Manbar altawhid issue 23

Page 1

‫وزراء المعارضة‬ ‫في ميزان اإلنتاج ؟‬

‫العدد ‪ 23‬ــ كانون األول ‪2008‬‬

‫إبن حسين أوباما في البيت األبيض‬

‫أميركا تتغير‬ ‫والدة الشهيد‬ ‫عماد مغنية ‪:‬‬ ‫نجاح واكيم ‪:‬‬ ‫سنسعى لتعطيل االنتخابات‬ ‫وفق القانون الحالي‬

‫كان همه الوحيد‬ ‫زوال اسرائيل‬

‫لين وهاب ‪:‬‬ ‫أنشأنا المؤسسة‬ ‫التوحيدية للخدمات‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬ ‫االجتماعية‬


‫في الالمركزية‬ ‫والتنمية المستدامة والمتوازنة‬ ‫ً‬ ‫تسهيال لخدمة المواطنين‬ ‫ ‪-‬توسيع صالحيات المحافظين ورؤساء البلديات‪،‬‬ ‫وتلبية حاجاتهم محلياً‪ ،‬باعتماد الالمركزية اإلدارية‪.‬‬ ‫ ‪-‬إعادة النظر في التقسيم االداري بما يؤمن االنصهار الوطني ووحدة االرض‬ ‫والشعب والمؤسسات‪.‬‬ ‫ـ اعتماد الالمركزية اإلدارية الموسعة على مستوى الوحدات اإلدارية الصغرى‬ ‫“القضاء وما دون”‪.‬‬ ‫ اعتماد خطة إنمائية موحدة شاملة للبالد‪ ،‬قادرة على تطوير المناطق اللبنانية‬‫وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً‪ ،‬وتعزيز موارد البلديات واالتحادات البلدية‪ ،‬باإلمكانات‬ ‫المالية الالزمة‪.‬‬ ‫ اإلنماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً‪ ،‬ركن أساسي من أركان‬‫وحدة الدولة واستقرار النظام‪.‬‬ ‫ـ العمل على تحقيق عدالة اجتماعية شاملة‪ ،‬من خالل اإلصالح المالي واالقتصادي‬ ‫واالجتماعي‪.‬‬

‫من مبادئ‬ ‫تيار التوحيد اللبناني وأهدافه‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬


‫منبر التوحيد‬

‫في هذا العدد‬

‫نشرة شهرية داخلية تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في تيار التوحيد اللبناني‬ ‫العدد الثالث والعشرون ‪ /‬كانون االول ‪2008‬‬ ‫السنة الثانية‬

‫املنبر اللبناني‬

‫عون في دمشق متمثالً بديغول‬

‫أول الكالم‬

‫ص ‪20‬‬

‫كاسك يا ملك‪...‬‬

‫املنبر اإلقتصادي‬ ‫الفوضى في قطاع النقل‪ ،‬إلى أين؟‬

‫ص‪46‬‬

‫املنبر الفلسطيني‬ ‫الوحدة الوطنية الفلسطينية‪ ،‬السالح األمضى‬ ‫ملواجهة العدوان‬

‫ص ‪74‬‬

‫املنبر العربي‬ ‫عبد اهلل بن عبد العزيز شرب كأس التطبيع مع‬ ‫إسرائيل على مائدة بوش‬

‫ص ‪77‬‬

‫املنبر الدولي‬ ‫البرنامج الليبي‪-‬الروسي ونتائجه ص ‪80‬‬ ‫املنبر الثقافي‬ ‫* د‪ .‬نور سلمان لـ”منبر التوحيد”‪ :‬عوّضت عن الكبت‬ ‫السياسي باإلبداع والشعر ص ‪86‬‬ ‫* الكاتب جان داية لـ”منبر التوحيد”‪ :‬سوريا لم تغب‬ ‫يوماً عن قلم جبران ص ‪92‬‬ ‫املنبر البيئي‬ ‫املهندس مازن عبود لـ”منبر التوحيد”‪ :‬البيئة هي‬ ‫املتضرر األكبر في كل ما يحصل من أزمات ص ‪102‬‬

‫كبير وشاسع هو املدى بني كأس امللك املترعة على‬ ‫َّ‬ ‫املقطرة من‬ ‫طاولة العشرين املعوملة‪ ،‬وكأس الوطن‬ ‫دماء الشهداء ما بني غزة والضفة وما بني فلسطني‬ ‫السليبة وأرض البطوالت والعز في جنوب لبنان‪.‬‬ ‫نحن “املغامرين” بدمائنا في سبيل األمة ومجدها‪،‬‬ ‫تتقزز نفوسنا ونأنف أن نرى من يرفع كأس اخلمر على‬ ‫ّ‬ ‫انفك يتحدث عن تاريخ‬ ‫موائد األجنبي‪ ،‬وهو الذي ما‬ ‫مملكته وعائلته وتواريخ إمارات وعائالت شتى‪ ،‬وكأن‬ ‫الدماء في أوردتهم استحالت مزيجا ً من اخلنوع والذل‪،‬‬ ‫ولتاريخه لم يتعلموا أو يتّعظوا من أن التغيير آت ال‬ ‫محالةـ بدءا ً باألسود ابن الفالح وراعي املاعز املتحدر‬ ‫من اجلذور األفريقية املوسومة بالتخلف والبربرية‪،‬‬ ‫ليحكم أكبر امبراطورية في العالم احلاضر‪ ،‬لها‬ ‫ما لها من أدوار وأدوار في سياسة قهر الشعوب‬ ‫وتزوير احلقائق واستالب احلقوق واالدعاء أن اهلل كليم‬ ‫رئيسها‪ ،‬وهذا هو شأنه أو هذه هي إرادته‪.‬‬ ‫إننا في تيار التوحيد لم نراهن يوما ً على أمناط هذه‬ ‫مدعي خدمة األحرام‪ ،‬أو تلك‬ ‫املمالك‪ ،‬ولو كانوا من ّ‬ ‫اإلقطاعيات املستشرية من احمليط إلى اخلليج‪ ،‬ولسنا‬ ‫فرج‬ ‫ممن ينتظرون مناسبة ختان أبناء امللوك واألمراء ل ُي َ‬ ‫عن أسرانا ومناضلينا من سجون الدول “املعتدلة” أو‬ ‫من دولة االغتصاب في فلسطني احملتلة‪.‬‬ ‫ونحن أيضا ً لم نراهن حتى على التغيير احلاصل‬ ‫في أميركا من حيث الشكل‪ ،‬ولم نذهب بعيدا ً في‬ ‫التفاؤل حتى نرى مدى التزام الرئيس األميركي اجلديد‬ ‫بقضايا الشعوب احملقة عام ًة‪ ،‬وبالقضايا العربية‬ ‫واملسألة الفلسطينية خاص ًة‪.‬‬ ‫وكما قال سيد املقاومة باألمس القريب‪ ،‬إن عزنا‬ ‫وفخرنا وعل ّو جباهنا مرتبط بعطاء الدماء التي جتري‬ ‫في عروقنا‪ ،‬ألن شهداءنا هم طالئع انتصاراتنا‪ ،‬وقد‬ ‫األبي‪ ،‬من اجلوالن الذي ما زال عصيا ً على‬ ‫أثبت شعبنا ّ‬ ‫التهويد‪ ،‬إلى شوارع القدس وغزة والضفة األبية‪ ،‬أننا‬ ‫شعب يفاخر مبقاومته املشرِّفه‪ ،‬وأن إرادتنا الفاعلة‬ ‫ستغير وجه التاريخ‪ ،‬وقد آلينا على أنفسنا أننا لن‬ ‫نالقي العدو الصهيوني‪ ،‬الذي ي َّدعي خلوص دمه‪،‬‬ ‫وبأنه شعب اهلل اخملتار املشبع بتعاليم التلمود‬ ‫ومثالبه‪ ،‬إال لقاء احلديد باحلديد والنار بالنار‪ ،‬ولن نرفع‬ ‫عاليا ً إال كأس الوطن احملرر من الطغاة واملفسدين‪،‬‬ ‫الذين يعيبون على املقاومني مقاتلة أبناء األفاعي‬ ‫واسترداد األرض السليبة واملقدسات‪ ،‬وهم القابعون‬ ‫في قصورهم كهارون الرشيد‪ ،‬يحررون غالالت احلياء‬ ‫عن أجساد الغواني والغلمان‪..‬‬

‫“أسرة التحرير”‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫أميركا‬ ‫انتخبت‬ ‫أوباما‪،‬‬ ‫فغ ّيرت‪.‬‬ ‫هل يتغير‬ ‫اللبنانيون‬ ‫فيغ ّيروا؟‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫شكل انتخاب باراك حسني أوباما رئيسا ً للواليات املتحدة‪ ،‬حدثا ً‬ ‫لم يقتصر على الشعب األميركي وحده الذي نشد التغيير‪ ،‬بل‬ ‫على مستوى العالم أجمع‪ ،‬بأن يصل رجل بشرته سوداء إلى البيت‬ ‫األبيض‪ ،‬فهذا حتول داخل اجملتمع األميركي‪ ،‬الذي كان يعيش لفترة‬ ‫عقود غير بعيدة‪ ،‬متييزا ًَ عنصرياً‪ ،‬وكان ال يعترف مبواطنيه السود‬ ‫ويحاسبهم على اللون‪ ،‬ويتعاطى معهم بدونية‪ ،‬ويعاملهم كطبقة‬ ‫مهمشة الى حد االحتقار واالزدراء‪ ،‬فلم يكن يقبل االختالط بهم‬ ‫في املدارس واجلامعات والباصات وأماكن اللهو واحلدائق العامة‪ ،‬حتى‬ ‫ظهرت أميركا دولة عنصرية بامتياز‪ ،‬اذ يرفع قادتها شعار حقوق‬ ‫االنسان‪ ،‬ويرتفع متثال احلرية في نيويورك‪ ،‬لكن املمارسة كانت بعكس‬ ‫ما يتفوه به من اجتاح دوالً‪ ،‬وحاصر أنظمة ونظم انقالبات عليها‪،‬‬ ‫وأسقط حكاماً‪ ،‬وساند االرهاب وحتديدا ً دولة اإلرهاب إسرائيل احملمية‬ ‫من القوة العسكرية األميركية‪ ،‬التي تضخ لها سنويا ً ‪ 3‬مليارات دوالر‬ ‫مساعدات مالية والقيمة نفسها تقدميات عسكرية‪.‬‬ ‫فوصول شخص من أصول أفريقية وجذور إسالمية ومن عائلة‬ ‫متواضعة هاجرت الى الواليات املتحدة‪ ،‬الى الرئاسة االميركية‪،‬‬ ‫حالة يجب أن تدرس ملا يجري من تغيير في الشعب األميركي‪،‬‬ ‫الذي بدأ ينتفض على مسؤوليه‪ ،‬ويحاسبهم‪ ،‬وقد تكون هذه ميزة‬ ‫الدميوقراطية األميركية‪ ،‬في تداول السلطة‪ ،‬وفي إقصاء املرتكبني‬ ‫فصوت األميركيون إلى جانب احلزب الدميوقراطي‪،‬‬ ‫واملقصرين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأسقطوا احلزب اجلمهوري بعدما تسببت سياسته في إحلاق الهزمية‬ ‫بأكبر دولة في العالم وزعيمته‪ ،‬التي سادت في العقدين األخيرين‬ ‫على أنها دولة القطب الواحد‪ ،‬وال منازع لها‪ ،‬بعد سقوط الثنائية مع‬ ‫االحتاد السوفياتي وانهيار نظامه السياسي مع املنظمة االشتراكية‪،‬‬ ‫فجاءت حرب أفغانستان والعراق‪ ،‬لتحطيم القوة االميركية عسكريا ً‬ ‫ويسقط معها النظام املالي‪ ،‬الذي أدى الى انهيارات مالية وأزمات‬ ‫اقتصادية في مختلف دول العالم‪.‬‬ ‫لقد اقترع األميركيون ضد الهزائم التي سببها لهم الرئيس جورج‬ ‫بوش‪ ،‬وك ّبد جيشهم خسائر بشرية وصلت الى حدود اخلمسة آالف‬ ‫قتيل وثالثني ألف جريح ومئات املعاقني واملصابني بحاالت نفسية‪،‬‬ ‫إضافة الى آالف املليارات من الدوالرات التي دفعت على حرب لم‬ ‫تنته في العراق وأفغانستان‪ ،‬وبدأ اجملتمع االميركي يرزح حتت تأثير‬ ‫هذه احلرب التي زعم بوش انه يخوضها ضد “اإلرهاب”‪ ،‬الذي تربى‬ ‫في كنف اخملابرات األميركية‪ ،‬لكن املقاومة واجهت السياسة‬ ‫االميركية وامتداداتها في احتاللها للعراق وأفغانستان والصومال‬ ‫والسودان‪ ،‬إضافة الى دعمها االحتالل اإلسرائيلي وجرائمه في‬ ‫فلسطني ولبنان‪.‬‬ ‫ان االميركيني قرروا التغيير‪ ،‬ليس في لون الرئيس‪ ،‬بل في السياسة‬ ‫ولم يعد حكامهم يستطيعون ان يكذبوا عليهم‪ ،‬فلم تعد تنطلي‬ ‫مزاعم محاربة الشيوعية‪ ،‬كما في زمن احلرب الباردة‪ ،‬التي كانت‬ ‫حرب فيتنام صورتها احلقيقية‪ ،‬فخرجت أميركا منها مهزومة‪،‬‬ ‫وانطوت على نفسها‪ ،‬ولم يعد الشعب االميركي يكترث للحروب في‬ ‫اخلارج بل كل ما كان يطمح اليه‪ ،‬هو اقتصاد مزدهر‪ ،‬ووظائف دائمة‪،‬‬ ‫وخدمات مريحة في تأمني السكن والتعليم والضمان الصحي‪ ،‬وقد‬ ‫أطلقت صفة “االنعزالية” على الشعب املهاجر الى بلد معزول بني‬ ‫البحار والبعيد املسافات‪ ،‬أتى الى هذه البالد من أصقاع الدنيا‪ ،‬سعيا ً‬


‫وراء لقمة العيش‪ ،‬فكان اكتشاف كريستوف كولومبوس لهذه البالد‬ ‫املترامية األرجاء‪ ،‬في القرن السابع عشر‪ ،‬متنفسا ً للمهاجرين ليصلوا‬ ‫الى اليابسة فيها‪ ،‬من دون أن يدركوا املكان الذي يقصدونه‪.‬‬ ‫فهذا الوعي االميركي‪ ،‬إن عهد بوش كان األسوأ عليهم ولم يحصدوا‬ ‫منه إال الهزائم واالنكسارات واإلفالسات‪ ،‬هو الذي دفعهم الى التغيير‪،‬‬ ‫وقد أسقطوا معهم كل شعاراته‪ ،‬التي لم تأت اليهم إال بعداء‬ ‫الشعوب وكرههم‪ ،‬وهو السؤال الذي طرحه الرئيس الراحل عن البيت‬ ‫االبيض‪ ،‬بعد تفجيرات ‪ 11‬ايلول “ملاذا يكرهوننا”‪ ،‬وذهب الى تقسيم‬ ‫العالم بني “محوري الشر واخلير”‪ ،‬وقد أعلن أن اإلسالم هو “الشر” وأنه‬ ‫سيخوض حربا ً صليبية ضده‪ ،‬لكن مساعديه استدركوا األمر‪ ،‬وقالوا‬ ‫إنها “زلة لسان” ولكن في احلقيقة هذا ما يؤمن به هو وجماعته من‬ ‫“احملافظني اجلدد” أو “املسيحيني املتصهينني” الذين ال يؤمنون مبجيء‬ ‫السيد املسيح‪ ،‬وينتظرون عودته الثانية‪ ،‬التي لن تتحقق‪ ،‬إال بقيام‬ ‫“إسرائيل الكبرى” من الفرات الى النيل‪ ،‬وبحصول “فوضى خالقة” من‬ ‫خالل احلروب والكوارث الطبيعية واالنهيارات املالية‪ ،‬وهذه النظرية جرى‬ ‫تطبيقها كي تصح نبوءتهم بالعودة الثانية للمسيح‪ ،‬التي ستترافق‬ ‫مع “صدام حضارات وأديان” كما ر ّوج لها صاموئيل هانتغتون‪ ،‬مطلع‬ ‫التسعينيات‪ ،‬وتزامنت نظريته التي عاد وتراجع عنها مع مقولة أطلقها‬ ‫الكاتب األميركي من أصل ياباني “فوكوياما” عن “نهاية التاريخ” بعد‬ ‫سقوط الشيوعية وأن الرأسمالية هي التي ستسود‪ ،‬فجاء انهيارها‬ ‫في أميركا والدول التي تتبع نظامها ليسقط ما قاله “فوكوياما”‪ ،‬حيث‬ ‫انتهت معهم كل النظريات األخرى من “الفوضى اخلالقة”‪ ،‬و”الوعود‬ ‫اإللهية”‪ ،‬الى “صدام احلضارات”‪ ،‬مما يشير إلى أن العالم سيتجه الى‬ ‫ابتداع نظريات أخرى غير تلك التي عرفها في القرن العشرين‪ ،‬وهذا‬ ‫متروك للفالسفة واملفكرين وخبراء السياسة واالقتصاد‪ ،‬اذ بدأت تطرح‬ ‫أفكار جديدة ومنها ان العالم ال يقاد بنظريات مادية وأخرى روحية‪ ،‬بل‬ ‫بتفاعل املادة والروح‪ .‬فالفكر الديني أوصل أوروبا وغيرها الى افتعال‬ ‫حروب دينية وصراعات على التبشير‪ ،‬فكانت احلروب الصليبية وبعدها‬ ‫اإلسالمية جتتاج الدول باسم الدين‪.‬‬ ‫وال الفكر املادي الرأسمالي والشيوعي أنهى األزمات اإلنسانية‪،‬‬ ‫بالرغم من رفع فكرة العدالة االجتماعية‪ ،‬فالنظام الرأسمالي أعطى‬ ‫احلرية لإلنسان وسلب منه حقوقه‪ ،‬فيما الشيوعية حاولت أن تكسب‬ ‫اإلنسان عدالة اجتماعية لكن حرمته احلرية‪.‬‬ ‫فالتغيير في العالم سيبدأ‪ ،‬وإن أول مالمحه في الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫بد من أن تشارك الدول‬ ‫التي لم تعد تستطيع التفرد بالقرار‪ ،‬وال ّ‬ ‫االخرى في قيام نظام عاملي آخر‪ ،‬سيظهر بعد سنوات مع بدء انعقاد‬ ‫القمم الدولية‪ ،‬واجتماعات خبراء االقتصاد واملال‪ ،‬وحترك املفكرين‬ ‫واملثقفني لطرح أفكارهم‪ ،‬وأنسنة الفكر وإخراجه من إطار الصراع‬ ‫املادي أو الروحي‪ ،‬وكان تهلكة للبشرية وتدميرا لها على مدى قرون كان‬ ‫أكثرها في القرن املاضي‪ ،‬الذي بدأ بحرب عاملية أولى ثم ثانية‪ ،‬وبحروب‬ ‫باردة‪ ،‬وأخرى اقتصادية‪ ،‬ثم دينية كما في واقع “إسرائيل” أو في “دولة‬ ‫الطالبان في أفغانستان”‪.‬‬ ‫وإذا كان العالم يتجه الى التغيير‪ ،‬وأميركا جترأت وانتخبت رئيسا ً‬ ‫أسود‪ ،‬وخرجت عن املفاهيم التقليدية‪ ،‬وبدأت تغ ّير جلدها السياسي‪،‬‬ ‫ال لون بشرة رئيسها فقط‪ ،‬فماذا يفترض في لبنان أن يفعل‪ ،‬عشية‬ ‫انتخابات نيابية ستكون مفصلية‪ ،‬وعلى نتائجها سيتوقف التغيير‪،‬‬

‫فإما أن يأتي التمثيل في مجلس النواب‪ ،‬ملصلحة التجديد لطبقة‬ ‫سياسية أفلست منذ العام ‪ ،1943‬وقبل الطائف وبعده‪ ،‬أو أن يعبر‬ ‫اللبنانيون عن إرادتهم التي سيكون تأثيرها في صناديق االقتراع‪،‬‬ ‫وأال يستهتر املواطن بصوته فإما يؤجره أو يبيعه أو ينتخب بال‬ ‫وعي‪ ،‬أو يذهب الى االنتخابات دون أن يكون قد درس برامج األحزاب‬ ‫والتيارات السياسية‪ ،‬وان يختار الشخص الذي كان فعالً وسيبقى‬ ‫يحمل قضايا الوطن املصيرية وال يفرط بها‪ ،‬ال في مواجهة العدو‬ ‫االسرائيلي‪ ،‬وال في التخلي عن املقاومة‪ ،‬أو في رفع لواء املواطنني‬ ‫وهمومهم املعيشية ومشاكلهم االقتصادية وأزماتهم اخلدماتية‬ ‫واحلياتية‪.‬‬ ‫ففي لبنان ميكن أن ننتخب أكثر من أوباما‪ ،‬وأكثر من ابن حسني أوباما‬ ‫الذي لم يكن إقطاعيا أو زعيما سياسياً‪ ،‬ولم يحرض طائفيا ً ومذهبياً‪،‬‬ ‫كل ما في األمر أن باراك أوباما‪ ،‬إنسان عصامي‪ ،‬استطاع أن يتغلب على‬ ‫لون بشرته‪ ،‬بعدما كان أبناء قومه قد انتزعوا حقوقهم في نضاالت‬ ‫متتالية ومنها حقوقهم السياسية‪ ،‬فانخرط في العمل احلزبي وانتمى‬ ‫الى احلزب الدميوقراطي‪ ،‬وصعد س ّلم املسوؤليات فيه‪ ،‬وقرر أن يترشح‬ ‫للرئاسة األميركية‪ ،‬ونافسته زوجة رئيس سابق هيالري كلينتون‪ ،‬وكان‬ ‫االعتقاد أن االميركيني لن ينتخبوا امرأة ولن يصوتوا ملرشح أسود‪ ،‬لكن‬ ‫املفاجأة أن الشعب األميركي تغير‪ ،‬وقرر التغيير‪ ،‬وكادت كلينتون أن‬ ‫تصل‪ ،‬لكن أعضاء حزبها‪ ،‬أرادوا التغيير أوسع فذهبوا باجتاه أوباما‪،‬‬ ‫الذي جاء حلما ً لالميركيني‪ ،‬الذين ارتسمت أمامهم صورة الرئيس جون‬ ‫كينيدي‪ ،‬فصمموا على التغيير‪ ،‬وهذا ما حصل‪.‬‬ ‫واللبنانيون الذين استوقفهم انتخاب اوباما‪ ،‬يجب أن يستفيدوا‬ ‫من هذه التجربة‪ ،‬وأن تكون االنتخابات محطة لهم للتغيير‪ ،‬فال‬ ‫يجوز أن يتناسل النواب من اجلد الى األب الى االبن فاألب فاجلد‪ ،‬وتنشأ‬ ‫عائالت سياسية تتحول الى إقطاعية‪ .‬وفي املرحلة األخيرة أصبحنا‬ ‫أمام إقطاع مالي‪ ،‬فمن ميلك املال يصبح نائباً‪ ،‬ومن ميتلكه أكثر يشترِ‬ ‫أصواتا ً أكثر لتكون له كتلة نيابية أكبر‪.‬‬ ‫أمام اللبنانيني فرصة للتغيير‪ ،‬ولديهم الوقت الكافي للتفكير‬ ‫بكيفية حصوله‪ ،‬والن لبنان يفتقر الى أحزاب خارقة للطوائف‬ ‫واملذاهب واملناطق فقد تشوب العملية الدميوقراطية شوائب‪ ،‬ولكن‬ ‫بد من املواجهة‪ ،‬بانتخاب مرشحني من خارج التقليد السياسي‪،‬‬ ‫ال ّ‬ ‫ومن الذين حترروا من اإلقطاعية السياسية‪ ،‬ولم يولدوا في بيوتات‬ ‫مالية‪ ،‬ولم يتاجروا بالطائفية‪ ،‬ولم يحرضوا باملذهبية‪ ،‬ولم يتآمروا‬ ‫مع أنظمة على بلدهم‪ ،‬ولم يتحولوا من أجهزة مخابرات الى أخرى‬ ‫ولم يستبعدوا املواطنني‪ ،‬ولم يحرموا الناس من لقمة عيشهم‪ ،‬ولم‬ ‫يتاجروا بدماء الناس‪ ،‬فلم يقتلوا على الهوية‪ ،‬ولم يشاركوا في تهجير‬ ‫املواطنني‪ ،‬ولم يثروا من أموال إعادة املهجرين وتوزيع مال سياسي على‬ ‫املقيمني بطرق غير شرعية‪.‬‬ ‫فكما أميركا تغيرت‪ ،‬نطمح ان يكون لبنان على طور التغيير‪ ،‬وان‬ ‫االنتخابات النيابية هي امتحان أمام من يشكون طيلة أربع سنوات‬ ‫من عدم اكتراث من ميثلهم بهم‪ ،‬وهم أمام االختيار الصحيح‪ ،‬فإما‬ ‫أن يتجرأوا على التغيير أو أنهم سيبقون عبيدا ً وقطعانا بشرية‬ ‫لإلقطاع‪...‬‬

‫«منبر التوحيد»‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫الغالف‬

‫آت في أميركا‬ ‫التغيير ٍ‬ ‫أوباما يسحق الجمهوريين‬

‫اوباما وعائلته‬

‫استفاقت الواليات املتحدة والعالم على‬ ‫رئيس جديد هو الرئيس الرابع واألربعون للواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬واليوم نستطيع أن نهنئ األميركيني وأن‬ ‫نحسدهم في الوقت عينه‪ .‬فقبل ‪ 54‬عاما فقط‪،‬‬ ‫أصدرت احملكمة العليا في الواليات املتحدة قانونا ً‬ ‫مينع التفرقة العنصرية في املؤسسات التربوية‬ ‫ويعتبرها مخالفة للقانون‪.‬‬ ‫وفقط منذ أربعة عقود دفع مارتن لوثر كينغ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حياته ثمنا ً حللمه في حتقيق مبدأ املساواة‬ ‫للسود‪ .‬وباألمس ترشح ابن عائلة مهاجرة من‬ ‫كينيا على مقعد رئاسة الواليات املتحدة وعلى‬ ‫زعامة قيادة العالم‪ .‬في هذه االنتخابات خرقت‬ ‫أميركا سقفا ً جديدا ً للمرة األولى في تاريخها‪،‬‬ ‫عندما كانت الرئاسة قريبة املنال من امرأة‪ .‬وخالل‬ ‫أشهر بدت السيناتور هيالري كلينتون قادرة على‬ ‫حتقيق الفوز كمرشحة للحزب الدميوقراطي‪،‬‬

‫‪4‬‬

‫وحتى احلزب اجلمهوري رشح حاكمة غير معروفة‬ ‫نسبيا ً إلى منصب نائب الرئيس‪ .‬إلى جانب اجلدل‬ ‫الذي دار حول شخصية املرشحني ومؤهالتهما‪،‬‬ ‫تناولت املعركة االنتخابية مجموعة واسعة‬ ‫من املوضوعات‪ .‬لقد كان باستطاعة الناخبني‬ ‫األميركيني التعرف على مواقف باراك أوباما‬ ‫وجون ماكني في كل املوضوعات‪ ،‬الرجالن حتدثا‬ ‫بالتفصيل عن التدابير التي سيتخذانها‪،‬‬ ‫كضمان الدولة للرهن العقاري ومنع مصادرة‬ ‫املنازل والتأمني الصحي والسياسة الضريبية‬ ‫والتمويل الرسمي للبحث اجلامعي والتنصت‬ ‫السري وسياسة االحتباس احلراري وتوليد الطاقة‬ ‫البديلة من الهواء والشمس والضريبة على‬ ‫الوقود واإلجهاض وغيره‪ .‬لقد كانت معركة‬ ‫انتخابية تضج باألفكار مع مرشحني مختلفني‬ ‫في النهج اختالفا ً مطلقاً‪ ،‬وشكل هذا تعبيرا ً‬ ‫رائعا ً للدميوقراطية في أبهى صورها‪ ،‬فاملعركة‬ ‫االنتخابية لم تهتم باألشخاص بل باملوضوعات‪.‬‬ ‫كما ال ميكننا االستهانة باحلماسة التي أثارها‬ ‫املرشح الفائز أوباما في بالده وفي العالم‪،‬‬ ‫فمنذ زمن طويل لم ينجح سياسي في جذب‬ ‫اجلماهير‪.‬‬ ‫لقد جرت االنتخابات في ظل أزمة اقتصادية‬


‫واجتماعية عميقة وفي ظل جيش غير قادر‬ ‫على اخلروج من ساحة القتال في العراق وفي‬ ‫أفغانستان‪ .‬هذه األزمة العميقة دفعت إلى‬ ‫صناديق االقتراع ماليني األشخاص الذين تخلوا‬ ‫في املاضي عن حقهم في االقتراع‪ .‬فاملاليني من‬ ‫البيض والسود ومن اليهود واملسلمني قرروا إعطاء‬ ‫صوتهم للمرشح األسود الشاب القليل اخلبرة‬ ‫في احلكم‪ ،‬كذلك شيوخ وشبان بينهم سكان‬ ‫املدن اجلمهورية البارزة أتوا بكثافة ليصنعوا‬ ‫التغيير وليحدثوا الثورة‪ ،‬ليس في البيت األبيض‬ ‫فقط بل في الكونغرس أيضاً‪.‬‬ ‫لقد ه ّبت الدميوقراطية لنجدة الواليات‬ ‫املتحدة بعد خيبة األمل من األعوام الثمانية‬ ‫حلكم جورج بوش‪ ،‬ومن اآلن وصاعدا ً اسم رئيس‬ ‫الواليات املتحدة ليس جون أو ستيف وال جورج‬ ‫أو بيل وليس أشقرَ وذا عينني زرقاوين وال من أصل‬ ‫أوروبي بل اسمه باراك حسني وبشرته سوداء ومن‬ ‫أصل أفريقي مسلم‪ .‬هذه هي الدميوقراطية‪.‬‬

‫باراك حسني أوباما‪،‬‬ ‫أول رئيس أميركي أسود‬ ‫حقق باراك أوباما فوزا ً ساحقا ً في االنتخابات‬ ‫الرئاسية األميركية‪ ،‬ليصبح وهو في السادسة‬ ‫واألربعني من العمر‪ ،‬أول أميركي أسود ينتخب‬ ‫رئيسا ً للواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وقال أوباما في أول كلمة له بعد إعالن فوزه‬ ‫“إن القوة احلقيقية لبالده ليست السالح بل‬ ‫الدميوقراطية والتعددية‪ ،‬وبسبب ما قمنا به‪،‬‬ ‫التغيير جاء إلى أميركا”‪.‬‬ ‫وبهذه الكلمات‪ ،‬مزج أوباما في خطابه بني حزم‬ ‫الرئيس الراحل “جون كينيدي” والراحل الناشط‬ ‫والهام “مارتن لوثر كينغ”‪ ،‬كما اعتبر بقوله هذا‬ ‫أن “الطريق سيكون طويالً وسنتسلق منحدرات‬ ‫فتوجه إلى أنصاره الذين عاشوا حلظات‬ ‫صعبة”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هستيرية مع إعالن فوزه بالقول‪“ :‬إذا كان ال يزال‬ ‫ّ‬ ‫يشكون في أن كل شيء ممكن‬ ‫من أشخاص‬ ‫في أميركا‪ ،‬ويتساءلون ما إذا كان حلم آبائنا‬ ‫املؤسسني ال يزال حياً‪ ،‬فهذا املساء جاء ر ّدكم‪...‬‬ ‫إنّه نصركم”‪.‬‬ ‫وهكذا يفتح فوز أوباما فصالً جديدا ً في التاريخ‬ ‫األميركي بتشكيله سابقة هي األولى من نوعها‬ ‫في زعامة الدميوقراطيات الغربية‪ .‬ولم يقتصر‬ ‫تقدم الدميوقراطيني على فوزهم بالبيت األبيض‬ ‫ّ‬ ‫بل عززوا أغلبيتهم في مجلس الشيوخ والنواب‬ ‫على حساب اجلمهوريني‪.‬‬ ‫وأظهرت األرقام فوز أوباما بـ‪ %52‬من األصوات‬ ‫على املستوى الوطني في مقابل ‪ %46‬ملنافسه‪،‬‬ ‫حيث حصل على ‪ 62.98‬مليون صوت مقابل‬ ‫‪ 55.78‬مليونا ً لـ”ماكني”‪.‬‬ ‫هذا ويشار إلى أن أوباما هو ثالث رئيس‬ ‫من احلزب الدميوقراطي خالل ثالثة عقود بعد‬ ‫“جيمي كارتر” و”بيل كلينتون”‪ ،‬وخاض واحدة من‬

‫أطول احلمالت االنتخابية وأشرسها في تاريخ‬ ‫االنتخابات األميركية‪ ،‬حيث انتزع ترشيح حزبه‬ ‫بعد منافسة شرسة مع “هيالري كلينتون” ثم‬ ‫نافس ماكني حتى الساعات األخيرة‪ ،‬خاصة‬ ‫بعد تعزيز الغالبية الدميوقراطية في مجلسي‬ ‫الشيوخ والنواب بشكل كبير‪ ،‬باملقارنة مع‬ ‫االقتراع األخير الذي جرى في عام ‪ ،2006‬وللمرة‬ ‫األولى منذ عام ‪ 1992‬يهيمن الدميوقراطيون على‬ ‫البيت األبيض ومجلسي الكونغرس والشيوخ‪،‬‬ ‫ما دفع زعيم الغالبية الدميوقراطية في مجلس‬ ‫الشيوخ “هاري ريد” الى القول‪“ :‬تفويضنا هذا‬ ‫املساء‪ ،‬ليس تفويضا ً من حزب أو عقيدة‪ ،‬بل هو‬ ‫تفويض حقيقي من أجل التغيير واألمل”‪.‬‬

‫أوباما املرشح وأوباما الرئيس‬ ‫خلفية أوباما السابقة وقصة جناحه جعلت‬ ‫منه قصة جناح أميركية متثل مصدرا ً لألمل‬ ‫بالنسبة للكثيرين‪ ،‬خاصة مع حرصه على رسم‬

‫‪5‬‬

‫صورته لدى الرأي العام األميركي بشكل يؤكد‬ ‫الفكرة السابقة‪ .‬فهو يحرص على تقدمي نفسه‬ ‫كسياسي ميثل األميركي العادي الذي ال يخضع‬ ‫لقيود جماعات اللوبي بواشنطن‪ ،‬ويتر ّفع عن‬ ‫اخلالفات السياسية ويسعى لقيادة أميركا إلى‬ ‫مستقبل أكثر إشراقا ً وإيجابية‪.‬‬ ‫وقد ساعد أوباما في ذلك “الكاريزما” التي‬ ‫تنبع من قدراته اللغوية واخلطابية العالية‪ ،‬مما‬ ‫دفع العديد من احملللني والصحافيني األميركيني‬ ‫إلى مقارنته ببعض أكثر الشخصيات العامة‬ ‫األميركية ذات “الكاريزما” عبر التاريخ‪.‬‬ ‫وما زاد أوباما ملعانا ً في عيون املسلمني والعرب‬ ‫األميركيني هو حديثه عنهم في خطابه أمام‬ ‫مؤمتر احلزب الدميوقراطي‪ ،‬إذ انتقد ما تعرض له‬ ‫العرب األميركيون من متييز بعد أحداث احلادي‬ ‫عشر من أيلول‪.‬‬ ‫كما أن صعود جنم أوباما السريع في السياسة‬ ‫األميركية أيضا ً كان من أهم العوامل التي جعلته‬ ‫قائدا ً سياسيا ً أكثر جاذبية في عيون العديد من‬ ‫املسلمني والعرب األميركيني واجلماهير األميركية‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫بيد أن املقلق هنا هو أن أوباما ما زال حديث‬ ‫العهد في السياسة األميركية‪ ،‬ولم يواجه ما‬ ‫يكفي من حتديات وضغوط جماعات املصالح‬ ‫واللوبي واخلصوم‪.‬‬ ‫لذا جند أن أوباما حريص كل احلرص على تقدمي‬ ‫نفسه باعتباره سياسيا ً قادرا ً على إرضاء اليمني‬ ‫واليسار األميركيني انطالقا ً من أجندة ليبرالية‬ ‫متوسطة في يساريتها‪ ،‬كما يق ّوم نفسه على‬ ‫أنه سياسي قادر على حتسني عالقة الواليات‬ ‫املتحدة بدول العالم اخملتلفة من خالل سياسة‬ ‫تقوم على بناء التحالفات والعمل من خالل‬ ‫املؤسسات الدولية وزيادة املساعدات اخلارجية‪.‬‬ ‫إذا ً االنتصار التاريخي لـ”أوباما” هو انتصار‬ ‫أميركا البيضاء على ميراثها العنصري الثقيل‪،‬‬ ‫انتصار اإلنسان على مخاوفه وكوابيسه ومتركزه‬ ‫األعمى على الذات‪.‬‬ ‫فهل سيختلف السيناتور أوباما عن أوباما‬ ‫الرئيس؟ وهل سيتمكن أوباما من مواجهة‬ ‫ضغوط واشنطن واللوبيات والنخب احلاكمة‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫الغالف‬ ‫واملسيطرة؟ ما هي حقيقة أوباما جتاه قضايا‬ ‫املسلمني والعرب؟ وهل هناك وجه آخر لـ”أوباما”‬ ‫وراء خطابه السلمي واإلنساني؟ وهل سيتح ّول‬ ‫الى بوش آخر يعجب به العرب كمرشح رئاسي ثم‬ ‫يتحول الى رئيس كارثي على العرب واألميركيني‬ ‫على حد سواء بعد وصوله الى البيت األبيض؟‬

‫أسرة سوداء في البيت األبيض‬ ‫يدرك الرئيس املنتخب باراك أوباما وزوجته‬ ‫ميشيل متاما ً املعنى التاريخي النتخابه وما يعنيه‬ ‫ذلك للعديد من األميركيني‪.‬‬ ‫في خطابها السياسي خالل احلملة‪ ،‬ذكرت‬ ‫السيدة ميشيل أوباما تكرارا ً ما قالته لها فتاة‬ ‫في سن العاشرة قابلتها في متجر جتميل في‬ ‫والية ساوت كارولينا‪ ،‬بأنه في حال انتخاب أوباما‬ ‫رئيسا ً “يعني ذلك أن بإمكاني أن أتصور أي شيء‬ ‫لنفسي أيضاً”‪.‬‬ ‫قالت السيدة أوباما جمللة نيوزويك‪“ ،‬من املمكن‬ ‫أن تكون هذه الفتاة أنا‪ ،‬ألن احلقيقة هي أنه ليس‬ ‫من املفروض أن أكون هنا‪ ،‬واقفة هنا‪ .‬إني حالة‬ ‫شاذة إحصائياً‪ .‬فتاة سوداء‪ ،‬نشأت في اجلانب‬ ‫اجلنوبي لشيكاغو‪ .‬هل كان من املفروض أن ألتحق‬ ‫بجامعة بريستون؟ كال ‪ ...‬وقالوا في كلية احلقوق‬ ‫في جامعة هارفرد شيئا ً كثيرا ً كي أحاول بلوغه‪.‬‬ ‫ولكني دخلت وجنحت”‪.‬‬ ‫ولدت السيدة األولى ميشيل روبنسون‬ ‫وترعرعت في كنف عائلة من الطبقة العاملة‬ ‫في شيكاغو‪ ،‬بوالية إلينوي‪ .‬عمل والدها في دائرة‬ ‫املياه للمجلس البلدي‪ ،‬وكان رئيس دائرة انتخابية‬ ‫للحزب الدميوقراطي‪ ،‬فيما كانت والدتها ربة بيت‬ ‫تهتم بإدارة منزلها وتعتني بها وبشقيقها األكبر‬ ‫سناً‪ ،‬كريغ‪.‬‬ ‫عملت ميشيل باجتهاد كبير في املدرسة‬ ‫وحظيت بقبول في جامعة برينستون عام ‪.1985‬‬ ‫بعدما حصلت على شهادة البكالوريوس في‬ ‫علم االجتماع‪ ،‬مع اختصاص فرعي في الدراسات‬

‫اوباما شابا في كينيا‬

‫ثم التحقت بكلية‬ ‫األميركية األفريقية‪ ،‬ومن ّ‬ ‫احلقوق في جامعة هارفرد‪.‬‬ ‫وخالل عملها في مكتب للمحاماة في‬ ‫شيكاغو‪ ،‬تعرفت إلى باراك لتبدأ قصة حب‬ ‫وإعجاب متبادل‪ ،‬تك ّللت بالزواج في ‪ 18‬تشرين‬ ‫األول عام ‪ ،1992‬وأجنبا ابنتهما األولى ماليا عام‬ ‫‪ 1998‬والبنت األخرى ساشا (مختصر من اسم‬ ‫ناتاشا) عام ‪.2001‬‬ ‫وفي سياق التنويه بهذه السيدة التي ولدت‬ ‫في أزقة البؤس‪ ،‬لكن البؤس لم يولد في داخلها‬ ‫كما يتضح من أحاديثها وخطبها وتصرفاتها‪،‬‬ ‫تقول كارين غوردون الناشطة الدميوقراطية في‬ ‫واشنطن‪“ :‬أنا معجبة مبيشيل باعتبارها سيدة‬ ‫سوداء قوية ولها مهنية عالية‪ ،‬أنا معجبة بها‬ ‫ألنها تتحدث بنزاهة‪ ،‬تقف فخورة إلى جانب‬ ‫زوجها‪ ،‬وهي تبدو وتتصرف كسيدة أولى حقيقية‬ ‫ومتلك جتارب مهنية عديدة في مجال اإلدارة‬ ‫والقانون وحقوق اإلنسان”‪.‬‬ ‫وبعد يوم واحد من االنتخابات الرئاسية‪ ،‬بدأت‬ ‫أسرة باراك أوباما في معرفة كيف ستكون‬ ‫األسرة األولى في الواليات املتحدة‪ .‬وستصبح‬ ‫األسرة‪ ،‬بوصفها أول أسرة أميركية من أصول‬ ‫أفريقية تصل إلى هذا املركز‪ ،‬صورة حية للتقدم‬ ‫العنصري‪ ،‬ويقول األصدقاء إنهم يدركون متاما ً‬ ‫أن كل شيء يقولونه ويفعلونه وما يرتدونه‪،‬‬

‫اوباما طالبا ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪6‬‬

‫واملدرسة التي تذهب إليها ماليا وساشا‪ ،‬وحتى‬ ‫نوع اجلرو الذي يربونه‪ ،‬له قيمة رمزية‪.‬‬ ‫قال باراك أوباما في خطاب ألقاه في احتفال‬ ‫ابنتي‪.‬‬ ‫بعيد األب في شيكاغو‪“ :‬حياتي تدور حول‬ ‫ّ‬ ‫وما أفكر به هو ما نوع العالم الذي سأتركه لهما‪.‬‬ ‫لقد أدركت أن احلياة ال تساوي كثيرا ً ما لم تكن‬ ‫راغبا ً في القيام بدورك الصغير لتتركه ألوالدنا‪،‬‬ ‫كل أوالدنا‪ ،‬عاملا ً أفضل‪ .‬هذه هي مسؤوليتنا‬ ‫القصوى كآباء وكأهل”‪.‬‬

‫النسخة السوداء‬ ‫من جون كينيدي‬ ‫ولد الرئيس األميركي املنتخب باراك أوباما في‬ ‫‪ 4‬آب ‪ 1961‬في هونولولو‪ ،‬هاواي‪ ،‬من أب كيني‬ ‫مسلم‪ ،‬وأم أميركية بيضاء من والية كانساي‪.‬‬ ‫انفصل والده عندما كان في الثانية من عمره‬ ‫ليعود األب الى كينيا وتصبح األم مسؤولة عن‬ ‫تربيته‪ .‬انتقل أوباما الى جاكرتا صغيرأ ً بعدما‬ ‫تزوجت أمه طالبا ً أندونيسيا ً وأجنبت منه أخته‬ ‫غير الشقيقة مايا‪.‬‬ ‫عاش الطفل أوباما في أندونيسيا سنوات‬ ‫عدة‪ ،‬ومن ثم عاد إلى هاواي وتخرج عام ‪ 1979‬في‬ ‫مدرسة كان واحدا ً من ثالثة تالمذة سود فيها‪،‬‬ ‫وساهم محيطه في توعيته إلى معنى األصول‬ ‫واالختالفات العرقية‪.‬‬ ‫التحق بإحدى جامعات كاليفورنيا قبل أن‬ ‫ينتقل إلى جامعة كولومبيا في نيوروك‪ ،‬وتخرج‬ ‫فيها عام ‪ 1983‬حاصالً على البكالوريوس في‬ ‫العلوم السياسية والعالقات الدولية‪.‬‬ ‫وعمل بعدها في مجال العمل األهلي ملساعدة‬ ‫الفقراء واملهمشني‪ ،‬انتقل لإلقامة في مدينة‬ ‫شيكاغو عام ‪ 1985‬بعدما حصل على وظيفة‬ ‫مدير مشروع تأهيل وتنمية أحياء الفقراء‪ .‬وفي‬ ‫عام ‪ 1991‬تخرج من كلية احلقوق في جامعة‬ ‫هارفرد‪ ،‬ودرس القانون محاضرا ً في جاعمة الينوي‬ ‫في عام ‪.1993‬‬ ‫في عام ‪ 1996‬انتخب جمللس شيوخ والية الينوي‬ ‫لينخرط رسميا ً في أنشطة احلزب الدميوقراطي‪،‬‬ ‫وفي عام ‪ 2004‬فاز في انتخابات الكونغرس‬


‫الرئيس االقتصادي للرفيق اجلديد‬

‫أوباما‪ ،‬ابن حسين‬

‫وزيرة اخلارجية هيالري كلينتون‬

‫بنسبة ‪ %70‬من إجمالي أصوات أعضاء مجلس‬ ‫الشيوخ سنا ً وأول سيناتور أسود في تاريخ‬ ‫مجلس الشيوخ األميركي‪.‬‬ ‫ينظر أوباما على أنه “النسخة السوداء” من‬ ‫الرئيس الراحل جون كينيدي‪ ،‬الذي أثار زوبعة تأييد‬ ‫في العالم‪ .‬لكن االغتيال منعه من استكمال‬ ‫ما بدأه‪ ،‬واليوم‪ ،‬مع جناح أوباما في التفوق على‬ ‫التحديات وكسر حاجز التمييز العنصري للوصول‬ ‫إلى البيت األبيض‪ ،‬يتخوف كثيرون من أن تتكرر‬ ‫جتربة كينيدي ويمُ نع باراك حسني أوباما بطريقة أو‬ ‫بأخرى من تطبيق أحالمه‪ ،‬لكن األكيد أنه يحمل‬ ‫لألميركيني وعودا ً كثيرة بالتغيير واألمل في محو‬ ‫التجربة السيئة إلدارة جورج بوش‪.‬‬

‫العالم بني الفرحة واألمل‬ ‫تواصلت ردود الفعل الدولية تباعا ً فور اإلعالن‬ ‫عن فوز باراك أوباما‪ ،‬ولم تتوقف برقيات ورسائل‬ ‫رحب‬ ‫التهاني القادمة من العالم أجمع‪ ،‬وعموماً‪ّ ،‬‬ ‫املسؤولون في مختلف الدول باملعطى اجلديد‬ ‫القادم من واشنطن‪.‬‬ ‫الرئيس الفرنسي نيكوال ساركوزي بعث‬

‫صدر أخيرا ً كتاب ألحد الكتّاب احملافظني وهو جيروم ار كورسي‪ ،‬احلاصل على درجة الدكتوراه في‬ ‫العلوم السياسية من جامعة هارفرد‪ .‬هذا الكتاب جاء حتت عنوان “أمة أوباما”‪.‬‬ ‫من املوضوعات اخلالفية التي انتقدها كورسي في كتابه حول سياسات أوباما‪ ،‬وأهمها ما‬ ‫يتعلق بسياساته عن كيفية التعامل مع ترسانة األسلحة النووية في العالم‪ ،‬ومنع االنتشار‬ ‫النووي‪ ،‬ففي هذا السياق أكد أوباما أنه يسعى إلى إخالء العالم من األسلحة النووية من خالل‬ ‫التفاوض مع روسيا‪.‬‬ ‫وتطرق كورسي أيضا ً إلى احلديث عن اجلذور اإلسالمية لباراك أوباما‪ ،‬وذكر في هذا اإلطار‬ ‫أحد الوقائع التي حتدث عنها نيكوالس كريستوف‪ ،‬كاتب بنيويورك تاميز‪ ،‬الذي كتب أنه عندما‬ ‫كان أوباما في مكتبه وقت غروب الشمس ردد األذان بالعربية بصورة بليغة للغاية‪ ،‬وقال أوباما‬ ‫لنيكوالس كريستوف إن هذا الصوت هو أجمل األصوات التي يسمعها عند الغروب‪.‬‬ ‫وأكد كورسي أنه في كتابه قد أثبت أن أوباما حينما كان صغيرا ً في املدرسة درس العديد من‬ ‫التعاليم والشعائر اإلسالمية‪.‬‬ ‫ولكن أوباما اآلن يعتنق املسيحية بحسب طائفة كنيسة املسيح املتحدة‪ .‬وهي طائفة من‬ ‫الطوائف األميركية لها معتقداتها الدينية وتشدد على كهنوت جميع املؤمنني وحرية األعضاء‬ ‫في اإلميان والعمل على أساس مفهومهم ملشيئة اهلل‪ ،‬كما تشجع أعضاءها على العمل من‬ ‫أجل العدالة وحرية جميع الشعوب‪.‬‬

‫العدوى تنتقل إلى الوسط الفني‬ ‫واحتفال بـ “جيمس بوند” األسود‪...‬‬ ‫املمثلون جورج كلوني‪ ،‬وجنيفر انيستون‪ ،‬وبراد بيت واجنلينا جولي‪ ،‬وسكارليت جوهانسون‪ ،‬واإلعالمية‬ ‫أوبرا وينفري‪ ،‬واملوسيقيون اشر وديري وبيت وغيرهم‪ ..‬كانوا من أوائل املرحبني بوصول باراك أوباما الى‬ ‫سدة الرئاسة األميركية‪.‬‬ ‫ونقلت مجلة بيبول عن كلوني الذي دعم أوباما منذ إعالن ترشحه‪ ،‬قوله إن “الوقت حان لتوحيد‬ ‫البالد ملواجهة التحديات الهائلة التي يقف أمامها جيلنا” واصفا ً انتخاب أوباما بالتاريخي‪.‬‬ ‫أما املمثلة كورتني كوكس بطلة مسلسل فريندز وزوجها املمثل ديفيد أركيت‪ ،‬فنظما سهرة‬ ‫احتفالية في منزلهما في بيفرلي هيلز‪ ،‬شاركت فيها زميلتها في املسلسل انيستون والكوميدي‬ ‫البريطاني ساشا بارون كوهني‪ ،‬واعتبروا انتخاب أوباما “دليالً جميالً على أن الوعي األميركي اجلماعي‬ ‫يزدهر”‪ .‬من جهتها‪ ،‬أعربت أوبرا وينفري‪ ،‬أحد أهم اإلعالميني وأشهرها عن سعادتها قائلة إن “األمل‬ ‫فاز‪ ،‬أشعر بأن شيئا ً شجاعا ً وغير مسبوق حدث”‪ ،‬واصفة انتخاب أوباما بأنه “أجمل جتربة عرفتها في‬ ‫حياتي”‪.‬‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬ذكرت منتجة سلسلة أفالم جيمس بوند باربارا بروسولي أنها تتخيل البطل املقبل ألفالم‬ ‫العميل السري “بوند ‪ ”007‬أسود متاما ً “مثلما هناك رئيس أميركي أسود” األمر الذي أ ّيده البطل اجلديد‬ ‫للسلسلة املمثل البريطاني دانيال كريغ الذي وصف نفسه بأنه من أشد املعجبني بأوباما ويعتقد أن‬ ‫تلك هي اللحظة املناسبة لوصول جيمس بوند أسمر‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫الغالف‬

‫صالحيات رئيس الواليات المتحدة‬ ‫رئيس الواليات املتحدة الذي يعد أقوى رجل في العالم ليس محصناً‪ ،‬وتبقى صالحياته محدودة‬ ‫مبوجب الدستور‪.‬‬ ‫لكن الدستور مرن إلى حد كبير ويسمح لكل رئيس بتكثيف هذه الصالحيات مع حاجاته في أي‬ ‫وقت‪ .‬وتنص املادة الثانية من الدستور على أن “السلطة التنفيذية توكل إلى رئيس الواليات املتحدة‬ ‫األميركية”‪ ،‬كما تنص على مدة الوالية (أربع سنوات) وقائمة بصالحيات الرئيس‪.‬‬ ‫فالرئيس هو القائد األعلى للقوات املسلحة وميلك صالحية قرار وقف تنفيذ العقوبات والعفو‪ ،‬وفي‬ ‫إمكانه إبرام معاهدات شرط استشارة مجلس الشيوخ واحلصول على موافقة ثلثي أعضاء اجمللس‪.‬‬ ‫وهو يعني السفراء والقضاة في احملكمة العليا شرط موافقة غالبية مجلس الشيوخ لتثبيتهم في‬ ‫مناصبهم‪.‬‬ ‫ووفق الدستور يطلع الرئيس دوريا ً الكونغرس على وضع االحتاد ويوصي بأي تدبير يعتبره ضروريا ً‬ ‫ومناسباً‪ .‬كما ميلك حق االعتراض على نصوص القوانني التي يقرها الكونغرس الذي ميكنه مع ذلك‬ ‫جتاوز االعتراض الرئاسي من خالل التصويت بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب والشيوخ‪.‬‬ ‫وميكن عزل الرئيس إثر إجراءات خاصة أو بعد إدانته باخليانة والفساد أو أي جرائم وجنح أخرى‪ .‬وقد‬ ‫ص ّوت مجلس النواب األميركي مرتني على إجراء من هذا النوع بحق رئيس الواليات املتحدة‪ ،‬مرة ضد‬ ‫اندرو جونسون (‪ )8691‬ومرة ضد بيل كلينتون (‪ ،)8991‬إال أن مجلس الشيوخ ب ّرأ الرئيسني‪ .‬وفي ‪4791‬‬ ‫بدأ مجلس النواب إجراءات ترمي إلى توجيه االتهام إلى ريتشارد نيكسون إال أن اإلجراء توقف بعد‬ ‫استقالته‪ ،‬الوحيدة في تاريخ الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ال ميلك الرئيس األميركي صالحية حل الكونغرس‪ ،‬كما ال ميلك مبدئيا ً صالحية إعالن احلرب‪ ،‬فهو قرار‬ ‫يعود الى الكونغرس‪ ،‬لكن ال تعتبر كل حاالت التدخل العسكري في اخلارج “إعالن حرب” وغالبا ً ما تعود‬ ‫صالحية إرسال قوات الى املعركة فعال إلى الرئيس‪ .‬كما في إمكان الرئيس استخدام سلطته حلفظ‬ ‫النظام بناء على طلب إحدى الواليات‪ ،‬وبإمكانه أيضا استدعاء احلرس الوطني للواليات‪ ،‬لكن هذه‬ ‫الصالحيات ميكن تأويلها بشكل أوسع‪ ،‬وهكذا قرر جورج بوش استخدام احلرس الوطني في العراق‪.‬‬

‫أرقام التمييز العنصري‬ ‫التمييز العنصري ال يزال راسخا ً في الواليات املتحدة‪ ،‬وفي اآلتي الئحة ببعض مظاهر هذا التفاوت‬ ‫االجتماعي بني البيض والسود‪.‬‬ ‫الصحة‪:‬‬ ‫ـ معدل وفيات األطفال السود أكبر بـ ‪ 4.2‬مرة عنه لدى األطفال البيض‪ ،‬بحسب املركز األميركي‬ ‫للسيطرة على املرض والوقاية‪.‬‬ ‫ـ األطباء يبدون اهتماما ً أقل مبنح النساء السود عالجا ً باألشعة بعد القضاء على املرحلة املبكرة‬ ‫من سرطان الثدي‪ ،‬بحسب مركز اندرسون للسرطان‪.‬‬ ‫ـ متوسط العمر لدى البيض يفوق متوسط العمر لدى السود بخمس سنوات‪.‬‬ ‫االقتصاد‪:‬‬ ‫ ‪ 1.6‬في املئة من مجموع القوة العاملة األميركية كانت عاطلة عن العمل في الربيع األول من‬‫العام احلالي‪ ،‬لكن ‪ 4.11‬في املئة من القوة العاملة السوداء كانت عاطلة عن العمل‪.‬‬ ‫ـ متوسط دخل األسرة البيضاء بلغ ‪ 4.46‬ألف دوالر في العام ‪ ،7002‬فيما بلغ متوسط دخل األسرة‬ ‫السوداء ‪ 1.04‬في املئة‪ ،‬بحسب “سينسوس بيروداتا”‪.‬‬ ‫ـ ‪ 6.01‬في املئة من السكان البيض عاشوا في العام ‪ 7002‬حتت خط الفقر‪ ،‬مقارنة مع ‪ 4.42‬في املئة‬ ‫من السكان السود‪ ،‬بحسب املركز ذاته‪.‬‬ ‫ـ ‪ 3.41‬في املئة من األميركيني البيض فقدوا تأمينهم الصحي‪ ،‬مقارنة مع ‪ 2.91‬من األميركيني‬ ‫السود‪.‬‬ ‫ـ ‪ 27‬في املئة من األميركيني البيض ميلكون منازلهم‪ ،‬مقارنة مع ‪ 64‬في املئة من األميركيني‬ ‫األفارقة‪.‬‬ ‫السجن‪:‬‬ ‫ـ ‪ 8.0‬من الرجال البيض مدانون بجرائم‪ ،‬مقارنة مع ‪ 6.4‬في املئة من الرجال السود‪ ،‬بحسب إحصاءات‬ ‫وزارة العدل‪.‬‬ ‫ـ ‪ 7.01‬في املئة من الرجال السود الذين تتراوح أعمارهم بني ‪ 03‬و‪ 43‬عاما ً دخلوا السجن‪ ،‬مقارنة مع‬ ‫‪ 9.1‬من الرجال البيض‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪8‬‬

