جؤنة المطيبين

Page 1

‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪1‬‬

‫مـلـحـظة‬ ‫بة‬ ‫بض طلبب‬ ‫كنت قد أرسلت الكتاب إلى بعب‬ ‫العلببم للطل ع عليببه ومراجعتببه حببتى‬ ‫بادة‬ ‫بعيف عب‬ ‫برء الضب‬ ‫أراجع ما يفوت المب‬ ‫‪،‬ولم أرد نشره إل بعد سما ع أقببوالهم‬ ‫وملحظاتهم ونصائحهم ‪ ،‬ولكن قدر ا أن‬ ‫باب‬ ‫باحب الكتب‬ ‫بدي صب‬ ‫بي أيب‬ ‫به فب‬ ‫بع بعضب‬ ‫يقب‬ ‫المردود عليه وعلق على كتابي ما شاء‬ ‫له قلمه‪ ،‬فلم يكن بعد ذلك من فائببدة‬ ‫في تغيير ما ورد في الكتاب لمور بينة‬ ‫بذه‬ ‫برت هب‬ ‫بإذا انتشب‬ ‫بر ‪ ،‬فب‬ ‫بك المب‬ ‫في ذلب‬ ‫الطبعة التي علق عليها صبباحب الكتبباب‬ ‫بدها أن‬ ‫برء بعب‬ ‫بان للمب‬ ‫المردود عليه كب‬ ‫يغير ويبدل ما يراه مناسبا‪ ،‬خاصببة أن‬ ‫ما وردني من ملحظات على الكتاب إنما‬ ‫بر ‪،‬‬ ‫بيء آخب‬ ‫هي على أسلوبه فقط ل على شب‬ ‫والنبباس فببي هببذا الببباب علببى آراء‬ ‫مختلفة ‪ ،‬فها هو الكتاب كما أرسببلته‬ ‫إلى أخي أبي محمد ليطلع عليه قبل أن‬ ‫به‬ ‫با كتبب‬ ‫با مب‬ ‫باب ‪ ،‬وأمب‬ ‫يرد صاحب الكتب‬ ‫الراد على كتابي هذا فسببيأتيه نصببيبه‬ ‫بة‬ ‫بو معرفب‬ ‫بوب الن هب‬ ‫عليه ‪ ،‬لكن المطلب‬ ‫بي‬ ‫به فب‬ ‫برد عليب‬ ‫بي الب‬ ‫به فب‬ ‫الناس ما كتبتب‬ ‫كتببابه ) كشببف شبببهات المقبباتلين(‬ ‫والحمد ل رب العالمين‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪2‬‬

‫إهداء‬ ‫إلىازع عبدازع اازع عزام‬ ‫المامازع الشيخازع الذيازع ظلمازع ـحيا ًازع وميتا ً‬ ‫‪..‬رجلازع مرـحلة‬ ‫‪..‬وإمامازع قضية‬

‫مقدمـة‬ ‫بقلم الشيخ أبي محمد المقدسي‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪3‬‬

‫الحمد ل والصل ة والسل م على رسممول ام وعلممى آلممه وصممحبه ومممن وال ه‬ ‫…وبعد‬ ‫فإن الموضوع الذي طرقه أخونا وحبيبنا الشيخ أبو قتاد ة حفظه امم تعممالى ‪،‬‬ ‫في هذا الكتاب موضوع غايممة فممي الهميممة ‪ ،‬ل يقممدر مبلممغ أهميتممه إل مممن‬ ‫عرف واقع المسلمين وواقع الشممباب المسمملم المتحمممس لنصممر ة دينممه ‪ ،‬حممق‬ ‫‪ .‬المعرفة‬ ‫وإن أجمممل ممما وقفممت عليممه فممي رسممالة أخينمما أبممي قتمماد ة هممذ ه ‪ ،‬قمموله فممي‬ ‫أواخرها ‪ " :‬التكفير ل يصار أليممه بعممد ثبمموت عقممد السممل م إل بعممد تحقيممق‬ ‫ونظممر شممديد ‪ ،‬وخاصممة فممي تكفيممر الطوائممف الممتي تعمممل للسممل م وتسممعى‬ ‫لتحقيقه في الرض ‪ ،‬فإطل ق التكفير في حق هؤل ء دون النظر إلممى قواعممد‬ ‫أهل العلم ليس هو بسبيل المؤمنين " أهم‬ ‫وإنما وقعت عبارته هذ ه في نفسممي موقعمما دفعنممي للتقممديم لهمما بهممذ ه الكلمممات‬ ‫رغم تباين معلو م بين الشيخ وبيني في الجتهمماد فممي بعممض مسممائل محممدود ة‬ ‫… معدود ة يعرفها كل من يعرفنا‬ ‫ورغم ما في كتابه هذا من شد ة على صاحب كتاب ) كشف شبهات المقاتلين‬ ‫( خصوصا وصفه بأنه ) غال جاهممل فممي ديممن ام ل يمدري مما يخمرج ممن‬ ‫رأسه ( ولكنه آب في آخر الكتاب فأحسن وأجاد ورجع إلممى ممما قطعممه علممى‬ ‫نفسه في أول الكتاب حين قال ‪ ):‬وقد حاولت جهدي أن أكون ناصحا مممذكرا‬ ‫ل مقرعا ومخطئا ( حيث قال ص ‪ " :89‬فهؤل ء إخواننا وأحبتنا ونصيحتهم‬ ‫أولى من غيرهم وموالتهم بما معهممم مممن ديممن ام تعممالى وبممما عنممدهم مممن‬ ‫الحرص على دينهم واجب في ديممن ام ل ينكممر ه إل جاحممد جاهممل ‪ ،‬وأنمما ل‬ ‫أتهمهم بخارجية ‪ ،‬لن التها م بالخارجية تعني أنهم قالوا بأصول الخوارج ‪،‬‬ ‫وهؤل ء ليس عندهم شي ء من هذا ‪ ،‬هذا مع أنهم وقعوا في بعض ما وقع فيه‬ ‫الخمموارج مممن الغلممو ‪ ،‬لكنهممم ممما زالممت أصممولهم هممي أصممول أهممل السممنة‬ ‫‪ .‬والجماعة ‪ (..‬أهم‬ ‫أقول ‪ :‬إنما وقعت مقالته الولى المتعلقممة بممالتريث والتممدقيق عنممد الكل م فممي‬ ‫تكفير الطوائف التي تعمل للسل م ‪ ،‬في نفسمي ذلمك الموقمع ‪ ..‬لنهما جما ءت‬ ‫منسجمة مع وصية رسول ا صلى ا م عليممه وسمملم فممي أنصممار ه ‪ ،‬والممتي‬ ‫طالما دندنا حولها وذكرنا فيها في نصحنا لحبتنا وإخواننا فممي كممل مكممان ‪..‬‬ ‫أعني ما روا ه البخاري وغير ه مما أخبر به النبي صلى ا عليممه وسمملم مممن‬ ‫أن النمماس سمميكثرون والنصممار يقلممون ‪ ..‬قممال ‪ ) :‬فمماقبلوا مممن محسممنهم‬ ‫وتجاوزوا عن مسيئهم ( ففي هذ ه الوصية النبوية الشريفة ‪ :‬الوصا ة بأنصممار‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪4‬‬

‫الدين إلى يو م القيامة ‪ ،‬فل شك بأنه ما من عامل ساع في نصر ة هممذا الممدين‬ ‫… في أي زمان ومكان إل وله نصيب من هذ ه الوصية إلى يو م الدين‬ ‫لذلك وجب عند الكل م في هذ ه الطوائف أو النصح لها أو نقممدها ‪ :‬تممذكر هممذ ه‬ ‫الوصممية وإعمالهمما ورعايتهمما حممق رعايتهمما ‪ ..‬فممما داممموا طوائممف وأفممرادا‬ ‫وجماعممات ‪ ،‬معروفيممن عنممدنا أنهممم فممي الشممق المممواجه لمممن يشمماقق امم‬ ‫ورسوله ‪ ..‬مصنفين لدينا في الصمف والحمد المقابمل لممن حماد ام ورسموله‬ ‫صلى ا عليه وسلم ‪ ..‬معممدودين فممي العممدو ة المناوئممة لمممن عممادى ديممن ام‬ ‫وشرعه ‪ ..‬فيجب عند الكل م فيهم اعتبار تلممك الوصممية النبويممة ‪ ..‬فنقبممل مممن‬ ‫محسنهم ول نبخسه إحسانه أو نطمسه ‪ ،‬ونتجاوز عن مسيئهم فل نشمت بممه‬ ‫العدا ء أ ونقر عيون الطواغيت بشن الغارات عليه ‪ ،‬ما دامت تلك السا ء ة‬ ‫لم تخرجه من دائر ة السل م ‪ ..‬وسبب ذلك كما بين المصممطفى صمملوات ا م‬ ‫وسلمه عليه أن الناس سيكثرون ‪ ،‬وأنصار الدين يقلممون ‪ ..‬فّقلتهممم ونممدرتهم‬ ‫وغربتهم في هذا الزمان ‪ ،‬وتكالب العمدا ء عليهمم وتممآمر الطممواغيت علممى‬ ‫دعواتهم وجهادهم ‪ ،‬ورمي الدنيا كلها لجماعتهم وعلمممائهم بقمموس العممداو ة ‪:‬‬ ‫كل ذلك مدعا ة إلى التجاوز عن مسيئهم ‪ ،‬لن إسا ءته ما دامت دون الشممرك‬ ‫الكبر الذي يغفر ه ا تعالى فهي دون شك مغمور ة محروقة بأنوار نصممرته‬ ‫لدين ا ‪ ..‬وذلك كله دافع إلى الحساسية البالغة عند الكل م أو الحكممم عليهممم‬ ‫وعلى دعواتهم وجهادهم ‪ ..‬فل يصار إلى تكفيرهممم والحممال كممذلك كممما قممال‬ ‫أخونا وحبيبنمما – إل بعممد تحقيممق وتممدقيق ونظممر شمديد – وهكممذا فل بمد وأن‬ ‫القارئ قد عرف بوضوح مرادنا ومراد الشيخ أبي قتاد ة في كتابه هممذا وهممو‬ ‫النكار على من بادر إلى تكفير الطوائممف والجماعممات الممتي تعمممل للسممل م‬ ‫لجل ما عندها من التقصير والنحرافات والبدع والخطمما ء الممتي ل تصممل‬ ‫إلى حد الكفر الكبر البواح ‪ ،‬أو الشرك الصراح الذي ل يغفر ه ا تعممالى ‪..‬‬ ‫وأنه يجب التفريق بيمن وجموب المتريث والتممدقيق والتحقيمق فممي همذا المممر‬ ‫الخطير ‪ ..‬وبين وجوب التحذير من البدع والمعاصي التي هي بريممد الكفممر‬ ‫وجواز المبالغة في الوعيد على الخطا ء التي قد تكون ذريعة توصل إليممه ‪.‬‬ ‫فكل ذلك مرد ه إلى الحرص على المسمملمين وجهممادهم وطاقمماتهم أن تصممير‬ ‫‪ ..‬هبا ء منثورا‬ ‫فيجب التفريق بين هذا الباب الذي يجوز فيه استعمال نصوص الوعيد حممتى‬ ‫تلك الوارد ة في حق الكفار ولو كممان المخمماطبون بهمما مسمملمين ‪ ،‬وفيممما هممو‬ ‫دون الكفر الكبر المستبين ‪..‬وذلك للردع والزجممر والممترهيب حرصمما علممى‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪5‬‬

‫المسلمين ونصحا لجهادهم ‪ ..‬وبين أحكا م التكفير ‪ ..‬فباب الوعظ والممترهيب‬ ‫‪ .‬غير باب إنزال حكم التكفير الذي يجب فيه التدقيق والتأصيل والحتياط‬ ‫والتفريق بين ما كان من الكفر البواح ‪ ،‬وبين ما كان ذريعة أو بريدا إليه ‪،‬‬ ‫فضل عما هو دون ذلك ‪ ..‬من أوجب الواجبات … فل يحل خلط هذا بهذا ‪،‬‬ ‫أو إلحمما ق همذا بمذاك ‪ ..‬فممذلك تطفيمف منمماف لميمزان العممدل الممذي قمامت بمه‬ ‫السموات … وها هنا مزلة القممدا م وإباحممة الممدما ء المعصممومة والممموال ‪..‬‬ ‫وقد حذر علماؤنا المحققممون مممن ذلممك أشممد التحممذير ‪ ،‬وتورعمموا فيممه أعظممم‬ ‫الورع ‪ ..‬ومن أدا م الجرأ ة علممى ممما تممورع فيممه أسمملفنا ‪ ،‬فإنممما علممى نفسممه‬ ‫جنايته ‪ ،‬وبدينه يغامر ويقامر ‪ ..‬وكممل مممن يعرفنمما ويعممرف كتاباتنمما يعلممم أن‬ ‫إنكارنمما لتكفيممر تلممك الطوائممف أو الجماعممات ل يعنممي بحممال الممدفاع عممن‬ ‫انحرافاتها ‪ ،‬أو الممترقيع لخطائهمما ‪ ،‬أو حممتى التشممجيع وحممث الشممباب علممى‬ ‫النضوا ء تحممت راياتهمما ‪ ..‬فممذاك شممي ء وهممذا شممي ء آخممر ‪ ،‬خصوصمما مممع‬ ‫تشعب الواجبات وتعدد الولويات علممى المسمملمين فممي هممذا الزمممان ‪ ..‬إذ ممما‬ ‫نتمنا ه ويؤرقنا ‪ ،‬وندعو ونتطلع إليه ونربي الشباب عليممه ونعممدهم مممن أجلممه‬ ‫هو جهاد رباني المنهج والقياد ة ‪ ،‬واضح الراية ‪ ،‬بّين السممبيل ‪ ..‬ول نسمممح‬ ‫لنفسنا أن نحث الشباب أو نشجعهم أو ندعوهم إلى غيممر ذلممك ‪ ..‬لكممن وإلممى‬ ‫أن يفتح ا علينا ويهيئ لنا الفرصة لمثممل ذلممك الجهمماد ‪ ،‬فل يجمموز أن نقممف‬ ‫حجممر عممثر ة بفتمماوى أو أحكمما م قصممير ة النظممر ‪ ،‬كليلممة عممن إدراك مقاصممد‬ ‫الشريعة ومعرفة واقع المسمملمين ‪ :‬فنصممد عممن كممل قتممال أو جهمماد يقممو م فممي‬ ‫الرض يدفع فيه الصائل عن المسلمين المستضعفين أو مقدساتهم ‪ ،‬بممدعوى‬ ‫ممما يتخللممه مممن أخطمما ء أو انحرافممات ‪..‬فللممه حكمممة بالغممة فممي خلقممه الخلممق‬ ‫ومداركهم وتطلعاتهم على درجات ‪ ..‬فإن كنت يا عبد ا ترو م جهادا ربانيمما‬ ‫خاليا مممن تلممك الشمموائب والشممبهات‪ ،‬وتشمّح بنفسممك أن تبممذلها إل بمثممل هممذا‬ ‫الجهاد ‪ ،‬فلك هذا ‪ ،‬ول يحل لحد إنكار ه عليك ‪ ،‬فما هي إل نفممس واحممد ة ‪،‬‬ ‫وليس ثم غيرها لتجرب بذلها هاهنا ‪،‬ثم هاهنا ‪ ..‬ثم ها هناك‪ ..‬لكممن حممذار أن‬ ‫تصّدن غيرك عن جهاد يجيز ه بل يوجبه الشرع أحيانا ‪ :‬لمجرد ممما فيممه مممن‬ ‫‪ ..‬هنات أو أخطا ء أو تشوهات‬ ‫بل سأذهب بحديثي أبعد من ذلك فأقول ‪ :‬حذار أن تصمّدن عمن قتمال لعمدا ء‬ ‫ا ‪ ،‬ولو كان المقاتلون مممن ل خل ق لهمم وليسموا علمى سمبيل الممؤمنين‪..‬‬ ‫فلقد هالني ما قرأته من كل م بعض المتسرعين ممن ينقصهم الوعي بممالواقع‬ ‫ولم يوفقوا للنظممر فممي مقاصممد الشممريعة وممما جمما ءت لتحقيقممه مممن مصممالح‬ ‫وغايات ‪ ،‬كيف يهاجمون عمو م الناس المواجهين لليهود في هذ ه اليا م على‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪6‬‬

‫إثر تدنيسهم المسجد القصممى ويثبطممون أو يصممدون عمموا م النمماس عممن تلكممم‬ ‫المواجهات ‪ ،‬بدعوى أن أولئك المواجهين ل يمتممون إلممى الممدين بصمملة ‪ ،‬بممل‬ ‫كثير منهم كفار ولم يسجدوا ل يوما سجد ة ‪ ،‬ومنهممم مممن يبممارز ام بالمسممبة‬ ‫!!‪..‬‬ ‫فممأي فقممه أعمموج هممذا الممذي يممدعو إلممى تهمموين جرائممم اليهممود بمثممل هممذ ه‬ ‫الدعاوى ‪ ..‬شا ء أصحابه أ م أبوا ؟؟ وإلى متى يبقى هؤل ء الممدعا ة يغطممون‬ ‫في هذ ه السلبية واللمبمال ة ‪ .‬فمي الموقت المذي حماز فيمه قصمب السمبق فمي‬ ‫اسممتغلل مثممل هممذ ه المواجهممات ‪ ،‬بممل وتقممد م الصممفوف فممي الميممدان ؛ كممل‬ ‫نطيحممة ومترديممة مممن العلمممانيين و البمماطنيين أو غيرهممم مممن المنحرفيممن ‪.‬؟‬ ‫أوليس الوعي بسبيل المجرمين والنضوج في معرفة واقع المسلمين يقتضممي‬ ‫إن لم نشممارك ؛ أن ل نقممف فممي وجممه مثممل هممذ ه المواجهممات ‪ ،‬وأن ل نقممف‬ ‫حجر عثر ة في مثل هذ ه الميادين ؟؟ أو ليس هذ ه المواجهات كيفما كان حممال‬ ‫أهلها ‪ ،‬ما دامت تفهم في العممالم كلممه علممى أنهمما غضممبة للقصممى المبممارك ‪،‬‬ ‫وتحسب على أنها انتفاضة للمقدسات ‪ :‬تنبئ العالم كله ‪ ،‬وعلى رأسهم أعدا ء‬ ‫ا اليهود أن ثمن انتهاك مقدسات المسلمين باهظ جدا ‪ ،‬وتثمر ولو بعد حين‬ ‫استبانة لسبيل المجرمين أو وعيمما بكيممد العممدا ء لهممذا الممدين وتكممالبهم علممى‬ ‫حرب أهله ‪ ،‬الشي ء الذي قد يتمخض عن رجعة إلى الدين ‪..‬؟؟ أيممن المموعي‬ ‫بواقع المسلمين ‪ ،‬و معرفة تشعب الواجبات فممي هممذا الزمممان عليهممم ‪ ،‬الممذي‬ ‫يقتضي حكمة وروية بالغة ونظر ة ناضجة في التعامل مع الحداث ؟ وأين‬ ‫الفقه الواسع لقوله تعالى ‪ " :‬ولممول دفممع ام النمماس بعضممهم ببعممض لهممدمت‬ ‫صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم ا كثيرا ولينصرن ا م مممن‬ ‫‪ ".‬ينصر ه إن ا لقوي عزيز‬ ‫ثم ما الدافع الذي يدفع مثل هؤل ء الشباب الغرار إلى التخذيل والصممد عممن‬ ‫مثل هذ ه المواجهات والمدافعات ؟ أهو حقا النصح لهلها ؟؟ فإن هممذا متممأت‬ ‫دون التخذيل عنها ‪ ،‬والتهوين من شأنها وشأن الدما ء النازفة فيهمما مممع أنهمما‬ ‫ل تخلوا من مسلمين ‪ ..‬ودون ظهور الدعا ة بمظهممر السمملبيين فممي مثممل هممذ ه‬ ‫الميادين ‪ ،‬اللمبالين بكيممد اليهممود وانتهاكمماتهم لمقدسمماتهم واعتممدا ءاتهم علممى‬ ‫المسلمين ‪ ..‬وإذا كممان فممي أولئممك المممواجهين كفممار أو مرتممدون ‪ ،‬فممما الممذي‬ ‫يضممير المسمملمين أن يغضممب لمقدسمماتهم كفممار أو يقتممل دونهمما مرتممدون‬ ‫محسوبون على السل م ‪ ،‬وأي مفسد ة فمي همذا ؟؟ وأي مصملحة فمي صمدهم‬ ‫وتثبيطهم عن مثل هذا القتال إل إقرار عيون اليهود وأذنممابهم مممن طممواغيت‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪7‬‬

‫الحكا م وأعدا ء هذا الدين ‪ ..‬ألم يخممبر النممبي صمملى ام عليممه وسمملم بممأن ام‬ ‫يؤيد هذا الدين بأقوا م ل خل ق لهم ‪..‬؟‬ ‫وإذا كانت مثل هذ ه المواجهات ل تخلوا من مسمملمين صممادقين يممدفعهم حممب‬ ‫الجهمماد أو العاطفممة السمملمية والحممماس والغيممر ة علممى المحرمممات أو غيممر‬ ‫ذلممك ؛ فكيممف يجمموز التعميممم فممي الحكمما م والطعممن فممي النوايمما والجممز م‬ ‫‪ ..‬بالخواتيم ‪ ..‬خصوصا ول راية توحد مثل هذ ه العمال أو المواجهات‬ ‫وأخيرا ‪ ،‬فإن إطل ق القول في مثل هذا المقا م بممأن ) سممبيل ام هممو التوحيممد‬ ‫الخالص ‪،‬وفيه يقاتل المؤمنون ‪ ،‬وكممل سممبيل غيممر ه فهممو سممبيل الطمماغوت ‪،‬‬ ‫وفيه يقاتل أوليا ء الشيطان ( ‪ ، ( 1‬إن كان كما يفهمه ويطلقه كثير من الشباب‬ ‫المتسرع في هذا الزمان ‪ ،‬حيث يعنون ) بالتوحيد الخالص ( كمممال التوحيممد‬ ‫واليمممان الممواجب بممل والمسممتحب ‪ ..‬ففممي هممذا الفهممم تجممن علممى كممثير مممن‬ ‫المسلمين الذين حازوا أصل التوحيد واجتبوا الشرك الكبر والتنديممد ‪ ،‬حيممث‬ ‫يجعلونهم جميعا أوليا ء للشيطان ‪ ،‬ويجعلون قتالهم جميعمما أفممرادا وجماعممات‬ ‫في سبيل الطاغوت ‪ ،‬لمجرد ما عندهم من معمماص أو انحرافممات أو بممدع أو‬ ‫أخطا ء أو مداهنات ل تخدش أصل التوحيد ول تخرجهم مممن دائممر ة السممل م‬ ‫‪..‬‬ ‫فمثل هذ ه الطلقات الفضفاضة الغير منضبطة يجب أن تتجنب عنمد الكل م‬ ‫في مباحث الكفر واليمان ‪ ،‬فقممد قلممت لبعممض مممن زعممم أن مصممنف كتمماب‬ ‫) كشف شبهات المقاتلين تحت رايممة مممن أخممل بأصممل الممدين (؛ لممم يصممرح‬ ‫بكفر الطالبان متهما أخانا أبي قتمماد ة بممالفترا ء عليممه وتقممويله ممما لممم يقممل ‪:‬‬ ‫نعم قد لحظت عد م تصريحه بذلك على مدى الكتاب ‪ ،‬ولكنه حشد ممما حشممد‬ ‫من الدلئل كي يدلل على إخلل الطالبان بأصل الدين كما هو عنوان كتابه ؛‬ ‫وهو الشي ء الذي أناط به بطلن القتال تحت رايتهم ‪ ،‬وجعلهم مممن أوليمما ء‬ ‫الشيطان وجعل سبيلهم وسبيل أمثالهم ‪ -‬كما في إطلقه في عبارته السممابقة‬ ‫ هممو عيممن سممبيل الطمماغوت … فممأي شممي ء يعنممي الخلل بأصممل الممدين‬‫واليمممان عنممد الكل م فممي أبممواب اليمممان والممدين ؛ إل الكفممر ومناقضممة‬ ‫السل م ؟؟‬ ‫ثم هل من النصاف والعدل الذي قامت بممه السممماوات أن تحشممر الطالبممان‬ ‫وأمثالها ‪ ،‬وتحشر رايتها مع راية صدا م حسين أو راية علي عبد ام صممالح‬ ‫(‬

‫)كشف شبهات المقاتلين تحت راية من أخل بأصل الدين ( ‪ ..‬ص ‪( 1)15‬‬

‫(‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪8‬‬

‫أو راية النظا م المصري أو راية النظا م السعودي أو راية ياسممر عرفممات أو‬ ‫)نحوها من الرايات الكافر ة المرتد ة كما فعل صاحب الكتاب ‪..‬ص )‪80‬‬ ‫ثم ينكر بعد ذلك على من نسبه إلى تكفير الطالبان ‪ ،‬وهو يرا ه يساوي بينهمما‬ ‫وبين المرتدين المحاربين لدين ا جهارا نهمارا ‪ ،‬ويلحممق رايتهما والمقماتلين‬ ‫تحتها براياتهم ‪ ..‬فليكن كلمنا عند الخوض في أحكا م التكفير‪ ،‬خصوصا مع‬ ‫المنتسممبين للسممل م مؤصممل دقيقمما منضممبطا‪ ،‬أو فلنتحمممل تبعمماته ولنعممذر‬ ‫‪ ..‬المخالفين‬ ‫و بممدهي أن كلمنمما هممذا ليممس ترقيعمما للطممواغيت أو أذنممابهم ‪ ،‬ول تسممويغا‬ ‫للدخول تحت الرايات التي يصطنعونها ‪ ،‬فما في هؤل ء كلمنمما ‪ ،‬ول يقولنمما‬ ‫مثل ذلك إل مفتر كذاب ‪ ..‬وكذا أخونا أبو قتاد ة فما قصد في كتممابه شمميئا مممن‬ ‫هذا وقد نبه عليه ‪ ..‬وحاشا ه من أن يقصد مثله ‪ ،‬كيف وهو شوكة في حلممو ق‬ ‫الطواغيت وأذنابهم وغصة في صدورهم ‪ ..‬فكم قد أسمعونا وأسمعوا غبرنا‬ ‫أثنا ء العتقال وفي غرف التحقيق مسبتهم له ‪ ،‬وكم أظهروا لنا مممن حقممدهم‬ ‫عليه وبغضهم لدعوته وكتاباته … وذلك بعض ما تبديه أفواههم من بغضا ء‬ ‫وغيظ وحقد عليه ‪ ،‬وعلى كل نصير من أنصار هذ ه الدعو ة المباركة ‪ ،‬وما‬ ‫تخفي صدورهم أكبر ‪ ..‬وهو إن شا ء ام قربممة لممه عنممد ام ‪ ،‬ووسمما م فخممار‬ ‫على جبينه الوضا ء ‪ ..‬أسأل ا تعالى أن يوفقني وإيا ه وسممائر العمماملين لهممذا‬ ‫الممدين لممما يحبممه سممبحانه ويرضمما ه ‪ 00‬وأن يجعممل خيممر أيامنمما يممو م لقممائه‬ ‫‪ ..‬وأحسن أعمالنا خواتيمها‬ ‫‪ ..‬وصلى ا على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين‬ ‫وكتبه ‪ /‬أبو محمد عاصم المقدسي‬ ‫الردن – ‪/22‬رجب‪ 1421/‬هم‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪9‬‬

‫بسمازع اازع الرـحمنازع الرـحيم‬ ‫ربازع أِعْنازع وَيسـّْر‬ ‫الحمد ل رب العالمين والصل ة والسل م على النبي المممي وعلممى آلممه‬ ‫‪:‬وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‬ ‫فقممد أرسممل لممي بعممض الخممو ة رسممالة علميممة تحممت عنمموان – كشممف‬ ‫شبهات المقاتلين تحت راية من أخل بأصل الدين‪ -‬فقرأتها ورأيممت ممما فيهمما‪،‬‬ ‫صرت وأسا ءت في بابها‪ ،‬ثم اتصل بي يطلب رأيمي فيهما فقلمت‬ ‫فوجدتها قد ق َّ‬ ‫له باللفظ‪" :‬إنها رسالة سيئة"‪ ،‬فطلب مني كتابة ما وجممدته فيهمما مممن أغلط‪،‬‬ ‫فأعرضت عن هذا مد ة لعد م نشاطي ورغبتي في كتب الممردود لممما فيهمما مممن‬ ‫حظوظ النفس‪ ،‬ثم لما تجر بعد ذلك من خصومات ومحن آن للمر ء أن يريممح‬ ‫نفسه منها في هذا الوقت الذي غلبت فيه الهوا ء واتبمماع الممرأي والشممهوات‪،‬‬ ‫ثَّم لما رأيت بعضهم يحيل إليها كأنها فصل المقال في باب القتال في منمماطق‬ ‫من العالم بين المسملمين وخصمومهم‪ ،‬وصمارت حجممة بمل فتنمة فممي صمرف‬ ‫الناس عن بعض أنواع الجهاد الشرعي الذي يحبه ا تعممالى ويرضمما ه‪ ،‬كممما‬ ‫أن بعض الحبة قد رغب إلي بالرد عليها إن كان هنمماك رد‪ ،‬فنشممطت لهممذا‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪10‬‬

‫وقمت بقرا ءتها مر ة أخرى وجمع ما ركبه صاحبه من أدلة عامة علممى جهممة‬ ‫غريبة ثم صار بعد ذلك إلى النتيجة الغريبة‪ ،‬وللرد عليها بالدلة مممن كتمماب‬ ‫ا تعالى ومن سنة رسوله صلى ا عيه وسلم ومن أقمموال أهممل العلممم فكممان‬ ‫‪.‬هذا الكتاب‬ ‫وسو ء الكتاب سيتبين لطالب العلم حيممن يقممرأ هممذا الممرد أنممه وقممع مممن‬ ‫‪:‬جهتين‬ ‫‪.‬من جهة الوقائع والحوال التي يتكلم عنها كاتب الرسالة‪-‬‬ ‫‪.‬ومن جهة الدلة الشرعية التي يقيمها‪-‬‬ ‫فهو لم يفهمم المريمن‪ ،‬فكمان الغلممط مركبمًا‪ ،‬وهمما سمبب غلمط النمماس‬ ‫والمفتي والمجتهد في الحكا م‪ ،‬لكن قد يكممون غلممط الواحممد منهممم مممن إحممدى‬ ‫طرفي الحكم الشرعي ‪-‬ل من كليهما‪ -‬ولكن هذا الكاتب اجتمممع لممه المممران‪،‬‬ ‫ويقول الما م الشاطبي رحمه ا تعالى في مثل هذا‪ :‬صرف الحكممم الشممرعي‬ ‫الممى غيممر منمماطه مممن أوصمماف أهممل البممدع‪ ،‬إذ هممو مممن تحريممف الكلممم عممن‬ ‫‪.‬مواضعه‪ ،‬ول يصدر من معتبر ال لخفا ء المعنى عليه‬ ‫وحتى أقد م شيئا مممن هممذا الممرد فممأقول‪ :‬إن العنمموان كممما يممرا ه الخممو ة‬ ‫يبحث في القتال تحت راية المشركين ل غير‪ ،‬لنهم هم الممذين أخلمموا بأصممل‬ ‫المدين‪ ،‬فمإذا قمرأت الكتمماب وتممبين لممك أن الكمماتب يعنممي بهمم حركمة طالبممان‬ ‫الفغانية‪ ،‬وحركة حممماس الفلسممطينية‪ ،‬ورايممة الخمموان المسمملمين والطليعممة‬ ‫حيممن كممان الجهمماد فممي سمموريا ضممد نظامهمما‪ ،‬والحركممة السمملمية فممي‬ ‫كردستان‪،‬حينها تعلم ظلم هذا الكاتب وجهله وغلو ه في تكفير هممذ ه الطوائممف‬ ‫‪.‬وإخراجها عن أصل الدين وهو السل م‬ ‫ولذلك فليبق الخو ة على ذكممر هممذا خلل قرا ءتهممم لهممذا الكتمماب‪ ،‬وأن‬ ‫الحديث هو عن تكفير هذ ه الطوائف وليس فممي بيممان بممدعتها أو انحرافهمما أو‬ ‫أخطائها أو خروجها عن الُّسَنة‪ ،‬فيظن من قصر نظر ه أننا ل نقول بانحراف‬ ‫هذ ه الطوائف‪ ،‬أو خروجها عن بعض الهدي الَّنبوي‪ ،‬بل يعلم كل من عرفني‬ ‫أّني بفضل ا تعالى من أبصر الناس بأخطا ء هذ ه التنظيمممات والتنممبيه علممى‬ ‫انحرافاتهمما وأخطائهمما‪ ،‬لكننممي أعتقممد انحممراف وضمملل مممن اعتقممد أن هممذ ه‬ ‫الطوائف هي طوائف كفر وشرك أخلت بأصممل الممدين‪ ،‬فممإن هممذا مممن الظلممم‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪11‬‬

‫المبين والميل عن سنة سبيل المؤمنين‪ ،‬وقائل هذا القول هممو مممن أهممل الغلممو‬ ‫والنحراف كصاحب هذا الكتاب‪ ،‬وأنه أتى بالطامة العظيممة والموبقمة المتي‬ ‫‪.‬ترديه في حمأ ة التكفير البدعي المذمو م‬ ‫وأما جهله بالدلة الشرعية‪ ،‬فسترى العمومممات الممتي يحتممج بهمما علممى‬ ‫التكفير من آيات وأحاديث وأقوال أهل العلم‪ ،‬وكيف حملها على غيممر المموجه‬ ‫الذي هي معروفة عليممه عنممد أهممل الُّسممنة والجماعممة‪ ،‬فممإنه قمما م بتجميممع هممذ ه‬ ‫العمومات على الوجه الذي أراد ه هو وليس علممى المموجه الُّسممني المعممروف‪،‬‬ ‫فخرج بهذا الخلق المشَّيأ الذي ل يرضا ه من شَّم شيئا ً من كل م أهل العلم فممي‬ ‫‪.‬هذا الباب الخطير‬ ‫وحتى يكون قارى ء هذا الكتاب على بصير ة من حممالي مممع صمماحب الكتمماب‬ ‫فإني ل أعرفه ل باسمه ول بوصفه‪ ،‬ول أعمرف إل الكتماب المذي وصملني‪،‬‬ ‫فتعاملت مع الكل م فقط دون النظر ولو لحظة إلى متكلمه‪ ،‬لننممي وإلممى الن‬ ‫ل أعرف من كتبه )جا ءني من أخبرني باسم كاتبه الحقيقي بعد كتممابتي لهممذ ه‬ ‫الورا ق لكني إلى الن لست متأكدا مما ُأخممبرت بممه(‪ ،‬فعسممى أن يكممون هممذا‬ ‫قاطعاً لصحاب النفمموس العجيبمة ممن أن يلقمموا بممالموانع الظنيمة الممتي تعيمق‬ ‫‪.‬الناس من حصول الفائد ة من تنبيهاتي هذ ه‬ ‫كممما إنممي أرجممو مممن صمماحب الكتمماب )كشممف شممبهات‪ (..‬إن وصمملته هممذ ه‬ ‫الورقات‪ ،‬ومن أي قمماري ء لهمما أن ل يتعامممل معهمما ال بممما أمممر ام تعممالى‪،‬‬ ‫وذلك بقبول النصح‪ ،‬وانزاله علممى المعنممى الحسممن‪ ،‬وتممدبر ه لصممابة المموجه‬ ‫الصحيح منه‪ ،‬فممما مممن كتمماب ال راد ومممردود عليممه‪ ،‬اذ أبممى ام أن يتممم ال‬ ‫كتابه‪ ،‬ولول أن الكتاب المذكور تكلم كلما خطيرا في دين ا تعالى‪ ،‬وكفممر‬ ‫طوائف من المسلمين ظلما وعدوانا ما اهتممت به ول نشطت للرد عليممه‪ ،‬إذ‬ ‫الكتب البشرية ل تخلو من أخطا ء‪ ،‬لكن فر ق بين تلك الخطا ء التي ل تضممر‬ ‫كثيرا وبين خطأ هذا الكتاب‪،‬فهو شنيع في بابه‪ ،‬وصاحبه تكلم في غيممر فنممه‪،‬‬ ‫وصد ق الما م ابن حجر رحمه ا تعالى حين قال‪ :‬من تكلم في غير فنه أتى‬ ‫‪.‬بمثل هذ ه العجائب‬ ‫وقد حاولت جهدي أن أقلل من كلمي في هممذ ه الورقممات‪ ،‬وأكممثر مممن‬ ‫النقل عمن الئممة حمتى يحصمل الثقمة ممن المعنمى الممراد بثمه‪ ،‬ولكمون همذ ه‬ ‫القضايا قد فرغ منها الئمة‪ ،‬فليس علينا إل اتباع غرزهم ففيممه النجمما ة بحمممد‬ ‫ا تعالى‪ ،‬وقول السلف لنا أصوب من كلمنا لنفسنا‪ ،‬وما كممان يومئممذ دينمما‬ ‫فهو دين ا تعالى في كل وقت‪ ،‬وما لم يكن دينا عندهم فل يمكممن أن يكممون‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪12‬‬

