Saraha 10

Page 1

‫نصف شهرية مستقلة اجتماعية ناقدة منوعة‬ ‫تصدر من الغدفة‬ ‫‪www.facebook.com/saraha.magazine‬‬ ‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫العمى ‪..‬‬

‫براء الجمعة‬

‫سقي الخضرة – الغدفة – خاص صراحة‬

‫بين عمى البصيرة وعمى البصر هوة كبرى يعرفها‬ ‫كل عاقل ‪.‬‬ ‫فإن كان لعمى البصر بكل أنواعه من رمد‬ ‫وانحراف وغشاوة وشح ‪ ، ..‬بإمكان الطب تقديم‬ ‫العالج لها وكفيل بالشفاء ‪ ،‬فإن عمى البصيرة‬ ‫هو األخطر ‪ ,‬وغير قابل للعالج والشفاء ‪.‬‬ ‫وهذا يبدو جليا في أيامنا هذه ‪.‬‬ ‫إذا فقد اإلنسان البصر والبصيرة ما العمل ؟‬ ‫وهل نتخيل مجتمعا أصابه وباء العمى ‪ ،‬ماذا‬ ‫سيحدث عندما ل يرى الناس بعضهم بعضا ؟‬ ‫حين تنعدم العالقات اإلنسانية في أي مجتمع ‪،‬‬ ‫وتنتصر األنانية ‪ ،‬ويتفش ى الربا ‪ ،‬واملنفعة ‪،‬‬ ‫والبغض ‪ ،‬وتسود الكراهية والعدوانية والحقد ‪،‬‬ ‫عندها يصاب النسان بالعمى النفس ي ‪ ،‬هذه‬ ‫العدوى التي تنتقل من شخص آلخر حتى ُيصاب‬ ‫املجتمع كله ‪ ،‬وكلما ازداد عدد العميان في‬ ‫املجتمع ‪ ،‬ازداد تفكك الروابط والعالقات‬ ‫الجتماعية ‪ ،‬وانتصرت الرذيلة والعداء‬ ‫والبغضاء والحقد والضغينة ‪ ،‬وتنتهي عالقة‬ ‫النسان باإلنسان ‪ ،‬فتنعدم املحبة والتسامح ‪،‬‬ ‫يكون هذا هو العمى ‪ ،‬حيث ل يرى النسان ال‬ ‫نفسه ‪.‬‬ ‫والعمى الجماعي ليس فقط فقدان البصر ‪ ،‬بل‬ ‫هو فقدان القدرة على التمييز والفعل ‪ ،‬ومن ثم‬ ‫على التنظيم والنظام ‪ ،‬واملوت في جوهره إل‬ ‫حالة من انعدام التنظيم الذي يؤدي بالضرورة‬ ‫الى انهيار النظام والقانون ‪ ،‬هو نوع من الفوض ى‬ ‫تؤدي الى الهالك ‪ ،‬وما ينطبق على جسم النسان‬ ‫ينطبق على املجتمع ‪،‬‬ ‫يقول فيلسوف يوناني ‪ " :‬في بعض األزمنة‬ ‫املريضة يصبح الخراب سيدا " ‪.‬‬ ‫فلننظر الى الخراب الذي يعم النسان قبل املكان‬ ‫‪ ،‬فالتعصب عمى ‪ ،‬والعصبية عمى ‪ ,‬والطائفية‬ ‫عمى ‪ ،‬واإلجرام عمى ‪ ،‬والهدم عمى ‪ ،‬والفوض ى‬ ‫عمى ‪ ،‬والتشرذم عمى ‪ ..‬الخ‬ ‫فعلى الضمير أن يبقى بصيرا ومبصرا وقدوة‬ ‫وثائرا ومناضال من أجل الخالص من العمى ومن‬ ‫أجل بلسمة الجراح ومن أجل انسانية النسان ‪،‬‬ ‫وبناء املجتمع واألوطان ‪.‬‬

‫المقاالت المنشورة تعبر عن رأي كاتبها‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫بـصراحة‬

‫اإليمان من وراء دليل‬ ‫د ‪ .‬أمين هاروش ‪ -‬خاص‬ ‫األصل في بناء اإلنسان إيمانه بأي فكرة‬

