الشعوب العربية
صناعة الدستور.. االحزاب ..االنتخابات.. دورها يف الوحدة الدستورية للدول دراسة في إرادة الشعوب من منظور استراتيجي تحليلي اخالقي عالمي علمي حضاري
قومي مدني إنساني شامل ومتكامل
د.عبداللطيف محزة القراري منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األهدأ
إيل..
علماء األمة ..قادتها ..مؤسساتها ..ابنائها .. ببصرية و وعي ومسئولية .. و بتحليل و قلم متواضع ..نصوغ كتابنا هذا راجيا ان يصل كل القلوب و ان ينتفع به كل الناس .
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
صناعة الدستور.. االحزاب ..االنتخابات.. مقدمة يهدف الكتاب إلي مناقشة المعايير العالمية والفلسفة العملية والتي تساعد شعوبنا العربية في صناعة وصيانة نظام فعال لحياتهم العامة والعربية الموحدة والمحافظة على عقيدتهم المثلى ،و بما ينشر بين عموم الناس بذور الفهم العلمي الدقيق و يغرس الشعور المخلص الواسع والعميق في األمة المعاصرة وبما يجسد المسئولية الحقيقية الوطنية ومشاركة األفراد في بناء الديمقراطية القانونية وممارسة السيادة بشرعية عبر الدستور وهو األساس القانوني الثابت للدولة وأسلوب الحكم. فال دولة بدون دستور ..ويناقش الكتاب هذه الجدلية الواقعية بتصور مقارن دقيق. ويدعوا شباب األمة بان صناعة الدستور هو صناعة شعبية وهي رسالتهم الحضارية ومنهج حياتهم اإلنسانية ،وهي رسالة ملزمة لشباب األمة فهم الطاقة المحركة للتطور التاريخي وصنع الحياة ،وهم من حماة الدستور بما يحقق توارث الكرامة اإلنسانية بين األجيال ،وبما يفرض حقوقهم وحرياتهم العامة وينظم واجباتهم بعدالة وحق وحرية تامة. ويسهم هذا الكتاب في الربط هذا الكتاب بين الدستور والعملية الحزبية والعملية االنتخابية وفي ظل رؤية متميزة إسالمية. كما يناقش عدة مفاهيم أساسية مثل السيادة والسلطة والديمقراطية وغيرها من شئون الحياة السياسية الثقافية ،بحيث تظهر حقيقة الدستور جلية وكاملة. كما أنه يطرح العملية الحزبية والعملية االنتخابية ،حيث فهم الدستور مع هذين العنصرين ،يحقق المعنى الكامل للشرعية الشعبية ويجسد اآللية القانونية لتصور الديمقراطية. كما أنه يعتبر طرح هذين العنصرين المكملين للدستور ي في غاية األهمية حيث يوفر فرصة طرح نظام البيعة في إلسالم بفهم ذلك بشكل نظري وتطبيقي معاصر. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
و بصيغة فاعلة وعقالنية تحدد الرابطة العقائدية والعالقة العضوية لتكون صياغة الدستور والقوانين المكملة مشروعة ومتكاملة حضاريا وإنسانيا وعالميا وبما يخدم كل المجاالت التعايش. ويجيب على السؤال الهام ..لماذا كل فرد في المجتمع ملزم بأن يستفتى في تفاصيل وأبعاد الدستور؟ وكيف يجب أن يشارك كل فرد بفاعلية وطنية وإنسانية ودينية صحيحة. فاختالف الناس في أفكارهم وتحزبهم العام هو ظاهرة طبيعية مستمرة ،الجاهل من ينكرها أو يقف ضدها ،فيقمع طاقة تطور الشعوب وتقدمها الحضاري ، ،فكيف نصنع التوافقية لجذب التفاعل اإليجابي لصنع أفضل أشكال الحياة. وان قيام اتحاد الدول العربية هو اساس السالم العالمي ،وهو من اشرف هدف سياسي نبيل يجب ان تتوحد اإلرادات الدولية من اجله .وال سالم عالمي بدون بل سوف يظل التكالب والتآمر والعدوات والبغضاء بين شعوب العالم بسبب فرقة وتخلف وتفتت هذه الرقعة من الكون ،وهي المكون االساسي للسالم الكوني. ولقد شرحنا الدساتير واالحزاب واالنتخابات من منظر تحليلي اخالقي عالمي إنساني حضاري. فمصير العالم يكمن في حقيقة ومستوى وعي الشعوب ،فهي المسئولة االولى وهي الضحية االولى بسبب االخفاق في صنع نظام مدني حضاري يجمع البشرية في تعايش إنساني عالمي منفتح ومتفاعل ومتطور بإرادات حقيقية. فالشعوب تغفل كثير من نواحي صناعة العملية السياسية ،وال تعلم بها قدر حقها ،وانها ال تدرك انها تفقد جل كرامتها وحريتها وإنسانيتها وقوتها و وحدتها ،بسبب الجهل بالدساتير ،واالحزاب، واالنتخابات. فهي أدوات ف ي غاية الحساسية واالهمية ويجب ان تفهم وتستخدم بشكل شامل ومتكامل وصحيح ودقيق. ورغم انني قد كتبت هذا العمل في ،2102ولكني تأخرت في نشره ،بسبب االخفاق العالمي واالنساني في الدفع بالحياة الديمقراطية اثناء الربيع العربي ،وحدث ما هو مؤسف ،وليس هنا المجال لمناقشته ،ولكني بعد سنتان قررت ،نشره ،كما هو عليه ،ولم اتمكن حنى من قراءته مرة اخرى. فالكتاب هو علمي موضوعي حيادي تحليلي اخالقي شامل ومتكامل. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وقد حددت انه (صناعة) بمعنى انها تتطور أخذة بآليات العصر والعلوم والضروريات وحاجات المجتمعات واالقتصاديات والسياسات والثقافات. والوحدة الدستورية هي الوحدة الحقيقة تتم بإرادة شعوب حرة أبية وبوعي علمي مخلص ،وهي النسيج السياسي المتوافق فكريا والمتماسك روحيا ،من اجل نظام الدولة الكبرى المتحدة واسلوب الحكم الشرعي والسياسات التنموية الناجحة. انها امانة الشعوب ان تمارس "إرادتها" في اختيار كيفية ممارسة السلطات ،ومن يمارسها بمسئولية ومصداقية من اجل مصالحها ومصيرها. انها امانة الشعوب في ان تتنازل فقط للدستور ليعبر الدستور عن "سيادتها" القانونية والشرعية والسياسية ،وهي بذلك من يحميه بصدق وشجاعة وقوة. ان هذا هو المعنى الوحيد للكرامة اإلنسانية التي وهبها هللا لإلنسانية. "فال تخانوا امانتكم وانتم تعلمون".. عبداللطيف حمزة القراري *
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المنهجية يتبع الكتاب منهجية ثابتة ومبسطة من أجل أن تكون صناعة الدستور وتطورها مسئولية الشعوب مباشرة. فأفراد المجتمع هم الفقهاء الحقيقيين في صياغة وتنفيذ دستورهم الدائم والكامل. ولكي ال يقعوا في شرك اآلخرين مما يدعون ألنفسهم احتكار هذه الصنعة والصباغة ،وتضليل الشعوب وخيانة الشرعية والضرر باألوطان. ويعتمد الكتاب منهجية تصنيف المكونات بما يعكس في ذهن المواطن حقيقة مؤسسات الدولة وأطرها القانونية المكملة للدستور. ورغم اننا نناقش الدساتير بشكل منفرد ،لمختلف الدول األوربية والعربية ،إال اننا نؤكد أنه إذا ما تم الوعي التام للشعوب العربية ،وقد نجحت احدها في صناعة دستور حقيقي حضاري إنساني وطني، فإن ذلك سوف يؤدي ببقية الشعوب العربية ان تنجح بالمثل في صناعة دستورا مماثال ،ويكون متكامال ،وشامال ،ألن أزمة الوعي و أزمة الوطنية و أزمة الحضارية و وازمة االنسانية هي أزمة شاملة ،تصيب الشعوب العربية معا ،إذا ما غضت الطرف عن كرمتها وتنازلت عن حريتها وسمحت بكل نقيصة في حقوقها الربانية العالنية والمادية ،وإذا ما اصابت فئة كبيرة بمثل هذا الوباء الشامل وهو سريع االنتشار بعيد المدى عميق األثر السلبي متجذر في الجهل والظلم والجبن والكذب ،تصبح حينئذ القلة الفاسدة تعرقل تحول الشعوب العربية ،وتحاصر نخبها الشريفة ،وتضر بأوطانها ،وتخون أمانتها ،وتمنع كل ما يقربها او يجمع عقليتها ،وتشجع فرقتها الدستورية وهي جزء من االمانة الدينية واالخالقية للشعوب الواحدة ،وتعبث بمقدراتها ،وتبعثر افكارها ،وتلعب بمصير أوطانها. إال اننا بهذه الفكرة نأمل من القادة الشرفاء ان يضعوا مشروع دستور اتحاد الدول العربية AUS نصب أعينهم ،وان يجمعوا له من يقدر على إنجازه بكل امانة ومصداقية وحضارية وعالمية وإنسانية. فهذه امانة االجيال في أعناقكم ،فإن كل امة سوف تحاسب تلك التي قبلها فيما أضرت بها. *
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وهو أسلوب منهجي مبسط وموضوعي بحيث يشمل العديد من المسائل الحيوية التي ترسم جميع مكونات الدولة والمجتمع ،ومن أجل أن يكون هذا العمل في متناول جميع األفراد وبمختلف الشرائح ومستويات تطورهم الفكري ،وهو طرح مبدئي فيضفون ما يتفقوا عليه أو ينقصون ما يرونه غير مالئم ،وهكذا تنبعث التفاعلية الشعبية وتتجسد اإلرادة الشعبية التي تصنع الشرعية و تصنع دساتير تنظيم حياتها ،فتكون ذات طابع مقدس ،ال تتغير أو تعديل جزئية من إال بإرادة جماعية وآللية مشروعة ،وهكذا تعتبر الدساتير الحقيقة هي التي نابعة من صميم صنع الشعوب ،ومن خاللها تحيي الشعوب روح المشاركة الفاعلة وينموا الشعور الواسع بواجب المسئولية. فالدستور والعقيدة هما تؤمان لهما كافة الخصائص العضوية ،يخرجا روحيا من رحم واحد ،ولكن لكل منهما دوره المستقل ،وال يصح أن يتقاتال ويدعي اختالفهما الجوهري. وسوف تظهر هذه الحقيقة واضحة من خالل تفسير مكونات وعناصر صناعة الدستور. كما سوف نبين عالقة الدستور باإليديولوجية ،واألثر السيئ والسلبي لإليديولوجيات على الدستور، وخاصة أن اإليديولوجيات هي سلعة مستورة للشعوب العربية ،ويحاول قلة من الناس توطين إنتاجها ،وفرضها على الشعوب العربية بالقوة والقمع ،عكس طبيعتهم وخالف إرادتهم الروحية. * ويمكن وصف الدستور بأنه مرآة عصرية تعكس نتيجة تجارب الشعوب التاريخية وتظهر مدى مسئوليتهم الوطنية ومستوى وعيهم السياسي ،فبقدر المسئولية الوطنية ومستوى الوعي السياسي العام يتحدد للشعوب حقيقة مصيرها في عالم تحكمه صراعات المصالح ومقتضيات الحضارات. فمقتضيات صنع الحضارات هي ،أوال الصحوة الوطنية ،ثانيا اليقظة الفكرية ،ثالثا النهضة المادية واإلنتاجية ،رابعا التفاعلية الفكرية والمادية بما يعكس مستوى حضاري معين ،وهذا ال يتأتى بدون دستور ترسمه الشعوب لشكل حياتها الفكرية والمادية للتفاعل وتتعايش بشرعية حقيقية وصورة تامة، حيث يتحدد من خالل الدستور شكل حياتها العامة المستقر واألمن والذي يكفل كافة الحريات والحقوق والواجبات العامة ،بمقتضيات الحضارة وحسب مقتضيات العقيدة كما أسلفنا ،و بذلك تصون الشعوب حاضرها ،وتضمن لألجيال مستقبلها ،ويكون الدستور أسمى إنجاز و اجب إنساني و وطني وحضاري يتوارثه األحفاد من األجداد لصنع األمجاد ..وهكذا يفتخر األحفاد بعقول وتضحيات األجداد ..وهكذا تصنع الشعوب كرامتها ..وهكذا يقدر األشراف قيمة النضال الوطني والعمل الفكري والمادي الحضاري. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فعندما تعجز الشعوب عن صنع دستورها الكامل وتحميه عبر األجيال ،تصبح بمثل هذا العجز غير جديرة بالحياة ،ويطوقها طوفان االستعمار و تيارات خارجية وعواصف عدة ال قبل لعقولهم السطحية بعمق التحديات المحيطة. *
وبحسب الواقع العالمي والمتباين بحكم المصالح المتعددة أصبحت اإلنسانية رهينة لمثل هذه المقتضيات الحضارية والصراعات الدولية ،ولذلك يحاول الكتاب أن يناقش العديد من التساؤالت المطروحة والملحة والمؤثرة بشكل كبير على كفاءة صنعة الدستور من الناحية النظرية والتطبيقية، ويحاول حل اإلشكاالت الناجمة عن مثل هذه التساؤالت وكثير من االختالفات والتدخالت الخارجية، فمثال ،يصف بدقة ماهية الديمقراطية المعاصرة ،وما يجب أن تكون عليه ،وما عالقتها بالدستور، وما عالقة كل ذلك بالعملية الحزبية واالنتخابية ،وما عالقة اإلسالم بمثل هذه المسائل السياسية ،وما أثر اإليديولوجيات وما هي حقيقتها ،وكيف يمكننا أن نخرج من األزمة العربية الشاملة إلي حياة طبيعية عربية إسالمية متكاملة. وإن لم نوفق في ذلك ،فنكون قد أثرنا أن هذه المسائل واجبة البحث الفكري والمادي ،والعلمي والعملي المستمر. * ولذلك وبشكل أصيل يت بع الكتاب تقسيم الدستور والعمليات الحزبية واالنتخابية إلي مكونات وعناصر ،يقوم عليها نظام الدولة وأسلوب الحكم والممارسة الحزبية واآللية االنتخابية ،وبما يحقق الديمقراطية الصحيحة وبمقتضى الشرعية الشعبية والعقيدة اإلسالمية .وبما يمكن الشعوب عامة من المشاركة الفاعلة عبر تحديد عناصر لهذه المكونات ،حيث لكل مكون عناصره الحيوية وهي من صلب مهام إرادة الشعوب ومن صميم اختصاصاهم ،وبكلمات أخرى ،فإن واجب األفراد وضع مضمون متوافق لهذه العناصر ،ويجب أن تصاغ عبر آللية شرعية بأمانة ودقة ،فتجسد للوطن وللتاريخ ولألمم إرادة الشعوب في صنع حضارته والتغلب على الصراعات التي تهدد مصيرهم. والديمقراطية هي صناعة سياسية ال تختلف عن غيرها من الصناعات ،بل هي روح كافة الصناعات األخرى ،والمعرفة الديمقراطية هي مسئولية الشعب بكامله ،فهي تحتاج إلي اإلحاطة بمفاهيم ومسئوليات دقيقة وعديدة ،ومعرفة كيفية استخدام األدوات الالزمة وتحديد المتطلبات العامة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
والخاصة ،ومن أجل أن تنجح في تحقيق مخرجات محددة تغطي حاجات الناس اليومية وتضمن حياتهم بسالم وأمان وتساعدهم في تحقيق رسالتهم في الحياة. كما يشير الكتاب إلي المعايير العالمية واألعراف والتقاليد الناجحة في هذا الصدد من أجل أن ترتقي الممارسات والمفاهيم إلي المستويات المطلوبة. ومثل هذه المعايير التي يناقشها الكتاب توفر أدوات تحليلية تخدم مسألة تقييم مختلف الدساتير أو إجراء عمليات المقارنة الدراسية وتدعم عمليات التقويم الضرورية وكيفية اتخاذ ما يلزم لصنع التعديالت والتطويرات الواجبة ،وبما يمنع االنحراف عن الشرعية أو االبتعاد عن الصواب عبر طرح ثالثة أبعاد يعرضها الكتاب ضمن مناقشة المعادلة الشرعية في صنع الدستور والديمقراطية. فالدستور هو وأجب فكري يقتضيه العقل السليم ،وهو إنجاز حضاري يحدد أسس ومعالم شرعية التنظيم الرسمي والتعايش العام ،فهو العمود الفقري لكيان الدولة ،وعليه تقف كافة القوانين والممارسة والسلطات ،فالدستور هو كلمة الشعوب وهو من يقول كيف يجب أن يحكم الناس ، ويقول كيف تدار وتتبادل مصالحهم ،ويقول كيف تتحقق سعادتهم وأمنهم وسلمهم ،ويقول من يحكم و متى وكيف يعزل ويبعد من ال يصلح إلدارة مصالح الناس بعدالة وحق ونزاهة واستقامة وجدارة علمية وعملية مهنية. وبذلك يرسم الكتاب عالقة السيادة بالسياسة ،وعالقة إرادة الشعوب بالسلطات ،وهذه العالقة كفيلة أن تعرف الشعوب بقيمتها وبدورها وبمعنى دولة القانون. * صناعة الدستور الشامل الكامل هو بمثابة صنع الحياة .وهو أمانة كبرى في اعناق الشعوب قبل ان يكون في اعناق قادتها. ويعد إنجاز الدستور القطري واالقليمي والقومي الشامل مشروع حضاري تفتخر الشعوب به في الساحة الدولية ،ويصون ذلك سيادتها ويحميها من األطماع المبررة حال غياب مثل هذه اإلنجاز ومثل هذه الشرعية القومية. حيث يعكس غياب إنجاز الدستور الوطني واإلنساني والممارسة الشرعية في أسلوب الحكم مدى ضعف الشعوب وتخلفهم الزمني ،ويجلب عليها ذلك الضعف االستعمار المباشر وغير المباشر بسبل عدة وأشكال شتى ،فال تحمي الشعوب نفسها من بعضها إال بوعي سياسي حقيقي ومسئولية تاريخية وقيادية إنسانية و روح وطنية عارمة ومصداقية وطنية وقيادية مخلصة لعقيدتها ومصلحة الناس منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
والمشاركة العامة بفعالية لتقييم وتقويم كل ذلك عبر فترات انتخابية محددة و وفق أسس دستورية وعبر عملية حزبية تعددية ذات كفاءة في ذلك. ويربط الكتاب مناقشة مسألة الديمقراطية والدستور والعملية الحزبية واالنتخابية والعقيدة الدينية اإلسالمية بموضوعية وتكاملية بما يخدم الدول العربية بشكل عام ،وبشكل خاص الدولة الليبية المقدمة اآلن على إعداد دستورها الديمقراطي الكامل. ولقد أتبع الكتاب منهجية واحدة في تفسير ومقارنة كل الدساتير العالمية على أساس تقسمها إلي مكونات وكل مكون دستوري يشمل على مجموعة من العناصر وهي التي تصاغ في نصوص دستورية وحسب المعادلة المحددة بهذا الكتاب. كما ينتهي الكتاب بعدة استنتاجات من أهمها عالقة المجتمع بالسلطة والمقارنة بين الدستور واإليديولوجية المطلقة التي ترفض العقيدة ويناقش كل األبعاد والعالقات العضوية السياسية في هذا الشأن. كما يستعرض مشروع إتحاد الدول العربية الذي كان في األساس مطلب دستوري لتوحيد ثقافي واقتصادي وسياسي مصيري لألمة العربية و واجبها وأمانتها العادلة والعلمية نحو عقيدتها. * وقسم الكتاب إلي سبعة أبحاث عامة ،على النحو التالي: المبحث ،0المدخل العام ،ويحتوي على ثالثة مطالب ،حيث المطلب األول ويناقش النواحي المؤثرة في فهم ونجاح إعداد الدستور ،والمفهوم الشامل والدقيق للعملية الديمقراطية ،ويصف الدستور الكامل وأبعاد نظرية وتطبيقية متعددة .والمطلب الثاني يناقش األسس الحزبية وعالقة األحزاب بالنظم السياسية وعالقة األحزاب بالمرشحين ،وبشكل عام يستعرض الخارطة العربية للعملية الحزبية والتحديات .والمطلب الثالث يناقش الحاجة لتنمية الوعي العام السياسي ،وطبيعة العملية االنتخابية، والحاجة لقانون االنتخابات ،واالنتخابات والتكنولوجيا ،والعملية االنتخابية وكيفية اكتساب الشرعية. المبحث ،2الفلسفة العملية في صناعة الدساتير ،ويعرض المعادلة الشرعية من أجل إعداد دستوري كامل الشرعية الشعبية ودقة التوظيف السياسي والصياغة القانونية األمينة ،كما يستعرض رؤية علمية بشأن التقاليد القانونية العالمية وكيفية االستفادة منها في ربط العالقة العلمية والعملية بين الدستور والعقيدة اإلسالمية ،يناقش بعض الدساتير العالمية وتشمل الدستور الفرنسي0591 واألمريكي 0181واأللماني 0551والدستور الليبي ،0590من أجل إبراز فكرة تقسيم الدساتير إلي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مكونات وعناصر وأن وراء كل دستور أبعاد سياسية يلزم حصرها وإدراكها جيدا من قبل الشعب ومعدي الدساتير من أجل صناعة دستور ينضوي على الوطن والتاريخ والروح العربية. المبحث :3أركان وعناصر صناعة الدستور ،وينقسم إلي ركنين. الركن األول ويتضمن خمسة مكونات ،وهي :مكون نظام الدولة ويتبعه عنصرين ،وهي مستلزمات ترسيخ "السيادة" والمسائل المرتبطة بكمالها كتحديد االستقالل والحدود الجغرافية والعلم والنشيد واللغة والعقيدة الدينية لتتراكم قيمتها التاريخية والسياسية عبر األجيال ، ،وعنصر "التنظيم السياسي" ،وهو يعكس روح وفعالية أسلوب الحكم وطبيعة مؤسسات البالد ومستقبلها .ومكون النظام االجتماعي ويناقش بعض مبادئه وتشمل التأمين االجتماعي والصحي ،حق تكافؤ الفرص ،مقومات األسرة ،حق األمومة والطفولة ،وأجب األخالق واآلداب العامة ،واجب العمل ،واجب التعليم ،الوفاء للنضال الوطني .مكون النظام االقتصادي ،ويناقش بعض العناصر األساسية وتشمل الملكية الخاصة والعامة ضوابطهما ،شرعية السياسات والبرامج الحكومية ،حرية النشاط السياسي ،شرعية النظام الضريبي ،وأجب االدخار ،ومناقشة مسألة التأميم من البعد الدستوري .مكون الحريات والحقوق والواجبات العامة ،وهو من المكون الروحي الذي يرتكز عليه مصداقية االلتزام السياسي عند التنفيذ وهو ما يصنع تمسك الشعب بدستورهم عن طريق تسليط الضوء السياسي على كل ناحية من أجل تفعيل بناء الوعي العام الالزم ،ويشمل مناقشة واجب المساواة في الحقوق والواجبات العامة ،تحريم وتجريم كل أشكال التعذيب الجسدي والمعنوي ،تفسير الحريات الشخصية والسياسية ،تحديد حرية التنقل واإلقامة ،تفسير حرمة المواطنة ،شرح حق لهجرة وضوابطها ،الجنسية وضوابطها ،ترسيخ حرمة النفس ،ترسيخ حرية الشعائر الدينية ،تفعيل حرية الرأي العام ،تحديد حرية الصحافة ،ترسيخ حق التجمع وضوابطه كما يستعرض أسس المجتمع المدني باعتباره جوهر تأسيس الدولة المدنية وفعاليتها .مكون سيادة القانون ،وهناك العديد من األسس المطلوب تحديدها دستوريا بدقة من أجل صنع "دولة-القانون" ولذلك يناقش هذا المكون كثير من األبعاد التي ينبغي أن توضع بالدستور بشكل محكم وصريح و واضح من أجل بناء دولة الدستور والتي تسودها القوانين بشكل صحيح ودائم، ولذلك يناقش هذا المكون عدة عناصره منها ،عالقة أمانة السيادة بالدستور ،عالقة إرادة الشعب بالسلطات ،مسألة العدالة ،مسألة الكرامة اإلنسانية ،حق التقاضي ،استقاللية القضاء ،مسألة الوطنية ،مسألة السلم االجتماعي ،المساواة القانونية ،قرار السلم والحرب ،شرعية إنشاء القوات المسلحة وتشكيالتها وبرامجها وموازناتها ،المحكمة الدستورية ،أمانة الشعب في حماية الدستور. الركن الثاني من الدستور ،والمختص بتوضيح جميع نواحي ضبط أسلوب الحكم ،وهو يتشكل من عشرة مكونات ويتبع كل منها عناصر أساسية من أجل أن تتفاعل هذه المكونات الدستورية العشرة بدقة وفعالية وتحقق الركن األول من الدستور بجدارة ،حيث: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مكون رئاسة الدولة ،ويشمل شروط وضوابط الترشح لرئاسة الدولة ،اختصاصات ومسئوليات رئيس الدولة ،اللجنة العليا والمركزية لالنتخابات ،ضوابط دستورية متعارف عليها للحد من خطورة قانون الطوارئ عند اللجوء إليه ،مناقشة مسألة التعديل في الدستور الدائم والضوابط الالزمة .و يتم التفسير السياسي شرح أسباب وضع هذه العناصر األربع في مستوى مكون رئاسة الدولة وبحيث ال تكون هناك ثغرات مستقبلية. مكون السلطة التشريعية ،ويشمل عناصر تشكيل البرلمانات واالشتراطات ،االختصاصات ،تحديد المهام واالختصاصات والعالقة بدقة بكل مكونات الدستور. مكون السلطة التنفيذية ،ويشمل عناصر تشكيل الحكومة واالشتراطات الالزمة ،تحديد اختصاصات الحكومة ،تحديد المسئولية الجماعية للحكومات وشرح أثرها الوطني والديمقراطي ،تحديد التقسيم اإلداري للبالد واالختصاصات المحلية ،المجالس والهيئات العليا المتخصصة العامة والخاصة وأهمية ذلك التوسعية والكفاءة في شتى المجاالت. مكون السلطة القضائية ،ويشمل عناصر تحديد االستقاللية في نظام الدولة ،تحديد الجهاز الرئاسي وأسس تشكليه ودرجات المحاكم وأنواعها .وهنا نناقش ما تذهب إليه بعض الدساتير في تبني "المجلس األعلى للقضاء". مكون السلطة الدستورية ،ويشمل اختصاصات المحكمة الدستورية ،حيث تذهب بعض الدساتير في جعل هذا المكون مستقل من أجل دقة الدور والتصاقه بالسياسات والقوانين والقرارات الصادرة بدقة من أجل حماية الحياة الدستورية ،وقد أخذ الدستور الفرنسي باستقاللية هذا المكون من أجل تفصيله دستوريا بشكل دقيق وتأكيد الناحية العملية والسياسية الالزمة. مكون النائب العام ،نناقش في هذا الفصل لماذا تذهب بعض الدساتير في جعل النائب العام مكون دستوري مستقل ،ونناقش عالقتها بأسس األمن العام الثالثة وهي النيابة العامة ،والشرطة ،والقضاء. مكون الجيش والقوات المسلحة واألمن القومي ،ونناقش أهمية تحديد الدستور للتبعية الشرعية لهذه القوة ،وشرعية آللية اتخاذ القرارات ،وشرعية قيادتها العليا ،ومسألة موازنتها وإنشاء مؤسساتها وتشكيالتها ،ومسألة عقيدة العمل بهذه المؤسسات ،ومسألة تحديد أسس القانون العسكري ،ومسألة لمجلس القومي ودورها وتبعيته .فغالبا ما تغفل الدساتير هذا المكون ،وتكتفي بذكر أن رئيس الدولة هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة ،وتحدد قرار السلم والحرب من اختصاص رئيس الدولة ويصدر بموافقة السلطة التشريعية ،وسوف نناقش هذه األمور بدقة بما يخدم الحالة العربية ،وفي ظل منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الروح اإلسالمية وأمل األجيال العربية في اتحاد عربي يحقق بهم السيادة التامة والعيش الكريم والحياة السليمة. مكون الشرطة ،يحدد هذا المكون تحديد مدنية جهاز الشرطة ،وتناقش مسألة رسالة هذا الجهاز، واختصاصاته .ويحدد مكون مستقل من أجل أن يعكس أهميته في خدمة الشعب وباعتباره جزء من الشعب وحاجة السلطة القضاء وأمن المجتمع .وباعتبار أن إصابة هذا الجهاز بأي ضعف أو انحراف في رسالته وعقيدته وطبيعته يعطي مؤشر في مدى عمق انزالق الدولة في الفساد واالستبداد .ولذلك تأخذ بعض الدساتير في جعله مكون مستقل ومحدد عناصره الالزمة بدقة لقدسية دوره .وليكون واضح أنه مستقل عن بقية المكونات فهو لجهاز لحماية المجتمع وخدمي لبقية السلطات. مكون مجلس الشورى ،ونناقش في هذا المكون طبيعة واشتراطات تشكيل هذا المجلس واختصاصاته ،وهو مكون في غاية الدقة السياسية ،وقد استخدمته الدساتير في ترسيخ العالقة بين الدولة وعقيدتها السياسية ،ويطلق عليه المجلس االقتصادي االستشاري كما هو الحال في الدستور الفرنسي ،أو مجلس الشورى االشتراكي كما هو الحال في الدستور المصري ،0590إال أننا سوف نناقش عالقة الدين بالدولة والسياسة ،وكيفية جعل هذا الكون يحقق هذه العالقة الدينية الملزمة على المسلمين. مكون الصحافة ،ويشمل هذا المكون مناقشة عناصر تحقيق سلطة الصحافة ،وخاصة رسالتها واستقالليتها حسب األعراف الدستورية الشرعية. المبحث ،8مفاهيم ومكونات العملية الحزبية ،ويناقش دور األحزاب في فعالية صنع وتنفيذ السياسات العامة ،عالقة األحزاب بالعقيدة السائدة ،مرتكزات تأسيس األحزاب السياسية ،كما يحاول إيجاد بعض الدروس العملية المفيدة من التجربة الحزبية واأللمانية والنمساوية ،كما يناقش مكونات وعناصر قانون األحزاب السياسية ،وهي تشمل المكون اإلداري الذي يحدد كافة أسس تنظيم األحزاب ورسالتها وشرعية قيادتها والحق البرلماني والشعب والحكومة في االعتراض قبل أن يصرح للحزب أن يكون عضوا فاعل ،ويحدد رسالته ،من أجل أن تكون األحزاب تعمل في خطوط متوازية ومتنافسة وليست متقاطعة أو متصادمة تجهض لحياة السياسية الطبيعية .وهناك المكون السياسي ،ويناقض بعض الحقوق األساسية ،ومنها حق تكوين األحزاب السياسية ،حق االنتماء مكفول للجميع ،حق قيادات األحزاب في االنتخابات الرئاسية والبرلمانية ،الضمانات الدستورية، ومسألة وتبعته التشريعية وليس الحكومية .كما أن هناك مكون الضوابط المنهجية والسلوكية ،وهو يحدد العقوبات القانونية ضمن قانون األحزاب ذاته ،فال يجوز أن تكون هناك قوانين أخرى لها عالقة بهذه المؤسسات المدنية والتطوعية ،فهناك مثال ،عقوبة مزالة النشاط الحزبي بدون ترخيص ،عقوبة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
تحول الحزب إلي الطابع العسكري ،وعقوبة االنضمام إلي أحزاب غير مشروعة .وينبغي أن يكون الدستور وقانون األحزاب دقيق بحيث تجد األحزاب كامل حقوقها السياسية وضماناتها وال تنحرف عن ورها ورسالتها وهذا المكون يسهم في فهم وتطوير هذه الناحية الحيوية. المبحث ،9مفاهيم ومكونات العملية االنتخابية ،ويتم مناقشة عدة مطالب /منها العالقة الطبيعة بين االنتخابات والحاجة اإلنسانية وكيفية تطوريها وحمايتها من الفساد ،عرض المعاهدات الدولية ومبادئها العامة لتي تشكل اإلطار القانوني والمرجعية الشرعية في صنع قوانين االنتخابات وهي تشمل مبدأ حرية اختيار النظام االنتخابي ،مبدأ سيادة قان االنتخابات ،مبدأ حقوق الناخبين والضمانات ،مبدأ حقوق المرشحين والضمانات ،مبدأ ضمان الحق العام في عملية االقتراع بنجاح وسالمة ،ومناقشة األدوات القانونية التي تحتاجها صناعة العملية االنتخابية ،وتشمل الدستور المعاهدات الدولية ،النظام اإلداري بالبالد ،السوابق القضائية ،ومدونة السلوك .كما ،و يناقش هذا المبحث مكونات وعناصر قانون االنتخابات ،ويتضمن مكون اللجنة العليا والمركزية لالنتخابات فيناقش مسألة تحقيق االستقاللية حسب ما األعراف الدستورية وما يتطلبه العمل السياسي الرشيد، اختصاصات وصالحيات اللجنة وعالقة ذلك بالدستور .مكون الناخبين ويتضمن مناقشة سجل الناخبين ،وبطاقة الناخب ،وشروط الناخبين ،والضوابط القانونية الالزمة .ومكون المرشحين ويتضمن طلب الترشح ،قائمة الترشح ،حق االعتراض ،شروط الترشح لرئاسة الدولة ،وشروط تقدم األحزاب السياسية للترشح في االنتخابات العامة .مكون عملية االقتراع ويتضمن مناقشة أقسام العملية االنتخابية ،اللجان الفرعية ،الدائر االنتخابية ،المواعيد ،طريقة الفرز واإلعالن عن النتائج. مكون الضوابط القانونية السلوكية ،ويتضمن عقوبة التخلف عن أداء الواجب االنتخابي الوطني، عقوبة استخدام القوة أو التهديد وإفساد االنتخابات حسب األحوال ،عقوبة المخالفات المالية. المبحث ،6االستنتاج العام ،يتخلص الكتاب في نهايته جملة من االستنتاجات السياسية الهامة على الصعيد الشعبي ،وهي عالقة الفكر اإلسالمي ودوره في تنمية الديمقراطية المعاصرة على نحو مشروع ،يستعرض نظرية توازن السلطة والمجتمع ،عبر مخطط منطقي ،من أجل تعرف الشعب على مخاطر اإليديولوجية وأهمية الدستور في تخليص الشعوب من مساوي اإليديولوجيات وكيف تقودهم الستبداد والفساد. المبحث ، 9وفيه نناقش مسألة الدستور والبيعة واالنتخابات من منظور إسالمي ،لكي نعزز ان هذه المسألة ال تخالف وال خالف ينبغي ان يكون حولها ،فالحكمة هي مبتغى القادة العظماء ،وغيابها عن الشعوب هي طامة كبيرة ،ولعلنا بمثل هذا التحليل الموجز والمتواضع نكون قد أثرنا ما ينبغي ان يبحث فيه بمسئولية حقيقية ،وما ينبغي ان يتحدث عنه الخواص والعموم ،وان نكون قد ساهمنا في منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ايقاظ سبيل الحكمة في أذهان الناس كافة ،فالحياة هي سفينة مشتركة يركبها الجميع ،والبد من صيغة تفاهم للسير بها نحو االمان والعمران. وفي الختام يتعرض الكتاب االستنتاجات ،منها "مشروع اتحاد الدول العربية" باعتباره مشروع دستوري يصون التكاملية السيادية والسياسية واالقتصادية والثقافية للشعوب العربية التي مهددة في مصيرها.
حيث ان الشعوب العربية لن تتحرر حتى تتوحد ،ولن تتوحد حتى تصنع دستورها بوعي وإرادة حرة ،و يوم تستطيع ان تصنع دستورها الشامل الموحد ،تكون قد عادت اوضاعها سليمة غير منقلبة وقد استقام فكرها ،واشتدت عروة مفاهيمها ،ونضجت عامتها من الناس ،واصبحت الشعوب وقادتها اكثر امانة ومصداقية وإنسانية وحضارية وعالمية. والكتاب في مجمله منهجية سياسية من أجل التوعية الشعبية وبما يخدم التوظيف تفعيل إرادة الشعب وإبراز معالم التوظيف السياسي التي تخدم عمليات الصياغة القانونية. وال يعد الكتاب بأي حال أنه يشكل صياغة قانونية محددة ،بل يناقش الديمقراطية والدستور والعملية الحزبية والعملية االنتخابية على أنها تنطوي على كثير م الجدليات التي دائما في حاجة للوعي الشعبي الفعال ،والمصداقية السياسية ،والمسئولية اإلنسانية واألمانة الوطنية و اإلخالص في العقيدة. فهو خطوة في مشوار التحرر السياسي وكرامة و وعي وفعالية الشعوب والنفوذ العربي العالمي. * وال نخفي بأن مثل هذه مساهمة في مثل هذا األفق الذي يتسع بقدر أفكار الناس جميعا وبما يكفل الحقوق والحريات والواجبات وبما يحقق أمن الشعوب وسالمتها ونمائها وتطورها البد وأن تكون متواضعة للغاية ،والبد أن يكون كل مشارك فيها ،حيث المجهود األكبر والمسئولية األعظم تقع على مجموع أفراد المجتمع بالمشاركة الفاعلة واالهتمام الوطني والنقد البناء من أجل التطور اإلنساني والتغيير العام اإليجابي وبما تفرض الشعوب من خالله خروجها من دائرتي الجهل والظلم وهما أقصى عقدتين إذا ربطت حول نواصي األمور جعلت الشعب الواحد هزيل في خارجه وفي داخله يصنع شتى صنوف الخزي والمهانة والضعف والمعاناة .ويبدوا كل ذلك جليا يوم تجد الشعوب نفسها بدون فكر موحد ومستقل وإرادة حرة عارمة متماسكة لصنع دستور حياتها بوعيها الحقيقي في دولة محدد نظامها بكفاءة وأسلوب حكمها الشرعي. المؤلفـــــــــــــــــــــ
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
د .عبد اللطيف حمزة القراري. رئيس الجمعية الدولية للتنمية واألعمال اإلنسانية. بنغازي 22أغسطس 2102
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبحث 0
املدخل العام يشكل هذا المبحث مدخل عام لفهم حقيقة وأبعاد الدستور والعملية الحزبية واالنتخابية ويصف العالقة العضوية بينهم. فيناقش المفاهيم األساسية الالزمة على المستوى الشعبي ومن أجل تحريك الرأي العام المسئول في المشاركة الواسعة ويحفزها بشكل دائم وفاعل لتحقيق األمانة التاريخية والمسئولية الوطنية المنيطة بالمجتمع. كما يرسخ منهجية البحث عبر استخدام المكونات األساسية والعناصر الجوهرية كأداة في التفسير السياسي والعملي. و يناقش مجموعة من المطالب االساسية. وال يغيب عن ذهننا نحن بصدد إيجاد المعايير الدولية التي تساعد الشعوب العربية في صناعة أقوى الدول وأسلمها شرعية ،وهذا هدف ديناميكي يشترك فيها القاري والكاتب من أجل وضع المعيار التوافقي والمتغير بحكم التطورات والمعطيات الزمنية والمكانية.
مطلب :1املفهوم العام للدستور والدميقراطية النواحي المؤثرة في فهم ونجاح الدستور عندما نتحدث عن الدستور فإننا نمس عقيدة سياسية تختص بالشئون الدنيوية وعقيدة دينية تختص بالمصير وطبيعة الحياة بمجملها ،ونناقش حاجات أساسية وهموم يومية ومخاوف شعب بكامله ومصير أمة حاضنة قلقة بشأن كل يعيق حركتها وينغص فعاليتها ويقلص كفاءتها. وبذلك ال يمكن بحال أن نعد أن الدستور هو ورقة تكتب بأي شكل ممكن ،أو عقد وميثاق يبرم بأي صيغة معروفة لدي بعض الناس ،أو هبة من الحكام للشعوب أو صياغة قانونية تسعى لجنة الصياغة القانونية في حبكها من أجل ال حيلة من تفادي قبولها الشعبي عبر استفتاء عام. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالدستور أكبر من كل تحايل فهو مشروع حكم شرعي وشعب حضاري وتنمية مستمرة للقوة والثروات الوطنية. و هو صمام لحماية سيادة الدول من أي خيانة سياسية ممكنة أو أي تدخالت خارجية سلبية تنهك مسيرة الشعب وعالقته بأمته واألصل في رسالته. كما أنه نتاج تاريخي يعكس مدى استفادة الشعوب من تجربتها السياسة القاسية ويحدد مسببات الخلل والقصور والضعف ويحميها من العودة لتكرار ما سبق. وهذه أول مهمة على الشعوب وكل من يتصدى إلعداد وتعديالت الدستور أن تتشكل لديهم الذهنية كمرآة صافية يظهر فيها كامل التجربة السياسية السابقة وتبرز من خاللها جميع معطيات البيئة المحيطة فتتحدد التفاصيل الالزمة بدقة من أجل تحديد روح الدستور الذي تبعث فيه الحياة عبر األجيال ..وهذا وأجب قبل أي عملية مشاركة أو استفتاء ،فما أسهل على المرء من خيانة األمانة من شيء وما أصعب عليه من شيء مثل الندامة يوم ضياعها ويوم ال يجد من مغيث غير من أودعه تلك األمانة. فحياة المرء وحياة غيره من الناس وحيوية الكون بجملها أمانة والدستور هو ميثاق يحدد كيف نحمي هذه األمانة وكيف نسخرها لمصلحة الجميع بعدالة وعلم ورقي خلقي. وبذلك نذكر في الفصول الالحقة أهمية "مقدمة الدستور" وهي عنصر تتشكل من خالله هذه الروح التاريخية. فال ننسى نضال األجداد وتضحيات األحفاد وبطوالت الشباب ودور األمهات ومشاركة الفتيات وكل ما كان سببا في نتاج الدستور الكامل والشعور بقيمته وحبهم للحياة الكريمة. كما ال ننسى نحن العرب بفضل اإلسالم هم مصدر الدساتير الحديثة وقد تعلمها الغرب من خاللهم بعد دحر هذه األمة بهمجية ،وفتتوا كل دولهم وطموحاتهم األولية ويحاولوا أن يقتلعوا الوطنية واألمانة الدينية من جذورها ،وقد درسوا ما وجدوا في حضارة اإلسالم بتعمق وتحليل بعث فيهم نجاحهم الدنيوي بشكل واسع ،وقد أخذ ذلك منهم ما يزيد عن أربعة قرون ،حيث كان فيها ال كتب إال علوم العرب والمسلمين في الطب والدواء والفلك والبحار والسياسة والمجتمع واالقتصاد والثقافة، وبلورها لصالحهم وليكونوا هم أصل الحضارة ويكون العرب قوم تبع ،وجعلهم ال حال جيد لهم في اإلمكان والوجود أبدا ،وال تصبح قدرة عندهم في مجرد تنظيم حياتهم بشكها المشروع التام قدر ما أمكن ..وبات العرب في الزمن الحاضر وكأن حياتهم اختصرت من العدم للعدم بدون شي يذكر. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وثاني مهمة أن يتعلمها العرب عند صنع دستورهم ذكر هم األصل ،وكل ما يلزم لصناعته وحماية هو لديهم واضح وال حاجة الستيراد المضنون كله وكأننا نريد مجرد "االستهالك السياسي" ،فهذا ال يجوز في صنع الدساتير والحياة ،ولكن تجب الدراسة والتحليل العميق وأخذ كل ما يلزم وبلورته إلعادة صنعه بما يكون أفضل وأصلح وبمثل هذه الصحوة تبدى أول خطوة في مسيرة الحضارة والحياة الكريمة. وبهذا نكون قد علمنا بأن الدستور ليس علم جامد بل هو شأن دنيوي متطور بفعالية وعي الناس وفكرهم اإلنساني وتفاعله الحضاري والديني. وسوف نتناول بالتفصيل ما يؤيد ذلك من خالل مناقشة مقومات وعناصر الدستور باعتباره اإلطار العام اإلطار واألساس في بناء مؤسسات الدولة ومصدر شرعية كل القوانين والسياسات العامة، ونتناول مقومات وعناصر األحزاب السياسية وهي محرك يدفع في اتجاه إنتاج السياسات العامة الناجحة ،وأيضا مقومات وعناصر االنتخابات وهي الترس الشرعي الذي يتم تبادل السلطات من خالله حسب مواعيد دقيقة وشروط صحيحة وآلية محكمة من أجل نقل الدولة بكاملها من وضع إلي وضع أفضل منه .وبهذا تدور عجلة التقدم التي يديرها بقوة واسعة الدستور الدائم. خالله المقيدة بمواعيد وآلية دقيقة وحساسة تاريخيا و وطنيا وإنسانيا. ويمثل هذا الطرح المنهجي المدخل الواسع واألمن لبناء منظومة القيم السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية المتكاملة والالزمة لصعود األمم. ويبعث الكتاب بالروح األخالقية في جسد المعرفة المادية لبناء الدول من أجل أن تتشكل قوة تفاعلية شعبية شرعية تساعد الناس في كسب سعادتهم وكرامتهم ،وصيانة حرياتهم وحماية حقوقهم ،وفعالية أداء واجباتهم ،ومصداقية نيل حقوقهم. فمن خصائص الديمقراطية هو التفاعل الفكري الحر ،مما يؤدي إلي نموه الواسع ويعمقه ،وهذا النمو الفكري هو أساس النهضة ،ولكن قد تخطيء الشعوب ،ويتحول هذا التفاعل إلي صراع فكري، وصعوبة التوافق المتعمد ،ويشل إدارة الدولة ويعيق مسألة صنع وتنفيذ سياساتها. والدستور هو كتاب تطبيق الديمقراطية أي كيفية تنظيم مؤسسات السلطات بشكل مشروع وإنتاج السياسات بشكل فعال ،ومثل هذه الفكرة البد أن تكون حاضرة في كل األذهان ،فليس الدستور مسألة مصالح محددة أو هوية مستهدفة أو صراع ثقافي ال طائل وطني أو إنساني حقيقي ورائه.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ونناقش كثير من المعاني التي تشكل مفاهيمها عالقة عضوية مع كافة عمليات إدارة شئون وأمور حياة الناس .فالغفلة عن مكونات الدستور والجهل بأسس الديمقراطية الشرعية ينبث الجهل بنظرية صنع الحياة ،وينشر زيف تطبيق الديمقراطية الحقيقية ،ويتجسد القصور الفادح في كيان إدارة كافة شئون الناس ،وبذلك تهان الشعوب بقدر جهلها وتتعس بقدر سوء دواخلها ،ويحط قدرها بقدر انحطاط خوارجها المادية واألخالقية. فالعالم والعلم في تفاعل روحي ومادي مستمر ودقيق للغاية ،ال تراه عيون العامة في حاضرهم ولكن عيون الحكماء مجهريه فتفحص مستقبل األمم ،فترى األخالق والقيم كالذرة جوهر كل حركة ولون وتطور وطاقة وحياة فاعلة ،وتراها روح كل صحوة وطنية ونهضة فكرية وعلوم مادية ،وبضعف القيم األخالقية والعلوم المادية في الشعوب يصبح سواد حجمها أكبر من نور روحها فتأكل األخضر واليابس في كل حضارة كأي كائن ال عقل وال عالقة له في صنع الحاضر. فالمعرفة الدستورية تؤسس للوعي الحقيقي وتنشر اإلدراك الوطني المطلوب وتجسد الوازع الديني المسئول .وبدون مثل هذه المعرفة تتدنى كافة مقومات وعناصر الحياة ذات القيمة النفسية ،وتسود أالمباالة في كل اتجاه وتغرس سلبيات الحياة العامة ،فتفشل في بناء دولتها وإنتاج سياساتها وكفاءة نتائجها ،فتفقد قيمتها في الحاضر ،ويلعنها التاريخ ،وتتبرأ منها رسالة الحياة ،وتخفق في كل شيء، فال تنعم بلذة الحياة وجود الطبيعة وال تتنفس نسائم الحرية وال تتذوق طعم الكرامة. فعندما تفقد الشعوب روح رسالتها في صنع الحياة تصبح غير جديرة بالنفوذ والخلود المنشود. وصناعة الدستور وآليات وأدوات السياسية الشرعية -أي آليات وأدوات ديمقراطية قانونية في بناء الدولة وممارسة السلطة والسيادة ،-هي كبرى الصناعات التاريخية واإلنسانية ،يسهم فيها الجميع في كل حاضر ،وتتوالى األجيال في حمايتها وتطويرها. فالدستور الصحيح والديمقراطية الشرعية هي الطريق السريع والواسع والراسخ ،تسير الشعوب عليه وتتسابق في حدوده بقدر طاقاتها وعلمها وقيمها من أجل صنع نهضتها ونمو عقلها وتنوع فكرها اإليجابي ورقي مادياتها الحضارية فتصنع الحضارة. ومثل هذا الكتاب مساهمة في خلق الصحوة الوطنية الالزمة لكل الشعوب ،لتستيقظ الناس عندما تكون في حالة سباتها العميق وركودها الطويل فتنهض لليقظة السياسية والعمل الوطني والسيادة اإلنسانية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالمعايير العالمية لصناعة الدولة الحديثة هي خالصة فكرية تتشارك الشعوب في إنتاجها ،ويحتاجها العالم عبر مختلف األزمنة ،من أجل أن يتوافق أداء الشعوب في أمكنه المتعددة ،وتتجانس تفاعالته وتتمر عالقاته .وهي مسئولية كل جيل في تدارسها وتطويرها وتبينها بمسئولية. فالقيم اإلنسانية مثل الكرامة والحرية والحقوق اإلنسانية هي واحدة ،ولذلك مهما تعددت ألوان صيغ الدساتير ،فهي كاإلنسان واحد في تكوينه العضوي ،ولكن أفكاره قد تصعد أو تنحط ،بحكم عوامل عديدة. وهكذا الدساتير في تركيبتها العضوية واحدة ،ولكن ألوانها متعددة. وسوف نستعرض في هذا الكتاب التركيبة العضوية ،وبلونه األبيض ،وبما يكمن الناس أن تزينه بذوقها ،وتجملها بطبعها ،وتفعله بعقلها ،وتصونه بنفسها. ويتناول هذا الكتاب عالقة الدستور بالقوانين المكملة ،باعتباره العمود الفقري لكيان الدولة ،وتمثل القوانين المكملة أطراف كيان الدولة وتصنع كل مؤسسات الدولة الدستورية الشرعية. ومن خالل تفسير هذه المقومات والعناصر نجلي كثير من المرتكزات ونصقل كثير من األهداف، من أجل أن تشكل الروح اإلنسانية العالقة العضوية األخالقية فتتوازن ممارسة السلطة وإرادة الشعب ،وتتوافق السياسة الشرعية مع السيادة الحقيقية ،وفي هذا الصدد نطرح في خاتمة الكتاب "نظرية توازن السلطة والمجتمع" ،فيتعرف المواطن على عالقة الدستور باإليديولوجية ،والحالة االستبدادية أو الديمقراطية ،بحيث تصنع تصور هام في ذهن المواطن وتلهمه بكيفية وأهمية تفاعله الفكري اإليجابي والمسئول ،ويشكل هذا التصور قاعدة كلية للفكر السياسي ،تفيد عموم الناس في كل زمان ومكان ،فيسقطها على واقعه ،ويعلم بالنتائج قبل حدوثها ،بدون الحاجة للغوص في أعماق نظريات السياسات واإليديولوجيات .وال تتطلب منه المشاركة السياسية الكثير من العناء ،وهو المنشغل بمتطلبات تفاصيل وتعقيدات عيشه اليومي ،فنود من خالل هذا التصور أن نجعل العلم بالدستور ميسر ومتعة ،تزيل كبد الحياة ،وتعاسة الظلم ،وتعيش الناس في تصالح وليس تصارع، ومن أجل التوافق وليس التصادم. فصناعة وصون الدستور هي مسئولية أصيلة للشعوب ،وهو روح سيادتها ،وال يجوز لها أن تتنازل على أي من مقوماته وعناصره لصنع فرد أو استبداد حاكم .فهو يحدد آليات وأدوات صنع كرامتها وحرياتها وحقوقها وتوافق وتوازن واجباتها .فالتنازل عليه للغير هو بمثابة التنازل عن األوطان واالنسالخ من األديان ،والعيش بدون قيم اإلنسان. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالدستور له ركنان أساسيان ،وقوانين مكملة محددة ،تتشارك العقول جميعها في صنعها ،وتقييمها، وتطويرها ،وحمايتها .وهذا الكتاب يسهم في تقديم معايير قياسية تدعم هذه المهمة التاريخية واإلنسانية. ويبين الكتاب أن صناعة الدستور هي صنعة وطنية خالصة لمصلحة المجتمع ومخلصة لمكارم األخالق. وإذا فقدت أو غفلت الشعوب دورها في صنع وصيانة وصون دستورها وحقيقة وأهمية وحساسية التعددية الحزبية وفعالية العملية االنتخابية أو البيعة ،تصبح بذلك فقدت جوهرة الحياة وضاعت سيادتها بيد الذين يسوقنها عبر كيانات غير شرعية كأي كائن ال عقل له وروح فيه. فالدستور واألحزاب واالنتخابات هي آليات وأدوات تشكلها الشعوب .وعدوها الوحيد هو االستبداد الذي وقوده األشرار في كل زمان ،فتصنع قوة-الخير الدستور ،وتعمل قوى-الشر دائما على إلطاحة بالدستور (أي نظام الدولة الشرعي) وإبطال مفعولة ،وهذا يشكل أكبر التحديات المصرية االستعمارية التي تواجه الشعوب ،وخاصة الشعوب العربية. ويسلط هذا الكتاب األضواء على المشهد الشامل في بناء دولة الدستور أي نظام الدولة وأسلوب الحكم أي الديمقراطية واألرضية الالزمة للقوانين المكملة لصنع دولة سيادة القانون. وغرض هذا لكتاب هو الوعي السياسي الوطني ،ويوفر أداة ن أجل تقييم وصنع كافة الدساتير ولمشاركة في تعديلها وتطويرها الالزم عبر مراحل تقدم الزمن وتطور األجيال. يأخذ بنظام متكامل ومختلط يجمع أسس النظام البرلماني-الرئاسي النيابي وربطها باإلسالم في مجلس الشورى وهو سلطة استشارية وقوة أخالقية وعلمية. وستكون الشعوب دائما عبر كل األجيال القادمة في حاجة سياسية ماسة ومسألة إنسانية هامة وأمانة وطنية حيوية في فهم كيفية صنع دولتهم وحماية حرياتهم وحقوقهم وصيانة كرامتهم. ولعل صياغة دستور دائم لبناء الدولة لحديثة المستقلة ذات السيادة الكاملة والحقيقية أهم أداة سياسية تمثل إرادة الشعوب ورسالتها في صنع الحياة الكريمة وسالمة األوطان وسالم األفراد والجماعات المدنية والطوائف الدينية واألقليات العرقية وقوة الشعوب الوطنية واإلنسانية. وتمثل األحزاب األداة الديمقراطية التي تتشكل الشعوب تحت لوائها الفكري وتتجمع تحت برامجها التنموية وتتحمس وتتنافس فيما بينها أيها يخدم الوطن والمجتمع ،وبالتالي تكتسب الشرعية الشعبية لقدر ما تتحصل عليه من تأييد وحجم انتساب األفراد واالقتناع بمصداقيتها الوطنية وكفاءتها السياسية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ومسئوليتها اإلنسانية في تحقيق مطالب الناس ،والمحافظة على فعالية النظام العالمي في تحقيق األمن ولسلم الدوليين. .ثم تأ تي االنتخابات وهي الوسيلة القانونية والطريقة الشرعية لمنظمة للوصول إلي السلطة وتداولها السلمي. هذا الكتاب هو لبنة في إطار التوعية لسياسية الوطنية الليبية ،وهو جهد أصيل يرسم معالم النظرية السياسية للدستور ،واألحزاب واالنتخابات. بحيث تكون في متناول الجميع في مختلف مستويات التربية والتعليم ،من البيت وعبر كافة مراحل ومستويات التعليم ،وهو مرشد لتوحيد المفاهيم األساسية لكافة مؤسسات المجتمع المدني. فقوة الشعوب السياسية تكمن في وحدتها الفكرية وتنافسها في برامجها التنموية. كما وضعت معالم هذه النظرية المتكاملة لنواحي بناء الدولة وممارسة السلطة في ثالوث (الدستور- األحزاب السياسية -االنتخابات). وسوف يجد القراء ما يساعدهم دائما على فهم أسس كل الدساتير العالمية ،وكيفية تقيمها ،وكيفية حماية وتطوير دستورهم لوطني وهي مهمة حضارية ينبغي ال تغيب عن األذهان أبدا ..فكل أب وأم ومعلم وقائد وفرد مسئول عن أمانة الحياة هذه ويسخرها قي صنع حرياته وحقوقه وكرامته وحماية دولته من استالب السلطة وانزالق في براثن الفساد واالستبداد. فالتاريخ ال يعود نفسه كما يشاع ،بل الحياة برمتها هي صراع بين قوى الخير والشر ،وقوى الشر تسعى دائما إلسقاط الشرعية والعبث في مقدرات الناس وأموالهم ومصائرهم وأعراضهم ..وقوى الخير هي قوة دافعة تسعى لبناء دولة شرعية يسود فيها الحق وتنتصر فيها العدالة.. وسوف يجد القراء نظرية توصف كيف يصنع ويعمل الدستور وما عالقته باألحزاب وما دور االنتخابات في استكمال هذه الحلقة الشرعية في بناء الدولة الوطنية وممارسة السياسية الشرعية. فالدستور هو أساس الدولة ،والعدالة هي أساس الحكم ،واالنتخاب هو أساس الوصول إلي السلطة، واألحزاب هي أساس القوة-السياسية ،والشعب هو أساس السيادة ،والقانون هو أساس التعامالت، واألخالق هي أساس التفاعالت ،واإلنسانية هي أساس العالقات ،والوطنية هي أساس المصالح، وإرادة الشعوب هي أساس ممارسة السلطات ..والحريات والحقوق والكرامة هي روح رسالة صنع الحياة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فمن هذه المنطلقات نبدأ كتابنا في وصف مقومات وعناصر ثالوث بناء وروح أدارة الدول الحديثة والسياسة القانونية. فكثيرون هم من يبحثون عن معني دقيق لمفهوم "الديمقراطية" ،فمنهم من يراها سلعة غريبة عن لمجتمعات العربية ومستورة من دول الغرب خالل حقبة االستعمار ،ومنهم من يالحظ عنها تعدد نماذج تطبيقاتها والشكلية وإمكانية تزييفها وانزالقها للدكتاتورية عاتية ،قاستها الشعوب العربية بعد خمسينات القرن العشرين. أذا المطلب األساسي في نجح التجربة الديمقراطية هو أن تحدد الشعوب العربية مفهوم الديمقراطية بشكل دقيق ومتكامل بكل تفاصيله ،وتتفق وتتعاقد عليه. والدستور هو العقد االجتماعي الذي تتفق الشعوب من خالله على شكل دولتهم وأسلوب الحكم. وتختار وإدارة الدولة. نناقش في هذه الفقرة ،آلية الحكم من أجل تحديد عملي وعلمي لمفهوم الديمقراطية وإزاحة اللبس، ونناقش من يصنع الدستور ،ومراحل إعداد الدستور.
المفهوم الشامل للديمقراطية هي شرعية نظام الدولة وأسلوب الحكم وآليته القانونية الشك أن كلمة "الديمقراطية" هي مستوردة عبر التاريخ. واإلشكاليات السياسية واألزمات تأتي من عدم تعريفها بدقة وبشكل كامل وبمصداقية تامة. ولكي ننجح في بناء الدولة وتحقيق السياسية الشرعية يلزمنا أن نحدد المعنى الحقيقي لهذه العبارة التي هي في حقيقة األمر تعبر عن منهجية سياسية ونظام حياة كامل يختاره الشعوب وفق إرادتهم ويعبر عن مدى فهمهم للحياة ومستوى عقولهم. فالدستور والعملية الحزبية واالنتخابية والوعي الشعبي الحقيقي والديمقراطية أشياء متالزمة ،ما فصل أحدهم عن األخر إال وقد ظهر االستبداد المتربص بالناس ،في أول وهلة من غفلة الوعي وسوء المسئولية العامة. شيئين متالزمين ال يمكن بفصلهما بأي حال ،إال وهما االستعمار واالستبداد.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وجهان لعملة واحدة ،ال يعيش ويقوي احدهما بدون األخر ،وإذا ما تخلت الشعوب من احدهما تخلصت من االخر. ومسئولية الشعوب ليست محاربة ومواجهة والتكلم الزائد والوقت الضائع الكاذب في محاربة االستعمار ،بل دورها الجذري والحضاري واالنساني والعالمي هي ان تمنع االستبداد ان يحل بأوطانها. فإن االستبداد هو من يدعوا االستعمار ان يتقدم وان يعبث وان يفسد. إن االستعمار يموت يوم تصنع الشعوب دستورها وتحميه وتقف عند حدوده وتحقق ابعاده بمسئولية وبوعي حقيقي متواصل ابد الدهر. إن االمانة التي يتعاقب االجيال على استالمها من بعضها هي هذه الدساتير التي تكمن فيها امنها وسالمتها وكرامتها وحقوقها وحرياتها و نظام حياتها الشاملة. الديمقراطية تعني "اآللية القانونية" لممارسة الحكم ،أي العالقة الشرعية بين المجتمع والسلطة في الحقوق والوجبات. وسوف نستعرض هذه النظرية -في الفصل األخير -عبر الشكل يوضح هذه العالقة العضوية الدقيقة والهامة للغاية. ولقد أظهرت النظرية الليبرالية مقومات هذه اآللية. وحددتها بواقعية مثالية في الدستور والقوانين المكملة. ونتناول في هذا الكتاب قانون األحزاب السياسية وقانون االنتخابات بحكم عالقاتهما بالشعب بشكل مباشر .وهما األساس حيث النجاح في فهمهما وممارستهما سوف يؤدي إلي حصول الكفاءة في بقية القوانين األساسية المكملة للدستور. ولقد أحتفظ بالمصطلح بلفظه الالتيني ،وال ضير في ذلك ،فكلنا ال ننكر مصطلح الكمبيوتر ،والهاتف الجوال ،والتلفاز ،والراديو ..الخ ،فجميعها ضمن مصطلحات تعبر عن مركب فني تقني علمي يقدم خدمات عامة وحيوية هامة. وهكذا الديمقراطية فهي تعبر عن مركب سياسي ،يمكن نتاجه وطنيا ،بما يناسب مع خصائص بيئية معينة ،ومما تطويره ليعكس مدى تطور العقلية والذوق والمستوى اإلنساني تميز مجتمع عن أخر، وتعكس فعليا تفوقه. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
والديمقراطية هي الحالة الطبيعية للشعوب العربية. فالعملية األخالقية هي فضيلة أصلية في تكوين هذه الشعوب. واالستبداد هو حالة مستوردة جلبت مفاهيم ونظم دكتاتورية وتضليل سياسي واسع وعميق ،يزرعه وينشره االستعمار كلما كانت الشعوب غير واعية ومتماسكة وغير مسئولة ،وغير ناضجة تربويا لتكون مستعدة تاريخيا و وطنيا وإنسانيا. فاألشرار هم صناع االستعمار واالستبداد ألن مرتعهم الحيواني كل سعة االستبداد والشغف المقيت. ولذلك الدستور يحدد مقاصد التعليم ،وربما يحدد مجانية كثير من مستوياته األولية ،من أجل تنشئة أجيال وطنية حقيقة ،تصون النفس والعقل والمال والعرض والدين والوطن .كما أمرت الشريعة اإلسالمية. فالحاكم هو ما يشغل مركز الصادق األمين في تحقيق الخيرية االجتماعية المستديمة.
النظرية والتطبيق الشعوب هي المسئولة واألمنية تاريخيا وإنسانيا و وطنيا بصناعة دستورها ،وتطويره ،وحمايته. فالتطوير هي عملية صيانة سياسية وفنية ،وعملية الحماية هي صونه من االستبداد واالنحراف عن مبادئه ومقاصده. وهناك عدة مفاتيح عامة ،تساعد الشعوب في صنع وحماية الدستور ،ومنها :طبيعة الدولية وتناقش مسألة مدنية الدولة أو عالقة الدين بالدولة والمكانة الشرعية لمؤسسة الجيش لتفادي االنقالب وتحولها إلي دولة عسكرية .ومسألة حقوق المرأة والمساواة ،ومسألة تداول السلطات ،وفصل السلطات، ومسألة المواطنة والمسألة اإلنسانية الكونية ،التنظيم السياسي واالختيار بين البرلماني أو الرئاسي أو المختلط ،والتعددية للممارسة السياسية المشروعة ،الوحدة الوطنية ،السلم والمصلحة االجتماعية، الروح التنموية. فتكون من مسئولية الشعوب أن يكون لها وعي شامل بهذه لمسائل وتوافقية عقلية تجعلها متماسكة وقوية في صنع دستور حياتها الدنيوية ،والمصيري من كافة النواحي اإلنسانية والتاريخية والدينية. ونجد شعوب علم أكثر من أي وقت مضى تدرك أهمية هذه الدساتير ،وبأن جوهر رسالتها تكمن صياغتها في هذه الدستور وممارسته بأمانة ومصداقية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حيث تناقش الواليات المتحدة بضعا من التعديالت بعد قرنين كاملين من التطبيق الدستوري ،وهذه تركيا تنجح عبر دستورها في باء دولة حضارية رغم التحديات الجم والموقع الجغرافي الحساس، وشح الموارد الطبيعية ،وتناقش تعديالت تضيف تطويرات الزمة تواكب تطور العقلية والتوافقية اإلنسانية. والبد من إدراك أن ما يمنع نجاح الشعوب في صنعها دستورها هما حقيقتين واقعتين ،وهي االستعمار واالستبداد ،واألشرار هم دعاة هذين األمرين ،وهم كثر ،وهو دعاة الثورات المضادة لكل حق ،في حين األخيار هم دعاة السالم والديمقراطية ،وهم صناع الدساتير ،وإن كانوا القلة فهم القوة الطبيعية التي تصنع التغيير الخيري والرقي للحياة الحضارية وهم الفئة الغالبة .ألن الحق هما المنتصر الدائم على الباطل العارض. يوم تهتم وتجد وتجتهد الشعوب عن اإلجابة على هذا السؤال ،وتفسره ألبنائها فيورثه األجيال من بعضها ،يومها يكون ذلك الشعب قد أستحق الحياة ونال حرياته وحقوقه.. فيومها يكون شعبا قد أدرك رسالته في الحياة ومسئوليات عقله كاملة فأستحق العيش بكرامة. الدستور هو قانون الشعب وهو أساس بناء الدولة الحديثة وهو عقد مدني يصل نظام حياة الناس بعقيدتها ،وهو أساس إدارة الدولة وفصل السلطات وضمان الحقوق والحريات وتنظيم االختصاصات والواجبات والمسئوليات. وكل رد هو مسئول مسئولية مباشرة ،واألجداد مسئولين أمام األحفاد ،والنساء والرجال أمام كل األجيال. وتكتب الشعوب دستورها بيديها الواعدة وبأقالم الوعي ومداد التضحية ..وتورث أجيالها مسئولية حمايته فهو رسالة صنع الحياة تعيش األجيال في ظالل حكمة األجداد بفخر الماضي وعزة الحاضر وعزيمة الشرفاء. والشباب هم طاقة كل دستور ،فال يغيب عنهم مفاهيمه ومقاصده ،فتغرب عن أوطانهم الكرامة والعزة في وهلة الغفلة ،فتضيع المسئولية اإلنسانية والمصداقية الوطنية واألمانة التاريخية الوطنية، وتتآكل فعالية اإلدارة الحكومية والسياسات العامة ،ويذهب نعيم السيادة غثا مع كل تيار يذيق الناس أعاصير الدمار وعواصف الفوضى. فالدساتير هي فلك الناس في محيطات الحياة ،تمسك أيديهم بدفة السيادة وشراع اإلرادة فتسيير السياسة وتضبط السلطات بما يحي الضمائر ويحمي المصائر ويصون المصالح ويبدد التصارع منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويبطل التصادم ،فالناس ترغب في التعايش السلمي والتفاعل األمن .وتنشد لذة الكرامة ونسائم الحرية وقدسية الحقوق والواجبات وتتوسد جميعها بيئة العدالة والمساواة. والمبدأ األساسي أن تمنع الشعوب اإليديولوجيات من أن تخترق شيء من مقومات وعناصر دستورها ،فإن اإليديولوجيات تشوه وتبطل فعالية الدساتير لصالح السلطة ،وتسمح بالحروب وتغرس بذور الفساد السياسي والمالي ،بسبب ما في النفوس من سوء وشرور وأنانية إذا سمح لها أن تسيطر على مصير المجموع ..فالبد أن يكون الخيار سليما منذ اللبنة األولى في كل شأن يهم حياة الناس. وتطبيق هذا المبدأ الوطني عن طريق وعي الشعوب بدورها في حقيقة اختيار جميع الشعب أعضاء "اللجنة الوطنية التأسيسية" ،وهي الكيان الممثل عن الشعب في مسئولية تشكيل مقومات وعناصر الدستور وصياغة دستورها الجديد أو التعديل في بنوده ،والشعوب الحية والواعية والقوية هي الشعوب المتماسكة في الرأي وتخرج وكأنها صف واحد في كل ما يعترض كرامتها وحريتها وحقوقها ومستوى العيش الكريم والعدالة الحقيقية ..لذلك تخرج لترفض أو تقبل أو ترشح من تراه مناسبا في مرحلة صنع دستورها الجديد أو في مراحل قادمة ترى فيها األجيال الالحقة إجراء تطويرا معينا بآلية دستورية مع كامل االحتفاظ واالحترام إلرادة سلفها الصالح. والتحدي دائما هو أنه عندما يكون أفرادها متأثرين أو يخدمون إيديولوجية معينة أو غير مدركين تماما بكامل أبعاد وفلسفة اإليديولوجيات فإنهم يقاد بعضهم ببعض أو بأحدهم أو يتخاصموا فيتقاسموا مواد الدستور كل حسب رؤيته على حساب الوطن ..لذلك البد أن يعرف الشعب لماذا أختار كل عضو في هذه اللجنة التأسيسية ،بحيث يكون ممثل لدوره وخادم إلرادته وناقل لروحه ،وهذا سوف يؤدي إلي تجانس أعضاء هذه اللجنة وسوف يجد الدستور قبوال واسعا وفوريا ودعما وطنيا وحماسا نفسيا طوال األجيال المتعاقبة ..والغش في صناعة الدستور هو الغش في صناعة وطن ،وهذا رأس كل خطيئة سياسية وإنسانية وكل فساد في حياة الشعوب. فمقومات وعناصر الشعوب تعكس بدنه وروحه. ويتألف الدستور ضمنيا من مكونين أساسيين ،وهما :نظام الدولة ،وأسلوب الحكم. ولكل من هذبن المكونين مجموعة أساسية من العناصر ،والصياغة القانونية والترتيب يختلف من دستور إلى أخر ،فهناك إرادة الشعب على قدر مستوى وعيه ،وهناك اإلرادة السياسية وهي على قدر مستوى قوتها السياسية والعسكرية ،لذلك ظروف بناء الدساتير تؤثر فيها بيئات صنعها والظروف المحطة بانبعاثها. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفي هذا الفصل سوف نسلط الضوء على المعنى السياسي لكل عنصر ،والمراد به أن مسئولية الشعوب تطوير دساتيرها ،فهي من صنع الشعوب وليست من هبات الحكام ،وهي من أجل إخضاع ممارسة السلطات الخمسة في خدمة المجتمع والوطن والدين. وسوف نشرح آلية وضوابط الشرعية لتعديل الدساتير لتكون فعالة وصالحة وكاملة عبر األجيال. فالدستور لكل بلد هو عمودها الفقري ،يجب أن ينمو ويكبر عضويا مع نموها الحضاري وكبرها اإلنساني ..فهو تنظيم وقيد وضوابط للممارسة للسلطات وللحريات ورسالة للمؤسسات واألفراد. ويشمل نظام الدولة ،أربعة مكونات جوهرية ،وهي :حقيقة نظام الدولة ،حقيقة نظام المجتمع ،ماهية النظام االقتصادي ،ونظام الحقوق والحريات العامة.
وصف الدستور الكامل الدستور الكامل هو ما تظهر مبادئه السياسية المشروعة واضحة ،بدون وجود ثغرات قانونية ،وبدون إيجاز مخلل ،مع وجود عالقات واضحة بين كل السلطات ،وكل ما يلزم من أسس وقواعد تضبط كافة القوانين المكملة وفعالية اإلدارة الحكومية وإنتاج جميع السياسات العامة وجدوى برامجها. وفي تقديرنا أن الدستور هو عقد تأسيس دولة ،وهي منظمة سياسية اقتصادية اجتماعية ثقافية يشترك أصحاب اإلقليم في ملكيتها. ومن البد من إدراك أن القوانين المكملة تعبر عن النظام الداخلي للدولة. فأي خلل سوف يربك سير أعمال الدولة وعالقاتها وفعاليتها التنموية ونفوذها. و من األهمية بمكان ضرورة أن ترسم الناس في أذهانها كل تصورات صنع قيمها مبادئها ورويتها، وعلى سبيل المثال ،ومبدئيا نناقش بعضها: أوال ،مبدأ فصل السلطات :البد أن يكون الدستور واضح في فصل السلطات الخمسة ،وهي :التنفيذية، والتشريعية ،والقضائية ،والشورى واإلعالم. وكثيرون مما درسوا السياسية وتابعوا الصحف يعرفون مبدأ فصل السلطات الثالثة وهي :التنفيذية والتشريعية والقضائية ،ولكن التطور في الدساتير والممارسة الديمقراطية أي "السياسة الشرعية" أنه في حالة مبدأ فصل السلطات الثالثة عادة ما تبتلع السلطة التنفيذية سلطة الصحافة ،وتبتلع السلطة التشريعية سلطة-الشورى.. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ولكن في مناقشة نموذج الدستور الكامل نفصل بين هذه السلطات الخمسة بوضوح. ثانيا ،مبدأ تداول السلطة :يقول عمر بن خطاب رضي هللا عنه "الشورى أساس الخالفة" ،والبد من فهم ذلك بشكل معاصر ،ومن خالل التحليل السياسي ،نجد أن معنى "الخالفة" في جوهره يعني مبدأ تداول السلطة ،وهذا واضح لفظيا ،حيث يشير إلي من أستقر عليه الرأي العام في أن يخلف من سبقه في رأس الدولة ،وسمي رئيس الدولة "خليفة" ليعكس البيعة العامة ،كما ظهر مسمى "أمير" وهي أيضا تشير ممارسة سلطة األمر وليس سلطة التشريع ،كما حددت الممارسة السياسية الشريعة مبدأ "البيعة الخاصة" ثم "مبدأ البيعة العامة " ،وهذا ما تجده مجسدا بوضح في نصوص هذا الدساتير الحديثة المعاصرة ،وقد استندت الدساتير الكاملة على هذين المرحلتين الخاصة والعامة. ثالثا ،مبدأ األساس الدستوري للقوانين المكملة :هناك أكثر من عشرة قوانين أساسية مصيرية مكملة للدستور ،ولكن دائما يذكر واالهتمام اإلعالمي والسياسي والشعبي فقط بخمسة قوانين مكملة للدستور ،وهي قانون األحزاب ،قانون االنتخابات ،قانون اإلعالم أو الصحافة ،قانون الحقوق اإلنسانية والحريات. وفي حقيقة األمر نتيجة االستبداد القاهر شكلت هذه القوانين الخمسة جل اهتمام النخب والشعب، بسبب أنها أخر ما تبقى لها من كالم محدود مسموح وحقوق ممكنة وبقيود متوارثة ،و نبين في هذا النموذج الدستوري المتكامل المؤسس على استقاللية السلطات الخمس كيفية إمكانية الوصول إلي صياغة وتنفيذ هذه القرارات الخمسة بمصداقية وكفاءة ،وبقية القوانين المكملة والتي هي في غاية الخطورة. حيث في حقيقة األمر القوانين المكملة للدستور ليست هذه الخمسة فقط ،وإنما األهم هو قانون القضاء المستقل ،وقانون الشرطة المدني ،وقانون القوات المسلحة وقانون مجلس "األمن القومي" وقانون القضاء العسكري .وهي قوانين يحدد أسسها في الدستور ويشار إليها ويلزم أن تكون متوافقة مع الدستور وتصادق عليها المحكمة الدستورية. والبد من معرفة حقيقة هامة ،وهي أن صناعة الدستور من أصعب رساالت الحياة ،وحماية الدستور وتطبيقه بفعالية وأمانة هي من الجهاد األكبر بمكانة عظيمة ،فهو جهاد النفس ،حيث الصراع على السلطة من سمات األشرار ،واالستبداد هي نزعة قوية في نفوس األشرار ،وهم أضعاف األخيار، مما يجعل الدساتير دائما في خطر ظاهرة "السلطة استالب" أي تعمل السلطة التنفيذية دائما على استالب أكبر قدر من اختصاصات السلطات األخرى من أجل تحقيق مصالح ذاتية أكبر ،وهذه حقيقة بشرية تناولتها أدبيات السياسية بصراحة ومصداقية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
لذلك يؤسس الدستور الكامل والدقيق على وضوح وتفصيل وأمانة توزيع االختصاصات بين هذه السلطات الخمسة. رابعا ،مبدأ تحديد دور األحزاب ونوعية نظام الحكم :حيث نوعية نظام الحكم سوف يترتب عليه طبيعية ممارسة أسلوب الحكم كما يعتمد عليه دور األحزاب. فهناك في تقديري ثالثة أواع ،وهي النظام البرلماني حيث تكون االختصاصات التنفيذية جميعها لدي رئيس الوزراء أو لحكومة ،والنظام الرئاسي حيث تكون جل االختصاصات التنفيذية لدي رئيس الدولة ،وال وجود لرئيس الوزراء ،وهناك المختلط وهو الذي يجمع ين ميزات هذين النظامين. ونحن في النموذج لدستوري المعروض للمناقشة واالسترشاد والتفسير السياسي من أجل الوعي الوطني ،نعرض نموذج متكامل ،وهو "وهو النظام البرلماني –الرئاسي النيابي". خامسا ،مبدأ سيادة وإرادة لشعوب :إرادة الشعوب هي أساس شرعية الدستور ،وال يتنازل الشعب عن سيادته لحاكم أو نظام ،وإنما يتنازل عن سيادته للدستور ،وبهذا تصبح دولة-الدستور ،وعندما يكون الدستور كامال أي قد حدد أسس لسلطات الخمسة ،يمكن أن قول دولة-القانون ..وتصبح إرادة الشعوب هي محرك لمراقبة واختيار الهيئة الحاكمة األفضل في األداء والقيم والرؤية ،واإلرادة متغيرة ومتفاعلة وبالتالي تحدت مسألة تبادل السلطات ،بحيث تكون دائما تفي برضا الشعب وما يريد فعال في يومه.
الدستور هو عقد تأسيس الدولة إن أهم حقيقة يفترض على كل فرد تعلمها ليحافظ على كينونته الحضارية واإلنسانية ،و لكي يصون قيمته الحقيقية في الحياة ويعكس مستوى مسئوليته و وعيه بمصيره المشترك مع أخوته المتضامنين تحت مظلة تعايش واحدة ،وكل إنسان هو كائن سياسي يحب أن يسود ما لم يجهل ويخاف فيتنازل ظلما لمن يسوقه جهال ،فالوعي والشجاعة هما أهم القيم االجتماعية الحيوية تثري الحياة الكريمة الطبيعية .فكل الناس مكلفين حسب الهبة الربانية العقلية المعجزة والمسئولة ‘ن أمانة توارث الوعي والشجاعة في الخير بين األجيال ،وتكون األسرة أمينة لتوارث القيم من جيل إلي أخر ،ومن وتعرف مقومات وعناصر ضمان مصيرها وأمنها وسلمها وحياتها الطبيعة ،والدستور هو عقد بين كل فرد وكل أسرة ،كيفية ملكيتهم المشتركة لإلقليم ،والتمتع واالستغالل األمثل لثروته وحمايته ،والدستور هو الوثيقة الوطنية التي يسطر عليها بنود هذا االتفاق ،ويسلم من جيل إل أخر.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ال توجد دولة بدون دستور.. كان في الماضي حكرا على األباطرة والملوك ومن ثم احتكره الدكتاتوريين والطواغيت.. فكيف تعود صناعته حكرا على إرادة الشعوب ومسئولياتهم الجماعية فليس هناك معنى لسياسات وممارسات مشروعة بدون دستور. ولن تكون هناك مجتمعات متحضرة ومنتجة بدون قوانين مكملة دستورية، فالشعوب التي ال تملك رؤية وطنية ،وال تصنع كفاءات قيادية ،وال تعرف أسس التعايش السلمي واألمن ،هي شعوب ال تملك حياتهم ومصيرها بيد غيرها.. فبالعقل وحد تستحق الشعوب الحياة وتكون جديرة باحترام األمم.
وهو عقد وطني تاريخي حضاري إنساني يبرمه الشعب عبر بطريقة محددة علمية قانونية شرعية، متعارف عليها تستجيب لمعايير محددة تتضح من خالل المناقشة للعناصر والمقومات الطبيعية لنشاط ومسئوليات وأهداف الدولة. ولمزيد من التوضيح والمقاربة الذهنية ،يمكن أن نشابه األمر عموما وكمثال ،فإن األمر تماما مثل تأسيس مختلف الوحدات االقتصادية ،فمثال ،عند تأسيس الشركة للممارسة نشاط معين وتحقيق أغراض محددة ،فإن هناك عقد تأسيس يفصل بين المالك وإلدارة ،بحيث يظل أصحاب الملك يراقبون ويتابعون ويغيرون اإلدارة كلما عجزت عن تحقيق األهداف ،وفي حال ظهور كفاءات أفضل. ومن خالل هذا المثل البسيط والحقيقي ،بأن الشعب هم مالك الوطن وجميع ثرواته ،ويسعون من خالل عقد تأسيس دولتهم "الدستور" ،إلي تحديد كيفية اختيار هذه اإلدارة ،وكيفية مراقبتها ،مسألتها، وتغييرها ..وكيفية مشاركتهم في وع السياسات ولخطط السنوية التي تهمهم جميعا ،وتحق لهم الرفاهية والسالم واألمان والتقدم الدائم. وللدستور كونه عقد اجتماعي اقتصادي سياسي ثقافي ،مكونات أساسية تمثل مقومات الدولة الحديثة الصحيحة ،ولكل مكو ن مجموعة من العناصر ،تتطلب من كل مواطن أن يتعرف على هذه العناصر، ويكن لهم صوت فيها ،فكل عنصر يمثل حياة ويترتب عنه صدور مجموعة من القوانين تنظم حياته الحقا.. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وسوف نستعرض كل مكون من هذه المقومات الدستورية ،وسوف نطرح العناصر األساسية الخاصة بكل مكون. وحقيقة األمر ،أن مسئولية كل مواطن تحتم عليه تعلم حقيقة صناعة الدساتير الوطنية. حيث " الوطنية" تذهب أدراج الرياح عندما ينتشر الجهل وعدم المباالة بحقيقة هذه المقومات والعناصر الدستورية. كما أنه لكي تكتسب الدساتير شرعيها البد من موافقة الشعب على كافة بنود عقد تأسيس الدولة. وهذه البند مصاغة قانونيا وتعكس اتفاق الشعب على مكونات الدولة وعناصر تطورها التنظيمي عبر مسيرتها القادمة. فعند االستفتاء على الدستور يتطلب من المواطن أن يعلم عندما قوم "نعم" لماذا يقول ذلك ،فهو يقولها من أجل حرية وحقوق وكرامة األجيال الالحقة ،ويقولها ألن شعبه قدم الدماء والتضحيات لكي يصل إلي مرحلة امتالكه زمام مصيريه بيده ،ليقرر بإرادة حرة حقيقية شكل دولته ودورها وضوابطها. وعندما يسود الجهل والخوف تظهر حالتين: الحالة األولى :حالة التزييف والتضليل وفيها تجد المواطن ال يهتم بمقومات وعناصر دستوره في صنع الحياة ،ومسئولياته اليومية العملية والتفصيلية أمام خالقه وأمام التاريخ اإلنساني ،فيفرض عليه ،دستور مشوه ،أو بمعنى أخر" ،دولة- أال -دستور". وهناك أمثلة كثيرة ،خالل الفترة السياسية التاريخية ،منذ خمسينات القرن الماضي ،ويكفي وبشكل عام ،أن أقول في تقديري ،أن الدستور المصري في الخمسينات كان مثال للدستور المشوه ،حيث نجده يفسح المجال لأليديولوجية االشتراكية الماركسية بدل اإلسالم ،وينتج ما يسمى بالقوة-السياسية وهي تعني أن يكون هناك فرد رئيسي ترجه له حقيقة اتخاذ القرارات ،وامتالك كل شيء ،حتى ضاق الخناق على الشعب ،وحبست أنفاس الناس ،وخرجوا جميعا بهبة رجل واحد في 29يناير 2100 يطالبون بحقهم في الحياة وإيمانهم بضرورة دولة الكرامة. كما أنني أجد في الدستور السوري ،خير دليل على معنى "أال-دستور" ،فهو أنتج دولة يحكمها حزب علماني واحد ،يشكل كل المرجعية في الحياة ،ويدعم رئيس الدولة ،في امتالك الشعب وثرواته.. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فأنتج دولة أمنية أال شرعية ،تبطش بكل طفل وتنهك حرمة كل فتاة وهين كل رجل شريف وتعذبه، ولم تراعي فيهم "إال وال ذمة" عندما هبوا في مارس 2100رجاال ونساء وأطفاال يطالبون رحيل هذه الحكم بعد أربعون عاما من الطغيان والخداع السياسي ..ولقد شهد العالم وسطر التاريخ صفحات سوادا عمى فعله هذا النظام الدموي والدولة األمنية "أال-دستورية –أال-شرعية" ..قوامها تعذيب الشعب أصحاب الحق وهدر إمكانيات اإلقليم. الحالة الثانية :حالة دولة الفوضى اإليديولوجية وهي دولة الخداع ،فهي دولة ترفض معنى الدستور ،وتسعى للحكم بدون دستور ،أي بدون عقد تأسيس دولة ،وتجعل األيديولوجية ،هي الدستور ،هي منهج الحياة ،هي الشرعية ،هي مصدر جميع القوانين منظمة للحياة. ولقد كان لشعب الليبي فريسة لهذا النوع ،خل الحقبة لتاريخية سبتمبر -0595فبراير ،حيث جاء المستبد بإيديولوجية ماركسية متطرفة أطلق عليها "النظرية العالمية الثالثة ،وألغى الدستور الملكي، ولم راعي حرمة وقداسة الدساتير ،واستغل وقت مبكر لم ينضج فيه الوعي السياسي الليبي الكامل ولم تظهر المسئولية الحضارية واإلنسانية لقصر مدة تكوين دولتهم. وبشكل مختصر ،نقول بأنه عندما يعرض تطبيق إيديولوجية معينة بدل دستور ،ينتج كيان- أيديولوجي ،يكون فيه عقد تأسيس الدولة هو ما تفرضه هذه األيديولوجية ،ودائما ما تكن قاسية وغير إنسانية ،وتهدف للسيطرة المطلقة واالستبداد بعدم اعترافها بأي حقوق أو حريات أو قوانين تتعارض مع فكرتها. وهناك ظاهرتان متالزمتان مع هذه الحالة: الظاهرة األولى :القائد الرمز بأن مقومات الدولة وعناصر تأسيها واحدة ،فتقوم هذه اإليديولوجية ،بسكب هذه المقومات والعناصر على األرض ،وتستخدم طريق التوجيه الرئاسي والشخص لقائد رمز ،الذي يوظف الدولة كيفما شاء، عن طريق طليعة تستغل الناس إلي أقصى حدود ،ويترك للشعب عملية صياغة ما يريده وبما يخدم االتجاه اإليديولوجي المطلوب ،وفي كل ما يرسخ بقائه في السلطة والتصرف المطلق في ثروات البالد. وسوف نشاهد من خالل المناقشات الالحقة كيفية قيام إليديولوجية بهذه العملية اإلجرامية تاريخيا وسياسيا. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الظاهرة الثانية :الطليعة المستفيدة وهي ظهور طبقة الطليعة ،وهم أفراد ال انتماء وطني حقيقي لديهم ،وساديين يحبون سلب المال والتسلط وشيوع الفساد ..فيطلعون بدور التنظيم السياسي في البلد األيديولوجي. وحيث أن من مقومات كل دولة البد من وجود تنظيم سياسي ،يحدد أسلوب الحكم. فدولة الدستور تحدد أسلوب الحكم ذلك كما سيأتي بيان ذلك. والكيان-األيديولوجي الليبي ،2100-0595جاء باللجان-الثورية وهي تمثل الحزب السياسي للنظام األيديولوجي ،واللجان الشعبية وهي تمثل السلطات الثالثة.. ويكون دور هذه األدوات لتضليل األيديولوجي ،أو بعبارة ألطف مساندة أيديولوجية ،وإطالة عمرها، والوقوف مها وتبرير كل أخطائها ،وخلق كل وسائل القمع والترهيب والتخويف والقمع ،بحيث تكن هذه األدوات أمنة ،ومتمتعة بكل المزايا لتي تجلبها هذه األيديولوجية. وكافة الدساتير الوطنية واألعراف اإلنسانية تعد مثل هذه العمليات "خيانة عظمى" ،ألنها مارست التضليل وأطالت في عمر الفساد ،وإن هم نجوا بفعلهم السوداء في حق الناس ،فإن الدين اإلسالمي، واضح ولن يغفل عن عقاب كل من يحب أن تشيع الفاحشة بين المسلمين ،وبمن هم يسعون في األرض فسادا ..فهناك نصوص صريحة واضحة ذكرت بالقران الكريم ،وهو في تقديري "دستور الحياة" ،إن صح التعبير ،وهللا وراء القصد ،فهو ينتج اإلنسان الكريم ،وينتج األسرة النافعة ،وينتج المجتمع المسئول ،وينتج الدولة المدنية المتطورة ،وينتج عالم متوحد إنسانيا وحضاريا يتعايش بتفاهم وتوافق وتجانس لتحقيق السالم واألمان ومودة والرحمة ،فهو رسالة رحمة للعالم ومنهج سالم للتعايش وقواعد أمان للبناء في شتى المجاالت. ولقد كان هدف اإليديولوجية التي حكمت ليبيا خالل 2100-0595هو محاربة الدين اإلسالمي، فحاربت مل معاني الرحمة والسالم واألمان. وهذه جريمة تاريخية وإنسانية وسياسية يتحمل وزرها كل من ساهم ايجابيا. ولكي نتفادى تكرار حدوث ذك البد من التعرف على حقيقية أمرين:
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أوال ،حقيقة صناعة الدستور الوطني والقوانين المكملة ودور ومسئوليته كل فرد سياسيا وتاريخيا وإنسانيا. ثانيا ،حقيقة أن المحافظة على الدساتير هي المرحلة األطول واألصعب ،فالدساتير تصنع في شهور ،ولكنها تصنع لتدوم قرون ..وإن "الوطنية" الحقيقية الصادقة هي العامل األساسي الذي يحافظ على فعالية وأهمية وقداسة ودور هذه الدساتير في صنع الحياة الكريمة. وسوف نناقش هذين األمرين بأكثر تفصيل بأذن هللا. ولكن ظل "العملية التعليمة" بكافة مستويات تعليم ،هي "المسئولية االجتماعية" األساسية في التربية السياسية ،من أجل نشؤ اإلنسان السياسي الوطني الدستوري المسئول.
أركان ومكونات وعناصر الدستور يعتمد الدستور على ركنين أساسين ،وهما: ركن " نظام الدولة". ركن "أسلوب الحكم".ويتركب كل ركن من عدة مكونات ،وهي مقومات عضوية في تركيبة الدستور ،وعادة ما تسمى أبواب أو فصل أو فروع ،وعلى سبيل المثال ،يمكن تصنيفها على النحو التالي: أوال ،مكونات ركن نظام الدولة ،وتشمل: مكون أسس وطبيعة الدولة مكون النظام االجتماعي مكون النظام االقتصادي مكون الحريات والحقوق والواجبات العامة مكون سيادة القانون.ثانيا ،مكونات ركن أسلوب الحكم ،وتشمل: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
-
مكون رئاسة الدولة.
-
مكون السلطة التشريعية.
-
مكون السلطة التنفيذيـة.
-
مكون السلطة القضائية.
-
مكون المحكمة الدستورية.
-
مكون النائب العام.
-
مكون مجلس الشورى.
-
مكون الجيش والقوات المسلحة.
-
مكون جهاز الشرطة.
-
مكون جهاز وسلطة الصحافة.
ولكل من هذه المكونات عناصر تصاغ قانونيا بدقة وتؤسس على وعي شعبي واسع وإرادة حقيقية تتمثل في مدى مشاركة المجتمع المدني ،وطريقة تشكيل لجان تأسيس أو تعديل الدستور ،واللجان الفرعية متخصصة حسب األركان و المكونات. كما أنه يصدر عن كل من هذه المكونات قانون مكمل ،وقد تحتاج أيضا كثير من العناصر اإلشارة إلي قوانين مكملة ،كعنصر "الجنسية والهجرة".
مطلب :2املفهوم العام لألحزاب السياسية األحزاب السياسية هي وسيلة دستورية لممارسة السياسة الشرعية ،أو بكلمات أخرى السياسة القانونية أي وفق ضوابط وطريقة دستورية محددة. والعملية الحزبية هي "جهاد فكري إصالحي" ،وليست تصارع وتباين مصلحي وسلطوي. فكل عمل عنف أو اعتداء أو عدوان أو احتكار أو تضليل وتزييف محرم في العملية الحزبية، ويخرجها من اإلطار الشرعي ،ويجرمها دستوريا ويعاقبها قانونيا. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فاألحزاب الس ياسية هي أداة عامة ينضم إليها أفراد المجتمع من أجل المساهمة في رسم السياسات العامة ،التعليمية والصحية والخارجية واالقتصادية واالجتماعية ،والعمل المستمر في تقييم جودة الحكومة في نجاح مخرجاتها بالخصوص. وبذلك تعتبر األحزاب السياسية وسيلة تحقق اإلصالح الشامل ،وتكافح ظهور الفساد العام السياسي والمالي والتنموي. وتحشد الرأي العام من أجل اجتثاث جذوره ونبذ بذوره. فتقوم العملية الحزبية على اإلصالحية على أربعة أبعاد ،وهي المصلحة العامة ،والمصداقية الوطنية، واإلخالص للعقيدة الدينية ،والكفاءة العملية والعلمية. نستعرض في بداية فصل األحزاب السياسية كثير من النواحي العامة المتعلقة بالمفهوم األحزاب السياسية.
نظام األحزاب السياسية يشمل نظام األحزاب كل األحزاب الموجودة في دولة معينة ،والعناصر التي تميز هيكلها ؛ وعدد األحزاب ؛ والعالقات القائمة فيما بينها ،في ضوء حجمها وكذلك قواها الشعبية المؤيدة والمجتمعة حول مبادئه الفكرية في اإلصالح االقتصادي واالجتماعي والثقافي ،ويأتي في المقام الثالث ، االيديولوجيات الخاصة بها والمواقع االستراتيجية لها ،باعتبارها عناصر لتحديد سبل التفاعل والعالقات مع السياق في كل نطاق. وبخصوص عدد األحزاب السياسية المتواجدة في نظام سياسي معين ،فإنه يتم التحدث عن الحزبية المتعددة أو الحزبية الثنائية القائمة بين حزبين رئيسيين ،أو نظام حزب واحد فريد من نوعه .وكما تقدم ذكره من قبل ،بشأن أشكال الحكومة الدكتاتورية أو الشمولية ،فإنه يمكن الحديث عن نظام الحزب الوحيد الفريد من نوعه (كما حصل في األنظمة الفاشية والشيوعية في الصين أو اإلتحاد السوفياتي) الذي ال يدور حول مؤسسات مستمدة من العملية الديمقراطية ،ولكنه عبارة عن هياكل للحفاظ على السلطة. كما يتم التعرف على االزدواجية الحزبية (كما هو الحال في الواليات المتحدة وإنجلترا ،على سبيل المثال) على أنها مستمدة من نظام انتخابي يقوم على مبدأ األغلبية ،في حين أن النظام متعدد األحزاب (كما هو الحال في كل من ألمانيا وبلجيكا وفنلندا وهولندا وسويسرا) يتم تعريفه باعتباره ناجما ً عن نظام التمثيل النسبي .وتعمل هذه الطريقة االختزالية للتحليل على وضع خط اتصال بين التشظي الحزبي ( في التمثيل النسبي للتعدد الحزبي) واالستقطاب الحزبي (بين حزبين حائزين على منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األغلبية) ،والذي يولد تصورا ً بأن حزبا ً واحدا ً أو الحزب اآلخر يساهم في خلق األزمة في البالد وعدم االستقرار في النظام الديموقراطي. وتتجاهل معايير أخرى التصنيف الكمي من أجل تفضيل المنافسة أو عدم الدخول في النظام الحزبي.
الحكومة السياسية الديمقراطية يـُـميز تصنيف األشكال المعاصرة للحكومات ،بصورة أساسية ،بين فئتين رئيسيتين وهما :النظام البرلماني األوروبي ،والنظام الرئاسي األمريكي .ومن خالل طريقة تنظيم سلطات وصالحيات كل من هذين النظامين ،والعالقات القائمة فيما بينهما ،والنموذج الرابط بكل منهما ،ومالحظة السلطات التنفيذية والتشريعية لهما بصورة جوهرية ،فإن في اإلمكان التمييز بين كل نموذج منهما عن اآلخر. وينشأ النظام الرئاسي في أمريكا من الشرعية الدستورية ،ويتميز هذا النظام بما يلي :أ) السلطة التنفيذية وحدوية ،نظرا ألن النظام يركز على شخصيات مثل رئيس الدولة ورئيس الحكومة ،ب) يتم انتخاب الرئيس من قبل الشعب ،وليس من قبل السلطة التشريعية ،مما يمنح الرئيس مزيدا من االستقاللية تجاه الطرف األخير المذكور آنفاً؛ ج) يـُعـيـِّن رئيس الجمهورية ويعزل بكل حرية أعضاء حكومته واألمناء العامين ،أو وزراء الدولة ؛ د) ال يـُـعتبر الرئيس وال األمناء أي وزراء الدولة مسؤولين سياسيا ً أمام مجلس النواب المعروف باسم الكونغرس؛ هــ) ال يحق للرئيس ،وال ألمناء الدولة ومجلس الوزراء وأعضاء المجلس أن يكونوا أعضاء في مجلس النواب أي الكونغرس ؛ و) كما يمكن أن يكون رئيس الجمهورية تابعا ً أو مؤازرا ً منضويا ً في صفوف حزب سياسي مختلف عن حزب األغلبية بمجلس الكونغرس ،ز )ال يحق للرئيس حل مجلس النواب أي الكونغرس كما ال يحق لمجلس الكونغرس التصويت لتوجيه اللوم إلى الرئيس. و يأتي النظام البرلماني من التطور السياسي لعدد كبير من الدول األوروبية ،خصوصا في بريطانيا ،ويتميز هذا النظام بما يلي :أ )أعضاء مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية والحكومة) هم أعضاء في البرلمان أيضا ً ؛ ب )تتفق الحكومة مع رؤساء األحزاب على تشكيل ائتالف يمثل األغلبية البرلمانية ،ج ) تنقسم السلطة التنفيذية بين رئيس الدولة الذي يتولى مهام التمثيل والوظائف البروتوكولية ، ورئيس الحكومة الذي يتولى مهام اإلدارة والحكومة نفسها ؛ د) يشتمل مجلس الوزراء على شخص محدد بصفته رئيسا ً للوزراء ،مع تمتعه بنفوذ سياسي كبير في الحكومة ؛ هـ) يجري ضمان قوام واحتياجات مجلس الوزراء من خالل دعم األغلبية البرلمانية ؛ و) تناط اإلدارة العامة بمجلس الوزراء تحت اإلشراف المستمر للبرلمان الذي يحق له المطالبة بالمساءلة السياسية للحكومة ؛ ز) وجود ضبط وتحكم عضوي متداخل بصورة دائمة بين أعضاء البرلمان والحكومة ،ح) في حين أن البرلمان يستطيع حجب التصويت على الثقة أو يمكنه طرح المطالبة بتصويت لإلنحاء باللوم على مجلس الوزراء ،والتي بموجبها يتعين على الطرف األخير االستقالة ،فإنه يحق للحكومة أن تطلب من رئيس الدولة حل البرلمان. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وباإلضافة لذلك ،فإنه يمكن تبيان شكل آخر من أشكال الحكومة وهو :النموذج الديكتاتوري للحكومة حيث يعمل الديكتاتور أو الحاكم ال ُمـستبد ،على استخدام صالحياته المخولة له بحكم سلطاته ،وليس من خالل تفويض زمني محدد .ويستمد هذا الشكل عادة من األزمة المؤسسية التي يسود فيها اعتقاد عام بأن السلطات القائمة في الحكومة غير قادرة على التعامل مع األوضاع .كما قد ينشأ هذا النظام من خالل عمليات استفتائية ،أو بفعل حركات مسلحة ،أو انقالب عسكري .ويعمل األوائل من هؤالء الحكام على تأسيس حكومات بقيادات كاريزمية ،في حين يعمل المتأخرون منهم على تشكيل ديكتاتوريات بريتوريا أو إمبراطورية .كما تحاول الحكومة الدكتاتورية توطيد دعائم حكمها عن طريق التغلغل في أوصال عديدة من حياة المجتمع ،من خالل تنظيم حزب فريد من نوعه ،والقيام بالدعاية للنظام ،أو من خالل جهاز عسكري قمعي خاص .وقد تعمل الدكتاتورية على إنشاء دولة شمولية في الحكم. ومن الضروري توفر إشارة مرجعية لشكل الحكومة سواء أكانت (رئاسية أو برلمانية أو ديكتاتورية) من أجل تحديد مدى قابلية المؤسسات لالستمرار في الحياة ووضع التصميم القانوني للعمليات االنتخابية .وهذا ألن التمثيل النيابي واألداء الوظيفي مضمونان في النظام االنتخابي ،كما أن الحكم مضمون في النظام السياسي .وبطبيعة الحال ،فإن من المنطقي ضرورة مواجهة الجوانب التقنية واالقتصادية والثقافية والسياقات السياسية واالجتماعية ،بشأن أشكال الحكومات الرئاسية أو البرلمانية
األحزاب السياسية والمرشحون تعتبر األحزاب السياسية والمرشحون شركاء رئيسيين في العملية االنتخابية ،وهم المتنافسون للفوز بالمناصب التمثيلية ،من خالل القيام بالحمالت االنتخابية ومحاولة إقناع الناخبين بالتصويت لهم .أما قدرتهم على تنفيذ الحمالت ،والفوز بالمناصب التمثيلية ،أو تشكيل معارضة ذات مصداقية فتعتمد على البيئة القانونية ،والسياسية والثقافية لكل بلد ،باإلضافة إلى اعتمادها على كيفية إدارة االنتخابات ونتائجها .ومن وجهة نظر أخرى ،فإن التصديق النهائي على نتائج االنتخابات يبقى عمليا ً في أيدي األحزاب السياسية والمرشحين أنفسهم .ففيما لو رفض هؤالء القبول بنتائج االنتخابات ألي خلل فيها، حقيقيا ً كان أو وهمياً ،فإن ذلك من شأنه تقويض مصداقية الهيئة أو الحكومة المنتخبة. من ناحية أخرى فاألحزاب السياسية والمرشحين هم فاعلين انتخابيين يمكن لهم كذلك تشويه العملية االنتخابية .فممارسات كشراء األصوات ،أو التمويل غير المشروع ،أو انتشار التجريح والخطب التي تنم عن الكراهية في الحملة االنتخابية ،أو الضغط على الناخبين وتهديدهم من قبل مناصري األحزاب ،أو الفساد في عملية اتخاذ القرارات ،أو التمييز المنهجي ضد فئات اجتماعية محددة تشكل جميعها أمثلة على قدرة األحزاب السياسية على تهديد سير النظام الديمقراطي بدالً من تعزيزه .لذلك يتم تطوير واعتماد القوانين والضوابط المتعلقة بالحمالت االنتخابية ،والتمويل ،وطرق عمل منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األحزاب السياسية وذلك بهدف الحد من تلك القدرة على التأثير بشكل سلبي لتلك األحزاب ،في الوقت الذي يعطى لهم متسع كافٍ من الحرية للتنافس في االنتخابات. ومن المبادئ الرئيسية لهذا الموضوع حرية التعبير والتجمع ،وحرية التنظيم ،والحق في االقتراع وفي الترشح لالنتخاب. ويتطرق هذا الموضوع حول األحزاب السياسية والمرشحين من الموسوعة إلى المسائل اآلتية في صفحاته التالية: الضوابط الخارجية المتعلقة باألحزاب السياسية والمرشحين ،وهو القسم الذي يركز على القوانين والضوابط المتعلقة بتمويل األحزاب ،وتسجيلها ،والحصص القانونية ،على سبيل المثال ال الحصر. طرق عمل األحزاب السياسية الداخلية ،ويتطرق إلى تركيبة الحزب ،ودور ومسؤوليات المجموعات الداعمة ،وعملية اتخاذ القرارات داخل الحزب ،وطرق انتقاء المرشحين. أما الجزء الخاص باألحزاب السياسية والمرشحين في العملية االنتخابية فيهدف إلى طرح المواضيع المرتبطة بشكل أكبر باالنتخابات ،كتسمية المرشحين ،وسحب الترشيحات ،وطرق التواصل مع اإلدارة االنتخابية ،ومدونات السلوك/مواثيق الشرف ،إلخ. أخيراً ،يتطرق الجزء الخاص باألحزاب السياسية والمرشحين في البرلمان (السلطة التشريعية) إلى تشكيل الحكومات ،وبناء التحالفات ،والروابط بين األحزاب السياسية والممثلين المنتخبين.
خارطة العملية الحزبية العربية والتحديات من األهمية بمكان أن يجرى على الدوام رسم وتقييم خارطة األحزاب العربية ،وتحديد كافة التحديات وتقييم مدى تغلبها عليها .وبشكل عام ،وفيما بعض المالمح بشأن هذين األمرين:
أوال ،خارطة العملية الحزبية في العالم العري يذهب معظم الباحثين لألخذ "بشكل النظام الحزبي ومدى مشاركة مؤسسات المجتمع المدني" بوصفه معيار لتصنيف النظام السياسي بالدول العربية. ومن خالله تدرس كافة المتغيرات وخصائص العملية السياسية ويعكس حقيقة اإليديولوجية الحاكمة ومدى انفتاحها أو انغالقها. وبشكل عام ،وعلى هذا األساس نجد واقعيا أن الدول العربية ذهبت في االتجاهات األربعة التالية: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
.0 .2 .3 .8
دول استبعدت العملية الحزبية والمدنية بنصوص حاكمة و وضعت قيودا على حريات التعبير وشددت عملية المراقبة وجرمت كل ما يخالف اإليديولوجية الحاكمة واألجندات السياسية. دول سمحت بتعدد األحزاب لكن تعطي سلطة تقرير نشأتها من عدمه لألهواء والدوافع الخاصة بالنظام. دول رفضت بعض الجماعات واألحزاب المشاركة في الحياة البرلمانية أو الحزبية بحجة ما تتضمنه من تشريعات تتناقض مع عقيدتها. واالتجاه الرابع يذهب إلي ترك باب المشاركة بدون قيود في العملية السياسية.
وعلى سبيل المثال ،يمكن رسم خارطة األحزاب السياسية في الوطن العربي على النحو التالي:
دول تسمح بالعمل الحزبي وهي األردن والسودان واليمن وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا وجيبوتي وجزر القمر والصومال وفلسطين ومصر . دول تسمح لبعض األحزاب وتمنع أخرى مثل ما حدث في العراق خالل فترة النظام السابق وسوريا وهما عمليا اقرب إلى الحزب الواحد .وهو حزب البعث الذي حكم لعقود. دول لم تأخذ بنظام األحزاب مثل جميع دول الخليج العربي (السعودية ،الكويت، البحرين،قطر ،اإلمارات ،عمان) دول جرمت العمل الحزبي بشكل مطلق مثل ليبيا 2101 -0595وأسست حزب ثوري واحد ذو مهام وطبيعة خاصة ،ومع الربيع العربي ومنذ 2102انطلقت تلقائيا العملية الحزبية المفتوحة وجرت انتخابات ألول مرة في ليبيا بمراقبة دولية واسعة برهنت على أن الديمقراطية التعددية هي الحالة الطبيعية للشعب الليبي وكذلك للشعوب لتعكس تحضرها ومدى حرية إرادتها وقيمة كرامتها عبر انتخابات حرة شفافة نزيهة ومسئولة تعبر عن دولة حقيقية بكامل مشاركة الشعب وهو الركن األول في سيادة الدول. دول اكتسبت األحزاب السياسية شرعيتها التامة بفضل الربيع العربي وعادت المحظورة منها لتعمل بحرية واستطاعت برغبة الشعب أن تصل بتفوق للسلطة مثل ما حدث في تونس ومن ثم مصر خالل ،2102وهما حزب النهضة في تونس وحزب الحرية والعدالة في مصر ،وإن كان هذين الحزبين مؤيدين للمرجعية اإلسالمية وخوض التنافسية الديمقراطية عبر التوافقية الواقعية نحو تحقيق أهدافها وبرامجها برضا الشعب ،ويعبر فوزها عن رغبة الشعوب في برامج وقيادات صادقة أمينة افتقدتها لعقود وعن كونها كانت ممنوعة فهي مرغوبة إلي حين اختبار مدى نجاحها وهذا تحدي كبير لها .إال أنها واجهت هجوم شرس من الليبراليين وهي المودية للتغير الشامل العلماني ،وتعدها خطر عليها ،كما واجهت عرقلة خالل المرحلة االنتقالية خالل الربيع العربي .وهذا يفيد بأن مستقبل التعددية الحزبية في
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
العالم العربي سوف تكون بين تيارين رئيسين وهي أحزاب سياسية ذات مرجعية إسالمية كثير منها ديمقراطية وقليل متشدد وفرصه ضئيلة في النجاح بسبب انبعاث تصورات معاصرة تتفاعل مع السياسية بحكمة و واقعية ،وال تكره وال تفرض شيء وإنما تنافس بأدوات العصر وحسب رضا الناس للتي هي أحسن ،وتيار ثاني مرتكز على العلمانية وتأخذ شكلين رئيسين وهما الليبرالية واالشتراكية ،وتمتطي القومية العربية وقضية فلسطين والشعارات من أجل االستمرارية ،ووهي تواجهها صعوبات بسبب إخفاقها التاريخي الطويل وبسبب حاجاتها للدعم الخارجي .إذا خارطة األحزاب السياسية في الوطن العربي هي حاجة ماسة ألن تترك طبيعيا حتى تتشكل العقلية الشعبية بنضوج تام .وتظهر معالم دولها الحقيقية القوية برسوخ واسع وفعال يحقق لها المصير األمثل. أما لبنان فقد انقسمت طائفيا حسب الميثاق الوطني اللبناني في 9أكتوبر ،0583والذي أصبح جزء من مشروع الجامعة العربية كفيلة بتطبيقه ورغم أن الدستور اللبناني لعام 0529نظاميا نيابيا مستوحي من دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة وال يشير إلي الطائفية إال بصفتها مرحلة مؤقتة ،إال أنها تم تكريسها بالميثاق الوطني اللبناني (هنري لورنس.)0553 ، حيث وزعت المقاعد البرلمانية اللبنانية لنسبية طائفية ،على أن يكون رئيس الدولة من الطائفة المسيحية ،ورئيس الحكومة من المسلمين السنة ،ورئاسة البرلمان من مسلمين الشيعة. وبالنظر إلي الشام ككل وكما هو معروف بدولة سوريا الطبيعية ،فقد جرى تقسيمه إلي دويالت سوريا ولبنان وفلسطين واألردن ،تحت النفوذ الفرنسي واإلنجليزي على التوالي ،ومع اتفاقية التحرك المفتوح للواليات األمريكية .وظهور الكيان الصهيوني بالمنطقة وما نتج عنه من والدة حزب مسلح بجنوب لبنان يشكل دولة داحل سوريا الكبرى وليس داخل لبنان فقط ،وتحت هذه الظروف فإن الديمقراطية والحياة الحزبية تواجهها تحديات جمة وإن كانت شبه مستحيلة فهي تظل ضرورة حتمية لتواجد وعي وإرادتين شعبية وسياسية للخروج المنطقة ككل من شدة وسلبية التدخالت األجنبية. حيث أن العالم العربي يتوحد تلقائيا وتنتشر الديمقراطية بشكل طبيعي ومثالي تدرجيا وتتفاعل العملية الحزبية والسياسية يشكلها األفضل كلما ابتعدت التدخالت األجنبية عن المنطقة برمتها. والدور األكبر لألحزاب السياسية في العالم العربي هو مسئوليتها بناء الرأي العام الواسع والقوي والمؤثر والمسئول. فضعف وعي الشعوب العربية الراهن وفقدان التضامن والحراك السياسي العربي المسئول والموالة لالستبداد هو سبب نكستها وهو ما يهدد مستقبلها. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وحسب رأى الباحثون " :في البحرين تحولت األحزاب السياسية إلى جمعيات لم يسمح لها إلى اليوم بالتحول إلى أحزاب ،وفي األردن تم إلغاء األحزاب السياسية منذ عام 0599والى 0515 ،وفي الجزائر تم إقصاء جبهة اإلنقاذ وتم توجيه ضربات قاسية وعنيفة للتيارات واألحزاب اإلسالمية في اغلب الدول العربية وغيرها من إجراءات إقصاء اتبعتها السلطات الحاكمة ، النابعة من غياب ثقافة الديمقراطية. ففي األردن على سبيل المثال لم يشر قانون األحزاب رقم 32لعام 0552المعمول فيه اليوم في معرض تعريفه للحزب السياسي ،إلى ان من اهداف الحزب الوصول الى السلطة من اجل تنفيذ برامجه وأديباته الحزبية ،وهي سمة فاصلة بموجب ادبيات وتعريفات المفكرين السياسيين والقانونيين للتمييز بينه وبين غيره من الجماعات السياسية مثل جماعات الضغط التي تسعى للتأثير على السلطة وليس حيازتها التي هي من مهام الحزب السياسي .اما االحزاب المعارضة للسلطة فقد نظرت الى مفهوم الديمقراطية وتطبيقاتها بصورة ال تختلف عن نظرة السلطة الحاكمة اليها ،ونظر جزء منها الى الياتها المتمثلة بالتعددية بوصفها ترسبات فكرية برجوازية يجب رفضها ،مثال حركة القوميين العرب ،كما رفضت الحركات القومية االخرى فكرة الديمقراطية الن ممارستها التاريخية والسياسية دفعتها الى ان تكون كذلك اما الحركات اليسارية واالشتراكية فقد وجهت سهام النقد للديمقراطية باعتبارها مفهوما غربيا واستعاضت عنه بمفاهيم اخرى ،مثل الديمقراطية الصحيحة او ديمقراطية الشعب العامل ،كما فعلت الحركة الناصرية او االجتماعية عند الحزب القومي السوري او الديمقراطية القومية كما فعلت االحزاب الشيوعية ،او الحرية كما هو خطاب البعثيين ،كان رفض هؤالء للديمقراطية ينبع من رفض ما سمته بالديمقراطية اللبرالية او البرجوازية او الغربية ،ان غياب ثقافة الديمقراطية انعكست كذلك على بنية الحزب نفسه وعلى نظرته للقضايا المعاصرة ،وعلى عملية اتخاذ القرار بحيث يصبح كل اختالف في الرأي عبارة عن شقاق يتوجب استئصاله واستئصال من يقف وراءه وتتخذ هذه التصفيات في االحزاب الشمولية الحاكمة على سبيل المثال طابع التصفيات الجسدية (حزب البعث في العراق وسوريا ) او السجن (الحزب الوطني في مصر) او النفي واالقامة الجبرية (مثل حكومة االنقاذ في السودان ) لقد اثبتت التجارب الحزبية في وطننا العربي الكبير هشاشة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وضعف الوعي السياسي في مٍ سألة من اهم مسائل كينونتها واستمرارها ،وهي زرع الديمقراطية فيها بوصفها اسلوبا للحكم وادارة المجتمع سواء اكان الحزب في الحكم ام في المعارضة .لعل افضل ما تختم فيه هذه الفقرة ما قاله جورج حبش وهو احد المؤسسين لحركة القوميين العرب (انه لو قدر له ان يعيد تأسيس الحركة لكان قد اسسها على اسس ديمقراطية.".
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ثانيا ،العملية الحزبية العربية والتحديات بشكل عام ،ليس األحزاب السياسية فقط وإنما كامل الحياة السياسية العربية في حاجة إلي رسم خارطة التحديات المتعددة ،من أجل أن تتطور من حال إلي أخر أفضل وأكثر قدرة في صنع حياتها الطبيعية. والتحدي األكبر في مدى نضوج الوعي الشعبي الواسع المشارك بشجاعة ومسئولية وفي مدى توفر واإلرادة السياسية الحقيقية لترسيخ الديمقراطية في البلدان العربية .والمستقبل السياسي للدول دائما بين مدى التوافق والتفاعل الديمقراطي الناجح في ممارسة اإلرادتين الشعبية والسياسية. وكما ذكرنا فإن العملية الحزبية هي معيار أساسي يعكس حقيقة تفاعل هذين اإلراديتين ،و مع الربيع قد بدا هذا التفاعل في االنبعاث ،ولم تظهر نتائجه بعد ،كما أنه يحتاج إلي مجهود واسع لبناء الوعي الالزم وهو المحرك لإلرادة الشعبية ،كما يحتاج األمر لزمن كافي من أجل نتاج قيادات وطنية سياسية تؤمن أن بناء الدول هو نتاج تفاعل اإلرادتين ،كما تؤمن بأنه ال شرعية إلرادة سياسية بدون توفر إرادة شعبية تدعمها في كافة قراراتها وسياساتها ورؤيتها. كما أن هناك تحدي أخر يواجه األحزاب العربية في ذاتها ،وهو ضرورة وجود وعي سياسي بأن األحزاب السياسية هي مؤسسات مدنية في أصل نشأتها ،مرخصة تشريعيا ،وليس حكوميا ،من أجل خدمة الشعب وتحقيق مصالحه ،وهذا هدفها األساسي وهو اإلصالح و والوعي ،وما هدف الوصول إلي السلطة إال لكي تحقق برامج الوعي واإلصالح المطلوبة. ألن المالحظ بأن التجربة الحزبية العربية تمر بمرحلتين ،مرحلة االستبداد وكان مطلوب منها بحكم الواقع شكلية ،وداعمة لألنظمة وليس للشعوب .ومرحلة الديمقراطية بعد الربيع العربي، حيث ظهرت مخاطر التصادم والتنافس الفكري وليس التنافس في برامج اإلصالح و والوعي العلمي والعملي والحكيم. إذا التحدي هو في مدى ابتعاد هذه األحزاب في محاربة بعضها ،وأن تقترب من الشعوب بنجاح وهو معيار نجاحها في بنائها الحقيقي عبر الشعب ،وليس عبر تحطيم بعضها. وخالصة القول مع 2102لم تظهر معالم العملية الحزبية الجديدة في العالم العربي بوضوح بعد. ولعلى الفكرة السابقة تحد من مواجهة األحزاب بعضها وأن تظهر بوجهها لحقيقي للشعب الختبار مدى قدرتها في اكتساب الشرعية والقوة السياسية من الشعب. كما يالحظ بأن نطاق واسع من الشعب العربي متخوف من العملية الحزبية فهو ال عهد له بعد بممارسة كامل الحرية بشكل مطلق ،وتعود على وجود قائد رمز قوي مقنع للجميع ،فله أن يحكم منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
كيفما شاء وترتاح الشعوب من مسئولية حماية كرامتها وحريتها وتتنازل دفعة واحدة من هذا المبرر وتحفظ ماء وجهها وبما ال يخدش كرامتها أمام بعضها .وهذا التحدي األكبر وهو كيف تتلخص الشعوب العربية من رواسب االستعمار واالستبداد وتتحمل تقرير مصيرها بوعيها وبشجاعة تعكس إنسانيتها في رسالة تحقيق العدالة والسعادة والخير لمجتمعها المتضامن والراغب في العيش معا. كما أن هناك تحدي موروث السياسي الحزبي الذي ترسخ بسبب مطامع استعمارية ،وهو التدخل الخارجي ،ومناهضة الدول الكبرى لقيام إتحاد طبيعي للدول العربية .ومناهضتها للحرية الدينية اإلسالمية للمشاركة في الحياة السياسية كما ترى الشعوب وليس من منظور ورؤية خارجية ال تخرج الشعوب عنها وإال تدخلت إلجهاض الديمقراطية لصالح شكل من أشكال الحكم المطلق. فمثال ،ظهر مع بداية حركة االستقالل العربي ،والذي بدا مع ثورة 0509الهادفة إلي تحرير الحجاز ،ومن ثم مشروعي قيام دول الهالل الخصيب (العراق-دمشق) ،وسوريا الكبرى(وهي األردن -فلسطين-دمشق-لبنان) ،فانتهى حلم سوريا الكبرى باالستعمار الفرنسي في ،0521 وانتهى حلم الهالل الخصين في 0508باالحتالل البريطاني للعراق ،وظهر في العالم العربي مسألتين جديتين مؤثرين في الحياة السياسية ،وهما الجامعة العربية كبديل عن الوحدة العربية اإلسالمية الطبيعية ،وظهور تيار العروبة العلماني المؤيد من الخارج .وهذه تعد تحديات سوف تواجه األحزاب السياسية العربية عندما تحاول بناء وعي عربي إسالمي حقيقي ،وعندما ترغب الشعوب العربية في اإلصالح التام واالستقالل والتنمية الشاملة بدون فساد وتدخالت خارجية معرقلة تجد من يدعمها ليستفيد منها. إذا ترتقب الشعوب لعربية من العملية الحزبية وحدوية ثالثية وهي الوحدة الثقافية والوحدة االقتصادية والوحدة السياسية ،والشعوب العربية ليس مستقبلها في استثمارات فيما بينها تسمى خارجية ،وإنما في إدارة المال العربي في سياسة عربية عامة واحدة ،تصنع التكاملية االقتصادية النسبية العلمية بنجاح واسع ،كما توطن النهضة الصناعية بمصداقية ،وتصدرها فيما بينها، للوصل إلي المنافسة واالستقاللية وعدم التبعية الثقافية واالقتصادية والسياسية ،وهي أشد المخاطر وأكبر التحديات. فقد انتهت الحياة الحزبية األولى في سوريا بانقالب عسكري مدبر في 0585وتولي حسني الزعيم الرئاسة ،جاء بعده تكريس دور المخابرات األمريكية في السياسة بالمنطقة .وفي دستور عام 0593تكرس نظام حزب البعث الواحد للحكم على المستوى القطري واإلقليمي. كما أن مصر شاهدت العملية السياسية الثالثية الشهيرة منذ 0523إلي 0582حيث انتهت بتولي حزب الوفد السيطرة على الحكومة تحت سيطرة القوات اإلنجليزية على القصر ومنعه من قرار الحرب ضد إسرائيل ،وهكذا كانت تدور العملية الحزبية وتداول الحكومة بين القصر وحزب منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الوفد والتدخل اإلنجليزي ،بحيث يقوي طرف على أخر كلما أتجه نحو التأثير في مصالح القوة األجنبية. ولهذا السبب التاريخي والبعد المستقبلي نجد هناك قاعدتين دستوريتين هامتين ،وهما منع الدعم واالتصال الخارجي على كافة األحزاب السياسية ،ومبدأ الدولة المدنية التي تحرم دستوريا تولى العسكر للسلطة وتحدد أن الوصول للسلطة عبر األحزاب السياسية وهي منظمات مدنية في جوهرها ونشأتها ،وإنما نشاطها سياسي وهي غير حكومية من أجل شعبيتها التامة واستقالليتها الكاملة.