‫برسالة إلى أوباما جاء فيها‪“ :‬في الوقت الذي‬ ‫يجب علينا أن نواجه فيه جميعا ً حتديات هائلة‪،‬‬ ‫يثير انتخابكم في فرنسا وفي أوروبا وفي بقية‬ ‫العالم‪ ،‬أمالً عظيما ً ‪ ،‬األمل في أميركا منفتحة‬ ‫ومتضامنة وقوية”‪.‬‬ ‫االحتاد االوروبي ذهب في االجتاه نفسه‪ ،‬حيث‬ ‫صرح خوسي مانويل باروزو‪ ،‬رئيس املفوضية‬ ‫األوروبية “يجب علينا أن نح ّول األزمة احلالية الى‬ ‫فرصة جديدة‪ ،‬إننا بحاجة إلى وفاق جديد في‬ ‫عالم جديد‪ .‬إنني آمل مخلصا ً أن الواليات املتحدة‬ ‫بقيادة الرئيس أوباما ستضم جهودها الى أوروبا‪،‬‬ ‫لقيادة هذا الوفاق اجلديد‪ ،‬ملصلحة مجتمعاتنا‬ ‫ولفائدة العالم”‪.‬‬ ‫في سويسرا‪ ،‬عبرت ميشلني كاملي ‪ -‬ري‪ ،‬وزيرة‬ ‫اخلارجية عن ارتياحها لـ”تغير في األساليب”‬ ‫مقبل في البيت األبيض‪ ،‬وأشارت الى أن أوباما‬ ‫يتحدث عن احلوار وعن حقوق اإلنسان‪ ،‬وذهبت الى‬ ‫أن قدومه سيؤدي الى “تغير في املوقف”‪ ،‬مشددة‬ ‫على أن باراك أوباما يفضل السياسة املتعددة‬ ‫األطراف واحللول الدبلوماسية للنزاعات‪.‬‬ ‫بحكم األصول األفريقية للرئيس املقبل‬ ‫للواليات املتحدة‪ ،‬أثار انتخابه ردود فعل متحمسة‬ ‫في القارة السمراء‪ ،‬الرئيس الكيني مواي‬ ‫كيباكي‪ ،‬ع ّبر عن ابتهاجه ووجه رسالة الى أوباما‪،‬‬ ‫قال فيها‪“ :‬نحن الكينيني فخورون جدا ً بجذوركم‬ ‫الكينية‪ ،‬إن انتصاركم ليس مصدر إلهام ملاليني‬ ‫البشر في شتى أنحاء العالم فحسب‪ ،‬بل إن له‬ ‫صدى خاصا ً بالنسبة لنا هنا في كينيا”‪.‬‬ ‫أما رئيس جنوب أفريقيا كاليما مونتالنتي‬ ‫فص ّرح بأن‪ :‬أفريقيا فخورة اليوم مبا أجنزمتوه‪ ،‬ال‬ ‫ميكنها إال أن تنتظر بفارغ الصبر االنخراط في‬ ‫عالقة عمل مثمرة معكم على املستوى الثنائي‬ ‫واملتعدد األطراف‪ ،‬من أجل خلق عالم أفضل‬ ‫للجميع‪.‬‬ ‫والزعيم األفريقي نيلسون مانديال قال إن‬ ‫فوز أوباما أثبت أن بإمكان أي شخص أن يحلم‬ ‫بتحويل العالم الى مكان أفضل‪.‬‬ ‫في فلسطني احملتلة صرح محمود عباس مهنئا ً‬ ‫أوباما ودعاه الى تسريع اجلهود املبذولة من أجل‬ ‫التوصل الى السالم في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫من جهتها‪ ،‬دعت املقاومة اإلسالمية حماس‪،‬‬ ‫التي تسيطر على قطاع غزة‪ ،‬أوباما الى استخالص‬ ‫الدروس من أخطاء اإلدارات السابقة‪ ،‬وخاصة إدارة‬ ‫بوش جتاه العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫وأعرب وزير اإلعالم السوري محسن بالل عن‬ ‫األمل في أن يؤدي انتخاب أوباما رئيسا ً للواليات‬ ‫املتحدة الى تغيير في سياستها اخلارجية‪،‬‬ ‫واالنتقال من سياسة احلروب واحلصار الى سياسة‬ ‫الدبلوماسية واحلوار‪.‬‬ ‫وفي طهران‪ ،‬قال وزير اخلارجية اإليراني منوشهر‬ ‫متكي إن “انتخاب أوباما للرئاسة األميركية‬ ‫إشارة واضحة إلى أن شعب ذلك البلد يطالب‬ ‫بتغييرات أساسية في السياسة اخلارجية‬


‫إبن مهاجر أفريقي أسود‪ ،‬يتسلم زمام‬ ‫القيادة في أقوى دولة في العالم‬

‫والسياسة األميركية اجلديدة‪ ،‬من تلبية مطالب‬ ‫شعبها عمليا ً باالبتعاد عن األساليب اخلاطئة‬ ‫التي انتهجها رجال الدولة احلاليون”‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬جاء رد فعل وزير اخلارجية‬ ‫العراقي هوشيار زيباري‪ ،‬مشوبا ً بالتحفظ‪ ،‬حيث‬ ‫ص ّرح “نحن نحترم اختيار األميركيني وال نعتقد أنه‬ ‫سيكون هناك تغيير سياسي مفاجئ‪ ،‬كما أنه لن‬ ‫يكون هناك انسحاب أميركي سريع من العراق”‪.‬‬

‫فريق أوباما االقتصادي‬ ‫أعلن الرئيس املنتخب باراك أوباما أسماء‬ ‫كبار مستشاريه االقتصاديني الذين سيشرفون‬ ‫على تنفيذ خطة اإلنقاذ االقتصادي‪ ،‬ومن بينهم‬ ‫تيموتي جيتنز الذي سيشغل منصب وزير اخلزانة‬ ‫في احلكومة املرتقبة‪.‬‬ ‫ويضم الفريق االقتصادي أيضا ً لورنس‬ ‫سومرز‪ ،‬الذي سيرأس اجمللس االقتصادي القومي‪.‬‬ ‫وكريستينا رومر التي ستترأس بدورها مجلس‬ ‫املستشارين االقتصاديني‪.‬‬ ‫وقد اكتسبت رومر خبرتها في مجال البحث‬ ‫والعمل على تأثير خفض الضرائب على النمو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬األمر الذي يشكل جانبا ً هاما من‬ ‫خطة أوباما االقتصادية‪.‬‬ ‫وقال الرئيس املنتخب إن الواليات املتحدة تواجه‬ ‫أزمة اقتصادية تاريخية‪ ،‬وإن األسواق املالية تعمل‬ ‫حتت وطأة ضغوط كبيرة‪ .‬وأضاف قائالً‪ :‬ال ميكننا‬ ‫التقليل من حجم التحديات التي نواجهها‪ ،‬لكننا‬ ‫أيضا ً ال نستطيع أن نقلل من قدراتنا وإمكانياتنا‬ ‫في التغلب على تلك التحديات‪.‬‬ ‫هيالري وزيرة بيضاء للخارجية‬ ‫إن اخللفية اخلاصة جدا ً لــ”باراك أوباما” أطلقت‬ ‫عاصفة من التفاؤل عبر العالم أجمع‪ ،‬تفاؤل بأن‬ ‫يقوم الرئيس األميركي اجلديد مبصاحلة الواليات‬ ‫املتحدة مع العالم من حولها‪ ،‬بعد سبع سنوات‬ ‫من الغزو واحلرب والتعذيب والسجون السرية‬

‫في الثالث والعشرين من هذا الشهر يستلم ابن مهاجر أفريقي مغمور رئاسة الواليات املتحدة‬ ‫االميركية‪.‬‬ ‫منذ أربعني سنة خلت لم يكن ملثله حق اجللوس الى جانب مواطن أبيض في حافالت النقل‬ ‫العامة‪ .‬وال كان ملثله احلق في دخول مطعم أو مقهى عام‪ .‬لقد كان لبني عرقه مطاعمهم‬ ‫اخلاصة‪ ،‬وأمكنتهم اخلاصة بعيدا ً عن جتمعات البيض وأحيائهم‪.‬‬ ‫هذا التغيير لم يكن سببه انتخاب باراك أوباما رئيسا ً للواليات املتحدة فقط‪ .‬بل كان انتصارا ً‬ ‫باهرا ً للقانون الذي يحمي مؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫إنه انتصار للحقوق االنسانية على التمييز والتمايز العنصري‪ .‬ورفض للتقوقع بحجة التقليد‬ ‫والعادة‪ .‬فقد أثبتت النتائج ان والء املواطن االميركي لبالده ليس سوى والء لدولة القانون‬ ‫واملؤسسات التي ترعى حقوقه وحتافظ عليها‪.‬‬ ‫انتحرت العنصرية بسيف الوعي ففاز القانون وجنح أوباما في الوصول الى سدة الرئاسة‪.‬‬ ‫وربحت أميركا ذاتها بعدما كانت قد خسرتها إبان عهد بوش‪ ،‬وبفوزه هذا سجل صفع ًة قوية‬ ‫للتقاليد التي كانت تكبله طيلة مئتني وإحدى عشرة سنة‪ .‬فكان التغيير وكان االنتصار‪.‬‬ ‫ونحن هنا في تيار التوحيد ال نزال نالم على رفع الصوت واملناداة بالتغيير‪.‬‬ ‫تصم آذاننا اخلطب الطائفية والتذكير ببطوالت السلف الوهمية‪ ،‬فنبقي على ديناصورات‬ ‫السياسة العائلية التي جتثم على صدورنا رافضة التغيير فنستسهل عذاب الواقع‪ .‬كل ذلك‬ ‫بحجة ان لبنان أنشئ هكذا‪ ،‬وان لبنان ال ميكن ان يستمر بغياب نظامه الطائفي هذا‪.‬‬ ‫صحيح أن لبنان ليس أميركا‪ ،‬وأن الشعب هنا ليس كشعب أميركا‪.‬‬ ‫فالواقع هو أننا نحن بحاجة الى شعار التغيير أكثر بكثير من حاجة أميركا له‪.‬‬ ‫فهل نالم اذا ما طالبنا به وأصررنا عليه؟‬ ‫هذا السؤال نرفعه الى أصحاب الضمير احلي في هذا الوطن‪ّ ..‬‬ ‫لعل في ذلك خيراً‪...‬‬

‫حافظ أبو املنى‬

‫والسياسات االنفرادية واالستهانة بالرأي العام‬ ‫العاملي‪ .‬احلقيقة أن أحدا ً ال ميكنه اآلن تقدير‬ ‫اجلوانب التفصيلية لسياسة إدارة أوباما اخلارجية‪،‬‬ ‫وما ميكن التأكد منه في هذه املرحلة املبكرة أن‬ ‫إدارة أوباما ستكون أحرص على التزام الطرق‬ ‫الدبلوماسية منها إلى املغامرات العسكرية‪.‬‬ ‫وكثرت التحليالت والنظريات عن معنى تعيني‬ ‫الرئيس املنتخب منافسته السابقة خالل املعركة‬ ‫االنتخابية وزيرة اخلارجية‪.‬‬ ‫ويرى بعض املراقبني أن تعيني هيالري كلينتون‬ ‫يؤكد رغبة أوباما في أن يكون لديه فريق قوي‬ ‫وفعال من الوزراء واملستشارين قادر على حتقيق‬ ‫النتائج‪.‬‬ ‫لذلك يأتي تعيني هيالري ضمن فريقه اخلارجي‬ ‫مناسبا ً مع تعيني اجلنرال املتقاعد القائد العام‬ ‫السابق لقوات حلف شمال األطلسي جيمس‬ ‫جونز مستشارا ً لألمن القومي‪.‬‬ ‫ويرجح أن يعيد جونز‪ ،‬املعروف بقوة شخصيته‬ ‫وخبرته في واشنطن واطالعه الواسع على قضايا‬ ‫السياسة اخلارجية واألمنية‪ ،‬إلى مجلس األمن‬ ‫القومي نفوذه كما كان في السابق‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن يعمل أوباما وهيالري وجونز على‬ ‫حتريك عملية السالم بني العرب وإسرائيل‪ ،‬عكس‬

‫‪9‬‬

‫إدارة بوش التي لم تضع هذه العملية فعالً في‬ ‫طليعة أولوياتها لسنوات عدة‪.‬‬ ‫خالل املعركة االنتخابية متحورت اخلالفات بني‬ ‫أوباما وهيالري حول طريقة التعامل مع إيران واحلرب‬ ‫في العراق‪ ،‬لكن الواقع يبينّ أن اخلالفات بينهما‬ ‫محدودة وتكتيكية أكثر منها جوهرية أو عقائدية‪.‬‬ ‫ويقال إن أوباما وهيالري يؤمنان بضرورة‬ ‫استخدام الدبلوماسية القوية والتعامل مع‬ ‫اخلطوط الرئيسية حلل جميع العقد‪ ،‬ومنها‬ ‫صورة أميركا املهترئة وانتشار األسلحة النووية‬ ‫ونفقات الدفاع الهائلة وعودة روسيا واحلرب‬ ‫الباردة‪ ،‬إلى نزاع الشرق األوسط واملواجهة مع‬ ‫إيران واملستنقع العراقي‪.‬‬ ‫ويبقى القول إن أحالم أوباما في التغيير غير‬ ‫مستحيلة‪ ،‬وإن كان الطريق وعرا ً غير أنه إذا‬ ‫استطاع تقدمي نفسه لبالده وللعالم على أنه‬ ‫مهندس النظام الدولي اجلديد الذي فيه احلق فوق‬ ‫القوة‪ ،‬والعدالة سابقة على الظلم‪ ،‬ساعتها‬ ‫ميكن ألميركا أن تبدأ ومبساعدة العالم من حولها‬ ‫على اخلروج من العزلة واالنزواء اللذين خ ّلفهما‬ ‫جنون جورج بوش االبن‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫الغالف‬

‫أوباما‬ ‫لن يذكر‬ ‫السنيورة‬ ‫يومياً‬ ‫كما فعل‬ ‫بوش‬

‫انتقال الواليات املتحدة من حزب الى آخر ومن‬ ‫ادارة الى اخرى بانتخاب شعبي دميوقراطي‪ ،‬أوصل‬ ‫أول مواطن بشرته سوداء إلى البيت االبيض ومن‬ ‫أصول أفريقية‪ ،‬وجذور إسالمية‪ ،‬اعتبر أول حتول‬ ‫في اجملتمع االميركي الذي هو خليط من مهاجرين‬ ‫قدموا الى هذه البالد‪ ،‬من جنسيات مختلفة‬ ‫وعرقيات واثنيات متباينة وديانات متعددة‪ ،‬حيث‬ ‫يعرف اجملتمع االميركي أنه مجتمع تعددي‪ ،‬ووحدة‬ ‫حكم فدرالي‪.‬‬ ‫ودائما ً يقال إن تغيير الرئيس أو استبدال حزب‬ ‫بأخر ال يغير من ثوابت السياسة االميركية‪،‬‬ ‫ألن أميركا دولة مؤسسات‪ ،‬وهي التي تقرر من‬ ‫االستخبارات الى اخلارجية ووزارة الدفاع إضافة‬ ‫طبعا ً إلى “اللوبيات السياسية” والشركات‬ ‫االقتصادية الكبرى‪.‬‬ ‫ففي الشأن اللبناني‪ ،‬تتحدث التقارير وآراء‬ ‫املسؤولني االميركيني واخلبراء في الشأن االميركي‪،‬‬ ‫أنه لن يحصل تغيير في سياسة واشنطن جتاه‬ ‫لبنان‪ ،‬جلهة احترام سيادته واستقالله ورفض‬ ‫التدخل في شؤونه‪ ،‬وهذه أدبيات تعبر عنها‬ ‫معظم الدول‪ ،‬لكن هناك أسلوب عمل مختلفا ً‬ ‫جداً‪ ،‬بني إدارة وأخرى‪ ،‬لها عالقة مبصالح الواليات‬ ‫املتحدة التي تتقدم على أي شيء آخر‪ ،‬الن من‬ ‫هذا املنظار والواقعية السياسية‪ ،‬تقيس اميركا‬ ‫عالقاتها مع الدول واالحزاب واملنظمات‪ ،‬وال‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هل ينصح بوش أوباما برعاية «ثوار األرز»‬

‫عواطف لديها‪ ،‬وهي في املنطقة تقدم مصالح‬ ‫اسرائيل وأمنها على كل الدول العربية‪ ،‬ومن هذا‬ ‫املفهوم الثابت فإن املصلحة الصهيونية هي‬ ‫االساس وقد أعلن الرئيس املنتخب باراك أوباما‬ ‫التزامه مصالح اسرائيل وأمنها‪ ،‬وقد رحب قادة‬ ‫العدو بانتخابه واعتبروا ان عهدا ً ذهبيا ً سيحصل‬ ‫من خالل العالقات مع الواليات املتحدة‪ ،‬واملعروف‬ ‫تاريخيا ً ان “اللوبي اليهودي” في أميركا كان‬ ‫يدعم دائما ً وصول مرشح احلزب الدميوقراطي‬ ‫الى البيت االبيض‪ ،‬لكن أوباما أعلن انه مع حل‬ ‫للمسألة الفلسطينية‪ ،‬وهو قد يبدأ من حيث‬ ‫انتهى الرئيس االسبق بيل كلينتون وهو من‬

‫‪10‬‬

‫احلزب الدميوقراطي الذي أقر بضرورة انسحاب‬ ‫اسرائيل من االراضي احملتلة وفق مؤمتر مدريد‪ ،‬أي‬ ‫مقايضة االرض بالسالم وإقامة دولة فلسطينية‬ ‫لكنه جوبه برفض اسرائيلي مما عطل عملية‬ ‫السالم التي كانت حققت تقدما ً على املسارين‬ ‫الفلسطيني والسوري‪.‬‬ ‫فالرئيس أوباما يختلف في نظرته الى الواقع‬ ‫اللبناني عن سلفه جورج بوش‪ ،‬الذي كان منحازا ً‬ ‫الى فريق لبناني دعمه بقوة‪ ،‬وح ّرضه على املقاومة‬ ‫وعلى العالقة مع سوريا‪ ،‬ودفعه باجتاه “ثورة األرز”‬ ‫التي انشأتها ورعتها وم ّولتها االدارة االميركية‪،‬‬ ‫فخلقت انقساما ً بني اللبنانيني‪ ،‬بعدما دفعت‬


‫مجلس االمن الدولي الى إصدار القرار ‪1559‬‬ ‫بالتنسيق مع فرنسا برئاسة جاك شيراك‪ ،‬الذي‬ ‫كان قرار فتنة أدى الى تدهور االوضاع االمنية في‬ ‫لبنان‪ ،‬وافتتاح موجة اغتياالت وتفجيرات‪ ،‬وازدياد‬ ‫الشرخ الداخلي الذي أظهر فرزا ً مذهبياً‪ ،‬أوصل‬ ‫اللبنانيني الى حدود احلرب االهلية‪.‬‬ ‫فسياسة بوش جتاه لبنان كانت حتريضية فتنوية‪،‬‬ ‫حيث اعتقد الرئيس الراحل من البيت االبيض‪،‬‬ ‫أنه سيجعل من لبنان مختبرا ً للدميوقراطية‬ ‫ومنطلقا ً “للشرق االوسط اجلديد” الذي كان بدأه‬ ‫من العراق فغرق في حروب وفنت داخلية‪ ،‬فنقله‬ ‫الى لبنان‪ ،‬وظن انه بإجراء انتخابات نيابية ستبرز‬ ‫الدميوقراطية‪ ،‬فظهرت فيه الطائفية واملذهبية‬ ‫بأبشع صورها‪ ،‬وجاءت نتائج االنتخابات لتكرس‬ ‫هيمنة الطوائف واملذاهب‪ ،‬متثلت في قيام كتل‬ ‫ّ‬ ‫عطلت الدميوقراطية وتداول‬ ‫نيابية طائفية‪،‬‬ ‫عكس‬ ‫وكانت‬ ‫السلطة‪،‬‬ ‫الوداع األخير‬ ‫مفهوم الدميوقراطية‪ ،‬التي‬ ‫في ظل النظام الطائفي‪،‬‬ ‫باتت محكومة بالتوافق‪ ،‬وهو‬ ‫ما اصطلح على تسميته‬ ‫بـ”الدميوقراطية التوافقية”‬ ‫ولم يعد في استطاعة أي‬ ‫فريق سياسي طائفي ان‬ ‫يهمش فريقا ً آخر‪ ،‬أو يؤلف‬ ‫حكومة دون مشاركة ممثلني‬ ‫حقيقيني لطوائفهم‪ ،‬بحيث‬ ‫ابتعد اللبنانيون عن اصالح‬ ‫نظامهم السياسي الذي‬ ‫أوصى الدستور القائم على‬ ‫اتفاق الطائف على ضرورة‬ ‫أن يصدر قانون انتخاب خارج‬ ‫القيد الطائفي أو أقله ان‬ ‫يتم تكبير الدوائر االنتخابية‪،‬‬ ‫لتذويب احلالة الطائفية قوى ‪ 14‬شباط‪ :‬إعادة القراءة للتحوالت الدولية‬ ‫واملذهبية‪ ،‬فجاءت االحداث لتعيد العمل بقانون أوباما ستمارس نحو لبنان‪ ،‬دورا ً مختلفا ً وسياسة‬ ‫لن تكون طبق االصل‪ ،‬جلهة االعتراف بوجود قوى‬ ‫القضاء الذي صدر في العام ‪.1960‬‬ ‫لذلك كانت “املرحلة البوشية”‪ ،‬وسياستها سياسية اخرى وعدم معاقبتها على حتالفها‬ ‫جتاه لبنان‪ ،‬تقسيمية وفترة الوصاية عليه متيزت مع سوريا وعالقاتها مع ايران أو دعمها وتأييدها‬ ‫بخرق الدستور اللبناني‪ ،‬وعدم احترام وجود رئاسة للمقاومة‪ ،‬الن الدميوقراطيني لديهم نهج آخر‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬فجرت محاولة لعزل الرئيس إميل يقوم على االعتراف بدور سوري ليس في لبنان‬ ‫حلود‪ ،‬وإعطاء دور لرئيس احلكومة‪ ،‬فكان الرئيس فقط بل في املنطقة‪ ،‬وان احلل مير عبر سوريا‪ ،‬وهو‬ ‫فؤاد السنيورة املادة اليومية على الطبق االعالمي ما حرصت عليه رئيسة مجلس النواب نانسي‬ ‫للرئيس بوش‪ ،‬الذي كان يذكره في كل تصريح بيلوسي‪ ،‬وهي من احلزب الدميوقراطي‪ ،‬اثناء زيارتها‬ ‫وخطاب‪ ،‬ويحرضه على منع قيام حكومة وحدة للبنان‪ ،‬ومنه انتقلت الى سوريا والتقت رئيسها‬ ‫تدعيه اميركا‬ ‫وطنية تكون املعارضة ممثلة فيها أو يدخلها “حزب بشار االسد‪ ،‬وفكت ما كانت ّ‬ ‫اهلل” قبل أن يجرد من سالحه ويلغي مقاومته احلظر على سوريا وعزلتها‪ ،‬وجتولت في شوارعها‬ ‫إلسرائيل‪ ،‬حيث غرق السنيورة في املستنقع واسواقها وسوقها التاريخي “احلميدية”‪ ،‬وقررت‬ ‫االميركي‪ ،‬وأوصل لبنان الى التشرذم واالقتتال بيلوسي من خالل زيارتها فتح صفحة جديدة مع‬ ‫كما الى حرب اسرائيلية مدمرة عليه‪ ،‬ألنه سوريا والتأسيس لعالقة معها‪ ،‬ستظهر نتائجها‬ ‫استند الى دعم أميركي‪ ،‬لم يوفر له ان يحكم مع فوز أوباما‪ ،‬حيث سيحصل حتول في التعاون‬ ‫في الداخل‪ ،‬بعدما فقدت حكومته شرعيتها االميركي ـ السوري ستكون له انعكاسات‬ ‫باستقالة وزراء “أمل” “وحزب اهلل” منها‪.‬‬ ‫ايجابية على لبنان‪ ،‬اذ ان التفاهم بني دمشق‬ ‫من هنا فإن االدارة الدميوقراطية اجلديدة برئاسة وواشنطن‪ ،‬سيريح الوضع اللبناني‪ ،‬دون ان يعني‬

‫‪11‬‬

‫ذلك تلزمي لبنان الى سوريا‪ ،‬بل عدم التحريض على‬ ‫سوريا من لبنان‪ ،‬والعمل على إسقاط نظامها‬ ‫كما حاول بوش وإدارته من “احملافظني اجلدد”‪ ،‬وقد‬ ‫فشل‪.‬‬ ‫فمع االدارة االميركية اجلديدة من املتوقع ان‬ ‫تكون على مسافة واحدة من اجلميع وليست مع‬ ‫فريق ضد آخر‪ ،‬وهو ما مارسته االدارة احلالية‪ ،‬التي‬ ‫كانت تتعاطف مع قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬التي خسرت‬ ‫حلفاء في العالم‪ ،‬مع خروج شيراك من االليزيه‪،‬‬ ‫وانتهاء والية بوش في البيت االبيض ففتحت‬ ‫فرنسا ابوابها للرئيس االسد وزار ساركوزي سوريا‬ ‫ولم يعد فريق االغلبية النيابية يلقى من يسمعه‬ ‫في دوائر القرار الفرنسي‪ ،‬وعندما يتسلم اوباما‬ ‫الرئاسة في كانون الثاني يكون هذا الفريق قد‬ ‫فقد من يدعمه ويوجههه‪ ،‬وستكون مرحلة‬ ‫جديدة في لبنان عشية االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫ستعود سوريا العبا فيه لرعاية حلول لالزمة‬ ‫اللبنانية كما ينتظر منها الدميوقراطيون‪.‬‬

‫انطوان خيراهلل‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر عربي‬ ‫منبر القراء الثقافي‬

‫السياسة األميركية تجاه العرب‬ ‫كيف تصنع‪ ،‬وما هو دور الكيان الصهيوني؟‬ ‫من باب (إعرف عد ّوك وصديق عد ّوك) علينا أن‬ ‫نفهم الواليات املتحدة وسياستها اخلارجية‪ ،‬وهذه‬ ‫ضرورة حتمية‪ ،‬نظرا ً لكونها القطب األهم في‬ ‫النظام الدولي احلالي‪ ،‬والقوة اخلارجية املهيمنة في‬ ‫املنطقة العربية بقوتها االقتصادية والعسكرية‬ ‫الهائلة‪.‬‬ ‫وعرضنا للسياسة اخلارجية األميركية يهدف في‬ ‫املقام األول إلى حتليل عملية اتخاذ القرار السياسي‪،‬‬ ‫وفهم دور القوى الداخلية واخلارجية املؤثرة في صنع‬ ‫القرار‪ ،‬ومن ثم التركيز على العناصر الرئيسية التي‬ ‫تلعب دورا ً مهما ً في التأثير على صناعة القرارات‬ ‫املصيرية ضد الوطن العربي‪ ،‬ومنها ما يتحدد‬ ‫باإلطار الدستوري والقانوني‪ ،‬أو بالنخب احلاكمة‬ ‫والقيادة السياسية‪ ،‬والقوى الداخلية املؤثرة‪ ،‬من‬ ‫أطر سياسية وجماعات الضغط أواملصالح اخلاصة‪،‬‬ ‫واإلعالم والرأي العام‪ ،‬ومنها ما يتعلق بالبيئة‬ ‫اخلارجية وتشمل العوامل الدولية واإلقليمية التي‬ ‫تلعب دورا ً في التأثير في رسم السياسة األميركية‬ ‫جتاه املنطقة العربية‪ ،‬ومثال ذلك‪“ :‬احلرب الباردة‪،‬‬ ‫واحتياج الواليات املتحدة لنفط اخلليج وحماية أمن‬ ‫إسرائيل”‪.‬‬ ‫ومن ثم نأخذ التفاعل الديناميكي واحلركي‬ ‫بني هذه العناصر كلها‪ ،‬وهنا نؤكد أن بني هذه‬ ‫العناصر‪ ،‬ثالثة تلعب دورا ً رئيسيا ً في السياسة‬ ‫اخلارجية األميركية نحو املنطقة العربية وهي‬ ‫“القيادة السياسية املتمثلة في الرئاسة‪ ،‬والسلطة‬ ‫التشريعية املتمثلة في الكونغرس‪ ،‬وجماعات‬ ‫الضغط أو املصالح اخلاصة”‪.‬‬ ‫ومن السهل تصوير السياسة اخلارجية األميركية‬ ‫نحو الوطن العربي كنتاج للسياسة الداخلية‬ ‫األميركية وجلهود اللوبي الصهيوني بصفة خاصة‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫إال أن هذه الصورة تبدو شديدة التبسيط‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫تظل فعالً تكتيكات اللوبي الصهيوني جتد آذانا ً‬ ‫صاغية في الواليات املتحدة بسبب انسجامها مع‬ ‫اآلراء الراسخة تاريخيا ً لدى األميركيني عن العرب‬ ‫واملسلمني عامة‪.‬‬ ‫وفهم السياسة اخلارجية األميركية جتاه العرب‬ ‫يتطلب فهما ً أعمق للمصادر اجملتمعية والثقافية‬ ‫واحلضارية واألمنية التي تغذي تصورات األميركيني‬ ‫عن العرب واملسلمني‪.‬‬ ‫والعالقة املهمة بني الرئيس والكونغرس وجماعة‬ ‫الضغط التي تلعب دورا ً حاسما ً في تشكيل‬ ‫السياسة األميركية جتاه املنطقة العربية‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أن النخب احلاكمة صاحبة القرار في‬ ‫السياسة اخلارجية األميركية‪ ،‬وهي تتضارب في ما‬ ‫بينها حول حتديد املصالح األميركية األساسية في‬ ‫النظام الدولي‪ ،‬فإنها نادرا ً ما تختلف عندما يتعلق‬ ‫األمر باملنطقة العربية‪...‬‬ ‫ومنذ السبعينيات بوجه خاص‪ ،‬كان هناك إجماع‬ ‫نسبي في صفوف السياسة اخلارجية على النقاط‬ ‫العريضة للمصالح احليوية األميركية في املنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬وهي “تأمني حصول الواليات املتحدة والغرب‬ ‫على النفط العربي بسعر مقبول‪ ،‬وإبقاء أي دولة‬ ‫كبرى أخرى بعيدة عن الشرق األوسط‪ ،‬واحملافظة‬ ‫على أمن إسرائيل وتف ّوقها على جيرانها”‪ ،‬فضالً عن‬ ‫معارضة الواليات املتحدة لقيام مشروعات وحدوية‪،‬‬ ‫مثل الوحدة العربية‪ ،‬والوحدة اإلسالمية‪ ،‬التي كانت‬ ‫هدفا ً ضمنيا ً من أهداف السياسة اخلارجية في‬ ‫اخلمسني سنة األخيرة‪.‬‬ ‫وفي احلقيقة أن مجموعات السياسة اخلارجية‬ ‫األميركية والنخبة ال تشكل أي منها وحدة‬ ‫متماسكة‪ ،‬بل هناك اختالفات تكتيكية في صفوف‬

‫‪12‬‬

‫النخبة احلاكمة‪.‬‬ ‫(فاملرونة واملساواة) هما ما مييزان عملية اتخاذ‬ ‫القرارات السياسية اخلارجية في الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫ال التصلب أو التعنت‪ ،‬وهذا ما يؤكد أن السياسة‬ ‫اخلارجية األميركية “ظرفية” أكثر من كونها‬ ‫“مبدئية”‪ ،‬وبالتالي ميكن التأثير فيها وتغييرها‪...‬‬ ‫ومثال ذلك العالقة (األميركية ـ اإلسرائيلية)‬ ‫فيذهب العديد من املراقبني إلى أن العالقة اخلاصة‬ ‫القائمة حاليا ً بني واشنطن وتل أبيب تعتبر أمرا ً‬ ‫مفروغا ً منه‪ ،‬وهم بذلك يخفقون في إدراك مدى‬ ‫حداثة هذه العالقة احلميمة بني اجلانبني‪ ،‬ومن اجلدير‬ ‫بالذكر أن هذه العالقة لم تصبح حميمة على هذا‬ ‫النحو إال بعد “احلرب العربية ـ اإلسرائيلية في حزيران‬ ‫‪ ،”1967‬وذلك نتيجة تشابك مجموعة من املتغيرات‬ ‫احمللية واإلقليمية والدولية‪.‬‬

‫اخلجل بالضعفاء‬ ‫فعلى سبيل املثال‪ ،‬في بداية ‪ 1961‬كان الرئيس‬ ‫“جون كنيدي” يشعر بقلق شديد من أن يتسبب‬ ‫اجتماعه عالنية مع ديفيد بن غوريون (رئيس الوزراء‬ ‫اإلسرائيلي آنذاك) في استثارة مشاعر القادة العرب‪،‬‬ ‫خصوصا ً الرئيس جمال عبد الناصر‪ ،‬وعندما أص ّر‬ ‫“بن غوريون” على اجتماع مبكر وافق “كينيدي” في‬ ‫النهاية على اللقاء‪ ،‬ولكن ليس في البيت األبيض‪،‬‬ ‫بل في فندق “والدورف استوريا” في نيويورك‪.‬‬ ‫إن التغيير اجلذري التي طرأ على العالقات‬ ‫األميركية اإلسرائيلية‪ ،‬منذ أواخر الستينيات‬ ‫“وما كانت تتسم به من ظرفية وغموض”‪ ،‬يذكرنا‬ ‫باملقولة الغربية الشائعة‪“ :‬ان الواليات املتحدة‪ ،‬مثل‬ ‫غيرها من البلدان‪ ،‬ليس لها أصدقاء دائمون‪ ،‬بل لها‬


‫مصالح دائمة‪ ،‬وتلك املصالح ليست ثابتة‪ ،‬بل هي‬ ‫متغيرة وعرضة للتبدل والتحول”‪.‬‬ ‫تأثير الرئيس والكونغرس في السياسة اخلارجية‬ ‫أما عن دور السلطة التنفيذية في مجال‬ ‫السياسة اخلارجية‪ ،‬والصراع على السلطة في‬ ‫واشنطن‪ ،‬فالرئيس يقف في جهة‪ ،‬والكونغرس في‬ ‫اجلهة األخرى‪ ،‬فاملادة الثانية من الدستور األميركي‬ ‫أعطت الرئيس سلطات عديدة في الشؤون اخلارجية‬ ‫(مثل سلطته التنفيذية‪ ،‬وقيادة القوات املسلحة‪،‬‬ ‫وهو كبير املفاوضني والدبلوماسيني)‪ ،‬فالرئيس يعتمر‬ ‫ثالث قبعات مختلفة في مجال السياسة الدولية‪.‬‬ ‫وإذا كان الدستور يخ ّول الكونغرس فقط “سلطة‬ ‫إعالن احلرب” من الناحية النظرية‪ ،‬إال أن الرئيس من‬ ‫الناحية التطبيقية له اليد العليا في هذا اجملال‪،‬‬ ‫حيث اشتركت الواليات املتحدة في “‪ ”130‬حربا ً‬ ‫في تاريخها‪ ،‬ولكن خمس حروب فقط أُعلنت من‬ ‫الكونغرس‪ .‬فالكونغرس مينح الرئيس صكا ً على‬ ‫بياض للتدخل العسكري في أي مكان ملدة “ستني‬ ‫يوماً” وبعدها‪ ..‬لكل حادث حديث‪...‬‬ ‫في صيف عام (‪ )1958‬تدخل الرئيس (دوايت‬ ‫أيزنهاور) عسكريا ً في احلرب األهلية في لبنان ضد‬ ‫العناصر الوطنية‪ ،‬ولم يحمل (أيزنهاور) نفسه‬ ‫عناء احلصول على دعم الكونغرس‪ ..‬ولعبت وكالة‬ ‫االستخبارات املركزية دورا ً في األزمة اللبنانية‪ ،‬وقد‬ ‫قيل إن الوكالة م ّولت املرشحني املؤيدين للحكومة‬ ‫في االنتخابات البرملانية (‪)1957‬مما أدى إلى وقوع‬ ‫األحداث الدموية‪...‬‬ ‫وعلى الشاكلة نفسها في حزيران (‪)1967‬‬ ‫وتشرين األول (‪ )1973‬فإن الرئيسني (ليندون جونسون‪،‬‬ ‫وريتشارد نيكسون) وضعا القوات التقليدية والنووية‬ ‫األميركية في حالة إنذار قصوى دعما ً إلسرائيل‪ ،‬من‬ ‫دون احلصول على موافقة الكونغرس‪.‬‬ ‫والرئيس جورج بوش األب لم يحصل على موافقة‬ ‫الكونغرس أيضا ً على الهجوم العسكري على العراق‬ ‫(‪ )1990‬ومع أن الكونغرس بارك في النهاية قرار بوش‬ ‫التدخل وشن احلرب على العراق‪...‬‬ ‫وتشير الدالئل إلى أن اآلباء املؤسسني للواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬تصوروا دورا ً ديناميكيا ً جمللس الشيوخ في‬ ‫عملية إبرام املعاهدات‪ ،‬والرئيس ميلك سلطة إبرام‬ ‫املعاهدات مبشورة مجلس الشيوخ وموافقته‪...‬‬

‫تقاطع التأثير احمللي اإلقليمي‬ ‫العاملي‬ ‫إن أحد املفاتيح التي تساعد على فهم السياسة‬ ‫اخلارجية األميركية يدور حول مستويات من التحليل‬ ‫“العاملي واإلقليمي والوطني”‪.‬‬ ‫فقد بذلت الواليات املتحدة جهودها من أجل لعب‬ ‫دور فعال في دبلوماسية املنطقة العربية‪ ،‬وكانت‬ ‫تضع في صلب أولوياتها النفط وحماية إسرائيل‪،‬‬ ‫والنظر لألمور من خالل منظار عاملي‪ ،‬فالصراعات‬ ‫احمللية تشابكت مع الصراعات بني القوى العظمى‪...‬‬ ‫وإن الصراع العربي اإلسرائيلي خاصة‪ ،‬أصبح ضمن‬

‫االستقطاب بني الشرق والغرب‪ ،‬وهذا االستقطاب‬ ‫الثنائي على املستوى العاملي انعكس على الوضع‬ ‫اإلقليمي‪ ،‬وتدويل النزاع العربي اإلسرائيلي ّ‬ ‫مكن‬ ‫الصهاينة من تقدمي الكيان باعتباره حصنا ً‬ ‫ضد القومية العربية “الثورية”‪ .‬وتصوير الكيان‬ ‫اإلسرائيلي على أنه رصيد استراتيجي للغرب‬ ‫وجد آذانا ً صاغية بني اإلدارات األميركية املتعاقبة‬ ‫والكونغرس‪ .‬وانشغال الكونغرس بالقضايا الدولية‪،‬‬ ‫وهي مجال فعاليته الشديدة‪ ،‬قد جعله حليفا ً قويا ً‬ ‫إلسرائيل‪ ،‬وفي هذا السياق فإن إجماعا ً نسبيا ً وجد‬ ‫بني “السلطة التنفيذية والكونغرس” على أهمية‬ ‫إسرائيل الحتواء املنطقة في إطار صراعات احلرب‬ ‫الباردة‪...‬‬ ‫لقد فهم الرؤساء األميركيون أن حماية املصالح‬ ‫العاملية األميركية ال ميكن أن تتم إال من خالل تعاون‬ ‫القوى الفاعلة محليا ً وموافقتها‪...‬‬ ‫في عام ‪ 1981‬و ّقعت إدارة الرئيس “ريغان” وإسرائيل‬ ‫مذكرة تفاهم جديدة بشأن التعاون االستراتيجي‪،‬‬ ‫تعهدت مبوجبها الدولتان مبساندة إحداهما األخرى‬ ‫إذا تعرض أي منهما لهجوم عسكري‪.‬‬ ‫ولم حتصل إعادة تقييم نظرة ريغان األحادية‬ ‫توضحت نتائج االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫اجلانب إال بعدما ّ‬ ‫للبنان عام (‪ ، )1982‬فقد تبني حينها أن إسرائيل‬ ‫لم تعد تتصرف ملصلحة الواليات املتحدة‪ ،‬ولكن‬ ‫الصحوة جاءت متأخرة‪...‬‬ ‫وإجماال ً فإن النظرة العاملية كانت هي املسيطرة‬ ‫على مجرى السياسة األميركية جتاه املنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬وقد تعاملوا مع املنطقة العربية باعتبارها‬ ‫مسرحا ً للمنافسة األميركية ـ السوفياتية آنذاك‪...‬‬ ‫وفي السياسة الداخلية والسلطة التنفيذية‪،‬‬ ‫نرى أن احلكومة األميركية مبنية على التوازنات بني‬ ‫القوى‪ ،‬والفصل بني السلطات‪ ،‬ولهذا فإنها أكثر‬ ‫استجابة جلهود الضغط التي متارسها مختلف‬ ‫“جماعات املصالح”‪ ،‬وهذا األمر ينطبق على املنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬وخاصة على الصراع العربي اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫ويقول (سيث تيلمان) املتخصص في شؤون‬ ‫السياسة اخلارجية األميركية‪“ :‬في الواليات املتحدة‬ ‫تخضع السياسة اخلاصة باملنطقة العربية بشكل‬ ‫متزايد لضغوط السياسة احمللية‪ ،‬وعند وضع‬ ‫استراتيجيات أميركية للتدخل في املنطقة يجب‬ ‫عدم التقليل من أهمية قوة القطاع الداخلي”‪“ .‬تابو”‬ ‫إسرائيل وأمنها في املنظومة األميركية‬ ‫واجلالية اليهودية األميركية معبأة متاما ً وملتزمة‬ ‫بشدة بقضية حماية إسرائيل‪ ،‬وتتمتع (إيباك) خاصة‬ ‫بنفوذ كبير في السلطة التشريعية‪ ،‬وهي تؤثر في‬ ‫صنع السياسات األميركية نحو املنطقة‪.‬‬ ‫والقليل من املرشحني ملنصب الرئاسة من‬ ‫ال يجتمع بالزعماء اليهود ملناقشة القضايا‬ ‫السياسية‪ ،‬وخصوصا ً املوقف من إسرائيل‪ ...‬وقد‬ ‫تبنت اجملموعات الصهيونية استراتيجيا فعالة‬ ‫جداً‪ ،‬من التبرع لكال املرشحني من احلزب اجلمهوري‬ ‫والدميوقراطي‪ ...‬واملنظمات الصهيونية هي األكثر‬ ‫فعالية‪ ،‬وإن نفوذها كان باديا ً في كل مستوى وفرع‬ ‫من فروع احلكومة األميركية‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫ومن ناحية أخرى تكشف املتابعة التاريخية أن‬ ‫الكونغرس يبدو أكثر ميالً من مؤسسة الرئاسة‬ ‫لإلذعان لضغوط وتأثيرات العديد من جماعات‬ ‫الضغط أو املصالح‪ ،‬ما دام من السهل التأثير في‬ ‫أعضاء الكونغرس كأفراد‪ ...‬ولكن هذه احلقيقة‬ ‫بدأت تتغير‪ ،‬فأصبحت الرئاسة‪ ،‬ألسباب متنوعة‪،‬‬ ‫أكثر استجابة وتقبالً جلماعات الضغط‪ ،‬ومنها زيادة‬ ‫التكلفة حلمالت الدعاية في االنتخابات الرئاسية‪...‬‬ ‫وعموما ً الفساد املالي ميثل أزمة حقيقية للنظام‬ ‫السياسي األميركي‪ ،‬حيث إن القدرة على جمع‬ ‫األموال مت ّثل العنصر الرئيسي للحمالت االنتخابية‬ ‫الفعالة‪.‬‬

‫وحدة القضية الصهيونية‬ ‫والتمزق العربي‬ ‫يقول رئيس سابق للجمعية الوطنية للعرب‬ ‫األميركيني‪“ :‬ليس بإمكاننا متثيل العرب‪ ،‬كما ميثل‬ ‫اللوبي اليهودي “إسرائيل”‪ ،‬فاحلكومة اإلسرائيلية‬ ‫لها سياسة واحدة‪ ،‬بينما ليس بإمكاننا أن منثل‬ ‫العرب حتى لو أردنا”‪.‬‬ ‫وعن السلطة التنفيذية واملصلحة القومية‪:‬‬ ‫تلعب املؤثرات الداخلية عادة دورا ً حساسا ً في‬ ‫صناعة السياسة اخلارجية األميركية‪ ،‬ألن السياسة‬ ‫ال تولد في فراغ اجتماعي‪ ،‬وال ميكن تقدير طبيعة‬ ‫املتغيرات املهمة في السياسة األميركية بدون فهم‬ ‫املساهمة التي يقدمها الرئيس املقيم في البيت‬ ‫األبيض وطبيعة شخصيته ووجهات نظره العاملية‪،‬‬ ‫والطريقة التي يعتمدها بعض الرؤساء للحصول‬ ‫على املعلومات واملشورة‪ ،‬حيث تؤثر في فهمهم‬ ‫لبعض القضايا وفي طريقة اتخاذ القرارات‪ ...‬ويشمل‬ ‫هذا انتماءاتهم السياسية وحتالفاتهم الشخصية‪،‬‬ ‫وعوامل سياسة أخرى دأبت عليها واشنطن‪.‬‬ ‫وهناك وسيلة أخرى وهي النظام املؤسساتي‬ ‫الذي يح ّول أفكار الرئيس إلى سياسات‪ ،‬ويشمل‬ ‫وزارة اخلارجية‪ ،‬ووكالة االستخبارات املركزية ووزارة‬ ‫الدفاع واملالية ومجلس األمن القومي‪ ،‬إلى جانب‬ ‫أجهزة سياسية واقتصادية وعسكرية أخرى‪.‬‬

‫وزن االستخبارات‬ ‫وقد جرت العادة أن أكثر الرؤساء فعالية في‬ ‫الشؤون اخلارجية هو الرئيس الذي ينجح في إقامة‬ ‫عالقات عمل جيدة مع مؤسسة االستخبارات‪.‬‬ ‫وهناك ما ال يقل عن (‪ 14‬مكتباً) أو دائرة‪ ،‬تشتغل‬ ‫في قضايا االستخبارات األجنبية بطريقة أو بأخرى‪،‬‬ ‫وأما وكالة االستخبارات (‪ )CIA‬التي هي وجه واحد‬ ‫فقط وصغير من وجوه امبراطورية االستخبارات‪،‬‬ ‫فتسيطر على ‪ %15‬فقط من املوظفني العاملني في‬ ‫مؤسسة االستخبارات (وهي جتمع املعلومات وتدير‬ ‫اجلواسيس)‪.‬‬ ‫أما وكالة األمن القومي فتتمتع مبوارد تفوق‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫الغالف‬ ‫غيرها وبكثير‪ ،‬وهي الذراع الرئيسية جلهاز اخملابرات‬ ‫في التقاط املعلومات‪ ،‬وهناك وكالة االستخبارات‬ ‫العسكرية ومكتب االستطالع القومي‪.‬‬ ‫ولعبت وكالة االستخبارات املركزية دورا ً مركزيا ً‬ ‫في احلفاظ على (سلطة الشاه في إيران) في بداية‬ ‫عهده‪ ،‬فقد دربت ونظمت (جهاز السافاك) الذي‬ ‫أرعب اجملتمع املدني‪ ،‬وبهذا املعنى فإن الوكالة “قد‬ ‫وجهت عملية صنع السياسة األميركية جتاه إيران‬ ‫وأثرت فيها”‪.‬‬ ‫وليس مستغربا ً عندما أسقطت الثورة اإلسالمية‬ ‫الشاه في ‪ 1979‬وصف آية اهلل اخلميني الثورة‪“ :‬بأنها‬ ‫انتصار للشعب املسلم على القمع واالمبريالية‬ ‫والصهيونية واالستعمار”‪.‬‬

‫‪ ...‬ودور وزارة اخلارجية والكونغرس‬ ‫أما دور وزارة اخلارجية فهي حتاول جعل السلطة‬ ‫التنفيذية تستجيب للديناميات اإلقليمية املعقدة‬ ‫وألجنح الطرق ملعاجلتها‪.‬‬ ‫وميارس الكونغرس نفوذا ً حاسما ً في سياسة‬ ‫الواليات املتحدة إزاء املنطقة العربية أكثر من أي‬ ‫مكان آخر في العالم‪ ،‬وفي العشرين سنة األخيرة‬ ‫ظهر الكونغرس العبا ً في السياسة األميركية‪،‬‬ ‫وهناك أسباب عدة تفسر هذه األهمية املتزايدة لدور‬ ‫السلطة التشريعية‪:‬‬ ‫فمساهمة الكونغرس مؤثرة خاصة‪ ،‬ألن املسائل‬ ‫التي تؤثر في الواليات املتحدة في املنطقة تعتبر ذات‬ ‫طبيعة طويلة املدى وعاملية‪ ،‬كاملساعدات األميركية‬ ‫إلسرائيل‪ ،‬والصراع العربي ـ اإلسرائيلي‪ ،‬واألمن ووفرة‬ ‫النفط وتكلفته‪ ،‬ومن خالل الكونغرس مت تخصيص‬ ‫املساعدات اخلارجية االقتصادية والعسكرية ومتويل‬ ‫العمليات السرية‪ ،‬وهي من أكثر األدوات فعالية في‬ ‫نشر النفوذ األميركي في املنطقة العربية‪.‬‬ ‫والعديد من السياسيني واملراقبني يعتقدون أن‬ ‫املساعدات األميركية لعبت دورا ً حاسما ً في تشجيع‬ ‫مصر على توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل‬ ‫عام ‪ 1979‬وإنهاء حالة احلرب معها‪.‬‬ ‫ويقول (دين راسك) وزير اخلارجية األميركي في‬ ‫مذكرة صريحة ومثيرة وجهها إلى الرئيس جونسون‬ ‫“بضرورة احلصول على عائد مرتفع مقابل املساعدات‬ ‫األميركية”‪ ،‬حيث قال‪“ :‬إن املساعدات هي طريق ذات‬ ‫اجتاهني‪ ،‬فهي تفتح للدولة املستلمة لها أبواب‬ ‫منتجات املتبرع واستثماراته‪ ،‬وقبولها هو تنازل‬ ‫جزئي عن السيادة‪ ،‬فهي منفعة ميكن تطويرها مبرور‬ ‫الزمن لتصبح نفوذا ً رئيسياً”‪.‬‬ ‫وعندما اعترفت مصر بالصني فهذا األمر دفع‬ ‫الرئيس األميركي (أيزنهاور) ألن يسحب فجأ ًة عرض‬ ‫الواليات املتحدة للمساعدة في متويل السد العالي‬ ‫في عام ‪.1956‬‬ ‫والكونغرس يوافق روتينيا ً على املساعدات‬ ‫إلسرائيل‪ ،‬كما يحاول املزايدة على السلطة‬ ‫التنفيذية بطلب زيادة املساعدات األميركية‪ ،‬وقد‬ ‫أضعفت السلطة التنفيذية في حتدي السلطة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التشريعية بشأن هذه املسألة خصوصاً‪ ،‬والنتيجة‬ ‫هي أن الزيادة في املساعدات إلى إسرائيل قد ق ّوضت‬ ‫قدرة الرئيس على ممارسة أي ضغط حقيقي على‬ ‫إسرائيل لتقدمي تنازالت على جبهة السالم‪.‬‬ ‫ولقد ظهر إجماع في الواليات املتحدة ينطلق‬ ‫من “إسرائيل قوية وآمنة ومزدهرة”‪ ،‬وتعتقد النخب‬ ‫احلاكمة أن أجنح الطرق إلقناع إسرائيل لكي تتخذ‬ ‫موقفا ً هو “مداهنة” الدولة اليهودية ومراعاة شعور‬ ‫قادتها بدال ً من الضغط عليهم‪...‬‬ ‫وفي هذا السياق تعارض نخبة السياسة اخلارجية‬ ‫أي موقف قد يؤدي إلى مجابهة سياسية مع‬ ‫إسرائيل (اجلزرة ال العصا هي األداة املفضلة للتعامل‬ ‫مع تل أبيب)‪...‬‬ ‫وإن منهج “محاباة إسرائيل وتدليلها” ومراعاة‬ ‫شعورها من قبل الساسة األميركيني قد أ ّثر في‬ ‫سلوك القادة اإلسرائيليني جتاه الصراع العربي‬ ‫اإلسرائيلي وعملية السالم‪ ،‬فأدرك قادة إسرائيل‬ ‫حقيقة مهمة‪ ،‬وهي أن الواليات املتحدة لن تستعمل‬ ‫قدرتها ونفوذها للضغط عليها من أجل تقدمي‬ ‫تنازالت في عملية السالم‪.‬‬

‫الكونغرس يرعى الغطرسة‬ ‫اإلسرائيلية‬ ‫وكذلك فإن لدى قادة إسرائيل القدرة على‬ ‫استخدام الكونغرس للضغط على الرئيس‬ ‫والسلطة التنفيذية إذا ما حاوال التهديد بالضغط‬ ‫على تل أبيب‪ ،‬لذا فإن قادة إسرائيل يستخدمون‬ ‫الكونغرس كعصا لترويض الرئاسة ومنعها من‬ ‫القيام بواجبها الذي يتطلب إدارة حكيمة للصراع‬ ‫العربي اإلسرائيلي ولعملية السالم‪.‬‬ ‫فالكونغرس إذا ً يعيق أي جهود لربط املساعدات‬ ‫اخلارجية إلسرائيل بسلوكها احلقيقي‪ ،‬وغالبا ً ما‬ ‫أوضح الكونغرس للسلطة التنفيذية أنه سيعارض‬ ‫أي محاوالت رئاسية للضغط على إسرائيل‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1996‬ذهب الكونغرس إلى أبعد من ذلك‬ ‫بالتصديق على تشريع ضد رغبة السلطة التنفيذية‬ ‫يطالب بنقل مقر السفارة األميركية إلى القدس‪.‬‬ ‫واألهمية املتزايدة للكونغرس في رسم السياسات‬ ‫األميركية جتاه املنطقة العربية ال ميكن فهمها‬ ‫إال ضمن سياق السياسات األميركية الداخلية‪،‬‬ ‫فجماعات الضغط تكون أكثر فاعلية بفضل‬ ‫التكاليف املتصاعدة للحمالت االنتخابية الرئاسية‪.‬‬ ‫والرئاسة غالبا ً ما تكون سريعة التأثر بالكسب‬ ‫املباشر وضغط الرأي العام في فترات االنتخابات‪،‬‬ ‫ولكن الكونغرس يبقي السلطة التنفيذية حتت‬ ‫الرقابة املستمرة لردعها عن تعديل الدعم املطلق‬ ‫إلسرائيل‪.‬‬ ‫بدوره‪ ،‬فإن اللوبي املؤيد إلسرائيل كان ناجحا ً‬ ‫خاصة في التأثير في الكونغرس لالستمرار باملستوى‬ ‫العالي للمساعدات‪ .‬ويقول (وليام كوانت) مستشار‬ ‫األمن القومي للرئيس كارتر‪“ :‬بدون أي شك فإن‬ ‫صناعة السياسة العربية ـ اإلسرائيلية في واشنطن‬

