﺤﺩﺍﺭ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻓﻲ ﺭﺩ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﺨﻁﻴﺭ ﻓﻲ
ﻟﻬﺠﺘﻪ ،ﻤﻤﺎ ﻴﻨﺫﺭ ﺒﺂﺜﺎﺭ ﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺨﻼﻕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﻓﻴﻪ ﺃﻴﻀﺎ ؛ ﺇﻥ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺎﺯﺍل ﻴﻨﻁﻠﻕ ﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ – ﻭﺇﻥ ﻴﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﺼل ﻗﺩﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻤﻨﻁﻘﺘﻨﺎ – ﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺩﻭﻤﺎ ﺃﻓﺩﺡ ﺍﻷﺜﺭ ﻋﻠﻰ ﺤﻴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﻴﺠﺏ ﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺀ ﻤﻨﻬﺎ ﺒﻼ ﺭﺠﻌﺔ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺠﺏ
ﺇﺤﺎﻟﺔ ﺘﺭﺴﺎﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺩﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺘﺤﻑ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻋﻠﻰ ﺃﻤل ﺃﻥ ﺘﺘﻌﺭﻑ ﺍﻷﺠﻴﺎل ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﻻ ﺘﻘﻊ ﻓﻲ ﻓﺨﻬﺎ ،ﻤﺜﻠﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﺁﺒﺎﺅﻫﺎ ﻭﺃﺠﺩﺍﺩﻫﺎ . ﻭﺯﺍﺩ ﻤﻥ ﻗﻠﻘﻨﺎ ﺃﻥ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ﻻ ﻴﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ﺒل
ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﻴﺈﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺍﻟﻤﺴﺒﻕ ﺒﺄﻨﻪ ﺴﻭﻑ ﻴﺤﺎل ﺇﻟﻴﻪ ﺤﺘﻤﺎ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺒﻴﻥ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﻁﻠﻕ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﺃﻏﺭﺍﺽ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﻋﻴﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻴﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﻻ ﺘﺸﻜل ﺘﻬﻤﺔ ﺒﺎﻷﺴﺎﺱ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺤﻕ ﻁﺒﻴﻌﻲ ﻟﻺﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ،ﺘﻜﻔﻠﻪ ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ،ﻤﺜﻠﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻌﻪ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺨﻀﻊ ﻟﻠﻨﻘﺎﺵ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ﻭﺍﻻﺘﻔﺎﻕ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺅﺩﻱ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺘﻬﻡ ﻭﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﻭﺇﺤﺎﻻﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ .
238
ﻭﻷﻥ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﻋﺸﻴﺭﺓ ﺃﻭ ﻜﻨﻴﺴﺔ ﺘﺼﺩﺭ ﺼﻜﻭﻙ ﺍﻟﻐﻔﺭﺍﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺭﻤﺎﻥ ،ﺒل ﻫﻲ ﺘﺠﻤﻊ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺃﺤﺭﺍﺭ ﻴﺤﺭﻜﻬﻡ ﻭﻴﺅﺴﺱ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻬﻡ ﻭﻋﻴﻬﻡ ﻭﻀﻤﻴﺭﻫﻡ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻬﻡ ﻭﺍﻨﺘﻤﺎﺅﻫﻡ ﻟﻠﻭﻁﻥ ﻭﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﻠﻔﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺯﻟﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺤﺩﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺴﻴﺩ
ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺭﺩﻩ ،ﻭﻴﺫﻜﺭ ﺒﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺴﺒﺔ ﺍﻟﻌﺘﻴﻕ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻭﻤﺎﺯﺍل ﻜﺎﺒﻭﺴﺎ ﺜﻘﻴﻼ ﻴﻘﺘل ﺍﻟﻌﻘﻭل ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺒﺩﻋﺔ ،ﻭﺴﻴﻔﺎ ﻤﺸﻬﻭﺭﺍ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ . ﻟﺫﺍ ،ﻨﺴﺘﻨﻜﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻜﻭﺹ ﺇﻟﻰ ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ﻭﺍﻟﺘﺠﺭﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﻜﻔﻴﺭ ،ﻭﺍﺴﺘﻌﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﻭﻨﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻻ ﻴﺨﺹ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻭﺤﺩﻩ ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﻫﻭ ﻴﻬﻡ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ، ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻤﻨﻬﻡ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻨﺸﻁﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﻴﻥ ﻭﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻊ
ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﻭﺍﻋﻴﺔ ،ﺍﻟﺤﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ ،ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺒﺩﻓﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺫﻫﻨﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺒﺩ . ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ
ﺩﻤﺸﻕ ﻓﻲ ٢٠٠٢/٩/٥
ﺴﻤﻴﺭ ﺍﻟﻨﺸﺎﺭ ،ﻤﺸﻌل ﺍﻟﺘﻤﻭ ،ﻓﻴﺼل ﻴﻭﺴﻑ ،ﻴﻭﺴﻑ ﻤﺭﻴﺵ ،ﻋﺒﺩ ﺍﷲ ﺨﻠﻴل ،ﻴﻭﺴﻑ ﺴﻠﻤﺎﻥ ، ﻤﻌﺎﺫ ﺤﻤﻭﺭ ،ﺼﺎﺩﻕ ﺠﻼل ﺍﻟﻌﻅﻡ ،ﻤﻴﺔ ﺍﻟﺭﺤﺒﻲ ،ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ،ﺃﺴﺎﻤﺔ ﻋﺎﺸﻭﺭ ، ﻨﺠﺎﺘﻲ ﻁﻴﺎﺭﺓ ،ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺠﻭﻨﻲ ،ﺃﺼﻼﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ،ﺇﻴﻤﺎﻥ ﺸﺎﻜﺭ ،ﺴﺎﻤﺭ ﺍﻟﻌﻁﺭﻱ ،ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ ،ﻨﺫﻴﺭ ﺠﺯﻤﺎﺘﻲ ،ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ
239
ﻨﺎﺌﺏ ﺴﻭﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﻜﺎﺘﺏ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ * ﺩﻋﺎ ﻨﺎﺌﺏ ) ﺒﻌﺜﻲ ﺴﺎﺒﻕ ( ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒﺘﻬﻡ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻻﺴﺎﺀﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺤﺯﺏ " ﺍﻟﺒﻌﺙ " ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﺠﻬﺎﺕ ﺃﺠﻨﺒﻴﺔ .
ﻭﻗﺎل ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻟـ"ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " " :ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻱ ﻨﺎﺌﺒﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺃﺩﻋﻭ ﻭﻻ ﺃﺩﻋﻲ ،ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻪ ﻓﻲ ﻤﺎ ﺫﻫﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﺘﻬﺎﻡ ﻟﺸﺒﺎﺒﻨﺎ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﺅﻴﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻟﻜﻭﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﺔ ﺍﻟﺘﺩﺨﻼﻟﺨﺎﺭﺠﻲ
ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻤﻨﻪ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻟﺘﺤﺭﻴﻀﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻋﻠﻨﺎ ".
ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻴﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺎل ﻜﺘﺒﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﺼﺤﻴﻔﺔ " ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﻭﻤﻭﻗﻊ "ﻤﻭﺍﻁﻥ" ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ " ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ " ﺒﻌﺩ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺤﻜﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺒﺎﻟﺴﺠﻥ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﺠﺎﺀ ﻓﻴﻪ " :ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺘﻠﻘﻴﺕ ﺍﺘﺼﺎﻻ ﻫﺎﺘﻔﻴﺎ ﻤﻥ ﻤﺠﻬﻭل ﻗﺩﺭﺕ ﺃﻨﻪ ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺼﺤﻔﻴﺎ ،ﻴﺴﺄﻟﻨﻲ :ﻫل ﺴﻤﻌﺕ ﺒﺎﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺼﺩﻴﻘﻙ ؟ ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﻠﺕ :ﻨﻌﻡ ،ﻗﺎل ﺴﺎﺨﺭﺍ ﺸﺎﻤﺘﺎ :ﺃﻻﺯﻟﺕ ﻤﺘﺤﻤﺴﺎ ﻭﻤﺼﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭﻙ ﺍﻟﺭﺍﻓﻀﺔ ﻷﻱ
ﺘﺩﺨل ﺨﺎﺭﺠﻲ ﻓﻲ ﺸﺄﻨﻙ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ؟! " . ﻭﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﻌﺜﻲ ﺴﺎﺒﻕ ﺘﺴﻠﻡ ﻤﻨﺎﺼﺏ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﻭﺭﺴﻤﻴﺔ ﻋﺩﺓ ،ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻤﺩﻴﺭ ﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺃﻤﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﻗﺒل ﻟﺠﻭﺌﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﻅﻡ ﺤﺯﺒﻴﺎ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻨﻔﺴﻪ " ﻤﻨﺘﻡ ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﺙ " ،ﻭﺩﺨل ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺴﻨﺔ ، ١٩٩٨ﻭﻗﺎل ﺃﻤﺱ " :ﺍﻨﻨﺎ ﻨﺴﺘﻨﻜﺭ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻻﺠﻨﺒﻴﺔ ﺩﻋﻭﺘﻬﺎ ﻟﺘﺄﻴﻴﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻨﺴﺘﻨﻜﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻭﻨﺘﻬﻤﻬﺎ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﻓﻜﻴﻑ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﻴﻨﺸﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﺨل ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ؟ " . ﻻﻓﺘﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋﻴﺩ " ﺘﻌﺭﺽ ﺃﻴﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ٨ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻗﺭ ﺒﺎﺴﺘﻔﺘﺎﺀ ﻋﺎﻡ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻪ ﺘﻌﺭﺽ ﺇﻟﻰ ﻤﺠﻠﺱ
ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻨﺎ ﻋﻀﻭ ﻓﻴﻪ ،ﺃﻱ ﺃﻨﻪ ﺍﺭﺘﻜﺏ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻜﻡ ﺒﻤﻭﺠﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ". ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﺃﻨﻭﺭ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﻗﺎل ﻟـ"ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " " :ﺃﺴﺘﻐﺭﺏ ﺃﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻤﻥ ﻨﺎﺌﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺍﻨﺘﺨﺏ ﻜﻲ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺍﻱ ﻭﻟﻴﺱ ﻗﻤﻌﻬﺎ !" ،ﻭﻗﺎل ﺇﻥ ﻜﻼﻡ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ " ﻟﻡ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﺃﻱ ﺠﺭﻴﻤﺔ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻷﻨﻪ ﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻴﻨﺎﺱ ﺍﺘﺼﻠﻭﺍ ﺒﻪ ،ﻫﻭ ﻟﻡ ﻴﺩﻓﻊ ﻟﻼﺴﺘﻌﺎﻨﺔ ﺒﺎﻟﺠﻬﺎﺕ
ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ،ﺒﻸﻨﻪ ﺤﻤل ﺠﻬﺎﺕ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻔﺎﻉ ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺭ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﻟﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﺇﻻ ﻋﻥ 240
ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ " ،ﻭﺃﻀﺎﻑ " :ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺸﺨﺹ ﻴﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻤﺠﺭﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭﻩ ﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ " . ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﺤﻜﻤﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ
،ﻭﺃﺨﺭﻯ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺤﻜﻤﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻭﻓﻴﻥ ﺒﺘﻬﻡ ﺘﺘﻌﻠﻕ ﺒـ" ﺇﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻌﺭﺍﺕ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ " ﻭ " ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﻬﺩﻑ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ " ﻭ " ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﺼﻴﺎﻥ ﻤﺴﻠﺢ " ،ﻤﺎ ﺃﺩﻯ ﺇﻟىﺴﺠﻥ ﻜل ﻤﻨﻬﻡ ﻟﻤﺩﺩ ﺘﺘﺭﺍﻭﺡ ﺒﻴﻥ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻭﻨﺼﻑ ﺍﻟﺴﻨﺔ ..ﻭﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ . • ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ
• ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – ٢٠٠٢/ ٨ / ٢٤
241
ﺍﻟﺘﺤﺫﻴﺭ ﻤﻥ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺄﺭﻱ ...ﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ؟ ﻨﺸﺭﺕ ﺠﺭﻴﺩﺘﻜﻡ ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻤﺔ ﻭﺍﻟﻭﺍﺴﻌﺔ ﺍﻻﻨﺘﺸﺎﺭ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ٢٠٠٢/٨/ ٢٤ ، ١٤٤٠١ ﺍﻟﺠﺎﺭﻱ ﺨﺒﺭﺍ ،ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " :ﻨﺎﺌﺏ ﺴﻭﺭﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﻜﺎﺘﺏ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ " ،ﻭﻫﻲ ﻜﺘﺎﺒﺔ ﻤﺴﺘﻨﺩﺓ ﻟﻤﺭﺍﺴﻠﻜﻡ ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺒﻕ ﻟﻪ ﺃﻥ
ﺍﺘﺼل ﺒﻲ ﻤﺴﺘﻔﺴﺭﺍ ﻋﻥ ﺒﻌﺽ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻤﺘﺼل ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ،ﻭﺍﺘﻔﻘﺕ ﻤﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻴﻌﺎﻭﺩ ﺍﻻﺘﺼﺎل ﺒﻲ ﻋﻘﺏ ﺼﻭﻍ ﺭﺴﺎﻟﺘﻪ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺨﺼﻭﺹ ،ﻭﺒﺫﻟﻙ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻠﺘﺯﻤﺎ ﺃﺩﺒﻴﺎ ﺒﺎﻥ ﻴﺄﺨﺫ ﻤﻭﺍﻓﻘﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻨﺹ ﺍﻟﺭﺴﺎﻟﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻔﻌل . ﻭﺇﺫ ﺍﻁﻠﻌﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﺍﻟﺨﺒﺭ ،ﻜﻤﺎ ﻨﺸﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﺘﺎﻜﺩ ﻟﻲ
ﺒﺄﻨﻪ ﻓﻀل ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺩ ﺒﺎﻟﻨﺹ ﻭﺒﺎﻻﻟﺘﻔﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺒﺭ ﻓﺠﻌﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ " ﻻ ﺘﻘﺭﺒﻭﺍ ﺍﻟﺼﻼﺓ " ﻭﻗﺩ ﺍﺠﺘﺯﺃ ﻤﺎ ﺍﺠﺘﺯﺃ ﺤﺘﻰ ﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺒﺩﻭ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﺃﻨﻨﻲ ﺃﺘﺠﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ،ﻭﺍﺴﺘﻌﺎﻥ ﺒﺎﺤﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ ﻟﻴﺩﻋﻡ ﻏﺎﻴﺘﻪ ،ﻜﻤﺎ ﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﺒﺩﻭ ﻭﻜﺄﻨﻲ ﺃﻋﺎﺩﻱ ﺸﺨﺼﺎ ﺒﺭﻴﺌﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺍﻏﻔﺎل ﺃﻭ
ﺍﺠﺘﺯﺍﺀ ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺍﻷﺴﺎﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺘﺒﻬﺎ ﻫﺫﺍ " ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ " ﻭﻴﺅﻴﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻟﺘﺒﺩﻴل ﺃﻨﻅﻤﺘﻪ .
ﻜﻤﺎ ﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﺄﻨﻪ ﻴﺅﻴﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻤﻤﺎ ﺩﻋﺎﻨﻲ ﻟﻠﺭﺩ
ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ " ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﻤﻁﺎﻟﺒﺎ ﺒﺈﺤﺎﻟﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒﺤﻜﻡ ﻤﻭﻗﻌﻲ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻲ ﻜﻨﺎﺌﺏ ،ﻟﻜﻥ ﻤﺭﺍﺴﻠﻜﻡ ﺃﻏﻔل ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺠﻌل ﺍﺘﻬﺎﻤﻲ ﻓﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﺤﻠﻪ . ﻜﺘﺏ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ،ﻭﻩ ﻭﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ،ﺒﺎﻟﺤﺭﻑ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ : “ﺴﺒﻕ ﻭﺤﺫﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻨﺎ ) (..ﻤﻥ ﺘﻔﺸﻲ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺄﺭﻱ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﻤﺯﺍﺝ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ ﻭﺍﻟﻤﺅﻟﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺘﺘﻔﺸﻰ ﻭﺒﺎﺘﺴﺎﻉ ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﻡ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﺸﻌﻭﺭ
ﺒﺎﻻﺤﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ .ﺇﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻪ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﺘﺤﻭل ﻭﻻ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﻭﻻ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺭﻭﺭﺍﺕ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻗﺒﻭل ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺘﺄﻴﻴﺩﻩ ﻭﺇﻻ ﺴﻨﻌﻴﺵ ﺃﺒﺩ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻔﺭ ".
ﺍﻟﻤﺭﺍﺴل ﻟﻡ ﻴﺜﺒﺕ ﻫﺫﺍ ﻟﻨﺹ ﻭﺍﻜﺘﻔﻰ ﺒﺎﺴﻨﺎﺩﻩ ﻤﻨﻘﻭﻻ ﻋﻨﻲ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺃﺜﺒﺕ ﻨﺼﺎ ﺁﺨﺭ ،
ﻭﺒﺎﻟﺤﺭﻑ ،ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ،ﻭﺠﻌﻠﻪ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺴﺅﺍل ﻷﺤﺩ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎل ﺃﻨﻪ ﻴﺴﺘﻐﺭﺏ
242
ﺃﻥ ﻴﺼﺩﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻥ ﻨﺎﺌﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺍﻨﺘﺨﺏ ﻟﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﻟﻴﺱ ﻟﻘﻤﻌﻬﺎ .. ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺒﺤﺴﺏ ﻤﺭﺍﺴﻠﻜﻡ ،ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺨﺘﺎﺭﻩ ،ﻤﻥ ﺩﻋﺎﺓ ﻗﻤﻊ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ . ﻭﺍﺴﺄل ﺍﻵﻥ ﺃﻱ ﻤﺤﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﺍﺴﺄل ﺠﺭﻴﺩﺘﻜﻡ
ﺍﻟﻤﺤﺘﺭﻤﺔ ﻭﻗﺭﺍﺀﻫﺎ ،ﻫل ﺇﻥ ﻜﻼﻤﺎ ﻤﻨﺸﻭﺭﺍ ﻜﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﺃﻋﻼﻩ ﻴﺩﺨل ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺤﺩ ﻤﻥ
ﺍﻟﺭﺃﻱ ،ﺇﺫﺍ ﺘﺼﺩﻴﺕ ﻟﻘﺎﺌﻠﻪ ﻭﺍﺘﻬﻤﺘﻪ ﺒﺎﺴﺘﻌﺩﺍﺀ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻀﺩ ﻭﻁﻨﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ؟ ﻭﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻜﻼﻡ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﻭﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭﻩ ،ﻭﻴﻌﻁﻴﻪ ﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﻤﺎ ﺃﺴﻤﺎﻩ " ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ " ﺃﻱ ﺃﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻜﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﺍﻷﺠﻨﺒﻲ " ﺇﻻ ﻭﺴﻨﻌﻴﺵ ﺃﺒﺩ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻔﺭ " ؟
ﻓﻬل ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺩﻴﻥ ﻗﺎﺌﻠﻪ ﻤﻥ ﻜﻼﻡ ؟ ﻭﻫل ﻟﻠﻤﺤﺎﻤﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺨﺘﺎﺭﻩ ﻤﺭﺍﺴﻠﻜﻡ ،
ﻭﺘﻌﻤﺩ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺒﻲ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﻁﻴﻨﺎ ﺭﺃﻴﻪ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ؟ ﻭﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻭﺍﺤﺩ ﺸﺭﻴﻑ ﻭﻭﻁﻨﻲ ﻴﻘﺒل ﺒﺎﻥ ﻴﻨﺩﺭﺝ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ؟ ﻭﻫل ﺃُﻻﻡ ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺩﻋﺎﺓ ﻗﻤﻊ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺇﺫﺍ ﻁﺎﻟﺒﺕ ﺒﺈﺤﺎﻟﺔ ﺸﺨﺹ ﻜﻬﺫﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻴﻨﺎل ﺍﻟﺠﺯﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﻭﺍﻟﻪ ؟
ﻭﺃﺠﺩﻨﻲ ﻤﺴﺘﻌﺩﺍ ﻟﻼﻋﺘﺫﺍﺭ ﻭﺴﺤﺏ ﺍﺘﻬﺎﻤﻲ ﺇﺫﺍ ﺃﻨﻜﺭ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻭل ،ﻭﻋﻤﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺤﺎﺕ " ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " . •
ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ) ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ( – ﻤﺸﻕ
•
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ٢٠٠٢/٨/٣٠ ﺘﻌﻘﻴﺏ ﻤﻥ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺍﻟﺤﻤﻴﺩﻱ :
-١
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻁﻠﺏ ﻤﻥ ﺍﺭﺴﺎل ﻨﺹ ﻤﻘﺎﻟﻲ ﺒﻌﺩ ﺼﻭﻏﻪ ،ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻓﻀﺘﻪ ﻷﻨﻪ ﻴﺘﻌﺎﺭﺽ ﻤﻊ ﺁﺩﺍﺏ ﺍﻟﻤﻬﻨﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺴﺒﻕ ﻭﻁﻠﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻤﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻭﻗﻭﺒل ﺒﺎﻟﺭﻓﺽ .
-٢
ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺘﺸﺨﻴﺹ " ﺩﻋﻭﺘﻪ ﻟﻠﺨﻴﺎﻨﺔ " ﻭﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻩ ﺃﻨﻪ " ﻁﺒﻌﺎ ﺴﻴﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ " ،ﻭﻟﺴﺕ ﻁﺭﻓﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺒﻴﻥ ﻋﺩﺩ ﺁﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﻨﻘل ﻭﺠﻬﺘﻲ ﺍﻟﻨﻅﺭ ،ﻭﺍﺘﺼﻠﺕ
ﺒﺎﻟﻤﺤﺎﻤﻲ ﺃﻨﻭﺭ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﻹﻋﻁﺎﺀ ﺭﺃﻱ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﻤﻘﺎل
ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ .
243
ﻜﻴﻑ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﻗﺎﻨﻭﻥ ...ﺃﻟﻐﺎﻩ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ؟* ﻨﺸﺭﺕ " ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ) ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ( ١٤٤٠١ﺨﺒﺭﺍ ﻴﺩﻋﻭ ﻓﻴﻪ ﻨﺎﺌﺏ ﺴﻭﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﺜﻡ ﻨﺸﺭﺕ ﺭﺩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺒﺭ ﻤﻊ ﺘﻌﻘﻴﺏ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺩ ١٤٤٠٧ﺘﺎﺭﻴﺦ ، ٢٠٠٢/٨/٣٠ﻭﺃﻭﺩ ﺘﺠﻴل ﻤﻼﺤﻅﺘﻴﻥ : ﺃﻭﻻ :ﻤﻌﺭﻭﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻨﻘل ﺍﻟﺨﺒﺭ ﺒﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ،ﻭﺘﻨﺸﺭ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺘﺎﺭﻜﺔ ﻟﻠﻘﺎﺭﺉ ﻴﺤﻜﻡ ﺒﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻨﺸﺭ ﻤﻥ ﺁﺭﺍﺀ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﻠﻤﺴﻪ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﻭﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ
ﻫﺫﻩ ﺘﻔﺘﻘﺩﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺼﺤﻑ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺨﺼﻭﺼﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺩﻓﻊ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﻨﺸﺭ ﺃﻓﻜﺎﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﺼﺤﻑ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﺤﻤل ﺸﻴﺌﺎ ﻤﻥ " ﺍﻟﺼﺩﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ " . ﺜﺎﻨﻴﺎ :ﺍﻤﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﺤﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻓﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻜﺎﺘﺒﺎ ﺠﺭﻴﺌﺎ ،ﻭﻤﺘﻤﻴﺯﺍ ﺒﺤﺴﻪ ﺍﻟﻨﻘﺩﻱ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ،ﻭﻫﻨﺎ ،ﺍ ﻻ ﺃﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ،ﺒل ﺃﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ، ﻓﻌﻠﻰ ﺭﻏﻡ ﺍﺨﺘﻼﻓﻲ ﻤﻊ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻓﻲ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ،ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﻤﻥ ﺤﻘﻪ ﺃﻥ ﻴﻌﺭﺽ ﺁﺭﺍﺀﻩ ﻭﻴﻨﺸﺭﻫﺎ ،ﻭﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭﻩ ﻓﻲ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﺴﺔ ،
ﺴﻭﺍﺀ ﺘﻌﻠﻕ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻭ ﺒﻐﻴﺭﻫﺎ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺁﺭﺍﺅﻩ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﻏﻡ ﻤﻊ ﻤﻌﺯﻭﻓﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻬﻠﻴل – ﻭﻫﺫﺍ ﺃﻤﺭ ﻁﺒﻴﻌﻲ – ﻓﻠﻴﻨﺸﺭ ﻫﻭ ﺍﻵﺨﺭ ﻤﺎ ﻴﺤﻠﻭ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺁﺭﺍﺀ ﻭﻤﻭﺍﻗﻑ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻨﺼﺎﺌﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺎﺕ ،ﻭﻴﺘﺭﻙ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺤﻜﻤﺎ ،ﻭﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻜل ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﻻ ﺘﻨﺸﺭ ﻤﺎ ﻴﺨﻠﻑ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻓﻤﺴﺎﺤﺔ ﻨﺸﺭ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻵﺨﺭ ﻏﻴﺭ ﻤﺯﺭﻭﻋﺔ ﺒﺎﻟﺠﺭﺃﺓ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﻫﺎ ﺩﻟﻴل ﻗﻭﻱ ﻴﻘﻑ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻁﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻓﻲ ﺴﻌﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ
ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ،ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﻓﺘﺢ ﻗﻨﻭﺍﺕ ﻭﻤﺴﺎﺤﺎﺕ ﺇﻋﻼﻤﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ،ﻓﺩﻋﻭﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻭﺠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺯﻟﻑ ،ﻭﻤﺩﺡ ﻤﺠﺎﻨﻲ ﻟﻠﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺼﺩﺭﺘﻬﺎ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻴﻌﻭﺩ ﺘﺎﺭﻴﺨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻓﻲ ﺤﻕ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻨﺎﺩﻭﺍ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ .
ﻭﻁﻴﻑ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﻓﻕ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺃﻗﺩﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻟﻐﻰ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ
ﻟﻪ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺎﺀ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﺎﻜﻡ ﻭﻓﻘﻬﺎ ﻤﻥ ﻴﻨﺎﺩﻱ ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ،ﻻ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻜﺎﺘﺏ ﻻ ﻏﺒﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻭﻁﻨﻴﺘﻪ . • •
ﺒﻠﻨﺩ ﺤﺴﻥ ) ﻜﺎﺘﺏ ﺴﻭﺭﻱ ﻤﻘﻴﻡ ﻓﻲ ﺠﺩﺓ ( ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ٢٠٠٢/٩
244
ﺒﻴﺎﻥ ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﻤﻥ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﻭﺍﻷﺩﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﺘﻤﺕ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻻﺴﺘﻨﻜﺎﺭﻱ .
ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺠﺩﺘﻡ ﺃﻨﻔﺴﻜﻡ ﻤﺘﻔﻘﻴﻥ ﻤﻊ ﻤﻀﻤﻭﻨﻪ ﻨﺭﺠﻭ ﺇﺭﺴﺎل ﺍﺴﻤﻜﻡ ﻭﻤﻭﺍﻓﻘﺘﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ :
" ﺃﻨﺎ ﺃﺩﻋﻭ ،ﻭﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻲ ﻜﻌﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ) ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ( ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻪ ﻟﻜﻭﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻟﺘﺤﺭﻴﻀﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻋﻠﻨﺎ ﻭﺒﺄﺒﺸﻊ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ "
" ) (...ﻭﻫل ﻴﻘﺒل ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺄﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻭﺼﺎﺤﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ ﻤﻨﻬﻡ ؟ ) (...ﻗﺎل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻤﺨﺘﺘﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺩﻋﻭﺘﻪ ﻟﻠﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺘﺴﻭﻴﻐﻬﺎ ) (...ﻨﺭﻓﺽ ﺃﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﻠﻭﺙ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ " . * ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻜﺘﺒﻬﺎ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻌﺎﻡ ، ١٩٩٨ﺒﻌﺜﻲ ﻭﻀﺎﺒﻁ ﺃﻤﻥ ﺴﺎﺒﻕ ،ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻜﺘﺒﻬﺎ ﺩ .ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﺸﺭﺓ ﺃﻋﻭﺍﻡ ﻋﻠﻰ
ﺩ.ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ .
ﺒﻴﺎﻥ
ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺘﻭﺠﻪ ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺜﻘﻑ ﻭﻁﻨﻲ ﺒﺎﺭﺯ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻨﺸﺭﻫﺎ ، ﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺘﺤﺭﻴﻀﺎ ﺴﺎﻓﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ،ﻭﺍﺴﺘﻘﻭﺍﺀﺍ ﻤﺸﻴﻨﺎ ﺒﺎﻟﻤﻨﻁﻕ ﺍﻷﻤﻨﻲ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻨﻊ ﺃﻓﺭﺍﺩ
ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻤﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺤﻘﻬﻡ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﺒﺭ ﺇﺸﺎﻋﺔ ﻤﻨﺎﺥ ﻤﺒﺘﺫل ﻤﻥ ﺍﻹﺩﺍﻨﺔ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻤﻭﻗﻑ .
ﺇﻥ ﺘﺤﻭل ﻋﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺘﺸﺭﻴﻌﻲ ﻴﺤﺘﺭﻡ ﻨﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﺭﺠل ﺃﻤﻥ ،ﻭﻗﺎﻀﻲ ﻋﺭﻓﻲ ،ﻭﺃﺼﻭﻟﻲ ﻤﻜﻔﺭ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺇﺨﻼﻻ ﺨﻁﻴﺭﺍ ﺒﺎﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﻭﻜل ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻌﻀﻭ ﻜﻤﻤﺜل ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻭﺨﺭﻗﺎ ﺼﺭﻴﺤﺎ ﻟﻤﺴﺅﻟﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺼﻭﻥ ﺤﺭﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﻴﻤﺜﻠﻬﻡ ،ﻭﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﻬﺎ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻭﺴﺎﺒﻘﺔ ﻻ ﻴﻨﺒﻐﻲ
ﺍﻟﺴﻜﻭﺕ ﻋﻨﻬﺎ .ﻟﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻴﻥ ﺃﺩﻨﺎﻩ ﻴﺘﻭﺠﻬﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺒﻁﻠﺏ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﻋﻀﻭﻴﺔ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻥ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻨﻪ ،ﺘﻤﻬﻴﺩﺍ ﻟﺭﻓﻊ ﺩﻋﻭﻯ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻀﺩﻩ . ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻭﻥ
ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻭﻥ
245
ﻹﻗﺎﻤﺔ ﺩﻋﻭﻯ ﻀﺩﻩ ﻟـ" ﺍﺘﻬﺎﻤﻪ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ " ﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻴﺩﻋﻭﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﻪ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻁﺎﻟﺏ ﻤﺜﻔﻔﻭﻥ ﺴﻭﺭﻴﻭﻥ " ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ " ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ﺒﺈﺴﻘﺎﻁ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻤﺠﻠﺱ
ﺍﻟﺸﻌﺏ ) ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ( ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ " ﺘﻤﻬﻴﺩﺍ ﻟﺭﻓﻊ ﺩﻋﻭﻯ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻀﺩﻩ " ﻷﻨﻪ ﻭﺠﻪ " ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺇﺜﺭ ﻤﻘﺎل ﻜﺘﺒﻪ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻓﻲ ﺼﺤﻴﻔﺔ ﻟﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﺒﻌﺩ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺤﻜﻤﺎ ﺒﺎﻟﺴﺠﻥ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ . ﻭﻗﺎل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﻟـ " ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ " ﺃﻥ " ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺌﻴﻴﻥ
ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ ﺒﺎﺩﺭﺕ ﺒﺼﻴﺎﻏﺔ ﺒﻴﺎﻥ ﺘﻀﺎﻤﻨﻲ " ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻭﺯﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﺘﺭﻨﻴﺕ ﻭﻓﻲ ﺸﻜل
ﺸﺨﺼﻲ ﻟﺠﻤﻊ ﺘﻭﺍﻗﻴﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒل ﺍﺼﺩﺍﺭﻩ ﺒﻌﺩ ﺒﻀﻌﺔ ﺃﻴﺎﻡ .
ﻭﺃﻓﺎﺩﺕ ﻤﺼﺎﺩﺭ ﺃﺨﺭﻯ ﺃﻥ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻴﻥ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻴﻭﻡ ١٥٠ﺸﺨﺼﺎ . ﻭﺍﻗﺘﻁﻑ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺴل ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﺘﺭﻨﺕ ﺒﻌﺽ ﻤﺎ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺼﺤﻴﻔﺔ " ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ٢٠٠٢/٨/٢٣ﻤﻨﻬﺎ ﻗﻭﻟﻪ " ﺃﻨﺎ ﺃﺩﻋﻭ ،ﻭﻤﻥ ﻤﻭﻗﻌﻲ ﻜﻌﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﻭﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ ،ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ
) ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ( ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻭﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻤﻌﻪ ﻟﻜﻭﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻟﺘﺤﺭﻴﻀﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻋﻠﻨﺎ ﻭﺒﺄﺒﺸﻊ ﺍﻷﻟﻔﺎﻅ " ،ﻭﺘﺴﺎﺅﻟﻪ " ﻭﻫل ﻴﻘﺒل ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺒﺄﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻭﺼﺎﺤﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺌﻨﺔ ﻤﻨﻬﻡ ؟ " ﻭﺇﺸﺎﺭﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺘﺴﻭﻴﻐﻬﺎ " ﻭﺭﻓﺽ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ " ﺃﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﻠﻭﺙ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ".
ﻭﺍﺴﺘﻨﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻗﻭل ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﻴﺩ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل " ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ
ﺩﻟﻴﻠﺔ " :ﺴﺒﻕ ﻭﺤﺫﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻨﺎ ) (..ﻤﻥ ﺘﻔﺸﻲ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺄﺭﻱ ﺸﺒﻴﻪ ﺒﻤﺯﺍﺝ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺘﻬﺎ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﻠﺠﻭﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺊ ﻭﺍﻟﻤﺅﻟﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺘﺘﻔﺸﻰ ﻭﺒﺎﺘﺴﺎﻉ ﻭﺍﻀﺢ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻌﺒﺭﻭﻥ ﻋﻥ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﻡ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﺸﻌﻭﺭ
ﺒﺎﻻﺤﺒﺎﻁ ﻭﺍﻟﻴﺄﺱ .ﺇﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻭﻗﻭﺍﻨﻴﻨﻪ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﺘﺤﻭل ﻭﻻ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﻭﻻ ﺘﺘﻐﻴﺭ ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺭﻭﺭﺍﺕ ﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻗﺒﻭل ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺘﺄﻴﻴﺩﻩ ﻭﺇﻻ ﺴﻨﻌﻴﺵ ﺃﺒﺩ ﺍﻟﺩﻫﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﻔﺭ " .
246
ﻭﻻﺤﻅ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭ ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﺒﻌﺩ ﺃﻴﺎﻡ ﺃﻨﻪ " ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺘﻭﺠﻪ ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺜﻘﻑ ﻭﻁﻨﻲ ﺒﺎﺭﺯ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻨﺸﺭﻫﺎ ،ﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺘﺤﺭﻴﻀﺎ ﺴﺎﻓﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل " ﻤﻀﻴﻔﺎ ﺃﻥ " ﺇﻥ ﺘﺤﻭل ﻋﻀﻭ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ ﺘﺸﺭﻴﻌﻲ ﻴﺤﺘﺭﻡ ﻨﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﺭﺠل ﺃﻤﻥ ،
ﻭﻗﺎﻀﻲ ﻋﺭﻓﻲ ،ﻭﺃﺼﻭﻟﻲ ﻤﻜﻔﺭ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺇﺨﻼﻻ ﺨﻁﻴﺭﺍ ﺒﺎﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﻭﻜل ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻌﻀﻭ ﻜﻤﻤﺜل ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻭﺨﺭﻗﺎ ﺼﺭﻴﺤﺎ ﻟﻤﺴﺅﻟﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺼﻭﻥ ﺤﺭﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﻴﻤﺜﻠﻬﻡ ،ﻭﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﻬﺎ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻭﺴﺎﺒﻘﺔ ﻻ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺴﻜﻭﺕ ﻋﻨﻬﺎ " ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﻭﻥ " ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺒﻁﻠﺏ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻥ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻨﻪ ،ﺘﻤﻬﻴﺩﺍ ﻟﺭﻓﻊ ﺩﻋﻭﻯ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻀﺩﻩ " • ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ • ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – ٢٠٠٢ /٩
247
ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻭﻁﻨﻲ ﺍﻡ ﻤﻴﺜﺎﻕ " ﺃﺨﻭﺍﻨﻲ " ؟! ﺃﺤﻼﻡ ﺒﺎﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﻤﻜﺎﺴﺏ ﻤﺎﺩﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ
ﻟﻡ ﻴﻜﺩ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻟﻨﺩﻥ ﻟﺠﻤﺎﻋﺘﻲ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻴﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻁﺭﺤﻭﻩ
ﻤﻥ ﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﺨﺘﺯﺍﻟﻴﺔ ﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺘﺴﻤﻴﺔ " ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ " ﺤﺘﻰ ﺃﺘﻰ ﺴﺭﻴﻌﺎ ﺍﻟﺼﺩﻯ ﻤﻥ ﺒﻌﺽ
ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻋﺒﺭ ﺩﻋﻭﺓ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻭﻋﻠﻨﻴﺔ ﺘﻘﻭل ﺒﺄﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺇﻻ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ !..
ﻭﺒﻬﺫﺍ ﺘﻨﻜﺸﻑ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ " ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺭﻏﺒﻭﻥ ﺒﺎﺨﺘﺯﺍل
ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻷﺸﻴﺎﺀ ﻭﺘﺠﻴﻴﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻡ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻥ ﻤﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﻻﺴﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻌﺼﻴﺒﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻠﻭﺡ ﺒﻬﺎ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺒﺎﺴﺘﺼﺩﺍﺭ ﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ " ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ " . ﺇﺫﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻟﻸﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺒﺭﻋﺎﻴﺔ ﺃﺠﻨﺒﻴﺔ ،ﺘﻼﻫﺎ ﺩﻋﻭﺓ ﺒﻌﺽ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ " ﺍﻻﻨﺘﻬﺎﺯﻴﺔ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺤﻤﻠﺔ ﺒﺩﺃﻫﺎ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،
ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻭﺒﺎﻁﻨﻬﺎ ﺘﺄﻴﻴﺩ ﻤﺎ ﺃﻓﺼﺢ ﻋﻨﻪ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ،ﺃﺨﻴﺭﺍ ﻓﻲ ﺭﺴﺎﻟﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﻴﻥ ﻭﺍﻻﻨﻜﻠﻴﺯ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﺘﺄﻴﻴﺩ ﻭﺩﻋﻡ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻷﺸﺨﺎﺹ .
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﻡ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺘﺴﺎﺀل ﻋﻥ ﺴﺭ ﺘﻭﻗﻴﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﻟﻨﺩﻥ ،ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻵﻭﻨﺔ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ،ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﺯﺩﻴﺎﺩ ﺤﺩﺓ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺒﻀﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺘﺯﺍﻤﻨﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻤﻊ ﻤﺎ ﺭﺍﻓﻕ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ﺇﺸﺎﻋﺔ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﻤﻠﻔﻘﺔ ﺘﻔﻴﺩ ﺒﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺴﻭﺭﻴﺔ
ﻟﺒﻌﺽ ﻋﻨﺎﺼﺭ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ،ﺒل ﻭﺘﺫﻫﺏ ﺍﻷﺨﺒﺎﺭ ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﺼﻬﻴﻨﺔ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻘﻭل ﺃﻥ ﻨﺠل ﺒﻥ ﻻﺩﻥ ﻤﺨﺘﺒﺊ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻐﻴﺔ ﺘﺤﻀﻴﺭ ﺘﻬﻡ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻟﺘﻤﺭﻴﺭ " ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ " ﻋﺒﺭ ﺒﻌﺽ ﺃﻋﻀﺎﺀ " ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺕ " ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻭﻨﻐﺭﺱ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ...ﻭﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻴﺤﻕ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺘﺴﺎﺀل ﻫل ﻓﻌﻼ ﺇﻨﻪ :ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻭﻜﻨﻲ ..ﺃﻡ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺃﺨﻭﺍﻥ ﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ؟ ﻭﻁﺒﻌﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺫﻜﺭ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻵﻨﻔﺔ ﺍﻟﺫﻜﺭ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻨﺴﻰ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺭﺘﻜﺒﺘﻬﺎ ﺒﺤﻕ ﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ﻭﻤﺜﻘﻔﻴﻬﺎ ﻭﻋﻠﻤﺎﺌﻬﺎ
ﺒﺩﻋﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺘﻌﺎﻨﻲ ﺤﺼﺎﺭﺍ ﺨﻔﻴﺎ ،ﺇﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ﻭﺩﻭﻟﻴﺎ ، ﺒﺴﺒﺏ ﻤﻭﺍﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﺜﺎﺒﺘﺔ ﻭﺍﻟﺼﺎﻤﺩﺓ ﻤﻥ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﻭﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻪ ..ﻭﻫﺎﻫﻲ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻨﺘﻬﺕ ﺘﻨﻅﻴﻤﺎ ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻟﻬﺎ ﺃﻱ ﺤﻀﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺘﻌﻭﺩ ﻏﻠﻰ ﺍﻟﻌﺯﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺴﻴﻘﻰ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ " ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ " ﻭﻤﺼﺎﻟﺢ ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ " ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ " ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ! ..ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻔﺴﺭ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺴﺭ ﺘﺯﺍﻤﻥ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ 248
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺘﻴﻥ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ) ﻟﻨﺩﻥ ﺃﻭ ﻭﺍﺸﻨﻁﻥ ﻻ ﻓﺭﻕ ( ﺃﻭ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﺭﻙ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺅﺸﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﻟﻺﺠﺘﻤﺎﻋﻴﻥ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﻬﺩﻑ ﻫﻭ ﺍﻟﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﺘﻠﻴﻴﻥ ﻤﻭﻗﻔﻬﺎ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻷﻱ ﻀﺭﺒﺔ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ﻀﺩ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺘﺭﻫﻴﺒﻬﺎ ﺒﺈﺩﺭﺍﺠﻬﺎ ﻓﻲ
ﻗﺎﺌﻤﺔ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺭﺍﻋﻴﺔ ﻟﻺﺭﻫﺎﺏ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﻲ-ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ . ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺸﺨﺼﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺱ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻜﺸﻑ ﺯﻴﻑ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻫﻭ ﻤﺎ ﺘﻤﺨﻀﺕ ﻋﻨﻪ ﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺒﺈﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺩﻋﻭﺓ ﻋﻴﺩ ﻟﻠﺘﺩﺨل ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ،ﺇﺫ ﺍﻨﺒﺭﺕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻻﺴﺘﺼﺩﺍﺭ ﺒﻴﺎﻥ
ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﺴﻘﺎﻁ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻭﺍﻀﻌﻴﻥ ﺍﻨﻔﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﻨﺒﺭ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺯﺍﻭﻴﺘﻬﻡ ﻭﻨﻅﺭﺘﻬﻡ ،ﻤﺨﺘﺒﺌﻴﻥ ﺘﺤﺕ ﻋﺒﺎﺀﺓ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ،ﻭﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻴﺨﺘﺒﺅﻭﻥ ﻭﺭﺍﺀ
ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺤﻘﻘﺘﻬﺎ ﻟﻘﺎﺀﺍﺘﻬﻡ ﻤﻊ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ،ﻭﺩﻋﻡ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﻟﻬﻡ ،ﺍﻭ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺴﻔﺭ ﺒﻌﺽ ﺃﻋﻀﺎﺀ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﺇﻟﻰ ﻋﻭﺍﺼﻡ ﻏﺭﺒﻴﺔ ﺒﻐﻴﺔ ﺍﻻﻁﻼﻉ ﻋﻠﻰ ﺁﺨﺭ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺘﻨﺸﻴﻁ ﻤﺴﺎﺌل ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﺘﺸﻜﻴل ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ،ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ
ﺤﺩﺩﻫﺎ ﻭﺯﻴﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻜﻭﻟﻥ ﺒﺎﻭل ﻓﻴﻤﺎ ﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ " ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺩﻋﻡ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﺇﻴﺭﺍﻥ " ،ﻭﺤﺩﺩ ﻤﺒﻠﻎ ٢٥ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭ ﻟﺩﻋﻡ ﺃﻭﻟﺌﻙ ،ﻭﻨﺴﺘﻁﺭﺩ
ﻓﻨﺘﺴﺎﺀل ﻋﻥ ﺴﺭ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻨﻘﺽ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﻘﺎﻁ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﻟﻤﺠﺭﺩ ﺃﻨﻪ ﻁﺎﻟﺏ ﺒﺄﻥ ﻴﻘﻭل ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻜﻠﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﺓ ﻋﻴﺩ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﻭﻗﻔﻭﺍ ﻫﻡ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻀﺩ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ ﻭﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ،ﻭﻫﻤﺎ ﺍﻟﻠﺫﺍﻥ ﻜﺎﻨﺎ ﻴﺴﺘﻘﻭﻴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻤﻥ ﺨﻼل
ﺩﻋﻭﺍﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻤﺘﻜﺭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻟﻴﻨﺎﺴﺏ ﻤﻘﺎﺴﻬﻤﺎ ﻭﻤﻘﺎﺱ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﻥ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺃﺩﻋﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻴﺭﻭﻥ ﺃﻥ ﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ ﻭﺴﻴﻑ ﻭﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ﺘﻨﺩﺭﺝ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺩﻋﻭﺓ ﻤﻭﺼﻠﻲ ﺘﻨﺩﺭﺝ ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﺨﻭﻴﻥ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻴﺠﺏ ﺇﺤﺎﻟﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ..ﻓﺄﻱ ﺍﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﻫﺫﻩ ؟ . ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺴﺘﺭ ﺍﻟﻌﻴﻭﺏ ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕ ﻟﻴﺱ ﻭﻁﻨﻴﺎ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﺃﺨﻭﺍﻨﻲ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯ ﺒﺤﻀﻭﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﺒﺎﻨﺘﻤﺎﺌﻬﺎل ﻷﺤﺯﺍﺏ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﻻﺘﺯﺍل ﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻤﻊ ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ،ﺭﻏﻡ ﻤﺎ ﺍﻗﺘﺭﻓﺘﻪ ﻤﻥ ﺁﺜﺎﻡ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﻭﻁﻥ، ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻷﺠﺩﻯ ﺒﺎﻷﺨﻭﺍﻥ ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺭﻗﻌﺔ ﺍﻻﻋﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺤﺼﻭل ﺩﻋﻡ ﺃﻤﺭﻴﻜﻲ 249
ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭ ﻤﺎ ﺘﺤﺼل ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻤﻭﺍل ﻭﺩﻋﻡ ،ﺃﻥ ﻴﺘﻘﺩﻤﻭﺍ ﺒﺘﻭﺒﺔ ﺼﺎﺩﻗﺔ ﻋﻤﺎ ﺍﻗﺘﺭﻓﻭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﺒﺤﻕ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺃﺒﻨﺎﺌﻪ ﻭﻋﻠﻤﺎﺌﻪ ﻭﻤﺜﻘﻔﻴﻪ ،ﻭﺃﻥ ﻴﻌﻭﺩﻭﺍﺇﻟﻰ ﺒﻠﺩﺍﻨﻬﻡ ﺘﺎﺌﺒﻴﻥ ،ﻤﺴﺘﻔﻴﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻔﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺼﺩﺭﻩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺤﺎﻓﻅ ﺍﻷﺴﺩ ﻋﻨﻬﻡ ،ﺜﻡ ﺃﻱ
ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻭﻁﻨﻲ ﻴﻁﺭﺤﻪ ﺃﻭﻟﺌﻙ ،ﻭﻫل ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻭﻁﻨﻲ ؟ ..ﺇﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺒﺫﺍﺘﻬﺎ ﺘﻜﺸﻑ ﻋﻤﺎ ﻻ ﻴﻘﺒل ﺍﻟﺸﻙ ،ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺭﺍﺀ ﺫﻟﻙ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ،ﻟﻴﺱ ﺍﻟﻤﺸﺒﻭﻩ ﻓﻘﻁ ،ﺒل ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﺎﺭﺘﺒﺎﻁﺎﺘﻪ ﻭﺩﺍﻋﻤﻴﻪ ﻭﻤﻨﻅﻤﻴﻪ ،ﻭﺃﻫﺩﺍﻓﻪ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﺒﺜﻕ ﻋﻨﻪ
ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻻ ﻭﻁﻨﻲ ،ﺠﺎﺀ ﻜﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻟﺴﺘﺭ ﻋﻴﻭﺏ ﻤﻜﺸﻭﻓﺔ ﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺅﻤﻨﻭﺍ ﺴﺎﺒﻘﺎ ﻭﻟﻥ ﻴﺅﻤﻨﻭﺍ ﻻﺤﻘﺎ ﺒﺎﻷﻭﻁﺎﻥ .
ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻭﺠﻬﻪ ﻟﻬﺅﻻﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻨﻬﻡ ﺃﻨﻪ ﻴﺩﻋﻭﻥ ﺇﻟﻰ " ﺤﻭﺍﺭ ﺤﻀﺎﺭﻱ
ﺒﻨﺎﺀ " ،ﻜﻴﻑ ﺃﻗﻨﻌﺘﻡ ﺃﻨﻔﺴﻜﻡ – ﻗﺒل ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻗﻨﺎﻉ ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ – ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺒﻐﻴﺭ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻤﻭﺠﻭﺩ ﻓﻲ ﻗﺎﻤﻭﺴﻜﻡ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﻓﺭﺼﺔ ﺴﻭﻑ ﺘﺅﺠﻠﻭﻥ ﺤﻭﺍﺭﻜﻡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻋﺘﻤﺩ ﻜﺒﻴﺭﻜﻡ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺒﻨﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻗﺭﺭ " ﻟﻘﺩ ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺒﺎﻟﻜﻼﻡ ﻭﺒﺩﺃ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺒﺎﻟﺤﺴﺎﻡ "!. ﺇﻥ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺎﻁﺒﺔ ﻀﻌﻴﻔﻲ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻟﻥ ﻴﺠﺩﻴﻜﻡ ﻨﻔﻌﺎ ،ﻓﺎﻟﻜل ﻗﺩ ﺘﻌﺭﻑ ﻋﻠﻰ "
ﺤﻭﺍﺭﻜﻡ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ " ﺒﺎﻟﺒﻨﺩﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻔﺠﺭﺓ ﻭﺍﻟﻘﻨﺒﻠﺔ ..ﻭﺍﻟﻜل ﻴﺘﺫﻜﺭ ﺤﻀﺎﺭﺘﻜﻡ ﻓﻲ ﺘﻤﺯﻴﻕ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﻭﺤﻭﺍﺭﻜﻡ ﺒﺎﻟﺴﻼﺡ ،ﻭﺍﻟﻜل ﻴﺘﺫﻜﺭ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺩﺃ ﺒﺎﻟﺒﻴﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ " :ﺒﺭﺯ ﺍﻟﺜﻌﻠﺏ ﻴﻭﻤﺎ ﺒﺜﻴﺎﺏ ﺍﻟﻭﺍﻋﻅﻴﻨﺎ ...ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻡ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻴﺔ ﺘﺅﻜﺩ ﺨﺎﺘﻤﺔ ﺍﻟﻘﺼﻴﺩﺓ .ﺯ ﻭﻟﻌﻠﻜﻡ ﺘﺘﺫﻜﺭﻭﻥ ﺁﺨﺭ ﺸﻁﺭ ﻓﻴﻬﺎ . • ﻤﻬﻨﺩ ﺩﻤﺸﻘﻲ • ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺕ٢٠٠٢ / ١
250
ﺤﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ...ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺼﻤﻭﺩ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺼﻼﺒﺘﻬﺎ ؟ * ﻗﺭﺃﺕ ﻤﺘﺎﺒﻌﺎ ﻭﺒﺄﺴﻑ ﺸﺩﻴﺩ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﻅﺎﻟﻤﺔ ﺍﻟﻐﺭﻴﺒﺔ ﻤﻥ ﻨﻭﻋﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﻋﻀﻭ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﻭﻫﻲ ﺤﻤﻠﺔ ﻜﻤﺎ ﻅﻬﺭ ﻤﻥ ﺘﻁﻭﺭ ﻤﺭﺍﺤﻠﻬﺎ ﻤﻨﺴﻘﺔ ﻭﻤﺭﺘﺒﺔ ﺒﺸﻜل ﻻﻓﺕ ،ﻓﻲ ﻭﻗﺕ ﺍﻋﺘﻜﻑ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺩ ﻭﺁﺜﺭ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﻗﻨﺎﻋﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻤﺔ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻻﺘﺴﺘﻬﺩﻓﻪ ﺸﺨﺼﻴﺎ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﺘﺭﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺘﺸﻭﻴﻪ ﺼﻭﺭﺘﻪ ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻤﺘﻤﺴﻙ ﺒﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺄﻴﻴﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻟﺼﻤﻭﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺼﻼﺒﺔ ﺠﺒﻬﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ
ﺘﺘﻌﺭﺽ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺒﺎﻷﺨﺹ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ .
ﺸﺭﺍﺭﺓ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻨﺩﻟﻌﺕ ﺒﻌﺩ ﺘﺼﺩﻱ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻟﻌﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺨﺎﻁﺏ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻋﺒﺭ ﻤﻘﺎل ﺨﻁﻴﺭ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ " ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ " ﻤﺅﻴﺩﺍ ﻋﺩﻭﺍﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺒﺎﺴﻡ ﺸﺒﺎﺏ ﺴﻭﺭﻴﺎ ، ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻟﻡ ﻴﺫﻜﺭ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺼﺭﺍﺤﺔ . ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻗﺎﺩﻫﺎ ﻨﻔﺭ ﻤﻥ ﺠﻤﺎﻋﺔ " ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ،ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺴﺄل ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ :ﻫل ﻫﻡ ﻤﻭﺍﻓﻘﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻜﺘﺒﻪ ﺯﻤﻴﻠﻬﻡ ؟ ..ﻭﻨﺴﺎﻟﻬﻡ ﺃﻴﻀﺎ :ﺘﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺤﻕ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ،ﺃﻫﻭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﻤﺘﻤﺴﻙ ﺒﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﺠﺘﺜﺎﺙ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﺃﻡ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻀﺎل ﺍﻟﻤﻀﻠل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﺎﻭل ﺘﺄﺠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ؟ ﻤﺎﺫﺍ ﻓﻌل ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺤﺘﻰ ﺘﺸﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ؟ ..ﻨﺤﻥ ﻨﻁﺭﺡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻤﻥ ﺤﺴﻨﻲ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﻤﻤﻥ ﺍﻨﺴﺎﻗﻭﺍ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﻭﺍﻟﺨﺒﺎﻴﺎﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻑ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ.
ﻭﻨﺴﺄل ﺃﻴﻀﺎ :ﻫل ﺘﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺒﺎﺴﺘﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﻟﻼﺴﺘﻘﻭﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ
؟ ..ﻭﻫل ﺘﻜﻭﻥ ﺒﺎﻟﺘﻨﺎﻏﻡ ﻤﻊ " ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ " ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻠﻨﺕ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﻀﻨﺔ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺔ "ﻟﻨﺩﻥ " ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺘﻀﻥ ﺃﻴﻀﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺨﺠل ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻑ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺩﻭ ﺍﻻﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻲ ﺍﻻﻨﺠﻠﻭ-ﺃﻤﺭﻴﻜﻲ-ﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﻀﺩ ﺸﻌﺒﻬﺎ ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻨﺸﻬﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺘﺼﺎﻋﺩﺍ ﻓﻴﺎﻟﺘﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺩﺀﺍ ﻤﻥ " ﻟﻭﺱ ﺍﻨﺠﻠﻴﺱ " ،ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ " ﻗﺭﻨﺔ ﺸﻬﻭﺍﻥ" ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﺍﻨﺘﻬﺎﺀ ﺒﻤﺸﺭﻭﻉ " ﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ " ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻜﻭﻨﻐﺭﺱ
ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ . ﻟﻴﺱ ﺫﻟﻙ ﻓﺤﺴﺏ ) ﻓﻌﻴﺩ ( ﺘﻼﺤﻘﻪ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﺍﻟﻘﺫﻑ ﻭﺍﻟﺘﺸﻬﻴﺭ ﺤﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ) ﻴﻘﺼﺩ ﻫﺠﻭﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻤﺼﻁﻔﻰ ﺒﻜﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺼﺩﻯ ﺒﻌﻨﺎﺩ ﻟﺤﺭﻜﺔ " ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ " ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻭﻴﻜﺸﻑ ﺠﺫﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺎﺴﻭﻨﻴﺔ ( .
251
ﻭﻴﻌﻘﺏ ﺒﺎﺭﻭﺕ " :ﺇﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﺒﺴﻴﻁ ﻤﻭﻥ ﻋﻴﺩ ﻻ ﻴﻌﺭﻑ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ ﻟﻠﺘﺨﺎﻁﺏ ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﻴﻬﺒﻁ ﺒﺄﺩﺒﻴﺎﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺸﺘﺎﺌﻡ ،ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺴﻴﻔﻌل ﺍﻵﺨﺭﻭﻥ ﻟﻪ ﺴﻭﻯ ﺭﺩ ﺍﻟﺼﺎﻉ ﺼﺎﻋﻴﻥ ﻭﻫﺫﺍ ﺩﻓﺎﻉ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺇﺯﺍﺀ ﻋﺩﻭﺍﻨﻴﺘﻪ ؟
ﺇﺫﻥ ﻓﻘﺩ ﻭﻗﻊ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﻤﻭﺠﻬﺔ ﻓﺎﺸﻲ ﻤﻌﺭﻭﻑ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻤﺼﻁﻔﻰ
ﺍﻟﺒﻜﺭﻱ ،ﻭﺁﺨﺭﻭﻥ ﺃﻤﺜﺎل ﻁﻴﺏ ﺘﻴﺯﻴﻨﻲ ﻭﻭﻟﻴﺩ ﺍﺨﻼﺼﻲ ﻭﻋﺯﻤﻲ ﺒﺸﺎﺭﺓ ،ﺃﻗﻭل ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ – ﻟﻠﺘﻭﻀﻴﺢ – ﺃﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ ﻭﻤﺄﻤﻭﻥ ﺍﻟﺤﻤﺼﻲ ﻗﺎﻻ ﻜﻼﻤﺎ ﺭﺒﻤﺎ ﺤﺎﺩﺍ ﻭﻴﻘﻊ ﺘﺤﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺘﻤﺕ ﻤﺤﺎﻜﻤﺘﻬﻤﺎ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺁﺨﺭﻴﻥ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻟﻡ ﻴﺒﻠﻎ ﺃﺤﺩ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻭﺍﺘﻬﺎﻡ ﺸﺒﺎﺏ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺄﻨﻬﻡ ﻴﺅﻴﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺃﻋﺠﺏ ﻟﻌﺩﻡ ﺘﺤﺭﻙ ﺍﻟﻨﻴﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻀﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻴﺩ ، ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻁﺎﻟﺏ ﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﻜﺭﻡ ﺒﺈﺼﺩﺍﺭ ﻋﻔﻭ ﻜﺭﻴﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻭﻤﻴﻥ ﻭﻟﻡ
ﻴﺴﺘﻌﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻀﺩﻫﻤﺎ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻗﻭﺒل ﺒﺤﻤﻠﺔ ﺠﺎﺌﺭﺓ ﺫﺍﺕ ﺃﻫﺩﺍﻑ ﺒﻌﻴﺩﺓ ﺘﺘﻌﺩﻯ ﺸﺨﺼﻪ ﻟﺘﻨﺎل ﻤﻥ ﻫﻴﺒﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻟﺘﻭﺤﻲ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺘﺅﻴﺩ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺘﺭﺤﺏ ﺒﺎﻷﻤﺭﻴﻜﻴﻴﻥ ﻭﺇﻨﻬﺎ ﺼﺩﻯ ﺘﺤﺎﻟﻔﻲ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻤﺸﺒﻭﻫﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﻠﻨﺕ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻨﺩﻥ ﺒﺯﻋﺎﻤﺔ " ﺃﺨﻭﺍﻨﻴﺔ " ﻤﺸﺒﻭﻫﺔ . •
ﺴﺎﻫﺭ ﻗﺒﻼﻥ
•
ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ٢٠٠٣/١٠
252
ﺒﻨﺩ ﺠﺩﻴﺩ ﺇﻟﻰ ...ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ * ﻋﻠﻰ ﺇﺜﺭ ﻤﻁﺎﻟﺒﺔ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻴﻥ " ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ " ﻓﻲ ﺩﻤﺸﻕ ﺒﺈﺴﻘﺎﻁ ﻋﻀﻭﻴﺔ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ،ﺘﻤﻬﻴﺩﺍ ﻟﺭﻓﻊ ﺩﻋﻭﻯ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻀﺩﻩ ﺃﻨﻪ ﻭﺠﻪ " ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ " ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ :ﺩ.ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻼﺤﻅ ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺘﺤﻭل ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﺇﻟﻰ " ﺭﺠل ﺃﻤﻥ ﻭﺤﺎﻜﻡ ﻋﺭﻓﻲ ﻭﺃﺼﻭﻟﻲ ﻤﻜﻔﺭ " .
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺅﻴﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻨﻌﻠﻥ ،ﻭﻨﺅﻜﺩ ﻤﻥ ﺠﺩﻴﺩ ،ﺃﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ " ﺍﻷﻤﻨﻲ " ﻟﻡ ﻴﺘﻭﻗﻑ ﺒﻌﺩ ،ﻓﻬﻭ ﻜﺎﻥ ﻀﺎﺒﻁﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﻥ ﺒﺭﺘﺒﺔ ﻤﻘﺩﻡ ،ﻭﻤﻜﻠﻔﺎ ﺒﺎﻟﻤﻠﻑ ﺍﻟﻜﺭﺩﻱ ، ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﺏ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻌﻨﺎﺼﺭ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻓﺔ ﻤﻴﺩﺍﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻔﻴﺫ " ﺍﻟﺤﺯﺍﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ " ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ،ﻭﺍﺴﻘﺎﻁ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻋﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ) ( ١٥٠٠٠٠ﻤﻭﺍﻁﻥ ﻜﺭﺩﻱ ﻭﻫﻭ ﺃﺼﺩﺭ ﻜﺘﺎﺒﻴﻥ
ﻓﻲ ﺍﺸﺭﺍﻑ ﻤﺒﺎﺸﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ،ﻓﻲ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻷﻜﺭﺍﺩ ،ﺒﻬﺩﻑ ﺘﺜﺒﻴﺕ ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻋﺩﻡ ﻭﺠﻭﺩ ﺸﻌﺏ ﻜﺭﺩﻱ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻷﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﺸﻭﻓﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻻﺴﺎﺀﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﺭﺩﺴﺘﺎﻨﻴﺔ ﻭﺭﻤﺯﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻙ ﻓﻲ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺘﺂﺨﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – ﺍﻟﻜﺭﺩﻱ ،ﻭﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﻥ ،ﻋﺒﺭ ﺇﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻭﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ .
ﻟﻘﺩ ﺃﺴﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻓﻲ ﺤﺭﻤﺎﻥ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺠﺎل ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻁﻔﺎل ﺍﻟﻜﺭﺩ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻤﻠﻙ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ،ﻭﻤﻥ ﺤﻕ ﻫﺅﻻﺀ ﺭﻓﻊ ﺩﻋﺎﻭﻯ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ،ﻭﻋﺒﺭ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻌﺩل ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﻤﺤﻜﻤﺔ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ، ﻭﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﻡ ﻀﺩ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻻﻫﺎﻱ ﻀﺩﻩ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﻨﺸﺎﻁﺎﺘﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﻅﻬﻭﺭﻩ ﺒﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﻘﺎﻤﺸﻠﻲ ﻭﻤﺤﺎﻭﻟﺘﻪ ﻁﻌﻥ ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻜﺭﺩﻴﺔ .
ﺇﻨﻨﺎﻨﻜﺭﺭ ﺘﺄﻴﻴﺩﻨﺎ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﻤﻁﺎﻟﺒﻴﻨﻬﻡ ﺒﺈﻀﺎﻓﺔ ﺒﻨﺩ " ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ " ﺇﻟﻰ ﺤﻴﺜﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻋﻭﻯ ﺍﻟﻤﺯﻤﻊ ﺇﻗﺎﻤﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺠل .
•
ﺼﻼﺡ ﺒﺩﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ – ﻨﺎﻁﻕ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﻻﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺸﻌﺒﻲ ﺍﻟﻜﺭﺩﻱ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ .
•
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ٢٠٠٢/١٠
253
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ -١
ﺘﻤﺯﻕ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﻓﻠﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ
-٣
ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺭﺍﻥ :ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻓﻘﺭﺃﻭﻩ ﻨﻭﺍﻴﺎ
-٢
-٤
ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻲ ﺍﻟﻬﺯﻴل ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ
ﻫل ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻹﺼﻼﺡ ؟!
-٥ﺒﻜﺭ ﺼﺩﻗﻲ :ﻨﻌﻡ ﺃﻨﺎ ﺤﺎﻗﺩ ..
254
ﺘﻤﺯﻕ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﻓﻠﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ* ﺏ ﻤﻥ ﺠ ﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﻀﺎﻋﺎ ﺴ
ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺒﻜﻲ )ﺍﻟﻭﻁﻥ ( ﺍﻟﻤﻀﺎﻋﺎ
ﻤﺤﻤﺩ ﻤﻬﺩﻱ ﺍﻟﺠﻭﺍﻫﺭﻱ – )ﺒﺘﺼﺭﻑ( ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ ﻜﺎﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﺌل ﺒـ " ﺘﺸﺎﺅﻡ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺘﻔﺎﺅل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ " ،ﺒﻴﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻨﺫ ﺃﻥ ﻭﺌﺩ ﻤﻊ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍل ،ﻭﺍﻨﻬﺎﺭﺕ ﻋﻘﻼﻨﻴﺘﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻴﻔﻌل ﺍﻟﻌﻜﺱ :ﺇﺫ ﺴﻴﻐﺩﻭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﺘﻔﺎﺌل ﺍﻟﻌﻘل ﻤﻔﻠﻭل
ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ،ﻤﺘﻔﺎﺌل ﺍﻟﻌﻘل :ﺭﻀﻴﺎ ﺭﺍﻀﻴﺎ ﺨﻠﻲ ﺍﻟﺒﺎل ﻤﻁﻤﺌﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻴﻘﻴﻨﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺴﺴﻬﺎ ﻟﻪ
ﺍﻷﺸﻌﺭﻱ ،ﻭﺭﺴﺨﻬﺎ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺍﻟﻐﺯﺍﻟﻲ ﻋﻘﻠﻴﺎ ﺃﻭ ﺒﺸﻜل ﺃﺩﻕ "ﻻ ﻋﻘﻼﻨﻴﺎ" ،ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﻤﻔﻠﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺠﺒﺭﻴﺔ ﺘﻘﻴل ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﺭﺍﺩﺍﺘﻪ ﻭﺨﻴﺎﺭﺍﺘﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻁ ﺒﻤﺠﻤﻭﻋﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﺓ ﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﻫﻲ ﺍﷲ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺄﻭﻴل )ﻏﺯﺍﻟﻭﻱ( ﻏﺭﻴﺏ ﻓﻲ ﺍﺴﻘﺎﻁﻪ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻨﺤﻭ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻡ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺘﻔﺴﻴﺭﻩ ﻟﻠﻘﻭل ﺍﻟﻘﺭﺁﻨﻲ ":ﻭﺍﷲ ﺨﻠﻘﻡ ﻭﻤﺎ ﺘﻔﻌﻠﻭﻥ " ﻟﻴﺴﺘﻨﺒﻁ ﺃﻥ ﻜل ﻤﺎ ﻨﺅﺩﻴﻪ ﻤﻥ ﺃﻓﻌﺎل ﻭﺃﻋﻤﺎل ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﻤﻥ ﺼﻨﻊ ﺍﷲ !.
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﻭﻤﻨﺫ ﺴﻘﻭﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﺍﻷﻭل ٦٥٦ /ﻫـ /ﻋﻠﻰ ﻴﺩ ﻫﻭﻻﻜﻭ ،ﻓﻘﺩ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﻤﻐﺎﺩﺭﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻭﻟﻭﺝ ﻓﻲ ﻨﻔﻕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﻭﺴﺭﺍﺩﻗﻪ ،ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻻﻤﻭﺍﺕ ﺒﻭﺼﻔﻬﻡ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻤﻠﻜﻭﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻭﻫﻭ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﺤﺘﻀﺎﺭ ﺍﻤﺘﺩﺕ ﻭﺘﻤﺘﺩ ﻷﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺃﻟﻑ ﺴﻨﺔ ،ﻭﺍﻷﻤﺔ ﺘﺘﻨﺎﻭﺒﻬﺎ ﺍﻻﺠﺘﻴﺎﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﻋﻘﺭ ﺩﺍﺭﻫﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔ
ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ) ﻁﺎﻋﻤﺔ ﻜﺎﺴﻴﺔ ( ﺘﻨﺘﻅﺭ ﺤﺴﻥ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ،ﻓﻼ ﻫﻲ ﺘﻨﺎل ﺸﺭﻑ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻓﺘﻤﻀﻲ ﻭﺘﺒﻴﺩ ﻜﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﻻ ﻫﻲ ﺘﻨﻬﺽ ﻤﻌﺎﻓﺎﺓ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﻭﺍﻹﺤﺘﻀﺎﺭﺍﻟﻁﻭﻴل ﻟﺘﺴﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ،ﻓﺎﺭﺘﻀﺕ ﺨﻼل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﻁﻭﻴﻠﺔ ﺒﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻔﻅ ﻋﻠﻰ ﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ،ﺒﺩﺀﺍ ﻤﻥ ﻫﻭﻻﻜﻭ ،ﺠﻨﻜﻴﺯﺨﺎﻥ ،ﺘﻴﻤﻭﺭﻟﻨﻙ ،ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻨﻴﻭﻥ ،ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻐﺭﺒﻲ ،ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ " ﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻘﺭﻥ " ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻭﻫﻭ ﻴﺴﻘﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﻓﻲ ﻴﻭﻤﻴﻥ ،ﻋﺠﺯﺕ
ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺴﻘﻁ ﻤﺨﻴﻡ ﺠﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﻋﺸﺭﺓ ﺃﻴﺎﻡ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺴﻘﻁ ﻤﻥ ﺼﻔﻭﻓﻬﺎ
ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺠﻨﺩﻴﺎ ﻭﻀﺎﺒﻁﺎ ،ﻻ ﻴﻌﺎﺩﻟﻬﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﺴﻘﻁ ﻤﻥ ﻗﺘﻠﻰ ﻓﻲ ﺴﻘﻭﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ ،ﺇﺫﺍ ﺼﺤﺕ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ . ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺤﺩﺙ ﻤﺎﺤﺩﺙ؟ ﻜﻼﻭﺯ ﻓﻴﺘﻨﺯ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ ﺍﻟﺘﻘﻁ " ﺍﻷﺱ" ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻨﺠﺎﺡ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻭ ﺨﺴﺎﺭﺘﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻜﺎﻟﺴﺎﻋﺩ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺴﺩ ،ﻓﻜﻤﺎ ﺃﻥ
ﻗﻭﺓ ﺍﻟﺴﺎﻋﺩ ﺘﺴﺘﻤﺩ ﻁﺎﻗﺘﻬﺎ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻤﻥ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻌﺎﻓﺎﺓ ﺍﻟﺠﺴﺩ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﻴﺴﺘﻤﺩ ﻗﻭﺘﻪ ﻭﻓﺎﻋﻠﻴﺘﻪ ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﻴﺔ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﻓﺎﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺩﺭﺠﺔ ﺤﻴﻭﻴﺘﻬﻤﺎ ،ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﺍ ،ﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﺜﻘﺎﻓﺔ . 255
ﺍﺴﺘﻨﺎﺩﺍ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﻑ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل :ﺇﻥ ﺍﻟﺠﻴﻭﺵ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻻ ﺘﻌﺩﻭ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﺎﻋﺩﺍ ﺍﺼﻁﻨﺎﻋﻴﺎ ﻤﺴﺘﻌﺎﺭﺍ ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺜﻤﺭﺓ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻭﻤﺘﺭﺍﻜﺒﺔ ﻭﻤﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ،ﻤﻌﺭﻓﻴﺎ ﻭﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ﻭﺭﺅﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻻﺘﻌﺩﻭ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ) ﺨﺭﺩﺓ(
،ﻓﻜﻴﻑ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻴﺩ ﺍﻻﺼﻁﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭﺓ ﺇﺫ ﺘﺘﻌﺎﻭﺭ ) ﺨﺭﺩﺘﻬﺎ ( ﺘﺴﺘﻨﺩ ﺇﻟﻰ ﻜﺘﻑ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﻭﺍﺕ ﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﺄﺨﺭ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﻓﻜﺭﻴﺎ ﻭﺜﻘﺎﻓﻴﺎ ،ﻭﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﻘﺭﻭﺴﻁﻲ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎل ﺍﻟﺭﻴﻌﻲ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ ) ﺒﻴﻊ ﺍﻟﻤﺎﺯﻭﺕ ﺨﻠﻴﺠﻴﺎ ( ﻭﺒﻴﻊ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺼﺭﻴﺎ ﺃﻱ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ) ﺍﻟﺒﺨﺸﻴﺵ ( ،ﻜﻤﺎ ﻴﺴﻤﻴﻪ ﺃﺨﻭﺍﻨﻨﺎ ﺍﻷﻗﺘﺼﺎﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﻭﻥ ،ﺃﻅﻥ ﺃﻥ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ )ﺠﻼل ﺃﻤﻴﻥ ( .
ﻓﻜﻴﻑ ﺇﺫﺍ ﺸﻜﻠﺕ ﺨﺼﺎﺌﺹ ﺍﻟﻔﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﺄﺨﺭ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﺤﺘﻲ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ؟ ﻓﻼ ﺒﺩ ﻋﻨﺩﻫﺎ-ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ -ﻤﻥ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺤﺎﻟﺔ ﻁﻼﻕ ﺒﺎﺌﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻁﻼﻕ ﺒﺎﺌﻥ ﺒﻴﻥ ) ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻋﺎﺓ ( ﻭ ) ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺄﻤﻭﻟﺔ ( ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺴﺴﺕ ﻟﻪ ﺍﻟﺸﻌﺒﻭﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﺴﺎﺭﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ،ﺤﻴﺙ ﺘﻡ ﺘﺒﻨﻲ " ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻤﺂﻟﻬﺎ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ﻓﻘﻁ ،ﺤﻴﺙ ﺘﺤﻭﻴل ﺍﻟﺒﺸﺭ ﺇﻟﻰ ﻗﻁﻌﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﺩﻫﻤﺎﺀ
،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺼﻭﺕ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﻟﻭﻥ ﻭﻻ ﻁﻌﻡ ﻭﻻ ﺭﺍﺌﺤﺔ ﻜﺎﻟﻤﺎﺀ ،ﺇﻨﻬﺎ " ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﺍﻵﺴﻨﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻜﺩ ﻋﻠﻰ ﺤﻭﺍﻑ ﺼﺤﺭﺍﺀ ﻤﺠﺩﺒﺔ ،ﺘﻁﻔﻭ ﻓﻭﻕ ﺴﻁﻭﺤﻬﺎ ﺭﺅﻭﺱ ﻤﻠﻴﺌﺔ ﺒﺎﻟﺨﺭﺍﻓﺎﺕ ، ﻭﺍﻟﺤﻜﺎﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻬﺒﺎﺏ ،ﻭﺍﻟﻜﺫﺏ ﺍﻟﻤﻤﺘﻠﺊ ﺒﺠﺩﻴﺔ ﺍﻟﻴﻘﻴﻥ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺌﻴﺔ ﺍﻵﺴﻨﺔ ﻻﺘﺨﺘﻠﻑ ﺒﻨﻴﻭﻴﺎ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺩﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺤﻴﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻻ ﺒﺸﺭ. ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﺘﺘﻌﺎﻴﺵ ﻜﺴﺎﺤﺎﺕ ﻤﺘﺤﺎﺯﻴﺔ ،ﻤﺘﺠﺎﻭﺭﺓ ،ﻜﺨﻁﻭﻁ ﻤﺘﻭﺍﺯﻴﺔ ﻤﺘﻨﺎﻅﺭﺓ ﻻ
ﺘﻠﺘﻘﻲ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﻨﻬﺎﻴﺔ ،ﻭﻜﺄﻥ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺸﺒﻪ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ )ﺘﺠﺎﻭﺭ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﻔﺎﻋل( ﺘﺸﻜل ﺍﻟﻘﺎﻉ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻟﻠﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺒﺩﺌﻲ ﺍﻟﻼﻭﺍﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺨﺯﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺸﺨﺼﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﺍﻟﻘﺭﺁﻨﻲ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ " ﺍﻟﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤل ﺃﺴﻔﺎﺭﺍ " . ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻘﺼﺩﻫﺎ ﻫﻴﻐل ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻟﻬﺎ ،ﺃﻨﻬﺎ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ﺇﻻ ﻟﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﻴﺘﺸﺨﺼﻥ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ،ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ
،ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ،ﻭﺍﷲ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻤﺎ ﻏﺎﺏ ﻏﺎﺒﺕ ﻜل ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ .
ﻓﻲ ﻏﺯﻭﺓ ﻤﺅﺘﻪ – ﻭﺍﻟﺤﺭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻨﺒﻭﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻭﻗﻔﺎ ﺇﻟﻬﻴﺎ ،ﺒل ﻫﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻤﻜﻴﺩﺓ – ﺍﺴﺘﻌﻤل ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺯﻴﺩ ﺒﻥ ﺤﺎﺭﺜﺔ ،ﻭﻗﺎل :ﺇﻥ ﺃﺼﻴﺏ ﺯﻴﺩ ﻓﺠﻌﻔﺭ ﺒﻥ ﺃﺒﻲ ﻁﺎﻟﺏ ،ﻓﺈﻥ ﺃﺼﻴﺏ ﺠﻌﻔﺭ ﻓﻌﺒﺩ ﺍﷲ ﺒﻥ ﺭﻭﺍﺤﻪ ،ﻭﻴﺤﺩﺜﻨﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺜﻼﺜﺔ ﻗﺘﻠﻭﺍ ،ﻓﺎﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺨﺎﻟﺩﺍ ﺒﻥ ﺍﻟﻭﻟﻴﺩ ﻟﻴﻘﻭﺩ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﻨﺴﺤﺎﺏ ،ﻓﻘﺎﺩﻫﺎ ﺒﺒﺭﺍﻋﺔ ،ﻭﺠﻨﺏ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ ،ﻤﻤﺎ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻟﻴﺴﻤﻴﻪ ﺴﻴﻑ ﺍﷲ ،
ﻭﺃﻨﻪ ﺍﻟﻜﺭﺍﺭ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻔﺭﺍﺭ .
256
ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺒﺩﻴل ،ﺍﻟﺘﺩﺍﻭل ،ﺍﻟﺘﻌﺎﻗﺏ ،ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﺏ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻌﺎﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺤﺭﺒﻲ ﻤﻨﺫ ﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺭ ﻗﺭﻨﺎ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻟﻜﻨﺎ ﻤﻊ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻷﺸﺎﻭﺱ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻫﺫﻩ ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺘﺩﻋﻭﻫﻡ ﻟﺘﺤﺴﺱ ﻤﺴﺩﺴﺎﺘﻬﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻫﻲ –ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻡ -ﻤﻔﺭﺩﺍﺕ ﺍﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺘﻨﺸﺭﻫﺎ ﺍﻟﺴﻔﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ، ﻭﺘﺒﺸﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ !
ﻓﺎﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻘﺎﺌﺩ ﺤﻔﻅﻪ ﺍﷲ ) ﻓﻲ ﻓﺭﺍﺭﻩ ﺃﻭ ﻤﻤﺎﺘﻪ ( ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻴﻤﻠﻙ ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ ﻟﻠﻭﻁﻥ ،ﻴﺘﻌﺩﻯ ﺤﺩﻭﺩ ﺠﺴﺩﻴﺘﻪ ،ﻓﻬﻭ ﺍﻟﻤﺒﺘﺩﺃ ﻭﺍﻟﺨﺒﺭ ،ﻭﺍﻟﻤﻔﺭﺩ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ ﻓﻲ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﻤﺂﻻﺕ ﺍﻷﺜﺭ ،ﻭﺩﻻﻻﺕ ﺍﻟﻌﺒﺭ ،ﻓﺎﻟﺴﻭﺍﺩ ) ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ " ﺒﺴﺘﺎﻥ ﻗﺭﻴﺵ" ( ﻫﻜﺫﺍ ﺃﻋﻠﻥ ﺃﺤﺩ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻻﻤﻭﻱ ،ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﺒﻭﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻭﻴﺔ ﻭﺭﺜﺕ ﻤﻔﻬﻭﻡ "ﺘﻭﺭﻴﺙ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ" ﻓﻐﺩﺍ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺒﺴﺘﺎﻨﺎ ﻟﻠﻌﺎﺌﻠﺔ ﻭﺍﻟﺒﻴﺕ ﻭﺍﻷﻫل ﻭﺍﻟﺭﻓﺎﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﻴﺭﺓ
ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻘﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻻﻤﻭﻱ ﺴﻴﺅﺴﺱ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﺒﺴﺘﺎﻨﻬﻡ ،ﺒﺴﺘﺎﻨﺎ ﻜﻭﻨﻴﺎ ، ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﺤﺎﻀﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﻋﺎﺼﻤﺘﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻻﺤﻘﺎ ،ﻭﻟﻴﺘﺤﻘﻕ ﺍﻟﻭﻋﺩ ﺍﻹﻟﻬﻲ ﺒﺄﻥ ﺍﷲ ﺃﻭﺩﻉ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺨﺯﺍﺌﻥ ﻋﻠﻤﻪ ﻭﺭﺤﻤﺘﻪ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺨﺯﺍﺌﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻔﻅﻬﺎ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻥ ،ﻟﻴﺄﺘﻲ ﺃﺤﻔﺎﺩ ﻜﻭﻟﻭﻤﺒﺱ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺯﺌﺔ ﻟﺘﺸﻭﻤﺴﻜﻲ ،ﻟﻴﺜﺄﺭﻭﺍ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ،ﺜﺄﺭ ﺍﻟﻨﺎﻗﻡ ﺍﻟﻨﻐل ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻼ ﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻫﻜﺫﺍ ﺘﺤﺩﺙ ﺒﻤﺭﺍﺭﺓ ﻫﺸﺎﻡ ﺸﺭﺍﺒﻲ ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﻗﺼﻑ ﺍﻟﻨﺠﻑ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻹﺫﺍﻋﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻤﻌﺒﺭﺍ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﺯﻭﻉ ﺍﻟﻔﻁﺭﻱ ﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭﻱ ﺍﻟﻤﺘﺄﺼل ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﻴﺯﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺩﻤﺭ ﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﺘﻌﻭﻴﻀﺎ ﻋﻥ ﺍﻓﺘﻘﺎﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﺘﺭﺍﺙ ﺤﻀﺎﺭﻱ ! ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﺘﻘﺎﻨﻲ ﺍﻟﻬﺎﺌل ﻭﺍﻟﻅﻼﻡ ﺍﻟﺭﻭﺤﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﻙ ؟ ﻻ ﺘﺎﺭﻴﺨﺎﻨﻴﺔ ﻤﺎﺭﻜﺱ ﻭﻻ ﻋﻠﻡ ﻨﻔﺱ ﻓﺭﻭﻴﺩ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻔﺴﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺍﻟﻤﻤﺯﻕ ﻟﻠﻌﻘل ! ﺭﺒﻤﺎ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺒﻭﺨﻨﺭ ﻭﻻﻤﺎﺭﻙ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺍﺭﻭﻴﻨﻴﺔ ﺘﻔﺴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭﻴﺔ ﺍﻟﻐﺭﻴﺯﻴﺔ
ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻘﻭﻟﺔ "ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻟﻸﻗﻭﻯ" ﺍﻭﻤﻘﻭﻟﺔ ﻨﻴﺘﺸﻪ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ ﺒﺄﻥ "ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻻ ﺘﻔﻜﺭ" . ﻟﻡ ﻴﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺒﺎل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺨﺎﻟﺩ – ﻗﻁ – ﺒﺄﻨﻪ ﺴﻴﻘﺘل ،ﺃﻭ ﻴﻤﻭﺕ ،ﻓﻬﻭ ﺴﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺭﺏ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ،ﻭﻤﻌﻤﺭ ﺍﻻﻭﻁﺎﻥ ،ﺍﻟﺼﻤﺩﻱ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺍﻷﺤﺩ ،ﺇﺫ ﺼﻤﺩﻴﺘﻪ ﻻ ﺘﺴﺘﻨﻔﺫﻫﺎ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻤﺒﺘﺩﺃ ﻭﺍﻟﺨﺒﺭ ،ﻭﺃﺒﺩﻴﺘﻪ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﻻ ﻴﺸﻙ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺭ ،ﻓﻜﻴﻑ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﻤﻭﺕ ﺩﻭﻥ ﻤﻭﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺫﺍﺘﻬﺎ ،ﻓﻤﺎ
ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻤﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﺒﺸﺭ ؟ ﻤﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺒﺩﻭﻥ ﺃﻨﻭﺍﺭﻩ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻀﻲﺀ ﺇﻻﻅﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺯﻨﺎﺯﻴﻥ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺇﺸﺎﻋﺔ ﻨﻭﺭ ﺭﻋﺒﻪ ﺍﻟﻜﺎﺒﻭﺴﻲ ؟ ﻭﻟﺫﺍ ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﺴﻘﻁ ﺴﻴﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ،ﻭﺭﺏ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ،ﺴﻘﻁ ﺍﻟﺠﻴﺵ ،ﻭﺍﻟﻭﻁﻥ ،ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ !
ﻜﻨﺎ ﺼﺎﻤﺘﻴﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﺔ ﻋﻥ ﺼﻤﺩﻴﺔ ﺼﺩﺍﻡ ،ﻷﻥ ﻗﻠﺒﻨﺎ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﺍﻟﻤﻌﺫﺏ ﻭﺍﻟﺠﺎﺌﻊ ﻭﺍﻟﺼﺎﻤﺕ ،ﻭﻷﻥ ﺃﻱ ﺘﺸﻜﻴﻙ ﻓﻲ ﺼﻤﻭﺩﻩ ﺍﻟﺼﻤﺩﻱ – ﺤﺴﺏ ﺘﻘﺩﻴﺭﻨﺎ ﺤﻴﻨﺫﺍﻙ -ﺴﻴﻌﺯﺯ
ﺭﺒﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﻨﻭﻥ ﺍﻵﺨﺭ" ﺒﻭﺵ " ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻨﻔﺴﻪ ،ﻤﺜﻠﻪ ﻤﺜل ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ " ﻤﻨﺫﻭﺭﺍ ﻷﻤﺭ ﺇﻟﻬﻲ ﻜﺒﻴﺭ " ،ﻭﺼﺎﺤﺏ ﺭﺴﺎﻟﺔ "ﻴﻠﺒﻲ ﻨﺩﺍﺀ ﺭﺒﺎﻨﻴﺎ " ! 257
ﻓﻨﺤﻥ ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﺘﺠﺎﻩ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﻤﻠﺤﻤﻴﺔ ﻁﻘﺴﻴﺔ ﺘﺘﺼﺎﺭﻉ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﻤﺼﺎﺌﺭ ﺍﻟﺒﺸﺭ ،ﻨﺤﻥ ﺘﺠﺎﻩ ﻤﺸﺎﻫﺩ ﺨﺭﺍﻓﻴﺔ ﻴﺘﺒﺩﻯ ﻓﻴﻬﺎ ﻜل ) ﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ( ﻤﺎﺭﻜﻴﺯ ﻭﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ ، ﻤﺠﺭﺩ ) ﺤﺠﺎﺏ | ﺨﺩﻡ ( ﻋﻨﺩ ﺠﻨﺭﺍﻻﺘﻨﺎ ،ﻭﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺍﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻭﻥ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻭﺍﻗﻌﺎ ﺨﺭﺍﻓﻴﺎ ﺘﻜﺘﺒﻪ
ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺘﻨﺘﺠﻪ ﺴﻴﻨﻤﺎ ﻫﻭﻟﻴﻭﻭﺩ ،ﺃﻟﻡ ﻴﺩﻋﻭ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺭﻤﻀﺎﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﺯﺓ ﺒﻴﻥ ﺴﻴﺩﻩ ﻭﺒﻴﻥ ﺴﻴﺩ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻷﺒﻴﺽ ،ﻜﻠﻴﻨﺘﻭﻥ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ! ؟ ﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ،ﺃﻋﺩﻭﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭ ﻤﻨﺫ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ،ﻋﺭﺽ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭ ﻋﻠﻰ ﺒﻭﺵ ﺍﻷﺏ ،ﻓﺎﻋﺘﺫﺭ ﻤﻜﺘﻔﻴﺎ ﺒﺄﻨﻪ ﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﻋﻘﺩﺓ ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ، ١٩٩١ ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺈﻓﺭﺍﻏﻪ ﺸﺤﻨﺘﻪ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺭﻤﺎل ﺸﺒﻪ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻟﻴﺩﻓﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻘﺩﺓ ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ !
ﻭﻋﺭﻀﺕ ﺍﻟﺨﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﻜﻠﻴﻨﺘﻭﻥ ﻓﺎﻋﺘﺫﺭﻤﻜﺘﻔﻴﺎ ﺒﺈﺴﻌﺎﺩ ﻗﻠﻭﺏ ﻋﺼﺎﺒﺔ ﺍﻟﺒﻨﺘﺎﻏﻭﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻷﺒﻴﺽ
ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺃﻓﺭﻍ ﺸﺤﻨﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺒﻴﺔ ﺒﺈﻁﻼﻕ ﻭﺠﺒﺎﺕ ﻤﻥ ﺼﻭﺍﺭﻴﺦ ﺍﻟﻜﺭﻭﺯ ، ﻭﺍﻟﺘﻭﻤﺎﻫﻭﻙ ﻓﻭﻕ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻤﻘﺩﻤﺎ ﻟﻬﻡ ﻫﺩﻴﺔ ﺘﺭﻀﻴﺔ ﺒﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒـ " ﺜﻌﻠﺏ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ" . ﻭﻋﺭﻀﻭﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ﻤﺠﺎﻨﻴﻨﻬﻡ ﻓﻲ ﻭﻻﻴﺔ ﺃﺴﺭﺍﺌﻴل ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻭﻫﻭ ﻨﺘﻨﻴﺎﻫﻭ ﺍﻟﺸﺭﻴﻙ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺃﻭﺴﻁﻴﺔ ،ﻓﺎﺴﺘﻔﻅﻊ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻫﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﺠﻨﻭﻨﺎ ﻤﻨﻪ ،ﻓﺭﻓﻀﻬﺎ.
ﻓﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﺍﻟﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ﻟﻬﺎ " ﺍﺒﻥ ﻻﺩﻥ " ﻓﺘﻘﺒﻠﻬﺎ " ﺍﺒﻥ ﺒﻭﺵ " ﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ ،ﻭﺒﺩﺃﺕ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺴﻠﻴل ﺁﻟﻬﺔ ﺴﻭﻤﺭ ﻭﺁﻜﺎﺩ ﻭﺍﻟﺤﺜﻴﻴﻥ ﻭﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺭﺸﻴﺩ ،ﻗﺎﺒﻊ ﻓﻲ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﻻ ﻴﻔﻌل ﺸﻴﺊ ﺴﻭﻯ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻓﻥ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭﻜﺴﺏ ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ . ﻤﻨﺫ ﻋﻘﺩ ﻭﻨﻴﻑ ،ﻭﻓﻲ ﺤﺭﺒﻪ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺍﺩ ﻋﺒﻭﺭ ﺃﺭﺍﻀﻴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺩﻭﺩ ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ، ﻭﻗﻊ ﻓﻲ ﻟﺒﺱ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺃﺨﻁﺄ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ،ﺇﺫ ﻅﻥ ﺃﻨﻪ ﻴﻌﺒﺭ ﺃﺭﺽ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻻ ﺍﺭﺽ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ ﺇﻟﻰ
ﺤﺩﻭﺩ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ؟
ﻭﻗﻔﻨﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻓﻲ ﻤﺤﻨﺘﻪ ﺒﺎﻟﻜﻠﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﺼﻌﺏ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺴﺠل ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺒﺄﻥ ﻋﺩﻭﺍﻨﺎ ﺃﻤﺭﻴﻜﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺒﻠﺩ ﻋﺭﺒﻲ ﻴﻤﺭ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺭﺘﻔﻊ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺇﺩﺍﻨﺔ ﻭﺍﺤﺘﺠﺎﺠﺎ ،ﻓﻌﻠﻨﺎ ﻤﺎﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻓﻌﻠﻪ ﺤﺒﺎ ﺒﺎﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺃﺩﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻤﻠل ﻭﻨﺤل ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻤﺫﺍﻫﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﺤﺒﺎ ﺒﺄﺒﻲ ﺤﻨﻴﻔﺔ ) ﺍﻷﺭﺃﺘﻲ -ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﻰ
ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ( ﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﺄﺨﺫ ﺍﻹﻤﺎﻡ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻌﻘل ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﻭﺓ ﺍﻷﺴﺎﻨﻴﺩ ﺤﺘﻰ ﺃﻨﻪ ﻟﻡ
ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﺼﺤﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﺒﻌﺔ ﻋﺸﺭ ﺤﺩﻴﺜﺎ ﻨﺒﻭﻴﺎ ،ﺇﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﻘل ﻻ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﻨﻘل ،ﻨﻘﻭل :ﺤﺒﺎ ﺒﺎﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻭﺍﻟﺤﻼﺝ ،ﻭﺃﺒﻲ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻱ ﻭ ﺸﻴﺨﻪ ﺃﺒﻲ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﻲ ،ﻭﺍﻟﺠﺎﺤﻅ ﻭﻭﺍﺼل ﺒﻥ ﻋﻁﺎﺀ ﺸﻴﺦ ﻤﻌﺘﺯﻟﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﺇﻋﺠﺎﺒﺎ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻴﺢ ﻹﻋﺘﺯﺍل ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﻋﺒﻴﺩ ﺒﺄﻥ " ﻴﻜﻔﺭ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﺘل ﻤﺴﻠﻤﺎ " ﺴﺎﺒﻘﺎ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺒﺄﻟﻑ ﻋﺎﻡ ﻤﻥ
ﺍﻟﺘﺠﺭﺅ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺍﻨﺔ ﺍﻹﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﺫﺭﺍﺌﻌﻲ ﻟﻠﻤﻘﺩﺱ ،ﻷﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻲ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺨﻁﻴﺭ ،
ﺴﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﺤﻜﻡ ﻤﺠﺎﺯﻑ ﻭﻤﺘﻬﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺤﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺒﺸﺭﻴﻥ ﺒﺎﻟﺠﻨﺔ ،ﺒﺄﻨﻬﻡ 258
ﺨﺎﻟﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻨﻪ ﺴﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﻭﺍﻩ ﺘﻠﻙ ﻏﻠﻭ ﻻ ﻴﺤﺘﻤﻠﻪ ﻤﺘﻭﺴﻁ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ ﺃﻴﺎﻤﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﻭﺫﻟﻙ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ) ﻁﺭﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﻲ " ﻤﻭﻗﻌﺔ ﺍﻟﺠﻤل " ﺨﺎﻟﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ( ﺒﺎ ﺇﻨﻪ ﻴﺭﻓﺽ – ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺃﻱ – ﺸﻬﺎﺩﺓ ﻜل ﻤﻥ ﻗﺎﺘل ﻤﻊ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻭﻗﻌﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ
ﺃﺴﺴﺕ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﺥ ﻓﻲ ﺠﺴﻡ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻴﻭﻤﻨﺎ ﻫﺫﺍ !
ﺤﺒﺎ ﺒﻌﺭﺍﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺏ ﻭﻏﺎﺌﺏ ﻁﻌﻤﻪ ﻓﺭﻤﺎﻥ ﻭﻋﻠﻲ ﺍﻟﺸﻭﻙ ﻭﻫﺎﺩﻱ ﺍﻟﻌﻠﻭﻱ ﻭﻓﺎﻟﺢ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ، ﻭﺸﻴﺭﻜﻭﺒﻴﻜﺴﻪ ﻭﺠﻭﺍﺩ ﺴﻠﻴﻡ ﻭﺠﻭﺍﺩ ﻋﻠﻲ ﻭﺴﻌﺩﻱ ﻴﻭﺴﻑ ﻭﻫﺎﺸﻡ ﺸﻔﻴﻕ ،ﻓﻴﺼل ﻟﻌﻴﺒﻲ ،ﻋﺼﺎﻡ ﺍﻟﺨﻔﺎﺠﻲ ،ﺯﻫﻴﺭ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ،ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﻌﺎﻨﻲ ،ﺠﻭﺍﺩ ﺍﻷﺴﺩﻱ ﻭﺍﻟﺭﺍﺌﻌﺔ ﺯﻴﻨﺏ ﻭﺭﻭﻨﺎﻙ ﺸﻭﻗﻲ ﻭﺠﻤﻌﺔ ﺍﻟﻼﻤﻲ ﻭﻋﻼﺀ ﺍﻟﻼﻤﻲ ،ﻭﺴﻠﻴﻡ ﻤﻁﺭ ﻭﻭﻭ ....ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻫﻭ ﻋﺭﺍﻗﻨﺎ ،ﻋﺭﺍﻕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ ﻭﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ...ﺃﻟﻴﺱ ﻫﺅﻻﺀ ﻫﻡ ﺴﺩﻨﺔ ﺨﺯﺍﺌﻥ ﻋﻠﻤﻙ ﻭﺤﻜﻤﺘﻙ ﻴﺎ ﺍﷲ ؟ ﻓﻜﻴﻑ
ﺴﻤﺤﺕ ﺒﺴﻘﻭﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﺒﺄﻴﺩﻱ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺭﻭﻥ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﻨﻔﻁﺎ ؟ ﻫل ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﺴﻔﻬﺎﺀ ﻤﻨﺎ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺭﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺇﻻ ﺜﻜﻨﺎﺕ ﻭﺃﺼﻔﺎﺩﺍ ﻭﺴﺠﻭﻨﺎ ﻭﻗﺼﻭﺭﺍ ؟ ﻤﻥ ﺃﺠل ﻋﺭﺍﻕ ﻫﺅﻻﺀ ،ﻭﻗﻔﻨﺎ ،ﻭﻜﺘﺒﻨﺎ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻻﺤﺕ ﻟﻨﺎ ﻅﻼل ) ﺃﻡ ﺍﻟﻬﺯﺍﺌﻡ ﻭﻜﺎﺭﺜﺔ ﺍﻟﻜﻭﺍﺭﺙ ( ﻜﺘﺒﻨﺎ ﻨﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﺯﻋﻴﻡ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻫﻼ ﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻪ – ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺃﻡ ﺯﻴﻔﻪ – ﺃﻥ ﻴﺭﺘﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺃﺤﻼﻤﻪ ﺃﻭﺃﻭﻫﺎﻤﻪ ﺍﻻﻤﺒﺭﺍﻁﻭﺭﻴﺔ ﻜﻘﻭﻤﻲ ﺒﻌﺜﻲ ﻋﺭﻭﺒﻲ ،ﺃﻱ ﺃﻥ
ﻴﺭﺘﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﻤﺯﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺨﺘﺎﺭﻩ ،ﻓﻴﻜﻭﻥ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﺒﺈﻁﻼﻕ ﺭﺼﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺃﺱ ﺘﺭﺘﻔﻊ ﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﻤﺯ ،ﻜﻜل ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﻋﺠﺏ ﺒﻬﻡ ﻜـ ) ﻫﺘﻠﺭ ﻭﺴﺘﺎﻟﻴﻥ ( ،ﻟﻜﻨﻪ ﺨﺫﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺭﺘﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﻌﻅﺎﻡ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﻋﺭﻓﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ،ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻤﺎﻫﻰ ﺒﺎﻟﻭﻁﻥ ﻭﺍﻷﻤﺔ ،ﻓﻴﺤﺘﻜﺭﻫﻤﺎ ﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺘﻪ ،ﻭﻴﺭﻓﺽ ﺨﻴﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻵﺨﺭﻴﻥ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺴﻘﻁ ﺨﻴﺎﺭﺍﺘﻪ ﻭﺘﻨﻬﺎﺭ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺫﻫﺏ ﻤﻌﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﻓﻌل ﻫﺘﻠﺭ ،ﺃﻱ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻴﺩ ﻜل ﺸﻲﺀ ﺃﻭ ﻻ ﺸﻴﺊ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻬﻭ ﻻ ﻴﺴﺭﻕ ﺒﻼﺩﻩ ﻭﻭﻁﻨﻪ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺒﻜﺎﻤﻠﻪ ﻴﻌﺘﺒﺭﻩ ﻤﻠﻜﺎ ﻟﻪ ،ﻓﻼ ﻴﻘﺒل ﺒﺒﻌﺽ ﺃﺠﺯﺍﺌﻪ ﻟﻴﻬﺭﺒﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺒﻨﻭﻙ ﺃﻋﺩﺍﺌﻪ ،ﻟﻘﺩ ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻫﺘﻠﺭ ﻭﺃﻁﻠﻕ ﺍﻟﺭﺼﺎﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻘﺭﺼﺎﻥ ﺍﻟﻠﺹ ، ﻜﻤﺴﺘﺒﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺴﺘﺤﻘﻭﻥ ﻟﻘﺏ ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ،ﺇﺫ ﻫﻡ ﻻﻴﺴﺘﺤﻘﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺭﺘﺒﺔ
ﺍﻟﻘﺭﺼﺎﻥ !.
ﺴﺘﺎﻟﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻋﺠﺏ ﺒﻪ ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ ﺃﺸﺩ ﺍﻟﻌﺠﺏ ﻭﺤﺎﻭل ﻤﺤﺎﻜﺎﺘﻪ ،ﻴﺭﺩ ﻏﺴﺎﻥ ﺘﻭﻴﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﺒﺄﻥ ﺴﺘﺎﻟﻴﻥ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺃﺭﻫﺏ ﺨﻠﻴﻔﺘﻪ ﻭﺸﻌﺒﻪ ،ﻓﻸﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺃﺭﻫﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺎﻨﺘﺼﺎﺭﺍﺘﻪ ، ﺴﺘﺎﻟﻴﻥ ﻟﻡ ﻴﺒﻥ ﻗﺼﻭﺭﺍ ﻟﻪ ﻭﻷﺒﻨﺎﺌﻪ ،ﺒل ﺭﻓﺽ ﺃﻥ ﻴﺒﺎﺩل ﺍﺒﻨﻪ ﺍﻟﺠﻨﺩﻱ ﺍﻷﺴﻴﺭ ﺒﺠﻨﺭﺍل ﺃﻟﻤﺎﻨﻲ ، ﻭﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺭﻴﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﻤﻜﺘﺒﻪ ﺨﻼل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻭ ﻁﺎﻭﻟﺘﻪ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻴﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﺨﻁﻁ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺨﻼل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﺏ ،ﻭﻴﺘﻨﺎﻭل ﻭﺠﺒﺎﺘﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ. 259
ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﻨﺤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ،ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺠﻲ ﻓﻲ ﺸﻤﻭﻟﻴﺘﻪ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭﻴﺔ ﻓﻘﻁ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻴﻔﺘﻘﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻹﻴﺠﺎﺒﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺘﻜﻔﻠﻬﺎ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻤﻨﺫ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﺇﻟﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﻤﺎﺕ ،ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻌﻤل ،ﻭﺍﻟﻁﺒﺎﺒﺔ ،ﻭﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻜﻔل
ﻗﻭﺕ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻜﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ،ﻭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﻨﺎﺯﻴﺔ !
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻬﺩﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻲ ،ﺤﺘﻰ ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﺍ ﻤﺤﺘﺭﻤﺎ -ﺒﺎﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﺠﻤﺎل ﻋﺒﺩ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻏﺎﺩﺭ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺩﻭﻥ ﺍﻥ ﻴﻤﻠﻙ ﻤﻨﺯﻻ ﺨﺎﺼﺎ ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻌﺭﻭﻑ -ﺒل ﻟﻡ ﻴﻘﺩﻡ ﻟﻨﺎ ﺴﻭﻯ ﻗﺭﺍﺼﻨﺔ ﻻ ﻴﺘﻤﺎﻫﻭﻥ ﻤﻊ ﺒﻼﺩﻫﻡ ﺸﻤﻭﻟﻴﺎ ،ﺒل ﻴﺴﺭﻗﻭﻨﻬﺎ ﻟﺼﻭﺼﻴﺎ ،ﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺎﺕ ،ﺒل ﻤﻤﺎﻟﻙ ﻟﻠﻘﺭﺼﻨﺔ ﻭﺍﻟﻠﺼﻭﺹ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ !
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻀﺎﻤﻨﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ١٩٩١ﻤﻥ ﺨﻼل ﺒﻴﺎﻥ ﺍل ) ( ٥٢ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ
ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ،ﻜﻨﺎ ﻨﻤﺎﺭﺱ ﻨﻭﻋﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺍﻁﺅ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﺒﻴﺎﻨﻨﺎ ﻨﻘﺩﺍ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ،ﺇﺫ ﻜﺎﻥ ﺘﺠﻨﺒﻨﺎ ﻨﻘﺩ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ –ﺤﻴﻨﺫﺍﻙ -ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺼﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ، ﻭﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻜﻨﺎ ﻨﺭﻯ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻤﺔ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﺘﺠﺩ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺒﻌﺩ ﻗﺩ ﺍﻨﻬﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﺎﻜﻴﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﻭﻓﻲ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ – ﻭﻟﻸﻤﺎﻨﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ – ﻜﺎﻥ ﺒﻌﻀﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺒﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺘﺤﻤﺴﻴﻥ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ
ﻟﻠﺒﻴﺭﻭﻴﺴﺘﺭﻭﻴﻜﺎ ،ﻭﻨﻘﺩ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻲ ،ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﺃﺒﺩﻯ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺘﺤﻔﻅﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻘﺭﺓ ﺃﻭ ﺘﻠﻙ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﺴﻌﺩ ﺍﷲ ﻭﻨﻭﺱ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺘﺸﺩﺩﺍ ﻓﻲ ﺭﻓﺽ ﺘﻀﻤﻴﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺍﻟﺘﺤﻴﺔ ﻟﻠﺠﻴﺵ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺠﻴﺵ ﻜﺎﻥ ،ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺭﺍﺴﺨﺔ – ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ – ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺠﻴﻭﺵ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻫﻲ ﺠﻴﻭﺵ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺠﻴﻭﺵ
ﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ،ﻭﻗﺩ ﺼﺩﻗﺕ ﻨﺒﻭﺀﺘﻪ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ،ﻭﺴﻘﻭﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ –ﺍﻟﻴﻭﻡ -ﺃﺜﺒﺕ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺠﻴﻭﺵ ﻟﻴﺴﺕ ﻋﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﺤﺘﻰ ﻋﻥ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺃﻨﻅﻤﺘﻬﺎ ! ﻤﻨﺫ " ﺃﻡ ﺍﻟﻜﻭﺍﺭﺙ " ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﻓﻥ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺫﺍﺕ ،ﻟﻴﻜﺴﺏ ﻤﺯﻴﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﺤﺘﻰ ﻴﻜﺒﺭ ﺍﻷﺒﻨﺎﺀ ﻟﺒﻠﻭﻍ ﺴﻥ ﺍﻟﻭﺭﺍﺜﺔ ،ﻓﻴﺴﻠﻤﻭﺍ " ﺒﺴﺘﺎﻥ ﺴﻭﺍﺩ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ". ﺨﻼل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﻘﺩ ،ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﺘﻠﻭ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯل ﻟﻸﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﻭﺍﻟﺘﺸﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻅﻡ ﺘﻠﻭ ﺍﻟﺘﺸﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻅﻡ ﺘﺠﺎﻩ ﺸﻌﺒﻪ ﺍﻟﺠﺎﺌﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺒﺯ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻓﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﺭﻫﻴﻥ
ﻤﺤﺒﺴﻲ ﺤﺼﺎﺭﺍﻟﺠﻭﻉ :ﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺠﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﻤﺔ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ،ﻭﺍﻟﺠﻭﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻭﻜل ﺫﻟﻙ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﻗﺘل ﺭﻭﺡ ﺍﻟﺭﻓﺽ ﻭﺍﻹﺒﺎﺀ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ،ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺒﻠﻭﻍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺭﻙ ﻨﻅﺎﻤﻪ ﻴﻘﺎﺘل ﻟﻭﺤﺩﻩ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺠﺒﺭ ﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻜﻌﺒﺎﺱ ﺒﻴﻀﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺩﻋﻭﻩ :ﺇﺫﻫﺏ ﺃﻨﺕ ﻭﺃﻭﻻﺩﻙ ﻭﺤﺎﺸﻴﺘﻙ ﻭ ..ﻭ ..ﻓﻘﺎﺘﻠﻭﺍ
،ﻭﻫﻭ ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺠﻌل ﺠﺒﺭﺍﻥ ﺘﻭﻴﻨﻲ ﻴﺴﺘﻨﺘﺞ :ﺃﻥ ﻤﺎ ﺴﻘﻁ ﻫﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻭﻟﻴﺱ ﺒﻐﺩﺍﺩ ،ﻷﻥ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﻟﻡ ﺘﻘﺎﺘل . 260
ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺘﻘﺎﻁﻊ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻓﻲ ﻭﺃﺩ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺒﻁﻭﻟﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻷﻥ ﺍﻷﺒﻁﺎل ﻜﺎﻟﻨﻤﻭﺭ ﻻ ﻴﺄﻜﻠﻭﻥ ﺍﻟﻌﺸﺏ ﺃﺒﺩﺍ ،ﻭﺯﻜﺭﻴﺎ ﺘﺎﻤﺭ ﻤﻨﺫ ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ ﺍﻜﺘﺸﻑ ﺴﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺘﺩﺠﻴﻥ ﺸﻌﻭﺒﻪ ،ﺇﺫ ﻫﻭ ﻴﺤﻭل ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﻤﻥ ﻨﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺨﺭﻭﻑ ﻓﻲ
ﻗﺼﺘﻪ " ﺍﻟﻨﻤﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭ " ،ﻭﺍﻟﺨﺭﻭﻑ ﻴﺜﻐﻭ ﺘﺠﺎﻩ ﻜل ﻤﻥ ﻴﻘﺩﻡ ﻟﻪ ﺍﻟﻌﺸﺏ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺎﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﻬﺘﻔﻭﻥ ﻟﻠﺯﻋﻴﻡ ﺒﺎﻟﺭﻭﺡ ﻭﺍﻟﺩﻡ ،ﻫﻡ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺭﺍﻜﻀﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﻋﺎﺸﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻤﻤﺘﻨﻴﻥ ﺸﺎﻜﺭﻴﻥ ﺭﺍﻓﻌﻴﻥ ﺸﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻨﺼﺭ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺩﻤﺭﺕ ﻓﻴﻬﻡ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﻭﺍﻤﺘﺹ ﻤﻨﻬﻡ ﺍﻟﺩﻡ . ﺇﻥ ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺘﻤﺯﻕ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺘﺸﻅﻴﻪ ﺍﺨﺘﺭﻗﺕ ﻋﻘل ﺍﻷﻤﺔ ﺒﻜل ﺘﺠﻠﻴﺎﺘﻪ ﻭﺃﻁﻴﺎﻓﻪ ،ﺇﺫﻴﺘﻤﻠﻰ ﺼﻔﺤﺘﻪ ﻓﻲ ﻤﺭﺁﺓ ﺯﻤﻨﻪ ﺍﻟﻤﺘﻜﺴﺭ ﻭﻗﺩ ﺭﺼﺩ ﺒﻌﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ،ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻤﻨﻬﻡ ،ﺃﻤﻴﻥ ﻗﻤﻭﺭﻴﺔ
ﻭﺒﺭﻫﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ) ﺍﻟﺜﻼﺜﺎﺀ ٢٥ﺸﺒﺎﻁ ، ٢٠٠٣ﺇﺫ ﺘﻭﻗﻑ ﻤﺘﻘﺼﻴﺎ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺘﺼﺩﻉ ﻭﺍﻟﺘﺸﻅﻲ ﻫﺫﻩ :ﺒﻴﻥ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻱ ﻁﻐﻴﺎﻨﻲ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻵﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺭﻓﺽ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﻤﻔﻌﻡ ﺒﺭﻭﺍﺌﺢ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﻭﺍﻷﻁﻤﺎﻉ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ،ﻭﺒﻴﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﺘﻔﺭﺝ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻟﻴﺴﺕ ﺤﺭﺒﻪ ،ﻭﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺨﺎﺴﺭ ﻫﻭ ﻤﻜﺴﺏ ﻟﺘﻔﻌﻴل ﻤﻴﻜﺎﻨﻴﺯﻡ ﺍﺨﺭﺍﺝ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﻨﻘﺎﻋﻪ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺃﻱ ﺠﺩﻴﺩ ﺴﺘﺤﻤﻠﻪ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﺃﻓﻀل ﻤﻤﺎﻫﻭ ﻗﺎﺌﻡ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻼﺤﺭﺏ ﻭﺍﻟﻼﺴﻠﻡ ﻟﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻨﺘﺎﺠﻪ ﺴﻭﻯ ﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﺴﻲﺀ ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺌﻪ ، ﻭﺘﻘﺩﻴﻡ ﺠﺭﻋﺔ ﺇﻀﺎﻓﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻷﻭﻜﺴﺠﻴﻥ ﻟﻸﻨﻅﻤﺔ ﻭﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﺒﻁﻲﺀ ،ﻓﺎﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ -ﻓﻲ ﻜل ﺍﻷﺤﻭﺍل -ﻴﻤﺜل ﻗﺎﻁﺭﺓ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﻟﻠﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻤﺎﺭﻜﺱ ،ﻓﻬﻭ ﺇﺫ ﻜﺎﻥ ﻴﺩﻙ ﺍﻟﺒﻨﻰ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻴﺒﻌﺙ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﻘﺎﺽ ﻭﻋﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻠﻠﻲ ﻭﻋﻴﺎ ﺤﺩﻴﺜﺎ ﺒﺎﻻﻨﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ،ﻭﺒﻴﻥ ﻗﺎﺌل ﺃﻥ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺤﻤل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻲ ﻟﻼﺴﺘﻌﻤﺎﺭ
ﺍﻷﻭﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺴﺎﻫﻡ -ﺍﻷﺨﻴﺭ -ﺒﺒﻌﺙ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺒﻌﺙ ﻫﻭﻴﺎﺕ ﻋﺘﻴﻘﺔ ﻤﺎ ﻗﺒل ﻭﻁﻨﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺒﻴﺔ ﺍﻹﺜﻨﻴﺔ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺌﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺌﺭﻴﺔ ( ﻓﻬﻭ ﻗﺎﻁﺭﺓ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﻟﻠﺘﺩﻤﻴﺭ ،ﻭﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﻓﻘﻁ . ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ،ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻴﻘﻭل :ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﺘﺴﺘﻤﺩ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺘﻬﺎ ﻭﻤﺴﻭﻏﺎﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺸﻌﺎﺭﻫﺎ ) ﺍﻋﻁﻨﻲ ﻨﻔﻁﺎ
ﺃﻋﻁﻴﻙ ﺤﻜﻤﺎ ) ﻟﻠﺨﻠﻴﺠﻴﻴﻥ ( ﺍﻋﻁﻨﻲ ﺴﻴﺎﺩﺘﻙ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ،ﺃﻋﻁﻴﻙ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﻤﻁﻠﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﻌﺒﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺏ ،ﻭﺍﻹﻨﻜﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭ ،ﻭﺍﻟﺒﺅﺱ ) ﻟﻠﻤﺸﺭﻕ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ( ...ﺇﻟﺦ . ﻟﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ ،ﻭﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻬﻭﺓ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻓﺭﻴﺩﻤﺎﻥ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﻀﻊ ﻤﻨﻅﻭﻤﺔ ﻓﻠﺴﻔﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻻﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ .ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺒﻭﺵ " ﺴﻭﻑ ﻨﺼﺩﺭ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻭﺍﻟﻌﻨﻑ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺒﻊ ﺯﻭﺍﻴﺎ ﺍﻷﺭﺽ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻥ ﺃﻤﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﻅﻴﻤﺔ "
261
ﻭﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻬﺩﺩ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻫﻲ ﺍﻷﺼﻭﻟﻴﺔ ﺍﻻﺴﻼﻤﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻁﺭﻓﺔ ﻭﻤﺜﺎﻻﺘﻬﺎ ) ﺍﻟﻭﻫﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻌﻭﺩﻴﺔ ( ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﺔ ) ﻤﺼﺭ ( ،ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻭﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺸﻴﺔ " ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ " ) ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ /ﺴﻭﺭﻴﺎ ( .
ﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻴﺢ ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﻭﺘﻘﻁﻊ
ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻟﻪ ،ﺫﻟﻙ ﻭﻓﻕ ﺍﻟﻤﺼﻔﻭﻓﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻀﻌﻬﺎ ﻨﺤﻭ ﺨﻤﺴﺔ ﻭﻋﺸﺭﻴﻥ ﺭﺠﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ،ﻭﻤﺭﺍﻜﺯ ﺍﻷﺒﺤﺎﺙ ﻭﻤﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ " ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﻴﻥ ﺍﻟﺠﺩﺩ " ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﺴﺘﻭﻟﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺕ ﺍﻷﺒﻴﺽ .ﻻ ﺸﻙ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻥ ﻴﺭﺍﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺠﻪ ﺩﻭﻥ ﺭﻓﻀﻪ ﺍﻟﻤﺴﺒﻕ ،ﻷﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﺨﺘﺒﺭ ﺒﻌﺩ – ﺤﺴﺏ ﺭﺃﻴﻬﻡ –
ﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎﺭﺍ ﻜﻭﻟﻭﻨﻴﺎﻟﻴﺎ ﻗﺩﻴﻤﺎ ﺃﻡ " ﺘﺤﺭﻴﺭﺍ " ،ﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﻭﻥ ﻴﻌﺩﻭﻥ ﺒﺎﺍﻹﻨﺴﺤﺎﺏ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﺒﻘﺎﺀ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﻟﻬﻡ ﻓﻲ ﺃﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ !؟ ﻭﺴﻁ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﺭﺥ ﻋﻘل ﺍﻷﻤﺔ ،ﻭﺘﻔل ﻤﻥ ﺇﺭﺍﺩﺘﻬﺎ ،ﻓﺈﻥ ﻤﺎ ﻴﻌﻨﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل
،ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﻤﺎﻻﺕ ﺸﺘﻰ ﻤﺎﺒﻌﺩ ﺍﺤﺘﻼل ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ . ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻴﺯﺓ ﺍﻷﻫﻡ ﻟﻠﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻫﻭ ﻭﻀﻭﺤﻪ ﻭﺼﺭﺍﺤﺘﻪ ﻭﺇﻋﻼﻨﻪ ﻋﻥ ﻨﻭﺍﻴﺎﻩ ،ﺴﻠﺒﺎ ﺃﻡ ﺇﻴﺠﺎﺒﺎ ﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺃ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ :
ﺇﻨﻬﻡ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻟﻴﺱ ﺒﻨﻔﻁﻪ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﺒﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺘﻪ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﻤﻨﺼﺔ ﺍﻨﻁﻼﻕ ﻹﻋﺎﺩﺓﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺒﻤﺎ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻭﺭﻏﺒﺎﺘﻬﻡ . ﺇﻨﻬﻡ ﻴﻨﺘﻘﻠﻭﻥ ﻤﻥ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻓﺭﺯ ﺍﻵﺨﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ) ﺼﺩﻴﻕ /ﻋﺩﻭ( ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ،ﺍﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻔﺭﺯ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ )ﻋﻤﻴل /ﻋﺩﻭ( ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴل ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻤﺘﺎﺤﺔ ﻷﻱ ﻜﺎﻥ ،ﻓﻠﻡ ﻴﻌﺩ ﺘﻜﻔﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ) ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ( ﺃﻥ ﻴﻐﺩﻭ )ﻋﻤﻴﻼ(ﺤﺘﻰ ﻴﻘﺒﻠﻪ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﺘﺭﻜﻭﺍ ﻟﺒﻌﺽ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺤﺘﻰ ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ،ﻷﻨﻬﻡ ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻤﻌﻬﻡ ﻋﻤﻼﺅﻫﻡ ﺍﻟﻤﺩﺭﺒﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺜﺎﻻﺘﻬﻡ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻬﻡ ﻗﺩ ﺭﻓﻀﻭﺍ ﺘﺩﺨل ﻟﻭﺍﺀ ﺼﻼﺡ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺘﺎل ﻤﻌﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ،ﺒل ﺭﻓﻀﻭﺍ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﺃﻱ ﺩﻭﺭ ﻟﻠﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺍﻟﺼﺩﻴﻘﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﻴﻠﺔ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻟﻬﻡ ﺃﻱ ﺭﺃﻱ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻟﻤﻨﻁﻘﺘﻬﻡ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺘﻬﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺘﺭﻜﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﻗﻤﺘﻬﻡ ﻴﺭﺘﻌﺸﻭﻥ ﻓﻴﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒـ) ﻗﻤﺔ ﺍﻹﺭﺘﻌﺎﺵ ( ! ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻀﺎﻗﺕ ﺍﻟﻔﺭﺹ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻱ ﻁﺭﻑ ﻤﻥ ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻓﻲ ﻗﺒﻭل ﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴل . -ﺍﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺸﺎﻓﹼﺔ ﺠﺩﺍ ﻋﻥ ﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ،ﻭﻫﻡ ﻻ ﻴﺄﺒﻬﻭﻥ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻻﺴﺘﺭﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤَﺭ
،ﻓﻜل ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺘﺤﺭﻜﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻜﺸﻑ ﻋﻥ ﺃﻏﺭﺍﻀﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﻴﺔ ﺒل ﺘﻐﻠﻔﻬﺎ –ﺩﺍﺌﻤﺎ -ﺒﻐﻼﻟﺔ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻘﺩﺴﺔ ،ﺘﺎﺭﺓ 262
ﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﺘﺎﺭﺓ ﻋﻤﺭﺍﻨﻴﺔ ،ﻭﺘﺎﺭﺓ ﺍﻨﺘﺩﺍﻴﺒﺔ ،ﻭﺘﺎﺭﺓ ﺘﺤﺩﻴﺜﻴﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻴﻌﻠﻨﻭﻥ ﺃﻨﻬﻡ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺤﻭل ﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻤﺎ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﻤﺕ ﺫﺭﺍﺌﻌﻴﺎ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﻜﺫﺒﺔ ﻨﺯﻉ ﺴﻼﺡ
ﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﻤﻘﺩﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ "ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭﻴﺔ " ،ﻤﻤﺎ ﻓﺎﺠﺄ ﻜﻨﻌﺎﻥ ﻤﻜﻴﺔ ﻓﻴﻠﺴﻭﻑ ﺃﺤﻤﺩ ﺠﻠﺒﻲ ،ﻤﺘﺴﺎﺌﻼ ﺒﺩﻫﺸﺔ ﻋﻥ ﺴﺒﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻨﺯﻴﺎﺡ ﻓﻲ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺁﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺠﻌل ﺸﻌﺎﺭ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺩﻤﻘﺭﻁﺘﻪ ﻴﺤﺘل ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﻤﺼﻔﻭﻓﺔ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ "ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻭﺍﻟﻘﻴﻤﻲ" ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ،ﺒل ﺇﻥ ﺼﺭﺍﺤﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﻋﻥ ﻤﻘﺎﺼﺩﻫﻡ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠﺘﻨﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﻔﺎﺠﺌﻴﻥ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﺘﺠﺎﻩ
ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺘﻬﻡ ﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﺎﻫﻭﻤﻔﺎﺠﻲﺀ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺘﻌﺠل ﻭﺍﻹﺴﺭﺍﻉ ﻓﻲ ﺇﻁﻼﻗﻬﺎ ،ﻓﻘﺩ ﺒﺩﺃﻭﺍ ﻗﺼﻔﻬﻡ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﻱ ﻗﺒل ﺃﻥ ﺘﺠﻑ ﺁﺜﺎﺭ ﺩﻤﺎﺀ ﺠﺴﺩ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻤﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻭﺍﻫﻬﻡ ،ﺤﺘﻰ ﺭﺍﺤﻭﺍ ﻴﻁﻠﺒﻭﻥ ﺍﻟﺫﺒﻴﺤﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ " ﻭﻓﻕ ﺴﻴﺭ ﺍﻟﺨﻁﺔ" ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﻨﺎﻁﻘﻬﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ،ﻭﻟﻌل ﺘﻔﺴﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﺭﻋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺘﻌﻭﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ ﺍﻟﺩﺭﺍﻤﺎﺘﻴﻜﻲ ﻟﺒﻐﺩﺍﺩ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻤﻨﺤﻬﻡ ﺸﻌﻭﺭﺍ ﻤﻔﺭﻁﺎ ﺒﺎﻟﺜﻘﺔ !
ﺍﻟﻐﻁﺭﺴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻨﻬﺠﻴﺔ ﺒل ﻭﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻼﻫﻭﺘﻴﺔ ﺍﻟﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﻟﺠﻨﺭﺍﻻﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﺍﻹﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻲ ﻫﻭ ﺍﻟﻜﺎﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻨﺯﻴﺎﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ،ﻓﻬﻡ ﻴﻀﻤﺭﻭﻥ ﺍﺤﺘﻘﺎﺭﺍ ﻨﺤﻭ ﺸﻌﻭﺒﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ-ﻓﻬﻡ ﻭﻓﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﻑ -ﻻ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺭﻜﻴﺯ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﻟﻭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻜﺫﺒﺎ ﻭﺍﺩﻋﺎﺀ ،ﻓﻬﻡ ﻓﻲ ﻤﻌﻤﻌﺎﻥ ﻗﺘﺎﻟﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﺃﻋﻠﻨﻭﺍ – ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل – ﺒﺈﻨﻬﻡ ﺴﻴﺤﻭﻟﻭﻥ ﻤﺴﺎﺭ ﺃﻨﺎﺒﻴﺏ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﻭﺼل ﺇﻟﻰ ﺤﻴﻔﺎ ،ﻓﻬل ﻤﻥ ﻴﻌﻠﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺁﺒﻪ ﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ ﺃﻭ ﻤﻬﺘﻡ ﺒﻜﺴﺏ ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﻡ !؟ ﺒل ﺴﺒﻕ ﻟﺒﻭﺵ ﺃﻥ ﺤﺫﺭﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻴﺸﻜل ﺘﻬﺩﻴﺩﺍ ﻹﺴﺭﺍﺌﻴل ،ﻭﻴﻘﺩﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺂﺕ ﻟﻺﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ " ﺸﻬﺩﺍﺀ " ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ،ﻓﻠﻭ ﺃﻥ ﺒﻭﺵ ﺁﺒﻪ ﻟﻜﺴﺏ ﺭﺃﻴﻨﺎ ،ﻟﻤﺎ ﺨﺎﻁﺒﻨﺎ ﺒﻠﻐﺔ ﺘﻌﺯﺯ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻤﻪ ﻓﻲ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ !ﻭﻟﻤﺎ ﺒﻠﻎ ﺒﻪ ﻭﺒﺯﺒﺎﻨﻴﺘﻪ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻹﺤﺘﻘﺎﺭ ﺃﻥ ﻴﻭﻟﻲ ﺠﻨﺭﺍﻻ ﺼﻬﻴﻭﻨﻴﺎ ،ﻴﻤﻴﻨﻴﺎ ،ﻋﻨﺼﺭﻴﺎ ﻻﻫﻭﺘﻴﺎ ﻤﺘﻁﺭﻓﺎ ،ﻙ )ﻏﺎﺭﺩﻨﺭ(ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ !
ﺇﻟﻰ ﻤﺎﺫﺍ ﻨﺨﻠﺹ ؟ ﺇﻨﻨﺎ ﻨﺨﻠﺹ ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ :ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻁﻠﻭﺒﺔ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺃﻜﻠﺕ ﻤﻨﺫ ﺃﻜل ﺍﻟﺜﻭﺭ ﺍﻷﺒﻴﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﺎﺭﻜﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ، ١٩٩١ﻭﺃﻨﻬﻡ ﺴﻴﺅﻜﻠﻭﻥ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﺒﻌﺩ ﺍﻵﺨﺭ ،ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺡ ﺃﻤﺎﻤﻬﻡ ،ﻫﻭ ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻴﻔﻀﻠﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺅﻜﻠﻭﺍ ﺒﻬﺎ )ﺸﻭﻴﺎ ﺃﻡ ﻗﻠﻴﺎ ﺃﻡ ﺴﻠﻘﺎ( ،ﻭﻻ ﺩﺍﻋﻲ ﻷﻥ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺃﺤﺩ ﺒﺄﻨﻪ ﺒﻤﻨﺠﻰ ﻟﺼﺩﺍﻗﺘﻪ ﺃﻭ ﻟﻌﻤﺎﻟﺘﻪ ،ﻓﻠﻥ ﻴﻘﺒل ﺃﺤﺩ ،ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ ﻗﺩﻡ ﻁﻠﺏ ﺍﻨﺘﺴﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ 263
،ﺇﻨﻬﻡ ﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺍﻹﺸﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ،ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﺴﻘﻁﺕ ﺒﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻬﻭﻟﺔ ، ﻓﻠﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺎﺼﻤﺔ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻋﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ ،ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺼﻭﻟﻴﺔ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﻤﺘﻁﺭﻓﺔ "ﺸﻴﻌﻴﺔ ،ﻭﻫﺎﺒﻴﺔ ،ﺴﻨﻴﺔ " ﺃﻭ ﻗﻭﻤﻭﻴﺔ ﻓﺎﺸﻴﺔ ﻋﻠﻤﺎﻨﻴﺔ )ﺒﻌﺜﻴﺔ( ﺃﻭ ﺘﻘﻠﻴﺩﻭﻴﺔ )ﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ( ،ﻓﻜﻠﻬﺎ
–ﻭﻓﻕ ﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ –ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺎﺕ ﻤﺘﺂﻜﻠﺔ ﻭﻤﺘﻬﺎﻟﻜﺔ ﻜﺄﻨﻅﻤﺔ ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ
ﻀﺭﺒﻬﺎ ﺁﻨﻴﺎ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﺒﺎﻗﻴﺎ ... ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ ﺍﻟﻬﻠﻴﻭﺩﻱ ،ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺍﻟﺴﻭﺒﺭﻤﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﻴﺭ ﻤﺘﻰ ﻴﺸﺎﺀ ، ﻨﻭﻋﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ،ﻓﻜﻠﻬﻡ ﺍﻵﻥ ﺴﻭﺒﺭﻤﺎﻥ ﻭﺭﺍﻤﺒﻭ ﻭﺭﺍﻤﺴﻔﻴﻠﺩ ﻭﺩﻴﻜﺘﺸﻴﻨﻲ ! ﺍﻟﻤﺂل :ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺨﻴﺎﺭ ﺴﻭﻯ ﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻜﻴﻑ ﻨﻘﺎﻭﻡ ؟
ﺍﻟﺠﻭﺍﺏ ،ﻗﺩﻤﻪ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺠﻬﺎﺩ ﺍﻟﺯﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﻨﺸﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﻠﻘﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ،ﻓﻔﻲ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺜﻼﺜﺎﺀ ٨ ،ﻨﻴﺴﺎﻥ ، ٢٠٠٣ﻴﻁﺭﺡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل " :ﻫل ﺤﺼﺎﺭ ﺒﻐﺩﺍﺩ ،ﻏﻴﺭ ﺤﺼﺎﺭ ﺒﻴﺭﻭﺕ " ؟ ﻭﻴﺘﺴﺎﺀل ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺎﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺸﻌﺒﻴﺔ ﺘﺩﻋﻡ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ،ﻭﺒﻴﻥ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻋﺴﻜﺭﻴﺔ ﺼﺭﻑ ...