‫أليس الجيش من اقتحم دمشق سنة ‪1965‬‬

‫وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم))‪ ،‬فهل‬

‫وتكوين قناعاته أن تكون أحكامه املكونة‬

‫ودخل سليم حاطوم بالدبابات إلى الجامع‬

‫اليوم نسخت اآلية عندهم أم أن بشار‬

‫إليمانه قائمة على األدلة العلمية‬

‫األموي‪ ،‬أليس الجيش من قصف‬

‫تغيير حتى خرج عليه الكثير منهم‪.‬‬

‫واملحاكمات املنطقية‪ ،‬وليس انطالقا من‬

‫السويداء زمن الشيشكلي‪ ،‬وأما الثمانينات‬

‫عندما كنا نقول علماء السلطان أجرموا‬

‫أحاسيس ومشاعر تأثرت بحادثة معينة أو‬

‫فهي أشهر من نار على علم‪ ،‬فهل هذا‬

‫ولبسوا على الناس وعلى رأسهم إمام‬

‫اعتمادا على تقييم مرحلة زمنية معينة‪.‬‬

‫جيش الوطن أم جيش السلطة‪ ،‬وهل هو‬

‫النفاق والدجل‪ ،‬البوطي‪ ،‬وأنه افترى كثيرا‬

‫هذا األصل لو اعتمد لكانت قناعاتنا أقرب‬

‫جيش العدل أم جيش الظلم‪.‬‬

‫في كتبه‪ ،‬وترحم على األسد املقبور وجعل‬

‫للصحة والصواب‪ ،‬وبناء عليه كثيرا من‬

‫عندما كنا نقول التطوع في الجيش حرام‬

‫له خلوات مع هللا وأنه يستمد عونه من‬

‫األحكام التي كانت تترد قبل الثورة‪ ،‬كانت‬

‫وفي األمن جريمة ل تغتفر‪ ،‬كان الهمز‬

‫هللا‪ ،‬وجعل من أكبر نعم هللا على سوريا‬

‫تلقى استنكارا من قبل العامة‪ ،‬بل وبعض‬

‫والغمز متوجها علينا وننال نصيبنا من‬

‫الحركة التصحيحية (قالها في درس بجامع‬

‫املتخصصين في العلم الشرعي‪ ،‬وكانت‬

‫عبارات التهم املعلبة‪.‬‬

‫اإليمان)‪ ،‬كان البعض يعتبرنا نؤذي أولياء‬

‫بعض الشخصيات تصنف في القائمة‬

‫عندما كان الحديث عن الشيعة وخطرهم‬

‫هللا ونس يء األدب مع أهل العلم‪ ،‬فلم‬

‫السوداء‪ ،‬واليوم صارت هذه األحكام منارة‬

‫على األمة وأنه أشد من اليهود كان من‬

‫اليوم يلعنهم الكثير‪ ،‬هل ارتد البوطي‬

‫تقدس وصار هؤلء األشخاص أعالما‬

‫يهرف بما ل يعرف يطبل بالخطاب املعتدل‬

‫وأمثاله‪ ،‬أم أنهم رأوا ما كنا نراه من قبل‪،‬‬

‫يقتدى بها‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬

‫ونبذ التطرف‪ ،‬واليوم صار التحذير منها‬

‫بل إلى اآلن لم يروا كل ما رأيناه‪.‬‬

‫الخدمة في الجيش السوري كانت وما زالت‬

‫أقوى منالتحذير من إسرائيل‪.‬‬

‫إن العاطفيين لو أن الثورة – ل قدر هللا –‬

‫حراما ويعذر املكره لكن النتساب إليه‬

‫عندما كنا نتحدث بفخر وإطراء عن مروان‬

‫فشلت‪ ،‬ستراهم بعد فترة يبيحون التطوع‬

‫إثم‪ ،‬ألن هذا الجيش منذ ثورة البعث‬

‫حديد ومن قاوم حكم األسد كان الناس‬

‫في الجيش ويقولون لرجل اآلمن أنت سالح‬

‫أخذ على عاتقه محاربة هللا‬

‫يعتبرونه مجرما إرهابيا والحديث عنه‬

‫ذو حدين‪ ،‬ويقول ملن تكلم على بشار‪،‬‬

‫ورسوله وحماية الكفر والضالل‪ ،‬وقتل‬

‫جريمة واليوم صار رمزا للبطولة والكفاح‪.‬‬

‫عليك بطاعة ولي األمر‪.‬‬

‫األبرياء لبقاء السلطة‪ ،‬أليس هو من‬

‫عندما كنا نقول بشار األسد وأبوه من‬

‫أيها اإلخوة العقائد واألفكار ل تبنى على‬

‫قصف حماه سنة ‪ 1964‬وهدم جامع‬

‫قبله‪ ،‬ليسوا شرعيين ول لهم بيعة‬

‫العواطف واألحاسيس‪ ،‬بل على األدلة‬

‫السلطانية وقام وزير دفاعه املقبور حافظ‬

‫والخروج عليهم من القربات‪ ،‬كانوا‬

‫والستقراء‪.‬‬

‫األسد ‪ -‬لعنة هللا عليه ‪ -‬يومها إننا متجهون‬

‫يستدلون بما ل يفقهون ويرتلون مال‬

‫ليت هذا كان منهجا في حياتنا‬

‫نحو التصفية الجسدية مع خصومنا‪،‬‬

‫يفهمون‪(( :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا هللا‬

‫اللعينة‬

‫‪2‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫صراحة‬ ‫الصراحة‬

‫ليش يا أخي ليش !!!‬ ‫هيثم الشحّاد ‪ -‬خاص‬ ‫هل علينا شهر رمضان ‪ ،‬شهر الخيرات‬ ‫والبركات والرحمات ‪ ،‬وهو شهر التغيير‬ ‫حيث يجاهد املسلم ما بوسعه أن يرتقي‬ ‫نحو األفضل ‪ ،‬حمدا هلل أن بلغنا إياه ‪،‬‬ ‫لعل الكثيرين أن يغيروا ما بأنفسهم ‪،‬‬ ‫ويتغيروا ويعودوا من النحراف الى الطريق‬ ‫الصحيح ‪ ،‬فتعم املحبة والرحمة والتراحم‬ ‫والتوادد خاصة في هذا الشهر الفضيل‬ ‫وعامة طيلة العام ‪.‬‬ ‫وكعادتهم املشايخ األفاضل يخرجون إلينا‬ ‫وعبر املنابر ‪ ،‬للتذكير بفضائل ومكرمات‬ ‫واعمال الخير في رمضان ‪ ،‬وخص شيخ‬ ‫بلدتنا أثرياءها بالخطاب ‪ ،‬بما يتوجب‬ ‫عليهم من إعالن النفير العام املضاعف (‬ ‫للعطاء والسخاء والرحمة ‪ ) ..‬وذلك ملا‬ ‫تعانيه أهل البلدة كغيرهم من أبناء الوطن‬ ‫من ظروف قاهرة وصعبة وهموم كبيرة‬ ‫هذا العام ( الغالء الباهظ ‪ ،‬وشبه‬ ‫انقطاع تام لكل الحتياجات الخدمية ‪.) ..‬‬ ‫ففي بلدتنا الحبيبة لن أعرج في سطوري‬ ‫هذه للحديث عن رواية الكهرباء ‪ ،‬التي‬ ‫مازالت منقطعة حتى الن منذ أشهر ‪ ،‬وما‬ ‫من حلول تلوح في األفق على اإلطالق ‪،‬‬ ‫فلقد نجحت القرى املجاورة بإيجاد‬ ‫الحلول لها‪ ،‬وها هم ينعمون بالكهرباء ‪،‬‬ ‫لكن ( لم يبق ال حديدان في امليدان ) ‪،‬‬ ‫ما لنا والكهرباء ‪ ..‬فقد أصبحت من‬ ‫الكماليات ‪ ..‬بل من التراث ‪.‬‬ ‫الشيخ لم يهدأ ولم يكل ويمل بتذكير‬ ‫أصحاب الجيوب املتخمة ‪ ،‬و( الكروش )‬ ‫املنتفخة ‪ ,‬بأن في عاملنا هذا وفي أيامنا‬ ‫هذه الكثيرين يعانون األمرين والويالت ‪،‬‬ ‫واملآس ي واملعاناة ‪ ،‬في ظل ظروف صعبة‬ ‫للغاية‪ ،‬وخاصة في شهر الصيام الذي‬ ‫تزامن قدومه مع شهر تموز‪ ،‬شهر الحر‬ ‫واللهيب ‪ ،‬وبما أن الكهرباء ( عليها السالم‬ ‫) فلن ننعم باملاء البارد ‪ ،‬والهواء البارد‬

‫ُ‬ ‫هذا العام بل ربما ألعوام ‪ ،‬فلربما قدر‬ ‫للسوري مرغما بأن يعود به الزمن الى‬ ‫حياة ما قبل التاريخ ‪ ،‬فهو مع الحاضر‬ ‫واملستقبل في خصام ‪.‬‬ ‫ل كهرباء في الغدفة ‪ ..‬إن غيابها أدى إلى‬ ‫افتتاح بورصات جديدة كثيرة ومن أبرزها‬ ‫( بورصة قوالب الثلج ) التي بدأت ترتفع‬ ‫أسهمها بشكل هيستيري ‪ ،‬وذلك منذ‬ ‫اليوم األول من شهر الرحمات ‪ ،‬لتبدأ بـ (‬ ‫‪ 200‬ل س سعر القالب الواحد ) ولتصل‬ ‫في رابع أيام الشهر الكريم إلى ( ‪ 600‬ل س )‬ ‫والحبل ع الجرار ‪ ،‬والخير لقدام ‪..‬‬ ‫ما أذهلني ‪ ..‬الستجابة السريعة والعاجلة‬ ‫من قبل الكثيرين من أهالي بلدتنا الكرماء‬ ‫وخاصة األغنياء واألثرياء الجدد ‪،‬‬ ‫والعاملين في الجمعيات اإلغاثية املعاشية‬ ‫الخيرية ( إغاثة جيوبهم ) لنداء شيخنا‬ ‫الفاضل ‪..‬‬ ‫ففي يوم رمضاني وبينما كنت جالسا على‬ ‫كرسيي بجانب طاولتي على قارعة طريق ‪،‬‬ ‫حل ضجيج غريب وسباق وتهافت عجيب‬ ‫‪ ،‬فقلت يا ناس يا هو ‪ ..‬ما األمر ما الذي‬ ‫حدث ؟!‬ ‫قالوا ‪ :‬هناك سيارة إلحدى الجمعيات‬ ‫الكريمة ( من باب حب الخير ) تقوم‬ ‫بتوزيع قطع الثلج وقوالب الثلج الباردة (‬ ‫البوظ ) للفقراء واملساكين واملحتاجين (‬ ‫من يستحقها ) ‪ ،‬الذين فقدوا الكثير حتى‬ ‫انهم ُحرموا كأس املاء البارد ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫( صفنت قليال ) وملت نفس ي كثيرا ‪ ،‬كوني‬ ‫ظلمت األثرياء الجدد والجمعيات واملراكز‬ ‫الغاثية ‪..‬‬ ‫وبقفزة نوعية تضاهي قفزة ( غادة شعاع )‬ ‫ُ‬ ‫‪ ،‬اندفعت متوجها نحو الجمع الغفير ‪،‬‬ ‫للوصول الى سيارة ( البوظ ) ‪ ،‬ويجتاحني‬ ‫الفرح العارم فكلي أمل بأن حلمي‬

‫سيتحقق اليوم سأتذوق املاء البارد بعد‬ ‫غياب طويل ‪..‬‬ ‫وبعد تدافع و تماوج ‪ ..‬وأخيرا ليس آخرا‬ ‫وصلت ‪ ..‬فقلت للمشرف على التوزيع‬ ‫وبابتسامة عريضة – بعد أن شاهدت بأم‬ ‫عيني وهو يعطي قالبا ألحد أقاربه ‪ ،‬وقالبا‬ ‫آخر لقريبه اآلخر – مرحبا يا أخي ‪ ،‬لكم‬ ‫منا جزيل الشكر ( هللا يعطيكم العافية )‬ ‫على عملكم النبيل هذا ‪ ،‬فهال تفضلت‬ ‫بإعطائي أنا العبد الفقير ‪ ،‬قطعة من‬ ‫الثلج ( البوظ ) وليس قالبا ول حتى ربع‬ ‫قالب ‪ ،‬فرد بكل براءة من عينيه تطير ‪( :‬‬ ‫يا أخي ما بحسن أعطيك ) ‪ ،‬فقلت له (‬ ‫ليش يا اخي ) ؟!‬ ‫قال ‪ :‬هذا ليس للتوزيع هنا ( ل تحرجني )‬ ‫‪ ،‬قلت ( ليش وين بدو يتوزع لكا ) ‪ ،‬قال ‪( :‬‬ ‫هذا خاص باألخوة املقاتلين املرابطين على‬ ‫الجبهة ) ‪..‬‬ ‫فشهقت الشهقة العجيبة وقلت ما شاء‬ ‫هللا تبارك هللا !!! وعدت خاويا بخفي حنين‬ ‫‪ ..‬وذهبت كل أحالمي سدى ‪..‬‬ ‫وأنا عائد الى طاولتي ‪ ،‬همس لي أحدهم‬ ‫بأنه شاهد بأم عينيه أيضا صاحبنا هذا (‬ ‫املشرف الخير النبيل املؤتمن ) وهو يضع‬ ‫قالب ثلج كامل في ( طبون ) سيارة أحد‬ ‫كبار تجار السالح في قرية مجاورة ‪..‬‬ ‫مفارقات لم تعد عجيبة بل واقعية معاشة‬ ‫يوميا ‪ ،‬حينما أفرغوا الثورة من مضمونها‬ ‫وجوهرها ‪ ،‬وتسلق وتملق عليها هؤلء‬ ‫وغيرهم من املتسترين بغطاء ( الدين و‬ ‫اإلغاثة وأعمال الخير والعمل اإلنساني‬ ‫وغيرها الكثير والكثير من األغطية والستائر‬ ‫واألقنعة ‪ ) ..‬غدت أحالم الكثيرين سرابا‬ ‫بأن تنتصر الثورة ونحن في هذه الحال‬ ‫املؤملة ‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫ذاكرة‬

‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫حكاية مشفى‬ ‫جنوى السراقيب ‪ -‬خاص‬ ‫في يوم الجمعة ‪ 23/3/2013‬انطلقت اول‬ ‫مظاهرة في معرة النعمان ‪ ،‬بدأت سلمية وتوالت‬ ‫سلمية جمعة بعد جمعة والجموع تتقاطر ‪ ،‬فقد‬ ‫لجأ النظام منذ البداية للعنف في مواجهة هذه‬ ‫الحناجر املعشبة باإلرادة واألمل ‪ ،‬وتطور‬ ‫استخدم السالح من الرصاص إلى القنابل‬ ‫واملدافع والدبابات والطائرات والصواريخ و‬ ‫مؤخرا الكيماوي ‪ ،‬في األشهر األولى من عمر‬ ‫الثورة كانت املشافي الخاصة وغيرها تعمل‬ ‫بالخفية ‪ ،‬كان لبد من فدائيين يقومون باسعاف‬ ‫الجرحى واملصابين ونقلهم الى املشافي ‪ ،‬كانت‬ ‫املشافي في املعرة أغلبها في حي واحد ( حي‬ ‫املساكن ) ‪ ،‬ونظرا للتقسيم الذي فرضه تواجد‬ ‫قوات جيش األسد في جسد مدينة املعرة فقد‬ ‫كان الوصول الى تلك املشافي ليس باألمر السهل ‪.‬‬ ‫كانت تهاني املشافي من نقص حاد في املعدات‬ ‫واألدوات والكوادر والتجهيزات ‪ ،‬فلقد بدأت‬ ‫وانطلقت بتضافر بعض الجهود الشخصية وذلك‬ ‫حينما جرى العمل على تجهيز غرفة اسعافية في‬ ‫مسجد صغير في احد الحياء الصغيرة ‪ ،‬لتتطور‬ ‫فيما بعد لتصبح غرفة اكبر في منزل احد‬ ‫النشطاء ‪ ،‬كثرت الدوريات والعيون الخائنة على‬ ‫هذا الحي ‪ ،‬مما اضطر األمر الى تغيير مكان‬ ‫املشفى الصغير املتواضع حفاظا على حياة‬ ‫صاحب املنزل وسكان الحي ‪ ،‬تم اقتراح عدة‬ ‫امكنة فكانت الثانوية الصناعية هي مصبا ومكان‬ ‫توافقي للجميع ‪.‬‬ ‫( ‪ ) 4/7/2012‬كان هذا التاريخ اليوم العملي‬ ‫الول في املشفى "املشفى امليداني في معرة‬ ‫النعمان " فكان فيه غرفة واحدة فيها سريرين‬ ‫لفحص املرض ى واملصابين ‪ ،‬وبعض من‬ ‫متفرقات األدوية الجراحية وبعض من املسكنات‬ ‫وغيرها ‪..‬‬ ‫كان يتواجد ويخدم في املشفى آنذاك الوقت‬ ‫طبيب واحد و ممرض واحد و ستتة متدربين على‬ ‫مدار الساعة ‪ ،‬كان يتردد على املشفى بين‬ ‫الفينة والخرى العديد من الشخاص التابعين‬ ‫للجمعيات الطبية الخيرية ليروا ما ينقص‬ ‫املشفى من ادوية وادوات ‪!!!..‬‬ ‫في يوم الجمعة ( ‪ ) 28/7/2012‬معركة حاجز‬