وظائف األحزاب السياسية واألنظمة السياسية دعنا نناقش في هذا المطلب المسائل الثمانية ألهميتها في الممارسة الحزبية الوظيفية والوعي الشعبي. وحسب ما يقول الباحثون بأنه في النظم الديمقراطية تعد األحزاب السياسية هياكل بالغة األهمية. والديمقراطيات المعاصرة هي ديمقراطيات تمثيلية ،حيث ينتخب الناس ممثليهم ليقوموا بسن القوانين ،وتنفيذها نيابة عنهم .وفي ظل نظام الحكم التمثيلي الديمقراطي تنشأ الحاجة لوسيلة تقدم المرشحين لتولي المناصب العامة ،ولطرح القضايا المهمة للنقاش العام .وتقوم األحزاب السياسية بهذا الدور. وفي االنتخابات يختار الناس من يريدونه من المرشحين لتولي المناصب العامة. واألحزاب السياسية هي تنظيمات طوعية ومدنية غير مسلحة ،تسعى ألن ينضم إليها أكبر عدد ممكن من األعضاء بوسائل اإلقناع. وتنظم األحزاب أعمالها بلوائح خاصة ،تحدد اشتراكات عضوية ،وبعضها ليست له لوائح ،وال يجمع اشتراكات من أعضائه. فاألحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة هي مجموعات منظمة تسيطر أو تسعى للسيطرة على الحكم في البالد الديمقراطية. وتتنافس األحزاب السياسية في االنتخابات لالحتفاظ بالسلطة أو للوصول إلى السلطة. وقد تنشط األحزاب السياسية على المستوى القومي أو اإلقليمي أو المحلي. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفي ألنظمة الدكتاتورية (االستبدادية) ال تسمح إال بحزب واحد ،يستأثر بالحكم .وتسمى مثل تلك الدول دول الحزب الواحد .في الدول ذات الحزب الواحد ،يفوز المرشحون الذين يختارهم الحزب في االنتخابات تلقائيًا ،لعدم وجود منافسين لهم .وفي الدول الشيوعية ،ذات الحزب الواحد ،كالصين مثالً ،يهيمن الحزب الشيوعي على الحكومة .وتعد العضوية في الحزب َم ِّزيَّة ال ينالها شخص إال بعد استيفاء شروط معينة .ويقوم الحزب بمهام أكثر مما تقوم به األحزاب السياسية في الدول الديمقراطية .ولذلك ينشئ الحزب الواحد عدة أجهزة ،لضم أعضاء إليه ،ولتدريب قادته .وعلى غرار ذلك حزب البعث في سوريا والعراق وتطلعاته القومية على مستوى العالم العربي وتنشئة واختيار قيادته من أجل فرض اإليديولوجية القمعية والسيطرة على الحكم في البالد العربية ،ولكنه أخفق وانحصر في هذين البالد وسقط أبديا مع الربيع العربي 2100ومع سقوط نظام صدام في العراق .2113كذلك الحزب الوطني الحاكم في مصر لمدة أكثر من ثالثة وثالثين عاما 0511-2100في ظل تأييد وتكريس سلطة رئيس واحد ،وحزب التجمع الدستوري في تونس ثالثة وعشرين عاما ،2100-0519وليبيا حزب اللجان الثورية وظل مسيطرا ألكثر من أربعون عاما في تأييد القائد والمعلم والمفكر والملهم األوحد ،ويقوم بالتصفية الجسدية لكل معارض سياسي أو ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي. أما في الدول المتعددة األحزاب ،فيختار كل حزب مرشحين لمختلف المناصب ،لينتخب الناخبون من يشاءون من بينهم .لذلك ،تحاول األحزاب اختيار مرشحيها ،ممن تحسب أنهم أكثر قبوالً لدى الناخبين ،وأفضل خبرة للوظيفة .وقد يتم االختيار في اجتماع لقادة الحزب ،أو في مؤتمرات ينظمها الحزب ألعضائه في كل المناطق. كون البلد تنتهي حالة تعدديتها الديمقراطية إلي حزبين أو أكثر فهذا ال يمكن فرضه في ظل الديمقراطية وإنما التفاعل والتوافق والتباين هو ما يفرضه ويسيره ،وما ينبغي هو أن تدرك الشعوب وأعضاء األحزاب كيف تسير العملية السياسية وتنتهي في ظل أربعة مسائل هامة ،وهي ،نظام الحزبين ،نظام التعددية الحزبية ،مسألة القطرية واالتحادية ،وعلى سيبل المثال ،نقتبس من أراء الباحثين ما يلي:
مسألة :1نظام الحزبين. وهو شائع في البالد الناطقة باإلنجليزية .ويشمل المملكة المتحدة التي ساد فيها مؤخ ًرا حزبا المحافظين والعمال .وهناك أحزاب صغيرة أخرى ،كحزب األحرار الديمقراطيين ،غير أن النظام االنتخابي يقلل من أهميتها. وبالرغم من وجود حزبين في بلد من البلدان ،يسيطر حزب واحد على الحياة السياسية في مناطق معينة في الدولة .ففي المملكة المتحدة مثالً ،هناك دوائر انتخابية معينة تكاد تكون معقالً تقليديًا لحزب العمال .وهناك ما يسمى بالدوائر الهامشية التي تتأرجح بين الحزبين ،وغالبًا ما يفوز فيها أحدهما منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
بفارق بسيط في األصوات عن الحزب اآلخر .وفي االنتخابات القومية ،ال يشترط في المرشحين أن يكونوا من سكان المناطق التي يتقدمون لالنتخاب فيها. وكما ينبغي معرفة آلية الحزب الفائز حسب طبيعة النظام الرئاسي أو البرلماني.
مسألة :2التعددية الحزبية. نظام قائم في كثير من البالد التي تحكم حك ًما برلمانيًا .ففي أستراليا مثالً يوجد ثالثة أحزاب .ومن البالد المتعددة األحزاب بلجيكا والدنمارك وفرنسا والهند وإيطاليا وسريالنكا واليابان .وقد يكون في كثير منها أربعة أو خمسة أحزاب كبيرة ،إضافة إلى عدد من األحزاب الصغيرة ،ولكل حزب أهدافه ومراميه االقتصادية أو االجتماعية .ومع اختالف نظم التعددية الحزبية ،فالغالب أن يكون من بينها أفكارا محافظة. أفكارا تحرريةً أو راديكالية (متطرفة) ،أو أحزاب يمينية تتبنى أحزاب يسارية ،تتبنى ً ً وفي ظل التعددية الحزبية ،يندر أن يكسب حزب واحد عددًا من المقاعد في الهيئة التشريعية ،بحيث كثيرا يكفيه لتشكيل حكومة .لذلك ،عادة ما ،يأتلف حزبان أو أكثر لتشكيل حكومة ائتالفية .غير أن ً من الحكومات االئتالفية تخفق في االتفاق على سياسة أو منهج موحد ،وتسقط الحكومة .فالتعددية استقرارا ،كما هو الحال في نظام الحزبين.وتختار األحزاب الحزبية تؤدي إلى قيام حكومة أقل ً السياسية رؤساءها في مؤتمر عام ،أو ينتخبهم ممثلوها في الهيئة التشريعية. وأيضا ينبغي معرفة آلية الحزب الفائز حسب طبيعة النظام الرئاسي أو البرلماني.
مسألة :3آلية عمل الحزب في النظام الرئاسي في النظام الرئاسي ـ كما هو الحال في الواليات المتحدة األمريكية ـ يقتضي الدستور توزيع السلطات عضوا في الهيئة التشريعية للدولة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ لذلك فالرئيس ليس ً وكذلك الوزراء ال يحق لهم جمع العضوية. فالرئيس منتخب من قبل الشعب ،وقد يكون من حزب غير الحزب صاحب األغلبية في الهيئة وكثيرا ما يعتمد الرئيس على قادة الحزبين لكي يتمكن من الحصول على موافقة الهيئة التشريعية. ً التشريعية على سياساته.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مسألة :4آلية عمل الحزب في النظام البرلماني في الدول البرلمانية الديمقراطية كالمملكة المتحدة ،رئيس الحكومة هو رئيس الوزراء .وهو عضو في البرلمان ،وفي الغالب األعم ،زعيم الحزب صاحب األغلبية في مجلس العموم .وعادةً ،يختار رئيس الوزراء أعضاء وزارته من قادة الحزب نفسه أي أغلبية األعضاء في البرلمان. وفي المملكة المتحدة ،يستحوذ رئيس الوزراء ومجلس وزرائه على السلطة التنفيذية والتشريعية في آن واحد .وهم أعضاء في البرلمان ومسئولون لديه .فإذا أخفق رئيس الوزراء في االحتفاظ بمساندة ٍ البرلمان له ،فقد يطالب حزب المعارضة بانتخابات عامة جديدة.
مسألة :5التنظيم داخل الهيئة التشريعية ينسق األعضاء المنتخبون المنتمون ألحزاب سياسية داخل المجلس التشريعي أو البرلمان أعمالهم من أجل أداء مهامهم بفعالية .ويدير جلسات المجلس رئيس ينتخبه األعضاء .وفي الواقع ،يختار حزب األغلبية رئيس المجلس. ولكل حزب أعضاء نشطون ينقلون لرؤساء األحزاب مالحظاتهم عن رأي أعضاء الحزب حول مشروعات القوانين المعروضة لالقتراع ويعملون على تأكيد االلتزام الحزبي بين األعضاء. وفي داخل معظم الهيئات التشريعية ،تُنشأ لجان تُمثَّل فيها كل األحزاب ،حسب ثقلها في المجلس، للبحث في مشروعات القوانين .ويرأس هذه اللجان عادة ً عضو من حزب األغلبية.
مسألة :6مسألة النظام الموحد أو االتحادي ففي البالد التي تأخذ بنظام الحكومة الموحدة ،مثل :فرنسا ،وإيطاليا ،والمملكة المتحدة ،تتركز معظم السلطات في الحكومة المركزية ،ويشمل ذلك السيطرة على الحكومات المحلية .أما في البالد ذات النظام االتحادي ،مثل :أستراليا وكندا ،فتقسم السلطات بين الحكومة المركزية وحكومات الواليات، أو األقاليم. وتركز األحزاب السياسية ،في البالد ذات النظام الموحد ،على تولي وتنظيم الحكومة المركزية؛ فهي في األساس قومية التوجه ،في نشأتها وتكوينها .وفي البالد ذات النظام االتحادي ،تسعى األحزاب السياسية للوصول إلى السلطة لتنظيم كل من الحكومة المركزية ،وحكومات الواليات أو المقاطعات. فهي إذن أحزاب قومية وإقليمية في أنشطتها وتكوينها.".
مسألة : 7تشكيل المعارضة في كل بلد ديمقراطي ،يقع عبء انتقاد سياسات الحزب الحاكم ،وطرح البديل لها ،على عاتق الحزب ،أو األحزاب خارج السلطة .وفي بالد مثل فرنسا ،وإيطاليا ،وبالد أخرى ـ حيث تتعدد منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
كبيرا .أما في األحزاب ـ قد تختلف آراء األحزاب المعارضة حول نوع نظام الحكم نفسه اختالفًا ً البالد ذات الحزبين ،فإن حزب األقلية يشكل عادة ً معارضةً موحدة ً .وقد تتجمع عدة أحزاب في شكل ائتالف ،ليعارض الحكومة أو ليحل محلها.
مسألة :8وظائف الحزب حيث تقوم األحزاب السياسية في البالد الديمقراطية بعدة وظائف مهمة ،وتشمل: -0اختيار مرشحين للمناصب العامة. -2المساعدة في تنظيم الحكم. -3تمثيل معارضة للحزب الحاكم. -8تجميع األموال لتجهيز الحمالت االنتخابية. -9وظائف أخرى كثيرة منها أنها توضح للناخبين الشؤون العامة ،والمشكالت التي تحتاج إليها لعمل حكومي .وتضع برنام ًجا ،أو منه ًجا سياسيًا ،وتستهدف وضعه موضع التنفيذ لمصلحة البالد ،إذا كسبت السلطة ،أو احتفظت بها في االنتخابات القادمة .وتخضع مثل هذه السياسة للدراسة والنقاش داخل الحزب .وقد تتناول أي مجال يرى الحزب أنه مهم ،كصيانة الموارد الطبيعية ،أو تولي الخدمات العامة ،أو التخطيط االقتصادي ،أو ملكية األراضي والصناعات الكبرى .ويصدر الحزب أحيانًا بيانًا يبين سياساته ،أو خطته لسنوات قادمة؛ إلغراء الناخبين بإعطاء أصواتهم لمرشحيه .أما في البالد ذات الحزب الواحد ،فتتمثل مهام الحزب السياسي في اختيار المرشحين للمناصب وتنظيم الحكومة. -9وظائف أخرى حيث في الدول الديمقراطية تستخدم األحزاب السياسية وسائل اإلعالم ،كالصحف واإلذاعة والتلفاز وغيرها ،لتتحدث إلى الناس عن برامجها وأهدافها؛ فهي تنشد كسب السلطة ،أو البقاء فيها .وتحاول األحزاب المعارضة الكشف عن مواطن الضعف في سياسات وبرامج الحكومة، وتزعم أنها تقدم البديل األفضل لها .وبذلك تزيد األحزاب السياسية وعي الناس بشؤونهم ،وتسلط األضواء على المسائل التي تهمهم.
مسألة :9عدد االحزاب كلما قل عدد االحزاب كلما دل ذلك على التوافقية الفكرية ،ودل على الوعي ونبذ الخالفات ،ومعرفة الواقع السياسي الدولي والمصيري.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فليس هدف االحزاب الصراع على السلطة ،بل هو التنافس حول افضل سبل اإلصالح ،وحول ضمان امن وسالمة العيش الكريم الموحد والمسئول حضاريا وإنسانيا وعالميا و وطنيا وعلميا ،فقد يكون كثرة االحزاب عن حالة من الفوضى والتخبط ،وهذا في علم الحضارات ،حالة التخلف ،أي لم تعرف ان تستخدم الوسائل بشكل ناجح في مواجهة هذا التخلف والخروج منه.
مطلب :3املفهوم العام لالنتخابات فالدستور هو عماد العملية الحزبية والعملية االنتخابية. ونجاح العملية الحزبية سوف يدعم النجاح في العملية االنتخابية. واالنتخابات تعني اختيار من يتولى السلطات برضا الناس. ورضا كل الناس غاية صعبة ،ولكن في السياسية جعلت لها وسيلة قياسية منطقية ونسبية يحتكم إليها الناس بسبب اختالف مطالبهم ورؤاهم وقدراتهم ونفوسهم وعقولهم. ومن األهمية بمكان أن نلقي بعض الضوء على فلسفة العملية االنتخابية من الناحية العمومية. وبشكل عام ،فهناك عدة أنواع وهي االنتخابات البرلمانية وهي تخص مجلس الشيوخ ومجلس النواب ،واالنتخابات الرئاسية وهي تخص رئيس الدولة ورئيس الحكومة ،وهناك االنتخابات الخاصة وهي تخص سلطة القضاء وسلطة الصحافة وسلطة الشورى. ولفهم مقصد العملية االنتخابية العمومية ،يمكن تقسيم االنتخابات إلي طريقتين: طريقة االنتخاب باالقتراع العام المباشر السري طريقة االنتخاب باالقتراع الغير مباشر.أوال ،االنتخاب العام المباشر والسري وهنا يقصد من خالله أن يكون االختيار من كافة الشعب ،وأن يقوم كل فرد بمباشرة االقتراع في أماكن محددة أن يختار من يراه األفضل من قائمة المشرحين المعتمدين. وأن يكون سري بحيث ال يعرف بقية الناس اختياره ،وكذلك ال يعرف المرشح ذاته من صوت له. وفي ذلك تفادي لمسألة االستغالل أو النزاع وغيرها من السليبات. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
إال أن هذه الطريقة السرية ترتب عنها كثير من التزوير. ولتفادي عملية التزوير اتخذت احتياطات سياسية ،حيث يتقرر يرأس كل دائرة اقتراع قاضي ،وفي حالة عدم توفر عدد كافي يرأس دائرة وهي تضم أكثر من مركز اقتراع ويستعان بعدد كافي من القضاة .والسبب في اختيار أنهم طوال حياتهم ال يحق لهم الترشح العام في أي من السلطات األخرى غير القضاة. وكذلك الحال مع الشرطة والجيش واألمن القومي ،فجميعهم ال يحق لهم الترشح حسب مفهوم الدولة المدنية ،وسالمة العملية االنتخابية والحزبية. فال يجوز للقضاة ورجال الشرطة والجيش واألمن القومي المشاركة في العملية الحزبية. وهناك نوعان أساسين يخضعان لعملية االنتخاب العام المباشر السري ،وهما: االنتخابات البرلمانية :وتعبر عن كيفية تشكيل السلطة التشريعية ،وهو يتكون من مجلسين،مجلس النواب ومجلس الشيوخ ،وينتخب مجلس النواب عن طريق االقتراع العام المباشر والسري ،والمدة النيابية سنتين ،ويحدد عدد النواب بالمعيار العددي نسبة لعدد السكن بالمحلة ،حيث يوضع معدل عام تشمل انتخاب النواب على مستوى التقسيم المحلي ،وعادة ما تكون مدة النائب سنتان ،ويختار النواب فيما بينهم رئاسة مجلسهم ،حسب القانون .إال أن هناك طريقتين بشأن انتخاب "مجلس الشيوخ" ،وهو االنتخاب العام المباشر السري ،والمدة البرلمانية ستة سنوات ،ويتم على أساس المعيار الجغرافي ،فقد تكون الدولة متحدة ومقسمة إلي محافظات أو مقاطعات أو اتحادية مقسمة إلي أقاليم مستقلة داخليا ،بحيث يحدد الدستور عدد األعضاء بالتساوي على حسب تقسيم الوحدات اإلدارية المحدد بالدستور .وقد يتم تشكيل "مجلس الشيوخ" عن طريق االقتراع إذا ما حدد الدستور ذلك ،بحيث يقوم مجلس النواب بترشيح عدد األعضاء بمحافظتهم أو إقليمهم ،مع العلم ،بأن مجلس النواب مكون على أساس اختيار الناس لهم من أجل تمثيل مصالحهم ،فهم عادة معرفون فقط على مستوى الحي المقيمين فيه ،وقد يكونوا من عموم الناس ومن مختلف الفئات تجار وفالحين ومدرسين ومحامين وغيرهم .أما أعضاء مجلس الشيوخ فيتم اختيار على مستوى المحافظة أو اإلقليم الذي يمثله مجلس النواب المحلي .وتحال األسماء في أظرف وتعتمد من المحكمة الدستورية ورئاسة الدولة .إال أن المتبع األكثر هو انتخاب مجلس الشيوخ عن طريق االنتخاب العام المباشر السري .مع مالحظة أن تفاوت المدة النيابية ومدة الشيوخ لها مقصد سياسي بليغ، وكذلك أم مجلس الشيوخ عادة ما يقسمون إلي ثالثة فئات ،بحيث يجدد كل سنتين فئة ،وبذلك يكون خالل ستة سنوات مجلس الشيوخ متجدد بالكامل ،وكذلك مجلس النواب تجدد ثالثة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مرات ،وبهذا ال يمكن أن يحدث فراغ تشريعي أو تكوين تكتل تشريعي ضار بهذه المؤسسة التشريعية. االنتخابات الرئاسية :وتعبر عن كيفية انتخاب رئيس الدولة ،حيث في في النظام الرئاسييكون للرئيس صالحيات واسعة ،والرئيس المنتخب هو من يختار رئيس الحكومة والوزراء والسفراء والقضاة ويرأس القوات المسلحة بكافة مؤسساتها ،وهو غير مناسب للدولة العربية التي عانت االستبداد وتأثرت بشكل جسيم في طبيعة تفكيرها وخلق كثير من السلبيات ،وفي النظام البرلماني يحد من سلطات رئيس الدولة فتكون رئاسة رمزية ومن أجل توازنات قانونية بين السلطات ،اختيار رئيس الحكومة من قبل البرلمان وتكون الحكومة مسئولة بالتضامن أمام البرلمان .وعلى كل حال ،فتجرى انتخابات عامة مباشرة وسورية للرئيس، وتتنافس األحزاب السياسية ،والفائز بأعلى األصوات يكون رئيس الدولة والذي يليه نائب الرئيس. ثانيا ،االنتخاب باالقتراع الغير مباشر: وهي عن طريق االختيار الداخلي ،وفق الئحة خاصة بكل مؤسسة. فمثال ،العملية االنتخابية بالمجلس األعلى للقضاء ،فهذه المؤسسة تمتاز باالستقاللية عن الشعب أو أي سلطات ومؤسسات أخرى ،فأعضائها ال يجوز لهم الترشح في االنتخابات العامة أو المشاركة فيها. كما أنها تخصصية ال تقع ضمن التقييم الشعبي العام ،فهي من يحكم ويفصل في مختلف المنازعات. وتكون العملية االنتخابية خاصة ،بحيث يتولى القضاة المعتمدين بالسلك القضائي بتقديم أصواتهم حسب ورقة االقتراع ألحد المرشحين الذين تتوفر فيهم الشروط حسب الالئحة الداخلية الخاصة بالمجلس األعلى للقضاء. وكذلك االختيار بالنسبة لبقية المحاكم ،تكون عملية االقتراع الغير مباشر عن طريق "الجمعية العمومية" وهم كافة العاملين من قضاة ومحامين ومستشارين معتمدين بالجهة .ويكون اعتماد النتيجة االنتخابية بعد الطعون عن طريق البرلمان والمحكمة الدستورية. ويشمل ذلك ال محكمة الدستورية ،إال أن بعض الدساتير قد أعطت رئيس الدولة تعين جميع األعضاء أو نصفهم أو عدد معين ،والبقية باالقتراع عن طريق البرلمان .إال أنه جاري تطويرات في كثير من الدساتير أن يكون جميع األعضاء منتخبين ،وترشيحهم من البرلمان والمجلس األعلى للقضاء والمحاكم. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
من أجل الوصول إلي أسمى اختيار لهذه المؤسسة التي قراراتها نافذة ،فهي من يجيز أو يوقف أي قانون أو قرار أو سياسات تفسرها بأنها غير مطابقة للدستور. وبشكل عام ،يطبق االقتراع غير مباشر بمختلف السلطات األخرى ،وأهمها المجلس األعلى للصحافة واإلعالم ،وكذلك مجلس الشورى. وتطورت مفاهيم وأدوات فنية عدة ،منها المرشحين المستقلين والقوائم الحزبية ،والعتبة البرلمانية، والصوت الغير مجزى ،والدوائر الحزبية ،واللجان المركزية والعامة ولجان االقتراع ،وسجالت الناخبين وشروط المرشحين ،والعملية الرقابية االنتخابية ،وكل ذلك يتناوله قانون االنتخابات، ويعرف أنه قانون مكمل أي البد أن يكون لكافة نصوصه أساس دستوري. في حقيقة األمر ،هناك عالقة عضوية بين مفاهيم السياسة والصياغة القانونية المقومات فيما يتعلق بصنعة وممارسة االنتخابات العامة. وكذلك عدة نواحي فنية حساسة انبثقت من أجل الوصول إلي تحديد أقصى درجات الدقة في احتساب التمثيل الشرعي ،فخرج مفهوم معايير تقسيم الدوائر االنتخابية وقوائم المرشحين ،ونظام القوائم والفردية كما سيأتي مناقشتها.
الحاجة لتنمية الوعي السياسي اإليجابي لقد أدركت اإليديولوجيات أن الشعوب ال تسعى لوحدها إلي طلب الوعي السياسي ،وإنما البد أن تكون هناك آللية مبرمجة ،تذكر الشعوب وتوجيهها وتنمي تفكيرها ،فهي مشغولة بلقمة العيش أكثر من انشغالها بالقلم والعلم والسياسة. ولقد استغلت هذا الضعف الشعبي ووهي تمسح العقول بشكل مستمر ،وتوظف من يعينها ،النتشار سيطرتها وصنع قادتها الشعبية. وك ذلك العملية االنتخابية هي آلية إيجابية وتحتاج لعملية تنشئة سياسية إيجابية بالمدارس وغيرها. ونذكر هنا مثال ،تركياـ تجرى بشكل دوري عمليات انتخابات في تالميذ المدارس من أجل الفوز على مستوى بالبلد بمركز رئيس الدولة .وعندما يفوز "التلميذ الموهوب" ،وليس بطرق أخالقية وطنية تربوية نزيهة سليمة ،يسلم له رئاسة الحكومة "رئاسة الوزراء" ليس رئيس الدولة ،ليوم واحد ،يصدر القوانين ويقرر ويأمر ،ويكون رئيس الحكومة بجانبه في ذلك اليوم في خدمته وال يقرر .وبالطبع ذلك اليوم عطلة حكومية .وقرارات الطفل إنما هي مرآة للمستقبل ،وليست نافذة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
هناك دول تصنع مركز للتدريب متكاملة توجد فيها قاعة حكومية ،وقاعة برلمانات ،ومحاكم، وغيرها مما يلزم لبناء الدولة حسب دستور البالد .وتتم تشكيل األحزاب السياسية الصورية، واالنتخابات التدريبية ،ثم انعقاد البرلمان دورته وتمارس الحكومة التدريبية نشاطها ،وكل ذلك طبقا لدستور وقوانين البلد من أجل ترسيخها في أذهان الشباب. وهناك تكريم الندوات ولمفكرين والكتاب والناشطين السياسيين ،وكذل ذلك الزم من أجل بناء اإلنسان الواعي ،وهذا ضروري للغاية قبل إمكانية تحقيق أي تنمية مكانية ،فبناء وعي اإلنسان هو األساس.
ماهية العملية االنتخابية تعتبر العملية االنتخابية وسيلة قانونية وآلية إدارية يمارس الشعب من خاللها إرادته الحرة بشكل منظم وضوابط تحقق كامل الشرعية لنتيجة العملية االنتخابية. ويعبر صوت كل فرد عن رأيه ،ويختار بإرادة حرة أفضل القيادات المرشحة للممارسة السلطات وإدارة البالد خالل فترة دستورية محددة. ويستعرض هذا الفصل المفاهيم النظرية والتطبيقية من أجل إجراء االنتخابات بصورة شرعية تامة. حيث ،يحدد الدستور أسس االنتخابات الوطنية ضمن ترسيخه الشرعي لمقومات أسلوب الحكم القانوني والديمقراطي. ويعتبر الدستور مشروع وطني لبناء دولة يسود نظامها ومؤسساتها القانون ،ويستند أسلوب حكمها على أدوات الديمقراطية الحقيقية ،المتعارف عليها عالميا والموثوق في فعاليتها في بناء دولة الحضارة. ويستند صنع قانون نظام االنتخابات على مقومات شرعية وعناصر قانونية سوف نتناولها بشكل عام في مقاالت منفصلة. ويعتبر قانون االنتخابات أداة سياسية جوهرية ومسئولية وطنية من أجل التعبير عن "اإلرادة العامة" في اختيار "الهيئة الحاكمة" ..وهي ،السلطة التشريعية ،والسلطة التنفيذية ،والسلطة االستشارية التي تعبر عن قيم المجتمع ..ويختص الدستور وحده بمسألة األسس الشرعية والقانونية ومسألة تكوين واستقاللية السلطة القضائية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويمكن القول بأن (نظام-االنتخابات) هو (المحرك السياسي) للدولة ،فال إرادة سياسية بدون انتخابات شرعية ،وتقع كامل المسئولية على الشعب وعلى ممثليهم في صنعه الحضاري ،وتعتمد كفاءته ومظهره العصري والحضاري ،وقوته في صنع السلطة وعمر الدولة النفعي الديمقراطي والشرعي، على حقيقية وعي الشعب ومستوى القيام بدوره ومسئوليته الوطنية والتاريخية ،وكذلك حقيقة وطبيعة ممثليهم الوطنيين نحو المجتمع. فمثال ،يمكن صنع محرك السيارة في دول مثل -الصين وأمريكا وبريطانيا وكينيا ،-وسوف يكون مستوى هذه المحركات متأثرة بسلبيات وإيجابيات هذه الدول ومجتمعاتها ..وكذلك "محرك- االنتخابات" فهو يعكس مدى رقي و وعي ومسئولية المجتمع في تنافسه العالمي وبمدى شعوره بأهمية مصيريه وتفاعله الوطني مع البيئة الدولية بإنسانية. ونحن اآلن بصدد إجراء "انتخابات-وطنية" ،وهي ليست دستورية بعد ..وبذلك ،ما يصدر عن المجلس الوطني االنتقالي المؤقت بشأن االنتخابات يعبر عن مرحلة انتقالية محددة زمنيا وشرعيا، من أجل النجاح في االنتقال من مرحلة-الثورة إلي مرحلة-الدولة. وعلى كل فرد أمانة الوعي بمقومات والعناصر األساسية "النظام-االنتخابات" التي ينبغي عليه معرفتها من أجل القيام بدوره ككائن سياسي حقيقي ،وليس ككائن اجتماعي فقط ،وال ينطبق عليه قول "أرسطو" في قديم الحضارات إن اإلنسان كائن حيواني وهو يقصد مجرد كائن اجتماعي عندما تحكمه غرائزه وليس عقله النفيس في صنع وعيه اإلنساني والسياسي. ولقد انتفضت الشعوب العربية من أجل (كرامتها) وأول عناصر هذه الكرامة أن يكون صوت كل فرد دستوري أي شرعي ويدلى بحرية مباشرة وعامة ومؤثرة ،وبما يعكس قيمة ومسئولية األفراد الوطنية والدينية واإلنسانية والحضارية. فليس هناك وطن حر بدون إرادة حرة عامة ومنظمة مصدرها وعي حقيقي. فبناء الدول يبدأ من بناء اإلنسان ،ومن خالل اإلنسان يتحقق بناء المكان وكافة أصناف النماء.. وبناء الوعي الحقيق أساس بناء كل إنسان ،وهو الطريق لدولة الدستور وآليات القانون. من األهمية بمكان و لألمانة المستقبلية ،أن نشير إلي أنه البد أن "ترسم" و "ترسخ" في أذهان الناس مبادئ أساسية من أجل ممارسة الدور السياسي من قبل "المجتمع" و "السلطة" بنجاح و استدامة. ومن هذه المباديء:
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبدأ اإلدراك السياسي :وهذا يعني ضرورة وعي الناس واهتمامهم جميعا بالسياسة ،فاليمكن بمكان عزل الناس عن إدراك المفاهيم وممارسة حقوقهم السياسية ،فالسياسة هي ممارسة السيادة ،والسيادة مصدرها الناس ،وممارسة السلطات شرعيتها مصدرها إرادة الناس .ويكمن ذلك في ضرورة فهم الناس ألهمية الدستور والعملية الحزبية واالنتخابية في تنظيم وضبط شئون حياتهم .ولقد ذكرنا آنفا "المعادلة الدستورية" .وهي ممارسة الناس إلرادتهم الحرة هو أساس كل عمل سياسي شرعي وتوظيف ناجح وقوانين فاعلة. مبدأ إدراك النواحي الفنية :حيث صناعة الدستور وصناعة األحزاب وصناعة االنتخاباتترتكز على جوانب علمية ،وطرق فنية وحقائق سياسية وتاريخية واقتصادية وثقافية ودينية. فالبد إلفراد المجتمع أن يكونوا على علم بهذه النواحي لكي تتشكل الذهنية الفنية الالزمة والمشاركة بوعي وفعالية .وهذا يتطلب اإلطالع الشعبي لكل التطويرات والندوات وتجارب الشعوب األخرى في هذه اآلليات الفنية المستخدمة كأساس في إدارة شئون الناس وتحقيق مصالحهم وانتشار الخير ومكافحة مسببات الفساد في األرض. مبدأ إدراك حقيقة الشرعية :من أجل تبسيط هذه المسألة الحيوية ،وضعنا قاعدة عامة وهيتتنازل الشعوب عن سيادتها للدستور ،وهو تنازل دائم ،وبالتالي تكتسب الدولة السيادة وليس الحاكم أو أي صفة شخصية ،وإنما الوظائف العليا هي تمثيل مؤقت ومحدد وخاص في جز ئية مقررة .وتتنازل الشعوب عن إرادتها للسلطات حسب الدستور في فترات محددة في تسحبها ،وبهذا تكتسب الحكومات والبرلمانات شرعية مؤقتة ومحددة وكل حسب جزئياته الدستورية .واالنتخابات هي اآللية التي يتنازل بها الشعب عن هذه اإلرادة ثم يسحبها ويوظفها بما يصنع أفضل القيادات في كافة السلطات عبر االقتراع العام المباشر واالقتراع الغير مباشر.
الحاجة لقانون االنتخابات كما ذكرنا آنفا هناك أكثر من نوع من االنتخابات برلمانية ،ونيابية ورئاسية ،ولكن الناخب واحد وهو المواطن الواعي فكريا والمسئول وطنيا على المحافظة وحماية دولة دستورية ونظام حكم ديمقراطي. فمجموع المواطنين هم القوة-السياسية في البلد ،ولكن حين يكون غير منظمين في البلد فسوف تكون مساهمته الديمقراطية ضعيفة من ناحية الوعي التام ،ومن الصعب أن تكون لهم رؤية موحدة ،أو موقف موحد اتجاه كثير من القضايا والمتغيرات الدولية والمحلية الحساسة ..وبالتالي المواطن الوعي هو الذي توصل إلي الواعي الالزم بحيث يختار الحزب – وهو جماعة سياسية -متخصصة من اجل منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
البحث والتحليل و و إستراتجيات علمية وسياسية في إدارة مختلف شئون البلد خالل فترة تداول السلطة المحددة بالدستور. فمن الصعب أن يضع كل مواطن برامجه السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية وكافة الشئون الدولية ،إضافة أن تكون هذه البرامج مؤسسة على قيم ورؤية محددة ،وتحديد وسائل تحقيقها. لذا يختار المواطن أوال ،من األحزاب المتنافسة في الساحة السياسية ،أيهما يتفق معها في قيمها، ويؤيد برنامجها االنتخابي ،وهذا البرنامج يحدد بدقة ما يجب أن تقوم الحزب إذا توصل إلي السلطة، ويمكن للمواطنين أن يسحبوا منه الثقة عبر السلطة التشريعية حال فشله ،ويظهر ذلك في قياس معدالت الرأي العام.
االنتخابات والتكنولوجيا إن إدخال تكنولوجيا االتصاالت والمعلومات في العملية االنتخابية يتمخض عنه كل من االهتمام والقلق بين الناخبين ،فضالً عن الممارسين في شتى أنحاء العالم .في الوقت الحالي ،تعتمد أغلب مؤسسات اإلدارة االنتخابية حول العالم على التكنولوجيا الحديثة لتحسين العملية االنتخابية .تتراوح وسائل التكنولوجيا من استخدام أدوات األتمتة المكتبية البسيطة ،كبرامج معالجة النصوص وجداول البيانات إلى أدوات معالجة البيانات األكثر تعقيداً ،كأنظمة إدارة قواعد البيانات والمسح الضوئي وأنظمة المعلومات الجغرافية. كانت بعض هذه األدوات متاحة منذ فترة ،كما أن نقاط القوة والضعف بها معروفة .إال أنه في كل عام ثمة تكنولوجيا وأدوات جديدة غير معروفة تجد طريقها إلى السوق .على سبيل المثال ،حتى كتابة هذه الوثيقة ،تُستخدم عدة أنظمة لالقتراع تعتمد على أتمتة التسجيل و/أو عد األصوات .وهناك أنظمة أخرى تقوم بالتحقق من أهلية الناخبين والتحقق من هويتهم .كما تقوم بعض البلدان أيضا ً بتجربة االقتراع عبر اإلنترنت .تهدف كل هذه الجهود إلى ضمان مصداقية العملية الديمقراطية وموثوقية نتائج االنتخابات. رغم أن هذه التكنولوجيا تفتح آفاقا ً جديدة وتمنح إمكانيات جديدة للعملية االنتخابية ،خاصةً بالنسبة لعمليات االقتراع ،غير أنها قد تنطوي على مخاطر غير متوقعة ،كزيادة بيع األصوات أو صعوبة تدقيق نتائج االنتخابات .كذلك ينبغي الحذر من مخاطر إدخال التكنولوجيا بشكل غير مالئم أو في وقت غير مناسب ،خاصةً إن كان هناك احتمال التهاون في شأن الشفافية أو الملكية المحلية أو استدامة العملية االنتخابية. من بين وسائل التكنولوجيا الجديدة التي تم إدخالها ،يتركز االهتمام العام أساسا ً على تلك التي تدعم االقتراع اإللكتروني ،كما أن مشروع أيس قد قام بإعداد قسم "التركيز على" لتسليط الضوء على هذا منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الموضوع .إال أن الهدف من تناول موضوع االنتخابات والتكنولوجيا هو التعريف بالتكنولوجيا ذات األثر على مجموعة متنوعة من األنشطة المتعلقة بإدارة االنتخابات.
كيف تكسب العملية االنتخابية شرعيتها ليس هناك معنى للعملية االنتخابية في دولة ال تتمتع بديمقراطية حقيقية. وليس هناك نتيجة من العملية االنتخابية في دولة لم تنضج فيها التعددية الحزبية والمشاركة الحزبية الفاعلة والواسعة. وليس هناك معنى للديمقراطية بدون وعي شعبي واسع ،يدعمه وإرادة شعبية حرة ومشاركة مسئولة وعقول مهتمة. وليس هناك معنى ألطر قانونية تصنع الديمقراطية ال تأخذ بمتطلبات وتطورات وحاجات العالم، فمن السذاجة السياسية واالستخفاف بالعقول أن يأتي مستبد وأن يفرض ديمقراطيته على شعب أو أن يعتقد أن فكرته الديمقراطية هي الحل النهائي والعالمي والوحيد لجميع الشعوب ،وكل ما يدعى ذلك فهو ضرب من الجنون السياسي ومردها هالك شعب بكامله إذا أرتضى بالتضليل السياسي. فالديمقراطيات من صنع التطور اإلنساني والقانوني وليست نتاج أهواء ومصالح مرحلية ومزاجية، والعملية االنتخابية والحزبية جزء ال يتجزأ عنها. رغم له ال يوجد نظام انتخابي موحد لجميع الدول ،وهذا غير واقعي ،إال أنه هناك معايير عامة دولية ،من خاللها تؤدي النم االنتخابية المتعددة نتائجها بشكل شرعي ودقيق. وسوف نناقش في (المبحث )5هذه المعايير األساسية ومصادرها الدولية. وفي حقيقة األمر أن عدد األصوات هو ما يكسب كل قوة سياسية ويزيد من حجم تأثيرها. و تهدف العملية االنتخابية إلي عدد أصوات الناخبين ،وليس لها أي دور سياسي ،فهي محايدة ،غير منخرطة في التنافس السياسي ،وهي جهة فنية محضة.
هناك ثمان معايير دولية خاصة بعد األصوات ،وهي" :الشفافية ،األمن ،المهنية ،الدقة ،السرية ،دقة المواعيد ،المسؤولية والعدل" ) ..وهذه المعايير تلتزم لجان الفرز ،وهناك طريقة قانونية متبعة في تشكيل لجان الفرز ،ودور فقط عملية عد األصوات.
تفضي عملية تسجيل الناخبين إلى التحقق من أهلية األفراد لإلدالء بأصواتهم .وكونها إحدى المراحل األكثر تكلفة ووقتا ً وتعقيدا ً في العملية االنتخابية ،فإنها تأخذ حيزا ً كبيرا ً ونصيبا ً وافرا ً من ميزانية الهيئة
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
االنتخابية ووقتها ومواردها .وإذا ما جرت األمور بشكل صحيح ،فإن عملية تسجيل الناخبين تضفي شرعية على العملية االنتخابية ،أما أذا ما شاب نظام تسجيل الناخبين أية عيوب فإن هذه العملية بأكملها تصبح غير شرعية.
هناك معاهدات دولية يتم التقيد بها وهي تكرس الحقوق اإلنسانية ،والحقوق المدنية والسياسية ،وحقوق المرأة.
تفضي عملية العملية االنتخابية إلي فتح الفرصة للمواطنين لتشريح أنفسهم في مراكز السلطات العامة. وهناك شروط وتفاصيل متعلقة بهذا الجانب لكي تتحقق الديمقراطية وتحقق نتائجها .وهي أيضا تحتاج أن يتوفر فيها مقوماتها وأن تتم بشكل صحيح من أجل أن تضفي على العملية االنتخابية شرعيتها. هناك اللجنة العليا لالنتخابات ولجان األشراف والفرز المنبثقة عنها ،فمعيار االستقاللية ،هو األساس، ويتأتى ذلك من خالل رئاسة قضاة لهذه اللجان ،والمعروف أن رجال السلك القضائي ال ينخرطون في العملية السياسية الحزبية واالنتخابية في البلد ،وال يتقلدون أي مناصب تنفيذية ،وال يمارسون نشاطات ذات عائد بجانب مهامهم القضائية.
أن تتم المراقبة الخارجية وهي تابعة لمختلف مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية ،والمراقبة الداخلية تابعة للنظام اإلداري للجنة االنتخابات العليا.
*
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبحث 2
فلسفة الدستور السياس ة ضرورة إنسانية وحياتية لكل الناس ولكن بسبب االستعمار واالستبداد الموالي له أصبحت أشد ضروب الحياة ضراوة وخطورة. والكتابة والعمل فيها يحتاج إلي حكمة بالغة .فنحن في حديثنا عندما نميز بين الحق والباطل والعدل والظلم والقمع والحريات والحقوق واالنتهاكات والجهل والعلم والفساد واإلصالح والدين والحياة فنحن نمارس السياسية. والهدف هو مصلحة المجتمعات والصداقة الحميمة بين الشعوب والدول وهو لب الرسالة السياسية الجسيمة والعظيمة. وال يخلوا الدستور من كل ذلك ،حيث يعد الدستور نشاط سياسي عام وعظيم وميثاق وطني عميق وشريف ومسئو لية حضارية إنسانية وتاريخية ،فهو يفيد الناس في كيفية تمثيل سيادتهم بموجب كيان شرعي موحد تتحقق من خالله جميع مصالح الناس ويضمن كامل حقوقهم وحرياتهم اإلنسانية ويجسد سلمهم االجتماعي وينظم واجباتهم اتجاه بعضهم بما يحقق سالمة الوطن والنمو المستقر و وينشر التعايش الطبيعي بشكل منظم وفعال. والعملية الحزبية واالنتخابية هي جزء من الدستور وهي آلية قانونية تمكن للناس من مباشرة حقوقهم السياسية والتعبير عن إرادتهم بوعي وحرية ومسئولية بشأن توجيه ممارسة السلطات العامة بالشكل األفضل. فالدستور مشروع بناء الدول ،وهو مشروع الشعوب الدائم واألعظم ،فيه مصيرها السياسي والوطني واإلنساني ،وتشكل مكوناته وعناصرها العمود الفقري لطبيعة الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية ،وتشكل عصب تفكيرها ونهضتها ومصيرها . وهو صنعة سياسية وشعبية ويشكل أمانة الشعوب نحو أجيالها المتعاقبة ،ويحمل في طياته مدى تطور الفكر والتجارب الصائبة ،حيث ال تسير نظم الحياة القانونية إال عن طريق تنظيم ممارسة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية ،وتحدد سبل حماية األجيال من شر داء االستبداد و وباء االستعمار. فالدساتير الناجحة ال تنسخ وال تقتبس كنصوص قانونية أو بمزاجية وعبثية ،وإنما عند إعدادها وتطويرها في كل وقت البد من مسئولية البحث عن الجذور التاريخية وغرسها في مقدمته من أجل أن تشكل روح الشعب الالزمة في ترسيخ مكوناته ومقوماته كشجرة طيبة مغروسة في قلوب وعقول الناس. فبناء الدول وممارسة الديمقراطية ليست لعبة سياسية أو كعكة السلطة كما ظن العابثين ،و‘إنما هي صنعة وطنية إنسانية تاريخية ومصيرية وسياسة قانونية مشروعة ،صنعة تبعث الروح في الدستور لصنع الحياة ،كما تبعث في كيان الدولة المادي المؤسساتي أساليبها الحميدة وتنشر بين الناس أنفاسهم الطاهرة. وهي صنعة البد أن يتصدى لها أشراف القوم وعلمائهم ومسئوليهم من أجل صنع حياة مشروعة كاملة ،تضم الجميع وال تفرقهم. ومن الطبيعي كل دستور يواجه إشكالية تحديد اللجنة التأسيسية المناسبة ،بسبب ضعف وعي الشعوب وقلة مشاركتها ،بما خلفه االستعمار واالستبداد ،فتحول الناس إلي منقادين مستفيدين وليس قياديين قادرين في اإلسهام وصنع الحياة ،باإلضافة إلي تحديد طرق وزمن التفاعل والتواصل مع كل أطياف الشعب. وأول درس يفيد في حل هذه اإلشكالية هو إدراك أن زمن إعداد الدستور ليس محدد بفترة شهور وأيام ،بل هو مشروع حياة ،تحدد ساعة انطالقه ،وتحدد فيه كل ما أتفق عليه الناس كأساس لحياتهم ال مناص عنه ،ثم تبدأ عملية التحسينات واإلضافات ،واالستعانة بكل من هو أفضل ،وبكل ما هو جديد وضروري وأرقي حتى يكتمل الدستور ،فالتعجل في إكماله غير صائب ،والتباطؤ والمماطلة لهي أكبر المصائب المصيرية .وعلى سبيل المثال ،فقد وضع الدستور األمريكي في 0918 وأستغرق أربعة سنوات حتى 0950عندما أعتبر دستورا كامال ،ومن ثم شاهد سبعة شعرة تعديال، وهذه التعديالت الجامدة أي بموافقة ومشاركة الشعب تضيف إلي مشروعيته التاريخية ،وأيضا مثال الدستور دولة جنوب أفريقيا ،وهو يعد من الدساتير العالمية الناجحة ،فقد بدأت كتابته في 0511 وأكتمل في سبعة سنوات ،وخالل السنتين األولى والثانية سمي الدستور االنتقالي.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفي تقديري السياسي ،أيضا الزال الدستور األلماني غير مكتمل نهائيا ،فقد أقره الشعب للجمهورية األولى في ،0585وعدله للجمهورية الثانية االتحادية في ،0550وال زال يطلق عليه "القانون األساسي". وخالصة القول بأن الدستور هو أفضل منتج إداري وإنجاز حضاري توصلت إليه العقلية البشرية. ويمكن أن يقاس هبوط األمم وصعودها ،أو قيام حضاراتها و زوالها ،بمدى فعالية وسالمة دستورها ،ومدى عمق تأثيره في الواقع وفي النفوس وبين األجيال األمة. فأي شعب أو أمة إنسانية تعيش بدون دستور شرعي ،إنما هي تعيش تجربة حياتية قاسية ونظام حكم فوضوي يقصيها عن طعم الحياة الكريمة ولذة التفاعل الحضاري وفخر صعود أصالتها ونفوذه. فالدستور ومراحل تعديله يعبر عن مراحل التطور ويعكس مدى صعود الشعب أو هبوطه. فكل تعديل سلبي يطال الدستور الشرعي أو يتسبب في إلغائه بالقوة أو إبطال مفعوله بالتضليل لهو أكبر مآسي الناس وأعظم خيانة لألوطان ،وهو جرم تاريخي ال يغتفر بين األجيال. ولذلك من الخطأ الجسيم أن تنسخ أجزاء من الدساتير وتلصقها بدستور جديد أو عند التعديل بدون وعي عام وإرادة عارمة حقيقية ،فالدساتير ال تستورد وإنما تنتج من داخل الشعوب ،وكثيرا ما تسقيها دماء غزيرة ،ويصبح التفريط فيها خيانة الشعوب إلبطالها. فمن العبث السياسي والطيش القانوني أن تصنع الدساتير بدون أن تنبعث من توفر وعي شعبي سياسي تام ومشارك وحقيقي ،وبدون الحرص على توقد الروح الوطنية في النفوس ،ورؤية رشيدة تنطلق من قيم راسخة ،وليس من عقول العابثين الذين يظنون أن الديمقراطية لعبة سياسية والسلطة كعكة تحتاج للتوافقية في تقسيمها ،و وإنما السياسة العامة وجوهرها الدستور و وسيلتها العملية الحزبية واالنتخابية البد دوما أن تكون من خالل عمليات علمية مستندة على إستراتيجية تصنعها رؤية مصيرية ،تنجلي من خاللها أهداف ثابتة و واضحة ،وقيم متوافقة تخلق منهجية مشروعة تحقق المهام الالزمة بفعالية. فقد تطور العقل األوربي بعد قرون من الظلمات والصراعات الدامية القاسية ،ولم يكون هناك ما يجمعهم إال سياسة خارجية موحدة تحفظ سيادة النظام الحاكم ضد عدوا اتفقوا عليه ،وبعدما تحقق لهم النصر ،وانفتحوا على حضارة عدوهم بعد انغالق دام عشرة قرون ،وبدأت لهم إنجازات علمية وفلسفية وإنسانية شتى ،ومن خالل حركة المستشرقين والتراجم والتحوير ،تحقق تطورات فكرية عديدة أثرت حياة الغرب بعد همجية شديدة ،فكان من أهم ما أخذوا و وظفوا هو "العقد االجتماعي" و منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
"حق الشعوب في تقرير مصيرها ،والنظام االتحادي ، ،و وظفوه بطريقتهم الخاصة ،وأضافوا إليه مما يجعله غربيا خاصا وال عالقة له بالعرب واإلسالم .ولم تجد هذه التطورات الفكرية قبوال فحاربتها الكنسية مما تسبب في ظهور "العلمانية" لفصل العلم عن الدين ،وترك النهضة تأخذ مجراها ،وسادت السلطة الزمنية بشكل مطلق نسبيا عن الكنسية ،إلي أن جاءت الحروب القومية مطالبة بتأسيس سيادة الدولة على القومية مالك اإلقليم وليس الكنسية أو الدين ،ثم جاء تطور التنظيم السياسي الذي أنبعث من نهضة فكرية حلتها المعرفة من الحضارة اإلسالم بداء من سقوط أولى واليات األندلس ،وبدأت عملية تحليل النظام السياسي لتلك الدولة الكبرى المعادية ،فظهر العقد االجتماعي ،والنظام السياسي االتحادي ،وحق الشعوب في تقرير المصير ،وكان النظام السياسي في كل دول أوروبا إمبراطوري ،يستند على حق الملوك في تقرير مصير الشعوب ،وال وجود لعقد اجتماعي ،وامتالك اإلمبراطور أو الملك لكل األقاليم التي تسقط في حروبه التوسعية ،فكانت الثورة الفرنسية واستقالل الواليات المتحدة ومن ثم الربيع األوربي ،0121وكانت ثورات الشعوب بداية للديمقراطية المعاصرة .والزالت الشعوب تعاني مسألة حماية السيادة وتنظيم السلطات ،وما زال االستعمار يستخدم نظم االستبداد للتوسع وكسب المصالح بسهولة ،فيستخدم أشرار القوم كموالة فيضلل الناس في كثير من المفاهيم ويقودهم لالنحراف الفكري والسياسي ،فتضيع أهم منجزاتهم وهي :العقد االجتماعي أي وجبات وحقوق الحكام والمحكومين ،والوصول السلمي للسلطة بتحكيم الناس ،وحق الشعب في تقرير مصيرهم أي شكل دولتهم التي تحفظ سيادتهم فالناس أحرار وليسوا عبيد عند سادة القوم وللقصير أو إمبراطور. ومن ظهرت إرادتين متصارعتين وهما اإلرادة الشعبية التي ترغب في التحرر واإلرادة السياسية التي ترغب في التحكم. وكان البد من دستور يحدد مقومات وعناصر العالقة بين الشعب والسلطات. وظهرا فكرة المؤسسات أي تتحول السلطة إلي مؤسسة متخصصة ،منفصلة في قيادتها ومهامها عن األخرى ،وتطورت نظرية "فصل السلطات" ،وهي نظرية إسالمية محضة ،ولعلى نظام قضاء اإلسالمي وصالحية محاكمته للحاكم ،ما فجر هذه النظرية في عقول فالسفة األوربيين بعد قرون من تجارب التطبيق والنجاح. وهكذا بدأت مقومات وعناصر الدستور تتبلور في عقول الناس ،وبدأت معارك الدستور تحتل أبرز مكانة في تاريخ الشعوب ،وما الربيع العربي 2100ببعيد ،فكان مطلب دستور نابع من إرادة الشعوب ودولة عادلة وحياة كريمة وحريات سياسية وإصالحات اقتصادية وثقافة جيدة مطالب ضحت الشعوب بأفذاذ أكبادها من أجلها ،وفقدت أعز ما تملك من شبابها ،وسكت دماء زكية وانتهكت منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أعراض عدوا وظلما ،من قبل نظم مستبدة تريد استعباد الناس ،ونهب ثرواتهم وتضليلهم الفكري واالستخفاف السياسي والطغيان العسكري. فالدستور النابع من الشعب هو شجرة طيبة تحتاج الشعوب لتضحيات ثمينة ولجهود مكثفة وعقول واعية من أجل اقتالع "شجرة االستبداد الخبيثة" من جذورها ،لكي يكون هناك مجاال لشجرة الدستور أن تنمو وتجد عقول تسقيها وسواعد تحميها وأجيال تقطف ثمارها وتتوسع في انتشارها. فاالستبداد شجرة خبيثة تتوسع في األرض كالنار في الهشيم .تقتل كل مقومات وعناصر الحياة الطيبة بين الناس. ولذلك كثيرون من يصفون بأن الدستور هو مشروع وطني إنساني تاريخي. ومن األهمية بمكان أن يغرس الشعب منابع الخير في مطلع دستوره ،فيظهر هويته التي على أساسها هو جدير بالحياة فوق أرضه ،ويظهر تجربة تاريخه ونضاله الوطني الذي جاء من خالله دستور حياتهم الجديدة .والبد أن يكون مقدمته تدفع األجيال قدما لحماية دستورهم وإدراك ثمنه وعواقب ضياعه ،فهو ليس كتاب عادي أجوف يقرأ بشكل عارض ويرمى جانبا ،بل هو قائمة واجبات وحقوق البد أن يحاسب عليها المرء وكل بيت وكل مؤسسة يوميا ،وتقييم الكفاءات على أساس معيار الوطنية المقاس بمعدل إنتاجية كل فرد ومؤسسة وحسن األداء والتدقيق في المصداقية ومدى المسئولية قبل أي معايير فنية أخرى. فإذا نجحت الشعوب في صنع قيادتها الوطنية نجحت في صنع حياتها وضمان مستقبل أجيالها. وبالطبع هذا أمر ،صعب للغاية ،ولكنه ملزم وال مناص عنه ،وال يجوز التالعب فيه لمصلحة ذاتية زائلة. وهذا أمانة الشعوب في الحياة ،فوراء كل دستور رسالة ،والشعوب الغافلة والمتخلفة يحدد لها الحكام رسالتها في الحياة ،ويكتبوا لها نظام حياتهم ،ويحددوا لهم وجباتهم اتجاه من يحكمهم ،ويجودوا عليهم بفتات الحقوق والحريات ،وتكون لمعالي القوم فقط ،وتظهر دولة-الحقراء يقودها أمناء على الفساد و سفراء للشر ،فيطول قهر الشعوب ،ويعيش الناس دهر يمنع فيه الكالم الطيب وتكمم الناس أفواه بعضها ،وتحرم السياسة على األشراف وتترك لإلتباع فيزيد التضليل وينتشر القمع ،ويصم السمع فال يميز العدل عن الظلم ،وتكف األعين فال تبصر الحق وال تحزن عن باطل ،وتعمى البصائر فال ترى للدين مجاال في الحياة. فالدستور تصنعه الشعوب وتنتج من خالله أفضل من يحكم. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالدستور تاج تضعه الشعوب على رأسها عندما تبيد كل غفلة وتقهر كل تخلف وتجتث كل مستبد. فتحاسب كل مضلل وتمنع كل ظالم لكي ال يسقط التاج عن رؤوس األجيال ،فاألشرار للفساد والفتن وال قتل كالهشيم للنار ،تقضي على كل خير وتقتل األخيار ،وهي في لحظة تكون تقتل نفسها من حيث ال تدري ،فإذا ما انتهى الفساد وجدت ما تبقى من األشرار نفسها مشوهة ،فالبد من دستور يحفظ القانون الطبيعي للحياة ،ويمنع التكرار. ونستعرض في هذا الفصل ،المعادلة الدستورية ،وروح بعض الدساتير العالمية. فالدستور الحي والنابع عن إرادة شعبية واسعة ،هو دستور سيكون حاضرا في القلوب ،ماثال لكل األعين ،ونفسيا عند كل األجيال. ولقد قللت الشعوب العربية من القيمة الحقيقة لإلدارة ،وعبر القرون الماضية الطويلة ،لم االهتمام الحقيقي باإلدارة ف تتبع تطوراتها وتجسدها في حياتها بما يضمن تميزها وبمنع تخلفها ،وما أخشاه أيضا أن يقلل العرب من القيمة الحقيقة للدستور ،أو يسأ فهمه وتطبيقه كما حدث مع اإلدارة، فالحضارة واإلدارة وجهان لعملة واحدة. وترتبط اإلدارة العامة ومكونات الدستور بعالقة عضوية ،من شأنها أن تحقق أفضل المؤسسات والسياسات والممارسات..
مطلب :0معادلة الشرعية الدستورية تتركب معادلة وضع الدستور من ثالثة مراحل دقيقة للغاية ،وهي كما يلي: الصياغة القانونية------التوظيف السياسي ------ممارسة اإلرادة الشعبية ويتبع مثل هذه المراحل حسب الترتيب المنطقي لها من أجل الشرعية الدستورية. والمالحظ أن هناك طريقتين تحدث بحكم الواقع ،وهذا ما دفعنا لتحديد المعادلة أو الترتيب المنطقي للمراحل المشار إليه. حيث: أوال ،طريقة إعداد غير شرعية :حيث ما يحدث أن في اإليديولوجية أو نظام الحاكم المهيمن أن يغيب دور اإلرادة الشعبية الحقيقية ،فيقوم الحاكم بشكل أو أخر بممارسة سلطاته أو أن تستخدم إيديولوجية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
بشكل أو أخر في عملية التوظيف السياسي لمكونات وعناصر الدستور ،وتستغل الصياغة القانونية عبر مأجورين أو غير مدركين للنظريات والسياسية وأبعادها في سبك ما تحتاجه عملية التوظيف السياسي ،وتتولى لجنة الصياغة حبك الثغرات والمبررات القانونية ،بحيث تتحقق للحاكم والنظام السياسي المهيمن ممارسة "إرادة سياسية مطلقة" على حساب "اإلرادة الشعبية" الغائبة ،ومن ثم تبدأ مرحلة االستخفاف والطاعة العمياء ،وهو مبتغى كل إيديولوجية. وترتكز هذه الطريقة الغير شرعية على توظيف الصياغة القانونية في تحريف وتشويه مكون "السلطة القضائية" ،حيث فساد هذا المكون يفسح المجال لقيام دولة االستبداد والفساد وتقنين لكل ذلك. ثانيا ،طريقة اإلعداد الشرعية :وهي تتم عن طريق أوال ،تأكيد وجود ومشاركة إرادة شعبية حقيقية وأن تلعب دورها فعال ،فتحرص على توعية الشعب ،وتعمل من خالل التوعية أن تجعل الدستور نابع من وجدانه ،وإيجاد كل ما يلزم من معطيات تاريخية ومبادئ وقيم وأهداف وهموم ومعالجات وتحديات بحيث للدستور مكانة في النفوس ومسئولية تاريخية وإنسانية وقدسية في حمايته ، ،ثانيا، تأسيس لجنة وطنية لوضع مسودة الدستور بوعي سياسي وكفاءة مشهودة ،على أساس المسئولية الوطنية التامة ،وهذا يتطلب أن تكون مجردة من االنتماءات والمصالح المختلفة ،وعدم االنخراط في االنتماء أو العمل القيادي بنظام سياسي ضلل الشعب وأضر بالبلد والناس ،ثالثا ،تأتي عملية الصياغة القانونية وهي عملية فنية يصوغ فيها القانونين المقاصد والمفاهيم حسب التوظيف السياسي الذي تم من خالل مرحلتي التوعية والمشاركة ولجنة التأسيس ،ومرحلة الصياغة هي لجنة أو جزء من المرحلة التأسيسية ولكنها تلعب دور محايد من أجل أن تنجز الصياغة حسب مخرجات عملية التوعية والمشاركة وتفاعل المجتمع مع لجان اللجنة التأسيسية وهي لجان اقتصادية وسياسية ،واجتماعية، وثقافية ،واللجنة القضائية ،ولجنة الصياغة ..من أجل عملية أحكام الصياغة القانونية ،ويمكن أن يعمل القضاء على أساسها. ومن األهمية بمكان في الطريقة الشرعية أن تكون هناك لجنة قضائية ،مشكلة من شرفاء القضاة، لتحقيق استقاللية القضاء وكل ما يحتاجه من معطيات ،فإن الدستور الشرعي يلعب فيه القضاء الدستوري وسلطة القضاء دورا هاما ،فالدولة الصالحة قوامها العدل. ثم تأتي المرحلة الحاسمة وهي المشروعية النهائية للدستور عن طريق االستفتاء العام. وعلى الشعب أن يدرك حقيقة وجود إرادته الحرة ،وجوهر عملية التوظيف السياسي ،ودقة وترتيب المراحل السابقة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويعتبر "التوظيف السياسي" عملية محورية في إعداد الدستور ،وقد تجري بمشاركة الشعب أو من خلف الكواليس في غيابه أو بأحد طرق االستخفاف القيادي ،فهناك مكونات وعناصر دستورية عديدة ،البد للعشب أن يقول كلمته فيها بوعي ومسئولية. ولكي يعطي الشعب هذا الدور البد أن يكتسب كل معلومة ورأي وحدث حول صناعة الدستور. وسنجد في هذا الكتاب كثيرا مما يلزم ويفيد في عملية التوظيف السياسية السليمة.
مطلب :2التقاليد القانونية العاملية لقد نظرت فيما قدمته شبكة المعرفة االنتخابية ،بشأن بحثها في التقاليد القانونية التي تعد أصل ومرجعية لتكوين أطر قوانينها ونظام حياتها. وأردت هنا أن نوضح للمواطن العربي أن اعتماد "اإلسالم مصدر التشريع وقواعد في إنشاء القوانين" ،هو شأن تاريخي متعارف عليه عالميا ،وهو وأجب لكي ال تخرج األمة عن أسرتها القانونية المميزة ،وتكون في مهب مختلف القواعد األخرى تأخذ من هذا وذاك بدون أصل عائلي قانوني يحدد هويتها بدقة راسخة. وأن الدساتير في األصل جذورها القانونية دينية. السؤال دائما عن البدائل عما تستطيع الدولة تتبعه في نص أو أسلوب أو كيفية صوغ معينة. من األهمية بمكان أن أسرد الرأي العالمي بشأن تحليل التقاليد القانونية في شأن ممارسة الحقوق السياسية ،حيث عن مجموعات وأسر قانونية عالمية متعددة ،وال يوجد دوليا ما يمنع دولة ما أن تكيف التوجيهات الدولية حسب أصول قوانينها. وهذا مفيد في صياغة الدستور واالنتخابات واألحزاب السياسية فكلها حقوق سياسية مدنية عامة. ومفيد في االستفادة من األحكام ومبادئه ومقاصده في الدستور وفي كافة القواعد القانونية . هناك بعض الفئات العامة التي تبرز من النظم القانونية المختلفة في أي بلد أو أي وقت .ويجري تقاسمها من قبل مجموعة معينة أو كاملة من األنظمة مما يجعل من الممكن تحديد الفئات أو األسر القانونية المختلفة .وبمعنى آخر ،فإنه من منطلق التقاليد القانونية التي يتبعها كل نظام قانوني يمكننا الحديث عن فئة أو عائلة قانونية .ومع ذلك ،فإن النظام القانوني الوطني قد ينتمي لفئة أو عائلة قانونية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
محددة ،وفي الوقت ذاته ،فإن من الممكن ،على مستوى االختصاص والسلطان القضائي المحلي أو المجتمعي ،أن نالحظ هناك أيضا ً وجود نظام قانوني مختلف ينتمي إلى تقاليد قانونية مختلفة . وتعتبر كندا بمثابة مثال على هذه الحالة :حيث أن نظامها الوطني ينتمي إلى تقاليد القانون العام ،في حين أن النظام في مقاطعة كوبيك ينتمي إلى تقاليد القانون المدني .كما يمكن العثور على أمثلة أخرى بين مختلف بلدان أمريكا الالتينية التي تحتوي على أناس من أجناس السكان األصليين ،حيث تنتمي نظمها الوطنية لفئة أو عائلة القانون المدني ،وفي الوقت ذاته وبشكل متزامن ،فإنه يحصل في الواليات القضائية اإلقليمية األدنى مستوى ،أن يجري تطبيق ما يـُس َّمى قانون األعراف األصلية في المسائل االنتخابية أيضا. وفي الواقع ،فإن هناك عدة ُزمـر أو عائالت قانونية مستمدة من أصل أو ماض مشترك ،أو من مؤسسات متماثلة ،أو من رموز لغوية أو مفاهيم مشتركة ،أو بحكم التشابه في مصادر القانون ،أو من مجتمع اإلجراءات واألساليب أو التقنيات التي يستخدمها فقهاء القانون والقضاء ،أو من المبادئ الفلسفية أو االقتصادية أو السياسية المتشابهة والتي يتشكل منها كل نظام قانوني. وتعتبر معرفة الزمرة أو العائلة القانونية التي ينتمي إليها كل نظام قانوني وطني ذات فائدة في توسيع وجهة نظر المؤسسة أو العملية االنتخابية الموضوعة قيد الدراسة والتحليل ،فضالً عن إمكانية وفهـم متعمق للفوارق واالختالفات التي تميز كل الحصول على مقاربة أكثر إنارة وأوثق جدارة ، ٍ نظام قانوني عن غيره. وحيث أن الدراسة يجب أن تأخذ في الحسبان نوع األسرة أو الزمرة التي ينتمي إليها النظام القانوني وضرورة دراسة منظومة سياقاتها الثقافية واالقتصادية واالجتماعية ،فإن ترجمة المصطلحات لن تخلو من أي انتقاد ،كما لن تصبح مسلما ً بها بصورة تلقائية ،سواء كان ذلك لتجريد نظام قانوني معين من األهلية أم ال ،عند محاولة دراسة أو شرح أو فهم للمؤسسات أو الوسائل أو العمليات االنتخابية في بلد محدد أو لمجموعة معينة من البلدان. كما أن فئات أو عائالت القانون المدني الروماني -الجرماني ،وأسر القانون الروماني الديني ،أو عائالت القانون المدني ،تجد أصولها في القانون الروماني (اللوائح االثنتا عشرة ،مجموعة القوانين المدنية) ، (Corpus Iuris Civileومجموعة الشرائع الكنسية ((Corpus Iuris Canoniciكما أنها تأثرت حقيقة بالقانون الديني الكنسي .كما تم إثراؤها بفعل إسهامات المعلقين وتعقيبات الالحقين أو "ما بعد المعلقين" ،وأعمال الفقهاء القانونيين في الجامعات الالتينية-الجرمانية .وبهذه الطريقة، تشكل هناك ما يُس َّمى مجموعة القانون العام .ومن خالل عمليات تدوين القوانين الالحقة ،والتي اشتـُـق منها العديد من القوانين المدنية والتجارية والقوانين الجنائية أو اإلجرائية ،والتي جرى تمريرها لتشكيل القوانين الوطنية وصوالً الى إنشاء الدساتير .وفي مثل هذه األسرة القانونية ،فقد تم تفضيل اختيار تطوير القوانين المدنية وتدوين األحكام القانونية على أسس العدل والمساواة .وينتمي لهذه العائلة القانونية فئة قوانين منطقة البلدان االسكندنافية ،وأمريكا الالتينية ،والعديد من األقطار منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األفريقية التي كانت في السابق في عداد مستعمرات بلدان القارة األوروبية ،كما تنتمي لهذه العائلة القانونية بصورة مبدئية مختلف النظم القانونية القائمة في عدة دول بالقارة األوروبية أيضا ً . وخالل القرن الحادي عشر ،ظهرت في انكلترا مجموعة أحكام القانون العام .وكان هذا التقليد القانوني قد انتشر على نطاق واسع في غالبية البلدان الناطقة باالنكليزية .ويتميز هذا التقليد القانوني بإنشاء األحكام القانونية المستقاة من القرارات القضائية .ومن ناحية أخرى ،فإن النظام يتبع السوابق القضائية التي تتلقى من خاللها قضية قضائية نفس الحل القانوني المقرر في حالة سابقة ،ومماثلة لها. ولذلك ،فإنه على النقيض من األسر القانونية التي تفضل خلق التشريعات ،فإن القانون العام اإلنجليزي يـُعتبر بمثابة محصلة نتاج وعمل القضاة .وبصورة رئيسية ،فقد سعت كل من المملكة المتحدة ،والواليات المتحدة " ،وبعض البلدان من أصول إفريقية ،وأمريكية والدول المحيطية التابعة لنظام الكومنولث القانوني إلى احتضان وتبني هذه العائلة القانونية .وتعمل معظم هذه الدول على تطبيق القانون اإلنجليزي ،وتعترف بعاهل المملكة المتحدة رئيسا ً لكل دولة من تلك الدول. ونظرا ً ألن النظم الدينية ال تشترك في تقليد قضائي موحد فيما بينها ،فإنها ال تشكل أسرة قانونية في حد ذاتها .وتتمثل الميزة الرابطة الوحيدة بينها في الطابع الديني أو الفلسفي لقانونها ،حيث يـُـعتبر القانون والدين فيها مترادفين بصورة عملية .وفي مختلف النظم التي تنتمي إلى هذا التقليد ،فإن تطبيق هذا الخليط من قواعد السلوك ينطبق على مواضيع معينة ،مثل القانون الهندوسي أو القانون البر أهماني ،المتبع في مناطق شاسعة من أنحاء الهند ،أو القانون العبري الذي تتمسك به الجاليات اليهودية األرثوذكسية المنتشرة في العديد من البلدان. وعلى كل ،فإن هناك عددا ً غفيرا ً من البلدان التي تعتنق وتمارس غالبية المواطنين فيها الدين االسالمي ،وتشارك بصورة فعالة في الثقافة والتقاليد القانونية ،وبالتالي فإن من الممكن دمجها وإلحاقها في األسرة القانونية اإلسالمية .ويجري إخضاع وإقرار كل مجال من مجاالت القانون اإلسالمي من خالل قوانين الدولة .ويعود أصل القانون اإلسالمي إلى القرن السابع الميالدي ،في الوقت الذي أتى فيه النبي دمحم (ص) برسالة القرآن ،وهو الكتاب الذي يشتمل على جملة العقائد والمبادئ التي تحكم المنظمات االجتماعية والدينية لمختلف شعوب األمة اإلسالمية (المتواجدة بصورة رئيسية في شمال أفريقيا والشرق األوسط وآسيا الوسطى والشمالية وأوقيانوسيا الشمالية
مطلب :3الفلسفة العملية للدساتري العاملية ينصح أن تقوم الشعوب بالتفسير السياسي لدساتير الشعوب األخرى ،أن يلعب اإلعالم هذا الدور، فهو يساعد في نمو الوعي ،وتمسك الشعوب بدستورها ،ومعرفة قيمته وكافة معطياته. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
في حقيقة األمر مثل هذا الدور محرم في دول االستبداد ألنه يكشف حقيقة دساتيرها وممارستها المزورة. والبد أن نعرف أن كل قانون أو قرار أو سياسة عامة تخضع لمناقشة دستورية منذ بداية كل إجراء وحتى إنجازه ،والمراقبة التشريعية والدستورية مستمرة. ولذلك استطاعت الدول المتقدمة أن تنجز الكثير ،في حين كانت سياسية االشتراكية والعلمانية العربية تجيد الكذب والتضليل والتبعية المحرمة. فدعنا اآلن نناقش بعض من الدساتير لكي نبرز أهمي ذلك ،ومن أجل أن نبرز بعض الحقائق منها: -
-
-
-
أن وراء كل دستور فلسفة ورؤية سياسية أرتكز عليها الدستور ،علما بأن السياسي ال يمكن أن تكون له رؤية ما لم تكون له فلسفة مكتسبة من قدراته على تفسير على الرؤى السائدة والحكم عليها والبحث عن فلسفته المنافسين التي قادتهم لمثل هذه الرؤى ،وما يمكن أن تصنعه هذه الرؤى من أهداف ،وهذا يساعد الساسة والشعوب على فهم المهام الموجهة ضدهم ،والتنبؤ بالمواقف المتوقعة. أن الرؤية الواضحة تصنع الدستور وتجعل الشعب متمسك ويشعر بقيمته وأنه نابع عن إرادته ويمثل سيادته .فالشعوب التي ال تصنع رؤية وتعيش في ضوءها ،هي شعوب تعيش في الظالم وما يقتبس من نور الدول المتقدمة ذات الرؤى العالمية. أن جميع الدساتير ،وإن اختلفت طرق الصياغة ،فأنها جميعا لها تركيبة واحدة ،تتكون من مكون ات محددة ،وهي مكون الدولة أو السيادة ،مكون حقوق الشعب ،مكون السلطة التنفيذية، مكون السلطة التشريعية ،مكون السلطة القضائية ،ومكون التقسيم اإلداري أو اإلدارة المحلية. هناك مسألة تحديد االختصاصات ،وهي اختصاصات رئيس الدولة ،واختصاصات الحكومة، واختصاصات البرلمان ،واختصاصات القضاء والمحكمة الدستورية ،ومسألة العالقة بين هذه السلطات العامة ،وبين السلطات المحلية.
فلسفة الدستور الفرنسي صدر أخر تعديل للدستور الفرنسي في 8أكتوبر ،0591وهو ما نستند عليه في هذا التفسير والحكم الفلسفي العلمي.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حيث يرتكز الدستور الفرنسي على النظام السياسي الرئاسي ،والتنظيم االشتراكي العلماني ،ويحدد روحه الوطنية على مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها ،أي وضع دستورها الذي يعبر عن سيادتها الكاملة واستقاللها الدائم ومشروعية إدارة شئونها حياتها. ولذلك انطلقت في مقدمة الدستور ،وليان مصدر مشروعيته ،وهو الشعب والحدث التاريخي وهو إعالن حقوق الشعب حسب الثورة الفرنسية .0915 يتكون الدستور الفرنسي من أثنى عشر مكون ،ويطلق على كل مكون مسمى "باب" ،وهي تشمل: .0مقدمة :وفي تقديري ،هذا تمهيد أساسي ملزم ،فهو يعبر عن ميثاق وطني وتعهد ،ويوضح المنطلقات السياسية ،وقيم المجتمع ومبادئه ،حيث نجاح النظرية الدستورية هو أن تجعل الدستور نابع من وجدان لشعوب ،وتشعر بأنه أساس حياتها ،ويعبر عنها فعال ،لكي تعطيه قدسيته الوطنية والمسئولية المصيرية ،وتتشكل األمة عندما تصل إلي أعلى مستوى االعتزاز والتوافق الجماعي بنظام حياتها الدائم .يعكس الدستور مبادئه األساسية ،كمرتكزات من أجل التوعية السياسية والمسئولية الوطنية ويظهر الحقيقة التاريخية وتطورها ،من أجل تمام المشروعية وتحميل أجيال أمانة حمايته وبروز منطلقه وحاجة الشعب إليه عبر األجيال المتعاقبة ،وهي :إعالن مصدر المشروعية الثورة الفرنسية ،0915مبدأ حقوق اإلنسان ،مبدأ السيادة الوطنية ،مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها ،مبدأ المساواة والتضامن بين الشعوب المتحالفة أو المتعاهدة ،مبدأ الحرية المساواة و اإلخاء على األساس االشتراكي. .2مكون السيادة :ونظرا للحقيقة التاريخية فإن السيادة بمعنى الوحدة الوطنية واالستقالل هما روح الدولة حسب هذا الدستور ،ونجد بعد ذلك أن أول مهام رئيس الدولة هو السهر على حماية هذه السيادة ،ثم تناول هذا المكون عنصر "التنظيم السياسي" وتم تحديد بالنظام االشتراكي ،وبروح علمانية صريحة ،وهنا ظهر جوهر الدستور ،في مواده .3 ،0،2وتطلب تحديد ممارسة السلطات أي "االختصاصات" بدقة ،وظهرت الحاجة لمكون العالقة بين السلطات العامة. .3مكون رئاسة الدولة :في حقيقة األمر ،ارتكز الدستور على النظام الرئاسي بامتياز ،ومبعث المبرر لكل باحث سياسي ،بأن الدستور وضع نظام انتخابي واسع ،وبذلك برر مثل صالحيات كبيرة ،كما أنه كما ذكرنا أن تاريخ الدولة والقارة عامل مؤثر .وقد تناولت مواد كثيرة صالحيات رئيس الجمهورية بشكل مفصل .وتعتبر صالحيات رئيس الدولة مكون عضوي مستقل ،كالجهاز العصبي في جسم اإلنسان ،وله عدة عناصر مفصلية ،تحدد طبيعة عمل هذا النظام العضوي لكيان الدولة .ويمكن أن نلخص هذه الصالحيات الواسعة فيما يلي: (المهام الرئيسة) ،السهر على ضمان سيادة الدولة ،واحترام الدستور ،وضمان الوحدة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الوطنية ،وسالمة سير السلطات العامة ،وهذا عرف دستوري ،يحدد فيه المهمة الرئيسة، وهي تعبر عن مسألة الوطنية والمسئولية التاريخية ،فرئيس الدولة هو رمز مصداقيتها الوطنية ،وحمايته للدستور ولسالمة للوطن ولمصالح الناس ،وهذا ما أدى للحاجة إليه، ويعفى من منصبه حال فشله ،وإن لم يذكر صراحة ولكن معنى التعهد أو القسم الدستوري أو تكليفه بذلك ضمنيا هو المقصود دستوريا وشرعيا )2( .التعيينات ،فهو المسئول األول على كافة التعيينات في وظائف الدولة المدنية والعسكرية ،وتشمل تعين رئيس الوزراء من ضمنهم بالطيع وزير الدفاع حسب روح الدستور ،وأعضاء الحكومة ،والسفراء والمندوبين بالخارج ،وشملت مسألة إعفائهم من مناصبهم من صالحيات واختصاصات رئيس الجمهورية ،وتعين ثالثة من أعضاء المجلس الدستوري من أصل تسعة )3( .القيادة ،فهو يتولى رئاسة جلسات الحكومة ،ورئاسة القوات المسلحة والدفاع المدني ،ويتولى رئاسة المجلس األعلى للقضاء ،ورئاسة مجوعة الدول الفرنسية )8( ،آلية صنع القرارات،جاءت في مكون العالقة مع السلطة التشريعية ،وكثير من المواد حددت في مكون رئاسة الدولة، فهناك مسألة انعقاد البرلمان في دورات غير عادية ،ومسألة اقتراح مشروعات القوانين، ومسألة المعاهدات واالتفاقيات فهي تحتاج إلي توضيح دستوري ،وفي العموم ،نجد أن الدستور منح رئيس الجمهورية صالحية طلب انعقاد البرلمان في دورات غير عادية محددة بمدة زمنية دقيقة ،وأن يحيل إليه مراسلته بدون حضوره للبث فيها خالل عشرة يوما من تاريخ إرسالها ،ولكن نجد عملية توازن دقيقة ومسئولة للغاية وهي أن قرار الحرب بقوة القانون وبيد البرلمان ،كما أنه ال يملك إمكانية حل البرلمان ،وال تعديل الدستور بدون آلية برلمانية محددة ،كما حدد الدستور في مسألة تشكيل لجنة مشتركة بمن خالل مجلسي البرلمان ،وهي كيفية مرنة تحاسب لعدم االتفاق بين مجلس الشيوخ وجلس النواب في مشروعات القرارات المقترحة رئاسيا )9( .مسألة الحكم االستثنائي ،وهو ما يعرف عربيا بشكل واسع ،بقانون الطوارئ ،في حقيقة األمر ،نجد أن الدستور حدد كيف يمارس الحكم ونجده أن هناك مجلس النواب أي الجمعية الوطنية حسب تعبير الدستور الفرنسي ،فهي مختارة من الشعب بمعيار سكاني والبد أن تكون قائمة وال يمكن حلها خالل فترة الحكم االستثنائي ،كما أشترط أن ينتهي الحكم حال إمكانية عودة مؤسسات السلطات العامة للممارسة مهامها الدستورية ،كما أشترط ال يجوز مخالفة الدستور ،فهو مكتوب ،ويعرف ما يمكن تطبقيه ،كما أنني أجد أن المقصود في الدولة المتقدمة أن قانون الطوارئ هو في حالة الكوارث وخاصة الحرب بالدرجة األولى سياسيا. .8مكون الحكومة :أيضا نجد أن الدستور الفرنسي ،مهتم بالجانب السياسي والجانب اإلداري والجانب الشرعية بشكل صريح و واضح ،حيث في تقديري ،يحدد أن جوهر مسئوليات منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الحكومة ،وهو يعرفها "بالوزير األول ومن يتبعه إداريا من وزراء مكلفون ،يختص بوضع "السياسات العامة" ،وعمليات "اإلدارة العامة" .والذين يدرسون اإلدارة العامة ،يدركون أن المشرعين هو ساسة واقتصاديون وعلماء إدارة عامة ،وبذلك يدركون أن صلب الدولة هو تحقيق التنمية الشاملة ونموها الدائم .وهذا مستقبلها الحقيقي ،يدركون معنى القوة االقتصادية في حياة الدول المعاصرة ،ومخاطر التخلف في أي جانب قومي .وبالتالي جل المواد المتعلقة بهذا الجانب تحدد كيفية ممارسة الوزير األول هذه االختصاصات ،وإمكانية رئاسة جلسات مجلس الوزراء بالتفويض والتنسيق مع رئيس الجمهورية المسئول األول على كل شيء تقريبا ،ألنه منتخب بشكل واسع ودقيق وصعب .وطالما حدد الدستور هذا الجانب التنفيذي بدقة ،بات على البرلمان عملية الموافقة بعد الدراسة ،وحال عدم الوصول لحل ،يحق للوزير األول طلب تشكيل لجنة تتألف من مجلسي الشيوخ والنواب للبث ،وفي حال عدم الوصول لحل تام ،يتدخل رئيس الدولة بقراره بالخصوص ،كما حدد الدستور "هيمنة الحكومة" أي ال وزير األول والوزراء على المؤسسة العسكرية ،وفي هذا داللة على "إعداد واالعتماد األساسي للميزانية الدفاع أو لحرب ،حسب مفهوم الدول الكبرى .ازكما ذكرنا أن رئيس الدولة هو من يختار "الوزير األول" فقد حدد الدستور إمكانية تفويضه من قبل رئيس الدولة في رئاسة جلسات مجلس الوزراء ،والتعيين في الوظائف العامة المدنية والعسكرية ،ويحل مكانه عندما يتطلب ذلك ،فهو مختار فالبد تواجد توافق وتفاهم شامل ،بحسب الطبيعة البشرية والواقعية السياسية .وبشكل عام ،لكل فرد في المجتمع لتبسيط األمر ،فرئيس الحكومة في الدستور الفرنسي هو مدير عام الدولة ،ورئيس الجمهورية هو رئيس مجلس إدارة الدولة .وطبيعة عمله سياسية والتمثيل القانوني للدولة على الساحة الدولية. .9مكون المجلس الدستوري :وهو يعنى المحكمة الدستورية العليا ،إال أن ما يميزه فعال، ويعطيه صفة مجلس قضائي أكبر من درجة محكمة عليا ،هو طريقة تشكليه ،حيث جميع الرؤساء المنتخبين بعد نهاية والياتهم يصبحوا أعضاء في المجلس مدى الحياة .ويتشكل المجلس من تسعة أعضاء منتخبين ،ثالثة يعينهم رئيس الجمهورية ،وثالثة يعينهم مجلس الشيوخ ،وثالثة تعينهم الجمعية الوطنية .وال يجوز جمع العضوية مع أي تشكيالت السلطات أخرى والتمثيل المهني ،وتحدد بقانون أساسي قواعد تنظيم وعمل المجلس الدستوري وكافة اإلجراءات والمدد الالزمة .االختصاصات )0( :يشرف على إجراءات وسالمة االنتخابيات بجميع أنواعها ،والفصل في الطعون ،وقراراته نافذة )2( ،يختص في الفصل في المنازعات بشأن صحة انتخابات البرلمانية واالستفتاء العام )3( ،تعرض القوانين األساسية واللوائح والقرارات البرلمانية العتماد مطابقتها للدستور قبل إقراراها ،و يكون البث في كل ما
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يعرض خالل مدة محددة ،أو يتولى الرئيس إقراراها .قرارات المجلس نافذة وغير قابلة للطعن ،والنص الذي يبث في عدم دستوريته ال يجوز أن يصدر أو أن يطبق. .9مكون البرلمان :وهو السلطة التشريعية ،ويتكون البرلمان الفرنسي من مجلس الشيوخ ويتم تشكليه بطريقة االقتراع غير مباشر ومن أعضاء مجالس البلديات واألقاليم والمحالت المنتخبين ،ومجلس الجمعية الوطنية ،ويمثلوا النواب ويتم انتخابهم عن طريق االنتخاب العام المباشر .ومدة االنتخابات ،وتجدد في مجلس الشيوخ بطريقة جزئية على أساس نصف العدد ونصف المدة .ويجتمع البرلمان في جلسات عالنية وتنشر محاضر الجلسات في الجريدة الرسمية .وينعقد البرلمان في دورتين عاديتين ،كل مدتها ثالثة أشهر ،شتوية تبدأ في أكتوبر، وصيفية تبدأ مع نهاية أبريل ،وجميع الدورات الغير عادية تكون بطلب رئيس الجمهورية أو توفر النصاب القانوني المحدد لطلب مجلس البرلمان ،وتفتح وتفض جلسات البرلمان غير العادية بمرسوم رئاسي ،ومدة االنعقاد أثنى عشرة يوما ،يفصل ما بينها شهر على األقل. وفي تقديري "مثل هذه نواحي الزمة عمليا ،من أجل أن تعمل السلطات مع بعضها بشكل محكم ،وال يستند تفاعلها الصحيح على اجتهادات متغيرة ،قد تبطل الدستور على المدى الزمني ،حيث يرتكز الدستور على التفاعل المستمر بين السلطات جميعها وبشكل متوازي. االختصاصات ،وتشمل )0( :يصدر البرلمان القواعد العامة والمبادئ الالزمة لمجموعة من القوانين األساسية ،والتي في تقديري كل ما يمس حياة المواطن والمجتمع مباشرة ،وقد حدد الدستور مثال ،قانون الحريات والحقوق والواجبات العامة ،قانون الجنسية ،وقانون النظم المالية للزواج والتركات والتبرعات ،قانون مؤسسات المجتمع المدني ،قانون التأميم ،قانون الملكية ،تحديد الوعاء الضريبي ،والنظام المالي للدولة )2( .مناقشة قانون الموازنة العامة، ( )3إعالن الحرب بقوة البرلمان )8( ،اعتماد حق العفو الرئاسي )9( ،مناقشة كافة مشروعات ومقترحات القوانين والسياسات العامة )9( .تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي البرلمان من أجل الوصول إلي حل في حاالت التباين واالختالفات ويحدد الدستور آلية الوصول للبث النهائي. .9مكون السلطة القضائية :السلطة العليا في القضاء الفرنسي حسب دستورها ،يرأس القضاء مجلس أعلى للقضاء ،يتشكل من قضاة منتخبين من البرلمان ،وينعقد جلساته برئاسة رئيس الدول( ، .مالحظة :السلطة العليا في تقتضي مؤسسات قضاء يرأسها مجلس أعلى للقضاء مستقل تماما وبآلية حقيقية ،يتشكل من قضاة منتخبين من البرلمان ،وينعقد جلساته ويرأسه رئيس قضاة منتحب داخليا ،او رئيس الدولة المنتخب ،وهذا جائز ،وهذه جدلية كبيرة وتحتاج ان تكون مستمدة من شرعة حقيقية ،ومن خالل شعب واعي ومسئول تماما .فهذا المجلس هو من يحقق العدالة للشعب ،واي خلل سلبي في تكوينه ،سوف تتأثر العدالة نسبيا). منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
.1مكون عالقة السلطات العامة :في حقيقة األمر ،رغم أنه يشاع مبدأ فصل السلطات العامة، وخاصة الثالثة الرئيسة ،وهي التشريعية ،والقضائية ،والتنفيذية ،إال أنه عمليا من خالل الدستور إيجاد عالقة متقنة بحيث أن تعمل كل سلطة بكفاءة واستقاللية .وفي تقديري ،فإن الدستور الفرنسي هو نظام سياسي رئاسي ،وبصالحيات رئاسية تنفيذية واسعة ،وفيه القضاء غير مستقل ،بل حدد الدستور في مادة مستقلة ،بأنه على رئيس الجمهورية أن يضمن استقالل القضاء ،وفي مادة أخرى ،كلفه رئاسة المجلس األعلى للقضاء و وزير العدل وهو وكيل مجلس القضاء ،وتتم من خالله التعيينات القضائية ومع توفر حق تعين ثلث أعضاء المجلس الدستوري ،ومن هنا كان الزما ،في الدستور الفرنسي أن يكون هناك مكون خاص يتناول العالقة السياسية بحيث تتحقق الديمقراطية المشروعة والمنشودة. .5مكون المجلس االقتصادي واالجتماعي :وهو سلطة استشارية تعكس روح نظام السياسي، وطالما أن الدولة اشتراكية علمانية ،فيكون هذا المجلس هو صمام أمان أن تسير السياسات والقرارات واالتفاقيات والمعاهدات في مسارها االستراتيجي ،وتحافظ على طبيعة النظام، وأن تحقق لتنمية على أسسه .وفي تقديري" ،أن القوانين المصيرية متأثرة بالقوانين المصرية ،ونجد أن الدستور المصري تبنى هذا المكون فسماه المجلس االشتراكي ،وفي التعديالت األخيرة ،أطلق عليه مجلس الشورى ،وأحتفظ بصون االشتراكية. .01مكون مجموعة دول الفرنسية :وهذا مكون له أبعاد وخلفية تطورات تاريخية سياسية، وطموحات ثقافية ومستقبلية ،ويعكس أن االتفاقيات هي األساس والمبادئ هي الجوهر .ومن هذا المنطلق يتناول الدستور منطلق التوسع المشروع .وفي تقديري ،ما أحوج الدستور العربي النموذجي لتطوير مثل هذا المكون وله مبادئه ومنطلقات وآفاقه الخاصة و الضرورية. .00مكون األحكام االنتقالية :يتناول أحكام اإلجراءات الالزمة لتحول مؤسسات وقوانين وأوضاع سابقة لتطابق الدستور الجديد .وبذلك يكون تحولها دستوري.
فلسفة الدستور األمريكي (( مرجع :بروفسور بيثان براون" ،تقييم الدستور األمريكي ورأيه في مطالب التعديالت وإمكانية االستفادة منه في الدول العربية":قناة العربية ،برنامج من واشنطن)).2102/9 ، أبدى البروفسور "نيثان براون ،من جامعة واشنطن ،أن أهم ما يميز الدستور األمريكي أنه نابع من روح الشعب ،فينظروا إليه بشكل من القدسية ،ويعدونه أساس حياتهم وقوتهم وتقدمهم وتميزهم. وحسب رأيه فهو دستور وجيز وفيه ثغرات استغلت سياسيا ،وخاصة في انتخابات الرئاسة لعام 2111وما ترتب عنها من تحول عالمي للقيم والسياسية األمريكية العالمية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وال ينصح الدولة العربية باألخذ بالدستور األمريكي ،وإذا ما تم يكون ذلك بحذر. كما أشاد بمكونات الدستور المصري ،ألنه منبثق من دراسة التجارب األوربية ،ولم يكن من الدستور األمريكي ،وأشار إلي االستفادة من الدستور األلماني وجنوب أفريقيا ولم يضيف الدستور الكندي كما أشار غيره. ولعلى أعمق ما أشار إليه هو مسألة ثغرة "تحول السلطة الدستورية" إلي فاعل سياسي. وعندما يحدث ذلك فهذا عائق كبير وخطر جسيم. وبالمناسبة نجد من تتبع اإلشكالية التي جرت بين الرئاسة المصرية المنتخبة وسببها "المحكمة الدستورية" بحل البرلمان المنتخب في يوم واحد قبل بدء االنتخابات ولم تتم خالل انعقاده أكثر من مرة ،وإبطال قرار الرئيس الدولة في عودتها بمجرد انتخابه بإرادة شعبية حقيقية ،وهو في حاجة لسلطة تشريعية منتخبة تساعده في خروج البالد من أزمتها وإدارتها في عملياتها ومؤسساتها وإنتاج سياساتها .وبذلك تحولت المحكمة الدستورية إلي فاعل سياسي وصدور قرارات تنفيذية ،وكان في اإلمكان وضع خارطة طريق للخروج من األزمة ،أو الرجوع للشعب مصدر الشرعية .المقصود من ذلك أن الدول والشعوب أدركت األهمية البليغة للمحكمة الدستورية ،ويجري فكريا كثير من التطويرات ،منها ما يجري بخصوص تعديل عضوية المحكمة الدستورية بالدستور التركي. وتهدف مثل هذه لتطويرات عدم إمكانية موالة المحكمة الدستورية "للحاكم" وعدم تحولها إلي فاعل سياسي تنفيذي. ولتفادي ذلك أن تكون السلطة القضائية ،والدستورية ،قيادتها منتجة ومنتخبة من داخلها ،وهذا يجعلها متجددة ومستقل ة بشكل حقيقي ،ويبعدها على أن تتحول أو تستغل كفاعل سياسي ،خالل األزمات العامة. ومع وسجود أصوات منادية بإدخال تعديالت ،إال أنه أشار إال أن هناك ميزة التكييف السياسي ،وهنا يقصد أن الساسة يجدون مداخل وثغرات عدة أمدت في عمره وفعاليته الخارجية واالتحادية. وال نن كر أن الدستور االتحادي دائما مشروع ضخم ومعقد ،وليس باإلمكان نجاحه بدون توفر وتحديد البواعث والمعطيات التي تدفع بشعوب األقاليم بقبوله وتستوجب على الساسة استقراره .فضم خمسون والية أي دولة في عقد وطني واحد هو مشروع عقالني فذ. مشروع الدولة األكبر منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
صدر الدستور األمريكي في 0919بحضور عشرة واليات ،وصار نافذا عندما صادقت عليه والية نيويورك وفرجينا المعارضتين في ،0911و قد أدخلت عشرة تعديالت خالل السنوات األربعة .0950-0919ومن ثم عدل سبعة شعرة مرة خالل .0552 -0950و يصفه الباحثون بأنه دستور والتعديالت العشرة األولى في جامد حيث يجري تعديله بآلية تشريعية تشمل موافقة شعبية بالواليات واالتحاد(.. 0950تسمى "وثيقة الحقوق" .)Bill of rights وما كانت أمريكا لتصبح دولة كبرى وبقدر من هذه القوة اإلستراتجية بدون دستور مؤسس على توافق وطني وفكري ومنهجية واقعية ورؤية مستقبلية ومشاركة شعبية لتيني كل ذلك ،وهي دولة أقرب للفرقة وانتشار االختالفات و استمرارية النزعات الحروب األهلية من أي استقرار سياسي، فهي دولة كبرى تأسست بشكل غير مشروع من عدم فاتحدت مائتان مستعمرة أوربية تحت هدف واحد وهو حماية أمنها القومي من االستعمار األم ،وجمعها هدف مصالحها االتحادية في بسط نفوذها العالمي .فهي من قوميات عدة ولكن مصالحها العالمية وأمنها القومي وتاريخها القصير المشترك جعلها تصبغ على نفسها شرعية الدولة-القومية. فنالحظ أن ساستها اتخذوا التوافق-الفكري ،و سياسة-القوة ،والروح-الوطنية االتحادية يحميها دستور مشروع بشكل تام ،لتكون األصلح من أجل البقاء واالحتفاظ على ما تكتسبه. ولعلله من المفيد أيضا أن نذكر أن مكون حقوق الشعب ،وهو ما يطلق عليه "وثيقة الحقوق" ،جعل الشعب يشعر بأن الدستور وثيقة مقدسة لديهم. وما أود أن أشير إليه وهو أن إعداد دستور وطني وسياسي ومشروع دولة كبرى ،يحتاج إلي جهود وفلسفة سياسية ورؤى ومسئولية ،وأستنتج أربعة معايير هامة ،وهي -0 :مكون حقوق الشعب هو قلب الدستور وتموت شرعية الدولة بانتهاك أي من عناصره والتي يجب أن تكون محددة بشكل دقيق وتام -2 ،احترام رأي الفالسفة الذين هم أساس حضارة الشعوب يعد من مصادر الشرعية -3 ،توازن عالقة السلطات العامة وصحة ودقة تداخلها على المستوى االتحادي واإلقليمي جوهر ديمومة الدستور وقوته -8 ،رجاحة العقل و النضال الوطني المادي أو الفكري المخلص هما أساس الشرعية الرئاسية ،وهذا ما نراه من خالل النقاط التالية المقتبسة من موسوعة " ،"Wikibediaوالتي أصبغت على الدستور األمريكي قدسية شعبية وشرعية سياسية:
تتضمن وثيقة الحقوق على انه ال يحق لمجلس الشيوخ سن قوانين تفرض إتباع دين معين ،وتمنع حرية النقد حديثا أو كتابة أو تحد من حرية الصحافة أو تمنع التجمعات الشعبية للتعبير عن مطالبهم .وال يحق لمجلس الشيوخ أيضا سن قانون يمنع المواطنين من حمل السالح أو اقتناءه أو بيعه ،أو شراءه .وال يحق ألحد ممثلي الدولة أو الجيش دخول بيت مواطن إال بموافقة المالك ،وال يحق للدولة البحث في أوراق أو ممتلكات المواطنين وال يحق اخذ أموال األفراد العقارية بدون تعويض مقبول من المواطنين .وفي حالة ارتكاب جريمة
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فللمجرم الحق في اإلسراع لمحاكمته ،وله الحق في أن يعرف الجرم الذي ارتكبه أو المخالفة التي قام بها، وله الحق في مقابلة الشهود الذين يشهدون ضده وسماع أقوالهم ،وله الحق في الحصول على شهود لمصلحته وله الحق في تعي ين مجلس قضائي يدافع عنه
تستمد مواد الدستور األمريكي مضمونها من نظريات الفيلسوفين اإلنجليزيين " توماس هوبز " ،والفيلسوف الفرنسي " جان ج اك روسو " ،وآمن هؤالء المفكرين بأن قبول األفراد بااللتزام السياسي تجاه المجتمع على أساس المصلحة الذاتية والمنطق ،وأدركوا تماما ً مزايا مجتمع مدني تكون ألفراده حقوق وواجبات .
أدت بنود الوحدة بين الواليات األمريكية إلى إعطاء قوة للواليات أكثر من القوة التي كان يجب إعطاؤها للحكومة المركزية .بناء على ذلك دعا مجلس الشيوخ إلى عقد مؤتمر في 41ايار 4871لمناقشة أ مر الدستور ،وأرسلت الواليات نوابه ا إلى فيالديلفي ا وكان أول المؤتمر اختيار رئيس للواليات المتحدة .وقد اقترح على أ ن يكون " بنيامي ن فرانكلين " أول رئيس للدولة الجديدة العتبارات أهمها سنه ورجاحة عقله ( كان 74سنة ) ولكنه رفض ذلك .و بالفعل وقد اقترح المؤتمرون أ ن يكون جورج واشنطن أول رئيس للواليات المتحدة .وبالفعل فقد تم اختياره من قبل األغلبية العظمى .ثم بدأ المؤ تمرون في مناقشة الدستور الجديد، وبعد مساجالت عنيفة اقر الدستور األمريكي بافتتاحيته التالية (( :نحن ،شعب الواليات المتحدة ،وحتى نشكل وحدة متكاملة ،ويتم العدل ونضمن األمن القومي ،ونزود حماية عامة ،ونبني مستقبال جيدا ونؤمن الحرية ألنفسنا نتبنى هذا الدستور للو اليات المتحدة األمريكية )).
نص الدستور في المادة األولى من الدستور على أن جميع القوى السياسية البد لها أ ن تكون في يد المجلس التشريعي األعلى والذي يتألف من مجلس الشيوخ ومجلس النواب .و أعطي دستور الواليات المتحدة ( الفدرالي ) سيادة أعلى من دساتير الواليات ،وهذه الحالة أعطت المحكمة العليا سلطة فرض تطبيقه ،فقد تضمن الدستور فقرة أعلنت أن إجراءات الحكومة القومية تكون لها السيادة عندما يتضارب استخدامها الدستوري لسلطتها مع اإلجراءات المشروعة للواليات .
ومن خصائص الدستور األمريكي -
يرتكز على النظام السياسي الرئاسي المستند على قوة السلطة التشريعية االتحادية "الكونغرس". يرتكز على هيمنة السلطة التشريعية االتحادية على الواليات من أجل حماية االتحاد من مسببات و بواعث التفكك أو الخروج على النسق العام السياسي واالستراتيجي. يرتكز على أسلوب وضع القواعد السياسية والقانونية العامة ،وبما أن يكون موجزا ولكنه شامال وديناميكيا في تغطية كل التطورات والتكييف معها ،وخاصة مسألة الشرعية السياسية وممارسة السلطات وتكريس حقوق الشعب وتطور السياسات الخارجية والقضاء. يرتكز على الشرعية الشعبية في تعديالته ،مما خلق تعلق شعبي كبير إضافة إلي تأثير وثيقة الحقوق أعطاء مكون السلطة التشريعية األولوية في تركيبة الدستور ينم على إدراك سياسي وشعبي وعميق لهذين اإلرادتين .وكما ذكرنا فإن كل دستور ناجح نابع من تاريخ الشعوب ورؤية سياسية راجحة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
نشأة البالد وحربها األهلية في 0191يحتم تركيبة الدولة االتحادية ولو بالقوة لمنع التفكك،وال يمكن أن تكون دولة متحدة ،وكذلك العلمانية بسبب تعدد األجناس واألعراق واللغات واألديان. ال يفهم الدستور األمريكي على أساس مجرد قراءة نصوصه فقط ،ولكن من خالل سياساتهاومن كل ما صدر من قوانين مكملة ،فهي ليست فقط منفذة للدستور ،ولكن تتناول قواعد دستورية ،مما صعب الفهم السياسي والقانوني ،وخلق ثغرات ممكنة كما جاء على لسان البروفسور "نيتان براون" .فهو يمتاز بين قوة العالقة بين الرئيس المنتخب والكونغرس ،فإذا تمت جاز فعل الكثير .وقد نجد ذلك من واضحا ،من خالل مكون "سمو الحكومة القومية": حيث نص :أوال ،هذا الدستور ،وقوانين الواليات المتحدة التي تصدر تبعا ً له ،وجميع المعاهدات المعقودة أو التي تعقد تحت سلطة الواليات المتحدة ،تكون القانون األعلى للبالد. ويكون القضاة في جميع الواليات ملزمين به ،وال يعتد بأي نص في دستور أو قوانين أية والية يكون مخالفا ً لذلك ثانيا ،يكون الشيوخ والنواب المشار إليهم آنفاً ،وأعضاء المجالس التشريعية لمختلف الواليات ،وجميع الموظفين التنفيذيين والقضائيين التابعين للواليات المتحدة ولمختلف الواليات ،ملزمين بموجب قسم أو إقرار بتأييد هذا الدستور .ولكن ال يجوز أبدا ً اشتراط امتحان ديني كمؤهل لتولي أي منصب رسمي أو مسئولية عامة في الواليات المتحدة. لم يحدد الدستور"علمانية الدولة" كما فعل الدستور الفرنسي ،ولكن نجد عبارتين أساسيتين،وهما ال يجوز إصدار قانون أو قرار على أساس ديني ،وكذلك نص واضح على حرية األديان ،ولذلك بعد سياسي ،حيث العلمانية جلبت مشاكل عدة لليهود في أوربا وأدت إلي هجرتهم إلي أمريكا .كما أنها تجلب مشاكل للمسلمين في أوربا فهي تبيح قوانين وممارسات تمانع وتعترض على حق اآلخرين في حرية المظاهر والتمايز والخصائص الدينية. -
مناقشة مكونات الدستور: صدر الدستور األمريكي باسم الشعب في المقدمة ،وحددت إنشاء دولة اتحاد عادلة مستقرة تعزز الخير العام وتؤمن الحريات لألجيال ،وتوفر سبل الدفاع المشترك بين أقاليم والياتها. وأرتكز على مفهوم اختصاصات السلطات العامة االتحادية وللواليات ،وحدد العالقات وكافة االعتبارات بدقة ،وعلى سبيل المثال: أوال ،المكون التشريعي :وقد أعطاه الساسة األولوية في التركيبة الدستورية ،وأطلق على هذا المكون البرلماني مسمى "الكونغرس" ،وهو يشكل من مجلس الشيوخ ،ومجلس النواب. وقد حدد الدستور حق كل والية في انتخاب مجلسي سلطتها التشريعية. وأعضاء مجلس النواب االتحادي منتخبين من الشعب في كل الواليات كل سنتين .ويتم إدارة كل انتخاب النواب االتحاديين بإشراف وموافقة مجلسي برلمانات الوالية .وقد حدد مسألة السن والمواطنة والتأهيل المالئم .وال يسمح بجمع العضوية ،ومسألة إجراء التعدد السكاني العقدي الدوري ،بشكل دوري كل شعرة سنوات .دوري منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويتشكل مجلس الشيوخ االتحادي من عدد شيخين تختارهم السلطة التشريعية بكل والية ،ومدة دورة االنعقاد ستة سنوات ،يتجدد خاللها المجلس بكامله ،بحيث يقسم أعضاء مجلس الشيوخ إلي ثالثة فئات عددية ،تسمح بتجديد انتخاب الفئة األولى بعد سنتين ،والفئة الثانية في السنة الرابعة ،والفئة الثالثة في السنة السادسة. ويرأس نائب الرئيس المنتخب إدارة مجلس الشيوخ ،ويتولى الكونغرس تحديد بقية مسئوليه ،وال يمتلك نائب الرئيس ورئيس مجلس الشيوخ حق التصويت. وترتكز آلية القرار على اختصاص الكونغرس في مداولة مشروعات القوانين والقرارات وكل ما يستلزم التصويت .ويستلزم موافقة رئيس الواليات المتحدة لكي يصبح قانون نافذ .فإذا رفضها رئيس الواليات يحدد اعتراضاته ،ويدرسها المجلسين كل على حدة ،وتحتاج كل موافقة تشريعية إلي نصاب ثلثي أعضاء كل مجلس العتماد التعديالت أو المقترحات أو االعتراضات. وتشمل السلطات الممنوحة للكونغرس ،فرض قواعد القوانين الحيوية وسلطة الموافقة ،بحيث تشمل مثال ،فرض قانون الضرائب ليكون موحد بكل الواليات ،االقتراض الخارجي ،تنظيم التجارة الدولية والتجارة المحلية بين الواليات ،قانون الجنسية والهجرة ،إصدار العملة ،قوانين المعاقبة الجنائية وإنشاء المحاكم األدنى من المحكمة العليا المقررة بالدستور ،قانون التعليم ،قانون البريد ،تعريف ما يصدر من أعمال تهدد األمن القومي وكيفية المعاقبة عليها ،قانون إعالن الحرب أو رد العدوان، إنشاء الجيوش والموازنة. تكوين قوة بحرية والتكفل بها .ووضع قواعد إلدارة وتنظيم القوات البرية والبحرية .وضع أحكام لدعوة المليشيا إلى تنفيذ قوانين االتحاد ،وقمع التمرد وصد الغزو .وضع أحكام لتنظيم وتسليح وتدريب المليشيا ..وسن كل القوانين الضرورية والمالئمة للتنفيذ ،وكل القوانين تتعلق بتحصيل دخل عام. وقد حدد الدستور تبعا لمكون السلطة التشريعية االتحادية "جميع السلطات واالختصاصات المحظورة على الواليات" .وهذا ما مكن الواليات المتحدة من أن تكون لها سياسيات مركزية متماسكة سيادية مالية وخارجية ودفاعية وقضائية. ويعود نجاح ذلك لقرون كون السلطة التشريعية االتحادية نابعة من الواليات ،كما أنها سلطة حقيقية واسعة موثوق فيها. إضافة للتأييد الشعبي العارم النابع من محبة دستورهم بسبب جدية تطور وتطبيقات وثيقة الحقوق، وقد إدراك الساسة حيوية مسألة الوحدة االتحادية واألمن القومي والرفاهية االجتماعية بتنمية اقتصادية قوية وجعلها محورية في تنافسهم االنتخابي واستمرارية التفاعل الشعبي مع مقاصد الدستور. ثانيا ،مكون السلطة التنفيذية :يتم تناط كامل السلطة التنفيذية برئيس للواليات المتحدة ،ويشغل منصبه مدة أربع سنوات )0( ،طريقة االنتخاب :يتم انتخاب الرئيس ونائبه عن طريق "هيئة ناخبين" ،تتشكل على مستوى الواليات ،ويكون عدد الهيئة بكل والية مساوي للعدد مجلس الشيوخ وعدد مجلس النواب في كل والية ،وتشرح كل هيئة فرعية عدد اثنان على أن يكون أحدهم من والية أخرى ،وليس بالضرورة االثنان من نفس الوالية ،ويقومون باالقتراع فيما بينهم ،وترسل األصوات إلي الحكومة الفيدرالية موجهة إلي رئيس مجلس الشيوخ .ويقوم مجلس الشيوخ بتحديد الفائز منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المتحصل على أكبر أصوات من المجموع الكلي لألصوات )2( .صالحية السلطة التشريعية في عزل الرئيس ،حيث " يمكن للكونغرس أن يحدد بقانون أحكام حاالت عزل أو وفاة أو استقالة أو عجز الرئيس ونائب الرئيس كليهما ،معلنا ً من هو المسئول الذي يتولى عند ذلك مهام الرئاسة ويبقى مثل ذلك المسئول إلى أن تزول حالة العجز أو يتم انتخاب رئيس ..كما يعزل الرئيس ونائب الرئيس وجميع موظفي الواليات المتحدة الرسميين المدنيين من مناصبهم إذا وجه لهم اتهام نيابي بالخيانة أو الرشوة أو أية جرائم أو جنح خطيرة أخرى ،وأدينوا بمثل هذه التهم )3( .".اليمين الدستوري :يؤدي الرئيس قسم اليمين ويكون أمام الكونغرس وعلى النحو التالي" :أقسم جازما ً (أو أؤكد) بأنني سأقوم بإخالص بمهام منصب رئيس الواليات المتحدة وبأنني سأبذل أقصى ما في وسعي ألصون وأحمي وأدافع عن دستور الواليات المتحدة" )8( .رئاسة القوات المسلحة :يكون الرئيس قائدا ً أعلى لجيش وبحرية الواليات المتحدة ،ولمليشيات مختلف الواليات عندما تدعى إلى الخدمة الفعلية لدى الواليات المتحدة )9( .المعاهدات :تكون له السلطة ،بمشورة مجلس الشيوخ وموافقته ،لعقد معاهدات ،شرط أن يوافق عليها ثلثا عدد أعضاء المجلس الحاضرين )9( .التعيينات :كما له أن يرشح ،وبمشورة مجلس الشيوخ وموافقته ،أن يعين ،سفراء ووزراء مفوضين آخرين وقناصل وقضاة للمحكمة العليا وسائر موظفي الواليات المتحدة اآلخرين ".ولكن يمكن للكونغرس أن ينيط بواسطة قانون ،حسبما يرتئي ،تعيين مثل هؤالء الموظفين األدنى رتبة ،بالرئيس وحده ،أو بالمحاكم ،أو بالوزارات")9( . حق العفو :كما تكون له سلطة إرجاء تنفيذ األحكام ،ومنح العفو عن جرائم ترتكب ضد الواليات المتحدة ،ما عدا في حاالت االتهام النيابي )1( .يزود الرئيس الكونغرس من وقت آلخر ،بمعلومات عن حال االتحاد ،ويقدم له للدراسة ،توصيات بتلك اإلجراءات التي يعتقد أنها ضرورية ومالئمة. ( )5انعقاد الكونغرس في دورات غير عادية :للرئيس وفي ظروف استثنائية ،أن يدعو كال المجلسين ،أو أي منهما ،إلى االنعقاد .وفي حال حدوث خالف بينهما بالنسبة إلى موعد إرجاء الجلسات ،فله أن يرجئها إلى الموعد الذي يراه مالئما ً. ثالثا ،مكون السلطة القضائية )0( :تناط السلطة القضائية في الواليات المتحدة بمحكمة عليا واحدة وبمحاكم أدنى درجة كما يرتئي الكونغرس )2( .تشمل السلطة القضائية جميع القضايا المتعلقة بالقانون والعدل التي تنشأ في ظل أحكام هذا الدستور وقوانين الواليات المتحدة والمعاهدات المعقودة أو التي ستعقد بموجب سلطتها .كما تشمل جميع القضايا التي تتناول السفراء والوزراء المفوضين اآلخرين والقناصل وجميع القضايا الداخلة في اختصاص األميرال والمالحة البحرية والمنازعات التي تنشأ بين اثنتين أو أكثر من الواليات ،وبين إحدى الواليات ومواطني والية أخرى )3( .جريمة الخيانة بحق الواليات المتحدة ال تكون إال بشن حرب عليها ،أو باالنضمام إلى أعدائها وتقديم العون والمساعدة لهم .وال يدان أحد بتهمة الخيانة إال استنادا ً إلى شهادة شاهدين يشهدان على وقوع نفس العمل الواضح النية ،أو استنادا ً إلى اعتراف في محكمة علنية )8( .للكونغرس سلطة تحديد عقوبة جريمة الخيانة .ولكن ال يجوز االقتصاص من نسل أو أقارب المتهم أو تجريده من حقوقه المدنية أو مصادرة أمواله وممتلكاته إال أثناء حياته )9( .تكون للمحكمة العليا صالحية النظر أساسا ً في جميع منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
القضايا التي تتناول السفراء والوزراء المفوضين اآلخرين والقناصل ،وتلك التي تكون فيها إحدى الواليات طرفا ً .وفي جميع القضايا األخرى المذكورة آنفاً ،تكون للمحكمة العليا صالحية النظر فيها استئنافاً ،من ناحيتي الوقائع والقانون ،مع مراعاة االستثناءات واألنظمة التي يضعها الكونغرس. رابعا ،مكون عالقات الواليات :يتم على أساس احترام كل والية لكافة القوانين بالواليات األخرى، والتعاون القضائي ،ويجوز للكونغرس أن يحدد قوانين عامة ترسخ العالقات بين الواليات. خامسا ،مكون عالقات الحكومة الفيدرالية بالواليات :تضمن الواليات المتحدة لكل والية في هذا االتحاد حكومة ذات نظام جمهوري وتحمي كال منها من الغزو ،كما تحميها ،بناء على طلب الهيئة التشريعية ،أو السلطة التنفيذية (في حال تعذر انعقاد الهيئة التشريعية) من أعمال العنف الداخلية. ويضمن الكونغرس أال تمس سيادة كل والية على إقليمها ،فمثال ،ال يسن قوانين تدمج والية بأخرى أو ضمن جزء من أراضيها أو تفسير الدستور بما يضر بأي والية قائمة حال صدور الدستور. سادسا ،مكون تعديل الدستور :يقترح الكونغرس ،كلما رأى ثلثا أعضاء المجلسين ضرورة لذلك، تعديالت لهذا الدستور ،أو يدعو ،بناء على طلب الهيئات التشريعية لثلثي مختلف الواليات ،إلى عقد مؤتمر القتراح تعديالت ،تصبح في كلتا الحالتين ،قانونية من حيث جميع المقاصد والغايات ،كجزء من الدستور .مع مراعاة ما جاء في السلطات المحظورة على الواليات.
فلسفة الدستور األلماني لقد أثبتت الديمقراطية األلمانية الثانية نجاحها .ويعود هذا النجاح لعدة أسباب :منها التقدير العالي للحياة الديمقراطية ،خاصة بعد فترة الحكم الديكتاتورية ،إضافة إلى السعي نحو إثبات الذات ونيل القبول بين الجيران الديمقراطيين .كما أن للدستور دوره في استقرار ونجاح هذه الديمقراطية .وفي العام 0551بعد انتهاء تقسيم ألمانيا الذي دام 81عاما ،تم تبني "القانون األساسي" على أنه "دستور" جمهورية ألمانيا الموحدة . يمثل النظام السياسي الحالي في جمهورية ألمانيا االتحادية النظام السياسي الديمقراطي الثاني في التاريخ األلماني .أعضاء المجلس البرلماني الذين أسسوا الجمهورية االتحادية وقاموا بصياغة دستورها الجديد (القانون األساسي) كانوا قد تعلموا دروسا من التاريخ من انهيار الديمقراطية األولى ،ديمقراطية جمهورية فإيمار ،ومن ديكتاتورية الحكم االجتماعي القومي (النازي) .كانت جمهورية ألمانيا االتحادية واحدا من أبناء الحرب .وكان للديمقراطية أن تعم في الجزء الغربي من منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
البلد المقسم إلى دولتين في العام .0585إال أن الدستور الذي تمت صياغته بداية على أنه دستور مبدئي صمد عند تحقيق هدف الوحدة كنوع من حرية القرار. ولكي نأخذ عن دساتير البلدان األخرى أي جزئية أو نستند على فلسفتها الدستورية ،وهنا نقصد الحكمة العملية السياسية ،يستلزم معرفة الحقائق الكاملة والكامنة في تلك البلد والدساتير العالمية وكيف أخذت من بعضها وحقيقة التفاعالت. ونقول بأن الصناعة الدستورية هي صناعة "شعبية" و "سياسية" ،البد من شعب واعي وساسة وطنيين حكماء .فالسياسة ليست لعبة أو كعكة كما جرت بساذجة على لسان كثيرين. وفي تقديري نجد الدستور االتحادي األلماني أكثر مالئمة لألخذ منه عند تكوين مشروع "اتحاد الدول العربية ” "Arab United States “ AUSالمنشود ،أكثر من وضعه أو األخذ منه لدولة عربية واحدة كما يرى بعض المفكرين. حيث نجد فيه روح العملية السياسية التي جمعت الروح اإليجابية في الدستور البريطاني ،والفرنسي واإلنجليزي والضغوط الدولية .ومن خالله تسود االقتصاد األوربي المعاصر ،رغم فقرها النفطي وكثرة التحديات حولها وخروجها مهزومة الحروب العالمية ،فليس لها دور محوريا سياسيا أو عسكريا عالميا ،ومع أن العرب كانوا يظنون أنهم أحسن حاال وهم في محور المنتصرين ،وهم األغنى نفطيا في العالم ولكن ليس لهم أدنى دستور أو فكرة اتحاد حقيقي يجمعهم. و يمتاز الدستور األلماني أنه أخذ عن النظام السياسي األمريكي وعن النظم األوربية ،فجاء معدل برلمانيا ورئاسيا ،فهي تعلم حقيقة التحديات الدولية ووضعها الدولي ودورها الحيوي المفترض تطويره. دولة االتحاد والواليات :و تتألف من دولة االتحاد ومن 61والية .ويحدد الدستور األلماني مجاالت عمل وصالحيات كل من االتحاد والواليات .ومن هذه الناحية فإن النظام االتحادي األلماني يشبه إلى حد كبير النظم االتحادية في الدول األخرى .أما الحياة العامة في ألمانيا فهي محكومة بالدستور (القانون األساسي) .وحسب مبدأ سيادة الدولة وتوزيعها يخضع المواطنون في كافة األحوال تقريبا لسلطة الوالية أو للجهة اإلدارية التي تمثل هذه السلطة .ويهدف الدستور بإتباعه هذا المبدأ إلى الجمع بين ميزات دولة االتحاد وميزات الواليات االتحادية .بينما يتعامل مواطنو الدول االتحادية األخرى في حياتهم اليومية غالبا مع جهات تمثل الدولة االتحادية .ويشترط الدستور المساواة في شروط المعيشة بين كافة الواليات االتحادية .تخضع هذه الشروط المعيشية بشكل أساسي للسياسات االقتصادية واالجتماعية .
