العدد السادس والسبعون بعد المــائة من مجلة فيلي

Page 1


‫كلمة العدد‬ ‫ليس هنالك حرب أجمل من السلم‬ ‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE ,MEDIA‬‬ ‫‪FOR FAILY KURD‬‬

‫علي حسين فيلي‬ ‫‪alifaily@shafaaq.com‬‬ ‫صاحب االمتياز‬

‫‪The concessionaire‬‬ ‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليني‬

‫دةزطاىرؤشنبريىوراطةياندنىكوردىفةيلى‬

‫الغالف االول‬

‫رئيس التحرير‬

‫مدير التحرير‬

‫علي حسين علي‬ ‫هيئة التحرير‬

‫‪176‬‬ ‫‪FAILY‬‬

‫السنة الرابعة عشر‬ ‫تمــــوز ‪2018‬‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬

‫رقم االعتماد في‬ ‫نقابة الصحفيين العراقيين ‪1016‬‬ ‫رقم االيداع في دار الكتب‬ ‫والوثائق ‪ 796‬في ‪2004‬‬

‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬

‫إقرأ في هذا العدد ‪....‬‬ ‫إرادة اإلصالح في كوردستان‬

‫‪4‬‬

‫الكتلة االكبر تنبثق من كوردستان‬

‫‪6‬‬

‫اتهام قطر بدعم سليماني وداعش وحزب اهلل بالعراق‪ ..‬من طرد وزير الداخلية بقضية الرهائن؟‬

‫‪26‬‬

‫العراق بين التظاهر و التخريب‬

‫‪34‬‬

‫بعد أكثر من ‪ 5000‬يوم من العمل لإلدارة المشتركة وسنوات كثيرة من النضال ضد البعث لم‬ ‫يبق شيء خفي بين أطراف السلطة من الشيعة والسنة والكورد‪ .‬وبهذه الصيغة فان الناس‬ ‫هم اخر المحطات التخاذ المواقف بشأن الرؤية الخاصة لألوضاع السيئة في حياتهم‪.‬‬ ‫ان الحديث عن حجم التدخالت الخارجية ومؤامرات البعثيين السابقين واضطرابات االطراف‬ ‫السياسية قد طغى بشكل ال يتساءل فيه احد عن النسبة المئوية لحقيقة احتجاجات‬ ‫الشارع وحق الناس في ذلك‪.‬‬ ‫في كل العهود والفترات هنالك حروب شرعية واخرى غير شرعية؛ ولكن ليس هناك اجمل‬ ‫من الحديث عن السالم‪ ،‬واليوم فان موارد االضطرابات وصراع المصالح اكثر بكثير من‬ ‫تحسين الظروف‪ ،‬لذلك فان مدى االصالحات ليس له مضي والحكومة تقول‪ :‬ان من بيده‬ ‫ارزاقكم ويمتلك السلطة هو صاحب الحق والقرار!‬ ‫ان الحكومة العراقية لها حدود يابسة مع الدول الست المحيطة بها ولكن ليس لها اية‬ ‫حدود حسنة مع شعبها‪ .‬في الوقت الذي عليها ان تقوي النقاط المشتركة مع ما يرغب به‬ ‫شعبها وتقضي على اخرى خالفية معه لكيال يحصل هناك تصادم‪ ،‬تقوم باتباع سياسة‬ ‫التضييق والتخدير والتجميد وتفعيل الخطاب االستفزازي‪ ،‬وتلغم حدود السياسة لمصلحتها‬ ‫االقتصادية واالمنية بالضد من الشعب‪ .‬وتضع قِدر خلط الحقيقة وغيرها على النار وتطبخ‬ ‫الحقوق من دون ان تقوم بإزالة الغليان والرغوة المتراكمة على قلب الشعب بغرفات من‬ ‫الماء الحلو او ان تدس شيئا من البرودة في رئة حياته بعدد من (امبيرات) الكهرباء‪ .‬وهذا‬ ‫يثبت انه بوجود هذه المشكالت بإمكان العدو من اي لون كان ان يدخل من باب االحتجاجات‬ ‫ان شاء ذلك‪.‬‬ ‫وبكل وضوح وليس بسبب الجغرافيا السياسية للمنطقة والبالء االسود للنفط وصراع‬ ‫الحضارات واالديان الذي تراكم على بعض في المنطقة‪ ،‬بل منذ القدم كان كل من يبحث عن‬ ‫حقه يبتلى بالحروب والكوارث‪.‬‬ ‫وطالما سعى هذا الشعب السترداد حقه فانه سيتعرض للتصادم مع السلطة المقصرة في‬ ‫زمانها‪ ،‬كون صاحب القرار وصائغه في هذا البلد يبحث دوما عن االزمات والحروب! وهذا هو‬ ‫السؤال الخطير‪ ،‬ليس فقط في العراق بل في المنطقة التي يتم فيها التفكير بالحرب اكثر‬ ‫من السالم؟! الشعب له اليوم حق ان يسأل الحكومة الصانعة للقرار ولالزمات عن ثمن عهود‬ ‫الرخاء؟!‬ ‫لماذا مقابل السالم الثمن يكون عدم المطالبة بأي حقوق‪ ،‬او توجيه أي انتقاد؟‬ ‫لماذا تقوم الحكومات المتعاقبة باالحتفال بالعيد السنوي لقدومها ولكن ال يدور بخلدها ان‬ ‫تقوم في اي وقت من االوقات باالحتفال بعيد ميالد شعب جريء؟!‬

‫رئيس التحرير‬ ‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫‪www.shafaaq.com‬‬


‫كورديات‬

‫‪4‬‬

‫إرادة اإلصالح في كوردستان‬ ‫صبحي ساله يي‬

‫اإلصالح عملية قابلة للتنفيذ يف كل لحظة‪ ،‬يعني‬ ‫التعدیل والتحسني والتحديث والتطوير والعمل‬ ‫علی عقلنة الحياة العامة باإلعتامد عىل مقاييس إيجابية‬ ‫محددة‪ ،‬والتفاهم والتعاون وصو ًال للتكامل واملشرتك‬ ‫اإلنساين‪.‬‬ ‫ميكن تسمية أي عملية تغيري باإلصالح‪ ،‬إذا ضمنت تجاوز‬ ‫األخطاء واإلخفاقات واإلنتقال باملجتمع اىل مرحلة متقدمة‬ ‫وحديثة تواكب العرص ومتغرياته‪ ،‬وتراعى املتطلبات‬ ‫واالحتياجات املادية واملعنوية التي تتطابق مع القيم‬ ‫االنسانية والحضارية املرتبطة باإلنتامء والوالء للشعب‬ ‫والوطن‪ ،‬وبالذات إذا أحدثت تغيرياً فعلياً ونقلة نوعية يف‬ ‫حیاة املواطنني وإراداتهم‪.‬‬ ‫أما عرقلة اإلصالح فيعني خلط األوراق والتوجه نحو‬ ‫مصادرة ما ميكن مصادرته‪ ،‬بإستخدام وتوظيف أدوات‬ ‫متنوعة كالغش والخداع وجربوت القوة‪ ،‬وما بني سطور‬ ‫القانون‪ .‬ويعني التشبث بالخصوصيات ووصول األمور إىل‬ ‫مفرتق طرق‪ ،‬واستمرار الخراب والتناحر وتبديد الطاقات‬ ‫البرشية واملادية وتعطيل التنمية‪.‬‬ ‫خطر ببايل التحدث عن اإلصالح وأنا أستمع اىل كلمة‬ ‫نيجريفان بارزاين‪ ،‬رئيس حكومة إقليم كوردستان‪ ،‬خالل‬ ‫مراسم افتتاح مركز التدريب والتطوير يف وزارة كهرباء‬ ‫إقليم كوردستان بأربيل‪ ،‬يوم ‪ 18‬متوز ‪ ،2018‬عندما قال‪:‬‬ ‫عبت دامئاً‬ ‫) حكومة اإلقليم ويف أصعب الظروف واأليام‪ّ ،‬‬ ‫عن إرادتها الجادة لإلصالح‪ ،‬وواصلت قدر املستطاع وقدر‬ ‫ما سمحت به الظروف تنفيذ برامجها اإلصالحية يف كل‬ ‫املجاالت‪ ،‬وستستمر يف هذا(‪.‬‬ ‫هذا اإلعرتاف الرسمي برضورة اإلصالح الدامئي يف اإلقليم‪،‬‬ ‫يعني وجود (الفساد)‪ ،‬ويعني تسهيل تحديد مفهومه‬ ‫الدقيق‪ ،‬ويعني‪ ،‬أيضاً‪ ،‬إننا بحاجة اىل البحث عن مؤرشاته‬ ‫ودالئله وتداعياته‪ ،‬كام يعني رضورة اإلرساع بتجاوزه‬ ‫وتجاوز آثاره (باإلصالح)‪ ،‬ليك ال يشعر أبناء املجتمع‬ ‫باإلغرتاب واليأس وضعف اإلنتامء‪.‬‬

‫فهل مثة فرصة إلقليم كوردستان لتعزيز الروابط السياسية‬ ‫واالقتصادية والثقافية فيه‪ ،‬والنهوض مبستلزمات التحدّ ي‬ ‫التي تحمل يف حقيقتها مصالح وطنية وقوم ّية‪ ،‬خصوصاً وأن‬ ‫هناك استهدافاً متعدد الجوانب له؟‪ .‬وهل ميكنه إستثامر‬ ‫اللحظة التاريخية وإلتقاط ما هو جوهري ومستقبيل‬ ‫التنصل منها‪،‬‬ ‫لعملية اإلصالح وفقاً لقيم ومبادئ ال يجوز‬ ‫ّ‬ ‫قوامها‪ :‬املساواة والعدالة واحرتام اإلنسان وحقوقه؟‪.‬‬ ‫يف العام املايض إستبرشنا خرياً عندما علمنا باإلستنفار‬ ‫الهادىء الرصني املبني عىل قاعدة االستشارة مبشاركة‬ ‫أصحاب الخربة والتخصص املايل واإلداري لتقديم مرشوع‬ ‫إصالحي صادق يتعلق برواتب املتقاعدين بدرجات خاصة‪.‬‬ ‫وبعيداً عن الضجة والبهرجة اإلعالمية‪ ،‬عرفنا أن تنفيذ‬ ‫املرشوع يعيد الكثري من الحقوق املهضومة‪ ،‬ويعيد أكرث‬ ‫من مئة مليار دينار لخزينة الحكومة‪.‬‬ ‫وصل املرشوع الحكومي اىل برملان كوردستان‪ ،‬وإغلق‬ ‫عليه األبواب وتعرض للدراسة والنقد والتخدير والتغيري‪،‬‬ ‫وتم تفسري وتعديل عدد من مواده باملزاج وبالسلوك‬ ‫االنتهازي من قبل أصحاب املعايل ومبوافقة هزازي الرؤوس‪.‬‬ ‫بعد أشهر‪ ،‬خرج املرشوع من مرشحة الربملان وإذا به‬ ‫ما يصدم املشاركني يف إعداده‪ ،‬ووصل األمر ببعضهم اىل‬ ‫أن اليعرفه لكرثة ما حدث فيه من تغيريات وتشويهات‪.‬‬ ‫ووسط ضجيج الرفض‪ ،‬أعيد املرشوع اىل الربملان ليعدله‪،‬‬ ‫وليعدل املسار ويربر ويتحمل وزر ما فعل‪ .‬ولكن ما زال‬ ‫املرشوع‪ ،‬منذ أشهر‪ ،‬مركوناً عىل رفوف الربملان بسبب‬ ‫املتاجرات السياسية‪ ،‬وحاالت التنافر‪ ،‬والسجاالت الصاخبة‪،‬‬ ‫والصور الصادمة‪ ،‬واملواقف اإلرتجالية‪ ،‬واملهاترات الفجة‪،‬‬ ‫والتعليقات والتجاوزات لكل الخطوط‪.‬‬ ‫الكوردستانيون بحاجة اىل املرشوع اإلصالحي‪ ،‬والتفكري‬ ‫الجدي باإلصالح القائم عىل اإلرادة والرغبة الجدية املنطلقة‬ ‫من الوازع الوطني‪ ،‬واىل الركون إىل إتفاقات سياسية‬ ‫ومواثيق رشف ساندة تعضد عملية اإلصالح الحكومي‬ ‫لتكون مبثابة أرضية صالحة لإلصالح املستمر‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫كورديات‬

‫‪6‬‬

‫الكتلة االكبر‬ ‫تنبثق من‬ ‫كوردستان‬

‫جالل شيخ علي‬

‫بعد أن أدركت انه المناص امامها سوى‬ ‫اللجوء الی كوردستان خاصة بعد فشلها‬ ‫يف تحقيق نصاب الكتلة الربملانية االكرب‬ ‫يف اطار سعيهم من اجل تشكيل الحكومة‬ ‫وجهت كتل سياسية شيعية‬ ‫الجديدة ‪ّ ،‬‬

‫فائزة يف االنتخابات الترشيعية العراقية‬ ‫وصلتها باتجاه إقليم كوردستان‪ ،‬ال‬ ‫َب َ‬ ‫سيام «شخص الرئيس مسعود بارزاين»‬ ‫‪ ،‬يف ّ‬ ‫مؤش عىل ّ‬ ‫أن أحزاب بغداد ما‬ ‫زالت تؤمن ّ‬ ‫بأن أي تحالف ال ميكن أن‬

‫يكتمل من دون مباركة الكورد وقائدهم‬ ‫بارزاين‪.‬‬ ‫فالكورد اثبتوا أ ّنهم كانوا وما زالوا‬ ‫ّ‬ ‫ولعل‬ ‫«بيضة قبان» العملية السياسية‪...‬‬ ‫هذا ما دفع تحالف «الفتح»‪ ،‬وائتالف‬

‫«دولة القانون» وبعض الكتل السنية‬ ‫للتوافد نحو أربيل قاصدين شخص‬ ‫الرئيس كخطوة ٲولی لتمهيد األجواء‬ ‫النطالق مفاوضات تشكيل الحكومة‪...‬‬ ‫وبعد لقاء تلك الوفود باملسؤولني‬

‫عن ملف التفاوض يف االقليم‪ ،‬جاءت‬ ‫األنباء لتكشف‪ّ ،‬‬ ‫بأن هذه املفاوضات‬ ‫ستفتح جميع امللفات العالقة بني بغداد‬ ‫وأربيل‪...‬‬ ‫نعلم جميعا بٲن توافد الكتل الشيعية‬

‫والسنية علی اربيل ليس باليشء‬ ‫الجديد‪ ،‬اذ اعتدنا رؤية هذا املشهد‬ ‫مع نهاية كل انتخابات نيابية‪ ،‬واعتدنا‬ ‫ايضا سامع شتی انواع الوعود والعهود‬ ‫ومواثيق الرشف من هذه الكتل التي‬ ‫ما ان تغادر اربيل وتصل الی بغداد‬ ‫اال ونراهم ين ِق َ‬ ‫ضون وعودهم ومواثيق‬ ‫الرشف التي وقعوها يف كوردستان‬ ‫لذا يتوجب علی الجانب الكوردستاين‬ ‫املشارك يف هذه املحادثات االنتباه اكرث‬ ‫«فال يلدغ املؤمن من جحر مرتني» ‪،‬‬ ‫واذا ما لدغنا هذه املرة ايضا فالعتب‬ ‫يقع علينا وعلی حسن النية والطيبة‬ ‫اللتان يتصف بهام الشعب الكوردي‪،‬‬ ‫اذ ان السياسة يشء وااللتزام بالوعود‬ ‫الشفهية يشء آخر‪ ،‬او علی االقل يجب‬ ‫ان نعاملهم مثل ما يتعاملون معنا‪...‬‬ ‫وحسب ما تم االعالن عنه فإن الرشط‬ ‫األ ّول للكورد هو أن تكون جميع‬ ‫التفاهامت وفقاً للدستور‪ ،‬وأن الحوار‬ ‫يجب أن يكون بشأن حقوق الكورد‪...‬‬ ‫امللفت يف األمر أن األحتكام اىل الدستور‬ ‫هو الرشط األسايس ملشاركة أحزاب‬ ‫كوردستان يف مفاوضات تشكيل الحكومة‬ ‫الجديدة‪ ،‬وقد حظي هذا الرشط القانوين‬ ‫وغري القابل للرفض مبباركة االتحاد‬ ‫األوريب‪ ،‬وبناءا عليه يتوجب علی الكورد‬ ‫املطالبة بالضامنات الدولية الستحصال‬ ‫حقوقه من طرف طاملا كان التهرب‬ ‫وخيانة العهود شيمته‪ ،‬اذ اتسم عراق‬ ‫ّ‬ ‫بتخل حكومات بغداد عن‬ ‫مابعد ‪۲۰۰۳‬‬ ‫مبدأ الرشاكة الذي بني علیه‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫كورديات‬

‫‪8‬‬ ‫دخلنا اربعة من الطلبة الكرد‬ ‫عام ‪ 1966‬اىل نادي كلية‬ ‫االقتصاد والعلوم السياسية فقال‬ ‫قائلهم لقد جاء ( صباغي االحذية )‬ ‫هي هكذا تعامل واليزال قادة الدول‬ ‫التي شاءت ارادة قوى االرغام الدولية‬ ‫بعد الحرب الكونية االوىل و الثانية‬ ‫ان يكون الكرد جزءآ من مجتمعاتهم‬ ‫فرصنا مثل السمك مأكول ومذموم ‪.‬‬ ‫وبدأت رحلة ( كوباين ) وانطلقت‬ ‫الفتاة الكردية الرائعة الروح قبل‬ ‫الجامل فأوقفت الزحف املغويل كام‬ ‫فعلته كولنار وزوجها االمري بيربز‬ ‫البندق باري الذي اوقف الزحف‬ ‫املغويل االصيل يف ( رملة فلسطني ) ‪.‬‬ ‫لقد سطرت البيشمركة أمجادآ نضالية‬ ‫صارت مفخرة الدنيا اليوم الرئيس (‬ ‫بال راتب ) االول يف التاريخ يقول عن‬ ‫الكرد انهم ( شعب عظيم ) كلمتان‬ ‫ادخلتا قائلهام التاريخ بقدر اعتذار‬ ‫قوى التحالف الدويل عرب املعاهدات‬ ‫الدولية التي ساهمت يف تقسيم‬ ‫املجتمع الكردي بني الحربني الكونيني‬ ‫االوىل والثانية معاهدة سايكس بيكو‬ ‫واختتمت‬ ‫ومعاهدة سان رميو‬ ‫مبعاهدة سيفر التي ساهم االمريكيون‬ ‫فيها والكلمة اعتذار للكرد عن انهاء‬ ‫الوجود املسلح الكردي لعام ‪1975‬‬ ‫وانتم ايها االخوة الثالثة يف ايران‬

‫وتركيا والعراق قولوها لطاملا كانت‬ ‫اقاويلكم سآم تجري يف عروق الكرد‬ ‫فأبطالهم خونه يف نظركم وبطوالتهم‬ ‫افرغتموها من حرب القرم اىل وقف‬ ‫الزحف الداعيش بحدود املوصل ‪.‬‬ ‫فشكرآ مسرت ترامب لقد كانت كلمة‬ ‫والكلمة مفتاح الجنة والكلمة رأب‬ ‫الصدع والكلمة زلزلة الظاملني لشعب‬ ‫كاد يفقد الثقة بعامل تتغنى بالحرية‬ ‫الكلمة جاءت كحركة يد للسيد املسيح‬ ‫الهم اجعل بركاتك عىل من حوله من‬ ‫سجناء االيام السوداء زمن االجرام يف‬ ‫العراق والكلمة ايقاف لزحف امري‬ ‫املؤمنني الجديد والكلمة توجيه رهيب‬ ‫ستكون يوم الفصل يف التعامل مع‬ ‫القضية الكردية ‪.‬‬ ‫وأنتم يااخوة االميان رصتم بأمس‬ ‫الحاجة اىل القول الفصل من لدن‬ ‫النجايش الحبيش وشتان بني هذا‬ ‫وذاك ال ترتكوها متر بسالم ارفعوها‬ ‫عىل الرايات عىل االبنية عىل نرشات‬ ‫االخبار اجعلوها يف سنادين الزهور‬ ‫( الكرد شعب عظيم ) من عظيم‬ ‫دولة تعترب الدولة العظمى الرئيسة‬ ‫يف العامل وقدميآ قالوا ( املهم ان تشعر‬ ‫انت بأنك عىل حق ) وستأتيك الدنيا‬ ‫لتقول انك عىل حق ياكرمانج فشكرآ‬ ‫مسرت ترامب والف شكر للشعب الذي‬ ‫اختارك قائدآ وللعامل رائدآ ‪.‬‬

‫الكورد‬ ‫شعب‬ ‫عظيم‬

‫صالح مندالوي‬

‫‪9‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫كورديات‬

‫‪10‬‬

‫تعبرت القضية الكوردية احدى ابرز القضايا التي‬ ‫مت تدوالها منذ بداية انحالل الدولة العثمانية‬ ‫وحماولة القوى العظمى تقسيم تركتها فيما‬ ‫بينهم‪ ،‬وفق االجندات التي قدمت بعد انتهاء‬ ‫احلرب العاملية االوىل من قبل فرنسا وبريطانيا‬ ‫كانت املسألة الكوردية حتتل مكانة بارزة‬ ‫ضمن الكثري من املسائل االخرى‪...،‬‬

‫جوتيار تمر‬

‫القضية الكوردية‬ ‫بني الصراع‬ ‫االقليمي‬ ‫واملصالح الدولية‬ ‫‪11‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫كورديات‬

‫‪12‬‬

‫حيث افرز الواقع رؤية‬ ‫غربية متمثلة بتلك الدولتني‬ ‫حول امكانية انشاء كيان كوردي‬ ‫مستقل‪ ،‬السيام بعد مؤمتر السالم‬ ‫الذي انعقد يف باريس والذي فيه‬ ‫رات الدول املشاركة بامكانية‬ ‫اقامة دولة كوردستان‪ ،‬ولكن تلك‬ ‫املسألة كبعض املسائل االخرى مل‬ ‫تنجح يف تحقيق مساعيها‪ ،‬وذلك‬ ‫السباب متعددة ولعل ابرزها‬ ‫ماهية املصالح الدولية السيام لكل‬ ‫من بريطانيا وفرنسا يف املنطقة‪،‬‬ ‫ومن خالل هذا الرسد املوجز سيتم‬ ‫الوقوف بشكل اكرث دقة وتفصيلية‬ ‫عىل اهم االسباب التي وقفت وراء‬ ‫عدم اقامة دولة كوردية‪ ،‬عىل الرغم‬ ‫من وصول القضية الكوردية وقتها‬ ‫اىل مستويات عالية يف التداول‬ ‫االقليمي والدويل‪ ،‬السيام فيام يتعلق‬ ‫بالحقوق القومية‪ ،‬ولقد لعبت‬ ‫االوضاع العامة وقتها دوراً مهام يف‬ ‫ايصال ذلك الصوت‪ ،‬ولكن يف الوقت‬ ‫نفسه بقي دور القوى االقليمية‬ ‫والدولية سلبياً تجاه القضية‬ ‫الكوردية‪ ،‬وبالشك هناك اسباب‬ ‫عديدة وراء ذلك‪ ،‬فاالتحاد االوريب‬

‫والواليات املتحدة االمريكية كل من‬ ‫جانبها اثرت بشكل واخر عىل سري‬ ‫القضية الكوردية‪ ،‬والميكن اخفاء‬ ‫ذلك حتى يف وقتنا الحارض السيام‬ ‫بعد دخول الكورد ضمن منظومة‬ ‫التحالف الدويل يف حربها ضد‬ ‫احدى ارشس الجامعات االسالمية‬ ‫« تنظيم الدولة داعش» يف كل من‬ ‫سوريا والعراق‪ ،‬فقد اصبح الكورد‬ ‫يف الحرب السورية الدائرة حالياً‬ ‫ورقة ضغط كبرية عىل املسارات‬ ‫السياسية وذلك بتحالفهم مع‬ ‫الواليات املتحدة التي تقود بدورها‬ ‫التحالف الدويل ضد االرهاب‪ ،‬يف‬ ‫حني نرى املساعي الرتكية وااليرانية‬ ‫الجاهدة يف ابقاء الكورد ضمن دائرة‬ ‫االرهاب يف سوريا‪ ،‬هذا التضاد‬ ‫خلق نوعا من االمتعاض الكوردي‬ ‫ولكن يف الوقت نفسه يتضح بان‬ ‫الواليات املتحدة مل تزل متمسكة‬ ‫بذلك التحالف‪ ،‬فضال عن وجود‬ ‫تعاطف رويس حيال الكورد يف هذا‬ ‫الشأن السيام بعد ان اتضحت معامل‬ ‫توجههم الحقيقي والذي مييل اىل‬ ‫النظام السوري الحاكم املدعوم من‬ ‫روسيا‪ ،‬ويف الجانب االخر حدثت‬ ‫تطورات كبرية يف مسالة الوعي‬ ‫القومي واملطالبة بالحقوق القومية‬ ‫للكورد يف كوردستان العراق التي‬ ‫بدورها دخلت يف تحالف مبارش‬ ‫مع القوى الدولية ملحاربة االرهاب‪،‬‬

‫ذلك التحالف الذي اعطى للكورد‬ ‫مساحة واسعة للظهور الدويل بحيث‬ ‫اصبحت قضيتهم يف العراق تتداول‬ ‫يف العديد من املحافل الدولية‪،‬‬ ‫ذلك التداول الذي اسفر يف النهاية‬ ‫اىل قناعة لدى االوساط السياسية‬ ‫الكوردية برضورة اجبار بغداد عىل‬ ‫اتخاذ سياسة واضحة تجاههم‪،‬‬ ‫واعطاء حقوقهم الدستورية االمر‬ ‫الذي افىض اىل اتخاذ الساسة يف‬ ‫كوردستان العراق قراراً باجراء‬ ‫استفتاء لالستقالل‪ ،‬فعىل الرغم من‬ ‫هذا القرار التاريخي املهم للحركة‬ ‫التحررية الكوردية اال ان املواقف‬ ‫الدولية تغريت تجاههم بحيث مل‬ ‫تقدم لهم الدعم الالزم مام جعلوا‬ ‫من تجميد نتائج االستفتاء امراً‬ ‫وارداً‪.‬‬ ‫مر الشعب الكوردي كغريه من‬ ‫شعوب املنطقة مبراحل تاريخية‬ ‫عديدة‪ ،‬وتثبت الدراسات التاريخية‬ ‫واالثرية برسوخ قدم الكورد يف‬ ‫املنطقة سواء من الناحية االثنية او‬ ‫الجغرافية‪ ،‬ولقد ترك الكورد خالل‬ ‫العصور التاريخية معامل حضارية‬ ‫واضحة تشهد لهم بامتالكهم القدرة‬ ‫عىل البقاء والثبات امام الصعاب‪،‬‬ ‫وتعد مرحلة عاصفة الصحراء ‪1990‬‬ ‫اىل ما بعد سقوط بغداد وانحالل‬ ‫نظام البعث العراقي ‪ 2003‬احدى‬ ‫اهم املراحل التاريخية والسياسية‬

‫للكورد يف كوردستان العراق حيث‬ ‫تم تقييد نظام البعث وجيشه‬ ‫وذلك من خالل اقامة منطقة عازلة‬ ‫بارشاف دويل‪ ،‬ويف الوقت نفسه‬ ‫دخل الكورد بشكل فعال للمنظومة‬ ‫السياسية الداخلية بتشكيل حكومة‬ ‫كوردية وبرملان كوردي ومن ثم‬ ‫التوافقات السياسية بني االحزاب‬ ‫الرئيسية يف كوردستان العراق‪ ،‬ومن‬ ‫الناحية االخرى دخولهم وبشكل‬ ‫قوي يف تحديد معامل ومالمح‬ ‫السياسة العراقية واستطاعوا من‬ ‫فرض ارادتهم يف صياغة العديد من‬ ‫املواد الدستورية االولية التي تضمن‬ ‫لحد ما حقوقهم داخل الدولة‬ ‫الجديدة بالطبع من خالل دخولهم‬ ‫ضمن اللجان املكلفة باعداد مواد‬ ‫الدستور والتي استمرت لفرتة طويلة‬ ‫قبل ان يتم االعالن عنه‪ ،‬ولكن‬ ‫كل ذلك مرة اخرى اصطدم بواقع‬ ‫املصالح الدولية التي سعت بدورها‬ ‫اىل تفعيل الورقة الكوردية للضغط‬ ‫عىل بغداد وايران من جهة وللحد‬ ‫من التوغل الرتيك ايضا من جهة‬ ‫اخرى‪ ،‬فمصالح تركيا هددت اىل حد‬ ‫ما املصالح االمريكية عىل الرغم من‬ ‫التحالف االمرييك الرتيك‪ ،‬كام اصبح‬ ‫التواجد الرتيك يف العراق السيام يف‬ ‫كوردستان معياراً سلبياً بوجهة نظر‬ ‫االتحاد االوريب لتعارضها مع مصالح‬ ‫االتحاد وكذلك لكون االتحاد يدرك‬

‫«‬ ‫مصالح تركيا هددت الى‬ ‫حد ما المصالح االمريكية‬ ‫على الرغم من التحالف‬ ‫االمريكي التركي‪ ،‬كما‬ ‫اصبح التواجد التركي‬ ‫في العراق السيما في‬ ‫كوردستان معياراً سلبياً‬ ‫بوجهة نظر االتحاد‬ ‫االوربي‬

‫«‬

‫متاما املساعي الرتكية لرضب حزب‬ ‫العامل الكوردستاين من خالل هذا‬ ‫التوغل‪.‬‬ ‫من خالل رسم املالمح السياسية‬ ‫عقب فرتة سقوط النظام العراقي‬ ‫وبداية التحوالت السياسية العراقية‬ ‫والتي سبق وان نوهنا عنها بتشكيل‬ ‫اللجان الدستورية ودور الكورد فيها‪،‬‬ ‫اصبح املشهد العراقي شبه واضح‬ ‫املعامل للغرب االوريب واالمرييك‬ ‫من جهة وللدول االقليمية املجاورة‬ ‫السيام ايران وتركيا من جهة اخرى‪،‬‬ ‫حيث ان التدخالت االجنبية يف‬ ‫الشؤون العراقية مل يعد مقترصا عىل‬

‫جهة معينة بل تحول العراق ساحة‬ ‫لعب للمصالح الدولية السيام لرتكيا‬ ‫التي باتت احدى اكرب الدول استثامراً‬ ‫يف العراق وباالخص يف كوردستان‬ ‫العراق وباتت تتحكم اقتصاديا‬ ‫يف العديد من املواقف السياسية‪،‬‬ ‫لكونها تتحكم يف االصل باملمر‬ ‫املهم والرئييس النفتاح كوردستان‬ ‫العراق عىل العامل الخارجي‪ ،‬ولقد‬ ‫سعت تركيا من خالل ذلك لفرض‬ ‫وجودها‪ ،‬وسياستها يف الكثري من‬ ‫االحيان وذلك العتبارات خارجية‪،‬‬ ‫فرتكيا التي تعاين منذ عقود طويلة‬ ‫يف مسالة الدخول لالتحاد االوريب‬ ‫واجهت االمر بطريقة مغايرة وذلك‬ ‫بفتح قنوات اقتصادية وسياسية‬ ‫تعطيها حضوراً مميزا يف الرشق‬ ‫االوسط‪ ،‬مام يعني بالتايل امكانية‬ ‫الضغط عىل االتحاد االوريب لقبولها‪،‬‬ ‫ولكن يف الوقت نفسه واجهت‬ ‫ضغوطات عديدة من منافسيها يف‬ ‫املنطقة سواء ايران‪ ،‬او الواليات‬ ‫املتحدة التي وجهت للعديد من‬ ‫املرات انتقادات واضحة للتوجهات‬ ‫الرتكية وسياستها يف املنطقة‪،‬‬ ‫تلق‬ ‫وبالشك ان تلك السياسة مل ِ‬ ‫استحسانا اوربيا ايضاً بل اثر كثريا‬ ‫عىل املساعي الرتكية‪ ،‬ونتيجة هذا‬ ‫الرصاع بني الدول االقليمية واالتحاد‬ ‫االوريب وامريكا دخل العراق مرحلة‬ ‫من الضياع السيايس استطاع الكورد‬

‫‪13‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫كورديات‬

‫‪14‬‬

‫من االستفادة من تلك الظروف‬ ‫لبناء امنوذج للحكم ضمن حكومة‬ ‫شبه مستقلة‪.‬‬ ‫اصبح التوغل االقتصادي الرتيك‬ ‫يف كوردستان العراق محل شك‬ ‫للعديد من االوساط املحلية‬ ‫واالقليمية‪ ،‬ولكنه يف الوقت نفسه‬ ‫استطاع من اخراج حكومة االقليم‬ ‫من العديد من االزمات‪ ،‬وبذلك‬ ‫فان هذا التوغل االقتصادي منح‬ ‫الكورد فرصة كبرية لالنفتاح عىل‬ ‫االسواق العاملية‪ ،‬فرتكيا وحدها‬ ‫كانت تحمل تلك السمة االنفتاحية‬ ‫للكورد‪ ،‬لكون جغرافيا سوريا التي‬ ‫تعيش واقعا مأساوياً الميكنها ان‬ ‫متنح كوردستان العراق املمر االمن‪،‬‬ ‫وال ايران التي تتحكم بزمام االمور‬ ‫السياسية يف العراق وبذلك مل يعد‬ ‫امام الكورد اال تركيا‪ ،‬فعىل الرغم‬ ‫من التنازالت التي قدمها الكورد‬ ‫لرتكيا اال انهم استطاعوا من استغالل‬ ‫ذلك لفرض واقع اقتصادي مؤثر‪،‬‬ ‫بحيث مل تعد تركيا تستطيع اىل حد‬ ‫ما االستغناء عنه‪ ،‬وهذا بالشك يعد‬ ‫مكسباً لحكومة اقليم كوردستان‪،‬‬ ‫ومفتاحاً مهام للتنمية االقتصادية‬

‫السيام اذا ادركنا بان تركيا تنعم‬ ‫مبوقع اسرتاتيجي عىل الساحة‬ ‫الدولية سواء يف املجال السيايس ام‬ ‫االقتصادي‪ ،‬ولكن مع ذلك الميكن‬ ‫انكار االثار السلبية التي قد ترتكها‬ ‫تركيا فيام يخص الواقع السيايس‬ ‫الكوردي الساعي لتحقيق دولة‬ ‫وكيان كوردي مستقل‪ ،‬فرتكيا كانت‬ ‫ومل تزل من اشد الدول معارضة‬ ‫لهذا املسعى الدراكها بان استقالل‬ ‫كوردستان العراق يعني بالتايل‬ ‫فتح املمر واملجال مع الجنوب‬ ‫الرتيك للتحرك ضمن مساعي دولية‬ ‫وسياسية وحتى عسكرية لنيل‬ ‫حقوقها‪ ،‬وبالتايل فان تركيا كانت‬ ‫ومل تزل توجه كامل طاقتها للحد‬ ‫من استقالل كوردستان العراق‬ ‫ولقد شهدت االحداث االخرية بعد‬ ‫االستفتاء هذا السعي الرتيك حيث‬ ‫الول مرة منذ عقود تاريخية نجد‬ ‫تركيا تقدم تنازالت واضحة لغرميتها‬ ‫ايران عىل حساب وقوف االخرية‬ ‫معها ضد املصالح الكوردية‪.‬‬ ‫تتضح معامل الرؤية الدولية للقضية‬ ‫الكوردية وفق معايري املصالح‬ ‫املشرتكة فيام بينها من جهة وعىل‬ ‫الوحدة الكوردية من جهة اخرى‪،‬‬ ‫فالقضية الكوردية تعيش واقعاً‬ ‫صعباً من خالل جغرافيتها الصعبة‪،‬‬ ‫حيث تستفحل الدول القومية‬ ‫يف املنطقة بشكل واضح وجيل‪،‬‬

‫وتتحكم تلك الدول بزمام السلطة‬ ‫ضمن جغرافيتها ويف احيان كثرية‬ ‫تتحكم مبسارات اخرى لالحزاب‬ ‫الكوردية داخل حدود الدول‬ ‫املجاورة لها‪ ،‬وهذا يعني امكانية‬ ‫استغالل التيارات الكوردية من‬ ‫قبل تلك الحكومات القومية وفق‬ ‫مصالحها ومعايريها واسرتاتيجياتها‬ ‫الخاصة واجنداتها‪ ،‬فرتكيا الدولة‬ ‫القومية التي كانت ومل تزل تتحكم‬ ‫بقوة بزمام الحكم ضمن جغرافيتها‬ ‫تتدخل بشكل واضح ومؤثر يف‬ ‫كوردستان العراق‪ ،‬ويف الجانب‬ ‫االخر العراق نفسه املدعوم من‬ ‫ايران نراه يتحكم مبناطق كثرية وفق‬ ‫نهجها الخاص‪ ،‬وبالتايل فان القضية‬ ‫الكوردية تعيش واقعاً افرتاضياً‬ ‫موحداً‪ ،‬وواقعاً عيانياً مفرتقاً‪ ،‬وهنا‬ ‫تربز اللعبة االكرث تحكام باملساعي‬ ‫الرتكية لبسط نفوذها يف املنطقة‬ ‫وهو الرصاع الرتيك االتحاد االوريب‬ ‫حيث تشكل االخرية معل ً‬ ‫ام بارزا يف‬ ‫تحديد املسارات السياسية الرتكية‪،‬‬ ‫بحيث كان الرتك ومازالوا يستغلون‬ ‫ورقة التحكم بالعديد من املمرات‬ ‫االقتصادية املهمة لكوردستان‬ ‫العراق لتوجيه الرأي العام االقليمي‪،‬‬ ‫يف حني مل يزل االتحاد االوريب يرى‬ ‫يف السياسة الرتكية منافية لجميع‬ ‫القوانني الدولية والتي تفيض اىل‬ ‫عدم اهليتها للدخول يف االتحاد‪.‬‬

‫فالتوغل الرتيك يف سوريا ومساهمتها‬ ‫الفعالة يف ايواء املعارضة السورية‬ ‫ومن ثم اتباعها النهج العسكري‬ ‫لتوثيق مواقفها ورغبتها التوغلية‬ ‫تجعل من مهمة قبول االتحاد‬ ‫االوريب لتلك االفعال واالعامل شبه‬ ‫مستحيل‪ ،‬السيام بعد ثبوت العديد‬ ‫من االدلة بارتكابها مجاز حقيقية‬ ‫وايوائها لبعض الجامعات االرهابية‪،‬‬ ‫ومن ناحية اخرى رفضها القاطع‬ ‫للتعامل مع االحزاب الكوردية‬ ‫الفعالة والتي تدخل ضمن التحالف‬ ‫الدويل ضد االرهاب‪ ،‬كل هذا جعل‬ ‫من القضية الكوردية تدور يف‬ ‫حلقة فارغة ضمن اطارات مل تحدد‬ ‫مالمحها املستقبلية بعد‪ ،‬ومن‬ ‫جهة اخرى فان التعامل الدويل مع‬ ‫الكورد عىل الرغم من ولولوجهم‬ ‫اىل التحالفات الدولية معهم‪ ،‬بات‬ ‫امراً يعقد من ادراك معامل القضية‬ ‫الكوردية املستقبلية‪ ،‬فالكورد رغم‬ ‫كل ما قدموه مازالت قضاياهم‬ ‫يتم التعامل معها وفق سياق‬ ‫محدد وهو الدولة القومية التي‬ ‫يشكل الكورد جزء منها‪ ،‬فالتعامل‬ ‫مع اقليم كوردستان العراق يتم‬ ‫عرب بغداد‪ ،‬ومع الكورد يف سوريا‬ ‫وفق املنظومة السورية ناهيك ان‬ ‫ايران وتركيا اليعرتفان اصال بوجود‬ ‫كوردستان‪ ،‬فكل التعامالت تتم عرب‬ ‫انقرة الرتكية وطهران االيرانية‪.‬‬

‫«‬

‫التعامل‬

‫مع‬

‫اقليم‬

‫كوردستان العراق يتم‬ ‫عبر بغداد‪ ،‬ومع الكورد‬ ‫في سوريا وفق المنظومة‬ ‫السورية ناهيك ان ايران‬ ‫وتركيا اليعترفان اصال‬ ‫بوجود كوردستان‪ ،‬فكل‬ ‫التعامالت تتم عبر انقرة‬ ‫التركية وطهران االيرانية‬

‫«‬

‫لقد ساعد التشتت الكوردي نفسه‬ ‫هذه الدول عىل االستقواء عليها‪،‬‬ ‫وحرص قضيتهم يف الدوائر الداخلية‬ ‫للدول نفسها‪ ،‬وعدم اعتبار القضية‬ ‫الكوردية قضية دولية او قضية‬ ‫قومية تحتاج اىل حلول دولية‪ ،‬هذا‬ ‫التشتت له اسباب عديدة‪ ،‬ولعل‬ ‫ابرزها هو التحزب واالنقسام يف‬ ‫الرؤية الكوردية حيال قضاياه‪،‬‬ ‫وعدم وجود قيادة تستطيع ان‬ ‫تتحكم بالكورد وتوجههم اىل بر‬ ‫االمان‪ ،‬فكل االحزاب الكوردية‬ ‫المتلك مرشوعاً قومياً منطقياً‬ ‫وواقعياً ميكنه ان يتامشا مع رؤية‬

‫اغلب االحزاب املتحكمة االخرى‪ ،‬بل‬ ‫ان اختالف وجهات النظر الكوردية‬ ‫الكوردية ادت يف العديد من املرات‬ ‫اىل االقتتال الداخيل فيام بينهم‪،‬‬ ‫وهذا ما وسع الرشخ بني الرؤية‬ ‫الكوردية لقضيتهم وبني الرؤية‬ ‫الدولية التي وبحسب مصالحها‬ ‫تريد وترية موحدة للرؤية الكوردية‬ ‫يك تقدم الدعم لها‪ ،‬ان التنافس‬ ‫الحاصل بني القوى الحزبية الكوردية‬ ‫ارضت بالقضية الكوردية بدرجة انها‬ ‫التستوعب مدى حجم تلك االرضار‪،‬‬ ‫ومل يعد يهمها اال الشعارات القومية‬ ‫التي بدورها التنفع والتقدم للقضية‬ ‫اية حلول مناسبة‪ ،‬هذا االنقسام‬ ‫الظاهر يف الجسد الكوردي مل تجعل‬ ‫الهوية الكوردية يف خطر فحسب‬ ‫بل انه بات يهدد مستقبل القضية‬ ‫ومستقبل الجنسية الكوردية‬ ‫يف دولها ويف املنطقة باجمعها‪،‬‬ ‫بحيث مل يعد التغني باالسطورة‬ ‫الكوردية التي استطاعت الوقوف‬ ‫بوجه الظلم واالرهاب تنفع‪ ،‬الن‬ ‫اساس اية اسطورة حية التوافق‬ ‫وااللتحام والتوحد وهذا ما اليوجد‬ ‫يف دائرة الساسة الكورد‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فان االسطورة بكل قوتها التستطيع‬ ‫ان تخلق واقع سيايس يتمكن فيه‬ ‫الكورد من تشكيل دولة او اقامة‬ ‫كيان مستقل‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪16‬‬