‫الدلة ‪ :‬بدأت املعركة في الساعة السادسة‬ ‫صباحا ‪ ،‬كان معظم طاقم املشفى ( اطباء‬ ‫وغيرهم ‪ )..‬فجأة في وسط امليدان ‪ ،‬الجرحى‬ ‫يستغيثون ‪ ..‬الطباء املمرضون يتحركون بسرعة‬ ‫‪...‬ينظرون الى هذا ‪ ..‬يسعفون اآلخر ‪ ..‬يصيح‬ ‫ويصرخ آخر ‪ ..‬يذهبون إليه ‪ ..‬يتطلعون بحرقة ‪..‬‬ ‫حتى وصل الجميع الى املشفى ولكن لالسف لم‬ ‫يكن يتواجد في املشفى آنذاك التاريخ ال ادوات‬ ‫جراحية بسيطة لتكفي حتى لجراء تشريح طائر ‪،‬‬ ‫هرع وهب الناس بالتبرع باي ش ي لتجهيز املشفى‬ ‫بدأت نداءات الستغاثة تأتي أكلها ‪ ،‬وكانت‬ ‫النتيجة وبوقت خيالي تم تأمين بعض األجهزة‬ ‫والدوات الالزمة لتمام عملية جراحية بفترة‬ ‫قصيرة وبجهود شخصية جبارة ‪.‬‬ ‫فيما بعد تم توسيع وتطوير املشفى ‪ ،‬تم تنظيف‬ ‫القبو وتجهيزه و تقطيعه بالواح خشبية لتصميم‬ ‫وتجهيز غرفة عمليات ‪ ،‬ضوء عمليات ابتكار‬ ‫محلي على شكل "صحن دش" ‪ ،‬سرير فحص‬ ‫مرض ى استخدم كطاوله عمليات وكان كل ش ي‬ ‫يتم بجهود شخصية ‪.‬‬ ‫في احد ايام الصيف جاءت حاله اسعافية‬ ‫الساعة الوحدة بعد منتصف الليل مصاب من‬ ‫منطقة " قلعة املضيق " طلق ناري في الرأس ‪،‬‬ ‫يحتاج الى صورة طبقي محوري ‪ ،‬وطبيب جراحة‬ ‫عصبية ‪ ،‬ل يوجد طبيب في املشفى ‪ ،‬نادينا‬ ‫املدير ‪ ،‬لنستطيع فعل ش ئ ‪ ،‬ليوجد اطباء ‪،‬‬ ‫واملصاب يحتضر ‪ ،‬اتصل املدير على الفور‬ ‫بالدكتور فالن واخبره ان يأتي بسرعة‪ ..‬مضت‬ ‫عشردقائق ‪ ،‬وصل الطبيب ‪ ،‬تفحص املريض ‪،‬‬ ‫وقال ‪ :‬هذا املريض يحتاج الى نقل فوري الى‬

‫مكان فيه منفسة وطبقي محوري ‪ ،‬اتصلنا باكثر‬ ‫من سيارة اسعاف دون أي رد فالجيش كان‬ ‫مايزال يحتل املعرة ‪ ،‬و التنقل والتجوال في هذا‬ ‫ُ‬ ‫الوقت من الليل صعب جدا اتصلنا باحدى‬ ‫املجموعات الثورية املسلحة طالبين منهم سيارة‬ ‫اسعاف او ما شابهها فكان ردهم سريعا أتوا‬ ‫بسيارة ومعها سائق ‪ ،‬تم على اثرها نقل املصاب‬ ‫الى تركيا ‪.‬‬ ‫في اليوم التاريخي من معركة تحرير املعرة (‬ ‫‪ ) 8/10/2012‬عمل املشفى بكل طاقمه وامكاناته‬ ‫(أطباء ‪ ،‬ممرضين ‪ ،‬ممرضات ‪ ،‬فنيين ‪ ،‬مخبريين‬ ‫‪ ،‬طباخين ‪ ،‬عمال نظافة ‪ ،‬سيارة اسعاف ومعها‬ ‫سائقها الخاص ) على مدار الساعة كخلية نحل‬ ‫دون كلل وملل ‪ ،‬املشفى كان يغص بالعناصر‬ ‫يأتي املصاب يتابع مباشرة وبشكل مستمر‬ ‫وباهتمام تام حيث كان يأتي في كل دقيقة مصاب‬ ‫‪ ..‬وكان حجم املجزرة جراء القصف العنيف‬ ‫واملتواصل يفوق التصور والبشاعة ‪.‬‬ ‫استهدف املشفى مرارا وتكرارا إل أن العناية‬ ‫الربانية كانت حاضرة دوما ولم يتعرض لألذى‬ ‫وهلل الحمد ‪ ،‬بفضل العمل الجماعي واملتقن‬ ‫واملخلص في املشفى امليداني في املعرة انتشر‬ ‫صيته في املناطق ‪ ،‬وتم تصنيفه كمشفى اول على‬ ‫خطوط الجبهة في قطاع املعرة ‪،‬‬ ‫بدأ املشفى من ل ش يء من غرفة صغيرة وامكانان‬ ‫بسيطة جدا وبفضل األداء الحسن الذي أباله و‬ ‫الجهود والعمل املتواصلين ‪ ،‬وهاهو الن غدى‬ ‫مشفى كامل يستقبل جميع الحالت السعافية‬ ‫واملرضية وبكل صدر رحب ‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫ع الوتر‬

‫في قصور الخطاب العربي العلماني ج ‪1‬‬ ‫د ‪ .‬محزة رستناوي ‪ -‬خاص‬ ‫إن آراء املجتمع حول أي فكرة ليست إل وليدة‬ ‫خبرته الشخصية في تطبيقها و انعكاسها على حياة‬ ‫أفراده ‪ .‬و في مقالي هذا سأعرض ألسباب قصور‬ ‫الخطاب العلماني العربي في استقطاب شرائح‬ ‫واسعة في هذه املجتمعات ‪ ,‬حتى أن غالبية األحزاب‬ ‫و السياسيين و املثقفين العرب العلمانيين أصبحوا‬ ‫يتحرجون من نسبتهم أو التصريح بعلمانيتهم ؟!‬ ‫و مقالي يمكن اعتباره كنقد ذاتي للتجربة العلمانية‬ ‫‪ ,‬حيث أن كاتب السطور هو من الذين يزعمون‬ ‫ليس فقط فائدة العلمانية ‪ ,‬ل بل ضرورتها في‬ ‫تحقيق دولة مستقرة عادلة ‪ ,‬تقوم على املساواة في‬ ‫الحقوق و الواجبات بين مواطنيها‪.‬‬ ‫و قبل الجابة على التساؤل الذي طرحته بصدد‬ ‫قصور الخطاب العلماني العربي في بداية املقال‬ ‫سأعرض ألفكار أساسية و تأمالت حول العلمانية‬ ‫قد تكون مفيدة للقارئ‪.‬‬ ‫و في الجزء الثاني من مقالي سأعرض ألسباب‬ ‫قصور الخطاب العلماني العربي و ذلك بغية تجاوز‬ ‫قصور التجربة العلمانية في املجتمعات العربية‬ ‫السالمية‪.‬‬ ‫العلمانية – التي أقصدها ‪ -‬هي الفصل بين الدين و‬ ‫السياسة ‪ ,‬أي حيادية الدولة تجاه عقائد مواطنيها‬ ‫‪ ,‬و عدم التميز بينهم و تصنيفهم على أساس الدين ‪,‬‬ ‫فهي آلية ملنع استغالل السياسيين للدين بغية‬ ‫الوصول إلى السلطة و التشبث بها ‪.‬‬ ‫العلمانية – التي أقصدها ‪ -‬تحترم عقائد املواطنين ‪,‬‬ ‫وتصون الحريات الدينية ملواطنيها بقوة الدولة و‬ ‫القانون ‪ ,‬و ليست علمانية تناصب الدين العداء و‬ ‫البغضاء‪.‬‬ ‫عمليا و نظريا العلمانية هي جزء من منظومة‬ ‫الدولة الحديثة الديمقراطية التي تحترم حقوق‬ ‫النسان ملواطنيها ‪ ,‬و أي حديث عن العلمانية بعيدا‬ ‫عن الديمقراطية و احترام حقوق النسان ُ‬ ‫سيفقد‬ ‫العلمانية املغزى اليجابي لها ‪ ,‬و سيحيلها إلى مجرد‬ ‫دمية أو واجهة يستخدمها النظام الستبدادي‬ ‫لتبرير استبداده و اقصاء خصومه السياسيين من‬ ‫تيارات السالم السياس ي و الهيمنة على املجتمع ‪ ,‬و‬ ‫هذا النموذج املنقوص و القاصر للعلمانية نجده‬ ‫في تجارب ‪ :‬سوريا و نظام البعث ‪ ,‬تونس و نظام‬ ‫بورقيبة ‪ ,‬مصر ونظام جمال عبد الناصر و ما بعده‬ ‫‪..‬الخ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫العلمانية – التي أقصدها ‪ -‬ليست عقيدة أو دين ‪,‬‬ ‫بل هي طريقة في النظر الى الدولة و ادارتها كشأن‬ ‫دنيوي ‪ ,‬و من الظلم املقارنة بين السالم و العلمانية‬ ‫‪ ,‬فتستطيع أن تكون علمانيا و مسلما متدينا في‬ ‫الوقت نفسه ‪ ,‬العلمانية ل تتدخل في قضايا‬

