كتاب الأربعون الجياد لأهل التوحيد والجهاد

Page 1

‫الغلف‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫الهـــداء‬ ‫إلى أهل التوحيد‪:‬‬ ‫‪ ‬علماء‬ ‫و‬ ‫‪ ‬مجاهدين‬ ‫و‬ ‫‪ ‬دعـاة‬ ‫و‬ ‫‪ ‬عبّـاد‬

‫الذيـن‪..‬‬

‫)صدقوا ما عاهدوا ال عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بّد لـوا‬ ‫تبديل (‬

‫أبو قتادة‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫توطئة ‪ -‬خطبة الكتاب‬ ‫الدمد ل رب العالني والصل ة والسل م على نبيه مدمد اليمني وعلى آله الطيبني الطاهرين وعلى صحبه الغر‬ ‫اليايمني ‪ ،‬أيما بعد‪:‬‬ ‫ف أيا م ربانية عشتها بفضله ورحته ‪ ،‬ويمنذ اللحظة الول فيها وأنا خائف أن ترب يمن ‪ ،‬فكنت أجاهد نفسي‬ ‫وأنا أحاول أن ألتقط وأج ع وأنظر وأراج ع ‪ ،‬يمنذ تلك اللحظة الت أغلق فيها السجان باب الغرفة الصغي ة الثقيَل علّي‬ ‫هي أل يسي الزيمن يمسرعاً ‪ ،‬فالربح‬ ‫وحيداً وأنا ف هم رجح على كل الدمو م‪ :‬كيف أقتنص لظات هذا الزيمن؟ إذ ّ‬ ‫كثي وفي ‪ ،‬وكان يمن نعم ال تعال على هذا )النسان( أن حّب ب إليه صحيح اليما م البخاري ‪ ،‬حباً صنعه علم‬ ‫الققني والدارسني أنه أعظم كتاب ف الرض بعد كتاب ربنا سبحانه ‪ ،‬وحباً تكايمل تباعاً يم ع كثر ة الرد والراجعة ‪،‬‬ ‫ويم ع وجود غي ه يمن الكت ب الستة بني يدي إل أنن طوال عايمني وزياد ة ل أستط ع قط ول أنح ف أي ماولة أن‬ ‫أتول إل غي ه يمن كت ب السنة ‪ ،‬أذه ب إليه يمر ة يمن أجل حكم شرعي ‪ ،‬ويمرات يمن أجل إلتقاط الَِك مم والعظات ‪،‬‬ ‫وف أكثر الرات يكون الذهاب يمن أجل أن أقرأ قصة )النسان( ‪ ،‬نعم فإن أعت ف أن أكثر ذهاب لذا الكتاب ف‬ ‫تلك الفت ة يمن أجل قراء ة الرواية القيقية للبشرية ‪ ،‬وللحقيقة أن أكثر يما يبهرن ويبهجن ف كتاب ال تعال ‪ ،‬أن‬ ‫يمذكور فيه )لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفل تعقلون ( ‪ ،‬فأنا أعيش اليو م ف زيمن الصور واليالت ‪ ،‬فالبهارج‬

‫تعتض طريقي ف كل يمرحلة وزاوية ‪ ،‬والصباغ يمنثور ة بكر حرف على كل الصور ‪ ،‬والعروض كله خادع ‪ ،‬ولكل‬ ‫صور ة سي ة كتبها دهاقنتها وعّبادها ورجالا ‪ ،‬هذا صراع زيماِن الذي أدعي أنه ِخ َد مامع ل يكن بذ ه القدر ة على يمر‬ ‫التاريخ ‪ ،‬كتاب ال يسدميها فتناً ‪ ،‬لكن قضيت قضية الوعي القيقي لذا العقل التنازع عليه ‪ ،‬وقضية الدين الذي قد‬ ‫ُس ِرم ق وتنازعه اللصوص وقاِط عمو الطريق‪.‬‬

‫قراء ة )النسان( وروايته وتاريه وحقيقته ف كتاب ال والسنة النبوية هي الت تقق العب ة ‪ ،‬أو أزعم أنا حققت‬ ‫العب ة ل ‪ ،‬فقد عانيت يمشكلة القراء ة الغيبية للكتاب والسنة ‪ ،‬وحني أردت إنزال هذ ه الوادث على الرض اكتشفت‬ ‫ت أخي يمر ة وأنت تتهيأ لفتح صحيح البخاري‬ ‫حقيقتها وأنا سننية فيها أشخاص أرضيون وبشر حقيقيون ‪ ،‬فهل جّرب َ‬ ‫أن ترت ب عقلك ووعيك أنك ستقرأ كتاب حكدمة ‪ ،‬أو أن تقرأ رواية أو سي ة ‪ ،‬أو أن تقلبه كدما تقل ب ديوان شعر‬ ‫له ‪ -‬هو‬ ‫تبحث فيه عن جال التصوير وروعة البيان؟! إن فعلت ذلك ستعر ف يما أعن وهو أن صحيح البخاري ه ‪-‬يمث ً‬ ‫كتاب )النسان(؛ )النسان( بسيته الرضية ‪ ،‬وسننها الواقعية ‪ ،‬حينها ست ى نفَس كم وأشواقك وحبك وبغضك‬ ‫وقوتك وضعفك وفرحك وألك وناحك وإخفاقك ‪ ،‬وحينها سَتعُب بكل قيم الق إليك فتحقق العب ة والعظة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[2‬‬

‫أصدقك أخي ه ‪-‬شهد اله ‪ -‬أن كنت ألغي يمن عقلي ونفسي حني أفتح صحيح البخاري أن سأقرأ كل م نب‬ ‫يعلم ويكم ويعظ ‪ ،‬أو أن سأقرأ سي ة نب يوحى إليه ‪ ،‬بل كنت أهّي ئ نفسي كثياً لعر ف هذا النسان وعقله وقلبه ‪،‬‬ ‫فأنا أريد أن أكتشف يمن هو يمن كليمه ‪ ،‬لن البيان هو إبانة اللسان عن النسان ‪ ،‬فأنا أريد أن أعر ف يمن هو ‪ ،‬ويم ع‬ ‫كل قول وكل حدث كنت أرتعش ارتعاشة العجاب والتقدير والتعظيم ‪ ،‬وأردد‪ :‬ياله يمن قائد إيما م ‪ ،‬فالسعيد يمن سار‬ ‫وراء ه وضل يمن عصا ه‪.‬‬ ‫يمن حقي أن أقول هنا ه ‪-‬ل ليمدح نفساً يكون الدح سبباً لذيمها ‪ ،‬ولكن لن أذيمها لستبطن الدح يمكراًه ‪ -‬أقول‪:‬‬ ‫لقد قرأت شعراً كثيا ‪ ،‬يمن قديه وحديثه ‪ ،‬وقرأت كليماً كثياً ‪ ،‬وقرأت سياً كثي ة ‪ ،‬وقرأت كتباً كثي ة ‪ ،‬حت صارت‬ ‫القراء ة صفت ‪ ،‬وكانت رحلة القراء ة ابتداء يمن أجل التعة ‪ ،‬فقد جبلت على ح ب هذ ه التعة ‪ ،‬ث تّولمت القراء ة إل‬ ‫ماولة يمعرفة النسان الذي أقرأ ه لعر ف ف النهاية يمن أكون وقبل ذلك يمن يكون ‪ ،‬وقد كنت أر ى حجباً كثي ة‬ ‫غطت كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وكت ب أسلفنا ‪ ،‬ليس حجاب جهلنا فقط ‪ ،‬لكن تلك الج ب‬ ‫النفسية الكثيفة ‪ ،‬ذلك أننا ل نقرأ هذ ه الكت ب بثاً عن أنفسنا ‪ ،‬أي بثاً عن )النسان( ‪ ،‬بل نقرؤها وكأنا لواق ع غي‬ ‫الواق ع الرضي الذي نعيش فيه ‪ ،‬لقد رأيت الكثي ف زيمان ما قرأته هناك؛ ف الكتاب والسنة ‪ ،‬رأيت أحداثاً ورجالً‬ ‫ل تتلف قط إل ف المساء ‪ ،‬وكنت أعج ب لن عّظم هذين الصدرين كيف ل يدح يمن يمدحه الكتاب ول يذ م يمن‬ ‫ذيمه الكتاب ‪ ،‬يم ع أنه ل فر ق بينهدما ‪ ،‬وراعتن هذ ه الفارقة اللؤلة كثياً ‪ ،‬والقيقة أن السب ب ه ‪-‬وأقول ذلك يمطدمئناًه ‪ -‬أن‬ ‫المساء هي الواجز ‪ ،‬وأن )العناوين( قد ألت الناس عن القائق ‪ ،‬فقلت‪ :‬لقرأّن بل حواجز ول عناوين ‪ ،‬سأقرأ‬ ‫)النسان( بواقعه وسننه الرضية ف الكتاب والسنة لعّلي أبلغ إل قراءات الوائل الت صنعت الداية ‪ ،‬فهم جاؤوا‬ ‫إليها ليسدمعوا يما يقول ويعرفو ه يمن قوله هو ‪ ،‬فانتهت قراءتم إل أعظم إيان وأجل تسبيح‪) :‬بربنا ما خلقت هذا‬

‫باطلً سبحانك فقنا عذاب النابر (‪ .‬وكانت يمعضلة أخر ى هي يمعضلة العب ة والعظة ‪ ،‬فأهل السل م كلهم يرددون‪:‬‬

‫أن ل سعاد ة إل بالعود ة إل الكتاب والسنة ‪ ،‬أي أندما يمصدر صلح )النسان( وسيته ووجود ه ف زيماننا هذا ‪،‬‬ ‫فكيف يتم العبور إذا كان )النسان( ف زيماننا ليس هو )النسان( الذكور ف كتاب ربنا وسنة نبيه صلى ال عليه‬ ‫وسلم؟! ‪ ،‬وأيما يمعضلت الكب ى فهي اكتشا ف خداع الزخار ف والصور الزائفة اللونة بكل الصباغ ‪ ،‬فهل ستسقط‬ ‫هذ ه العناوين ف زيمن صار دور الكتاب والسنة عناوين فقط لكل التعارضات ‪ ،‬وشعارات تمُّتخذ على وقائ ع يمدعا ة؟!‬ ‫نن ف زيمن ل يبقى لنا يمن كل هذا الرث اللي إل )البيان( وجئنا إليه يمن غي رجاله وهو يمعلق ف الصحف‬ ‫فقط ‪ ،‬بياناً مرداً ‪ ،‬ويا لفتنة عصرنا هذا ‪ ،‬حت البيان صار غريباً علينا فنحن يمعه مرد عجم‪ .‬ف هذا )البيان( بقيت‬ ‫الرواية ‪ ،‬القصص ‪ ،‬الحداث ‪ ،‬بقيت الصور القيقية لسي ة )النسان( ‪ ،‬صور ة النسان وسيته حني يهتدي‪ :‬يماذا يفعل‬ ‫ويماذا يقول ويماذا يس ويماذا يشعر ‪ ،‬وسي ة النَس امن حني يضل‪ :‬يماذا يفعل ويماذا يقول وكيف يكم؟‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[3‬‬

‫ل أريد أن اقول صائحًا‪" :‬وجدتها" ‪ ،‬لكن يكفي أن وجدت نفسي ووجدت راحت وابتعدت عن )القطي ع( ‪،‬‬ ‫فلم تعد الصور الادعة تفتنن ‪ ،‬وسقطت قيدمة العناوين عندي وكذا الشعارات ‪ ،‬فلقد صرت أقرأ كل خب بعيداً عن‬ ‫المساء ويمن غي عناوين وشعارات ‪ ،‬أي أنن بق أزعم أنن حققت الطو ة الول لتحقيق العب ة‪ .‬ف هذ ه الرحلة‬ ‫)النسان( ف كتاب ال وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم ازددت إياناً أن القرآن حق ‪ ،‬ولقد ازددت إياناً أن يما ف‬ ‫صحيح البخاري _ وهو يما يعنين هنا _ لن يقوله إل إنسان كايمل وليس هو على الغي ب بضنني ‪ ،‬ولقد عرفت حق‬ ‫العرفة يمعن كون الكتاب والسنة فيهدما صلح النسان وسعادته وهدايته ‪ ،‬وحني بثت عن صور ة )النسان( الهتدي‬ ‫كدما وجدتا ف الكتاب والسنة ف واقعي فإن أقسم أن وجدتا ف )أهل التوحيد والهاد( ‪ ،‬فلقد يمررت على يمنازل‬ ‫كثي ة ‪ ،‬وترددت على يموائد فكرية عد ة ‪ ،‬وطفت على النابر أفتش وأبث وأراق ب ‪ ،‬فأنغدمس غي هّياب با سألقي ‪،‬‬

‫وغي يمتعص ب لا أحل ‪ ،‬ولكن ها أنا أقول ه ‪-‬وأنا ذاكر لقول رب )ستكتب شهادتهم وُيسألون ( ه ‪ -‬أن أهل التوحيد‬

‫والهاد هم الذين يعبون بوادث وفعال وأقوال النسان الهتدي ف كتاب ربنا وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم إل‬ ‫زيماننا هذا ‪ ،‬وإنه يمن نعدمة ال علّي أن أعيش ف زيمن الصور الكثي ة الادعة ويم ع ذلك فإن عين ل يألها إل هلؤلء‬ ‫)الفتيان( ف الشر ق والغرب ‪ ،‬ويمن حقي أن أقول‪ :‬إن هذا اليمتلء ليس حاساً عاطفياً يم ع شاب يود بنفسه ل‬ ‫ي ‪،‬م ويمراجعة ودراسة لكل التهم الت تقال فيهم ‪ ،‬وُيقذفون با يمن جي ع الطرا ف‬ ‫تعال ‪ ،‬لكن بوقو ف حذر وتأيمل جد ّ‬ ‫سواء كان يمن يملؤيمن يالفهم أو عدّو يقاتلهم‪.‬‬

‫نعم ه ‪-‬وال يشهد على يما أقوله ‪ -‬أن حني تردت يمن حج ب المساء وتليت عن هيبة الشعارات وحررت‬ ‫نفسي يمن سطو ة العناوين رأيت ف زيمان يمن يفعل فعل إبراهيم عليه السل م وهو يكسر الصنا م ‪ ،‬ورأيت يمن يفعل‬ ‫فعل الباء بن يمالك وهو ينغدمس ف حديقة يمسيلدمة الكذاب الرتد ‪ ،‬ورأيت يمن يبي ع يملكه طدمعاً ف رضا الرحن ‪،‬‬ ‫ورأيت الهاجر ف ذات ال والأسور ف سبيل كلدمة الق ‪ ،‬وكلهم ف هذا الزيمن ل يدمعهم إل اسم جايم ع لوصافهم‪:‬‬ ‫أهل التوحيد والهاد‪.‬‬ ‫يمن أجل هلؤلء الفتيان أردت أن أجل هذ ه الكلدمات لعلي أعُب با إليهم فيحن ال ه ‪-‬إذ القو م ل يشقى بم‬ ‫جليسهمه ‪ -‬وذلك لنم يرحلون هم بالفعال ‪ ،‬ولكنهم يقبلون ه ‪-‬لسعة رحة ال وسعة قلوبمه ‪ -‬أن يسي يمعهم يمن ل‬ ‫يدمل إل ال ب والكلدمات يمن أيمثال‪.‬‬ ‫فاللهم ل تعذب قلباً أح ب كتابك وأح ب كل م رسولك وأح ب الفارين إليك الهاجرين ف سبيلك ه ‪ -‬آيمني‪.‬‬ ‫فكانت هذ ه الباقة العطر ة ‪ ،‬الدمتعة الدميلة ‪ ،‬هذ ه الدرر النبوية الشريفة ‪ ،‬جعتها كلها يمن مسط اللل ئ الوسو م‬ ‫يمن قَِبل اليما م مدمد بن إمساعيل البخاري‪" :‬الايم ع السند الصحيح الختصر يمن أيمور رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫وسننه وأيايمه" عشت يمعها أجل الوقات ‪ ،‬وكانت لا بركات الشاعر الت تغزو القل ب فتثي الديم ع ف العني والقشعرير ة‬ ‫ف اللد ‪ ،‬وقد عرضت ل كدما عرض الكثي غيها لكن كان ل بد يمن الختيار ه ‪-‬ويما أصع ب الختيار بني‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[4‬‬

‫اليماثله ‪ -‬فكانت على قيد السلف ف بعض تصانيفهم أربعون حديثاً ليمر يمعرو ف ويمشهور ‪ ،‬وإن شئت قلت‪:‬‬ ‫أربعون جوهر ة ‪ ،‬ث جئت إليها وبطيش رجل يمغرور حاولت أن أفك يمن كل ه ‪-‬جايمعةه ‪ -‬كلدمة واحد ة لقول للناس‬ ‫انظروا ‪ ،‬فلم يزد هذا )النسان( إل أنه ادعى ‪ ،‬ولكن يكفيه أن يعت ف أنه حاول أن يفك كلدمة يمن )جوايم ع الكلم( ‪،‬‬ ‫وأن يصف ذر ة يمن كل جوهر ة ‪ ،‬وأن يشي إل وجه واحد يمن هذ ه الدر ة الت ل ينتهي تقل ب وجوهها العظيدمة ‪ ،‬ث إن‬ ‫ف القل ب عذر‪ :‬هذا جهد القل ‪ ،‬والقلة يم ع ال ب ثقيلة ‪ ،‬ويم ع العذر رجاء أن أحشر يم ع أهل الديث علدماً ويم ع أهل‬ ‫التوحيد والهاد فعالً ‪ ،‬وإن ل أيملك يم ع هذا الطدم ع إل أن أح ب‪:‬‬ ‫)بربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم (‬ ‫وكتبه‬

‫أبو قتادة‬ ‫)سجن بلمابرش البريطاني مساء يوم النثنين السادس والعشرين من شهر ال المحرم لسنة‬ ‫‪ 1426‬لهجرة المصطفى صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الموافق ‪ /7‬آذابر‪ ،‬مابرس‪.( 2005/‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[5‬‬

‫الحديث الول‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬أمرت أن أقاتل‬ ‫الناس حتى يقولوا ل إله إل ال‪ ،‬فمن قال ل إله إل ال فقد عصم مني نفسه وماله إل بحقه‬ ‫وحسابه على ال (‪.‬‬ ‫هذا الديث أصل عظيم لذا الباب ه ‪-‬التوحيد والهاده ‪ -‬فإنه يبني غاية قتال الناس وِلَ ُتشرع السيو ف ‪ ،‬وهو‬ ‫كدما سيأت حجة ف أبواب يمن العلم اختلف الناس فيها قدياً وأحدث بعضها ف زيماننا هذا يمواطأ ه لذاه ب وأديان‬ ‫ي الشريف بتفصيلته وبيانه الشاف‬ ‫باطلة ‪ ،‬وما يطدمئن نفوس السلدمني التدمسكني بغرز الدا ة الولني أّن الديث النبو ّ‬ ‫يقط ع البدع الادثة ف كل زيمان ‪ ،‬وإن زيماننا ليعج بالبدع التصويرية الفكرية ذلك لن تربتها الزيمانية خصبة للتوليد ‪،‬‬ ‫أل وهي بيئة الزية الت تعيشها اليمة التناثر ة بل راٍع ول سياج وبيضة ‪ ،‬وانتشار الرويبضات وتصدرهم النابر التعليدمية‬ ‫والرشادية‪.‬‬ ‫قوله‪) :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل ال ( فيه‪:‬‬ ‫أن هذا القتال ليس قتال فطرياً ‪ ،‬فإن اليمور الفطرية ل يلؤيمر با ابتداء كدما هو يمقرر ف علم الصول ‪ ،‬لن‬ ‫النفوس تتع إليها ‪ ،‬كالكل والشرب والنو م ‪ ،‬ويما ورد يمن اليات والحاديث اليمر ة بذ ه اليمور وأيمثالا يمن أعدمال‬

‫السجية النسانية ل تكن ابتداء ف بعضها إنا لبيان إتيانا على وجهها الصحيح ‪ ،‬كقوله تعال‪) :‬يا أيها الناس كلوا‬

‫من طيبات ما برزقناكم ول تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ( ]البقر ة‪ [168 :‬وكقوله‪) :‬يا أيها الذين‬ ‫آمنوا كلوا من طيبات ما زبرقناكم واشكروا ل إن كنتم إياه تعبدون‪ ،‬إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم‬ ‫الخنرير وما أهل به لغير ال فمن اضطر غير باغ ول عاد فل إنثم عليه إن ال غفوبر برحيم ( ]البقر ة‪[172 :‬‬ ‫وكقوله‪) :‬كلوا واشربوا ول تسرفوا إنه ل يحب المسرفين ( فهذ ه الوايمر لبيان أحكا م شرعية تتعلق بالطعا م‬ ‫والشراب وليست أيمراً با ‪ ،‬إذ أن النسان ويمنه اللؤيمنون يعلدمونا بفطر ة وسجية خالصة ‪ ،‬وأيما النوع الثان كقوله‬

‫سبحانه‪) :‬ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهوبرها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها ( فإن فطر ة النسان‬

‫إتيان البيوت يمن أبوابا ‪ ،‬أي حضورها يمن غي تكلف أن يلف حولا ليدخلها يمن اللف ‪ ،‬ولا كان النصار ف حج‬ ‫الاهلية يتكلفون دخول الدينة يمن ظهرها وليس يمن وجهها فنبههم القرآن إل أن هذا ليس يمن التقو ى الت يبها ال‬ ‫تعال ‪ ،‬بل هي يمن التكلف الذيمو م ‪ ،‬وهذا بل ف رجوعه صلى ال عليه وسلم يمن يمصلى العيد يمن غي الطريق الذي‬ ‫ذه ب فيه إل الصلى ‪ ،‬ويمثل قوله صلى ال عليه وسلم ف رد ه على يمن أراد التعبد بتك الكل والشرب والنكاح ‪ ،‬فإن‬ ‫صدور هذ ه الوايمر يمنه ل تكن ابتداء إنا كانت رداً على يمن تكلف تركها تعبداً ل تعال ‪ ،‬أو كأيمر ه بالفطار ف‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[6‬‬

‫ريمضان عند يمواجهة العدو لنه أقو ى لم ‪ ،‬فهذا أيمر على غي الصل الذي يوجبه الوقت وهو الصيا م ‪ ،‬فالقصود أن‬ ‫اليمور الفطرية ل يلؤيمر با النسان إل لا تقد م وأشباهه كالتنبيه على أجرها وترك أضدادها يمن العاصي كبيانه صلى‬ ‫ال عليه وسلم أجر يمن أتى أهله وقال‪) :‬أرأيت إن وضعها ف الرا م أكان عليه وزر؟( ‪ ،‬ويمن اليمور الت يعرفها الناس‬ ‫بفطرهم لنا يمن سجية الثر ة والتدملك هي الدفاع عن أنفسهم وأيموالم وديارهم وأعراضهم ‪ ،‬وهي غريز ة ل ينفك‬ ‫النسان عنها إل برض أو دين باطل يدين به ‪ ،‬فدفاع الناس عن أيموالم وأعراضهم ويما يلكون يمن الفطر ة الت‬ ‫توجبها غريز ة الثر ة وح ب التدملك ‪ ،‬ويمن ذلك دف ع العتدي لرد إيذائه وظلدمه ‪ ،‬فهذ ه أيمور ل تأت با الشريعة إل على‬ ‫يما تقد م يمن الوجو ه وذلك كقوله صلى ال عليه وسلم )من مات دون ماله فهو شهيد ( كدما سيأت شرح هذا‬ ‫الديث إن شاء ال ‪ ،‬فدما أيمر اللؤيمنون يمن القتال ف كتاب ال تعال وف الديث ه ‪-‬وهي كثي ةه ‪ -‬إنا هي على غي‬ ‫العن الذي تعرفه النفوس بفطرتا وغريزتا ‪ ،‬بل يما تعرفه الدواب ف سلوكها وغريزتا ‪ ،‬وهذا العن ل تنشط له هذ ه‬

‫النفوس إل بتحريض إلي طلباً لألجر والثوبة ولذلك قال تعال عن هذا النوع يمن القتال‪) :‬كتب عليكم القتال‬

‫وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم وال يعلم وأنتم‬

‫لتعلمون ( ‪ ،‬وقد حذر النب صلى ال عليه وسلم يمن تركه وقال‪) :‬من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على‬

‫شعبة من نفاق ( فهذ ه ل يكن فهدمها إن أنصف الرء إل على قتال واحد وهو القتال الذي يشرع فيه النسان ول‬ ‫يكون رداً على قتال ‪ ،‬إذ كيف يدث الرء نفسه أن يغزو ف رد العدوان إل بتدمنيه أن يغزو ه العداء ‪ ،‬وهذا لعدمر‬ ‫الق فساد ل يقوله عاقل ‪ ،‬ولو تدبر الناس هذا لوجدو ه يمن أعظم الردود على يمن زعم أن القتال ل يكون إل لذ ه‬ ‫العان النسانية الايمعة الت توجبها غريز ة الثر ة النسانية إذ هذا النوع يمن القتال تتع له النفوس دون التحريض‬ ‫الشديد الوارد ف الكتاب والسنة ‪ ،‬وهذا يما هو يمشاهد ف حيا ة البشرية وتاريخ اليمم ‪ ،‬ولا كان القتال ف السل م‬ ‫ن آخر وهو نشر السل م ويمبادئه وتشريعاته فإن اليمر جاء به ابتداء ف الكتاب والسنة ويمنه قوله صلى ال‬ ‫على يمع ً‬

‫عليه وسلم‪) :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل ال‪ ( ...‬فقوله‪) :‬أمرت ( يدل على وجوبه وهو التفق‬

‫عليه عند أهل السل م الولني وهو أن الهاد واج ب على اليما م ويمن استنفر ه لذا النوع يمن القتال ‪ ،‬وهذ ه اللفظة‬ ‫)أمرت ( تدل على أن هذا النوع يمن القتال هو حق ل وحد ه ليس للعبد يمنه نصي ب ‪ ،‬ورّد العدوان نصي ب العبد فيه‬

‫أظهر يمن حق ال تعال ‪ ،‬ويمعلو م أن أيمر ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم هو أيمر لعدمو م اليمة إل بدليل يصه ‪،‬‬

‫وهذا أيمر يعم خلفاء الرسول صلى ال عليه وسلم ول شك‪ .‬وقوله‪) :‬أن أقاتل ( فيه بيان أن هذا قتال ابتدائي يشرع‬ ‫فيه أهل السل م ول يتاجون إل ظلم غيهم أو عدوانم ليفعلو ه ‪ ،‬وفيه‪ :‬أن لفظ )القتال( ليس هو )القتل( إذ أن‬ ‫)القتل( هو قصد شخص بعينه للقتل لسب ب مصوص كالقتل صباً أو غيلة كقتل الرتد أو الزان الصن أو السي‬

‫أو الارب ف قوله تعال‪) :‬إنما جزاء الذين يحابربون ال وبرسوله ويسعون في البرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا‬ ‫ ب بن الشر ف‬ ‫أو تقطع أيديهم وأبرجلهم من خل(ف ( ‪ ،‬وكدما قتل مدمُد بن يمسلدمة رضي ال عنه يم ع سرية كع َ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[7‬‬

‫اليهودي لا كان يمن سوء يمقالته وشعر ه ف أيمهات اللؤيمنني ‪ ،‬والديث هنا يتكلم عن )القتال( ‪ ،‬وهو الذي يبدأ‬ ‫بالدعو ة وإقايمة البلغ العا م على أيمة يمن اليمم ث يقصدهم بدم ع حت يزيل شوكتهم ويضعوا لكم السل م ‪ ،‬أو‬ ‫يقبلوا قبل ذلك دف ع الزية‪ .‬واللفظ )أقاتل ( يدل على البتداء ف الفعل ‪ ،‬وهو يلؤيد يما تقد م يمن الكل م ويشهد لذلك‬ ‫يما قال )حتى يقولوا ( فإن )حت( تدل على انتهاء الغاية كدما هو يمعلو م يمن حرو ف العان ‪ ،‬وقوله‪) :‬حتى يقولوا ل‬ ‫إله إل ال ( يدل على علة هذا القتال الواج ب ‪ ،‬وهو السل م ‪ ،‬والسل م يعر ف بالكلدمة أي بم)ل إله إل ال ( كدما‬ ‫يعر ف بالدللة والتبعية ‪ ،‬فالدللة كالصل ة وأكل ذبيحة السلم كدما ورد ف الديث ‪ ،‬والتبعية للوالدين وللدار ‪ ،‬وهذ ه‬ ‫قد تتعارض )أي الكلدمة والدللة والتبعية( وحينئذ يعدمل بالقو ى والقرائن ‪ ،‬وتبقى الكلدمة هي القو ى إل أن يأت‬ ‫ ب ال أو‬ ‫ناقض لا يدفعها ‪ ،‬كدمن قال ل إله إل ال وسجد لصنم أو أحل أيمراً مدم ع عليه ليس لثله جهُله ‪ ،‬أو س ّ‬ ‫الرسول ‪ ،‬فحينئذ ل تنف ع الكلدمة ‪ ،‬والسل م ليس هو الكلدمة ‪ ،‬لكن الكلدمة شرط السل م ‪ ،‬فإن الرء يسلم بالكلدمة‬

‫وشروطها الظاهر ة والباطنة ‪ ،‬كالنقياد ل ولرسوله ‪ ،‬لقوله تعال‪) :‬فل وبربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر‬ ‫بينهم ( وإقايمة الصل ة يمن شروط الكلدمة كدما هو الصحيح ‪ ،‬ويمن شروطها ترك النواقض وأبوابا كثي ة جداً أعلها‬

‫الشرك بال تعال كإثبات الثل والبن والنّد ‪،‬م والديث يدل على أعلى الدللت ف إثبات السل م وهو التيان‬ ‫بالكلدمة وقد يتعذر التحقق يمن إثباتا ف الطوائف فيصار إل حقوقها الت تدل عليها كالذان وهو دليل الصل ة‬ ‫كدما ورد ف الصحيح أن النب صلى ال عليه وسلم كان ينظر قبل غزو ة القر ى أذان الفجر فإن مسعه تركهم وإل‬ ‫ص لم ف حديث‬ ‫غزاهم ‪ ،‬وهذا الديث )أي حديث أب هرير ة رضي ال عنه( جاء مدملً ف بيان علة هذا القتال وقد فُ ّ‬

‫ابن عدمر رضي ال عنهدما ف الصحيحني قال‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى‬

‫يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمداً برسول ال ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإذا فعلوا ذلك عصموا مني‬

‫دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم على ال ( وقد آثرت حديث أب هرير ة رضي ال عنه لذا الباب لا‬ ‫فيه يمن بيان يمقصد الهاد والقتال وطريقة الدعو ة للتوحيد ‪ ،‬إذ أن يميل النب صلى ال عليه وسلم ونّوابه وخلفاُؤ ه كانوا‬ ‫يعرضون السل م والدخول فيه عن طريق الكلدمة ث يبينوا لم حق هذ ه الكلدمة ويمن حقها الصل ة والزكا ة ‪ ،‬والصحيح‬ ‫أن البان الربعة هي يمن أركانا ‪ ،‬ل يصح إسل م الرء بدونا ‪ ،‬ويمن تركها فقد نقض الكلدمة ‪ ،‬وهذا يمذه ب كبار‬ ‫الصحابة رضي ال عنهم ‪ ،‬وكلدمة التوحيد يمعناها إخلص عبودية الرء ل وحد ه ونفيها عدمن سوا ه ‪ ،‬إذ ل يستحق‬ ‫العباد ة أحد سوا ه ‪ ،‬والتأله هو التعبد ‪ ،‬ويمبن التعبد على القبول والنقياد أصلً ونفي الرج وجوباً والتسليم إحساناً‬

‫وهو يمعن يموجود ف قوله تعال‪) :‬فل وبربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم نثم ل يجدوا في أنفسهم‬ ‫حرجاً مما قضيت ويسلوا تسليماً ( فهذ ه يمرات ب العباد ة كدما قال أهل العلم ‪ ،‬ويمبعث العباد ة هو ال ب والو ف ‪،‬‬

‫وال ب ينشأ يمن أيمرين كدمال البوب ف ذاته وإحسانه إل غي ه وهذا يوج ب الدمد كدما قال النب صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪) :‬لك الحمد كما ينبغي لجلل وجهك وعظيم سلطانك ( وقوله‪) :‬أحبوا ال لما يغذبركم من نعمه (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[8‬‬

‫وال ب لكدمال البوب أعظم يمن ال ب للحسان ‪ ،‬فيكون الدمد لذلك أعظم يمن الدمد على النعدمة ‪ ،‬وإن كان‬ ‫كلها يمن يموجبات الدمد ل تعال ‪ ،‬وأيما الو ف فيكون ليمرين العظدمة وخو ف العقاب ‪ ،‬ويمعرفة العظيم توج ب‬ ‫الياء الان ع يمن السوء الذي يغض ب العظيم بل نظر إل العقاب ‪ ،‬كدما كان بعض السلف يقول‪) :‬ه ب أنه غفر ل‬ ‫فأين حيائي يمنه؟( ‪ ،‬والو ف يمن عقابه توج ب ترك النهي عنه بالنظر لعاقبة الغض ب وهو عقاب القادر العظيم‬ ‫العادل ‪ ،‬والو ف الول ه ‪-‬بسب ب الياءه ‪ -‬أعظم وأجل يمن الثان وإن كان كلها يمن اليان بال تعال ‪ ،‬والعباد‬ ‫يتفاوتون ف اليان تفاوتم ف هذ ه البواب ‪ ،‬وقد تنازع السلف أيهدما أعظم وأجل قدراً ف ألفاظ الذكر هل الدمد أ م‬ ‫كلدمة التوحيد ‪ ،‬يم ع قول الكثرين إن ل يكن اتفاقاً أن كلدمة التوحيد أعظم يمن التسبيح ‪ ،‬لن التسبيح نفي النقائص‬ ‫والدمد إثبات الكدمال ‪ ،‬والثبات أجل يمن النفي وأعظم قدراً ‪ ،‬وف الديث‪) :‬التسبيح نصف الميزان‪ ،‬والحمد‬ ‫تملؤه ( ‪ ،‬وف الذكار النبوية يكون التسبيح يمقروناً با يدل على الكدمال كقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬سبحان ال‬ ‫وبحمده‪ ،‬سبحان ال العظيم ( ‪ ،‬والذين فضلوا الدمد على كلدمة التوحيد لنم قالوا إن الدمد يتضدمن التوحيد ‪،‬‬

‫والصواب أن كلدمة التوحيد أفضل ف إثبات الصل وكلدمة الدمد أفضل ف إثبات الكدمال ‪ ،‬وال تعال أعلم‪.‬‬ ‫قوله‪) :‬فمن قال ل إله إل ال فقد عصم مني نفسه وماله إل بحقها وحسابه على ال ( دل على أن النفوس‬ ‫واليموال يمباحة ف الصل دون التوحيد ‪ ،‬وأن أيموالم ه ‪-‬أي العاندين الشركنيه ‪ -‬كدما هي أنفسهم غي يمعصويمة ‪،‬‬ ‫وليس أحد اليمرين يمرتبط بالخر )أي القتال وإباحة اليموال والنفس( ‪ ،‬فالقدور عليه ل يتخلف بسب ب الدمتن ع ‪،‬‬ ‫والفهو م هنا متن ع ‪ ،‬والفهو م هنا أن الباحة ل تكون إل بالقتال ‪ ،‬لن سببها هو ترك الكلدمة أو التيان بنواقضها ‪،‬‬ ‫فالقتال ليس سبباً لغي ه ‪ ،‬بل هو لسب ب وهو الكفر ‪ ،‬فتخلف القتال ل يسقط إباحة النفس واليموال يم ع بقاء‬ ‫السب ب الوج ب للقتال وهو الكفر ‪ ،‬فدمن علق حكم الباحة على علة القتال للدمفهو م فقد قال أيمراً عجباً غريبًا‪.‬‬ ‫والديث يبني الصل وهو قتال الشركني عدمويماً بل تفريق يم ع وجود يموان ع أخر ى للقتل كالذيمة والعهد ‪ ،‬وقد‬

‫جاءت بذلك الشريعة ‪ ،‬فالذي يم ع كفر ه وكذا العاهد ل يقتل ‪ ،‬كدما أن قوله‪) :‬بحقه ( أي أن الكلدمة ل تعصم يمن‬ ‫القتل على الدوا م إنا تعصدمه ف البتداء ‪ ،‬والاء ف حقه تعود على ال سبحانه ‪ ،‬فإن ل حقوقاً أخر ى على العباد غي‬ ‫الكلدمة بعضها يوج ب القتل أو ييز ه يمفصلة ف الشريعة لطول ذكرها ‪ ،‬وف أحاديث أخر ى قوله‪) :‬بحقها ( أي‬

‫الكلدمة ‪ ،‬وقد تقد م حديث ابن عدمر رضي ال عنهدما وفيه‪) :‬بحق السلم ( وكلها على يمعن واحد ‪ ،‬ول اختل ف‪.‬‬ ‫قوله‪) :‬وحسابه على ال ( إيكال أيمر الباطن إل ال تعال ‪ ،‬لن الشريعة وأحكايمها ف الدنيا على الظاهر بل‬ ‫خل ف ‪ ،‬فل ينق ب على قلوب الناس وأستارهم يمال تبُد يمنهم القرائن ‪ ،‬فإن جاء الظاهر الصريح فهو القد م على غي ه‬ ‫يمن الدعاو ى ‪ ،‬كالزنديق وغي ه ف دعوا ه السل م يم ع ظاهر ه الخالف لذلك ‪ ،‬ول يقو م يمقا م الظاهر العتب شيء ‪،‬‬ ‫ويمسألة إذا تعارض الظاهر يم ع الصل ل اختل ف فيها إذا كان الظاهر بني صريح خل يمن العارض الوافق لألصل‪.‬‬ ‫وقوله‪) :‬وحسابهم على ال ( يدل على أن القضاء بالظاهر ل يغي حكم الباطن على الصحيح ف أقوال أهل العلم ‪،‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[9‬‬

‫فإن قضاء القاضي ل يثبت القو ق ديانة ‪ ،‬وهذا بّني ف قوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬فمن قضيت له من غير حقه‬

‫فإنما أقطع له قطعة من النابر ( وأدلة اخر ى‪ .‬وهذا الديث ورد ف ألفاظ يمتعدد ة كدما تقد م يمن حديث ابن عدمر‬ ‫رضي ال عنهدما ‪ ،‬وورد عن أنس رضي ال عنه ف البخاري‪) :‬أمرت أن أقاتل الناس‪ :‬يعني المشركين‪ ،‬حتى‬

‫يشهدوا أن ل إله إل ال وأن محمداً عبده وبرسوله‪ ،‬فإذا شهدوا أن ل إله إل ال وأن محمداً برسول ال وصلوا‬ ‫صلتنا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إل بحقها ( ‪ ،‬وعند يمسلم يمن حديث‬

‫أب هرير ة رضي ال عنه هذا قوله‪) :‬حتى يشهدوا أن ل إله إل ال ويؤمنوا بي وبما جئت به (‪.‬‬ ‫من فوائد هذا الحديث‪:‬‬ ‫‪ .1‬وجوب جهاد الدعو ة وقتال الخالفني للتوحيد ‪ ،‬ونبو ة مدمد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وشرائ ع السل م على اليما م‬ ‫ويمن استنفر ه ‪ ،‬وف الديث حجة لن قال يمن أهل العلم كالشافعي أن علة القتال هي الكفر ل الرابة كدما قال‬ ‫آخرون ‪ ،‬والارب بإجاع العلدماء هو كل كافر ل يكن له ذيمة أو عهد أو أيمان ‪ ،‬والل ف ف هذ ه السألة يسي‬ ‫ل يتت ب عليه كبي خل ف كدما توّه مم بعض الهلة العاصرين كدمن فسروا الرابة بالقتال والعدوان ‪ ،‬فليست‬ ‫الرابة هي العدوان بل خل ف ‪ ،‬إنا الارب هو يمن تقد م تعريفه ‪ ،‬ولا ظن هلؤلء الهال أن يما قاله الدمهور يمن‬ ‫علة القتال هو الرابة ظنوا أن هذا ينصر قولم الادث البدعي بأن القتال ف السل م لرد العدوان بل هو هو ‪،‬‬ ‫وليس لا قالو ه علة إل الهل بلغة العلدماء والفقهاء ‪ ،‬فإجاع الولني يمن السلف والفقهاء الربعة وغيهم أن‬ ‫الهاد واج ب على اليما م للدعو ة إل السل م لذا الديث ولغي ه ولقوله تعال‪) :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون بال‬

‫ول باليوم الخر ول يحّرمون ما حرم ال وبرسوله ول يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا‬ ‫الجزية عن يٍد وهم صاغرون ( ولقوله تعال‪) :‬فإذا انسلخ الشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم‬ ‫وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إّن ال‬ ‫غفوبر برحيم ( فإن قال قائل فبَم تفت ق أقوال أهل العلم على هذا العن فيجاب‪ :‬با يتت ب عليها يمن يمسائل‬

‫فيدمن يوز للدمسلدمني قتله يمن غي القاتلة إن وضعت الرب أوزارها ودخل السلدمون الديار عنو ة ‪ ،‬فهل ُيقتل‬ ‫ل؟ فقال الشافعي‪ :‬يقتل ول يصحح‬ ‫العسيف )أي الجي( أي العايمل ف الرض يمن الكافرين يمن الكفار يمث ً‬ ‫النهي عن قتله ‪ ،‬وقال الخرون بأنه ليقتل لنه صار يمقدوراً عليه ‪ ،‬واختلفوا ف الرهبان خارج الطوائف الكافر ة‬ ‫وديارهم فقال الشافعي ويمن يمعه‪ُ :‬يقتلون لعلة الكفر ‪ ،‬وقال غي ه‪ :‬ل يقتلون لعد م تقق العلة وهي الرابة ‪ ،‬وأيما‬ ‫الديار والطوائف الت ل يعاهدها اليما م لصلحة ول تسلم أو تدف ع الزية فإنا تقاتل بل خل ف حت تصي ديار‬ ‫إسل م ‪ ،‬فالشافعي ويمن يمعه أجاز قتل كل كافر ل يأت الدليل على عد م قتله كالرأ ة والصب ‪ ،‬والخرون قالوا‬ ‫الصل عد م القتل قصداً ‪ ،‬واتفقوا على أن يما أصابه السلدمون يمن الكافرين هلؤلء بغي قصد ل حرج فيه ‪ ،‬واحتج‬ ‫الدمهور بقوله صلى ال عليه وسلم ف نيه عن قتل النساء‪) :‬ما كانت هذه ِلتـَُق اـتل ( ‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[10‬‬

‫‪ .2‬ل يشكل على هذا الديث قوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬ل تتمنوا لقاء العدو وإذا لقيتموهم فاصبروا ( لن‬ ‫هذا الديث على يمعنيني‪ :‬أولها‪ :‬تن القتال ‪ ،‬وهذا يستلز م وجوباً قدرياً وهو تن سببه وذلك لا يتدمن بعض‬ ‫الاهدين الغنيدمة ‪ ،‬أو لرغبة بعضهم بالقتال ‪ ،‬وقد نّبه رسول ال صلى ال عليه وسلم على هذا العن ف حديث‬ ‫فتح خيب فعن سهل بن سعد الساعدي رضي ال عنه قال‪ :‬مسعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول يو م‬

‫خيب‪) :‬لعطيّن الراية غداً برجلً يفتح ال على يديه فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى‪ ،‬فغدوا وكلهم يرجو أن‬ ‫ُيعطى‪ .‬فقال‪ :‬أين علي؟ فقيل‪ :‬يشتكي عينيه‪ ،‬فأخر فدعا له فبصق في عينيه فبرأ مكانه حتى كأنه لم يكن‬

‫به شيء‪ .‬فقال‪ :‬نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال‪ :‬على برسلك حتى تنـزل بساحتهم نثم ادعهم إلى‬

‫السلم‪ ،‬وأخبرهم بما يجب عليهم‪ ،‬فوال لن ُيهدى بك برجل واحٌد خير لك من حمر النعم ( ‪ ،‬فهذا يمن‬ ‫هذا ‪ ،‬وهو يبني سب ب النهي عن القتال ‪ ،‬لن تن القتال يعن تن عد م إسليمهم وإسليمهم خي وأعظم يمن‬ ‫غنائَم ينونا‪ .‬وثانيهدما‪ :‬أن هذا الديث )النهي عن تن لقاء العدو( إنا قيل ف غزو ة الحزاب كدما ف بعض‬ ‫رواياته ‪ ،‬ويما فعله رسول ال صلى ال عليه وسلم فيها يمن أعدمال كلها تدل على كراهية )و هو إيما م السلدمني(‬ ‫لقاء قريش ويمن يمعها يمن غطفان وثقيف والعراب ‪ ،‬فكْو نمه صلى ال عليه وسلم ل يرج إليهم بل تصن ف‬ ‫الدينة وحفر حولا الند ق ‪ ،‬ول ينمزل إليهم أبداً خلل يمد ة الصار بل كان عدمله يمنمَْعهم يمن الدينة ‪ ،‬كل ذلك‬ ‫يدل على أن باب النهي إنا هو إرشاد إيما م ف اختيار خي الفعلني ف رد عدوان الحزاب ‪ ،‬وهو يمن باب‬ ‫الشور ى كدما وق ع ف أُح دم ‪ ،‬أيرج إليهم أ م يتحصن ف الدينة؟ فاختار قول يمن قال الروج ‪ ،‬وف الحزاب اختار‬ ‫عد م الروج وقال‪) :‬ل تتمنوا لقاء العدو ( وذلك لن هذا هو خي اليمرين للدمسلدمني ف هذ ه الغزو ة‪ .‬واليمر‬

‫وال أعلم ل يرج عن هذين القولني ‪ ،‬وقيلت أقوال أخر ى أراها ضعيفة‪ .‬والقول الول عندي أقو ى وأيمت ‪،‬‬ ‫والسب ب أن الصحابة وهم أعلم بعن الديث كانوا يتجون بالديث بعدمو م لفظه ‪ ،‬ناهني عن تن القتال يم ع‬ ‫يمسيتم إليه ‪ ،‬وذلك إقتداًء برسول ال صلى ال عليه وسلم ففي صحيح يمسلم أن الصحاب عبد ال بن أب‬ ‫أوف كت ب إل عدمر بن عبيد ال حني سار إل الرورية يب ه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان ف بعض‬ ‫أيايمه الت لقي فيها العدو ينتظر حت إذا يمالت الشدمس قا م فيهم فقال‪) :‬يا أيها الناس لتتمنوا لقاء العدو‬ ‫واسألوا ال العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا‪ ،‬واعلموا أن الجنة تحت ظلل السيو(ف ( وفيه بلفظ آخر‪) :‬دعا‬ ‫على الحزاب (‪ .‬وال أعلم‪.‬‬ ‫‪ .3‬الديث غيظ لعداء ال يمن أهل العصر البغضني لشرائ ع السل م ‪ ،‬فإن أعظم نكيهم اليو م على الاهدين‬ ‫والداعني لحكا م الشريعة هو قولم إن هلؤلء يكدمون على الناس با هو حق ل تعال ‪ ،‬وأطلق بعضهم وصفنا‬ ‫بأننا ه ‪-‬سكرتاريا القيايمةه ‪ -‬أي يقويمون ف الرض با هو حق ل يو م القيايمة ‪ ،‬وهذا يمن تا م غيظهم ‪ ،‬والديث‬ ‫حجة للؤلء الاهدين والدعا ة وذلك أنم يفعلون ف الشركني الرافضني ليمر ال تعال يما هو يمقديمة لا سيفعل‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[11‬‬

‫ال بم يو م القيايمة ‪ ،‬فهم سيعذبونم بقتلهم وأخذ أيموالم ليمر ال لم بذلك ‪ ،‬والذي فوضهم لذا الفعل هو ال‬ ‫كدما قال تعال‪) :‬قاتلوهم يعذبهم ال بأيديكم ( ‪ ،‬وكدما ورد ف صحيح يمسلم )وقاتل بمن اتبعك من عصاك ( ‪،‬‬ ‫وأيما قول الشركني العرضني بأن قضية اليان والتوحيد والنقياد للشرائ ع هي بني النسان وربه ول يق للعباد‬ ‫ماسبتهم عليها فهذا دينهم الذي به يدينون ‪ ،‬وأيما يما يدين به السلم النقاد لكم ال أن قضية التوحيد واليان‬ ‫والنقياد للشرائ ع هي حق ل أيمر ال عباد ه بإقايمتها ف أنفسهم وإقايمتها ف الناس بالدعو ة والوعظة السنة فإن‬ ‫أصروا على الباء والستكبار قوتلوا عليها ث عذبوا حت ينقادوا ‪ ،‬ول يضرهم قول هلؤلء اللعني أن هذا مالف‬ ‫لقو ق النسان وقواعد العصر فإن دين ال ل يقد م عليه يمثل هذ ه الزبالت والعج ب يمن بعض الفتونني يمن‬ ‫دعا ة السل م ه ‪-‬زعدمواه ‪ -‬يقيدمون هذ ه الحكا م والقوال ف الفصل بني الصويمات الاصلة بني اللحدين يمن‬ ‫العلدمانيني وبني السلدمني‪.‬‬ ‫فإن قيل للمجاهد من َخ ّوـلـك وفـَّو ضـك لقتلي وأخذ مالي بسبب ما بيني وبين ال قيل له‪ :‬إن ال أيمرن‬

‫بذلك ولو ل أفعل لكنت يمثلك ف العصيان ‪ ،‬ول أَر غيظاً ف قلوب هلؤلء على الاهدين والدعا ة بثل هذ ه‬ ‫النكتة ‪ ،‬إذ هو يمن قبيل السد البليسي أن الدعا ة والاهدين يِكلون يمستند أفعالم ل والسل م وليس لم هّم‬ ‫إل زبالت يعرفون صغارها وحقارتا‪.‬‬

‫‪ .4‬ف الديث بيان هوان اللق على ال ف الدنيا كدما هو هوانم عليه ف الخر ة إن ل يسلدموا له ‪ ،‬فإن ال سبحانه‬ ‫خلق اللق ليعبدو ه ويطيعوا رسله وينقادوا ليمر ه ‪ ،‬فإن ل يصل هذا القصد ل يكن لوجودهم أهية ترعى أو‬ ‫تصان ‪ ،‬بل هم هباء ل قيدمة له ‪ ،‬فدما أهون اللق على ال سبحانه يمن غي إسل م له ‪ ،‬إذ ل قيدمة لم ول لبدانم‬ ‫ول ليموالم ول للكهم ول لسلطانم ‪ ،‬بل إن ال سبحانه وتعال يسلط عليهم أهل اليان ليذيقوهم عذاب‬ ‫الدنيا قبل أن يصيوا إل عذاب ال ف الخر ة ‪ ،‬وأيما دعاو ى أهل العصر أن القو ق واحد ة بني عباد ال‬ ‫والشركني فهي يمن دعاو ى إبليس وال يقول‪) :‬أفنجعل المسلمين كالمجرمين‪ ،‬مالكم كيف تحكمون ( فدما‬ ‫يقال إن النفس النسانية متيمة بذاتا دون النظر لدينها إن هو إل هراء كل م يبؤ يمنه دين ال تعال ويبأ يمنه‬ ‫اللؤيمنون ‪ ،‬فإن قال قائل يمعتضاً على شرع ال بقدر ه‪ :‬فلَم خلق ال الكفر ة إذًا؟ فيقال‪ :‬إن ال خلق النسان‬

‫ليبتليه ف باب التوحيد واليان ‪ ،‬ويما ُخ لمقت الدنيا إل يمن أجل هذا كدما قال تعال‪) :‬و إذ قال بربك للملئكة‬

‫إني جاعل في البرض خليفة‪ ،‬قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك‬

‫ونقدس لك قال إني أعلم ما ل تعلمون ( ولقوله تعال‪) :‬إنا خلقنا النسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه‬ ‫سميعاً بصيرًا‪ ،‬إنا هديناه السبيل إما شاكراً إما كفوبرًا ( وإن يمن إبتلء ال للدملؤيمنني هو يمعادا ة الناس على هذا‬

‫ ب ال تعال وال ب ف ال ‪ ،‬وهذا ليق ع إل ببغض أعدائه ويمقاتلتهم وإن يمن عذاب ال‬ ‫الباب ليتم لم تا م ح ّ‬ ‫لعصاته أن يسلط عليهم اللؤيمنني فيزهقون أنفسهم ويغندمون أيموالم ‪ ،‬وكدما تقد م إن غزو الثأر للنتقا م والقصاص ‪،‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[12‬‬

‫ِ‬ ‫وقد ينشأ ف أنفسهم الل لذلك لكن ليس كالل الذي يصيبهم يمن غزو أقوا م سيطوقون ديارهم فإن سئلوا لَ‬ ‫جئتم قالوا‪) :‬إن ال ابتعثنا لنخرج الناس يمن عباد ة العباد إل عباد ة ال وحد ه ويمن جور الديان إل عدل‬ ‫السل م ويمن ضيق الدنيا إل سعة الدنيا والخر ة( فإن الغيظ الواق ع على قلوبم يمن هذ ه القالة يفو ق الوصف ‪،‬‬ ‫وهذا يمن تا م عذاب ال تعال ف هذ ه الدنيا للكافرين وهو يمن هوانم على ال سبحانه وتعال‪.‬‬ ‫إن السل م الذي حر م قتل اليوان إل لنفعة الكل أو لدف ع ضرر ه هو الذي أهان الكافر وأيمر بقتله لرفضه‬ ‫التوحيد فكان شأنه أقل يمن الدابة كدما قال تعال‪) :‬إن هم إل كالنعام بل هم أضّل ( فسبحانه يما أحكدمه‬

‫وأعدله ف خلقه‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[13‬‬

‫الحديث الثاني‬ ‫عن معاذ بن جبل برضي ال عنه قال‪ :‬قال لي برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬يا معاذ وهل‬ ‫تدبري حق ال على عباده؟ وما حق العباد على ال؟ قلت‪ :‬ال وبرسوله أعلم‪ .‬قال‪ :‬فإن حق‬ ‫ال على العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئًا‪ ،‬وحق العباد على ال أل يعذب من ل يشرك به‬ ‫شيئاً (‪.‬‬ ‫س قيدمته ‪ ،‬فدمن وعاها فقد أفلح وأنح‬ ‫هذا الديث يوي فقهاً عظيدماً للقلوب الواعية ‪ ،‬فإنه يبني علة الوجود وأ ّ‬ ‫وإل فهو يمن حطيم جهنم ه ‪-‬أعاذنا ال تعال برحته يمنهاه ‪ -‬ويبني بإشارته يما للدمشرك يمن حق إن عدمل صالاً ليعلم‬ ‫أهل اليان قيدمة هلؤلء الذين يوتون على عدمل صال يمن غي إسل م كالذين يقاتلون يمن أجل أرض وغيها وهم‬ ‫ي ‪:‬م‬ ‫على عدمٍل شركّي وكفر ّ‬

‫يكفي هذا الديث بيان القابلة بني يما هو حق على النسان أن يلؤديه بْنطوقه ‪ ،‬والعقوبة الت يستحقها إن فّرط‬ ‫ف أدائه بفهويمه ‪ ،‬فإن الق الواج ب عليه أداُء ه هو عباد ة ال تعال وحد ه وترك الشرك به ‪ ،‬إذ العباد ة حق خالص له‬ ‫دون يما سوا ه والتوحيد شرط لقبولا وهو أجّل العبادات وأعلها ‪ ،‬فالعبد ل يأت بعدمل أعظم يمن التوحيد ويشهد‬

‫لذلك حديث البطاقة والذي ف آخر ه‪) :‬فتوضع السجلت في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلت ونثقلت‬ ‫البطاقة‪ ،‬ول يثقل مع اسم ال شيء ( ]قال التيمذي‪ :‬حسن غري ب[‪ .‬فدمن أتى بالتوحيد فقد حقق العباد ة وحقه‬

‫على ال أل يعذبه ‪ ،‬ويمن ترك التوحيد فقد ضي ع أعظم القو ق وأجلها فاستحق العذاب ‪ ،‬فليس للعبد يمن حق على‬ ‫ال سو ى هذا ‪ ،‬أيما يما يصل يمن فضل إياب على ترك العذاب بتحقيق التوحيد فهو يمن باب الفضل اللي ل يمن‬

‫باب القابلة ويشهد لذلك قوله صلى ال عليه وسلم )ل يدخل أحدكم الجنة بعمله ( فإن دخول النة ليس يمقابلة‬ ‫للعدمل الصال توج ب الداء وأيما قوله سبحانه وتعال‪) :‬ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ( وقوله‪) :‬وتلك الجنة التي‬

‫أوبرنثتموها بما كنتم تعملون ( وقوله‪) :‬إن الذين قالوا برّبنا ال نثم استقاموا فل خو(ف عليهم ول هم يحزنون‪،‬‬ ‫أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاًء بما كانوا يعملون ( وقوله‪) :‬كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون ( ويما‬ ‫ف يمعن هذ ه اليات الت تبني أن دخول النة يمعلق بالعدمل فإن هذا يمن باب ذكر السب ب ‪ ،‬إذ ل يق ع شيء ف هذ ه‬ ‫الدنيا ول ف الخر ة إل بسب ب ‪ ،‬ودخول النة ل يكون إل بسب ب ‪ ،‬والسب ب هو عباد ة ال تعال وحد ه ‪ ،‬والنة مريمة‬ ‫على الشركني ‪ ،‬والديث ل حجة لحد فيه يمن البتدعني الذين يوزون على ال تعذي ب الطي ع ويمكافأ ة العاصي إذ‬ ‫أن عدل ال وقدوسيته يأبيان هذا القول الشني ع الذي يّل عنه حكدماء البشر وفضلؤهم‪ .‬فإن قيل يما يمعن قوله‬

‫صلى ال عليه وسلم‪) :‬لو أن ال جل نثناؤه عذب أهل سماواته وأهل أبرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم ولو‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[14‬‬

‫برحمهم كانت برحمته خيراً لهم من أعمالهم ( فهذا مدمول على تقصي العباد ل ف الشكر ‪ ،‬فإن نعم ال تعال‬

‫توج ب الشكر ‪ ،‬ويمهدما شكر العبد فشكر ه قاصر عن أداء الواج ب يمقابلة ‪ ،‬فالطالبة يمتعينة ف الذيمة وإن كانت لرحة‬ ‫ال ل تصل ‪ ،‬ولو حصلت لستحق العبد الزاء والعذاب للتقصي والتفريط فلذلك قال صلى ال عليه وسلم‪) :‬لو‬

‫عذبهم عذبهم وهو غير ظالم لهم (‪.‬‬ ‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬أن يعبدوه وليشركوا به شيئاً ( فيه بيان شرط التوحيد قبل العدمل وأثنائه ‪ ،‬فإنه ل‬

‫يقبل ال يمن عدمل عدملً إل إن كان يموحداً ‪ ،‬ول يقبل يمنه إل أن أراد ه بذا العدمل وحد ه دون سوا ه ‪ ،‬فالتوحيد أساس‬ ‫ص دم ال بذا العدمل شرط لطل ب جزائه يمنه ‪ ،‬ولو سأل سائل‪ :‬فدما هو جزاء الشرك على أعدماله‬ ‫ول بناء بل أساس ‪ ،‬وق ْ‬ ‫الصالة؟ فالواب‪ :‬إن الكافر قد يقصد وجه ال بعدمله يم ع شركه وكفر ه كدما قال تعال‪) :‬حتى إذا كنتم في الفلك‬