‫دينا لمن بعدهم‪ ،‬وفضلهم في معرفممة ديممن ام وفممي فهمممه ل يممدانيه فهممم ول‬ ‫معرفة‪ ،‬ولو قرأنا سير ة أحدهم ثم رأينا ما عليه المتممأخرون مممن علممم وعمممل‬ ‫لدركنا أن بلوغ الشم الرواسي في علوها اهون مممن أدراك علمهممم ودينهممم‪،‬‬ ‫فل يغرك جعجعة البعض بممأن متمماخرا اسممتدرك علممى مجممموع الوائممل فممي‬ ‫علمهم وفقههم‪ ،‬فوا ليست هي إل المدعاوي الفجمة الفارغمة‪ ،‬ول يقولهما إل‬ ‫من ل يعرف سير ة السلف‪ ،‬ولم يتضلع من كتبهممم وفقههممم‪ ،‬وإنممما هممو طيلممة‬ ‫‪.‬وقته مع ما كتبه المتاخرون‪ ،‬ل يرى سواها ول يعرف غيرها‬ ‫والمتأخرون حين يكتبون في أغلبهم ‪-‬إل من رحم امم‪ -‬إن وجممدوا ممما‬ ‫يستدرك على المتقد م أبرزو ه وصاحوا باسمه ‪،‬وإن أخممذوا منممه شمميئا سممتروا‬ ‫مصدر ه ‪ ،‬وسكتوا عن قائله‪ ،‬وإن أظهر ه فإنممما يظهممر ه ‪-‬مدلسمما‪ -‬فممي مظهممر‬ ‫الموافقة له بعد جهود ه الذاتية كممما يزعممم فممي اكتشمماف المممر بنفسممه‪ ،‬فتجممد ه‬ ‫يقول‪" :‬وهذا الذي هديت اليه وجدته من قول فلن مممن السمملف"‪ ،‬وهممو فممي‬ ‫الحقيقممة متطفممل عليهممم سممار ق منهممم‪ ،‬فيممأتي التممابع لممه ‪-‬لجهلممه‪ -‬فيممرى هممذا‬ ‫المتأخر يستدرك على الكبار فممي أخطممائهم‪ ،‬وإذا أصمماب فإنممما هممو اسممتقلل‬ ‫بنفسه‪ ،‬فيرا ه من القو م الذين فاتوا من قبلهم‪ ،‬وأعجزوا من بعدهم! فيا ل م كممم‬ ‫ظلمنا السلف وكم صغرناهم فممي أعيممن النمماس‪ ،‬حممتى صممار أمثممال الشممافعي‬ ‫ومالك يرد عليهم ممن ل يعرف في دين ا حتى الحواشممي‪ ،‬لكنممه وام هممذا‬ ‫هو ذهاب العلم وانتشار القلم كما أنبأ بذلك رسول ا صلى ا عليممه وسمملم‪،‬‬ ‫والحقيقممة أيهمما الحبممة أننمما اكتشممفنا أن المتممأخرين لممم يصمملوا بعممد الممى فهممم‬ ‫‪.‬مصطلحات المتقدمين‪ ،‬فكيف يصلوا لعلومهم أو أن يتجاوزوها‬ ‫وأنا أنبؤك عن أحد الشم الرواسي فممي ديممن ام تعممالى ممماذا قممال عممن‬ ‫‪:‬نفسه مقابل المتقدمين‬ ‫الما م الدارقطني ‪-‬عرفه مممن عرفممه وجهلممه مممن جهلممه‪ -‬يقممول‪ :‬مممن أراد أن‬ ‫‪ .‬يعرف مقدار جهله فليقرأ كتاب القسامة لمحمد بن نصر المروزي‬ ‫‪ .‬هكذا يعرف الوائل فضل من سبقهم‬ ‫وهذا الما م أبو عمرو بن العل ء يقول‪ :‬ما نحن فيمن مضى إل كبقل صممغير‬ ‫‪.‬في أصول نخل طوال‬ ‫رحم ا سلفنا ‪ ،‬وجزاهم عن دين ا خير الجزا ء‪ ،‬وأصلح ا أمة لم تعرف‬ ‫‪.‬فضلهم‬ ‫ثم إني ملت أن أجعممل هممذ ه الورقممات )مممع صممغرها( أصممول لخممواني فممي‬ ‫فهمهم لما يقع منهم ومعهممم ممن قضممايا ونموازل‪ ،‬وممن شمق عليمه فهممم كل م‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪13‬‬

‫الئمة فليس له أن يتكلم في أعظم الحداث والنوازل‪ ،‬بل عليممه أن يتقممي ا م‬ ‫في نفسه وفي أمة محمد صلى ا عليه وسلم‪ ،‬وليتذكر الخو ة أن أمة محمممد‬ ‫صلى ا عليه وسلم فيها من البل ء ما ا به عليم‪ ،‬فل ينبغممي لنمما أن نزيممدها‬ ‫بل ء على بل ء‪ ،‬وأن نتعاممل معهما بالقسمو ة والشمد ة ‪،‬بمل نرفمق بهما مما كمان‬ ‫‪.‬للرفق متسعا‬ ‫كذلك أنبه نفسي وإخواني أننا نعيش في عصور متأخر ة متباعد ة فمي‬ ‫الزمن والعمل عن مجتمع الصحابة رضي ا عنهممم ومجتمممع خيممر القممرون‬ ‫فل نحمل الناس على الشد ة‪ ،‬اذ كما كان يقممول بعممض الصممالحين‪ :‬الحممق مممر‬ ‫‪ .‬فل تزد ه مرار ة باسلوبك‬ ‫وقد حاولت جهدي أن أكون ناصحا مذكرا‪ ،‬ل مقرعا ومخطئا‪ ،‬وليس‬ ‫القصد هو بيان ضلل أحد‪ ،‬أو التنبيه على فساد جماعة مممن النمماس أو فرقممة‬ ‫‪.‬من الفر ق‪ ،‬وإنما هو النصح والتذكير‬ ‫أرجو من ا تعالى أن أكون قد أصبت ووفقت‪ ،‬وأستغفر ا تعالى ممما نمد‬ ‫‪.‬وأخطأ به القلم‪ ،‬واعتذر لكل من أسأت له من غير قصد واراد ة‬

‫‪.‬واازع الموفقازع إلىازع خيرازع الدارين‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪14‬‬

‫ـحولازع منهجازع المعالجة‬ ‫‪:‬هناك طريقتان للرد في كتب الئمة‬ ‫أولهما‪ :‬أن تتعقب الكتاب فقر ة فقممر ة‪ ،‬وتعممالجه جملممة جملممة‪ ،‬وكلمممة‬ ‫كلمة منفمرد ة عمن بقيتهما دون النظمر إلمى منهجيمة الكتماب المتي صماغته إل‬ ‫لماما‪ ،‬وهذ ه الطريقة هي الشهر والكثر انتشارا في كتب الردود والمناقشة‬ ‫عند الئمة كما ترى ذلك في كتب ردود المتقدمين ‪،‬وهذا بين لمن قرأ كتمماب‬ ‫منهاج السنة لبن تيمية مثل وكتبه الخرى كالرد على البكري والرد علممى‬ ‫الخنائي‪ ،‬أو قرأ الصار م المنكي في الرد علممى السممبكي لبممن عبممد الهممادي‪،‬‬ ‫‪ .‬وكتب أئمة الدعو ة النجدية وغيرهم‬ ‫ثانيهما‪ :‬معالجة منهجية الكتاب‪ ،‬والرد على أصوله التي بنممي عليهمما‪،‬‬ ‫‪:‬وهذ ه الطريقة وإن كانت القل انتشارا إل أني سرت فيها لسباب أهمها‬ ‫إن كاتب "كشف شبهات المقاتلين‪ "..‬اعتمد على أصول صحيحة من الكتاب‬ ‫والسنة وأقوال أهل العلم‪ ،‬لكن خطأ ه أنه حملها علممى غيممر محملهمما‪ ،‬وأنزلهمما‬ ‫على وقائع دون مراعا ة بين الواقممع الخمماص واللفممظ العمما م‪ ،‬فسمميرى القممارئ‬ ‫مثل موضوع القبور كيف عمم الحكمما م علممى القضممايا المختلفممة والمتباينممة‪،‬‬ ‫فهل يرد عليه بقولنا‪ :‬إن بنا ء القباب حلل وليس حراما؟ أ م ببيان مرتبة بنا ء‬ ‫القباب على القبور‪ ،‬وأنهمما ليسممت مممن الكفممر الكممبر‪ ،‬بممل هممي معصممية مممن‬ ‫‪.‬الكبائر وحسب‬ ‫‪.‬وقل كذلك مثل هذا في موضوع الديمقراطية والديمقراطيين‬ ‫فكان معالجة الصول المنهجية التي اعتمد عليها الكتمماب هممو السمملم عنممدي‬ ‫‪:‬لنه يحقق مقصد الرد إن شا ء ا كما يتبين من التالي‬ ‫لقد عشت مع الدعو ة أكثر من عشرين عاما‪ ،‬ورأيت أن علة أخطمما ء المفممتين‬ ‫والكاتبين هي في طريقة معالجة النص الشرعي وليممس الجهممل )والممذي هممو‬ ‫ضد المعرفة( بالنص الشممرعي‪ ،‬ولممما وقعممت الفتنممة بيممن أهممل الممرأي وأهممل‬ ‫الحديث في القرون الولممى مممن عهممود السممل م‪ ،‬وكممان البحممث يممدور حممول‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪15‬‬

‫الفروع‪ ،‬وكانت المناظرات بين أهل السل م ل تعدوها‪ ،‬أدرك الممما م محمممد‬ ‫بن ادريس الشافعي ‪-‬رضي ا عنه ورحمممه ام تعممالى‪ -‬أن المشممكلة ليسممت‬ ‫في معرفة هذ ه الفئة للحديث وغيابه عند الفئة الخرى‪ ،‬لكن المشكلة هي في‬ ‫الصول المنهجية لتفسير كل م ا تعالى وكل م رسممول ام صمملى ام عليممه‬ ‫وسلم‪ ،‬فألف لمعالجة هذ ه المشكلة القائمة بين الفئتين كتابه الممتع"الرسالة"‪،‬‬ ‫وفصل فيه طريقة معالجة النص الشرعي‪ ,‬وكذلك ذكر ممما يصملح مممن أدلمة‬ ‫‪.‬وما ل يصلح‪ ،‬والمشكلة الى يومنا هذا ما زالت في الصول قائمة‬ ‫وأصول الفقه التي ضيعت هي التي قال عنها ابن خلدون‪ :‬من أعظممم العلممو م‬ ‫)الشرعية‪ ،‬وأجلها قدرا‪ ،‬وأكثرها فائد ة‪ ) .‬المقدمة ‪453‬‬ ‫وقد خبر كل من عانى الفتوى والنظر إلى المختلفين اليو م أن ضممعف النمماس‬ ‫في أصول الفقه وقواعد أهل العلم وأصولهم في الفتمموى سمممة بممارز ة‪ ،‬وهممي‬ ‫علة العلمل اليمو م‪ ،‬وهمذا الضمعف سمببه أن أصمول الفقمه تحتماج المى معانما ة‬ ‫ودربة وملكة‪ ،‬والنفموس ألفممت الخممول والدعمة‪ ،‬وممالت المى أعممال الكتبمة‬ ‫والنقلة كما يقو م بها اليو م الكثير من الزاعمين للتحقيق والتممأليف"والخممذين‬ ‫من ها هنا ومن ها هنمما ثممم يقممول ألفتممه أنمما" وهممؤل ء ملممؤوا السممهل والممواد‪،‬‬ ‫وازداد شرهم حين يأنف الواحد منهم أن ينسب القول والفكر ة لصاحبها‪ ،‬بممل‬ ‫يزعم أنه ابن بكارتها وعذريتها وهو في الحقيقة سممار ق لممص‪ ،‬لكنممه متبجممح‬ ‫‪.‬صاحب دعوى عريضة‪ ،‬فل يخجل من ا ول من الناس‬ ‫‪ :‬أعود الى ضعف الناس في أصول‪ ،‬فأقول‬ ‫لما كانت أصمول الفقمه ملكمة ودربمة تحتماج المى طمول ممراس ومعانما ة فقمد‬ ‫أعرضت ومالت النفموس عنمه‪ ،‬بمل صمار بعضمهم المى القمدح والطعمن فيمه‬ ‫بحجة أنمه علمم كلممي‪ ،‬وقمولهم صمحيح ممن وجمه لكمن همذا ل يعفيهمم ممن‬ ‫المسؤولية في تعلمه وفقهه‪ ،‬بل هو في الحقيقة يزيد من المسؤولية على أهممل‬ ‫العلم وطلبته كذلك )إن كانوا كذلك(‪ ،‬فإن اختلط هذا العلم بعلم الكل م أمر ل‬ ‫يمنع من تحرير فوائد ه ومعرفة مباحثه ‪،‬ومن جهله فليس له أن يعدو ه ويتكلم‬ ‫في دين ا بدون الحاطة له‪ ،‬وبما يلزممه فمي الفتموى والترجيمح والجتهماد‬ ‫‪.‬في دين ا تعالى‬ ‫وحين يتكلم أهل العلم عن أهمية أصول الفقه ‪ ،‬فإنهم ل يعنون ما صممار اليممه‬ ‫في كتب المعاصرين من الكل م على مصممطلحات علممم أصممول الفقممه‪ ،‬ففممر ق‬ ‫بين ادراك العلم وبين معرفة مصطلحاته‪ ،‬إذ معرفممة المصممطلحات هممي أول‬ ‫الطريممق‪ ،‬ويتعلمهمما صممغار الطلبممة‪ ،‬وهممي أشممبه بمعرفممة المبضممع وأدوات‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪16‬‬

‫الجراحة عند الطبيب‪ ،‬و معرفة همذ ه ل تجعلمه طبيبما‪ ،‬وهكمذا معرفمة معنمى‬ ‫مصممطلحات علممم أصممول الفقممه‪ ،‬فإنهمما هممي كمعرفممة مصممطلحات أصممول‬ ‫الحديث‪ ،‬فهل معرفتها تجعل المر ء حديثيا ؟‬ ‫‪.‬هذا ل يقول به طالب علم‬ ‫‪:‬وههنا عندي قصتان‬ ‫أولهمـاازع ‪ :‬شيخ مممن شمميوخ الفتمموى المشممهورين بيممن النمماس‪ ،‬ويفممزع‬ ‫الناس إليه في النوازل والحداث الجسا م‪ ،‬ومع ذلك يعترف في شريط له أنه‬ ‫لم يقرأ فممي أصمول الفقممه إل "مممذكر ة أصمول الفقمه" للشمنقيطي رحممه امم‪،‬‬ ‫ويقول مفتخرا وجاعل أصول الفقه ما يقابل الكتاب والسممنة‪" :‬أنمما ممما قممرأت‬ ‫في أصول الفقه ال مذكر ة الشنقيطي رحمه ا ‪ ،‬على كل الذي أنصح بممه أن‬ ‫‪".‬هذ ه الصول نفسها ما يعارض بها الكتاب والسنة‬ ‫وكما ترون فإن الشيخ ‪-‬غفر ا له‪ -‬ظن أن أصول الفقه أدلة للحكممم وليسممت‬ ‫‪ .‬قواعد لفهم أدلة الحكم‪ ،‬حيث جعلها تقابل النص‬ ‫ثانيهما‪ :‬كنت مع بعضهم في نقاش حول مسألة تتعلق فممي دللممة لفممظ‬ ‫شرعي‪ ،‬فقدمت مقدمة على دللة اللفاظ‪ ،‬وممما هممي اسممتعمالت الئمممة لهمما‪،‬‬ ‫من أجل أن أبين له أن اللفاظ ليس مجممرد ة عمن المعمماني‪ ،‬فقممد كممان يريممد أن‬ ‫يجرد لفظا شرعيا "وهو الخلفة "من محتوا ه ‪ ،‬ويجعله مجرد اسم فقط علممى‬ ‫معنى هزيل‪ ،‬وفجأ ة قال المخالف‪ :‬وهل الذي تقوله دليل في دين ا تعالى ؟‬ ‫‪ .‬فعلمت أنه ل يعرف أصول العلو م ‪ ،‬وإل لما قال هذا القول‬ ‫‪.‬فالعلة هي هي ما زالت قائمة‪ ،‬منذ القديم والى يومنا هذا‬ ‫ماهي علة النحراف عند الخوارج وسبب فسادهم؟‬ ‫ماهي العلة في المرجئة؟‬ ‫ماهي العلة في الفتاوى المتسيبة؟‬ ‫ماهي العلة في الفقه المنحرف؟‬ ‫‪.‬لو فقهت لعلمت أنها كلها تعود إلى الصول المنهجية عند كل فرقة وطائفة‬ ‫وفي عصرنا هذا نعيش نفس الموضوع‪ ،‬ويعاني الناس نفس القضية الولى‪،‬‬ ‫ولفهم هذا إليك القضية في واقعها المعاصر مع مثممل صمماحب كتمماب )كشممف‬ ‫‪ ..):‬شبهات‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪17‬‬

‫منذ مد ة صممار حممديث واسممع عممن التوحيممد‪ ،‬وحكممم ام تعممالى فممي الطوائممف‬ ‫الحاكمة‪ ،‬وحكم الناس تحتهممم‪ ،‬وفصممل بعممض أهممل العلممم فممي هممذ ه الحكمما م‪،‬‬ ‫وكثرت الخصومات في هذ ه البواب بين المختلفين‪ ،‬قد وجد إخو ة أحبممة مممن‬ ‫الشباب هداهم ام تعممالى إلممى معرفممة التوحيممد وأركممانه‪ ،‬مممن توحيممد الممول ء‬ ‫والبرا ء‪ ،‬وتوحيد العباد ة فممي النسممك‪ ،‬وتوحيممد العبمماد ة فممي الحكممم والتشممريع‪،‬‬ ‫وهداهم ا تعالى إلى البرا ء ة من الطواغيت‪ ،‬فكفروا بممما يعبممد مممن دون ا م‬ ‫تعالى‪ ،‬وهذا كله من نعم ا تعالى‪ ،‬لكنهم وقعوا في محظور يتعلق بأحكامهم‬ ‫على الوقائع والنوازل‪ ،‬هذا المحظور ليس في غياب نصوص شرعية عنهم‪،‬‬ ‫‪.‬ولكن في منهجهم في الحكم على الحداث والوقائع‬ ‫ظن هؤل ء الشباب ‪-‬هداني ا وإياهم‪ -‬أن معرفة التوحيممد كافيممة للفتمموى فممي‬ ‫كل نازلة وواقعة‪ ،‬فقد فهموا أن الول ء ل إيمان‪ ،‬والول ء للكفار كفر‪ ،‬فما من‬ ‫عمل فيه ول ء ل وللمؤمنين إل وهو إيمان‪ ،‬وما من عمل فيه ول ء للكفار إل‬ ‫وهو كفر‪ ،‬وهي قاعد ة صحيحة ول شممك فيهمما ‪،‬ول ينممازع فيهمما ال محجمموج‬ ‫‪.‬بالكتاب والسنة‬ ‫والفتمموى ل تكفيهمما القاعممد ة العامممة‪ ،‬والكل م فممي النمموازل ل يصمملح مممع‬ ‫العمومات‪ ،‬يقول سحنون بن سعيد رحمه ا تعالى‪ :‬أجرأ الناس على الفتمموى‬ ‫‪.‬أقلهم علما‪ ،‬يكون عند الرجل الباب الواحد من العلم فيظن أن الحق كله فيه‬ ‫لكن لجهلهم بكتب الفقه‪ ،‬وعد م قرا ءتهم فيهمما ‪،‬وقلممة اطلعهممم عليهمما‪ ،‬إذ جممل‬ ‫قرا ءتهممم لكتممب التوحيممد فقممط كفتممح المجيممد لعبممد الرحمممن آل الشمميخ وكتمماب‬ ‫اليمان لبن تيمية وما ألف بعد ذلك من كتب المتاخرين ككتمماب الجممامع فممي‬ ‫طلب العلم الشريف لعبد القادر بن عبد العزيز ومثلها‪ ،‬فانهم لم يروا اليمممان‬ ‫إل مرتبة واحد ة في الحكممم ‪-‬وإن قممالوا بألسممنتهم أن اليمممان يزيممد وينقممص‪،-‬‬ ‫وأن الكفممر مرتبممة واحممد ة فممي الحكممم ‪-‬وإن قممالوا بألسممنتهم أن الكفممر مراتممب‬ ‫متعدد ة‪ ،-‬فحيث رأوا عمل من الول ء لغير ا سمو ه كفممرا ‪،‬ثممم حكممموا علممى‬ ‫فاعله بالرد ة والكفر‪ ،‬دون النظر لمرتبة هذا العمل في دين ا تعالى‪ ،‬وكتممب‬ ‫التوحيد التي تتكلم عن الول ء والبرا ء ل تفصل في هذا‪ ،‬لن التفصمميل مكممانه‬ ‫‪.‬في كتب الفقها ء‬ ‫‪.‬وقل مثل ذلك في توحيد النسك‪ ،‬وكذلك توحيد الحكم والتشريع‬ ‫هذ ه هي علممة خطممأ هممؤل ء الشممباب‪ ،‬فهممم يتعمماملون مممع القواعممد دون النظممر‬ ‫‪ .‬للحكم الخاص في المسألة‪ ،‬ويعممون الحكا م بهذ ه الطريقة‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪18‬‬

‫هذا طرف يقابل الطممرف المتحلممل الخمر المذي يتعاممل ممع القواعمد الفقهيممة‬ ‫ويفتي بها دون النظر للحكم الخاص في المسألة الخاصة‪ ،‬ويجعلممون القواعممد‬ ‫الفقهية أدلة للمسائل الشرعية‪ ،‬وبالتالي هؤل ء يتعمماملون مممع قضممايا التوحيممد‬ ‫‪.‬الذي يضاد السل م من كل وجه بأحكا م السل م الخمسة‬ ‫طرف يرى أن جميع العمال تدخل في أمرين اثنين غائيين ل وسطية فيهمما‪:‬‬ ‫‪.‬توحيد أو كفر‬ ‫وطرف يرى أن جميع العمال تدخل في مجال الوسط الذي ل غائية فيه فل‬ ‫‪.‬تكفير ول توحيد‬ ‫‪.‬هذ ه هي الحال بين طائفتي الفراط والتفريط‬ ‫قال علي بن أبي طالب رضي ا عنه‪ :‬أل أنبئكم بالفقيه كل الفقيه؟‬ ‫‪.‬قالوا‪ :‬بلى‬ ‫قال‪ :‬من لم يقنط الناس من رحمة ا‪ ،‬ولم يؤيسهم من روح ا‪ ،‬ولم يؤمنهم‬ ‫من مكر ا‪ ،‬ول يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سوا ه‪ .‬أل ل خير في عباد ة‬ ‫ليس فيها تفقه‪ ،‬ولت علم ليس فيه تفهم‪ ،‬ول قرا ء ة ليس فيها تدبر )ابطال‬ ‫)الحيل لبن بطة‪ ،‬وروي مرفوعا ول يصح‬ ‫ولذلك كنت أقول للخو ة الشباب‪ :‬إن الفتوى ل تكفيها القاعد ة العامة‪ ،‬بل‬ ‫لبد من معرفة الجزئيات‪ ،‬فمعرفتك بحقيقة اليمان والكفر ل تكفيك للفتوى‬ ‫في النازلة والحادثة‪ ،‬بل لبد من معرفة ما كتبه الئمة من مسائل في كتب‬ ‫‪.‬الفقه التي تمثل الجزئيات‬ ‫في كتب التوحيد كل م عن القبور‪ ،‬وعن عبادتها‪ ،‬وعن بنائها‪ ،‬وعن التبرك‬ ‫بها‪ ،‬وعن الدعا ء عندها‪ ،‬وعن شد الرحال إليها‪ ،‬فبعضها يدخل في التوحيد‬ ‫والذي ضد ه الشرك والكفر‪ ،‬وبعضها يدخل في التوحيد لن ضدها وسيلة‬ ‫إلى الشرك والكفر‪ ،‬وبعضها يدخل في التوحيد لن ضدها سمة من سمات‬ ‫الشرك والكفر‪ ،‬وبعضها يدخل في التوحيد فضدها يثبت حكم الحرمة له‪،‬‬ ‫لكن الشاب المبتدئ‪ -‬وكذا غير الشاب لكنه مبتدئ‪ -‬ل يعرف إل طرفين ول‬ ‫‪.‬وسط بينهما‬ ‫‪:‬في كتب التوحيد كل م عن الحكم بغير ما أنزل ا‪ ،‬ولكن‬ ‫البدعة حكم بغير ما أنزل ا‪) ،‬كما قال الما م الشاطبي رحمه ا تعالى في‬ ‫العتصا م( ‪- -.‬المعصية مطلقا حكم بغير ما أنزل ا‪) ،‬لن العمل حكم كما‬ ‫قال الما م ابن حز م رحمه ا تعالىفي الفصل " ‪ ،"3/234‬لكن يدخل في‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪19‬‬

‫حكمه دخول جزئيا‪ ،‬وهذا ما لم يفهمه الخوارج ول المرجئة ففسروا قوله‬ ‫تعالى‪" :‬ومن لم يحكم بما أنزل ا فأولئك هم الكافرون"بأحد شقيها دون‬ ‫)الخر‬ ‫فكيف نفر ق بين حكم وحكم مع دخولهما جميعا في الحكم بغير ما أنزل ا؟‬ ‫‪.‬هذا ل يفهمه المبتدئ‪ ،‬وبالتالي ل يجوز له الفتوى ول الحكم في النوازل‬ ‫من أجل هذا رأيت أن أناقش الكتاب في منهجيته‪ ،‬وأرجو من ا تعالى أن أصيب‬ ‫وأوفق‪ .‬ثم إنه ليس من قصدي اثبات جهل أحد‪ ،‬ول كشف ستر ا على أحد‪ ،‬ولكن‬ ‫أردت أن أنبه على قضايا لهميتها لرجال الهدى وشباب السل م في هذ ه اليا م‪ ،‬وهذا‬ ‫الكتاب "كشف شبهات‪ "...‬نموذج للتنبيه على هذ ه القضايا‪ ،‬وهي عندي مهمة جدا‪،‬‬ ‫وبيانها يعادل بيان ضلل المتحللين من المشايخ والفقها ء الذي فتحوا باب المعصية‬ ‫تحت دعوى التيسير ورفع الحرج‪ ،‬فالتشدد والتحلل كلهما ضلل منهي عنه‪ ،‬وكما‬ ‫‪.‬أن التشدد يتقنه كل أحد ‪ ،‬فكذلك التسهيل والترخيص يتقنه كل أحد‬ ‫ثم ان تعقب الكتاب كلمة كلمة يضخم الكتاب فيصبح الكتاب كتابين ‪ :‬الصلي والرد‪،‬‬ ‫وهذا ما ل أريد ه‪ ،‬لن قصر الكتاب على أصول ومنهج الكتاب توفر على القاري ء‬ ‫‪.‬الجهد‪ ،‬وتعرفه موطن الخلل بأيسر طريقة‬

‫‪.‬أسأل ا تعالى القبول والسداد‪ ،‬وأن ينفع بهذا الكتاب كاتبه وقارئه‬ ‫آمينازع آمين‬

‫مقدمتانازع علميتان‬ ‫‪) :‬قال الشاطبي رحمه ا تعالى في العتصا م ) ‪1/220‬‬ ‫‪:‬إل أن أهل البدع لم يبلغوا مبلغ الناظرين في الدلة بإطل ق‬ ‫‪.‬إما لعد م الرسوخ في معرفة كل م العرب والعلم بمقاصدها‪-‬‬ ‫وإممما لعممد م الرسمموخ فممي العلممم بقواعممد الصممول الممتي مممن جهتهمما تسممتنبط‪-‬‬ ‫‪.‬الحكا م الشرعية‬ ‫‪.‬وإما لعد م المرين جميعا ً ‪-‬‬ ‫يقول أبممو قتمماد ة الفقيممر ‪:‬ولغلممط أكممثر أهممل البممدع والمجتهممدين فيهممما‪،‬‬ ‫‪:‬ولقيمة هذين المرين‬ ‫‪.‬أهمية معرفة معنى الدليل ومرتبته‪1-‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪20‬‬

‫‪.‬أهمية معرفة مراتب اللفاظ‪2-‬‬ ‫‪.‬فقد قدمت في بيانهما شيئا يسيرا في مقدمتين‬ ‫وقبل الكل م على المقدمتين فل بد من التنبيه الممى أهميمة أدوات العلممم‪،‬‬ ‫فالعلم من الكتاب والسنة ل يصلح من غير أدواتممه‪ ،‬فممإن حممال الجاهممل بهممذ ه‬ ‫الدوات مع الكتاب والسنة كحال المتطبب الجاهل الذي يعالج الناس بأدويممة‬ ‫صممحيحة لكنممه ل يضممعها موضممعها ‪ ،‬ولممذلك كممان العلممم بممالدوات واجبمما‪،‬‬ ‫وهمؤل ء أصمحاب رسمول ام تعمالى نقمل عنهمم همذا ‪،‬ونبمه أهمل العلمم المى‬ ‫ضرورته‪ ،‬قال أبو اسماعيل الهروي في ذ م علم الكل م‪ :‬ورأيممت منهممم )أهممل‬ ‫البدع( قوما يجتهدون في قرا ء ة القرآن‪ ،‬وتحفظ حروفه‪ ،‬والكثار من ختمه‪،‬‬ ‫‪ ..‬ثم اعتقاد فيه ما قد بينا ه‪ ،‬اجتهاد روغان كالخوارج‬ ‫ثم روى باسناد ه عن حذيفة رضي ا عنه قممال ‪ :‬إنمما آمنمما ولممم نقممرأ القممرآن‬ ‫‪.‬وسيجي ء أقوا م يقرؤون القرآن ل يؤمنون‬ ‫ثممم قممال ‪ :‬قممال ابممن عمممر رضممي امم عنهممما‪ :‬كنمما نممؤتى اليمممان قبممل‬ ‫‪).‬القرآن) حديث رقم ‪1457 /‬‬ ‫وروى عن ابن عمر رضي ا عنها قوله‪ :‬إنا كنا صدور هذ ه المممة‪ ،‬وكممان‬ ‫الرجل من خيار أصحاب رسول ا صلى ا عليه وسلم وصالحيهم ما يقيممم‬ ‫ال سور ة من القرآن أو ما أشبه ذلك‪ ،‬وكان القرآن ثقل عليهم‪ ،‬ورزقوا علممما‬ ‫بممه معمل‪ ،‬وإن آخممر هممذ ه المممة يخفممف عليهممم القممرآن حممتى يقممرأ ه الصممبي‬ ‫‪).‬والعجمي ل يعلمون منه شيئا )حديث رقم‪1457 /‬‬ ‫‪:‬والن الى المقدمتين‬ ‫‪:‬المقدمةازع الولى‬ ‫‪:‬بيان معنى الدليل ومرتبته‬ ‫كثر طلب الشباب المتدين للدليل في المسائل الشرعية ‪ ،‬وهذ ه ظاهر ة صحية‬ ‫طيبممة وعظيمممة‪ ،‬لنهمما تنممبى ء عممن وجممود نفسممية علميممة تممترفع عممن التقليممد‬ ‫المذمو م ‪ ،‬وما من شك أن كل عاقممل يممدعو إلممى عممد م قبممول قممول إل بممدليله‪،‬‬ ‫‪:‬ولكن يخطى ء بعض المبتدئين في هذ ه المسألة من جهتين‬ ‫الولى‪ -:‬عد م معرفتهم بمراتممب الدلممة‪ ،‬وكيفيمة دخممول الحادثممة فممي الممدليل‪،‬‬ ‫فإنهم لعممد م معرفتهممم بعلممم الصممول وهممو دا ٌ ء قممديم كممما نبممه عليممه الخطيممب‬ ‫البغدادي في "الفقيه والمتفقه" وفي شرف أصحاب الحديث‪ ،‬وابن قتيبممة فممي‬ ‫مقدمة مختلف الحممديث‪ ،‬والرامهرمممزي فممي المحممدث الفاصممل بيممن الممراوي‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪21‬‬