‫من املسلم به بعد إجراء‬ ‫اإلنتخابات النيابية وإعالن‬ ‫النتائج تبدأ مرحلة التحالفات لتشكيل‬ ‫الكتلة األكرب يف الربملان والتي تخولها‬ ‫لتسمية رئيس الوزراء وتشكيل الكابينة‬ ‫الوزارية الجديدة ‪ ,‬والتحالف هو إتحاد‬ ‫بني حزبني أو أكرثعىل أن تكون متقاربة‬ ‫يف الرؤى واألهداف وتؤمن بقواسم‬ ‫مشرتكة لتهيئة األرضية الخصبة واألجواء‬ ‫املناسبة لخدمة العملية السياسية‬ ‫التي تلقي بظاللها عىل تقديم أفضل‬ ‫الخدمات للمجتمع ‪ ,‬نتيجة لإلستقرار‬ ‫السيايس الذي بدوره يدير عجلة األمن‬ ‫نحو األفضل ‪ ,‬ألن ال إستقرارسيايس وال‬ ‫نجاح إقتصادي بدون أمن منجز ‪.‬‬ ‫وأضحى أعداء األمس ليكونوا أصدقاء‬ ‫اليوم ‪ ,‬حتى بادرت الكتل السياسية‬ ‫الفائزة بالتسابق اىل أربيل للتشاور‬ ‫حول مستقبل العملية السياسية‬ ‫وتشكيل الحكومة متناسني ما جنت‬ ‫أياديهم بحق الشعب الكوردي ‪,‬‬ ‫لقناعتهم املطلقة بدور الكورد وتأثريهم‬ ‫عىل الساحة السياسية وأخص بالذكر‬ ‫شخص السيد الرئيس مسعود البارزاين‬ ‫‪ ,‬وأدلت كل كتلة بدلوها وأفصحت‬ ‫عن برنامجها السيايس ‪ ,‬إلغراء الكتل‬ ‫الكوردستانية الفائزة وخاصة الحزب‬ ‫الدميقراطي الكوردستاين واإلتحاد‬

‫الوطني الكوردستاين وجذبهم اىل دائرة‬ ‫التحالف األحادي القطب لعدم متكنهم‬ ‫من تشكيل الكتلة األكرب كمعادلة‬ ‫رقمية ‪ ,‬فال بد من إرشاك الكورد والسنة‬ ‫فيها لتكون عابرة للطائفية والتخندق‬ ‫الحزيب حسب ترصيحات بعض القادة‬ ‫السياسيني ‪.‬‬ ‫ينبغي عىل الكورد أخذ العرب من دروس‬ ‫املايض ‪ ,‬وال تأخذهم يف الحق لومة الئم‬ ‫وال يتعاملوا بالعاطفة السياسية لتسوية‬ ‫املشاكل املستفحلة بني بغداد وأربيل ‪,‬‬ ‫رشط أن ال يلدغ املؤمن من جحرمرتني‬ ‫‪ ,‬ليبدأوا بإمالء رشوطهم تحت سقف‬ ‫الدستور مبا يخدم مصلحة الكورد‬ ‫وكوردستان ويضعوا نصب أعينهم‬ ‫أحداث السادس عرش من أكتوبر وما‬ ‫رافقتها من إجراءات تعسفية بحق‬ ‫الكورد ‪ ,‬ويكون الفيصل بينهم تطبيق‬ ‫بنود الدستور دون إنتقائية وبضامنات‬ ‫دولية وبحضور أممي ‪ ,‬ألن التجربة أكرب‬ ‫برهان ‪ ,‬نتيجة إفشال الحكومة الطائفية‬ ‫مرشوع التوافق والرشاكة السياسية‬ ‫الذي مبوجبه تم تشكيل الحكومات‬ ‫السابقة والذي ينطلق عادة من أربيل‬ ‫مدينة السالم والوئام وصاحبة الفضل‬ ‫السيايس عىل الدولة العراقية بعد‬ ‫تحريره من براثن الدكتاتورية واملشاركة‬ ‫يف الحكومة الجديدة بإرادتها بالرغم‬

‫الكورد مع من ؟‬ ‫حسن شنكـالي‬

‫من كونها كانت قاب قوسني أو أدىن‬ ‫من اإلستقالل لتوفراملقومات األساسية‬ ‫لتشكيل الدولة الكوردية التي يحلم بها‬ ‫الكورد منذ عرشينيات القرن املايض‬ ‫نتيجة للثورات التحررية التي قادها‬ ‫األبطال أمثال الشيخ محمود الحفيد‬ ‫والشيخ سعيد بريان واملال مصطفى‬ ‫البارزاين الخالد ضد األنظمة الدكتاتورية‬

‫املقيتة ذات النظرة الشوفينية الضيقة‬ ‫دفاعاً عن الحقوق املسلوبة للشعب‬ ‫الكوردي ‪.‬‬ ‫فاليوم ال بد للدبلوماسية الكوردية‬ ‫أن تتحمل املسؤولية التأريخية تجاه‬ ‫الشعب الكوردي من خالل التفاوض‬ ‫مع الكتل السياسية الفائزة لتشكيل‬ ‫الحكومة بعد إعالن النتائج اإلنتخابية‬

‫من خالل عملية العد والفرز اليدوي‬ ‫عىل أساس التوافق والرشاكة والتوازن‬ ‫والذي يفيض اىل نتائج ملموسة دون‬ ‫تسويف ومامطلة لتعويض مافات‬ ‫الكورد من أيام الضياع والتهميش عىل‬ ‫يد األنظمة الدكتاتورية التي تعاقبت‬ ‫عىل إدارة دفة الحكم يف العراق ‪,‬‬ ‫وتعود البسمة عىل شفاه الثكاىل من‬

‫أمهات الشهداء واألرامل واليتامى من‬ ‫قوات البيشمركة األشاوس ويعم األمن‬ ‫واألمان عىل ربوع العراق ليستقر‬ ‫سياسياً وأمنياً ويأخذ دوره الطبيعي‬ ‫عىل الساحة الدولية واإلقليمية بعد‬ ‫نفض غبار الحرب الشعواء ضد عصابات‬ ‫داعش اإلجرامية ‪.‬‬ ‫‪17‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫فيلي‬

‫‪18‬‬ ‫يف عام ‪ 1970‬عندما ابرمت‬ ‫اتفاقية ‪ 11‬آذار‪ ،‬رشع النظام‬ ‫البعثي بحملة ابادة جامعية للكورد‬ ‫خارج ما اصطلح عليه الحقا اقليم‬ ‫كوردستان‪ .‬وقد استهدفت الحملة عىل‬ ‫وجه الخصوص الكورد الفيليني‪ ،‬وكان‬ ‫البارزاين الخالد قد قطع برتشح سكرتري‬ ‫الحزب الدميقراطي الكوردستاين آنذاك‬ ‫حبيب محمد كريم الكوردي الفييل‬ ‫لتسنم منصب نائب رئيس الجمهورية‬ ‫من اجل رشعنة وجود وتوازن الكورد‬ ‫يف بغداد والوسط والجنوب العراقي‪،‬‬ ‫وواضح ان البعث مل يرض بهذا الرتشيح‬ ‫اال ان البارزاين كان مرصا عىل اختياره‪.‬‬ ‫اال ان املكتب السيايس للحزب‬ ‫الدميقراطي الكوردستاين الذي كان‬ ‫يرغب بابداء اكرب قدر من املرونة‬ ‫لتميض االتفاقية‪ ،‬نأى بنفسه عن ذلك‬ ‫امللف واملوضوع الذي كان حساسا‬ ‫ومثريا بني البعث والقيادة الكوردية‪.‬‬ ‫مل يشأ املكتب السيايس ان تؤثر مسألة‬ ‫ابعاد الكورد الفيليني بذريعة التبعية‬ ‫االيرانية عىل االتفاقية وكان النظام‬ ‫مستقويا بقرار له وارص بشكل واضح‬ ‫ورسمي عىل ابعاد عرشات االف الكورد‬ ‫الفيليني‪.‬‬ ‫وكنت حينها عضو اللجنة املركزية‬ ‫ومسؤول تنظيامت الوسط والجنوب‬ ‫للحزب الدميقراطي الكوردستاين وعدا‬ ‫العمل الحزيب كنت اعمل يف دائرة‬ ‫املقاوالت العامة التابعة لديوان الرئاسة‬

‫مسؤوال عن املخازن واملشرتيات يف‬ ‫الوقت الذي كان عدنان القصاب واحد‬ ‫كبار قادة البعث وعضوا يف قيادته‬ ‫القطرية‪ ،‬يعمل مديرا عاما للرشكة‬ ‫العامة للمقاوالت‪.‬‬ ‫ويف تلك االوقات التي تصاعدت فيه‬

‫انباء التسفريات كنت اريد ان اعرف اىل‬ ‫اين مييض هذا القرار‪.‬‬ ‫وكان يل احد املعارف ويدعى رفيق‬ ‫بشدري يعمل يف املخابرات العراقية‬ ‫وله مع رئيس الجمهورية احمد حسن‬ ‫البكر يف ذلك العهد‪ ،‬عالقة جيدة‪،‬‬

‫وعندما كان يزوره بني آونة وأخرى‬ ‫وبحكم ان دائرتنا كانت مالصقة لقرص‬ ‫رئاسة الجمهورية‪ ،‬كان بشدري يزورين‬ ‫وكنا نتبادل اطراف الحديث قليال مع‬ ‫ارتشاف اقداح الشاي‪.‬‬ ‫اتذكر تلك االيام عندما كان الحديث‬

‫االنكليز لن يسامحوا الفيليين؟!‬ ‫فيلي ‪ /‬يد اهلل كريم‬

‫عن قرار تسفريات الفيليني يف ذروته‪،‬‬ ‫اتاين الرجل كعادته وقال انا ذاهب‬ ‫ملقابلة احمد حسن البكر‪ .‬اعتربت تلك‬ ‫اللحظة فرصة وطلبت منه االستفسار‬ ‫عن سبب اصدار قرار تسفريات الكورد‬ ‫الفيليني‪ ..‬وبعد اللقاء‪ ،‬مل ميض وقت‬ ‫طويل فعاد ايل وقال يل بثغر باسم‪ ،‬ان‬ ‫رئيس الجمهورية حذرك وهددك!‬ ‫فقلت َمل يهددين؟! فقال مجيبا‪ ،‬قل‬ ‫له اال يدس انفه يف شؤوننا‪ ،‬فنحن قد‬ ‫قررنا طرد ‪ 50‬الف كوردي فييل واذا‬ ‫مل يكتمل هذا العدد‪ ،‬فلن نرتدد ان‬ ‫ندرج اسامء الفيليني داخل الحزب‬ ‫الدميقراطي وخصوصا من بينهم من يف‬ ‫قياداته وطردهم!!‬ ‫املالحظة التي لفتت انتباهي هي‬ ‫انه عندما رشع النظام بالتسفريات‬ ‫يف مرحلة مطلع السبعينيات وانتهت‬ ‫كانت حصيلتها العدد نفسه اي ‪50‬‬ ‫الف كوردي فييل تم تسفريهم‪.‬‬ ‫اتذكر حينها انترشت االنباء ان‬ ‫الربيطانيني هم من خطط لهذا الربنامج‬ ‫واقنعوا االيرانيني واالتراك لخلق حالة‬ ‫من التوازن بني االغلبية الشيعية‬ ‫واالقلية السنية‪ ،‬ويتوجب بحسب ذلك‬ ‫الربنامج اخراج عدد معني من الكورد‬ ‫الشيعة‪ .‬وحسب اعتقادي كان يشكل‬ ‫نوعا ما تحذيرا للقيادة الكوردية ان‬ ‫بامكان الحكومة املركزية ايذاء القيادة‬ ‫الكوردية باشكال شتى ومنها طرد‬ ‫واخراج ابناء قوميتهم‪.‬‬

‫وال يساورين شك ان هذا الربنامج جاء‬ ‫استمرارا للسياسة التي تم انتهاجها‬ ‫منذ تشكيل العراق ويف عملية التعداد‬ ‫العام للسكان‪ ،‬عندما تم تصنيف‬ ‫الناس بتسجيلهم عىل اساس التبعيتني‬ ‫العثامنية وااليرانية‪ .‬فبام انهم مل‬ ‫يستطيعوا اخضاع وتدجني الجميع‬ ‫لحكم العراق‪ ،‬توجهوا للعائلة الهاشمية‬ ‫واختاروا شخصا باسم فيصل عىل اساس‬ ‫انه قرييش وسيكون موضع قبول جميع‬ ‫العراقيني‪ ،‬فجاؤوا به ونصبوه ملكا‬ ‫عىل هذا البلد وقاموا بطرد املواطنني‬ ‫االصليني من الكورد الفيليني بذريعة‬ ‫التبعية‪.‬‬ ‫هذا القانون يتم العمل به منذ ‪100‬‬ ‫عام ومل يكن يف العراق احد ليعاتب‬ ‫جلب وفرض حاكم اجنبي ليقف ضد‬ ‫قرار الشوفينيني الحاكمني ويعلن عدم‬ ‫رضاه عن اضطهاد مواطنيه‪.‬‬ ‫منذ بداية تشكيل هذا البلد لحني‬ ‫القضاء عىل البعث وصدام ومن اجل‬ ‫ان تبقى القلية (العرب السنة) ذريعة‬ ‫للبقاء يف الحكم ومواصلة تنفيذ‬ ‫السياسات الربيطانية‪ ،‬متسكوا بهرم‬ ‫السلطة وجميع املؤسسات الرئيسة من‬ ‫القوات املسلحة والوزارات املهمة ومل‬ ‫يسلموا سوى بعض املؤسسات املدنية‬ ‫وغري العسكرية اىل االغلبية الشيعية‬ ‫وقد حرم الكورد من جميع حقوقهم‬ ‫وباعتقادي فان الربيطانيني مل يسامحوا‬ ‫الكورد الفيليني ابدا‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫فيلي‬

‫‪20‬‬ ‫مجرد ارضاء مسؤويل هذا البلد‬ ‫وقادة احزابه السياسية ملتابعة‬ ‫شؤون الكورد الفيليني وتشجيعهم‬ ‫بشكل مستمر الستعادة حقوقهم امر‬ ‫صعب جدا‪ ،‬الن مطالب هذه الرشيحة‬ ‫وحتى اعرتاف الحكومة واملحكمة‬ ‫الجنائية العليا واالعرتاف الرسمي‬ ‫بالحقوق املادية واملعنوية ملئات االف‬ ‫املهجرين منهم‪ ،‬يعد مجرد هواء يف‬ ‫شبك وحمال زائدا‪.‬‬ ‫من جانب آخر انه طاملا بقيت‬ ‫املشكالت بني كوردستان وبغداد معلقة‬ ‫فان هذا امللف لن يغلق‪ .‬وهو ايضا ما‬ ‫ال يجعل مصدر االنتظار ينضب وحالة‬ ‫عدم القرار الحكومي ال يسمح بعودة‬ ‫املرشدين والنازحني‪.‬‬ ‫وطبيعي ان التجريم والخداع من‬ ‫قبل الجهات الرسمية وغري الرسمية يف‬ ‫هذا البلد ظاهرة ابدية الن الجامهري‬ ‫الفيلية ال تشعر باملشكلة العامة‬ ‫وال املشكلة الخاصة ويتم التالعب‬ ‫بأفكارها وقناعاتها ومعايري مطالبها‬ ‫ومعتقداتها ويتم خداعها‪ .‬ومبعنى‬ ‫اوضح فان الشعور بالجرم والذنب‬ ‫أصبح ذريعة لتذيقهم السلطة كل تلك‬ ‫املرارة ومتارس ضدهم كل ذلك الظلم‪.‬‬ ‫وواضح ان السلطة تحرتم االطراف‬ ‫والجهات التي تخافها‪ .‬كام هو موجود‬ ‫عىل الساحة السياسية لهذا البلد مع‬ ‫نفوذ القوى والسلطات وعىص املصالح‬ ‫مرفوع عىل املكونات املحرومة من‬

‫الحقوق‪.‬‬ ‫يف وقت ما كان الفيليون أكرب االقليات‬ ‫التي ال ظهري لها يف هذا البلد‪ ،‬اىل ان‬ ‫شاركهم يف ذلك املسيحيون والصابئة‬ ‫وااليزيديون والشبك والكاكائيون‬ ‫وحتى قسم من السنة ومثلهم من‬ ‫الشيعة كأخوة لهم يف املغدورية‬ ‫واالبادة املرتسخة يف جذور التاريخ منذ‬ ‫تشكيل العراق‪.‬‬ ‫بالنسبة لنّا كم من الطرق والصيغ تم‬ ‫استخدامها من اجل خداعنا ويتجىل‬ ‫محورها الرئيس يف مواصلة االسرتاتيجية‬ ‫التي تتهم الفيليني بان كل ما جرى‬ ‫عليهم هو نتيجة لكونهم (تبعية)‪ ،‬من‬ ‫دون ان يقال وماذا قبل ذلك؟ وقد‬ ‫يقال ان املشكلة تكمن يف تشتتهم‪،‬‬ ‫فامذا عن توحدهم وتكاتفهم؟ أليست‬ ‫ايدي الشوفينيني الثقيلة تصفع دوما‬ ‫عىل راس االنسان الكوردي!‬ ‫االسرتاتيجية تبني باننا ال نستطيع‬ ‫ان نغري القرارات واملواقف الثابتة‬ ‫للحكومات املتتالية! وهي تحاول يف‬ ‫اوقات وعهود االضطرابات ومشكالت‬ ‫الحياة التي ال تخلو منها هذه الحياة‬ ‫ابدا ان تتغنى الجهات واألشخاص‬ ‫الذين يعادون مطالب الكورد الفيليني‪.‬‬ ‫ومثال عىل ذلك فان ما يتم نرشه يف‬ ‫وسائل االعالم بشأن الفيليني هو نابع‬ ‫من تلك االسرتاتيجية املليئة باملعلومات‬ ‫واالرقام غري الحقيقية‪ .‬وال ميكن يف اي‬ ‫وقت من االوقات يف ظل ذلك الربنامج‬

‫من اين يستمد الفشل‬ ‫الهامه؟‬ ‫علي حسني فيلي‬

‫وتلك السياسة املدبرة ايجاد توازن بني‬ ‫النقاط االيجابية لتاريخ حياة الفيليني‬ ‫والجزء السلبي لفكرة تشكيل العراق‪.‬‬ ‫املجتمع الفييل الذي تبقى بعد كارثة‬ ‫التسفريات‪ ،‬وبأمل ايجاد طريق الجتياز‬ ‫الوضع والنجاة منه وحتى بعد معاناة‬ ‫التهجري والتغييب كان مستعدا لتقبل‬ ‫كل اآلراء والخضوع لجميع قرارات‬ ‫الحكومة والسلطة والقانون‪ ،‬ولكن من‬ ‫الواضح انه ال الحكومات كانت طبيعية‬ ‫وال قراراتها وقوانينها نازلة من السامء‪.‬‬ ‫هكذا هو الربنامج الذي تم العمل به‬ ‫وال يدع مجاال للجدال للحديث عن‬ ‫اليسء او الحسن او املجرم او الربيء!‬ ‫وبال شك فان اسطورة االنسان الكوردي‬ ‫الفييل ليست تلك االسطورة التي يتم‬ ‫تكرار الحديث عنها‪ ،‬بل هي تلك‬ ‫االسطورة التي يتم خاللها العمل عىل‬ ‫رضب مطالبه عرب املراحل وتم ايجاد‬ ‫الرشعية السياسية والقانونية للجرائم‬ ‫التي تم ارتكابها بحقه‪.‬‬ ‫ويف املرحلة الحالية ايضا يريدون ان‬ ‫يزرعوا ذلك االحساس داخل كل فرد‬ ‫فييل بانه ليس فقط هو بل حتى امته‬ ‫(قوميته) مدانة ولذلك جرى ما جرى‬ ‫عليهم وما سيجرونه عليهم! ويقولون‬ ‫ايضا انسوا ذلك املايض الذي شهد‬ ‫االنفال وال تفكروا بتاتا يف املستقبل‬ ‫الذي سيكون مليئا بهزمية كل القيم‬ ‫واملعتقدات االنسانية والساموية‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫فيلي‬

‫‪22‬‬ ‫إصابة املئات بزلزال‬ ‫ضرب مدينة كوردية فيلية‬

‫أعلن محافظ كرماشان ان‬ ‫الزلزال الذي رضب املحافظة‬ ‫تسبب باصابة ‪ 287‬شخصا‬ ‫بجروح‪ ،‬فيام الزالت سبع‬ ‫قرى من دون كهرباء‪.‬‬ ‫وقال املحافظ هوشنك‬ ‫بازوند يف ترصيح صحفي ان‬ ‫الزلزال الذي رضب املنطقة‬ ‫كان بقوة ‪ 5.9‬درجة مبقياس‬ ‫ريخرت‪ ،‬وتسبب باصابة ‪287‬‬ ‫شخصا بجروح مختلفة‪ ،‬مبينا‬ ‫ان مثانية أشخاص منهم‬ ‫مازالوا يف املستشفيات لتلقي‬ ‫العالج‪.‬‬

‫وتابع ان فرق الطوارئ‬ ‫وصلت إىل املنطقة‪ ،‬مشريا‬ ‫اىل وقوع إصابات يف منطقة‬ ‫جوانرود التي تعرض العديد‬ ‫من بيوتها وبيوت قراها اىل‬ ‫التهدم‪.‬‬ ‫والزالزل الذي رضب‬ ‫املحافظة يوم أمس االحد‬ ‫وصل مداه اىل مناطق إقليم‬ ‫كوردستان‪ ،‬وكان مركزه يف‬ ‫كوردستان ايران‪ ،‬شعر به يف‬ ‫‪ 43‬قرية باإلضافة اىل مركز‬ ‫مدينة كرماشان‪.‬‬

‫تأسيس بيت الثقافة والفن‬ ‫لـ»فارس» الغناء شهرام ناظري‬

‫فتاة كوردية من خانقني تخرتع جهازاً طبياً جديداً‬ ‫متكنت فتاة كوردية من قضاء خانقني تدعى آية‬ ‫وندي‪ ،‬من اخرتاع جهاز طبي جديد يعمل عىل‬ ‫سحب الدم من املرىض‪.‬‬ ‫وقالت آية وندي يف ترصيح متلفز ان هذه‬ ‫الجهاز الجديد يعمل عىل سحب الدم من‬ ‫املرىض يف وقت واحد بشكل‬ ‫آيل‪ ،‬من دون تدخل الطبيب‬ ‫باالضافة اىل نقل العالج اىل‬ ‫عدد من املرىض يف نفس‬ ‫الوقت‪ ،‬مشرية اىل ان هذا‬ ‫الجهاز يسهم يف تطوير‬ ‫القطاع الطبي‪.‬‬ ‫واضافت «بدأت بالعمل‬ ‫عىل هذا الجهاز عندما رأيت‬ ‫الجهاز القديم والذي ال‬