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
واليات جمهورية ألمانيا االتحادية :جمهورية ألمانيا االتحادية هي عبارة عن نظام اتحادي فدرالي، وتتمتع كل من الحكومة االتحادية وحكومات الواليات بصالحيات ومهمات ،حيث تعتبر الحكومة االتحادية مسئولة عن السياسة الخارجية والسياسة األوروبية والدفاع والعدل والعمل والسياسة االجتماعية والصحية ،بينما تخضع سياسات األمن الداخلي والمدارس والتعليم العالي وكذلك اإلدارة المحلية واإلقليمية لسلطة الواليات .وتتركز مسؤولية االتحاد بشكل أساسي في سن القوانين التي تشارك الواليات االتحادية ممثلة بمجلس الواليات أيضا في سنها .وتكون من وظيفة إدارات الواليات في المقابل العمل على تطبيق قوانين الواليات إضافة القوانين االتحادية .وتكمن أسباب هذا التقسيم والتوزيع في الماضي :فقد نشأت الدولة القومية األلمانية في العام 6786من خالل اتفاق العديد من الدويالت المستقلة .وبهذا لم يكن من الضروري بناء دولة مركزية كبيرة .ومن بين 61 والية تتفرد ثالث واليات بخاصة متميزة وهي أن كال منها عبارة عن مدينة واحدة ،وهي برلين وبريمن وهامبورغ ،بينما تمتد مساحات الواليات األخرى لتشمل العديد من المدن والمناطق الريفية. األحزاب السياسية :في الدستور األلماني يجب أن تنطلق من أساس دستوري يضبط عملها الديمقراطي لكي تكون مشروعة ،وتحل أو تمنع من عملها حسب طلب من الحكومة والبث فيه من قبل المحكمة الدستورية ،علما بأن الحكمة في ذاتها هي مشكلة دوما من ائتالف حزبي تعددي .ولقد وضحنا ذلك في الفصل السادس.. نظام االنتخاب :نظام االنتخاب األلماني يجعل من الصعوبة بمكان تفرد أحد األحزاب السياسية بالسلطة وتشكيل الحكومة .األمر الذي حدث مرة واحدة فقط خالل 61عاما .أما القاعدة فهي تحالف األحزاب في الحكم .ولكي يعرف الناخبون من الذي سيكون شريك الحزب الذي ينتخبونه في الحكم ،تقوم األحزاب غالبا بالتعبير عن رغباتها في تشكيل التحالفات واالئتالفات قبل خوضها الحمالت االنتخابية .وبانتخابه أحد األحزاب يكون المواطن قد عبر من ناحية عن ميله إلى تحالف معين من األحزاب ،وعن رغبته في توزيع القوى بين األحزاب الحاكمة في المستقبل من ناحية أخرى. والدستور هو النافذة التي تطل من خالله الشعوب على العلم بشكل مشروع. وفيما مناقشة عن مكونات الدستور األلماني ،وفي ظل ما جاء عن "يورغن هارتمان":
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أوال ،مكون السلطة التشريعية وهو "البوند ستاغ" ويعني البرلمان االتحادي ،وأعضاؤه منتخبون ويمثلون جميع الشعب األلماني، وعددهم ،951وينتخب نصفهم عن طريق االنتخاب لوائح انتخابية على مستوى الواليات ،وعادة ما يعرف باسم "مجلس الشيوخ" ،والنصف األخر باالنتخاب العام عن طريق الدوائر االنتخابية ،وهم بمثابة مجلس النواب. وهناك (مجلس الواليات) مجلس الواليات يمثل الواليات المختلفة ويعتبر هيئة ثانية إلى جانب "البوندستاغ " (البرلمان االتحادي) .ومن مهامه مناقشة كل القوانين االتحادية .وعلى اعتباره ممثال للواليات يتمتع المجلس بدور المجلس الثاني في بقية الدول االتحادية الذي يعرف عادة باسم "مجلس الشيوخ" .ويتألف مجلس الواليات حصرا من ممثلين عن الواليات .ويتناسب نظام التصويت مع عدد سكان الواليات بشكل عادل :حيث تتمتع كل والية بثالثة أصوات على األقل ،بينما يمكن أن تتمتع الواليات األكثر سكانا بعدد من األصوات يصل إلى ستة . وفي العموم ترتكز مهام السلطة التشريعية على ثالثة اختصاصات رئيسة ،وهي )0( :مهمة انتخاب المستشار االتحادي ،وهو رئيس الحكومة ،ويدعم "البوند ستاغ" ضمان استمراره في الحكم من خالل تأييد سياساته .ويمكن عزل المستشار من خالل التصويت على نزع الثقة .وتتنافس األحزاب السياسية في الدوائر االنتخابية للحصول على أعلى األصوات وكسب الكتلة البرلمانية ،ويمنح الشعب ثقة كبيرة في دور وأهمية العملية الحزبية .وال يمكن لألحزاب التي تحصل على أقل من عتبة %9 من أصوات الناخبين المشاركة في البرلمان )2( .المهمة التشريعية ،ولها جانبين ،فهناك مشروعات القوانين المقترحة من البرلمان ،حيث ومنذ 0585قام البوندستاغ بطرح أكثر من 01111مشروع قانون وسن أكثر من 9911قانون ،تناول الكثير منها تغييرات وتعديالت في القوانين السارية . وهناك مشروعات القوانين والسياسات المقترحة من الحكومة ،ويتساوى البوندستاغ مع البرلمانات في الديمقراطيات البرلمانية األخرى ،حيث أن مهمته الرئيسية تتجلى في سن القوانين والتشريعات التي تقترحها ا الحكومة األلمانية ،وله مقر خاص ،وال يمتاز بالجدل السياسي كالبرلمان البريطاني منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
بل يرتكز على العمل السياسي على شاكلة النظام األمريكي .ويؤدي هذه المهمة بفعالية عن طريق تشكليه للجان متخصصة وهي التي تناقش بشكل مكثف القوانين المقترحة على البرلمان )3( .المهمة الرقابية البرلمانية ،وتتجلى في الرقابة على أداء الحكومة .والرقابة البرلمانية التي تتم ممارستها بشكل علني ،تمارسها المعارضة البرلمانية بشكل أساسي .أما الرقابة التي ال تظهر للعموم والتي ال تقل فاعلية عن رقابة المعارضة ،فهي الرقابة التي يمارسها أعضاء البرلمان المنتمين إلى األحزاب الحاكمة ،والذين يطرحون تساؤالتهم المحرجة على ممثلي الحكومة بشكل مستمر وخالل وعلى هوامش المداوالت وغير عالنية ،ولها أثرها في التصويب السياسي.
ثالثا ،مكون السلطة التنفيذية ويشمل جانبين جوهرين وهما ،رئاسة الدولة والحكومة .ويطلق على رئيس الدولة " ،الرئيس االتحادي" ،وهو يمثل الرئيس االتحادي الجمهورية االتحادية كأعلى سلطة .وهو يمثل البالد في الخارج ويعين أعضاء الحكومة والقضاة وكبار الموظفين .وبتوقيعه تصبح القوانين سارية المفعول. وهو يعفي الحكومة من مهامها وباستطاعته عمل ذلك قبل الموعد المحدد ،كما حصل في صيف .2119ولم يمنح الدستور األلماني رئيس الجمهورية حق النقض (فيتو) الذي يتمتع به الرئيس األمريكي أو غيره من الرؤساء الذي يمكنهم تعطيل قوانين وقرارات صادرة عن الهيئات البرلمانية. وتنحصر مهمته في المصادقة على القرارات البرلمانية وعلى مقترحات الحكومة المتعلقة بالتعيينات في المناصب .إال أنه يتأكد من مواءمة هذه القرارات والمقترحات لقواعد ونصوص الدستور . و يمارس الرئيس االتحادي مهمته لفترة رئاسة تمتد خمس سنوات ،ويمكن تجديد انتخابه لفترة رئاسية أخرى. أما انتخاب الرئيس االتحادي فيتم من خالل المجلس االتحادي ،الذي يتألف من أعضاء البرلمان إلى جانب نفس العدد من المنتخبين من أعضاء برلمانات الواليات الستة عشر
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويطلق على رئيس الحكومة "المستشار االتحادي" ،وهو العضو المنتخب الوحيد في الحكومة، ويمنحه الدستور حق تعيين الوزراء بصفته رئيس أعلى سلطة سياسية في البالد .ويحدد المستشار أيضا عدد الوزارات ومجاالت اختصاص كل منها .وهو صاحب الحق في توزيع المسؤوليات والمهمات .األمر الذي يعكس سلطة المستشار ودوره الحاسم في وضع سياسة الحكومة .وبهذه الصالحيات يتمتع المستشار االتحادي بدور سياسي قيادي أشبه بذلك يتمتع به رؤساء الجمهورية في الديمقراطيات األخرى .
رابعا :مكون السياسية العامة النظام البرلماني الديمقراطي يعني أن سياسة الدولة يتم وضعها من قبل رئيس الحكومة و وزرائه وليس من قبل سلطة عليا .فوضع السياسة العامة من مسئوليات الحكومة ،وهناك جانب القوانين والقرارات التي تمس الواليات ،فالدستور يضع القواعد الالزمة والعالقات بين سلطات االتحاد والواليات ،فمثال ،ترك الدستور المالي في ألمانيا للواليات مجاال واسعا لتمويل مهماتها .حيث يتم فرض الضرائب األساسية ذات عائدات عالية بموجب قوانين اتحادية ،إال أنها تتطلب رغم ذلك موافقة ممثلي الواليات (من خالل مجلس الواليات) .ويكون جزء من حصيلة هذه الضرائب من نصيب الحكومة االتحادية أو حكومات الواليات ،بينما يتشارك الجميع (اتحاد وواليات) في اقتسام الجزء اآلخر من الضرائب ،وخاصة الضرائب ذات المردود العالي .من هذا الجانب تشابه دولة االتحاد األلمانية إلى حد كبير دولة الكيان الواحد .وتقوم الواليات بمراقبة وتنفيذ معظم الشؤون اإلدارية لدولة االتحاد .أي أن النظام اإلداري األلماني يخضع لمبادئ فيدرالية .وتقوم إدارات الواليات بتنفيذ قوانين الواليات المختلفة .كما أنها تقوم بتنفيذ وتطبيق القوانين االتحادية إلى درجة كبيرة . وفي 2115تم تعديل الدستور بشكل يحظر على الواليات أية استدانة جديدة اعتبارا من العام ،2121 يحدد المديونية الجديدة التي المصرح بها لالتحاد اعتبارا من 2109بنسبة ال تزيد عن 1339من الناتج المحلي اإلجمالي (ضوابط االستدانة) مع مراعاة األحوال االستثنائية في حال وقوع أزمات اقتصادية . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وتتمتع الواليات بسلطة مطلقة في كل ما يتعلق "بالتعليم العام والتعليم العالي ،واألمن الداخلي وما يتبع له من شؤون الشرطة" ،إضافة إلى اإلدارة الذاتية للمناطق المختلفة .أما "مجلس الواليات" ذو النفوذ السياسي الواسع فإن الواليات تجد فيه تعويضا عن الدور التشريعي الكبير لدولة االتحاد المسئولة عن سن القوانين. ويساهم (مجلس الواليات) في صدور القوانين االتحادية .وبهذا فهو يختلف عن أمثاله في الدول االتحادية األخرى .ويسن الدستور على نوعين من مشاركة المجلس في التشريع )0( .القوانين االتحادية التي تزيد األعباء اإلدارية المالية للواليات )2( ،القوانين التي تحل محل قوانين تقع ضمن سلطة الواليات تحتاج بالضرورة إلى موافقة (مجلس الواليات) ،لكي يصبح القانون نافذا في هذه الحال فإنه يجب أن يخضع لموافقة مجلس الواليات بعد أن يوافق عليه البوندستاغ .أي أن مجلس الواليات يتمتع بذات الصالحيات التشريعية للبوندستاغ .ويصل عدد القوانين التي تخضع لموافقة مجلس الواليات حاليا إلى حوالي %91من مجمل القوانين . بما أن تنفيذ القوانين االتحادية يقع بشكل أساسي على عاتق إدارات الواليات ،فإن القوانين الهامة والقوانين التي يرتبط تنفيذها بتكاليف كبيرة تستدعي تدخل السلطات اإلدارية للواليات في الموافقة عليها . وهنا يجب التمييز بين القوانين الخاضعة بالضرورة لموافقة (مجلس الواليات) والقوانين التي يمكن للمجلس االعتراض عليها .فالمجلس يمكنه االعتراض على هذه القوانين ،إال أن البوندستاغ يمكنه رغم ذلك التصويت على هذا الرفض ورفضه بذات الغالبية التي تم بها الرفض في مجلس الواليات، سواء بأغلبية مطلقة أو بأغلبية الثلثين ،وفي هذه الحال يمكن الرفض بالغالبية المطلقة ألعضاء البوندستاغ على األقل غالبية مطلقة .ومنذ أيلول/سبتمبر 2119تقوم عملية إصالح النظام الفيدرالي الجديد بمهمة تنظيم وإعادة توزيع المهمات واالختصاصات بين الحكومة االتحادية وحكومات الواليات .ويهدف هذا اإلصالح إلى رفع كفاءة ومرونة اتخاذ القرارات على المستوى االتحادي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وعلى مستوى الواليات على السواء ،إضافة إلى فصل وتحديد أوضح للمسؤوليات والصالحيات بين هذين المستويين .
خامسا ،مكون السلطة القضائية تعتبر المحكمة الدستورية العليا هي السلطة القضائية العليا ،وهي إحدى المؤسسات األلمانية التي نشأت في النظام الديمقراطي لما بعد الحرب .وقد منحها الدستور حق إلغاء القوانين التي يتم اتخاذها بطريقة ديمقراطية إذا ما توصلت إلى االنطباع بأن هذه القوانين تتعارض مع الدستور .وتتدخل المحكمة الدستورية فقط عندما يطلب منها ذلك من خالل طلب أو دعوى .أما الهيئات التي يحق لها اللجوء إلى المحكمة الدستورية فهي محددة بالهيئات االتحادية :رئيس الجمهورية والبوندستاغ ومجلس الواليات والحكومة االتحادية وبعناصر هذه الهيئات كأعضاء البرلمان والكتل البرلمانية وحكومات الواليات .وتعمل المحكمة الدستورية في إطار هذه "الخالفات الدستورية" على حماية توزيع سلطة الدولة االتحادية بالطريقة التي ضمنها الدستور .ومن أجل إتاحة المجال أمام األقليات البرلمانية للجوء إلى المحكمة الدستورية ،فإنه يكفي مصادقة ثلث أعضاء البرلمان على اقتراح ضد قانون ما . إضافة إلى ذلك فإن الدستور يتيح للمواطن الفرد إمكانية "رفع شكوى دستورية" إذا ما رأى اعتداء على حقوقه األساسية من قبل أية سلطة حكومية .وتتراكم سنويا آالف الدعاوى الدستورية التي يرفعها المواطنون أمام المحكمة التي تتمتع بحق اختيار الدعاوى التي تتصف أحكامها باالتجاه العام فيما يتعلق بالحقوق األساسية .كما أن من واجب كل محكمة ألمانية النظر فيما يسمى "دعوى محددة للرقابة" ورفعها للمحكمة الدستورية إذا ما وجدت تعارضا بين قانون ما وبين أحكام الدستور. والمحكمة الدستورية هي الجهة الوحيدة المخولة بالنظر في دستورية األحكام والقوانين. يرسم الدستور األلماني حدودا للتشريع القانوني ضمن اإلطار الدستوري ،كما يلزم إدارة الدولة بالحق والقانون .وتحتل الفقرة األولى من الدستور مكانة خاصة ،فهي تعتبر أهم فقرة من الدستور لما تنص عليه من احترام كرامة اإلنسان" :ال يجوز المساس بكرامة اإلنسان .وتلتزم الدولة بكافة مؤسساتها باحترامها وحمايتها" .وتضمن الحقوق األساسية أيضا أمورا ،منها حرية التجارة في إطار القوانين ،والمساواة بين الناس أمام القانون ،وحرية اإلعالم والصحافة وحرية الجمعيات وحماية األسرة . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يصف الدستور ألمانيا على أنها بلد سيادة القانون :تخضع فيها كافة تصرفات الجهات الحكومية لرقابة القانون .وتعتبر الدولة االتحادية مبدأ آخر من مبادئ الدستور .وهي تعني تقاسم السلطة بين مجموعة من الواليات األعضاء من جهة وبين دولة مركزية من جهة أخرى .وأخيرا يعتبر الدستور ألمانيا على أنها دولة اجتماعية .والدولة االجتماعية تفرض على السياسة اتخاذ إجراءات تضمن للناس مستوى الئقا من الحياة المادية ،في حاالت البطالة واإلعاقة الجسدية والمرض والشيخوخة .أما الميزة الخاصة التي يتمتع بها الدستور فهي ما يعرف باسم "الطبيعة األزلية" التي تتمتع بها أسس هذا الدستور .الحقوق األساسية وطريقة الحكم الديمقراطية والدولة االتحادية والدولة االجتماعية، كلها مبادئ ال يجوز المساس بها من خالل تعديالت الحقة على الدستور ،أو حتى في حال صياغة دستور جديد للدولة. أما حقيقة أن الشعب يمارس السلطة من خالل مؤسسات محددة ،فهي تتواكب مع نص الدستور على طريقة الحكم المعتمدة على التمثيل الديمقراطي .وتمتلك دساتير الواليات االتحادية وسائل الديمقراطية المباشرة .فمن خالل المبادرة الشعبية تطالب مجموعة قليلة من المواطنين برلمان الوالية بصياغة قانون ما .ويطالب االستفتاء الشعبي بطريقة مشابهة البرلمان بالموافقة على مشروع قانون مطروح .وإذا لم يلتزم البرلمان باالستفتاء يمكن اللجوء إلى قرار شعبي ،يمكن من خالله للغالبية إقرار هذا القانون و ينقسم القضاء األلماني إلى خمسة أقسام من المحاكم :محكمة النظام واالنضباط ،محكمة العمل، المحكمة اإلدارية ،المحكمة االجتماعية ،المحكمة المالية .ويوجد في األحوال العادية ثالث جهات قضائية تقوم بتقييم األحكام القضائية . ويمكن ألصحاب العالقة الطعن بحكم المحكمة .عندها ال بد لجهة قضائية أعلى (االستئناف) من مراجعة في هذا الحكم واتخاذ القرار والحكم المناسب .أما الحكم الذي ال يمكن مراجعته أو الطعن به فهو حكم المحكمة النهائية (المرحلة الثالثة) التي يعتبر الحكم الصادر عنها حكما قطعيا . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
إصدار األحكام القضائية حكر على حوالي 21111قاض محترف يعملون بشكل مستقل وال يخضعون لسلطة غير سلطة القانون .وعادة ما يبقى القاضي في عمله مدى الحياة .ومن حيث المبدأ ال يمكن عزل القاضي من منصبه .باإلضافة إلى ذلك يوجد في ألمانيا حوالي 9111نائب عام وأكثر من 091111محام . ويعتبر النظام القانوني األلماني مثاال تحذو حذوه األنظمة القانونية في دول أخرى .سيادة القانون التي يتم تثمينها عاليا على المستوى الدولي تجتذب الشركات وتتيح إمكانية االستثمار وتوفر أجواء الحياة االقتصادية المثالية في ألمانيا. وجمهورية ألمانيا االتحادية هي دولة قانون تعمل بمبدأ سيادة القانون في ضمان الحقوق وحماية الحريات وتحقيق العدالة .ويساهم الدستور األلماني بشكل كبير في بلوغ هذه األهداف ،حيث ينص على مبادئ دولة القانون ويؤكد على أهميتها .كما تسهر أعلى سلطة قضائية في البالد على ضمان االلتزام بهذه المبادئ.
فلسفة الدستور الليبي 1551 تم وضع الدستور الليبي في 8أكتوبر 6566عن طريق لجنة وطنية توافقية على مستوى األقاليم الليبية الثالثة ،وهي أقاليم كانت حينذاك تكافح من أجل تحقيق االستقالل التام و الوحدة الوطنية والترابية .ومن ثم نالت ليبيا اعتراف األمم المتحدة باستقاللها في 22ديسمبر ،1551وبهذا تكون ليبيا أول دولة دستورية بامتياز في العالم. ولكل دستور تفاصيل سياسية معينة يجب أن تعرف لكي ال يضيع جهاد األجداد وحجم التضحيات والبطوالت التاريخية واالنجازات اإلنسانية والفنية ،فقيمة النضال الوطني ال يسيء تقديرها إال السفهاء ،فكل إنجاز اتجاه بناء الدستور هو إنجاز شعب نحو بناء وترسيخ كرامته ،وضياعه يعد أصل الخيانة الكبرى التي يأتي بعدها ضياع الحريات وفقدان الكرامة اإلنسانية .نعم فإن الدستور هو أحدى اإلنجازات الوطنية والتاريخية الكبرى ،ويجب أن تكون في كل دستور مقدمة معبرة عن ثمن الحرية والكرامة المدفوع لكي يتذكره األجيال وال يفرط فيه. ونضال الشعب الليبي طويل ينبغي أن يشار إليه كروح إلحياء الدستور ومكسب االستقالل نقطة تحول في تاريخ هذا البلد ،واالحتفاظ بذكراها هو بمثابة االحتفاظ بدستورها ،فاالستقالل والدستور الليبي تؤمان ،والنضال الوطني الليبي يشرع مصدر شرعيتهما ،حيث تزامن نضال الليبيين الذي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أستمر لمدة عقود منذ االحتالل اإليطالي في ،1511حيث إيطاليا تحتج بحقبة االستعمار القديم، وتريد أن تعيد مستعمراتها اإلمبراطورية خارج حدودها الطبيعية ،حاول إعادة مرورا بفترتي الحرب العالمية األولى والثانية ،حيث استبيحت األراضي الليبية لتكون ساحات لالقتتال بين دول االستعمار من أجل السيطرة على خيرات البلدان وإذالل الشعوب. وبعد انتصار الحلفاء في ،1525وتأسيس منظمة األمم المتحدة ،وظهور السالح النووي ،وإعالن روسيا أنها قوة نووية ،ولها إيديولوجية عالمية شيوعية متباينة مع الرأسمالية الغربية ،وبدأت الحرب الباردة بين المعسكرين ،كل يحشد أتباعه ويقوي تحالفه السياسي والعسكري .ونتيجة لذلك وفي العام 1521طالبت روسيا باحتالل ليبيا كحصتها في إطار تقسيم الدول العربية الذي استحوذت عليه بريطانيا و فرنسا في االستعمار الحديث أوال ،بحكم شرعيتهما االستعمارية منذ 1011ودورهما في إضعاف وتفكيك الدولة العثمانية .ولهذا أصرت روسيا بحكم كونها أحدى دول الحلفاء أن يكون لها حصتها في التقسيم وأصرت على ليبيا ،و من هنا تحول المستعمر البريطاني ودخلت أمريكا على الخط حسب مبدأ ترومان ،ومن ثم تم الدفع بقبول استقالل ليبيا ،وتوج النضال التاريخي الليبي ،وتفادى الليبيون أن يتحول نضالهم ضد مستعمر جديد .وحققت بريطانيا وأمريكا أن يكون لهما قواعدهما لحماية ليبيا من عودة الفاشية والنازية والشيوعية. والذي أقصده هنا يجب أن يؤسس الدستور على وعي سياسي دولي كافي ألن أهمية الدستور تكمن في مدى قوة شعور الشعب نحو دستورهم ومدى مشاركتهم في إعداد هذا الميثاق الغليظ ،الذي يفيد اقتران شعب بوطن. وجاء عام 1565وهو موعد تنفيذ مشروع تبادل روسي-أمريكي ،وحدث ما يكن في حسبا الليبيون، وهو عواقب اتفاق استعماري ،بين روسيا وهي قائدة المعسكر "الشيوعي-االشتراكي" ،وأمريكا قائدة المعسكر "اإلمبريالي-الرأسمالي" على أن تخرج روسيا من مصر ،وتسلم لليبيا لالتحاد السوفيتي. وحدث االنقالب العسكري بتدبير خارجي ،وأجهضت الديمقراطية الليبية ،ورمي بالدستور الليبي عرض الحائط عن طريق إعالن دستوري عسكري غير شرعي. ونستفيد من تجربة الدستور الليبي 1551مسألتين هامتين ،وهما: وهذا يعطي مبدأ دستوري عالمي متعارف عليه ،وهي إمكانية وضع الدستور للدول أثناء مرحلة التحرير ،بحيث عندما تنتصر في كفاحها المسلح من أجل الحرية والكرامة ،يكون نظام الدولة وأسلوب الحكم واضح ومعد مسبقا لتفادي مخاطر الفراغات السياسية ،والتخبط بسبب حداثة التجربة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وصعوبة بناء الدولة وتصادم التيارات السياسية واالتجاهات الفكرية ،ألن اهم ما في الدستور هو الروح السليمة والنفوس الوطنية الحقيقية وعدم ارتضا الخيانة بأي حال وثمن. كما أن الدستور يمثل سيادة الدولة بنظامها المتعارف عليه في الساحة الدولية ،ويعبر عن تحقيق حقوق شعب على أقلميه ،و يعكس شرعية أسلوب الحكم. على الشعوب العربية أن تدرك أن الدساتير هي إنجاز حضاري إسالمي ،فهو عقد بين الناس في كيفية تنظيم شئون حياتهم وعالقاتهم ببعض ،وعالقاتهم بالغير ،وتحديد حقوقهم و واجباتهم العامة. وهو نتاج أصيل لهذه الشعوب ،أما الشعوب األوربية فهو بالنسبة لهم ،منقول عبر المستشرقين ،ولم يؤخذ بذلك إال بعد 1021وبسبب ظهور ما سمي بثورات الربيع األوربي ،و انتشار مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها .ومن هذه المنطلق فإن المنطق السياسي السليم أن تصنع الشعوب دستورها وبنفسها ،وتحميه ،وتكون حذرة من المستعمر ،حيث طبيعية الحركة االستعمارية أن ال تحترم اتفاقيات ،بل تنقض عليها حال يتغير ميزان القوة لصالحها ،أوال ظهور أي تسوية تجد فيها مصالحها ،وأن تتنازل عن كل القيم ما دام ذلك ضروري لالستمرارية وتحقيق غايتها .وبذلك فهو وثيقة تحمي استقالل أو سيادة الدول ،ودافع للدول بمنظمة األمم المتحدة أن تؤيد نيلها الستقاللها المشروع ،وأن تصبح ذات شخصية اعتبارية دولية. ومن خالل الدستور تكون الدولة قد أنجزت مرحلة تأسيسها. أما مرحلة بناء الدول فهي تفاعلية مستمرة ال تنتهي بفترة معينة ،ولكنها مستويات تنموية صاعدة وهابطة. وعوامل ذلك هو الوعي والمشاركة الشعبية الحقيقية ،انتخاب القيادات الوطنية وذات الكفاءة ،إتقان العالقات الدولية و تحقيق العوامل الخارجية الرسمية اإليجابية ،واالستغالل األمثل لموارد البالد وتنميتها بأقصى درجات اإلصالح ومنع أدنى فساد سياسي أو مالي. ولذلك نجد أن دستور 1551الليبي جعل أحد مكوناته "النظام المالي للدولة" .ونجد أنه حدد مواد مالية تنفيذية و رقابية تفصيلية ،وهي ما أرتكز عليها إعداد وصدور "قانون النظام المالي للدولة الليبية في .1552وظل هذا القانون ساري العمل ونافذ لتاريخيه بسبب شرعيته الدستورية ودقته المالية. كما أنه ينبغي في حالة صدور دستور ليبي جديد أن يشار إلي الدستور الليبي األصل ،1515وهذا يعطي العمق لتاريخي للدستور واالمتداد الشرعي ويقدر النضال الوطني ودور األجداد وتضحيات منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الشعب ،وال يقطع أي دستور جديد من جذوره الشرعية ،حيث في ذك مخاطر ،وضياع حقائق تسبب في تغييب الوعي الشعبي الالزم .ولهذه ذكرنا لمحة تاريخية بحيث يدرك المواطن أن الدستور هو شريان الشعب في الحياة المدنية المنظمة فال ينبغي أن تنقطع منابع شرعيته وال ينبغي أن يلوث بخدمة االستعمار وال أن تعيش لشعوب بدستور أو شريان حياة غيرها. فالشعوب الغير قادرة على صناعة دستورها بنفسها وحمايته عبر األجيال هي شعوب غير جديرة بالحياة.
مناقشة مكونات الدستور: المالحظ أن الفصل األول والفصل الثاني تمثل ركن "نظام الدولة" ،حيث أشتمل على أسس الدولة وهي السيادة والتنظيم السياسي ،وتناول في الفصل الثاني الحريات والحقوق والواجبات العامة ونظام المجتمع بشكل موجز جدا ،كما أن مقومات النظام االقتصادي لم يحددها ،بل أستبدلها بالنظام المالي في الفصل السابع ضمن أسلوب الحكم. ومن الفصل الثالث إلي الفصل العاشر تمثل ركن "أسلوب الحكم" ،وهي السلطات الثالثة والعالقة بينهما ،والتقسيم اإلداري واإلدارة المحلية ،كما يستنبط من عموم صناعة الدساتير. وتعبر "المقدمة الدستورية" عن ثالثة مسائل حيوية ،وهي مالئمة للمرحلة ،وكما ذكرنا يؤسس على بعضه ،فمثال ،بيعة الملك المذكورة في المقدمة شرعت لمسألة اليمين الدستوري وفي عبارة قسم المسئولين أن يكونوا مخلصين للوطن وللملك ،وسوف أناقش مسألة اليمين في الفصل الختامي من الكتاب ،فقد شملت المقدمة النقاط التالية: حددت طريقة شرعية الدستور بإعداده عن طريق ممثلي الشعب عن األقاليم الثالثة في جمعية وطنية تأسيسية بإرادة هللا. حددت نظام الدولة وهو قيام دولة ملكية وسطرت بيعة الشعب للملك. حددت المبادئ المحورية التي يتشكل حولها الدستور ،وهي" ،تكوين دولة ديمقراطية ذات سيادة تؤمن بوحدتها القومية وتصون الطمأنينة الداخلية وتهيئ وسائل الدفاع وتكفل إقامة عادلة وتضمن مبادئ الحرية والمساواة واإلخاء وترعى الرقي االقتصادي واالجتماعي والخير العام ".
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الفصل األول شكل الدولة ونظام الحكم وهذا الفصل يعبر عن مكون "نظام الدولة" ،وهو عادة يشمل عنصرين أساسين ،وهما "السيادة والتنظيم السياسي ،حيث حددها على النحو التالي: أ" -السيادة" :حيث سطر بأن ليبيا دولة مستقلة ال يجوز التنازل عن جزء من أراضيها( ،ونالحظ هنا هذه العبارة تدل على الكفاح الجاري حول ضرورة استقاللية إقليم طرابلس وإقليم فزان من االستعمار) .ورسم حدود الدولة الجغرافية وموقعها كجزء من الوطن العربي وقسم من القارة األفريقية ،وفي ذلك بعد سياسي خارجي وتفكير إستراتيجي مما يشير إلي السيادة الخارجية في سياستها مستقلة ومستقرة .كما أن تحديد العلم ،والنشيد الوطني ،ودين الدولة هي من مظاهر السيادة ،وتأكيدها في الدستور يعكس توافق الفكر السياسي والتجانس الشعبي. (وقد عرف الدستور في المادة 81مفهوم "السيادة" فهي هلل وهي بإرادته تعالى وديعة األمة ، واألمة مصدر السلطات). ب -ثانيا" ،التنظيم السياسي" :حيث حدد بأن نظام الحكم وراثي نيابي – تتم االنتخابات العامة على مستوى النواب فقط ،-وحدد أسم الدولة "المملكة الليبية" بما يتوافق مع طبيعة النظم الوراثية.
الفصل الثاني حقوق الشعب وهذا الفصل تناول مكون الحريات والحقوق والواجبات العامة ،وفي حقيقة األمر فهذه الحريات والحقوق متعارف عليها عالميا في جميع الدساتير. إال أن المهم هو تدريس هذه الحقوق بالمدارس وتوجيه األسر على تنشئة أبنائهم عليها ،فهي من جهة تكفلها الدولة ومن جهة أخرى يمارسها المجتمع ويرفض كل منهم أن يتعدى عليها، حيث نالحظ أن اإليديولوجيات ونظم االستبداد أول ما تنتهك هذه الحريات بأيدي النفس من أجل خراب األوطان والضرر بسالمة لتعايش. ويشمل العناصر المتعارف عليها عالميا في تحقيق الحريات والحقوق اإلنسانية ،وتشمل: "شروط الجنسية تحدد بقانون وفق أساس الدستور"" ،المساواة القانونية والعدالة االجتماعية تكفلها الدولة"" ،الحرية الشخصية تكفلها الدولة والقانون"" ،منع السخرة تكفله الدولة وحسب قانون في حاالت طارئة"" ،حق التقاضي مكفول للجميع حسب القانون" ،تكفله الدولة"، "عدالة القضاء بتوفير ضمانات الدفاع الكافية وعالنية المحاكمة والمتهم بريء حتى تثبت منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
إدانته"" ،كرامة اإلنسان حيث ال يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه إال بأمر قضائي"" ،ال جريمة وال عقوبة إال بناء على قانون وال عقاب إال على األفعال الالحقة لصدور القانون"" ،ال يجوز اإلبعاد عن الوطن وال يجوز أن تحظر حرية تنقلهم أو إقامتهم في جهة معينة أو أن يلزموا في اإلقامة بمكان معين"" ،للمساكن حرمتها فال يجوز دخولها أو تفتيشها إال في األحوال القضائية وبالكيفية المبينة بالقانون"" ،سرية جميع المخاطبات والمراسالت والبرقية واالتصاالت على اختالف صورها مكفولة وال يجوز مراقبتها أو تأخيرها"" ،حرية األديان واالعتقاد مطلقة وتحترم الدولة جميع األديان والمذاهب وتكفل لألجانب حرية ممارسة شعائرهم الدينية على أن ال يخل بالنظام العام وال ينافي اآلداب"، "حرية الفكر مكفولة ولكل شخص الحق في التعبير عن رأيه وإذاعته بكافة الطرق والوسائل وال يجوز إساءة استخدام هذه الحرية فيما يخالف النظام العام أو ينافي اآلداب"" .حرية الصحافة واإلعالم مكفولة بشتى الوسائل الالزمة وبما ال يضر بسالمة الوطن ومصلحة المجتمع أو ينافي اآلداب والنظام العام"" .حق االجتماع السلمي مكفول"" ،حق تكوين الجمعيات المدنية السليمة مكفول وينظمها القانون"" ،التعليم حق مكفول للجميع وتعمل الدولة على نشره بما تنشئه من مدارس رسمية وبما تسمح بإنشائه من مدارس خاصة تحت رقابتها"، "التعليم الحر مكفول ما لم يخل بالنظام العام أو يناف اآلداب ،ويكون تنظيم أمر التعليم العام بالقانون"" ،التعليم األولي إلزامي ومجاني بنين وبنات"" ،للملكية حرمة فال يمتع المالك من التصرف في ملكه إال في حدود القانون وال ينزع من أحد ملكه إال بسبب المنفعة العامة وفي األحوال والكيفية المحددة بالقانون ويشترط التعويض العادل" ،حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة تحميل توقعيه فيما يعرض له من شأن ،ومخاطبة السلطات باسم المجاميع فال تجوز إال للجهات النظامية أو األشخاص المعنوية" " ،يحظر عقوبة المصادرة العامة لألموال الخاصة"" ،األسرة هي الركن األساسي للمجتمع وهي في حمى الدولة ،وتحمي الدولة الزواج وتشجع عليه"" ،العمل واجب على كل قادر وهو في حماية الدولة ،ولكل من يقوم بعمل الحق في أجر عادل"" ،واجب الدولة العمل على تحسين مستوى المعيشة من دخل كافي ومسكن الئق بقدر اإلمكان".
الفصل الثالث ملغي حسب قانون 0لسنة ،0593ويشمل المواد 39إلي ،35الخاصة بتنظيم عالقة السلطات االتحادية بسلطات الواليات(( .مالحظة :وهي ان المواد االتحادية ال تصلح داخل البلدان العربية ،آلنها ولدت لكي تكون متحدة ،ولذلك هذه المواد تتبلور لتناسب البلدان العربية مجتمعة في ظل دستور شامل متكامل مرن ومصيري ،فالدول العربية في حاجة إلي تجميع دستوري وال ينفعها تفتيت دستوري ،ولن ينج ذلك بحكم انه مخالف لطبيعتها ،والشعوب العربية تفقد كل شيء نفيس في هذه الحياة بسبب فرقتها وتخلفها و مستوى الوعي المتدني الذي ترتضيه )). منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الفصل الربع السلطات العامة وهو يحتوي على مكون "العالقة بين السلطات الدستورية الثالثة"( ،ونالحظ الرئاسة العليا للسلطات التشريعية والتنفيذية مع استقاللية السلطة القضائية" ،وهذا بطبيعة النظم الملكية المتعارف عليها التي ال تفصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية بشكل تام( ،كما أنه بحكم المرحلة التاريخية حيث كانت ليبيا دولة جديدة ويحتاج ممارسة فصل السلطات لتطورات فكرية وتجارب سياسية و وعي عام كافي ومسئولية وطنية تامة) ،فقد حددت العالقة بين السلطات الثالثة على النحو التالي: أ -يتولى الملك السلطة التشريعية باالشتراك مع مجلس األمة ،ويصدر الملك القوانين بعد أن يقرها مجلس األمة على الوجه المبين بالدستور. ب -السلطة التنفيذية يتوالها الملك على الوجه المبين بالدستور. ت -السلطة القضائية تتوالها المحكمة العليا والمحاكم األخرى التي تصدر أحكامها في حدود الدستور وفق القانون وباسم الملك .
الفصل الخامس الملك يمثل هذا الفصل "مكون رئاسة الدولة" وصالحيات رئيس الدولة كما هو في عموم تركيبة الدساتير ،ونالحظ قيادة السلطات بشكل واسع بيد الملك ،وهذا ما أربك رؤية تحرر الدولة بأعين الشعب ،رغم أنها كا نت دولة حقيقة وتسعى لتجسيد دولة القانون ،إال أن المرحلة العربية كانت شديدة الحساسية ومع اختالف التيارات الفكرية الناشئة التي يغريها كل حديث وتخضع لكل وتفوق وهي الزالت كذلك ،وقد كانت الشعوب العربية في لحظات خروجها متكدرة من استقالل منقوص وترغب في عدم تفتيت وحدتها القومية العربية وإضعافها ،ومع بروز تيار "عروبة مزيف" موجه ضد تركيا ومع تدخالت أجنبية استغلت األمر وطورته لفرقة األمة العربية وإضعافها الشديد على حساب أكذوبة قومية وتقدمية واهية ،وفي ظل مواجهة حرب باردة محيطة تتقاسم العالم العربي عسكريا وإيديولوجيا ،وفي ظل توقف الحياة الحزبية الليبية وجود التفاعالت المدنية والسياسة ،ما كان يمكن لشخص واحد في ظل دولة مولودة حديثة أن يتخذ قرارات لوحده في مثل هذه الضغوط والنوايا الدولية الغير حميدة ضد الشرعية واإلنسانية ،فالعالم يتعامل مع الدول بواقعية ويبرر كل الوسائل الممكنة حسب مصالحها المادية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وترتب عن ذلك استهداف سقوط الملك هو سقوط الدستور ودخول البالد في عدم قدرتها على العمل الحكومي والتشريعي وال توجد صالحيات قضائية دستورية صريحة تبطل محاوالت إلغاء الدستور وعدم احترامه. ويمكن أن نلخص الصالحيات في التالي: أ -سيادة األمة أمانة األمة للملك ثم ألوالده من بعده( .وفي تقديري هذه مسألة حساسة في مجال الشرعية الدولية حيث ربطت السيادة بشخص الحاكم ،وبالتالي سقوطه أو تنازله يشرع دوليا لغيره ،وهذا ما استغل فعال في .)0595
ب -نظام الحكم وراثي وكما مبين بالدستور المواد . 51-25 الصالحيات كما وردت بالدستور وتشمل :الملك هو الرئيس األعلى للدولة ،والملك مصونوغير مسئول .و يتولى الملك سلطته بواسطة وزرائه وهم المسئولون .و ال يتولى الملك عرشا خارج ليبيا إال بعد موافقة مجلس األمة .والملك يصدق على القوانين ويصدرها .والملك يضع اللوائح الالزمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها .الملك هو القائد األعلى لجميع القوات المسلحة في المملكة الليبية ،ومهمتها حماية سيادة البالد وسالمة أراضيها وأمنها ،وتشتمل الجيش وقوات األمن .يعلن الملك الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس األمة .الملك يعلن األحكام العرفية وحالة الطوارئ على أن يعرض إعالن األحكام العرفية على مجلس األمة ليقرر استمرارها أو إلغاءها ،الملك ينشئ ويمنح األلقاب واألوسمة وغير ذلك من شارات الشرف .أما إنشاء الرتب المدنية فمحظور .الملك يعين رئيس الوزراء وله ان يقيله أو يقبل استقالته من منصبه ويعين الوزراء ويقيلهم أو يقبل استقالتهم بناء على ما يعرضه عليه رئيس الوزراء .الملك يعين ويقيل الممثلين بناء على ما يعرضه عليه وزير الخارجية ويقبل اعتماد رؤساء البعثات السياسية األجنبية لديه .الملك ينشئ المصالح العامة ويعين كبار الموظفين ويعزلهم وفقا ألحكام القانون .تسك العملة باسم الملك وفقا للقانون .ال ينفذ حكم اإلعدام الصادر من أية محكمة ليبية إال بموافقة الملك .للملك حق العفو وتخفيف العقوبة .و يفتتح الملك دورات مجلس األمة ويفضها ويحل مجلس النواب وفقا ألحكام الدستور وله عند الضرورة أن يجمع المجلسين معا لبحث أمر هام .للملك أن يدعو مجلس األمة إلى اجتماعات غير عادية إذا رأى ضرورة ذلك .ويدعوه أيضا متى طلب ذلك بعريضة تمضيها األغلبية المطلقة ألعضاء المجلسين ،ويعلن الملك فض االجتماع غير العادي .للملك تأجيل انعقاد مجلس األمة على أنه ال يجوز أن تزيد مدة التأجيل عن ثالثين يوما وال أن يتكرر في دور االنعقاد الواحد بدون موافقة المجلسين . يجوز للملك في حالة التغييب عن ليبيا أو حدث يعوقه أن يعين نائب له .ويجوز لمجلس األمة أن يعين خلفا أو نائب للملك في حالة الوفاة وعدم وجود نائب أو خلفا للملك. قبل أن يباشر الملك سلطته الدستورية يقسم اليمين اآلتية أمام مجلس الشيوخ والنواب فيجلسة مشتركة " :أقسم باهلل العظيم أن أحترم دستور البالد وقوانينها وأن أبذل كل ما لدي من قوة للمحافظة على استقالل ليبيا والدفاع عن سالمة أراضيها ". منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
تعين مخصصات الملك والبيت المالك بقانون .وال يجوز نقصها في مدة حكمه ولكن يمكنزيادتها بقرار من مجلس األمة .ويحدد القانون مرتبات وأوصياء العرش على أن تؤخذ من مخصصات الملك تنظم بقانون قواعد اإلجراءات القضائية التي يجب أن تتبع في حالة رفع قضايا من جانبالخاصة الملكية أو ضدها .
الفصل السادس الوزراء يمثل هذه الفصل "الحكومة" أي مكون السلطة التنفيذية. يؤلف مجلس الوزراء من رئيس الوزراء ومن الوزراء الذين يرى الملك تعيينهم بناء على ما يعرضه عليه رئيس الوزراء .و يقسم رئيس الوزراء والوزراء قبل توليهم أعمال مناصبهم اليمين الدستوري أمام الملك. -
للملك أن يعين عند الضرورة وزراء بدون وزارة . ال يلي الوزارة إال ليبي. ال يلي الوزارة أحد أعضاء البيت المالك . يجوز الجمع بين الوزارة وعضوية مجلس األمة . تُناط بمجلس الوزراء إدارة جميع شئون الدولة الداخلية والخارجية . توقيعا ت الملك في شئون الدولة يجب لنفاذها أن يوقع عليها رئيس الوزراء والوزراء المختصون .ويعين رئيس الوزراء ويعفى من منصبه بأمر ملكي ،أما الوزراء فيكون تعيينهم وإعفاؤهم من مناصبهم بمراسيم يوقعها الملك ورئيس الوزراء . الوزراء مسئولون تجاه مجلس النواب مسئولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة وكل مسئول عن أعمال وزاراته . إذا قرر مجلس النواب بأغلبية جميع األعضاء الذين يتألف منهم المجلس عدم الثقة بالوزارة وجب عليها أن تستقيل ،وإذا كان القرار خاصا بأحد الوزراء وجب عليه اعتزال الوزارة . وال ينظر مجلس النواب في طلب االقتراع بعدم الثقة صريحا كان أو ضمنا إال إذا تقدم به خمسة عشر نائبا فأكثر .وال يجوز أن يطرح هذا الطلب للمناقشة إال بعد ثمانية أيام من يوم تقديمه ،وال تؤخذ اآلراء عنه إال بعد يومين من تمام المناقشة فيه . للوزراء أن يحضروا جلسات المجلسين ،ويجب أن يسمعوا كلما طلبوا الكالم ،وال يجوز أن يشتركوا في التصويت إال إذا كانوا أعضاء ،ولهم االستعانة بمن يختارون من موظفي وزارتهم أن ينيبوهم عنهم ،ولكل مجلس أن يطلب من أي وزير حضور جلساته عند الضرورة . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
-
في حالة إقالة رئيس الوزراء أو استقالته يعتبر جميع الوزراء مقالين أو مستقيلين (ومبدأ المسئولية الجماعية عرف دستوري ديمقراطي ثابت ال يجوز التحايل عليه لما في ذلك ضرر وطني وتاريخي وتصرف غير مسئول).
ال يجوز للوزراء أن يتولوا أية وظيفة عامة أخرى في أثناء توليهم الحكم أو أن يمارسوا أيةمهنة أو أن يشتروا أو يستأجروا شيئا من أمالك الدولة أو يؤجروها أو يبيعوها شيئا من أموالهم أو يقايضوها عليه ،وال أن يدخلوا بصورة مباشرة أو غير مباشرة في التعهدات والمناقصات التي تعقدها اإلدارة العامة أو المؤسسات الخاضعة إلدارة الدولة أو مراقبتها ، كما ال يجوز لهم أن يكونوا أعضاء في مجلس إدارة أية شركة أو أن يشتركوا اشتراكا فعليا في عمل تجاري أو مالي تحدد مرتبات رئيس الوزراء بقانون . تحدد بقانون مسئوليات الوزراء المدنية والجزائية ،وطريقة اتهامهم ومحاكماتهم فيما يقعمنهم من جرائم في تأدية وظائفهم .
الفصل السابع مجلس األمة ويمثل هذا الفصل مكون "السلطة التشريعية" .وحسب هذا الدستور فهي تتكون من مجلسين، مجلس الشيوخ ومجلس النواب. أوال ،مجلس الشيوخ :وهو يؤلف مجلس الشيوخ من أربعة وعشرين عضوا يعينهم الملك، على أن يكونوا ليبي الجنسية وال تقل سنه عن أربعين سنة ميالدية يوم تعينه وحسب الشروط بقانون االنتخاب ،و يعين الملك رئيس مجلس الشيوخ ،على أن ينتخب المجلس وكيلين وتصديق الملك على نتيجة االنتخاب ،ومدة التعين سنتين قابلة للتجديد ،وعضوية المجلس ثمان سنوات ،ويجدد اختيار نصف الشيوخ كل أربع سنوات .ومن انتهت مدته يجوز إعادة تعيينه ،يجتمع مجلس الشيوخ عند اجتماع مجلس النواب وتوقف جلساته معه. ثانيا ،مجلس النواب :يؤلف مجلس النواب من أعضاء يجرى انتخابهم باالقتراع السري العام على مقتضى أحكام قانون االنتخاب.و يحدد عدد على أساس نائب واحد عن كل عشرين ألفا من السكان أو عن كل جزء من هذا العدد يجاوز نصفه .واالنتخاب حق لليبيين البالغين إحدى وعشرين سنة ميالدية على الوجه المبين في القانون ،ويجوز للمرأة أن تمارس هذا الحق وفقا للشروط التي يضعها القانون .و يشترط في النائب )0 :أن يكون قد أتم الثالثين سنة من عمره حسب التقويم الميالدي )2.أن يكون اسمه مدرجا بأحد جداول االنتخاب )3 .أن ال يكون من أعضاء البيت المالك .وذلك باإلضافة إلى الشروط األخرى المنصوص عليها في قانون االنتخاب .مدة مجلس النواب أربع سنوات ما لم يحل المجلس قبل ذلك .و ينتخب مجلس منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
النواب رئيسا ووكيلين في أول كل دور انعقاد عادي ويجوز إعادة انتخابهم .أذا حل مجلس النواب في أمر فال يجوز حل المجلس الذي يليه من أجل نفس األمر .األمر الصادر بحل مجلس النواب يجب أن يشتمل على دعوة الناخبين إلجراء انتخابات جديدة في ميعاد ال يتجاوز ثالثة أشهر وعلى تحديد ميعاد الجتماع المجلس الجديد في عشرين يوم تلي لتمام االنتخاب . ثالثا ،أحكام عامة في المجلسين ،وتشمل ":النظام الداخلي :يضع كل مجلس نظامه الداخلي مبينا فيه طريقة السير في تأدية أعماله ،وحدد الدستور الليبي األسس الالزمة لمثل هذا التنظيم التشريعي ،وتشمل األتي ،يقوم رئيس كل من المجلسين بحفظ النظام في داخل مجلسه وال يجوز ألية قوة مسلحة دخول المجلس أو االستقرار على مقربة من أبوابه إال بطلب من رئيسه ،كلما اجتمع المجلسان بهيئة مؤتمر تكون الرئاسة لرئيس مجلس الشيوخ وفي حالة غيابه يتولى الرئاسة رئيس مجلس النواب ،ال تعد جلسات المؤتمر صحيحة إال إذا توفرت األغلبية المطلقة ألعضاء كل من المجلسين اللذين يتألف منهما المؤتمر ،ال يجوز ألحد أن يتقدم بطلب إلى مجلس األمة إال كتابة وللمجلس أن يحيل إلى الوزراء ما يقدم إليه من العرائض .وعلى الوزراء أن يقدموا اإليضاحات الالزمة عما تضمنته هذه العرائض كلما طلب المجلس ذلك عضو مجلس األمة يمثل الشعب كله وال يجوز لناخبيه وال للسلطة التي تعينه تحديد وكالته بقيد أو شرط ،وال يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشيوخ وعضوية مجلس النواب ،قسم اليمين قبل مباشرة المهام -يفصل كل مجلس في صحة انتخاب أعضائه وفقا لنظامه الداخلي وال تعتبر النيابة باطلة إال بقرار يصدر بأغلبية ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم المجلس ويجوز أن يعهد بهذا االختصاص إلى سلطة أخرى بقانون ،يدعو الملك مجلس األمة سنويا إلى عقد جلساته العادية خالل األسبوع األول من شهر نوفمبر ،فإذا لم يدع إلى ذلك يجتمع بحكم القانون في اليوم العاشر من الشهر نفسه ،ويدوم دور انعقاده العادي إذا لم يحل مجلس النواب مدة خمسة أشهر على األقل ويعلن الملك فض انعقاده ،أدوار االنعقاد واحدة للمجلسين فإذا اجتمع أحدهما أو كالهما في غير الزمن القانوني فاالجتماع غير شرعي والقرارات التي تصدر فيه باطلة بحكم القانون -جلسات المجلسين علنية على أن كال منهما ينعقد بهيئة سرية بناء على طلب الحكومة أو عشرة من األعضاء ليقرر ما إذا كانت المناقشة في الموضوع المطروح أمامه تجري في جلسة سرية أو علنية -ليس لمجلس األمة بغير موافقة الحكومة أن ينظر في دوراته غير العادية في غير الموضوعات التي دعي لالجتماع من أجلها ،ال تعتبر جلسات المجلسين صحيحة إال إذا حضر أغلبية األعضاء عند افتتاح الجلسة وال يجوز ألي من المجلسين أن يتخذ قرارا إال إذا حضر الجلسة عند اتخاذ القرار أغلبية أعضائه تصدر القرارات في كل من المجلسين بأغلبية الحاضرين في غير األحوال المشترط فيها أغلبيةخاصة ،وإذا تساوت األصوات عد األمر الذي حصلت المداولة فيه مرفوضا -يكون تصويت كل من المجلسين في المسائل المعروضة عليه وفقا للطريقة التي يبينها نظامه الداخلي ،ال يناقش كل من المجلسين مشروع قانون قبل أن تنظر فيه اللجان المختصة بمقتضى النظام الداخلي -كل مشروع قانون يقره أحد المجلسين يبعث به رئيسه إلى رئيس المجلس اآلخر -كل مشروع قانون رفضه أحد المجلسين ال يجوز تقديمه ثانية في الدورة ذاتها -لكل عضو من أعضاء مجلس األمة أن يوجه إلى الوزراء أسئلة واستجوابات وذلك على الوجه الذي يبين بالنظام الداخلي لكل مجلس . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وال تجري المناقشة في استج واب ما إال بعد ثمانية أيام على األقل من يوم تقديمه وذلك فيما عدا حالة االستعجال وبشرط موافقة من وجه إليه االستجواب -لكل مجلس وفقا لنظامه الداخلي أن يجري تحقيقا في مسائل معينة تدخل في حدود اختصاصه ،ال يمنح أعضاء مجلس األمة أوسمة أو نياشين أثناء مدة عضويتهم ،ويستثنى من ذلك األعضاء الذين يتقلدون مناصب حكومية ال تتنافى مع عضوية مجلس األمة ،الرتب واألوسمة والنياشين العسكرية ،يحدد قانون االنتخاب أحوال سقوط عضوية أحد أعضاء مجلس األمة ويصدر قرار السقوط بأغلبية جميع األعضاء الذين يتألف منهم المجلس التابع له العضو ،إذا خال مقعد أحد أعضاء مجلس األمة يختار له عضو بطريق التعيين أو االنتخاب طبقا ألحكام هذا الدستور وذلك خالل ثالثة أشهر من يوم إشعار المجلس الحكومة بخلو المقعد ،وال تدوم نيابة عضو مجلس الشيوخ الجديد إال إلى نهاية مدة سلفه، وتنتهي نيابة العضو الجديد في مجلس النواب بانتهاء مدة المجلس – (الحصانة البرلمانية :ال يجوز مؤاخذة أعضاء مجلس األمة فيما يبدون من اآلراء في المجلسين أو في اللجان التابعة لهما وذلك مع مراعاة أحكام نظامهما الداخلي و ال يجوز أثناء دورة االنعقاد اتخاذ إجراءات جنائية أو االستمرار فيها إذا كانت قد بدأت نحو أي عضو من أعضاء مجلس األمة وال القبض عليه إال بإذن المجلس التابع هو له ،وذلك فيما عدا حالة التلبس بالجناية)( -االنتخابات النيابية :تجري االنتخابات لمجلس النواب خالل األشهر الثالثة السابقة النتهاء مدته وفي حالة عدم إمكان إجراء االنتخابات في الم يعاد المذكور فان مدة نيابة المجلس القديم تمتد إلى حين االنتخابات المذكورة ، وذلك بالرغم من األحكام الواردة في المادة ،018و يجب تجديد نصف أعضاء مجلس الشيوخ خالل األشهر الثالثة السابقة لتاريخ انتهاء مدة عضوية األعضاء الذين تنتهي مدتهم ،فإن لم يتيسر التجديد في الميعاد المذكور امتدت عضوية األعضاء الذين انتهت مدتهم إلى حين تعيين األعضاء الجدد) – (المرتبات الشهرية والمكافآت :تحدد بقانون مكافآت أعضاء مجلس األمة على أن كل زيادة فيها ال تسري إال بعد انتهاء مدة مجلس النواب الذي قررها)( - )( .المصادقة على القوانين: ي صدق الملك على القوانين التي يقرها مجلس األمة ويصدرها خالل ثالثين يوما من إبالغها إليه ، ل لملك خالل المدة المحددة إلصدار القانون أن يطلب من مجلس األمة إعادة النظر فيه ،وعلى المجلس في هذه الحالة بحث القانون من جديد ،فإذا أقره ثانية بموافقة ثلثي األعضاء الذين يتألف منهم كل من المجلسين صدق عليه الملك وأصدره خالل ثالثين يوما من إبالغ القرار األخير إليه . فإذا كانت األغلبية أقل من الثلثين امتنع النظر فيه في دور االنعقاد نفسه فإذا عاد مجلس األمة في دور انعقاد آخر إلى إقرار ذلك المشروع بأغلبية جميع األعضاء الذين يتألف منهم كل من المجلسين صدق عليه الملك وأصدره خالل ثالثين يوما من إبالغ القرار إليه ،و تصبح القوانين التي أصدرها الملك نافذة في المملكة الليبية بعد انقضاء ثالثين يوما من تاريخ نشرها في الجريد الرسمية .ويجوز نقص هذا الميعاد أو إطالته بنص خاص في هذه القوانين .ويجب نشر القوانين في الجريدة الرسمية خالل خمسة عشر يوما من تاريخ إصدارها) – ( اقتراح القوانين :للملك ولمجلسي الشيوخ والنواب حق اقتراح القوانين عدا ما كان منها خاصا بالميزانية أو بإنشاء الضرائب أو بتعديلها أو اإلعفاء من بعضها أو إلغائها فاقتراحه للملك ولمجلس النواب).
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الفصل الثامن السلطة القضائية تعكس عناصر هذا المكون أن السلطة القضائية ،وهي غير مستقلة تماما حسب المعايير الديمقراطية الحديثة التي يترأس القضاء مجلس أعلى للقضاء مستقل عن السلطة التنفيذية، ونجد أن في النظام الملكي كالرئاسي يقوم الملك أو رئيس الدولة بتولي اإلدارة العليا للقضاء. ويعد ذلك في الدول النامية له مخاطره عديدة ،حيث يوفر ذلك حصانة شخصية من جانب وجانب أخر ال يمكن أن يتوفر القضاء الدستوري ،وقد جاء في المواد ، -080ما يلي: أ -تشكل المحكمة العليا من رئيس وقضاة يعينون بمرسوم .ويؤدون اليمين أمام الملك قبل توليهم مناصبهم. ب -يحدد قانون القضاة اختصاصات المحكمة العليا ،ويرتب جهات القضاء األخرى ويعين اختصاصاتها. ت -جلسات المحاكم علنية ،إال إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام واآلداب. ث -القضاة مستقلون وال سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ،وهم غير قابلين للعزل وذلك على الوجه المبين في القانون . ج -يعين القانون شروط تعيين القضاة ونقلهم وتأديبهم . ح -ينظم القانون وظيفة النيابة العامة واختصاصاتها وصلتها بالقضاء . خ -يكون تعيين أعضاء النيابة العامة في المحاكم وتأديبهم وعزلهم وفقا للشروط التي يقررها القانون . د -ينظم القانون ترتيب المحاكم العسكرية ويبين اختصاصاتها والشروط الواجب توفرها فيمن يتولون القضاء فيها . ( ألغيت المواد 091و 090و 092و 093و 098و 099و 099و 099و 091بالقانون رقم 0لسنة ) 0593
الفصل التاسع النظام المالي يعتبر هذا الفصل في عموم الدساتير ضمن عناصر مكون السلطة التشريعية ،حيث تتولى السلطة التشريعية مسألة مناقشة واعتماد وإصدار قانون الميزانية ،وتخويل وزارة المالية بتنفيذه ،وتقوم السلطة التشريعية بمراقبة تنفيذ الموازنة العامة .وعادة في الدساتير الحديثة ال منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يفرد فصل مستقل للنظام المالي بالدولة ،ويلخص األمر في نص وأسس يحكم قانون النظام المالي للدولة كل التفاصيل. إال أننا نرد بعض مما جاء في أول دستور للدولة الليبية يؤسس لدولة جديدة ويهدف إلي تفادي حدوث فساد مالي .ف كانت في حاجة ماسة ودقيقة لتوضيح اإلدارة المالية للبالد ..فحدد الدستور ا ختصاص مجلس األمة في مناقشة وإقرار الميزانية بناءا على تصور مقدم من الحكومة ،وال يجوز النقل بين أبوب الميزانية إال بعد موافقة تشريعية ،وقد جاء في المواد ، -095ما يلي: تحديد موعد تقديم مشروع الميزانية ،مناقشة أبواب الميزانية من قبل النواب قبل فض الجلسات ،التفويضات المالية المؤقتة 0/02على أساس بنود وتقديرات ميزانية العام السابق عند تأخر الميزانية ،اختصاص مجلس الشعب في الموافقة على النقل بين األبواب أو الجواز لمصروف غير وارد بالميزانية المقررة ،يجوز في حالة الضرورة وضع مشروع ميزانية استثنائية ألكثر من سنة تتضمن موارد ونفقات استثنائية وال تنفذ إال إذا أقرها مجلس األمة، يقوم ديوان المحاسبة بمراقبة حسابات الحكومة ويقدم إلى مجلس األمة تقريرا بنتيجة هذه المراقبة .وتحدد بقانون اختصاصات الديوان وتشكيله وقواعد المراقبة التي يمارسها ،.ال يجوز فرض ضريبة أو تعديلها أو إلغاؤها أو إعفاء أحد إال بقانون" .وال يجوز إعفاء أحد من أداء الضرائب في غير األحوال المبينة في القانون .كما ال يجوز تكليف أحد بتأدية شي من األموال والرسوم إال في حدود القانون ،ال يجوز تقرير معاش على خزانة الحكومة أو تعويض أو إعانة أو مكافأة إال في حدود القانون ،ال يجوز عقد قرض عمومي وال تعهد يترتب عليه التزام مالي مستقبلي إال بموافقة مجلس األمة" إنفاق مبالغ من الخزانة في سنة أو سنوات مقبلة إال بموافقة مجلس األمة .يحدد نظام النقد بقانون ،إذا استحكم الخالف بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ على تقرير باب من أبواب الميزانية يحل بقرار يصدر من المجلسين مجتمعين بهيئة مؤتمر باألغلبية المطلقة ،تؤول للخزانة العامة جميع إيرادات العامة بما فيها جميع الضرائب والرسوم" الدولة بما فيها حصيلة الضرائب والرسوم وغير ذلك من األموال وفقا ألحكام الدستور والقوانين . ( ألغيت المواد 093و 098و 099بالقانون رقم 0لسنة ) 0593
الفصل العاشر اإلدارة المحلية يمثل هذا الفصل "التقسيم اإلداري واإلدارة المحلية" وهو من عناصر مكون السلطة التنفيذية، وهو عنصر مفصلي بحيث يمكن الحد من المركزية ومنح صالحيات للوحدات اإلدارية بالبلد ..كما أنه شأن حديث في إدارة الدول ،حيث التقسيم الجغرافي للبلد ترتكز عليه توزيع المخصصات و ضع الخطط التنموية والسياسات العامة وممارسة الحكومة لمهامها وتمثيل منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
كامل الشعب عن طريقها ،فالبد أن تكون مقررة بالدستور ،بإرادة الشعب ،وال يجوز لحاكم أن يتصرف في لتقسيم اإلداري للبلد. وقد جاء في الدستور أن تقسم المملكة الليبية إلى وحدات إدارية وفقا للقانون الذي يصدر في هذا الشأن ،ويجوز أن تشكل فيها مجالس محلية ومجالس بلدية ،ويحدد القانون نطاق هذه الوحدات كما ينظم هذه المجالس .
الفصل الحادي عشر أحكام عامة تناول هذه الفصل عناصر دستورية هامة ال يخلوا منها أي دستور ،وهي " :اللغة الرسمية"، "حقوق األقليات"" ،اللجوء السياسي"" ،تنظيم الهجرة"" ،حرية األديان"" ،العفو العام"، "الجيش والقوات المسلحة"" ،تعديل الدستور" ،وقد جاء في شأنها ما يلي: أ -اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة . ب -تحدد بقانون األحوال التي يجوز فيها استعمال لغة أجنبية في المعامالت الرسمية. ت -للمملكة الليبية عاصمتان هما طرابلس وبنغازي . ث -تسليم الالجئين السياسيين محظور ،وتحدد االتفاقات الدولية والقوانين قواعد تسليم المجرمين العاديين. ج -ال يجوز إبعاد األجانب إال طبقا ألحكام القانون . ح -يحدد بقانون الوضع القانوني لألجانب وفقا لمبادئ القانون الدولي . خ -تضمن الدولة لغير المسلمين احترام نظام أحوالهم الشخصية . د -ال يمنح العفو العام إال بقانون . ذ -تحدد بقانون طريقة إنشاء وتنظيم القوات البرية والبحرية والجوية . ر -ال يجوز بأية حال تعطيل حكم من أحكام هذا الدستور إال أن يكون ذلك وقتيا في زمن الحرب أو في أثناء قيام األحكام العرفية ،وعلى الوجه المبين في القانون ،وعلى أي حال ال يجوز تعطيل انعقاد مجلس األمة متى توفرت في انعقاده الشروط المقررة في هذا الدستور . ز -للملك ولكل من المجلسين اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل أو حذف حكم أو أكثر من أحكامه أو إضافة أحكام أخرى . س -ال يجوز اقتراح تنقيح األحكام الخاصة بشكل الحكم الملكي وبنظام وراثة العرش وبالحكم النيابي وبمبادئ الحرية والمساواة التي يكفلها هذا الدستور. ش -ألجل تنقيح هذا الدستور يصدر كل من المجلسين باألغلبية المطلقة ألعضائه جميعا قرارا بضرورته وبتحديد موضوعه ،ثم بعد بحث المسائل التي هي محل للتنقيح يصدر المجلسان قرارهما في شأنها ،وال تصح المناقشة واالقتراع في كل من المجلسين إال إذا حضر ثالثة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أرباع عدد أعضائه ،ويشترط لصحة القرارات أن تصدر بأغلبية ثالثة أرباع األعضاء الحاضرين في كل من المجلسين وأن يصدق عليها الملك . ص -تنظم بقانون المهاجرة إلى ليبيا .
الفصل الثاني عشر أحكام انتقالية وأحكام وقتية وهذا يعكس ضرورة وجود تصور لكل ما يمكن أن يحدث أو يتغير نتيجة الدستور المستحدث ،ونالحظ أن الدستور أشار إلي إعداد "قانون اإلدارة المحلية" ،وبالتالي حدد كيفية التقسيم اإلداري وتعيين المحافظ إلي أن يتم صدور القانون ،واألحكام االنتقالية "عرف دستوري" فعال ،ونضرب هنا مثاال ،قد طلبنا من المجلس االنتقالي في 2100/8/2إبان مرحلة التحرير، أن يحدد تقسيم البالد كمحافظات عمال بهذا الدستور الذي يعد من أصول الشرعية السياسية، يؤخذ منه ما يناسب ويلغي ما يحتاج إلي تطوير ،فيعين محافظين بحيث تظهر معالم البالد واضحة ويستقر في النفوس التغيير والتحسن المأمول ،وال تدخل في مرحلة تخبط وإرباك وتراجع فكري وخيبة أمل شعبية .إذا مكون األحكام االنتقالية والوقتية هي مفهوم دستوري نتج عنه أيضا ما يعرف باإلعالن الدستوري ،وهنا ينبغي توضيح مسألة في غاية الحساسية الشرعية ،حيث هناك نوعين من اإلعالن الدستوري .أوال ،اإلعالن الدستوري الشرعي ،وهو يصدر بناءا على ثورة شعبية شرعية تحدد أحكام انتقالية إلي حين استكمال الدستور ،وبهذا يعد اإلعالن الدستوري بمثابة دستور مؤقت أو انتقالي .ثانيا ،اإلعالن الدستوري الغير شرعي ،وهو يكون صادر بناء على ثورة مصدرها القوة كاالنقالبات العسكرية ،وتعد هذه اإلعالنات هي بمثابة حكم عسكري وتبطل الدستور ويتحمل الشعب المسئولية التاريخية ويتحمل مرتكبي الجرم المسئولية السياسية والخيانة الوطنية وال تقسط بالتقادم. وكل دستور انتقالي هو بمستوى أحكام انتقالية ،تستمد شرعيتها من الشعب ،وكل إعالن دستوري شرعي هو تعهد ملزم لجهة صدوره أمام الشعب حسب بنود وفترة زمنية محددة. وقد جاء في الدستور الليبي 0590المواد ،202 -212ما يلي: أ -إلى أن يصدر قانون اإلدارة المحلية تقسم المملكة الليبية إلى عشر وحدات إدارية رئيسية تسمى بقرار من مجلس الوزراء .ويرأس كل منها موظف يعين بمرسوم ملكي . ب -يظل مجلس الشيوخ قائما بتشكيله الحالي إلى أن تنتهي عضوية كل عضو من أعضائه . ت -جميع القوانين والتشريعات واألوامر واإلعالنات المعمول بها في أي جزء من ليبيا وقت نفاذ هذا القانون تظل سارية بالقدر الذي ال يتعارض مع أحكام التعديل الدستوري المستحدث ، منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وذلك إلى أن تنقضي أو تلغى أو تعدل أو تستبدل بها تشريعات أخرى تسن وفقا للقواعد المبينة في هذا الدستور. ( ألغيت المواد 506و 501و 508و 507و 505و 560و 566و 565و 562بالقانون رقم 6لسنة ) 6512
*
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبحث 3
أركان ومكونات وعناصر الدستور (الركن األول) نظام الدولة يف الدستور عادة ما يطلق على الركن األول مسمى القسم أو الفرع أو الفص أو الباب األول ،حيث الدستور يتركب عضويا من ركنين ،وقد يكونان واضحين منفصلين كم هو الحال في الدساتير المفصلة ،مثال الدستور المصري ،0590أو متداخلين ويبرز ذلك في الدساتير الموجزة ،مثال الدستور األمريكي. ويعتبر الركن األول بمثابة الروح التي يؤسس عليها الركن. فعندما يكون منفصلين يصبح من السهولة تقييم وفهم وتطبيق الدستور. حيث مثل هذه العالقة هي مسألة عضوية دقيقة وحيوية ،كعالقة الروح والبدن في الكيان اإلنساني واالجتماعي ،لكل متطلباته وطبيعته ليؤدي إلي سهول وفعالية إدارة تفاعلهما بشكل محكم. ويتفرع عن الركن األول مجموعة مكونات أساسية ،يمكن أن نسميها مقومات ،Constitutesوهي عادة ما يترتب عنها الحاجة إلي مؤسسات وقوانين مكملة حسب عناصرها. إال أننا سوف نطلق عليها مكونات أي مقومات. ويشمل الركن األول خمسة مكونات من خاللها تتشكل روح الدستور وتتجسد األرضية التي سوف تتشكل عليها حقيقة مقومات وعناصر الركن الثاني من الدستور. ويتكون الركن األساسي من الدستور من خمسة مكونات ،وهي:
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
"أسس الدولة -أسس النظام االجتماعي -أسس النظام االقتصادي -أسس الحقوق والحريات والواجبات العامة -أسس سيادة القانون". ويشمل ذلك تحديد و ووعي الشعب بحقيقة عناصر محددة وهي "سيادة وأسم ودين والتنظيم االجتماعي واالقتصادي والسياسي للدولة" ،وهذا المكون يمثل روح الدستور ،حيث بقية مقومات وعناصر الدستور تبنى على حقيقة هذا المكون األساسي ،ويمكن أن نجمله في التوضيح التالي:
مطلب :1مكون أسس الدولة ويشمل هذا المكون توضيح كافة تفاصيل عنصر "السيادة" ،وعنصر "التنظيم السياسي" ،وهذين العنصرين مرتبطين بعدة تفاصيل دقيقة وهما روح الدستور وترتكز عليهما كافة المكونات األخرى وعناصرها وتفاصليها. والبد من وضعها إداريا وسياسيا وإسالميا و وطنيا بعناية فائقة ،وفيما يلي التفسير السياسي والفني لهذين العنصرين:
السيادة يحدد الدستور كافة معالم ومصادر سيادة الدولة ومرجعية ومصادر التشريع ،ويغرس في النفوس والتاريخ ويؤكد دوليا حقها الوطني والشعبي والحكومي بأنها دولة مستقلة ذات سيادة كاملة، وبالتالي لها الشخصية االعتبارية الدولية من حقوق و واجبات ،ويكون باختيار ورضا عام ويعبر عن حقيقة تركيبة سيادة الدولة ،وخاصة إذا كانت دولة بسيطة متحدة ذات سيادة واحدة وهيئة حاكمة واحدة ،أم هي مركبة من أقاليم و واليات وتحديد نوعية االتحاد هل هو مركزي أم غير – مركزي .وليبيا قد اختارت النظام المركزي في دستور 0590إال أنها أجرت بعض التعديالت في 0592للتعديل في صالحيات وتعديل العالقة بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية ،ثم في 0593ألغي النظام المركزي وتشك النظام المتحدة ..وتحديد أن السيادة هي للشعب ويتنازل عليها للدستور الذي يخضع له الجميع ،وكافة مؤسسات الدولة وقيادتها هي من أجل خدمة الشعب ومصالحه وسالمة الوطن. وبموجب العقد االجتماعي تتنازل الشعوب عن سيادتها للدستور ،وليس للحكام. وتمنح إرادتها للهيئة الحاكمة لممارسة السلطات الثالثة ،وتسحبها للتداول السليم حسب الدستور والقوانين المكملة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
التنظيم السياسي عادة ما نجد نص يحدد النظم السياسي برلمان أو رئاسي أو مختلط ،ويحدد على أساس رأسمالي حر ،ويحدد مصادر التشريع ،والعملية الحزبية تعددية أم محتكرة لأليديولوجية المهيمنة .فيعبر هذا العنصر عن روح السياسية واالقتصادية واالجتماعية والدينية للبالد .فمثال ،تقوم الدساتير بتحديد شكل نظام الدولة بعبارات كثيرة ،مثل" ،رأسمالي ،أو اقتصاد حر" أو "عام أو اشتراكي" ،ومن ثم عالقته بعقيدة الناس بذكر عبارة "دين الدولة اإلسالم" ،وهنا تبرز إشكالية حيث االشتراكية منافية تماما للدين وتعده أفيون الشعوب .كما أن الرأسمالية ال تعترف بقيود وضوا بط أخالقية أو شرعية ،كما أن العلمانية هي مذهب سياسي يدعوا بشكل أو أخر عن فصل الدين عن الدولة ،وفصل السياسية عن األخالق .وبذبك صنع الدساتير في الدول العربية تعاني من صراع مثل هذين التيارين .وسوف نطرح حلول لهذه اإلشكالية من أجل الفهم الدقيق الكافي، ومن أجل التوافقية اإلنسانية والوطنية والتنموية والكونية ،والتي يجب أن تكون مطالب راشدة لدي الكل .فكثير ما نجد عبارة أن الدولة علمانية كما نص عليه الدستور الفرنسي ،أو أن الدولة ال تتخذ قرار أو قانون على أساس ديني كما هو الحال في الدستور األمريكي ،أو أن نظام الدولة اشتراكي كما نص عليه الدستور المصري .2100-0592وهناك جانبين حيويين في تحديد التنظيم السياسي العالقة بين العقديتين السياسية والدينية ،والعملية الحزبية واالنتخابية .حيث عند ذكرهما بوضح سوف يعيق سالمة تطبيق الدستور وفعاليته ،كما أن للشعوب العربية أن يكون لها الدور األساسي في هاتين المسألتين .وفي الدساتير العلمانية ترفض تحديد دين الدولة ،كما لتؤيد نص اإلسالم مصدر التشريع الرئيسي ،ناهيك عن إضافة نص " وال يجوز صدور أو العمل بأي حكم يخالف الشريعة اإلسالمية" ،وهنا تضمنت القرآن وهو قانون رباني وتضمنت السنة أي القانون النبوي .والبد من توقف الشعب العربية عند مثل هذه المسائل ،فهي في غاية الحساسية، والهدف منها هو احترام دور العقيدة في الحياة بأمانة علمية وحضارية ،وتوخي الحالل واالبتعاد عن الحرام ،وهي ناحية هامة في إصالح كافة جواب الحياة .وسوف نناقش هذه المسألة في الفصل األخير ،بما يجلب التوافق ويزيل المخاوف ويزيح اللبس .فمثال ،نجد نص الدستور المصري 2100-0592بأن االشتراكية هي أساس التنظيم السياسي ،وحدد االتحاد االشتراكي هو الكيان الحزبي العام والوحيد والحاكم ،وفي مثل هذا تحديد روح التنظيم ،والبد من فهم ذلك بعناية .يعترض أحد ،فهما نبض الحياة فيما بعد وتتشكل عليهما مؤسسات الدولة وهياكل االقتصاد وعالقات المجتمع وحرية االعتقاد والعبادات والفكر وممارسة السلطات ..فنقول وبشكل خاص ،أن ليبيا دولة إسالمية ،ال جدال في وضع نص "اإلسالم دين الدولة" ،ولكن هناك عبارة أخرى وهي في غاية المسئولية التطبيقية ،والبد أن يعي الشعب والمسئولين ذلك ،وهي نص "اإلسالم و الشرعية اإلسالمية هي مصدر التشريع األساسي" ،وفي حقيقة األمر نشير إلي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
هذه العالقة عضوية وفي غاية الدقة ومرتبطة بالسلطات الثالثة "التشريعية -القضائية – الشورى" وهي سلطات تشكل جزء من الهيئة الحاكمة ،إال أن السلطة التنفيذية هي سلطة فنية ومدنية تدير شئون عامة فهي ليست معنية مباشرة وبشكل كلي كما يتخوف أو يرفض بغير علم. إاذ عندما نصنع أي مكون ونضع تفاصيل عناصره البد أن نوضح للشعب بالقصد السياسي والكيفية التطبيقية من أجل أن يكون حيا في كل النفوس .وتمثل العالقة بين السلطة التشريعية واألحكام والحرية والقدسية الدينية ،وليس هناك عالقة تنفيذية مباشرة ،كما أن ذلك يحتم عدم اعتماد قرارات تناهض دين الدولة ،وعبارة ليبيا دولة مدنية ،وهو ما يسعى إليه كثير من ألراى العام ،فهي ال تعني إطالقا دولة غير دينية ،وإنما تعني دولة حضارية تقوم على سيادة المدنين وال تسمح بقيادة العسكر للشأن السياسي والتشريعي والقضاء المدني ،تمنع وصول العسكر للسلطة ،كما أنها في ذات الوقت تفيد أنها دولة تقوم على أن األسرة هي أساس المجتمع وليس القبيلة ،والجنسية ينظمها القانون ،كما أنها تمهد ألسس تكوين مؤسسات المجتمع المدني الحقا في بنود الدستور ..والبد في هذا العنصر من بند أو فقرة تحديد التنظيم السياسي ،فهناك التنظيم السياسي الديمقراطي المبني على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة ،وهناك النظام الشمولي المبني على أساس الحزب الواحد ،وهو نظام استبدادي شمولي إيديولوجي كالذي ساد في ليبيا خالل الدولة االشتراكية ،2100-0595وكان االتحاد االشتراكي هو الحزب السياسي الوحيد ،ثم تغير إلي اللجان الثورية وبدأت حركة تصفية واغتيال وسجن المعارضين السياسيين.. واألحزاب ينظمها القانون.
مطلب :2مكون النظام االجتماعي في بادئي األمر أعلم أنه إذا شهدت يوما انتشار وتفشي األعراض السلبية بين أفراد المجتمع ،من كره وحسد وتباغض وأحقاد وتصارع وفساد خلقي يحول دون القيم وسلوكيات تحول دون االنسجام االجتماعي و ارتفاع معدل الجريمة والفقر والتضليل السياسي ومرده فقدان الضمير الوطني واإلنساني ..فأعلم أنه أنك تعيش في دولة بدون دستور ،أو بمعنى أخر تعيش لسوء الحظ في دولة إيديولوجية تتحكم في السلطات ،وتنتهج سيبل االستخفاف بالعقول والعنف ،وشخصيا قد شهدت هذه التجربة لعدة عقود. فالمكون االجتماعي أو نظام المجتمع هو مكون مقدس ،يجب أن تكون لجميع عناصره حرمة وطنية وإنسانية ودينية ،أي نحافظ على سالمتها من أجل سالمة الوطن ،ونحافظ عليها من أجل تكوين مجتمع إنساني عقالني ،ونحافظ عليها من أجل القيام بالتوجيهات الدينية التي فيها السالمة الكونية والمصيرية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالدستور الكامل هو الذي يوضح عناصر هذا المكون بدقة ،ويحرص أن يحميه من مصطلحات إيديولوجية خطيرة ،كعبارة المجتمع االشتراكي أو غيرها من مفاهيم هذه اإليديولوجية التي تسببت في تقهقر وتفرق وضياع إمكانيات الدول العربية وتقنين سبل بطشها وقمعها وإذاللها. ومرحلة بناء العزة تبدأ من دقة تحديد هذه العناصر بوعي شعبي عارم ،واستعداد الدائم في حمايتها والحرص على تطبيقها التام. فإن لم يكن الشعب في تفاعلية مستمرة مع دستوره الذي ينظم كافة أمور حياته الدنيوية فسوف يصبح الدستور ال معنى له في الحياة اليومية ،وتتحول الحياة إلي معاناة أكثر منها متعة وانسجام في خلق المنافع وتبادلها السليم. فهذا المكون االجتماعي يمثل مرآة ينظر إليها األفراد كل صباح ومساء ،فيروا حقوقهم كاملة و واجباتهم تجاه بعض ،وأن تكون المرأة نظيفة في كل يوم ال يخدشها شيء من عناصر مكون االقتصاد ،وال تكسرها مكونات السلطات. فالدستور بأكمله هو من يحدد شكل المجتمع ،وقد يكون ذلك عبر وجود مكون خاص بنظام المجتمع، ومن ثم تجد أثر كل مكون عليه ،أو تكون عناصره متدخلة مع بقية مكونات الدستور. والخطورة أن كل إيديولوجية لها مفهومها الخاص حول طريقة تنظيم المجتمع ،وهي ال تهدف إلي بنائه وتقويته بل إلي التحكم فيه وإخضاعه للتوجيهات اإليديولوجية بحيث يكون أداة عمياء وفاعلة سياسيا واقتصاديا وثقافيا في مسار وسياسات وأهداف تلك اإليديولوجية التي تفرض نفسها من خالل مكونات الدستور. ونؤكد على أنه في الواقع توجد عقيدتين ،تتحكمان في طبيعية حياتنا اليومية ،ونتيجة الصراع بينهما هي ما يرسم شكل الدستور وكافة مكوناته وعناصره ،وهما العقيدة السياسية والعقيدة الدينية ،ويوجد تداخل وتباين ،حال عدم فهم العالقة العضوية بينهما ،والبد من حل هذه اإلشكالية. فالعقيدة السياسية هي مسئولية تاريخية ومصيرية دنيوية. والعقيدة الدينية هي مسئولية إنسانية ومصيرية أخروية. وكلتا العقدتين مسئولية وطنية وكونية ،والصراع المفتعل بينهما يؤدي بالضرر الجسيم في تجسيد حياة مادية وروحية طبيعية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
والبد من معرفة العالقة التفاعلية الصحيحة بينهما ،وهذا ما نحاول أن نغرسه من خالل هذا المشروع. فال يمكن فصل الناس عن السياسة ،فالشعوب هي مصدر سيادة الدولة ،وبتنازلها عن تلك السيادة للدستور ،تصبح ممارسة السياسة أو ممارسة السلطات مشروعة. وال يمكن فصل الناس عن دينهم ،فهذا عبث وفيه موت الشعوب روحيا وتدميرهم أخالقيا ،وفقدان الحياة لرسالتها ،فنجاح الدولة يكمن في قدرتها على صنع هذه التوافقية الدقيقة والمسئولة عن تحقيق التنمية السليمة والشاملة. وبذلك تقع المسئولية على كل فرد وجماعة أن تدرس هذا المكون بدقة ،وتحدد مدى استجابته لصحيح عقيدتها ،وخصائصه التي تميزها وطموحاتها التي ترفعها ومعطياتها التي تجعل حياتها متماسكة ومتراحمة ومحترمة. وفي خاتمة المشروع سوف نطرح شكل توضيحي يبين نظرية عالقة المجتمع والسلطة. حيث الدستور في مجمله يدور حول محاور ضبط هذه العالقة ،ويرسم العالقات والواجبات والحقوق بين مكونات هذه المحاور الرئيسة والعضوية في بناء كيانات الدول. ومن الخطورة بمكان أن ال يستعان في وضع الدساتير بعلماء الدين و المجتمع لمناقشة عناصر هذا المكون ،وأثار المكونات األخرى عليه ،فصناعة الدستور ليست لعبة ديمقراطية وإنما هي أمانة إنسانية ومسئولية تاريخية وحاجة وطنية ومصداقية دينية. ونؤكد بأن الركن الدستوري األول وهو نظام الدولة وهو الروح التي سوف يؤسس ويسوى عليها الركن الثاني ،وهو يمثل مؤسسات السلطات وأسلوب حكم الذي ينتج عنه الممارسة السياسية الشرعية وإنتاج كافة السياسات بفعالية ،وهذا الركن الثاني هو رهينة لهذه الروح الدستورية أو بمعنى أخر رهينة للركن األول. ويختص المكون االجتماعي في الدستور بكافة العناصر األخالقية الالزمة لبناء مجتمع حقيقي متكامل ومتكافل ،وهو مسئولية تضامنية بين الدولة واألفراد ،ويشمل هذا المكون الدستوري العناصر التالية.
التأمين االجتماعي والصحي يحدد الدستور مدى وكيفية تكفل الدولة خدمات التأمين االجتماعي والصحي ،ومعاشات العجز عن العمل والبطالة والشيخوخة للمواطنين جميعا ،حيث هناك قانون خاص بالتأمين االجتماعي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
والصحي ،والبد من أساس دستوري ،ويستشار فيه أهل التخصص .وكان اإلسالم أو من شرع هذا الحق في عهد عمر بن الخطاب رضي هللا عنه ،واليوم تسنه جميع الدساتير .وبحيث يقوم المجتمع على أساس التضامن االجتماعي بما يمنع العوز المادي عن المواطنين.
حق تكافؤ الفرص وهنا البد من التميز في المغزى بين التساوي بين الناس عند التقدم للتوظف .وال يقصد من خالله الحق الدولة في توفير فرص عمل للجميع .ويالحظ بأن هناك دساتير تسن أن العمل حق تكفله الدولة ،وهذا قد يؤدي إلى أن تنزلق الدولة في النظام االشتراكي والتوظيف العام وتدني الكفاءة والدخول ،فالدولة وأجبتها السياسات التي تخلق فرص عمل للجميع وعدم حدوث بطالة، والحكومة التي تفشل في ذلك ،ال يعاد انتخابها ،وهذا أحد المعايير التنافسية في العملية الحزبية، ونجاح العملية االنتخابية ،من خالل وعي الشعب في تقييم فعالية برامج المرشحين .فلكفاءة العلمية والعملية والمقومات الوطنية واألخالقية هي أساس المفاضلة في فرص العمل المتاحة. فالذي يمنح أو يشغل وظيفة على أساس قربة أو مودة أو علمه بمن هو أفضل منه فقد خان هذا المبدأ الدستور وخان عقيدته وخان دور الكفاءة في صنع حياة.
مقومات األسرة العقيدة والوطنية واألخالق واإلنسانية األسرة قوامها الدين اإلسالمي ،واألخالق الكريمة ،والتقدم الحضارية ،وروح الوطنية الصادقة، ومسئولية األمانة اإلنسانية .وتحرص الدولة على تنمية مقومات األسرة كما يحددها الدستور، وتمنع كل أشكال العصبية القبلية والطائفية والعرقية والتفرقة الوطنية في الحياة السياسية واالجتماعية.
حق حماية األمومة والطفولة وحق تكفله الدولة وينظمه القانون ،ويراعي فيه الشباب والنشء ،وبما يوفر لهم كل المؤسسات األساسية ،لتنمية ملكاتهم كالنوادي الرياضية والثقافية والحاضنات االقتصادية ،ويحمي األم والطفل من الحاجة والتسول ،وعدم التعلم ،أو االنحراف بالتأهيل واإلصالح األخالقي واإلنساني والحضاري األمين ..وحق المرأة في إجازتها كافية لرعاية مواليدها تكفله جميع مصالح العمل الخاصة والعامة.
األخالق واآلداب واجب عام ويحدد الدستور الخلق واآلداب العامة الواجبة ،حيث كل خلق هو مسئولية الجميع ،وتحرص الدولة على تنميتها وحمايتها ،والمحافظة على الثقافة األصيلة المفيدة ،واحترام اآلداب العامة أساس الحياة النبيلة ،وانتهاك األدب العام يعاقب عليه بقانون ،فالدولة بركنيها المؤسسات منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وأسلوب الحكم روجها األخالق ،وتضمر الدولة وتضعف وتفشل في األداء السياسي واالقتصادي ويظهر التنافر االجتماعي بسبب سوء الخلق ..فاألخالق جوهر العقائد والممارسات ،وجزء في نجاح كل دستور فيما يحدده من قواعد وأسس تحفظ اآلداب وتصون األخالق ،حيث كل خلق هو مصدر القيم االجتماعية المنشودة ،فمثال ،المصداقية والوطنية واألمانة واإلنسانية وضبط النفس والتضامن والشرف كل منها في ذاته يشكل خلق على مستوى الفرد ،ولكن عندما يتحد المجتمع في الدفاع عن أحد هذه الخلق ،فيصبح ذلك الخلق قيمة ،فمثال ،عندما يحدث اعتداء على شرف أحد األفراد ،يهب كل المجتمع مستنكرا لذلك االنتهاك والوقوف مع المتضرر حتى يحبر ويعاقب المعتدي ،حينئذ يقال أن الشرف في ذلك المجتمع "قيمة" ،وعندما يدافع عنها جميعا وغيرها يقال عنها منظومة القيم في ذلك المجتمع .وبالتالي البد من دستور يكون دافع وضابط من أجل صون الخلق والبدء في صنع منظومة القيم ،حيث يعد المجتمع مريض بدون قيم أساسية تحقق السلم والمودة والتماسك والشعور والطابع الموحد .وتعتبر الشريعة اإلسالمية مصدر مكارم األخالق، وإذا ما نص الدستور على أن الشريعة اإلسالمية مصدر التشريع ،بات من حق كل مواطن أن يشتكي بالمحاكم حول أي خلق أو آداب منافية للشريعة والدستور ،وإذا لم يسن ذلك باتت األخالق واآلداب مسألة علمانية غير مقيدة وال يحاسب عنها إال بقانون وضعي .ومن مصلحة الدول العربية أن تحدد األخالق بدقة في الدستور ومصدرها ،حيث نشاهد أصوات منكرة وسلوكيات غير حميدة ،كلعب األطفال في الطرقات العامة ،وأمام ممتلكات ومؤسسات اآلخرين ،وكأن األمر عادي ،وهو في حقيقته غير حضاري ،ويعكس سوء التنشئة .ويذكرني ،بالمناسبة في العام ،0519بمدينة لينز بالنمسا ،حضر مندوبي عن السلطات ألخذ رأي بإزالة ملعب كرة لألطفال، خلف شقة مستأجرة لشهر ،حيث سكان الحي يروا في وجود ملعب رسمي في حيهم مصدر إزعاج للكبار .وكل ما رأيت إال أطفال في زى جميل موحد ولم أسمع صوت واحدا ..ولكن أخذ رأي السكان وتم إغالق الملعب ،والمقصود أن السلطات هي في خدمة الشعب ويخضع كل فرد للدستور ،وال مجال للتأويل للهروب من الدستور أو المجاملة للهروب من الحق والتي تجر المجتمعات للتخلف..
العمل واجب على الجميع تعد جميع أنواع العمل المشروعة شرف للمواطن ،والقصد منها تقديم المصلحة ،واإلصالح، فالعمل عبادة ،والفساد في العمل وسوء األداء يجرمه ويصوبه القانون ،وال يجوز أكراه أو إجبار أحد على عمل ليس في طاقته .،فالتنمية أساسها ركنان اإليمان وهو روح العمل واإلصالح وهو النتاج المادي الملموس ..والبد أن يكون الدستور واضح في هذا العنصر التنموي واألساس الحضاري ..والوظيفة العامة حق للمواطنين ،وهم في خدمة الشعب ،وبكفل القانون القائمين عليها حمايتهم وتوفير بيئة العمل المالئمة .والفصل من العمل يحكمه القانون في جميع األحوال. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
التعليم واجب كل فرد وحق تكفله الدولة التعليم حق تكفله الدولة ،وهو إلزامي في المرحلة االبتدائية ،وتحرص الدولة على محو األمية، وتعتبر مادة التربية اإلسالمية مادة أساسية في مناهج التعليم العام ،ومجانية التعليم في مؤسسات الدولة الحكومية ،ويمنح تراخيص لمزاولة التعليم بقانون ،وتكفل الدولة استقاللية الجامعات ومراكز البحث العلمي .ويوفر للطلبة منح دراسية الستكمال الدراسات الجامعية غير مقيدة بعمر ..وجزء من هذه المنح يمثل رسوم دراسية للجامعة بحيث يخلق تنافس بين الجامعات و وتتقاضى منه رواتبها وكل لوازم تطويرها الفني والعمراني ،كما تحرص الدولة على المساهمة من خالل موازنة عامة من أجل االستثمار في بناء اإلنسان وتنمية العملية التعليمية الوطنية والحضارية.
الوفاء لقيمة النضال الوطني أن النضال الوطني هو قيمة إنسانية واجتماعية عليا ،وتزول الدول وتغيب عن خارطة الوجود بسبب غياب مثل هذه القيمة ،وتنتكس المجتمعات وتسود المظالم والسلبيات بسبب عدم الوفاء لمثل هذه القيمة .والنضال الوطني عمل شاق يبرز له فقط خيار القوم وأشدهم تماسكا وقوة وخلقا وأحسنهم أصل وتربية ،فواجب اآلخرين أن يكونوا أوفياء نحوهم ،حتى ال تندثر هذه القيمة العليا وتصبح المجتمعات مغلوب على أمرها وتعيش في الذل كل الدهر ،وتتجرع سموم المهانة واالنحطاط والتخلف وكأنها خلقت لتكون رخيصة ،والذين ال يقرون بقيمة النضال الوطني هم غير قادرين وغير مخلصين لمجتمعهم ودينهم ،فقيمة النضال الوطني واضحة وراسخة في العقيدة ،والتقليل من شأنها هو فساد للحياة اإلنسانية .كما أن تاريخ الشعوب أهم ما فيه نضال األجداد في تحرر ناسهم وبناء واستقالل دولتهم ،والعيش بحرية وكرامة .وبذلك تسن بعض الدساتير على صون هذه القيمة .فيذكر مثال ،واجب الدولة نحو أسر شهداء الوطن والواجب العام ،ونحو الجرحى طيلة فترة الحاجة ،والتعويضات الالزمة ،والمكانة االجتماعية المالئمة، واألحقية السياسية في المفاضلة القيادية .وقد تكون هناك مزايا تشمل كفالة الدولة للمصاريف الدراسية والصحية وتوفير السكن الالئق والتكريم السنوي ،وكل ذلك بقانون مكمل يحدد االشتراطات واآلليات والتقديرات والمتابعة .وخاصة أن الربيع العربي قد خلف العديد من مآسي بسبب قوة االستبداد التي واجه نيرانها ومعداتها المدمرة أبطال عزل مسالمين قل نظيرهم في التاريخ .فدستور يغفل عن حقيقة الربيع العربي وقيمة الوفاء لخير فيه لمستقبل األوطان .فالنضال حاجة دائمة كدوام الصراع بين الخير والشر ،والحق والباطل ،والعدل والظلم ،فالشر والباطل والظلم هي قوة صراع صفرية تعمل دوما القتالع جذور الخير والحق والعدل .كذلك وجود قيمة للنضال الوطني في الدستور كفيلة أن تبدد قوة الشر ،و كفيلة أن تعكس الدستور يسعى للخير والعدل والحق. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مطلب :3املكون االقتصادي وهو مكون حيوي في الدستور وحقيقة صياغته تعكس أحدى اإليديولوجيتين الرأسمالية أو االشتراكية ،وهناك في الواقع نظام تفاعلي مختلط ،وهنا سوف نشير إلي الصياغة التي تمنع هيمنة الفكر االشتراكي من خالل الدستور ،حيث النظام االشتراكي أسسه الملكية العامة والتخطيط المركزي والتأميم اإلجباري وأرتفع االستقطاع الضريبي وضعف مستوى الدخل الفردي لصالح الميزانية العامة وتولي الدولة األنشطة االقتصادية ،وبذلك نتناول النظام األمثل ،وعلى سبيل المثال، وخال صة القول بأن هذا المكون هو روح االقتصاد بالبالد ،وفيما صياغة كاملة ،كمثال ،ألن الدستور هو كلمة شعب بأكمله ،وليس رأي قرد أو فكر الحاكم ،هو قناعة و وعي و ومسئولية ،وقيما يلي وجهة نظرنا:
حق الملكية الخاصة وضوابطها تعتبر الملكية الخاصة مقدسة ،وهذا ما أقره اإلسالم ،وال يجوز تحريمها بأي تصور أيديولوجي اشتراكي أو شيوعي ،وال يجوز ضمن ملكية خاصة إلي عامة إال برضا وتعويض وحكم قضائي ،فالملكية هي الدافع ولمحرك األساسي الروحي لكل نشاط اقتصادي .وجميع الدعاوي في الملكيات الخاصة من اختصاص محاكم القضاء المستقل ،وتشمل الملكية الخاصة كل المقتنيات النقدية والعينية المقيدة والمسيلة واألنشطة االقتصادية والفكرية.
أسس الملكية العامة وأخالقياتها الملكية العامة جائزة ،وقد حدد اإلسالم كثير من ضوابطها األخالقية وحسن إدارتها وحرمتها، وهي و واجبة في كل الثروات المشتركة من ماء ومواد خام ووارد طبيعية يحددها القانون ..وال يجوز استغالل أو االعتداء عل كل ما هو مملوك أو موجود بمقرات وعقارات عامة ..ويعاقب المعتدي بقانون ،فالملكية العامة أساس من أساسيات تماسك بناء الدولة بمواردها المشتركة وقوتها الوطنية اإلستراتجية ونهضتها االقتصادية الوطنية ،وتخضع كل لملكيات العامة لرقابة السلطة التشريعية وينظمها قوانين متخصصة ،وهما ما يعرف بجهاز الرقابة اإلدارية الذي يراقب ويوجه األداء ويحيل للقضاء المخالفات ،وجهاز ديوان المحاسبة الذي يتابع العمليات والمعامالت المالية ويمنع االنحرافات ويحيل المخالفات لجهاز الرقابة اإلدارية لمباشرة التحري والتحقيق والتأديب اإلداري أو إلحالة للقضاء الجنائي ..كما أن ملكية األراضي الزراعية ينظمه قانون مستمد من التشريع اإلسالمي وبما يحقق التوسع األفقي واالختالط االجتماعي ونبذ االستيالء بحجة وضع اليد القبلي ،فالملكية بوضع اليد تكون بقدر أحيائها جزئيا ،فجفاف األرض عن طريق وضع اليد هو عمل أثم وضار بالناس واإلقليم فيضعف التنمية ويجلب االستعمار، منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فترك األرض بدون حياة هو جهل وطني وعقل غير حضاري ..فالعمل في األرض هو أشرف وأسعد وأفضل مهنة ،وهي األساس لألقوام التي لها جذور تاريخية حضارية.
شرعية الخطط والسياسات العامة تتولى الدولة وضع السياسات العامة ،وتختص الحكومة التنفيذية بإعدادها وتنفيذها ،بعد إقراراها من السلطة التشريعية .ومن خالل تحليل الدساتير ،نجد مسألة هامة وهي اختصاص السلطة التنفيذية باإلدارة الحكومية والسياسات العامة ،مع وجود باب المشاركة البرلمانية ،حيث يقترح البرلمان مشروعات القرارات والقوانين جديدة أو تعديالت حسب مطالب الشعب .فالتفاعلية والمشاركة البد أن تكون متوفرة بين السلطات بعضها ،وبين السلطات والشعب .وهناك ضوابط دستورية ،مثل ،تكفل السياسات نمو الدخل القومي وزيادة مستوى الدخل الفردي وتحسين ورفع مستوى المعيشة ،والقضاء على البطالة ،وزيادة فرص العمل ،وربط األجر باإلنتاج ،وضمان الحد األدنى لألجور ،و وضع حد أعلى بما يكفل تقريب مستوى األجور ،وتوجيه فائض الدولة وفقا لخطط تنموية وطنية .ولكل فرد نصيب في الناتج القومي يحدد القانون ،وال يجوز التخطيط المركزي بما يحد من صالحيات وفعالية التقسيم اإلداري بالبلد فالتنمية المتوازنة هي أساس القوة الوطنية واالقتصادية ،وتوطين التنمية بكل المدن والضواحي والحد من الهجرة نحو المدن وشل االقتصاد العام على المدى البعيد والضرر بحقيقة مصير البلد .ومثل هذه الضوابط وغيرها يضعها المختصين تشكل معيار لتقيم وتوجيه السياسات العامة والحكم عليها ومحاسبتها ،وهي تحدد سبل المشاركة والتفاعلية الالزمة .
حرية النشاط االقتصادي للمواطنين حرية اختيار نوعية النشاط االقتصادي الخاص وتأسيس جميع أنواع الشركات المحددة بالقانون التجاري ،وال يجوز تدخل الدولة كما ال يجوز ممارسة نشاط محرم يمنعه الدين اإلسالمي ،ومن حق المواطن التنقل الشخص وتحويل رؤوس أمواله وأرباحه إلي بلد أخر و وفق قانون يحمي مصلحة الوطن وال يضر بمصلحة الفرد .كما يجوز للرأس المال األجنبي االستثمار المحلي وفق قانون تشريعي يرتضيه الشعب وبضوابط مفيدة لنمو االقتصاد الوطني والرفاهية االجتماعية والتقدم العلمي والتقني ..والمنافسة والممارسة التجارية التامة واجب ينظمه القانون التعاقدات اإلدارية.
شريعة النظام الضريبي يقوم لنظام الضريبي على العدالة االجتماعية ،وال تخصم ضريبة إال بقانون .وعادة ما تسن الدساتير على اختصاص السلطة التشريعية في جواز الوعاء الضريبي ونوعية الضريبة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
االدخار واجب عام تحفيز االدخار بالمصارف وأجب وطني تحميه الدولة وتشجعه.
التأميم األساس هو المنع ،واإلجازة بقيود شرعية ال يجوز التأميم إال العتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض عادل ،ورضا الطرفين.
مطلب :4مكون احلريات واحلقوق والواجبات العامة وكثيرون يرغبون في دولة القيم ،وهي دولة الحريات والحقوق والكرامة والواجباتـ ولكل مواطن كإنسان خلق كريما ،له العديد من أنواع الحقوق والحريات والخصوصيات لتحقيق سعادته في األرض ،وهذا هو الهدف األساسي للحكوماتـ ،كما أن عليه كفرد وكمجتمع مسئوليات جسيمة دقيقة متكاملة ومتكافلة ،والحقوق والواجبات تشكل كامل منظومة القيم المنشودة في كل مجتمع، وهما وجهان لعملة واحة. فهناك حقوق و واجبات الفرد ،وحقوق و واجبات المجتمع ،وحقوق و واجبات الحكومة. والدولة التي ليس فيها دستور يرسم هذه الحقوق والواجبات بشكل واضح يظل دستور عاجز عن صنع اليقظة الوطنية والنهضة الدنيوية. ومثل هذه المنظومة هي روح نظام الدولة وأساس دولة عادلة بناءة قانونية منظمة. فالحرية هي شأن متعدد األنواع واألبعاد وكثير التفاصيل ،والبد أن يحدد الدستور اإلطار العام بدقة ،فهي أساس في ممارسة الحقوق السياسية وخاصة الحزبية ،ودور الصحافة واإلعالم كسلطة رابعة مستقلة هامة ،وفيما تفصيل لجملة من هذه الحريات ترسمها الدساتير:
المساواة في الحقوق والواجبات العامة المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة ،ال تمييز بينهم بسبب الجنس أو األصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .والعدالة اإلسالمية في القضاء بالحق بين الناس خير مصدر لترسيخ العدالة اإلنسانية والقانونية.
تحريم كل أشكال التعذيب ال يجوز حبس المواطن في غير األماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون ،وال يجوز إيذاء السجين بدنيا أو معنويا ويجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة اإلنسان .وال منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يجوز الحكم على مواطن إال عبر المحاكم المختصة والقضاء المستقل والعدالة الكاملة بقانون.
الحريات الذاتية والسياسية حق الحريات الخاصة والسياسية حق مصون تكفله الدولة كرامة للذات اإلنسانية وامتثاال للعقيدة اإلسالمية ،فال يمس اإلنسان في نسفه أو دينه أو عرضه وممتلكاته ،وال يجوز القبض على أحد أو مراقبته بسبب الرأي أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته أو منعه من حقوقه المقررة بأي قيد أو منعه من التنقل إال بأمر تقره ضرورة التحقيق وصيانة أمن لمجتمع ،ويصدر هذا األمر من القاضي المختص أو النيابة العامة .و وفق قانون يحدد مدة الحبس االحتياطي ،وللمساكن حرمة فال يجوز دخولها وال تفتيشها إال بأمر قضائي مسبب وفقا ألحكام القانون.
حرية التنقل حق تكفله الدولة حق تنقل األفراد داخل وخارج الوطن تكفله الدولة ،وال يجوز أن تحظر على أي مواطن اإلقامة في جهة معينة ،وال يجوز تفتيشه بالطرق والشوارع بدون أمر قضائي .فمثال ،قد شاهدنا أربعة عقود من بوابات أمنية كل عشرين كم في بلد شاسع مثل ليبيا ،توقف الناس، وتنزلهم من الحافالت والسيارات من أجل التفتيش ،مما يضيع الوقت ،ويولد الكره بين الناس ،ويضعف المواطنة ،ويشير أن الدولة أمنية تخشى مواطنيها ،حيث هناك منافذ حدودية وقيود لدخول األجانب ،يحدد سبب الدخول والمستندات الالزمة والمدد الكافية. وخالصة القول مثل هذه البوابات وإيقاف الناس بالتعسف هو مساس بحق الفرد وامتهان لكرامته وانتهاك لألعراف الدستورية المعاصرة والحضارية.
حرمة المواطنة المواطنة تعني الشراكة في الوطن وثرواته ،والمسئولية عن المصير المشترك ،والواجب العام المشترك في تنمية البلد .فال يجوز إبعاد أي مواطن عن البالد أو منعه من العودة إليها .وال يجود للمواطن الضرر بأي شكل بسالمة الوطن ومصلحة المجتمع.
حق الهجرة وضوابطها ينظمه قانون الهجرة ظاهرة طبيعية وحاجة إنسانية ،وهي حق مكفول للراغبين والمحتاجين حسب ضوابط معينة ،وكذلك حق العودة مكفول للوطن إذا رغب في قطع الهجرة ،وينظمها قانون تصدر قواعده السلطة التشريعية ،وهي تجيزه أو توقفه حسب ظروف وحاجة البلد. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حيث عادة ما تكون هناك دواعي مثل الحاجة إلي توازنات سكانية بين الشعوب العربية ،أو حاجة البلد إلي زيادة سكانها ،أو رغبة األفراد في العيش حسب فرص متاحة لهم.
ضوابط الجنسية المزدوجة امتالك أكثر من جنسية بجوار جنسية البلد األصل مسألة دقيقة ينمها قانون الجنسية والهجرة ،وهناك شروط في حال جوازها ،فمثال ،ال يجوز الترشح للمواقع السياسية والمناصب المدنية والعسكرية إال بعد التنازل عن الجنسية األخرى وضرورة الجنسية الواحدة طوال شغلها ،إال أنه يجوز ممارسة حق االنتخاب وكافة الحريات األخرى. والقانون المصري يمنع الترشح للمناصب العامة ولو تحصل أحد الوالدين على جنسية بلد أخرى .وقواعد قانون الجنسية والهجرة تصدر عن السلطة التشريعية ،وبالتالي تتفاعل مع إرادة الشعب حسب األحوال والحاجات الالزمة .فقد يقرها الشعب أو يرفضها ويضع لها ضوابطها .كما أن هناك مسألة القادمين للبلد من جنسيات أخرى ،فيحدد الدستور القاعدة القانونية بشأنهم .فالجنسية المزدوجة باتت منتج ومسألة عالمية البد من التعامل معها بحرص.
حرمة النفس جزء من الكرامة اإلنسانية حياة المواطنين حرمة يحميها القانون ،وبما ال يخالف ويختلف مع األحكام القطعية في القرآن والسنة النبوية ،فيحرم قتل النفس التي كرم هللا .فال يجوز ألي من فرد من القوات المسلحة أو أجهزة الدولة إطالق النار على األفراد بنية القتل أو التهديد مهما كانت مصادر التعليمات ،ومن يفعل يتحمل المسئولية الشخصية ،وتحال للقضاء الجنائي للبث في كافة األطراف المرتبطة والمسببة للجريمة .وحرمة النفس من المقاصد اإلسالمية الخمسة يثبتها الدستور.
حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية تكفلها الدولة ومسئولية المجتمع .ولكل األديان السماوية حرياتها وحرمتها حسب سماحة اإلسالم ،وهي من المقاصد اإلسالمية الخمسة.
حرمة سرية المراسالت وكافة االتصاالت الخاصة و هي من القواعد األخالقية التي تسهم في منظمة القيم العامة ،وتكرس الثقة واالحترام بين السلطات والمجتمع ،فال يجوز تنصت على المحادثات الهاتفية وال يجوز مصادرة المراسالت أو االطالع عليها أو رقابتها ،إال بأمر قضائي ،فحرمة التجسس أفراد األمة على بضعها محرمة شرعيا ،وتقرها الدساتير بجميع أنواعها ،ومسألة التطبيق هي رهينة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
التنشئة السليمة والممارسة السليمة في اختيار القيادات العامة ،حيث تكريس كل خلق وانتشاره يعزز القوة الوطنية ،وهي قوة العالقة بين السلطة والمجتمع ،والدستور هو العقد الشرعي بينهما.
حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير ،أو غير ذلك من وسائل التعبير وفي حدود القانون .والنقد الذاتي البناء ضمان سالمة الوطن ،وال يجوز الضرر بأي وجه .وهي من المقاصد اإلسالمية الخمسة ،وهي حرمة العقل الذي هو مصدر الفكر والمنتج للرأي .فالشعب حينما يكون بدون رأي حر في أي وقت أو في مسائل حياته هو شعب يعيش وهو فاقد اإلرادة.
حرية الصحافة الخاصة مكفولة كل أنواع والرقابة على الصحف محظورة ،فهي مهنة وطنية رسالتها تنمية الوعي العام وتقوية الروح الوطنية ،وال يجوز بوقفها بغير حكم قضائي ،ومن أجل سالمة الوطن ولمصلحة الوطن ،عادة ما يحدد في الدستور رسالة الصحافة ،بحيث ال تمس سالمة الوطن ومصلحة المجتمع وحريات وحقوق و واجبات األفراد وخصوصياتهم وأسرار الدولة .وينظم الصحافة دستور قانون خاص .وفي حاالت طارئة قد يجيز الدستور فرض رقابة محددة ولفترة معينة تتصل بالسالمة العامة واألمن القومي .والنص الدستوري، يكون مثال" ،ال يجوز ممارسة الصحافة في الضرر بالوحدة لوطنية أو المصلحة العامة أو إشعال الفتنة والفرقة أو الضرر بسمعة أحد أو إنهاك حرمات دينية أو شخصية".
حق اللجوء السياسي مكفول ومشروط حيث لكل أجنبي أضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق اإلنسان أو السالم أو العدالة ،أو خشي على نفسه أو أهله بسبب رأيه السياسي.
حق التجمع مكفول ومصون وهو أساس تحرر المجتمعات ،حيث كافة أنواع التجمعات المدنية العامة والمواكب مباحة في حدود القانون واآلداب العامة ،ويلزم الهدوء وال يجوز التسلح أو ممارسة محرم ديني بأي وجه ،كما ال يجوز لرجال الدولة حضورها من قبل الدولة والحري بدون أمر قضائي وقانون .وهذا حق تقره الفطرة وتكفله الدولة وال يمنعه إال مستبد ومتعدي على قانون الطبيعة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المجتمع المدني أساس الحياة المدنية والحضارية تكفل الدولة الديمقراطية حرية تكوين كافة مؤسسات المجتمع المدني ،حيث للمواطنين حق تكوين كافة أنواع مؤسسات المجتمع المدني ،وحق كل مواطن بدون قيود سلطوية وتوجيهات طائفية وفئوية وإيديولوجية االنتساب إليها حسب القانون منظم لتماسك المجتمع وتحقيق الحريات والحقوق ،فال يجوز إنشاء الجماعات المسلحة أو السرية أو المعادية لنظام المجتمع. نقابات واتحادات العمال أساس صالح السياسات ومصالح العمال وكفاءة األداء تكفل الدولة الديمقراطية حرية تكوين نقابات واتحادات األعمال والعمال ،حيث ينظمها قانون مدني كجماعة ضغط و تحمي مصلحة العمال وتنمي المهن والصنعة والتجارة ولخدمات واألبحاث ،وليست أدوات للوصول إلي السلطة أو ممارستها ولكنها وسيلة للضغط أو التأييد لمصلحة العمال ،ومسئوليتها تنظيم كافة أنواع اإلضراب واالعتصام بما ال يضر بسير العملية االقتصادية ويجني الحقوق بعدالة.
مطلب :5مكون سيادة القانون نوضح من خالل هذا المكون معاني سيادة القانون ،لكي نحقق "دولة-القانون" ،حيث هذه مصطلحات باتت متداولة بين الناس كثيرا ،ويرون من خاللها الحل الكافي ،ويجدون نوع من الراحة السياسية والكرامة الذاتية .ولكن البد من تحديد العناصر الالزمة لهذا المكون بدقة بحيث تتحقق مطالب ومطامح األفراد والمجتمعات. والجدير بالمالحظة ،فقد ساد االعتقاد بأن مجرد كلمة دولة-القانون تعكس كل شيء سياسي ،كما اكتفى الناس بأن دولة القانون تعني فقط ال عقوبة أو إجراء بدون قانون ،وأن الناس جميعا سواسية أمام القانون ،وأنه لكل فرد الحق في اللجوء للقضاء للعدالة واألنصاف. وفي حقيقة األمر ،سياسيا مجرد االكتفاء بهذه العناصر ال يحقق دولة الدستور تامة .ألن نظم االستبداد تستطيع أن تزعم وتحقق ذلك بكيفيتها وقوتها. ولكن هناك عدة عناصر أخرى بحيث يكتمل مفهوم هذا المعنى لدي كل مواطن. فدولة القانون هي دولة الدستور الشرعي. .ودولة سيادة القانون هي دولة الدستور وهو مصدر شرعية كل القوانين المنظمة للدولة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفيما يلي التفسير السياسي للعناصر المحيطة بمكون "سيادة القانون" في الدستور:
الدستور يمثل السيادة القانونية كما ذكرنا في المدخل العام بأم الشعب هو مصدر سيادة الدولة ،وإرادته الحرة هي مصدر شرعية ممارسة السلطات والسياسيات .ويتنازل عنهما للدستور والقوانين المكملة .ومن هنا يصبح الدستور هو مصدر السيادة ،يخضع له الجميع .فوجود مثل هذا النص أو اإلشارة بالغة األهمية في صنع الوعي الشعبي الالزم والمتوارث بين األجيال .ألن الدستور والبد وأن تكون له قداسة ،بحكم الشرعية الممنوحة له من قبل الجميع بوعي دقيق وإرادة حرة واسعة .وسياسيا و واقعيا ،يتعامل مع الدستور على أساس أنه مصدر السيادة السياسية والقانونية ،فهو أساس الشرعية ،وقد يحدث التالعب بنصوصه مما يؤدي إلي ممارسة السلطات والسياسات بشكل مطلق وصدور قوانين غير مجدية وربما ضارة، بحجة أن الدستور ال يمانع أو متطابقة .حيث بالدستور تمتلك الحكومة أحقية تمثيل سيادة الشعب ،والدستور هو أم القوانين ،وهو أساس الدولة والحكم ،ودولة القانون هي دولة ينظمها ويحكمها دستور تصنعه شعوب واعية و ومجتمعات متماسكة ومسئولة .سيادة الدستور مستمدة من سيادة الشعب و وضع لحمايته وتحقيق مصالحه.
إرادة الشعوب أساس ممارسة السلطات تخضع مؤسسات الدولة والسلطات جميعها إلرادة شعب ،تنتخبها ،لتحقق للشعب كامل حقوقه ومقاصده ونظم المسئوليات والعالقات كافة.
القانون أساس العدالة فال جريمة وال عقوبة بدون قانون.
تصون الدولة الكرامة اإلنسانية تصون الدولة حقوق الشعب المتمثلة في الحريات والحقوق والواجبات العامة ،ويحترم المجتمع والسلطة كل قواعد سيادة القانون .ويحدد الدستور حماية "الكرامة اإلنسانية" بما يشمل قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية .وحق الدفاع مكفول أصالة أو بالوكالة ويجب أن يكون لكل متهم محام يدافع عنه وضمانات يحددها القانون.
حق التقاضي تكفله الدولة للجميع ومنها حق التقاضي مصون ومكفول للجميع بالدستور ،فالدولة تصون الحقوق بين لناس والشعوب تنميها وتحرص عليها .فالحكم بالحق هو أساس العدالة ،والعدالة هي أساس منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
تنظيم الحياة البشرية ،المعنوية والمادية ،وأساس كل نظام حكم ناجح ،و"الكفاءة العدلية" في أي بلد تقاس بمدى انتشار وسيادة الحق واإلصالح فيه ،وبمدى انتهاء الظلم والفساد فيه .فيتقاضى لناس لرفع المظالم وذرا الفساد وإحقاق المصالح ،وحماية المقاصد اإلسالمية الخمسة"النفس العرض ،والدين ،والعقل ،والوطن ،والمال".
استقاللية القضاء يقررها وينظمها الدستور ال سلطان على القضاء غير الدين والضمير واإلنسانية والعلم وأسس العدالة واألمانة و والوطنية .والسلطة القضائية هي مؤسسة عامة مستقلة ينظمها قانون تشريعي وتصدر عنها لوائحها الخاصة وطريقة انتخاب قيادتها باقتراع الغير مباشر .فهناك كمثال الدستور الفرنسي يرأس رئيس الجمهورية القضاء ،وهناك ما يجعلها تحت وزارة العدل ،ومنها ما يحدد لها مجلس أعلى مستقل .وسيادة القانون ال تتحقق إال باستقاللية تامة وحقيقية للقضاء.
االستقاللية المالية لجهاز القضاء حيث تكفل الدولة ميزانية مستقلة للقضاء حيث تحددها جهات القضاء وتعتمدها السلطة التشريعية ،بحيث تكفل كامل درجات القضاء وقرب مؤسساتها من الناس وبما يكفل سرعة الفصل في القضايا.
الوطنية روح دولة القانون حيث حماية المكاسب الوطنية والدينية ودعمها والحفاظ عليها وأجب وطني يصونه الدستور.
سالمة المواطن والوطن هدف سيادة القانون حيث تقوم الدولة بالمحافظة على سالمة الوطن و حماية مقومات وحدته وكافة سبل أمنه االجتماعي وتحقيق وسعادته التي ال تتأتى إال بحماية منظمة قيم اربي األسر أبنائها عليها، وتحميها قوانين الدولة وتكلفها بتحقيقها من أجل حماية األرواح والمكتسبات والوطن في ظل عقيدة سمحا وتفاهم إنساني وتفاعل حضاري وتعامل قانوني ،فمن ال يقدس القيم فهو ال يعرف قيمة حياته وكرامة نفسه ويجهل كل أسس السالمة الوطنية واالجتماعية، والدستور شرعة لنشر الخير وسالمة الناس و األرض مصدر خيراتهم وبقائهم المستقل بكرامة .فهدف سيادة القانون هو تحقيق سالمة المواطن والوطن.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
سالمة تنفيذ القوانين أساس السلم االجتماعي وصحة سيادة القانون فكل قانون يخدم مسألة حياتية حيوية ومصلحة معينة ،عامة وخاصة ،وكفاءة تنفيذ التشريعات أساس شرعية العالقات والتعامالت ،وتحقق الهدف الكلي وهو التطور اإلنساني على األرض ،فمثال ،قانون أداء الضريبة على الدخول واألنشطة االقتصادية يشكل واجب وطني ،وال تفرض ضريبة بدون قانون تشريعي ،وغرضه العدالة االجتماعية والمنفعة العامة .وهكذا لكل قانون قصد عام ومنفعة عامة وينظم المصالح الخاصة ،فالقوانين هي روح الحياة الطبيعية ،والخلل في رسمها أو تطبيقها يؤدي إلي التصادم االجتماعي ومن ثم االنهيار االقتصادي .وتحترم األوطان من خالل سالمة قوانينها وصحة تنفيذها.
الجميع سواسية أمام القانون هي روح السيادة فال حصانة لقرار أو مواطن طبيعي أو مسئول عام أو جهة اعتبارية من رقابة القضاء، وال استثناء في المثول أمام القضاء ،وال تقام الدعوى إال بأمر من جهة قضائية وطبقا للقانون .فإذا أختل ميزان المساواة يكون نتيجة انحراف في ممارسة السيادة العامة.
الكرامة اإلنسانية هي نتاج "سيادة القوانين" تحرص مجمل الدساتير على قيمة "الكرامة اإلنسانية" ،حيث تفقد الحياة قيمتها وتفقد الشعوب قدرتها على تحقيق التنمية في جميع مجاالت الحياة إذا أغفلت الدولة تحقيق هذه القيمة العليا من أجل الحياة الطبيعية المثلى .فمثال ،تقر الدساتير"ال يحبس وال يقبض على أحد إال بأمر قضائي أو من النيابة العامة ،ويبلغ كل من يقبض عليه أو يحبس أو يوقف بأسباب اعتقاله فورا ،وله حق االتصال بمن يرى إبالغه بما وقع ،وله حق االستعانة بمن يساعده على وجه ينظمه القانون ..وله الحق في معرفة التهم المنسوبة إليه وله حق التظلم .وكل قانون ينتهك حرمة كرامة اإلنسان في ماله أو عرضه أو عقله أو دينه فهو باطل وهو قانون فاقد شرعية سلطانه على الناس، ومن ينفذه فهو ظالم" .واالستبداد هو مصدر لكثير من القوانين الظالمة ويقود لناس للعيش
في الظلمات ،واالستبداد ال يستقر له الحكم الظالم إال عبر "سجون الرأي" أو السجون السياسية ،وهي أكبر جريمة عصرية ضد الكرامة اإلنسانية ،وهي أكبر وصمة عار في تاريخ الحضارة المعاصرة ،وهي سبب تردي وضعف الشعوب العربية وفرقتها وفقرها رغم سعة خيارتها .فدعم االستبداد جرم إنساني وخيانة وطنية ،وطاعة االستبداد ظلم للنفس وظلم الناس لكرامتها جميعا .فاإلنسان مميز في الدنيا بعقله وتنوع فكره فمن أبطل هذه الخاصية ،فقد ساهم في جرم تحول المجتمعات اإلنسانية إلي تجمعات حيوانية" ،تعيش منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
كاألنعام بل أضل" ،فالشرير يغنم بقوته وحيلته وبكل خسة واألضعف والشريف يضحى ضحية وفريسة لالنتهاك والتضليل.
تصدر القوانين واألحكام باسم الدستور فهو الشريعة السياسية والوطنية والتاريخية والحضارية للشعوب ،ويكون االمتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها جريمة يعاقب عليها لقانون .فال صحة وال سيادة لقانون ليس له أصل في الدستور وتصادق عليه " السلطة الدستورية القضائية" .فمثال ،ال تصدر القوانين المكملة باسم الشعب ،وإنما طبقا للدستور ،حيث عبارة أسم الشعب ،يعطي القوانين شرعية عليا فتصبح كالدستور ،وهذا يقود النحراف التشريعي وممارسة السلطات وفاعلية الدستور .والمبدأ هو أن يكون الدستور معبرا عن إرادة الشعب كاملة ،أي كل ما يريده الشعب من شأن في تنظيم حياتهم وحماية حقوقهم وإدارة مصالحهم بكفاءة وشرعية .فلكي تكون السيادة للقانون فصدور كل اإلحكام تكون بموجب الدستور والقوانين المكملة هي األساس.