‫والواعي‪ ،‬وكممذلك أبممو سممليمان الخطممابي فممي "معممالم الُّسممنن")‪ (1/75‬وابممن‬ ‫الجوزي وغيرهم‪ ،‬وقال ابن المديني‪ :‬التفقه في معاني الحديث نصف العلممم‪،‬‬ ‫ومعرفة الرجال نصف العلم )الجامع للخطيب ‪ (2/211‬فممإن هممؤل ء الشممباب‬ ‫يظنون أن كل المسائل هي على درجة واحد ة في بيان الحكممم الشممرعي لهمما‪،‬‬ ‫ولمعرفة خطئهم‬ ‫‪.‬فلبد من معرفة جنس الدلة‪ ،‬وكذلك مراتب الدلة‬ ‫‪:‬معنى الدليل‬ ‫الدليل يطلق في اللغة على ما يستدل بممه‪ ،‬فهممو بمعنممى المرشممد عممن الشممي ء‪،‬‬ ‫‪.‬والكاشف له‪ ،‬كما يطلق على الدال نفسه الذي نصب الدليل‬ ‫وفممي الصممطلح ‪ :‬ممما يمكممن التوصممل بصممحيح النظممر فيممه الممى المطلمموب‬ ‫‪.‬الخبري‬ ‫‪:‬يقول ابن تيمية في أهمية علم الصول ومعرفة الدلة‬ ‫ازع والعلمازع شيئانازع إماازع نقٌلازع مصدق‪،‬ازع وإماازع بحـٌثازع محقــق‪،‬ازع مـاازع ســوىازع ذلـكازع فهــذيان"‬ ‫…مسروق‬ ‫‪.‬ويقول‪:‬فل يتحقق جنسازع اللدلة حتى يميز بين ما يدل وما ل يدل‬ ‫‪.‬ول مراتبازع اللدلة حتى يقد م الراجح على المرجوح إذا تعارض الدليلن‬ ‫ازع ولهذاازع كانازع أصولازع الفقـهازع مقصــولدهازع ‪:‬معرفـةازع اللدلـةازع الشــرعية‪،‬ازع جنـسازع الــدليل‬ ‫…ومرتبةازع الدليل‬ ‫وقد قيل إنما يفسد الناس نصف متكلم ونصف فقيه ونصممف نحمموي ونصممف‬ ‫طبيب‪ ،‬وهذا يفسد الديان ‪ ،‬وهذا يفسد البلدان ‪ ،‬وهممذا يفسممد اللسممان ‪ ،‬وهممذا‬ ‫يفسد البدان ‪ -‬ل سيما إذا خاض هذا في مسألة لم يسبق إليها عالم ‪،‬ول معممه‬ ‫فيهمما نقم ٌل عممن أحممد ‪،‬ول هممي مممن مسممائل النممزاع بيممن العلممما ء فيختممار أحممد‬ ‫‪) .‬القولين…الخ"‪ ) .‬الستغاثة الكبرى أو الرد على البكري ‪629 -1/628‬‬ ‫‪ :‬ويقول رحمه ا في بيان ما يحتاجه العالم والمناظر من المجتهدين‬‫تار ة بنص اختص بسممماعه مممن الرسممول صمملى ام عليممه وسمملم أو مممن…"‬ ‫غير ه‪ ،‬وحصل له بذلك العلم لسباب كثير ة في النقممل‪ ،‬وهممذا كممثي ٌر ممما يكمون‬ ‫لعلما ء الحديث‪ ،‬فإنهم يعلمون من النصمموص ويقطعممون منهمما بأشمميا ء كممثير ة‬ ‫‪.‬جدًا‪ ،‬وغيرهم قد يكذب بها أو يجز م بكذبها‪ ،‬دع من يجهلها أو يشك فيها‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪22‬‬

‫وتار ة بفهم النصوص ومعرفة دللتها‪ ،‬فما أكممثر ممما يجهممل معنممى النممص أو‬ ‫يشك فيه‪ ،‬أو يفهم منه نقيممض ‪-‬أو يممذهل عنممه‪ ،-‬أو يعجممز ذهنممه عممن دركممه‪،‬‬ ‫‪.‬ويكون الخر قد فهم من ذلك النص‪ -‬وعلم من ما يقطع به‬ ‫‪.‬وتار ة بإجماع علمه من إجماعات الصحابة وغيرها‬ ‫‪:‬ثم بعد ذلك تار ة بقياس قطعي‬‫فإن القياس نوعان‪ :‬قطعي وظني ‪-‬كما في القياس)أي القطعي( الذي هو فممي‬ ‫معنى الصل قطعًا‪ ،‬بحيث ل يكون بينهما فر ق تأتي بممه الشممريعة‪ ،‬أو يكممون‬ ‫‪.‬أولى بالحكم منه قطعا ً‬ ‫وتار ة بتحقيق المناط )أي الظني(‪ ،‬وهذا يعود إلممى عممود فهممم معنممى النممص‪-‬‬ ‫بأن يعرف ثبوت المناط الذي ل شك فيه في المعين ‪-‬وغيممر ه يشممك فممي ذلممك‬ ‫كما يقطع الرجل في القصاص‪ -‬وإبدال المتلفات بممأن هممذا أقممرب إلممى المثممل‬ ‫والعدل من كذا ‪-‬وغير ه يشك فيممه أو يعتقممد خلفممه وأمثممال ذلممك‪) .‬السممتغاثة‬ ‫‪69-1/68).‬‬ ‫‪.‬هذاازع كلمهازع فيازع بيانازع جنسازع اللدلة‬ ‫‪:‬وأماازع مراتبازع اللدلةازع جملةازع عندازع البحثازع فهي‬ ‫‪.‬أمو ٌر تذكر للعتماد"‬ ‫‪.‬وأمور تذكر للعتضاد‬ ‫‪".‬وأمور تذكر لنها لم يعلم أنها من نوع الفساد‬ ‫‪) .‬الصفدية لبن تيمية ‪(1/287‬‬ ‫‪:‬المقدمةازع الثانية‬‫‪ .‬مراتب اللفاظ الشرعية ودخولها في مراتب الحكا م‬ ‫يقول ابن حجر رحمه ا‪" :‬ل يلز م الشتراك فممي السممما ء الشممتراك‬ ‫‪).‬في المعنى")فتح الباري‪ ،‬شرح حديث المعدن جبار ص ‪3/265‬‬ ‫يقول أبو قتاد ة ‪ :‬تأمل هممذا كممثير فسممتحتاجه فممي أغلممب مسممائل العلممم‪،‬‬ ‫‪.‬وأهمية هذ ه الكلمات ل يقدرها ال من مارس العلم وعانا ه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪23‬‬

‫ويقول ابن حز م رحمه ا تعالى‪" :‬وليعلم من قرأ كتابنا هذا أن منفعممة‬ ‫هذ ه الكتب ليست في علم واحد فقط‪ ،‬بل في كل علم‪ ،‬فمنفعتها فممي كتمماب ام‬ ‫تعالى وحديث نممبيه صمملى ام عليممه وسمملم وفممي الفتيمما فممي الحلل والحممرا م‬ ‫والواجب والمباح من أعظم منفعة‪ ،‬وجملة ذلك في فهممم السممما ء الممتي نممص‬ ‫ا تعالى ورسوله صلى ا عليه وسلم عليها‪ ،‬وما تحتوي عليه من المعمماني‬ ‫التي تقع عليها الحكمما م وممما يخممرج عنهمما مممن المسممميات‪ ،‬وانقسممامها تحممت‬ ‫الحكا م على حسممب ذلممك‪ ،‬واللفمماظ الممتي تختلممف عبارتهمما وتتفممق معانيهمما‪،‬‬ ‫وليعلم العالمون أن من لم يفهم هذا القدر فقد بعد عممن الفهممم عممن ربممه تعممالى‬ ‫وعن النبي صلى ا عليه وسلم‪ ،‬ولم يجز له أن يفتي بين اثنين لجهله بحدود‬ ‫الكل م‪ ،‬وبنا ء بعضه على بعض‪ ،‬وتقديم المقدمات‪ ،‬وانتاج النتائج الممتي يقممو م‬ ‫بها البرهان وتصد ق أبدا‪ ،‬ويميزها من المقدمات الممتي تصممد ق مممر ة وتكممذب‬ ‫أخرى ول ينبغي أن يتعبد بها" )رسائل ابن حممز م‪ ،‬تقريممب حممد المنطممق ص‬ ‫‪102).‬‬ ‫يقول الفقير أبو قتاد ة ‪ :‬هذ ه كلمات رجل عانى في هممذا البمماب فكلممماته‬ ‫كالدرر‪ ،‬ففيها الفهم عن ا‪ ،‬والفهم على رسوله صلى ا عليه وسلم‪ ،‬وفيهمما‬ ‫‪ .‬معرفة علل الناس في أبواب العلم‬ ‫قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ يخاطب بعممض أهممل‬ ‫الغلو في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية )‪ ،(3/4‬وهي كذلك فممي الممدرر‬ ‫‪):‬السنية )‪1/475‬‬ ‫وقد رأيت سنة أربع وستين رجلين من أشباهكم المارقين بالحسا ء قد‬ ‫اعتزل الجمعة والجماعة‪ ،‬وكَّفرا من في تلك البلد مممن المسمملمين‪ ،‬وحجتهممم‬ ‫‪:‬من جنس حجتكم يقولون‬ ‫أهل الحسا ء يجالسون ابن فيروز‪ ،‬ويخممالطونه هممو وأمثمماله ممممن لممم يكفممر"‬ ‫بالطاغوت‪ ،‬ولم يصرح بتكفير جد ه الذي رد دعو ة الشمميخ‪/‬محمممد ولممم يقبلهمما‬ ‫‪.‬وعاداها‬ ‫قال‪" :‬ولم يصرح بكفممر ه فهممو كمماف ٌر بممال‪ ،‬لممم يكفممر بالطمماغوت ومممن‬ ‫‪".‬جالسه فهو مثله‬ ‫يقول أبو قتاد ة ‪ :‬ما أشبه اليو م بالبارحة‪ ،‬وصد ق السمملف حيممن قممالوا‪(:‬‬ ‫)‪.‬الناس كأسراب القطا يتبع بعضهم بعضا‪ ،‬فانتبه لدينك حفظك ا ورعاك‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪24‬‬

‫ورتبوا على هاتين المقدمتين الكاذبتين الضالتين ما يترتب على الممرد ة‬ ‫الصريحة من الحكا م‪ ،‬حتى تركوا رد الَّسل م‪ ،‬فرفع إلي أمرهم وأحضممرتهم‬ ‫‪.‬وهددتهم ‪ ،‬وأغلظت لهم القول‬ ‫فزعموا أو ً‬ ‫ل ‪ :‬أنهم على عقيد ة الشيخ ‪/‬محمد بمن عبممد الوهماب‪ ،‬وأن رسمائله‬ ‫عندهم‪ ،‬فكشفت لهم شبهتهم‪ ،‬وأدحضت ضللتهم بما حضرني فممي المجلممس‬ ‫‪:‬وأخبرتهم ببرا ء ة الشيخ من هذا المعتقد والمذهب‬‫وإنه ل يكفر إل بما أجمع المسلمون على تكفيممر فمماعله مممن الشممرك الكممبر‪،‬‬ ‫والكفر بآيات ا ورسله‪ ،‬أو بشي ء منها بعد قيمما م الحجممة وبلوغهمما المعتممبر‪،‬‬ ‫كتكفير من عبد الصالحين ودعاهم مع ا‪ ،‬وجعلهم أنداداً فيما يسممتحقه علممى‬ ‫‪.‬خلقه من العبادات واللوهية‬ ‫‪ …..‬وهذا مجمع عليه عند أهل العلم واليمان‬ ‫وقد أظهر الفارسيان المذكوران التوبة والند م‪ ،‬وزعما أن الحق ظهر لهما ثم‬ ‫لحقا بالساحل‪ ،‬وعادا إلممى تلممك المقالممة وبلغنمما عنهممم تكفيممر أئمممة المسمملمين‪،‬‬ ‫‪ .‬بمكاتبة الملوك المصريين‬ ‫بل كفروا من خالط من كاتبهم من مشايخ المسلمين‪ ،‬ونعوذ بال من الضمملل‬ ‫‪.‬بعد الهدى والحور بعد الكور‬ ‫يقول أبو قتاد ة ‪:‬كان أئمة الدعو ة النجديممة فممي الدولممة الثانيممة يكفممرون(‬ ‫جنممد وعسمماكر وقمماد ة المصممريين بعممد أن رأوا منهممم العمماجيب لممما دخلمموا‬ ‫الدرعيممة بقيمماد ة ابراهيممم باشمما ابممن محمممد علممي‪ ،‬فقممد اسممتباحوا الممدما ء‬ ‫والعراض‪ ,‬ونقضوا الدرعية حجممرا حجممرا‪ ،‬وذلممك بعممد أن أعطمموا المممان‬ ‫لهلها‪ ،‬ثم أخذوا العلما ء والمممرا ء الممى مصممربعد قتممل الكممثير منهممم‪ ،‬فممرأوا‬ ‫‪) .‬هناك أن عامة الجند ل يصلون ويستحلون المحرمات‬ ‫‪:‬ثم قال‬ ‫ولفممظ الظلممم والمعصممية والفسممو ق والفجممور والممموال ة والمعممادا ة والركممون‬ ‫والشرك ونحممو ذلممك مممن اللفمماظ المموارد ة فممي الكتمماب والُّسممنة قممد يممراد بهمما‬ ‫مسماها المطلق وحقيقتها المطلقة‪ ،‬وقد يراد بها مطلممق الحقيقممة‪ ،‬والول هممو‬ ‫الصل عند الصوليين‪ ،‬والثمماني ل يحمممل الكل م عليممه إل بقرينممة لفظيممة أو‬ ‫‪.‬معنوية‪ ،‬وإنما يعرف ذلك بالبيان الَّنبوي وتفسير الُّسنة‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪25‬‬

‫ثم قال‪ :‬ونضرب لك مث ً‬ ‫ل‪ :‬وهو أن رجلين تنازعا في آيات مممن كتمماب‬ ‫‪.‬ا أحدهما خارجي والخر مرجى ء‬ ‫قال الخارجي‪ :‬إن قول ا تعالى "إنممما يتقبممل ام مممن المتقيممن" دليممل‬ ‫على حبوط أعمال العصا ة والفجار وبطلنهمما إذ ل قائممل أنهممم مممن عبمماد ام‬ ‫‪.‬المتقين‬ ‫قال المرجى ء‪ :‬هي في الشممرك‪ ،‬فكممل مممن اتقممى الشممرك يقبممل عملممه ‪،‬‬ ‫لقوله تعالى "من جا ء بالحسنة فله عشر أمثالها" )يقممول أبممو قتمماد ة‪:‬وجممد مممن‬ ‫بعض أهل العلم قديما من لم يممر محبطمما للعمممل الجزئممي والكلممي إل الشممرك‬ ‫وهذا خطأ شنيع –انظر فتح الباري لبن رجب الحنبلممي فممي كتمماب اليمممان‪-‬‬ ‫‪-).‬باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله‬ ‫قال ابن رجب رحمه ا تعمالى فيمه‪ :‬والثمار عمن السملف فمي حبموط‬ ‫‪.‬بعض العمال بالكبير ة كثير ة جدا يطول استقصاؤها‬ ‫وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخمموارج والمعتزلممة‬ ‫‪.‬خاصة‪ ،‬فقد أبطل فيما قال‪ ،‬ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك‬ ‫‪.‬نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبير ة اليمان كله‪ ،‬وخلدو ه بها في النار‬ ‫‪).‬وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به‪ .‬فتح الباري لبن رجب ‪1/200‬‬ ‫قال الخارجي‪ :‬قوله تعالى "ومن يعص ا ورسوله فإن له نممار جهنممم‬ ‫‪.‬خالدين فيها أبدا" يرد ما ذهبت إليه‬ ‫)‪(1‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫)‪(4‬‬ ‫)‪(5‬‬ ‫)‪(6‬‬ ‫)‪(7‬‬ ‫)‪(8‬‬

‫قال المرجى ء‪ :‬المعصية هنا الشرك بال‪،‬‬ ‫واتخاذ النداد معه لقوله "إن ا ل يغفر أن يشرك به ويغفممر ممما دون ذلممك‬ ‫‪".‬لمن يشا ء‬ ‫قممال الخممارجي‪" :‬أفمممن كممان مؤمنمما كمممن كممان فاسممقًا" دليممل علممى أن‬ ‫‪ .‬الفسا ق من أهل النار خالدين فيها‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪26‬‬

‫قال المرجى ء ‪:‬في آخر الية "وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الممذي كنتممم‬ ‫به تكذبون" دليل على أن المراد من كَّذب ا م ورسمموله‪ ،‬والفاسممق مممن أهممل‬ ‫‪.‬القبلة كامل اليمان‬ ‫قال الشيخ‪ :‬ومن وقف على هذ ه المناظر ة من جهال الطلبممة والعمماجم‬ ‫ظن أنها الغاية المقصممود ة‪ ،‬وعممض عليهمما بالنواجممذ ‪ ،‬مممع أن كل القممولين ل‬ ‫يرتضى‪ ،‬ول يحكم بإصابته أهل العلم والهدى‪ ،‬وما عند السمملف والراسممخين‬ ‫في العلم خلف همذا كلمه ‪ ،‬لن الرجموع إلممى الُّسممنة المبينمة للنمماس ممما نممزل‬ ‫‪.‬إليهم‬ ‫‪.‬وأما أهل البدع والهوا ء فيستغنون عنها بآرائهم وأهوائهم وأذواقهم‬ ‫ثم قال‪ :‬وقد بلغني أنكم تأولتم قول ا تعالى فممي سممور ة محمممد ) ذلممك‬ ‫بأنهم قالوا للذين كرهوا ما أنزل ا سنطيعكم في بعض المر( ‪ .‬على بعض‬ ‫ما يجري من أمرا ء الوقت‪ :‬من مكاتبة أو مصالحة أو هدنة لبعض الرؤسمما ء‬ ‫الضالين والملوك المشركين‪) ،‬يقول أبو قتمماد ة‪ :‬الحممال اليممو م هممي الحممال فممي‬ ‫أمس المسلمين‪ .‬وا الحافظ مممن مضمملت الفتممن(‪ ،‬ولممم تنظممروا لول اليممة‬ ‫وهي قوله‪" :‬إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهممم الهممدى" ولممم‬ ‫تفقهوا المراد من الطاعة‪ ،‬ول المراد من المر بالمعروف المذكور في قوله‬ ‫تعممالى فممي هممذ ه اليممة الكريمممة ‪ ،‬وفممي قصممة صمملح الحديبيممة‪ ،‬وممما طلبممه‬ ‫المشركون واشترطو ه وأجابهم إليه رسول ا صلى ا عليه وسلم ما يكفممي‬ ‫‪.‬في رد مفهومكم ودحض أباطيلكم‪ .‬انتهى‬ ‫يقول أبو قتاد ة ‪ :‬أصل المناظر ة هذ ه التي ذكرها الشيخ هي فممي كتمماب‬ ‫الفصل للما م ابن حز م رحمه ا تعالى عند رد ه على المرجئة‪ ،‬فهنمماك تممرا ه‬ ‫‪.‬بتوسع‬ ‫قال أبو قتاد ة‪ :‬تأمل أخي وأعد قرا ءتها لتفهمها علممى وجههمما الصممحيح‬ ‫‪.‬فتدرك ما أنت عليه من الفقه في هذ ه المسائل‬ ‫يقممول الشمميخ ابممن تيميممة رحمممه ا م تعممالى فممي مجممموع الفتمماوى )‬ ‫‪145-11/141) :‬‬‫ازع ذلكازع أنازع الماهيتينازع إذاازع كانازع بينهماازع قــدرازع مشــتركازع وقــدرازع مميــز‪،‬ازع واللفـظازع يطلــق‬ ‫‪:‬ازع علىازع كلازع منهما‪،‬ازع فقدازع يطلقازع عليهما‬ ‫ازع باعتبارازع ماازع بهازع تمتازازع كلازع ماهيّةازع عـنازع الخــرى‪،‬ازع فيكــونازع مشــتركا ًازع كالشــتراك‪-‬‬ ‫‪.‬اللفظي‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪27‬‬

‫ازع وقدازع يكونازع مطلق اًازع باعتبــارازع القــدرازع المشــتركازع بيـنازع المــاهيتينازع ‪،‬ازع فيكــونازع لفظـًا‪-‬‬ ‫‪.‬متواطئا ً‬ ‫‪:‬ثم قال‬‫ثم إنه في اللغة يكون موضوعاً للقدر المشترك‪ ،‬ثم يغلب عرف السممتعمال‬ ‫على استعماله في هذا تممار ة‪ ،‬وفممي هممذا تممار ة‪ ،‬فيبقممى دالً بعممرف السممتعمال‬ ‫‪.‬على ما به الشتراك والمتياز‬ ‫وقد يكون)هناك( قرينة‪ ،‬مثل ل م التعريممف أو الضممافة‪ ،‬تكممون هممي الدالممة‬ ‫‪.‬على ما به المتياز‬ ‫ولفممظ النفمما ق مممن هممذا البمماب‪ -:‬فممإنه فممي الَّشممرع إظهممار الممدين وإبطممان‬ ‫خلفه‪،‬وهذا المعنى الشرعي أخص من مسمى النفا ق في اللغة فإنه في اللغممة‬ ‫‪ .‬أعم من إظهار الدين‬ ‫‪:‬ثم إبطان ما يخالف الدين‬ ‫إممما أن يكممون كفممراً أو فسممقًا‪ ..‬فممإطل ق النفمما ق عليهممما فممي الصممل بطريقممة‬ ‫…التواطؤ‬ ‫‪.‬فإطل ق لفظ )النفا ق( على الكافر وعلى الفاسق‬ ‫إن أطلقته باعتبار ما يمتاز به عن الفاسق –كان إطلقه عليه وعلممى الفاسممق‬ ‫‪.‬باعتبار الشتراك… وكذلك يجوز أن يراد به الكافر خاصة‬ ‫ويكون متواطئا ً إذا كان الَّدال علممى الخصوصممية غيممر لفممظ )منممافق( بممل ل م‬ ‫‪.‬التعريف‬ ‫‪:‬وهذاازع البحثازع الشريفازع جاءازع فيازع كلازع لفظازع عامازع استعملازع فيازع بعضازع أنواعه‬ ‫‪.‬إماازع لغلبةازع الستعمال‬ ‫‪.‬أوازع لدللةازع لفظيةازع خصتهازع بذلكازع النوع‪.‬ازع انتهى‬ ‫ويقممول‪ :‬ومممن كل م العممرب وغيرهممم أنهممم ينفممون الشممي ء فممي صمميغ‬ ‫‪:‬الحصر أو غيرها‪ ،‬فتار ة‬ ‫لنتفا ء ذاته‪-‬‬ ‫‪ .‬وتار ة لنتفا ء فائدته ومقصود ه‪-‬‬ ‫‪ :‬ويحصرون الشي ء في غير ه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪28‬‬

‫‪.‬تار ة لنحصار جميع الجنس منه‪-‬‬ ‫‪.‬وتار ة لنحصار المفيد أو الكامل فيه‪-‬‬ ‫‪ .‬ثم إنهم تار ة يعيدون النفي إلى المسمى‬ ‫وتار ة يعيدون النفي إلى السم‪ ،‬وإن كان ثابتا ً في اللغممة‪ ،‬إذا كممان المقصممود‬ ‫الحقيقي بالسم منتفيا ً عنه ثابتاً لغير ه كقوله‪" :‬يا أهل الكتاب لستم على شي ء‬ ‫‪ .‬حتى تقيموا التورا ة والنجيل وما أنزل إليكم من ربكم" المائد ة‪168:‬‬ ‫فنفى عنهم مسمى الشي ء ‪ ،‬مع أنه شامل فمي الصممل لكممل موجمود ممن حممق‬ ‫وباطل‪ ،‬ولما كان ما ل يفيد وما ل منفعممة فيممه يممؤول إلممى الباطممل الممذي هممو‬ ‫‪.‬العد م‪ ،‬فيصير بمنزلة المعدو م‬ ‫‪) .‬مجموع الفتاوى ‪ /‬الطبعة الجديد ة ‪(25/87‬‬ ‫ويقول‪ -:‬فكما أنهم في الثبات يثبتون للشي ء اسم المسمى إذا حصل فيممه‬ ‫من مقصود السم‪ ،‬وإن انتفت صور ة المسمى‪ ،‬فكذلك في النفي‪ ،‬فممإن أدوات‬ ‫‪:‬النفي تدل على انتفا ء السم بانتفا ء مسما ه‬ ‫‪.‬ازع تارةازع لنهازع لمازع يوجدازع أصلً ‪2-‬‬ ‫‪.‬ازع وتارةازع لنهازع لمازع توجدازع الحقيقةازع المقصولدةازع بالمسمى‬ ‫‪.‬وتارةازع لنهازع لمازع تكتملازع تلكازع الحقيقة‬ ‫ازع وتارةازع لنازع ذلكازع المسمىازع مماازع لازع ينبغيازع أنازع يكونازع مقصــولداً‪،‬ازع ب ـلازع المقصــولد‬ ‫‪.‬غيره‬

‫‪3‬‬‫‪4‬‬‫‪5-‬‬

‫‪) .‬وتارةازع لسبابازع أخرى‪ 25/89) .‬مجموع الفتاوى ‪ /‬الطبعة الجديد ة ‪-‬‬ ‫يقول أبو قتاد ة‪ :‬هذ ه القاعد ة لو تأملها طالب العلمم لعلمم ممن أيمن يمؤتى‬ ‫أهل البدع‪ ،‬إذ يظنون أن نفي الشي ء يستلز م نفي حقيقتممه لزوم مًا‪ ،‬وإن إثبممات‬ ‫الشي ء يستلز م كمال حقيقته "أركاناً وواجبات ومستحبات "جميعا‪ .‬وهذا هممو‬ ‫‪.‬سبب ضلل الفر ق المبتدعة من خوارج ومرجئة وقدرية وجبرية‬ ‫ثم إنهم بعد ذلممك يطلقممون الحكممم الغممائي علممى الموجممود الجزئممي‪ ،‬أو يلغممون‬ ‫الحكم كلياً لنتفا ء بعضه وأجزائه‪ ،‬وبهذا يتبين لك جهممل مممن يطلممق الحكمما م‬ ‫‪.‬الشرعية على مجرد الشعارات واللفاظ دون النظر للحقيقة والواقع‬ ‫يقول الشاطبي رحمه ا تعالى ‪":‬ل يلز م العتبار بالمنصوص عليمه‪،‬‬ ‫‪).‬ما لم ينص عليه مثله من كل وجه")العتصا م ‪2/246‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪29‬‬

‫يقول أبو قتاد ة ‪ :‬وهذا الذي وقع فيه الكاتب حين تعامل مع القبمموريين‬ ‫‪،‬والديمقراطيين‬ ‫فإنه تعامل مع القبوريين على مرتبممة واحممد ة وكممذلك الممديمقراطيين‪ ،‬وأطلممق‬ ‫‪.‬حكما ً نهائياً هو التكفير الغائي على الوجود الجزئي كما سيتبين في موطنه‬ ‫فشابه بهذا الخوارج الوائل وإن كانت قواعد ه الكليممة صممحيحة‪ ،‬ووقممع فيممما‬ ‫‪.‬حَّذر منه أهل الُّسنة‬ ‫ثم بهذا يتبين لك الفر ق فيما فعله الخوارج مممن إنممزال الحكمما م الغائيممة علممى‬ ‫الجزا ء بحجة انتفا ء السم‪ ،‬وبين ما كان يحتج به السلف كعمر بن الخطمماب‬ ‫رضي ا عنه في آيات أنزلت في الكفار كقوله تعالى "اذهبتممم طيبمماتكم فممي‬ ‫‪.‬حياتكم الدنيا" وخطابه للمسلمين المؤمنين بها‬ ‫‪.‬فالخوارج‪ :‬أنزلوا الحكم الكلي على الجزئي‬ ‫وأهل الُّسنة ‪:‬أنزلوا الحكم الجزئي على الجزئي‪ ,‬وإن استخدموا اللفممظ الكلممي‬ ‫‪.‬الوارد في النص‬ ‫وأخطأ أقوا ٌ م من المرجئة فزعموا أن احتجاج عمر بمن الخطماب رضمي ام‬ ‫عنه بهذ ه اليات التي نزلت في الكافرين إنما على جهممة التحممذير والممترهيب‬ ‫‪.‬فقط‪ ،‬ول نصيب للمؤمن منها قط‪ ،‬وهو غلط آخر وقع من المرجئة‬ ‫‪:‬والخلصة‬ ‫يقول ابن تيمية‪ -:‬وجماع المر أن السم الواحد ينفي ويثبت بحسب الحكمما م‬ ‫المتعلقة به ‪ ،‬فل يجب إذا ثبممت أو نفممي فممي حكممم أن يكممون كممذلك فممي سممائر‬ ‫…الحكا م‪ ،‬وهذا في كل م العرب وسائر المم‪ ،‬لن المعنى مفهو م‬ ‫فتبين أن السم الواحد ينفى في حكمم ويثبمت فمي حكمم ) مجمموع الفتماوى‬ ‫‪419-7/418).‬‬ ‫يقول أبو قتاد ة الفقير‪ :‬وعد م فهم هذا أوقع البعممض فممي تفسممير باطممل لحادثممة‬ ‫‪.‬ذات أنواط كما سيأتي‬ ‫‪:‬ازع تنبيهازع مهم‬ ‫يقول ابن تيمية رحمه ا تعالى ‪":‬إذا نهى )يكون نهيا( عن بعضه‪ ،‬وإذا أمر‬ ‫‪).‬بشي ء كان أمراً بجميعه" أي الشارع" )الفتاوى ‪21/85‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪30‬‬

‫ليسازع تبريراازع للباطلازع ولازع لدفاعاازع عنه‬ ‫‪".‬المنكر أبدا منكر"‬ ‫ازع قالازع المروزيازع فيازع العلل‪:‬ازع ذكر‪-‬أيازع أـحمدازع بنازع ـحنبل‪-‬ازع )الفوائد(‪،‬ازع فقال‪":‬الحديث‬ ‫‪.‬عنازع الضعفاءازع قدازع يحتاجازع إليهازع فيازع وقت‪،‬ازع والمنكرازع أبداازع منكر"ص ‪87‬‬ ‫‪.‬وهي كلمة جليلة وا ول تصدر إل ممن كان إماما في الخير‬ ‫نعم قيلت في الحديث النبوي وقواعد ه‪ ،‬ولكن لو تأملها طالب العلم لوجدها‬ ‫‪:‬تعبر عما نحن فيه‬ ‫‪.‬الضعيفازع يحتاجازع إليهازع فيازع وقت‬ ‫‪.‬المنكرازع أبداازع منكر‬ ‫البدعة والسيئة في واقع العمل السلمي ل ينكر وجودهما إل أعمى‪ ،‬فمن‬ ‫علم هدي الكتاب والسنة‪ ،‬وأبصر سبيل الهدي النبوي علم وقوع الطوائف‬ ‫والفراد من أمة محمد صلى ا عليه وسلم في مستنقع البدعة والسيئة‪ ،‬ول‬ ‫يجوز لمسلم أن يدافع عن الباطل أو يبرر وجود ه‪ ،‬فالباطل باطل أبدا ‪،‬كما‬ ‫أن المنكر منكر أبدا‪ ،‬ومن زعم أن الحق ل يمكن أن يستقيم له أمر في هذ ه‬ ‫الدنيا إل بنوع من الباطل فهو مخطئ على الشريعة النبوية‪ ،‬فالحق ل يحتاج‬ ‫إلى الباطل‪ ،‬والهدى ل يحتاج إلى الضللة‪ ،‬بل ل يتم أثر الحق والهدى إل‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪31‬‬

‫بالبرا ء ة من الباطل والضللة‪ ،‬وعلى المسلم دوما محاولةكشف البدعة‬ ‫‪.‬والتنفير من السيئة ما استطاع لذلك سبيل‬ ‫وقد وجد أقوا م ظنوا أن الحق ل يثبت ول يؤثر إل إذا اقترن بنوع من أنواع‬ ‫الباطل‪ ،‬فأفتوا بهذا الباطل وقننو ه وجعلو ه دينا يتبع‪ ،‬وهؤل ء هم الذين‬ ‫يفسدون على أهل السل م دينهم‪ ،‬وما أتاهم هذا الشر إل بسبب إعراضهم‬ ‫عن هدي النبي صلى ا عليه وسلم وسير ة صحابته معه ومن بعد ه‪ ،‬ولكثر ة‬ ‫قرا ءتهم ودراستهم لكتب وتجارب أهل الباطل والكفر‪ ،‬فإنهم رأوا غلبة‬ ‫وقدر ة لهؤل ء على تحصيل مقاصدهم‪ ،‬ثم نظروا نظر ة أخرى إلى أهل‬ ‫السل م فرأوا ذلة وهزيمة وتأخرا في السير نحو أهدافهم‪ ،‬ففكروا وقدروا‬ ‫‪:‬وخرجوا بهذا الستنتاج‬ ‫أن الحق ل يمكن أن يثبت وجود ه‪ ،‬ول أن تقو م له قائمة إل بشي ء من‬ ‫‪.‬الباطل ‪،‬والمهادنة له أو الركون إليه‬ ‫‪.‬وهم في الحقيقة عطلوا عمل الحق وأبطؤوا سير ة وأذهبوا عنه بعض قوته‬ ‫‪:‬والفقه السليم في هذ ه المسألة‬ ‫أن الباطل والبدعة والسيئة ل يمكن بحال من الحوال أن تبرر‪ ،‬أو أن‬ ‫تصبح حقا وهدى وسنة وحسنة‪ ،‬فمن أفتى بجواز الباطل والبدعة والسيئة‬ ‫بحجة حاجة الحق والصواب إليها‪ ،‬أو بحجة تمرير الحق من خللها‪ ،‬أو‬ ‫‪.‬بحجة خلف العلما ء حولها فهو مبطل هاد م للشريعة علم ذلك أو لم يعلم‬ ‫لكممن هنمماك فممر ق بيممن ممما هممو حممق وباطممل فممي المطلممق ‪،‬وبيممن واقممع الحممق‬ ‫ووجود ه‪ ،‬ففي العصور المتأخر ة عمن صمدر النبممو ة ابتعمد النمماس عمن السمنة‬ ‫والحسممنة‪ ،‬وكممثرت البممدع والسمميئات‪ ،‬وصممار فيهممم اختلط بيممن السمميئات‬ ‫والحسنات‪ ،‬وبين السنن والبدع‪ ،‬ولم يختلف أهل العلم بأن هؤل ء يشممكر لهممم‬ ‫حسناتهم وما فيهم من السنة‪ ،‬وتذ م سيئاتهم وما فيهم من البدع‪ ،‬ومن رأى أن‬ ‫الطوائف والفراد ل يقبلون إل بحسنة مطلقة وبسنة صافية فقد خالف هممدي‬ ‫النبي صلى ا عليه وسلم‪ ،‬فإنه صلى ا عليه وسلم كان يصبر على ما يقع‬ ‫من أصحابه من أعمال غير شرعية ول يطردهم من مجلسه ول من طممائفته‬ ‫ول من مسمى أصحابه‪ ،‬ثم هذا علي رضي ا عنه دخل في جنممد ه مممن قتلممة‬ ‫عثمان رضي ا عنه الفسا ق‪ ،‬وكانوا هم أهل الشوكة والقممو ة‪ ،‬وكممان يشممكوا‬ ‫أمرهم للخارجين عليه ‪-‬كطلحة والزبيررضي ام عنهممما‪ -‬الممذين لممم يكونمموا‬ ‫يعذرونه بوجود هؤل ء الفسا ق في جند ه‪،‬فقاتلو ه وعادو ه‪،‬يقول رضي ا عنه‬ ‫وهو البر الصاد ق في دينه ‪ :‬يا إخوتا ه ‪ ،‬إني لسممت أجهممل ممما تعلمممون‪،‬ولكممن‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪32‬‬

