هي محاولة "لاستخراج الجمال من الشر"! كانت أزهار بودلير أشعارا تخدش الحياء، نزع القضاء مفعولها، في زمن كانت المجتمعات الغربية تعرف الحياء، وأعيد لها "الاعتبار" حين تفككت المنظومة الأخلاقية في الغرب، فأصبح الفرد "حر" العقيدة، والفعل والتعبير...
ظهرت طبعة جديدة من أزهار الشر بمناسبة الربيع العربي، لكنها هذه المرة لا تكتفي بخدش الحياء، وإنما تدمر الدول، وتفكك المجتمعات. نبتت أولى أزهار الشر في تونس الخضراء. ولأنها زهرة شر فقد نبتت في النار، ورويت بالدماء والدموع...
نبتت زهرة الشر في حريق البوعزيزي. كان الرجل عاطلا عن العمل، مثل مئات التونسيين. صادرت الشرطية عربته لأنه خالف القانون. انتحر بإضرام النار في نفسه. لكن الإعلام المحرض أضاف إلى مصادرة العربة بعدا ادراميا يستدعي الكرامة. فلم يكن الانتحار من أجل عربة خضار ليجلب الكثير من التعاطف مع البوعزيزي. فقد ينظر الكثير من الناس إلى أن رد فعله كان مبالغا. لكن التعاطف سيبلغ مداه حين يروج أن الشاب، حامل الشهادة العالية أرغمته الظروف على بيع الخضار على عربة متنقلة وفي ذلك انتقاص من مكانته الاجتماعية.