قرار الحرب والسلم يضبطه الدستور وهو ومن صالحية السلطة التشريعية البد أن يكون في الدستور كيف تتخذ وتنفذ قرارات السلم والحرب ،وتحديد اشتراطاتها الجوهرية ،وليس هناك قيادة عليا فوق إرادة الشعب في شأن السلم والحرب ،فهذه قضية مصيرية ،تهم الرجال والنساء ،األطفال والشيوخ ،األسرة والمجتمع ،فال سلطان لفرد على جميع قوات البالد المسلحة ،ويجعل في قبضته من القوة ما يتأله من خالل على الناس، ويستضعفهم جراء خوفهم ،و يستخف بهم جراء طمعهم ،فالقوة للدولة وحدها ،من خالل هيئات شرعية متناوبة بإرادة شعبية واعية ومسئولة .حيث تخضع كل قرارات الحرب والسلم والتسلح وإنشاء مؤسساتها وقوانينها للسلطة التشريعية .وليس هناك معنى دستوري شعبي حضاري لمعنى القائد األعلى ،فالمسلمين لهم قائد أعلى واحد ،ولهم شريعة عليا واحدة ،ولديهم قيم عليا واضحة راسخة في التاريخ ،رسوخ الجبال القويات الشامخات. فالسلم في اإلسالم أساس العالقات بين الشعوب والدول ،.والحرب ال تدخل المدن وال تقتل طفال وال شيخا و تنزع زرعا وال تهدم بيتا وال تستلب وال تنهب ،فالمحرمات والمبيحات في اإلسالم إنسانية عميقة ،وليس هناك قائد أعلى ينظمها و يسن ما يري ويتصرف بمزاجه كيفما شاء ،والشعوب مسئولة في أن تكون قواتها بيد أهل التشريع وليس بيد المنفذين لمنع النفوذ المحظور. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
تشكيالت الجيش والقوات المسلحة بموجب الدستور وتقرها السلطة التشريعية حيث تكوين أية نوعية من القوات أو فصائل متعددة تكون مقيدة بروح ومقاصد الدستور، لتحقق الكفاية في سالمة المجتمع وأمن الوطن .حيث االلتحاق بالقوات المسلحة ينظمه قانون وتكوين الجيوش على أساس الكفاءة والوطنية ،وال يجوز التجنيد اإلجباري فهو فرض كفاية في أحوال السلم ،والدفاع عن الوطن واجب مقدس يتصدى الجميع للعدو وهو فرض عين على كل مواطن حال نشوب الحروب ،وال تجبر النساء على حمل السالح، ولهن حق الخيار في طبيعة دورها فهن مصدر الحماس ومنبع القوة وصوت الحياة. وحماية العرض وأجب مقدس يتحمله كل المجتمع .والخلل في التصور العام الدستوري لهذه القوات وتعدد تشكيالتها هو الطريق السريع لالستبداد والدة الطغاة الكبار وتعالي الجرمين وانتشار الفساد وضعف السياسات وغياب النظام والقانون وسيادة الخوف .فإذا تأسست فرق مسلحة خارج شريعة الدستور ضاعت في لدولة سيادة القانون ،فلكي تتحقق سيادة القانون فالبد أن تكون القوة في يد القانون السلطة التشريعية والسلطة الدستورية والقضائية .وما سبب تخلف األمة العربية واالستخفاف بعقولها وكرامتها وضياع ثرواتها إال بسبب االنقالبات العسكرية .الذي ننتج عن استثناءات دستورية ستخل بمبدأ سيادة الدستور الذي هو روح سيادة القانون .وخاصة أن هذه القوات تكون في مرحلة ما تحت سيطرة أجنبية ،بسبب ما تستورده من عتاد حربي متطور ال قبل لهم باستخدامه وتقنياته ومستلزماته .وقد عرف سياسيا منذ 0892من استعان بسالح أو قوات عدوه وإن كان مرحليا حليفه فقد وقع في فخ غريمه المستعمر .وعلى هذا المبدأ كانت الدول األوربية تتسابق على التسلح بنفسها تمشيا مع هذا القول اإلستراتيجي .والمقصود هنا أن تكون الدساتير العربية تعزز "قوة القانون" و "قوة األخالق" فهما مصدر تفوقها على كل سالح وتجنب ضرره.
المحكمة الدستورية "المصداقية الدستورية" التطبيقية والتفسيرية للتشريعات تعتبر كافة القوانين والقرارات والسياسات العامة واللوائح التنفيذية التي تصدر عن أجهزة الدولة جزء من التشريعات العامة ،فال يجوز إصدار أي قانون أو حكم أو قرار يخالف الدستور بأي وجه ،وتختص المحكمة الدستورية في البث والتصديق على صحة كل ما يصدر دستوريا .وبذلك يحذر من أن يكون الدستور ناقص أو مضلل أو فيه من الثغرات ما يسيء إلي حقيقة تطبيقه .حيث أن المحكمة الدستورية ال تصحح الدستور وإنما تصحح ما منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
خرج عن مقصد أو نص الدستور وروحه أو أثر سلبا في جدواه .وهذه هي المهمة الرقابية الدستورية فهي طلب التصويب حسب الدستور .والدستور الناقص أو الصادر عن شعب غير واعي قد يفتقر إلي كثير من مقومات التصويب وذلك يقلل من فعالية دور المحكمة الدستورية .فالصنعة الدستورية هي صنعة دائمة ،فعبر تفاعلية الوعي الشعبي والكفاءة القضائية والوطنية التشريعية تتطور الدساتير بحيث تكون كاملة وشاملة وبدون ثغرات سلبية .فدائما عند التطبيق تقاس جودة وفعالية هذه الدساتير ،فهي محرك السلطات ودافع للعالقات ومجدي للمعامالت.
أمانة الشعوب هي مسئولية حماية الدستور وشرعية ممارسة السلطات فاألمانة الكبرى للشعوب هي حماية الدستور ،والخيانة الوطنية هي االنحراف عن نصوصه أو مقاصده أو التضليل بشكل أو أخر .فالشعوب تصنع الشعوب دستورها بإرادتها وبعقلها ،وتحميه بوعيها الوطني وسواعدها الشريفة .فهي صاحبة حق السيادة في تأسيس أساس الدولة وأساس العادلة .وتعد إرادتها الحرة والمسئولة أساس كل سياسة عامة ناجحة ،وهي أساس كل تطور وعولمة كل تفاعل إنساني وحاجات حضارية ونهضة زمنية وسعادة مكانية ،ودستورها هو عماد قوامها الطبيعي ،فال يجوز إلغاء العمل بأي بنود الدستور أو عبارته أو مقاصده ،وال يجوز التعديل بدون الرجوع إلي سيادتها عبر خطوتين ،أوال ،النصاب التشريعي أي موافقة كافية من أعضاء البرلمان المنتخبين والمشورة العلمية ،والخطوة الثانية االستفتاء العام عن قبول التعديل المحدد والالزم ،وكل ذلك يتم عبر ووفق آلية قانونية محددة بهذا الدستور ،وال يجوز إجراء التعديل في أكثر من مادة أو أكثر من مرة خالل دورة برلمانية تشريعية واحدة .فالدستور المرن القابل للتعديل تفرضه الحياة الواقعية وتطور األجيال وتجدد وتنوع الحاجات وتغير التحديات .فالدين أمانة عقائدية وهو طريق فوز اإلنسان بمكانته الخاصة في اآلخرة ،والدستور هو أمانة سياسية وعامة وهو طريق فوز المجتمع بحياة دنيا كريمة .ومن يفقد دستوره يفقد حريته الدينية ،وتصعب عليه الدنيا واآلخرة .فالدستور والدين هما وجهان لعملة القيم الموحدة، فإذا الشعب يوما فقد منظومة قيمه كاملة فسوف يعيش دهرا طويال حياة بدون دينه ودستوره.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
(الركن الثاني) أسلوب احلكم يف الدستور يتكون القسم الثاني أو الباب الثاني من الدستور ن عشرة مقومات أو قد تسمى فصول ،وهي روح كيانات ممارسة السلطات ونشاطات الدولة ،وهي شجرة الدولة التي تؤتي ثمارها السياسية واالقتصادية واالجتماعية واإلنسانية والعالمية. كما ذكرنا ترتكز صناعة الدساتير الوطنية على مكونين مقومات وعناصر نظام الدولة ،ومقومات وعناصر أسلوب الحكم. وتمثل عناصر المكون األول روح مقومات وعناصر أسلوب الحكم في الدستور. بحيث يشكل المكون األول األساس السياسي وبذور الفكر واألرضية الوطنية واإلنسانية والدينية التي يرتكز عليها غرس مقومات وعناصر المكون الثاني. وبشكل عام يمكننا القول بأن المكون األول يحدد البذور في عناصره والجذور في مقوماته وعلى أسساها تظهر شجرة الدولة المتمثلة في ساقها وهو المجتمع وأغصانها وهو فروع المؤسسات وممارسة السلطات ،وعلى أساس كل هذا تظهر الثمار. فإذا كانت النتيجة سيئة في الشكل والمذاق وظهرت مختلف األمراض ،فهذا يرجع إلي أن هناك خلل في البذور والجذور أصال ،أو تلوث في الساق واألغصان لشجرة الدولة. كما أن هناك عامل أخر وهو التلوث الفكر وقوة الشر المضادة التي ستكون دائما وراء إبطال فعلية وحقيقة الدستور من أجل أن تعتدي على السلطة فتنهب خيرات الشعوب وتذلها وتهينها وتعذبها وهذه رسالة لشيطان في األرض ..والناس بأهوائهم الفكرية إما أتباع الرحمان وإما هم أتباع لشيطان ..والنفوس إما أصوات الحق وإما أصوات الشر ،والناس صفين إما قوة الخير وإما قوة الشر. وبذلك الدستور دائما ورائه قوة شر تريد تشويه وإبطاله ،ولعلى االنقالب العسكري في 0595 في ليبيا أكبر دليل تاريخي ينبغي للشعوب العربية جميعها االتعاظ منه..
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويتركب مكون أسلوب الحكم من عشرة مقومات ،وتتشكل هذه المقومات من عناصر ،ترسم بشكل دقيق فهي متفاعلة مع بعضها في أطار هذه المكون ،وتستمد طبيعتها من المكون الدستوري األول وهو مقومات نظام-الدولة. وفيما عرض لمقومات نظام أسلوب الحكم وعناصره:
مطلب :1مكون رئاسة الدولة أهم في هذا المكون هو تحديد صالحيات رئيس الدولة ،وعالقاته بكافة السلطات. واليوم تحاول الدساتير الوصول إلي جعله األمين على الدولة ،والمصدق النهائي على كافة السياسات والقرارات والبرامج ،فهو وجه الدولة ،وهو ما يرث صفة "الصادق األمين" في مجتمع. وهذا المعيار كفيل بأن يحدد من هو الشخص المناسب عند المفاضلة االنتخابية في مواعيد تبادل السلطة ،حسب مبدأ تداول السلطة الدستوري. كما أنه هناك عناصر هامة ،ثمال ،الهيئة العليا لالنتخابات ،دور األحزاب السياسية، ومسألة تعديل الدستور .فهي مسائل مفصلية ترتقي في األهمية للمستوى األعلى في الدستور. وبشكل عام ،فيما يلي التفسير السياسي لمثل هذه العناصر التي تشملها مختلف الدساتير.
شروط وضوابط الترشح لرئاسة الدولة يحدد الدستور بكفاءة سياسية و ووعي وطني وبدقة قانونية في صياغة وتحديد شروط الراغبين والمتقدمين لتولي منصب رئاسة الدولة ،ولفترة سلطة-زمنية محددة ،ويشمل هذه العنصر عادة الجنسية التامة واألصيلة ،والتمتع من الخلو من سوابق جنائية وسياسية ،أي ال يكون مرتكبا أو طرفا في جريمة أو تالعب أو مشاركة في فساد سياسي أو مالي، وسوف نبين كيفية ربط هذا العنصر وتكامله مع قانون األحزاب واالنتخابات الحقا ،وأال تقل سنه ع األربعين وهذا مستمد من حقيقة علمية ويؤديه اإلسالم بنص قطعي ومهم ويوجب االقتداء ،وجاء في الدستور المصري ،وأن يكون الوصول لرئاسة الدولة عن طريق االنتخاب السري العام المباشر ،وأن ينال المشرح ثلثي موافقة البرلمان أي السلطة التشريعية ،وعشر عدد كل مجلس نيابي أي محلي قبل أن يضم في قائمة المرشحين منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المقبولين لعرضه على الشعب والمنافسة يما بين المؤهلين لقيادة الدولة ..وهذه مسألة امة للغاية ،حيث البد من شرعية للتأكد من المرشح قبل عرضه بشكل فوضوي ،فلسلطة التشريعية هي تمثل رأي وفكر كل أطياف الشعب ،كما أن المجالس المحلية تمثل مصالح وهموم الناس في منطقة محددة ،فإذا تحصل هذا الشخص على هذا القدر من الممثلين عن فكر ومصالح الشعب ،فسيكون حقا مؤهل أن يتنافس مع غيره من المؤهلين في أيهم أنفع فكر وأكبر مصلحة وأرب لقلوب الناس.
اختصاصات ومسئوليات رئيس الدولة وفي حقيقة األمر ترسم اختصاصات رئاسة الدولة بدقة وحسب إرادة الشعب الحقيقية،وعلى أساس تبادل وفصل السلطات ،وهذا العنصر بالغ األهمية وشديد الحساسية ،وتعتمد عليه الفاعلية الديمقراطية ،والشرعية السياسية ،وخاصة فصل اختصاصات سلطات رئيس الدولة ورئيس الوزراء ،وبين رئيس الدولة والبرلمان، ونتناول في هذا العنصر تقييد وتوضيح اختصاصات رئيس الدولة ،وال نقصد الحكومة التنفيذية ،حيث رئيس الدولة ينظر إليه من منظور أعلى لخلق توازنات وتدخالت فاعلة. وما يصلح ويفسد الدستور حقيقة هذه المادة دستوريا وتطبيقيا .ألن في علم السياسة هناك ظاهرة السلطة وظاهرة القوة السياسية ،أي من يملك القدرة الفعلية في اتخاذ القرار .ولقد لحظنا تأخر المجلس العسكري المصري في إصدار اإلعالن الدستوري التكميلي الذي يحدد كامل صالحيات الرئيس ،إلي ما بعد االنتخابات 22مايو ،2102حتى يعرف من الرئيس المنتخب وتعالج هذه االختصاصات في ضوءها ،لطبيعة المرحلة الشائكة حينها، وهنا يعبر المجلس العسكري القوة السياسية وكيف تتقاسم مع الصالحيات الرئاسية. و نذكر إجماال ما يمكن أن يحدد في هذا العنصر من اختصاصات ومسئوليات ،وعلى سبيل المثال :يحدد الدستور في هذه المادة ما يلي( :يتولى رئاسة الدولة رئيس منتخب بقانون طبقا لهذا الدستور ،ومهامه أن يسهر على سالمة الوطن ،ويحمي ويحقق مصالح الشعب ،وال يحق له االستمرار في الحكم بقوة أو بأي وجه إذا رفضه ثلثي البرلمان وخرج الشعب عليه وطلب منه التنحي، وال يجوز لرئيس الدولة اتخاذ أي قرارات تنفيذية أو تشريعية أو أحكام قضائية بشكل فردي أو مستقل، وإنما هو مخول بالتصديق على كافة القوانين والخطط والسياسات العامة الصادرة واالتفاقيات والمعاهدات الدولية المبرمة لكي تكون نافذة ،فهو صمام األمان للشرعية السياسية وسيادة الدولة ويمثل رمز الوطنية واإلنسانية والمصداقية في الدولة ،وهو المسئول الوحيد في تمثيل الدولة بالداخل والخارج ،واستقبال الرؤساء واعتماد السفراء ،ويمثل الدولة لدي األمم المتحدة وكافة المحافل الدولية الرئاسية ،وال يجوز عزله من منصبه خالل فترته الشرعية المنتخبة إال بقرار مصدق عليه ثلثي البرلمان ومن ثم استفتاء الشعب بعد نتائج التحقيق ،وفي حال خلو منصب رئيس الدولة بوفاة أو استقالة أو عزل أو تعليق مهامه خالل فترة التحقيق ،يتولى نائب الرئيس بقرار محدد من رئيس منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
البرلمان ،ويتولى رئيس البرلمان المنصب عند خلوه من الرئيس ونائبه ،ويدعوا فورا لالنتخابات، لغرض انتخاب رئيس جديد في مدة ال تتجاوز شهرين ،وتجدد المدة بأمر من المحكمة الدستورية حسب الفترة لمحددة ستون يوما أخرى ،وحال خلوه هذه لمناصب جميعا ،يتولى رئيس المحكمة الدستورية رئاسة الدولة مؤقتا بذات هذه األحكام). "والمقصود بوجود مثل الفقرة الدستورية الدقيقة هو تحديد الدرجة القصوى في تنظيم تداخل وتفاعل وعالقات السلطة الخمسة ببعض ،حيث من خاللها يمكن تحديد شيئين هامين،أوال ،حصر اختصاصات الرئيس بحيث يمكن ضبط مسئولياته وقياس أدائه وتحقيق كفاءته في دوره المحدد ومنع تداخل سلطاته مع بقية السلطات أو توسع دوره في الدولة حيث التنافس على امتالك كل القوة السياسية سرطان وخاليا تستشري عند المكوث في السلطة ،وسريع االنتشار في النفوس ويتعمق مع األيام بحيث يستحيل التخلص منه على مستوى الفرد والدولة ،وبالتالي البد وأن تكون درجة صالحيات السلطات وقائية وصحية ال تولد هذا الداء االستبدادي الخطير .ثانيا ،وهي مسألة التداول السلمي على السلطة والبد من وضع أسس سياسية وقانونية دقيقة تبدأ بإحكام مسألة تبادل السلطة من مستوى رئاسة الدولة ،ألنها إذا نجحت في هذا المستوى فسوف تنجح على مستوى بقية السلطات ،وفشلها يأتي بموت روح الدستور في الدولة وفي النفوس ،كما أنها تحدد من يتولى رئاسة الدولة في حال غياب الرئيس وبحيث ال تقع إدارة الدولة في أي فراغ سياسي ،وكما ذكرنا أن الدستور يعكس منظومة القيم العليا لدي الشعب ،وعبر التاريخ الحق والقيم العليا دائما تحارب بثورة مضادة أو قوى الشر ،وتتفاعل عوامل خارجية وداخلية عديدة ،بحيث يفشل الدستور وتسقط الدولة في حالة تنظيم فوضوي وممارسة غوغائية للسلطات ،يسهل معها استعمار البالد ونهب ثرواتها ،فالستبداد واالستعمار وجهان لقوة الشر ،وتحديد المسئولية الوطنية واألمانة التاريخية والطبيعية اإلنسانية هي من أهم مقومات رئيس الدولة ،ولذلك يشار إليه برمز البالد ،فعملية اختياره ،تعبر عن مستوى وعي الشعب ،حيث الفساد والكذب والخدع والجهل والقسوة صفات دنية ،والصدق واألمانة والحكمة والحزم هما سمات رئيسة وهي جوهر ما يحدد من صالحيات ومسئوليات ،فدور الرئيس يكمن في منع الفساد السياسي والمالي واالقتصادي والثقافي في البالد ،وهذا جوهر اختصاصاته وثقة الشعب في مستوى خلقه و منطلقه وخبرته".
اللجنة العليا لالنتخابات بوابة تبادل قيادات السلطات البد للشعب أن يدرك بوعي دقيق ومسئولية تامة بأن هذا العنصر الدستوري هو أساسي في ممارسة الديمقراطية الصحيحة ،وهو األساس في تبادل السلطات بصورة سليمة منشودة ،والبد أن تتوفر فيه مسالتين عضويتين ،وهما أن يكون في مستوى رئاسة الدولة، ال سلطات له وال سلطان عليه إال سيادة الدستور واإلجراء بقانون ويخضع مباشرة للشعب. لذلك البد من تحديد جوهر هذا العنصر الهام ،وهي تشمل تحديد طبيعة العضوية بالدستور ،وطبيعة اختصاصات هذه اللجنة العليا بالدستور ،ومثال ،وعادة ما تذكر الدساتير هذه الجوهر على النحو التالي: أ .طبيعة عضوية اللجنة العليا لالنتخابات تتشكل عضوية اللجنة العليا من رؤساء ونواب محاكم القضاء بالدولة ،بحيث يتولى رئاسة اللجنة لعليا لالنتخابات رئيس المحكمة الدستورية ،ونائبه يحدد أقدم نواب المحكمة الدستورية ،وبعضوية جميع رؤساء محاكم بالدولة ،و أقدم النواب ف كل محكمة المحاكم نائب احتياطي يستدعى من قبل رئيس اللجنة لعليا حال العذر أو تغييب العضو األساسي ،كما تحدد أن يكون عدد مماثل من األعضاء منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يختارهم الشعب من لمائه و وجهائه وأعيانه ومناضليه وأشرافه ومثقفيه وهم من يمثل مجتمع المدني وليس من األحزاب إطالقا ..وبهذا تنبعث لجنة االنتخابات مستقلة قضائيا وغير مرتبطة عبر األجيال بأي أسم او شخصية ،وإنما دينامكية ومحكمة للغاية ،كما أن تمثيل دور المجتمع فيها علمي وثقافي وديني واقتصادي وشعبي غير مرتبط بناحية فطرية أو رغبات سياسية وفكرية مشروعة فيما بعد على أساس قانون. ب .اختصاصات اللجنة العليا لالنتخابات وتكون االختصاصات محددة أيضا ،وهي تشمل وبدقة تحديد المهام الجوهرية التي تجسد النظرية السياسية المتكاملة ،وهي ما سوف يؤسس عليها قانون االنتخابات ،وقد يطلق عليها المفوضية أو اللجنة المركزية وغيرها ،وإنما المهم حسب النظرية السياسية المتكاملة أن ندرك بـأن هذه اللجنة طبيعة عضويتها واختصاصاتها يلزم أن تحدد في جوهر الدستور ،وكما يلي: .1
إعالن فتح باب التشريح واألشراف على إجراءاته وإعالن القائمة النهائية للمرشحين".وهذا مهم للغاية حيث اللجنة دائمة وهي تحدد مواعيد كل نوع من االنتخابات ،وتصدر قراراها فورا بدون الرجوع للرئيس أو البرلمان ،وتصدق عليه المحكمة الدستورية ،ويصبح نافذ بحكم الدستور وسيادة الشعب".
األشراف العام على إجراءات االقتراع والفرز. .2
إعالن نتيجة االنتخاب.
.3
الفصل في كافة التظلمات والطعون وفي جميع المسائل المتعلقة باختصاصاتها.
.4
وضع الئحة لتنظيم أسلوب عملها وكيفية ممارسة اختصاصاتها ،وتصدر قراراتها بأغلبية أعضائها ،وتكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها .غير قابلة للطعن عليها بأي طريقة وأمام أي جهة ،كما ال يجوز التعرض لقراراتها بالتأويل أو وقف التنفيذ.
.5
يحدد قانون االنتخابات كافة التفاصيل الفنية واإلدارية والمالية المتعلقة بأنواع االنتخابات الرئاسية ،والبرلمانية ،والشورى، والنيابية كل حسب مواعيد متفاوتة ،بحيث تقرر الدورة الشورى ستة سنوات ،والبرلمانية خمسة سنوات ،والرئاسية أربعة سنوات ،والنيابية سنتان ..وهذا يحقق البعد الزمني ..بحيث ال تجرى جميع االنتخابات في عام واحد وهذا غير عملي وله أثار سياسية سلبية حال فوز قوى سياسية واحدة ،كما أنه يحقق تغيير في الوجوه والكفاءات ،ويحقق سير الدولة بكفاءة ،فمثال، عند ت رشيح رئيس دولة جديد ،ثم يجد برلمان لديه خبرة باألمور السابقة ،ويستمر للمدة المتبقية وعندما يأتي برلمان جديد يجد ما قبله وكذلك رئيس لديه خبرة بما يحقق تماسك الثوابت وتعاقب المسئوليات ومتابعة اإلنجازات واالتفاقيات والخطط والسياسات.
أحكام وشروط قانون الطواريء ال يجوز بأي حال أن يصدر أو أن يحكم رئيس الدولة بقانون الطواري ،إال وفق قرار تشريعي محدد المدة ،وينتهي بزوال مسبباته ،وهي حاالت الحرب والخشية على سالمة الوطن من العدوان الخارجي ،والكوارث المهددة للسلم والمصلحة العامة ،وعندما يقرر تشريعيا الحاجة للحكم بشكل استثنائي ،أي بقانون طوارئ ،فإنه يكون عن طريق تشكيل منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حكومة وحدة وطنية مؤقتة ،وهذا ما توصلت إليه كثير من الدول في حاالت األزمات، وربما تتشكل من رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء ،من أجل تحقيق غرضين أوال تفادي االنزالق في أسلوب الحكم االستبدادي ،ثانيا ،لتكون هناك آلية منظمة مسئولة شرعية في اتخاذ القرارات الجماعية بكفاءة ،لذلك يوصى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية أو الحكومة الطارئة بذات األسس المقررة بالدستور ،أي ليس من حقها إلغاء دائم أو انتهاك الدستور ،الذي جاءت من خالله ،وأن تتشكل من رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة ،لتحقق مقاصد الدستور األساسية ،وعندما يخرج الشعب عنها ،إلنهاء حاالت الطوارئ ،فيعود السلطان للجنة االنتخابات ،حسب تشكيلها الدستوري ،لإلعالن عن االنتخابات في مواعيدها وفق ما هي مقررة دستورا ،ويعود العمل بالدستور في حاالته الطبيعية ،وخاصة إذا بدى واضحا انتهاء مسببات اللجوء لقانون الطوارئ ،وتذمر الشعب منه ،ولكي ال يتم الخروج عن الدستور والتالعب بأسلوب الحكم ،وهو عصب إدارة شئون الناس و جوهر سعادتهم وسبيل سالمتهم.
األحزاب السياسية ودورها في االنتخابات الرئاسية ال تخلوا الدساتير الشرعية من تحديد األساس القانوني لتشكيل األحزاب وممارسة نشاطها، حسب قانون األحزاب ،ولكن البد من وضع أساس دستوري واضح كامل لها ،مثال ،أوال، عندما يأتي تحديدها كعنصر من مكون الرئاسة ،فهذا يشير إلي دورها في الوصول إلي السلطة ،ثانيا ،البد من تحديد دورها في أنواع االنتخابات الثالثة الرئيسة ،وهي البرلمانية والرئاسية ورئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة التنفيذية .فهذا هام للغاية .ألن أسلوب الحكم الديمقراطي جوهرها تعددية حزبية مقننة ومفصلة بدقة ،وبدون تعددية تتعرض الشعوب لحاالت اضطراب عديدة ،وبالتالي ،قد نجد نص دستوري في هذا المكون ،نص مثل "يصادق البرلمان والمحكمة الدستورية على نتيجة االنتخابات الرئاسية ،التي تتقدم فيها األحزاب السياسية مرشحيها للرئاسة ،ويجوز تقدم المستقلين الترشح للمنافسة الرئاسية، ويصدر القرار البرلماني باسم الشعب يحدد فيه شرعية تولي رئيس الدولة ونائبه حسب فوزهم بأكثر أصوات الشعب .وطبقا لقانون االنتخابات.
ضوابط التعديل في الدستور أيضا عملية الدستور هي مسألة تعود إلرادة الشعب ،وال يجوز التالعب من خالل هذا العنصر الواقعي ،حيث مهما كانت الدساتير صلبة إال أنها سوف تتعرض للحاجة للتطوير، لتواكب عقول وقوة األجيال ،األكثر نضوجا وعلما ،بعامل الجينات الوراثية ،فكل أبن يرث صفات أباه ويضيف عليها سلبا أو إيجابا بحكم البيئة المحيطة ،ولذلك ما تتطلبه منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الشرعية الشعبية هو الحصول على أكثر من ثلثي أصوات البرلمان من أجل التعديل ،مع ضرورة استفتاء الشعب على المواد التي يرى البرلمان أو يوافق على تعديلها ،كما يستفتى الشعب على صيغة النص الجديد المعدل ،وال يجوز أكثر من تعديل واحد في الدورة البرلمانية الواحدة ،وليس من اختصاص الرئيس الدولة أو رئيس الحكومة القيام بأي تعديل دستوري أو قانوني أو التصرف بغير نصوص ومقاصد الدستور وكافة آلياته الشرعية.
مطلب :2مكون السلطة التشريعية يتشكل هذا المكون من فرعين أساسين ،هما الحكومة والسلطة المحلية ،ولكل فرع عناصره التنفيذية وفيما يلي تفسير أهم عناصر هذا المكون المفصلي في صناعة الدساتير الوطنية:
طريقة تشكيل البرلمان واالشتراطات البرلمان هو الهيئة أو السلطة التشريعية ،ويطلق عليه مجلس الشعب كما هو الدستور المصري ،ومجلس األمة كما هو في الدستور الكويتي وفي الدستور الليبي الملكي ،6566والمجلس الوطني كما هو في الدستور التركي ،وأي كانت األسماء فهو المجلس األعلى للسلطة التشريعية ،وهو المختص بممارسة السلطة التشريعية ،ويمثل محافظات أو أقاليم الدولة والشعب معا ،فهو طبقا النتخابه ينال صالحيات تمثيل الشعب واألرض، حيث اختياره يتضمن المعيار العددي والجغرافي بشكل سياسي وقانوني متعارف عليه دوليا .وهنا نقصد مسألة في غاية األهمية وهي عندما يتم اختيار البرلمان يصبحوا ممثلي عن الشعب في تصديق السياسات العامة والرقابة على أداء مؤسسات الدولة، والمشاركة في ذلك ،مما يترتب مسئولية على الشعب في اختيار رجال دولة لديهم الكفاءة الالزمة ،حيث يصبحوا الجسر الذي تعبر من خالله كل ما يتعلق بالدولة خالل الفترة البرلمانية ،فالبد وأن يكونوا أداة فاعلة وليس فيها أدنى عيوب تلوث العمل الصالح أو تعرقله ،وتمرر الفساد وتدعمه .فهم مرآة تعكس الشعب بكامله ،فكل فرد يعكس عدد هائل من الناس صوتوا له بأنه إنسان صالح لمثيل الشعب والمشاركة في قيادة الدولة .وعن طريق االنتخابات البرلمانية وباالقتراع "العام-السري-المباشر" ،يتم اختيار الفائزين حسب تحصيلهم من أصوات الشعب والفائز بأعلى أصوات يكون نال أعلى درجة من التأييد وأصبح بموجب هذه اإلرادة الشعبية يملك شرعية تمثيلهم في قيادة الدولة ،وسوف نتناول قانون االنتخابات ،حيث نستعرض كثير من المقومات والعناصر األساسية ،ومن منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األهمية بمكان مالحظة أن الدستور هو مرجعية قانون االنتخابات البرلمانية ،وهناك مسائل في غاية الدقة ،فمثال ،البرلمانات هي سلطة تشريعية على مستوى الدولة وال تمثل أفراد أو طائفة أو قبيلة أو جهة ،وبالتالي يتم االنتخاب على مستوى المحافظات وإعطاء كل محافظة نفس العدد من المقاعد ،باعتبارها أحدى مرتكزات التقسيم اإلداري للبلد من أجل التنمية المتوازنة والخدمات المالية والصحية والتعليمية المتساوية ،وتحديد الدوائر داخل المحافظات ال يقصد من خالله النسبية العددية ،وإنما هي مسألة تنظيمية داخل المحافظة بحيث يشارك كل الناس التساوي ،وتسهيل العملية االنتخابية لتتم في نفس اليوم وبدقة ،وال يتعطل الناس وتتعطل المصالح ،وتفادي االزدحام مصدر كل إشكال .ويحدد الدستور طريقة احتساب عدد مقاعد البرلمان وكيفية الزيادة التي تطرأ عليها ،كما يتخذ الدستور الشعبي رأي الشعب في منع مسألة التعيين في عدد من مقاعد البرلمان ،وهي موجودة في بعض الدساتير ،والمالحظ أنهم سوف يكونون مطية لمن قام بتعيينهم بحكم الطبيعية البشرية .فمثال ،يسن الدستور (عدد أعضاء مجلس الشعب هم أربعمائة وجميعهم منتخبين وال يجوز التعيين ،ويشترط في أعضاء مجلس الشعب الجنسية القانونية ،وأن يكون من أي جميع فئات الشعب وممن يتمتع برؤية مستقبلية ومصداقية وطنية وكفاءة تعليمية أو ثقافية وخبرة عملية وتأييد عام على مستوى البلد أو المحافظة للقيام بدوره األساسي وال يجوز التقدم لمن ليس له قدرة في المشاركة في صنع واعتماد سياسات وخطط وبرامج وقوانين وقرارات البلد التي تخدم مصلحة الناس ، (..مع أهمية مراعاة ما نهى عنه اإلسالم ،وهي "الرويبضة" أي حديث الرجل التافه في األمور العامة ..كما يمكن مالحظة تفاعلية "مجلس الشورى" وهو تخصصي علمي ويمثل عقيدة الشعب، حيث يمكن تحديد في الدستور صالحياته في طلب إعادة انتخاب مرشح أخر يليه في األصوات إذا تبين عدم قدرة عضو مجلس الشعب في القيام بدوره وبناءا على طلب ثلثي من مجلس الشورى ومجلس الشعب معا ،وهذا الشرط سوف يبعد القبلية وسوف يبعد كل متطفل على هذا الدور التاريخي .وسوف يقلل من خطر "أزمة الوعي" وهو متغير يؤثر في النظرية الديمقراطية ،حيث ما تخشاه الديمقراطية هو عدم وعي الشعب بالدرجة المطلوبة ،فيختار الناس عن طريق معايير عاطفية أو قبلية أو طائفية أو مصلحي فتعطى أصواتهم لمرشح غير جدير بهذا الموقع الذي يخدم الناس على مستوى البلد .ويحدد الدستور مدة مجلس الشعب عادة ما تقدر بخمس سنوات ميالدية من تاريخ أول اجتماع. ويجوز لألحزاب والعاملين بالحكومة وفي القطاع العام الترشح ،وال يجوز لمنتسبين السلك القضائي أو مختلف تشكيالت القوات المسلحة أو الشرطة من العاملين والمتقاعدين الترشح لعضوية البرلمان" وهذا الشرط يحفظ استقاللية السلطة القضائية بدقة كما أنه منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يحفظ المعنى الكامل للدولة المدنية ،وهذين الفئتين هما قوتين أساس حماية وتنفيذ الدستور فيجب أن يكون خارج لمنافسة على السلطات المدنية" .ويختص مجلس الشعب دون غيره في الفصل في صحة العضوية أو عزل أو تأديب أحد أعضائه حسب الئحته الداخلية المقررة من الجميع والمعتمدة من رئيس المحكمة الدستورية.
اليمين الدستوري ال يجوز مباشرة أي عضو لمهامه قبل أداء قسم اليمين الدستوري على الوجه المبين في الدستور.
اختصاصات مجلس الشعب-البرلمان يختص البرلمان وبوجه خاص في كافة االختصاصات والمسئوليات التالية: . 1طريقة واعتماد تشكيل الحكومة في النظام البرلمان يتولى البرلمان تكليف رئيس الوزراء من الحزب الفائز أو المرشح المستقل الذي فاز بأعلى األصوات والنائب الذي يليه في عدد األصوات .ويتولى رئيس الوزراء ونائبه اختيار أعضاء الحكومة حسب الوزارات وبشرط النسبية فتوزع المراكز الوزارية حسب عدد أصوات كل حزب من مجمل قوى شرعية عدد األصوات الشعبية المشتركة في االنتخابات البرلمانية .ويصادق على الحكومة رئيس الدولة والمحكمة الدستورية وأدائها اليمين الدستوري قبل شروع الحكومة في أي مهام دستورية.
. 2ت كليف المحافظين وصالحياتهم حسب الدستور يمكن أن يحدد الدستور كيفية اختيار المحافظين وصالحياتهم ،فهم سلطة رقابية تنفيذية عن الخطط والسياسات التنموية في نطاقها المحلي ومسئولة عن متابعة تنفيذ التشريعات بالقطاعات النوعية التنفيذية ،وتتولى السلطة التشريعية اختيار من يرونهم مناسبين لتولي مهام السلطة التنفيذية بالمحافظات ،ومدة التعيين خمس سنوات ،ويجوز للبرلمان الجديد المنتخب تغيير أو البقاء حسب ما تراه مناسبا .و "حيث تسعى الشعوب إلي تحقيق فعالية عدم المركزية وتفادي البيروقراطية ،فيمكن تحديد صالحيات كبيرة للمحافظ فهو يمثل رئيس الدولة ورئيس الحكومة بالمحافظة وتصدر كافة الموازنات السنوية باسمه ويشرف على وحدات الدولة بالمحافظة ،ويعتمد ما يصدر عنها وما يجري فيها" .ويجب أن يتم االختيار بأمانة وطنية قصوى فهؤالء هم محرك التنمية واألمان والسالم في الدولة .ويفوض كل من رئيس الدولة ورئيس الحكومة صالحياتهما للمحافظين كل حسب محافظته، ويمكن سحب هذا التفويض بناء على طلب رئيس الدولة أو سالحكومة وبموافقة ثلثي مجلس الشورى وثلث مجلس الشعب ،وهذا الشرط بحيث يضمن كفاءة االختيار والتعيين فقد يتنازع الرئيس الدولة ورئيس الحكومة مع المحافظ المعنيين بظروف محلية معينة ..فالمحافظ يمثل حاكم محلي في المحافظة، يمتلك شرعية من البرلمان ومسئوليات تنفيذية على جميع الوحدات بالمحافظة .وكلما كان نظام المحافظة فاعل كلما تقلصت مطالب الشعب في تقسيم البالد. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
. 3المشاركة في صنع القرارات والسياسات يتولى مجلس الشعب بجانب الحكومة تقديم المقترحات والدراسات والرؤى ومشروعات القرارات والقوانين والسياسات وتقديمها للحكومة للمناقشة واالعتماد النهائي من قبل الحكومة ورئيس الدولة المرشحين .وبحضور مجلس الشورى كل الجلسات ،ويتم االعتماد بأغلبية األصوات في كل ما يختلف عليه .ويرجح دائما الجانب الذي يجتمع فيه رأي رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشورى ..وتصدر عن مجلس الشعب الئحة تنظيم آللية اتخاذ القرارات بالخصوص ويصدق عليها رئيس الدولة ورئيس المحكمة الدستورية.
. 2اعتماد ما يصدر عن الحكومة يختص مجلس الشعب بمسئولية اعتماد كافة مشروعات الموازنات السنوية والقرارات والقوانين والسياسات والخطط والبرامج في مختلف المجاالت لتنفيذية والوزارية ،ويختص رئيس الدولة بالتصديق على فعاليتها والمحكمة الدستورية بعملية التصديق على دستوريتها قبل أن تكون نافذة وشرعية .وال يجوز لرئاسة األركان أو أي مؤسسة عسكرية أن تتخذ قرارا أو تطلب موازنة بدون اعتماد مسبق من مجلس لشعب لكي يصبح نافذا ومشروعا للتطبيق من قبل وزارة لدفاع أو وزارة الداخلية حسب االختصاص .كما ال يجوز لوزارة لدفاع أو وزارة الداخلية أن تصدر قرارات أو أوامر مباشرة للقوات المسلحة أو األمنية القومية أو لشرطة بدون اعتماد مسبق من مجلس الشعب.
. 5الرقابة على الحكومة ينشىء مجلس الشعب لجان متخصصة تمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية ،ويرأسها أحد أعضائه ويمكن االستعانة بالخبرات الوطنية المطلوبة ،ويصدر قرار التعيينات ويصبح نافذ بعد تصديق المحكمة الدستورية .وتباشر هذه اللجان عملها بشكل يومي ،ويمكنها تقديم الدراسات والمشورة وتحليل ومتابعة كافة التفاصيل الفنية ،ويمكنها تقديم طلب استدعاء أو استجواب أو سحب الثقة من أحد الوزراء ،ويختص مجلس لشعب ومجلس الشورى في االعتماد النائي في هذا الشأن ويتبع ما نص عليه في الالئحة الداخلية للمجلس والمعتمدة دستوريا لتحقيق كل ما يلزم بشأن تحقيق فعالية ونتيجة العملية الرقابة من التصويب والوقاية من أي ضرر مستقبلي .وطبيعة هذه اللجان أنها تخصصية يومية داخلية تفيد المجلس في أداء مهامه على وجه الخصوص.
. 6الجهاز الرقابي التنفيذي تنشى الدولة جهاز ديوان المحاسبة للمراجعة المالية المشكل والمختص حسب قانون ديوان المحاسبة، وكذلك جهاز الرقابة اإلدارية المركزية والمشكل والمختص حسب القانون" .وفي حقيقة األمر هذين جهازين متخصصين ومعروفين على مستوى العالم" ..والمهم ذكرهما دستوريا ألن الدستور هو أساس مؤسسات الدولة ،وما ال يذكر فيه يمكن أن يلغى أو أن يواجه عدم التفعيل أو التحوير والتغيير وإضعاف دوره ،وليبيا مرت بتجربة أربعة عقود شاهد هذا الجهاز عمليات دمج وفصل متعددة ،وعدم دستورية مثل هذه األجهزة يترتب عنها تعيين قيادات بمواصفات معينة تخدم توسع السلطة المطلقة وتقنين ما يلزم من لتعميق الفساد المغلف بشرعية سياسية استبدادية ،ولذلك يقترح في الدول النامية أن يذكر الدستور أسس هذا الجهاز وتقسيمه إلي الجانب المالي والجانب اإلداري ،وعلما بأن الجانب منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المالي يتابع منع أسباب الفساد المالي ،وليس المخالفات البسيطة على المستوى األدنى بل يشرع في إنهاء الفساد المالي على المستويات العليا والوسطى ،ألن الفساد ينطلق من هذه المستويات ثم ينتشر لذر الرماد أو تحصيل حاصل ،وعندما تعالج %1على المستوى األعلى تكون تلقائيا قد عالجت %11 على المستويات الدنيا المرتبطة باألعلى ،والذي يحدث في دولة الفساد واالستبداد هو مكافحة المخالفات على أدنى وحدات ومستويات الوظيفية ،من أجل حماية النظام في األعلى وتلميعه ،وتمويه الشعب ،بأن هناك رقابة فاعلة ،وهذا ما يقود لتوسع الفساد باألعلى حتى يسقط النظام ،ويصعب عالجه ،ألن هذه األجهزة يصيبها الفساد أيضا ألنها إيديولوجية وليست دستورية وشرعية .والجانب إلداري هو رهينة النجاح في اإلصالح الجانب المالي ،ويهدف الجانب اإلداري إلي منع أي ضعف أداء فني أو أداء سياسي أو أداء قانوني ،فهذه أجهزة عضوية في كين لدولة وهي أجهزة قوية وليدها قوة شرعية بأنها تابعة لمجلس ممثل لكل الشعب .فهي أيضا تراقب على مجلس الشعب وتراقب على لجانه، وال يجوز فصل أحد أعضائه إال حسب قانون والئحة الخاصة بهذين الجهازين ،ولهما صفة القبض القضائي والتحقيق اإلداري وتحويل القضايا للمحاكم لمختصة .فدولة بدون هذين لجهازين و وفق أسس دستورية هي دولة معرضة للفساد المالي والفساد السياسي .وطبيعة هذين الجاهزين أنهما دائمين ،والتعيين من داخل الجهاز ،وهما على مستوى لدولة لهدف خدمة مهام نظام الدولة الدائم وليس لهدف لخدمة السلطة التشريعية خالل فترة توليها مهامها .وبكلمات أخرى تقوم السلطة التشريعية بأمر لجانها التابعة لها وتوجيهها وأخذ ورفض حسب ما تراه مناسبا ،في حين هذين الجهازين مستقلين وتمارس اختصاصهما حسب قانون متخصص ومستقل يخضع له الكل.
. 1التنظيم الداخلي والالئحة المالية و ا إلدارية للبرلمان يضع المجلس اللوائح الخاصة بتنظيم أعماله حسب الدستور ،وحسب الدستور فنه ال يجوز لرئيس الدولة أو الحكومة إجراء أي تعيينات أو تكليفات داخل البرلمان أو األجهزة التابعة للسلطة التشريعية أو المشاركة في لوائحها وتنظيمها الداخلي ،أو يتقاضى موظفي السلطة التشريعية أو أجهزتها ولجانها مكافأة أو مرتب من الحكمة أو من أي جهة أخرى ،وال يجوز ألحد من موظفيها ممارسة أي نشاط تجاري أو اقتصادي أو مهني أو اإليجار والمبايعة أو المقاضية مع أي جهة تابعة للدولة .وتبقى مسئولية تطوير التنظيم الداخلي والالئحة مسئولية البرلمانات المتعاقبة ،أي قد يأتي برلمان ويجدد مواد في لالئحة ويلغي بعض وهكذا في عملية مرنة ونحو التطوير الفكري المتجدد والتوسع بحكم عامل الزمن وطور مستويات األجيال.
مطلب :3مكون السلطة التنفيذية يتشكل هذا المكون من فرعي أساسين ،هما الحكومة والتقسيم اإلداري والسلطة المحلية. ولكل فرع عناصره التنفيذية الحيوية المتعلقة بالتفاصيل الخاصة بإدارة شئون الناس وإصالح أحوالهم وأوضاعهم. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وعناصر هذه الفروع تشمل ،تشكيل الحكومة واشتراطاتها واختصاصاتها وعالقتها برئاسة الدولة لعدم التداخل و وضوح المسئوليات الوطنية وأعمال الوزارات .وفرع السلطة المحلية يشمل التقسيم اإلداري وتشكيل المجالس النيابية واختصاصاتها وكذلك مسألة المجالس العلمية والقومية المتخصصة ،وكذلك ذلك جزء من السلطة التنفيذية ،وال يجوز بمكان النظر إلي السلطة التنفيذية أنها الحكمة فقط وإنما لها مكونات عدة .فكل فرد هو أداة تنفيذية في هذا الوطن .والبد من الصول إليه ألداء دوره وتحقيق مصالحه وأمنه وسالمته. ونؤكد على أهمية أن يتناول الدستور بدقة "الصياغة القانونية" و "الرؤية التفصيلية" والواقعية وحسب روح الدستور وأسسه وبعناية وطنية فائقة لهذا المكون التنموي ،فهو متعلق مباشرة بإدارة بشئون الناس وإصالح كافة األمور ،ومراعاة نظرة وتوقع الناس على أن الحكومة على أنها هي الدولة المعنية بحكم مسئوليتها المباشرة بتحقيق مصالحهم اليومية. ولذلك في النظام البرلماني النيابي المؤسس على التعديدية الحزبية تركز القوى السياسية في التنافس فيما بينها على تقديم أفضل البرامج التي تخدم الناس وتفوز برئاسة الحكومة وأن يكون لها أكبر قدر من مقاعد البرلمان من أجل التوافق في الرؤية في تحقيق تنمية كافة المجاالت. كما أن هذا المكون يرسم بدقة ويوزع االختصاصات التنفيذية بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة، وكالهما يشكالن جزء من السلطة التنفيذية .وهذا التوزيع مهم لمنع احتكار هذه السلطة بقبضة واحدة والسقوط في هوة السلطة المطلقة أو االنحراف التدريجي نحو دولة االستبداد. وفيما يلي التفسير السياسي لهذه الفروع التنفيذية وعناصرها: الفرع األول :تشكيل واختصاصات احلكومة ويتضمن العناصر الجزئية التالية:
تشكيل الحكومة واالشتراطات يختص البرلمان باعتماد واإلعالن عن رئيس مجلس الوزراء ونائبه حسب أصوات المرشحين الفائزين ،ويختص رئيس الوزراء ونائبه باختيار بقية الوزراء حسب التوزيع النسبي لعدد األصوات الفائزة من كافة لمرشحين ووفق النواحي المفصلة فنيا بقانون االنتخابات ،وتعرض على البرلمان العتماد كامل الحكومة والتصديق عليها دستوريا. ويشترط فيمن يتولى هذه المناصب الوزارية شرط كامل الجنسية بأمانة ،وشرط العمر المناسب للخبرة لتأكد اكتمال الموهبة والخلق الكريم والشعور بالمسئولية ،وشرط الوطنية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الفاعلة بتأكيد عدم وجود سابقة قضائية جنائية أو سياسية على أي وجه ال يقبله الشعب وليس في مصلحة الناس وتنمية البالد ،ويستجوب ويستقيل عن طريق البرلمان كل عضو في الحكومة يثبت عنه القصور في أي شأن وطني كالتهرب من الضريبة أو عدم أداء رسوم أي مخالفة ،أو كتبات أو أراء من شأنها أن تعكس سوء النية أو اآلداب أو قصور الرؤية أو عدم المصداقية ،وأداء كامل اليمين الدستوري قبل مباشرة المهام .وال يجوز لمن يعمل بوظيفة عامة أن يقوم بأي نشاط أخر وعلى أي وجه ،كما ال يجوز له المساهمة في امتالك مشروعا بشكل مباشر أو غير مباشر يثبت أنه يحقق له مصلحة من تولي منصبه بالدولة.
اختصاصات الحكومة يختص مجلس الوزراء وبوجه خاص في اإلدارة الحكومية والسياسة العامة ،وهذا بالطيع يعطيه أيضا صالحية اقتراح كافة المشروعات والقوانين الالزمة والتعيينات الوظيفية وهي جزء من عملية التنظيم اإلداري ،إال أن الدستور الفرنسي كما رأينا منح كافة صالحيات التعيينات لرئيس الجمهورية ،والدقيق في هذا األمر هو أن تعرض الحكومة المرشحين للوظائف العامة العليا من وزراء وسفراء و وكالء ورؤساء المصالح العامة، ويقر الرئيس هذا الترشيح وبما يراه مناسب ،ويصادق على قرارات التعيينات البرلمان. وهذا يحقق النظرية اإلدارية المتبعة بنجاح من أجل الكفاءة واالستقاللية وتفادي التبعية الشخصية وضعف األداء .حيث رئيس الدولة ورئيس الحكومة في النظام البرلماني- الرئاسي كل منهم له شرعية شعبية تعطيه مصدر قوة حقيقة واستقاللية في غاية الفعالية. كما قد يحدد الدستور أهمية حضور الوزراء جلسات البرلمان أو إرسال مندوبي الحكومة. وكفاءة السياسات العامة وعمليات اإلدارات الحكومية هما ما تتنافس األحزاب حولهما األحزاب في برامجهما ومعارضتهما من أجل الفوز بتأييد الشعب وحصد األغلبية في المقاعد البرلمانية ،ومن ثم الفوز برئاسة الحكومة ،وفيما يلي مناقشة هذين االختصاصين. . 6السياسات العامة والموازنة العامة تختص الحكومة وعلى وجه الخصوص بإعداد السياسة العامة وتتمثل في حل كافة المشاكل المحددة والمثارة حسب الرأي العام ،والميزانية العامة هي القاسم المشترك في كافة هذه السياسات بمختلف المجاالت .وتتم على هذا النحو المبين ،بحيث يختص رئيس الوزراء ومجلس الوزراء بالدرجة األولى في وضع سياسات إدارة شئون البالد وتقديرات الموازنة العامة السنوية الالزمة ،وعرضها على السلطة التشريعية لمناقشتها وإقراراها بقانون تشريعي ،يصادق عليه رئيس الدولة قبل أن يصبح نافذا ،ويحق لرئيس الدولة من إلقاء بيان سنوي أمام البرلمان يحدد فيه الخطوط العريضة للسياسات والخطط العامة ورؤيته المثلى إلدارة البالد وتحقيق مقاصد الدستور وفعالية سيادة الدولة واستقاللها منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وعالقاتها الدولية ،وذلك بحضور أعضاء الحكومة ومجلس الشورى ،ليشكل ذلك معطيات الرؤية المشتركة في إدارة البالد ،ويجب على البرلمان أن يأخذ في االعتبار وبمشاركة مجلس الشورى للوصول إلي إدارة شئون البالد بالشكل األمثل و أشمل لكل ما تحتاجه الدولة ،وتكون جلسات تداول السياسات والخطط والبرامج والموازنة العامة "علنية" من أجل تحقيق مبدأ الشفافية الذي يرضي الشعب ويكسبه ثقته في الهيئة الحاكمة ويضفي عليها كامل الشرعية الشعبية وتجني الحماس الشعبي والوطنية التامة عند تنفيذها .ومسئولية الوزارات صحة ودقة تنفيذها ما يصدر نهائيا وبرقابة مهنية ومالية تتولها مؤسسات السلطة التشريعية المتخصصة ،وهي اللجنة البرلمانية المتخصصة ،وديوان المحاسبة وفروعه ،جهاز الرقابة اإلدارية المركزي وفروعه.
. 2اإلدارة الحكومية اإلدارة الحكومية هي عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة بشأن كل وزارة وما يتبعها .حيث تتولى الحكومة إصدار كافة اللوائح التنفيذية لجميع القوانين المعتمدة في نطاق مسئوليات وزاراتها والالزمة في إدارة شئون ومصالح الناس .وتتولى الحكومة مسئولية التعيينات اإلدارية الالزمة لكفاءة األداء وحسن سير األعمال بالوزارات .و القرارات الالزمة إلنشاء وتنظيم المرافق العامة.و تعرض الحكومة كافة مشروعات قراراتها واتفاقياتها ومعاهداتها السياسية واإلدارية والمالية على البرلمان حسب اآللية الدستورية في اتخاذ القرارات الشرعية .وكل وزير هو الرئيس اإلداري األعلى لوزارته، ومسئول على تنسيق ومتابعة وزارته وما يتبعها من جهات عامة و وحدات إدارية ومتخصصة، والمحافظة على أمن الدولة وحماية جميع حقوق المواطنين و مصالح الدولة.
الفرع الثاني :التقسيم اإلداري أو اإلدارة احمللية ويتضمن ذلك العناصر الجزئية التالية:
التقسيم اإلداري للبالد حيث يختص الدستور بتحديد طبيعة التقسيم اإلداري للبالد فهو جزء من تأكيد طبيعة السيادة الكاملة كما أنه تؤسس عليه أعمال الوزارات ولجهات التابعة لها وكيفية إداراتها ونطاق المسئوليات كافة .وليبيا بحكم شرعية دستور 90فإنها األنسب لها بالتجربة واألمانة الوطنية هو تقسيم البالد إلي المحافظات وهي وحدات إدارية تتمتع بالشخصية االعتبارية المستقلة إداريا وماليا في إدارة مصالح الناس والمحافظة على الوحدة الوطنية وسالمة البالد .وتتشكل هذه المحافظات من المدن والقرى والمديريات حسب قانون التقسيم اإلداري للبالد واإلدارة المحلية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
تشكيل المجالس المحلية وهي مجالس نيابية تمثل مصالح الناس والمنتخبة عدديا حسب تقسيم دوائر المحافظات وطبقا لقانون االنتخابات .ويتم اختيار النواب عن طريق االنتخاب المباشر من الشعب في نطاق الدائرة المحلية .ويكون اختيار رؤساء ووكالء النواب بالمحافظة بطريق االنتخاب من بين األعضاء .ويصدر قرارا من البرلمان بالتصديق على قرار اللجنة العليا لالنتخابات المختصة بعمليات االنتخابات عبر لجانها المقررة .وتكون مدة االنتخاب قصيرة ،وما بين سنتان أو لمدة ثالثة سنوات قابلة إلعادة االنتخاب حسب إرادة الناس المعنيين .وال يجوز الترشح على أسس طائفية أو عرقية أو قبلية أو يرها من العصبيات.
اختصاصات المجالس المحلية وهي مجالس نيابية جزئية تمثل مصالح الناس في نطاقها المحلي المرسوم معياريا جغرافيا وعدديا ،وهي وحدة تفاعلية ،طبيعة اختصاصاتها رقابية وتقيميه فيما يخص تنفيذ السياسات والبرامج والموازنات العامة في نطاقها ،وترفع مطالب منتخبيها ،وتسجيل اعتراضهم ،وتطلعهم على حقيقة ما يجري من إنجاز لمطالبهم .فهم أداة هامة للنواب بالمحافظات ،حيث النائب هو عضو البرلمان في المحافظة ،والمجالس المحلية تعمل باالتصال المباشر مع الناس المنتخبين لهما .فهي تلمس عن قرب حاجات وأراء الناس، وبذلك يستطيع النواب أن يعبروا عن مطالب الناس في جلسات البرلمان بدقة عن مجريات األمور العامة عن حقائق اإلنجاز واألنفاق والتحصيل .والنواب والمجالس المحلية يمثالن عموم الناس وهمومهم وأمالهم ومصالحهم اليومية واعتراضاتهم على سير أعمال الوزارات وإلنجازات وكل ما يراه الناس مشروع وفي ظل إرادة عامة متجانسة تنشد مصلحة البلد وسالمة الوطن وتحقيق األمن والسلم والرفاهية والعدالة االجتماعية .ويتولى الرؤساء و وكالئهم في تمثليهم في المراقبة على سير األعمال وتنفيذ الميزانيات والسياسات داخل إدارة المحافظة ،و يحدد قانون المجالس المحلية كافة االختصاصات والموارد المالية الالزمة وطرق الرقابة عليها ،وبما يحقق دورها األساسي في فعالية تنفيذ وفي الرقابة على خطة التنمية ومصالح الناس وسالمتهم وأمنهم.
المجالس العليا العامة والخاصة والمتخصصة يحدد الدستور ،وبما يجيز للحكومة أن تنشئي مجالس علمية وبحثية وإستراتيجية قومية متخصصة على مستوى البالد ،التي تعاون الحكومة ورئاسة البالد وكافة السلطات في رسم سياساتها في جميع مجاالت النشاط القومي .وأن يكون لها فروع بالمحافظات والمحليات .وذلك يشمل مجاالت التعليم على مختلف مستوياته ،حيث يجوز مجالس عليا منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
علمية تختص باعتماد الشهادات العلمية والنتائج البحثية لما يخدم تنمية المواهب ولتنافس بين القطاع العام والخاص في النتاج العلمي والبحثي واالقتصادي والثقافي .ويصدر قانون خاص ينظم تنظيم وعمل واختصاصات هذه المجالس وعالقتها بالحكومة .وتمثل هذه المجالس أرضية النمو الفكري وضمانة الحرمة العقلية وأمال النفوس في بلوغ المستوى الكريم في الحياة .كما أن مجمل نتاجها تتوارثه السلطات لصالح البالد وحقوق األجيال. وتشكل هذه المجالس سوق عمل للمواهب وخريجي الجامعات المتفوقين وذوي الدرجات العلمية العليا إلثبات قدراتهم ،وكيفية صنع الحياة والتنمية بحيث تكفل فرص عمل واسعة في كافة الميادين .ويتناول القانون التفاصيل العلمية وإلدارية الالزمة .ولكن البد من وضع أساس لهذا الحق الدستوري.
مطلب :4مكون السلطة القضائية يحدد هذ ا المكون مبدأ االستقاللية والقيادة العليا بحيث يحقق القضاء مسئوليته اإلنسانية والربانية، فهم كلمة الحق في الدولة ،وهم سيف العدالة الذي يفصل بين لناس وبين السلطات وبين الناس والسلطات جميعا ،الكل سواسية أمام في كافة القضايا ومستوياتها ،وأهم ما نذكر هنا أن بعض الدساتير تتالعب وتضع نصا يفيد بأن رئيس الدولة هو الرئيس األعلى للقضاء ،أو ال يحدد الدستور طريقة االنتخاب الداخلي في القيادة اإلدارية والقضائية بمؤسسات هذا الجهاز ،مما يتيح فرصة تزكية أو تعيين أو تكليف أو تمكين للقضاة خارج إرادة ومعرفة القضاة بأنفسهم وبكفاءتهم وبنزاهتهم وبمواهبهم وبعدالتهم وبجدهم و بوطنيتهم وبحرصهم فهم من يقرر من األنسب في كل مستوى إداري وقضائي ونوع محكمة واختيار المجلس األعلى للقضاة وهو روح استقاللية وكفاءة جهاز القضاء بالدولة. وفيما تفسير عناصر هذا المكون ومبادئه:
استقاللية القضاة ودستورية المحاكم يحدد الدستور بأن السلطة القضائية مستقلة تماما ،وتتوالها محاكم على اختالف أنواعها ودرجاتها ،والقضاة مستقلون ال سلطان عليهم في قضائهم ،وال يخضعون لغير القانون والعدالة والضمير ومكارم األخالق ،وال يجوز ألي سلطة التدخل في القضايا أو شئون العدالة .والقضاة غير قابلين للعزل وينظم قانون القضاة مساءلتهم التأديبية ،كما ينظم القانون طريقة االنتخاب الداخلي لمنصب رئاسة المحاكم والنواب والرؤساء المختصين بكافة اإلدارات واألقسام والفروع والشروط الالزمة ،ومسببات اإلعفاء تكون بحسب قرار التأديب الداخلي. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فاعلية المجلس األعلى للسلطات القضائية وهو القيادة العليا للقضاة والمحاكم ،ويحدد الدستور المفاهيم األساسية وكيفية تشكيل القيادة القضائية المستقلة ،وأجمعت التجارب على فعالية تشكيل مجلس أعلى يجمع قيادات منتخبة داخليا من سلك القضاة وبمعرفتهم وإرادتهم المستقلة .وفي حقيقة األمر السلطة القضائية ال تتبع للسلطات األخرى ،وتحديدا السلطة التشريعية أو لتنفيذية أو الشورى أو األعالم ،وليس بينهما عالقات أو تدخالت ،إنما هي ذات صالحيات ومقومات ومفاهيم عدلية ،مسئولياتها تحقيق العدالة في البالد ،حيث العدالة هي حصن كل األوطان واستقرار النظام وقوة المجتمع واقتصاده .فهي تفصل في كل أنواع الخالفات بين الدولة واألفراد ،وبين األفراد بحيث ال يوجد مظالم وال فساد وال طغيان .فالسيادة الدستورية هي المظلة التي تجمع الكل في توافق و وئام وسالم .وبذلك يحدد الدستور الكيان العام المستقل والمتفاعل مع بعضه في ظل قيادة إدارية قضائية عليا ،وكما ذكرنا، فعادة ما يطلق عليه "المجلس األعلى للقضاء" ،وهو من مكونات السلطة العليا أو مؤسسة رئاسة الدولة ،وهو في الخط اإلداري الذي يجمع البرلمان والحكومة والمجلس األعلى للصحافة أو اإلعالم ومجلس الشورى ،وبالتالي يكون التنسيق واالتصاالت اإلدارية على هذا المستوى القيادي والتنظيمي ،ويختص المجلس األعلى بتحويل القضايا للمحاكم التابعة والمختصة ،ويعتمد قراراتها ولوائحها وقيادتها المنتخبة ،وتطوير مهنة القضاء وتحقيق استقالليتها التامة وكفاءة العدالة العامة ،ويحدد قانون القضاء كل ما يلزم في تنظيم جهاز قضاء الدولة على أسس الدستور الذي أراده الشعب وصاغه المكلفين بضمير مخلصين في عملهم هلل و بوعي سياسي ومسئولية تاريخية وإنسانية و رؤية وطنية.
دستورية قانون القضاء واالختصاصات يصدر قانون القضاء المكمل للدستور ،والمختص في أمور محددة وفق الدستور ،وبما يجسد تحقيق استقاللية القضاء وفاعلية القيادة العليا المتمثلة في مجلس أعلى للقضاء ،مسئول عن تحقيق الكفاءة العدلية في المجتمع والدولة ،وفي كل مكان وزمان ،وغير مرتبط بنظام سياسي وأهدافه الزمنية ،فهو ذات مسئولية إنسانية حضارية عالمية تاريخية و وطنية ودينية .فهو حسب يصدر قانون مكمل يحدد كيفية تفاصيل تشكيل المجلس األعلى واختصاصاته ،وفيما يتعلق بتأسيس المحاكم والشروط الالزمة في تأسيسها وفيمن يتولون القضاء فيها .وال يجوز ألي سلطة أن تنشئي محاكم أو أن تكلف قضاة أو أن تفصل في أي منازعات قضائية ويحدد القانون كامل االختصاصات حسب الدستور. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مطلب :5مكون احملكمة الدستورية مهمة هذا المكون هو الرقابة على نصوص كافة القوانين والقرارات والخطط والسياسات واالتفاقيات والمعاهدات والعالقات الخارجية بأنها مطابقة للدستور في بنوده ومقاصده وأنها أتبعت اآللية الشرعية في اتخاذها ،ويمكن أن نختصر ذلك بأن "المحكمة الدستورية هي المكون الذي يضمن تطبيق الدستور بدقة قانونية بحيث ال يتم تحريف أو تأويل أو التالعب بنصوص الدستور". وفيما يلي عناصر هذا المكون:
االستقاللية الذاتية والدرجة العليا يحدد الدستور بأن المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية عليا مستقلة قائمة بذاتها ،ويحدد مقرها الرئيس وعادة بالعاصمة وبجوار مجمع مقر المؤسسات السلطات األخرى لسرعة التنسيق والبث والمتابعة.
االختصاص الرقابي الدستوري يحدد الدستور اختصاص المحكمة الدستورية بوضوح وبدقة ،وهي مسئولية دستورية رقابية وتفسيرية ،حيث تتولى المحكمة الدستورية دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية كافة القوانين والقرارات واللوائح الصادرة عن جميع السلطات ،وتتولى دون غيرها مسئولية تفسير النصوص الدستورية لتفادي أي إشكال في الفهم والتطبيق وذلك على الوجه الذي يحمله الدستور.
قانون المحكمة الدستورية بموجب الدستور يصدر قانون المحكمة الدستورية وهو قانون مكمل ويختص بتحديد التنظيم اإلداري الذي يحقق استقاللية المحكمة الدستورية وكيفية إجراء الرقابة القضائية الدستورية ،كما ينظم هذا القانون كيفية تشكيل المحكمة الدستورية العليا ،ويبين الشروط الواجب توفرها في أعضائها وحقوقهم وحصانتهم وطريقة االنتخاب الداخلي لرئيس المحكمة نائبه وكيفية تعيين مسئولي جميع مستويات إداراتها.
مطلب :6مكون النائب العام النائب العام هو صمام االمان في البلدان ..إن حسن اختياره استقامت اوضاع الناس والبلدان. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وال تستقيم وتترسخ عدالة بدونه ،وال يظهر رهب ورعب وفساد إال بسبب قصور في اختياره او دوره ،فهو ممثل الشعب في تحقيق العدالة واالمن واإلصالح بين الناس ،وهو منصب مدني عدلي وليس عسكري. تعتبر النيابة العامة واألجهزة القضائية والشرطة هي "الجهاز األمني في الدولة" ،وهي أجهزة مدنية ،ولها استقاللية دقيقة ينبغي أن يرسمها الدستور الحديث ،وتكون واضحة لعموم الشعب. فالنيابة العامة تتبع السلطة التشريعية ويرأسها النائب العام ولها قانون مكمل خاص يصدر وفق الدستور. والشرطة تتبع السلطة الحكومية .والقضاء سلطة عليا مستقلة .وهناك قانون خاص ينظم العالقة بين هذه األجهزة المستقلة الثالثة ،وذات طبيعية وظيفية حساسة ومكملة لبعضها. وعبر هذه المنظومة األمنية العدلية المدنية يتحقق أمان وطمأنينة الناس على أموالهم ومصالحهم وحقوقهم وحماية أنفسهم وأعراضهم ،ودينهم وحرياتهم. وهذا في مجمله يشكل جهاز "األمن الداخلي" في "الدولة المدنية". أما في "الدولة األمنية" فيحدث خلل وتتشكل أجهزة أخرى بسبب وجود ثغرات دستورية وعدم توفر وعي شعبي مسئول. وبذلك نص الدستور على مكونات النائب العام والشرطة والقضاء كمكونات مستقلة مطابق تمام للمعيار الدستوري الفعال. فال يسمح بالمساس بحرية فرد أو جهة أو تفتيشهما أو الدخول لمقرهما بدون أمر من النيابة العامة أو المساس بمصلحة المجتمع أو سالمة الوطن ،وهذا يجسد دولة "سيادة القانون". ويعتبر هذا المكون صمام القيم واألخالق والنظام في الدولة من أجل تجسيد فعالية العدالة ،فمن خالله يشعر الناس باألمان وينتشر االطمئنان و يتحقق السالم االجتماعي .حيث يعد أداة قانونية توفر في الدولة بيئة صالحة للتنمية تكون فيها النفوس مطمئنة على عقيدتها ودستورها واستقالل وطنها وسيادة الشعب الحقيقية ،والمحافظة على إرادة حرة توجه السلطات الزمنية ،وتستبدلها كلما أخلت بنظام دولة-الدستور ،وسيادة القانون. وهنا مسألة هامة وهي تحديد مصدر هذه القيم والسلوك القويم التي تبعث العدالة واألمان في المجتمعات ،وتهيئ النفوس وتمهد األرضية لتطور الدولة الشرعية ،فنجد ،مثال ،الدستور منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المصري يربطها هذه القيم بكلمة السلوك االشتراكي ،وهنا نستبدلها بالسلوك اإلسالمي ،كما أن يحدد المحافظة على النظام السياسي ويقصد به االشتراكي ،ونستبدلها بالنظام الشرعي وهو نظام يرتكز على الدستور المدني والعقيدة اإلسالمية وهي روح األخالق وبناء اإلنسان بحيث يتحقق الهدف النهائي وهو العدالة واألمان والسعادة وهو األساس السياسي في مطلب تأسيس الدول. وفيما تحديد عناصر هذا المكون
تحقيق القيم العليا العامة في حقيقة األمر ،هناك مهمة إستراتيجية للمدعي العام ،وهي ترسيخ القيم العليا المثلى في جميع عالقات وتعامالت المجتمع والسلطة ،فقيمة العدالة الشاملة هي أساس استقرار الدولة ،وحصنها المنيع من كافة العوامل الداخلية والخارجية التي تؤدي إلي انهيار المجتمعات والدول .فالجميع تحت طائلة القانون وفي ظالل الدستور ومظلة العدالة .ومبدأ العدالة ومبدأ األمن االجتماعي ومبدأ استقرار الشرعية هما أساس مهام المدعي العام .وبذلك يحدد الدستور ،مثال ( بأن على المدعي العام مسئولية اتخاذ اإلجراءات الكفيلة بتأمين حقوق الناس ومصالح المجتمع وسالمة الوطن وفعالية النظام الدستوري ،وبالتزامه بجميع قيم وأخالقيات اإلسالم في سلوكه بالعمل وفي مساعيه في المحافظة على المكاسب الوطنية واستقرار األمن والسلم االجتماعي وتجسيد العدالة القانونية والحقوق اإلنسانية والحريات).
طبيعة االختصاصات والقانون الخاص بالنيابة العامة يحدد الدستور أسس القانون المكمل ،بحيث يشمل تحديد اختصاصات المدعي العام ،وتحديد مبادئه في مهامه وهي العدالة الشاملة ،واألمن االجتماعي التام ،والقيم العليا ،وسالمة الوطن، وفعالية الدستور ،ومصلحة المجتمع ،وبموجب الدستور يصدر الذي يوضح كافة اإلجراءات المهنية المتخصصة في سبيل تحقيق كل ذلك .ويحدد الدستور تبعية المدعي العام للسلطة التشريعية ،ويحدد القانون المكمل كيفية تطبيق هذه العالقة اإلدارية بحيث يكون خاضعا للرقابة التشريعية في كافة مهامه وتقييم أدائه .ويحدد القانون المكمل أحقية ودور كل مواطن في أهمية رفع الدعوة القضائية للمدعي العام ضد كل من يخالف الدستور أو قوانينه المكملة ،أو ضد كل من أخل بالعدالة أو أربك النظام العام أو أنتهك حرمات اإلسالم أو أساء للسلم واألمن االجتماعي والوطني ،وضد كل من ينادي أو يعمل لقمع الحريات أو التعسف في حقوق الناس أو المساس بخصوصياتهم ،وضد كل من ألحق الضرر بمصالح المجتمع وسالمة الوطن"..والبد من مثل هذه التفاصيل في القانون المكمل بحيث يدرك المواطن حقيقة دوره الوطني واالجتماعي ويصبح لديه الوعي الالزم ويشعر بالمسئولية ،وهذا األمر هو جانب من مقومات المواطنة".
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مطلب :7مكون اجليش والقوات املسلحة واألمن القومي يعتبر هذا المكون مصيري ،ونالحظ ال يخلوا دستور بدون اإلحاطة بهذا الجانب في بناء الدولة وحماية سيادتها. ومهمتها الدستورية حماية حدود البلدان وحماية الشعوب من العدوان الخارجي ،وليس لها دور داخلي حسب الدساتير والتشريعات السليمة ،وليس لها دور سياسي او تدخل في الشئون االقتصادية او االجتماعية او الثقافية ،فهي لها مهام ربانية مقدسة ،ومن اهم وارقى وافضل المهام ،يراعى فيها ما يرتضيه خالق الكون والبشرية ،فهي مؤسسة لتحقيق الدفاع عن االمن واالستقرار لحدود اوطان. وهي ملك الشعوب وليس ملك الحكام ،وينفق عليها الشعوب من مالهم وجهدهم وثرواتهم ،وليس للحكام ماال يسع الجيوش ،مالم يحدق الفساد واالستبداد واالستعمار. وتحمي الدساتير الجيوش من ان تتحول إلي أداة لقمع الشعوب وان تقتل ابنائها وتترك اعدائها أعداء االوطان ،فهذا احد اسباب طلب الشعوب للدساتير ،وهي ان تكون الجيوش تحمي الشعوب ،وال عالقة لها بحماية االنظمة ،كما ان الدساتير تحميها الشعوب وليس الجيوش ،وإذا ما حدث خطأ وهو ان تولي الجيوش هذه المهمة عن الشعوب نيابة عن الشعوب فقدت الدساتير معانيها وحقيقتها ،واصبحت ال تعني دستورا مطلقا ،ألن الدستور يعني كل القوى الحقيقية بيد الشعب وحده ،ويتصرف بوعي تام. ومن األهمية بمكان وبعد دراسة بعض من الدساتير ومشاهدة األوضاع العربية لعدة عقود ،أن نذكر بأهمية أن يكون لدساتير الدولة العربية مكون خاص يوضح كافة العناصر بالقوات المسلحة واألمن القومي. ومن أجل التوضيح لكافة الناس ،نالحظ وجود حقيقتين بشأن رئاسة الجيش والقوات المسلحة واألمن القومي ،وهو ما يطلق عليه "القائد األعلى" لهذه األجهزة ،وتفرعاتها وتشكيالتها. الحقيقة األولى :أن بعض الدول الكبرى الزالت تضع في دساتيرها أن رئيس الدولة هو القائداألعلى ،وهذا يوفر لها مرونة في التوسعات ،ألن هناك عقيدة راسخة بسبب حروبها لقرون بأن مهمة هذه القوات باتت واضحة و واسعة بالخارج .ومع وجود عالقة محكمة بين السلطة التشريعية والتنفيذية بشأن موازنات وبرامج ومؤسسات وتطويرات هذه القوات. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الحقيقة الثانية ،أن كثير من جيوش العالم الثالث هي غير مصنعة لعتادها ،وبذلك فاقدةلقدرات حربية ضرورية عديدة ،مما يجعلها عاجزة حتى عن أبسط المهام الدفاعية االعتيادية ،أمام جيوش هذه الدول العاتية ،وبذلك تتدخل جيوش العالم الثالث في تبعية حتمية تمس بسيادة الدولة .ومن هنا مسألة أن رئيس الدولة هو في ذات الوقت "القائد األعلى لهذه األجهزة" شأن في غاية الخطورة .بل ما ينبغي أن تكون سلطات وصالحيات السلطة التشريعية واضحة ودقيقة وشاملة ،وخاصة بمسألة الموازنة العسكرية ،والتدريبات الخارجية ،والترقيات ،والتكليفات .مع ضرورة وجود نص دستور ال يجوز أن يتولى أو يترشح لمهام رئاسة الدولة كل من عمل بالجيش أو القوات المسلحة واألمن القومي ،كما هو الحال مع القضاء والشرطة. وبذلك على الشعب ومن يضعون الدستور أن يكونوا على وعي بكل عناصر هذا المكون ،الذي مهمته األساسية حماية الوطن من أي عدوان خارجي. فالجيش والقوات المسلحة واألمن القومي هي من أجل حماية الوطن. والقضاء والنيابة العامة والشرطة هي من أجل حماية النظام العام والدستور. فعملية حماية الشعب وحماية البلد هي مسألة مركبة يضبطها الدستور بدقة وأمانة مصيرية. ويجب أن تكون كل صالحيات وتطورات وعالقات هذه القوات تحت مجهر الدستور وإرادة الشعب و وفق أسلم النظريات والتطبيقات. ويمثل هذا المكون مصير األوطان وحقيقة البلدان ومدى قدرة الشعوب في تقرير مصائرهم. فمسألة الشرعية الشعبية هي أساس الشرعية الدستورية .وجاءت الدساتير لتفصل بين مكون القوات المسلحة ومكون السلطة التنفيذية فيما يتعلق بكافة مقوماتهما وعناصرهما .فمثال ،الفصل بين العقيدة السياسية وعقيدة الجيش .حيث عقيدة الجيش ثابتة هي الدفاع عن سالمة حدود الوطن من أي عدوان خارجي ،وهم ينالون مرتباتهم وكافة المزايا باعتبارهم أبطال مرابطين في كافة ثغور القتال على حدود الوطن لحماية ليال ونهارا ،بعيون وطنية ساهرة وقلوب مؤمنة تطمع في معالي جنة الخلد عند مليك مقتدر .وليس لهم أية مطامع وال مهام في تولي المناصب اإلدارية والمالية والسياسية ،حيث ال يرشحون أنفسهم وال ينتخبون أحدا طالما هم في السلك العسكري. في حين العقيدة السياسية هي تطمع في تولي مهام تحرس من خاللها رسم السياسات والبرامج العامة الحياتية اليومية ،ونشر القيم المثلى ،وتحقيق مطالب الناس وكسب تأييدهم للبقاء في السلطة .فالجيش هو عقيدة القوة الوطنية القتالية لحفظ حدود الوطن وروح المواطن .والسياسة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
هو عقيدة السلطة ،والبد لها من أن تخضع لقوة القانون .وال يمكن بحال أن تختلط القوة القتالية وقوة القانون بيد فرد واحد أو مجموعة أفراد معينة أو مؤسسة حاكمة نافذة .ومن خالل مناقشة المعايير الدستورية التالية نرسخ لمبدأ "التبعية الشرعية" لكافة أجهزة القوات المسلحة ،ومن أجل أن تكون مقيدة بالدستور وخاضعة إلرادة الشعب ،في حاالت السلم والحرب .والعقيدة الصحيحة للقوات المسلحة هو ما يعينها في مصداقية وفعالية رسالتها ومهامها .ويصدر بموجب الدستور القوانين العسكرية المكملة ،والتي من واجبها حماية الدستور وحماية الوطن وحماية الشعب. فمصير األمم يصعد ويهبط بصعود أو هبوط عقيدة الجيوش .فالعقيدة هي مصدر قوة الجيوش، والدستور هو مصدر شرعيتها ،وإرادة الشعب هو مصدر سلطاتها. وهناك معيار األمن القومي ،ويجب أن ال تخلط قوانينه وأسسه وتبعيته ومؤسساته بمعيار القوات المسلحة. فالعالقة بين القوة والقانون هي أساس الشرعية ،وهي جوهر العالقات بين الدول وبناء الدول ومستقبل شعوبها .فالبد أن تكون القوة في خدمة القانون ،وليس العكس مما يؤدي للهالك الحتمي. وفيما يلي تفسير أهم العناصر المتعلقة بمكون الجيش الوطني ومكون األمن القومي:
شرعية تبعية أجهزة القوات المسلحة تهتم الدساتير بعملية تحقيق الشرعية الشعبية والدينية والسياسية لجيوشها ،وهي مسألة "التبعية القيادية" ومسألة "آلية اتخاذ القرارات" ،وبذلك تسعى الدول عن طريق الدستور في صنع هذه الشرعية المصيرية .فمثال ،تقوم بذلك عبر نص دستوري ،على النحو التالي (الدولة وحدها هي من ينشي القوات المسلحة ،وهي ملك للشعب ومهمتها حماية حدود البالد والدفاع عن سالمة الوطن وروح المواطن وحماية الدين واألعراض العرض من أي اعتداء مسلح أو عدوان ،و تكون تبعية كافة أفراد ومؤسسات القوات المسلحة للسلطة التشريعية المنتخبة ،وقراراتها ملزمة لهم جميعا .وال يحق للقوات المسلحة إصدار قرارات وتعليمات سياسية أو تشريعية أو أية سياسات وبرامج وخطط تنفيذية .والسلطة التشريعية هي الممثل الوحيد إلرادة الشعب ،يرجع لها قرار السلم وقرارا الحرب .وال يجوز لرئيس الدولة أو أي قيادة سياسية أن تتولى القيادة العليا للقوات المسلحة ،وإنما بموجب الدستور ينشى مجلس رئاسة األركان ،ويصدر قانون يحدد كافة النواحي الفنية واإلدارية ،وقانون القضاء العسكري الالزم ،وفنيا تتبع رئاسة األركان وزير الدفاع ،الذي من سلطاته التصديق على كافة مشروعات القرارات والخطط العسكرية الفنية، وعمليات التطوير والتصنيع ،والموازنات المالية ،حيث يختص بمجلس الوزراء باعتمادها النهائي ،وال تكون نافذة إال بعد التصديق عليها من السلطة التشريعية ،ومجلس الشورى ،وموافقة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المحكمة الدستورية .وينشي البرلمان لجنة شئون الدفاع متخصصة في شئون متابعة وتقييم أداء القوات المسلحة و أعمال وزارة الدفاع ،ومن اختصاصاتها مناقشة كافة ما يرفع من رئاسة األركان و وزارة الدفاع ،وعرض تقريرها على البرلمان ،التخاذ ما يلزم في تحقيق مصلحة الشعب وسالمة الوطن .وال يجوز للقوات المسلحة أدنى خرق لهذه الشرعية المقيدة دستوريا أو الخروج عن آلية اتخاذ القرارات بالطريقة المحددة والمشروعة .ويبين القانون العسكري المكمل التنظيم الداخلي وآلية اتخاذ القرارات والقيادة العليا وشروط الخدمة والترقية والتعبئة حسب الدستور.
شرعية آلية اتخاذ القرارات وإنشاء القوات قرارات الحرب والتسلح وإنشاء األجهزة األمنية من صالحيات السلطة التشريعية ،بناء على ما تعرضه رئاسة األركان وتصدق عليه وزارة الدفاع .وال يجوز لرئاسة األركان أو وزارة الدفاع أن تتخذ قرارات الحرب أو السلم أو التسلح أو إنشاء أي أجهزة أو كتائب مسلحة أو أمنية أو طلب التسلح بدون تتبع آلية الشرعية الدستورية في جميع القرارات العسكرية الشرعية المحددة بهذا الدستور ..وإذا لم تحدد الدساتير هذه المسألة بدقة وتتبع معيار شرعي محكم فسوف تتعرض لالستبداد ألن السلطة تنتج قوة سياسية وتجد أنيابها في القوة المسلحة.
التجنيد فرض كفاية و واجب الكفاءة تفرض اإليديولوجيات نظام التجنيد العام ،حيث لها مطامح استعمارية واسعة ،وبطبيعتها معادية ومتباينة مع غيرها ،ال تقل التوافق أو التحاور ،وصرعها وجودي صفري ،وصدامها الثقافي حتمي .وهذا لمبدأ يقود الشعوب لالنحطاط االجتماعي واالقتصادي ،ويجعل جل الموازنات العامة تذهب بحكم القوة في غير مصالح الشعب التنموية الحقيقة والقوة الشرعية .ولكن اإلسالم حدد مبدأ إنساني حضاري رباني ،حيث نظر للجيوش أنها قوات إنسانية ،مهمتهما المحافظة على األرواح والقيم والسلم وناموس الحياة الطبيعي .وأرتكز على مبدأين أولهما التأهيل البدني والنفسي ،والثاني التأهيل الروحي في جميع حاالت السلم .وفي حاالت الحرب تقدر عملية التعبئة نسبيا ،حتى تطال الرجل والمرأة في حماية كل الناس والدين والوطن .فاألساس في الجيوش هو الدفاع وليس العدوان ،وهذا يطلب القلة القادرة والكفاءة في صنع القوة ،وليس الكثرة التي ترهق الدولة .وقد نص نجد الدستور ،على النحو األتي(االلتحاق بالقوات المسلحة يكون بناء على الرغبة الوطنية والمقدرة البدنية والنفسية والمستويات األخالقية والتربوية والتعليمية الذاتية، فمؤسسة الجيش رسالتها الدفاع عن الوطن ،وعقيدتها اإلسالم ،وأفرادها ينشدون النصر أو االستشهاد في سبيل الوطن والدين والنفس والعرض والدستور ،وقوة األخالق هي سبيلهم في كل قتال ،وروح اإليمان هي حياتهم في كل األحوال ،واإلخالص هي منهجية استقامة وإتقان منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مهامهم .).ومن أهمية بمكان الرجوع لقيم اإلسالم في معيار التجنيد الناجح ،فمثال ،قد تبين أنه في جيوش اإلسالم األولى كان يرفض انضمام الشخص العاصي ،ألن العاصي يجلب الخسارة ويضعف نفوس بقية الجنود وهو يجلب بنسفه الفر وليس فيه جدوى في دفع ونجاح الكر .كما أن العاصي ضعيف الخلق ،يحدث خلل في قيم المؤسسة على المدى القصير والمتوسط والطويل، وعند فوز الجيوش هو من يرتكب كل جرم منهي عنه .والدستور الناجح هو الدستور الذي ال يجيز بحال التجنيد اإلجباري ،فالتجنيد اإلجباري أداة صنع االستبداد وتحول الشعب جميعه إلي الطاعة العمياء ،ويختلط الجيش والشعب ،ويلتف على بعضه ،ويصبح كل فرد ينشد أكبر قدرة من السموم ليدفع الضيق عن نفسه ويضيق بأسه لغيره .وبذلك تتحول رسالته الجيوش من الدفاع عن الوطن بكفاءة إلي مالحقة الناس بعضهم ،وتبديد قدراتهم التنموية االجتماعية والثقافية والسياسية ،وتبدأ عملية فشل الدولة والتنمية من خالل مبدأ "التجنيد اإلجباري" ،وهو أول أداة مضادة لتكوين المجتمع المدني وتعيق تشكيل األحزاب السياسية التعددية وتعيق التطور الفكري، فيتحول الشعب من مجتمع مدني حر متحضر إلي مجتمع-عسكري مصلحي يقوى باستمرارية االستبداد ويكون الشعب منهك قابل للهزيمة بشكل استعماري مدروس ،حيث االستبداد هو طريق لقبول االستعمار .والتجنيد اإلجباري يسيء للتنمية والسلم والديمقراطية ،ويسيء لإلنسانية والحضارة ،وهو وسيلة واسعة النتشار الخوف والتخلف والفساد ،وهذا ما ظهر من التجربة العربية لعقود مظلمة وغاشمة عاشتها الشعوب العربية ،حيث تحولت الجيوش لقتل الشعوب، واغتصاب النساء واألطفال ..والنهب والسلب ،حتى جاء الربيع العربي في 2100م ،لتبدأ مسيرة الجيوش الوطنية الشرعية الدستورية ،وتنتهي الكتائب المأجورة لألنظمة السياسية.
مجلس األمن القومي يحدد الدستور أسس هذا الجهاز القومي ،وهو جهاز مختص ويقوده مجلس أعلى يتبع رئاسة الدولة .ويختص بالنظر في كافة مسائل تأمين البالد وسالمتها ويبين القانون كافة اختصاصاته، وفي حقيقة األمر هذا الجهاز هو ما يتبعه أجهزة األمن الخارجي واألمن الداخلي ،وهي أجهزة غير مسلحة ،والبد أن يكون مستقل عن القوات المسلحة ،وأن يكون له قانون خاص متقن لمصلحة المجتمع وسالمة الوطن .وأن يكون يعتمد على الكفاءات العلمية واألبحاث والدراسات والتطويرات التي تحافظ على سيادة الدستور وسالمة الوطن وأمان المجتمع من أي مخاطر قد تضر بحريته وكرامته وحقوقه اإلنسانية الروحية والمادية وآلية قراراته دستورية تعتمدها السلطة التشريعية ،وتصادق عليها المحكمة الدستورية ،وتقوم لجنة شئون الدفاع بالرقابة الفنية الالزمة .هنا تختلف الدساتير ،فمنها ما يعده من ضمن القوات المسلحة ،ومما يقود لظهور الدولة األمنية درع االستبداد ،ومنها ما ينظر إليه قوات مدنية ،كجهاز الشرطة ،ويحدد الدستور تبعيته وآلية قراراته .والمهم الدستور الكامل يتضمن ألسس هذه العنصر للحماية القومية التي ولدت منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ظاهرة حديثة معاصرة ..ومن خالل النظر في مشروع تعديل الدستور التركي 2102بشأن سحب رئاسة المجلس القومي من صالحيات رئيس الدولة ،وفي ذلك إشارة إلي أمرين أساسين، أوال ،تبعية هذا الجهاز لرئاسة الدولة ،ثانيا ،عدم تولي رئيس الدولة لهذا الجهاز بما يمنح له الصالحية والفعالية واالستقاللية اإلدارية والفنية المستقلة والالزمة ،ثالثا ،تصديق رئيس الدولة على الرئيس المنتخب للمجلس القومي يمنح سلطة إدارية فاعلة وكافية.
قانون القضاء العسكري ينشأ موجب هذا الدستور قانون خاص بالقضاء العسكري ،ويبين اختصاصاته في حدود المرتكزات الواردة في الدستور.
مطلب :8مكون الشرطة أهم ما في هذا المكون هو تحديد طبيعة هذا الجهاز المدنية ،وتبعيته الوزارية الحكومية وليس لرئيس الدولة كما في بعض الدساتير ،وبحيث يخضع الجميع لسلطة إحضاره للقضاء ،وال يوجد تدخل في السلطات وبما يعيق فعالية السلطة التشريعية والدستورية ،وكذلك اإلشارة إلي "قانون- الشرطة" وهو قانون مكمل للدستور على أساس ما أراد الشعب فيه من حقوق وضمانات وحماية لسلمهم وأمنهم االجتماعي .ويجب أن تكون أسس الرسالة واالختصاصات واضحة ،وجهاز الشرطة هو أحد المرتكزات الثالثة في تحقيق نظام األمن في الدولة ،وهي الشرطة القضاء والنيابة ،وغيرهما إنما هي أجهزة تخيف المجتمعات وقد تنحرف في مهامها وعقيدتها الوطنية، وخاصة في ظل النظم اإليديولوجية أو عدم وجود منظومة تربوية قوية لتنشئة األجيال أخالقيا، فاألخالق الحسنة أساس الوطنية الحقيقية ،فال يمكن تحقيق التنمية الوطنية بدون تربية أخالقية يتماسك النسيج االجتماعي من خاللها ،وإن كانت تنمية الموارد البشرية هي من أهم اهتمامات اإلدارة العامة ،فالسبيل إلي تحقيقها يكمن في المرتكزات األخالقية المحددة ضمن العناصر الدستورية ،ويكون األفراد على وعي تام مستمر بالمقاصد العامة لهذه العناصر ودورها في سالمة سير األمور العامة والعدالة والتنمية ،فحماية المجتمعات هي شأن مدني دستوري ،وفيما يلي لمحة عن مضمون هذا المكون الهام:
الشرطة جهاز مدني يحدد الدستور بأن ماهية الشرطة أنها هيئة مدنية نظامية وتتبع الحكومة لحماية المواطنين.. ويحدد القانون الذي ينظم تبعيتها الوزارية وصالحياتها ورسالتها وكافة الضمانات ألداء دورها العدلية واألخالقية واإلنسانية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
اختصاصات ورسالة الشرطة يحدد الدستور رسالة ومهام هذا الجهاز الذي من واجبه خدمة كل مواطن ،وتوفير الطمأنينة للمجتمع ،والسهر على حفظ األمن والسلم االجتماعي ،واآلداب األصيلة واإلسالمية والحضارية ..و ال يجوز ألي سلطات أن تنشي جهاز أخر معلن أو سري يتكفل باألمن العام أو أن يكون ذات طابع عسكري أو أن يأخذ صالحيات الشرطة ويقلل من حقيقة وطبيعة دورها .أو أن يحول هذا الجهاز لمهام أو طبيعة عسكرية.
مطلب :9مكون جملس الشورى يمثل سلطة استشارية وقوة أخالقية ،ويحدد جسر العالقة بين اإلسالم والسلطات ،عن طريق غرس القيم والعلم والسلم واألمن والمحافظة على المكاسب في كل ما يتخذ من السلطات ،فرأيه العلم واألخالق وهي تؤثر بشكل كبير في الشعب ،فعندما تكون استشارة المجلس معلنة ومختلفة مع قرارات وسياسات وخطط وبرامح معينة متخذة من السلطة التنفيذية والتشريعية ،الشك أن ذلك سوف يؤثر في الشعب ،وقد يطالب برأي مجلس الشورى ،كما أن الشعب سوف يطمئن كلما يعتمد مجلس الشورى فيما يعرض عليه من قوانين وقرارات وسياسات وخطط ..والبد أن نميز بين البرلمان وهو سلطة تشريعية ويمثل قوة شعبية ،وبين مجلس الشورى الذي هو قوة أخالقية وسلطة علمية. ونحن رأينا كيف يجعل الدستور الفرنسي مكون خاص للمجلس االقتصادي واالجتماعي ،وهو في حقيقة األمر سلطة استشارية تحقق النظام االشتراكي في ظل بيئة تحيطها وتحكمها تطورات سريعة وتسابق محموم ،ومسائل عديدة معقدة ،بين دولة أعلنت نظامها االشتراكي والتعايش الرأسمالي. وهكذا الدستور المصري أنتج مكون خاص يسمى "مجلس الشورى" من حماية االشتراكية على غرار المكون الفرنسي. وما أحوج الدول لعربية أن تجعل مكون خاص من أجل حماية الشرعية اإلسالمية ،ومن أجل استغاللها األمثل في سياساتها العامة و إداراتها الحكومية وفي حماية الشعب من االنحراف الداخلي وحماية الوطن من العدوان الخارجي. و فيما يلي العناصر السياسية الالزمة في فهم هذا المكون الدستوري األخالقي والعلمي والحيوي للغاية: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
شروط الترشح وعضوية مجلس الشورى عادة ما يكون عدد أعضاء مجلس الشورى ثلث البرلمان ،ويتم اختيارهم على مستوى الدولة من علمائها ومثقفيها من كتاب وأدباء وباحثين وفقهاء الدين اإلسالمي مما لهم نتاج وأراء وتحليالت معروفة ومؤثرة في الناس وتعد مساهمات أخالقية وعلمية وأدبية ،فهم أصحاب العلم والدين. ويرأس مجلس الشورى أكثرهم أصوات في االنتخابات و له وكليين مما يليه في عدد األصوات. و مدة عضوية مجلس الشورى ال تزيد عن ستة سنوات ،أو ما يقرره قانون االنتخابات.
طريقة تشكيل مجلس الشورى يتم انتخاب أعضاء مجلس الشورى عن طريق االقتراع الغير مباشر على مستوى البلد ويصوت في دوائر على مستوى المحافظات ،أو في دوائر يقررها القانون ،وتعرض قوائم المرشحين المعتمدين من اللجنة العليا لالنتخابات للتصديق النهائي عليها من البرلمان والمحكمة الدستورية على الشعب للتصويت عليهم ،وذلك لتحقيق مبدأ البيعة الخاصة ومبدأ البيعة العامة ،ويفوز الذين تحصلوا على أعلى األصوات بالترتيب الستكمال عدد مجلس الشورى المقرر بالقانون ،والباقي يصبحوا احتياط بترتيب األصوات ،ويحل أعالهم في األصوات محل من يتغيب لوفاة أو استقالة أو مرض وغيرها من األعذار التي تمنعه من االستمرار ،ويعود كل عضو إلي سابق عملهم بكامل وضعه إلي عمله السابق حال إنهاء مدة العضوية المقررة بقانون االنتخابات ..وال يجوز حل مجلس الشورى إال بدعوة الناخبين إلجراء االستفتاء وقبول انتخابات جديدة مبررة تلزم تغيير كامل المجلس لعدم توافقه في أداء اختصاصاته بكفاءة وتجانسه الوطني والفكري وإخفاقه في أداءه حسب تقييم الشعب .وال يجوز الجمع بين العضوية في مجلس الشورى والعضوية بالبرلمان أو الحكومة.
اختصاصات مجلس الشورى يختص مجلس الشورى في كل كل ما يراه كفيال بالحفاظ على القيم العليا وأصول وأحكام الدين اإلسالمي وسماحته وعدالته ونعمته ورحمته على العالمين "وما أرسلناك إال رحمة للعالمين، صدق هللا العظيم" ،ويقول هللا عز وجل "يرفع هللا الذين أمنوا منكم وأتوا العلم درجات" ،وتشمل االختصاصات المهام التالية: .1 .2
دعم الوحدة الوطنية والسالم االجتماعي وحماية القوى السياسية ومقومات وعناصر ومقاصد الدستور. إباء الرأي في كافة مشروعات القوانين والقرارات والسياسات والخطط العامة ،وكافة االتفاقيات والتحالفات ومعاهدات الصلح والسلم والتعاون الدولي ..ويبلغ رأيه لجميع السلطات وينشر في الجريدة الرسمية على الشعب.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
.3
رئيس الدولة ورئيس الحكومة والوزراء وجميع أعضاء السلطة التشريعية والنيابية غير مسئولين أمام مجلس الشورى.
.4
يحق لمجلس الشورى حضور كافة جلسات المداولة في البرلمان ،وبطلب من رئيس البرلمان ،ليكون حاضرا ويؤخذ برأيه قبل صدور التشريعات والمقترحات بشأن صالح أمور لناس وسير أعمال الدولة بالشكل األمثل ..ويحق لمجلس الشورى طلب البرلمان والحكومة إلقاء بيان عن السياسة العامة للدولة أو أية بيانات أخرى في اجتماع مشترك يرأسه رئيس السلطة التشريعية.
.5
تقديم الدراسات والمقترحات للبرلمان في بنود كل ما يصدر عن الدولة ،أو ما يقترحه من جديد التخاذ السلطات قراراها النهائي فيما تراه ضروريا وعمليا ومطلوبا شعبيا وعلمي وأخالقيا للدولة.
مطلب :11مكون سلطة الصحافة يمثل هذا المكون حرمة العقل وأهمية الفكر وقداسة وإنسانية الضمير. وتحدد الدساتير الديمقراطية الحرية اإلعالمية والصحافية بقانون يجسد هذه االستقاللية والمسئولية بأمانة وطنية ودينية وتاريخية. وجود مثل هذا المكون في الدستور هو ما يحقق ويدعم ويطور تأسيس اإلعالم والصحافة كمؤسسات ومهام ورسالة وسياسة عامة نافعة. وفي حال عدم وجود مكون سلطة الصحافة فهذا يعني أن مثل العناصر المذكورة أدناه تكون تحت السلطة التنفيذية ،وينتج عن ذلك دستور ناقص وغير واضح ،ويجب على الشعوب أن تكون واعية وأصحاب مهنة اإلعالم مسئولين و وطنين في انتزاع هذا الحق وحمايته عبر األجيال ،وااللتزام الوطني والحضاري والمهني والعلمي واإلنساني واألخالقي في مهامهم ،فأن قوة األعالم والكلمة تغيير ما ال تستطيع السلطات األخرى فعله ..وهذه أمانة تاريخية عظيمة. وفيما يلي التفسير السياسي ألهم عناصر سلطة الصحافة:
االستقاللية المهنية المثل األعلى لإلنسانية هو "ال سلطان على العقل لغير األخالق والضمير والعقيدة" ،وال قيود سياسية زمنية على الكلمة الدائمة النافعة ،فصناعة الكالم عندما تكون حرة ومؤسسة دستورية تكون أسمى وأشرف وأقوى المهن ،وعندما تكون مأجورة أو خاضعة لسلطة تكون أسفل مهنة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ولذلك مهمة كحدي السيف تحتاج كغيرها من السلطات والمؤسسات الحساسة لضوابط ومصادر تشريعية تستند عليها قوانينها وتنظم عملياتها وقيادتها .وما يميز كل ذلك أن الصحافة هي مهنة شعبية وال يحق أن تحتكرها الحكومة ،بل كلما ابتعدت الحكومة عن هذه األعباء كلما رأت المجتمع على حقيقته ،وتكون أكثر فعالية وتأثير ،ألنها ما سيظهر هو العيوب ومختلف االتجاهات والسلبيات واإليجابياتـ وليس هناك شي مصطنع أو مزيف ،بل تكون تتفاعل مع بيئة حية ،إذا اقتنعت الشعوب بالقيادات والبرامج ،تكون السلطة في أوج قوتها وشرعيتها ،وتقدس الشعوب من ال يضللها ويزيف الحقائق ويخفي الفساد ،وخالصة القول بأن "الصحافة" هي سلطة رابعة ،وهي سلطة شعبية مستقلة ،وال سلطان عليهم في عملهم لغير القانون ،شأنها شأن السلطات األخرى ،فالصحافة تمثل مرآة اجتماعية للممارسة مختلف السلطات المتفاعلة ،وتكون صورة الدولة وسير أعمالها واضحا وغير منكسرا ،عندما تكون الصحافة وهي مرآة في وضع مستقيم ومستقل عن أي انعكاسات تشوه ما يظهر عليها من معالجات ومخرجات ،فعندما تكون مستقلة ومستقيمة وفي المواجهة تماما ،فتظهر صورة حجم أداء السلطات واضحة ،وبذلك يزيد ذلك من إيجابيات السلطات وتخشى سلبياتها ،وكثيرا ما تسهم الصحافة الحرة في إسقاط الحكومات وتقف مع الشعوب عندما تنتفض ألي سبب يستنقص أو يلتف حول الدستور وقوانينه المكملة.
رسالة الصحافة تمارس الصحافة رسالتها بحرية وأمانة وطنية في خدمة سالمة واستقالل الوطن ومصلحة وأمان المجتمع ..وتعمل على حماية الدستور الذي أمدها بحياة كاملة ،وأي دستور ال يوجد فيه مكون الصحافة المستقلة الحرة فهو دستور ناقص.
تحديد الدستور لمفهوم حرية الصحافة في حقيقة األمر عندما ال يقر الدستور وبكل مفهوم حرية اإلعالم والصحافة واستقالليتهما بدقة مهنية ،يعد نقص يؤدي إلي أربك شديد في نشاط الدولة .ونجد أن كثير من الدساتير أجمعت على أن حرية الصحافة واإلعالم تتمثل في حرية التعبير بالرأي والكلمة والتصوير بكافة وسائل اإلعالم من صحف وإذاعات مرئية ومسموعة ،وحرية امتالكها الخاص لجميع مؤسساتها ومعداتها ،وال يجوز وقفها أو مصادرتها إال عبر حكم قضائي قابل للطعن واالستئناف ،إذا تبين ما يخل بسالمة الوطن وسالمة ومصلحة المجتمع أو حرمة الفرد والمقدسات واألعراض وكافة اآلداب العامة ..وللصحافيين حق الحصول على األنباء والمعلومات وممارسة نشاطها طبقا لقانون. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مصادر التمويل والملكية الخاصة كأساس والملكية العامة كحاجة عملية ال يجوز لمن يمارس الصحافة من عاملين ومالكين أن يتقاضى تمويال خارجيا ،ويعاقب على ذلك بقانون ،وتختص الدولة بالرقابة المالية على مصادر التمويل وسبل توزيعها كأي وحدة إدارية بالدولة. وفي حقيقة األمر فإن اإلعالم والصحافة هو مؤسسة خاصة ذات ذمة مالية مستقلة .ويجوز للدولة أي بقرار من جميع السلطات :التنفيذية والتشريعية والدستورية والشورى أن تنشي الدولة مؤسستها اإلعالمية وصحافتها للدفاع عن منجزاتها وتوضيحه برامجها .أو أن تقفل أو يعيد فتحها بطلب من السلطة التشريعية في أي دورة برلمانية.
كيفية اختيار القيادة العليا المستقلة لمؤسسات اإلعالم والصحافة يقوم على شئون الصحافة مجلس أعلى يحدد قانون الصحافة طريقة تشكليه واختصاصاته وعالقاته بسلطة الدولة .وتنتخب إداراته من أوساط المهنة ،ويخضع لحكم الشعب في تقييم أداءه، ويمارس المجلس اختصاصاته بما يدعم "استقاللية" و "رسالة " و "حرية" الصحافة ومهامها الوطنية والدستورية واإلنسانية والحضارية والعلمية ولتحقيق السلم واألمن الدوليين.
*
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبحث 4
مقومات العملية احلزبية يتضمن هذا الفصل المدخل الحزبي وهو تمهيد من أجل بناء عقلية عامة متوازنة ومتوافقة. حيث الفهم الدقيق لهذه الوسيلة الديمقراطية لإلصالح والوصول للسلطة في غاية األهمية والحيوية. كما نناقش مكونات قانون األحزاب السياسية ،وهما مكون التنظيم اإلداري ومكون العمل السياسي ومكون الضوابط القانونية السلوكية. ولكل من هذه المكونات مجموعة من العناصر تتناولها الدساتير العالمية.
)(1 املدخل احلزبي األحزاب السياسية ليست غاية في ذاتها وال السلطة ،وإنما الغاية هي مناقشة وسائل حل المشاكل العامة وأهمها تكوين وعي عام سليم وفعال. ومن أجل أن تكون الديمقراطية معاصرة وأصيلة ،ينبغي أن يكون هناك فهم عام مشترك قوي بشأن المطالب االتية. وهذا ما سوف نتناوله بشكل عام في هذا المدخل الحزبي.
مطلب :1دور األحزاب السياسية يف السياسة العامة فعندما نناقش عالقة األحزاب السياسية بالسياسات العامة ،فأننا نناقش مدى حاجة المجتمع والدولة لتكوين األحزاب السياسية ،وما هي ماهيتها و دورها الحقيقي في المجتمع وعالقتها بالسلطة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وبشكل أساسي ،تؤسس األحزاب السياسية طبقا للدستور ،فال شرعية وال أهمية وال دور لألحزاب السياسية بدون دستور فعال ودقيق في مقوماته وعناصره ،وهي أيضا صنعة مشتركة – أي على يشارك فيها جميع أفراد الشعب على مختلف مستوياتهم وانتمائهم .ولهذه الصنعة مقومات وعناصر فنية متجددة ،ومن خالل هذه المقومات والعناصر يمكن تقدير وتحقيق مدى فعالية وأهمية دور العملية الحزبية في السياسة العامة .ويشمل ذلك تقدير مدى قدرة هذه األحزاب العامة في تحقيق العملية اإلصالحية ومن ثم العملية التطويرية من أجل تنمية فعلية ومستدامة .التنمية ،ودورها ومسئوليتها في تحقيق ونشر السلم االجتماعي ،ودورها في توجيه عمليات الحكومة وتقييم سياساتها، ومدى أخالقياتها في احترامها لمسئولياتها الدستورية واالجتماعية والتاريخية والثقافية ،و يمكن أن نعبر عن كل ذلك بمدى نجاحها في مسئوليتها الوطنية. فاألحزاب السياسية تمثل القوة الفكرية في البلد .فقد تكون ضعيفة أو متجمعة في التكتالت محدودة أو مفتتة ومتجزئة ،وكل ذلك يرجع لمدى حجم ومستوى النضوج الفكري العام ،ويرجع لسبب تاريخي وهو مدى معاناة الشعب من االستبداد واالستعمار ،وفترة تجاوزه لهذه المرحلة. حيث نظم االستبداد واالستعمار كلما طالت في الزمن كلما استطاعت أن تطال كل شرائح المجتمع، وتمسخ العقول ،وبذلك هناك مرحلة إصالحية مدتها نسبية لكي تصل الشعوب إلي نضوج تام وحقيقي وتتخلص من كل عناصر الفساد. وأصعب مراحل العمل ية الحزبية هي في الفترات االنتقالية ،فتظهر الفوضى الفكرية واالنفالت األخالقي ،فيصعب عملية التنظيم واإلصالح الحقيقية ،ويظهر الصراع بين من يدعون إلي المصداقية واإلصالحية وبيم من يريدون العودة للوراء ومن أجل مصالح الذاتية والتنمية الواهية. والدور الدستوري للعملية الحزبية هي تجميع األفراد كيانات للمشاركة في السياسات العامة وتنصيب القيادات حسب نضوجهم الفكري ،وحسب تقديرهم للمطالب العامة وسبل تحقيقها ،ودورهم الرقابي في متابعة السياسات العامة المنفذة من قبل األحزاب المعارضة ،وكل ذلك من أجل تحقيق الكفاءة في السياسات العامة ،أي حل مشاكل الناس بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب بدون تأخير ،وعن طريق استغالل أقل الموارد وتحقيق أقصى المخرجات العامة. بالطيع هذا يتطلب جهود فكرية ،و أعمال فنية ومتخصصة متعددة ،والبد أن يكون هناك كيانات منظمة وممولة تستطيع أن تكون قادرة على إنتاج سياسات عامة منافسة. فأول معيار ينبغي أن ينظر إليه الفرد هو إلي طبيعة سياسات أي برامج هذه األحزاب ،ومدى قدرتها ومصداقيتها في تحقيقها ،وما هي القدرات المنضمة لكل حزب. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالدور األساسي لألحزاب السياسة بعد تكوين الوعي هو إنتاج السياسات العامة األفضل للشعب ،وفي كافة المجاالت العامة االقتصادية والفكرية والثقافية واإلنسانية والعملية والحضارية. كما أن األحزاب السياسية ليست منابر خطابية فقط ،وإنما هي تتناول الخطاب العملي ،الذي يحل مشاكل الشعب الملموسة ،من مشكلة البطالة ،مشكلة اإلسكان ،مشكلة غلوا األسعار ،مشكلة الفساد، مشكلة معدل الجريمة ،وأيضا مشكلة التجارة وهي تجيع المنتج المحلي وتوفير منافذ استيراده وآلية الدعم الالزم ومراقبتها ،ومشاكل المعاهدات والعقود والتحالفات الدولية بكل شفافية و وطنية ومسئولية تاريخية. أذا دور األحزاب السياسة هو ليس صراع على السلطة وإنما الصراع حول من هو أفضل مصير البلد. ومسئولية المجتمع أن يكون كله مشارك ألنه هو المعني بكل ذلك وهو مصدر القوة الحقيقية ،ففي عدم وعيه تنمو قوة الفساد ومع وعيه ومشاركته المسئولة ووعيه الناضج تتشكل قوى سياسية إصالحية حقيقية. ومن حسنات العملية الحزبية واالنتخابية أنها تمنح مشاركة نسبية لألحزاب السياسة حسب نسب الفوز بأصوات أفراد المجتمع ،وبذلك يخلق توع وتفاعل ودقة في تنفيذ السياسات العامة .حيث يأتي الحزب بقيادات جديدة وتكثر ساحة األفكار والبرامج والمقترحات القانونية والتنموية. وكلما طالت التجربة الحزبية كلما زاد ذلك في كفاءة العملية الحزبية. إذا البد م إدراك حقيقة أن األحزاب السياسية ليست تتنافس على السلطات ،واالنتفاع من خاللها، واستالب السيطرة لصالحها ،وإنما هي أداة الغرض منها تحقيق أكبر قدر من الفعالية في السياسة العامة. كما أنه من األهمية بمكان إدراك حقيقة أن قيمة البالد أساسها التقييم المستمر للفكر السياسي السائد وممارساته عبر جميع المراحل ،من مرحلة بناء الدول وهي "المرحلة الدستورية ،ألي مرحلة تأسيس وعمل األحزاب وتنافسها وهي "مرحلة السياسة العامة". فمثال ،كيفية تحديد تقديرات الميزانية العامة ،وصحة تنفيذها ،ومدى فعاليتها في تحقيق التنمية الشاملة .حيث الميزانية العامة هي المظلة االقتصادية التي يتعايش المجتمع في ظلها. وعندما تغفل األحزاب السياسية دورها في هذا المرتكز األساسي في الحيوي والجوهري في مدى فعالية السياسية العامة ،فإنها تكون قد أخفقت في دورها التاريخي والسياسي والمدني والحضاري، منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
كما ال يمكن للدولة أو األحزاب السياسية أن تنجح في سياساتها وعملياتها وتحقق أهدافها ما لم تتدخل وتتقن وتصدق في هذا المرتكز الهام. وعندما يكون هناك نظام سياسي مستبد ،يرفض دور األحزاب السياسية ،والتعددية الفكرية ،فأنه حتما قد أنحرف عن الصواب السياسي ،وأختار اإلخفاق اإلداري والقيادي ،ولن يكون هناك دور لمسميات قيادية في اإلدارة العامة ،مثل الوزراء وهي قادة القطاعات العامة ،أو السفراء وهم ممثلي كرامة الشعب ومصير البالد ،وإنما تتحول هذه الوظائف العامة إلي مستوى ،ال يمكنني أن أصفه ببالغة أكثر مما وصفه صاحب نظرية العالمية الثالثة ألتي فرضت على الشعب الليبي خالل ،2100-0599 وأطلق مفكرها السياسي بأنه نجح في تأسيس "دولة الحقراء" ،فتحول السفراء والوزراء إلي حقراء، وليس هناك من حزب يعترض ،أو رأي فكري يحلل ويصوب ،وليس هناك من ثقافة وال اقتصاد وال سلم اجتماعي ،وإنما تحولت الدولة إلي مؤسسة أمنية قمعية ظالمة وليست فاعلة. إذا مسئولية كل فرد أن يقيم يقارن أهداف وسياسات كل األحزاب ،وينتسب ويدافع عما يخدم البالد سالمة الوطن ومصالح المجتمع ،وهذه هي األهداف األساسية ألي سياسة عامة طبيعية وناجحة. كما أنني أود هناك التذكير بمالحظة هامة وعامة لجميع الناس ،حيث السياسية العامة ،وهي العملية التفاعلية بين السلطة والمجتمع. حيث الكلمة التي يلفظها الفرد تعكس قيمته ،وال قيمة للفرد في الحياة العامة إذا كانت كلماته جوفاء خرقاء ال أساس فكري لها ،فيكون مثله كأي كائن أخر يعيش ببدنه وبدون حاجة للعقل. والكتاب والباحثين والعلماء هم من يعكس القيمة الكلية للمجتمع. والفكر السياسي هو ما يعكس قيمة البالد. وانطالقا من هذه الحقيقة ،فإن األحزاب السياسية ،هي صناعة فكرية ،تسهم في الصنع الفكري الفردي واالجتماعي الكلي وتشارك في صنع الفكر السياسي الذي ينتج أكبر قيمة للبالد ،وأكبر فعالية لسياساتها العامة وكافة عملياتها وأهدافها.