‫كيف أصنع بقو م يملكوننا ول نملكهم ؟ هاهم قد ثارت معهم عبممدانكم وثممابت‬ ‫إليهم أعرابكم‪،‬وهم خللكم يسومونكم ما يشاؤون فهل تممرون موضممعا لقممدر ة‬ ‫) الطبري ‪ /‬تاريخ الرسل ‪4/437 ،‬‬ ‫‪).‬على شي ء مما تريدون ؟‬ ‫فمن الباطل السكوت عن الباطل وعد م انكممار ه‪ ،‬لكممن كممذلك مممن الباطممل هممو‬ ‫إزالة الحق وعد م اعتبار ه لوجود نوع من الباطل معه‪ ،‬ثم مممن الباطممل كممذلك‬ ‫تدمير الحق فممي طائفممة مممن الطوائممف وعممد م العممتراف بممه لوجممود الباطممل‬ ‫والسيئة فيهم) فإنه قد يجتمع في الشخص الواحد والطائفة الواحممد ة ممما يحمممد‬ ‫من الحسنات وما يذ م من السيئات ‪ ،‬وما ل يذ م من المباحممات ‪ ..‬ولهممذا يكممثر‬ ‫في المة من أئمة المرا ء والعلما ء وغيرهم من يجتمع فيه المران‪ ،‬فبعممض‬ ‫الناس يقتصر على ذكر محاسنه ومدحه غلوا وهوى‪ ،‬وبعضهم يقتصر على‬ ‫ذكر مساوئه وذمه غلوا وهمموى‪ ,‬وديممن ام بيممن الغممالي فيممه والجممافي عنممه‪،‬‬ ‫‪").‬وخيار المور أوسطها "التسعينية ‪1033-1032‬‬ ‫فلبد للمفتي أن يفر ق بين الحديث عن الحق في مجاله العلمي‪ ،‬وبين واقعه‬ ‫ومآل فتوا ه بعمل من العمال الشرعية‪ ،‬وهذا بعض معنى الذي قاله بعض‬ ‫أهل العلم من الموازنة بين الكليات والجزئيات كما نص على ذلك الما م‬ ‫‪.‬الشاطبي رحمه ا تعالى‬ ‫فليس من الفقه ول من الورع ول من اتباع الهدي النبوي تضخيم السيئة في‬ ‫مجال مرتبتها وحكمها‪ ،‬وإن كان من الفقه ومن الورع ومن اتباع الهدي‬ ‫النبوي تضخيم السيئة والتنفير منها في مجال الدعو ة والنصيحة والوعظ‬ ‫والرشاد‪ ،‬فمن سلك السبيل في الولى فهو خارجي حروري‪ ،‬ومن سلك‬ ‫سبيل الثانية فهو على هدي النبي صلى ا عليه وسلم ويرجى له النجا ة‪،‬‬ ‫‪.‬ومن بررها وسماها دينا فهو على شفا هلكة‬ ‫ومن النحراف والبدعة اعمال السبيل الثاني في الول‪ ،‬أي تضخيم السيئة‬ ‫أكثر من واقعها في الحكم الشرعي‪ ،‬فل يجوز تسمية ما ليس كفرا من‬ ‫المعاصي والكبائر بالكفر على جهة الطل ق‪ ،‬وحمل أحكا م الكفر الكبر‬ ‫عليها بحجة تسمية النبي صلى ا عليه وسلم لها بالكفر‪ ،‬كقوله صلى ا‬ ‫عليه وسلم‪" :‬سباب المسلم فسو ق وقتاله كفر" وغيرها من الحاديث‪ ،‬ومن‬ ‫‪.‬وقع في هذا المر فهو على دين الخوارج ولشك‬ ‫وكثير من المبتدئين جاؤوا إلى عبارات التغليظ والتنفير في كل م العلما ء‬ ‫في حق بعض المعاصي والذنوب والبدع فحملوها على معنى الكفر‬ ‫والشرك المخرج من الملة‪،‬فضلوا وأضلوا ‪،‬وأفسدوا كل م أهل العلم‪ ،‬وهذا‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪33‬‬

‫كله بسبب جهلهم بمراتب اللفاظ في الشريعة السلمية‪ ،‬وهو جهل كذلك‬ ‫‪.‬بأصول الفقه الذي هو واجب على الفقيه والمفتي‬ ‫وقد وقع الكاتب في هذا كما سترى في نقله لكل م صاحب )العمد ة في إعداد‬ ‫العد ة( في الجهاد تحت أمرا ء من أهل البدع‪ ،‬إذ قال صاحب‬ ‫العمد ة‪...":‬ينبغي‪ "...‬فجعلها صاحب الكتاب من أركان الدين الذي يكفر‬ ‫)مخالفه في عمله‪).‬انظر فصل الديمقراطيين‬ ‫فل اجتماع في الشرع بين الحق والباطل‪ ،‬ول بين السنة والبدعة‪ ،‬لن الحق‬ ‫الشرعي الوارد في الكتاب والسنة حق كله‪ ،‬والسنة نور كلها‪ ،‬لكن الجتماع‬ ‫بينهما إنما هو في الطوائف والفراد‪ ،‬فالفتا ء بالباطل والسيئة والبدعة هو‬ ‫ادخال للباطل في الحق والبدعة في السنة‪ ،‬وهذا هو عين الضلل والقول‬ ‫‪.‬على ا بغير علم‬ ‫ولكن بعض الناس ل يفعلون الحق والهدى والسنة إل بنوع من الباطل‬ ‫والسيئة والبدعة‪ ،‬فحينها تعمل قاعد ة تدافع الحسنات والسيئات‪ ،‬وقاعد ة‬ ‫المصالح والمفاسد‪ ،‬فيسكت عن الباطل ول يفتى به ول يبرر ول يشرع‪،‬‬ ‫ويسكت عن بيان الحق ول يلغى ول يصبح باطل‪ ،‬وأغلب غلط الناس هذ ه‬ ‫اليا م في هذا المر‪ ،‬حيث يرون أن الحق محتاج إلى الباطل فيفتون‬ ‫بالباطل‪ ،‬ويرى بعضهم الباطل مقرونا بالحق فيسبون الحق ويحتقرونه‪،‬‬ ‫وكلهما مبطل مفار ق للطريقة النبوية في المر بالمعروف والنهي عن‬ ‫‪.‬المنكر‬

‫"وجوهازع الفسالدازع فيازع كتابازع "ازع كشفازع شبهاتازع المقاتلين‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪34‬‬

‫‪:‬فسالدازع منازع جهةازع التصورازع والعتقالد‪1-‬‬‫فقممد رأينمما الكمماتب يممرى كفممر حركممة طالبممان الفغانيممة‪ ،‬وحركممة حممماس‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬والحركة السلمية فممي كردسممتان‪ ،‬وحركممة الجهمماد ممن إخمموان‬ ‫‪.‬مسلمين في سوريا‪ ،‬وغيرهم‬ ‫ولم يفصل الكاتب إل في حركة طالبان‪ ،‬حيث كتب أكممثر مممن خمممس عشممر ة‬ ‫ورقة من مجموع كتابه البالغ مائة ورقممة فممي أمممر الديوبنديممة‪ ،‬وهممي اعتقمماد‬ ‫الطلبة هناك‪ ،‬وسماهم قبورية‪ ،‬وأنها تمموالي أعممدا ء امم‪ ،‬وتممتزلف للنضممما م‬ ‫للمم المتحد ة‪ ،‬وأما بقية الطوائف فإنه اقتصر على ممما ذكممر ممما فممي الجممامع‬ ‫لطلب العلم الشريف من عد م جواز الجهاد تحت راية مختلطممة بيممن السممل م‬ ‫‪ :‬والديمقراطية ونحوها‬ ‫قال تعالى‪" :‬أل ل الدين الخالص" وقال تعالى في مفاصلة الكافرين والتميز‬ ‫عنهم "لكم دينكم ولي دين" فهذ ه مفاصلة تامة ل خلط فيها وتبرؤ صممريح ل‬ ‫‪".‬مداهنة فيها…الخ ص ‪ 13‬من الكتاب "الكشف‬ ‫وهذا الكاتب غاٍل جاهل في دين ا تعالى ل يدري ما يخرج من رأسه‪ ،‬فممإن‬ ‫تكفير الناس على هذا الساس وبهممذ ه الصممور ة هممي طريقممة أهممل البممدع مممن‬ ‫‪:‬الخوارج وأذنابهم وإليك التفصيل‬‫تكفير الديوبندية بدعة لم يقل بها أحد من أهل العلم ‪ ،‬وهو أمر حادث جديممد‪-‬‬ ‫يقو م عليه بعض المعاصرين بسبب خصومات وكثر ة منازعات ‪ ،‬وقد أحممال‬ ‫الكاتب في فهممه للديوبنديمة إلمى كتماب "عمدا ء الماتريديمة" للشممس السملفي‬ ‫‪.‬الفغاني‬ ‫وهذا الكاتب ل يوجد فيه قط تكفير الديوبندية‪ ،‬وإنممما فيممه بيممان فسمماد اعتقمماد‬ ‫الماتريدية والتي يمثلها فممي القممار ة الهنديممة الديوبنديممة؛ وهممي نسممبة لديوبنممد‬ ‫‪،‬وفيها جامعة إسلمية قديمة هي التي حفظت السل م في القار ة الهنديممة منممذ‬ ‫قممرون‪ ،‬وعامممة علممما ء القممار ة منممذ مئممات السممنين إنممما هممم مممن خريجيهمما‬ ‫‪.‬ومشايخها‬ ‫فتكفير الديوبندية من أجل خروج البريلويممة المشممركة منهممم هممو أشممبه بسممب‬ ‫‪.‬علي بن ابي طالب لن الخوارج كانوا من جند ه وأتباعه‬ ‫وتكفير الديوبندية لنهم ماتريدية ؛بدعة خارجية وافممترا ء علممى مممذهب أهممل‬ ‫الُّسممنة والجماعممة‪ ،‬لنممي ل أعلممم عالمماً علممى ظهممر الرض كفممر الشمماعر ة‬ ‫وأخرجهم من أهل القبلة‪ ،‬أو كَّفر الماتريدية وأخرجهم من أهل القبلممة‪ ،‬وهممذ ه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪35‬‬

‫المسألة تابعة لمسألة تكفير المتأولين‪ ،‬وقد كتبت فيها بحثا ً تحت عنوان ‪-‬أهل‬ ‫‪.‬القبلة والمتأولون‪ -‬فليرجع إليه‬ ‫والماتريدية لم يصمملوا الممى مرتبممة الجهميممة الغل ة‪ ،‬مممع أن فيهممم نمموع تجهممم‬ ‫‪،‬ومع ذلك‬ ‫يقول ابن تيمية رحمه ا لما وقعت الفتنة بينه وبين علما ء عصر ه في أبواب‬ ‫العلم المعروفة ‪" :‬ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفا ة الذين نفوا أن‬ ‫يكون ا تعالى فو ق عرشه لما وقعت محنتهم ‪ ،‬أنا لو وافقتكممم كنممت كممافرًا‪،‬‬ ‫لني أعلم أن قولكم كفر‪ ،‬وأنتم عنممدي ل تكفممرون لنكممم جهممال‪ ،‬وكممان هممذا‬ ‫خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم"‪) .‬السممتغاثة الكممبرى ‪1/383‬‬ ‫‪384–).‬‬ ‫فتأمل قوله ‪ ":‬وكان هذا خطابا لعلمممائهم وقضمماتهم وشمميوخهم "وقممارن بينممه‬ ‫وبين من يريد تكفير المقلدين من عوا م المسلمين لهؤل ء الئمة‪ ،‬حينها تدرك‬ ‫الفممر ق بيممن طريقممة السمملف مممع هممؤل ء المبتدعممة وطريقممة مممن انتسممب لهممم‬ ‫بالشعار فقط‪ ،‬وكمذلك تمدرك الفممر ق بيمن رحممة الوائممل مممع عزتهمم وغلبمة‬ ‫السل م يومهمما‪ ،‬وبيممن غلظتنمما علممى بعضممنا مممع هواننمما علممى أنفسممنا وعلممى‬ ‫‪.‬الناس‬ ‫وتذكر قول علي رضي ا عنه في الخوارج وهو معلو م مشممهور‪" :‬إخواننمما‬ ‫‪).‬بغوا علينا" )انظر تخريجه في مجلة المنهاج‬ ‫فتكفير الديوبندية لعقيدتهم الماتريدية بدعممة خارجيممة‪ ،‬إذ أن تكفيممر المتممأولين‬ ‫‪.‬كالشاعر ة والماتردية ليس إل مذهب الخوارج والمتكلمين والمعتزلة‬ ‫‪:‬ثمازع إنازع تكفيرازع طالبانازع لنهمازع قبوريةازع تعميمازع جاهلازع منازع جهتين‬ ‫أولهما‪ :‬تعميم هذا الوصف على طبقات متعممدد ة ل يجمعهمما إل السممم فقممط‪،‬‬ ‫‪:‬وذلك أن حال أهل البدع مع القبور على طبقات لكن يجمعهما حالن‬ ‫‪.‬من استغاث بالقبر والتجأ إليه طالبا ً منه حوائجه ‪1-‬‬ ‫ومن ذهب للقبر وقصممد ه للممدعا ء عنممد ه لظنممه أن الممدعا ء هنمماك أدعممى ‪2-‬‬ ‫‪.‬للجابة‪،‬أو للتوسل به في دعائه‬ ‫‪.‬فالول هو الذي يقال له الستغاثة وهو عمل كفري‬ ‫‪.‬أما الثاني فهو الذي يقال له التوسل‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪36‬‬

‫وهذا الثاني قد اختلف الناس فيه‪ ،‬فيرى بعض أهل العلممم جممواز ه كشمممس‬ ‫الدين الذهبي تلميذ ابن تيمية مثلً‪ ،‬فهو كثيراً ما يذكرهذا فممي سممير أعل م‬ ‫‪ .‬النبل ء له‬ ‫ففي ترجمة ابن لل )‪ (77-17/76‬بعد أن نقل كل م شيرويه عنه وقوله‪:‬‬ ‫‪.‬والدعا ء عند قبر ه مستجاب‬ ‫قال الذهبي‪" :‬والمدعا ء مسمتجاب عنمد قبمور النبيما ء والوليما ء‪ ،‬وفمي سمائر‬ ‫البقاع‪ ،‬لكن سبب الجابة حضور الداعي‪ ،‬وخشوعه وابتهاله‪ ،‬وبل ريب في‬ ‫البقعة المباركة وفي المسجد‪ ،‬وفي الَّسحر‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬يتحصل ذلك للممداعي‬ ‫‪".‬كثيرًا‪ ،‬وكل مضطر فدعاؤ ه ُمجاب‬ ‫وفي ترجمة معممروف الكرخمي )‪ (9/343‬نقمل قمول ابراهيممم الحربممي ‪ :‬قمبر‬ ‫‪.‬معروف التريا ق المجرب‬ ‫قال الذهبي بعدها ‪" :‬يريد إجابة دعا ء المضمطر عنمد ه‪ ،‬لن البقماع المباركمة‬ ‫يستجاب عندها الدعا ء‪ ،‬كما أن الدعا ء في الَّسحر مرجممو‪،‬ودبممر المكتوبممات‪،‬‬ ‫‪.‬وفي المساجد‪ ،‬بل دعا ء المضطر مجاب في أي مكان اتفق‬ ‫اللهم إني مضطر إلى العفو ‪ ،‬فاعف عني"‪.‬أ‪.‬هم‬ ‫ويممرى الكممثر حرمتممه وهممو قممول السمملف مممن الصممحابة والتممابعين والئمممة‬ ‫المتبوعين كمالك وأبي حنيفة والشممافعي وأحمممد‪ ،‬وهممو اختيممار ابممن تيميممة –‬ ‫‪.‬رحمه ا‪ -‬فإنهم يقولون ببدعته‪ ،‬ولم يقل أحد بأن هذا من الشرك‬ ‫وقد فَّر ق ابن تيمية بين المرين فقال‪" :‬كما ل يذبح للميت عند قبر ه‪ ،‬بل نهى‬ ‫النبي صلى ا عليه وسلم عن العقر عند القبر وكر ه العلما ء الكممل مممن تلممك‬ ‫‪).‬الذبيحة فإنها شبه ما ذبح لغير ا" )الستغاثة‪ ،‬طبعة أخرى ص ‪525‬‬ ‫‪ .‬فأنت ترا ه جعله شبيها له ل هو هو‬ ‫يقول الشمميخ عبممد اللطيممف آل الشمميخ‪" :‬وهممذ ه المممور المبتدعممة عنممد القبممور‬ ‫أنواع‪ ،‬أبعدها عن الشرع‪ :‬أن يسأل الميت حاجته كممما يفعلمه كممثير‪ ،‬وهمؤل ء‬ ‫من جنس عباد الصنا م‪ ،‬يتمثل لهم الشمميطان فممي صممور ة الميممت كممما يتمثممل‬ ‫‪.‬لعباد الصنا م‪ ،‬وكذلك السجود للقبر وتقبيله والتمسح به‬ ‫النوع الثاني‪ :‬أن يسأل ا به‪ ،‬وهذا يفعلممه كممثير مممن المتممأخرين وهممو بدعممة‬ ‫‪.‬إجماعا‬ ‫النوع الثالث‪ :‬أن يظن أن الدعا ء عند ه مستجاب وأنه أفضمل ممن المدعا ء فمي‬ ‫المسجد فيقصد القبر لذلك‪ ،‬فهذا أيضا من المنكرات إجماعا وممما علمممت فيممه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪37‬‬

‫نزاعا بين أئمة الدين‪ ،‬وإن كان كثير من المتأخرين يفعلممه"‪).‬جممامع المسممائل‬ ‫‪).‬والرسائل ‪3/418‬‬ ‫‪.‬والناس في تلك البلد وفي غيرها على هذين الحالين‬ ‫وكبار الطلبة هناك ل يرون الول‪ ،‬وقد راسلني بعض إخواني الذين جلسمموا‬ ‫مع كبارهم فبينوا لهم ذلممك‪ ،‬وأنهممم ل يقولممون بجممواز السممتغاثة بممالمقبورين‬ ‫‪.‬والموات‬ ‫‪.‬وسترى في ختا م هذا الكتاب رسالة لحد طلبة العلم في وصف حال الطلبة‬ ‫ثانيهما‪ :‬إن الكمماتب لممم ينقممل مممذاهب العلممما ء فممي تكفيممر الجهلممة المسممتغيثين‬ ‫بالقبور‪ ،‬وكأن للعلما ء قول واحدا ل غير‪ ،‬وهذا خطممأ‪ ،‬فممإن الكمماتب إن كممان‬ ‫‪.‬يرى كفرهم‪ ،‬إل أنه كان ل بَّد من ذكر الخلف ول يوهم الجماع والتفا ق‬ ‫فإن ابن تيميمة ‪-‬رحممه ام‪ -‬لمم يكمن يمرى تكفيمر همؤل ء المسمتغيثين بسمبب‬ ‫جهلهم‪ ،‬ويرى بعض أئمة الدعو ة النجدية عد م إعذارهم )كاسحا ق بن سليمان‬ ‫‪.‬والصنعاني( وهو قول ل يرضا ه عامة العلما ء وعابا عليهما ذلك‬ ‫ومحمد بن عبد الوهاب رحمه ا اختلف أبناؤ ه وأتباعه فممي فهممم كلمممه فممي‬ ‫‪.‬حكم هؤل ء وساذكر ألفاظه في هذا المر‬ ‫يقول ابن تيمية في من دعا الموات إذ سجد لقبر‪":‬وأن ذلك من الشرك الذي‬ ‫حرمه ا ورسوله‪ ،‬لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسممالة فممي كممثير مممن‬ ‫المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين )اختلف النمماقلون لهممذا الحممرف‬ ‫فبعضهم رجح هذا الحرف على ‪-‬يُبَيَّْن‪ (-‬لهم ما جا ء به الرسول مما يخممالفه‪،‬‬ ‫ولهذا ما بينت هذ ه المسألة قط لمن يعرف أصل الممدين إل تفطممن‪ ،‬وقممال هممذا‬ ‫أصل دين السل م‪ ،‬وكان بعض الكابر من الشمميوخ العممارفين مممن أصممحابنا‬ ‫يقول هذا أعظم ما بينته لنا لعلمه بأن هذا أصل الممدين"‪) .‬السممتغاثة الكممبرى‬ ‫‪1/629/631).‬‬ ‫وقال في الفتاوى )‪" :(33-20/32‬كل عباد ة غير معمول بها‪ ،‬فلبد أن ينهى‬ ‫عنها‪ ،‬ثم إن علم أنها منهممي عنهمما وفعلهمما اسممتحق العقمماب‪ ،‬فممإن لممم يعلممم لممم‬ ‫يستحق‪ ،‬وإن اعتقد أنها مأمور بها وكممانت مممن جنممس المشممروع فممإنه يثمماب‬ ‫عليها‪ ،‬وإن كانت من جنسازع الشرك فهذا الجنس ليس فيممه شممي ء مممأمور بممه‪،‬‬ ‫وهذا ل يكون مجتهدا‪ ،‬لن المجتهد لبد أن يتبع دليل شرعيا‪ ،‬وهذ ه ل يكون‬ ‫عليها دليل شرعي‪ ،‬لكن قد يفعلها باجتهاد مثله‪ ،‬وهو تقليد لمن فعل ذلك مممن‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪38‬‬

‫الشيوخ والعلما ء‪ ،‬والذين فعلموا ذلمك قمد فعلمو ه لنهمم رأو ه ينفمع‪ ،‬أو لحمديث‬ ‫‪.‬كذب يتبعو ه‪ ،‬فهؤل ء إذا لم تقم عليهم الحجة بالنهي ل يعذبون‬ ‫‪.‬وأما الثواب‪ :‬فإنه قد يكون ثوابهم أنهم أرجح من أهل جنسهم‬ ‫‪".‬وأما الثواب بالتقرب إلى ا فل يكون بمثل هذ ه العمال‬ ‫وابن تيمية رحمه ا تعالى لم ُيكفّْر البكري مع أنممه يقممول عنممه‪" :‬وهممم ) أي‬ ‫الخوارج( أظهر حجة وأبين محجة من مثل هذا الضممال وأمثمماله الممذين ليممس‬ ‫لهم فيما يبتدعونه من الشرك سمموى محممض البهتممان والفممترا ء والعتممدا ء"‪.‬‬ ‫‪ )).‬الستغاثة‪ /‬طبعة أخرى ‪264-1/263‬‬ ‫‪".‬يقول ابن تيمية فيه‪" :‬فلهذا لم يقابل جهله وافتراؤ ه بالتكفير بمثله‬ ‫‪.‬وأما ما قاله ابن عبد الوهاب‪ ،‬فهو منقول في كتبه وما نقله أتباعه‬ ‫يقول سليمان بن سحمان‪" :‬أما تكفير المسلم فقد قدمنا أن الوهابية ل يكفرون‬ ‫المسلمين‪ ،‬والشيخ محمد بن عبد الوهاب ‪-‬رحمه ا‪ -‬من أعظم الناس توقفمما ً‬ ‫وإحجاماً عن إطل ق الكفر‪ ،‬حتى أنه لم يجز م بتكفير الجاهل الذي يدعو غير‬ ‫ا من أهل القبور أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة الممتي‬ ‫يكفر تاركها‪ ،‬قال في بعض رسائله‪ :‬وإن كنَّمما ل نكفممر مممن عبممد قبممة الكممواز‬ ‫‪.‬لجهلهم وعد م من ينبههم فكيف ممن لم يهاجر إلينا؟‬ ‫وقال وقد سئل عن هؤل ء الجهال – فقرر أن من قامت عليه الحجة وتأهممل‬ ‫لمعرفتها – يكفر بعباد ة القبور‪ ،‬وأما مممن اخلممد إلممى الرض واتبممع همموا ه فل‬ ‫‪).‬أدري ما حاله"‪ ).‬مجموعة الرسائل والمسائل ‪3/5‬‬ ‫يقول أبو قتاد ة الفقير ‪ :‬تأمل بممال عليممك أخممي الحممبيب كلمممة محمممد بممن عبممد‬ ‫الوهاب "‪ ..‬فل أدري ما حاله‪ "..‬ثممم انظممر اليممو م لممو قالهمما أحممد كيممف سمميفر‬ ‫الجهلة عنمه فمرار الحممر المسمتنفر ة‪ ،‬لنهمم ل ترتماح نفوسمهم ال بمالتكفير‪،‬‬ ‫واطل ق أقسى العبارات في حق المسلمين‪ ،‬فل يخدعنك يا طالب العلم تشممدد‬ ‫الجهلة‪ ،‬ول تنسا ق ورا ءهم طمعا بمدحهم وخوفا من ذمهم‪ ،‬فوا ل يريممدون‬ ‫‪.‬منك ال أن تكون جسرا لهم على جهنم‬ ‫وفي الدرر السنية‪ :‬يقول محمد بن عبد الوهمماب فممي رسممالة لممه‪":‬وإذا كنمما ل‬ ‫نكفر من عبد الصنم الذي على عبممد القممادر‪ ،‬والصممنم الممذي علممى قممبر أحمممد‬ ‫)البدوي‪ ،‬وأمثالهما لجل جهلهم وعد م من ينبههم‪1/104) .‬‬ ‫‪ .‬والقصد من هذا ‪ :‬أن الكاتب عمم ولم يفصل ووقع في المحذور‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪39‬‬

‫يقممول ابممن القيممم ‪-‬رحمممه ام تعممالى‪ -‬فممي الكافيممة الشممافية فممي خطممور ة هممذ ه‬ ‫‪:‬العمومات وترك التفصيل الذي هو منهج المهتدين من أهل السنة والتباع‬ ‫فعليك بالتمفصيل والتمييز فالم‪774-‬‬ ‫إطل ق والجمال دون بيان‬ ‫قد أفسد هذا الوجود وخبطا الم ‪775-‬‬ ‫أذهان والرا ء كل زممان‬ ‫وما فساد هذا الكاتب إل لطلقاته وإجمماله فمي الحمديث‪ ،‬إذ يمرى أن السمم‬ ‫الواحد ليس له إل مرتبة واحد ة‪ ،‬ثم يطلق عليممه حكمما ً واحممدًا‪ ،‬وهممذ ه طريقممة‬ ‫‪.‬الجهال‪ ،‬ويتورع عنها صغار الطلبة‬ ‫إن التفصيل هو الذي به يتم البيان الحق الصممحيح كممما قمال تعمالى‪" :‬وكمذلك‬ ‫‪".‬نفصل اليات ولتستبين سبيل المجرمين‬ ‫وقد جعل الكاتب القبر وثنا‪ ،‬وهذا حق‪ ،‬لكن أعطا ه نفس الحكم الغائي‪ ،‬وهممذا‬ ‫هو الضلل الذي ننبه عليه‪ ،‬فإن اجتماعهما في السم ل يقتضي اجتماعهممما‬ ‫في الحكم كما تقد م من قول ابن حجر رحمه ا تعالى ‪" :‬ل يلز م الشممتراك‬ ‫"في السما ء الشتراك في المعنى‬ ‫ويقول ابن عبد الوهاب‪" :‬وأما بنا ء القباب عليها )القبور( فيجب هممدمها‪ ،‬ول‬ ‫)علمت أنه يصل إلى الشرك الكبر"‪) .‬مؤلفات الشيخ الما م ‪1/101‬‬ ‫وقد وجد في بعض الوقات من كفر بنا ء القبور والقبمماب عليهمما مممن الجهلممة‬ ‫‪:‬أهل الغلو ورد عليهم الما م الشوكاني في قصيد ة له وفيها‬ ‫فكيف يقال قد َكفَ​َر ْ‬ ‫س يرى لقبورهم حجر وعوُد‬ ‫ت أنا ٌ‬ ‫بتسوية القبور فل جحوُد‬ ‫فإن قالوا أتى أمر صحيح‬ ‫ولكن ذاك ذنب ليس كفراً ول فسقا فهل في ذا وروُد‬ ‫وإل كان من يعصي بذنب كفورًا‪ ،‬إن ذا قول شرود‬ ‫)نيل الوطر ‪(299‬‬ ‫ويقول علمة اولعراق محمود شكري الولوسسسي‬ ‫ساني)‬ ‫سى اولنبهس‬ ‫سرد علس‬ ‫في غاية الماني في اولس‬ ‫‪ : (1/36‬واولذي تحصل مما سقناه من اولنصوص‬ ‫أن اولغلة ودعاة غير ا وعبسسدة اولقبسسور اذا‬ ‫كانوا جهلة بحكم ما هم عليه وولم يكن أحد‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪40‬‬

‫سس‬ ‫سم فليس‬ ‫سى خطئهس‬ ‫من أهل اولعلم قد نبههم علس‬ ‫)لحد أن يكفرهم‪.‬أ ‪ .‬هسسس‬

‫الجهلازع واـحتمالازع وجولدهازع فيازع لدارازع السلم‬ ‫‪ ) :‬قال الكاتب في فصل ) رد شبهة إطل ق العذر بالجهل في دار السل م‬ ‫وقال البعض أنه وإن ظهر بعض المنكرات والشرك من القيمماد ة الممتي يقاتممل‬ ‫تحت رايتها‪ ،‬فهذ ه القياد ة وهذ ه الراية تبقى إسلمية‪ ،‬ودارهم تبقى دار إسل م‬ ‫وذلك لوجود موانع من التكفير قائمة في أعيان هممذ ه القيمماد ة‪ ،‬فهممم معممذورون‬ ‫‪ .‬بجهلهم وبالتالي دارهم دار إسل م‬ ‫وهذا القول متناقض‪ ،‬فالعلما ء على عكس هذا تماما‪ ،‬فهم يقولون بعد م العممذر‬ ‫بالجهل في دار السل م وذلك أنها مظنة العلم‪ ،‬فلممو كممانت دارهممم دار إسممل م‬ ‫!فكيف يعذرون بجهلهم؟‬ ‫‪ .‬فانظر رحمك ا إل هذا التناقض‬ ‫ونقل الكاتب كل م الشيخ ابن باز– رحمه ا تعالى‪ :-‬والحاصل أن من أظهر‬ ‫‪ .‬الكفر في ديار السل م حكمه حكم الكفر ة‬ ‫ثم نقل كل م الدكتور عبد الكريم زيممدان‪ :‬ولهممذا قممال الفقهمما ء‪ :‬العلممم مفممترض‬ ‫‪ .‬فيمن هو في دار السل م‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪41‬‬

‫ثم صار إلى كل م صاحب الجامع في طلب العلم الشريف عبد القادر بن عبد‬ ‫العزيز وهو‪ :‬أنه ل عذر بالجهل للمقيم في دار السممل م‪ ،‬ويعللممون ذلممك أنهمما‬ ‫مظنة لنتشار العلم‪ ،‬وأن المكلف يتمكن من طلب علم ما يجب عليممه فيهمما –‬ ‫إلى أن قال – ومع ذلك يستثني العلما ء أحوال يعذرونه فيها بالجهممل فممي دار‬ ‫السل م‪ ،‬وهو حديث العهد بالسل م‪ ،‬ومن نشأ في بادية أو في شاهق جبل ل‬ ‫يخالط المسلمين‪ ،‬والضابط الذي يحكممم كممل هممذ ه الصممور والسممتثنا ءات هممو‬ ‫التمكن من العلم أو عدمه‪ ،‬فليست العبر ة بمجرد القامة بدار السل م‪ ،‬ولكممن‬ ‫" لن الولى مظنة العلم‪ ،‬والثانية مظنة الجهل‬ ‫والن يقال لهذا الكاتب ‪ :‬من الذي تناقض ‪ :‬من رددت عليهم أ م أنت؟‬ ‫فإن كل م صاحب الجامع جعل الضممابط هنمما هممو التمكممن مممن العلممم وعممدمه‬ ‫‪، .‬وليس مجرد القامة في دار السل م‬ ‫وهذا هممو الضممابط الصممحيح فممي المسممألة‪ ،‬وقممد رأينمما كل م ابممن تيميممة وهممو‬ ‫‪ .‬يتحدث عن بلد المسلمين يومها وهو نفس كل م محمد بن عبد الوهاب‬ ‫‪ :‬وأما كل م ابن باز ففيه غلو وتناقض في هذ ه المسالة من وجو ه منها‬ ‫أن ابن باز ل يعذر المستغيثين بالقبور بالجهل مطلقا‪ ،‬وهممذا شممي ء معممروف‬ ‫‪.‬عنه مبثوث في فتاويه‬ ‫رأينا ابن باز قد أعذر من طلبوا الشرك في نظر ه من رسممول ام صمملى ام‬ ‫عليه وسلم في حادثة ذات أنممواط‪ ،‬وهممم فممي دار إسممل م‪ ،‬لنهممم حممديثوا عهممد‬ ‫بكفر‪ ،‬فالضابط إذا في الجهل وعدمه ليس هو وجود الرجمل فمي دار إسمل م‬ ‫‪.‬أو دار كفر‬ ‫تنبيه ‪ :‬سيأتي الرد على ابن باز ومن قلد ه في حادثة ذات أنواط – إن شمما ء *‬ ‫‪-‬ا تعالى‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪42‬‬

‫تكفيرازع طالبانازع منازع أجلازع موالةازع الكافرين‬ ‫وقد نقل الكاتب في ثنايا كتممابه ممما وجممد ه فقممط فممي "الجممامع فممي طلممب العلممم‬ ‫الشريف" في موضوع الموال ة‪ ،‬وصاحب الجامع ل يعرف الموال ة إل على‬ ‫معنى واحد فقط‪ ،‬وهو الكفر الذي يضاد اليمان مممن كممل وجممه‪ ،‬وهممذا خطممأ‬ ‫‪.‬سنبين وجه الفساد فيه فيما يأتي‬ ‫تنبيهازع ‪ :‬فصلت الرد علممى صمماحب الجممامع فممي ممموطنه حيممث سمميتبين لكممل(‬ ‫طالب علم أنه وقع في نفس )المهلكة( التي وقع فيها مؤلف كتاب "الممموال ة"‬ ‫للجماعة السلمية المصرية‪ ،‬فكلهما اعتبرا الموال ة معنى واحممداً ومرتبممة‬ ‫‪.‬واحد ة‬ ‫أما صاحب كتاب "الموال ة" فقممد جعلهمما كلهمما ممن الكفممر الصممغر والممتي ل‬ ‫يكُفر المر ء بها إل بوجود الستحلل وما في معنا ه‪ ،‬وأممما صمماحب الجممامع‪،‬‬ ‫فقد جعلها كلها من الكفر الكمبر‪ ،‬ولمذلك كفمر الجاسموس مطلقما ً دون النظمر‬ ‫‪.‬لحاله‬ ‫وكلهما اعتمدا على قصة حاطب –رضي ا عنه‪ -‬بوجه من وجممو ه الغلممط‬ ‫)‪.‬في الستدلل‬ ‫ولكن لم يبين الكاتب أبداً ما هي العمال التي وقعممت فيهمما حركممة "طالبممان"‬ ‫‪.‬والتي هي من موال ة المشركين ‪،‬والتي تجعل طالبان مخلة بأصل الدين‬ ‫‪ :‬نقبت في الكتاب فلم أجد شيئا ً سوى قوله‬ ‫لم تعد العلقات سراً ‪ ،‬بممل علنيممة ‪ ،‬ورايممة الصممليب ترفممرف فممي شمموارع"‬ ‫!!مدنهم وغيرها إلى جانب راياتهم‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪43‬‬