‫وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها بريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم‬ ‫دعوا ال مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين ( وغيها يمن اليات الت تبني إخلص‬ ‫الكافر ف دعاء ه عند حاجته وإضطرار ه ‪ ،‬وهذا يبني أن الشرك قد يعدمل عدملً صالا بشرطيه ه ‪-‬التوحيد والخلصه ‪-‬‬ ‫يم ع شركه ف أبواب أخر ى ‪ ،‬وقد يقصد الكافر بعدمله الصال غي وجه ال كدمن تصد ق وأراد الشهر ة والصيت السن‬ ‫فحينئذ يكون اليمر كالتال‪:‬‬ ‫أيما الشرك الذي قصد بعدمله وجه ال كدمشرك صلى ل وحد ه وحج ل وحد ه وتصد ق ل وحد ه فهذا له حق‬ ‫على ال أن يفف عنه يمن العذاب بقدار عدمله ‪ ،‬عدملً بذا الديث ‪ ،‬وعدملً بعدمو م اليات والحاديث الت تبني أن‬ ‫ال ل يضي ع عدمل عايمل ‪ ،‬وهذا يمقتضى عدل ال تعال وحكدمته ورحته ‪ ،‬وأيما تصيل السنات والت هي سب ب النة‬ ‫فهو غي يمستحق لا لنا فضل إلي ل يستحقها إل الوحدون لا بينته اليات والحاديث الكثي ة‪.‬‬ ‫وأيما إن قصد غي وجه ال فله يما طل ب لقوله تعال‪) :‬من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن‬ ‫نريد ( ولقوله‪) :‬و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الخرة من نصيب ( وقوله‪) :‬من كان يريد الحياة‬ ‫الدنيا وزينتها نو(ف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها ل يبخسون ( ولديث النب صلى ال عليه وسلم ف يمسند أحد‬ ‫وصحيح يمسلم قوله‪) :‬وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها ل في الدنيا‪ ،‬حتى إذا أفضى إلى الخرة لم‬ ‫يكن له حسنة يجزي بها ( وهو كذلك الوافق للعدل اللي الطلق ‪ ،‬فإن العدل ل ير م أبداً ‪ ،‬إذ به تقو م السدماء‬ ‫والرض‪ .‬وأيما قوله تعال‪) :‬و الذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماًء حتى إذا جاءه لم يجده‬ ‫شيئاً ووجد ال عنده فوّفاه حسابه ( فهو لفعل الكافر عدمويماً حسنه وسيئه ‪ ،‬صاله وفاسد ه ‪ ،‬وإن ُِ‬ ‫ح لم على العدمل‬

‫الصال تصيصاً فل تعارض لن عدمل الكافر ل ينجيه يمن النار بالكلّية وإن كان يفف عنه يمن عذابا به ‪ ،‬وبالتال‬ ‫ي العطشان ف الصحراء وجد بعض قطرات الاء فلم تغنه ف دف ع البلء عنه‪.‬‬ ‫ليس فيه كفاية ‪ ،‬وحاله كحال الصد ّ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[15‬‬

‫ويمفهو م الديث أن العبد يستحق العذاب بالشرك لتكه حق ال تعال وإتيانه بضد ه ‪ ،‬وهذا يمفهو م نطقت به‬ ‫نصوص شرعية كثي ة ‪ ،‬فإنه ل يمقصد للق النسان إل هذا ‪ ،‬وغي ه تب ع له ‪ ،‬فإن تعدمي الرض وسعَي النساِن فيها‬ ‫وقياَيم هم بشأن نفسه والخرين إنا تكون أهيته حني يأت به الرء على وجه التعبد ل لنه الوافق لقصد خلقه ووجود ه ‪،‬‬ ‫أيما إن جاء بذ ه العدمال على وجه التدمت ع ورغد العيش والرفاهية فإن له يما تول ول أجر له ‪ ،‬ولذا ل يستحق الدح‬ ‫الدين ول نسبَة الصلح له ‪ ،‬وبذا يظهر ضلُل الكثيين اليو م من يريدون إياب الدح اللي لقو م يكفرون به‬ ‫ويسبونه وينسبون له الشريك والولد ‪ ،‬أو يأبون الضوع ليمر ه وشرعه ‪ ،‬ويما دعاهم لذا إل سوُء طِوّيتهم وفراُغها يمن‬ ‫عظدمة ال وهيبته ولو كان ل تعال تعزيز ف قلوبم لا جرُؤوا على هذ ه القالت الشنيعة ‪ ،‬وإذا كان العبد ل يستحق‬ ‫الثناء ول رفعة الدرجات ول تصيل السنات بعدمله الصال يم ع توحيد ه إذ ليس له يمن حق على ال إل أن ل يعذبه‬ ‫فكيف يوج ب هلؤلء التهوكون على ال أن يعطي هلؤلء الشركني فضله وكرايمته وهم يسبونه ويشركون به؟! اللهم إّنا‬ ‫نعوذ بك يمن العدمي والضللة‪.‬‬ ‫حني وق ع هذا الديث يموقعه يمن قلوب العالني والخبتني له فإنم نسبوا كل يما يق ع لم يمن فضل ف الدنيا إل‬ ‫ال تعال فهم أهل الدمد لربم ‪ ،‬كدما سيكونون كذلك ف جنة النعيم ‪ ،‬إذ حد ال تعال ف الول والخر ة ‪ ،‬وحد ه‬ ‫حني يرون صد ق وعِد هم ووعيِد هم لنم ل يرون لم حق واج ب على يمولهم النعم الرحيم ‪ ،‬وكلدما زادت النعم كلدما‬ ‫غدمط العابدون أنفسهم وايمتألت قلوُب م محداً لربم حت يصي بم اليمر إل الشر يو م القيايمة تت لواء الدمد الذي‬ ‫مسا ه ال أحَد ومدمدًا‪.‬‬ ‫يتص به أعظم اللق على ال تعال وهو الذي ّ‬ ‫وأساس الكفر نسبة النعم لغي ال تعال كدما قال ال عن الشركني‪) :‬ولئن أذقناه برحمة منا من بعد ضراء‬

‫مسته ليقولن هذا لي ( ويمعن قولم‪ :‬أي أن يمستحق لذ ه النعم ‪ ،‬كدما قال قارون‪) :‬إنما أوتيته على علم عندي (‬ ‫أي أتتن هذ ه النعم لا عندي يمن أسبابا الت تستحقها ‪ ،‬وأساس التوحيد هو رؤية النعم القيقي لكل يما يق ع على‬ ‫النسان يمن خي وفضل ‪ ،‬ولذلك جاءت اليات والحاديث تبني النعم اللية ‪ ،‬يمذكر ة با لينس ب الحسان لهله ‪،‬‬ ‫والقرآن أغلبه على هذا الباب ف بيان حق التوحيد على العبيد كقوله‪) :‬أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن‬ ‫الخالقون‪ ...‬أفرأيتم ماتحرنثون أأنتم تزبرعونه أم نحن الزابرعون‪ ...‬أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من‬ ‫المزن أم نحن المنـزلون‪ ...‬أفرأيتم النابر التي توبرون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشؤون ( وكقوله‪) :‬ولئن‬ ‫سألتهم من خلق السماوات والبرض ليقولن خلقهن العزيز العليم الذي جعل لكم البرض مهداً وسلك لكم‬

‫فيها سبلً لعلكم تهتدون‪ ،‬والذي أنزل من السماء ماًء بقدبر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون‪ ،‬والذي خلق‬ ‫الزاج كلها وجعل لكم من الفلك والنعام ما تركبون لتستووا على ظهوبره نثم تذكروا نعمة بربكم إذا استويتم‬

‫عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى بربنا لمنقلبون (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[16‬‬

‫ ب لزيادتا والبكة فيها كدما قال تعال‪) :‬ولئن شكرتم لزيدّنكم ( بل إن‬ ‫وتذّك رم النعم و ْ‬ ‫حد ال تعال عليها سب ٌ‬ ‫أعظم يما َيسأل به النسان العابد ربه هو أن يدمد ه ويشكر ه كدما قال أيمية بن أب الصلت ف يمدح عبد ال بن‬ ‫جدعان‪:‬‬ ‫أأذكر حاجتي أم قد كفاني‬ ‫إذا أنثنى عليك المرء يوماً‬

‫حياؤك إّن شيمتك الحياء‬

‫كفاه من تعرضه الثناء‬

‫فبالشكر تدو م النعم وتزيد ‪ ،‬وّإن أعظم شِكرك ل أن تبذَل له يما أنعم به عليك يمن نف ٍ‬ ‫س ويماٍل وولٍد‪.‬م‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[17‬‬

‫الحديث الثالث‬ ‫ي الناس أفضل؟ فقال برسول ال‬ ‫قال أبو سعيد الخدبري برضي ال عنه‪ :‬قيل يا برسول ال أ ّ‬

‫صلى ال عليه وسلم‪) :‬مؤمن يجاهد في سبيل ال بنفسه وماله‪ .‬قالوا‪ :‬نثم من؟ قال‪ :‬مؤمن‬ ‫في ِش عــب من الشعاب يتقي ال ويدع الناس من شره (‪.‬‬

‫صد ق صيارفة الديث حني قالوا‪ :‬إن للحديث الصحيح نوراً يعر ف به وإنه للكذب ظلدمة يعر ف با ‪ ،‬ويمن نظر‬ ‫ف هذا الديث بعني التقو ى ويمقصد خلقه علم أنه ل يرج إل يمن فم نب ‪ ،‬فإنه حّد للعابدين حّد يم الي لبتغيه ‪،‬‬ ‫ويمن ينظر إل اجتهادات الناس اليو م ويمن سبق َعِلم أن الكثي ما يقولونه خارج عن حد الي والعدل ‪ ،‬فالديث‬ ‫يهدي إل فعل الطاعة لن قدر عليها فإن تعّذ رممت فالي ف اعتزال الفعل ‪ ،‬هذا إن أراد خي دينه ‪ ،‬وأيما قول يمن قال‬ ‫ه ‪-‬وهم اليو م كثيه ‪ -‬إن الشر هو خيارنا الوحيد فهم كاذبون على قدر ال وشرعه يمعاً فإن الشر ل يكون أبداً هو‬ ‫خيار اللؤيمن ف حياته ‪ ،‬إذ أن الي هو الغل ب والكثر ف خلق ال وقدر ه ‪ ،‬وال ل يأيمر بالشر ول يرضى به ول يبه ‪،‬‬ ‫لكن إن صارت يمطال ب النسان يمتعلقة بالو ى والشهو ة ‪ ،‬ل بالكفاية والضرور ة والاجية حينئذ يتصور أنه لبّد له يمن‬ ‫الشر والعصية فيفت له هوا ه وشيطانه يمن الن والنس أن ضرور ة اليا ة تيز له العصية والشر ‪ ،‬وهذا هو أساس‬ ‫ضلل الكثي يمن الفتاو ى هذ ه اليا م ‪ ،‬فإنم يأخذون أحكا م الضرورات ويستخديمونا للتحسينات والشهوات‪.‬‬ ‫الهاد هو ذرو ة سنا م السل م ‪ ،‬والعايمل فيه قائم ف الذرو ة يمن الفضائل فلذلك هو أفضل أهل اليان ‪ ،‬والهاد‬ ‫بالنسبة لذا الفاضل هو عدمل حياته الذي رضيه لنفسه ‪ ،‬فيه يقضي أوقاته ‪ ،‬وفيه باب رزقه ويمعيشته ‪ ،‬وهذا هو الذي‬ ‫رضيه ال تعال لعظم البشر بعد النبياء وهم أصحاب النب مدمد صلى ال عليه وسلم إذ كان الهاد هو عدمل‬ ‫حياتم ول ينتفعوا ف حياتم يمن يمال ونعيم كدما انتفعوا يمن حيا ة الهاد ولذلك مسى ال الهاد " حيا ة " كدما قال‬ ‫تعال‪) :‬استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم (‪.‬‬ ‫والهاد درجات أعظدمها أن ياهد الرء بنفسه ويماله ‪ ،‬فإن خرج بنفسه ويمال غي ه فحسن لكن دون الول ف‬ ‫الدرجة ‪ ،‬وإن بذل يماله دون نفسه كان كذلك ‪ ،‬وأول الدرجات وهو أن يرج بنفسه ويماله فل يعود بشيء يمن‬ ‫الغنيدمة فإن أصابته الشهاد ة فهي يمنمزلة النازل وأعظدمها وأجلها ‪ ،‬وال يلؤت فضله يمن يشاء‪.‬‬ ‫قوله‪) :‬مؤمن في شعب من الشعاب يتقي ال ويدع الناس من شره ( فإن اللؤيمن الذي ل يقدر على الهاد‬ ‫ويما كان ف يمعنا ه يمن طل ب العلم ونشر ه واليمر بالعرو ف والنهي عن النكر فإن أفضل يما يعدمله هو العتزال بعيداً‬ ‫عن أذ ى الناس وإيذائهم ‪ ،‬فالعزلة خيار إيان أضاعه الناس اليو م يمن أذهانم ‪ ،‬وغيابه يمن خيارات العدمال جّر على‬ ‫الناس الكثي يمن الباطل والث‪ .‬والعزلة لا أحكايمها العايمة ‪ ،‬فهي خيار لن ل يقدر على العدمل سواء يمن جهة نفسه‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[18‬‬

‫أو جهة واقعة ‪ ،‬فإن الفضل هو العدمل لقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير‬ ‫من الذي ل يخالط الناس ول يصبر على أذاهم ( ‪ ،‬ولكن ما خلق ال يمن البشر أن يكون ضيق النفس إن رأ ى‬ ‫الشر يعظ ف البتداء ث تضجر نفسه فيتحول وعظه إل تبكيت وقسو ة فهذا ف قلبه النكار ة والكر ه فهذا يا ف على‬ ‫دينه وإيانه ‪ ،‬كدما ُي ا مم ف عليه أن يق ع فيدما وقعوا فيه فهذا هروبه يمن الناس خي له وأسلم بل قد يكون بالعراض‬ ‫والعظة والتنبيه ‪ ،‬وكدما قال تعال‪) :‬وقد نّزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات ال يكفر بها ويستهزؤ بها‬

‫فل تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إّنكم إذاً مثلهم ( ‪ ،‬والذي ُيعر ف عن السابقني هو اعتزال الناس‬ ‫عدمويماً ف آخر العدمر وتفرغهم للعباد ة كدما ذكر أهل الدينة يمن تفرغ للعباد ة بعد الربعني إل يمن كان يمتكلفاً عدملً‬ ‫يمن أعدمال السلدمني الواج ب أداءها‪.‬‬ ‫وأيما العتزال بسب ب الواق ع والال فإن الشر قد يعم وين ع الي ويارب وتصم الذان عن السدماع والهتداء فإن‬ ‫سنة النبياء هو الجر ة كدما وق ع ليما م النفاء إبراهيم عليه السل م ويمعه لوط الذي آيمن يمعه ‪ ،‬وف الديث أّنه يما يمن‬ ‫نب إل وقد أخرجه قويمه كدما قال ورقة بن نوفل عنديما علم نبو ة مدمد صلى ال عليه وسلم لا ُعرض عليه يمن قَِبل‬ ‫خدية رضي ال عنها‪.‬‬ ‫والعزية يمرات ب يشرح يمراتبها الرد على الذين ل يرون إل خيار العدمل بعصية ال وكأنه لز م للدمسلم ‪ ،‬إذ نر ى‬ ‫ونسدم ع الذين يسلكون سبل الباطل يمن العدمال الكثي ة بجة أّن على أهل السل م أن يللؤوا هذ ه السبل وإل تركت‬ ‫للعصا ة أو غي السلدمني يمن الشركني والرتدين ‪ ،‬فدويماً حني يسألون عن دينهم الذي دانوا به حت جلسوا هذ ه‬ ‫الالس واقتفوا هذ ه العدمال أجابوا بأن أهل السل م إن ل يعدملوها عدملها أهل الباطل ‪ ،‬وهذا يمن باب تقليل الشر‬ ‫يما أيمكن ‪ ،‬والديث هنا ليس على يما ير ه سلوكهم يمن الباطل عليهم ف دينهم كدما نر ى يمن واقعهم وعلى يما ير ه‬ ‫على دين ال تعال ف أذهان الناس وعقولم ولكن التنبيه هنا إل أن هلؤلء القو م جهلوا أن الواج ب اعتزال الباطل ‪،‬‬ ‫فلسنا وكلء على الناس كدما قال ال لنبيه ه ‪)-‬وما أنت عليهم بوكيل (ه ‪ -‬فالطلوب هو تطبيق حكم ال تعال أولً‬ ‫وهو هجران الباطل ه ‪)-‬والذيم يجتنبون كبائر النثم والفواحش (ه ‪ -‬وقد أحسن يمن قال‪ :‬إن فعل هلؤلء أشبه بن‬ ‫يقول وقد رأ ى ايمرأ ة تريد الزنا ول بّد ‪،‬م فقال‪ :‬أن أزن با أنا وأستها يمن الفضيحة )يمن باب تقليل الشر( خي أن يزن‬ ‫با فاجر ويفضحها‪.‬‬ ‫إن اللؤيمن الذي يتقي ربه ويريد سليمة دينه إن ل يقدر على الق كدما أيمر ال تعال به فإنه يهرب يمن الباطل‬ ‫ضوما الناس عليها ‪ ،‬وقد مسى سفيان الثوري إتيان الباطل تت ذرائ ع‬ ‫ول يأتيه ‪ ،‬وهذ ه هي سي ة السلف الت عدملوها وح ّ‬ ‫وهية بديعة إبليس ‪ ،‬وقد صد ق رحه ال تعال‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[19‬‬

‫وللؤلء حجج كثي ة أغلبها تقّولم عن أهل العلم تتعلق بالوازنة بني الق والباطل ‪ ،‬وأن تقليل الشر يمطل ب شرعي‬ ‫كدما تصيل النفعة ‪ ،‬وما ل ري ب فيه أن هذ ه القواعد ه ‪-‬الوازناته ‪ -‬قواعد صحيحة ف وضعها العلدمي لكن على ذلك‬ ‫تنبيهات فيها‪:‬‬ ‫‪ .1‬أنه لغلبة الو ى هذ ه اليا م وقلة التقو ى كدما هو يمشاهد فإن أي يمنفعة ولو كانت يمن باب الشهو ة والتحسينات‬ ‫فإنا تضخم وتسبغ عليها كلدمات الباطل وكأنا يمن ضرورات العايمة والسلدمني يمن أجل تبيرها وإتيانا ‪ ،‬وواق ع الال‬ ‫وقواعد العدمل يشهدان أنا شهو ة خاصة ول زياد ة‪.‬‬ ‫‪ .2‬وما يزيد اليمر خطور ة أن الكثي يمن هذ ه الصال الدنيوية تصاد م حق ال تعال وخاصة يما تعلق بتوحيد ال ف شرعه‬ ‫وأيمر ه ‪ ،‬وأهل العلم مدمعون على أن حق ال تعال يمصلحة أعظم يمن كل الصال ‪ ،‬فضرور ة الدين يمقديمة على كل‬ ‫الضرورات الخر ى كالنفس والال والعرض والعقل ‪ ،‬ولكنك تر ى هلؤلء ييزون أعدمالً شركية وكفرية يمقابل تصيل‬ ‫يمصال دنيوية ل تصل لدرجة الضرور ة ‪ ،‬وهذا يمن باب الهل والضللة‪.‬‬ ‫‪ .3‬أن دقة "فقه الوازنات" ف أحيان كثي ة ل يهتدي إليه الفقيه الراسخ لدقته أو لتعقيد الواق ع وعد م تبسيطه كدما هو ف‬ ‫واقعه العلدمي ‪ ،‬ويم ع ذلك فإن هلؤلء يفتون للعايمة وللجهلة ويوسعون الباطل شباً فيأخذ ه الاهل ذراعاً ‪ ،‬ويعل كل م‬ ‫هذا الفت جسراً له على جهنم ‪ ،‬فدمثل هذ ه السائل ل يطلق فيها القول لتغي الظرو ف حني يتعلق اليمر يم ع أيمور‬ ‫دقيقة ف تقديرها ويموازنتها‪.‬‬ ‫‪ .4‬وما يشهد لنرا ف هذ ه الفتاو ى الت تطلق للعدمو م يمن باب " الوازنات" إنا هي ف أصل وضعها يمن قبل العلدماء‬ ‫السابقني كانت لن تعينت ف حقه يمن العلدماء والقديمني وأهل الفنون والعقل والنظر ‪ ،‬ول توض ع لعدمو م الناس‬ ‫فيأخذها "الرويبضة" ويزعدمون أنا لم وهم أحق با فيفسدون أكثر ما يصلحون ‪ ،‬بل لو تركوها لهل الباطل لكانت‬ ‫يمنهم يمنفعة أكثر ‪ ،‬فإن الواق ع يشهد أن كثياً يمن الناف ع للدمسلدمني تصل على يد أهل الباطل بأكثر ما يصله‬ ‫الزاعدمون إتيانا تديناً ‪ ،‬فإن هلؤلء تصبح عندهم "يموازنة جديد ة" وهو البقاء ف العدمل يمصلحة على أي يمصلحة‬ ‫أخر ى ‪ ،‬فخو ف ذهاب النص ب أو العدمل يكم يما يأتون ويذرون ‪ ،‬فل الباطل تركوا ول يمصال السلدمني حصلوا ‪ ،‬فعاد‬ ‫اليمر باطل ل خي فيه‪.‬‬ ‫والتزات والتنبيهات على فقه "الوازنات" كثي ة ‪ ،‬وكل يو م نشهد باطلً ينتشر وحقاً يكتم وُيست ‪ ،‬يارسه‬ ‫الفتون به دون فقه دقيق ‪ ،‬ول ورع يدميهم ‪ ،‬وآخذون به والفون بل إهتدما م ليانم وتقواهم‪.‬‬ ‫فهذا الديث عظيم ف هذا الباب لن ابتغى حفظ دينه وطل ب الفضل والرفعة وتصيل التقو ى‪ :‬فإيما الق كدما‬ ‫أيمر ال تعال ‪ ،‬والهاد للباطل أعل ه وأرفعه وإيما العتزال والجر ة ‪ ،‬وهذا أسلم للدمرء لدينه ف الدنيا والخر ه ‪ ،‬وأيما‬ ‫الزاعدمون أنم قادرون على السباحة ف الوحل وعندهم يمن التقو ى يما يدمي قلوبم ‪ ،‬ث ل يكتفوا بالسباحة بل تضلعوا‬ ‫يمنه شبعاً ورياً فال بصي بالقلوب وخطراتا ‪ ،‬وهو أعلم بن اتقى‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[20‬‬

‫كل هذا يق ع حني تكون الوازنة بني خي وشر يشتبه أيمرها لدقة يمقاربتهدما ف الفكر والنظر ‪ ،‬ولكن واقعنا يشهد‬ ‫أن القو م ه ‪-‬يمفتني وأتباعه ‪ -‬ترؤوا على الريمات الصرية بنصوصها ‪ ،‬فالربا والدمر وقول الباطل ولبس الث كل هذا‬ ‫صار يل بشبه واهية تت باب التيسي ووجود الختل ف فيها ‪ ،‬والقد م يمن الفتني يمن يبيح أكثر يمن غي ه ويوس ع‬ ‫للناس شهواتم وأهواءهم ‪ ،‬ول حول ول قو ة إل بال‪.‬‬ ‫وبذا يعلم أن أعظم يما ف هذا الديث يمن فقه‪ :‬أن الباطل إيما أن ياهد ‪ ،‬وإيما أن يعتزل ‪ ،‬والق أن الباطل ل‬ ‫يرضى بعزلتك ‪ ،‬لن إيمايمه هو الشيطان ‪ ،‬وقد وطن نفسه أن يهلك ابن آد م بالعاصي بتزيينها كدما قال‪) :‬فبما‬ ‫أغويتني لقعدَن لهم صراطك المستقيم‪ ،‬نثم لتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم‬

‫ول تجد أكثرهم شاكرين ( بل سيشد على أذقانم حبالً ثقالً ليجرهم إل الباطل كدما قال‪) :‬أبرأيتك هذا الذي‬

‫ل ( والباطل إن ل تشغله بالهاد شغلك "بصوته‬ ‫ّك رـمت علي لئن أّخ رـتن إلى يوم القيامة لحتنكن ذبريته إل قلي ً‬ ‫وَرِج لِممهوخيله" ‪ ،‬ولذلك يمن أعظم طر ق اتقاء الباطل هو ماهدته‪.‬‬ ‫وف يويمنا هذا يعد اعتزال الناس حت ل تلؤذيهم ويلؤذونك ضرباً يمن العجائ ب ‪ ،‬لن جند الشيطان ألزيموا الناس‬ ‫بكل قانون ‪ ،‬ولحقوهم حت إنم يدخلون يمعهم ف أزواجهم وأيموالم )و شابركهم في الموال والولد ( فالهاد هو‬ ‫السبيل القو م لتحقيق سعاد ة الدنيا ونعيم الخر ة‪.‬‬ ‫وأيما أجر الهاد فهو ف أبواب أخر ى يمذكور ة ف أبوابا ‪ ،‬وأيما ترك الشر والساء ة للناس فهي يمن أعظم العدمال‬

‫لن عجز الصالات العدملية و)المسلم أخو المسلم ل يظلمه ول يخذله ول يكذبه ول يحقره ( و)كل المسلم‬

‫على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ( ولعظدمة حريمة اللؤيمن عند ال فإن النب صلى ال عليه وسلم ذكر ذلك ف‬ ‫آخر يما أوصى به أيمته ‪ ،‬ف يو م الج الكب ‪ ،‬ف حجة الوداع حني قال‪) :‬إن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم‬ ‫حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ( ‪ ،‬وقد أوصى النب صلى ال عليه وسلم ف أحاديث ترك‬ ‫إيذاء السلدمني لن عجز عن الصالات فإن ذلك صدقة‪.‬‬ ‫ث تأيمل نور هذا الديث ف بيان القابلة بني يما هو أعظم العدمال إياباً وبني أعظم العدمال سلباً ‪ ،‬وبني إيذاء‬

‫ال اعداَء ال بالهاد وترك إيذاِء السلدمني بالعزلة نعلم أن هذا الكل م ل يرج إل يمن فم نب يمهدي يمسّد دم )و إنك‬

‫لتهدي إلى صراط مستقيم (‪.‬‬

‫وقد ورد لذا الديث ألفاظ يمنها قوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬من خير معاش الناس لهم برجل ممسك عنان‬ ‫فرسه في سبيل ال‪ ،‬يطير على متنه‪ ،‬كلما سمع هيعة أو فزعة طابر عليه‪ ،‬يبتغي القتل والموت مظانة‪ ،‬أو برجٌل‬ ‫ش غـف أو بطن واد من هذه الودية يقيم الصلة ويؤتي الزكاة ويعبد بربه حتى‬ ‫في غنيمة في برأس َش غـَف ةـ من ال ّ‬ ‫يأتيه اليقين‪ ،‬ليس من الناس إل في خير (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[21‬‬

‫الحديث الرابع‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬تعس عبد الدينابر وعبد‬ ‫الدبرهم وعبد الخميصة‪ ،‬إن أعطي برضي وإن لم يعط سخط‪ ،‬تعس وانتكس‪ ،‬وإذا شيك فل‬ ‫انتقش‪ ،‬طوبى لعبٍد آخذ بعنان فرسه في سبيل ال أشعث برأُس هُـ‪ ،‬مغبرٍة قدماه‪ ،‬إن كان في‬ ‫الحراسة كان في الحراسة‪ ،‬وإن كان في الساقة كان في الساقة‪ ،‬إن استأذن لم يؤذن له‪،‬‬ ‫وإن شفع لم يشفع (‪.‬‬ ‫ت الطريق ‪ ،‬أي سهلتها للدمسي عليها ‪ ،‬وذلك بإزالة الوان ع حت‬ ‫العباد ة هي الضوع والطاعة ‪ ،‬فيقال‪َ :‬عّبد ُ‬ ‫تستجي ب للسالك فكل يمن انقاد لشيء على جهة ال ب والو ف استقلل فهو عابد له ‪ ،‬وضابطه هو يما ورد ف هذا‬ ‫الديث وهو قوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬إن أعطي برضي‪ ،‬وإن لم يعط سخط ( ذلك لن نيته وندمته دون سوا ه ‪،‬‬ ‫فهو عايمل له ‪ ،‬ساٍع يمن أجله ‪ ،‬فسعي اللؤيمن ف صلته وعبادته هو تصيل رضى ال تعال ‪ ،‬فإن حصلها فهي غايته‬ ‫ل يطل ب سواها ‪ ،‬وإن فاتته الطاعة وهي سب ب رضى ال تعال حزن ‪ ،‬ويمن سعى لدرهم أو غي ه ف صلته وعبادته‬ ‫كالهاد ونشر العلم وغيها فحصل يمطلوبه رضيت نفسه وفرحت لا نالت يمن يمطلوبا ‪ ،‬وإن فاتا الطلوب حزنت‬ ‫وسخطت ‪ ،‬فهذا هو الدليل على يمعبود النسان ف عدمله ‪ ،‬وهو ضابط الرياء والخلص ‪ ،‬وهو كدما تر ى تقيق يمعن‬ ‫العباد ة لغوياً ‪ ،‬لن العباد ة كدما تعلم هي الضوع والطاعة ‪ ،‬وهذا الضابط الذكور هو العن القيقي للخضوع القلب‬ ‫والطاعة الباطنة ‪ ،‬فإن يمن خض ع لشيء أحبه حت صار يمطلوبه وندمته ‪ ،‬ير ى كل شيء فيه ‪ ،‬يسي وجهته ويطل ب‬ ‫رضا ه ويتب ع أثر ه‪.‬‬ ‫ف هذا الديث كذلك ضابط حقيقة الهاد ف ال تعال دون سوا ه وهو قوله‪) :‬طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه‬ ‫في سبيل ال(‪...‬إل الديث الذكور ‪ ،‬فإن حال الخلص لربه هو عد م النتصاب لغي ه ل ف زيه ولف عدمله ولف‬ ‫حاله‪ :‬أيما الزي فهو ف قوله‪) :‬أشعث برأسه‪ ،‬مغبرة قدماه ( وذلك للتهائه عن ذلك با هو فيه يمن النغدماس ف‬ ‫الهاد ‪ ،‬فهو يمستغر ق فيه بكليته ‪ ،‬ل يتطاول بشار ة ليبصر ه الناس ‪ ،‬وبَِعلٍَم يعلم الناس يمكانه وأفعاله ‪ ،‬وقوله صلى ال‬

‫عليه وسلم )أشعث برأسه‪ ،‬مغبرة قدماه ( ل يعن أنه يتكلف ذلك ليكون كذلك ‪ ،‬بل هو ف حال ل تكون نتيجته‬ ‫إل كذلك ‪ ،‬ويمن نافلة القول التنبيه أّن تكلف ذلك ليس عباد ة يمطلوبة ل تعال ‪ ،‬بل تكلف ضدها ف حال ل‬ ‫يكون يمشغولً بطاعة الهاد هو الطلوب الشرعي يمن التجدمل والغتسال عن الدران وغيها لحاديث عد ة ولقوله‬

‫تعال‪) :‬قل من حرم زينة ال التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ( ويمقصود هذا الوصف )أشعث‪ ...‬يمغب ة‪(...‬‬

‫إنا هو النشغال التا م با هو فيه وذلك لخلصه ‪ ،‬فلو كان غي ذلك لا أهه ف إحسان عدمله بل رغبته بتحسني‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[22‬‬

‫صورته‪ .‬وأيما العدمل فهو قوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬إن كان في الحراسة كان في الحراسة‪ ،‬وإن كان في الساقة‬ ‫كان في الساقة ( فهذا رجل ل يفاضل بني العدمال بس ب قيدمتها بني الناس إنا بس ب يما يطل ب يمنه لنه الليق‬ ‫به فيدما ير ى له أيمي ه ‪ ،‬أو فيدما ير ى يمن نفسه ‪ ،‬ويمثل هذ ه العدمال مستها الفاء وجفاء الناس عنها لشقتها وعد م‬ ‫تنافس الناس فيها لعد م صيتها وقلة يمرتبتها ف الدنيا ‪ ،‬وإن كان ل قِواَ م للجهاد إل بدما ‪ ،‬ولكن الناس يرون أن هذ ه‬ ‫العدمال يمن يمرات ب الديمة الت تني صاحبها ف دنياهم فيغبون عنها ف جهادهم ‪ ،‬وشتان بني العدمل حني يكون‬ ‫لدنيا وأجر ة وحني يكون ف سبيل ال ‪ ،‬فهذا إبراهيم عليه السل م خليل ال ‪ ،‬وابنه إمساعيل الصاد ق الرضي يكلفهدما‬ ‫ال تعال بديمة بيته فيقول‪) :‬وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ( ‪،‬‬ ‫وقال عن إبراهيم خاصة كدما ف سور ة الج‪) :‬وطهر بيتي للطائفين والقائمين (‪.‬‬ ‫وأجر الراسة عظيم كدما ف الديث‪) :‬عينان ل تمسهما النابر‪ ،‬عين بكت من خشية ال‪ ،‬وعين باتت‬ ‫تحرس في سبيل ال ( ‪ ،‬وخديمة العابدين كانت قريش تتنافسها وراثة يمن أبيهم إبراهيم عليه السل م ‪ ،‬فالسقاية أحد‬ ‫اللوية الت كانوا يتنافسونا يم ع الرفاد ة وهي إطعا م الجيج‪ .‬وقد رغ ب النب صلى ال عليه وسلم أن ينمزل يم ع الساقة‬ ‫للحجيج ولكن تركه مافة أن ينازع الناس أهله وظنهم أن هذا جائز لم ه ‪-‬أي يمنازعة أهلهه ‪ -‬وقال للسقا ة‪) :‬أكملوا‬ ‫فإنكم على عمل صالح ( ث قال‪) :‬لول تغلبوا لنـزلت حتى أضع الحبل على هذه ( وأشار على عاتقه صلى ال‬ ‫عليه وسلم ‪ ،‬يم ع أن السقاية كانت لعدمه العباس رضي ال عنه ‪ ،‬فالقصود أن الخلص لربه ف جهاد ه ل يتشو ق إل‬ ‫إل رضا ه ‪ ،‬فهو غافل عن حظ نفسه ‪ ،‬ولو أرادها لا اختار إل العدمال الت فيها الظوظ لا ‪ ،‬وأيمر ه ليس كذلك‪ .‬وأيما‬ ‫ف حاله فهو قوله‪) :‬إن استأذن لم يؤذن له‪ ،‬وإن شفع لم يشفع ( ذلك لنه خفي عن الناس با هو فيه يمن إعدمار‬ ‫الباطن ‪ ،‬فالناس ل يعرفونه لعد م اشتهار امسه أو نسبه أو أفعاله ‪ ،‬والق أن أهل اليان والتقو ى ل يفى عليهم حال‬ ‫هلؤلء ‪ ،‬بل يعرفونم وقد يطلبونم كدما كان يفعل عدمر بن الطاب رضي ال عنه كدما قال‪) :‬لو كان سال يمول‬ ‫حذيفة حياً لوليته( وعدمر كان خبياً بالرجال ويم ع ذلك قال‪) :‬رحم ال أبا بكر كان أعلم يمن بالرجال( والبعض‬ ‫كان يتكهم لا هم فيه يمن الرغبة ف الختفاء ‪ ،‬والقصود أن هذا الخلص ل يغي ه يما يقوله الناس عنه ‪ ،‬ولو كان‬

‫يمقصود ه غي ال لسخط كدما يسخط غي ه ‪ ،‬كدما قال تعال‪) :‬ومنهم من يلمزك بالصدقات فإن أعطوا منها برضوا‬ ‫وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ( ‪ ،‬وحني تر ى اليو م بعضهم وهو يعدد فعاله وتاريه ليدلل على أن له شأناً ل‬ ‫يقم به الناس له ‪ ،‬ول يقابلو ه بثله ‪ ،‬فيجعل ذلك سبباً للسخط والغض ب وترك العدمل الصال ‪ ،‬فيقول أحدهم‪) :‬لقد‬ ‫تكلدمت كلدمة الق وعذبت ف سبيلها ول أجد أحداً ينتصر ل أو ل يأبه ل أحد ‪ ،‬فهلؤلء قو م ل يستحقون أن‬ ‫يقد م لم شيء( ولو تفكر هذا القائل بذ ه القالة البيثة لعلم أن عدمله قد حبط بسببها ‪ ،‬ولو راج ع تاريخ العايملني‬ ‫لدين ال تعال لعلم أن هذ ه سي ة يمضطرد ة ‪ ،‬فأنصار رسول ال صلى ال عليه وسلم ورضي ال عنهم قّد يمموا كل‬ ‫شيء ‪ ،‬الال والروح والولد ‪ ،‬ول يدوا يما يقابل ذلك شيئاً يمن الدنيا ‪ ،‬بل أخبهم رسولنا صلى ال عليه وسلم أنم‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[23‬‬

‫سيجدون بعد ه أثر ة فأيمرهم بالصب وقد فعلوا فرضي ال عنهم وأرضاهم ‪ ،‬وقد رأوا الال العظيم يقسم أيما م أعني لن‬ ‫قاتلوهم وذلك ف حنني ‪ ،‬فوجدوا ف أنفسهم بعض شكو ى فلدما هبت ريح اليان بوعظة رسول ال‪) :‬أما ترضون‬ ‫أن يرجع الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول ال إلى برحالكم ( حت بكت عيونم فرحاً با رجعوا به ‪ ،‬وقالوا‪:‬‬

‫)رضينا(‪ .‬بل هذا رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يطل ب يمن أيمته شيئاً لنفسه ف هذ ه الدنيا سو ى يمود ة أهل بيته‬

‫فقال سبحانه‪) :‬قل ل أسألكم عليه أجراً إل المودة في القربى ( ويم ع ذلك قتل الناس أح ب أهل بيته إليه السني‬

‫بن علي رضي ال عنهدما ‪ ،‬ويما رعوا لرسول ال صلى ال عليه وسلم حريمة ‪ ،‬وهلؤلء كبار الصحابة كسعد بن أب‬ ‫وقاص يتنازع الناس اللفة وهو يمشغول عنهم ببناء حوض يماٍء لبله ‪ ،‬والذين يتنازعونا يما أسلدموا إل بيد ه وأيدي‬ ‫أيمثاله ‪ ،‬وهذ ه اللفة قد آلت إل يمن قوتلوا على السل م ‪ ،‬ويمن قاتلهم عليه حاضر ير ى كدما قال ابن عدمر فصبوا‬ ‫وتذكروا يما أعد ال يمن النعيم ف النة فسكنت نفوسهم ‪ ،‬فهذ ه سي ة يمضطرد ة تكشف مبوء النفوس ونيتها ف‬ ‫عدملها وجهادها‪.‬‬

‫وهكذا القابلة بني الالني‪ :‬حال يمن سخط لذهاب بغيته ورضا ه إن حصلها ‪ ،‬وحال يمن عدمل يمن أجل الخر ة‬ ‫فهي ندمته ورغبته ل يعيضه شي ئ عنها ‪ ،‬ل يهدمه إن فات يما فات ول تفت هي ‪ ،‬وطوب‪ :‬يمن الطي ب لغًة ‪ ،‬قلبت الياء‬ ‫واواً ‪ ،‬وف الديث هي شجر ة ف النة‪.‬‬ ‫وف الديث يمن الفوائد‪ :‬أن يمقايمات الخر ة والفضل اللي ليس بس ب يمقايمات الناس بينهم ف الناص ب‬

‫واليموال ‪ ،‬بل إن التفني هم أكثر الناس صدوداً عن الذكر كدما قال تعال‪) :‬وما أبرسلنا في قرية من نذير إل قال‬ ‫مترفوها‪ :‬إنا بما أبرسلتم به كافرون‪ ،‬وقالوا نحن أكثر أموالً وأولداً وما نحن بمعذبين‪ ،‬وما أموالكم ول‬

‫أولدكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إل من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما صبروا وهم في‬

‫الغرفات آمنون ( وف القرآن ربط دائم بني العلو والفساد كدما قال عن بن إسرائيل‪) :‬لتفسدن في البرض ولتعلّن‬ ‫علواً كبيرا ( وكدما قال عن فرعون‪) :‬وإن فرعون عل في البرض وجعل أهلها شيعاً ( وقد وعد ال وراثة الرض‬ ‫للذين )ل يريدون علواّ في البرض ول فسادا ( والهاد والبلء ل يستقيم إل لهل الصب والحتساب ‪ ،‬وقد كشف‬ ‫ال النافقني بالهاد كدما ف سور ة التوبة ‪ ،‬تلك السور ة الت مسيت بالفاضحة لنا فضحت النافقني ‪ ،‬وغال ب يما فيها‬

‫يمن صفات فاضحة لم إنا كشفت بالهاد فهم الذين‪) :‬لو كان عرضاً قريباً أو سفراً قاصداً لتبعوك ولكن‬

‫بعدت عليهم الشقة‪ ،‬وسيحلفون بال لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم وال يعلم إنهم لكاذبون ( وهم‬ ‫)و لوا أبرادوا الخروج لعدوا له عدة ولكن كره ال انبعانثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين‪ ،‬ولو خرجوا‬

‫فيكم ما زادوكم إل خبالً ولوضعوا خللكم يبغونكم الفتنة ( وهم )ومنهم من يقول ائذن لي ول تفتّني ( وهم‬

‫الذين )فرح المخلفون بمقعدهم خل(ف برسول ال وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل ال وقالوا‬

‫ل تنفروا في الحر ( وهم )و إذا أنزلت سوبرة أن آمنوا بال وجاهدوا مع برسوله استأذنك أولوا الطول منهم‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[24‬‬

‫وقالوا ذبرنا نكن مع القاعدين‪ ،‬برضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم ل يفقهون (‪ ...‬وغيها ‪،‬‬ ‫وهذا يدل على قو ة هذا الضابط ف التفريق بني الصاد ق والرائي ‪ ،‬بني اللؤيمن والنافق وف الديث‪) :‬من مات ولم يغز‬ ‫ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من النفاق ( وهو تفسي لذ ه اليات ول شك‪.‬‬ ‫قوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬تعس وانتكس ( هو شأن يمن عدمل لغي ال ل يدو م أيمر ه ول يصب ‪ ،‬بل ينقل ب‬ ‫حيث ل يص ب يمراد ه يمن الدنيا ‪ ،‬وهو وإن كان دعاًء يمن رسول ال صلى ال عليه وسلم عليه ‪ ،‬فهو كونه وقدر ه ‪،‬‬ ‫صفة لزيمة لن ل يريد وجه ال تعال كدما قال تعال‪) :‬ومنهم من يعبد ال على حر(ف فإن أصابه خير اطمأن به‬ ‫وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والخرة وذلك هو الخسران المبين ( ‪ ،‬وقوله‪) :‬وإذا شيك فل‬ ‫انتقش ( فهو دعاء عليه أن ل يصي ب يمراد ه بانتكاسته ‪ ،‬فإن هذا يرتد وينقل ب على عقبه رجاء جب دنيا ه الذاهبة‬ ‫بسب ب البلء ‪ ،‬فرسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو عليه أن ليلتئم له شأنه ول يعود له يما رجا ه حت لو كان مرد‬

‫هه إل يمطال ب عد ة تنقلت به أيمواله‬ ‫زوال شوكة عنه‪ .‬أيما قوله )تعس ( فهو دعاء وحقيقة كونية ‪ ،‬فإن يمن تشتت ّ‬ ‫وأتعبته سبلها ‪ ،‬كلدما أراد شيئاً وجد ه سراباً ل غناء فيه ول كفاية ‪ ،‬ويمن جعل ال قصد ه وغايته ونيته فهو كافيه لنه‬ ‫نعم الوكيل )أليس ال بكا(ف عبده (‪.‬‬ ‫وف الديث فائد ة جليلة أن العباد ة ليست ف أعدمال النسك فقط كالصل ة والسجود والدعاء بل هي أشل يمن‬ ‫ذلك وأعم ‪ ،‬وهذا يما ل يعرفه إل أهل السل م يمن يمعن العباد ة ‪ ،‬بل ل يعرفه إل العالون بسنة رسول ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم ‪ ،‬فالدمد ل على تعليم رسول ال صلى ال عليه وسلم ليمته هذا الفضل والكر م‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[25‬‬

‫الحديث الخامس‬ ‫عن ابن عمر برضي ال عنه قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬أل كلكم براع وكلكم‬ ‫مسؤول عن برعيته‪ ،‬فالمير الذي على الناس براع وهو مسؤول عن برعيته‪ ،‬والرجل براٍع على‬

‫أهل بيته وهو مسؤول عنهم‪ ،‬والمرأة براعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم‪ ،‬والعبد‬

‫براع على مال سيده وهو مسؤول عنه‪ ،‬أل فكلكم براع وكلكم مسؤول عن برعيته (‪.‬‬ ‫هذا دين حق وخي ‪ ،‬يمن أين أتيته وجدته هد ى ونوراً ‪ ،‬ويما أفسد اليمة إل الهواء وآراء الباطل الت تدملتها يمن‬ ‫غي سبيل القرآن والسنة ‪ ،‬فهذا الديث هو باب حقيقة الفاعلية الت يسعى إليها العقلء ليمتهم فإن فساد اليمم‬ ‫وشعوبا ف إلقاء التكاليف والكسل والعجز ‪ ،‬والنكفاء على الذات ‪ ،‬وأن حيا ة اليمم والشعوب ف فهم وتدمل‬ ‫صرم‬ ‫السلؤولية ‪ ،‬بيث ير ى كل واحد أنه الع ّ‬ ‫ن بالطاب وأن اليمر له دون بقية أهله ‪ ،‬متق ب بالث إن فرط فيه أو ق ّ‬ ‫عنه ‪ ،‬ويما حقق الولون يمن أعدمال عظيدمة كانت لا الفراد ة ف تاريخ البشرية ‪ ،‬والصدار ة ف إنازات اليمم إل لذ ه‬ ‫العقائد والفاهيم ‪ ،‬وحني دخل النسك العجدمي والتعبد الاهلي على أيمتنا وانسح ب الناس عن يمسلؤولياتم عاد الَْدم ُر م‬ ‫حطباً بارداً ورفاتاً هيناً ‪ ،‬وحني يس الرء بأهيته ليمته وأهيِة أيمته له تكتدمل دور ة اليا ة وتصل النجزات ‪ ،‬أيما حني‬ ‫توت هذ ه الصلة بني الفرد واليمة ‪ ،‬فل ير ى لنفسه شأناً يمعها ولا ‪ ،‬ول ير ى ليمته قيدمة فحينها يكون الوت القيقي‬ ‫لكل الشاري ع الت هي حقيقة حيا ة اليمم ويمقاصدها‪.‬‬ ‫السلؤولية ‪ ،‬والفعالية ‪ ،‬وصيغة العلقة بني اليمة وحقيقة الروابط ‪ ،‬وتوزي ع التكاليف ‪ ،‬ويمصدر الق وطبيعته ‪ ،‬هذ ه‬ ‫أسئلة أعيت اليمم وأتعبت عقلءهم ‪ ،‬وُس كم ب يمن أجلها آل ف الابر ‪ ،‬وتناطح فيها دعا ة الصلح ‪ ،‬لنا إن أدركت‬ ‫وخض ع الناس لا بتا ٍ‬ ‫ض ورغبة باطنية تقق الراد يمن الفرد باعتبار ه يمستقل الراد ة مت م العتبار ‪ ،‬وتقق الراد يمن‬ ‫الجتدماع بتسدمية الدموع أيمة تتحقق لا أهدافها ويصل لا يمقصودها ‪ ،‬بل تعارض بني الفرد واليمة ‪ ،‬وبل تفريط ف‬ ‫القو ق ‪ ،‬وبل ضياٍع لألهدا ف‪.‬‬ ‫هذا الديث لوحد ه كا ٍ‬ ‫حل الكّل‬ ‫ ف للجابة على هذ ه السئلة الرضية الائر ة ‪ ،‬وبكلدمات نبوية صادقة َّ‬ ‫التكليف ‪ ،‬وأخض ع الدمي ع للواج ب ‪ ،‬وفرض على الكل الطاعة ‪ ،‬وفّس رم يمصدر الق ويمنب ع قوته‪.‬‬

‫إن اليا ة ل تستقيم إل بتنظيم ‪ ،‬وهذا التنظيم ف ظاهر ة يوزع اليمة إل دوائر ‪ ،‬وللوهلة الول يصل الوهم أن‬ ‫هذ ه الدوائر واللؤسسات هو تفر ق وتنازع ‪ ،‬كدما يصل الوهم أن هذا التوزع يلغي العلقة بني أفراد هذ ه اللؤسسسات‬ ‫وبني الخرين يمن هذ ه اليمة ‪ ،‬فحني يكلف الشرع الاكم القيا م بالهاد يمثل فُيظّن أن الهاد هو تكليف للؤسسة‬ ‫ولدائر ة يمن اليمة هو الدولة وبقية اليمة غي يمعنية به ‪ ،‬ويمثل ذلك الدود ‪ ،‬أو حني تنشأ يملؤسسة ودائر ة للعلدماء فينشأ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[26‬‬

‫الوهم أن العلم يمسلؤولية لذ ه اللؤسسة دون سواها ‪ ،‬وبقية اليمة غي يمكلفة بذا الواج ب وهذ ه هي البدعة الكب ى الت‬ ‫تصي ب اليمم وتديمرها ‪ ،‬وإذا كان للعابدين بدع تفسد عبادتم ‪ ،‬وإذا كان للعلدماء بدع تفسد عدملهم فإن لأليمم بدع‬ ‫تفسد فاعليتها وأهدافها كلها تدور حول السلؤولية‪.‬‬ ‫الغاية الثلى هي خضوع اليمة للدمفاهيم ‪ ،‬بيث تكون السلطة لا ‪ ،‬فتكون هذ ه الفاهيم أعرافاً ف حس الناس‬ ‫ويمشاعرهم وف القانون الغال ب ‪ ،‬يض ع له الناس ويتداولونه كدما يتداولون لغتهم ‪ ،‬وكدما يتداولون يمفاهيدمهم الفطرية‬ ‫كالعلقة بني الب وأبنائه وال م وأبنائها ‪ ،‬وكلدما رقت الفاهيم الشرعية وخض ع الناس لا ببواطنهم كلدما اقتبت‬ ‫الفاهيم يمن كونا فطر ة وسجية ‪ ،‬ولا كان السل م هو الق وهو الفطر ة فإن الليق به ف صور ة الثال هو تققه‬ ‫خلل قانون الفطر ة والعر ف الباطن ‪ ،‬فيستسلم له الناس بل توزي ع ول تقسيم ول تقنني لكل فئة دون بقية اليمة ‪ ،‬ويمن‬ ‫أيمثلة ذلك "اللؤسسة العلدمية" ‪ ،‬فهذ ه ف صورتا الصحيحة الول كانت يموجود ة ‪ ،‬لا سلطانا ‪ ،‬وقوانينها ‪ ،‬وضوابطها ‪،‬‬ ‫س اليمة ويمشاعرها ووجدانا ‪ ،‬وهذا الوجود الكايمن ف داخل اليمة له قو ة آسر ة ‪،‬‬ ‫وحدودها ‪ ،‬وكل ذلك يمثبوت ف ح ّ‬ ‫ووضوح بّني أقو ى يمن أي سلطة يمقننة وُيمْعملَمٍن عنها ككيان ‪ ،‬ول يكن هذا الوجود يتاج إل فرضِه بقانون يعزله‬ ‫ويفصله عن بقية نشاطات اليمة ‪ ،‬فالسجد بنايته ‪ ،‬يمفتوحة أبوابه للجدمي ع ‪ ،‬وحلقات العلم جزء يمن نسيج هذا‬ ‫الدمي ع ‪ ،‬فل طبقية ول عزل أو استئثار ‪ ،‬ولو قارنت هذ ه "اللؤسسة العلدمية" ف تارينا يم ع أي يملؤسسة أخر ى ف تاريخ‬ ‫اليمم الخر ى كالنشاطات النقابية لوجدت أن الفار ق كبي ‪ ،‬حيث تتحول "اللؤسسة النقابية" إل عصابة وحزب له‬ ‫رجاله الذين يعلون "الشخص" أو "العائلة" هو الصل و"التنظيم" وسيلة للذات ل الفكر ة ‪ ،‬ولذلك عدمدت "الدولة"‬ ‫ف تاريخ اليمم دائدماً إل ابتلع هذ ه اللؤسسات وجعلها قو ة لتوحشها ضد فكر ة اللؤسسة نفسها ‪ ،‬فأنشأت يما يسدمى‬ ‫بنص ب الفت العا م ‪ ،‬أو "هيئة العلدماء" وجعلتها يمربوطة بنظا م "الدولة" وجزءاً يمنها ‪ ،‬وبالتال تولت اللؤسسة إل ناب‬ ‫لوحش الدولة تبطش به ضد خصويمها ‪ ،‬فالسجد للدولة كدما هي حال أي دائر ة حكويمية ‪ ،‬وبالتال صار العلم نشاط‬ ‫"يملؤسسة حكويمية" ل حركة أيمة ويمن ذلك "يملؤسسة الهاد" فالهاد أيمر ربان للدمسلدمني جيعاً بل استثناء ‪ ،‬حت‬ ‫العجز ة لم وجود ف هذا النشاط النسان السليمي العظيم ‪ ،‬فهو حركة أيمة ‪ ،‬وليس نشاط دائر ة يمعّينة به دون غيها ‪،‬‬ ‫وكلدما كان هذا الفهو م يمعدمدماً كلدما كانت فاعليته أقو ى ‪ ،‬وكلدما اقتب يمن تجيم اللؤسسة والتقنني كلدما ُفقَد تم‬ ‫هذ ه الفاعلية ‪ ،‬وذلك لروج طوائف يمن السلؤولية ‪ ،‬فتعدميم السلؤولية هو تقيق للفاعلية ‪ ،‬وتديد "اللؤسسة" هو قصم‬ ‫لذ ه السلؤولية وبالتال إبطال لقو ة الفاعلية ‪ ،‬فمَف ْرم ق أن يكون الهاد هو حركة أيمة كدما كان ف صورته الول ‪ ،‬وبني أن‬ ‫يصبح نشاط "يملؤسسة حكويمية" فيها أراضها‪.‬‬ ‫وهذا ل يلغي يمفهو م التنظيم والدار ة ‪ ،‬فنظا م الدواوين ليس هو "اللؤسسة" الت تعزل البعض عن الكل وبالتال‬ ‫يسهل ابتلعه يمن قِبَِل "الدولة" على حساب "اليمة" ‪ ،‬بل هو تنظيم لفعل أيمة ‪ ،‬وليس صناعة "للؤسسة" مدد ة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[27‬‬

‫النشاطات ي ب أن تكون تكاليف أيمة ‪ ،‬وذلك يمن خلل الفاهيم السيطر ة ف التدم ع ‪ ،‬وانتقالا إل تكاليف‬ ‫"يملؤسسة" يعلها متاجة لتقنني وبالتال يق ع العزل وتديمي الفاعلية ‪ ،‬وسهولة قنصها واختطافها لديمة "الشخص" أو‬ ‫"الدولة" ل الفكر ة الت انتصبت يمن أجلها‪.‬‬ ‫ف القرآن الكري والسنة النبوية تكاليف يموجهة لأليمة ‪ ،‬وإذا وجدت أوايمر للبعض فهو لختصاص هذا البعض‬ ‫بالقدر ة اللزيمة لذا التكليف ‪ ،‬فاليمر بالعرو ف والنهي عن النكر يمكلف به كل يمن رآ ه )من برأى منكم‪ ( ...‬والكم‬ ‫با أنزل ال تكليف ليمة )و ليحكم أهل النجيل بما أنزل ال فيه ( ‪ ،‬وهكذا جي ع النشاطات بل استثناء ‪ ،‬وتكليف‬ ‫الاكم بإقايمة الدود وإعلن الهاد هو يمن قبيل الوكالة عن اليمة ‪ ،‬فهو وكيل بعقد بينه وبني اليمة لقايمة أحكا م‬ ‫العايمة ‪ ،‬وسلطانه يستدمد يمن هذا العقد ‪ ،‬وقو ة هذا السلطان يمصدر ه رضا اليمة ‪ ،‬فليست السلطة توكيل إلي ول الغلبة‬ ‫والقهر ‪ ،‬وإن كان أيمر اليمة يعر ف بقو ة الشوكة والت تظهر عن طريق الغلبة أحيانًا‪ .‬والعقد طرفا ه اليمة يمن جهة‬ ‫والاكم يمن جهة أخر ى ‪ ،‬والعقود عليه هو احكا م العايمة ‪ ،‬ويبطل العقد بأيمور تصي ب العاقدين ككفر الاكم أو‬ ‫جنونه أو بتخلف يمقاصد العقد وهي العقود عليه كتعطيل الدود وإبطال الهاد ‪ ،‬وحني يبطلها الاكم يعود أيمرها‬ ‫إل اليمة ول تسقط عنها ‪ ،‬فالهاد ل يبطله حاكم ‪ ،‬وإن عطله وج ب على اليمة أن تقو م به وكذلك الدود وغيها‪.‬‬ ‫وهذا الوصف الذي قديمنا ه يفيد أن دائر ة الدولة ضيقة جداً ‪ ،‬وهكذا ي ب أن تكون ‪ ،‬أيما ربط التكاليف بالدولة‬ ‫والاكم وتوسي ع ذلك فهو انرا ف وبدعة ‪ ،‬ويمن العجي ب أن يوجد بعض الفقهاء يمن وق ع يمن فتاو ى تلؤيد هذ ه البدعة‬ ‫وتنصرها ‪ ،‬وذلك يمثل ربط اليمر بالعرو ف والنهي عن النكر بإذن الاكم أو إقايمة الدمعة ‪ ،‬بل وصل بعض هذ ه‬ ‫القوال الغريبة إل دعاء القنوت ف النوازل ليمر الاكم وإذنه ‪ ،‬وهذا لعدمر الق إنرا ف ف تصور حقيقة اليمر‬ ‫الشرعي ‪ ،‬وأثر ه السّي ءم على اليمة أقو ى يمن أثر البدع الفردية والسلوكية الشخصية‪ .‬وكدما رف ع ال بعضاً فو ق بعض‬ ‫درجات ‪ ،‬كذلك جعل الناس أقسايماً يمن ذكر وأنثى ‪ ،‬وأب وأ م ‪ ،‬وسيد وعبد ‪ ،‬وخاد م وآيمر ‪ ،‬وبائ ع ويمشتي ‪ ،‬وهكذا‬ ‫تق ع نشاطات اليا ة باعتبار أيمرها القدري الذي فطر ال اللق عليه ‪ ،‬وهذا اليمر الفطري ي ب اتباعه والقرار به ‪،‬‬ ‫وهو كذلك ف حس الناس ووجدانم إل يما يق ع يمن إبليس وجند ه يمن )فليغيرن خلق ال ( ‪ ،‬وبالتال يلؤيمر البن أن‬ ‫ل يقّر أبا ه على طاعة ‪ ،‬ول الزوجة لزوجها ‪ ،‬ول الصغي لكبي وذلك تت شعارات بيدمية يمعروفة‪.‬‬

‫هذا التوزي ع الفطري يم ع الكم الشرعي هو الذي يقق الفاعلية القيقية لأليمم ويديها ‪ ،‬وكلدما حصل فساد ف‬ ‫أحدها تعوقت اليمم وسارع فيها الفساد وبالتال حقت كلدمة ال بالعذاب والهلك والديمار ‪ ،‬وهذا التوزي ع هو‬ ‫يمصدر يمن يمصادر السلؤولية والتكليف ‪ ،‬خلقه ال وأقر ه شرعه ‪ ،‬وهو عقد فطري ‪ ،‬والفطر ة هي أقو ى أدلة الشرائ ع‬ ‫والحكا م بل خل ف بني عقلء البشر‪.‬‬ ‫هذا الديث يّدم لم السلؤولية لكل يمن كلف رعاية حق ‪ ،‬فالرعاية تعطى ف بعض جوانبها يمفهو م التقد م على‬ ‫س‬ ‫الغي ‪ ،‬فُتنِش ئ مَوهَم الطاعة دون السلؤال والراجعة ‪ ،‬ويم ع التقاد م وضياع البعد الخلقي يصل الستعلء وهي أ ّ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[28‬‬

‫الفساد والراب كدما هو ف كتاب ال تعال ‪ ،‬فحني تصل اليمار ة يم ع فقدان يمفهو م الساءلة والراجعة ل يبقى يمن‬ ‫اليمار ة إل يمفهو م الطاعة ‪ ،‬أي طاعة الأيمور وخضوعه لأليمي ‪ ،‬والفاهيم الباطلة تنتج النرا ف السلوكي ‪ ،‬وأعظم يما‬ ‫يصي ب البشر هو الطغيان الذي أساسه الكب ‪ ،‬وف الديث‪) :‬سبحانك يا ذا الجبروت والملكوت والكبرياء‬ ‫والعظمة ( وهذ ه هي الت نازَعهم سبحاَنه اللُق فيها ‪ ،‬وهي أساس كل فساد ف الدنيا والخر ة‪.‬‬

‫الفهو م الشرعي للدملك هو رعايته ‪ ،‬أي قيا م بأداء الواجبات والقو ق ‪ ،‬ويمساءلة ف الدنيا والخر ة ‪ ،‬كدما هي ف‬