مطلب :2عالقة األحزاب السياسة بالعقائد الدينية لنختصر الحديث في أحداث التاريخ ،والذي بات معروفا لعامة الشعب ،فالسياسة والتاريخ ليس حكرا على نخبة من الناس ،بل عبر األحزاب السياسة بات هناك وسيلة عامة يشارك كل الشعب من خاللها في حماية مصير وطنه ونجاح مجتمعه. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فنقول وباختصار شديد ،أن بسبب الحرب الباردة ،ونتيجة لعدة أحدث تاريخية صاحبت الصراع بين السلطة الزمنية والدينية األوربية ،فأوجدت الحرب الباردة وهي صراع استعماري عالمي والصراع بين السلطة السياسية والسلطة الدنية ،الصرع بين عقديتين ،وهما "العقيدة السياسية" و"العقيدة الدينية" .وأرغمت كل دول العالم على استيرادهما ،وقامت الشعوب بغير واعي كافي باستهالك بكل ما ينتجه هذا الصراع بشغف وبدون تحكيم العقل. والصراع السياسي والتصادم الفكري أصبح واضح وله جذوره التاريخية والفكرية ،ونحن من خالل هذه الكتابة المتواضعة ،نحاول التصالح الفكري العقالني ،واإلصالح العملي الحضاري من أجل إنتاج ممارسة إدارية وسياسية متجانسة في روحها الفكرية األخالقية ومستقلة في عملياتها الفنية التخصصية المدنية والمتطورة زمنيا وماديا. وبشكل عام ،تعتبر األحزاب السياسية تكتل فكري مدني يجمع قوى الشعب العقالنية اإليجابية المنظمة من أجل نتاج سياسات عامة وعمليات إدارية حكومية تخدم بدقة ومصداقية ومسئولية مصالح اجتماعية وسالمة األوطان ،وبحيث تكون أداة سياسية لتجزئة الكتلة أو القوة السياسية في البلد وتمنع انبعاث ظاهرة السلطة المطلقة ،وهي ظاهرة سياسية أخطر ما يواجه الشعوب ويضر بعمق في فعالية اإلدارة العامة وحقيقة السياسات العامة. إذا العملية الحزبية هي وسيلة سياسية مدنية فكرية في مواجهة تنافسية حقيقية تحد من ممارسة ظاهرة "استالب السلطة" للقوة السياسية ،حيث تعلمت الشعوب من خالل تجاربها ،أن اإلنسان بطبعه السياسي أناني وسلطوي ،عندما يصل لسدة الحكم سيحاول اكتساب أقصى قدر ممكن من المصالح الذاتية والنفوذ الذي يكرس بقائه في السلطة ويوسع صالحياته وخروجه عن طائلة القوانين ،وهي ظاهرة طبيعي ة يعكسها الواقع السياسي ،لذلك العملية الحزبية السياسية مسألة حتمية تمنع أن تصبح اإلرادة السياسية فوق اإلدارة الشعبية ،والقوة فوق القانون ،فتوازن حجم القوة واإلرادة السياسية مع القوة واإلرادة االجتماعية ،وتنتج دولة عادلة اقتصاديا واجتماعيا وقانونيا ،وتجسد قيم الكرامة وهي الحرية والمساواة والحقوق اإلنسانية. ونحن نعلم أن الدستور يحدد هذه القيم في مكونه االجتماعي ،كما يحدد عملية الرقابة والتقييم والتغيير في السياسات العامة لتكون دائما فاعلة من خالل مبدأ فصل السلطات والمؤسسات المعنية الناتجة ن هذا الفصل السياسي واالختصاصات اإلدارية والسياسية المقيدة. في حين األداة الحزبية تمارس أيضا عملية الرقابة ،فهي دائما تقيم ،فتعارض أو تؤيد بما يوجه السياسات العامة في االتجاه السليم ،وبما يحقق الكفاءة في كافة عمليات اإلدارة الحكومية من تخطيط منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وقيادة وتنظيم ورقابة عملية تتعلق بمسائل معينة تحت المتابعة مسئولة ومعنية في ظل برامج تنافسية تجعل الشعب في حركة تفاعل مستمر وغير غافل عن التفاصيل وجزئيات األمور العامة المعقدة. واالستبداد هو سياسة-القوة التي تتحول ظاهرة السلطة من خاللها إلي عقيدة سياسية ،وتنتج بسرعة وبشكل واسع قادة إداريين ذوي عقيدة إيديولوجية ،ومنتفعين كثر وأتباع مغررين ضارين ،وتخلق تيارا فكريا وثقافيا جارف لكل القيم واألخالق النبيلة .وتصبح الدولة منتجة لسياسة عامة سلبية غير مجدية ،وينتشر من خاللها لزيف والكذب والفساد والظلم ،وتخفق العملية التنموية في شتى المجاالت، وكانت التجربة الليبية 2101-0599خير دليل تاريخي وعلمي كافي لكل الشعوب لتحذر من مثل هذه التجربة االستبدادية ،ألتي انتهت بخروج الشعب بكامله كالطوفان يدك أركان دولة فاسدة في مقوماتها وفعاليتها التنظيمية والسياسية .فرضت الفساد كواقع حتمي ،وأصبح اإلصالح مستحيل وحالة ميئوس منها. حيث تحول القادة في اإلدارة العامة إلي رموز للنظام ،وأصبح سقوطهم يمثل سقوط النظام والدولة، فهم أركان استقراره في كل األحول وديمومته بدون الشرعية وقوته بدون دستور وخارج كل خلق وقانون. وأصبحت السياسية العامة ترتكز على التجهيل الثقافي والتضليل الفكري والتفكك األسري والفساد المالي والقمع السياسي والسيطرة األمنية واإلخفاق االقتصادي. وفي كل ذلك الدولة الليبية ظلت تحت سطوة الحزب الواحد الثوري ،الذي يحرض على ممارسة اإلدارة الشعبية ويحرض عامة الشعب على ممارسة السلطة الشعبية التي تشارك في قرارات معينة تخدم شرعية هذه الساسة العامة ،وقبولها الشعبي المزيف بحيث ال تخدش الكرامة لمنتهاها ،ويمارس المسألة القانونية للقادة اإلداريين والسياسيين المكلفين ،في مهزلة تاريخية وحنكة استبدادية جعلت مثل هؤالء القادة جزء من العملية االستبدادية ومراكز قوة للنظام في أوساط الشعب. و يقصد من ذلك أمرين: أوال ،ال يوجد دولة في تاريخ البشرية بدون تنظيم إداري وسياسي ينتج السياسات العامة، ومصدر هذا التنظيم والسياسات إما أن يكون دستور شعبي وطني إنساني حقيقي ،وإما أن تكون هناك إيديولوجية سياسية تشكل عقيدة سياسية وروح هذا التنظيم وسياساته العامة. ثانيا ،ال يوجد دولة في البشرية بدون تنظيم سياسي ،وهذا التنظيم قد يرتكز على الحزب الواحد ،وقد يأخذ أية شكل ممكن ،فقد يكون مباشر يقتحم الشعب ويكون أداة إدارية وسياسية تنفيذية ،وقد يكون غير مباشر فيعمل في خفاء لتكريس النظام والحكام ،وقد منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يرتكز على التعديدية الحزبية ،وفي هذه الحالة البد من دستور وطني و وعي شعبي وحراك حزبي إيجابي ومسئول. وهنا تقع مسئولية الشعوب ،ودورهم الوطني واإلنساني والتاريخي ،حيث هم الساحة التي قد تخضع بإذعان للحزب الواحد ،وتجرم التعدد والتنوع الفكري ،فتشل عقولها ،وتطفوا غرائزها البدنية، وتتحول إلي أداة استهالكية يستغلها الطواغيت في قتل كل القيم وفساد الدول ونتاج السياسات العقيمة. وقد تكون لشعوب ميدان فكري تتفاعل فيه نعمة العقول اإليجابية ،بحيث تخلق كيانات سياسية ،لها برامجها التنموية التي تجسد التنمية والعدالة االقتصادية ،والقوة القانونية ،والعالقات االجتماعية والعالمية السلمية ،والثقافة األدبية الهادفة واإلنسانية. ودور الحزب السياسي هو إنتاج النخبة السياسية والبحث عن القدرات والكفاءات اإلدارية بحيث عندما تصل وتشارك نسبيا في السلطة ،تضع هذه النخب والقدرات من أجل صنع ورسم وتنفيذ السياسات العامة ،وتحرص على حتمية تطوير عمليات اإلدارة العامة في أجهزة الدولة. فالنخب السياسية والقدرات اإلدارية هما عنصران متفاعالن ،وتلعب الحزبية التعددية في نموهما الواسع. ومنع الحزبية السياسية التعددية ،هو أمر مخالف لقانون الطبيعة ،وعندما يحاول االستبداد فرض الحزب الواحد ،والفكر الواحد ،والحاكم الفرد ،ودولة القوة ال دولة القانون ،فأنه يقضي على ظاهرة نمو النخبة .ولكنه ال يستطيع قتلها واجتثاثها نهائيا ،حيث النخبة هي بذرة حسنة ،توجد في األرض، ومن المستحيل تلويث كل األرض بحيث تختفي تماما ،وعندما تأتي رياح التغيير وتهطل أمطار بإرادة السماء تنبث هذه النخب وتنشر بسرعة وقوة .فهما حاول الطغاة تعطيل قوانين تنظيم حياة الشعوب ،فأن هناك قانون طبيعي ال يستطيعوا أن يصلوا إليه. وعلى الشعوب أن تعي قانون التغيير ،وهو مرتكز على تغيير النفوس ،بحيث تتغذى بالقيم اإلنسانية، واألخالق الكريمة ،والقوة العقالنية الفكرية االيجابية والمسئولة ،فتتغير أوضاعها وأحوالها تبعا ، ونسبيا بقدر ما تكتسبه من قيم وأخالق وعقل. ودور األحزاب السياسية هو تفعيل قانون التغيير اإلنساني نحو التنمية الحقيقية ،وال يجوز لألحزاب السياسية أن تعمل من أجل تغيير نظام وأسلوب الحكم الدستوري الذي منحها الشرعية. والعمل الحزبي روحه الدستور الذي تستمد من مقومات وعناصر قانون األحزاب /كما سيأتي مناقشتها. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مطلب :3تأسيس األحزاب السياسية تؤسس األحزاب السياسية على أساس الدستور وطبقا لقانون خاص باألحزاب السياسية. ولكن هل هذا يكفي ،أما هناك نواحي عامة أخرى متعددة وخصائص وتوقعات شتى. في حقيقة األمر تكوين األحزاب السياسية حاجة إنسانية طبيعية ،فإذا منعتها القوانين ،تشكلت بشكل سري ،وقد تنحرف عن أدوراها ،وقد تواجه بالقهر والتعذيب الغير إنساني ،وق هي تخطيء ويكون لها مقاصد غير متفق عليها بشكل عام وتكون بذلك مشروعة بشكل دقيق. أذا وجود دستور وجود قانون ينظم هذه الحاجة ،هو نتاج ما وصل إليه الفكر اإلنساني المتطور. فدع الكل يفكر ،و دع الكل ينتج ودع كل فرد حر يختار دائما األفضل .وهذا هو السبيل الوحيد لإلبداع. ومجتمع ليس فيه إبداعات علمية وتجسيد عملي لها هو مجتمع يعيش على هامش التاريخ ،وغير محسوب على لحضارات ،وقدره أن يعيش ليقتات على فكر وإبداعات غيره من الشعوب الحرة الواعدة والواعية. وثالث درس بعد عالنية األحزاب وليس سريتها ،والمساهمة الحضارية ،هو درس المشاركة العامة بمصداقية. حيث األحزاب السياسية ليست شركة اقتصادية كما أنها ليست جمعية خيرية أو تكتل جماعي يعبر عن مصلحة ذاتية أو قبلية أو طائفية ،أو أي نعرة عصبية دينية وإيديولوجية ،وإنما هو وسيلة تنموية شاملة لغرض التنافس العقالني وليس التصادم الفكري المضلل والمزايدة الكاذبة ،فهو أداة سياسة عامة تخدم تحقيق مصالح الناس عامة وبأكبر قدر و أوسع أثر تفيد المجتمع والوطن على حد سواء. فهو أداة معاصرة تجسد إمكانية تطبيق مبدأ فصل السلطات ،ومبدأ التداول السلمي لقيادات السلطات. فالحزب هو طريق الشعب للوصول إلي السلطة. وال يمكن إدارة الحزب وكأنه مؤسسة عائلية أو ملكية خاصة .بل قيادته البد وأن تكون منتخبة، وخاضعة لتقييم الشعب ،ورقابة عامة ،و انتساب الشعب ألي حزب ،إنما يعبر عن شرعية أفكار الحزب وصالحية أهدافه وفعالية برامجه ،والثقة في قيادته أن تكون جديرة باالنتخاب باعتبارهم نخبة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أفرزها الحزب بإرادة الشعب الحرة ،وبشكل مدني حر ،وفي مرحلة تهيئة سياسية لدوره الحكومي في حال قبوله ن أكثر الشعب. وبالتالي تكون األحزاب السياسية أكثر نفعية وأوسع فعالية وأقصى كفاءة عندما يفهم كل فرد ماهية األحزاب السياسية بشكل دقيق وصحيح ويكون ملتزما و واعيا بشكل مسئول. وبذلك هناك أساسين البد أن يوضعان في مستهل صياغة قانون أو تكوين األحزاب السياسية" :أولهما بيان ماهية الحزب السياسي وحقيقة مقاصده ،وثانيهما دور األحزاب السياسي في الحياة العامة والسياسية" ،ويعت بر هذين األساسين روح المقومات والعناصر اإلدارية السياسية التي تكونان كيان األحزاب السياسية في البلد وحقيقتها وفعاليتها. األساس األول طبيعة تشكيل األحزاب السياسية يحددها الدستور والقانون فمثال ،من ناحية الماهية والمقصود ،نجد أن القانون المصري الحزبي تناولها على النحو التالي: حيث وفق قانون األحزاب السياسية رقم 099لسنة 2119يحدد بأن الحزب السياسي هو كل جماعة (مدنية) تؤسس طبقا للدستور وقانون األحزاب وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل الديمقراطية (والتعددية الحزبية) لتحقيق برامج محددة (منافسة) فيما بينها تتعلق بالشئون السياسية واالقتصادية واالجتماعية (والثقافية) للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم (والتداول السلمي للسلطة وفق مبدأ فصل السلطات). وكما يالحظ القاري بأننا أضفنا كلمات بين القوسين ،في داللة أو كل عبارة يتم إسقاطها أو إضافتها في الدستور والقوانين المكلمة سيكون لها دور في إدارة البالد ومصيره السياسي. حيث هذه العبارات المضافة في المثال المطروح ،توسع في تقييد النص وتجعله أكثر فعالية سياسية ودقة .حيث البد أن يكون لألحزاب دور ثقافي من أجل تغذية التنمية الفكرية وتنوعها وهي األرضية التي تنطلق وتغنى منها المجاالت السياسية واالقتصادية واالجتماعية فحرية العقل هي األساس في كرامة اإلنسان .كما أضافنا منافسة وذلك لغرض منع الصراع وخاصة أخذ الحكومة السلطة بقوة غير مباشرة كما تحدد منع الصراع وتنبي توفر عامل الكفاءة في األداء والجودة في البرامج لنجاح المنافسة ،وأضافنا التداول السلمي للسلطة على أساس مبدأ فصل السلطات وهذا يشير إلي تنوع مشاركة الحزب البرلمانية والرئاسية والحكومية ..كما حددنا تعريف الجماعة بأنها مدنية وذلك منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
لتفادي ظهور الحزب الواحد الحكومي المؤيد للسلطة الحاكمة بشكل مطلق ومدعوم لخدمتها وليس لخدمة الشعب والوطن. وخالصة القول بأن كل كلمة في الدستور البد أن ترتبط عضويا بالتي تقابلها في القوانين المكملة لغرض تحقيق النظرية السياسية الديمقراطية الصحيحة والمتكاملة ..حيث قانون األحزاب السياسية مؤسس على دستور ويكمله أي يضع تفاصيل وجزئيات األسس الدستورية بدقة بليغة وفي اتجاه واحد راسخ ومستقر. األساس الثاني حقيقة دور وإسهام األحزاب يحددها الدستور والقانون نص القانون المشار إليه بأن األحزاب السياسية التي تؤسس طبقا ألحكام هذا القانون (تؤسس وفق الدستور وتشكل طبقا ألحكام هذا القانون) ..تسهم في تحقيق التقدم السياسي واالجتماعي واالقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسالم االجتماعي واالشتراكية والحفاظ على مكاسب العمال والفالحين وذلك على الوجه المبين بالدستور.. في حقيقة األمر هذا النص بالقانون حدد نطاق ومضمون مبادئ وأهداف األحزاب ،وجعلها ملتزمة باإليديولوجية االشتراكية وقد غرس في الدستور كامل يلزم لتجسيدها في الدولة ،إال أننا قد وضعنا األسس وفق رؤية إسالمية مدنية وفصلنا الدين عن السلطة التنفيذية أي عن الحكومة وجسدنه في السلطة التشريعية والشورى بشكل أساسي ..وبذلك يمكن أي يكون النص السابق أكثر مالئمة للشعب الليبي عندما يحدد(أن األحزاب السياسية الليبية تسهم في تحقيق التنمية السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية على أساس المحافظة على وحدة الوطن وسيادة البالد ومصلحة وسالم وأمن المجتمع ورفاهية الفرد واألسرة ..وعلى أساس تحالف جميع القوى السياسية بالبلد من أجل السلم واألمان والنماء والحرية والكرامة والعدالة والمساواة والحفاظ القيم والمعتقدات اإلسالمية اإلنسانية والحضارية والعالمية ..وذلك على الوجه المبين بالدستور و وفق اإلرادة الشعبية الحرة. هنا منح لألحزاب السياسية المدنية دور أوسع ونطاق المبادئ واألهداف مفتوح ،غير مقيد بأيديولوجية ولكنه منضبط بمنبع أخالقي موحد وهو اإلسالم يتعلق بالتشريع والشورى ،وهذا مطلب لكل بلد أهله جميعا على دين واحد وقانونهم الكوني الدائم هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وهذا يمنع قيام أحزاب سياسية دينية بمعنى أن تقوم بعضها بمعادية اإلسالم أو التحلل من العقيدة لخدمة إيديولوجية عالمية ،أو أن تقوم بعضها على أساس نشر والدعوة للعقيدة .حيث مجال الدعوة كما هو في اإلسالم أو مجال التبشير كما هو في المسيحية هو دور مؤسسات المجتمع المدني الخيرية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أي تتنافس على الخيرات وليس على السلطات ..وال يمنع أن تصوت هذه المؤسسات الخيرية لألحزاب التي تعدها صائبة في مسلكها وأقوالها وأفعالها ومساعيها اإلنسانية والحضارية والعالمية أو أن تمتنع. وخالصة القول ال يجوز للحزب السياسي أن يباشر مهام الدعوة لألديان أو تأسيس دور عبادتها أو تفسير ونشر تعاليمها فذاك تخصص ومجال أخر ..ولكن من المهم أن تكون هناك أحزاب ذات طابع إسالمي أي تستمد إلهامها وفكرها وتنمية عقلها وروحها الذاتية و للمنتسبين وفي عمق برامجها من يحقق مقاصد الرسالة اإلسالمية الخمسة وهي :حرمة النفس وحرمة العقل وحرمة المال وحرمة الدين وحرمة الوطن. فقط أنظر إلي هذه المقاصد الخمسة وسوف تفصل ما بين الحزب السياسي اإلسالمي والجمعية الخيرية الدينية ،حيث الحزب ينطلق من المقاصد في صناعة برامجه وتشكيل مبادئه وأهدافه، والجمعية الدينية الخيرية تنطلق من العبادات لغرض تزكية النفس وتغذية الروح ،وباختصار أن األحزاب مسئولياتها صناعة مادية أي ما يتعلق باحتياجات البدن والعقل والضمير والجمعيات الدينية مسئولياتها روحية أي ما يتعلق بالقلب بالروح والقلب. واليوم بعد انتفاضة الربيع العربي في 2100وتحرر إرادة الشعب وكسر قيود الخوف وأغالل القمع وتحطم جذران سجون االستبداد وإلي األبد نجد جليا و واسعا رغبة الناس في أحياء الدور الفكري المادي في الحياة السياسية اإلنسانية ولعالمية ولحضارية ،حيث فاز حزب النهضة ذو الطابع اإلسالمي بأغلبية أصوات الشعب لتونسي ،وفازت األحزاب اإلسالمية في مصر وكذالك حزب العدالة والتنمية في المغرب ومن قبلهما حزب العدالة والتنمية في تركيا وهي دولة ذات دستور علماني ..وهذا كافي لبيان أن إرادة الشعب هي التي تقرر ما يجب على كل فرد وليس إلرادة فرد وحده أن تقرر ما يجب على الجميع الخضوع له. عالقة األحزاب السياسية بالدستور ولغرض تسهيل عملية تأسيس وإدارة األحزاب السياسية بفعالية ،فإنه كما ذكرنا أنه هناك مبدئين: أوال ،ضرورة أن يحدد الدستور في ركنه األساسي وهو مسألة مقومات الدولة أن التنظيم السياسي في الدولة يقوم على التعددية الحزبية ،أي أكثر من حزب تتنافس للوصول للسلطة وأن توزع مقاعد السلطات فيما بينها نسبيا حسب األصوات الشعبية المؤيدة لها. ثانيا ،أن يحدد كثيرا في الركن الثاني وهو الخاص بأسلوب الحكم كثيرا من األسس كما أسلفنا ،وعلى سبيل المثال ،من تلك األسس الهامة وهي "طبيعة المشاركة السياسية" أي هل النظام رئاسي أم منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
برلماني ،وأن يحدد أن الجهة المسئولة هي "اللجنة السياسية" التابعة للبرلمان-السلطة التشريعية أي السلطة الممثلة لمصالح الشعب وإرادته ،وذلك لتفادي خطأ إمكانية االعتقاد أو التضليل بأن تبعية األحزاب السياسية للسلطة التنفيذية "الحكومة" كما أن ذلك يشير بأن األحزاب عندما ال تكون هي الفائزة وليست في الحكم تكون ليس سلطات أو مشاركة تنفيذية وتكون تمارس دورا معارضا وليس ضاغطا ،فالدور المعارض يقوم عرض الحجج ومقارنة مع أداء التنفيذ مع ما كانت تعرضه من برنامج انتخابي وال تمارس ضغط ألن الضغط يتطلب هدف مصلحة محددة وهذا ال يتناسب مع دور األحزاب التي تقوم على أساس خدمة كل الشعب والبلد كوحدة واحدة متجانسة متكاملة. وخالصة الدرس أن "الديمقراطية السياسية الشرعية المعاصرة" تقوم على مبدأ :ال ديمقراطية بدون تعددية حزبية دستورية. وأن يضع الدستور األسس السياسية لألحزاب وأن يشير إلي قانون االحزاب السياسية المكمل للدستور.
مطلب :2العملية احلزبية يف التجربة األملانية حسب الدستور األلماني فإن مهمة األحزاب السياسية هي المساهمة في بناء الوعي السياسي للشعب. وهكذا فإن تسمية مرشحين للمناصب السياسية وتنظيم حمالت انتخابية ترقيان إلى مرتبة الواجبات الدستورية .ولهذا السبب تحصل األحزاب على تعويض مادي من الدولة مقابل النفقات التي تتحملها في إطار هذه الحمالت االنتخابية .هذا التعويض المادي ألعباء الحمالت االنتخابية الذي ابتدعته ألمانيا ،أصبح مبدءا متبعا في معظم ديمقراطيات العالم .وحسب الدستور أيضا فإن تشكيل األحزاب السياسية يخضع لألسس الديمقراطية (ديمقراطية األعضاء-أي تكوين هيئتها العامة عبر انتخاب حزبي حقيقي) .وينتظر من هذه األحزاب اعترافها بالدولة الديمقراطية . أما األحزاب التي يشكك في ديمقراطيتها فيمكن منعها بناء على طلب تتقدم به الحكومة .ولكن ليس هناك ما يلزم بمنع هذه األحزاب .وعندما تتبين الحكومة أن أحد هذه األحزاب يشكل خطرا على النظام الديمقراطي وتتشكل لديها القناعة بأن منعه ضروري ،فيمكنها في هذه الحال تقديم طلب بحظر هذا الحزب .أما قرار المنع بحد ذاته فهو محصور بالمحكمة الدستورية العليا .وبهذه الطريقة يمكن منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
تفادي خطورة أن تقوم األحزاب السياسية الحاكمة بمنع أي حزب يعارضها ،ويشكل خطرا سياسيا منافسا لها . كانت طلبات حظر األحزاب في تاريخ الدولة االتحادية قليلة جدا ،وكان من النادر حظر أحدها. فالدستور األلماني يشجع ويدعم األحزاب .واألحزاب بدورها تمثل في جوهرها أدوات التعبير عن آراء المجتمع واتجاهاته .وهي تتحمل مخاطر الفشل في االنتخابات وآثار انسحاب أعضائها ،وتبعات الجدل حول الشخصيات وتوزيع المناصب وحول المسائل الحساسة في البالد . نظام األحزاب األلماني في غاية الوضوح .ومن نظام هيمنت عليه ثالثة أحزاب دام لفترة طويلة، تطور اآلن نظام ثابت من خمسة أحزاب رئيسية ،وذلك مع توسع كل من حزب الخضر في الثمانينيات ،والحزب الذي خلف الحزب االشتراكي في ألمانيا الشرقية SEDبعد عودة الوحدة األلمانية في .0551في انتخابات البوندستاغ األخيرة 2115حققت إلى جانب األحزاب الشعبية الواسعة االنتشار CDU/CSUو ، SPDأحزاب أخرى "صغيرة" نتائج طيبة تجاوزت نسبة % 01 تنتمي أحزاب االتحاد المسيحي لعائلة األحزاب األوروبية المسيحية ،وتشارك في كافة أنحاء ألمانيا تحت اسم االتحاد الديمقراطي المسيحي) ، (CDUماعدا والية بافاريا (بايرن) ،حيث تخلى الحزب عن التواجد تحت اسمه األساسي فاتحا المجال أمام شريكه حزب االتحاد االجتماعي المسيحي (CSU) .وقد اعتاد ممثلو الحزبين في البرلمان على بناء كتلة برلمانية مشتركة. الحزب الديمقراطي االجتماعي األلماني ) (SPDهو ثاني أكبر حزب سياسي ألماني ،وهو ينتمي إلى أسرة األحزاب الديمقراطية االجتماعية والديمقراطية االشتراكية في أوروبا .وتعتبر كل من أحزاب CDU/SCUو SPDمسألة الدولة االجتماعية من األمور األساسية التي ال خالف عليها ،وال بديل عنها .وبينما يعبر حزبا CDU/CSUعن مصالح الشركات وأصحاب األعمال الحرة ورجال األعمال ،يعتبر حزب SPDمقربا من النقابات .الحزب الديمقراطي الحر ) (FDPينتمي إلى عائلة
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األحزاب األوروبية الحرة .وهي تعتمد مبدأ تدخل الدولة في السوق ،أي في الحياة االقتصادية بأدنى حد ممكن .وهو يمثل بشكل أساسي مصالح أصحاب الدخل المرتفع والطبقات المثقفة وينال تأييدها . أما حزب الخضر فهو ينتمي إلى أسرة أحزاب الخضر والبيئة األوروبية .وما يميز هذه األحزاب هو دعوتها للربط بين مبادئ اقتصاد السوق وبين الرقابة الصارمة للدولة على حماية الطبيعة والبيئة. ويمثل الحزب أيضا مجموعات الناخبين من أصحاب الدخل الجيد والمستوى الثقافي فوق المتوسط . الحزب اليساري هو أحدث قوة سياسية ناشئة تزداد قوة وأهمية في البالد .ويتمتع بقوة واضحة بشكل خاص في الواليات الشرقية التي انضمت إلى الجمهورية االتحادية مع عودة الوحدة األلمانية .ولكنه تمكن أيضا من دخول البرلمانات في الواليات األخرى .وباعتباره حزب يولي مسألة العدالة االجتماعية أولوية مطلقة يعتبر في موقع منافس لحزبSPD وقد اتخذ المجلس البرلماني الذي صاغ الدستور في العام 1545من صورة رئيس الوزراء البريطاني مثاال له عندما قرر منصب المستشار االتحادي. حيث يتمتع رئيس الوزراء البريطاني بذات الصالحيات التي يتمتع بها المستشار ،بل وتزيد صالحياته عن صالحيات المستشار .ففي النظام البرلماني البريطاني يقوم حزب واحد بحكم البالد ،حيث يمنح نظام األغلبية حق الحكم للحزب األقوى في البرلمان .أما في البوندستاغ فال يتمتع عادة حزب واحد باألغلبية .ولهذا فإنه ال مفر من تشكيل ائتالف بين األحزاب المختلفة من أجل أن يتم انتخاب المستشار . وتلعب العملية الحزبية دور مهام حسب الفلسفة الدستورية األلمانية، وعندما نقول فلسفة فنعني الحكمة العملية ،حيث يسبق انتخاب المستشار مشاورات بين األحزاب التي ستشكل الحكومة .وهنا يدور الحوار حول توزيع المناصب الوزارية بين األحزاب ،وحول إنشاء وزارات جديدة أو إلغاء وزارات معينة .ويتمتع الحزب األقوى في هذا التحالف بحق تسمية المستشار االتحادي .باإلضافة إلى ذلك تتشاور األحزاب حول برنامج عملها في السنوات القادمة .ويتم تثبيت نتيجة مشاورات االئتالف هذه من خالل التوقيع على ما يسمى "اتفاقية االئتالف" .وبعد االنتهاء من هذه الخطوات يتم انتخاب المستشار .وعادة ما تسبق المشاورات بين األحزاب الحاكمة قرارات الحكومة وترافقها .وإذا ما نضب نبع التآلف والوفاق بين األحزاب الحاكمة فإن استبدال المستشار يصبح أمرا شبه مؤكد .إعفاء منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المستشار من مهامه الذي يتم من خالل حجب الثقة عن الحكومة ،يجب أن يرافقه انتخاب مستشار جديد .هذه الخطوة الجريئة في حجب الثقة البرلمانية عن الحكومة ،تلزم األحزاب الممثلة في البرلمان بتشكيل حكومة غالبية جديدة قادرة على الحكم ،حتى قبل قيامها بعزل المستشار .وقد تمت حتى اآلن محاولتان فقط لعزل المستشار ،نجحت واحدة منهما في العام :1582حيث تم آنذاك سحب الثقة من المستشار الديمقراطي االجتماعي هيلموت شميت، وانتخب مكانه المستشار الديمقراطي المسيحي هيلموت كول . كما يمكن للمستشار االتحادي أيضا طرح موضوع الثقة على البوندستاغ في أي وقت يشاء ،لكي يتأكد من استمراره بالتمتع بالدعم غير المشروط لألحزاب الحاكمة .وإذا لم يفلح المستشار في نيل هذه الثقة ،أي إذا فشلت الحكومة في تحقيق الغالبية البرلمانية ،فإن قرار حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة يعود في هذه الحال لرئيس الجمهورية .ويمكن لرئيس الجمهورية أيضا مطالبة األحزاب الممثلة في البوندستاغ بمحاولة تشكيل حكومة جديدة . ولم يسبق أن حصل في تاريخ ألمانيا االتحادية فشل حقيقي ذريع في نيل الثقة البرلمانية .ولكن كان هناك ثالث خسائر للثقة :حيث أحجب أعضاء برلمانيون من األحزاب الحاكمة أو أعضاء من الحكومة عن التصويت ،وذلك بهدف إسقاط الحكومة والعمل على تشكيل حكومة جديدة ،وكان ذلك في األعوام ( .)2115 ،1582 ،1572وقد تم اللجوء إلى هذه الطريقة ألنها الوحيدة التي تضمن فرض عملية االنتخابات المبكرة التي ال يسمح بها الدستور إال في مثل هذه الحال .وهذه العملية تتطلب موافقة رئيس الجمهورية على أية حال ،وهي موضع خالف قانوني
مثال األحزاب السياسية يف النمسا لقد كانت إرادة الشعب النمساوي وتصميمه على بناء بالده في سنوات ما بعد الحرب عامال كبيرا في تحقيق حياة سياسية مستقرة يعكسها استقرار توزيع القوى الحزبية منذ 0589في ظل تعددية ديمقراطية صحيحة تتقيد بالمعايير األوربية الغربية. وما أريد أن يالحظه القراء والناشطين السياسيين الدرسين التاليين: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أن االشتراكية في دول أوربا الغربية هي حركة اجتماعية على مستوى دول أوربا العربية وهي خاضعة للديمقراطية السياسية الليبرالية ،وهذا يفيدنا أن تعمل األحزاب العربية على إخضاع لتطورها ومصالحها وخصائصها وقيمها وال تكون مجرد دمية سياسية بدون روح حقيقية ومشاركة تفاعلية تنموية. إن حزب الشعب النمساوي ،هو حزب يمثل المسحيين بعمومهم ،ويمثل العمال جميعهم ،وهو عضو في االتحاد األوربي للديمقراطيين المسحيين ،وعضو في االتحاد الديمقراطي األوربي ،وعضو في االتحاد الديمقراطي العالمي ،ويشارك أعضائه في القيادات المنتخبة لهذه االتحادات الخاصة بالعالم األوربي .وبالتالي ال يجوز في العالم العربي تبني "الجاهلية لحزبية" ،أو تبني "العلمانية بصبغة الجاهلية" بمعنى أن تكون حياتنا السياسية والقوى الحزبية تحارب اإلسالم بشكل مباشر او غير مباشر ،بل واجب عليها أن تقتدي باألسوة الحسنة واألمثال الحسنة ،وأن تؤسس اتحادات حزبية على مستوى العالم اعري ،وأن يكون اإلسالم في عموم مقاصده وأحكامه يصنع تصورا وسطا يجمع الشعب العربي المسلم وأن يمثل العمل الصالح في كل المجاالت .وكحد أدنى حسب المرحلة أن تمارس جانب الوعي الالزم. وتتنافس حاليا األحزاب التالية: الحزب االشتراكي النمساوي : SPOتأسس عام ، 0115وكان حزب معارض أثناء فترةحكم إمبراطورية النمسا-المجر ،وكان في 0501القوة الدافعة في تأسيس الجمهورية النمساوية ،وتحول عام 0521مرة أخرى إلي حزب معارض ،و من ممارسة أعماله كحزب عام 0538بسبب االحتالل األلماني ،وأجبر على العمل السري ،تمت تأسيسه في العام ،0589 ويفوق أعضائه سبعمائة ألف عضو مسجل ،موزعين حسب المقاطعات والمناطق .ومرتبط باالشتراكية العالمية ،وتتشكل رئاسة الحزب من مؤتمر عام منتخب .ويعد هذا المؤتمر السلطة العليا في الحزب وهو من يرسم سياسته ،وتنتخب إدارة الحزب من بين أعضاء هذا المؤتمر العام ،ومن أعضاء إدارة الحزب ينتخب األمين العام للحزب .ومن األهمية ذكر مبادئه ،وتشمل ( أن االشتراكيين يريدون تأسيس مجتمع اشتراكي يراعي الظروف المعيشية للناس والعالقة بينهم ،ويهدف تفتح وانطالق شخصية الفرد في المجتمع ،وأن يزيلوا الطبقات وأن يوزعوا بعدالة اإليراد العام للدولة ،وهي حركة عالمية تتضافر فيها قوى البشر ليعملوا سوية على أساس القيم اإلنسانية ،وعلى أساس الماركسية ،أو على أسس اجتماعية أخرى أو على أساس اعتقادهم الديني ،ومن ثم في االشتراكية النمساوية فإن االشتراكية والدين ليس متضادين ،وأن االشتراكية النمساوية تؤمن بشكل مطلق بالديمقراطية وأن القرار السياسي يعود لألغلبية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الشعبية ،وكذلك المعرضة والمقومة بقوة ال تلين كل أشكال الفاشية والشيوعية) .وفي تقديري أن الفصل بين االشتراكية والشيوعية وشتى أشكال االستبداد الفاشي في العالم العربي مستحلية التحقيق ،وذلك بسبب أن االشتراكية في أوربا الغربية اختلفت عن االشتراكية الشرقية ،كما أنهم ال يعرفونها أو يفهمها عموم الناس باالشتراكية وإنما يحددونها بمسمى "االجتماعية" في أوربا الغربية ،وهي تخضع للديمقراطية الليبرالية السياسية العالمية على مستوى أوربا وبزعامة الواليات المتحدة ،وبهذا نجحت الليبرالية الغربية أن تبلور االشتراكية الشرقية في قالب االجتماعية في األحزاب األوربية ،وال يسمح لها أن تساند أو تتحول إلي أحزاب شيوعية عدوة لمصالحها) .والمقصود هنا أليس من حق العرب أيضا أن تكون لهم مرتكزات حزبية على مستوى عالمهم وقوميتهم وعقيدتهم الواحدة وهي روح قوتهم و وحدتهم. أليس اإلنسانية والعدالة في التوزيع والسياسية الشرعية هي صلب مقاصد اإلسالم .فالحكمة أن نأخذ من كل شيء أحسنه ونذر باطله ونسأل أهل الذكر فيما ال نعلمه. حزب الشعب النمساوي : OVPلقد تأسس في ،0589من قبل ممثلي المجموعات الرئيسةللتجمع المسيحي االشتراكي في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية ،وهو حزب المسحيين الديمقراطي ،وتعتمد مبادئه على دعم االتحاد الفيدرالي ،وعلى المدمج االجتماعي والمساواة والعدالة في التوزيع ،ويقوم على أساس مبدأ التكامل االجتماعي ،ويسعى إلي التوافق بين مصالح القطاعات المختلفة للمجتمع االتحادي الذي يتحدث بثالثة لغات إنجليزية وفرنسية و ألمانية ،وإن كانت األلمانية هي اللغة الرسمية ،ومن أهدافه االلتزام بحرية واستقالل النمسا وبديمقراطية دستورية متعددة األحزاب واقتصاد سوق اشتراكي ،ونظرته بشكل عام مرتكزة على مبادئه المسيحية بدون التزام بأي عقيدة أو مؤسسة كنسية معينة ،ويعزز المؤسسات الديمقراطية وأن يلعب جميع أفراد الشعب دو في النشاط السياسي وفي تكوين الرأي العام السياسي .ويتألف بشكل ثانوي من ستة اتحادات عمالية ،وهي مؤسسات مدنية غير حكومية، وحسب قانون االتحادات والغرف في النمسا ال تمارس الحياة الحزبية بذاتها وإنما غرضها المصلحة العمالية ،وبالتالي يمكن أن نصنف هذا الحزب في تقديري يجمع بين حزب العمال في بريطانيان والحزب االجتماعي االشتراكي في ألمانيا ،وهكذا في أهم ما يميز العقلية األوربية أنها تنافسية مما يجعلها دائما في مستويات متقاربة في القوة والفعلية .وتشمل اتحاد المزارعين ،اتحاد التجار ،حركة النساء ،شبيبة الشعب ،واتحاد المتقاعدين .والهيئة العليا لحزب الشعب النمساوي هي "المؤتمر الوطني للحزب" ،الذي يجتمع في كل ثالثة سنوات من أجل انتخاب كبار المسئولين وبخاصة رئيس الحزب ونوابه وأعضاء اللجنة التنفيذية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حزب األحرار النمساوي : FPOكما تعلم بأنه بعد تحرير النمسا من ألمانيا ،كانت قوىالحلفاء تتشكل من الدول الربعة الكبرى ،ولم تتفق على تأسيس حزب خاص يمثل الليبرالية، وسمحت فقط بحزب الشعب المسيحي والحزب االشتراكي ،وفي عام 0585تأسس كاتحاد يمثل المستقلين ،وهو ما أرسى األسس لقوة سياسية ثالثة ،وأنضم إليه كل من خابت أمالهم في حزبين اآلخرين ،وهو عارض بشدة المعادلة المركسية ونظرية صراع الطبقات ،قم الحزبين اللذين دائما يشكالن إتالف حكومي في قيام حزب ثالث وتفكك نتيجة لذلك .وفي عام 0599تأسس حزب األحرار وشكل إيديولوجية واضحة تختلف عن الحزبين اآلخرين ،وكان هو الحزب المعارض الوحيد خالل الفترة ،0599-0599وبعد عقد إتالف حزبي االشتراكي والمسحيين ،واجه معارضة حزب الشعب خالل فترة الحكم ،0591-0599وعندما كان حزب االشتراكي يشكل األقلية في الحكومة دعي حزب األحرار لتحمل مسئولياته السياسية، وخالل 0511-0590كان الحزب االشتراكي هو صاحب األغلبية ويرأس الحكومة ،وقد أصبح حزب األحرار يشكل موقف الشريك المتفاوض المستقل عن كل الحزبين المتنافسين، ومكنه ذلك أن يلعب دورا في صنع السياسات العامة .ومن خالل برنامجه األساسي في عام 051وبيانه الخاص بالمسائل االجتماعية يحث المواطنين على أهمية االنجازات الفردية وتحمل مسئوليات الحرية بدال من التضحية باألهداف الشخصية مقابل ضمان اجتماعي ظاهري .وبالتالي هو حزب واضح معارض للحزبين اآلخرين ويكرس الرأسمالية الليبرالية بشكل أبعادها. حزب الخضر للبيئة : Green Partyفي حقيقة األمر ،تشكل حزب الخضر في 0591كماهو لحال في مثير من الدول األوربية ،علما بأنه كان في األساس مجموعات تعمل من أجل حماية البيئة ،ومن ثم تألف منها حزب الخضر .وعندما كانوا كجماعات كانوا معروفين لدي الشعب وخاصة في دورهم أمام البرلمان ويقفوا في منع تخريب أحد الغابات وهي أخر غابة في وسط أوربا ،ولكنهم في العام 0519أدركوا بأن تشكيل حزب يمثل مبادئهم ويشارك في السياسات العامة عبر الحكومات المنتخبة هو أقوى وسيلة ،وبالفعل استطاعوا في 0519أن يحصلوا على ثمانية مقاعد .ومن األهمية بمكان معرفة أن لهذا الحزب مبادئه العالمية ،وعلى سبيل المثال ،تشمل ،أسس عالمية في عالقة البيئة باألحياء ،النزعة االجتماعية ،األسس الديمقراطية ،وعدم استعمال العنف وحرية الفكر والتحرر السياسي والتسامح ،وبشكل عام، فإن هذه األحزاب مماثلة على مستوى أوربا وتستفيد من أدبيات بعضها ،إال كل منها مختص في نطاق بالده .وهي تشاهد تطور وباهتمام باستمرار.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وبشكل عام ،نالحظ أنه منذ 0595يسيطر حزبان كبيران على الحياة السياسة في النمسا ،وهما الحزب االشتراكي وحزب الشعب ،بحصولهما على األغلبية في البرلمان بشكل متناوب.. وعند دراسة توزيع القوى الحزبية خالل انتخابات ،0519 ،0512 ،0595 ،0599أن حزب االشتراكي فاز بالحكومة خالل 0599و 0595بزيادة بسيطة عن %91عن حزب الشعب، وتشكلت حكومة إتالف في 0512و 0519بحكم لم يتحصل أي حزب على األغلبية وتحصلوا على مقاعد بالكاد تكون مناصفة بما ال يتجاوز تسعة مقاعد من 013مقعد في البرلمان ،وكانت مقاعد حزب األحرار دائما خالل هذه السنوات في حدود ، 01وتحصل في انتخابات عام 0519على 01 مقعد وحزب الخضر على 1مقاعد.
)(2 قانون نظام األحزاب السياسية لفهم عملية تشكيل وإدارة األحزاب السياسية بفعالية ،فهناك قانون خاص باألحزاب السياسة وهو األداة اإلدارية والسياسية والضوابط السلوكية والمنهجية ،والذي في ظله تؤسس وتعمل األحزاب وتقوم بأدوارها الرسمية وتفي برسالتها الحقيقية بشكل مشروع. وبشكل عام ،فأنه في أي قانون سياسي لألحزاب هناك الجانب اإلداري والجانب السياسي وجانب الضوابط التأديبية. وكما ذكرنا تقاس مشروعية األحزاب السياسية ويقيم مدى نجاحها بمدى فعالية مخرجاتها وهي إنتاج سياسات عامة تحل مشاكل الناس الراهنة بكفاءة ومصداقية ،وتكون على أسس فكرية تحقق لها منهجية علمية وعملية سليمة. وإذا ما تبنت األحزاب السياسية الدقة الفكرية وعالنيتها وسياساتها العامة المقترحة وفعاليتها فإنها سوف تكسب ثقل شعبي وقوة سياسية كبيرة ،تعزز ديمومتها و تمركزها في الهيئة الحاكمة. وبذلك سوف نقسم مناقشة مقومات قانون األحزاب السياسية إلي ثالثة مكونات ،وهي: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مكون التنظيم اإلداري. مكون التنظيم السياسي. مكون الضوابط السلوكية.وفيما يلي تفسير للعناصر التي تتشكل منها هذه المكونات في العملية الحزبية التعددية: ، ،ترتكز عليها فعالية العملية الحزبية ،وحقيقة دورها الجوهري في السياسات العامة:
مطلب :1مكون التنظيم اإلداري يتضمن هذا المكون على مجموعة من العناصر التي توضح كيفية تأسيس األحزاب السياسية بحيث تكون أوال ،مشروعة أي وفق الدستور ،وثانيا لكي تكون موحدة في نظام الدولة ،أي واضحة المعالم منذ البداية وتكون أسسها والنوايا عالنية ومنبثقة من قاعدة شعبية و وقادرة على أن تنمو على أرضية فكرية سليمة وخصبة تزودها بقدرة اإلثمار واالنتشار في الحياة بشكل طبيعي وإيجابية مفيدة للمجتمع ومفيدة للحياة الديمقراطية. فمثال ،وجدنا أن في القانون األساسي ما يجيز في الحياة السياسية أن تمنع أي أحزاب سياسية من العمل إذا وجد أنها تعيق الحياة الديمقراطية وتفشل التعددية الحزبية .ولذلك رغم أن النظام األلماني اشتراكي إال أخضع االشتراكية لنموذج اجتماعي وجعلها خاضعة للديمقراطية وتقبل نظام االقتصاد الحر .وهكذا لكل دولة خصوصيتها وهناك ظروف وتطورات بيئية مختلفة ،فالبد من أن يكون هناك قانون عملي ومنهجي يحقق كفاءة العملية الحزبية. كما أننا نجد في القانون األلماني بأن اختيار قيادات األحزاب تكون عن طريق "االنتخاب" ،وبالطبع هناك مراقبين من الحكومة ومن مؤسسات المجتمع المدني وبشكل يعكس مصداقيتها والتفاعل العلني الحيوي. وباختصار شديد في المكون اإلداري دائما هناك ثالثة مسائل في غاية األهمية ،وهي: وجود قاعدة شعبية تشرع لتأسيسه :متكون هناك قوة شعبية تجيز "الفكر الحزبي" ،وتدعممشروعية الموافقة التشريعية بشأن "منح اإلذن أو سحبه" .كما أنه في حقيقة األمر ،هذه القوة-الشرعية الشعبية هي متغيرة ،أي بعد انتهاء الفصل التشريعي وانتخاب برلمان جديد تتقدم األحزاب المرفوضة مرة أخرى وتعديل ما يجب تعديله ،ودائما تكسب طالما لها قوة شعبية ومبادئ وأهداف مشروعة وطنيا وسياسيا وحضاريا وإنسانيا وعالميا. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
قيادات حزبية مشروعة :وهي ترتكز على عملية االنتخاب الحزبي المقنن ،وترتكز علىموافقة الشعب وموافقة السلطة التشريعية .ونشير هنا إلي أن العملية الحزبية هي من ينتج قيادات الدولة في النظم الديمقراطية .أي بكلمات أخرى ،الذين ينصبون أنفسهم في الهيئة العليا لألحزاب هم من سيكون في الحكم ،فالبد أن يكونوا في األساس منتخبين ،لكي يقبلوا بتداول السلطة فيما بعد عن طريق االنتخاب العام ،ولكي يجعلوا حزبهم متجدد ويفرز أفضل القيادات وال تكون محتكرة كأي مؤسسة خاصة .فاألحزاب السياسة مؤسسة عامة وتؤسس وفق قانون عام سيادي. مراقبة التمويل :حيث تخضع مراقبة حسابات األحزاب لديوان المحاسبة ،فهو كأي جهةرسمية من مكونات الدولة .وكما ذكرنا هذه األحزاب هي من ينتج رؤساء الدول ورؤساء البرلمانات وتؤثر على تعيين الوزراء والسفراء وقيادات الجيش ،فالبد أن تكون مؤسسة تمتع بالشفافية ،والمصداقية والكفاءة المحاسبية ،والكفاءة القيادية في كيفية اإلنفاق ومخرجاته. ومن األهمية بمكان أننا قمنا تصنيف المقومات على هذا النحو للتركيز على حتمية أن يعي كل حزب سياسي كامل وجباته قبل أن يقفز للممارسة دوره السياسي والمطالبة بحقوقه. والقانون يوضع من منظور كيف يصنع أحزاب متعددة قوية سليمة شرعية مخلصة للوطن والمجتمع والقيم العالمية واإلنسانية. فرسالة العرب في األرض هي تجسيد مكارم األخالق .ويكون ذلك بنشر السالم ومنهج اإلسالم خير معين ،ونشر األمان و وسيلة اإليمان بالحق هي أفضل طريق. وفيما التفسير السياسي لبعض هذه العناصر الحزبية األساسية:
مشروعية "اللجنة العليا" المختصة بشئون األحزاب السياسية في حقيقة األمر ،هذا عنصر جوهري ،في العملية الحزبية التعديدية الصادقة والفاعلة والمشروعة، وكما ذكرنا البد من أن يضع الدستور الوطني أسسها بدقة و وعي تام ،فهي القيادة العليا للعملية لحزبية السياسية في البالد ،وهم وجه الدستور ،وسوف يعملون وق ما يحدد الدستور المنتج مسبقا، فدستور ناقص يؤدي إلي ممارسة حزبية ناقصة ومشوهة ،ودستور كامل وشعب واعي ومسئول سوف يؤدي ذلك إلي عملية سياسية ناجحة وممارسة حزبية دقيقة ومتطورة وفاعل .وبالتالي البد من مالحظة التالي – )0( :أن يحدد الدستور تبعية واختصاصات هذه اللجنة بصراحة واضحة ،حيث في منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الديمقراطية التعددية البد أن ينس الدستور بأن على البرلمان المنتخب تشكيل لجان متخصصة ،ومنها "للجنة شئون األحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني" ،وأن تكون هي الجهة اإلدارية العليا لمتخصصة بكافة نواحي واحتياجات وضوابط وحقوق وتراخيص األحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع مدني .وعدم وضع هذه اللجنة تحت رقابة أو تبعية السلطة التنفيذية فهذا خطأ ديمقراطي أو عدم ذكر تبعيتها فهذا تضليل سياسي )2( ..أن تتقدم األحزاب الجديدة بطلبات تأسيسها إلي هذه اللجنة وليس للسلطة التنفيذية أي عالقة مباشرة وال يجوز التدخل في شأن إدارة األحزاب السياسية بأي شكل أو وسيلة أو أي وجه خالفا لدستور ..فحقيقة األحزاب السياسية هي جزء من المجتمع المدني المنافس على السلطة ،ويسعى لتقديم دور أفضل وإقناع الشعب أهمية دوره وفكره وبرامجه)3( . يكون التمويل الرسمي لألحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عن طريق هذه اللجنة المتخصصة وليس بأمر من الحكومة ،وبالتالي تضع هذه اللجنة التقديرات السنوية وفق األحزاب الفاعلة والمرخصة وكذلك كافة مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في شأن محدد ،وعادة ما سن قانون األحزاب السياسة هذه القيمة ،بحيث هي متغير ،تزيد مع الزمن وحجم الحزب ،فمثال نجد في هذا لشأن أن القانون المصري حدد مئة ألف جنيه للحزب السياسي وعشرون ألف للمؤسسة الخيرية.. وأشترط أن يكون الحزب قد أكتسب ما اليقل عن %9من مقاعد البرلمان ،وهذا شرط هام من أجل تميز األحزاب الفاعلة والتي لها شرعية شعبية من تلك الغير فعلية ،كما يمنع أن تستغل تأسيس األحزاب من أجل كسب الدعم المالي البرلماني أي الشعبي ..كما أنه هناك ضابط أخر هام ،وهو أن حج م هذا الدعم يزيد كلما زادت عدد المقاعد مكتسبة باالنتخاب ،وهذا يعكس أحقية لحزب بحكم حجمه الشعبي ،كما أنه يمثل نسبة أكبر من لمجتمع فيجب أن يكون له حجم أكبر نسبي من لدعم العام ،واللجنة السياسية البرلمانية هي من تضع هذه التقديرات وتتابع هذه الضوابط وتصرف هذا ا لتمويل ،وهي في ذاتها تخضع لرقابة ديوان المحاسبة بالدولة ،إذا نحن نتكلم عن منظومة ديمقراطية محكمة البد من توليها من ناس أمناء وليسوا بخبثاء وناس وطنيين وليسوا بمضللين )3( .من صالحية البرلمان االستعانة بكل من تراه مناسبا للتكليف لعمل بهذه اللجنة المتخصصة ،فهي تطبق الدستور وال تمثل أحد ،ويجب أن يكون االختيار من المستقلين بشكل صحيح ال غبار عليه ،ويمنع أن يكون من ضمنها من شارك في تأسيس أو قيادة أو إدارة أي حزب سياسي فاعل أو موقوف أو منحل، ألن في ذلك ضرر على األحزاب األخرى وسوف يحدث خلل ،كما أنه من واجب كل برلمان جديد منتخب أن يقيم اللجنة الموجودة فإذا توفر ثلثي أصوات البرلمان يستبدل عضو للجنة أخر أجدر)8( . أهمية معرفة أن هذه اللجنة هي قيادة تنسقيه بدون سلطات ،وهي الجهة الوحيدة التي تتعامل مع ألحزاب ،وال يجوز لألحزاب السياسية أن تراسل أو تتصل أو تتعامل مباشرة مع الحكومة أو البرلمان مباشرة ،ألن هذه المؤسسات هي خليط من األحزاب حسب نسبة فوزا ،وطالما هي في الحكم فقد أصبحت تمثل كل الشعب وال تمثل حزب بعينه ،وعندما يالحظ عليها ذلك تتعرض منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
لالستدعاء إلي البرلمان للتحقق ومن ثم االستجواب وهو طريق لسحب الثقة عندما يكن هناك مؤيدات تؤكد خلل في التطبيق الحزبي السياسي .إذا دور اللجنة أيضا رقابي على صحة سير العملية الحزبية منذ التأسيس ،وعبر االنتخابات ،وخالل كل مراحل التنفيذ التشريعي والتنفيذي )9( .هناك دور المعارضة الحزبية ،وهو عندما يكون هناك حزب فاز بعدد كبير من األصوات وخرج منافسه م السلطة بخسارة كبيرة ،فتحدث عملية "المعارضة السياسية" اإليجابية وهي صحية سياسية طالما كانت علمية وعقالنية و واقعية و وطنية ،فمثال ،يتخذ الحزب الحاكم وهو الغالب في عدد مقاعد البرلمان والمناصب الوزارية سياسية أو قرار سلم أو حرب أو خطة تنمية فاشلة ،فيقوم بطرح أفكاره في صحفه ومؤتمراته وتصريحاته فقط وال يجوز له التظاهر أو المشاركة في إضراب أو التحريض ضد الحكومة فهي متخبة وشرعية ،ولكن يحدد الخطأ ويعرض الصوب والشعب هو من يحكم ومن يحدد وسيلة التصرف بدون وجود عمل تنفيذي أو مشاركة ملموسة من الحزب في ميادين تظاهر أو إضراب الشعب )9( .إذا عرف الشعب مسئوليته باستمرار عبر األجيال وعرف الحزب دوره في كل األوضاع وعرفت الجنة األحزاب والبرلمان أمانتها بإخالص للوطن والمجتمع تحققت الديمقراطية في أرض الواقع بنجاح وبقدر مستوى كمال الدستور ودقته.
مشروعية األسس الفكرية والبرامج السياسية على كل حزب سياسي أن يضع بدقة وشمولية كافة مبادئه وأهدافه ،ويقدمها إلي اللجنة السياسية بالبرلمان في طلبه للترخيص .وتعتبر تلك المبادئ واألهداف من العناصر الجوهرية في اتخاذ قرار األذن الدستوري حقه في ممارسة هذا الحزب السياسي دوره المدني والسياسي وأن يتنافس مع غيره من األحزاب في الوصول إلي السلطة ،أو رفض منحه األذن مع ذكر أسباب الرفض للمتقدمين بتأسيس حزب سياسي .وهناك اشتراطات دستورية فيما يتعلق بجملة هذه المبادئ واألهداف فهي يجب أن مشتركة ومتجانسة على مستوى الدولة مع غيرها من مبادئ وأهداف األحزاب األخرى، وهذا أمر حيوية للغاية ،حيث يجب أن تكون اللجنة السياسية التابعة للبرلمان من العلماء والكتاب والمفكرين والخبراء بحيث يحققوا بأن مقصود األحزاب هو تكوين قوى سياسية متجانسة وفي اتجاه خدمة البلد وليس بأي حل أن تكون معادية لبعض أو متصارعة أو في خدمة أجندة خارجية أو عبثية أو غير عميقة في طرحها مما يدل على سطحيتها وعدم تأهلها بشكل كافي مما سيكون له أثر سلبي على الديمقراطية أكثر من كونه إيجابي ..ولذلك نجد في العالم بأنه دائما ما يكون هناك حزبين رئيسيين لقوة مبادئهما وأهدافهما في أعين جميع الناس ،مع وجود حزبين أخريين دائما قريبين منهما وذلك لوجود اختالفات معقولة ومحدودة وتنوع مفيد ،وعلى سبيل المثال ،حزب العمال وحزب المحافظين في بريطانيا لهما قوة شعبية كبرى وهما يتداوالن على السلطة بشكل يعزز أهمية الديمقراطية الحزبية المثمرة ،وهناك حزب األحرار وهو حزب دائما في المرحلة الثالثة وهو يجمع منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وسط بينهما وهو األقرب إلي حزب العمال ونجد هناك دائما حزب ديني وهو يحل رابعا وهو أقرب للمحافظين ..وبذلك تأتي حكومة وبرلمان متنوع وقوي ..وها بسبب أهمية قوة تحديد المبادئ واألهداف من األساس .ولذلك نجد اليوم كثرة التحالفات والتكتالت والتجمعات بين األحزاب ألنها في األساس واحدة ،ولكن كل مجموعة تأسيسية تود أن تكون هي الهيئة المسيطرة التنظيمية في الحزب .وهذا من جوانب الضعف البشرية .ولكن سوف نذكر عنصر أخر هام يحد من تفاقم وتوسع هذه السلبية الذاتية .ومن األهمية بمكان أن نذكر المعاير التي تقوم اللجنة السياسية على أساسها في القبول أو الرفض ،فهي ليست عملية مزاجية أو حسب أهواء معينة ،بل هناك معايير يستندون عليها في اتخاذ قراراهم ،ولكي ال تفشل التعددية الحزبية بسبب تكليف لجنة غير واعية بشكل سياسي وديمقراطي و وطني وإنساني بشكل كافي ،حيث تقوم اللجنة السياسية على وضع معاييرها ،منها "معيار التنمية" ،مثال التقدير بشكل دقيق هل هذه المبادئ واألهداف تحقق تنمية فعلية للبلد أم تعوقها، وهل يمكن أن يضع هذا الحزب برامج عملية منافسة مع غيره من األحزاب ويكون فاعال وهل هو مؤيد لحالة التنمية الراهنة أم معارض لها ولماذا ومدى الفائدة في كل حال ، .انه إما هو مؤيد لها أو معارض ولماذا؟ ،و "معيار السلم االجتماعي" دراسة مدى مساهمة المبادئ واألهداف على الوضع االجتماعي بالبلد وأثارها السلبية واإليجابية ،و "المعيار اإليديولوجي" وهذا هام فهناك إيديولوجيات متطرفة وخاصة عندما يقرر الدستور بأن العقيدة اإلسالمية هي مصدر التشريع ،إذا على اللجنة السياسية أن يكون في طلب الحزب ما يفيد قدسية الملكية الخاصة وحرية النشاط االقتصادي وغيرها م األسس التي حددها لدستور كما ذكرنا سابقا .ومعيار اإليديولوجية هو واسع للغاية كأن يكون في تلك المبادئ عدم السماح بمزاولة أية أنشطة محرمة كحانات الخمور وغيرها التي ال ترفضها األحزاب العلمانية الليبرالية ..وكما ذكرنا أن مهمة األحزاب هو لوصول لسلطة من أجل التنمية السياسية واالقتصادية وال يجوز بحال إفساد المجتمع والفرد واألسرة ومخالفة العقيدة ..و "معيار العالمية" وهو التأكد من أن الحزب من خالل مبادئه ال يهدف إلي جعل البلد مغلقة أو يحولها إلي الحزب الواحد الحاكم الغير المنفتح على غيره أو رافض للحضارة أو رافض لإلسالم وغيرها من الرساالت السماوية ،أو أن يكون يستند على أسس حركية أي استخدام العنف أو رافض للتقدم القافي واالجتماعي واالقتصادي والسياسي .وبذلك على أساس مثل هذه المعايير التي تضعها هذه اللجنة ويصادق عليها البرلمان تكون أساس اتخاذ قراراتها في منح التراخيص وسحبها وتقويم ومتابعة دور األحزاب السياسية ..والقضاء والمحكمة الدستورية هي الجهة النهائية التي تفصل في أي طعون.
المشروعية السياسية بوجود قوة شعبية حقيقية كافية يشترط قانون األحزاب السياسية أن يكون هناك عدد كبير من المؤسسين وموزعين على مستوى الدولة ،فمثال ،قانون األحزاب المصرية يشترط عدد المؤسسين ال يقل ألف شخص موزعين على منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
محافظات الدولة وأن ال يقل عن خمسون شخص من كل محافظة ،وهذا العنصر الشعبي يؤكد بأنه كل حزب جديد لديه قاعدة شعبية حقيقية وشرعية أساسية في قبول مبادئه وأهدافه ورؤاه ،كما يطمئن بأن لديه مستقبل للتوسع ،وأنه قادر على المنافسة ..وعلى كل حال ،يجب فكريا وعمليا أن يبدأ كل حزب جديد بعرض أفكاره وأخذ وقت كافي في تكوين هذه القوة السياسية الشعبية المؤمنة حقيقة برسالته وصحته وأهميته وتوزيع األدوار الملزمة بإدارة شئون الحزب بهذه المحافظات ،ألن الحزب هو مؤسسة عامة على مستوى البلد ويعد العاملين عليها كالموظفين العموميين ..وعلى األحزاب السياسية القديمة أن تهتم يوميا بعملية تطوير وتوسيع سجل المنتسبين إليها فهذه هي قوتها الشرعية الحقيقية ،وهناك عدة وسائل من أهمها المؤتمرات العلمية والفكرية والمنشورات كوجود جريدة خاصة ،وظهور أعضاء هيئتها القيادية كثيرا في وسائل اإلعالم وبرامج الحوارات والمناظرات وهذا يكسبهم القبول والثقة الالزمة للمنافسة واالستمرارية .كما أننا نالحظ أن "العتبة البرلمانية" هي أيضا تهدف إلي تشكيل المجتمع في تكوينات سياسية حقيقة لها أصل شعبي متفاعل .وال يعقل أن يكون هناك كيانات سياسية تتكون من ثالثة أفراد أو أن يسمح بتشكيل تحالف قوى وطنية غير عقالني وليس بإستراتيجي أن يضم عشرات من هذه الكيانات المؤسسة بغير دستور ،ولم يعرف الشعب فكرها السياسي المعلن لكل كيان صغير وليس لها وليس لها برامج مقبولة في المجتمع وقيادتها غير منتخ بة .إذا مع كل قانون أو تجربة البد أن نكون حذرين لكي ال تنحرف الديمقراطية القانونية عن مشروعيتها ومنهجيتها الفعالة.
مشروعية القيادة الحزبية وهذه مسألة في غاية األهمية ،حيث تلزم اللجنة السياسية التابعة قاعدة الشعبية بأن تنظر في حقيقة مؤسسي ،أي أسماء اللجنة التأسيسية وأسماء لهيئة العليا الخاصة بقيادة الحزب في بداية تأسيسه، وفي كل المراحل ،فإذا تبين وجود عائق قانوني جنائي أو عائق سياسي و وطني وتاريخي كمشاركة أحد األعضاء في فساد سياسي وتضليل تاريخي وإساءة أو خيانة وطنية أن ترفض طلب التأسيس وتبلغ الحزب بأسباب الرفض .وفي حالة القبول اللجنة السياسية التخصصية ومن ثم موافقة أغلبية أعضاء البرلمان ،تعرض أسماء مؤسسي الحزب وأعضاء هيئته العليا ولمدة شهر في مقر البرلمان، ومقر مجلس الشورى وفي الجريدة الرسمية وفي جريدتين أكثر انتشارا في البلد وذلك لغرض انتظار اعتراض الشعب ،وفي حال وجود اعتراض من الناس و ووجود مستندات يستدعى أعضاء والحزب ويدرس رأيهم ويبث البرلمان فيما رأته لجنة األحزاب السياسية بالبرلمان .وهذا العنصر يحقق مبدأ البيعة الخاصة ثم البيعة العامة متابعين في شأن الشرعية الشعبية والشورى ،كما يحقق مبدأ ما يكون أساسه سليم صحيح ونظيف يكون كيانه مشروع ومفيد وطاهر ال يضر بالبيئة االجتماعية والسياسية والثقافية واالقتصادية والعالمية واإلنسانية والحضارية ،وهذه أمانة اإلنسان في األرض وهي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
اإلصالح والسعادة والسالم واألمان والخير والنفع ..وبذلك نجد أن قيادات الحزب تسعى بعد تأسيسها أن تستدعي جميع المنتسبين إلي ترشيح الهيئة التنظيمية والقيادية للحزب والمؤهلة لخوض اال نتخابات القادمة وعرضها على الشعب على أنها مناسبة للمشاركة في سلطات ورئاسة البلد. وبالتالي هذا العنصر في صالح كفاءة العملية الديمقراطية وفي صالح الحزب السياسي أيضا.
المشروعية الوطنية الخاصة بتأسيس الحزب في حقيقة األمر يجب على المشرع والسياسي والمواطن أن ال يفهم بأن المقصود من تحديد كافة االشتراطات هي من أجل تضييق الخناق على الحزب السياسي وإضعاف فعاليته ،فهذا خطأ كبير ومخالف لما سيأتي في عنصر الحقوق السياسية الالحق ،ولكن المقصود هو الترشيد والتوجيه اإلداري السليم بحيث يكون الحزب السياسي يعمل في اتجاه مستقيم في خدمة دولة-الدستور وسيادة القانون .وهي عادة ما تشمل ،وعلى سبيل المثال وليس الحصر ،نأخذ قانون األحزاب السياسية في مصر رقم 088لسنة 011والمعدل في ،2119وكأن ينص على األتي" يتشرط لتأسيس أو استمرار
أي حزب سياسي ما يلي-0:عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع الشريعة اإلسالمية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع في الدستور ،ال يتعارض مع مبادئي ثورتي مصر في 0592و ( 0590وفي تقديري ،هذه مسألة شرطية في غاية األهمية فقد ضاع جوهر الديمقراطية برمته وضاع معها الدستور حيث هذين الثورتين تفرض الحكم العسكري وهذا مخالف لمفهوم الدولة المدنية بالدستور ومخالف للعملية الديمقراطية الكاملة حيث ال يجوز للدين والقوات المسلحة أن تكون طرفا في ممارسة السلطة التنفيذية) -3 .يشترط الحفاظ على الوحدة الوطنية والسالم االجتماعي والنظام االشتراكي الديمقراطي والمكاسب االشتراكية (وأيضا هذه مسألة شرطية تدمير للديمقراطية ،حيث ربط القيم العليا وهي الوحدة الوطنية والسالم االجتماعي مع منهج ونظام االشتراكية ،وبالتالي أصبح قانون األحزاب السياسية يخدم إيديولوجية معينة ومن الخطورة بمكان أن هذه اإليديولوجية أممية وترفض التعددية الحزبية وترتكز على الحزب الواحد الحاكم والقوي والعنيف ،هكذا تقول الحقائق السياسية ،وبالتالي وضع شرط لواد الديمقراطية الحزبية بشكل قانوني وممارسة سياسية متقنة -8 .تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن األحزاب األخرى (وفي تقديري مثل هذه المسألة الشرطية تضيق الخناق على الحزب وتجعله مجرد يبتكر وسائل أقوى لخدمة لشرط السابق أو ينطوي تحت لحزب الواحد الحاكم ،حيث ي تقديري الشعب هو لمسئول على تمييز فيما ين األحزاب السياسية وأيهما يقبله وأيهما يرفضه ،وللشعب لحق أن يرفض استمرارية أي حزب ويطالب بحله .وهذا ما يترض أن يحدد بدقة وبشكل كافي ومقنع للجميع -9 .يتشرط في قيام الحزب السياسي في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قيادته أو أعضائه على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو على أساس منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
التفرقة بسبب الجنس أو األصل أو الدين أو العقيدة (وفي تقديري هذا أو شرط طبيعي في قائمة االشتراطات التي تقيد الصالحيات وتحدد الواجبات) – )9(.شرط عدم التسلح أو االنطواء تحت أي تشكيالت عسكرية أو شبه عسكرية أو مسلحة( ،وفي حقيقة األمر عبارة شبه مسلحة تعني يمنع على الحزب التدريب ا لبدني الشاق وغيرها مما تدل على القوة البدنية وتحمل أعباء شاقة وفي حقيقة األمر هذه عبارة غير واضحة فقد تلصق التهم ويكون الحزب بريء حيث قد يرغب في إقامة أو المشاركة أو دعم أو تشجيع برامج ميدانية ألعضائه وتدريبات الدفاع عن النفس كرياضة نفسية فتؤخذ بتفسير سياسي خاطئ ..ويجب أن تستبدل بأن ال يجوز للحزب السياسي أن يكون طرف مباشر أو غير في أي تنظيم سري يهدف لإلطاحة بالنظام بالقوة" – )9( .يتشرط أن ال يشارك أي من قيادات الحزب في الدعوة سرية أو عالنية تناهض مبادئ الدستور وسيادة القانون )1( .يشترط عالنية مبادئ وأهداف وبرامج الحزب السياسي وكذلك كل فروعه وتنظيماته و وسائله وعضويته وقيادته المنتخبة ومصادر تمويله - )5( .يشترط عدم ارتباط الحزب السياسي بأي تنظيم خارجي ويمنع من أن يكون للحزب السياسي أي فروع له خارج البالد "وهذا شيء طبيعي وكذلك أن ال يكون ممثل لحزب خارجي ألن الحزب السياسي بكل بلد هو ممثل إلرادة شعبه ويسعى لتحقيق مطالبهم وكسب تأييدهم والمحافظة على سالمة الوطن ومصالح المجتمع ...وفي تقديري فقد طرحت في خاتمة الكتاب مسألة الدستور العربي النموذجي ومن خالله تغرس بذور الوحدة والتكاملية العربية المصيرية")01( . يشترط أن يكون للحزب السياسي أسم يميزه عن بقية األحزاب السياسية المرخصة بالبلد وأن تكون جميع مقاره بالبلد معروفة وفي غير األماكن التعليمية واإلنتاجية أو الخدمية "وكذلك هنا يمكن إضافة المواقع العسكرية".
مطلب :2املكون السياسي احلزبي يجيب هذا المكون على ما هي كافة الحقوق السياسية المسموح لألحزاب بممارساتها وما هي الضمانات الالزمة. وبالتالي هناك عناصر عديدة مما أن تشرع بقانون األحزاب السياسية ،وأن يكون لها أساس دستوري ،وفيما يلي ،وعلى سبيل المثال ومن أجل التفسير السياسي ،بعض من هذه العناصر:
حق
تكوين األحزاب السياسية
يحق لجميع المواطنين تكوين أحزاب سياسية تعبر عن أفكارهم وأمالهم وتحقق مصالحهم وتجسد سلمهم االجتماعي وتضمن أمنهم وطنهم ،وتجمعهم عقالنيا وفكريا تحت لواء سياسي ناضج تتشارك منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وتتفاعل فيه مشاعرهم ورؤاهم و أرائهم لتخلق قوة سياسية اجتماعية اقتصادية ثقافية متوافقة ومتجانسة ومتحدة وطنيا وأخالقيا وقانونيا ومصيريا ،من أجل حماية الدستور وفعالية الديمقراطية الحقيقية ،بعيدا عن كل أنواع التصادم والعصبيات المعرقلة لحركة التنمية والنهضة والتحضر ،وفي سبيل تحقيق ذلك تكون األحزاب السياسية لتقوم بتمثيل تيار سياسي معين له رؤيته الواضحة وأهدافه المشروعة وبرامجه الفاعلة في تحقيق حريات وحقوق وكرامة ورفاهية المجتمع وسالمة الوطن ،وله القيام بدوره السياسي كامال في ظل أحكام الدستور وهو األساس ،والقانون يمثل الالئحة التنفيذية المنظمة ألعمال األحزاب السياسية.
حق االنتماء السياسي للجميع يجب أن يسن القانون بوضوح أنه يحق لكل مواطن غير مدان جنائيا أو وطنيا حق االنتماء ألي حزب سياسي طبقا ألحكام هذا القانون ،وال يحق أن يالحق أو يميز أو يراقب أو تمس حرياته وحقوقه بسبب هذا االنتماء السياسي ،وهذا ما يميز النظام السياسي الحر عن النظام السياسي المستبد .ولكن كما ذكرنا العملية الحزبية منضبة وليس مفلتة ،فال يعني مثل هذا االنتماء أن يسمح له بحال أن يؤثر سلبا على العقيدة أو سالمة الوحدة الوطنية أو مصلحة المجتمع ونفوذ الدولة في البيئة العالمية .فالدستور يضع األساس القانوني لمنع مثل هذا االنحراف وتحديد إجراءات التصويب .فعلى المواطن مسئولية تحري التوجهات السياسية وتطوراتها وحقيقة القيادات الحزبية فهذه مسئولية تاريخية على عاتق الشعب بكامله .فكل مسئول على انتمائه ،وكل أمين على صوته ،والديمقراطية القانونية أساسها العملية الحزبية التعددية وحق االنتماء للجميع أن يختاروا بين األحزاب السياسية المشروعة المعلنة حسب الدستور والقانون .وخالصة القول بأنه ال يجوز االنتماء لألحزاب والحركات السرية في ظل أي دولة دستورية.
حق النظام العام أن تكون قيادات األحزاب منتخبة في حقيقة األمر ،يتيح هذا المبدأ ويلزم كل مواطن باالنسحاب من الحزب السياسي الذي ال يشارك فيه باختيار قيادتهـ فكونه عضو البد وأن يكون له صوت حزبي حسب الدورات االنتخابية المتزامنة مع دورات االنتخابات العامة من أجل تجديد القيادات وضمان النجاح في المنافسات ،وهذا ما نشاهده اليوم في الدول المتقدمة ،ونجحت فيه وأعجب الكثيرين بفعاليته وحضاريته .حيث تعتبر القيادة الحزبية المنتخبة مؤشر هام جدا لنجاح السياسي وفعالية نموه في حجمه وأثاره ،حيث األحزاب السياسية هي مكون من مكونات المنظومة الديمقراطية التحررية ،ولذلك فإنها في نهاية المطاف تسعى للوصول إلي السلطة عن طريق "آلية االنتخابات" وهي آلية قانونية و وسيلة سياسية ومكون أساسي في بناء المنظومة الديمقراطية التامة ،لذلك ينبغي عليها أن تكون قيادتها منتخبة داخليا في منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
نطاق الحزب بشكل سليم ومشروع ،وبذلك تجسد مبدأ االنتخاب الخاص قبل االنتخاب العام ،ولتفرز للمجتمع أفضل قدراتها القيادية ،التي تعول عليها وتنافس غيرها في خدمة المجتمع والوطن ،وعادة ما تكون لكل حزب الئحته االنتخابية الداخلية ،وبذلك يكون لكل منتسب الحق في الترشح للتنافس على قيادة الحزب قبل التنافس على قيادة الدولة ،وتوضح الئحة الحزب كل الضوابط واالشتراطات للتأهيل والشرعية ،وعادة مل يكون التدرج عامل هام لبناء تجربة سياسية مفيدة ،إال أنه قد ينضم للحزب مؤخرا من يكون له وزنه الفكري والوطني والعلمي في المجتمع ،فاألساس أن تكون هناك دائما قائمة بالمرشحين الراغبين جاهزة لقيادة الحزب ،ومعروفة لدي كل المنتسبين ،حيث التعدد القيادي يعبر أن الحزب السياسي له قدرات قيادية وساعة ،ألنه عندما يفوز يجد نفسه يحتاج إلي قيادات في مختلف المجاالت والمستويات قادرة على تحقيق برامجه العامة بكفاءة .كما أن الدولة تطلب أن يكون القيادات العليا منتخبة ومعلومة في كل مراحل تطوره ،وبذلك تحرص األحزاب السياسية على دعوة جميع المنتسبين من أجل التصويت الحزبي العام ،على المجموعة المؤهلة للتشريح ،فهناك تصويت خاص لالنتقاء وفرز األنسب وتصويت عام لتمام الشرعية .وتوضح الئحة الحزب كيفية وضوابط وتنظيم التصويت الخاص ،ومن ثم التصويت العام إذا كان للحزب قاعدة شعبية عريضة ..فالبد أن يشعر ماليين ومئات أالف المواطنين المنضمين للحزب بأن قيادته وصلت بطريقة مشروعة ،وهذا يساعد الحزب ،حيث عندما يظهر في االنتخابات العامة لمنافسة حزب أخر على السلطة يفوز بكامل أصوات المنتسبين إليه ويكونون مقتنعين وفاعلين ومتحمسين ..فالحزب ليس مشروع خاص ولي ست مؤسسة عائلية فال يجوز أن يتم االتفاق بشكل سري وخلف الستار عن توزيع األدوار ،فالبد من علم لمجتمع وتكسب تأييده وشفافية كل ما يدور بالحزب ..وتعلم لجنة شئون األحزاب بالبرلمان بنتائج االنتخابات وتوزيع المواقع القيادية بالحزب ،فهم من سيكون لهم الحق في ترشيح أنفسهم فيما بعد للرئاسة حسب رغباتهم وقدراتهم .إذا نص القانون يرتكز حول مبدأ انتخاب القيادة العليا للحزب وإبالغ البرلمان بكل قيادة منتخبة ومكلفة ولها حق الترشح في االنتخابات العامة.
واجب المراقبة المالية لمنع التدخل الخارجي وانحراف دور األحزاب يهدف هذا العنصر في حماية العملية الحزبية من التدخالت الخارجية ،أو أن توظف األحزاب السياسية لمصلحة مؤسسيها أو أفراد أو جهات معينة ،ولذلك من حق السلطة التشريعية أن ترقب وتقييم العملية المالية لكل حزب ،وأن تعد تقريرها السنوي ،ويعرض على اللجنة العليا لالختصاص. وبالتالي يتضمن هذا العنصر مناقشة مسألتين مهمتين ،ويتناولها قانون األحزاب بما هو متعارف عليه ،بحيث يحقق الفلسفة العملية الالزمة ،حيث مسألة تقدير حجم التمويل الفاعل ومقارنة إمكانيات األحزاب في توفر هذا العنصر الفعال بشكل متناسب ،وهو يسمى "دور المال السياسي في العملية الحزبية" ولتفادي دخول أي أموال مفسدة للديمقراطية ،ومسألة مدى وعي وفعالية اللجنة التشريعية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المختصة )0( .مسألة تقديرات حجم التمويل ،وهي من اختصاص للجنة شئون األحزاب السياسية بالبرلمان أن تضع القيمة المناسبة عن كل فترة زمنية محددة ،بحيث تكون التقديرات المقدمة من األحزاب لالعتماد محل دراسة ومقارنة بين األحزاب وكافية لكامل الدورة االنتخابية وعلى مدار السنوات .فهناك مصروفات رأسمالية وهناك مصروفات تشغيلية ،وعلى ضوء هذه الموازنات التقديرية تتم عملية المراقبة من ديوان المحاسبة ،وإال من الصعب أن تتم عملية المراقبة بنجاح، فمثال ،ال يجوز فتح حساب مصرفي إال بإذن ،وال يجوز الصرف إال عن طريق الصكوك .وخالصة القول بأن األحزاب السياسية هي وحدات إدارية عامة رسمية .ومثل هذه الدقة والذمة المالية المستقلة من حيث مصادر التمويل تجعلها مستقلة وقادرة على االستمرارية ،كما أن الدولة تتدخل من خالل الموازنة العامة وبطلب السلطة التشريعية لتمويل األحزاب بمبلغ موحد كلما ترى ذلك ضروري، ولقد أسست التجربة الحزبية األلمانية لمثل هذا المبدأ والذي أصبح جزء من نصوص قانون تنظيم عمل األحزاب السياسية .ويمكن أن يستخدم مثل هذا التمويل كأداة سياسية ،فمثال ،عندما ترتفع قيمة التمويل فسوف يشجع ذلك قيام األحزاب الجديدة ويزيد من فعالية واألحزاب القائمة ونطاقها الجغرافي ،وإذا ما انخفضت فسوف يؤدي ذلك إلي خروج األحزاب الغير قادرة ،وينبغي أن يكون ذلك بحكمة حتى ال يتم القضاء على أحزاب جديدة واعدة ،وإنما يكون فقط من أجل حماية العملية الحزبية القيام من أجل المال العام وليس من أجل تحقيق اآلمال العامة .كما أنه يراعى في المرحلة األولية أن تكون القيمة دقيقة وتحديد المؤهلين فعال ،وأن تعرف مصادر تمويل كل حزب بشكل دقيق ،عشية أن تنشى أحزاب ممولة من أشخاص معينين وهذا خطر .وبجانب التقييم الفكري وسعة القبول الشعبي من خالل حجم العضوية وبجانب التدقيق عدم وجود تمويل خفي ،يظل دائما "مبدأ التوزيع بالتساوي" من حق كل حزب سياسي قائم وال يجوز إقصائه .كما أن هناك شرط أخر لحق التمويل األحزاب من المال العام وهو تجاوز األحزاب للعتبة البرلمانية بحصولها على %9أو أكثر. ويؤخذ نسبة المقاعد في حجم التمويل بحيث تقسم إلي فئات بناء على نسبة المقاعد البرلمانية لكل حزب .وسبب عدم حق األحزاب الصغيرة أو األحزاب التي ال تفوز بنسبة تمثيل معينة هو حث األحزاب على بلوغ مستوى النضوج السياسي والمشاركة الشعبية الالزمة وتفادي تفتت العملية الحزبية وتفقد فعاليتها في العملية الديمقراطية وفي إنتاج السياسات وتوجيه الرأي العام .فمثال" ،نجد
قانون األحزاب المصرية يحدد "قيمة تمويل أساسية" وهي مئة ألف كل عشرة سنوات ،ويشترط حصول الحزب على %9من المقاعد ،ويحدد "قيمة تمويل إضافية" وهي خمسة أالف جنيه عن كل مقعد يفوز به الحزب في مجلس الشعب-البرلمان أو مجلس-الشورى االستشاري وبما ال يتجاوز خمسمائة ألف جنيه للحزب الواحد ..وبالطبع نالحظ عند تحليل هذه العملية التمويلية أن الحزب الحاكم كان هو الفائز دوما بأكثر المقاعد وهو المستفيد الفعلي من هذه القيمة اإلضافية ،إال أن القيمة األساسية منخفضة باعتبار مدتها عشرة سنوات وربما ذلك بسبب كثرة عدد األحزاب أو بسبب تقليل منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
من التوجه نحو تأسيس األحزاب الجديدة أو بسبب تمكين الحزب الحاكم األغنى واألقوى بشكل مطلق خالل الفترة ما قبل 2102وهذا يحتاج للدراسة ،ولكن المقصود هنا معرفة أن كل نص في الدستور أو القوانين المكملة له أبعاد سياسية بعيدة األثر ،وأيضا مسألة التمويل تنطوي على أسلوب فني سياسي بحيث يحدث التوازن المالي بين الحزب الفائز باألغلبية واألخرى األقل حظا ،فمثال ،تحديد سقف أن ال يتجاوز تمويل الحزب بقيمة %81من عدد المقاعد مهما كانت نسبة فوزه العديدة وتوزيع الباقي على األحزاب األخرى حسب ما تستحق لتكون قادرة في المواجهة المستقبلية )2( ."..عملية المراقبة المالية ،وهي أيضا مسألة الزمة حيث يحدد القانون الجهة التي تتولى مراجعة حسابات األحزاب السياسية ،وعادة ما يكون "جهاز ديوان المحاسبة" وهو تابع للسلطة التشريعية .فال تقوم الحكومة بمراجعة حسابات األحزاب ،حيث لكل حزب نصيب في أي حكومة ،كما أن عمليات الحكومة عادة منافسة مع العمليات الحزبية .فال تتدخل في شئون بعضها .كما هناك مسألة تحديد المجموعة الدفترية والالئمة المالية واإلدارية العامة ،التي على ضوءها تبلور لوائحها الداخلية ، حيث عدم وجود معايير سوف يصعب من عملية المقارنات وأداء العملية الرقابية المالية بدقة. وتتولى لجان المراقبة المكلفة من قبل الديوان بإعداد تقاريرها السنوية من أجل إبالغ اللجنة العليا الخاصة بشئون األحزاب بكل ما يخالف اللوائح المالية واإلدارية العامة .وإبالغ اللجنة العليا بكل مصادر التمويل التي عثر عليها و تحديد مشروعية أوجه اإلنفاق ومدى فعالية النظام المالي والمحاسبي بالحزب ،والتحقق من النشاطات االقتصادية التي يمارسها قيادات األحزاب السياسية، ألن ذلك هام باعتبار أن الحزب السياسي ليس مؤسسة اقتصادية أو خيرية وإنما هي تتنافس على الوصول إلي تمثيل كل الشعب ورئاسة الدولة ..وقد يحدد قانون األحزاب تفرغ قيادات الحزب المنتخبة للعمل السياسي لحزبي وحده وعدم جمع نشاطات ومسئوليات أخرى .ألن رئيس الحزب وأ عضاء الهيئة العليا هم مرشحين لرئاسة الدولة ،وسوف يواجهون أساس دستوري وهو عدم قيام رئيس الدولة ورئيس الحكومة بأي نشاط اقتصادي أو أي نشاط يكسب من خالل دخل .فمن يدخل في العملية القيادية الحزبية البد أن يكون متفرغ ،ومرتبه قط عبر حزيه .وهذا تحدي سوف يواجه دول الربيع العربي ،التي خرجت من فساد عارم وأشخاص يحملون حقائب شركات ال حصر لها، ويريدون أن يؤسسوا أحزاب ويحكموا الشعب ،وهذه ليست بديمقراطية وإنما االستخفاف بعقول الناس وعدم وجود استحياء سياسي لدي من يقومن بذلك .فالبد أن تكون القوانين متطورة ودقيقة وشاملة وأن تعالج كل مسببات الفساد المالي والسياسي وبما تحقق ديمقراطية كاملة وصحيحة ، Complete Correct Democracyوالبد من معرفة حقيقة أن الديمقراطية بكافة جوانبها الحزبية واالنتخابية هي "محرك سياسي" لقيادة الدولة ،ويعتمد جودة المحركات على مهندسيها وعلى مهارة القيادات واأليدي العاملة ،كغيرها من المحركات الصناعية فكثير منا تعجبه محركات الطيران الفرنسية أو األلمانية أو األمريكية ويثق فها ،وكذلك المحرك السياسي وهو الدستور والعملية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الحزبية واالنتخابية ،قد يخطط ويطورها مهندسين مهرة ،أو تستورد كما يستورد كل شيء أخر، ويقوم الق انونين بتجميعه .أو أن يخرج محرك سياسي ليس له قدرة على نهضة البالد ،والصعود بها لقمة الحضارة. .فالشعوب العربية في إمكانها أن تصنع عبر ذوقها وشعورها القومي المتميز بصماتها الحضارية واألخالقية.
مطلب :3مكون الضوابط املنهجية والسلوكية تعد المسألة السلوكية اإليجابية في غاية األهمية في كافة جوانب العملية السياسية. وهذا هو الحال فيوجد في قانون األحزاب السياسية ضوابط منهجية تخص العملية التنظيمية اإلدارية والمالية ،وضوابط تخص النواحي السلوكية السياسية والشخصية والمتعلقة لكافة القوانين النافذة. والضوابط تعني وجود أحكام قضائية ضد مرتبي المخالفات لمنهجية والسلوكية المقررة والمتعارف عليها. ورغم أن مثل هذا المكون هو جزء عضوي في "قانون األحزاب السياسية" إال أنه قد يصاغ بطريقة ترهب الناس من نشاط ممارسة حق االنتماء أو حق تكوين األحزاب السياسية. كما أنه قد يعجز عن تحديد الضوابط بدقة وكفاية مما يجعل العملية الحزبية غير فاعلة ومتطورة. فالبد لكل نص قانوني أن ينطلق من المبدأ الحقيقي وهو" :التعددية الحزبية أساس العملية السياسية المشروعة". فمثال ،عاش الشعب الليبي لمدة أربعة عقود تحت جور نص قانون وهو "مبدأ تحزب خان" ،ومن خالله أستطاع النظام اإليديولوجي أن يؤسس حزب طليعي ثوري واحد ،ومنحه صالحيات مطلقة للتصفيات الجسدية لكل معارض أو صاحب فكر مخالف أو غير راضي. وبالتالي خاف الناس من الحرية الفكرية والمشاركة السياسية وأبطلت العقول وفتحت البطون على مصراعيها. ورغم أننا سوف نجد في قانون األحزاب السياسية بعض األحكام تنطوي على الغرامات والسجن ،إال أن المقصود منها هو تقنين العمل الحزبي بحيث مهما توسع سوف يكون في صالح المجتمع والنظام الدستوري. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ونود إعادة التنبيه لحقيقة أنه ال يوجد معنى لكلمة ديمقراطية بدون أن تكون مصاحبة بكلمة القانونية، فمثال "الديمقراطية القانونية" ،ألن القانون هو الوسيلة الوحيدة لتنظيمها وضبط تطبيقها. وليس هناك معنى علمي ومنهج عملي إلدعاء "ديمقراطية الشعب" ،فهذه غوغائية تؤدي إلي حياة فوضى وبدون دستور .فالشعوب تحتاج إلي قوانين تنظم حياتها وتضبط عالقاتها ومعامالتها وتصرفاتها ،وخاصة السياسية ،حيث السياسية هي االهتمام بالشأن واألمر العام الذي يخص كل الناس. كما أنه يلزم التذكير السياسي بأن هذا المكون هو يقصد منه أن يلتزم لجميع بالدستور ،وأن يخضعوا لجميع األسس اإلدارية والوجبات واالشتراطات المحددة في ظل تمتعهم بكل الحقوق الواسعة التي يخشى معها عدم الفهم أو التطبيق الغير حكيم ..فالحكم يحتاج إلي الحكمة ،وكل قيادة عليا بدون ملكة الحكمة ال تستحق أن تكون مشاركة في الملك .وكل مشرع ليس له رؤية سياسية والشعور بالوطنية الحقيقية والمسئولية اإلنسانية ال يحق له أن يشارك في وضع العقوبات السياسية اإلدارية .فقد يكون يعشق للناس عذاب السجون أكثر من عشقه لمتعة الناس بالتحررية المشروعة. وكما ذكرت عدة مرات بأن الدستور بركنيه الدولة وأسلوب الحكم كافة القوانين العشرة مكملة هي من صنع وعي لشعوب ،ومن حق األجيال أن تطورها وأن تحافظ على كل حق مكتسب فيها. ف ضياع الحقوق السياسية الحزبية هي أشد جريمة يقترفها لشعب بأكمله ،وهي أقصى معايير الجهل الممكن أن تدركها الشعب لتعيش في راضية في هوة التخلف الحضاري والسياسي. وفيما التفسير السياسي لما نجده من عناصر نصية في قوانين األحزاب السياسية تحت مكون العقوبات القانونية:
عقوبة مزاولة النشاط الحزبي بدون ترخيص يحدد القانون عقوبة سجن محددة بحكم قضائي كل من أنشأ أو نظم أو أدار أو مول على أية صورة حزبا سياسيا غير مشروع( ،وربما مثل هذه المادة في تقدير الكثير قاسية ومخوفة في ساحة الكل يأمل في ممارسة التحررية السياسية القانونية "الديمقراطية" ،في حقيقة األمر البد من أن يكون نص مثل هذه العقوبة بشكل أكثر حكمة سياسية ،بأن يحدد مثال ،األحزاب التي تقدمت ورفضت واألحزاب التي تتعمد ممارسة نشاطها بدون رخيص ،واألحزاب التي تهدف في مبادئها وأهدافها الضرر بسالمة الوطن ومصلحة المجتمع الكلية ..إال أنه في كل األحوال البد من غرامة مالية ألن نشوء األحزاب خارج نطاق البرلمان الممثل عن الشعب هو مفسدة للحياة الديمقراطية .فكما أن الديمقراطية تمنع هيمنة الحزب الواحد كذلك فإن القانون ينظم التعديدية بحيث تكون طبقا للقانون" .كما ال ينبغي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وضع نص مثل أن ال يكون مستترا تحت أي ستار ديني أو في وصف جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أيا كانت التسمية ،وفي حقيقة األمر مثل هذه العبارات القانونية تجهل العملية الحزبية مستهدفة وتحت طائلة العملية األمنية والتهم المطلقة ،فالبد أن يترك للشعب عملية الحكم والرفض ،حيث البد من توعية الشعب على فهم مقاصد التعددية الحزبية ،لمنع العشوائية وعدم الفاعلية ،ومن أجل النجاح في تشكيل قوى سياسية على أسس سليمة وقادرة على أن تتنافس على سالمة الوطن ومصلحة سلم وأمان المجتمع والفاعلية التنموية واألهمية الثقافية والترفيه الحياتي لتخفيض أثر التوتر المتطور بحكم تعقد الحياة البشرية.
عقوبة تحول الحزب إلي الطابع العسكري الحزب السياسي هو تحرك سلمي فكري مدني من أجل رفع مستوى تنمية المجتمع وفعالية السياسات العامة وحسن أداء اإلدارة الحكومية .وامتالكه للسالح أو تكوين أي جناح مسلح ،أو االرتباط معها، يعد اعتداء حرمة الدستور وسيادة الدولة .حيث كل أنواع التسلح المشروعة هي الموجهة لحماية حدود الوطن من العدوان الخارجي ،وتوجيه السالح في العمل السياسي أو ضد المواطنين يعد كبرى االنتهاكات الغير مشروعة في بناء دولة حقيقية شرعية /فالعمل لسياسي المشروع هو عمل منزوع السالح ،فال يحق للحزب السياسي وكافة القيادات السياسية والتشريعية والقضائية والتنفيذية واإلعالمية أن تكون لها أدنى عالقات بالقوات المسلحة ،من أجل بناء دولة القانون بعيدة كل البعد عن دولة-اإلرهاب ،التي عانت منها كثير من الشعوب وتسببت ي تخلفها وفقرها وضعفها وجهلها وفي انحطاطها وانهيارها .ونجد أن بعض الدساتير تسن عقوبة(.) ..........
عقوبة التخابر والتمويل الخارجي في حقيقة األمر ،هذا العنصر دقيق للغاية من ناحية الفهم والقصد والتطبيق .حيث نجد أن الدول تخشى بطبيعة الحال من خطر التدخل الخارجي ،وهو واقع موجود دائم بسبب استمرارية المصالح مادمت الحياة مستمرة .فالحذر وحماية مصلحة المجتمع والوطن واجب سياسي على كل فرد .و مع الحرب الباردة وانقسام العالم إلي معسكرين سياسيين ،متصادمين فكريا واقتصاديا وثقافيا، ومتحاربين في السيطرة على العالم واحتواء الدول ،التي البد لها أن تذعن ألحدى المعسكرين .فكان هذا العنصر خطير للغاية ،قد يتهم ويمنع الحزب بمجرد الشك أو عدم ظهور االعتناق الفكري الصريح والوالء التام .ولكن اليوم أصبح العالم أكثر انفتاح وتعقل سياسي ،وسبل التواصل غير محدودة ،وليس لها حدود تفصلها عن بعض .وربما أيضا سوف نشاهد أحزاب عالمية ،وهذا متوقع في تقديري ،ألنه ليس في اإلمكان تحقيق ديمقراطية عالمية ،أي عولمة اإلنسانية بدون انفتح سياسي عارم ال حدود للعقل والفكر والعمل اإلنساني المشروع .وتعد البيئة الدولية من مرتكزات السياسية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
العامة ،لذلك دائما سوف يكون تقييم وتفسير لعمليات اتصاالت ومصادر التمويل ،خشية نظام الدولة من أصال الحزب السياسي بقوة خارجية تهدف إلي اإلطاحة بالنظام ،وهذا عمل غير مشروع، فالحزب السياسي هو أداة لتطوير السياسات العامة ،وهو عمله جزء من الدستور ،فال يحق أن يتحول بفكره أو عمله أو في أهدافه وعالقاته نحو التغيير .والبد من ادارك أن طلب التغيير في أسس النظام هو طريق للثورات الشعبية ،وهذا عمل غير قانوني في ل سيادة الدستور الشرعي .وتسن بعض الدساتير إجراءات قانونية وعقوبة محددة ،مثال ( ،).......................لمنع حدوث انحراف الحزب السياسي عن واجباته الدستورية في حماية مصلحة المجتمع وسالمة الوطن .وفي تقديري ،البد أن يكون الحكم على االتصال أو التمويل بحجم الضرر المتسبب فيه ،لتفادي أن تحول العمل السياسي الحر من الخوف التحرك والتفاعل السياسي السليم ،حيث ربما نجد أن حزب سياسي ،عن طريق اللجنة السياسية بالبرلمان و وزارة الخارجية أن يطلب استضافة قيادات حزبية ،كما أنه اليوم بات معروفا في لعمل الدبلوماسي ،أنه من حق ممثل البعثات الخارجية االتصال باألحزاب السياسية المعارضة لمعرفة مسار البلد المستقبلي ،واالطمئنان على مصالحها ،والعالم العربي في حاجة لهذا التفاعل ،لذي كان مقصورا وسريا على المستبدين والحكومات العميلة .ولكي تكون االتصاالت المحددة مشروعة البد أن تكن عالنية و واضحة األهداف ..كما ينبغي مالحظة الفرق بين تمويل الجمعيات والمنظمات المدنية ذات طابع خيري أو التدريب والتطوير والتنمية ،حيث هذا رغم أنه مؤثر على تنمية الحياة السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية ،إال أن غير معني بدعم أشخاص للوصول إلي السلطة ،حيث التخوف ناتج من دعم األحزاب السياسية ،هو دعم مالي خارجي يدفع بشخص أو حزب إلي السلطة وبذلك يكون مدين وتابع وخاضع ألجندة غير وطنية ،وهذا بالطبع عمل مهين غير مشروع ،ورذيلة سياسية ،ال تختلف عن الحكومات العملية ،التي فرضت حسب النظرية السياسية الميكيافلية .0892
عقوبة االنضمام إلي األحزاب الغير مشروعة ويهدف مثل هذا العنصر ،أو تحقيق مبدأ عدم مشروعية إنشاء أحزاب سياسية سرية ،أو أحزاب مسلحة ،أو أحزاب سياسية غير مرخصة بقانون .واالنضمام إلي حزب سياسي غير مرخص يعد مخالفة سياسية وتحمل من يقوم بذلك عقوبة قانونية محددة بقانون األحزاب السياسية ،حيث نجد مثال، في القانون المصري (.).......
* منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبحث 5
مقومات العملية االنتخابية )(1 املدخل االنتخابي مطلب :0العملية االنتخابية والواقع السياسي االجتماعي هناك نقاط هامة وردت عن شبكة المعرفة االنتخابية تفيد بشكل خاص في تصميم اإلطار القانوني لالنتخابات ،إال أنها واقعية للغاية وعالمية مشروعة وتتبع أيضا في األطر القانونية للعملية الحزبية وصناعة الدستور ،فكما ذكرت فإن هذه الثالثة هي شيء مركب واحد تهدف لتجسيد لمبدأ حقوق اإلنسان ومبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها ،ومنطلقها فكر واحد ال يقبل التجزئة ،بحيث يصنع الدستور من فكر وتصنع األحزاب من فكر ثاني واإلطار القانوني لالنتخابات من فكر ثالث ،فهي من عائلية فكرية وقانونية واحدة ،وأود أن أوجزها في األتي: واقعية التصميم القانوني :أن يكون إنشاء القوانين بما يخدم الواقع وعلى أسس موضوعية تامة بدون استثناء أدنى المعطيات المؤثرة والموجودة ،حيث عملية تصميم ،وإصالح ،وتنفيذ نظام انتخابي ، سواء كان فوق المستوى الوطني وعابرا ً للحدود (مثل االتحاد األوروبي) أو إقليميا ً) مثل برلمان أمريكا الوسطى) أو وطنيا ً( في كل بلد )أو خاصا ً بوالية معينة ،أو حكما ً ذاتيا ً ،أو إدارة ما ،أو بلدية معينة ،أو حي و جزء من إقليم ،أو مقاطعة أو جزء من دولة معينة ،فإنه ال يمكن فيها تجاهل الحقائق والوقائع االقتصادية ،والثقافية ،والقانونية ،واالجتماعية والسياسية السائدة هناك ،أو السياق الذي يتم فيه إدراج العمليات االنتخابية والمؤسسات ،وحتى في عملية التوفيق بين المعتقدات والمذاهب والمشارب واألمزجة المختلفة .وبعبارة أخرى ،فإن تطبيق وتفسير النزعات والتوجهات الدستورية، والقانونية ،والتنظيمية ،يجب أن تتوافق على السياق العام .وال يتألف سياق نظام انتخابي من مرجعيات معزولة عن التكوين ،وطريقة األداء ،واآلثار المترتبة على النظام نفسه فحسب ،بل إنه يتكون من كل المتغيرات والتباينات المترابطة مع بعضها البعض. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
التعدد العالمي للنماذج االنتخابية :فليس ثمة نموذجا ً انتخابيا ً فريدا ً من نوعه ،أو كامالً في حد ذاته، وذلك ينطبق على الدستور وقانون األحزاب السياسية ،ولكن هناك أنظمة انتخابية وسياسية مختلفة يجري استخدامها لتحقيق األهداف المقررة لها من قبل القوى الوطنية المدنية والسياسية في مكان محدد وزمان معين .ويـُـعتبر النظام كافيا ً عندما يكون صالحا ً لتحقيق درجة التطور الديمقراطي المنشود للمجتمع الذي يتم تطبيق النظام االنتخابي فيه ،أو عندما يكون قادرا ً على تسهيل عملية تحول المجتمع وانتقاله إلى بيئة ديمقراطية ،أو تعزيز وترسيخ أسس وقواعد الديمقراطية في المجتمع. تحقيق الصبغة الديمقراطية :يتعين في المشروع الشامل الذي يتسم بالصبغة التمثيلية الديمقراطية، والقابل للحياة سياسيا ً والمتسم بمستويات عالية من الشرعية ،أن يأخذ بعين االعتبار ويعمل حتى على تحقيق التطلعات والتوقعات المختلفة و( اإليديولوجيات السياسية من كل طرف من مختلف الفاعلين السياسيين -إال أن ذلك البد وأن يكون في إطار العائلية القانونية كما ذكرنا في المبحث ، ( 2 الصادرة عن مثل المواطنين واألحزاب السياسية والمنظمات األهلية وجماعات الضغط ،إلى آخره) وذلك بغض النظر عن احتماالت المصادفة ،والتقارب ،واالقتراب ،أو التباينات القطرية لمثل هذه المواقف في مواضيع معينة من جدول األعمال السياسي .إن النظم االنتخابية هي محصلة ونتاج لالتفاقات السياسية .كما أنها تمثل الطريقة التي يظهر فيها تجميع مصالح الجماعات السياسية .وال يمكن تجاهل تلك المصالح من قبل المشغلين االعتباريين ،إال في الحاالت التي تكون فيها تلك المصالح متعارضة مع وجود عمليات انتخابية حرة ونزيهة ،كما سيجري توضيح ذلك الحقا ً. حقوق األقلية :أن اختيار نموذج انتخابي محدد سواء من خالل االنتخابات المباشرة أو غير المباشرة ،وتطويره سواء (بنظام األغلبية أو بالتمثيل النسبي ،أو المختلط أو المجزأ) وخصائصه، أو مجموعة عناصره سواء أكانت (بسيطة ،أم أغلبية مطلقة أم مشروطة ،أو بطريقة تمثيل نسبي بصفة صرفة ،أو غير صرفة ،أو مع وضع اشتراطات للحكم) ،هو قرار مبني على أساس التوافق أو إجماع األغلبية .ومع ذلك ،فإنه حتى في حالة التوافق أو إجماع األغلبية أو الموافقة الواسعة، فإنه ال يجوز استبعاد تمثيل األقليات ،أو انعدام وجود صوت لها داخل األجهزة الحكومية الجماعية ، كما يحصل في البرلمانات والمجالس التشريعية ،وكذلك الحال في المناصب التنفيذية الجمعية أو األجهزة اإلدارية (مثل المجالس القروية أو البلدية . الفاعلية والنزاهة االنتخابية :ومن أجل منع النظم االنتخابية من أن تصبح مجرد صيغ نظرية ،أو غير مؤثرة وفاعلة ،أو غير قادرة على أداء المهام ،فإن االتفاق السياسي ،والسياق االجتماعي والجوانب الظرفية القائمة تـُـعتبر في غاية األهمية .ومع ذلك ،فإن تلك الجوانب ،ال يمكنها أن تبطل، أو تلغي ،أو تستثني المبادئ التي تقضي بإجراء عمليات انتخابية حرة ونزيهة بما فيها :حق اإلنسان للتصويت السلبي أو اإليجابي ،واالحتفاء بانتخابات دورية وحقيقية ؛ شاملة للجميع وسرية؛ واالقتراع فيها على قدم المساواة ،واحترام حقوق اإلنسان ؛ وحياد اإلدارة االنتخابية تجاه غيرها من منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أجهزة الدولة والجهات السياسية الفاعلة ،والسيطرة القضائية لضمان االنتظام في القوانين واألنشطة االنتخابية
مطلب :1اإلطار القانوني املبادئ الدولية يتطرق موضوع النظم االنتخابية إلى كيفية تصميم مختلف النظم االنتخابية وطرق عملها وتأثيرها على سير االنتخابات الوطنية ،والمحلية واإلقليمية .وهناك أكثر من 02نظام انتخابي مختلف، ويتطرق إلي عالقتها باإلطار التنظيمي ،باإلضافة إلى تأثيرها على المسائل اإلدارية .كما ويتطرق بشكل خاص إلى ما يتعلق بعملية تغيير النظم االنتخابية .ويغطي هذا الموضوع المسائل المتعلقة بوسائل الديمقراطية المباشرة. ومن المسائل الهامة في العمل بمجال االنتخابات العلم باإلطار القانوني لالنتخابات. و تحليل مواضيع محددة تتعلق بالضوابط القانونية واإلدارية األساسية ألية انتخابات تصبوا للقيام بها بطريقة حرة ونزيهة. والعلم بتطوير بدائل مختلفة يمكن األخذ بها لتصميم أو إعادة تصميم اإلطار القانوني لالنتخابات، وذلك بهدف توفير أكبر قدر ممكن من المعلومات المنظمة في المجال االنتخابي بناء على البدائل المتوفرة. ولتحقيق ذلك فسيجري استعراض األطر االنتخابية المختلفة ،والخيارات المتاحة لتنظيم العملية االنتخابية ،والوسائل المختلفة المستخدمة لصياغة ووضع الضوابط القانونية وميزاتها. وبما يحقق اإلجابة على األسئلة الثالثة التالية:
ما هي العناصر التي يجب أخذها بعين االعتبار عند تعريف أو إصالح الضوابط االنتخابية؟ ما هي العناصر القضائية التي يجب أن يشتمل عليها اإلطار القانوني لالنتخابات؟ ما هي الخواص األساسية التي تتميز عملية اإلصالح االنتخابي؟
وهناك مبادئي عامة دولية تتعلق بالصياغة القانونية: فقد نصت المعاهدات والمواثيق الدولية على المبادئ ،العامة باإلضافة إلى وجودها في المعاهدات اإلقليمية ووثائق األمم المتحدة .ومن بين الوثائق الدولية التي تشتمل على هذه المبادئ ما يلي:
اإلعالن الدولي لحقوق اإلنسان ()0581؛
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المعاهدة الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية ()0599؛ المعاهدة األوروبية لحماية حقوق اإلنسان والحريات األساسية) (1950؛ الوثيقة المنبثقة عن اجتماع كوبنهاجن لمؤتمر البعد اإلنساني للمؤتمر الخاص باألمن والتعاون في أوروبا (– OSCE).0551 اإلعالن األمريكي حول حقوق وواجبات اإلنسان ()0518؛ المعاهدة األمريكية لحقوق اإلنسان ()0595؛ الميثاق األفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب ()0510؛.
ويتوقف تنفيذ المبادئ األساسية على مشاركة البلد في المعاهدة الدولية ذات العالقة والتصديق عليها. وخالف ذلك فهي تمثل إرشادات توجيهية دولية قد نصت عليها المواثيق الدولية تهدف إلى حث كافة البلدان على العمل بموجب القواعد الدولية. ويتعين على البلد االلتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها .ولذلك فان القواعد االنتخابية المستنبطة من المعاهدات الدولية يجب التقيد بها وإعطائها صبغة دستورية أو قانونية .كما ويمكن لذلك البلد اعتماد المعايير االنتخابية األخرى التي نصت عليها وثائق األمم المتحدة على الرغم من عدم مصادقته المسبقة على تلك الوثائق. ومن المهم العمل على تقييم مدى مالئمة اإلطار القانوني القائم في بلد ما مع المعايير الدولية .ويمكن لذلك التقييم توفير مجموعة من التوصيات البنائية تهدف إلى تطوير وتحسين اإلطار القانوني وتصحيحه ،وإلى إدخال ممارسات أكثر فاعلية بهدف تحسين التشريعات القائمة .وفي نفس الوقت فان من الضروري االنتباه إلى أنه ال توجد أنماط عامة لتنفيذ الضوابط االنتخابية ،ولذلك فان النظم والممارسات المعمول في بلد ليس بالضرورة أن تصلح لبلد آخر ويمكن أن تأخذ عملية مراجعة اإلطار القانوني وسائل أخرى بعين االعتبار مثل :
التقارير النهائية للبعثات الدولية والمحلية المشاركة في المراقبة على االنتخابات .وفي حال توفر مثل هذه التقارير؛ متطلبات أي اتفاق دولي مصادق عليه من قبل البلد المعني والتي يمكن أن تشتمل على أية مسائل تتعلق باالنتخابات أو قد يكون لها تأثير على قوانين االنتخاب فيه ؛ مدونات السلوك المتعلقة بمواضيع انتخابية والتي تقوم بإعدادها المنظمات الدولية المختصة، الحكومية منها وغير الحكومية.
وتتلخص هذه المبادئ الدولية ،فيما يلي:
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبدأ حرية اختيار النظام االنتخابي المناسب حيث يحق لكل بلد حرية اختيار النظام االنتخابي الذي يناسبه مع ضرورة االلتزام بالمبادئ والضوابط الدولية. كما يجب التعامل مع مراجعة اإلطار القانوني ألي بلد بحساسية مع األخذ بعين االعتبار تفاصيل الظروف التاريخية ،واالجتماعية والثقافية الخاصة بذلك البلد. و يجب عند تشكيل اإلطار القانوني أن يتم بطريقة تضمن إدراج المبادئ فيه على النحو التالي :
يجب أن يكون مباشراً؛ يجب أن يكون سهل الفهم؛ يجب أن يكون واضحاً؛ يجب أن يشتمل على كافة المكونات االنتخابات الضرورية لتنظيم انتخابات ديمقراطية.
مبدأ سيادة قانون االنتخابات من الضروري أن يشتمل اإلطار القانوني على آليات فعالة لتنفيذ نصوص القانون وتحقيق سيادته واحترام الحقوق المدنية بالكامل. كما ويجب أن يشتمل اإلطار القانوني على معالجات فعالة لحماية الحقوق المدنية .ويعتبر حق االقتراع من حقوق اإلنسان األساسية ،كما هو الحق في معالجة أي تعدي على هذا الحق .لذا يجب أن يتألف اإلطار القانوني من أكبر قدر ممكن من القواعد القانونية المفصلة والكافية لحماية الحقوق المدنية.
مبدأ حقوق الناخبين واألحزاب السياسية والمرشحين يجب أن يعزز اإلطار القانوني حقوق الناخبين ،واألحزاب السياسية والمرشحين في الطعن بأية اعتداءات على الحقوق المدنية أمام السلطات أو المحاكم التي تتمتع بالشرعية لمعالجة تلك الطعون. كما يجب على قوانين االنتخاب إلزام السلطات االنتخابية والمحاكم بالعمل بصورة سريعة على حل أية طعون أو شكاوى تتعلق باالعتداءات على حق االقتراع .ولتحقيق إصدار قرارات قاطعة ونهائية فيما يتعلق بالمسائل االنتخابية ،فانه يجب أن تخول قوانين االنتخاب سلطات عليا لمراجعة القرارات منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الصادرة عن سـلطات ذات مستوى أدنى وإعادة النظر فيها .كما ويجب التحقق من إمكانية تنفيذ القرارات الصادرة عن السلطات والمحاكم العليا فيما يتعلق باالنتخابات بشكل مباشر ودون تأخير. كما يجب أن تحدد األطر القانونية حدودا ً زمنية واقعية يمكن خاللها تقديم الطعون االنتخابية ،والنظر فيها وحلها .كما يجب إبالغ القرارات الصادرة بشأن الطعون إلى المعنيين بها مباشرة .وبينما يمكن حل بعض النزاعات دون تأخير يذكر ،فان حل البعض األخر منها قد يتطلب أياما .ومع وضع هذه المسألة في األذهان ،فان تقديم بعض الحدود الزمنية المرنة قد تكون مفيدة طالما جرى األخذ بعين االعتبار المستوى التنظيمي للسلطة المخولة باتخاذ القرار ،وطبيعة الحالة أو الطعن ومتطلبات السرعة .ويمكن تفادي الكثير من المشكالت من خالل حل النزاعات والطعون في الوقت المالئم .إال أن بعض الطعون ال يمكن تقديمها إال بعد انتهاء االنتخابات. مما تقدم يمكن االستدالل على القواعد األساسية التي يجب أن يتضمنها اإلطار القانوني .لكن على الرغم من ذلك ،يمكن لكل بلد اعتماد اإلجراءات األكثر مالئمة لظروفه لحل النزاعات االنتخابية فيه.
مبدأ ضمان الحق العام في االقتراع أن االنتخابات الحرة والنزيهة يجب أن تلتزم دائما ً بمبادئ أساسية تهدف إلى ضمان الحق العام في االقتراع الحر المتكافئ ،المباشر والسري .وتشتمل هذه المبادئ على ما يلي:
يجب منح حق االقتراع للجميع. يجب ممارسة الحريات والحقوق الديمقراطية بحرية تامة ،خاصة تلك المتعلقة بانتخاب المسئولين العموميين. يجب تنظيم االنتخابات بشكل منتظم. يجب أن تلتزم السلطات االنتخابية بالحياد. يجب اإلدالء بكل صوت بحرية ،ويجب عده بشفافية. يجب اعتماد وسيلة مستقلة لمراقبة االنتخابات لضمان صحتها واستقامتها.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مطلب :2األدوات القانونية عن "شبكة املعرفة االنتخابية A "CE يعتبر وجود اإلطار القانوني دوما ً أمرا ً حيويا ً وجوهريا ً .كما تعتبر المبادئ والقواعد القانونية إلزامية حيث أنها تعمل على تحديد طريقة تنظيم وتنفيذ أي نظام انتخابي .كما تعمل الوسائل القانونية على توفير إجراءات قانونية انتخابية بصورة مؤكدة وآمنة. وفي األنظمة الديمقراطية والدستورية ،فإنه يجري تنظيم القضايا االنتخابية بواسطة تشريعات متنوعة وتكون منسقة ومستمدة من القواعد والمبادئ األساسية ،أو من خالل الدستور .ويمكن إدراج هذه األدوات على النحو التالي: الدستور :هو القاعدة األساسية واإللزامية التي يُستمـَـد منها النظام القانوني للدولة .ويعمل الدستور على إرساء القواعد األساسية لطريقة تنظيم األمة وتشكيل حكومتها ،والحقوق األساسية التي يتعين تنفيذها ،والمبادئ األساسية التي توجه النظام االنتخابي وترشده ،والمتطلبات التي يجب أن ينجزها األفراد حتى يعتبروا مواطنين حقيقيين ،ووجود األحزاب السياسية والسلطات االنتخابية والمحاكم االنتخابية ،والمسائل اإلجرائية .إن القواعد الدستورية هي أعلى القواعد في النظام القانوني ؛ وال يمكن تعديلها بسهولة ،ويستمر نفاذها وسريانها لفترة أطول من غيرها من القواعد والقوانين. المعاهدات الدولية :تعمل المعاهدات الدولية على تعزيز الحقوق األساسية ،والسيما تلك المتعلقة بالمشاركة السياسية والتصويت. القوانين االنتخابية :يجري عادة سن القوانين االنتخابية من قبل مجلس النواب أي الكونغرس الذي يعمل عادة في شتى أنحاء العالم على تمثيل إرادة الشعب .ويجري تبيان معظم القواعد االنتخابية في اللوائح واألنظمة االنتخابية ،وهي أكثر مرونة بصورة كبيرة من القوانين الدستورية ،كما أنها مفيدة في مجال تنظيم الموضوعات االنتخابية بطريقة أكثر عملية. السوابق القـضـائـيـة :وهي األحكام والقرارات الصادرة عن القضاة والمحاكم من أجل حل النزاعات االنتخابية .وفي أيامنا هذه ،فقد بلغ مستوى السوابق القضائية إلى أعلى مستويات الجودة القياسية نظرا ً ألهمية دور القضاة والمحاكم بصورة عامة في الحياة المؤسساتية لألمة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األوامر والمراسيم التنفيذية للسلطات االنتخابية :تصدر مثل هذه األوامر والمراسيم من قبل السلطات اإلدارية بهدف استكمال وإتمام القواعد الدستورية والقانونية. مدونات السلوك :وهي القواعد التي يتفق عليها الوكالء السياسيون .وتهدف مدونات قواعد السلوك إلى تعزيز االحترام ،وإجراء انتخابات منظمة والئقة بصورة حضارية .ويتولى الحكام وأصحاب المناصب العليا عادة مسؤولية تنفيذها.
المعاهدات الدولية يقوم خبراء الدساتير والمعاهدات الدولية بمناقشة ما إذا كان من المترتب النظر إلى المعاهدات الدولية بوصفها أعلى المعايير لنظام قانوني معين .ومع ذلك ،فقد تم التوصل إلى تسوية وفقا ً لبعض المواضيع التي ترد في المعاهدات الدولية ،مثل حماية حقوق اإلنسان (بما في ذلك بطبيعة الحال الحقوق السياسية ،وحق االنتخاب والتصويت ،التي تمثل جزءا ً مما يسمى" الجيل الثاني" لحقوق اإلنسان (بحيث يتعين إدراجها ضمن أي نظام قانوني في البالد) .وخالفا ً لذلك ،فإنه يمكن اعتبار تلك األمة بأنها غير دستورية وغير ديمقراطية . وقد عملت المعاهدات الدولية ،التي أصبحت اآلن إلزامية بالنسبة لعدد متزايد بشكل غفير من البلدان ،على نشر وترسيخ الحقوق السياسية واالنتخابية .ومن بين هذه المعاهدات ،فإنه يمكن سرد بعض منها على النحو التالي :اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ،اإلعالن األمريكي لحقوق وواجبات اإلنسان ،الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،واالتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان، المعروفة أيضا باسم اتفاقية "سان خوسيه" ،واتفاقية الحقوق السياسية للمرأة. وتشكل المواثيق الدولية مصدرا ً هاما ً للقانون االنتخابي .ومن المستحيل أن نقلل من مستوى وأهمية العدد الغفير من المواثيق الدولية والقرارات والمراسيم واإلعالنات والتقارير المتعلقة بحقوق اإلنسان بصفة عامة ،وبالحقوق السياسية على وجه الخصوص .ويتم عادة استقاء قواعد كثيرة وهامة من الوثائق الدولية .وعلى سبيل المثال ،فإنه يتعين على كل بلد ديمقراطي إجراء االنتخاب واالقتراع لتعيين المسئولين التمثيليين .وفي ذات الخط وعلى نفس المنوال من التفكير ،فإن الوثائق الدولية تعزز أهمية تواجد المراقبين الدوليين في العمليات االنتخابية. ويتم تنظيم الوثائق الدولية من خالل قواعد القانون الدولي المتخصصة .ومع ذلك ،فإن المعاهدات بصورة خاصة يجب إقرارها واعتمادها في الدساتير الوطنية للبلدان .كما يجب أن تنظر الدساتير الوطنية إلى المعاهدات الدولية بصفتها منتجة للقوانين الوطنية ،وأنها بمثابة أعلى اللوائح التنظيمية ، واعتبارها كمعايير إلزامية .ويتعين على التشريعات واألنظمة العادية أن تبين بأدق التفاصيل كالً من المحتوى والمسائل اإلجرائية الواردة في المعاهدات الدولية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ووفقا لبعض القواعد المستمدة من اتفاقية Viennaلقانون المعاهدات ، )0595( ،فإن ثمة ثالثة مبادئ رئيسية لتنظيم هذا الموضوع وهي :أ) اعتبار كل معاهدة بأنها ملزمة للدول التي صادقت عليها ؛ ب) ال تعتبر أي دولة مـُـلزَ مة بأي معاهدة ما لم تصادق عليها ،ج )تستند االلتزامات المعقودة على موافقة الدول. وتـُـعتبر المعاهدات الدولية في غاية األهمية في شتى أنحاء العالم لدرجة أن من الصعب جدا التفكير في قانون وطني أو معيار دستوري قد يتعارض معها (السيما في مجال الحقوق االنتخابية والسياسية ).وتعمل الدول ذات األنظمة الدستورية والديمقراطية على اعتماد الوثائق الدولية وتتبناها في نظامها القانوني الداخلي.
الدســـتور إن القواعد الرئيسية التي تحكم أي نظام انتخابي يتعين إنشاؤها ووضعها على المستوى الدستوري . ووفقا ً لهذه الخطة ،فإنه يتعين سن وتنفيذ األنظمة األدنى مستوى من أجل تطوير محتوى القواعد الدستورية وتطبيقها .وفي الوقت الحاضر ،فإنه ال توجد هناك قواعد واضحة إلتباعها من أجل معرفة الموضوعات التي يتعين إدراجها في بنود الدستور .ويعتمد مثل هذا القرار على مختلف الظروف السائدة في كل دولة بمفردها .وعلى أية حال ،فإن بعض المواضيع التي يجري تحديدها عادة من قبل الدساتير تنصب على القواعد األساسية المتعلقة بشكل الحكومة ،والطريقة التي يجب فيها إدراج وإدماج الوكاالت التمثيلية ،والحقوق الجوهرية ،والوسائل القانونية التي يمكن استخدامها لحماية تلك الحقوق ،والمبادئ الرئيسية التي تتحكم في النظام االنتخابي ،والميزات الرئيسية المتعلقة بالتصويت واالنتخاب ،ووجود األحزاب السياسية وأنظمتها الداخلية (باإلضافة لمواضيع أخرى ،مثل التمويل ، على سبيل المثال )وجود السلطات االنتخابية والمحاكم االنتخابية ،ونوعية القواعد اإلجرائية التي يتعين إتباعها. وبحسب مستوى التعقيد في القواعد المستخدمة إلصالح الدستور ،فإنه على الرغم من أن الدساتير يقصد منها عادة أن تدوم لفترات طويلة من أجل توفير الثقة والقناعة بها ،فإن األنظمة الجامدة يمكن تمييزها بسهولة من تلك األنظمة التي تتسم بالمرونة . ويمكن سرد بعض المبادئ األساسية التي يمكن تضمينها في بنود الدستور من أجل ضمان إجراء انتخابات حرة وحقيقية ودورية في كل بلد على النحو التالي :الحق في التصويت حق عام للجميع ،
ويتعين القيام به بطريقة حرة ومكتومة ومباشرة ،كما يجب تنظيم االنتخابات من قبل هيئة عامة مستقلة ،ويجب تنفيذ االنتخابات بطريقة مستقلة ،محايدة وموضوعية ؛ كما يجب إعطاء الحق للمرشحين واألحزاب السياسية في االتصال والتواصل مع وسائل اإلعالم ؛ كما يتعين مراجعة كل أمر انتخابي بصورة قضائية بهدف التأكد من صحته الدستورية ،ومدى قانونيته وشرعيته. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
كما يجب النظر إلى الدستور على اعتبار أنه المعيار القانوني الرئيسي ألية دولة ،مما يعني ضمنا ً أنه ليس أمرا ً إلزاميا ً فحسب ،بل يجب أن يكون قسري أيضا ً ،ويتعين اإلبرار والوفاء به .إن القواعد االنتخابية المدرجة في الدساتير ليست وليدة لحظات من التفكير بالتمني ،بل إنها معايير قانونية تجب مراعاتها وااللتزام بها من قبل األنظمة الدستورية والديمقراطية. وبالمثل ،وحيث أن الدستور هو القانون األسمى في إطار النظم القانونية ،فإنه يعمل على سريان وصحة جميع المعايير األخرى ضمن تلك النظم القانونية .وال يجوز انتهاك أو تجاهل القواعد والمبادئ الدستورية من جانب المعايير غير الدستورية .إن أية مخالفة دستورية يتم ارتكابها من قبل أي معايير غير دستورية تعتبر باطلة والغية . وهناك أيضا ً أنواع مختلفة من السلطات االنتخابية .ومع ذلك ،فإنه قد جرى إنشاء العديد من المؤسسات الدستورية المستقلة .وهذه المؤسسات هي عادة أعلى السلطات االنتخابية ،وتكون مستقلة تماما ً عن أي فرع من الفروع التقليدية للحكومة. وفي أيامنا هذه ،فإن إنشاء محاكم دستورية يعد أمرا ً مميزا ً ومرحبا ً به .وقد تم تمكين هذه المحاكم في مجال تفسير القوانين ،والفصل بصورة مباشرة في المسائل الدستورية .ومع أخذ كل ذلك بعين االعتبار ،ونظرا ً ألنه قد تم االعتراف دستوريا ً بالموضوعات االنتخابية ،فإن إنشاء المحاكم الدستورية المتخصصة في حل النزاعات االنتخابية ،وحتى توسيع نطاق صالحيات المحاكم الدستورية التقليدية للقيام بذلك ،تبدو أنها مسائل معقولة ومقبولة. وتعمل النظم االتحادية في إطار خطة عمل مزدوجة المستوى .فمن ناحية ،فإن الدساتير االتحادية تعمل على تطوير الموضوعات االنتخابية التي أشرنا إليها بأنها على المستوى االتحادي .ومن ناحية ثانية ،فإنه بالرغم من كل ذلك ،فإن الدول أو الواليات االتحادية يجب أن تستخدم استقالليتها التشريعية في حقها بسن القوانين االنتخابية ،ورغم ذلك فإنه يتعين عليها االلتزام الراسخ بجميع المبادئ االنتخابية المقررة في الدستور االتحادي. كما أن إدراج موضوعات انتخابية في الدستور ال يعني أنه يتعين سن وثيقة دستورية جديدة لذلك الغرض ،حيث أنه يمكن تنفيذ مثل تلك اإلضافات بسن بعض اإلصالحات اإلستراتيجية والمحددة بصفة خاصة.
القوانين والمراسيم االنتخابية إن قانون االنتخابات هو األداة القانونية التي تــُـستخدم لتطوير غالبية المواضيع االنتخابية ذات العالقة واألهمية بالنسبة لألمة (وخاصة في تلك الدول التي تتبع ما يـُسمى تقليد القانون المدني ). ويجري سن القوانين االنتخابية من قبل المشرعين العاديين مثل (فروع األجهزة التشريعية الحكومية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
،والمجالس التمثيلية أو النيابية ،ومجلس الشيوخ ،والتجمعات ،والبرلمانات )بهدف وضع المبادئ العامة المنصوص عليها في الدستور). وفي العادة ،فإنه نظرا ً ألن النظم االنتخابية يجب أن تكون مشروعة وقوية ودائمة ،فإن قوانين االنتخاب يتعين سنها من قبل ما ال يقل عن أغلبية الثلثين من مجموع أعضاء الكونغرس. وليس هناك نموذجا ً يحتدا به بهدف سن القوانين االنتخابية ،كما ال توجد وصفة سحرية إلتباعها بشأن إعداد محتويات القوانين االنتخابية وتشكيل هيكلها .وفي بعض البلدان ،على سبيل المثال ،فإنه يجري سن القوانين االنتخابية في فصل تشريعي واحد على شكل (قانون أو نظام أساسي) ،بينما في حاالت أخرى ،فإن العديد من مدونات النظام التشريعي األساسي تحتوي على القواعد االنتخابية بطريقة معينة (وفي مثل تلك الحاالت ،هناك قواعد محددة لتنظيم السلطات االنتخابية ،واألحزاب السياسية ،وأنظمة تقديم االعتراضات والطعون ...وهـكذا). وبموجب الدستور ،فإنه يمكن للقوانين االنتخابية تنظيم المواضيع االنتخابية على النحو التالي: • دمج وتوحيد المكاتب التمثيلية ؛ • الحقوق الفردية في التصويت ،والترشح ،حق التجمع وتكوين الجمعيات مع آخرين ،واالنضمام إلى األحزاب السياسية ؛ •خصائص نظام التصويت ؛ •الشروط التي يجب الوفاء بها من قبل المرشحين لالنتخاب؛ •المتطلبات القانونية لألحزاب السياسية (مثل الشروط التي يتعين عليها الوفاء بها للتسجيل ،وحقوق األعضاء وواجباتهم ،والتمويل ،وتشكيل التحالفات واالئتالفات ..الخ ) ؛ •الخصائص الرئيسية للسلطات االنتخابية (مثل تنظيمها وهيكلها التنظيمي وصالحياتها)؛ •الجغرافيا واالنتخابات ؛ •تسجيل الناخبين ؛ •تدريب وتوعية الناخبين ؛ •العملية االنتخابية (الحمالت االنتخابية ويوم االنتخاب والفرز والنتائج االنتخابية)؛ منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
•التخطيط لالنتخابات ؛ •االنتخابات ووسائل اإلعالم ؛ •النزاهة االنتخابية ؛ •التدابير التأديبية ،ونظام الطعون ؛ •المحاكم االنتخابية. ويمكن للبلدان التي لديها محاكم دستورية أن تأذن أيضا باالعتراض على القوانين االنتخابية على أسس دستورية .ويتم تخويل المحكمة العليا في البالد للبت في مثل تلك النزاعات. وفي العادة ،فإنه ال يمكن إدخال تغييرات كبيرة على القوانين االنتخابية إذا كانت العملية االنتخابية على وشك االنطالق .ويهدف مثل هذا الحظر إلى الحفاظ على االستقرار السياسي والثبات القانوني. وال يجوز سن القوانين االنتخابية لتنظيم التفاصيل المتعلقة بقضايا انتخابية محددة ،وملموسة ،بشأن مسائل إدارية أو داخلية تمس السلطات االنتخابية .ويتعين وضع مثل هذا التنظيم في الوسائل المعيارية األخرى مثل األوامر التنفيذية .
األنظمــة اإلداريــة تصدر األنظمة واللوائح اإلدارية من قبل السلطات االنتخابية لتنظيم قضايا إدارية محددة بطريقة ذكية وبسيطة .وتتمتع هذه األنظمة بمرونة أكبر مما هو في اإلجراءات التشريعية. وخالل فترة االنتخابات ،فإن الكثير من القضايا اإلدارية يتعين حلها بطريقة عاجلة خالل مهلة زمنية وجيزة. وليس من المفترض في القوانين االنتخابية أن تعمل على تنظيم مثل هذه المواضيع ،التي ،بالمناسبة ،قد تغير عملية انتخاب واحدة في المرة الواحدة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وتعمل اللوائح اإلدارية على تكملة وإتمام القوانين االنتخابية ،كما يجب أن تكون صادرة عن سلطات انتخابية تتولى مهمة القيام باالنتخابات بصفتها سلطة تنفيذية .ويتعين على السلطات االنتخابية المخولة باإلشراف على اإلجراءات االنتخابية أن تـُـجري مراجعة عامة للتعديالت التنظيمية .وهناك العديد من الهياكل االنتخابية مخولة للقيام بهذه المهمة .وعادة ،فإن مثل هذه التشكيالت الهيكلية يجب أن تكون مستقلة ودائمة وعابرة. وفي البلدان التي لديها سلطات انتخابية مستقلة ،فإن تلك السلطات تتمتع بصالحيات إصدار لوائح إدارية .وتهدف هذه البلدان من ذلك إلى منع وجود لوائح بصورة غير كافية .وتعمل اللوائح اإلدارية على السماح للسلطات االنتخابية بتنظيم موضوعات محددة مثل :كيفية رفع األحزاب السياسية لتقاريرها ،وكيفية التعامل مع تسجيل المرشحين ،وفي الحمالت واإلعالنات االنتخابية ،ويوم االنتخابات ،الخ.