‫اليمان الشخص ي و عقائد الناس ‪ ,‬بل انها تحفظ‬ ‫حرية العتقاد للناس من خالل سلطة القانون و‬ ‫عبر آليات الدولة‪ .‬فالعلمانية ما هي إل أداة مفيدة‬ ‫يمكننا استخدامها لتجنب الصراعات الطائفي و‬ ‫العقائدية في املجتمع ‪ ,‬و ما تسببه هذه الصراعات‬ ‫من شلل ملفاصل الدولة و تعثر لها‪ .‬و العلمانية‬ ‫ليست غاية بحد ذاتها‬ ‫لنقل العلمانية هي بوط ايطالي أصلي من ينتعله‬ ‫يستطيع العبور فوق أشواك و مستنقعات‬ ‫الطائفية و الحروب الهلية و الستبداد املتوسل‬ ‫بالدين ‪ ,‬أو الستبداد املعادي للدين ‪ ,‬و الحكم‬ ‫الجائر لألئمة و املوالي ‪..‬الخ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ل يوجد علمانية واحدة ‪ ,‬و نسخة مدشنة نهائية لها‬ ‫في التجربة السياسية للمجتمعات النسانية ‪ ,‬فهي‬ ‫ليست أكثر من اجتهاد بشري ‪ ,‬أثبتت التجربة‬ ‫التاريخية فائدته في حل عدد من الشكاليات‬ ‫املتعلقة بالحكم و طريقة إدارة الناس لشؤونهم ‪ ,‬و‬ ‫كل مجتمع يستطيع تطوير نموذجه ‪ ,‬فالنموذج‬ ‫الفرنس ي للعلمانية أكثر تطرفا مقارنة بالنموذج‬ ‫الملاني أو النكليزي حيث أن األخيرين أكثر تقبال‬ ‫للدين كسلطة اجتماعية ذات حضور ‪ ,‬فملكة‬ ‫بريطانيا تعد رسميا رئيسة الكنيسة البريطانية مثال‬ ‫‪ ,‬و الحكومة األملانية تقدم مساعدات للمؤسسات‬ ‫الدينية املسيحية و اليهودية و السالمية‪.‬‬ ‫إن لفظة العلمانية ذاتها إنما هي ترجمة خاطئة‬ ‫لكلمة ( ‪ ) Secularism‬في اإلنجليزية ‪ ،‬أو(‬ ‫‪ )Secularite‬بالفرنسية ‪ ،‬وهي كلمة ل صلة لها‬ ‫بلفظ "العلم " ومشتقاته ‪ .‬فالعلم في اإلنجليزية‬ ‫والفرنسية معناه (‪ )Science‬واملذهب العلمي‬ ‫(‪ )Scientism‬والنسبة إلى العلم هي ( ‪) Scientific‬‬ ‫أو (‪ ) Scientifique‬في الفرنسية‪ .‬والترجمة‬ ‫الصحيحة ملفهوم العلمانية هي (الدنيوية)‪.‬‬ ‫العلمانية (بفتح العين)‪ ،‬نسبة إلى العالم (بفتح‬ ‫الالم) و ليس نسبة إلى العلم ‪ ,‬و هذا التعريف‬ ‫للعلمانية هو الذي صاغه محمد عبده في قولته‬ ‫الشهيرة " ل دين في السياسة ول سياسة في الدين "‬ ‫وهو الذي صاغه سعد زغلول في قولته الشهيرة‬ ‫أيضا ‪" :‬الدين هلل والوطن للجميع "‪.‬‬ ‫إن نظم الحكم الديمقراطية العلمانية عند‬ ‫تطبيقها في املجتمعات العربية السالمية أو غيرها‬ ‫من املجتمعات ‪ ,‬لن تأتي بجديد عموما على‬ ‫الصعيد الجتماعي و الثقافي ‪ ,‬سوى إطالق حرية‬ ‫الفكر و تنمية ثقافة الختالف و املحاسبة‪.‬‬

‫و سأثبت مثال قد يكون متطرفا و لكني أظنه‬ ‫مناسبا لتوضيح فكرتي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫املتعصبة‬ ‫عادة تتهم العلمانية – في بعض األوساط‬ ‫ِّ‬ ‫و املنغلقة ‪ -‬بأنها تحرض على الرذيلة و النحالل‬ ‫األخالقي و الدمان على الكحول و املخدرات ل بل‬ ‫"الشذوذ الجنس ي"‪..‬الخ‪.‬‬ ‫أكرر القول أن العلمانية كنظام حكم ل تتجاوز‬ ‫كونها آلية اجرائية ملنع استغالل الدين ألهداف‬ ‫سياسية ‪,‬مع احترام عقائد املواطنين و ثقافتهم و‬ ‫عاداتهم و تقاليدهم‪..‬الخ‬ ‫و استنادا إلى دستور ديمقراطي علماني في بلد ذو‬ ‫ثقافته عربية اسالمية مثل سوريا ‪ ,‬كيف سينعكس‬ ‫ذلك على قضية مثل " الشذوذ الجنس ي " و ل حياء‬ ‫في العلم و الدين‪.‬‬ ‫و فقا ملا ُيسمى عرفا و اصطالحا ب ‪ " :‬الشريعة‬ ‫السالمية " ممارسة هذا السلوك حرام ‪ ,‬ممنوع‬ ‫بقوة القانون ‪ ,‬و يخضع لعقوبة اختلف الفقهاء في‬ ‫تحديدها‪.‬‬ ‫و في دولة ذات دستور علماني ديمقراطي لن نجد‬ ‫حكما قانونيا ُمسبقا حول هذه املمارسة "الشذوذ‬ ‫الجنس ي " فاألمر يحال إلى املجتمع و هيئاته‬ ‫التشريعية كالبرملان مثال‪.‬‬ ‫في بلد مثل سوريا ‪ ,‬و في مجتمع مثل املجتمع‬ ‫السوري ذو الثقافة العربية السالمية املحافظة‬ ‫عموما ‪ ,‬عند عرض قضية مثل "الشذوذ الجنس ي‬ ‫" إلبداء الرأي بين الناس و العالم و من ثم‬ ‫التصويت عليها في البرملان ‪ .‬أقول و بكل تأكيد‬ ‫ستكون الغالبية الساحقة من األصوات مؤيدة ملنع‬ ‫هذه املمارسة ‪ ,‬وضع لوائح خاصة بها و بأمثالها من‬ ‫القضايا‪.‬‬ ‫فالنظام العلماني الديمقراطي لن يلزم السوريين‬ ‫بتبني عادات و تقاليد و ممارسات قد تكون غريبة‬ ‫عنهم ‪ ,‬و ل يوافقون عليها هم بأغلبيتهم ‪.‬‬ ‫النظام العلماني الديمقراطي يعيد الثقة باإلنسان‬ ‫ موضوع التكليف و المانة اللهية ‪ -‬و يحترم‬‫خياراته ‪ ,‬و يعطيه الفرصة لتصحيح هذه الخيارات‬ ‫‪ .‬هو نظام يسحب البساط من تحت أرجل األوصياء‬ ‫على حياة البشر و مستقبل الناس ‪ ,‬سواء كانت‬ ‫هذه الوصاية و الستغالل تتم بحجج دينية أو‬ ‫دنيوية ‪ ,‬هو نظام إن أحسن تطبيقه يعزز قدرة‬ ‫الناس على الختيار و تقويمه بدالة التجربة‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫ع الوتر‬