‫حس الناس طاعة وايمتثال ‪ ،‬يم ع أن القاعد ة الفقهية القرر ة‪ :‬الواجبات قبل الحقوق‪.‬‬ ‫وف الديث إطل ق لفهو م السلؤولية وبالتال ل يوز قصرها على الث الخروي ‪ ،‬بل هي كذلك ف الدنيا ‪،‬‬

‫وهذا الذي طبقه اليل الول وأتروا به كدما قال الصديق‪) :‬أطيعوني ما أطعت ال فيكم‪ ،‬فإن عصيته فل طاعة لي‬ ‫عليكم ( وهذ ه الكلدمات ليست يمواعظ إرشادية بل هي دستور وعقد يملز م للطرفني ‪ ،‬وحني جاع الوال عا م الريماد ة‬ ‫وسرقوا يمن يمال سيدهم ل يقتص يمنهم عدمر رضي ال عنه لنم أخذوا يما هو حق لم يمن يمال سيدهم الذي يمنعهم‬ ‫إيا ه ‪ ،‬وحني استفتت هند بنت عتبة رسول ال صلى ال عليه وسلم هل تأخذ يمن يمال زوجها الذي يمنعها لشّح يمنه‬ ‫أجاز لا رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال‪) :‬خذي ما يكفيك وولَد كـ بالمعرو(ف ( وهذا الديث أصل ف يمسألة‬

‫"استيفاء القو ق بغي إذن صاحبها إن جحدها أو يمنعها" ‪ ،‬فدما قررت الفطر ة والشرع يمن حقو ق فالساءلة حق ل‬ ‫يوز لحد أن يعطلها‪.‬‬ ‫فدمن الواجبات اللقا ة على أيمتنا ول سعاد ة إل با ‪ ،‬وهي باب فاعلية اليمة بني اليمم ‪ ،‬كدما هي أساس نقاء‬ ‫اليمة وبراءتا يمن الفساد الداخلي‪ " :‬إقامة الحدود والمر بالمعرو(ف والنهي عن المنكر ومن ذلك الحسبة‬

‫والجهاد في سبيل ال " وهذ ه هي خصائص هذ ه اليمة الت تعل لا حق قياد ة الغي ‪ ،‬والنصوص الدالة على ذلك‬ ‫صرمت فيها‬ ‫كثي ة تراج ع ف فطانا ‪ ،‬وهذ ه ي ب عل اليمة القيا م با ‪ ،‬توكل غيها يمن اليمراء وغيهم لباشرتها ‪ ،‬فإن ق ّ‬ ‫أو عطلها الوكلء أثت اليمة جيعاً ‪ ،‬ول يسقط الث عن الواحد إل بالداء بس ب الوس ع والستطاعة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[29‬‬

‫الحديث السادس‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬ما من النبياء نبّي إل‬

‫ُأعطي من اليات ما مثله آمن عليه البشر‪ ،‬وإّنما كان الذي أوتيته وحياً أوصاه ال إلّي ‪،‬ـ‬ ‫فأبرجوا أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة (‪.‬‬

‫كان يمن حجج الكافرين على نبينا مدمد صلى ال عليه وسلم يمن أجل تصديقه واتباعه أن يأتيهم بآية كونية‬ ‫كدما أرسل يم ع النبيني السابقني ‪ ،‬وقد ذكر ال تعال هذا اليمر كثياً ف القرآن ما يستعي النتبا ه فقد ذكر ه ف‬ ‫سور ة النعا م ويونس وطه والنبياء وأشار إل ذلك ف يمواطن أخر ى كدما ف العرا ف والنحل والقصص ‪ ،‬وما ذكر ه‬ ‫ال تعال ف هذ ه الواطن أن هذ ه اليات ل تكن سبباً ليانم وتصديقهم ‪ ،‬بل كان إرسالا سبباً ف تعجيل‬ ‫العذاب كدما قال تعال ف سور ة السراء‪) :‬وما منعنا أن نرسل باليات إل أن كّذ بـ بها الولون ( وقال ف‬

‫النبياء‪) :‬ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ( وقال ف القصص‪) :‬فلما جاءهم الحق من عندنا‬

‫قالوا لول أوتي مثل ما أوتي موسى‪ ،‬أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل‪ ،‬قالوا سحران تظاهرا وإنا بكل‬ ‫كافرون ( ول يق ع خل ف ذلك إل يم ع قو م يونس عليه السل م كدما قال تعال‪) :‬إن الذين حقت عليهم كلمة‬ ‫بربك ل يؤمنون‪ ،‬ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الليم‪ ،‬فلول كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إل‬ ‫قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ( ‪ ،‬والقرآن كشف بذا‬ ‫كذب هذ ه الجج وتعّنت طالبيها ‪ ،‬وأن يمرادهم هو الادلة بالباطل والتعجيز ‪ ،‬ولذلك توقفت هذ ه اليات الكونية‬ ‫ول تعد هي السبيل للحجة يم ع الق ‪ ،‬فقال تعال ف سور ة طه‪) :‬و قالوا لول يأتينا بآية من بربه أولم تأتهم بينة ما‬ ‫في الصحف الولى ( والية تتدمل يمعنيني ‪ ،‬أولها‪ :‬أن الذكر ف القرآن هي يما جاءت به الصحف الول فدل‬ ‫هذا على صد ق القرآن ويشهد لذا العن يما قال ال تعال ف سور ة النبياء يمن قوله‪) :‬بل قالوا أضغاث أحلم بل‬ ‫افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أبرسل الولون ( إل قوله‪) :‬لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفل تعقلون ( ‪،‬‬

‫والثان‪ :‬أن يما جاء يمن اليات الكونية ف الصحف الول وأنه ل يقق اليان ف قلوبم كا ف أن ل يرسلها ال‬

‫يمر ة أخر ى ‪ ،‬وف سور ة القصص قال تعال‪) :‬و لقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الولى بصائر‬ ‫للناس وهدى وبرحمة لعلهم يتذكرون ( وهو يشهد لذا العن ‪ ،‬وهذ ه الية ف سور ة القصص تبني أن إهلك أيمة‬ ‫كايملة بسب ب تعنتها قد توقف ‪ ،‬وإن كان إهلك القر ى بإزالة قوتا وعلوها ل يتوقف كدما قال تعال ف سور ة‬

‫السراء‪) :‬و إن من قرية إل نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب‬

‫مسطوبرا ( ‪ ،‬والقصود أن اليات الكونية الكب ى للشهاد ة على صد ق النبياء والت يتعلق با الديمار إن كفروا با ول‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[30‬‬

‫يصدقوها قد توقف ‪ ،‬وكل يمن طلبها فهو يمتعنت كشف ال كذب سلفه قال تعال‪) :‬و قال الذين ل يعلمون لو‬ ‫ل يكلمنا ال أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بيـّنا اليات لقوم‬ ‫يوقنون‪ ،‬إنا أبرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ول تسأل عن أصحاب الجحيم ( ‪ ،‬والجة الكب ى الت جعلها ال‬ ‫تعال لنبينا مدمد صلى ال عليه وسلم وهي حجة الدعا ة والاهدين والعلدماء إنا هي كتاب ال تعال ويما فيه يمن‬ ‫ي يمسألة فهو يمتعنت مادل بالباطل ل غي ‪ ،‬والقرآن هو الجة‬ ‫اليات ل غي ‪ ،‬فدمن سأل دليلً آخر على صد ق أ ّ‬ ‫وهو الداية ‪ ،‬وقد ربط الصحابة هداية رسول ال صلى ال عليه وسلم بسب ب أخذ ه بالكتاب فقد قال أبو بكر‬ ‫الصديق رضي ال عنه ف خطبة البيعة كدما ف الصحيح‪ " :‬أيما بعد فاختار ال لرسوله صلى ال عليه وسلم الذي‬ ‫عند ه على الذي عندكم ‪ ،‬وهذا الكتاب الذي هد ى ال به رسولكم ‪ ،‬فخذوا به تتدوا ‪ ،‬ولا هد ى ال به رسوله"‪.‬‬ ‫هذا الديث يدل على أن ال أعطى كل نب آية وفيها الكفاية لثبات صد ق النبو ة ‪ ،‬وف العجزات الباهر ة والت ل‬

‫يقدر على يمثلها البشر ‪ ،‬وفيها البصي ة التايمة كدما قال يموسى عليه السل م لفرعون‪) :‬لقد علمت ما أنزل هؤلء إل‬

‫برب السموات والبرض بصائر ( والضدمي يعود إل الية السابقة وهي قوله‪) :‬و لقد آتينا موسى تسع آيات‬ ‫بينات (‪ .‬وف سور ة العرا ف ذكر ال نوعني يمن البينات لقايمة الجة‪ :‬أولها‪ :‬البينة القدرية الكونية كدما قال عن‬ ‫قو م ثود‪) :‬و إلى نثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا ال مالكم من إله غيره‪ ،‬قد جاءتكم بينة من برّبكم‪،‬‬ ‫هذه ناقة ال لكم آية ( وكذلك يما قاله يموسى عليه السل م عنديما طلبوا يمنه آية فقال فرعون‪) :‬إن كنت جئت‬ ‫بآية فأت بها إن كنت من الصادقين ( ‪ ،‬والثانية‪ :‬هي البينة الشرعية كدما ذكر عن شعي ب عليه السل م‪) :‬وإلى‬ ‫مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا ال مالكم من إله غيره‪ ،‬قد جاءتكم بّينة من برّبكم فأوفوا الكيل‬ ‫والميزان ول تبخسوا الّناس أشياءهم ول تفسدوا في البرض بعد إصلحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين (‪.‬‬ ‫وأيما العجز ة الكب ى الت جاء با رسولنا مدمد صلى ال عليه وسلم فهي القرآن الكري‪) :‬وإّنما كان الذي‬ ‫أوتيته وحياً أوحاه ال إلّي (ـ وليس الديث يمعنا ه أنه ل يكن له يمعجزات كونية تدل على صدقه كانشقا ق القدمر‬

‫وخروج الاء يمن بني أصابعه الشريفة وتكثي الطعا م وتسليم الجر عليه وغيها ما هو يمذكور ف سيته بأسانيد‬ ‫صحيحة وإنا القصود أن الية الكب ى هي القرآن ‪ ،‬ول تكن تلك اليات الكونية ما تعلق با الديمار واللك‬ ‫كآيات النبياء الخرين عليهم الصل ة والتسليم ‪ ،‬وهذا الذي جاء به رسولنا صلى ال عليه وسلم هو يمياثه لنا ‪ ،‬ل‬ ‫نتج إل به ف جهادنا ودعوتنا وإثبات القائق الشرعية ‪ ،‬فالق ل يثبت إل بالشرع وهو الكتاب ويما دل عليه‬ ‫الكتاب كالسنة الشريفة كقوله تعال‪) :‬و ما أتاكم الّرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ( ‪ ،‬وإْن أكر م ال‬

‫ب أبرني‬ ‫العايملني بكرايمة كونية فهي زياد ة رحة لصول الطدمئنان كدما طل ب إبراهيم عليه السل م ف قوله‪) :‬بر ّ‬

‫كيف تحيي الموتى قال‪ :‬أولم تؤمن‪ ،‬قال‪ :‬بلى ولكن ليطمئن قلبي ( وقد قال رسولنا مدمد صلى ال عليه‬

‫ش كـ من إبراهيم ( أي ف طل ب الطدمأنينة ‪ ،‬وهي أيمر زائد عن اليان واليقني ‪ ،‬واللؤيمنون ف‬ ‫وسلم‪) :‬نحن أحّق بال ّ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[31‬‬

‫طلبها ليسوا يمتجاوزين حد الشرع والعبودية ‪ ،‬وأيما يما يبطله البعض يمن اليات الكونية لثبات صد ق يما يقو م به‬ ‫الاهدون والدعا ة فهو طل ب تعّنت ل التفات إليه ‪ ،‬ويمن ذلك أن ينصر ال طائفة علم وجهاد ‪ ،‬وأن ل يصل لم‬

‫الزية أبداً أو اللكة الكلية لم ‪ ،‬فليس هناك اليو م طائفة يقال فيها‪) :‬اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في‬

‫البرض ( لن السل م وأهله ف كل يمكان ‪ ،‬وطوائف العلم والهاد يمتوزعون ف اليمصار ‪ ،‬إن هلكت طائفة لسنة‬

‫ال ف اليا ة لعد م القدر ة أو كفاية هذ ه القدر ة فهناك طوائف أخر ى تبقى بفضل ال ‪ ،‬ويما يصل يمن الشك‬ ‫والري ب ف قلوب البعض إن هلكت عصابة حق ‪ ،‬فيقال لو كانت على الق لنصرها ال تعال هو يمن قبيل الهل‬ ‫بسنة ال تعال ف التعايمل يم ع الق ‪ ،‬فأهل الخدود أبيدوا جيعاً ‪ ،‬وال جعل النصر هو الثبات على اليان فقال‪:‬‬ ‫)وأنتم العلون إن كنتم مؤمنين ( ‪ ،‬وليس هناك يمن وعد إلي أن كل يمن ثبت على الق أن ينصر ه على خصدمه‬

‫بنصر يمادي على يما يفهم الناس ‪ ،‬فهذا علّي رضي ال عنه كان على الق ضد يمعاوية رضي ال عنه ف قتاله ول‬ ‫ينتمصف يمنهم لعوايمل سننية ل تتبدل ول تتحول ‪ ،‬وكم ُقتل يمن عال أيما م طاغية كسعيد بن جبي أيما م الجاج‬ ‫وأهل الدرعية أيما م إبراهيم بن مدمد علي باشا اللبان ‪ ،‬واليمثلة تأل ملدات ف هذا الباب ‪ ،‬والقصود أننا حني‬ ‫نقول‪ :‬إن ال يمعنا لننا على الق ‪ ،‬فال سبحانه وتعال يفعل يما يشاء ويتار لسباب كونية وشرعية ل تتبدل ‪،‬‬ ‫وال ل ُيكرهه أحد ول يوج ب عليه يموج ب ‪ ،‬ويما نن إل عبيد ه نلؤيمن با جاء به رسوله صلى ال عليه وسلم‬ ‫ونتوكل عليه ‪ ،‬ث نرضى با يق ع علينا يمن أقدار ال تعال ونصب عليها ‪ ،‬وها هو ربنا يذر رسولنا صلى ال عليه‬ ‫وسلم يمن هذ ه الّش مَبه الشيطانية الت يلقيها أتباعه فيقول‪) :‬فلعلك تابرك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدبرك‬ ‫أن يقولوا لول أنزل عليه كنـز أو جاء معه ملك‪ ،‬إنما أنت نذير وال على كل شيئ وكيل (‪.‬‬

‫إن ثبت الفعل بالدليل ‪ ،‬فأنت على الق إن انتصرت يمادياً ‪ ،‬وأنت على الق إن هزيمت يمادياً ‪ ،‬وأنت على‬ ‫الق إن استجاب ال دعاءك ‪ ،‬وأنت على الق إن أّج لم ال إجابته ‪ ،‬وأنت على الق وإن يمشى خصدمك على الاء‬ ‫أو طار ف الواء ‪ ،‬فإن طلبت آية أو عليمة على صد ق يما أنت عليه ِلبد الطدمئنان ل لدليل تتج به ل تعد أن‬ ‫تكون يمقتدياً بإبراهيم عليه السل م ‪ ،‬وال تعال له اليمر يمن قبل ويمن بعد‪.‬‬ ‫ُثّ اعلم أن الستقايمة هي أكب كرايمة ‪ ،‬والثبات هو دليل الصد ق ‪ ،‬ويشهد لذا قوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬

‫)فأبرجوا أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة ( فكم دخل أفراد وطوائف ف دين ال تعال لا رأوا ثبات أهل هذا‬

‫الدين عليه وثقتهم به ‪ ،‬وإن برد اليقني يم ع الضعف لو أعجوبة هذ ه اليا ة ‪ ،‬وإنه بدمد ال تعال يما نرا ه اليو م يم ع‬ ‫طوائف الهاد هذ ه اليا م فالدمد ل على نعدمه وكرايمته‪.‬‬ ‫وف الديث يمسألة‪ :‬أن القرآن فيه آيات بّينات لكل عصر ويمكان ‪ ،‬ولذلك فالديث حجة للعلدماء والدعا ة‬ ‫الذين يستنبطون يمنه الباهني العلدمية والكونية والغرافية والتاريية والطبية والعددية وغيها ما هو عدمل بعض العلدماء‬ ‫اليو م ‪ ،‬فهلؤلء على ثغر ة يمن ثغور هذا الدين بشرط العلم وعد م التكلف فجزاهم ال خياً ‪ ،‬وقد كان ف يما قالو ه‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[32‬‬

‫حجة على كثي من مس ع يمنهم فآيمنوا وصدقوا هذا الدين واتبعوا الكتاب ‪ ،‬والنكار على أصل هذا العلم جهل وأيما‬ ‫النكار على التكلفني والتكلدمني بالرص والظن فهو حق ودين‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[33‬‬

‫الحديث السابع‬ ‫عن عبد ال بن مسعود برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬سباب‬ ‫المسلم فسوق وقتاله كفر (‪.‬‬ ‫صِرمفت إل‬ ‫البناء ل تستقيم يمنفعته لغي ه حت يستقيم ف داخله ‪ ،‬وف الرء طاقات إن صرفها عن الق ُ‬ ‫الباطل ‪ ،‬وإن أعظم يما يقق القو ة بني اليمم والدماعات هو التاد والذي ل يكون إل بال ب والحتا م ‪ ،‬والشيطان‬ ‫إن يأس يمن أن ُيعبد غي ال تعال فإنه ل ييأس أن يقط ع أواصر ال ب والود بني العابدين لربم كدما ف الديث‬ ‫الصحيح ‪ ،‬فدما يمن طريق أفضل لتحقيق يمراد اللؤيمنني أفضل يمن أن تتكايمل قواهم اليانية ليكونوا يداً واحد ة على‬ ‫الق ‪ ،‬لن اليان ل تظهر آثار ه ف هذ ه الدنيا إل بالجتدماع والوحد ة ‪ ،‬فقد ينجو اللؤيمن يو م القيايمة بإيانه الفردي ‪،‬‬ ‫لكن ل يتحقق لليان أثر ه ف الرض إل بالكثر ة والت ل تكون إل بالوحد ة والجتدماع ‪ ،‬وإن يمن أعظم يما ي ب أن‬ ‫يعلم أن "التفرد" عن الدماعة هو يمن الكبائر ‪ ،‬وهذا يمن الفقه النسي هذ ه اليا م فإن النب صلى ال عليه وسلم عد‬ ‫يمن الكبائر‪) :‬التعرب بعد الهجرة ( والتعرب هو العيش على صيغة العراب بل اجتدماع ويمدنّية ‪ ،‬وف هذا الديث‬ ‫أن العدمران والتدمدن يمن اليان وضدها يمن الكبائر والث العظيم ‪ ،‬وعلى الدوا م كانت الطرا ف البعيد ة عن حواضر‬ ‫السل م يمن البوادي والقر ى النائية يمصدر جهل وغفلة ث كانت يد شر يم ع أعداء السلدمني ضد السل م وأهله ‪،‬‬ ‫وقد ذكر أهل العلم أن يمن أعظم يما كان سبباً لهل الوارج هو تفردهم ف البوادي وتركهم حواضر السل م‬ ‫واجتدماَعهم ‪ ،‬وقد رأينا ف تارينا العاصر أن "العراب " هم يمن أطاح بدولة اللفة عنديما صاروا جنود كفر يم ع‬ ‫النليز ‪ ،‬وهم اليو م جنود كفر يم ع اليهود ف فلسطني ‪ ،‬واليمثلة كثي ة جداً ‪ ،‬و"التعرب" هو يمنهج حيا ة ‪ ،‬وليس نسباً‬ ‫ول عرقاً بشرياً ‪ ،‬فدما يقال اليو م يمن كلدمة "البدو" للدللة على أصل عر ق القو م أو الرجل ليس هو "التعرب" الذيمو م‬ ‫ف الديث ‪ ،‬وليس هو يمرادنا ف هذا الكل م ‪ ،‬فم"التعرب" هو العيش بل اجتدماع ُيضبط بقانون يملز م للفرد داخل‬ ‫الدماعة ‪ ،‬ولذلك قد يكون الرجل يعيش ف الدينة وهو "يمتعرب" ل يعيش إل لنفسه وبقانونه الاص به دون الناس‬ ‫يمن إخوانه ‪ ،‬ولكن لا كان العيش ف جزء يمن الرض يصن ع هذا النهج فصار السم ألصق بم يمن غيهم ‪ ،‬ولذلك‬ ‫لا يصل الجتدماع ف "العراب" يصل يمنهم للخي العظيم كدما فعل عبد ال بن ياسني وهو أصل طائفة‬ ‫الرابطني ف الغرب حني "يمّد نمم" طوائف يمن "العراب" فكان يمنهم الاهدون العلدماء الذين حافظوا على السل م‬ ‫ف الغرب زيمناً وعلى رأسهم يوسف بن تاشفني ‪ ،‬وكذا يمثله يما صنعه السنوسيون حني قديموا يمن الزائر وأنشلؤوا ف‬ ‫الصحراء يما يقال له "الزوايا" على طريقة وتسدمية الصوفية ‪ ،‬وهي حواضر تدن ‪ ،‬صار فيها العلم والجتدماع والهاد‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[34‬‬

‫ ب السلم فسو ق ‪ ،‬وهو كبي ة‬ ‫هذا الديث الذي بني أيدينا يّر م أن يلؤذي السلُم السلَم بلسانه أو بيد ه ‪ ،‬فس ّ‬

‫يمن الكبائر ‪ ،‬والس ب هو ريمي السلم بفاحش الكل م ما يلؤذي نفسه وقلبه ‪ ،‬و)كل المسلم على المسلم حرام‬

‫دمه وماله وعرضه ( ‪ ،‬فل يس ب ف يماله ول ف ديمه ول ف عرضه ‪ ،‬ول يلؤذي ف واحد يمنها بفعل ول بقول ‪ ،‬وأعظم‬ ‫يمن الس ب هو القتال ‪ ،‬لن القتال ل ينشأ إل وقد تضدمن الس ب ‪ ،‬بل كثياً ما ينشأ القتال بسب ب الكل م السّي ءم‬ ‫بني الناس ‪ ،‬فدملعون يمن حل حديد ه على أخيه ‪ ،‬والقاتل والقتول ف النار ‪ ،‬وقد جاء ف تسدمية قتال السلم كفر‬ ‫أحاديث أخر ى كقوله‪) :‬ل ترجعوا بعدي كفابراً يضرب بعضكم برقاب بعض ( فإن السلم ل يقاتل أخا ه إل وقد‬

‫غفل عن اليان وروابطه ويما يأيمر به ‪ ،‬هذا وإن كان القصود بالكفر هنا هو الكفر الصغر الذي ل يرج الرء يمن‬

‫الّلة لقوله تعال‪) :‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ( فسدمى الطائفتني باللؤيمنني ‪ ،‬ولكن ل ين ع‬ ‫أن هذا الكفر ما يبط العدمل ‪ ،‬فإن الكبائر تبط العدمال فكدما أن السنات يذهب السيئات ‪ ،‬فكذلك بعض‬ ‫السيئات يبطن بعض الصالات ‪ ،‬ولذلك عنون اليما م البخاري على هذا الديث قوله " باب خو ف اللؤيمن يمن أن‬ ‫يبط عدمله وهو ل يشعر " ‪ ،‬ول ين ع أن ينشأ يمن القتال بني اللؤيمنني خروج بعضهم يمن السل م ‪ ،‬فقد رأينا يمن‬ ‫وال الشركني ونصرهم ضد طائفة يمسلدمة يكرهها ويقاتلها ‪ ،‬وقد حدث هذا كثياً ف تاريخ السل م ‪ ،‬وهذا يمن باب‬ ‫تسدمية الشيء باسم يما يلؤول إليه ‪ ،‬كدما قال تعال على لسان أحد السجينني يم ع يوسف عليه السل م‪) :‬إّني أبراني‬ ‫أعصر خمراً ( وإنا الذي ُيعصر هو العن ب ليصي خراً ‪ ،‬والقتال بني السلدمني كثياً يما يكون سبباً لقوال الكفر‬

‫وأفعاله الت ترج يمن اللة ‪ ،‬كأن يس ب دينه أو يشك ف السل م أو يوال الشركني كدما ُير ى يمن بعض الحزاب‬ ‫السليمية اليو م كدما هو شأن البارحة‪.‬‬

‫إن يمن الواجبات اللقى على السلم أن يبتعد عن أسباب الفسق والكفر ويمن ذلك السد الذي يفسد الدين‬ ‫ويدفعه للظلم والس ب والقتال ‪ ،‬وكذلك العصبية لغي الق ‪ ،‬فالنتصار ل يكون إل للحق دون النظر لألشخاص‬ ‫والذاه ب والحزاب ‪ ،‬والعجي ب اليو م أن طوائف يمن السلدمني ساروا ف ركاب الشرك كدما حصل لبعض يمن كان‬ ‫يمن أهل الهاد ث انقل ب على عقبيه حسداً أن غيهم وق ع عليهم الفضل اللي بالنصر ة والتأييد ‪ ،‬فوق ع يمنهم يما‬ ‫وق ع يمن اليهود كدما قال تعال‪) :‬بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل ال بغياً أن ينـزل ال من فضله‬

‫على من يشاء من عباده فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين ( ‪ ،‬حت قال بعض يمن ل يتقي ال‬ ‫تعال عن طائفة "طالبان " الاهد ة أنا عار على السل م ‪ ،‬وذلك خلل حرب الكافرين لا ‪ ،‬فكان قوله نصر ة‬ ‫ ب الذي يفسق به الرء ث ل ين ع أن يكون بعد ذلك كفراً وقد وق ع ‪،‬‬ ‫للكافرين على السلدمني ‪ ،‬وهذا هو الس ّ‬ ‫والعياذ بال تعال‪.‬‬ ‫ ب طائفة لخطاء اجتهادية ‪ ،‬أو‬ ‫إن أي س ب وقدح ف يمسلم بغي حق هو يمن الفسق ‪ ،‬ويشتد الث حني ُتس ّ‬ ‫ ب يمذاه ب العلدماء‬ ‫لفعل بعض أهلها دون بعضهم لتنفي الناس يمنهم ‪ ،‬وذلك كدما يق ع يمن بعض طلبة العلم يمن س ّ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[35‬‬

‫بذكر بعض القوال الضعيفة سواء كانت اجتهادية أو خلفية حت يسقط يما ي ب يمن الحتا م لذ ه الذاه ب‬ ‫والعلدماء فيها ‪ ،‬ويعلون ذلك طريقاً للا ق الناس بذاهبهم أو يمشايهم ‪ ،‬وهذا كله يمن قلة الدين والورع ‪ ،‬وهو يمن‬ ‫السباب النهي عنه ويمن قلة النصا ف وضعف الدين والعلم كذلك ‪ ،‬والسلم عليه أن يعلم أن أي س ب ‪ ،‬وهو يما‬ ‫ُيلِح ق م العار بالغي هو يمن الفسق ‪ ،‬وأشد يمنه القتال ‪ ،‬فليس هناك شيء يمن أشياء الدنيا ييز للدمسلم أن يرف ع‬ ‫حديد ة ف وجه يمسلم آخر ‪ ،‬وهذا ليس هو باب دف ع الصائل ‪ ،‬ول القتال ف الدفاع عن الال والعرض والنفس‬ ‫والدين ‪ ،‬بل النهي عنه هو القتال الذي هو يمن تريض الشيطان ‪ ،‬والذي دافُِعه الغض ب والشهو ة والنتصار للباطل ‪،‬‬ ‫وف العدمو م كل قتال بني السلدمني فغي ه أول يمنه يمن العفو والصفح‪.‬‬ ‫وليحذر الذين صار ف أيديهم الّس لمح سهلً يميسوراً أن يتجاوزوا به الد ‪ ،‬كدما على الذين آتاهم ال يمنابر‬ ‫الديث والقدر ة على الكل م أن يذروا يمن أن يتجاوزوا به الد ‪ ،‬وباستقايمة القو ة )السلح( يم ع استقايمة القول يتم‬ ‫الفلح ودوا م الال على خي يما يريد ه ال يمن عباد ه ‪ ،‬أيما فساد أحدها فهو اَل َحمِقم والديمار‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[36‬‬

‫الحديث الثامن‬ ‫عن ابن عباس برضي ال عنهما قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬إن هذا الحي من‬ ‫النصابر يقلون ويكثر الناس‪ ،‬فمن ولي شيئاً من أمة محمد صلى ال عليه وسلم فاستطاع أن‬

‫ضّرـ فيه أحداً وينفع فيه أحداً فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم (‪.‬‬ ‫يُ‬

‫إنه كدما جاء ف بعض الحاديث أنه "ف كل قرن سابقون" ‪ ،‬يكونون طليعة الي ويمقديمي قويمهم إل الد ى‬ ‫والّس بمق ‪ ،‬فإذا شاع اليمر وتس ع تر ى أن هلؤلء السابقني ف خفاء وقلة ‪ ،‬وكأن ل يكن لم يمن الي شيئاً ‪ ،‬فيبز‬ ‫للناس غُيهم ‪ ،‬ويتصدر سواهم ‪ ،‬وهلؤلء القلة السابقة إن أخلصوا لربم ونظروا إل يما أعد ال لم ف الخر ة يمن‬ ‫وعود يفرحون لشيوع اليمر ويدمدون ال تعال أن صر ف عنهم زهر ة الدنيا فل ُينقص يمن أعدمالم شيء بسب ب‬ ‫التعجيل ‪ ،‬وكذا يفرحون أن الفت صرفت عنهم ‪ ،‬فهم ذاقوا يمرار ة البداية وعاشوا فتنة الضراء الت تصي ب الدعوات ف‬ ‫بدايتها ‪ ،‬فإذا اشتد اليمر وصار له الصدار ة جاءت فت العاجلة والال والقياد ة والصيت والسدمعة ‪ ،‬وكذا فت‬ ‫اللحقني الذين دخلوا ف اليمر يم ع قلة علم لقيقته ولكّنهم التحقوا بالناس اتباعاً للشيوع والنتشار يمن اليمور ‪،‬‬ ‫وهذ ه فت السراء الت صرفت عنهم والت تكون عاد ة للدعوات بعد انتصارها وشيوعها‪.‬‬ ‫النصار هم يماد ة السل م الول ف تقيق انتصار ه ‪ ،‬تلك الاد ة الت كانت وقود الصب الول والهاد الثان ‪،‬‬ ‫فقديموا الرواح الغالية يمن قادتم الكبار كسعد بن الربي ع الذي ُقتل ف أحد ‪ ،‬وسعد بن يمعاذ الذي قتل ف الند ق ‪،‬‬ ‫وقديموا أصول أيموالم الت يقتاتون با هم وأهلهم يمن الثدمار والدائق ‪ ،‬وقطعوا كل أسباب القو ة الت يركنون إليها‬ ‫قبل السل م ‪ ،‬فاليهود أحلفهم انقلبوا عليهم بالعداو ة ‪ ،‬وقر ى العلقات يمن يمكة والطائف صارت حرباً ‪ ،‬وأعراب‬ ‫البادية يمطايمعهم ف أرضهم وثارهم وأهلهم ‪ ،‬فذاقوا بق يمرار ة البداية الارقة ‪ ،‬ولا كادت الثدمر ة أن تين ع رأوا وإذا‬ ‫زهرتا ُْتتَن من قاتلوهم على السل م ‪ ،‬ففي حنني وقد جاء خي عظيم يمن غنائم غطفان وهوزان فدما راعهم إل أن‬ ‫الال والزهر ة الدميلة تفيض بل عد ول كيل على "اللؤلفة قلوبم" ‪ ،‬أيما هم فل شيء ‪ ،‬وهاجت نفوسهم بالل ‪ ،‬يم ع‬ ‫خو ف غشي القلوب أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قد وجد يمكة بلَد هم وسيكون فيها يمسّت ه ‪ ،‬ويمعن ذلك أن‬ ‫يرجعوا إل يمدينتهم البيبة بل شيء ‪ ،‬ولن يدوا فيها شيئاً ‪ ،‬فقد خربت يمزارعهم وثارهم لنشغالم بالهاد عنها ‪،‬‬ ‫وحينها ل يلكون إل الديموع ‪ ،‬فجرت هذ ه العان الزينة على ألسنتهم بأل واستحياء دفني حت وصلت إل البي ب‬ ‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأرسل لم جايمعاً ‪ ،‬حت إذا جاؤوا وقف يكلدمهم ‪ ،‬بل ف القيقة وقف يفجر براكني اليان ‪،‬‬ ‫ويرسل ريح الد ى ‪ ،‬ويشعل قناديل النور ‪ ،‬فرحلت النفوس للجنان ومست على كل هذ ه الدنيا الفانية ‪ ،‬كيف ل وهو‬ ‫كل م رجل أحبهم أكثر يمن أنفسهم ‪ ،‬ويشفق عليهم أكثر يمن شفقة أيمهاتم عليهم ‪ ،‬ورحيم بم أكثر يمن رحتهم‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[37‬‬

‫على أنفسهم ‪ ،‬إنه كل م ال ب العدميق الذي يصل إل حشاشة القلوب ‪ ،‬واليقني البارد الذي يطف ئ نيان الشهوات‬ ‫العاجلة والل م النسانية ‪ ،‬فقد عّد فضائلهم على الي ‪ ،‬وذّك رمهم بفضائل الي عليهم ‪ ،‬ث "إن اليا مياهم والدمات‬ ‫ماتم" ويما سيجعون به إل رحالم خي ما سيج ع به الناس ‪ ،‬إنم سيجعون برسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫هكذا هي مسة الوائل يم ع دعو ة الق ‪ ،‬وف كل قرن ‪ ،‬ويم ع كل إحياء وتديد لذا الدين ‪ ،‬فالطليعة الول إيما‬ ‫إل الشهاد ة يم ع البتلء ‪ ،‬ويمن بقي يتوار ى عن يمناص ب الدنيا لكثر ة الزحا م بعد ذلك‪.‬‬ ‫يم ع هذ ه السنة الارية ل يكن أن يصب ويصدمد إل أهل اليقني على الخر ة ‪ ،‬أولئك الذين عدملوا لوجه ال ‪،‬‬ ‫ول يدخلوا ف هذا الدين إل يمن أجل النة والصول على نعيدمها ‪ ،‬وأيما يمن كان ف قلبه َدَخمنم أو ف نيته فساد‬ ‫فسيسخط وسيصرخ يمن قلة الوفاء حيث ل يضعه الناس يموضعه ‪ ،‬وسيتهم العايملني بانرا ف الطريق وتغيي السي ‪،‬‬ ‫ويما در ى أنا السنن ‪ ،‬ها هو أبو أيوب النصاري يرفض زيماناً أن يقاتل تت يزيد بن يمعاوية بن أب سفيان وقد‬ ‫رأ ى يما يكر ه ‪ ،‬وينكر يما ل يعر ف ‪ ،‬ث يتذكر أنه جهاد ف سبيل ال ‪ ،‬فيعاود نفسه ويرج تت إيمر ة يزيد ف فتح‬ ‫القسطنطينية ويصي ب يمبتغا ه ف الشهاد ة ‪ ،‬فالندي ف هذا الدين ل يضر ه يمن يتصدر ‪ ،‬لنه جهاد ف سبيل ال‬ ‫تعال وعدمل يمن أجل النة ل غي‪.‬‬ ‫ف هذا الديث وصية يمن رسول ال تعال بالرعيل الول ‪ ،‬وبالسابقني ف الي حيث يكثر الزحا م ‪ ،‬وصية بم‬ ‫لأليمراء ولكل يمن بيد ه زهر ة دنيا أصابا يمن هذا الدين أن ل ينسى هلؤلء ‪ ،‬بل يقيم لم يما ييزهم عن غيهم ‪،‬‬ ‫فهلؤلء ليسوا ككل الناس ‪ ،‬فهم أتوا عند القلة والضعف ‪ ،‬فإيانم له الّس بمق وله الفضل لذا يستحقون يما ييزون به ‪،‬‬

‫ولذلك جعل ال السابقني ه ‪)-‬نثلة من الولين وقليل من الخرين (ه ‪ -‬وهلؤلء بل ف غيهم يمن أهل الي يمن أهل‬ ‫اليدمني فقد قال فيهم‪) :‬نثلة من الولين ونثلة من الخرين ()‪ (1‬فالسابقون دائدماً ف قلة ف آخر اليمر ‪ ،‬والية وإن‬

‫كانت تتحدث عن الصحابة ويمن بعدهم ف بعض أقوال أهل التفسي ‪ ،‬فالسابقون كثي ف الصحابة وقليل فيدمن‬ ‫بعدهم وهو اختيار ابن كثي رحه ال ف تفسي ه فإن الية تفيد كذلك ف بعض يمعانيها قلة السابقني ف كل قرن‬ ‫كذلك وال أعلم ‪ ،‬فهذ ه القلة ي ب على اليمة عدمويماً وعلى اليمراء خصوصاً أن يراعوا فضلهم فيقبلوا يمنهم القليل‬ ‫إن أحسنوا ‪ ،‬إذ قليلهم ليس بقليل كدما قال القائل‪:‬‬ ‫قليل منك يكفيني ولكن‬

‫‪1‬‬

‫قليلك ل يقال له قليل‬

‫)( ابن كثي رحه ال ضّعف قول ابن جرير ويمن تبعه من قال بقوله كالقرطب ف قوله‪ :‬إن القصود بالثلة يمن السابقني هم اليمم السابقة يمن أتباع‬ ‫النبياء ‪ ،‬وإن القليل يمن التأخرين هم يمن هذ ه اليمة ‪ ،‬وقال القرطب‪ :‬وُمسّوا قليلً بالضافة إل يمن كان قبلهم ‪ ،‬لن النبياء كانوا كثرً ة فكُثر السابقون‬ ‫إل اليان يمنهم‪ .‬قال ابن كثي‪:‬م القول الذي اختار ه ابن جرير فيه نظر بل هو ضعيف‪ .‬ويما قال ابن كثيصحيح ‪،‬م ويشهدم له قول صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪) :‬نن الخرون السابقون(‪.‬م‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[38‬‬

‫و ف الديث ف فضل السابقني يمن أصحابه على بقية الصحاب‪) :‬لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ‬

‫مّد أحدهم ول نصيفه ( ‪ ،‬وقد ُعلم أن كثر ة العباد ة صارت ف التأخرين أكثر يمن الولني ولكن هيهات أن يبلغ‬

‫فضلها يما بلغ به الولون ‪ ،‬لن الولني هم أصل اليمر وأوله وهم الداعون له ‪ ،‬والتاب ع تاب ع كدما قالوا فدما هو إل‬ ‫فرع لصل ولِح ٌق ملتقد م ‪ ،‬فهل يما أنَف َقمْتمهم خدية رضي ال عنهدما يمهدما كان قليلً ف ظاهر ه هو أقل ما أنفقه أي‬ ‫لحق؟! ل وال ‪ ،‬وهل يما أنفقه أبو بكر رضي ال عنه كدما أنفقه غي ه؟! وهل العادلة تكون بالعدد أ م بالثر‬ ‫والسبق والتقد م؟! اللهم إن الولني السابقني ل يعدلم أحد ف الفضل واليان وهلؤلء السابقون إن أساؤوا ه ‪-‬و هي‬

‫صفة لزيمة للبشر يمهدما كان صلحهم وفضلهم لقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬كل ابن آدم خّطاء وخير الخّطائين‬ ‫التـّو اـبون (ه ‪ -‬فإن أساؤوا ف غي الدود فحسناتم يماضية عند ال وكذا ي ب أن يكون اليمر عند البشر ‪ ،‬فعلى‬

‫الناس أن يتجاوزوا ويعفوا ويصفحوا عن سيئاتم ‪ ،‬فل يلحقونم كدما يلحقون غيهم ‪ ،‬ول يثربون عليهم كدما‬ ‫يثربون على الصغار ‪ ،‬وهذا ليس يمن الباب الذي حّذ رم يمنه رسول ال صلى ال عليه وسلم ووقعت فيه بنوا إسرائيل‪:‬‬ ‫)إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا سرق الشريف تركوه ( ‪ ،‬فهذا يفت ق ف أيمرين‪ :‬أن النكر ف هذا‬ ‫الديث هو إسقاط الدود وهي حق ال ل تسقط عن أحد ‪ ،‬ولو سقطت الدود لسقطت عن يمسطح بن أثاثة‬

‫رضي ال عنه ف حادثة الفك وهو البدري الذي قال عنهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬لعّل ال اّطلع على‬ ‫أهل بدبر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ( ‪ ،‬والثان‪ :‬أن يمعيار التفضيل عند الغضوب عليهم هو الشر ف‬

‫والفقر والقو ة والضعف ‪ ،‬وهذا شر وسبيل شراء الذيمم وضياع القو ق‪.‬‬ ‫فيا أهل الهاد ‪ ،‬ويا أهل الي والفضل احفظوا لهل الفضل فضلهم ‪ ،‬فاحفظوا للسابقني سبقهم ‪ ،‬ولألنصار‬ ‫انتصارهم ولهل البيت قرابتهم يمن البي ب الصطفى صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولهل العلم علدمهم ‪ ،‬وأنزلوا الناس‬ ‫يمنازلم ‪ ،‬فخيار أهل السل م هم خيارهم ف الاهلية إذا فقهوا ‪ ،‬وأشد الناس مبة لذا الدين هم أشدهم عداو ة له‬ ‫قبل السل م كدما ف الصحيح يمعنا ه‪.‬‬ ‫اللهم إن أح ب النصار يمن أهل يمدينة البي ب واحشرن يم ع لوائهم يو م القيايمة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[39‬‬

‫الحديث التاسع‬ ‫عن سعد بن أبي وقاص برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬هل‬ ‫تنصرون وترزقون إل بضعفائكم (‪.‬‬ ‫اليمة تراعي أبناءها كأبناء ال م النون ترعاهم أيمهم بس ب حاجتهم وكدما قال العراب وقد سئل‪ :‬يمن أح ب‬ ‫أبنائك إليك؟ فقال‪" :‬الصغي حت يكب ‪ ،‬والريض حت يبأ ‪ ،‬والفائ ب حت يعود" ‪ ،‬فالرعاية وال ب والعطف ل يكون‬ ‫ض لم والقو ة بل قاعدته الصحيحة بس ب الاجة والضعف ‪ ،‬وقانون ال ب هذا هو قانون دوا م اليا ة‬ ‫بس ب الف ْ‬

‫وسرها الباطن ‪ ،‬فالقوي حاله حال ضالة البل‪) :‬مالك ولها‪ ،‬معها حذاؤها وسقاؤها‪ ،‬ترد الماء وتأكل الشجر(‬

‫كدما قال حبيب الصطفى صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فالقوي يوكل إل قوته ‪ ،‬لكن العب ة والحسان إنا يكون للدمحتاج‬ ‫الضعيف ‪ ،‬يراعى بس ب حاجته ‪ ،‬وقد نشأت متدمعات وتدمعات بشرية ل تقيم إل لنوع واحد يمن القو ة الهية‬ ‫والعتبار ‪ ،‬وتنبذ يما عداهم من ل يلكون هذ ه القو ة وهذ ه التجدمعات وإن بدت سليدمة ف بداية اليمر إل أن‬ ‫عوايمل الضعف سرعان يما تسارع إليها ‪ ،‬لن اليا ة ل تقو م على نوع واحد يمهدما كان هذا قوياً ‪ ،‬فالستقلل يمهلكة‬ ‫كالقتصار على نوع واحد يمن الطعا م ‪ ،‬فإنه يمهدما كان هذا الطعا م يمغذياً يمليئاً بالفوائد إل أن القتصار عليه يوهي‬ ‫البدن ويضعف صاحبه ويورد ه الوت واللكة ‪ ،‬فاليا ة ل تستقيم بعلم بل قو ة ‪ ،‬ول بقو ة دون رحة ‪ ،‬ول برحة دون‬ ‫يمسلؤولية ‪ ،‬ول بسلؤولية دون يمشور ة ‪ ،‬وهكذا سبيل اليا ة ‪ ،‬وعال الغي ب ليس غائباً ف تأثي ه عن اليا ة الدنيا وإن‬ ‫كان غائباً بصورته عن العني فيها ‪ ،‬فحركة الغي ب الرتبطة بالخبات والدعاء والطاعة والعصية لا حقائق واقعية‬ ‫على الرض ويمن يعيش عليها يمن إنس وجن وحيوان ونبات ‪ ،‬فالذين ينظرون إل اليا ة الدنيا وحساباتا فقط يمن‬ ‫ ب ال وبغضه ولذلك جعل ال يمن انتقايمه لعدائه أن‬ ‫يماديات ومسوسات سيصيطرون بالسنن اللية التعلقة ب ّ‬ ‫يأخذهم "بغتة" ‪ ،‬أي دون وجود يمقديمات تنذرهم للتغيي والتحضي لا والدارسون للّس نمن الجتدماعية خاصة يعلنون‬ ‫كثياً أن علو م الجتدماع ف دراسة الظواهر ليست يمطلقة إذ كثياً يما تصل هبات يمفاخئة تصد م الدارسني‬ ‫والراقبني ‪ ،‬وهو تقيق لذا التحذير اللي بالبغتة ‪ ،‬وأيما الظواهر الكونية يمن الزلزل والباكني والعاصي فأيمرها ف‬

‫هذا الباب أشهر يمن غيها ‪ ،‬وهي بق ينطبق عليها لن أراد البصي ة قوله صلى ال عليه وسلم عن العدو ى‪) :‬فمن‬

‫أعدى الول ( ‪ ،‬والقصد أن عال الباطن وعال الغي ب حضورها بالتأثي ف عال الشهاد ة بّني وواضح لول اللباب ‪،‬‬

‫وكذلك التدمعات ل تشعر باجتها للرحة والعطف ‪ ،‬وتعلم أن الضعيف لز م يمن لواز م اليا ة كدما القوي ‪ ،‬وهذا أيمر‬ ‫ل نتار ه بل هو سنة اليا ة الت نتعايمل يمعها يمن خلل قانونا ووجود ه‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[40‬‬

‫ف حركة اليمة والطوائف للجهاد ‪ ،‬وهي حركة أصيلة ثابتة ليمة مدمد صلى ال عليه وسلم بل لحيا ة ليمة يمن‬ ‫اليمم إل با لقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬ما غزى قوم في عقر دابرهم إل ذلوا ( ‪ ،‬قد ينشأ وهم أن هذا التدم ع‬ ‫يمعسكر ل لزو م فيه إل لألقوياء والصحاء والشجعان فبالتال غيهم عالة عليهم ‪ ،‬وف يمدينة اسبارطة القدية وصل‬ ‫غرور القو ة وعسكر ة التدم ع أنم كانوا إذا ُولِمد ولٌد ضعيف أو فيه يمرض أو تشّو ه ذهبوا به إل جبل عال وريمو ه يمن‬ ‫فوقه تلصاً يمنه لاهليتهم أنه ل حاجة لياتم له ‪ ،‬فهذا الديث النبوي تنبيه لتأثي عال الغي ب على عال الشهاد ة ‪،‬‬ ‫فالضعفاء هم مط نظر ال تعال ‪ ،‬لنم أحوج يمن غيهم لذا النظر ‪ ،‬فحيث كان البلء كانت الرحة ‪ ،‬إذ أن‬ ‫عدل ال ورحته ينعان العسر بل يسر ‪ ،‬والضعف بل رعاية ‪ ،‬والاجة بل عناية ‪ ،‬وهذا العدل اللي هو الذي يبه‬ ‫ال لعبيد ه أن يتصفوا به ‪ ،‬وهذ ه الرحة الت إن وجدت ف القلوب كانت سبباً لرحة ال تعال ‪ ،‬وهلؤلء الضعفاء‬ ‫تنكسر قلوبم بصد ق عند الطل ب فهم يسألون يمن حاجة ‪ ،‬وفر ق بني سلؤال الدمتل ئ وسلؤال الفقي ‪ ،‬وال ي ب هذا‬ ‫يمن عبيد ه لن العز ة هي إزاُر ه والكبياء رداؤ ه ‪ ،‬وال ل ي ب كل جبار يمتكب ‪ ،‬ولذلك كثر ف النة الضعفاء وهم‬ ‫دويماً أتباع النبياء كدما قال هرقل ف حوار ه يم ع أب سفيان ‪ ،‬ويمن السنن الدميد ة أن ُي رممج إل الدعاء بالبذاذ ة ويم ع‬ ‫الضعفاء والتاجني ‪ ،‬وقد ذكر ال ف كتابه أن يمن يمساوئ ترك الهاد هو حصول النقدمة والغض ب يمن الضعفاء‬ ‫على أهل القو ة لتقصيهم وقال تعال ف سور ة النساء‪) :‬ومالكم ل تقاتلون في سبيل ال والمستضعفين من‬

‫الرجال والّنساء والولدان اّلذين يقولون برّبنا أخرجنا من هذه القرية الّظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليّاُ‬ ‫واجعل لنا من لدك نصيراً ( فغض ب هلؤلء هو سب ب غض ب ال تعال كدما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬ ‫لب بكر وقد حذر ه يمن إغضاب أيمثال هلؤلء فقال‪) :‬إن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ال (‪.‬‬

‫وهذا الديث وإن كان فيه فضل الضعفاء على القوياء ‪ ،‬إذ ل يرز ق القوياء ول ينصرون إل بالضعفاء ‪ ،‬فإن‬ ‫هذا ل يعن أن الضعيف يمقد م ف إيانه على القوي ‪ ،‬لن اجتدماع القو ة يم ع اليان خي يمن استقلل اليان لوحد ه‬ ‫ب إلى ال من المؤمن الضعيف وفي كّ​ّل خير (‬ ‫بل قو ة ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬المؤمن القوي خير وأح ّ‬

‫لن يمقاصد السل م ف الفرد والدماعة ل تقو م إل بالقو ة ‪ ،‬وكون الشيء متاج إل غي ه ل يعن أن غي ه خي يمنه ‪،‬‬ ‫فالنسان متاج إل الطعا م والاد م وغيها وليس ها بأفضل يمنه كدما هو يمعلو م ‪ ،‬ولذلك يمن الواج ب السعي للقو ة ‪،‬‬ ‫فقد قال تعال‪) :‬ول تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل ال لكم قياماً ( فالال قوا م اليا ة ول يوز إفساد ه بإعطائه‬ ‫لغي ُرَعاِته وَح َفمظَمتِ​ِه ‪،‬م وقال تعال‪) :‬وأعّد وـا لهم ما استطعتم من قوة ( ‪ ،‬وقد قال النب صلى ال عليه وسلم ف عدمر ة‬ ‫القضية لصحابه لا دخلوا يمكة وهي ف يد الشركني يمن قريش‪) :‬برحم ال امرءاً أبراهم مّنا قوة ( ‪ ،‬وإنا يكون‬ ‫ص رم فهو آث تارك لواج ب‪.‬‬ ‫الفضل للضعيف لعد م قدرته على تصيل القو ة وأيما الق ّ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[41‬‬

‫الحديث العاشر‬ ‫عن أنس برضي ال عنه أن برجلً سأل الّنبي صلى ال عليه وسَلم‪ :‬متى الساعة يا برسول ال؟‬ ‫ب ال‬ ‫قال‪) :‬ما أعددت لها؟ قال‪ :‬ما أعددت لها من كثير صلة ول صدقة ولكّني أح ّ‬

‫وبرسوله‪ .‬قال‪ :‬أنت مع من أحببت ( قال أنس‪ " :‬فما فرحنا بشيء َفرَح نـا بقول النبي صلى ال‬

‫ب النبي صلى ال عليه وسلم وأبا بكر وعمر‪،‬‬ ‫عليه وسلم‪) :‬أنت مع من أحببت ( فأنا أح ّ‬

‫وأبرجو أن أكون معهم بحّبي لهم وإن لم أعمل بمثل عملهم (‪.‬‬

‫اليا ة الدنيا لا عنوان جايم ع لركة الوجودات فيها ‪ ،‬هذا العنوان هو " ال ب " ‪ ،‬وهو العن السائر ف هذا‬ ‫الكون وف النسان ‪ ،‬ويمن خلله تصل الرادات وبالتال تتم الفعال والقوال ‪ ،‬وهذا شيء يعرفه الناس بعدمويمهم‬ ‫حني يدركون أسرار الوجود ‪ ،‬ولكن يمن عظدمة هذا الدين أن يعل اليا ة الخر ة كذلك ‪ ،‬فهي حيا ة قائدمة على‬ ‫ال ب كذلك و" ال ب " هذا العن اللطيف السر ‪ ،‬فيدملك قو ة التأثي يم ع خفائه ‪ ،‬ويموطنه القل ب الباطن ‪ ،‬وآثار ه‬ ‫على الوجود الشهود ‪ ،‬ففي النسان يظهر على وجهه وقسدماته ‪ ،‬وعلى أقواله وحركاته ونويمه وقيايمه ‪ ،‬والوجود كله ل‬ ‫يكتس ب جالً ونضر ة إل بال ب ‪ ،‬فحيا ة الوجود يمن حركة وإراد ة تنشأ بال ب ‪ ،‬وجال الوجود ونضارته ل يكون إل‬ ‫بال ب ‪ ،‬والعبودية ل تنشأ إل بال ب ‪ ،‬وكذا التابعة ‪ ،‬والسر ة ل يستقيم أيمرها إل بال ب سواء بني الزوج والزوجة أو‬ ‫بني الباء والبناء ‪ ،‬وكذا التدم ع الي ل يستقيم إل بذا العن اللطيف الدميل والعظيم كذلك‪.‬‬ ‫إن البشرية يمعرضة أن تتحول إل وحوش ينهش بعضها بعضاً ‪ ،‬وإل يمصال جافة ل فضل فيها للدمعان‬ ‫الباطنة ‪ ،‬وبالتال تنشأ الشرور والبغضاء والروب النجسة والنافسة البغيضة‪.‬‬ ‫إن هذا الدين دين الدمال والعان اللطيفة السايمية ‪ ،‬دين يُنش ئ علقة ح ب وجال بني النسان والخلوقات‬ ‫يمن غي ه يمهدما بدت جايمد ة ل حيا ة فيها ‪ ،‬فرسول ال صلى ال عليه وسلم يقول عن جبل أحد‪) :‬يحبنا ونحبه ( ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ ب والدينة النور ة يمدينة ح ب لقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا أو‬ ‫ بم وُيَ َُ‬ ‫فالبُل ُي ّ‬ ‫أشد ( ‪ ،‬ولذلك إذا يمات الكافر )فما بكت عليهم السماء والبرض ( أي أندما يبكيان على اللؤيمن لعلقة ال ب‬ ‫بينهدما ‪ ،‬وأخبار ال ب بني الصحابة ودوابم وشجرهم كثي ة جداً ‪ ،‬وأيما يم ع رسول ال صلى ال عليه وسلم فهي‬ ‫عج ب يمن العاجي ب فها هو يرج ويكشف عن كتفه الشريفة ليتعرض إل الطر ويقول‪) :‬إنه حديث عهد برّبه ( ‪،‬‬ ‫إنه بصر الباطن ف الشياء والوجودات ورؤية أسرارها الفية الدميلة ‪ ،‬وعلقتها بأعظم مبوب وأجل يموجود ‪ ،‬إنه‬ ‫الوحيد الذي َُي ب لذاته‪ :‬إنه ال تعال‪ .‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ُيسأل‪ :‬يمن أح ب الناس إليك؟ فيقول‪:‬‬ ‫)عائشة (‪ .‬فهي حبيبته وهو حبيبها ول خجل ف هذا التدم ع يمن هذا ال ب الرائ ع العظيم ‪ ،‬يّبها حت إنه ليض ع‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[42‬‬

‫فدمه على يمكان شربا يمن الناء ليدمس بفدمه الشريف يمكان فدمها الطي ب الدميل ‪ ،‬فأين هذا يمن متدمعات القسو ة‬ ‫الت يجل الرء يمن إعلن حبه لبوبته وزوجته ثّ ُيسأل عن أح ب الرجال إليه فيقول‪) :‬أبو بكر ( ‪ ،‬فالرجل ي ب‬ ‫الرجل ‪ ،‬ويمن الدين أن يب الر أخا ه أنه يبه ‪ ،‬ولقد كان يمن مبته لألطفال أن ير بم ويسلم عليهم ‪ ،‬ويوط ئ كتفه‬ ‫الشريف إن أرادوا لعباً أو لواً يليق بم ‪ ،‬فهو ينحن ليك ب أبناؤ ه ه ‪-‬السن والسني رضي ال عنهدما ولعن ال يمن‬ ‫أبغضهدما وقتل السنيه ‪ -‬ها يركبان على ظهر ه الشريف وب ب رائ ع جيل ‪ ،‬وكان ي ب البنات فكان يبش لرؤية‬ ‫حبيبته فاطدمة ويوس ع لا ويفرش لا رداء ه ‪ ،‬وامس ع إل حديث ال ب يم ع بنت تلهو بتم النبو ة على ظهر ه‪ :‬فعن أم‬

‫خالد بنت خالد بن سعيد قالت‪ :‬أتيت برسول ال صلى ال عليه وسلم مع أبي وعلّي قميص أصفر‪ ،‬فقال‬

‫برسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ) :‬س نَـه َس نَـه ( وهي بالحبشّية ومعناها "حسنة حسنة"‪ ،‬فذهبت ألعب بخاتم‬ ‫النبوة فزجرني أبي‪ .‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬دعها ( نثم قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬ ‫)أبلي وأخلقي نثم أبلي وأخلقي نثم أبلي وأخِلقي ( فليس هناك شيء يمقدس عن لس الطفل ين ع يمنه ‪ ،‬بل كان‬ ‫الطفل يبول ف حجر النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ويما أْيم ُرم ه بالرش يمن بول الطفل والغسل يمن بول الارية إل إشار ة‬ ‫أن ل ينعكم بوُل مم يمن حلهم واللع ب يمعهم فعلً يمن أفعال ال ب اللئقة بني الناس‪.‬‬ ‫ ب قلب لرسول ال صلى ال عليه وسلم ل يصل‬ ‫بال ب وحد ه تصل التابعة بني التاب ع والتبوع فدمن غي ح ّ‬ ‫التأّس يم والنقياد‪.‬‬ ‫وبال ب وحد ه تصل العبودية ل رب العالني ‪ ،‬فحينها ُتنص ب القدا م وتنفق اليموال وتزهق الرواح وتبذل‬ ‫النفائس رجاء أن تر ى وجه البوب يو م القيايمة‪.‬‬

‫وبال ب وحد ه ُيطاع اليمر ف الباطن عن رضا وقبول كدما يطاع ف الظاهر ‪ ،‬ول حيا ة للدمجتدمعات والدماعات‬ ‫إل بذ ه الطاعة الباطنة الراضية‪.‬‬ ‫س اليا ة‬ ‫إن العان الدميلة ليس أيمراً زائداً عن اليا ة ‪ ،‬وليست يمكدملً لضرورات وحاجيات اليا ة ‪ ،‬بل هي أ ّ‬ ‫وضرورتا الول وغيها يمكدمل لا وهايمش على جوانبها ‪ ،‬ويمن ل يفهم هذا فهو أضل يمن دواب الرض وأنعايمها ‪،‬‬ ‫لن النعا م تفهم هذ ه العان وتراعيها على حساب أشيائها بل وعلى حساب حياتا ‪ ،‬فالسد يوت يمن أجل‬ ‫زوجته والدب يوت يمن أجل أولد ه ‪ ،‬وقد ذكر ال ف كتابه أن يمن عذاب ال تعال على الناس أن تضي ع هذ ه‬ ‫العان بني الناس والدواب والبال والبحار فقال سبحانه‪) :‬ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الّناس‬ ‫ليذيقهم بعض اّلذي عملوا لعلهم يرجعون (‪.‬‬ ‫تبقى يمسألة وهي يمهدمات تصيل ال ب ‪ ،‬والق أن الشرع كله يمن كتاب وسنة يما وض ع إل لذا القصد ‪،‬‬ ‫صلم الرء طاعة بينه وبني ربه اقتب بقدارها إل ح ب ال بل أكثر يمنها لن كر م ال يقتضي ذلك فقد‬ ‫وكلدما ح ّ‬ ‫قال تعال‪) :‬يمن أتان يشي أتيته هرولة( ‪ ،‬ولكدما حصل الرء طاعة بينه وبني ربه يزداد قرباً يمن أحباء ال وعبيد ه‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[43‬‬

