1
1
أَلِس في بالد الواق َواق! َ رواية ليست للصغار
َح َياة ال َي ُ اقوت
2
فهرسة مكتبة الكويت الوطنية أثناء النرش: 813الياقوت ،حياة إبراهيم. ألس يف بالد الواق واق ( رواية ) /حياة إبراهيم الياقوت - .ط -. 1الكويت : حياة إبراهيم الياقوت 2010 ، 110ص ؛ 21سم . ردمك 978-99966-42-84-5 : .1القصة العربية -الكويت
أ .العنوان
ردمك 978-99966-42-84-5 : رقم اإليداع2010/617 :
الطبعة األوىل 1432 :هـ 2011 ،م صورة الغالف :خريطة اإلدرييس. ©جميع الحقوق محفوظة للمؤلفة. مينع نسخ أو نرش أو استعامل أو تخزين واسرتجاع هذا الكتاب أو أية أجزاء منه بأية وسيلة كانت إال مبوافقة كتابية مسبقة من املؤلفة. موقع الكتاب عىل اإلنرتنت: www.nashiri.net/waqwaq
3
الم ْحَتَوَيات ُ
إهداء 5 ..................................................................................................... مقدمة 7 .................................................................................................... انطالق نحو الواق واق 11 ............................................................................ تحذير ،تربير ،تخدير ،تحرير 12 .................................................................... ال ُهدْهُ دُ ُذو ال ِعماَ َمة 13 ................................................................................ ُد ُموعٌ َع ْذ َبة 17 ............................................................................................ وحبرْ 21 ............................................................................................... َزهْ ٌر ِ الساقِ َو َب َّط ُة الأْ َ ْنف 27 ......................................................................... أَ ْر َن َب ُة َّ َج ْح َف ٌل َو ُج َح ْي ِفل 33 ..................................................................................... سوعُ َب ِطيء 37 ....................................................................................... ال َي رْ ُ َم ْصن َُع ا ْل َواو 41 ............................................................................................ ِغ ْر ِبيبة 47 ................................................................................................... َغا ِد ٌر و َما ِدر 49 ............................................................................................
4
دَا ُر ال َب َهار 51 ............................................................................................... الس َلن َْطع 57 ................................................................................................ َ ُج ْم ُجم 65 ................................................................................................... ال َغا َب ُة ا ْل ُم َقد ََّسة 69 ......................................................................................
َد َنس آ َباد 73 ............................................................................................... َم ْح َك َمة ال َواق َواق 77 .................................................................................. ُش ْك ًرا َگالِي َڤر 89 ...........................................................................................
ِق ْر ُد ا ْلبرُ ْج 91 ................................................................................................
فيِ ا ْل ِم ْرآ ِة َم َع َم ْر َجا َنة 95 ............................................................................... َس ْل َيا ِس ْم ِسم 103 .......................................................................................
5
إِْه َداء إىل أمي الحبيبة، دُرية العامين. حيث الدُ ر ،والنهر ،والث َمر.
6
7
ُمَق ِّدَمة