‫في قصور الخطاب العربي العلماني ج ‪2‬‬ ‫د ‪ .‬محزة رستناوي ‪ -‬خاص‬ ‫يمكن اختزال العلمانية التي تناولها الجزء األول‬ ‫من املقال بالعلمانية الجزئية – وفقا لتعبير عبد‬ ‫الوهاب املسيري ‪ -‬مقابل العلمانية الشاملة‪ .‬و في‬ ‫هذا الجزء من املقال هنا سأعرض لألسباب‬ ‫املحتملة لفشل الخطاب العلماني العربي ‪:‬‬ ‫أول ‪:‬عدم تقديم نماذج ايجابية تقنع الناس بجدوى‬ ‫و فائدة النظام العلماني في الحكم في املنطقة‬ ‫العربية ‪ ,‬فقد ارتبطت العلمانية – عن حق ‪ -‬في‬ ‫ذهن عموم الشعوب العربية بالستبداد و الظلم ‪,‬‬ ‫فنظام البعث في العراق و في سوريا علماني ‪ ,‬و نظام‬ ‫َ​َ‬ ‫بورقيبة و خلف ُه زين العابدين بن علي في تونس‬ ‫علماني ‪ ,‬و مصر الناصرية علمانية ‪ ,‬و نظام الحاكم‬ ‫القسرية علماني‬ ‫في اليمن الجنوبي قبل الوحدة‬ ‫ِّ‬ ‫‪..‬الخ و كلها نماذج ألنظمة تسلطية قمعية فاسدة ‪,‬‬ ‫لم تقدم ملواطنيها من العلمانية سوى قمعهم و‬ ‫التضييق على َّ‬ ‫حريتهم باسم العلمانية‪.‬‬ ‫و هنا أعود للنقطة التي ُ‬ ‫طرحتها سابقا في ضرورة‬ ‫ربط العلمانية بمنظومة الدولة الديمقراطية‬ ‫الحديثة و املواطنة و احترام حقوق النسان ‪ ,‬و‬ ‫لألسف من بين جميع النماذج العربية للحكم‬ ‫امللقب ب ‪ " :‬العلماني " ل نجد نموذجا ديمقراطيا‬ ‫َ‬ ‫واحدا ُيحتذى‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫يخص‬ ‫ثانيا ‪ :‬عدم تقديم نماذج ايجابية فيما‬ ‫احترام الدولة للحريات الدينية ‪ ,‬و مبدأ حيادية‬ ‫الدولة تجاه عقائد مواطنيها ‪ ,‬بل نجد أن النماذج‬ ‫العربية السابقة في الحكم ‪ ,‬و في نماذج عديدة‬ ‫أخرى ‪ ,‬لم تحارب هذه األنظمة الحزاب الدينية‬ ‫التي كانت تعارضها فحسب ‪ ,‬بل قامت بالتضييق‬ ‫على الحريات الدينية و التمييز ضد املتدينين و‬ ‫تهميش مجتمعاتهم ‪ ,‬في معظم النماذج السابقة‬ ‫أصبحت معاداة الدين " السالم السني " تعادل‬ ‫العلمانية ‪ ,‬و شيئا فشيئا أصبح العلمانيون‬ ‫السلطويون و ملحقاتهم من املثقفين أشبه بطائفة‬ ‫دينية متطرفة تحمل توجهات معادية للدين‪.‬‬ ‫و في بلدان مثل سوريا ‪ ,‬قام النظام األسدي‬ ‫الستبدادي باستخدام العلمانية البعثية كواجهة‬ ‫أخفت ورائها الطبيعة الطائفية ملمارسات النظام‬ ‫َ‬ ‫في علونة املؤسسة األمنية و العسكرية ‪ ,‬و نتساءل‬ ‫َ‬ ‫يجلب مليشيات‬ ‫هنا كيف يمكن لنظام علماني أن‬ ‫طائفية من العراق و لبنان لتقتل مواطنيه ‪ ,‬و كيف‬ ‫لنظام علماني أن يميز بين مواطنيه على أساس‬ ‫الدين ؟!‬ ‫إذا العامل األهم في فشل التجربة العلمانية في‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫الحكم كان عدم تقديم نماذج ايجابية تحتذى تقنع‬ ‫املواطنين بفوائد العلمانية ‪ ,‬و يمكن تفسير هذا‬

‫المر – و ليس تبريره بكون النظمة العلمانية كانت‬ ‫في معظمها ذات ايديلوجية يسارية قومية ‪ ,‬و لم‬ ‫تكن علمانيتها خارج اطار األدلجة و األحادية ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬استحضار النموذج الستعماري و النموذج‬ ‫الشيوعي للعلمانية‪.‬‬ ‫فقد ارتبطت العلمانية بالحقبة الستعمارية و‬ ‫األنظمة التابعة التي حكمت الكثير من البلدان‬ ‫العربية عقب الجالء ‪ ,‬فالدول املستعمرة هي دول‬ ‫علمانية ‪ ,‬و قد حاولت هذه الدول فرض نفوذها و‬ ‫مقاومة قوى التحرر الوطنية بتسخيف عقيدة‬ ‫الشعب و ثقافته ‪ ,‬بمبررات العلمانية ‪ ,‬و قد نشأ‬ ‫نتيجة ذلك ربط شرطي بين الستعمار الغربي و‬ ‫العلمانية ‪ ,‬فالعلمانية ليست سوى مؤامرة حاكها‬ ‫الغرب ضدنا!‬ ‫و كذلك ارتبطت العلمانية بالفكر و األحزاب و‬ ‫النظم الشيوعية ‪ ,‬و قد قدمت هذه الحزاب و‬ ‫مثقفيها نماذج مدعية للعلمانية ‪ ,‬صورت نفسها‬ ‫كقوى تقدمية حضارية مقابل القوى الدينية‬ ‫املتخلفة من وجهة نظرهم ‪ ,‬ل بل إن الكثير من‬ ‫الشيوعيين العرب لم يعرفوا من الشيوعية سوى‬ ‫العداء و الكراهية للدين عموما و السالم خصوصا‬ ‫و ل أعمم هنا ‪.‬‬ ‫و تعقيبا على استحضار النموذج الستعماري نقول‪:‬‬ ‫إن الظاهرة الستعمارية بحد ذاتها تناقض مبادئ‬ ‫الدولة الديمقراطية العلمانية القائمة على‬ ‫املواطنة املتساوية و احترام حقوق النسان ‪,‬‬ ‫فالغرب هنا يناقض مبادئه التي ُيبشر بها ‪ ,‬و قد لجأ‬ ‫الغرب إلى استخدام العلمانية كعادته – و من‬ ‫وجهة نظر انتهازية – كأداة للهيمنة ‪ ,‬و منه قام‬ ‫النكليز بدعم انظمة حكم قبلية دينية موالية لهم‬ ‫في العالم العربي ‪ ,‬و كذلك استخدم الغرب التبشير‬ ‫املسيحي كسالح لبسط الهيمنة الثقافية ‪ ,‬رغم أن‬ ‫الدول الستعمارية الغربية تقوم على اساس‬ ‫العلمانية التي تفترض حيادية الدولة تجاه الدين‬ ‫‪.‬باختصار العلمانية عند عزلها عن سياق الدولة‬ ‫الديمقراطية و املواطنة و احترام حقوق النسان‬ ‫تصبح أداة قابلة للتوظيف املتناقض‪ .‬و ل ينبغي‬ ‫لعاقل و صاحب قلب سليم رفض فكرة من مبدأ‬ ‫الجكارة بالستعمار ؟!‬ ‫و تعقيبا على استحضار النموذج الشيوعي نقول‪:‬‬ ‫إن املاركسية التقليدية بحد ذاتها عقيدة سلفية ‪ ,‬و‬ ‫إن قدمت نفسها بغير ذلك من علم العلوم إلى‬ ‫الحلقة الخيرة من تطور البشرية‪..‬الخ‪ .‬و إذا كان‬ ‫محرما في أنظمة الستبداد الديني عدم اليمان أو‬

‫الكفر باهلل ‪ ,‬فأنظمة الستبداد الشيوعي تحرم‬ ‫اليمان باهلل ‪ ,‬و كال النمطين من أنظمة الحكم‬ ‫يتساويان في عقيدة الكراه و الوصاية و مخالفة‬ ‫املبدأ الفطري العظيم الذي جاء به القرآن الكريم‬ ‫" ل إكراه في الدين "‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬تشويه الخطاب الديني للعلمانية و شيطنتها‬ ‫‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫إن معايير النزاهة و األمانة العلمية تلزم أي رجل‬ ‫دين أو مثقف بتقديم العلمانية للناس و توصيفها‬ ‫وفق ما استقر عليه علم السياسة ‪ ,‬و التجربة‬ ‫التاريخية البشرية للعلمانية ‪ ,‬و عدم التعميم ‪,‬‬ ‫فالعلمانية هي الفصل بين الدين و السياسة ‪ ,‬ملنع‬ ‫استغالل الدين ألغراض سياسية و منع استخدام‬ ‫آليات الدولة للترويج لفكر دين أو مذهب أو طائفة‬ ‫دون غيرها ‪ ,‬و فالعلمانية من ناحية املبدأ ل تعادي‬ ‫الدين ‪ ,‬و هي أبدا ليست بدعوة إلى الكفر و اللحاد‬ ‫َّ‬ ‫معنية بسلب دين الناس و معاداة‬ ‫‪ ,‬و هي ليست‬ ‫املتدينين ‪ ,‬هي ببساطة آلية اجرائية للفصل بين‬ ‫الدين و السياسة و ذلك ملصلحة الدين و مصلحة‬ ‫السياسة و األمة عموما‪.‬‬ ‫الخطاب الديني الشعبي و معظم تيارات السالم‬ ‫السياس ي تصف العلمانية بالكفر ‪ ,‬و تصف الفرد‬ ‫العلماني بالكافر ‪ ,‬و تصف العلمانية بكونها مؤامرة‬ ‫على املسلمين ‪ ,‬أو أنها غريبة عن املجتمعات العربية‬ ‫السالمية و ل تناسبنا‪..‬الخ في تناس ي أو اخفاء أو‬ ‫تضليل للناس حول حقيقة و فائدة العلمانية في‬ ‫حل الشكالت السياسية التي تعاني منها‬ ‫مجتمعاتنا‪.‬‬ ‫و حتى اآلن ما زال خطاب السالم السياس ي يرفض‬ ‫العلمانية ‪ ,‬و يرفض الستفادة من امليزات التي‬ ‫تقدمها للمجتمعات السالمية و امكانيات بناء دول‬ ‫مستقرة قائمة على املواطنة املتساوية ‪ ,‬و تأسيس‬ ‫أوطان كريمة‪.‬‬ ‫إن عقيدة الولء و البراء ببعدها الجتماعي و‬ ‫النفس ي و السياس ي تتنافى و تشكل النقيض للدولة‬ ‫الديمقراطية العلمانية " دولة املواطنة املتساوية "‬ ‫و إن املدخل الصحيح لتقبل العلمانية و الستفادة‬ ‫من ايجابياتها هو في النقد الذاتي و تفكيك هذه‬ ‫املقولة العنصرية املتهافتة معرفيا و التي تعاكس‬ ‫منطق الحياة ‪ ,‬و حلم البشر بالعيش املشترك ‪ ,‬و هي‬ ‫قبل ذلك تناقض الفهم الحيوي لإلسالم و قيمه‬ ‫العاملية‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫ع الوتر‬

‫* سأثبت نماذجا ملوقف لرجال دين ‪ -‬ممن يحظون بالشعبية ‪ -‬من العلمانية‪:‬‬

‫ثالثا ‪ :‬ينظرون إلى العلمانية كعقيدة و دين منافس لإلسالم ‪ ,‬و ليس‬

‫‪" -1‬على حسب عقيدة الولء و البراء والتي هي اساسية في العبادة والتوحيد‬

‫كإجراءات أو وسيلة لتحقيق الدولة القائمة على املواطنة املتساوية و شريعة‬

‫عند كل مسلم حق باهلل عز وجل فعلى كل مسلم اعالن معاداته وحربة على‬

‫العدل ‪.‬‬

‫كل علماني ومجوس ي نحس مختبئ تحت جلد شيعي ابن متعة "‬

‫ثالثا ‪ :‬تدعيم وجهات نظرهم بتفاسير و قراءات انتقائية منغلقة تقيد دللت‬

‫أيمن الظواهري – من شريط مسجل بعنوان ‪ -‬صنم العجوة الديمقراطي –‬

‫النص‪.‬‬

‫رسالة للمصرين‪.‬‬

‫َ َ ُّ‬ ‫رابعا ‪ :‬عدم التفكر في تجار المم و البشر السياسية خالل القرون الثالثة‬