‫‪14‬‬

‫تتشابك مع السياسة الداخلية‪ ،‬والكونغرس ميكنه‬ ‫االستمرار حيث يكون التأييد إلسرائيل كبيراً‪ ،‬وحيث‬ ‫تركز جماعات الضغط املؤيدة إلسرائيل جهودها‬ ‫وممارسة نفوذها على السياسة اخلارجية وبشكل‬ ‫كبير عبر رقابتها على امليزانية”‪.‬‬ ‫وإن أهم األسباب التي أدت إلى إخفاق العرب في‬ ‫احلصول على موقع منصف في الواليات املتحدة‪ ،‬هو‬ ‫أن البلدان العربية منقسمة وممزقة بشدة‪ ،‬ونادرا ً‬ ‫ما متكن العرب من توحيد جهودهم بدرجة مؤثرة‬ ‫ولفترة كافية‪.‬‬ ‫فلقد متكن “جمال عبد الناصر” من مقاربة‬ ‫تشكيل اجلبهة العربية املوحدة‪ ،‬ولكن ُو ّجهت ضربة‬ ‫‪1967‬ولعبت نتائجها دورا ً حاسما ً في حتويل وجهات‬ ‫نظر األميركيني نحو “إسرائيل”‪.‬‬ ‫وإذا رغبت البلدان العربية في إحداث تغييرات‬ ‫هيكلية إيجابية‪ ،‬فهي حتتاج أوال ً لتركيز طاقاتها‬ ‫وإحداث التغييرات وجتديد مجتمعاتها وإطالق‬ ‫قدرات اجلماهير العربية وانفتاحها‪ ،‬والسعي آلليات‬ ‫حقيقية وجوهرية وعقالنية تعمق التكامل العربي‬ ‫املشترك بعيدا ً عن احلسابات الضيقة‪ ،‬وعدم الرهان‬ ‫على األجنبي‪ ،‬الذي بدال ً من الضغط عليه لتحقيق‬ ‫مكاسب قومية‪ ،‬نرى البعض يتحالف معه بشروطه‬ ‫حتى التنازل‪ .‬وضرورة االعتماد على الذات هو املقدمة‬ ‫إضافة إلى التسلح بالوعي واملعرفة‪ ،‬وإمكانات األمة‬ ‫إذا ما استُخدمت بشكل خالق ستسمح بحدوث‬ ‫التغيير املنشود ملصلحة أمتنا‪ ،‬فالواليات املتحدة لها‬ ‫مصالح دائمة‪ ،‬وتلك املصالح ليست ثابتة‪ ،‬بل هي‬ ‫متغيرة وعرضة للتبدل والتحول‪ .‬إذا ً علينا استنباط‬ ‫املعادالت‪ ،‬وهذا ال يتم باألمنيات بل باألعمال املنظمة‬ ‫واملسؤولة واملستمرة الهادفة إلى مقاصد واضحة‪،‬‬ ‫فيها اخلير لكل األمة‪.‬‬


‫احلرة ألميركا الشمالية واستخدام االتفاقيات‬ ‫التجارية في دعم تشغيل العمالة واملعايير البيئية‬ ‫في مختلف أنحاء العالم‪.‬‬

‫في الشرق األوسط‬ ‫والبرنامج النووي اإليراني‬

‫أوباما ومواجهة األزمات‬ ‫الفشل الذريع الذي منيت به إدارة الرئيس‬ ‫األميركي جورج بوش وهي تخوض حروبها في كل‬ ‫مكان دفعت بالواليات املتحدة إلى حالة من االنهيار‬ ‫االقتصادي‪ ،‬ما زالت مفاعيلها وتداعياتها مستمرة‪،‬‬ ‫وأدت إلى خلل االقتصاد العاملي‪ ،‬وحالة من االضطراب‬ ‫لم تشهدها البالد منذ ثالثينيات القرن املاضي‬ ‫والكساد الكبير‪ ،‬ونتيجة لهذه األوضاع يتعرض‬ ‫الرئيس األميركي املنتخب باراك أوباما جملموعة من‬ ‫املشاكل االقتصادية الصعبة‪ ،‬عنوانها األزمة املالية‪،‬‬ ‫وهو ينادي مبجموعة من التدابير لتحفيز االقتصاد‬ ‫عن طريق متويل مشروعات للبنية األساسية‬ ‫وخفوضات ضريبية ومشاريع الرعاية الصحية‪،‬‬ ‫فاقترح وضع برنامج تأمني وطني يسمح لألفراد‬ ‫والشركات الصغيرة باالشتراك في خطط للرعاية‬ ‫الصحية‪ ،‬وحتسني كفاءه النظام‪.‬‬ ‫وفي شأن البحث عن الطاقة النفطية يقول‬ ‫أوباما إنه مستعد للبحث عن النفط في أي مكان‬ ‫وفي املناطق البحرية للتخفيف من االعتماد‬ ‫على النفط املستورد‪ ،‬فهذا األمر ميثل خطرا ً أمنيا ً‬ ‫واقتصاديا ً في الوقت ذاته‪ ،‬أما في مجال الضرائب‬ ‫فس ّلط أوباما الضوء على اقتراحاته الضريبية‬ ‫خالل حملته االنتخابية‪ ،‬وبأنه سيحقق امتيازات‬ ‫ضريبية للطبقة الوسطى العريضة‪ ،‬ويريد التوسع‬ ‫في برنامج التيسيرات الضريبية‪ ،‬وتأسيس برنامج‬ ‫ائتمان عام للرهون العقارية‪ ،‬كما ينوي التراجع عن‬ ‫بعض اخلفوضات الضريبية لألثرياء التي طبقت في‬ ‫عهد الرئيس احلالي جورج بوش‪.‬‬ ‫وبشأن التجارة وعد أوباما مبراجعة اتفاقية التجارة‬

‫والسؤال‪ :‬هل ستقتنع إدارة أوباما بطموحات‬ ‫طهران النووية وتتعايش معها في صفقة متكاملة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وهل سيقود أوباما دبلوماسية سرية مع‬ ‫طهران فوراً‪ ،‬أم سينتظر العديد من االستحقاقات‪،‬‬ ‫منها االنتخابات اإليرانية؟ وما هو معلن‪ ،‬فقد تعهد‬ ‫بالسعي لدبلوماسية قاسية ومباشرة من دون‬ ‫شروط إلنهاء امللف النووي‪ ،‬ويقول إنه سيعرض‬ ‫على إيران التخلي عن برنامجها النووي مقابل رزمة‬ ‫من احلوافز‪ ،‬وإذا رفضت فسيزيد عليها الضغوط‬ ‫االقتصادية والعزلة السياسية‪،‬‬ ‫ومن الناحية املوضوعية فقد انهارت السياسة‬ ‫األميركية في الشرق األوسط في أواخر عهد بوش‪،‬‬ ‫ملصلحة نظام إقليمي متنوع شهد بروز قوى جديدة‬ ‫على مسرح التسويات‪ .‬أوباما قد يبني على الوساطة‬ ‫التركية بني سوريا وإسرائيل‪ ،‬والدبلوماسية املصرية‬ ‫في الداخل الفلسطيني‪ ،‬والدور الفرنسي في‬ ‫لبنان‪ ،‬وهو تعهد بإبداء أهمية بعملية السالم بني‬ ‫الفلسطينيني واإلسرائيليني مبكرا ً في واليته‪،‬‬ ‫وقد يبني على مسار أنابوليس ودعم السلطة‬ ‫الفلسطينية في أسلوب مشابه ملقاربة الرئيس‬ ‫بيل كلينتون‪.‬‬

‫مفاعيل أوباما على سياسة‬ ‫واشنطن اخلارجية‬ ‫بدأت هذا املفاعيل مبكرا ً وقبل وصول أوباما‬ ‫إلى البيت األبيض‪ ،‬فاحلكومة العراقية انتفضت‬ ‫على بوش‪ ،‬ورفضت توقيع املعاهدة األمنية‪ ،‬واللقاء‬ ‫األخير بني أوباما واجلنرال ديفيد بيتراوس (قائد‬ ‫القوات املتعددة اجلنسيات السابق) كان بارداً‪ ،‬فقد‬ ‫تع ّود املسؤول العسكري األميركي أن تكون له اليد‬ ‫املطلقة في االستراتيجية العسكرية حتى من دون‬ ‫رقابة من وزارة الدفاع‪ ،‬فاستمع إليه أوباما بهدوء‬ ‫وأبلغه في النهاية أنه سيكون القائد األعلى للقوات‬ ‫املسلحة‪ ،‬وهو سيرسم خريطة انتشار القوات‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫املراقبون واحملللون أشاروا إلى أن أوباما سيحافظ‬ ‫على الثوابت مع تباين في األسلوب واملقاربة‪ ،‬فهو‬ ‫لن يتورط في تفاصيل احلياة السياسية لبلد ما مثل‬ ‫لبنان‪ ،‬بل سيعتمد على اخلريطة األوسع إقليمياً‪،‬‬ ‫فهو أعاد التأكيد على ثوابت القرارات الدولية‪ ،‬وقال‬ ‫في بيان بعد أحداث أيار األخيرة‪ :‬حان وقت االنخراط‬ ‫في جهود دبلوماسية من أجل املساعدة على بناء‬ ‫إجماع لبناني جديد يركز على اإلصالح االنتخابي‬ ‫وتنمية االقتصاد الذي يوفر توزيعا ً عادال ً للخدمات‬

‫‪15‬‬

‫والفرص والوظائف‪ ،‬وإنهاء نظام الرعاية الفاسد‪،‬‬ ‫وهذا ما أزعج الكثير في داخل إدارة بوش وخارجها‪.‬‬ ‫تصحح فشل‬ ‫وقال أوباما‪ :‬على واشنطن أن‬ ‫ّ‬ ‫سياسة الرئيس جورج بوش حيال لبنان‪ ،‬وأن نستبدل‬ ‫الشعارات الفارغة مبسار دبلوماسي فعال ودائم‪،‬‬ ‫والعمل مع احللفاء األوروبيني والعرب لرعاية إجماع‬ ‫على لبنان مستقر‪.‬‬ ‫ولصحيفة نيويورك تاميز قال أوباما‪:‬‬ ‫“إن على واشنطن البحث عن سبل ملنافسة‬ ‫حزب اهلل لناحية تطوير آليات يتمكن من خاللها‬ ‫الساخطون احلصول على منفذ فعال لشكواهم‪ ،‬ما‬ ‫يضمن احلصول على اخلدمات االجتماعية”‪.‬‬

‫علينا االبتعاد عن الوهم والتسرع‬ ‫ومن يتوقع أن يكون أوباما مناصرا ً لقضايا عربية‬ ‫غير متماسكة باألصل يكن واهماً‪ ،‬وهذه نظرة‬ ‫موضوعية ألن اإلصالح يبدأ بالذات‪ ،‬وإعادة تقييم‬ ‫شاملة تبدأ بعدم االرتهان لسياسة واشنطن‪،‬‬ ‫والبحث عن املصلحة األساس ونصرة القضايا‬ ‫العربية وإصالحات االنحرافات السابقة التي قادت‬ ‫إلى تهميش املصلحة العربية العليا‪.‬‬ ‫أوباما يضع املصلحة األميركية فوق كل اعتبار‪،‬‬ ‫ومن يتوقع أن يكون أوباما استمرارا ً لسياسة بوش‬ ‫حيال “إسرائيل” يكن متسرعاً‪ ،‬ومن بني فريق عمله‬ ‫أسماء مقربة من القضايا العربية‪ ،‬وأصوات موالية‬ ‫إلسرائيل‪،‬‬ ‫وما هو مؤكد سيكون ألوباما جدول أعمال‬ ‫متواضع في ما يريد حتقيقه في الشرق األوسط‪،‬‬ ‫على عكس أوهام سلفه جورج بوش احلالم بتغيير‬ ‫سريع‪ ،‬وستكون نظرته أسيرة أزمة مالية بنيوية‬ ‫في االقتصاد األميركي‪ ،‬وستتوضح مالمحها وسط‬ ‫الفرص التي يتم اغتنامها أو تقويتها‬ ‫وأوباما‪ ،‬هو زمن آخر‪ ،‬ونحن نحتاج إلى عقلية‬ ‫أخرى في النظرة والتقييم تضع املصلحة العربية‬ ‫في مقدمة األوليات بعيدا ً عن االعتبارات الضيقة‪،‬‬ ‫فهو أكد “أنه لن يتبنى صورة عمياء‪ ،‬غامزا ً من‬ ‫قناة عائلة كلينتون التي تنكرت ملعسكر السالم‬ ‫اإلسرائيلي ـ الفلسطيني وحت ّولت مقربة من اللوبي‬ ‫اليهودي احملافظ”‪.‬‬ ‫وعبر أوباما عن رغبته في تغيير املوقف التقليدي‬ ‫املؤيد لآلراء املتشددة للجالية اليهودية‪ ،‬وإحداث نقلة‬ ‫نوعية في التعامل مع مشكلة النزاع الفلسطيني‬ ‫ـ اإلسرائيلي‪ ،‬وهو القائل “هناك اعتقاد سائد وسط‬ ‫اجلمهور املؤيد إلسرائيل أنك إذا لم تكن ذا رؤية‬ ‫ليكودية راسخة جتاه إسرائيل تعتبر مناهضا ً لها‪،‬‬ ‫وإذا لم نغير هذه النظرة املرفوضة بحوار حقيقي‬ ‫فلن يكون في إمكاننا التقدم”‪،‬‬ ‫فهذه املؤشرات تنم عن رؤية بعيدة املدى‪ ،‬تأخذ‬ ‫في االعتبار املصالح األميركية في املنطقة العربية‪،‬‬ ‫فهل ميتلك العرب مثل هذه الرؤية في الغيرة على‬ ‫مصالح األمة بأسرها‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫الغالف‬

‫كرسي الرئاسة ألوباما‬ ‫األزمة االقتصادية أودت بماكين وق ّدمت‬ ‫ّ‬

‫عالجها بند أول على مفكرة البيت األبيض‬

‫أخيراً‪ ،‬انتهى السباق إلى البيت األبيض‪ ،‬وت ّوج‬ ‫باراك أوباما رئيسا ً للواليات املتحدة بعدما أتت‬ ‫الرياح مبا اشتهت سفن الدميوقراطيني عقب‬ ‫حملة انتخابية شرسة استمرت على مدى‬ ‫سنتني‪.‬‬ ‫على الرغم من أن انتخاب باراك أوباما عالمة‬ ‫فارقة في تاريخ الواليات املتحدة كأول رئيس أسود‬ ‫اللون‪ ،‬لكن اإلثارة التي من املفروض أن ترافق هذا‬ ‫احلدث جاءت مخففة نتيجة التحديات الضخمة‬ ‫التي سيواجهها العهد اجلديد بسبب الركود‬ ‫الذي متر به القوى االقتصادية في العالم‪.‬‬ ‫الرئيس أوباما يعلم جيدا ً ما يترتب عليه‬ ‫من حركة ودينامية كبيرة لتطويق آثار األزمة‬ ‫االقتصادية السلبية على شعبه‪ ،‬فهو يدرك أن‬ ‫األزمة االقتصادية هي القضية التي أودت بخصمه‬ ‫اجلمهوري وقدمت اليه كرسي الرئاسة األميركية‪،‬‬ ‫كما ان االميركيني بحاجة الى املساعدة في ظل‬ ‫اقتصاد مترنح يئن حتت ضغط صعوبات قد تأخذه‬ ‫إلى حالة ركود حاد قد تكون األعمق منذ عقود‪،‬‬ ‫خاصة أن أرقام البطالة تشكل إحدى الصرخات‬ ‫االساسية التي تطلق صفارات اإلنذار في كل‬ ‫أنحاء الواليات املتحدة لتحث الرئيس اجلديد على‬ ‫التحرك إلنقاذ الصناعات الكبرى‪.‬‬

‫للمرة الثالثة‬ ‫يحسم االقتصاد النتيجة‬ ‫ليست املرة األولى التي يلعب القلق بشأن‬ ‫االقتصاد دورا ً هاما ً في انتخابات الرئاسة‬ ‫االميركية منذ عشرينيات القرن املاضي‪ ،‬بل انها‬ ‫املرة الثالثة بعد انتخاب فرانكلني روزفلت ورونالد‬ ‫ريغان‪ .‬فعندما فاز فرانكلني روزفلت برئاسة‬ ‫الواليات املتحدة على منافسه هيربرت هوفر في‬ ‫عام ‪ 1932‬كان الكساد االقتصادي مستمرا ً منذ‬ ‫ثالث سنوات حيث انهارت آالف البنوك وسجلت‬ ‫نسبة البطالة ‪ .%25‬وعندما فاز رونالد ريغان‬ ‫بالرئاسة االميركية على جيمي كارتر في عام‬ ‫‪ 1980‬كان التضخم مرتفعا ً منذ سنوات ويقارب‬ ‫نسبة الـ‪ %12‬عندما كان املصوتون يتوجهون‬ ‫النتخاب رئيس للبالد‪ .‬ما مييز البيئة االقتصادية‬ ‫احلالية هو التغير احلاد‪ ،‬فبعد ‪ 26‬عاما ً وصفها‬ ‫االقتصاديون بفترة االعتدال الكبير بقيت خاللها‬ ‫مستويات تضخم منخفضة والركود ضحالً‪،‬‬ ‫عاشت الواليات املتحدة أزمات بدأت منذ أكثر‬ ‫من عام تسببت بانهيار مؤسسات مالية كبيرة‪،‬‬ ‫كانت أوالها في آذار املاضي‪ ،‬وجتاوز معدل البطالة‬ ‫خاللها الـ ‪ %6‬وارتفع التضخم في العام احلالي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الرئيس االميركي املنتخب اوباما‬

‫إلى أكثر من ‪ %5‬مما يرجع بشكل رئيسي إلى قفز‬ ‫أسعار النفط التي تتجه حاليا إلى الهبوط‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬يؤكد اخلبراء السياسيون تأثير االزمة على‬ ‫قرار الناخبني االميركيني ويرون أن املصوتني ذوي‬ ‫األعمار املتوسطة كانوا يشعرون باالضطرابات‬ ‫املالية مثلما انهار سوق األسهم في عام ‪1987‬‬ ‫وأفلست مواقع إنترنت عام ‪ ،2001‬اال انهم‬ ‫افتقروا ملعرفة القوة املدمرة للعاصفة املالية في‬ ‫العام احلالي التي قلبت البنوك واألسواق املالية‬ ‫وصناديق االستثمار املشترك وشركات التأمني‬ ‫وصناديق الوقاية من اخلسائر املالية وصانعي‬ ‫السيارات ودول متباينة مثل آيسلندا وأوكرانيا‪.‬‬

‫املهمة الصعبة‬ ‫يرى اخلبراء االقتصاديون االميركيون أن أوباما‬ ‫يواجه ثالثة حتديات رئيسية تضم األزمة املالية‪،‬‬ ‫والعقارات والرهن العقاري‪ ،‬والركود االقتصادي‪.‬‬ ‫ويرى االقتصادي األميركي احلائز جائزة نوبل‬ ‫للسالم جوزيف ستيغليتز ان أولى مهمات‬

‫‪16‬‬

‫االقتصاد االميركي في ازمة‬

‫الرئيس املنتخب هي مباشرة مسيرة العالج‬ ‫االقتصادي‪ ،‬أو على أقل تقدير‪ ،‬احلؤول دون تفاقم‬ ‫االزمة‪ .‬وهذه مهمة صعبة‪ .‬ففي هذا العام‪،‬‬ ‫فقدت الواليات املتحدة نحو ‪ 1.2‬مليون فرصة‬ ‫عمل‪ ،‬وشارف وقت بوالص التأمني من البطالة‬ ‫التي يستفيد منها ثالثة أرباع مليون أميركي‪،‬‬ ‫على االنتهاء‪ .‬وال تتعدى نسبة العاطلني من‬ ‫العمل من احلاصلني على مساعدات البطالة‬ ‫الـ‪ 32‬في املئة‪ .‬ويترتب على خسارة االميركيني‬ ‫عملهم خسارتهم التأمني الصحي‪ .‬وقد يصادر‬ ‫أكثر من ‪ 3.5‬ماليني منزل من أصحابها‪ .‬وعائدات‬ ‫الواليات تنكمش‪ .‬وإذا لم تتلق الواليات مساعدة‬


‫الرساميل‪ ،‬وبعثت اخملاطر‪ .‬وعلى أوباما أن يسهم‬ ‫في تغيير ضوابط االسواق املالية‪ ،‬وأن يعيد النظر‬ ‫في نظام العقوبات واحلوافز لتعود الثقة الى‬ ‫األسواق‪ ،‬ويتجدد اإلقراض‪ ،‬وتؤدي األسواق املالية‬ ‫مهماتها‪ .‬ويجب فرض قيود على إمكان حصول‬ ‫املصارف على قروض من االحتياط الفدرالي‪،‬‬ ‫وحصر هذه القروض باملؤسسات التي تلتزم‬ ‫منح القروض‪ ،‬وإنفاق املساعدات إنفاقا ً مسؤوال ً‬

‫أوال ً إلى خطة إلنقاذ الطبقة املتوسطة التي‬ ‫تستثمر في جهود مباشرة خللق فرص عمل‬ ‫وتخفيف املعاناة عن األسر التي ترى رواتبها‬ ‫تنخفض ومدخراتها طيلة حياتها تتالشى>>‪.‬‬ ‫وذكر في كلمة إذاعية أسبوعية للحزب‬ ‫الدميوقراطي بأنه على قناعة بأن األميركيني من‬ ‫املمكن أن يتنافسوا بشراسة في االنتخابات‬ ‫ويتحدوا أفكار بعضهم بعضا ً لكنهم يتفقون‬ ‫ّ‬ ‫على خدمة مبدأ مشترك مبجرد االنتهاء من‬ ‫التصويت‪ ،‬مشيرا ً الى أهمية هذا األمر في‬ ‫حلظة يواجهون فيها أكثر التحديات صعوبة في‬ ‫حياتهم‪ .‬وأشار أوباما إلى استمرار زيادة أعداد‬ ‫العاطلني في أميركا للشهر العاشر على التوالي‪،‬‬ ‫مما يجعل إجمالي العاطلني عن العمل في‬ ‫الواليات املتحدة يصل إلى نحو ‪ 10‬ماليني شخص‪.‬‬

‫فستضطر إلى عصر نفقاتها‪ ،‬فتسهم رغما‬ ‫عنها‪ ،‬في االنكماش االقتصادي‪ .‬وثمة خطوات‬ ‫على طريق حل االزمة املالية ال يصعب التكهن‬ ‫بها‪ ،‬ومنها مساعدة أصحاب املنازل‪ ،‬وإصالح‬ ‫قوانني االفالس‪ ،‬ومتديد وقت بوالص تأمني البطالة‪،‬‬ ‫والتعويض عن خسارة الواليات عائداتها‪ ،‬واإلنفاق‬ ‫على ترميم البنى التحتية لتحفيز االقتصاد‪ .‬وال‬ ‫شك في أن االقتصاد االميركي في حاجة ماسة‬ ‫الى محفز‪ .‬وعلى الرئيس االميركي‬ ‫الـ‪ 44‬التأني في اختيار هذا احلافز‪.‬‬ ‫فالرئيس بوش يورثه تركة ثقيلة‪.‬‬ ‫والدين القومي االميركي بلغ ‪10.5‬‬ ‫وحري‬ ‫ترليونات دوالر‪ .‬وهو الى ارتفاع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بأوباما إلغاء الضرائب التي فرضت‬ ‫بني ‪ 2001‬و‪ 2003‬على األثرياء‪،‬‬ ‫واحتساب احتمال فرض ضرائب‬ ‫على أرباح الرساميل تضاهي‬ ‫الضرائب على الرواتب العادية‪.‬‬ ‫ومثل هذه اخلطوات من شأنها‬ ‫تقليص العجز‪ ،‬وتقليص آثار األزمة‬ ‫السلبية القصيرة االجل‪ ،‬وجعل‬ ‫سلم الضرائب أكثر عدالة‪ .‬وعلى‬ ‫أوباما مواجهة مشكلة توسع هوة‬ ‫التفاوت االجتماعي في الواليات مبنى البورصة االميركية‬ ‫املتحدة‪ ،‬واحلرص على أال يحال بني‬ ‫أميركي وبني متابعة دراسته بسبب ضيق حاله وحكيماً‪ .‬ويترتب على مثل هذه اإلجراءات‬ ‫املالية‪ ،‬ومتويل املدارس االبتدائية والثانوية‪ .‬واحلق تسديد املصارف التي حصلت على‬ ‫داخل املبنى‬ ‫أن أوباما تعهد خفض مستوى احلرب في العراق‪ .‬مساعدات فدرالية قيمة املساعدات‪،‬‬ ‫ويسهم إنفاق جزء من مخصصات هذه احلرب وتعويض دافعي الضرائب‪ .‬ولتُفرض الضرائب على وقال‪>< :‬تكافح ماليني العائالت ملعرفة كيف‬ ‫على استثمارات محلية أميركية في تقليص هذه املصارف‪ ،‬إذا كانت (أي الضرائب) السبيل ميكنها دفع الفواتير والبقاء في منازلها‪ .‬تذكرنا‬ ‫العجز‪ ،‬وبعث النمو االقتصادي‪ .‬وعلى رغم تخييم الى هذا‪ .‬وعلى أوباما أن يعالج ثغرات االقتصاد قصصها بأننا نواجه أكبر التحديات االقتصادية‬ ‫طيف العجز الفدرالي على مداوالتها االقتصادية‪ ،‬االميركي‪ .‬وبعض القطاعات االميركية‪ ،‬مثل في حياتنا ويجب أن نعمل بسرعة حللها>>‪.‬‬ ‫حري بإدارة أوباما أال متتنع عن االستدانة لتمويل قطاع التعليم اجلامعي أو القطاع التكنولوجي‪ ،‬ويعقد أوباما اجتماعات مع مجلس اقتصادي‬ ‫ّ‬ ‫رائدة في العالم‪ .‬ولكن وضع بعضها اآلخر مخز‪ ،‬استشاري انتقالي تابع له يضم مجموعة من‬ ‫مشاريع كبيرة‪.‬‬ ‫على غرار وضع النظام الصحي‪ .‬وينبغي تقليص قادة األعمال البارزين ومسؤولني كبارا ً سابقني في‬ ‫نفقات الواليات املتحدة العسكرية‪ ،‬احلؤول دون واشنطن وخبراء اقتصاديني ملناقشة التحديات‬ ‫اخلطة املالية البوشية‬ ‫تبديد االموال على أسلحة مصممة حملاربة أعداء االقتصادية‪ ،‬وبدأ في تطوير سلسلة من السياسات‬ ‫للتعامل مع األزمة انطالقا ً من قناعته ببدء‬ ‫متخيلني‪.‬‬ ‫عبء إضافي‬ ‫العمل يوم ‪ 20‬كانون الثاني وفقا ً ألجندة‪ ،‬معلالً‬ ‫ذلك بالقول‪« :‬ألننا ال منلك أي حلظة إلهدارها>>‪.‬‬ ‫ما يزيد على عبء أوباما اخلطة اإلنقاذية‬ ‫أوباما‪ :‬الوقت من ذهب‬ ‫كما تعهد أوباما‪ ،‬مبساعدة العائالت العاملة‬ ‫املالية لبوش ووزير اخلزانة‪ ،‬هنري بولسون‪،‬‬ ‫واستئصال املشاكل قبل تفاقمها‪ .‬وقال إن‬ ‫غير الناجعة‪ .‬ويدور‪ ،‬اليوم‪ ،‬الكالم في أوساط‬ ‫يعي أوباما مدى خطورة االزمة املالية العاملية‪،‬‬ ‫الواليات املتحدة ال ميكنها أن تطيق انتظار إحراز‬ ‫املصارف على صرف أموال دافعي الضرائب‬ ‫فدعا في أول كلمة إذاعية له كرئيس منتخب‬ ‫تقدم في أولويات مثل الطاقة النظيفة وإصالح‬ ‫على توزيع االرباح‪ ،‬ودفع مكافآت مالية‪ ،‬وشراء‬ ‫للواليات املتحدة‪ ،‬الى اتخاذ خطوات عاجلة‬ ‫الرعاية الصحية وحتسني التعليم وخفض‬ ‫مصارف أخرى‪ ،‬عوض إنفاقها على االئتمان‬ ‫ملواجهة األزمة االقتصادية ألنه ال مجال إلهدار‬ ‫والتسليف‪ .‬وأبرمت واشنطن ودافعو الضرائب الوقت ولو للحظة واحدة‪ .‬وطمأن سناتور إيلينوي الضرائب ألسر الطبقة املتوسطة‪ .‬وأضاف‪>< :‬ال‬ ‫األميركيون صفقة خاسرة مع املصارف مقارنة االميركيني بأن إدارته «ستباشر العمل في ‪ 20‬أقلل من شأن املهمة التي تنتظرنا‪ .‬اتخذنا بعض‬ ‫بالصفقة التي أبرمتها بقية احلكومات‪ ،‬على كانون الثاني‪ ،‬ألنه ليس لدينا أي وقت لنضيعه»‪ .‬اإلجراءات الرئيسية حتى اآلن‪ ،‬ونحن بحاجة إلى‬ ‫غرار احلكومة البريطانية‪ .‬ورد االسواق السلبي‬ ‫ورغم اإلجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس املزيد منها>>‪ .‬وقال‪>< :‬ستكون بعض هذه اخليارات‬ ‫على هذه اخلطة هو خير دليل على إخفاقها‪ .‬جورج بوش إلنقاذ القطاع املالي‪ ،‬أوضح أوباما صعبة لكن أميركا بلد قوي ومرن‪ .‬أعلم أننا‬ ‫واحلق أن النظام املالي االميركي‪ ،‬وهو كان الى‬ ‫أن الواليات املتحدة «ستكون في حاجة الى سننجح إذا نحينا االنتماء احلزبي جانبا ً وعملنا‬ ‫وقت قريب رمز جناح االقتصادي االميركي‪ ،‬خذل‬ ‫خطوات اخرى خالل هذه الفترة االنتقالية معا ً كبلد واحد‪ .‬وهذا هو ما أنوي فعله>>‪.‬‬ ‫البعض‪ .‬وعلى خالف مهمتها املفترضة‪ ،‬أي إدارة‬ ‫وفي الشهور التالية»‪ .‬وقال‪>< :‬نحن في حاجة‬ ‫اخملاطر وتوزيع الرساميل‪ ،‬بددت االسواق املالية‬ ‫إعداد‪ :‬وعد أبو ذياب‬

‫‪17‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫الغالف‬

‫الرئيس األميركي‬ ‫باراك أوباما‬ ‫بين اهتمامنا‬ ‫وتفاؤلـنا‬ ‫* بقلم رامز مصطفى‬

‫لم حتظ انتخابات في العالم أو في الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬بهذا االهتمام واالستقطاب الواسع‬ ‫ملتابعة مجرياتها كالتي حظيت بها االنتخابات‬ ‫الرئاسية األميركية في الرابع من الشهر اجلاري‪،‬‬ ‫وحملت على أجنحة نتائجها املرشح الفائز عن‬ ‫احلزب الدميوقراطي باراك حسني أوباما إلى البيت‬ ‫األبيض‪ .‬فالعالم بكل دوله‪ ،‬بتنوعها وتلونها‬ ‫ومعتقداتها‪ ،‬وصغيرها وكبيرها‪ ،‬ودورها وحجم‬ ‫تأثيرها أو انعدامه‪ ،‬لم يشغله حدث كالذي شغلته‬ ‫به هذه االنتخابات األميركية‪ ،‬ولك ْن ّ‬ ‫كل من‬ ‫منطلقاته وحساباته‪ ،‬مبن فيهم الناخب األميركي‬ ‫نفسه‪ ،‬حيث نسبة اإلقبال فاقت التوقعات حسب‬ ‫ما جاء في تقارير وسائل اإلعالم على تنوعها‪.‬‬ ‫وثمة سؤاالن أرى فيهما مشروعية لطرحهما‪،‬‬ ‫األول‪ :‬هل تستحق هذه االنتخابات كل هذا االهتمام‬ ‫والترقب الذي وصل إلى حد الهوس؟؟ والثاني‪ :‬ما‬ ‫حجم اآلمال املعقودة على القادم إلى البيت األبيض‬ ‫باراك حسني أوباما؟؟ ففي األول له أسبابه التي من‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫‪1‬ـ أن الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬منذ انتهاء‬ ‫احلرب العاملية الثانية وتقاسم العالم بينها وبني‬ ‫االحتاد السوفياتي‪ ،‬أصبحت أحد القطبني في‬ ‫املعادلة الكونية إلى جانب االحتاد السوفياتي‬ ‫الذي خرج من هذه احلرب‪ ،‬رغم االنتصار‪ ،‬منهك‬ ‫القوى نتيجة ما حلق به من دمار في كل املستويات‬ ‫والعناوين االقتصادية والعسكرية والبشرية‬ ‫والبنيوية‪..‬الخ‪ ،‬على عكس الواليات املتحدة التي‬ ‫خرجت‪ ،‬باإلضافة إلى كونها منتصرة‪ ،‬محافظة‬ ‫على قواها وبكل املستويات والعناوين‪ ،‬واألهم فيها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االقتصادية‪ ،‬فاحلرب لم جتر في أي من مراحلها على‬ ‫أرضها‪ .‬ورغم انقسام العالم إلى معسكرين‪ ،‬كانت‬ ‫أهلتها‬ ‫النظرة مختلفة للواليات املتحدة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫للعب دور أكبر في السياسة الدولية ومؤثرة فيها‬ ‫بحكم القدرات االقتصادية واملالية الهائلة‪ ،‬فقد‬ ‫حتولت بورصة وول ستريت في نيويورك إلى عاصمة‬ ‫اقتصادية ومالية ليس للوالبات املتحدة وحسب‬ ‫بل للعالم قاطبة‪ ،‬مما عكس قوة تأثير على مراكز‬ ‫القرار الدولي‪ ،‬ال سيما األمم املتحدة ومؤسساتها‬ ‫ومنظماتها‪ ،‬حيث احتكرت لنفسها استضافة‬ ‫هذه املنظمة احليوية‪.‬‬ ‫‪2‬ـ لم يتوقف تعاظم الواليات املتحدة عند هذه‬ ‫احلدود‪ ،‬بل انفلت من عقاله بعد السقوط املد ّوي‬ ‫لالحتاد السوفياتي مع غروب شمس آخر يوم من عام‬ ‫‪ ،1991‬مما جعلها تستفرد بقيادة العالم‪ ،‬فيصبح‬ ‫العالم بذلك أحادي اجلانب في جميع اجملاالت‪.‬‬ ‫‪3‬ـ نتيجة لذلك أضحت الواليات املتحدة هي‬ ‫وحدها التي تتحكم بهذا الكون ودوله سياسيا ً‬ ‫واقتصاديا ً وعسكريا ً واستراتيجياً‪ ،‬وبدأت تعيد‬ ‫صياغة العالم وفق رؤاها وأجنداتها عندما حكم‬ ‫اجلمهوريون البيت األبيض في عهد بوش األب‬ ‫وطاقم إدارته من غالة احملافظني‪ ،‬وعلى رأسهم‬ ‫رامسفيلد وديك تشيني اللذان عادا مع بوش االبن‬ ‫في انتخابات العام ‪ 2000‬ليكمال ما بدآ به من تنفيذ‬ ‫الستراتيجية االنتقال من السيطرة بالواسطة‬ ‫إلى السيطرة املباشرة‪ ،‬أي االحتالل بحجة نشر‬ ‫الدميوقراطية والقضاء على الدكتاتوريات ومحاربة‬ ‫اإلرهاب بعد احلادي عشر من أيلول وهجمات نيويورك‪،‬‬ ‫وهذه االستراتيجية تقوم على (اخليار صفر) مبعنى‬ ‫أن الواليات املتحدة األميركية يجب أن متتلك العالم‬ ‫بنسبة (‪ )%100‬وباقي العالم ميلك (صفراً) ومن ثم‬ ‫جاء ما عرف بالعوملة‪ ،‬وبداية التنفيذ من العراق‬

‫‪18‬‬

‫الذي تكلفه احلرب هناك يوميا ً (‪ 720‬مليون دوالر‬ ‫بواقع ‪ 500‬ألف دوالر في الدقيقة الواحدة)‪ ،‬وقبله‬ ‫أفغانستان للوصول إلى بحر قزوين‪ ،‬والزحف نحو‬ ‫دول االحتاد السوفياتي القدمي وقضم دوله الواحدة‬ ‫تلو األخرى وحتريضها على روسيا وإحاطتها‬ ‫بالدرع الصاروخية‪ .‬وأوهام الشرق األوسط اجلديد‬ ‫باعتمادها دراسات “مؤسسة هيريتيج” وأبحاثها‪،‬‬ ‫وهي مؤسسة محافظة يرأسها ادوين فولنر وهو‬ ‫أحد احملافظني البارزين العاملني في العديد من‬ ‫اللجان احلكومية ومجالس اإلدارة‪ ،‬وعام ‪ 1989‬منحه‬ ‫الرئيس ريغان وسام الرئاسة املدني إشادة بجهوده‬ ‫ُعد‬ ‫وتأثيره في رسم مالمح السياسات األميركية‪ ،‬وت ّ‬ ‫املؤسسة من مراكز تفريخ مسؤولني حكوميني‬ ‫يتعاملون مع قضايا املنطقة‪ .‬ومحاوالت بسط‬ ‫السيطرة على دول في أميركا الالتينية وآسيا في‬ ‫غربها وشرقها للحد من االندالع الصيني املتمدد‬ ‫بسرعة‪ ،‬واستمالة الهند في توقيع الشراكة على‬ ‫البرنامج النووي‪ ،‬والسعي إلى إسقاط اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية حتت عنوان برنامجها النووي‪،‬‬ ‫وممارسة الضغوط على سوريا لتغيير سلوكها‬ ‫عبر البوابة اللبنانية‪ ،‬وخلق محاور االعتدال العربي‬ ‫املرتهن لسياساتها‪ ،‬والقبض على عنق دول اخلليج‬ ‫من خالل القواعد العسكرية الضخمة لتجفيف‬ ‫قدراتها املالية وما بقي من ودائعها في البنوك‬ ‫األميركية‪ ،‬واإلجهاز على ما بقي من القضية‬ ‫الفلسطينية في مرتكزها احليوي‪ :‬قضية الالجئني‬ ‫وعودتهم إلى ديارهم‪ ،‬بعدما تنازلت القيادة املتنفذة‬ ‫في منظمة التحرير ومبوجب اتفاقيات أوسلو عن‬ ‫‪ %80‬من أرض فلسطني‪ ،‬وما مت قضمه وتهويده‬ ‫من أراضي في القدس والضفة‪ .‬والنفاذ إلى القارة‬ ‫السوداء البتالع ثرواتها‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫‪4‬ـ وكنتيجة لهذه االستراتيجية احلمقاء التي‬


‫تنتهجها إدارة بوش االبن وما رتبته على الواليات‬ ‫املتحدة من إشاعة حالة العداء لدى العديد من‬ ‫شعوب العالم ونقمتها‪ ،‬حيث أشار مركز “بيو”‬ ‫ألبحاث الرأي العام الذي ضم ‪ 24‬ألف مستطلع من‬ ‫‪ 24‬دولة في نيسان املاضي‪ ،‬إلى أن نسبة ‪ %79‬من‬ ‫األردنيني لديهم صورة سلبية عن أميركا‪ ،‬وفي مصر‬ ‫وهي حليفة لها كما األردن فإن نسبة ‪ %22‬لديهم‬ ‫رؤية سلبية و‪ %39‬يرونها عدواً‪ ،‬وفي تركيا وصلت‬ ‫نسبة من يصفونها بالعدو إلى ‪ .%70‬واستطالع‬ ‫آخر ملؤسسة زغبي الدولية أجري في كل من (مصر‬ ‫ـ األردن ـ لبنان ـ املغرب ـ السعودية ـ واإلمارات) أن‬ ‫نسبة ‪ %79‬ترى أن الواليات املتحدة وإسرائيل مت ّثالن‬ ‫أكبر تهديد لألمن القومي العربي‪ .‬وباإلضافة حلالة‬ ‫العداء التي تتسع مروحتها يوما ً بعد يوم‪ ،‬هناك‬ ‫إخفاقات في كل العناوين السياسية واالقتصادية‬ ‫والعسكرية واألمنية‪ ،‬ومحاربة اإلرهاب قد وصلت‬ ‫إلى نتائج كارثية ليس على العالم وحسب بل على‬ ‫الواليات املتحدة ذاتها‪ ،‬واألزمة املالية وتداعياتها‬ ‫التي تعيشها ويعيشها العالم بسببها‪ ،‬واخلسائر‬ ‫التي جتاوزت اخلمسة عشر تريليون دوالر خير‬ ‫استخالص ملا وصلت إليه هذه اإلدارة‪ ،‬حيث تشير‬ ‫إلى أن املشروع األميركي قد وصل إلى نهاياته ومن‬ ‫الصعب إعادة إنتاج نفسه بعد األزمة املالية احلالية‬ ‫وما تشهده من ركود اقتصادي وعجز مخيف في‬ ‫امليزان التجاري وحجم الديون‪.‬‬ ‫هذه األسباب وغيرها دفعت العالم بدوله‬ ‫وشعوبه لتتابع وتراقب االنتخابات األميركية‬ ‫باهتمام ال سابق له‪ ،‬ألن هذه الدول ونتيجة أحادية‬ ‫القطب الواحد أصبح مصير الكثيرين مرهونا ً مبا‬ ‫تستفيق عليه الواليات املتحدة ورئيسها املنتخب‪،‬‬ ‫ولعل دول العالم وشعوبها‪ ،‬ومن ضمنها الشعب‬ ‫األميركي‪ ،‬وفي غمرة السباق إلى البيت األبيض‪،‬‬ ‫كان ت ّواقا ً إلى التغيير والتجديد مع مرشح احلزب‬ ‫الدميوقراطي باراك أوباما‪ ،‬وحتديدا ً الدول والشعوب‬ ‫الفقيرة واملضطهدة واحملرومة وأصحاب القضايا‬ ‫العادلة كالشعب الفلسطيني‪ .‬ولعل الكثيرين‬ ‫أيضا ً يريدون التغيير والتجديد على خلفية‬ ‫الكراهية والعداء إلدارة بوش وحزبه اجلمهوري‪،‬‬ ‫املسؤولني عن النكبات املتنقلة في هذا العالم‪،‬‬ ‫وهذا ما وصفه الكاتب املعروف باتريك سيل‬ ‫املتخصص في شؤون الشرق األوسط في مقالته‬ ‫“مخاطر األشهر األخيرة من والية جورج بوش” في‬ ‫أواخر أيار املاضي قائالً‪( :‬لقد حتول كل ما ملسه بوش‬ ‫إلى دمار)‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من حجم املآسي التي خ ّلفتها إدارة‬ ‫بوش في هذا العالم‪ ،‬هل نحن فعالً أمام تغيير جدي‬ ‫في الواليات املتحدة؟ وهل يجوز اإلفراط في التفاؤل؟‬ ‫للجواب عن السؤال الثاني ندعو اجلميع إلى التأني‬ ‫والتريث‪ .‬وقبل هذا علينا أوال ً معرفة كيف يصنع‬ ‫القرار األميركي؟ وكيف يؤخذ؟ ومن هي اجلهات‬ ‫اخملولة بذلك؟ فالرئيس ليس هو من يتخذ القرار‬ ‫ويصنع االستراتيجية األميركية وينفذها‪ ،‬إن القرار‬ ‫ليس قرارا ً فرديا ً يتخذه الرئيس منفرداً‪ ،‬وهو بالتالي‬ ‫ليس حزبيا ً (دميوقراطيا ً كان أم جمهورياً)‪ ،‬فالرئيس‬

‫وبرنامج حزبه لهما هامش كبير من احلرية في حتديد‬ ‫كثير من السياسات الداخلية ورسمها وتنفيذها‪،‬‬ ‫مثل النفقات والضرائب والسياسة املالية‪ ،‬أما ما‬ ‫هو متصل بالسياسات اخلارجية واالستراتيجية‬ ‫واملتعلقة بالنفوذ في العالم‪ ،‬فتصوغها وترسمها‬ ‫مؤسسات ثابتة ال تتبدل بتبدل الرئيس أو احلزب‪،‬‬ ‫وهي مصممة على أساس املصالح العليا للواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وهي ما يطلق عليها مبواقع ومراكز القوة‬ ‫في احلكومة ومؤسسات احلكم‪ ،‬وهي عبارة عن أربع‬ ‫جهات تتولى وضع األهداف االستراتيجية اخلارجية‬ ‫األميركية‪ ،‬وهذه اجلهات هي (وزارة الدفاع ـ وزارة‬ ‫اخلارجية ـ اخملابرات املركزية ـ األمن القومي)‪ .‬والذي‬ ‫يتولى وضع السياسات ليس الوزير ألنه يتبدل بتيدل‬ ‫الرئيس‪ ،‬بل هم مجموعة مستشارين‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى مراكز دراسات وأبحاث مختصة تساهم في‬ ‫وضع االستراتيجيات‪ ،‬وغالبا ً ما يكون أصحاب هذه‬ ‫املراكز من السياسيني واملستشارين السابقني‬ ‫من أصحاب اخلبرة‪ ،‬وخليطا ً من أصحاب الشركات‬ ‫(النفط والسالح والبنوك واملؤسسات املالية‬ ‫الضخمة‪ ،‬فكثير من السياسيني إما يأتون منها‬ ‫أو بترشيح منها)‪ .‬وعندما ينتخب الرئيس ويتولى‬ ‫سلطاته الدستورية بعد أدائه القسم‪ ،‬تتولى هذه‬ ‫اجلهات األربع مجتمعة أو منفردة برفع تقاريرها‬ ‫إليه‪ ،‬وهي تتضمن استراتيجية الواليات املتحدة‬ ‫في العالم والسياسة املتبعة في تنفيذها‪ ،‬فيو ّقع‬ ‫الرئيس عليها ملتزما ً بها دون أي تغيير أو تبديل‪،‬‬ ‫وتصبح عهدا ً عليه‪ ،‬والرئيس في أميركا وأعضاء‬ ‫حكومته ال يضعون سياسات أو استراتيجيات‬ ‫بل ينفذون هذه السياسات وهذه االستراتيجيات‬ ‫وبواسطة مستشارين في كل اجملاالت‪.‬‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك حقيقة‬ ‫ال بد من معرفتها عن الواليات املتحدة‪ ،‬وهي أن‬ ‫الرؤساء يجب أن يكونوا من البروتستانت البيض‬ ‫من أصل أنغلوساكسوني‪ ،‬أي من إنكلترا وايرلندا‪،‬‬ ‫وهذه القاعدة شذت مرتني قبل انتخاب أوباما‪ ،‬وذلك‬ ‫عندما جاء للرئاسة اثنان من الكاثوليك (ابراهام‬ ‫لنكولن وجون كيندي) واالثنان قتال‪ ،‬وهذا املشهد‬ ‫بالتأكيد ماثل متاما ً أمام الرئيس املنتخب أوباما‬ ‫املنحدر من أصول أفريقية مسلمة‪ ،‬رغم تنكره‬ ‫لها‪ ،‬ومحاولة االغتيال لباراك أوباما التي كشف‬ ‫النقاب عنها قبل أيام من العملية االنتخابية‬ ‫في ‪ 2008/11/4‬تندرج في سياق ثقافة التعصب‬ ‫الديني للبروستانت الذي تعيشه الواليات املتحدة‬ ‫األميركية‪.‬‬ ‫مضافا ً لذلك الدور الواضح للوبي الصهيوني‬ ‫الذي يسيطر على مراكز القوة والقرار في أميركا‬ ‫من خالل وضع يده على املؤسسات املالية وحتديدا ً‬ ‫(بورصة وول ستريت في نيويورك مركز النفوذ‬ ‫اليهودي) والشركات العمالقة‪ ،‬وكذلك مراكز‬ ‫األبحاث والدراسات واملؤسسات اإلعالمية الكبرى‬ ‫(‪ )CNN‬وغيرها‪ ،‬ناهيك عن منظمة ايباك التي‬ ‫يسعى اجلميع إلى التقرب منها في الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬مبن فيهم باراك أوباما‪.‬‬ ‫انطالقا ً مما تقدم‪ ،‬اإلجابة عن السؤال الثاني‬

‫‪19‬‬

‫أصبحت واضحة‪ ،‬فاملطلوب من جميع املتفائلني‬ ‫في هذا العالم‪ ،‬وخصوصا ً في منطقتنا العربية‪،‬‬ ‫عدم اإلفراط بتفاؤلهم والتريث قليالً حتى ال‬ ‫يصابوا بخيبة أمل من الرئيس اجلديد للواليات‬ ‫املتحدة األميركية (باراك أوباما)‪ ،‬وال يكفي أن مجرد‬ ‫اسم والده حسني أو أن عربا ً من سكان فلسطني‬ ‫تربطهم بأوباما صالت قربى حتى نهلل ونطبل‬ ‫لفوزه‪ ،‬وبأن كل مشاكلنا ستحل وفي املقدمة‬ ‫منها القضية الفلسطينية‪ ،‬فهذا املنتخب اجلديد‬ ‫قد زار الوطن احملتل واضعا ً على رأسه القلنسوة‬ ‫وأيد أن تكون القدس املوحدة عاصمة لدولة الكيان‪،‬‬ ‫وفور فوزه عني اإلسرائيلي راحم اميانويل ليكون‬ ‫كبير موظفي البيت األبيض‪ ،‬علينا أال ننسى أن‬ ‫زميله من احلزب الدميوقراطي بيل كلينتون قد حاول‬ ‫متذاكيا ً في مفاوضات كامب ديفيد عام ‪ 2000‬أن‬ ‫ينهي عهده بإجناز على املسار الفلسطيني عندما‬ ‫جمع الراحل عرفات ورئيس الوزراء اإلسرائيلي‬ ‫آنذاك إيهود باراك للتفاوض على مسائل احلل‬ ‫النهائي (الالجئني والقدس واملستوطنات والدولة‬ ‫الفلسطينية)‪ ،‬ولم يفلح ألن الراحل عرفات رفض‬ ‫ما عرض عليه‪ ،‬وتطورت األحداث لتشكل انتفاضة‬ ‫األقصى عنوان املرحلة اجلديدة في مسيرة النضال‬ ‫الوطني الفلسطيني‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬فما الذي‬ ‫سيأتي به الرئيس اجلديد وهو مكبل قبل أن يدخل‬ ‫البيت األبيض مبلفات يستلزم كل واحد منها‬ ‫الوقت الطويل حلله إذا ما متكن من إيجاد احللول‬ ‫لها أو جلزء هام منها‪ ،‬وفي املقدمة منها تسونامي‬ ‫األزمة املالية التي تضرب كل املفاصل في الواليات‬ ‫املتحدة‪ .‬وإذا ما افترضنا أن الرئيس املنتخب أراد أن‬ ‫يح ّرك شيئاً‪ ،‬وحتديدا ً في املوضوع الفلسطيني ألنه‬ ‫جوهر الصراع العربي اإلسرائيلي‪ ،‬فمن غير املأمول‬ ‫أن يأتي بأكثر مما طرحه كلينتون‪ ،‬هذا إذا بقي شيء‬ ‫من هذا الطرح‪ ،‬ألن وقائع كثيرة على األرض قد‬ ‫تغيرت‪.‬‬ ‫وفي اخلالصة‪ ،‬ان ما يغير في السياسات‬ ‫واجتاهاتها لتكون ملصلحتنا هي قدرتنا على‬ ‫إنتاج ذاتنا‪ ،‬باالستناد إلى أن نكون أقوياء بفعل‬ ‫عدالة قضايانا وانتزاعها بقوة ممانعتنا ومقاومتنا‪،‬‬ ‫ال باستجداء احللول من هنا وهناك‪ ،‬فال مكان‬ ‫للضعفاء في هذا العالم‪ ،‬ومثلت روسيا في حربها‬ ‫على جورجيا النموذج لعالم ال يحترم إال األقوياء‪،‬‬ ‫ونحن أمة منلك من القوة واملقدرات لو فعلت ألتى‬ ‫العالم بدوله‪ ،‬وفي مقدمتها الواليات املتحدة‪ ،‬إلينا‬ ‫صاغراً‪ .‬فال ننتظر كثيرا ً الترياق القادم من البيت‬ ‫األبيض ورئيسه املنتخب أوباما‪ ،‬فما يحفظ احلقوق‬ ‫ويصونها هي املقاومة كما فعلت وتفعل في لبنان‬ ‫وفلسطني والعراق‪ ،‬وعلينا على الدوام أن نضع‬ ‫نصب أعيننا أن الواليات املتحدة أول من أقر بوعد‬ ‫بلفور في عهد الرئيس ويلسون قبل إصداره‪ ،‬ثم ما‬ ‫لبث أن أكده الكونغرس بإجماع مجلسيه النواب‬ ‫والشيوخ في ‪ 20‬حزيران عام ‪.1922‬‬ ‫* عضو املكتب السياسي‬ ‫اجلبهة الشعبية لتحرير فلسطني القيادة العامة‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫ً‬ ‫متمثال بديغول ونستقبله خصماً شريفاً‬ ‫يزورها‬ ‫عون في سوريا مسيحي مشرقي زارها البابا كمهد للمسيحية‬ ‫ليست املرة األولى التي يزور العماد ميشال عون سوريا‪ ،‬فهو ذهب إليها انحياز سوريا إلى حكومة احلص وعدم اعترافها باحلكومة العسكرية‪ ،‬توترت‬ ‫منتصف الثمانينيات من القرن املاضي عندما كان قائدا ً للجيش والتقى العالقة مع عون الذي رفع شعار”حرب التحرير”‪ ،‬إلخراج القوات السورية‬ ‫الرئيس حافظ األسد‪ ،‬الذي رأى فيه مشروع رئيس للجمهورية‪ ،‬ميكنه أن من لبنان‪ ،‬ودامت هذه احلرب حوالى العام‪ ،‬أعقبها أو ترافقت معها “حرب‬ ‫يعيد توحيد لبنان‪ ،‬ولديه إميان بضرورة أن تكون العالقات بني لبنان وسوريا إلغاء” للميليشيات واستعادة الدولة ملرافئها ومؤسسساتها منها‪ ،‬فدخل‬ ‫أكثر من جيدة‪ ،‬ألن الروابط االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬والتواصل اجلغرافي‪ ،‬مبعارك عسكرية مع احلزب التقدمي االشتراكي الذي كان يسيطر على‬ ‫مرفأ اجلية‪ ،‬ويقيم “إدارة مدنية”‬ ‫والتاريخ الواحد‪ ،‬تفرض أال يحصل‬ ‫وكذلك مع “القوات اللبنانية”‬ ‫ما يعكرها‪.‬‬ ‫التي كانت األشرس واألعنف في‬ ‫في تلك الفترة‪ ،‬تس ّربت‬ ‫املناطق املسيحية التي كانت‬ ‫معلومات عن أن الرئيس األسد‬ ‫القوات تقيم فيها “دويلتها” من‬ ‫أس ّر للعماد عون وملوفدين من‬ ‫“كفرشيما إلى املدفون”‪ ،‬ولها‬ ‫قبله‪ ،‬كالوزير السابق ألبير‬ ‫جيشها وشرطتها ومرافئها‬ ‫منصور واألستاذ فايز قزي‪ ،‬أن‬ ‫ومطارها (حاالت)‪.‬‬ ‫القيادة السورية ال تضع “فيتو”‬ ‫خاض عون حربني حتت عنوانني‬ ‫على اسم قائد اجليش لرئاسة‬ ‫الستعادة الشرعية لسلطاتها‪،‬‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬وهذا األمر أغضب‬ ‫األول بإخراج القوات السورية‬ ‫الرئيس أمني اجلميل الذي كان‬ ‫والثاني بإنهائه امليليشيات ودورها‬ ‫يطمح للتجديد له لوالية ثانية‪،‬‬ ‫في السيطرة على مؤسسات‬ ‫كما أن مرشحني موارنة خافوا من‬ ‫الدولة‪ ،‬وفيما كانت املعارك‬ ‫وصوله‪ ،‬وبدأوا يفتشون عن ذرائع‬ ‫دائرة كان احلل العربي والدولي‬ ‫إلبعاده عن رئاسة اجلمهورية‪ ،‬إال‬ ‫قد بدأ ينضج لألزمة اللبنانية‪،‬‬ ‫أن االعتراض األساسي جاء من‬ ‫فكان اتفاق الطائف الذي رعته‬ ‫اإلدارة األميركية آنذاك في عهد‬ ‫اللجنة الثالثية العربية‪ ،‬وهو‬ ‫الرئيس جورج بوش األب‪ ،‬التي‬ ‫الذي أوقف احلرب األهلية‪ ،‬لكن‬ ‫لم ترحب به‪ ،‬وأوفدت ريتشارد‬ ‫العماد عون مترد عليه‪ .‬وانتخب‬ ‫مورفي يفاوض الرئيس األسد‬ ‫مجلس النواب رينيه معوض‬ ‫على مرشح آخر‪ ،‬بعدما طلب‬ ‫رئيسا ً للجمهورية لكنه اغتيل‬ ‫من البطريرك املاروني وضع الئحة‬ ‫بأسماء مرشحني‪ ،‬فضمت كالً‬ ‫بعد حوالى الشهر‪ ،‬فانتخب‬ ‫فورا ً الرئيس الياس الهراوي‪،‬‬ ‫من بيار حلو‪ ،‬رينيه معوض‪ ،‬فؤاد‬ ‫فلم يعترف به رئيس احلكومة‬ ‫نفاع‪ ،‬وغاب عنها العماد عون‬ ‫العسكرية الذي اعتبر نفسه‬ ‫وكذلك الرئيس الراحل سليمان‬ ‫الشرعية‪ ،‬وبقي في القصر‬ ‫فرجنية الذي أبدت سوريا ترشيحه‬ ‫اجلمهوري في بعبدا‪ ،‬إلى أن صدر‬ ‫لرئاسة اجلمهورية‪ ،‬ومت تعيني‬ ‫القرار العربي والدولي بإخراجه‬ ‫جلسة النتخابه‪ ،‬لكن النصاب‬ ‫منه‪ ،‬لينطلق العهد اجلديد‪،‬‬ ‫القانوني لم يتحقق‪ ،‬فتأجلت الرئيس االسد يستقبل البابا يوحنا بولس الثاني في مهد املسيحية‬ ‫ويطبق الطائف‪ ،‬ويستعيد لبنان‬ ‫اجللسة وطار اسمه من التداول‪،‬‬ ‫ليظهر فجأة اسم النائب مخايل الضاهر بعد اجتماع األسد ـ مورفي‪ ،‬لكن وحدة أرضه ومؤسساته‪ ،‬وقد قامت القوات السورية بالتنسيق مع اجليش‬ ‫لقا ًء مارونيا ً استثنائيا ً عقد في بكركي‪ ،‬ورُفض ترشيحه‪ ،‬حتت عنوان أنه اللبناني الذي أعاد تكوينه القائد اجلديد له العماد إميل حلود بفرض سيطرته‬ ‫على املناطق اخلارجة عن الشرعية‪ ،‬مبا فيها القصر اجلمهوري الذي غادره‬ ‫يفرض فرضاً‪ ،‬فكان الرد األميركي الشهير “مخايل الضاهر أو الفوضى”‪.‬‬ ‫ويروي الرئيس حسني احلسيني‪ ،‬أن اسم الضاهر أدخله على الئحة متوجها ً إلى السفارة الفرنسية طالبا ً اللجوء مع الضباط الذين كانوا معه‬ ‫البطريرك الرئيس أمني اجلميل‪ ،‬وكأنه كان يعرف أنه سيرفض‪ ،‬مما يفسح في احلكومة‪.‬‬ ‫وبعد ذلك ن ُفي خمس سنوات إلى فرنسا‪ ،‬وخاض نضاالت ضد الوجود‬ ‫اجملال له للتجديد‪ ،‬وقد أبلغ السوريني برغبته‪.‬‬ ‫وقد تعطل انتخاب رئيس للجمهورية‪ ،‬بسبب كثرة املرشحني املوارنة‪ ،‬السوري مع “تياره السياسي”‪ ،‬طيلة ‪ 15‬سنة‪ ،‬فذهب إلى مراكز القرار في‬ ‫واضطر الرئيس اجلميل في الربع الساعة األخير إلى أن يسمي العماد عون العالم‪ ،‬يطالب بإخراج القوات السورية من لبنان‪ ،‬ولم يخف دوره في ذلك‪،‬‬ ‫رئيسا ً حلكومة عسكرية قابلته حكومة أمر واقع برئاسة سليم احلص‪ ،‬وشهادته أمام الكونغرس األميركي‪ ،‬وعندما تيقن أن اإلدارة األميركية تتجه‬ ‫وخرج منها الوزراء املسلمون من الضباط‪ :‬محمود أبو ضرغم (درزي)‪ ،‬جابر إلى إخراج القوات السورية طرح فكرة عقد مؤمتر لبناني ملواجهة مرحلة‬ ‫(شيعي)‪ ،‬هشام قريطم (سني)‪ ،‬وبقي الضباط املسيحيون فيها‪ :‬ميشال بعد خروج هذه القوات‪ ،‬وأال تكون مغادرتها لبنان بطريقة تؤثر على العالقات‬ ‫عون (ماروني) عصام أبو جمرا (أرثوذكسي) وادغار معلوف (كاثوليكي)‪ ،‬ومع بني البلدين‪ ،‬ألن الهدف ليس العداء لسوريا أو العمل ضد قيادتها وإسقاط‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪20‬‬