السوابق القضائية تعتبر السوابق القضائية ضرورية لتكامل النظام القانوني االنتخابي .وينطوي مثل هذا القول على تغير هام للغاية :حيث أن حل النزاعات االنتخابية لم يعد مقصورا ً على السلطات السياسية ،بل أصبح القيام به من خالل السلطات القضائية أمرا ً ممكنا ً أيضا (ومن ناحية ،فإن هناك بعض الحاالت التي يتم حل النزاعات االنتخابية فيها عن طريق المحاكم ،ومن ناحية أخرى ،فإن بعض حاالت النزاعات األخرى ،يمكن النظر إليها على أنها تتطلب في حلها نـُـظما ً مختلطة بحيث تشمل السلطات السياسية والقضائية على حد سواء ).وكانت السلطات السياسية من قبل تعمد إلى حل المنازعات االنتخابية من خالل معايير سياسية .ولكن اآلن أصبح حل النزاعات االنتخابية يتم عن طريق محاكم انتخابية متخصصة حيث تعمل هذه المحاكم على فرز وتصنيف النزاعات باستخدام معايير قانونية بحتة .كما أصبح حل النزاع االنتخابي يتم بصورة قضائية ،وغدت األحكام بشأنها تصدر عن المحاكم ومن قضاة انتخابات( والتي يمكن اعتبارها بأنها سوابق قضائية) كما أصبح من الضروري فهم مدلول ومضمون القانون االنتخابي بشكل تام. وفي نـُـظم القانون العام ،فإنه يمكن اعتبار اإلجراءات القضائية بأنها أصل القانون( ولكن على العكس من ذلك ،في نظم القانون المدني ،فإنه ينظر إلى القانون الذي جرى سنه وإصداره بأنه أصل القانون ).وحسب المفاهيم القانونية مثل :لزوم اعتماد عبارات مثل" :ما سبق تقريره" أو "سبب الحكم " في السابق ،فإن األسباب الداعمة لألحكام السابقة يتعين أخذها بعين االعتبار من أجل حل ألي ـرف القانون االنتخابي من خالل القوانين والتشريعات المدونة ، قضايا جديدة ومشابهة لها .وال يـُـعـ َ َّ بل من خالل اآلراء القضائية نفسها . وفي نظم القانون العام ،فإن المحاكم االنتخابية مهمة للغاية .وتعمل مثل هذه المحاكم على تقديم مساهمة جوهرية في بناء ما يرفد النظام القانوني .إن اآلراء القضائية (التي ينظر إليها باعتبارها منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
سوابق قضائية )تنتج القانون ؛ واآلراء القضائية االنتخابية (التي ينظر إليها على أنها سوابق) تعمل على إنتاج القانون االنتخابي. ويعمل ما يسمى بالنظام االنكليزي أو نظام التقاضي العادي على تخويل القضاة في الفرع القضائي للحكومة بصالحية حل النزاعات االنتخابية بطريقة نهائية .كما تمتلك قراراتهم النهائية أيضا القدرة على وضع حد لنظام معقد بشأن الطعون االنتخابية (التي قد تكون إدارية أو سياسية ،كما هو موضح سابقا). ومن الواضح أنه بالنسبة للنظم غير نظم القانون العام البريطاني األصل (والتي عادة ما تعرف باسم نظم القانون المدني) ،فإن القرارات القضائية بشأن المنازعات االنتخابية تعتبر هامة أيضا .وقد عمل قضاة المسائل االنتخابية في نظم القانون المدني على تقديم إسهامات قـَـيـِّمة أيضا ً مما ساعد في تعزيز وتطوير القانون االنتخابي .وفي تلك البلدان ،أصبح من الالزم استخدام السوابق القضائية التي تصدرها المحاكم االنتخابية في حل القضايا الجديدة المماثلة. إن القرارات القضائية للنزاعات االنتخابية هي في غاية األهمية حيث أنها في بعض الحاالت تقرر أيضا في مدى دستورية األوامر التنفيذية الصادرة عن السلطات االنتخابية .وعندما تفعل القرارات االنتخابية مثل ذلك ،فإنه يمكن النظر إليها على أنها بمثابة محاكم دستورية تقوم بتقديم تفسيرات دستورية. وتـُناط مسؤولية تقرير السوابق اإللزامية عادة بأعلى المحاكم .وتنشأ السوابق على أثر بعض هذه المتطلبات الشكلية التي يجري التوصل إليها من خالل القرارات باإلجماع أو بالتوافق والتسوية .كما تنشأ السوابق القضائية( عادة ما تعرف باسم الفقه) عن طريق تكرار استخدام سبب حكم واحد في حل أكثر من قضية واحدة .ويتعين في مثل تلك الحاالت أن تكون متماثلة من أجل أن يتم حلها بتطبيق نفس النسبة .كما تعتبر قرارات المحاكم العليا بشأن الفتاوى القضائية المعاكسة ،والتي تؤيدها محاكم مختلفة ،ذات فائدة أيضا إلقامة سوابق قضائية .وفي العادة ،فإن السوابق القضائية ال توقـَـف أو ـبررة من أعلى القضاة. تـُـلغى إال بقرارات مـُسندة ومـ ُ َّ ولكن إلى أي مدى قد تصل له السوابق القضائية والفتاوى القضائية؟ وما هي آثارها؟ ومن هي السلطات الملزمة بها؟ هناك أنظمة قانونية مقيدة ضمن اآلراء التي تكون فيها الفتاوى القضائية والقرارات القضائية مقيدة لحسم القضايا الخالفية في كل قضية واحدة والتي ال تـُـعتبر بأنها إلزامية إال للمحاكم والقضاة .ومع ذلك ،فإن هناك أيضا نظما ً قانونية قد يكون فيها للفتاوى والسوابق القضائية تأثيرات عامة( تجاه الكافة) وبعيدة المدى ال تؤثر على صالحيات كل سلطة فحسب ،بل إنها تعمل على إبطال التشريعات المـُستنة أيضا .
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األوامر التنفيذية للسلطات االنتخابية إن السلطات االنتخابية مخولة بإصدار أوامر تنفيذية تهدف إلى تنظيم المسائل االنتخابية .وقد كانت االتفاقات الدولية بين السلطات االنتخابية (سواء اإلدارية أو القضائية منها) من مختلف البلدان ذات فائدة كبيرة من خالل إقامة تعاون دولي أو مشاريع مشتركة لدراسات أكاديمية ،أو لنشر أبحاث ، تمت من خالل عقد مؤتمرات وندوات ومؤتمرات وورش عمل وإصدار منشورات ،بأرفع المستويات وأوثق الصالت بالمواضيع االنتخابية. وال تتمتع االتفاقات الدولية الموقعة من قبل السلطات االنتخابية بنفس الوضع القانوني الذي تحوز عليه القرارات القضائية .ومع ذلك فإنها تعتبر هامة أيضا ً ألنها تعمل على ربط وإلزام البلدان الموقعة عليها بطريقة رسمية .وفور التوصل إلى اتفاق انتخابي ،تنتج هناك الحقوق والواجبات ،ويتعين عندها بذل الجهود المشتركة لمواجهة أهداف االتفاق .ويمكن النظر إلى االتفاقات الدولية( بما فيها االتفاقات غير االنتخابية )كطريقة خاصة لخلق قانون انتخابي ضمن إطار عالمي عام يطالب بحلول عالمية لمشاكل عالمية. كما يجب توقيع االتفاقات الدولية من قبل السلطات المخولة بذلك .ويتعين أن تكون االتفاقات متوافقة ومنسجمة مع القواعد والقوانين القائمة من قبل .وتعتبر االتفاقات المخالفة للقواعد المقررة في اتفاقات أخرى ،باطلة وملغية. وفي األنظمة االتحادية ،فإن االتفاقات يتم التوصل إليها بواسطة سلطات من مختلف المستويات ( من اإلتحاد ،وسلطات الواليات وموظفي البلديات) وتكون ذات فائدة في حل القضايا االنتخابية المتعلقة بها (وخاصة اإلدارية منها) بطريقة تعاونية .وقد أفادت هذه االتفاقات في إثراء المعرفة االنتخابية والفاعلية في المجاالت التالية :اإلدارة ،قضايا التوعية والتدريب االنتخابية ،االستخدام العام لسجل الناخبين وبطاقات التعريف بالناخبين (وجميعها قضايا مكلفة ،وضخمة ومعقدة تقنياً ،وتعمل على تطويرها الوكاالت االنتخابية االتحادية ثم يـُـصار إلى نقلها بصورة تعاقدية إلى الوكاالت المحلية التي تعمل على تطبيقها في االنتخابات المحلية) .
ـدونات السلـوك مـ ُ َّ إن عبارة "مدونات السلوك" تشير لكثير من األشياء المختلفة . أوال ،بشأن محتوى مدونة قواعد السلوك ،فإنها يمكن القول أنها قواعد تهدف إلى ما يلي:
منع حدوث أي نوع من التخويف أو العنف ؛ وضع قواعد وضوابط سلوكية على الحمالت االنتخابية ؛
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
منع حصول أي نوع من السلوك التعسفي من جانب األحزاب السياسية القوية.
وتعمل غالبية قواعد السلوك على تعزيز التعاون بين السلطات االنتخابية وتفرض عادة عقد اجتماعات دورية .ومع ذلك ،فإنها ال تعمل على تمكين السلطات االنتخابية من تفسير السلوكيات وال من تنفيذها . ثانيا ،من المالئم استبعاد ثالث حاالت من هذا التعبير منذ البداية .وال تؤثر هذه الحاالت الثالث في وكالء االنتخابات فحسب ،بل إنها تؤثر أيضا في التعهدات وااللتزامات المتعلقة باالنتخابات ،وال يمكن تناولها على اعتبار أنها معايير سلوكية مدرجة بصورة قانونية ضمن العمليات االنتخابية . وتشمل هذه المعايير ما يلي: يمكن القول بصورة عامة ،أن أنظمة اإلدارة االنتخابية ال يمكن النظر إليها بصفتهامدونات أو قواعد سلوكية .وعليه ،فإن من الممكن تمييز" معايير السلوك" العامة، مثل تلك التي تنظم أنشطة مسئولي االنتخابات األسترالية ،من القواعد الفردية الموجهة ألفراد محددين ،مثل الكثير مما جرى إنشاؤه وتحريره من قبل المنظمات الدولية (مثل مراقبي االنتخابات) .ونحن نتحدث هنا عن مجموعة من القواعد التي تهدف إلى وضع وتأسيس ممارسات محايدة ألشخاص أو منظمات مسئولة عن إجراء انتخابات .ويمكن النظر إلى هذه اإلجراءات ببساطة على أنها بمثابة قواعد أو مدونات إدارية ،بصورة مشابهة لتلك القواعد التي يضعها الموظفون العموميون أو أعضاء االتحادات المهنية . كما ال يمكن اعتبار القواعد العامة التي تضعها األحزاب السياسية بأنها قواعدسلوكية أيضاً ،حيث أن مثل هذه القواعد ال تعتبر إلزامية ألحزاب أخرى ،ولكنها خاصة بأعضاء الحزب الناشطين. كما أن القواعد الضمنية المخصصة لألداء االنتخابي الموجودة في العديد مناألنظمة الديمقراطية المختلفة ال يمكن النظر إليها على اعتبار أنها "معايير أو قواعد سلوك" .وتعمل هذه المدونات على وضع القواعد المتعلقة بقبول المرشحين بالنتائج النهائية أو االتفاق الذي سيتم بموجبه مناقشة قضايا معينة من قبل المرشحين لالنتخابات .كما أن القواعد الضمنية ألداء األنشطة االنتخابية غير ظاهرة بصورة واضحة وصريحة ،عدا عن أنها ليست عامة. ثالثا ،المالمح الرئيسية التي يمتاز بها "قانون السلوك االنتخابي"؟ ومن وجهة نظر (شبكة المعرفة االنتخابية) ،فإن هناك على األقل ميزتين يمكن عرضهما على النحو التالي:
إن مدونة قواعد السلوك هي نتاج اتفاق يتم التوصل إليه من قبل األحزاب السياسية .وقد يظل هذا االتفاق ساري المفعول ألكثر من عملية انتخاب واحدة .
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وتهدف مدونة قواعد السلوك إلى استكمال القواعد االنتخابية .وهذا هو السبب في أنها تلعب دورا ً هاما ً في انتخابات المرحلة االنتقالية .وهدفها الرئيسي مزدوج الغرض ،حيث من جهة ،فإنها تهدف إلى التوصل إلى التنمية السلسة لالنتخابات ،ومن جهة أخرى ، فإنها ترمي إلى منع األعمال المسيئة من جانب المجموعات القوية المتنفذة.
وهناك العديد من االختالفات إلبعاد كل منهما عن اآلخر .وتستند هذه االختالفات على خصائصها المميزة ،وعلى مدى قوة االلتزامات المستمدة منهما. ويمكن لألحزاب السياسية وضع مسودة لمدونة قواعد السلوك ،التي قد تشمل منظمات دولية بين الموقعين عليها .ويمكن تعزيز تطبيق المدونات من جانب السلطات االنتخابية. ويمكن حينذاك أن تواجه مدونات قواعد السلوك التي تروجها السلطات االنتخابية تحديا أساسيا يمكن وضعه على النحو التالي :هل يمكن أن تكون مدونات السلوك إلزامية؟ من وجهة نظر جدلية ،فإن مدونات قواعد السلوك ينبغي أن تكون طوعية .ومع ذلك ،فإنه يمكن استخالص بعض االستنتاجات المثيرة لالهتمام من بعض الدراسات كالتالي:
عملت بعض البلدان على إدراج مدونات السلوك في التشريعات االنتخابية التي يسنها البرلمان .وهنا يتعين أن يبدأ النقاش من منظور مختلف :هل ال يزال من الممكن الحديث عن مدونة لقواعد السلوك؟ وهناك بعض التعقيدات األخرى المستمدة من تلك الحاالت التي تنص فيها مدونات السلوك المتفق عليها بحرية من قبل المتنافسين على إيقاع عقوبات يتعين تطبيقها على كل من ال يلتزم ويبرمها .وفي مثل هذه الحاالت ،فإن مدونات السلوك تكتسب المزيد من وضع المعايير المبدئية.
ومع ذلك ،فإن الغالبية العظمى من قواعد السلوك قد تم التوافق عليها .وهي ال تحول دون أي عقوبة على اإلطالق إذا أخفق شخص ما في االلتزام بها .ويمكن اعتبار هذا الوضع بأنه إدماج للبعد المعياري للعملية االنتخابية .وعلى أي حال ،فإنه ال بد من القول أن قواعد السلوك الفعالة تعمل على تنظيم قضايا بالغة األهمية ،وتميل نحو أن تصبح إلزامية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
)(2
هيكلة قانون االنتخابات Election Law General Structure
العملية الحزبية والعملية تعني كيفية ممارسة الشعوب لحقوقها السياسية .وبالتالي ال يمكن الشروع في ممارسة هذا الحق بدون وجود قانون االنتخابات. وفيما يلي نبذة كافية عن "مقومات االنتخابات" بما يسهم في تنمية الوعي االنتخابي الالزم:
مطلب :0مكون اللجنة االنتخابية املركزية ELECTION HIGH COMISSION اللجنة المركزية هي محور العملية االنتخابية ،وهي آلية لتحقيق الشرعية السياسية ،ونجاحها يرتكز على توفر النزاهة واالستقامة والدقة واالستقاللية والمسئولية الوطنية واألمانة التاريخية واإلنسانية. وغياب أحد هذه الركائز يهدد مستوى الشرعية في لمحصلة النهائية. وهناك مسميات أخرى متداولة ،فقد يطلق عليها "المفوضية العليا لالنتخابات" ،بمعنى أنها "مفوضة "Authorizedومستوى تفويضها أعلى أي على مستوى سيادة الدولة. وبكلمات أخرى ،مفوضة بكل الصالحيات تداول السلطات من أجل أن تحقق للشعب ممارسة "إرادته الحرة" وعلى أساس دستوري. وقد يطلق عليها "اللجنة المركزية لالنتخابات" ،وهنا داللة على تأكيد نطاق مشروعيتها وصالحياتها وهو على مستوى الدولة التي يسودها الدستور مصدر كل القوانين والتفويضات العامة. والمقصد هو أنها مفوضة وفق الدستور ال تتدخل في أعمالها السلطات األخرى ،وال تخضع لسلطان غير الدستور والقانون .وهذا أيضا يفيدنا في فهم معنى دولة القانون الشائع بين الناس. وهي أيضا مركزية تتولى إصدار السياسات االنتخابية وإدارة عملياتها على مستوى البلد ،أي ليس هناك إال جهة واحدة مسئولة على االنتخابات في الدولة المتحدة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفي حقيقة األمر توجد مجموعة من العناصر ذات المغزى السياسي العميق ،وتشمل( ،العضوية) وهي تهدف إلي الترسيخ السياسي بأن هذه اللجنة طبيعتها "االستقاللية" و"الوطنية" التامة عن طريق توضيحها لكيفية اختيار األعضاء ،و (االختصاصات والصالحيات) بما يحقق هذا الدور الوطني بكفاءة قصوى ،و "اللجان الفرعية" بما يحقق استيعاب كل األصوات ،وهي تعبر القوة-السياسة ،و بشكل منظم ودقيق. يأتي تشكيل "اللجنة العليا لالنتخابات" استناد على أسس محددة "بالدستور الدائم" الذي يمثل "سيادة الشعب". ويتم تشكليها دستوريا بطريقة بحيث تمثل مناصفة "سلطة-القضاء" و "إرادة-المجتمع" بدقة وحكمة ديمقراطية سياسية و شرعية. وبما يحقق طبيعتها بأنها هيئة عليا دستوريا ،بمعنى أنه ليس هناك سلطة أعلى منها غير "الدستور" الذي يحكم نشاطها وشرعيتها ،كما أنها تسمى الرئيسية أو المركزية وهو نطاقها حيث تمارس اختصاصاتها وصالحياتها ومسئوليتها الوطنية على مستوى البالد. وفي حالة المرحلة االنتقالية فهي تشكل بقرار وليس بقانون ،وال يجوز للمجالس االنتقالية اعتماد نتائجها وال يجوز له أن يحدد موعد االنتخابات ،فهي تنطلق من اإلعالن الدستوري الذي أصبح شعبيا نافذ ومقبول للمصلحة الوطنية. وفيما يلي التفسير السياسي لمثل هذه للعناصر الالزمة في صياغة مواد اللجنة العليا لالنتخابات:
طريقة العضوية القضائية تنتج االستقاللية في حقيقة األمر ،يهدف المشرع والسياسيين إلي تحقيق مشروعية عامة وعلمية وسياسية لهذا العنصر ،الذي ترتكز عليه كامل صحة العملية االنتخابية ،والفساد في طريقة تشكيل هذه العضوية وتحقيق االستقاللية يعد جريمة وطنية وخيانة تاريخية ،وسوف نعرض طريقتين ،الطريق األولى وهي القضائية والمدنية الراسخة ،حيث يتم تشكيل اللجنة من عدد معين ،ومحدد بالدستور ،ومقسم بالتساوي بين سلك قيادات القضاء وقيادات المجتمع المدني ،فمثال ،القانون المصري ،يحدد عشرة أعضاء ،خمسة من القضاء وخمسة من المجتمع ،برئاسة رئيس المحكمة الدستورية ،وفي حال لم تؤسس بعد كما هو الحال في المراحل االنتقالية ،فيرأسها رئيس المحكمة العليا ،وأربعة أعضاء هم نائب المحكمة العليا أو الدستورية ،رؤساء أو نواب المحاكم األخرى وهي االستئناف والنقض ،وفي حال غياب أحدهم عن أي اجتماع لعذر يعلم الذي يليه في الوظيفة حسب نوعية المحكمة ،ويتم التكليف من قبل رئيس اللجنة العليا ،مع وخمسة أعضاء يتم اختيارهم من شخصيات مثقفة وناشطة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وعالمة بالمجتمع ،مع تحديد خمسة أعضاء احتياطيين من المجتمع في حالة غياب أحدهم عن االجتماعات يعلم بالحضور .والطريقة الثانية ،والتي طريقة الترشيح المؤسساتي القضائي والمدني، وهنا يحدد العدد واألسس حسب الدستور ،بحيث يقوم القضاة والمحامين ومؤسسات المجتمع المدني بترشيح من يدخل في تشكيل هذه اللجنة العليا وبقائه مكلف خالل الدورة االنتخابية .إال أنه يفضل الطريقة األولى ،المرتكزة على السلك القضائي المستقل ولتفادي كثرة االنتخابات والتشتت والتنافس الجزئي ،الذي يجب أن يترك مستمر بشكل اعتيادي حسب الدستور ،حيث كل مؤسسة قضائية مستقلة في اختيار قيادتها وحسب الدستور.
اختصاصات وصالحيات اللجنة العليا لالنتخابات تقوم اللجنة "تلقائيا باإلعالن" عن "موعد فتح باب الترشيح" وكذلك "موعد فتح باب االنتخاب" و "مواعيد إقفالها" وطبقا لما هو محدد بالدستور ،وال تنتظر تعليمات رئاسية ،فهي عليا ذات سيادة دستورية ،ومؤتمنة وطنيا ،وتصدق على صحة قراراتها من "السلطة التشريعية" و "المحكمة الدستورية" لكسب الشرعية الشعبية وسلطان العدالة القضائية .وهي تختص أيضا بتحديد دوائر االنتخابات ،وتشكيل "اللجان العامة" على مستوى المحافظات ،و "لجان االقتراع" على مستوى الدوائر ،و "لجان الفرز" على مستوى المحافظات أو الدوائر ..وتختص باستالم الطعون والبث فيها وقراراتها نافذة .وهي المسئولة بشكل مباشر في اإلشراف والتوجيه التام على سير العملية االنتخابية، وسجالت المرشحين ،وسجالت الناخبين ،وكافة اإلجراءات المنظمة وفق الدستور ،وتنفيذ العقوبات المقررة بقانون االنتخابات عبر المحاكم المختصة ..وهي من يعلن عن نتائج االنتخابات وتصبح نافذة.
مطلب :2مكون تنظيم الناخبني ORGANIZING THE ELECTORS يهدف هذا المكون الحيوي تحقيق أن يكون لكل مواطن مشاركة صحيحة بشأن قوة صوته. حيث أصوات األفراد في مجموعها تمثل "قوة سياسية مشروعة". ويصبح لهذه القوة السياسية المنتخبة دور في سير شئون البالد ومصالح الناس وسالمة الوطن وحماية الدستور. فالصوت أمانة الفرد أمام خالقه ،وفي مجموعها أمانة تودع لدي لجان االنتخابات من أجل احتسابها لمستحقيها بشكل أمين. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وهذا يتطلب تنظيم قانوني يمنع االزدواجية في تسجل األصوات ،ويحقق المراقبة الفنية الملموسة. ويتم ذلك عن طريق ضمان تسجيل كل مواطن في ضمان تسجيل كل مواطن في دائرة واحدة، بحيث يمكن التعرف على هويته وكامل أهليته ،وتصبح هذه الدائرة مركز قانوني يدلي من خالله بصوته الواحد وبشكل مباشر ال ينيب عنه أحد ،وسري بحيث ال يؤثر في إرادته وخياره أحد .كما أن سجل أو جدول الناخبين هو أيضا مطلب قانوني ،يمكن من العملية الرقابية بين اللجنة العليا ولجنة األشراف ولجنة االقتراع أو الدائرة .كما أن هناك إجراءات قانونية محددة تضبط السلوكيات الفردية والحزبية ،وتشمل كيفية القيام بالتسجيل بالسجل والدائرة أو االنتقال فيما بعد من محافظة ألي أخرى، ومن أجل إثبات أن عملية التسجيل وعملية االقتراع قد أجريت بشكل عام ومباشر وسري بشكل دقيق بدون ازدواجية وفرصة تامة لكل فرد أن يمارس حقه في اختيار النخبة الحاكمة ،التي له لحق أيضا أن يرشح نفسه أيضا إذا توفرت لديه القدرة القيادية التنافسية والرغبة في القيام بهذا الدور الوطني األمين. وفيما يلي التفسير السياسي لعناصر مكون "تنظيم الناخبين":
إمساك سجل الناخبين يوجد بكل دائرة انتخابية سجل خاص مدون فيه بيانات الناخب – أي المواطن ، -وهذا السجل تحت إشراف المحافظة ،ويحدد قانون االنتخابات كافة إلجراءات القانونية بشأن كيفية وضوابط التسجيل، والنقل من دائرة أو محافظة إلي أخرى ..وهو من عنصر أساسي في العملية الرقابية االنتخابية.
بطاقة الناخب يمنح كل ناخب بطاقة تفيد بإثبات قيده في سجل الناخبين دستوريا ،وتصمم بطريقة دقيقة مستديمة، وهي تحدد تاريخه في االلتزام بممارسة حقوقه السياسية كما أنها تفيد في العملية الرقابية في ضبط سير االنتخابات بنزاهة وأمانة .وهي خالف بطاقة االقتراع التي تستعمل مرة واحدة وتفيد في اإلدالء بصوته مرة واحدة فقط .وكما ذكرنا فهي تصمم بدقة فنية ،وفي حال القيام بذلك ،سوف تفشل االنتخابات على المدى القصير ،والسبب كما ذكرنا في مقالة سابقة ،أن صنع االنتخابات يختلف من بلد إلي أخر ويحمل سمات رقي المجتمع ذاته.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
العقوبات القانونية يحدد قانون االنتخابات العقوبات معنوية ،كغرامة الرمزية عند تخلف الناخب عن ممارسة حقه السياسي في خدمة الوطن .كما يعاقب بالسجن لمدد متباينة حسب الجرم كل من يقترف أعمال شغب من شأنها إفساد أو تعطيل العملية االنتخابية أو تخويف أو رشوة الناخب.
شروط الناخبين يحدد قانون االنتخابات شروط معينة ،تشمل الجنسية ،والعمر ،الخلو من السوابق ،والحالة الصحية.. حيث صوت الموطن السليم يصنع التغير السليم .و حسب تقديرنا عندما يكون المواطن الناخب ضمن حزب تتوفر له فرص المشاركة والمساهمة في صنع السياسات العامة واختيار قيادات الحزب ،وفي كثير األحيان هم المرشحين ،ويتبادل األفكار ،ويرتقي بوعيه السياسي المطلوب وطنيا وديمقراطيا. وفي حالة بقاء المواطن-الناخب منفرد بصوته وأفكاره فإنه يضعف من حقيقة "القوة-السياسية" في البلد ويضعف تأثرها الوطني والديمقراطي في إحداث التغيير الالزم في كل حاالت انحراف الهيئة الحاكمة..فصوت الناخب قوة سياسية تحدث التغيير وأمانة وطنية تصنع التقدم.
مطلب :3مكون تنظيم املرشحني ORGANIZING THE NOMIES بشكل عام ،ناك أربعة أنواع من المرشحين ،وكثيرا ما نسمع ثالثة أنواع أو مراحل انتخابية ،وهي "المرحلة-الرئاسية" إي شروط وكيفية إتمام مرحلة اختيار األفضل لتولي رئاسة الدولة،و "المرحلة- التشريعية" وهي شروط وكيفية إتمام مرحلة تشكيل السلطة التشريعية للدولة ،و "مرحلة-الحكومة" وهي شروط وكيفية إتمام اختيار رئاسة الوزراء والوزراء ،وهناك "مرحلة-الشورى" وهو المجلس االستشاري العلمي واألخالقي ،وكثيرا ما يغفل عنه في العالم العربي بسبب هيمنة االشتراكية لعقود طويلة وتجهليها السياسي للشعب ،فهناك عناصر مثل عنصر "حقوق األحزاب السياسة" ،و عنصر "الحملة-الدعائية وضوابطها". فهناك أكثر من نوع لالنتخابات ،تشمل االنتخابات البرلمانية ،والمحلية – أي النيابية ،-واالستشارية أي مجلس الشورى وفي الدول العلمانية يسمى مجلس الشورى االشتراكي كما هو في الدستور المصري ،وأخيرا االنتخابات الرئاسية. وهناك شروط خاصة بالمرشحين المقبولين عن كل نوع من االنتخابات.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وتجرى وفق مواعيد محددة ،بحيث أوال ،تعقد االنتخابات التشريعية أي البرلمانية لالقتراع حسب للمحافظات الختيار األكثر أصوات لشغل مقاعد السلطة التشريعية الذين يراقبون الحكومة ويقدمون مشروعات قرارات جديدة ،ويعتمدون القرارات والقوانين والخطط والسياسات والميزانية العامة عن كل سنة خالل دورتهم االنتخابية المحددة بالدستور ،ثم ثانيا ،االنتخابات المحلية النيابية لالقتراح حسب الدوائر المحلية من أجل اختيار نواب الشعب الذين يدافعون عن مصالحه ،وثالثا ،تعقد االنتخابات الرئاسية لالقتراع العام واختيار المرشح األكثر أصوات رئيس الدولة عن الفترة المحددة بالدستور. وعادة ما يصاغ قانون انتخابات عن كل نوع ،أي قانون االنتخابات البرلمانية ،وقانون االنتخابات النيابية المحلية ،وقانون االنتخابات الرئاسية ،وغيرها من األنواع ،مثال ،مجالس الشورى ،أو المؤتمر الوطني العام في حال المرحلة االنتقالية بعد الثورات لوطنية الناجحة ،حيث البد من تغطية هذه العناصر بدقة سياسية وأمانة وطنية ومسئولية تاريخية ومن أجل الصياغة القانونية الالزمة ،كما يلي:
حرية تقديم طلب الترشح يوجد نموذج خاص معد من قبل اللجنة العليا ،يتقدم عن طريقه المرشح ،بكامل البيانات والمستندات المحددة .ويعطى المشرح إيصال باالستالم ،ويعلم حال الرفض كتابيا ومع بيان أسباب رفض الطلب.
إمساك سجل المرشحين يوجد سجل خاص يثبت فيه تاريخ التقديم والبيانات الالزمة.
عالنية قائمة المرشحين تنشر بالجريدة الرسمية واثنان من األكثر انتشارا وعن طريق القنوات بقائمة المرشحين ،وهل يمثلون حزب أم مستقلين.
حق االعتراض الشعبي يمكن للشعب أن يعترض بالمستندات المؤيدة إلي اللجنة العليا ،ولها إجراء التحقيق مع المرشح، والبث القانوني في رفض المرشح أو إبطال الطعن .واإلعالن الرسمي بالخصوص كذلك بيان عن الطلبات المرفوضة.
شروط الترشيح للبرلمان يحدد القانون عدد المقاعد حسب كل دائرة انتخابية بما يتناسب مع عدد السكان بالدائرة من المجموع لكلي لسكان الدولة ،ويحدد فئات المرشحين ،فأحيانا يسن أن يكون نصف المرشحين من فئة العمال منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وهم التجار والصناع والحرفين والمهن الحرة الذين ليس لهم دخل غير نشاطهم ،وفئة الفالح وهم مالك المزرعة وليس لهم دخل غيرها ،والنصف األخر من غيرهم من المثقفين والموظفين والكتاب وغيرهم .وتحدد الجنسية ،والخلو من السوابق ،وقرار الذمة المالية ،وعدم ضلوعه في الفساد السياسي والمالي الحكومي السابق.
شروط الترشيح للمجالس المحلية تتقدم األحزاب أو الناس بالمستقلين ،الذين يروهم خير ممثل ومدافع عن مصالحهم واحتياجات مناطقهم.
شروط الترشيح لرئاسة الدولة تقدم األحزاب مرشحها لرئاسة الدولة ،أو أن يتقدم المستقل بنفسه .وعادة ما يتطلب حصول المرشح على %91من أصوات البرلمان ،و %31من أعضاء مجلس الشورى ،و %01من أعضاء كل مجلس محلي ،كحد أدنى ..والفائزين يتم عرضهم بالدوائر االنتخابية الرئاسية التي تحددها اللجنة العليا ،من أجل االقتراع لعام السري المباشر .من أجل تحديد أيهم األكثر أصوات من الشعب.
شروط ترشح األحزاب السياسة يحق لألحزاب أن تقدم مرشحيها ،وعادة ما يشترط وباستثناء أول دورة انتخابية بعد نشأة وصدور الدستور .أن يكون قد مضى خمس سنوات على تأسيس الحزب ،وأن يكون المرشح من الهيئة العليا إلدارة الحزب ،وأن يكون شغل منصبه ليس أقل من عام ،كما أنه قد يسن القانون االنتخابي وفق الدستور أن يكون الحزب قد تحصل على %9من مقعد البرلمان في الدورة الجارية.
مطلب :4مكون تنظيم عمليات االقرتاع THE VOTING PROCESSES وهي مسألة إدارية بحتة ،وترتكز على عدة عناصر ،منها تحديد طريقة االقتراع ،وتحديد عدد الدوائر حسب العددية السكانية ،وقرارات تشكيل اللجان الفرعية اإلشرافية على مستوى المحافظات واللجان االقتراع وهي على مستوى الدوائر ولجان الفرز وهي مختلطة ،وتحديد مراحل العملية االنتخابية ،وهي مرحلة تحديد الدوائر ،وتحديد المواعيد ،ومرحلة تسجيل وتحديث سجل الناخبين ولها ضوابطها ،ومرحلة تسجيل المرشحين ولها مدة معينة ،حيث تمر بمبدأ البيعة الخاصة للتأهيل للبيعة العامة ،وأسس وكيفية إتمام كل مرحلة بشكل شرعي وسياسي. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وتختص اللجنة العليا لالنتخابات باإلشراف التام والمستقل على مراحل العملية االنتخابية المحددة دستوريا ،وتشكيل لجان األشراف حسب المحافظات والدوائر االنتخابية المالئمة مع عدد السكان إلتمام االقتراع في يوم واحد. كما تختص اللجنة العليا بوضع كافة اإلجراءات وقواعد العملية االنتخابية لسير مراحل العملية االنتخابية بدقة فنية ومصداقية إدارية وكفاءة سياسية. وتهدف العملية االنتخابية برمتها إلي إثبات صوت الناخب المعبر عن إرادته في اختيار الهيئة الحاكمة الفاضلة ..وحسب الشريعة فإن صوته أمانة يجب عليه تحمل لمسئولية الدينية فيمن يمنح تأييده وصوته ويتنازل له في تمثيله. وفيما يلي التوضيح الفني من أجل الصياغة القانونية السليمة وقيام الناخب واللجنة بدورها السياسي الالزم:
أقسام العملية االنتخابية وهي في األساس ،أربعة أقسام ،العملية األشراف تختص باإلشراف المباشر على لجان دوائر االقتراع داخل نطاق المحافظة ،وعملية االقتراع تختص بتسجيل صوت الناخب بدقة فنية ،وعملية الفرز وتختص بتصنيف عدد األصوات الحائز عليها كل مرشح ..وتكون هذه العملية محددة األسس بالدستور.
تشكيل اللجان الفرعية والمتخصصة تختص اللجنة لعليا بتشكيل اللجان ،وتحديد مهامه ،واألشراف عليها ،واتخاذ كل ما يلزم بشأن كفاءة إنجاز العملية االنتخابية المتكاملة .وهي في األساس ،لجان األشراف على مستوى كل المحافظة، ولجان االقتراع على مستوى كل دائرة ،ولجان الفرز على مستوى المحافظة .ويشترط في تشكيل اللجان األتي ،أن يتولى رئاسة أي لجنة قاضي ،كما يتشرط تحديد أسم مندوب كل مرشح بكل دائرة االقتراع ،كما يتشرط أن يكون رؤساء لجان الدوائر ضمن لجنة الفرز وبرئاسة اللجنة العليا وبوجود مندوب كل مرشح.
الدوائر االنتخابية النسبية تختص لجنة االنتخابات العليا تحديد عدد الدوائر االنتخابية ،وأماكنها.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مواعيد العليات االنتخابية تختص لجنة االنتخابات باإلعالن عن موعد فتح باب الترشيح ،وموعد االنتهاء أو اإلعادة ،وفق قرار مصدق عليه من السلطة التشريعية ،والمحكمة الدستورية ،وال تتدخل الحكومة التنفيذية في ذلك ..كما أنها تختص بتحديد مواعيد بدء عمل لجان الفرز.
اإلعالن عن النتائج االنتخابية تختص لجنة االنتخابات العليا باإلعالن عبر مؤتمر صحفي ،وعبر وسائل اإلعالم المرئية والمسموعة والمقروءة عن نتائج العملية االنتخابية بكل "دائرة" لكل المرشحين المتقدمين وعدد األصوات حسب الفرز ،ومن ثم اإلعالن عن قرار الفائزين بكل دائرة وعدد أصوات كل منهم ،هذا في حال االنتخابات البرلمانية والمجالس النيابية .و لكن في حال االنتخابات الرئاسية ،يعلن المرشح الفائز برئاسة الدولة مصدقة من السلطة التشريعية والمحكمة الدستورية.
مطلب :5مكون الضوابط القانونية والسلوكية THE LEGAL CONROLS بالطبع ،تحدث بعض مشاكل الشغب بسبب الجهل السياسي ،مثال ،تخلف بعض الناخبين عن ممارسة حقهم السياسي وهذا ضار وطنيا على المدى البعيد ،أو محاولة اعتراض الناخبين أو تشويه العملية االنتخابية وفي كل ذلك ضرر بالدولة ويعكس عدم احترام الدستور وهي مخالفة قصوى في حق الوطن. وهي ضوابط سلوكية لسالمة سير االنتخابات. يتضمن قانون االنتخابات نصوص قانونية تأديبية من أجل ضمان سير العملية االنتخابية باحترام سيادة القانون وباحترام المواطن بممارسة حقوقهم السياسية بوعي وبعدم التخلف. وهي تشمل: عقوبات تأديبية تحث الناخب على المشاركة القانونية وعدم التخلف عن ممارسة حقه السياسي بحرية تامة وسالمة. عقوبات تأديبية قاسية على كل مواطن أو ناخب أو مشرح استخدم القوة أو لتهديد بقصد تعطيل أو الضرر بسير أو نتائج العملية االنتخابية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
عقوبات مالية تأديبية بحيث تمنع استخدام قوة المالي في إفساد العملية السياسية االنتخابية. وعلى سيبل المثال ،يمكن تصنفيها كما يلي:
عقوبة التخلف عن أداء الواجب الوطني والحق السياسي الدستوري يهدف قانون االنتخابات في عقوباته على حث المواطنين على ممارسة حقوقهم السياسية في اختيار الهيئة الحاكمة للبالد وعد التخلف عن أداء هذا الواجب الوطني .وتفرض غرامة رمزية على كل من تخلف عن اإلدالء بصوته بغير عذر .ويعاقب كل من طلب أو قبل فائدة أو ماال أو مصلحة لغرض إدالء بصوته بوجه غير الحق ،كما يعاقب كل من أدالء بصوته وهو يعلم ال يحق له ذلك.
عقوبة استخدام القوة والتهديد وإفساد العملية االنتخابية يحدد القانون عقوبة السجن بمدد متفاوتة حسب حجم تأثير استخدام القوة أو التهديد في التأثير أو الضرر بسير العملية االنتخابية ،فمثال ،محاولة االعتداء على اللجنة االنتخابية قد تصل عقوبتها إلي خمسة سنوات سجن إذا لم يحدث ضرر وإذا بلغ مقصده وأحدث ضررا فقد تصل إلي السجن المشدد والمؤبد .كما يعاقب بالسجن والغرامة المحددة بالقانون كل من حاول وقف تنفيذ قرارات لجنة االنتخابات الدستورية .كما يعاقب بالحبس مدة محددة بالقانون كل من حاول استخدام وسائل الترويع أو التخويف يقصد التأثير على سالمة سير االنتخابات .كما يعاقب بمدة محددة بالحبس كل من أهان باإلشارة أو القول أعضاء اللجان أو مندوبي المرشحين .وكذلك يعاقب بالسجن كل من يحاول منع الناخب في الوصول للدائرة وإدالء صوته بسالمة .ويكون لكل رئيس لجنة انتخابية صفة مأمور الضبط القضائي فيما يتعلق بإثبات الجرائم التي تقع في قاعة اللجنة.
عقوبة المخالفة المالية يفرض القانون عقوبة السجن والغرامة عن كل من أنفق في الدعائية االنتخابية مبالغ غير مودعة في حساب المصرفي المحدد من قبل اللجنة العليا لالنتخابات ،أو أنفق من هذا الحساب في غير أغراض الدعاية االنتخابية ،وعلى كل من تجاوز الحد المقرر لإلنفاق بالحملة االنتخابية .ويعاقب أيضا كل من أتلف عمدا شيئا من ممتلكات أو وسائل النقل بقصد عرقلة سير االنتخابات .ويعاقب كل من أخفى أو أتلف مستندات مالية أو إدارية بقصد تغيير الحقيقة والتأثير على نتيجة االنتخابات .ويعاقب كل من أعطى أو عرض أو طلب ماال أو فائدة بقصد االستفادة بصوت الناخب.
*
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبحث 6
اإلسالم و الدميقراطية املعاصرة يتناول هذا المبحث ثالثة مرتكزات أساسية في رؤية معاصرة لنظام الحكم في اإلسالم ،وهي البيعة (االنتخابات) ،والعقد االجتماعي_السياسي (الدستور) والخالفة (أسلوب الحكم). ومن خالل هذه المرتكزات الثالثة يتحقق لألمة اإلسالمية واألقطار العربية اختيار نظام الدولة وأسلوب الحكم القطري واالتحادي ،في ظل مرجعية إسالمية تنتج أقصى درجات الكفاءة في التفاعلية بين اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية ،أي توازن العالقة بين المجتمع والسلطة بما يحقق استقرار الدولة وجدواها السلمي والتنموي واإلنساني. ومن األهمية بمكان أن نذكر بأن نظام "الخالفة" أو الخليفة أو الحاكم االتحادي ،وقد يحمل صفة رئيس أو أمير أو خليفة ،فال يهم ذلك ،حيث مقصود الخالفة هو البيعة و تداول السلطة وإمكانية العزل حسب العقد االجتماعي والسياسي ،و أول من أقر هذه العقد أول خليفة في دولة اإلسالم. ولنظام البيعة "االنتخابات" ونظام الخالفة "الرئاسة االتحادية" والعقد االجتماعي-السياسي "الدستور" أسس وضوابط فقهية شرعية سوف نستعرضها في هذه المبحث. ومن أجل تأكيد أن اإلسالم هو األصل في الديمقراطية الشرعية بمعنى تأسيس نظام دولة شرعي يقوم على اإلنسانية والعالمية والعلم واألخالقية ،وممارسة السلطات العامة يقوم على أساس الكفاءة الشخصية واألحقية النضالية والمقدرة القيادية والرؤية التنموية وبما يحقق النماء العام والسلم االجتماعي وحماية العقيدة والوطن ومصالح الناس وحياة األنفس بكرامة وسعادة وأمان تام ،ويحترم العقل والفكر ويطورها ،ويصون المال والممتلكات الخاصة والعامة من خالل سياسات عامة قياسية تحقق اإلصالح في كل أمر من أمور الدنيا وتمنع الفساد في أي جانب من جوانب الحياة وعلى ضوء النجاح في ذلك تجدد البيعة للوالية الشرعية للحكام أو يستبدلوا. وبصدد نظام الدولة وأسلوب الحكم نجد أن اإلسالم أول من أرسى قواعد تأسيس دولة العدل والحق والخير والمساواة بين الناس ،ونبذ كل صنوف العصبية والعنصرية والعدوان والفساد واالنحراف المخلة برسالة اإلنسان في الحياة ، ،تشمل وعلى سبيل المثال: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
-
-
مبدأ تداول السلطة مصدره اإلسالم. مبدأ فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. مبدأ استقاللية سلطة القضاء ودرجتها العليا ،وخضوع الحاكم لسلطانها. مبدأ مكافحة الفساد في الحكم واعتباره أساس كل فساد وأساس نشر الفقر والكفر. مبدأ ميثاق الحكم وهو دستور ينظم العالقة ين الحاكم المنتخب والمجتمع اإلسالمي. مبدأ دولة المؤسسات وهي ترتكز على التنظيم التشريعي والحكومي والتنفيذي. مبدأ البيعة الخاصة والعامة ،وهي ما يعرف معاصرا بهيئة الناخبين ومن ثم انتخابات العامة. مبدأ شروط الحاكم في اإلسالم ،ولقد وضحنا مؤهالت الخلفاء األوائل ،باعتبار أن اختيار الحاكم من مسئولية المسلمين وهي أمانة في أعناقهم ،و واجبهم أن يختاروا شكل الدولة و أسلوب الحكم وفيمن يتواله. مبدأ الدولة المدنية بفصل القيادة العسكرية عن قيادة الدولة ،ونبذ بذلك الدولة-العسكرية، وليست دولة-دينية فقد فصل القضاء عن الحكم ،وجعل الحاكم خاضع للقضاء مثل غيره من الناس ،وحث اإلسالم على "دولة-الحضارة" أي نبذ اإلسالم "دولة-القوة" حيث ينبذ كل صنوف أنواع سالح الدمار الشامل ويمنع القتال داخل المدن ويمنع قتل المدنين واألبرياء واإلساءة لألسرى ويحرم قتل المرأة أو لطفل أو المسن في الحروب ،وعلى خير دليل على مدى تفوق دولة اإلسالم-اإلنسانية على النظم األوربية التي تؤسس لدول-القوة بشكل جوهري وظالم ال يبالى بكل سبل القتل والدمار الشامل من أجل غاية كسب القوة العظمى واستغالل الشعوب والهيمنة على ثوراتها ،وهذه حقيقة واقعية ولكن العرب يغضون الطرف عنها بسبب العلمانية والحداثة على حساب اإلنسانية .وقد أرسى "دولة-القانون" أي دولة الشريعة اإلسالمية ،وبمعنى الدولة-األخالقية ،حيث ليس ألحد تفويض ألهي لتسخير غيره أو تميزه عن الناس ،وإنما يعتبر كل الناس خلفاء في اإلسالم ،مسئولين أمام هللا في األرض بالتساوي ،ويعتبر السياسية هي الجهاد األكبر ،و ينهي المرء على أن يكون كاألنعام ليس لها أعين تشاهد ما يجري في الحياة العامة ،وليس لها قلوب تشعر مدى تأثير األحداث والتطورات والتصورات ،وليس لها أذان تسمع بها كالم البشر فتعي دورها ومسئوليتها، فالسياسية جزء من رسالة المسلم في األرض ،وهذه معنى الخالفة ،وهذا معنى الدولة المدنية ،وهذا معنى اإلسالم دولة-العلم ،حيث حدد اإلسالم مؤهالت القيادة اإليمان والعلم، فمن خالل اإليمان تستكمل الروح في اإلنسان ومن خالل العلم تستكمل قدراته الدنيوية، ويستطيع أن يحقق األمانة والصدق وهما أساس القيادة ،وأن يحقق اإلصالح ويقضي على الفساد وهما أساس مشروعية والية أمور أي تولي السلطة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وسوف نناقش هذه األركان الثالثة بما يحقق النظام االتحادي العربي اإلسالمي ،وهو الشكل المعاصر ،والمتفاعل بنجاح خدمة لمصالح األمة وسالمة الوطن العربي ،ومن أجل استغالل ثروته بالشكل األمثل ،بحيث تتحقق السعادة االجتماعية والرفاهية االقتصادية والنفوذ السياسي. و بدون المعرفة السياسية والفكرية الدقيقة لألركان الثالثة وهي البيعة والدستور والخالفة أو تداول السلطة ال يمكن أن يحقق العرب رسالة السالم واألمن في األرض ،وأن يحموا أنفسهم من االستبداد واالستعمار . وإن الفساد العام هم الطريق الواسع والدائم والقهري لنشر االستبداد وازدهار حركة االستعمار. وإن اإلصالح العام هو الطريق الواسع والدائم واالختياري لنشر السالم السياسي أو تحقيق األمان اإلنساني وهو غاية رسالة الحكم في إلسالم. وأنه ليس هناك أشد خطرا من "النفاق" على دولة العرب واإلسالم ،فالنفاق هو امتهان الكذب والفساد والشر ،فيصبح المرء مطية لألعداء المتربصين ومعول هدم يضرب في صميم األمة فيحول دون بناء دولة حرة وخلية سرطانية تتكاثر وتقضي على صحة العالقات والتعامالت ويهدد سالمة األوطان ويضر بالمصالح العامة .وإن دولة اإلسالم والعرب حصينة ال يضرها وال يستعمرها عدوا إال بعون من أهل النفاق فهم من يصنع لألعداء كل سبل االختراق وصنوف الضعف والهوان. ولذلك نجد أن نموذج الدستور المقترح من األزهر ومجمع البحوث اإلسالمي ،قد ركز على مسألة مادة التربية اإلسالمية وتحفيظ القران في كل السنوات الدراسية ،فالعلماء يدركون كيف تتخلص تنشي أجيال حميدة .حيث "التنشئة الدينية السياسية األمة من كل أمراض القلب والسلبيات وكيف ْ الصائبة والعلمية" ،تخدم تطور الفكر المادي وتبني الحضارة نافعة وليست ضارة.
مطلب :1مفهوم البيعة السياسية يف اإلسالم البيعة في اإلسالم هي فعل سياسي يهدف إلي إضفاء الشرعية على إنشاء الدولة ونظام الحكم والممارسة السياسية. ونظرا ألن هناك صلة جوهرية بين مفهوم البيعة في اإلسالم ومفاهيم االنتخابات والدستور والتحزب المعاصرة ،فقد رأينا أن نعرض باختصار المفهوم الشرعي والتطبيقي لقانون لنظام البيعة حسب القران والسنة ،فنحدد شروطها وأحكامها ،وأطرافها ،ووسائلها ،وفلسفتها السياسية ،بحيث تتكون منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الممارسة السياسية العصرية شرعية أي ديمقراطية قانونية متقيدة بالشريعة اإلسالمية بالشكل السليم وبما يحقق سالمة الوطن العربي ومصلحة األمة. وفي تقديرنا على كل مسلم يرغب في ممارسة الديمقراطية المعاصرة أن يرجع أوال للشريعة اإلسالمية ،فسوف يجد فيها ما يدعمه في نيل الحقوق والحريات والواجبات اإلنسانية والسياسية كاملة ،وبدقة متناهية ما ال يجده في غيرها من تمام الحكمة وكمال المصلحة و رقي المجتمعات ،وسوف يساعده ذلك في مسئولية الممارسة السياسية باعتبارها من ضروب الجهاد األكبر في اإلسالم ،ومن قاسى ويالت الطواغيت واألشرار من تعذيب و شدة المعاناة وأقصى درجات الصبر وقدر الشجاعة التي ملكوها في مواجهة االستبداد .فكلمة حق في مواجهة حاكم جائر هي أعلى درجات الشهادة والشجاعة .فالدنيا والحكم بطبيعته شئنا أم أبينا فهي تقوم على البيعة ،وهناك البيعة المشروعة وهي بيعة المسلم لخيار الناس وأصلحهم وأنفعهم في الشأن العام ،وهي البيعة الظالمة وهي مساندة أهل الشر والظلم بكل وسائل اليد أو التعبير.
البيعة في القران والسنة قد ورد الدليل الشرعي للبيعة السياسية في اإلسالم ،وهي عملية يرتكز عليها اإليمان والعمل في اإلسالم ،وثوابهما: الدليل في القران :قول هللا عز وجل في سورة التوبة :اآلية 000قال تعالى" :فَاست َبش ُِّرواِّببَي ِّع ُك ُم الَّذِّي َبا َيعتُم ِّب ِّه" ،وفي سورة الفتح في اآلية العاشرةِّ " :إ َّن الَّذِّينَ يُ َبا ِّيعُونَكَ ِّإنَّ َما يُ َبا ِّيعُونَ ع ِّن ال ُمؤ ِّمنِّينَ إِّذ يُبَايِّعُونَكَ ت َحتَ ال َّ ش َج َرةِّ" .وهنا ننظر إلي ي هللاُ َ هللاَ" وفي اآلية " :01لَقَد َر ِّ ض َ اهتمام الخالق ومشاركته في البيعة ،حيث حضرها رب العالمين ولو تحت شجرة ،وفي هذا داللة على مدى دقة المشاركة والمراقبة الربانية للبيعة ،كيف وال وهي ترتكز عليها مصالح الناس ومصائرهم وسالمة دينهم وأوطانهم وإنسانيتهم ورسالتهم في الحياة ..لدرجة أن هللا رب العالمين يصافح المبايعين لنصرة رسالة الحق والعدل والعلم .. الدليل في السنة النبوية :وردت مسألة البيعة في كثير من أحاديث الرسول الكريم -صلى هللاعليه وسلم ،-وهي بالطبع الئحة تنفيذية لقانون البيعة ،وتحتاج إلي سرد جميع األحاديث الشريفة ،واالسترشاد في الحدث الخاصة به ،ومن األهمية بمكان أن نذكر :قوله (صلى) في مسند اإلمام أحمد" :من مات وقد نزع يده من بيعة كانت ميتته ميتة ضاللة" ،وفي هذا اإلشارة إلي أن يكون للمسلم صوت سياسي معلن و واضح ،وهو مسئول عنه ،وقوله صلى هللا عليه وسلم " :ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع ،فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق اآلخر" رواه مسلم ( ..)0188ولعلي استخلص من األحاديث منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
النبوية أنها معاهدة أو عقد إذا أبرم لحاكم أو والي أو خليفة ألكثر من دولة متحدة ،فال يجوز نكث البيعة أو خروج طائفة أخرى من أجل الفتنة وإبطال هذه الشرعية ،فالبد أن تكون منظمة وليس فيها مجال غير للتنازع والتصارع والفتن ،وإنما تنافس في الخير واإلمكانيات والقدرات الذاتية لمنفعة وخدمة الناس وعقيدتهم.
أراء العلماء في البيعة يقول أبن خلدون :البيعة بين طرفين يتعهدا بالنصرة وبالوقوف في صف واحد ،فهي أشبه برباط يوثق به طرفان ينشئ حقوقا ،وواجبات لكال الطرفين ،يحكمه في األمور كلها منهج الشرع الذي هو منطلقه وغايته ".فقد تلقى رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -بيعتي العقبة بعد اإلقناع بالحسنى ،والموعظة الحسنة للدخول في اإلسالم ،فلما قبل المسلمون ،وأعلنوا الشهادة أخذ منهم البيعة وفق مبادئ محددة ،وهذه البيعة لم تكن لشخص الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص -وإنما كانت الدعوة والبيعة هلل وحده ،ومع هذا فلم تتم المبايعة كتفويض من المسلمين لرسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص -وإنما كان في الطرف اآلخر المقابل تعهده بالوقوف في صفهم و التناصر بين الطرفين.. اإل َم ِّام أَن يَقَع ِّمن أَهل ال َح ِّل َوالعَق ِّد َوال يَ ِّجب االستِّيعَاب َ ،وال يَلزَ م ُكل قَا َل ال َم ِّ از ِّري :يَك ِّفي فِّي بَيعَ ِّة ِّ ضع يَدَهُ فِّي يَ ِّد ِّه ،بَل يَك ِّفي اِّلتِّزَ ا ُم َ عتِّ ِّه َواالن ِّقيَادُ لَهُ بِّأَن ال يُخَا ِّلفَهُ َوال يَ ُ ش َّق أ َ َح ٍد أَن يَح ُ طا َ ض َر ِّعندَهُ َويَ َ علَي ِّه اهـ نقالً من فتح الباري . صا َ ال َع َ اإلمام النووي رحمه هللا في شرح صحيح مسلم : ص َّح ِّت َها ُم َبا َيعَة ُكل النَّاس َ ،وال ُكل أَهل ال َحل َوال ِّعقد ، علَى أَنَّهُ ال يُشت ََرط ِّل ِّ أ َ َّما ال َبي َعة َ :ف َقد ِّاتَّفَقَ العُلَ َماء َ علَى ُكل َو ِّإنَّ َما يُشت ََرط ُمبَايَ َعة َمن تَيَ َّ س َر ِّإج َماعهم ِّمن العُلَ َماء َو ُّ ساء َو ُو ُجوه النَّاس َ . . . ،وال يَ ِّجب َ الر َؤ َ ضع يَده فِّي يَده َويُبَايِّعهُ َ ،وإِّنَّ َما يَلزَ مهُ االن ِّقيَادُ لَهُ َ ،وأَال يُظ ِّهر ِّخالفًا َ ،وال َو ِّ ي إِّلَى األ َ َمام فَيَ َ احد أَن يَأتِّ َ َي ُ صا له. شق ال َع َ
مستويات البيعة تنقسم إجراءات البيعة إلى مستويين متتابعين متالزمين: -0بيعة االنعقاد :وبموجبها ينعقد للشخص المبايع له الترشح واألهلية لمركز "السلطة" ،ويتحصل على الوالية الكبرى دون غيره حسما للخالف حول من يتولى أمر المسلمين ،وهذه البيعة هي التي يقوم الخاصة وهم "أهل الحل والعقد" ،ونرى في الوقت المعاصر وجود مل يسمى "هيئة الناخبين" أو عن طريق نسب ثلثي مجلسي البرلمان مع عشر عن كل مجلس محلي وهي شكل من أشكال البيعة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األولية ،ودالئل هذه البيعة واضحة تماما في انعقاد البيعة للخلفاء الراشدين -رضي هللا عنهم أجمعين -فقد كان أهل االختيار يقومون باختيار اإلمام ثم يبايعونه بيعة انعقاد أولية. -2البيعة العامة أو بيعة الطاعة :وهي بيعة شعبية عامة للكافة من األمة ،أي بيعة سائر المسلمين لمن يتولى السلطة ،وهذا ما تم بالنسبة للخلفاء الراشدين جميعا ،فأبو بكر الصديق -رضي هللا عنه- بعد أن بايعه أهل الحل والعقد من المهاجرين واألنصار في سقيفة بني ساعده ،ثم دُ ِّعي المسلمون للبيعة العامة في المسجد ،فصعد المنبر بعد أن أخبرهم عمر بن الخطاب -رضي هللا عنه -باختيارهم له ،ومبايعتهم إياه ،وأمرهم بمبايعته فبايعه المسلمون ،وما حدث مع أبي بكر الصديق حدث مع كل الخلفاء الراشدين ،وهي البيعة التي تمت تاريخيا في عاصمة الدولة ومركز الحكم ثم كان يطلب من كل وال من والة األمصار أخذها للخليفة ..وهذا يشير إلي البيعة االتحادية ،وهي على مستوى األقطار ،وبهذا علمنا اإلسالم ما هو جائز وما هو واجب ،وحدد اآللية األولية ،فقد كان يتوالها الوالي وهو الحاكم في القطر برضا أهله ،ويمكنهم طلب عزله واستبداله من اإلدارة المركزية ،حال الطعن في خلقه أو أداءه أو عدم إصالحه أو أدنى فساد ،وبهذه يمكن أن تتطور التصورات بما يناسب ظروف كل عصر وبما يحقق الهدف الرئيس وهو بقاء األمة مرتبطة بروح طاعتها هلل وال تخرج عن عقيدتها.
أطراف البيعة أطراف البيعة في اإلسالم ثالثة وهي" ،الخليفة" و "األمة" و "المبايع عليه" ،وقياسا على ذلك، فيمكن القول بأسلوب معاصر وحسب حاجة كل عصر وإتباع أحسن تصور وتطوره لصالح األمة، فأن األطراف تمثل" :المرشح" ويشمل كافة المناصب والمستويات السيادية ،و "المجتمع" و يشمل فئة وجماعة الناس أو الناخبين ،و "البرنامج السياسي" ،وهو يمثل المبايع عليه وقد يكون ذلك الدستور فهو حاجة لالستفتاء العام وهي شكل من أشكال البيعة ،وقد يكون الرؤية واألهداف والبرنامج والسياسات ومبادئها لألحزاب أو ألداة الحكم المراد الحصول على بيعة المجتمع أي الموافقة والتأييد. ويعد الدستور من أهم ما يجب أن يبايع عليه الناس ،فهو عقد تأسيس شكل أو بمعنى أخر نوعية الدولة وما يترتب عنه من نوعية أسلوب الحكم فيها واشتراطات حكامها وكافة أبعادها ومفاصلها. كما أن االنتخابات تعتبر نوع من البيعة حيث تتناول طرف "المرشح" وطرف "المبايع عليه" وهي برنامج الحزب أو المرشح.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وبالقياس على بيعة الهجرة فقد تكون البيعة ومن وسائلها الجائزة فقد تكون هلل العظيم ولرسوله "صلى" ،وقد تكون لمال أو دنيا يصيبها ،وقيا شرح.أيضا كما أشرنا ،لعب لطرف األول وهو المرشح والبيعة حسب اإلسالم هي التي أطرافها الثالثة ملتزمين بتحقيق مقاصد الشريعة اإلسالمية ،وتطبيق أحكامها في حياة الناس شاملة وبدون أي استثناء للجوانب السياسية باعتبارها أساس عملية البيعة. والبيعة في اإلسالم شرطها بدون إكراه ،فال أكراه في لدين ،وللمسلم دينه ولغيره من الناس ما يشاء حسب ما جاء في سورة "الكافرون" و "المنافقون". فالقصد العام في اإلسالم هو مبايعة الحق والعدل والخير واإلصالح واألمن والسلم والعزة أي السيادة التامة. وهذا ما يميز البيعة في اإلسالم عن غيرها ،التي تكره الناس وتجبرهم وتقودهم للباطل والظلم والشر والفساد والخوف واالستبداد واالستعمار. وكل مسلم مسئول أما م هللا عن نوع بيعته ،وال ينقطع عنه الثواب أو العقاب عن كل فعل سلبي ترتب عن بيعته. فعليه واجب المشاركة السياسية في كل نشر حق وترسيخه ،و واجب اإلمساك عن كل الباطل والعمل على تغيره بالتجمع وهو زيادة سواد الناس في االستنكار بصوتهم السلمي وهذا من أساليب البيعة ومن سلوكيات المسلم.
صور البيعة هناك ثالثة صور أو وسائل أو طرق النعقاد البيعة ،وهي باستخدام "المصافحة أو الحضور المباشر" ،أو "الكالم " ،أو "بالكتابة" ،وبالقياس على ذلك ،يمكن قول األتي: وفي حقيقة األمر نجد أن االنتخابات والحزبية قد حققت هذه لوسائل الثالثة ،ومثل هذه العملية العلنية تساعد في تصنيف االنتماء والتنافس على النماء والبقاء األصلح لصالح المجتمع.. حيث تثمل "البيعة باليد" عملية المشاركة الفعلية مثل "العضوية" والتواجد المتالزم وكل المشاركة بالنفس والمال ،وهي الوسيلة األولى واألقوى. وتمثل "البيعة بالكالم" كافة وسائل التعبير والرأي والفكر. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وتمثل "البيعة بالكتابة" كافة وسائل التعبير من وسائل الصحافة واإلعالم ،واإلدالء باألصوات في االنتخابات ،والتأليف وغيرها. وبهذا نجد أن المرء في حياته العامة قد مارس البيعة بشكل أو أخر ،وقد تكون بيعة مع اإلسالم أو ضده ،وهو من يعلم بنواياه ومسئول على ما يترتب عنها. وعمليات االنتخابات المباشرة والغير مباشرة وهي التي تتم عن طريق هيئة شرعية منتخبة من الناس ،وكذلك االستفتاء تعد جميعها من الوسائل الجزئية الجائزة في التعبير عن نوع البيعة. و المشاركة واجبة ،فالتغيير يحدث جزئي ثم مع كبر حجم السواد يحدث التغيير الكلي التلقائي، فالناس تتأثر ببعض ويحدث التغيير اإليجابي والسلبي باستمرار ،وقانون التغيير في اإلسالم يحدث عندما تتغير األغلبية من الناس نحو سيادة الحق والعدل والخير واإلصالح واألمن والسلم فيأتي النصر الرباني وهذا هو االستقالل الحقيقي وهذه من العزة المنشودة في الشرعية اإلسالمية. وقد استندت على ما جاء في شأن صور البيعة بأسلوب الفقه وكما يلي: "المتتبع في التاريخ اإلسالمي من لدن سيدنا دمحم -صلى هللا عليه وسلم -حتى بداية هذا القرن الميالدي حينما ألغيت الخالفة أن يدرك أن للبيعة عدة صور منها: -0المصافحة والكالم :وهذه هي الصورة الغالبة في المرات التي بايع فيها الناس النبي -صلى هللا عليه وسلم -ومن ذلك بيعة الرضوان الشهيرة ،والتي قال هللا تعالى فيها" :إِّ َّن الَّذِّينَ يُبَايِّعُونَكَ إِّنَّ َما يُبَايِّعُونَ هللاَ يَدُ هللاِّ فَوقَ أَيدِّي ِّهم" ..وفي ظل هذه اآلية الكريمة نتعلم أنه من يقف مسالم مطالب بالقانون النبوي التنفيذي وهي "السنة الشريفة" فقد طالب بالطبع بالقانون الرباني األساسي وهو "القران"، ومن هنا حقق البيعة هلل بقبوله كمسلم بأنه ال يصدر أمرا أو قرارا أو تصرفا يخالف ما جاء فيه بالقران والسنة. -2الكالم فقط :وهذه تكون عادة في مبايعة النساء ،ومن لديه عاهة ال تمكنه من المصافحة كالمجذوم الذي قال له الرسول -صلى هللا عليه وسلم" :ارجع فقد بايعتك" رواه النسائي ومسلم. -3الكتابة :وأفضل مثال على هذه المبايعة ما كتبه النجاشي إلى الرسول -صلى هللا عليه وسلم -فقال: "بسم هللا الرحمن الرحيم ،إلى دمحم رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -من النجاشي ،سالم عليك يا رسول هللا ورحمة هللا وبركاته من هللا الذي ال إله إال هو الذي هداني لإلسالم ،أما بعد :فقد بلغني كتابك يا رسول هللا فيما ذكرت من أمر عيسى" ...إلى أن قال" :وقد بايعتك ،وبايعت ابن عمك، وأصحابك ،وأسلمت على يديه هلل رب العالمين".". منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
تعريف البيعة هناك تعريفات اجتهادية وفكرية ،والتعريف االصطالحي نص على أنها هي إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة لإلمام أو الحاكم في غير معصية ،وذلك في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعته األمر وتفويض األمور إليه ،كما تشمل تعريفات البيعة على أنها واجبة على المسلم وعلى أنها ميثاق تأسيس مجتمع إسالمي ،وهي وأداة اإلعالن عن االلتزام بالمنهج والشرعية والشورى ،وهي صيغة تمكين األمة من قبل الدولة وليس لخضوعها. وهناك من يعرفه ا على أنها ميثاق إنساني و والء لنظام السياسي يتأسس على رؤية العقيدة اإلسالمية أو الخالفة اإلسالمية وبااللتزام بجماعة المسلمين والطاعة إلمامهم. وال تنتهي مسئولية األمة بـ"عقد البيعة" بل تستمر في تحمل تبعة حفظ الدين وتطبيق الشريعة من خالل الشورى ،والرقابة على الحاكم ،ونصحه إذا حاد ،وعزله إذا لزم األمر وكلما اقتضت المصلحة العليا للبالد والعباد. " وكثير من الكتابات القديمة والحديثة ركزت عند دراسة البيعة على بعد "الطاعة" ،أو االلتزام السياسي من جانب الرعية ،وفصلت في شروط الخليفة وكيفية توليته وصالحياته؛ فإن هناك من المحدثين من يرى أن البيعة حق وليست التزاما فحسب ،فهي حق لكل مسلم ،رجال كان أو امرأة، ألنها الطريقة الشرعية الوحيدة لتنصيب رئيس الدولة ،وألن األمة هي صاحبة السلطة والشأن في توليته وعزله ،واقترح بعض أنصار هذا الرأي "صيغة" لبيعة الخليفة لألمة تقوم على االلتزام بالشريعة والعدل والشورى ،وهي البيعة التي تمثل الوجه اآلخر لاللتزام السياسي ،وهو التزام الحاكم ،في مقابل االلتزام السياسي لألمة بالطاعة. وإذا أخذنا المعنى االصطالحي نجد أن الدستور في اإلسالم في حاجة للمبايعة ،ألنه سوف يمثل السيادة العليا التي تلزم السمع والطاعة وعدم الخروج وعن اشتراطات ولي األمر ودوره. وإذا أخذنا التعريفات االجتهادية فسوف نجدها تتحقق من خالل االستفتاء العام واالنتخابات بما يحقق النظام وممارسته السياسية المنشودة. حيث الحياة هي صراع بين الخير والشر والحق والباطل والعدل والظلم واإلصالح والفساد في زمن الحرب ،وتنافس بينهما في زمن السلم. وبالتالي البيعة حتما نوعان ،ويتأتى عن ذلك الصراع والتنافس وهما قانونا التغيير في الحياة. والحياة في السلم أفضل من الحياة في الحرب ،والتنافس هو القانون األفضل. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
والدستور هو من صنع الناس ويخضع للمبايعة. واالنتخابات وسيلة شاملة وهي قانون التنافس. واألمة العربية ال تحتمل الصراعات الداخلية أبدا ،فكل صراع داخلي يدخل عليها االستعمار من أحدى أطرافه ،وقد بدأت الصراعات العربية وقبل اإلسالم وتحديد منذ 311م ،فسقطت مملكة حمير و احتلت اليمين من قبل الحبشة والرومان في ،381وهدمت الكعبة في منتصف القرن السادس ميالدي واستعان العرب بالفرس في 999م لتخليصهم من حكم أبناء-أبرهة الظالمين ودعم الرومان لهم ،و تنازع القياصرة وهم تحت أيديهم ممالك الشام وكسرى وتحت أيديهم ممالك العراق. حتى كان دور العرب في معركة الشرف في "ذي قار" ،في العراق ،وقد تغلبوا على الطرف المنتصر وهم الفرس ضد الروم ،و يعد هذا النصر أول برهان تاريخي على قدرة هذه األمة في نيل استقالل العربي الكامل وهو حقها الطبيعي بدون منازع ،واستهلت العرب فاتحة قدوم اإلسالم، وليكون لها منهج حياة مستقل وكامل ومميز ومصدر تفوقها على منافسيها وضد كل ن يطمع فيها.
الفلسفة السياسية للبيعة يمكن القول بأنه ليس باإلمكان قيام نظام "الشورى" بدون "البيعة" .حيث البيعة هي الوسيلة الشعبية الشرعية المسئولة ليعبر كل فرد من خاللها عن رأيه و إرادته . فهناك من يرى البيعة في اإلسالم على أنها هي الوجه األخر للشورى وأحدى صوره ،وهي ليست ممارسة قهرية بل اختيارية حرة ،وملزمة دينيا ،وهي أصل من أصول الشورى ،ومقيدة بالشريعة اإلسالمية ومصالح األمة .و واجب الخروج عن الحاكم واستبدال الحاكم وتأسيس حكم أخر ببيعة جديدة وعقد سياسي جديد. فهدفها تحديد من يتولى السلطة وهو من أولي األمر ،وتحديد نظام إدارة البالد وتنظيم شئونه وضبط مصالحه وهو شرط التمدن وبتجنب الوقوع في الفوضى وتعطيل الشريعة ونقض مصالح الناس والتحالف مع األعداء والعودة للجاهلية. وهناك حدود شرعية لتفعيل البيعة كآلية النتقال السلطة سليما ومدنيا في الفقه اإلسالمي ،وتضمنت بيان الحاالت الخمسة لتفعيل البيعة كالتالي: موت الخليفة من غير عهد بالخالفة ألحد بعده كما حدث مع أبي بكر الصديق -رضي هللا عنه -بعدوفاة النبي (ملسو هيلع هللا ىلص) ،أو بتركها شورى في مجموعة معينة كما فعل عمر بن الخطاب رضي هللا عنه. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
-2خلع الخليفة لموجب يقتضي الخلع ،كما هو موضح في كتب الفقه فتحتاج األمة إلى مبايعة إمام يقوم بأمورها ،ويتحمل أعباءها. -3أن يأخذ الخليفة البيعة على الناس لولي عهده بالخالفة في حياته (ال يشترط أن يكون من أبنائه أو عصبيته) بأن يكون خليفة بعده درءا للنزاع بعده. -8أن تؤخذ البيعة للخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد. -9أن يستشعر الخليفة خروج ناحية من النواحي أو مصر من األمصار عن الطاعة فيوجه إليهم من يأخذ البيعة له عليهم مجددا لينقادوا ألمره ،ويدخلوا في طاعته.
أنواع البيعة في تقديرنا هناك ثالثة أنواع من البيعة رئيسية ،وهي "بيعة ذاتية" وهي "بيعة اإلخالص" بين اإلنسان وربه وهي تعني أن اإلنسان بايع ربه في نفسه على أن يطيعه وال يعصي له أمرا ،وعلى أن يحب ما أحب هللا ويكره ما يكره هللا ..وهناك "بيعة النصرة" ،وهي "بيعة الجهاد األصغر" وهي يتعهد ويلزم ويكرس نفسه لنصرة دين هللا بالدفاع عن حماية أرواح المسلمين وطنهم والعقيدة اإلسالمية ومن صورها الدخول في الجيش بنية الجهاد في سبيل هللا حسب المعنى الفقهي ،وهناك "البيعة السياسية" وهي "بيعة الجهاد األكبر" أو االنتماء لألمة وتعني أن يقف اإلنسان بعلمه وعمله وفكره سلوكه في تطوير الدولة الحرة الكريمة األخالقية التي ينعم فيها كل مسلم بالخير والعدالة والحق والحريات وكفاءة أداء الواجبات. حيث يقول فقهاء الشريعة اإلسالمية بأن تتنوع البيعة في شرعنا الحنيف بحسب األمر المبايع عليه، وقد أخذ النبي -صلى هللا عليه وسلم -البيعة من المسلمين على أمور مختلفة بحسب اللحظة السياسية وبحسب قدرة الفرد واستعداده ،أهمها: -0البيعة على اإلسالم والتوحيد :وهي البيعة في داخل كل مسلم وهي بين اإلنسان وربه ،و هي واجب أن تظهر في سلوك افرد وفعله وتوجه أفكاره وأهوائه وبضبط سلوكه وتجمع الناس في نسيج اجتماعي موحد يحقق األمن لكل فرد في عرضه ونفسه وماله ويسلم فيه حرية عقله وعقيدته ،فال عداء باليد أو اللسان .فهي بيعة االلتزام .لذلك يقال فالن ملتزم. -2البيعة على النصرة والمنعة :وهي البيعة في الدخول لجيوش المسلمين ،على أن يجاهد في سبيل نصرة دين هللا اإلسالم ،فال عدوان على األبرياء والشيوخ والنساء واألطفال ،وال حرق لزرع أو هدم للبيوت ،وغيرها من األحكام الذي أقرها اإلسالم على كل مسلم .وأن يحمي الوطن والمسلمين .و أوضح مثال عليها البيعة التي أخذها النبي -ملسو هيلع هللا ىلص -من وفد األنصار في بيعة العقبة الثانية ،قال" :أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم ،وأبناءكم،"... فبايعه سائر الوفد على المنعة ،والنصرة ،ومنهن النساء ،وكان الخلفاء الراشدين ال يقبلون في منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
صفوف الجيوش عاصي أو منافق أو مرتد حال اكتشافه ،ألنه مدعاة للضعف والهزيمة ونشر الشر في بنية الجيش وفعالية قواته .وحين اكتمل الدين صارت هذه هي البيعة التي ابتاعها هللا -سبحانه وتعالى -لنفسه من المؤمنين بأن اشترى منهم أموالهم وأنفسهم بأن لهم الجنة إذا ُهددت دار اإلسالم كما جاء ذلك في سورة التوبة (اآلية " :)000إِّ َّن هللاَ اشت ََرى ِّمنَ علَي ِّه َحقًّا سبِّي ِّل هللاِّ فَيَقتُلُونَ َويُقتَلُونَ َوعدًا َ س ُهم َوأَم َوالَ ُهم بِّأ َ َّن لَ ُه ُم ال َجنَّةَ يُقَاتِّلُونَ فِّي َ ال ُمؤ ِّمنِّينَ أَنفُ َ آن َو َمن أَوفَى بِّعَه ِّد ِّه ِّمنَ هللاِّ فَاست َبش ُِّروا بِّبَي ِّع ُك ُم الَّذِّي بَايَعتُم بِّ ِّه َوذَلِّكَ اإلن ِّجي ِّل َوالقُر ِّ فِّي التَّو َراةِّ َو ِّ ُه َو الفَو ُز العَ ِّظي ُم"؛ فهذه البيعة في عنق كل مسلم إلى يوم القيامة ،وهي الجهاد في سبيل هللا، ماض إلى يوم القيامة ما دام أعداء اإلسالم "الَ يَزَ الُونَ يُقَاتِّلُونَ ُكم وهى مستمرة ألن الجهاد ٍ َ عوا" ،وقد مدح هللا -سبحانه وتعالى -نموذج المؤمنين في عن دِّينِّ ُكم إِّن استَطا ُ َحتَّى يَ ُرد ُّو ُكم َ بيعة الرضوان لما بايعوا الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص -على الموت ،فكانوا السابقين األولين قبل تأسيس الدولة ولزوم الجهاد وفرضه على كل المسلمين دفاعا عن الدين واألرض والعرض ،وقد كان المسلمون ينشدون في غزوة الخندق :نحن الذين بايعوا دمحما على الجهاد ما بقينا أبدا. -3البيعة على الهجرة:وكانت أول األمر فرض عين على كل من أسلم ،ثم انتهت بعد الفتح مصداقا لحديث رسول هللا" :ال هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية" ،أي أن الجهاد والدفاع عن ومحارب، الدولة يحل محل الهجرة حين لم يكن هناك كيان سياسي بل كيان اجتماعي مشتت َ والمراد بالهجرة هنا الهجرة من مكة إلى المدينة ،أما الهجرة من بلد الكفر إلى بلد اإلسالم ،أو من بلد يعم فيها الظلم ألرض هللا الواسعة فهذه أحكامها مفصلة في كتب الفقه. -8البيعة على السمع والطاعة:وهذه هي التي تقصدها معظم الكتابات تأسيسا على الممارسة في عصور الملك المتتالية ،وهي التي تتبادر للذهن إذا أطلقت كلمة البيعة دون تحديد ،وهي التي كانت تعطي للخلفاء تاريخيا عند توليهم في ظل الدول والممالك ،وأدلتها كثيرة أهمها الحديث المتفق عليه عن عبادة بن الصامت -رضي هللا عنه -قال" :بايعنا رسول هللا -ملسو هيلع هللا ىلص- على السمع والطاعة في العسر واليسر ،والمنشط والمكره ،وعلى أثرة علينا ،وعلى أال ننازع األمر أهله إال أن تروا كفرا ظاهرا عندكم من هللا فيه برهان" ،وفي رواية" :وعلى أن نقول الحق أينما كنا ،وأال نخاف في هللا الئمة الئم" .وال شك أن أداء تلك البيعة لنبي يأتيه الوحي ال يقاس على أدائها للذين أسسوا حكما مستبدا أهدرت في ظله حقوق الناس من عدل في المال وشورى في األمر ،فكان السمع والطاعة مدخال لتكريس االستبداد وتهميش األمة ونذير فرقة وتنافس على السلطة التي صارت مغنما في أحيان كثيرة ،وإذا كانت قرون عديدة قد شهدت نهضة وبزوغ للحضارة اإلسالمية فإن فقدان الشورى والعدل كان ينذر "بزوال العمران" على المدى البعيد كما بين ابن خلدون في مقدمته .وقد اجتهدت الحركة اإلسالمية المعاصرة ،وأخذت بيعة على الطاعة لتوحيد الصفوف ،وأضافت إليها السعي للعمل المنظم في سبيل أحياء األمة والدولة المتحدة ،وال شك أنه هدف يتطلع إليه الكثيرون ،و ال يجيز الباحث البيعة التي تقترن بالعمل السياسي والتنظيمي السري ،وبما يهدر في إطارها قيم الشورى والتمكين للجماعة وانحصار السلطة في القيادات ،و للعلماء في ذلك رأيهم وليس هنا مجال التفصيل وإنما فقط شرح العالقة بين الديمقراطية المعاصرة وعناصرها المماثلة في منهج اإلسالم. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويقول الباحث هناك من قسم البيعة إلي نوعين :البيعة العينية ،و بيعة الكفاية بناء على درجة االلتزام والتكليف ،وتمييزا بين درجات القدرة ألفراد الجماعة المسلمة بين الحد األدنى والقدرة العليا؛ إذ توضح قراءة السيرة النبوية أنه كان هناك نوعان من البيعة: -0بيعة عينية :واجبة على كل مسلم ومسلمة ،وهي البيعة على العقيدة واألخالق االجتماعية واإلسالمية ،وقد أخذها الرسول -ملسو هيلع هللا ىلص -قبل وبعد تأسيس الدولة ولم تختلف صيغتها ،وشملت النساء لورود نصها في القرآن في سورة الممتحنة في سياق الحديث عن مبايعة النساء لرسول هللا ،وهي البيعة التي ميزت الدولة اإلسالمية عن مجتمع الجاهلية واعتبرها البعض دليل وجود التنظيم السياسي للمجتمع اإلسالمي لحديث رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص" :من مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية" ،وهي البيعة التي ترتبط بموضوعي "اإلمامة" و"الخروج" ..وأن هذه الصيغة نزلت عام الحديبية ،ويالحظ أن اشتراط الرسول األمور األخالقية عند البيعة ،ولمعرفة رسول هللا بكل مبايع وطباعه ،وهي أمور يضبطها العرف والقانون في الدولة اإلسالمية وال تعد بيعة على أمر خاص. -2بيعة كفائية :واجبة على البعض دون بقية المسلمين وهي المرتبطة بالمقدرة كالبيعة على الجهاد كما في بيعة الرضوان ،وهي البيعة التي يدخل فيها في الخبرة اإلسالمية أيضا البيعة على الواليات العامة للحاكم من قبل من تولى والية ما ،أو ما يعرف بعهد الوالية.
شروط صحة البيعة حاول الفقهاء أن يضعوا شروطا لصحة عقد البيعة استنبطوها من األدلة الصحيحة لديهم ،وانحصر فقههم حول واقع البيعة في العصور المختلفة؛ فكانوا يقصدون بها بيعة اإلمام على السمع والطاعة، وهذه الشروط هي: -0أن تجتمع في المأخوذ له البيعة شروط اإلمامة ،فال تنعقد البيعة في حالة فقد واحد منها إال مع الشوكة والغلبة ،وهنا يكون الحديث عن بيعة المتغلب ..ومن هنا في تقديرنا قد نجد فوز تيار مخالف لتطبيق منهج اإلسالم ،ويجب قبول ذلك ،فال يمكن أكراه الناس ،فالمجتمع بفرز قيادته على شاكلته أو سواده ،فإن كان أغلب الناس بايعوا من تحقق فيه سمات الحاكم الصالح الفقيه العالم الصادق األمين فهم في واقع األمر كذلك ،وإن اختاروا غيره فهم ولوا منهم على ما هم عليه .وإن كان سواد الناس على منهج اإلسالم فتحدث الغلبة للمسلمين. -2أن يكون المتولي لعقد البيعة (بيعة االنعقاد) أهل الحل والعقد قبل البيعة العامة؛ فال عبرة لبيعة العامة إن لم يبايع أهل الحل والعقد ،وهنا نقصد من صورها البيعة التشريعية ،ففي تقديرهم ضمان التوازنات والتحالفات داخل النخبة السياسية شرط الستقرار األمر وعدم نقض البيعة والتنازع بعد البيعة ،أي تأسيس البيعة على "شرعية واضحة" كما يقولون ،وإن افترض هذا الرأي للحق الوعي منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
بضرورة تمثيل أهل الحل والعقد للعامة ،أو أن مخالفة العامة لرأي أهل الحل والعقد يعني أن النخبة عليها آنذاك تغيير توجهاتها وليس المصادرة على تحوالت واختيارات الشعب. -3أن يجيب المبا َيع إلى البيعة ،فلو امتنع لم تنعقد إمامته ،ولم يجبر عليها إال أن يكون ال يصلح أحد لإلمامة إال هو؛ فيجبر عليها بال خالف (حكي ذلك النووي). -8أن تكون البيعة على كتاب هللا ،وسنة رسوله -ملسو هيلع هللا ىلص -قوال ،وعمال ،وعلى أن تكون الطاعة ما دامت في هللا ،وفي غير معصية؛ ألنه ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق. -9أال تعقد البيعة ألكثر من واحد ،أي ال تبرم ألكثر من حاكم واحد في القطر الواحد في آن واحد؛ ألنه إذا ادعى أحد الخالفة مع وجود الخليفة وجب قتل اآلخر ،كما روي عن رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -في صحيح مسلم أنه قال" :إذا بويع لخليفتين فاقتلوا اآلخر منهما"؛ أي التالي المنازع لمن تمت له البيعة بالفعل؛ ألن في هذا انشقاق عن صف األمة وإثارة للفتنة ..في حقيقة األمر البد من فهم ذلك عمليا جيدا ،حيث المقصود إذا تمت البيعة للحاكم على أن يخلف من قبله ،فال يجوز أن يخرج عنه من يبايع نفسه بعد ذلك ،ففي هذا فتنة وتنازع ،حيث يطرح الراغبين والمؤهلين على أهل الحل والعقد وال تأتي البيعة العامة من خارجهم. -9الحرية الكاملة للمبايع في البيعة كما فعل الصحابة -رضوان هللا تعالى عليهم -في بيعة الخلفاء الراشدين ،وألن البيعة عقد مراضاة واختيار ال سبيل فيها إلى اإلجبار واإلكراه. -9اإلشهاد على المبايعة :وهذا شرط شرطه بعض العلماء لكي ال يدعي أحد أن اإلمامة عقدت له سرا فيؤدي ذلك إلى الشقاق والفتنة ،وهو ما يتم في العصر الحالي عبر النقل المباشر لسير العمليات االنتخابية إعالميا ،واإلعالن عن سيرها بشفافية والرقابة الشعبية والقانونية التي ذكرناها آنفا ،ونحن نرى اليوم من صورها اللجنة العليا أو المركزية لالنتخابات وما تتضمنه من مراقبين داخليين وخارجيين وقضاة مستقلين وسجالت ولجان مناسبة لتطور وسائل العصر وتعداد السكان ، ..وإذا كان بعض العلماء راء بعدم وجوب اإلشهاد ألنه ليس هناك دليل ،ولكن من العلماء من راء يلزم ذلك لدرء التزوير وتغيير إرادة الشعب ،وهذا واجب لكي تكتمل البيعة الواجبة بشكلها الصحيح ،كما أن البيعة في الخالفة الراشدة كانت معلنة وعامة ومباشرة ولم تنعقد لحاكم بالسر.
حكم نكث البيعة هنا قد يالحظ المرء صرامة أحكام اإلسالم في نكث عقد البيعة بعدما أن يتم إبرامها ،ولكن عندما يعلم المرء بأن الدستور هو عقد يتناول تأسيس نظام عام أي شكل دولة أختاره المسلمين ،أو قد تستخدم البيعة لقياس حجم إرادة المسلمين اتجاه اختيار حاكمه ،ومن ثم إبرام البيعة أي عقد فترة الحكم لمن يختارون. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وبذلك نكث هذه العقود قد يتسبب في انهيار الدولة كنظام عام ،أو قد يتسبب في إبطال أسلوب تولي السلطة بطريقة شرعية متفق عليها. ومن هنا أيضا البد التذكير بشيئين ،أولهما بأن الدستور سمي عقد اجتماعي ،ألنه يحدد فيه ما يلتزم فيه بعضهم اتجاه بعض ،وكيف يرغبون أن يعيشون ،والثاني ،أنه البد أن يستفتى الناس ليكون كل واحد مسئول شخصيا مباشرة على كل نص فيه ،ألن شارك في وضع نصوصه ..فهو عقد يمثل عقل وعالقات وعضد تعايش الواقعي بين الناس فعليا. مثله مثل أي عقد أخر ،مثال ،عندما يتشارك أكثر من فرد بأسرهم في العيش في سكن واحد ..فهم في بيعة خاصة ،ال يجوز أن تنكث ،والمجتمع جميعه في بيعة عامة أهم وأبقى وأجدر أن ال تنكث أبدا. ومن هنا فرض اإلسالم على المسلم الوفاء بالعهد ،سواء كان ذلك بين المسلمين بعضهم وبعض ،أم مع غير المسلم من أهل الكتاب ،بل وكذلك مع الكافر إذا استقام .فقد قال تعالى" :يَا أَيُّ َها الَّذِّينَ آ َمنُوا أَوفُوا ِّبالعُقُو ِّد" ،وقال تعالىَ " :وأَوفُوا ِّبال َعه ِّد ِّإ َّن ال َعهدَ َكانَ َمسئُوالً" ،وقال "فَ َما استَقَا ُموا لَ ُكم فَاست َ ِّقي ُموا لَ ُهم ِّإ َّن هللاَ ي ُِّحبُّ ال ُمتَّقِّينَ " ،والبيعة بما أنها عقد وعهد بين المسلمين وخليفتهم فإنها داخلة في هذه اآليات ،وباختالف أنواع البيعة يختلف أيضا حكم نكثها من جهة الطرف الذي نكث هل هو الحاكم ،أم المحكوم ،ومن جهة نوع البيعة التي نكثت: -0فحكم من نكث البيعة على اإلسالم الكفر ،واالرتداد باتفاق العلماء ،وإن اختلفوا في عقوبته بحسب حاله وحال األمة. -2وحكم من نكث البيعة على النصرة أو الجهاد أو السمع والطاعة دون أن يصدر عنه ما ينافي أصل اإليمان فهو عاص مرتكب لكبيرة من الكبائر؛ ألنها نقض عهد ،وقد توعد هللا من نقض العهد، ولكنها تختلف حرمتها باختالف موضوعها فأشدها حرمة نكث بيعة اإلمام الشرعي على السمع والطاعة في غير معصية دون مبرر شرعي ،وأما البيعة على النصرة والجهاد فهي تأتي في ظروف استثنائية؛ فلذلك نكثها أخف من نكث بيعة اإلمام التي وردت فيها أحاديث كثيرة تحرم نكثها أشهرها ما رواه عبد هللا بن عمرو بن العاص -رضي هللا عنهما -عن النبي -ملسو هيلع هللا ىلص -أنه قال" :من بايع إماما فأعطاه صفقة يده ،وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع" (رواه مسلم) ،كما أن في عدم الوفاء ببيعة الجهاد خيانة لألمة سواء أكان بعدم الخروج للجهاد إذا دعا داعي الجهاد ،أم كان توليا يوم الزحف. -3أما بيعة الهجرة فقد انقطعت بانقطاع الهجرة بعد فتح مكة الكبير ،بمفهوم الحال الخاص بفجر اإلسالم ،ولكن اليوم نقول هجرة السعة طلب للحياة األفضل ،حيث رأي الفقهاء بوجوب الهجرة من بالد الكفار إلى بالد المسلمين لكن دون بيعة ،ولكن هناك النية والضرورة ،وإن اختلف الحال بعد أن صار للمسلمين تواجد في الغرب وكفلت لهم حريات المواطنة وبقي عليهم السعي ألداء الواجبات وضمان الحقوق .ولكن في حقيقة األمر ،فقد كان المقصود بعدم جواز بيعة الهجرة ،هي أن البيعة لها أركانها الثالثة ،وهنا كيف يبايع المسلمين بعضهم بالخروج من وطنهم وتركه للمستبد والعدو ،وإنما منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
هو خروج بنية مجاهدة ومقارعة ومعارضة هذا الوضع لتعود األمور إلي نصابها ،فالخروج المعاصر هو بيعة كفاية وليست بيعة عينية ،وهللا أعلم.
مطلب :2مفهوم الدستور يف اإلسالم من األهمية بمكان أن نكتسب كمسلمين بعض المعرفة عن تعريف الدستور في اإلسالم و ومحتواه وما هي أساليب نشأته وإنجازه.
تعريف الدستور في اإلسالم القسم الديني الثابت و القسم الفني المتغير في واقع األمر ،كثير من المسلمين يذهب بالقول بأنه ال يمكن وضع دستور وإنما هناك دستور للمسلمين وأحد وهو القران والسنة ..وطالما أن األمر بطبيعته هو مسألة فكرية ،فيجب أن نصل إلي توافق بين هذا القول الصائب في عمومه ،والقول األخر وهو العملي والصائب في خصوصه حيث الحاجة إلي دستور ينظم الدولة بحكم العصر ومواكبة التطورات ،حيث ما يهلك إيديولوجيات البشر الوضعية أنها تموت ال تستطيع أن تواكب كل العصور وتظهر مفلسة فكريا وعمليا وتتبع سبل القهر لفرض مفاهيمها وآلياتها وأدواتها وبعنف وتضليل ،ولكن اإلسالم يتضمن قواعد كلية وفرعية تنتج الفكر بغزارة وتماسك وإنسانية الذي يحتاجه اإلنسان للتغلب على كل أنواع التحديات وتجاوز حدود الزمن والمكان.. وأول ما أتفق عليه المسلمين عامة ،في حال وضع دستور خاص بعين الزمان والمكان ،هو ما ذكر من قول العلماء ،وهو أنه ال يحق للمسلم في دولة اإلسالم أن يضع أو يصاغ له الدستور بما يخالف للقران والسنة أو بما يترتب عنه تجاوز أي من أحكامه أو بما ال يحقق كامل مقاصد العقيدة اإلسالمية. وما االستفتاء العام إال بعينة عينية ،وهي تعني كل إنسان مسئول مباشرة بنفسه ،بأنه حال وافق يكون مسئول شخصيا مباشرة عن كل حكم وارد ،وبما يترتب عنه من قوانين وقرارات وسياسات تصدر في حياة الناس. وانطالقا مما ورد نرى هناك مزيد من الحاجة للتوضيح العام وتطوير التصورات وأجراء البحوث المتخصصة وعقد الندوات وغيرها باستمرار ..فحياة بدون عقيدة ال قيمة لها ودولة بدون دستور ال معنى لها. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وحسب تحليلنا المتواضع نقول بأن القران والسنة هما دستور كوني وإنساني ومصدره رباني، وبالتالي لهما طبيعة السيادة الكونية العظمى ،والشمولية الحياتية ،و هي صيغة العالمية والخلود ال يحدهما زمان أو مكان ،وال يمكن تحريفهما أو تغييرهما بأي قوة أرضية ..ودخول المرء في اإلسالم يعني بيعته بقبول هذه السيادة الكونية ،وعندما ينوي البيعة على من يتولى السيادة المكانية ،فالبد للفرع أن ال ينفصل أو يخالف طبيعة األصل األعم. وبالتالي أول مسألة هامة ،هي أن الدستور الكوني يعامل الفرد على أساس إنسانيته .وفي الدستور المكاني يعامله على أساس المواطنة أي حقه في االستيطان واإلقامة الشرعية بالمكان بكامل الحقوق والحريات والواجبات بعدالة ومساواة. ويتميز أيضا الدستور الوضعي أنه خصيصا من أجل تنظيم شئون دنيوية تخصصية زمنية ،تتغير حسب التطورات واالحتياجات واألدوات واإلمكانات والبدائل المتوفرة. وبالتالي الدستور الكوني واإلنساني هو األعم والخالد ،وال يمكن للدستور الوضعي وهو األصغر واألقصر في مداه أن يخرج عن األعم و الدائم حسب قانون الخلود والسيادة اإلنسانية العليا للرساالت السماوية. ومن خالل مثل هذه المنطلقات والتعريف العام يمكننا أن نستنتج بأن كل دستور وضعي يجب أن يلتزم في تحديد نظام الحكم حسب ما ورد في الشريعة اإلسالمية من تصورات فقهية أي قانونية وشرعية وهي حسب درجات االجتهاد واالستنباط من اآليات واألحاديث القطعية وبالقياس واإلجماع ومن أجل تحري الخير ومصالح العموم وازدهار العلوم. كما أنه يمكن القول بأن "القران والسنة " ،يمثالن "أم الدستور" في كل دولة اإلسالم ،فيوفران قواعد الحياة األممية والقواعد الكلية السياسية واالقتصادية واالجتماعية الثقافية والعلمية ،ومن أجل أن تواكب األمة والمجتمعات المتفرعة كافة التطورات وتكسب منافعها ولكي تتغلب على التحديات وتفي بالمتطلبات المعاصرة ،وهذا فرض واجب عن أهل الكتب السماوية الثالثة ،كما جاء قطعيا في القران حيث يعد خروج اليهود عن التوراة ظلما ،وخروج النصارى فسقا ،وخروج المسلمين كفرا.. فالمسلمي ن لديهم كامل الحقيقة ونكران الحقيقة وجحودها هو كفر حسب معنى المصطلح ،وما نرى من ظلم عالمي سببه الخروج عن نهج التوراة الصحيحة ،وما نرى العالم في الضاللة اليوم إال بسبب الفسق ويعني عمق وانتشار الفساد. وال يعني ذلك دولة قياد دولة دينية شكلية ،وإنما يعني ضرورة عدم تجاوز الفرد أو الشعب وهم مالكي المكان لتخرج عن إرادة الخالق وهو مالك الكون ،وصاحب هذه الرساالت كمنهجية كونية، متكاملة ال تباين فيها وإنما رسالة واحدة تخدم سالمة حياة اإلنسان في األرض وتكليفه الرباني الدقيق والمفصل . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فال يمكن تصور عودة العرب للجاهلية بنكران أهمية هذا الدين وعدالته ونفعه في حياتهم الخاصة والعامة ،كما ال يصح من عودة أهل اإلنجيل للعصور المظلمة بنكران ذلك وال يجوز من أهل الثورات ظلم البشرية بالعودة للتأمر ومنع سبل عودة الناس إلتباع كل عقيدته الصحيحة كمرجعية أساسية تنظم شئون الحياة وتماسكها المشروع بقواعد كلية متجانسة في كل الرساالت. وما يهم المسلم هو أن المرجعية اإلسالمية ثابتة وعامة ال تتغير بالزمان والمكان ،فهي قواعد كلية صحيحة تهذب وتفعل وتصحح التطورات واالحتياجات وتساعد في التغلب على التحديات من أجل مقاصد أساسية تأتي بسالمة الوطن والعقيدة والنفس والعقل والمال ،وتحقق المصلحة الفردية والعامة بتوازن رباني" .أال يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ..صدق هللا العظيم". فمسألة الدستور الوضعي اإلسالمي هي حاجة واقعية ال جدال فيها.. وقد جاء في السنة النبوية قوله صلى " أنتم أعلم بشئون دنياكم". وإنما الحاجة لوجود تصور صحيح ومتفق عليه وآلية مشروعة وهذا ما يجب أن نسعى إليه.. وقد جاء في األدبيات الفقهية ما يمكن أن نجمل منه تعريف "السياسة" في اإلسالم ،على أنها إدارة أمور الناس وشئونهم العامة ،وهي تحقيق اإلصالح ،وإنجاز مصالح الناس بالعدل والمساواة وبالحق، وبما ينشر ويرسخ سعادتهم وأمنهم وسلمهم االجتماعي ،ويحقق سالمة األوطان واألديان والعقود ويرسخ في النفوس احترامها وحمايتها. وكما جاء في أدبيات السياسة الشرعية ،أنه يمكن أن يعرف الدستور في اإلسالم اصطالحيا بتعريفين :أحدهما عام ،واآلخر خاص : أ -التعريف العام :الدستور في اإلسالم هو مجموعة القواعد واألحكام العامة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية ،التي تنظم المبادئ الرئيسة التي يقوم عليها "الحكم في اإلسالم" . فالدستور اإلسالمي بهذا التعريف العام ثابت على مدى الزمن ،ال يمكن تعديله ،أو تغييره ،أو إلغاؤه بأي حال ؛ ألنه وحي من هللا وليس لبشر أن يغير في الوحي أو يبدل. وفي تقديري ،فهذا التعريف العام هو األساس وهو ما ينطلق منه ويبنى عليه التعريف الخاص، الوضعي حيث يصدر عن أحكام العامة والقواعد الكلية أحكام وقواعد خاصة ،وبكلمات أخرى ال يجوز للخاص وهو الحالة التطبيقية أن يخرج عن العام وهو الحالة النظرية ،فالعام هو الضابط والخاص هو المقيد. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ب -التعريف الخاص :الدستور في اإلسالم هو مجموعة القواعد واألحكام األساسية في الدولة المسلمة ،التي تبين نظام الحكم وشكل الدولة ،والسلطات العامة فيها ،واألشخاص والهيئات التي تتولى هذه السلطات ،وارتباطها ببعض ،وبيان حقوق األفراد ،وواجباتهم ،صادرة في ذلك عن مبادئ اإلسالم العامة ،وتنظيماته في الشؤون الدستورية . وتعريف الدستور بهذا المعنى الفني أو القانوني ،ال يعني األحكام الشرعية الثابتة ،والمبادئ األساسية لنظام الحكم في اإلسالم ،وإنما يعني الدستور في دولة إسالمية -مهما اختلف زمان وجودها ومكانها الذي يبين التنظيمات األساسية في تلك الدولة حسب ظروفها وأحوالها ،وقد يختلف عن دستور دولةإسالمية عن أخرى ،باختالف مكانها أو زمانها . ومما يوضح التعريفين السابقين ،أن األحكام والقواعد الدستورية في النظام اإلسالمي تنقسم إلى قسمين " :ثابتة" ،و "غير ثابتة". فاألحكام والقواعد الثابتة هي ما ورد صريحا من قواعد عامة في نصوص القرآن والسنة ،وما كان محل إجماع علماء المسلمين منها ،في الشؤون الدستورية كالشورى ،والعدالة ،والمساواة ، والتعاون. واألحكام والقواعد الغير الثابتة هي األحكام المستنبطة عن طريق االجتهاد والرأي ،مما يتعلق باألساليب واألنظمة ،والتفصيالت التي تختلف تبعا الختالف ظروف الزمان والمكان. وهذا التعريف الذي وضعه الباحثين قادني في االستنتاج العام إلي تحديد ثالثة مراحل تلزم لتدوين أو صياغة الدستور اإلسالمي الوضعي. ووفقا لما عليه الفقه الدستوري المعاصر الذي قسم الدساتير إلى جامدة ومرنة يجد الباحث في المقابل أن قواعد الدستور في اإلسالم تشمل النوعين الجامد والمرن ،وهي ما يقصد بها هنا الثابتة وغير الثابتة ،فالثابتة تقابل الجامدة وغير الثابتة تقابل المرنة ،ومن األمثلة على القضايا الدستورية الثابتة في اإلسالم عدم جواز تغيير دين الدولة اإلسالمية ،وقاعدة ال ضرر وال ضرار. ومن القضايا المرنة :ما صدر عن الرسول ملسو هيلع هللا ىلص بصفته السياسية ،أي باعتباره إماما ورئيسا للدولة ، مما هو مبني على المصلحة الموجودة في عصره ملسو هيلع هللا ىلص ،مثل طريقة إرسال الجيوش للقتال ،وتولية القضاة والوالة ،وعقد المعاهدات وتدبير أمور الدولة المالية واإلدارية ،فهذه أحكام وتشريعات وقتية حسب المصلحة والظروف في ذلك الزمن ،مثل ما صدر عنه ملسو هيلع هللا ىلص بصفته قاضيا ؛ ألنه يحكم بناء على ما يسمع من حجة ،فعن أم سلمه رضي هللا عنها قالت :قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص « :إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ،وإنما أقضي لكم على نحو ما أسمع منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
منكم فمن قضيت له من حق أخيه شيئا ،فال يأخذه ،فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها يوم القيامة » رواه البخاري. كما أنني أضيف إلي رأي الباحثين في هذه المسألة الدستورية المعاصرة ،وهي أن التعديالت حسب الفقه الدستوري هي نوعان جامدة وهي تتطلب توفر الشرعية الشعبية العامة لتعديلها ،في حين التعديالت المرنة هي ما يمكن أن ينجز من خالل القرار السياسي المعتمد من السلطة التشريعية المنتخبة ،وبما ال يمس الحريات والحقوق والواجبات المنصوص عليها في الدستور. إال في اإلسالم التعديالت الجامدة تعني ما يتعلق بتوظيف األحكام والقواعد اإلسالمية الكلية األساسية القطعية المستخدمة في الجزء الخاص ،والتي يمكن تعديلها بشكل سياسي جامد أو مرن ،و ال تتعلق باألحكام القطيعة الثابتة في القران والسنة ،ولقد ذكرت في االستنتاج العام مراحل الثالثة لصناعة الدستور اإلسالمي ،وذلك يبين كيفية توظيف التعديل الجامد والمرن ،وهي ما ينجز عن طريق أهل العلم والشورى المختصين .ووجود أحكام عامة وفروعها وقواعد كلية هو ما يضفي على الدساتير اإلسالمية صفة الديمومة والكونية واإلنسانية. وبشكل عام ،فإن التعديالت المرنة هو كل ما يتعلق بالتفاصيل الفنية والتي تشمل كافة نواحي وتفاصيل وأسس توزيع االختصاصات وأنواع المؤسسات وتنظيمها وكافة النواحي العلمية والمتغيرات المادية ،وهي تتم عن طريق العمل المتكامل بين السلطات العامة.
مسألة وجوب تدوين الدستور في اإلسالم من خالل ما وصل إليه بعض الباحثين في الفقه الدستوري الشرعي ،بأن األحكام والقواعد العامة هي ثابتة ومدونة بالقران الكريم والسنة النبوية الشريف. وما ينبغي تدوينه هو ما جاء حسب التعريف الخاص بتنظيم الشئون الدنيوية المتغيرة. والذي أود أن أنوه أليه أن القسم الثابت هو ما يبعث الوحدة العربية اإلسالمية التلقائية حيثما صحت النوايا وصدرت عن أغلبية النفوس. والقسم المتغير هو ما يوفر إمكانية تتعدد أشكال الدول وبما يخدم متطلبات و يستجيب لتحديات العصر بطريقة ال تفقدها تماسكها وال تنقطع خيوط نسيج وحدتها الروحية ،فالحياة صراع دائم، والبشرية بين مؤيد للخير وأخر متكالب على الشر ،والغلبة ليست لطرف واحد في مكان وزمان، ولذلك البد من إمكانية توفر سبيل االتحاد الثنائي والمتعدد المفتوح ،وهذا يساعد األمة أن تلتئم بسرعة بعد كل عملية تمزق لتعود لوضعها الطبيعي. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ولنا في "صلح الحديبية" الدرس المفيد ،حيث نجد نبي هذه األمة قبل بشرط رجوع من يأتيه مسلما أن يعود لموطن الكفر ،وهم في حالة الضعف والقلة ،ولكن لكي يغرس جذور الحق في كل مكان قاسي ومن خالله تنتشر بذور الخير وتعم ،فالنفس الطيب الواحد له من الخير على الناس ما ال يعلمه إال هللا. ومن األهمية بمكان أن نشير بأن "خطبة أبي الصديق رضي هللا عنه" ،يوم تولى الخالفة بعد إتمام البيعة الخاصة والعامة ،هي وثيقة دستورية حددت قواعد جوهرية. ومما أتضح أن األحكام الدستورية اإلسالمية قسمان ،قسم ثابت وقسم غير ثابت. وأ ن األحكام والقواعد الثابتة ال تتغير مدى الزمن ،سواء دونت فيما يسمى بوثيقة الدستور أم لم تدون ،أو لم يثبت تدوينها على مر التاريخ اإلسالمي في أي دستور أو عمل سياسي ،إذ ليس هناك حاجة إلى تدوينها ما دامت ثابتة في كتاب هللا سبحانه وتعالى وسنة رسوله ملسو هيلع هللا ىلص .والمفترض أن الدولة اإلسالمية يتوفر فيها العلماء والفقهاء الذين يرشدون مسيرتها المشروعة ،وهذا من صنوف الجهاد األكبر وهللا أعلم. وسواء دونت هذه األحكام أم ال فإن سموها على جميع القوانين واألحكام وأجب عيني على كل مسلم، ال يتخاذل ويوكله على عاتق العلماء والفقهاء وحدهم. ومما جاء في البحوث في تدوين الدستور إنما هو يخص ما يحتويه من تدوين أحكام غير ثابتة ؛ ألنها تختلف من دولة ألخرى ،وألنها هي التي يجب أن يحتويها الدستور ،أما األحكام الثابتة فإن تدوينها في دستور دولة معينة أمر ال لزوم له كما سبقت اإلشارة إليه ؛ ألن هذه األحكام ثابتة في آيات القرآن وتفسيرها واألحاديث وشروحها ،ومباحث الفقه وأصوله ؛ وألن هذه الدولة اإلسالمية يجب أن تلتزم في دستورها بأحكام الشريعة وأن ال تخالفها ،وبالتالي فلها أن تعد دستورها وفق ظروفها ،موافقة في ذلك شرع هللا ،ويحتوي هذا الدستور األحكام الخاصة بدستور هذه الدولة . وفي هذا المجال نجد بعض الباحثين في شأن الدستور اإلسالمي يرى أن هناك تدوينا للدستور في بعض العصور ،ويمثل بالوثيقة التي كتبها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عندما هاجر إلى المدينة ،ويعتبرها دستورا للدولة في ذلك العصر ،موافقا لظروف ومتطلبات الوقت الذي وضع فيه ،والحقيقة أن هذه الوثيقة تحوي أحكاما دستورية تعالج بعض القضايا الدستورية في ذلك الوقت الذي وضعت فيه ،ويمكن االستئناس بها عند تدوين أي دستور لدولة إسالمية ،ولكنها ليست دستورا كامال بمعنى الدستور الفني أو الخاص بل هي وثيقة دستورية لها أهميتها في تاريخ الدولة الدستورية .ولم يثبت بعد هذه الوثيقة تدوين يشبهها ألحكام دستورية في الدولة اإلسالمية ،بل استمر العمل بالرجوع إلى األحكام منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الثابتة ،واستنباط أحكام جديدة لما يستجد من وقائع ،والتعارف على أعراف معينة غير مخالفة ألحكام الشريعة تستقر لفترة من الزمن. وقد بدأت الحركة المعاصرة في تدوين الدساتير في الدول اإلسالمية بإعالن الدستور التونسي عام 0299هـ الموافق 0190م ثم الدستور العثماني عام 0253هـ الموافق 0199م .اللذين يمكن اعتبارهما أول دستورين إسالميين بمعنى الدستور الخاص تم تدوينهما . ويستنتج من ذلك وفقا للمعنى الخاص للدستور أنه من الممكن أن توجد دساتير مدونة في بعض الدول اإلسالمية وأخرى غير مدونة ،أو توجد بعض قواعد الدستور مدونة وبعضها اآلخر غير مدون ،أي أنه ليس هناك إلزام بتدوين الدستور في النظام اإلسالمي ،وال إلزام بعدم التدوين ،وأن ذلك راجع لما تستقر عليه اآلراء في الدولة اإلسالمية وللظروف المتغيرة ،بحيث قد يكون األفضل في جهات متعددة التدوين صيانة لحقوق عامة للمسلمين واستئناسا بتوثيق التدوينات َ { ،و َال ت َسأ َ ُموا أَن ت َكتُبُوهُ س ُ اَّللِّ َوأَق َو ُم ِّلل َّ ط ِّعندَ َّ ش َهادَةِّ َوأَدنَى أ َ َّال ت َرت َابُوا } سورة البقرة آية 212 يرا أَو َك ِّب ً ص ِّغ ً يرا ِّإلَى أ َ َج ِّل ِّه ذَ ِّل ُكم أَق َ َ ،واستئناسا بتدوين السنة مع ورود نصوص تصرف عن ذلك وبالوثيقة النبوية التي كتبها الرسول ملسو هيلع هللا ىلص عندما هاجر إلى المدينة المنورة . وقد ال يحتاج إلى التدوين في جهات وأزمان معينة إذا أمن جانب صيانة حقوق عامة المسلمين وترجحت مراعاتها ،فليس المهم في النظام اإلسالمي النظر إلى الشكل ولكن المهم هو المضمون، وهو وجود قواعد دستورية راسخة وصريحة متمشية مع حكم هللا ،تضمن للحاكم والمحكوم حقوقهما على حد سواء ،وليس ضروريا بعد ذلك أن تكون هذه القواعد مدونة في وثيقة تسمى الدستور أو تكون غير مدونة. ثم إن الدستور بمعناه الخاص في الدولة اإلسالمية قد يكون ثابتا أو مرنا حسب ظروف كل دولة ، وما يستقر الرأي الدستوري فيها عليه من أمر بهذا الخصوص ،وال عالقة بين تدوين الدستور وثباته ،فقد يكون الدستور مدونا ومرنا ،وقد يكون ثابتا وهو غير مدون ،والعكس كذلك ،وهذا الثبات الذي أشير إليه هنا مت علق بالدستور بمعناه الفني أو القانوني ،وبالتأكيد فإن الثبات هنا هو ثبات نسبي . ويقول الباحث :في حالة تدوين دستور معين لدولة إسالمية ،يجب النص على أن الحكم هلل وحده ، وأن السيادة المطلقة هلل { ِّإ ِّن ال ُحك ُم ِّإ َّال ِّ ََّّللِّ } سورة األنعام آية . 99 وفي تقديري هذا األمر يتعلق بمسألة السيادة ،وهي جوهر الخالف بأن المسلمين الملتزمين بالمرجعية اإلسالميين وبين العلمانيين وتيار القوميين السياسي ،الذين يعدون السيادة مصدرها الشعب أو الفرد حسب األحوال في النظام االشتراكي أو ليبرالي.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
عةً َو ِّمن َها ًجا } سورة المائدة ويقول الباحث" :إن التشريع الملزم هو من عند هللا { ِّل ُك ٍل َجعَلنَا ِّمن ُكم ِّشر َ آية ." 81 وفي تقديري هذا األمر متعلق بجدلية قائمة ،بين طرفين من أبناء األمة العربية ،حيث بعضهم يريد دستور إسالمي وبالتالي يحدد فيه أن الشرعية اإلسالمية هي المصدر الوحيد للتشريع والسياسات وال يجوز مخالفتها .وآخرين يرون االكتفاء بتحديد أن الشرعية اإلسالمية هي المصدر الرئيس للتشريع، وبما يتيح لالستفادة من القوانين الوضعية األخرى. وفي هذه الناحية البد من معرفة الفرق بين التعريف العام والتعريف الخاص وتوظيفهما بدقة. حيث البيعة هي األساس في "الديمقراطية الشرعية" والتي تبعث منها كل أشكال الحكم والدول المعاصرة ،،وهي تقتضي أن يبايع المسلم ربه بأن يحيط الدين اإلسالمي بكل جوانبه .وهذا ما جاء في بيعة العقبة ردا على طلب المث نى بن الحارثة أن يتعاهد أهل المدنية بحماية الدين إال ضد قوم ألهل المدينة معهم ميثاق سابق. والسنة النبوية تعني القانون النبوي في كافة فروع الحياة ،ومصدره القران الكريم. وبالتالي ينبغي مراعاة فيمن يصوغ كل دستور وضعي أن يرعي مسألة الكونية واإلنسانية و الخلود في الرسالة السماوية وهي أم الدساتير. وبذلك ال يجوز وضع نص قرآني ضمن مواد الدستور؛ ألن مواد الدستور من طبيعتها التغير ،بسبب أن شكل الحكم مفتوح في اإلسالم وإنما المحدد هو االشتراطات والمقاصد والضوابط والخصائص، التي تصبغ كل متغير بطابع اإلسالم. وليس ذلك من طبيعة نصوص القرآن؛ وألن النصوص القرآنية فوق النصوص الدستورية وبالتالي فإن وضعها مادة في الدستور إنقاص من شأنها ،وإنما يستخلص الحكم الدستوري من اآلية ،ويذكر أن ذلك استنادا إلى اآلية كذا ،ومثال ذلك عندما أن يراد نص في الدستور نص على " أن الشورى أساس من أسس الحكم" ويحدد اآللية التطبيقية الكاملة والصحيحة ،وال توضع في الدستور الوضعي اآلية ،مثالَ { :وأَم ُر ُهم ُ ورى بَينَ ُهم } سورة الشورى آية ،, 31والتعامل معها كبقية المواد ،وإنما ش َ كما ذكرنا يقال مثال " :إن الشورى أساس من أسس الحكم " ،ثم تفصل كيفية الشورى ونطاقها وفق ظروف الواقعة . والخالصة ،هناك رأيين في مسألة كتابة الدستور أي تدوينه: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أن تدوين الدستور في الدولة اإلسالمية ليس بضرورة ،فاألمر فيه متروك للحاجة والمصلحة، ويتأكد التدوين عند قلة العلماء المجتهدين ،وضعف الوازع الديني لدى المؤسسات الدستورية ، والخوف على حقوق عامة المسلمين .وعدم تدوين الدستور في الدولة اإلسالمية ال يعني عدم وجود المؤسسات الدستورية ،فوجودها غير مرتبط بالتدوين أو عدمه ؛ ألن وجودها مرتبط بوجود الدولة اإلسالمية ذاتها . وفي تقديري مسألة تدوين الدستوري الوضعي واجبة ،فهي ما تحدد مدى تمسك و وعي الناس بدينهم ،وتحدد ميثاقهم الوطني الخاص بكل إقليم هو في عهدتهم حمايته وعمرانه بالخير ولسالم، وهذا الدستور يعني نظام حياتهم اليومي ويحمي مصيرهم الدنيوي واألخروي ،والذي يعرض كيف استطاع الناس بفكرهم واجتهادهم أن يوظفوا عقيدتهم شريعتهم و في الحفاظ على أمانة الحياة بالعلم والعدل واإلخالص وهما جوهر رسالة اإلنسان في األرض. والجهل بأحكام وقواعد هذا الدين الحنيف والعمل بغيره هو ندامة يوم القيامة ،واالنتخابات والدستور هما فرصة للمسلم أن يشكل نظام الدولة والحكم بما يحقق األمانة" ،أن عرضنا األمانة على السموات واألرض فأبين أن يحملنها وحملها اإلنسان أن كان ظلوما جهوال" ،ويقول عز وجل "يا أيها الذين أمنوا ال تخونوا هللا ورسوله وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون.
مسألة أساليب وضع الدساتير في اإلسالم في يومنا المعاصر ،وخاصة بعد الثورات العربية أو ما سمي بالربيع العربي بحلول عام 2100م. وأنني أرى أن هذه صحوة سياسية عربية ،والمرتقب أن تتبعها صحوة إسالمية عربية عارمة. نجد برزت إشكالية وجدلية ومخاوف في تقرير من يضع الدستور ،وما هي الطريقة الشرعية التامة. نرى من علماء الفقه الدستوري اإلسالمي المعاصر وضعوا عدة أساليب لنشأة الدساتير التي حصروها األتي : - 0أسلوب المنحة . - 2أسلوب التعاقد . 3ـ -أسلوب الجمعية الوطنية المنتخبة . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
- 4أسلوب االستفتاء التأسيس . حيث في تقديري ،أود ذكر هذه المالحظات ،حيث أي منها إذا وقع أصبح بيعة مسئول عنها المسلم مباشرة ،وكما يلي: -
-
-
أسلوب المنحة قد يعني أن يتم منح صيغة أو أمر صياغة وإعداد الدستور بأمر أو هبة من الحاكم ،وهو يعي بالضرورة األمام والحاكم العادل ،وهو بذبك يقيد الحاكم نفسه مع األمة كما جاء في عهد الخليفة األولى ،وهو نبراس األمة والحكم رضي هللا عنه ..واليوم لم يعد صالحا في واقعنا هذا حيث الحاكم العادل ال وجود له وأصبح مستحيل تكوينه ،والواقع هو كيف تلزم الناس الحاكم أن يكون عادال وال ينحرف البتة.. أسلوب التعاقد :وهو مرحلة ثانية ،أعقبت فكريا المرحلة السابقة ،وهو االتفاق بين الحاكم والناس مباشرة ،على أسلوب حكم معين ،وسمي بالعقد االجتماعي حيث يرتضوه جميعا، وهو أيضا أسلوب مفتوح وغير مقيد ،يتغلب فيه الحاكم على األمة عندما تتجمع له القوة، ويتجاوز كل الحدود وينتهك الحقوق ويكذب في الواجبات ،ويضيق في الحريات ،ويورث الحكم فيما بعده لذريته. أسلوب الجمعية التأسيسية الدستورية :وهو أسلوب شرعي ،ويتم عن طريق تشكيل جمعية تمثل الناس والوطن ،ينتخبوها على أساس الوطنية ،والكفاءة المعرفية الفقهية والعلمية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية ،وأن تحقق مرحلة بيعة االنعقاد ،أي المرحلة الخاصة. أسلوب االستفتاء العام :وهو ما يتحقق من خالله مفهوم البيعة العامة ،وهي تعني المسئولية المباشرة والشخصية عن كل نص في الدستور التأسيسي ،وما يترتب عنه من قوانين وقرارات وسياسات.
وبالتالي أرجح األسلوب الثالث والرابع معا. إال أن هناك أراء كثيرة ،دعنا نتناولها من باب األمانة والمسئولية. رأي :0وهو القائل بأن حصر أساليب نشأة الدستور أمر غير مسلم وأن كل أسلوب من األساليب المذكورة يمثل األسلوب الذي اتبع في مرحله معينة لها ظروفها التي أدت إلى وجود األسلوب ،وأنه قد تستجد أساليب جديدة وفق ظروف معينة ،إضافة إلى أن األساليب المذكورة تمثل ما تم إ تباعه في ظل األنظمة الغربية التي هي نتيجة لثقافة وظروف وتاريخ تلك األنظمة ،وأنه قد تتبع أساليب أخرى بالنسبة للنظام اإلسالمي؛ وذلك الختالف الظروف الحضارية والتاريخية لهذا النظام عن النظم الغربية المعاصرة . رأي :2من الباحثين في الفقه الدستوري اإلسالمي من حدد أساليب أو أسلوبا معينا لنشوء الدستور في الدولة اإلسالمية ،كأسلوب المنحة وأسلوب التعاقد ،أو أسلوب الجمعية الوطنية المنتخبة ،وهذا أمر غير مسلم به كذلك ؛ ألنه قد تستجد أساليب أخرى بتغير الظروف ،ثم إن منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
اختيار أسلوب من األساليب المتبعة في األنظمة الغربية ،وتحديده أسلوبا لنشوء الدستور في النظام اإلسالمي أمر غير مقبول؛ ألن النظام اإلسالمي متميز عن ما سواه من األنظمة الوضعية ،وإن وافق في شيء من الجزئيات بعض هذه األنظمة ،فذلك ال يعني أن يصبغ النظام اإلسالمي بصبغة هذه األنظمة ،فهو نظام له خصوصيته واستقالليته. رأي :3الدستور في ظل النظام اإلسالمي قد ينشأ بأسلوب مشابه شكال ألحد األساليب المستخدمة في األنظمة الغربية ،أو بأسلوب مختلف ومعايير لجميع تلك األساليب ،فالباحث في هذا المجال يجب أن يتحرر من إلزام نفسه بإتباع المنهج الغربي التقليدي لتميز النظام اإلسالمي في هذا المجال عن غيره من األنظمة ،فنشأة الدستور في النظام اإلسالمي مرتبطة بالشرعية اإلسالمية وأحكامها ،فمن المعروف أن األحكام الدستورية الثابتة ليست منحة من البشر ،وليست كذلك مجاال للمناقشة بقبولها أو رفضها سواء من الحكومات ،أو من الشعوب فهي ملزمة للجميع ،فمعروف أن السيادة في اإلسالم هلل وحده وليست للحكومة أو للشعب كما في بعض النظم ،وبالتالي فالدولة تتقيد في سيادتها الداخلية والخارجية باإلسالم وال تخرج على أحكامه ،فأحكام اإلسالم لها السيادة المطلقة ،واألحكام الدستورية المتغيرة التي قد تدون فيما يسمى بوثيقة الدستور هي التي يكون المجال لنشوئها متروكا لألسلوب الذي يوافق ظروف الدولة اإلسالمية وقت نشوء هذا الدستور الذي ال يخرج بحال عن أحكام اإلسالم وال يخالفها ،وبالتالي فإن مسألة موافقة الحاكم أو الشعب على الدستور في ظل النظام اإلسالمي مسألة نسبية ،فالحكم المطلق والتشريع المطلق في اإلسالم هلل وحده ،وإنما يكون اختيار الناس وموافقتهم فيما لم يرد فيه نص قاطع وما كان محال لالجتهاد من أهل االجتهاد ،كل في تخصصه حسب الوقائع فلكل واقعة تتطلب االجتهاد وأهلها ؛ فينبغي التفريق هنا بين تحرير الواقعة التي يؤخذ فيهما رأي ذوي الخبرة من ساسة واقتصاديين ومهندسين وأطباء، أو عامة مستفيدين مما كان منفعته عامة ،وبين ما كان اجتهادا في إظهار الحكم الشرعي وليس ذلك إال لذوي العلم بالشريعة من أفراد تكمل بهم أداة االجتهاد تفسيرا وحديثا وفقها وأصوال ولغة وبالغة .إذن فنشأة الدستور في الدولة اإلسالمية مرتبطة بالتزام المجتمع، والدولة باإلسالم عقيدة وشريعة ،ثم إن بيعة الناس للحاكم ملزمة للطرفين بالتحاكم إلى كتاب هللا سبحانه وتعالى وسنة رسوله ملسو هيلع هللا ىلص ،وبالتالي فإن الدولة المسلمة ملزمة بالدستور اإلسالمي، وال يتصور وجود حاكم مسلم أو دولة مسلمة غير ملتزمة بهذا الدستور . رأي :8نشأة الدستور بالمعنى المتعارف عليه لدى فقهاء القانون غير وارد في النظام اإلسالمي؛ ألن األحكام الدستورية الثابتة موجودة أصال وال داعي إلنشائها ،أما األحكام المتغيرة فمردها إلى المجتهدين من العلماء المسلمين ،وإن كان هناك تشابه بين أسلوب نشوء -هذه األحكام المتغيرة ،وأحد األساليب المتعارف عليها لدى الفقهاء القانونيين فهذه المشابهة شكلية فقط .