‫ميكن نقله من مكان اىل آخر بسبب كرب حجمه‪،‬‬ ‫وبحثت كثرياً حتى توصلت اىل اال يكون التحكم‬ ‫بهذا الجهاز تحك ً‬ ‫ام يدوياً‪ ،‬بل آلياً عن طريق‬ ‫االشعة الحمراء من دون تدخل الطبيب»‪.‬‬

‫نحو ‪ 10‬آالف طفل مشرد وبال مأوى يف ايالم الفيلية‬ ‫اعلن يف محافظة كرمانشاه تأسيس «بيت الثقافة‬ ‫والفن لالستاذ شهرام ناظري» تثمينا لدوره يف اثراء‬ ‫الفن واملوسيقى الكوردية وااليرانية بصورة عامة‬ ‫والرتاثية ملدينة كرمانشاه بصورة خاصة‪.‬‬ ‫وقال محافظ كرمانشاه هوشنك بازوند‪ ،‬ان تأسيس‬ ‫بيت الفن سيكون داخل احد اهم املواقع التاريخية‬ ‫يف املحافظة‪.‬‬ ‫من جانبه قال شهرام ناظري امللقب بفارس الغناء‬ ‫الرتايث «انه حاول خالل نصف قرن اثراء وتثبيت الفن‬ ‫الرتايث لكرمانشاه‪ ،‬وان تأسيس بيت الثقافة والفن‬ ‫سيساهم يف تعزيز ذلك»‪.‬‬ ‫ولد شهرام ناظري يف العام ‪ 1950‬يف مدينة كرمانشاه‬ ‫من عائلة صوفية اشتهرت بإسهامها الكبري يف مجال‬ ‫الفن واألدب‪ ،‬إذ كان والده من قراء املقام املشهورين‪،‬‬ ‫ومن العائلة ذاتها اشتهر األستاذ حاج خان ناظري‬ ‫الذي تتلمذ عىل يديه كبار املوسيقيني يف كرمانشاه‪،‬‬

‫وقد قدم إضافات أساسية يف مجال املوسيقى الرتاثية‬ ‫املتواشجة مع مراسيم الطرق الصوفية‪.‬‬ ‫حصل ناظري عىل وسام فارس الفرنيس‪ ،‬وعىل شهادة‬ ‫تقدير من الكونغرس األمرييك نتيجة فعالياته‬ ‫املتواصلة‪ ،‬وعىل شهادة مامثلة من جامعة هاروارد‪،‬‬ ‫وكذلك حصوله يف مدينة كونيا الرتكية عىل امليدالية‬ ‫الذهبية من أيدي آخر أحفاد موالنا الرومي‪ ،‬وأقرت‬ ‫بلدية مدينة سان دياغو تسجيل يوم الخامس‬ ‫والعرشين من شباط ‪ ،2006 /‬باسم شهرام ناظري‬ ‫تقديرا لجهوده يف سبيل االرتقاء مبستوى إبداع ومتيز‬ ‫املوسيقى عىل الصعيد العاملي‪.‬‬ ‫ونال شهرام ناظري سنة ‪ 2007‬عىل جائزة الرتاث‬ ‫الثقايف الرشقي من اللجنة اآلسيوية يف نيويورك { ‪Asia‬‬ ‫‪ ،}Society‬كام حظي برشف التقدير من األمني العام‬ ‫ملنظمة األمم املتحدة اعرتافا بقيمة أعامله الفنية‬ ‫حول تراث جالل الدين البلخي الرومي(مولوي)‪..‬‬

‫أعلنت مديرية العمل والشؤون االجتامعية‬ ‫يف محافظة ايالم الفيلية‪ ،‬عن تواجد نحو ‪10‬‬ ‫آالف طفل مرشد وبال مأوى يف مراكز ودور‬ ‫حكومية مخصصة لهم يف املحافظة‪.‬‬ ‫وقال مدير الشؤون االجتامعية حبيب الله‬ ‫مسعود يف ترصيح صحفي ان ‪ 10‬آالف طفل‬ ‫مرشد‪ ،‬وبال معيل يتواجدون يف ‪ 650‬مركزا‬ ‫ودار إيواء يف ايالم الفيلية‪ ،‬مردفا بالقول ان‬ ‫‪ 5‬آالف طفل منهم من االناث والباقي ذكور‪.‬‬ ‫وأضاف ان هؤالء األطفال يتم ايواؤهم يف‬ ‫تلك املراكز‪ ،‬والدور اىل ان يبلغوا سن الـ‪18‬‬ ‫من العمر‪ ،‬عازيا لجوء أولئك األطفال اىل تلك‬ ‫املراكز اىل عدة أسباب منها وفاة االبوين او‬ ‫الطالق‪ ،‬او انهم باألصل من مجهويل النسب‪،‬‬

‫او عدهم قدرة ذويهم‪ ،‬وتأهيلهم عىل تربية‬ ‫أولئك األطفال‪.‬‬ ‫يذكر ان محافظة ايالم الفيلية يبلغ تعداد‬ ‫نسمتها ‪ 550‬الف شخص ووفق هذه‬ ‫اإلحصائية فان ما يقارب ‪ 5،5‬باملئة هم من‬ ‫األطفال املرشدين وبال مأوى‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪24‬‬

‫يف املجتمعات الدميقراطية‬ ‫هنالك ماال يقل عن ‪ 200‬نوع‬ ‫من االحتجاجات لها تعريف يتالءم‬ ‫مع املواضيع واملطالب ونوع النضال‬ ‫والكفاح املدين لرشائح املجتمع ومدى‬ ‫تحمل الحكومات للتعامل معها‬ ‫واالستجابة لها‪.‬‬ ‫والسؤال يكمن يف نوعية التظاهرات‬ ‫واالحتجاجات التي لها املقبولية يف‬ ‫العراق واملتالمئة مع وضعه؟! فمنذ‬ ‫القدم كان هذا املجتمع قد َخ ِ َب‬ ‫التظاهر واالحتجاج واالعتصام؛ ولكن‬

‫الى متى ستستمر تظاهرات العراق؟‬

‫خالل العقد ونصف العقد املايض‬ ‫األخري من الزمن تتكرر هذه الظاهرة‬ ‫وال تتعدى استجابة الحكومات‬ ‫سوى الوعود والتناقضات والقمع‬ ‫والتهديدات ومل تقم باتخاذ اية خطوة‬ ‫فعلية للمعالجات‪.‬‬ ‫وعمليا فانه بدال من بناء دولة‬ ‫املؤسسات تم بناء دولة االطراف‬ ‫وتم تسييس جميع افاق الحياة فيام‬ ‫تتسابق النخبة مع بعضها يف هذا‬ ‫املستنقع؛ يف حني تحتاج الحياة وادارة‬ ‫الدولة الجديدة اىل مستلزمات خاصة‬

‫بها اذ مل تتولد لدى حكومة هذا البلد‬ ‫القناعة ولو ملرة واحدة بان االرهاب‬ ‫واملامرسات العنرصية والطائفية اذا مل‬ ‫تقض عىل الشعب فان انعدام وجود‬ ‫الكهرباء واملاء يفتح بوجهها ابواب‬ ‫الجحيم‪.‬‬ ‫واذا مل يتسبب التصحر وتلوث البيئة‬ ‫والدخان واصوات املولدات ونفايات‬ ‫الشوارع واالزقة بعرشات االنواع من‬ ‫األوبئة واالمراض وبالتايل فناء العمر‪،‬‬ ‫فان التشويش واصوات قرع طبول‬ ‫الحرب والوعود والتهديدات تتسبب‬

‫علي حسني فيلي‬

‫بقطع االنفاس واليأس‪.‬‬ ‫نحن يف بالد مل تخرج من دوامة الحرب‪،‬‬ ‫مبعنى انه اذا ما انتهت حرب فهذا ال‬ ‫يعني بالرضورة ان السالم حل بربوعنا‪.‬‬ ‫ان املشكالت مستمرة هكذا دوما‪،‬‬ ‫فليس هناك عالقة صحية بني الشعب‬ ‫والسلطة للتمكن من حل مشكالت‬ ‫انعدام العدالة يف تقسيم ثروات‬ ‫البلد لتثبيت اركان العيش الرغيد يف‬ ‫هذا املجتمع‪ ،‬وفضال عن دمار االسس‬ ‫االقتصادية واالجتامعية‪ ،‬فان املصالح‬ ‫والنفاق السيايس مينعان من عودة‬

‫الثقة‪ .‬فالذي اجرب الشعب عىل الخروج‬ ‫اىل الشارع ليس فقط مؤامرة اجنبية‬ ‫بل الفساد وتقاعس السلطة‪ ،‬والذي‬ ‫يحدث اليوم يف اطار االحتجاجات يدل‬ ‫عىل ان الناس اصحاب حق عىل الدوام‬ ‫وليس كل اربعة اعوام مرة واحدة!‬ ‫ان مرحلة اللجوء اىل التعبري عن الرفض‬ ‫والتظاهر يف الشوارع واحراق املقار‬ ‫هي بداية ملرحلة اليأس والسعي‬ ‫االخري قبل وقوع الكارثة الكربى واذا مل‬ ‫تنته عند هذا الحد‪ ،‬فان مرحلة حرب‬ ‫داخلية مستعرة ستبدأ‪ ،‬وهذا يعني ان‬

‫املواطنني يجب ان يسعوا حينها لتجنب‬ ‫املوت!!‬ ‫يقول املناضل ضد العنرصية مارتن لوثر‬ ‫كينغ «ويف النهاية سننىس كل ما قاله‬ ‫األعداء عنا ولكن سنذ ُكر جيداً صمت‬ ‫األصدقاء» ان املواطنني لن ينسوا‬ ‫نكث الحكومة لوعودها وليس الوعود‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫ان التحالف اهدوا نوعا من الدميقراطية‬ ‫للعراق ال تتالءم وواقع هذا البلد‪،‬‬ ‫خاصة مع لحاظ االيديولوجيا‪ .‬فال هم‬ ‫علموا الناس التعبري عن االحتجاج وال‬ ‫اجربوا الحكومة عىل الخضوع للقوانني‬ ‫وواجباتها‪ .‬فهذا الهيجان والخروج‬ ‫للشارع من دون قيادة يكتب فشل‬ ‫نوع ادارة الحكم وسيكون له اثار‬ ‫فعالة ضد الحكومات املتعالية يف بغداد‬ ‫التي تعرتف بأحقية مطالب الناس يف‬ ‫الظاهر ولكنها ال تسمح لهم للتعبري‬ ‫عن مطالبهم!‬ ‫ان االحتجاجات موجودة دامئا ولكن‬ ‫االخرية ابعد ما تكون عن أيديولوجيا‪،‬‬ ‫وعن تنظيم سيايس خاصني‪ ،‬ومن اجل‬ ‫حل املشكالت بشكل حقيقي يتعني عىل‬ ‫الحكومة ان تسمع وترى جيدا وتقبل‬ ‫بان السياسة علم نظري وتجريبي‬ ‫وادارة الحكم مثل اي علم اخر له‬ ‫مبادئه الخاصة ومن املفرتض ان تتعلمه‬ ‫وتستخدمه مبهارة‪ ،‬وليس البحث عن‬ ‫ذريعة بجعل تحسني معيشة الناس‬ ‫وحياتهم واالصالح االداري ومنع الفساد‬ ‫يعني الال ممكن‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪26‬‬ ‫نشرت هيئة‬ ‫اإلذاعة البريطانية‬ ‫تحقيقا كشفت‬ ‫ً‬ ‫فيه عن تفاصيل‬ ‫دعم حكومة قطر‬ ‫لإلرهاب‪ ،‬من خالل‬ ‫تقديمها أكبر فدية‬ ‫في التاريخ بلغت‬ ‫نحو ‪ 1.15‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫لجماعات وكيانات‬ ‫وأفراد «إرهابيين»‪،‬‬ ‫كحزب الله العراق‬ ‫وداعش وقاسم‬ ‫سليماني‪ ،‬تحت‬ ‫غطاء تحرير الرهائن‬ ‫القطريين في‬ ‫العراق بين ‪2015‬‬ ‫و‪.2016‬‬ ‫فـيلي ‪ /‬محمد جمال‬

‫اتهام قطر بدعم سليماني وداعش وحزب الله بالعراق‪..‬‬ ‫من طرد وزير الداخلية بقضية الرهائن؟‬ ‫‪27‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪28‬‬ ‫وقال التقرير «يف صباح السادس عرش‬ ‫من شهر ديسمرب لعام ‪2015‬؛ تلقت‬ ‫األرسة الحاكمة يف قطر خ ًربا سي ًئا‪:‬‬ ‫عضو‬ ‫اخت ُِطف يف العراق مثانية وعرشون ٌ‬ ‫صيد أفرادها أمراء‪ ،‬و ُز ِّو َد‬ ‫من مجموعة ٍ‬ ‫الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاين –‬ ‫والذي كان عىل وشك أن يصبح وزير‬ ‫الخارجية لقطر – بقامئة تتضمن أسامء‬ ‫الرهائن‪ .‬وأدرك حينئذ أن القامئة تضم‬ ‫اثنني من أقربائه»‪.‬‬ ‫«وأرسل رسال ًة إىل السفري القطري لدى‬ ‫العراق زايد الخيارين‪ ،‬جاء يف فحواها‪:‬‬ ‫«إن جاسم ابن عمي وخالد زوج‬ ‫خالتي‪ .‬حفظك الله‪ :‬عند تلقيك أي خ ٍرب‬ ‫عن ذلك؛ أخربين عىل الفور»‪.‬‬ ‫لقد قىض الرجالن الستة عرش شه ًرا‬ ‫ْ‬ ‫منشغلي بأزمة الرهائن‪.‬‬ ‫التالية‬ ‫وطب ًقا إلحدى روايات تسلسل األحداث؛‬ ‫فقد دفعا أكرث من مليار دوالر لتحرير‬ ‫أولئك الرجال‪ ،‬حيث ذهبت األموال‬ ‫لجامعات وافراد صنّفتهم الواليات‬ ‫املتحدة عىل أنهم «إرهابيون»‪ :‬كتائب‬ ‫«حزب الله» يف العراق‪ ،‬والتي قتلت‬ ‫وُضعت عىل‬ ‫جنودًا أمريكيني بقنابل ِ‬ ‫جانب الطريق؛ وقائد قوات الحرس‬ ‫الثوري الجرنال قاسم سليامين‪ ،‬الخاضع‬ ‫شخص ًيا لعقوبات الواليات املتحدة‬ ‫واالتحاد األورويب؛ وهيئة تحرير الشام‪،‬‬ ‫والتي كانت يف فرتة من الفرتات تعرف‬

‫بجبهة النرصة‪ ،‬عندما كانت تابعة‬ ‫لتنظيم القاعدة يف سوريا‪.‬‬ ‫وطب ًقا لرواية أخرى لألحداث – وهي‬ ‫مبلغ‬ ‫رواية قطر – فإنه مل يتم دفع أي ٍ‬ ‫مايل لـ «اإلرهابيني»‪ ،‬بل دُ ِفعت األموال‬ ‫فقط لدولة العراق‪.‬‬ ‫ووف ًقا لهذه الرواية؛ ال تزال األموال‬ ‫موجودة يف قبو بنك العراق املركزي يف‬ ‫بغداد‪ ،‬بالرغم من أن جميع الرهائن‬ ‫متواجدون اآلن يف وطنهم‪ .‬وتظه ُر هذه‬ ‫القصة امللتوية لتفاصيل املفاوضات‬ ‫بشكل متسلسل عىل هيئة رسائل‬ ‫اعتيادية وصوتية بني وزير الخارجية‬ ‫والسفري «السفري القطري لدى العراق»‪.‬‬ ‫واآلن؛ هل دفعت قطر أغىل فدية يف‬ ‫التاريخ؟‬ ‫اقتصادي سابق‬ ‫إن الشيخ محمد خب ٌري‬ ‫ٌّ‬ ‫وأحد أقارب األمري البعيدين‪ ،‬ومل‬ ‫يكن معرو ًفا قبل ترقيته ليصبح وزي ًرا‬ ‫للخارجية يف سن صغري نسب ًيا؛ ‪ 35‬عا ًما‪.‬‬ ‫ويف فرتة وقوع حالة االختطاف؛ كان‬ ‫السفري زايد الخيارين يف الخمسينيات‬ ‫من عمره‪ ،‬وقيل إنه يحمل رتبة عقيد يف‬ ‫مبعوث‬ ‫املخابرات القطرية‪ ،‬وكان أول‬ ‫ٍ‬ ‫قطري إىل العراق منذ ‪ 27‬عا ًما‪ ،‬غري أن‬ ‫هذا املنصب مل يكن منص ًبا ها ًما‪.‬‬ ‫وكانت هذه األزمة فرص ًة بالنسبة له‬ ‫لتحسني مكانته‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لقد ذهب الرهائن إىل العراق بحثا عن‬ ‫ات – ومناشدات‬ ‫الصقور‪ ،‬وتلقوا تحذير ٍ‬ ‫– بعدم الذهاب إىل تلك البالد‪ .‬بيد أن‬ ‫رياضة صيد الصقور هي رياضة امللوك‬ ‫يف الخليج‪ ،‬وكان هناك رسب من الطيور‬ ‫التي تعدّ فرسي ًة للصقور –الحبارى –‬ ‫يف األرايض الشاسعة الفارغة يف جنوب‬

‫العراق‪.‬‬ ‫وتم اجتياح معسكر الصيادين بواسطة‬ ‫محملة ببنادق رشاشة‬ ‫شاحنات صغرية َّ‬ ‫ثقيلة يف ساعات الصباح الباكر‪.‬‬ ‫وأخرب أحد الرهائن صحيف َة نيويورك‬ ‫تاميز إنه كان يعتقد أن الخاطفني كانوا‬ ‫ينتمون إىل «داعش» قبل أن يوجه أحد‬ ‫الخاطفني إساء ًة شيعية إىل السنّة‪.‬‬ ‫وعىل مدى أسابيع عديدة مؤملة؛ مل‬ ‫يصل الحكومة القطرية أية أخبار‪.‬‬ ‫ولكن يف شهر مارس لعام ‪2016‬؛ بدأت‬ ‫األمور تتضح‪ .‬فقد علم املسؤولون أن‬ ‫الخاطفني كانوا ينتمون إىل كتائب حزب‬ ‫الله – وهي ميليشيا عراقية شيعية‬ ‫مدعومة إيران ًيا‪.‬‬ ‫وأرادت الجامعة «كتائب حزب الله»‬ ‫وحينئذ؛ أرسل‬ ‫الحصول عىل املال‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫السفري زايد الخيارين رسالة إىل‬ ‫الشيخ محمد مفادها‪« :‬لقد أخربتهم‬ ‫شخصا‪...‬‬ ‫بأن ‘يعيدوا لنا أربعة عرش‬ ‫ً‬ ‫وسنعطيكم نصف القيمة»‪ .‬ومل يتضح‬ ‫مقدار «القيمة» يف سجالت الهاتف‬ ‫حتى تلك الفرتة‪.‬‬ ‫وبعد مرور خمسة أيام؛ عرضت‬ ‫الجامعة إطالق رساح ثالثة رهائن‪،‬‬ ‫وأرسل السفري رسالة إىل الوزير قال‬ ‫فيها‪« :‬إنهم يريدون بادرة حسنة من‬ ‫جانبنا ً‬ ‫أيضا‪ .‬هذه عالمة ج ّيدة بالنسبة‬ ‫ٌ‬ ‫عالمة تدل عىل أنهم يف عجل ٍة‬ ‫لنا‪...‬‬ ‫من أمرهم ويريدون إنهاء كل يشء يف‬ ‫أقرب وقت»‪.‬‬ ‫وبعد ذلك بيومني‪ ،‬كان السفري ُمتواجدً ا‬ ‫يف املنطقة الخرضاء يف بغداد‪ ،‬وهي‬ ‫جزء من املدينة ُم ٌ‬ ‫حاطة باألسوار املنيعة‬

‫وشديدة الحراسة حيث تقع الحكومة‬ ‫العراقية والسفارات األجنبية‪.‬‬ ‫لقد كانت األجواء يف العراق يف شهر‬ ‫مارس متوترة بالفعل‪ .‬وبدا الجو العام‬ ‫يف املنطقة الخرضاء مشحو ًنا عىل وجه‬ ‫الخصوص‪ :‬فقد كان مؤيدو رجل الدين‬ ‫الشيعي‪ ،‬مقتدى الصدر‪ ،‬واقفني عىل‬ ‫األبواب‪ ،‬حيث كانوا يحتجون عىل‬ ‫الفساد‪ .‬وقال السفري إن موظفي بعض‬ ‫السفارات قد فروا‪ .‬وخلق ذلك توترات‬ ‫عىل طاولة املفاوضات‪.‬‬ ‫انتظر زايد الخيارين‪ .‬لكن مل يكن هناك‬ ‫ُ‬ ‫أية إشار ٍة عىل إطالق الرساح املوعود‪.‬‬ ‫وكتب‪« :‬هذه هي املرة الثالثة التي آيت‬ ‫فيها إىل بغداد من أجل قضية الرهائن‪،‬‬ ‫ومل أشعر قط مبثل هذا القدر من‬ ‫اإلحباط‪ .‬ومل أشعر قط مبثل هذا القدر‬ ‫من التوتر والقلق‪ .‬ال أريد ُمغادرة البالد‬ ‫دون وجود الرهائن معي «‪.‬‬ ‫وبعد ذلك‪ ،‬ظهر الخاطفون‪ ،‬ولكن مل‬ ‫يكن الرهائن بصحبتهم‪ ،‬بل كان معهم‬ ‫ذاكرة «‪ »USB‬تحتوي عىل مقطع فيديو‬ ‫حبس انفرادي‪.‬‬ ‫ألس ٍري ُمحتج ٍز داخل ٍ‬ ‫ووجه الشيخ محمد ً‬ ‫سؤال للسفري‪ً ،‬‬ ‫قائل‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫يضمن لنا أن بقية الرهائن‬ ‫«ما الذي‬ ‫ُ‬ ‫معهم؟»‪ .‬وأضاف‪« :‬قم بحذف الفيديو‬ ‫من هاتفك‪ ...‬وتأكد من عدم ترسيبه‬ ‫ألي شخص»‪.‬‬ ‫وصادق السيد الخيارين عىل كالم‬ ‫الشيخ‪ ،‬قائ ًال‪« :‬ال ُنريد أن ُتشاهد‬ ‫عائالتهم الفيديو ويتأثرون عاطفياً»‪.‬‬ ‫وقد تم فصل الرهائن عن بعضهم‬ ‫حيث ِوضع ُ‬ ‫البعض – ُ‬ ‫األمراء يف قب ٍو ال‬ ‫نوافذ له؛ وتم أخذ أصدقائهم‪ ،‬وغريهم‬ ‫من املواطنني العاديني‪ ،‬وغري القطريني‬