( ِق َ يل يِل أَ َّن َها رَ ُ ضو ِر َّية) .1هذه ليس ترجمة ،أو تعريبا ،أو نقال ،أو إعادة صياغة للرواية الشهرية «مغامرات ألس يف بالد العجائب». .2وهذه ليست رواية لألطفال. يف عام 1865كتب «تشارلز دودسن» (الكاتب اإلنگليزي املعروف باسم «لويس كارول») روايتَه الشهرية «مغامرات ألس يف بالد العجائب» ،ثم أتبعها يف عام 1871بكتاب «عرب املرآة ،وماذا وجدت ألس هناك» .ش ّكل هذان العمالن املمتعان دعامة هامة ألدب السخافة( .)1وليس املقصود سخافة العمل األديب أو تفاهته ،بل ّأن الرتكيز األسايس يف هذا النوع من األدب ينصب عىل اللعب بالكلامت بطريقة معاكسة للسائد ،والعبث بالعمليات املنطقية وتحطيم االفرتاضات .ورغم أن الكتابني كانا موجهني إىل األطفال ،إال أنهام راقا للكبار أيضا. «أَلِس يف بالد الواق واق» تستعري الجو العام لكتا ّيب «لويس كارول» ،إذ شكال بروازا فضفاضا يصف ويشف ُ بنيت داخله عاملا يحلق فيه القارئ بجناحني من السخرية والرتميز .النص فيه إسقاطات عىل الواقع العريب ،واستعارات من الرتاث العريب واألساطري .إنه عامل «ألس» املجنون باإلضافة إىل قسط وافر من الخيال املقرون مبتعة التأويل ،والكثري الكثري من العربية .إنها «ألس» ،برداء عريب مبني! Literary nonsense :1
8
صحيح أن هناك تقاطعا مع بعض مالمح كتايب «كارول» ،وصحيح أن بضع شخصيات تكررت بأسامء وأدوار مختلفة (مثال الهدهد ذو العاممة يف مقابل مجم يف مقابل ،)Humpty Dumptyلكن مثة شخصيات أصيلة وج ُ األرنبُ ، ّ يف هذا النص مثل السمكة املالحة ،وأرنبة الساق ،وبطة األنف ،والسلنطع، ونهوم ،ورغور ،وياس َم ْينة ،وقرد الربج ،وسمسم ،و َمرجانة .فضال عن معظم الشخصيات يف محكمة الواق واق. كام أن تفاصيل األحداث مغايرة جدا وأحيانا معاكسة .ففي نص «لويس كارول» نجد الدوقة غري املهتمة بطفلها الخنزير ،والطاهية ذات املزاج الحاد املغرمة بإغراق الحساء بالفلفل .ويف هذا النص يقابل ذلك «مترصفة الشؤون الفلفلية» ومساعدتها «ب ّهارة» اللتني تأخذان الغرام بالفلفل إىل منحنى أبعد حينام يكون هوسهام هو رش الفلفل عىل أي نزاع ،وحني تكون حرفتهام صناعة العار والدمار؛ ففي «دار البهار» ُتشعل أعتى النزاعات ،وتوضع مقادير أنىك الحروب. ويف املحاكمة ،نجد أن «ألس» مجرد شاهدة مشاكسة يف نص «لويس كارول»، حيث تنتهي الرواية يف هذا الفصل .بينام «ألس» يف هذا الكتاب متهمة بالهجرة غري الرشعية لبالد الواق واق .ويف فصل «محكمة الواق واق» يتكاثف النص يف أقىص درجاته ليمهد بعد ذلك للفصول الختامية. وأعلم أنه ال يليق يب يف مقدمة الكتاب أن أفيش أرسار النص وأفسد عىل القارئ متعة التساؤل والتأويل ،لكني أراه رضوريا لتاليف غمط حق النص. هناك من حذرين أن ما أفعله مخاطرة ،وأن النقاد لن يوفروا تهمة سائغة وجاهزة مثل الصعود عىل كتفي كاتب مرموق .وهناك من أشفق ع ّ يل من القراء الذين لن يقتنعوا بأصالة األفكار املقدمة يف النص بل قد يحسبه بعضهم رسقة أدبية ،ال ليشء إال ألن عمال آخ َر هو ما قدح زنادي لكتابة هذا الكتاب. ورغم كل هذا ،قررت املغامرة كام غامرت «ألس» ذات م ّرة.
9
رواية أم مرسحية؟ صحيح أن الحوارات تطغى عىل الرسد ،لكني أراه أقرب للعمل الروايئ القصري س َوا َية»، منه إىل املرسحية .وملن أراد الوقوف يف املنطقة الرمادية ،فليسمه « َم رْ ِ وشكرا ملن سبك هذه الكلمة. ُ اخرتت هذا اإلطار؟ ملاذا رمبا ألنه مألوف ،وميكنني بالتايل مترير أفكاري بأقل قدر من الصدمات وصيحات االمتعاض! وملاذا بالد الواق واق؟ ألنها منسوجة يف وعينا والوعينا بعناية ،ألنها رمز الالمعقول ،واملخفي، واملجنون .ألنها املكان الذي ال إحداثيات معروفة له ،ورغم ذلك فرض نفسه عىل أحاديثنا .وهي حتام ليست واق واق «ابن طفيل» ،وال «ابن ُخرداذبة»، وال حتى «اإلدرييس» الذي تتصدر خريطته غالف الكتاب .إنها الواق واق- الرمز الذي يف خواطرنا وضامئرنا .الواق واق التي نقصد حني نريد أن نسخط أو نسخر. ها هو النص بني أيديكم ،مبغازيه املنسوغة يف نسيجه كألغام صغرية ملفوفة بغطاء من السكر املقرمش .سأترككم مع املتعة اللذيذة -لكن الحذرة- القتضامها!