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مسألة تعديل في الدستور أو مواجهة إبطاله أود أن أشير بأن للدستوري اإلسالم ركنين أساسين ،وهما الركن الرباني وهو الثابت والمتخصص بالجانب الروحي واألخالقي ،والركن البشري وهو الفني وهو المتغير والمتعلق بالجانب المادي والكينونة .أي ركن ثابت يخص أحكام وقواعد الشرعية اإلسالمية ،وركن فني قانوني منظم للحياة المادية الذي يبدعه الناس ويرونه يحقق مصالحهم وسعادتهم وأمنهم وسلمهم. وبهذا ال يجوز بأي حال إنهاء الركن األول أو الخروج عنه أو التحجج بمخالفته بناء على تعطل الدستور الفرعي أو الوضعي نتيجة انقالب أو نزع السلطة ،ألن لذلك تقع عليه أحكام شرعية خاصة بمدى سالمة إيمان الشخص وصحة إسالمه وغيرها من أحكام الفقه في هذا الشأن. فالقاعدة الكلية هي أن أحكام الركن الثابت ال تنته بنهاية أي دستور وضعي ،فجذورها باقية خالدة في الكتاب والسنة ،وعلى المسلم أن يعلمها أين هي في دستوره الوضعي .فمثال ،نص يحرم قتل النفس، ويحرم نزع الملكية الخاصة إال بتراضي وللحاجة العامة التي ال مناص من ضرورتها ،فإذا أنقب على الدستور فال يجوز أبدا االنقالب على مثل هذه األحكام الثابتة وغيرها ،مما أستمد أصال من الشريعة اإلسالمية. أما الركن الفني وكل ما هو مبلور و وضعي وهو ما جاء بناء على توظيف اجتهادي فني لألحكام والقواعد الشرعية مستخدمة لنواحي دنيوية بحتة أو كل ما هو من أمور علمية وعملية تنظيمية وتخصصية ،فهي طبيعيا قد تتعرض لحاالت تغيير بحكم تغير طبيعة الواقع والتطورات.. وأود هنا أن أستعرض مجمل أراء بعض الباحثين ،فهم يرون األتي: أنه من واقع الحياة السياسية فقد برزت عدة أساليب تسبب في تعطيل الدستور ،أو تبديله ،أو التأثير السلبي أو اإليجابي في فعاليته وشرعيته ، ،وتنحصر في األساليب التالية: أ -األسلوب السلمي . ب -األسلوب غير العادي . ت -أسلوب العرف . فاإلسالم يجيز األسلوب األول فقط وبشرط االلتزام بما هو ثابت وال يتغير وأن يكون كل تعديل بإتمام مستويين البيعة الخاصة والعامة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفيما يلي مناقشة: رأي الباحث :إن النظام الدستوري اإلسالمي يختلف عن النظم الوضعية ،ذلك ألن جزءا من أحكامه وحي ،والوحي غير قابل للتعديل واإلنهاء من البشر .أما الجزء اآلخر من أحكامه والتي قد تقنن ،بناء على االجتهاد والمصلحة في الدولة اإلسالمية ،فهذا يرجع لما يتفق عليه أهل الرأي حول إنهاء الدستور أو بعض أحكامه ،فقد تنهى عن طريق األسلوب الذي وضعت به ،أو أي أسلوب يضمن عدم انتهاك حقوق األفراد . وهو ما يشبه إلى حد ما األسلوب السلمي ،أو قد تنهى بعض أحكام الدستور بسبب تقادمها وعدم إمكانية تطبيقها فتترك إهماال ،أو ينشأ حكم جديد يتعارف عليه يكون ملغيا لحكم غير مبني على حكم شرعي ثابت ،بشرط أن ال يكون في إلغائه ضرر ،وأن ال يكون الحكم الجديد مخالفا ألحكام الشريعة. أما ما اصطلح عليه في الفقه الوضعي باألسلوب غير العادي أو األسلوب الثوري ومقتضاه أن توجد ظروف وأوضاع تؤدي إلى إلغاء الدستور أو تعطيله فهذا ال يوجد نظيره في اإلسالم فيما يتعلق بالدستور بمعناه الثابت أو الع ام ؛ ألن المسلمين ملتزمون بدستورهم بحكم إيمانهم وعقيدتهم ،وتطبيق الدستور دين ملتزمون به ،أما فيما يتعلق بالدستور بمعناه الخاص أو الفني فاألمر فيه راجع ألهل الحل والعقد . اإلسالم والدستور وفي تقديرنا ،فإن خالصة هي بأن الدستور أمانة حضارية وإنجاز عقالني ،واجب الدفاع عنه في اإلسالم طالما قد استمدت و وافقت مقاصده ونصوصه وتفاصيله اإلسالم ،ألن قبول التخلي عنه هو بمثابة التخلي عن األصل أو المصدر وفي هذا يلزم كثير من الحذر. حيث الدستور في اإلسالم هو ركن من أطراف عقد البيعة ،ويمثل المبايع عليه ،وال ينقض وال يعادل وال ينتهي إال ببيعة جديدة ال يخالف فيها المبايع عليه الشريعة. وأنه ال يجوز ألي انقالب عسكري أو سياسي أن ينهي دستورا قد اتخذه الناس شرعة ومنهاجا ،وأن يأتي بغيره بالقوة ،فهذا مخالف لوسائل واشتراطات وأنواع البيعة ومستوياتها وأركانها وهو شروط اكتمال من طالب البيعة وشروط شرعية المبايع عليه وشرط رضا الناس.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مطلب :3نظام اخلالفة وعالقته بالنظام االحتادي اإلسالمي نتناول في هذا المطلب تعريف الخالفة ،ضرورة الخالفة ،قيام الخالفة ،أمارات الخالفة ،بركات الخالفة ،صالحيات الخليفة الحاكم االتحادي ،مسألة عزل الخليفة وتداول السلطة ،الخالصة والخاتمة .من أجل فهم نظام الخالفة في اإلسالم.
تعريف الخالفة "الحكم اإلسالمي االتحادي" الخالفة هي كلمة عربية تعني لغويا المجيء بعد أحد أو خلفه ،أو القيام مقامه أو النيابة عن الغير .أما في المصطلح الديني فكلمة الخليفة تستخدم بمعنيين كما ذكر الباحثين ،إال أنني أضفت المعنى الثالث وهو مهم ،وعلى النحو التالي: يقول الباحثين بأن الخليفة تستخدم في المفهوم الديني على أساس رسالة "اإلصالح " في األرض وأول من تولها األنبياء والرسل وهم المصلحين ،ومن ثم من تبعهم من الناس وهم الصالحين. وبالتالي المصلحين والصالحين هم خلفاء هللا في األرض .أي لهم حق اإلمارة والقضاء بين الناس بالعدل ورفع الظلم إزالة الباطل ونشر الحق ،وهذا ما نستنتجه من الشرح الفقهي التالي ،إال أنني وبشكل واقعي قد أضفت "التابعين" وهم عموم المسلمين ،وعلى النحو التالي: أوال ،مستوى اإلصالح وهي درجة تكليف ربانية مباشرة ،حيث بعث هللا في العالم من عنده من يشأ بعلمه إلصالح أمر ما ،وعليه فبهذا المعنى إن جميع األنبياء والرسل يسمون خلفاء هلل ألنهم يعملون نائبين هلل عز وجل ،وبهذا المعنى سمى هللاُ سيدَنا آدم وسيدَنا داوودَ خليفةً في القرآن الكريم. ثانيا ،مستوى الصالح وهي درجة اإلخالص لرسالة اإلصالح المقررة باألنبياء والرسل، ويقوم ذلك الرجل البار الصالح الذي يقوم مقام نبي ٍ أو مصلحٍ روحي ٍ بعد وفاته ليكمل مهمته ويكون إمام جماعته .مثلما قام سيدنا أبو بكر رضي هللا عنه خليفةً بعد رسول هللا صلى هللا عليه وسلم وبعده سيدُنا عمر رضي هللا عنه. ثالثا ،مستوى الطاعة ،حيث في تقديري هناك معنى واسع لمفهوم "الخليفة" وهي مسئولية كل الناس ،فهم خلفاء هللا في األرض ،أصبحت لهم السيادة المطلقة ،مخيرين في أمور دنياهم ومجبورين على إتباع أوامر هللا ،فعليهم إتباع الصالحين ومعرفة رسالة األنبياء المصلحين، واألتباع باإلحسان ،أي إتباع أحسن القول والفعل في كل أمر وحال ،بحيث رسالتهم عامة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أن ال تسفك دماء وال يهلك الحرث والنسل ،وال تمنع دور عبادة هللا ،وغيرها مما بيانه هللا عز جل في كتابه المبين وسنة نبيه المرسل رحمة للعالمين ،ومستوى اإلصالح مفتوح للجميع ،فكل يعمل صالحا ويعبد مخلصا ليصل إلي هذه المرتبة ويترقى فيها ،و ليكن حتما منهج اإلصالح طبقا إلحكام وقواعد وسنة المصلحين المعصومين ،وهم األنبياء والرسل الذين ذكرهم هللا وقصصهم لنا لهذا الغرض. ونستدل في ذلك بما جاء في اآلية الكريمة" :وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد ويسفك الدماء ويهلك الحرث والنسل ،قال إني أعلم ما ال تعلمون". ومن يقرأ القران الكريم وسنة نبيه يجد أن كل فرد هو خليفة هللا في األرض ،كامل السيادة ،ومسئول مسئولية تامة أمام هللا في كل ما يجري في الكون من ظلم وانتهاكات ،وبالتالي البد من وجود نظام تفويض ،وهو تنظيم درجات السلطة الحاكمة ،وهي أن يختار الناس خليفة ،وهو األرجح عقال، واألحسن تربية ،واألوفر علما ،واألنصع سيرة ،واألطهر نفسا ،واألوسع استقامة واألكثر ورعا ونزاهة .لكي يستحق أن يكون على رأس هذه "الخالفة" وهي األمانة من هللا للناس كافة ،فيكون من يتولى الخالفة على القوم هو الخليفة أي الحاكم - ،له وحدة األمر وهذا مبدأ إسالمي واسع وعميق للغاية ،-الذي يرجع إليه الناس ويرتضوا بحكمه وعلمه و‘صالحه وإخالصه. ومن أجل هذا بينت السنة الشريفة مسألة الجماعة ،ومسألة تنظيم عالقات ومعامالت بين المسلمين المكلفين باإلصالح في األرض ،بحيث ال يسير اثنان معا ،إال وفوض أحدهم األخر باألمر ،وما كانوا أكثر من ذلك في أمر أو حال من التعامل أو العالقة أو السير في الحياة إال كلفوا منهم أفضلهم ،إلي أن يرجع األمر إلي من يسود القوم في كل أمر.. ومن ظهرت مسألة فرض البيعة في اإلسالم ،أي يجب على المسلمين ،أن يفوضوا الخالفة لمن يقودهم في الشأن العام والمستقر.. ونجد مباشرة بعد اآلية الكريمة أن هللا خاطب أدم عليه السالم بما يدل على أنه أول خليفة هللا في األرض. وهذا شرف كبير للناس ،أن يكونوا خلفاء هللا في األرض ،بعد األنبياء ورسل هللا ،فرسالتهم هي تكليف للبشرية وهي مصدر سيادتهم ،وهم عليهم البيعة لتنظيم هذه السيادة العامة ،فيتولها أصالحهم في العمل وإخالصهم هلل وال تخرج رسالته في الحياة عن رسالة المصلحين ،وهذه الخالفة أو الحكم في األرض هو استحقاق يديره الناس بما يناسب العصر ويحقق إصالحه ورضا هللا الناس بما منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
يستوجب الطاعة. والخالفة أمانة بني أدم في األرض ،يلزمها العلم والعدل وعبادة هللا بالحق. ومسألة التطبيق الدنيوي هي عملية اجتهادية متطورة حسب تطور الفكر اإلنساني. ومسألة األحكام الدينية فهي ثابتة كما وردت في الكتاب المبين. ولذلك عندما ذكرت أن اإلنسان يتنازل عن سيادته للدستور وال يتنازل عنها لغيره ،فالمسلمين جميعهم سادة خلفاء هللا في األرض ،مسئوليتهم رسالة اإلسالم ،وهي السلم واألمن اإلنساني ،كما أنني ذكرت أن للدستور مصدرين ،المصدر الثابت وهو الجزء الرباني وهو غير مدون بالدستور الوضعي ،وإنما هو مصدر للقواعد واألسس والضوابط التي يؤسس عليها الجزء الخاص بذلك، وهناك الجزء المتغير من الدستور الوضعي وهو الخاص بأمور الدنيا وشئون الناس عامة ،وال يمكن أيضا أن يخالف من القواعد واألسس والمقاصد الموجودة في الجزء الرباني وهو الكتاب والسنة. وبالتالي عندما يتنازل المرء عن سيادته للدستور فهو تنازل لحكم الكتاب والسنة ،وقد حقق مفهوم "الخالفة" ،وهي متداولة بين الناس ،ومن يكلف ويتحمل الوالية العامة في أمر ما يكون "ولي هللا فيه" ،أي تحمل مسئوليات معينة ،فقد تكون "الوالية العامة" تخصصية ،حسب نشاط معين أو جهة أو مهمة معينة ،وقد تكون شاملة على مستوى قطر أو أكثر وهي الخالفة ،فمثال ،نجد معاصرا، تخصصات و واليات عامة عدة ،يتوالها الناس وال يدركون أنهم قد تولوا الخالفة فيها ،فيأتوا يوم القيامة ،وأيديهم حول أعناقهم تخنقهم ،وال تفك حتى يأخذ كل إنسان منهم حقه ،وما أدراك ما حق هللا العظيم إن هو عمدا أخفق فيه. فمثال ،هناك واليات امة تخصصية ،تسمى معاصرا مجالس أو وزارات أو مؤسسات أو إدارات في مجاالت التربية والتعليم والقضاء والمجتمع واألخالق واآلداب العامة ،وهناك الصحة البدنية والنفسية،وهناك المحافظين في مستوياتهم بمجالس المحافظات والبلديات والمحالت ،وهناك السفراء وهم ممثلي المسلمين في سيادتهم الخارجية ورعاية المعاهدات وهي العالقات الودية الدولية ،وهكذا فهي واليات تخصصية عديدة ،تتداول بين الناس بخيارهم ،ويخلف بعضهم بعض ،ولهذا سمى الناس خلفاء هللا في األرض ،وكل من تولى أمرهم "الخليفة" ،وهذه التكليف يسمى "الخالفة" في اإلسالم. فهذه جميعا أمثلة عملية توضح مراتب الخالفة العامة بين الناس ،وهي نظام إداري من أجل تحقيق خالفة هللا في األرض. ومن يخرج عن البيعة العامة فقد خرج عن التنظيم الشرعي الخاص واألنسب إلدارة الحياة وتحقيق منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مقاصدها خالقها ونشر الرسالة الواجبة على كل إنسان. والخالفة ليست قيام نظام إمبراطوري كما عرفه وكرسه غير المسلمين في األرض ،وإنما هو نظام متميز ،سلمي يعتمد على تحقيق رسالة اإلصالح في األرض كما هي مقررة برساالت هللا السماوية.
ضرورة الخالفة "النظام االتحادي" اصبح مصطلح الخالفة يخاف منه الناس بسبب االستعمار والتخلف واالستبداد. وهو ما تعلم الغرب من خالله بعد همجية وجهل ودمار وظلم معنى تداول السلطة ،فالخالفة تعني البحث عن مشروع لتداول السلطة بشكل شرعي. ويعني من الجانب االخر ،الحفاظ على وحدة المسلمين ،في كيان سياسي ال يتعادوا فيه وال يسمحوا بالعدوان على أي منهم ،وال يعتدوا على احد. فهو يعني نظام وحدة الفكر السياس بدون تتفرق او خيانة او بغيا للعلو او العدوان او الزيف او الظلم. هو يعني نظام عدالة يشمل كل الناس ،مسلمين وغير مسلمين ،وال خيار للبشر في مسألة العدالة في الخالفة ،فهي أساس الدول االتحادية ،وليس هناك افضل مثل الدستور والشعوب في تحقيق العدالة. وتأييدا لم سبق ذكره ،وهو محل تطوير وتطبيق أفضل مستمر من قبل المسلمين المسئولين والمخلصين ،و واجب على العلماء المصلحين وهم ورثة األنبياء والرسل في اإلسالم ،مع العلم بأن القيام بمسئولية "العلم" كعالم ومتعلم هي في ذاتها ممارسة لوالية عامة أو خالفة في شأن معين ،وقد تعلمنا ونحن أطفاال في مراحل التعليم األولى ترديد قول الحكماء في الدرس" قم للمعلم تبجيال كاد المعلم أن يكون رسوال ،"..ولذلك ال تبرح قدماء بني أدم يوم الحساب حتى يسأل عن واليته في العلم الذي أكتسبه والمال و وقته كيف أداره .فكما ذكرنا الخالفة هي تفويض ألهي من هللا للناس جميعا من أجل إدارة هذا الكون بالعدل والحق والعلم والخير .وهناك الوالية العلمية ،والوالية المالية ،والوالية العدلية ،والوالية األسرية ،وغيرها ،وكلها أشكال من الخالفة الجزئية في األرض ..كل من الناس يمارسها في حياته بشكل يومي. ولكن المسألة في حقيقة الخالفة الكلية.. وهنا أحتاج أن أسترشد بقول الباحثين ،حيث ورد مناقشة السؤال عن ضرورة الخالفة ،أي ألي غرض يتأسس نظام الخالفة؟ منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فاعلموا أنه ال يخلو فعل من أفعال هللا من الحكمة ،ولما كان عمر اإلنسان في سننه الكونية محدوداً، ومهمة اإلصالح تقضي اإلشراف والتربية ألمد طويل لذا فقد سن هللا بعد النبوة نظام الخالفة لتتم بعد وفاة النبي مهمتُه بواسطة خلفائه .فكأن البذر الذي يُزرع بيد النبي ينميه هللا عن طريق الخلفاء حتى يأمنوا من األخطار االبتدائية ويصبح دوحةً عظيمة .ومن هنا يتضح أن نظام الخالفة في الحقيقة ع لنظام النبوة وتتمته له ،ولهذا قال سيدنا رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص "ما من نبوة قط إال تبعته خالفة". فر ٌ
قيام الخالفة "رسالة الحكم في اإلسالم" أود هنا أن أشير إلي أن أعلى درجات الخالفة هم العلماء ،وهم ورثة األنبياء. وهم من يقف في وجه الحاكم المستبد ويقل له أخطئت وكيف يصلح األمر.. وهم من يربي الناس ليكونوا صالحين وهم من يرشد الناس لكيفية تحقيق اإلصالح في كل أمر.. وهم من يقدم نسفه للناس ليختاروه لهذه الرسالة اإلصالحية الربانية.. وبذلك استحقوا أن يكون في أعلى درجات الخالفة اإلسالمية.. ويكونوا على رأس الجهاد األكبر ،وهي السياسية ،أو إدارة شئون الناس عامة.. فرسالة الحكم في اإلسالم مقيدة تختلف عن رسالة الحكم المطلقة.. حيث مقيدة بتحقيق اإلصالح وفق منهجية رانية تستمد منها منهجيات الحياة.. ومن خالل هذا المقصد يتم التميز بين الحاكم "الخليفة" ،والحاكم الظالم لنسفه وللناس وهو الحاكم المطلق المتمرد عن رساالت هللا في األرض . وبالتالي تبدأ الخالفة اإلسالمية ،مهما كان شكل الدولة ،يوم يكون مقصود عموم الناس وحكامهم وحكمائهم هو تحقيق اإلصالح في األرض مقيدة بتوجيهات هللا ،أي حسب أحكام هللا القطيعة في قانون القران ،وقد سماه هللا الفرقان ،ولكي يميز للناس بين الحق والباطل ،والعدل والظلم ،والخير والشر ،وتسهيل التطبيق وفق سيرة رسوله صلى وهي الئحة تنفيذية مجسدة طاهرة. ولنرى معا ما يقوله غيري ممن أراد رضا هللا بالحق ،وقد أضفت بتواضع ما أظنه يشير لطريق الخير واإلصالح ،وعلى النحو التالي: يقول الباحث ،بما أن نظام الخالفة فرع لنظام النبوة وتتمة له لذلك جعل هللا قيا َمه بيده مثلما منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
هو األمر للنبوة لكي يتولى منصب الخالفة من يكون في علم هللا أصل ُح شخص وأجدر لحمل هذا الحمل من الناس الموجودين وقت االنتخاب .وبما أن جماعة المؤمنين تكون قد نشأت بعد بعثة النبي وتكون قد تربت تحت فيوض النبوة لذلك يجعل هللا للمؤمنين أيضا نصيبا في انتخاب الخليفة لكي يجدوا في صدورهم انشراحا وانبساطا في مؤازرته واالمتثال ألوامره. وهكذا فإن انتخاب الخليفة يصبغ بصبغة ممزوجة بشكل غريب حيث يتم انتخاب الخليفة على أيدي المؤمنين في الظاهر لكنه في واقع األمر يأتي تحقيقًا لقضاء هللا وقدره بحيث يتحكم هللا في قلوب المؤمنين ويصرفها إلى شخص ذي الكفاءة المطلوبة لذلك المنصب . وألجل ذلك نسب هللا تعالى اختيار الخلفاء إلى نفسه في كل موضع من القرآن الكريم ،وقال مرارا إني أنا أجعل الخليفة ،وبقصد اإلشارة إلى هذه الحقيقة قال النبي ملسو هيلع هللا ىلص عن خالفة سيدنا أبي بكر" :يأبى هللا والمؤمنون إال أبا بكر" .وقد بين سيدنا المسيح الموعود عليه السالم نفس هذه النقطة في كتابه "الوصية" حيث قال إن هللا أقام أبا بكر بعد وفاة النبي ملسو هيلع هللا ىلص فأنقذ الجماعة الموشكة على االنهيار.... وقال عن نفسه" :سيكون من بعدي أفراد آخرون تظهر بهم قدرة هللا الثانية" .فمن هذه المقتبسات قدر هللا يثبت قطعا أن هناك دخال لرأي المؤمنين أيضا في اختيار الخليفة لكن في واقع األمر يعمل ُ عملَه.". هنا أضيف مسألة هامة وهي دور العلماء في توضيح التصور اإلسالمي لنظام الدولة وأسلوب الحكم المنشود ،حيث مثل هذا التصور الشامل المواكب لكل عصر غير واضح للناس كافة ،وغير متفق عليه بعد ،وهو سبب الجدلية بين المسلمين أنفسهم ،وهذا الخالف هو ما يضعفهم ،ويهدد مصيرهم .حيث الخالفة العامة تجري بشكل منفرد وهي مسئولية كل الناس وجوهرها تحقيق مكارم األخالق في األرض ،ولكن قيام الخالفة الخاصة تحتاج إلي اختيار الصفوة أو النخبة المبايع لها أو المنتخبة لتولى مسئوليات الخالفة التخصصية. وهذه الخالفة العامة والخالفة الخاصة هي أمانة المسلم في األرض.. وقوام هذه األمانة العلم والعدل ..وضياعها بالجهل والظلم.. ومن يتولى زمام أمورها المؤمنين والعلماء ..ولذلك قال هللا عز وجل "يرفع هللا الذين أمنوا منكم والذين أتوا العلم درجات "..صدق هللا العظيم. ومن هنا يأتي دور العلماء فيرشدوا المسلمين بالتصور األفضل لقيام دولتهم الراشدة. وفي تقديري ،التاريخ اإلسالمي السياسي ،يوجد فيه الكثير ،ولكن اإلشكالية ،هي جوانب االجتهاد منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
السياسي ،وكما ذكرنا هو جانب الجهاد األكبر ،ألن الخطأ فيه يؤدي لضرر وأسع ،والصواب يؤدي إلي نشر الخير في األمة.. ولهذا نرى قيام الخالفة أي شكل الدولة وأسلوب الحكم ،أساسه القران والسنة ،والخالفة الراشدة للخالفة األربعة ،وما يتفق عليه لماء العصر باإلجماع ..وليس هناك مصدر غير هذه األربعة الصالحة لكل عصر وبدون جدلية أو سلبيات أو أخطأ.. فكل تجربة أو محاولة تحمل الخطأ ،ودور علماء كل عصر هو التصحيح واستكمال بلورة التصور األفضل. وفي هذا جمال رسالة اإلسالم ،وكرامة اإلنسان ،وتجسيد سيادته في األرض. ولقد بادرت بشكل متواضع ،وتبين لي ،أن الخالفة بلغة العصر ،هي نظام إتحادي ،له دستور محلي، ودستور إتحادي. حيث قيام الخالفة أو الحكم الراشد ،هو نظام عقالني ،ويمثل بشكل أو أخر شكل من أشكال النظام االتحادي ،فقد يكون مركزي أو شخصي أو تعاهدي.. ويمكن أن تتوزع فيه الواليات واالختصاصات الخاصة بشكل يبعث دولة تحقق حكمها الذاتي وفي ظل مقاصد المفهوم الشامل للخالفة كما أسلفنا.. و ما أود أن أشير البد من تجديد المفاهيم الخاطئة باعتقاد أن الخالفة تعني دولة الفتوح ،أو نظام الحكم الوراثي ،أو شكل من أشكال إمبراطوريات أوربا االستعمارية.. فالتاريخ أي تقوده أفكار واجتهادات وصراعات سياسية في حاجة للتقويم والتجديد الدائم. فمثال ،عندما أرى أو أقراء عن حرب األمويين في خالفة عبد الملك بن مروان وهو كان على والية الشام ،وهي اليوم سوريا واألردن وفلسطين ولبنان ،ضد الخالفة أبناء الزبير بن العوام رضي هللا عنهم ،في العراق بوالية مصعب بن زبير ،ومن ثم على والية الحجاز وكان الخليفة أو األمير عبد هللا بن الزبير ،فهي كارثة إستراتيجية وسياسية أموية غير ملزمة للمسلمين ،وفيها الكثير مما يضر بسالمة تصور نظام الخالفة وسالمة تطبيق البيعة وجلبت أسلوب الوراثة وهو يبرر االستبداد عند الدراسة بموضوعية. حيث ألن لو كان األمر الحكم بالقوة و تداول السلطات بالورثة ما كان هللا أوجب على المسلمين "نظام البيعة" ،وما كان لزوم للعلم كواجب عام للتمايز بين الناس في الواجب ،وما كان هناك لزوم منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
لإليمان والتقوى للتميز بين خيار الناس. فاإلسالم هو روح الدولة الشرعية والدولة القانونية ودولة السعادة والخير والكرامة ودولة العلم والسلم واألمان ..وهذا ما تهدف إليه الديمقراطية المعاصرة ،ولم تتحقق كما ينبغي بعد.. وإن صح التعبير فإن الفكر اإلسالمي هو مصدر أفضل نموذج ديمقراطي.. وقد عبرت السنة النبوية الشريفة على أن ترك البيعة هو بمثابة العودة للحياة الجاهلية. فالبيعة هي وسيلة ربانية يعبر من خاللها كل مسلم عن إرادته بحرية وعالنية ليكون مكشوف للناس ويحتمي الناس من شره وظلمه وخطره فيعلن من يريد هللا ورسوله أم يريد غيرهما. و كيف ال يبحث المسلمين عن نظام يوحدهم ..وهم جميعا خلفاء لرسول كريم ،قيل في حقه : ما ورد في قوله عز وجل " وما أرسلناك إال رحمة للعالمين" ..صدق هللا العظيم. وما ورد في قوله سبحانه وتعالى" وإنك لعلى خلق عظيم" ..صدق هللا العظيم.وقيل في حق أمته: ما ورد في قوله عز وجل " كنتم خير أمة أخرجت للناس "..صدق هللا العظيم.فالنظام االتحادي الدستور اإلسالمي يمكن أن يكون وجه من وجوه تحقيق الخالفة العامة والخالفة الخاصة .وقوامها ثالثة وهي األمر بالمعروف والنهي عن المنكر واإليمان باهلل. بحيث ال يقوم من يتولى الخالفة الخاصة ،وهم في الهيئة الحاكمة ،التنفيذية والتشريعية والقضائية والشورى ،على مستوى والية القطر أو التخصص أو االتحاد إال بالرأي العام أو البيعة العامة في أمر ،وسبحانه من يرجه إليه األمر كله وإليه ترجعون. وخالصة القول بأن النظام االتحادي الدستوري هو وجه من وجوه الخالفة في األرض ،ولقد أقتبسه معاصرا الدول الكبرى ،ليس لغرض قيام خالفة هللا في األرض ،وإنما لقيام خالفة بشرية متحررة من سلطة الكنسية حسب ظروف تاريخية خاصة بتلك الدول ،في عالقة الدين بالعلم وعالقة الدين بالسلطة الزمنية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
دور اإلرادة في نشأة الخالفة أو "الحاكم االتحادي" في حقيقة األمر لهذا الكون والحياة سنن أكبر من عقولنا وأبعد من قدراتنا وأطول زمنا من أعمارنا، ولكن بعض الناس يظلوا ظلما وجهال يظنون أنهم من القوة بمكان بحيث يغيروا ما أراد هللا إلي ما يريدون ،وبحبهم وبلذة سلطانهم على الناس وامتالكهم ،يتملك الشرور من أنفسهم فال يتركوهم أن يخضعوا هللا وحده فهذا يشعرهم ينقصان سيادتهم على الناس في األرض. ويقولون النبعاث الخالفة مصدرين ،وهنا القصد الدولة العادلة ،فإما تأتي بخيار من هللا أو بخيار من الناس ..وهناك تفاعل وتداخل كما بين الباحث ،أي وجود إرادة المسلمين وتدعما إرادة الخالق. فقد يخير هللا حال أمة من القلة إلي القوة فيولي عليهم في عموهم خيارهم من القلة التي تكافح من أجل التغيير ،كقوله عز وجل " :وال دفاع هللا الناس بعضهم ببعض لفسدت األرض" ،وقوله عز وجل "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا ونجعلهم أئمة يهدون بأمرنا ،"..وقوله عز وجل "وتلك األرض نجعلها لعبادنا الصالحين الذين ال يريدون علوا في األرض وال فسادا.".. وقد يغير الناس أنفسهم إلي األصلح ويكونوا األغلبية هم الخيار ويختاروا أحسنهم في كل أمر ،فيتغير حالهم إلي أفضل بشكل واسع وعظيم مدعوم من هللا ..وهذا قانون التغيير الرباني ،في قوله عز وجل" "أن هللا ال يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". ثم ينشأ التساؤل عن عالمات الخالفة التي يمكن من خاللها معرفة الخليفة الحق؟ ويقول الباحث " :فاعلموا أن للخليفة الحق عالمتين بارزتين كما يثبت من القرآن والحديث: العالمة األولى ،هي تلك التي ذُ ِّكرت في سورة النور في قوله تعالى (:و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .يعبدونني ال يشركون بي شيئا) ،أي إن هللا يقوي ويعزز الدين بالخلفاء الصادقين ويبدل حالة خوف المؤمنين بحالة األمن ،وهؤالء الخلفاء يعبدونه وحده فقط وال يشركون به شيئا .فكما تُعرف كل شجرة بأثمارها الظاهرية فإن الخليفة الحق يُعرف بأثماره الروحية التي قدرها هللا له منذ األزل . العالمة الثانية ،فقد وردت في الحديث ،وهي أنه يجب أن يتم انتخاب الخليفة -عدا الظروف االستثنائية -بإجماع المؤمنين أو األغلبية الساحقة ،وذلك ألنه وإن كان قضاء هللا يعمل عمله لكن هللا حسب تدبيره الحكيم يجعل لرأي المؤمنين دخال في اختيار الخليفة في الظاهر كما قدر هللا قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص عن خالفة سيدنا أبي بكر "يدفع هللا ويأبى المؤمنون" أي لن يدَع ُ منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أحدا ليُنتخب خليفةً غير أبي بكر وال جماعة المؤمنين تتفق على غيره .فالعالمة الثانية لكل ُ الدين. حق أن المؤمنين ينتخبونه أوال ثم ينصره هللا ويؤيده بعمله ثانيا ويتقوى به خليف ٍة ٍ وهناك عالمات أخرى ال يتسع المجال لذكرها هنا مفصال.
فوائد الخــالفة ( الرئاسة االتحادية هي الحياة الكريمة لألمة) ال يحق ألمة أن تستعمر أمة أخرى ،كما ال تستطيع ذلك طالما كانت العقيدة حية في النفوس. فاألمة أساسها العقيدة وهي ليست قومية ،و إنما القوميات مهما اختلفت لغاتها وأعراقها وتاريخها وأقاليمها يمكن بواسطة العقيدة أن تنصهر وتكون أمة واحدة. وبذلك من الصعب القضاء على األمة ألنها نسيج عالمي ،وإنساني ،وحضاري ،وله منهجية أخالقية روحية تجمعه في صف واحد ،ومشاعر واحدة ،ورؤى واحدة ،وآلفة داخلية توجه كافة السلوكيات والتصرفات الخارجية وتجعلها متجانسة في ظاهر كل أمورها. إذا األمة قوة عظمى. ولذلك أول ما أراد القضاء على قوم أن يقتل فيهم العقيدة أوال ،فتتفكك القومياتـ وتظهر العصبيات، وتتصارع في مصالحها الرخيصة ،وتنسى العقيدة وهو عقد القيم التي يجمعها. ومن ميزات الخالفة أو الحكم االتحادي في اإلسالم ،أنه حكم متعدد القوميات ،حيث كل قومية تنازلها عن تميزها عن األخرى من أجل خالقها ،ومن أجل واجبها في العقيدة ،وبالتالي القومية المتفوقة تؤثر وتصبغ القوميات األدنى بروح حضارية ورقي وتنحها قدرات بسبب االنصهار واالحتكاك ،وهو تفاعل خاص تنتجه عناصر العقيدة بشكل واسع وسريع ،وهذا ما يميز العقيدة اإلسالمية..الخ. وفيما يلي بعض الفوائد التلقائية" أوال المرجعية أو الدستور بالمفهوم المعاصر :ألن مهمة السنة الشريفة والقرآن الكريم تتمثل في تعليم جماعة المؤمنين دينيا وتربيتهم الروحية واألخالقية ولم شملهم وتنظيمهم باإلضافة إلى تبليغهم سبل الرشد والهدي ..وكل ذلك يحمي الجماعة من التشرذم ويُبقيها منظومة في سلك متين واحد ..وأن كل قومية ال عقيدة لها فهي ال حضارة لها ،وسوف تزول حتما ،ألن العقيدة هي رباط روحي بين اإلنسان وخالقه ،وهذا الرباط هو ما يمنحها قدرة التوسع المطلقة وحقيقة الخلود .وبدونا يصبح األقوام ما هم إال أجساد خاوية تفنى وتدفن ،وليس لهم أثر باقي في الحياة ،يجمع من بعدهم ..ويقول ملسو هيلع هللا ىلص في موضع آخر" :عليكم بسنتي وسنة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الخلفاء الراشدين المهديين". ثانيا ،القدوة الواحدة أو سمات القيادة بالمفهوم المعاصر :أكرم هللا هذه األمة بني معجزة ، ومن بعده خلفاء راشدين كالنجوم في السماء ،وبمجرد ذكر وحب هذا النبي وصحبه تتولد في النفوس لذة وفي القلوب نور وفي العقول الحكمة ،فتتشكل الجماعة في نسيج أمة نوراني فوق كل حدود جغرافية أو دنيوية ،فتتولد المحبة بين من هو في مشرق األرض مع من هو في مغربها ،بدون أن يرى أو يعلم بعضهم ببضع .ولذلك عندما يتحبب العرب إلي بعضهم في هللا والنبي صلى ،فيكون يكون حالهم ،وهم قومية واحدة ،وفي إقليم واحد ،ولغة واحدة، وتاريخ واحدة ،وهم المعنيين بالتكليف والمسئولية قبل غيرهم ،مما يجد مشقة في تعلم الدين، ويحتاج إلي بذل جهد جماعي وأسري هائل ..وخالصة القول ،بأن النبي صلى يشكل مركز روحاني يقوي أواصر هذه األمة وإخالصها وتضامنها وتكاتفها ،وإن كانوا في دولة أو دولتين أو أكثر ،فهم بطبيعة الحال في تحالف دائم قوي وال يمكن أن يكونوا أعداء ،و يجدوا فيما بينهم الكثير مما يلزم تكاملهم مصالحهم وصيانة مصيرهم الموحد ،فتنتج سياسات فاعلة ودول قوية مستقلة فعليا وذات سيادة حقيقية. ثالثا ،الجماعة أو الوحدة بالمفهوم المعاصر :وحدة أوجود الحاكم االتحادي أو ما يسمى الخليفة ،وهو يمثل المرجعية السياسية الشرعية ،يتسبب في تجدد وفاء المسلمين مع خالقهم، ولذلك قد وصف رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص الجماعة التي تالزم الخليفة أو الحاكم الشرعي ،وبأن يدي فوق أيديهم ،وكيف حال من تكون يده هللا يده ،وهذا كناية على أن يد هللا هي األعلى وهي التي تقوده وهي التي تمنحه ،فهي العليا فوق أيدي الجميع .وأنها نعمة كبيرة وأهمية هائلة، ولذلك يلعن من يحاول صنع الفرقة في الجماعة واألمة ،فقد قال ملسو هيلع هللا ىلص" :من شذَّ ُ شذَّ في النار". أي أن الذي ينشق عن الجماعة ويخلق فيها الفرقة والتشتت فإنه يفتح باب النار على نفسه.
صالحيات الخليفة (صالحيات رئاسة الدولة) للخليفة في اإلسالم ،له دورين رئاسيين وهما دور فتح أبواب حرية تطبيق العقيدة ويكون في ذلك القدوة الحسنة قبل وبعد انتخابه ،ودور دنيوي نحو تنمية األمة وتمكينها في االنفتاح في األرض بما ينفع العالمين .وهذا ما يعرف أجماال برسالة الفتح ،فاألمة في اإلسالم حضارة دورها فتح العقول وانشراح الصدور وأحياء القلوب وليس وهي الحصون المنيعة التي تعزل األمصار والناس واألفراد. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
واألمة في اإلسالم أساسها العقيدة ،تذوب وتنصهر فيها كل القوميات ،تتجاوز الحدود الجغرافية، واألعراق واللون واللغة .وبالتالي دور الخليفة أن يقف لمنع كل مصاب أو ضرر في فرد في هذه األمة ،ويمنع الضرر عنهم ،ويسعى لمصالحهم وضمان حرياتهم في بلدانهم ،فالمعاملة بالمثل هو عرف دبلوماسي دولي ،وتعليق التمثيل الدبلوماسي أساس سلمي حتى تعود العالقات بين البلدان على ما يرام وبشكلها األخالقي والمثالي ،فال يحق له أن يسكت أو يشارك في الضرر بهذه األمة ،حيث اإلسالم ال يدعوا لقيام دولة "األمة" ،وإنما لقيام دول قطرية مستقلة جغرافيا ،ولكنها ماديا وروحيا ال يمكن أن تفصل نفسها عن رسالتها ودورها اإلسالمي واإلنساني. إن الخالفة هي امتداد "الرحمة الربانية" ،حيث قال هللا عز وجل وما أرسلناك إال رحمة للعالمين"، والخالفة هي الجزء من النبوة في هذه الرسالة العالمية. وأردت بذلك توضيح رأي الباحثين عندما يربطون أن الخالفة لها من القدر في اإلسالم مثل رسالة األنبياء ،حيث أنقطع الوحي من السماء ،ولكن بقى في األرض كتاب منير الكون كالشمس تعلوا األرض وتبدد ظلماتها. وعندما يقوم الباحث بأن الخالفة أو رئاسة هي فرع من النبوة فهو يقصد في حجم األمانة وليس لذلك عالقة بالتفويض أو التفضيل على غيره من الناس ،فهو مثل الجميع متساوون في الفرائض ،إال أنه أصبح مسئول عنهم جميعا. أما فيما يتعلق بصالحيات الخليفة فيجب أن تتذكروا نقطة أساسية الستيعاب هذا األمر ،وهي أن الخالفة مؤسسة روحية ينـزل فيها حق الحكومة من األعلى إلى األسفل (أي من هللا تعالى إلى خليفته في األرض) وبما أن نظام الخالفة فرع للنبوة ،ومن ناحية أخرى قد اكتملت الشريعة إلى األبد ،لذا كما تحوز النبوة بصالحيات واسعة داخل حدود الشريعة كذلك فإن الخالفة هي األخرى تحظى بصالحيات واسعة داخل حدود الشريعة والسنة النبوية .أي أن الخليفة حائز على أوسع الصالحيات لتنظيم الجماعة اإللهية وتنسيقها ضمن حدود الشريعة اإلسالمية وداخل نطاق سنة نبيه المتبوع. إن الشباب المعجبين بالديمقراطية المعاصرة يتعجبون من سعة صالحيات شخص واحد ،ويقولون: كيف يمكن أن يملك شخص واحد صالحيات واسعة هكذا؟ ولكن عليهم أن يفكروا أن الخالفة ليست قس ًما من أي نظام ديمقراطي أو دنيوي وإنما هي جزء لنظام ديني وروحاني يتفرع حقها من حق هللا وأن ظل هللا يكون على رؤوس الخلفاء دائما. ال يحق له أن يتجاوز أو يبطل أو يتراخى أو يغير في حدود ،فواجبه تطبيقها ،فهي خير لآلمة ،ويعلم القواعد التي تجيز فيها تطبيق مثل هذه الحدود ،فعليه أوال اإلصالح االقتصادي وذر ء الحاجة أوال ، منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وسد أبواب الفساد ،ثم حد السرقة ،وعليه باآلداب العامة وتحفيظ القران وتحسين المناهج الدراسية، ونظم التأمين الشامل قبل حد الزنا ،وعليه إنشاء المصارف اإلسالمية وهي ما يقضي على الربا، وعليه بالحريات وال يتأخر في حفظ األمن والسلم واالستقرار بحد الحرابة .وهكذا الحدود واجبة والبيئة الصالحة واجبة على كل أصحاب الوالية العامة في اإلسالم. ال يحق للمرء تولي الرئاسة أو أي من المناصب العامة إال برضا الناس ،فإن رأوا فيه ما يفسد الحياة العامة ،أو عقيدتهم ،أو يجلب و يحب المفسدة ،وال يظهر عليه العلم والتقوى والتميز فعليهم اختيار األفضل ،وعليه السمع والطاعة ،فالبيعة هي أوال السمع والطاعة من الحاكم لشعبه ،ثم عليهم السمع والطاعة في قراراته. ومن ناحية أخرى ما دامت الحدود الشرعية القوية محيطة به وال يستطيع أن يتجاوز حدود سنة نبيه المطاع فكيف يجوز إذًا االعتراض على سعة صالحياته؟ ومن المؤكد أن شخص الخليفة بعد النبي نعمة ورحمة وإن كثرة الرحمة واتساعها مدعاة للبركات ال محالة وليس مدعاة لالعتراض .هذا، ويقول اإلسالم أيضا ،بما أن هناك دخال في بادئ النظر لرأي المؤمنين أيضا في انتخاب الخليفة لذا عليه أن يستشير المؤمنين في القضايا الهامة غير أنه ليس ملزما بالتقيد بمشورتهم في كل األحوال لكنه مطالب بأخذ المشورة .وذلك لكي تستمر التربية الدينية للجماعة على الصعيد السياسي وغيره. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تتولد البشاشة واالنبساط أكثر في الجماعة بقبول مشورتهم في األمور اليومية .أما في األوضاع الخاصة فليبق مبدأ( وإذا عزمت فتوكل على هللا) أيضا ساري المفعول .هذه نقطة لطيفة ولكن قليال ما يتفكرون.
مسألة عزل الخليفة أي "تداول السلطة أو عزل الحاكم" في حقيق األمر هناك رأي يذهب إليه بعض المسلمين ،وأنني سوف أذره كما ورد ،وهو "ال يحق عزل الخليفة أي الحاكم المسلم" ،إال أنني رأيت مما أطلعت رأي مختلف تماما ،وهو كيف ال يحق عزل الخليفة وما هو إال بشر قد أنتخب من الناس ببيعة مقيدة ،وليس هناك في اإلسالم تفويض ألهي لشخص بعينه. والذين يذهبون بعدم جواز عزل الحاكم في اإلسالم والخروج عنه ،إنما هم يقصدون الحاكم ببيعة شرعية أي انتخاب شعبي قانوني صحيح. والدليل في ذلك ،قول أبي بكر الصديق في ميثاق خالفته وبعد تمام البيعة ،قوله"أطعوني ما أطعت هللا ورسوله ،فإن عصيتهم ال طاعة لي عندكم". منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
و طبيعيا ومنطقيا بالمفهوم السياسي المعاصر ،فإن الناس في حل من بيعة أو انتخاب الحاكم إن هو خالف دستورهم بالقوة ،أو خرج عن عقيدتهم متعمدا ،وأراد أن يحمل الناس على مخالفتها. ونرى أهمية مناقشة هذين الرأيين ،فهما اجتهاديين في أمور الدنيا وخاضعين لفكر اإلنسان ،وعلى النحو التالي: الرأي األول ،جواز العزل وتداول الخالفة حسب الدستور وبموجب البيعة :حيث في تقديري شرعية الخليفة وهو الحاكم المنتخب على المستوى االتحادي ،أو الوالي وهو الحاكم المنتخب أو المعين بتوافق أهل العقد والحل والعلم ،على المستوى والية قطرية أو محافظة أو بلدية أو وزارة تخصصية .شرعية هؤالء جاءت من تطبيق "البيعة" وهي وسيلة تداول السلطة و على أساس "دستور" وهو عقد مبايع عليه ،ولذلك وجب التنحي عن السلطة حسب البيعة والدستور .وليس هناك حاكم بالورثة أو بتفويض ألهي مباشر أو بحق العرش وملك وراثي وهذا نظام إفرنجي يعني أن الملوك واألباطرة لهم الحق في تقرير مصير الشعوب بحكم أنهم أول من أسس لهم إمبراطورية ودولة كبرى بعامل القوة .فمسألة تداول السلطة هو األساس في معنى الخالفة لغويا ودينيا ،ووفق التعريف االصطالحي الديني فالخالفة هي التداول السلمي حسب اإلسالم ،الذي ينبذ العنف ويعده ظلم والتأمر يعده نفاق ،والكذب ويعده شر ،والطمع ويعده مذلة ..وهللا أعلم. وخالصة القول مما تعلمنا من خالل ما عرض في هذا المبحث ،بأنه ال خالفة لمن ال يملك بيعة خاصة وعامة. والخالفة هو أسلوب حكم ومسألة تنافسية بين الصالحين من الناس ،فمن يملك النصيب األكبر هو من يحق له الوالية ،ولكن ما حدث خالل الخالفة الثانية ،وهي بعد الخالفة الراشدة ،أنه من يحقق نصيب أكبر من البيعة في قطر أو والية ما أعد خروج عن الحاكم ،وبهذه تحولت الخالفة من ديمقراطية عظمى ،إلى حكم وراثي ،ولم يفهم مغزى رسالة هللا في األرض ،وهي تحقيق األمن والسلم للمسلمين ونشر اإلنسانية ،فاإلسالم أنتشر في الكون بالقلم والعدل وأخالق وليس بغيرهما.. وهذه هي الخالفة ،ويعزل من يخفق وال يحق الوالية لمن ال يعرف أو سيعجز. الرأي الثاني في مسألة عزل الخليفة :يقول الباحث ،وأنني أرى خالف ما يقول إن كان األمر بالمطلق ،وهو أمر مقيد بعدم العزل إن كان الخليفة جاء ببيعة حقيقية ومتجددة وفق الشرعية ،وأنني أخشى أن يظن الناس هناك مصدر لشرعية الحكم الوراثي ،أو يظن بعدم الخروج عمن ال بيعة عنده .وبشأن مثال عثمان رضي هللا عنه ،فأقول بأن الصحابة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
رضوان هللا عليهم ،هم حال خاص ،فالفرق بينهم وبين الناس كالفرق بين النجوم والحجر، فكلنا يجب أن ننظر إليهم وهم كالنجوم لنقتدي بهم كما أمرنا ،ولذلك كان الخروج عن هذا الخليفة بغي وظلم ال شك في ذلك إطالقا .وقد جاء عن الباحث ،وهو يمثل رأي أخر على مسلم أن يدرسه بعناية (( ،إن الذين ال يدركون منـزلة الخالفة ومكانتها السامية يتخبطون أحيانا لسفاهتهم في مسألة عزل الخليفة .إنهم يعتبرون الخالفة نظاما دنيويا على غرار األنظمة الديمقراطية األخرى ومن ثم يبحثون عن طريق لخلع الخليفة حسب الضرورة .وهذا الخيال ين ّم عن الجهل والغباء، وينجم عن عدم إدراك المنـزلة الحقيقية للخالفة .فالحقيقة -كما ذكرنا آنفا -أن الخالفة نظام روحاني يستند إلى قدر خاص من هللا كتتمة النبوة ،وإن كان فيه -حسب مشيئة هللا -دخل لرأي الناس أيضا في بادئ النظر ،لكنه في الحقيقة يقوم تحت مشيئة هللا الخاصة .ثم إن الخالفة من أسمى النعم اإللهية فال ينشأ سؤال عن عزل الخليفة في شكل من األشكال .ولهذا قال رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص مشيرا إلى خالفة سيدنا علَى َخ ْل ِع ِه فَال ت َ ْخلَ ْعهُ لَ ُهم". صا فَ ِإ ْن أَ َرادُوكَ َ عثمان رضي هللا عنه" :يَا ُ اَّلل يُقَ ِ ّم ُ صكَ قَ ِمي ً عثْ َمانُ ِإنَّهُ لَعَ َّل َّ َ (سنن الترمذي ،كتاب المناقب) ..وهذا الحديث الموجز يتضمن فلسفة القيام المبارك للخالفة كما يميط اللثام عن الحركات الخبيثة لعزل الخليفة .ثم ال يفكر هؤالء السفهاء في أنه إذا كان هللا هو الذي يختار الخليفة ومع ذلك يجوز النقاش حول عزله ف ِل َم ال يجوز إذا ً عزل النبي والعياذ باهلل؟ فالحق أن مسألة عزل الخليفة ال يمكن طرحها على بساط النقاش نهائيا ً .وثمة سبيل وحيد فقط لعزل الخلفاء المزعوم على شاكلة األنبياء أال وهو أن يرفعهم هللا من الدنيا بالموت .فإذا ثبت بصورة قطعية أن هللا هو الذي صرح بذلك سيدنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بخصوص يجعل الخليفة ،كما يعلن القرآن مرارا وكما ّ خالفة سيدنا أبي بكر رضي هللا عنه وخالفة سيدنا عثمان رضي هللا عنه ،فال يمكن أن ينشأ سؤال عزل الخليفة في قلب مؤمن صادق وال لحظة واحدة ..إن اإلسالم دين النظام والنسق لدرجة ال يسمح ألتباعه بالتمرد حتى ضد الحكام الدنيويين العاديين أو من الذين يصلون إلى سدة الحكم بناء على رأي الناس أو بواحا" ،في تصرفاتهم كما قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .فهل التوارث فقط" ،إال أن تروا كفرا ّ يمكن أن يسمح بخلع خلفاء هللا وخلفاء النبي الطاهرين؟ هيهات وهيهات بما تؤمرون !" انتهى االقتباس
وهللا أعلم..
نموذج االتحاد المركزي في االسالم "الخالفة :شكل الدولة وأسلوب الحكم" من األهمية بمكان ،وبشكل معاصر دراسة مفهوم "الخالفة" في اإلسالم ،على أساس شكل الدولة، وأسلوب الحكم. ولقد ذكرنا أسس أسلوب الحكم الخالفي ،وهي البيعة للحاكم والبيعة لمنهج الحكم وهو الدستور ومصدره الثابت القران والسنة ،ومصدره الفني المتغير. وفيما يخص شكل الدولة في اإلسالم ،فقد اتخذت عدة أشكال زمنية ،إال أنها واحدة من ناحية االتفاق منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
على نوعها االتحادي المركزي ،في أغلب األحيان ،إال عند قيام الخالفة العباسية في المشرق، والخالفة األموية في األندلس ،فحدث نظم اتحادية شخصية ،كل دولة لها استقاللها الكامل. أوال ،تصنيف أشكال الخالفة التاريخية: وبشكل عام ،يمكن أن نصنفها كما يلي: الخالفة الراشدة ،وهي فترة والية الخلفاء الراشدين األربعة ،رضوان هللا عليهم ،وتميزتهذه الخالفات األربعة ،على أنها كاملة االسترشاد بالفران والسنة ،ولم تخرج عنه في مقاصدها ،ولم تخالف سنة النبي صلى ،وتوفر فيها تمام الرشد أي العقل والحكمة والتوجيه بهدي النبي صلى .وتعتبر الخالفة النموذجية ،التي تبنى عليها ،فكرة شكل الدولة اإلسالمية االتحادية ،وأسلوب الحكم الشرعي ،وكامل الحريات والحقوق والواجبات العام ،و والعالقة بين الحاكم والشعب ،وعالقتهم بالشعوب واألمم األخرى. الخالفة السياسية والشرعية :تعتبر الفتنة الكبرى ،نقطة تحول في السياسة اإلسالمية ،حيثظهر مفهوم من أولى بتولي الخالفة أي الحكم ،ولعبت العصبية القبلية ،واألطماع الدنيوية وعوامل التاريخية دورها ،فنتجت الخالفة األموية في الشام ،ثم صراعها وقضائها على الخالفة الزبيرية في العراق والحجاز ،ثم ظهور الخالفة العباسية وسطرتها على المشرق، وتحول الخالفة األموية لحكم األندلس ..وما يميز هذه الفترة الخالفية والتي استمرت أكثر من ثمانية قرون أنها ،تبحث عن الشرعية الدينية بتحديد مرجعيتها القران والسنة في تصريف شئون الناس وعالقتهم بالدولة والعقيدة ،إال أن السياسية والصراع على السلطة كان مهيمنا في إدارة الدولة .وفي العموم هي مرحلة اجتهادية سياسية ،تدرس بعناية ،ولعلماء الفقه والسياسة والمسلمين ،رأيهم في كل إيجابية يؤخذ بهت ،وتترك كل سلبية ،وخاصة الصراع على السلطة وعامل أخذ الحاكم البيعة لمن يرغب قبل وفاته. الخالفة العثمانية :ونتيجة للصراع الدولي وظهور حركة التوسع العالمي ،كان البد من قوةمعاصرة تجمع المسلمين كأمة في مواجهة العدوان الخارجي ،وقد استمرت هذه الخالفة خمسة قرون من بداية القرن السادس عشر وحتى نهاية القرن التاسع عشر .وما يميزها أنها أسست دولة اتحادية مركزية بالمفهوم المعاصر ،فأسست الحكم المحلي ،وأسس قانون عام إسالمي بمثابة دستور ،والذي أخذ منه الغرب نظمهم الديمقراطية ،حيث كانوا في صراع مباشر لعدة قرون ،وتسابقوا في التسلح ،وجرت حروب كبيرة ،بين أوربا كتحالف مسيحي، ضد هذه الدولة باعتبارها تحالف ديني إسالمي ..وقد دانت أوربا الشرقية لهذه الدولة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
العظمى ،وكادت أوربا جميعها تسقط إال أن هذه الدولة لم يكن في نيتها التوسع االستعماري والسيطرة على العالم بالقوة ،باعتباره مخالف لمقاصد الشرعية ،وأدركت أوربا أمرين جلب التفوق عليها وهو التحالف على أساس االنتماء للعقيدة أو األمة بمعنى أخر ،وتفوق السالح وقوته ،ولهذه بدأ التسابق في التسلح إلي حين تفوقت أوربا مبكرا ألسباب دقيقة ،كما أنها حافظت على تحالفها السياسي الخارجي على أساس العقيدة ،في حين دول المشرق بكاملها لم تدرك من وعاه خصمهم ،إلي أن تفوقت أوربا في التسلح ،ولعبت سياساتها الخارجية المتحالفة إلي يومنا هذا دورا مباشرا ،في تفكيك هذه الدولة الكبرى وتفتيت الدول العربية، وكسب فرنسا وبريطانيا العرب في جانبهم منذ 0112وتمت لهم القوة في ،0181وهي سياسة قديمة في المنطقة ،وقد أخذت الدولة العثمانية في الضعف الشديد بعد خسارتها في 0190وفرض عليها بسبب هزيمتها الحربية تقسيم قبرص ،وفي 0511حدث االنقالب العسكري ،وفرض على تركيا التحول من دولة إسالمية إلي دولة علمانية بقيادة أتاتورك. وهذا زاد من بعد العرب عن تركيا الجديدة ،وتأملهم في االستقالل بعد أن وجودوا أنفسهم تحت استعمار أوربي إثر نهاية الحرب العالمية األولى والثانية .والزال العرب بعدها متفرقين.. وبهذا انتهت فكرة الخالفة من أذهان المسلمين العرب ،إال أنهم طالبوا بقيام دولة عربية اتحادية إسالمية. وشجع الغرب قيام دولة عربية اتحادية على أساس "العروبة" وليس على أساس "اإلسالم"، وتصارع هذين التيارين ،وانتهى إلي يومنا هذه بفوز تيار العروبة أو القومية أو العلمانية ،والذي تغير إلي أشكال حكم استبدادية ،مولية للدولة الكبرى الخارجية. وانتهت فكرة إمكانية قيام دولة اتحادية تجمع العرب بأي شكل ممكن. ثانيا ،مالمح دولة االتحاد والخالفة الراشدة: في الخالفة مهما كان شكلها أو زمنها وظروفها المحيطة ،مصدرها : أوال ،أأهلية الحاكم في تولي الشأن العام ،وقيادة الناس وفي مقدمتهم وإمامهم .وبالمفهومالمعاصر مؤهالت القائد الحاكم التاريخية والدينية واإلنسانية والعقالنية والقيادية والعملية ، بما يظهر تفوقه على نخبة الناس وليس على مستوى عموم الناس ،بل متميز عليهم في كل ما ورد على مستوى القطر واألمة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ثانيا ،ميثاق الحكم على مستوى األمة ،وهو جوهر أسلوب الحكم وروح الدستور ،فيشملعهده أمام الناس في طبيعة العالقة معهم ،ويشمل برنامجه في فترة الحكم ،واستعداده لقبل كل نقض ،فال يمنع رأي عام ،وال يمنع من الناس من تقويم مساره أن يرونه قد أخطأ في شأن ما ،ويتعهد بأن يكون صادق فأن كان غير ذلك فقد شرعية الحكم ،وأن ال يكون كاذب فإ ن كان كذلك في أمر ما فقد خان األمانة ..وهكذا أخذت خطبة أول الخلفاء الراشدين ميثاق تأسست عليه دولة المسلمين األولى. كما أن البيعة هي مسئولية عينية على كل مسلم ،فعليه أن يكون لديه ميزان عقالني فيما هو شكل الحكم الراشد ،فمن دخل في اإلسالم فقد دخل حتما في السياسية ،وال سوف يجد أنه لمن يستطيع أن يكمل دينيه إال بالمشاركة السياسية ..فكل شيء في االقتصاد والمجتمع والثقافة والجيش له جذوره في اإلسالم تربط روح المسلم بعقيدته .حيث في شأن السياسة هو مجبر أن يشارك وليس مخير أن ينعزل و يدفن رأسه في التراب خوفا على نفسه وال يبالي بعقيدته. فالحكم في اإلسالم أمانة وليست مغنم يحل له كل شيء والعقيدة فوق القانون ،والناس فيها سادة سواسية ،وليسوا مغرم يسخرهم غيرهم ويحملهم على ما ال يطيقون ،ويضيق عليهم العيش ويحرمهم من حرياتهم ويهضمهم حقوقهم فيتكبدهم المذلة ،ويدفعهم للمعانة ،و زرع الكفر المبطن لمن يتولى قمع المسلمين واإلساءة. فأساس السلطة في اإلسالم هي التداول وهذا ما يعنيه مصطلح الخالفة الديني ،وأساسها مبدأ فصل السلطات ،وأولها استقاللية القضاء وأولويته ودرجته العليا ،وما يعيق استقاللية القضاء ويعطله في الدول إال من هو فاسد في ضميره مسوه في أخالصه ومعادي للحق في ضميره ومخادع هلل في إيمانه ومستخف بالناس بقوة أتباعه. فمن يريد أن يترشح يضع نفسه في ميزان الحكماء والعظماء قبل أن يتصدر الناس ،فيصف عقله و أخالصه ومقصده في ميزان هؤالء ،ليحكم على قيمة وقمة وجدارة هؤالء الخلفاء العظماء فسوف يعجز ويقصر .وإنما ما نريده فقط هو توضيح قاعدة وهي أن من يتقدم إلدارة شئون الناس وينافس عليها غيره فعليه أن يزن قيمة نفسه في ميزان هؤالء ليرى حجمه نفسه وحجم غيره ويحكم إن كانت سوف تكون عليه هذه اإلمارة في الحكم ندامة ،وأن ال تكون محسوبة خيانة فيتوالها وهناك من هو أجدر منه لمصلحة المسلمين. مالمح الخالفة في عهد أبي بوبكر الصديق رضي هللا عنه :ولعله من المفيد أن يذكر خطبة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
دستور عظيم لحكام المسلمين أول الخالفة وهي ميثاق الحكم في األمة" خطبة أبى بكر ـ رضي هللا عنه ـ بعد أن ولى الخالفة :ثم تكلم أبو بكر ،فحمد هللا وأثنى عليه بالذي هو أهله ،ثم قال :أما بعد :أيها الناس ،فإني قد وليت عليكم ،ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ،وإن أسأت فقوموني ،الصدق أمانة ،والكذب خيانة ،والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء هللا ،والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء هللا ،ال يدع قوم الجهاد في سبيل هللا إال ضربهم هللا بالذل ،وال تشيع الفاحشة في قوم قط إال عمهم هللا بالبالء ،أطيعوني ما أطعت هللا ورسوله ،فإذا عصيت هللا ورسوله فال طاعة لي عليكم ،قوموا إلى صالتكم يرحمكم هللا." . وفيما يلي بعض مالمح أربع الحكومات األولى في دولة الخالفة الراشدة: خالفة أبي بكر الصديق :البيعة وانتخاب أبي بكر الصديق في الخالفة األولى :فكان أول خلفاء الراشدين للمسلمين هو أبي بكر الصديق رضي هللا عنه وهو أول من آمن برسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص من الرجال ،وكان صادق في القول والفعل فأستحق أن يكون يلقب بالصديق وأن يكسب أن يكون مختارا رفيق الدنيا واآلخرة لنبي الرحمة والعالمين ،وحمل لقب الصديق على مدى التاريخ خالد وعلى نطاق الدنيا ال تحيط صدق شبهة وال حدود ،فبراجحة عقله واستنارة قلبه أول من سلم بخبر السماء في اإلسراء يوم لم تصل عقول الناس لتلقي مثل هذا الخبر من أحوال المعراج للسماء و زيارة أهل الجنة والنار .ومن السفر ليال من مكة للقدس في ساعات والعودة ،ولكنه علم أن المولى أسراء بعبده لريه من آياته ما يختبر بها درجات العقل واإليمان بين الناس ،ولتكون أية مدى الدهر ،ولتكون عالمة تذكر لقمة وقيمة إيمان وعقل من سيكون أول حاكم للمسلمين .وكان يدعى بالعتيق؛ ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قال له: يا أبا بكر أنت عتيق هللا من النار .كما قيل أنه سمي بالعتيق بسبب جمال وجهه .كان سيدا من سادة قريش وغنيا من كبار الميسورين ،وكان ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية. وقف في العصر النبوي مواقف عظيمة حيث شهد الحروب والغزوات واحتمل الشدائد وبذل األموال ،وكان رفيق النبي ملسو هيلع هللا ىلص في هجرته إلى المدينة وإليه عهد النبي ملسو هيلع هللا ىلص الصالة بالناس حين اشتد به المرض .بويع بالخالفة يوم وفاة النبي ملسو هيلع هللا ىلص سنة 00للهجرة .حارب المرتدين وأقام دعائم اإلسالم .افتتحت في أيامه بالد الشام وقسم كبير من العراق .توفي ليلة الثالثاء لثمان خلون من جمادى اآلخرة وهو ابن ثالث وستين سنة ،وكانت مدة خالفته سنتين وثالثة أشهر ونصف.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
خالفة عمر الفروق :البيعة وانتخاب عمر بن الخطاب رضي هللا عنه في الخالفة الثانية: وهو ثاني الخلفاء الراشدين ،وأول من لقب بأمير المؤمنين .كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم ،وكانت له السفارة فيهم ،وبمعنى ووزير الخارجية بالمعنى المعاصر ،علما بأن قريش بين قبائل العرب الكبيرة التي كانت تتزعم الحجاز هي أول من أسس برلمان وحكومة منذ عهد قصي بن كالب ،و وزع المناصب واالختصاصات حينذاك ،وكانت السفارة تشمل مهمة التفاوض ،فينافر عنهم وينذر من أرادوا إنذاره .أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات وشهد الوقائع مع النبي ملسو هيلع هللا ىلص وأرسله النبي صلى هللا عليه وسلم في عدة سرايا .بويع بالخالفة يوم وفاة أبي بكر الصديق وبعهد منه ،بعد استشارة الناس فيه فوافقوه .واله أبو بكر القضاء في عهده فكان أول قاض في اإلسالم ,ولم يأته مدة واليته القضاء متخاصمان؛ ألن طالوة اإليمان وأخوة اإلسالم كانت تمنع الناس من التخاصم ،فإذا اختلفوا استفتوا ونزلوا عند إفتاء من يفتيهم من الصحابة .أخضع أراضي البالد المفتوحة عنوة للخراج ولم يقسمها بين الغانمين ،لكي يستكملوا فريضة الجهاد ،وأعادها إلى أصحابها الذين كانوا عليها وجعل خراجها حقا للمسلمين .وأول من أرسى مبدأ مكافحة الفساد والقضاء على مسبباته جذريا، حيث قال لمن واله في شئون األقاليم التابعة ماذا تفعل لو جاءك سارقا ،قال الوالي وهو بمثابة المحافظ والوزير والحاكم اإلداري ،قال أقيم عليه الحد فتقطع يده بالقضاء ،فقال عمر رضي هللا وأنا أقيم عليك الحد بالقضاء وتقطع يدك إن جاءني محتاج ..وهذا يفيدنا بأن البطالة والفقر في الدول الغنية هي سببها الفساد السياسي والمالي عند من يتولون المناصب العليا ،وهذه مسألة نسبية طردية ،حيث كلما زاد الفساد انتشر الفقر وزادت البطالة وخاصة بين الشباب ،وهم أول ضحية ،ولذلك نجد في االنتخابات المعاصرة ال يعاد انتخاب من تكون البطالة في عهده زادت عن %9-8كحد أقصى ،وفي مجتمع يعد بمئات الماليين ،وانحت األحوال في بعض الدول العربية حتى فاقت البطالة %08في دول يقدر سكانها ببضع ماليين وتفوق براميل النفط يوميا عدد السكان وكل برميل بمائة ونيف .وأول من بدأ التأريخ بسنة الهجرة النبوية ،وأول من دون الدواوين في اإلسالم ,جعلها على الطريقة الفارسية، إلحصاء األعطيات وتوزيع المرتبات ألصحابها حسب سابقتهم في اإلسالم .اتخذ بيت مال للمسلمين ،وكانت الدراهم على أيامه على نقش الكسروية ,فزاد فيها (الحمد هلل) وفي بعضها زاد (ال إله إال هللا) وفي بعضها (دمحم رسول هللا).ضرب في شرب الخمر ثمانين جلدة، وكانت أربعين .اتخذ دارا للدقيق وجعل فيها الدقيق والتمر والتسويق والزبيب وما يحتاج إليه ،يعين به المنقطع ،وكان يخرج إذا صلى العشاء فيطوف بدرته على من في المسجد، فينظر إليهم ويعرف وجوههم ويسألهم هل أصابوا عشاء ،وإال خرج فعشاهم .كان له عيون يتقصى بها أحوال الجيش وأحوال عماله في األمصار ،وكان إذا أتاه وفد من مصر من منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األمصار سألهم عن حالهم وأسعارهم وعمن يعرف من أهل البالد وعن أميرهم ،وهل يدخل عليه الضعيف وهل يعود المريض ،فإن قالوا نعم ,حمد هللا ،وإن قالوا :ال ،كتب إليه :أقبل. انتصب في مدة خالفته اثنا عشر ألف منبر في اإلسالم .أنشأ سبال بين مكة والمدينة ووفر بذلك على السالكين حمل الماء .اغتاله أبو لؤلؤة فيروز الفارسي غالم المغيرة بن شعبة في صبيحة يوم األربعاء 29ذو الحجة وهو يؤم الناس في صالة الفجر ،فمات ودفن إلى جانب أبي بكر في الروضة الشريفة التي دفن فيها رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص .كانت مدة خالفته عشر سنين وستة أشهر .قال عنه رسول هللا ملسو هيلع هللا ىلص :إن هللا جعل الحق على لسان عمر ،توفي عن ثالث وستين من العمر. خالفة عثمان ذو النورين :البيعة وانتخاب ثالث الخلفاء الراشدين :من كبار رجال اإلسالم الذين اعتز بهم عند ظهوره .ولد بمكة وأسلم بعد البعثة بقليل .كان غنيا ،شريفا في الجاهلية، ومن أعظم أعماله تجهيزه جيش العسرة في السنة التاسعة للهجرة الذي غزا فيه الرسول ملسو هيلع هللا ىلص تبوك .تولى الخالفة بعد اغتيال عمر بن الخطاب فهو ثالث الخلفاء الراشدين ،وتم اختياره من ستة من الصحابة للخالفة اختارهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي هللا عنه عندما طعن ليختاروا خليفة منهم ،وهم :علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد هللا ليختاروا من بينهم خليفة. وانتهى األمر بعد ثالثة أيام باختيار عثمان بن عفان رضي هللا عنه ومبايعة المسلمين له .كان عهد عثمان عهد فتوحات ففي عهده فتحت أرمينية وأذربيجان وإفريقية وبدأ غزو الروم برا وبحرا ،وفتحت جزيرة قبرص ،وفي سنة 29هـ أرسل حملة بحرية لغزو سواحل األندلس، وهو أول من فكر في فتح القسطنطينية واقتحام أوربا عن طريق إسبانيا للوصول إليها ،وكان أمره بغزو سواحل إسبانيا لهذه الغاية .يرجع إليه الفضل في إزالة الخالف في قراءة القرآن بجمعه صحفه التي كانت محفوظة عند حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين ،زوج النبي ملسو هيلع هللا ىلص ونسخها في مصحف واحد بمعرفة زيد بن ثابت وآخرين من الصحابة الحافظين للقرآن ،وأمر بإحراق ما سواه .حدثت فتنة في عصره جعلت بعض الثائرين من المصريين يحاصرونه في داره بسبب خديعة مجهولة ال يعلم من خلفها .حيث طلبوا إليه أن يتخلى عن الخالفة فلما أبى دخلوا عليه وقتلوه ونهبوا داره وعدلوا إلى بيت المال فأخذوا ما فيه ،وكان عثمان وهو محصور قد أرسل إلى معاوية بن أبي سفيان يستنجد فأرسل حبيبا بن مسلمة الفهري على رأس جيش ،وقبل أن يصل إليها بلغه مقتل عثمان فقفل راجعا إلى دمشق وبمقتل عثمان انعطفت مسيرة التاريخ اإلسالمي إلى عهد بدأت فيه الفتن ونشبت فيه الثورات .قتل عثمان رضي هللا عنه في شهر ذي الحجة في يوم جمعة ،بعد حصار دام منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
شهرين ،وكان عمره 12عاما. خالفة علي كرم هللا وجه :الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي هللا عنه :وسمي بأمير المؤمنين ،رابع الخلفاء الراشدين ،وأول الفتيان إسالما .ابن عم النبي ملسو هيلع هللا ىلص وصهره وأحد الشجعان األبطال ،ومن أكابر الخطباء والفصحاء والعلماء بالقضاء واإلفتاء .كان اللواء في يده في أكثر المشاهد ,ولم يتخلف في مشهد من المشاهد إال في غزوة تبوك بأمر رسول هللا صلى هللا عليه وسلم .اختاره عمر بن الخطاب بعد طعنه بين الستة من أصحاب الشورى ليخلفه واحد منهم وهم :علي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد هللا والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص .بويع بالخالفة بعد مقتل عثمان بن عفان سنة 39هـ ،فقام أكابر الصحابة يطلبون القبض على قتلة عثمان وقتلهم ،وتوقى علي الفتنة ،فتريث فغضبت عائشة أم المؤمنين ،وقام معها جمع كبير في مقدمتهم طلحة بن عبيد هللا والزبير بن العوام وقاتلوا عليا ،فكانت وقعة الجمل سنة 39هـ ،وظفر علي على مقاتليه بعد أن بلغ عدد القتلى في الفريقين عشرة آالف ،ثم كانت وقعة صفين سنة 37هـ وخالصة خبرها أن عليا عزل معاوية بن أبي سفيان من والية الشام يوم ولي الخالفة ،ولم يأخذ برأي من أشار عليه بالتريث ،فعصاه معاوية فاقتتال مئة وعشرة أيام .ولما رأى معاوية أن النصر اقترب من علي أشار عليه عمرو بن العاص برفع المصاحف وطلب التحكيم، فحكم علي أبا موسي األشعري وحكم معاوية عمرا بن العاص .وقد اجتمع الحكمان بأذرح من أعمال الكرك واتفقا سرا على خلع علي ومعاوية وعلى رد األمر للمسلمين ،يختارون من يشاؤون ،وأعلن أبو موسى ذلك وخالفه عمرو فأقر معاوية وعزل عليا ،فافترق المسلمون ثالث فرق :األول بايع معاوية وهم أهل الشام والثاني حافظ على بيعته لعلي ،والثالث اعتزلهما ونقم على علي رضاءه بالتحكيم ،فقد أنكر هذا الفريق أن يحكم علي الرجال في حقه بالخالفة ،فهو صاحب هذا الحق ،وليس له أن يتنازل عنه ويحكم الرجال فيه ،فهو حق هلل ال يحل فيه التحكيم ،وقد جادلهم علي وذكرهم أنهم هم الذين أرغموه على قبول التحكيم حين سئموا القتال ،وكانت وقعة النهروان بينه وبينهم (سنة 31هـ) وفيها قضى على كثير منهم وتفرق من بقي حيا يدعون لمذهبهم الذي عرفوا به وهو ( الخوارج ) ،كما دعوا أيضا بالحرورية نسبة إلى ( حروراء ) التي تجمعوا فيها وأعلنوا فيها خروجهم على علي ،وكان منهم جماعة من كبار الصحابة ،ويسمون أيضا بالشراة ألنهم شروا أنفسهم وابتاعوا آخرتهم بدنياهم .أقام علي بعد ذلك بالكوفة وجعلها دار الخالفة إلى أن قتله عبد الرحمن بن ملجم الخارجي في مؤامرة يوم 17رمضان سنة 81هـ ،واختلف في مكان قبره ،وكان عمره يوم قتل 93سنة .روى عن النبي ملسو هيلع هللا ىلص فأكثر ،وروى عنه بنوه الحسن والحسين ودمحم ( ابن الحنفية منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
) وروى عنه الصحابة وكثير من التابعين.
مشروع الدستور اإلسالمي يمثل نموذج دستور اإلسالمي المقترح من قبل علماء األزهر ومجمع البحوث اإلسالمية مرجعية علمية رئيسية في كل عمليات صنع وتطوير دساتير الدول والشعوب العربية طالما تنوي أن تتخذ العقيدة اإلسالمية مصدرها الرئيس في التشريع كمبدأ يدون في الدستور. وقد تم إقرار هذا الدستور بموجب قرار األزهر قم 02لسمة 0591م. وفي تقديري يعد هذا المشروع (دستور اتحادي) ،يجعل في إمكان األمة العربية اإلسالمية أن تؤسس عليه دستورها الفرعي الوضعي ،الذي يوحد الدول العربية بأشكال ثنائية ومتعددة ودستورية ،وبما يحقق تكامل السيادة العربية اإلسالمية ومصالحها ومصيريها ..وليس منظمات إقليمية لها ميثاقها الخاص ومقاصدها وتبعيتها الدولية. كما يفيد في تحديد مبدأ أساسي وهو ضرورة مشاركة واختصاص علماء الشرعية في اللجنة التأسيسية للدستور ،من أجل استكمال على السلطات الشرعية وهي المنتخبة والمبايع لها بالسلطات التشريعية والقضائية .وقد حدد الخطوات وهي مؤتمر عام ضم األزهر ومجمع البحوث اإلسالمية بشأن التوصيات ،ثم تكليف لجنة الدستورية بمجمع البحوث ،ثم الخروج بتشكيل لجنة عليا تضم علماء من اللجنة وشخصيات العلماء المستقلين ،ثم تشكيل لجنة فرعية للدراسة والبحث وإعداد مشروع الدستور ورفعه للجنة العليا ،ثم أحالته األمانة العامة لمجمع البحوث اإلسالمية ألمانة المؤتمر من أجل عرضه في المؤتمر اإلسالمي التاسع بناء على توصيات المؤتمر الثامن ..وبذلك ال يصح من اإلرادة الشعبية والسياسية المسلمة أن يترك مثل هذا الجهد التاريخي السياسي أن يذهب سدى وال يوظف لمصلحة الدول والشعوب العربية المسئولة. وفي تقديري مجرد مادة 2ومادة 3كافية بما يعزز قيام نظام اتحادي للدولة العربية بشكل مرن جدا، وبرؤية مسئولة وبصيرة مستنيرة بحيث يضم الدستور كافة الدول العربية وشعوبها ،بشكل متعدد أو ثنائي ،مما يؤدي مع الزمن تطور الفكر السياسي والشعبي ،وبناء التصور الكامل المواكب للظروف الزمنية والمكانية والكونية. كما أنه كلما جعلت اللجان التأسيسية بالدول العربية مثل هذا المشروع جزء من مرجعيتها فأنها بذلك تضيف إلي شرعيتها الرسمية أو الشعبية شرعية عمى وهي القيام بواجب األمانة الدينية والمقاصد الربانية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وهذا الدستور هو في انتظار إرادة الشعوب العربية لتقره ،أو تأخذ منه ما يجعل دساتير األقطار العربية متوافقة تحقق األمة وحدتها التكاملية وقوتها اإلستراتيجية (المصيرية) الالزمة. ومن هنا ندرك وجوب وجود من يمثل العلوم الدينية بكفاءة في المجاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية والمدنية ضمن اللجنة التأسيسية للدستور وتعديالته. كما أن هذا النموذج يبين مدى توافقية ومواكبة هذا الدين القويم في كل القيم العلمية والتطورات اإلنسانية والحياتية المتعددة ،فقد أتبع نظام المكونات والعناصر التي أشرنا في المبحث 8من هذا الكتاب. وتم إصدار الدستور بهذه المقدمة المفيدة في تحديد مصدر شرعيته الفقهية: مقدم هذا الدستور من األمانة العامة لمجمع البحوث اإلسالمية ،حيث: -0جاء في قرارات وتوصيات المؤتمر الثامن لمجمع البحوث اإلسالمية الذي انعقد بالقاهرة في ذي القعدة سنة 0359هـ الموافق أكتوبر سنة 0599م (( يوصي المؤتمر أن يقوم األزهر ومجمع البحوث اإلسالمية بصفة خاصة بوضع دستور إسالمي ليكون تحت طلب أية دولة تريد أن تأخذ بالشريعة اإلسالمية منهاجا ً لحياتها ،ويرى أن تؤخذ في االعتبار عند وضع هذا الدستور أن يعتمد على المبادئ المتفق عليها بين المذاهب اإلسالمية كلما أمكن ذلك )) . -2تنفيذا ً لهذه التوصية قرر مجلس مجمع البحوث اإلسالمية بجلسته المنعقدة في 00من المحرم سنة 0599م إسناد وضع هذا المشروع إلى لجنة األبحاث الدستورية اإلسالمية بالمجمع ،على أن يدعى لهذه اللجنة الشخصيات التي يمكن أن تسهم في وضع هذا المشروع . -3بناءا ً على ذلك قام فضيلة اإلمام األكبر الدكتور عبد الحليم محمود شيخ األزهر ورئيس مجمع البحوث اإلسالمية بتأليف لجنة عليا بجانب السادة أعضاء لجنة األبحاث الدستورية بالمجمع من نخبة من كبار الشخصيات المشتغلين بالفقه اإلسالمي والقانون الدستوري لتتولى هذه المهمة . -8قررت اللجنة العليا المشار إليها عند اجتماعها برئاسة فضيلة اإلمام األكبر شيخ األزهر تأليف لجنة فرعية منبثقة عن اللجنة العليا تقوم بوضع الدراسات والبحوث وإعداد مشروع هذا الدستور على أن يعرض بعد انجازه على اللجنة العليا . -9تابعت اللجنة الفرعية اجتماعاتها أسبوعيا بصفة دورية حتى انتهت من إعداد المشروع ووضعه في صيغته النهائية ثم رفعته إلى اللجنة العليا . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفيما يلي نص مكونات وعناصر الدستور اإلسالمي: يتضمن هذا المشروع تسعة أبواب (مكونات) وهي تحتوي على ثالث وتسعين مادة مفصلة )عنصر) ،وهي تمثل في تقديرنا قواعد كلية ثابتة يمكن توظيفها بشكل واسع ،وخاصة إذا ما أتبعت الدساتير نفس التركيبة المشار إليها في هذا الكتاب والمتبعة بهذا الدستور اإلسالمي ،مما يسهل على المواطن أن يستوعب ويستجيب إيجابيا ويتفاعل بجدارة ،وتضمن هذا الدستور ،المكونات أو األبواب التالية:
الباب األول :مكون األمة اإلسالمية ،ويبين أربعة عناصر أو قواعد أسياسية لمواد الدستور. الباب الثاني :مكون نظام المجتمع ،ويتضمن 13عنصر. الباب الثالث :مكون نظام االقتصاد ،ويتضمن 11عناصر. الباب الرابع :مكون الحقوق والحريات الفردية والعامة 16 ،عنصر أو مادة. الباب الخامس :مكون رئاسة الدولة أو ما يطلق عليها "اإلمامة" 17 ،مادة أو عنصر. الباب السادس :مكون السلطة القضائية 23 ،مادة الباب السابع :مكون الشورى والرقابة وسن القوانين مادتان الباب الثامن :مكون الحكومة أو السلطة التنفيذية ،مادتان الباب التاسع :مكون أحكام عاملة انتقالية 7مواد.
بسم هللا الرحمن الرحيم الباب األول :مكون األمة اإلسالمية األمة اإلسالمية مادة :0 /المسلمون (والعرب) أمة واحدة ،والشريعة اإلسالمية مصدر كل تقنين ( .والتقنين هي عملية صنع القوانين وهذا تفيد بأنها روح القانون وليس بالضرورة لفظه ومجاله ). مادة : 2 /يجوز أن تتعدد الدول في األمة اإلسالمية (والعربية) وأن تتنوع أشكال الحكم فيها . مادة : 3 /يجوز للدولة أن تتحد مع دولة إسالمية (أو عربية) فأكثر في الشكل الذي يتفق عليه . مادة : 8 /يقوم الشعب بمراقبة اإلمام وأعوانه وسائر الحكام ومحاسبتهم وفق أحكام الشريعة اإلسالمية . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الباب الثاني مكون نظام المجتمع "اإلسالمي" مادة : 9 /التعاون والتكامل أساس المجتمع . مادة : 9 /األمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض ويأثم من يقصر فيه مع القدرة عليه . مادة : 9 /األسرة أساس المجتمع ،قوامها الدين واألخالق وتكفل الدولة دعم األسرة وحماية األمومة ورعاية الطفولة وتهيئة الوسائل المحققة لذلك. مادة : 1 /حماية األسرة واجب الدولة بالتشجيع على الزواج وتيسير أسبابه المادية باإلسكان والمعونات الممكنة وتكريم الحياة الزوجية وتهيئة الوسائل لحسن تبعة المرأة لزوجها وخدمة أوالدها واعتبار العناية باألسرة أول واجباتها . مادة : 5 /العناية بسالمة األمة وصحة األفراد واجب الدولة ،وعليها توفير الخدمات الطبية المجانية للمواطنين من وقائية وعالجية . مادة : 01 /طلب العلم فريضة والتعليم واجب الدولة وفقا ً للقانون . مادة : 00 /التربية الدينية منهج أساسي في جميع مراحل التعليم . مادة : 02 /تلتزم الدولة بتعليم المسلمين األمور المجمع عليها :من الفرائض ،وتدريس السيرة النبوية ،وسيرة الخلفاء الراشدين ،دراسة وافية على مدار سنوات التعليم . مادة : 03 /تلتزم الدولة بتحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم للمسلمين في سنوات التعليم حسب أنواع الدراسة ،كما تنشئ معاهد خاصة بالقرآن الكريم لتحفيظه لغير الطالب ،وتطبع المصحف الكريم، وتيسر تداوله . مادة : 08/التبرج محظور ،والتصاون واجب ،وتصدر الدولة القوانين والقرارات لصيانة الشعور العام من االبتذال وفقا ًً ألحكام الشريعة اإلسالمية . مادة : 09 /اللغة العربية اللغة الرسمية ،والتاريخ الهجري واجب ذكره في المكاتبات الرسمية . مادة : 09 /الوالية العامة منوطة بمصلحة الرعية؛ وخاصة حماية الدين والعقل والنفس والمال والعرض . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مادة : 09 /ال يكفي أن تكون الغايات مشروعة ،بل يجب في جميع الحاالت أن تكون الوسائل مطابقة ألحكام الشريعة اإلسالمية .
الباب الثالث مكون نظام االقتصاد "اإلسالمي" مادة : 01 /يقوم االقتصاد على مبادئ الشريعة اإلسالمية بما يكفل الكرامة اإلنسانية والعدالة االجتماعية ويوجب السعي في الحياة بالفكر والعمل ويحمي الكسب الحالل . مادة : 05 /حرية التجارة والصناعة والزراعة مكفولة في حدود الشريعة اإلسالمية . مادة : 21 /تضع الدولة خططا ً للتنمية االقتصادية وفقا ً للشريعة اإلسالمية . مادة : 20 /تقاوم الدولة االحتكار وال تتدخل في األسعار إال للضرورة . مادة : 22 /تشجع الدولة على تعمير الصحراء وتوسيع رقعة األرض المنزرعة . مادة : 23 /ال يجوز التعامل بالربا أخذاً ،أو عطا ًء ،أو أن يستر أي تصرف معاملة ربوية . مادة : 28 /للدولة ملكية ما في باطن األرض من المعادن والخامات وغيرها من الثروات الطبيعية . مادة : 29 /كل مال ال مالك له يكون ملكا ً لبيت المال ،وينظم القانون طريقة تملك األفراد له . مادة : 29 /تصرف الدولة الزكاة التي يقدمها إليها األفراد في مصارفها الشرعية . مادة : 29 /الوقف على الخيرات جائز ،ويصدر قانون بتنظيمه من جميع النواحي .
الباب الرابع الحقوق والحريات الفردية مادة : 21 /العدل والمساواة أساس الحكم ،وحقوق الدفاع والتقاضي مكفولة ،وال يجوز المساس بها . مادة : 25 /االعتقاد الديني والفكري وحرية العمل وإبداء الرأي بالقول والكناية أو غيرهما وإنشاء الجمعيات والنقابات واالنضمام إليها والحرية الشخصية وحرية االنتقال واالجتماع كلها حقوق طبيعية أساسية تكفلها الدولة في حدود الشريعة اإلسالمية . مادة : 31 /للمساكن والمراسالت والخصوصيات حرمة والتجسس محظور ،ويحدد القانون ما َي ِّردُ على هذه الحرمة من قيود تمارسها الدولة في جرائم الخيانة العظمى ؛أو الخطر الداهم ،وال تكون تلك الممارسة إال بإذن قضائي . مادة : 30 /حق التنقل داخل البالد وخارجها مباح ،وال يُمنع المواطنون من السفر إلى الخارج ،وال نفي المواطنين . إلزامهم البقاء في مكان دون آخر إال بحكم قضائي؛ يبين القاضي أسبابه ،وال يجوز ُ مادة : 32 /تسليم الالجئين السياسيين محظور ،وينظم تسليم المجرمين العاديين باتفاقات مع الدول منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المعنية . مادة : 33 /تعذيب األشخاص جريمة ،وال تسقط الجريمة أو العقوبة طول حياة من يرتكبها،ويلتزم فاعلها أو الشريك فيها بالمسئولية عنها في ماله ،فان كان بمساعدة موظف أو بموافقته أو بالسكوت عنها فهو شريك في الجريمة جنائيا ً ،ومسئول مدنياً ،وتسأل معه الحكومة بالتضامن . مادة : 38 /يعاقب بعقوبة التعزير الموظف الذي تقع في اختصاصه جريمة تعذيب علم بها ولم يبلغ السلطات المختصة عنها . مادة : 39 /ال يطل[ يهدر] د ٌم في اإلسالم ،وعلى الدولة تعويض المستحقين من قتلى ال يعرف ف ولم يوجد لديه ما ٌل يكفل التعويض . قاتلهم؛ أو عجزة ال يعرف من أعجزهم؛ أو ُ ع ِّر َ مادة : 39 /لكل إنسان حق تقديم الشكوى عن جريمة تقع عليه أو على غيره أو على اختالس المال العام أو تبديده . مادة : 39 /حق العمل والكسب والتملك مكفول ،وال يجوز المساس به إال بمقتضى أحكام الشريعة . مادة : 31 /للمرأة أن تعمل في حدود أحكام الشريعة اإلسالمية . مادة : 35 /تكفل الدولة حرية الملك وحقوق الملكية وحرمتها ،وال تجوز المصادرة العامة بأية أداة كانت ،أما المصادرة الخاصة فال تكون إال بحكم قضائي . مادة : 81 /ال تنزع ملكية أحد إال للمصلحة العامة؛ ومقابل تعويض كامل؛ وفقا ً ألحكام القانون المنظم لذلك . مادة : 80 /إنشاء الصحف مباح ،والصحافة حرة ،وذلك كله في حدود أحكام الشريعة اإلسالمية . مادة : 82 /للمواطنين حق تكوين الجمعيات والنقابات على الوجه المبين في القانون ،ويحظر منها ما سريا ً ذا طابع عسكري ،أو مخالفا ً بأي وجه من الوجوه ألحكام يكون نشاطه معاديا ً لنظام المجتمع؛ أو ِّ الشريعة اإلسالمية . مادة : 83 /تمارس الحقوق وفقا ً لمقاصد الشريعة .
الباب الخامس اإلمام (رئاسة الدولة) مادة : 88 /يكو ن للدولة إمام ،وتجب الطاعة له ،وإن خولف في الرأي . أمر مقطوعٍ بمخالفته للشريعة . مادة : 89 /ال طاعة لمخلوق في معصية الخالق ،وال لإلمام في ٍ مادة : 89 /يبين القانون طريقة البيعة العامة في اختيار اإلمام ،على أن تتم البيعة العامة تحت إشراف القضاء ،وتكون البيعة باألغلبية المطلوبة ألصوات المشتركين في البيعة . مادة : 89 /يشترط للمرشح لرئاسة الدولة :اإلسالم ،والذكورة ،والبلوغ ،والعقل ،والصالح ،والعلم بأحكام الشريعة اإلسالمية . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مادة : 81 /يتم تعيين اإلمام ببيعة عامة من جميع طبقات األمة طبقا ً للقانون ،ويجوز للمرأة أن تطلب االشتراك في االنتخاب متى استوفت شروطه ،وتمكن من االنتخاب . مادة :85 /ال جناح على من أبدى رأيه ضد البيعة لإلمام قبل تمامها. مادة : 91 /ألصحاب الحق في البيعة عزل اإلمام متى تحقق سببه ،وبالطريقة التي يبينها القانون .مادة : 90 /يخضع اإلمام للقضاء ،وله الحضور أمامه بوكيل عنه . مادة : 92 /يتمتع رئيس الدولة بكافة الحقوق التي يتمتع بها المواطنون ،ويلتزم بما يلتزمون به، وتسري في حقه األحكام المالية التي يحددها القانون . مادة : 93 /ال تجوز الوصية لإلمام ،أو الوقف عليه ،أو على أقاربه حتى الدرجة الرابعة ،إال أن تكون وصية ممن يرثه اإلمام ،كما ال يجوز لإلمام أن يشتري أو يستأجر شيئا ً من أمالك الدولة أو أن يبيع أو يؤجر شيئا ً من أمالكه إليها . مادة : 98 /الهدايا لإلمام (المسئول) غلول ،وما يتم منها يضاف إلى بيت المال . مادة : 99 /اإلمام (المسئول) قدوة للرعية في العدل واإلحسان والعمل الصالح وهو يشارك غيره من أئمة المسلمين في كل ما يهم الجماعة اإلسالمية ،كما يبعث بعثا ً للحج كل عام يشارك به في مؤتمرات المسلمين الرسمية وغير الرسمية . مادة : 99 /اإلمام (رئيس الدولة أو من يعين بالتناوب وليس بصفة مستمرة رئاسة أركان الجيوش) مسئول عن قيادة جيشه لجهاد العدو ،وحفظ الثغور ،وتراب الوطن ،وإقامة الحدود ،وعقد المعاهدات بعد إقرارها . مادة : 99 /اإلمام مسئول عن تمكين األفراد والجماعة من األمر بالمعروف والنهي عن المنكر والفرائض . ُ غيره تعيين الموظفين من غير مادة : 91 /يعين اإلمام موظفي الدولة ،ويجوز أن يُخ َِّو َل القانون َ المستويات العليا . مادة : 95 /العفو عن الجرائم فيما عدا الحدود ال يكون إال بقانون ،ولإلمام (رئيس الدولة) العفو عن عقوبات الجرائم في ظروف خاصة فيما عدا عقوبات الحدود والخيانة العظمى . مادة : 91 /لإلمام عند الضرورة اتخاذ تدابير استثنائية يبينها القانون إذا قامت قالقل أو قام ما ينذر بحدوث قالقل أو تهديد كيان الدولة أو حرب أهلية أو حرب مع إحدى الدول ،على أن يعرضها على المجلس النيابي خالل أسبوع من اتخاذها ،وإذا لم يكن قد تم انتخاب المجلس فيدعي المجلس القديم، وتبطل هذه التدابير إن لم يتبع فيها هذا اإلجراء ،ويصدر قانون بتنظيم هذه التدابير االستثنائية، واآلثار المترتبة عليها ،والجهات المختصة باتخاذها ،وكيفية تسوية اآلثار المترتبة عليها في حالة عدم إقرارها .
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الباب السادس السلطة القضائية (القضاء اإلسالمي) مادة : 90 /يحكم القضاء بالعدل وفقا ً ألحكام الشريعة اإلسالمية . مادة : 92 /الناس سواسية أمام القضاء وال يجوز تمييز أحد أو فئة بمحاكم خاصة . مادة : 93 /ال يجوز إنشاء محاكم خاصة أو حرمان صاحب قضية من قاضيه الطبيعي . مادة : 98 /ال يجوز منع القضاء من سماع الدعوى ضد اإلمام أو الحاكم . مادة : 99 /تصدر األحكام وتنفذ باسم هللا الرحمن الرحيم ،وال يخضع القاضي في قضائه لغير الشريعة اإلسالمية . مادة : 99 /تنفيذ األحكام مسئولية الدولة ،واالمتناع أو التراخي في تنفيذها جريمة يعاقب عليها . مادة : 99 /تكفل الدولة استقالل القضاء ،والمساس باستقالله جريمة . مادة : 91 /تختار الدولة للقضاء أصلح المؤهلين له من الرجال ،وتُيَسِّر أداءه لعمله . مادة : 95 /يشترط في جرائم الحدود أن يحضر المتهم المحاكمة وأن يحضر معه محام يختاره هو أو تندبه الدولة إن لم يختر هو محاميا ً . مادة : 91 /مجلس القضاء علني ،وللعامة حضوره ،وال يجوز جعله سريا ً إال لضرورة شرعية . مادة : 90 /توقيع عقوبات الحدود الشرعية في جرائم الزنا والقذف والسرقة والحرابة وشرب الخمر والردة . مادة : 92 /يحدد القانون التعزيرات التي يوقعها القاضي في غير جرائم الحدود . مادة : 93 /يبين القانون أحكام القسامة ،وال يجوز أن تجاوز المسئولية المدنية مقادير الديات . مادة : 98 /يبين القانون شروط قبول التوبة وأحكامها . مادة : 99 /ال يحكم باإلعدام في جناية إال إذا امتنع الصلح أو عفو ولي الدم . مادة : 99 /يجوز التصالح في القصاص على أكتر من الدية . مادة : 99 /يجوز أن تتساوى المرأة والرجل في الدية . مادة : 91 /شروط القصاص في الجروح التماثل الكامل ،وكمال اليقين بذلك للقاضي . مادة : 95 /الجلد هو العقوبة األساسية في التعزيرات ،والحبس محظور إال في جرائم معدودة ،ولمدة محدودة يبينها القاضي . مادة : 11 /ال يجوز إذالل المحبوس أو إرهاقه أو اإلساءة إلى كرامته . مادة : 10 /تنشأ محكمة دستورية عليا تختص بالفصل في مدى مطابقة القوانين واللوائح ألحكام الشريعة اإلسالمية وأحكام هذا الدستور ،ويحدد القانون اختصاصاتها األخرى . مادة : 12 /ينشأ ديوان للمظالم يحدد القانون تشكيله واختصاصاته ومرتبات أعضائه . منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الباب السابع الشورى والرقابة وسن القوانين مادة : 13 /يكون للدولة مجلس للشورى يمارس االختصاصات اآلتية : ( ) 0سن القوانين بما ال يتعارض مع أحكام الشريعة اإلسالمية . ( ) 2اعتماد الموازنة السنوية للدولة وحسابها الختامي . ( ) 3ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية . ( ) 8تقرير مسئولية الوزارة عن أعمالها وسحب الثقة بها عند االقتضاء . مادة : 18 /يحدد القانون شروط االنتخاب ،وطريقة إحداثه وشروط العضوية ،وذلك على أساس من الشورى على وجه يكفل مشاركة كل بالغ عاقل حسن السمعة في إبداء رأيه ،وكذلك كيفية معاملة أعضاء المجلس من الناحية المالية ،ويضع المجلس الئحته الداخلية .
الباب الثامن السلطة التنفيذية (الحكومة أو رئاسة الوزراء) مادة : 19 /تتولى الحكومة مسئولية إدارة شئون الحكم وتحقيق المصالح الشرعية المعتبرة وتكون مسئولة أمام اإلمام (رئيس الدولة). مادة : 19 /يحد القانون شروط تعيين الوزراء واألعمال المحظورة عليهم أثناء تولي مناصبهم ، وطريقة محاكمتهم عما يقع منهم في عملهم .
الباب التاسع أحكام عامة وانتقالية مادة : 19 /مدينة ( ) .......حاضرة البالد بكل منها . مادة : 11 /يبين القانون علَ َم الدولة ،وشعارها ،ويحدد األحكام الخاصة ٍ مادة : 15 /تسري القوانين على ما يقع من تاريخ نفاذها ،وال تسري بأثر رجعي إال فيما تنص عليه ،ويلزم لذلك موافقة ثلثي أعضاء المجلس النيابي ،وال تجوز الرجعة في المسائل الجنائية . مادة : 51 /تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خالل أسبوعين من يوم إصدارها ،ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إال إذا حدد لذلك ميعاد آخر . مادة : 50 /لكل من اإلمام والمجلس النيابي طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ،ويجب أن يذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها ،واألسباب الداعية إلى هذا التعديل ،فإذا كان الطلب منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
صادرا ً من المجلس النيابي وجب أن يكون ُم َوقَّعا ً عليه من ثلث أعضاء المجلس على األقل . وفي جميع األحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل ،ويصدر قرارا ً في شأنه بأغلبية ثلثي أعضائه ،فإذارفض الطلب فال يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل مضي سنة على هذا الرفض . وإذا وافق المجلس النيابي على مبدأ التعديل يناقش بعد شهرين من تاريخ هذه المرافقة الموادالمطلوب تعديلها ،فإذا وافق على التعديل ثلثا أعضاء المجلس عرض على األمة الستفتائها في شأنه ، فإذا وافق على التعديل اعتبر نافذا ً من تاريخ إعالن نتيجة االستفتاء . مادة : 52 /كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى صحيحا ً ونافذا ً ، ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا ً للقواعد واإلجراءات المقررة في هذا الدستور ،فإذا كانت مخالفة ألحكام الشريعة اإلسالمية وجب إلغاؤها واستبدالها بغيرها . مادة : 53 /يعمل بهذا الدستور من تاريخ إعالن موافقة األمة عليه في االستفتاء .
*
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مبحث 8
االستنتاج العام الحظ ان مشروع الدستور االسالمي انتهج نفس منهجية المكونات وجاء بدستور على الهيئة او التركيبة والصياغة المعاصرة ،بحيث تخاطب الشعوب العربية واإلسالمية نظريتها من جميع االديان بلغة العلم وبأسلوب العصر ،وال غرابة في تكيف االسالم مع كل تطور علمي وحضاري ومع كل مقتضيات ومتطلبات العصور. والشيء الثاني الذي ينبغي مالحظته هو ان المقصود بنظام الخالفة هو االتحاد المركزي.. والدليل هو ان نقول ال نريد نظام خالفة ولكن دعوا الشعوب العربية تمارس حقها في تكوين اتحاد مركزي ،وال نقول يجمع الدول اإلسالمية ،بل نقول ففقط جزء من الدول العربية. ولذلك فان الدفاع االكبر والكفاح االعظم هو هذا الدفاع والكفاح السلمي من اجل اتحاد عربي دستوري حضاري إنساني عالمي علمي وطني تنموي. استنتاج :0الدستور عقد تأسيس والقوانني املكملة متثل النظام الداخلي الدستور هو عقد تأسيس الدولة ،والدولة منظمة كبرى أو أم المنظمات باعتبارها غير ربحية ويتوالد عنها جميع منظمات ونشاطات المجتمع. فكل مؤسسة أو شركة يساهم في ملكيتها عدة أفراد ،البد لها من قانون تأسيس ونظام داخلي ،يفصل المالك عن اإلدارة ،بحيث تقاد الشركة بنظام علمي وأداء فعال وكفاءة في تحقيق النتائج المستهدفة. والقوانين المكملة توصف التنظيم الداخلي وكافة اللوائح التنفيذية المطلوبة. وكما أن المواطن معني بتعلم عقود تأسيس الشركات ولوائحها ،فهو كذلك معني بتعلم الدستور والقوانين المكملة ،ألن منظمته الخاصة تتفاعل داخل هذه المنظمة الكبرى ،وفعاليتهما مشتركة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ويحدد الدستور كيفية ممارسة السلطات الخمسة :التشريعية ،والقضائية ،والتنفيذية ،والشورى، والصحافة. وإرادة الشعب هي مصدر كافة السلطات ،وتحدد مدى تداخلها ومسئولة عن تفاعلها وفعاليتها. والسيادة هي مصدر شرعية ممارسة السياسة. وال يتنازل الشعب عن سيادته لحاكم أو إيديولوجية أو أي نظام سياسي ،وإنما يتنازل عن سيادته للدستور ،الذي تولد من خالله دولة شرعية كاملة السيادة ومقيدة السلطة ،وتصبح الدولة شرعية ذات سيادة شرعية أو قانونية. ويصبح الدستور مصدر اإلرادة السياسية. وتصبح السلطات مقيدة بإرادة لشعب الحرة والواسعة والواعية. ويعتبر الدستور هو أساس انبعاث مؤسسات الدولة ،وأساس تقسيمها اإلداري ،وأساس سيادتها. والبد من معرفة حقيقة تاريخية ،وظاهرة إنسانية ال مفر منها ،وهي وجود إرادتين :اإلرادة الشعبية مصدر الشرعية ،وإرادة سياسية مصدر السياسات العامة. والبد من تفاعل متوازن بينهما ،في قوة التسيير والتغيير ،لتحفظ الدولة سيادتها القانونية وشرعيتها الشعبية. وسوف نطرح في هذا الفصل ،نظرية التفاعل االستبدادي بين السلطة والمجتمع ،والتفاعل الديمقراطي بين السلطة والمجتمع. لكي يتعرف كل مواطن ومهتم ومختص ،على تفاعل وعالقات األبعاد المتضادة ،حيث الدستور مضاد باإليديولوجية ،والتعديدية مضادة بالحزب الواحد ،واالنتخابات مضادة باالستبداد. ومن جانب أخر ،فإن الدستور هو عقد شامل ،يصف مقومات نظام الدولة ،ومقومات نظام المجتمع، ومقومات النظام االقتصادي ،ومقومات أسلوب الحكم أي كيفية وضوابط ممارسة السلطات الخمسة. ويطلق عليه ،العقد االجتماعي ،أي يبرمه كل أفراد المجتمع ،فيتفقوا معا على القواعد الكلية التي تضبط حقوقهم ،وتحدد واجباتهم ،وتحمي حرياتهم ،وتحفظ كرمتهم ،وتنمي بالدهم ،وتحقق التبادل السلمي والقانوني والفعال في تبادل السلطات منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حيث ظاهرة الصراع على السلطة واالستيالء عليها تعتبر جريمة تاريخية ووطنية كبرى ال تغتفر، ألنها تهوي بالشعوب إلي هوة الهالك والعيش في الظلمات واالنحطاط الشامل ،والضعف المخزي وحياة الظلم والذل والكذب والتملق والنفاق ،فيضيع حق الشعوب في تقرير مصيرهم ،بسبب أكابر المجرمين واحتاللهم السلطة بقوة السالح أو الخداع والتأمر. فالدستور يحمي مصير األجيال ،وعلى الشعوب حمايته في كل حاضر ،فهذه أعظم وأشرف األمانات ،تميز الشريف عن الدنيء ،وتظهر طهارة اإلنسان الوطني عن براثن كل خائن. والدستور هو ما يحدد معالم العضوية للكيان السياسي الحاكم ،وهنه تنبثق روح السياسات العامة. وهذه السياسات العامة هي المظلة التي يتعايش الناس ويتفاعل الناس تحتها ،وبقدر فعاليتها تتحقق مصالحهم وتصان مصائرهم وتنتج سعادتهم ويتجسد السلم االجتماعي واألمان السياسي. وانطالقا من كل ما ورد في الكتاب :نستخلص القواعد السياسية التالية: .0ليس هناك دولة شرعية بدون دستور حقيقي وتفصيلي .2الدستور هو كيان الدولة وروح السلطات .3اإلرادة الحرة والواسعة والواعية تصنع أفضل الدستور في وطنيته ،وإنسانيته ،وحضارته. .8تصان مصائر الشعوب بقدر قدرتها على حماية دستورها. .9سيادة القانون هي روح الديمقراطية ،وتكون حقيقة عندما سيادة ناضجة وحضارية عندما تحقق توازن مستقر ودائم بين اإلرادة والقوة السياسية وبين القوة واإلرادة االجتماعية. .9التعددية الحزبية الوطنية أساس الممارسة الديمقراطية .9الشعوب التي ال تعتز وتفتخر بدستورها هي شعوب غير خائبة وغير متحضرة. .1عندما يلغى الدستور الشرعي ،بالقوة أو عن طريق التحريف والخداع والتضليل المتدرج، فتكون الشعوب قد خرجت من سعة الحياة الكريمة ،إلي ضيق العيش المهين. .5الشعوب التي ال تدرس دستورها الشرعي في مدارسها ،وال تعيش نفوسها وأسرها في ظله، هي شعوب أسيرة الجهل ومقيدة بسالسل التخلف ،وهي في حاجة ماسة لصحوتها الدينية والوطنية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
.01هناك نوعان من الدساتير ،ال غير ،دستور شرعي ،وهي ال تختلف عن بعضها ،إنما تختلف في الترتيب وكيفية الصياغة ،ولكنها روحها واحدة .وهناك دساتير غير شرعية ،وهي زائفة، ومتعددة ،وكاذبة ليس لها صيغة واحدة ،وقواعد ثابتة ،وحقيقة هذه القاعدة سوف نالحظها عندما تكون الدساتير فهي ال تخشى مثل هذا الكتاب ،وال تخشى حرية الرأي ،وتتفاعل مع كل الدساتير والقواعد السياسية الكلية والمفاهيم العلمية من أجل تحقيق الشرعية المثلي والفاعلية العامة القصوى .وكل دستور سائد وهو غير شرعي فهو باطل وليس له القدرة على التفاعل مع قيم الحق والقيم الحقيقية والقواعد السياسية السليمة. استنتاج :2العقل اجلماعي روح الدستور والتقدم الدستور هو "قانون تجسيد إرادة الشعب" وهو عقد تأسيس الدولة وتحديد أساس تنظيمها وأسلوب الحكم الشرعي فيها. وهو وليد التطور الفكري ونتاج التجارب التاريخية والتحليل السياسي السليم. ويعبر عما وصلت إليه الشعوب من توافق فكري ومستوى عقلي وتجانس اجتماعي و وعي مصيري. فالشعوب دائما تنال قدرها في الحياة بقدر عقلها الجماعي ،collective mindوتنتج نظام حياتها بقدر إرادتها معا في العيش بكرامة وحرية وإنسانية. فالدستور وثيقة تاريخية تعبر عما وصلت إلي العقل الجماعي في مرحلة ما من التاريخ ،ليقتدي األجيال ويفتخر بفكر األجداد ويسترشد بحكمتهم من التاريخ وحنكتهم من تجارب سياستهم الوطنية. حيث تختزن العقول من تجاربها ما يعكس مدى تطورها ،وبقلم الوعي وببحر من مداد الوطنية واإلنسانية والمسئولية تسطره وتصونه الشعوب للتاريخ واألجيال. ومفهوم "سلطة الشعب" هو مخادعة سياسية وليس علمي وإنما يؤدي إلي حياة غوغائية ،تضيع فيها الحقوق وتفسد فيها أداء الواجبات وتنحط القيم االجتماعية واالقتصادية والثقافية. فممارسة السلطات بشرعية يحتاج إلي آلية قانونية. وهذه اآللية تجسد وتخدم إرادة الشعب. فال دولة بدون دستور وال ديمقراطية بدون إرادة شعب حرة و وعي حقيقي وتعديدية حزبية مسئولة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
والدستور هو أعظم مشروع وطني وحضاري وإنساني يورثه األجداد لألحفاد والرجال لألجيال، لتعلوا به الهمم كالجبال تصنع األمجاد وتمارس سيادته كاملة وتحقق إرادتها بكرامة وحرية وعدالة. فهذا الكتاب ينضوي ببساطة كل ما يريده كل فرد حاضرا ومستقبال من أجل صنع دستوره الكامل ومن معرفة روح الدساتير بما يمكنه من تقييم كافة الدساتير العالمية ،فالدستور هو محرك النهضة وهو أساس إدارة الدولة وهو روح الحقوق والوجبات واالختصاصات والمؤسسات ويتطور بدقة فائقة ومرونة بليغة مع تطور الفكر اإلنساني عبر األجيال ..فالبد أن يكون واقعي وفعال في كل زمان ومكان من أجل جعل الدولة دائما في خدمة اإلنسان ،وجعل السلطات هي مسألة إدارية وكل مسئول في الدولة هو موظف لدي الشعب ..يخضع بدقة لجميع مبادئي الدستور ..وفي نناقش صناعة الدستور واألحزاب واالنتخابات ،وهما في تقديرنا ثالوث الديمقراطية القانونية ،ونبين ألول مرة عالقة اإلسالم بالدستور على أساس فصل السلطات الخمسة ونظام رئاسي-برلماني نيابي مختلط متكامل مع وضع أسس القوانين العشرة المكملة له ..ونتبع في ذلك منهجية جديدة وهي تحديد المكونات والعناصر وتفسيرها سياسيا مما يمكن الصياغة القانونية األمينة ..وكل ذلك من أجل بيان أساس إدارة الدولة الحديثة ..فالدستور وقوانينه المكملة تصنع شجرة الدولة ،ونستهدف من خالل الكتاب أن نصل بكل مواطن للمساهمة في صنع شجرة طيبة أصلها تبث وفرعها في السماء.. وكل عبارة ونص وكلمة في الدستور هي مسئولية وأمانة تاريخية ووطنية ودينية وإنسانية يتحملها كل فرد ،فرسالته في الحياة هي صنع الحرية والكرامة والعدالة والنماء والسالم واألمان ،فإذا جهل هذا األمر فقد ترك نعمة العقل والروح التي تميز اإلنسان عن الحيوان.. وهذا الكتاب هو جزء من مشروع كبير يرسم معالم النظرية المتكاملة لصنع الدولة الحديثة وممارسة الديمقراطية القانونية والسياسة الشرعية واإلستراتيجية الذهنية العربية .والحمد هللا رب العالمين. ولقد رأينا من خالل مناقشة عناصر الدستور أن الخلق الفردي إذا ما صار مطلب جماعي أصبح قيمة ،وعبر ذلك عن والدة العقل الجماعي وبدء نموه. ولن تحظى الشعوب بدستورها الكامل ولن تطال الديمقراطية الحقيقية طالما عقلها مفتت غير متجانس وبعيد عن التوافق الفكر .وهذا ما يجعل أيضا مطلب "االتحاد العربي المركزي" ،وكأنه مطلب غير واقعي ،نظرا لغياب الوعي العام بمسئولية تكوينها العقل الجماعي الواسع والراسخ. ولقد فشلت العملية التعليمية لعقود عديدة تارة إما بسبب االستعمار وإما بسبب االستبداد.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ولذلك رأينا في النظام االتحادي مبدأ حرية األقاليم ،أو الدول ،أو الواليات ،أو المقاطعات االتحادية، أن تكون لها سلطات وسياسات تعليمية وصحية لبناء اإلنسان بالوحدة اإلدارية ،ولها أيضا سلطات وسياسات دفاعية لتأخذ بمبدأ الحذر وتكون أمنة في أماكنها. فالسياسية المعاصرة هي صراع بين الخير والشر. وتحاول قوى الشر أن تسيطر على كل شيء غير قادر على أن يحمي نفسه منها ،وأن تبرر ذلك بأن تخلفه يعطيها الشرعية في تقرير مصيره بالقوة المباشرة أو الغير مباشرة حسب الضرورة. ومن األهمية بمكان أن يعي العقل الجماعي الصلة بين "السياسة" و"السيادة" وبين "اإلرادة العامة" و"السلطات والعامة" ،ويربطها بـ "الدستور -والعملية الحزبية واالنتخابية" باعتبارها آليات قانونية توفر األدوات الشرعية "الديمقراطية" الالزمة لجعل العقل الجماعي ينمو أكثر ويدير بفعالية قصوى هذه المقومات الحياتية األربعة :السياسة والسياسة واإلرادة العامة والسلطات العامة. استنتاج :3الدميقراطية آلية قانونية للحكم الشرعي الديمقراطية هي آلية قانونية من أجل ممارسة السلطات العامة. والسياسة في اإلسالم تعني إدارة الشئون العامة. وهذا يخفف كثيرا من شدة الجدل حول عالقة الدين بالدولة. حيث ال يقر اإلسالم شرعية العرش التي سادت قرون عدة في قرون عديدة ،وال يقر سلطة دينية من أجل االبتعاد كليا عن استغالل التفويض اإللهي لبشر على الناس ،وال سلطة تنفيذية لكنسية أو أي مؤسسة دينية. فاستقاللية الدين واستقاللية نظام اإلدارة والدولة أمر تخصصيان ،من الناحية العلمية والعملية ،ولكن يتدخالن interrelatedويلتحمان adheredو يتفاعالن interactingعضويا وطبيعيا من ناحية الرابط األخالقي ،الذي يمثل جهاز العصب لتحقيق المقاصد الشرعية الخمسة .فعالقة األخالق باألمور العامة كعالقة البدن بالروح .إذا اغفل جانب اهتز التوازن في كل شيء. وبهذا فإن غاية إدارة شئون الناس أو األمور العامة "اإلدارة العامة" ،هو تحقيق اإلصالح في األعمال ،والعدالة في الحقوق والوجبات ،والسعادة في عالقات األفراد والمجتمع ،ونشر ودعم السالم واألمان بين شعوب العالم. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فهو رسالة إنسانية عالمية وطنية حضارية. وهذا تم تعريف الدستور :فهو مشروع وطني حضاري إنساني بغية تحقيق العدالة والتنمية وسالمة الوطن وسعادة المجتمع. وبالتالي محاولة حرب العقيدة هو أمر غير إنساني أو أخالقي أو حضاري. العقيدة هي مصدر مكارم األخالق ،ومسئوليات األعالم أظهار هذه الحقيقة العلمية من واقع مضمون والرساالت ،وإظهار ما في التاريخ من اجتهادات خاطئة أدت إلي نزعات وفتن وعدم السالم واالستقرار. فالدين والحياة هما كالبدن والروح ،ال يمكن فصلهما عن بعض. وال يمكن تصور حياة بدون دين ،فالدين هو دستور الحياة في كل زمان ومكان ،وال فرق بين بالد وأخرى أو إنسان وغيره. وقد قال الفيلسوف البريطاني "فرنسيس بيكون" ،في طلبه من الملحدين قبوله ،حين قال لهم الحياة بدون دين تصبح ال هدف منها وتتحول إلي مهزلة. والدستور الوضعي هو اجتهاد علمي وأخالقي وإنساني ومصيري من أجل تنظيم الدول وعالقاتها ببعض ،على أسس قانونية تضبط وتقيد السلطات الزمنية المتعاقبة. نستعرض في هذه الخاتمة عالقة الفكر اإلسالمي اإلنساني بمفهوم التحررية السياسية الشرعية أي "الديمقراطية". وفي حقيقة األمر هناك جذور عميقة تغذي الفكر اإلنساني فيما يخص ممارسة الحياة السياسية الشرعية ،ويعرف مفكري اإلسالم بأن السياسة هي إدارة شئون الناس وهي عملية إصالح تامة. ويعرف التحرريون "الليبراليون" وهم مفكري الغرب الذي ظهروا منذ بزوغ فجر النهضة على أوربا في بدايات القرن الثامن عشر تحديدا ..وظهور مبدأ حق الشعب في شرعية تقرير المصير، بدال عن مبدأ حق العرش أي الملك والحاكم في تقرير مصير الشعوب كان دينيا سائد لقرون في أوربا. واهم آلية قدمها الفكر الليبرالي في شأن هذا المبدأ الذي يمثل اإلرادة الحرة للشعوب ،أي أن الشعوب لكي تقرر مصيرها البد أن تكون حرة ،و واعية حقا ،وأن الحاكم ليس مفوض ألهي. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وبذلك ظهر مفهوم "العقد االجتماعي" ..وال نريد أن نخوض في جذوره اإلسالمية ،حيث كانت أوربا تترجم وتحلل وتستنج وتطبق وتطور ما تنقله من نجاحات حضارية-إسالمية ،وقد تميزت أوربا بعقلية تحليلية تجريبية قوية وأعطتها األهمية وأعدتها أساس التقدم والتطور في كافة مجاالت الحياة. وهنا ظهر مبدأ "العلم" ال عالقة له بالسلطة الدينية المسحية. ولكي ال نغرق في التاريخ وكل يسبح في تيار لوحده ،وتبعدنا أمواج األحداث عن بعضنا ،فكثيرا ما يلتقي الناس في القاع وظلمات المحيط بسهولة ،ولكن النجاة والظهور على السطح يتطلب ركوبهم في مركب واحد متفقين مجدفين للنجاة بقوة و في اتجاه واحد وغير مختلفين. ولكي نبسط عالقة الفكر اإلسالمي اإلنساني بالديمقراطية ،نستعرض ألول مرة النظرية الثالثية لفهم الديمقراطية ،وهي تزيد من فعالية تطبيق الديمقراطية في العالم العربي ،وتحل إشكالية وجدلية والخالف حول عالقة اإلسالم بالدولة وما يتصل به من مخاوف خارجية ،كما أنه يعطي صورة كاملة عن عالقة الدستور واألحزاب واالنتخابات والمجتمع والسلطة.