ﻨﻌﻡ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ،ﻭﻜل ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ ﻫﻨﺎ ،ﻟﻘﺩ ﺤﻭﺼﺭﺕ ﺒﻴﺭﻭﺕ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻬﺎ ﻜل ﻤﺎ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻤﻥ ﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻻ ﺘﻔﻜﺭ ،ﻴﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﻭﻥ ﺨﺒﺭﺍﺕ ﻭﺘﺠﺎﺭﺏ ﻗﺘﺎﻟﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻜﻭﻨﺘﻪ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻡ ،ﻭﺃﺨﻔﻕ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺒﻌﺩ ﺜﻼﺜﺔ ﺸﻬﻭﺭ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﻤﻜﻥ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ﻤﻥ ﺍﺨﺘﺭﺍﻕ ﺒﻴﺭﻭﺕ ،ﻷﻥ ﺒﻴﺭﻭﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺤﻤﻴﻬﺎ ﺸﻭﺍﺭﻋﻬﺎ ،ﺒﺄﺒﻨﺎﺀ ﺒﻴﺭﻭﺕ ،ﺒﻘﻭﺍﻫﺎ ،ﺒﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻤﺠﺘﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺒﻨﻘﺎﺒﺎﺘﻬﺎ ،ﺒﺈﻋﻼﻤﻬﺎ ،ﺒﺼﺤﺎﻓﺘﻬﺎ ،ﻭﺼﺤﺎﻓﻴﻴﻬﺎ ،ﻭﻜﺘﺎﺒﻬﺎ ،ﻭﻓﻨﺎﻨﻴﻬﺎ ،
ﻷﻥ ﺒﻴﺭﻭﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﻜﻠﻬﺎ ﻤﺘﻭﺜﺒﺔ ،ﻤﺘﺤﻔﺯﺓ ﻟﻠﻘﺘﺎل ،ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﺼﺎﺌل ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ . ﻟﻜﻥ ﺒﻐﺩﺍﺩ – ﻭﺍﺤﺭ ﻗﻠﺒﺎﻩ -ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺸﻭﺍﺭﻉ ،ﺒل ﺴﺠﻭﻥ ﻭﻤﻌﺘﻘﻼﺕ ،ﺃﺒﻨﺎﺅﻫﺎ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻭﻥ ﻤﻬﺎﺠﺭﻭﻥ ﺃﻭ ﻤﻌﺘﻘﻠﻭﻥ ،ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺼﺤﺎﻓﺔ ﺴﻭﻯ ) ﺍﻟﺼﺤﺎﻑ ( ،ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻋﻼﻡ ،ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ،ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻜﺘﺎﺏ ،ﺒل ﻜﺘﺒﺔ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﻴﺭ ،ﻟﻴﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻥ ﻭﻓﻨﺎﻨﻭﻥ ،ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭ
،ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻘﻔل ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ،ﻟﻡ ﺘﻘﺎﺘل ﺒﻐﺩﺍﺩ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﺴﻘﻁ ،ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل :ﺃﻟﻴﺱ ﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺎﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ )ﺩﻴﻨﻴﺎ،ﻤﺫﻫﺒﻴﺎ ﺇﺜﻨﻴﺎ ،ﻁﺎﺌﻔﻴﺎ( ﻫﻭ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻹﺤﺘﻼل ﺃﻭ ﺍﻹﺴﺘﻼﺏ ﻓﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻜﺫﺏ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﺃﻭﺼﺩﻕ ﺩﻋﻭﺍﻫﻡ ﻓﻲ )ﺍﻹﺤﺘﻼل ﺍﻭ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ( ،ﻷﻨﻪ ﻴﺴﺘﺤﻴل –ﻋﻘﻼﻨﻴﺎ ﻭﻤﻨﻁﻘﻴﺎ-ﺃﻥ ﻴﻘﺒل ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﺒﺩﻭﻟﺔ "ﺩﻴﻨﻴﺔ" ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻘﺎﺽ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﻌﺙ "ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ" ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺄﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺘﺩﻤﻴﺭﺍ :ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺸﻌﺒﺎ ﻭﻜﻴﺎﻨﺎ !؟
264
ﻭﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺒﻤﺠﻤﻭﻋﻪ ﻤﻁﻠﻭﺏ ،ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﻻ ﺘﻔﻴﺩ ﻷﻨﻬﺎ ﻻ ﻗﺎﻉ ﻟﻬﺎ ،ﻭﻻ ﻀﻔﺎﻑ ﻭﻻ ﺤﺩﻭﺩ ،ﻭﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﺘﺭﻙ ﻟﻬﺎ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻓﺭﺼﺔ ﻟﻠﺘﻨﺎﺯل ﺇﻻ ﻭﺍﺠﺘﺭﺤﺘﻬﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﺨﺠل ،ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺎﻹﻨﺘﺤﺎﺭ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺩﻤﻴﺭﺼﻭﺍﺭﻴﺦ )ﺍﻟﺼﻤﻭﺩ ....ﻤﺜﻼ( ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻟﻴﺱ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﻥ ﺨﻴﺎﺭ ﺴﻭﻯ
ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ،ﻭﺇﻻ ﻓﺴﺘﻜﻭﻥ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﺘﺨﻔﻴﻔﺎ ﻟﻠﻌﺏﺀ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﻟﺘﺴﻬﻴل ﻤﻬﻤﺎﺘﻬﻡ ﻤﻊ ﺃﻗل ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺓ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺅﺜﺭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺼﺎﺌﺭ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﻤﺘﺨﺫ ،ﻟﻜﻥ ﻋﺒﺭ ﺘﻘﻠﻴل ﺍﻟﻜﻠﻔﺔ ﻓﻘﻁ ! ﺇﻥ ﺍﻟﺩﺭﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻨﺘﻌﻠﻤﻪ ،ﻫﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻟﺠﻴﻭﺵ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺒﺩﻭﻥ ﺠﻴﻭﺵ ﺍﻟﺸﻌﺏ
،ﻭﺠﻴﻭﺵ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺘﻘﺎﺘل ﻤﻥ ﺃﺠل ﺴﻴﺎﺩﺘﻬﺎ ﻻ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺃﺴﻴﺎﺩﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﺫﻴﻥ ﻗﺎﺘﻠﻭﺍ – ﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﺒﻐﺩﺍﺩ -ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻡ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻷﻨﻬﻡ ﺃﺘﻭﺍ ﻁﻭﻋﺎ ﻻ ﻜﺭﻫﺎ ،ﻭﺘﻁﻭﻋﺎ ﻻ ﻗﺴﺭﺍ ، ﺒﺈﺭﺍﺩﺘﻬﻡ ﻻ ﺒﺎﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﻴﻴﺵ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻴﻭﺵ ﺍﻟﻨﻅﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺸﻜل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ) ﺒﻭﺩﻱ ﻜﺎﺭﺩ ( ﻷﻨﻅﻤﺘﻬﺎ ،ﻭﻟﺼﻭﺼﻬﺎ . ﻻﻋﺎﺼﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻸﻭﻁﺎﻥ ﺴﻭﻯ ﻓﻙ ﺃﺴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﺴﻠﻭﻙ ﺴﺒﻴل ﺍﻹﺼﻼﺡ
ﻭ)ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ( ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺴﺘﻐل ﺍﻹﺴﺘﻨﻘﺎﻉ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻜﻐﻁﺎﺀ ﺸﻌﺎﺭﻱ ل) ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ( ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ
،ﻻﺒﺩ ﻤﻥ )ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ( ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ) ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ( ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ،ﻓﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﻨﺩﻋﻭ ﻟﻺﻓﺭﺍﺝ ﺍﻟﻔﻭﺭﻱ ﻋﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻴﻥ ﺒﻜل ﺘﻴﺎﺭﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﺩﺍﻋﻴﺔ ﻟﻠﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﻭﻗﺒﻭل ﺍﻵﺨﺭ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻤﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ )ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ( ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ،ﺃﻭﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺒﺎﻟﻌﻨﻑ ﻜﺎﺴﻠﻭﺏ ﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ .
ﻨﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ ﻓﺘﺢ ﺍﺒﻭﺍﺏ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﺍﻤﺎﻡ ﻜل ﺍﺒﻨﺎﺌﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻜﺭﻫﺎ ﺃﻭ ﻁﻭﻋﺎ ،ﻟﻜﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻟﻜل ﺃﺒﻨﺎﺌﻪ ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺸﺭﻭﻁ ﺴﻭﻯ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﺴﺎﻟﻤﺔ ﻭﻨﺒﺫ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻨﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻓﺭﺍﺝ ﺍﻟﻔﻭﺭﻱ ﻋﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ،ﻭﺴﺠﻨﺎﺀ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ،ﻭﻓﻲ ﻤﻘﺩﻤﺘﻬﻡ ﺯﻤﻼﺅﻨﺎ ﺍﻟﻨﺎﺸﻁﻭﻥ ﻓﻲ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺼﻁﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻤﻴﺘﻬﻡ ﺒـ" ﺍﻟﻌﺸﺭﺓ ﺍﻟﻔﻀﻼﺀ" ﻭﺫﻟﻙ ﻗﺒل ﺍﻹﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺸﻴﺦ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ،ﻓﺒﻘﻭﺍ
ﺘﺴﻌﺔ ﻭﻫﻡ )ﺩ .ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ – ﺭﻴﺎﺽ ﺴﻴﻑ –ﻤﺤﻤﺩ ﻤﺄﻤﻭﻥ ﺤﻤﺼﻲ -ﺤﺒﻴﺏ ﻋﻴﺴﻰ – ﺩ. ﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﺒﻨﻲ – ﺩ .ﻜﻤﺎل ﻟﺒﻭﺍﻨﻲ -ﻓﻭﺍﺯ ﺘﻠﻭ – ﻤﺤﻤﺩ ﺴﻌﺩﻭﻥ – ﺤﺒﻴﺏ ﺼﺎﻟﺢ ( ﻭﻭﻀﻊ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻟﻸﺤﺯﺍﺏ ،ﻟﻴﺘﻨﺎﻓﺱ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ،ﻭﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻠﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻜﻤﺩﺨل ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻟﺘﺎﺴﻴﺱ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ،ﻓﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻫﻭ ﺃﻭل ﻤﻥ ﻗﻀﻰ ﻨﺤﺒﻪ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻋﺒﺭﺘﺤﻭل ﺍﻟﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ
ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺠﻌﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ)ﺍﻟﺤﺯﺒﻭﻴﺔ( ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﺤﻭل ﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﺓ ﻏﺎﺸﻤﺔ ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺘﻬﺎ
)ﺍﻟﻤﺎﻓﻴﻭﻴﺔ( ﺍﻟﻴﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺎل ﻜل ﺤﻴﺯﺍﺕ ﻭﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ 265
ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﺍﻟﻤﻌﻤﻡ ﻫﻭ ﺍﻷﺭﻭﻤﺔ )ﺍﻟﺘﻨﻴﻨﻴﺔ( ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﺘﺭﻕ ﺭﺅﺅﺴﻬﺎ ﻜل ﺴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺤﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﺇﺫ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺴﺎﺤﺔ ﺃﻭﺤﻴﺯ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺒﻠﻴﻥ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﻭﺍﻟﺸﺭﺍﺀ ،ﻭﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﻋﻴﺩ ﺒﺎﺴﻠﻭﺏ )ﺘﻨﻴﻨﻲ ﻤﺴﺭﻁﻥ ( !...
ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﻤﻤﺎ ﺭﺴﺔ ﺍﻟﺩﻻﻟﺔ ﺍﻟﻤﻠﻤﻭﺴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻠﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻲ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ،ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺭﺤﺒﺔ ﻟﺠﻐﺭﺍﻴﺎ ﺍﻟﺭﻭﺡ ،ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ،ﻋﺒﺭ ﺇﻁﻼﻕ ﺃﺭﻗﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ،ﻭﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻻﺘﺼﺎل ﻭﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﻤﻊ
ﻫﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ،ﺍﻟﺫﻱ ﺸﻜﹼل ﺃﻋﻅﻡ ﻀﻐﻁ ﻀﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻭ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﺴﻠﻡ ، ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻭﻀﻌﻨﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺨﻴﺎﺭ ،ﺘﻨﺘﻔﻲ ﺩﻭﻨﻪ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ،ﺘﺘﻜﺜﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻴﻐﺔ ﻓﻲ ﺃﻨﺎ ﻓﻘﺩﻨﺎ ﻤﺼﺎﺌﺭﻨﺎ
،ﻓﻠﻴﺱ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺼﻘﻭﺭ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﻴﻥ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﻴﻥ ،ﺴﻭﻯ ﺤﻤﺎﺌﻡ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺴﻠﻡ ﺍﻟﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﻴﻥ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﻴﻥ ﺃﻴﻀﺎ!؟ ﻓﻴﺎ ﻟﻠﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺨﺠﻠﺔ ،ﻭﺍﻏﺭﺒﺘﺎﻩ ﻴﺎ ﺍﺒﺎ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻱ ،ﻤﺎ ﺃﺸﺩ ﻏﺭﺒﺘﻨﺎ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﺍﻟﻌﺒﻘﺭﻱ ﺍﻟﻘﺭﻴﺏ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩ ،ﺍﻵﻥ ﺃﻓﻬﻡ ﺴﺅﺍل ﺭﻭﺤﻙ ﺍﻟﻤﻌﺫﺏ " :ﺃﺸﺩ ﺍﻟﻐﺭﺒﺎﺀ ﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﻁﻨﻪ ﻏﺭﻴﺒﺎ" ،ﻭﺍﻓﻬﻡ ﻗﻠﻘﻙ ﻭﺍﺭﺘﺒﺎﻙ ﻓﺅﺍﺩﻙ ،ﺃﻤﺎﻡ ﺴﻠﻁﺎﻥ ﺯﻤﺎﻨﻙ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﺯﻕ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨﻙ ﺃﻨﺕ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﺤﻜﻤﺕ ﻋﻠﻴﻙ ﺃﻗﺩﺍﺭ ﻋﻘﻠﻙ –ﻜﻤﺜﻘﻑ ﻭﻤﻔﻜﺭ ﻋﺭﺒﻲ -
ﺃﻥ ﺘﻭﺤﺩ ﻭﺘﺭﺘﹼﻕ ،ﻓﻜﻴﻑ ﻻ " ﺘﺸﻜل ﻋﻠﻴﻙ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ " ﻭﺃﻨﺕ ﺃﺭﻴﺏ !؟
ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻭﻉ ﻓﻲ )ﺍﻟﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ( ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ –ﺨﺎﺭﺠﻴﺎ -ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭ ﺍﻷﻭﺭﺒﻲ ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻭﺭﻭﺴﻴﺎ ﻭﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ،ﻟﻴﺱ ﺒﺸﻜﺭ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭ ﺍﻷﻭﺭﺒﻲ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﺒﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻨﻘل ﻤﺭﻜﺯ ﺜﻘل ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻐﺭﺒﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺭﺒﺎ ،ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﻋﺯل ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺸﺭﻴﻜﺘﻬﺎ
ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ،ﻓﻬﻲ ﺭﻏﻡ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ،ﻻ ﺘﺯﺍل ﺘﻔﺘﻘﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒل
ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺃﻜﺎﺫﻴﺒﻬﺎ ﻋﻥ ﺃﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﺘﺩﻤﻴﺭ ﺍﻟﺸﺎﻤل ﺍﻓﺘﻀﺤﺕ ،ﻭﺘﺄﻜﺩﺕ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ :ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺫﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻴﻤﺸﻲ –ﺩﺍﺌﻤﺎ -ﻤﺭﻓﻭﻉ ﺍﻟﺠﺒﻴﻥ ! ﻭﻻ ﺒﺩ ﻟﻨﺎ – ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ – ﺃﻥ ﻨﺨﺎﻁﺏ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺤﺜﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻴﻥ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﻴﻥ ،ﺃﻨﻬﻡ -ﻴﻭﺭﻁﻭﻥ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻬﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ،ﻭﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﺒﻼﺩﻫﻡ ،ﻟﺘﺒﻨﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ
ﺍﻹﺴﺘﺸﺭﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺫﺠﺔ ﻭﺍﻟﻤﻘﻴﺘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻔﺎﺩﻫﺎ " ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺘﺭﻑ ﻜﻤﺎﻟﻲ
" ﻤﻤﺎ ﻗﺎﺩﻫﻡ ﺇﻟﻰ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻤﻊ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﻤﺨﺠﻠﺔ ﻓﻲ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻓﺘﺌﺎﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻴﺎﺕ ﺸﻌﻭﺒﻬﺎ ، ﻭﺍﻤﺘﻬﺎﻨﻬﺎ ﺍﻟﺒﺸﻊ ﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ . ﻭﻴﺩﺨل ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻔﺭﻨﺴﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺠﻠﺔ ﻨﺘﺎﺠﻬﺎ ﻭﻤﺂﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺌﺱ ،ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﻌﻭﻴل ﺍﻟﺒﺭﻏﻤﺎﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻨﻅﺎﻡ
ﺭﻴﻔﻲ ﺭﻋﺎﻋﻲ ﻤﻌﺩﻡ ،ﺸﺒﻪ ﺃﻤﻲ ،ﺠﺎﻫل ،ﻻ ﻴﺠﺩ ﻭﺴﻴﻠﺔ ﻹﺜﺒﺎﺕ ﺫﺍﺘﻪ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻭﺤﺸﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺘل ،ﺒل ﻭﻫﻭ ﻟﻜﻲ ﻴﻨﺩﻤﺞ ﺒﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ،ﻻ ﻴﻤﻠﻙ ﺇﻻ ﺠﺴﺩﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ 266
ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺍﺼل ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ"ﺍﻟﻐﺭﻴﺯﺓ ﺍﻟﺸﻬﻭﺍﻨﻴﺔ " ،ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻭﺍﺼل ﺍﻟﺤﺴﻲ ﺍﻟﻐﺭﻴﺯﻱ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ "ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ" ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻻ ﻴﺠﺩ ﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺘﻪ ﺇﻷ ﻋﺒﺭ ﺘﺤﺴﺱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻋﺒﺭ "ﺍﻟﻘﻀﻴﺏ " ،ﻭﺍﻟﺫﻱ-ﺒﺩﻭﺭﻩ -ﻻﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻴﻘﻴﻡ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺘﺤﺎﻟﻑ ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺇﻻ ﻤﻊ
ﺤﺜﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺩﻥ ﺍﻟﻤﻨﺤﻁﺔ ،ﻤﻥ ﻤﻬﺭﺒﻲ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﻟﻤﺨﺩﺭﺍﺕ ﻭﺍﻓﻼﻡ )ﺍﻟﺒﻭﺭﻨﻭ( .
ﻭﺇﻨﻰ ﻨﺘﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻱ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻟﺴﻴﺩ )ﺠﺎﻙ ﺸﻴﺭﺍﻙ( ﺃﻥ ﻴﻘﻭﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺭﺒﻴﻥ ﺤﻭﻟﻪ ،ﻟﻴﺘﺭﺠﻤﻭﺍ ﻟﻪ ﺒﻌﻀﺎ ﻤﻥ ﻜﺘﺎﺏ " ﺍﻟﻤﻘﺎﺒﺴﺎﺕ " ﻷﺒﻲ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ ،ﻭﻫﻭ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﻤﻥ ﺇﻨﺘﺎﺠﺎﺕ ﻤﺄﻟﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺭﺍﺒﻊ ﺍﻟﻬﺠﺭﻱ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺭﻯ ﻓﻴﻪ -ﺁﺩﻡ ﻤﻴﺘﺯ -ﺘﺄﺴﻴﺴﺎ ﻟﻌﺼﺭ ﻨﻬﻀﺔ ﺠﺩﻴﺩ ﻜﻭﻨﻴﺎ ،ﻟﻜﻲ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ )ﺠﺎﻙ
ﺸﻴﺭﺍﻙ( ﺃﻥ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻻ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺒﺎﺭﻴﺱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺒل ﻭﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭ ﺍﻟﺘﻌﺎﻴﺵ ﻭﻗﺒﻭل ﺍﻵﺨﺭ ﻴﺒﻠﻎ ﺃﻗﺼﺎﻩ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺠﺩ ﺃﻥ ﺤﻠﻘﺔ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺠﺘﻤﻊ ﺩﻭﺭﻴﺎ ﻟﺘﺘﺤﺎﻭﺭ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻼﻫﻭﺕ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻙ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻭﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻤﺘﻐﺎﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺏ ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﺔ ) ﺴﻨﻲ – ﺸﻴﻌﻲ – ﻤﻌﺘﺯﻟﻲ – ﺃﺸﻌﺭﻱ( ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻋﻠﻰ
ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺏ ﺍﻟﻌﺭﻓﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻐﻨﻭﺼﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﻨﺼﺭﺍﻨﻲ ﻭﺍﻟﻴﻬﻭﺩﻱ ﻭﺍﻟﺼﺎﺒﺌﻲ ﻭﺍﻟﻤﺠﻭﺴﻲ ،ﻭﺍﻻﺭﺴﻁﻭﻁﺎﻟﻴﺴﻲ ،ﻭﺍﻟﻌﺭﻓﺎﻨﻲ ﺍﻟﺤﻠﻭﻟﻲ ﻭﺍﻹﺸﺭﺍﻗﻲ ،ﻭﺍﻟﺼﻭﻓﻲ ، ﻭﺍﻷﻓﻼﻁﻭﻨﻲ ،ﻭﺍﻷﻓﻼﻁﻭﻨﻲ ﺍﻟﻤﺤﺩﺙ ،ﺒل ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻬﺎﺩﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﺎﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺫﺍﻫﺏ ﻭﺍﻟﻤﻴﻭل ﻭﺍﻟﻨﻭﺍﺯﻉ ،ﻟﺘﺒﻠﻎ ﺤﺩ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺅﻤﻥ ﻭﺍﻟﻤﻠﺤﺩ ﺇﺫ ﻫﻡ ﻴﺘﻨﺎﻗﺸﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻬﻴﻭﻟﻰ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩ ، ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ،ﻭﺍﻟﺸﺭﻙ
،ﻭﺍﻟﺸﺭﻴﻌﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺘﻜﻔﻴﺭ ﺍﻭ ﺘﺄﺜﻴﻡ ﺃﻭﺇﺩﺍﻨﺔ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺃﻭﺫﺍﻙ .
ﻭﻗﺩ ﻴﻘﺎل ﻟﻨﺎ ،ﺃﻨﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺒﺴﺒﺏ ﻓﺎﻗﺔ ﻭﻓﻘﺭ ﺤﺎﻀﺭﻨﺎ ،ﻨﻠﻭﺫ ﺒﺎﻟﻤﺎﻀﻲ ﻤﺘﺒﺎﻫﻴﻥ ،ﻟﻜﻨﻲ ﺃﻗﻭل ﻟﻠﺴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻴﻥ ،ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ )ﺠﺎﻙ ﺸﻴﺭﺍﻙ( ،ﻴﻌﺭﻑ ﺠﻴﺩﺍ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﻭﺩﻤﺸﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﻴﺎﺕ -ﺃﻱ ﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻹﺴﺘﻘﻼل ﻭﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﻴﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻭﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻭﻴﺔ -ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻤﺘﻊ ﺒﻔﻀﺎﺀﺍﺕ ﻤﻔﺘﻭﺤﺔ )ﻨﺴﺒﻴﺔ( ﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ
ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻭﺍﻹﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺘﺘﻨﺎﻓﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺴﻠﻤﻴﺎ ،ﻭﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﻭﺍﻟﻤﺠﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺤﺩ ﺤﺭﻴﺘﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻗﻀﺎﺌﻴﺔ ﻟﻴﺱ ﻷﺤﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﺘﻨﺎﻭﺏ ﻭﺘﺩﺍﻭل ﺴﻠﺱ ﻭﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺴﻠﻁﺎﺕ ﺇﺩﺍﺭﻴﺔ ﺤﺭﺓ ﻭﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻤﺜل ﺍﻨﻘﻼﺒﺎ ﺜﻭﺭﻴﺎ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺩﺨﻭل ﺒﻼﺩﻨﺎ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺘﻅﻤﻬﺎ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﺴﺕ ﻤﻭﺍﻻﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ
ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ،ﺇﺫﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻭﻟﻭﻴﺔ –ﻓﻲ ﻜل ﺍﻷﺤﻭﺍل -ﺃﻭﻟﻭﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﻭﻻﺀ .
267
ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻹﺴﺘﻘﻼل ،ﻭﻫﻭ ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻌﻼ ،ﻓﻜﻴﻑ ﻜﺎﻥ ﻵﺒﺎﺌﻨﺎ ﺃﻥ ﻴﻌﻴﺸﻭﺍ ﺒﻌﺽ ﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻨﺼﻑ ﻗﺭﻥ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺘﺭﻓﺎ ﻜﻤﺎﻟﻴﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻜﻤﺎ ﻴﺭﻯ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺨﺒﺭﺍﺀ ﻭﺍﻟﻤﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻴﻥ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﻴﻥ ؟ ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺘﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﺼﺒﺢ ﻓﻴﻬﺎ ﻤﻼﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ !
ﺇﺫﻥ ،ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻸﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭ ﺍﻷﻭﺭﺒﻲ ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﻓﺭﻨﺴﺎ ،ﺃﻥ -ﺘﺭﺍﻫﻥ ﻓﻌﻠﻴﺎ -ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺜﻭﺭﺓ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻴﻀﺎﺀ ،ﺘﻁﻠﻕ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻬﺎ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻔﺭﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺘﻠﻙ )ﺍﻹﺘﺎﻭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﻋﺒﺔ ( ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺒﺸﺭﻨﺎ ﺒﻬﺎ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﻨﻌﻡ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺤﻭﺭ
ﺒﻘﻴﺎﺩﺓ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺘﻤﻠﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ :ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻭﺍﻷﺩﺒﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻤﻴﺭﺍﺙ ﻋﻤﻴﻕ ﻭﺃﺼﻴل ﻟﺩﻭﺭ ﻭﻓﻌﺎﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺤﺭﺍﻜﻬﺎ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺜﻭﺭﻱ ﻤﺎﻫﻭ ﻜﻔﻴل ﺒﺘﺠﺩﻴﺩ ﺸﺒﺎﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ! ﻓﻼ ﺴﺒﻴل ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺸﺭﻭﻉ – ﻭﻟﻠﺘﻭ -ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻀﻴﺭ ﻟﻤﺅﺘﻤﺭﺍﺕ ﻭﻁﻨﻴﺔ
ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻓﻐﻴﺎﺏ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻫﻲ ﺤﻠﻘﺔ ﺍﻟﻀﻌﻑ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ،ﻭﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻴﺴﻌﻔﻨﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺒﻘﺎﺌﺩ ﻋﺭﺒﻲ ،ﻗﺎﺩﺭ ﺃﻥ ﻴﺠﺩﺩ ﻤﻭﻗﻑ ﺨﺎﻟﺩ ﺍﻟﻌﻅﻡ ﺭﻤﺯ ﺍﻟﻠﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻫﺩﺩﻩ ﺨﺼﻭﻤﻪ ﺒﺄﻥ ﺘﻌﺎﻭﻨﻪ ﻤﻊ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﻗﺩ ﻴﺄﺘﻲ ﺒﺎﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﺎﺭﺽ ﻤﻊ ﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﻜﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺃﺭﺴﺘﻘﺭﺍﻁﻲ ،ﻓﻘﺎل :ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ،ﻓﺄﻨﺎ ﺃﻓﻀل ﺃﻥ ﻴﺭﺜﻨﻲ ﻤﺤﻤﺩ ﻭﺃﺤﻤﺩ ﻭﻋﻠﻲ ،
ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺭﺜﻨﻲ ﺍﻟﻴﺎﻫﻭ ﻭﻨﺘﻨﻴﺎﻫﻭ ﻭﻜﻭﻫﻴﻥ !
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ ،ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻨﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﻜﺘﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﺒﻌﺔ ﺸﻬﻭﺭ ،ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﻐﻭﻏﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﺩﻓﺕ ﺇﻟﻰ ﺘﺨﻭﻴﻨﻨﺎ ،ﻷﻨﻨﺎ ﻜﻨﺎ ﻗﺩ ﻨﺒﻬﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﻓﻕ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ –ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻤﻕ ﺍﻷﺨﺩﻭﺩ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ -ﻟﻥ ﺘﻘﻭﺩ ﺇﻻ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺭﺜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺫﻟﺔ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺴﻘﻭﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ !
ﻭﺇﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﻀﺭﻭﺭﺓ ﻗﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻴﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻗﺩ ﻏﺩﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻗﻭﻤﻴﺔ ﺒﻨﻔﺱ ﺩﺭﺠﺔ ﻀﺭﻭﺭﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭﻴﺔ ،ﻨﻘﻭل ﻟﻬﺅﻻﺀ :ﻨﺘﻤﻨﻰ ﺍﻥ ﻻ ﻨﻀﻁﺭ -ﺒﻌﺩ ﺸﻬﻭﺭ ﻭﺒﻌﺩ ﻓﻭﺍﺕ ﺍﻷﻭﺍﻥ -ﺃﻥ ﻨﻘﻭل ﻟﻬﻡ :ﺃﻟﻡ ﻨﻘل ﻟﻜﻡ ؟ •
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – ٢٠٠٣ / ٥ / ١٦ & ١٥
268
ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻲ "ﺍﻟﻬﺯﻴل" ﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻡ ﺍﻹﻨﺒﻌﺎﺙ "ﺍﻟﺠﻠﻴل" ﻟﻔﻜﺭ ﺍﻷﻤﻥ !؟* ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ :ﻻ ﺨﻴﺎﺭ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﺃﻭ ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﻴﻨﺸﺄ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒـ " ﺍﻟﺠﻠﻴل " ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺩﺍﺭﻙ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻟﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﺎﺌﻕ ،ﺤﻴﺙ ﺘﻌﺠﺯ
ﺍﻟﺤﻭﺍﺱ ﻋﻥ ﺍﺩﺭﺍﻙ ﻜﻨﻬﻪ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺍﺭﺘﺒﻁ ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺠﻼل ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ
ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﻴﻘﺘﺭﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴل ﺒﺎﺴﻡ ﺍﷲ ،ﻭﺍﻻﺤﺴﺎﺱ ﺒﺎﻟﺠﻠﻴل ﻋﻨﺩ ﻜﺎﻨﻁ ﻴﺘﻭﻟﺩ ﻋﻥ ﺃﻤﺭﻴﻥ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺤﺴﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺭﻭﻋﺔ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺭﺼﻌﺔ ﺒﺎﻟﻨﺠﻭﻡ ،ﻭﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺭﻭﺤﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻻﺨﻼﻗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ،ﻭﻋﻨﺩ ﻫﻴﻐل ﻴﺘﻭﻟﺩ ﻓﻲ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﺽ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻼﻨﻬﺎﺌﻲ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺌﻲ ،ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻼﻨﻬﺎﺌﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ) ﺍﻟﻔﻜﺭ ( ﻭﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ( ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ
ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴل ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﺸﺨﺹ ﺠﻤﺎﻟﻴﺎ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻠﺤﻤﺔ،ﻭﻟﺫﺍ ﻗﺎﻟﺕ ﺍﻟﻌﺭﺏ " ﺤﺩﺙ ﺠﻠل " ،ﻤﺜﺎل ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺤﺎﻀﺭﻨﺎ ﺴﻘﻭﻁ ﺒﻐﺩﺍﺩ ) ﻤﺜﻼ ( ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ " ﻤﺄﺴﺎﺓ " ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻸﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ) ﻤﻠﺤﻤﺔ ( ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ) ﻴﻭﺠﻴﻥ ﻫﺎﺒﺭﻤﺎﺱ ( ﻓﻴﻠﺴﻭﻑ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻷﻭﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺩﺍﻥ ﻻ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻻﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺩﻭﻟﻴﺎ ،ﺍﻋﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺴﻘﻭﻁ ﺘﻤﺜﺎل ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ ﺤﺩﺙ ﻤﻠﺤﻤﻲ ﻓﻲ ﺭﻤﺯﻴﺘﻪ ﻟﻠﺤﺭﻴﺔ ،ﻴﺒﺭﺭ ﺃﻭ) ﻴﻌﺎﺩل ( ﺍﻟﻼﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻸﺨﻼﻗﻴﺔ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ
ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ !؟
ﺇﺫﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴل ﺍﺭﺘﺒﻁ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ ﺒﺭﻭﻋﺔ ﺍﻟﻜﻭﻥ ﻁﺒﻴﻌﻴﺎ ،ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺒﺸﺭﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﺭﻭﺤﻴﺎ . ﻭﺍﻟﺠﻠﻴل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻁﻠﻕ ﻤﺠﺎﺯﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﺈﻨﻪ ﻴﺨﺘﺹ ﺒﺒﻌﺩﻩ ﺍﻟﻜﻤﻲ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ )،ﺍﻟﺘﺭﺍﻜﻡ ﺍﻟﺯﻤﻨﻲ( ﺤﻴﺙ ﻭﻗﺎﺭﺍﻟﻌﻤﺭ ﻟﻠﺭﺠل ﺍﻟﺸﻴﺦ ،ﻭ)ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ( ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻓﻨﻰ ﻋﻤﺭﻩ ﻓﻲ ﻁﻠﺏ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ
ﻭﺍﻨﺘﺎﺠﻬﺎ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﺸﻌﻭﺭ ﺩﺍﺨﻠﻲ ﺃﺨﻼﻗﻲ ﺒﺎﻟﺠﻼل ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﻓﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎل
ل ﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻴﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﺃﻭ ﺴﻠﻁﺎﻥ .ﻭﻫﺅﻻﺀ ﺭﺒﻤﺎ ﻻ ﻴﺘﺠﺎﻭﺯﻭﻥ ﺃﺼﺎﺒﻊ ﺍﻟﻴﺩ ﻓﻲ ﻭﺍﻟﺸﻬﻭﺍﺕ ﻭﻴﺠ ّ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺨﻼل ﺍﻟﻌﺼﺭ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ! ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴل ﻭﺍﻟﺠﻼل ؟ ﻷﻥ ﺍﻟﺩﻫﺸﺔ –ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ -ﻗﺩ ﻋﻘﺩﺕ ﺃﻟﺴﻨﺘﻨﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺠﺩ ﻤﺜﻘﻔﺎ ﻭﻜﺎﺘﺒﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻌﺎﺭﻀﺎ ،ﻴﺼﻑ
ﻤﺴﺅﻭﻻ ﺃﻤﻨﻴﺎ ﺒـ ) ﻜﺎﺘﺒﻨﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴل ( ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ** ،ﺤﻴﺙ ﺼﻔﺔ )ﺍﻟﺠﻼل( ﺘﺘﺭﺩﺩ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺘﻘﺭﻴﻅ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻓﺤﺘﻰ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻟﻡ ﻴﺤﻅ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻠﻘﺏ ،ﻷﻨﻪ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﺭﺌﺎﺴﻴﺎ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻤﻠﻜﻴﺎ ! ﻭﺩﻫﺸﺘﻨﺎ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل ،ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺭﺠل ﺃﻤﻥ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻭﺍﻗﻌﻪ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﻭ ﻤﻭﺍﻫﺒﻪ ﻭﻤﻠﻜﺎﺘﻪ ﺍﻟﻔﺫﺓ ﻴﻤﻜﻥ – ﻋﻠﻰ ﻀﻭﺀ ﻤﺎ ﺴﻘﻨﺎ ﻓﻲ ﺘﻌﺭﻴﻑ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺠﻠﻴل – ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﻠﻴﻼ ؟ ﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﻷﻥ ﺍﻟﺠﻠﻴل ﺒﺎﻷﺼل -ﺘﻌﺭﻴﻔﺎ ﻭﺴﻴﺎﻗﺎ -ﻴﺤﻴل ﺇﻟﻰ 269
ﻤﻔﻬﻭﻡ)ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻷﻋﻠﻰ( ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺘﺼل ﺒﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺜل ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺭﺩﺩ ﺼﺩﺍﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻤﻨﺫ ﻓﻼﺴﻔﺔ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﺤﺕ ﺜﻼﺜﻴﺔ ) :ﺍﻟﺤﻕ ،ﺍﻟﺨﻴﺭ ،ﺍﻟﺠﻤﺎل ( ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺼﺎﻏﺕ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻤﻌﺎﺩﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻴﺙ ﺒﺜﻼﺜﻴﺔ ) :ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ،ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ( .
ﻭﺩﻫﺸﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻟﻴﺱ ﻤﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻟﺫﺍﺘﻲ ،ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺒل ﺒﺒﻌﺩﻫﺎ
ﺍﻟﺩﻻﻟﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻔﺎﺼﻠﺔ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻀﻌﻨﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻤﺎﻡ ﺨﻴﺎﺭﻴﻥ ﻜﻼﻫﻤﺎ ﻜﺎﺭﺜﻲ :ﺇﻤﺎ ﻗﺒﻭل ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ،ﺃﻭ ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺸﺨﺼﻨﺕ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ﺒﺄﻨﻅﻤﺘﻬﺎ ،ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻐﺩﻭ ﻓﻴﻪ ﺴﻘﻭﻁ ﺃﻱ ﻨﻅﺎﻡ ،ﺴﻴﺴﺘﺘﺒﻊ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺴﻘﻭﻁﺎ ﻟﻸﻭﻁﺎﻥ ،ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻜﺠﻭﺯﺓ ﺩﻴﺎﻟﻜﺘﻴﻙ ﻫﻴﻐل ،ﺇﺫﺍ ﻗﺸﺭﺘﻬﺎ ﻓﺈﻨﻙ ﺴﺘﻜﺴﺭﻫﺎ ﺤﺘﻤﺎ !
ﻓﺈﺫﺍ ﺃﺭﺩﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﺘﻘﺼﻰ ﺃﺒﻌﺎﺩ " ﺍﻟﺠﻼل " ﻭﺍﻟﻌﻤﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﻗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ،ﻟﻥ ﻨﺠﺩ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺭﺤﻬﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻋﻠﻰ ﻜﻠﻴﻨﺘﻭﻥ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﺍﻭﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ﺒﺤﺫﺭ ،ﻟﻜﻲ ﻻ ﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﻨﻅﺎﻤﻪ ﺒﺎﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ﻭﺤﺯﺏ ﺍﷲ ،ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﺃﻭﺭﺍﻗﺎ ﻴﻠﻌﺏ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻟﺤﺴﺎﺒﻪ ،ﻜﻤﺎ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺼﺭﺍﺤﺔ !
ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻔﺎﺭﻕ-ﺍﻟﻴﻭﻡ -ﻴﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻗﺎﺕ ،ﻓﺩﻭﺭ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﻀﺒﻁ ﺍﻹﻴﻘﺎﻉ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﻜﻠﻴﻨﺘﻭﻥ ﻴﺨﺘﻠﻑ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺒﻭﺵ ﻭﺭﺍﻤﺴﻔﻴﻠﺩ ﻭﺒﻴﺭل ) ﺃﻤﻴﺭ ﺍﻟﻅﻼﻡ ( ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺍﻟﺸﻬﻴﺭ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ ":ﺍﻟﺤﻤﺩ ﷲ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﺎﺓ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ " ﻭﻜﻭﻨﺩﺍﻟﻴﺯﺍ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺄﻤﺭﻨﺎ ﻭ ﺘﺤﺫﺭﻨﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﺍﻭﻏﺔ ﻭﺍﻟﺘﻼﻋﺏ ﻭﺍﻟﺘﺴﻭﻴﻑ ،ﻓﻴﺠﻴﺒﻬﺎ ﺒﺎﻭل ﻤﻁﻤﺌﻨﺎ ﺒﺄﻨﻪ"ﻴﺭﺍﻗﺏ ﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ" ﻭﻜﺄﻨﻨﺎ ﺘﻼﻤﻴﺫ ﻗﺎﺼﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﺩﺭﺴﺔ ﻟﻠﻤﻌﻭﻗﻴﻥ !
ﻫل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﺃﻥ ﻨﻌﻴﺩ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﻴﺘﺩﺍﻭل ﻤﻔﻬﻭﻤﺎ ﻟﻠﺘﺴﻭﻴﺎﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺜﻼﺜﺔ ﻋﻘﻭﺩ ،ﻭﻫﻭ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺘﺴﻘﻁ ﻓﻴﻪ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﺒﻴﻭﻤﻴﻥ !؟ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﻋﺭﻀﻪ ﻟﺘﺼﻭﺭﺍﺘﻪ ﺒﺄﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻟﻴﺴﻭﺍ ﺠﺎﺩﻴﻥ ﻓﻲ ﺩﻋﻭﺓ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﺫﻟﻙ – ﺤﺴﺏ ﺭﺃﻴﻪ -ﻷﻨﻨﺎ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻠﻌﺏ ﺒﺄﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﺘﻨﺼل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﺘﺼﺭﻓﺎﺕ ) ﺤﺯﺏ ﺍﷲ( ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﺴﺭﺍﺌﻴل ﻤﺎﺩﻤﻨﺎ ﻤﻨﺴﺤﺒﻴﻥ ﻤﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻟﻌﺏ
ﻭﺭﻗﺔ ﻋﺩﻡ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﺘﺤﻭل ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ﺇﻟﻰ ﻤﻠﺘﻘﻰ ﻟﻼﺼﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ )ﺤﺯﺏ ﺍﷲ – ﺤﻤﺎﺱ –ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ( ،ﺇﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﻭﺭﺍﺕ –ﻓﻲ ﻅل ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺍﻟﻴﻬﺎ -ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﻗﺭﺍﺀﺍﺕ ﺴﻌﻴﺩﺓ ﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﻤﺘﺠﻬﻤﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺃﺸﺒﻪ ﺒﻤﻥ ﻴﻐﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻅﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﻤﻬﺠﻭﺭ ﻟﻜﻲ ﻴﻁﻤﺌﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻭﻴﺒﺩﺩ ﺸﻌﻭﺭﻩ ﺒﺎﻟﺨﻭﻑ ،ﺇﺫ ﻴﺘﺨﻴل ﺃﻨﻪ –ﺒﻐﻨﺎﺌﻪ -ﻴﺨﻴﻑ ﺃﺸﺒﺎﺡ ﺍﻟﻅﻼﻡ !
270
ﺇﻨﻪ –ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ – ﻴﻨﺘﺞ ﺃﻭ ﺒﺎﻷﺤﺭﻯ ﻴﻜﺭﺱ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﺼﺭﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﺕ ﺍﻟﻰ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻜﻭﺍﺭﺙ ،ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﻜل ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺩﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻘﻁ ﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻹﺜﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺭﻴﺢ ﻟﻠﺫﺍﺕ ﻗﺒل ﺍﻵﺨﺭ ﺒﻌﺩﻡ ﺍﻟﺨﻭﻑ !
ﻭﻫﻭ -ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ -ﺨﻁﺎﺏ ﻤﻭﺠﻪ ﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺯﺩﺍﺩﻭﻥ ﺍﺘﺴﺎﻋﺎ ﻓﻲ ﻤﻁﺎﻟﺒﺘﻨﺎ ﺒﺎﻹﻨﺴﺤﺎﺏ
ﻤﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻤﻊ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺃﻁﻴﺏ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻭﺠﻪ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻟﺘﻴﺌﻴﺱ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﺘﻐﻴﻴﺭ ...؟! ﻓﻌﻭﻀﺎ ﻋﻥ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﺒﺩﻴل ،ﻭﺍﺴﺘﺒﺎﻗﻲ ﻟﻤﺎ ﺘﺤﻤﻠﻪ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺤﺴﺏ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺀ ﺴﺘﻴﻔﺎﻥ ﻜﻭﻫﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺯﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﻓﻜﺘﺏ ﻓﻲ " ﺍﻟﻨﻴﻭﻴﻭﺭﻙ ﺘﺎﻴﻤﺯ " ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﺠﺎﻫﺯﺓ ﺒﻌﺩ ﻟﻠﺴﻼﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺭﻴﺩﻩ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻁﺒﻌﺎ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺘﺄﺠﻴل ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺩ ﻤﻨﺢ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻼﺯﻡ –ﺍﻤﺭﻴﻜﻴﺎ -ﻟﻠﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﻟﻜﻲ ﻴﻭﻗﻌﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺘﻔﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺘﻐﺎﺓ ﺃﻤﺭﻴﻜﻴﺎ ،ﻭﺒﻌﺩﻫﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﻟﻠﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺤﺩﺩ ﺒﺎﻭل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻨﺠﺎﺯ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻟﻠﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ﻓﻲ ﺤﺩﻭﺩ ﻋﺸﺭ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻴﻜﻭﻨﻭﻥ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﻗﺩ ﻋﺭﻭﺍ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﻤﻥ ﻜل ﻤﻘﻭﻤﺎﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ،ﻟﺘﺫﻫﺏ
ﺒﻨﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﺭ ﺘﺤﻔﺭﻩ ﺒﻴﺩﻴﻬﺎ !