‫النظام فيها‪ ،‬بل تصحيح العالقة التي توترت‪ ،‬بسبب األداء الذي قام به من‬ ‫تولى في سوريا إدارة الشأن اللبناني ورعاية احلل‪ ،‬وقد اعترف الرئيس بشار‬ ‫األسد بحصول جتاوزات وارتكابات وأخطاء أثناء الوجود السوري‪ ،‬مبشاركة‬ ‫أطراف لبنانية‪.‬‬ ‫وأرسل عون موفدا ً له من آل عيسى وهو أميركي من أصل لبناني‪ ،‬يبحث‬ ‫مع املسؤولني السوريني في موضوع مبا يطبخ بشأن سوريا‪ ،‬وكان قرار أميركي‬ ‫صدر مبحاسبتها واقترح على القيادة فيها‪ ،‬فتح حوار حول العالقة معها‬ ‫وتنظيمها بعد خروج جيشها‪ ،‬لكن االقتراح لم يلقَ طريقه إلى التنفيذ‪ ،‬إلى‬ ‫أن حصل ما حصل مع صدور القرار ‪ ،1559‬عن مجلس األمن الدولي‪ ،‬الذي‬ ‫طالب بإخراج القوات الغريبة من لبنان وما رافق ذلك من متديد للرئيس إميل‬ ‫حلود وارتفاع حدة التوتر مع سوريا من قبل ما يسمى “لقاء البريستول”‪،‬‬ ‫وما تبعه من اغتياالت ومحاوالت اغتيال كان أبرزها مقتل الرئيس رفيق‬ ‫احلريري في ‪ 14‬شباط ‪ ،2005‬واتخاذ الرئيس بشار األسد قرارا ً في ‪ 5‬آذار‬ ‫‪ 2005‬بسحب القوات السورية‪،‬‬ ‫والذي أجنز في ‪ 26‬نيسان من‬ ‫العام نفسه‪ ،‬وفي ‪ 7‬أيار من ذلك‬ ‫العام عاد العماد عون إلى لبنان‪،‬‬ ‫وأعلن أنه لم تعد هناك مشكلة‬ ‫مع سوريا بعد سحب قواتها‪ ،‬وأن‬ ‫املرحلة السوداء من العالقات قد‬ ‫طويت‪ ،‬وعلينا بدء صفحة جديدة‪،‬‬ ‫وكان كالمه مختلفا ً عن كل‬ ‫أطراف قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬الذين ذهبوا‬ ‫بعدائهم إلى املطالبة بإسقاط‬ ‫النظام في سوريا وتوعدوه بقرارات‬ ‫دولية‪ ،‬كانت اإلدارة األميركية مع‬ ‫الرئيس الفرنسي جاك شيراك‬ ‫يستصدرونها من مجلس األمن‬ ‫ضدها‪ ،‬كما قرروا من خالل جلنة‬ ‫التحقيق الدولية باغتيال احلريري‬ ‫املس بالنظام السوري وبالرئيس األسد ومعاونيه‪ ،‬وانتظروا تقارير اللجنة‬ ‫كي يطيحوا احلكم في سوريا‪ ،‬التي طالبوا باحتاللها‪.‬‬ ‫كان عون في مكان آخر‪ ،‬وقد أوقف حملته على سوريا‪ ،‬وذهب إلى طاولة‬ ‫احلوار التي انعقدت في آذار ‪ 2006‬في مجلس النواب‪ ،‬يقترح تشكيل وفد من‬ ‫احملاورين للذهاب إلى سوريا‪ ،‬والبحث معها في تصحيح العالقات‪ ،‬فرفض‬ ‫وليد جنبالط الفكرة‪ ،‬وأعلن أن النظام إلى زوال ولن نعطيه فرصة اللتقاط‬ ‫األنفاس‪ ،‬وشن حملة عليه‪ ،‬ومثله فعل سعد احلريري وسمير جعجع‪ ،‬وأمني‬ ‫اجلميل وآخرون من فريق األغلبية النيابية‪ ،‬وطلب رئيس “اللقاء الدميوقراطي”‬ ‫من “حزب اهلل”‪ ،‬اتخاذ موقف من سوريا وقيادتها‪ ،‬وعدم التوجه بالشكر لها‬ ‫لدعمها املقاومة‪ ،‬فوقع اخلالف بينهما بعدما ظهر توجه لدى قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫بنزع سالح املقاومة‪.‬‬ ‫ميش رئيس “التيار الوطني احلر” في اخملطط املرسوم أميركيا ً للفريق‬ ‫لم ِ‬ ‫احلاكم‪ ،‬وابتعد عنه‪ ،‬وكانوا أبعدوه عن احلكومة بعدما ابتعدوا عن التحالف‬ ‫معه في االنتخابات النيابية‪ ،‬وذهبوا إلى التحالف مع قوى ‪ 8‬آذار عبر “أمل”‬ ‫و”حزب اهلل” ليكسبواألغلبية في مجلس النواب‪ ،‬وهذا ما حصل‪ ،‬وانقلبوا‬ ‫على حتالفهم‪ ،‬هذا في الوقت الذي ذهب عون إلى التفاهم مع “حزب اهلل”‬ ‫وإصدار ورقة بينهما‪ ،‬شكلت ركيزة لوفاق داخلي لتحصني السلم األهلي‪،‬‬ ‫كان لها دور فاعل في احتضان املقاومة شعبياً‪ ،‬أثناء العدوان اإلسرائيلي‬ ‫على لبنان صيف ‪ ،2006‬وقد مر هذا التفاهم بامتحان خرج به الطرفان‬ ‫منتصرين‪ ،‬وأثبت رئيس تكتل “اإلصالح والتغيير”‪ ،‬أنه ملتزم بتوقيعه كما‬ ‫أنه مؤمن باملقاومة التي راهن أنها ستواجه العدوان اإلسرائيلي وتنتصر‪،‬‬ ‫وهو ما ترك خصومه السابقني التحدث عنه على أنه رجل مبادئ‪ ،‬وأنه صادق‬ ‫بتحالفاته‪ ،‬ووفي لتعهداته‪ ،‬وقد نفذ ما قاله اثناء اخلصومة معها واملعارك‬ ‫ضدها بأن سوريا عندما تخرج جيشها من لبنان‪ ،‬ستكون لنا معها أفضل‬

‫العالقات وأميزها‪ ،‬وبالرغم من أن هذا الكالم قد ال يالقي شعبية في “الوسط‬ ‫املسيحي” وال حتى في قواعده احلزبية والشعبية‪ ،‬التي نشأت على “العداء”‬ ‫لسوريا‪ ،‬فكيف ميكنه أن يعيد ترتيب العالقات معها‪ ،‬ووافق على زيارتها‪.‬‬ ‫ال ينظر العماد عون إلى املكاسب الشخصية‪ ،‬وال الفئوية في رسمه‬ ‫خلياراته السياسية‪ ،‬بل يعمل بقناعاته‪ ،‬كما يؤكد‪ ،‬التي تؤمن مصلحة‬ ‫لبنان‪ ،‬وكذلك الوجود املسيحي فيه وفي املشرق العربي الذي ينتمي إليه‬ ‫املسيحيون كما يقول عون‪ ،‬الذي ذهب إلى اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪،‬‬ ‫لتحصني هذا الوجود‪ ،‬الذي يتعرض للتهجير واجملازر واإلبادة‪ ،‬في ظل االحتالل‬ ‫األميركي ومشروعه للمنطقة‪.‬‬ ‫لقد قرر العماد عون أن يذهب إلى سوريا التي ينظر املسؤولون فيها على‬ ‫أنه “خصم شريف” فلم يطعن بها‪ ،‬وهي تخرج من لبنان‪ ،‬كما فعل من‬ ‫قدمت لهم كل شيء ممن كانوا يسمون “حلفاء لها”‪ ،‬وعلى رأسهم وليد‬ ‫جنبالط الذي انقلب عليها منذ االحتالل األميركي للعراق‪ ،‬وقد أبلغته اإلدارة‬ ‫األميركية‪ ،‬أنها ستحاصر سوريا‬ ‫وستضغط على نظامها‪ ،‬فرأى‬ ‫الفرصة سانحة لالنتقام منها‬ ‫كما أعلن هو‪ ،‬وأن ساعة الثأر‬ ‫قد حانت‪ ،‬مع التحوالت الدولية‬ ‫جتاهها‪ ،‬وهو ما لم يفعله اجلنرال‬ ‫عون‪ ،‬بل نظر إلى املسألة من زاوية‬ ‫املصلحة الوطنية‪ ،‬ال الشخصية‪،‬‬ ‫وبعكس رئيس احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي‪.‬‬ ‫ففي احلروب تستخدم كل‬ ‫الوسائل واألساليب‪ ،‬أما وقد‬ ‫انتهت احلرب بالنسبة لعون على‬ ‫الوجود السوري بعد خروجه من‬ ‫بد من شارل ديغول‪،‬‬ ‫لبنان‪ ،‬فال ّ‬ ‫يصالح اجلزائريني‪ ،‬ويقيم صلحا ً‬ ‫مع أملانيا التي دمرت فرنسا في‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪ ،‬فتمثل به‪ ،‬وأراد أن يطل على سوريا من موقع رجل‬ ‫الدولة ال رجل السياسة‪ ،‬وأن يصالح سوريا‪ ،‬صلح الشجعان واألبطال‪،‬‬ ‫وسيقابله املسؤولون السوريون باملوقف واملوقع نفسه‪.‬‬ ‫والزيارة هي إلى بلد احتضن املسيحيني ولم مييزهم النظام فيها عن‬ ‫توجهه علماني ال طائفي‪ ،‬وقد أعطى لكل الطوائف‬ ‫باقي املواطنني‪ ،‬ألن ّ‬ ‫حرية املعتقد وممارسته‪ ،‬وهو ما يحمي الوجود املسيحي الذي تعتبر سوريا‬ ‫مهده ومنه انطلقت املسيحية وفيها كانت أول كنيسة وعلى أرضها أقام‬ ‫أحد رسل السيد املسيح يوحنا املعمدان‪ ،‬وكانت له كنيسة في دمشق‪،‬‬ ‫زارها البابا يوحنا بولس الثاني في أهم زيارة له الى الشرق في العام ‪،2001‬‬ ‫ألنه وطأت قدماه األرض التي منها كان التبشير املسيحي‪ ،‬حيث لم يقبل‬ ‫البطريرك املاروني نصراهلل صفير أن يرافق البابا بزيارته الى سوريا أو يكون‬ ‫في استقبال رأس الكنيسة وهو بذلك وقف ضد السينودس اخلاص بلبنان‪،‬‬ ‫الذي دعا املسيحيني الى التفاعل مع محيطهم املشرقي والعربي‪ ،‬وهو ما‬ ‫ميارسه عون من موقعه السياسي‪ ،‬ورفضه صفير من موقعه الديني‪ ،‬الن‬ ‫توجهاته انعزالية ال مشرقية‪ ،‬وهو في كثير من األحيان يرفض تسميته‬ ‫ببطريرك انطاكية وسائر املشرق‪ ،‬ويكتفي بشعار “مجد لبنان أعطي له”‪.‬‬ ‫وكما ذهب عون الى طهران بحملة سياسية وإعالمية منظمة‬ ‫استهدفته‪ ،‬خلفض رصيده الشعبي عند املسيحيني‪ ،‬وبأن زيارته الى سوريا‬ ‫ستنهيه فإنه أصر عليها‪ ،‬ألنه ال ينظر الى املكاسب الصغيرة‪ ،‬وال حتركه‬ ‫العواطف اجلماهيرية‪ ،‬أو يحرك فيها غرائزها‪ ،‬بل يذهب اليها كمسيحي‬ ‫مشرقي‪ ،‬هدفه االنفتاح على اجلار األقرب‪ ،‬وبناء عالقات قائمة على التبادل‬ ‫املشترك للمصالح بني الدولتني‪ ،‬ونسف كل عالقات سابقة قامت على‬ ‫مصالح االفراد والسياسيني‪.‬‬

‫جورج معوض‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫العالقات السورية ـ اللبنانية تتطور وزيارة بارود كرستها‬

‫السعودية منزعجة وجنبالط متضرر والحريري منقبض‬

‫زيارة الوزير بارود الى دمشق‪ :‬عودة التنسيق األمني‬ ‫لن تتحسن العالقات اللبنانية ـ السورية‪،‬‬ ‫وتعود الى طبيعتها‪ ،‬وتستعيد دورتها‬ ‫االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وتصبح أكثر من‬ ‫مميزة كما نص اتفاق الطائف‪ ،‬إال بإلغاء التوتر‬ ‫القائم بني سوريا والسعودية‪ ،‬حيث يعول رئيس‬ ‫مجلس النواب نبيه بري‪ ،‬على حتسن العالقات‬ ‫بني الدولتني العربيتني احملوريتني‪ ،‬اللتني تتنازعان‬ ‫النفوذ‪ ،‬وتتصارعان على مشروعني متناقضني‬ ‫في النظرة الى الصراع مع العدو اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫كما الى العالقة مع الواليات املتحدة األميركية‬ ‫ومشاريعها في املنطقة‪ ،‬كما الى موقع إيران‬ ‫في املعادلة اإلقليمية‪.‬‬ ‫وكل هذه الوقائع من العالقات السعودية‬ ‫ـ السورية‪ ،‬التي أفقدت التضامن العربي‬ ‫روحه‪ ،‬انعكست سلبا ً على لبنان‪ ،‬وهو ما‬ ‫ظهر في سلوك حليف السعودية الرئيس‬ ‫رفيق احلريري قبل اغتياله‪ ،‬من موضوع الوجود‬ ‫السوري في لبنان‪ ،‬وقرار مجلس األمن الدولي‬ ‫‪ 1559‬الذي طالب سوريا بسحب قواتها من‬ ‫لبنان حتت عنوان عدم وجود قوات غير لبنانية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫على أرضه‪ ،‬كما أن الصراع مع إيران حول‬ ‫ما أعلنه معارضون لنفوذها ومشاريعها‪،‬‬ ‫ومنهم العاهل األردني امللك عبد اهلل الثاني‪،‬‬ ‫أنها تسعى إلى قيام “هالل شيعي” ميتد من‬ ‫أراضيها الى سواحل البحر االبيض املتوسط‬ ‫جلهة سوريا ولبنان‪ ،‬عزز اخلالف السوري ـ‬ ‫السعودي الذي ظهرت تداعياته في لبنان‪ ،‬ولم‬ ‫يخف أقطاب “ثورة األرز” من اجملاهرة بوقوفهم‬ ‫ضد مشروع “االمبراطورية الفارسية”‪ ،‬وكان‬ ‫أفصحهم النائب وليد جنبالط الذي نقل‬ ‫“بارودته” من الكتف اإليراني‪ ،‬إلى الكتف‬ ‫السعودي‪ ،‬وباتت اململكة محجته السياسية‬ ‫وقبلته املالية‪ ،‬يتلقى منها املبالغ الطائلة‪،‬‬ ‫التي زادت عما كان يحصل عليه من اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية كمساعدات تربوية‬ ‫واجتماعية أضعافا ً مضاعفة‪ ،‬ليقف بوجه‬ ‫املشروع الفارسي‪ ،‬ومينع “التمدد الشيعي”‬ ‫وقد حاول أن يكون رأس حربة مباشرة ضد‬ ‫“حزب اهلل” الذي ميثل “والية الفقيه” وامتدادا ً‬ ‫للمرشد الروحي للثورة اإلسالمية اإليرانية‬

‫‪22‬‬

‫آية اهلل على اخلامنئي‪ ،‬وشن حملة منظمة‬ ‫على املقاومة وطالب بنزع سالحها‪ ،‬وأنه‬ ‫قادر على أخذ صواريخها‪ ،‬وإســكات شبكة‬ ‫اتصــاالتها‪.‬‬ ‫كل هذه التطورات‪ ،‬كانت تقف حجر عثرة‬ ‫في تطوير العالقات اللبنانية ـ السورية‪ ،‬ألن‬ ‫السعودية ترفض عودة النفوذ السوري املرتبط‬ ‫بتحالف مع ايران ‪ ،‬والذي له حلفاء في لبنان‪،‬‬ ‫مما يقضي‪ ،‬بحسب املسؤولني السعوديني‪،‬‬ ‫على موقع حلفائهم في لبنان‪ ،‬وعلى دور‬ ‫السنّة فيه‪ ،‬وعلى سلطة آل احلريري وتيارهم‬ ‫السياسي “املستقبل”‪ ،‬إضافة الى املرجعية‬ ‫الدينية املمثلة بدار الفتوى‪.‬‬ ‫وتوتر العالقات السورية ـ السعودية‪ ،‬لن‬ ‫يوفر االستقرار للبنان ايضاً‪ ،‬إذ إن طرفا ً فيه‬ ‫سيبقى رافعا ً شعار العداء لسوريا وإسقاط‬ ‫النظام فيها‪ ،‬من خالل احتضان املعارضني له‬ ‫ودعمهم‪ ،‬وهذا ما ظهر من خالل تأمني حضور‬ ‫للمعارضة السورية في بيروت‪ ،‬وإنشاء مراكز‬ ‫لها‪ ،‬وتوفير منابر إعالمية لإلطاللة منها‪ ،‬ومت‬


‫حتويل األرض اللبنانية منصة النطالق املعارضة‬ ‫السورية منها للتحريض على النظام‪ ،‬وزعزعة‬ ‫األمن واالستقرار في سوريا‪ ،‬وهو ما كشفته‬ ‫التحقيقات مع الشبكة اإلرهابية التي‬ ‫اعترفت بتورطها في تفجير دمشق‪ ،‬وانتمائها‬ ‫الى تنظيم “فتح اإلسالم” املم ّول من “تيار‬ ‫املستقبل” كما قال بعض أفراد الشبكة‬ ‫في اعترافاتهم التي أذاعتها وسائل اإلعالم‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫ففي ظل األجواء املتوترة مع سوريا من قبل‬ ‫أطراف لبنانية لها ارتباطات خارجية مع أميركا‬ ‫والسعودية‪ ،‬وتتلقى الدعم منها‪ ،‬فإن العالقات‬ ‫اللبنانية ـ السورية لن تتطور‪ ،‬ألن قوى ‪14‬‬ ‫شباط‪ ،‬ستبقيها في حالة من التوتر والصدام‬ ‫والتشكيك‪ ،‬طاملا أن النظام لم يسقط برأي‬ ‫هؤالء‪ ،‬وهو ما أعلنه قادة هذه القوى علناً‪ ،‬وصرح‬ ‫جنبالط بأنه ذهب الى واشنطن وأكثر من دولة‬ ‫عربية وأجنبية‪ ،‬مطالبا ً بإنهاء وجود احلكم في‬ ‫سوريا عبر انقالب تقوم به املعارضة السورية‬ ‫من الداخل والتحريض عليه‪ ،‬أو اعتماد منوذج‬ ‫صدام حسني باحتالل سوريا‪ ،‬أو باستخدام‬ ‫احملكمة الدولية باغتيال احلريري وتوجيه اتهام‬ ‫الى رأس النظام في سوريا أي الرئيس بشار‬ ‫األسد وسوقه مع معاونيه ومسؤولني سوريني‬ ‫الى احملكمة‪.‬‬ ‫لكن رغبات جنبالط وحلفاءه لم تنفذ‪ ،‬ال‬ ‫صدم عندما أُبلغ بأن العالقة مع النظام‬ ‫بل ُ‬ ‫في سوريا‪ ،‬هي في تغيير سلوكه جتاه لبنان‬ ‫وقضايا أخرى في املنطقة‪ ،‬وهذا ما حصل‬ ‫جلهة مساعدتها في اتفاق الدوحة الذي‬ ‫كانت خارجه السعودية‪ ،‬ولعبت قطر دورا ً‬ ‫فيه مع فرنسا‪ ،‬والذي أدى الى انتخاب رئيس‬ ‫توافقي للجمهورية العماد ميشال سليمان‬ ‫وتأليف حكومة وحــدة وطنية‪ ،‬وصدر قانون‬ ‫االنتخـــاب‪.‬‬ ‫وانعقدت طاولة احلوار للبحث في‬ ‫االستراتيجية الدفاعية‪ ،‬ومت التوقيع على قيام‬ ‫تبادل دبلوماسي بني لبنان وسوريا‪ ،‬بعد قمة‬ ‫جمعت رئيسي البلدين‪ ،‬وانتهت الى اتفاق على‬ ‫تعزيز التعاون والتنسيق‪ ،‬وهناك معاهدة أخوية‬ ‫بني الدولتني‪ ،‬ويجمعهما مجلس أعلى لتعبر‬ ‫العالقات عبر املؤسسات‪ ،‬ألن مرحلة الوجود‬ ‫السوري في لبنان أثرت عليها‪ ،‬فأفرغ العمل من‬ ‫مضمونه‪ ،‬وغلب األمن على العالقات فشابتها‬ ‫األخطاء واالرتكابات والتجاوزات‪ ،‬ودخل عليها‬ ‫طفيليون استفادوا منها سياسيا ً ومالياً‪ ،‬ما‬ ‫رسخ في ذهن اللبنانيني‪ ،‬كما السوريني‪ ،‬صورة‬ ‫ّ‬ ‫بشعة‪ ،‬بدال ً من ان ترسم لهم لوحة جميلة‪،‬‬ ‫لعالقات اقتصادية واجتماعية تنمي البلدين‪،‬‬ ‫في وقت كان التفاهم السياسي كامال ً حول‬ ‫مقاومة إسرائيل‪ ،‬وترابط املسار واملصير بني‬ ‫البلدين في عملية السالم التي ال تخرج عن‬ ‫القرارات الدولية واستعادة االرض احملتلة‬ ‫كاملة‪.‬‬

‫قوى ‪ 14‬شباط تريد رأس النظام في سوريا‬ ‫فبعد انتخاب العماد سليمان وضعت‬ ‫العالقات على سكة الثقة التي فقدت بعد‬ ‫االنسحاب السوري‪ ،‬وانغماس فريق ‪ 14‬شباط‬ ‫الذي أمسك بالسلطة مع املشروع األميركي‪،‬‬ ‫ومع محور عربي‪ ،‬وبدأ ير ّوج ملا سماه “ثقافة‬ ‫احلياة”‪ ،‬للقضاء على ثقافة املقاومة وإنهاء‬ ‫وجودها ونزع سالحها‪.‬‬ ‫كان وصول رئيس جمهورية توافقي وتأليف‬ ‫حكومة وحدة وطنية‪ ،‬فاحتة لعودة العالقات‬ ‫واستعادة الثقة‪ ،‬وبدأ تبادل الزيارات لفتح حوار‬ ‫بني املسؤولني في البلدين‪ ،‬وكانت أبرز الزيارات‬ ‫تلك التي قام بها وزير الداخلية زياد بارود والتي‬ ‫ووجهت بحملة انتقادات من قبل ‪ 14‬شباط‪،‬‬ ‫واعتبرت دعوته الى دمشق استدعا ًء‪ ،‬وقيام‬ ‫جلنة متابعة عودة لألمن السوري الى الداخل‬ ‫اللبناني‪ ،‬في عملية تشويه وتضليل من أجل‬ ‫منع عودة العالقات‪ ،‬حيث تبني أن الزيارة كانت‬ ‫ناجحة وجيدة‪ ،‬وان املسؤولني السوريني زودوا‬ ‫القادة األمنيني اللبنانيني‪ ،‬ال سيما مخابرات‬ ‫اجليش وقيادته‪ ،‬مبعلومات أمنية أوصلت الى‬ ‫كشف شبكات إرهابية في لبنان‪.‬‬ ‫ولكن هذه احلملة على بارود‪ ،‬لم تدم سوى‬ ‫أيام‪ ،‬فدحضها هو نفسه‪ ،‬وكشف قيادي في‬ ‫املعارضة أن قوى ‪ 14‬شباط ال تريد أن تعود‬ ‫وتتحسن العالقات بل أن تبقى متوترة ألهداف‬ ‫عربية وإقليمية ودولية‪ ،‬وأزعجتهم عودة‬ ‫العالقات الفرنسية ـ السورية وايضا ً عالقات‬ ‫دول أوروبية مع سوريا‪ ،‬وعاتبت السعودية‬ ‫الرئيس الفرنسي نيكوال ساركوزي على زيارته‬ ‫الى سوريا وانفتاحه عليها‪ ،‬كما لم تكن االداره‬ ‫االميركية مسرورة أبداً‪.‬‬

‫‪23‬‬

‫فكل ما يريده فريق األغلبية النيابية هو‬ ‫اللعب على الوقت الضائع‪ ،‬ملعرفة مدى تطور‬ ‫عالقة النظام في سوريا مع اخلارج‪ ،‬إذ يخشى‬ ‫قادة هذا الفريق من صفقة أميركية ـ سورية‬ ‫جديدة‪ ،‬مع وصول احلزب الدميوقراطي الى البيت‬ ‫األبيض عبر انتخاب باراك أوباما‪ ،‬واحلوار املفتوح‬ ‫من جانب هذا احلزب على سوريا‪ ،‬وقبل زيارة‬ ‫ساركوزي‪ ،‬مما يشير الى أن تغييرا ً للسلوك‬ ‫سيظهر من االدارة االميركية اجلديدة جتاه‬ ‫القيادة السورية‪ ،‬التي يزعج بقاءها جنبالط‬ ‫وسعد احلريري اللذان راهنا على إسقاطها‪،‬‬ ‫واالول هو من دفع برفيق احلريري الى تبني‬ ‫التصعيد ضد سوريا‪ ،‬بعد االحتالل األميركي‬ ‫للعراق‪.‬‬ ‫وجنبالط هو أكثر املتضررين من استمرار‬ ‫احلكم في سوريا‪ ،‬وهو الذي ّ‬ ‫عطل نتائج زيارة‬ ‫الرئيس فؤاد السنيورة اليها‪ ،‬بعد تأليف احلكومة‬ ‫في آب ‪ ،2005‬وهو الذي رفض على طاولة احلوار‬ ‫في آذار ‪ ،2006‬تشكيل وفد من املتحاورين من‬ ‫كل االطراف لزيارة سوريا‪ ،‬والتصارح مع قيادتها‬ ‫على عالقات جيدة‪ ،‬ملصلحة االستقرار في‬ ‫البلدين‪ ،‬وهو اآلن يخشى من االنفتاح االوروبي‬ ‫واحلوار االميركي معها‪ ،‬وأكثر ما يخاف منه‪ ،‬مع‬ ‫حلفائه‪ ،‬ال سيما املسيحيني منهم‪ ،‬هو زيارة‬ ‫العماد ميشال عون الى دمشق‪ ،‬واالستقبال‬ ‫الذي ينتظره والنتائج التي ستنتهي اليها‪ ،‬من‬ ‫عودة الثقة للعالقات مع شخص قاد حربا ً ضد‬ ‫سوريا واآلن يصاحلها‪ .‬جنبالط يقول في سره‪:‬‬ ‫سأبقى وحيدا ً وأندم‪...‬‬

‫جورج معوض‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫تحققت نبوءته قبل أربع سنوات‬ ‫سيتحول «ز ّب ً‬ ‫اال» في نيوروك‬ ‫بأنه‬ ‫ّ‬

‫جنبالط‪:‬‬

‫شكراً‬

‫أميركا‬ ‫تنبأ وليد جنبالط قبل أربع سنوات لنفسه‬ ‫ما سيكون عليه وضعه السياسي‪ ،‬وبعد رهانه‬ ‫على املشروع األميركي في املنطقة‪ ،‬وانخراطه‬ ‫فيه‪ ،‬فأعلن صراحة انه “سيكون زباال ً في نيوروك”‪،‬‬ ‫واختار هذه املهنة‪ ،‬كي ال يعود يرضخ وحسب رأيه‬ ‫“للوصاية السورية” وبشكل واضح للمخابرات‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫وهذه النبوءة بدأ رئيس احلزب التقدمي‬ ‫االشتراكي يشعر بأنها قد تتحقق‪ ،‬وهو أشار‬ ‫صراحة من بكركي‪ ،‬الى ان خسارة قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫لالنتخابات النيابية‪ ،‬تعني أن اللواء رستم غزالي‬ ‫أو غيره من ضباط اخملابرات السورية‪ ،‬ليسوا‬ ‫بحاجة للعودة الى لبنان‪ ،‬فهم سيحكمونه من‬ ‫مكاتبهم في دمشق وريفها‪ ،‬كما قال جنبالط‬ ‫الذي يبدو أنه تلقى الرسالة األميركية األخيرة‪،‬‬ ‫أن واشنطن تخلت عنه وعن حلفائه‪ ،‬وهو كان‬ ‫أدرك ذلك قبل سنتني‪ ،‬عندما زار الواليات املتحدة‬ ‫األميركية‪ ،‬والتقى فيها كبار املسؤولني‪ ،‬من نائب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الرئيس ديك تشيني الى وزيرة اخلارجية كونداليزا‬ ‫رايس‪ ،‬التي أبلغته أن سياسة إدارتها جتاه سوريا‪،‬‬ ‫ليست إسقاط النظام فيها بل تغيير سلوكه‪،‬‬ ‫وعاد جنبالط في تشرين الثاني من العام ‪،2006‬‬ ‫ليقول لقوى املعارضة على طاولة التشاور في‬ ‫مجلس النواب‪ ،‬إن “مشروعكم ربح وفشل‬ ‫مشروعنا”‪ ،‬أي املشروع األميركي‪.‬‬ ‫وبعد عامني يعود رئيس “اللقاء الدميوقراطي”‬ ‫من زيارته األميركية‪ ،‬ليعلن أن اإلدارة اجلديدة‬ ‫وبعد فوز الدميوقراطي باراك أوباما بالرئاسة‬ ‫االميركية‪ ،‬تتجه إلى فك اشتباك مع سوريا‪،‬‬ ‫وفتح قنوات حوار معها‪ ،‬وهذا ما كان متوقعا ً‬ ‫بعدما سيطر احلزب الدميوقراطي على مجلسي‬ ‫الشيوخ والنواب األميركيني‪ ،‬وجاءت رئيسة‬ ‫مجلس النواب األميركي نانسي بيلوسي العام‬ ‫املاضي‪ ،‬وأعلنت أن احلل في لبنان واملنطقة مير عبر‬ ‫سوريا‪ ،‬وأهمية كالمها أنه قيل من قريطم‪ ،‬وعلى‬ ‫مسمع من رئيس “تيار املستقبل” سعد احلريري‬

‫‪24‬‬

‫وبعد لقائها به‪ ،‬حيث بدأ التوجس ينتاب قوى ‪14‬‬ ‫شباط من حتول دولي باجتاه سوريا‪ ،‬بدأ مع مغادرة‬ ‫الرئيس الفرنسي جاك شيراك قصر االليزيه‬ ‫ودخول الرئيس نيكوال ساركوزي اليه‪ ،‬وزيارته الى‬ ‫سوريا‪ ،‬وقبله زيارة بيلوسي اليها‪ ،‬وهذا ما دفع‬ ‫جنبالط الى القول عن تطبيع دولي مع القيادة‬ ‫السورية‪ ،‬إضافة الى التطبيع اللبناني‪ ،‬حيث‬ ‫عادت زيارات املسؤولني اللبنانيني الى دمشق من‬ ‫الرئيس ميشال سليمان والوزراء زياد بارود وطارق‬ ‫متري ومتام سالم وقبلهم وزير اخلارجية فوزي‬ ‫صلوخ الذي و ّقع اتفاقية التبادل الدبلوماسي بني‬ ‫البلدين مع نظيره السوري‪ ،‬وسيزورها وزير الدفاع‬ ‫الياس املر‪ ،‬كما أن مكاتب املسؤولني السوريني من‬ ‫سياسيني وأمنيني بدأت تعج بالقيادات اللبنانية‬ ‫ليس فقط من ‪ 8‬آذار‪ ،‬بل من ‪ 14‬آذار‪ ،‬وهذه إشارة‬ ‫تقلق الزعيم اجلنبالط وحلفاء له‪ ،‬بأن سوريا عادت‬ ‫تلعب دورا ً أساسيا ً في لبنان‪ ،‬وأن لها نفوذها‪ ،‬وأن‬ ‫احلل والربط في لبنان يعود لها‪ ،‬فهي كان لها‬


‫الكلمة الفصل في انتخاب‬ ‫قائد اجليش العماد ميشال‬ ‫سليمان رئيسا ً للجمهورية‬ ‫مرشحا توافقيا‪ ،‬وقد أقر‬ ‫قياديون من األكثرية النيابية‬ ‫عندما وافقوا على انتخاب‬ ‫سليمان بأنه صديق سوريا‬ ‫وخيارها لرئاسة اجلمهورية‪،‬‬ ‫كما أسهمت في تسمية‬ ‫قائد اجليش العماد جان‬ ‫قهوجي بالتنسيق مع‬ ‫الرئيس سليمان‪ ،‬ووقفت‬ ‫على آراء حلفائها الذين‬ ‫استطاعت معهم فرض‬ ‫تشكيل حكومة وحدة‬ ‫وطنية فيها الثلث الضامن‬ ‫للمعارضة‪.‬‬ ‫هذه التطورات يقرأها‬ ‫جنبالط جيداً‪ ،‬ال سيما‬ ‫بعد انتفاضة ‪ 7‬أيار املاضي زار صفير ليجذبه الى معركة ضد عون بدأها اجلميل بخطاب متطرف‬ ‫للمعارضة‪ ،‬التي تصدت‬ ‫للحكومة غير الشرعية وقراراتها‪ ،‬وحتديدا ً بشأن الدورة السابقة في العام ‪ ،2005‬إذ يتوقع أن يزداد‬ ‫شبكة اتصاالت املقاومة‪ ،‬وأجبرتها على التراجع حجم الربح مع قانون القضاء‪ ،‬في دوائر سيطر‬ ‫عنها وإلغائها‪ ،‬وفسح هذا التطور لتحرك عليها فريق ‪ 14‬شباط‪ ،‬كزغرتا‪ ،‬والكورة‪ ،‬والبترون‬ ‫املعارضة على االرض عسكرياً‪ ،‬أن تستثمره وبعبدا‪ ،‬وعاليه والدائرة األولى في بيروت وصوال ً‬ ‫سياسيا ً وتنفذ شروطها من انتخاب الرئيس الى البقاع الغربي ـ راشيا‪ ،‬إذ تتوقع املعارضة أن‬ ‫التوافقي الى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬حتصل على ‪ 68‬أو ‪ 70‬مقعدا ً نيابياً‪ ،‬ما يعطيها‬ ‫وهو ما دفع بقوى ‪ 14‬شباط الى خفض سقف األغلبية النيابية‪ ،‬متكنها من ترؤس احلكومة‬ ‫خطابها السياسي‪ ،‬ال سيما جنبالط واحلريري وتكون ممثلة فيها باألكثرية‪.‬‬ ‫وفوز املعارضة في االنتخابات‪ ،‬هو ما يقلق‬ ‫اللذين انفتحا على احلوار واملصاحلة مع “حزب‬ ‫اهلل”‪ ،‬لتبريد “الساحة اإلسالمية”‪ ،‬إذا صح القول‪ ،‬جنبالط الذي ذهب الى بكركي والتقى البطريرك‬ ‫وإزالة التوتر من الشارع‪ ،‬وتطويق الفتنة املذهبية‪ ،‬املاروني نصر اهلل صفير‪ ،‬وتشاور معه بنتائج‬ ‫على عكس ما هو جار على “الساحة املسيحية”‪ ،‬زيارته الى أميركا‪ ،‬وأبلغه بالتحول احلاصل داخل‬ ‫إذ إن الضغط على العماد ميشال عون وتياره اإلدارة اجلديدة جتاه سوريا‪ ،‬وكيف ميكن مواجهته‬ ‫السياسي “الوطني احلر”‪ ،‬مستمر ولن يتوقف على املستوى الداخلي في االنتخابات التي‬ ‫كلما اقترب موعد االنتخابات‪ ،‬إلن الصراع هو على يخشى أن تخسرها قوى “السيادة واالستقالل”‬ ‫“الصوت املسيحي”‪ ،‬وعدم متكني عون من أن يفوز ومت ّثل خطرا ً على وجودها كما يؤكد جنبالط الذي‬ ‫بالدوائر املسيحية مع حلفائه كما حصل في حتدث مع البطريرك املاروني‪ ،‬عن ضرورة شحن‬ ‫ضد‬ ‫املسيحيني‬ ‫عون‪ ،‬وأن خسارته‬ ‫املقاعد املسيحية‪،‬‬ ‫هو احلل الوحيد‪ ،‬كي‬ ‫تفوز قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫باألغلبية النيابية‪،‬‬ ‫الكنيسة‬ ‫وان‬ ‫املارونية تلعب دورا ً‬ ‫رئيسيا ً في هذا اجملال‪،‬‬ ‫وهي التي ساهمت‬ ‫في انتخابات ‪2005‬‬ ‫في توجيه الرأي‬ ‫املسيحي‬ ‫العام‬ ‫باجتاه لوائح “التيار‬ ‫الوطني احلر”‪ ،‬بعدما‬ ‫أعلن صفير رفضه‬ ‫اجلميل‪ :‬عودة الى مشروع التقسيم‬

‫‪25‬‬

‫إلجراء االنتخابات على أساس قانون غازي كنعان‬ ‫الذي صدر عام ‪.2005‬‬ ‫ولذلك تأخذ االنتخابات النيابية دورا ً مفصلياً‪،‬‬ ‫ألن من نتائجها ستتك ّون السلطة‪ ،‬ومستقبل‬ ‫لبنان السياسي‪ ،‬وان قوى ‪ 14‬شباط قررت أن‬ ‫تخوض املعركة االنتخابية موحدة ألنها بالنسبة‬ ‫لها معركة “حياة أو موت” كما وصفت معركتها‬ ‫ضد املعارضة التي كانت تطالب بالثلث الضامن‬ ‫داخل احلكومة‪.‬‬ ‫واتفقت املواالة على أن تركز معركتها على‬ ‫“التيار الوطني احلر”‪ ،‬وحتطيم صورته مسيحيا‪،‬‬ ‫وأن تخاض ضده بشعار عالقته مع “حزب اهلل”‬ ‫املرتبط بإيران ووالية الفقيه‪ ،‬والتحذير من خطر‬ ‫سالحه‪ ،‬وامتالكه قرار احلرب من خارج الدولة التي‬ ‫يقيم دولته داخلها‪ ،‬وقد بدأ الرئيس أمني اجلميل‬ ‫أول جتربة في هذه املعركة‪ ،‬في اخلطاب الذي‬ ‫ألقاه في ذكرى اغتيال جنله بيار وتأسيس حزب‬ ‫الكتائب‪ ،‬فتحدث بلغة حادة‪ ،‬وهو الذي يقدم‬ ‫نفسه معتدالً‪ ،‬فظهر على حقيقته وكشف عما‬ ‫فشن هجوما ً على املقاومة وسالحها‪،‬‬ ‫يفكر به‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأعاد طرح “الفدرالية” ناسفا ً اتفاق الطائف‪ ،‬وقد‬ ‫القى كالمه البعيد عن أجواء املصاحلة‪ ،‬وافتتاح‬ ‫احلوار برعاية رئيس اجلمهورية‪ ،‬حملة ردود ّ‬ ‫ذكرت‬ ‫اجلميل بتاريخه املليء باحلروب‪ ،‬وفي عهده الذي‬ ‫أدخل اللبنانيني بالفقر‪ ،‬حيث هبط سعر صرف‬ ‫الليرة‪ ،‬بسبب احلروب التي خاضها ضد بيروت‬ ‫والضاحية اجلنوبية واجلبل‪ ،‬إضافة الى الصفقات‬ ‫التي اشتهر بها عهده مع “طائرات البوما”‪،‬‬ ‫وسرقات روجيه مترز من بنك انترا‪.‬‬ ‫لقد عاد جنبالط خائبا ً من زيارته الى الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وذهب اليها ليقول لتشيني ورايس‬ ‫شكرا ً اميركا‪.‬‬

‫انطوان خيراهلل‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‪ /‬مقابلة‬

‫االنتخابات النيابية بين مطرقة النظام األكثري وسندان النظام النسبي‬

‫النائب نجاح واكيم لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫معادلة خارجية تحكم لبنان عبر الطبقة السياسية الحاكمة‬ ‫أقر مجلس النواب مشروع قانون اإلنتخاب على أساس قانون‬ ‫‪ 1960‬الذي اعتمد القضاء والنظام األكثري في تراجع واضح عن تطوير‬ ‫النظام السياسي كما جاء في الطائف الذي اعتمد احملافظة والى‬ ‫حد ما النسبية‪ ،‬وارتفعت أصوات سياسيني وأحزاب وهيئات‬ ‫مجمع مدني من كل حدب وصوب‪ ،‬متمنية التراجع عن‬ ‫القانون لتحقيق الصحة في التمثيل النيابي للبنانيني‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن القوى الوطنية والقومية تشدد على‬ ‫املبدأ النسبي وتكبير الدائرة االنتخابية حتى ولو اعتبر لبنان‬ ‫كله دائرة واحدة‪ ،‬فيما ينادي السياسيون الطائفيون‬ ‫واإلقطاعيون بضرورة اعتماد مبدأ النظام‬ ‫األكثري وتصغير الدائرة االنتخابية إلى حدود‬ ‫القضاء على أكبر تعديل‪ ،‬ولوال احلياء لطالبوا‬ ‫بدوائر انتخابية بحجم احلي والزاروب‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه‪ ،‬أن هؤالء املطالبني‬ ‫بالدوائر الصغيرة يعرفون قلة متثيلهم‬ ‫للشعب في لبنان ويخشون الفشل‪،‬‬ ‫وفي الوقت عينه يجهلون أن املبدأ‬ ‫النسبي ال يحرمهم الوصول إلى اجمللس‬ ‫النيابي بحجم ما ميثلون‪.‬‬ ‫وملا كان النظام االنتخابي على‬ ‫القاعدة النسبية لم يدخل بعد في‬ ‫ثقافة اللبنانيني ووعيهم‪ ،‬ليس بجهل منهم بل رغبة من الطبقة‬ ‫السياسية اإلقطاعية احلاكمة بتجهيلهم بالرغم مما قد يق ّدمه قانون‬ ‫االنتخاب على املبدأ النسبي من متثيل صحيح لكل اللبنانيني‪.‬‬ ‫ذلك أن اجملالس النيابية‪ ،‬هي مظهر من مظاهر الدميوقراطية‪ ،‬تلك‬ ‫الكلمة التي تعني‪ :‬حكم الشعب للشعب‪ ،‬بكل تالوين أطيافه‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية والفكرية‪ .‬ولذلك ينبغي أن تكون‬

‫الطائفية ال تصنع الدولة‬ ‫إن إصدار قانون االنتخاب مبا يناسب الطبقة‬ ‫القائمة هو تقليد معمول به منذ استقالل لبنان‪،‬‬ ‫ملاذا التخوف اليوم من استصدار قانون جديد‬ ‫لالنتخاب‪ ،‬أو إجراء تعديالت على قانون الـ ‪60‬؟‬ ‫وما هي التعديالت التي جتدونها ضرورية إلدخالها‬ ‫في قانون االنتخاب املقرر اعتماده في انتخابات‬ ‫‪2009‬؟‬ ‫ليس هناك من شك بأن األزمة في لبنان تقع‬ ‫في النظام السياسي احلاكم‪ ،‬إذ لم تقم وال مرة‬ ‫مؤسسة الدولة في لبنان‪ ،‬بأحسن األحوال كان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اجملالس النيابية صورة مصغرة عن الوطن بأسره التي تبرز املشاركة‬ ‫احلقيقية في صوغ املستقبل الوطني‪.‬‬ ‫بعكس ما قد يقدمه النظام األكثري من حتفيز لتعميق‬ ‫االنقسامات في اجملتمع الواحد‪ ،‬مبا يسببه من احتقانات‬ ‫وكراهية‪ ،‬وما ينتج من ذلك من أساليب ملتوية في تأليب الرأي‬ ‫العام‪.‬‬ ‫سجاالت السياسيني تتفاعل مداً وجزراً‪ ،‬في الفترة األخيرة‪،‬‬ ‫حول قانون االنتخاب النيابي‪ .‬هذا املوضوع الذي ال يلبث أن يعود‬ ‫الى دائرة األضواء بعد وضعه في األدراج‪ .‬وإذا توافرت ظروف‬ ‫ما قد تبقيه في الثالجة في املستقبل القريب‪ ،‬فإنه‬ ‫ال شك سيخرج منها مجدداً ألن انتخابات‬ ‫‪ 2009‬النيابية لم تعد بعيدة‪.‬‬ ‫ذلك أن قانون االنتخاب هو في صلب‬ ‫األزمة التي يعيشها لبنان‪ ،‬كونه يشكل‬ ‫على الدوام عقدة احلياة السياسية‬ ‫والبرملانية وكان محل خالف دائم‬ ‫بني احلكومات والقوى االجتماعية‬ ‫والسياسية‪ .‬فالعتبارات سياسية‬ ‫وأمنية خضع القانون دائماً لتغييرات‬ ‫جوهرية منذ عام ‪ 1989‬حتى خرج بصورته احلالية‬ ‫“الصوت الواحد” الذي يعتبر عائقا كبيرا في وجه‬ ‫اإلصالح املنشود‪.‬‬ ‫فلماذا التخوف اليوم من استصدار قانون جديد لالنتخاب‪ ،‬أو إجراء‬ ‫تعديالت على قانون الـ‪60‬؟ ومدى إمكانية نقضه التفاق الطائف‪ ،‬ورفض‬ ‫بعض السياسيني في املعارضة واملواالة‪ ،‬معارضة ومواالة‪ ،‬لقانون‬ ‫النسبية‪ ،‬وأسئلة كثيرة أخرى كانت محور لقائنا مع رئيس حركة‬ ‫الشعب النائب السابق جناح واكيم في حوار هذا نصه‪:‬‬

‫هناك إدارة حاكمة‪ ،‬وذلك جراء الطوائف أوباألحرى‬ ‫الطائفية‪ ،‬وهذا أمر طبيعي بأن ال يتحقق في لبنان‬ ‫شيء يدعى السيادة‪ ،‬نظرا ً لقوة الطائفة السياسية‬ ‫ودعمها اخلارجي املتوافر لها في الساحة اللبنانية‪،‬‬ ‫عبرمجموعة كتل تابعة لدول ما‪ ،‬فدائما ً كان هناك‬ ‫في لبنان معادلة خارجية حاكمة‪ ،‬وهذا طبعا ً عبر‬ ‫طبقة سياسية الحظنا وجودها منذ تشكل شيء‬ ‫سمي لبنان وهذا قبل العام ‪ ،1920‬يعني في مطلع‬ ‫القرن الثامن عشر‪ ،‬وهذه الطبقة السياسية لم‬ ‫تعرف التغيير يوما ً عن طريق االنتخاب بعملية‬ ‫دميوقراطية‪ ،‬بل على العكس بقيت هي نفسها‪.‬‬ ‫أما متى كان يحصل التغيير؟ فإن هذا التغيير كان‬ ‫يتم بعد كل حرب أهلية وليس بعد كل انتخاب‪،‬‬

‫‪26‬‬

‫وأمر طبيعي أن التغيير نتيجة حرب أهلية يتجه‬ ‫نحو األسوأ‪ ،‬ألن السلطة في هذه الفترة ستكون‬ ‫بيد الفريق أو امليليشيا أو احلزب األقوى‪ .‬من هنا‬ ‫نالحظ أن الطبقة السياسية كانت دائما ً ترجع الى‬ ‫الوراء‪ ،‬وعند اللجوء الى صنع قانون انتخاب كانوا‬ ‫يسألون سؤاال ً خطأ حول شكل الدائرة االنتخابية‪،‬‬ ‫فيما السؤال الواجب طرحه والذي يطرح في‬ ‫جميع بلدان العالم هو ماذا نريد من هذا القانون؟‬ ‫كأن نعالج مثالً األمراض السائدة في البلد التي‬ ‫بثتها ونشرتها الطائفية مبعنى أن البلد منقسم‬ ‫مذهبيا ً ويجب العمل على قانون يخفف من هذا‬ ‫االنقسام ويساعد على االندماج بني فئات اجملتمع‪.‬‬ ‫أما خطورة قانون الـ‪ 60‬فتكمن في الوقت الذي‬


‫صدر فيه هذا القانون‪ ،‬حيث كان املطلوب يومها‬ ‫إعادة تركيب السلطة والدولة والتوازنات الطائفية‬ ‫السائدة بعد احلرب األهلية القصيرة‪ ،‬مما يعكس‬ ‫التوازنات اإلقليمية التي كانت قائمة‪ ،‬ففي تلك‬ ‫احلقبة الزمنية لم تكن املنطقة في مرحلة تغيرات‬ ‫دراماتيكية تنعكس في لبنان حربا ً أهلية‪ ،‬فقامت‬ ‫التوازنات التي عرفت بتوازنات دولة فؤاد شهاب الذي‬ ‫صنع دولة باإلدارة‪ ،‬ولكن عند تقربه من السياسة لم‬ ‫يق َو على االستمرار‪ .‬من هنا عند تراجع فؤاد شهاب‬ ‫أتت السياسة لتسيطر على اإلدارة احلاكمة‪ .‬وهذا‬ ‫ما نعاني منه اليوم‪ :‬فاملنطقة ليست في مرحلة‬ ‫إعادة التركيب‪ ،‬وال في مرحلة استعادة توازنها‪ ،‬بل‬ ‫نحن مقبلون فيها على صراعات كبيرة‪ ،‬خاصة عند‬ ‫عقد النية لصنع انتخابات في ‪ 26‬دائرة بعد الفرز‬ ‫الدميوغرافي والنفسي الذي سببته احلرب‪ ،‬إذ جند‬ ‫أنه من أصل ‪ 26‬دائرة لدينا ‪ 24‬دائرة صافية مذهبيا ً‬ ‫ودائرتان مختلطتان‪ ،‬ما يتيح لكل طائفة أن تنتخب‬ ‫نوابها‪ ،‬واملقلق في ذلك أن اختيار النائب داخل‬ ‫الطائفة يكون بحسب الشخصية والزعامة األكثر‬ ‫تعصبا ً واألكثر سفكا ً للدماء‪ .‬من هنا الثنائية التي‬ ‫قام عليها لبنان “املارونية ‪ -‬السنية” والتي حققت‬ ‫وظيفتها في سلخ لبنان عن سوريا‪ ،‬ولكن اليوم‬ ‫املعادلة اختلفت ببروز معادلة صراع أخرى يعكسها‬ ‫محوران في املنطقة‪ :‬محور مركزه إيران وامتداده‬ ‫سوريا واملقاومات الخ‪ ،...‬ومركز آخر محوره ومركزه‬ ‫اسرائيل وغطاؤه هو الرجعيات “العربية” و”السنية”‪.‬‬ ‫وهنا سنقع في مشكلة التناقض التي تتعلق ليس‬ ‫فقط بقضية املنطقة بشعبها‪ ،‬بل أيضا ً بقضية‬ ‫التحرر الذي ّ‬ ‫شكل جزءا ً منه الصراع ضد إسرائيل‪،‬‬ ‫الذي تسعى السعودية للقضاء عليه عبر إيجادها‬ ‫حلوار األديان الذي يواجه تناقضا ً آخر في املنطقة أال‬ ‫وهو التناقض السني ـ الشيعي‪ ،‬وهذا ما نالحظه‬ ‫في احلديث عن اخلطر اإليراني الذي ال جند فيه أي‬ ‫خطر‪ ،‬خاصة بوجود محورين في املنطقة‪ ،‬تناولتهما‬ ‫رايس بعدما أطلقت عليهما اسم االستقطاب‬ ‫اإلقليمي بني الدول العربية املعتدلة السنية‬ ‫وإسرائيل في مواجهة احملور السوري اإليراني‪.‬‬ ‫فإذا أتينا اليوم الى قانون االنتخاب جند أنه ميكننا‬ ‫ترجمته على الطريقة التالية‪ :‬النتائج قد ظهرت‬ ‫لدى الشيعة وانتهت‪ ،‬وأيضا ً لدى الطائفة السنية‪،‬‬ ‫ولدى الطبقة السياسية الشيعية سيكون هناك‬ ‫تابع أو متحالف‪ ،‬ومهما كان األمر سيكون مع احملور‬ ‫السوري اإليراني‪ ،‬أما السنية السياسية فستكون‬ ‫تابعة ومتحالفة مع احملور األميركي ـ السعودي ـ‬ ‫املصري ـ االسرائيلي‪ ،‬ما يعني أن احملورين الى صراع‬ ‫تُرجم في املنطقة بالثنائية السنية ‪ -‬الشيعية‬ ‫كبديل للثنائية السنية ‪ -‬املارونية التي هي ثنائية‬ ‫صراع وليست ثنائية توازن‪ ،‬فهل سأل أحدهم ملاذا‬ ‫املعركة في قانون االنتخاب على الساحة املسيحية‬ ‫دون غيرها؟ وهل ستكون معركة انتخابية حقيقية‬ ‫يتحدد من خاللها الدور املسيحي لوضعه على‬ ‫الكفة املناسبة‪ ،‬وعلى أية كفة سترجحه؟ مهما‬ ‫يكن األمر‪ ،‬فنحن نعرف أن أركان املعارضة اجتمعوا‬ ‫وأخلصوا الى نتيجة ربح ‪ 4‬أو ‪ 5‬نواب زيادة‪ ،‬وكذلك‬