‫>>‬ ‫تم فصل الرهائن عن‬ ‫حيث‬ ‫بعضهم البعض –‬ ‫ُ‬ ‫قبو‬ ‫ِوضع ُ‬ ‫األمراء في ٍ‬ ‫ال نوافذ له؛ وتم أخذ‬ ‫أصدقائهم‪ ،‬وغيرهم من‬ ‫المواطنين العاديين‪،‬‬ ‫وغير القطريين من بين‬ ‫مجموعة الصيد‪ ،‬إلى‬ ‫أماكن أخرى‬

‫>>‬

‫من بني مجموعة الصيد‪ ،‬إىل أماكن‬ ‫بشكل أفضل وتقديم‬ ‫ومعاملتهم‬ ‫أخرى ُ‬ ‫ٍ‬ ‫طعا ًما جيدًا لهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وقد أخربين مسؤول قطري أن األمراء‬ ‫مكان إىل آخر – أحياناً‬ ‫قد يُنقلون من‬ ‫ٍ‬ ‫كل يومني إىل ثالثة أيام – ولكن دامئاً ما‬ ‫مكان ما تحت سطح‬ ‫يتم احتجازهم يف‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫األرض‪ .‬وكان بحوزتهم ُمصحفا واحدً ا‬ ‫ُ‬ ‫يتبادلونه لقراءة ال ُقرآن‪.‬‬ ‫فقط‬ ‫وعىل مر األشهر الستة عرش التي قضاها‬ ‫الرهائن يف األرس‪ ،‬مل يكن لديهم أي‬ ‫فكر ٍة عام يحدث يف العامل الخارجي‪.‬‬ ‫إذا كان املال هو الحل لهذه املشكلة‪،‬‬ ‫فإن القطريني ميلكونه‪ .‬ولكن الرسائل‬ ‫النصية والصوتية تظهر أن الخاطفني‬ ‫أضافوا إىل مطالبهم‪ ،‬وغريوها‪ ،‬ما بني‬ ‫شد وجذب‪ :‬يجب عىل قطر أن تغادر‬ ‫ٍ‬ ‫التحالف الذي تقوده السعودية يف‬ ‫اليمن‪ .‬كام يجب عىل قطر تأمني إطالق‬ ‫رساح الجنود اإليرانيني املحتجزين من‬ ‫قبل املتمردين يف سورية‪.‬‬

‫ومن ثم أصبح الهدف هو املال من‬ ‫ً‬ ‫وفضل عن الفدية الرئيسية‪ ،‬أراد‬ ‫جديد‪،‬‬ ‫قادة املليشيات مبالغ جانبية لهم‪.‬‬ ‫ويف حني انقضت واحدة من جلسات‬ ‫النقاش‪ ،‬تبني أن أحد مفاويض كتائب‬ ‫حزب الله‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬أخذ السفري جانباً‬ ‫وطلب مبلغ ‪ 10‬مليون دوالر «‪7.6‬‬ ‫مليون جنية إسرتليني» لنفسه‪.‬‬ ‫وقال السفري يف رسالة بالربيد الصويت‬ ‫«طرح أبو محمد ً‬ ‫سؤال‪‘ :‬ما فائديت من‬ ‫ذلك؟ برصاحة أريد ‪ 10‬مليون دوالر‘«‪.‬‬ ‫«قلت له‪ 10 ،‬ماليني؟ لن ُأعطيك ‪.10‬‬ ‫إال إذا سلمتني جميع الرهائن ‪»...‬‬ ‫«لتحفيزه‪ ،‬أخربته أيضاً أنني عىل‬ ‫استعدا ٍد ألن أشرتي له شقة يف لبنان»‪.‬‬ ‫واستعان السفري باثنني من الوسطاء‬ ‫العراقيني‪ ،‬وكالهام كانا من الطائفة‬ ‫السنّية‪ .‬وزارا وزير الخارجية القطري‪،‬‬ ‫وطلبا منه مقد ًما أن يعطيهام «هدايا»‪:‬‬ ‫‪ 150,000‬دوالر نقدًا وخمس ساعات‬ ‫من ماركة رولكس‪« ،‬اثنتان منهام من‬ ‫أغىل األمثان‪ ،‬وثالثة من جودة عادية»‪.‬‬ ‫ومن غري الواضح ما إذا كانت هذه‬ ‫الهدايا للوسيطني أنفسهام أم كانت‬ ‫بهدف دهن سري الخاطفني أثناء‬ ‫استمرار املحادثات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويف شهر أبريل لعام ‪2016‬؛ أضيف‬ ‫اسم جديد‪ :‬قاسم‬ ‫للسجالت الهاتفية ٌ‬ ‫سليامين‪ ،‬وهو الراعي اإليراين لكتائب‬ ‫حزب الله‪.‬‬ ‫وبحلول هذا الوقت‪ ،‬بدا أن طلب‬ ‫الفدية وصل إىل مبلغ مذهل يبلغ مليار‬ ‫دوالر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الخاطفني صمدوا‬ ‫وطالبوا باملزيد‪ .‬وأرسل السفري رسالة‬ ‫إىل وزير الخارجية قال فيها‪« :‬لقد‬

‫‪29‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪30‬‬

‫التقى سليامين بالخاطفني مساء أمس‬ ‫وضغط عليهم من أجل قبول املليار‬ ‫دوالر‪ .‬مل يستجيبوا بسبب وضعهم‬ ‫املايل‪ ...‬سليامين سيعود»‪.‬‬ ‫وأشار السفري مرة أخرى إىل أن الجرنال‬ ‫اإليراين كان «منزعجاً للغاية» من‬ ‫االختطاف‪ .‬حيث قال للشيخ محمد‪:‬‬ ‫«إنهم يريدون استنفادنا وإجبارنا‬ ‫عىل قبول مطالبهم عىل الفور‪ .‬نحن‬ ‫بحاجة إىل التزام الهدوء وعدم الترسع‪.‬‬ ‫لكن يجب أن تكونوا مستعدين لدفع‬ ‫الثمن»‪ .‬فأجاب الوزير‪« :‬الله يعني!»‬ ‫َ‬ ‫مرت أشهر‪ .‬ثم يف شهر نوفمرب من‬ ‫العام ‪ ،2016‬دخل عنرص جديد يف‬ ‫املفاوضات‪ .‬أراد الجرنال سليامين من‬ ‫قطر املساعدة يف تنفيذ ما يسمى‬ ‫«اتفاق املدن األربع» يف سوريا‪.‬‬ ‫يف ذلك الوقت‪ ،‬كانت الحكومة السورية‬ ‫املدعومة من إيران ُتحارص مدينتني‬ ‫ُسنيتني يسيطر عليهام الثوار‪ .‬ويف تلك‬ ‫األثناء‪ ،‬كانت هناك قريتان شيعيتان‬ ‫مواليتان للحكومة تحت الحصار من‬ ‫قبل الثوار السلفيني‪ ،‬الذين كانت قطر‬ ‫تدعمهم عىل ما يبدو‪« .‬قيل إن من‬

‫ضمن الثوار أعضاء من جبهة النرصة‬ ‫سابقاً»‪ .‬ومبوجب االتفاق‪ ،‬سيتم رفع‬ ‫حصار املدن األربع وإجالء سكانها‪.‬‬ ‫ووفقاً للسفري‪ ،‬قال الجرنال سليامين لـ‬ ‫«كتائب حزب الله» أنه إذا تم إنقاذ‬ ‫الشيعة بسبب اتفاق املدن األربع‪،‬‬ ‫فسيكون من «املخزي» املطالبة برشاوى‬ ‫شخصية‪.‬‬ ‫وقال السفري يف رسالة لوزير الخارجية‬ ‫«حزب الله يف لبنان وكتائب حزب الله‬ ‫يف العراق كلهم يريدون املال وهذه هي‬ ‫فرصتهم‪ .‬إنهم يستغلون هذا الوضع‬ ‫لالستفادة منه‪ ...‬خاصة أنهم يعلمون‬ ‫أنها تقريباً النهاية‪ ...‬كلهم لصوص»‪.‬‬ ‫آخر ذكر لتبادل فدية بقيمة ‪ 1‬مليار‬ ‫دوالر كان يف شهر يناير ‪ ،2017‬جنباً إىل‬ ‫رقم آخر – ‪ 150‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫جنب مع ٍ‬ ‫املحادثات بني الشيخ محمد والسيد‬ ‫الخيارين كانت حول فدية مبليار‬ ‫دوالر باإلضافة إىل ‪ 150‬مليون دوالر‬ ‫كمدفوعات جانبية‪ ،‬أو «عموالت»‪.‬‬ ‫لكن النصوص غامضة‪ .‬قد تكون صفقة‬ ‫املدن األربع هي ما كان مطلو ًبا لتحرير‬ ‫الرهائن‪ ،‬باإلضافة إىل ‪ 150‬مليون دوالر‬

‫من املدفوعات الشخصية للخاطفني‪.‬‬ ‫يُقر املسؤولون القطريون بأن النصوص‬ ‫ورسائل الربيد الصويت حقيقية‪ ،‬بالرغم‬ ‫من أنهم يعتقدون أنها قد ُح ِر َرت‬ ‫انطباع‬ ‫«بشكل انتقايئ للغاية» إلعطاء‬ ‫ٍ‬ ‫ُمضلل‪.‬‬ ‫كام تم ترسيب النصوص‪ ،‬إىل صحيفة‬ ‫الواشنطن بوست‪ ،‬يف شهر أبريل‬ ‫‪ .2018‬وانتظرت مصادرنا حتى أصدر‬ ‫املسؤولون يف الدوحة بيان النفي‪.‬‬ ‫ثم سعوا إلحراج قطر من خالل نرش‬ ‫التسجيالت الصوتية األصلية‪.‬‬ ‫انتهت أزمة الرهائن يف أبريل ‪.2017‬‬ ‫وقد حلقت طائرة تابعة للخطوط‬ ‫الجوية القطرية إىل بغداد لنقل األموال‬ ‫واستعادة الرهائن‪ .‬هذا ما أكده‬ ‫مسؤولون القطريون‪ ،‬رغم أن الخطوط‬ ‫الجوية القطرية نفسها امتنعت عن‬ ‫التعليق‪..‬‬ ‫من الذي أدخل األموال النقدية إىل‬ ‫بغداد ‪ -‬وكم كان املبلغ؟ يؤكد مصدرنا‬ ‫األصيل أنه كان أكرث من مليار دوالر‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل ‪ 150‬مليون دوالر من‬ ‫الرشاوى‪ ،‬والكثري منها موجه إىل كتائب‬

‫حزب الله‪.‬‬ ‫ويؤكد املسؤولون القطريون أنه تم‬ ‫إرسال مبلغ كبري نقداً ‪ -‬لكنهم يقولون‬ ‫إنه كان للحكومة العراقية وليس‬ ‫لإلرهابيني‪ .‬وكانت املدفوعات تتعلق‬ ‫بـ «التنمية االقتصادية» و «التعاون‬ ‫األمني»‪ .‬ويقول املسؤولون‪« :‬أردنا‬ ‫أن نجعل الحكومة العراقية مسؤولة‬ ‫مسؤولية كاملة عن سالمة الرهائن»‪.‬‬ ‫اعتقد القطريون أنهم عقدوا اتفاقاً‬ ‫مع وزير الداخلية العراقي‪ ،‬والذي كان‬ ‫ينتظر يف املطار عندما هبطت الطائرة‬ ‫بحمولة نقدية موضوعة يف حقائب من‬ ‫القامش األسود‪ .‬ثم ظهر رجال مسلحون‬ ‫يرتدون زي عسكري بدون شارة‪.‬‬ ‫وقال يل مسؤول قطري «ما زلنا ال نعرف‬ ‫من هم‪ ،‬لقد تم طرد وزير الداخلية»‪.‬‬ ‫لقد كان ذلك األمر ال يعدو عن كونه‬ ‫تحرك من قبل رئيس الوزراء العراقي‬ ‫حيدر العبادي‪ ،‬حسبام ع ّللوا‪ .‬لقد اتصل‬ ‫رئيس الوزراء القطري بالسيد عبادي‬ ‫وهو بحالة هستريية‪ ،‬لكنه مل يرد‪.‬‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬عقد العبادي مؤمتراً صحفياً‪،‬‬ ‫قائ ًال إنه سيطر عىل األموال‪.‬‬ ‫وبالرغم من أنه تم ضبط األموال‪ ،‬إال‬ ‫أن عملية إطالق رساح الرهائن مضت‬ ‫قد ًما عىل أية حال‪ ،‬مرشوط ًة بتنفيذ‬ ‫«اتفاق املدن األربع»‪.‬‬ ‫ويف الرسائل النصية‪ ،‬كان ضابط‬ ‫املخابرات القطري‪ ،‬جاسم بن فهد آل‬ ‫ثاين – الذي يُفرتض أنه عضو يف األرسة‬ ‫ً‬ ‫حارضا عىل ارض الواقع‪.‬‬ ‫املالكة –‬ ‫ً‬ ‫أول‪ ،‬لقد نقلت «‪ 46‬حافلة» الناس‬ ‫من املدينتني السنيتني يف سوريا‪ .‬وكتب‬ ‫جاسم بن فهد يف رسالة نصية‪ »:‬لقد‬

‫>>‬ ‫يقول مسؤولون‬ ‫قطريون إن األموال‬ ‫التي أرسلوها إلى‬ ‫بغداد ال تزال في‬ ‫قبو في البنك‬ ‫المركزي العراقي‬ ‫«مودعة»‪.‬‬

‫>>‬ ‫أخرجنا ‪ 5000‬شخص عىل مدى يومني‪.‬‬ ‫واآلن نحن بصدد اخراج ‪ 3000‬شخص‪...‬‬ ‫ال نريد حدوث أي تفجريات»‪.‬‬ ‫وبعد بضعة أيام‪ ،‬تم إخالء املدن‬ ‫الشيعية‪ .‬وقد أرسل الشيخ محمد رسالة‬ ‫نصية مفادها أن «‪ 3000‬شخص شيعي‬ ‫تم احتجازهم يف موقع التسليم‪....‬‬ ‫عندما نرى الرهائن‪ ،‬سنجعل الحافالت‬ ‫تتحرك»‪.‬‬ ‫وقد رد السفري أن الجانب اآلخر كان‬ ‫قل ًقا‪« .‬إنهم يشعرون بالهلع‪ .‬لقد قالوا‬ ‫إنه إذا أرشقت الشمس [دون مغادرة‬ ‫الشيعة] فإنهم سيحجزون الرهائن»‪.‬‬ ‫ويف ‪ 21‬أبريل ‪ ،2017‬تم إطالق رساح‬ ‫الرهائن القطريني‪ .‬لقد كان جميعهم‬ ‫«عىل ما يرام»‪ ،‬حسبام ذكر السفري‪،‬‬ ‫لكنهم «فقدوا نصف وزنهم تقري ًبا»‪.‬‬ ‫لقد قام السفري بالرتتيب ليك تقلهم‬ ‫طائرة إىل منزلهم ليتسنى لهم أكل‬ ‫«الربياين والكبسة‪ ...‬إن هؤالء الرجال‬ ‫يفتقدون هذا الطعام»‪.‬‬

‫وبعد ستة عرش شه ًرا من احتجازهم‪،‬‬ ‫أظهرت الصور التلفزيونية الرهائن‬ ‫وهم يف حالة هزيلة ولكنهم مبتسمني‪،‬‬ ‫عىل مدرج مطار الدوحة‪.‬‬ ‫وتقول مصادر الرسائل النصية ورسائل‬ ‫الربيد الصويت إن املواد تظهر أن «قطر‬ ‫ً‬ ‫أموال إىل اإلرهابيني»‪.‬‬ ‫أرسلت‬ ‫وتشري املصادر إىل بريد صويت من السفري‬ ‫الخيارين‪ .‬حيث يصف يف هذا الربيد‬ ‫الصويت اخباره لكتائب حزب الله‪»:‬‬ ‫يجب أن تثقوا بقطر‪ ،‬وأنتم تعلمون ما‬ ‫فعلته قطر وما فعله صاحب السمو‪،‬‬ ‫والد األمري‪ ..‬لقد فعل أشياء كثرية‪،‬‬ ‫ودفع ‪ 50‬مليون‪ ،‬ووفر البنية التحتية‬ ‫للجنوب‪ ،‬وكان أول من زارها»‪.‬‬ ‫وتؤكد مصادرنا أن هذا يبني أنه مبلغ‬ ‫مايل تاريخي‪ ،‬يف ظل األمري القديم‪،‬‬ ‫بقيمة تبلغ ‪ 50‬مليون دوالر إىل كتائب‬ ‫حزب الله‪.‬‬ ‫ويقول املسؤولون القطريون إن هذا‬ ‫يظهر الدعم للشيعة بشكل عام‪.‬‬ ‫إىل حد ما‪ ،‬هذه معركة عىل من يؤمن‬ ‫كيف انتهت مسألة االختطاف يف‬ ‫الصحراء العراقية‪ .‬يقول مسؤولون‬ ‫قطريون إن األموال التي أرسلوها إىل‬ ‫بغداد ال تزال يف قبو يف البنك املركزي‬ ‫العراقي «مودعة»‪.‬‬ ‫ويقول معارضوهم إن الحكومة‬ ‫العراقية ادخلت نفسها يف صفقة‬ ‫الرهائن ووزعت األموال‪.‬‬ ‫ويف الوقت الحايل‪ ،‬مل يتم حل املسألة‬ ‫الغامضة حول ما إذا كانت قطر قد‬ ‫دفعت أكرب فدية يف التاريخ إىل حد‬ ‫اآلن‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪32‬‬

‫انتفاضة البصرة‬ ‫القت باالنتخابات‬ ‫يف سلة املهمالت‬

‫مؤيد عبد الستار‬

‫اندلعت مؤخرا انتفاضة‬ ‫مجلجلة يف البرصة ومدن‬ ‫الوسط والجنوب االخرى ‪ ،‬ومل‬ ‫تكن انتفاضة البرصة بنت يومها ‪،‬‬ ‫ولكنها جاءت تتويجا للعديد من‬ ‫االحتجاجات املستمرة منذ سنوات‬ ‫يف بغداد والعديد من املحافظات‪.‬‬

‫وال حاجة لنا بالحديث عن الفساد‬ ‫والتزوير ونهب املال العام فذاك‬ ‫ما يعرفه حتى االطفال يف الصفوف‬ ‫االوىل الذين ال يجدون مدارس‬ ‫تأويهم وال صفوفا تحتويهم وال‬ ‫لوازم مدرسية تفي بحاجتهم وال كتبا‬ ‫تنفعهم ‪.‬‬ ‫اما عىل مستوى املناصب‬ ‫يف الحكومات املتتالية‬ ‫التي تشكلت بعد‬ ‫املتعددة‬ ‫االنتخابات‬ ‫فلم تسلم من تزوير‬ ‫وتزوير‬ ‫االنتخابات‬ ‫الشهادات وغري ذلك‬ ‫من عمليات تزوير‬ ‫ونهب للامل العام حتى‬ ‫اصبح املواطن يشك يف‬ ‫املؤسسات املسؤولة عن‬ ‫مكافحة الفساد مثل‬ ‫القضاء وهيئة النزاهة ‪.‬‬ ‫ان انفجار االحداث بعد‬ ‫طول معاناة املواطنني‬ ‫من نقص الكهرباء واملاء‬ ‫والخدمات لن يكون‬ ‫االنفجار االول واالخري‬ ‫‪ ،‬وامنا سيتصاعد ما‬ ‫دامت الرؤوس الفاسدة‬ ‫هي صاحبة اليد الطوىل‬

‫يف السلطة الحاكمة التي عرتها‬ ‫االنتخابات االخرية والقت بها‬ ‫انتفاضة الجامهري يف سلة املهمالت‬ ‫‪ ،‬فال هيئة املفوضية لالنتخابات‬ ‫ادت واجبها عىل الوجه املطلوب‬ ‫وال الهيئة التي خلفتها استطاعت‬ ‫حسم املخالفات ونجحت يف تقديم‬ ‫صورة صحيحة للعد والفرز الذي‬ ‫اصبح ريشة يف مهب الريح يتالعب‬ ‫بها هذا الحزب وذاك الكيان وهذا‬ ‫املسؤول وذاك الزعطوط ‪ ...‬حتى‬ ‫وصل االمر اىل تفجري الصناديق وقتل‬ ‫املسؤولني عن العد والفرز وتهديد‬ ‫من يريد احقاق الحق ويبحث عن‬ ‫النزاهة يف العمل ولو مبثقال ذرة ‪.‬‬ ‫ان من واجب القوى الوطنية‬ ‫واالحزاب والهيئات التي تجد يف‬ ‫نفسها الحرص عىل مستقبل البالد‬ ‫مساندة االنتفاضة واملشاركة يف‬ ‫االحتجاجات والعمل عىل استالم‬ ‫املؤسسات وادارتها من قبل ادارة‬ ‫شعبية نزيهة وكنس الرؤوس‬ ‫الفاسدة العفنة التي تسلطت عىل‬ ‫مدى خسمة عرش عاما عىل مقاليد‬ ‫البالد وادت اىل ديون مبا يزيد عىل‬ ‫‪ 100‬مليار دوالر ونهبت موارد‬ ‫امليزانية التي قاربت االلف مليار‬ ‫دوالر وافقرت البالد والعباد ‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪34‬‬