‫وتراعى تلك النظمة قواعد القانون والعرف الدولي فيما يتعلممق برفممع العلممم‬ ‫الجنممبي علممى المبمماني الخاصممة بالممثليممات السياسممية والقنصمملية للممدول‬ ‫الجنبية في أراضيها وكذلك المممم المتحممد ة والهيئممات الدوليممة والقليميممة أو‬ ‫رفعه على السيارات الخاصة بموظفيها"‪ .‬ص ‪42‬‬ ‫ولما كان هذا العمل عند ه من أعمال الول ء للكافرين‪ ،‬وكان الول ء عنممد ه فممي‬ ‫مرجعه )وهو الجامع( على مرتبة واحد ة وهي الكفممر الكممبر‪ ،‬كممان مممن أَِذَن‬ ‫بهذا من الكافرين الذين أخلوا بأصل الدين وبالتممالي ل يقاتممل معممه ول تحممت‬ ‫‪.‬رايته‬ ‫وهذا كل ٌ م غريب مركب على مقممدمات باطلممة ل يصممح منهمما شممي ء‪ ،‬وإليممك‬ ‫‪:‬البيان‬‫ليس من أصول الدين الذي يكفر مخالفه منع المشركين من يهممود ونصممارى‬ ‫من إظهار دينهم والمجمماهر ة بممه‪ ،‬وإن كممان مممن واجبممات الممدين وفروضممه ‪،‬‬ ‫وفر ق بين أصل الدين الركين وبيممن واجبمماته‪ ،‬فمممن أخممل بأصممله فهممو كممافر‬ ‫ومرتد‪ ،‬ومن أخل بواجب من واجباته فهو فاسق عاص‪ ،‬والكفر ل يجوز إل‬ ‫بالكرا ه‪ ،‬ول يجوز للحاجة والضطرار إجماعا ً بخلف الحرا م الذي يجمموز‬ ‫‪.‬للضطرار‬ ‫تنبيه‪ :‬لي رسالة في بيان عد م جواز الكفر للحاجة والضممطرار‪ ،‬وهممي رد(‬ ‫على من زعم أن رسول ا أجاز الكفممر ممن أجمل المصمملحة فممي قصمة قتممل‬ ‫كعب بن الشرف كما قال بها بعض الكتبة الغرار‪ ،‬أو في حادثة قتل خالممد‬ ‫‪).‬بن سفيان الهذلي‬ ‫ولو صح قولهم هذا لكان القول بوجود كنائس للنصارى وبيع لليهود في بلد‬ ‫المسلمين مانعاً من لحوقها بمسمى دار السل م‪ ،‬وهممو قممول لممو عقلممه المممر ء‬ ‫‪.‬لعرف فساد ه بمجرد تصور معنا ه‬ ‫فممإن الجممماع منعقم ٌد علممى أن البلممد الممذي يُْفتَمُح صمملحا ً ويشممترط أهلممه بقمما ء‬ ‫‪ .‬الكنائس فيه فإنه ل يجوز للمسلمين نقض هذا العهد ويجب ابقائها‬ ‫‪.‬وجوزوا لمن فتحت عنو ة أن تبقى فيها كنائسهم‪ ،‬كما جوزوا هدمها‬ ‫صَر من قبل المسلمين من البلد أن تبنى فيها الكنائس‬ ‫‪.‬ولم يجيزوا لما ُم ّ‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪44‬‬

‫وهذا كله في غير جزير ة العرب‪) .‬انظر مسألة فممي الكنممائس لشمميخ السممل م‬ ‫‪).‬ابن تيمية‬ ‫‪).‬وانظر في أحكا م ترميمها وبنائها في فتاوى السبكي ) ‪2/369‬‬ ‫‪ :‬أما بيان تعدد مراتب الول ء والبرا ء‪ ،‬وقول أهل العلم فإليك أقوالهم‬ ‫‪:‬يقول ابن تيمية في مراتب الموال ة‪ ،‬وأنها ليست مرتبة واحد ة‬ ‫إن ُشَعب اليمان قد تتلز م عند القو ة ول تتلز م عند الضعف‪ ،‬فإذا قوي ممما"‬ ‫في القلب من التصديق والمعرفة والمحبة ل ورسوله صلى ا م عليممه وسمملم‬ ‫أوجب بغض أعدا ء ا كما قال تعالى‪" :‬ولو كانوا يؤمنون بممال والنممبي وممما‬ ‫أنزل إليه ما اتخذوهم أوليا ء" وقال‪" :‬ل تجد قوماً يؤمنون بال واليو م الخممر‬ ‫يوادون من حمماد ام ورسمموله ولممو كممانوا آبمما ءهم أو أبنمما ءهم أو إخمموانهم أو‬ ‫عشيرتهم‪ .‬أولئك كتب في قلوبهم اليمان وأيدهم بممروح منممه"‪ ،‬وقممد تحصممل‬ ‫للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنبما ً يتقممص إيمممانه بممه‪ ،‬ول يكممون بممه‬ ‫كافراً ‪ ،‬كما حصل من حماطب بمن أبمي بلتعمة لمما كماتب المشمركين ببعمض‬ ‫أخبار النبي صلى ا عليممه وسمملم وأنممزل ام فيممه‪" :‬يمما أيهمما الممذين آمنمموا ل‬ ‫تتخذوا عمدوي وعمدوكم أوليما ء تلقمون إليهمم بمالمود ة" … المخ"‪ ) .‬مجمموع‬ ‫‪).‬الفتاوى ‪523-7/522‬‬ ‫‪.‬ازع أماازع الكفرازع فيازع الموالةازع فهيازع الموالةازع المطلقة‬ ‫يقول رحمه ا‪ :‬ومن تولى أمواتهم وأحيا ءهم بالمحبة والتعظيم‬ ‫والموافقة فهو منهم… وام يحممب تمييممز الخممبيث مممن الطيممب‪ ،‬والحممق مممن‬ ‫الباطل‪ ،‬فيعرف أن هؤل ء منافقون‪ ،‬أو فيهم نفا ق وإن كانوا مممن المسمملمين ‪،‬‬ ‫فإن كون الرجل مسلما ً في الظاهر ل يمنع أن يكون منافقا ً في البمماطن‪/28 ).‬‬ ‫‪202-201) .‬‬ ‫ويقول ابن القيم فمي تجزيم ء المموال ة‪" :‬أهمل السمنة متفقمون علمى أن‬ ‫الشخص الواحد يكون فيه ولية ل وعداو ة مممن وجهيممن مختلفيممن" )مممدراج‬ ‫)السالكين ‪1/281‬‬ ‫وقد جعل ابن تيمية التشبه بالكافر ممن المموال ة‪ ،‬قمال بعمد حمديث ابمن‬ ‫عمر رضي ا عنهما المرفوع‪" :‬من تشبه بقوٍ م فهو منهم" ‪ :‬وهممذا الحممديث‬ ‫أقل أحمواله أن يقتضمي تحريمم التشمبه بهمم‪ ،‬وإن كمان ظماهر ه يقتضمي كفمر‬ ‫المتشبه بهم كما فممي قموله‪" :‬وممن يتممولهم منكممم فمإنه منهمم" وهممو نظيممر مما‬ ‫سنذكر ه عن عبد ا بن عمر أنه قال‪" :‬مممن بنممى بممأرض المشممركين وصممنع‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪45‬‬

‫نيروزهم ومهرجممانهم‪ ،‬وتشممبه بهممم حممتى يممموت حشممر معهممم يممو م القيامممة"‬ ‫‪ )) .‬أخرجه البيهقي في سننه ‪9/243‬‬ ‫ازع فقدازع يحملازع هذاازع علىازع التشبهازع المطلقازع ‪،‬ازع فإنهازع يــوجبازع الكف ـرازع ‪،‬ازع ويقتض ـيازع تحريــم‬ ‫ازع أبعاضازع ذلكازع ‪،‬ازع وقدازع يحملازع علىازع أنهازع منهمازع فيازع القدرازع الذيازع شــابههمازع في ـهازع ‪،‬ازع فــإنه‬ ‫كانازع كفــراًازع أوازع معصــيةازع أوازع شــعاراًازع لهـاازع كــانازع ـحكمـهازع كــذلك‪.‬ازع )اقتضمما ء الصمراط‬ ‫‪) .‬المستقيم‪237/238 /‬‬ ‫ازع يقولازع الشيخازع عبدازع اللطيفازع بنازع عبدازع الرـحمـنازع آلازع الشــيخ‪-:‬ازع وعرفتـمازع أنازع مســمى‬ ‫ازع الموالةازع يقـعازع علـىازع شــعبازع متفاوتـةازع منهـاازع مـاازع يــوجبازع الـّرلدةازع كـذهابازع الســلم‬ ‫بالكليةازع ‪،‬ازع ومنهاازع ماازع هوازع لدونازع ذلكازع منازع الكبائرازع والمحرمات‪.‬ازع )نقلممه سممليمان بممن‬ ‫‪).‬سحمان‪ /‬انظر الرسائل والمسائل النجدية ‪3/38 ،‬‬ ‫أممما تكفيممر طالبممان مممن أجممل مطالبتهمما بالممدخول فممي المممم المتحممد ة‬ ‫وأنظمتها وهيئاتها فإني سألت الخممو ة مممن المجاهممدين العممرب هنمماك‪ ،‬وكممذا‬ ‫‪:‬سألت بعض رجال الطلبة فكان الجواب هو التالي‬ ‫نحن نطلب الدخول في هممذ ه الهيئممات مممع شممرط شممرعي يجيممز لهممم )حسممب‬ ‫رؤيتهم الفقهية( المطالبة بالدخول فيها‪ ،‬هذا الشرط هممو أن ل تلممتز م الحركممة‬ ‫بأي بنممد مممن بنودهمما الممتي تخممالف الشممريعة‪ ،‬فهممي تطلممب الممدخول فممي هممذ ه‬ ‫الهيئممات بهممذا الشممرط‪ ،‬وهممم يعتقممدون جممواز هممذا الطلممب مممع هممذا الشممرط‪،‬‬ ‫ويعتبرون أن من أسباب عد م قبولهم في هذ ه الهيئات هو وجممود همذا الشممرط‬ ‫‪.‬الذي قَّدمو ه مع طلبهم‬ ‫أما الدخول مع هذ ه الهيئممات مممع اللممتزا م بمبادئهمما وعقائممدها وقوانينهمما فهمو‬ ‫الكفر بعينه‪ ،‬وكل ما نقله الكمماتب فممي همذا البمماب هممو قممو ٌل صممحي ٌح ل غبممار‬ ‫‪.‬عليه‬ ‫لن التزا م المسلم بهذ ه القوانين الكفرية هو من الشرك والكفر المبين الذي ل‬ ‫‪.‬ينتطح فيه أهل العلم‬ ‫وقد رأيت بعض من ينصر هذا الكتاب يكفرهم لنهم أرسمملوا رسممالة كفريممة‬ ‫لحكا م طواغيت تعزية لهم بوفا ة أسلفهم‪ ،‬وهذا ممن تمما م الجهمل‪ ،‬فلممو رجمع‬ ‫إلى كتب الجنائز في كتب الفقه المصنفة مممن قبممل أهممل العلممم لممرأى الخلف‬ ‫‪.‬الفقهي في جواز أو حرمة أو كراهية تعزية الكافرين‬ ‫فاللهم رحماك من غلبة هؤل ء الصبية الصغار والجهلة الغرار‪ ،‬وتصدرهم‬ ‫‪.‬للفتوى والقول على ا ورسوله بغير علم‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪46‬‬

‫‪):‬ازع مسألة(‬ ‫‪:‬الفر ق بين المتابعة في التشريع وبين الدخول في العمل‬ ‫‪ :‬وهاهنا مسألة مهمة وهي‬ ‫ذكر صاحب الكتاب قول غاليمما ل يعممد مممن أقمموال أهممل السممنة‪ ،‬وهممو تكفيممر‬ ‫المتابع عمل دون الستحلل في المعصية لمن فعلها اسممتحلل‪ ،‬أو قممال بهمما‬ ‫‪.‬تشريعا‬ ‫وصمورتها همي واقمع المسملمين العصما ة اليمو م فمي بلدهمم وتحمت أنظممة‬ ‫‪ .‬حكامهم‬ ‫والصمور ة همي أن الدولمة كفمرت لمما شمرعت للنماس المحمر م ‪،‬فقممالت بحمل‬ ‫الخمر والربا والكثير من المعاصي المحرمة إجماعمما عممن طريممق القمموانين‪،‬‬ ‫والناس يفعلون هذ ه العمال متابعة للدولة فممي العمممل‪ ،‬فممترى المسمملم يرابممي‬ ‫ويشرب الخمر‪ ،‬ولكنه ل يتابع المبدل في استحلل المعصية‪ ،‬وإنممما يتابعهمما‬ ‫في عمله من غير اسممتحلل لهمما‪،‬فالدولممة )والممتي هممي طائفممة متمكنممة( تكفممر‬ ‫اجماعا بهذا‪ ،‬لقولها بتشريع على خلف الشممرع ‪،‬لكممن القممول بتكفيممر المممر ء‬ ‫المتابع في عمله في غير المكفممرات دون السممتحلل ليممس هممو مممذهب أهممل‬ ‫السنة والجماعة‪ ،‬بل هذا القول هو قول الغل ة مممن أهممل البممدع الممذين حكممموا‬ ‫على الناس جملة هذ ه اليا م بالكفر أو بالتوقف فيمن أظهر السل م حتى يعلم‬ ‫برا ءته من المتابعة في العمل‪ ،‬وهذا الخطممأ نبممه عليممه ابممن تيميممة رحمممه ام‬ ‫تعالى في تفسير قوله تعممالى ‪" :‬اتخممذوا أحبممارهم ورهبممانهم أربابمما مممن دون‬ ‫‪ :‬ا" فقال‬ ‫وهؤل ء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم‪ ،‬حيث أطاعوهم في تحليل ما حممر م‬ ‫‪ :‬ا وتحريم ما أحل ا يكونون على وجهين‬ ‫أحدهما ‪ :‬أن يعلموا أنهم بدلوا دين ا فيتبعوهم على التبديل‪،‬‬ ‫فيعتقدون تحليل ما حر م ا‪ ،‬وتحريم ما أحل ا اتباعا لرؤسائهم‪ ،‬مع علمهم‬ ‫أنهم خالفوا دين الرسل‪ ،‬فهذا كفممر‪ ،‬وقممد جعلممه ام ورسمموله شممركا‪ ،‬وأن لممم‬ ‫يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم‪ ،‬فكان من اتبع غير ه في خلف الممدين مممع‬ ‫علمه انه خلف الدين‪ ،‬واعتقد ما قال ذلك دون ما قاله ام ورسمموله مشممركا‬ ‫‪ .‬مثل هؤل ء‬ ‫والثاني ‪ :‬أن يكون اعتقادهم وإيمممانهم بتحريممم الحلل وتحليممل الحلل‬ ‫ثابتمما‪ ،‬لكنهممم أطمماعوهم فممي معصممية ام ‪ ،‬كممما يفعممل المسمملم ممما يفعلممه مممن‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪47‬‬

‫المعاصي التي يعتقد أنها معاص‪ ،‬فهؤل ء لهم حكم أمثالهم مممن أهممل الممذنوب‬ ‫كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى ا عليه وسلم أنه قممال‪" :‬إنممما الطاعممة‬ ‫في المعروف" وقال ‪" :‬على المسلم السمع والطاعة فيما أحممب وكممر ه ممما لممم‬ ‫يؤمر بمعصية"‪ ،‬وقال‪" :‬ل طاعة لمخلو ق في معصية الخالق" وقال‪ " :‬مممن‬ ‫‪ ).‬أمركم بمعصية ا فل تطيعو ه" ‪).‬مجموع الفتاوى ‪7/70‬‬ ‫ففر ق بين المتابعة في التشريع والتبديل وبين المتابعة في العمممل‪ ،‬ول يجمموز‬ ‫‪.‬الخلط بينهما‬ ‫ومن المتابعة في التشريع الدخول في العقود الكفرية كالممدخول فممي عقممد مممع‬ ‫المم المتحد ة سوا ء التز م عمل بقوانينها أو لم يلتز م‪ ،‬لكن من أين لكاتب هممذا‬ ‫‪:‬الكتاب أن مجرد وجود ما ذكر هو دخول في العقد الكفري‪ ،‬بل هو يقول‬ ‫تراعىتلك النظمة قواعممد القممانون والعممرف الممدولي فيممما يتعلممق برفممع العلممم‬ ‫الجنممبي علممى المبمماني الخاصممة بالممثليممات السياسممية والقنصمملية للممدول‬ ‫الجنبية في أراضيها وكذلك المممم المتحممد ة والهيئممات الدوليممة والقليميممة أو‬ ‫رفعه على السيارات الخاصة بموظفيها"‪ .‬ص ‪42‬‬ ‫فهو كما ترى أخي المسلم السني يجعل المتابعة في العمممل كفممرا دون النظممر‬ ‫في أحكا م هذ ه العمال في أصلها دون استحلل‪ ،‬ودون أن يثبت وجود عقممد‬ ‫‪ .‬اللتزا م‬ ‫‪:‬فهما أمران ليثبت الكفر‪ ،‬ول يشترط اجتماعهما‬ ‫أول‪:‬وجود عقد التزا م على عمل غير شرعي سوا ء كان كفرا بذاته أ م‬ ‫‪ .‬مجرد معصية‪ ،‬فإن عقد اللتزا م مكفر بذاته‪ ،‬لنه دخول في التشريع‬ ‫ثانيهما‪ :‬تحرير حقيقة العمل في دين ا في الفعممل المجممرد مممن غيممر‬ ‫‪ .‬التزا م‪ ،‬هل هو كفر أ م ل‪ ،‬فإن كان كفرا فهو وذاك‪ ،‬وإل فل‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪48‬‬

‫هلازع الديمقراطيونازع كفارازع بلازع مثنوية؟‬ ‫بل شك أن الديمقراطية دين‪ ،‬وهي في أصلها دين تخالف دين ا تعالى مممن‬ ‫كل وجه‪ ،‬والديمقراطية فيها شقا كل دين من الديان سوا ء كانت سممماوية أو‬ ‫‪:‬وضعية وهما‬ ‫‪.‬شق التصور والعتقاد وهو ما يتعلق بالمرازع العلميازع الخبري ‪3-‬‬ ‫وشق التشريع والتعبد وهو ما يتعلق بالمر العملي الرالدي‪ ،‬فكل مممن ‪4-‬‬ ‫‪.‬دان بها أو بأحد شقيها التزاما فهو كافر‬ ‫لكن يوجد من انحرف من أهل السل م فل يأخذ بها علممى جهممة الشمممول‪،‬ول‬ ‫بما يكفر المر ء ‪ ،‬إنما يرى أن فيها شيئا ً مما يصمملح أن يكممون عمماملً وجانبما ً‬ ‫يزيد فعالية السل م‪ ،‬أو يمل ما أجاز السل م نفسه اجتهاد النمماس فيممه‪ ،‬وهممذا‬ ‫هو ما يقع فيه الكثير من المبتدعة والمنحرفين المنتسبين للسممل م ‪ ،‬وحممديثنا‬ ‫‪.‬عن الحكم الشرعي في هؤل ء‬ ‫وقبل أن أخوض مع إخواني في حكم هؤل ء‪ ،‬فإني أحب أن أبين أن ما حدث‬ ‫مع المنحرفين اليو م بسبب الديمقراطية قد وقع مثيله في التاريممخ السمملمي‪،‬‬ ‫‪.‬ولسنا أما م حالة لم تسبق من قبل ولم يتعامل معها أهل السل م‬ ‫‪:‬وأقرب ما نحن فيه هو دين الصوفية‬ ‫فالصوفية دين‪ ،‬وموجود ة قبل السل م‪ ،‬وهي تحمل شق التصور وهو وحممد ة‬ ‫الوجممود‪ ،‬وشممق التعبممد والتشممريع المتضمممن للسممهر والجمموع والخلممو ة وممما‬ ‫‪.‬أضيف إليه بعد ذلك من الذكر‬ ‫ولما دخلت الصوفية في أول أمرها َحَكَم عليها العلما ء بالكفر والزندقة‪ ،‬لكن‬ ‫لما رأت نفسها غير مقبولة بهذا الطرح الواضح ذهبت وتخفت بستار التقية‪،‬‬ ‫فكتمممت شممق العتقمماد وأسممبغت علممى الجممانب التعبممدي الخطمماب الشممرعي‪،‬‬ ‫فالسهر هو قيا م الليل‪ ،‬والجوع هو الصيا م والخلو ة هي العزلممة والممذكر كممما‬ ‫‪.‬هو‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪49‬‬

‫وُخِدَع جماعممات مممن المتعبممدين بهممذا الوافممد الجديممد‪ ،‬وسمممي هممؤل ء جميعما ً‬ ‫‪:‬بالصوفية مع اختلف مراتبهم‬ ‫ففيهم الغالي وهممم القممائلون بوحممد ة الوجممود )مثممل الحلج وأبممي يزيممد ‪5-‬‬ ‫‪) .‬البسطامي وابن عربي وغيرهم‬ ‫وفيهممم مممن يكفممر بهممذ ه العقيممد ة وهمموعلى اعتقمماد بممدعي كالشممعرية ‪6-‬‬ ‫‪).‬والماتريدية والقدرية )كالقشيري والغزالي وغيرهما‬ ‫سنة ولكن يمممارس بممدعتهم فممي التعبممد ‪7-‬‬ ‫وفيهم من هو على معتقد أهل ال ُّ‬ ‫‪)).‬كأبي اسماعيل الهروي‬ ‫وهكذا‪ ،‬وحكم كل طائفة من هؤل ء ليس حكمما ً واحممداً ‪ ،‬بممل بحسممب البدعممة‬ ‫س المر ء بها‪ ،‬فإذا كان من المممؤمنين بالعقيممد ة الصمموفية فهممو كممافر‪،‬‬ ‫التي تلبَّ َ‬ ‫وإن كان بريئاً ممن همذا العتقمماد وتلبمس ببعمض تشمريعاتها وأعمالهمما فهممو‬ ‫‪.‬محكو م عليه بحسب هذ ه البدعة‬ ‫والذين يحكمون على الصوفي بمجرد السم مطلقا ً هم جاهلون فممي ديممن ا م‬ ‫‪.‬تعالى‪ ،‬مخالفون لجماع المة في الحكم على هذ ه الطائفة‬ ‫وكذلك الديمقراطية والديمقراطيون‪ ،‬فمعتقُد الديمقراطيممة هممو سممياد ة الشممعب‬ ‫لنفسه في جميع سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية‪ ،‬وهي سلطة عليمما ل‬ ‫سلطة فوقها حتى لو كانت خطاب ا تعالى فممي الكتمماب والُّسممنة‪ ،‬ومممن قممال‬ ‫بهذا القول فهو كاف ٌر مشر ٌك في دين ا تعالى ل يشك في كفر ه مسمملم‪ ،‬ومممن‬ ‫‪.‬توقف في تكفير ه هو كافر مثله إل أن يكون جاهل‬ ‫وأما تلبس المر ء ببعض تشريعاتها وأعمالها فحكمه بحسب هذ ه البدعة الممتي‬ ‫صممبية‬ ‫تلبس بها‪ ،‬والحكم على جميع هممذ ه النممواع حكمما ً واحممداً هممو سممبيل ال ّ‬ ‫الذين يعلقون الحكا م على السما ء دون النظر إلى مراتبها‪ ،‬وهممو ممما نحممذر‬ ‫منه في هذ ه الورقات‪ ،‬بل هو سبب ضلل كل الفر ق والطوائف التي فممارقت‬ ‫سبيل المؤمنين فخرجت عن هدي الكتاب والُّسممنة مممع احتجاجهمما بألفاظهممما‪،‬‬ ‫وعامة ما يقع به الشباب اليو م من النحراف بشممقيه – الفممراط أو التفريممط‪-‬‬ ‫هممو بسممبب هممذا الجهممل‪ ،‬وهممم يظنممون أن المسممائل الفقهيممة أشممبه بالعمليممة‬ ‫الرياضية‪ ،‬والكلمة أشبه بالرقم لها دللة واحد ة ل مراتب فيها‪ ،‬فالديمقراطية‬ ‫‪.‬دين‪ ،‬فكل ديمقراطي يدين بغير السل م‪ ،‬إذاً كل ديمقراطي هو كافر‬ ‫وهو ما وقع فيه هذا الكاتب إذ فهم علممى صمماحب )العمممد ة فممي اعممداد العممد ة(‬ ‫فهما سيئا فقد نقل الكاتب عنه قوله‪" :‬كذلك فإن راية الجهاد ينبغممي أن تكممون‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪50‬‬

‫إسلمية خالصة غير مختلطة بأي من الهوا ء والرا ء البشرية كالشتراكية‬ ‫والديمقراطية ونحوها‪ ،‬قال تعالى‪" :‬أل ل الدين الخممالص" وقممال تعممالى فممي‬ ‫مفاصلة الكافرين والتميز عنهم "لكم دينكممم ولممي ديممن" …"الممخ كلمممه ص‬ ‫‪13.‬‬ ‫وكل م صاحب العمد ة فيه إجمال في صدر ه بقوله )ينبغي أن تكون…( وهممو‬ ‫لفظ غير محممدد فممي هممذا البمماب‪ ،‬فحملممه الكمماتب علممى معنممى واحممد وهممو أن‬ ‫‪.‬مخالفه مخ ٌل بأصل الدين كما هو موضوع الكتاب‬ ‫وهذا لو تفطنت له علمت ما قلته لك أخي القارى ء في مقدمة كتابي هممذا بممأن‬ ‫الكتاب الذي أرد عليه هو )كشف شبهات المقمماتلين( هممو كتمماب سممي ء يحتممج‬ ‫‪.‬بالعمومات دون تفصيل‪ ،‬فكان أن وقع في حمأ ة الغلو المذمو م‬ ‫‪:‬فالديمقراطيون طبقات‬ ‫هناك مسلم ديمقراطي )استخدمت لفظ مسلم ديمقراطممي‪ ،‬كاسممتخدامهم مسمملم‬ ‫صوفي‪ ،‬وإن كان الديمقراطي الكلي ل يكون مسلما( يقممول‪ :‬أن الديمقراطيممة‬ ‫عندي هممي وسمميلة فممي اختيممار الحمماكم‪ ،‬ول أقممول بممأن للشممعب أن يقبممل مممن‬ ‫الحكا م بحسب رأي الكثرية دون مراعاٍ ة للحكم الشرعي المنزل‪ ،‬فهذا أبممداً‬ ‫ل يكون حكمه من قممال بالديمقراطيممة فممي معتقممدها‪ ،‬ومممن سمموى بينهممما فقممد‬ ‫‪،‬افترى على دين ا تعالى وسلك غير سبيل المؤمنين‬ ‫نعم هو مبتد ٌع مخطى ء‪ ،‬كحال الصوفية والمتكلميممن فممي بممدعهم وأخطممائهم‪،‬‬ ‫‪.‬لكن ل يمكن أن يكون كافراً بهذا القول‬ ‫فحين يَُكّفر صاحب الكتاب السي ء حركممة حممماس لنهمما تقممول بالديمقراطيممة‬ ‫هكذا مطلقًا‪ ،‬أو حين يَُكّفر الحركة السلمية في كردستان لهذا القممول يكممون‬ ‫قد افترى في دين ام تعممالى كممما افممترى سممابقا ً فممي التسمموية بيممن السممتغاثة‬ ‫والتوسل بجامع دخولهما تحت اسم واحد وهو "القبوريين"! وهم عند ه علممى‬ ‫‪ .‬مرتبة واحد ة كلهم قد أخلوا بأصل الدين‬ ‫ثممم إن هممؤل ء حممتى لممو قممالوا مثممل هممذ ه القمموال الحادثممة كالديمقراطيممة‬ ‫والشمتراكية )كممما وقممع ممن الشميخ المدكتور‪ /‬يوسممف السمباعي رحممه ام‬ ‫تعالى( فإن الواجب إعمال موانع التكفير في حقهم لخفا ء السممل م ودروسممه‪،‬‬ ‫ولعمومات هذ ه اللفاظ واحتوائها على معاني باطلة متعدد ة وبعض المعمماني‬ ‫السلمية الصحيحة كما وقع من الشيخ الدكتور يوسف السممباعي فممي كتممابه‬ ‫‪".‬الذي سما ه "اشتراكية السل م‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪51‬‬

‫‪.‬فالقول بردتهم غل ٌو وإفراط وانحراف عن سبيل أهل الُّسنة والجماعة‬ ‫وأهل العلم في حكمهم على الطوائف والفر ق كممانوا يفصمملون تفصمميل يزيممل‬ ‫كل لبس‪ ,‬ومن ذلك ما ذكر ه ابن تيمية في الشيعة‪ ،‬فممإنه يقممول ‪ :‬والشمميعة هممم‬ ‫‪:‬ثلث درجات‬ ‫شرها الغالية‪ :‬الذين جعلوا لعلي )ابن أبي طممالب رضممي ام عنممه( ‪-‬‬ ‫شيئا من اللوهية‪ ،‬أو يصفونه بالنبو ة‪ ،‬وكفر هممؤل ء بيممن لكممل مسمملم يعممرف‬ ‫السل م‪ ،‬وكفرهم من جنممس كفممر اليهممود والنصممارى ممن هممذا المموجه‪ ،‬وهممم‬ ‫‪.‬يشبهون اليهود من وجو ه أخر‬ ‫والدرجة الثانية ‪ :‬وهممم الرافضمة المعروفممون‪ ،‬كالماميمة وغيرهممم ‪-‬‬ ‫‪،‬الذين يعتقدون أن عليا هو الما م الحق بعد النبي صلى ا عليه وسلم بنص‬ ‫جلي أو خفي‪ ،‬وأنه ظلم ومنع حقه ‪ ،‬ويبغضون أبا بكر وعمر‪ ،‬ويشتمونهما‪،‬‬ ‫‪.‬وهذا عند المامية سيما الرافضة‪ ،‬وهو بغض أبي بكر وعمر وسبهما‬ ‫والدرجة الثالثة ‪ :‬المفضلة من الزيدية وغيرهم الذين يفضلون عليا ‪-‬‬ ‫على أبي بكر وعمر‪،‬ولكن يعتقممدون إمامتهممما وعممدالتهما ويتولونهممما‪ ،‬فهممذ ه‬ ‫الدرجة ‪-‬وإن كانت باطلة‪ -‬فقد نسب اليها طوائممف مممن أهممل الفقممه والعبمماد ة‪،‬‬ ‫وليممس أهلهمما قريبمما ممممن قبلهممم‪ ،‬بممل هممم ألممى أهممل السممنة أقممرب منهممم الممى‬ ‫الرافضة‪ ،‬لنهم ينازعون الرافضة في إمامة الشيخين وعدلهما وموالتهممما‪،‬‬ ‫وينازعون أهل السنة في فضلهما على علي‪ ,‬والنممزاع الول أعظممم ‪،‬ولكنهمما‬ ‫‪ .‬المرقا ة التي تصعد منه الرافضة فهم لهم باب‬ ‫‪:‬وكذلك الجهمية على ثلث درجات‬ ‫فشرها الغالية‪ :‬الذين ينفون أسما ء ا وصفاته‪،‬وإن سمو ه بشي ء مممن‪-‬‬ ‫أسمائه الحسنى ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هو مجاز‪ ،‬فهو فممي الحقيقممة عنممدهم ليممس بحممي ول‬ ‫… ‪،‬عالم ول قادر ول بصير ول تكلم ول يتكلم‬ ‫وهممذا القممول الممذي يقمموله الغاليممة النفمما ة للسممما ء حقيقممة هممو قممول القرامطممة‬ ‫‪.‬الباطنية‪ ،‬ومن سبقهم من إخوانهم الصابئة الفلسفة‬ ‫والدرجممة الثانيممة مممن التجهممم ‪ :‬هممو تجهممم المعتزلممة ونحمموهم الممذين‪-‬‬ ‫يقرون بأسمما ء ام الحسمنى فمي الجملمة لكمن ينفمون صمفاته‪ ،‬وهمم أيضمما ل‬ ‫يقممرون بأسممما ء ام الحسممنى علممى الحقيقممة‪ ،‬بممل يجعلممون كممثيرا منهمما علممى‬ ‫‪.‬المجاز‪ ،‬وهؤل ء هم الجهمية المشهورون‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪52‬‬

‫وأما الدرجة الثالثة ‪ :‬فهم الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية‪ ،‬لكن‪-‬‬ ‫فيهم نوع من التجهم‪ ،‬كالممذين يقممرون بأسممما ء ام وصممفاته فممي الجملممة لكممن‬ ‫يردون طائفة من أسمائه وصفاته الخبرية‪ ،‬أو غير الخبرية‪ ،‬ويتأولونها كممما‬ ‫تأول الولون صفاته كلها ‪..‬وذلك كأبي محمد بن كلب ومن اتبعه‪ ،‬وفي هذا‬ ‫القسم يدخل أبو الحسن الشعري وطوائف من أهممل الفقممه والكل م والحممديث‬ ‫والتصوف‪ ،‬وهممؤل ء الممى أهممل السممنة أقممرب منهممم الممى الجهميممة والرافضممة‬ ‫والخوارج والقدرية‪ ،‬لكن انتسب اليهم طائفة هم الى الجهمية أقرب منهم إلى‬ ‫أهل السنة المحضة‪ ،‬فإن هؤل ء ينازعون المعتزلة نزاعا عظيما فيما يثبتونه‬ ‫‪.‬من الصفات‪ ،‬وأعظم من منازعتهم لسائر أهل الثبات فيما ينفون‬ ‫وأما المتأخرون فإنهم والوا المعتزلة وقمماربوهم أكممثر‪ ،‬وقممدموهم علممى أهممل‬ ‫السنة والثبات‪ ،‬وخالفوا أوليهم‪ ،‬ومنهم من يتقارب نفيه وإثباته‪ ) .‬التسممعينية‬ ‫)‪271-236‬‬ ‫يقول الفقير ‪ :‬انظر هداك ا لرشد أمر ه الى طريقة أهل العلم فمي التفصميل‬ ‫لحال المخالفين ليصد ق عليهم الحكم الشمرعي ‪،‬وممن لمم يفقمه همذا فليمس لمه‬ ‫‪.‬الحديث في النوازل والحكا م‪ ،‬بل هو الى الجهل أقرب‬

‫تحقيقازع ـحديثازع قتالازع الزبيرازع –ازع رضيازع اازع عنهازع –ازع معازع النجاشي‬ ‫نقل الكمماتب عممن أحممدهم أنممه قممال‪ :‬بجممواز قتممال المسمملم تحممت رايممة الشممرك‬ ‫واسممتدل بحممديث الزبيممر – رضممي ام عنممه‪ -‬وقتمماله مممع النجاشممي‪ ،‬ورأيممت‬ ‫صَر في بيان الحديث ‪،‬وفهم أهل العلم له‪ ،‬ومممن أجممل الفائممد ة رأيممت‬ ‫الكاتب ق َّ‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪53‬‬