‫‪ " -2‬العلمانية ما هي إل جاهلية اشد من جاهلية القرون الولى"‬

‫السابقة و نجاح نماذج الدولة الديمقراطية العلمانية عبر العالم‬

‫الشيخ كشك يعرف العلمانية – تسجيل صوتي على اليوتيوب ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬النكفاء على التاريخ العربي السالمي دون غيره ‪ ,‬و التميز الجو هراني‬

‫‪" -3‬الليبرالية و العلمانية ضد السالم ألنهما يجعالن الحكم للبشر ‪-‬‬

‫بين املسلمين و غيرهم ‪ ,‬و اهدار البعد التاريخي للدولة ‪ ,‬ففي القرون الهجرية‬

‫العلمانيين و الليبراليين ليسو مسلمين "‬

‫الولى لم تكن فكرة الدولة الديمقراطية الحديثة القائمة على املواطنة قد‬

‫شيخ األزهر علي جمعة – جيل صوتي على اليوتيوب ‪.‬‬ ‫‪"-4‬إن العلمانية بمعيار الدين دعوة مرفوضة ‪ ،‬ألنها دعوة إلى حكم الجاهلية‬ ‫‪ ،‬أي إلى الحكم بما وضع الناس ‪ ،‬ل بما أنزل هللا‪ .‬وبهذا تناصب العلمانية‬ ‫العداء للدين ‪ ،‬أعني لإلسالم ‪ ،‬الذي أنزله هللا نظاما شامال للحياة ‪ ،‬كما أن‬

‫ظهرت بعد‪ ,‬و كان الطابع العام للدول حول العالم ذات مشروعية عائلية او‬ ‫دينية قائمة على القهر و الغلبة ‪ ,‬و بهذا املقياس قدمت املسلمون في تاريخهم‬ ‫نماذج متفوقة و متجاوزة كدولة املدينة و تجارب الخليفة عمر بن الخطاب و‬ ‫عمر بن عبد العزيز و لكنها لم تشكل نسقا عاما و مستمرا‪.‬‬

‫اإلسالم يناصبها العداء أيضا‪،‬إنها دعوة تتعالم على هللا جل جالله! وتستدرك‬

‫متقبلة و مرحبة بالعلمانية‪:‬‬ ‫* نماذج ملوقف سياسيين "اسالميين "‬ ‫ِّ‬

‫على شرعه وحكمه! كأنها تقول هلل رب العاملين ‪ :‬نحن أعلم بما يصلح لنا‬

‫‪ "-1‬أن العلمانية ليست إلحادا ‪ ,‬وأنها مجرد شكل إجرائي لحل الخالفات‬

‫منك"‬

‫بشكل ديمقراطي في الدولة"‬

‫الشيخ القرضاوي – من مقال بعنوان ‪ :‬العلمانية ضد الدين‪.‬‬

‫راشد الغنوش ي " مؤسس حزب النهضة في تونس " ‪ -‬جريدة الصباح‬

‫‪" -5‬املسألة هنا ليست مسألة آراء هيئات وتشكيالت معينة ‪ ،‬املسألة مسألة‬

‫‪'' -2‬الدول العلمانية ل تعني الال دينية وإنما تعني احترام كل األديان وإعطاء‬

‫اإلسالم ذاته ‪ ،‬موجودا أو غير موجود ‪ ..‬الدولة مسلمة أو غير مسلمة ‪ ..‬الدولة‬

‫كل فرد الحرية في ممارسة دينه ‪...‬و العلمانية ليست صفحة للفرد انما هي‬

‫مسلمة ؛ إذن ل محيص لها من تنفيذ الشريعة اإلسالمية بمبادئها العامة‬

‫صفة للدولة ‪..‬و أنا أنصح املصريين بصياغة دستور يقوم على مبادئ‬

‫مصدرا لكل تشريع جديد يحتاج إليه املجتمع املتجدد ‪ ،‬ل في األحوال‬

‫العلمانية"‬

‫تنفذ القانون‬ ‫الشخصية ‪" ،‬ولكن في العقوبات واملدنيات سواء "‪ ..‬الدولة ل ِّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اإلسالمي ؛ إذن فهي داخلة في النص القرآني الصريح ‪َ ﴿ :‬و َم ْن ل ْم َي ْحك ْم ِّب َما‬ ‫َ َ َ ُ َُ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫أنزل‬ ‫هللا فأ ْول ِّئ َك ُه ْم الكا ِّف ُرون (‪( ﴾)44‬املائدة)‪ ،‬ول وسط بين الطرفين‪"!.‬‬

‫رجب طيب أردوغان – رئيس حزب العدالة و التنمية و رئيس الوزراء التركي‬

‫فكرة تقبل العلمانية ال حين غادر تونس و عاش في اوربا و تعرف على التجربة‬

‫سيد قطب ‪ -‬خطاب مفتوح إلى معالي وزير الخارجية ‪ :‬فصل الدين عن الدولة‬

‫السياسية العلمانية لديهم و ايجابياتها‪.‬‬

‫*مالحظات سريعة حول النماذج السابقة‪:‬‬

‫و إن الجدال الحاد في الوساط السالمية حول العلمانية ليس وليد اليوم بل‬

‫أول ‪ :‬ينظرون لإلسالم كصفة لسلطة و كصفة للدولة و كصفة لحزب ‪ ,‬و‬

‫يعود لحوالي قرن من الزمن عندما كتب الشيخ األزهري علي عبد الرازق كتابه‬

‫ليس كعقيدة يؤمن به النسان ‪ ,‬أو كعقيدة تتفاعل مع البعاد الخرى‬

‫" السالم و أصول الحكم " ‪ 1925‬م و ذكر فيه " بأنه ل يوجد في النصوص‬

‫للمجتمع إلنتاج ثقافته‪.‬‬

‫السالمية املقدسة ما يلزم املسلمين بإتباع نموذج الخالفة بالحكومة الدينية‬

‫و في الحقيقة إن الغنوش ي كان رافضا للعلمانية في البداية لم تتطور لديه‬

‫‪ ,‬و أن بإمكانهم اختيار النظام السياس ي الذي يناسبهم« ‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫تموز‪2013‬‬ ‫‪ --15‬آب‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪15- -)10‬‬ ‫العدد ((‪)8‬‬ ‫صراحة‪/ /‬العدد‬ ‫صراحة‬

‫إبداع‬

‫الوجع السوري‬

‫~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~‬

‫حممد عبد اهلادي الشحاد*‬

‫إىل صيادٍ فاجر ‪..‬‬ ‫د ‪ .‬عثمان اإلدليب‬

‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫بالمختصر‬

‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )8‬تموز ‪2013‬‬

‫التَّغيير بين الواقع والمأمول‬ ‫بدر احلسني – خاص‬ ‫َّ‬ ‫غيير َ‬ ‫طرية ُم َّ‬ ‫حاجة ف َّ‬ ‫الت ُ‬ ‫لحة عند َجميع‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫الناس‪ ،‬وهو من املتطلبات التي تقتضيها‬ ‫ُ‬ ‫طبيعة الحياة املعاصرة من أجل مواكبة‬ ‫ُّ‬ ‫والتقاني الذي‬ ‫والصناعي‪،‬‬ ‫املعرفي‪،‬‬ ‫التقدم‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ينمو‪ ،‬ويزداد يوما إثر يوم في جميع أنحاء‬ ‫َّ‬ ‫املعمورة‪ .‬ولكي يتحقق التغيير الذي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫مقومات‪،‬‬ ‫ينشده الناس ل بد من وجود ِّ‬ ‫وعوامل تقود هذا التغيير إلى مستوى‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ومستوى األهداف التي‬ ‫الطموح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ينشدونها‪.‬‬ ‫ُ ُ ُّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫عد التغيير ضربا من‬ ‫سورية حيث ي‬ ‫َّأما في‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫املحرمات‪ ،‬وشكال من أشكال‬ ‫ضروب‬ ‫املمنوعات‪ ،‬عند النظام الذي يظن أنه‬ ‫َّ‬ ‫باق إلى األبد‪ ،‬فقد اقتض ى التغيير دفع‬ ‫أثمان باهظة على مستوى البنية التحتية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫والبشرية‪ ،‬ناهيك عن األثمان األخرى التي‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫النفسية‪ ،‬واللحمة‬ ‫تتعلق بالجوانب‬ ‫الجتماعية وغيرها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّأما وقد ُد ِّفع الثمن الباهظ‪ ،‬وأصاب‬ ‫الناس ما أصابهم من األلم‪ ،‬والتهجير‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫تجاهل املجتمع الدولي‪،‬‬ ‫والشتات وسط‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وتنصله من نصرة الشعب السوري‬ ‫املظلوم فال َّبد للشعب السوري من أن‬ ‫يعتمد على طاقاته‪ ،‬وقيمه‪ ،‬وموروثاته‬ ‫َّ‬ ‫الحضارية للمحافظة على جوهر التغيير‬ ‫واضعا العوامل‬ ‫أعني الثورة التي قام بها ِّ‬ ‫التالية نصب عينيه‪:‬‬ ‫أول‪ :‬العتماد على هللا سبحانه وتعالى‪ ،‬ثم‬