‫العراق‬ ‫بين التظاهر‬ ‫والتخريب‬

‫عبدالله جعفر كوفيل‬

‫حق التظاهر من الحقوق االساسية‬ ‫لالنسان وهو يشمل او ميثل‬ ‫حق االنسان يف التجمع و حرية الرأي‬ ‫و التعبري و قد نص عليه جميع لوائح‬ ‫حقوق االنسان و الدساتري يف الدول مهام‬ ‫اختلفت يف نظام حكمها او درجة منوها‬ ‫االقتصادي او الرتابط االجتامعي فيام بني‬ ‫ابناء مجتمعاتها ‪.‬‬ ‫والتظاهر هو تعبري عن الرأي بشكل‬ ‫جامعي من اجل تحقيق مطلب معني و‬ ‫هو بذلك يعد شك ًال من اشكال املشاركة‬ ‫السياسية‪ ،‬لذا فأنه يتطلب تنظي ً‬ ‫ام و‬ ‫تحديداً لالولويات قد يكون التظاهر‬ ‫بهدف التأييد او االحتجاج عىل قرار‬ ‫حكومي او لنقص يف الخدمات ‪ ,‬وقد‬ ‫كفل القوانني الداخلية و الدولية الحق‬

‫يف التظاهر بأعتباره حقاً مصوناً و طبيعياً‬ ‫ملتصقاَ باالنسان و ان هذا الحق يعد من‬ ‫اجىل صور التعبري عن الرأي و حرية الفكر‬ ‫و الضمري عىل ارض الواقع و لالفصاح عام‬ ‫يختلجه انفسهم ‪.‬‬ ‫و من اجل ان ال تخرج املظاهرات من‬ ‫اطارها و تحقق هدفها املنشود و ان ال‬ ‫تتحول اىل اداة للتخريب و الدمار و سفك‬ ‫الدماء و التجاوز عىل حقوق الغري‪ ،‬فأن‬ ‫الدول تلجأ اىل تنظيم هذا الحق بترشيع‬ ‫القوانني الخاصة او اصدار التعليامت من‬ ‫الجهات املعنية و خاصة وزارة الداخلية‬ ‫بأعتبارها الجهة املكلفة بتأمني امن‬ ‫املواطن و حامية ممتلكاته بالتعاون مع‬ ‫االجهزة االمنية االخرى ‪.‬‬ ‫ان تاريخ التظاهر يف العراق ليس وليدة‬

‫اليوم وإمنا قدمية و ترجع اىل تاريخ‬ ‫تأسيسها عام ‪ 1921‬حيث شهد العراق‬ ‫فرتات ومراحل صعبة بخروج املواطنني‬ ‫للتظاهر من اجل حقوقهم املرشوعة سواء‬ ‫كانت عامة او فئات معينة كعامل السكك‬ ‫الحديدية او االبار النفطية و غالباً ما يتم‬ ‫التعامل معها بالحديد و النار وخلفت‬ ‫وراءها القتىل و الدمار و يستمر مسلسل‬ ‫املظاهرات حتى اليوم أي انها مل تكن‬ ‫مرتبطة بنظام دون اخر مع االختالف يف‬ ‫درجة حرية التظاهر ‪.‬‬ ‫ولكن السؤال الذي يفرض نفسه ملاذا‬ ‫تتحول املظاهرات يف العراق اىل اعامل‬ ‫العنف و التدمري و ال تنتهي اال بسفك‬ ‫الدماء ؟‬ ‫بأعتقادنا املتواضع و من خالل قراءتنا‬

‫لتاريخ العراق و الواقع الحايل فأنها ترجع‬ ‫اىل عدة اسباب تكون مجتمعة ومشرتكة‬ ‫وتساهم كل منها بجزء من الدور املؤدي‬ ‫اىل هذه املتاهة التي ما كادت تنتهي لتبدأ‬ ‫اخر بالظهور ومن هذه االسباب ‪:‬‬ ‫النظام السيايس ان املتتبع لالحداث يرى‬ ‫بوضوح بأن انظمة الحكم يف العراق كانت‬ ‫تحكم بروح طائفي و نفس قومي بعيداً‬ ‫عن املواطنة فالسني الذي ميسك زمام‬ ‫السلطة قاتل الكورد و الشيعة و الشيعي‬ ‫الحاكم جعل من اساس الغالبية السياسية‬ ‫اداة للتهميش و االقصاء للكورد و يشكل‬ ‫اوضح للسنة اما الكورد فأن مشاركتهم‬ ‫كانت صورية ال ترتقي اىل املشاركة رغم‬ ‫نداءاته املتكررة و تشخيص الداء بأن حكم‬ ‫العراق يجب ان يكون بالتوافق و التوازن‬ ‫و من هنا كانت انظالق التظاهرات ايضاً‬ ‫بنفس االنتقام ضد من يف الحكم و ليس‬ ‫بهدف احقاق الحقوق و تأمني الخدمات‬ ‫لذا فأنها كانت تعامل بالحديد و النار ألن‬ ‫السلطة تشعر منها انقالباً ضده ‪.‬‬ ‫املواطنة ‪ :‬يبدو ان املواطن العراقي مل‬ ‫يشعر يف غالبيته باالنتامء اىل وطنه العراق‬ ‫و مل يرتبط به بالروح و الدم – مع احرتمي‬ ‫و تقديري للمخلصني و االوفياء منهم عىل‬ ‫قلتهم ـ نتيجة لالحداث التي مربها بنى‬ ‫ثقافة عنده بأن الحكومات جاءت لقهره‬ ‫و سلب حقوقه و ليس لخدمته لذا فأنه‬ ‫يراقب و ينتهز الفرصة باالنتقام منه بحرق‬ ‫املباين الحكومية و نهب اثاثه ناهيك عن‬ ‫الفساد املسترشي حتى النخاع الذي زاد‬ ‫من الهوة و الفارق بينه و بني املواطن‬ ‫االعزل الذي ينئ من آالم نقص الخدمات‬ ‫من املاء و الكهرباء و الطرق و رائحة‬ ‫االوساخ املرتاكمة ‪.‬‬

‫االجندات الخارجية ‪ ,‬قلنا مراراً و تكراراً‬ ‫بأن االجندات الدولية و االقليمية تفعل‬ ‫و تؤثر عىل القرار السيايس العراقي مثلام‬ ‫يؤثر عىل تحريك الرأي العام يف شارعه و‬ ‫هي كذلك و ماتزال و يبدو ظاهراً للعيان‬ ‫بأن التدخالت ال تزال تؤثر و تحرك و توجه‬ ‫املواطن العراقي نحو اهدافهم بطرق و‬ ‫اساليب و ادعاءات مختلفة بني املطالبة‬ ‫بالخدمات او محاربة الفساد او تأمني‬ ‫لقمة العيش ‪.‬‬ ‫يبدو و من هذه االسباب انها الرئيسية و‬ ‫العامة ‪.‬‬ ‫يشهد العراق يف االونة االخرية تظاهرات‬ ‫يف املحافظات الجنوبية لسوء الخدمات‬ ‫و العيش تحت خط الفقر و تزداد يوماً‬ ‫بعد اخر و ان التدمري و السلب و النهب‬ ‫من سامتها و قابلها املعاملة بالعنف‬ ‫خلف وراءه القتىل و الجرحى و يبدو‬ ‫انها تراكامت قدمية و تصفية الحسابات‬ ‫السياسية و انتقامات حزبية و تحقيق‬ ‫اجندات خارجية ال نتصور تهدئتها برسعة‬ ‫لفقدان الثقة بني املواطن و الحكومة و‬ ‫عدم اميانه بدور االحزاب القامئة و قد‬ ‫يدخل العراق يف نفق مظلم يكاد الخروج‬ ‫منه صعباً غري معاىف تجر وراءها التغيري و‬ ‫التغيري من اجل التغيري لتنتهي باالسوء و‬ ‫االسوء ‪.‬‬ ‫و ما ان نسمع بخروج مظاهرة إال و تبدأ‬ ‫اعمدة نريان املباين الحكومية و الحزبية‬ ‫ترتفع لتعانق السامء و قط اثاثه ترسق‬ ‫و تنهب يقابله تأييد حكومي مبرشوعية‬ ‫حقوقهم و طلباتهم و إنزال اقىس‬ ‫العقوبات باملندسني و املتأمرين وتستمر‬ ‫هذه املشاهد إال ان يرث الله االرض و من‬ ‫عليها ‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪36‬‬ ‫تقرير فرنسي‬

‫يرصد بالتفاصيل دور فصائل شيعية‬

‫برواج زواج المتعة‬

‫نشرت صحيفة «ليرباسيون» الفرنسية تقريرا تناولت فيه موضوع انتشار «زواج‬ ‫املتعة» يف سوريا‪ ،‬الذي بات يشكل مصدر قلق بني صفوف املدافعني عن حقوق‬ ‫املرأة ألنه يستغل ضعف وفقر النساء يف بعض بلدان الشرق األوسط‪ ،‬خاصة يف‬ ‫األوساط الشيعية‪.‬‬ ‫فيلي ‪ /‬ياسر عماد‬

‫وقالت الصحيفة‪ ،‬يف تقرير‬ ‫إنه بعد رواج «زواج املتعة»‬ ‫يف إيران‪ ،‬عىل غرار جميع الدول‬ ‫ذات األغلبية الشيعية‪ ،‬أصبح هذا‬ ‫النوع من الزواج املؤقت الذي قد‬ ‫يدوم ساعة أو عدة سنوات منترشا‬ ‫يف سوريا؛ خاصة يف ظل ارتفاع‬ ‫نسبة النساء العازبات الاليت تتجاوز‬ ‫أعدادهن اآلالف‪.‬‬ ‫واستشهدت الصحيفة بوثيقة‬ ‫تحت عنوان «عقد زواج متعة» تم‬ ‫توقيعها يف حلب يف الثاين من آذار‪/‬‬ ‫مارس سنة ‪ .2018‬وقد تم محو‬ ‫أسامء الزوجني وتوقيعيهام أسفل‬ ‫الورقة باستعامل مصحح أخطاء‪ ،‬إال‬ ‫أن تواريخ ميالدهام (‪ 1988‬بالنسبة‬ ‫للرجل و‪ 1994‬بالنسبة للمرأة) كانت‬ ‫واضحة‪.‬‬ ‫وقد أبرم هذا العقد ملدة «‪ 15‬يوما»‬ ‫مقابل «مهر ال يتجاوز ‪ 100‬ألف لرية‬ ‫سورية» (أي ما يعادل ‪ 160‬يورو)‪.‬‬ ‫ويؤكد هذا العقد عىل احرتام «جميع‬ ‫الحقوق الزوجية»‪ ،‬وقد تم توقيعه‬ ‫بشهادة شخصني ميثالن الزوج‬ ‫والزوجة‪.‬‬ ‫وأشارت الصحيفة إىل أن نرش املوقع‬ ‫اإلخبار السوري «الحرية» لنسخة‬ ‫من عقد «زواج مؤقت»‪ ،‬تم توقيعه‬ ‫تحت إرشاف وكالة متخصصة يف‬ ‫حلب منذ ‪ 10‬أيام‪ ،‬قد أثار ضجة مرة‬ ‫أخرى بشأن ظاهرة «زواج املتعة»‪.‬‬ ‫ويحرم اإلسالم السني املنترش يف‬

‫املنطقة العربية هذا النوع من‬ ‫العالقات املعروف «بالزيجة» يف‬ ‫إيران (الذي تعتربه هذه الدولة‬ ‫الشيعية زواجا رشعيا كسائر أنواع‬ ‫الزواج)‪ .‬ولكن بالنسبة للسنة‪ ،‬تحل‬ ‫هذه املامرسة محل الزنا باعتبارها‬ ‫ُتخول مامرسة الجنس خارج إطار‬ ‫الزواج‪.‬‬ ‫وأفادت الصحيفة بأن زواج املتعة‬ ‫قد انترش يف العديد من الدول‬ ‫العربية خالل السنوات األخرية‪ ،‬مبا‬ ‫يف ذلك العراق وسوريا‪ ،‬وتحديدا‬ ‫داخل املناطق التي تخضع لسيطرة‬ ‫امليليشيات الشيعية اإليرانية‪ .‬وتنص‬ ‫هذه املامرسة عىل إبرام عقد لفرتة‬ ‫محددة‪ ،‬مبقتىض اتفاق بني الرجل‬ ‫واملرأة‪ .‬ويدوم هذا االرتباط ملدة‬ ‫أدناها ساعة واحدة‪ .‬وميكن أن‬ ‫تتواصل فرتة االرتباط ليوم واحد أو‬ ‫أسبوع‪ ،‬وقد ميتد أيضا إىل ‪ 99‬سنة‬ ‫كحد أقىص‪.‬‬ ‫وبينت الصحيفة أن إفادات موقع‬ ‫«الحرية» السوري سلطت الضوء‬ ‫عىل مسألة افتتاح العديد من‬ ‫الوكاالت يف حلب املتخصصة يف عقود‬ ‫زواج املتعة‪ .‬ويف األحياء الشعبية‬ ‫يف املدينة السورية الشاملية‪ ،‬التي‬ ‫استعادها نظام بشار األسد بفضل‬ ‫قوات حليفته إيران يف كانون األول‪/‬‬ ‫ديسمرب من سنة ‪ ،2016‬يتم يف بعض‬ ‫األحيان فتح هذه «املكاتب» الرسية‬ ‫داخل مباين كانت يف املايض مخصصة‬

‫لوكاالت عقارية‪.‬‬ ‫وأوضحت الصحيفة أن هذه الوكاالت‬ ‫العقارية غريت مجال نشاطها للتكيف‬ ‫مع الظروف االجتامعية املتغرية‬ ‫وحتى تتمكن من جني أرباح هامة‬ ‫يف وقت وجيز‪ .‬وقد ساعدها عدم‬ ‫ازدهار سوق العقارات يف املدينة‬ ‫املدمرة عىل تحقيق هذه الغاية‪.‬‬ ‫وتدير هذه الوكاالت ميليشيات‬ ‫شيعية تابعة لحزب الله اللبناين أو‬ ‫العراقي‪ ،‬التي توفر لألزواج الجدد‬ ‫إيجار الشقق‪ ،‬إلمتام الزواج عىل‬ ‫الفور‪.‬‬ ‫وأشارت الصحيفة بأن هذا السوق‬ ‫يشهد ازدهارا بسبب كرثة النساء‬ ‫العازبات أو األرامل اللوايت تدفعهن‬ ‫الحاجة إىل اللجوء إىل هذا الحل‪،‬‬ ‫األمر الذي أدى إىل تضاعف عدد هذه‬ ‫العقود منذ بداية السنة الجارية‪.‬‬ ‫وباتت بعض النساء السوريات‬ ‫الفقريات يقبلن بهذا املكسب‪ ،‬مقابل‬ ‫مبالغ ترتاوح بني ‪ 20‬و‪ 50‬يورو يف‬ ‫اليوم‪ ،‬وقد تنخفض تسعريتهن وفقا‬ ‫ملدة الزواج‪.‬‬ ‫وذكرت الصحيفة أن هذا النوع‬ ‫من الزواج ال مينح املرأة الحق يف‬ ‫املرياث أو السكن‪ .‬وعىل الرغم من‬ ‫أنه يجب عىل األب االعرتاف بأبنائه‬ ‫الذين ولدوا يف إطار هذا الزواج‪،‬‬ ‫عىل املستوى النظري‪ ،‬إال أنه يصعب‬ ‫يف أغلب الحاالت العثور عىل هذا‬ ‫الوالد‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪38‬‬ ‫وأوردت الصحيفة أن هذه املامرسة‬ ‫التي ظهرت يف اآلونة األخرية يف سوريا‪،‬‬ ‫والشائعة يف األوساط الشيعية يف كل‬ ‫من إيران ولبنان‪ ،‬قد انترشت منذ عدة‬ ‫سنوات يف العراق‪ .‬وتختص «مؤسسة‬ ‫طريق اإلميان»‪ ،‬وهي وكالة زواج تقع يف‬ ‫حي الكاظمية الشيعي عىل ضفاف نهر‬ ‫دجلة‪ ،‬يف إبرام عقود «زواج املتعة»‪.‬‬ ‫وعىل صفحتها عىل موقع «فيسبوك»‪ ،‬التي‬ ‫تتضمن عنوان مكتب الوكالة‪« ،‬تتم دعوة‬ ‫النساء املتطوعات للتسجيل يف الصفحة‬ ‫أو زيارة مقر الوكالة‪ ،‬ملقابلة السيدة‬ ‫كوثر الجابري»‪ .‬ويجب عليهن مد الوكالة‬ ‫ببعض املعلومات مثل أسامئهن وسنهن‬ ‫وصورهن وأرقام هواتفهن مرفوقة بشهادة‬ ‫طبية للتأكد من عدم إصابتهن بأي مرض‪.‬‬ ‫ومن بني قواعد الزواج املذكورة عىل‬ ‫الصفحة بشكل مفصل‪ ،‬رشوط مخصصة‬ ‫للفتاة العذراء‪ ،‬التي يجب أن تحصل عىل‬ ‫موافقة «الويص» عىل هذا الزواج‪.‬‬ ‫ويف الختام‪ ،‬قالت الصحيفة إن إضفاء‬ ‫الطابع املؤسيس عىل زيجات املتعة‪ ،‬التي‬ ‫لطاملا تم رفضها ألسباب دينية وأخالقية‪،‬‬ ‫أضحى يشكل مصدر قلق متزايد بني‬ ‫صفوف املدافعني عن حقوق املرأة يف‬ ‫البلدان املعنية بهذه املامرسات‪ .‬ويعترب‬ ‫هذا النوع من الزواج دعارة مقننة‬ ‫تستغل وضع النساء الضعيفات‪.‬‬

‫كشف امريكي‬ ‫يطرح سيناريو ظهور تنظيم ارهابي جديد في العراق‬ ‫كشف الجرنال األمرييك‪ ،‬مايك ناغاتا‪ ،‬أن آالف‬ ‫املقاتلني من تنظيم داعش اإلرهايب هربوا‬ ‫من املناطق التي خرسها التنظيم يف سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬وهم اآلن متسرتون يف املناطق‬ ‫التي لجؤوا إليها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وحذر الجرنال األمرييك من أن هؤالء املقاتلني‬ ‫ّ‬ ‫ويشكلوا خطراً جديداً يشبه‬ ‫ميكن أن يعودوا‬ ‫متاماً خطر داعش‪.‬‬ ‫وأكد الجرنال ناغاتا أن عدد مقاتيل داعش‬ ‫وصل إىل ‪ 40‬ألفاً خالل مرحلة سيطرة‬ ‫التنظيم عىل أجزاء واسعة من سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬إال أن اآلالف قتلوا خالل املعارك‪،‬‬ ‫لكن ما زالت هناك جيوب للتنظيم يف سوريا‬ ‫والعراق‪ ،‬ويجب القضاء عليها وإنهاء املهمة‪.‬‬ ‫وأشار الجرنال بوضوح إىل أن ما حدث يف‬

‫العراق يف ظل تنظيم القاعدة‪ ،‬عاد‬ ‫ونشأ بطريقة مختلفة عىل يد تنظيم‬ ‫داعش‪ ،‬ومن املمكن جداً أن يظهر‬ ‫تنظيم جديد كام حدث من قبل‪.‬‬ ‫منع العودة‬ ‫ويشغل الجرنال ناغاتا اآلن منصب‬ ‫مدير التخطيط االسرتاتيجي يف مركز‬ ‫مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وكان حديثه أثناء‬ ‫محارضة له مبعهد واشنطن للرشق‬ ‫ووجه هذه التحذيرات من‬ ‫األدىن‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عودة تنظيم داعش خالل إجابته عىل‬ ‫سؤال حول ما يحدث لو انسحبت‬ ‫القوات األمريكية من سوريا اآلن‪.‬‬ ‫وأجاب الجرنال ناغاتا عىل السؤال‬ ‫بطريقة غري مبارشة‪ ،‬وشدد عىل‬

‫رضورة أن يقوم طرف من األطراف‬ ‫بتثبيت األوضاع عىل األرض مبا مينع‬ ‫عودة داعش أو أي تنظيم آخر‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن الطرف الوحيد املؤهّ ل‬ ‫للقيام بهذا الدور هو الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬لكن الجرنال األمرييك مل يخض‬ ‫يف قضية سحب القوات بشكل مبارش‪،‬‬ ‫خصوصاً أن ذلك يحتاج إىل قرار من‬ ‫الرئيس األمرييك‪.‬‬ ‫إىل ذلك‪ ،‬تحدث الجرنال األمرييك عن‬ ‫اسرتاتيجية بالده ملكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وأشار الجرنال إىل اسرتاتيجية متعددة‬ ‫األوجه‪ ،‬تشمل محاربة دعاية اإلرهاب‪،‬‬ ‫والتعاون مع القيادات االجتامعية عىل‬ ‫األرض للمساعدة يف تهديد مصادر‬