‫أهميمة تخريمج الحمديث فهمو الصمل‪ ،‬ثمم كل م أهمل العلمم عليمه وعلمى همذ ه‬ ‫‪:‬المسألة‬‫‪:‬تخريجازع الحديث‬ ‫روى الما م أحمد في مسند ه )‪ (203-1/201‬ومحمد بن اسحا ق في السير ة )‬ ‫‪1‬المختصممر‪ (334/‬والممبيهقي فممي الُّسممنن )‪ (9/144‬وفممي دلئممل النبممو ة )‬ ‫‪ (1/301‬وفممي معرفممة الُّسممنن والثممار كلهممم مممن طريممق محمممد بممن شممهاب‬ ‫الزهري عن أبي بكر بن أبي عبد الرحمن بن الحارث بن هشا م عن أ م سلمة‬ ‫رضي ا عنها زوج النبي صلى ا عليه وسلم قممالت‪ " :‬لممما ضمماقت علينمما‬ ‫مكة ‪ ..‬فذكرت الحديث في هجرتهم إلممى أرض الحبشممة وممما كممان مممن بعثممة‬ ‫قريش عمرو بن العاص وعبد ا بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليخرجهممم مممن‬ ‫بلدهم وفيه قالت‪ :‬فلم ينشب أن خرج عليممه رجم ٌل مممن الحبشممة ينممازعه فممي‬ ‫ملكه‪ ،‬فوا ما علمتنا حزنا حزنا ً قط كان أشد منه‪ ،‬فرقا ً مممن أن يظهممر ذلممك‬ ‫‪ .‬الملك فيأتي ملك ل يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه‬ ‫فجعلنا ندعو إلى ا ونستنصر ه للنجاشي‪ ،‬فخرج عليه سائراً فقممال أصممحاب‬ ‫رسول ا صلى ا عليه وسلم بعضهم لبعممض‪ :‬مممن رجممل يخممرج فيحضممر‬ ‫الوقعة حتى ينظر من تكون؟‬ ‫‪.‬فقال الزبير رضي ا عنه وكان من أحدثهم سنًا‪ :‬أنا‬ ‫فنفخوا له قربة فجعلها في صدر ه ثم خرج يسبح عليها في النيل حممتى خممرج‬ ‫من الشقة الخرى إلى حيممث التقممى النمماس فحضممر الوقيعممة‪،‬وهممز م ام ذلممك‬ ‫الملك وقتله‪ ،‬وظهر النجاشي عليه‪ ،‬فجا ءنا الزبير رضي ا عنه فجعل يليمح‬ ‫إلينا بردائه‪ ،‬ويقول‪ :‬أل أبشروا فقمد ظهممر النجاشممي فموا مما فرحنما بشممي ء‬ ‫‪..‬فرحنا بظهور النجاشي‬ ‫وفي المصادر ألفاظ متباينة‪ ،‬لكن ل اختلف علممى هممذا المعنممى ان شمما ء ا م‬ ‫‪.‬تعالى‬ ‫وسند الحديث حسن كما قال البيهقي في معرفة الُّسنن والثار‪ ،‬وذلك لوجممود‬ ‫محمد بن اسحا ق صاحب المغازي في سند الحديث وهو مختلف فيه‪ ،‬ومتهممم‬ ‫‪.‬بالتدليس لكنه صرح بالَّسماع‬ ‫‪:‬كلمازع أهلازع العلمازع فيازع القتالازع تحتازع رايةازع المشركازع لتحقيقازع مقاصدازع شرعية‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪54‬‬

‫قال الشافعي في ال م )‪ : (4/159‬لو أُِسَر جماعة من المسلمين فاسممتعان بهممم‬ ‫المشركون على مشممركين مثلهممم ليقمماتلوهم فقممد قيممل‪ :‬يقمماتلونهم‪ ،‬وقيممل قاتممل‬ ‫‪.‬الزبير وأصحاب له ببلد الحبشة مشركين عن مشركين‬ ‫ومن قال هذا القول قال‪ :‬وما يحر م من القتال معهم ودممما ء الممذين يقمماتلونهم‬ ‫!!وأموالهم مباحة بالشرك؟‬ ‫‪:‬ولو قال قائل‪ :‬قتالهم حرا م لمعاٍن منها‬ ‫أن واجبا ً علممى مممن ظهممر مممن المسمملمين علممى المشممركين فغنممم فممي‪-‬‬ ‫الخمس لهل الخمس‪ ،‬وهم متفرقون في البلدان وهذا ل يجد السممبيل إلممى أن‬ ‫‪.‬يكون الخمس مما غنم لهل الخمس ليؤديه إلى الما م فيفرقه‬ ‫ب عليهم أن يقمماتلوا أهممل الكتمماب فممأعطوا الجزيممة‪ :‬أن يحقنمموا‪-‬‬ ‫وواج ٌ‬ ‫دممما ءهم‪ ،‬وهممذا أن أعطمموا الجزيممة لممم يقممدر علممى أن يمنعهممم حممتى يحقنمموا‬ ‫‪.‬دما ءهم‪ ،‬كان مذهبا ً‬ ‫وإن لم يستكرهوهم على قتال كان أحب إلي أل يقاتلوا‪ ،‬ول نعلم خبر الزبير‬ ‫يثبت )يقول الفقير‪ :‬وذلك لوجود محمد بن اسحق فيه‪ ،‬وا أعلم( ولممو ثبممت‪:‬‬ ‫فإن النجاشي كان مسلماً آمن برسول ا صلى ا عليه وسلم وصلى النممبي‬ ‫‪.‬صلى ا عليه وسلم عليه‬ ‫‪.‬انتهىكل م الما م المطلبي رحمه ا وأجزل له المثوبة‬ ‫‪:‬وفي المدونة لسحنون المالكي‬ ‫قال مالك في السارى يكونون في بلد المشركين يستعين بهم الملك على أن‬ ‫‪ .‬يقاتلوا عدواً له ويجا ء بهم إلى بلد المسلمين‬ ‫قال ‪ :‬ل أرى أن يقاتلوا على هذا ول يحل لهم أن يسفكوا دما ءهم علممى مثممل‬ ‫ذلك ؛وإنما يقاتَمَل النمماس ليممدخلوا فممي السممل م مممن الشممرك‪ ،‬فأممما أن يقمماتلوا‬ ‫الكفار ليدخلوهم من الكفر إلى الكفر ويسفكوا في ذلك دما ءهم فممي ذلممك فهممذا‬ ‫‪).‬مما ل ينبغي ول ينبغي لمسلم أن يسفك دما ً على هذا‪1/391) .‬‬ ‫‪:‬وفي مسائل الما م أحمد لبي داود‬ ‫قال الما م أحمد‪ :‬لو قممال ملممك الكفممار للسممرى المسمملمين ‪ :‬اخرجمموا فقمماتلوا‬ ‫‪.‬أعطيكم كذا وكذا‪ ،‬فل يحل أن يقاتلوا معه‬ ‫‪ .‬وأن قال‪:‬أخلي عنكم‪ ،‬فل بأس بذلك رجا ء أن ينجوا‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪55‬‬

‫وسئل‪ :‬إن قال لهم ملك الكفار ‪ :‬أعطيكم وأحسن إليكم‪ ،‬هل يقاتلون معه؟‬ ‫قال ‪ :‬قال رسول ا صلى ا عليه وسلم ‪" :‬من قاتممل لتكممون كلمممة ام هممي‬ ‫‪).‬العليا فهو في سبيل ا"‪ ،‬ل أدري )ص ‪249-248‬‬ ‫يقول أبو قتاد ة‪ :‬رحم ا أهممل العلممم والتقمموى كيممف كممانوا علممى بصممير ة مممن‬ ‫‪.‬دينهم‪ ،‬وكيف كانت تقواهم‬ ‫فهذا الما م أحمد يقممول فممي مسممألة ل أدري‪ ،‬ولممو عرضممت اليممو م علممى غممر‬ ‫صغير جاهل لما حك ذقنه قليل قبل أن يخوض فيها ويقول فيها ما يرى‪ ،‬ثممم‬ ‫‪.‬لن يتردد في تبديع مخالفه ولعنه‬ ‫وفي كشاف القناع للبهوتي من الحنابلة‪ :‬تحر م إعانة الكفار علممى عممدٍو منهممم‬ ‫إل خوفاً من شرهم‪ ،‬أما إن كان عدو الكفار من المسمملمين فيجممب أن يجتمممع‬ ‫‪).‬المسلمون على قتال الكفار جميعا ً)‪3/57‬‬ ‫‪:‬قال الجصاص الحنفي في مختصر اختلف الفقها ء للما م الطحاوي‬ ‫قال أصحابنا‪) :‬فممي المسممتأمن المسمملم يقاتممل مممع المشممركين(‪ :‬ل ينبغممي أن‬ ‫‪.‬يقاتلوا مع أهل الشرك‪ ،‬لن حكم الشرك هو الظاهر وهو قول مالك‬ ‫‪.‬وقال الثوري‪ :‬يقاتلون معهم‬ ‫وقال الوزاعي‪ :‬ل يقاتلون إل أن يشترطوا عليهم إن غلبوا أن يردوهم إلممى‬ ‫‪.‬دار السل م‬ ‫‪).‬وللشافعي ‪ :‬قولن انتهى)‪3/454‬‬ ‫‪:‬قال ابن هبير ة في الفصاح‬ ‫واختلفوا‪ :‬هل يستعان بالمشركين على قتال أهل الحممرب‪ ،‬أو يعمماونون علممى‬ ‫عدوهم ؟‬ ‫قال مالك وأحمد‪ :‬ل يستعان بهم ول يعاونون على الطل ق‪ ،‬واستثنى مالممك‪:‬‬ ‫‪.‬إل أن يكونوا خدما ً للمسلمين فيجوز‬ ‫وقال أبو حنيفة‪ :‬يستعان بهم ويعاونون على الطل ق متى كان حكم السل م‬ ‫‪) .‬هو الغالب الجاري عليهم‪ ،‬فإن كان حكم الشرك هو الغالب كر ه)‪2/286‬‬ ‫وفي الفتاوى الكبرى الفقهية لبن حجر الهيتمي )بالتا ء‪ ،‬نسبة الى محلة أبممي‬ ‫‪):‬الهيتم من إقليم الغربية بمصر‬ ‫وسئل نفع ا به وفسح في مدته‪ :‬عما إذا حضر المسلم الحمرب الواقعمة بيمن‬ ‫الكافر الحربيين ككفر ة مليبار )إقليم كبير يشمل على مممدن كممثير ة فممي وسممط‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪56‬‬

‫الهند قريب من ملتان ومتصممل بممه( فممإن مممن يشمماهد الحممرب كممافراً كممان أو‬ ‫مسلماً يقصد معاركهم إلى نحو فرسخين‪ ،‬ويعدون لممذلك مآكممل‪ ،‬ويقممو م عنممد‬ ‫معركتهم ويتفرج على القتل والضرب فيما بينهم‪ ،‬فهل يأثم المسلم بمشمماهدته‬ ‫وحضور ه لما فيه من تكثير جمعهم‪ ،‬مع أنه ل ضرور ة له إلى ذلممك‪ ،‬وتقبيممح‬ ‫طائفة وتحسين أخرى والحث على الهجو م على الخرين‪ ،‬ووجممود الخطممر‪،‬‬ ‫فربما تصل إليه سهامهم‪ ،‬وربما يجرح وربما يقتل أو ل إثم في ذلك؟‬ ‫وإذا أعان المسلمون إحدى طائفتي الكفر ة فممي حروبهممم‪ ،‬وقمماتلوا الخريممن‬ ‫معهم من غير ضرور ة ول حاجة حتى يَْقُتلمموا أو يُْقَتلمموا فممي الحممروب‪ ،‬فهممل‬ ‫يجوز ذلك أو ل ؟‬ ‫وهل ُيؤجر المسلم بذلك لقتله الكافر أو لكممونه مقتمموله‪ ،‬وهممل يعامممل معاملممة‬ ‫الشهيد في عد م الغسل والصل ة عليه؟‬ ‫وقد يكون خروج المسلم لعانتهم لطلب ملوك بلدهم الكفر ة منه أن يخرج‬ ‫معهم لذلك‪ ،‬فكيف يكون الحكم في ذلك؟‬ ‫وهل فر ق بين ما إذا خرج بطلب ملوكهم أو ل؟‬ ‫‪:‬فأجاب بقوله‬ ‫حضور المسلم لحرب الحربيين فيما بينهممم بقصممد تعلمممه الشممجاعة وكيفيممة‬ ‫القتال وقو ة النفس عند مشاهدته أو بقصد فرحه بمن مات من الحربيين لتعلو‬ ‫كلمة ا تعالى بضعف شوكتهم وقلة عددهم‪ ،‬أو بقصد شممي ء غيممر ذلممك مممن‬ ‫المقاصد الصحيحة جائز ة غيرمحذور فيه بوجه‪ ،‬سوا ء بعد مكان الحممرب أو‬ ‫قرب‪ ،‬وليمس فممى ذلمك تكممثير لجمعهمم ‪،‬فممان التكممثير انمما يتصمور فممي حمق‬ ‫الممموالي والمناصممر‪ ،‬وأممما الحاضممر راجيمما لزوالهممم وفنممائهم عممن آخرهممم‬ ‫ومنتظرا وقوع دائر ة عليهم فينتقم منهم فغير مكثر لجمعهم‪ ،‬بل هو من جملة‬ ‫‪.‬المحاربين لهم باطنا‬ ‫وكذا ل محذور أيضا في اغرا ء بعضهم على بعض‪ ،‬لن التوصممل الممى قتممل‬ ‫‪.‬الحربي جائز بل محبوب بأي طريق كان‬ ‫‪ .‬هذا كله إن ظن سلمته أو قتله بعد انكائهم‬ ‫أما لو غلب على ظنه أن مجرد حضور ه يؤدي الى قتله أو نحو ه من غير أن‬ ‫يلحقهم منه نكاية بوجه‪ ،‬فحضور ه حينئذ في غاية العز م والتقصمير‪ ،‬فليمسمك‬ ‫‪.‬عنه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪57‬‬

‫وإذا أعان مسلم أو أكثر إحدى الطائفتين فقتله في الحرب أحد الحربيين فهممو‬ ‫شهيد ل يغسل ول يصلى عليه وله ثواب‪ ،‬أي ثواب إن قاتل لتكون كلمة امم‬ ‫‪.‬هي العليا‬ ‫ول فر ق في ذلك كله بين من خرج بنفسه ومن خرج بطلب ملكهممم لممه حيممث‬ ‫)ل إجبار‪2/25) .‬‬ ‫‪:‬وسئل كذلك‬ ‫هل يجوز حضور المسلمين الحروب التي تقع فيما بين الكفر ة للمشاهد ة ‪-‬‬ ‫والتفرج أو ل يجوز‪ ،‬لما في ذلك من تكثير جمعهم وإعانتهم على ظلمهم‬ ‫وتحسين طائفة وتقبيح أخرى‪ ،‬ووجود الخطر‪ ،‬فإنه ربما تصل أسهمهم إلى‬ ‫الناظرين‪ ،‬وكان مشايخنا من أهل مليبار يمنعون المسلمين من حضورهم‬ ‫حروبهم؟‬ ‫وهل يجوز قتال المسلمين مع إحدى الطائفتين من الكفار حتى يقتل أو ‪-‬‬ ‫يقتل من غير حاجة إلى ذلك أول؟‬ ‫وهل يؤجر لنه إما أن يقتل كافرا أو يقتله كافر‪ ،‬وهل يعامل معاملة ‪-‬‬ ‫الشهيد؟‬ ‫‪:‬فأجاب رحمه ا تبارك وتعالى بقوله‬ ‫إذا وقع قتال بين طائفتين من الحربيين لم يحر م الحضور‪ ،‬لن كل من‬ ‫الطائفتين مهدر‪ ،‬فالقتل فيهما واقع في محله‪ ،‬فليس ثم معصية أقر عليها‬ ‫‪.‬المتفرج بحضور ه‬ ‫نعم إن خشي على عود ضرر عليه ‪) -‬في الصل غير مستقيمة وهذا الذي‬ ‫‪.‬أرجحه مناسبة للسيا ق والسبا ق(‪ -‬من الحضور حر م عليه‬ ‫‪.‬ولعل منع المشايخ المذكورين الحضوركان لجل ذلك‬ ‫وللمسلمين أن يقاتلوا كل من الطائفتين وإن يقاتلوا إحداهما ل بقصد نصر ة‬ ‫الطائفة الخرى‪ ،‬بل بقصد اعل ء كلمة السل م‪ ،‬والحا ق النكاية في أعدا ء‬ ‫ا تعالى‪ ،‬ومن فعل ذلك بهذا القصد حصل له أجر المجاهد لقوله صلى ا‬ ‫عليه وسلم في خبر البخاري وغير ه‪ :‬من قاتل لتكون كلمة ا هي العليا فهو‬ ‫في سبيل ا‪ -‬ول شك أن من قاتل إحدى الطائفتين بقصد ذلك كان كذلك‪،‬‬ ‫حتى إذا قتل في الحرب‪ ،‬أو انقضت وحركته حركة مذبوح أو ليس به حيا ة‬ ‫‪.‬مستقر ة عومل معاملة الشهيد في الدنيا والخر ة‪ ،‬فل يغسل ول يصلى عليه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪58‬‬

‫نعم يشترط أن يعلم مريد القتال أنه يبلغ نوع نكاية فيهم‪ ،‬أما لو علم أنه‬ ‫بمجرد أن يبرز للقتال‪ ،‬بادرو ه بالقتل من غير أدنى نكاية فيهم فل يجوز له‬ ‫قتالهم حينئذ‪ ،‬لنه يقتل نفسه من غير فائد ة البتة‪ ،‬فيكون عليه اثم قاتل نفسه‬ ‫‪).‬وا سبحانه وتعالى أعلم‪4/222) .‬‬ ‫‪:‬قال محمد بن الحسن الشيباني رحمه ا تعالى‬ ‫إذا قال أهل الحرب للسرا ء قاتلوا معنا عدونا من المشركين‪ ،‬وهم ‪1-‬‬ ‫يخافون أولئك الخرين على أنفسهم‪ ،‬فل بأس أن يقاتلوا‪ ،‬لنهم يدفعون الن‬ ‫شر القتل عن أنفسهم‪ ،‬فإنهم يأمنون الذين في أيديهم على أنفسهم ول يأمنون‬ ‫‪.‬الخرين إن وقعوا في أيديهم‪ ،‬فيحل لهم أن يقاتلوهم دفعا عن انفسهم‬ ‫وإن قالوا لهم ‪ :‬قاتلوا معنا عدونا من المشركين وإل قتلناكم‪ ،‬فل بأس ‪2-‬‬ ‫بأن يقاتلوا دفعا لهم‪ ،‬لنهم أيضا يدفعون الن شر القتل عن أنفسهم‪ ،‬وقتل‬ ‫أولئك المشركين حلل‪ ،‬ول بأس بالقدا م على ما هو حلل عند تحقق‬ ‫الضرور ة بسبب الكرا ه‪ ،‬وربما يجب ذلك كما في تناول الميتة وشرب‬ ‫‪.‬الخمر‬ ‫فإن هددوهم ليقفوا معهم في صفهم ول يقاتلوا المسلمين ‪ ،‬فهم في سعة ‪3-‬‬ ‫في ذلك‪ ،‬لنهم الن ل يصنعون بالمسلمين شيئا‪ ،‬فهذا ليس من جملة المظالم‬ ‫وأكبر ما فيه أن يلحق المسلمين هم لكثر ة سواد المشركين في أعينهم ‪ -‬فهو‬ ‫‪ .‬بمنزلة ما لو أكر ه على إتلف مال المسلمين بوعيد متلف‬ ‫ولو قالوا لهم ‪ :‬قاتلوا معنا عدونا من أهل حرب آخرين على أن نخلي‬ ‫سبيلكم إذا انقضت حربنا‪ ،‬ووقع في قلوبهم أنهم صادقون فل بأس أن‬ ‫‪.‬يقاتلوا معهم‪ ،‬لنهم يدفعون بهذا السر عن أنفسهم‬ ‫)وما بعدها ‪/‬السير الكبير ‪(4/ 1516‬‬ ‫‪:‬قال أبو قتاد ة‬ ‫وبهذا يتبين لك أن مسألة قتال المسلم تحت راية المشركين لتحقيق بعض‬ ‫مصالح السل م من مسائل الفروع والجتهاد التي اختلف فيها نظر الئمة‪،‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪59‬‬

‫فل يضلل ول يكفر مخالفها‪ ،‬ولينتبه إلى أنه ليس المقصود بيان ترجيح أحد‬ ‫‪.‬القولين‪ ،‬وإنما رد تكفير من قال بأحد القولين كما يفعل الغرار‬

‫ـحالدثةازع ذاتازع أنواطازع وتحقيقازع المقالازع فيها‬ ‫تابع الكاتب بعض أهل العلم من المعاصرين في أن الصحابة رضي ا‬ ‫عنهم طلبوا عمل مكفرا من رسول ا صلى ا عليه وسلم عندما مروا‬ ‫‪):‬على سدر ة للمشركين يعلقون بها أسلحتهم‪ ،‬فقال الكاتب )ص ‪37‬‬ ‫في الحقيقة أن مجرد الطلب شرك )أي طلب الصحابة رضي ا عنهم("‬ ‫بدليل قوله صلى ا عليه وسلم للطالبين‪ :‬قلتم والذي نفسي بيد ه كما قالت بنو‬ ‫‪ .‬اسرائيل اجعل لنا إلها" وهذا هو الشرك‬ ‫‪).‬ثم أحال إلى الجامع في طلب العلم الشريف)ص ‪360‬‬ ‫وصاحب الكتاب ينقل من الجامع في طلب العلم الشريف ومن العمد ة في‬ ‫إعداد العد ة )لعبد القادر بن عبد العزيز( نقل المسلم له في ما يقوله دون‬ ‫تمحيص‪ ،‬بل عند ه هذان الكتابان يقومان مقا م الدلة‪ ،‬فإنه بعد أن يقول الحكم‬ ‫الذي يريد ه يحيل القاري ء إلى ما في الجامع أو العمد ة‪ ،‬وهذا هو من تما م‬ ‫الجهل‪ ،‬فإن المفتي والحاكم في هذ ه النوازل ل يجوز أن يكون مقلدا لكتب‬ ‫المتأخرين‪ ،‬غير بصير بكتب السلف ول مذاهبهم‪ ،‬وهو يظن أنه بمجرد‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪60‬‬

‫ذكر الية أو الحديث بعد القول الذي يقوله صاحب الكتابين يجعله على‬ ‫الصابة بل تردد‪ ،‬وهذا أرا ه كثيرا الن من الصغار والمبتدئين‪ ،‬ويفتون بما‬ ‫فيهما‪ ،‬وإنما وقعوا في هذا بسبب جهلهم بمدارك الحكا م‪ ،‬وبكل م أهل العلم‬ ‫‪.‬السابقين‬ ‫وابن باز ممن قال بهذا القول في تعليقه على فتح المجيد‪ ،‬ولم يقبل كل م‬ ‫‪:‬محمد بن عبد الوهاب في أن ما طلبو ه معصية وليست كفرا وقال‬ ‫‪).‬ليس ما طلبو ه من الشرك الصغر" )هامش فتح المجيد ص ‪141‬‬ ‫‪:‬يقول أبو قتاد ة‬ ‫وهذا القول من أفسد ما يعرف من القوال المنسوبة لهل العلم‪ ،‬وإنه من‬ ‫الجهل بحال الصحابة رضي ا عنهم في أن يقال عنهم أنهم طلبوا من‬ ‫‪.‬رسول ا صلى ا عليه وسلم أن يكفروا‪ ،‬أو أن ما طلبوا هو الكفر‬ ‫وهؤل ء لو تأملوا يسيرا لعلموا أنه لو كان هذا شركا لستتابهم رسول ا‬ ‫صلى ا عليه وسلم‪ ،‬ثم إن قولهم هذا ل سلف لهم فيه‪ ،‬بل كل م أهل العلم‬ ‫‪.‬في تفسير الحديث على الضد من هذا القول‬ ‫‪:‬تحقيق المسألة‬ ‫الحديث‪ :‬قال أبو واقد الليثي‪ :‬خرجنا مع رسول ا صلى ا عليه وسلم إلى‬ ‫حنين ونحن حديثو عهد بكفر‪ ،‬وللمشركين سدر ة يعكفون عليها وينوطون‬ ‫بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط‪ ،‬فمررنا بسدر ة‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا رسول ا اجعل‬ ‫لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط‪ ،‬فقال النبي صلى ا عليه وسلم‪ :‬ا أكبر‪،‬‬ ‫قلتم والذي نفسي بيد ه كما قالت بنو اسرائيل "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة‪،‬‬ ‫‪" .‬قال إنكم قو م تجهلون" لتركبن سنن من كان قبلكم‬ ‫‪.‬روا ه الما م الترمذي في سننه وصححه‪ ،‬والما م أحمد في مسند ه وغيرهما‬ ‫وخطأ القائلين بأن ما طلبه الصحابة كفرا هو عد م اعتنائهم بالقاعدتين اللتين‬ ‫‪.‬تقدمتا في هذا البحث‬ ‫‪ :‬وإليك كيف هي طريقتهم في الوصول الى فهمهم السقيم‬ ‫‪.‬قالوا‪ :‬ذات أنواط وثن‬ ‫‪.‬وطلب البركة من الوثن شرك‬ ‫‪.‬إذا ‪:‬من طلب البركة من ذات أنواط فهو مشرك‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪61‬‬

‫ثم انهم بعد ذلك تكرموا واعذروهم بالجهل لن الحديث فيه كما تقد م‪-‬حديثو‬ ‫‪-.‬عهد بكفر‬ ‫‪:‬وهذا غلط شنيع وإن قاله بعض الفضل ء وإليك البيان‬ ‫في سنن ابن ماجة قال رسول ا صلى ا عليه وسلم ‪" :‬مدمن الخمر كعابد‬ ‫‪.‬وثن"وسند ه حسن‬ ‫فهل يعني هذا أن مدمن الخمر مشرك؟‬ ‫‪.‬الجواب‪:‬ل‬ ‫وسب ذلك أن المشابهة ل تستلز م المطابقة التي تستلز م الحكم الغائي للمشبه‬ ‫‪.‬به‪،‬ولفهم هذا الكل م انظر القاعد ة الثانية في المقدمات‬ ‫‪:‬وإليك أقوال السابقين من العلما ء في فهم الحديث‬ ‫قال الشاطبي رحمه ا تعالى ‪ :‬فإن اتخاذ ذات أنواط يشبه اتخاذ اللهة من‬ ‫دون ا‪ ،‬ل أنه هو بنفسه‪ ،‬فلذلك ل يلز م العتبار بالمنصوص عليه ما لم‬ ‫‪).‬ينص عليه مثله من كل وجه‪) .‬العتصا م ‪2/246‬‬ ‫وتأمل كلمة الما م الشاطبي‪" :‬ل يلز م العتبار بالمنصوص عليه ‪،‬ما لم‬ ‫‪.‬ينص عليه مثله من كل وجه‬ ‫والشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد قال بعد أن سا ق الحديث‬ ‫‪:‬السابق وذكر محاسن الباب صار إلى قوله الى الحسنة التالية‬ ‫‪.‬الحادي عشر ة‪ :‬أن الشرك فيه أكبر وأصغر لنهم لم يرتدوا بهذا‬ ‫‪.‬فقد جعل طلبهم من الكفر الصغر كما هو واضح‬ ‫وفي الفائد ة الرابعة عشر جعل علة المنع من باب سد الذرائع‪ ،‬فارجع اليها‬ ‫‪.‬هناك لتراها‬ ‫وقال ابن تيمية رحمه ا تعالى‪ :‬ولما كان للمشركين شجر ة يعلقون عليها‬ ‫أسلحتهم ويسمونها ذات أنواط فقال بعض الناس "يا رسول ا‪ :‬اجعل لنا‬ ‫ذات أنواط كما لهم ذات أنواط‪ ،‬فقال‪ :‬ا أكبر قلتم كما قال قو م موسى‬ ‫‪".‬لموسى‪:‬اجعل لنا إلها كما لهم آلهة‪ ،‬إنها السنن‪ ،‬لتركبن سنن من كان قبلكم‬ ‫ازع قال‪:‬فأنكرازع النبيازع صلىازع اازع عليهازع وسلمازع مجرلدازع مشابهتهمازع الكفارازع فيازع اتخاذ‬ ‫شجرةازع يعكفونازع عليهاازع معلقينازع عليهاازع سلـحهم‪ ،‬فكيف بما هو أطم من ذلك‬ ‫من مشابهتهم المشركين أو هو الشرك بعينه؟‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪62‬‬

‫فمن قصد بقعة يرجو الخير بقصدها‪ ،‬ولم تستجب الشريعة ذلك فهو من‬ ‫المنكرات وبعضه أشد من بعض سوا ء كانت البقعة شجر ة أو غيرها أو قنا ة‬ ‫جارية أو جبل أو مغار ة وسوا ء قصدها ليصلي عندها‪ ،‬أو ليدعو عندها‪ ،‬أو‬ ‫ليقرأ عندها‪ ،‬أو ليذكر ا سبحانه عندها‪ ،‬أو لينسك عندها‪ ،‬بحيث يخص‬ ‫تلك البقعة بنوع من العباد ة التي لم يشرع تخصيص تلك البقعة به ل عينا‬ ‫‪).‬ول نوعا‪) .‬اقتضا ء الصراط المستقيم ‪2/644‬‬ ‫يقول أبو قتاد ة‪ :‬تأمل هذ ه الكلمة من هذا الما م واعقلها حق العقل تعرف‬ ‫فساد ما عليه من ل يرى المور إل على مرتبة واحد ة‪ ،‬وتعرف فيها‬ ‫انحراف من جعل القبوريين مرتبة واحد ة‪ ،‬وفساد من لم ير في طلب‬ ‫الصحابة ال الكفرلقوله صلى ا عليه وسلم في احتجاجه بالية‪" :‬اجعل لنا‬ ‫إلها كما لهم آلهة" وكل م الشيخ ابن تيمية واضح في أن هؤل ء الصحابة لم‬ ‫‪.‬يطلبوا شركا ول كفرا‪ ،‬وإنما شابهوا المشركين مجرد مشابهة‬ ‫ولو سأل سائل‪ :‬ماهي هذ ه المشابهة؟‬ ‫‪:‬فالجواب‬ ‫اعلم يا عبد ا أن ا تعالى جعل في مواطن من الرض البركة‪ ،‬وقد طلب‬ ‫عمر بن الخطاب رضي ا عنه من رسول ا صلى ا عليه وسلم أن‬ ‫يسأل ربه في اتخاذ مقا م ابراهيم عليه السل م مصلى‪ ،‬وقد أجيب طلبه كما‬ ‫الحديث الذي في البخاري من قوله صلى ا عليه وسلم عن أنس رضي ا‬ ‫عنه‪ :‬وافقت ربي في ثلث أو وافقني ربي في ثلث‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول ا لو‬ ‫اتخذت من مقا م ابراهيم مصلى؟ فنزلت "واتخذوا من مقا م ابراهيم مصلى"‬ ‫‪.‬الحديث‬ ‫ومن طلب من ا تعالى أن يجعل في مكان ما البركة لعمل من العمال ل‬ ‫يكون قد طلب شركا‪ ،‬وهؤل ء الصحابة طلبوا ذات أنواط‪ ،‬أي مكانا يعلقون‬ ‫‪.‬فيه أسلحتهم لتحصل فيها البركة‬ ‫ولما كان هذا الطلب فيه مشابهة للمشركين كما هو في الظاهر من‬ ‫الحديث ‪،‬وكما هو فهم ابن تيمية والشاطبي‪ ،‬والمشركون يعتقدون في المكان‬ ‫‪.‬أن فيه البركة استقلل أو ادعا ء على ا وكذبا‪ ،‬منع منه المسلمون‬ ‫لكن لو قيل‪ :‬فكيف قال لهم رسول ا صلى ا عليه وسلم‪ :‬قلتم كما قالت‬ ‫‪".‬بنوا اسرائيل "اجعل لنا إلها كما لهم آلهة‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪63‬‬

‫فالجواب‪ :‬هذا كله من باب تسمية الشي ء بما يؤول إليه أو ببعضه )كما تقد م‬ ‫في المقدمة الثانية(‪ ،‬وهو كقوله صلى ا عليه وسلم لرجل قال له‪ :‬ما شا ء‬ ‫‪.‬ا وشئت‬ ‫فقال له رسول ا صلى ا عليه وسلم‪ :‬اجعلتني ل ندا؟‬ ‫والجاهل يحمل هذا على الشرك الكبر‪ ،‬لقوله صلى ا عليه وسلم في‬ ‫‪.‬تفسير الشرك‪ :‬أن تجعل ل ندا وهو خلقك‬ ‫‪".‬وهو كقوله تعالى‪" :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هوا ه‬ ‫إذ الجاهل يرى أن كل من اتبع هوا ه‪ ،‬في أي عمل على خلف الشريعة‪،‬‬ ‫‪.‬كالسار ق والزاني هو مشرك لنه اتخذ هوا ه إلها‬ ‫‪.‬وهو قول باطل عار من دين ا تعالى‬ ‫هذا هو الحق الحقيق في المسألة‪ ،‬وما قاله ابن باز رحمه ا‪ ،‬ثم ما تبعه‬ ‫عليه صاحب الجامع‪ ،‬وكاتب هذا الكتاب‪ ،‬وكذا بعض الكتبة كصاحب قواعد‬ ‫في التكفير)ص ‪ (62‬هو خطأ في فهم الواقعة لم أر أحدا من السلف قال‬ ‫‪.‬بقولهم هذا‪،‬وليس لهؤل ء أن يخالفوا غرز من سبق في فهم هذا الحديث‬

‫ازع تحقيقازع معنىازع لدارازع السلمازع ومناقشةازع فتوىازع ـحمدازع بنازع عتيقازع رـحمهازع ا‬ ‫تعالى‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪64‬‬

‫‪.‬هذا الكتاب )كشف الشبهات‪ (..‬مشيأ‬ ‫والمشيأ هو الذي أخذ من كل جانب بطرف ثم جمع على غير قواعد الحق(‬ ‫‪).‬والصول‬ ‫جا ء هذا الكاتب إلى فتوى حمد بن عتيق رحمه ا تعالى‪ ،‬وهو من أئمة‬ ‫المشايخ النجديين في الدولة الثانية‪ ،‬وفي هذ ه الفتوى كما ادعى الكاتب أن‬ ‫‪.‬الدور التي يظهر فيها الشرك وتشاد فيها القبور أنها دار كفر وشرك‬ ‫‪:‬قال الكاتب‬ ‫هل البلد الذي ل تهد م فيه القباب أو يظهر فيه الشرك دار إسل م؟‬ ‫‪:‬ثم نقل فتوى الشيخ حمد بن عتيق وفيها‬ ‫ومن له مشاركة فيما قرر ه المحققون‪ ،‬قد اطلع على أن البلد إذا ظهر فيها "‬ ‫الشرك‪ ،‬وأعلنت فيها المحرمات ‪ ،‬وعطلت فيها معالم الدين‪ ،‬أنها تكون بلد‬ ‫‪".‬كفر‬ ‫وقال ‪ :‬وأما إذا كان الشرك فاشيا مثل دعا ء الكعبة والمقا م والحطيم ‪ ،‬ودعا ء‬ ‫النبيا ء والصالحين‪ ،‬وإفشا ء توابع الشرك‪ ،‬مثل الزنا والربا‪ ،‬وأنواع‬ ‫الظلم ‪ ،‬ونبذت السنة ورا ء الظهر‪ ،‬وفشت البدع والضللت ‪ ،‬وصار‬ ‫التحاكم إلى الئمة الظلمة ونواب المشركين‪ ،‬وصارت الدعو ة إلى غير‬ ‫القرآن والسنة ‪ ،‬وصار هذا معلوما في أي بلد كان‪ ،‬فل يشك من له أدتى‬ ‫علم أن هذ ه البلد محكو م عليها بأنها بلد كفر وشرك‪ ،‬ل سيما إذا كانوا‬ ‫معادين لهل التوحيد ‪ ،‬وساعين في إزالة دينهم‪ ،‬ومعينين في تخريب بلد‬ ‫السل م‪ ،‬وإذا أردت إقامة الدليل على ذلك ‪ ،‬وجدت القرآن كله فيه‪ ،‬وقد‬ ‫أجمع عليه العلما ء م فهو معلو م بالضرور ة عند كل عالم ‪.‬انتهى‬ ‫)الدرر السنية ‪(261-9/260‬‬ ‫والشيخ حمد كما هو في الفتوى ذكر أمورا متعدد ة‪ ،‬علق عليها هذا الحكم‪.‬‬ ‫‪:‬وهذ ه المور التي ذكرها هي‬ ‫‪.‬ظهر فيها الشرك ‪-‬‬ ‫‪.‬أعلنت فيها المحرمات ‪-‬‬ ‫‪.‬عطلت فيها معالم الدين ‪-‬‬ ‫‪.‬كان الشرك فاشيا‪ ،‬مثل دعا ء الكعبة والمقا م والحطيم ‪-‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪65‬‬