‫َّ‬ ‫الحضارية‪،‬‬ ‫على إمكانات أبناء املجتمع‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫يغلب الجميع‬ ‫واألخالقية‪ ،‬واملهنية بحيث ِّ‬ ‫َ‬ ‫ويوحدون‬ ‫الخاصة‪،‬‬ ‫املصلحة العامة على‬ ‫ِّ‬ ‫جهودهم‪ ،‬وكلمتهم‪ ،‬ومقاصدهم وصول إلى‬ ‫الهدف املنشود‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬عقد َّ‬ ‫النية على الرتقاء ِّببالدهم‪،‬‬ ‫وتطويرها‪ ،‬وتصحيح ما كان من أخطاء‪ ،‬و‬ ‫العمل الدؤوب على إيجاد املبادرات‬ ‫اإليجابية والواعدة التي تعود على جميع‬ ‫أبناء املجتمع بالخير والنفع‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التعامل مع األحداث حسب ُمقتض ى‬ ‫ُّ‬ ‫التسرع في استعجال‬ ‫الحال‪ ،‬وعدم‬ ‫َّ‬ ‫تحقيق األهداف ألن الطائر املحبوس‬ ‫عندما ُيفتح له باب القفص يرتطم‬ ‫بالجدران واألبنية رغم سعة األفق أمامه‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬إحسان الظن باآلخرين‪ ،‬وتشجيع‬ ‫ذوي الكفاءات في جميع املجالت‪،‬‬ ‫ومحاولة كسب جميع طاقات أبناء‬ ‫املجتمع‪ ،‬واستثمارها‪ ،‬والتغاض ي عن‬ ‫بعض الهفوات‪ ،‬وترك هامش لبشرية‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬احترام املنظومة الجتماعية‬ ‫َّ‬ ‫السائدة‪ ،‬وأخذ رأي العلماء‪ ،‬واملثقفين‪،‬‬ ‫وكبار السن‪ ،‬وعدم تهميش أي طرف‪ ،‬أو‬ ‫فصيل‪ ،‬بل العمل على كسب الجميع‪،‬‬ ‫ودمجهم في روح الثورة‪ .‬ورحم هللا املتنبي‬ ‫عندما قال‪:‬‬

‫الرأي قبل شجاعة الشجعان‬ ‫هو أول وهي املحل الثاني‬ ‫فإذا هما اجتمعا لنفس حرة‬ ‫بلغت من العلياء كل مكان‬ ‫سادسا‪ :‬تغذية املعنويات‪ ،‬والحرص على‬ ‫ُّ‬ ‫إبقائها مرتفعة‪ ،‬وتجنب اليأس واإلحباط‪،‬‬ ‫وعدم استبطاء النصر‪ ،‬والثقة بنصر هللا‬ ‫وتأييده ولو بعد حين لكل قضية عادلة‪.‬‬ ‫سابعا‪ :‬النظرة العميقة‪ ،‬واستشراف‬ ‫املستقبل‪ ،‬والبعد عن النظرة اآلنية‬ ‫َّ‬ ‫واملناطقية الضيقة‪ ،‬والستفادة من‬ ‫تجارب الشعوب التي أصبحت متاحة في‬ ‫ظل انتشار وتوفر وسائل التصال‬ ‫الحديثة‪.‬‬ ‫ثامنا‪ :‬الستفادة من األخطاء السابقة‪،‬‬ ‫والعمل على تصحيحها‪ ،‬وتجاوزها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫تاسعا‪ :‬التراحم بين الناس‪ ،‬وتثمين دور‬ ‫َّ‬ ‫ضحوا بأنفسهم‪ ،‬وممتلكاتهم‪،‬‬ ‫الذين‬ ‫والوقوف إلى جانبهم‪ ،‬وإشعارهم بأهمية‬ ‫وقيمة ما َّ‬ ‫قدموه‪.‬‬ ‫عاشرا‪ :‬التركيز على تطوير املفاهيم‬ ‫والرتقاء بطرائق التفكير ألنهما جوهر‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫وختاما فإن َّ‬ ‫أهم أسلحة الثورة والتغيير‬ ‫الصبر‪ ،‬والفكر‪ ،‬وتضافر الجهود‬ ‫واإلمكانات‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫أطفالنا والمشاكل النفسية‬ ‫إعداد ‪ :‬بريم اجلمعة‬ ‫الطفل كائن رقيق سهل التشكيل وسهل التأثر‬ ‫بما يدور حوله ومن هنا تكون مسئوليتنا نحن‬ ‫اآلباء واألمهات كبيرة في تنشئة الطفل وتوجيهه ‪..‬‬ ‫اما الى الطريق الصحيح فينشأ شابا على نهج‬ ‫سليم بعيدا عن الضطرابات واملشاكل النفسية‬ ‫‪ ..‬واما ان ينشأ مليئا بالعقد النفسية التي تؤدي‬ ‫به اما الى الجنوح او املرض النفس ي‬ ‫نستعرض في هذه األسطر األسباب التي تؤدي الى‬ ‫املشاكل النفسية للطفل والتي علينا ان نضعها‬ ‫دائما في العتبار ونتجنبها قدر المكان حتى ننعم‬ ‫بأطفال يتمتعون بصحة نفسية جيدة‬

‫لتنمية شخصية الطفل و تنمية قدرته العقلية‬ ‫·التقتير الشديد على الطفل وحرمانه من الشياء‬ ‫التي يحبها رغم امكانات السرة التي تسمح بحياة‬ ‫ميسورة‬ ‫·الغداق الزائد وتلبية كل طلبات الطفل‬ ‫واملصروف الكبير الذي يعطى له بما ليتالءم مع‬ ‫عمره ومايصاحب ذلك من تدليل زائد يفقد‬ ‫الب والم بعد ذلك السيطرة والقدرة على‬ ‫توجيه الطفل وتربيته‬ ‫·ادمان احد الوالدين للمخدرات (غالبا الب)‬ ‫·انغماس احد الوالدين في ملذاته مضحيا‬ ‫بكرامة اسرته ومسببا املعاناة الشديدة لطفاله‬ ‫(غالبا الب)‬

‫·املعاملة القاسية للطفل والعقاب الجسدي‬ ‫واإلهانة والتأنيب والتوبيخ‪ ..‬يؤدي الى توقف نمو‬ ‫ثقته بنفسه ويمأله الخوف والتردد والخجل في‬ ‫أي ش يء يفكر في القيام به ويصبح عرضة‬ ‫للمعاناة النفسية‬ ‫·الخالفات العائلية التي تجبر الطفل على ان‬ ‫يأخذ جانبا اما في صف األم او األب مما يدخله‬ ‫في صراع نفس ي‬ ‫·التدليل والهتمام بالطفل الجديد ‪ ...‬فمجيء‬ ‫وليد جديد يعتبر صدمة قوية قد ينهار بسببها‬ ‫كثير من األطفال ‪ ..‬والطفل يتضايق الى حد‬ ‫الحزن حين يرى طفال آخر قد حظي بما كان‬ ‫يحظى به ويمتلك أشياء ل يمتلكها أحد سواه‬ ‫وكل هذا بسبب تدليل الوالدين للطفل الجديد‬ ‫امامه وعدم الهتمام به كما كان من قبل‬ ‫·الصراع بين الب والم للسيطرة على الطفل‬ ‫والفوز برضاه فيجد الطفل منهما توجيهات‬ ‫واوامر متناقضة مما يضع الطفل في حيرة‬ ‫شديدة وعجز عن الختيار يعرضه ملعاناة نفسية‬ ‫كبيرة ويؤهله لالمراض النفسية فيما بعد‬ ‫·احساس الطفل بالكراهية بين الب والم سواء‬ ‫كانت معلنة او خفية‬ ‫·عدم وجود حوار بين الب والم وافراد السرة‬ ‫·عدم وجود تخطيط وتعاون بين الب والم‬

‫اسباب مصدرها األم ‪:‬‬

‫اسباب مصدرها الب والم ‪:‬‬

‫·تعرض الم لبعض انواع الحمى اثناء الحمل او‬ ‫تناولها عقاقير تضر بالجنين اثناء الثالثة اشهر‬ ‫الولى من الحمل او ممارستها لعادة التدخين‬ ‫السيئة مما يؤثر على قدرات الجنين العقلية‬ ‫·الم غير السعيدة اثناء فترة الحمل‬ ‫·الطفل الذي يربى بعيدا عن امه وخاصة في‬ ‫السنوات الولى من عمره‬ ‫·الم املسيطرة التي تلغي تماما شخصية الب في‬ ‫البيت مما يجعل رمز الب عند الطفل يهتز‬ ‫·اهمال تربية الطفل وتركه للشغالة او املربية‬ ‫·انشغال الم الزائد باهتماماتها الشخصية وكثرة‬ ‫الخروج من البيت وترك الطفل‬ ‫·تخويف الطفل من اشياء وهمية كالعفاريت‬ ‫والحيوانات املخيفة من خالل الحكايات التي‬ ‫تحكى له والتي تترك اثرا سيئا على نفسيته‬

‫·تتأثر نفسية الطفل كثيرا حينما يرى أباه وهو‬ ‫يشتم أمه و يضربها أمامه‬ ‫·األب السكير الذي يعود آخر الليل مخمورا و‬ ‫يزعج أفراد األسرة يؤثر كثيرا على رمز الب لدى‬ ‫الطفل‬ ‫·عندما يكتشف الطفل ان أباه يكذب أو أن أباه‬ ‫رجل غير شريف عندها يفقد احترامه ألبيه ويبدأ‬ ‫في املعاناة التي قد لتظهر ال عندما يكبر‬ ‫·انشغال الب الزائد بعمله وعدم تخصيص وقت‬ ‫كاف للجلوس مع الطفل والهتمام به‬ ‫·هجرة الب خارج الوطن مما يجعل الطفل‬ ‫يفتقده كمثل اعلى وكمعلم ومرب وقدوة‬

‫اسباب مصدرها الطفل نفسه ‪:‬‬ ‫·تواضع قدرات الطفل الذكائيه مقارنة بزمالئه‬ ‫في الفصل ‪ ,‬مما يجعله يشعر بالنقص والخجل و‬ ‫خاصة اذا تعرض الى ضغط زائد من مدرستة‬ ‫·وجود عاهة عند الطفل تعرضه لسخرية بقية‬ ‫األطفال‪ ,‬كشلل األطفال أو ضعف السمع أو‬ ‫ضعف أو تشويه في جسده‪.‬‬

‫اسباب مصدرها األب ‪:‬‬ ‫·األب الذي يمحو تماما شخصية األم و يلغي‬ ‫دورها و أهميتها‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫شبابيك‬

‫طرفتان ريفيتان‬ ‫ُ‬ ‫طرفتان ريفيتان ‪ .‬مسرحيتان من تأليف ‪ :‬ألكسندر فامبيلوف ‪ .‬ترجمة ‪ :‬عياد عيد‬ ‫‪ .‬منشورات وزارة الثقافة بدمشق لعام ‪ 2011‬يقع الكتاب في ‪ 120‬صفحة من‬ ‫القطع الوسط‬ ‫إيركوتسك بروسيا في ‪ 19‬آب ‪1937‬‬ ‫التابعة ملنطقة‬ ‫ُو َلد املؤلف في بلدة كوتوليك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعد ولدة املؤلف بأشهر معدودة أعتقل والده وأعدم رميا بالرصاص بحكم من‬ ‫مديرية اللجنة الشعبية للشؤون الداخلية ‪....‬‬ ‫(ترويكا)‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫في عام ‪ 1957‬أعيد العتبار لوالده بعد املمات ‪!!!!!!!....‬‬ ‫في ‪ 17‬آب ‪ 1972‬وقبل يوم من اتمامه الخامسة والثالثين من عمره انتهت حياته‬ ‫بحادثة مأساوية حين غرق في بحيرة البايكال بعد أن انقلب زورقه في املاء ‪....‬‬ ‫حقا كما سماهما املؤلف طرفتان ‪...‬‬ ‫الطرفة األولى ‪ :‬قصة امليترانباج ‪.‬‬ ‫الطرفة الثانية ‪ :‬عشرون دقيقة مع املالك ‪.‬‬ ‫امليتراباج ‪ ....‬يسرد املؤلف من خاللها الرعب الذي يعيشه املواطن الروس ي من‬ ‫األخ األكبر كما تم تسميته ‪ ...‬وتسمية األخ األكبر ليست مقتصرة على أعلى رتبة في‬ ‫السلطة ‪ ...‬ولكن على أي أخ من املمكن أن يكون تحت سلطته طبقة من العمال‬ ‫‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫تقع مشادة بين امليتراباج واملسؤول عن الفندق الذي يقيم فيه ‪ ...‬فيدفعه مدير‬ ‫الفندق تقول له فيكتوريا التي تحجز غرفة في الفندق ‪ ...‬كيف تجرأت ونهرت هذا‬ ‫الرجل ودفعته ‪ ،‬أل تخاف أن يكون له شأن في الدولة فينتقم منك !!!!؟‬ ‫تخور قواه بمجرد سماع هذه الكلمة ويتصل باستعالمات الفندق ليعرف هوية‬ ‫هذا الشخص ‪ ،‬فيقولون له هو فالن امليتراباج من موسكو مكلف بمهمة من‬ ‫وزارة العالم ‪..‬‬

‫فيتصل بأنصاف الليالي مع كل أصدقائه املثقفين ليستفسر عن امليتراباج ؟؟؟‬ ‫فمنهم من يقول له ‪ :‬ربما من الصحافة ‪ ،‬وآخر يقول ‪ :‬ربما تابع لألمن ‪ ،‬وآخر‬ ‫يقول ‪.... :‬‬ ‫وكلما ازداد استفساره ازدادت صحته أزمة ‪ ...‬إلى أن حالته استدعت طبيب‬ ‫القلب من شدة خوفه ‪ ........‬وفي األخير تبين أن امليتراباج هو ‪ :‬املنضد ‪..‬‬ ‫وأما الطرفة الثانية فكانت على أشد منها من حيث الشك في اآلخر بسبب فعل‬ ‫الخير !!‬ ‫املوظفان كانا في مهمة ببلدة ل يعرفون فيها أحدا ‪ ...‬وفجأة ول (متليك) (كوبيك)‬ ‫في جيبهما ‪...‬‬ ‫وفي محاولة من أحدهما صاح في الناس من نافذة الفندق على الشارع املقابل ‪...‬‬ ‫نحن بحاجة إلى ثالث روبيات فهل من أحد يقرضنا !!!؟‬ ‫بعد قليل طرق عليهم أحدهم باب غرفتهم في الفندق ‪ ...‬وقال لهم ‪ :‬أنتم بحاجة‬ ‫إلى مال ؟؟ هاكم مئة روبل !!!!‬ ‫ُجمدا في مكانيهما ‪ ...‬ولم َ‬ ‫يبق سؤال إل وسأله ‪ :‬ملاذا تريد أن تدفع لنا هذا املال‬ ‫ُ‬ ‫؟؟؟ مقابل ماذا ؟ ومن أين حصلت على هذا املبلغ الكبير بعد أن ربطاه إلى‬ ‫السرير !!!!‬ ‫وبعد التحقيقات ‪ ...‬تبين أن فاعل الخير كان في زيارة إلى هذه البلدة بعد غياب‬ ‫ست سنوات عنها لزيارة والدته التي لم يجتمع بها منذ ذلك الحين ‪ ،‬وكان قد‬ ‫جمع الكوبيك فوق اآلخر إلى أن بلغا املئة روبل كي يعطيها ألمه ‪ ...‬ولكن كانت أمه‬ ‫وصوله ‪ ،‬وبعد دفنها غادر وهو يقول بينه وبين نفسه ‪:‬‬ ‫قد فارقت الحياة حين‬ ‫ُ‬ ‫سأتبرع بهذا املبلغ ألول محتاج أصادفه !!!!!!‬ ‫يقول املثل العامي ((منيح ل تعمل ‪ ،‬شر ماتلقى))‬

‫باهوز مزري‬

‫شبابيك‬ ‫أقوال لألديب الكبير جبران خليل جبران‬ ‫من المجموعة الكاملة له ‪1996‬‬ ‫ سأمشي مع مجيع املاشني ‪ ،‬وال ولن أقف بال حراك ألراقب موكب العابرين‬‫ ما أنبل القلب احلزين الذي ال مينعه حزنه من أن ينشد أغنية مع القلوب الفرحة‬‫ الشعر حكمة تسحر القلب ‪ ..‬واحلكمة شعر يرتمن بأناشيد الفكر‬‫ ال تستطيع أن تضحك وتكون قاسياً يف نفس الوقت‬‫‪ -‬للرجل العظيم قلبان ‪ :‬قلب يتأمل و قلب يتأمل‬

‫ قد تنسى الذي ضحكت معه ‪ ،‬ولكن لن تنسى الذي بكيت معه‬‫‪ -‬الكآبة جدار بني بساتني‬

‫‪11‬‬


‫صراحة ‪ /‬العدد (‪ - 15 - )10‬آب ‪2013‬‬

‫بال قافية‬ ‫‪ 2‬غيغا وشل تنب‬

‫د ‪ .‬ألـمى أمحد‬

‫تعودن ــا أي ــام األس ــدين ( األب والب ــن ) ‪ ،‬الرك ــوض نح ــو ال ــوراء ‪،‬‬ ‫ولكن ‪ ،‬أن تعود خمسـين سـنة نحـو الخلـف ‪ ،‬هـذا مـا أدهشـني ‪،‬‬ ‫وك ــاد أن ُيغم ــى عل ــي ‪ ،‬ل ــول رائح ــة – مزبل ــة الخ ــراب – عن ــدما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ص ــادفت ص ــديقتي ( قنب ــرة ) مستش ــملة تس ــابق ال ــريح ‪ ،‬وش ــهق‬ ‫َ‬ ‫أوق ُ‬ ‫فتها طالبة منها الحديث ‪:‬‬ ‫حمارها ‪ ،‬عندما‬ ‫جنيتي ولك قنبرة عـ حمار !!!‬ ‫أنــا ممتطيــة حمــارا بــاألجرة أريــد التواصــل مــع أخــي وابــن خــالتي‬ ‫وشقيق جارتي بأوربا ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ولم على الحمار ؟ وكيف ستصلين ؟‬ ‫ُ‬ ‫كنت أتواصل معهم بطرق حضارية عبر ( السكايب ) في صالت‬

‫ُ‬ ‫الن ــت املحدث ــة ‪ ،‬قب ــل أن اكتش ــف حرمانيت ــه ‪ ،‬عن ــدما سـ ــمعت‬ ‫بالص ــدفة أن املفت ــي الكبي ــر ح ــرم الن ــت ألس ــباب أخالقيـ ــة ( هللا‬ ‫يعف ـ ــي عن ـ ــا ي ـ ــا أملوش ـ ــة ) ‪ .‬أم ـ ــا اآلن فأوج ـ ــد العب ـ ــاقرة أص ـ ــحاب‬ ‫ُ‬ ‫الص ـ ــالت حل ـ ــول ترضـ ـ ـ ي الجمي ـ ــع ب ـ ــأن ي ـ ــؤجروا الن ـ ــاس حمي ـ ــرا‬ ‫للتواصــل مــع أهــاليهم خــارج الــوطن ‪ ،‬وبــدل أن يشــرج ( يشــحن )‬ ‫صــاحب الصــالة جهــاز النــت ب ـ ‪ 2‬غيغــا ‪ ،‬صــار يشــرج كــل حمــار (‬ ‫بشل تبن ) ‪.‬‬ ‫طيــب يــا قنبــرة عنــدي حــل أحســن ‪ ،‬بمــا انــو النــت حــرام ألســباب‬ ‫أخالقيـة – حسـب مفهـوم املفتـي – أنـا أنصـحك تسـتأجري بـدل‬ ‫الحمار بغل ‪،‬‬ ‫بتعرف ــي إنت ــي إن ــو البغ ــل خنك ــى ل ذك ــر ول أنك ــى ‪ ،‬أم ــا الحم ــار ذك ــر‬ ‫وإنتي أنكى ‪ ،‬وأخش ى أن يكون الشيطان ثالثكما ‪.‬‬

‫صالة المهند – أفضل شاشات العرض‬

‫بلدة الغدفة – الشارع العام – مقابل سوبر ماركت موفق السعيد – هاتف ‪565862 :‬‬ ‫مالحظة ‪ :‬يوجد اشتراك شهري‬ ‫أسعار رمزية‬

‫ساهم يف نشر الثقافة‬ ‫مرّر اجمللة ملن حولك‬

‫للتواصل والنشر ‪:‬‬ ‫‪info.saraha.2013@gmail.com‬‬

‫||‬

‫هاتف ‪566327 :‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.