‫الخطر‪ ،‬إضافة إىل قطع التمويل عن‬ ‫التنظيامت اإلرهابية‪.‬‬ ‫قتل اإلرهابيني ال يكفي‬ ‫ما يلفت االنتباه هو أن الجرنال‬ ‫ناغاتا الذي بذل عقوداً يف مكافحة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬أشار إىل أن أحد أساليب‬ ‫مكافحة التنظيامت اإلرهابية إن كانت‬ ‫القاعدة أو داعش أو غريها‪ ،‬هو قتل‬ ‫قيادات هذه التنظيامت‪ ،‬والقضاء عىل‬ ‫املتطوعني يف صفوفها‪ ،‬لكنه شدّ د عىل‬ ‫أن قتل اإلرهابيني وحده ال يكفي‪ ،‬وأن‬ ‫من الصحيح القول إن الجهود منعت‬ ‫وقوع هجوم مامثل لهجوم الحادي‬ ‫عرش من أيلول‪/‬سبتمرب ‪ ،2001‬لكن‬ ‫اإلرهاب يثبت أنه يقاوم للبقاء‪.‬‬ ‫ودعا الجرنال ناغاتا إىل مزيد من‬ ‫التمويل لربامج مكافحة اإلرهاب‪،‬‬ ‫وإىل حوار أكرث ملساعدة املجموعات‬ ‫السكانية يف الواليات املتحدة وخارجها‪،‬‬ ‫وذلك ألنها تستطيع أن تكتشف‬ ‫املخاطر يف صفوفها‪.‬‬ ‫كام دعا إىل تطوير أساليب مواجهة‬ ‫فكر التطرف يف الفضاء اإللكرتوين‬ ‫الذي تستغله التنظيامت اإلرهابية‬ ‫لنرش فكرها‪ .‬وأشار إىل رضورة منع‬ ‫التمويل عن هذه التنظيامت‪ ،‬ومنع‬ ‫سفر املنتسبني إليها بني الدول‪.‬‬ ‫وكان من الالفت أيضاً أن الجرنال‬ ‫ّ‬ ‫شكك يف صوابية أي‬ ‫األمرييك‬ ‫اسرتاتيجية ملكافحة اإلرهاب‪ ،‬ودعا إىل‬ ‫أن تكون املقاربة األمريكية ملكافحة‬ ‫هذه الظاهرة «تجريبية» ألن ال أحد‬ ‫ميلك خطة أكيدة للوصول إىل نرص‬ ‫اسرتاتيجي عىل اإلرهاب‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪40‬‬

‫لما ال يكف جنوب العراق‬ ‫عن االحتجاج ومالذي اخفاه‬ ‫ظهور داعش؟‬

‫فيلي ‪ /‬ماجد محمد صالحان‬

‫«الكروا»‬ ‫صحيفة‬ ‫نرشت‬ ‫الفرنسية تقريرا تحدثت فيه‬ ‫عن االحتجاجات التي اجتاحت جنوب‬ ‫العراق‪« ،‬التي ال تكاد تخمد نارها حتى‬ ‫تشتعل من جديد»‪ ،‬والتي انطلقت‬ ‫يف الثامن من متوز‪/‬يوليو املايض‪،‬‬ ‫تنديدا بالفساد وتفيش البطالة وتقلص‬ ‫الخدمات العامة‪.‬‬ ‫وقالت الصحيفة‪ ،‬يف تقريرها إن الرشطة‬ ‫العراقية حاولت يوم الثالثاء‪ ،‬املوافق‬ ‫لتاريخ ‪ 17‬يوليو‪ /‬متوز‪ ،‬منع املتظاهرين‬ ‫من دخول حقل الزبري النفطي‪ ،‬الذي‬

‫يقع عىل بعد ‪ 50‬كيلومرتا من مدينة‬ ‫البرصة‪ .‬وقبل يومني من ذلك التاريخ‪،‬‬ ‫تجمع املحتجون بالقرب من هذا املوقع‪،‬‬ ‫الذي يوفر أكرث من ‪ 10‬يف املائة من إنتاج‬ ‫الذهب األسود يف العراق‪.‬‬ ‫وذكرت الصحيفة أن حقل الزبري‬ ‫النفطي من بني املواقع التي تستهدفها‬ ‫االحتجاجات التي تتفاقم شيئا فشيئا منذ‬ ‫الثامن من يوليوش‪/‬متوز جنوب العراق‪.‬‬ ‫وعموما‪ ،‬تنترش هذه االحتجاجات أمام‬ ‫مقر حزب سيايس أو مقر تابع للحكومة‬ ‫أو يف بعض األحيان أمام املطارات‪.‬‬

‫وتشري الصحيفة إىل أن املتظاهرين‬ ‫«رددوا شعارات تنتقد السلطة السياسية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬لعجزها عن ضامن حد‬ ‫أدىن من مقومات العيش‪ ،‬عىل الرغم‬ ‫من الرثوة النفطية الهائلة التي تتمتع‬ ‫بها البالد‪ ،‬بإنتاج يصل إىل ‪ 4.5‬ماليني‬ ‫برميل من النفط الخام يوميا‪ ،‬الذي جعل‬ ‫العراق ثاين أكرب منتج للنفط يف األوبك»‪.‬‬ ‫وتلفت إىل أن «توفري مواطن الشغل‬ ‫واملياه الصالحة للرشب والكهرباء يندرج‬ ‫ضمن أبرز تطلعات املتظاهرين‪ ،‬الذين‬ ‫يستنكرون تدهور الخدمات العامة‬

‫وانتشار الفساد‪ .‬ووفقا ملنظمة الشفافية‬ ‫الدولية‪ ،‬تبدو الصورة قامتة يف العراق‪،‬‬ ‫ذلك أن هذا البلد يحتل املرتبة الثانية‬ ‫عرش يف قامئة أكرث الدول فسادا يف العامل»‪.‬‬ ‫وبحسب ما تبينه األرقام الرسمية‪ ،‬فإن‬ ‫ما يقرب من ‪ 11‬باملائة من السكان‬ ‫عاطلون عن العمل‪ ،‬كام يؤدي انقطاع‬ ‫التيار الكهربايئ املنتظم والوصول‬ ‫املحدود إىل مياه الصنبور إىل تعطيل سري‬ ‫األعامل اليومية‪ ،‬خاصة يف فصل الصيف‬ ‫عندما تصل درجة الحرارة إىل ‪ 50‬درجة‬ ‫مئوية‪.‬‬ ‫ونوهت الصحيفة إىل أن «االحتجاجات‬ ‫التي انبثقت من البرصة انترشت يف‬ ‫الجنوب‪ ،‬عىل غرار محافظة النجف‬ ‫واملثنى وكربالء‪ ،‬بعد مقتل أحد‬ ‫املتظاهرين عىل يد رجال الرشطة‪.‬‬ ‫وقد بلغ املحتجون أول أمس املنطقة‬ ‫الرشقية من دياىل‪ ،‬حيث سجلت هذه‬

‫االحتجاجات مقتل ما ال يقل عن خمسة‬ ‫أشخاص وإصابة العرشات»‪.‬‬ ‫وذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء حيدر‬ ‫العبادي‪ ،‬أعلن يوم ‪ 13‬متوز‪ /‬يوليو‪ ،‬يف‬ ‫محاولة لردع االحتجاجات‪ ،‬تخصيص‬ ‫‪ 2.5‬مليار يورو بشكل فوري ملحافظة‬ ‫البرصة‪« ،‬إال أن تواصل االحتجاجات‬ ‫أثبت أن تعهده مل يكن كافيا إلخامدها»‪.‬‬ ‫ويعزى ذلك حسب الصحيفة إىل «فقدان‬ ‫الشعب الثقة يف الطبقة السياسية‪ ،‬الذي‬ ‫انعكس عىل االنتخابات الترشيعية التي‬ ‫أجريت يف مايو‪ /‬أيار‪ .‬ونتيجة لذلك‪،‬‬ ‫صوت ‪ 44.5‬يف املائة فقط من الناخبني يف‬ ‫االستطالع األول من نوعه بعد االنتصار‬ ‫عىل تنظيم الدولة‪».‬‬ ‫وتورد الصحيفة ما جاء يف مجلة‬ ‫«ناشيونال جيوغرافيك» يف نسختها‬ ‫الصادرة يف ترشين الثاين‪ /‬نوفمرب‪2017‬‬ ‫عن مدينة سامراء الواقعة شامل بغداد‪،‬‬

‫بينت فيه أن «املعركة التي تخاض ضد‬ ‫الجامعات اإلرهابية تحجب الفوىض‬ ‫االجتامعية‪ ،‬التي طفت مرة أخرى إىل‬ ‫السطح ولكنها هذه املرة أشد بعرشة‬ ‫أضعاف إما بسبب سنوات الحرب أو‬ ‫االحتباس الحرار»‪.‬‬ ‫وتختم الصحيفة تقريرها بالقول إن‬ ‫العراق «يعاين هذه املرة أزمة حادة‬ ‫ستكون لها تداعيات كبرية نتيجة‬ ‫الجفاف الشديد ونقص املياه‪ ،‬مع تزايد‬ ‫بناء السدود يف البلدان املجاورة‪ ،‬وهو‬ ‫تنوع قد يكون مدمرا»‪.‬‬ ‫ويف هذا السياق‪ ،‬قال مراسل الصحيفة‬ ‫«عندما وصل تنظيم الدولة‪ ،‬رسعان ما‬ ‫أثبتت العديد من القرى العربية السنية‬ ‫التي تعاين من األرضار البيئية أنها أرض‬ ‫خصبة لتجنيد الجهاديني»‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪42‬‬

‫تعرف على تفاصيل‬

‫أغرب وأشنع جرائمـ القتل بالعراق ضحيتها طفلة‬ ‫فيلي ‪ /‬علي حسني علي‬

‫ذهبت طفلة يف مقتبل العمر‬ ‫ضحية خالفات وأطامع الكبار من‬ ‫أقاربها يف حادثة قتل غريبة وشنيعة‬ ‫شهدتها محافظة بابل‪ ،‬وتكمن غرابة‬ ‫الحادثة يف تعدّ د املتهمني بالقتل واختالف‬ ‫أسبابهم وذرائعهم التي دفعتهم الرتكاب‬ ‫هذه الجرمية‪.‬‬ ‫يف حي نادر أحدى ضواحي مدينة الحلة‬ ‫ذهبت الطفلة «رقية» إىل دار عم والدها‬ ‫يف مشوار قصري إال أنها مل تعد حتى بعد‬ ‫يومني‪.‬‬ ‫رشيط الصق‬ ‫التحقيقات جرت للبحث عن الطفلة يف‬ ‫عم والدها ومل يتم‬ ‫أماكنها املعتادة ودار ّ‬ ‫العثور عليها‪ ،‬أثناء ذلك استفرس الرشطة‬ ‫عن وجود رشيط الصق يف سطح الدار‬ ‫املقصود‪ ،‬فأخربهم ابن صاحب الدار‬ ‫عم املجنى عليها‬ ‫(الطفل حارث) أن ّ‬ ‫(مرتىض) كان قد طلب منه رشاء رشيط‬ ‫الصق وأعطاه املبلغ إال أنه طلب منه عدم‬ ‫إخبار أي أحد‪.‬‬ ‫لوحظ وجود رائحة غريبة تنبعث من‬ ‫داخل املنزل واستمروا يف البحث عن‬ ‫مصدرها حتى وجدوا الجثة يف مخزن املياه‬ ‫عم والدها (فؤاد)‪.‬‬ ‫الثقيلة يف دار ّ‬ ‫أثناء التحقيق مع (مرتىض) اعرتف بأن‬ ‫املتهمني (هدى) وشقيقها (عالء) طلبوا‬ ‫منه إحضار الطفلة إىل دارهم ليقتلوها‬ ‫ويدسوها يف مخزن املياه الثقيلة يف دار‬ ‫عم والدها (فؤاد) كون األخري طليق‬ ‫املتهمة (هدى) وبسبب الخالفات بينه‬

‫وبني طليقته أرادت األخرية االنتقام عرب‬ ‫اتهامه بقتل الطفلة بوضع الجثة يف داره‪.‬‬ ‫وواصل (مرتىض) شقيق والداها‪ ،‬اعرتافه‬ ‫عن األسباب التي دفعته للقبول بجلب‬ ‫الطفلة وقتلها متذرعا بأن «والديها‬ ‫يسيئون معاملته وهو يعيش معهم يف‬ ‫الدار نفسها فانتقاما منهم أراد أن تقتل‬ ‫ابنتهم‪ ،‬لذلك وافق عىل عرض (هدى)‬ ‫وشقيقها»‪.‬‬ ‫فالش باك‬ ‫عم‬ ‫بالعودة إىل تفاصيل الحادثة فأن ّ‬ ‫الطفلة جلبها إىل دار املتهمني (هدى‬ ‫مهمته عىل‬ ‫وعالء) وإىل هنا اقترصت‬ ‫ّ‬ ‫املراقبة فقط خارج الدار‪.‬‬ ‫املتهم عالء مع متهم آخر مفرقة قضيته‬ ‫تو ّلوا إنهاء عملية القتل بصورة بشعة‪،‬‬ ‫فكام يروي أحد املتهمني أمام املحكمة إن‬ ‫«عالء أعطاه مرشوبا تعاطاه قبل تنفيذ‬ ‫عملية وصعدوا بالطفلة إىل سطح الدار‬ ‫جردوها من مالبسها ثم أدخل أحدهام‬ ‫أصبعه يف فرجها ومارس اآلخر فعل‬ ‫اللواطة معها»‪.‬‬ ‫يذكر املتهم أن الطفلة بدأت بالرصاخ ويف‬ ‫محاولة إلسكاتها قام املتهم عالء بخنقها‬ ‫حتى لفظت أنفاسها األخرية‪.‬‬ ‫وضعوا الجثة يف كيس طحني فارغ ثم نزلوا‬ ‫بها إىل هدى شقيقة املتهم وبدأوا بالتفكري‬ ‫يف كيفية إيصالها إىل دار (طليقها) وهو‬ ‫عم والد الطفلة‪.‬‬ ‫يف األثناء تأيت (زهور) والدة املتهمني‬ ‫لتسأل ّ‬ ‫عم يف الكيس فيخربوها أنها جثة‬

‫الطفلة (رقية)‪.‬‬ ‫وتروي أوراق القضية التي حصلت عليها‬ ‫«القضاء» أن األم بدأت بالرصاخ والسب‬ ‫واللوم لكنها تقبلت األمر الواقع يف النهاية‬ ‫ليبدأوا بالبحث عن مخرج أو وسيلة‬ ‫إليصال الجثة إىل دار (فؤاد) طليق ابنتها‬ ‫وعم والد الطفلة‪.‬‬ ‫خطت املتهمة هدى بضع خطوات اىل دار‬ ‫طليقها وهي تحمل الكيس إال أنها رسعان‬ ‫ما تراجعت خشية من أن يروها‪ ،‬بعد ذلك‬ ‫ذهبت «األم» معها حاملة الكيس برفقة‬ ‫املتهمني اآلخرين و(مرتىض‪ /‬عم الطفلة)‬ ‫فدسوا الجثة من تحت الباب أثناء ما كان‬ ‫البيت فارغا النشغال الجميع بالبحث عن‬ ‫الطفلة الغائبة‪.‬‬ ‫تكفل مرتىض بفك الكيس وربط الجثة‬ ‫برشيط الصق ثم رماها يف مخزن املياه‬ ‫الثقيلة‪ ،‬لتنتهي حياة رقية وسط بحث‬ ‫والديها عنها بال جدوى‪.‬‬ ‫املحاكمة‬ ‫إىل ذلك‪ ،‬نظرت الهيئة األوىل يف محكمة‬ ‫جنايات بابل القضية ويف الدعوى التي‬ ‫تتعلق باملتهم عالء ووالدته فقد وجدت‬ ‫أن األدلة املتحصلة بحق املتهم هي أقوال‬ ‫املدعني بالحق الشخيص وشهادة املتهم‬ ‫الحدث املفرقة قضيته (مرتىض) وأقوال‬ ‫املخرب والتقرير الطبي الترشيحي ومحرض‬ ‫الكشف عن محل الحادث اضافة اىل‬ ‫اعرتاف املتهم ‪ ،‬وجدتها أدلة كافية إلدانته‪.‬‬ ‫ووجدت أن االعرتاف جاء مطابقا من‬ ‫حيث الزمان واملكان وطريقة التنفيذ ملا‬

‫ورد بالتقرير الطبي املتضمن وجود آثار‬ ‫لتكميم فتحتي األنف والفم وأن غشاء‬ ‫البكارة ممزق من مدة حديثة وأن سبب‬ ‫الوفاة هو االختناق إثر التعرض للخنق‬ ‫الرباطي واليدوي مع كرس عظم الالمي يف‬ ‫الرقبة‪.‬‬ ‫ومل تلتمس املحكمة عذرا لتخفيف العقوبة‬

‫لبشاعة الجرمية السيام أنها طالت روح‬ ‫طفلة بريئة مع استعامل طرق وحشية‬ ‫لتنفيذ الجرمية‪.‬‬ ‫محكمة جنايات بابل بهيئتها األوىل‬ ‫حكمت عىل املدان عالء باإلعدام شنقا‬ ‫حتى املوت استنادا ألحكام املادة ‪406‬‬ ‫من قانون العقوبات العراقي عن جرمية‬

‫قتل الطفلة رقية‪ ،‬فيام قضت حكام آخر‬ ‫عىل املدانة والدته بالحبس الشديد ملدة‬ ‫أربع سنوات استنادا ألحكام املادة ‪420‬‬ ‫من قانون العقوبات العراقي عن جرمية‬ ‫إخفاء جثة املجنى عليها بعد قتلها بدوافع‬ ‫دنيئة واستعامل طرق وحشية‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫كورديات‬

‫‪44‬‬ ‫خمسة وعرشون عاما ومل‬ ‫يتعلموا !!؟؟؟ ويبدو لالسف‬ ‫الشديد انهم لن يتعلموا !!! خمسة‬ ‫وعرشون عاما ومل يتعظ او يتعلم‬ ‫املسؤولني يف اقليم كوردستان فنون‬ ‫ادارة التعددية‪ ،‬خمسة وعرشون‬ ‫عاما قالوها مئات املرات امام الوفود‬ ‫الرئاسية واالممية ‪ -‬العربية واالوربية‬ ‫ االمريكية والكندية انهم يعملون من‬‫اجل تعزيز التعايش يف كوردستان وان‬ ‫اقليم كوردستان واحة التعايش وضامن‬ ‫حقوق املكونات املختلفة ‪ -‬الدينية‬ ‫والقومية واالثنية واملذهبية والثقافية‬ ‫واللغوية ‪ -‬لكن مل يطبقوا تلك الدروس‬ ‫والشعارات أال وفقا ملصالحهم ‪.‬‬ ‫خمسة وعرشون عاما مضت وهم‬ ‫يرتاوحون يف دوامتهم الضيقة ‪-‬‬ ‫اليتقدمون خطوة لالمام يف هذا املجال‬ ‫ليعرفوا اثارها االيجابية بل تراجعوا‬ ‫خطوات وخطوات حتى فقدوا ثقة‬ ‫االقليات ‪ -‬املكونات وليس من السهولة‬ ‫استعادتها ‪.‬‬ ‫خمسة وعرشون عاما مضت يقول‬ ‫املسؤولني الكبار انهم مع ضامنة حقوق‬ ‫االقليات‪ ،‬ومل ترتجم تلك الترصيحات‬ ‫اىل مشاريع وبرامج عمل بل يرددها‬ ‫املسؤولني الصغار ويتحججون بها‬ ‫ويقدمونها بلغتهم ولسانهم اللبق‬ ‫دون االميان بها ‪ -‬الكثريين منهم‬ ‫وليس جميعهم طبعا !!! ‪..‬‬ ‫خمسة وعرشون عاما مضت وأتت‬ ‫اكرث من فرصة ليك تعزز أدارة اقليم‬ ‫كوردستان نواياها وخاصة االحزاب‬ ‫الحاكمة فيها من انها تستطيع‬

‫ضمان حقوق االقليات ليست بالشعارات‬ ‫االثبات بأن اقليم كوردستان فعال‬ ‫واحة التعايش وضامن وحامية حقوق‬ ‫االقليات املختلفة‪ ،‬لكنهم تغاضوا عنها‬ ‫وقفزوا عىل الحقائق وشوهوا مرشوع‬ ‫تحويل اقليم كوردستان ذات هوية‬ ‫تعددية تحرتم مكانة وكرامة االنسان‬ ‫املختلف دينيا وفكريا وعقائديا بسبب‬ ‫رصاعاتهم السياسية الضيقة التي‬ ‫التعرف قمية ومكانة وجود االقليات‬ ‫هم العمق االسرتاتيجي بعيد املدى‬ ‫للمدنية واالستقرار وأن وجودهم جزء‬ ‫رئيس من اسرتاتيجية الحفاظ عىل‬ ‫التنوع واملدنية بأعتبار ان االقليات‬ ‫جميعها مع االسس املدنية لالدارة النها‬ ‫التتعارض ومعتقداتهم ‪.‬‬ ‫خمسة وعرشون عاما مضت – قدم‬ ‫اقليم كوردستان تجارب مهمة ورائعة‬

‫وضعت اسس متينة لضامن حقوق‬ ‫االقليات الثقافية والرتبوية وفتحت‬ ‫املدارس للمكونات وضمنت املناهج‬ ‫الدينية مناهج خاصة لالديان و‬ ‫فتحت مديريات خاصة باالديان يف‬ ‫وزارة االوقاف ولكن مرشوع توسيع‬ ‫تلك الحقوق سياسا و عىل مستوى‬ ‫التمثيل الربملاين اصطدم بالرصاعات‬ ‫السياسية والتخوف البعيد عن الواقع‬ ‫من االحزاب من ان تتحول االقليات‬ ‫اىل ذراع بيد االحزاب الكبرية ‪ ----‬التي‬ ‫فقدت فرصة واهمية االدارة السلمية‬ ‫للتعددية وأنابت نفسها بأنها املمثل‬ ‫الحقيقي للمكونات فبات الحديث عن‬ ‫اية حقوق سياسية كأمنا أمر تعجيزي‬ ‫وخطري و و و غريها من التوصيفات ‪..‬‬ ‫وخري مثال الوعود و الترصيحات من‬

‫ان االحزاب جميعها قالوا انهم مع منح‬ ‫حق الكوتا لاليزيدية وبقية االقليات يف‬ ‫االنتخابات القادمة مل يتجرأ اي حزب‬ ‫لتقديم مرشوع حتى ولو كان شكليا‬ ‫‪ ...‬اي حزب كان قد تبنى ذلك املرشوع‬ ‫كان سيفوز بثقة االقليات ويكون‬ ‫مساندا ملشاريع الحزب يف الربملان‬ ‫عىل االقل – حتى هذه املصلحة مل‬ ‫يفهموها‪ .‬حتى مسؤويل واعضاء‬ ‫الكوتا يف االقليات االخرى مل يتجرؤا‬ ‫لدعم تلك الفكرة عمليا‪ ،‬الحقيقة م ًرة‬ ‫ولكن يجب ان تقال ‪..‬‬ ‫خمسة وعرشون عاما مضت طرحت‬ ‫الكثري من املشاريع ليك يتعلم اقليم‬ ‫كوردستان فنون ادارة التعددية‬ ‫والتنوع ويصبح أمنوذجا يحتذى به‬ ‫لكن تراجع واهمل االمر – حتى‬