‫وخلقه ‪ ،‬وكذا تصيل الطاعات يم ع اللق يمن حسِن ُخ لمٍق وإنفا ق ورحة بم وعفو عن إساءتم وتغاب عدما يفعلون‬ ‫كل ذلك وغي ه يمن خيات ال ب ‪ ،‬وتفصيل ذلك يطول ‪ ،‬ولكن القصد أن ال ب هو يميزان الدنيا وعنوانا ‪ ،‬وهو‬ ‫يميزان الخر ة ودرجاتا ‪ ،‬فأحبوا الصالني والاهدين والعلدماء والعايملني تشروا يمعهم يو م القيايمة برحة ال وفضله ‪،‬‬ ‫وأيميتوا شروَر القلوب وإساءات الخرين بال ب ‪ ،‬وقد صد ق يمن قال‪ " :‬اقتلوا أعداءكم بال ب " ‪ ،‬فوال إن اليمر‬ ‫كدما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم وقد شكى إليه أحد أصحابه فعل قَرابته له ‪ ،‬أنه يصلهم وهم يقطعونه ‪،‬‬ ‫ف ف أعينهم الل( أي الريماد الايمي ‪ ،‬فإن الصم يفرح إن رأ ى أنه أصاب‬ ‫فقال‪) :‬إن كنت كدما تقول فإّن ا م تس ّ‬ ‫يمنك ‪ ،‬فلدما يراك ل تغض ب لصنيعه بل تزداد له قرباً وصلة فإيما أن يصلح أيمر ه كدما قال تعال‪) :‬فإذا الذي بينك‬ ‫ل حيم( كدما صارت صفية بنت حيي بن أخط ب حبيبة لقاتل زوجها وأبيها وعدمها وإيما أن‬ ‫وبينه عداو ة كأنه و ّ‬ ‫يعّذ بم بإحسانك له‪.‬‬ ‫وعلى كل فهذا باب تُلؤلف فيه اللدات شهد ال لكن يما أردت إل الشار ة لهية هذا الباب ‪ ،‬فإن كثياً يمن‬ ‫الناس ف عقله قل هذا العدمل القلب العظيم ‪ ،‬وكفى بفضله أنه يثقل الضعيف حت يلحق بالكبار والعايملني ‪ ،‬فإن الر‬ ‫يم ع يمن أح ب ‪ ،‬وإنه يمن عدل ال ورحته أن يدم ع الحبة ول يفر ق بينهم‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[44‬‬

‫الحديث الحادي عشر‬ ‫عن أبي موسى الشعري برضي ال عنه قال‪ :‬بعثني برسول ال صلى ال عليه وسلم ومعاذاً‬ ‫إلى اليمن وقال‪) :‬يّس رـا ول تعّس رـا‪ ،‬وبّش رـا ول تنّف رـا وتطاوعا ول تختلفا (‪.‬‬ ‫اليمم والتدمعات والدماعات لا أرواح ‪ ،‬وأرواح الفراد كأرواح الدماعات تنبسط وتنقبض ‪ ،‬وتزن وتفرح والروح‬ ‫لا تقبض بالقهر والقسو ة والعنف تتعطل قواها الفاعلة لنا تنكدمش نكوصاً إل داخلها الزينة ‪ ،‬وتتلبس باليأس إن‬ ‫طال القهر وايمتد زيمانه ‪ ،‬ول يوجد ثة بيئة تتج البداع وتقّويمه سو ى بيئة التسايمح والنفتاح والبور واليمل ‪ ،‬فهذ ه‬ ‫بيئة العطاء ‪ ،‬لن النفس البتهجة هي الت تفكر بالبداع والحسان ‪ ،‬وتنطلق يمن هو م ذاتا إل غيها بال ب‬ ‫والعطاء ‪ ،‬والقهر والقسو ة والعنف وإن حققت بيئتهم بعض النتائج حيناً إل أنا ل يكن أن تدو م ‪ ،‬فالو ف إن طال‬ ‫إيما أن يتحول إل يمرض ووسواس قهري وإيما بالخالفة والنقلب حني يتم التجاوز‪.‬‬ ‫التدم ع السليمي واليمة السليمية والدماعات الية الت دا م تأثيها كدمذاه ب العلدماء وحلقات الدراسة‬ ‫يمادايمت إل بذا القانون النبوي العظيم )بشرا ول تنفرا وتطاوعا ول تختلفا (‪.‬‬ ‫أيما اليسر فهو ف التكاليف والها م العدملية‪.‬‬ ‫وأيما التبشي فهو ف الطاب ويمقال اللسان ويمقا م البيان‪.‬‬ ‫وأيما التطاوع فهو ف يمقا م الراء ف تقيق الجتدماع والنفة‪.‬‬ ‫فالراعي ييسر على رعيته ف التكاليف ول يكلفهم يما ل يطيقون ‪ ،‬فل يطل ب يمنهم " كرائم أيموالم " كدما‬ ‫جاء ف الديث الشريف ‪ ،‬ول يشق عليهم فيخونو ه ويدعو ه ‪ ،‬فالب وال م والعلم والسّيد واليمي والسلطان كل‬ ‫هلؤلء ل يستقيم ليمرهم تنفيذ أو دوا م إل بأن ييسروا على رعيتهم ‪ ،‬لان اليا ة طويلة ‪ ،‬والتكاليف دائدمة ليست‬ ‫ليو م ول يويمني بل للعدمر كله وبذا الال ل يتم التواصل إل باليسي ل العسي‪.‬‬ ‫وبالتبشي يتم دف ع النفس للعدمل ‪ ،‬فهو وقودها ل تقو ى إل به ‪ ،‬ول تتواصل إل بذا الدد ‪ ،‬ويمن ذلك الذي‬ ‫يقال له " التشجي ع " ‪ ،‬وهي تسدمية يمعاصر ة لدمارسات عدملية كالدية وقولية كالديح تدف ع صاحبها للقبال على‬ ‫العدمل وبذل الزيد يمن الهد ‪ ،‬وهذا باب يمعّطل ف العدمل السليمي بسب ب التبية الفاسد ة ف متدمعات إسليمية‬ ‫يمعينة وبسب ب غزو الدين الصوف لكثي يمن عقول الربني والعلدماء‪.‬‬ ‫لنر يما تقو م به التجدمعات الاهلية يمن يمديح و"تشجي ع" لرجالا وأعدمالم ‪ ،‬ولنقارن هذا يما يصل ف الصف‬ ‫السليمي ‪ ،‬وذلك لنتشار السد والتنافس الاهلي بني أهل السل م ‪ ،‬وكأن تقد م واحد يمضر بالخرين ‪ ،‬ول يعلدموا‬ ‫ضّرم يمسلم هو للدمسلدمني جيعاً ‪ ،‬لكنها جاهلية الشر يمن السد والكب‬ ‫أن تقد م يمسلم إنا هو للسل م وإن ُ‬ ‫والغرور‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[45‬‬

‫بالتيسي يصل الدوا م وبالتبشي يصل الندفاع وكثر ة العطاء ‪ ،‬والنفوس تُظِْلم بكثر ة التقري ع والغلظة ‪ ،‬وتدبر إن‬ ‫ل تد يمن يكشف لا حسن يما تعدمل كدما تد يمن يصّوبم خطأها ‪ ،‬وليس هذا يمن باب الرياء ف شيء ل يمن‬ ‫قري ب ول بعيد ‪ ،‬فإن الرياء هو أن يعدمل الرء عدمله لغي ال ‪ ،‬وذلك بأن يطل ب رضاهم غي ناظر إل وجه ال‬ ‫والدار الخر ة ‪ ،‬أيما فرح النفوس حني تر ى تقدير الناس لعدمالم يم ع أن عدملها يما قا م إل لوجه ال تعال فهذا شيء‬ ‫يمنتشر بني أخلص القلوب وهم أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وكم كان يسوؤهم أن يروا الكراهة ف‬ ‫نفوس إخوانم لا يفعلون ‪ ،‬ويمن ترك الشر حياًء يمن الناس فهو يملؤيمن لن الياء يمن اليان ‪ ،‬ويمن عدمل عدملً يمن‬ ‫الصالات لدخال البهجة على نفوس الصالني يمن إخوانه فهو يملؤيمن لن أصل الفعل هو ال ب ف ال والبغض‬ ‫ف ال ‪ ،‬وهذا يمن ل يدركه فهو جاهل صوف أخر ق‪.‬‬ ‫فالتبشي وهو ذكر السنات والبشائر والفأل إنا هو وصية رسول ال صلى ال عليه وسلم ليمته ‪ ،‬وهي وصية‬ ‫أليق بالرعا ة والئدمة والقاد ة والعلدماء وهي بق ل تليق إل بم ‪ ،‬ويما كان يذكر ه رسول ال صلى ال عليه وسلم يمن‬ ‫فضائل أصحابه ‪ ،‬ويما يظهر ه يمن فرح لا يعدملون يمن خي شيء كثي جداً ف سنته ‪ ،‬ولذلك كانوا ف تنافس لكس ب‬ ‫حبه وود ه وسرور ه‪.‬‬ ‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬تطاوعا ول تختلفا ( إنا هو لدرء أسباب الفتنة والضعف وذهاب الريح والقو ة ‪،‬‬ ‫وهذا ل يكون إل بأن يطي ع كل واحد صاحبه وير ى لقول صاحبه فضلً على قوله ‪ ،‬وإن يمن أفسد الخل ق‬ ‫وأقبحها ف اليا ة يما يقال له " التصل ب ف الرأي " و" الصرار على القول " ‪ ،‬وإن يمن الشر أن ير ى البعض أن‬ ‫هذا يمن قبيل الرجولة والبطولة أو أنه يمن قبيل الثقة ف النفس ‪ ،‬ل وال بل هو يمن باب الشر والشيطان ‪ ،‬فإن‬ ‫الكيم هو الذي حّركْته التجارب وأدرك أن اليا ة تتس ع لقوال الخرين كدما تتس ع لرأيه ‪ ،‬وأن قو ة الفعل أن تدرك‬ ‫يمآخذ قول أخيك وتر ى وجه حسنه وصوابه كدما تر ى يمآخذ قولك وحسنه وصوابه ‪ ،‬وإن هذا وال يمن باب العقل‬ ‫والتجربة والكدمة وسعة العلم‪.‬‬ ‫الصغار يمهدما كبت يمناصبهم وأمساؤهم هم الذين ل يرون إل أنفسهم ول يثقون إل بأقوالم وأيما الكبار فهم‬ ‫الذين يَس عُمون الناس ويصبون على يمتابعتهم والستدماع لم واحتدمال آرائهم والنمزول عليها ‪ ،‬ث إن الجتدماع أهم‬ ‫يمقصد ي ب أن نسعى له ‪ ،‬ويمن أجله قد يتم التنازل عن بعض الق يمن أجل يما هو عظيم جليل ‪ ،‬إذ الجتدماع هو‬ ‫ل لتحقيق يمصال السل م ويمقاصد ه‪.‬‬ ‫الشرط الو ّ‬ ‫يما أدو م اليا ة وأجلها بذ ه الوصايا لن فيها يمتعَة الروِح وإبداَعاها ودواَيم هما ‪ ،‬ويما أشقى اليا ة وأقساها‬ ‫وأظلدمها حني تالفها وتسي ف الضد يمنها‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[46‬‬

‫الحديث الثاني عشر‬ ‫عن أبي موسى الشعري برضي ال عنه قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪َ) :‬مثَـل المسلمين‬ ‫واليهود والنصابرى كمثل برجل استأجر قوماً يعملون له عملً يوماً إلى الليل على أجر معلوم‬

‫فعملوا له إلى نصف النهابر‪ ،‬فقالوا‪ :‬ل حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا‪ ،‬وما عملنا‬

‫ل‪ ،‬فأبوا وتركوه‪ ،‬واستأجر‬ ‫باطل‪ ،‬فقال لهم‪ :‬ل تفعلوا‪ ،‬أكملوا بقية يومكم وخذوا أجركم كام ً‬ ‫آخرين بعدهم‪ ،‬فقال‪ :‬أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الجر فعملوا‬

‫حتى حين صلة العصر قالوا‪ :‬لك ما عملنا باطل ولك الجر الذي جعلت لنا فيه‪ .‬فقال‬ ‫لهم‪ :‬أكملوا بقية عملكم فإن ما بقي من النهابر شيء يسير‪ ،‬فأبوا‪ ،‬فاستأجر قوماً أن يعملوا‬

‫له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين كليهما ‪-‬‬ ‫فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النوبر (‪.‬‬

‫ِ‬ ‫هة البدايات وإلّ خاب السعى وضاع الهد والعر ق ‪ ،‬والنفوس‬ ‫الرص على النهايات ينبغي أن يكون بقدار ّ‬ ‫قد تنشط للبدايات لسباب عديد ة يمنها عد م إدراك النفوس يما ستلقيه يمن تع ب ونص ب إذ تقبل على العدمال‬ ‫برؤية الدمال فإذا أصابا لظى العدمل وقسوُته ارتدت وانتكست ‪ ،‬ويمنها أن بعض العدمال تبدأ بصفة الدمهور‬ ‫وبنمزعة القطي ع ثّ تبدأ التصفيات وصولً للقلة الواعية ‪ ،‬ويمنها يما يصي ب النفوس يمن كسل أو يأس ‪ ،‬كسل ف‬

‫الراد ة والعدمال ‪ ،‬ويأس يمن النتائج إن طالت الطريق ‪ ،‬وكل هذا يمن أيمراض النفوس وعد ثقتها بالق نفسه ‪) ،‬و ما‬ ‫يلّقاـها إّل اّلذين صبروا وما يلّقاـها إّل ذو ح ّ‬ ‫ظ عظيم ( ‪ ،‬فالصب هو وقود الثبات ‪ ،‬وكدما قال ال تعال‪) :‬و جعلنا‬

‫منهم أئمة يهدون بأمرنا لّم اـ صبروا وكانوا بآياتنا يؤمنون ( " فالصب يد بالثبات ‪ ،‬واليقني يد باليمل " ‪ ،‬ول علج‬ ‫للنفوس إل بالثقة على الق وعد م الند م على ضياع الشهوات الدنيوية ‪ ،‬والعايملون لدين ال تعال يمن ماهدين‬ ‫وعلدماء ودعا ة هم أحوج الناس إل الصب واليقني ‪ ،‬فإن الطريق طويل طيلة اليا ة إل الوت ‪ ،‬والطريق شاّ ق مفو ف‬ ‫بالبتلء ‪ ،‬إبتلء يصي ب البدن وابتلء يصي ب العقل والعان ‪ ،‬وهكذا العال ل تكون إل بالَك بَمد كدما قال تعال‪:‬‬ ‫س تـهم البأساء والضراء وُزلِزُلوا حتى‬ ‫)أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم م ّ‬

‫يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر ال؟ إل إن نصر ال قريب ( ‪ ،‬وف الية أنه ل يكون النصر واليسر‬ ‫والفتح حت َتصَل ذرو ةُ البتلء أقصاها كدما قال ال عن الثلثة اّلذين ُخ لّمفت توبتهم‪) :‬حتى إذا ضاقت عليهم‬ ‫البرض بما برحبت وضاقت عليهم أنفسهم ( ‪ ،‬والقصد أن الط البيان يم ع البلء ف صعود وكلدما ارتقى البتلء‬ ‫درجة سقط قو م والتحق آخرون ‪ ،‬فدمن سقط يسقط لهله وشهوته ‪ ،‬ويمن التحق فإنا للتقاء عقله وقلبه يم ع هذ ه‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[47‬‬

‫العان الراقية العظيدمة ‪ ،‬فإذا كانت النهايات ل يلص إليها إل ذو حظ عظيم كدما قال ال تعال ‪ ،‬فهذا الدين‬ ‫عدمل يم ع ال تعال وهو دين الخر ة كدما قال عن أصحابه‪) :‬إّنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدابر (‪.‬‬ ‫ف هذا الديث التحذير يمن النكوص على العقاب قبل التدما م ‪ ،‬فإن عد م التدما م يديمر البدايات ‪ ،‬فتعساً لرجل‬ ‫عدمل للجنة حت إذا اقتب الغي ب صار إل أصحاب أعدمال النار‪.‬‬ ‫ف واقعنا كم رأينا يمن كانت بدايته على خي ودين ونصر ة للحق وأهله ‪ ،‬وصدعاً بكلدمة الق حت لتظن أن‬ ‫هلؤلء هم ُوّراث الرحلة ‪ ،‬فُيبسط لم ف قلوب اللق حباً ثّ إن هي غلو ة طريق حت أخذوا ذهاباً ييناً وشالً فبئس‬ ‫يما ضيعوا‪.‬‬ ‫وف الديث إشار ة أن السبق ل ُي دممح إن ل يواصل ‪ ،‬فالسابقون فضلهم بالثبات حت اليقني ‪ ،‬أيما تار التاريخ‬ ‫الذاه ب والزيمن الال وهم ف عدو ة أهل الباطل فهلؤلء ذّيمهمم أول يمن غيهم لنم عرفوا الق وأعرضوا عنه‪.‬‬ ‫لقد علدمتن اليا ة قيدمة هذا الديث وهو صعوبة النهايات ويمشقتها على النفوس ‪ ،‬فإن الدمم يصيبها التع ب‬ ‫هته كدما يتاج إل تغذية بدنه ‪ ،‬وتغذية الدمم تكون بالتذكر ة ورفقة‬ ‫كدما يصي ب البدان ‪ ،‬والرء يتاج إل تديد ّ‬ ‫الصحاب ‪ ،‬والرص على مالسة البتدئني ف قوتم وإقبالم وهدايتهم فلهلؤلء قلوب جديد ة وهم سابقة ‪ ،‬إذ أن‬ ‫طول اليمد يلق ويبلي‪.‬‬ ‫أهل الهاد هم أول الناس بذا الديث ‪ ،‬فإن الناس يعلدمون أن النصر يم ع الصب ‪ ،‬وف لظات ت ب رياح‬ ‫وتذه ب رياح ‪ ،‬فعنديما أضاع الصحابة رضي ال عنهم هذا العن أصابم يما أصابم ‪ ،‬وف حنني حيث تداعت‬ ‫الصفو ف وتضعضعت وصاح يمن صاح أن بطل السحر ‪ ،‬ثبت رسول ال صلى ال عليه وسلم يم ع قلة ل يصلون‬ ‫للدمئة فحصل النصر وهبت رياحه حت وق ع يما ي ب ال ورسوله واللؤيمنون ‪ ،‬ولذلك الذر يمن حصول الغفلة أو‬ ‫التهاون أو اليأس ‪ ،‬فكم يمن نصر بالغفلة والتهاون صار هزية وخزي وعار ‪ ،‬وكم يمن هزية تولت بدف ع اليأس‬ ‫وحصول اليقني إل نصر وتأييد ‪ ،‬ث ليحذر الاهد أن يركن على تاريه ويض ع السلح فإن ف ذلك ضياع أجر ه‬ ‫وذهاب فضله‪.‬‬ ‫وف الديث كذلك فضل اللحقني إن ورثوا اليمر كدما ي ب ‪ ،‬لن كثياً يمن اللحقني إنا تأخروا لعان ف‬ ‫قلوبم أو لظرو ف ف أحوالم فلدما حصل الي ارتقت نفوسهم بعان حصلوها يم ع اليان ويمرات ب حصولا بالعدمل‬

‫والواقف ‪ ،‬ولذلك قال النب صلى ال عليه وسلم‪) :‬استكملوا أجر الفريقين كليهما ( ‪ ،‬فهذا الفارو ق ابن الطاب‬

‫الذي كان إسليمه عّزاً للسل م وكان ليمارته فتح وصفه البي ب الصطفى بقوله‪) :‬لم يفر أحد فريه ( ‪ ،‬وذلك فضل‬

‫ال تعال يق ع على أهله ويمن يستحقه‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[48‬‬

‫الحديث الثالث عشر‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬يعقد الشيطان قافية برأس‬ ‫أحدكم إذا هو نام نثلث عقد‪ ،‬يضرب على كّل عقدة مكانها‪ :‬عليك ليل طويل فابرقد‪ ،‬فإن‬

‫ضأـ انحّلت عقدة‪ ،‬فإن صّلى انحّلت عقده كّلها‬ ‫استيقظ فذكر ال انحّلت عقدة‪ ،‬فإن تو ّ‬ ‫فأصبح نشيطاً طّيب الّنفس وإل أصبح خبيث الّنفس كسلن (‪.‬‬

‫العدمل قد يفسد ف بدايته ‪ ،‬وفساد ه ف بدايته بتسويفه وتأجيله تت ظن إيمكانية إدراكه ف زيمن آت ‪ ،‬فالعدمر‬ ‫طويل! ‪ ،‬وقد يفسد ف وسطه بعد م تايمه وترك إكدماله ‪ ،‬وقد يفسد لفساد يمقديماته ‪ ،‬فالقديمات الفاسد ة تنش ئ‬ ‫النهايات الفاسد ة‪.‬‬ ‫ ب له يم ع علم به والشيطان‬ ‫فالعدمل الصال ل يتم إل بإراد ة تحو التسويف والتأجيل ‪ ،‬وتنبيه حت التدما م ‪ ،‬وب ّ‬ ‫يعدمل عدمله ف رغائ ب النفس وشهواتا ‪ ،‬وتذه ب قوته وتأثي ه بالعدمل الصال اللز م للفعل ‪ ،‬فهذا النسان حني ينا م‬ ‫ه ‪-‬والنو م راحة للبدن لبّد يمنه لكنه يصبح رغبة وشهو ة لا علقة بالكسل إن طال وخرج عن حد هه ‪ -‬يعقد الشيطان‬ ‫على رأسه يمن اللف ثلث عقد ‪ ،‬ل عقد ة واحد ة ‪ ،‬وهذ ه طبيعة اليا ة قائدمة على التكي ب ‪ ،‬فل يوجد شيء ف‬ ‫الدنيا يمتوحد يقو م بنفسه دون غي ه ‪ ،‬سواء كان يمن أعدمال الي أو الشر ‪ ،‬سواء ف اللق أو النفس ‪ ،‬وإذا كان‬ ‫اليمر كذلك فل يصلحه ول يتم بناؤ ه بفعل واحد بل لبّد يمن تكرار له ف حالت أو ف يمزجه ف حالت يمعينة ‪،‬‬ ‫وهذا كدما ف قدر ال تعال فهو ف شرعه كذلك ه ‪-‬وسيأت إن شاء ال تعال شرح ذلك ف باب الشرعيات‬ ‫كالدعاءه ‪ ، -‬وهذ ه العقد الشيطانية يم ع تركيبها إل أنا تتلء م يم ع الل وإل لا كان لا نف ع ‪ ،‬وهذا يمن كيد الشيطان‬ ‫ويمعرفته بالسنن ‪ ،‬وههنا يملءيمتها يم ع الل بتدمها بتم‪) :‬عليك ليل طويل فابرقد ( ‪ ،‬فهي تتلء م يم ع الزيمان ه ‪"-‬عليك‬ ‫ليل"ه ‪ -‬ووتتلء م يم ع النفس ه ‪"-‬فارقد"ه ‪.-‬‬ ‫هذا الفعل الشيطان ل بد يمن هزيته ‪ ،‬وهزيُته إزالُته ‪ ،‬وهذا ككل الشر ‪ ،‬وشرط هزيته هو حصول التكافلؤ ‪،‬‬ ‫وهذا الشرط كثياً يما يغفل عنه العايملون ‪ ،‬إذ يظنوا أن مرد وجود الفعل كا ف لتحقيق الفعل ‪ ،‬وهذا خطأ يمنتشر ف‬ ‫عقول السلدمني ف الشرعيات كثياً كدما هو يمنتشر ف الكونيات فبدما يتعلق بالعدمل لدين ال تعال وتقيق النصر‬ ‫والداية ‪ ،‬والتكافلؤ لبّد له يمن التتاب ع حيناً كدما ل بد له يمن التنّوع والتكي ب حيناً آخر وقد يتاج إل اليمرين‬ ‫ه ‪-‬التتاب ع والتكي به ‪ ، -‬كدما حصل يم ع الرجل الذي شكى للنب صلى ال عليه وسلم استطل ق )يمن الطل ق‬ ‫والنفلت( بطن أخيه ‪ ،‬فأيمر ه النب صلى ال عليه وسلم أن يسقيه عسلً ‪ ،‬فسقا ه فلم يشف ‪ ،‬ث عاد شاكياً ‪ ،‬فأيمر ه‬ ‫بالزياد ة وهكذا حت حصل القصود ‪ ،‬فبدمجرد جرعة يمن عسل ل تكفي لبعض اليمراض بل لبّد يمن التكافلؤ ‪،‬‬ ‫فالبعض يظن أنه بجرد لعقة يمن عسل لبّد يمن الشفاء لقوله تعال‪) :‬فيه شفاء للناس ( ‪ ،‬بل أن بعض اليمراض ل‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[49‬‬

‫يكفي العسل لوحد ه ‪ ،‬كدما قال سلفنا قدياً ه ‪-‬ويمنهم ابن القيم ف الط ب النبويه ‪ :-‬إن الطعدمة غي الركبة ينف ع‬ ‫ليمراضها الدويةُ غي الركبة ‪ ،‬لكن اليمراض الركبة لبّد لا يمن الدوية الركبة ‪ ،‬فبعض اليمراض ل ينفعها العسل‬ ‫لوحد ه ‪ ،‬إذ لبّد يمن التكافلؤ ف شيئني‪ :‬الكدمية والنوع ‪ ،‬وهذا الذي عينته بم "التتاب ع والتكي ب" ‪ ،‬فهذا النائم ل ينفعه‬ ‫أن يذكر ال تعال لّل كل العقد بل احتاج إل التنوع والتتاب ع ‪ ،‬فالعقد ة الول أزالا الذكر ‪ ،‬والثانية لبّد لا يمن‬ ‫يملئم يمكان وهو الوضوء ‪ ،‬والثالثة ل ينفعها إل الصل ة ‪ ،‬وف العدمل الدماعي لبد يمن هذا اليمر وتذّك ُرم ه ودليله‬ ‫حديث الذين آواهم البيت إل الغار فلم ينفعهم إل الدعاء بصال أعدمالم ‪ ،‬ولا ينجهم دعاء واحد يمنهم ‪ ،‬بل‬ ‫دعوا جيعاً ‪ ،‬وكل واحد حقق يمن الفرج بقدار دعائه ‪ ،‬ول يق ع الفرج الكلي إل بدعائهم جيعاً ‪ ،‬فإن هذا هو اللئم‬ ‫لا هم فيه ‪ ،‬فهذا القانون والسنة ل يوز أن تغي ب عن أذهاننا ف الهاد والدعو ة والدعاء وأي عدمل يمن أعدمال‬ ‫الدنيا أو الخر ة ‪ ،‬والنرا ف ف هذ ه القاعد ة هو الذي يوقعنا ف جهالة فهم قدر ال تعال يمن جهة وجهل وعود‬ ‫ال تعال وشرعه يمن جهة أخر ى ‪ ،‬فتكثر السئلة‪ِ :‬لَ َلْ تق ع هذ ه النتيجة وقد حققنا شرطها؟ ‪ ،‬والصواب‪ :‬أن سنة‬ ‫ال تعال جارية بأن الفعل لبد يمن وقوعه إن تققت شروطه ‪ ،‬لكن هذا السلؤال ينتج بسب ب جهالة يما هي‬ ‫الشروط ‪ ،‬فليس مرد الدعاء يقق الجابة بل لبد يمن التكافلؤ كدما تقد م ف حديث الثلثة الذين آواهم البيت إل‬ ‫الغار ‪ ،‬وليس مرد الهاد يقق النصر بل لبد يمن التكافلؤ ‪ ،‬ويمن شروط التكافلؤ هو يمعادلة الوان ع ‪ ،‬لن القو ة‬ ‫الكافية هي سليمة الفعل وعد م وجود الوان ع كدما قال ابن حز م رحه ال تعال‪.‬‬ ‫فهذا الذي انلت عقد ه كلها ووق ع الطلوب صار هذا الفعل سبباً لفعل آخر لقوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬ ‫)أصبح نشيطاً طّيب النفس ( ‪ ،‬وهكذا تتوال اليا ة يمركبة ‪ ،‬كل فعل يتاج إل يما قبله ‪ ،‬وكل فعل يتاج إل شروط‬ ‫ف نفسه ‪ ،‬وكل فعل يتاج إل شروط تيط به وتواكبه ‪ ،‬ولذلك ل يقال اليو م‪ِ :‬لَ ل ننتصر؟ ففي هذا السلؤال عدماية‬ ‫عن تارينا الذي ورثنا نتائجه ‪ ،‬نتائج أفكار يمنحرفة وأعدمال ضالة وكسل أحاط كل جوان ب العدمل أو أغلبها ف‬ ‫حيا ة أيمتنا‪ .‬وفيه عدماية عن شروط النصر الذاتية وفيه عدماية عن الشروط الوضوعية الت تيط بنا‪ .‬كدما ل يوز لنا‬ ‫أن نسأل عن عدمل صال ل يقق النتيجة النهائية ‪ ،‬لن النتيجة النهائية هي ثر ة لتجدم ع أعدمال طويلة ل تكن وقتها‬ ‫كافية لظهار النتيجة ‪ ،‬فالشجر ة العظيدمة ل يتلفها قضدمة نلة صغي ة ‪ ،‬لكن هذ ه القضدمة هي الوحد ة الول لنيار‬ ‫الشجر ة فهذا النائم ل يسأل‪ :‬يماذا سينفعك الذكر إذ ل يل عقدك كلها؟ لن الذكر هو اللبنة الول لزالة هذ ه‬ ‫العقد ة‪.‬‬ ‫هذ ه هي حكدمة اليا ة وهذ ه سننها ‪ ،‬ويم ع الفهم لدين ال تعال وحرقة التجارب تستقر الكدمة ف القلوب‬ ‫ِ‬ ‫والعقول ‪ ،‬ويبقى أيمر‪ :‬هل يئس الشيطان يمن أن يعقد على رأس كل نائم ‪ ،‬وف كل ليلة؟ الواب يمعرو ف ‪ ،‬لكن لَ‬ ‫ييأس أهل السل م يمن ماربته ف كل صباح وكل يو م وكل لظة؟ هذ ه هي العضلة‪ .‬كل يو م وف كل لظة أنت‬ ‫يمدعو للدمجاهد ة والصب والذكر والثبات والتذكر والتفكر والتعلم ‪) ،‬فإذا فرغت فانصب (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[50‬‬

‫الحديث الرابع عشر‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه‪ :‬أن برسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬يستجاب لحدكم ما‬ ‫لم يستعجل ويقول‪ :‬دعوت فلم يستجب لي (‪.‬‬ ‫كدما أن اليمور الكونية ل تق ع إل بشرط التكافلؤ بني القديمات والنتائج ‪ ،‬لبّد يمن عايمل الزيمن كدما نر ى ف‬ ‫نو اللق يمن إنسان وحيوان ونبات ‪ ،‬وكدما نر ى ف تقق الشفاء لأليمراض والروح ‪ ،‬فكذلك اليمر يم ع اليمور‬ ‫الشرعية ‪ ،‬فإنه لبّد يمن التكافلؤ بتتاب ع الفعل ‪ ،‬والتتاب ع ل يق ع إل يم ع عايمل الّزيمن ‪ ،‬فوض ع آل ف الطنان والكاييل‬ ‫يمن اليا ه دفعة واحد ة على النبتة الصغي ة ل يصن ع يمنها شجر ة باسقة يانعة ‪ ،‬بل لبّد يمن التتاب ع الّس نمن ‪ ،‬ويفسد‬ ‫هذ ه السنة العظيدمة يمرض الستعجال ‪ ،‬هذا الرض الذي إن ج ع يم ع يمرض اليأس يصفان كل هزية وفساد‪.‬‬ ‫العايملون لدين ال تعال يمن ماهدين وعلدماء ودعا ة هم أحوج الناس لبصي ة السنن ‪ ،‬والكثي يمن الشرعيات قد‬ ‫فقهها هلؤلء هذ ه اليا م لكن حاجتهم إل سنن النفس والجتدماع والنصر والزية والفعل هو ف العدل يمن‬ ‫حاجتهم إل يما يقق ح ب ال تعال يمن خلل أيمر ه ‪ ،‬فأيمر ه يقق ال ب اللي وقدر ه يقق الوعود )وأخرى‬ ‫تحبونها نصر من ال وفتح قريب (‪.‬‬ ‫يظن الكثي يمن العايملني لدين ال تعال أن عال الغي ب تققه يق ع يمن خلل القدر ة اللية دون اعتبار لذ ه‬ ‫السنن ‪ ،‬إذ يسبون أّن الّس نمن قانون خاص للحيا ة الدنيا ولألرض دون الغي ب والسدماء ‪ ،‬ولعدمر الق هذا انرا ف‬ ‫شني ع ‪ ،‬فإن الل ع تعال قال‪) :‬إن برّبي على صراط مستقيم ( إذ يمقتضى هذا أن ل يق ع شيء إل يمن خلل سنته‬ ‫وسببه ‪ ،‬فربنا خلق السدماوات والرض ف ستة أيا م وهو القادر على أن يلقها بكلدمة واحد ة وهي ه ‪-‬كونه ‪ -‬لكن‬ ‫كل شيء خلق يمن خلل سنته ‪ ،‬وتلك اليا م ف طولا الزيمن ليست كأيا م الرض كدما هو يمعلو م يمن كتاب ال‬ ‫)و إن يوماً عند بربك كألف سنة مما تعدون ( وصعود اللئكة باليمر ف أيا م طول اليو م فيها خسون ألف سنة‬ ‫كدما قال تعال‪) :‬تعرج الملئكة والروح إليه في يوم كان مقدابره خمسين ألف سنة ( يمكان هذا الذكر لطول‬ ‫ل‪ ،‬إّنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً ( والناسبة بينهدما واضحة ف يما نن فيه‬ ‫اليا م يمقديمة لقوله‪) :‬فاصبر صبراً جمي ً‬ ‫لن تفكر فيه والدمد ل رب العالني‪ .‬ولذلك ل يتحقق شيء إل يمن خلل سنته ‪ ،‬وهذا النسان خلقه ال ف‬ ‫السدماء يمن طينة الرض وجر ى يما جر ى له ف السدماء يمن ابتلٍء كشف حقيقته وضعفه ويمن عدو ه ويماهي يمداخل‬ ‫هذا العدو فيه ‪ ،‬كل ذلك لتجري اليمور يمن خلل سنتها ‪ ،‬ويمقتضى ال ب يمن الحسان ل يق ع إل يمن خلل‬ ‫السنة كدما أن يمقتضى البغض يمن الهلك ل يق ع إل يمن خلل السنة حت لو وجد الوج ب ‪ ،‬وتأيمل قوله تعال ف‬ ‫سور ة النحل‪) :‬و لو يؤاخذ ال الناس بظلمهم ما ترك على ظهرها من داّبة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى‪،‬‬ ‫فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون ( فالوج ب للعذاب يمن الغض ب اللي بسب ب العاصي قد‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[51‬‬

‫وق ع ولكن تأخر العذاب حت تأت سنته ‪ ،‬وهذ ه الية هي ف نفس السور ة )أي النحل( الت فيها قوله‪) :‬إنما أمرنا‬ ‫لشيء إذا أبردناه أن نقول له كن فيكون (‪ ،‬فدل على أن الفعل اللي ل يق ع إل يمن خلل السنة ‪ ،‬ويمن جْه ِلم‬ ‫الكفر ة بذا جعلوا التأجيل وعد م وقوع الفعل دليلً على عد م استحقاقهم له فقالوا‪) :‬لول يعذبنا ال بما نقول (‬ ‫وقال ال عنهم‪) :‬ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف ال وعده ( ‪ ،‬وهذ ه العان الباطلة الت جعلت إقبال الكفار‬ ‫على العاصي واستحقاقهم با هي الت تق ع ف قلوب السلدمني وتدفعهم لتك الصالات كدما ف هذا الديث‬ ‫ه ‪-‬حديث البابه ‪ -‬وهو أن أحدهم حني يدعو ول ير ى سرعة الجابة يتك الدعاء والعدمل ‪ ،‬وقريباً يمنها هو الذي‬ ‫وق ع ف قلوب النافقني وف غزو ة أحد فقالوا‪) :‬لو كان لنا من المر شيء ما قتلنا ههنا ( فإن فيها يمعن " لو كنا‬ ‫على الق لا تلف النصر عنا " وإن كان هذا العن يملحق ل الصلي ‪ ،‬والقصد أن الفعل لبّد له يمن سنة ويمنها‬ ‫ظرُفه التاريي لوقوعه ‪ ،‬وتأّخ ُرم ه ل يدل على عد م وجود ه فالثدمر ة قو ة كايمنة ف الشجر ة حت قبل ظهورها ‪ ،‬وحني تبدو‬ ‫ل تضر كزهر ة تايمة ‪ ،‬والزارع يفهم ذلك كله ول يتك العدمل لفاء الثدمر أو لعد م نضجه بل يرعا ه دائدماً ويرقبه‬ ‫وهو يموقن بوصوله إل يمطلبه يويماً ‪ ،‬وهكذا العايمل لدين ال تعال فإنه ليقينه على الوعود اللية يرعاها وهي ف‬ ‫علم الغي ب وعداً ث يرعاها وهي تندمو حت تصل لكدمالا كالدعاء ‪ ،‬فإن الر يدعو رّبه وبالدعاء يكون الجابة‬ ‫لوعد ال الذي ل خلف فيه )و قال برّبكم ادعوني أستجب لكم ( )وإذا سألك عبادي عّني فإّني قريب أجيب‬ ‫دعوة الداع إذا دعان ( ث يرعا ه بالزياد ة والجتهاد وكثر ة السلؤال وتري أوقات وأيماكن القبول حت يصل إل النهاية‬ ‫وذلك بوقوع الوعد على الوجه الذي رجا ه السائل لربه ‪ ،‬ولذلك قال النب صلى ال عليه وسلم ف هذا الديث‪:‬‬ ‫)يستجاب لحدكم ( ث قال‪) :‬يقول دعوت فلم يستجب لي ( فأين الجابة إذًا؟ ‪ ،‬الواب ف يمثال حصول الولد‬ ‫بالنكاح ‪ ،‬فإن الولد يكون بالنكاح ‪ ،‬والستعجل يقول‪ :‬أين الولد؟ فالرأ ة ل ترعى النني لعد م رؤيته فيخرج سقطاً قد‬ ‫ل ترا ه وتظنه د م حيض والق أنه استجي ب له ‪ ،‬لكن استعجل فبالتال كان كدمن ل ي ب له ابتداء لعد م الكتدمال‬ ‫ولو بقي راعياً للجابة الول لصل القصود بكدمال القدر اللي البوب للنسان ‪ ،‬كدما تقد م يمثال الثلثة الذين‬ ‫آواهم البيت إل الغار ‪ ،‬فلو قالوا‪ :‬ل يستج ب لولنا لنم ل يرجوا بداعئه وإن كان ح ِ‬ ‫ص ل م الجابة ه ‪ -‬فلو تركوا‬ ‫ُ‬ ‫الدعاء لا خرجوا ‪ ،‬فهكذا يستجاب له وإن ل يق ع ‪ ،‬فإن واصل وق ع وإل ل يستج ب له ‪ ،‬وهذا هو يمعن الديث‪:‬‬ ‫يستجاب لحدكم إن رعى دعاء ه وإل فإن الجابة الول غي كافية لصول القصود ‪ ،‬وكذلك تأخر الجابة قد ل‬ ‫يكون بسب ب الاجة للرعاية ولكن ل بّد لذا الفعل يمن زيمن يملئم لسنة ال فيه كدما وق ع يم ع يوسف عليه‬ ‫السل م ‪ ،‬فإنه رأ ى رؤيا ‪ ،‬ولصول الرؤيا كان لبّد لذا الفعل يمن يمقديمات زيمنية وفعلية طويلة ليق ع التأويل ‪ ،‬وال ل‬ ‫يري شيئاً ف هذ ه الدنيا إل يمن خلل السنن إل يما يق ع يمن العجزات والكرايمات وهي خل ف العاد ة ‪ ،‬ه ‪ -‬ولو‬ ‫شئت لبسطت القول وقلت‪ :‬حت العجزات والكرايمات تق ع يمن خلل السنن ولكن شرح ذلك يطول والكل مدم ع‬ ‫أن اليا ة جريانا على غي العجز ة والكرايمة ه ‪ ، -‬فالداعي ير ى أن دعاء ه الول ل ي ب ‪ ،‬وإن كان ف القيقة قد‬ ‫أجي ب فبتك الدعاء لباقي يما هو متاجه فحينئذ ل يق ع يما يريد لتخلف السب ب وهو الدعاء ‪ ،‬وهذان العنيان ها‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[52‬‬

‫على يمعن واحد ف يما نن فيه يمن فهم عال الغي ب والوعود اللية يم ع الفعال ‪ ،‬كنصر اللؤيمنني واليسر بعد العسر‬ ‫والرز ق بعد الفاقة أو قلة ذات اليد وغي ذلك يمن وعود إلية يمبسوطة ف الكتاب والسنة‪.‬‬ ‫ويمن عجائ ب يما يرا ه الرء الناظر ف سنة الصطفى صلى ال عليه وسلم هو اجتهاد ه صلى ال عليه وسلم ف‬ ‫الدعاء يو م بدر اجتهاداً شديداً وأبو بكر الصديق يقول له‪" :‬كفاك يمناشدتك ربك ‪ ،‬فإن ال يمنجز يما وعدك" وأبو‬ ‫بكر ل يعلم بالوعد إل يمن خلل هذا الداعي العظيم ه ‪-‬رسول ال صلى ال عليه وسلمه ‪ ، -‬فهل أبو بكر ذاكر‬ ‫ليمر نسيه رسول ال صلى ال عليه وسلم؟ ه ‪ -‬وهذا ليس ببعيد لواز نسيان البي ب الصطفى صلى ال عليه‬ ‫وسلمه ‪ -‬ولكن ليس هذا هو الواق عه ‪ -‬يم ع جواز وجود ه كوناًه ‪ -‬وإنا الواق ع هو حاجة الوعد للدمكاثر ة والتابعة حت‬ ‫يتحقق ‪ ،‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم أعلم بذا يمن أب بكر ‪ ،‬فأبو بكر نظر إل الوعد بإطل ق ورسول ال‬ ‫صلى ال عليه وسلم رأ ى يما ي ب عليه يمن حقو ق لذا الوعد ‪ ،‬ويما يتاجه هذا الوعد حت يق ع ‪ ،‬وهو وعد عظيم‬ ‫يتاج إل اجتهاد يملئم له حت يق ع ‪ ،‬يم ع أن ف هذا الديث فضيلة عظيدمة للصديق وهي شفقته على رسول ال‬ ‫صلى ال عليه وسلم يمن قيايمه بذا الجتهاد اللئم لوقوع الوعد بالنصر ‪ ،‬ولكن هيهات أن يتك البي ب الصطفى‬ ‫صلى ال عليه وسلم حق هذا الواج ب أو أن ل يشارك فيه بالنصي ب الوفر وذلك بالدعاء والستغاثة ف طل ب‬ ‫النصر‪.‬‬ ‫هكذا الاهدون والعلدماء والدعا ة والعّباد ترق ب قلوبم البوادر ويمطال ع الوعود فيعونا يم ع غفلة الناس عنها أو‬ ‫استهزاء النكرين لا ‪ ،‬كاستهزاء قو م نوح به وهو يصن ع السفينة على اليابسة ‪ ،‬ولكن هم يفهدمون فهم القلوب الزائد‬ ‫عن العلم بالد الشرعي كدما قال تعال عن سليدمان تفضيلً له على أبيه داوود عليهدما السل م‪) :‬ففّه مـناها‬ ‫سليمان وكلّ آتينا حكماً وعلماً ( وقال‪) :‬و لقد آتينا داوود وسليمان علماً (‪.‬‬ ‫ليتذكر العايملون سنن السدماء والغي ب وليعوها كدما يرعون سنن الرض فإن لم شأناً يمعها ‪ ،‬وليتذكروا أن‬ ‫رسول ال دعا ربه شهراً كايملً لينج ال بعض أصحابه حت استجي ب له ‪ ،‬ودعا ف يمكة ثلث عشر ة سنة حت‬ ‫تقق أول النصر بداية أهل الدينة يمن النصار وجاهد عشر سنني حت فتح يمكة ‪ ،‬فهذ ه ثلث وعشرون سنة‬ ‫كايملة حت تقق الوعد ‪ ،‬وعنديما دعا على قو م يمضت سنة ال ف غي يما كان يدعو به رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم لوجود يموج ب آخر أنزل ال عليه ه ‪)-‬ليس لك من المر شيء (ه ‪ -‬كدما ف سور ة آل عدمران ويمن تأيمل تا م‬ ‫الية ف قوله‪) :‬أو يتوب عليهم أو يعّذ بـهم فإّنهم ظالمون ( علم حقاً يما نن بصدد ه ‪ ،‬وعنديما دعا ربه أن ل يعل‬ ‫عذاب هذ ه اليمة بالقتال بينها ل ي ب ال لدعائه لريان القدر بل ف يما يريد رسول ال ليمته ويما يبه لا‪.‬‬ ‫ولول أن اليمر يم ع هذ ه البواب أيمر إشار ة وتنبيه لكان الشرح طويلً ‪ ،‬وال يغفر ل ولخوان ‪ ،‬وهو الادي إل‬ ‫سواء السبيل ‪ ،‬ويما ضياع العدمال إل بالستعجال ه ‪) -‬ولكّنكم تستعجلون (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[53‬‬

‫الحديث الخامس عشر‬ ‫صبـر عند الصدمة‬ ‫عن أنس برضي ال عنه قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬إّنما ال ّ‬ ‫الولى (‪.‬‬ ‫يمن فوت البدايات ل يدرك النهايات إل بشقة زائد ة ‪ ،‬ذلك لن اليمور ل تلؤت ثارها إل ف يما يلئدمها ‪،‬‬ ‫وبالدلج ه ‪-‬وهو السي يمبكراًه ‪ -‬يبلغ الرء يمراد ه ‪ ،‬وإل فإن نفسه قد تنقط ع ول يبلغ ‪ ،‬والبدايات ل يقو ى عليها إل‬ ‫يمن له رشد ل يتيه عند الفجاءات ‪ ،‬فالصديمة تقذ ف ف النفس الل ع والضطراب ‪ ،‬وأهل الرسوخ لم إفاقة ‪ ،‬وعندهم‬ ‫ثبات ف العقل والنفس فل تعدميهم الفجاءات عدما ي ب عليهم حفظه وعدمله ‪ ،‬وهذا رسولنا البي ب صلى ال عليه‬ ‫وسلم لو تا ه عقله يو م النني ول يصدمد ثبات البال الرواسي يمناديًا‪) :‬أنا النبي ل كذب‪ ،‬أنا ابن عبد المّطلب‪،‬‬ ‫اللهم أنزل نصرك ( )وقد أرج ع فضل الثابت ف يموطن الصديمة إل نبو ة صادقة وإل نس ب عريق فالنبو ة رشد‬

‫وهداية والنس ب العريق ين ع فعل العار يمن الروب ‪ ،‬وهذا شأن الق الكايمل وذلك ف اجتدماع الفضل ف إناء يمن‬ ‫الفضل يناسبه لا رّدهمم إل البحر كدما قال بعضهم ‪ ،‬وسقوط الناس ل يكون إل عند بداية اللدمة فيتيه عقله‬ ‫ويضطرب نفسه ويار عن وجه الصواب فتكون حينئذ للعدو عليه صولة النتصار والعلو ‪ ،‬ولذلك يمدح الفارو ق‬ ‫عدمر رضي ال عنه الرو م بقوله إنم‪ " :‬أسرع الناس إفاقة بعد يمصيبة " ‪ ،‬ويمن كان هذا شأنه يم ع تضي واستعداد ل‬ ‫تز ه الصائ ب ول تعدمه الفجاءات ‪ ،‬وأيما اليمة الت ل تصحو إل بعد أن طارت الطيور بأرزاقها وبلغ غيها بعيداً ف‬ ‫الشوط فإن اللحا ق عسي إن حصل وذلك بتقط ع شس ع النعال ولث النفاس ودف ع ضريبة الكسل والعجز ‪ ،‬وقد‬ ‫دلت اليا ة أن العدو إنا يريمي بكل قوته بالصديمة الول ليحقق النتصار السري ع واستغلل عايمل الفجأ ة فإذا وجد‬ ‫يمن يصب له ويتلقى الصديمة الول بثبات انتكس وخاب ‪ ،‬وهذ ه قريش أرادت تلك الضربة القاضية على الدينة‬ ‫ويمن فيها يمن السلدمني بقياد ة النب صلى ال عليه وسلم فلدما ثبت لا الصحاب بثبيت ال لم ارتدوا خائبني‬ ‫وحينها قال النب صلى ال عليه وسلم‪) :‬الن نغزوهم ول يغزونا ( ‪ ،‬وذلك بأن قو ة النطل ق قد ضعفت ف قريش‬

‫وتولت تلك القو ة إل جهة النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه ‪ ،‬وتلك سنة ال تعال ف التداول‪.‬‬ ‫لقد نايمت أيمتنا كثياً ‪ ،‬نايمت حت انارت قيدمتها ‪ ،‬ونايمت حت سبقها الغي ف العداد والعتاد ‪ ،‬فلدما أصبحت‬ ‫وإذا طوار ق الشر ق حطت ف بيوتا ‪ ،‬وبعد سنني يمن الغزو وثبات الكفر ف الديار صار البعض يتحدث عن "‬ ‫صحو ة إسليمية " ‪ ،‬وآخرون يتحدثون عن " الوعي " ‪ ،‬وكل ذلك دليل على أن الدر يما زال سارياً ف البدن‬ ‫والنعاس ف العيون ‪ ،‬ويمن ترك فإنا يتحرك بارتعاش الل ‪ ،‬والصارخ فيهم يمّتهم بم "إقل ق اليمن" و"فتان الوحد ة" ‪،‬‬ ‫وف اليمة يمن الصائ ب يما لو حلت ف الدواب لنتصرت ولكن هيهات ‪ ،‬فدما لرح بيت إيل م‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[54‬‬

‫حت نعادل الغي فل ينف ع الن أن نشي يمشيهم بل لبد يمن أن نسارع وند ونتع ب ‪ ،‬وندي الصراخ النذر‬ ‫الهتدي ‪ ،‬ونعدمل بل كلل دون التفات لهل النو م الذين حسنوا كل فساد ‪ ،‬وأسبغوا الشرعية على كل ضللة ‪،‬‬ ‫فالتكاليف عظيدمة ول يقو ى لا إل العظدماء‪.‬‬ ‫الصب هو النصر والظفر ‪ ،‬ول يتحقق إل بالستشرا ف ‪ ،‬وذلك بقراء ة الدلئل الول والتعايمل يمعها قبل أن‬ ‫تين ع ‪ ،‬ولذلك قال ال تعال لنبيه يمعلدماً وهاديًا‪) :‬و إما تخافّن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء ( وهذا‬ ‫الصديق الكب أبو بكر رضي ال عنه يعال الرد ة ف يمنبتها ‪ ،‬والفارو ق يطل ب يمن اليمهال ‪ ،‬والصديق يأب ‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫" وال لو يمنعون عقالً كانوا يلؤدونه لرسول ال صلى ال عليه وسلم لقاتلتهم عليه " لنه ير ى أن يما وراء العقل‬ ‫ه ‪-‬و هو حبل رقه ُيقاد به الدمله ‪ -‬ير ى أن وراء هذا الشر يما هو أكب يمنه ‪ ،‬فقط ع الشر قبل استفحاله هو عني‬ ‫السياسة والكدمة ‪ ،‬فإنه إن ترك قوي واشتد أيمر ه وصار عصياً عن الزالة ‪ ،‬وهذا يما شكى يمنه علي بن أب طال ب‬ ‫رضي ال عنه لا طالبه يمن طالبه أن يقتص يمن قتلة عثدمان بن عفان رضي ال عنه وقد صاروا كثياً ولم النعة‬ ‫والقو ة ‪ ،‬فإن يمعالتهم بالقو ة حينئذ يمفسد ة كدما كان يمعالة النافقني ف أول السل م ف الدينة يمفسد ة كدما قال‬ ‫النب صلى ال عليه وسلم‪) :‬لو قتلته )أي كبير المنافقين ( حينئذ ل حّم رـت له أنو(ف ‪ -‬ولقال الناس‪ :‬إن‬

‫محّم دـاً يقتل أصحابه‪.( -‬‬

‫إن الذين يدعون يمهلً إل إيقا ف الهاد حت تتب اليمة ه ‪-‬زعدمواه ‪ -‬هم ف حقيقة اليمر ودون أن يعوا إنا‬ ‫يتكون للباطل أن يمُّقومي نفسه ويريمي برانه ف القلوب والنفوس أكثر وأكثر ‪ ،‬ولو علم هلؤلء القو م أن يما يقولونه‬ ‫هو عني يما يبه العداء لا قالوا هذ ه القالة الشنيعة ‪ ،‬فها هي دولة يهود اليو م حني نركن تت دعو ى العداد‬ ‫والتبية قد صارت إل أيمر ل يعلدمه إل ال يمن القو ة ‪ ،‬وإزالتها يكلف الكثي يمن الثدمن والقو ة والديماء والرجال ‪،‬‬ ‫ولكن ف بدايتها كم كانت تتاج حت ينتهي أيمرها ول يكون لا الوجود؟؟ ولو قال أهل أفغانستان عنديما غزاهم‬ ‫الروس هذ ه القالة وتركوا الباطل يتجذر فهل سيكون أيمرها أبعد يمن حال الشيشان؟! واليو م أيمريكا ف العرا ق ‪ ،‬ويمن‬ ‫قرأ بعني الدين والتقو ى ل بعني الو ى والدنيا علم صد ق القال على الال وال الادي ‪ ،‬ويمن يضلل فدما له يمن‬ ‫هاد‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[55‬‬

‫الحديث السادس عشر‬ ‫عن أنس برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬إّن حقاً على ال أن ل‬ ‫يرفع شيئاً من الّد نـيا إلّ وضعه (‪.‬‬

‫إن الكدمالت ف اللق يملؤذنة بالّنهايات ‪ ،‬فحني تأخذ الرض زخرفها ويبلغ ف الناس الوهم أنم أسيادها‬ ‫التحكدمون فيها تكون نايتها )حتى إذا أخذت البرض زخرفها وظّن أهلها أّنهم قادبرون عليها أتاها أمرنا ( وها‬ ‫هو رسول ال صلى ال عليه وسلم قد كدمل له النصر وت له الفتح فقال ال له‪) :‬إذا جاء نصر ال والفتح‬ ‫س بـح بحمد بربك واستغفره إّنه كان تّو اـباً ( فكان ف ذلك نعيه صلى‬ ‫وبرأيت الّناس يدخلون في دين ال أفواجاً ف ّ‬ ‫ال عليه وسلم ‪ ،‬وهكذا ليس بعد القدمم إل الفول ‪ ،‬وهذ ه السنة خي ورحة لهل الدين ‪ ،‬فإن كان بم البلء‬ ‫واشتد عليهم فل يكون بعد ه إل الفرج ‪ ،‬فإن الكري يعقوب عليه السل م لا اشتد به الشو ق إل حبيبه يوسف وبكا ه‬ ‫طويلً شاكياً بثه وحزنه إل ال تعال ‪ ،‬فلدما بلغ اليمر كدماله فابيضت عينه الطاهر ة يمن البكاء الزين كان بعد‬ ‫ذلك الفرج ‪ ،‬وقال‪) :‬إّني أعلم من ال ما ل تعلمون ( ذلك أنه )ل ييأس من بروح ال إلّ القوم الكافرون ( ‪،‬‬ ‫وهلؤلء الثلثة الذين خّلف ال توبتهم فلدما ضاقت عليهم الدنيا وضاقت عليهم أنفسهم جاءتم التوبة ‪ ،‬وإن كان‬ ‫بم نعيم يم ع اليان فإن اليان ينعهم يمن العلو الذي يتم عنه القصم ‪ ،‬كدما دخل البي ب الصطفى يمكة على‬ ‫ناقته يمطأط ئ الرأس ‪ ،‬إذ الناجل تصي ب العوال ‪ ،‬كدما السيل حرب للدمكان العال ‪ ،‬فل علو يم ع اليان ‪ ،‬لن البذاذ ة‬ ‫يمن اليان ‪ ،‬وأيما لعداء ال فتلك سنة قاصدمة ‪ ،‬خاصة حني تتدم ع هذ ه السنة يم ع أيمرين ها يمن سنة ال تعال يم ع‬ ‫أعدائه ‪ ،‬سنة الكر وسنة البغتة ‪ ،‬فلحوادث الزيمان يمكر ف إلاء الغافلني عن العواق ب ‪ ،‬إذ ل تفكر عندهم ول‬ ‫اعتبار ‪ ،‬والعج ب أن كل الكفار على يمدار التاريخ زعدموا أنم خارج هذ ه السنة ‪ ،‬وأن لم خصوصية الستثناء يمن‬ ‫العواق ب ‪ ،‬لكن هيهات ‪ ،‬وهاهم اليو م قالوا‪" :‬بنهاية التاريخ" بتحريض الغرور وإغواء الستعلء ‪ ،‬ويمكر ال بم ميط ‪،‬‬ ‫وبالبغتة حت يتم الل ‪ ،‬فإن النتقال يمن حال إل حال بل تدرج يملؤل على النفس إن كان يمن نعيم كايمل إل‬ ‫جحيم وعذاب ‪ ،‬فاللهم رحتك‪.‬‬ ‫إن هذ ه السنة هي يمقتضى صفة ربنا ه ‪-‬التكبه ‪ ، -‬فإن ال تعال يأب أن ينازع فيها ‪ ،‬وهي قرينة العز ة ‪ ،‬فالرب‬ ‫يذيق العباد البلء يمن التجوع والو ف ليعلدموا أنه العزيز التكب‪.‬‬ ‫وللدملؤيمن يم ع هذ ه السنة الت لو علدمها اللق على حقيقتها ه ‪-‬لضحكوا قليلً ولبكوا كثياًه ‪ -‬حال وعدمل ‪ ،‬ذلك‬ ‫بأن اللؤيمن العايمل لدين ال تعال ل يغر ه برج الكفار ول علوهم ول استطالتهم ول غلبتهم ‪ ،‬وحني يتساقط‬ ‫الضعفاء كالفراش ف نار فتنتهم ودنياهم ‪ ،‬ويسيوا ف ركابم ظانني أن اليمر قد انتهى ‪ ،‬وأن اليمة زالت ول يعد‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[56‬‬

‫فيها قو ة الابة والعتاض يقو م الواثق بربه والعال بسنته ف التداول إل الصدا م والدافعة لعلدمه أن علوهم إل زوال ‪،‬‬ ‫وأن لكل شيء إذا يما تّ نقصان ‪ ،‬سنة تري ف اليمم والشخاص والدماعات ‪ ،‬فإن اجتدم ع يم ع هذ ه السنة قوله‬ ‫تعال‪) :‬و إن من قرية إل نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معّذ بـوها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتبا‬

‫مسطوبرا ( ازدادت بصيته أن يمكر ال تعال يعدمل عدمله‪.‬‬

‫وما يرعا ه اللؤيمن يم ع هذ ه السنة أن ل يأيمن العثار يمهدما بلغ علدمه وحكدمته وقوته إذ العثار يمتحقق ول شك‬ ‫فل رهان على شخص ل يكبو وعلم ل يط ئ وحكدمة ل تطيش لن كل ذلك كائن ول شك‪.‬‬ ‫وإن يمن حال اللؤيمن يم ع هذ ه السنة أن ل يسد الكافرين على غناهم وعلوهم ‪ ،‬فإن هذا فعل الهلة الغبياء‬ ‫كدما كان حال البعض يم ع قارون ‪) ،‬فخرج على قومه في زينته‪ ،‬قال اّلذين يريدون الحياة الّد نـيا‪ ،‬يا ليت لنا‬

‫ظ عظيم ( والعج ب أن هلؤلء ل يطلبوا يمعصيته ولكن طلبوا أن يكون لم )مثل ما‬ ‫مثل ما أوتي قابرون إّنه لذو ح ّ‬ ‫ظ عظيم ( فرد عليهم أهل البصي ة‪) :‬و قال الذين أوتوا العلم‬ ‫أوتي ( لكن قاعد ة أيمنية الباطل إذ قالوا‪) :‬إّنه لذوا ح ّ‬