‫األمر بالنسبة ألركان املواالة إذ حصلوا أيضا ً على ‪4‬‬ ‫أو ‪ 5‬نواب زيادة ملصلحتهم‪ ،‬هذه التقديرات أتت قبل‬ ‫‪ 7‬أشهر من االنتخابات‪ ،‬ولكن مع اقتراب االنتخابات‪،‬‬ ‫التقديرات غير املستقرة تصبح ثابتة‪ ،‬فهذا الطرف‬ ‫أو ذاك‪ ،‬وأنا ال أقصد احمللي فقط بل أقصد احمللي‬ ‫بامتداده اإلقليمي‪ ،‬وإذا تبينّ أنه خسرها أال تكفي‬ ‫سيارة مفخخة لقيام حرب أهلية في البلد؟ إذا ً نحن‬ ‫معرضون لفتنة قبل االنتخابات‪ ،‬ولنفرض جدال ً أن‬ ‫االنتخابات جرت بتاريخها‪ ،‬فاملسألة ليست مسألة‬ ‫النواب و”التجليطة الدميوقراطية التوافقية”‬ ‫املعروفة اليوم‪ ،‬مبعنى أن هناك جهة لديها األغلبية‬ ‫ماذا فعلوا بها؟‬ ‫فللهروب من هذا األمر وللهروب أيضا ً من حتديد‬ ‫موقع لبنان في الصراع اإلقليمي نلجأ الى السياسة‬ ‫الدفاعية والى حفالت النفاق من الغراميات بني‬ ‫الطوائف‪ ،‬من هنا يجب عند استجداد استحقاق‬ ‫ما حتديد املوقف‪ ،‬خاصة أننا اليوم مقبلون على‬ ‫تشكل حلف بدأت إخراجه السعودية بتحالفها‬ ‫مع إسرائيل‪ ،‬ولتغطية هذا احللف بدأت بقضية‬ ‫الصلح بني فلسطني وإسرائيل‪ ،‬وبالضغط على‬ ‫سوريا إلبعادها عن إيران‪ ،‬وجعل العرب في كفة‬ ‫وهؤالء الفرس الشيعة وغيرهم في كفة أخرى‪ ،‬غير‬ ‫أن سوريا شكلت هذا اخلرق وأحدثت إرباكا ً في هذا‬ ‫احللف‪ ،‬فال سوريا شكلت غطاء حتالف السعودية‬ ‫مع إسرائيل وال فلسطني أيضا ً متكنت من تغطية‬ ‫هذا التحالف‪ ،‬فاستنجدوا اليوم بحوار األديان‪.‬‬ ‫فعلى قصة هذا احللف هناك حلف مقابل له‪ ،‬هناك‬ ‫صراع بصرف النظر سيأخذ باألغلبية‪ ،‬وذلك لوجود‬ ‫ركيزة سنية وأخرى شيعية ميكن لكل منهما أن‬ ‫ّ‬ ‫فتعطل‬ ‫تعلن الفيتو وفق الدميوقراطية التوافقية‬ ‫إذا ً احلسم والبت في قانون االنتخاب في املؤسسات‬

‫‪27‬‬

‫الدستورية وفي الشارع أيضا ً الذي كان من احملتمل‬ ‫أن يؤدي الى حرب أهلية ما زالت محتملة‪.‬‬ ‫وهنا أعود للقول إن ما يعنيني من قانون االنتخاب‬ ‫هو ليس عدالة التمثيل بالرغم من أهميتها‪،‬‬ ‫وليس الكوتا النسائية‪ ،‬وخفض سن االقتراع‬ ‫وإشراك املغتربني وال املال االنتخابي وحتديد اإلنفاق‬ ‫االنتخابي‪ ،‬وأنا أعرف أن السعودية خصصت صندوقا‬ ‫لالنتخابات‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة لدول أخرى‪ ،‬ما‬ ‫سيجعل الصوت يصل الى ‪ $200‬أو ‪ $300‬إمنا الذي‬ ‫يعنيني أكثر من ذلك كله هو شيء واحد‪ :‬وقف احلرب‬ ‫األهلية التي سيقودنا إليها قانون االنتخاب‪ ،‬إما قبل‬ ‫االنتخابات وإما بعدها‪ ،‬ما يعني أن املسألة مسألة‬ ‫شهرين قبل االنتخابات أو بعدها‪ ،‬فمن هنا مسألة‬ ‫خطورة هذا القانون االنتخابي‪ ،‬وهنا أقول بكل‬ ‫صراحة بالنسبة للفريق اآلخر وأنا ال أعرف أن أد ّور‬ ‫زوايا‪ ،‬باألمس كان الذي يتحالف مع إسرائيل‪ ،‬سواء‬ ‫عبر السعودية أو مباشرة أو عبر أميركا‪ ،‬عميالً‪ ،‬وأنا‬ ‫ال ألوم الفريق اآلخر بل ألوم املعارضة كونها تبرعت‬ ‫بخسارة املعركة قبل بدايتها‪ ،‬وذلك إما بأنانية منها‬ ‫وإما بضيق أفقها وإما جتنبا ً لصراع أهلي محتمل‪،‬‬ ‫لذا جندهم وفق تعبيرهم للواقع أنهم مجبرون على‬ ‫إجراء املصاحلات التي ستؤدي أيضا ً الى حرب أهلية‪،‬‬ ‫من هنا يجب تغيير الصراع في مضمونه السياسي‬ ‫وطابعه املذهبي الذي ال يتم إالّ عن طريق جبهة‬ ‫وطنية‪ ،‬ما يعود بنا الى نقطة البداية والسؤال‪ :‬ملاذا‬ ‫لم تقم حتى اليوم دولة في لبنان؟ هنا أؤكد ما قلته‬ ‫صراحة للبطريرك صفير بأن السبب األساسي هو‬ ‫املارونية السياسية‪ ،‬وهذه املرة القصة مطروحة‬ ‫بشكل أكثر حدة في قانون الـ ‪ 60‬الذي يشوبه‬ ‫الكثير من العورات التي نقبلها غير أننا ال نقبل‬ ‫الدماء التي قد تسفك من خالل هذا القانون الذي‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‪/‬مقابلة‬ ‫مشكلتنا األساسية فيه أنه لن يبدل شكل الصراع‬ ‫في البلد بل على العكس سيزيده‪ .‬من هنا معركتنا‬ ‫ضد هذا القانون وضد االنتخابات ليس من أجل‬ ‫عدالة التمثيل بل ملنع احلرب األهلية‪.‬‬ ‫بالعودة إلى قانون ‪ 1960‬أال ترى فيه نقضاً‬ ‫التفاق الطائف الذي حت ّدث عن احملافظة؟‬ ‫نحن وضعنا في التجمع العلماني الوطني‬ ‫مذكرة توضح الى درجة كبيرة تناقض قانون الـ‪60‬‬ ‫وخرقه للدستور ولوثيقة الوفاق الوطني التي هي‬ ‫فوق الدستور مهما كان رأيي بها‪ ،‬ألنه عند وضع‬ ‫هذه الوثيقة فوق الدستور جرى تعديل الدستور‬ ‫بطريقة تتوافق مع هذه الوثيقة‪ ،‬وهناك شيء هام‬ ‫جدا ً وهو أن وثيقة الوفاق الوطني أخذت بالشرعية‬ ‫الدولية إلعادة قرارين من مجلس األمن (‪1559‬‬ ‫و‪ )1701‬وأخذت بالشرعية العربية التي يلتزم بها‬ ‫لبنان وبالذات في جامعة الدول العربية‪ .‬ففي القمة‬ ‫العربية التي ُعقدت في بغداد سنة ‪ 90-89‬فإن هذا‬ ‫القانون يخرق اإلعالن العربي حلقوق اإلنسان‪ ،‬ونحن‬ ‫نعرف املعاهدات واملواثيق الدولية‪ ،‬والدول امللتزمة‬ ‫بها لتكييف تشريعاتها مبا ال يتناقض مع هذه‬ ‫احلقوق‪ ،‬ولكن املرعب هو أن هناك إقرارا ً من اجلميع‬ ‫بذلك‪ ،‬وهومن جهة ضمني ومن جهة أخرى صريح‪،‬‬ ‫بأن هذا القانون ضد الدستور وضد وثيقة الوفاق‬ ‫الوطني‪ ،‬وبالتالي فهم يعتمدونه‪ ،‬وقد أعلنت‬ ‫ذلك صراحة لرئيس اجلمهورية حني قلت له إنه‬ ‫بحسب املادة ‪ 57‬من الدستور ليس لديه احلق برد‬ ‫القوانني لكن من واجباته كرئيس أن يرد القوانني‬ ‫اخملالفة للدستور‪ .‬وهذه العودة لقانون الـ‪ 60‬هي‬ ‫ضد الدستور وضد وثيقة الوفاق الوطني وضد‬ ‫القرارات الشرعية والدولية وضد ميثاق جامعة‬ ‫الدول العربية‪.‬‬ ‫ملاذا يرفض بعض السياسيني في املواالة‬ ‫واملعارضة النسبية؟‬ ‫في هذا اإلطار أريد أن أقول إن املسألة هي أنه‬ ‫ال ميكن أن نطلب الشيء ونقيضه في الوقت‬ ‫نفسه‪ ،‬فإذا أراد كل شخص أن يلتفت إلى طائفته‬ ‫فسيكون طائفياً‪ ،‬وخارج الطائفية‪ ،‬أن يصبح‬ ‫الشخص وطنيا ً هذا شيء صعب جداً‪ ،‬من هنا أنا‬ ‫برأيي أن هناك طبقة سياسية‪ ،‬يشوبها الكثير‬ ‫من اخلالفات‪ ،‬ولكن هذه الطبقة السياسية‬ ‫لها مصلحة واحدة ضد الشعب‪ ،‬فعندما متتزج‬ ‫الطائفية بالوطنية يصبح هناك احتاد وقوى ضد‬ ‫الشعب وليس معه‪ ،‬وهذا ما نراه اليوم‪ ،‬فلماذا‬ ‫يرفضون النسبية؟ يرفضونها باألنانية وبضيق‬ ‫األفق‪ ،‬ليس فقط على الصعيد احمللي بل أيضا ً‬ ‫على الصعيد اإلقليمي‪ ،‬وهنا أقول بكل صراحة‬ ‫من سوريا وكل ما عداها نحن معها‪ ،‬وهذا الكالم‬ ‫ال نقوله ونؤكده اليوم بل قلناه أيضا ً في األيام‬ ‫التي بدت فيها سوريا بال نفوذ وأنا برأيي أن سوريا‬ ‫تعيد إنتاج اخلطيئة التاريخية نفسها‪ ،‬بالتعاطي‬ ‫مع لبنان كساحة هي طرف في معادلة خارجية‬ ‫حاكمة فيها‪ ،‬فعندما جاء األميركيون في العام‬ ‫‪ 1982‬حلثها على االنسحاب من لبنان أو املعادلة‪،‬‬ ‫بقيت تقاتل ملدة عامني ليس لتنقلب على املعادلة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بل لتعود إليها‪ ،‬واآلن وعلى مدى ثالث سنوات هي‬ ‫حتارب واستخدمت العديد من األساليب‪ ،‬مبا فيها‬ ‫دور املقاومة والقوى الوطنية‪.‬‬ ‫إذا ً ال ميكن نزع سوريا من املعادلة‪ ،‬وال ميكن تركيب‬ ‫معادلة أميركية إسرائيلية سنية سعودية بديلة‪،‬‬ ‫وال إعادة استخدام قانون انتخاب كأن سوريا تقول‬ ‫للسعودية الطائفة السنية لك والشيعية لي‪،‬‬ ‫ما يعني السعي لتركيب معادلة سورية سعودية‬ ‫أميركية‪ ،‬وأنا كنت ضدها من أجل ذلك كنت ضد‬ ‫الطائف‪ ،‬أنا مع الوحدة العربية مع سوريا العظيمة‬ ‫وليس مع سوريا التي تنتج كل مرة اخلطأ نفسه‬ ‫وتوصل بنفسها وتوصلنا لنزف الدماء‪.‬‬

‫العقل الطائفي لعبة سياسية‬ ‫لها قوانينها‬ ‫كيف تقرأون خريطة التحالفات املتوقعة؟‬ ‫إن التحالفات اليوم هي كـ”سوق الداللي”‪ ،‬عند‬ ‫إسقاط االعتبار الوطني وجعله في الدرجة الثانية‪،‬‬ ‫تظهر هناك حتالفات رهيبة‪ ،‬على أساس مصالح‬ ‫طائفية ومصالح ومآرب شخصية‪ ،‬من هنا نرى‬ ‫تفاهمات بني النقائض‪ ،‬ولست معنيا ً بأن أتصور‬ ‫كيف ستكون‪ ،‬لسبب بسيط أننا لم نأخذ موقفنا‬ ‫من االنتخابات‪ ،‬هل ندعو إلى املقاطعة‪ ،‬هل نخوض‬ ‫املعركة في كل الدوائر وضد اجلبهتني وهو احتمال‬ ‫وارد‪ ،‬وهذا أمر مبكر عليه‪ ،‬ولكن أعرف متاما ً أن‬ ‫صفقات ما غير نظيفة سوف تقام بني التحالفات‬ ‫وال أستطيع أن أفهم حتى اآلن كيف باألمس وفي‬ ‫حرب متوز وصفت املعارضة واملواالة وكل بحسب‬ ‫اعتباره بالعمالة‪ ،‬واليوم نصنع حكومة وحدة‬ ‫وطنية‪ .‬من هنا‪ ،‬مسؤولية مذهبية الصراع ال تقع‬

‫‪28‬‬

‫فقط على املعارضة بل على املواالة أيضاً‪ ،‬ما سيؤدي‬ ‫الى ظهور حتالفات انتخابية وتفاهمات صورية‪ ،‬فإذا‬ ‫اقتضى األمر مثالً لكسب نائب في مقعد ما لهذا‬ ‫الطرف املعارض‪ ،‬فالعقل الطائفي يجب أال يكون‬ ‫تعبيرا ً عن إميان ديني بقدر ما هو تعبير عن لعبة‬ ‫سياسية لها قوانينها اخلاصة بها‪ ،‬وأنا مدرك متاما ً‬ ‫ما جرى من مساومات في الدائرتني الثانية والثالثة‬ ‫في بيروت بأن يكون املقعد السني في الدائرة الثانية‬ ‫تابعا ً للمستقبل مقابل أن يكون الشيعي في تلك‬ ‫الدائرة ملصلحة املعارضة‪.‬‬ ‫من الواضح أن القوى الوطنية والقومية‬ ‫والعلمانية تشدد على املبدأ النسبي وتوسيع‬ ‫الدائرة االنتخابية حتى ولو اعتبر لبنان كله‬ ‫دائرة واحدة‪ ،‬ملاذا هذا اإلصرار وما الهدف من‬ ‫ذلك؟ وكيف ميكن إدخال النظام االنتخابي‬ ‫على القاعدة النسبية في ثقافة اللبنانيني‬ ‫ووعيهم؟‬ ‫هنا‪ ،‬في هذا اإلطار يخترعون الكذبة ويطعموننا‬ ‫إياها بالقوة‪ ،‬فالنسبية أبسط بكثير من النظام‬ ‫األكثري‪ .‬وإذا أجرينا اليوم استطالعا ً في البلد‬ ‫فهناك على األقل ‪ %80‬من الشعب مع النسبية‬ ‫وذلك بإدراك تام منهم‪ ،‬املسألة ليست مسألة‬ ‫جهل بل جتهيل للشعب‪ ،‬فالغاية من النسبية حتى‬ ‫إذا ما بقي النظام الطائفي ورجعنا الى تاريخ البلد‪،‬‬ ‫فلفتح الشر نثير اخلالف بني الطوائف وإلطفاء الشر‬ ‫نلجأ الى إثارة اخلالف داخل الطائفة الواحدة‪.‬‬ ‫النسبية على األقل‪ ،‬حتى من دون الطائفية‪ ،‬تثير‬ ‫الطائفية في الطائفة ذاتها ومتنع احلرب‪ ،‬ورفضها‬ ‫في انتخابات ‪ 2000‬كان سبب انسحابنا منها‪ ،‬إذ في‬ ‫ذلك الوقت توجهنا الى الرئيس احلص وكان يومها‬ ‫رئيسا ً للحكومة وبالتالي الى رئيس اجلمهورية‬ ‫وطالبنا مبناصفة النواب خارج القيد الطائفي‬ ‫وقبلنا بـ‪ 5‬نواب جملرد فتح ثغرة في هذا اجلدار املقفل‪،‬‬ ‫ومجرد أن ندخل أي صيغة يلحظ أن هذه النسبية‬ ‫معتمدة ضمن قوانني العالم‪ ،‬فلماذا ال ميكن اتباعها‬ ‫في لبنان؟ وباعتباري السبب الوحيد في عدم اعتماد‬ ‫النسبية في لبنان هو رغبة اجلميع في البقاء‬ ‫كـ”الديوك على مزابلهم” وجعل مصلحته فوق‬ ‫مصلحة الوطن والشعب‪.‬‬ ‫وإذا تعذر التوافق على قانون‪ ،‬أي قانون‬ ‫سيعتمد لتنظيم االنتخابات املقبلة؟‬ ‫قانون االنتخاب متعذر في بلد كلبنان‪ ،‬إذ ليس‬ ‫هناك من قانون انتخابي جاء عبر التوافق بل عبر‬ ‫الصراع‪ ،‬ففي سنة ‪ 1992‬عند إصدار أول قانون‬ ‫اعترضنا عليه‪ ،‬فقالوا أنه سيعمل به ملرة واحدة‬ ‫فقط استثنائية‪ ،‬في العام ‪ 2000‬كان ملرة واحدة أيضا ً‬ ‫واليوم أيضا ً سوف يتم العمل به‪ .‬من هنا جند أن كل‬ ‫قانون كان ينشأ فقط إرضاء ملصلحة السياسيني‬ ‫الشخصية التي هي فوق الوطن والشعب‪ ،‬فوليد‬ ‫جنبالط والبطريرك و”صب ّيه”جعجع والعماد‬ ‫ميشال عون وجميع امللل وجدوا في هذا القانون‬ ‫فرصة للقرصنة‪ ،‬إذ جتدهم ينهبون الدولة في أوقات‬ ‫السلم ويبيحون سفك الدماء لبيعها وقبض ثمنها‬ ‫في أيام احلرب‪.‬‬


‫النظام االنتخابي‬ ‫على القاعدة األكثرية‬ ‫ ال حتديد للمرشحني للمقعد الواحد بشخصني اثنني فقط‪،‬‬‫بل الترشيح مفتوح على مصراعيه‪ ،‬فإذا ما ترشح أكثر من‬ ‫اثنني ملقعد واحد‪ ،‬فإن الفائز يكون الذي نال أكثر األصوات عددا ً‬ ‫وليس أكثر من النصف‪.‬‬ ‫وهذا معناه أن مجموع أصوات الناخبني الذين صوتوا لغير‬ ‫الفائز هو بالتأكيد سيكون أكثر من األصوات التي نالها الفائز‪.‬‬ ‫وهكذا يكون الفائز ممثالً األقلية الشعبية ال األكثرية‪.‬‬

‫النظام االنتخابي‬ ‫على القاعدة النسبية‬ ‫الطبقة السياسية تتحمل املسؤولية‬ ‫في اتفاق الطائف بند يشير إلى إجراء انتخابات خارج القيد‬ ‫الطائفي‪ ،‬ملاذا لم يعمل بهذا البند‪ ،‬ومن يتحمل املسؤولية؟‬ ‫الطبقة السياسية هي التي تتحمل املسؤولية دائماً‪ ،‬عندما يكون هناك‬ ‫نص ملتبس لتفسيره نعود الى املالبسات التي أثيرت حوله‪ ،‬في الطائف‬ ‫كان يقال مبناصفة بني املسيحيني واملسلمني مؤقتا ً الى حني انتخاب مجلس‬ ‫خارج القيد الطائفي‪ ،‬وفي العودة الى املداوالت اعتبرت املرحلة املؤقتة‬ ‫في انتخابات ‪ 1992‬فقط‪ ،‬أول انتخابات كانت مناصفة والثانية كانت‬ ‫خارج القيد الطائفي‪ ،‬ما يعني أن مجلس ‪ 1996‬كان مجلسا ً غير شرعي‬ ‫والـ‪ 2000‬والـ‪ 2005‬وحتى اآلن‪ ،‬ملاذا عدم شرعية اجمللس في انتخاب خارج‬ ‫القيد الطائفي؟ ألنه بكل صراحة ال يزال هناك طبقة سياسية فاسدة‬ ‫وأنانية ومستهترة‪ ،‬وبالتالي وجود رأي عام ضعيف‪ ،‬فهناك أناس يأكلون‬ ‫من “املزبلة” وهم طائفيون في الوقت نفسه‪ ،‬وأناس محبطون ويقبعون‬ ‫في منازلهم وآخرون بانتظار الوظائف‪ ،‬فال ميكننا أن نحاسب الرأي العام‪ ،‬إذ‬ ‫جند النخب املثقفة في لبنان غالبيتها لألسف نخب رخوية مبعنى أنه بدال ً‬ ‫من أن حتمل القضية ذهبت لتوظيف ثقافتها في خدمة الطائفية‪ ،‬والقوى‬ ‫السياسية أيضا ً بانتظار النتيجة التي ستؤدي إليها االنتخابات‪.‬‬ ‫قمتم بحملة ضد العودة إلى قانون ‪ ،1960‬ما هي حصيلتها؟‬ ‫ال ميكننا القول إننا توصلنا الى حصيلة ألن احلملة ما زالت مستمرة‬ ‫وسنستمر بها‪.‬‬ ‫هل تدعون ملقاطعة االنتخابات على أساس هذا القانون؟‬ ‫ال أنكر أننا سوف نسعى لتعطيل االنتخابات بهدف الوصول الى قانون‬ ‫انتخابي يجعل الوطن فوق مصلحة اجلميع‪ ،‬وإذا جنحنا فسنتمكن من‬ ‫خلق وطن جديد سعينا ونسعى خللقه‪ ،‬أما إذا فشلنا نكون قد قمنا‬ ‫بواجبنا‪.‬‬ ‫هل سيترشح جناح واكيم لالنتخابات؟‬ ‫التفكير في االنتخابات موضوع سابق ألوانه‪ ،‬ولكن أؤكد أنني ال ولن‬ ‫أكون الجئا ً سياسيا ً ألي طائفة‪.‬‬

‫حاورته‪ :‬ليديا أبو درغم‬

‫مبدأه أن يكون جميع الناخبني‪ ،‬من دون استثناء‪ ،‬ممثلني في‬ ‫اجمللس النيابي‪ ،‬ومبوجب هذا املبدأ تنتعش احلياة السياسية‬ ‫ّ‬ ‫وتقل‬ ‫واحلزبية‪ ،‬بتزايد املشاركة في العمليات االنتخابية‪،‬‬ ‫التدخالت اخلارجية‪.‬‬ ‫ولكي يكون التمثيل صحيحا ً وكامالً ينبغي اعتماد الطريقة‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫ يعتبر لبنان دائرة انتخابية واحدة‪ ،‬وإذا تعذر ذلك يقسم إلى‬‫دوائر انتخابية متقاربة بعدد الناخبني‪.‬‬ ‫ يصير الترشيح على أساس اللوائح التي تضم أحزابا ً أو‬‫كتالً سياسية متنوعة‪ ،‬وال مانع من الترشيح اإلفرادي‪.‬‬ ‫ ترتب أسماء املرشحني حسب األولوية‪ ،‬وألن النظام‬‫السياسي في لبنان يقوم على أساس التمييز الطائفي‪ ،‬تتقيد‬ ‫اللوائح مبقاعد الطوائف في الدائرة االنتخابية‪.‬‬ ‫ على كل الئحة سواء كانت مؤلفة من مرشح واحد أو أكثر‪،‬‬‫وضع بيان انتخابي‪ ،‬يكون مبثابة برنامج سياسي لها‪.‬‬ ‫ يصار التصويت للبيان االنتخابي ال ألسماء املرشحني‪.‬‬‫ بعد إجراء عملية االنتخاب حتتسب أصوات الناخبني‬‫الفعليني‪.‬‬ ‫ يفوز من الالئحة نسبة من املرشحني تساوي نسبة‬‫األصوات التي نالتها الالئحة حسب ورودهم بالترتيب إلى وزارة‬ ‫الداخلية‪.‬‬ ‫ ملراعاة التمثيل الطائفي تكون نسبة الفائزين من نواب‬‫طائفة ما في الالئحة تساوي نسبة مقاعد الطائفة إلى‬ ‫مجموع الطوائف‪.‬‬ ‫ يحق ملرشح نال عددا ً قليالً من األصوات جتييرها إلى مرشح‬‫آخر في الئحته أو الئحة أخرى‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫انتخابات ‪ 2009‬لن تستنسخ ‪2005‬‬ ‫توافق على التحالفات‪ ،‬واختالف على الترشيحات‬

‫مجلس النواب‪ :‬من يفوز باألغلبية‬ ‫ستشكل االنتخابات النيابية في الربيع املقبل‪،‬‬ ‫حتوال ً مفصليا ً في لبنان‪ ،‬وستلقى االهتمام‬ ‫واملتابعة من مراكز القرار العربية واإلقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬مثلما كانت االنتخابات السابقة في‬ ‫عام ‪ 2005‬التي نظر إليها الرئيس األميركي‬ ‫جورج بوش‪ ،‬على أنها من ضمن مشروعه‬ ‫«للشرق األوسط اجلديد» وإحياء الدميوقراطية‪،‬‬ ‫وقد استعجل حصولها في موعدها الدستوري‪،‬‬ ‫لتحقيق نصر له في املنطقة مع هزميته في‬ ‫العراق وتعثر مشروعه فيه‪ ،‬سوى نهب ثرواته‬ ‫النفطية والطبيعية‪ ،‬ولم يعط فرصة للبنانيني‬ ‫ملراجعة قانون االنتخاب الذي وضعه رئيس جهاز‬ ‫االستخبارات السورية في لبنان اللواء غازي‬ ‫كنعان في عام ‪ 2000‬على قياس من كان يجاريه‬ ‫في أدائه في لبنان‪ ،‬وقد خدم الرئيس رفيق احلريري‬ ‫في بيروت مبواجهة الرئيس سليم احلص‪ ،‬ووليد‬ ‫جنبالط في اجلبل مبواجهة القوى املعارضة له‪ ،‬ومت‬ ‫تركيب حتالفات انتخابية تصب في هذا التوجه‪،‬‬ ‫وقد سقط كل الذين يؤيدون عهد الرئيس إميل‬ ‫حلود‪.‬‬ ‫جرت االنتخابات على أساس قانون كنعان‪،‬‬ ‫بالرغم من رفض الكثير من القوى السياسية‬ ‫واحلزبية له‪ ،‬وحتديدا ً في ما كان يسمى «لقاء قرنة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫شهوان» الذي رأى أنه يهمش املسيحيني ويأتي‬ ‫مبمثلني عنهم بأصوات املسلمني‪ ،‬وملا انقلبت‬ ‫التحالفات وأصبح «تيار املستقبل» و»احلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي» في صفوفهم‪ ،‬قبل به‬ ‫«مسيحيو شباط»‪ ،‬وفازوا بأصوات املسلمني رغم‬ ‫رفض البطريرك املاروني نصر اهلل صفير له ووقوفه‬ ‫ضده‪ ،‬ودعوته هؤالء املسيحيني إلى عدم القبول‬ ‫به‪ ،‬لكنهم أص ّروا عليه‪ ،‬وجنحوا في االنتخابات‬ ‫وشكلوا أغلبية نيابية‪ ،‬بعدما حصل التحالف‬ ‫الرباعي بني حركة «أمل» و»حزب اهلل» و»احلزب‬ ‫التقدمي االشتراكي» و»تيار املستقبل»‪ ،‬ومتكنت‬ ‫هذه االغلبية من تأليف احلكومة والسيطرة على‬ ‫القرار فيها‪ ،‬وهذا ما خلق تناقضا ً مع شركائها‬ ‫في التحالف الثنائي الشيعي فاستقال وزراؤه‬ ‫من احلكومة‪ ،‬وتضامن معهم «التيار الوطني‬ ‫احلر» الذي أخرجوه من التشكيلة احلكومية‪ ،‬وهو‬ ‫ميثل ‪ %70‬من املسيحيني ولديه كتلة نيابية مع‬ ‫حلفائه تضم ‪ 32‬نائباً‪.‬‬ ‫استطاع فريق ‪ 14‬شباط بقانون غازي كنعان‬ ‫وبالتحالف الرباعي‪ ،‬أن يخطف مجلس النواب‪،‬‬ ‫وهذا ما كانت تريده اإلدارة األميركية‪ ،‬أن يتمكن‬ ‫حلفاؤها من إخراج «النفوذ السوري واإليراني»‬ ‫من القرار اللبناني‪ ،‬وحتويله نحوها‪ ،‬وقد ظهر ذلك‬

‫‪30‬‬

‫جليا ً من خالل املمارسات اليومية لهذا الفريق‪،‬‬ ‫الذي انحاز إلى املشروع األميركي وسار في ركابه‪،‬‬ ‫وهو ما دفع بالرئيس بوش إلى إطالق التصريحات‬ ‫اليومية املؤيدة للرئيس فؤاد السنيورة‪ ،‬والتعاطي‬ ‫معه فقط‪ ،‬دون االلتفات إلى وجود الرئيس إميل‬ ‫حلود في رئاسة اجلمهورية‪ ،‬باعتباره حسب‬ ‫زعمهم من بقايا «النظام األمني اللبناني السوري‬ ‫السابق» وهو من مؤيدي املقاومة‪ ،‬ومناهض‬ ‫للسياسة األميركية‪ ،‬كما مت التعاطي بسلبية‬ ‫مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أغلق‬ ‫أبواب اجمللس في وجه احلكومة الفاقدة للشرعية‬ ‫الدستورية وامليثاقية‪.‬‬ ‫لم تكن فرحة قوى ‪ 14‬شباط الفوز بانتخابات‬ ‫‪ 2005‬لتكتمل‪ ،‬ألنها لم تتمكن من أن حتكم‪ ،‬أو أن‬ ‫تنفرد باحلكم‪ ،‬حيث واجهت معارضة من أكثرية‬ ‫اللبنانيني الذين مثلتهم املعارضة الوطنية‪،‬‬ ‫ومتكنت من أن تفرض خيارها وهو تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية بثلث ضامن لها‪.‬‬ ‫ومع دخول لبنان في مرحلة االنتخابات‬ ‫النيابية‪ ،‬فإن املواقع واملواقف لن تتبدل لطرفي‬ ‫الصراع املواالة واملعارضة‪ ،‬إذا أعلن كل منهما‪،‬‬ ‫أنه باق على حتالفاته وخياراته السياسية‪ ،‬وأن‬ ‫كل فريق سيخوضها في كل املناطق اللبنانية‪،‬‬


‫وقد كشف النائب مروان حمادة أن قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫سترشح ‪ 128‬شخصا ً في كل الدوائر االنتخابية‪،‬‬ ‫وستقابلها املعارضة بلوائح موحدة أيضاً‪ ،‬لكن‬ ‫داخل كل طرف هناك مشكلة كثرة مرشحني‪،‬‬ ‫وهناك خالف على املقاعد كما على احلصص‬ ‫االنتخابية‪ ،‬ولكن لم تظهر هذه املشاكل‬ ‫واخلالفات إلى العلن‪ ،‬وجتري اتصاالت من أجل تذليل‬ ‫العقبات‪ ،‬وتقدمي التنازالت داخل كل فريق‪ ،‬وقد برز‬ ‫تباين مثالً في زغرتا عندما أعلن رئيس «تيار املردة»‬ ‫سليمان فرجنية الئحته وضم إليها حليفه سليم‬ ‫كرم الذي خاض معه االنتخابات عام ‪ ،2005‬وكان‬ ‫في نية «االتيار الوطني احلر» ترشيح منسقه‬ ‫في الشمال العميد املتقاعد فايز كرم‪ ،‬ولم يعلن‬

‫لبنان‪ ،‬واالتهامات التي سيقت ضد حلفاء سوريا‬ ‫من سياسيني وحزبيني وأمنيني أنهم ضالعون في‬ ‫اجلرمية‪.‬‬ ‫فبعد أربع سنوات تغيرت األوضاع بنسبة‬ ‫كبيرة‪ ،‬وسقطت كل شعارات مرحلة االنتخابات‬ ‫السابقة‪ ،‬فلم تتوصل جلنة التحقيق الدولية إلى‬ ‫كشف مرتكبي عملية تفجير موكب احلريري‬ ‫سوى التأكيد أن املنفذ إسالمي أصولي انتحاري‪،‬‬ ‫ولم يعد يفيد قوى ‪ 14‬شباط استغالل اجلرائم‬ ‫واالغتياالت‪ ،‬ألن التحقيقات كشفت أن بعضها‬ ‫قام بها تنظيم «فتح اإلسالم» ومنظمات‬ ‫أصولية‪ ،‬وجاء اعتقال الشبكات اإلرهابية من‬ ‫قبل مخابرات اجليش والتحقيقات القضائية مع‬

‫اإلنتخابات املقبلة ستقرر مصير لبنان‬ ‫العماد عون سحبه من املعركة‪ ،‬وهو سبق له أن‬ ‫ترشح عام ‪ 2005‬في دائرة طرابلس‪ ،‬وبقيت األزمة‬ ‫عالقة‪ ،‬وما يحصل مع فرجنية وعون ينطبق أيضا ً‬ ‫على حتالف نائلة معوض وسمير فرجنية‪ ،‬الذي‬ ‫أخرجه جنل معوض ميشال من الالئحة التي‬ ‫أعلنها‪ ،‬وبات على سمير فرجنية أن يترشح في‬ ‫طرابلس‪ ،‬وهي الدائرة التي سبق له أن ترشح‬ ‫فيها في دورتي ‪ ،2000 1996‬وسيشكل ترشيحه‬ ‫فيها مواجهة مع النائب الياس عطا اهلل الذي‬ ‫نقل النائب وليد جنبالط ترشيحه من الشوف‬ ‫إلى عاصمة الشمال إرضا ًء له‪.‬‬ ‫وهذا النموذج من اخلالفات حول الترشيحات‬ ‫واملقاعد‪ ،‬موجود في قوى ‪ 14‬شباط واملعارضة‪،‬‬ ‫وقد يتعمم على عدد ال بأس به من الدوائر‪ ،‬وقد‬ ‫تؤدي اخلالفات إلى انفراط عقد بعض التحالفات‬ ‫االنتخابية‪ ،‬لكن يجري تأجيل البحث في توزيع‬ ‫املقاعد إلى ما بعد مطلع العام املقبل‪ ،‬لتتبلور‬ ‫أكثر التطورات السياسية الداخلية املربوطة‬ ‫أيضا ً بتحوالت خارجية‪.‬‬ ‫فالظروف التي جتري فيها االنتخابات املقبلة‪،‬‬ ‫تختلف عن تلك التي جرت في الدورة السابقة‪،‬‬ ‫والتي حصلت بعد اغتيال الرئيس رفيق احلريري‬ ‫بثالثة أشهر‪ ،‬وجرى استغالل دمه من قبل قوى‬ ‫‪ 14‬شباط‪ ،‬وكذلك خروج القوات السورية من‬

‫هذه الشبكات‪ ،‬ليثبت أن االتهامات التي كان‬ ‫ير ّوجها احلريري وجنبالط وجعجع وحلفاؤهم‪ ،‬قد‬ ‫سقطت وفقد هؤالء صدقيتهم أمام الرأي العام‪،‬‬ ‫ولم تعد تنطلي مزاعمهم على أنصارهم ولم‬ ‫يعد بإمكانهم توظيف دم الشهداء في املعارك‬ ‫السياسية واالنتخابية‪ ،‬من أن سوريا تقف وراء‬ ‫أعمال التفجير‪ ،‬وهي التي خرجت في عام ‪،2005‬‬ ‫وباتت كل األجهزة األمنية والعسكرية بعهدة‬ ‫قوى ‪ 14‬شباط هذا في الشأن الداخلي‪ ،‬أما على‬ ‫صعيد سوريا فإن وضعها مختلف كليا ً عن‬ ‫املرحلة السابقة‪ ،‬إذ حافظت على دورها العربي‬ ‫واإلقليمي‪ ،‬وهي رئيسة القمة العربية وأعادت‬ ‫أوروبا العالقات معها وأن اإلدارة األميركية‬ ‫اجلديدة بعد انتخاب الرئيس الدميوقراطي باراك‬ ‫أوباما‪ ،‬سيكون أداؤها مختلفا ً عن اإلدارة الراحلة‬ ‫من البيت األبيض‪ ،‬إذ قرر احلزب الدميوقراطي فتح‬ ‫حوار مع سوريا‪ ،‬ولم يتمكن احلصار الذي حاول‬ ‫فرضه عليها الرئيس بوش من أن يؤثر عليها‪ ،‬وهي‬ ‫في مرحلة من يقرر في املنطقة وعبرها متر احللول‬ ‫إلى لبنان‪ .‬وقد استشعر فريق ‪ 14‬شباط هذا‬ ‫التحول العربي واإلقليمي والدولي جتاه سوريا‪،‬‬ ‫وأنها باتت في صلب املعادلة‪ ،‬وتقف الدول على‬ ‫رأيها‪ ،‬وهو ما أعطى حلفاءها في لبنان مزيدا ً من‬ ‫القوة التي أثبتوها في أكثر من محطة‪ ،‬سواء في‬

‫‪31‬‬

‫صد املقاومة للعدوان اإلسرائيلي في صيف ‪2006‬‬ ‫واالنتصار الذي حققته وغ ّيرت مجرى التاريخ في‬ ‫املنطقة وأفشلت قيام «الشرق األوسط اجلديد»‪،‬‬ ‫أو من خالل حترك املعارضة في ‪ 7‬أيار املاضي‪،‬‬ ‫وقلبها املعادلة الداخلية وموازين القوى‪ ،‬وهذه‬ ‫عوامل ستفرض نفسها على االنتخابات النيابية‬ ‫التي تدخلها املعارضة بأجواء مختلفة كليا ً عن‬ ‫تلك التي سادت في ‪ 2005‬حيث تبخر التحالف‬ ‫الرباعي وقفز إلى الواجهة التفاهم الثنائي بني‬ ‫«التيار الوطني احلر» و»حزب اهلل»‪ ،‬الذي هو قلب‬ ‫املعارضة مع حركة أمل وتيار املردة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫أسامة سعد والوزير عبد الرحيم مراد‪ ،‬وعدنان‬ ‫عرقجي وكمال شاتيال وجمعية املشاريع اخليرية‬ ‫اإلسالمية واألحزاب الوطنية واإلسالمية‪.‬‬ ‫وال ترى املواالة أنها في موقع من سيخسر‬ ‫االنتخابات‪ ،‬بالرغم من التحوالت الدولية التي‬ ‫حصلت‪ ،‬بخروج الرئيس الفرنسي جاك شيراك‬ ‫من االليزيه وانتهاء والية بوش وخسارة حزبه‬ ‫اجلمهوري االنتخابات الرئاسية‪ ،‬فإن قوى ‪14‬‬ ‫شباط ترى أن ّ‬ ‫خطها السياسي مستمر‪ ،‬ويتابع‬ ‫مسيرته في بناء الدولة بعد استرداد السيادة‬ ‫واالستقالل‪ ،‬وأن املعركة هي حول الدولة‪ ،‬لكن‬ ‫هذا الشعار تتعاطى معه املعارضة بكثير من‬ ‫السخرية وألن مفهوم بناء الدولة مختلف عليه‬ ‫منذ االستقالل بني من يريد إخراج الدولة من‬ ‫منطق احملاصصة واملزرعة والنظام الطائفي إلى‬ ‫دولة املؤسسات والقانون واجملتمع املدني‪ ،‬وبناء‬ ‫الدولة القوية والقادرة على مواجهة األخطار‬ ‫احملدقة بلبنان وفي مقدمها األطماع الصهيونية‬ ‫واالعتداءات اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫لقد وضع كل فريق شعارا ً ملعركته االنتخابية‬ ‫خالل ما يدلي به املوالون واملعارضون‪ ،‬إذ تظهر‬ ‫في مواقفهم االختالف السياسي بني مشروعني‬ ‫مت التعبير عنهما بأن املعارضة مع دولة قوية‬ ‫يتكامل فيها اجليش واملقاومة‪ ،‬وتبنى على ثقافة‬ ‫املقاومة ووعي األخطار اإلسرائيلية‪ ،‬ومشروع‬ ‫املواالة املهادن إلسرائيل الذي يستعيد نظرية قوة‬ ‫لبنان في ضعفه‪ ،‬وأن الدبلوماسية وصداقاته‬ ‫الدولية حتميه وقرارات األمم املتحدة تعيد له أرضه‬ ‫احملتلة‪.‬‬ ‫لقد بدأت احلمالت االنتخابية وتتركز الهجمات‬ ‫على العماد عون وتياره السياسي‪ ،‬ألن املعركة‬ ‫هي على الصوت املسيحي الذي يرجح األغلبية‬ ‫النيابية‪ ،‬وإن املال االنتخابي دخل إلى جيوب‬ ‫الناخبني مع اإلعالم الذي يصنع الرأي العام‬ ‫ويوجهه‪ ،‬لكن لن تتوضح العودة قبل شباط‬ ‫حيث ستبدأ تظهر التحالفات‪ ،‬ال سيما أن هناك‬ ‫من يتحدث‪ ،‬وعلى رأسهم النائب ميشال املر‪ ،‬عن‬ ‫ضرورة خلق كتلة نيابية حيادية أو وسطية لرئيس‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬الذي يؤكد أنه لن يتدخل باالنتخابات‬ ‫وليس له مرشحون‪ ،‬لكنه ال ميانع أية كتلة نيابية‬ ‫تؤيده وتقول إنها له ومعه‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫شاكر العبسي كما بن الدن لغز محير حول اختفائه ومفاجأة تنتظر ظهوره‬

‫اعترافات الشبكة اإلرهابية في دمشق‬ ‫أوصلت إلى أنه لم ُيقتل‬

‫بعد انتهاء معارك نهر البارد‪ ،‬وسيطرة اجليش عليه‪ ،‬واعتقال من بقي من‬ ‫تنظيم “قتح اإلسالم” بعد اشتباكات دامت من ‪ 20‬أيار ‪ 2007‬إلى منتصف‬ ‫أيلول من العام نفسه‪ ،‬لم يظهر رئيس هذا التنظيم شاكر العبسي بني‬ ‫املعتقلني‪ ،‬كما دار لغط حول اجلثة التي وجدت في املستشفى اإلسالمي في‬ ‫طرابلس‪ ،‬حيث ذكرت زوجته أنها تعود له‪ ،‬كما ذكر بعض رجال الدين الذين‬ ‫تعرفوا عليه‪ ،‬فيما القوى األمنية اللبنانية شككت بروايات الزوجة‪ ،‬وأعلنت‬ ‫أن العبسي متكن من الفرار‪ ،‬وبدأت التكهنات حول مكان هروبه‪ ،‬إلى أن خرج‬ ‫أحد أشقائه من األردن يقول إن اجلثة التي تعرفت عليها زوجة العبسي هي‬ ‫لشقيقه‪ ،‬فشكل هذا املوضوع لغزا ً محيراً‪ .‬أين هو العبسي؟ وهو اللغز‬ ‫نفسه الذي دار حول اختفاء زعيم تنظيم “القاعدة” في العالم أسامة بن‬ ‫الدن‪ ،‬بعد فراره من مخبئه في أفغانستان في “طورا بورا”‪ ،‬حيث أشيعت‬ ‫معلومات أنه موجود في منطقة القبائل عند احلدود الباكستانية األفغانية‬ ‫مع الرجل الثاني في التنظيم أمين الظواهري‪ ،‬وكانت تبث من فترة الى أخرى‬ ‫تسجيالت صوتية لنب الدن‪ ،‬وكان البعض يشكك فيها‪ ،‬ولم يثبت بعد ما إذا‬ ‫كان ما زال حيا ً أو توفي من جراء القصف‪ ،‬أو مبوت طبيعي‪.‬‬ ‫مضى أكثر من عام على انتهاء معارك نهر البارد‪ ،‬ما زال وجود العبسي‬ ‫يلقي عالمات استفهام وتساؤالت‪ ،‬وقد خرج األمني العام للجبهة الشعبية‬ ‫القيادة العامة أحمد جبريل على اإلعالم ليعلن أن رئيس “فتح اإلسالم” موجود‬ ‫في مخيم عني احللوة‪ ،‬مما أثار ارتباكا ً في صفوف الفلسطينيني في هذا اخمليم‪،‬‬ ‫من أن يتحول الى نهر بارد جديد‪ ،‬وقبل أسابيع‪ ،‬أوردت إحدى الصحف االملانية‬ ‫معلومات عن اعتقال العبسي في سوريا‪ ،‬التي لم تؤكد أو تنفي اخلبر‪ ،‬الى‬ ‫أن ظهرت اعترافات الشبكة اإلرهابية املتورطة في التفجير الذي حصل قرب‬ ‫مقام السيدة زينب على طريق مطار دمشق‪ ،‬وظهرت ابنة العبسي وفاء مع‬ ‫مجموعة أخرى من أفراد الشبكة اعترفوا بأنهم من تنظيم “فتح اإلسالم”‬ ‫وأدلوا مبعلومات عن وجود عناصر الشبكة في سوريا ولبنان وأسمائهم‪،‬‬ ‫واجلهات العربية التي تدعمهم من دول خليجية‪ ،‬إضافة الى “تيار املستقبل”‪ .‬أسامة بن الدن‪ ،‬أين هو؟‬ ‫وقد أدى اكتشاف هذه الشبكة الى مساعدة السلطات األمنية اللبنانية جوهر الذي ما زال فارا‪ ،‬ليضعها في أماكن محددة‪ ،‬وكان االستهداف االول‬ ‫على كشف أفراد منها في لبنان‪ ،‬حيث ظهر التنسيق األمني السوري ـ هو للجيش لالنتقام منه على الهزمية التي أحلقها بالتنظيم فكانت جرمية‬ ‫اللبناني‪ ،‬من خالل مخابرات اجليش اللبناني التي زار مديرها العميد إدمون اغتيال مدير العمليات في اجليش اللواء فرنسوا احلاج في كانون االول من‬ ‫فاضل دمشق واطلع على املعلومات عن هذه الشبكة‪ ،‬التي ازدادت املراقبة العام املاضي‪ ،‬وبعد أربعة أشهر على انتهاء معارك نهر البارد‪ ،‬حيث أكمل‬ ‫عليها‪ ،‬بعد التفجيرين اللذين طاال باصني للجيش في طرابلس في شهري العبسي من مخابئه في البداوي‪ ،‬املعركة ضد اجليش ولكن عبر زرع العبوات‪،‬‬ ‫آب وأيلول املاضيني‪ ،‬وقد صودف أن أحد االنفجارات وقع في اليوم الذي كان وهذا ما كشفته التحقيقات مع أفراد “فتح اإلسالم” حيث ال يستبعد أن‬ ‫يزور فيه رئيس اجلمهورية العماد ميشال سليمان سوريا‪ ،‬واتفق مع رئيسها يكون الرائد وسام عيد‪ ،‬وهو ضابط في فرع املعلومات التابع لقوى االمن‬ ‫الدكتور بشار األسد على مزيد من التنسيق بني البلدين ملالحقة الشبكات الداخلي وكشف أماكن عناصر هذه الشبكة‪ ،‬ال سيما في مقر إقامتهم في‬ ‫اإلرهابية‪ ،‬بعدما كان الرئيس السوري حذر من أن يتحول لبنان وشماله إحدى الشقق في منطقة املئتني في طرابلس‪ ،‬من ضحاياهم‪.‬‬ ‫حتديدا ً الى مقر للمنظمات اإلسالمية األصولية املرتبطة بـ”القاعدة” وهو‬ ‫ومع اعتقال جبر ثم الشيخ حمزة قاسم‪ ،‬بدأت سبحة هذه الشبكة‬ ‫ما نقله الى رؤساء وزعماء عرب وأجانب‪.‬‬ ‫تنفرط‪ ،‬من البداوي الى طرابلس وصوال الى مخيم عني احللوة‪ ،‬وقد ساعد‬ ‫اإلرهابية‬ ‫الشبكة‬ ‫أفراد‬ ‫أحد‬ ‫العناد‪،‬‬ ‫وقد كشفت اعترافات املتهم ياسر‬ ‫التنسيق األمني اللبناني ـ الفلسطيني على محاصرة هذه اجملموعات وإلقاء‬ ‫وأنه‬ ‫البارد‪،‬‬ ‫نهر‬ ‫مخيم‬ ‫سقوط‬ ‫بعد‬ ‫لبنان‬ ‫في دمشق‪ ،‬أن العبسي لم يغادر‬ ‫القبض عليها‪ ،‬حيث بلغ عدد أعضائها أكثر من عشرة‪ ،‬وان التركيز هو على‬ ‫مسجد‬ ‫إمام‬ ‫اللجوء‬ ‫له‬ ‫ن‬ ‫أم‬ ‫حيث‬ ‫البداوي‪،‬‬ ‫بقي فيه‪ ،‬وقد انتقل الى مخيم‬ ‫ّ‬ ‫إلقاء القبض على عبد الرحمن عوض امللقب بـ”أبو محمد شحرور” الذي‬ ‫األمنية‬ ‫األجهزة‬ ‫تبلغته‬ ‫االعتراف‬ ‫وهذا‬ ‫قاسم‪،‬‬ ‫القدس فيه الشيخ حمزة‬ ‫أنيطت به مسؤولية أمير “فتح اإلسالم” في لبنان‪ ،‬وقد اتخذ من مخيم عني‬ ‫عن‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫الفلسطينية‬ ‫املنظمات‬ ‫مسؤولي‬ ‫بدورها‬ ‫اللبنانية‪ ،‬التي أبلغت‬ ‫احللوة مقرا ً له‪ ،‬حيث كان يصدر األوامر الى شبكاته للقيام بأعمال التفجير‪،‬‬ ‫من‬ ‫تبني‬ ‫الذي‬ ‫جبر‬ ‫خالد‬ ‫اعتقال‬ ‫فتم‬ ‫اإلسالم”‬ ‫“لفتح‬ ‫وجود عناصر وبقايا‬ ‫وجتري اتصاالت ولقاءات بني مخابرات اجليش والفصائل الفلسطينية في‬ ‫الغني‬ ‫عبد‬ ‫الى‬ ‫ويسلمها‬ ‫ويطبخها‬ ‫املتفجرات‬ ‫يجهز‬ ‫كان‬ ‫التحقيقات أنه‬ ‫اخمليم من أجل تسليم عوض حتى ال يأخذ مخيم عني احللوة رهينة كما‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪32‬‬


‫«تيار المستقبل» يرد على ارتباطه‬ ‫بـ”فتح اإلسالم”بتحقيقات تذ ّكر بمرحلة ميليس‬ ‫فعل العبسي في مخيم نهر البارد‪ ،‬وتقوم الفصائل الفلسطينية ومن كل‬ ‫االجتاهات بجهد كبير واتصاالت من أجل جتنيب اخمليم الكأس املرة‪ ،‬حيث‬ ‫يسكنه ‪ 70‬ألف مواطن في بقعة جغرافية ال تتعدى الكيلومتر املربع‪ ،‬وفيه‬ ‫أعلى نسبة اكتظاظ سكاني في العالم‪ ،‬مما سيتسبب مبجزرة فيه‪ ،‬لو لم‬ ‫يسلم األمير اجلديد “لفتح اإلسالم” نفسه لألجهزة األمنية اللبنانية‪ ،‬حيث‬ ‫تشير املعلومات الى أن الضغوط تزداد على املنظمات اإلسالمية املتطرفة‬ ‫“كعصبة األنصار” و”جند الشام” لتسهيل تسليم املطلوبني‪ ،‬وقد أبلغ‬ ‫مسوؤلو حركة “فتح” مسوؤلي هذه املنظمات بأن ال مجال للمناورة‪ ،‬وإال‬ ‫فإن عملية عسكرية وأمنية قد حتصل الجتثات احلالة اإلرهابية في اخمليم‬

‫«فتح اإلسالم» انتشار في كل لبنان‬ ‫وإنقاذه من حمام دم ودمار وتشريد أهله وسكانه‪.‬‬ ‫ويبدو أن االجتاه هو نحو عمل أمني أكثر منه عسكرياً‪ ،‬إال إذا حصل أمر ما‪،‬‬ ‫يضطر اجليش الى استخدام القوة‪ ،‬مثل مقتل ضباط وجنود‪ ،‬فلن تكون ردة‬ ‫الفعل إال قاسية‪ ،‬الن ما سقط من شهداء في اجليش بلغ عددهم أكثر من‬ ‫مئتني واجلرحى باملئات واملعاقني بالعشرات‪ ،‬وهذا الوضع ال يسمح لقيادته‬ ‫بالتلكؤ أو التباطؤ في حسم املعركة ضد تنظيم إرهابي‪ ،‬لم يوقف جرائمه‬ ‫عن اجليش‪ ،‬ويخوض حربا ً مفتوحة ضده‪ ،‬ال ّبد من مواجهته‪ ،‬وقد حصل على‬ ‫غطاء سياسي داخلي لبنان وفلسطيني وعلى دعم سوري وقرار عربي وتأييد‬ ‫دولي ليواصل حربه على اإلرهاب التي سجل فيها انتصارا ً كبيرا ً في مخيم‬ ‫نهر البارد وقف عنده العالم‪ ،‬بالرغم من اخلسائر التي وقعت في صفوفه‪،‬‬ ‫بسبب النقص في األسلحة والذخائر‪ ،‬وقد استحصل على بعضها أخيراً‪ ،‬إذ‬ ‫كانت تنقصه مناظير ليلية‪ ،‬وبنادق قناصة وأخرى تطلق قذائف‪ ،‬إضافة الى‬ ‫طائرات ودبابات وشبكة اتصاالت‪.‬‬ ‫واعترف الرئيس العماد سليمان في تصريحات له‪ ،‬عندما كان قائدا ً‬ ‫للجيش وبعد انتخابه رئيسا ً للجمهورية‪ ،‬بأن سوريا لم تتأخر في دعم‬ ‫اجليش بالسالح والذخيرة حلسم معركة نهر البارد‪ ،‬وهو كان يشير الى أن‬ ‫“فتح اإلسالم” ليست صناعة سورية‪ ،‬وال هي من جهاز مخابراتها‪ ،‬كما‬ ‫أعلن أطراف ‪ 14‬آذار منذ اللحظة األولى الندالع معارك مخيم نهر البارد‪،‬‬