‫‪.‬افشا ء توابع الشرك مثل الزنا والربا أنواع الظلم ‪-‬‬ ‫‪.‬نبذت السنة ورا ء الظهر وفشت البدع والضللت ‪-‬‬ ‫‪.‬صار التحاكم إلى الئمة الظلمة ونواب المشركين ‪-‬‬ ‫‪.‬صارت الدعو ة إلى غير القرآن والسنة ‪-‬‬ ‫‪.‬هذ ه المناطات التي ذكرها الشيخ حمد للحكم على الدار التي سئل عنها‬ ‫ماذا فعل الكاتب غفر ا له وهداني ا وإيا ه لرشد المر؟‬ ‫‪:‬جا ء الكاتب بهذا العنوان‬ ‫‪.‬هل البلد الذي ل تهد م فيه القباب أو يظهر فيه الشرك دار إسل م؟‬ ‫ولم يلتفت الى أي أمر آخر‪ ،‬بل ضرب عليه وكأنه كل م ل قيمة له ‪ ،‬ول‬ ‫أهمية لذكر ه‪ ،‬وهذا ليصير الى النتيجة التي حضرها قبل البحث والنظر ‪،‬‬ ‫‪.‬وما كل م العلما ء بعد ذلك ال خادما له فيما قرر ه‬ ‫ما هي هذ ه النتيجة التي يريدها ‪ ،‬وهي طلبه ومبتغا ه؟‬ ‫‪:‬انها‬ ‫لن طالبان لم يهدموا القباب‪ ،‬ولم يمنعوا الناس من التعبد عندها أو لها فهم‬ ‫‪.‬مشركون ودارهم دار شرك‬ ‫هكذا يكيف هذا الكاتب كل م أهل العلم‪ ،‬وهكذا ينزله على الوقائع‪ ،‬وهكذا‬ ‫‪.‬يجتزئ منه ما يريد‬ ‫‪.‬وهي طريقة الصبية الذين يقال لهم‪ :‬تزببتم قبل الحصر م‬ ‫ومن تأمل ما كتبه حمد بن عتيق رحمه ا تعالى مما قدمت وجمعته على‬ ‫نقاط ؛ثم رأى بعد ذلك العنوان العا م الموهم من قبل مؤلف الكتاب علم جهل‬ ‫‪.‬هذا الكاتب‬ ‫‪:‬وفتوى الشيخ حمد رحمه ا تعالى عليها ما يقال‬ ‫فقد علم كل من عرف شأن الدعو ة النجدية أن الدولة الثانية صار فيها نوع‬ ‫غلو في حكمهم على الدولة العثمانية‪ ،‬وهذا سترا ه مفصل في ردي على‬ ‫الجامع في تكفير ه للدولة العثمانية تبعا لبعض مشايخ الدولة الثانية وفي‬ ‫كتابي "الوهابيون والدولة العثمانية"‪ ،‬وسترى بأ م عينيك أن الشيخ الما م‬ ‫محمد بن عبد الوهاب له مراسلت بإقرار ه أنه داخل تحت سلطان الدولة‪،‬‬ ‫وتابع لها‪ ،‬ولكن بعد ان دخل ابراهيم باشا ابن محمد علي اللباني بجنود ه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪66‬‬

‫المصريين الدرعية ودمرها وسا ق أهلها إلى مصر ثم رجعوا بعد ذلك بعد‬ ‫وفا ة محمد علي إلى الدرعية مر ة ثانية صاروا إلى تكفير الدولة العثمانية‪،‬‬ ‫وسنرى في البحث‪-‬إن شا ء ا تعالى‪ -‬أن محمد علي لم يكن من عمال دولة‬ ‫‪.‬بني عثمان بل قد خرج وقاتلها في الشا م سنة ‪1831‬حتى ‪ 1840‬م‬ ‫ومن قرأ ما كتبته في المقدمة الثانية من كل م الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ‬ ‫علم وجود هذا الغلو حتى وجد بينهم من حر م القهو ة ‪ ،3/362‬وسيفصل هذا‬ ‫‪.‬هناك إن شا ء ا تعالى‬ ‫ولما روجع الشيخ عبد اللطيف في فتوى حمد بن عتيق هذ ه علق حكم الدار‬ ‫‪):‬الحسا ء( على مناط واضح صريح حيث قال‬ ‫القامة ببلد يعلو فيه الشرك والكفر‪ ،‬ويظهر الرفض ودين الفرنج‪ ،‬ونحوهم‬ ‫من المعطلة للربوبية واللهية‪ ،‬وترفع فيها شعائرهم ويهد م السل م‬ ‫والتوحيد‪ ،‬ويعطل التسبيح والتكبير والتحميد‪ ،‬وتقلع قواعد الملة‬ ‫واليمان‪،‬ويحكم بينهم بحكم الفرنج واليونان‪ ،‬ويشتم السابقون من أهل بدر‬ ‫وبيعة الرضوان‪ ،‬فالقامة بين ظهرانيهم‪-‬والحالة هذ ه‪ -‬ل تصدر عن قلب‬ ‫‪).‬باشر ه حقيقة السل م واليمان والدين )‪355-8/354‬من الدرر السنية‬ ‫ولو عرض كلمهما على مناط دار الكفر ودار السل م الذي تكلمه علما ء‬ ‫‪.‬الشريعة لوجد أن كل م الشيخ عبد اللطيف أصوب وأد ق‬ ‫ثم اعلم أن مشايخ وكذا معاصروا وأتراب الشيخ حمد بن عتيق كانوا‬ ‫)يعيبون عليه سو ء عبارته وغلظها)أنظر الدرر السنية ‪ 3/186‬و ‪1(/3‬‬ ‫وقولهم بأن الحسا ء ) وهي المسؤول عنها( أنها كانت عندهم دار كفر ذلك‬ ‫لنهم كانوا يرون‪":‬عند رؤسائهم قانون وطاغوت وضعو ه للحكم بين الناس‬ ‫في الدما ء والموال وغيرها مضاد ومخالف للنصوص‪ ،‬وإذا وردت قضية‬ ‫نظروا فيه وحكموا به ونبذوا كتاب ا ورا ء ظهورهم"كما يقول الشيخ عبد‬ ‫)اللطيف‪).‬الدرر السنية ‪3/67‬‬ ‫فهذا هو مناط الحكم على الدار‪ ،‬وليس وجود القباب على القبور‪ ،‬وارتفاع‬ ‫بنائها عليها‪ ،‬وليس هو وجود القبوريين على اختلف طبقاتهم بين الناس‬ ‫كما يريد هذا الكاتب في كتابه الغريب‬ ‫!فمتى كان بنا ء القباب شركا يا صاحب الكتاب؟‬ ‫وقد تقد م كل م ابن عبد الوهاب في حكم بنا ء القبور والقباب وقوله‪ :‬ول‬ ‫‪.‬علمت أنه يصل إلى الشرك الكبر‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪67‬‬

‫‪:‬وأما كل م أهل العلم في مناط الحكم على الدار فهو‬ ‫يقول مالك عن مكة قبل الفتح‪ :‬وكانت الدار يومئذ دار حرب‪ ،‬لن أحكا م‬ ‫‪).‬الجاهلية كانت ظاهر ة يومئذ )المدونة ‪2/22‬‬ ‫‪.‬وكذا قال عامة الفقها ء‬ ‫‪.‬انظر أصول الدين للبغدادي ص ‪270‬‬ ‫‪.‬وكشاف القناع ‪3/38‬‬ ‫‪.‬والسير الكبير للشيباني ‪ 1/251‬وموطن أخرى‬ ‫فمناط الحكم على الدار هو أمر ظاهر جلي وهو غلبة الحكا م وظهورها‬ ‫‪.‬بحيث تكون لها السياد ة والغلبة‬ ‫يقول السرخسي‪ :‬إن الدار إنما تنسب إلينا أو إليهم باعتبار القو ة والغلبة‬ ‫‪)).‬المبسوط ‪10/114‬‬ ‫ان التقاط العمومات من كل م أهل العلم‪ ،‬ثم وضعه على غير طريقتهم ودون‬ ‫النظر الى مقاصدهم يصنع هذا الشي ء العجيب الذي خرج به صاحب‬ ‫‪ .‬الكتاب‬

‫رلدازع علىازع خلطازع وجهل‬ ‫جعل الكاتب المصلحة الشرعية هي الستحسان الذي نهى العلما ء عنه‪،‬‬ ‫‪.‬والذي سما ه الشافعي رحمه ا تعالى "التلذد"وجعله تشريعا‬ ‫والكاتب جعل القتال تحت راية شركية كفرية عمل كفريا كما هو بين في‬ ‫‪.‬كلمه‪ ،‬وحينها لم يجعل المصلحة تدخل في ذلك‬ ‫وقد بينت في نقل كل م أهل العلم تحت حديث الزبير رضي ا عنه ودعوى‬ ‫قتاله مع النجاشي رضي ا عنه أن المسألة من مسائل الخلف القديم وأن‬ ‫‪.‬ادخالها في أصول الدين خطأ على دين ا تعالى‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪68‬‬

‫والعمل بالمصلحة الشرعية ليس هو الستحسان الذي نهى عنه الشافعي‬ ‫‪.‬رحمه ا تعالى‬ ‫فالستحسان عند أهله "وهم الحنفية ومعهم بعض أهل الصول" هو‬ ‫‪:‬نوعان‬ ‫العمل بالجتهاد وغالب الرأي في تقدير ما جعله الشرع موكول لرائنا ‪-‬‬ ‫نحو المتعة المذكور ة في قوله تعالى‪" :‬متاعا بالمعروف حقا على‬ ‫المحسنين" أوجب ذلك بحسب اليسار والعسر ة وشرط أن يكون بالمعروف‪،‬‬ ‫فعرفنا أن المراد ما يعرف استحسانه بغالب الرأي‪ ،‬وكذلك قوله‬ ‫تعالى‪":‬وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" ول يظن بأحد من‬ ‫‪.‬الفقها ء يخالف في هذا النوع من الستحسان‬ ‫والنوع الثاني‪ :‬هو الدليل الذي يكون معارضا للقياس الظاهر الذي تسبق‪-‬‬ ‫إليه الوها م قبل انعا م التأمل فيه‪ ،‬وبعد انعا م التأمل في حكم الحادثة‬ ‫وأشباهها من الصول يظهر أن الدليل الذي عارضه فوقه في القو ة‪،‬‬ ‫وبالتالي العمل به هو الواجب‪ ،‬فسموا ذلك استحسانا للتمييز بين هذا من‬ ‫الدليل وبين الظاهر الذي تسبق إليه الوها م قبل التأمل على معنى أنه يمال‬ ‫بالحكم عن ذلك الظاهر لكونه مستحسنا لقو ة دليله )أصول السرخسي‬ ‫‪2/200).‬‬ ‫وبعضهم عمم القسم الثاني‪ ،‬فلم يجعل الستحسان هو العدول عن قياس جلي‬ ‫إلى قياس خفي لقرينة فقط؛ لكن جعله عدول عن دليل قوي إلى دليل أقوى‬ ‫‪).‬منه مطلقا‪).‬انظر تيسير التحرير للمير باشاد ه ‪ 4/87‬ومابعدها‬ ‫والستحسان الفاسد هو العدول عن دليل شرعي معتبر إلى دليل الهوى‬ ‫والشهو ة‪ ،‬وهو الرأي المجرد‪ ،‬وهذا ل يقول به أحد من أهل العلم‪ ،‬وأنكر ه‬ ‫‪.‬الحنفية وردوا علىمن اتهمهم به‬ ‫‪:‬لكن عاب أهل الفقه على الحنفية أمورا منها‬ ‫‪:‬العدول عن حديث الحاد إلى القياس بحجة أن حديث الحاد‪-‬‬ ‫‪.‬روا ه غير فقيه)‪(1‬‬ ‫‪.‬يخالف القياس )‪(2‬‬ ‫‪.‬العدول عن الخاص إلى العا م‪ ،‬ودعواهم أن العا م أقوى‪-‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪69‬‬

‫وأما القول بمجرد الرأي فهو قول ل ينسب لمسلم بله فقيه وأصولي‬ ‫‪).‬وعالم )انظر إلى كفر من قال بهذا القول في المستصفى‬ ‫‪:‬والذين أبطلوا الستحسان من الصوليين‪ ،‬ردوا على الحنفية من وجو ه‬ ‫أ‪-‬قال الشافعي‪ :‬وهذا يبين أن حراما على أحد أن يقول بالستحسان‪ ،‬إذا‬ ‫خالف الستحسان الخبر‪ ،‬والخبر )من الكتاب والسنة( عين يتأخى‬ ‫معناها المجتهد ليصيبه‪،‬كما البيت يتآخا ه من غاب عنه ليصيبه‪ ،‬أو قصد ه‬ ‫بالقياس‪ ،‬وأن ليس لحد أن يقول إل من جهة الجتهاد‪ ،‬والجتهاد ما‬ ‫وصفت من طلب الحق‪ ،‬فهل تجيز أنت أن يقول الرجل استحسن‪ ،‬بغير‬ ‫‪).‬قياس )فقر ة ‪/1456‬الرسالة‬ ‫‪.‬فجعل الما م الشافعي رحمه ا الستحسان مقابل الخبر‪ ،‬ومقابل الجتهاد‬ ‫وقال في ابطال الستحسان‪ :‬أفرأيت إذا قال الحاكم والمفتي في النازلة ليس‬ ‫فيها خبر ول قياس وقال‪ :‬استحسن‪ ،‬فلبد أن يزعم أن جائزا لغير ه أن‬ ‫يستحسن خلفه‪ ،‬فيقول كل حاكم في بلد ومفت بما يستحسن‪ ،‬فيقال في‬ ‫الشي ء الواحد بضروب من الحكم والفتيا‪ ،‬فإن كان هذا جائزا عندهم فقد‬ ‫‪).‬أهملوا أنفسهم فحكموا حيث شاؤوا‪).‬ال م ‪7/289‬‬ ‫قال الرازي في المحصول)‪ :(6/124‬ومخالفوهم أنكروا ذلك عليهم لظنهم‬ ‫‪.‬أنهم يعنون به الحكم من غير دليل‬ ‫ب‪ -‬زعم بعض الحنفية أن الستحسان هو‪" :‬دليل ينقدح في نفس المجتهد‬ ‫‪".‬وتقصر عنه عبارته‪ ،‬فل يقدر على اظهار ه‬ ‫المستصفى ص ‪249‬ابن الحاجب في مختصر المنتهى ‪/388‬الحكا م(‬ ‫‪.‬للمدي ‪136(/3‬‬ ‫قال الغزالي‪ :‬وهذا هوس‪ ،‬لن ما ل يقدر على التعبير عنه ل يدري أنه وهم‬ ‫أو خيال أو تحقيق‪ ،‬ولبد من ظهور ه ليعتبر بأدلة الشريعة لتصححه الدلة‬ ‫‪.‬أو تزيفه‪ ،‬أما الحكم بما ل يدري ما هو فمن أين يعلم جواز ه‬ ‫وقال الشاطبي في هذا التعريف‪ :‬إنه لو فتح هذا الباب لبطلت الحجج‪،‬‬ ‫وادعى كل من شا ء ما شا ء‪ ،‬واكتفى بمجرد القول‪ ،‬فألجأ الخصم إلى‬ ‫)البطال‪ ،‬وهذا يجر فسادا ل خفا ء فيه"‪) .‬العتصا م ‪2/130‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪70‬‬

‫وردوا عليهم على ما قالو ه في معنى الستحسان السابق‪ :‬هو تخصيصه‬ ‫‪.‬بالذكر‪ ،‬لن حقيقته ل تنكر‪ ،‬وإنما يرجع الستنكار إلى اللفظ‬ ‫‪.‬قال ابن حاجب‪ :‬إنه ل يتحقق استحسان مختلف فيه‬ ‫إذا الستحسان الذي تكلم العلما ء بذمه هو التشهي والتلذذ‪ ،‬وهو القول في‬ ‫دين ا تعالى بغير دليل‪ ،‬وأما العمل بالستحسان في الصول فهو ما ل‬ ‫‪.‬ينكر بضابطه‬ ‫يقول السعد في التلويح على التوضيح )‪ " :(2/82‬ولما اختلفت العبارات في‬ ‫تفسير الستحسان‪ ،‬مع أنه قد يطلق لغة على ما يهوا ه النسان ويميل إليه‬ ‫وإن كان مستقيما عند الغير‪ ،‬وكثر استعماله في مقابلة القياس على‬ ‫الطل ق‪ ،‬كان انكار العمل به عند الجهل بمعنا ه مستحسنا حتى يتبين المراد‬ ‫‪.‬منه‪ ،‬إذ ل وجه لقبول العمل بما ل يعرف معنا ه‬ ‫وهذا الكاتب أتى إلى لفظ الستحسان وأنزله على المصلحة دون تفصيل كما‬ ‫‪.‬هو سبيله في كتابه هذا كله‬ ‫فهل المصلحة دليل يعمل به؟ وما هو ضابطها؟‬ ‫لقد صار لفظ المصلحة اليو م لفظا شائعا‪ ،‬يستخدمه المحق والمبطل‪ ،‬ولما‬ ‫رأى من ل خبر ة له بكل م أهل العلم استخدا م أقوا م من المتحللين من‬ ‫الشريعة لهذا اللفظ كلما أرادوا أن يبطلوا حكما شرعيا فإنهم كرهوا هذا‬ ‫اللفظ وصاروا ينفرون منه ويسبونه‪ ،‬والواجب في هذ ه اللفاظ أن تبين‬ ‫وتفصل‪ ،‬حتى يظهر وجه الحق منها ووجه الباطل فيها‪ ،‬ل أن ترد بالكلية‬ ‫‪ .‬أو تقبل بالكلية‪ ،‬وهذا هو دين ا تعالى في كل اللفاظ الحادثة‬ ‫‪.‬معنى الستصلح أو المصلحة أو المناسب‬ ‫‪:‬يقسم بعض أهل الصول المصلحة إلى ثلث أقسا م‬ ‫‪.‬قسم شهد الشرع باعتبارها‪-‬‬ ‫‪.‬قسم شهد الشرع ببطلنها‪-‬‬ ‫‪.‬قسم لم يشهد الشرع باعتبارها أو ببطلنها‪-‬‬ ‫والحقيقة أن القسم الثالث ل وجود له عند التحقيق‪ ،‬ولذلك الخلف حولها‬ ‫‪).‬أي المصلحة المرسلة( خلف ل ضرور ة له اذا تأملها المر ء‬ ‫‪):‬يقول ابن تيمية )‪11/345‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪71‬‬

‫الطريق السابع‪:‬المصالح المرسلة‪ :‬وهو أن يرى المجتهد أن هذا الفعل"‬ ‫‪ :‬يجلب منفعة راجحة‪ ،‬وليس في الشرع ما ينفيه‬ ‫‪.‬فهذ ه الطريق فيها خلف مشهور‬ ‫‪" .‬فالفقها ء يسمونها "المصالح المرسلة‬ ‫‪.‬ومنهم من يسميها الرأي‬ ‫‪.‬وبعضهم يقرب إليها الستحسان‬ ‫وقريب منها ذو ق الصوفية ووجدهم والهاماتهم‪ ،‬فإن حاصلها أنهم يجدون‬ ‫في القول والعمل مصلحة في قلوبهم وأديانهم ويذقون طعم ثمرته‪ ،‬وهذ ه‬ ‫‪.‬مصلحة‬ ‫ولكن بعض الناس يخص المصالح المرسلة بحفظ النفوس والموال‬ ‫والعراض والعقول والديان‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل المصالح المرسلة في جلب‬ ‫المنافع وفي دفع المضار‪ ،‬وما ذكرو ه من دفع المضار عن هذ ه المور‬ ‫‪.‬الخمسة فهو أحد القسمين‬ ‫وجلب المنفعة يكون في الدنيا؛ ففي الدنيا كالمعاملت والعمال التي يقال‬ ‫‪.‬فيها مصلحة للخلق من غير حظر شرعي‬ ‫وفي الدين ككثير من المعارف والحوال والعبادات والزهادات التي يقال‬ ‫‪.‬فيها مصلحة للنسان من غير منع شرعي‬ ‫فمن قصر المصالح على العقوبات التي فيها دفع الفساد عن تلك الحوال‬ ‫‪.‬ليحفظ الجسم فقد قصر‬ ‫وهذا فصل عظيم ينبغي الهتما م به‪ ،‬فإن من جهته حصل في الدين‬ ‫‪.‬اضطراب عظيم‬ ‫وكثير من المرا ء والعلما ء والعباد رأوا مصالح فاستعملوها بنا ء على هذا‬ ‫‪.‬الصل‬ ‫‪.‬وقد يكون منها ما هو محظور في الشرع ولم يعلمو ه‬ ‫‪.‬وربما قد م على المصالح المرسلة كلما بخلف النصوص‬ ‫وكثير منهم من أهمل مصالح يجب اعتبارها شرعا بنا ء على أن الشرع لم‬ ‫يرد بها‪ ،‬ففوت واجبات ومستجبات‪ ،‬أو وقع في محظورات ومكروهات‪،‬‬ ‫‪.‬وقد يكون الشرع ورد بذلك ولم يعلمه‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪72‬‬

‫وحجة الول‪ :‬أن هذ ه مصلحة والشرع ل يهمل المصالح‪ ،‬بل قد دل الكتاب‬ ‫‪.‬والسنة والجماع على اعتبارها‬ ‫‪.‬وحجة الثاني‪ :‬أن هذا أمر لم يرد به الشرع نصا ول قياسا‬ ‫‪.‬والقول بالمصالح المرسلة يشرع من الدين ما لم يأذن به ا غالبا‬ ‫وهي تشبه من بعض الوجو ه مسألة الستحسان والتحسين العقلي والرأي‬ ‫ونحو ذلك‪ ،‬فإن الستحسان طلب الحسن كالستخراج‪ ،‬وهو رؤية الشي ء‬ ‫حسنا كما أن الستقباح رؤيته قبيحا‪ ،‬والحسن هو المصلحة‪ ،‬فالستحسان‬ ‫والستصلح متقاربان‪ ،‬والتحسين العقلي قول بأن العقل يدرك الحسن‪ ،‬لكن‬ ‫‪.‬بين هذ ه فرو ق‬ ‫والقول الجامع‪ :‬أن الشريعة ل تهمل مصلحة قط‪ ،‬بل ا تعالى قد أكمل‬ ‫الدين‪ ،‬وأتم النعمة‪ ،‬فما من شي ء يقرب إلى الجنة أل وقد حدثنا به النبي‬ ‫صلى ا عليه وسلم‪ ،‬وتركنا على البيضا ء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل‬ ‫‪.‬هالك‬ ‫‪:‬لكن ما اعتقد ه العقل مصلحة وإن كان الشرع لم يرد به فأحد أمرين لز م له‬ ‫‪.‬إما أن الشرع دل عليه من حيث لم يعلم هذا الناظر‪-‬‬ ‫‪.‬أو أنه ليس بمصلحة وإن اعتقد ه مصلحة‪-‬‬ ‫لن المصلحة هي المنفعة الحاصلة أو الغالبة‪ ،‬وكثيرا ما يتوهم الناس أن‬ ‫الشي ء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضر ة‪ ،‬كما قال‬ ‫تعالى في الخمر والميسر"قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من‬ ‫نفعهما"‪.‬انتهى‬ ‫ويقول ‪ :‬ا تعالى بعث الرسل لتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل‬ ‫‪).‬المفاسد وتقليلها )الفر ق بين الحق والباطل‪45/‬‬ ‫‪:‬ويقول‬ ‫فعليك بالموازنة في هذ ه الحوال والعمال الباطنة والظاهر ة حتى يظهر‬ ‫لك التماثل والتفاضل وتناسب أحوال أهل الحوال الباطنة لذوي العمال‬ ‫الظاهر ة‪ ،‬ل سيما في هذ ه الزمان المتأخر ة التي غلب فيها خلط العمال‬ ‫الصالحة بالسيئة في جميع الصناف‪ ،‬لنرجح عند الزدحا م والتمانع خير‬ ‫الخيرين‪ ،‬ونمدفع عنمد الجتممماع شمر الشمرين‪ ،‬ونقمد م عنمد التلز م‪-‬تلز م‬ ‫الحسنات والسيئات‪-‬ما ترجح منها‪ ،‬فإن غالب رؤوس المتأخرين وغممالب‬ ‫المة من الملوك والمرا ء والمتكلميممن والعلممما ء والعبمماد وأهممل الحمموال‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪73‬‬

‫يقع غالبا منهم ذلك‪ ،‬وأما الماشون على طريقة الخلفا ء الراشممدين فليسمموا‬ ‫)الستقامة ‪169-21/168‬‬ ‫‪).‬أكثر المة‪.‬‬ ‫ويقول‪ :‬والشريعة جا ءت لتحصيل المصالح وتكميلها‪ ،‬وتعطيل المفاسد‬ ‫وتقليلها‪ ،‬فهي تحصل أعظم المصلحتين بفوات أدناهما‪ ،‬وتدفع أعظم‬ ‫‪).‬الفسادين باحتمال أدناهما )الستقامة ‪1/288‬‬ ‫ويقول‪ :‬وجماع ذلك داخل في القاعد ة العامة فيما إذا تعارضت المصالح‬ ‫والمفاسد والحسنات والسيئات‪ ،‬أو تزاحمت‪ ،‬فإنه يجب ترجيح الراجح‬ ‫منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد‪ ،‬وتعارضت المصالح‬ ‫والمفاسد‪ ،‬فإن المر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع‬ ‫مفسد ة‪ ،‬فينظر في المعارض له‪ ،‬فإن كان الذي يفوت من المصالح أو‬ ‫يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به‪ ،‬بل يكون محرما إذا كانت‬ ‫‪.‬مفسدته أكثر من مصلحته‬ ‫ولكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة‪ ،‬فمتى قدر‬ ‫النسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها‪ ،‬وإل اجتهد رأيه لمعرفة‬ ‫الشبا ه والنظائر‪ ،‬وقل أن تعوز ه النصوص من يكون خبيرا بها وبدللتها‬ ‫‪.‬على الحكا م‬ ‫وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروف ومنكر‬ ‫بحيث ل يفرقون بينهما بل إما أن يفعلوهما جميعا أو يتركوهما جميعا لم‬ ‫‪:‬يجز أن يأمروا بالمعروف ول أن ينهوا عن منكر‪ ،‬بل ينظر‬ ‫‪.‬فإن كان المعروف أكثر أمر به وإن استلز م ما هو دونه من المنكر‬ ‫ولم ينه عن منكر يستلز م تفويت معروف أعظم منه‪ ،‬بل يكون النهي‬ ‫حينئذ من باب الصد عن سبيل ا‪ ،‬والسعي في زوال طاعته وطاعة‬ ‫‪.‬رسوله صلى ا عليه وسلم وزوال فعل الحسنات‬ ‫وإن كان المنكر أغلب نهي عنه‪ ،‬وإن استلز م فوات ما هو دونه من‬ ‫المعروف‪ ،‬ويكون المر بذلك المعروف المستلز م للمنكر الزائر عليه‬ ‫‪.‬أمرا بمنكر وسعيا في معصية ا ورسوله‬ ‫‪.‬وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلزمان؛ لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪74‬‬

‫فتار ة يصلح المر‪ ،‬وتار ة يصلح النهي‪ ،‬وتار ة ل يصلح ل أمر ول‬ ‫نهي‪ ،‬حيث كان المنكر والمعروف متلزمين‪ ،‬وذلك في المورالمعنية‬ ‫‪.‬الواقعة‬ ‫‪.‬وأما من جهة النوع فيؤمر بالمعروف مطلقا‪ ،‬وينهى عن المنكر مطلقا‬ ‫وفي الفاعل الواحد والطائفة الواحد ة‪ ،‬يؤمر بمعروفها وينهى عن‬ ‫منكرها‪ ،‬ويحمد محمودها ويذ م مذمومها‪ ،‬بحيث ل يتضمن المر‬ ‫بمعروف فوات معروف أكبر منه‪ ،‬أو حصول منكر فوقه‪ ،‬ول يتضمن‬ ‫النهي عن المنكر حصول ما هو أنكر منه أو فوات معروف أرجح منه‪،‬‬ ‫وإذا اشتبه المر استثبت المؤمن حتى يتبين له الحق‪ ،‬فل يقد م على‬ ‫الطاعة إل بعلم ونية‪ ،‬وإذا تركها كان عاصيا‪ ،‬فترك المر الواجب‬ ‫معصية‪ ،‬وفعل ما نهي عنه من المر معصية‪ ،‬وهذا باب واسع ول حول‬ ‫‪).‬ول وقو ة إل بال)الستقامة ‪219-2/218‬‬ ‫‪.‬تأمل أخي في كلمه وادع ا لهذا الما م باجزال المثوبة والرحمة له‬ ‫‪.‬والن قارن كل م الكاتب بالكل م التالي لبن تيمية رحمه ا‬ ‫‪ :‬يقول الشيخ رحمه ا تعالى‬ ‫وكثير من الناس قد يرى تعارض الشريعة في ذلك )المر بالمعروف‬ ‫والجهاد( فيرى أن المر ل يقو م إل بفتنة‪ ،‬فإما أن يؤمربهما جميعا‪ ،‬أو‬ ‫ينهى عنهما جميعا‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬بل يؤمر وينهى ويصبر عن الفتنة كما‬ ‫قال تعالى‪" :‬وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك"‬ ‫))الستقامة ‪1/41‬‬ ‫وقد أجمل ابن دقيق العيد العبار ة كعادته رحمه ا تعالى وأجزل مثوبته‬ ‫‪:‬فقال‬ ‫لست أنكر على من اعتبر أصل المصالح‪ ،‬لكن السترسال فيها وتحقيقها‬ ‫محتاج إلى نظر سديد‪ ،‬وربما تخرج عن الحد‪) .‬ارشاد الفحول ص‬ ‫‪342).‬‬ ‫‪:‬ويقول الجويني‬ ‫ونحن نعلم أنه لم يفوض إلى ذوي الرأي والحل م أن يفعلوا ما"‬ ‫يستصوبون‪ ،‬فكم من أمر تقضي العقول بأنه صواب في حكم اليالة‬ ‫والسياسة‪ ،‬والشارع وارد بتحريمه‪ ،‬فلسنا ننكر تعلق مسائل الشرع‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪75‬‬

‫بوجو ه من المصالح‪ ،‬لكنها مقصور ة على الصول المحصور ة‪ ،‬وليست‬ ‫ثابتة على السترسال في جميع وجو ه الستصلح ومسالك‬ ‫)الستصواب"‪).‬الغياثي ‪270-269‬‬ ‫‪:‬أما شروط المصلحة المعتبر ةفي عمل المكلف فهي‬ ‫أن تكون ملئمة لمقاصد الشرع بحيث ل تنافي أصل من أصوله ول دليل‪-‬‬ ‫‪.‬من دلئله‬ ‫‪.‬أن تكون فيما عقل معنا ه‪ ،‬بحيث لو عرضت على العقول تلقتها بالقبول‪-‬‬ ‫‪.‬أن يكون في الخذ بها حفظ أمر ضروري أو رفع حرج لز م في الدين‪-‬‬ ‫‪).‬أنظر العتصا م ‪(115-2/110‬‬ ‫وأما الغزالي فقد جعل لها شروطا في عد ة من كتبه المنخول‪ :‬والمستصفى‪،‬‬ ‫‪ :‬وشفا ء الغليل‪ :‬وهي‬ ‫‪.‬أن تكون المصلحة ضرورية أو حاجية منزلة منزلة الضرور ة‪-‬‬ ‫‪.‬أن تكون قطعية غير ظنية‪-‬‬ ‫‪.‬أن تكون ملئمة لتصرفات الشارع‪-‬‬ ‫‪:‬هل الستحسان هو المصلحة مطلقا كما أوهم الكاتب‬ ‫‪.‬تقد م كل م ابن تيمية في وجه التفريق بينهما‪-‬‬ ‫قال الشاطبي عند المالكية‪ :‬أنهم صوروا الستحسان تصور الستثنا ء‪-‬‬ ‫‪).‬من القواعد‪ ،‬بخلف المصلحة المرسلة‪).‬الموافقات ‪4/121‬‬ ‫ومضى الكل م أن المصالح منها ما هو استحسان‪ ،‬وما لم يكن اسثنا ء فهو‬ ‫‪.‬مصلحة‬ ‫وهو قريب من معنى كل م ابن تيمية السابق‪ ،‬وصاحب الكتاب سمى‬ ‫"مصلحة الدعو ة" استحسانا مطلقا‪ ،‬وحمله على معنى الذ م مطلقا‪ ،‬وهو‬ ‫‪.‬عمل أليق بصبية المكاتب‬ ‫وأما ابن حز م فل عبر ة بكلمه في هذا الباب‪ ،‬لنه خالف أهل السنة في نفي‬ ‫الحكمة والتعليل في أفعال الرب وأحكامه‪ ،‬وهذا من أثر المنطق السي ء‬ ‫عليه‪ ،‬وليس هذا موطن مناقشة ابن حز م في هذ ه المسألة‪ ،‬لكن نشير إليها‬ ‫‪:‬هذ ه الشار ة فقط‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪76‬‬

‫فابن حز م يجوز على الرب أن يأمر بالشي ء وينهي عن مثيله‪ ،‬وينهى‬ ‫عن شي ء ويأمر بمثيله‪ ،‬وهو ل يرى حكمة ول علة لحكا م ا تعالى‪،‬‬ ‫وهو في هذا الباب موافق للشاعر ة‪ ،‬إل أن الصوليين من الشاعر ة مع‬ ‫قولهم بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الرب وأحكامه إل أنهم جعلوا العلة‬ ‫والحكمة في أفعال الرب وأحكامه علمة وأمار ة غير مؤثر ة‪ ،‬واختلفوا‬ ‫‪.‬عن ابن حز م في قولهم بالقياس‬ ‫وكل هذ ه القوال عارية من الدليل الشرعي بل مخالفة له‪ ،‬والمعتزلة في هذا‬ ‫الباب مع ضللهم في قولهم بوجوب الصلح على ا تعالى‪ ،‬حيث ل‬ ‫يجوزون على الرب القدر ة على فعل كل شي ء‪ ،‬إل أنهم في باب الحكمة‬ ‫والتعليل أقرب إلى أهل السنة من جهة إثباتها مع مخالفتهم لهل السنة في‬ ‫‪.‬تفسيرها‪ ،‬وا تعالى أعلم‬