‫صاـبرون ( ووق ع الكر )فخسفنا به وبدابره‬ ‫ويلكم نثواب ال خير لمن إمن وعمل صالحاً ول يلّقاـها إلّ ال ّ‬ ‫البرض ( ‪ ،‬وها هو عدمر بن الطاب يبكي حني تأتيه كنوز الرض لا يعلم يما وراء ذلك يمن الوادث‪.‬‬

‫إنا البصي ة لا عليه يد ال تعال ف الفاء يمن السنة والتدبي ‪ ،‬بصي ة تضحك سعيد بن جبي ف يموطن الل‬ ‫حني يقول للحجاج ه ‪-‬لعنه اله ‪ :-‬إن لعج ب يمن جرأتك على ال وصب ال عليك‪ .‬وبصي ة تبكي ف يموطن الفرح‬ ‫كدما أبكت عدمر الفارو ق رضي ال عنه حني هطول الغنائم‪ .‬إنا بصي ة النفاذ إل العواق ب ‪ ،‬تلك البصي ة الت تقق‬ ‫الرسوخ على البادئ والو ف يمن العواق ب )فإّنه ل يأمن مكر ال إلّ القوم الخاسرون (‪.‬‬

‫وهذا الديث الذي بني يدينا أن ناقة النب صلى ال عليه وسلم ل تكن تسبق ‪ ،‬فجاء أعراب على بعي له‬ ‫فسبقها فشق ذلك على الصحابة أن تُْس بممق ناقة النب صلى ال عليه وسلم فحني ذلك قال النب صلى ال عليه‬ ‫وسلم هذ ه السَنة الربانية النافذ ة ف اللق قدراً ل إنفكاك لم عنه ‪ ،‬وهذا دليل على أن هذ ه السنة ليست ف البشر‬ ‫أفراداً وتدمعات فقط بل هي ف اللق عدمويماً ‪ ،‬فدما يمن قو ة إل وستخض ع لا هو أقو ى يمنها ‪ ،‬ويما يمن جيل إل‬ ‫وسيتضاءل أيما م جال أرف ع يمنه ‪ ،‬ويما يمن ثني إل وسيكون يمقويماً لا هو أغلى يمنه ‪ ،‬وهكذا تضي هذ ه السنة ف‬ ‫اتا ه التحذير بعد م الغرور با أنت عليه فتطدمئن أن ل ناية لا ‪ ،‬ولا اتا ه آخر أن القدمم ل تتناهى فل ثبات ‪ ،‬بل‬ ‫لبّد يمن البحث دائدماً عن قدمة أخر ى حت يصل الرء إل اليقني وإل جنة الرحن ‪ ،‬فليحذر الرء يمن اليأس والقنوط‬ ‫كدما يذر يمن الغرور وكلها تفحم لرض واحد لكن باتاهني متلفني‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[57‬‬

‫الحديث السابع عشر‬ ‫عن عروة بن البابرقي برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬الخيل معقود‬ ‫في نواصيها الخير إلى يوم القيامة‪ ،‬الجر والمغنم (‪.‬‬ ‫لأليمم شعارات ترشح يمن عدمق أعدمالا ‪ ،‬ترمسها عقيد ة نافذ ة وأعدمال دائدمة ‪ ،‬وكدما أنه لألشخاص مسات يمن‬ ‫الُلق ‪ ،‬وألقاب وكن فكذلك لأليمم ‪ ،‬شعارات ترمسها الشاري ع الدائدمة الت تستغر ق اليا ة ‪ ،‬وهذ ه اليمة لا يمشروع‬ ‫حيا ة يتد يمعها عدملً إذا ايمتدت با النفاس بقاًء ‪ ،‬هذا الشرو ه هو "الهاد" ‪ ،‬يمشروع يقق لا الدوا م والقوايمة‬ ‫ويقق لا الخر ة والشهاد ة على اللق فيها‪.‬‬ ‫لقد جعل ال ف بعض يما خلق يميزات لا الصوصية ‪ ،‬كدما جعل ف الذه ب والفضة خصوصية النقد‬ ‫والعيارية ‪ ،‬فدمهدما غلت قيدمة بعض العادن وزاد ثنها يبقى هذان النقدان لدما العيارية دون غيها ‪ ،‬وهذا الديث‬ ‫يبني خصوصية هذا الخلو ق البي ب إل نفوس هذ ه اليمة ‪ ،‬إنه اليل ‪ ،‬لنه عنوان الهاد والغزو ‪ ،‬وصار هذا الخلو ق‬ ‫كذلك عنواناً لقيم إنسانية استحقت لق ب "الفروسية " ‪ ،‬هذ ه القيم تعب عن قيم الفطر ة السليدمة يمن كر م وشجاعة‬ ‫وعلدماؤنا إن تدثوا كثياً عن اثر اللبسة والطعدمة على نفوس أهلها فإن اليمر يتاج كذلك إل حديث عن أثر‬ ‫عشر ة النسان لذا الخلو ق البي ب ‪ ،‬يم ع علدمي أن بعضهم سيقابل هذا الكل م ببسدمة إستهزاء واستهجان لكنها‬ ‫على كل حال خي يمن عشر ة ابنائنا للكلب والفئران وأيمثالا ما يبدأ يغزو أيمتنا تأثراً يمن سنن أتباع الشيطان‪.‬‬ ‫هذا الديث الليل يبني يمشروع اليمة الدائم ‪ ،‬ذلك الشروع الذي يدم ع لا خيي الدنيا والخر ة ‪ ،‬أيما خي‬ ‫س فـهاء أموالكم اّلتي جعل ال لكم‬ ‫الدنيا ففي الغنم ‪ ،‬ذلك لن الال قوا م اليا ة كدما قال تعال‪) :‬و ل تؤتوا ال ّ‬

‫قياماً ( فسدمى الال قوايماً للنسان ‪ ،‬وأيما خي الخر ة ففي الجر الذي تتحصله اليمة ف هذا العدمل ‪ ،‬ولعله يمن‬ ‫اليمور البارز ة هنا أن النب صلى ال عليه وسلم ل يعلم قط أنه دعا إل تلك شيء يمن أشياء الدنيا ‪ ،‬فلم يرغ ب‬ ‫باقتناء الذه ب ول الفضة ول الدور ول ال ِ‬ ‫ض يمماع ولكنه هنا حض على اقتناء هذا الي يمن دنيا الناس وجاء ف‬

‫الديث الض على حبس هذا اللك والعتناء فيه فقال صلى ال عليه وسلم‪) :‬من احتبس فرساً في سبيل ال‬

‫إيماناً بال وتصديقاً بوعده فإّن َش بـَ​َعهُ وَبريّهُ وبرونثه وبوله في ميزانه يوم القيامة ( ولذلك لثر هذا الخلو ق على‬ ‫حيا ة صاحبه وحيا ة اليمة الت ترعا ه وتعتن به ‪ ،‬ولست يمتبعداً إل يما يدمل الديث يمن يمعان تتعد ى إل يما عرفه‬ ‫الناس يمن صناعات تقو م يمن يمقا م اليل ‪ ،‬أن يمن دللت الديث على أن الهاد يماض فيج ب إعداد عتاد ه‬ ‫ولوازيمه قبل أن أنبه إل "اليل"هي عينها فيها فوائد عظيدمة لأليمة الت تعتن با وترعاها ‪ ،‬ولقد رأ ى الناس من خبوا‬ ‫الدول الت تقديمت ف الصناعات وخاصة العسكرية أن عنايتهم باليل يما زالت قائدمة ‪ ،‬ول يزيلوها كدما تفعل اليمم‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[58‬‬

‫الاهلة ‪ ،‬هذا يم ع علدمي أن يمثل هذ ه اليمور ل تقو م إل بعناية اليمة بجدموعها بذا اليمر ‪ ،‬فإن ل يكن كذلك ل‬ ‫يقو على هذا الديث إل أصحاب اليسار لا تتاجه اليول يمن رعاية يمكلفة ل يطيقها أكثر الناس‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[59‬‬

‫الحديث الثامن عشر‬ ‫عن أسماء برضي ال عنها قالت‪ :‬قال لي برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬أنفقي ول تحصي‬ ‫فيحصي ال عليك‪ ،‬ول توعي فيوعي ال عليك (‪.‬‬ ‫حركة الغي ب يم ع عال الشهاد ة ظّل له ‪ ،‬تسي حيث سار وتقف حيث تقف ‪ ،‬وعال الشهاد ة يمستور بستار‬ ‫السنن الكونية ‪ ،‬يقف عندها بعض اللق دون بصي ة النظر إل أثر حركاتم على هذا الكون ‪ ،‬ويمن أجل خر ق هذا‬ ‫الستار نظراً وبصي ة أيمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ننظر دائدماً إل )فمن أعدي الول؟! ( فحني قال‬

‫لم‪) :‬ل عدوى ( سألوا يمستبصرين كدما يرو ه يمن سنن جارية هي خلق ال فيهم فقالوا‪ :‬فدما بال البل تكون ف‬ ‫الريمل كأنا الظباء فيخلطها البعي الجرب فيجربا ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬فمن أعدي‬ ‫الول؟! ( ‪ ،‬ذلك لن الواقف على السنن دون النظر إل يد ال تعال وسنته ف إجراء القدار وتعلق ذلك با يبه‬ ‫ل تعال يمن أفعال اللق ويما يبغضه إنا هو قارئ للكتاب يمن يمنتصفه أو بادئ بالعد يمن غي الول ‪ ،‬واللؤيمن هو‬ ‫الذي يعلم أن ال هو الول سبحانه وتعال فكل شيء يمنه جّل ف عل ه والذين يفقهون على سنن الوادث‬ ‫الظاهر ة دون النظر إل يد ال وعال الغي ب هلؤلء ل يعلدمون إل )ظاهراً في الحياة الّد نـيا وهم عن الخرة‬

‫غافلون ( كدما قال تعال ف سور ة الرو م ‪ ،‬وقد قال سبحانه وتعال بعد هذ ه الية يما ينبه إل يد ال وحكدمته ف‬ ‫س مـوات والبرض وما بينهما إلّ بالحق وأجل مسّم ىـ‬ ‫خلقه فقال‪) :‬أولم يتفّك رـوا في أنفسهم ما خلق ال ال ّ‬

‫)أي بسنن حكيدمة قائدمة على العدل ‪ ،‬وإل آيماد ونايات لا تعلق بذا العدل( وإّن كثيراً من الّناس بلقاء برّبهم‬ ‫لكافرون )بغفلتهم عن سنة العاقبة والنهاية لكل شيء( ‪ ،‬أولم يسيروا في البرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين‬ ‫من قبلهم كانو أشّد منهم قّو ةـ وأنثابروا البرض وعمروها )ظانني أن هذا يقق لم اللود وين ع عنهم جريان‬

‫السنن اللية إذ ل تعلق للهلك عندهم با ي ب ال ويبغض( وجاءتهم برسلهم بالبّينات )بالتوحيد والشرائ ع( فما‬ ‫كان ال ليظلمهم )إذ أعطاهم يما أرادوا يمن سعيهم يمن قو ة وعدمار ة واكتشا ف( ولكن كانوا أنفسهم يظلمون‬

‫س وـأى أن كذبوا بآيات ال‬ ‫)بتك التوحيد والشرائ ع حيث حق عليهم اللك( ‪ ،‬نثم كان عاقبة اّلذين أساؤوا ال ّ‬

‫وكانوا بها يستهزؤون‪ ،‬ال يبدؤ الخلق نثم يعيد نثم إليه ترجعون ( فهي يد ال سبحانه وهو الخر ‪ ،‬وكل شيء له‬ ‫تعلق با يبه ويبغضه وستبقى سنن التقل ب والنهايات قائدمة‪ .‬وحديث العدو ى ليس إنكاراً لسنة سريان الرض ف‬ ‫اللق بفعل الخالطة فهذا القول وإن قال به بعض السابقني إل أنه لو قال به واحد اليو م لقيل له‪ :‬هل تقبل أن‬ ‫تتزوج ايمرأ ة يمريضة بالسيدا )يمرض اليدز‪ :‬نقص الناعة(؟ أو هل تقبل أن تزوج عرضك لواحد يمصاب به ‪ ،‬حينها‬ ‫ستعر ف جواب قلبه وعقله ل يمناكفة لسانه‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[60‬‬

‫والقصد أن يعلم اللق أن الرء يستطي ع أن يعلم حركة الغي ب لا يري على الرض يمن أعدمال وأخل ق ‪ ،‬فإن‬ ‫كان ف الرض هداية فإن حركة الغي ب هي ايمداد هذ ه الداية كدما قال تعال‪) :‬و اّلذين اهتدوا زادهم هدى‬

‫وآتاهم تقواهم ( وال قال‪) :‬من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد نثم جعلنا له جهّنم يصلها‬ ‫مذموماً مدحوبرًا‪ ،‬ومن أبراد الخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوبرًا‪ ،‬كلً عند هؤلء‬ ‫وهؤلء من عطاء برّبك‪ ،‬وما كان عطاء برّبك محظوبراً ( ‪.‬‬ ‫وف الغي ب حركة يرصدها أهل اليان وهي مط نظرهم ‪ ،‬وأعظدمها يما يق ع ف نفس الرحن يمن فرح وح ب‬ ‫ورضا أو غض ب وسخط وبغض ‪ ،‬وإذا أردت أن تعر ف نفس ال تاهك فانظر إل يما ف نفسك وقلبك عن ال ‪،‬‬ ‫هل تبه؟ هل أصبحت تطل ب رضا ه؟ هل أنت راض عنه؟ هل ظنك فيه حسن؟ هل تراعي أيمر ه وتنفي يمعصيته؟‬ ‫فال ي ب يمن يبه ويرضى عدمن رضي عنه ‪ ،‬وهو عند حسن ظن عبد ه به وهكذا هي هذ ه القضية العظيدمة ‪،‬‬ ‫فالعطاء يقابل بثله وكذلك الن ع ‪ ،‬والحصاء يقابل بثله وكذلك البسط ‪ ،‬ويما يمن فعل ف هذ ه الدنيا إل ويقابله‬ ‫حركة ف عال الغي ب تكون آثارها ف الدنيا والخر ة ‪ ،‬وف قوله تعال عن بيعة الصحابة رضي ال عنهم للنب‪) :‬يد‬ ‫ال فوق أيديهم ( ‪ ،‬وعن الصدقة أنا تق ع ف يد ال تعال قبل يد الفقي ‪ ،‬وعن نيق الدمار أنه رأ ى شيطاناً وعن‬

‫صياح الدَيكة أنا رأت يملكاً ‪ ،‬وهكذا يوج عال الغي ب بركة اللئكة ه ‪-‬يستغفرون للذين آيمنواه ‪ -‬ويضرون حلقات‬ ‫ب فلن‬ ‫الذكر ‪ ،‬و)نثّبتوا اّلذين آمنوا ( و)فاضربوا فوق العناق واضربوا منهم كّل بنان ( وال ينادي )إّني أح ّ‬

‫فأحّبوه ( وتوج الرض بذ ه الركة نواً )فينفخ فيه الملك ( وإياداً لشيء ل يكن وبركة لوجود ضعيف وَْمقاً‬ ‫لغرور يمتكب ‪ ،‬فتهتز الرض زلزل وبراكني عذاباً وابتلًء ‪ ،‬وها هو رسولنا صلى ال عليه وسلم يستأذنه يملك البال‬ ‫أن يطبق على أهل يمكة جبليها )الخشبني( ويقف هذا الغي ب يمنتظراً إشار ة يمن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬ ‫فلو قال "نعم" لتحركت الرض وزلزلت زلزالا ‪ ،‬وحينها سيقول العدميان "سحاب يمركو م" ويشبهه يمن الوقو ف على‬ ‫السنن الظاهر ة وهي حق ول شك ‪ ،‬دون النظر إل بكاء يمظلو م أو دعو ة يمستجابة أو يمعصية واقعة ‪ ،‬وأيما أهل‬ ‫البصي ة فتتف قلوبم خوفاً يمن غض ب ال ويفزعون للتوبة والصل ة كدما هي سنته يم ع اليات الكونية كالكسو ف‬ ‫والسو ف وشد ة الرياح وغيها‪.‬‬ ‫هكذا هي القيقة الكونية ‪ ،‬فحني يتحدث الناس عن اليمطار وسنن نزولا وإصابتها للخلق ‪ ،‬هم يصيبون ف‬ ‫تفسي جريان السنة ولكن يقفون عن بلوغ القيقة ‪ ،‬وهي السلؤال عن الولوية ‪ ،‬وحني يفسرون حركة زلزل الرض‬ ‫وينسون السلؤال‪ :‬فدمن فعل أول اليمر؟ ‪ ،‬ول يعن السلؤال عن الولية أي أولية السنن بالتكوين الول للخلق فقط‬ ‫بل أولية كل خلق ‪ ،‬فدمن نفخ الروح ف اليوان النوي؟ ويمن أنشأ كل خلية فيها روح اليا ة؟ ‪ ،‬وهكذا فكل ذر ة ف‬ ‫الرض هو خلق جديد لبد له يمن أولية تنشلؤ ه يمن العد م تدل على يد ال تعال ث تري فيه السنن الت خلقها‬ ‫ال تعال‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[61‬‬

‫هذ ه القيقة الكونية الباهر ة العظيدمة لا التطابق التا م يم ع ح ب ال تعال وبغضه ‪ ،‬ح ب ينشلؤ ه طاعة يمن عبيد ه ‪،‬‬ ‫وبغض ينشلؤ ه يمعصية يمن أعدائه ‪ ،‬ح ب ينش ئ ال ب والعطاء والحسان ‪ ،‬ويمعه البتلء ليزداد القرب ويصل الطهر‬ ‫والغفران ‪ ،‬ويمعصية تنش ئ العداء والقت واَل ْحمقم ‪ ،‬ويمعها البتلء ليزداد الغرور والعلو والعلو ليتحقق اليل م والكر‪.‬‬ ‫إن أردت صلة ال فَ ِ‬ ‫ص ْل م يمن أيمرك بصلته ‪ ،‬وإن أردت حبه فأح ب يمن أيمرك ببه ‪ ،‬إن أعطيت الفقي ستجد‬ ‫أنك أعطيت حسنة ف يد ال تعال )لوجدت ذلك عندي ( ‪ ،‬وإن زرت يمريضاً يتجد أنك وضعت قديمك على‬ ‫عتبة الرب )لوجدت ذلك عندي ( ‪ ،‬وهكذا بصائر اللؤيمنني يعيشون سنن اللق والتكوين ‪ ،‬ويعدملون بقيم الق‬ ‫وشرائعه ‪ ،‬والغي ب عندهم حاضر ويرجعون كل أيمر إليه )قل كّل من عند ال فمال هؤلء القوم ل يكادون‬ ‫يفقهون حديثا (‪.‬‬

‫)أنفقي ول تحصي ( بل يمادا م أن يد ال تتلقاها فستعا ه )كما يربي أحدكم فلوه ( حت تأت الّبة كجبل‬ ‫أحد ‪ ،‬فدما إحصاء العبد إل تضييقاً عليه ل على يد ال تعال ‪ ،‬وهذا قانون لعدمر الق هو سعاد ة البشرية ف الدنيا‬

‫والخر ة لو فعلو ه ‪ ،‬فالي )ل تصيه( بل افتح وكاء ه ودعه يفيض )و يسألونك ماذا ينفقون قل العفو ( والعفو يما‬

‫زاد عن حاجتك ‪ ،‬ويما قتل الناس وأفسدهم إل الرص والن ع ‪ ،‬فبه يقتل الناس بعضهم بعضاً ‪ ،‬ويتباغضون‬ ‫ويتقاطعون ‪ ،‬وبالعطاء ويمنه التضحية يتم الندماء والبكة لن الركة هي الت تصن ع اليا ة ‪ ،‬وبالركود يق ع الرض والوت‬ ‫والكساد‪.‬‬ ‫نكتة‪ :‬الكلب تلد ف البطن الواحِد الكثَي ‪ ،‬والرا ف ل تدمل أكثر يمن اثنني ‪ ،‬ولكن أين أعداد الكلب ف‬ ‫الرض يمن الرا ف ‪ ،‬هل تعر ف السب ب؟‬ ‫الجواب‪" :‬الناس ل يضحون بالكلب"‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[62‬‬

‫الحديث التاسع عشر‬ ‫عن ابن عمر برضي ال عنهما قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬إّنما الّناس كالبل‬ ‫المائة ل تكاد تجد فيها براحلة (‪.‬‬ ‫الرغاء كثي والفعل قليل ‪ ،‬وحني يزيم ع الناس على الركوب تكون للرواحل الصبور ة الكلدمة الفصل ‪ ،‬فالبهرج ل‬ ‫يدي ف السفار والشقات بل هو ناف ع لهل الدمول والكسل ومّب القايمات على الذل والعفونة ‪ ،‬وشتان بني يما‬ ‫يوض ع ف القواعد والساسات وبني يما يعلق ف العوال للزينة والنظر ‪ ،‬فللقواعد الدملة يمتون قو ة وصب وجلد ‪ ،‬يم ع‬ ‫أنا للحدمل وللزينة البهرج واللدمعان والصوت العال الدميل ‪ ،‬يم ع أن العيون با يمعلقة ‪ ،‬ولكن العب ة بالناف ع ل‬ ‫بالليم ع‪.‬‬ ‫قوا م البداع "بالتخصص" ‪ ،‬هذ ه الكلدمة العاصر ة الدالية على يمقدرات خاصة وخبات ميز ة ف باب يمن أبواب‬ ‫اليا ة العرفية والعدملية ‪ ،‬هذ ه القدرات والبات يصنعها النقطاع لذا الباب العرف والعدملي ‪ ،‬إنقطاع الخلص‬ ‫والتفرغ والبذل والتضحية ليصل إل البداع وتقيق الناف ع اللزيمة لأليمة والدماعة ‪ ،‬وإذا كان القديمون قالوا عن‬ ‫العلم‪ :‬إن أعطيته بعضك ل يعطك شيئاً ‪ ،‬وإن أعطيته كلك أعطاك بعضه ‪ ،‬وأنت يم ع هذا البعض على خطر‬ ‫عظيم ‪ ،‬فهذ ه قاعد ة حق ف كل العلو م العرفية والعدملية إذ يوت الرء وف قلبه شيء يمن )حت(‪.‬‬ ‫الشاركة ف العلو م ‪ ،‬أي الصابة فيها بنصي ب ل يصل لد " التخصص " خي للدمرء لكنه ل ينف ع اليمة إل‬ ‫ض عمه ف تقيق البداع الذي ينتجه التخصص ‪ ،‬إذ تقيق الناف ع الباهر ة لأليمة التقديمة الت لا حق القوايمة‬ ‫بقدار و ْ‬ ‫والشهاد ة ل إبداع يمن دون تصص ‪ ،‬لن البداع هضم للسابق وبناء جديد يتم به السفر الطويل لتحقيق الهدمات‬ ‫اللزيمة‪.‬‬ ‫الشاركون كثر ‪ ،‬واليمة ل تتحقق إل بجدموعها دون عزل لحد يمهدما كان صغيا أو ضعيفاً ‪ ،‬لكن النف ع الذي‬ ‫يتحقق به البداع ورحلة الشهاد ة والقوايمة ل يكونان إل للدمدميزين والبزين ‪ ،‬وهلؤلء قلة وُندر ة با يلكون يمن فطر ة‬ ‫ميز ة وإراد ة حية قوية وجلد يمثابر ‪ ،‬وهلؤلء على اليمة أن ترعاهم وتوفر لم سبل اليا ة ويما يتاجون يمن أجل‬ ‫تفرغهم لا هم فيه وإل ضّيعت اليمة نفسها بتضييعهم ‪ ،‬كدما أن عليها أن توفر الناخ اللئم لظهورهم ‪ ،‬إذ القائق‬ ‫ل تظهر إل ف يميادينها ‪ ،‬وجاعات الهاد والعلم والدعو ة والفكر ف رحلتها الطويلة لتحقيق الشهاد ة يمدعو ة لرعاية‬ ‫هلؤلء واكتشافهم ووضعهم ف بيئتهم اللئدمة‪.‬‬ ‫ف اليمم والتدمعات ليس يمطلوباً تيز الكل ول أن يكون الكل عالاً وقائداً وذكياً فل يوجد أيمة حققت‬ ‫أهدافها بثل هذا الشرط ‪ ،‬لكن شرط ف القياد ة ورعايتها ‪ ،‬ونن نلحظ أن يمهدمات اليمم تققها الراد ة الدميز ة الت‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[63‬‬

‫لا الفراد ة عن بقية القو م واليمة ‪ ،‬ويمن خلل هذ ه القياد ة ه ‪-‬الراحلةه ‪ -‬يسي القطي ع وراءها ‪ ،‬وبالتال يكم على اليمة‬ ‫يمن خلل هذ ه القياد ة والرأس ل يمن خلل أفرادها الذين هم ف عرض الناس ‪ ،‬إذ الناس هم الناس ‪ ،‬ل تكاد تد‬ ‫فيها راحلة ‪ ،‬ويمن طل ب غي هذا اليمر إنا هو طال ب النار يمن الاء وهو يمن باب تعليق أيمر على العد م ل غي ‪،‬‬ ‫ورسولنا الذي يقول هذا الديث هو الذي حل أيمته التكاليف ‪ ،‬والقائد الفريد هو الذي يقق اليمكان يمن الوجود‬ ‫ل أن يذه ب ف وديان التقري ع ليسقط التكاليف ‪ ،‬فشتان يمن يعلم هذا الديث ويعدمل به ويفهدمه حق فهدمه على‬ ‫وجهه الصحيح وبني يمن يستخد م عجز الكثي أو جهلهم ليف ع التكاليف عن اليمة ويعلق يمشروع اليمة ف السعي‬ ‫إل أهدافها على غي شرط صحيح وذلك بأن يصبح الكل عالاً قادراً فيصبح الكل " رواحل "‪.‬‬ ‫ف رحلة الدماعات لتحقيق الشهاد ة بالهاد والعلم والدعو ة سيعان الدميزون كثياً يمن عد م يمستو ى الكثي يمن‬ ‫القواعد فالاسر هو الذي يهرب يمن التكاليف ويبتعد ساباً الهل والتخلف أو العجز وعد م الستجابة ‪ ،‬وأيما الذي‬ ‫تتحقق له يمهدماته فهو الذي يتعايمل بواقعيه وإدار ة حكيدمة يم ع هذ ه القواعد ‪ ،‬والذين يتصورون متدمعاً أو جسدماً‬ ‫كايملً يمن الوعي والبصي ة يمر يويماً على ظهر الرض هم واهون‪.‬‬ ‫هكذا الناس كثي والرواحل قليلة لكن لبّد يمن الرحلة والال قد يكون كحال الرجل يم ع الرأ ة حني يقول‬

‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها‬ ‫عوج (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[64‬‬

‫الحديث العشرون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬إذا أسند المر إلى‬ ‫س اـعة (‪.‬‬ ‫غير أهله فانتظر ال ّ‬ ‫دوا م أي أيمر ف تدبي ه وإدارته ‪ ،‬ونسق الوجود وجاله ف نص ب كل شيء ف يمكانه ‪ ،‬والشيء اليسي يندمو على‬ ‫يد أهله العالني به وبرعايته ‪ ،‬وباليد الاهلة تسقط اليمم العظيدمة والدماعات الشاهقة القوية ‪ ،‬فهذا هو يمفتاح‬ ‫النجاح‪ :‬القيادة‪.‬‬ ‫يماذا عسى آل ف السود أن تفعل إن قادها أخر ق أو جبان ‪ ،‬إن قادها أخر ق كان سعيها فساداً عليها وعلى‬ ‫الخرين ‪ ،‬وإن قادها جبان كانت قوتا كأن ل شيء ‪ ،‬لن قيدمة الشيء ل بجرد وجود ه ‪ ،‬إذ وجود الشيء بل إثار ة‬ ‫ض عِممه ف الفساد لن ضرر ه حينئذ هو القق ل نفعه ‪ ،‬واليا ة قائدمة على التنوع والتعدد ول‬ ‫له كعديمه ‪ ،‬ول ف و ْ‬ ‫يصلحها إل الجتدماع والتكايمل ولذا لبّد يمن قياد ة تدير هذا الجتدماع وتوحد قوا ه ‪ ،‬تستدمد هذ ه القياد ة قوتا يمن‬ ‫أفرادها واجتدماعهم كدما أن هذ ه القو ى تتلء م وتلؤدي دورها تت هذ ه القياد ة وإدارتا ‪ ،‬ويمن غي هذ ه القياد ة‬ ‫تتشتت القو ى أو تتضارب ‪ ،‬وحني تول هذ ه القياد ة ليد أخر ق جاهل با ف يد ه فهذا يدل على جهالة القو ى‬ ‫وفسادها ‪ ،‬إذ تسلط الهلة على رقاب اللق يدل على أيمور يمنها‪ :‬أن هذ ه الدماعة هي صور ة عن قيادتا كدما أن‬ ‫هذ ه القياد ة صور ة عن الدماعة ه ‪)-‬و كذلك نّو لـي الّظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون (ه ‪ -‬كدما ف سور ة النعا م ‪،‬‬ ‫وهذ ه الية يدل يما قبلها عليها حني قال سبحانه‪) :‬و يوم يحشرهم جميعًا‪ ،‬يا معشر الجّن قد استكثرتم من‬ ‫النس‪ ،‬وقال أولياؤهم من النس برّبنا استمتع بعضنا ببعض ( فإن ال تعال عاب على الن استخدايمهم لدمي‬ ‫النسان يمطايا وجنوداً ‪ ،‬فصار الن كثر ة باستخدايمهم هلؤلء الدمي ‪ ،‬ولكن الصيبة كانت ف هلؤلء الدمي حني‬ ‫رضوا هذا الذل والستبعاد وجعلوا ف ذلك يمتعتهم ورغباتم وهكذا هي حقيقة اليا ة بني الستكب والذليل ‪ ،‬فإنه ل‬ ‫يقبل أحد الذل إل يمن هو يمستدمت ع به يملئم لنفسه الانعة الاهلة ‪ ،‬فالدماعة الاهلة الانعة هي الت تقبل هذا‬ ‫النوع يمن القياد ة ‪ ،‬ويمن اليمور الت تدل على تسلط القياد ة الاهلة على الدماعة هو عجز هذ ه الدماعة وجبنها ‪،‬‬ ‫فإن الساعي الاهل يصل لقصود ه الذي يريد ه ‪ ،‬أيما العاجز العاقل فهو يمنكوس على رأسه ل ينفعه عقله ول‬ ‫علدمه ‪ ،‬ونعوذ بال يمن عجز العاقل كدما نعوذ بال يمن جلد النافق ‪ ،‬وحني ُيسند اليمر إل غي أهله فحينئذ تكون‬ ‫النهاية ‪ ،‬فل علم وعقل ول قدر ة ينف ع هذ ه اليمة أو الدماعة ‪ ،‬إذ العب ة بالدار ة ل غي ‪ ،‬والذين يطلبون يمن هذ ه‬ ‫اليمة أن تنهض وقد تسلط عليها الفاسدون العدملء والهلة فهلؤلء يريدون اليا ة يمن ريميم العظا م ‪ ،‬ويطلبون الدمر‬ ‫يمن الريماد ‪ ،‬واليمم والدماعات ل تتحول إل قو ى فاعلة وحاضر ة ف عني التاريخ إل يمن خلل القياد ة العالة العايملة‬ ‫القوية ‪ ،‬وإنه يمن عجائ ب اليمر أن يرت ب النسان حياته الالية والسرية )فيدما يظن( ويتك أعظم يما يتاجه يمن‬ ‫إحسان وتدبي ويتكة فاسداً ‪ ،‬وإن أعظم يما يتاجه هو قياد ة متدمعة الت يتعلق با الحكا م العايمة ‪ ،‬فالحكا م‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[65‬‬

‫العايمة هي الت تضبط كل اليمور وتدد قيم التدم ع والدماعات ‪ ،‬فهل يستطي ع الرء أن يأكل اللل خاصاً ف‬ ‫متدم ع قيدمه العايمة تسي وفق الاهلية؟! أ م هل يستطي ع أن يضبط قيم أسرته وتربيتها ف متدم ع مكو م بقيم‬ ‫الاهلية؟! هذا يما ينبغي على اليمة أن تفهدمه ‪ ،‬وف هذا الديث مسى النب صلى ال عليه وسلم اليمر واليمانة‬ ‫فقال‪) :‬إذا ضّيعت المانة ( ولا سئل عن اليمانة قال صلى ال عليه وسلم‪) :‬إذا أسند المر إلى غير أهله ( فدل‬ ‫على أن هذا اليمر هو اليمانة ‪ ،‬فهو أيمانة ال للعال كدما أنه أيمانة ال لذ ه اليمة ‪ ،‬وحني ندم ع هذا الديث يم ع قوله‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪) :‬تقوم الساعة وليس على وجه البرض برجل يقول‪ " :‬ال " ( نعلم أن نو التوحيد ف العال‬ ‫إنا هو بقياد ة أهل التوحيد للعال ‪ ،‬وانتشار الشرك وغلبته ف العال إنا هو بقياد ة الشرك لذا العال ‪ ،‬فإن جعنا هذا‬ ‫يم ع قوله تعال‪) :‬و ما خلقت الجّن والنس إل ليعبدون ( ويم ع قوله‪) :‬إّنا عرضنا المانة على السماوات والبرض‬ ‫والجبال ( علدمنا أن العبودية ل تعال ل يستقر لا قرار إل بقياد ة العابدين ليمور هذ ه اليا ة ‪) ،‬فمال هؤلء القوم‬ ‫ل يكادون يفقهون حديثاً ( ‪.‬‬ ‫إن يمصاديمة الاهدين لفراعنة العال يمن أجل إزالتهم وتوسيد هذ ه القياد ة لهلها إنا هو يمن أعظم العبادات‬ ‫ذاتاً وسبباً ‪ ،‬ذاتاً لعظيم أيمر ال الهاد ويمافيه يمن إيان واحتساب ‪ ،‬وسبباً لا ف إزالة هلؤلء الفسدين يمن الي على‬ ‫التوحيد وأهله ‪ ،‬بل وعلى العال أج ع يملؤيمنهم وكافرهم‪.‬‬ ‫)ف هذا الديث العلقة بني الرض كوناً يم ع السدماوات وبني هذا النسان وعدمله ‪ ،‬فهل يمن يمّدكر؟(‪.‬‬ ‫إن الدماعة السلدمة الاهد ة ف سعيها لقايمة الشهاد ة على اللق يمدعو ة لتوسيد اليمر ف داخلها لهله ‪ ،‬ول‬ ‫يوز التفريط ف هذا القانون تت أي دعو ى ‪ ،‬ل الال هو ركن اليمايمة ول العشي ة ول السابقة ول يمراعا ة الواطر ‪،‬‬ ‫كل ذلك دعاو ى فارغة أيما م الهلية ‪ ،‬وإن أول يمطل ب إلي للجدماعة إن تركت أن تول اليمر لهله ‪ ،‬فإن الأل يمن‬ ‫بن إسرائيل يمن بعد نب ال يموسى عليه السل م عنديما طلبوا الذن بالهاد واستجاب ال لطلبهم ‪ ،‬طل ب ال يمنهم‬ ‫تولية طالوت ‪ ،‬وقد احتجوا بجج الباطل ‪ ،‬فل يمال له ول تقديمة ف عشيته ‪ ،‬وبالتال ل مبة له سابقة ف القلوب‬ ‫ويم ع ذلك ل يراع الق لم هذ ه الجج بل قال‪) :‬إن ال اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم (‬ ‫والعجي ب أن نبينا مدمد صلى ال عليه وسلم ل يقبل يمطل ب صحابته ف تولية غي أسايمة رضي ال عنه تت‬ ‫دعو ى صغر السن أو غي ذلك بل نظر إل أهليته وقال‪) :‬إن تطعنوا في إمابرته فقد كنتم تطعنون في إمابرة أبيه‬ ‫)أي زيد( وأيم ال إن كان لخليقاً بالمابرة ( هذا يم ع أن النب صلى ال عليه وسلم كثياً يما راعى نفوس أصحابه‬ ‫رضي ال عنهم ف أيمور كثي ة لكن هذا الباب لطورته ل يمراعا ة للنفوس به‪.‬‬ ‫إن شئت الال فخذ ‪ ،‬وإن شئت الثياب فخذ ‪ ،‬وإن شئت اللوس ف صدور الالس فخذ أيما إذا شئت‬ ‫اليمار ة فل لنا‪ :‬أمانة ول تعطى إل لهلها‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[66‬‬

‫الحديث الحادي والعشرون‬ ‫عن عبد ال بن الزبير برضي ال عنهما قال‪) :‬أمر ال نبّيه صلى ال عليه وسلم أن يأخذ‬ ‫العفو من أخلق الّناس (‪.‬‬

‫ل يَ​َس ُ عم الناس إل الّس عمة ‪ ،‬إذ أرواح اللق ضيقة تذه ب بقليل العانا ة ‪ ،‬والتفريق بني الدماعة الاهد ة والتكاليف‬ ‫الت تَّدم ْلمها لنفسها استعداداً يمنها ل تّدم لم للدمجتدم ع الذي تعيش ف وسطه ‪ ،‬فإن فعلت لبد أن ينقل ب عليها‬

‫التدم ع ل مالة ‪ ،‬وال هو رب اللق وله حق العبودية على هذ ه التدمعات قال ف كتابه‪) :‬إّنما الحياة الدنيا لعب‬ ‫ولهو‪ ،‬وإن تؤمنوا وتّتقوا يؤتكم أجوبركم ول يسألكم أموالكم‪ ،‬إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج‬ ‫أضغانكم ( ولذلك ل يطل ب ال شيئاً يمن عبيد ه إل العفو ‪ ،‬وهو يما زاد عن حاجتهم ‪ ،‬سواًء كان يمن أيموالم أو‬

‫أوقاتم أو قواهم ‪ ،‬ول يكن لدماعة يمهدما كانت على الق ف نفسها أن تقق النصر ف متدم ع يمن التدمعات إل‬ ‫إن كسبت قل ب وروح هذا التدم ع ‪ ،‬ول يكن أن يتحقق هذا إل بأن يتيقن هذا التدم ع أن هذ ه الدماعة ل تصاد م‬ ‫حيا ة الناس وكسبهم ودنياهم ‪ ،‬فإنم إن رأوا أن سبيل هذ ه الدماعة هو سبيل الراب والفقر والو ف انفضوا عنها‬

‫ول شك ‪ ،‬ولذلك كان يمن حجج قريش ف عد م اتباعهم لرسول ال صلى ال عليه وسلم أن قالوا‪) :‬إن نتبع‬

‫الهدى معك نتخطف من أبرضنا ( وال أكَذ َبم م مف هذ ه الدعو ى وقال‪) :‬أولم نمّك نـ لهم حرماً آمناً يجبى إليه‬

‫نثمرات كل شيء برزقاً من لدّنا ( كدما ف سور ة القصص ‪ ،‬ول يصدقهم فيها فدّل على أن الدين هو الذي يقق‬ ‫للناس سعاد ة دنياهم ول يديمرها كدما قال تعال‪) :‬أطعمهم من جوع وآمنهم من خو(ف (‪.‬‬

‫هذ ه القيقة تالف يما يطرحه البعض يمن تقدي دين ال تعال على صور ة توافق أهواء الناس وشهواتم ‪ ،‬إذ‬ ‫دين ال ل يقد م للناس إل يم ع حقيقة اليان بالغي ب وتدمل الوايمر الشرعية على حقيقتها حت لو خالفت يما عليه‬ ‫والناس يمن رغبة ف الشهوات والهواء ‪ ،‬ولكن ل يقد م دين ال للناس وهم يرون أصحابه يتوعدونم بالذبح‬ ‫ويضيقون عليهم سبل اليا ة ‪ ،‬وكأن التدم ع ل يكفيه يما يفعله بم طواغيت الرض يمن استبعاد وإفساد وجعل الال‬ ‫)دولة بين الغنياء منهم ( حت يأتيهم آخرون يريدون أن يقضوا على البقية الباقية عندهم وفيهم ‪ ،‬وهذا اليمر‬

‫يستدعي بيان يمسألة يمهدمة وهو أن الهاد ل يكون إل ضد الأل والطواغيت فهم الذين يوجه لم سلح القتل‬ ‫والقتال ‪ ،‬وأيما الستضعفون فلهم السبة ‪ ،‬وهذا العدمل الليل )السبة( ل ينبغي أن تقو م به هذ ه الدماعات أصالة‬ ‫إل با يقق رف ع الظلم الذي تفعله الطواغيت ضد الستضعفني ‪ ،‬وأيما انشغال جاعات الهاد الصل ة بعدمل السبة‬ ‫فإن الاكم العادل سيبغضه نصف شعبه إن عدل فكيف لو ل يكن حاكدما بل كان يمتطوعاً ‪ ،‬يم ع يما ف عدمل‬ ‫السبة يمن أيمور هي أشبه بعدمل القاضي وأحكايمه وهذا قلدما يتحقق يمن غي تكن‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[67‬‬

‫)إّياك وكرائم أموال الّناس ( هذ ه وصية رسول ال صلى ال عليه وسلم ليمرائه ذلك لن الرحلة طويلة‬ ‫ض بم وبغضاء ‪ ،‬بل اليمر ضربة وضربة ‪ ،‬فواحد ة تضحكهم وتفرحهم ‪ ،‬وأخر ى‬ ‫والتضييق إن طال انقل ب إل سخط وَغ َ‬ ‫ما يتحدملون يرون فيها أثر الد والنشاط ليفزعوا لخر ى إن دعوناهم إليها يمر ة ثانية ‪ ،‬وخي العدمال أدويمها وإن‬ ‫قل ‪ ،‬وأيما الذين يشقون على الناس فسيشق ال عليهم ‪ ،‬وكفى بشقة ال عليهم أن يعاديهم أهلهم وأيمتهم‪.‬‬ ‫اليا ة الدعوية والهادية ليست قصة هريمية تسي إل ناية يمغلقة ‪ ،‬بل هي بناء يمتوازن ف أبعاد ه لنه ل ينتهي‬ ‫إل عقد ة حامسة ‪ ،‬ولو كان اليمر كذلك لصح أن نريمي ثقلنا وثقل الناس ف هذ ه العقد ة الامسة لنرتاح بعدها ‪،‬‬ ‫ت ل أرضاً قط ع ول ظهراً أبقى‬ ‫لكن اليمر ليس كذلك ‪ ،‬بل هي عقد يمتتالية ‪ ،‬وحلقة وراء حلقة ‪ ،‬ولذلك فإن النب ّ‬ ‫كدما ف الثر ‪ ،‬وأصحاب الرواح السريعة يذهبون بسرعة ‪ ،‬يأتون يرددون الكثي ويللؤون الوديان صراخاً ث ينفضون‬ ‫سراعاً كذلك‪.‬‬ ‫الرحة على اللق وتكليفهم يما يستطيعون وفتح أبواب الراحة والنمزهة لم تب ب فيك اللق وتب ب فيك الالق‬ ‫فإن الراحون يرحهم الرحن ‪ ،‬واليمر يم ع الدماعة هو أيمر الرحة والسعة نشي يمشي أضعفهم كدما هو شأن الرء يم ع‬ ‫الصل ة ‪ ،‬فإنه يفف يما يستطي ع ف الدماعة وأيما إن فرغ إل خاصة نفسه وصلته فليطل كدما ي ب ‪ ،‬ث ليت الناس‬ ‫ف زيماننا يقويمون فقط بُعشر يما كان عليه الناس قدياً ‪ ،‬إذاً لنجوا‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[68‬‬

‫الحديث الثاني والعشرون‬ ‫عن أسماء برضي ال عنها قالت‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬المتشّبع بما لم يعط فهو‬ ‫كلبس نثوبي زوبر (‪.‬‬

‫أجل الكلدمات يما دلت على القائق ‪ ،‬وروعة البيان ف كونه إبانة عن صد ق الال وإل فهو لغو وباطل ‪ ،‬وإن‬ ‫آل ف الكلدمات ل تشب ع جائعاً ول تست عارياً ول تنصر يمقاتلً ‪ ،‬والفساد ليس ف وجود الشيء لكن قد يكون ف‬ ‫العبار ة العب ة عنه ‪ ،‬حينها يكون الوهم والكذب ‪ ،‬ورحلة العايملني لدين ال تعال هي رحلة إكدمال أي رحلة الصد ق‬ ‫والقائق‪.‬‬ ‫الشعارات والعناوين ل تقق النصر ول تدخل النان ‪ ،‬فلو أن الشرك مسى نفسه يموحداً وانتس ب إل إيما م‬

‫صدـوبر ( ‪ ،‬وإذا كان أيمر الخر ة هو‬ ‫صلـ ما في ال ّ‬ ‫الوحدين إبراهيم يما كان ليدخل النة إل بالقيقة الت يمعه )و ح ّ‬

‫أيمر الرحة الت هي أوس ع وأرح ب يمن العدل فإن الدنيا هي جار السنن الت قوايمها العدل ‪ ،‬وهي ل تاب أحداً )و‬

‫ل ( فإن يميزانا هو يميزان القائق ‪ ،‬أي الوجود ‪ ،‬فدمن غي صخر ل تبن البيوت ‪ ،‬ويمن غي‬ ‫لن تجد لسّنة ال تحوي ً‬ ‫رشد ل تدو م الدماعات ‪ ،‬والذين يبحثون عن شعار جيل أو إعل م يمبهرج دون اهتدما م بالقائق سرعان يما ينكشف‬ ‫الغبار ويظهر الستور‪.‬‬ ‫)نثوب الزوبر ( وثوب آخر هو أخو ه ‪ ،‬واحد يكذب به على الناس ويوههم باليلة اللفظية ‪ ،‬وآخر يرتد على‬ ‫نفسه لنه "يمتشّب ع" فيتجّش أم يمن غي طعا م إنا هو الواء ول شيء بعد ه ‪ ،‬فهذان الثوبان الصنوعان يمن الكلدمات ‪،‬‬ ‫ويمن الكلدمات فقط يماذا عساها أن يققان يمن ست العورات أو دف ع البد والهلكات؟! ويماذا لو صار عتاد التدم ع‬ ‫وقوايمه هو الكلدمات ‪ ،‬يقتاتون با ويتحاربون با وعليها ‪ ،‬وينايمون على أنغايمها ووسائدها ‪ ،‬فهل لذا التدم ع دوا م أو‬ ‫تقد م؟!‬ ‫جاعات الق عدمادها الصد ق الذي به تقق صد ق انتدمائها لدين ال ‪ ،‬وبه تقق احتايمها لنفسها واحتا م‬ ‫الخرين لا ‪ ،‬حينها يصبح لكلدماتا قو ة القائق ‪ ،‬فالصد ق ل يمساويمة فيه ‪ ،‬فل يوز الكذب بال على اليمة ول‬ ‫على الخوان وهذا ركن اليا ة والشهاد ة على اللق‪.‬‬ ‫)نثوب الزوبر ( يصن ع الوهم الادع ف الرء فيجلس على جذع شجر ة حطدمة ويظن نفسه أنه يتطي جواداً‬ ‫سابقاً ‪ ،‬فيطلق صرخات القاتل والتهديد ‪ ،‬ويض ع الطط والقررات دون وجود عدمد القديمات لا ‪ ،‬وهو ل يقو ى‬ ‫على نفخة هواء يمن خصم يتعايمل يم ع سنن اليا ة وحقائقها ‪ ،‬ولذلك يمن واجبات أي جاعة وحركة أن تعي واقعها ‪،‬‬ ‫وأن تعر ف حلقتها التاريية ‪ ،‬إذ الوعي على يموطن رجلك ف دور ة التاريخ شرط تقيق النصر اللئم للدمرحلة ‪،‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[69‬‬

‫فالتاريخ حلقات ‪ ،‬حلقة يمن حلقات الصعود أو الثبات أو البوط ‪ ،‬ففي الصعود تافظ على الندفاع ‪ ،‬وف الثبات‬ ‫تافظ على التوازن ‪ ،‬وف البوط تن ع النيار ‪ ،‬فدمن الهل الفاضح أن يتكلم أحد عن الفتوح ه ‪-‬الهاد الجويميه ‪-‬‬ ‫وهو ف حلقة إيقا ف البوط والنيار ‪ ،‬وتقيق الطلوب يمن أي يمرحلة هو النصر ‪ ،‬فخالد بن الوليد رضي ال عنه‬ ‫ف يملؤتة حني اناز بأصحابه مافظاً عليهم يمن الفناء إنا حقق النصر اللئم لواقعه ‪ ،‬ول يققه إل لوعيه على‬ ‫حلقته التاريية حينئذ ‪ ،‬وهذ ه هي لغة القائق ل "لغة الزور" ‪ ،‬وهي الت تنف ع حت لو كانت يملؤلة وصعبة على‬ ‫النفوس وآيمالا‪.‬‬ ‫يم ع رحلة الهاد والدعو ة لنحذر يمن الشعارات الكبي ة فهي "أعل م زور" ل تثبت أيما م الرياح والعواصف‬ ‫وتصبح أحالً ثقيلة على كاهل الدماعة واليمة ‪ ،‬تعان يمنها أكثر يمن يمعاناتا لعدائها ‪ ،‬لن يمطالبها كبي ة لقوا م‬ ‫يقابلها ويعادلا‪.‬‬ ‫ويم ع هذ ه الرحلة لنحذر يمن النتفاخ الكاذب ‪ ،‬إذ حاله حال "الدمل الكاذب" وهو عني "التشب ع" ‪ ،‬وهو‬ ‫انتفاخ وريمي عدماد ه الرض والرهق ل الصحة والقو ة‪.‬‬ ‫يم ع هذ ه الرحلة حجر صغي خي يمن صراخ عال ‪ ،‬وخيط عنكبوت خي يمن "ثوب زور"‪.‬‬ ‫ليأت الناس إلينا وقد عرفوا يما لم ويما عليهم ‪ ،‬وقد وعوا يما سيلقونه ويما سيقديمونه ‪ ،‬فل مبآت يمكتويمة ‪ ،‬ول‬ ‫يمفاجآت ف طريق العدمل والشهاد ة على اللق ‪ ،‬لنه طريق يمعّبد يمرسو م قوايمه الصد ق واليمانة‪.‬‬ ‫ف الديث )حديث الباب( روعة البيان سايمقة بدمال يمثدمر ‪ ،‬وجذر قوي عدميق ‪ ،‬فأي جال عظيم هذ ه ف‬

‫قوله‪) :‬متشبع ( و)لبس نثوبي زوبر ( ‪ ،‬إذ الناس ل يعرفون سرك الكايمن ف بطنك ‪ ،‬فادعاء الرء الشب ع ل دليل‬ ‫للخصم يكذبه ‪ ،‬ولكن هيهات إنا هو "لبس" وهذا أيمر ه للعيان ل يفى ‪ ،‬فدمهدما ادعيت باطناً فإنا هو للعني‬ ‫يمكشو ف ‪ ،‬إذ ل تقل "عندي" لن اليدان سيكذبه ‪ ،‬شئت أ م أبيت‪.‬‬ ‫ث تأيمل )نثوبي ( ل واحد ‪ ،‬وقد تقد م سر ه‪ .‬وال أعلم‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[70‬‬

‫الحديث الثالث والعشرون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬سّد دـوا وقابربوا‬

‫واغدوا وبروحوا‪ ،‬وشيئاً من الّد لةجْـجة‪ ،‬والقصد القصد تبلغوا (‪.‬‬

‫ف الدوا م يم ع القلة النجاح مقق ‪ ،‬والدمل الكبي ل تعجز عنه قرية الندمل ‪ ،‬والّد بن سلسل عظيدمة يمن‬ ‫حجار ة صغي ة لرضه ‪ ،‬يدمعها بد يويمياً يمن بعد صل ة الفجر وف نفس طويل وأيما الفيد فعجز أن يبن بيت‬ ‫دجاج لنه ينتظر أن يدم ع يمليون دينار ليبن قصراً عالياً ف لظة واحد ة‪.‬‬ ‫صنيم ‪ ،‬وبسرج ليلية تعبة وأقل م ل يكاد‬ ‫على أرجل يملفوفة بقدماش مر ق يمرق ع ‪ ،‬ودواب هزيلة ‪ ،‬وصلوا إل ال ّ‬ ‫يكدمل الكلدمة حت يغدمس ف حب ه ‪ ،‬وعلى ور ق يمر ة يمن جريد النخل وأخر ى على حيوان كانت كنوز العلم تسي‬ ‫ف حائل الطفال والعرائس ‪ ،‬كل ذلك صن ع على قاعد ة‪) :‬القصد القصد تبلغوا ( ‪ ،‬وف زيمن "الكدمبيوتر" والطائرات‬ ‫النّف امثة والسيارات السريعة يما زال الناس يرتكسون ف يمقاعدهم لنم يلسون ينتظرون "اللحظة الناسبة" الت‬ ‫يتدمنونا يمن "الفراغ" و"القو ة" ليتحقق لم كل شيء ‪ ،‬فكانت النتيجة‪ :‬ل شيء‪.‬‬

‫لعلك ل تلك قدر ة توصلك وعلدماً كافياً ‪ ،‬لكن يكفيك‪) :‬سّد دـوا وقابربوا ( إذ الكدمال وهٌم ف العقول ل‬ ‫وجود له ف العيان ‪ ،‬والذين ينتظرون الكدمال إنا يقتاتون الوهم‪.‬‬ ‫يقولون غداً ‪ ،‬ففي غد يكون الفراغ الواس ع الذي يكن به أن تبدأ الرحلة ‪ ،‬لن اليو م ضّيق ‪ ،‬وينسون أن غداً‬ ‫ليس فيه لظة زائد ة عدما عليه اليو م ‪ ،‬ولذلك إن كنت يمشغولً ف الصباح فجّد ف الساء ‪) ،‬اغدوا وبروحوا ( إذ‬

‫يكفيك يما عندك الن يم ع قلته‪.‬‬

‫ن حت يتعبك جنبك ‪ ،‬واضطج ع ف ليلك يما استطعت وأحببت ‪ ،‬لكّنك ستجد ف ناية الليل لظة قبل‬ ‫الفجر تعطيها لعدمل تبنيه فتجد ه أيمايمك كبيا بعد ذلك‪.‬‬ ‫كل شيء يكن الساويمة عليه ‪ ،‬إن ل يعجبك العدمل صباحا فاعدمله يمساءاً ‪ ،‬وإن ل تستط ع اليقني فيكفيك‬ ‫غلبة الظن ‪ ،‬لكن إياك والتفريط ف الدوا م ‪ ،‬بل )القصد القصد ( فهذا إن فرطت فيه ل تبلغ ولن تبلغ يمهدما يملكت‬ ‫يمن القدرات‪ .‬الدين عدميق ‪ ،‬وكذا الكون ‪ ،‬والرحلة طويلة لنه ل ناية لا إل بالوت فالعلج الوحيد لذ ه العضلة‬ ‫هو أن تدمل الفيف وتداو م السي‪.‬‬ ‫هذ ه قاعد ة الناز ‪ ،‬وقاعد ة النجاح ‪ ،‬بل هي اكسي الثبات والوجود ‪ ،‬وحني يتبارز الناس يكون للدؤوب‬ ‫الكلدمة الفصل‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[71‬‬

‫)شيئاً من الدُلجة ( إذ النفس حال إقبالا ‪ ،‬والسم ف لظة نشاطه ‪ ،‬والرزا ق ل توزع ‪ ،‬ول ترحل الطيور بعُد‬ ‫بأرزاقها وحينها يكون القطا ف يمن رأس الثدمر ‪ ،‬وهو أغل ه وأجله وأغنا ه ‪ ،‬ولذلك يكون "الشيء" يم ع قلتها أفضل‬ ‫يمن حل بعي يمن "البقايا" والخلفات ‪ ،‬لن روحها ذابلة وعطاءها ضعيف‪.‬‬ ‫ل فر ق بني الغدو والرواح لكن ل بد يمن "شيء يمن الدلة" حينها تكون "بيعتان ف بيعة" وللقط ثن غاِل‬ ‫للحقو ق بالبعي إذ هو القصود‪.‬‬

‫ف العدمل‪ :‬سّد دم وقارب‪.‬‬ ‫ف الوقت‪ :‬غدو ورواح وشيء يمن الدلة‪.‬‬ ‫ف الدار ة‪ :‬القصد القصد‪.‬‬ ‫حينها يقيناً ستصل بإذن ال تعال‪.‬‬

‫رحلة العايملني يم ع العلم والهاد ليست يمرحلة تقط ع ث نط الرحال بل هي رحلة وراء رحلة ‪ ،‬ف العدمل ويم ع‬ ‫الب ة إل القب ة ‪ ،‬وف الهاد )حتى ل تكون فتنة ويكون الدين كله ل ( ‪ ،‬ورحلة العابدين )حتى يأتيك اليقين (‬ ‫فدما أطولا يمن رحلة لبّد يمن قطعها ‪ ،‬ويما أرحم قائدها وراعيها‪ :‬إنه محمد بن عبد المطلب صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫بناء الدماعات غي بناء الفراد ‪ ،‬فالفراد يبنون على قاعد ة )كن في الدنيا كأنك غريب ( فهو يعيش يمقتنصاً‬ ‫اللحظة كالطي ير على الاء فيأخذ حسوات ويسي ‪ ،‬لكن يم ع الدماعات تبن الكتائ ب كدما تبن الكت ب ‪ ،‬تبن‬ ‫ص بتانة الثبات والدوا م ‪ ،‬وإل فهي نسدمة ذاهبة ل تقو ى على يمهدمات اليا ة وتكاليف الدين يم ع اليمم‬ ‫لتدو م ‪ ،‬وتر ّ‬ ‫الخر ى ‪ ،‬فالتقان أساس ذلك ‪ ،‬والتأيمل العدميق ه ‪)-‬سّد دـوا وقابربوا (ه ‪ -‬فهو بذل الستطاع يم ع العلم ‪ ،‬وليس ريمياً ف‬ ‫الواء ول يمن وراء الغي ب ‪ ،‬بل بقياس الدقة الت هي أقصى قدراتك ‪ ،‬وإل فدما تبنيه مرد ركا م حجار ة ل تكن يمغروراً ‪،‬‬ ‫فالعلم يسبق العدمل "سّد دم وقارب ث اغد ورح " ‪ ،‬وأيما الغادي والرائح ف كل اتا ه ل يدري أين يمذهبه ول يمقصد ه‬ ‫فهو راج ع بّف يم حنني ول شك‪.‬‬ ‫صدم ‪ ،‬وروح تتطل ع‬ ‫حّد دم وجهتك ‪ ،‬اج ع الدوات ‪ ،‬ث ابدأ السي ة ‪ ،‬وكلدما كّلت رواحلك أِرحها قليلً يم ع عني َتر ُ‬

‫إل هناك‪ :‬حيث )ما ل عين برأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر ( ‪ ،‬فهناك تستيح‪.‬‬

‫نكتة‪ :‬إن أعظم العلويمات والقدرات الت ينيها النسان ف حياته هي خلل الفت ة الول يمن حياته ‪ ،‬فهو‬ ‫يتعلم اللغة وروحها ‪ ،‬ويتعلم أمساء الشياء الكثي ة ‪ ،‬كدما يتعلم العجائ ب يمن حقائق الشياء ويماهيتها ‪ ،‬ويتعلم‬ ‫الداب والخل ق ‪ ،‬والكثي الكثي ‪ ،‬ولو تفكرنا لوجدنا أن هذ ه الكدمية الائلة يمن العلو م إنا تلقاها بروية وهدوء‬ ‫وعلى قاعد ة )القصد القصد ( ف تتاب ع يويمي وف كل لظة ‪ ،‬وبالصب وعد م التوان ‪ ،‬فهل تعلدمنا يمن هذ ه القيقة‬ ‫ف تصيلنا وحياتنا وجهادنا وسعينا؟!‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[72‬‬