استنتاج :4النظرية الثالثية لفهم الديمقراطية يرتكز تطوير الوعي السياسي بمفهوم الديمقراطية الصحيحة على تصور العالقة بين السلطة والمجتمع. وهناك نظرية المثلث-السياسي ،political-triangleوهي تتشكل من مثلثين متفاعلين ،المثلث األول وهو مثلث السلطة ،ويتكون من أضالع وهي الدستور وهو قاعدة المثلث ،والضلع العمودي وهو األحزاب السياسية ،والوتر وهو آلية الوصول للسلطة. وهناك مثلث المجتمع حيث قاعدته هي اإلرادة الشعبية ،والضلع العمودي الوعي والمشاركة السياسية ،والوتر هو حق مباشرة الحقوق السياسية في الوصول للسلطة. وفي نظرية التوازن السياسي سوف نستعرض بعض من التفاعالت السياسية ،من أجل فهم العالقة بين اإليديولوجية والدستور ،وفهم العالقة بين الديمقراطية والدكتاتورية ،وبين الشرعية واالستبداد. أردنا من خالل التمهيد السابق ذكر حقيقة تاريخية ،وهي أن للحضارة اإلسالمية ،وتحديدا دولة الخالفة الرشيدة ..وفي حقيقة األمر فهم مفكري الغرب أن الخالفة تعني التداول على السلطة أي يخلف الحاكم الذي انتهت واليته من يجمع الناس عليه كأفضل خليفة لمن سبقه .وجاء اإلسالم بنظام البيعة الخاصة والبيعة العامة وهذا ما أنار الطريق اليوم نحو االنتخاب وهو دائما على مرحليتين منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مرحلة خاصة لفرز المؤهلين من المرشحين ،والمرحلة الثانية لرضا الناس عن طريق اختيارهم ألفضل من يمثل سيادتهم. وظهرت العلمانية وهي تطالب بفصل السلطة الدينية المسحية عن السلطة الزمنية ،وعندما نجحت الليبرالية وجوهرها "الديمقراطية القانونية" في رسم تصور عصري سلمي يخدم مسألة "تداول السلطات" على أساس فهم حقيقة فهم تفاعالت مثلث السلطة ومثلث السياسة. استنتاج :5تداعيات الصراعات الدولية على الدميقراطية الشرعية من أجل فهم هذه التداعيات وتقييم أثارها وسبل معالجتها ،يلزمنا تناول جانبين هامين ،وهما: جانب التحديات الدولية التي تعيق التقدم الديمقراطي في الوطن العربي ،وتحول دون إمكانيةإنشاء اتحاد حقيقي. جانب التنظيم اإلقليمي العربي ،بحيث يتم تقيمه ومدى الحاجة إليه وحقيقة أبعاده ومعالجتها.وبدون تناول هذين الجانبين بكون صراحة وعالنية ومحاولة إعادة البناء والهيكلة الالزمة ،للخروج من المآزق السياسي الخانق إلي حرية اإلرادة العربية الشعبية والسياسية ،وإلى قوة التفكير الموحد للدفع بالتحرر والتقدم العربي دحر وفعالية التعاون الدولي. و مسألة العرب و أفــــــة اإليديولوجيات هي في غاية الخطورة. الشك أن حقبة الحرب الباردة 0551-0589خلقت تاريخا بشريا جديدا وخلفت مفاهيم وأحداث معقدة وصعبة لها تداعياتها العديدة. من أهم هذه التداعيات الصراع السياسي حول نظام الدولة ،نظام دستوري ونظام عقائدي. أي الليبرالية هي مصدر تحديد معالم اآللية القانونية للديمقراطية الحديثة .ومن خاللها رسمت مؤسسات الدولة ،وفصلت السلطات ،وترسخ تطبيق مبدأ تداول ،وكيفية ممارسة السلطات ،أي طيفية إدارة الشئون العامة. في حين النظام النموذج الشيوعي ،يرتكز بناء الدولة على عقيدة إيديولوجية ،فكل حاكم يضع أفكاره ونوازعه ورغباته وإمكاناته في خلق نموذج حكم ومن ثم مؤسسات الدولة وكيفية إدارة شئونها العامة ،وخير مثالين كبيرين ،هما ثورة مصر 05980592وكتاب الميثاق الصادر عن زعيم الدولة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
واألمة من ساعة الوصول للحكم إلي ساعة الممات ،وهكذا ليبيا وكتاب األخضر الذي جاء بنظام وسلوكيات وممارسات جمعت ما في التاريخ من سلبيات ومآسي. و أ يضا على الصعيد االقتصادي التقى فكريا النظام الليبرالي الحديث من أساسيات اقتصادية هامة ، مثل الملكية لخاصة ،الحريات الخمسة تنقل المال واألفراد والسلعة والحماية والخصوصية ،واختلفا في جانب معامالت الربا وبشأن أن األخالق ال مناص وال مهرب ال إعفاء منها في أي شأن عام .فعند الليبرالية األخالق مسألة وضعية ،وفي اإلسالم مسألة عقيدة ربانية مسئول كل فرد ومجتمع في انتهاك أية حقوق أو قصور في واجب ات أو خلل في عدالة أو عداء وفتن تهدد السالم واألمن العام والعالمي. ولكن ماذا حدث في الجانب األول توغلت الشيوعية براءات عدة ،بثوب القومية وبقبعة االشتراكية وبلسان جهل العلمانية ،ودخل على العلم العربي قطار وأطنان من الكذب الرسمي ،لحكام ومسئولين، والشعب يسمع ويري ويتألم .فمن يتكلم يقتل ،حتى جاء التاريخ بالربيع العربي .2100 وفي الجانب األخر ،مع تحول كثير من الدولة العربية إلي النظام-االشتراكي ،وأعتمد على دولة-القوة وليس دولة-القانون .وفشلت هذه الدول الغنية بمواردها البشرية والطبيعة في تحقيق أدنى مستوى من التنمية ،والعقالنية ،والرؤى اإلستراتجية. وتخلفت الشعوب العربية قسرا ،بسبب الفساد الواسع وفي عمق الدولة مما أدى إلي تدنى مستويات الدخل للفرد ،وظهور الجهل العام بسبب هموم العيش ،وبسبب التجهيل األكاديمي في المجال االقتصادي والسياسي واالجتماعي الذي خدم رواج وترسيخ االستبداد في المؤسسات التعليمية والحكومية. ويمكن مراجعة كثير من المناهج الجامعية في المجال السياسي واالقتصادي واالجتماعي ،وخاصة في الدول التي اعتنقت االشتراكية كعقيدة مثال ،ليبيا ،2101-0595وبدأ تصحيح ذلك مع ثورة فبراير .2100 والزال كثير من المثقفين يعتقدون أن العلمانية والقومية سبب في تقدم الدول الغربية ،واتخذوا العروبة والوحدوية كشعارات لمناهضة االستعمار ،في حين أن العلمانية والقومية هي في األصل مواالة غير مباشرة ،وكانت تخدم نظم االستبداد. فاإليديولوجيات الدخيلة على الفكر العربي اإلسالمي الحضاري سوف تزيد في فرقة العرب ،سوف تحد من القدرة التوافقية والمتجانسة للعرب وتمنعهم من تبني إستراتيجية واحدة ذات قيم شاملة ومهام ومنهجية موحدة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
واإليديولوجيات السائدة تورث اختالفات سياسية وصراعات عسكرية بالمنطقة وتوسع حروبه الباردة ،التي المتضرر فيها الوحيد هي الدول الضعيفة التي تتقاسمها الدول الكبرى. ولقد ذكرنا في "مبحث " 0كيف أن اإليديولوجية تفسد العملية الحزبية ،وتؤسس "للديمقراطية- الموالية" وال تتقبل "الديمقراطية-الوطنية" .رغم أن الديمقراطية الحقيقية هي الحالة الطبيعية للعرب ،وكافة أشكال االستبداد وأسلحته وسبل القهر والقمع إال منتجات استعمارية مستورة من األطراف الموالية.. والدول العربية في حاجة إلي "سياسات-عامة-عربية-موحدة" للخروج من مآزق الضعف وتخليص مصيرها من فكي هذه اإليديولوجية وأنيابها التاريخية .وكخطوة أولى وحسب المفهوم العلمي للسياسات العامة يلزم العمل العربي لمتضامن من أجل تحديد اإلشكاليات العربية وإيجاد وسائل حلها المشترك. فمشروع "اتحاد الدول العربية" هو مشروع "وجود ،" existenceوهو مشروع "الذهنية الذهبية "golden mentalityالتي أدركت الوسيلة الذهبية لنهضتها ،وهو ما يحسم أن يكن أو ال يكن للعرب مصير في العالم المعاصر. وما صنعت الدساتير إال لحماية سيادة األمة وتنظيم الدول بكفاءة وممارسة الحكم بشرعية شعبية، وهذا ما يجب أن يدركه صانعي الدساتير والقرارات العربية. فلنحفز الوعي العربي وندع الشعوب العربية تصنع مستقبلها بأيديها وتحمي مصيرها بفكرها الحر األصيل. فعندما تعيش هذه الشعوب بدون رسالة واحدة تجمعها سوف تعيش محبطة و عاجزة عن كل شيء.
استنتاج :6تداعيات التنظيم اإلقليمي العربي الشك ما يمنع قيام اتحاد الدول العربية هو عدم توفر إرادة دولية للسماح للعرب بذلك. بل األسوأ هو محاول استعمارهم بشكل أو أخر. والشك قيام اتحاد عربي صحيح هو أكبر تحديد تاريخي ومصيري يواجه العرب ،ويحتاج إلي وعي واسع وإرادات حقيقية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فمثال ،يتضح جليا أن قيام دولة عربية كبرى بعد 0181وتدخل اإلمبراطورية البريطانية بوقف الدعم العسكري لجيش الوالي العثماني بمصر وإرغامه للرجوع لحدود دولة مصر ،بعدما تحقق لها إضعاف الدولة العثمانية بما يكفي لسقوطها ،وظهور مسألة اللعبة الكبرى وهي كيفية تقاسم األقاليم التابعة ،ومع ثورة "تركيا الفتاة" 0511انتهى فعليا الحكم اإلسالمي وظهر الحكم العثماني .وبدأ "تيار العروبة اإلسالمي" وهو يكافح عملية "تتريك" العرب المقصودة ،ومسألة وحدة العرب الكبرى بروح اإلسالم لقيام الدولة العربية الموحدة. وفشلت كل التيارات في نيل االستقالل بالقوة بسبب تفوق واتحاد الدول المستعمرة وإصرارها على التقاسم العادل ألقاليم العرب. وبدال من وحدة العرب في دولة موحدة بأي شكل تم وضع البديل وهو "االكتفاء بالتنظيم اإلقليمي"، وهو يحفظ لكل دولة عربية مستحدثة سيادتها ،وفصلها عن األخرى ،مع توفر وسيلة تنسيق في السياسة بما يلزم ،وكذلك لترتبط وتكون جزء من منظومة المتحدة التي تصادق على مشروعات استقالل الدول العربية من مستعمريها. وهكذا كانت سوريا أول من تحصل على االستقالل في ،0589رغم أنها كانت في ثورة منذ ،0509 وتم احتاللها من فرنسا في 0521و وضعها تحت نظام الحماية ،إال أنه في 0589بعد مطالبة االتحاد السوفيتي باحتاللها كنصيب له ..أو منحه ليبيا ،وهكذا بدأت لعبة سياسية سرية. وظهرت الجامعة العربية بسوريا في ،0588كأول تنظيم إقليمي عربي ،وهي كما ذكرت جاءت بإستراتيجية سياسية دولية ال يمكن أن تحقق أمال العرب في قيام اتحاد للدول العربية .فمثال ،يقول هنري لورنس أن "فلسطين" التي تتعرض لالستعمار الصهيوني الدولي ،وهي منتفضة منذ 0539لم تدعى للميثاق ،وفي تقديري هذه أول ضربة سياسية دولية لهذه الدولة العربية ،ومن ثم أول قرار لها هو منح "لبنان" استقاللها ،وبدأت عملية تفتيت سوريا الكبرى. ومع توغل الحرب الباردة 0515-0589بين المعسكرين االمبريالي-الرأسمالي والشيوعي- االشتراكي ..بدأت تظهر االتحاد اإلقليمية الجزئية ،من أجل أن تخدم الدولة العربية إيديولوجية تتبعها ،وتحمي نفسها من الدول التي أتبعت المعسكر األخر .فمثال ،ظهور اتحاد دول المغرب العربي ،واتحاد دول مجلس الخليج .وهي اتحادات إقليمية بناء على إرادات سياسية ،ال عالقة للشعوب بحقيقتها ،وتم القضاء على أمل توحد الدول العربية مع حرب الخليج 0551وقد زعزع الثقة بين العرب ،ومن ثم إنشاء "االتحاد األفريقي" ،وتأسس وفق رؤية إيديولوجية وبدعم سياسي ومالي من النظام االشتراكي-العلماني الليبي .0555بحجة ال أمل وال فائدة من العرب حسب قول زعيم االتحاد ومؤسسه .وفي حقيقته فهو مشروع خطير يهدف لطرد العرب من شمال أفريقيا و نشؤ حرب منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
إبادة ضد العرب والمسلمين وهذه ما نشاهده في دول أفريقيا اإلسالمية المجاورة لحدود دول شمال أفريقيا ،وتضررت الصومال وانقسمت السودان بتنازلها عن جنوبها مصدر ماءها ونفطها، واستفحلت أثيوبيا تهدد مصر بالحرب وقطع ماء النيل عنها. ورغم أننا ال نستطيع أن نستدل بكامل التاريخ السياسي الذي يؤكد أن التنظيم اإلقليمي وحده هو تفتيت للعرب وخطر على مصيرهم .بل يجب تأسيس اتحاد مركزي ينظم ثالثة سياسات حيوية وهي الخارجية ،والدفاعية واالقتصادية .وأن تكون لها سيادة واحدة تمثلها في األمم المتحدة. فالتحادات اإلقليمية نؤسس وفق إرادة سياسية متباينة ومتفرقة وليست هناك إرادة شعبية حقيقية يمكن أن تشرعها أو تجمعها ،في حين االتحاد المركزي ،وفق إرادة شعبية وإرادة سياسية موحدة ومتوافقة. كما أن االتحادات اإلقليمية وخاصة جامعة الدول العربية وهي في جوهرها تخدم نظام الحكم باسم احترام سيادة الدول وفق القانون الدولي. وهكذا أصبح في مقدور أي نظام عربي بغض النظر على شرعيته يمتلك السيادة أن يقرر أو يرفض أو ال يلتزم بأي قرار من األمم المتحدة ،بل يمكنه أن يعيقها عندما تكون هناك قيادات تنوي العمل بمسئولية تاريخية غربية حقيقية ،فكل دولة صاحبة دعم مالي كبير ،و وصلت مكافأة نهاية الخدمة ألخر أمين في الجامعة العربية في 2101خمسة مليون دوالر ،وهذه مكافأة وحيدة معلنة وجدها اإلعالم فنشرها ،ولكن ما ال نعرفه حيث هذه التنظيم اإلقليمية تعاني من عدم الشفافية ،فمن يراقب ميزانياتها هم رؤساء الدول الذين يشكون الجمعية العمومية. ولكن في ظل اجتماع اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية الدساتير العربية ،باإلضافة إلي تأسيس برلمان أعضائه من علماء كل دولة بالتساوي. وهذه الدستور والسلطة التشريعية سوف تحدد أسس وآلليات المراقبة الشرعية ،وليست المراقبة السياسية. حيث ال ي مكن تقييم أداء أي جهة أو منظمة بدون توفر رقابة مستقلة على ميزانياتها ،كما أن الميزانية هي من أدوات التخطيط ،وتعكس خطط عمل سنوية ،من خاللها ممكن المتابعة البرامج في كافة المجاالت ،وتقييمها. والذي يظهر لنا أن اتحاد الدول العربية سوف يكون أقل تكلفة ،ويمكن مراقبته وتقييم مساهماته التنموية في كل المجاالت ،حيث سيخضع له كل اتحاد إقليمي تخصصي. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
كل هذا ذهب بالعقل العربي للبحث عن البديل وعن الحل. هل الحل فعال في اإلسالم؟ وهذا سؤال كبير بحجم العلوم ،و واسع بحجم الناس ،وعميق بصدى الحقوق والواجبات والعدالة واإلنسانية. وف ي العموم ،وما يتعلق بهذه الدراسة ،هو ظهور عدة تيارات تبحث عن الحقيقية ،تختلف بحكم الحال في الطرق وفي تقييمها للبعض ولألخر. وأردت من خالل هذا العمل هو تقريب الكل للحقيقة ،وهي الحل يكمن في النجاح في إدارة لشأن العام. والدستور هو العمود الفقري في بناء مؤسسات الدولة. والقوانين الصادرة عنه هي نظام وإجراءات تحقيق النجاح ف إدارة األمور العامة.
استنتاج :7نظرية توازن السلطة والمجتمع بكل واقعية ،فهناك دائما نوعان من الدساتير ،وهي :الدساتير الشرعية ومصدرها الشعب ،والدساتير الغير شرعية مصدرها القوة واإليديولوجية. ونطرح في خالصة هذا الكتاب ،نظرية توازن السلطة والمجتمع ،فهناك تفاعلية ديمقراطية توضح كيفية العالقة العضوية والتفاعل اإليجابي بين السلطة والمجتمع .وهناك التفاعلية االستبدادية والتي توضح العالقة االستبدادية والتفاعلية السلبية التي توسع الفساد وتنتج السياسات العامة السيئة. ومن األهمية بمكان أن تضع الشعوب معيار لتقييم ما ينتشر من إيديولوجيات ،فطبيعة اإليديولوجيات السياسية ،أمرين ،أوالهما الحد من حرية "اإلرادة الشعبية" الحقيقة ،وثانيهما الحد من حرية "العقائد الدينية" والشعائر الصحيحة ،أو منعهما بشكل أو أخر. و واقعيا فإن هذين األمرين متالزمين ،فالحد من حرية أدهما تضعف الحرية األخرى ،وبقدر هذه الحريات تحدد جدوى وجودة وجذوة اإلرادة الشعبية وفعاليتها. كما أن روح الدستور تضعف كلما خف االهتمام بهذا المعيار.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وقد يقول قائل بأن الدساتير في الغرب علمانية ،وأثبت جدواها ،فالجواب أنها نظرت إلي ضمان حريات وحقوق الشعب كاملة ،ومنها الحريات الدينية ،فال تهمة وال مكافحة وال عداء أو تمييز بسبب معتقد ،وتبتغي من وراء هذا العمل الدستوري هو الفصل بين سلطة الكنسية باعتبارها مؤسسة لها دورا تاريخيا طويال ومعقدا ،وبين السلطة الزمنية وهي أيضا لها مقاصد إستراتيجية واسعة. ولكن في الدول النامية أستغل البعض هذا األمر لخدمة االستعمار واالستبداد ،واستخدم العلمانية لمحاربة اإلسالم ،وهذه إيديولوجية جديدة خاطئة وخطيرة على مستقبل األمة العربية وعلى األخالقية واإلنسانية الكونية. والمقصود هو أن ال تدخل مثل هذه اإليديولوجية في وضع وتطوير الدساتير العربية. فمثل هذا التوجه يقود المنطقة العربية اإلستراتيجية لمخاطر االستبداد. وإنما االستقاللية الدينية والسياسيات التنفيذية ،من وضع سياسات عامة وإدارة مؤسسات الدولة ،فهي نواحي فنية تخصصية لها مفاهيمها وأسسها وموادها لعلمية ،تتطور طبيعيا بما تخدم مصالح الناس كافة. والشكل التالي األبعاد الثالثة الخاصة بكل نوع من التفاعلية أو الحقيقة السياسية:
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حيث: أوال ،الحالة الديمقراطية ،حيث يوضح شكل 4-التفاعالت الواقعية الشرعية السياسية التالية: الدولة الديمقراطية هي دولة شرعية غير شمولية يتداخل المجتمع المدني ،واإلرادة الشعبية، عن طريق الدستور في الوصول للسلطة السياسية ،ومن داخل مثلث السلطة. ( س -0س ،)2يوضح الدستور وهو القاعدة السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي تسمح بتفاعل المجتمع والسلطة بشكل حر ،من أجل توازن اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية في صنع أفضل السياسات العامة وحماية واستقرارا وفاعلية الدستور ،عماد الدولة. ( س-0س ،)3يوضح أن التعديدية الحزبية أساس التفاعل السياسي الديمقراطي. ( س-2س ،)3يحدد أن آلية الوصول هي عن طريق قانون االنتخابات الدستوري ،وبفصل السلطات النيابية ،والبرلمانية ،والرئاسية ،وحسب ما يقره الدستور المرتكزة عليه في الممارسة واألساسيات الشرعية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
بحيث خط المعرفة العقائدية في تماس مع سطح دائرة المجتمع ،وهي في توازي مع ضلع األحزاب أو الفاعلية السياسية. وخط الوعي السياسي االجتماعي ،وهو في تماس مع الجانب األخر لسطح دائرة المجتمع ،وهو في توازي مع ضلع االنتخابات التي تمثل مدى الشرعية السياسية. وعندما ترتفع ممارسة الشعب ومشاركته بحيث يصل مثلث السلطة ومثلث المجتمع ،وتكون متطابقة أو متقاربة يعبر ذلك عن توازن شرعي تام ،وعالقة متوازنة بين حجم القوة واإلرادة لسياسية وحجم القوة واإلرادة الشعبية. ثانيا ،الحالة االستبدادية ،حيث يوضح شكل -2-التفاعالت الواقعية السياسية الغير شرعية التالية: االستبدادية هي دولة شمولية تفصل المجتمع عن السلطات عن طريق إيديولوجية سياسية، تحكم بديال عن الدستور. ( س -0س /)2قاعدة شرعنة االستبداد :حيث يوضح أن "اإليديولوجية" أحلت مكان إرادة الشعب ،وأصبحت هي القاعدة السياسية واالجتماعية واالقتصادية التي تسمح بتفاعل المجتمع والسلطة بشكل حر ،من أجل توازن اإلرادة الشعبية واإلرادة السياسية في صنع أفضل السياسات العامة وحماية واستقرارا وفاعلية الدستور ،عماد الدولة. ( س-0س / )3التنظيم السياسي االستبدادي :يوضح أن الحزب الواحد هو السبيل الوحيد للممارسة الحقوق السياسية ،وتجريم بالخيانة العظمى كل تنوع فكري أو تعدد حزبي ،يبل التعديدية الحزبية أساس التفاعل السياسي الديمقراطي .وبهذا يشكل قادة هذا الحزب وفروعه القطرية واإلقليمية الطليعة والنخبة السياسية التي ترتكز عليها اإليديولوجية في بث سمومها، ويرتكز عليها النظام في القمع والقهر واستقرار الحكم بالقوة .فيميز كل إيديولوجية التي تنقلب إلي حركة ثورية ،خاصتين وهما أوال ،تؤمن بالقوة وال تؤمن بالقانون ،وثانيا ،تؤمن بالعلمانية وال تؤمن بدين. ( س-2س / )3آلية للوصل لمراكز السلطات :يحدد أن آلية الوصول للسلطة ومراكز القوى السياسية يتم عن طريق حزب واحد ،وهم عادة الطليعة ،فوق القانون بحجة دفاعهم وفهمهم واعتناقهم لهذه اإليديولوجية ،التي فيها مصالحهم الذاتية ،واستمرارية النظام السياسي .فآلية الوصول هي نظام بديل عن االنتخابات ،وليس له أسس دولية ،أي غير متطابق مع إعالن حقوق اإلنسان ،وميثاق أمم المتحدة ،ومعاهدة حقوق المرأة ،بل تستغل المرأة واإلنسان عن منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
طريق االستخفاف السياسي س لمزيد من الطاعة .حيث االستخفاف وسيلة يتبعها الطغاة في السيطرة ،وهي ركيزة استقرار االستبداد. بحيث خط المعرفة العقائدية (ج-0ج )3في تماس مع سطح دائرة المجتمع ،وهي في توازي مع ضلع الحزب الواحد الطليعي والمسئول عن توحيد الفاعلية السياسية. وخط الوعي السياسي االجتماعي (ج-2ج ، )3وهو في تماس مع الجانب األخر لسطح دائرة المجتمع ،وهو في توازي مع ضلع آلية الوصل للسلطة المحددة بواسطة النظام والتي تخدم اإليديولوجية. في حين نالحظ أن (ج-0ج )2يمثل قاعدة إيديولوجية ،بحيث تفصل المجتمع عن السلطة ،وهذا هو محور االستبداد ومرتكز قوة اإليديولوجيات ،فكلما استطاعت عن تعزل وتبعد المجتمع عن السلطة، كما كانت أكثر سيطرة واستغالل لثروت المجتمع ،وتوجيه بسهولة في أي اتجاه وقبول أي نتيجة أو تغير كلي اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو سياسي. ويكون المجتمع في أقصى صوره وأدنى سلوكياته وفي أتعس أوضاعه .عدا الطليعة المستنفذة والمستفيدة. ونستنتج هذه الحقائق من خالل مشاهدة دامت ألكثر من ثالثة عقود.
استنتاج :8تشريع األحكام االنتقالية ضرورة مستقبلية من أجل التطور الفكري السريع والسليم يلزمنا جميعا أن نتعلم التحدث بصراحة و واقعية في كل تفاصيل شئون حياتنا العامة. وتكون هذه العالنية والمصداقية أساس إلعادة البناء السياسي التي يجب أن تكون مستمرة ومندفعة لألمام. وعندما تمر الشعوب بمرحلة إعداد دستور فهي في الواقع في مرحلة أولية من إعادة البناء .وعادة من تكون مرحلة حساسة ومعرضة للعديد من عوامل ومخاطر الفشل وااللتفاف والتراجع والتصادم مع ثورة-مضادة تنكر على الشعوب حقوقها وتقاوم التغيير الذي ال يبقي على مصالحها الفاسدة. وهناك نوعين من المراحل االنتقالية ،وهي
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المرحلة االنتقالية التطويرية :حيث الدساتير تتطور بعامل الزمن ومع معدل تطور الفكراإلنساني في كل إقليم ،وحسب عوامل خارجية وداخلية عديدة تؤثر في عملية تطوير الدستور لألفضل ،وحمايته من االنتهاكات واستغالل الثغرات ،وهنا البد أن تكون هناك أحكام انتقالية واضحة ،بحيث تحفظ سالمة تعديالت وتطويرات الدستور ،وتحافظ على كفاءة الدولة خالل االنتقال من وضع إلي وضع أفضل. المرحلة االنتقالية العدلية :وهي تأتي قيام الشعب بثورة شرعية من أجل أن تنهي فترة حكماستبدادي حدث نتيجة قيام مجموعة من الضباط األشرار باالستيالء على السلطة بالقوة ، وعادة ما يكون في الدول النامية بدعم وتأمر خارجي .أو حدوث استعمار مباشرة ،عطل العمل بالدستور ،وقاد الدولة وفق أجندة معينة ،وإيديولوجية تتيح له طريقة تنظيم الدولة و طريقة ممارسة السلطات. واليوم نتيجة لهذه الحقيقة تجعل الشعوب في أمس الحاجة أن يكون هناك قانون أساسي ،له أساس دستوري ،يبين كافة خصائص المراحل االنتقالية وكيفية تحقيق العملية العدلية والعملية التطويرية بسالم ودقة وكفاءة سياسية. حيث الشعوب العربية بعد "الربيع العربي" مت بمرحلة "العدالة االنتقالية" ،ولكنها تعرضت لطبيعة مرحلة لم تكن في الحسبان ،وتعاملت معها بشكل لم يحقق نجاحات كافية ،بل كثيرا ما تسببت في أخفاقات بسبب ثورة-مضادة ،تريد أن ترجع بالشعوب للوراء وتكرهها في التغير والتقدم في االتجاه الديمقراطي. لذلك من الضرورة بمكان أن نرسم لألجيال هذه الظاهرة السياسية ،عن طريق تحليل المرحلة-الليبية، والمرحلة التونسية والمرحلة اليمنية والمرحلة المصرية. ألننا عندما نستطيع أن نضع أحكام سياسية تضبط التحول الديمقراطي ،وتمنع الثورات المضادة للشرعية ،وتمنع االنقالبات العسكرية أو االنحرافات عن الديمقراطية باألدوات الديمقراطية من أجل أن تحولها إلي دكتاتورية-ديمقراطية ،أو ديمقراطية فاسدة ،تمتاز بعدم الشفافية ،والفساد السياسي والمالي المتعمد ،وعدم العمل بمبدأ المسئولية-التضامنية ،وعدم العمل مبدأ المحاكمة التاريخية أو الوطنية ،وعدم معرفة كافة أصول الممارسة الديمقراطية وخاصة من يخرج من مرحلة ألدنى سبب فشل يجب أن يحترم الديمقراطية ويحترم الشعب وأن يبتعد عن السياسية ،من إتاحة المجال السليم للتفاعالت الديمقراطية المتجددة.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حيث أسوأ خلق ديمقراطي ويؤدي إلي فشل الديمقراطية في عقول الناس ،هي عندما يقال أو يستقيل، أو يفشل رئيس حزب أو حكومة أو هيئة أن يعود بكل السبل وااللتواء ليمارس حق الترشح ،وقيادة األحزاب ،واالنخراط بطل وسيلة ،من أجل أن يصل للسلطة مرة ثانية .وهذا خطر على وعي الشعوب وخطر على التحول والتطور الديمقراطي السليم. وبذلك البد من وجود أحكام عديدة ودقيقة وصرحية. وبواقعية وصراحة في حياتنا اليومية ،و خاصة طوال مسئولية وفترة عملية الصنع الدستورية وحمايتها. وما نزال جميعا نتحدث بواقعية ونجامل بعضنا كثيرا ،وخاصة على حساب الدين ،وال نكون واقعيين إطالقا إال حاالت و لحظات مصلحتنا المدروسة جيدا ،وهذا يولد أنانية واسعة ،تؤثر في العملية التربوية وحقيقة التنشئة السياسية ،وتتولد بسببها قيادات فاسدة وتضرر الشعوب. ومن مظاهرها أن الناس تتقاتل وتعذب وتجتث خصومها السياسيين بسبب أفكارهم التي تناهض الفساد الذي يبتغيه المصابين واألشرار. وأول انطالقة في نهضة الشعوب هو حب واحترام ونشر الحقيقة كاملة ومفصلة ،بقوة ومصداقية ومسئولية إنسانية و وطنية وتاريخية ،والمسار الواسع هو أن تكون أرضية النهضة هو مصلحة الجميع فوق كل مصلحة ذاتية وتكون مصالح الناس جميعها تسير إلي وجهة محددة. وال أريد هنا االستدالل بتفاصيل األحداث السياسية في المرحلة االنتقالية الخاصة بالربيع العربي ،2100فسوف يذكرها التاريخ بكل تفاصيلها وحقائقها ،فهذه أمانة الحياة تجدها األجيال الحية مكتوبة عندما تطلبها. وفي هذا الكتاب نستخرج مكون "العدالة االنتقالية" ،وهو مكون دستوري جديد ،مختلف في مقاصده وطبيعته مكون األحكام االنتقالية التي تحتاجها مختلف تعديالت الدساتير المشروعة ،ومن أجل أن يعيه ويتدارسه الناس وتقيمه وتحسنه األجيال. و نالحظ أن جل الدساتير القديمة والمعاصرة ،تناولت مفهوم األحكام االنتقالية على أنها تخص مرحلة ما بين الدستور السابق والدستور المعدل. حيث تحدد ما يجب اتخاذه من إجراءات أو أسس وقواعد جديدة ،تخص المؤسسات والمعاهدات وااللتزامات جميعها ،بحيث تنتقل األمور واألوضاع لتناسب الوضع الجديد حسب أخر تعديل وتطوير دستوري. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وهذا ما جعلها محددة زمنيا ومكانيا ،ولكنها تشكل إثبات األساس الشرعي لما تم بسبب هذه األحكام الشرعية ،بمعنى أخر ،قد حددت للمتغيرات أساس قانوني. ولكن مع ثورات الشعب العربي ،وفيما أطلق عليه " الربيع العربي ،" 2100ظهر مفهوم جديد وخصائص دقيقة تخص "المرحلة االنتقالية". وقد أطلقت الدول الكبرى هذا المسمى "الربيع العربي" ،ألنها تقارنه بالربيع األوربي في ،0121 وقد أدركت ما يعنيه ذلك سياسيا ودستوريا. وما نعنيه هنا أن المرحلة االنتقالية بسبب هذا الربيع العربي ،هو يخص مرحلة االنتقال من "حكم االستبداد" ،إلي "حكم شرعي". وال توجد أحكام عمومية تتناول مثل هذه المرحلة االنتقالية. والمقترح أن تتناول الدساتير العربية المتطورة ،مثل هذه المكون المصيري والواقعي. ومن أجال األمانة الوطنية والمسئولية التاريخية ،وبحكم أنني راقبت هذه المرحلة االنتقالية ،في أكثر من بلد عري ،فأنني أقول ،وطبقا لمبدأ أن الدستور يغذيه تاريخ الشعوب ،فأنه البد من أحكام تتناول الحقائق التالية: مبدأ جرم التضليل السياسي وإلغاء أو إبطال مفعول الدستور الشرعي :نالحظ بأن الدولة العربية سقطت في براثن الحكم المطلق بعد انقالبات عسكرية ،وأول ما فعلته هو إلغاء الدستور السابق والقوانين ،والبدء بعمل شرعية "اإلعالن الدستوري". مبدأ ضبط كيفية استصدار "اإلعالن الدستوري" وحقيقته :وربما نجد من أولويات األسس التي نستنتجها من العرف الدستوري في طيعة لحكم االستثنائي واشتراطاته،بأن يكون هناك انتخاب نيابي مستمر وهو على أساس سكاني ،كما أنه ال يجوز مخالفة روح ومقاصد وقواعد أخر دستوري شرعي وتعديل مشروع ،وتعود الدولة للعمل بدستورها حال إمكانية عودة السلطات جميعها للعمل ،وتجرى ما يطلبه لشعب من تعديالت. مبدأ مكافحة الفساد والحماية االجتماعية :والبد له من قواعد كلية دستورية ،حيث جميع أشراف الناس الذين عايشوا نظم استبدادية،الحظوا بأن حكم االستبداد ،ال يمكن أن يطول ويتوسع بدون نشر الفساد ،هرميا في الدولة ،فيصيب أجهزة الدولة وقاعدة المجتمع، وبالتالي عندما تأتي أي ثورة إصالح ،أنها تواجه حتما بثورة مضادة ،تخدم لحظة اشتعال ثم تعود لتشتعل وتكبر عندما يظهر أعوان الفساد السابق في السلطة لجديدة بشكل أو أخر ،وتبدأ عملية الرجوع بالدولة من الثورة إلي النظام السابق ،مصدر قوتهم وأساس حصانة غنائهم منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المالية والسياسية،وللهروب من العقاب القانوني أو التاريخي .ومن ومالمح حدوث ذلك ظهور ملفات أزمات عديدة ومعقدة ومؤسفة للغاية ،وتتعمق كلما طالت أيام فرص مثل هؤالء في السلطة بشكل أو أخر .لذلك فإن الدساتير العربية في حاجة إلي أحكام انتقالية، أوال :تمنع شعبيا وشرعيا كل من عمل في نظام االستبداد وكان من دعاته ودعائمه و مستفيدين منه ومسئوليه ،أن يتولوا مركزيا قيادية في الوظائف العامة المدنية والعسكرية خالل المرحلة االنتقالية ،إلي حين صدور دستور شرعي يحكم البالد وبث في أمر كل فساد وتضليل سياسي ،حيث السماح لهم بتولي أدوار محورية هو مثل السماح للعودة للنظام السابق بشكل أو أخر ،والخطر يكمن أنه كلما طالت فترة االستبداد السابق زاد عددهم وتأثيرهم السلبي .ثانيا ،في حقيقة األمر ،بسبب االستبداد يصاب المجتمع بأمراض سلبية كثيرة ،وهذا ما يرتكز عليه كل نظم االستبداد ،هو تدمير القيم والمفاهيم السابقة وإحالل جديدة مضللة ،وعندما تختفي قوة البطش التي كان يخاف منها الناس ،تظهر مرحلة فوضى، ولكن ال تظهر فجأة ،ولكنها ترتقب ما نوعية ومدى وحقيقة القوة الجديدة ،فعندما تالحظ أي خلل تبرز مرحلة الصراع بين الخير والشر ،بين الحق والباطل ،ألن ليس هناك ما يخافه من فسدت ضمائرهم ،وساءت تربيتهم بسبب ظروف حتمها النظام االستبدادي السابق ،وخالصة القول ،البد من أحكام انتقالية تفيد في تحديد أن المرحلة االنتقالية من االستبداد إلي الحكم لشرعي هي مرحلة عدلية وفيها كل فعل مهما صغر أو كبر يعيق اإلصالح أو إحقاق الحق أو ينشر فسادا أو يسيء للسلم االجتماعي واإلصالح السياسي واالنتقال التنموي هو جرم دستوري ال يسقط بالتقادم ،كما يحدد الدستور صالحيات المجالس النيابية المرشحة أن تضبط المرحلة االنتقالية على أساس أنها دستوريا هي مرحلة قوامها العدالة االنتقالية والعملية اإلصالحية الواسعة. وكما ذكرنا مرارا ،فإن الدساتير التي ال تنبث على أساس واقع الشعوب الصلب وأرضيتهم األخالقية الخصبة ،فهي دساتير تولد ميتة بدون روح حية. فالدساتير تولد من أرحام حاجات الناس وال تستورد في أنابيب لتزرع في خاليا العقول ويكلف الناس بأعبائها وتبعاتها. والشعوب الميتة روحيا أو عقالنيا فقد قدر لها أن تعيش بدون أرحام ال تلد الحضارات ،وعقول ال تنبث الخير.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وما يميز الشعوب العربية ،أن الديمقراطية -أي الحكم الشرعي -هو الحالة الطبيعية لروح وعقول هذه األمة الكريمة ،وخاصة بسبب الفضيلة الدينية السماوية ،وما أفسدها ويضرها هو االستيراد الفكري األعمى أو المأجور أو المريض.
استنتاج :5متطلبات تجانس اإلسالم والديمقراطية السياسية هناك ثالثة رؤى عملية للجدلية "العلمانية" ،وإن كنت شخصيا ألعدها إيديولوجية كاملة ،وإنما هي مذهبية سياسية ،كما يلي: العلمانية قد تعني "الكونية" ،فاإلسالم قد حدد أسس الكونية بقوانين إنسانية وطبيعية ،وهو رسالة رحمة للعالمين كما ورد في القرآن الكريم ،وال يجب أن يؤدي الجهل اإلسالم إلي تبني العلمانية األوربية وبصبغة الجاهلية من أجل معادة اإلسالم. والعلمانية قد تعني "فصل الدين عن التطورات العلمية" ،حيث لم تلتقي تعاليم الكنسية في القرن السادس عشر مع التقدم العربي ،وحدث تاريخيا في أوربا ما حدث من تعذيب العلماء، مما أدى إلي فصلهما ،ولكن في اإلسالم البحث العلمي وتطوراته مسألة عبادة واجبة ،و ال يكتمل ويصح إيمان المسلم وعمله إال بالعلم. والعلمانية قد تعني "فصل الدين عن الدولة" ،وهو ناتج في أوربا عن الصراع بين "سلطة الكنيسة" و "السلطة الزمنية" ،وامتدت وتعددت هذه الصراعات لقرون ،حتى تغلبت "السلطة الزمنية" في أن تجعل أن تعزل سلطة الكنسية ،ولكن تجعلها تبارك وال تناهض، ولكن في اإلسالم ،كما ذكرت ،وفي تقديري ،يلزمنا تبني فكر سليم بالخصوص ،ولقد رأيت أن اإلسالم أقر بوضوح فصل الدين عن السياسة ،أي أسلوب الحكم واإلدارة الحكومية في إنتاج السياسات العامة وإدارة شئون الدنيا الزراعية والصناعية والصحية والتعليمية .ولكن فصله عن نظام الدولة وعن نظام الحياة وعن الدستور ،فهذا استخفاف فكري وغير دقيق حسب العقيدة اإلسالمية ومقاصدها وأحكامها الصريحة. والتحدي الكبير الذي يواجه العرب هو هناك من يطالب بدستور مطابق كليا للشرعية ،وهناك من العلمانيون يطالبون بدستور ال عالقة له بالشريعة اإلسالمية ،والصراع حول غياب تصور إسالمي كامل معاصر واضح لهم ،ومحاولة التوافق حول إضافة نص "الشريعة اإلسالمية مصدر التشريع". ومن خالل "مبحث ،"3عند وضحنا ذلك من خالل مناقشة مقومات وعناصر الدستور ،فبدون تصور فكري كامل متوافق متجدد ال يمكن أن يصل الطرفين للقناعة الكافية. وتظل هذه الجدلية في غاية الحساسية تهدد فعالية ومصداقية وإنسانية الدساتير العربية ،وتهدد مشروع دستور "اتحاد الدول العربية". منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ولقد حددنا عند صياغة الدستور مبدأ "فصل الدين عن السلطة التنفيذية" ،ولكن ال يجوز فصله عن السلطة التشريعية والقضائية ،وعند رسم مقومات نظام الدولة. ويلزم معالجتها بحكمة عبر الفهم السليم الشامل لمقاصد وأحكام الدين وآليات وأدوات الديمقراطية. فقد رأينا في أوربا معقل "العلمانية" بعد تغلبها على "الكنسية" في القرن السابع عشر ،أننا نجد كم دولة غربية توجد األحزاب ذات الصبغة المسحية ،فمثال نجد في ألمانيا ،حزب االتحاد المسيحي والديمقراطي المسيحي ، CDUوحزب االتحاد المسيحي االشتراكي CSUوهو األحزاب الكبرى في ألمانيا االتحادية وله نصيبها األوفر في حكومات ائتالف ،ومتواجدة على مستوى 09والية ،كما أنه على غرار األحزاب المسيحية الديمقراطية المحافظة على مستوى االتحاد األوربي المؤسس على اتفاقيات. وتتفاعل هذه األحزاب المسيحية مع مختلف التكوينات الحزبية. ألنها اتفقت جميعا على مسائل جوهرية ثالثة توحدها وال نقاش حولها ويعاقب من يخالفها ،وهي خدمة الديمقراطية باحترام سيادة القانون ،وخدمة مصالح الشعب بتحقيق الحريات والحقوق والكرامة والرفاهية ،وخدمة سالمة الوطن بالدفاع عنه بكل الوسائل. وهكذا في دول وقارات ترفض أن يجمع تعاليمها الدينية المسطرة مع التطور العلمي الهائل بحجة أنهما ألنهما ال يلتقيان ،فكيف استطاعت أن تجمع الدين بالسياسة. إذا ربط مفهوم الدين بالديمقراطية هي حاجة فكرية سياسية معاصرة ،ومن حق الشعوب العربية تعرف كيف تستخدم دينها في التطور السياسي ومواكبته ،كما استطاعت أن تكون جسر تسير عليه كافة العلوم وترفعه لجميع الشعوب وتصل به لكافة مناحي الحياة ،ومن ثم تعود بسهولة لتواكبه بعدما ضاع منها لقرون. فجمع السياسة والعلم والدين ثالثية إسالمية ال تتجزأ. فاإلسالم هو دين العمل والبحث العلمي من والسلوك القويم أجل إيجاد الحقيقة وصنع كل ما هو صالح للحياة. فإذا انسلخت شئون حياة العرب عن عقيدتها باتت مقفرة هشة تأكل نيران الفتن ،وتبتلعا دواب الحياة، ال وزن لها وال قيمة لها ،تزدري ذاتها قبل أن يزدريها عدوها الطامع فيما أحباها القدر بالنعم. فمن الجهل السياسي أن نعادي بعضنا البعض في سير العمليات الحزبية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فاألحزاب السياسية ال تتصارع بينها فكريا ،ولكنها تتنافس فيما بينها في أيهما أفضل في نتاج السياسات العامة ،وأيهما لديه الفكر األصلح في حماية الوطن وتحقيق مصالح الناس وتجسيد حقوق وحريات وكرامة الناس ،الثالثية األوربية التي ذكرناها آنفا. فاإلسالم دين كوني يبحث عن الحكمة والعلم والفضيلة ،وهو مكمل للمسيحية واليهودية الصحيحتين، وما األنبياء والرسل جميعهم إال أسرة واحدة ،فقد جمعوا الناس على دين واحد ،ورب واحد ،وهو اإلسالم ،فمن أختلف على نفسه ،ومن أتبعه بإحسان فهذا من أجل رسالة الحياة الطبيعية. فكيف ال يكون الحق في دراسة كيف يمنه أن يستفيد من الديمقراطية في تنظيم شئون حياته الدنيوية، وال يخل بالحقوق المدنية وال بالمقومات اإلنسانية ،ويفي بمتطلبات كونية. البد هنا من تحديد وتوحيد المعنى السياسي للمصطلح الالتيني" الديمقراطية" ،حيث بالتحليل الفكري ،نجد أن الديمقراطية هي عبارة تعني الممارسة القانونية والمشروعة للسلطة السياسية. أي يجب أن تدار شئون الناس العامة ،بقانون ينظمها ويمنحها الشرعية ،ويرسم العالقة بين المجتمع والسلطة ،في الحقوق والواجبات ،فيتم تحديد أو ربط تداول السلطة بسلمية وفترة زمنية معنية، ويحقق المشروعية عن طريق اختيار القيادات والسياسات العامة عبر إرادة حرة واعية ومسئولة. وأن يتم بناء دولة شرعية ،أي عن طريق عقد تأسيسي أو اجتماعي ،يطلق عليه الدستور. وعلى هذا النحو ن عمق وصراحة والفهم ومصداقية وكفاءة التطبيق ،ال تتباين مفاهيم ومقاصد اإلسالم ،عن سبل تحقيق القيادات المشروعة ،وسياسات اإلصالح والماء ،وانضباط الحياة في بقانون ينظم الحقوق والواجبات والسلوكيات والمعامالت والعالقات. وتعتبر فتوى األزهر في مايو 2102بشأن العملية االنتخابية الحزبية الرئاسية ،مشروعية إسالمية تامة ودقيقة وتاريخية ،وهي متوافقة مع علماء المسلمين ،وخاصة نذكر دور دار اإلفتاء الليبي في توجيه الرأي العام وخلق الوعي الحقيقي والمساهمة اإليجابية في بناء الدولة. وقد حددت فتوى األزهر المشاركة في االنتخابات هو واجب ديني و وطني. كما حدد الخطباء في التوعية الدقيقة المستقلة عن كل نواحي واعتبارات الحمالت الدعائية لمرشح محدد أو تفاصيل برنامج ،وإنما أركزت على التذكير بأن صوت كل مواطن أمانة ،واإلنسان محاسب عليه ،فيمنح صوته لمن يراه خيار الناس ،وهناك معايير إسالمية عامة ،وهي صفات قيادية ،وال تتعلق بمتغير السياسات العامة واختالف وجهات النظر وتعدد زوايا تناولها ،ولكن معايير ذاتية وهي روح العملية االنتخابية الحزبية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
حيث العملية االنتخابية تشمل تحقيق مقاصد البيعة الخاصة والبيعة العامة. والحزبية تعني تحقيق مبدأ النخبة أو الخيرية ،أي تتشكل الناس وتتفق على خيارها في إدارة شئون حياتها ،وبعدد أصواتهم تكون نسبية مشاركة هؤالء النخبة في تحقيق الخير للمجتمع والوطن. ودور التشريد اإلسالمي ،وقد رأيناه بعناية فائقة ،وأمانة شرعية ،واستقاللية السلطة الزمنية عن الحرية الدينية .حيث ارتكزت على ناحية المشروعية ،أي تقييم شامل للتشريعات الصادرة ،وعلى المعايير الذاتية ،حيث هذين العاملين هما روح المصداقية واألمانة وإتقان األعمال الصالحة التي ينشدها اإلسالم. وتشمل هذه المعايير الذاتية ،الصفات القيادية التالية: "الصفات الشخصية وهي الصدق واألمانة ،والصفات والقدرة العلمية والعملية ،والصفات الزمنية وهي صاحب ماضي مشرف وصاحب رؤية مستقبلية وطنية ودينية صادقة ،وصفات تربوية وهو إنسان مصلح وغير فاسد ،وصفات وطنية وهي الحماس واالهتمام بالمجتمع والوطن ،وصفات عقلية وهي حب العدل وكره الظلم ،وصفات فكرية وهي العلم بالحقائق والعالقات بين كافة العلوم االجتماعية والتطبيقية ،فيعرف كيف يجعل الدين والسياسة في تفاعل أخالقي وليس تداخل تنفيذي، ويعرف كيف يسخر كل لم في اإلنسان والمكان ". فاإلسالم هم نور ،أي عملية تنويرية عقلية ،تبدد الظلمات الفكرية التي تتسبب في المظالم بين الناس ثم المفاسد. والسياسة هي رأس الحكمة ،أي إدارة شئون الناس من أجل تحقيق الخير ومصالحهم وسعادتهم. وفساد السياسة هو فساد الحياة عامة. وفي اإلسالم هناك خمسة مقاصد ،ونوعين من األعمال ،تحددان مواصفات السياسات العامة المشروعة ،وتحددان القادة الناجحين. وبالوعي واإلصالح وهما رسالة المسلم في الحياة ،بحيث دوره في الحياة أن يقوم ويوالي ويأمر بالعمل الصالح ،وأن يتجنب وال يوالي العمل الفاسد وينهى عنه. وباإليمان والمسئولية تدعم السياسات العامة ،أي برامج ومبادئ وأهداف األحزاب السياسية والمرشحين ،الذين يحرصون على هذه المقاصد ،وهي :حرمة العقل بحرية الفكر ،وحرمة النفس بالسلم االجتماعي وأمان الدولة العادلة والغير أمنية ،وحرمة الملكية الخاصة بحرية النشاط منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
االقتصادي وسالمة التشريعات والمعامالت والعالقات ،وحرمة األديان بحرية الشعائر والمعتقدات، وحرمة الوطن بمصداقية ومسئولية الدفاع عنه .فاإليمان والشعور بالمسئولية هما روح الحماس وتحقيق النجاح. وعندما تتحول السياسة إلي عقيدة فهي يقصد منها محاربة األديان وسلب الحريات والحقوق واألخالق وغرس الشجرة الستبداد والفساد. والدين اإلسالمي يعلمنا كيف نفصل في هذه المسألة الواقعية الخطيرة ويرسم العالقة ين الدين ولسياسة كما رسم وصنع العالقة ين لروح والبد. وقد ذكرنا خالل مناقشة ا لدستور بأن اإلسالم ال يفصل بين لدين والدولة ،فالدولة هي بيئة تضم كل شيء خاص بمصير وأمن وسالمة كل إنسان ،ولكنه فقط يفصل بين الدين والسلطة التنفيذية ،وبشكل رائع ومفيد ومغذي لإلصالح واألخالق. وبالتالي الذين يدعون إلي فصل الدين عن الدولة هم يدعون إلي عقيدة سياسية ،سوف تتحكم في جوانب ذاتية ال عالقة بالسلطة التنفيذية بها. والذين يدعون إلي العقيدة السياسية هم يدعون للتحكم في العقل وعزل مشاعر اقلب وإيجابية النفوس.ز وبالتالي كسب السيادة بشكل مطلق.
استنتاج :11متطلبات توافق الفكر اإلسالمي والعملية الحزبية أن العملية الفكرية هي باب اجتهاد مفتوح من أجل أن يتمتع الناس بنعمة العقل ،ويصلوا من خاللها لمعرفة الحقيقة وحماية الحقوق والتعامل بالحق .والعملية الفكرية هي أساس التطور اإلنساني والنهضة ،و قد نخط ْي في اجتهادنا ولكنه أمر ضروري ،فالصواب والحق والنجاح يعرف بنقيضه. وإنني في هذه األطروحة كل ما تناولته هو من باب العقل لخدمة العقيدة ،وإن كان للعقيدة اإلسالمية دور روحي في بناء كل عقل سليم. فإذا أخطئت أو قصرت فهذا طبيعي من ضعف معرفتي بهذه العقيدة التي لو جعلت األشجار جميعا أقالما والبحار مداد ما وفتها حقها في الثناء. وإن الشعوب إذا ظلت بفكرها راكدة ستلوث بعضها البعض باأليام وتزرع بإفرازاتها فوق رؤوس بعضها كل اآلفات ،فنعيم الحياة في العقل يكمن ،وكل نهضة بدون روح الفكر تموت. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالشعوب العربية اليوم في حاجة للتوعية الفكرية ،وأن يكون ذلك اهتمامها األكبر وال تستلم لهموم لقمة العيش الناتج عن فرقة إرادتها ،وتجزيء سيادتها. والعملية الحزبية هي آلية سياسية تنفيذية مقننة بأدوات قانونية ،لها مصادر دولية ناتجة عن تطورات إنسانية وتاريخية هامة وحيوية. ويجب أن نتعرف على الحكمة مها ،فنجد مثال ،في ألمانيا االتحادية ،يحدد الدستور أن مهمة األحزاب السياسية هي توعية المجتمع ،ولعل مثل هذه المهمة أصابت لب الحقيقة ،لمن أراد أن يمارس العملية الحزبية بنجاح. فالشعوب العربية بسبب هموم طلب العيش هي في غفلة وتنازل دائم عن كل حق سياسي ومعرفة كافية ،وهذا هو سبب معاناتها. فالعملية الحزبية هي طوق نجاة من الغرق العميق. فمن يتخذ مساره بعلم جميع التيارات ويجيد السياسة وليس السباحة فقط ،فسوف يصل لبر استحسان الناس لدوره اإليجابي في إنقاذ حياتهم. ومن يضل في المسار تشقيه التيارات فمنهم من يغرق ومنهم من يمسك بغيره لينجى. وهكذا فجمال الحياة في أن نجعل أفكارنا تسبح في الكون بدون قيود ،فالحقيقة الكاملة ال تعرف إال إذا نظرنا إلي ما هو أوسع خارج هذا الكون الضيق. وما ضيق النفوس وكبد العيش إال أن الناس قدموا بطونهم على عقولهم ،فأثقلتهم فمشوا في الحياة زحفا ولم تستطيع عقولهم أن تحلق. فالعملية الحزبية يجب أن تكون محرك التوعية ،وطوق النجاة من كل التيارات ،وأن تزود العقول بطاقة كافية تحلق بالناس برغم أثقال حياتهم. إن مسئولية الشعوب هي صنع الديمقراطية ،فهي نتاج وعي الشعوب وتكون بدرجة رقيها الروحي والمادي معا ،وتذهب بقدر ما يعم ويتغلغل الجهل والفقر بين الشعوب .فالديمقراطية هي "آلية قانونية" للممارسة المشروعة للسلطات وتداولها وفق إرادة حرة حقيقية للشعوب. فالشعوب الحية روحيا وماديا هي التي تصنع أفضل الديمقراطيات وتكون لها أقوى الدول نظاما ونفوذا ونماء. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ولذلك ال يوجد أي تباين بين اإلسالم والديمقراطية الحقيقة ،فإلسالم يؤيد من يسن بين الناس قانونا حسنا ومن يتبع من القول أحسنه ومن يكون عمله في كل شأت صالحا ونافعا ومتقنا. فاإلسالم هو منظومة أخالقية تحي الروح في الجسد ،فهي ليست سلطة تنفيذية ،فهي ال تتحكم في اليد وال العقل وال القلب ،فهذه أدوات يملكها الناس سواسية وبحرية كاملة ال سلطان عليهم إال مكامن أنفسهم ،ومضامين عقولهم وطبيعة قلوبهم ..واإلسالم هو دواء روحي يغذي النفس فتتزكى ويطهر القلب فيطرد الكره والغل والحسد ويطور خاليا العقل فتنتشر خاليا الخير فيه ،ومن كل ذلك تسلم األرض من الشر واألشرار وهذه رسالة كل إنسان وهذه هي رسالة الديمقراطية، فالديمقراطية هي آلية شرعية لصنع الحرية والكرامة والحقوق اإلنسانية والسالمة العالمية والحضارة الكونية. واإلسالم أرتكز في مقاصده الخمسة على حرمة العقل وحرمة النفس وحرمة الوطن وحرمة الدين وحرمة المال .وفي هذا أعمق درس يقودنا إلي جوهر "اآللية الديمقراطية" – أي التحررية اإلسالمية ،-وكما ذكرنا آنفا نحن نتناول ثالوث الديمقراطية في هذا الكتاب من جانب طرح "النظرية السياسية الشرعية المتكاملة" ،أي مكون الديمقراطية يتكون من ثالثة أبعاد وهي: الدستور وهو القاعدة يمثل القاعدة الشعبية ،وضلعه العمود وهو يمثل األحزاب السياسية وكافة مؤسسات المجتمع المدني وضلعه الثالث وهو االنتخابات ،ومن نستخلص األتي: "فالنظرية الحزبية تقول بأن طالما كان الدستور ناتجا من مشاركة شعبية واسعة وحقيقية ومتفاعلة مع دستورها باستمرار كتفاعلها مع كل األيام فإن ذلك سوف يترتب عليه نمو ضلع األحزاب السياسية وبعد مشاركتها وعلوا وعيها وبرامجها مما يؤدي إلي تطور ونمو ضلع االنتخابات فتكون لمشاركة واسعة تربط أخر نقطة في المجتمع بأعلى نقطة في البعد الحزبي.. وفي الجانب األخر ،إذا كان الدستور ال يمثل الشعب حقيقية وال يتفاعل الشعب مع دستوره بشكل واسع وبدقة في كافة شئون حياته اليومية وال يشمل تفاصيل كل إدارة شئون بالده وليس للدستور قوانين مكملة مبنية على الدستور بشكل عضوي وأمين و وطني و إنساني ،فإن ذلك سوف يترتب ال وجود حقيقي وال معنى و ال قوة لضلع األحزاب السياسية التي تربط ضلع أخر نقطة في المجتمع بأعلى نقطة في بعد الممارسة الحزبية". والمبدأ العام الذي نستخلصه هو أنه ال ديمقراطية بدون تعديدية حزبية ودستور كامل وانتخابات شريفة ،أي ال ديمقراطية بدون شعب تمكن من أن يتشكل في جماعات وف عقله وفكره ومسئولياته في الحياة ،وبذلك يكون مجتمع إنساني سياسي يهتم بإدارة بشئون حياته اليومية، وال يترك لنفسه مجال أن يتشكل في نسيج اجتماعي تربطه الغرائز من طمع وخوف ومهانة فيصبح مجتمع ذو طابع حيواني ..تسيطر عليه الحكام والطواغيت كما يسيطر الرعاة على منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
القطعان ،فال ديمقراطية بدون دستور شعبي حقيقي واسع ودقيق يكفل كل الحريات الفكرية والدينية والعلمية وكافة الحقوق اإلنسانية وكل القيم واألخالق التي تصنع الكرامة اإلنسانية ،وال ديمقراطية بدون انتخابات قضائية مستقلة شريفة ونزيهة". والبد لشعوب الدول العربية واإلسالمية ولكافة الساسة والعلماء ولإلنسانية قاطبة بأن اإلسالم في مقاصده واضحا ،وهذه المقاصد هي التحدي األكبر لإلنسانية وللسياسة الدولية خاصة ،فهي روح التحررية العالمية وهي ناموس السلم واألمن الدوليين. وال يوجد في إلسالم نص قطعي يحرم التحزب العقلي ولكن يوجد ما يدل على منعه الطائفي أو القبلي أو أو الديني ،فمثال ،يمنع إلسالم على لمسلمين مجادلة أهل الكتاب ،تقديرا لمشاعرهم وحرمة لعقولهم وكرامة إلرادة الحرة ،وهذا يفيد إطالقا مبدأ الحرية الدينية ،ويفيد مبدأ فصل إدارة شئون الحياة عن الدين وفصل الحوار على المخاصمة والمجادلة الدينية ،ويريد اإلسالم أن يرسخ لمبدأ الحرية لعقلية المحايدة أن تتبع المنهجية العلمية والحق والخير ولنفع وهو لسبيل الذي يوصلها لوحدتها إلنسانية ورسالتها لعلمية. وبقد وجدت آيات قرآنية عظيمة وكريمة استندت عليها في تحليلي السياسي ،وليس أي تحليل فقهي ،فهذا شأن لماء آخرين يصبون ما أقول ،فأنا مجتهد قاصد الخير وهم أهل العلم الدقيق واألوسع في تفسير آليات جميعها. فقد ذكر القرآن الكريم األحزاب أكثر م مرة ،وسميت سورة قرآنية بهذا المصطلح منذ أكثر من أربعة عشرة قرنا ،وفي هذا معجزة ربانية في ذاتها ،فا في تلك األيام النسا قلة وإدارة شئون الحياة بسيطة والرغبات ومطالب الناس متواضعة بالكاد أن يغلب فرد في حصرها ،ولكن مشكل "السيادة" وممارسة السلطات هو واحد في كل مكان وزمان ،وهي نفس الشيء لو كان المجتمع من نفر معدود أو عدد هائل مأهول ..وبذلك أتضح لي أن اإلشارة كان هنا أن األحزاب هي أداة للوصول إلي السيادة أي امتالك إرادة الناس وبذلك توجيه عقولهم والتحكم في عواطفهم وتكوين نفوسهم على طبيعة معينة ..وعلمت من تحليلي لبعض اآليات الكريمة بأن الناس تتشكل في مجموعها على نوعين أساسين من التحزب ،أحدها لو أجمعت بتفواتها نجدها تدعوا للخير واإلصالح الحقيقي والمصداقية والشفافية والوطنية واإلنسانية والسلم واألمان وهي تتنافس في هذا االتجاه الواسع ولكل عقل قدراته ولكل زمان أوضاعه ولكل مكان إمكانياته ،وصنف أر من التحزب ،لو جمعوا لوجدوا أنهم دعاة اشر والحرب والقمع والتفرقة والعدوان واالستبداد. فالطبيعة البشرية هي مستودع فيه بالفطرة كل الفجور أي الظلم والجور و ومستودع فيه حب الطهارة و والخير والنفع والسلم واألمن والخلق الحسن والتواضع وغيرها من الصفات والبواعث منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
الحسنة والجميلة التي ال حدود لها .ودور إلنسان منذ الطفولة أن يبدأ في اختيار نوعية سبله في الحياة ،فيفتح صمام الخير أو صمام الشر. ولذلك نجد األمر اإلسالمي يدعوا األحزاب أن تستبق الخير وتتنافس يه ..ولم يمنع التحزب ألن الشر ،كما قال الفيلسوف ب.راسل ،وهو من مفكري الديمقراطية المعاصرة ،أن األشرار تتحد رغم معرفتها بحقيقة بعها الشريرة ،وأن األخيار ال تتحد رغم معرفتها بحقيقة بعضها الطيبة. ولذلك عندما ال تكون هناك مبادئ دستورية طيبة دقيقة بحيث تمنع تتيح وتشجع في تكوين األحزاب السياسية الخيرية ،فإن ذلك سوف يؤدي إلي ظهور دولة االستبداد ويظهر األشرار بشكل سريع و واسع ويكونوا حزبا شيطانيا واحدا يدعم الحاكم المستبد وتكون البالد مرتع فساد لهم، فالدنيا مليئة بالمجرمين ،وأشرسهم السياسيين ،ألنهم يتسلقون إلي أعالي األمور ويمسكونها من زمامها ويهلكوا الحرث والنسل. فالبد من دستور شرعي يتيح تكوين األحزاب السياسية وأن ينظر كل مواطن إلي مبادئها وأهدافها وبرامجها و وسائلها وعبارتها الكالمية وأبعادها الفكرية ..فالشرير دائما يستبق الشر وينتهز كل غفلة من الشعوب فهو قوته في االستبداد والفساد والقهر والقمع والظلم والنفاق.. وبذلك على لشعب مسئولية أن تدرس أفعال وأقول قادتهم في الحكم وممن يسعون لهاكم عبر األداة الحزبية الطبيعية. فمنع تعدد األحزاب هو مناهض لإلسالم بشكل خطير ،ألن الدعوة للحزب الواحد أو الحزب الحاكم السري [أي شكل ،كما كان في ليبيا حزب اللجان الثورية حكم لعقود بيد من حديد ونفس شريرة هتكت األعراض وسلبت األموال ،وزجت بالناس في السجون لمجرد رأي عقالني أو رؤية حسنة أو كلمة طيبة أو أداء صالة فجر أو خطب في يوم لجمعة كلمة في حقيقة الطواغيت وما يجري م فساد ..لذلك الحذر كل لحذر على لشعب مسئولية تكوين أنفسهم في أحزاب الخير تدعوا لإلصالح والسالم واألمان والكرامة والعدالة والمساواة والنماء ..تدعوا لمجتمع تكون فيه لسيادة إلرادة الشعوب وحقها في تقرير مصيرها ،وال مكان لشرعية الحاكم وشرعية العرش في تقرير مصير الشعوب ..وعلى الشعوب أن تي ذلك جيدا في كل زمان ومكان. أي الدولة الشرعية ،أو الدولة الديمقراطية التي تقاد السلطات فيها بإرادة شعب حرة فعلية ،وتمارس السياسة عن طريق الدستور الذي تنازل الشعب عن سيادته للدستور وليس للحاكم.
استنتاج :00عالقة األحزاب السياسية بالعقائد والدستور والممارسة القانونية: منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
لم تصنع األحزاب السياسية من أجل التصادم الفكري ،والتنافس السلطوي ،والمصالح الذاتية ،وإنما هي وسيلة قانونية وآلية إدارية ذات مرجعية دستورية وشرعية شعبية ،من أجل التوافق الفكري ال التصادم ،وتنظيم المجتمع في قوى سياسية واعية حقيقيا وبعيدة عن كل زيف واستغالل فكري أو قمع سلطوي أو تغرير مالي ،بحيث يدرك الشعب في كل لحظة ومرحلة كيفية صنع مستقبله وصيانة مصيره واحترام مصدر شرعيته وإدراك مرجعيته العقالنية وجوهر كرمته وحرياته وحقوقه و واجباته وأمنه وسلمه التام. وبكلمات أخرى ،عندما تتحول السياسية إلي عقيدة استبدادية يتحول كل الشعب إلي البحث عن عقيدة السماء وآفاقها التي تنقضهم من عقيدة األرض وأنفاقها المظلمة. وبذلك أصعب مسألة تواجه تكوين األحزاب ،وقوانينها ،وممارستها ،وحقيقة أهدافها ودورها في السياسية العامة ونظام الدولة هو مسألة التطورات العقائدية الدينية والسياسية. والبد لي هنا من تحليل هذه لمسألة الحيوية ،حيث هناك عداء ال ينتهي أبدا بين السلطة والدين. ونحن في حاجة إلي األحزاب السياسية ،فليس هناك ديمقراطية بدون تعددية حزبية. والتعددية هو قانون تنوع الفكري الطبيعي ،الذي بدون ليس هناك ثمار ألي عملية بناء تنموي. وسوف نناقش "عنصر الدين" ،في قانون األحزاب السياسية ،بحيث ال تنزلق السلطة أو المجتمع في س وء تفسير أو ممارسة هذه الناحية الحياتية الجوهرية ،فليس هناك مجتمع بدون عقيدة ،ومن يحاول العدوان على هذا القانون الطبيعي ،فهو يصارع إرادة السماء ،فكيف لكائن ال يرى إال بالمجهر حال ننظر إليهم من خارج غالف لألرض. ولكن البد من مناقشة الخلل في الفهم وسوء التطبيق ونوايا الصراع الذي يضر بناء الدولة وسياستها العامة. حيث الدول هي منظمة كبرى ،أو أم المصانع دورها إنتاج السياسات العامة وتنفيذها. والدستور واألحزاب السياسية واالنتخابات هي أدوات فنية وعملية تصنع الدولة والسياسات العامة. فقد الحظنا جدال حساسا في عملية صنع قانون األحزاب السياسية في ليبياـ خالل المرحلة االنتقالية مايو ،2102حيث صدر مرتين ،مرة يسن بأن ال يجوز تأسيس أحزاب سياسية على أساس ديني ،ثم عدل يحذف هذا الشرط السياسي .وحدث صراع وتفكك في المجلس الوطني االنتقالي ،الذي مثل السلطة التشريعية في البالد خالل مرحلة هي األخطر واألدق في تاريخ البالد. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وفي حقيقة األمر ،فإن عالقة األحزاب السياسية بالعقائد جميعها ،هي مسألة دستورية أي تخضع إلدارة شعب بكامله ،وليس لفئة معينة ،ثم ال داعي سياسي أو فكري ناضج إلثارة هذه المسألة علو نحو الحذ أو اإلثبات. وإنما الدستور وقانون األحزاب السياسية هي نظام عام متكامل ،حيث الدستور له عناصر عدة تتناول هذه المسألة بكفاءة فكرية ومنطقية سياسية وعقالنية قيادية ،فمثال ،نجد عنصر "اللجان السياسية" التابعة للبرلمان ون اختصاصاتها لألحزاب السياسية من خالل تقيم مبادئها وأهدافها وممارستها. وهناك عنصر "المحكمة الدستورية" ،التي تصادق على أي قانون أو قرار تتخذه الحكومة في أي شأن عام أو خاص. إذا ال يجب أن تتحول العقيدة إلي جدلية سياسية ،بل كيف نوظفها طبيعيا في خدمة بناء الدولة الديمقراطية التامة وصنع السياسات العامة األخالقية والفاعلة عبر مختلف األمكنة واألزمنة. إن منطلق العالقة بين األحزاب السياسية والعقيدة الدينية ،نبدأها من منطلق تحليلي واقعي وملموس ال يختلف عليه الناس وال ينكره إال جاحد للحقيقة وغافل عن الواقع. ونبدأ في تحليل هذه العالقة بتجزئة المسألة إلي حقيقتها الطبيعية ،وهي أن لكل الناس جميعا عقيدة سياسية وعقيدة دينية ،وهم عالقاتهم ببعض كعالقة الروح بالبدن. فقد تكون الروح حية بنور السالم واألمان واألخالق الكريمة فتؤثر إيجابيا على السلوك الفعلية للبدن. أو يفصل دور الروح عن تحرك والتحكم في البدن فينتج العقل والقلب والنفس سلوكيات سلبية وفي غاية الخطورة. وخير دليل هو ظهور اإليديولوجيات وخاصة نماذج الماركسية المتعددة التي ترفض الدين وتحول اإليديولوجية إلي عقيدة .وهذا ما ضر بالشعب الليبي لمدة أربعة عقود ،فقد فرض عليهم النظام بالقوة تدريس الفكر السياسي كعقيدة أبدية ،وخلق له أتباع لتضليل الناس وخاصة الطلبة في كافة مستويات التعليم من الصغر إلي الكبر ،بما يعرف بتدريس مادة الفكر الجماهيري ،وأنتج النظام أستاذة ودكاترة في مجال العلوم السياسية واإلدارة العامة ،وأطلق عليها اإلدارة الشعبية ،وتوغلوا ليصيبوا عقول الطلبة مهما كانت تخصصاتهم ،الطب والهندسة والفنيين ،ناهيك عن تخصصات القانون والسياسية واالقتصاد واالجتماع ،من أجل إبطال القوة الشبابية وتوجيهها سلبيا في اتجاه سبل القوة "السلطة الشعبية" ،والفساد المالي والخلل العقائدي والقصور االخالقي ،وتتحقق هدف النظام وهو أبديته في السيطرة المطلقة وشرعيتها الشعبية المشوهة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المئوههة ديمومته إستي ،ط ،الفساد ويها القاتون في جميع سنوات الجامعة في كليات الطب والهندسة بمختلف تخصصاتها ،وكانوا هو من وسائل الممارسة الحزبية في صالح لحزب الواحد الحاكم ،فهم مؤمنين بأفكاره ويرون كل من يحمل فكر أخر فهو عدو ويجب أن يتل ويصفى ويعذب بالسجون.
استنتاج :02اتحاد الدول العربية ASU إن وحدة الشعوب والدول العربية هو مسألة مصيرية وسيادية تخص الشعوب العربية ،وليست مسألة إيديولوجية تقودها توجهات سياسية ضيقة األفق كتيارات القومية والعلمانية بصبغة الجاهلية فتتت الشعوب العربية وأنهكت وأفسدت دولها. أن مشروع الدول العربية هو مسألة دستورية ومسئولية عربية جسيمة ،البد من وعي شعبي وإدراك حقيقي وإرادة سياسية شرعية و وطنية على مستوى العلم لعربي. فمستقبل العرب في مثل هذا االتحاد المركزي ينبعث من بنظام دستوري مرن ومفتوح. يأخذ من تطورات وتجارب الشعوب وتحديات الحياة القادمة ومآسي إنسانية وسياسية ماضية زادا فكريا وروحيا ليشد من عضد الوحدة الشعبية العربية. فليس اتحاد الدول العربية مشروع منظمة إقليمية تستند على ميثاق وإرادة سياسية دولية ،فكفى العروبة واإلسالم إخفاق عصبة الجامعة العربية منذ 6511فقد تأسست وكان أول قرار لها االعتراف بسيادة لبنان وفصلها عن سوريا ،ولم تضم فلسطين ميثاقها ويومها كانت دولة وليست قضية.
استنتاج :31الكونية في اإلسالم تناسب التكوين االتحادي إن الدين اإلسالم هو عقيدة عالمية ،أو عقد إنساني عالمي ،وهو لدي المسلمين األصل واألعم عند صناعة الدستور ،حيث الدستور هو كل دستور هو عقد فرعي و محدد زمنيا ومكانيا وموضوعيا، وهو هو األصغر واألدنى. فلذلك يجب أن يكون دستور محلي سواء لدولة عربية واحدة ،أو مجموعة دول عربية متحدة ،أن تؤسس دستورها بحيث ال يخالف األصل أو ينقطع عنه. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فهناك أحكام في العالقات الدولية قطعية ،أشادها العلماء ،كونها تعبدية من ناحية ،وثابتة بآيات قطعية صريحة ،ال تتغير وصالحة لكل زمان ومكان ،تحقق السالم واألمان واإلنسانية لكل الشعوب ،فكيف يحق أن نؤسس دساتير بين العرب ال توحد سياساتهم الخارجية والدفاعية واإلنسانية. ليس بالضرورة أن يكون الدستور ديني ،وهذا غير مطلوب ،وال أن يكون وضعي يخدم أهواء وجهات عدة. بل أن تكون هناك قواعد قانونية شرعية ،يمكن أن تصاغ في الدساتير العربية ،وتوفر لها اتحاد ولو لم تقصد ذلك .فاإلسالم يوحدها كلما شاءت ولو بأدنى اإلرادة. فال يكفي أن نقول في الدستور "أن الشرعية مصدر التشريع" فقد قالها كل مستبد ،بل الصحيح أن نضع القواعد والتصورات المركزة على هذه الشرعية ،وبما تجسد هذا النص ،والذي يجب أن يكون في المقدمة وليس كمادة ،ولقد ذكرت ذلك من خالل "نظرية المعادلة الشرعية في مبحث ،2 والخاصة باإلرادة ثم التوظيف السياسي ،ثم الصياغة" ،وبذلك عندما نحدد القواعد والتصورات نكون قد حقننا هذه المعادلة الشرعية في الممارسة السياسية وصناعة الدساتير. وإن كان بعض المفكرين ،طالب إضافة نص" وأن ال تصدر أحكام تخالف الشريعة اإلسالمية"، ولكل مفكر زاوية معنية عندما ينظر من خاللها فيما يذهب إليه ،ولكن الدستور هو خارطة معمارية للدولة ،وخارطة إنشائية لكون شئونها ،ولذلك البد من قواعد وأسس محددة تشيد عليا لبنات البناء، وليس مجرد عناوين رئيسة. فقد نؤسس دستور إسالمي بدون ذكر أن اإلسالم مصدر التشريع ،والعكس صحيح فقد نؤسس دستور ليس في صالح اإلسالم ،رغم وجود نصوص تقول أن اإلسالم المصدر الرئيس للتشريع، وأن ال يجوز صدور من يخالف أحكامه ،كما ذكرت الدستور خطوات عملية تحتاج إلي قواعد للسير والتقدم والمعالجة التفصيلية. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وكما ذكرت فإن الدستور هو عقد تأسيس دولة ،وأن عقيدة المسلم هي كونية ونظام حياة شامل، فالبد أن يحمل الدستور القواعد الالزمة التي تمكنه من التفاعل اإلنساني والكوني والسلمي واألمن والحياتي الكريم. ولكل ذلك قواعد دستورية ،ولقد ناقشت ذلك من مقومات وعناصر الدستور ،ن أجل هذا الهدف. ومن أجل أضرب مثال ،يخدم الواقعية ،والناحية العملية ،ويجمع مسألة اتحاد الدول العربية ،بمسألة القواعد القانونية اإلسالمية الدستورية. وعلى سبيل المثال والتبسيط للمواطن ولمتخصص ،نقول بأن مكون "العالقات الدولية" يمكن أن يضاف في كل دستور عربي مستقل .وتحدد فيه القواعد الشرعية في العالقات الدولية العربية ،ومن خالل مثل هذه التحديد سوف يتشكل االتحاد ولو لم نذكره لفظيا ،حيث: بموجب الدستور كل معاهدة خارجية يجب أن تبرم بموافقة جميع الدول العربية ،وأن تحترممن جميع األفراد والسلطات ما دام الطرف األخر ال ينقضها .وأن تعمل الحكومة عبر وزارتها المختصة في التنسيق الالزم. يراعي في كل معاهدة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية عربية أن تفي بمقاصد الشرعيةاإلسالمية واشتراطاتها وأن تكون في خدمة دول االتحاد وشعوبه وأن تحقق السلم وأمان ورفاه الشعوب. واجب الشعوب العربية وحكوماتها أن تتخذ موقف موحد اتجاه أي عدوان خارجي يمسشعوب وأقاليم ومعتقدات كل دولة عربية ،وأن تعلق كافة المعاهدات واالتفاقيات والتعامالت العربية كافة مع دولة العدوان حتى تفي للحق وترجع للسلم وال تكون مصدر تهديد .وقد تفرض مقاطعة اقتصادية وسياسية ترغم العدوان على التراجع وإتباع الصواب. أن تعد الدول العربية باالتفاق بينها "قانون العالقات الدولية العربية" وتوقعه وتودعه ليكونجزء من القانون الدولي ولدي األمم المتحدة ،يحدد معالم ومقاصد عالقاتها مع الدول منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
األخرى ،وتسعى أن تكون هناك "مندوبية عربية" مشكلة من جميع الدول ،تعبر عن الموقف العربي الموحد وعكس سيادة واحدة ال تتجزأ. األولوية في كافة التعاقدات التجارية والمشاركات االقتصادية واالستثمارية أن تكون بينالدول العربية ،وعلى أن تشجع كل دولة عربية أن تتحد مع غيرها عند الحاجة ألي استثمارات خارجية. على الدول العربية أن يكون له جيشها الموحد للدفاع عن الشعوب والتدخل السريع فيحماية لشعوب من أي كوارث سياسية أو طبيعية. كل المعاهدات الخارجية ال تكون نافذة إال بعد تصديقها من السلطات التشريعية ،وموافقةالسلطة القضائية الدستورية. وهكذا فإن المقصود فقط هو معرفة أن الدستور ليس مجرد نصوص ،وإنما هو وثيقة وطنية تضع القواعد methodsوتحدد اآلليات mechanismsمن إدارة شئون الحياة بشكل عملي ،وبكلمات أخرى ،وظيفة الدستور هو وضع القواعد واآلليات القانونية الالزمة لتجسيد عقيدتنا السياسية الزمنية والتي ال يجب أن تنسلخ من عقيدتنا الدينية األبدية. رغم أن االستعمار حقيقة شريرة موجودة ،إال أن الدول األوربية وأمريكا والصين وروسيا تخشى اإلسالم ،ربما ألننا لم نضع تصور مؤسس على قواعد وآليات تجعلهم يطمئنوا ويعلموا كيف يتصرفوا معنا حسب دستور تنظيمنا للعالم العربي. كما أن مثل االتحاد وبكل ما يصنعه من قواعد وآلليات دستورية ممكن أن يحد حتى العداوة بين هذه الدول الكبرى بسبب في تسابقها كل يريد أن يأكل العرب ويبتلع ثرواتهم ويستوطن أرضهم.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
استنتاج :31الدستور أوسع من حدود الدول الدستور يمثل سيادة الدولة ويعطيها الصفة القانونية في عالقاتها على مستوى الدول وكافة حقوقها و واجباتها في البيئة الدولية. لشعوب عندما تصنع دستورها يكون ذلك على أساس رؤية إستراتجية ،بحيث تكون القيم والمنهجية والمهام واضحة ويمكن تطوير أدواتها واألهداف محددة. فالدستور ليس ثوب سياسي يفصل على مقاس الدولة ،وتتزين بلمعان نصوصه ،بل هو روح واسعة تدفع الشعوب للتقدم كقوة متحدة بكافة أقاليمها نحو تحقيق كامل مصالحها وتقف راسخة في مواجهة كل التحديات والمطامع والصراعات والمؤامرات التي باتت تدفع القوي نحو المتخلف والضعيف. ولفهم مثل هذه الحقيقة بشكل عملي ،دعنا ننظر في كيفية تطور الوعي الدستور األلماني ،حيث طلبت المحكمة الدستورية في يونيو 2002أن يكون للبرلمان دور في كافة القوانين والقرارات على المستوى االتحاد األوربي ،رغم أن أوربا تعي أنها ال تستطيع وال تتوفر فيها مقومات تشكيل إتحاد مركزي ،ورغم ذلك تعي أن تشكيل اتحاد إقليمي قوي يتمتع بالشرعية التامة على مستوى الشعوب هو حتمية في ظل عالم تحترق سياسته الدولية بنيران الصراعات وإشعال المؤامرات وتقاطع المطامع وسخونة التحديات الدولية. وعن موقع حقائق عن ألمانيا " :ومن خالل المعايير الصارمة للدستور فيما يتعلق بدولة القانون وسيادة الديمقراطية فإن المحكمة الدستورية تتحول لتصبح عامال فاعال على الساحة األوروبية .فقد أكدت المحكمة مرارا وتكرارا أن على نظام القانون األوروبي يجب أن يتماشى مع أحكام الدستور ،قبل أن تشرع ألمانيا السياسية في المساهمة ببناء الوحدة" .الضمانة األبدية المطلقة" لمبادئ الدستور تدخل هنا في عالقة دقيقة مع دستور االندماج األوروبي .وفي حكم للمحكمة الدستورية صدر في حزيران/يونيو 2002نوهت المحكمة بأنه من الواجب منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
أن يشارك البوندستاغ بشكل فعلي في إقرار القوانين واتخاذ القرارات على مستوى االتحاد األوروبي ،إذا لم يكن من الجهات المنوط بها إقرار التعديالت واإلصالحات لالتفاقيات األوروبية.
استنتاج : 15المالمح العالمية للدول االتحادية أود هنا أن أشير قاعدة دستورية وهي أن توزيع هيئات السلطات ومدى الصالحيات بين سلطة المركز االتحادية وسلطة مكونات االتحاد من دول أو أقاليم ،هي مسألة تقديرية توافقية ،ليس هناك قانون عالمي أو نموذج فريد واحد ،أو توصيات دولية أو آيات دينية. فهذه مسألة علمية بالدرجة األولى ،وتعتمد على وعي الشعوب ومدى صدق اإلرادة السياسية .فهناك معايير عديدة .يلزمني أن اطرحها كما جاءت في الكتب ،وعلى من يضع الدستور أن يعرف كيف يضع القواعد السياسية الالزمة. ولمعرفة المزيد عن قواعد وتصورات أشكال العالقات بين "سلطة المركز أي السلطة االتحادية" و "السلطات الوطنية أي سلطات الوحدات المكونة لالتحاد. والجدير بالمالحظة أنه يوصى بأن يكون هناك مكون دستوري مستقل في الدستور يدرج فيه كل القواعد القانونية الالزمة واآللية السياسة الشرعية ،وبما تحقق تصور عملي دقيق. ومن بعض األمثلة على الدول االتحادية هناك ألمانيا واألرجنتين وأستراليا والبرازيل والواليات المتحدة األمريكية والمكسيك ونيجيريا وفنزويال. كما أن هناك نظام "الخالفة" الذي برز كأول تجربة اتحادية جمعت الدول اإلسالمية ،ومر بتطورات تاريخية وتداعيات تاريخية عديدة ،ولكن في مجملها كان مصدر إلهام العالم السياسي بأسس االتحاد المركزي وقوته الدولية. ومن أهم هذه األسس مبدأ تداول السلطة الذي يكمن في عبارة "الخالفة" ذاتها ،أي حاكم يخلف األخر ،مبدأ فصل السلطات القضائية فلكل والية قضاتها وفصل السياسة العامة فكل والية تدير شئونها ،وكل دولة تدير حماية إقليمها ،وهكذا فهو اتحاد على الصعيد أمور الدنيا نظام مفتوح وعلى صعيد العقيدة ومتطلبات اآلخرة متحد وملتزم. واتحاد الدول العربية هو مطلب لمواجهة تحديات معاصرة وأن يتشكل بأدوات ومفاهيم العصر وبمقومات األصل. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فنظام الخالفة هو نظام إتحادي بامتياز ،ولقد أستنبط منه الكثير بحيث تشكلت اتحادات دولية معاصرة. والخالفة مصطلح يعني "التداول" ،والبيعة وسيلة كيف يخلف الخليفة المرشح للحكم من سبقه. فحسب الفكر اإلسالمي فكل البشر هم خليفة هللا في األرض ،والخالفة السياسية تعني كيف تنازلوا عن سيادتهم هذه ليختاروا من يمثلهم ويخلف من قبله. الشك أن هناك جدال واسع ومخاوف عدة بسبب عدم الدقة في فهم نظام لخالفة. وأنني هنا ال أدرس مسألة الخالفة بعينها ،وإنما أدرس اإلتحاد المركزي. وإن كنت من خالل هذا البحث أجد أن األنسب لكل دولة عربية أن تكون دولة لها دستورها الخاص ،والمتوافق مع دولة عربية اتحادية ،لها دستور اتحادي ،يجمع ينسق السياسة الخارجية والدفاعية واالقتصادية والقضائية بين هذه البلدان المستقلة بشكل كامل كما يفرضه الواقع السياسي واالجتماعي ،ويتطور ويتكامل كما يفرضه الواجب الديني. وفي تقديري يمكن أن يتشكل دستور اتحادي انتقالي ،ويأخذ زمنه الالزم في التطور الكافي ،وأن يعدل بحيث ي في بمتطلبات التوازن بين الدول المتحدة ،وبين توازن اإلرادات السياسية والشعبية، وبين التيارات الفكرية. وأن يتشكل بحيث يتضمن الدساتير الموجودة ،ولكن ليضيف ما يلزم هذه الدول أن تنتج سياسات عربية متكاملة ،ومواقف سياسية موحدة ،وإستراتيجية عربية مصيرية واحدة ،وأن تتوحد سيادتها المتجزئة ،وأن تلتحم حدوها المتقطعة ،وأن تستفتى الشعوب العربية ،ليكون ذات صيغة شرعية أعلى من كل دستور محلي استفتي عليه شعب واحد. أم مشروع دستور إتحادي عربي هو مشروع العصر ،وهو أعظم تحدي للعقل العربي ،وهو تاج كرامة تاريخية تلبسها األجيال عبر العصور وحراك فكري تحترمه الدول الكبرى لشعوب أدركت حقيقة سيادتها ،وبرهنت على قدرتها في تحقيق مصيرها. وهناك مسائل عديدة تناولتها األدبيات السياسية والدستورية ،ورأيت أن أضم وجهة نظر "شبكة المعرفة االنتخابية" ومنا قشتها فيما يخص خصائص االتحادات المركزية وحلول ألهم اإلشكاليات، تفيد في رسم أي تصور اتحادي وصياغة دستورية.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
استنتاج :17مالمح النظام االتحاد المركزي Federal Union features مسألة مخاوف تركيز السلطة في يد سلطة اتحادية :ال يوجد دستور إتحادي في العالم إال وقد واجه هذه اإلشكالية ،فطبيعة االتحاد أن تكون هناك سلطة مركزية ،ولكن وجود حلول وتوافق وتطويرات أمر واقعي ،فمثال ،قد وضحنا من خالل الدستور األمريكي الذي يضم خمسون دولة ،ونحن هنا نتحدث عن 22دولة الكثير منها ال يتجاوز بضع ماليين كقطر وإلمارات والكويت وموريتانيا ،ومنها لم يتجاوز المليون مثل جيبوتي وجزر القمر ،ومنها ما ضم ال يأتي في تعدد والية أمريكية واحدة مثل ليبيا وتونس والمغرب ..ومن أجل تفادي أن تستأثر دولة أو فئة ما بتركيز واحتكار السلطة ،ومن أجل المشاركة في العمل بفعالية " ،فإن البعض يرى عند تصميم الدولة ضرورة توسيع الالمركزية لدى "السلطة القضائية – السياسية" ،أو في مجال نقل الصالحيات أو السلطات وفقا ً للمساحة المتاحة أو الصالحية اإلقليمية إلنفاذ القانون .وبالتالي ،فإن من الممكن التمييز بين درجات متفاوتة من الالمركزية في تلك السلطة بدءا ً من "المركزية الكاملة" لتلك الصالحيات المـُـخـ َ َّـولة لدى الهيئات الوطنية ،ووصوالً بها إلى مرحلة "الالمركزية المطلقة" في المؤسسات العامة ،مما يمكنها من خلق وتطبيق القواعد القانونية في نطاق وأطر صالحياتها القانونية .إال أنني وجدت أن الدستور األمريكي بسبب حروب االنفصال ،تشدد في أن تكون سلطات اإلتحاد واضحة ،وأن تكون سلطات الواليات كافية ،وخاصة التشريعية وحكومات الواليات ،والسلطات القضائية ،ولكن شئون الحرب والمال والسياسية الخارجية مركزة بشكل دقيق ،بحيث تكون دولة اتحادية قوية. إن مسألة التطبيق المكاني للقانون ليست واحدة .ولذلك ،فإنه باالعتماد على اإلقليم ،فإن هناك العديد من الواضعين والمنفذين للقواعد القانونية .وعلى مستوى الدولة ،فإن هناك خليطا ً من الهيئات المحلية والوطنية واإلقليمية والمتمتعة بالحكم الذاتي ،وفي نهاية المطاف ،هناك أيضا ً هيئات الدولة المناط بها اختصاصات محددة أو حصرية ،بناء على شكل أو نمط تشكيل الدولة نفسها .ويمكن تصنيف هذه االختصاصات على أنها "معيارية عادية" ،أو "إدارية" أو "قضائية" ،وصالحة للتطبيق في كافة أراضي المنطقة بشأن موضوعات معينة (عندما تكون وطنية) ،أو بخصوص أجزاء منها فقط. انطالقا ً من منظور "سفلي -علوي" ،ومع األخذ بعين االعتبار لمختلف أسس تنظيم التقسيمات اإلقليمية ،فإنه يمكن تصنيف الدول على أنها إما مركزية ،أو وحدوية ،إقليمية ،أو مؤلفة من مناطق حكم ذاتي ،أو فيدراليات اتحادية .ونظرا ً لوجود أطراف أخرى إلى جانب الهيئات الوطنية ،حيث هناك سلطات محلية أو حكومية من الدولة أو األقاليم ،وحتى سلطات من المقاطعات ،إن نموذج الدولة االتحادية ،يعتبر أحد أبرز درجات الالمركزية في "السلطة القضائية – السياسية" .وهذا النمط من التعايش يعني أن يتم انتخاب كل طرف منها من قبل المجتمع ،بصورة مستقلة عن بعضها البعض ،ويحق للممثلين المنتخبين العمل بصورة مطلقة في إطار واليتهم ،وصالحياتهم القانونية. ويندرج هذا النموذج في فرعين مختلفين من التفويض الحكومي على نفس الدرجة من المساواة ، حيث هناك المستوى االتحادي ،من جهة ،ومستوى الوالياتي المحلي ،من جهة ثانية .وفي نطاق منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المستوى األول ،هناك قواعد سارية على كل األراضي في البالد ،ويجري إصدارها وتطبيقها من قبل الهيئات االتحادية ،وبالتالي فإن تلك القواعد تكون مـُـصاغة ومـُـشكـلة لجميع الناس الذين يعيشون في كافة أنحاء البالد .ومن ناحية ثانية ،فإن ثمة معايير محلية يتم وضعها من قبل الهيئات المحلية مع أخذ الدستور االتحادي بعين االعتبار على الدوام ،ولكن ال تصلح تلك المعايير للتطبيق إال على جزء محدد من التراب الوطني ،وفي نطاق صالحيات ضيقة للغاية. إن مسألة تركيز السلطة ،يجب أن يتم توزيع السلطات بحيث تنسحب على المحافظات أو الواليات أو دول اإلتحاد ،في ظل قبول مشاركة في السيادة ،باعتبارها واحدة غير قابلة للتجزئة .كما توجد هناك دوائر سياسية ومعيارية وإدارية وقضائية في إطار كل وحدة والصالحية القانونية .ويعمل توزيع أو خفض مستوى المركزية في السلطة السياسية ،على االهتمام واألخذ بنظرية "الطرد عن المركز". وال تعني هذه الميزة أنه ال يجوز اعتبار الدولة بصفتها دولة فدرالية وطنية بصورة كاملة .وحتى لو أخذنا بعين االعتبار حقيقة وجود دستور وطني أو اتحادي ،ووجود سلطات وطنية أو اتحادية (تشريعية وإدارية وقضائية) ،فإن هناك أيضا دساتير وسلطات خاصة بالوحدات المكونة لالتحاد، بما فيها التشريعية واإلدارية والقضائية )وتعمل هذه بصورة مؤكدة للتكيف مع الدستور االتحادي الذي يحتوي على جميع مبادئ وأسس الدولة االتحادية أو الوطنية .وهذه الميزات تظهر لدى معظم الدول االتحادية .ومع ذلك ،فإنه قد تكون هناك بعض الدوائر المخصصة حصريا ً للسلطات االتحادية ،مثل دوائر العدل ،على سبيل المثال. إن الدولة اإلقليمية أو المتمتعة بالحكم الذاتي تعتبر شكالً من أشكال تنظيم الدولة الوطنية ،والتي من خاللها تعتبر بعض اإلدارات العمومية ،والتنفيذية ،والوظائف المعيارية أو العادية متوافقة مع "الهيئات اإلقليمية المعتمدة" .وبهذه الطريقة ،فإن بعض الدول مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال ، وإيطاليا ،قد عملت على تطوير مناطق ذات حكومات دستورية ذاتية بصورة مضمونة ومؤكدة، والتي تعتبر ،من زاوية منظور ضيق ،أنها ال تتطابق مع بقية الواليات المحلية للدولة االتحادية ،أو الهيئات اإلقليمية الثانوية للدولة الوحدوية من خالل الدستور الوطني ،فإن هناك بعض السلطات المركزية في هذه الدولة ،مع تخويلها بعض الصالحيات بسلطات ومهام جانبية .ومع ذلك ،وبدون اإليحاء أن ذلك قد يعني اعتباره بمثابة منح جهات معينة لسلطات بصالحيات لتصميم دساتير خاصة بها ،فإن ثمة بعض السلطات اإلقليمية أو المحلية التي تشتمل على صالحيات صريحة واستقاللية تشريعية واضحة .كما ال يوجد لديها مجلس تمثيل نيابي بأهداف لحماية مصالحها اإلقليمية ،وال تشارك في عمليات التعديل الدستورية ،وال تتمتع بأية سمات معترف بها على أسس الوالية أو الصالحية القضائية. ونظرا ً الحتكار السلطة ،وباإلضافة لممارسة الصالحيات التي تميز السيادة العامة من قبل بعض السلطات الوطنية ،في إطار ما يسمى الدولة المركزية الموحدة ،فإن السلطة السياسية تعتبر مركزية تماما ً .ويتعين على كل شخص يقع تحت سيادة الدولة أن ينصاع ويمتثل لنفس تلك السيادة دون منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
غيرها ،وللسلطات المركزية أو الوطنية فيها أيضا ً ،وبالتالي ،فإن الجميع يخضعون لنظام دستوري واحد ولنفس القوانين. وعلى كل حال ،فإن تخفيض درجة الالمركزية في بعض الصالحيات لصالح السلطات المحلية ،أو الجماعات ،أو اإلدارات اإلقليمية ،ال يتعارض مع الدولة الوحدوية .وعلى كل ،فإنه بحكم أن السلطة المركزية هي الجهة الوحيدة التي تتنازل عن الصالحيات وتشرف على ممارستها فيما بعد ،فإنه لن يتم التوصل في تلك الحالة إلى حكم ذاتي كامل .وحيثما تعمل السلطة الوطنية على تكديس السلطة العامة في قبضتها ،فإنه يمكن القول ،أنها تعمل على صيرورة نظرية "الجذب نحو المركز" .وتعتبر بوليفيا وكولومبيا واالكوادور وفرنسا بعض األمثلة على الدول الوحدوية.
استنتاج :18مالمح النظام االتحادي غير مركزي Con federal Union Features وهذا نموذج عصري من نماذج تنظيم الدول ،وتعتبر سويسرا في الطليعة بين تلك الدول الكونفدرالية .والمالحظ أن سويسرا تتشكل من ثالثة قوميات اإلنجليزية واأللمانية والفرنسية، وكل محتفظ بلغته ،في حين العرب قومية واحدة ولغة واحدة ،لكن في حالة غياب وعي شعبي وغياب إرادة سياسية وعجز عن التمهيد لوضع أي شكل إتحادي دستوري ،وفي مثل هذا النظام ، فإن الحفاظ على الحرية والسيادة واالستقالل للكيانات الكونفدرالية قبل السلطة الوطنية يعزز ويقوي من مستوى الحكم الذاتي .وباإلضافة لذلك ،فإن الكيانات تعتبر متساوية بين بعضها البعض ،وبالتالي ،فإن لها الحق في االنفصال عن الدولة الكونفدرالية في أية لحظة ،إن شاءت ورغبت في ذلك. ومن جهة أخرى ،فإن االتحاد الكونفدرالي الذي ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الوطنية المستقلة ،يهدف إلى تحقيق مطالب اقتصادية مـُـرضية من خالل نشأتها وتشكلها .ويتم تنظيم ذلك في األساس عن طريق معاهدات القانون الدولي أو االتفاقيات ،كما هو الوضع في الحالة النموذجية لالتحاد األوروبي .ويقوم هذا اإلتحاد على أسس التعاون ومبادئ التنسيق فيما بين الدول الداخلة في االتحاد ،فضال عن الدمج المجتمعي ونصوص قوانين الدول المنضوية تحت لواء ذلك النظام .وباإلضافة لذلك ،فإنه من ناحية الشق الرئيسي المتعلق بالموضوعات االقت صادية والتجارية ،فإن ثمة بعض النواحي األخرى التي هي في صلب الكونفدرالية مثل تلك المسائل المتعلقة بالبـُـنى التحتية لالتصاالت ،فضالً عن التكامل الثقافي والتكنولوجي والعلمي ، وتوفير المساعدة ،ودمج األنظمة الصحية ،عالوة على أمور أخرى عديدة. وعلى الرغم من وجود هيئات مجتمعية ووطنية تتمتع بخبرات متنوعة من االختصاصات ،فإنه يمكن للهيئات المجتمعية أن تعمل على إصدار قواعد نافذة بصورة مباشرة داخل منظومة منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
القوانين المحلية للدول الوطنية .وفي بعض الحاالت األخرى ،فإنه ال بد من التحديد المسبق لضرورة تبني واعتماد بعض األنظمة واللوائح الداخلية حسب مقتضيات األمور . ومن ناحية أخرى ،فإن ما يميز دولة اتحادية عن دولة مركزية أو متمتعة بحكم ذاتي ،يتمثل في مستوى ودرجة الالمركزية فيها .كما أن ما يميز بين الدولة اإلتحادية واألقطار الدولية األخرى، هو الفارق المتمثل في أن األقطار الدولية تستقي متطلباتها القانونية أوالً من منظومة القوانين الوطنية لديها ،في حين تقوم كونفدرالية الدول على أساس أحكام ومبادئ القانون الدولي. وحيث أن السلطات التي يتعين انتخابها ،وأطرها القانونية والتنظيمية ،تتوقف كلها على نموذج الدولة ،فإن من الضروري أن يتم األخذ بعين االعتبار لمختلف أشكال التنظيمات التي يمكن تبنيها واستيعابها .وفي إطار الدولة االتحادية ،فإنه يمكن العثور بصورة اتحادية على( سلطة تنفيذية تمثيلية أو نيابية ،مع وجود رئيس وهيئة تشريعية ،عادة ما تكون مؤلفة من مجلسين أحدهما للشيوخ أي األعيان ،واآلخر للنواب) مع وجود سلطات محلية ،وأخرى للدولة أو المقاطعة .ويجري اإلعالن عن تلك السلطات من خالل عمليات انتخابية يتم الحكم على كل حالة منها ،من خالل قوانين مختلفة تشمل أيضا الهيئات والمؤسسات المسؤولة عن اإلعداد لالنتخابات ،إلى جانب وجود بعض المسؤولين اآلخرين المختصين في حل قرارات النزاعات االنتخابية سواء في االنتخابات المحلية أو االتحادية منها ،ولكنها تظل دائما معلقة ومرتبطة بالقواعد أو المبادئ المنصوص عليها في الدستور االتحادي .وعلى كل ،فإن هذا األمر ال يمثل عقبة كأداء في طريق السماح لهيئة مركزية بتنظيم االنتخابات وهيئة أخرى تكون وطنية أيضا ،للعمل على فض النزاعات الناشئة عن العمليات االنتخابية المحلية والفدرالية ،وحتى المنازعات الناجمة على مستوى المقاطعات االنتخابية. وتعمل السلطات المركزية في دولة وحدوية على تصميم اإلطار القانوني لالنتخابات الوطنية الالزمة لها ،وللسلطات اإلدارية والمحلية أو اإلقليمية الخاصة بها .وعلى الرغم من احتمال وجود بعض السلطات المحلية المسؤولة عن إدارة العملية االنتخابية المحلية ،في دولة إقليمية أو في كيان بحكم ذاتي ،فإن السلطات الوطنية تحدد مسبقا ً األحكام التي يجب أن تلتزم بها المؤسسات والعمليات االنتخابية الوطنية والمحلية ،على حد سواء.
استنتاج :15عالقة الدين بالدستور والدولة في اإلسالم لكي نزيل اللبس أو المخاوف لدي المناهضين لظاهرة وجود عالقة بين الدين والدولة ،وبين ظاهرة اإلرادة الشعبية نشاطها وخمولها واإلرادة السياسية المطلقة والمنضبطة ،وبين ظاهرة العقيدة الدينية اإلنسانية وظاهرة العقيدة السياسية الحياتية ،فقد ضوحنا سابقا بأن عالقة الدين اإلسالمي بالدولة ،هي عالقة بين الدين والسلطات التشريعية والقضائية ،وليس له عالقة تنفيذية مباشرة. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
وهذه العالقة لها أربع مراحل مركية ،على النحو التالي: مرحلة الحياة العامة :حيث الكتاب والسنة هما األصل في رسالة المسلم في الحياة وهماالمصدر األعم في كل ما أرد أن يفعل أو يقول ،فهما قانوني رباني مفصل وهو "القران الكريم" وقانون نبوي تنفيذي وهو "السنة الشريفة" ،فهما قانون الحياة والئحته التفيذية بالمفهوم المعاصر ،ال يحدهما مكان وال زمان فصانعهما هو صانع الكون والخلق ،وهي رسالة واجبة و خالدة ،يحاسب كل مسلم على ضوء أحاكمها ،وهي أحكام تعلوا فوق ذي علم ال يستطيع األنس لو أجنمعوا أن يدحضوها وفوق كل ذي حكم ال يستطيع أن يأتي بأعدل منها ،وقد أقرا على كل مسلم ما يجب عليه في كل صغيرة وكبيرة في حياته" ،وما فرطنا في الكتاب من شيء" األية ( ). مرحلة مسئولية العلماء :لهذا الكتاب والسنة جوانب عديدة ،ال يعرف فضلها إال العلماء ،واليحس بقوتها إال من حاول أن يطبقها في الحياة ،وعلى العلماء واجب "الفقه الدستوري الشرعي" ،حيث يستنبطون للشعب والحكام ،كيف تؤسس دولة-األمة ،وكيف يكون أسلوب الحكم الشرعي ،بحيث يشكل هذه الدستور الشرعي المرجعية اإلسالمية ،تسمتد منه الداستير الوضعية وتعديالتها الشرعية ،وتكتمل سيادتها وتحرز توحدها الروحاني ،الذي ال يأتي إال بقدر ما تمكست االقطار العربية بمرجعيتها المتميزة .وهذه المرحلة أجتهادية ،ال يختص بها إال العلماء ،وال تصدر مخرجاتها إال عن طريق مؤسسات مشروعة ،كاألزهر الشريف ومجمع البحوث اإلسالمية ،ولهما بداية حسنة يمكن أن يؤسس عليها ،وتتطور حسب مع متغيرات ومتطلبات الحياة ،وبحيث ال تنفصل حياة المسلم عن دينه في كل صغيرة أوكبيرة، وهذه هو مصدر قو األمة ،وهذا هو واجب العلماء .. مرحلة السياسية :وهي عالقة تفاعلية بين إرادتين وهما إرادة الشعب وإرادة الساسة وهممحبي السلطة ،وتولي زمام أمور الناس ،لما يها من جاه ومال ،وقلة من يسعى إليها لمرضاة هللا ،فالناس لديهم شعور العظمة ،وإن أخفوا ذلك ،حيث اإلنسان مخلوق خاص ،لها قدرات عديدة ،ويجب أن توظف في الخير وال يترك لها مجال أن توظف في الشر ،فتهلك حياة الناس ،ولهذا البد من وجود إرادة شعبية نشطة ،تشارك في وضع الدستور الوضعي ،فهتاك فيه ما هو تابث ال يمكن تغييره من حقوق و واجبات وحريات مقررة في اإلسالم ،ال يمكن العبث بها أو مخالفتها ومحاربتها ،وهناك أمر جنيوية عديدة تحتاج إلي سن قوانين وضعية بحتة ولكن يدرس كيف توظف قواعد وأسس دستور األمة ،بحيث ال ينفلت عقد األمة، وتكون الدول العربية متجانسة ،تتكامل قوتها االقتصادية والثقافية واالجتماعية والسياسية، وال تتضارب و وتتصارع ،وتكون مطية للعدوا يضعف بها األمة ويبعدها عن الحق والعدل والخير والعلم. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
مرحلة الدولة :الدولة هي كيان مادي نتاج الدساتير ،وحالها هو نتاج تفاعل اإلراتين الشعبيةوالسياسية ،وهذا التفاعل ينتج عنه عالقة بين دائرة المجتمع ودائرة السلطة ،وهذا القاطع بينهما كمل مبين في الرسم ،هو مساحة اإلرادة الشعبية ،فكلما كانت نشطة ومشاركة ،وكان الدستور شرعي و وضعي فعال ،تكون هذه المشاركة كبيرة ومؤثرة .فيكون للمجمتع حرية اقتصادية وملكيات خاصة واسعة ،وتكون لها مؤسسات ثقافية واجتماعية و سياسية عديدة، تشارك في إدارة شئون الناس عامة .بحيث تحقق الصملحة الفردية والعامة وسالمة الوطن والدين والنفس واعقل والممتلكات. والشكل التالي يوضح نقاط في غاية األهمية والواقعية اإلسالمية:
-0نستخلص من مناقشات الكتاب بأن الكتاب والسنة هما األساس في حياة المسلمين ،وهو دستور كوني إنساني رباني ،يخص البشرية جميعها ،والمسلمين مكلفين باحكامه بما فيها كافة واجباتهم وحقوقهم في الدنيا وتجاه بعضهم وغيرهم من األمم واألديان ،وال يصح إنتمائهم لهذا الدين إال باإليمان وهو التصديق بعلم وقناعة ،والعمل الصالح وهو العمل الصائب الغير منحرف عن هذه الواجبات والحقوق ،ويقع عليهم تضامنيا تحملهم أمانة تبليغها بالتقدم العلمي والعملي وبالسلوك المستقيم واألخالقي ،وبالتالي فصل الكتاب والسنة عن حياة المسلمين ودولتهم ،هو أمر غير شرعي ،وغير واقعي ،وسوف يؤدي إلي ظهور منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
دستور وضعي غير مطابق للدستور الشرعي ،كما أنه سوف ينتج دولة مطلقة ،تغيب فيها اإلرادة الشعبية الشرعية ،وقد تنتج عالقة إستبدادية تفصل حقوق وحريات و واجبات المجتمع الشرعية والسليمة ،وتكون السلطة واإلرادة السياسة هي المهيمنة ،وغير منضبطة بالكتاب والسنة. -2بين الشكل بأن هناك دستور األمة ،وهو دستور شرعي ،يختص به علماء األمة ،ولقد وضحنا في المبحث ،9الدستور اإلسالمي ،الذي وضعتها لجنة عليا ولجنة فرعية وعن طريق اللجنة الدستورية بمجمع الفقه اإلسالمي ،وأقر من قبل األمانة العامة لمجمع البحوث اإلسالمي واألزهر الشريف ،في المؤتمر التاسع في 0591م .وفي تقديري ،يعد هذا الجهد مرحلة شرعية ضرورية ،حيث يختص العلماء بحرية وإستمرارية مطلقة ،فال سلطان على دين هللا في دولة اإلسالم ،وال حكم لمسلم فوق أحكام هللا ،وال عدالة لقاضي مسلم في غير ما قضى هللا ،و إلرادة شعبية أو سياسية لمسلم تباين مقاصد هللا في الكون والخلق .وبذلك يختص العلماء بتطوير التصور اإلسالمي في شكل لدولة وأسلوب الحكم الشرعي، ويحاولون من خالل هذه الفقه مواكبة كل تقدم علمي وتغطية كل حاجة سياسية وشعبية بما يخدم مصلحة األمة الموحدة روحانيا ،ال تستطيع أن تفرقها قوة إاذ تسلحت بقوة اإليمان .وبما يخدم إنتاج دساتير قطرية وضعية ،تناسب كل قطر ،فالصراع على السلطة والزعامة، والمكايد والتدخالت الخارجية ،وضعف النفوس ،وغيرها من العوامل ،تقارب األقطار وتباعدها ،ولكن البد أن تكون الشعوب واعية ومسئولة بهذا الدستور األممي الذي يجمعها بشكل ثنائي وتعددي ،وتكاملي أو إندماجي حسب سعة وسواد اإليمان في النفوس ،والذي يبعث اإلرادة الشعبية ،علبى أن تؤثر في اإلادة السياسية وتجعلها تقبل إعداد دستور وضعي شرعي ،تتفاعل فيه التوابث وهي القواعد المذكورة في دستور األمة ،وقد ذكرنا مثال دستور األزهر ،ويمكن أن يتخذ كبادية إلنطالقة ،في صنع اتحاد الدول العربية ،فقد وضحت المادة األولى هذه الحقيقة ،وهي األدمة يمكن أن تجتمع في دولة أو عدة دول ولها أن تختار نظامها السياسي بما ال يخالف ويخرج عن مقاصد دستور األمة. -3يبين الشكل بأن الدولة هي مركبة من المجتمع وهو األسر وكافة عالقاته ومؤسساته المدنية االجتماعية واالقتصادية والثقافية ،وهناك السلطة وهي لها مؤسساتها ،وتسيرها إراة سياسية تضع السياسات العامة في كافة المجاالت .والذي يربط ويوازن العالقة هما أمرين ،الدستور الوضعي الشرعي ،واإلرادة الشعبية النشطة ،فإذا أصاب هذه اإلرادة المسئولة خمول وعدم الوعي ،أنفلتت زمام األمور ،وأنفصل المجتمع عن دوره الحقيقي في الرقابة والتفاعل والعطاء والسمئولية ،ويحل بذلك الفساد واالستبداد والظلم والقهر ،كما أنه في حل عدم وجود دستور مركب (وضعي +شرعي) ،حيث تتقيد السلطة الشتريعية والسلطة القضائية بشكل منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
بالدستور الوضعي المنبثق من دستور األمة االتحادي ..وبذلك نجد أن السياسات العامة التنفيذية والقوانين والقرارت والمعاهدات والعالقات الدولية سوف تكون مشروعة بحكم أنها صادق عليها المؤسسة الشتريعية والمؤسسة القضائية. * وفي الختام ان مشكلة ومصيبة الشعوب العربية هي بداخلها ،وليس بخراجها ،فهناك دائما عوامل داخلية ،وهذه العوامل هي ما يشجع و ينمي عوامل خارجية عديدة ضدها. وهي مشكلة تربوية يتحمل مسئوليتها الناس وكل فرد يوم الحساب ،وكل أب أسرة وكل ام وكل شاب عليه واجب ومسئولية الحياة الكريمة الشريفة الحضارية االنسانية العالمية المدنية السليمة واالمنة. فالدستور هو عقد تأسيس الدول ،وهو مشروعها الوطني واإلنساني والمصيري ،وهو مرآة تعكسها تطور تجربتها السياسية ومسئوليتها اتجاه بعضها. وقد أضاف الكتاب مناقشة مفهوم الدستوري للسلطة االستشارية "الشورى" وسلطة الصحافة ،وعلى أساس استقاللية وتفاعلية هذه السلطات الخمسة وعالقاتها ببعض على أساس مبدأ فصل السلطات الذي ترتكز تنشده شرعية وفعالية الدساتير. وفي محاولة علمية الستنباط المعايير العالمية الالزم إدراكها من الشعوب من أجل دعم صناعة دساتيرهم الحقيقية والشاملة ،والتي تربطها بمعتقداتها السماوية بالشكل السليم ،والسلمي ،والفعال تنمويا ومصيريا. و تناول الكتاب كثير من الجدليات بواقعية وبشكل صريح من أجل سبل التطوير الضرورية ،وتحديد كافة األدوات والمسئوليات والمفاهيم الجوهرية. وال يمكن تحد يد القيمة الدائمة الدقيقة لألشياء في االستخدام أو التبادل واالحتفاظ إال بموجب تحديد نقائه ومنفعته للعامة. وأتبع الكتاب منهجية تقسيم الدستور إلي مكونات وعناصر ،ومن ثم تناول معايير هذه الصنعة الشعبية والسياسية. ويؤمن ويستند على حقيقة أن مثل الناس والسياسة ،كمثل البدن والروح ،فإذا انتزعت السياسة أي السلطات من الناس ،سادهم الظلم ،واستشراء الفساد ،وتعالى األشرار ،وعانوا الجهل والفقر واالستخفاف. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
فالدساتير هي تاج الشعوب ،ترصعها بوعيها وتلبسها بيديها ،فال تقبل زيف لمعانها وال تدني رأسها لمن يهبه لها. و استعرض الكتاب بشكل أصيل ومتطور معالم استقاللية وتفاعل "السلطات الخمسة!" ،وبشكل مبسط للجميع ،و ناقش الحلول بشأن تصادم ظاهرة "العقيدة السياسية!" و "العقيدة الدينية" ،وكيفية تحقيق اإلصالح السياسي والتصالح الفكري والتوافق التطبيقي والتنافس الموضوعي في صنع الحياة العامة ،وبواقعية ومنهجية في ظل تنازع عقديتين سياسية ودينية وتنازع إرادتين سياسية وشعبية، وعلى نحو يحقق فعالية اإلدارة الحكومية والسياسات العامة ،ويغرس منهجية أخالقية وبنية عضوية بحيث يكون في متناول جميع أفراد الشعب أن تتفاعل بعقالنية وتتحمل المسئولية. فيشكل الكتاب أرضية لصنع التوافقية ،فأوضح ما يميز الديمقراطيات هو تحدي الصراع الفكري، وهو ما قد يعيقها في حال غياب الوطنية وسيطرة المصالح الذاتية أو ينوعها وينميها. في حين أشد من يميز كل دكتاتورية إنها تولد وبائية شعبية ،يطول التخلص من أثارها ، ،وفي دخلها ديدان تأكل بشراهة وشغف ما تبنيه من كيانات سليمة ،وهي ميتة اإلرادة الفكرية الحرة فليس لها نظام مناعة ،وتعيش ليتعفن من خاللها جميع مناحي الحياة بسرعة و انتشار هائل ، ،فال تمكث في الدهر يوما بدون جرم فادح وقتل ظالم وفسق ظاهر ،حتى تتعفن من خاللها كافة مناحي الحياة ،و تنهض الشعوب لطلب العيش الكريم. ويكون دائما نجاة الشعوب من داخلها ،ومن مطلبها في صناعة دستور حقيقي يحقق سيادة الدولة والحق وكرامة الشعب وعدالة العيش ،وقداسة وحرية العقل والنفس والمال والعرض والدين والوطن. فهذا الكتاب في خدمة كل فرد ،ومن اجل كل مجتمع ،فهو يخدم كل أسرة ،و يرشد المدرس، والشارع والمشرع والممارس السياسي والقانوني. وهو يثري مادة الدستور ،فيتناولها تفسيرها السياسي ويربطها بالشعب ،ويزيد من قيمة الدستور في أعين الناس .أود ان يدرس في الجامعات لطلبة اإلدارة العامة وطلبة الفقه الدستوري ،فهو ليس كله من لبنة افكاري او اقوالي ،بل اقتبست وجمعت ونسخت ونقلت كل ما وجدته في سياق مشروع الدستور واالحزاب واالنتخابات واتحاد الدول العربية ،وإن كانت هناك مئات وألوف الصفحات في كل ناحية من النواحي التي ذكرتها ،ولكني لخصت بما يحقق مادة متكاملة شاملة نحو هدف واحد. باعتبار أن الدستور هو أفضل إنجاز حضاري وإنساني و وطني في تاريخ الشعوب. منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
ومن يدرس تاريخ الصراع السياسي والنهضة ،وخاصة منذ 0915سوف يعي ذلك من خالل تنازع شرعية الحاكم و شرعية الشعب فيمن هو أحق في تقرير مصير الناس وتنظيم شئون حياتهم. ويبين الكتاب كثير من القواعد التي تحكم بعمومية علمية ودقة ومسئولية وطنية واعتبارات إنسانية ودوافع حضارية انبعاث القوانين والممارسات والسياسات العامة. ويناقش الكتاب قضايا فكرية عديدة في غاية األهمية ،فتشمل ،مثال ،مسألة عالقة الدين بالدولة، وحقيقة خصائص الدولة المدنية ،وعالقة اإلسالم بالدستور وماهية األحزاب السياسية وماهية االنتخابات ،وتحديد المفهوم العلمي للديمقراطية في ظل مفهوم الدستور ،وكيفية تحقيق كفاءة القيادات العليا والسياسات العامة ،وغيرها مما يعمق تعاليم الدستور في النفوس ،فتشعر أنه نابع من ذاتها فتجود في حمايته بالمال والنفس ،ويتوارث األجيال االفتخار بنمط حياتهم المشروع والمنظم ،فتتحقق من خال له حياتهم الكريمة وتوافقهم وتجانسهم الحيوي فيصطفوا تاريخيا لحماية مصالحهم ومصيرهم. فتكمن قوة الشعوب وطبيعة تعايشها وسالمة عالقاتها في مدى وعيها بمسئولياتها العامة ،فال تجعل مسألة بناء دولتهم شيء عادي ،بل هو جوهر رسالتهم في الحياة ،ال تناط تفاصيله بغيرهم ،وليس من صنع الحاكم وال تمليه قوة معادية ،فهو من صنع الشعوب وحدهم ،لتضبط وتنظم عمل كل السلطات ،وتعبر عن كامل سيادتها في ملكيتها المشتركة لإلقليم وثرواته. وبشكل عام ،يوضح الكتاب بأن روح "صنع الدستور" وممارسة "السياسية المشروعة" ،وفعالية "اإلدارة العامة" هي أمانة الشعوب. فالدستور فهو ميثاق بين الناس وينتج عنه "نظام الدولة" و"أسلوب ممارسة السلطات-الحكم"، ويحدد مؤسسات اإلدارة الحكومية ومسئوليات السياسات العامة الناجحة والجدية في كل مجاالت الحياة. فهذا الكتاب يعرض على المواطن المعايير العالمية والعلمية والحضارية في صنع دولتهم الحديثة القوية ،روحها السياسية الشرعية وقوامها الدستور العام.
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المحتويات مقدمة المبحث :6المدخل العام للدستور واألحزاب واالنتخابات -
مطلب :1المدخل العام للدستور مطلب :2المدخل العام لألحزاب طبيعة :3المدخل العام لالنتخابات
المبحث :5الفلسفة العملية في إعداد الدستور -
مطلب :1المعادلة الشرعية والتقاليد القانونية مطلب :2طرح الفلسفة العملية لبعض الدساتير
المبحث :2أركان وعناصر صناعة الدستور ركن نظام الدولة -
مطلب :1مكون الدولة. مطلب :2مكون النظام االجتماعي. مطلب :3مكون النظام االقتصادي . مطلب :4مكون الحريات والحقوق والواجبات العامة. مطلب :5مكون سيادة القانون .
ركن أسلوب الحكم -
مطلب :1مكون رئاسة الدولة مطلب :2مكون السلطة التشريعية مطلب :3مكون السلطة التنفيذية مطلب :4مكون السلطة القضائية مطلب :5مكون المحكمة الدستورية مطلب :6مكون النائب العام مطلب :7مكون الجيش والقوات المسلحة واألمن القومي
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
-
مطلب :8مكون الشرطة مطلب :5مكون مجلس الشورى مطلب :11مكون الصحافة
المبحث :1مفاهيم ومكونات العملية الحزبية تشكيل الذهنية الحزبية -
مطلب :1دور األحزاب في السياسات العامة مطلب :2ظاهرة عالقة األحزاب السياسة بالعقائد الدينية مطلب :3حقيقة عالقة األحزاب السياسية بالدستور مطلب :4دروس حزبية من التجربة األلمانية والنمساوية
قانون األحزاب السياسية -
مطلب :1مكون أسس التنظيم اإلدارية مطلب :2مكون الحقوق والضمانات السياسية مطلب :3مكون الضوابط المنهجية والسلوكية
المبحث :6مفاهيم ومكونات العملية االنتخابية تشكيل الذهنية االنتخابية -
مطلب :1العملية االنتخابية ظاهرة طبيعية مطلب :2اإلطار القانوني الدولي للعملية االنتخابية مطلب :3مناقشة األدوات القانونية في صنع العملية االنتخابية
قانون االنتخابات العامة -
مطلب :1مكون اللجنة العليا والمركزية لالنتخابات مطلب :2مكون عملية تنظيم الناخبين مطلب :3مكون عملية تنظيم المرشحين مطلب :4مكون عملية االقتراع مطلب :5مكون الضوابط المنهجية والسلوكية
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المبحث :6االسالم والديمقراطية المعاصرة -
مطلب :1احكام ومفاهيم البيعة وعالقاتها باالنتخابات مطلب :2احكام ومفاهيم تكوين دستور إسالمي
المبحث :1االستنتاج العام -
استنتاج :1عالقة الدستور بالعقلية الجماعية استنتاج :2عالقة الدستور بالدولة و الشعب استنتاج :3عالقة الديمقراطية بالشرعية استنتاج :4تداعيات الصراعات الدولية على الشرعية استنتاج :5نظرية توازن العالقة بين السلطة والمجتمع استنتاج :6الحاجة ألحكام انتقالية ورؤى ومستقبلية استنتاج :7متطلبات التوافق بين اإلسالم والديمقراطية المعاصرة استنتاج :8الحاجة التحاد الدول العربية والدستور االتحادي
*
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4
المراجع اعتمدنا على ما ذكرنا من نصوص دساتير وقوانين االحزاب واالنتخابات ،لمجموعة من الدول منها الواليات المتحدة االمريكية ،المانيا ،فرنسا ،مصر ،ليبيا.. وفي شأن ما ورد في المبحث اإلسالمي فهي منسوخة مباشرة من رأي العلماء المختصين، وخاصة مجلس مجمع البحوث اإلسالمية ،فيما يخص نموذج الدستور اإلسالمي لألمة العربية.
إدارة الصحافة االتحادية لدولة النمسا" ،النمسا وحقائق وأرقام".1586 : شبكة المعرفة االنتخابية " ،الموسوعة االنتخابية االلكترونية".2112 ، ACEPRPJECT.ORG : فوزي احمود"،األحزاب السياسية في الوطن العربي و إشكاليات العالج" :صحيفة الجريدة العراقية، http://www.aljaredah.com الموقع االلكتروني ،حقائق عن ألمانيا ،بقلم "يورغن هارتمان": http://www.tatsachen-ueber-deutschland.de/ar/political-system/main-content04/the-bundestag.html
*****
منشورات اكاديمية اكسفورد العليا (جامعة مفتوحة للتعلم المباشر االلكتروني)
ISBN 978-1-329-06557-4