‫حيث تبني أن هذا التنظيم جنّدته “القاعدة” ال سوريا‪ ،‬وأنه تلقى مساعدات‬ ‫من دولة خليجية وفق اعترافات أعضاء في شبكاته‪ ،‬وأشاروا الى أن “تيار‬ ‫املستقبل” غض النظر عنه‪ ،‬بعدما أبلغه مسؤولون فيه‪ ،‬أن دوره ومهمته‬ ‫هي في مواجهة “حزب اهلل” وقتال “الشيعة الرافضة” في الوقت الذي كان‬ ‫بعض أفراد من هذا التنظيم أبلغوا أنهم حضروا الى لبنان ملقاتلة القوات‬ ‫الدولية التي أطلق عليها أمين الظواهري صفة القوات الصليبية ودعا الى‬ ‫مقاتلتها‪ ،‬وطلب من العناصر التي انتقلت من العراق والتحقت بـ”فتح‬ ‫اإلسالم” أو “جند الشام” القيام بهذه املهمة‪ ،‬وهذا ما حصل ومت استهداف‬ ‫عناصر ودوريات تابعة للقوات الدولية في اجلنوب‪.‬‬ ‫وأدت اعترافات الشبكة االرهابية في دمشق عن وجود عالقة‬ ‫بني “فتح اإلسالم” و”تيار املستقبل”‪ ،‬الى رد فعل من األخير وحملة‬ ‫سياسية وإعالمية للتأكيد أن هذا التنظيم‪ ،‬أرسلته أجهزة‬ ‫االستخبارات السورية الى لبنان‪ ،‬وتبني من خالل التحقيقات التي‬ ‫س ّربها “تيار املستقبل” عبر وسائل إعالمه‪ ،‬أن هناك استعادة للشاهد‬ ‫في قضية اغتيال الرئيس رفيق احلريري محمد زهير الصديق الذي‬ ‫سمي بـ”الشاهد امللك”‪ ،‬وكانت إفادته أمام جلنة التحقيق الدولية‬ ‫برئاسة ديتليف ميليس هي التي أوصت بتوقيف الضباط األربعة‪:‬‬ ‫جميل السيد وعلي احلاج ورميون عازار ومصطفى حمدان‪.‬‬ ‫وتوقف املراقبون أمام نشر”جريدة املستقبل” حتقيقات سرية مع‬ ‫قدموا إلى احملاكمة‪ ،‬وتولى تنسيقها‬ ‫أعضاء شبكة إرهابية‪ ،‬لم يُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫فذكرت اللبنانيني‪ ،‬كما يقول معارضون‪ ،‬بتلك‬ ‫فارس خشان‪،‬‬ ‫التحقيقات التي كانت تنشر في الصحيفة نفسها وتذكر أسماء‬ ‫أشخاص س ُيستدعون للتحقيق‪ ،‬قبل أن يتبلغوا‪ ،‬حيث تبني أن‬ ‫الشهود زور‪ ،‬بعدما انكشف أمر محمد زهير الصديق ثم هسام‬ ‫هسام وإبراهيم جرجورة وآخرين‪.‬‬ ‫والتسريبات حول التحقيقات مع الشبكة في لبنان‪ ،‬وارتباط‬ ‫أعضائها بأجهزة االستخبارات السورية‪ ،‬جاءت ردا ً على ما أكده‬ ‫أعضاء في شبكة دمشق عن دور لدول خليجية ويحكى عن‬ ‫السعودية‪ ،‬إضافة الى “تيار املستقبل” بتمويل هذه الشبكة‪ ،‬التي فيها‬ ‫عناصر من جنسيات متعددة‪ ،‬كما شبكة تنظيم “فتح اإلسالم” في لبنان‬ ‫الذي اعتقل ثالثة من أعضائه يحملون اجلنسية السعودية‪ ،‬وقد طلبت‬ ‫السلطات السعودية االستماع اليهم في اململكة‪ ،‬ونقلوا اليها بطائرة‬ ‫خاصة مبواكبة أمنية سعودية‪ ،‬حيث خضعوا للتحقيق ملدة شهر وأعيدوا‬ ‫الى لبنان بعدما قامت ضجة حول أسباب نقلهم وهل من عملية “غسل‬ ‫دماغ” لهم لعدم كشف تورط جهات سعودية في جتنيدهم للمجيء الى‬ ‫لبنان والقتال الى جانب “فتح اإلسالم”؟‬ ‫إن ظهور شاكر العبسي بعدما أكدت االعترافات عدم مقتله أو موته‪،‬‬ ‫هو الذي سيضع النقاط على احلروف في التنظيم الذي أسسه والدور الذي‬ ‫أداه‪ ،‬واجلهات التي دفعته بالتحول من فتح االنتفاضة إلى “فتح اإلسالم”‬ ‫حيث تشير سيرته الذاتية الى أنه حتول الى “األصولية اإلسالمية” وانه كان‬ ‫الى جانب أبو مصعب الزرقاوي في العراق وقاتل معه‪ ،‬وقدم أوراق اعتماد الى‬ ‫“تنظيم القاعدة”‪.‬‬ ‫إن ما قدمته السلطات السورية من اعترافات للشبكة اإلرهابية‪ ،‬هو جزء‬ ‫قليل مما سيعلن الحقاً‪ ،‬اذا ما تبني أن العبسي معتقل في سوريا‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫تنظيمه وتمويله واحد من لبنان إلى سوريا‬ ‫اإلرهاب في قبضة األمن اللبناني بتعاون فلسطيني‬ ‫أعاد اعتقال الشبكات اإلرهابية في لبنان‪،‬‬ ‫اإلسالمية األصولية املتطرفة منها‪ ،‬التي‬ ‫تستخدم القتل والتفجير أسلوبا ً لها‪ ،‬أو‬ ‫الشبكات املتعاملة مع العدو اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫الوضع األمني في لبنان الى الواجهة‪ ،‬الذي كان‬ ‫في زمن الوجود السوري يقال عنه «إن البلد‬ ‫ممسوك ولكنه غير متماسك»‪ ،‬واملقصود هو‬ ‫أن القبضة األمنية‪ ،‬أو ما كان يسمى «النظام‬ ‫األمني اللبناني السوري املشترك»‪ ،‬كان ممسكا ً‬ ‫باألمن‪ ،‬بحيث اعتبر لبنان من الدول األكثر‬ ‫أمنا ً في التقارير الدولية «واالنتربول»‪ ،‬وهذا ما‬ ‫شجع تدفق االستثمارات على لبنان‪ ،‬وحركة‬ ‫النهوض العمراني فيه‪ ،‬وقيام ورشة بناء وإعمار‬ ‫من الوسط التجاري إلى كل املناطق‪ ،‬حيث كان‬ ‫الرئيس رفيق احلريري يفتخر باالستقرار األمني‬ ‫الذي وفر االستثمار املالي واالقتصادي‪.‬‬ ‫ومع خروج القوات السورية‪ ،‬وطلب اإلدارة‬ ‫األميركية من حلفائها في “ثورة األرز” اجتثات‬ ‫النظام األمني السابق واعتقال أركانه حتت ذريعة‬ ‫االشتباه بهم في جرمية اغتيال احلريري‪ ،‬دخل‬ ‫لبنان في مرحلة انعدام األمن‪ ،‬وباتت ساحته‬ ‫مفتوحة لكل أنواع االستخبارات اخلارجية‪،‬‬ ‫واعترف بذلك النائب وليد جنبالط بعد اغتيال‬ ‫الشهيد صالح العريضي في بيصور في عمق‬ ‫اجلبل‪ ،‬وتراجعت معه االتهامات التي كان يقول‬ ‫عنها سياسية‪ ،‬بأن وراء مسلسل االغتياالت‬ ‫والتفجيرات سوريا وحلفاءها‪ ،‬ولم يتوان عن‬ ‫توجيه أصابع االتهام مباشرة إلى “حزب اهلل”‬ ‫بأنه يفخخ سيارات في الضاحية اجلنوبية‪.‬‬ ‫وهكذا فسح فريق ‪ 14‬شباط‪ ،‬لالستخبارات‬ ‫األميركية الدخول إلى لبنان‪ ،‬حتت ذريعة‬ ‫املساعدة في التحقيق باالغتياالت والتفجيرات‪،‬‬ ‫وأعادت إسرائيل إيقاظ خاليا عمالئها النائمة‬ ‫التي تركتها وراءها‪ ،‬فتم اكتشافها واعتقالها‬ ‫من قبل مخابرات اجليش واالجهزة االمنية وكان‬ ‫عمالً امنيا ً مميزا ً بتوقيف مجموعة محمود رافع‬ ‫التي اعتقلت في حزيران ‪ ،2006‬وأخيرا ً مجموعة‬ ‫األخوين علي ويوسف اجلراح‪ ،‬حيث اعترف رافع‬ ‫بأن مجموعته وراء اغتيال الشقيقني اجملذوب‬ ‫في صيدا‪ ،‬إضافة إلى عمليات أخرى كمقتل‬ ‫علي صالح وعلي ديب‪ ،‬املسؤولني في املقاومة‬ ‫وجهاد أحمد جبريل‪.‬‬ ‫أما مجموعة االخوين اجلراح‪ ،‬فإن املعلومات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الشبكة االرهابية في سوريا‬

‫األمنية األولية‪ ،‬تتحدث عن مهمات كثيرة لها‬ ‫تتعدى لبنان إلى سوريا ومراقبة احلدود اللبنانية‬ ‫ـ السورية‪ ،‬والداخل السوري‪ ،‬حيث استفاد‬ ‫أعضاؤها من انتمائهم السابق إلى حركة‬ ‫«فتح ـ االنتفاضة» والتعاون مع منظمات‬ ‫فلسطينية‪.‬‬ ‫وال تستبعد مصادر التحقيق األمني‬ ‫والقضائي أن تكون شبكة “املوساد” اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وراء اغتيال ابرز قادة املقاومة الشهيد عماد‬ ‫مغنية في دمشق‪.‬‬ ‫واعتقال هذه الشبكات املتعاملة مع العدو‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬إضافة إلى أخرى أصولية‪ ،‬ترافقت‬ ‫مع ما كشفته السلطات السورية عن اعتقال‬ ‫اجملموعة التي نفذت جرمية تفجير السيارة قرب‬ ‫مقام السيدة زينب على طريق مطار دمشق‬ ‫وأنها تنتمي إلى تنظيم «فتح اإلسالم» الذي‬ ‫اعتُقل أكثر من شبكة له في لبنان وكان آخرها‬ ‫في طرابلس حيث فر مسؤول هذه اجملموعة عبد‬ ‫الغني جوهر الذي تبني أنه الرأس املدبر جلرائم‬ ‫التفجير التي استهدفت اجليش اللبناني في‬ ‫طرابلس في ‪ 11‬آب و ‪ 25‬أيلول من العام احلالي‪،‬‬ ‫وما سبقها من تفجير عبوة في مقر أمني‬ ‫للجيش في العبده‪ ،‬وعبوتني وضعتا في مطار‬ ‫القليعات في الشمال كانتا ستستهدفان‬ ‫العماد قائد اجليش جان قهوجي‪ ،‬عندما كان‬

‫‪34‬‬

‫قائدا ً للواء الثاني في الشمال‪.‬‬ ‫وباعتقال شبكة جوهر‪ ،‬مت التوصل إلى‬ ‫اكتشاف شبكات أخرى في البداوي وعني‬ ‫احللوة‪ ،‬واعتُقل عناصرها‪ ،‬ال سيما بعدما‬ ‫أعلنت اجملموعة اإلرهابية التي اعتُقلت في‬ ‫دمشق أن رأسها موجود في لبنان ويدعى عبد‬ ‫الرحمن عوض وامللقب «الشحرور»‪ ،‬الذي تولى‬ ‫مسؤولية «فتح اإلسالم» وأميرها‪ ،‬مع اختفاء‬ ‫قائدها شاكر العبسي‪ ،‬واللغز الذي رافقه‬ ‫حول مقتله أو بقائه حيا ً واجلهة التي انتقل‬ ‫إليها وتخفى فيها‪ .‬وقد جنح التنسيق والتعاون‬ ‫األمني والسياسي بني الفصائل الفلسطينية‬ ‫في محاصرة «فتح اإلسالم»‪ ،‬والتنظيمات‬ ‫اإلسالمية األصولية‪ ،‬التي لها حضور كثيف‬ ‫في مخيم عني احللوة الذي تتواجد فيه «عصبة‬ ‫األنصار» التي اغتال عناصر منها رئيس جمعية‬ ‫املشاريع اخليرية اإلسالمية الشيخ نزار احللبي‬ ‫في بيروت‪ ،‬وهي متهمة ايضا ً بجرمية قتل‬ ‫القضاة األربعة في صيدا‪ ،‬إضافة إلى «جند‬ ‫مدت «فتح اإلسالم» بالعناصر‬ ‫الشام» التي ّ‬ ‫وأحدهم شهاب القدور امللقب بـ»أبوهريرة»‬ ‫الذي قتل في طرابلس أثناء معارك مخيم نهر‬ ‫البارد في ظروف غامضة على يد فرع املعلومات‬ ‫التابع لقوى األمن الداخلي‪.‬‬ ‫فالوجود اإلسالمي األصولي الفلسطيني في‬


‫مخيم عني احللوة‪ ،‬وتسلم عوض قيادة “فتح‬ ‫اإلسالم” وضع هذا اخمليم حتت اجملهر األمني‪ ،‬وبدأ‬ ‫القلق يتسرب إلى الفلسطينيني كما اللبنانيني‬ ‫من تكرار جتربة مخيم نهر البارد فيه‪ ،‬وجرت‬ ‫اتصاالت لبنانية ـ فلسطينية لتدارك ذلك‪ ،‬وقد‬

‫أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية أنها على‬ ‫تنسيق مع احلكومة اللبنانية وقيادة اجليش‪،‬‬ ‫واتُّفق على تسليم كل مطلوب إلى العدالة‬ ‫والقضاء اللبناني‪ ،‬وهو ما وافقت عليه املنظمات‬ ‫املنضوية حتت “حتالف القوى الفلسطينية”‪،‬‬

‫مخيم عني احللوة‪ :‬اتصاالت ملنع تكرار جتربة نهر البارد‬

‫فحصل إجماع فلسطيني على جتنيب اخمليمات‬ ‫جميعها الصدام العسكري‪ ،‬وبدأت حركة‬ ‫“فتح” وهي أكبر التنظيمات في مخيم عني‬ ‫احللوة‪ ،‬بتعقب العناصر املتورطة بجرائم‬ ‫اغتيال ومالحقتها‪ ،‬ومتكنت من اعتقال حسام‬ ‫معروف املنتمي إلى جند الشام وتسليمه إلى‬ ‫اجليش‪ ،‬وقد اعترف بعمليات تفجير ضد القوات‬ ‫الدولية‪ ،‬كما اعتقلت أخيرا ً محمود الدوخي‬ ‫امللقب بـ”أبي اجلراح” مع عناصر أخرى لها عالقة‬ ‫بـ “فتح اإلسالم” وتوارى عن األنظار عوض الذي‬ ‫ورد اسمه في حتقيقات شبكة التفجير في‬ ‫دمشق‪ ،‬حيث كان الالفت في هذه التحقيقات‬ ‫اعتراف وفاء العبسي ابنة شاكر العبسي‪،‬‬ ‫بتلقي “فتح اإلسالم” أمواال ً من “تيار املستقبل»‬ ‫عبر بنك البحر األبيض املتوسط الذي سطا‬ ‫على امواله عناصر من هذا التنظيم في أيار من‬ ‫العام املاضي من فرعه في أميون‪ ،‬والذي تسبب‬ ‫باشتعال معارك نهر البارد بعد قتل عناصر من‬ ‫اجليش اللبناني‪.‬‬ ‫وقد حاول “تيار املستقبل” الرد على ما ورد في‬ ‫اعترافات الشبكة اإلرهابية‪ ،‬وربطها مبحاولة‬ ‫القيادة السورية التهرب من احملكمة الدولية‪،‬‬ ‫لكن ما تلقاه املسؤولون اللبنانيون من معلومات‬ ‫أمنية‪ ،‬ال سيما وزير الداخلية زياد بارود الذي زار‬ ‫دمشق على رأس وفد أمني في عداده املدير‬ ‫العام لقوى األمن الداخلي اللواء أشرف ريفي‬ ‫احملسوب على «تيار املستقبل» اكدت صحتها‬ ‫حيث أبلغ املسؤولون السوريون الوزير بارود‬ ‫عن تورط «فتح اإلسالم» بتفجير دمشق‪ ،‬وهو‬ ‫األسلوب نفسه الذي استخدم في مسلسل‬ ‫التفجيرات واالغتياالت في لبنان‪ ،‬واتُّفق على‬ ‫إحياء التنسيق األمني احملكوم مبعاهدة األخوة‬ ‫والتعاون والتنسيق بني البلدين عبر اجمللس‬ ‫األعلى اللبناني ـ السوري‪ ،‬وهو ما أزعج قوى ‪14‬‬ ‫شباط التي رفضت العودة إلى اللجان األمنية‪،‬‬ ‫ورأى جنبالط أنها مدخل للتدخل السوري في‬ ‫لبنان‪ ،‬وكالمه غير صحيح الن التنسيق هو‬ ‫ما اتُّفق عليه في القمة اللبنانية ـ السورية‬ ‫التي جمعت الرئيسني ميشال سليمان وبشار‬ ‫األسد‪.‬‬ ‫فالتنسيق األمني اللبناني ـ السوري بات‬ ‫حاجة للبلدين مع اكتشاف شبكات «املوساد»‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬واجملموعات اإلرهابية األصولية‪،‬‬ ‫حيث تعمل على التخريب وأعمال اإلجرام في‬ ‫الدولتني‪ ،‬وتبني أن نشاطهما يستهدف لبنان‬ ‫وسوريا معاً‪ ،‬حيث من الضروري تبادل األجهزة‬ ‫األمنية فيهما املعلومات لسد الثغرات من‬ ‫خالل احلدود املشتركة بينهما‪.‬‬

‫زهير العياش‬

‫اختطفه شاكر العبسي ودمره‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬

‫إسالمي أصولي اغتال الحريري‬ ‫والتحقيق لم يتهم الضباط األربعة‬ ‫بعد حوالى ثالث سنوات على تشكيل جلنة‬ ‫التحقيق الدولية في جرمية اغتيال رفيق احلريري‬ ‫بقرار من مجلس االمن الدولي‪ ،‬لم تتوصل بعد‬ ‫الى قرار اتهامي بحق املوقوفني املشتبه بهم‬ ‫فيها‪ ،‬وهم الضباط األربعة‪ :‬اللواء جميل‬ ‫السيد‪ ،‬اللواء علي احلاج‪ ،‬العميد رميون عازار‬ ‫والعميد مصطفى حمدان‪ ،‬إضافة الى األخوين‬ ‫محمود وأحمد عبد العال‪ ،‬وكان أفرج عن‬ ‫مصطفى مستو وأمين طربيه‪ ،‬وهما أوقفا على‬ ‫خلفية بيع بطاقات هاتف خلوي‪ ،‬ذكر أن منفذي‬ ‫اجلرمية استخدموها في اتصاالتهم‪.‬‬ ‫فلجنة التحقيق التي ترأسها حتى اآلن ثالثة‬ ‫قضاة‪ :‬ديتليف ميليس وسيرج برامرتس ودانيال‬ ‫بلمار‪ ،‬وقبلهم احملقق الدولي فيتزجيرالد‪ ،‬لم‬ ‫يتوصلوا الى احلقيقة في اغتيال احلريري‪ ،‬سوى‬ ‫ما قام به احملقق االملاني ميليس من دور مشبوه‬ ‫في تركيب الشهود مع قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬لتوجيه‬ ‫االتهام نحو النظام االمني اللبناني ـ السوري‬ ‫املشترك‪ ،‬حيث كشفت التحقيقات أن الشهود‬ ‫أدلوا بإفادات مزورة‪ ،‬مت تلقينهم إياها‪ ،‬ال سيما‬ ‫“الشاهد امللك” محمد زهير الصديق الذي فر‬ ‫بطريقة غير معروفة من فرنسا الى دبي‪ ،‬كما‬ ‫ذكرت التقارير‪ ،‬والذين كان يخضع للحراسة‪،‬‬ ‫وقد تسبب باعتقال الضباط االربعة اللبنانيني‪،‬‬

‫الضباط األربعة‪ :‬موقوفون سياسيا ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪36‬‬


‫والى أقواله استند ميليس باستصدار توصية‬ ‫الى القضاء اللبناني العتقالهم‪ ،‬بعدما أبلغ‬ ‫التحقيق ان التخطيط الغتيال احلريري‪ ،‬مت في‬ ‫شقة في حي معوض في الضاحية اجلنوبية‪ ،‬كان‬ ‫هو في هذا االجتماع الذي حضره الى الضباط‬ ‫اللبنانيني االربعة‪ ،‬ضباط سوريون‪ ،‬كانوا يعملون‬ ‫في جهاز االستخبارات السورية في لبنان حتت‬ ‫إمرة رئيس اجلهاز العميد رستم غزالة‪ ،‬ووضع‬ ‫سيناريو عن حترك سيارة “املتسوبيتشي” التي‬ ‫تنقلت من منطقة الزبداني في سوريا الى‬ ‫مركز للمخابرات السورية في حمانا‪ ،‬ثم الى‬ ‫بيروت لتفجيرها في موكب احلريري‪.‬‬ ‫وكل هذه املزاعم‪ ،‬تبني الحقا ً انها كاذبة‪ ،‬وان‬ ‫الصديق مالحق منذ سنوات قضائيا ً في سوريا‬ ‫ولبنان‪ ،‬بتهم احتيال وانتحال صفة ضابط‬ ‫أمن سوري وضابط في احلرس اجلمهوري في‬ ‫سوريا‪ ،‬وكشفت املعلومات من خالل االفادات‬ ‫التي أدلى بها للجنة التحقيق ونشرتها‬ ‫الصحف‪ ،‬بأنها كانت ملفقة‪ ،‬وانه لم حتصل‬ ‫اية مواجهة بينه وبني الضباط‪ ،‬الذي قال انه‬ ‫خطط معهم الغتيال احلريري‪ ،‬ولو صح ما ذكره‬ ‫لكان هو اآلن في السجن مع هؤالء الضباط‪،‬‬ ‫لكن فرنسا في عهد الرئيس جال شيراك‪ ،‬وفرت‬ ‫له امللجأ ولم تقدمه الى القضاء اللبناني الذي‬ ‫طالب باسترداده‪ ،‬لكن السلطات الفرنسية‬ ‫لم تتجاوب معه‪ ،‬الن تسليمه سيكشف زور‬ ‫كل املزاعم‪ ،‬وسيؤدي الى االفراج عن املوقوفني‬ ‫املشتبه بهم‪ ،‬وسينتج من ذلك زلزال سياسي‬ ‫كبير في لبنان‪ ،‬سيخرج قوى ‪ 14‬آذار من‬ ‫السلطة التي وصلوا اليها باستغالل دم احلريري‬ ‫ودماء كل الذين سقطوا في عمليات التفجير‬ ‫واالغتياالت‪ ،‬بعد رسم اخلطة لهم من قبل‬ ‫االدارة االميركية‪ ،‬حيث بعد حلظات على تفجير‬ ‫موكب احلريري‪ ،‬ارتفعت الصور في شوارع بيروت‬ ‫وساحة الشهداء للضباط االمنيني اللبنانيني‬ ‫حتملهم مسؤولية العملية‪ ،‬وسارت‬ ‫والسوريني ّ‬ ‫حملة إعالمية وسياسية منظمة‪ ،‬متكن هذا‬ ‫الفريق من حتقيق أهدافه بإسقاط حكومة‬ ‫الرئيس عمر كرامي‪ ،‬وإجراء انتخابات نيابية من‬ ‫خالل حتالف رباعي بني “أمل” و”حزب اهلل” و”تيار‬ ‫املستقبل” و”احلزب التقدمي االشتراكي” لدرء‬ ‫الفتنة املذهبية التي كان اغتيال احلريري يهدف‬ ‫للوصول اليها من قبل اخملططني‪ ،‬لكن الثنائي‬ ‫الشيعي “أمل” و”حزب اهلل” طوقاها بالتحالف‬ ‫الرباعي‪ ،‬ثم باحلكومة االولى التي ترأسها فؤاد‬ ‫السنيورة‪.‬‬ ‫فكل التقارير التي صدرت عن جلنة التحقيق‬ ‫الدولية‪ ،‬لم تعلن عن اسماء بل ما توصل‬ ‫اليه التحقيق كان تقنياً‪ ،‬وأشادت بالتعاون‬ ‫الذي أبدته سوريا‪ ،‬اضافة الى نسف كل من‬ ‫برامرتس وبيلمار اسلوب ميليس كلياً‪ ،‬فابتعدا‬ ‫عن االعالم‪ ،‬ولم ميارسا التسييس الذي انتهجه‬ ‫احملقق االملاني عندما دخل باألسماء وهو بذلك‬ ‫خالف سرية التحقيق‪ ،‬والقوانني اللبنانية‬

‫مكان استشهاد احلريري‬

‫التي متنع إذاعة أي اسم إال في احملكمة التي‬ ‫هي تنطق باحلكم‪ ،‬وهو ما سيفعله القاضي‬ ‫الكندي بيلمار الذي عني مدعيا ً عاما ً للمحكمة‬ ‫التي بدأ إعدادها بعدما أنشأ مقرها في الهاي‬ ‫“هولندا”‪ ،‬حيث من املتوقع أن تبدأ عملها وهو‬ ‫في ادائه ميارس عكس ميليس الذي سار في‬ ‫ركاب ‪ 14‬آذار‪ ،‬وكان يعمل مبشيئتهم‪ ،‬حيث‬ ‫ذكرت تقارير إعالمية‪ ،‬انه تقاضى رشى وكان‬ ‫ميضي وقته في اللهو وشرب النبيذ وركوب‬ ‫اليخوت الخ‪ .....‬وهو ما دفع باللواء جميل السيد‬ ‫الى تقدمي شكوى ضده أمام القضاء الفرنسي‪،‬‬ ‫وهي ستفجر قنبلة على مستوى القضاء‬ ‫الدولي‪ ،‬وفي قضية احلريري‪ ،‬بعدما ذهبت االدارة‬ ‫الفرنسية التي كانت في أيام شيراك تؤمن كل‬ ‫مستلزمات التغطية على التزوير‪ ،‬من الشهود‬ ‫الى املعلومات‪.‬‬ ‫بد الى أن ميليس س ّيس التحقيق وتالعب‬ ‫وال ّ‬ ‫به‪ ،‬جتاوبا ً مع قوى ‪ 14‬شباط ومن خلفهم االدارة‬ ‫االميركية وحلفاؤها من العرب‪ ،‬الستخدام جلنة‬ ‫التحقيق باغتيال احلريري ضد النظام في سوريا‪،‬‬ ‫ظن بعض االطراف السياسية‬ ‫ولإلطاحة به كما ّ‬ ‫واحلزبية في لبنان وفي مقدمها وليد جنبالط‬ ‫وسعد احلريري‪ ،‬واعتبرا ان الفرصة مناسبة‬ ‫لالنتقام من احلكم في سوريا‪ ،‬يساندهما من‬ ‫كان يعمل داخل النظام ومن أركانه‪ ،‬نائب‬ ‫الرئيس السوري السابق عبد احلليم خدام‪ ،‬الذي‬ ‫ح ّرض الفريق احلاكم في لبنان على سوريا‪،‬‬ ‫وكان له دور ايضا ً كشاهد أمام جلنة التحقيق‬ ‫في تقدمي معلومات أعلنها في وسائل االعالم‪،‬‬ ‫بأن الرئيس االسد كان متضايقا ً من نشاط‬ ‫احلريري في صفوف جماعته وطائفته السنية‪،‬‬

‫‪37‬‬

‫حيث حاول خدام إعطاء الطابع املذهبي‬ ‫للصراع مع احلريري‪ ،‬وحتريض السنة في سوريا‬ ‫على اركان النظام ألنهم من الطائفة العلوية‪،‬‬ ‫وهو تالقى مع الطروحات التي صدرت من زعماء‬ ‫عرب من ابرزهم امللك االردني عبد اهلل الثاني‬ ‫عندما حتدث عن “هالل شيعي” ميتد من ايران‬ ‫الى العراق وسوريا ولبنان‪.‬‬ ‫ولم يتوصل التحقيق الدولي حتى اآلن الى‬ ‫معلومات نهائية تدين الضباط االربعة أو زمالء‬ ‫لهم في سوريا‪ ،‬التي تعاونت مع التحقيق‬ ‫وقدمت كل املعلومات له‪ ،‬وأرسلت ضباطا ً الى‬ ‫اللجنة واستمعت اليهم في جنيف وسوريا‪،‬‬ ‫قبل عامني‪ ،‬وتوقفت‪ ،‬كما لم يعد التقرير الدولي‬ ‫الذي يصدر عن جلنة التحقيق يشير الى تورط‬ ‫سوريا‪ ،‬كما ذكر ميليس في تقريرين له‪ ،‬بالرغم‬ ‫من انه توصل الى ان منفذ اجلرمية انتحاري‬ ‫وبسيارة “امليتسوبيتشي”‪ .‬وهو التحقيق الذي‬ ‫توصل اليه املدعي العام عدنان عضوم‪ ،‬وما‬ ‫أذاعه وزير الداخلية في حكومة كرامي سليمان‬ ‫فرجنية‪ ،‬حيث جاءت تقارير اللجنة تؤكد أن‬ ‫العملية انتحارية‪ ،‬وأن منفذها من منطقة‬ ‫صحراوية نائية حددت في السعودية التي‬ ‫ذهبت اليها جلنة التحقيق وأجرت فحوصات‬ ‫على التربة‪ ،‬كما ان بيلمار قرر االستماع الى‬ ‫رئيس مجلس االمن الوطني السعودي بندر بن‬ ‫سلطان والى مدير اخملابرات مقرن بن عبد العزيز‪،‬‬ ‫بعدما ظهر وجود سعوديني في الشبكات التي‬ ‫يتم اعتقالها في لبنان‪ ،‬ومنها ما يسمى‬ ‫بشبكة الـ ‪ 13‬التي فيها سعوديون وسوريون‬ ‫ولبنانيون وفلسطينيون‪ ،‬واختفى منها خالد‬ ‫طه الذي ذكر انه جنّد أحمد أبو عدس الذي‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫ظهر في شريط “فيديو” مصور‪ ،‬أعلن انه هو‬ ‫الذي كان في السيارة التي كشفت املعلومات‬ ‫انه مت تفجيرها عن بعد‪.‬‬ ‫وبات من املؤكد للجنة التحقيق الدولية ان‬ ‫العملية انتحارية ونفذها اصوليون‪ ،‬وهي تشبه‬ ‫الكثير من العمليات التي نفذت في العراق او‬ ‫السعودية او اجلزائر او دول اخرى‪ ،‬مما يشير الى‬ ‫وجود تنظيم اصولي له ارتباطات خارجية‬ ‫وراء التفجير‪ ،‬وجتري عملية جتميع للمعلومات‬ ‫وتقاطعها للتوصل الى معرفة من هي اجلهة‬ ‫التي تقف وراء العملية‪ ،‬وان آل احلريري يزعجهم‬ ‫االتهام الذي يوجه الى اسالميني اصوليني‪ ،‬وقد‬ ‫تأكد لهم ذلك‪ ،‬وقد صدموا عندما اعلن ميليس‬ ‫عن ان التفجير الذي حصل مبوكب رفيق احلريري‬ ‫كان في سيارة “امليتسوبتشي”‪ ،‬التي كذبت ما‬ ‫ر ّوجته مصادر “تيار املستقبل” من ان التفجير مت‬ ‫من حتت االرض‪ ،‬وفق مزاعم النائب محمد قباني‬ ‫الذي وزع خرائط لالشارة الى ان اخملططني من‬ ‫جهاز أمني لبناني ‪ -‬سوري‪.‬‬ ‫وبانتظار بدء احملكمة لعملها‪ ،‬التي‬ ‫سيسبقها الوصول الى التحقيق النهائي‪،‬‬ ‫الذي ال يبدو انه توصل الى ذلك‪ ،‬فإن “تيار‬ ‫املستقبل” قرر اعادة حتريك موضوع احملكمة‬ ‫اعالمياً‪ ،‬وااليحاء بأن الضباط االربعة متهمون‪،‬‬ ‫وقد بدأ بحملة اعالمية من خالل صحف‬ ‫لبنانية وعربية‪ ،‬حيث بدأ التركيز على وجود‬ ‫‪ 120‬متهما‪ ،‬وان تقرير اللجنة سيذكرهم‪،‬‬ ‫وانه سيتم نقل الضباط االربعة الى مقر‬ ‫احملكمة في الهاي‪ ،‬مع اعالن السفير جوني‬ ‫عبده ان تقرير بيلمار سيحدث زلزاالً‪ ،‬موجها ً‬ ‫اتهامه الى الضباط‪ ،‬مكمال ً احلملة االعالمية‬

‫احملكمة الدولية في الهاي‬

‫ديتليف ميليس‪ :‬زور التحقيق مع الشهود‬

‫يوسف زين الدين‬

‫سيرج برامرتس‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهو ما دفع باللواء السيد الى تقدمي شكوى‬ ‫ضده في فرنسا ملا تضمنه حديثه الصحافي‬ ‫االخير من مغالطات‪ ،‬حيث تبني ان احلملة‬ ‫يراد منها ان تخدم “تيار املستقبل” وحلفاءه‬ ‫في االنتخابات النيابية املقبلة‪ ،‬واستغالل دم‬ ‫احلريري من جديد للحصول على مقاعد نيابية‬ ‫والفوز باالغلبية في مجلس النواب‪ ،‬بعدما‬ ‫اظهرت استطالعات الرأي تقدما ً للمعارضة‬ ‫وانها ستفوز بأكثر من ‪ 70‬نائباً‪ ،‬وان العدد‬ ‫قد يرتفع اذا ما أقدم القضاء اللبناني على‬ ‫تخلية سبيل املوقوفني‪ ،‬وان القاضي الياس‬ ‫عيد الذي تنحى عن القضية كان يتجه الى‬ ‫اخالء سبيل اللواء السيد والعميد عازار‪ ،‬لكن‬ ‫ضغوطا مورست عليه منعته من ذلك‪ ،‬وفتح‬ ‫له موضوع تلقيه “بونات” بنزين من االمن‬ ‫العام عندما كان السيد مديرا ً له‪ ،‬وهو ما‬ ‫يتلقاه ايضا ً املدعي العام احلالي سعيد ميرزا‬ ‫وما زال‪ ،‬الذي لم يقبل بإطالق سراح املوقوفني‬ ‫بالرغم من ان جلنة التحقيق اعلنت خطيا ً أن‬ ‫ال عالقة بتوقيفهم وان القضاء اللبناني هو‬ ‫املعني باالمر‪ ،‬لكن ميرزا والسباب سياسية‬ ‫كما يتهمه اللواء السيد ال يتجاوب مع طلب‬ ‫احملامني بتخلية سبيل الضباط‪ ،‬الذين لم‬ ‫يصدر اي قرار اتهامي بحقهم ال من القضاء‬ ‫اللبناني وال من جلنة التحقيق‪ ،‬مما دفع بعدد‬ ‫كبير من السياسيني واحملامني ورجال القانون‬ ‫الى االعالن انهم موقوفون سياسياً‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ال يجوز ابقاؤهم قيد االحتجاز االعتباطي‪،‬‬ ‫حيث يستعجل فريق ‪ 14‬شباط نقلهم الى‬ ‫الهاي‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫الرئيس األسد استقبل سمير القنطار ومنحه وساماً‬ ‫جبل العرب يحتضن البطل المقاوم باحتفاالت شعبية‬

‫شكلت سوريا البلد الثاني الذي يزوره املناضل‬ ‫احملرر من السجون االسرائيلية البطل سمير القنطار‬ ‫بسبب نهجها الداعم للمقاومة ورفض االحتالل‬ ‫الصهيوني الغاصب‪ ،‬فاستقبل باحلشود الغفيرة‬ ‫التي أكدت تضامنها معه ومع جميع املقاومني‬ ‫الشرفاء‪ ،‬وقد استقبل الرئيس السوري الدكتور‬ ‫بشار االسد القنطار ومنحه وسام االستحقاق‬ ‫السوري من الدرجة املمتازة تقديرا ً ملقاومته الباسلة‬ ‫واستمرار نضاله في املعتقل ضد العدو الصهيوني‪،‬‬ ‫كماشارك القنطار في حفل افتتاح امللتقى العربي‬ ‫الدولي حلق العودة الذي عقد في دمشق‪.‬‬ ‫وزار القنطار جبل العرب حيث استقبل في القرى‬ ‫والبلدات التي م ّر بها باجتاه السويداء حيث كان له‬ ‫شعبي كبير حضره اركان الشوفي امني‬ ‫استقبا ٌل‬ ‫ٌ‬ ‫فرع حزب البعث بالسويداء‪ ،‬املهندس علي احمد‬ ‫منصورة محافظ السويداء واعضاء قيادتي فرعي‬ ‫احلزب واجلبهة الوطنية التقدمية واعضاء مجلس‬ ‫الشعبي واالدارة العملية ورجال الدين االسالمي‬ ‫واملسيحي وحشد كبير من ابناء احملافظة‪ .‬وفي‬ ‫كلمة له خالل املهرجان الشعبي الذي أقيم في‬ ‫صالة السابع من نيسان مبدينة السويداء تكرميا ً‬ ‫لصموده ونضاله خاطب القنطار احملتشدين‬ ‫الستقباله قائالً‪:‬‬ ‫ان املاضي العريق الذي كتبه ابناء جبل العرب‬ ‫سيبقى منارة يهتدي بها االبطال مع درب النضال‪،‬‬ ‫داعيا ً الى استلهام العبر من صمود سوريا في‬ ‫وجه املؤامرات وانتصار املقاومة الوطنية في‬ ‫لبنان واالستفادة من هاتني التجربتني النضاليتني‬ ‫لتحقيق االماني الوطنية والقومية‪.‬‬ ‫وأكد القنطار أن العالقات األخوية املتجذرة‬ ‫بني سوريا ولبنان أكبر من أن تنال منها محاوالت‬ ‫التشويه والعبث فالتاريخ ينصف احلقيقة دائماً‪.‬‬ ‫وان ابناء جبل العرب الذين أطلقوا شرارة الثورة‬ ‫السورية الكبرى في وجه االحتالل الفرنسي بقيادة‬ ‫سلطان باشا االطرش هم أنفسهم الذين حملوا‬ ‫راية الكفاح مع ابناء الوطن ضد االحتالل االسرائيلي‬ ‫وشهدوا حترير القنيطرة عندما رفع القائد اخلالد‬ ‫حافظ االسد العلم العربي السوري فوق ثراها الطاهر‪،‬‬ ‫هم أنفسهم اليوم الذين يواصلون تقدمي التضحيات‬ ‫ويصرون على النضال لتحرير اجلوالن السوري احملتل‪.‬‬ ‫بدوره لفت املهندس علي احمد منصورة محافظ‬ ‫السويداء خالل استقباله القنطار الى ان صموده في‬ ‫سجون االحتالل االسرائيلي وقفته الرائعة وإميانه‬ ‫الكامل باملقاومة يجب ان تبقى العنوان للممارسة‬ ‫الفعلية الستعادة جميع االراضي العربية احملتلة‬ ‫واحلقوق املشروعة لشعبنا العربي الفلسطيني‪.‬‬ ‫وأكد ان اجلوالن سيعود الى السيادة الوطنية مهما‬ ‫كلف ذلك ومهما طال الزمن أم قصر‪ .‬وزار القنطار‬ ‫ضريح القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان‬ ‫باشا االطرش في بلدة القريا ووضع اكليالً من الزهر‬ ‫على الضريح وقرأ الفاحتة على روحه الطاهرة‪.‬‬

‫زياد اجلوهري‬

‫‪39‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‪/‬حتقيق‬

‫«منبر التوحيد»‬ ‫تضع وزراء المعارضة في ميزان اإلنتاج‬ ‫وتسألهم ماذا أنجزوا؟ ‪1‬‬

‫الوزير غوزي صلوخ‬

‫الوزير الياس سكاف‬

‫الوزير محمد فنيش‬

‫الوزير محمد جواد خليفة‬

‫الوزير جبران باسيل‬

‫الوزير غازي زعيتر‬

‫الوزير ماريو عون‬

‫الوزير آالن طابوريان‬

‫بعد غياب دام ‪ 18‬شهرا ً عن العمل‬ ‫احلكومي‪ ،‬أوغل فريق ‪ 14‬آذار خالله في‬ ‫االستئثار بالقرار واالستفراد بالعمل‬ ‫احلكومي عقب انسحاب وزراء حزب‬ ‫اهلل وحركة أمل من احلكومة‪ ،‬عادت‬ ‫املعارضة الوطنية اللبنانية الى ممارسة‬ ‫العمل الوزاري عقب تشكيل حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية في ‪ 11‬متوز املاضي‪.‬‬ ‫أدركت احلكومة منذ انطالقتها‬ ‫املهام اجلسام امللقاة على عاتقها جتاه‬ ‫اللبنانيني بعد الوضع الشاذ الذي بقيت‬ ‫عليه احلكومة السابقة ملدة طويلة‪،‬‬ ‫فأكدت في بيانها الوزاري أن همها‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األساسي خدمة مصالح اللبنانيني‬ ‫ومساعدتهم على استعادة ما خسروا‬ ‫عبر برنامج عمل واقعي ستلتزم‬ ‫بتنفيذه ليكون محك مساءلتها‬ ‫ومحاسبتها من قبل اجمللس النيابي‬ ‫والرأي العام اللبناني‪ ،‬وأعلنت برنامجاً‬ ‫ركز على أولويات املرحلة القريبة‬ ‫املقبلة في إطار سياسات عامة‬ ‫تتضمن توجهات على املدى الطويل‬ ‫وفي مختلف اجملاالت‪.‬‬ ‫لعل الفترة الدستورية لوالية‬ ‫احلكومة قصيرة نسبياً‪ ،‬إال أن األوضاع‬ ‫املالية واالقتصادية واالجتماعية‬

‫‪40‬‬

‫واملعيشية في البالد ّ‬ ‫متثل هماً أساسياً‬ ‫للمواطنني وللحكومة وتستدعي‬ ‫عمالً مكثفاً من قبل كل الوزراء‪،‬‬ ‫معارضني وموالني‪ 9 .‬وزراء للمعارضة‪،‬‬ ‫حملوا حقائب اخلارجية‪ ،‬العمل‪،‬‬ ‫الصحة‪ ،‬الشباب والرياضة‪ ،‬الصناعة‪،‬‬ ‫الزراعة‪ ،‬االتصاالت‪ ،‬الطاقة‪ ،‬والشؤون‬ ‫االجتماعية‪ ،‬مضى على وجودهم في‬ ‫احلكومة ما يقارب اخلمسة أشهر‪.‬‬ ‫«منبر التوحيد» تضع وزراء املعارضة في‬ ‫ميزان اإلنتاج وتسألهم عن إجنازاتهم‬ ‫في احلكومة وتعرضها تباعاً في هذا‬ ‫العدد واألعداد املقبلة‪.‬‬


‫وزير الصحة‬ ‫د‪ .‬محمد جواد خليفة‬ ‫إسناد وزارة الصحة العامة الى الوزير‬ ‫الدكتور محمد جواد خليفة كوزير عن حركة‬ ‫أمل لم يكن مفاجئاً‪ ،‬بعد ما تناقله املواطنون‬ ‫عن جدية أدائه في عهد احلكومة السابقة‬ ‫على الرغم من الوضع الالشرعي الذي كانت‬ ‫تعانيه‪.‬‬ ‫ويتابع الوزير مهامه في احلكومة احلالية‬ ‫نص عليه البيان الوزاري جلهة سعيها‬ ‫وفقا ً ملا َّ‬ ‫إلى حتقيق استخدام أكثر فعالية للموارد‬ ‫اخملصصة للخدمات الصحية في لبنان‪،‬‬ ‫مبا يتيح توفير خدمات مرتفعة املستوى‬ ‫للمواطنني مع خفض تدريجي في التكاليف‬ ‫املالية املترتبة‪ .‬وتعهد مبتابعة العمل على‬ ‫تعزيز دور مؤسسات الدولة من مراكز رعائية‬ ‫واستشفائية‪ ،‬ومتابعة تنفيذ نظم املكننة‬ ‫وتطبيق أنظمة االعتماد واجلودة‪ ،‬اتخاذ‬ ‫اإلجراءات واعتماد األنظمة الكفيلة بإلزامية‬ ‫صناديق املؤسسات احلكومية الضامنة‬ ‫بالعمل ضمن نظام معلوماتي موحد تتطابق‬ ‫فيه الرموز الطبية وكلفتها واتباع مؤشر‬ ‫أسعار واضح وشفاف آللية العقود وكلفة‬ ‫اخلدمات الصحية بكل أنواعها‪ ،‬االستمرار‬ ‫في العمل على إيجاد عقود شراكة واضحة‬ ‫وشفافة مع شركات التأمني في القطاع‬ ‫اخلاص‪ ،‬العمل على إطالق البطاقة الصحية‬ ‫االستشفائية على مراحلها لتشمل فئات‬ ‫اجتماعية ليس لديها أي تغطية صحية‪،‬‬ ‫التعهد بإطالق البطاقة الصحية الدوائية‬ ‫لألمراض املزمنة خالل فترة زمنية قصيرة‪،‬‬ ‫االلتزام بتطوير برامج الرعاية الصحية األولية‬ ‫ومتابعة العمل على متويل برامج الكشف‬ ‫املبكر عن األمراض املستعصية واحلفاظ‬ ‫على حتسني معدالت التغطية لبرنامج‬ ‫التحصني الشامل بعدما توصلت هذا العام‬ ‫إلى املستويات العاملية املطلوبة‪ ،‬العمل على‬ ‫إعادة إطالق اخملتبر املركزي‪ ،‬استكمال ورشة‬ ‫اإلصالح التي أُطلقت في الصندوق الوطني‬ ‫للضمان االجتماعي‪.‬‬ ‫وفي اتصال مع «منبر التوحيد» شدد الوزير‬ ‫محمد جواد خليفة على أنه بالرغم من أنه‬ ‫كان سابقا ً مقاطعا ً جللسات مجلس الوزراء‬ ‫ولكنه لم يقاطع مصالح الناس وحاجاتهم‬ ‫الصحية اخملتلفة وتابع مهامه من بيته‬ ‫ولم يبخل في خدمة أي طالب خدمة أو‬ ‫صاحب حاجة‪ ،‬وبقيت الوزارة تعمل حتت‬ ‫إشرافه وتوجيهاته‪ .‬موضحا ً أن الوزارة هي‬ ‫آلية عمل دائمة‪ ،‬وخاصة أنها وزارة خدمات‪،‬‬ ‫فكل مديريات مصالح الوزارة تعمل وتقدم‬ ‫اخلدمات للمواطنني‪ .‬أما نشاطات الوزارة‬

‫ـ تقدمي اخلدمات في مجال األدوية‬ ‫اخلاصة ببرامج أدوية األمراض‬ ‫السرطانية حلوالى ‪ 2000‬مريض‪.‬‬ ‫‪ 153000‬مستفيد من برنامج أدوية‬ ‫األمراض املزمنة‪.‬‬ ‫‪ 65000‬ألف معاملة استشفائية‬ ‫مبا فيها زرع األعضاء‬ ‫والقلب املفتوح وغسل الكلى‪.‬‬ ‫ـ متابعة الوزارة‬ ‫ملشاريع تأهيل املستشفيات العاملة‬ ‫وإنشاء مشاريع جديدة‪.‬‬ ‫ـ توقيع عدة بروتوكوالت‬ ‫مع الدول العربية والصديقة‬ ‫لدعم مشاريع املستشفيات‬ ‫واملؤسسات الرعائية احلكومية‪.‬‬ ‫ـ إجناز ‪ 11‬مشروعا‬ ‫ذا طابع استراتيجي‪.‬‬ ‫خالل اخلمسة أشهر املاضية فصنفها الوزير‬ ‫خليفة على الشكل اآلتي‪:‬‬

‫عمل اإلدارة املركزية‬ ‫من املؤكد أن الوزارة أجنزت مئات طلبات‬

‫‪41‬‬

‫إجازات ممارسة املهن الطبية اخملتلفة‪ ،‬إضافة‬ ‫آلالف املعامالت العادية‪.‬‬ ‫في مجال األدوية‪ ،‬وخاصة برامج أدوية‬ ‫األمراض السرطانية التي تقدم مجاناً‪ ،‬وهي‬ ‫مبعدل ‪ 7000‬حالة سرطان جديدة في السنة‪،‬‬ ‫قدمت الوزارة خدماتها لهذه الفترة حلوالى‬ ‫‪ 2000‬مريض‪.‬‬ ‫أدوية األمراض املستعصية (املعدل السنوي‬ ‫‪ 13000‬حالة سنوياً)‪ .‬الوزارة قدمت في هذه‬ ‫الفترة املساعدة حلوالى ‪ 3250‬مريضا‪.‬‬ ‫برنامج أدوية األمراض املزمنة (البرنامج‬ ‫املنفذ من قبل جمعية الشبان املسيحيني)‬ ‫عدد املستفيدين ‪ 153000‬مريض‪.‬‬ ‫في مجال االستشفاء قدمت الوزارة عبر‬ ‫مكاتبها في بيروت واملناطق (‪ 25‬مركزاً)‬ ‫ما يقارب ‪ 65000‬معاملة (املعدل السنوي‬ ‫‪ 200000‬معاملة استشفاء) مبا فيها زرع‬ ‫األعضاء والقلب املفتوح وغسل الكلى‬ ‫وسواها من اخلدمات املتخصصة‪.‬‬

‫في مجال املشاريع‬ ‫تتابع الوزارة مشاريع تأهيل املستشفيات‬ ‫العاملة وإنشاء مشاريع جديدة‪ ،‬بالتنسيق‬ ‫الكامل مع مجلس اإلمناء واإلعمار‪ .‬ووقعت‬ ‫عدة بروتوكوالت مع الدول العربية والصديقة‬ ‫لدعم مشاريع املستشفيات واملؤسسات‬ ‫الرعائية احلكومية ومنها‪:‬‬ ‫مشاريع تأهيل وتعزيز قدرات املستشفيات‬ ‫التي أنشأتها دولة الكويت الشقيقة‪.‬‬ ‫ـ مشروع تأهيل وجتهيز مستشفى تبنني‬ ‫احلكومي مع حكومة بلجيكا‪.‬‬ ‫ـ مشروع تأهيل وجتهيز مستشفى طوارئ‬ ‫في صيدا هبة من دولة الكويت الشقيقة‪.‬‬ ‫إضافة إلى متابعة البحث مع دولة قطر‬ ‫الشقيقة لتأهيل وجتهيز مستشفى بنت‬ ‫جبيل‪ .‬وإضافة أيضا ً إلى تأليف جلنة من وزارة‬ ‫الصحة ملتابعة إنشاء مستشفى الشيخ‬ ‫زايد آل نهيان في العرقوب من دولة اإلمارات‬ ‫العربية املتحدة الشقيقة‪.‬‬ ‫ـ مفاوضة البنك اإلسالمي على عدة‬ ‫مشاريع مستشفيات ومراكز صحية‬ ‫ومشاريع أخرى من ضمن االتفاقية اإلطارية‬ ‫التي وقعت بني لبنان والبنك اإلسالمي‪.‬‬

‫مشاريع‬ ‫ذات طابع استراتيجي‬ ‫ـ إنشاء بنك دم مركزي في مستشفى‬ ‫رفيق احلريري اجلامعي‪.‬‬ ‫ـ إنشاء مدرسة تدريب متخصصة في‬ ‫مجال الطوارئ‪.‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر لبناني‪/‬حتقيق‬ ‫ـ تعزيز إمكانات وقدرات طبابات األقضية‬ ‫ومصالح الصحة في احملافظات (هذه املشاريع‬ ‫الثالثة بقرض من البنك اإلسالمي)‪.‬‬ ‫ـ مشروع إعادة تنظيم الطوارئ وإدارة‬ ‫الكوارث‪ ،‬ولقد أصدر مجلس الوزراء قرارا ً‬ ‫بتأليف جلنة وطنية لذلك بناء القتراح وزير‬ ‫الصحة العامة‪.‬‬ ‫ـ إطالق مشروع نظام اإلحالة في أقضية‬ ‫النبطية ومرجعيون وحاصبيا وبدعم من‬ ‫البروتوكول اإليطالي‪.‬‬ ‫ـ وضع االستراتيجية الصحية للسنوات‬ ‫اخلمس املقبلة مع منظمة الصحة العاملية‬ ‫وبقية املؤسسات العامة واخلاصة واألهلية‬ ‫والدولة املعنية‪.‬‬ ‫ـ متابعة تنفيذ مشروع إعادة التسجيل‬ ‫لألدوية ومتابعة خفض أسعار األدوية‪،‬‬ ‫إضافة إلى متابعة إنشاء مختبر مركزي‬ ‫حكومي للرقابة الدوائية في الكرنتينا‪،‬‬ ‫وأيضا ً إلصدار الدليل الصيدالني املهم لعام‬ ‫‪.2008‬‬ ‫ـ إطالق احلملة الوطنية للكشف املبكر‬ ‫عن سرطان الثدي عند املرأة‪.‬‬ ‫ـ متابعة تنفيذ برنامج االعتماد‬ ‫للمستشفيات احلكومية مع السلطات‬ ‫الفرنسية العليا اخملتصة وغيرها‪.‬‬

‫وزير الشؤون االجتماعية‬ ‫ماريو عون‬ ‫ال يخفى على أحد الواقع االجتماعي‬ ‫املزري الذي يعانيه لبنان مع تفشي الفقر‬ ‫والبطالة اللذين ازدادت حدتهما خالل األزمة‬ ‫السياسية اخلانقة التي عاشها لبنان في‬ ‫الثالث سنوات السابقة‪ .‬ولرمبا أتى إسناد‬ ‫وزارة الشؤون االجتماعية لنقيب األطباء‬ ‫السابق والعضو املؤسس في التيار الوطني‬ ‫احلر في محله‪ ،‬إذ أن التيار مبشروعه املطلق‬ ‫«اإلصالح والتغيير» بعث التفاؤل في نفوس‬ ‫العديد من املواطنني‪.‬‬ ‫احلكومة رسمت خارطة طريق لعمل‬ ‫الوزير عون عبر تأكيدها في بيانها الوزاري‬ ‫على متابعة اجلهود السابقة في اجملال‬ ‫االجتماعي التي انبثق عنها إنشاء جلنة‬ ‫ّ‬ ‫خطة العمل‬ ‫تهتم بتطبيق‬ ‫وزارية خاصة‬ ‫ّ‬ ‫املكملة لبرنامج اإلصالح‬ ‫االجتماعية‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادي واملالي الذي تبنّاه مؤمتر باريس‪3‬؛‬ ‫والسعي إلى تفعيل جهود النهوض بالشأن‬ ‫االجتماعي بهدف التقدم على مسار تطبيق‬ ‫وفعال‬ ‫برنامج اجتماعي متكامل هادف‬ ‫ّ‬ ‫يرتكز على ما يأتي‪:‬‬ ‫احلد من ظاهرة الفقر‬ ‫العمل على‬ ‫ّ‬ ‫املُدقع وصوال ً إلى القضاء عليها‪ ،‬وضع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ـ القيام بزيارات ميدانية إلى جميع‬ ‫املراكز اإلمنائية على كل املناطق‬ ‫اللبنانية لالطالع على حالتها‪.‬‬ ‫ـ استدراج عروض‬ ‫بقيمة ملياري ليرة لبنانية‬ ‫لشراء أدوية ملصلحة مراكز اخلدمات‪،‬‬ ‫ومليار ونصف مليار ليرة ملصلحة‬ ‫املشاريع املشتركة‪.‬‬ ‫ـ إطالق الدراسة التجريبية‬ ‫عن األسر الفقيرة في لبنان‪.‬‬ ‫ـ مفاوضات جتري‬ ‫لتقدمي مساعدات إلى مراكز اخلدمات‬ ‫اإلمنائية جنوب الليطاني‪.‬‬ ‫ـ التوقيع مع دولة قطر‬ ‫وبلدية بنت جبيل إلنشاء‬ ‫مركز خدمات إمنائي‬ ‫بقيمة ‪ 1800000‬ألف دوالر أميركي‪.‬‬ ‫ـ توفير ‪ 300‬مليون ليرة سنوياً‬ ‫عبر إخالء مستودع األدوية‬ ‫ومبنى احلدث‬

‫استراتيجية تنمية اجتماعية شاملة‬ ‫متوسطة‪ ،‬متابعة اجلهود لتطوير برامج‬ ‫احلماية االجتماعية والعمل على إقرار‬ ‫قانون لضمان الشيخوخة والرعاية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬حتسني فعالية اإلنفاق‬

‫‪42‬‬

‫االجتماعي العام‪ ،‬خفض التفاوت املناطقي‬ ‫في مؤشرات التنمية‪ ،‬التشجيع على تعزيز‬ ‫اجلهود في حقول التدريب املهني املسرَّع‬ ‫للبالغني‪ ،‬استكمال عملية حتسني آليات‬ ‫االستهداف االجتماعي‪ ،‬اتخاذ خطوات‬ ‫عملية الستكمال إصالح أجهزة التغطية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬زيادة الفعالية والتآزر بني‬ ‫نشاطات القطاع العام‪ ،‬تعزيز دور وزارة‬ ‫الشؤون االجتماعية في وضع السياسة‬ ‫االجتماعية وزيادة القدرات لدى مراكز‬ ‫التنمية االجتماعية‪ ،‬السير في تنفيذ قرار‬ ‫احلكومة الذي يقضي بإعطاء مبلغ ‪750‬‬ ‫و‪ 1000‬ليرة عن كل يوم حضور لتالمذة‬ ‫التعليم الرسمي االبتدائي والتكميلي‪.‬‬ ‫الوزير ماريو عون عدد لـ»منبر التوحيد»‬ ‫إجنازات الوزارة في الفترة القصيرة لتسلمه‬ ‫مهامه في النقاط اآلتية‪:‬‬ ‫ـ القيام بزيارات ميدانية الى جميع املراكز‬ ‫اإلمنائية على كل املناطق اللبنانية لالطالع‬ ‫على حالتهم وتقدمي ملفاتهم الى الدول‬ ‫املانحة (ايطاليا‪ ،‬قطر‪ ،‬أملانيا) ومؤسسة‬ ‫الوليد بن طالل لتجهيز املركز باملعدات‬ ‫الطبية وخلق شبكة مكننة لربط املراكز‬ ‫بوزارة الشؤون‪.‬‬ ‫ـ إلغاء االستعانة مبوظفني من دون املرور‬ ‫مبجلس اخلدمة املدنية في اجلمعيات األهلية‬ ‫خالفا ً للقانون‪.‬‬ ‫ـ إخالء مستودع األدوية ومبنى احلدث‪ ،‬ما‬ ‫أدى الى توفير ‪ 300‬مليون ليرة سنوياً‪.‬‬ ‫ـ إعداد آليات العمل مبشاريع التنمية مع‬ ‫اجلمعيات االهلية باالشتراك مع وزارة املالية‪.‬‬ ‫ـ إعداد مرسوم باملعايير الواجب اعتمادها‬ ‫للتعاقد مع اجلمعيات االهلية (هذه‬ ‫اإلصالحات مطلوبة في مؤمتر باريس ‪ 3‬والبنك‬ ‫الدولي)‪.‬‬ ‫ـ التوقيع مع دولة قطر وبلدية بنت جبيل‬ ‫إلنشاء مركز خدمات إمنائي بقيمة ‪1800000‬‬ ‫الف دوالر أميركي (مليون وثمامنئة الف دوالر‬ ‫اميركي)‪.‬‬ ‫ـ التوقيع مع مؤسسة ‪ Iutersos‬اإليطالية‬ ‫مذكرة تفاهم إلقامة دورات تدريبية على‬ ‫الكومبيوتر في جنوب لبنان‪.‬‬ ‫ـ إنشاء جلنة مشتركة مع وزارة التنمية‬ ‫اإلدارية لدراسة هيكلية وزارة الشؤون‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫ـ العمل على منع االزدواجية في العمل‬ ‫بني وزارة الصحة ووزارة الشؤون وبني وزارة‬ ‫التربية ووزارة الشؤون االجتماعية‪.‬‬ ‫ـ إعادة النظر مبشروع السجاد الذي يكلف‬ ‫الوزارة ‪ 200‬مليون سنويا ً والذي توقف عن‬ ‫العمل منذ فترة نعمل جاهدين إلعادة إنتاجه‬ ‫وتفعيله‪.‬‬ ‫ـ جتري اآلن مفاوضات مع ‪ UNRFIL‬لتقدمي‬ ‫مساعدات الى مراكز اخلدمات االمنائية جنوب‬