‫الحديث الرابع والعشرون‬ ‫عن عبد ال بن عمر برضي ال عنهما قال‪ :‬أخذ برسول ال صلى ال عليه وسلم بمنكبي‬ ‫فقال‪) :‬كن في الّد نـيا كأّنك غريب أو عابر سبيل (‪.‬‬ ‫منة القل ب يم ع النني لا فات وانقط ع يدفعه النني للت ‪ ،‬وحال الدعا ة والعابدين والاهدين يم ع ملكة الدنيا‬ ‫وأشيائها إنا هو )ل يصّليّن أحد منكم العصر إل في بني قريظة ( ‪ ،‬وإن صاح بك صائح "الصل ة" فقل له‪:‬‬ ‫ص)‪ ، (2‬ول تقف على الطلل باكياً ول على يما‬ ‫"الصل ة أيمايمك" وعلى دابتك سر "الَعَنق" فإذا وجدت فجو ة فنُ ّ‬ ‫حصلت يمغتاً ‪ ،‬فدما ف هذ ه الدنيا إل "فاٍن وابن فاٍن "م ‪ ،‬والذكريات يمكانا القلوب فإن نزلت إل الرجل صارت‬ ‫ثقال سفن يمعوقة‪.‬‬ ‫يما تعطلت الرادات إل بالو ف على فوات يما ف اليد شغفاً به ‪ ،‬يم ع نسيان أن يما هو آت هو أجل وأفضل ‪،‬‬ ‫فالعناء متدمل إن كان ف النهاية غنيدمة وراحة ‪ ،‬وشعثاء السفر غبار زائل تذهبه غسلة يماء واضطجاع جْن ب البي ب‬ ‫النتظر ث يعود مرد ذكر ى‪.‬‬ ‫الباكون الريصون على "يمنجزات" دعوتم وجهادهم وأعدمالم وقد اطدمأنوا إليها وتلءيموا يمعها )فطال عليهم‬ ‫المد ( ف ظلها فبدت جنوبم إليها واهون ‪ ،‬فدما هي إل دنيا ذابلة ‪ ،‬يم ع أن الطريق طويل والواجبات أيمايمهم ‪ ،‬لكنه‬ ‫جهل "القايمة" ف ظل شجر بارد يموقوت‪.‬‬ ‫الجر ة حال دائم ‪ ،‬واتاذ الضيعة يمرغ ب بالقايمة فكيف يلتقيان؟! فالهاجر يمتخفف ‪ ،‬حايمل لتاعه دويماً ‪ ،‬أيندما‬ ‫مس ع هدفه طار إليها ‪ ،‬أو واحة علم طارت نفسه لا شعاعاً ‪ ،‬فكيف لعال أو ماهد أن يقيم واليعات كثي ة‬ ‫والواحات دونا بيد‪.‬‬ ‫"الغتاب" هّم الدميزين ف أزيمانم ‪ ،‬ف رحلتهم يم ع العال ‪ ،‬وبطأ يقتفونه دويماً هو ماولة القتاب يمن هذ ه‬ ‫الزيمان واجتناب دنياهم ‪ ،‬فتزداد الل م ويصل الفتا ق ‪ ،‬وحينها يكون الرض ‪ ،‬ويم ع العابدين تكون "الغربة" علجاً ‪،‬‬ ‫فبينهم وبني أزيمانم علقة يعرفون أنا "عابر ة" ل تقيم ‪ ،‬وأنا "غريبة" ل تتأقلم ‪ ،‬يربطها النني إل يما هو آت يمن‬ ‫النان ولقاء الرحن ‪ ،‬وإل فحدثون عن أئدمة الزيمان يمن الرسل وأتباعهم كيف قدروا أن يتدملوا جهالت عصرهم ‪،‬‬ ‫وظلم قويمهم ‪ ،‬وضعف هم اللق عدمويمًا؟‬ ‫اجعل بينك وبني كل شيء ف هذ ه الدنيا يمسافة ف عقلك وقلبك ونفسك ‪ ،‬لنه الروح لا إن فارقته ‪ ،‬وأنت‬ ‫لبّد يمفارقه أو يمفارقك ‪ ،‬فالتعلق ف الدنيا رأس الطايا ‪ ،‬وإن أول يمعصية ف الرض بني أبناء آد م عليه السل م إنا‬ ‫كانت بسببها والتنافس عليها ‪ ،‬إذ يتصور النسان واهاً أنه ل يكن أن يعيش بدون هذا الشيء يمن أشياء الدنيا ‪،‬‬

‫‪2‬‬

‫)( وصف دف ع النب صلى ال عليهم وسلم يمن عرفة إل يمزدلفة بقول أسايمة رضي ال عنه‪ :‬كان يسي الَعَنق ‪،‬م فإذا وجد فجو ة نص ‪ ،‬وقال له ف الطريق‪:‬م‬ ‫يا رسول ال أتصلي؟ فقال‪) :‬الصلة أمامك (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[73‬‬

‫فيغلبه الاجس الرضي كدمجنون ليلى ‪ ،‬ويسيطر هذا الشيء على روحه حت تشربه كدما أشرب بنو إسرائيل العجل ‪،‬‬ ‫يم ع أنه لو تفكر قليلً لعلم أن الكثي يمن الناس يعيشون بدونه ‪ ،‬وهم ف استغناء عنه ‪ ،‬وهذا الذي قاله رسول ال‬ ‫صلى ال عليه وسلم ف الغن وأنه ليس بكثر ة العرض ‪ ،‬ولكنه غن النفس‪.‬‬ ‫"الغتاب" للعابد العال والاهد ليس يمرضاً ول رهقاً يدمله ‪ ،‬بل هو اختيار عقلي وقلب ‪ ،‬فهو ليس يمقهوراً‬ ‫بزيمن ‪ ،‬ول بوطن ‪ ،‬ول بعرض فيها ‪ ،‬بل الزيمن بالنسبة إليه رحلة عدمل ‪ ،‬فل تشغله اللحظة إل بقدار يما ينجز فيها‬ ‫يمن عباد ة فهو يسبح ربه ويسجد له وياهد فيه ويزداد فيه علدماً وبصي ة ‪ ،‬حينها يصبح الزيمن هارباً وهو يلحقه ‪ ،‬ل‬ ‫حلً ثقيلً يرهقه وهو يهرب يمنه ‪ ،‬وأيما "الوطن" حيث حلت فيه أول تعاويذ ه فبالنسبة إليه رحلة ذكر ى لوطن قاد م‬ ‫فينتظر ه ‪ ،‬له فيه أهلون هم ينتظرونه كذلك ‪ ،‬فهو عابر سبيل ينظر ول يدمل ‪ ،‬ويتأيمل ول يثقل ‪ ،‬ويلدمس لكن رجله‬ ‫ف الغرز سائر ة ل تقيم‪.‬‬ ‫غريب أو عابر سبيل‪ :‬غري ب حاضرك يم ع الدنيا ‪ ،‬عابر سبيل يمستقبلك إل الخر ة‪.‬‬ ‫غري ب ف يما أنزت يم ع الدنيا ‪ ،‬عابر سبيل إل واجبك الذي هو آت‪.‬‬ ‫وهكذا تتواصل الرحلة ‪ ،‬ل ترهق باض ‪ ،‬ول يثقلك حاضر ‪ ،‬ول تنقط ع اليمال‪ .‬إياك أن تْند م أنك ضيعت وقتاً‬ ‫أو جهاداً ف يمكان يما ‪ ،‬فتقول‪ :‬عدملت هنا فلم أقطف ‪ ،‬وبنيت هناك ول أُِقم ‪ ،‬فهذ ه الدنيا يمسارح عجيبة ‪ ،‬فقد زرع‬ ‫رسول ال ثلثة عشر عايماً ف يمكة وكانت الثدمار ف الدينة ‪ ،‬وريمى علدماء كثر البذر ف أرض فحدملتها رياح البكة‬ ‫إل أرض أخر ى وزيمن آخر ‪ ،‬فها هو ابن تيدمية ينبت بذر ه الن شجراً يمثدمراً عالياً ‪ ،‬وها هو سيد قط ب تن غراسه‬

‫بعد يموته ‪ ،‬وتفكر ف إبراهيم عليه السل م وهو ينادي )و أّذن في الّناس بالحج ( ف أرض قفر ة ‪ ،‬صحراء ل زرع ول‬ ‫يماء ‪ ،‬فأمس ع ال اللق أذانه واستجابت له أيمم ل يعلدمها إل ال بعد ه ‪ ،‬وها هي العيون تشرئ ب إل ذرية إسحق‬ ‫والسباط ‪ ،‬والعني تكاد تيل عن هذا الرضي ع وأيمه ف البيداء ‪ ،‬إمساعيل وأيمه هاجر ‪ ،‬ولكن كان لكلدمة الغي ب فصل‬ ‫آخر ‪ ،‬فالي ل يضي ع ه ‪-‬أحصا ه ال ونسو هه ‪ ، -‬فل عليك أن ل تصيه وهو ف يد ال تعال الت تندميه رحة وقبوًل‪.‬‬

‫اهتم بنفسك أن تكون غريبا أو عابر سبيل ‪ ،‬وأيما شأن الرض فهو فعل الرب‪) :‬فأما الزبد فيذهب جفاءاً‬ ‫وأما ما ينفع الناس فيمكث في البرض ( ‪ ،‬فهذا رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪) :‬ما لي وللدنيا‪ ،‬إَنما أنا‬ ‫كراكب استظل تحت ظل شجرة نثم براح وتركها ( وال يقول‪) :‬وبرفعنا لك ذكرك ( ‪ ،‬و)إّن شانئك هو البتر (‪.‬‬ ‫فال يقول الق وهو يهدي السبيل‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[74‬‬

‫الحديث الخامس والعشرون‬ ‫عن عائشة برضي ال عنها قالت‪ :‬قال الرسول صلى ال عليه وسلم "البرواح جنود مجّندة‪،‬‬ ‫فما تعابر(ف منها ائتلف‪ ،‬وما تناكر منها اختلف"‪.‬‬ ‫ِيم لَمط الوصول بني الركائ ب باتفا ق الِْدم لم ‪ ،‬فإذا اتفق الم مسيت على وحه الوحد ة وإل فهي غبار ريح ‪ ،‬والنود‬ ‫ل تنبت يمن الرض بل تّند بالدمل ‪ ،‬فحدمل يمن يمعدنه وحل يمن صانعيه ويد صاحبه ‪ ،‬وبناء الدماعات يتم ببناء‬ ‫أرواحها ‪ ،‬وهي الدمو م والغايات ‪ ،‬فالعلم رحم بني أهله وكذا التقو ى والهاد ‪ ،‬يتواصلون بينهم بالدية والسل م‬ ‫والدعاء وال ب ‪ ،‬وبناء ف أبدانا ‪ ،‬فاليدان يدم ع أهله حني تنص ب القدا م على طريق الجر ة الت ل تنقط ع إل يو م‬ ‫القيايمة ‪ ،‬وعلى طريق العداد الذي هو دين ال رغم أنف الخنثني‪.‬‬ ‫)لو أنفقت ما في البرض جميعاً ما أّلفت بين قلوبهم ولكّن ال أّلف بينهم ( والتأليف هو الدم ع على وجه‬ ‫الدمال وروعة العن ‪ ،‬فحني تتفق الرو ف ف اجتدماعها على يمعن يكون تأليفاً ‪ ،‬وكذا الناس حني يتدمعون على هم‬ ‫واحد ويمقصد يمتفق يكونون على ألفة ومبة ‪ ،‬وبذلك تق ع يمقاصدهم ويبلغون أهدافهم ‪ ،‬ومط ئ يمن ظن أن هذا‬ ‫الديث يتحدث فقط عن أيمر قد قضي وانتهى والناس يعيشون على وض ع لبد لم فيه بل الق أن هذا الديث‬ ‫يم ع حديثه عن ذلك إنا يتحدث عن أثر يما يّند الرء فيه يمن تربية أهله له ويمن تربيته لنفسه ‪ ،‬فهي "مّند ة"‬ ‫والتجنيد كالعلم الذي هو بالتعلم والصب الذي هو بالتصب ‪ ،‬فدما جند الرء نفسه له فهو جندي له ‪ ،‬وبذا يدث‬ ‫صلم الصحابة رضي ال عنهم أهدافهم لوعيهم العدميق لا يدمل القائد‬ ‫اللقاء على وحد ة الطريق والد ف ‪ ،‬وقد ح ّ‬ ‫يمن هد ف ويمقصد ‪ ،‬وبالتال صدمدوا أيما م من الطريق لبهم لقائدهم وحبهم التبادل بينهم ‪ ،‬وهذا عدمر رضي ال‬ ‫عنه يقول‪" :‬يما رأيت أن شرح ال صدر أب بكر فعلدمت أنه الق" وذلك ف قتال الصحابة للدمرتدين ‪ ،‬وهذا يمرج ع‬ ‫يتعلق بأيمر القلوب والرواح ل كدما يعلم الجوبون باللفاظ والشعارات الوفاء‪.‬‬ ‫الدماعة السلدمة جاعة منة وابتلء ‪ ،‬ويمكر أعدائها با شديد ه ‪)-‬و إن كان مكرهم لتزول منه الجبال ( ه ‪، -‬‬ ‫وتصفيتها يمن الدرن خلوصاً با إل الطهر هي سنة ال تعال با ‪ ،‬فحالا كأنا على نار وشد ة ‪ ،‬ويمن كان هذا‬ ‫حاله فل يصدمد إل بدمل ثقيل يمن اليان والتقو ى ‪ ،‬وتدري ب شا ق على الهدمات وخاصة يما يتعلق ف داخل‬ ‫الدماعة نفسها ‪ ،‬فالرء حني ير ى وجوهاً يعرفها ويألف با ويأنس يمعها فإن نفسه تثبت وتلؤوب إن أصابا الفزع ‪،‬‬ ‫أيما إن نظر فرأ ى وجوها يمنكر ة ل يعرفها ‪ ،‬ومتلفة يمتدابر ة فإن الغربة تشتد عليه والن تتضاعف وحينها يق ع الذور‬ ‫يمن الفرقة الت هي رأس الشقاء والزية ‪ ،‬وقد وق ع ف زيمن النب صلى ال عليه وسلم يمن الن العلدمية والعدملية‬ ‫الشيء الكثي ‪ ،‬لكن حبهم لرسول ال صلى ال عليه وسلم وألفة قلوبم الطاهر ة لقلبه الطاهر ‪ ،‬وأنس أرواحهم‬ ‫الالصة بذكر ى الدار الخر ة يم ع روحه الت هي كذلك بل هي أعلها وأمساها ف ذلك ‪ ،‬كانت هذ ه الن تر‬ ‫عليهم فتزيدهم صلبة وقو ة ‪ ،‬ففي ُأحد تد الصحابة يشتدون باللتصا ق يمن حول رسول ال صلى ال عليه وسلم‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[75‬‬

‫ف حال لو كان يم ع غيهم لوجدتم مرد أشباح ذاهبة ‪ ،‬وف صلح الديبية حيث الفتنة العلدمية ‪ ،‬فرسول ال صلى‬ ‫ال عليه وسلم بشرهم بالفتح ‪ ،‬وفهدموا يمن ذلك أنم سيدخلون يمكة هذا العا م ‪ ،‬فدما أن عقد الصلح على صور ة ل‬ ‫تطر على بالم ‪ ،‬ورأوا فيها تنازلً عن تول اللؤيمن لخيه ‪ ،‬وتنازلً عدما عقدوا العز م عليه يمن الحرا م للعدمر ة ‪ ،‬فثارت‬ ‫نفوسهم ‪ ،‬واشتد اليمر عليهم حت أن النب صلى ال عليه وسلم أيمرهم بالحلل فلم تقو أبدانم ونفوسهم على‬ ‫ذلك ‪ ،‬وصار رسول ال صلى ال عليه وسلم غضباناً خو ف هلكهم يمن هذ ه العصية ‪ ،‬ث لا خرج إليهم وحلق‬ ‫أيمايمهم وأحل يمن إحرايمه ‪ ،‬قايموا يلون ويلقون حت يكاد الرجل يديمي صاحبه يمن الغض ب ‪ ،‬فدمثل هذ ه النة‬ ‫الشديد ة ل يكن ليثبت لا جند إل إن أحبوا صاحبهم وتعلقت أرواحهم به لتفا ق الال وأنس السدمات يم ع السدمات‪.‬‬ ‫لبّد يمن بناء خفي لألرواح ‪ ،‬يمن تسبيح واستغفار وقيا م ليل ودعاء بالغي ب ‪ ،‬ولبد يمن بناء عدملي لا بالعلم‬ ‫والعداد وبالجر ة ‪ ،‬حت تأتلف القلوب وتتعار ف وتصبح " جنوداً " ل " غبار طريق " ‪ ،‬وحت يعر ف الناس بعضهم‬ ‫بعضاً تعارفاً كدمعرفة البن بأيمه والخ بأخيه والبن بأبيه ‪ ،‬وبثل هذ ه العلقة ل تزيد الن الند إل اتاداً وقو ة ‪،‬‬ ‫فإن ال م ل تدع ابنها حت لو أخطأ أو يمرض أو ضعف ‪ ،‬وكذا الب والخ ‪ ،‬وهذ ه هي " صبغة ال " ‪ ،‬وهي ل‬ ‫تذوب ول تزول يمهدما تقاد م عليها الزيمن ‪ ،‬فها نن نر ى على يمدار التاريخ ح ب الدثني ليمايمهم أب هرير ة حباً‬ ‫خاصة ويمثله ليمنا عائشة رضي ال عنها وأنس بن يمالك ‪ ،‬حيث تتدم ع الصبغة ويتوارث أهل هذ ه " الصبغة "‬ ‫ال ب جيلً بعد جيل كدما يتوارث الناس النساب ‪ ،‬بل أشد ‪ ،‬وكذا نر ى ح ب العلدماء لعدمر وابن يمسعود ويمن سار‬ ‫على دربم حباً خاصاً لتفا ق " الصبغة " الت يتوارثونا ‪ ،‬صبغة تسري ف الرواح ‪ ،‬ويما يمن ماهد يذكر أيمايمه خالد‬ ‫بن الوليد أو أبا عبيد ة عايمر بن الراح وأيمثالدما إل ونرا ه قد انشرحت نفسه وعر ف ذلك يمن قسدمات وجهه وذلك‬ ‫لتفا ق "الصبغة" الت تلءيمت يمعها النفوس واشتكت با‪.‬‬ ‫إنا يمهدمة "التجنيد" وهي يمهدمة النبياء وأتباعهم يمن أجل صناعة "صبغة ال" ف أرواح اللق فاللهم اجعلنا‬ ‫يمن أهلها‪.‬‬ ‫ف هذا الديث العظيم تنبيه أن اللؤيمن ل يبه إل يمثله وكذا الكافر ‪ ،‬فالذين يطلبون رضا الكافرين عنهم ‪ ،‬وأن‬ ‫يقولوا فيهم كلدمة إنصا ف هم واهون ‪ ،‬إذ هذا لن يكون حت تتعار ف الرواح با تلؤيمن به ‪ ،‬وكم يمن حديث قال‬ ‫فيه الرجل لنبينا صلى ال عليه وسلم كلدمة بغض وكراهية ‪ ،‬فهو أبغض اللق إليه ‪ ،‬فدما أن يلؤيمن الرجل حت يكون‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أح ب إليه يمن نفسه وأهله والناس أجعني ‪ ،‬لنا الرواح ويما تدمل ‪ ،‬ولذلك الزان‬ ‫ي ب يمثله وكذا الراب والشرك والفاسق ‪ ،‬واللؤيمن ي ب يمثله ‪ ،‬فالذاكر ي ب الذاكرين وكذا الصلي والاهد والعال‬ ‫وذلك لتاد الصبغة وتلؤ م الرواح‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[76‬‬

‫الحديث السادس والعشرين‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال‪) :‬ل ُيلَدغ المؤمُن من‬ ‫جحٍر واحٍد مرتين (‪.‬‬ ‫اليد الول للكتشا ف والثانية لاذا يا يمغت؟! أهو أيمن الاهل يمن حّيات الطريق وعقاربا؟! أ م أنه ظن السوء‬ ‫أنه يكن أن تنقل ب الضواري حلً وديعًا؟! فيا لهالت الغتين بالبيق الزائف عن يماضي أجدادهم وتاريهم ويما‬ ‫أصابم!!‬ ‫ث يا أيها الغت تفكر‪ :‬هذا " جحر " مفي داخله ولذلك أذن لك أن تد يدك الول يمكتشفاً ‪ ،‬فدمالك قد‬ ‫نت آيمناً ف وكر سباع وجاع أفاع لا ضباع تت الشدمس يمكشو ف؟!‬

‫ف حي ة تقيق الشهاد ة على اللق تندف ع اليات والعقارب والسعال تلؤزها شياطينها برار ة البث وسم‬ ‫الكراهية للحق لتقتنص الرك ب وأهله ه ‪-‬ول يزالونه ‪ -‬سعياًَ وراء سعي ‪ ،‬ويمكراً وراء يمكر ه ‪-‬بل يمكر الليل والنهاره ‪ -‬حت‬ ‫إذا أصابوا غر ة يمن غافل أو ضعيف لدغوا نشراً للسم فيه وف الدماعة ‪ ،‬وحينها يتعطل الرك ب أو يضعف ‪ ،‬هلؤلء‬ ‫هم " جحور "الباطل الت ي ب على الدماعة أن ترديمها ‪ ،‬ث يطني عليها فل يكون لا روح ول بقاء ‪ ،‬وهذا الذي‬ ‫أيمر ال به نبيه صلى ال عليه وسلم بقوله‪) :‬و لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض لنغريّنهم بك نثم‬ ‫ل ( وبذا قدمعت الحور ورديمت ف الصدر‬ ‫ل‪ ،‬ملعونين أين ما نثقفوا أخذوا وقّتلوا تقتي ً‬ ‫ل يجاوبرونك فيها إل قلي ً‬ ‫الول‪.‬‬ ‫لكدمة عظيدمة جرت أحداث السدماء بني أبينا آد م عليه السل م وعدو ه إبليس لتق ع العب ة أن العداء هو العداء‬ ‫ش يـطان لكم عدّو فاّتخذوه عدّواً ( وقد ذكر ال أيمر الشيطان وعداء ه فلم يذكر طريقاً للتعايمل يمعه سو ى‬ ‫)إّن ال ّ‬ ‫الستعاذ ة يمنه وتوقي طرقه ويمكر ه ‪ ،‬فهو عدو ل يأت يمنه إل الشر ‪ ،‬فهذا هو طريق الكدمة يم ع "الشياطني" الذين‬ ‫يتقون ف "الحور" ‪ ،‬فإن للظلدمة والرطوبة الت يعيشون ف أجوائها يميز ة علدمتهم الكر الذي يستدعي "الكدمون"‬ ‫القائم على الصب الطويل ف انتظار اللحظة اللئدمة لبث مسويمها واليقاع بضحاياها‪.‬‬ ‫يمن أعظم هلؤلء شراً ومسّاً هم أهل "التقية" ‪ ،‬فهي جحر الفاعي الرط ب الظلم البيث ‪ ،‬ربوا على القد وقيح‬ ‫الكايا الباطلة ‪ ،‬وأشربت قلوبم "النواح القود" يبيتون على طو ى الذل والنوع حت إذا سنحت لم فرصة "اللدغ"‬ ‫نشطوا لا ل يردعهم دين ول خلق ‪ ،‬يتحالفون يم ع الكفر الصريح ليشفوا نار غليلهم يمن السلدمني ‪ ،‬هذا دأبم‬ ‫وسيتم يم ع كل حلقات التاريخ ‪ ،‬فيا لتعاسة الذين ل يقرؤون التاريخ ويعتبون به ‪ ،‬بل يرون عليه يمرور الهل‬ ‫قائلني‪ :‬هذا زيمان يتلف ‪ ،‬وقد تغي الناس ‪ ،‬ولكل زيمن ظروفه ‪ ،‬ويما علدموا أن القيم والعقائد هي هي ل تتغي وإن‬ ‫تزينت بزي جديد وبلباس خادع يمتطور‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[77‬‬

‫ص عليه عن غي ه ‪ ،‬فإن كانت الندوب الت‬ ‫إن اللؤيمن شرطه " العتبار " فدمن ل يعتب با يصيبه لن يعتب با قُ ّ‬ ‫ف جسدمه ل يلتفت إليها فكيف له أن ير ى يما يق ع يم ع الخرين؟! هذا "العتبار " هو الذي يعله يراكم العار ف‬ ‫والتجارب ويضعها نص ب عينه ف يمسيته ورحلته يم ع العبودية لرب العالني ‪ ،‬أيما أولئك الذين يظنون أن شرط‬ ‫اليان " الغفلة " فهلؤلء حقيق بم الزوال وغلبة العداء عليهم ‪ ،‬بل اتاذهم يمطايا لتنفيذ مططات العداء بم ‪،‬‬ ‫وإن يمن أخطر الذنوب الت يق ع فيها اللؤيمن هو أن يكون يَد شّر لعداء ال تعال وهو يس ب أنه يسن صنعاً ‪،‬‬ ‫وحال هلؤلء كحال البتدع إذ ل توبة له ‪ ،‬لنه يظن أنه على حق وصواب ‪ ،‬بل يوت ف سبيل هذا ‪ ،‬وهو ف‬ ‫القيقة يد م أعداء ال ‪ ،‬وهذ ه " البدعة " الكب ى وهي الت تتعلق بالعدمل لدين ال هي الت ي ب أن نتكلم عنها‬ ‫أكثر يمن غيها يمن البدع " الشخصية " والفردية ‪ ،‬إذ البدع الفردية يمردها على صاحبها ‪ ،‬أيما البدع الت تتعلق بالعدمل‬ ‫السليمي فهذ ه ضللتا تعود على اليمة بجدموعها ‪ ،‬وهذا الذي يق ع ‪ ،‬فإن كثياً يمن العايملني لدين ال تعال إنا‬ ‫يديمون الشيطان وجند ه ‪ ،‬بل هم يمن " دوابم " ويمطاياهم وهم ل يشعرون ‪ ،‬وسب ب ذلك " الغفلة " وعد م العتبار‬ ‫والنظر‪.‬‬ ‫العدمل لدين ال تعال ل يتفاعل ول يقد م ثار ه دون نظر للتاريخ وأحداثه ‪ ،‬ول بالغفلة عن الواق ع وظروفه ‪،‬‬ ‫وليس هناك يمن حدث يمعاصر يمنبت عن تاريخ له ‪ ،‬بل كل عايمل يدمل يموروثه الذي يهتدي به ويتفاعل يمعه‬ ‫ويستشد به ‪ ،‬ويما وق ع لألجداد ي ب أن يكون حاضراً لألحفاد وكدما قال ابن يمسعود‪" :‬السعيد يمن اتعظ بغي ه"‬ ‫ولذلك "فالية ل تلد إل حية" وتربية الذئاب وسط الدملن ل تقبلها وديعة بل كدما قالت العرابية‪" :‬ويمن أدراك‬ ‫يا ابن الذئ ب أن أباك ذي ب" وهذ ه طوائف جحور "التقية" البيثة عاشوا يمئات السنني وسط السلدمني فهل انتفعوا‬ ‫بذلك أ م إن الفيد ل يزدد إل حقداً عدما كان عليه جد ه؟! وها هم اليهود الذين عاشوا بني آبائنا وأجدادنا هم‬ ‫شر يهود على السلدمني وأكثرهم عقراً لخواننا ف فلسطني ‪ ،‬فالتاريخ حل على الكواهل رغم أنف أهل "الغفلة"‬ ‫يمن يمدعي السياسة والكياسة ‪ ،‬ويمن عجائ ب الواق ع أنه يما يمن "علدمانه ‪-‬ل دين" خرج يمن طوائف "جحور التقية"‬ ‫إل ويبقى وفياً لطائفته ‪ ،‬ينقل ب عليها بالنفعة والنصح والنتصار ‪ ،‬إل هلؤلء البثاء "الدواب والطايا" الذين خرجوا‬ ‫يمن أهل السنة إل رد ة العلدمانية واللدينية فإن شرهم على السلدمني أعظم يمن شر اليهود والنصار ى والشركني ‪،‬‬ ‫فسبحان ال كم هو ضرر "الدواب" هلؤلء وكم هي غفلتهم وجهالتهم؟!‬ ‫ث ليعلم أن الهاد ل ينف ع يم ع "الغفلة" ول "العدماية" بل يكون الهاد شراً وفساداً ف الرض يمن غي بصي ة‬ ‫وهداية وتذكر ة ‪ ،‬و"الهاد" خاصة ليس باليمر الني الذي يوز فيه يمثل هذ ه الغلط يمن "النو م على القارب‬ ‫والفاعي" ‪ ،‬فإن "الاهد" ف صدر ه حية وف يد ه بندقية وأقل غلط ف ذلك هو الفساد والديماء وإهلك الرث‬ ‫والنسل ه ‪) -‬و ال ل يحب الفساد (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[78‬‬

‫الحديث السابع والعشرون‬ ‫عن زيد بن خالد الجهني برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬من جّه زـ‬

‫غازياً في سبيل ال فقد غزا‪ ،‬ومن خلف غازياً في سبيل ال بخير فقد غزا (‪.‬‬

‫ليس ف الرك ب إل ماهد ‪ ،‬ل فر ق بني حل السلح أو أعان حايمله أو سّد دم السار ‪ ،‬فإن كانت تلك تدمة‬ ‫فهي تدمة حق ‪ ،‬وإن كانت يمنافسة على الجور والدرجات فالقسدمة سواء ‪ ،‬فالركائ ب ل تدو م ول يطدمئن أهلوها‬ ‫إل بالدد وحاية الظهور واطدمئنان على الهل والال والولد ‪ ،‬فهذ ه طريق ل طرد فيها لحد ‪ ،‬ول تفضيل فيها لحد‬ ‫باعتبار الصنعة إنا التفضيل بإتقان الصنعة ‪ ،‬والخلص لا ‪ ،‬ويمداد التقو ى الساري ف القلوب ‪ ،‬فعجي ب لن يتكلم‬ ‫عن الشجاعة وهو ل يعر ف أفنانا ول هويمها ‪ ،‬فهل الائض قتلً ف أعداء ال يمقتحدماً بفرسه ف غدمراتم أشد‬ ‫شجاعة من بات على ثغر الرائر ليس هناك سوا ه ‪ ،‬يملق بسايمعته لتلتقط أدن حس أو خب ‪ ،‬يا ف أن تلؤتى الذيما م‬ ‫يمن قبله؟! ل وال ‪ ،‬وهذا هو أبو بكر رضي ال عنه أفضل أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يذكر عنه‬ ‫كثي قتال ف بدر يمثلً كدما ذكر يمن شأن حز ة رضي ال عنه ‪ ،‬وكان يموقعه على غرز رسول ال وخيدمته ‪ ،‬كدما‬ ‫كان يموقعه ف الجر ة يدميه ويوطه بنفسه ‪ ،‬وبذلك عر ف له الفضل ‪ ،‬وها نن نر ى اليو م أن يمن قّد مم يماله ف سبيل‬ ‫ال يمعرض للبتلء أشد من هو آيمن يم ع سلحه يمقاتلً ‪ ،‬والواطن لا رجال ‪ ،‬فدمن جهالة البعض اختزال يمواطن‬ ‫الهاد ف يموطن واحد ‪ ،‬بل العدل والعقل هو النظر إل اليا ة ويما فيها يمن سبل وفجاج ‪ ،‬وإكبار الناس الواقفني‬ ‫على ثغور هذ ه السبل والفجاج ‪ ،‬فالاهد القاتل يما كان له أن يقو م لول إيما م السجد ‪ ،‬ويما كان له أن يقو م لول‬ ‫يمن يعّلم طفله سور ة الفاتة والخلص ‪ ،‬ويما كان له أن يقو م لول يمن يدميه ف ظهر ه بالدفاع عنه وعن عرضه‬ ‫بالبيان وسحر القال ‪ ،‬وها هي دول الشيطان تنفق الليني لصر ف الناس عن دينهم ل بالرب فقط ول بالسلح‬ ‫فحس ب ولكن بإغواء الكلدمة والصور ة‪ .‬فالقائم لم أشد ف نورهم يمن رايمي النبل كدما قال البي ب الصطفى صلى‬ ‫ال عليه وسلم لسان بن ثابت رضي ال عنه ‪ ،‬وكدما ينمزل ال اللئكة لنصر الاهدين القاتلني فهو ينمزلا كذلك‬ ‫لتلك العان كدما قال الباء رضي ال عنه‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال لسان‪) :‬أهجهم وجبريل معك ( ‪،‬‬ ‫والرك ب الاهد ف يمسيته يمطلوب أن يعر ف يمقايمات الناس وفضلهم ف أيماكنهم ‪) ،‬فالساعي على البرملة‬ ‫والمسكين كالمجاهد في سبيل ال أو كالذي يصوم النهابر ويقوم الليل ( كدما قال الصطفى يمن حديث‬ ‫صفوان ‪ ،‬وغرور الناس ف صنعتهم يمفسد ة للرك ب وهي أشبه بدعو ى الاهلية وحقيق أن يقال لن تطاول على‬ ‫إخوانه بنس ب الصنعة أن يقال له كدما يقال للدمفتخر بنس ب الباء ‪ ،‬ث قد علم يمن فنون الروب أن البهات‬ ‫القاتلة ل تس ع كل الناس ‪ ،‬بل إن زاد أهلها عن الد صاروا عبئاً على الناس ‪ ،‬فبهذا يعلم أن الكدمة هي وض ع‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[79‬‬

‫الشيء ف يموضعه‪ .‬أل فليعلم أن يمكشو ف الظهر ل يدو م ‪ ،‬ويمهدمو م البال ل يصدمد ‪ ،‬والائ ع ل يقو م ‪ ،‬ويمن غي‬ ‫وقود يستحيل يما ف النار ريماداً ل يشتعل ‪ ،‬فلبد للرك ب يمن كلدمة حانية تنافح عنها ‪ ،‬وحاٍد يدف ع العيس حت يقال‬

‫له‪) :‬برفقاً بالقوابرير (‪ ،‬وتاجر يلؤيمن جيش العسر ة عثدمان القل ب والنفس ‪ ،‬وصاروخ ف اليش خي يمن ألف فارس ‪،‬‬ ‫ب ال أت ب ذلك؟ أخرج ث ل‬ ‫وحكيدمة كأ م سلدمة تقول لبيبها إن دخل عليها يمهدمويماً يمن تلف الناس‪ " :‬يا ن ّ‬ ‫تكلم أحداً يمنهم كلدمة حت تنحر بُْد نممك ‪ ،‬وتدعو حالقك فيحلقك " فخرج فلم يكلم أحداً يمنهم حت فعل ذلك ‪،‬‬ ‫نر بُْد نممه ‪ ،‬ودعا حالقه فحلقه ‪ ،‬فلدما رأوا ذلك قايموا فنحروا ‪ ،‬وجعل بعضهم يلق بعضاً حت كاد بعضهم يقتل‬ ‫بعضاً غدمًا‪ .‬وهكذا تتوزع الهدمات بس ب القدرات ويما قدر ال فيها للخلق ‪ ،‬كل يعلم أن يما هو فيه خي وأن غي ه‬ ‫ف خي كذلك ‪ ،‬وذلك فضل ال يلؤتيه يمن يشاء‪.‬‬

‫ث إن فضل العدمال ل تعر ف يمن قبل الطفال ‪ ،‬فهلؤلء صغار تبهرهم البهارج واللوان ‪ ،‬وتفزعهم الصوات‬ ‫العالية ‪ ،‬يظنون أن الاء إنا هو يمن هذا القبض الديدي الذي يديرونه فينمزل يماًء ‪ ،‬ول يرون أنابي ب اليا ه الفيه الت‬ ‫هي ناقلة له ‪ ،‬ول يرون يمناب ع اليا ه وراء البال ‪ ،‬فهذ ه نظر ة الطفال وتلك أحكايمهم الاهلة ‪ ،‬ويمثل هلؤلء إن‬ ‫صارت الحكا م إليهم وأكثروا الصراخ وقادوا السي ة فعلى الرك ب السل م ‪ ،‬إذ ل تصلح السي ة إل بقياد ة هادية‬ ‫رشيد ة ولو تأيملنا يما كان يقوله رسول ال لصحابه وحثه أن يلزيموا أيماكنهم وصنعتهم لرأينا عجباً ‪ ،‬فقد كان يثي‬ ‫الفضائل الكبوتة ‪ ،‬ول يفتخر الناس بشيء علدمو ه وانتشر أيمر ه إل وأشار إل غي ه يمن الفضائل ما تطئه العني ول‬ ‫تنتبه له ‪ ،‬ذلك لنه البصي با هي عليه اليا ة ‪ ،‬وكفى بقوله‪) :‬ديابركم تكتب آنثابركم ( و)اعمل من وبراء البحر (‪.‬‬

‫أيما أنا تدمة حق وأن الرك ب كله ماهد ‪ ،‬فعجي ب لولئك القو م الذين يمللؤوا نفوس الشباب ب ب الهاد‬ ‫والشهاد ة ‪ ،‬وصاغوا أيمرها بأحلى كل م وألقوا فيها الط ب والدروس ث لا كان الهاد ونار ه وفتنته انقلبوا ذايمني‬ ‫شاتني يمتبئني ‪ ،‬ألستم أنتم من بّغض ف نفوس الشباب الكفر وأهله؟! ألستم أنتم من عددت قبائح الكفار‬ ‫وظلدمهم؟! ألستم أنتم الذين قلتم إن أهل السل م هم قدر ال ف عذاب الشركني؟! ث ألستم أنتم يمن عّلم الناس‬ ‫الولء والباء؟! أبعد هذا كله يماذا كنتم تنتظرون يمن هلؤلء الشباب سو ى النغدماس ف غدمرات الوت ونكاية‬ ‫العداء؟!‬ ‫نعم‪" :‬يداك أوكتا وفوك نفخ" فإن نكثت ‪ ،‬فتلك سنة ال ف البعض‪ :‬يقل الصالون حت ل يبقى إل كدما‬ ‫يبقى ف الناء بعد الشرب ‪ ،‬وإن صبت فتلك سنة ال ف آخرين‪) :‬الذين قال لهم الّناس إن الّناس قد جمعوا‬ ‫لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل‪ ،‬فانقلبوا بنعمة من ال وفضل وال ذو الفضل‬ ‫العظيم ( ‪ ،‬فاخت أي السبيلني يا يمسكني‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[80‬‬

‫الحديث الثامن والعشرون‬ ‫صرـعة‬ ‫ش دـيد بال ّ‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه أّن برسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬ليس ال ّ‬ ‫ش دـيد الذي يملك نفسه عند الغضب (‪.‬‬ ‫إّنما ال ّ‬

‫كل فعل ل يق ع بإراد ة يقظة مكو م بفساد ه ‪ ،‬إذ ضبط القو ة ف يمواطن الطيش حكدمة العقلء ‪ ،‬فالصلح ل‬ ‫يق ع لدماعات الق إل باجتدماع القو ة والكدمة ‪ ،‬فإذا انفرد أحدها عن الخر ل يق ع ‪ ،‬فقو ة ف يد سفيه يمهلكة‬ ‫ويمفسد ة ‪ ،‬وحكدمة ف رأس ضعيف كرأس بل بدن ‪ ،‬وف رحلة الشهاد ة على اللق ل يوجد إل العلم ‪ ،‬ول خصويمة‬ ‫إل ف ال كدما دعاء الصطفى صلى ال عليه وسلم ف قيا م‪) :‬اللهم بك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت‬ ‫وفيك خاصمت وإليك حاكمت ( وهذ ه الكلدمات هي جاع فعل اللؤيمن ل يشذ عنها عدمل ول حركة ول قول ول‬ ‫سكنة ‪ ،‬والنفعالت النفسية الطارئة السريعة ل يسلم يمن باطلها إل القليل يمن الق ‪ ،‬لنا فالتة عن زيما م الكدمة‬ ‫والتدبر والدراسة ‪ ،‬فإذا اجتدم ع يمعها نسيان الر للتاريخ وغفلة عن الاضر وتهل بالعواق ب ازداد شرها ‪ ،‬فإن كانت‬ ‫يم ع القدر ة فحينئذ هو الفساد بعينه ‪ ،‬ويمن هنا فرّدامتالفعال ليست بشيء إن اتسدمت بسدمة السرعة والفجأ ة ‪ ،‬بل‬ ‫لبد يمن التأن لصول الوعي والقراء ة الصحيحة‪.‬‬ ‫)ليس الشديد بالصرعة ( ‪ ،‬فهذا إنسان قدر على الفعل لكن هل أيمن الردع والعاقبة ‪ ،‬فليس العب ة بأن تقدر‬ ‫على الفعل ‪ ،‬لكن يمن العب ة أن يكون عندك القدر ة على تلقي نتائج الفعل وهو الذي يسدمى بالردع ‪ ،‬فهذا هو‬ ‫العقل والكدمة ‪ ،‬ففي حالة الغض ب يكون الندفاع الذي يلؤيمن حصول الضرر للخصم ‪ ،‬اندفاع يم ع البغتة ‪ ،‬لكن بعد‬ ‫ذلك وبعد أن تلؤوب الُقَوم ى إل يميزانا الصحيح دون يمرجح آخر فكيف سيكون الال ‪ ،‬أو حني يدم ع الصم‬ ‫جرا__و عتاد ه ‪ ،‬ويلؤيمن لنفسه أسباب هلكتك فدماذا سيبقى لك حينئذ سو ى الزية؟‬ ‫الغض ب تركز النفس حول نقطة عابر ة ‪ ،‬وحدث سري ع ‪ ،‬فتشتعل يم ع ذهول عن يماض ي ب أن يعتب ‪ ،‬وقد تقد م‬ ‫أن العتبار شرط اليان وهو بث كذلك ‪ ،‬فإن الرأ ة تكفر عشيها ‪ ،‬إذ يسن لا الدهر كله ‪ ،‬ث إن أردت شيئاً‬ ‫يمن زوجها قالت‪ :‬يما رأيت يمنك خياً قط ‪ ،‬وهذا يمن قلة اليان والعقل ‪ ،‬وكذلك الغض ب‪.‬‬ ‫ث ليعلم أنه ليس كل اندفاع نو الصم صواب وحق ‪ ،‬فهذا رسولنا صلى ال عليه وسلم يقول لسلدمة بن‬

‫الكوع رضي ال عنه )ملكت فاسجح ( إذ ف ذلك عب ة أن حركة الجو م هي حركة واعية حت ف النصر وهزية‬ ‫الصم ‪ ،‬إذ العقل والكدمة ل يتيهان ف ظر ف يمن الظرو ف ‪ ،‬ول يغيبان ‪ ،‬ل بفعل غض ب ول هزية ولنصر ‪ ،‬إذ‬ ‫لكلك واحد يمن هذ ه الالت سكرته وجهالته‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[81‬‬

‫)الشديد الذي يملك نفسه ( فيحكم قيادتا ‪ ،‬يدفعها حني يكون الندفاع حكيدماً ‪ ،‬ويلجدمها حني يكون‬ ‫النكفاء حكيدماً ‪ ،‬فهي بيد ه ‪ ،‬يقيدها بقيد الكدمة والعقل ‪ ،‬فل تنفلت يمنه كانفلت الكل ب العقور وأوابر الدواب‪.‬‬ ‫ف رحلة الهاد وأنت تلك بعض "الشد ة" ُتستَف ّزم لفعل ل قوا م له سو ى الغض ب ‪ ،‬ول يقق سو ى النفعة‬ ‫للخصم كدما يستز الثور الحق ف لعبة الوت ‪ ،‬فيحرك الصم له بعض القدماش وقد وض ع أسيا ف الوت ف جنبه ‪،‬‬ ‫ففي هياجه الغب وحركته هلكُته ويموته ‪ ،‬والداعي والاهد بصي با عليه يمن قو ة ‪ ،‬وبصي با عليه الصم يمن قو ة ‪،‬‬ ‫ولذلك هو يكم قياد ة أفعاله ل لتتفجر كالقنبلة ل تقق وراءها سو ى الراب ‪ ،‬بل هو يبن وحني يهد م يكون ف‬ ‫سبيل البناء ‪ ،‬وكل فعل ل يقد م السل م إل اليما م فتكه واج ب ‪ ،‬وإن أخا ف أشد الو ف يمن تلك العقلية الت‬ ‫تعجز عن البناء فتهرب إل الوت ‪ ،‬وهذ ه عقلية صبيانية يكدمها الغض ب الاهلي وسعار النتقا م تت دعو ى مبة‬ ‫النة والرغبة ف الدار الخر ة ‪ ،‬وهذ ه إن كانت متدملة يمن الصغار فإنا جرية كب ى يمن القاد ة والئدمة ورعا ة السي ة‬ ‫لن هلؤلء ل تكدمهم اللحظة الزيمانية الراهنة بل يكدمهم يمنطق التاريخ بعدمقه الطويل ‪ ،‬والستقبل الذي قوا م‬ ‫التعايمل يمعه يمقولة علي رضي ال عنه‪" :‬واعدمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا"‪.‬‬ ‫السي نو الوت خيار جائز ف حالتني فقط‪ :‬أولها‪ :‬حني ل يكون سو ى الوت خياراً ‪ ،‬فإيما أن توت ذليلً‬ ‫وإيما أن توت شهيداً فحينها تتحقق القولة الخدودية الالد ة‪" :‬يا أيما ه اصبي فإنك على الق" وحينها يقتحم‬ ‫الخدود ‪ ،‬وهذ ه ل فر ق فيها بني القاد ة والقاعد ة بل هي خيار للجدمي ع والختلف عنها ناقص ‪ ،‬والثانية‪ :‬للقواعد‬ ‫الاهد ة من رصدوا للنكاية يمن يمنظور شرعي ويمصلحة راجحة ‪ ،‬ث إن هذا الفعل ليس إل استثناء ل قاعد ة‪.‬‬ ‫الغض ب يولد حركات انتقا م ‪ ،‬وهي حركات ل قيدمة لا ف حركة الشهاد ة على اللق إل يما كان ل تعال ‪،‬‬ ‫وهي حركات يمكشوفة للناس أن أبعادها شخصية ودوافعها الو ى وبالتال تفقد الدعو ة نورها الساري فيها أن القو م‬ ‫إنا ينتصرون لدين ال الذي يدملون هويمه وقضايا ه ‪ ،‬وحركات الغض ب حركات فيها الطيش والنفلت عن قيود‬ ‫الشرع والدين وغلبة الصغار الذين هم أشد صراخاً وفيهم قلة عقل يمن غيهم ‪ ،‬وهذ ه بجرد وقوعها فإنا كالشرر‬ ‫الذي ل يعر ف العقلء يمواطنه ول آثار ه ونتائجه ‪ ،‬وكل ذلك شر وبيل ف رحلة الشهاد ة على اللق‪.‬‬ ‫الغض ب يعن غياب الدار ة العالة ويعن غياب الوعي عن النتائج ‪ ،‬ويعن غلبة الو ى ‪ ،‬ول ُي دممح إل إن كان ل‬ ‫تعال فهو حينئذ مكو م بقيم الشرع والعقل ‪ ،‬ولكن كثياً يما يتقن ع الغض ب الشهوان بقناع الشريعة وتلك بدعة‬ ‫عظيدمة يمن بدع اليمم والدماعات‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[82‬‬

‫الحديث التاسع والعشرون‬ ‫عن عبد ال بن ُمغفل برضي ال عنه قال‪ :‬نهى برسول ال صلى ال عليه وسلم عن الَخ ةجْذـ(فـ‬

‫س نـ (‪.‬‬ ‫وقال‪) :‬إنه ل يقتل ال ّ‬ ‫صيـد ول ينكأ العدّو ‪،‬ـ وإنه يفقأ العين ويكسر ال ّ‬

‫يمن استدمرأ الوان ذهبت إل غي ه العوال ‪ ،‬وجاء رجل إل اليما م أحد فقال‪ :‬جئتك "بوية" ‪ ،‬فقال له‪ :‬إبث‬ ‫لا عن رجيل ‪ ،‬فحني يق ع الصراع على أساس القيم والدين فليس إل النهايات يمطل ب صحيح ‪ ،‬وإل فاللكة ‪ ،‬والذين‬ ‫يشرعون ف الصدا م ول يتوقعون السحق هم جهلة بسنن اليا ة ويمسي ة التاريخ ‪ ،‬فالذين يفقلؤون العني ويكسرون‬ ‫السن ويمُْبقون على قو ة خصدمهم بعني يتكونا وأسنان قاطعة أخر ى سيتد عليهم جهلهم وتنقل ب غفلتهم ديماراً‬ ‫سينديمون عليه‪.‬‬ ‫حني تريمي حجراً على خصدمك لتقيس قوته وتقول‪ :‬أريد أن أؤله لر ى رد ة فعله ‪ ،‬وأنت تتعايمل بنطق الهاد‬ ‫والقتال فأنت بق سفيه حقيق بك الديمار واللكة ‪ ،‬فدمثل هذ ه اليمور ل تتدمل هذ ه اللعبة السخيفة ول هذ ه‬ ‫الحتدمالت العقلية الت هي أحق بالكلدمات والرو ف ل بالرواح والديماء ويموازين القو ى‪.‬‬ ‫حني تقرأ تارب بعض العايملني لدين ال تعال تر ى جهالتهم العجيبة ف سنن الواجهة والصراع ‪ ،‬فهم يريمون‬ ‫"حجار ة" يلؤلون با الصم يمن خلل استعراض صور وكلدمات وأعداد ل عد ة لا ‪ ،‬فدما هي إل أن يصاب الصم‬ ‫بم"السعار" وتلك طبيعته ‪ ،‬فيبطش بطشته اللؤلة الت ل تبقي ول تذر ‪ ،‬ول يدري هذا السكني "الستعرض" بريمي‬ ‫الجار ة أن هذ ه طبيعة اليا ة وقانون الوجود‪.‬‬ ‫إياك أن تلؤل خصدمك استعراضاً بل نكاية ‪ ،‬فاليا ة ل تتدمل هذا اللع ب ‪ ،‬فإيما الفعل السنن اللئم وإل فالتك‬ ‫هو الواج ب ‪ ،‬فالذين يريمون الندمر ويرحونه دون الجهاز عليه سيبكون على هذ ه الثار ة الغبية ف العاقبة‪.‬‬ ‫)الَخ ةجْذـ(فـ ( لعبة الصغار ‪ ،‬صغار العقول ‪ ،‬فيها يمتعة الستعراض والتدمثيل ف باب يمن أبواب اليا ة ل ينف ع فيه‬

‫إل الد ‪ ،‬ول قيدمة فيه إل للقتل والنكاية ‪ ،‬والسلحة إن شرعت يمن أغدمادها يعن أنك مسحت لصدمك أن‬ ‫يأخذك بأشد يما يلك ‪ ،‬فل تقولن حينها ل أتوق ع ذلك ‪ ،‬أو أن رد ة فعله فو ق اللز م ‪ ،‬فهذ ه تدمينات الهال الصغار‬ ‫الذي ل يمكان لم ف الروب إنا هم لعبون بل لعبون صغار جهلة ‪ ،‬ويمن عجائ ب البعض أنم يلقون الكلدمات‬ ‫الكبار استعراضاً وتديداً وليسوا يمن أهلها وإنا جّل فعلهم أن يثيوا الصو م إثار ة التديمي واللكة‪.‬‬ ‫)الَخ ةجْذـ(فـ ( يمنهج عقلي فاسد ‪ ،‬يتعايمل يم ع الحتدمالت القريبة كفقء العني وكسر السن ‪ ،‬يم ع أن الطلوب هو‬

‫النكاية وقتل الصيد ‪ ،‬ويمنهج يتعايمل يم ع الد الذي ل جد بعد ه بلع ب صبيان جاهل ‪ ،‬وهو "تشي ئ" أي ج ع بني‬ ‫أشياء يمتعارضة ‪ ،‬فـ)الَخ ةجْذـ(فـ ( قد تريد يمنه اللع ب والستعراض والتعة ‪ ،‬لكن بأدوات يملؤذية ل تتناس ب يم ع روح‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[83‬‬

‫اللع ب والتعة والستعراض ‪ ،‬فتفقأ عني أخيك وتكسر سنه ‪ ،‬وقد تريد يمنه )الَخ ةجْذـ(فـ ( القتال لكن بأدوات ل تصل‬

‫إل يمستو ى جد القتال لنه ل يقتل الصيد ول يكسر السن ‪ ،‬فإيما أن تريد اللع ب فتلع ب بأدوات اللع ب ‪ ،‬وإيما أن‬ ‫تريد الهاد والقتال ‪ ،‬وللقتال أدواته وآلته ‪ ،‬أيما هذا "التشيء" فهو ل يتناس ب يم ع سنن اليا ة وضروراتا ‪ ،‬ولكن‬ ‫كثياً يما ير ى هذا "التشي ئ ه ‪ -‬الذ ف" ف حركة الدماعات واليمم ‪ ،‬فيلؤذون أنفسهم وإخوانم ‪ ،‬فبال عليكم يماذا‬ ‫تقولون فيدمن يستعرض الصدور العارية صراخاً وتديداً أيما م اليوش الدججة بالسلح والقد؟ فهل هلؤلء إل‬ ‫لعبون لعبة الديماء والرواح ف غي طريقها؟ وهل أرواح السلدمني تون لذ ه الدرجة؟ وهل الديماء رخيصة لتكون‬ ‫سبيلً لثار ة شفقة العلم الذي ل يعر ف إل لغة القو ة والو ف؟!‬ ‫يا أهل السل م إياكم و)الَخ ةجْذـ(فـ ( ‪ ،‬وأعرضوا قدر الستطاعة عن الستعراض الرخيص والناورات الاوية ف‬

‫أبواب اليا ة وخاصة باب الهاد والقتال والدعو ة إل ال تعال فإن اليمر جد كله ل لغو فيه وباطل‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[84‬‬

‫الحديث الثلنثون‬ ‫عن أنس برضي ال عنه قال‪ :‬كّنا عند عمر فقال‪" :‬نهينا عن الّتكّلف"‪.‬‬ ‫الوعود اللية جليلة عظيدمة ‪ ،‬وهي تكاليف شرعية على اليمة ‪ ،‬ي ب أن تسعى إليها لتبلغها ‪ ،‬ولكن هيهات أن‬ ‫تكون تكاليف النهايات هي حل البدايات ‪ ،‬فظال لنفسه يمن ل يعر ف قدر ه ووسعه ‪ ،‬إذ ف ذلك هلكته ‪ ،‬فدمن‬ ‫حكدمة العقلء وهي سنن النبياء يمعرفة ظرو ف اللقة التاريية الت يعيشونا ‪ ،‬ويما هي يمتطلباتا ووسعهم فيها ‪،‬‬ ‫وتاوز ذلك يما ل يكلفه ال تعال ‪ ،‬وف العصية الزلل والزية ‪ ،‬فل يصلح للخلق إل يما كلفهم ال به ‪ ،‬ول يكلف‬ ‫ال تكليفاً إل وشرطه القدر ة ‪ ،‬وتكليف يما ل يستطيعه الرء خارج عن حكدمة الشرع والعقل‪.‬‬ ‫السي ة النبوية هي الندموذج الي ف إيمكانية بلوغ الغايات العظيدمة والنهائية يمن البداية ‪ ،‬ودون التخلي ف كل‬ ‫يمراحل السي ة عن قيم الق ويمبادئه ‪ ،‬وكان الشرط الصاح ب لكل النجاحات ف كل يمراحل السي ة هو تن ب‬ ‫اللكة وذلك ف ترك التكلف ‪ ،‬إذ وض ع النفس ف الوض ع الغلط هو الذي يقق السحق والزية والتعو ق ‪ ،‬فحني‬ ‫جاء السيل هادراً ف الحزاب ل يواجهو ه بشواخص بارز ة ‪ ،‬ول يوضوا حرب يمواجهة كب ى يم ع الدمي ع ف يموقعة‬ ‫واحد ة ‪ ،‬بل هو بناء صبور بس ب الوس ع والقدر ة ‪ ،‬وحني يدعون إل يمرحة بل خيانة ل يتددوا ف اغتنايمها ‪ ،‬وحني‬ ‫يضر يموطن الرب فل هذر ول ماتلة ‪ ،‬وحني يكون الوار فل وجود إل للكلدمة السنة والوعظة الرقيقة ‪ ،‬فل‬ ‫يذهبون بعيداً والاء تت أقدايمهم ‪ ،‬فلم تستفزهم الوعود العظيدمة بفتح فارس والرو م أن يريموا أنفسهم ف قضايا‬ ‫أعظم يمن وسعهم ف كل يمرحلة ‪ ،‬بل كان التعايمل يم ع كل يمرحلة ضدمن ظروفها ل يمن خلل الوعود اللية بأخذ‬ ‫الشر ق والغرب ‪ ،‬ولعل ف حادثة صلح الديبية عب ة وعظة ف التوفيق بني الوعود وبني القدرات الظرفية ‪ ،‬إذ كان‬ ‫الوعد بالفتح حاضراً ‪ ،‬فظن الصحابة أن حضور الوعد يعن الذهاب إليه يمباشر ة يم ع تاوز الظر ف التاريي ‪ ،‬وف‬ ‫ذلك يمصاديمة للسنن الت أوج ب ال على البشر العيش يمن خللا ‪ ،‬والدي النبوي هو هدي السنن ‪ ،‬والدي يمعنا ه‬ ‫عدمل البشر اللئم للتكوين ‪ ،‬وبذلك يق ع النجاح ‪ ،‬هذ ه قضية ي ب على العايملني لدين ال تعال أن يفقهوها ‪ ،‬وهو‬ ‫أن الشرع ليس فيه قط يما يسدمح بتجاوز سنن اللق والتكوين ف النفس والتدم ع والطبائ ع ‪ ،‬إذ يظن البعض أن‬ ‫الشرع يعطي صاحبه والعايمل به قو ة خاصة تعله يتجاوز السنن التكوينية ‪ ،‬وكأن اليا ة يم ع السلدمني هي الكرايمة‬ ‫التواصلة الارقة للعاد ة ‪ ،‬ولعدمر ال هذا هو أبطل الباطل ‪ ،‬وما يلؤسف له أن الديث الدائر حول الوعود اللية‬ ‫وبركات الشرع كله يدور حول هذا الطار ‪ ،‬وهو أن السنن التكوينية تكسر وتتغي للعايمل بالشرع والعابد لربه‬ ‫والذاكر له ‪ ،‬فيا ويح هذا التصور كم أفسد يمن عقول وكم أوق ع السلدمني ف الزية واللكة ‪ ،‬ويسبغ البعض على‬ ‫هذ ه التصورات الباطلة آيات قرآنية يضعونا ف غي يموضعها كقوله تعال‪) :‬كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[85‬‬

‫بإذن ال ( وكقوله‪) :‬إنا لننصر برسلنا في الحياة الدنيا وفي الخرة ( ويتجاوزون يمعن الغلبة والنصر اللئم للظر ف ‪،‬‬ ‫فإن ال مسى نا ة نبيه مدمد صلى ال عليه وسلم يمن القتل ف حادثة الجر ة نصراً فقال‪) :‬إل تنصروه فقد نصره‬

‫ال إذ أخرجه الذين كفروا نثاني انثنين إذ هما في الغابر إذ يقول لصاحبه ل تحزن إّن ال معنا‪ (...‬ومسى خروج‬ ‫إبراهيم عليه السل م يمن النار سالاً نصراً فقال‪) :‬و أبرادوا به كيداً فجعلناهم الخسرين ( ومسى نا ة نوح عليه‬ ‫ب انصرني على القوم المفسدين ( وقد فعل سبحانه ‪ ،‬وهكذا النصر‬ ‫السل م وهلكة قويمه نصراً فقال‪) :‬قال بر ّ‬

‫والزية أيمران اعتباريان بس ب اللقة التاريية وليس لدما يمفهو م يمطلق ف الوجود ‪ ،‬والقصود هو التنبيه على أن‬ ‫العايمل لدين ال تعال ل يوز له أن يدمل حلً أثقل ما آتا ه ال يمن الوس ع والقدر ة اتكالً على الوعود النهائية‬ ‫العظيدمة ‪ ،‬فإن السنن التكوينية ل تاب أحداً وعباد ة ال ل تعطي الرء حالة خاصة ول قدر ة خاصة يقفز با عن‬ ‫هذ ه السنن الت يمن عدل ال أن تري على الكل بل مابا ة ‪ ،‬والق يمعنا ه يموافقة التشري ع للتكوين ‪ ،‬فالب يموافق‬ ‫للحدث ‪ ،‬واليمر يموافق للغايات ‪ ،‬وبذا عر ف العقلء صد ق النبو ة الدمدية ويما أتت به‪.‬‬ ‫التكلف هو الذهاب أبعد يمن القدرات ‪ ،‬وأبعد يمن الطلوب ‪ ،‬والطلوب ف الشرع يموافق للقدرات ‪ ،‬والذاه ب‬ ‫بعيداً وإن سار قليلً فدمآله النقطاع والزية ‪ ،‬ويمن سيئات هذا التكلف عند الطوائف العايملة لدين ال تعال أنه‬ ‫أدن إل شر سلب عند طائفة بأن جعلها تتنازل عن بعض البادئ والقيم ‪ ،‬إذ يمن تّدم لم فو ق الطاقة حاله يما قال‬

‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬اللهم إّني أعوذ بك من المأنثم والمغرم ( ‪ ،‬وحني ُس ئمل عن شر الغر م ه ‪-‬والغر م‬ ‫هو الّد يمن الذي تدمله الرءه ‪ -‬قال‪) :‬إّن الّرجل إذا غَِرم حّد ثـ فكذب ووعد فأخلف ( وهكذا هلؤلء الناس حلوا‬

‫أنفسهم فو ق طاقتهم فتحالفوا يم ع الكفر وتنازلوا له عن الكثي يمن الدين والق ‪ ،‬ففي سبيل الوصول للوعود يمن‬ ‫النصر والتدمكني فعلوا الكثي يمن الشر وضاعت قيم الق الت قايموا يمن أجلها تت وطأ ة الد ف يمن التدمكني ‪ ،‬حت‬ ‫صارت صورتم ف أذهان الناس على صور ة غيهم يمن أهل الاهلية لسلوكهم سبيلهم ‪ ،‬وهذا التكلف عند طائفة‬ ‫اخر ى وذهبوا دون تقيق الوعود ‪ ،‬وإّن ا م غّرهم ثقتهم بأنفسهم البنية على الوهم ل القائق ‪ ،‬وعجي ب يمن هلؤلء أن‬ ‫يوجبوا على ال أن يقق عليهم الوعود ف الكان والوقت الذي يريدونه دون احتا م للسنن أو عدمل كا ٍ‬ ‫ ف‬ ‫لوجباتا‪ .‬فاللهم رحاك‪.‬‬ ‫التكلف يمعصية ف الشرع ويمعصية ف القدر ‪ ،‬فلهم ف الدنيا اللكة والفساد ‪ ،‬وف الخر ة حالم حال البتدع‬

‫)وهم يحسبون أّنهم يحسنون صنعاً ( ‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[86‬‬

‫الحديث الحادي والثلنثون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬يرحم ال لوطاً لقد‬

‫س جـن ما لبث يوسف لجبت الداعي‪ ،‬ونحن أحّق‬ ‫كان يأوي إلى بركن شديد‪ ،‬ولو لبثت في ال ّ‬ ‫ش كـ من إبراهيم إذ قال له‪) :‬أولم تؤمن قال‪ :‬بلى ولكن ليطمئن قلبي ( (‪.‬‬ ‫بال ّ‬

‫لشِه دم ال ويملئكته ويمن قرأ كليمي هذا أنن يما قلبت حديثاً للنب صلى ال عليه وسلم إل وتأخذن‬ ‫إّن ُ‬ ‫قشعرير ة النور ‪ ،‬فأتيل نفسي وكأن بني يدي جوهر ة ترج يمنها أنوار جيلة يمن كل جهاتا ل أدري يمن أين آتيها ‪،‬‬ ‫فتصيبن الي ة للحظات بل ويمرات ليا م فأقول لنفسي دعك يمن الكتابة ‪ ،‬وقف عند التأيمل فحس ب ‪ ،‬فإن يما‬ ‫ستكتبه ظلدمة تلل با هذا النور ‪ ،‬ويماذا ستبلغ ف كتابتك يمن هذ ه العان يم ع هذ ه الِز م الرائعة البديعة ‪ ،‬لن حني‬ ‫أترك القلم يم ع الديث أعود على نفسي بالتحقي والتأني ب‪ :‬يماذا فعلت؟ أين ف كليمك يما أحسست به يمن‬ ‫العان ‪ ،‬فأجد كليماً فارغاً ُم بَ ممطاً ل روح فيه ‪ ،‬ليس أيما م الديث ‪ ،‬بل أيما م يما أحسست به فقط يمن العان الت‬ ‫غشيتن يمن نور ه فاللهم يا رحيم اجز عن وعن أيمة مدمد صلى ال عليه وسلم وعن العال أج ع نبينا مدمداً صلى‬ ‫ال عليه وسلم خي يما جزيت نبياً عن أيمته خياً ‪ ،‬وبرحتك يا خي الراحني وخي الغافرين احشرن تت لوائه يو م‬ ‫القيايمة‪ .‬آيمني‪.‬‬ ‫يماذا أقول ف هذا الديث النوارن العظيم؟ ‪ ،‬هل أقول لكم أن يم ع هذا الديث تيلت رسول ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم بقايمة يمديد ة يمن عظدمة وإيمايمة ‪ ،‬على ربو ة يمن قياد ة وحكدمة وعلم ‪ ،‬يستعرض يمن يمسي ة العظدماء يمن‬ ‫إخوانه ‪ ،‬فيسدد ‪ ،‬ويقد م ويلؤخر ف السي ة ‪ ،‬قاطفاً ليمته خي اليين وأعظم الدايتني ‪ ،‬يمرشداً ويمعلدماً ورحيدماً‬ ‫ورؤوفًا؟!‬ ‫يماذا أقول لكم‪ :‬تأيملوا يمعي غوص هذا الكل م ف ثنايا النفوس ‪ ،‬ل النفوس الت تعيش على هايمش اليا ة بل‬ ‫الغوص ف النفوس الت تتل ئ بواهر العان ودرر الكم وتارب السنني وأنوار اليان‪.‬‬ ‫ل‪:‬‬ ‫هل أقول لكم‪ :‬قفوا صحب على يمطيكم وانظروا طوي ً‬ ‫)يرحم ال لوطاً لقد كان يأوي إلى بركن شديد (‪ :‬ف لظة عصيبة ‪ ،‬تفجر فيها اليمل يمن نفس طاهر ة وهي‬

‫تر ى وحوشاً بيدمية تتداف ع نو النجاسات لتلغ فيها ‪ ،‬وتعرض عليها الطاهرات فتتأّفف يمنها ‪ ،‬وتادل بألفاظ الق‬ ‫)ما لنا في بناتك من حق ( فيلتفت الرجل الطاهر بغيظ يمرهق ‪ ،‬وأيد تلوح ف الواء ‪ ،‬وبدن يهتز كجدمر ة ‪ ،‬يريد أن‬

‫يصرخ يمستنجداً بوادي رجال فل ير ى إل يديه الفارغتني ‪ ،‬فيتأو ه يم ع صرخة يملؤلة ‪ ،‬وجارحة لوفه وفلؤاد ه ‪ ،‬يم ع ديمعة‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[87‬‬

‫حزن وقهر وغيظ ‪ ،‬فتخرج يمنه كلدمات تعبة يمهدود ة‪) :‬لو أّن لي بكم قّو ةـ أو آوي إلى بركن شديد ( ‪ ،‬لقد قصها‬

‫القرآن ول يعات ب صاحبها ‪ ،‬وكيف ُيعاَت ب الذهول بالقهر ‪ ،‬قهر النجس التدمكن للطاهر الضعيف؟‬ ‫توقف أيها الراق ب‪ :‬هذا حديث يمرات ب ‪ ،‬إنه حديث العان ‪ ،‬حديث الرواح الصاعد ة التسابقة ف صعد النور‬ ‫العلوية الرفيعة ‪ ،‬فإياك أن تتعايمل يمعها حديث الدود فتذه ب عنك روعتها وباء قسدماتا‪.‬‬ ‫نعم ل يكن يلك لوط عليه السل م قو ة ‪ ،‬لكنه كان يأوي إل ركن شديد وهو ال القوي العزيز‪.‬‬

‫إنه الرشاد النبوي اللطيف ‪ ،‬إرشاد لك أيها السائر على درب النبياء ف الدعو ة إل ال والهاد ف سبيل ال‬ ‫تعال ‪ ،‬إنه إذا ضاقت بك السبل ‪ ،‬وأطبقت عليك الوادث يمن كل أقطارها ‪ ،‬وغشيتك الغدمرات العاتية ‪ ،‬حينها‬

‫تذكر ركنك الشديد فتأوي إليه وتلتج ئ إليه‪) :‬اللهم إّني أسلمت نفسي إليك وفّو ضـت أمري إليك وألجأت‬ ‫ظهري إليك برغبة وبرهبة إليك ل ملجأ منك إل إليك ( باكياً شاكياً يمنيباً أواهاً ضعيفًا‪.‬‬

‫أخي‪ :‬ل تثري ب على النفوس إن ضاقت وأغلقت عليها اليمور ‪ ،‬فالفِرح يقول غالطًا‪" :‬اللهم أنت عبدي وأنا‬

‫ربك" ‪ ،‬والزين ينسى كدما نسيت أ م يموسى عليه السل م يما أوحى ال لا‪) :‬إّنا برادوه إليك وجاعلوه من‬ ‫المرسلين ( لكن الشو ق إل فلذ ة كبدها وحشاشة نفسها )و إن كادت لتبدي به لول أن بربطنا على قلبها‬

‫صيـه ( يما عوقبت ول قيل لا‪:‬‬ ‫لتكون من المؤمنين ( فتسل أخته لتتب ع أثر ه أين يكون يمستقر ه‪) :‬و قالت لخته ق ّ‬

‫أنسيت وعد ال أن يرد ه إليك حت أرسلت أخته وراء ه ‪ ،‬ل يا عبد ال هذ ه يمواطن ل تثري ب فيها على السالكني‬ ‫وقد علم ال يمن أهلها حبهم لدين ال تعال وانتصارهم للحق ‪ ،‬وإيثارهم للدين على يما سوا ه ‪ ،‬أل يقل البي ب‬ ‫الصطفى لا أيمر بالصدقة فقيل‪ :‬يمن ع ابن جيل وخالد بن الوليد والعباس بن عبد الطل ب فقال البي ب‪) :‬ما ينقم‬ ‫ابن جميل إل أنه كان فقيراً فأغناه ال وبرسوله‪ ،‬وأّماـ خالد فإّنكم تظلمون خالدًا‪ ،‬قد احتبس أدبراعه وأعتده‬ ‫في سبيل ال‪ ،‬وأّماـ العباس بن عبد المّطلب فعّم برسول ال صلى ال عليه وسلم فهي عليه صدقة ومثلها‬ ‫معها ( فانظر أخي الفقيه كيف رّد رسول ال صلى ال عليه وسلم الفعل الواحد إل يمرات ب يمتعدد ة بس ب الناس‬ ‫ويمنازلم ‪ ،‬فأيما ابن جيل فعوت ب ‪ ،‬وف العاتبة تقري ع وتأني ب ‪ ،‬وأيما خالد بن الوليد ففي ربو ة أخر ى إذ كيف ين ع‬ ‫الرجل زكا ة يماله وهو الذي حبس كل يماله للجهاد!! إذا دعوا أيمر فإن يمن أتى العوال ل يسأل عن أدن يمنها ‪،‬‬ ‫وأيما العباس فهو العم الذي ل يعات ب وف الوس ع تّدم لم يما يأت ‪ ،‬فدعو ه وأنا أدف ع لكم يما وج ب عليه بل ويمثلها‬ ‫يمعها ‪ ،‬وهكذا هي حكدمة النبو ة ونورها وهديها ‪ ،‬ل يفقهها الصغار الهلة الذين يقفون عند الظواهر فحس ب‪.‬‬

‫س جـن ما لبث يوسف لجبت الداعي (‪ :‬يوسف عليه السل م هو أكر م الناس فهو الكري‬ ‫)ولو لبثت في ال ّ‬

‫بن الكري بن الكري ‪ ،‬لبث ف السجن بض ع سنني ظلدماً وعدواناً ‪ ،‬ليس له يمن ذن ب إل أنه بّي الطلعة ‪ ،‬حاز على‬ ‫نصف السن الذي كان ف أبيه آد م عليه السل م ‪ ،‬ل يوافق عصبة الكر يمن النساء على الفاحشة ‪ ،‬فكان الل‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[88‬‬

‫الشيطان لذ ه العضلة هو سجنه ‪ ،‬ولئحة الدعاء‪ :‬أنت رجل جيل وطاهر ‪ ،‬وكأنم يقولون‪ :‬نن نعلم يما عليه‬ ‫القو م ف بلدنا يمصر يمن الفاحشة لكن طهرك يفضح هذ ه القذارات ‪ ،‬إذاً لنسجنن حسنك وطهرك وهكذا كان‪.‬‬ ‫ويمرت عليه السنون صابراً متسباً ‪ ،‬ويمن ل يذ ق القيد ووحد ة السجن ظلدماً يما كان له أن يتكلم أو يقول ف‬ ‫هذا الباب ‪ ،‬فالسجني يضي أيايمه خلف الباب ينتظر حساً ليشعر أنه حي‪:‬‬ ‫س جـان يوماً لحاجة عجبنا وقلنا جاء هذا من الّد نـيا‬ ‫إذا جاءنا ال ّ‬ ‫نعم‪ :‬يقف خلف الباب لعل شيئاً يمن اليا ة تدخل عليه ف وحدته ‪ ،‬فكيف إذا جاء ه يمن يقول له‪ :‬إن اللك‬ ‫يريد أن يراك ويسدم ع يمنك؟!‬ ‫أي ثبات جبلي ف نفس هذا الكري بن الكري بن الكري؟!‬ ‫أي اطدمئنان حاز ه هذا الصدر فل يتحرك له قد م لذ ه الدعو ة اللكية ‪ ،‬بل يقول وهو ف ملسه ‪ ،‬ول يفك‬ ‫حبوته‪:‬‬ ‫)إبرجع إلى برّبك (‬ ‫فإن سألك أين الفت فقل له‪:‬‬ ‫)ما بال الّنسوة اللتي قّطعن أيديهّن (ـ‬ ‫هذ ه قضية ‪ ،‬قضية تاريخ ي ب أن يعاد فتحه يمن أوله ‪ ،‬فأنا ل أنتظر عفواً يمغدموساً بالكذب يثبت الر م الشائ ع‬ ‫على اللسن يم ع إقرار القلوب بكذبه‪.‬‬ ‫أيها اللك‪ :‬لقد يمّر الكثي يمن الاء يمن تت قديميك وأنت ل تشعر ‪ ،‬فإن أردت كتاباً جديداً فأعد كتابة‬ ‫التاريخ بل تزوير ويمن بدايته‪.‬‬ ‫يوسف عليه السل م ل يكن واقفاً خلف الباب ‪ ،‬بل كان واقفاً ف النور‪.‬‬ ‫هنا يأت البي ب الصطفى صلى ال عليه وسلم ليقول‪) :‬لو دعيت لجبت ( ‪ ،‬إنه خيار آخر ‪ ،‬خيار التشري ع‬ ‫واليمايمة والقتداء ‪ ،‬إذ البي ب يعلم أن يما سيفعله سيكون تشريعاً ليمته ‪ ،‬وهو الرحيم با ‪ ،‬ل يدملها إل يما يدمل‬ ‫الضعيف فيها‪.‬‬ ‫خيار يوسف عليه السل م خيار لنفسه ‪ ،‬ويمن كان كذلك فليض ع نفسه حيث قدر ‪ ،‬وأيما خيار مدمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم فهو خيار ليمته ‪ ،‬ويمن كان كذلك فإنه ل يتار إل اليسر ‪ ،‬فحني تكون لوحدك كن أبا بصي إن‬ ‫شئت ‪ ،‬أشعل حروباً كدما تريد ‪ ،‬واقط ع على الكافرين كل سبلهم ‪ ،‬واج ع حولك أيمثالك يمن أهل الصعلكة اليانية‬ ‫فالتحف السدماء ناراً والنجو م ليلً ‪ ،‬وافتش ريمال الصحراء لنبك ‪ ،‬لكن ليس هذا خيار دولة ‪ ،‬ول خيار القائد‬ ‫ليمة ‪ ،‬بل خيار ه أن يعطي الكافرين يما يبون يمن يمطال ب ليس فيها يمعصية ‪ ،‬ويض ع يمعهم العقود والصلح ‪ ،‬ويغض ب‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[89‬‬

‫السابقون ويصرخون‪ :‬يمالكم‪ ...‬هيا القوا بنا ‪ ،‬ولكن يما كان لقائد أيمة ول حاكم دولة أن يري هذا الري ويسبق‬ ‫هذا السبق ف قرارات أيمته كايملة ‪ ،‬بل يتدمهل ليلحق الدمي ع ‪ ،‬ويكون اليار واسعاً للكل‪.‬‬ ‫يوسف الكري ل ي ب ‪ ،‬ويمن حقه أن ينبش كل القضايا ‪ ،‬وأن تكشف كل اليمور ‪ ،‬وأن يلس ف السجن‬ ‫متاراً ‪ ،‬لكن خيار البي ب وهو يكت ب صلح الديبية فينازعه سهيل بن عدمرو على حق له وأنه مدمد رسول ال‬ ‫فيقول سهيل‪ :‬وال لو كنا نعلم أنك رسول ال يما صددناك عن البيت ول قاتلناك ‪ ،‬فيقول البي ب الصطفى صلى‬ ‫ال عليه وسلم‪) :‬و ال إّني لرسول ال وإن كّذ بـتموني اكتب محمد بن عبد ال ( ذلك هو الذي قال‪) :‬ل‬ ‫يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات ال إل أعطيتهم إّياها ( ‪.‬‬ ‫إنه خيار اليمايمة والقياد ة ل خيار النفرد التحلل يمن التبعات‪.‬‬

‫ث تأيمل الدب النبوي الرفي ع ‪ ،‬فحني ذكر يما قال لوط عليه السل م ل يذكر نفسه ‪ ،‬إذ ف ذكر نفسه تزكية لا‬ ‫وتفضيلً لا على أخ يمن إخوانه ‪ ،‬وهو كذلك صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أيما حني ذكر اليسر قال‪) :‬لو لبثت‪...‬‬

‫لجبت ( فقد ذكر ههنا نفسه إذ ليس ف ذلك تقديمة ول تفضيلً ‪ ،‬فصلى ال على البي ب عدد خلق ال وعدد‬ ‫رز ق ال ويمداد كلدمات ال وزنة عرش ال‪.‬‬ ‫ك من إبراهيم‪ :‬إذ قال له‪) :‬أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ( (‬ ‫)ونحن أحّق بالش ّ‬

‫أخي الفطن‪ :‬هل رأيت أيوب عليه السل م وهو يغتسل عارياً فتنمزل عليه أسراب الراد ذهباً ‪ ،‬فقفز عليه‬ ‫السل م إل ثوبه يبسطه ليجدم ع فيه الذه ب الت يمن السدماء ‪ ،‬فيناديه ربه‪ :‬يا أيوب ‪ ،‬أل أكن أغنيتك عدما تر ى؟! إذ‬ ‫قد حزت يما هو أفضل يمن الذه ب هذا ‪ ،‬وإنه لسلؤال يمن ربنا ‪ ،‬سلؤال ال ب والوداد وهو الودود ‪ ،‬وحوار البني‬ ‫ليكشف البي ب عن كنون صدر حبيبه ‪ ،‬يمناجا ة تت والعبد عار ف يموطن الياء ‪ ،‬فيد العبد البي ب بواب ال ب‬ ‫واللتفاتة الت تدمل كل الدّل والطدم ع الدميد‪ " :‬بلى وعزتك ‪ ،‬ولكن ل غن ل عن بركتك " ‪ ،‬فلن يطر على بال‬ ‫قط أن سأشب ع ما يأتين يمنك؟ فليس الباب يمعك باب القو ق بل باب البكة ‪ ،‬إذ كل يما يأت يمنك فيه يمعن ل‬ ‫أجد ه ف غي ه ‪ ،‬لنا البكة الربانية‪.‬‬ ‫إنه حديث البني وحديث البسدمات والغوص بعيداً عن الدود والظواهر‪.‬‬ ‫تأيمل الفر ق بني القلوب الصدئة الت تقول‪) :‬لن نؤمن لك حتى نرى ال جهرة ( وبني القل ب الذي قيل له‪:‬‬ ‫)أولم تؤمن؟ ( فرد‪) :‬بلى ولكن ليطمئّن قلبي (‪.‬‬

‫تأيمل الفر ق بني يمن قال‪) :‬هل يستطيع برّبك أن ينـزل علينا مائدة من السماء فلدما قيل لم‪ :‬اّتقوا ال إن‬ ‫ي ‪:‬م‬ ‫كنتم مؤمنين ( فرّدوما باضطراب غي سو ّ‬ ‫‪) .1‬نريد أن نأكل منها (‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[90‬‬

‫‪) .2‬و تطمئّن قلوبنا (‬

‫‪) .3‬و نعلم أن قد صدقتنا (‬ ‫‪) .4‬و نكون عليها من الشاهدين (‬ ‫فالكل أولً ث‪ ...‬ويماذا؟‪) :‬و نعلم أن قد صدقتنا ( وبني قول عيسى عليه السل م‪) :‬اللهم برّبنا أنزل علينا‬ ‫مائدة من السماء (‬ ‫‪) .1‬تكون لنا عيداً لّولـنا وآخرنا (‬ ‫‪) .2‬و آية منك (‬

‫‪) .3‬وابرزقنا وأنت خير الّرازقين (‬ ‫فانظر يمرات ب الطالبني للزياد ة يم ع ثبات الصل ‪ ،‬وبني يمن علق اليان على شرط باطل ‪ ،‬أو إضطراب ف‬ ‫تصديقه حت ير ى‪.‬‬ ‫إبراهيم عليه السل م آيمن وسار ف درب اليان ولكن ل غن له عن البكة ‪ ،‬وكذا يمن كان على درب اليان‬ ‫والهاد والدعو ة‪.‬‬ ‫ل يعدمل ليغفر له فقط ولكن يعدمل شاكرًا‪.‬‬ ‫ل يدمد شاكراً لنعدمة أتته ‪ ،‬ولكن يدمد ربه للل وجهه وعظيم سلطانه‪.‬‬

‫قف عند قوله صلى ال عليه وسلم‪) :‬اللهم إّني أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك وبك‬ ‫منك ( ‪ ،‬هل تر ى هذا الصعود ف درجات النور والبكة؟ )و أعوذ بك منك (‬ ‫شر الساعد وجّد ف العدمل وأخبت القل ب وإياك أن تقول وصلت ‪ ،‬واسبح‬ ‫فيا أيها العايمل لدين ال عباد ة ل‪ّ :‬‬ ‫يما قدرت ف درجات النور والبكة ‪ ،‬فأنت يم ع ال وبال وف ال ‪) ،‬و ال على كل شيء قدير (‪.‬‬ ‫ ب أن يريك إّيا ه‪.‬‬ ‫كن على يقين أّنك على الق ولكن ب ّ‬ ‫ت قلبك ويطدمئنه‪.‬‬ ‫كن على يقين أّنك على الق ولكن اسأله أن يريك يما يثبّ ُ‬ ‫كن على يقين أّنه لن يصيبك إل يما كت ب ال ولكن اسأله العفو والعافية‪.‬‬

‫ ب اللؤيمنني وخبث النافقني‪.‬‬ ‫كن على يقين أّن عني ال تراك وترعاك ولكن اسأله أن يكشف لك ح ّ‬

‫وف كل حال إّياك أن تنسى ذكر ال والّد اممر الخر ة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[91‬‬

‫الحديث الثاني والثلنثون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬بينما نحن عند برسول ال صلى ال عليه وسلم جلوس‬ ‫ضأـ إلى‬ ‫فقال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬بينما أنا نائم برأيتني في الجّنة‪ ،‬فإذا امرأة تتو ّ‬ ‫جانب قصر‪ ،‬فقلت‪ :‬لمن هذا؟ قال‪ :‬هذا لِعَُم رـ‪ ،‬فذكرت غيرته فوّليت مدبراً ( فبكى عمر‬ ‫وهو في المجلس نثّم قال‪" :‬أو عليك يا برسول ال أغابر؟"‬ ‫يمراعا ة خواطر الحبة خيل الوداد ‪ ،‬ويمعرفة نوازعهم حبل القياد ‪ ،‬وبناء أيمة السل م وجاعات الق قائم على‬ ‫الختيار )فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ( فل سليمة لذا البناء إل بود عدميق بني القاد ة والدموع ‪ ،‬فل ينظر‬ ‫القائد إل حقه عليهم فقط بل ينظر إل واجبهم عليه ‪ ،‬فليحظ بديمعة العني وخفقة القل ب وقشعرير ة البدن يمنهم ‪،‬‬ ‫فل يزعج خواطرهم ول يثقل عليهم بوطأ ة القياد ة ‪ ،‬حت لو كان يمن أح ب الناس إليهم ‪ ،‬فإن النفوس تنفر يمن‬ ‫التهجم الكثيف الثقيل حت لو كان يمطراً يمن عسل ‪ ،‬بل حاله يمعهم كنسدمة الريح وعلى وجنة الطفلة البهية‪.‬‬ ‫ل قياد ة صائبة دون خب ة عدميقة بالرجال ‪ ،‬ويمعرفة يمستوياتم وقدراتم ‪ ،‬ويمراعا ة هذ ه القدرات ‪ ،‬فأبوا ذر خي‬ ‫يمن أقلت الغباء وأظلت الضراء ف صد ق اللهجة يمنه لكنه ضعيف على اليمار ة ف زيمن الصحابة رضي ال عنه ‪،‬‬ ‫ويعلم يمنه البي ب الصطفى صلى ال عليه وسلم قبول الق وإن كان على خل ف يما ي ب فيواجهه بذلك ‪ ،‬ويعلم‬

‫ضعف غي ه عن اليمار ة فيعرض عنه ويقول‪) :‬إّنا ل نوّلي هذا من سأله ول من حرص عليه (‪.‬‬

‫هذا رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو حبي ب القلوب ‪ ،‬يفديه صحبه بأرواحهم ‪ ،‬وهو أح ب إليهم يمن‬ ‫أنفسهم وأهليهم وأيموالم ‪ ،‬ويم ع ذلك يراعي خواطر أصحابه حت يما يلؤذيهم بشيء ‪ ،‬بل يتودد لصغيهم سائلً إيا ه‬

‫عن طائر ه اللع ب به )يا أبا عمير‪ ،‬ما فعل النغير ( رقة تذوب لا البال ‪ ،‬ويتودد لكبيهم حت يعرفوا ذلك يمنه أنه‬ ‫رقيق رفيق ليس ببار يقول السور بن مريمة‪ :‬قال ل أب‪ :‬يا بن إنه بلغن أن النب صلى ال عليه وسلم قديمت‬ ‫عليه أقبية فهو يقسدمها ‪ ،‬فاذه ب بنا إليه ‪ ،‬فذهبنا ‪ ،‬فوجدنا النب صلى ال عليه وسلم ف يمنمزله ‪ ،‬فقال ل‪ :‬يا بن ادع‬ ‫ل النب صلى ال عليه وسلم فأعظدمت ذلك ‪ ،‬فقلت‪ :‬أدعو لك رسول ال؟ فقال‪ :‬يا بن ‪ ،‬إنه ليس ببار ‪ ،‬فدعوته‬ ‫فخرج وعليه قباء يمن ديباج يمزرر بالذه ب ‪ ،‬فقال‪) :‬يا خرمة‪ ،‬هذا خّبأته لك ( ‪ ،‬فأعطا ه إيا ه ‪ ،‬قال السور‪ :‬فنظر إليه‬ ‫النب صلى ال عليه وسلم فقال‪) :‬برضي مخرمة (‪.‬‬

‫وكذا على البني أن يراعوا خواطر الكبار وحاجاتم فل يرهقونم ‪ ،‬فإن للناس حاجات يم ع أنفسهم وأهليهم ‪،‬‬ ‫وقد عات ب ال أقوايماً أكثروا على رسول ال صلى ال عليه وسلم ف إطالة اللوس ف بيته دون يمراعا ة حاجته‬ ‫لهله وتفرغه لم فقال سبحانه‪) :‬يا أّيها الذين آمنوا ل تدخلوا بيوت الّنبي إل أن يؤذن لكم إلى طعام غير‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[92‬‬

‫ناظرين إناه‪ ،‬ولكن إذا دعيتم فادخلوا‪ ،‬فإذا طعمتم فانتشروا‪ ،‬ول مستأنسين لحديث‪ ،‬إن ذلكم كان يؤذي‬ ‫الّنبي فيستحي منكم وال ل يستحي من الحق ( ‪ ،‬وهكذا تستقيم العادلة بني القياد ة والدموع ‪ ،‬يمبادلة ح ب ب ب‬ ‫ووداد بوداد‪.‬‬ ‫هذ ه الرحلة رحلة طاعة ل ‪ ،‬رحلة تسجل فيها يمقادير الذر )فمن يعمل مثقال ذبرة خيراً يره ومن يعمل‬

‫مثقال ذبرة شّراً يره ( رحلة فيها الكلدمة ترف ع صاحبها إل أعلى النان أو تطه إل قرار الحيم ‪ ،‬رحلة فيها حركة‬

‫يد على رأس يتيم بعطف تكفر السيئات ‪ ،‬وبسدمة ف وجه الصديق تكت ب ف اليزان ‪ ،‬وجرعة يماء ف فم كل ب‬ ‫تدخل النة ‪ ،‬ورف ع حجر عن طريق السلدمني حسنة ‪ ،‬وأيمنية ف القل ب أن يصي ب يمسلم خياً تط سيئات ‪ ،‬إنا‬ ‫رحلة ل تتك الشر حت يعظم ول تتقر الي يمهدما صغر ‪ ،‬بل هي رحلة فيها رقة تشف حت ل يفى يمنها شيء ‪،‬‬ ‫ول يستبعد يمنها شيء‪.‬‬ ‫ونفوس اللق دقيقة اليزان تبهجها كلدمة يمار ة ‪ ،‬أو خفقة حانية ‪ ،‬أو وجه بشوش يلقيه ‪ ،‬وتزعجها كلدمة جافة‬ ‫أو إعراض وجه يمهدمو م أو إلتفاتة خد بعيداً عند اللقاء ‪ ،‬فهكذا النسان ل يباع قلبه ول يتأثر بالبال ول بالقيود‬ ‫ول بالسوار ‪ ،‬لكنه يأنف القياد ويوط ئ النجاح للكلدمة السنة والبسدمة الشرقة والدية يمهدما كان شأنا ‪ ،‬فل تقرن‬ ‫شيئاً يمن هذا ‪ ،‬ول تكن غلظاً فتَْك ِسم ر موتُْك َس مرم بل كنسدمة الواء ل يجبها شيء ول يكرهها أحد إل الريض‪.‬‬

‫وصفة نافعة‪:‬‬

‫عند السحر ه ‪-‬فهو وقت التطب ب الوصو ف ف الكت به ‪ -‬وأنت تغتسل بطهور الستغفار ‪ ،‬اخلط يمعه هذ ه‬ ‫ل يمن السلدمني ‪ ،‬اللهم اغفر ل ولكل يمن آذيته يمن السلدمني وأنا‬ ‫الكلدمات‪" :‬اللهم اغفر ل ولكل يمن أحسن إ ّ‬ ‫ظال له واجعل دعائي كفار ة لذنب وصلة بين وبينه ‪ ،‬اللهم اغفر ل ولكل يمن آذان يمن السلدمني وهو ظال ل"‪.‬‬ ‫كررها وأنت ساجداً ثلثاً ‪ ،‬ث بسدمة ف الوجه عند لقاء الخوان وكلدمة حسنة تبيتها لم وقد نقعتها بالفكر ة ‪،‬‬ ‫ستجد أن أيموراً ف حياتك قد صلحت ‪ ،‬فإن زاد الرض فاشدد عليه بالدية سيزول بإذن ال‪.‬‬ ‫لكن إن ل ينف ع كل هذا فتذكر‪ :‬الرواح جنود مند ة ‪ ،‬وتذكر ح ب يمغيث لبير ة وبغض برير ة لغيث ‪ ،‬وف النة‬ ‫فقط تصلح القلوب يمن كل آفاتا‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[93‬‬

‫الحديث الثالث والثلنثون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال الّنبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬ل يأتي ابن آدم الّنذُبر‬ ‫بشيء لم أكن قدبرته‪ ،‬ولكن يلقيه الّنذُبر إلى الَق َدـبرـ قد ّقدبر له‪ ،‬فيستخرج ال به من البخيل‪،‬‬ ‫فيؤتيني عليه مالم يكن يؤتيني عليه من قبل (‪.‬‬ ‫ل إثبات إل بشرع صحيح أو قدر مسوس يمضطرد ‪ ،‬وخل ف ذلك أوها م وترص ‪ ،‬وباب التدّين البدعي فتح‬ ‫أبواب الوها م على يمدار التاريخ ‪ ،‬وقضية ارتباط الغي ب يم ع عال الشهاد ة إن ل يضبط بضابط يمتني تول إل يمرض‬ ‫يفسد العقول واليا ة ‪ ،‬والتوازن بني يما هو شرعي ويما هو قدري تضبطه السنة النبوية وجريان السنن واضطرادها ‪،‬‬ ‫فطغيان أحدها على الخر يمزلة أوقعت الفر ق العلدمية والتعبد ة ف ضللت وانرافات ‪ ،‬فقو م أتقنوا الكونيات وراعوا‬ ‫سننها وضلوا ف الشرعيات والليات والغيبيات فحريموا التوفيق اللي ‪ ،‬فساروا سعداء حيناً ث وق ع بم الكر‬ ‫اللي ‪ ،‬وقو م عظدموا الليات والشرعيات وضلوا ف القدر والتكوين ول يقيدموا لسننها شأناً فحلت بم عوايمل‬ ‫التخلف والزية والرافة ‪ ،‬وهذ ه الطائفة الثانية هي الت غلبت ف تارينا زيماناً فصرنا إل يما صرنا إليه ‪ ،‬ونن نس ب‬ ‫للقية والسنن الكونية باب يمصاديمة للدين وتعظيم الله ‪ ،‬والشيء إن‬ ‫أننا على شيء ‪ ،‬إذ صار الديث عن الطبائ ع ا َ‬ ‫فسد انقل ب على نفسه باللكة ‪ ،‬فبالتال انقل ب هذا التدين الاهل حجة عند الزنادقة ‪ ،‬إذ اعتبوا أن يمصدر يما نن‬ ‫فيه هو الدين وقيم الق اللية ‪ ،‬وعّي وا مأهل السل م أن غيهم يعيشون ف سعاد ة وببوحة ‪ ،‬وذلك لريان سنة‬ ‫التزيني لا أشرب القل ب )و كذلك ّزيّنا لكّل أّمةـ عملهم ( ‪ ،‬فالذين يعيشون على هايمش اليا ة ودائر ة الزية‬

‫والذلن يفتخرون أنم يعلدمون حقائق الكون وأسرار ه ‪ ،‬ويسبحون ف النوار القيقية ل الزائفة ‪ ،‬والخرون استغنوا‬ ‫عن غي هذ ه الدنيا ‪ ،‬ورأوا الخر ة وهاً ل واق ع له‪.‬‬ ‫)الكر اللي( قضية ي ب أن نعيها ‪ ،‬وأن نكون على حذر يمنها ‪ ،‬لن عدمادها الهل والغفلة ‪ ،‬ففي حديث‬ ‫الباب يمثلً ير ى رجلً اشتط على ال ه ‪-‬نذره ‪ -‬إن فعل ال به أيمراً أن يتصد ق أو يقو م بعدمل صال ‪ ،‬فوق ع القدر‬ ‫على يما طل ب ‪ ،‬ل بسب ب شرطه ‪ ،‬ولكن لريان القدر على أيمر آخر ل ينتبه له ‪ ،‬فذه ب السكني ف وهه أن شرطه‬ ‫ه ‪-‬نذر هه ‪ -‬هو سب ب الوقوع ‪ ،‬فذه ب يعدمل صالاً ‪ ،‬فاستخرجت يمنه الصدقة على بل يمنه‪.‬‬ ‫)المكر اللهي ( في هذا الباب يقع على نثلنثة مستويات‪:‬‬ ‫‪ .1‬ترك العدمل السنن اللئم‪.‬‬ ‫‪ .2‬جريان السنن على الوجه التوق ع البوب‪.‬‬ ‫‪ .3‬تليل الديث على وجه الو ى ‪ /‬الرغبة ‪ ،‬فتحصل الفتنة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[94‬‬

‫فهذ ه كدما نر ى أساسها ترك العدمل ووقوع الهل ‪ ،‬فهي لا تعلق بالعلم والراد ة‪.‬‬ ‫ويمن رحة ال فيدمن يرحه ال أن يق ع القدور على وجه يعيد ترتي ب العلم على الوجه الطلوب ‪ ،‬ويصلح‬ ‫العدمل ليوافق الق ‪ ،‬كدما وق ع يم ع الصحابة رضي ال عنهم ف أحد ‪ ،‬إذ هزيموا هزية جعلتهم يتساءلون‪) :‬أّنى هذا؟ (‬ ‫فكان الواب اللي‪) :‬من عند أنفسكم (‪.‬‬ ‫حني تر ى النعيم الدنيوي ف يد عدو ال فلك أن تقول‪ " :‬طيباتم عجلت لم " لكن أن تراهم هازيمني لنا ‪،‬‬ ‫يمستعلني على ذلتنا فدمن الفتاء على حكدمة ال أن تقول هذ ه الكلدمة ‪ ،‬بل الكلدمة الصحيحة‪) :‬من عند أنفسكم (‬ ‫لنحذر تديناً وخوفاً يمن ال تعال أن نتكلم ف حكدمة الغي ب على اليمور الادثة ‪ ،‬فالعدمال ل تثبت صحتها‬ ‫بالتوافق يم ع اللحظة الراهنة ‪ ،‬فحني تنفق السلعة باللف ل يدل هذا على جواز اللف ف البيوع أو استحبابه ‪ ،‬بل‬ ‫اللف ف البي ع وإن كان للسلعة إل أنه مق للبكة‪.‬‬ ‫ف يموقعة أحد يمثال حي على يما نن فيه يمن أن جّر )التحليل والتفسي( على وجه الو ى ضلل وفساد ‪ ،‬فقد‬ ‫وق ع ف أحد أن أشار بعض الصحابة رضي ال عنهم على رسول ال صلى ال عليه وسلم أن ل يرج يمن الدينة‬ ‫لقتال قريش ‪ ،‬وكان هذا رأي النافقني كذلك ‪ ،‬وبعد أن نزل رسول ال صلى ال عليه وسلم على رأي الكثي يمن‬ ‫أصحابه وخرج إل أحد يم ع رغبته عن هذا الرأي صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فكان أن انتصر النافقون لرأيهم )و هو‬ ‫رأي صواب ولكن اختي غي ه وهو أقل صواباً يمنه( ورجعوا يمن وسط الطريق وتلوا عن إخوانم ف النة ‪ ،‬ث وق ع يما‬ ‫وق ع يمن القتل ف الارجني ‪ ،‬فكان يماذا؟‬ ‫وصف القرآن )تحليل وتفسير ( المنافقين بقوله‪:‬‬ ‫‪) .1‬يا أّيها الذين آمنوا ل تكونوا كالذين كفروا وقالوا لخوانهم إذا ضربوا في البرض أو كانوا غّزى لو‬ ‫كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل ال ذلك حسرة في قلوبهم وال يحيي ويميت وال بما تعملون‬ ‫بصير‪ ،‬ولئن قتلتم في سبيل ال أو مّتم لمغفرة من ال وبرحمة خير مّم اـ يجمعون‪ ،‬ولئن مّتم أو قتلتم‬ ‫للى ال تحشرون (‪.‬‬ ‫‪) .2‬و ما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن ال وليعلم المؤمنين‪ ،‬وليعلم الذين نافقوا‪ ،‬وقيل لهم تعالوا‬ ‫قاتلوا في سبيل ال أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالً لّتبعناكم‪ ،‬هم للكفر يومئذ أقرب منهم لليمان‪،‬‬ ‫يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم وال أعلم بما يكتمون‪ ،‬الذين قالوا لخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما‬ ‫قتلوا قل فادبرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (‪.‬‬ ‫هذا تليل باطل وإن توافق يم ع الدث ‪ ،‬وبطلنه يمبن على الو ى والشهو ة والو ف يمن الوت ‪ ،‬والزية ف أحد‬ ‫ل تق ع لن رأي الروج كان باطلً بل لن ف الروج حدثت يمعصيتان‪:‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[95‬‬

‫أولها‪ :‬مالفة أيمر القائد ف ترك الريما ة يمواقعهم حباً للدنيا يمن ج ع الغنائم ‪ ،‬وهذا سجله القرآن بقوله‪) :‬حتى إذا‬

‫فشلتم وتنازعتم في المر وعصيتم من بعد ما أبراكم ما تحبون‪ ،‬منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد‬ ‫الخرة نثم صرفكم عنهم ليبتليكم‪ ،‬ولقد عفا عنكم وال ذو فضل على المؤمنين (‪.‬‬

‫ثانيها‪ :‬يما حصل يمن التول والروب عن يميدان العركة ‪ ،‬وهذا سجله القرآن بقوله‪) :‬إّن الذين توّلوا منكم يوم التقى‬ ‫الجمعان إّنما استزّلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا ال عنهم وال غفوبر حليم (‪.‬‬ ‫وهاتان يمعصيتان قد غفرها ال كدما ف اليات العظيدمة السابقة‪.‬‬

‫وسجل القرآن حال قو م صار ف قلوبم بعض رذاذ شبهة )تليل( النافقني فقال‪) :‬و طائفة قد أهّم تـهم‬

‫أنفسهم يظّنون بال غير الحّق ظّن الجاهلّية‪ ،‬يقولون هل لنا في المر من شيء‪ ،‬قل إن المر كله ل يخفون‬ ‫في أنفسهم ما ل يبدون لك‪ ،‬يقولون لو كان لنا من المر شيء ما قتلنا ههنا‪ ،‬قل لو كنتم في بيوتكم لبرز‬ ‫الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم (‪.‬‬ ‫والتأيمل ف اليات الت نزلت بعد يموقعة أحد يد أن القرآن هّونم يموضوع القتل وفسر ه على نو يذه ب يما ف‬ ‫النفوس يمن أل ‪ ،‬ولكن شّد دم على يموضوع العصية ‪ ،‬وكأنه يقول‪ :‬أنتم تبكون القتلى ‪ ،‬وتصرخون يمن أل الراحات‬ ‫وذهاب الخوان ‪ ،‬ولكن هذا ليس بشيء ‪ ،‬فكل هذا كان سيحدث سواء خرجتم إليهم أ م ل ترجوا لكن اذهبوا‬ ‫بعيونكم إل هناك ‪ ،‬إل يما وق ع يمن أعدمال يمنكم )قل هو من عند أنفسكم (‪.‬‬

‫إن )التحليل السياسي( قد يمأل ف أيايمنا هذ ه السهل والواد ‪ ،‬وهو سهل على القل م والعقول الاهلة ‪ ،‬لكنه ل‬ ‫يدمل أي السدمات العلدمية العروفة ف قواعد العلو م ‪ ،‬فهو يمضطرب ‪ ،‬يستطي ع كل صاح ب فكر ة أو عقيد ة أن ير ه‬ ‫إل يمصلحته ‪ ،‬ولكن كل ذلك ل قيدمة له ‪ ،‬إنا الهية النظر إل تقق الكم الشرعي أ م ل؟ يمن الكبائر العاصر ة‬ ‫والبدع الادثة هو تعليق الكم الشرعي على هذا )التحليل( التوهم ‪ ،‬وذهبت جهالت قو م بم أن جعلوا هراءهم‬ ‫هذا )علة( لألحكا م الشرعية افتاًء على ال وعلى الفقه الشرعي وأصوله ‪ ،‬ولذلك كثر الل ف وعم الهل ‪ ،‬وصار‬ ‫هلؤلء )الللون( ف عقول البعض هم الفقهاء الذين يق لم القول ف يمصي اليمة وقضاياهم ‪ ،‬وهم قاد ة الفقه‬ ‫الاهل العاصر ‪ ،‬وهلؤلء لو حضروا إبراهيم عليه السل م وقد كسر الصنا م لكتبوا فيه تقريعاً ولويماً ‪ ،‬ولو حضروا أهل‬ ‫الخدود لقالوا لم يمن الرخص يما يل لم الكفر والروج يمن اللة ‪ ،‬ويضحكوا بلء أشداقهم استهزاًء بقول الرضي ع‬ ‫ليمه‪ " :‬يا أيما ه إنك على الق " ‪ ،‬ولقالوا‪ :‬ل يعد إل أن تطي ع الركة أقوال الطفال ‪ ،‬ولو حضروا الند ق لكانوا يم ع‬ ‫القائلني‪) :‬غّر هؤلء دينهم (‪.‬‬

‫ف هذا الباب نر ى فقه الشرع عند الل ف حول آراء تتضارب‪ :‬أنفعل أ م ل نفعل؟ فبعد أن تطدمئن قلوب‬ ‫الخوان لعدمل يما فدمن النفا ق التخلي عنهم ‪ ،‬ويمن النفا ق تقريعهم إن حصل خل ف يما أشاروا به ‪ ،‬والواج ب النظر‪:‬‬ ‫هذا الذي اختنا ه يمن القوال هل قدمنا به على الوجه صحيح أ م ل؟ فالبحث يكون عن اتقان العدمل ل غي ‪ ،‬وأيما‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[96‬‬

‫البكاء على الصيبة واستغللا لتعظيم الذات وتقري ع الخوان ‪ ،‬و)تليلها( وتفسيها على الوجه يبطل الكم الشرعي‬ ‫يمن الهاد وغي ه فهو مسة النافقني‪.‬‬ ‫اللل يما أحله ال ‪ ،‬والرا م يما حريمه ال ‪ ،‬وكذب الراصون ‪ ،‬وليس ف الكم الشرعي إل الي ‪ ،‬لكن يما يق ع‬ ‫عند تطبيق الكم الشرعي يمن اخفا ق ف أحيان يما فسببه ترك التقان ف تطبيق هذا الكم أو التخلي عنه قبل‬ ‫اكتدماله ‪ ،‬وأيما الي فل يأت إل بالي‪.‬‬ ‫كذب الراصون وإن وق ع القدور حيناً على وجه يوافق تليلهم ‪ ،‬فدماشأنم إل شأن )العرافني( ‪ ،‬فكليمهم‬ ‫كثي أغلبه باطل وقد يصد ق ف الكلدمة الواحد ة ‪ ،‬فالشرع أن نعل كليمهم باطلً ل أن نسح ب يما أصابوا به على‬ ‫كثي كليمهم الباطل‪.‬‬ ‫تتمة‪:‬‬ ‫بعد الصيبة ف أحد ‪ ،‬أيمر سول ال صلى ال عليه وسلم أصحابه أن يتابعوا قريشاً ففعلوا حت "حراء السد"‬

‫وقد سجل القرآن هذ ه الكريمة لألولياء بقوله‪) :‬الذين استجابوا ل وللرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين‬

‫أحسنوا منهم واّتقوا أجر عظيم‪ ،‬الذين قال لهم الّناس إّن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً‬ ‫وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل‪ ،‬فانقلبوا بنعمة من ال وفضل لم يمسسهم سوء واّتبعوا برضوان ال وال ذو‬

‫فضل عظيم (‪.‬‬

‫الصور ة كالتال‪ :‬خروج حدثت به يمصيبة ويمقتلة ف الارجني ‪ ،‬وعلق )مللون( الصيبة بسب ب الروج ‪ ،‬وقد‬ ‫كان رأيهم أن ل يرجوا ‪ ،‬فدماذا سيقولون الن وهم يرون القياد ة ويمن والها وهي جرية يمصابة تتاب ع اللحا ق‬ ‫بالعداء فيا للعج ب‪ :‬خروج للقاء جّر هزية ‪ ،‬فدماذا سيكون حال يمن لق النتصر الزهو وهو جريح ضعيف؟!‬ ‫أنا أعر ف أن )الللني( لن يقولوا شيئاً يمن السوء عن أحداث السي ة النبوية ‪ ،‬وذلك هيبة لصاحبها ‪ ،‬لكن‬ ‫ليتهم يفقهون!!‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[97‬‬

‫الحديث الرابع والثلنثون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬تجدون الّناس‬ ‫معادن‪ ،‬خيابرهم في الجاهلية خيابرهم في السلم إذا فقهوا‪ ،‬وتجدون خير الّناس في هذا‬ ‫الشأن أشّد هـم له كراهية‪ ،‬وتجدون شّر الّناس ذا الوجهين‪ ،‬الذي يأتي هؤلء بوجه ويأتي‬

‫هؤلء بوجه (‪.‬‬

‫ل دين ناف ع إل بعقل راشد حكيم ‪ ،‬ول عقل صحيح إل بفقه يمكني ‪ ،‬واليية ل تكون بنص يمعلق ف أعنا ق‬ ‫أغبياء يمغفلني ‪ ،‬كدما ل تكون يمن غي يمعرفة اللل والرا م ‪ ،‬وف الاهلية عقول سليدمة ف يمعدنا ‪ ،‬صقلتها حكدمة‬ ‫اليا ة وتارب السنني وعظة اليا م ‪ ،‬هم خي هذ ه اليمة إن أسلدموا وفقهوا أحكايمه ‪ ،‬فالدين الق ل ينف ع إل إذا‬ ‫وض ع ف وعاء حكيم رشيد سوي ‪ ،‬وهو العقل ‪ ،‬وأيما وعاء الغباء والسفاهة فالدين ينجيه لنفسه لكن لن ينف ع غي ه‬ ‫ول يوز أن يكون له اليية ف أيمة السل م ول جاعات الق ‪ ،‬فكيف إذا اجتدم ع ف الرء خصلتا الباطل ‪ ،‬فل فقه‬ ‫عدميق بل هي اللفاظ وحفظ النصوص بل علم با ‪ ،‬ول حكدمة أهل الاهلية؟! حينها ول شك الراب والفساد‪.‬‬ ‫ث إن هذا الدين ل يقو م به إل الذين يأخذون اليمور ه ‪-‬كل أيمور اليا ةه ‪ -‬بدية وتفاعل حقيقي ‪ ،‬أيما الذين‬ ‫يريدون إرضاء كل الطرا ف ‪ ،‬ويداهنون كل الختلفني ‪ ،‬فالقيم عندهم نسبية ‪ ،‬والقرارت يمتلونة ‪ ،‬فهلؤلء ل نف ع فيهم‬ ‫لذا الدين‪.‬‬ ‫الدين هداية ‪ ،‬لكن ل ينف ع يم ع آلة هي فاسد ة ف تركيبها ‪ ،‬كدما أننا نعلم أن هذا الدين نور كنور الشدمس‬ ‫لكن ل ينف ع هذا النور يم ع العدمى ‪ ،‬فلبد يمن نور العني ونور الشدمس ليق ع البصار ‪ ،‬وكذلك هداية الشرع ل تنف ع‬ ‫بل رشد العقل وحكدمته ‪ ،‬والعقل الرشيد الكيم ل يضطرب ف أي يموض ع كان فهو يمعدن نفيس إن كان قدر ه‬ ‫يم ع أهل الاهلية كان خيهم وأنفسهم ‪ ،‬وإن كان يم ع أهل السل م كان خيهم وأنفسهم ‪ ،‬فهو عقل أصيل ف‬ ‫يمعدنه ل يتلون بالزور ول بالخادعة ‪ ،‬بل هو ثبت لثبات قيم الكدمة والرشد فيه‪.‬‬ ‫هل هناك فقيه غب؟ الواب نعم ‪ ،‬كدما هناك حكيم كافر ‪ ،‬فحصول الكدمال منوع بوان ع خاصة لكل حالة ‪،‬‬ ‫فل ينبغي أن نثبت الكدمة لكل فقيه ‪ ،‬كدما ل نثبت الق يم ع كل حكيم ‪ ،‬وخي اليين هو الفقيه الكيم العاقل‬ ‫الرشيد ‪ ،‬كدما أن شر الشرين بعد الفقيه الغب والكيم الكافر هو ذو الوجهني ‪ ،‬أي استخدا م العقل ف تبير كل‬ ‫فعل وقول وحله على وجه القبول والرضى ‪ ،‬ويسدمون هذ ه حكدمة كذباً وزوراً عليها ‪ ،‬إنا هي النفا ق والثعلبة ‪ ،‬فالق‬ ‫واحد ل يتعدد ‪ ،‬وقد قايمت حكدمة السدماوات والرض يم ع التفريق بني الي والشر وبني العدل والظلم وبني السل م‬ ‫والكفر‪) .‬خير الّناس في هذا الشأن أشّد هـم له كراهية ( هلؤلء قو م ل يبون الخاتلة ‪ ،‬فهم يعطون يما يلؤيمنون به‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[98‬‬

‫كل شيء ‪ ،‬ويبغضون يما يكفرون به إل النهاية ‪ ،‬إرادتم ل تقبل الناصفة بل يذهبون يم ع إيانم إل النهاية ‪ ،‬كدما‬ ‫لم أن يكونوا يم ع دين ال ويم ع جاعة الق ‪ ،‬فحينها يدملون هذا حق الدمل ‪ ،‬ويعطونه كل أنفسهم وياربون‬ ‫أعداء ه إل آخر ريمق )تقاتلونهم أو يسلمون ( فهم يبغضون اعداء ه كل البغض كدما يبون أصحابه كل ال ب ‪،‬‬ ‫فهذ ه يمنطقة ل تقبل القسدمة ‪ ،‬فبئس أصحاب نسبية الق ف هذا الباب كم افسدوا دين ال وحيا ة الناس‪.‬‬ ‫لو راج ع الناس تاريخ هذ ه اليمة فلن يدوا أي يمكريمة قديمها )الداهنون( ول دعا ة أنصا ف اللول ‪ ،‬بل كل‬ ‫الكريمات سجلها أصحاب الواقف الواضحة اللية ‪ ،‬والخذون بم)الرخص( لم سعة لنفسهم لكن لن يقديموا لأليمة‬ ‫شيئاً ‪ ،‬ول تنتف ع اليمة بم ‪ ،‬ففي منة خلق القرآن إتقى يمن إتقى خشية السيف أو السجن أو الضرب ووسعه‬ ‫اليمر ‪ ،‬لكن حسم العارك والقضايا كان بيد يمن أظهر وواجه وتد ى ‪ ،‬نعم أصابه يما أصابه لكن هذا هو الطريق ‪،‬‬ ‫إيذاء وإبتلء ث نصر وتكني ‪ ،‬فإذا كانت )الرخص( ل تنتف ع اليمة يمن أصحابا فإذاً سيكون شأن )الداهنني( من‬ ‫يريدون إرضاء كل الطرا ف على حساب الق وقيدمه ‪ ،‬وعلى حساب الدين والسل م؟ إنا بل شك جرية تعود‬ ‫على دين ال وأيمة السل م‪.‬‬ ‫فهذه خصال الخيرية‪ ،‬فمن أبراد الفضل فليسعى إليها‪:‬‬ ‫‪ .1‬عقل رشيد حكيم‪.‬‬ ‫‪ .2‬فقه يمكني عدميق‪.‬‬ ‫‪ .3‬صلبة ف الق ويمواقف ثابتة‪.‬‬ ‫وشر الناس التلون ‪ ،‬فإن اجتدم ع يمعه قو ة البيان فهي الطاّيم ةم الكب ى ‪ ،‬والفاقر ة الت اجتدم ع فيها كل يمقويمات‬ ‫الفتنة لأليمة‪.‬‬ ‫وف الديث فقه رائ ع وهو قضية استخدا م )الرشيف( ‪ ،‬فالتاريخ سلح عظيم لكن وضعه ف غي يموضعه‬ ‫يمفسد ة وقلة دين ‪ ،‬فهذا رجل كان شديد الكراهية للحق ث لق به فل يوز أن ُيَّدم لم وزر أيا م خلت ‪ُ ،‬يقرع با‬

‫كلدما سنحت لصويمه بادر ة خل ف ‪ ،‬فقد عاب القرآن على يمثل هلؤلء بقوله‪) :‬كذلك كنتم من قبل فمّن ال‬

‫س يـئات ( ذلك ذكر ى للذاكرين‪.‬‬ ‫عليكم ( ‪ ،‬وقد ُعلم يمن ديننا )إّن الحسنات يذهبن ال ّ‬ ‫إضاءة‪:‬‬

‫تأيمل يا عبد ال روعة الديث ف تسدمية الناس )معادن ( ‪ ،‬وتسدمية يما يعتي هذ ه العادن يمن تزوير بقوله‪) :‬ذا‬ ‫الوجهين ( تر ى نور النبو ة بادياً على يمثل هذ ه الكم العجيبة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[99‬‬

‫الحديث الخامس والثلنثون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه أنه سمع برسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪) :‬بينما امرأة‬ ‫ترضع ابنها إذ مّر بها براكب "ذو شابرة" وهي ترضعه فقالت‪ :‬اللهم ل تُِم تـ ابني حتى يكون‬ ‫مثل هذا‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم ل تجعلني مثله نثّم برجع في الّثدي‪ ،‬وُمّرـ بامرأة تجّرُبر وُيلعب بها‪،‬‬ ‫فقالت‪ :‬اللهم ل تجعل ابني مثلها‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم اجعلني مثلها‪ ،‬فقال‪ :‬أما الّراكب فإّنه كافر‬ ‫)جّبابر من الجبابرة (‪ ،‬وأّماـ المرأة فإّنهم يقولون لها‪ :‬تزني‪ ،‬وتقول‪ :‬حسبي ال‪ ،‬ويقولون‪:‬‬ ‫تسرق‪ ،‬وتقول حسبي ال (‪.‬‬

‫يقولون‪ :‬ل دخان بل نار ‪ ،‬لن صناعة الدخان بل وجود أصِله ليس يمن سنن اللق ‪ ،‬لكن صناعة الكاذي ب‬ ‫هّني على اللسنة ‪ ،‬فتشبيه الشاعات بالدخان يمن كل وجه باطل ‪ ،‬هي كالدخان تشي ع وتزكم النو ف ‪ ،‬وهي‬ ‫كالدخان كذلك حني تطدمس القائق وتفيها لكنها تصن ع يمن يمعدن الكذب والزور والوها م ‪ ،‬لكن الدخان ل‬ ‫يكون بل نار ‪ ،‬والعقلء ليسوا قطي ع بقر تري عليهم نزعة القطي ع ‪ ،‬فدما أسهل أن تشي ع الكلدمات على اللسن ‪،‬‬ ‫وكثر ة الرددين يمن الغوغاء ل يزيد الكذب إل بطلناً ‪ ،‬والكثر ة الت عدمادها ه ‪-‬زعدمواه ‪ -‬أو دليلها‪" :‬مسعت الناس‬ ‫يقولون فقلت" هم حط ب الفت وأثاف النيان الت تقو م عليها قدور البثاء ‪ ،‬و"الغفلون النافعون" هم يمطايا الشر ف‬ ‫أيمة السل م ‪ ،‬يتخذهم الشيطان عوناً وهم يسبون أنم على خي تت دعو ى الطهر والتنقية وكشف القائق‪.‬‬ ‫هذ ه الليني يمن البشر يعتقدون أن عيسى هو ابن ال تعال فهل لكل اعتقاداتم وكتبهم وصلواتم تأثي ف‬ ‫تغيي القيقة وهو أن عيسى عليه السل م بشر يأكل ويشرب ويوت ويرض؟ ث هذ ه الليني على يمدار التاريخ ‪،‬‬ ‫جوع وراء جي ع يعتقدون أن البقر ة روح يمقدسة فهل زادت هذ ه الدموع شيئاً سو ى أن البقر ة حيوان ل غي؟ ولو‬ ‫سألت هلؤلء جيعاً يما دليلكم لكان جوابم‪ :‬الدموع ‪ ،‬القطي ع ‪ ،‬لقد وجدنا الدموع تقول فقلنا ‪ ،‬وهكذا ييون‬ ‫ويوتون ويقاتلون على هذ ه الكاذي ب والشاعات‪.‬‬ ‫أيمة السل م وجاعات الق يمستهدفة ‪ُ ،‬يكاد لا بالليل والنهار ‪ ،‬ولعدائها خب ة عدميقة ف الكيد وصناعة الفت‬ ‫والكاذي ب والشاعات ‪ ،‬ول يبطل كل هذا الكيد إل بالدلة الت أقايمها ال نوراً كاشفاً للحقائق ‪ ،‬فهذ ه فتنة‬ ‫)الفك( الكب ى ‪ ،‬فتنة ضربت بيت الطهر والعفا ف ‪ ،‬وتول كبها النفا ق ورجاله ‪ ،‬وسارت على ألسن البعض من‬ ‫استزلم الشيطان ‪ ،‬وأهل الدين والورع انقسدموا إل قسدمني كدما ورد على لسان أسايمة بن زيد بن حارثة وعلي بن‬ ‫أب طال ب رضي ال عنهدما‪ :‬فعلي قال‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬ل يضيق ال عليك والنساء سواها كثي ‪ ،‬وأيما أسايمة فقال با‬ ‫يعلم يمن براء ة عائشة وبا يعلم يمن ح ب رسول ال لا ‪ ،‬فهذ ه الفتنة لو نزلت بالناس بعد الوحي فدما هو أقل يما‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[100‬‬