‫مقاصدازع الجهالد‬ ‫مر الكاتب على مقاصد وأهداف وأسباب ودواعي الجهاد مرورا سريعا‪،‬‬ ‫حيث فصل في مقصد جهاد الطلب‪ ،‬وهو نشر الدعو ة إلى ا تعالى‪ ،‬ورفع‬ ‫‪.‬كلمة التوحيد‪ ،‬وأجمل‪ ،‬بل مر مرورا خجل على مقاصد جهاد الدفع‬ ‫ومن تأمل كتابه علم سبب عد م إيراد هذ ه الهداف في جهاد الدفع‪ ،‬لنها‬ ‫تنقض بعض ما أراد ه من ابطال جهاد الناس هذ ه اليا م من أجل الدفع عن‬ ‫‪.‬الرض والعرض والمال والنفس‬ ‫‪:‬بعضازع مقاصدازع جهالدازع الدفع‬ ‫‪:‬الدفع والجهاد عن النفس والعرض والمال‪-‬‬ ‫روى أبو داود في سننه في كتاب السنة‪ ،‬باب في قتال اللصوص عن سعيد‬ ‫بن زيد رضي ا عنه عن النبي صلى ا عليه وسلم‪ :‬من قتل دون ماله‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪77‬‬

‫فهو شهيد‪ ،‬ومن قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد‪) .‬روا ه‬ ‫‪).‬الترمذي في باب الديات‬ ‫وقد روى البخاري بعضه وهو قوله صلى ا عليه وسلم‪ :‬من قتل دون ماله‬ ‫‪.‬فهو شهيد‬ ‫في كتاب المظالم‪ ،‬باب من قتل دون ماله( من حديث عبد ا بن عمرو بن(‬ ‫‪.‬العاص رضي ا عنهما‬ ‫وهو عند مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي بألفاظ مقاربة وفيه قصة ؛‬ ‫‪).‬انظر جامع الصول لبن الثير )‪ 2/742‬وما بعدها‬ ‫وعند مسلم في صحيحه من حديث أبي هرير ة رضي ا عنه‪ :‬أرأيت إن‬ ‫جا ء رجل يريد أخذ مالي؟ قال صلى ا عليه وسلم‪ :‬فل تعطه‪ ،‬قال ‪ :‬أرأيت‬ ‫إن قاتلني؟ قال‪ :‬فاقتله‪ .‬قال‪ :‬أرأيت إن قتلني؟ قال‪ :‬فأنت شهيد‪ ،‬قال‪ :‬أرأيت‬ ‫‪.‬إن قتلته؟ قال‪ :‬هو في النار‬ ‫وفي مصنف ابن أبي شيبة من حديث الزهري عن القاسم عن عبيد بن‬ ‫عمير‪ :‬أن رجل أضاف إنسانا من هذيل‪ ،‬فذهبت منهم جارية تحتطب‪،‬‬ ‫فأرادها على نفسها‪ ،‬فرمته بفهر )أي حجر عظيم( فقتلته‪ ،‬فرفع إلى عمر‬ ‫‪.‬ابن الخطاب‪ .‬فقال‪ :‬فذلك فتيل ا‪ ،‬ل يودي أبدا‬ ‫كتاب الديات‪ ،‬باب الرجل يريد المرأ ة على نفسها( وهو عند عبد الرزا ق(‬ ‫‪).‬في مصنفه )‪9/435‬‬ ‫قال النووي في المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج‪" :‬أما أحكا م الباب‬ ‫ففيه جواز قتل القاصد لخذ الموال بغر حق‪ ،‬سوا ء كان المال قليل أو‬ ‫كثيرا‪ ،‬لعمو م الحديث‪ .‬وهذا قول جماهير العلما ء‪ ،‬وقال بعض أصحاب‬ ‫مالك‪ :‬ل يجوز قتله إذا طلب شيئا يسيرا كالثوب والطعا م‪ ،‬وهذا ليس بشي ء‪،‬‬ ‫‪).‬والصواب ما قاله الجماهير" )‪1/125‬‬ ‫قال الشافعي في ال م )‪6/35‬وما بعدها(‪":‬وإذا دخل الرجل منزل الرجل ليل‬ ‫أو نهارا بسلح‪ ،‬فأمر ه بالخروج فلم يخرج‪ ،‬فله أن يضربه‪ ،‬وإن أتى‬ ‫‪".‬الضرب على نفسه‪ ،‬فإذا ولى راجعا لم يكن له ضربه‬ ‫‪:‬ومما يدخل في هذ ه المعاني قتال أهل الحرابة‪-‬‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪78‬‬

‫قال ابن تيمية في جند قاتلوا عربا )من العراب( نهبوا أموال تجار‬ ‫ليردوها عليهم فهم مجاهدون في سبيل ا )الختيارات العلمية من‬ ‫‪).‬الفتاوى الكبرى ‪4/599‬‬ ‫ومن أهل العلم من عد قتال البغا ة الخارجين على الما م جهادا في سبيل‪-‬‬ ‫ا تعالى كما قال الصنعاني في سبل السل م في تعريف الجهاد‪":‬بذل‬ ‫‪).‬الجهد في قتال الكفار أو البغا ة" )‪4/53‬‬ ‫والحق أن هذا ليس من القتال الممدوح‪-‬وإن كان جائزا لولي المر‪-‬‬ ‫‪.‬وانظر تفصيل ذلك في مقدمة الستقامة لبن تيمية رحمه ا تعالى‬ ‫والقصد أن المتحدث عن الجهاد هذ ه اليا م فإنه لبد أن يذكر هذ ه‬ ‫النواع‪ ،‬لن عامة الجهاد اليو م هو من جهاد الدفع ل من جهاد الطلب‬ ‫لعد م وجود الما م‪ ،‬وحيث مر عليها الكاتب دون أن يفصل فيها كان لبد‬ ‫‪.‬من بيانها ليعلم هذا‬

‫هلازع الـحداثازع التاريخيةازع يستدلازع بها‬ ‫أفرد الكمماتب فصممل كممامل عنمموانه ب‪):‬بطلن اسممتنباط أحكمما م شممرعية مممن‬ ‫‪).‬أحداث تاريخية وكتب التاريخ‬ ‫وهو عنوان صممحيح‪ ،‬لكممن موضمموعه فيممه ككممل أبحمماث الكتمماب تحتمماج إلممى‬ ‫‪.‬تفصيل وبيان‪ ،‬فإن ما تحت هذا العنوان ما يستنكر من الكل م‬ ‫‪.‬وإليك التفصيل‬ ‫هناك فر ق بين اثبات الدليل من حيث الرواية )القبول أو الممرد(‪ ،‬وبيممن قبممول‬ ‫الممدليل باعتبممار صمملحية الحتجمماج بممه بعممد ثبمموته‪ ،‬وقممد خلممط الكمماتب بيممن‬ ‫المرين‪ ،‬فإن المتكلمين على كتب التاريخ تكلموا عنها كثيرا مممن حيممث عممد م‬ ‫تحقيقها للخممبر‪ ،‬وأنهمما تممروي الغممث والسمممين‪،‬والصممحيح والمكممذوب‪ ،‬وهممذا‬ ‫النوع من الحديث ل يدخل في البحث الذي يتكلم فيه الكاتب علممى الرغممم أنممه‬ ‫نقل كلما لبعض أهل العلم حولها وذلك عند قمموله‪" :‬إن هممذ ه أحممداث ووقممائع‬ ‫تاريخية نقلت إلينا بأسانيد معظمها ضعيفة أو غيممر معروفممة‪...‬إلممخ‪ ،‬هممذا مممع‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪79‬‬

‫التنبيه أن طر ق تحقيق الخبر التاريخي تختلف في بعض وجوهها عن تحقيق‬ ‫‪.‬الحديث النبوي‪ ،‬وهذا يحتاج الى تفصيل ليس هذا موطنه‬ ‫ولكن هل عمل المة له نوع ترجيح في بعض مسائل العلم؟‬ ‫وهل يجوز للعالم أن يستدل بما جرت عليه المة في أبواب العلم؟‬ ‫هذ ه المسألة كان ينبغي على الكاتب أن ينتبه لها‪ ،‬وأن يممذكرها لهميتهمما فممي‬ ‫هذا الباب العظيم‪ ،‬ولذلك سأذكر أقمموال أهممل العلممم الدالممة علممى أن ممما جممرت‬ ‫‪.‬عليه المة في تاريخها هو إحدى مرجحات المسائل والتمييز بينها‬ ‫ففي العتبار في الناسخ والمنسوخ لبي بكر الحازمي رحمه ا تعالى ذكممر‬ ‫في أول كتابه طر ق الترجيح بين الخبار والقوال ذكر خمسين وجهمما وهممي‬ ‫‪.‬من عيون المسائل في كتابه‬ ‫قال في الوجه الثاني والثلثين‪ :‬في ترجيح الخبار أن يكون مع أحد حممديثين‬ ‫عمل المة دون الخر‪ ،‬لنهمما يجمموز أن تكممون عملممت بمموجبه لصممحته ولممم‬ ‫‪.‬تعمل بموجب الخر لضعفه‪ ،‬فيجب تقديم الول لهذا التجويز‬ ‫وهذا الكل م ربما أخذ ه من الغزالي في المستصمفى‪ ،‬فمإنه قمال فمي بماب فيمما‬ ‫‪:‬ترجح به الخبار‬ ‫الثالث عشر ‪ - :‬أن تعممل الممة بمموجب أحمد الخمبرين‪ ،‬فمإنه إذا احتممل أن‬ ‫يكون عملهم بدليل آخر فيحتمل أن يكون هذا الخبر‪ .‬فيكون صدقه أقمموى فممي‬ ‫‪.‬النفس‬ ‫ولذلك كان أهل العلم يذمون الغرائب من القمموال‪ ،‬ولممما أراد الممما م الحممافظ‬ ‫أبو داود رحمه ا تعممالى أن يمممدح كتمماب السممنن مممدحه أنمه لممم يممرو فيممه إل‬ ‫‪.‬المشهور ولم يذكر فيه الغرائب‬ ‫وقد فصل الما م الشاطبي رحمه ام فممي الموافقممات هممذا المممر فقممال‪" :‬فممإن‬ ‫موافقة العمل )للنص( من أوجه الرجحممان‪ ،‬فممإن ممموافقته شمماهد للممدليل الممذي‬ ‫استدل به‪ ،‬ومصد ق له‪ ،‬على نحو ما يصدقه الجماع‪ ،‬فإنه نوع من الجممماع‬ ‫الفعلي‪ ،‬بخلف ما إذا خالفه‪ ،‬فإن المخالفة موهنة لممه أو مكذبممة‪ ،‬وأيضمما فممإن‬ ‫العمل مخلص للدلة من شوائب المحامل المقدر ة‬ ‫الموهنة‪ ،‬لن المجتهد متى نظر في دليل على مسألة احتجاج إلى البحث عممن‬ ‫أمور كثير ة‪ ،‬ل يستقيم إعمال الدليل دونها‪ ،‬ومعيممن لناسممخها مممن منسمموخها‪،‬‬ ‫ومبين لمجملها‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬فهو عون في سمملوك سممبيل الجتهمماد عظيممم‪،‬‬ ‫‪.‬ولذلك اعتمد ه مالك بن أنس ومن قال بقوله‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪80‬‬

‫وأيضا فإن ظواهر الدلممة إذا اعتممبرت مممن غيممر اعتممماد علممى الوليممن فيهمما‬ ‫مؤدية إلى التعارض والختلف وهو مشاهد معنى‪ ،‬ولن تعارض الظممواهر‬ ‫‪.‬كثير مع القطع بأن الشريعة ل اختلف فيها‬ ‫ولذلك ل تجد الفر ق الضالة ول أحدا من المختلفين في الحكمما م ل الفروعيممة‬ ‫ول الصولية بعجز عن الستدلل على ممذهبه بظمواهر ممن الدلمة‪ ،‬بمل قمد‬ ‫شاهدنا ورأينا من الفسا ق من يسممتدل علممى مسممائل الفسممق بأدلممة ينسممبها إلممى‬ ‫الشريعة المنزهة‪ ،‬وفي كتب التواريخ والخبممار مممن ذلممك أطل ق ممما أشممنعها‬ ‫في الفتئممات علمى الشممريعة‪ ...‬ولهمذا كلممه يجمب علمى كممل نماظر فممي المدليل‬ ‫الشرعي مراعا ة ما فهم منه الولون‪ ،‬وما كانوا عليه من العمممل فهممو أحممرى‬ ‫بالصواب وأقو م في العلم والعمل‪ ..‬ثم شرع رحمه ا في بيان ضرور ة ذلك‪.‬‬ ‫))‪77-2/76‬‬ ‫واقرأ إن شئت توسعا )المسألة الثانية عشر( والتي بعنوان )كل دليل شرعي‬ ‫ل يخلو أن يكون معمول به في السلف المتقدمين دائما اوأكثريا‪ ،‬او ل يكون‬ ‫‪..).‬معمول به إل قليل أو في وقت ما أو ل يثبت به العمل‬ ‫ومن قرأ كتب فتاوى العلما ء رأى استدللهم الكثير بما جرى عليه عمل‬ ‫‪.‬المة في تاريخها‪ ،‬ومن اطلع على ما كتبه شيخ السل م يرىهذا كثيرا‬ ‫ولذلك حين يقول القائل‪ :‬هذا ما حرى عليه السلف‪ ،‬أو هذا عمل المة‪ ،‬أو‬ ‫ينقل موقف العلما ء العملي من حادثة أو نازلة ما فإنه ليكون قد تجنى على‬ ‫الشريعة‪ ،‬ول ينسب إليها ما ليس منها‪ ،‬لكن ينبغي وضع هذا الدليل موضعه‬ ‫فل يقد م حتى ينقض الحكا م‬ ‫‪.‬الصريحة الجلية‪ ،‬كذلك ل يهمل كما أراد كاتب هذ ه الرسالة‬ ‫وفي هذا يقول الما م أحمد في رسالة له ‪ :‬ومن زعم أنه ل يممرى التقليممد‪ ،‬ول‬ ‫يقلد دينه أحدا‪ :‬فهو قول فاسق عند ا ورسوله صمملى ا م عليممه وسمملم‪ ،‬إنممما‬ ‫‪ .‬يريد أن بذلك إبطال الثر وتعطيل العلم والسنة‪ ،‬والتفرد بالرأي والخلف‬ ‫‪ :‬ثم قال رحمه ا بعد أن ذكر مسائل في العقائد‬ ‫وهممذ ه المممذاهب والقاويممل الممتي وصممفت مممذهب أهممل السممنة والجماعممة‬ ‫والثار‪،‬وأصممحاب الروايممات‪ ،‬وحملممة العلممم الممذين أدركنمماهم‪ ،‬وأخممذنا عنهممم‬ ‫الحديث‪،‬وتعلمنا منهم السنن‪ ،‬وكانوا أئمة معروفيممن ثقممات أصممحاب صممد ق ‪،‬‬ ‫يقتدى بهم ويؤخذ عنهم ‪،‬ولم يكونوا أصممحاب بدعممة‪ ،‬ول خلف ول تخليممط‪،‬‬ ‫‪.‬وهو قول أئمتهم وعلمائهم الذين كانوا قبلهم أ‪.‬هم‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪81‬‬

‫فتأمل حفظك ا كيف استدل على صد ق مباحثه بكون ما قاله هممو قممول أهممل‬ ‫‪ .‬العلم وما ساروا عليه‪،‬وكيف ذ م من ترفع عن متابعتهم‬ ‫وأما ما نقله من الجامع في طلب العلممم الشممريف مممن القممدح فممي الكتممب الممتي‬ ‫ألفت تحت اسم )فقه السير ة( وقلد ه الكاتب تقليدا سيئا‪ ،‬فالردالمفصل عليممه إن‬ ‫شا ء ا تعالى في الرد على كتاب الجامع ولكني أقممد م الن هنمما ممما يلممز م مممن‬ ‫‪.‬بيان خطأ صاحب الجامع ومقلد ه‬ ‫اذ الصحيح أن السير ة تصلح لنوع من أنواع الفقه‪ ،‬والتأليف في فقممه السممير ة‬ ‫ليس بدعة محدثة‪ ،‬فلو فقه هذ ه المسألة النممافون لعلممموا أن كتمماب"زاد المعمماد‬ ‫‪.‬في هدي خير العباد" لبن القيم الجوزية هو من هذ ه المشكا ة وذلك المنبع‬ ‫ثم كثيرا ما أغفلت كتب الفقه بعض عيون مسائل الفقممه والممتي تممدخل تحممت‬ ‫اسمه المبارك في قوله صلى ا عليه وسلم‪":‬من يرد ا به خيممرا يفقهممه فممي‬ ‫‪".‬الدين‬ ‫فأين فقه الرؤيا؟‬ ‫وأين فقة الخشوع؟‬ ‫وأين فقه المنية والتمني؟‬ ‫‪.‬وغيرها من المسائل‬ ‫ثم إن هناك من الفقه العظيم )بمعنا ه الواسع( التي تحتويه الخبار الوارد ة في‬ ‫كتب السير‪ ،‬سوا ء كانت هذ ه الخبار مما صح في أعلممى مراتممب الصممحة أو‬ ‫ما كان قريبا من الصحة أو ما كان مرسممل أو منقطعمما‪ ،‬وتممرك هممذ ه الخبممار‬ ‫جملة بحجة ضعف أسممانيدها ليممس منهممج العلممما ء المتقممدمين فممي الحتجمماج‪،‬‬ ‫وهذا باب واسع جهله المتأخرون وأفسدوا نضارته‪ ،‬حتى رأينا من دعمما إلممى‬ ‫تأليف كتب في صحيح السير ة على غممرار كتممب الصممحيح‪ ،‬أو تقليممدا لبعممض‬ ‫المتأخرين في إفساد كتب المحدثين في تشويهها بتقسيمها إلى صحيح‬ ‫وضعيف‪ ،‬وهذا وا هو الجهل بعينه‪ ،‬وهو مممن جرائممم المتممأخرين فممي حممق‬ ‫‪.‬هذ ه الكتب السلفية العظيمة‬ ‫والقصد أن )فقه السير ة( هو إحدى العلو م الشممرعية الجليلممة‪ ،‬ولمه مرتبمة فممي‬ ‫دين ا تعالى ل ترد بالكلية‪ ،‬والراد لها بالكلية شممأنه شممأن مممن قممد م المرسممل‬ ‫‪.‬على الصحيح أو الضعيف على الحسن فكلهما على طرفي نقيض‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪82‬‬

‫وصمماحب الجممامع لطلممب العلممم الشممريف تعامممل فممي أكممثر مممن ممموطن مممع‬ ‫مصطلحات السلف بما استقرت عليه عند المتممأخرين‪ ،‬وهممذا تحكممم جاهممل ل‬ ‫‪.‬يفعله إل من ل يعرف منهج المتقدمين في المصطلحات‬ ‫فهو ناقش بعضهم في مصطلح المرسل بما استقر عليه فممي كتممب المتممأخرين‬ ‫بعد ابن الصلح‪ ،‬وهاهنا حجممم مصممطلح الفقممه العظيممم إلممى ممما اسممتقر عليممه‬ ‫المصطلح من ضيق عند المتممأخرين‪ ،‬إذ الفقممه أوسممع وأشمممل مممما هممو كتممب‬ ‫الفقها ء عند المتأخرين‪ ،‬ولو سألت أحدهم أين تجد في هذ ه الكتب فقه الخل ق‬ ‫السلمية‪ ،‬وأين تجد فيها "حكمة التصممرف فممي النمموازل" والممتي هممي عيممن‬ ‫‪.‬الفقه‪ ،‬لما أحرى جوابا‬ ‫يقممول ابممن بطممة العكممبري فممي إبطممال الحيممل ص ‪":6‬فأممما الفقممه فممي اللسممان‬ ‫‪.‬الفصيح فمعنا ه الفهم‪ ،‬تقول فلن ل يفقه قولي‪ ،‬أي ل يفهمه‬ ‫وقال ابن الثير )في جامع الصول ‪ :(9/116‬الفقه‪ :‬العلم والدراية في‬ ‫الصل‪ ،‬وقد جعله العرف خاصا بعلم الشريعة وخاصة علم الفروع‪ ،‬فإذا‬ ‫‪.‬قيل فقيه‪ :‬علم أنه العالم بعلو م الشرع‪ ،‬وإن كان كل عالم بعلم فقيها‬ ‫وهذ ه المسألة أقتصر فيها هنا على هذا المطلوب‪ ،‬وتما م تفصيلها كما تقد م‬ ‫‪.‬في ردي على كتاب الجامع لطلب العلم الشريف‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪83‬‬

‫تنبيهات‬ ‫)تنبيه)‪1‬‬ ‫سلخ كاتب"كشف شبهات المقاتلين‪ ".‬من كتاب الجامع مبحث أولية الجهاد‬ ‫‪..‬ومتى شرع فقال تحت عنوان‪":‬بد ء شرع الجهاد وختامه‬ ‫ولم يشرع الجهاد بمعنى قتال الكفار ال في شريعة موسى عليه السل م بعد"‬ ‫"‪..‬هلك فرعون‬ ‫ولو تأملت كلمه ل تجد فيه دليل بينا على هذا الستنتاج‪ ،‬ولعل صاحب‬ ‫الجامع رأى ما تفسير ابن كثير عند قوله تعالى‪" :‬ولقد آتينا موسى الكتاب‬ ‫من بعدما أهلكنا القرون الولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم‬ ‫‪.‬يتذكرون" القصص‪43/‬‬ ‫حيث قال الما م وغير ه كابن حبان الندلسي‪ :‬إنه بعد انزال التورا ة لم يعذب‬ ‫‪.‬أمة بعامة‪ ،‬بل أمر المؤمنين أن يقاتلوا أعدا ء ا من المشركين‬ ‫ثم ذكر الحديث الموقوف على أبي سعيد وفيه ‪ :‬ما أهلك ا قوما بعذاب من‬ ‫السما ء ول في الرض بعدما أنزلت التورا ة على وجه الرض غير أهل‬ ‫القرية الذين مسخوا قرد ة بعد موسى ثم قرأ‪" ..‬ولقد آتينا موسى الكتاب من‬ ‫"‪..‬بعدما أهلكنا القرون الولى‬ ‫وليس في هذا الكل م أي دللة لهذ ه المة على ابتدا ء مشروعية الجهاد لمن‬ ‫‪.‬تأمله حق تأمله‬ ‫ولقد راجعت أمهات كتب التفسير المشهور ة والمعلومة فلم أر واحدا من أهل‬ ‫العلم استدل بهذ ه الية بما استدل بها صاحب الجامع ثم قلد ه الكاتب في هذ ه‬ ‫‪.‬الدعوى وسلخ كلمه دون تحقيق‬ ‫فذكرها من باب التكثير الذي ل دليل عليه ول ضرور ة له‪ ،‬وا أعلم بما في‬ ‫‪.‬الصدور‬ ‫‪) :‬تنبيه)‪2‬‬ ‫حيث منعت قواعد أهل العلم التكفير البدعي الذي وقع فيه كاتب هذا الكتاب‬ ‫)كشف شبهات المقاتلين ‪ ( ..‬فإنه ل يعني جواز القتال مع المبتدعة في كل‬ ‫حال‪ ،‬وورقاتي هذ ه ل تبحث في هذا الشأن )أقصد شأن القتال( إنما تتحدث‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪84‬‬

‫عن رد حكم التكفير البدعي عن طوائف من أهل البدع‪ ,‬وضرو ة اعمال‬ ‫القواعد الشرعية التفصيلية في الحكا م‪ ،‬وقتال المرتدين في الجملة جائز‬ ‫تحت راية أهل البدع ما لم يكفروا مثلهم‪ ،‬وهذا له شأن آخر‪ ،‬فالورقات هذ ه‬ ‫ل يجوز أن ينسب لها القول بجواز القتال مع طائفة من الطوائف ال ما‬ ‫كانت هذ ه الطوائف على السل م ومخالفوها على الرد ة والكفر‪ ،‬وهي مسألة‬ ‫‪ .‬تبحث على حد ة من غير تعميم‬ ‫)تنبه)‪3‬‬ ‫لميل الكاتب الى الغلو‪ ،‬واستعار ه في نفسه‪ ،‬فإنه وقع في موبقة عظيمة من‬ ‫جهة المانة واللتزا م الخلقي‪ ،‬حيث نقل نقل مبتورا ناقصا عن الخرين‬ ‫‪:‬أفسد به كلمهم‪ ،‬واليك الدليل‬ ‫قال الكاتب ) ص‪(41/‬نقل عن كتاب أبي محمد المقدسي )فك ا أسر ه من‬ ‫‪":‬سجون الطواغيت( تحت عنوان‪ :‬الرد على شبهة " من كفر مسلما فقد كفر‬ ‫ولو قلنا نحن الذين يحتج علينا خصومنا بمثل هذ ه الشبهة أن من كفرنا أو‬ ‫كفر غيرنا من الموحدين المسلمين بغضا لهم ولتوحيدهم وبرا ءتهم من‬ ‫الطواغيت وسمى دينهم دين الخوارج نصر ة لعدا ء التوحيد على‬ ‫الموحدين‪ ،‬بأنه كافر استدلل بهذا الحديث لكان ذلك حقا ل مرية فيه ولما‬ ‫‪.‬احتيج الى تأويله لن ذلك كفر دون شك" انتهى نقله‬ ‫‪:‬وكل م أبي محمد في كتابه المذكور هو التالي‬ ‫ولو قلنا نحن الذين يحتج علينا خصومنا بمثل هذ ه الشبهة أن من كفرنا أو"‬ ‫كفر غيرنا من الموحدين المسلمين بغضا له ولتوحيد ه وبرا ءته من‬ ‫الطواغيت‪ ،‬وسمى دينه دين الخوارج نصر ة لعدا ء التوحيد من الطواغيت‪،‬‬ ‫ومظاهر ة لقوانينهم وعساكرهم بأنه هو الكافر استدلل بهذا الحديث لكان‬ ‫‪".‬ذلك حقا ل مرية فيه ولما احتيج الى تأويله‬ ‫‪:‬والن يقال لهذا الكاتب‬ ‫أين ذهبت عبار ة "ومظاهر ة لقوانينهم وعساكرهم"؟‬ ‫أ م تظن أن قولك في الهامش‪" :‬بتصرف يسير " يكون لك العذر بإسقاط هذ ه‬ ‫الكلمة المهمة؟‬ ‫إن كنت تظن أن هذ ه الكلمة ل أهمية لها فهي وا الباقعة‪ ،‬وهي الطامة‬ ‫العظيمة ‪ ،‬وتصرفك بكل م الشيخ حمد بن عتيق وبكل م أبي محمد المقدسي‬ ‫على هذا المنوال يدل على أن اللفاظ العلمية ل خبر ة لك فيها ‪،‬وأن تحقيق‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪85‬‬

‫المعاني بينك وبينه قفار ومفاوز‪ ،‬ومن كان هذا حاله وجب عليه أن ل يتكلم‬ ‫‪.‬في أخطر القضايا وأعوص المسائل ‪ ،‬هذا ان اتقى ربه وخشي يو م اللقا ء‬ ‫ثم ان التصرف في كل م الناس بما يفسد المعنى جريمة في حقهم لعد م نقلها‬ ‫على وجهها الصحيح ‪ ،‬وجريمة في حق القاري ء لما في ذلك من التغرير به‬ ‫‪.‬والتلبيس عليه‬ ‫وكل م أبي محمد واضح في عد م تكفير كل من سمى توحيد المخالف انه دين‬ ‫الخوارج ‪ ،‬بل هو يكفر نوعا خاصا من هؤل ء الشاتمين لهذا التوحيد ‪ ،‬وهو‬ ‫من قال هذا الكل م وسبب قوله ما ذكر ه من التعليلت‪ ،‬أما مجرد تسمية‬ ‫توحيد رجل من أهل الحق أنه على دين الخوارج بسبب الجهل أو بسبب‬ ‫مخالفة المذهب كما كان خصو م الشيخ محمد بن عبد الوهاب يسمونه فل‬ ‫يكون كافرا بهذا التها م‪ ،‬وهذا أنبه عليه لوقوع كثير من المبتدئين في تكفير‬ ‫من سماهم خوارجا بحجة أنهم يسبون دين الموحدين‪ ،‬وقد بليت بأمثال‬ ‫هؤل ء ورأيت منهم العجب‪ ،‬فالواجب معرقة أن اتها م رجل بالخارجية ل‬ ‫تجيز للمتهم بها أن يرد على مخالفه بالتكفير‪ ،‬بل لو كفر ه لجهله فإنه ل‬ ‫يجوز له أن يكفر ه‪ ،‬لما علم أن التكفير حق ا تعالى وليس حقا شخصيا‬ ‫يكافأ المضيع له بمثله‪ ،‬وهذا أمر يعرفه طلبة العلم وهو أمر مشهور‪ ،‬ويجب‬ ‫‪.‬على كل مسلم أن يتعلمه لهميته‬

‫ازع وفيازع الختام‬ ‫انتهي حيث بدأت من النصيحة لنفسي وإخواني بأن نقف مع دين ا تعالى‬ ‫حيث هو؛ فل الغلو من دين ا تعالى ول التسيب والتحلل منه‪ ،‬إذ كلهما‬ ‫مذمو م غير مرضي‪ ،‬وأعوذ بال أن أمنع اجرا ء الحكا م الشرعية على‬ ‫الطوائف والفراد‪ ،‬فمن كفر فهو كافر‪ ،‬لكن التكفير ل يصار اليه بعد ثبوت‬ ‫عقد السل م ال بعد تحقيق ونظر شديد‪ ،‬وخاصة في تكفير الطوائف التي‬ ‫تعمل للسل م وتسعى لتحقيقه في الرض‪ ،‬فإطل ق التكفير في حق هؤل ء‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪86‬‬

‫دون النظر الى قواعد أهل العلم ليس هو سبيل المؤمنين ‪ ،‬ومثله اطل ق‬ ‫التكفير في حق العلما ء والدعا ة والمشايخ فهذا يحتاج الى علم وورع‬ ‫‪.‬وتقوى‪ ،‬وكذا تكفير المم والطوائف والتعميم فيه‬ ‫وإني مع هذا كله ومع التنبيه السممابق فممي مقدمممة هممذ ه الرسممالة أن الباطممل ل‬ ‫يجوز الدفاع عنه ول تبرير ه ال أني أشعر أنمي مضمطر للتنمبيه عليمه كمثيرا‬ ‫وفي ختا م هذ ه الرسالة‪ ،‬لن الذين ل يفهمممون الفممر ق بيمن دفممع التكفيممر عمن‬ ‫هؤل ء وبيان بدعهم وضللهم كثيرون في هممذا الزمممان‪ ،‬ذلممك أنممي لممن أعممد م‬ ‫وجود غر جاهل يقول عن هذ ه الرسالة إنها دفاع عن الضالين أو الطواغيت‬ ‫أو تبرير لبدعة أو سيئة‪ ،‬وهؤل ء يجب على أهل الدين نبذهم‪ ،‬فوا ما أفسممد‬ ‫طوائممف الحممق وجماعممات الجهمماد ال وجممود هممؤل ء ‪ ،‬إذ يريممدون بجهلهممم‬ ‫وغلوهم قياد ة السفينة‪ ،‬وسو ق طلبة العلمم إلمى أهمموائهم ‪ ،‬ولن بيئممات معينمة‬ ‫يميل أهلها إلى الخطاب الشديد‪ ،‬ويحب شبابها كل تشدد فيجد هؤل ء لنفسهم‬ ‫موطنا‪ ،‬ثم تجد بعض من اقتبس شيئا من العلم ولم يترسخ فيممه ينسمما ق معهممم‬ ‫ويمموافقهم مسمماير ة للنحلممة ‪،‬أو لعممد م فقهممه بمممآلت كلمهممم‪ ،‬أو خوفمما مممن‬ ‫انفضاض الجمممع عنممه ‪ ،‬فعلممى طلبممة العلممم أن يتقمموا ام تعممالى ‪ ،‬ول يقبلمموا‬ ‫لنفسهم ربط رؤوسهم بمن ل يستطيع أن يقيم مسألة فقهية واحد ة‪ ،‬بل يجممب‬ ‫وضع هؤل ء في مواطنهم التي يستحقونها ‪ ،‬فليممس بممأس الرجممل فممي الجهمماد‬ ‫بمبرر لن يكون هو الذي يقرر حكم ا تعممالى فممي المسممائل ‪ ،‬وليممس طيممب‬ ‫نفس الرجل بالبذل تبرر له أن يكون قوله في الحكا م مسممددا ‪ ،‬وليممس الغلممو‬ ‫ال أحد طرفي الباطل ‪ ،‬فليس من قال الشد هو المصيب‪ ،‬بممل المصمميب هممو‬ ‫صاحب الدليل‪ ،‬ثم ليس مجرد وجود آية أو حديث ورا ء كل كلمة دليممل علممى‬ ‫صواب ما يقوله المتكلم ‪ ،‬بل ل بد من مراجعة كلمه على أصول أهل العلم‬ ‫والفقه‪ ،‬وليبصر الفقيه مآلت كلمه في نفممس السممامع والمسممتفتي والمتعلممم ‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬أهل الغلو في كل بيئات السممل م هممم الضمعف صموتا والقممل وجممودا‪،‬‬ ‫والكثر في المسلمين من عوا م ومفتين هم أهل التحلممل والتسمميب لكممن علينمما‬ ‫أن نعلم أن أهل الدين على الجملة والمشغولين بهم هذا الدين ورفعته هم قلة‪،‬‬ ‫ووجود هذ ه القلة بين القلة تفسد كثيرا وتضر ضررا على مسير ة العمل لدين‬ ‫ا تعالى بما ل يعلم مدا ه ال ا تعالى‪ ،‬وقد نصحني بعممض الحبممة الخيممار‬ ‫عندي وا حسيبهم أن ل أنشغل بهذا الرد على كتاب كشف شبهات المقاتلين‬ ‫تهوينا لمر ه‪ ،‬وهذا عندي )وأستغفر ا تعالى( خطأ شديد‪ ،‬فهممؤل ء إخواننمما‬ ‫وأحبتنا‪ ،‬ونصيحتهم أولى من غيرهم‪ ،‬وموالتهم بما معهم من دين ا تعالى‬ ‫وبما عندهم من الحرص على دينهم واجب فممي ديممن ام تعممالى ل ينكممر ه ال‬ ‫جاحد جاهل ‪ ،‬وأنا ل أتهمهممم بخارجيممة‪ ،‬لن التهمما م بالخارجيممة تعنممي أنهممم‬


‫جؤنة المطيبين‬ ‫‪87‬‬

‫قالوا بأصول الخوارج‪ ،‬وهؤل ء ليس عنممدهم شممي ء مممن هممذا‪ ،‬هممذا مممع أنهممم‬ ‫وقعوا في بعض ما وقع فيه الخوارج من الغلو‪ ،‬لكنهم ما زالت أصولهم هممي‬ ‫أصول أهل السنة والجماعة إذا ذكروا بها ولممم يكممن الهمموى تممذكروا إن أراد‬ ‫‪.‬ا بهم خيرا‬ ‫هذا وأسأل ا تعالى أن أكون قد وفقت في بيان ما يجب علي من دين ا‬ ‫تعالى والنصيحة لخواني‪ ،‬وأستغفر ا تعالى مما جهلته أو قلته على غير‬ ‫وجهه الصحيح‪ ،‬فما أردت علم ا تعالى ال الخير "إن أريد إل الصلح ما‬ ‫‪.‬استطع"‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.