‫الليطاني‪.‬‬ ‫ـ إطالق الدراسة التجريبية عن األسر‬ ‫الفقيرة في لبنان‪ .‬هذه الدراسة هي من‬ ‫متطلبات باريس ‪ 3‬بالتعاون مع البنك‬ ‫الدولي‪ .‬هذه أول خطوة متهيدا ً إلطالق احلملة‬ ‫الوطنية على كل االراضي اللبنانية‪.‬‬ ‫ـ تخصيص مجلس الوزراء قطعة أرض في‬ ‫غريفة ـ إقليم اخلروب إلنشاء مركز منوذجي‬ ‫للمعوقني‪ ،‬ونعمل جاهدين مع الدول املانحة‬ ‫لتمويل هذا املشروع‪.‬‬ ‫ـ استدراج عروض بقيمة ملياري ليرة‬ ‫لبنانية لشراء أدوية ملصلحة مراكز اخلدمات‬ ‫ومليار ونصف مليار ليرة ملصلحة املشاريع‬ ‫املشتركة‪.‬‬ ‫ـ إرسال مشروع قانون باملؤسسات ذات‬ ‫املنفعة العامة الى مجلس الوزراء‪ ،‬هذا‬ ‫املشروع عالق في األدراج منذ سنوات‪.‬‬ ‫ـ أخذ موافقة مجلس الوزراء على التعاقد‬ ‫مع ‪ 40‬عامال اجتماعيا من خالل مجلس‬ ‫اخلدمة املدنية‪.‬‬ ‫ـ رفع سعر كلفة التعاقد مع املؤسسات‬ ‫االجتماعية بحوالى ‪ ،%70‬مع العلم أن‬ ‫هذه التسعيرة لم تشهد أي زيادة منذ عام‬ ‫‪.1996‬‬

‫وزير الزراعة‬ ‫الياس سكاف‬ ‫أسندت وزارة الزراعة في حكومة الوحدة‬ ‫الوطنية الى رئيس الكتلة الشعبية النائب‬ ‫املهندس إيلي سكاف‪ .‬أمام الوزير سكاف‬ ‫مهام كثيرة في ظل املشاكل الهيكلية التي‬ ‫يعانيها القطاع الزراعي على كل الصعد‪،‬‬ ‫والتي حلظتها احلكومة في بيانها‪ ،‬مؤكد ًة‬ ‫اتخاذ إجراءات متعددة لتطويره كتحسني‬ ‫اإلرشاد الزراعي ومتكني املؤسسات الزراعية‪،‬‬ ‫إعادة النظر في برامج وآليات الدعم احلالية‪،‬‬ ‫تشجيع بعض الزراعات االستراتيجية‪،‬‬ ‫استغالل أفضل للموارد الزراعية من أراض‬ ‫قابلة للزراعة ومياه وكفاءات بشرية‪،‬‬ ‫تشجيع التسليف الزراعي‪ ،‬استكمال‬ ‫أعمال التحديد والتحرير والكيل والضم‬ ‫والفرز للمناطق غير املمسوحة وغير املكالة‬ ‫في لبنان‪ ،‬متكني املشروع األخضر من لعب‬ ‫دور أفعل في شق الطرق الزراعية وإنشاء‬ ‫البحيرات اجلبلية مبا يسهم أيضا ً في العودة‬ ‫إلى رفع منسوب‪.‬‬ ‫الوزير إيلي سكاف أكد لـ»منبر التوحيد»‬ ‫متابعته يوميا ً جميع األمور اإلدارية وتواصله‬ ‫باستمرار مع مختلف املعنيني بالقطاع‬ ‫الزراعي لتسهيل أمور املواطنني والسعي‬ ‫لنهوض القطاع الزراعي بقوة وزيادة‬

‫ـ التواصل املستمر‬ ‫مع وزارة الزراعة السورية‬ ‫أزال احلواجز أمام‬ ‫تصدير البطاطا اللبنانية‬ ‫ترانزيت عبر األراضي السورية‬ ‫ـ الوزارة ونتيجة للمراقبة الدائمة‪،‬‬ ‫أوقفت استيراد اللحوم‬ ‫من مسالخ‬ ‫في الهند لعدم التزامها‬ ‫بالشروط الصحية املطلوبة‪.‬‬ ‫ـ الوزارة تتابع إنشاء العديد‬ ‫من البرك اجلبلية‬ ‫جلمع مياه األمطار الستخدامها‬ ‫في أيام الشح في الري‪.‬‬ ‫ـ تنفيذ مشروع اإلنذار املبكر‬ ‫لألمراض التي تصيب‬ ‫األشجار املثمرة واخلضار‪.‬‬ ‫ـ إطالق املرصد الوطني‬ ‫للمرأة الريفية‪.‬‬ ‫مشاركته في االقتصاد الوطني‪ .‬كما ذكر‬ ‫انه منذ توليه وزارة الزراعة أخيرا ً يسعى مع‬ ‫العاملني في الوزارة الى تأمني التمويل الالزم‪،‬‬ ‫إن في األطر احلكومية (املوازنة العامة)‪ ،‬أو عبر‬ ‫املنظمات والهيئات الدولية (متويل مشاريع‬

‫‪43‬‬

‫تعاون)‪ ،‬للنهوض بالقطاع الزراعي عبر‬ ‫التواصل مع ممثلي هذه الهيئات واملنظمات‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى االجتماعات التي حتصل مع‬ ‫سفراء الدول الصديقة والشقيقة التي‬ ‫أبدت االستعداد للمساعدة في مجاالت‬ ‫مختلفة‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬ذكر سكاف أن التواصل‬ ‫املستمر مع وزارة الزراعة السورية أثمر إزالة‬ ‫احلواجز اإلدارية أمام تصدير البطاطا اللبنانية‬ ‫ترانزيت عبر األراضي السورية‪ ،‬كما ان زيارته‬ ‫الى سوريا على رأس وفد زراعي لبناني ومن‬ ‫ثم مشاركته في اللجنة الزراعية العليا‬ ‫اللبنانية السورية في العاصمة السورية‬ ‫دمشق‪ ،‬إلى فتح األسواق أمام البطاطا ذات‬ ‫املنشأ اللبناني‪.‬‬ ‫وأشار سكاف الى أن الوزارة ونتيجة‬ ‫للمراقبة الدائمة على اللحوم املبردة‬ ‫واجمللدة‪ ،‬أوقفت استيراد اللحوم من مسالخ‬ ‫في الهند لم تلتزم بالشروط الصحية‬ ‫املطلوبة حسب القوانني اللبنانية‪ .‬وهي‬ ‫تتابع مراقبة جميع اللحوم احلية واملبردة‬ ‫واجمللدة حفاظا ً على السالمة العامة‬ ‫وصحة املواطنني‪.‬‬ ‫وأشار الوزير إلى أن الوزارة حسمت موضوع‬ ‫عدد من األدوية الزراعية ذات املنشأ الصيني‪،‬‬ ‫بعد إصدار قرار منع مبوجبه االدوية التي تبني‬ ‫انها سجلت في لبنان بناء على وثائق مزورة‬ ‫رغم ان نتيجة الفحوصات اخملبرية بينت أنها‬ ‫غير ضارة بالصحة‪ ،‬وقد أكدت اللجنة الوزارية‬ ‫التي شكلها مجلس الوزراء والتي اجتمعت‬ ‫مساء االثنني ‪ 24‬تشرين الثاني ‪ 2008‬في وزارة‬ ‫الزراعة‪ ،‬بحضور الوزراء األعضاء‪ :‬وزير الزراعة‬ ‫املهندس الياس سكاف‪ ،‬وزير الصحة الدكتور‬ ‫محمد جواد خليفة‪ ،‬وزير البيئة الدكتور‬ ‫أنطوان كرم‪ ،‬وزير املالية محمد شطح على‬ ‫سالمة القرارات التي اتخذها الوزير سكاف‬ ‫واتفقت على تشديد الضوابط جلهة مراقبة‬ ‫شهادات املنشأ وحتميل اخملالفني املسؤولية‬ ‫والعقاب‪.‬‬ ‫وبحسب سكاف تسعى وزارة الزراعة‬ ‫عبر أطر مختلفة الى متابعة إنشاء العديد‬ ‫من البرك اجلبلية جلميع مياه األمطار‬ ‫واستخدامها في أيام الشح في الري‪.‬‬ ‫باإلضافة الى ما يقوم به املشروع األخضر‬ ‫في دعم استصالح االراضي الزراعية وفتح‬ ‫الطرق الزراعية ضمن املوازنة املتوافرة فيه‪.‬‬ ‫إلى ذلك مت تنفيذ مشروع اإلنذار املبكر‬ ‫لألمراض التي تصيب األشجار املثمرة‬ ‫واخلضار‪ ،‬إضافة الى إطالق املرصد الوطني‬ ‫للمرأة الريفية‪.‬‬

‫حتقيق ‪ :‬وعد أبو ذياب‬ ‫(يتبع)‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫األزمة االقتصادية العالمية‬ ‫وانعكاساتها على الوطن‬ ‫العربي والعالم‬

‫النهايات تأتي مبا ال ميكن احتماله‪ ،‬وحيث ال‬ ‫يستطيع الذهب أن يغني عن أبسط األشياء‬ ‫وأرخصها‪ ،‬من الطعام إلى الشراب والهواء‪ ،‬هذا‬ ‫ما يحدث للرأسمالية وهي تعاني سكرات املوت‪،‬‬ ‫اآلن لم تعد تنفع القدرة على إنتاج املزيد من‬ ‫النقود‪ ،‬وبسبب اجلشع واحلروب وفوضى السوق‬ ‫حلت النقود محل السلع‪ ،‬فارتفعت األسعار‬ ‫بشكل جنوني‪.‬‬ ‫وحتاول اإلدارة األميركية حل أزمتها بضخ (‪700‬‬ ‫مليار دوالر)‪ ،‬وحتاول التداوي بالتي كانت هي الداء‬ ‫(النقود)‪ ،‬ولن تستطيع حتريك جبل األزمة‪ ،‬وعبثا ً‬ ‫يحاولون‪ ،‬اختاروا النظر إلى املشكلة من أضيق‬ ‫زاوية‪ ،‬وافترضوا أن أصل املشكلة اقتصادي بحت‪،‬‬ ‫وليسوا مستعدين لالعتراف بأنها مشكلة‬ ‫تتعلق باالقتصاد السياسي‪ ،‬فاألبعاد السياسية‬ ‫واألخالقية للمشكلة تبدو واضحة‪ ،‬ولكنهم ال‬ ‫يبصرون‪ ،‬فاجلشع واإلثراء بأساليب استخدام‬ ‫القوة واالحتالل وعلى ظهور الفقراء ومحدودي‬ ‫الدخل حتى في عقر دارهم‪.‬‬ ‫ولن تنفع خطة اإلنقاذ ألنها تتعامل مع سطح‬ ‫املشكلة وهو السطح اخلارجي لالقتصاد‪ ،‬وهذا‬ ‫ما قاله املليادير األميركي الهنغاري املولد جورج‬ ‫سوروس بأن السوق احلرة ال تعمل في أوقات‬ ‫األزمات الكبرى‪.‬‬ ‫صحيفة سبكتيتور البريطانية احملافظة قالت‪:‬‬ ‫«عليكم أن تواجهوا احلقيقة‪ ..‬لقد كان ماركس‬ ‫نصف محق بشأن الرأسمالية» واملشكلة تكمن‬ ‫في اجلذور‪ ،‬في الديون األميركية املتضخمة من‬ ‫العالم اخلارجي‪ ،‬وبعض احملافظني األميركيني‬ ‫يتهم الصني بأنها وراء األزمة وبأنها خلقتها‬ ‫عامدة متعمدة‪ .‬إنها حالة من التخبط والصورة‬ ‫الواضحة للعيان‪ ،‬الرأسمالية تعاني مرض املوت‬ ‫وال شفاء لها‪ ،‬واليوم ينكشف املستور عن وهم‬ ‫الدميوقراطية التي حاولوا تصديرها وتسويقها‪،‬‬ ‫فأشعلوا احلروب في كل مكان للسيطرة على‬ ‫مكامن الثروة في العالم‪ .‬قال بعض النواب‬ ‫األميركيني خالل جلسة التصويت على خطة‬ ‫اإلنقاذ‪« :‬إننا إذا لم نوافق على هذه اخلطة‬ ‫فسنجد األحكام العرفية تفرض في أنحاء‬ ‫الواليات املتحدة»‪ .‬فاألزمة املالية في أحد وجوهها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تك ّرس الالمساواة االجتماعية‬ ‫في بلد ميلك فيه واحد باملئة من السكان من‬ ‫الثروة ما يفوق ما متلكه نسبة تسعني باملئة من‬ ‫السكان‪ ،‬وهذا يعني أن الرأسمالية األميركية‪،‬‬ ‫في مواجهة األزمة الراهنة‪ ،‬ستتحرك نحو‬ ‫أشكال جديدة من احلكم قادرة على الدفاع عن‬ ‫دكتاتورية رأس املال السياسية الصريحة التي‬ ‫تتحكم باجملتمع‪.‬‬ ‫وتؤدي األزمات دورا ً مهما ً في السماح برؤية‬ ‫األمور على حقيقتها‪ ،‬فهي ترفع الغطاء عن‬ ‫العمليات املعقدة‪ ،‬ومشاعر القلق تتزايد في‬ ‫العالم‪ ،‬واخملاوف ما زالت قائمة من اإلفالس‬ ‫واالنهيارات املتالحقة‪ ،‬وألول مرة يجيز النظام‬ ‫الرأسمالي تدخالً حكوميا ً شامالً‪ ،‬ال سابق له‬ ‫مببالغ طائلة‪ ،‬بعدما كان يرى أن كل املشكالت‬ ‫واألزمات تنجم عن الدولة وتدخلها‪.‬‬ ‫نحن أمام أزمة نظام وأزمة نهج سلكته اإلدارة‬ ‫األميركية احلالية‪ ،‬حيث أفلتت العقال لنهم‬ ‫وجشع رأسمالية متوحشة همها الوحيد الربح‬ ‫السريع ولو كلف ذلك أموال البشر وأرواحهم‪.‬‬ ‫وهناك أسباب عديدة لهذه األزمة‪ ،‬ويشير‬ ‫اخلبراء إلى فقاعة أسعار العقارات التي وصلت‬ ‫الى مستويات عالية‪ ،‬ال ميكن لساكنيها تسديد‬ ‫الفواتير الشهرية للقروض املترتبة عليهم‪،‬‬ ‫األمر الذي دفع أصحاب هذه العقارات إلى إعالن‬ ‫إفالسهم‪ ،‬وحني وضعت البنوك يدها على هذه‬ ‫العقارات لم تعد قادرة على بيع تلك األصول‬ ‫بأسعارها األصلية‪ ،‬وشيئا ً فشيئا ً تضخمت‬ ‫أزمة الرهن العقاري‪ ،‬ثم انفجرت بتكلفة باهظة‬ ‫الثمن‪ ،‬وأخذت معها مدخرات األفراد الذين‬ ‫ستحيل معظمهم إلى عالم الفقر واحلرمان‪.‬‬

‫األزمة لم تولد من فراغ‬ ‫فالعام ‪ 2002‬اعتُبر عام الفضائح الكبرى‪،‬‬ ‫حيث أشهرت شركات عدة إفالسها مثل «أنرون‬ ‫األميركية» «دوروكوم» و»فينفندي يونيفرسال»‬ ‫الفرنسية‪ ،‬وفيات اإليطالية‪ ،‬وأفلست العديد من‬ ‫شركات الطيران العاملية‪ ،‬وقد قدر حجم املبالغ‬

‫‪44‬‬

‫دمر االقتصاد العاملي‬ ‫بوش الذي ّ‬ ‫التي دُمرت في أسواق البورصات العاملية خالل عام‬ ‫‪ 2002‬بنحو (‪ 4000‬بليون دوالر) أي ما يعادل حجم‬ ‫الناجت الكلي لليابان‪ ،‬ثاني أكبر عمالق اقتصادي‬ ‫في العالم‪ ،‬أو ضعف الناجت الكلي ألملانيا أكبر‬ ‫دولة صناعية في أوروبا‪ ،‬أو حجم ناجت بريطانيا‬ ‫وفرنسا وإيطاليا مجتمعة‪.‬‬ ‫إن تعاقب األزمات والفضائح مبثل هذه‬ ‫الضخامة يدل على وجود خلل أو مرض في النظام‬ ‫الرأسمالي في أعلى مراحل تطوره‪ ،‬أي الرأسمالية‬ ‫املعوملة‪ ،‬فاالنهيار املالي لوول ستريت أكبر أزمة‬ ‫مالية تتعرض لها الواليات املتحدة منذ الكساد‬ ‫مدو‬ ‫العظيم (عام ‪ )1929‬لكنه هذه املرة انهيار ٍ‬ ‫أليديولوجيا اقتصاد السوق احلرة املتعصبة‪.‬‬ ‫وعادة ما تكون األزمات على املستوى العاملي‬ ‫في االقتصاد‪ ،‬نتيجة ملمارسات خاطئة وخالل‬ ‫مدة طويلة من الزمن‪ ،‬وأتى الوقت للدخول في‬ ‫أزمة عاملية‪ ،‬ستترك آثارا ً سياسية على العالم‬ ‫أجمع‪.‬‬ ‫في العام ‪ 1929‬بدأت األزمة في الواليات املتحدة‬ ‫وانهار االقتصاد العاملي‪ ،‬وأدى إلى التعاطي نظريا ً‬ ‫مع األزمة في أوروبا الغربية‪ ،‬ولكن بعد سنة‬ ‫صعدت النازية إلى احلكم في أملانيا‪ ،‬ثم بدأت‬ ‫غيوم احلرب العاملية الثانية تتجمع‪.‬‬ ‫وبعد احلرب العاملية الثانية بدأوا في بناء نظام‬ ‫اقتصادي جديد هو الذي يعيش الكوارث التي‬ ‫حصدها بعد تراكم األخطاء التي أوصلت إلى‬ ‫هذه النتيجة التي ال ميكن الهروب منها بقرارات‬ ‫منفصلة‪ ،‬وقرارات على مستوى دول تؤيد التأميم‬ ‫اجلزئي كما قال ديفيد براون رئيس احلكومة‬ ‫البريطانية‪.‬‬ ‫حتاول بعض الدول التدخل حلل األزمة بدفع أموال‬ ‫للبنوك حتى تشتري املوجودات املتوافرة حالياً‪،‬‬ ‫مثل العقارات وغيرها‪ ،‬وهذا ال يجدي نفعاً‪ ،‬فهذه‬ ‫العقارات ال تستحق املقابل املالي الذي يدفعونه‪،‬‬ ‫وبالتالي هناك فوضى في االقتراحات ولن تكون‬ ‫قادرة أو قابلة لتخليص العالم من الشرور التي‬ ‫دخلت نتيجة تراكم األخطاء اقنصاديا ً وقرارات‬ ‫خاطئة‪ ،‬وخاصة في العقد األخير‪.‬‬ ‫ومنذ العام (‪ )1991-1990‬بدأ القطب العاملي‬ ‫الوحيد (الواليات املتحدة) يقود العالم اقتصادياً‪،‬‬


‫ولم تتبني اآلثار الضارة إال بعد العام ‪ 2000‬عندما‬ ‫أتى جورج بوش إلى البيت األبيض وقاد الواليات‬ ‫املتحدة نحو التهلكة‪ ،‬فأشعل احلروب في كل‬ ‫مكان في العالم‪ ،‬وخطى الرأسمالية التي‬ ‫تتلخص في كلمة واحدة (دعه يعمل) تعني‬ ‫الكثير‪ ،‬وقادت العالم إلى الكوارث‪ ،‬وعندما حاولت‬ ‫حل األزمة تصرفت البنوك‪ ،‬وسوء التصرف قاد‬ ‫إلى هذه الكارثة‪ ،‬واالنهيار احلاصل جتاوز األرقام‬ ‫واملبالغ التي دفعت‪ ،‬وفي ظل االختالف في الرأي‪،‬‬ ‫ألن احللول املطروحة لم تطرق لب املوضوع‪ ،‬وهو‬ ‫أن على الدولة أن تكون الشريك‪ ،‬ويتحدثون في‬ ‫أوروبا بخجل عن دور الدولة‪ ،‬واألزمة العاملية‬ ‫تشهد تفاقماً‪ ،‬ومؤشرات انكماش اقتصادي‬ ‫انطلق بداية من الواليات املتحدة‪ ،‬واخلسائر‬ ‫املصرفية التي تظهر في األفق ستزيد احلاجة إلى‬ ‫روؤس األموال التي يصعب إيجادها في مثل هذه‬ ‫الظروف‪ ،‬واخلشية من ركود الوضع االقتصادي‬ ‫جراء استمرار انخفاض ثقة املستهلكني وتراجع‬ ‫مستوى الطلب واالستثمار‪ ،‬واالقتصاد األوروبي‬ ‫يتباطأ مبعدل يتجاوز التوقعات‪.‬‬ ‫البنوك املركزية تعاني معضلة ما‪،‬‬ ‫بعد مطلب خفض أسعار الفائدة‬ ‫من أجل إنعاش االقتصاد‪ ،‬وهناك‬ ‫من يرى أن خفض األسعار سيؤدي‬ ‫إلى تنامي مخاطر التضخم‪.‬‬ ‫واألزمة املالية اخلانقة ستترك‬ ‫تداعيات خطيرة على االقتصاد‬ ‫العاملي‪ ،‬والواليات املتحدة حتاول االلتفاف على‬ ‫هذا الواقع من خالل طرح سيناريو جديد‪ ،‬وخطة‬ ‫إنقاذية لإليحاء بأنها تدير العالم‪ ،‬وحتاول اإلدارة‬ ‫األميركية أن تع ّوض خسائرها الفادحة عبر‬ ‫هجمات سياسية‪ ،‬واللعبة السياسية هذه باتت‬ ‫عدمية اجلدوى‪ ،‬وأميركا هذه أوصلت العالم إلى‬ ‫حافة االنهيار واجملتمع الغربي إلى اإلفالس‪.‬‬ ‫االمبراطورية األميركية بدأت تسقط‪ ،‬وهذه‬ ‫التطورات تأتي بعدما أوضحت حربا العراق‬ ‫وأفغانستان حدود القوة العسكرية األميركية‪،‬‬ ‫أو حدود قدرتها على فرض الهيمنة‪ ،‬وصفحة ما‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية وما بعدها قد طويت‪،‬‬ ‫وتق ّلص نفوذ شركات واشنطن‪ ،‬وما على الدول‬ ‫التواقة إلى االنعتاق إال أن ترفع ألوية املعارضة‬ ‫السياسية واالستراتيجية لواشنطن‪ ،‬وعلى‬ ‫األنظمة التي ارتبطت باملشروع األميركي أن‬ ‫تستيقظ قبل فوات األوان‪ ،‬وإال فإنها ستعيش‬ ‫حالة االنهيار ذاتها‪ ،‬وبشكل يتناسب مع ما ُمني‬ ‫به املشروع األميركي من هزائم‪.‬‬ ‫اإلدارة األميركية ستحاول الهروب إلى األمام‬ ‫عبر تزويد «إسرائيل» مبليارات الدوالرات عبر‬ ‫تسليح متطور‪ ،‬في وقت يعاني فيه العالم‬ ‫أزمات مالية‪ ،‬فمحور االستراتيجية األميركية في‬ ‫منطقتنا يقوم على تعزيز القدرات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وهذا التوجه ناجت من طبيعة الدور الذي تلعبه‬ ‫إسرائيل منذ اغتصاب فلسطني ‪ ،1948‬فإسرائيل‬ ‫مبثابة قاعدة استعمارية متقدمة‪ ،‬واألميركيون‬

‫عملوا على احتالل العراق من أجل تعويض العجز‬ ‫اإلسرائيلي الذي ظهر عام ‪ 2000‬بعد هزمية‬ ‫اإلسرائيليني في لبنان‪ ،‬ومن ثم كانت احلرب التي‬ ‫أرادها األميركيون والصهاينة معا ً عام ‪2006‬‬ ‫وقادت إلى هزمية جديدة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ان الزعماء االميركيني ينظرون‬ ‫الى منطقة الشرق االوسط من خالل عيون‬ ‫صهيونية‪ ،‬تتمثل في نهب ثروات الوطن العربي‪،‬‬ ‫بعيدا ً عن التطلعات اخلاصة والتحدي الرئيسي‬ ‫الذي يواجه بلدان املنطقة واملتمثل في البحث‬ ‫عن مزيد من فرص التعليم والعمل لالعداد‬ ‫السكانية املتزايدة والبحث في نهضة حقيقية‪،‬‬ ‫واالجدى للواليات املتحدة البحث في اصالحات‬ ‫اقتصادية وسياسية مبا يتناسب مع تطلعات‬ ‫وطموحات سكان هذه املنطقة نحو فرص احلياة‬ ‫االفضل بعيدا ً عن الهيمنة االميركية‬ ‫وحترير االراضي العربية املغتصبة‬ ‫من دنس الصهاينة‪.‬‬ ‫و ا ملغا د ر ه‬

‫غير‬ ‫ا ملأ سو ف‬ ‫عليها للرئيس‬ ‫جورج بوش من البيت‬ ‫االبيض لم تأت من فراغ‪ ،‬واالزمة‬ ‫املالية بالنسبة لبوش بدت كأسوأ ختام لواحدة‬ ‫من أسوأ فترات الرئاسة االميركية قاطبة‪ ،‬وظلت‬ ‫االداره االميركية خاللها تسوق الرضى عنها‬ ‫من خالل بث اخلوف والرعب بني مواطنيها من‬ ‫(االرهاب) وانها االقدر على مواجهته حتى كادت‬ ‫الواليات املتحدة تتحول الى دولة بوليسية من‬ ‫كثرة االجراءات االمنية‪.‬‬

‫حالة من التوتر واالضطراب‬ ‫تسود العالم‬ ‫وبغض النظر عن عمق اجلذور التي أدت الى‬ ‫االزمة املالية في الواليات املتحدة وحروب بوش في‬ ‫افغانستان والعراق وفلسطني ولبنان والسودان‬ ‫والصومال وغيرها‪ ،‬وبوش الذي قال يوما ً ما ان‬ ‫اهلل أوصى له بغزو العراق‪ ،‬وأطلق أوصافا ً على‬ ‫مخالفيه من نوع (محور الشر)؟! والصورة التي‬ ‫جندها امامنا اليوم سوداوية‪ ،‬فالعالم يعيش في‬ ‫حالة توتر واضطراب‪ ،‬فمن غزو افغانستان الى‬ ‫غزو العراق الى تهديد سوريا الى التلويح بضرب‬ ‫ايران والى الدعم الالمحدود إلسرائيل في وجه‬

‫‪45‬‬

‫الفلسطينيني العزل‪ ،‬الى التوتر شبه الدائم مع‬ ‫روسيا والى عالقات مرتبكة ومضطربة مع معظم‬ ‫الدول العربية‪ ،‬والسعي وراء حصار السودان‪ ،‬والى‬ ‫عالقات مهزوزة مع الصني‪ ،‬والى قائمة طويلة‬ ‫من السياسات املشحونة باالنفعال وغرور‬ ‫القوة ودعاوى الوصاية على العالم وهي جميعا ً‬ ‫أمور استفزت أكثرية دول العالم ودفعتها الى‬ ‫التعامل احلذر مع واشنطن بهدف تدارك شرها‪،‬‬ ‫ورغم صعوبة التطرق الى جميع مكامن التوتر‬ ‫التي سادت العالم خالل عهد بوش فإن أي مراقب‬ ‫ميكنه بسهولة رصدها وإدراك اهتمام العالم‬ ‫كله غير املسبوق هذه املرة باالنتخابات االميركية‬ ‫التي جاءت بباراك أوباما الى البيت االبيض‪.‬‬

‫انعكاس األزمة املالية‬ ‫العاملية‬ ‫ومتثل االزمة جتاوزات الرأسمالية‬ ‫وكيفية تأثيرها على االقتصاد‬ ‫الكوني‪ ،‬واذا لم يتم التحرك‬ ‫للحد من جتاوزات الرأسمالية‬ ‫احلديثة وأزماتها فإنها قد‬ ‫تؤدي الى تطرف سياسي‬ ‫ورمبا إلى اضطربات اجتماعية‬ ‫كبرى‪ ،‬يقول وزير املال االملاني‬ ‫شتاينبروك‪« :‬ان اخلطة‬ ‫املالية االملانية التي تبلغ‬ ‫قيمتها (‪ 500‬مليار يورو) قد‬ ‫تتحول الى أداة إلثارة الضغائن‬ ‫اذا فقد الناس العاديون اميانهم‬ ‫بالنظام القائم‪».‬‬ ‫وفيما يحكم التفاوت أداء البورصات العاملية‪،‬‬ ‫تستمر االسواق املالية اخلليجية في تسجيل‬ ‫اخلسائر اليومية في ظل سيطرة هواجس الركود‬ ‫على املستثمرين‪ ،‬وازدياد تأثر شركات ومؤسسات‬ ‫مالية ومصارف خليجية بأزمة االئتمان لتبلغ‬ ‫خسائر اسبوع واحد (‪ 80‬مليار دوالر) في شهر‬ ‫تشرين الثاني مثالً‪.‬‬ ‫كل املؤشرات تدل على ان حدة تأثير االزمة‬ ‫املالية في اقتصاديات اخلليج في تزايد من خالل‬ ‫تداعياتها على بورصات اخلليج‪ ،‬وخصوصا ً ان‬ ‫املستثمرين يخشون من تفاقم تداعيات االزمة‪،‬‬ ‫ومن تراجعات إضافية في سعر النفط الذي قد‬ ‫يدفع احلكومات في اخلليج الى كبح اإلنفاق العام‬ ‫على املشاريع االستثمارية االكبر حتديداً‪ ،‬الذي‬ ‫ميثل عامالً اساسيا ً في حتريك االقتصاديات التي‬ ‫تعتمد اساسا ً على عائدات النفط‪.‬‬ ‫والسؤال امللح اآلن هو‪ :‬هل أخذنا العبر مما جرى‪،‬‬ ‫وهل استفدنا من دروس االزمة املالية العاملية‪،‬‬ ‫وآثارها علينا كدول وأفراد؟ الدروس كثيرة والعبرة‬ ‫ملن يعتبر‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر اقتصادي‪/‬حتقيق‬

‫المواطنون يقعون ضحية الضرائب ولقمة عيش السائقين‬ ‫السائقون يسألون‪ :‬هذه الفوضى العارمة إلى أين ؟‬ ‫اتفق السياسيون أم اختلفوا‪ ،‬النتيجة على‬ ‫املواطن الغارق في كوابيس هموم املعيشة‬ ‫واحدة‪ .‬ففي فوضى السياسة وخالفاتها تضيع‬ ‫مطالبه وتتحول صراعا ً سياسيا ً عقيما ً مرتبطا ً‬ ‫عم الوفاق بني‬ ‫بجوهر قضايا مصيرية‪ .‬أما إذا ّ‬ ‫األطراف املتصارعة فتضيع هذه املطالب‪ ،‬طورا ً‬ ‫وفقا ً ملصالح خاصة وتار ًة عبر إدخالها في زواريب‬ ‫السياسة الضيقة‪ .‬نعم‪ ،‬هذا ما يحصل‪ ،‬وسنون‬ ‫وسنون ال تكفي أي مطالب باحلق للوصول إلى‬ ‫هدفه‪ .‬وهذه حال السائقني الذين إذا ما توجهت‬ ‫إليهم بسؤال عن وضع قطاع النقل ال جتد عندهم‬ ‫إال جوابا ً يحمل نقمة على املسؤولني املتجاهلني‬ ‫ملطالبهم مهما كانت محقة‪.‬‬ ‫مشكلة قطاع النقل في لبنان معقّ دة‪ ،‬إذ‬ ‫إنها ال تطال السائقني وحدهم بل ميتد تأثيرها‬ ‫إلى حياة املواطنني‪ ،‬فكالهما ضحية اإلهمال‬ ‫والتسيب املستشري في البلد‪ ،‬فالتأثير السلبي‬ ‫إلهمال واقع السائقني العموميني ينسحب سلبا ً‬ ‫على حياة املواطن‪ .‬لعل أبرز مثال على ذلك تعرفة‬ ‫النقل التي ارتفعت ‪ %200‬منذ عام ‪ ،2006‬وفي‬ ‫الوقت الذي كان فيه املواطنون حتت عبء ارتفاع‬ ‫كلفة النقل التي يشكل اإلنفاق عليها ‪%20‬من‬ ‫دخلهم القومي‪ ،‬ال يرى السائقون أي سبيل‬ ‫خلفضها في ظل ارتفاع املواد االستهالكية عامة‬ ‫والغذائية خاصة‪ ،‬فهم آباء ألطفال وتالميذ‬ ‫في املدارس واجلامعات‪ ،‬وامللقى على عاتقهم‬ ‫من مسؤوليات هو نفسه امللقى على عاتق أي‬ ‫مواطن لبناني‪ ،‬فإذا خفضت التعرفة‪ ،‬فكيف‬ ‫يعيشون؟ أما املواطن فال يعلم إال شيئا ً واحداً‪:‬‬ ‫أسعار احملروقات انخفضت وبالتالي يجب خفض‬ ‫تعرفة النقل‪.‬‬ ‫من الواضح أن هناك هوة كبيرة بني ما يراه‬ ‫املواطن املتنقل يوميا ً في سيارات األجرة‪ ،‬والسائق‬ ‫الكادح في سبيل تأمني عيشه وأوالده‪ ،‬ليس ذلك‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سيارات التاكسي في احد شوارع بيروت‬

‫فقط بل في سبيل تأمني أبسط حقوقه‪.‬‬ ‫أعدته‬ ‫“منبر التوحيد” تسلط الضوء في حتقيق ّ‬ ‫عن ارتفاع تعرفة النقل التي شهدت خفضا ً في‬ ‫الشهر املاضي‪ ،‬وعن االرتفاعات التي شهدتها‬ ‫في السنتني املاضيتني‪ ،‬ووجهة نظر السائقني‬ ‫من رفعها‪ ،‬إضافة إلى أسباب االعتصامات التي‬ ‫نفذوها خالل الشهر املاضي‪.‬‬

‫تعرفة النقل‬ ‫من ‪ 1000‬إلى ‪ 2000‬ليرة!!!‬ ‫شكل ارتفاع تعرفة النقل في لبنان خالل‬ ‫السنتني املاضيتني عبئا ً ثقيالً على األسر اللبنانية‪،‬‬ ‫ال سيما في ظل ارتفاعات كبيرة في األسعار‬ ‫امتصت القدرة الشرائية ملداخيل اللبنانيني‪،‬‬ ‫فأسعار السلع واخلدمات في لبنان شهدت‬ ‫ارتفاعا ً جنونياً‪ ،‬بدءا ً بأسعار املواد الغذائية‪ ،‬أسعار‬ ‫املالبس‪ ،‬أسعار احملروقات‪ ،‬واألقساط املدرسية‪...‬‬

‫‪46‬‬

‫عرف اللبنانيون بعض أسباب هذه االرتفاعات‬ ‫وجهلوا بعضها اآلخر‪ ،‬فبعض األسباب كانت‬ ‫واضحة وعائدة إلى تدهور الوضع االقتصادي بعد‬ ‫حرب متوز‪ ،‬إضافة إلى األوضاع االقتصادية العاملية‪،‬‬ ‫أما بعضها اآلخر الذي يختص بطبيعة األسواق‬ ‫اللبنانية الواقعة في قبضة احملتكرين فبقي‬ ‫غامضا ً بعض الشيء‪ ،‬أو لعل اللبنانيني ينظرون‬ ‫إلى األمور من منظار ضيق جدا ً ويحللون الوقائع‬ ‫وفقا ً ألهوائهم‪ .‬ففي ما خص تعرفة النقل ال‬ ‫يتفق املواطنون والسائقون على نقاط كثيرة بل‬ ‫يكادون ال يتفقون على شيء‪ .‬كيف ال‪ ،‬إذا كان‬ ‫لكل منهم هدف يتناقض مع اآلخر‪ ،‬فالسائقون‬ ‫يعملون على رفع إيراداتهم عبر رفع التعرفة‪ ،‬أما‬ ‫املواطنون فيسعون خلفض النفقات عبر خفض‬ ‫التعرفة‪ .‬إن حتديد تعرفة تساوي بني الطرفني‬ ‫يحتاج إلى دراسة علمية معمقة تتداخل فيها‬ ‫عناصر عديدة من صلب حياة السائق واملواطن‪.‬‬ ‫إذا ً تختلف النظرة إلى ارتفاع تعرفة النقل في‬ ‫لبنان‪ ،‬ولعل السؤال األبرز الذي يسأله كل مواطن‬ ‫هو‪ :‬كيف شهدت تعرفة النقل في لبنان هذه‬ ‫االرتفاعات املتتالية؟‬ ‫عمو” هذا كان جواب أحد‬ ‫“كل شي باقي بأرضه ّ‬ ‫سائقي األجرة عقب انتهاء حرب متوز عند سؤاله‬ ‫عن رفع أجرة الراكب إلى ‪ 1500‬ليرة‪ ،‬بالرغم من عدم‬ ‫ارتفاع سعر صفيحة البنزين بعد احلرب‪ ،‬وبالرغم‬ ‫من الشح الذي عانت منه خاللها‪ ،‬مبررا ً أن األسواق‬ ‫تعاني بعض اجلمود نتيجة العدوان اإلسرائيلي‬ ‫والتدمير الواسع الذي أحلقه بالبنى التحتية‪.‬‬ ‫أيام قليلة كانت كافية لتستعيد األسواق‬ ‫حركتها‪ ،‬فالعودة السريعة للنازحني إلى قراهم‬ ‫وخروج املقاومة منتصرة من حربها أشعر‬ ‫اللبنانيني بأن لبنان‪ ،‬بالرغم من الدمار الواسع‪،‬‬ ‫ال يزال قويا ً وقادرا ً على النهوض‪ ،‬إال أن السائقني‬ ‫تغاضوا عن خفض تعرفة الراكب آنذاك‪ ،‬ال بل‬


‫عمدوا إلى إعادة رفعها بعد أشهر إلى ‪2000‬‬ ‫ليرة على أثر ارتفاع سعر النفط عامليا ً ليصل‬ ‫إلى ما يقارب الـ‪ $148‬في متوز املاضي‪ ،‬فكان‬ ‫السبب مقدما ً على طبق من فضة‪ ،‬فالركود‬ ‫العاملي والتوترات اجليوسياسية وحرب متوقعة‬ ‫إيرانية أميركية‪ ،‬أو حترك تركي جتاه حزب العمال‬ ‫الكردستاني في العراق‪ ،‬أو حرب روسيا في‬ ‫جورجيا وإمكانية وصول سعر النفط الى ‪،$200‬‬ ‫كل ذلك أرخى بظالله على أسعار احملروقات في‬ ‫لبنان التي شهدت ارتفاعات غير مسبوقة جتاوز‬ ‫خاللها سعر صفيحة البنزين الـ‪ .$20‬جاء رفع‬ ‫التعرفة إلى ‪ 2000‬ليرة ليضيف أعباء إضافية إلى‬ ‫حياة اللبنانيني الرازحني حتت عبء ارتفاع األسعار‬ ‫الناجت من الفورة النفطية في الدول األخرى‪ ،‬فلجأ‬ ‫البعض إلى ركوب “الفان”‪ ،‬ومن حالفه احلظ وكان‬ ‫مركز عمله أقرب إلى منزله اختار االستيقاط‬ ‫باكرا ً وإجراء رياضة صباحية عبر الذهاب سيرا ً‬ ‫على قدميه‪ ،‬إذ إن األوضاع االقتصادية املزرية‬ ‫نتيجة األزمة السياسية احلادة لم تكن تسمح‬ ‫بتخصيص ميزانية كتلك للنقل الذي يشكل‬ ‫اإلنفاق عليه نسبة ‪ %20‬من الدخل الفردي‪.‬‬ ‫أشهر عدة وعادت أسعار النفط لتشهد هبوطا ً‬ ‫سريعا ً ومتواصالً بعد األزمة املالية العاملية لتصل‬ ‫الى حني كتابة هذا املقال الى ‪ ،$54‬انخفض على أثرها‬ ‫متتال إلى أن وصل الى‬ ‫سعر صفيحة البنزين بشكل‬ ‫ٍ‬ ‫‪ 22.800‬ليرة لبنانية‪ ،‬خفضت التعرفة على أثرها الى‬ ‫‪ 1750‬ليرة‪ ،‬لكن من دون جدوى‪ ،‬فال السائقون التزموا‬ ‫بالقرار وال املواطنون وجدوا فيه فعالية‪.‬‬

‫تعرفة النقل ‪ 1750‬ليرة‬ ‫لم يترافق االنخفاض املتتالي في سعر‬ ‫صفيحة البنزين مع انخفاض يذكر في التعرفة‬ ‫التي بقيت نفسها‪ ،‬الى أن صدر قرار يقضي‬ ‫بخفض تعرفة النقل الى ‪ 1750‬ليرة بعد توصل‬ ‫نقابات السائقني ووزارة النقل الى اتفاق بينهما‪.‬‬ ‫يبدو هذا اخلفض في التعرفة من دون جدوى‪،‬‬ ‫أوال ً ألن املواطنني ال يزالون يدفعون ‪ 2000‬ليرة‬ ‫كتعرفة‪ ،‬وثانيا ً ألن نسبة االرتفاع كانت أكبر من‬ ‫النسبة التي خفضت اليوم‪ .‬مع هذا لم يتوا َن‬ ‫البعض عن التعبير عن أمله في أن يؤدي هذا‬ ‫القرار الى نشر حالة من االرتياح لدى املواطنني‬ ‫العاديني الذين يبحثون عن سبل توفير في ظل‬ ‫الغالء املعيشي‪ ،‬رغم انعكاسه سلبا ً على‬ ‫سائقي األجرة الذين يشكلون شريحة كبيرة‬ ‫من الشعب اللبناني والذين أعربوا عن انزعاجهم‬ ‫من القرار الذي ال ينصفهم متاما في ظل ارتفاع‬ ‫تكلفة خدمة الضمان عليهم‪ ،‬ومعاناتهم من‬ ‫أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة بالرغم‬ ‫من أن بعض املصادر النقابية اعتبرت أن مبلغ‬ ‫‪ 1750‬ل‪.‬ل‪ .‬كتكلفة نقل عمومي‪ ،‬ينصف‪ ،‬بعض‬ ‫الشيء‪ ،‬السائقني الذين لم يستفيدوا من إقرار‬ ‫الزيادة على الرواتب‪.‬‬

‫بالرغم من أن البنزين عنصر أساسي في احتساب التعرفة‪ ،‬لكنه ليس الوحيد‬

‫الرسوم الضريبية‬ ‫تعد الرسوم الضريبية التي تفرضها احلكومة‬ ‫على صفيحة البنزين من أبرز األسباب التي‬ ‫تقف خلف ارتفاع تعرفة النقل‪ ،‬إذ تعمد وزارة‬ ‫املالية باستمرار إلى فرض املزيد من الرسوم التي‬ ‫بلغت حتى اآلن حوالى ‪ 8000‬ليرة لبنانية عن‬ ‫كل صفيحة بنزين‪ ،‬باإلضافة إلى الرسوم التي‬ ‫تتقاضاها من القيمة على الضريبة املضافة‪ ،‬يشار‬ ‫إلى أن احلكومة اللبنانية كانت تفرض ضريبة‬ ‫إضافية على أسعار البنزين بحدود الـ ‪ 7‬دوالرات‬ ‫على كل صفيحة سعة ‪ 20‬ليتراً‪ ،‬لكنها اضطرت‬ ‫إلى التخلي عنها بصورة تدريجية مع ارتفاع‬ ‫أسعار النفط العاملية‪ ،‬وهذا ما يدركه املواطنون‬ ‫عامة والسائقون العموميون خاصة‪ ،‬عبر قولهم‬ ‫إن السبب في ارتفاع سعر البنزين هو الدولة‪ ،‬إذ‬ ‫إنه لوال تدخل وزارة املالية لفرض رسومها على‬ ‫صفيحة البنزين لوصل سعرها إلى ‪ 17‬الف ليرة‬ ‫لبنانية‪ .‬علما ً بأن سعر صفيحة البنزين قد ثبت‬ ‫عند هذا احلد مبوجب مرسوم‪ ،‬وبالتالي هو بحاجة‬ ‫إلى مرسوم آخر خلفض السعر‪.‬‬

‫جمعية حماية املستهلك‬ ‫تتابع باستمرار‬ ‫جمعية حماية املستهلك كانت قد أصدرت‬ ‫بيانا ً في أيلول املاضي قالت فيه إنها تابعت‬ ‫باهتمام انخفاض أسعار النفط عامليا ً بنسبة‬ ‫جتاوزت ‪ ،%30‬وتنتظر اجلمعية انعكاساتها‬

‫‪47‬‬

‫اإليجابية على الواقع الصعب لألكثرية الساحقة‬ ‫للعائالت اللبنانية‪ ،‬التي يعيش نحو ‪ %85‬منها‬ ‫بأقل من ‪ 1.6‬مليون ليرة شهرياً‪ .‬وطلبت من وزير‬ ‫النقل اتخاذ قرار فوري بخفض تكلفة النقل الى‬ ‫‪ 1500‬ليرة لبنانية للسرفيس‪ ،‬و‪ 750‬ليرة للفانات‪،‬‬ ‫متاشيا ً مع حركة السوق‪ّ .‬‬ ‫وذكرت بضرورة إيجاد‬ ‫س ّلم للزيادات أو اخلفوضات لتأمني مصالح‬ ‫اجلميع وفي كل القطاعات‪ .‬ومع عدم األخذ بهذا‬ ‫القرار أكد مصدر مسؤول في اجلمعية لـ”منبر‬ ‫التوحيد” أن اجلمعية مستمرة مبتابعة املوضوع‬ ‫وبعثت رسالة إلى الوزير غازي العريضي وأعلمته‬ ‫أن املواطنني ال يزالون يدفعون ‪ 2000‬ليرة كأجرة‬ ‫وطالبته بحل هذه املشكلة‪ .‬وعن املطالبة‬ ‫باخلفض للـ‪ 1500‬قال املصدر إن اجلمعية اليوم‬ ‫تعمل من أجل تطبيق الـ‪ 1750‬ومن بعد النجاح‬ ‫في ذلك ستتكلم في الـ‪.1500‬‬

‫السائقون مواطنون أيضاً‬ ‫إذا كان املواطنون يتذمرون من ارتفاع كلفة‬ ‫النقل فحال السائقني ليست بأفضل‪ ،‬في‬ ‫ظل متادي احلكومة بسياستها غير املسؤولة‬ ‫جتاههم‪ ،‬وخاصة في ما يتعلق بتقدميات الضمان‬ ‫االجتماعي الذي استدعى حتركا ً من قبلهم‬ ‫عبر اعتصامات أمام مراكز الضمان‪ .‬كما يرى‬ ‫السائقون أن قرار خفض التعرفة ليس عادالً‪ ،‬إذ إن‬ ‫الدولة ترهقهم بالكثير من الضرائب والرسوم‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” زارت مركز نقابة سائقي ومالكي‬ ‫السيارات العمومية قبل يوم واحد من إقامة‬ ‫االعتصام أمام مركز الضمان الرئيسي‪ ،‬والتقت‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر اقتصادي‪ /‬حتقيق‬ ‫أمني سر نقابة السائقني العموميني علي محيي‬ ‫الدين حول موضوع حتديد التعرفة وأسباب‬ ‫االعتصام‪ .‬ماذا أوال ً في موضوع التعرفة؟‬ ‫بحسب محيي الدين قرار خفض التعرفة الى‬ ‫‪ 1750‬لم يتعرض جملموعة كبيرة من املسائل‪،‬‬ ‫كأسعار قطع الغيارالتي حتتاج إلى مراقبة كما‬ ‫املواد الغذائية التي انخفض سعرها في كل‬ ‫بلدان العالم إال في لبنان‪ .‬ودعا الى إخراج البلد‬ ‫من حالة التسييس التي يعيشها ملصلحة‬ ‫حيتان املال‪ ،‬ومعاجلة سريعة لإلهمال في عمل‬ ‫أجهزة الرقابة وتطويرها لتتمكن من ضبط‬ ‫األموال العامة‪ ،‬خاصة أن الفقير ولقمة عيشه‬ ‫هما الضحية الوحيدة للفساد الذي يعم البلد‪.‬‬ ‫وأشار إلى االرتفاع اجلنوني السابق لسعر‬ ‫صفيحة البنزين مع ارتفاع أسعار النفط‪ ،‬ودعا الى‬ ‫خفض سعر الصفيحة بالتوازي مع االنخفاض‬ ‫احلالي ألسعار النفط العاملية‪ ،‬إذ ال يجوز أن يدفع‬ ‫املواطنون هذا الكم الهائل من الضرائب‪.‬‬ ‫وشدد محيي الدين على ضرورة النظر إلى‬ ‫السائق كابن مهنة يعمل فيها وكمواطن من‬ ‫حقه أن يعيش وعائلته‪ .‬وتابع قائالً‪“ :‬البنزين‬ ‫بالرغم من أنه عنصر أساسي في احتساب‬ ‫التعرفة لكن ليس الوحيد‪ ،‬فهناك ‪ 17‬بندا لها‬ ‫تأثير في هذه العملية‪ .‬عندما كانت صفيحة‬ ‫البنزين بـ‪ 7000‬ليرة كانت تعرفة النقل ألف‬ ‫ليرة‪ ،‬تطور أسعارالبنزين فرض رفع التعرفة‪ ،‬علما ً‬ ‫بأن السائقني هم أكثر املواطنني الذين يدفعون‬ ‫الضرائب غير املباشرة للخزينة التي جتمع مليار‬ ‫ليرة من البنزين‪ .‬السائق ليس مسؤوال ً عن األزمة‬ ‫االقتصادية واالجتماعية بل الطبقة احلاكمة‬ ‫التي تكتفي فقط بإطالق الشعارات الرنانة‬ ‫جدول يظهر تطور االنفاق على النقل منذ عام‬ ‫‪ 1998‬الى عام ‪2008‬‬ ‫تثقيالت ‪1997‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪1998‬‬

‫الرقم القياسي ألسعار‬ ‫االستهالك‬ ‫‪11.3‬‬ ‫‪100‬‬

‫مؤشر كانون اول ‪2000‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪2001‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪2002‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪2003‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪2004‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪2005‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪2006‬‬ ‫مؤشر حزيران ‪2007‬‬ ‫مؤشر ايلول ‪2007‬‬ ‫مؤشر كانون اول ‪2007‬‬

‫‪109.9‬‬ ‫‪111.6‬‬ ‫‪133.0‬‬ ‫‪143.0‬‬ ‫‪139.7‬‬ ‫‪140.4‬‬ ‫‪148.7‬‬ ‫‪153.02‬‬ ‫‪153.09‬‬ ‫‪153.81‬‬

‫تطور االسعار بين كانون اول‬ ‫وايلول ‪2007‬‬

‫‪%0.5‬‬

‫الشهر‬

‫تطور االسعار بين كانون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االول ‪ 2007‬وكانون االول‬

‫‪%3.4‬‬

‫‪2006‬‬ ‫مؤشر آذار ‪2008‬‬ ‫ايار ‪2008‬‬ ‫ايلول ‪2008‬‬ ‫تشرين االول ‪2008‬‬

‫‪105.1‬‬ ‫‪111.9‬‬ ‫‪112.3‬‬ ‫‪105.7‬‬

‫امني سر النقابة محيي الدين‪:‬‬ ‫نحن مستعدون خلفض‬ ‫التعرفة إلى ألف ليرة‬ ‫ولكن هذا مشروط‬ ‫بتأمني احلماية الكاملة‬ ‫لقطاع النقل‬ ‫من “لبنان أوالً” وغيرها من الشعارات‪ ،‬متناسية‬ ‫الشعب الذي يبحث عن لقمة عيشه”‪.‬‬ ‫وعن عدم التزام السائقني بالتعرفة قال محيي‬ ‫الدين‪“ :‬نحن دعونا السائقني ألن يلتزموا بالتعرفة‬ ‫بالرغم من أن قرار خفضها ليس سليماً‪ ،‬بل كان‬ ‫األهم أن يتم التوجه نحو أسعار املواد الغذائية‬ ‫والطحني وخبز الفقراء‪ ،‬هل الشعب اللبناني‬ ‫مكسر عصا بفئاته؟ نحن مع خفض التعرفة ولكن‬ ‫مع استكمالها‪ ،‬بخطوات حتمي مصالح الناس”‪.‬‬ ‫وعن سؤال حول إمكانية خفض آخر للتعرفة‬ ‫ر ّد‪“ :‬نحن مستعدون خلفض التعرفة الى ألف‬ ‫ليرة‪ ،‬وليس لدينا مانع‪ ،‬ولكن هذا مشروط بتأمني‬ ‫احلماية الكاملة لقطاع النقل من حيث وقف‬ ‫التعديات وتنظيم النقل”‪ .‬واآلن هناك جلنة بدأت‬ ‫اجتماعاتها وإن شاء اهلل نصل الى خريطة طريق‬ ‫كاملة لكل معضلة النقل وإنهاء هذه الفوضى‪.‬‬ ‫وشدد على أن التعرفة حتدد عبر قرار يصدره‬ ‫وزير النقل ال عشوائياً‪ .‬عندما ترتفع حتتاج الى قرار‬ ‫كما عندما تخفض‪ .‬ودعا الى اتباع املوضوعية في‬ ‫هذه املسألة عبر درس الواقع املوجود فعليا ً على‬ ‫االرض‪ ،‬ألنه ال يجوز أن تخضع معيشة الناس‬ ‫ألهواء السياسيني أو ألي ظرف آخر‪.‬‬

‫أسباب متعددة خلف‬ ‫االعتصامات‬ ‫وعن االعتصامات التي نفذها السائقون قال‬ ‫محيي الدين‪“ :‬هذه االعتصامات التي قام بها‬

‫‪48‬‬

‫السائقون خطوة من مجموعة خطوات سيقدم‬ ‫عليها السائقون من أجل املطالبة بحقوقهم‪،‬‬ ‫وتتضمن هذه احلقوق املساواة بالتعويض‬ ‫العائلي واإلسراع في إجناز معامالت السائقني‬ ‫في أقسام مراكز الضمان االجتماعي في بيروت‬ ‫واحملافظات و”إنهاء بدعة ال يخضع وال يستفيد‬ ‫وسائق مجهول‪ ،‬تعديل نظام التقاعد واحلماية‬ ‫االجتماعية مبا يحافظ على فلسفة التكافل‬ ‫والتضامن االجتماعي‪ ،‬مكافحة السيارات‬ ‫اخلصوصية العاملة باألجرة واللوحات املزورة‬ ‫ومنع السيارات ذات اللوحات اخلضراء من العمل‬ ‫بالتاكسي‪ ،‬والذين ميارسون املهنة بدون رخصة‬ ‫سوق عمومية”‪.‬‬ ‫وشرح مفسراً‪ :‬على صعيد املساواة بالتعويض‬ ‫العائلي‪ ،‬السائق املالك يدفع اشتراكا ً مثله مثل‬ ‫غيره من املنتسبني‪ ،‬لكنه يعاني انتقاصا ً في حقه‬ ‫بالنسبة للتعويض‪ ،‬ففي الوقت الذي ينال اجلميع‬ ‫مبلغ ‪ 60‬ألفا عن الزوجة و‪ 33‬الف ليرة عن الولد‪،‬‬ ‫ال يزال السائق املالك يعطى ما قيمته ‪ 42‬الفا‬ ‫للزوجة و‪ 12‬الفا للولد‪ .‬أما على صعيد املسلك‬ ‫اإلداري‪ ،‬فإجناز املعامالت في الضمان يعد أحد‬ ‫عذابات السائقني‪ ،‬إذ إن املعامالت تأخذ الكثير من‬ ‫ّ‬ ‫وتعطل السائق عن عمله‪.‬‬ ‫الوقت‬ ‫إضافة الى املسائل األخرى التي ذكرتها والتي‬ ‫تشكل بدعا ً اخترعها البعض تض ّر مبصالح‬ ‫السائقني”‪.‬‬ ‫وأشار الى مشكلة السيارات اخلصوصية التي‬ ‫تزاحم السيارات العمومية في وضح النهار‪،‬‬ ‫باإلضافة الى آالف النّمر املزورة‪ ،‬والسيارات‬ ‫اخلضراء التي ميلك السائقون العموميون احلق في‬ ‫العمل عليها في السوق‪ ،‬خاصة أنهم يشكلون‬ ‫الوجه السياحي في البلد‪ ،‬وتابع متسائالً‪ :‬ملاذا‬ ‫يعفى أصحاب السيارات اخلضراء‪ ،‬حيتان املال‪ ،‬من‬ ‫ضرائب رسوم السيارة ويدفعون نسبة ‪ %5‬فقط‬ ‫أما نحن فال؟‬ ‫وشدد على أن النقابة حتت سقف القانون وال‬ ‫حتمي أحدا ً إذا خالف القانون‪ ،‬كائنا ً من كان‪ ،‬ولكن‬ ‫تعد على السائقني وإهمال حقوقهم‬ ‫ال تقبل بأي ّ‬ ‫واالنتقاص منها‪.‬‬ ‫وعن إمكانية تنفيذ حتركات أخرى ذكر أن‬ ‫االحتاد قدم مذكرات عديدة‪ ،‬وهذه التحركات‬ ‫السلمية والدميوقراطية هي وسائل ضغط‬ ‫لرفع الصوت وليست غاية بحد ذاتها بل الغاية‬ ‫حتقيق املطالب‪ .‬في وقت قريب سننظم تظاهرة‬ ‫يعد تأمينه‬ ‫للمطالبة بتنفيذ قانون السير الذي ّ‬ ‫من أبرز واجبات الدولة‪.‬‬ ‫وختم محيي الدين متسائالً‪“ :‬هذه الفوضى‬ ‫العارمة إلى أين؟ هذا القطاع لم ينظم بعد‬ ‫وال يزال متخلفا ً جدا ً عن أقرب الدول للبنان‬ ‫كسوريا‪ ،‬األردن وقبرص‪ .‬بالرغم من أنه يتعلق‬ ‫باحلياة العامة للبلد على املستوى االقتصادي‬ ‫واالجتماعي والنقل والبيئة‪ .‬وعدم تنظيمه يضر‬ ‫باملواطنني”‪.‬‬