‫يفعل الرجل بأهله ‪ ،‬سيقال له أدن اليمر أن تطلقها اتقاء الفتنة ويمقالة السوء ‪ ،‬وبعد ذلك يماذا سيد كل م الناس‬ ‫وإشاعاتم وأقوالم ‪ ،‬فحسبنا ال كم تفعل الكاذي ب ‪ ،‬وكم تظلم الق وأهله‪.‬‬ ‫الشاعة ف ذلك الزيمان ساذجة بسيطة ‪ ،‬لكن يما نصن ع اليو م وقد صارت علدماً يدرس ف أقبية البث ‪،‬‬ ‫وصارت فناً يمتاكباً يقد م لا يما عهد لا ‪ ،‬ولا وسائل دخلت كل البيوت يمن يمذياع وتلفاز و"كدمبيوتر" وصحف‬ ‫سيار ة ‪ ،‬وتكرر كل يو م على المساع والعقول والقلوب حت إن الرء ليسدمعها أكثر ما يسدم ع امسه أو اسم أبيه؟!‬ ‫يماذا يقال اليو م عن الهاد وأهله؟ ويماذا يقال عن دعا ة الق والدين؟ ويماذا سيقال عن التدمسكني بالسنة‬ ‫والشريعة؟ وكيف تصور الرأ ة السلدمة الصان الرزان؟ أفل م تنتج ‪ ،‬واستهزاء قبيح يملؤل ‪ ،‬وصحف يقو م عليها‬ ‫يمأجورون يمأبونون ‪ ،‬والغوغاء قطي ع يسي وراء الناعقني إل جهنم وتديمي الذات‪.‬‬ ‫إن أتكلم ف هذا الوطن وف القل ب أل ه ‪-‬شهد اله ‪ -‬لعلدمي أن كل يما سأقوله يمن يموجبات شرعية لرد‬ ‫الشاعة ضعيف أيما م كيد الذين قال ال عنهم‪) :‬و إن كاد كيدهم لتزول منه الجبال ( فوال إن حادثة الفك‬ ‫الت جعلت رسول ال صلى ال عليه وسلم يدخل على حبيبته الت يعلم براءتا كعلدمه بنفسه ويقول لا‪) :‬أّما بعد‬

‫يا عائشة‪ ،‬فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا‪ ،‬فإن كنت بريئة فسيبرئك ال‪ ،‬وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري‬ ‫ال وتوبي إليه‪ ،‬فإن العبد إذا اعتر(ف بذنبه نثم تاب إلى ال‪ ،‬تاب ال عليه ( ليمر يعل الشاعة شديد الوطأ ة‬ ‫عظيم‪.‬‬ ‫فدمن يمنا يستطي ع أن يقول اليو م لتهم يمتأل‪) :‬إن كنت بريئاً فسيبرئك ال ( وقد انقط ع الوحي يمن السدماء ‪،‬‬

‫فحسبنا ال ونعم الوكيل‪.‬‬

‫يماذا يلك اليو م أهل التوحيد ودعاته والاهدون ف سبيله يمن الوسائل للوقو ف أيما م طغيان آلة الكذب‬ ‫والشاعة الفاجر ة؟ علدماؤهم ف السجون أو يمقهورون يمعزولون منوعون يمن الظهور ‪ ،‬الاهدون يمطاردون ف كل‬ ‫فج ‪ ،‬البون لم يمتخفون على خو ف وترق ب ‪ ،‬فأي يمعادلة هذ ه والعداء يلكون كل السبل ويقفون على كل‬ ‫الصعد؟‬ ‫اللهم رحتك وفقط ‪ ،‬فإن هذ ه يمعركة أقولا بكل أل يمعركة يملؤلة وعوايمل السار ة فيها جلية ‪ ،‬لكن يرط ب‬ ‫القلوب أن العاقبة للدمتقني‪.‬‬ ‫اثبت هنا حديث الفك ‪ ،‬فوال يما قرأته إل وبكيت ‪ ،‬والعظات فيه كبي ة لن تفكر واعتب إذ أن هذا الباب ل‬ ‫يس ع الرء فيه إل أن يض ع القلم فيه ويستغفر ويلتج ئ إل ال طالباً العون والدد‪) .‬حديث‪ / 4750 :‬البخاري(‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[101‬‬

‫الحديث السادس والثلنثون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال برسول ال صلى ال عليه وسلم‪) :‬شر الطعام طعام‬ ‫الوليمة يدعى لها الغنياء ويترك الفقراء (‪.‬‬ ‫شتان يمن يأتيك جائعاً يمتلهفاً ‪ ،‬وبني يمن يأتيك يمستدملحاً بطراً ‪ ،‬وشتان يمن يأتيك ليض ع الطعا م على الطعا م‬ ‫ويمن يأتيك يم ع فراغ الناء ‪ ،‬فشرط النتفاع كدما قالوا فراغ الل ‪ ،‬وقد كثر ف زيماننا البطرون ‪ ،‬لم أرجل كلت يمن‬ ‫الشي للتذو ق فقط ‪ ،‬كلدما مسعوا دعو ة لوليدمة قالوا هيا لنذو ق ولنشم ‪ ،‬ث نضحك ونستهزئ ‪ ،‬وند أرجلنا ل أيدينا‬ ‫صحمف ‪ ،‬فطالت ألسنتهم يمن كثر ة التذو ق يمرضاً ‪ ،‬ويماتت حواسهم يمن كثر ة الستهزاء ‪ ،‬ول يبق يمن "ريمتهم"‬ ‫ف ال ّ‬ ‫سو ى عفن الكلدمات وأحكا م السوء وإتقان البصق ف كل الصحون ‪ ،‬ل يقو م لهل الق رو ق إل وطافوا يبحثون‬ ‫عن "الكنف" فيه ‪ ،‬تغشى أعينهم عن كل الواهر ‪ ،‬وترض أنوفهم يمن الطي ب ‪ ،‬فيفرون إل تت الباط وجيوب‬ ‫الثنايا ليعيشوا هناك ث ل يرون إل "الرزايا"‪.‬‬ ‫ف كل وليدمة للدين يأتون إل أطرافها يمستدملحني وهم يقولون‪" :‬هذ ه كتلك ‪ ،‬وستون النتيجة ‪ ،‬اجلسوا قليلً‬ ‫فلن ترون بعد كل هذا إل الراب" ونسي هلؤلء التخدمون بالقذر ة أن تلك سنة ل ف كل وليدمة ‪ ،‬إذ تقو م وتتد‬ ‫كالسو ق فيجن يمنها البا ة يمطالبهم ‪ ،‬فهذا شهيد ‪ ،‬وهذا يمتصد ق ‪ ،‬وهذا بائ ع لنفسه ينتظر ‪ ،‬ث ينفض السايمر فيج ع‬ ‫الناس إل يمنازلم كل يدمل يما التقط ول يبقى وراءها إل الخلفات والفت واللواقط الرخيصة ‪ ،‬فهذ ه "سو ق الدينة"‬ ‫ف زيمن رسول ال صلى ال عليه وسلم وقف رسول ال صلى ال عليه وسلم على شرفتها وهو يقول‪) :‬هل ترون‬ ‫ما أبرى؟ قالو‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فإّني لبرى الفتن تقع خلل بيوتكم كوقع القطر ( ‪ ،‬وهل ف تاريخ العال قط بناء ل‬ ‫يصر إل زوال؟ ‪ ،‬وهل ف تاريخ الق قط أن ل يلف بعد ه شر وفت؟ ‪ ،‬لكن هلؤلء القو م ل يفقهون‪.‬‬ ‫لقد طا ف سلدمان الفارسي رضي ال عنه ظايمئاً جائعاً باحثاً عن الق ‪ ،‬وتقل ب على يموائد كثي ة حت هدا ه‬ ‫ال تعال إل يمائد ة رسول ال صلى ال عليه وسلم وارتفعت به هته حت صار )سلمان مّنا آل البيت ( ‪ ،‬وناس‬ ‫كانت الائد ة تنص ب أيما م أعينهم بل تطر ق عليهم بيوتم فيصدونا ويركلونا بأرجلهم ‪ ،‬فذاك الفقي التاج وهذا‬ ‫الستغن الدمتل ئ بالواء كذباً ‪ ،‬وستبقى هذ ه السنة جارية حت يرث ال الرض ويمن عليها ‪ ،‬وإن كانت ف أيايمنا‬ ‫هذ ه أجلى وأوضح ‪ ،‬إذ ظن البعض أن كثر ة التجارب الت يسدمونا جهلً "إخفاقات" وهي ف القيقة أسوا ق ربانية‬ ‫عظيدمة ‪ ،‬كانت فيها الجور والسنات ‪ ،‬وكان فيها العلم والتجربة والكدمة والوعظة ‪ ،‬يمات يمن يمات فيها شهيداً‬ ‫متسباً ‪ ،‬وصب فيها يمن صب يمبتلى ثابتاً ‪ ،‬وقطف يمن أفنان حكدمتها يمن تقل ب ف دروبا وشعبها ‪ ،‬ظن هلؤلء أن‬ ‫هذ ه التجارب إنا هي دليل على أن العقود أول ‪ ،‬وأن "الس ب" يمنذ البداية هي النجا ة ‪ ،‬فالقضية مسويمة لا‬ ‫يقولون ‪ ،‬وبعض هلؤلء ربا يمر يويماً على سو ق يمن جنباته أو حوافه فجلس بعد ذلك ملس "الكيم" يعظ على‬ ‫كل صعيد وكل وليدمة ربانية‪ :‬أقول لكم‪ ...‬قلت لكم‪ ...‬ستون قريبًا‪ ...‬لقد جربنا قبلكم‪ ...‬حشاء مقوت يمن‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[102‬‬

‫بطن يمتخم بالهل‪ .‬ث‪ ...‬يدعون إل ولئم "النقد" ليتحدثوا حديث "الكدماء" و"النكة" ويدعى لتلك "الولئم"‬ ‫الالكون ف ج ب الكلدمات ليتذوقوا ويتحدثوا ويسدمروا على يموائد الغيبة والندميدمة ‪ ،‬والولئم الربانية تشتعل بوقود‬ ‫الفقراء ‪ ،‬وتوقد ببات قلوب أحبت النة والور العني ‪) ،‬و كأّين من نبّي قاتل معه بربّيون كثير فما وهنوا لما‬ ‫أصابهم في سبيل ال وما ضعفوا وما استكانوا وال يحب الصابرين‪ ،‬وما كان قولهم إل أن قالوا برّبنا اغفر‬ ‫لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ونثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين‪ ،‬فآتاهم ال نثواب الدنيا وحسن نثواب‬ ‫الخرة وال يحب المحسنين (‪ .‬فسبحان رب كيف قسم بني العباد؟‬ ‫القياد ة ل تعجبهم فقالوا‪ :‬لول )أنزل على برجل من القريتين عظيم ( فهذا رجل )مهين ول يكاد يبين (‬ ‫و)نحن أحّق بالملك منه‪ ،‬ولم يؤت سعة من المال ( والفقراء يقولون‪) :‬ذلك فضل ال يؤتيه من يشاء (‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬يمن هلؤلء؟ "فقراء" فلو كان خياً يما سبقونا إليه ‪ُ ،‬يضحك عليهم بذكر النة والنار ‪ ،‬والرغبة بالور‬ ‫العني ‪ ،‬ولكن أهل النظر والفكر والتجارب البطة والفقراء يقولون‪) :‬إّنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم‬ ‫ال نثم إليه يرجعون (‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬أتريدون يمنا أن نلؤيمن كدما آيمن هلؤلء ‪ ،‬بجرد أن يقال لنا آية أو حديث ‪ ،‬أو يط ب فينا خطبة حاسية‬ ‫يمن تاريخ ذاه ب أو ذكر لورية حت ن ب وقوفاً ‪ ،‬ل ‪ ،‬والفقراء يرددون قوله تعال عن هلؤلء‪) :‬و إذا قيل لهم آمنوا‬ ‫س فـهاء ولكن ل يعلمون (‪.‬‬ ‫س فـهاء‪ ،‬أل إّنهم هم ال ّ‬ ‫كما آمن الّناس‪ ،‬قالوا أنؤمن كما آمن ال ّ‬ ‫قالوا‪ :‬مالسنا خاصة نتداول فيها ألفاظ العباقر ة ‪ ،‬ونلوك فيها جل الكدماء ‪ ،‬فهي مالس الاصة ‪ ،‬حيث يدار‬ ‫فيها "شول" النقاء الفكري ‪ ،‬فننشق يمقولة يمسيو ويمست ‪ ،‬فدمالنا مالس ليس فيها إل "السنة كذا" و"دين ال كذا"‬ ‫و"حكم ال كذا" فهذ ه مالس العايمة والرحاء ‪ ،‬والفقراء يرددون قوله تعال‪) :‬و ل تطرد الذين يدعون برّبهم‬ ‫بالغداة والعشّي يريدون وجهه (‪.‬‬

‫إي وال‪ :‬شتان يمن يأت للتذو ق والسدمر ويمن يأت بغي زاد وهو ظايم ئ إل جنة ال تعال ‪ ،‬لكن أهل التوحيد‬ ‫والهاد يقولون للؤلء التخدمني‪ :‬سنبقى فقراء وببطون خصة نطي إل كل هيعة يناد ى فيها إل النان ‪ ،‬ننغدمس‬ ‫فيها إل آذاننا لعلنا نبلغ النان والور العني ‪ ،‬ول عليكم فابقوا أنتم لتجدمعوا وراء كل هيعة الفتات والبقايا لتشيدوا‬ ‫يمنها دليلً جديداً على أن قعودكم أناكم يمن الوت بل ثن كدما تزعدمون )الذين قالوا لخوانهم وقعدوا لو‬ ‫أطاعونا ما قتلوا‪ ،‬قل فادبرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين‪ ،‬ول تحسبّن الذين قتلوا في سبيل ال‬ ‫أمواتاً بل أحياء عند برّبهم يرزقون‪ ،‬فرحين بما آتاهم ال من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من‬ ‫خلفهم ألّ خو(ف عليهم ول هم يحزنون‪ ،‬يستبشرون بنعمة من ال وفضل وأّن ال ل يضيع أجر المؤمنين (‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[103‬‬

‫الحديث السابع والثلنثون‬ ‫عن كعب برضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬مثل المؤمن كالخامة من‬ ‫الّزبرع‪ ،‬تفيئها الّريح مّرة‪ ،‬وتعدلها مّرة‪ ،‬ومثل المنافق كالبرزة ل تزال حتى يكون انجعافها مّرة‬ ‫واحدة (‪.‬‬ ‫رياح عاتية ووحوش ضارية وجيوش كدمد القايموس قد أتت وذهبت وبادت و"خايمة الزرع" الصغي ة باقية ‪ ،‬فدما‬ ‫أعج ب روح اليان وعصار ة الق ‪ ،‬ويما أضعف رياح الباطل والغرور‪.‬‬ ‫"خايمة صغي عطر ة" لينة بضرتا ‪ ،‬قوية بثباتا ‪ ،‬تدخلها العني وتطدم ع با النفوس الشبعة وتستصغرها النظار‬ ‫البهيدمية ‪ ،‬فتأتيها "الرياح" "لكنها هواء" لتحطيدمها وغيظها وتديميها ‪ ،‬فتدميل هذ ه "الايمة اللينة" ‪ ،‬تيل كدما قال‬

‫تعال‪) :‬إذ تصعدون ول تلوون على أحد والرسول يدعوكم في اخراكم فأنثابكم غّم اًـ بغّم لكي ل تحزنوا على‬

‫ما فاتكم ول ما أصابكم وال خبير بما تعملون (‪.‬‬

‫س القوم قرح مثله‪ ،‬وتلك‬ ‫تيل هذ ه الايمة "الضر ة القطر ة اللينة" ليقول ال لا‪) :‬إن يمسسكم قرح فقد م ّ‬

‫ب الّظالمين‪ ،‬وليمّح صـ ال‬ ‫اليام نداولها بين الّناس‪ ،‬وليعلم ال الذين آمنوا ويّتخذ منكم شهداء‪ ،‬وال ل يح ّ‬ ‫الذين آمنوا ويمحق الكافرين‪ ،‬أم حسبتم أن تدخلوا الجّنة ولّم اـ يعلم ال الذين جاهدوا منكم ويعلم‬

‫صاـبرين (‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫تميل هذه "الخامة الصغيرة اللينة"‪:‬‬ ‫‪ .1‬لنا سنة ال ف تداول اللق ‪ ،‬فالسنة فيها أن تيل هي ‪ ،‬والسنة ف غيها أن تنجعف يمر ة واحد ة‪.‬‬ ‫‪ .2‬لبّد يمن اختبار عصار ة الفروع وروحها وجوفها ‪ ،‬فالغصن ليس بطوله ول بغلظه لكن بروح الضر ة فيه الت‬ ‫تعطيه القو ة والليونة ‪ ،‬فتسقط الفروع النخر ة ف فتنة البتلء وتبقى الفروع الصلية‪.‬‬ ‫‪ .3‬ث إن بعض الثدمر قد طاب لألكل ونضج ‪ ،‬فلبد يمن أن يأوي إل الرين )ليّتخذ منكم شهداء (‪.‬‬ ‫وتضي السنة يمر ة بعد يمر ة ‪ ،‬قرون تأت فتخر ق ف الوان ب ويتفجر الد م والل ‪ ،‬ويبدأ التطب ب والحياء وإعاد ة‬ ‫الروح والبناء ‪ ،‬سنة ل تأبه لاهل يصرخ إذ ير ى هذا اليمل عذاباً بسب ب استعداء هذ ه الايمة الت ذنبها أن ريها‬

‫طي ب ف أرض )و أكثرهم الفاسقون (‪ .‬فيصرخ الاهل‪ :‬هل كنا كغينا؟! وهل غيت هذ ه " الايمة " يمن يمنهجها‬ ‫لعلنا نرتاح كدما ارتاحت بقية اليمم؟!‬ ‫يمالنا نن فقط نعيش منة وراء منة ‪ ،‬وابتلًء وراء ابتلء؟ أين علة هذ ه القضية؟‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[104‬‬

‫قالوا‪ :‬العلة ف روح استعلء هذ ه "الايمة الصغي ة" ‪ ،‬فهي تتيه أن جذورها تتد إل كل النبياء وروحها يمن روح‬ ‫ال ‪ ،‬وعصارتا يمن "صن ع ال" ‪ ،‬فهل توقفت هذ ه "الايمة" عن هذا "الستعداء" وصارت أرضية ككل شجر‬ ‫الرض؟!‬ ‫ث أل تجل هذ ه "النبتة" يمن كل هذا "الّدعماء" وهي صغي ة يمهينة داستها كل الرجل ‪ ،‬والنبتة تردد بياء‬

‫عدميق )و ل تهنوا ول تحزنوا وأنتم العلون إن كنتم مؤمنين (‪.‬‬

‫قالوا‪ :‬أنظروا إل شجر الرض ‪ ،‬عالياً ‪ ،‬يمرتفعاً ‪ ،‬صلباً ‪ ،‬آيمناً ‪ ،‬سعيداً ‪ ،‬يعيش النعيم يمن كل الوان ب ‪ ،‬وكل قبحة‬ ‫الظاهرين قد ست بأجل اللبسة وبأروع الصباغ ‪ ،‬و" خايمة الطي ب الصغي ة " تضي على وسعها وقدرتا ‪ ،‬وعيونا‬ ‫إل جنة الرضوان‪.‬‬ ‫قدر هذ ه النبتة أن تكون "فلسطني" يمأو ى أفئد ة كل يما بقي يمن حق ف أديان السدماء السابقة ‪ ،‬والرض‬ ‫الباركة ف القرآن ‪ ،‬وقدرها أن تكون على يمريمى القل ب يمن كل الفر ق ‪ ،‬ت ب عليها الرياح يمر ة بعد يمر ة وفتنة تريمق‬ ‫سابقتها حت ينمزل عيسى عليه السل م ‪ ،‬والنافقون يقولون‪ :‬بركة يموهويمة ‪ ،‬وشر ف يمّد عممى ‪ ،‬ولقدمة سائغة يم ع كأس‬ ‫يمهانة خي يمن كل هذ ه الرض‪.‬‬ ‫قدر هذ ه النبتة أن تست عرضها وشرفها وقيدمها بعصار ة أبنائها وروح يمهجتها ‪ ،‬والنافقون يقولون‪ :‬ل شر ف إل‬ ‫نو م هان ئ وجي ب يمليء وروح صاح ب ينسى الرء فيه نفسه‪.‬‬ ‫قدر هذ ه النبتة أن يبارك ال ف أرضها ‪ ،‬لبناً لكل جو ف ‪ ،‬وعسلً لكل يمشته ‪ ،‬وراحة لكل راغ ب ‪ ،‬فينقدمون‬ ‫على أهلها أنم رعا ة إبل ‪ ،‬والنساء جوهر يمستور ‪ ،‬والعيون دويماً تراق ب الشدمس ‪ ،‬والنافقون يقولون‪ :‬سينب ع كل‬ ‫شيء ف سو ق النجاسة رجاء إرضاء الرياح والوحوش‪.‬‬ ‫ستذه ب كل هذ ه الوساخ ‪ ،‬وستأوي إل يمستقرها يمن الزي والعار والعاقبة لذ ه " الايمة العطر ة اللينة الطيبة‬ ‫" وأيما رياح الكفر فليست أيمريكا ف زيماننا بأشد يمن التتار ف زيمانم ‪ ،‬وليس "صلي ب اليو م" بأصل ب يمن "صليبهم"‬ ‫ف اليمس ‪ ،‬وكل ذلك قد ذه ب ‪ ،‬والعاقبة للتقو ى‪.‬‬ ‫)أكّف اـبركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الّزبر (‪.‬‬

‫ستبقى هذ ه "الايمة" كدما هي تغري أعداءها لسحقها )و يقّللكم في أعينهم ( ‪ ،‬فتأتيها أيمم الرض ‪ ،‬أرتالً‬ ‫وراء أرتال ‪ ،‬قدر ل نستطي ع أن ننفك عنه إل أن نغي ديننا ‪ ،‬قدر هذ ه "اليمة" هو قدر التاريخ ‪ ،‬منة وراء منة ‪،‬‬ ‫وابتلء وراء ابتلء ‪ ،‬يسدميها الهلة "أخطاء" ‪ ،‬ويظنون أن بإيمكان هذ ه اليمة أن تتك "الستعداء" لتعيش آيمنة‬ ‫هانئة ‪ ،‬تفرح فرح البهائم كغيها يمن اليمم ‪ ،‬واليمر ليس سو ى "إغراء" إلي ليق ع "القدر" وتقو م "السوا ق" فيبح‬

‫الرابون يمن "التجار" الذين استجابوا لنداء ال تعال )هل أدلكم على تجابرة تنجيكم من عذاب أليم ( ‪ ،‬ويسقط‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[105‬‬

‫الذين استجابوا لكر العداء )و ل يزالون يقاتلونكم حتى يرّدوـكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم‬

‫عن دينه فيمت وهو كافر فألئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والخرة وأولئك أصحاب الّنابر هم فيها‬ ‫خالدون (‪.‬‬ ‫هذ ه "الايمة" ستدميل دويماً لكنها لن توت ‪ ،‬وستعود دويماً بعد كل يميٍل قو ة وارتفاعاً ‪ ،‬فالفوز والعاقبة لهل‬ ‫هذ ه "الايمة" يمهدما تألوا خلل إننائهم‪.‬‬ ‫فيا أهل التوحيد يمن ماهدين وعلدماء ودعا ة وعّباد أنتم ثار هذ ه الايمة اللينة القوية العطر ة ‪ ،‬عصارتا فيكم ‪،‬‬ ‫وروحها تتد إل قلوبكم ‪ ،‬تدكم حني تدمونا ‪ ،‬وتعطيكم حني تسقونا بديمائكم ‪ ،‬وكونوا على يقني أن أعداء ال‬ ‫سيسخرون ‪ ،‬وأن الساقطني يمن فروع هذ ه الايمة يما سقطوا زهداً با وترفهاً عنها لكنهم سقطوا لن أرواحهم يماتت‬ ‫وانقط ع الد م الواصل بينهم وبني نبتة الق ‪ ،‬أيما إن سألتهم عن روح هذ ه النبتة فإليكم الواب‪:‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[106‬‬

‫الحديث الثامن والثلنثون‬ ‫عن أبي الشعري برضي ال عنه قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وسلم )مثل الذي يذكر برّبه‬ ‫والذي ل يذكره مثل الحي والمّيت (‪.‬‬ ‫لنا رحلة الرواح ‪ ،‬فهي رحلة الحاسيس والشاعر ‪ ،‬رحلة الديمعة الائفة تتبعها الديمعة الراجية ‪ ،‬فيها تبصر‬

‫النفس تاريها السائر يمن عال الذر حني خاطبها اللك العظيم‪) :‬ألست برّبكم ( فقالت‪ :‬بلى ‪ ،‬فحدملت اليمانة‬ ‫ثقيلة عظيدمة ‪ ،‬وتدفقت يمواك ب النور يقودها النبياء ويطوها الواريون ‪ ،‬وللرك ب هزيج هو غناء الوجود الواك ب‬ ‫للقافلة ‪ ،‬مسوات وأرضني وجبال وشجر ودواب ونو م وأفلك وبار كلها تردد تسبيح اللك العظيم فو ق العرش‬ ‫وتدمد ه‪:‬‬

‫اللهم لك الدمد أنت قّيا م الّس دمموات والرض ويمن فيهّن ‪.‬م‬ ‫ولك الدمد أنت نور الّس دمموات والرض ويمن فيهّن ‪.‬م‬ ‫ولك الدمد أنت يملك السدموات والرض ويمن فيهّن ‪.‬م‬ ‫ب الّس دمموات والرض ويمن فيهّن ‪.‬م‬ ‫ولك الدمد أنت ر ّ‬ ‫هذ ه رحلة القوافل الزجة الت يباهي با اللك يملئكته ‪ ،‬هلؤلء أوليائي وأحباب وعبيدي ‪ ،‬إنا قوافل الرواح‬ ‫الطاهر ة الطيبة ‪ ،‬تستعني على ثقل اليمانة بالكنوز التية يمن تت العرش )ل حول ول قوة إل بال ( وتقو ى‬ ‫أرواحهم بالباقيات الصالات قوتاً وغذاًء‪) :‬سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر ( ‪ ،‬فتنشأ علقة‬

‫ال ب حيث يلهج البي ب بذكر حبيبه )كلمتان خفيفتان على اللسان نثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الّرحمن‪،‬‬ ‫سبحان ال وبحمده‪ ،‬سبحان ال العظيم ( فتنشط الرواح التعبة وتقتحم العقبة وراء العقبة لتبلغ الراد‪.‬‬ ‫ف الرض جيف ‪ ،‬خش ب يمسند ة ‪ ،‬فيها جال الصور ‪ ،‬ولا صراخ وهلجة ‪ ،‬تأل جنبات ميطهم القي ‪ ،‬لم نت‬ ‫الرحم العفنة ‪ ،‬يمقيدمون على أدن يمن جناح بعوضة ‪ ،‬يمن أجلها يوتون ‪ ،‬ويتنافسون على غبارها ‪ ،‬ويتباهون كالكلب‬

‫صّمـ ولو كانوا ل‬ ‫على العظا م ويسبون أنم يسنون صنعاً )و منهم من يستمعون إليك‪ ،‬أفأنت تسمع ال ّ‬ ‫يعقلون‪ ،‬ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمَي ولو كانوا ل يبصرون (‪.‬‬

‫وتتكرر العب ة إذ يرج )على قومه في زينته ( فيفعل سحر البيق الكاذب أثر ه على الهلة فيصرخون‪) :‬يا ليت‬

‫ظ عظيم ( فيعظ العالون بالقائق‪) :‬قال الذين أوتوا العلم ويلكم نثواب ال‬ ‫لنا مثل ما أوتي قابرون إّنه لذو ح ّ‬ ‫صاـبرون (‪.‬‬ ‫خير لمن آمن وعمل صالحاً ول يلّقاـها إل ال ّ‬ ‫تلك منة البصي ة الية بذكر ال أيما م الدموع التائهة ببهرج العاجلة‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[107‬‬

‫ويضي رك ب اليا ة والرواح يمبكر ة على كل صعد ‪ ،‬يمسبحاً ف كل واد ‪ ،‬تشهد له ذرات الرض والواء‬ ‫والشجر والدواب ‪ ،‬وتصلي عليه وتستغفر له يملئكة الرض والسدماء‪.‬‬ ‫هذ ه هي اليا ة ‪ ،‬حيا ة ف النفاس والرواح ‪ ،‬والباقي " يملعون يمطرود " فالدنيا يملعونة يملعون يما فيها إل ذكر‬ ‫ال ويما وال ه وعالاً ويمتعلدمًا‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫صاـلحات خير من الّد نـيا وما فيها (‪.‬‬ ‫)الباقيات ال ّ‬

‫)بركعتا الفجر خير من الّد نـيا وما فيها (‪.‬‬ ‫)كل سجدة لعابد ترفعه دبرجة (‪.‬‬

‫هذ ه هي القائق والكنوز ‪ ،‬يطويها العاقلون ف سر ‪ ،‬فتحيي أرواحهم ‪ ،‬لن الشياء ليس بوجودها فقط لكن‬ ‫بقيايمها على يمقصد وجودها ‪ ،‬وأعظم القاصد هو عباد ة هو عباد ة ال الليل ‪ ،‬حينها تكون فيها الرواح ‪ ،‬فذكر ال‬ ‫تعال هو روح هذا الوجود ‪ ،‬وحني تنتهي يمن ألسنة اللق كلدمة التوحيد تقو م الساعة وينتهي الوجود ‪ ،‬إذ تقو م‬ ‫الساعة وليس على الرض رجل يقول‪ :‬ال‪ .‬حينها ل تبقى إل اليف النتنة ‪ ،‬وقود جهنم‪.‬‬ ‫س هـم طائف من الشيطان تذّك رـوا فإذا هم‬ ‫ف رك ب الدعا ة والاهدين والعلدماء والعّباد وتركوا اليا ة فإن )م ّ‬ ‫مبصرون (‪.‬‬ ‫يمعهم تطدمئن القلوب‪) :‬أل بذكر ال تطمئن القلوب (‪.‬‬ ‫يمعهم كل الصفقات رابة ‪ ،‬إن يمسهم خي شكروا وإن يمسهم ضر صبوا ‪ ،‬فكل أيمرهم لم خي يمعهم إن‬ ‫قتلت فرحة وإن يمت فرحة‪) :‬ولئن قتلتم في سبيل ال أو مّتم لمغفرة من ال وبرحمة خير مّم اـ يجمعون (‪.‬‬ ‫يمعهم صحبة اللئكة ‪ ،‬فدما يمن قو م جلسوا يذكرون ال إل حّف تمهم اللئكة‪.‬‬ ‫ص ال على حبيبه ذكر الفتية الغرباء الذين هاجروا‬ ‫هذا هو رك ب الحياء فل تعد عيناك عنهم ‪ ،‬فبعد أن ق ّ‬ ‫فراراً بدينهم ‪ ،‬والعال بأيمواجه يمشغول عنهم ‪ ،‬يمشغول بصفقاته وهرج أهله وتقل ب اليموال والقوافل فيه ‪ ،‬كل هذا‬ ‫التاريخ العريض يمضى ‪ ،‬يمضى ول يذكر بشيء ‪ ،‬لكنه وقف يمتأيملً عند هلؤلء " الفتية " ‪ ،‬خّلد ال ذكرهم ف كتابه‬ ‫العظيم ‪ ،‬وقص الكاية على العال لن هلؤلء هم عليمات التاريخ فقط ‪ ،‬ليس اللوك ول الثرياء ول القواد ‪ ،‬بل‬

‫هلؤلء "الفتية" الضعفاء ‪ ،‬يأوون إل غار )سبعة ونثامنهم كلبهم ( ‪ ،‬بل طبل ول يمزيمار ‪ ،‬ول يمواك ب ‪ ،‬ويسدل الزيمن‬ ‫عليهم رداء ه بل ذكر كاذب يمبهرج ‪ ،‬بعد ذكر هلؤلء "العيان" يقول ال لبيبه الصطفى صلى ال عليه وسلم‪:‬‬ ‫)واصبر نفسك مع الذين يدعون برّبهم بالغداة والعشّي يريدون وجهه ول تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة‬ ‫الدنيا‪ ،‬ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واّتبع هواه وكان أمره فرطا ( ‪ ،‬فدم ع يمثل هلؤلء كن‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[108‬‬

‫هذا هو تاريخ "الفتيان" ‪ ،‬تاريخ خاص ل تسجل فيه أعداد القصور ‪ ،‬ول أطنان اليموال ‪ ،‬ول عدد النود ‪ ،‬ل‬ ‫تسجل فيه زينة الدنيا ‪ ،‬فإن أردت هذ ه فاصر ف وجهك عن هلؤلء ‪ ،‬وكن هناك حيث الغافلني عن ذكر ال ‪ ،‬هناك‬ ‫ستجد كل يما تريد يمن زينة اليا ة الدنيا ‪ ،‬ستجد وزار ة عند فرعون ‪ ،‬وستجد يمالً عند قارون ‪ ،‬وستجد كل يما‬ ‫تشتهي نفسك ‪ ،‬وستلغ ف ذلك كالكل ب ‪ ،‬لكن يمالك إل ل شيء ف الدنيا والعذاب ف الخر ة‪.‬‬ ‫يم ع "الفتيان" ‪ ،‬يم ع الذاكرين ل تعال يكت ب تاريخ آخر ‪ ،‬تاريخ بدري وأحدي وخندقي ‪ ،‬تاريخ يلؤقت على‬ ‫إيقاع الديماء والشهداء ‪ ،‬وتصبغ أيايمه بفتية يهاجرون ‪ ،‬وفتية ُيأسرون ‪ ،‬وفتية َيقتلون وُيقتلون ‪ ،‬ويو م نَُس ّرم ويو م ُنساء ‪،‬‬ ‫وحبي ب يطف على بئر يمعونة ‪ ،‬ويويماً نوع فنسأل ال ويو م نشب ع فنحدمد ال‪.‬‬ ‫هذا هو تاريخ الحياء ‪ ،‬وهكذا تدخل يم ع "الصالني" ‪ ،‬وأيما هناك فهو تاريخ "اليموات" إن كان لأليموات‬ ‫واليف تاريخ‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[109‬‬

‫الحديث التاسع والثلنثون‬ ‫ت عند خالتي ميمونة )زوج الّنبي صلى ال عليه وسلم (‬ ‫قال ابن عّباس برضي ال عنه‪" :‬ب ّ‬

‫فقلت لنظرّن إلى صلة برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فطرحت لرسول ال وسادة‪ ،‬فنام‬

‫برسول ال صلى ال عليه وسلم في طولها‪ ،‬فجعل يمسح النوم عن وجهه فقرأ اليات العشر‬ ‫ضأـ نثم قام يصلي"‪.‬‬ ‫الواخر من آل عمران حتى ختم نثّم أتى سقاء معّلقاً فأخذه فتو ّ‬

‫س مـوات والبرض واختل(ف الليل والّنهابر ليات لولي‬ ‫هكذا الكدمال‪ :‬ذكر وفكر ‪) ،‬إّن في خلق ال ّ‬ ‫اللباب‪ ،‬الذين يذكرون ال قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والبرض برّبنا ما خلقت‬ ‫ب الوجود ‪ ،‬وذكر للغي ب )إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى‬ ‫هذا باطلً سبحانك فقنا عذاب الّنابر ( ‪ ،‬ذكر ل ر ّ‬ ‫الّد اـبر ( ‪ ،‬وذكر لكتاب ربنا ‪ ،‬وهكذا تصل الروح ‪ ،‬ولبد يمن فكر ‪ ،‬وهو جهد العقل ف التأيمل والنظر ‪ ،‬يمن أجل‬

‫س مـوات والبرض ( ‪ ،‬فايمتطاء الشيء‬ ‫إدراك السنن للسي فيها وتسخي اللق الذي خلق لنا )و سّخ رـ لكم ما في ال ّ‬

‫ل يكون إل بإتقان وذلك يمن خلل يمعرفة سنة ال فيه ‪ ،‬وكلدما ازدادت يمعرفة النسان بالسنة كلدما أفاد يمنها‬

‫وسخرها فكانت له ‪ ،‬والذين يعرضون عن السنن هم ف وديان الباطل ‪ ،‬وهم بق يقولون بفعالم‪" :‬هذا باطل" ‪،‬‬ ‫والباطل يما ل نف ع فيه ‪ ،‬وهو اتا م الهلة لكدمة الرب وقدوسيته ‪ ،‬فإن ال ل يلق شيئاً ف السدموات والرض إل‬

‫يمن أجل أن ينتف ع به النسان ‪ ،‬ودخول أي شيء لبد له يمن يمفتاح ‪ ،‬والفتاح هو العلم بقدر هذا الشيء حت يتم‬ ‫القياد ‪ ،‬واليات الكونية هي عليمات ‪ ،‬فالية يمعناها العلقة ‪ ،‬أي فيها يمعن ‪ ،‬وأول هذ ه العان هي الدللة على‬ ‫خالقها وعظدمته وحكدمته ‪ ،‬وهذا ل يق ع على حقيقته إل بإدراك صحيح لذ ه اليات ‪ ،‬وأجهل الناس بربم هم‬ ‫الذين يفهدمون الكون على غي حقيقته ‪ ،‬فهم أهل البدع حقاً ‪ ،‬ويمالم حال يمن فهم الشرع على غي لنم عطلوا‬ ‫حكدمة الرب ف الوجود فلن يستفيدوا يمنه بشيء وهو الذي خلقه ال وسخر ه يمن أجلهم‪.‬‬ ‫يماذا ينتف ع الرء يمن "النفط" يمثلً وهو يظنه يمارداً يمن الن إن رآ ه استعاذ بال يمن الشيطان وهرب يمنه؟! ‪،‬‬

‫وهل استعاذته بال هي ذكر حقًا؟!‬

‫يماذا ينتف ع الرء يمن "غزو العداء" وهو يظن أن علجهم يكون بقيا م الليل دون يمواجهتهم ويمقاتلتهم؟!‬ ‫إن الذكر ل يلؤت ثار ه يمن اطدمئنان النفس وتقيق الوعد إل إن وض ع يم ع الفكر السليم الذي ينتج الفهم‬ ‫السنن الق ‪ ،‬فكم يمن ذاكرين ل بأفكار الرافة والعراض عن السنن فلم يتحصلوا الوعود اللية يمن النصر‬ ‫ل ( ‪ ،‬فكدما أن الذكر الذي يقق‬ ‫والتدمكني والعز ة‪) .‬الذين يذكرون‪ ...‬ويتفكرون ( والنتيجة‪) :‬ما خلقت هذا باط ً‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[110‬‬

‫الو ف والرجاء دين فكذلك الفكر الذي يقق عظدمة ال ف القلوب وذلك بإدراك إتقان اللق وإبداع الوجود‬ ‫وحكدمة التكوين ‪ ،‬فولية ال قيا م بالشرع ودوا م ذكر على كل حال ‪ ،‬وتفكر ف اللق ‪ ،‬وهذا هو الفقه ‪ ،‬بصي ة‬ ‫حاضر ة ف عال الشهاد ة وعال الغي ب ‪ ،‬تراق ب حركة الغي ب وترعى حركة الشهاد ة ‪ ،‬فالغافلون عن ذكر ال ليسوا‬ ‫مست اجتدماع هذين اليمرين ف‬ ‫بأولياء ‪ ،‬والغافلون عن حركة الشهاد ة ليسوا بأولياء ‪ ،‬ويما أعظم هذ ه اليات حني ّ‬ ‫الرجل أنم‪) :‬أولي اللباب ( ‪ ،‬فإغل ق العني عن النظر وإغل ق العقل عن الفكر وإغل ق الفم عن الذكر فساد‬ ‫للخلق وذهاب لعقولم ‪ ،‬وهذا دين ل خيية فيه لغافل ول لاهل ول لغب ول لارب عن الواجهة ول يدمي عن‬ ‫حركة الوجود ‪ ،‬ويمن عجائ ب النتسبني له أنم جاؤوا إل كل هذ ه القو ى العظيدمة وهذ ه الرشادات الادية فقلبوها‬ ‫إل ضدها إذ صار الول هو العتزل عن حركة الوجود ‪ ،‬وصار التدين هو الذي ينتكس إل داخله ‪ ،‬ويم ع فكر ة يسي ة‬ ‫ف صور ة النبو ة ف القرآن نراها صور ة الضور والصراع والواجهة ‪ ،‬ل يوجد فيها هروب وانتكاسة إل الداخل بل‬ ‫حضور يقق الصديمات يم ع الصويمة حت تري السنن إل آخرها‪.‬‬ ‫إن عظدمة ال ف القلوب إنا تتحقق بعرفة قدرته ول تعر ف القدر ة إل بعرفة اللق ‪ ،‬وهذا ل يعر ف إل بالفكر‬ ‫والنظر والبحث والسي والتتب ع والدراسة ‪ ،‬وهذا باب ي ب أن تتعلم هذ ه اليمة أنه شق ل تكتدمل الولية إل به ‪ ،‬ول‬ ‫يصح أن ينس ب أحد إل )أول اللباب( الذين ُيمدمحوا ف القرآن إل بتحققه فيهم‪.‬‬

‫إن أكثر الناس حاجة لعرفة سنن اللق وإعدمال الفكر وإدايمة الذكر إنا هم الذين يصارعون الشيطان وجند ه ‪،‬‬

‫فهلؤلء الكفر ة عندهم بعض عوايمل الغلبة كالكثر ة ف كل يمعركة وعندهم الال والسلطان ‪ ،‬وبالتال ل يكن تقق‬ ‫النصر عليهم إل بأخذ أهل الق العوايمل الت أضلهم عنها ‪ ،‬وهذا ل يكون إل بتعايمل الاهدين يم ع السنن‬ ‫ورعايتهم لا ‪ ،‬وقد جعل ال سب ب هزية الكفار يم ع كثرتم أنم ل يفقهون ‪ ،‬فقال سبحانه‪) :‬يا أّيها الّنبّي حّرض‬ ‫المؤمنين على القتال‪ ،‬إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين‪ ،‬وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من‬

‫الذين كفروا بأّنهم قوم ل يفقهون ( ‪ ،‬فالصراع إذاً بني يمن يفقه الق يمن الشرع والسنن وبني الضال عن الشرع‬ ‫والسنن ‪ ،‬بني أول اللباب وبني الضالني ‪ ،‬والضالون عن إعدمال العقل والتفكر يمآلم السار ة أيندما كانوا وتت أي‬ ‫ي‬ ‫شعار تدمعوا ‪ ،‬إن قواعد الصراع هي سنن الق ف اللق ‪ ،‬وإن عوايمل البقاء إن أخطأها أهل الشرع ل ينفعهم أ ّ‬ ‫ادعاء وسيق ع عليهم البلء بل مابا ة‪.‬‬ ‫إن أردت النجاح فأديوا النظر والتفكر ‪ ،‬واجعلوا نظركم وفكركم ف السدموات والرض وف اللق الادي وف‬ ‫الليل والنهار ف اللق العنوي إذ الليل والنهار أوان الوادث والوقائ ع ه ‪ ، -‬ففكر ة للتسخي وفكر ة للعتبار ‪ ،‬وذكر‬ ‫تكونوا أولياء ل حقًا‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[111‬‬

‫دبرتان‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ثم اليما م أحد وبات عند ه ‪ ،‬فأعد له اليما م أحد وضوء ه فلدما جاء ه صباحاً وجد وضوء ه ل‬ ‫زار يمسافر مّد ٌ‬ ‫يس ‪ ،‬واستيقظ الرجل صباحاً ‪ ،‬فعج ب يمنه اليما م وقال له‪ :‬مّد ثم ل يقو م الليل!! فجعل الرجل يعتذر أنه‬ ‫يمسافر ‪ ،‬واليما م يكرر‪ :‬مّد ثم ل يقو م الليل!! مّد ثم ل يقو م الليل!!‬ ‫كان ما قاله الشيخ أبو السن الندوي رحه ال‪ :‬أن السدمة الت ل تط ئ الّد دممين ف تارينا هي قيا م الليل ‪،‬‬ ‫إذ ل يوجد يمصلح ف هذ ه اليمة ل يعر ف عنه هذ ه السدمة‪ :‬قيا م الليل‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[112‬‬

‫الحديث البربعون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه قال‪ :‬قال الّنبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬من آمن بال وبرسوله‬

‫وأقام الصلة وصام برمضان كان حقاً على ال أن يدخله الجنة‪ ،‬هاجر في سبيل ال أو‬

‫جلس في أبرضه التي ولد فيها‪ ،‬قالوا‪ :‬يا برسول ال‪ ،‬أفل ننبئ الّناس بذلك‪ ،‬قال‪ :‬إّن في‬

‫الجّنة مائة دبرجة أعّد هـا ال للمجاهدين في سبيل ال‪ ،‬كل دبرجتين ما بينهما كما بين السماء‬

‫والبرض‪ ،‬فإذا سألتم ال فسلوه الفردوس‪ ،‬فإنه أوسط الجّنة وأعلى الجّنة‪ ،‬وفوقه عرش‬ ‫الّرحمن‪ ،‬ومنه تفّج رـ أنهابر الجّنة (‪.‬‬

‫هذ ه ركائ ب الرجاء ‪ ،‬وكذلك نائ ب السبق ‪ ،‬يميدان يس ع كل الدمم والرادات ‪ ،‬فهذا دين رب العالني جيعاً ‪،‬‬ ‫يس ع العالني جيعاً بيسر الدمائل ‪ ،‬فإن أثقلتك الذنوب فل قنوط إذ قوارب النجا ة يماد ة لك أذرعها تناديك ليل‬ ‫نار ‪ ،‬فالرحن يد يد ه بالليل ليتوب يمسيء النهار ويد يد ه بالنهار ليتوب يمسيء الليل ولو أذنبت ف اليو م يمائة يمر ة‬ ‫أو أكثر ‪ ،‬ولو أتيت ربك بلء الرض خطايا ث استغفرت وجدت ال غفوراً رحيدماً ‪ ،‬ولو قتلت يمائة نفس يمعصويمة‬ ‫ث رحلت إل ال سيفرح لك ويأت إليك أشد ما تأت إليه ‪ ،‬وقد سبقك أن بغياً يمن بن إسرائيل سقت كلباً عطشاً‬ ‫ ب ال تعال فتقط ع طريق‬ ‫فشكر ال لا فغفر لا ‪ ،‬وإن يمن الكفر اليأس يمن رحة ال ‪ ،‬وما يبط الذنوب أن تس ّ‬ ‫التائبني عنه ‪ ،‬فإن رجلً قال‪ :‬وال ل يغفر لفلن ‪ ،‬فأغضبت يمقالته رب العباد وقال‪ :‬يمن التأله علي ‪ ،‬اشهدوا أن‬ ‫غفرت لصاحبك وأحبطت عدملك‪.‬‬ ‫افتحوا البواب ول تضيقوا واسعاً فربكم واس ع عليم ‪ ،‬وانثروا للخلق عناوين الرحة فكتاب ربكم عنوانه‪) :‬بسم‬

‫ال الّرحمن الّرحيم ( ‪ ،‬وإياكم واللاد ف أمسائه ‪ ،‬فإن رحته سبقت غضبه‪.‬‬

‫إن جاءكم يمثل "ضدما م ب ثعلبة" فقال‪ :‬وال ل أزيد ول أنقص عن الصل ة الفروضة والزكا ة القدر ة وصو م‬

‫ريمضان وحج البيت فقولوا‪) :‬أفلح ودخل الجّنة إن صدق (‪.‬‬ ‫إن جاءكم يمثل صفوان بن العطل ‪ ،‬وقد شكت زوجته حاله لرسول ال صلى ال عليه وسلم أن صل ة الفجر‬ ‫تفوته بسب ب النو م يمن غي تقصي فقولوا‪) :‬ليس في الّنوم تفريط (‪.‬‬ ‫أكثروا يمن قول‪) :‬ل حرج‪ ،‬فالّراحمون يرحمهم الّرحمن (‪.‬‬

‫صلم‪.‬‬ ‫ل تشددوا فيشدد ال عليكم ‪ ،‬ول تكثروا على الناس فتفتنوا الناس ‪ ،‬إذ يسعكم يمعهم صغار الف ّ‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[113‬‬

‫ث يمن جاءكم وقد علت هته لظة فاهدو ه إل رشد ه ‪ ،‬ويمن جاءكم يطل ب يمنحة فارفعوا له الجر ‪ ،‬ولهل‬ ‫العوال درجات السبق وقص ب السْبق عرش الرحن‪.‬‬ ‫هذا دين ال يقبل القليل ويدف ع للزياد ة ويرف ع الواق ع لن الصراع بني يمنهج ال ويمنهج الشيطان وجند ه‪.‬‬

‫تأملوا قوله تعالى‪:‬‬ ‫)يريد ال ليبّين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم وال عليم حكيم‪ ،‬وال يريد أن‬ ‫يتوب عليكم ويريد الذين يّتبعون الشّه وـات أن تميلوا ميلً عظيمًا‪ ،‬يريد ال أن يخّففـ عنكم وخلق النسان‬ ‫ضعيفا (‬ ‫هذ ه هي العادلة ‪ ،‬فال يهدي ويتوب ويفف لن النسان ضعيف ‪ ،‬ويمنهج غي ه شهو ة عاصية ويميل عن‬ ‫الق ‪ ،‬فدم ع يمن أنت يا عبد ال؟‬ ‫عّلدموا الناس الواج ب ‪ ،‬ث أعلدموهم بالدرجات ‪ ،‬فأبقوا ف النفوس الرجاء وادفعوهم للعوال ‪ ،‬وأعلدموهم أن الهاد‬ ‫هو باب الولوج إل الفردوس الذي سقفه عرش الرحن وهو أفضل النة وأعلها ويمنه تتفجر أنار النة ‪ ،‬فكدما أن‬ ‫الاهدين بأيديهم تتفجر اليات ف هذ ه الدنيا ‪ ،‬وبفعالم تسعى القلوب هداية ‪) ،‬فلول دفع الّناس بعضهم ببعض‬ ‫لفسدت البرض ولكّن ال ذو فضل على العالمين ( وبالهاد حيا ة البشرية )استجيبوا ل وللّرسول إذا دعاكم‬ ‫لما يحييكم ( أي الهاد ‪ ،‬فحق للدمجاهدين أن يكونوا عند نب ع النعيم ف جنة الرحن ‪ ،‬ف الفردوس العلى ‪ ،‬فاللهم‬ ‫اجعلنا يمن أهله‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[114‬‬

‫الحديث الحادي والبربعون‬ ‫عن أبي هريرة برضي ال عنه عن الّنبي صلى ال عليه وسلم قال‪) :‬قال ال تبابرك وتعالى‪:‬‬

‫صاـلحين ما ل عين برأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر ( قال‬ ‫أعددت لعبادي ال ّ‬

‫أبو هريرة‪" :‬إقرؤوا إن شئتم )فل تعلم نفس ما أخفي لهم من قّرة أعين ("‪.‬‬

‫على يموائد الكري ترتاح الركائ ب وتلقي غبار السفر وشعثاء ه ‪ ،‬فقد لقت هذ ه القوافل الكثي يمن الكار ه ‪،‬‬ ‫وكثرت فيها جراح الكتائ ب ‪ ،‬وحطدمها الناس يمن كل جان ب ‪ ،‬فآن لا أن تقطف الجور وتذو ق النعيم ‪ ،‬يمرت هذ ه‬ ‫الركائ ب جوعى وهي السد الضواري والكلب حولا تلغ ف الدنيا ‪ ،‬يمرت وهي صابر ة لهثة ‪ ،‬صابر ة عدما تر ى‬ ‫ولهثة للنص ب الت علقت ف قلبها‪ :‬أن الراحة فقط بلقاء الرحن‪.‬‬ ‫إي وال لقد جهدت هذ ه الركائ ب بأحال كالبال ‪ ،‬فاشتاقت أرواحها إل الوار وصحبة السيد العظيم الليل‬ ‫ب ابن لي عندك بيتاً في الجّنة ونجني من فرعون وعمله (‪.‬‬ ‫عند عرشه )بر ّ‬

‫هل هناك كتاب يطب ب دون ذكر النة؟! ‪ ،‬وهل هناك ملس يتزكى بغي عر ف طيبها ونسيدمها؟! أليست هي‬

‫يمن شغلت هذ ه القلوب السافر ة عن نعيم يعرض هنا وهناك ألى الكثيين عن ترحالم؟! أليست هي يمن أنست‬ ‫التألني آليمهم تت سياط اللد وقيد السجان وغبار العساكر؟! أليست هي يمن أقلقت النوب عن يمضاجعها‬ ‫فانتصبت القدا م لتناجي الرواح حبيبها ويمولها؟! أليست هي يمن هّونمت خوض الصفو ف واقتحا م الهوال؟!‬

‫أليست هي يمن خففت آل م هجر ة الرواح والولد والوطان؟! أليست هي يمن أبكى العيون ذكرها والشو ق‬

‫إليها؟! أليست هي يمن أضحكت الغافلني على هلؤلء الفقراء وهم يصرخون فيهم‪ :‬يما وعدت إل غرورًا؟! أليست‬

‫هي الدميلة الرائعة الت ألت القلوب عن طعايمها وشرابا فصايمت متسبة صابر ة؟! إذاً أبشروا فهناك ستحطون‬ ‫أثقالكم وأحالكم وآليمكم وستون يما ل تعلدمون‪.‬‬

‫هناك يمائد ة الكري ‪ ،‬ويمائد ة القيو م ‪ ،‬ويمائد ة القدير ‪ ،‬ويمائد ة الغن ‪ ،‬وإذا كانت الوائد على قدر الكر م والغن‬ ‫فكيف هي يمائد ة الكري الذي له يدان ها يني كل يمنهدما سخاء ل يغيض عطاء واحد ة يمنهدما؟! وكيف هي‬ ‫يمائد ة الغن الذي أيمر ه كن فيكون؟! فهل لذا العقل الدود القاصر أن يتصور حدود عطاء هذا الول الذي ليس‬ ‫قبله شيء والخر الذي ليس بعد ه شيء؟!‬ ‫هناك حيث يتدم ع البي ب يم ع حبيبه بعد طول يمسي‪ :‬فكم ناجا ه غيبًا! ‪ ،‬وكم بكى له ورجا ه وراقبه غيبًا! وكم‬ ‫ذكر ه ف سر ه وعلى لسانه وأفاض ف حد ه وتسبيحه وتكبي ه وتوحيد ه وهو ير ى فقط آثار ه؟! فالن جاء دور كشف‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[115‬‬

‫العذار ورف ع الج ب لينعم هذا الشتا ق برؤية البي ب ‪ ،‬فتزهر الوجو ه نضر ة وبجة وسروراً ‪) ،‬و وجوه يومئذ ناضرة‬ ‫إلى برّبها ناظرة (‪.‬‬

‫هذ ه النة الخفية الغائبة هي الت أجازت ف هذ ه الدنيا بني عقل بيدمي وعقل رشيد ‪ ،‬إذ البهيدمة هي الت ل‬

‫تفهم إل أن يلوح لا بالشيء أيما م عينها لتكض إليه ‪ ،‬وأيما العقل الرشيد فهو الذي يلؤيمن بالغي ب ويدرك حقيقته‬ ‫حت وإن غاب عن عينيه‪.‬‬ ‫هذ ه النة هي الت فرقت بني أرواح خبيثة وأرواح علوية ‪ ،‬خبيثة لنا رضيت بالدن وقبلت بالعاجلة السريعة‬ ‫وفرطت بالوعد الت يم ع خلود ه وروعته وجاله ‪ ،‬أرواح خبيثة استدمرأت لقيدمات قليلة يمغدموسة بالكفر حيث رفضت‬ ‫أن تلؤدي ل حقه ‪ ،‬وأن تعرض عن الشهوات النجسة ‪ ،‬لكن الرواح العلوية هي الت صبت على الواجر والكار ه‬ ‫وهي على يقني أن الواحة تنتظر وتتزين للراغبني ‪ ،‬فهم يشدمون أرواحها ت ب على أرواحهم فتحيل آليمهم وتعبهم‬ ‫ونصبهم عزية وصباً فو ق صب ‪ ،‬أرواحها تداع ب أرواحهم فتبسط عليها ند ى اليقني الذي يرط ب قسو ة اليا ة‬ ‫وشقاءها‪.‬‬

‫لقد آيمنتم با غيباً والن تعيشونا عيناً ‪ ،‬ولقد سألتدموها رجاًء والن تلون با يملوكاً ‪ ،‬ولقد بعتم أنفسكم‬ ‫وأيموالكم يمن أجلها والن تقبضون الزيد ‪ ،‬ث يل عليكم الرضوان فل يسخط عليكم السيد العظيم الليل‪.‬‬ ‫لقد أدركتم أن سكني النهايات ُينّغص كل نعيم ف العاجلة ‪ ،‬فكان الوت يسر ق اللوك عن عروشهم ‪ ،‬ويرحل‬ ‫بالثرياء عن أيموالم ‪ ،‬فطابت نفوسكم إل أرض اللود الذي ل ينقط ع والنعيم الذي ل يتحول ‪ ،‬والسعاد ة الت ل‬ ‫تنقضي فها هي الن بني أيديكم )فنعم عقبى الّد اـبر (‪.‬‬ ‫لقد تواضعتم يمعرضني عن العلو والستكبار وعلدمتم أنكم يمهدما كنتم فكل شيء إل ريماد وعذر ة ‪ ،‬وكل حي‬ ‫إل يميت فشاقت نفوسكم إل ُيمْلمك ل يبلى وسلطان ل يري ‪ ،‬فالن كل يما رغبتم هو بني أيديكم ‪ ،‬صنعه ال‬ ‫بيد ه ‪ ،‬إذ هو الذي "أعد ه" وحّس نَمه وطيبه حينها ستعرفون كيف عطاء هذا اللك العظيم‪.‬‬

‫هناك حيث يلتقي الخوان ويتدمعون ف مالس الديث الطي ب والنفاس والغناء الطاهر والوائد البسوطة ‪،‬‬

‫فيجتدم ع "التاريخ القيقي" ‪ ،‬أنبياء وأتباع وحكايات تروي عدما يمضى وكان‪.‬‬ ‫هناك حيث يطل ع "الصالون" على التاريخ الذاه ب حسر ة وتبكيتاً وعذاباً وهو يمنكوس ف جهنم ‪ ،‬حيث‬

‫الفراعنة وطواغيت الرض ‪ ،‬وحيث قارون وأيمثاله ‪ ،‬وحيث النود الدمي الغفلني‪.‬‬

‫هناك حيث الرضوان واللود وكل يما تشتهيه النفوس ‪ ،‬وكل يما يطر بالبال وفو ق ذلك ‪ ،‬وهناك حيث النهار‬ ‫فل ليل ‪ ،‬واليقظة فل ِس نَممة ول نو م ‪ ،‬والفرح فل حزن ول أل‪.‬‬


‫البربعون الجياد لهل التوحيد والجهاد ‪ -‬أبو قتادة‬

‫]‪[116‬‬

‫كونوا على يقني أن كل ذلك ينتظر ويتق ب ويتزين ‪ ،‬ويما عليكم سو ى شد الآزر وجد السي ‪ ،‬ولن يلف ال‬ ‫وعد ه‪.‬‬ ‫سبحانك اللهم وبحمدك‪ ،‬أشهد أن ل إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك‪.‬‬ ‫)برّبنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا برّبنا ول تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا برّبنا‬ ‫ول تحّم لـنا ما ل طاقة لنا به واعف عّنا واغفر لنا وابرحمنا أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين (‪.‬‬ ‫الحد‪ / 25 :‬محرم ‪1426 /‬‬ ‫‪ / 6‬آذابر ‪2005 /‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.