9 10
موقع الكتاب على دار ناشري للنشر الإلكرتوني:
www.nashiri.net/waqwaq
11
ِ الواق َواق انطلاَ ق َن ْحَو َ مرآتي يا مرآتي ،ما أحوال أمتي؟
12
َت ْحذِير
يف الواق واق ،معظمهم لئام وكلهم مجانني.
َتْبرِير
كلهم فاسدون ،كلهم مفسدون.
َت ْخدِير
«خذوا الحكمة من أفواه املجانني( ».مثل عريب)
َت ْحرير
خذوا الحكمة من أفواه املجانني ،ثم ارضبوا بها وبهم عرض الحائط.
13
اله ْد ُه ُد ُ ُذو ِ الع َما َمة الخوارزمي بعاممته الربتقالية الكبرية محتال مل يكن فيه إال صورة واحدة؛ صورة ّ الغالف الخلفي للكتاب .أخذت أَلِس تتثاءب وتتمطى ج ّراء الكتاب اململ جدا، والصعب جدا جدا. كومة ملل شاسعة تسد األفق أمام ألس التي قالت لنفسها: أنا من جلبت هذا لنفيس!كانت ألس كثريا ما تطالب أن ُتعامل كام تعامل أختها الكربى .وحني زادت مطالباتهاُ ،طلب منها أن تفعل كام تفعل أختها؛ أن تقرأ كتاب التاريخ الصعب هذا. قررت ألس أن ُتسند رأسها إىل قامة النخلة املنيفة وتغفو .فطوت دفتي الكتاب ،وأودعت قلم الرصاص يف جيبها .لكن شيئا قض هجوع عينيها الوشيك؛ يشء يتوامض إزاء عينيها .حدّقت ألس جيدا لتلمح هدهدا مير عىل عجل، يطري تارة عىل علو منخفض ،ومييش قافزا عىل األرض تارة أخرى .كان يحمل يف 14
منقاره شيئا مل تتمكن ألس من معرفته ،وكان أيضا يرتدي عاممة برتقالية عىل رأسه! أجل ،كتلك التي يرتديها الخوارزمي عىل غالف الكتاب بالضبط ،أو هكذا ُش ِّبه أللس. ال بد أين أحلم! لكن ماذا لو كان هذا الهدهد صديقا للخوارزمي مثال ،وميكنهمثال أن يعطيني أكسري العلم ،أو كبسولة تغنيني عن القراءة يف هذا الكتاب اململ؟ يجب أن أصطاده! التقطت ألس مترة كانت قد سقطت من النخلة ،وأرسعت –شبه غافية -خلف الهدهد .كانت تعلم يف قرارة نفسها أن هذا سخف ،ولن يحدث إال يف األفالم، لكن امتزاج ضجرها بنعاسها دفع خيالها إىل أقاصيه. يا هدهدي الجميلَ ،تعال أعط َيك. لكن الهدهد مل يعبأ بألس بل توجه إىل سدرة عمالقة ،واختفى بغتة .مل ُي ِخف املشهد ألس البتة .كانت تظن أنه التف برسعة واختبأ خلف السدرة .وحني اقرتبت رأت ثقبا أسود يتوهّ ج قرب جذور السدرة ،وقرب قدميها .ثم سطع يشء يف عينيها كام لو أن الشمس تنعكس عليها عرب مرآة .مل تجفل ألس كثريا فام عساه أن يحدث؟ أمها دامئا تقول لها« :األشياء العجيبة ال تحدث يف واقع الحياة ،تحدث عىل الشاشات فقط» .أخطأت أمها هذه املرة ،وأخذ يشء ما يجذب ألس من قدميها. يا إلهي! أين أسقط يف جوف األرض ،إنها تأكلني!أخذت ألس تحاول أن متسك بأي يشء قد تصادفه يف هذه الهوة املظلمة، لكنها استمرت يف السقوط .وفجأة بدأت تتحرك إىل األعىل وظنت أن األرض ستمجها لتعود إىل حيث كانت ،لكنها استمرت يف العروج تارة والتهاوي تارة ُ أخرى حتى فقدت اإلحساس باالتجاه والزمن. صارت ألس بعد فرتة ترى عىل جدران الهوة خياالت لكتب مرصوصة بعناية. أخذ سقوطها يصبح أكرث بطأ ،وعاد إليها يشء من نفسها الشعثاء .عىل كعب الكتب املرصوصة ُكتب «اقرئيني» .حاولت جذب أحد الكتاب ،لكن الغبار قاس يشد بعضه بعضا .وهناك خريطة العالق بني الكتاب تح ّول إىل ِملاَ طٍ ٍ 15