ﻨﻘﻭل :ﻋﻭﻀﺎ ﻋﻥ ﻜﺴﺏ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻁﻊ ،ﻹﺤﺩﺍﺙ ﺜﻭﺭﺓ ﺒﻴﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻨﺎ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻨﺎ ﻭﻁﺭﺍﺌﻕ ﺘﻨﻅﻴﻤﻨﺎ ﻟﺒﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﺍﻷﺨﻭﻱ ،ﻤﺴﺘﻔﻴﺩﻴﻥ ﻤﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻤﺜﻠﻪ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻜﻨﻭﺍﺓ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻲ ﺘﻌﺩﺩﻱ ﺘﻭﺍﻓﻘﻲ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ -ﺒل ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ -ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻤﺴﺎﺭﻋﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻭﻟﻭ
ﻜﺎﻨﺕ ﺒﻴﻥ ﺍﻷﺸﻘﺎﺀ ،ﺇﺫ ﻨﺤﻥ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻜﻔﻀﺎﺀ ﻤﺩﻨﻲ ،ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﺠﺎل ﻋﺴﻜﺭﻱ ) ﻟﻠﺼﻤﻭﺩ ﻭﺍﻟﺘﺼﺩﻱ ( ،ﻨﺤﻥ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﻭﻥ ﺤﻘﻴﻘﻲ ﻤﻥ ﺍﻷﺸﻘﺎﺀ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ
ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻹﻗﺘﺼﺎﻱ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻠﺒﻨﺎﻥ ﺃﻥ ﻴﺸﻜل ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻁﻠﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺘﻔﻜﻴﻙ ﺒﻨﻴﺔ ﻤﻐﻠﻘﺔ ،ﺒل ﻨﺤﻥ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺤﺘﻰ ﻟﻠﻌﻭﻥ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ،ﻷﻥ ﻜل ﺨﺒﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ –ﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل -ﻭﻜﻔﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﺭﻑ ﻭﺍﻻﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻥ ﻗﺩ ﻗﻀﻭﺍ ﻨﺤﺒﻬﻡ ،ﻭﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﻟﻨﺎ ﺴﻭﻯ ﺨﺒﺭﺍﺀ ﻨﻬﺏ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ !
ﻭﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺇﻗﺎﻤﺔ ﻨﻅﺎﻡ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﺤﺩﻴﺙ ،ﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﺴﻭﻯ ﻜﻤﻴﺎﺕ ﻫﺎﺌﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻭﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﻤﻘﻭﻻﺕ ،ﻭﺍﻻﺘﺤﺎﺩﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ،ﻟﻜﻥ ﻟﻴﺱ ﻟﺩﻴﻨﺎ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻤﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺇﻻ ﻭ)ﺘﺴﺭﻁﻨﺕ ﺃﻤﻨﻴﺎ ( ،ﻓﺴﺎﺩﺍ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩﺍ ﺒﺩﺀﺍ ﻤﻥ ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﺴﺠل ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺼﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﺤﻕ ﺍﻹﺠﻼل ،ﻭﻓﻕ ﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻜﺎﻨﺕ.
271
ﺇﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺴﺘﻁﺎﻉ ﺃﻥ ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﻋﺎﻓﻴﺘﻪ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﺘﺠﺎﻭﺯﺍ ﺍﺴﺘﻨﻘﺎﻋﻨﺎ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻲ ،ﻟﻬﻭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺍﻷﺠﺩﺭ ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﺭ ﻭ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﻭﺸﻜﻠﻬﺎ ﻤﻌﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﺸﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻤﺘﺄﺨﺭﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﺎﺩﺍﻡ ﻗﺩ ﺴﻘﻁ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻯ ﺍﻟﻤﻨﻅﻭﺭ – ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل – ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺘﺫﺭﻋﺕ ﺒﻪ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻁﻐﻡ ﻟﺘﻨﻘل ﻓﺴﺎﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﻌﻤﻡ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﺸﻘﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﺼﻐﺭﻯ
ﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﺒﻴﻴﻀﻪ ﻗﻭﻤﻴﺎ ! ﻋﻭﻀﺎ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻨﺒﺭﻫﻥ ﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻏﻴﺭ ﺠﺎﺩﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻨﺴﺤﺎﺒﻨﺎ ،ﻜﻤﺎ ﻴﺫﻫﺏ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ،ﻓﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻤﺂل ﺘﺤﺭﻴﻀﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺼﻴﺎﻏﺔ ﺍﻷﻁﺭﻭﺤﺔ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻟﺘﺒﺭﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺠﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﻫﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺴﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺕ "ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ" ،ﻭﺃﻥ "ﺍﻷﺼﻴل" ﻟﻡ
ﻴﻌﺩ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺍﻗﻠﻴﻤﻴﺎ ﻟـ "ﺍﻟﺒﺩﻴل" ،ﻓﻤﺎﺩﺍﻡ ﻗﺩ ﺼﺎﺭ"ﺍﻷﺼﻴل" ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺤﻘل ﻓﻬﻭ ﻓﻠﻴﺱ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻭﺍﻁﻴﺭ....ﺍﻟﺦ ﻤﻥ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﻔﻌل ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ! ﺃﻟﻴﺱ ﺍﻷﺠﺩﻯ ﻟﻨﺎ ﻭﻟﻸﺸﻘﺎﺀ ﺃﻥ ﻨﺒﺭﻫﻥ ﻟﻬﻡ ﺃﻨﻨﺎ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻟﻬﻡ ﺒﻭﺼﻔﻬﻡ ﺍﻟﺤﻴﺯ ﺍﻟﻤﺘﺎﺡ ﻟﺘﻔﻌﻴل ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﺃﻟﻴﺱ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻨﺎﺴﺏ ﻤﻊ ﺭﻭﺡ
ﺍﻟﻌﺼﺭ ﻓﻲ ﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻟﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺴﺱ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻫﺫﺍ ﺇﺫﺍ ﺸﺎﺀﺕ -ﺍﻟﻠﻬﻡ -ﺃﻥ ﺘﺘﻭﺤﺩ !
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ : ﺃﻤﺎ ﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ،ﺒل ﻟﻬﺎ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ،ﻭﺍﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻌﺎﺭﻀﻭﻥ ﻴﻘﺒﻠﻭﻥ ﺭﻜﻭﺏ ﺍﻟﺩﺒﺎﺒﺎﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻷﻥ ﺫﻟﻙ "ﺒﻌﻴﺩ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻋﻥ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎﺕ ﻭﻤﻨﺎﻗﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ " ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻌﺩ ﺍﻹﻨﺸﺎﺌﻲ ﻭﺍﻟﻭﺠﺩﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﻤﻨﺎﻗﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺩﻱ ﺍﻟﻰ ﺍﻹﺴﺎﺀﺓ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﻤﻥ ﻤﻨﺎﻗﺒﻪ !! ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﺘﺴﺎﺀل :ﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ،ﻭﻫﻭ ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻌﻼ ،ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺸﻨﺞ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ؟ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻟﻴﺯﺝ ﺒﻬﻡ -ﺒﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﺩﺍﺌﻴﺔ - ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻤﺎﺩﺍﻤﻭﺍ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﺎﺩﻴﻥ ؟ ﻭﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻀﻴﻑ ﺇﻥ ﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﻴﻤﻴﺯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻷﻤﺭﻴﻜﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ،ﻟﻜﻥ ﺤﺫﺍﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺩﺃﺕ ﺘﻅﻬﺭ ﻓﻲ ﻏﺭﺏ
ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁ ،ﻤﺤﺫﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺸﺎﻁﺭ ) ﺍﻟﺒﻴﺭﻏﻤﺎﺘﻲ ( ﻤﻊ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﻟﻜﺴﺏ ﺭﻀﺎﻫﻡ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺍﻻﺴﺘﻘﻭﺍﺀ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﺭﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﺒﺭﻏﻤﺎﺘﻴﺔ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ،ﻟﻴﺴﺕ ﺫﻜﺎﺀ ﺨﺎﺼﺎ ﻻ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ،ﺒل ﻫﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻟﺒﺴﺎﻁﺔ ،ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻴﺭﺤﺒﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻠﻌﺒﻭﺍ ﻤﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﻤﺎ ﻴﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻫﻭ ﺍﻟﺘﻤﺴﻙ ﺒﺎﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻴﺔ ، ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻴﻤﺩﻭﻥ ﺃﻴﺩﻴﻬﻡ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻴﻤﺩ ﻴﺩﻩ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻹﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻗﻭﺍﻩ
ﺍﻟﺤﻴﺔ ،ﻭﻤﻁﺎﻟﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ،ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻭﻁﻥ 272
ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻜﻔﻴل ﺒﺄﻥ ﻻ ﻨﺘﺭﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺤﻁﺎﻁ ﺭﻭﺤﻲ ﻭﺃﺨﻼﻗﻲ ﻤﺩﻤﺭ ،ﻴﺼل ﺤﺩ ﺃﻥ ﺘﺘﻨﻨﺎﻓﺱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺴﺘﻘﻭﺍﺀ ﺒﺎﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ?! ﻴﺠﺏ ﺍﻹﺼﻐﺎﺀ ﺠﻴﺩﺍ -ﻭﺒﺈﺫﻨﻴﻥ ﻤﻔﺘﻭﺤﺘﻴﻥ -ﺇﻟﻰ ﺍﻴﺤﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺼﻭﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻓﻘﺩ
ﺍﻨﻬﻜﺘﻪ ﺍﻟﻐﺭﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﺎﺭ ،ﺤﻴﺙ ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ ﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻜل ﻭﺍﺤﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﻌﺩﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺼﺒﺢ ﺃﺒﺎ ﺃﻭ ﺠﺩﺍ ، ﻭﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻷﺭﺍﺀ ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ،ﻭﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻨﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻌﻴﺵ ﻓﻲ ﻤﻤﺎﻟﻙ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻭﺍﻟﺭﻜﻭﺩ ،ﻻ ﻨﻅﻥ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﻓﻭﻕ ﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻜﻤﺎ ﻴﻨﻘل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ،ﻷﻨﻪ – ﺒﺒﺴﺎﻁﺔ – ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﻤﻨﺎﺹ ،ﻟﻴﺱ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺒﻴﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻁﻐﻴﺎﻥ ﻭﻤﺴﺘﻘﺒل ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﻁﺎﻥ ،ﻭﻻﻴﻔﻴﺩ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻓﻲ
ﻫﻜﺫﺍ ﻅﺭﻭﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺏ ،ﻭﻻﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻷﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺤﻤﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺭﺩﺩﻫﺎ ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ ﻭﻫﻭ ﻴﺤﺙ ﻭﻴﺤﻔﺯ ﻭﻴﺴﺘﺜﻴﺭ )ﻤﻨﺎﻗﺏ( ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻴﻴﻥ )ﺍﻷﻤﺎﺠﺩ ( ،ﻭﻻ ﻴﻔﻴﺩ ﺘﻬﺩﻴﺩ -ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل -ﺒﺎﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻷﻨﻨﺎ ﺨﺭﺠﻨﺎ ﻤﻨﻪ ﻤﻨﺫ ﺃﻟﻑ ﺴﻨﺔ ﻭﻭﻟﺠﻨﺎ ﺴﺭﺍﺩﻕ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﻤﺴﺘﻐﺭﻗﻴﻥ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺃﻓﻀل ﻤﺜﺎل ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺴﺘﻐﺭﺍﻕ ﻫﻭ ﻨﻤﻭﺫﺝ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺭﻭﺴﻁﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ . ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻕ ﺍﻷﻭل ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺘﻨﺎ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺸﻕ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﻬﺯﺍل ﻭﺘﻼﺸﻲ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻓﻠﻪ ﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﻻﻓﺘﺔ ،ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭﺍﺕ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺃﻟﻭﺍﻥ ﻟﺒﺎﺱ ﻁﻼﺏ ﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻜﺘﺒﻪ ﺭﺌﻴﺱ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻭﻫﻭ ﻴﻤﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻥ )ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻭﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ( ،ﻟﻜﻲ ﻴﻔﻜﻙ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ – ﻓﻴﻤﺎ ﻴﻅﻥ – ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻤﻴﻥ ،ﻜﻔﺼﻲ ﺤﺒﺔ ﺍﻟﻔﻭل ،ﻭﺒﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﻤﺎﺜﻼ ﺒﻨﻴﻭﻴﺎ ﺒﻴﻨﻬﻤﺎ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺜﻤﺔ ﺍﺨﺘﻼﻑ ﻓﻬﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻭﻉ .
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻤﺎﺜل ،ﻴﺴﻌﻰ ﺭﺌﻴﺱ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻟﻴﻔﻙ ﺍﺸﺘﺒﺎﻜﻪ ﺍﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻤﻌﻪ ،ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻬﺠﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﺃﻨﺠﺯﻩ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ،ﺒﻔﻀل ﺍﻟﻌﻤﻕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﻟﻔﻜﺭ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻅل ﺴﻘﻑ ﻤﻨﻅﻭﻤﺘﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺃﻋﻠﻰ ﻤﻥ ﻤﻨﺴﻭﺏ ﻭﻋﻲ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﺇﺫ ﻴﺅﺼل ﻟﻤﻨﻅﻭﻤﺘﻪ ﺘﺄﺼﻴﻼ ﺘﺎﺭﻴﺨﺎﻨﻴﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﻜﻭﻨﻴﺎ ،ﺤﻴﺙ ﺴﻴﺤﺭﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻤﻥ ﺃﻭﺸﺎﺏ ﻤﺭﺠﻌﻴﺘﻪ ﺍﻟﻤﻴﺘﺎﻓﻴﺯﻴﻘﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﻤﻴﺸﻴل ﻋﻔﻠﻕ ﻭﻗﺴﻁﻨﻁﻴﻥ ﺯﺭﻴﻕ ،ﻭﺍﻟﺤﺩﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﻴﺔ )ﺍﻟﺭﺤﻤﺎﻨﻴﺔ( ﺍﻟﺒﺭﻏﺴﻭﻨﻴﺔ ﻋﻨﺩ ﺯﻜﻲ ﺍﻷﺭﺴﻭﺯﻱ ،ﻟﻴﺨﻠﺹ ﻤﻥ ﺘﺠﺭﺒﺘﻪ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺸﻜل ﺃﻗﺎﻨﻴﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﺜﻠﺙ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ،ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ، ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺤﺭﻜﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺜﻠﺙ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺨﺎﻨﻴﺔ ﻤﺎﺭﻜﺱ ،ﻹﻨﺘﺎﺝ ﻭﻋﻲ ﻤﻁﺎﺒﻕ ﺒﺎﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻁﺎﺓ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺸﺔ . ﻭﻟﻬﺫﺍ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ –ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﺍﻹﺸﺘﺭﺍﻜﻲ -ﺃﻥ ﻻ ﺘﻌﻴﺵ
ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻜﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻟﻜﻥ ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﻤﻜﺘﺴﺏ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻜﻌﻤﻕ ﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﺜﻘﺎﻓﻲ ﻷﻴﺔ ﺜﻭﺭﺓ ﻗﻭﻤﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻴﺘﺸﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﻤﻕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﻤﻥ ﺜﺎﻟﻭﺙ) ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ،ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ ،ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ( ،ﻭﻋﻠﻰ 273
ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻤﻕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻲ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺫﺍﻙ ﺴﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻜﺄﻡ ﻷﻴﺔ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺘﺄﺘﻲ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻜﻤﺩﺨل ﻟﻠﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻀﺩ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻘﺭﻭﺴﻁﻲ ،ﻹﺤﻼل ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻨﻬﻀﺔ ﻭﺍﻹﺼﻼﺡ ،ﻤﺤل ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ )ﺍﻟﺘﺄﺨﺭﺍﻟﻴﺔ ﺃﻭﺍﻟﺘﺄﺨﺭﺍﻜﻴﺔ( !
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺭﺴﻴﻤﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻻ ﺘﺯﺍل ﺘﺘﻤﺘﻊ ﺒﺭﺍﻫﻨﻴﺘﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﺤﻴﺎﺅﻩ ﻭﺒﻌﺜﻪ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﻟﻜﻲ ﻴﻜﻭﻥ ﺤﺯﺒﻬﻡ ﺭﺍﻫﻨﻴﺎ ،ﻭﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺩﺨﻭل ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﺒﻕ ﺨﺎﺭﺠﻬﺎ ﺴﻭﻯ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻻﺴﻼﻤﻲ ،ﻭﻜل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻠﻐﺕ ﺸﻌﻭﺒﻪ ﺤﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺭﺍﺤﺕ ﺘﺼﻭﺕ % ٨٥ﻤﻨﻬﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺒﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ،ﻋﻠﻰ ﺫﻤﺔ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ،ﺒل ﺇﻨﻪ ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ ﻤﻤﻜﻨﺎ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭﻭﻁﻨﻴﺎ
ﺤﻭل ﺼﺩﻕ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺸﺭﻭﻋﻬﺎ " ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭﻱ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ " ،ﻭﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻴﺴﻤﻊ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻭﺴﺎﻁ ﻜﻠﻤﺔ " ﺭﺒﻤﺎ" ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﺍﻻﺘﻬﺎﻡ ﺒﺎﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻜﻤﺎ ﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺼﺩﻴﻕ ﺸﻭﻗﻲ ﺒﻐﺩﺍﺩﻱ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻭﺭ ! – ﻟﻴﺱ ﻫﺠﻭﻡ ﺭﺌﻴﺱ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻤﺅﺸﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﺴﺘﻐﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺅﺸﺭ
ﺍﻷﻫﻡ ،ﺒل ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻨﺘﺭﻨﺕ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺴﻴﺭﻴﺎﻨﺯ ،ﻴﻀﻡ ﺤﻭﺍﻟﻲ ٢٠٠ﻤﺜﻘﻔﺎ ،ﺘﺸﺭﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺴﻤﺎﺀ ﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻜﺎﻟﻤﻤﺜل ﺍﻟﻤﻭﻫﻭﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﻓﺎﺭﺱ
ﺍﻟﺤﻠﻭ ،ﻭﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺸﺘﻬﺭ ﻜﻜﺎﺘﺏ ﺴﻴﻨﺎﺭﻴﻭ ﻋﺭﺒﻴﺎ ﻨﻬﺎﺩ ﺴﻴﺭﻴﺱ ،ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﺍﻟﺘﺸﻜﻴﻠﻲ ﻭﻟﻴﺩ ﻗﺎﺭﺼﻠﻲ . ﻭﻗﺩ ﺃﻅﻬﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻯ ،ﻤﺩﻯ ﺍﺘﺴﺎﻉ ﻤﻘﺒﺭﺓ ﺍﻟﻤﻭﺍﻫﺏ ﻭﺍﻻﺒﺩﺍﻋﺎﺕ ﻓﻲ ﺸﺘﻰ ﺤﻘﻭل ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﻭﺍﻷﺩﺏ ﻭﺍﻟﻔﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻻ ﻴﺠﺩﻭﻥ ﻓﺭﺼﺎ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻨﺘﺭﻨﺕ .ﻤﻨﺫ ﺸﻬﺭ
ﻭﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﻫﺏ ﺍﻟﻘﺼﺼﻴﺔ )ﻤﺤﻤﺩ ﻏﺎﻨﻡ( ،ﺘﺘﻔﺠﺭ ﻤﻭﺍﻫﺒﻪ ﺍﻟﺴﺎﺨﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻨﺎﻭل ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﻗﺫﺍﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺴﻤﺢ ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺭﻗﻴﺏ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ﺒﺈ ﻴﺭﺍﺩﻩ ﻭﻨﺸﺭﻩ . ﺒل ﺇﻨﻬﻡ ﺃﻋﻠﻨﻭﺍ ﻋﻥ ﻤﺴﺎﺒﻘﺔ ﻟﺠﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺭ ﻭﺍﻷﻏﺎﻨﻲ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﺴﺞ ﻋﻠﻰ ﻏﺭﺍﺭﻫﺎ ﺘﻬﻜﻤﺎ ﻭﺴﺨﺭﻴﺔ ﺒل ﻭﺠﺭﺃﺓ ،ﺃﻥ ﻴﻌﻠﻨﻭﺍ ﺃﻨﻬﻡ ﺴﻴﺠﻤﻌﻭﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺭﺍﺙ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﻭﻴﻘﺩﻤﻭﻨﻪ ﻟﺘﻭﻤﻲ ﻓﺭﺍﻨﻜﺱ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻋﻥ ﻨﺯﻉ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ !
ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻠﻔﺕ ﺍﻻﻨﺘﺒﺎﻩ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺜﻤﺔ ﺃﻴﺔ ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺒﻨﺩ ﺍﻟﺜﺎﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻭﻤﺊ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻫﻭ ﻗﺎﺌﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ . ﻓﺈﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﻡ ﺍﻟﻨﻴل ﻤﻨﻪ ﻭﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﻟﺴﺎﺨﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻗل ﻤﻨﻬﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻭﺍﺠﻪ ﺍﻟﻤﺭﺀ ﺒﺎﻟﻌﻨﺕ ﻭﺃﻱ ﻋﻨﺕ ،ﻓﺈﻥ ﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺨﻠﺹ ﻟﻪ ،ﻜﺄﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻫﺎﺠﻲ ﻭﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ،ﻭﻜﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻥ ﻴﻌﻁﻲ ﺍﻟﻀﻭﺀ ﺍﻷﺨﻀﺭ ﻤﻥ ﻗﺒل " ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ" ﻟﻼﻨﻘﻀﺎﺽ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻭﺘﻘﺩﻴﻤﻪ ﻜﻘﺭﺒﺎﻥ ،ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺠﺩﺩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻱ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻲ ﻹﺯﺍﺤﺔ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﺔ ،ﻤﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ،ﺴﻴﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺘﺒﻴﻥ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﻭﻤﻨﺫ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ 274
ﻋﺏﺀ ﻋﻠﻴﻬﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﺘﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻻﺨﻭﺍﻥ ﺘﺤﺩﺭﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﺙ ، ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺒﺎﻗﻭﻥ ﻻﺫﻭﺍ ﺒﺒﻴﻭﺘﻬﻡ ﻭﺒﺎﻟﺠﻭﺍﻤﻊ ﻴﻁﻠﺒﻭﻥ ﺍﻟﻐﻔﺭﺍﻥ ﻭﺍﻟﺘﻭﺒﺔ . ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻪ ﻗﺩ ﺘﻜﻭﻨﺕ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺒﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻫﻲ ﺃﻗل ﺍﻟﺨﺴﺎﺭﺍﺕ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﻟﻨﻭﺍﺓ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻀﺎﺭﺒﺔ "ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ" ﻤﺎﺩﺍﻡ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺍﺼﻁﻔﺎﻓﺎﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻋﻥ ﺍﻻﺼﻁﻔﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭ-ﺩﻴﻤﻭﻏﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ ،ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺍﻻﻨﺘﺴﺎﺏ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻴﺸﺒﻪ ﺍﻟﻭﺜﺎﺌﻕ ﺍﻟﺜﺒﻭﺘﻴﺔ ) ﻜﻘﻴﺩ ﺍﻟﻨﻔﻭﺱ ،ﺃﻭ ﻻ ﺤﻜﻡ ﻋﻠﻴﻪ ( ﻟﻠﻘﺒﻭل ﺒﺎﻟﻭﻅﻴﻔﺔ ،ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺤﺼل ﻋﻠﻰ ﺤﻘﻪ ﺍﻟﺒﺩﻴﻬﻲ ،ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺩﺨل ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻴﻥ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﻤﻌﻠﻤﺎ ﻭﻟﻴﺱ ﺴﺎﺌﻕ ﺃﺠﺭﺓ ﻜﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﺍﻵﻥ !
ﻭﻟﻜﻲ ﻴﺤﺼل ﺍﻟﻁﺒﻴﺏ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﻗﻌﻪ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻜﻁﺒﻴﺏ ﺒﺸﺭﻱ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻁﺒﻴﺒﺎ ﺒﻴﻁﺭﻴﺎ ،ﻷﻨﻪ
ﺤﺩﺙ ﺃﻥ ﻁﺒﻴﺒﺎ ﺒﻴﻁﺭﻴﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﺩﻴﺭﺍ ﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺍﻟﻁﺏ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ ﻟﻠﺠﺎﻤﻌﺔ ،ﻟﺠﺩﻉ ﺃﻨﻑ ﺍﻷﻁﺒﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻟﻴﺴﻭﺍ ﻫﻡ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻌﺎﻟﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻁﻌﻡ ﻜﻠﺒﺎ ﻤﻥ ﻜﻼﺒﻬﺎ . ﺜﻤﺔ ﻤﺅﺸﺭﺍﺕ ﺃﺨﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﺘﻬﺎﻭﻱ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭ) ﺘﻬﺯﻴﻠﻪ ( ﻫﻭ ﻭﻓﺎﺓ ﻋﻤﻴﺩ ﻤﻥ ﺃﻋﻤﺩﺘﻪﺍﻟﻤﺅﺴﺴﻴﻥ ﻭﺃﺤﺩ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﻥ ﺍﻟﻤﻬﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻭﻫﻴﺏ ﺍﻟﻐﺎﻨﻡ ،ﺍﻟﺫﻱ
ﻴﺸﺎﺭ ﺃﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﺍﺴﺘﺎﺫ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ،ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻁﺏ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻨﻘﻭل :ﺘﻭﻓﻲ ﺍﻟﺭﺠل ﻤﻨﺫ ﺃﻴﺎﻡ ،ﻓﻠﻡ ﺘﻬﺘﻡ ﺒﻪ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ،ﺴﻭﻯ ﻓﻲ ﺯﺍﻭﻴﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺠﺭﺍﺌﺩﻨﺎ ﺍﻟﻐﺭﺍﺀ . ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﻴﻨﻁﺒﻕ ﻋﻠﻰ ﻋﺩﻡ ﺍﻹﻫﺘﻤﺎﻡ ﺒﻭﻓﺎﺓ ﻋﻀﻭ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﺠﺎﺒﺭ ﺍﻻﻨﺼﺎﺭﻱ .
ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻻﺨﻴﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﻤﺎﺘﻘﺩﻡ ﻫﻭ :ﻫل ﺴﻴﺭﺘﺴﻡ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺯﺍﻤﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻲ " ﺍﻟﻬﺯﻴل " ﻟﻤﺅﺴﺱ
ﺍﻟﺒﻌﺙ ،ﻤﻊ ﺍﻻﻨﺒﻌﺎﺙ " ﺍﻟﺠﻠﻴل " ﻟﻠﻤﺴﺅﻭل ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺤﺘﻰ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﺭ ؟ •
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – ٢٠٠٣ / ٦ / ١٤
•
ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ – ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠٣ / ٥ /٢١ -
275
ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﻬﺠﺕ ﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻓﻘﺭﺅﻭﻩ ﻨﻭﺍﻴﺎ * ... ﻜﺘﺏ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻓﻲ " ﺍﻟﺴﻔﻴﺭ " ﻓﺎﺤﺘﻔﻲ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺤﺎﺕ " ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ " ﺒﺴﻠﺴﻠﺔ
ﻤﻥ ﺍﻟﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ،ﺍﺨﺘﻠﻑ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﺒﺎﻟﻭﺯﻥ ﻭ" ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ " ﻟﻜﻨﻬﻡ ﺍﺘﻔﻘﻭﺍ ﻀﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺼﺩﻭﺭ
ﺍﻟﻤﻘﺎل ﻋﻥ " ﻤﺴﺅﻭل ﺴﻭﺭﻱ ﺭﻓﻴﻊ" ﻤﺒﺭﺭ ﻗﻭﻱ ﻟﻠﺭﺩ ،ﻻ ﺒل ﻭﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺩﻴﺒﺎﺠﺎﺕ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ
ﻤﺸﺤﻭﻨﺔ ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﻴﺴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻴﺜﺎﺕ ﻭﺍﻹﺸﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺘﻠﻭﻴﺤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﻌﻭﺕ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻲ ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ
ﺒﺎﺴﺘﻬﺠﺎﻥ ﺃﻥ " ﻴﻘﺘﺭﻑ " ﻋﺴﻜﺭﻱ ﻤﺨﻀﺭﻡ ﻤﻬﻨﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻟﻜﻥ ﻤﻥ ﻻﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻤﺭﺀ
ﻴﺠﻬﻠﻪ ،ﻭﻫﻡ ﻋﺭﻓﻭﻩ ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻬﻡ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺘﺠﻬﻴﻠﻪ ﻭﺘﻨﻜﻴﺭﻩ ،ﺇﺫ ﻜﻴﻑ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺃﻥ ﻴﻘﺘﺤﻡ ﺍﻟﻤﺤﺭﻤﺎﺕ ،ﻓﻴﻔﻜﺭ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺘﻘﺎﻋﺩ ،ﻭﻴﺭﺍﻓﻊ ﻓﻲ ﻏﻴﺭ " ﻤﺫﻜﺭﺍﺘﻪ " ؟! )(١
ﺒﺩﺍ ﺠﻠﻴﺎ ﺃﻥ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻨﺒﺭﻭﺍ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺴﺠﺎل ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻤﻭﻟﻌﻴﻥ ﺒﺎﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻨﻜﺒﻬﺎ ﺍﻟﺭﺠل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻭﻟﻌﻬﻡ ﺒﺎﻟﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﻤﻘﺎﻟﺘﻪ ،ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺃﻥ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﻘﺎل "ﺃﻫﻡ" ﻤﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭﻩ )!( ﻜﻤﺎ ﺃ ،ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴل ﻤﻥ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻤﺎ ﻴﻘﻭﻟﻪ ﻴﺴﺘﺩﻋﻲ ﺍﻟﻁﻌﻥ ﻓﻲ ﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻨﺘﻬﺎﺠﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ .
ﺠﺭﻴﺭﺓ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺃﻥ ﻤﻘﺎﻟﺘﻪ ﺍﻨﻁﻭﺕ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺒﺭﻏﻤﺎﺘﻴﺔ ﻟﻤﺂل ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ..ﻭﺃﻨﻪ ﻓﻨﺩ ﺒﺭﺅﻴﺔ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﺃ ،ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺤﺎﺠﺎﺕ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺸﺭﻴﻜﺔ ﻟﻬﺎ ،ﻭﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﻨﺎﺯل ﻋﻥ ﻤﻭﻗﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ،ﻭﻟﻌل ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻨﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻭﺍﻤل ﻗﻭﺓ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻗﻴﺎﺴﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﺓ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،
ﺸﻜﻠﺕ ﺼﺩﻤﺔ ﻟﻠﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻤﺄﺨﻭﺫ ﺒﻜﺎﺭﺜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ،ﺨﺼﻭﺼﺎ ﺃ ،ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺸﺤﻭﻥ ﺒﻤﺸﺎﻋﺭ ﺍﻻﻨﻜﺴﺎﺭ ﺒﺎﺕ ﻴﺘﻘﺒل ﻓﺭﻀﻴﺔ ﺃﻥ ﻁﻐﻴﺎﻥ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺴﻴﺩﻓﻊ ﺒﺎﻟﺨﻁﺎﺏ
ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺇﻟﻰ " ﺍﻻﻨﺒﻁﺎﺡ " ﻤﺘﻨﺼﻼ ﻤﻥ ﻤﻴﺯﺍﺘﻪ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ،ﻭﺜﻭﺍﺒﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻜﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ ﺍﻟﻨﺘﻭﺀ ﺍﻷﺒﺭﺯ ،ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻓﻲ ﺯﻤﻥ ﺍﻟﺘﻘﻌﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ . ﻭﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺃﻥ ﺩﻤﺸﻕ ﻟﻡ ﺘﻠﺏ ﺍﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺫﻋﻭﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻨﺘﻬﺎﺝ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺨﻭﻑ ،
ﻤﺤﺎﻓﻅﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯ ﻤﻜﺎﻨﺘﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ .
ﻭﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺼﺭﺍﺤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻠﻴﻬﺎ ﺩﻗﺔ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﻭﺨﻁﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺄﻭﻴﻼﺕ ،ﻜﺎﻥ ﻁﺒﻴﻌﻴﺎ ﺃﻥ ﻴﺸﻴﺭ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﻴﻥ :ﺍﻟﺴﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ،ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺒﺘﻘﺎﻁﻌﺎ ﻓﻲ ﻨﻘﻁﺔ ﺃﻭ ﺃﻜﺜﺭ ،ﻭﻟﻴﺱ ﻋﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺎﻴﺘﻴﺤﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻘﺎﻁﻊ ﻤﻥ
276
ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺘﺘﺭﺠﻡ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﻨﻘﺎﻁ ﻗﻭﺓ ﺃﻭ ﻀﻌﻑ ،ﺒل ﺍﻟﻌﻴﺏ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻐﺎﻓل ﻋﻥ ﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ،ﻭﻋﻥ ﺍﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ . ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻭﺍﺯﻨﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺒﺎﻟﻀﺭﻭﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻗﺩ ﺃﺜﺎﺭﺕ
ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺭﺩ ﺃﻭ ﺫﺍﻙ ،ﻭﺼﺩﻤﺕ ﺘﻁﻠﻌﺎﺕ ﺁﺨﺭﻴﻥ ﻫﻨﺎﻙ ،ﻓﺄﻤﺭ ﺫﻟﻙ ﻴﻌﺯﻯ ﺇﻟﻰ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﻋﺩﺓ ،ﻤﻨﻬﺎ : ﻴﻨﻁﻠﻕ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨﻤﻨﻁﻕ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻱ ﻓﻲ ﻓﻬﻤﻪ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻥ ﻓﺭﻀﻴﺔ
-
ﺩﻭﻏﻤﺎﺌﻴﺔ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ﺍﻟﺠﺫﺭﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺘﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺤﻴﺎل ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺤﻭل ﺃﺴﻠﻭﺏ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ،ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺘﺭﺠﻡ ﺇﻟﻰ
ﻤﻭﺠﻬﺔ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻭﻫﻨﺎ ﻴﺸﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻗﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻔﻠﺕ ﺒﻬﺎ ﻓﺘﺭﺓ ﻤﺎ
ﻗﺒل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺒﺸﺭ ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ،ﺒﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺃﻭ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ،ﺒﺎﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ-ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﺤﺘﻼل ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻟﻠﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﺃﺼﺩﺍﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺭﻫﺎﻨﺎﺕ ﺃﺨﺫﺕ ﺤﻴﺯﺍ ﺒﺎﺭﺯﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﺩﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺍﺡ ﺍﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﻴﻬﺩﺩﻭﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺎﻟﺘﺭﺴﺎﻨﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻨﻴﺎﺒﺔ -
ﻋﻥ ﺭﺍﻤﺴﻔﻴﻠﺩ ﻭﻜﻭﻨﺩﺍﻟﻴﺯﺍ ﺭﺍﻴﺱ !!
ﺭﺒﻤﺎ ﻟﻡ " ﻴﻘﻁﻊ ﺒﻌﻘل " ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺸﺩﻭﺩﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻴﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،
ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻨﺴﺤﺎﻕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ،ﺃﻥ ﺘﺒﺩﻭ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻤﺎﻟﻜﺔ ﺸﺭﻭﻁﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﺍﻟﻘﻭﻱ ﻤﻊ ﺍﻟﻼﻋﺏ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﻔﻀﻲ ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺘﺒﺴﻴﻁ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻡ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺒﺭﻤﺘﻬﺎ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻓﻲ ﻤﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺸﻴﺌﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﺒﻤﺎ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﻭﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺼﺎﺭﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﺍﻤﺎ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻓﻬﻭ ﺯﻤﻥ
ﺍﻟﻨﻜﻭﺹ ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺠﻊ ﻭﺍﻻﺴﺘﺴﻼﻡ ﻁﻠﺒﺎ ﻟﻠﺴﻼﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻬﺎﺠﺴﻭﻥ ﺒﺎﻻﻨﻘﻼﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻤﺱ ﻭﻤﻠﻔﺎﺘﻪ ﻭﺜﻭﺍﺒﺘﻪ ﻴﺴﺘﺤﻀﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺠﻤﻠﺔ ﻤﺭﺍﻓﻌﺎﺘﻬﻡ " ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻤﺤﺎﺴﺒﺔ ﺴﻭﺭﻴﺎ " ﻤﺩﺨﻼ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﺒﻴﻥ ﻭﺍﺸﻨﻁﻥ ﻭﺩﻤﺸﻕ ،ﻭﺒﺄﺴﻠﻭﺏ ﻴﺴﺘﻠﻬﻡ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺼﻭﺭﺓ ﻭﻤﺜﺎﻻ . -
ﻭﺤﺩﻩ ﻏﺴﺎﻥ ﺘﻭﻴﻨﻲ ﻟﻡ ﻴﻔﺘﺵ ﻓﻲ ﺭﺩﻩ ﻋﻥ ﻤﺒﺭﺭﺍﺕ ﻟﻠﺘﻬﻭﻴل ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺭﻴﺎ
ﺒﺎﻟﻌﺼﻰ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺒﺩﻯ ﺤﺴﺎﺴﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺠﺭﺍﺀ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﻁﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻬﺩﺩ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻤﺤﻤﻼ ﺇﻴﺎﻫﺎ ﻨﻭﺍﻴﺎ ﺃﻤﻨﻴﺔ ﻭﺼﻠﺕ ﺒﻪ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ " ﺘﺠﺭﻴﻡ " ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ،ﻤﺘﺠﺎﻫﻼ ﺃﻥ ﻤﺎ ﻴﻜﺘﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻴﻔﻭﻕ ﻓﻲ ﺤﺩﺘﻪ ﻭﺸﺭﺍﺴﺘﻪ ﺘﻠﻙ ﺍﻻﺸﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀﺕ ﻋﻠﻰ ﻤﺤﻤل ﺍﻟﺼﺭﺍﺤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺃﻻ ﺘﻜﻔﻲ ﻜل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻟﻠﺤﻭﺤﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﻭﺍﺭ ﻭﻁﻨﻲ ،ﻭﺇﻟﻰ ﺘﻜﺭﻴﺱ ﻓﻀﺎﺌل ﺍﻟﻌﻴﺵ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ ،ﻭﺇﻟﻰ ﻨﺒﺫ ﺍﻟﺘﺸﻘﻕ
ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻲ ﻭﺍﻟﻤﺫﻫﺒﻲ ..ﺇﻟﺦ ،ﻹﻋﻁﺎﺀ ﺘﻠﻙ " ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ " ﺒﻌﺽ ﻤﺒﺭﺭﺍﺘﻬﺎ ؟ ﺜﻡ ﻫل ﺤﻘﺎ ﻤﺎﺘﺕ ﻋﺼﺒﻴﺎﺕ ﻤﺎ ﻗﺒل " ﺍﻟﻁﺎﺌﻑ " ؟ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻤﻥ ﻫﻡ ﺇﺫﺍ ﺃﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ 277
ﻴﺘﺒﺎﺭﻭﻥ ﺒﺸﺩ ﻋﻀﻼﺘﻬﻡ ﻭﺍﻟﺘﻠﻭﻴﺢ ﺒﺭﺍﻴﺎﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻬﺭﺠﺎﻥ ،ﻭﻓﻲ ﻜل ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺭﻴﺎﻀﻴﺔ ﺃﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ؟ ﻫل ﺸﻔﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺤﻘﺎ ﻤﻥ ﻟﻭﺜﺔ ﺍﻷﻜﺜﺭﻴﺎﺕ ﻭﺍﻷﻗﻠﻴﺎﺕ ،ﻭﻤﻥ ﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻏﺭﺍﻓﻴﺎ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺘﺤﻀﺭ ﻫﻭﺍﺠﺴﻬﺎ ﻭﺃﺩﻭﺍﺘﻬﺎ ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻐﻴﺭ ﻤﺩﻴﺭ ﻫﻨﺎ
ﺃﻭ " ﻤﺤﺎﺴﺏ "ﻫﻨﺎﻙ ؟ ﺜﻡ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺸﺎﺭﻭﻥ ﻴﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﻁﺎﺌﻔﻴﺔ ﻫﻲ ﻤﻘﺘل ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻫل ﺘﻘﺘﻀﻲ ﺩﻭﺍﻋﻲ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﻘﻭل ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻋﻜﺱ ﺫﻟﻙ ؟ ؟ ﺇﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻗﺭﺃ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻐﺴﺎﻥ ﺘﻭﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﻔﻌﺎل ،ﻭﺃﺨﺸﻰ ﺃﻥ ﺤﺴﺎﺴﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﻜﻼﻡ ﻤﺴﺅﻭل ﺴﻭﺭﻱ ﻋﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﻟﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﺃﺨﺫﺘﻪ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻨﻭﺍﻴﺎ ،ﻓﺭﻓﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻠﻴﺏ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺩﺍﺌﻡ ﺘﺤﺴﺒﺎ ،ﺃﻭ ﺭﺒﻤﺎ ﻤﻥ ﻗﺒﻴل ﺍﻻﺜﺎﺭﺓ . )(٢
ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻓﻀﻴﻠﺔ " ﻤﺎ " ﻓﻲ ﻟﻔﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﻤﺄﺯﻕ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺍﺨﺘﺒﺎﺭ ﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻋﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ،ﻭﻻ ﻤﻬﺭﺏ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﺘﻁﻠﻌﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻭﺍﺴﻊ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻗﻭﻑ ﻤﻠﻴﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺒﺭﺓ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺭﺩﻭﺩ " ﺍﻟﺸﺎﻤﻴﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻀل ﺃﺼﺤﺎﺒﻬﺎ
ﺍﻻﻨﻁﻼﻕ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﻐﺎﺌﻥ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﻤﻜﺎﺸﻔﺔ ،ﻭﺍﺴﺘﻠﻬﺎﻡ ﻤﺄﺜﻭﺭﺍﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺨﻁﺎﺏ ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﻨﺒﺭﺓ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻭﺇﻁﻼﻗﻴﺔ ﻋﻘﺎﺌﺩ ﻤﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ،ﻤﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭ ﻟﻠﺴﺅﺍل ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻨﺨﺏ " ﺍﻟﺭﺸﻴﺩﺓ "
ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻴﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﺄﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﻁﻼﻗﻴﺔ ،ﻓﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﺄﻨﺱ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻭﺍﺴﻊ ﺍﻟﻁﻴﻑ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺤﻭﺍﺭ ﺤﻘﻴﻘﻲ ؟ )(٣
ﻟﻘﺩ ﻁﻌﻥ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﺭﺩﻩ ﻜﻤﻌﺎﺭﺽ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ ﻴﺘﺸﻔﻰ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻔﻴﺔ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ،ﻭﻫﺫﻩ ﻋﺎﺩﺓ ل ﺍﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺭﺍﺌﺠﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﻤﻜﻥ ،ﻟﻜﻥ ﻋﻴﺩ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺴﺎﻁﻌﺎ ﻓﻲ ﺇﻋﻼﻥ ﻋﺩﺍﺌﻪ ﻋﺒﺭ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻭﻤﻤﻀﺔ ﺤﻭل " ﺍﻟﺠﻠﻴل " ﺃﻓﺭﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺘﻪ ﻟﻴﺒﺭﺭ ﻁﺭﺡ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ " ﺍﻟﺠﻠﻴل " " :
ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻴﺎﻟﻌﺎﻟﻡ ﺭﺠل ﺃﻤﻥ ..ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﻠﻴﻼ ؟ " .
ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺜﺄﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﻴﺎﺸﺔ ﻴﻤﻀﻲ "ﻋﻴﺩ" ﻤﻥ ﻏﻁﻼﻗﻴﺔ ﺼﻐﺭﻯ ﺇﻟﻰ ﺇﻁﻼﻗﻴﺎﺕ ﻜﺒﺭﻯ ﺘﺘﺭﻙ ﺍﻨﻁﺒﺎﻋﺎﺕ ﺴﻠﺒﻴﺔ ﺤﻭل ﻤﺩﻯ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻁﻬﺭﺓ ﻤﻥ ﺩﻭﻏﻤﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺇﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﺃﻨﺯﻩ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺜﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﺘﺜﺒﺕ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﺼﻭﻟﻴﺎﺕ ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ، ﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﺃﻭ ﺇﻟﺤﺎﺩﻴﺔ ،ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺩﺭﻥ ) ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ( ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﻭﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻨﺯﻋﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩ ﻭﻋﺼﺒﺎﻨﻴﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﺘﺅﻟﺏ ﺤﻭﺍﺭﺍ ﺤﻘﻴﻘﻴﺎ ﻴﺘﻜﺎﻤل 278
ﻟﻴﺴﺘﻭﻋﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻗﺭﺃ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ،ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺘﻪ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ،ﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ،ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻻ ﺘﺠﻬﺽ ﻜﺴﺎﺒﻘﺎﺘﻬﺎ ،ﻤﺤﺴﻨﺎ ﻓﻌل ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺩ ﺒﻤﺜﻠﻬﺎ ، ﻭﻴﺤﺩﻭﻨﺎ ﺃﻤل ﻓﻲ ﺃﻥ ﻴﺒﻠﻭﺭ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺘﻨﻬﺽ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ
ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻭﺍﺅﻡ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﻥ ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻴﺴﺔ ﺒﻴﻥ ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﻭﺍﻨﻐﻼﻕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺘﺒﺭﺯ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﻓﻲ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﻨﺎﺸﻁﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻟﻠﻌﻤل ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﻋﺩﺍﺌﻴﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺠﻌﻠﺘﻪ ﻴﺘﻌﺎﻤﻰ ﻋﻤﺎ ﻗﺎﻟﻪ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻭﻤﻁﺎﻟﺒﻬﺎ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺘﻁﺭﺡ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺭﺠل ﺍﻷﻤﻥ ﻤﻌﻁﻰ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﺃﻋﻠﻰ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻓﻲ ﻤﺩﻨﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺘﻤﻴﺔ ﺍﻟﻁﻔﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺍﺴﺘﻭﻟﺩﻫﺎ ﻋﻴﺩ ﻤﻥ ﻓﻬﻤﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺇﺫ ﻴﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻴﻘﻨﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻜل ﻤﻥ ﻓﻴﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﻭ ﻤﻌﻬﺎ ﺠﺎﻫل ،ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻓﺨﺎﺭﺠﻬﺎ )!!( . ﺘﻌﻤﻴﻤﺎﺕ ﻋﻴﺩ ﺘﻤﻀﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺇﺒﺘﺫﺍل ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻤﻊ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﺇﺫ ﻴﺨﺘﺯﻟﻬﺎ ﺇﻟﻰ " ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻴﻠﻌﺏ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻟﺤﺴﺎﺒﻪ " ﻭﻫﻭ ﺒﺫﻟﻙ ﻴﺸﻁﺏ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﻭﻨﺫﺍﺍﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ،ﻤﺘﺠﺎﻫﻼ ﺃﻨﻬﺎ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻭﺤﺎﻀﺭﺓ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻨﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﺘﻠﻬﻤﻬﺎ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ .
ﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻓﻀﺎﺀ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻜﺎﻥ ﻭﻴﻅل ﺤﺎﺠﺔ ﻟﻤﺤﻴﻁﻪ ﻭﻋﺎﻟﻤﻪ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ، ﻭﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻟﻌﺏ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﺩﻭﺭﺍ ﺃﺴﺎﺴﻴﺎ ﻓﻲ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ،ﻟﻜﻥ ﺃﻻ ﺘﺸﺒﻪ ﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﻟﺒﻨﻨﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻟﺒﻨﻨﺔ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺩﺍﺭﻱ ،ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻠﻴﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﻜﺴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ؟!
ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﻴﻥ ،ﻭﻫﻲ ﻟﻴﺴﺕ ﺍﻨﻘﻼﺒﺎ ،ﻭﺘﻔﻘﺩ ﻭﻅﻴﻔﺘﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻤﻠﻰ ﺇﻤﻼﺀ ،ﻭﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻴﺴﺘﻭﺠﺏ ﻤﺩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺒﺎﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻴﻭﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻠل ﺃﺤﺯﺍﺏ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﺫﺍﺕ ﺒﺭﺍﻤﺞ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ، ﻭﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻨﺘﺨﺎﺏ ﻴﻜﻔل ﺃﻥ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﻗﺽ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻊ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﺒﻨﻴﻭﻱ ﻓﻲ ﺃﻁﺭﻩ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﻷﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﺸﻴﺩﺓ ﺘﻌﻁﻲ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺏ
ﺸﺭﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺒﺭﻴﺭ ﺃﻥ ﻴﻨﺘﺨﺏ " ﺍﻷﻤﻴﻭﻥ " " ﺃﻤﻴﻴﻥ " ﻭﺍﻥ ﻴﺨﺘﺎﺭ " ﺍﻟﻔﺎﺴﺩﻭﻥ " ﻓﺎﺴﺩﻴﻥ ﻭ" ﺍﻻﺭﻫﺎﺒﻴﻭﻥ " ﺍﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻭﺃﻥ ﻴﻨﺘﺨﺏ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ . • •
ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺭﺍﻥ
ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ – /١٧-١١ﺘﻤﻭﺯ – ﻴﻭﻟﻴﻭ ٢٠٠٣ /
279
ﻫل ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻹﺼﻼﺡ ؟! ﻴﻘﻭﻡ ﻜﺎﺘﺏ ﻤﺘﺨﻔﻲ ﺘﺤﺕ ﺍﺴﻡ ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﻋﺩﺩ ١٧– ١١ﺘﻤﻭﺯ ،٢٠٠٣ﺒﺎﻟﺭﺩ
ﻋﻠﻰ ﻤﻘﺎﻻﺕ ﺜﻼﺙ ﻨﺸﺭﺘﻬﺎ ) ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ( ،ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩ ﺤﺎﻭﺭﺕ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﻠﻭﺍﺀ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ
ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻔﻴﺭ ٢٠٠٣ / ٦ / ١٨ﺃﻭﻟﻬﺎ ﻤﻘﺎل ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﺌﻴﺱ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺍﻷﺴﺘﺎﺫ ﻏﺴﺎﻥ ﺘﻭﻴﻨﻲ ،ﺇﺫ ﻴﺄﺨﺫ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺭﺩﻩ "ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﻨﻔﻌﺎل" ،ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﻴﺜﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﺯﻋﺘﻪ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﻨﻘﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺒﻬﻴﺎﺝ ﻫﻴﺴﺘﻴﺭﻱ ﻋﺠﻴﺏ ،ﺤﻴﺙ ﻴﻘﺫﻑ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﻨﺎ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺘﻬﺎﻤﺎﺕ ) ﺍﻟﻀﻐﺎﺌﻥ – ﺍﻟﻜﻴﺩﻴﺔ – ﺍﻟﺜﺄﺭﻴﺔ ﻭﺍﻹﻁﻼﻗﻴﺔ – ﺍﻟﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻌﻭﻨﺔ
– ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻤﻥ " ﺍﻟﺒﻌﺙ " – ﺴﺎﻁﻊ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ – ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺜﺄﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﻴﺎﺸﺔ – ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﻁﻬﺭ ﻤﻥ ﺩﻭﻏﻤﺎﺌﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ – ﻟﻭﺜﺔ ﻋﺩﺍﺌﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﻤﻥ " ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ " ﺭﺠل ﺍﻷﻤﻥ ﻤﻌﻁﻰ ﺃﺨﻼﻗﻴﺎ ﺃﻋﻠﻰ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻓﻲ ﻤﺩﻨﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﺤﺘﻤﻴﺎﺘﻨﺎ . ( ... ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺩﺍﻨﺎﺕ ﻜﻠﻬﺎ ﻗﺫﻓﺕ ﻓﻲ ﻭﺠﻬﻨﺎ ،ﻓﻘﻁ ﻷﻨﺎ ﻓﻨﹼﺩﻨﺎ ﻓﻠﺴﻔﻴﺎ ﺍﺴﺘﺤﺎﻟﺔ ﺇﻁﻼﻕ ﺼﻔﺔ " ﺍﻟﺠﻼل " ﻋﻠﻰ ﺭﺠل ﺃﻤﻥ ﻤﻬﻤﺎ ﻋﻼ ﺸﺄﻨﻪ ﻭﺍﺭﺘﻔﻊ ﻤﻘﺎﻤﻪ ﺍﻟﻤﺭﺍﺘﺒﻲ ﺍﻷﻤﻨﻲ ،ﻫﺫﺍ ﺃﻭﻻ ،ﻭﺜﺎﻨﻴﺎ ،ﻟﻜﻭﻨﻨﺎ ﻏﻴﺭ
ﻤﻘﺘﻨﻌﻴﻥ ﺒﺄﻥ “ ﺁﺜﺎﻤﻨﺎ ﻭﺨﻁﺎﻴﺎﻨﺎ” ﻴﺘﺤﻤل ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻭﺯﺭﻫﺎ ﻭﺤﺩﻩ ﻭﺒﻤﻔﺭﺩﻩ ،ﺇﺫ ﻴﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻨﻬﻤﺸﻪ – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ – ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻨﻠﻐﻴﻪ ﺒﺎﻟﺘﺩﺭﻴﺞ ﻟﻨﺒﻌﺩ ﻋﻴﻥ ﺍﻟﻐﺩﺭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻋﻨﹼﺎ ،ﻭﻜﺄﻥ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ "
ﺃﻏﺭﺍﺭ ﺃﻤﺎﻡ ﻨﺒﺎﻫﺘﻨﺎ " ﻭﻻ ﻴﻌﺭﻓﻭﻥ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺃﺸﻜﺎل ﺘﻭﻀﻊ ﻭﺘﻤﻔﺼل ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺒﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻥ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺩﺭﺠﺔ ﺍﻹﺨﺘﻼﻑ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻴﻥ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻭﻫﻲ ﺘﻨﺘﺞ ﺸﻜﻠﻬﺎ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﻨﻲ .
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻑ ﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ )ﻓﺎﺸﻴﺔ –ﻤﺎﻓﻴﻭﻴﺔ( ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻟﻡ ﻴﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻜﻤﺨﻠﺏ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﻜﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﺒل ﺍﺴﺘﺨﺩﻡ ﻜﻭﺍﺠﻬﺔ ) ﺇﻋﻼﻤﻭ-ﺍﻴﺩﻟﻭﺠﻴﺔ ( ﺃﻱ ﻜﺠﻬﺎﺯ ﻟﻺﺴﺘﻅﻬﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻜﺭﺍﺭ ﺤﺘﻰ ﻴﺠﺒﺭﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻔﻅ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻭﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺒل ﺤﺘﻰ ﺼﻡ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭ ،ﻭﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﺁﻟﻴﺔ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻱ ﺤﺴﺏ ﻤﻴﺭﺴﻴﺎ ﺇﻟﻴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺹ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻁﻭﺭﻴﺎﺕ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻟﻴﺱ ﻤﺼﺎﺩﻓﺔ ﺃﻥ ﻨﺠﺩ ﺍﻟﻁﺎﻗﻡ ﺍﻟﺤﺯﺒﻲ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺍﻓﻕ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺭﺍﺤل ﻨﻔﺴﻪ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻷﻭل ﻟﺤﺭﻜﺘﻪ ،ﻴﺄﺘﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺎﺕ ﻟﻴﻠﻘﻭﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻤﻌﻨﺎﻩ ﻤﻨﺫ
ﻜﻨﺎ ﻁﻠﺒﺔ ،ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻨﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺭ ،ﻤﻤﺎ ﺭﺍﺡ ﻴﺫﻜﺭ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻁﺎﻗﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺎﺘﻴﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﺒﺭﻴﺠﻨﻴﻑ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ،ﻟﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﻬﺭﻤﺔ ﺍﻟﺸﺎﺌﺨﺔ ،ﻻﻴﻭﺠﺩ ﻤﻥ ﻴﺼﺩﻕ ﺃﻨﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ،ﺇﺫ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻗﺎﺌﺩﺍ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻊ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ،ﺇﻻ ﻓﻲ ﺒﻨﺩ ﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﻓﻲ ﺒﻼﺩ ﺁﺨﺭ ﻤﺎﻴﺤﺘﺭﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ! 280
ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻹﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻴﺸﻬﺎ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ، ﺍﻟﻤﻌﻁﻠﺔ ﻟﻠﻘﻭﻯ ﺍﻹﺒﺩﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻟﻠﺒﺸﺭ ﻓﻲ ﺤﻘﻬﺎ ﺍﻷﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﺇﻥ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺇﺫﻥ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺸﺭﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻹﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺒﺎﺕ ﻴﻘﺎل ﺃﻥ
ﺘﻌﺩﺍﺩﻫﺎ ﻭﻤﻭﺍﺯﻨﺘﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ –ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ -ﺘﻘل ﻋﻥ ﺘﻌﺩﺍﺩ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﻭﻤﻭﺍﺯﻨﺘﻪ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺒﺙ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﻭﺍﻟﺫﻋﺭ ﻓﻲ ﺍﻭﺴﺎﻁ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺒﺘﻔﺱ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻭﺭﺒﻤﺎ ﺃﻜﺜﺭﻤﻤﺎ ﻓﻲ ﻭﺴﻁ ﺍﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺭﺒﻤﺎ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺨﺴﺎﺭﺓ ﺒﻌﺽ ﻤﺎﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻪ ﻤﻜﺴﺏ ﻙ)ﺍﻟﻭﻅﻴﻔﺔ( ،ﺃﻭﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯ ﻜﺎﻟﻌﻤل ﻓﻲ ﻤﻜﺎﻥ ﻴﺘﻴﺢ ﺍﻟﺭﺸﻭﺓ ﻭﺍﻟﺴﺭﻗﺔ ﻭﺍﻟﻨﻬﺏ ﺸﺭﺍﻜﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻡ ﻁﺒﻌﺎ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﺼﺒﺤﺕ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﺒﺎﻷﻤﻥ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍ !
ﻟﻨﺒﺩﺃ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻘﻁﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻠل ) ﻋﺩﺍﺀﻨﺎ ﺍﻟﺴﺎﻁﻊ ( ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻁﺭﺡ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ﺴﺅﺍﻟﻨﺎ " :ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺭﺠل ﺃﻤﻥ ...ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺠﻠﻴﻼ ؟ " ﻟﻥ ﻨﺸﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺭﻓﻊ ﺠﺯﺀﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ،ﻭﻭﻀﻊ ﻤﺤﻠﻪ ﻨﻘﺎﻁﺎ ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻬﺩﻑ ﺍﻟﺘﺸﻭﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻀﻠﻴل ،ﻷﻥ ﻤﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺜﻤﺔ ﻜﻼﻡ ﻴﺸﻴﺭ ﻭﺒﺤﻴﺎﺩﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺭﺠل ﺍﻷﻤﻥ ﻫﺫﺍ ) ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻭﺍﻫﺒﻪ ﻭﻤﻠﻜﺎﺘﻪ ﻭﻤﻭﺍﻗﻌﻪ ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ( ﻓﻬﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺜﻤﺔ ﺇﻴﺫﺍﺀ ﺃﻭ ﺍﺴﺘﻬﺩﺍﻑ ﺸﺨﺼﻲ ﻋﺩﻭﺍﻨﻲ ،ﻭﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻟﻨﺎ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﻤﻊ ﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭل ﺍﻷﻤﻨﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ .
ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻭﻡ ﻟﻴﺱ ﻤﻭﺠﻬﺎ ﻟﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻤﺩﻭﺡ ﺒل ﻷﻨﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﺡ ،ﺃﻱ ﻟﻠﻤﺜﻘﻑ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺍﻟﺘﺒﺠﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻔﹼﺔ ) ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ( . ﺇﻥ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ،ﻗﺩ ﺘﺤل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﺭﺴﺎل ﺭﺴﺎﺌل ﻤﺤﺩﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺤﺎﺕ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﻟﻬﻡ ﻫﻲ " ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ " ﻜﻤﺎ ﻓﻌﻠﺕ ﻓﻲ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﺃﻋﺩﺍﺩ ﺴﺎﺒﻘﺔ ﺘﺨﻭﻨﻨﺎ ﺸﺨﺼﻴﺎ ﻭﺠﻤﺎﻋﻴﺎ ﻤﻊ ﺠﻤﺎﻋﺔ )ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ( ،ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺘﻬﺩﺩﻨﺎ ﻭﺘﺘﻭﻋﺩﻨﺎ ،ﺒﻴﺩ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺂل ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﻴﺢ ﺤﻭﺍﺭﺍ ﺼﺭﻴﺤﺎ ﻋﻠﻨﻴﺎ ،ﺸﻔﺎﻓﺎ ،ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻁﻠﻭﺏ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻓﻼ ﻨﺠﺩ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﻤﻼﺫﺍ ﺇﻻ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﻤﻠﺤﻘﻬﺎ " ﺒﻘﻌﺔ ﻀﻭﺀ ﺤﺭﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ " ﻨﺼﺩﺭ ﻟﻬﻡ ﺃﺯﻤﺎﺘﻨﺎ ﻓﻴﺘﺤﻤﻠﻭﻨﺎ ﻭﻴﺩﻓﻌﻭﻥ ﻀﺭﻴﺒﺔ " ﺍﻷﺨﻭﺓ ﻭﺍﻟﺴﻭﺍ ﺭﺒﻴﻨﻨﺎ " ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﻟﺴﻠﻁﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻔﻅﺔ ،ﺒل ﻭﻟﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ) ﺍﻟﻨﻘﺎﻗﻴﻥ ( !
ﻓﻨﺤﻥ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭ ﻻ ﻨﻌﺭﻑ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻠﻭﺍﺀ ﻓﻌﻼ ؟ ﺃﻡ ﺃﻨﻪ ﺭﺃﻱ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﻁﻭﻉ ﻭﺍﻟﻤﺘﺤﻤﺱ ﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻡ؟ ﺃﻡ ﺃﻨﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺸﺒﺢ ﺍﻟﻤﻭﻜل ﻭﺍﻟﻤﻜﻠﻑ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺒﻤﻁﺎﺭﺩﺘﻨﺎ ﻭﻤﻼﺤﻘﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻜﺘﺏ ﺇﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﻬﻭﺱ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻔﺕ ﻨﻅﺭ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ) ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ ﻭﻤﺎﻟﻙ ﻤﺴﻠﻤﺎﻨﻲ ( ،ﺤﻴﺙ ﻴﺘﺴﺎﺀل ﻴﺎﺴﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﺨﺒﺎﺭﺍﻟﺸﺭﻕ ) ٢٦ﺁﺏ " : (– ٢٠٠٢ﻟﻁﺎﻟﻤﺎ ﺘﺴﺎﺀﻟﺕ ﻤﻥ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻱ )ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭ( ﺒـ " ﺃﺼﺤﺎﺏ
ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ " ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺤﻤﻠﻬﻡ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ
ﻋﻠﻰ ﺃﺠﻭﺍﺀ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺝ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ...ﻜﺭﺭ)ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺨﺹ( ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻋﺸﺭ ﻤﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل .. 281
ﻟﻡ ﺃﻗﻁﻊ ﺍﻟﺸﻙ ﺒﺎﻟﻴﻘﻴﻥ ﺇﻻ ﺒﻌﺩ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﻤﻘﺎﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻌﻨﻭﻨﺔ " ﺍﻟﻨﻭﻤﻨﻜﻼﺘﻭﺭﺍ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ " ﻓﻲ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ " ٢٠٠٣/ ٨ / ٢١ ﻟﻴﻜﺘﺸﻑ " ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻌﻴﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻫﻭ ﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ ﺒﻌﻴﻨﻪ ...ﻭﺃﻥ ﻨﻅﺭﻴﺔ )ﺼﺎﺤﺏ ﺍﻟﻨﻭﻤﻨﻜﻼﺘﻭﺭﺍ ( ﺤﻭل ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺝ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺘﺴﺩﻴﺩ ﻟﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺸﺨﺼﻴﺔ ..ﺇﺫ ﻤﻥ
ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﻌﻘﻭل ﺭﻫﻥ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺝ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﺒﻤﻭﺍﻗﻑ ﺸﺨﺹ ﻭﺍﺤﺩ " !...ﺃﻭ ﻓﻲ ﺃﺤﺴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻴﺘﻡ ﺘﻭﺴﻴﻊ ﺠﺒﻬﺔ "ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ " ﺃﻭ ﺒﺘﻌﺒﻴﺭ ﺁﺨﺭ " ﺃﺼﺤﺎﺏ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ " ﻟﻴﻀﻡ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻟﻴﺘﺴﺎﺀل ﻴﺎﺴﻴﻥ " :ﻫل ﻫﻨﺎﻙ ،ﺇﺫﺍ ،ﻋﻨﺼﺭﺍﻥ ﻓﻘﻁ ﻴﺯﻋﻤﺎﻥ ﺘﺭﻨﺢ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ،ﺍﺤﺩﻫﻤﺎ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ " ...ﻓﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻭﺩﺭﺍﻤﺎ ﺍﻟﺴﻘﻭﻁ ﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻡ ﺍﻟﻭﺸﻴﻙ
ﻟﻘﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ " ﺍﻟﻤﺯﻋﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻜﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﺘﺒﺭﻴﺭﺍ ﻜﺎﻤﻼ ﻻﻋﺘﻘﺎل ﻜل ﻤﻥ ﻗﺩ ﻴﻌﺒﺭﻋﻥ ﺭﺃﻴﻪ ﺒﺤﺩﺓ ﺃﻭ ﺒﻨﺒﺭﺓ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ " ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ " ..
ﻭﻗﺩ ﻋﻠﻕ ﻤﺎﻟﻙ ﻤﺴﻠﻤﺎﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻨﺹ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻑ ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ " ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻷﻤﻠﺱ " : ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺠﺯﺍﺀﺍ ﻭﻓﺎﻗﺎ ﻟﻤﺎ ﺠﻨﺘﻪ ﻴﺩﺍﻩ ﻤﻥ ﺍﺴﺘﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ "ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺃﻜﺭﻤﻭﻩ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ﻓﻠﻡ ﻴﻌﺘﻘل" ﻭﻓﻕ ﻤﺎﺠﺎﺀ ﻓﻲ ﻤﻘﺎل "ﺍﻟﻨﻭﻤﻨﻭﻜﻼﺘﻭﺭﺍ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ" ،ﻭ ﻗﺩ ﺠﺎﺀﺕ ﺩﻋﻭﺘﻪ ﻟﻬﻡ – ﻭﻤﺎﺩﺍﻡ ﻟﻡ ﻴﺭﺘﺩﻉ – ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺎﻋﺘﻘﺎﻟﻪ
ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺘﺏ ﻓﻴﻪ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﺍﻟﺩﺍﻋﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ،ﺇﺫ ﻻ ﻴﻔﺼل ﺒﻴﻥ ﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻻﺜﻨﻴﻥ ﺴﻭﻯ ﻴﻭﻤﻴﻥ ،ﺍﻷﻭل ﻜﺘﺏ ﻤﻘﺎﻟﻪ ﻓﻲ " ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ - ( ٢٠٠٢ /٨/ ٢١ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻜﺘﺒﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻴﻭﻡ ." ٢٠٠٢ / ٨ /٢٣ ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﺭ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻤﻨﻭﻩ ﻋﻨﻪ ﺁﻨﻔﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻜﺫﻟﻙ ﻷﻨﻪ ﺜﻤﺔ ﻗﺭﺍﺌﻥ ﺤﺎﻓﹼﺔ
ﺩﺍﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﻨﻅﺭﻴﺘﻪ ﻋﻥ " ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ " ﻻ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﻴﺎﺽ
ﺍﻟﺘﺭﻙ ﺒﻭﺼﻔﻨﺎ ﻤﻐﺘﺎﻟﻲ ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ ،ﺒل ﺘﺅﺴﺱ ﻟﻼﺯﻤﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺭﺩﺩﺘﻬﺎ ﻜﺘﺎﺒﺎﺘﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺩﻋﻭﻩ " ﺘﺼﻌﻴﺩﻴﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﻭﺘﻭﺍﻓﻘﻴﺔ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ " ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٤ /٢ ، ٢٠٠١/ﻓﺘﻤﺕ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺼﻴﺎﻏﺘﻬﺎ ﻫﻨﺎ ﻭﺍﻵﻥ ﻓﻲ " ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ " ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ " ﺤﻭﺍﺭﻴﺔ ﻤﻴﺸﻴل ﻜﻴﻠﻭ ﻭﺍﻨﻐﻼﻕ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ " .
ﻭﻫﺅﻻﺀ ﻭﻓﻕ ﻨﻅﺭﻴﺘﻪ " ﺘﺭﺒﻭﺍ ﻓﻲ ﺃﺤﺯﺍﺒﻬﻡ ﺍﻟﺠﺒﻬﻭﻴﺔ " ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻟﺘﻪ " ﺍﻟﻨﻭﻤﻨﻜﻼﺘﻭﺭﺍ " ،ﻭﻫﻨﺎ ﻭﺍﻵﻥ
ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ،ﻫﻡ " ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﺼﻭل ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ،ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﺇﻟﺤﺎﺩﻴﺔ ،ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺩﺭﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ " ،ﻭﻫﻡ ﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ،ﻤﻌﺎﺩﻭﻥ ، ﺘﺼﻌﻴﺩﻴﻭﻥ ،ﺤﺎﻤﻭ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ،ﻜﻴﺩﻴﻭﻥ ،ﺜﺄﺭﻴﻭﻥ ،ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ " ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺭﺠل ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺭﺡ ﻤﻌﻁﻰ ﺍﺨﻼﻗﻴﺎ ﺃﻋﻠﻰ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻓﻲ ﻤﺩﻨﻴﺘﻪ ﻤﻥ ﻋﻴﺩ " ...ﻁﺒﻌﺎ ﻤﻨﺎ ﻨﺤﻥ ﺍﻟﻜﻴﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺜﺄﺭﻴﻭﻥ
ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻏﺘﻠﻨﺎ ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ ﻭﻗﻀﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺠﻭﺍﺀ ﺍﻻﻨﻔﺭﺍﺝ ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ ﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ
282
ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﺸﺎﺭ ﺍﻷﺴﺩ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺃﺩﻤﻐﺘﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻭﺃﻭﻫﺎﻤﻨﺎ ﻋﻥ ﺘﺭﻨﺢ ﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭﻩ !. ﻁﺒﻌﺎ ،ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺨﺹ ﺍﻟﻤﻌﻨﻲ ﻫﻭ ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻨﺹ ﻭﻓﻕ ﻤﺎ ﺭﺸﺢ ﺇﻟﻴﻨﺎ ،ﻭﻜﻤﺎ ﺘﺅﻜﺩ ﻜل ﺍﻟﻘﺭﺍﺌﻥ
ﺍﻟﺩﺍﻟﺔ ﺍﻟﻤﻭﻤﺄ ﺇﻟﻴﻬﺎ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺼﻭﺹ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻭﻨﺹ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ،ﻓﻨﺤﻥ ﺘﺠﺎﻩ ﺫﻟﻙ ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﺤﺎﻭﺭ ﺃﻭ ) ﻨﺴﺎﺠل ( ﺤﺎﻻﺕ ﻋﻴﺎﺩﻴﺔ ﻨﻔﺴﻴﺔ ،ﺤﺴﺏ ﺘﻭﺼﻴﻑ ﺍﻷﺥ ﻴﺎﺴﻴﻥ " ﻻ
ﺃﻋﺭﻑ ﺃﻱ ﻜﺎﺘﺏ ﻜﺭﺭ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﻟﺤﺎﺡ ﻓﻜﺭﺓ ﻤﺤﺩﺩﺓ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﺒﻴﺭ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻤﺘﻘﺎﺭﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺠﺩﻩ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻻﺕ )ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻪ( ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺤﺎﻤﻴﺔ ﻭﻗﺼﺭ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ ،ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﻟﺩﻴﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺜﺒﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﻋﺩﻡ ﻗﺩﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ،ﺒﻌﺒﺎﺭﺓ
ﺃﺒﺴﻁ ﺜﻤﺔ ﺤﻘﺩ ﻋﻨﻴﻑ ﻻ ﻴﻜﻑ ﻋﻥ ﺘﻐﺫﻴﺔ ﻭﺸﺤﻥ ﻋﻘل ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻭﻴﺠﻌل ﻤﻥ ﻨﻅﺭﻴﺘﻪ ﺘﺼﻌﻴﺩﺍ ﻻﻨﺘﻘﺎﻡ ﺸﺨﺼﻲ ﻻ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﻨﻪ ﻴﺸﺒﻊ " . ﻭﻻ ﻨﻤﻠﻙ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ -ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﻜﻠﱢﻔﺎ ﻟﻪ ﺒﺎﻟﻜﺘﺎﺒﺔ – ﺴﻭﻯ ﺘﺫﻜﺭ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻵﻴﺔ ﺍﻟﻜﺭﻴﻤﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﻫﺫﺍ ) ﺍﻟﺘﻘﺭﻴﺭ( ﺍﻟﻤﺸﺤﻭﻥ ﺒﺎﻟﺤﻘﺩ ﻭﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺽ " :ﻴﺎ ﺃﻴﻬﺎ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺁﻤﻨﻭﺍ ﺇﺫﺍ ﺠﺎﺀﻜﻡ ﻓﺎﺴﻕ ﺒﻨﺒﺄ ﻓﺘﺒﻴﻨﻭﺍ ﺃﻥ ﺘﺼﻴﺒﻭﺍ ﻗﻭﻤﺎ ﺒﺠﻬﺎﻟﺔ ﻓﺘﺼﺒﺤﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻓﻌﻠﺘﻡ ﻨﺎﺩﻤﻴﻥ " .
ﻟﻘﺩ ﺴﺒﻕ ﻟﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺴﻨﺘﻴﻥ ﺃﻥ ﻜﺘﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ) ( ٢٠٠١ /٤ / ٢٠ﻨﻨﺘﻘﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﻨﺩﻭﺓ ﺘﻠﻔﺯﻴﻭﻨﻴﺔ ﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﻭﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻜﻤﺎ ﻋﺒﺭﻨﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ " ﻻ ﻴﺒﺩﺃﻭﻥ ﺠﻤﻠﺔ ﺇﻻ ﻭﻴﺒﺴﻤﻠﻭﻥ ﺒﻤﻘﻁﻊ ﻤﻥ ﺨﻁﺎﺒﺎﺕ ﻭﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺩﺃﺒﻪ ﻗﺒل ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﻴﻜﺴﺭ ﺤﺎﺠﺯ ﺍﻟﻼﻫﻭﺕ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﻴﺨﻠﻊ ﺍﻟﺭﺩﺍﺀ ﺍﻟﻤﻘﺩﺱ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ،ﻟﻴﺅﺴﺱ ﻟﻌﻼﻗﺔ ﻤﺩﻨﻴﺔ ﻤﺘﺤﻀﺭﺓ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﻴﻨﺯل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻭﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ﻭﻴﺤﻀﺭ ﺍﻟﻤﺴﺭﺡ ﺩﻭﻥ ﺇﻋﺩﺍﺩﺍﺕ
ﺒﺭﻭﺘﻭﻜﻭﻟﻴﺔ ﻤﺴﺒﻘﺔ ،ﻭﻴﺘﺤﺎﻭﺭ ﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﻭﻴﻌﻁﻲ ﺘﻭﺠﻴﻬﺎﺘﻪ ﺒﺈﺯﺍﻟﺔ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺱ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﺒﺎﻟﺼﻭﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺒﺎﺭﻯ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﻭﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻟﻠﺘﺨﻔﻲ ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺭﻴﺎﺀ ﻭﻨﻔﺎﻗﺎ " ، ﻓﻌﻭﻀﺎ ﻋﻥ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﺀ ﺒﺎﻟﻨﺯﻭﻉ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺍﻟﺭﻫﻴﻑ ﻭﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻟﻤﺘﺸﺭﺏ ﺒﻤﻨﺎﺨﺎﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺎﺵ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻓﻲ ﺃﺤﺩ ﻋﻭﺍﺼﻤﻬﺎ " ﻟﻨﺩﻥ " ،ﻴﻘﻭﻡ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺩﻭﺓ ﺍﻟﻤﺘﻠﻔﺯﺓ ﺒﺈﻋﺎﺩﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻟﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ﺍﻟﺸﺭﻗﻲ ﺃﻭ ﺍﻵﺴﻴﻭﻱ ،ﺒﺼﻴﻐﺔ
ﺘﺭﺩﺍﺩ ﺃﻗﻭﺍﻟﻪ ﻭﺘﻜﺭﺍﺭﻫﺎ ﻟﺭﻓﻌﻬﺎ ﻤﻥ ﻤﻥ ﻤﺴﺘﻭﻯ " ﺍﻟﻠﻭﻏﻭﺱ " ﺍﻟﺩﻨﻴﻭﻱ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ " ﺍﻟﻤﻴﺜﻭﺙ " ﺍﻟﺴﺤﺭﻱ ﺍﻟﻁﻘﺴﻲ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﻬﻭﺩ ﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ،ﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻔﻜﺭﻭﻥ ﻴﺴﺘﺸﻬﺩﻭﻥ ﺒﺄﻗﻭﺍل ﺍﻟﺭﺅﺴﺎﺀ ،ﺒل ﺍﻟﺭﺅﺴﺎﺀ ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺴﺘﺸﻬﺩﻭﻥ ﺒﺄﻗﻭﺍل ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ،
ﻟﻴﺘﺒﺎﻫﻭﺍ ﺒﺜﻘﺎﻓﺘﻬﻡ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺸﻌﻭﺒﻬﻡ ،ﻭﻓﻲ ﺤﻤﻼﺘﻬﻡ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ،ﻭﺘﻠﻙ ﻤﺯﻴﺔ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺍﺴﺘﺜﻤﺭﻫﺎ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﺍﻷﺴﺒﻕ ﻓﺭﺍﻨﺴﻭﺍ ﻤﻴﺘﺭﺍﻥ .
ﻭﺍﻟﺭﺅﺴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻫﻡ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺒﺎﻫﻭﻥ ﻭﻴﻔﺨﺭﻭﻥ ﺒﻌﻼﻗﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻓﺎﻟﻜﺎﺴﺏ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ
ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﺩﻴﻐﻭل ﻭﻤﺎﻟﺭﻭ ﻫﻭ ﺩﻴﻐﻭل ،ﻭﺘﺸﺭﺸل ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺘﺯ ﻭﻴﻔﺨﺭ ﺒﺠﺎﺌﺯﺓ ﻨﻭﺒل ﻟﻶﺩﺍﺏ ﺃﻜﺜﺭ 283
ﻤﻥ ﺭﺌﺎﺴﺘﻪ ﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ،ﻭﻨﺤﻥ ﻨﻌﺘﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺒﻨﺠﻴﺏ ﻤﺤﻔﻭﻅ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ) ﻫﺫﺍ ﺇﺫﺍ ﻭﺍﻓﻕ ﻋﻠﻰ ﺼﻔﺔ ﺍﻟﻌﺭﻭﺒﺔ( ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻜل ﻤﻠﻭﻜﻨﺎ ﻭﺴﻼﻁﻴﻨﻨﺎ ﻭﺭﺅﺴﺎﺌﻨﺎ ﺍﻟﻌﺭﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻘﻭﺩﻭﻨﺎ ﺇﻟىﺎﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﺘﻠﻭ ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ !
ﻭﻋﻠﻰ ﺫﻜﺭ ﻨﺠﻴﺏ ﻤﺤﻔﻭﻅ ﺍﻟﻤﻐﺭﻡ ﺒـ)ﺼﺒﺎﺡ ﻓﺨﺭﻱ ( ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻠﺒﻴﻴﻥ ﻴﺘﺒﺎﻫﻭﻥ ﺒـ) ﺼﺒﺎﺡ ﻓﺨﺭﻱ
( ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﻭﻻﺓ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﻌﺎﻗﺒﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻴﻨﺔ ﺤﻠﺏ ،ﺒﻤﻥ ﻓﻴﻬﻡ ﺴﻴﻑ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩ ،ﺭﻏﻡ ﺃﻨﻪ ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺭﻩ " ﻟﻠﺭﻭﻡ ﻏﺎﺯﻴﺎ " ﻋﻠﻰ ﺤﺩ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺃﺒﻲ ﺍﻟﻁﻴﺏ ﺍﻟﻤﺘﻨﺒﻲ ﻓﻜﺎﻥ ﺴﻴﻑ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺩ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺼﺩﺍﻗﺘﻪ ﺍﻟﻐﺎﺩﺭﺓ ﻟﻠﻤﺘﻨﺒﻲ ،ﻭﻓﻴﺭﻭﺯ ﻤﺩﻋﺎﺓ ﻟﺘﺒﺎﻫﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﻓﺨﺭﻩ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻜل ﺍﻟﺭﺅﺴﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﻌﺎ ﻗﺒﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺤﻜﻤﻪ ﻜﺒﺎﺭﺍ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺃﻡ ﺼﻐﺎﺭﺍ ،ﻭﻜﺎﺴﺘﺭﻭ ﻫﻭ ﺍﻟﻜﺎﺴﺏ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺒﻁﺘﻪ ﺒﺎﺭﻨﺴﺕ ﻫﻤﻨﻐﻭﺍﻱ ﻭﺘﺭﺒﻁﻪ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺒﻐﺎﺭﺜﻴﺎ ﻤﺎﺭﻜﻴﺯ ،ﻓﻬﻲ ﺘﺨﻔﻑ ﻤﻥ ﻭﻗﻊ ﻭﻁﺄﺓ ﺨﺸﻭﻨﺘﻪ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﻭﺘﻠﻁﻔﻬﺎ ..ﺍﻟﺦ . ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﻜﺎﻥ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻤﻔﺭﺩﺓ )ﺍﻟﺠﻠﻴل( ﻓﻲ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﻠﻭﺍﺀ ﺃﻭﺃﻱ ﻟﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﺃﻱ ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﻤﻨﻁﻠﻕ ﻤﻭﻗﻑ ﻤﺴﺒﻕ ﻤﻀﺎﺩ ﻟﻪ ﺃﻭ " ﻤﻥ ﻋﺩﺍﺀ ﺴﺎﻁﻊ " ﺤﺴﺏ ﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ ،ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻜﺎﻥ ﺍﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻑ ﺘﺤﺫﻴﺭﻱ ﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻻﺼﻼﺡ – ﺍﻟﺫﻱ ﻴُﺘﺩﺍﻭل ﻭﻴﺸﺎﻉ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻭﺍﺀ ﻤﻨﻬﻡ – ﺃﻥ ﻻ ﻴُﺴﺘﺩﺭﺠﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻓﺦ " ﺍﻟﺸﺨﺼﻨﺔ " ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺇﺤﺩﻯ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ
ﺍﻟﻤﻤﻴﺯﺓ ﻟﻸﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺘﻨﺎﺴﺏ ﺃﺒﺩﺍ ﻤﻊ ﺃﻱ ﻁﻤﻭﺡ ﻟﻺﺼﻼﺡ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺙ ، ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺭﻗﻴﻥ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﻴﻥ ﺃﻓﻀﻭﺍ ﺃﻤﺎﻤﻨﺎ ﺒﺄﻥ ﻟﺩﻴﻬﻡ ﻓﻜﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﻠﻭﺍﺀ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻤﺘﻌﺎﻁﻔﺎ ﻤﻊ ﺃﻁﺭﻭﺤﺎﺕ ﺘﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻓﻤﻥ ﺒﺎﺏ ﺃﻭﻟﻰ ﺇﺫﻥ ﺃﻥ ﻻ ﺃﻜﻭﻥ ﻋﻠﻰ "ﻋﺩﺍﺀ ﺴﺎﻁﻊ" ﻟﺭﺠل ﺘﻁﻭﻑ ﺤﻭﻟﻪ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺎﺌﻌﺎﺕ "ﺍﻻﻴﺠﺎﺒﻴﺔ" ﻤﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل !. ﺒﻴﻥ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﺀ :
ﻟﻘﺩ ﺍﻗﺘﺒﺱ " ﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ " ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻤﺎﻴﺯ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻠﻭﺍﺀ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩﺍﺓ ، ﻟﻴﻘﻭل ﻋﻨﹼﺎ ﺒﺄﻨﺎ ﻁﻌﻨﹼﺎ ﺒﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺘﻨﺎ ﻜﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ،ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﻀﻌﻨﺎ ﻋﻨﻭﺍﻨﺎ ﻨﺘﺸﻔﻰ ﻓﻴﻪ ﻤﻥ " ﺍﻟﺒﻌﺙ " ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺼﺢ ﻋﻨﺩﻩ ﺒﺄﻨﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ " ﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ " ﺒل ﻤﻌﺎﺩﻭﻥ ﻭﺜﺄﺭﻴﻭﻥ ﻭﻜﻴﺩﻴﻭﻥ ﻭﺍﻁﻼﻗﻴﻭﻥ . ﻭﻓﻲ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﻻ ﻴﻨﺘﺞ ﺃﻱ ﻭﻋﻲ ﻤﻁﺎﺒﻕ ﻟﻠﻭﺍﻗﻊ ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ، ﺇﺫ ﺃﻨﻪ ﻴﻨﻁﻠﻕ ﺃﻴﻀﺎ ﻤﻥ ﻤﻨﻅﻭﺭ ﺭﻏﺒﻭﻱ ،ﻴﺘﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﻓﻕ ﻤﺎ ﺘﺸﺘﻬﻲ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﺃﻭ ﻤﺎ ﺘﺭﻏﺏ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻴﻔﺼﺢ ﻟﻙ ﺒﺩﺍﻫﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻭﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ،ﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺤﻴﺎﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻨﺘﺒﻴﻥ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺤﺏ ﻭﺍﻟﻭﻻﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﺀ .
284
ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺎﻟﻡ ﺃﺨﺭﺱ ﻴﺴﻜﻨﻪ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻴﺘﺸﺢ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻼﻤﺒﺎﻻﺓ ،ﻭﻭﻫ ﻡ ﺃﻥ ﻨﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ ،ﻤﻌﻅﻤﻬﻡ ﻗﻀﻭﺍ ﺃﻨﺼﺎﻑ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ ) ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﻜﺎﻥ ﺤﺯﺒﺎ ﺸﺎﺒﺎ ( ﻭﺃﺭﺒﺎﻉ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻡ ) ﺸﻴﻭﻋﻴﻭ ﺍﻟﻤﻜﺘﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻨﺎﺼﺭﻴﻭ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻲ ( ﻤﻊ
ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﻔﻨﺎﻨﻴﻥ .
ﻨﻘﻭل :ﻭﻫ ﻡ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ ﺘﺸﻜل ﺤﻴﺎﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺭﺍﺡ ﻴﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﻤﻠﻴﻭﻨﺎ ، ﻭﺃﻥ ﻟﻴﺱ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﺴﻭﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﺴﺘﻘﻁﺎﺏ ﺴﻭﻯ ﺒﻌﺽ ﺃﺒﻨﺎﺌﻬﺎ ،ﻷﻥ ﺍﻷﻤﻬﺎﺕ ﺒﺎﻟﻤﺭﺼﺎﺩ ﻟﻸﺒﻨﺎﺀ ﻟﺘﻨﺒﻴﻬﻬﻡ ) ﻴﻜﻔﻴﻨﺎ ﺃﺒﻭﻙ – ﺩﻋﻙ ﻤﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺃﺒﻴﻙ ﻟﻘﺩ ﺍﻨﻁﺤﻨﺎ – ﺴﻭﺩﻭﺍ ﻋﻴﺸﺘﻨﺎ ( ،ﻭﺘﺒﺩﺃ ﻗﺼﺹ ﻻ ﺘﻨﺘﻬﻲ ﻋﻥ ﺍﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻡ ﻭﺍﻟﺨﺎل ،ﻭﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺔ ،ﻭﺨﺎل ﺍﻟﺨﺎل ،ﺒل
ﻭﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺎﺌﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﺨﺫﺕ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻭﺴﻨﻭﺍﺕ ﺭﻫﺎﺌﻥ ﺤﺘﻰ ﻴﻌﻭﺩ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ..ﺍﻟﺦ ،ﻭﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻭل :ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻜﺎﺒﻭﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﻋﺒﺔ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻤﻭﺠﻬﺔ ﻀﺩ " ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺘﻠﺔ " ﻟﻸﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ﻓﻘﻁ ،ﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻻ ﻨﺭﻴﺩ ﺃﻥ ﻨﻔﺘﺢ ﺍﻟﺠﺭﺍﺡ ...
ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ – ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﺒﺩﻭ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺩﺍﺌﻴﺔ – ﻫﻲ ﺜﻤﺭﺓ ﻋﻘﻼﻨﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻓﺔ ﻗﻭﺍﻫﺎ ﺃﻭﻻ ،ﻭﻤﻤﻜﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺜﺎﻨﻴﺎ ،ﻭﺍﻹﺨﺘﺭﺍﻗﺎﺕ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﺜﺎﻟﺜﺎ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ .
ﺒل ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل :ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻋﺘﺩﺍل ﺜﻤﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﻟﻨﺨﺏ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﻤﻌﻅﻤﻬﺎ ﺘﻤﺜل ﻜﻭﺍﺩﺭ ﺃﺤﺯﺍﺒﻬﺎ ،ﻭﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺃﻏﻨﺕ ﻤﻌﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ﻭﻫﻤﻭﻤﻬﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﺒﺎﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻟﺤﻠﻡ ﻭﺒﺎﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ) :ﻤﻥ ﻴﺨﺭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﻭﻴﻔﻜﺭ ﺃﻥ ﻴﺩﺨل ﻤﻥ ﺃﺩﺨﻠﻪ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻓﺈﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﺴﺘﻔﺩ ﻤﻥ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺃﺒﺩﺍ ( ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻨﻬﺎ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﻌﺫﺍﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻨﺘﻬﻲ ،ﻭﺒﺌﺴﺕ ﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻻ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺴﻴﺭﻭﺭﺓ ﺨﺭﻭﺝ ﻭﺩﺨﻭل ﻟﻠﺴﺠﻭﻥ ﻭﻓﻕ
ﻤﺘﻭﺍﻟﻴﺔ)ﺴﺠﻴﻥ
ﺴﺠﺎﻥ
ﺴﺠﻴﻥ ...ﺇﻟﻰ ﻤﺎ ﻻ ﻨﻬﺎﻴﺔ ( .
ﻓﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﺇﻻ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻨﺨﺏ ﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻻ ﻴﺘﺎﺡ ﻟﻬﺎ ﺃﻴﺔ ﻓﺭﺼﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺠﺴﻭﺭ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﻐﻁ ﻓﻲ ﺴﺒﺎﺘﻪ ﻭﺼﻤﺘﻪ ،ﺤﺫﺭﻩ ،ﺸﻜﻪ ،ﻗﻠﻘﻪ ،ﺴﻠﺒﻴﺘﻪ ،ﻻﻤﺒﺎﻻﺘﻪ ،ﻭﺫﻫﻭﻟﻪ ،ﻭﺍﻹﻨﻜﻔﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﺍﺕ ﻓﺭﺩﻴﺔ ﺸﺎﺤﺒﺔ ﺘﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﺨﻼﺹ ﻓﺭﺩﻱ ﻴﻭﻤﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﺸﺤﻭﺒﺎ " ﺘﺭﺍﻫﻡ ﺴﻜﺎﺭﻯ ﻭﻤﺎ ﻫﻡ ﺒﺴﻜﺎﺭﻯ " ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻻ ﻤﺸﺎﺤﺔ ﺃﻥ ﺘﺘﻔﺸﻰ ﻓﻲ ﺃﻭﺴﺎﻁ ﻫﺫﻩ ) ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ
ﺍﻟﻤﺌﻭﻴﺔ ( ﺃﻨﻭﺍﻉ ﻤﻥ " ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ " ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ ﺒﺎﻟﺸﻕ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﻫﻴﻐل ﺍﻟﻘﺎﺌﻠﺔ " ﻜل ﻤﺎ ﻫﻭ ﻭﺍﻗﻌﻲ ﻋﻘﻼﻨﻲ " ﺤﻴﺙ ﻴﻨﺸﺄ ﻨﻭﻉ ﻤﻥ "ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﻴﺔ ﺍﻟﺭﺜﺔ" ﺍﻟﻌﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻤﺜل ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻟﻠﺸﻕ ﺍﻵﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﺍﻟﻬﻴﻐﻠﻴﺔ "ﻜل ﻤﺎﻫﻭ ﻋﻘﻼﻨﻲ ﻭﺍﻗﻌﻲ" ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻺﺭﺘﻘﺎﺀ ﺒﺎﻟﻭﺍﻗﻊ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻘل
ﻭﻟﺫﺍ ﺒﺎﺴﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﻴﺔ "ﺍﻟﺭﺜﺔ" ﺴﻴﻭﺠﺩ ﻭﺴﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﻥ ﻴﺒﻬﺠﻪ ﺍﺒﺘﺴﺎﻤﺔ ﺍﻟﺠﻼﺩ ﻓﻴﻌﺘﺒﺭﻫﺎ ﻤﻜﺴﺒﺎ ،ﻭﺍﻻﺴﺘﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ﻟﻸﻤﻥ ﺭﺍﺤﺕ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺤﻭﺍﺭﺍ ﻭﺍﻋﺘﺭﺍﻓﺎ ﺒﺎﻵﺨﺭ ،ﻭﺍﻹﺸﺘﺭﺍﻙ ﺒﺒﻌﺽ
"ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ" ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻤﻨﻴﺎ ﻴﻐﺩﻭ ﺘﻤﺜﻴﻼ ﻭﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ،ﻴﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﻜﻡ ﺘﻁﺎﻤﻨﺕ ﺁﻤﺎل ﻭﺘﻁﻠﻌﺎﺕ ﻭﺃﺤﻼﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ؟!! 285
ﻭﺘﻠﻙ ﻫﻲ ﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻴﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﻭﻭﻀﻊ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻔﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﺒﻼﺩﻩ ﻴﻘﺘﺤﻤﻬﺎ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ،ﻓﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻋﺎﻨﻰ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻤﺎ ﻋﺎﻨﻰ ،ﻭﺒﺫل ﻤﺎ ﺒﺫل ﻤﻥ ﺍﻹﻤﺘﻬﺎﻥ ﻭﺍﻟﺫل ﻭﺍﻹﻫﺎﻨﺔ ﻭﺘﻘﻭﻴﺽ ﺍﻹﺒﺎﺀ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭ ﻭﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻭﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ،ﻋﺎﻗﺏ ﻨﻅﺎﻤﻪ ﺒﺎﻟﺼﻤﺕ ﻭﺍﻟﺴﻜﻭﺕ ﻭﺍﻟﺫﻫﻭل ﺫﺍﺘﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻗﺩ ﻓﺭﻀﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺨﻼل ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻋﻘﻭﺩ ،ﻓﻬﺯﻡ ﻨﻅﺎﻤﻪ ﺒﺎﻟﺴﻼﺡ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺫﻱ
ﻓﺭﻀﻪ ﻋﻠﻴﻪ ،ﻟﻘﺩ ﻫﺯﻤﻪ ﺒﺴﻼﺡ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﺍﻟﻼﻤﺒﺎﻻﺓ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺫﻫﻭل "ﺴﻜﺎﺭﻯ ﻭﻤﺎﻫﻡ ﺒﺴﻜﺎﺭﻯ" ﻭﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ﺇﺫ " ﺍﻟﻌﺒﺩ ﻻ ﻴﺠﻴﺩ ﺍﻟﻜﺭ" ،ﻫﺫﺍ ﻤﺎﻫﺯﻡ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻟﻴﺱ ﺴﻼﺡ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻔﻭﻗﺔ ،ﻷﻥ ﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ
ﻟﻴﺴﺕ ﺃﻗل ﺘﻔﻭﻗﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﻴﻥ ﺸﻌﺏ
ﺍﻟﺠﺒﺎﺭﻴﻥ .
ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﺒﺎﻟﺒﻌﺙ : ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺘﺒﻨﺎ ﻤﻘﺎﻟﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺜﻼﺙ ﺴﻨﻴﻥ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺘﺤﺕ ﻋﻨﻭﺍﻥ " ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﺎﻤﺸﻲ ،ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ " ﺍﻟﺨﻤﻴﺱ ، ٢٠٠٠/٩/٢٨ﻜﺜﺭ ﻫﻡ ﺍﻻﺼﺩﻗﺎﺀ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺨﺎﻓﻭﺍ ﻤﻥ ﺭﺩﻭﺩ ﻓﻌل ﺴﻠﻁﻭﻴﺔ ﺤﺎﺩﺓ ،ﻭﺍﻋﺘﺒﺭﻭﻫﺎ ﺘﺠﺭﺅﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﻘﺭﺓ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺎ . ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺃﻴﻨﺎ -ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ -ﺃﻨﻨﺎ ﺘﺠﺎﻩ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺼﻌﺒﺔ ﻭﺘﺘﻁﻠﺏ ﻁﺭﺡ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ
ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ،ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻤﺎ ﻴﺘﺭﺘﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺨﻁﺎﺭ ،ﻓﺎﻟﺨﻁﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻴﻕ ﺒﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺃﻜﺒﺭ
،ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻬﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺇﻁﻔﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﻴﻕ ،ﻭﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﻟﻴﺱ ﺠﺩﻴﺭﺍ ﺒﻬﻭﻴﺘﻪ ﻜﻤﺜﻘﻑ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ " ﻴُﺭﺍﻫﻥ ﺒﻜﻴﻨﻭﻨﺘﻪ ﻜﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﺱ ﻨﻘﺩﻱ ...ﻻﻴﻘﺒل ﺒﺎﻟﺼﻴﻎ ﺍﻟﺴﻬﻠﺔ ﺃﻭ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺒﺘﺫﻟﺔ ﺍﻟﺠﺎﻫﺯﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺠﺎﻤﻠﺔ ﻟﻤﺎ ﻴﺭﻴﺩ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻴﻭﻥ ﻭﺍﻷﻗﻭﻴﺎﺀ ﻗﻭﻟﻪ ،ﻭﻓﻕ ﺼﻴﺎﻏﺎﺕ ﺍﺩﻭﺍﺭﺩ ﺴﻌﻴﺩ ،ﺒل ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻴﻤﺘﻠﻙ ﺃﻨﻔﺎ ﻁﻭﻴﻼ ﺤﺴﺏ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﻟﺴﺎﺭﺘﺭ ،ﺃﻨﻔﺎ ﻁﻭﻴﻼ ﻟﻴﺩﺴﻪ ﻓﻲ ﺸﺘﻰ ﺤﻴﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻤﺩﻴﺭﺍ
ﻗﻔﺎﻩ ﻟﻸﺏ ﺍﻟﺒﻁﺭﻜﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ ﻜﻤﺎ ﻴﻘﺘﺭﺡ ﺭﻭﻻﻥ ﺒﺎﺭﺕ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻬﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﻤﻥ ﺤﺼﺎﺭ ﻭﺍﻀﻁﻬﺎﺩ ﻭﺘﻬﻤﻴﺵ ﻭﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺘﺠﻔﻴﻑ ﻟﻴﻨﺎﺒﻴﻊ ﺍﻟﺭﺯﻕ . ﻭﻫﺎﻫﻲ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﺘﺄﺘﻲ ﻟﺘﺒﺭﻫﻥ ﻟﻠﺫﻴﻥ ﺸﺘﻤﻭﻨﺎ ﻭﺨﻭﻨﻭﻨﺎ ﻭﺤﺭﻀﻭﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﺍﺘﻬﻤﻭﻨﺎ ﺒﺎﻟﻌﺩﺍﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﺄﺭﻴﺔ
،ﻟﺘﺒﺭﻫﻥ ﻋﻠﻰ ﺼﺤﺔ ﻤﺎ ﺫﻫﺒﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻨﺫ ﺯﻤﻥ ،ﻭﻫﻭ ﺩﻋﻭﺓ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻷﻥ ﻴﻔﻙ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁﻪ ﻤﻊ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻟﻴﺴﺘﻌﻴﺩ ﺩﻭﺭﻩ ﻜﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻤﺩﺨل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻹﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺇﺫﺍ
ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺒﺤﻕ ،ﻷﻥ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻫﻲ ﺜﻤﺭﺓ ﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻭﻟﻴﺱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ،ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺴﺘﺤﻤل ﺃﻭﺯﺍﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﺠﺭﻴﺒﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻴﺴﺘﻘﻴل ﻤﻥ ﺤﺯﺒﻪ ﻟﻴﺠﻨﺏ ﺤﺯﺒﻪ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺃﺨﻁﺎﺀ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ،ﻭﻟﻴﻜﻭﻥ ﻫﻭ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻜﻠﻪ ﺒﻜل ﺃﺤﺯﺍﺒﻪ ﻭﺸﺭﺍﺌﺤﻪ ﺍﻹﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻭﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻜﻬﻴﺌﺔ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻴﺔ ﺃﻋﻠﻰ ،ﺘﺤﺘﻭﻱ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺘﺘﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﺼﻴﻐﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺍﻨﻬﺎ ﻤﺭﻜﺯ ﺘﻘﺎﻁﻊ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻁﺒﻘﻴﺔ ﻭ ﺘﻭﺍﺯﻨﺎﺘﻬﺎ .
286
ﻤﻨﺫ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﻗﻠﻨﺎ ﺒﺄﻥ " ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﺠﺒﻬﺘﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ " ﻟﻡ ﻴﻌﻭﺩﻭﺍ ﺴﻭﻯ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩﺍﺕ ﻫﺎﻤﺸﻴﺔ ﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻟﻤﺘﻨﻔﺫﺓ ،ﺇﺫ ﻤﺎﻋﺎﺩﺕ ﺘﻤﺜل ﺴﻭﻯ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﻭﺩﻋﻭﻨﺎ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺇﻟﻰ ﻓﻙ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﺒﻴﻥ ﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀل ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ،ﻭﺼﻭﺭﺓ "ﺭﺠل ﺍﻷﻤﻥ " ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﺤﺩﺕ ﻭﺘﻤﺎﻫﺕ ﻓﻲ ﺫﻫﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
ﻭﺫﻟﻙ ﻟﻴﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺤﻭل " ﻤﻥ ﺤﺯﺏ ﺠﻬﺎﺯ ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺅﺴﺴﺔ " ﻟﻴﺘﺎﺡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺃﻥ ﺘﺤﻜﻤﻪ ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻻ ﺴﻠﻁﺔ ﺃﺠﻬﺯﺓ ،ﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻴﻔﺘﺢ ﺒﺫﻟﻙ ﻜﻭﻯ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ،ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ " . ﻭﻷﻨﻨﺎ ﻟﺴﻨﺎ ﻤﻥ ﺩﻋﺎﺓ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﺘﺔ ،ﻓﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺤﻴﻥ ﺩﻋﻭﻨﺎ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﻴﻜﻭﻥ ﻤﻌﻨﺎ ،ﻨﺤﻥ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﻭﻥ ﻟﻴﻜﻭﻥ " ﺍﻭل ﺍﻟﺩﺍﻋﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻻﻟﻁﻭﺍﺭﻱﺀ ﺍﻟﺴﻲﺀ ﺍﻟﺼﻴﺕ ،ﻭﺃﻭل ﺍﻟﺩﺍﻋﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ،ﻭﺍﻋﺘﺒﺭﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺩﻭﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﺒﺩﺃ ﻤﻥ
ﺨﻼل ﺍﻟﺘﺄﺼﻴل ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺒﺎﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻜﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﻤﺼﻔﻭﻓﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ﻟﻭﺍﻀﻊ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻘﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ) ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ( ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﺘﺎﺝ ﺃﻓﻕ ﻨﻅﺭﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻠﺘﻘﻲ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀﺍﺘﻪ ﻜل ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﻤﻰ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺴﺎﺒﻘﺎ ) ﺒﻌﺙ ،ﻨﺎﺼﺭﻴﺔ ،ﺸﻴﻭﻋﻴﺔ ( ﺒل ﻭﺍﺼﻼﺤﻴﺔ ﺍﺴﻼﻤﻴﺔ ﻤﺴﺘﻨﻴﺭﺓ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺸﻐل ﺸﺭﻴﻜﻪ ﻓﻲ ﻤﺸﺭﻭﻋﻪ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﻴﺎﺱ ﻤﺭﻗﺹ ﺤﻭل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻜﺭﺍﻓﻌﺔ
ﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻟﻸﺨﻼﻕ ،ﻭﺍﻷﺨﻼﻕ ﻜﻀﺭﻭﺭﺓ ﻻﺯﻤﺔ ﻷﻱ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﺘﻨﻤﻭﻱ ﺃﻭ ﻨﻬﻀﻭﻱ . ﻭﺩﻓﺎﻋﻨﺎ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻟﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﻨﻬﻀﻭﻱ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﺭﺩ ﻤﻥ ﻗﺒﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﻀﻤﺤﻼل ﻭﺍﻟﺘﻼﺸﻲ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺠﻲ ﻟﻠﺒﻌﺙ ﻜﺩﻭﻟﺔ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻭﺍﻜﺏ ﺘﻼﺸﻴﻪ ﺘﻼﺸﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﺓ ﻭ)ﺍﻷﻤﻨﻨﺔ( ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ – ﺤﺴﺏ ﻏﺭﺍﻤﺸﻲ -ﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ) ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ +ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ +ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ( ﻓﻌﻨﺩﻤﺎ ﻴﺯﻭل ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻜﺩﻭﻟﺔ ،
ﻴﺯﻭل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺒﺯﻭﺍل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻋﻨﺩﻫﺎ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ) ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺘﺒﻘﻰ ﻟﻨﺎ ﻤﻨﺫ ﻋﻘﺩﻴﻥ ( . ﻓﺎﻟﺒﻌﺙ ﺒﺩﺃ ﻴﻔﻘﺩ ﻗﻭﺘﻪ ﺍﻟﻭﺍﺯﻨﺔ ﻜﻤﻌﻤﺎﺭ ﺍﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ،ﻤﻊ ﺍﻨﺘﻬﺎﺀ ﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻤﺯﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺭﻜﺯ ﻟﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻭﻜﺎﺭﺯﻤﻴﺘﻬﺎ ،ﻟﻜﻨﻪ ﻅل ﻴﺤﺎﻓﻅ ﻋﻠﻰ ﺤﻀﻭﺭ ﺭﺍﺠﺢ ﻓﻲ
ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﺇﺫ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻓﻲ ﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﺃﻥ ﻴﻁﺭﺩ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ﻤﻥ ﺤﻠﻘﺘﻪ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ، ﻻﻜﺘﺸﺎﻑ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺒﺄﻨﻪ ﻤﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ،ﻓﻜﺎﻨﺕ ﺤﻘﺒﺔ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ – ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ -ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻁﻬﺭﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﻴﻥ ﺍﻟﺭﻭﻤﺎﻨﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺘﻭﺍﺠﺩﻭﻥ ﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﻭﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ،ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺵ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ –ﻤﻊ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﺩﻤﻭﻴﺔ- ﺇﺫ ﻅﻬﺭ ﺍﻨﻪ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺸﺩﺓ " ﺤﺯﺏ ﻤﻨﺎﻓﻊ ﻻ ﺤﺯﺏ ﻤﺩﺍﻓﻊ " ﻓﻘﺩ ﺒﺩﺍ ﺃﻨﻪ ﺨﻼل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﻴﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻠﻤﻠﻤﺔ ﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ﻻ ﺇﻟﻰ " ﺍﻹﺼﻁﻔﺎﺀ ﺍﻟﻨﻭﻋﻲ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﻲ " ﻭﺫﻟﻙ ﺘﺤﺕ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﻴﺌﺔ ﺭﺌﺎﺴﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻜل
287
ﻴﻭﻡ ﺘﻤﻸ ﺒﺤﻀﻭﺭﻫﺎ ﺍﻻﻋﻼﻤﻲ ﺍﻟﻜﺎﺭﺯﻤﻲ ﺍﻟﻔﺭﺍﻍ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺭﻜﻪ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﻭﻫﻭ ﻴﻨﺴﺤﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻅل . ﻭﺭﺍﺤﺕ ﺍﻟﻘﻭﻯ )ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻷﻤﻨﻴﺔ( ﺍﻟﺘﻲ ﺨﺎﻀﺕ " ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ " ﺒﻨﺠﺎﺡ ﺘﻔﺭﺽ ﺸﺭﻭﻁ
ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺭ ﻟﻴﺱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﻭﻋﻠﻰ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺫﻱ ﺸﻌﺭ ﺃﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺤﺯﺏ " ﺍﻟﻤﻠﻤﺎﺕ " ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻓﻴﻪ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﺤﻤل ﻭﻋﻴﺎ ﺃﺭﻗﻰ ﻤﻥ ﻤﻨﺴﻭﺏ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺩﻱ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ،ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ "ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ" ﻫﻲ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﻤﺎ ﻫﻲ ﺒﻴﻨﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺤﺯﺒﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻨﺎﺀﻯ ﺒﻌﻴﺩﺍ ﺒﻌﻘﻠﻪ ﻋﻥ ﻴﻨﺎﺒﻴﻊ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺠﺩﺍﻻﺘﻪ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ،ﻋﻥ ﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ،ﻭﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺤﻭل ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺨﺼﻭﺼﻴﺘﻬﺎ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺒﻜﻭﻨﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻜل ﺫﻟﻙ
ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻗﻲ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﻙ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁ ،ﺒل ﺍﻗﺼﺎﺀ ﻟﻜل ﻤﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺭﻓﻴﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﺴﻴﻤﺎ ﻭﺃﻥ ﻨﻔﻭﺫ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺎ – ﻭﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻤﻌﺭﻭﻑ -ﻜﺎﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ،ﻭﺒﺩﺃﺕ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ )ﺍﻟﻘﺒﻀﺎﻴﺎﺕ ( ﺒﺎﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﻟﺸﺎﻤﻴﺔ ﻭ)ﺍﻟﻔﺘﻭﺍﺕ ( ﺒﺎﻟﻠﻬﺠﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﺴﺘﻴﻨﺎﺕ ) ﺃﻤﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ ﻻﺤﻘﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ( .
ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺃﻥ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺍﻟﻨﺎﺼﺢ ﻓﻲ ﺤﻴﻨﻬﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﻜﺱ ﻤﻴﻼ ﺩﺍﺨل ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺭﺒﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﻀﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺩﺍﻓﻌﺔ ﺒﺎﺘﺠﺎﻩ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺼﺎﺌﺏ ﻟﻠﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﻁﺭﻴﺔ ،ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﻗﺹ ﻭﺍﻟﻤﺘﺭﺩﺩ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺤﻤل ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻜﻭﻙ ﺒﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺜﻴﺭ ﺃﺴﺌﻠﺔ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﺘﻭﺠﺱ ﺍﻟﻤﺘﻭﻗﻊ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺼﺎﺩﺭﺍ ﻟﺭﻓﻊ ﺍﻟﻌﺘﺏ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﺍﻨﺤﻨﺎﺀﺍ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﺼﻔﺔ ﻟﻜﺴﺏ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺼﺎﺭ ﻴﻌﺭﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻫﻭ " ﺍﻹﻨﺤﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺩﻱ ﻭﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﺍﻹﻨﺤﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ" ﻭﺜﺎﻨﻴﻬﻤﺎ
ﻫﻭ ﻤﺎ ﺘﻁﺭﺤﻪ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺤﻭل ﻓﻴﻭﺭﺒﺎﺥ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﻭﻏﻬﺎ ﻤﺎﺭﻜﺱ ﻗﺎﺌﻼ ":ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻯ ﺃﻥ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻭﻟﻴﺩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ...ﺘﻨﺴﻰ ﺃﻥ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻐﻴﺭ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﻭﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺭﺒﻲ ﻨﻔﺴﻪ ﻤﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺘﺭﺒﻴﺔ " ﻭﻟﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺭﺡ ﻨﻔﺴﻪ ﺒﺈﻟﺤﺎﺡ ﺤﻭل ﺃﻱ ﺇﺼﻼﺡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻡ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ ﺃﻡ ﺇﺩﺍﺭﻴﺎ :ﻤﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺼﻠﺢ " ﺍﻟﻤﺭﺒﻲ" ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﻨﻔﺴﻪ ﻟﻠﺘﺭﺒﻴﺔ ؟ ﻤﺎ ﻫﻲ ﺼﻼﺤﻴﺎﺘﻪ ؟ ﻫل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻀﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺭﻋﻡ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺘﻤﺎﺩﻯ ﻭﺘﻌﻤﻡ ﺘﺤﺕ ﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﺓ ﻭﺒﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻹﺼﻼﺡ ؟ ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﻔﺎﺴﺩ ﺃﻥ ﻴﺼﻠﺢ ﻤﺎ ﺃﻓﺴﺩ ؟ ﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ
ﻟﻠﻤﺘﻀﺭﺭ ﺃﻥ ﻴﺴﺎﻨﺩ ﻤﺎ ﻴﺘﻀﺭﺭ ﻤﻨﻪ ﺩﻭﻥ ﺘﻌﻁﻴل ؟ ﺇﻥ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺃﺼﺒﺢ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻀﻴﻕ ﺒل ﻫﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ" ﺩﺍﻫﻡ " ،ﻓﻼ ﺒﺩ –ﻭﺍﻷﻤﺭ ﻜﺫﻟﻙ -ﻤﻥ ﺘﺩﺨل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻭﺍﻟﻔﻌل ﻟﻴﺴﻬﻡ ﺒﺼﻨﻊ ﻤﺼﺎﺌﺭﻩ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ . ﻻ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺨﻁﻭﺍﺕ ﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﺘﺨﺭﺝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺴﺒﺎﺕ ﻭﺍﻟﺫﻫﻭل ﻟﻴﺴﺘﻔﻴﻘﻭﺍ ﻓﻴﺘﻠﻤﺴﻭﺍ ﺫﻭﺍﺘﻬﻡ
ﺒﻭﺼﻔﻬﻡ ﺒﺸﺭﺍ ﻻ ﺴﺎﺌﻤﺔ ،ﺫﻭﺍﺘﺎ ﺘﻤﻠﻙ ﺯﻤﺎﻡ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻻ ﺃﻏﻨﺎﻤﺎ ﺘﺠﺭ ﻤﻥ ﺯﻤﺎﻡ ﺭﻗﺎﺒﻬﺎ ،ﻭﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺫﻭﺍﺘﻬﻡ ﻤﻨﺤﻠﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻟﻴﺘﺤﻭﻟﻭﺍ ﻤﻥ ﺴﺩﻴﻡ ﺒﺸﺭﻱ ﺒﺭﺯﺨﻲ ﻤﺫﺭﺭ ، 288
ﻤﻔﻭﺕ ،ﻤﻁﺭﻭﺡ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ،ﺇﻟﻰ ﻜﺘﻠﺔ ﺘﺎﺭﻴﺨﺎﻨﻴﺔ ﻋﺼﺭﻴﺔ ﺤﺩﻴﺜﺔ ،ﻤﻨﺩﻤﺠﺔ ﻤﻨﺴﺠﻤﺔ ،ﻤﻭﺤﺩﺓ ﻗﻭﻤﻴﺎ ﻭﻜﻭﻨﻴﺎ ﻭﺤﻀﺎﺭﻴﺎ ،ﻤﺤﻔﺯﺓ ﺘﺴﺘﺸﻌﺭ ﻜﺎﺌﻨﻴﺘﻬﺎ ﺒﻭﺼﻔﻬﺎ ﺩﻴﻜﺎ ﻻ ﺩﻭﺩﺓ ، ﺘﺴﺤﻘﻬﺎ ﺍﻷﺒﻭﺍﻁ .
ﻫﺫﺍ ﻟﻴﺱ ﺸﻌﺭﺍ ﻭﻻ ﺍﻨﺸﺎﺀﺍ ،ﺒل ﻫﻭ ﺩﻋﻭﺓ ﻟﻺﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﺩ ﺒﻁﻭﻟﻲ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻲ ﻟﻠﺭﺩ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻨﺤﻁﺎﻁ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻲ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺭﻗﻨﺎ ،ﻭﺍﻨﺴﺤﺎﻗﻨﺎ ،ﻭﻤﺭﺍﻫﻨﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺄﻓﻭﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﺄﺯﻭﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻫﻨﺎ ﻭﻗﻨﺒﻠﺔ ﻫﻨﺎﻙ ،ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ،ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺘﺸﺒﺙ ﺒﺤﻴﺎﺓ ﻫﻲ ﻜﺎﻟﻤﻭﺕ ،ﺍﻟﺘﺸﺒﺙ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻋﻀﻭﻱ ﺭﺨﻭﻱ ﻤﺘﻬﺎﻟﻙ ،ﻴﺤﺘﻀﺭ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻑ ﺴﻨﺔ ،ﻜل ﺫﻟﻙ ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺸﺠﺎﻋﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﺩﺭﺍﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻫﻲ ﺍﻓﺘﺩﺍﺀ ﻟﻼﺒﻥ ﻭﺍﻟﻭﻟﺩ ﻭﺍﻟﺸﺭﻑ ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ،ﻗﻴﺎﺩﺓ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﻟﺤﻅﺔ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ﻻ ﺒﺎﻟﺘﺸﺒﺙ ﺒﻪ ﻭﺒﻤﻜﺘﺴﺒﺎﺘﻪ ﻭﻓﺘﺎﺓ ﻟﺤﻅﺎﺘﻪ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻬﺎﻭﻴﺔ ،
ﺒل ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﺍﻟﻤﻠﺤﻤﻲ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻓﻲ ﻤﻌﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ،ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻘﺭﺃ ﺩﻻﻟﺔ ﻜﻠﻤﺎﺘﻨﺎ ﻫﺫﻩ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻭﺍﻟﻌﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻤﺄﺴﺎﺘﻨﺎ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ .
ﻓﻤﺎ ﻫﻡ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ؟
ﻟﺘﺨﺭﺝ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻐﺭﻑ ﺍﻟﻤﻐﻠﻘﺔ ﻭﺍﻟﻤﻅﻠﻤﺔ ﻭﻟﺘﻨﺯل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ،ﻓﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﻫﻭ ﺍﻷﻗﺩﺭ – ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻨﻬﻜﺔ ﺒﺎﻟﻘﻤﻊ -ﻤﻥ ﺨﻼل ﻤﻴﺭﺍﺜﻪ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ﺍﻻﺩﺍﺭﻱ ﻭﺍﻤﺴﺎﻜﻪ ﺒﺨﻴﻭﻁ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﺘﻌﺩﺩ ﻤﻨﺎﺤﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﻴﻘﻭﺩ ﺜﻭﺭﺓ ﺒﻴﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻟﻬﺯﻴﻤﺔ ﻭﻗﺎﺒﻠﻴﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺨﺭ ﻜﻴﺎﻨﻨﺎ ،ﻭﻴﻤﻜﻥ ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺃﻥ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻤﺅﺘﻤﺭ ﻗﻁﺭﻱ ﻭﺃﻥ ﻻ ﻴﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻌﺜﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﺒﻘﺭﻁ ﻭﺘﺭﻫل ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻨﻬﻡ ،ﻭﻴﺩﻋﻭ ﺒﻤلﺀ ﺍﻟﻔﻡ ﻭﺍﻟﺠﺭﺃﺓ ﻭﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ،ﺤل ﺍﻟﺤﺯﺏ ،ﻭﺍﻟﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺤﺯﺏ ﺠﺩﻴﺩ )ﻗﻭﻤﻲ – ﻟﻴﺒﺭﺍﻟﻲ – ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻋﻠﻤﺎﻨﻲ ﺤﺩﻴﺙ ( ﻴﺘﻤﻭﻀﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻤﻊ ﺤﺭﻜﺔ ) ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ( ﻟﻨﻜﻭﻥ ﻓﺎﻋﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻨﺨﺭﺍﻁﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻤﺎ ﺃﺨﺫ ﻴﺴﻤﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺒﺎﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺸﻜل ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻻ ﺃﻥ ﻨﻨﺩﺏ ﺴﻭﺀ ﺤﻅﻨﺎ ﺒﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ . ﻓﻠﻨﻔﻌل ﻭﻨﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻌﻤل ،ﻭﻨﺯﺍﺤﻤﻪ ﻋﻠﻰ ﻜﺴﺏ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻤﻥ ﺨﻼل ﻨﻔﻭﺫ " ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ " ﻓﻲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺃﻭﺭﻭﺭﺒﺎ .
ﺍﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺒﻤﺴﺅﻭﻟﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻲ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ،
ﻭﺴﺄﻟﻨﺎﻫﻡ ﻤﺎ ﻫﻲ ﺍﻗﺘﺭﺍﺤﺎﺘﻬﻡ ﻟﺘﺤﺴﻴﻥ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﺩﻭﺭﻨﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﻋﻼﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻜﻌﺭﺏ ﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ؟ ،ﻓﻘﺎل ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻘﺴﻡ : ﺘﺎﺒﻌﻭﺍ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻋﻼﻤﻴﺔ ﻟﻠﺴﻔﺎﺭﺓ ﺍﻻﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻴﺔ ،ﻭﺍﻓﻌﻠﻭﺍ ﻤﺜﻠﻬﺎ ﻓﺈﻨﻜﻡ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺒﺈﻤﻜﺎﻨﻜﻡ ﻤﺯﺍﺤﻤﺔ ﻨﻔﻭﺫﻫﺎ ،ﻭﺃﻫﻡ ﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻤﺭ ﺃﻥ ﻻ ﺘﺨﺎﻁﺒﻭﺍ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﻜﺄﻨﻜﻡ ﺘﺨﺎﻁﺒﻭﻥ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ
289
ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ،ﺍﻤﻨﺤﻭﺍ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺃﻥ ﻴﻔﻜﺭ ﺒﺸﻜل ﻤﺴﺘﻘل ،ﺤﺯﻨﺎ ﻭﺨﺭﺠﻨﺎ ،ﻫل ﻨﺤﻥ ﻨﻤﻠﻙ ﺍﺴﺘﻘﻼﻻ ﺫﺍﺘﻴﺎ ﻨﺤﻭ ﺍﻋﻼﻤﻨﺎ ،ﺤﺘﻰ ﻨﻤﻨﺤﻪ ﻟﻶﺨﺭﻴﻥ ؟!! ﻟﻘﺩ ﻋﺸﻨﺎ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ )ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ( ﻓﻼ ﺒﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ
ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﻓﺎﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺤﻭﻟﺕ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺇﻟﻰ ﺭﻋﺎﻴﺎ ﺴﺎﺌﻤﺔ ،ﺩﻴﺩﺍﻥ ،
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﺤل ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﻻ ﻴﺘﻡ ﺇﻻ ﺒﺸﻜل ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻲ ،ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺩﻤﺭ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺘﻁﻭﺭ ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻨﺎ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ،ﻭﺇﻻ ﻓﺎﻻﺴﺘﻌﺼﺎﺀ ﻫﻭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺭ ،ﻭﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻋﻨﺩﻫﺎ ﺴﻴﺄﺘﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻜﺤل ﺃﺨﻴﺭ ،ﺇﺫﺍ ﻋﺠﺯﻨﺎ ﺒﻘﻭﺍﻨﺎ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﺠﺘﺭﺍﺡ ﺍﻟﻤﻌﺠﺯ ﻓﻌﻼ ،ﻭﺇﻻ
ﻓﺈﻨﻨﺎ ﺴﻨﻌﻁﻲ ﻜل ﺍﻟﺤﺠﺞ ﻭﺍﻟﺒﺭﺍﻫﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻨﺎ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻟﻠﻭﺼﺎﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻤﺎ ﺩﺍﻤﺕ ﺍﻷﻤﺔ ﻋﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ "ﺍﻟﻭﻻﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ" ،ﻭﻤﻨﺼﺔ ﺍﻹﻨﻁﻼﻕ ﻟﻜل ﻤﺎﺘﻘﺩﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﻤﻠﻲ ﻭﺍﻹﺠﺭﺍﺌﻲ ،ﻫﻭ ﺍﺼﺩﺍﺭﻤﺭﺴﻭﻡ ﺒﺎﻹﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺩﺓ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﻱﺀ ﻭﺍﻷﺤﻜﺎﻡ
ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﻭﺇﻻ ﻓﻠﻥ ﻴﺼﺩﻗﻨﺎ ﺃﺤﺩ ،ﻻ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﻻ ﺍﻹﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺇﺫﺍ ﺭﻏﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﻨﺘﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﻨﺴﻕ ﺤﺭﻜﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﻨﺴﻕ ﺍﻟﺤﺭﻜﻴﺔ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻭﻻ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﻹﺘﻘﺎﺀ ﺸﺭﻫﻡ ﺍﻟﺩﺍﻫﻡ ﻭﺍﻟﺩﺍﺌﻡ .
• ﺤﻠﺏ – ٢٠٠٣ / ٧ / ٢١
290
ﻨـــــﻌـــــــﻡ ،ﺃﻨــــــﺎ ﺤـــــﺎ ﻗـــــــﺩ ! ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﺩ ،ﺘﻬﻤﺔ ﻤﺴﺘﺤﺩﺜﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺩﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﻓﻲ ﻭﺼﻑ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ .ﻭﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺘﻲ ﻻ ﻭﺠﻭﺩ ﻟـ"ﻤﻔﻬﻭﻡ" ﻤﻤﺎﺜل ﻓﻲ ﺍﻻﺩﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻤﺎﻀﻴ ﹰﺎ ﻭﺤﺎﻀﺭﹰﺍ .ﻭﺍﺫﺍ ﺃﺨﺫﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﻓﺭﺓ ﺍﻟﻤﻔﺭﺩﺍﺕ )ﺤﺘﻰ ﻻ ﻨﻘﻭل ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻡ( ﺍﻟﻤﺸﺎﺒﻬﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﺸﺤﻨﺔ ﺍﻟﺴﻴﻜﻭﻟﻭﺠﻴﺔ -ﺍﻟﻘﻴﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ ،ﺃﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻘﻭل ﺇﻥ ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﺍﺒﺘﻜﺎﺭ ﺒﻌﺜﻲ ﺨﺎﻟﺹ ﻭﺍﻀﺎﻓﺔ ﺍﺼﻴﻠﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺩﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ. ﺇﻥ ﻓﺤﻭﻯ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﺘﻘﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﺄﺘﻲ" :ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ" ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺘﺼﺩﺭ ﻓﻲ ﻨﻘﺩﻫﺎ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﻤﻥ ﺤﻘﺩﻫﺎ ﺍﻟﺩﻓﻴﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻨﻬﺎ ﺘﻌﺭﻀﺕ "ﻓﻲ ﻓﺘﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺘﺭﺍﺕ ﻟﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻻﻀﻁﻬﺎﺩ" .ﻻ ﺃﺤﺩ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻋﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻜﺭﺓ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ ،ﻻﻥ ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ ﻟﻪ ﻤﺘﺭﺘﺒﺎﺕ ﻤﺯﻋﺠﺔ ﻻ ﻴﺭﻏﺏ ﺃﺤﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻭﺽ ﻓﻴﻬﺎ .ﺫﻟﻙ ﺍﻥ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺍﺘﻬﺎﻤﹰﺎ ﻤﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺍﻭﻟﻰ ،ﻓﻬﻭ ﻜﺫﻟﻙ ﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﻤﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺜﺎﻨﻴﺔ :ﺍﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﻀﻌﻑ ﺍﻟﻁﺭﻑ "ﺍﻟﺤﺎﻗﺩ" ﺍﻭﻻﹰ ،ﻭﺒﺄﻨﻪ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻅﻠﻡ ﻤﺎ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ "ﺍﻟﻤﺤﻘﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ" ﺜﺎﻨﻴﹰﺎ.
ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻥ ﻜل ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﻭﻟﺩﺓ ﻟﻠﺤﻘﺩ ﻭﺍﻟﺭﺍﻋﻴﺔ ﻟﻨﻤﻭﻩ ﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻭﺘﺘﻌﺯﺯ ﻓﻲ ﻜل ﻴﻭﻡ .ﻭﻤﻥ ﻭﺠﻬﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﺘﻘﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﻘﺩ ،ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺤﺼﺭﻴﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺘﻕ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻟﻘﻭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﻨﻔﺴﻪ "ﺍﻟﻤﺤﻘﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ" .ﻟﻜﻥ ﻤﺎ ﻴﻔﻌﻠﻪ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ﻫﻭ ﺘﻭﺠﻴﻪ ﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﻜﻠﻤﺎ ﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﻨﻘﺩ .ﻓﺎﺫﺍ ﻁﺎﻟﺒﺘﻪ ﺒﻭﻗﻑ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﺤﺎل ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ،ﺃﻨﺕ ﺤﺎﻗﺩ ،ﻭﺍﺫﺍ ﻁﺎﻟﺒﺕ ﺒﻤﺤﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻫﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻨﻬﺒﻪ ،ﺃﻨﺕ ﺤﺎﻗﺩ؛ ﻭﺍﺫﺍ ﻁﺎﻟﺒﺘﻪ ﺒﺎﻻﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﻤﻌﺘﻘﻠﻲ
ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺘﻤﻜﻴﻥ ﺍﻟﻤﻨﻔﻴﻴﻥ ﻻﺴﺒﺎﺏ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻜﺭﻫﹰﺎ ﺍﻭ ﻁﻭﻋﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺍﻟﻰ ﺒﻼﺩﻫﻡ ،ﺃﻨﺕ ﺤﺎﻗﺩ؛ ﺍﻤﺎ
ﺍﺫﺍ ﺒﻠﻐﺕ ﺒﻙ ﺍﻟﻭﻗﺎﺤﺔ ﺩﺭﺠﺔ ﻁﺎﻟﺒﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺒﺎﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻓﺼﻠﻪ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺒﻤﺎ ﻴﻼﺌﻤﻪ ،ﻓﺄﻨﺕ ﻟﺴﺕ ﺤﺎﻗﺩﹰﺍ ﻭﺤﺴﺏ ﺒل ﻟﻌﻠﻬﻡ ﻴﺤﺎﻜﻤﻭﻨﻙ ﻭﻴﺩﻴﻨﻭﻨﻙ ﺒﺘﻬﻤﺔ "ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ"! ﺍﻟﻤﻔﺎﺭﻗﺔ ﺍﻟﻼﻓﺘﺔ ﺍﻥ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ" ﺍﻟﻤﻔﺘﺭﺽ ﺍﻨﻬﺎ ﺤﺎﻗﺩﺓ ،ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺩ ﻴﺩﻫﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻭﺘﻁﺭﺡ ﻋﻠﻴﻪ "ﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﺸﺎﻤﻠﺔ" ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺍﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﻁﺭﻑ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻤﺅﻫل ﻟﺩﻋﻭﺓ ﻤﻥ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ،ﻴﺘﺠﺎﻫل ﻜل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻋﻭﺍﺕ ﻤﻊ ﺘﺠﺎﻫﻠﻪ ﻻﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ،ﺍﻭ ﻴﻨﻌﺘﻬﻡ ﺒﺎﻟﺤﻘﺩ ﺍﺫﺍ ﺍﻤﺘﻌﺽ ﻓﻭﻕ ﺤﺩ ﻤﻌﻴﻥ .ﻭﻫﺫﺍ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﻁﺒﻌﹰﺎ :ﻓﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺍﻭﻟﻰ ﻟﻴﺱ ﺍﻤﺎﻡ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ" ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺘﺔ ﺍﻟﻤﻬﺯﻭﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻔﺘﻘﺩﺓ ﻟﻜل ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻤﻼﺌﻤﺔ ،ﻤﺎ ﺘﻔﻌﻠﻪ ﺴﻭﻯ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺩﻋﻭﺍﺕ ﻤﻤﺎﺜﻠﺔ .ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻻ ﺸﻲﺀ ﻴﻀﻐﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻭ ﻴﻐﺭﻴﻪ ﺒﺎﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﻓﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻤﻊ "ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ" ﻻ ﺘﺘﻤﺘﻊ ﺒﺄﻱ
ﻭﺯﻥ .ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﺼﺎﺭﺥ ﻓﻲ ﻤﻴﺯﺍﻥ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺠﻌل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻴﺼﻑ ﻨﺎﻗﺩﻴﻪ ﺒﺎﻟﺤﻘﺩ:
291
ﻓﺎﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻫﻭ ﺍﻻﺴﺘﺴﻼﻡ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺸﺭﻭﻁ ،ﻭﺍﻟﻜﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﻭﻋﻥ ﺍﻱ ﻨﻘﺩ ﻟﻼﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻨﺎﺠﻡ ﻋﻨﻪ .ﺍﻤﺎ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻓﺘﻔﺘﺭﺽ ﺍﻟﻨﺩﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻁﺭﺍﻓﻬﺎ ،ﻭﻫﻲ ﻤﻔﻘﻭﺩﺓ ﺘﻤﺎﻤﹰﺎ. ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﺼﺤﺎﻓﻲ ﺴﻭﺭﻱ ﻴﻜﺘﺏ ﻤﻥ ﺒﻴﺭﻭﺕ ،ﻭﻴﺩﺨل ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻭﺍﺴﻊ :ﻤﻥ ﺒﺎﺏ
ﺍﻟﻨﺎﻁﻕ ﺒﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻓﻲ ﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" -ﻤﺘﻨﻔﺱ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ" ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ -ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﻀﺎﻗﺕ ﺒﻤﻭﺍﻫﺒﻪ ﺼﺤﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ )ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜﻠﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻥ ﻴﻘﻭل ﻜﻼﻤ ﹰﺎ ﻴﻨﻁﻭﻱ ﻋﻠﻰ ﻤﻌﻨﻰ ،ﻟﺠﺄ ﺍﻟﻰ ﻻ ﻴﺭﺩ ﻓﻴﻪ ﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ؟ ﻤﺎ ﺒﻬﺎ ﺼﺤﺎﻓﺘﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ؟( .ﻨﺸﺭ ﻓﻲ "ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ" ٢٠٠٣/٨/١٤ﻤﻘﺎ ﹰ ﻋﻠﻰ ﺍﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻨﺎﻗﺸﻭﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭﺓ ﻟﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺭﺓ ﻓﻲ "ﺍﻟﺴﻔﻴﺭ" .ﻓﺎﺘﻬﻡ ﺍﻻﺴﺘﺎﺫ ﻏﺴﺎﻥ ﺘﻭﻴﻨﻲ ﺒﺎﻻﻨﻔﻌﺎل ﻭﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ﺒﺎﻟﺤﻘﺩ .ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺃﻁﻠﺕ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺸﻬﻴﺭﺓ ﻤﺭﺓ
ﺍﺨﺭﻯ ﺒﺭﺃﺴﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺘﻭﻅﻴﻑ ﺠﺩﻴﺩ :ﻓﻜﻴﻑ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺭ ﺒﺄﻴﺔ ﺍﺼﻼﺤﺎﺕ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻤﺼﺎﺒﺔ ﺒﺩﺍﺀ ﺍﻟﺤﻘﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﺸﻔﺎﺀ ﻤﻨﻪ ﺍﻻ ﺒﻤﻭﺕ ﺼﺎﺤﺒﻪ؟ ﻴﻘﻭل ﻋﻤﺭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ" :ﻭﻫﺫﻩ ﻋﺎﺩﺓ ﻻﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺭﺍﺌﺠﺔ ﻓﻲ ﺍﻭﺴﺎﻁ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻏﻴﺭ ﻤﻤﻜﻥ ) (...ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺜﺄﺭﻴﺔ ﺍﻟﺠﻴﺎﺸﺔ ﻴﻤﻀﻲ ﻋﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻁﻼﻗﻴﺔ ﺼﻐﺭﻯ ﺍﻟﻰ ﺍﻁﻼﻗﻴﺎﺕ ﻜﺒﺭﻯ ﺘﺘﺭﻙ ﺍﻨﻁﺒﺎﻋﺎﺕ ﺴﻠﺒﻴﺔ ﺤﻭل ﻤﺩﻯ ﺍﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻁﻬﺭﺓ ﻤﻥ ﺩﻭﻏﻤﺎﺌﻴﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﺒﺎﻟﻌﻤل
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ .ﻭﻫﻨﺎ ﺍﺫﺍ ﻜﻨﺕ ﺃﻨﺯﻩ ﻤﻌﻅﻡ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻠﻭﺜﺔ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﺘﺜﺒﺕ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺭﺓ ﺍﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﻴﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﺼﻭﻟﻴﺎﺕ ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ،ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺍﻭ ﺇﻟﺤﺎﺩﻴﺔ ،ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺩﺭﻴﻥ )ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗل( ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﻭﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻨﺯﻋﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩ ﻭﻋﺼﺒﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﺘﺅﻟﺏ ﺤﻭﺍﺭﹰﺍ ﺤﻘﻴﻘﻴﹰﺎ ﻴﺘﻜﺎﻤل ﻟﻴﺴﺘﻭﻋﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ" .ﻴﺭﻴﺩ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﺍﻥ ﻴﻤﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﺘﺤﻜﻤﻪ ﺤﺎل ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻻﺤﻜﺎﻡ
ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻤﻨﺫ ﺍﺭﺒﻌﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎﹰ ،ﻭﺘﺤﺘﻜﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻴﻪ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺎﺱ ﺍﻨﺘﻤﺎﺀﺍﺘﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ )ﻭﻫﺫﺍ ﻤﺸﺭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ! ﺍﻤﺎ ﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻻﺨﺭﻯ ﻓﻠﻥ ﻨﺫﻜﺭﻫﺎ ﺘﻘﻴﺔ ﻷﻥ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻏﻴﺭ ﻤﺼﻭﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ،ﺍﻻﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﻜل ﺴﺒﺒ ﹰﺎ ﺍﻀﺎﻓﻴﹰﺎ ﻟﻠﻌﺩﺍﺀ ﺒﺩ ﹰ ﻻ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ( ﻭﺘﺤﻤﻲ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻲ ﻭﺍﻟﻨﻬﺏ ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﻭﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﻟﻠﻤﺎل
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻨﻘل ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﻨﺘﻅﻤﺔ ﻭﺩﺅﻭﺒﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﺘﺤﻤﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﻜل ﻨﻘﺩ ﺒﻭﺴﺎﻁﺔ ﻨﺸﺭ ﺍﻟﺭﻋﺏ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻫﻡ ﻤﺎﻟﻜﻭ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺜﺭﻭﺍﺕ. ﻻ ﺍﻗﻭل ﻟﻌﻤﺭﺍﻥ -ﺒﻤﺎ ﺍﻨﻪ ﻴﻜﺘﺏ ﻤﻥ ﻤﻭﻗﻊ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ -ﺃﻋﻁﻨﻲ ﺸﻴﺌﻴﻥ ﻭﺨﺫ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺩ ﹰ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ: ﻻ :ﺭﻓﻊ ﺤﺎل ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻻﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻤﺤﺎﻜﻡ ﻭﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ،ﺒﻤﺎ ﻴﺘﻀﻤﻥ -ﺍﻭ ﹰ
ﺭﺩ ﺍﻟﻤﻅﺎﻟﻡ ﻻﺼﺤﺎﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻓﺭﺍﺝ ﻓﻭﺭﻱ ﻋﻥ ﻜل ﻤﻌﺘﻘﻠﻲ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﻀﻤﻴﺭ ،ﻭﺍﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ
ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻤﻥ ﺤﺭﻤﻭﺍ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻭﺍﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻨﺎ ﺍﻻﻜﺭﺍﺩ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺠﺭﺩﻭﺍ 292
ﻤﻨﻬﺎ ﻭﻓﻘﹰﺎ ﻟﻼﺤﺼﺎﺀ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻲ ﺍﻟﺴﻴﺊ ﺍﻟﺼﻴﺕ ،ﻭﺘﻤﻜﻴﻥ ﺍﻟﻤﻬﺠﺭﻴﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﻔﻴﻴﻥ ﻻﺴﺒﺎﺏ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺍﻟﻰ ﺒﻠﺩﻫﻡ. -ﺜﺎﻨﻴﺎﹰ ،ﺍﻟﻐﺎﺀ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺠﺎﻨﺏ ﻓﺌﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺘﻌﺩﻴل ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻤﺎ
ﻻ ﺴﻠﻤﻴﹰﺎ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ. ﻴﺘﻴﺢ ﺘﺩﺍﻭ ﹰ
)ﺃﺭﻴﺩ ﺍﻥ ﺍﻭﻀﺢ ﺍﻟﻤﻘﺼﻭﺩ ﺒﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﻻﻓﺭﺍﺝ ﺍﻟﻔﻭﺭﻱ .ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻓﻭﺭﻱ ﻭﻟﻴﺱ "ﺘﺩﺭﺠﻴﹰﺎ"؟ ﻷﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺠﻼﺩ ﻭﺍﻟﻀﺤﻴﺔ ﻤﻌﹰﺎ :ﻜل ﻴﻭﻡ ﺍﻀﺎﻓﻲ ﻴﻤﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘل ﻓﻲ ﺴﺠﻨﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻔﻲ ﻓﻲ ﻤﻨﻔﺎﻩ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻡ ﻤﻥ ﺤﻘﻭﻗﻪ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺤﺭﻤﺎﻨﻪ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺭﺩﻱ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻠﺩﻩ ﻭﺒﻠﺩ ﺍﺠﺩﺍﺩﻩ ،ﻴﻌﻨﻲ ﺠﺭﻋﺔ ﺍﻀﺎﻓﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻭﺍﻟﺤﻘﺩ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﻴﻥ
ﺍﺨﻼﻗﻴﹰﺎ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺎﹰ ،ﻓﻴﻤﺎ ﺘﺘﻨﺎﻗﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒل ﻓﺭﺹ ﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺄﺯﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺸﺭﺕ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﻔﺌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ،ﺒﺄﻗل ﺍﻟﺨﺴﺎﺌﺭ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ(. ﻴﺫﻜﺭﻨﺎ ﻜﻼﻡ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺘﺒﺱ ﺃﻋﻼﻩ ﺒﻤﺎ ﻜﺘﺒﺘﻪ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﻴﻭﻡ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ "ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺎﻭل ﺒﻴﺄﺱ ﻋﺭﻗﻠﺔ ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ" ﻭﻓﻘ ﹰﺎ ﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺼﺤﻑ! ﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺤﺯﻴﺭﺍﻥ ٢٠٠٢.ﻭﺍﻵﻥ ﺒﻌﺩ ﻋﺎﻡ ﻭﻨﻴﻑ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻴﻭﺠﻪ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﺍﻟﻰ ﻗﺴﻡ ﻤﻥ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ" ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺍﺘﻬﺎﻤﹰﺎ ﻤﺸﺎﺒﻬﹰﺎ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭ .ﻓﻬﻲ ﻋﺩﺍﺌﻴﺔ ﻭﺤﺎﻗﺩﺓ ﻭﻤﺸﻜﻭﻙ ﻓﻲ
ﺍﻫﻠﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺨﺭﺍﻁ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ .ﺒﺴﻴﻁﺔ! ﻟﺘﺯﺝ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﻜل ﺍﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺩﻭﻏﻤﺎﺌﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﻌﺭﻗﻠﻭﻥ ﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ .ﻭﺘﺘﻔﺭﻍ ﻁﻠﻴﻘﺔ ﺍﻟﻴﺩﻴﻥ ﻻﺠﺭﺍﺀ ﻜل ﺍﻻﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ ،ﻭﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺸﻜل ﺘﺩﺭﺠﻲ ﻭﺴﻠﺱ .ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺘﻌﻜﻑ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻨﺯﻴﻬﺔ" ﻜﻤﺎ ﻴﺼﻨﻔﻬﺎ ﻟﻨﺎ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﻤﻥ ﻤﻘﺭ ﺍﻗﺎﻤﺘﻪ ﻓﻲ ﺒﻴﺭﻭﺕ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺸﺎﺩﺓ ﺒﺎﻻﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﺒﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺘﻴﺢ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ ﺍﻥ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ ﺍﻻﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ ،ﺒﻌﺩ ﺍﻥ ﺘﺤﺭﺭﺕ ﻤﻥ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻌﺩﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻗﺩﺓ" ﻭﻤﺤﺎﻭﻻﺘﻬﺎ ﺍﻟﻴﺎﺌﺴﺔ ﻟﻌﺭﻗﻠﺔ ﺘﻠﻙ ﺍﻻﺼﻼﺤﺎﺕ .ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﺘﻔﺭﻍ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﻨﻬﺏ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻨﻘل ﺜﺭﻭﺓ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﺭﻑ ﺍﻟﺴﻭﻴﺴﺭﻴﺔ ،ﻜل ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺠﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺌﺎﻡ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﺍﻟﻔﺭﻴﺩ ﻭﺍﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﻭﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺤﻁﻡ ﻋﻠﻰ ﺼﺨﺭﺘﻬﺎ ﻤﺅﺍﻤﺭﺍﺕ ﺍﻻﻋﺩﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺝ.
ﻭﻟﻜﻥ ﺤﺘﻰ ﺘﺴﺘﻘﻴﻡ ﺍﻻﻤﻭﺭ ﺴﻭﻑ ﻨﻁﺭﺡ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﺭﺍﻥ :ﻓﻲ ﺍﻴﻠﻭل ٢٠٠١ﺘﻡ ﺍﻋﺘﻘﺎل ﻋﺸﺭﺓ ﻤﺜﻘﻔﻴﻥ ﻤﻥ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﺍﻟﺴﻴﺩ ﺭﻴﺎﺽ ﺍﻟﺘﺭﻙ ،ﺜﻡ ﺃﺩﻴﻨﻭﺍ ﺒﺘﻬﻡ ﻤﺘﻨﻭﻋﺔ ﻭﺤﻜﻡ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﺒﻤﺩﺩ ﺭﺍﻭﺤﺕ
ﺒﻴﻥ ﺜﻼﺙ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻭﻋﺸﺭ ﺴﻨﻴﻥ .ﻓﺎﺫﺍ ﺠﺎﺯ ﻟﻨﺎ ﺍﻥ ﻨﺴﺘﻨﺘﺞ ﺃﻨﻬﻡ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﺤﺘﻰ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻬﻡ، ﺍﻟﻤﻌﺭﻗﻠﻴﻥ ﻭﺤﺩﻫﻡ ﻟﻼﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﺍﻋﻼﻩ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ ،ﺤﻕ ﻟﻨﺎ ﺴﺅﺍل ﻋﻤﺭﺍﻥ ﻋﻥ ﺍﺴﺒﺎﺏ ﻓﺸل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺼﻼﺤﺎﺕ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ؟ ﻓﺎﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺠﻭﺍﺒﻪ ﻫﻭ ﺒﺭﻭﺯ ﻤﻌﺭﻗﻠﻴﻥ ﺠﺩﺩ ،ﺤﻕ ﻟﻨﺎ ﺴﺅﺍﻟﻪ
ﻋﻥ ﺘﻘﺼﻴﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻘﺎﻟﻬﻡ ﺤﺘﻰ ﺘﻌﻭﺩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﻤﻤﻬﺩﺓ ﻨﺤﻭ ﺍﻻﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺸﻭﺩﺓ .ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻥ ﻨﺘﺴﺎﺀل ﻋﻥ ﻤﺩﻯ ﺠﺩﻴﺔ ﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﺴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻻﺼﻼﺤﻴﺔ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻁﻠﻕ ﺴﺭﺍﺡ ﺃﺤﺩ ﺃﺨﻁﺭ 293
ﻤﻨﺎﻭﺌﻲ ﺍﻻﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺩﺍﺭﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻜﺜﻴﺭ ﻜﺜﻴﺭ ،ﺤﺘﻰ ﻗﺒل ﺍﻥ ﻴﻜﻤل ﺘﻨﻔﻴﺫ ﺤﻜﻤﻪ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻥ ﻤﺤﻜﻤﺔ ﺃﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺨﻀﻊ ﻗﺭﺍﺭﺍﺘﻬﺎ ﻟﻼﺴﺘﺌﻨﺎﻑ ﺍﻭ ﺍﻟﻁﻌﻥ. ﺍﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺨﺹ "ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﻴﻥ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﺼﻭﻟﻴﺎﺕ ﻋﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ،ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺍﻭ ﺇﻟﺤﺎﺩﻴﺔ ،ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺘﺜﺒﺕ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺭﺓ ﺃﻨﻬﻡ ﻏﻴﺭ ﻗﺎﺩﺭﻴﻥ )ﺤﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗل( ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ
ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﻭﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻨﺯﻋﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩ ﻭﻋﺼﺒﻴﺎﺘﻪ ،ﺍﻟﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﺘﺅﻟﺏ ﺤﻭﺍﺭﹰﺍ ﺤﻘﻴﻘﻴ ﹰﺎ ﻴﺘﻜﺎﻤل ﻟﻴﺴﺘﻭﻋﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ" ،ﺇﻨﻪ ﻨﺹ ﻏﻨﻲ "ﺼﻴﺩ ﺜﻤﻴﻥ" ﺒﻜل ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ .ﻟﺴﺕ ﻤﻥ ﻫﻭﺍﺓ ﺍﻟﺘﺼﻴﺩ ،ﻟﻜﻥ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺴﻠﻁﻭﻱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ،ﻭﻨﺯﻋﺔ ﺍﻟﻬﺭﻭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺍﻟﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ،ﺘﺠﻌﻠﻨﺎ ﻤﺭﻏﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﻴﺩ ﻓﻘﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ" :ﺍﻟﻌﺩﺍﺌﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﺤﺎﻗﺩﻭﻥ" ﺘﺤﺩﺩﻭﺍ ﺍﺫﻥ ﻭﺍﺘﺨﺫﻭﺍ ﻤﻠﻤﺤﻴﻥ ﺍﺜﻨﻴﻥ :ﺍﻻﺼﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﺎﺌﺩﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ،ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻻﻟﺤﺎﺩﻴﺔ .ﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺒﺘﺤﺩﻴﺩ
ﺍﻜﺜﺭ :ﺍﻻﺴﻼﻤﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﺸﻴﻭﻋﻴﻭﻥ .ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺘﻌﺭﻀﻭﺍ ﻟﻼﻀﻁﻬﺎﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﺍﻭﺡ ﺒﻴﻥ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎل ﺍﻟﻌﺭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﺡ ﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﺘﻭﺠﺕ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺒﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺼﻭﺭﻴﺔ ﻭﺼﻠﺕ ﺍﺤﻜﺎﻤﻬﺎ ﺍﻟﻰ ٢٢ﻋﺎﻤﹰﺎ ﻓﻲ ﺇﺤﺩﺍﻫﺎ ،ﻭﺍﻻﻋﺩﺍﻡ ﺍﻤﺎﻡ ﻤﺤﺎﻜﻡ ﻤﻴﺩﺍﻨﻴﺔ .ﻭﺠﺭﻴﻤﺘﻬﻡ ﻫﻲ "ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ" ﻭﻓﻘ ﹰﺎ ﻟﻨﺹ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺠﺢ ﺍﻨﻪ ﻴﻌﺭﻑ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ .ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻨﻬﻡ -ﻭﻓﻘ ﹰﺎ
ﻟﻠﻨﺹ ﻨﻔﺴﻪ -ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﻡ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ،ﻭﺍﻻﻨﺘﻘﺎل ﻤﻥ ﻨﺯﻋﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩ ﻭﻋﺼﺒﻴﺎﺕ
ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩ )ﻫﺫﻩ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻭﺃﻴﻡ ﺍﻟﺤﻕ!( ﺍﻟﻰ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﺘﺅﻟﺏ ﺤﻭﺍﺭﹰﺍ ﺤﻘﻴﻘﻴﹰﺎ ﻴﺘﻜﺎﻤل ﻟﻴﺴﺘﻭﻋﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ. ﻨﻌﻡ ،ﻟﻘﺩ ﻗﺭﺃﺘﻡ ﺒﺸﻜل ﺼﺤﻴﺢ .ﻓﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﺭﺭﺕ ﺘﻤﺎﻤﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﺼﻭﻟﻴﺎﺘﻬﺎ )ﻻ ﺍﻋﺭﻑ ﺇﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺩﻴﻨﻴﺔ ﺃﻡ ﺇﻟﺤﺎﺩﻴﺔ ﻓﺎﻟﺒﻌﺙ ﻴﺴﺘﻭﻋﺏ ﻜل ﺸﻲﺀ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﻼﻡ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺴﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﻰ
ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ،ﻤﻥ ﺍﻻﺼﺎﻟﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ
ﻭﻏﻴﺭﻩ ﻜﺜﻴﺭ ﻜﺜﻴﺭ( ﻭﺘﺤﺭﺭﺕ ﻤﻥ ﺘﺠﺎﺭﺒﻬﺎ "ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ" ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﺫﻥ ﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻜﻑ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩﻴﺔ "ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺭﻗل ﺍﻻﺼﻼﺡ" ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﻟﻬﺎ" ﺒﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﺘﺅﻟﺏ". ﻫﺫﻩ ﺍﻴﻀﹰﺎ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻡ ﺃﻓﻬﻤﻬﺎ ،ﺃﻋﻨﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺯ ﺍﻟﻤﻌﺭﻓﻲ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﺯﻋﺔ ﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ. ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﻬﻡ ﻫﻭ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺘﻜﺎﻤل :ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ "ﺍﻟﻨﺯﻴﻬﺔ" ﺍﻥ ﺘﺘﻜﺎﻤل ﻓﻲ ﻤﻤﺎﺭﺴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ ﻤﻊ
ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺘﻨﺎﻏﻡ ﻴﺜﻴﺭ ﺍﻟﺤﺴﺩ ﻭﻴﻔﺘﺢ ﺍﻵﻓﺎﻕ ﺍﻟﺭﺤﺒﺔ ﺍﻤﺎﻡ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻻﺼﻼﺡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﺩﻡ
ﻭﺴﺎﻕ ﻤﻨﺫ ﺜﻼﺙ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺴﺘﺘﻭﺍﺼل ﺒﻐﻴﺭ ﺘﻭﻗﻑ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻭﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺘﺩﺭﺠﺔ ﻭﻻﻨﻬﺎﺌﻴﺔ ،ﻭﺒﺎﺴﻠﻭﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻼﺴﺔ ،ﺍﻟﻰ ﺩﺭﺠﺔ ﻟﻥ ﻴﺸﻌﺭ ﻤﻌﻬﺎ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻥ ﺒﺄﻥ ﺘﻐﻴﻴﺭﹰﺍ ﻁﺭﺃ ﻋﻠﻰ ﺤﻴﺎﺘﻪ .ﺫﻟﻙ ﺍﻥ ﻤﻭﺍﻁﻨﻨﺎ ﻻ ﻴﺤﺏ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻔﺎﺠﺌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻬﺩﺩ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭﻩ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ .ﻟﻜﻨﻨﺎ ﺴﻨﺴﺄل ﻼ ﻤﻨﺫ ﺍﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﻋﺎﻤﺎﹰ، ﻻ ﺍﻀﺎﻓﻴﹰﺎ :ﺜﻤﺔ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻨﺯﻴﻬﺔ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻨﻘﺩﹰﺍ ﻤﺘﻜﺎﻤ ﹰ ﻋﻤﺭﺍﻥ ﺴﺅﺍ ﹰ
ﻭﺃﻋﻨﻲ ﺒﻬﺎ ﺍﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻘﺩﻤﻴﺔ .ﻓﻬل ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻭﺁﻥ ﺃﻭﺍﻥ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﻟﻬﺎ ﺒﻘﻭﻯ ﺠﺩﻴﺩﺓ؟ 294
ﺴﺄﻜﺘﻔﻲ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻭﺡ ﺍﻟﺴﺠﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺃﻋﻭﺩ ﻤﺭﺓ ﺃﺨﻴﺭﺓ ﺍﻟﻰ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺤﻘﺩ .ﻓﻲ ﻜل ﻤﺭﺓ ﺘﺘﻬﻡ ﺍﻗﻼﻡ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻴﻬﺎ "ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ" ﺒﺎﻟﺤﻘﺩ ﺘﻨﺒﺭﻱ ﺍﻻﺨﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﻜﻴﻨﺔ ﺒﺎﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻭﺘﻨﻔﻲ ﺍﻟﺘﻬﻤﺔ ﻭﺘﺩﻋﻭ ﺍﻟﻰ "ﻁﻲ ﺼﻔﺤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ" .ﺍﺭﻴﺩ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺘﻲ ﺍﻥ ﺃﺘﺒﺭﺃ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ
ﻁﺎﺌل ﻤﻨﻪ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻀﺎﺭﺍﹰ ،ﻭﺍﻗﻭل ﻋﻥ ﺍﻗﺘﻨﺎﻉ ﺍﺨﻼﻗﻲ ﻭﺴﻴﺎﺴﻲ ﻜﺎﻤﻠﻴﻥ ،ﺒﺄﻨﻨﻲ ﺤﺎﻗﺩ ﻭﺒﺈﻓﺭﺍﻁ، ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﺒﺴﺒﺏ ﺯﻫﺭﺓ ﺸﺒﺎﺒﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺴُﺭﻗﺕ ﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺍﻱ ﻤﺒﺭﺭ ﺃﺨﻼﻗﻲ ﺍﻭ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﺒل ﻭﺤﺘﻰ ﺴﻴﺎﺴﻲ )ﺍﻻﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻟﻥ ﺍﺴﺎﻤﺤﻬﻡ ﻓﻴﻪ ﻤﺎ ﺤﻴﻴﺕ ﺍﻟﻰ ﺍﻥ ﻴﺤﺎﺴﺒﻭﺍ ﻭﻴﻨﺎﻟﻭﺍ ﻋﻘﺎﺒﻬﻡ ﺍﻟﻌﺎﺩل( ،ﺒل ﺍﻴﻀﹰﺎ ﻷﻨﻬﻡ ﻤﺼﺭﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻬﺞ ﻨﻔﺴﻪ ﺭﻏﻡ ﻜل ﺍﻟﻨﺩﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺇﻨﻘﺎﺫﻫﻡ ﻤﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻭﺍﻨﺘﺸﺎﻟﻬﻡ ﻤﻥ ﻤﺄﺯﻗﻬﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﺸﺭﻭﺍ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ ﻓﻴﻪ ﻭﻴﺭﻴﺩﻭﻥ ﺠﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻤﻌﻬﻡ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻬﺎﻭﻴﺔ ،ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﺫﺍﻜﻲ "ﺍﻟﺠﻴﻭ -ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻲ" ،ﻓﺎﻟﺭﻏﺒﺔ ﺍﻟﻌﺎﺭﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺤﺘﻔﺎﻅ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﺄﻱ ﺜﻤﻥ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﻗﻀﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ،ﺘﺠﻌﻠﻬﻡ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻭﻗﺩ ﻀﺎﻗﺕ ﺒﻬﻡ ﺴﺒل ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻜﺘﻜﺔ ﻭﺍﻟﻠﻌﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺒﺎل ﻭﺍﻟﺘﺸﺎﻁﺭ ﻭﺍﻟﺘﺫﺍﻜﻲ ﺍﻟﻤﺜﻴﺭ ﻟﻠﺭﺜﺎﺀ ﻴﻨﺴﺎﻗﻭﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﺃﻭﻫﺎﻡ ﺍﻟﻴﺎﺌﺴﻴﻥ. ﺤﻘﺩﻱ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ،ﻴﺘﺠﺎﻭﺯ ﺩﻻﻟﺘﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ -ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻥ ﻴﻠﻐﻴﻬﺎ -ﻨﺤﻭ ﺤﻘﺩ ﻋﺎﻡ ﻴﺘﻨﺎﻤﻰ ﻜل ﻴﻭﻡ ﺒﺘﻨﺎﺴﺏ ﻁﺭﺩﻱ ﻤﻊ ﺍﺴﺘﻬﺘﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﺎﻟﺸﻌﺏ ﻭﺘﻁﻠﻌﺎﺘﻪ ،ﻭﺴﻠﻭﻜﻬﺎ ﺴﻠﻭﻙ ﺠﺴﻡ ﻏﺭﻴﺏ ﻴﺘﺴﻠﻁ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻭﻴﻨﻬﺏ ﺜﺭﻭﺍﺘﻪ ﺒﻼ ﺤﺴﻴﺏ ﺍﻭ ﺭﻗﻴﺏ.
• ﺒﻜﺭ ﺼﺩﻗﻲ -ﺩﻤﺸﻕ • ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – ٢٠٠٣ /٨ / ٢٩
295
ﺍﻟﻔﻬﺭﺱ : ﻤﻘﺩﻤﺔ
296
ﺒﻤﺜﺎﺒﺔ ﺘﻤﻬﻴﺩ :ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ :
-
ﻤﻥ ﺠﻤﻌﻴﺔ ﺃﺼﺩﻗﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ -ﺍﻓﺘﺘﺎﺤﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ – ﻜﺎﻨﻭﻥ / ٢ﺸﺒﺎﻁ . ٢٠٠١
ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻷﻭل :
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل -
ﻭﻴﺴﺄﻟﻭﻨﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ– ٢٠٠٠- ٨
-
ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺤﺯﺏ ﺴﻠﻁﺔ ﻫﺎﻤﺸﻲ ﻫل ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺯﺏ ﻤﺠﺘﻤﻊ – ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ -
-
.٢٠٠٠ / ٩ / ٢٨
ﻟﺠﺎﻥ ) ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ( ﻭﺨﻁﺎﺏ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ -ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠١/٢/٢٤ -
. -
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ –ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ . ٢٠٠١ / ٣ / ٣١
-
ﺍﻟﺤﻭﺍﺭﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻘﺘﻨﺎ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ) ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻟﻌﻀﺭﻭﻁ ﻭﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ( -
-
ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – . ٢٠٠١/٤/ ٢٠
ﻤﺩﺨل ﻟﻘﺭﺍﺀﺓ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ – ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ – ﺒﺎﺭﻴﺱ . ٢٠٠١ ﻜﻔﻰ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻨﺎﻁﻘﺎ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ) ﺤﻭﺍﺭ ﻤﻊ ﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ
-
ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ ( – ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – ﻤﻨﺘﺼﻑ ٢٠٠١/٨ ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻷﻭل :ﻭﺜﺎﺌﻕ ،ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ
ﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟـ – ٩٩ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – -٢٠ﺃﻴﻠﻭل – . ٢٠٠٠
-
ﺍﻟﻭﺜﻴﻘﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﺃﻭ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒﺒﻴﺎﻥ ﺍﻷﻟﻑ ١ - ٩
-
٤ ) ٢٠٠١ﺹ ( .ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺃﻡ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ؟ – ﺩ.ﻓﺎﻴﺯ ﻋﺯ ﺍﻟﺩﻴﻥ – ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ –
-
.٢٠٠١/٣/٢٤ -
ﺤﻤﻴﺩﻱ
ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ ﺠﺭﻴﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻭﻗﺎﺌﻊ ﻤﺤﺎﻀﺭﺓ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻋﺒﺭ ﻤﺭﺍﺴﻠﻬﺎ ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻭﺍﺭ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺩﻯ ﺍﻷﺘﺎﺴﻲ ...ﻜﺴﺭ ﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻟﺩﻯ
ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻴﻥ ..ﺍﻟﻤﻨﺘﺩﻴﺎﺕ ﺘﻨﻤﻭ ﻜﺎﻟﻔﻁﺭ ﻤﺅﻗﺘﺎ –ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ . ٢٠٠١/٧/٨ - -
ﺤﻭﺍﺭﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﻨﻘﺎﺵ ﻓﻲ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ – ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – . ٢٠٠١/٧/٩ ﺤﻭﺍﺭ ﻋﻥ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ ..ﻤﺩﺍﺨﻠﺔ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺤﻠﻴﻡ ﺨﺩﺍﻡ :ﻟﻥ ﻨﺴﻤﺢ ﺒﺠﺯﺃﺭﺓ
ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﻋﻬﺩ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﺎﺕ– ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .٢٠٠١/ ٧ / ١٠ 297
-
ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﺨﻭﻑ – ﺘﻌﻠﻴﻕ ﺍﻓﺘﺘﺎﺤﻴﺔ ﻤﺠﻠﺔ ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :
-
ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﻤﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭ" ﺇﻴﺠﺎﺒﻴﺎﺘﻪ"– ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ- ٢٠٠١/٣/٢٤
-
ﻤﻴﺜﺎﻕ ) ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻥ ( ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺼﺩﺭ ﺍﻷﻤﻨﻲ ﻭﺍﻟﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻟﺒﻌﺜﻲ– ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – ٢٠٠١/٨/٣
-
ﺘﻌﻘﻴﺏ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﻭﻱ :ﺍﻷﺨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﻭﻥ ﻴﻌﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ
ﻟﺴﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل – ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – . ٢٠٠١/٩/٥ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ : ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻷﻭل :
-
ﻋﺠﺯ ﺍﻻﻓﻬﺎﻡ ﻋﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﻤﻥ ﻭﻗﺎﺌﻊ ﻓﻲ ﺒﺭ ﺍﻟﺸﺎﻡ– ﺍﻴﻠﻭل ٢٠٠١
-
ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻻﺭﻫﺎﺏ ﺃﻡ ﺍﻻﻋﺘﺯﺍﺯ ﺒﻪ– ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ . ٢٠٠٢/ ٢/٧
-
ﺭﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ ) ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺫﺍﻜﺭﺓ ﻭﻁﻤﺱ ﺍﻷﺜﺭ ( -ﺼﺒﺤﻲ ﺤﺩﻴﺩﻱ – ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ٢٠٠٢ / ٢ /١٥
-
ﻋﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﻓﻲ ﻤﺴﺎﻟﻙ ﺃﻫل ﺍﻟﻴﺴﺎﺭ )ﻫل ﺜﻤﺔ ﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺴﻭﺭﻴﺎ ؟ ( – /٤ . ٢٠٠٢ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :
-
ﻫل ﺍﻨﺘﻬﻰ ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ – ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – . ٢٠٠٢/٧/٥
-
ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺎﺭﻑ ﺩﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺒﻌﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺒـ"ﺇﻋﺩﺍﻤﻙ" –ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ– .٢٠٠٢/٨/٧
-
ﺭﺩ ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ :ﺃﺩﻋﻭ ﻹﺤﺎﻟﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ– ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – . ٢٠٠٢/٨/٢٣
-
ﺃﻜﺭﻡ ﺍﻟﺒﻨﻲ :ﻜﻲ ﻻ ﻴﻘﺎل :ﻭﺩﺍﻋﺎ ﻋﺒﺩ ﺍﻟﺭﺯﺍﻕ ﻋﻴﺩ– ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ. ٢٠٠٢/٨/٢٨ -
-
ﺭﺩ ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺤﺎﺝ ﺼﺎﻟﺢ :ﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ –ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ . ٢٠٠٢/٨/٢٨ -
-
ﺠﺎﺩ ﺍﻟﻜﺭﻴﻡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻋﻲ :ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺯﺍﺭ– ﺃﺨﺒﺎﺭ ﺍﻟﺸﺭﻕ – . ٢٠٠٢/٨/٣٠
-
ﻤﺎﻟﻙ ﻤﺴﻠﻤﺎﻨﻲ :ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜﻘﻑ ﺍﻻﻤﻠﺱ. ٢٠٠٢/٨ - 298
-
ﻤﺤﻤﺩ ﻨﺠﺎﺘﻲ ﻁﻴﺎﺭﺓ :ﺘﺎﺒﻊ ﻤﺴﻠﺴل ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ
-
ﻭﺍﺒﺭﻟﻤﺎﻨﺎﻩ – ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – . ٢٠٠٢/٨/٣١
-
ﺤﺯﺏ ﺴﺭﻱ ﺍﺴﻤﻪ ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ – ﻤﻬﻨﺩ ﺩﻤﺸﻘﻲ – ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ – -٢٥
. ٢٠٠٢/١٠/٣١
ﻤﻠﺤﻕ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ :ﻭﺜﺎﺌﻕ -ﻤﺘﺎﺒﻌﺎﺕ -
ﺒﻼﻍ – ﻟﺠﺎﻥ ﺇﺤﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ – ٢٠٠٢/٩/٥
-
ﻨﺎﺌﺏ ﺴﻭﺭﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺇﺤﺎﻟﺔ ﻜﺎﺘﺏ ﻤﻌﺎﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ – ﺍﺒﺭﺍﻫﻴﻡ ﺤﻤﻴﺩﻱ-
-
ﻜﻴﻑ ﻴﺩﺍﻓﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺒﻤﻭﺠﺏ ﻗﺎﻨﻭﻥ ..ﺃﻟﻐﺎﻩ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ – ﺒﻠﻨﺩ ﺤﺴﻥ – ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – . ٢٠٠٢/٨/٢٤ – ٢٠٠٢/٨
-
ﻤﺜﻘﻔﻭﻥ ﻴﺩﻋﻭﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ – ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – . ٢٠٠٢/٩
-
ﺒﻴﺎﻥ ﺍﺴﺘﻨﻜﺎﺭﻱ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻭﺼﻠﻠﻲ .
-
ﺍﻟﺘﺤﺫﻴﺭ ﻤﻥ ﻤﺯﺍﺝ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺜﺎﺭﻱ ..ﺩﻋﻭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎﻨﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ – ﻤﻨﺫﺭ ﻤﻭﺼﻠﻲ – ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ – ٢٠٠٢ /٩
-
ﻤﻴﺜﺎﻕ ﻭﻁﻨﻲ ﺃﻡ ﻤﻴﺜﺎﻕ ﺃﺨﻭﺍﻨﻲ -ﻤﻬﻨﺩ ﺩﻤﺸﻘﻲ – ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ -١٨ ٢٠٠٢/١٠/٢٤
ﺤﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺌﺏ ﻤﻨﺫﺭ ﺍﻟﻤﻭﺼﻠﻲ ..ﺃﻡ ﻋﻠﻰ ﺼﻤﻭﺩ ﺴﻭﺭﻴﺎ ﻭﺼﻼﺒﺘﻬﺎ ؟ -
ﺍﻟﻤﻬﻨﺩﺱ ﺴﺎﻫﺭ ﻗﺒﻼﻥ – ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ٢٠٠٢/١١/٢١-١٥ -
ﺼﻼﺡ ﺒﺩﺭ ﺍﻟﺩﻴﻥ :ﺒﻨﺩ ﺠﺩﻴﺩ ﺇﻟﻰ ...ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ . ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ :
-
ﺘﻤﺯﻕ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﻓﻠﻭل ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ – ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – . ٢٠٠٣/٥/١٦-١٥
-
ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺍﻟﻬﺎﻤﺸﻲ ﺍﻟﻬﺯﻴل ﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺒﻌﺙ – ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ – . ٢٠٠٣/٦/١٤
-
ﻋﻠﻲ ﻋﻤﺭﺍﻥ :ﺍﻟﺩﻜﺘﻭﺭ ﺒﻬﺠﺕ ﺴﻠﻴﻤﺎﻥ ﻜﺘﺏ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ﻓﻘﺭﺃﻭﻩ ﻨﻭﺍﻴﺎ – ﺍﻟﻤﺤﺭﺭ –
. ٢٠٠٣/٧/١٧-١١ -
ﻫل ﺍﻟﺒﻌﺙ ﺍﻟﺴﻭﺭﻱ ﻫﻭ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻹﺼﻼﺡ ؟! . ٢٠٠٣/٧/٢١ ﺒﻜﺭ ﺼﺩﻗﻲ :ﻨﻌﻡ ﺍﻨﺎ ﺤﺎﻗﺩ 299
-
ﺼﺩﺭ ﻟﻠﻤﺅﻟﻑ : -١ﻋﺎﻟﻡ ﺤﻨﺎ ﻤﻴﻨﺔ ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻲ – ﻤﺸﺘﺭﻙ – ﺩﺍﺭ ﺍﻵﺩﺍﺏ – ﺒﻴﺭﻭﺕ ﻋﺎﻡ . ١٩٧٩
-٢ﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻨﻘﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ – ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ – ﺩﻤﺸﻕ ﻋﺎﻡ . ١٩٨٠
-٣ﺤﻭﺍﺭ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ – ﻤﺸﺘﺭﻙ – ﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ – ﻋﺎﻡ . ١٩٨٤
-٤ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﺍﻟﺠﻤﺎﻟﻲ ،ﺍﻻﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ – ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ ﻋﺎﻡ . ١٩٨٨ -٥ﻓﻲ ﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﻨﺹ ﺍﻟﺭﻭﺍﺌﻲ – ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ – ﺩﻤﺸﻕ ﻋﺎﻡ . ١٩٨٨
-٦ﻋﺎﻟﻡ ﻗﺼﺹ ﺯﻜﺭﻴﺎ ﺘﺎﻤﺭ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭﺍﺒﻲ – ﺒﻴﺭﻭﺕ ﻋﺎﻡ . ١٩٩٠
-٧ﻤﺩﺨل ﺇﻟﻰ ﻓﻜﺭ ﺭﺌﻴﻑ ﺨﻭﺭﻱ – ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻋﻴﺒﺎل – ﻗﺒﺭﺹ ﻋﺎﻡ . ١٩٩٠
-٨ﻨﺤﻥ ﻭﺍﻟﺒﻴﺭﻭﺴﺘﺭﻴﻜﺎ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ – ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ ﻋﺎﻡ . ١٩٩١
-٩ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ – ﻤﺸﺘﺭﻙ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ – ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ ﻋﺎﻡ . ١٩٩٢
-١٠ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ /ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ – ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ – ﺤﻠﺏ ﻋﺎﻡ . ١٩٩٥
-١١ﻁﻪ ﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﻌﻘل ﻭﺍﻟﺩﻴﻥ – ﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ – ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻻﻨﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﺤﻠﺏ . ١٩٩٥ -١٢ﻴﺎﺴﻴﻥ ﺍﻟﺤﺎﻓﻅ ) ﻨﻘﺩ ﺤﺩﺍﺜﺔ ﺍﻟﺘﺄﺨﺭ ( ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺼﺩﺍﻗﺔ – ﺤﻠﺏ . ١٩٩٦
-١٣ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ ) ﺸﺭﻋﻨﺔ ﺍﻟﻔﻭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ( – ﻁ -١ﺩﺍﺭ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ – ﺩﻤﺸﻕ . ١٩٩٧ﻁ:٢ ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻻﻨﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ٢٠٠٥ -
-١٤ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻼﻡ – ﻤﺸﺘﺭﻙ – ﺴﻠﺴﻠﺔ ﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻟﻘﺭﻥ ﺠﺩﻴﺩ – ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻔﻜﺭ- ﺩﻤﺸﻕ . ١٩٩٩
-١٥ﺇﻨﺠﺎﺯ ﺒﺤﺙ ﺤﻭل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻷﺒﻭﻱ ﻭﻋﻼﻗﺘﻪ ﺒﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻴﻨﺸﺭ ﻜﻔﺼل ﻓﻲ ﻜﺘﺎﺏ ﺴﻴﺼﺩﺭ ﺒﺎﻹﻨﻜﻠﻴﺯﻴﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﻤﻠﺘﻘﻰ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ) ﺍﻟﻐﺭﺏ ﻭﺍﻟﺸﺭﻕ ( ﻓﻲ ﻜﻤﺒﺭﺩﺝ – ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ – ﺒﺈﺩﺍﺭﺓ ﺩ .ﺴﻠﻤﻰ ﺍﻟﺨﻀﺭﺍﺀ ﺍﻟﺠﻴﻭﺴﻲ – ﻋﺎﻡ . ١٩٩٨
-١٦ﺃﺒﻭ ﺤﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﺤﻴﺩﻱ ) ﻓﺼل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ /ﻓﺼل ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ( – ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ -ﺩﻤﺸﻕ ﻋﺎﻡ . ٢٠٠١
-١٧ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺴﻭﺴﻴﻭﺩﻻﻟﻴﺔ ﻓﻲ " ﻤﺩﻥ ﺍﻟﻤﻠﺢ " – ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ – ﺩﻤﺸﻕ . ٢٠٠٢ - ١٩ﺫﻫﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﻡ ﺃﻡ ﺜﻘﺎﻓﺔ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ) ﺤﻭﺍﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺩﺩ ﻭﺍﻟﺘﻐﺎﻴﺭ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼﻑ ( ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ–
ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ٢٠٠١ -
- ٢٠ﺍﻷﺩﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﺭﺩﻴﺔ ) ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﺴﻭﺭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﻭﻫﻡ ﺍﻟﺘﺤﻘﻕ ﻭﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻜﻭﻥ ( -ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ – ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ –٢٠٠٢
- ٢١ﻨﻘﺩ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ) ﺴﺩﻨﺔ ﻫﻴﺎﻜل ﺍﻟﻭﻫﻡ /ﺍﻟﺒﻭﻁﻲ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ( -ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ– ﺒﻴﺭﻭﺕ ٢٠٠٣ - ٢٢ﻴﺴﺄﻟﻭﻨﻙ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ )ﺭﺒﻴﻊ ﺩﻤﺸﻕ ﺍﻟﻤﻭﺅﺩ( ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ )ﺒﻴﺭﻭﺕ( – ﺩﺍﺭ ﺍﻻﻨﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ )ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ( ٢٠٠٣
300
-٢٣ﺴﺩﻨﺔ ﻫﻴﺎﻜل ﺍﻟﻭﻫﻡ /ﻨﻘﺩ ﺍﻟﻌﻘل ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ :ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﻘﺭﻀﺎﻭﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻭﺍﻹﺭﻫﺎﺏ – ﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﻌﺭﺏ – ﺩﺍﺭﺍﻟﻁﻠﻴﻌﺔ –ﺒﻴﺭﻭﺕ – ٢٠٠٥
-٢٤ﻤﺤﻤﺩ ﻋﺒﺩﻩ :ﺇﻤﺎﻡ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ – ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﺍﻻﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ -ﺒﻴﺭﻭﺕ٢٠٠٦ - ﺘﺤﺕ ﺍﻟﻁﺒﻊ: -٢٥ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻜﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻨﻬﻀﻭﻴﺔ -٢٦ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﻜﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﺘﻨﻭﻴﺭﻴﺔ
301