‫خدر دوملي‬

‫فرصة تعزيز الحقوق وحاميتها وفقا‬ ‫للقانون رقم (‪ )5‬لسنة ‪(( 2015‬قانون‬ ‫حامية حقوق املكونات يف كوردستان‪-‬‬ ‫العراق)) كان فرصة مهمة وجاء يف‬ ‫توقيت مهم ايضا وهو اساس جيد‬ ‫للعمل عىل حقوق االقليات‪ ،‬مل تتحرك‬ ‫املؤسسات ذات العالقة لتطويره و‬ ‫تنفيذه بالصورة التي تشجع عىل‬ ‫ان مسرية امليض بأن ضامن حقوق‬ ‫االقليات يف اقليم كوردستان ليست‬ ‫فقط شعارات بل مبادرات ومشاريع‬ ‫تتطور بتطور الواقع ‪ ..‬وان يعرفوا انه‬ ‫لن يتعزز ذلك الواقع دون التمثيل‬ ‫الحقيقي والعادل لجميع املكونات‬ ‫يف االدارة واملفاصل املهمة الترشيعية‬ ‫والتنفيذية ‪..‬‬ ‫خمسة وعرشون عاما مضت وعقدت‬

‫العرشات من ورش العمل واملؤمترات‬ ‫نحو تعزيز التعايش السلمي‪ ،‬لكننا‬ ‫الزلنا نرى ان الذين يقفون يف طريق‬ ‫تعزيز ذلك التعايش هم االقوى –‬ ‫سيبقون وسينتهي دورهم وسيبقى‬ ‫املختلفون – االقليات ‪ -‬املكونات‬ ‫وسنستمر يف مسريتنا‪ ،‬اليهم اية تسمية‬ ‫او توصيف يطلق عىل االقليات ‪-‬‬ ‫سيبقون محافظون عىل اصالتهم ومن‬ ‫أنهم اليفكرون بالطريقة التي يفكر بها‬ ‫االغلبية – وخاصة املرشعني وواضعي‬ ‫القوانني او اصحاب النفوذ هنا وهناك‬ ‫من مختلف االحزاب ‪ ....‬النهم مل‬ ‫يتمرنوا عىل فهم التنوع والتعددية‬ ‫واليريدون فهمها وتطبيقها ‪ -‬عىل االقل‬ ‫يف الوقت الراهن ‪ ..‬ويف مقال واحد‬ ‫الميكن تغطية كل جوانب املرشوع ‪....‬‬ ‫‪45‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪46‬‬

‫سطر مسلح‪..‬‬ ‫قصة عراقية يف رواية مصرية‬ ‫هادي جلو مرعي‬

‫رن هاتفي وكان عىل الطرف اآلخر‬ ‫رفل مهدي الصحفية يف قناة الحرة‬ ‫بعدها كان اللقاء يف مكتب القناة ببغداد‬ ‫يف يوم من أيام العراق سنة ‪ 2010‬أو هكذا‬ ‫أتذكر‪ .‬قالت رفل‪ :‬هذا محمود الشناوي‬ ‫مدير مكتب وكالة أنباء الرشق األوسط‬ ‫املرصية يف بغداد‪ ،‬وهذا هادي جلو مرعي‬ ‫رئيس مرصد الحريات الصحفية‪ ،‬وإبتدأ‬ ‫املشوار‪.‬‬ ‫كان محمود الشناوي قد وفد بغداد عام‬ ‫‪ 2002‬حينها كانت واشنطن تعد العدة‬ ‫لغزو العراق‪ ،‬وتغيري النظام السيايس‬ ‫فيه وكان عليه أن يراسل الوكالة عن‬ ‫األوضاع يف هذا البلد‪ ،‬وعمليات التفتيش‬ ‫عن األسلحة املحرمة‪ ،‬ثم غادر عائدا اىل‬ ‫القاهرة‪ ،‬لكنه عاد ثانية اىل بغداد يف لحظة‬ ‫كافرة إشتعلت فيها مأساة النار والطائفية‪،‬‬ ‫وتفجري املراقد املقدسة يف سامراء يف عام‬ ‫‪.2006‬‬ ‫عرفت محمود الشناوي ألشهر قليلة‪،‬‬ ‫وكنت أصحبه اىل منتديات ولقاءات‬ ‫وحفالت ومآدب إفطار رمضانية‪،‬وكان آخر‬ ‫طعام تناولناه عىل مأدبة إفطار يف نادي‬ ‫العلوية الشهري قبل مغادرته بساعات‬ ‫عام ‪ 2010‬وقبل أشهر من ثورة ‪ 25‬يناير‬ ‫‪ 2011‬التي عمت مرص‪ ،‬وأنهت حكم‬ ‫الرئيس مبارك‪ ،‬وأدخلت هذا البلد العظيم‬ ‫يف دوامة الخالفات واملنازعات‪ ،‬ومكنت‬ ‫اإلخوان املسلمني من الحكم فيه قبل أن‬ ‫يتدخل الجيش ويعيد األمور اىل نصابها‪،‬‬ ‫وتعود مرص التي عرفناها‪.‬‬ ‫صار محمود الشناوي أعز صديق غري‬

‫عراقي‪ ،‬وكنت أنهي عميل عرصا أللتقيه‬ ‫فيعرفني بالطعام املرصي‪ ،‬أو نتناول الطعام‬ ‫العراقي يف الكرادة‪ ،‬أو شارع السعدون‪،‬‬ ‫وكانت تلك األشهر ثرية يف تأكيد صداقتنا‬ ‫بعد أن تجرع الشناوي مرارات الرعب‬ ‫والخوف‪ ،‬وأرخ لحكايات وحكايات عن‬ ‫العراق‪ ،‬وماجرى عليه من محن طوال‬ ‫سنني أربع‪ ،‬وسافر اىل حواضن العنف‪،‬‬ ‫وقرى التحدي للتطرف الديني‪ ،‬وكتب‬ ‫عن طيبة العراقيني‪ ،‬والفكر الطاريء الذي‬ ‫شغل حياتهم بالخوف والدمار لسنني‪.‬‬ ‫يضع محمود الشناوي روايته املتفردة(سطر‬ ‫مسلح) ليرسد قصة عراقية دون أن يخرج‬ ‫كثريا عن تقاليد الرواية املرصية املليئة‬ ‫باإلثارة والتشويق‪ ،‬ويتنقل بني بغداد‬ ‫والقاهرة واإلسكندرية‪ ،‬ويدفع القاريء اىل‬ ‫التشبث باألحداث حتى النهاية‪.‬‬ ‫سطر مسلح رواية جديدة تغني املكتبة‬ ‫العربية وتؤرخ ملرحلة صاخبة مرت بها‬ ‫البالد العربية منذ عام ‪ 2003‬وبدأت‬ ‫بإجتياح العراق‪ ،‬وماتخلل ذلك من نزاعات‪،‬‬ ‫وتصاعد للطائفية‪ ،‬وظهور التنظيامت‬ ‫املسلحة والدينية‪ ،‬ثم ماتال من أحداث‬ ‫الربيع العريب‪ ،‬وسقوط أنظمة‪ ،‬وظهور‬ ‫تنظيم اإلخوان املسلمني كنظام حكم يف‬ ‫مرص وإن مل يطل به املقام يف السلطة‪،‬‬ ‫ويف سياق شائق يصل الشناوي حوادث‬ ‫السياسة بحركة املجتمع التجارية والسلوك‬ ‫األخالقي‪ ،‬وتأثري السياسة يف كل ذلك‪ .‬فلم‬ ‫يكن هناك متسع لفصل األحداث عن‬ ‫بعضها نتيجة التأثري املتبادل‪ ،‬وإنعكاس‬ ‫األحداث عىل واقع املجتمع‪.‬‬

‫‪47‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫كورديات‬

‫‪48‬‬

‫التسقيط والتصعيد!‬ ‫ظاهرتان متناقضتان أو سلوكيات ختتزل ثقافة أو حضارة‬ ‫أو تربية يف نتائجها وآلياتها‪ ،‬تلك هي ما ُيعرف اليوم‬ ‫بالتسقيط ونقيضه يف التصعيد‪،‬‬

‫كفاح محمود‬

‫ّ‬ ‫ولعل بواكري التسقيط االجتامعي‬ ‫والسيايس مارسه البعثيون يف‬ ‫بدايات الستينيات من القرن املايض مع‬ ‫الزعيم قاسم ومع الشيوعيني كأفراد أو‬ ‫مجموعات‪ ،‬بل مارسوها أيضا مع مدن‬ ‫ومجتمعات‪ ،‬كام كانوا ينرشون طرائف عن‬ ‫الكورد والرشوك واملعدان‪ ،‬حتى وصل بهم‬ ‫األمر إىل إطالق صفات ذميمة عىل مدن‬ ‫بأكملها كام يف نارصية الثقافة والفن واألدب‬ ‫والحضارة فجعلوها شجرة للخباثة وهي‬ ‫ينبوع للطيبة‪.‬‬ ‫هذا السلوك يعترب من أسوأ أنواع السلوك‬ ‫العدواين غري املعلن يف مجتمعاتنا عىل‬ ‫املستوى الخاص والعام‪ ،‬وهو بتقديري ينمُ‬ ‫عن إصابة صاحبه أو أصحابه مبرض سيايس‬ ‫أو نفيس وتربوي‪ ،‬ترتجمه أفعال مكتومة‬ ‫تشبه يف نتائجها ما تفعله حرشة األرضة‬ ‫يف نخرها لألشجار أو البيوت‪ ،‬والخطورة‬ ‫تكمن يف الصمت والكتامن أثناء أداء عملها‬ ‫أو مامرساتها‪ ،‬وإذا كانت تلك الدودة أو‬ ‫الحرشة تفعل ذلك بحثاً عن املاء والكأل‬ ‫دومنا قصد إال إشباع غريزتها‪ ،‬فٲن اإلنسان‬ ‫هنا يفكر ويخطط ويربمج كيف يهدم رصحاً‬ ‫ال يستطيع ارتقائه‪ ،‬حتى إن نجح بذلك‬ ‫بشعر ال بسعادة االنتصار وتحقيق رغبته‬ ‫يف االرتقاء‪ ،‬بل بتدمري ذلك الرصح الشاهق‬ ‫الذي عجز عن اعتالئه؛ وبذلك «ساوى‬ ‫حيطانه» كام يقول الدارج املحيل‪.‬‬ ‫لألسف الشديد انترش وترعرع هذا‬ ‫السلوك أو الشعور يف البيئة التي تساعد‬ ‫عىل منوه‪ ،‬وهي بيئة التخلف والفساد‬ ‫والتقاتل عىل املناصب واالمتيازات بعيداً‬ ‫عن الهدف السامي يف مؤسسات الدولة‬ ‫واألحزاب والجمعيات وحتى املنظامت منذ‬

‫العام ‪ 2003‬ولحد اليوم‪ ،‬لكنه بدون أعراض‬ ‫ظاهرة‪ ،‬وهنا تكمن خطورته حيث ال تظهر‬ ‫األعراض إال وقد حقق صاحب هذا الشعور‬ ‫برنامجه‪ ،‬فهو يعمل ليل نهار ال كمنافس‬ ‫يشق طريقه إىل ذات املنزلة التي وصل‬ ‫إليها رفيقه‪ ،‬سواء أكان يف أعىل مستويات‬ ‫املسؤولية أو يف اختصاصه أو درجته‬ ‫الوظيفية‪ ،‬ولذلك تراه يستخدم كل األساليب‬ ‫لتسقيط غرميه الناجح أو املتميز‪ ،‬وهنا‬ ‫أتحدث عن ظاهرة لألسف الشديد انترشت‬ ‫حتى تسببت يف تآكل وتهجري واستقالة أو‬ ‫إبعاد اآلالف من أولئك الناجحني يف أعاملهم‬ ‫أمام أ؍ناس ال همَ لهم إال إزاحة الناجحني‬ ‫وتدمريهم ليتسلقوا مواقعهم‪ ،‬مام أدى إىل‬ ‫اكتضاض جامعات الغرب والواليات املتحدة‬ ‫وكندا واسرتاليا بآالف املبدعني الهاربني من‬ ‫بلدان األمراض األخالقية املزمنة‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي يعمل هؤالء يف إسقاط‬ ‫الناجحني يعمل اآلخرون يف منافستهم عىل‬ ‫دفع منافسيهم لالرتقاء إىل مواقع أعىل تتيح‬ ‫لهم تبوء مواقعهم ولكن بسمو ونبل‪ ،‬وهنا‬ ‫نتوقف عند التصعيد النقيض للتسقيط‬ ‫حيث يعمل الفرد واملجتمع عىل دعم‬ ‫ودفع املتميزين والناجحني إىل اعتالء مواقع‬ ‫ومراتب ومراكز أعىل‪ ،‬يك يتاح لآلخرين تبوء‬ ‫أماكنهم‪ ،‬وهكذا دواليك يف إنتاج أفواج‬ ‫من املتميزين يقابلهم أفواج من الفاشلني‬ ‫الذين اعتلوا مواقع رفيعة ومتقدمة يف دول‬ ‫الفشل والفساد‪ ،‬بينام ترتفع حضارة الكثري‬ ‫من البلدان الجاذبة لهذه القامات واألعمدة‬ ‫من ضحايا الفاشلني والطارئني يف عمليات‬ ‫التسقيط والتهميش واإلقصاء‪ ،‬تنحدر بالد‬ ‫الفاشيني والفاشلني واالنتهازيني والفاسدين‬ ‫إىل الحضيض‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬


‫قضايا‬

‫‪50‬‬ ‫فيلي ‪ /‬سندس مريزا‬ ‫تناولت صحيفة إرسائيلية الذكرى‬ ‫الخامسة عرشة للدخول األمرييك‬ ‫للعراق‪.‬‬ ‫وأوضحت صحيفة «يديعوت أحرنوت»‬ ‫العربية‪ ،‬يف تقرير كتبه الخبري اإلرسائييل يف‬ ‫الشؤون الدولية‪ ،‬نداف إيال‪ ،‬أنه «يجري‬ ‫نقاشا ضيقا يف ذكرى اجتياح الواليات‬ ‫املتحدة للعراق‪ ،‬وهي اللحظة التاريخية‬ ‫التي غريت متاما الرشق األوسط‪ ،‬وأثرت‬ ‫بطرق ملتوية وخفية عىل السياسة‬ ‫الغربية كلها»‪.‬‬ ‫وعندما مرت هذه الذكرى‪« ،‬دون نقاش‬ ‫يف إرسائيل‪ ،‬دل هذا عىل أن الذاكرة‬ ‫الجامهريية (اإلرسائيلية) هزيلة يف الواقع‬ ‫اإلرسائييل العاصف»‪ ،‬وفق الصحيفة‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن للغزو األمرييك للعراق «درسا‬ ‫واضحا يرتبط بالواقع اإلرسائييل‪ ،‬وبالرئيس‬ ‫األمرييك دونالد ترامب‪ ،‬وباألزمة الناشبة‬ ‫مع إيران‪ ،‬وبسياسة القوة»‪.‬‬ ‫وذكرت أن «السبب الرسمي لالجتياح‬ ‫هو تزوير أو خطأ إهاميل يتعلق بوجود‬ ‫أسلحة دمار شامل يف العراق‪ ،‬وأما السبب‬ ‫الحقيقي فال يعرف أبدا»‪ ،‬معتربة أن‬ ‫«خلفية االجتياح‪ ،‬والتي تتعلق بهجامت‬ ‫‪ 11‬من أيلول‪ /‬سبتمرب‪ ،2001‬أهم من‬ ‫السبب الرسمي»‪.‬‬ ‫وأكدت أن رغبة الواليات املتحدة يف الثأر‬ ‫«كانت قوية جدا‪ ،‬وانترشت لدى اإلدارة‬ ‫األمريكية فرضية أنه يجب نقل املعركة‬ ‫لساحة العدو‪ ،‬بل وإعادة بناء إمرباطورية‬ ‫حقيقية»‪.‬‬ ‫ولفتت «يديعوت» إىل أن الكتابات‬

‫تقرير اسرائيلي يكشف «السبب الحقيقي» للدخول االمريكي للعراق‬

‫عن الحاجة إىل «إمرباطورية أمريكية‬ ‫وصلت الكتب‪ ،‬وتبلورت يف وعي بأوساط‬ ‫املحافظني الجدد‪ ،‬ممن آمنوا بأن العامل‬ ‫يحتاج إىل رشطي أمرييك قوي يسيطر‬ ‫مبارشة عىل مصري العديد من الشعوب‪،‬‬ ‫ويف مقدمتها شعوب الرشق األوسط»‪.‬‬ ‫كام «تبنى الرئيس جورج بوش بيانا‬ ‫مسيحيا عن الحاجة لتخليص منطقتنا‬ ‫من األنظمة الدكتاتورية‪ ،‬ووزع بوش‬ ‫عىل ضيوفه كتاب نتان شريانسيك (يف‬ ‫مديح الدميقراطية) الذي تأثر به‪ ،‬وهو‬ ‫وزير إرسائييل أسبق متطرف‪ ،‬توىل رئاسة‬ ‫الوكالة اليهودية بأمريكا عام ‪.2009‬‬ ‫يشار إىل أن شريانسيك‪ ،‬يعترب «اإلسالم‬ ‫حركة إرهابية ال تهدد إرسائيل فقط‪،‬‬ ‫وإمنا العامل الغريب بأكمله‪ ،‬ويرى رضورة‬ ‫استئصاله‪ ،‬كام يعترب أن اإلسالم عدو‬ ‫حضاري للغرب»‪.‬‬ ‫ويف املرحلة التالية‪« ،‬اقتنع بوش باختبار‬ ‫ميدان املدينة الذي قرره شريانسيك‪،‬‬ ‫ومبوجبه تقاس األمة الحرة من الخوف‬ ‫وفقا لقدرة املواطن فيها عىل السري نحو‬ ‫مركز املدينة‪ ،‬والحديث ضد الحكم»‪ ،‬وفق‬ ‫الصحيفة التي قالت‪« :‬كان بوش مصمام‬ ‫عىل أن حربه يف املنطقة هي حرب‬ ‫تحرير (حملة صليبية)‪ ،‬وأراد أن يطبق‬ ‫الدميقراطية»‪.‬‬ ‫ويف هذا اإلطار‪ ،‬زعمت الصحيفة أن‬ ‫«بوش طلب من رئيس الوزراء اريئيل‬ ‫شارون‪ ،‬آنذاك‪ ،‬السامح لحامس بالتنافس‬ ‫يف االنتخابات‪ ،‬ورغم تحذير يويس بيلني‪،‬‬ ‫وهو من مهنديس أوسلو‪ ،‬إال أن بوش‬

‫أرص‪ ،‬وفازت حامس‪ ،‬والحقا سيطرت عىل‬ ‫قطاع غزة»‪.‬‬ ‫ويف الكونغرس األمرييك‪ ،‬وقبل لحظة من‬ ‫االجتياح‪ ،‬وقف بنيامني نتنياهو‪« ،‬قال‬ ‫جملة ال بد أنه يرغب يف نسيانها‪ :‬إذا ما‬ ‫طردتم صدام ونظامه‪ ،‬ميكنني أن أتعهد‬ ‫أمامكم بأنه سيكون لذلك آثار إيجابية‬ ‫هائلة يف املنطقة»‪.‬‬ ‫وكانت اآلثار «حربا يف العراق‪ ،‬وصعود‬ ‫قاعدة العراق‪ ،‬ونشوب داعش‪ ،‬وضعضعة‬ ‫املنطقة‪ ،‬والحقا الربيع العريب»‪ ،‬حيث‬ ‫نبهت الصحيفة إىل أن «ترامب رأى يف‬

‫اجتياح العراق مصيبة»‪.‬‬ ‫وبينت أنه رغم تأييد الساسة اإلرسائيليون‬ ‫لبوش‪ ،‬ومعهم الجمهور اإلرسائييل الذي‬ ‫«أحب بوش قبل االجتياح وبعده‪ ،‬إال‬ ‫أن كارثة االحتالل األمرييك الفاشل الذي‬ ‫انتهى باالنسحاب‪ ،‬وآثار تفكيك العراق‪،‬‬ ‫أثرت عميقا وبشكل سلبي عىل األمن‬ ‫اإلقليمي وعىل إرسائيل»‪.‬‬ ‫وذكرت «يديعوت» أنه «يف الواليات‬ ‫املتحدة يعترب بوش واحدا من ثالثة‬ ‫رؤساء فاشلني يف التاريخ‪ ،‬وأساسا بسبب‬ ‫الحرب عىل العراق»‪ ،‬مؤكدا أن «أمريكا‬

‫استوعبت الدرس‪ ،‬وأصبحت حذرة جدا يف‬ ‫استخدام القوة الربية»‪.‬‬ ‫وأما «يف إرسائيل‪ ،‬فهذه اللحظة‬ ‫الجامهريية مل تقع بعد‪ ،‬وهي الفهم بأن‬ ‫االجتياح كان خطأ‪ ،‬وأن بوش كان سيئا‪،‬‬ ‫وأن استخدام القوة األمريكية دون لجام‬ ‫كفيل بأن يحسن وضع إرسائيل‪ ،‬وأن‬ ‫يرضها أيضا»‪ ،‬وفق الصحفية العربية التي‬ ‫قالت‪« :‬تذكروا هذا يف املرة القادمة التي‬ ‫يشجع فيها الناس رئيسا أمريكيا للخروج‬ ‫إىل الحرب‪ ،‬وهو األمر الذي من شأنه أن‬ ‫يحصل يف وقت أبكر من املتوقع»‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫العدد ‪ 176‬السنة الرابعة عشر (تمـوز) ‪2018‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.