‫حتقيق‪ :‬وعد أبو ذياب‬


‫منبر التيار‬

‫استقبل مسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامة في لبنان‬

‫وهاب ‪ :‬ال أحد يقبل تحويل المخيمات ملجأ لإلرهابيين ومعتدين على الجيش‬ ‫مصطفى ‪ :‬التعاون مع األجهزة األمنية اللبنانية إلنهاء الظواهر اإلرهابية‬ ‫استقبل رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫وئام وهاب في مكتبه في بئر حسن مسؤول‬ ‫اجلبهة الشعبية ـ القيادة العامة في لبنان رامز‬ ‫مصطفى «أبو عماد»‪ ،‬حيث جرى عرض للوضع‬ ‫في مخيم عني احللوة وآخر التطورات األمنية‬ ‫فيه‪ ،‬واملعاجلات التي جتري لتجنيبه ما حصل في‬ ‫مخيم نهر البارد‪ ،‬إضافة الى األوضاع السياسية‬ ‫العامة‪ ،‬وما يجري في فلسطني‪ ،‬السيما في غزة‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء حتدث أبو عماد قال‪:‬‬

‫مصطفى‬ ‫يأتي اللقاء مع األخ وئام وهاب في سياق‬ ‫التنسيق والتشاور بني اجلبهة الشعبية وتيار‬ ‫التوحيد اللبناني‪ ،‬وذلك فرصة لوضع الوزير بصورة‬ ‫األوضاع الفلسطينية وحتديدا ً احلوار الوطني‬ ‫الفلسطيني وتطبيقه‪ ،‬هذا احلوار الذي جاء‬ ‫نتيجة التخطيط والتكتيك اإلسرائيلي في منع‬ ‫السلطة الفلسطينية من الذهاب إلى هذا احلوار‬ ‫ووضع الشروط املسبقة للحد من االعتقاالت‬ ‫الواسعة التي حتصل في الضفة الغربية ضد‬ ‫اإلخوة ومناصري حركة حماس‪ ،‬ملا في هذا احلوار‬ ‫وضرورة االستعجال فيه من مصلحة وطنية‪ ،‬ألن‬ ‫االستمرار باالنقسام الفلسطيني من شأنه أن يؤثر‬ ‫على األوضاع الفلسطينية برمتها وحتديدا ً على‬ ‫سياق املفاوضات العبثية اجلارية ما بني السلطة‬ ‫الفلسطينية واحلكومة اإلسرائيلية‪ .‬وتابع أبو‬ ‫عماد‪ :‬اللقاء كان مناسبة لوضع األخ وئام وهاب‬ ‫بصورة األوضاع الفلسطينية في لبنان وحتديدا ً ما‬ ‫يجري في اخمليمات الفلسطينية من جهة التعاون‬ ‫القائم ما بني الفصائل الفلسطينية واألجهزة‬ ‫األمنية اللبنانية‪ ،‬وباألخص مخابرات اجليش لضبط‬ ‫اخمليمات واالنتهاء بشكل كامل من ظواهر إرهابية‬ ‫استفادت من حال االنقسام الفلسطيني وحتديدا ً‬ ‫في مخيم عني احللوة حيث يجري العمل بشكل‬ ‫هادئ على إنهاء هذا املوضوع وتسليم املدعو أبو‬ ‫محمد عوض املتورط واملتهم بأنه أمير ما يسمى‬ ‫تنظيم فتح اإلسالم‪ ،‬وأشار إلى مصلحة لبنان‬ ‫في إنهاء هذا امللف ألن احلكومة اللبنانية لألسف‬ ‫الشديد تستفيد من هذا الوضع لكي تتهرب‬ ‫من مسؤولياتها االجتماعية والسياسية جتاه‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬وبالتالي إظهار اخمليمات‬ ‫الفلسطينية بأنها بؤرة أمنية‪ ،‬وهذا ال يعيب‬ ‫في املصلحة الوطنية الفلسطينية في لبنان‪،‬‬ ‫لذلك نحن نرى أن اإلسراع في إنهاء هذه الظواهر‬

‫ّ‬ ‫ميكننا كفلسطينيني من فتح امللف االجتماعي‬ ‫وما يترتب على احلكومة اللبنانية جتاه اإلفراج عن‬ ‫احلقوق املدنية واالجتماعية والسياسية للشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬

‫وهاب‬ ‫من جهته صرح وهاب بأن اللقاء مع أبو عماد‬ ‫تناول االطالع على الوضع في اخمليمات وعلى الدور‬ ‫الذي لعبته وتلعبه الفصائل الفلسطينية في‬ ‫الشمال لتسهيل مهمة اجليش اللبناني الذي هو‬ ‫خط أحمر ال ميكن ألي أحد أن يسفك دماءه‪ ،‬وما‬ ‫فعلته الفصائل الفلسطينية في الشمال كان‬ ‫جيدا ً من جهة مساعدة اجليش اللبناني في إلقاء‬ ‫القبض على بعض الذين اعتدوا على اجليش أو‬ ‫بعض الذين أدخلوا االعتداءات الى لبنان‪.‬‬ ‫وفي موضوع مخيم عني احللوة أكد وهاب أن‬ ‫ال أحد من اللبنانيني يقبل باعتبار اخمليمات ملجأ‬ ‫لبعض اإلرهابيني أو املعتدين على اجليش أو‬ ‫على اللبنانيني‪ ،‬لذلك نحن نعتقد أن الفصائل‬ ‫الفلسطينية املوجودة في مخيم عني احللوة‬ ‫مطلوب منها أن تستمر في دعم الدولة اللبنانية‪،‬‬ ‫والدور الذي تلعبه اليوم هو حلماية اخمليم ولبنان‬ ‫واجليش اللبناني‪ ،‬أما أن يأخذ البعض اخمليم‬ ‫كرهينة لالختباء فيه وملمارسة بعض األعمال‬ ‫اإلرهابية ضد اللبنانيني أو ضد الفلسطينيني‬ ‫أو ضد سوريا أو ضد اجليش اللبناني فهذا أمر ال‬ ‫ميكن أن يقبله أي لبناني‪ ،‬لذلك آن األوان ألن يخرج‬ ‫اخمليم أو بعض اخمليمات من عملية االعتقال هذه‬ ‫التي ميارسها أفراد قليلون‪ ،‬فنحن ال نريد أن نساوم‬ ‫على اجليش اللبناني ألنه رمز وحدة لبنان وبدونه ال‬ ‫وجود للدولة وال للمؤسسات وال للبنان أيضاً‪ ،‬وهذا‬

‫‪49‬‬

‫ما أكده األخ أبوعماد واإلخوة في اجلبهة الشعبية‬ ‫في حرصهم الكبير على دور اجليش اللبناني وأمن‬ ‫اخمليمات وأمن شعبنا الفلسطيني‪.‬‬ ‫وهنا مناسبة أستطيع أن أؤكد أن األمر في‬ ‫اخمليمات ليس أمنيا ً فقط‪ ،‬وهناك دور مطلوب من‬ ‫الدولة اللبنانية وهو أن تتوقف عن إهمال الوضع‬ ‫االجتماعي واإلنساني للمخيمات‪ ،‬فهؤالء بشر‬ ‫وإخوة لنا فلماذا تعاملهم بهذه الطريقة؟ وأملح‬ ‫وهاب الى محاوالت إفراغ اخمليمات التي حتصل‬ ‫كل مرة عندما يتم البحث في موضوع السالح‬ ‫الفلسطيني‪ .‬وأضاف أن املطلوب من الدولة‬ ‫اللبنانية هو اهتمام حقيقي باخمليمات وليس‬ ‫بحثا ً مبوضوعهم فقط من باب اإلرهاب والسالح‪،‬‬ ‫هناك أبواب اخرى يجب أن تُبحث‪ ،‬خاصة مبا يتعلق‬ ‫بالوضع االجتماعي واإلنساني لهذه اخمليمات‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ :‬لقد بحثنا موضوعا ً آخر مع األخ‬ ‫أبوعماد وهو اجلو الذي عاش فيه هذا التنظيم‬ ‫اإلرهابي‪ ،‬وكلنا يعلم أنه لم يكن من املنتظر أن‬ ‫تعلن االعترافات التي حصلت في سوريا لنتأكد‬ ‫من أن هناك جوا ً معينا ً قاده تيار املستقبل الذي‬ ‫أمن حماية هذه اجملموعات‪ ،‬وهو جو يعرفه كل‬ ‫ّ‬ ‫اللبنانيني الذين هم على إدراك واسع بأن تيار‬ ‫أمن احلماية لهؤالء الناس‪ ،‬إضافة الى‬ ‫املستقبل ّ‬ ‫وجود بعض القوى األمنية التي كانت تستفيد‬ ‫من هذه العناصر التي كانت تعمل في النهاية‬ ‫ملشروع آخر‪ ،‬واستفادت من تيار املستقبل أمنيا ً‬ ‫وسياسيا ً وماليا ً وعلى كل الصعد لتنفيذ‬ ‫مشروعها وال أحد كان يقول إن تيار املستقبل‬ ‫لديه اإلمكانية الالزمة لفبركة هذه القوى‪ ،‬كونه‬ ‫أعجز من أن يقوم بذلك‪ ،‬كما أنها استفادت من‬ ‫غباء تيار املستقبل غير الطبيعي لتعيش في‬ ‫بيئة معينة مذهبية أو سياسية‪.‬‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫تنسيق سوري ـ لبناني يكشف عن الشبكات اإلرهابية‬

‫وهاب للـ ‪ :OTV‬سوريا أعطت األدلة‪ ،‬وإذا كان لديهم دليل‬ ‫يثبت تو ّرطها مع فتح اإلسالم‪ ،‬فأنا أول من سيدينها!‬ ‫تتسارع األحداث الداخلية عشية االنتخابات النيابية اللبنانية‪ ،‬وتتقاطع‬ ‫مع املتغيرات اإلقليمية والدولية‪ ،‬بدءا ً من وصول باراك أوباما إلى سدة‬ ‫رئاسة اجلمهورية األميركية‪ ،‬واستعداد العالم ككل وخاصة العالم العربي‬ ‫للمرحلة االنفراجية اجلديدة‪ ،‬مع رحيل جورج بوش وإسدال الستار على‬ ‫مشروعه الذي سقط كسقوط “جدار برلني”‪ ،‬وانهيار االحتاد السوفياتي!!‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬شكلت زيارة وزير الداخلية اللبناني زياد بارود إلى سوريا‬ ‫للقاء نظيره السوري‪ ،‬خطوة‪،‬‬ ‫حملت الكثير من الدالالت على‬ ‫صعيد العالقة األمنية الثنائية‪.‬‬ ‫وتزامناً‪ ،‬ما زالت قضية‬ ‫اعترافات عناصر من فتح اإلسالم‬ ‫بارتباطهم بتيار املستقبل‪ ،‬التي‬ ‫بثها التلفزيون السوري‪ ،‬تتفاعل‬ ‫في بيروت وسط دعوات وجهها‬ ‫أفرقاء من ‪ 14‬شباط الى الوزير‬ ‫بارود إلدراج هذه املسألة ضمن‬ ‫أولويات محادثاته السورية‪.‬‬ ‫كما ال تزال ترددات اجللسة‬ ‫الثانية للحوار الوطني تتفاعل‪،‬‬ ‫حيث يبدو أن هناك محاولة من‬ ‫جانب فريق الغالبية النيابية‬ ‫الستغالل هجمتهم‪ ،‬انتخابيا‪،‬‬ ‫على ما طرحه العماد ميشال عون‬ ‫بشأن االستراتيجية الدفاعية‪.‬‬ ‫الى جانب التحركات والزيارات‬ ‫التي استحوذت على اهتمام‬ ‫إعالمي كبير‪ ،‬وأبرزها هذا األسبوع‪،‬‬ ‫مشاركة رئيس اجلمهورية‬ ‫اللبنانية العماد ميشال سليمان‬ ‫في مؤمتر حوار االديان في نيويورك‪ .‬كل هذه امللفات واحملاور‪ ،‬باإلضافة الى‬ ‫مواضيع سياسية اخرى‪ ،‬تناولها رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬في برنامج “حوار اليوم” على تلفزيون ‪ . OTV‬وهنا نص احلوار‪:‬‬ ‫عناصر فتح اإلسالم اعترفت‪ ..‬و”اجلراذين” تبعثرت‬ ‫ـ نبدأ من املوضوع األبرز اليوم‪ ،‬وهو زيارة الوزير بارود الى سوريا‪ .‬بعد‬ ‫ثالث سنوات من االنقطاع في االتصاالت املباشرة على صعيد التنسيق‬ ‫االمني‪ ،‬اليوم وزير داخلية لبنان في سوريا‪ .‬ماذا تعني هذه اخلطوة؟‬ ‫ـ أوال ً ال بد من القول إن رئيس اجلمهورية العماد ميشال سليمان كان له‬ ‫الفضل في إعادة تصويب العالقات اللبنانية ـ السورية‪ .‬وزيارة بارود والزيارات‬ ‫التي ستليها الى سوريا هي نتاج هذا اجلهد الذي قام به الرئيس سليمان‬ ‫في هذا االطار‪.‬‬ ‫فالعالقات اللبنانية ـ السورية أصيبت بتش ّوه كبير في املرحلة السابقة‪،‬‬ ‫نتيجة سيطرة عصابة ما على احلكم في لبنان‪ .‬وهذه العصابة تصرفت‬ ‫بعقل “مافيوي وميليشياوي”‪ ،‬وما زالت طبعا ً (التصرف الذي حصل مع الوزير‬ ‫ماريو عون جلهة التع ّرض ملرافقيه‪ ،‬يشبه تصرف أهل الكهف)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وسيطلع عن‬ ‫إذا ً زيارة بارود الى سوريا برأيي ستضع األمور في نصابها‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪50‬‬

‫قرب على التحقيقات التي جرت في موضوع الشبكة االرهابية‪ ،‬والتي أؤكد‬ ‫بأنها حتقيقات جدية جداً‪ .‬ونحن كنا قد ّ‬ ‫اطلعنا على بعض اجلوانب في هذا‬ ‫املوضوع قبل فترة‪ ،‬وكنا نعلم طبعا ً بأن هناك عصابة تقوم بأعمال إرهابية‪،‬‬ ‫قد أوقفت‪.‬‬ ‫ولكن نستغرب ردود الفعل العنيفة التي صدرت‪ ،‬والتي تشبه “ تبعثر‬ ‫اجلراذين”!! ملاذا هذا التبعثر والتوتر؟! اتهمونا سابقا ً مبقتل رفيق احلريري‬ ‫وهددونا باحملكمة الدولية‪ ،‬وكنا‬ ‫نرد عليهم بالضحك والسخرية‪،‬‬ ‫ألننا كنا نعرف جيدا ً أن ال عالقة‬ ‫لنا بكل ما حصل‪ ،‬وأننا براء من‬ ‫كل التهم!!‬ ‫ـ ولكن هناك اتهاماً لتيار‬ ‫املستقبل في النهاية؟!‬ ‫ـ نعم‪ ،‬ولكن أن نعتبر أن سعد‬ ‫احلريري أخذ قرارا ً بتمويل فتح‬ ‫اإلسالم عن سابق تص ّور وتصميم‬ ‫ووعي‪ ،‬فهذا “تكبير” له‪ .‬هو غائب‬ ‫عن الوعي السياسي وال يدري ماذا‬ ‫يجري عنده‪ .‬أستطيع أن أقول لك‬ ‫إنه ال شيء في السياسة‪ .‬لقد ورث‬ ‫أموال والده وجماهيره وعمل على‬ ‫هذا األساس‪ ،‬والسعودية حت ّركه‬ ‫وتديره‪ .‬في النهاية استطاع أن‬ ‫يرث هذا التيار القائم اليوم باملال‬ ‫والقرار واحلجم السعودي‪.‬‬ ‫وال يظنن أحد أن سعد احلريري‬ ‫خطط لدعم هؤالء! هو اعتبر‪،‬‬ ‫وببالهة سياسية‪ ،‬أنه إذا دعم هذه‬ ‫التيارات األصولية‪ ،‬فسيتمكن من‬ ‫إخافة اآلخرين (الشيعي واملسيحي)‪ ،‬وسيخيف السوريني الذين سيلجأون‬ ‫اليه ليخلصهم من هؤالء األصوليني مقابل أن يفعل هو بالبلد ما يشاء‬ ‫(على حد اعتباره)‪.‬‬ ‫اخلالف اليوم بيننا وبني سعد احلريري هو أن هذا األخير يريد وطنا ً على‬ ‫منوذج داعي اإلسالم الشهال‪ ،‬ونحن نريد وطنا ً على النموذج التعايشي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن هناك فصالً بني مؤسس التيار السلفي في لبنان وتيار‬ ‫ـ‬ ‫املستقبل؟!!‬ ‫ـ ال‪ ،‬اليوم ليس هناك فصل‪ .‬الفصل كان أيام الرئيس رفيق احلريري‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬كنا نختلف مع رفيق احلريري على أمور كثيرة سياسية‪ ،‬ولكننا نقر‬ ‫بأنه كان يشكل سدا ً منيعا ً في وجه التوسع السلفي‪ .‬ولكن سعد احلريري‪،‬‬ ‫وببالهة تامة‪ ،‬لعب هذه اللعبة‪ .‬وهو ال يدرك أن هذا التوسع السلفي لن‬ ‫“يأكل” من أية ساحة‪ ،‬بل سيأكل من ساحته السنية وحتديدا ً سيأكله‬ ‫هو‪ ،‬السني القوي (أي تيار املستقبل) ليصبح األقوى على الساحة السنية‬ ‫ويتعاطى مع اآلخرين على هذا االساس في لبنان‪ .‬هنا تكمن املشكلة‬ ‫احلقيقية‪.‬‬ ‫ـ ‪ ..‬ولكن أال يدرك سعد احلريري ومستشاروه هذه اخلطورة برأيك؟‬


‫ـ أصالً سعد احلريري ال ميلك ال مستشارين وال عقوال ً مفكرة‪ .‬ورفيق احلريري‬ ‫لم يكن لديه مستشارون‪ ،‬وكان يقولها دائماً‪ ،‬وقد قالها لي يوماً‪“ :‬أبو بهاء‬ ‫هو أقرب املستشارين لرفيق احلريري”‪ .‬ولكن الفرق كبير في احلجم والتفكير‬ ‫والوعي بينهما‪ .‬فرفيق احلريري كان يعرف ما يريد‪ .‬أما ابنه فال يعرف شيئاً‪.‬‬ ‫الرأي العام السوري يسأل عن أمن بالده‪ ،‬التحقيقات جتيبه‬ ‫ـ حضرتك صوّرت بنوع أو بآخر أن سعد احلريري هو املسؤول عن نشوء‬ ‫احلركات اإلرهابية في لبنان‪ .‬ولكن سوريا‪ ،‬ومبا أنها كشفت عن هذه‬ ‫الشبكات‪ ،‬ألم يكن من املفترض عليها أن تتواصل مع لبنان في االطر‬ ‫السياسية واالمنية في هذا الشأن؟‬ ‫ـ أوال ً سوريا لديها رأي عام‪ ،‬هناك ‪ 20‬مليون سوري يسألون بعد انفجار‬ ‫دمشق عن مدى سالمة وأمن بالدهم‪ ،‬ويسألون ملاذا حصل االنفجار ومن‬ ‫نفذه ومن املسؤول عنه؟‬ ‫فبهذا التصرف‪ ،‬كانت سوريا جتيب هذا الرأي العام‪ .‬وأصالً ماذا قالت عن‬ ‫تيار املستقبل ّ؟!! هما كلمتان!! ولكن عندما تواجه الشخص بحقيقته‬ ‫فحتما ً ستربكه!!‬ ‫ـ ولكن ألم يكن بإمكان سوريا أن تنتظر زيارة وزير الداخلية زياد بارود‬ ‫اليوم إليها لتطلعه على هذا املوضوع؟‬ ‫ـ ال سوريا وال غيرها من الدول تعمل بتوقيت أحد‪ .‬كل األمر أن سوريا لديها‬ ‫اعترافات وقد عرضتها للرأي العام السوري أوالً‪ ،‬وللرأي العام الدولي ثانياً‪.‬‬ ‫وهذه التعليقات التي صدرت من هنا وهناك‪ ،‬بأن هذا املوضوع “مفبرك” وما‬ ‫الى ذلك‪ ،‬كلها تفاهات‪ ،‬فهناك جلنة حتقيق دولية ومجلس أمن يسمعان‪.‬‬ ‫سوريا لن تفعل مثل “حسن السبع” الذي هرع ليقول في وسائل اإلعالم إن‬ ‫اخملابرات السورية هي املسؤولة عن حادثة عني علق!! ثم تظهر التحقيقات‬ ‫في لبنان أن عناصر من فتح اإلسالم هم من أقدموا على هذا التفجير‪.‬‬ ‫ولم يتوصل احملققون الى كلمة تشير الى أن هناك عالقة بني فتح اإلسالم‬ ‫وسوريا‪ .‬وأنا شخصيا ً سألت أحد احملققني العسكريني عن هذا املوضوع‪،‬‬ ‫وأكد لي أن التحقيقات لم تتوصل الى أي دليل أو إشارة تثبت وجود هذه‬ ‫العالقة‪ .‬بل فتح اإلسالم لها ارتباطات أخرى‪ ،‬في العراق وفي القاعدة في‬ ‫العراق (على حد قول احملقق العسكري)‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬لن ترتكب سوريا مغامرة كهذه على أبواب تطبيع عالقة‬ ‫مع لبنان وعلى أبواب زيارة وزير الداخلية اللبناني الى دمشق‪ .‬والرئيس‬ ‫ميشال سليمان يتواصل بشكل دوري ومستمر مع الرئيس األسد والقيادة‬ ‫السورية‪.‬‬ ‫ـ هم (تيار املستقبل) يطلبون إرسال امللف الى جلنة التحقيق‬ ‫الدولية!!‬ ‫ـ طبعا ً جلنة التحقيق الدولية سترى امللف‪ ،‬وهذا طبيعي‪.‬‬ ‫ـ يعني ليس لديكم مشكلة في هذا املوضوع؟‬ ‫ طبعا ً ليس هناك مشكلة‪ ،‬ولكن أنا اآلن أحلل‪.‬‬‫جلنة التحقيق الدولية ترى أن هناك ترابطا ً بني كل اجلرائم‪ ،‬وسوريا تعلم‬ ‫أنها عندما تظهر هذا امللف على وسائل اإلعالم‪ ،‬فستراه جلنة التحقيق‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫وإذا كانت هذه االعترافات غير صحيحة كما يقولون‪ ،‬ملاذا إذا ً تقوم األجهزة‬ ‫األمنية منذ يومني بتوقيف واعتقال بعض أعضاء هذه الشبكة؟!‬ ‫هناك تنسيق سوري ‪ -‬لبناني استطاع أن يكشف كل هذه السلسلة‪.‬‬ ‫هناك شبكة “جوهر”‪ ،‬وهي موجودة في الشام‪ .‬وإذا كان هناك “كم أبله”‬ ‫في ‪ 14‬شباط ال يعرفون هذا املوضوع‪ ،‬فهذه مشكلتهم!! فليطلبوا من‬ ‫حلفائهم أن يطلعوهم على ذلك!! وهذا التنسيق السوري ـ اللبناني قد‬ ‫اجتاز مسافة كبيرة في العمل على هذا املوضوع وكشف تفاصيله‪.‬‬ ‫األسد وأوباما‪ ..‬وثالثهما املوقف املشترك من بوش ومشروعه‬ ‫ـ هل ميكن القول اليوم إن سوريا انتقلت من موقع الدفاع الى موقع‬ ‫الهجوم؟‬ ‫ـ سوريا منذ سنتني انتقلت من موقع الدفاع الى موقع الهجوم في‬ ‫املنطقة‪ .‬منذ اخلطاب الذي أطلقه الرئيس بشار األسد في جامعة دمشق‬ ‫والذي ق ّيم فيه كل السياسة األميركية في املنطقة‪ .‬وعلى كل حال ما قاله‬

‫الرئيس األسد منذ سنتني‪ ،‬قاله أوباما في حملته االنتخابة‪ ،‬في حديثه عن‬ ‫بوش ومشروعه في منطقة الشرق األوسط‪.‬‬ ‫وهؤالء الكتبة املرتشون‪ ،‬الذين كانوا يكتبون في الصحف السعودية‬ ‫(كصحيفة الصخرة املسمومة التي تبث سمومها على القضايا العربية‬ ‫احملقة)‪ ،‬وكانوا ّ‬ ‫دمر العراق وقتل اآلالف من العراقيني‪،‬‬ ‫ينظرون جلورج بوش عندما ّ‬ ‫وعندما ضربنا في لبنان في حرب متوز املاضي‪ ،‬نراهم اليوم يشتمونه‬ ‫باستمرار‪ ،‬خاصة في الصحف املنتشرة عربيا ً واملمولة من السعودية‪.‬‬ ‫إذا ً ما يقولونه اليوم‪ ،‬حتدث عنه الرئيس األسد منذ أربع سنوات‪ .‬ومنذ‬ ‫سنتني وبعد خطاب جامعة دمشق‪ ،‬بدأ الرئيس األسد هجوما ً مبرراً‪ ،‬ألنه‬ ‫اعتبر نفسه في موقع املسته َدف‪.‬‬ ‫ـ شهدنا في األسابيع املاضية سجاالً بني الرئيس بشار األسد الذي‬ ‫قال إن سوريا مهددة من خالل لبنان واجملموعات السلفية املوجودة فيه‪،‬‬ ‫وبني سعد احلريري الذي قال إن هذه اجملموعات تدخل الى لبنان عبر احلدود‬ ‫السورية ‪...‬؟‬ ‫ـ اوال ً هناك خطأ في طرح السؤال‪ .‬سجال بني الرئيس األسد وسعد‬ ‫احلريري؟!! من هو سعد احلريري ليساجل األسد؟! “يروقوا علينا”!! ما زالوا في‬ ‫املرحلة االبتدائية في السياسة‪.‬‬ ‫الرئيس األسد خاض معركة في املنطقة طيلة خمس سنوات وخرج منها‬ ‫سليما ً وأخرج سوريا بسالمة‪ .‬فال ميكنك أن تقارن عصا ً بسيف!! فاملسألة‬ ‫ليست هكذا‪.‬‬ ‫ـ سعد احلريري حتدى الرئيس السوري بأنه ال وجود في لبنان للقاعدة‬ ‫إال من خالل ما يسري إليه عبر احلدود السورية‪ .‬وباالمس سمعنا مؤسس‬ ‫التيار السلفي في لبنان داعي اإلسالم الشهال يتحدث في هذا اإلطار‬ ‫أيضاً وان هناك مؤامرة على السنة وما الى ذلك؟!‬ ‫ـ من تآمر على السنة هم “الشهال هذا وسعوديته”‪ ،‬ال نحن! من تآمر‬ ‫على سنة العراق هم السعوديون ال اللبنانيون!! هم من أتوا باألميركيني‬ ‫الى املنطقة وهم من تآمروا على السنة في فلسطني‪“ .‬يروق علينا” داعي‬ ‫اإلسالم الشهال! وأنا أصالً أستغرب كيف ال يزال هذا “الشهال” خارج‬ ‫السجن! فهو يح ّرض‪..‬‬ ‫وهناك من يتحدث عن “الوالية اإلسالمية” وآخرون يتكلمون عن لبنان‬ ‫“إمارة” ‪ ...‬كل هذه األمور ال يسأل عنها أحد! فقط ألن تيار املستقبل‬ ‫يحميهم سياسياً! ولكن لنسأل قيادة اجليش أو مكتب املعلومات‪ ،‬إذا كان‬ ‫فجر اجليش؟!‬ ‫هناك قاعدة في لبنان أم ال؟! وما زال سعد احلريري ينكر!! من ّ‬ ‫دماء شهداء اجليش في نهر البارد أغلى من أن تكافأ مبنصب رئاسي‬ ‫ـ ‪ ...‬ولكنه يقول إنه إذا كان هناك قاعدة في لبنان‪ ،‬فإنهم يدخلون من‬ ‫سوريا!!‬ ‫ـ “ جوهر” دخل من سوريا؟! ولكنه لبناني من عكار‪ ،‬وكان يتلطى بالتيارات‬ ‫عربي أن يدخل الى سوريا‬ ‫القريبة من تيار املستقبل!! كما أنه ميكن ألي‬ ‫ّ‬ ‫ومن دون فيزا وليس فقط اللبناني‪ ،‬وبـ‪ $100‬ميكن أن تقطع احلدود اللبنانية‬ ‫والسورية كيفما تريد ومتى تريد! هناك ‪ 500‬كلم تشكل احلدود بني لبنان‬ ‫وسوريا‪ ،‬من يستطيع أن يضبطها؟! هناك استحالة في مسألة القدرة على‬ ‫ضبط احلدود‪ .‬ولكن السؤال‪ ،‬هل سوريا وراء هذا املوضوع!!‬ ‫سوريا أعطت األدلة‪ .‬فليتفضلوا وليقدموا لنا أي دليل يثبت تورطها‪ ،‬وأنا‬ ‫سأكون أول من سيدينها! أليسوا هم األجهزة األمنية ويحققون؟! ولكن‬ ‫املشكلة ان قوى االمن الداخلي كانت طيلة هذه الفترة منشغلة مبراقبتنا‬ ‫نحن ال في مراقبة اإلرهاب! واجليش كان عرضة للحسابات السياسية يومها‪.‬‬ ‫واحلمد هلل أن العماد جون قهوجي بدأ بإخراج اجليش من هذه احلسابات‬ ‫اليوم وبدأ يتعاطى مع االمن “كأمن” مبعزل عن السياسة وإرضاء هذا أو ذاك‪.‬‬ ‫وإال كيف نفسر بقاء هذا الذي ه ّرب شاكر العبسي في طرابلس؟! شاكر‬ ‫العبسي بقي ‪ 120‬يوما ً في “البداوي”‪ .‬أيعقل أن ال تعرف األجهزة األمنية‬ ‫فيه؟! هناك ‪ 200‬شهيد من اجليش في نهر البارد! أين حق هؤالء الذين‬ ‫سقطوا وتضرروا؟! وأنا هنا أدعو أهالي الشهداء واملتضررين لتقدمي دعاوى‬ ‫شخصية على داعي اإلسالم الشهال وعلى تيار املستقبل وعلى سعد‬ ‫احلريري شخصياً‪ ،‬لتحصيل حقوقهم‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫اليوم‪ ،‬ما دام هناك اعترافات‪ ،‬فليصل التحقيق إلى النهاية‪ .‬واذا كان تيار‬ ‫املستقبل وراء هذه الشبكات وهذه اجلرائم‪ ،‬فليتحمل املسؤولية السياسية‬ ‫واملعنوية واملادية ايضاً؛ هناك مجزرة حصلت بحق الشعب اللبناني!! وال‬ ‫يكفي (كما يظن البعض) أن يكافأ اجليش على هذه التضحية بوصول قائده‬ ‫إلى سدة رئاسة اجلمهورية! هذا املوضوع يجب عدم التنازل عنه ومتابعته‬ ‫حتى النهاية‪.‬‬ ‫عالج اخمليمات يبدأ من واجب الدولة اللبنانية جتاه الالجئني‬ ‫الفلسطينيني‬ ‫ـ اليوم نشهد حملة توقيفات من قبل األجهزة األمنية بالتنسيق مع‬ ‫جهات فلسطينية‪ .‬واخمليمات الفلسطينية أيضاً تشهد اليوم حركة‬ ‫مداهمات واعتقاالت‪ .‬كيف تستطيع أن تصف وضع اخمليمات في لبنان‬ ‫اليوم؟‬ ‫ـ وضع اخمليمات في لبنان يجب أن يكون له أكثر من عالج‪ .‬يجب أن نبدأ منا‬ ‫كلبنانيني‪ ،‬وعلى الدولة اللبنانية أن تعامل الفلسطيني املوجود في لبنان‬ ‫على األقل “كإنسان”‪ .‬وإذا كان‬ ‫هذا الفلسطيني غير قادر على‬ ‫العمل واخلروج من اخمليم وتأمني‬ ‫متطلبات حياته‪ ،‬فمن الطبيعي‬ ‫أن يتحول البعض إلى األعمال‬ ‫اإلرهابية‪ ..‬هناك واجبات‪ ،‬على‬ ‫الدولة اللبنانية أن تقدمها‬ ‫إلى الفلسطينيني املقيمني‬ ‫في لبنان‪ ،‬كاالهتمام بالشأن‬ ‫االجتماعي واإلنساني‪.‬‬ ‫إذا ً هناك مسؤولية على‬ ‫الدولة قبل احلديث عن مسؤولية‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫والفلسطينيون في اخمليمات‬ ‫هم في غالبيتهم فصائل‪ ،‬أكان‬ ‫من فتح أو حماس أو اجلبهة‬ ‫الشعبية القيادة العامة أو‬ ‫اجلبهة الدميوقراطية أو النضال‪..‬‬ ‫كل املنظمات والفصائل تقوم‬ ‫بواجباتها بالتعاون مع الدولة‬ ‫اللبنانية‪ .‬ولكن في بعض‬ ‫اخمليمات كمخيم عني احللوة مثالً‪ ،‬هناك عدم إمكانية لدخول الدولة إلى‬ ‫بعض أحيائه‪ ،‬نظرا ً للوجود األصولي القوي فيها‪ .‬ولكن هذا ال يعني أن كل‬ ‫اإلسالميني هم إرهاب! هذا غير صحيح‪ .‬جزء منهم يقوم بأعمال إرهابية‬ ‫وهؤالء طبعا ً لديهم حماية معينة‪ .‬وال ميكن أن تُفتعل حرب في الداخل‬ ‫لتسليمهم‪ ،‬وحتديدا ً في عني احللوة‪ .‬ولكن رغم ذلك‪ ،‬كان هناك باألمس‬ ‫تنسيق بني فتح واألجهزة األمنية‪ ،‬أسفر عن اعتقال أحد املتهمني‪ .‬وأنا‬ ‫أظن أن الفلسطينيني جميعهم جاهزون للتعاون في هذا املوضوع‪ .‬ولو قال‬ ‫الفلسطينيون لألجهزة األمنية إن شاكر العبسي في “البداوي”‪ ،‬لكانوا‬ ‫اعتقلوه حتماً‪ .‬ولكن هذه األجهزة كانت غائبة عن الوعي‪ ،‬وكان يسهل‬ ‫عليها التجسس على الرئيس عمر كرامي وسليمان فرجنية في طرابلس‪،‬‬ ‫وعلى جبران باسيل في البترون وغيرهم‪ ،‬من أن يكلفهم أحد مبراقبة شاكر‬ ‫العبسي!!‬ ‫فاجلهاز األمني عندما يصبح في تصرف تيار سياسي ويعمل له‪ ،‬يكون‬ ‫قد فقد فعاليته‪ ،‬وال يعود يعمل مبوجب متطلبات أمنية بل بتوجيهات‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫ـ وهل هذا الوضع ال يزال موجوداً؟‬ ‫ـ نعم ولكنه يتق ّلص‪ ..‬أوال ً بسبب الشراكة املوجودة اليوم في السلطة‪،‬‬ ‫وثانيا ً ألنهم يعرفون أنه‪ ،‬بعد ستة أو سبعة أشهر‪ ،‬سيدفع ثمنا ً كبيرا ً كل‬ ‫من سيستمر في هذا املوضوع‪ ،‬وسيحاسب‪ ،‬وسيعاد فتح كل امللفات‪ .‬أي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪52‬‬

‫كل من ضلل التحقيق وفبرك امللفات‪ ،‬سيحاسب‪.‬‬ ‫سعد احلريري نائبا ً لوزير الدفاع في روسيا!!‬ ‫ـ لنختم امللف األمني‪ .‬حضرتك تتهم تياراً سياسياً بأنه يحرك بعض‬ ‫األجهزة األمنية‪ .‬ولكن هذا التيار لديه حرص على اجليش اللبناني‪.‬‬ ‫وشاهدنا باألمس النائب سعد احلريري في روسيا‪ ،‬يتحدث عن ضرورة‬ ‫شراء أسلحة لوجستية للجيش اللبناني؟‬ ‫ـ أوالً‪ ،‬أستغرب أال أسمع وال أية كلمة من الوزير الياس املر (مع محبتي‬ ‫له) حول هذا املوضوع!! ما عالقة سعد احلريري مبوضوع السالح؟! وكما أن‬ ‫ال عالقة لي أو للجنرال أو ألي أحد آخر باحلديث عن السالح‪ ،‬ال عالقة لسعد‬ ‫احلريري باألمر‪ ،‬فهناك وزير دفاع‪ ،‬وحده يقرر ويتصرف في هذا الشأن‪.‬‬ ‫ولكن مباذا سيتحدث هو مع “بوتني”؟! كل األمر أن هناك بعض األشخاص‬ ‫عنده‪ ،‬لهم بعض العالقات اخلاصة وينسقون له مواعيد كهذه! إنها عالقات‬ ‫عامة برأيي! وقد حتدث مبوضوع السالح في روسيا كي يقول إنه حتدث‬ ‫بشيء ألنه ال شيء يبحثه مع روسيا‪ .‬ولكن أمتنى على الوزير املر أال يقبل‬ ‫بأن يتخطاه أحد‪ .‬وهذا أكثر من‬ ‫ٍّ‬ ‫تخط‪ ،‬إنه إهانة برأيي‪ ،‬له وألي‬ ‫وزير لديه مسؤوليات خاصة‬ ‫في وزارته‪ .‬فمثالً لو حتدث سعد‬ ‫احلريري باألشغال العامة‪،‬‬ ‫فهذه إهانة لوزير األشغال‪ ،‬أو‬ ‫بالهاتف‪ ،‬هناك وزير لالتصاالت‬ ‫معني بهذا الشأن‪...‬‬ ‫اتفاق خفي في الدوحة مينع‬ ‫االستقالة من احلكومة ضمانا ً‬ ‫للسنيورة‬ ‫ـ ولكنه زعيم األكثرية‬ ‫النيابية؟!‬ ‫ـ لم يعد كذلك‪ .‬اليوم‬ ‫هناك شراكة في احلكم‪،‬‬ ‫في مجلس الوزراء‪ ،‬والقرار‬ ‫يؤخذ بالشراكة‪ .‬وإذا كان‬ ‫األمر كذلك‪ ،‬فأنا أستغرب‬ ‫ملاذا ال يثير وزراء املعارضة هذا‬ ‫األمر في احلكومة!! ملاذا هذه‬ ‫املمارسات ما زالت موجودة؟!‬ ‫أم هو استغالل التفاق خفي يبدو أنه حصل في الدوحة‪ ،‬ويقضي بعدم‬ ‫استقالة أحد من احلكومة؟!! أيريد هؤالء الذين رعوا االتفاق في الدوحة أن‬ ‫يضمنوا أكثر فؤاد السنيورة؟! أال يكفيهم ما فعله في خزينة الهيئة العليا‬ ‫لإلغاثة؟! ويشترطون عدم االستقالة!! أين تذهب مليارات الهيئة العليا‬ ‫لإلغاثة؟! يصرفها فؤاد السنيورة يوميا ً لكل حلفائه‪“ ،‬بونات زفت” وغيرها‬ ‫وبقيمة ماليني الدوالرات!‬ ‫ـ لننتقل إلى املوضوع الدولي واإلقليمي‪ .‬من خالل نتائج االنتخابات‬ ‫الرئاسية األميركية وفوز باراك أوباما‪“ ،‬مرشح ‪ 8‬آذار” (كما أسماه سمير‬ ‫جعجع)‪ ،‬نقول لكم مبروك بفوز أوباما؟‬ ‫ـ لقد فاز أوباما في االنتخابات األميركية ألن هناك منطقا ً دولياً‪.‬‬ ‫نعم املعارضة في لبنان كانت جتاهر برأيها في مشروع جورج بوش في‬ ‫املنطقة‪ .‬وما حصل في االنتخابات األميركية أظهر أن األوروبيني كان لديهم‬ ‫املوقف نفسه من جورج بوش‪ ،‬وكل العرب أيضاً‪ .‬ولكن املشكلة أن العرب‬ ‫كانوا جبناء بتحديد موقفهم‪ .‬وحتى األميركيون كان لديهم املوقف نفسه‬ ‫من هذا املشروع‪ .‬ولكن املعارضة اللبنانية منذ أربع سنوات تتحدث عن أن‬ ‫هذا املشروع سيصل إلى ما وصل إليه‪.‬‬ ‫اآلن أوباما لن يقف معنا ضد إسرائيل ولن يُحدث انقالباً‪ .‬ولكن إيجابيات‬ ‫فوزه هي في إلغاء مشروع جورج بوش املتمثل باحلروب االستباقية والتدويل‬ ‫من أجل النفط والثروة‪ .‬فهو لم يترك صديقاُ ألميركا في العالم‪ .‬ليس‬


‫هناك أي عداء مع الشعب األميركي‪ ،‬ولكن املشكلة هي بني العرب‬ ‫واإلدارة األميركية‪ ،‬وسببها أساسا ً فلسطني واالنحياز األميركي إلسرائيل‪.‬‬ ‫واستجدت مشكلة أخرى وهي احلرب على اإلرهاب‪ ،‬عندما اعتبرونا كلنا‬ ‫إرهابيني‪ ،‬رغم أن هذا اإلرهاب يرعاه األميركي عاملياً‪ ،‬والسعودي عربياً‪ .‬هذا‬ ‫اإلرهاب الذي اعتبروا أن مصدره أفغانستان‪ ،‬إمنا كان باملال السعودي وبقرار‬ ‫الـ ‪.CIA‬‬ ‫السعوديون بني مطرقة العائلة الناهبة‪ ،‬وسندان القمع الديني‬ ‫ـ معالي الوزير‪ ،‬نسمع بهذه الهجمة على السعودية‪ ،‬في الوقت الذي‬ ‫يصفها البعض باالعتدال‪ ،‬وسترعى مؤمتراً حلوار األديان في نيويورك‪ .‬ما‬ ‫تعليقك؟‬ ‫ـ هنا تكمن “الكذبة”‪ .‬كل هذه الكراهية الدينية في العالم سببها‬ ‫السعودية‪ .‬كل هذا التمويل لبعض املؤسسات الدينية التي تدعو للتطرف‬ ‫وتكفير اآلخر‪ ،‬كله متويل سعودي‪.‬‬ ‫ـ ما الهدف برأيك من كل هذا التمويل؟‬ ‫ـ إذا نظرنا إلى تركيبة النظام‬ ‫السعودي‪ ،‬جند أن السعودية يحكمها‬ ‫تياران‪ :‬األول العائلة احلاكمة التي تنهب‬ ‫الثروة النفطية‪ ،‬للسعوديني أوال ً ثم‬ ‫العرب‪ .‬والتيار الثاني هو الفريق الديني‪.‬‬ ‫هذان التياران جتمعهما تركيبة معينة‪.‬‬ ‫وإال كيف تستطيع هذه العائلة احلاكمة‬ ‫أن حتكم البلد من دون هذا الفريق الديني‬ ‫الذي يقمع الشعب ويفرض عليه ممارسة‬ ‫الشعائر الدينية بالقوة (كاملطاوع الذي‬ ‫يالحق الناس في الشوارع فارضا ً ممارسة‬ ‫الصالة وغيرها من الشعائر)‪.‬‬ ‫هذا النظام قائم على كذبة‪ ،‬بني‬ ‫ناهبي الثروة واملمسكني بالتيار الديني‪.‬‬ ‫وهذا النظام يرضي التيار الديني‪ ،‬بإلهائه‬ ‫بدعم اجلمعيات التي يرى البعض أنها‬ ‫تعمل لنشر تعاليم اإلسالم‪ ،‬وفي‬ ‫احلقيقة يا ليتها تفعل! ألن اإلسالم‬ ‫تسامح ومحبة‪ ،‬والنبي كان يقول‪“ :‬إن‬ ‫علي من‬ ‫نقل الكعبة من مكانها‪ ،‬أسهل ّ‬ ‫قتل بريء”‪ .‬ولكن هذه التنظيمات التكفيرية املدعومة سعودياً‪ ،‬كم تقتل‬ ‫من األبرياء يومياً!! ولبنان‪ ،‬وحتديدا ً نهر البارد‪ ،‬منوذج لهذا العمل اإلجرامي‪.‬‬ ‫هناك مئة سعودي دخلوا إلى لبنان‪ ،‬وفتح اإلسالم تقول إن السعودية مت ّولها‪.‬‬ ‫أليس هناك رقابة في هذه الدولة على التمويل؟!‬ ‫بلى‪ ،‬ولكن إذا تشددت السعودية مع القوى اإلسالمية‪ ،‬فسترتد هذه‬ ‫تفضل هنا هذه‬ ‫األخيرة في الداخل لتنقلب على العائلة احلاكمة‪ .‬لذلك‬ ‫ّ‬ ‫العائلة أن تستمر في نهبها لألموال والثروات لتسترضي األميركان في‬ ‫اخلارج‪ ،‬والتيار املتطرف واملتشدد في الداخل‪ .‬ولكن تسترضي التيار املتشدد‬ ‫ضمن حساباتها طبعاً‪ ،‬فهو في الظاهر متشدد ولكنه تيار ال يقيم وزنا ً‬ ‫لإلسالم‪ ،‬كبعض أفراد العائلة احلاكمة‪ ،‬وطبعا ً ليس كلهم‪ ،‬فالوليد بن‬ ‫طالل مثالً ميثل النموذج املمتاز فيها‪ ،‬فهو يتعاطى مع كل اللبنانيني على‬ ‫مسافة واحدة وال يتدخل مع فريق ضد آخر‪ ،‬ويدعم األعمال اإلنسانية‪ .‬هذه‬ ‫هي الصورة املشرقة التي نريدها‪ ،‬وليس صورة بندر بن سلطان وعبد اهلل‬ ‫بن عبد العزيز‪.‬‬ ‫ـ ولكن العالقات السعودية ـ السورية ممتازة اليوم؟!‬ ‫ـ الكل يعلم أن رأيي بالسعوديني رأي استراتيجي‪ ،‬وهذا الرأي غير خاضع‬ ‫للعالقة السورية ـ السعودية‪ .‬وحتى عندما كانت هذه العالقة جيدة‪،‬‬ ‫كان لدي رأي محدد من السعودية‪ .‬واتصل بي في أحد األيام السعوديون‬ ‫في سوريا‪ ،‬وسألوني عن هذا الرأي وشرحت لهم وجهة نظري وموقفي من‬ ‫دولتهم‪ ،‬وحاولوا يومها استرضائي بكل الوسائل وفشلوا‪ .‬وأتوا أيضا ً إلى‬

‫منزلي في بيروت للغرض نفسه وفشلوا أيضاً‪ .‬كما أرسلوا لي عدة مراسيل‬ ‫وما زلت على موقفي‪ .‬فهذه قناعتي وهذا تفكيري‪.‬‬ ‫ـ هذا بعد اغتيال احلريري؟‬ ‫ـ نعم‪ ،‬طبعاً‪ ،‬منذ ثالث سنوات‪ .‬كل احملاوالت التي قاموا بها السترضائي‬ ‫لم تنجح‪ ،‬فأنا لدي رأيي‪ .‬وأنا كمواطن عربي‪ ،‬ال أقبل بأن “أتفرج” على نهب‬ ‫ثروات العرب واألمة‪ .‬هناك آالف النساء في العراق يبعن أنفسهن كي‬ ‫يطعمن عائالتهن‪ ،‬والسعودية تتف ّرج‪ .‬في فلسطني‪ ،‬هناك مئات األطفال‬ ‫اجلياع الذين ميوتون من الفقر واملرض‪ ،‬والسعودية تتفرج عليهم‪ ،‬وتصرف‬ ‫أموالها في أماكن أخرى‪ ،‬وتخسر مليارات الدوالرات في ألعاب البورصة‬ ‫العاملية وغيرها! في الوقت الذي جند آالف القرى في السعودية تعاني الفقر‬ ‫واجلوع واحلرمان‪ ،‬وكذلك في كل الوطن العربي‪.‬‬ ‫أنا أرى أن هذه الثروة هي لكل األمة العربية‪ ،‬ولكن هناك عصابة من ‪60‬‬ ‫حد لهذه العصابة وأن تمُ نع من‬ ‫أو ‪ 70‬شخصا ً ينهبونها‪ .‬ويجب أن يوضع ّ‬ ‫التحكم بثروات األمة‪.‬‬

‫ما قاله الرئيس األسد منذ سنتني‪ ،‬قاله أوباما في حملته‬ ‫االنتخابية‪ ،‬عن جورج بوش ومشروعه في الشرق األوسط‪.‬‬ ‫من تآمر على الس ّنة في لبنان هو داعي اإلسالم الشهال‬ ‫والسعودية من خلفه‪.‬‬

‫سوريا أعطت األدلة‪ .‬وإذا كان تيار املستقبل ومن وراءه ميلكون‬ ‫أي دليل على تورط سوريا‪ ،‬فسأكون أول من يدينها‪.‬‬ ‫واليوم‪ ،‬يجب أن يعود األميركيون مع أوباما إلى أساس املشكلة‪ ،‬التي هي‬ ‫اإلرهاب الذي يغذيه وميوله ويصدره النظام السعودي في املنطقة العربية‪.‬‬ ‫هذه املشكلة طرحت منذ خمس سنوات‪ .‬وأنا متفائل اليوم بأن األميركيني‬ ‫قد يعودون إلى أساس املشكلة‪.‬‬ ‫ـ بالعودة إلى لبنان واملصاحلات التي اعتبرتها “ضحكاً على الدقون”‪،‬‬ ‫ولكنها حتصل‪ .‬لقد جرى لقاء بني سعد احلريري والسيد حسن نصر اهلل‪،‬‬ ‫وهناك لقاء مرتقب بني السيد حسن نصر اهلل ووليد جنبالط‪ ،‬هذا اللقاء‬ ‫الذي قلت إنك لست خائفاً من عقده؟!‬ ‫ـ طبعا ً لست خائفا ً من عقد هذا اللقاء‪ .‬على العكس أنا مطمئن‬ ‫ويفرحني أن يتم هذا اللقاء بينهما‪ .‬فحزب اهلل ال يترك حلفاءه‪.‬‬ ‫ـ أال تشعر بأن دورك قد يذهب أو ينتهي؟!‬ ‫ـ أبداً‪ ،‬فوليد جنبالط يعود اليوم إلى املوقف واملوقع الذي نحن فيه‪ ،‬بعد‬ ‫أربع سنوات من شتم حزب اهلل وسالح املقاومة‪ ،‬وإدخال املواطن اللبناني‬ ‫في احلرب واملعارك ضد حزب اهلل وسالح املقاومة وضد املعارضة‪ .‬اليوم‪ ،‬وليد‬ ‫جنبالط يعترف بأننا كنا على حق طيلة السنوات األربع املاضية‪ ،‬وأنه هو من‬ ‫كان على خطأ‪ .‬فاملشروع األميركي انتهى اليوم وأسدل الستار عليه‪ .‬نحن‬ ‫اليوم نعيش حدثا ً هاما ً شبيها ً بانهيار جدار برلني وبانهيار االحتاد السوفياتي‬ ‫وسقوطه‪ ..‬سقط اليمني األميركي‪ .‬سقط مشروع جورج بوش إلخضاع‬ ‫العالم‪ ..‬نحن نعيش احلدث اليوم!!‬ ‫ّ‬ ‫ولكن هناك‬ ‫ـ معالي الوزير‪ ،‬أنت تر ّد األمور كلها إلى أبعادها اخلارجية‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫أمورا ً داخلية أيضاً؛ يريدون الوحدة الوطنية و‪....‬؟!‬ ‫ـ هذه األمور ال مت ّثل أكثر من ‪ %10‬من املشكلة الداخلية‪ .‬ما حصل منذ‬ ‫تقدم األميركي إلى العراق‬ ‫أربع سنوات على األراضي اللبنانية معروف؛ ّ‬ ‫وأكمل إلى لبنان وبدأ الصراع‪ ..‬هذا أساس املشاكل في لبنان‪.‬‬ ‫التفاهم السياسي يُلزم وليد جنبالط أكثر باملصاحلة‬ ‫ـ اليوم‪ ،‬وفي ظل انفتاح وليد جنبالط على املصاحلة مع أفرقاء‬ ‫املعارضة‪ ،‬هل حضرتك مستعد ألن تلتقي معه مثالً؟‬ ‫ـ نعم‪ ،‬ولكن من ضمن املشروع السياسي طبعاً! لقد قلت سابقا ً إنه إذا‬ ‫أعاد وليد جنبالط متركزه السياسي‪ ،‬فأنا طبعا ً مستعد ألن أزوره في منزله‬ ‫في اخملتارة أيضاً‪ .‬ال مشكلة لدي‪.‬‬ ‫ـ ولكنك أبديت انزعاجاً من تقرّب األمير طالل أرسالن من النائب وليد‬ ‫جنبالط؟!‬ ‫ـ أبداً‪ ،‬على العكس‪ .‬ولكن كان لدي مالحظات وتبينّ في ما بعد أنني كنت‬ ‫على حق‪ .‬ولكن اخلطوة التي قام بها األمير‬ ‫طالل أرسالن‪ ،‬كانت بالتشاور مع حزب اهلل‬ ‫وكل أقطاب املعارضة وحتديدا ً املعارضة‬ ‫الدرزية‪ .‬على هذا األساس كانت اخلطوة‬ ‫التي قام بها األمير طالل باجتاه املصاحلة بني‬ ‫حزب اهلل ووليد جنبالط‪.‬‬ ‫ولكن مالحظتي كانت‪ ،‬بأن جنر وليد‬ ‫جنبالط إلى تفاهم سياسي‪ .‬ومنذ أربعة‬ ‫أيام‪ ،‬سمعنا وليد جنبالط يقول‪“ :‬أنا أريد‬ ‫عالقة مباشرة مع حزب اهلل‪ ،‬وال أريد‬ ‫وسيطاً”!! هذا ما كنت أحتدث فيه‪ ..‬ووليد‬ ‫جنبالط‪ ،‬بهذا الكالم‪ ،‬لم يكن يعنيني وال‬ ‫يعني فيصل بك الداوود وال احلزب القومي‪،‬‬ ‫بل يقصد طالل أرسالن الذي كان وسيطا ً‬ ‫في هذه املصاحلة‪ .‬فبعد ‪ 7‬أيار‪ ،‬طرحت على‬ ‫األمير طالل وعلى حزب اهلل وحلفائنا في‬ ‫املعارضة بأن يلتقطوا الفرصة ويستغلوها‬ ‫حتى النهاية‪ .‬لم أكن ضد تق ّرب األمير‬ ‫طالل من جنبالط وحل املشكلة‪ .‬على‬ ‫العكس‪ .‬إنها خطوة إيجابية قام بها‬ ‫أرسالن‪ ،‬فالوضع في اجلبل أيضا ً مأزوم كما‬ ‫في منطقة الغرب‪ ،‬وما فعله طالل أرسالن‬ ‫في الغرب‪ ،‬قمت به في الشوف‪ ،‬ولكن من‬ ‫دون معركة أو مشكلة‪ .‬ما كنت أطرحه هو‬ ‫أن يأخذ األمير طالل ضمانات أكثر‪ ،‬ألن وليد‬ ‫جنبالط عندما ربح في انتخابات الـ‪2005‬‬ ‫مثالً‪ ،‬لم يحفظ لطالل أرسالن مقعداً‪ ،‬ولم‬ ‫يفكر كما ّ‬ ‫فكر طالل أرسالن‪ ،‬الذي من خالل تصرفه األخير‪ ،‬أبدى حرصه‬ ‫على املصلحة العامة ال مصلحته اخلاصة‪ .‬ولكن عندما ربح وليد جنبالط‬ ‫في الـ‪ ،2005‬لم يفكر إال باالنتقام من األمير طالل‪ .‬كنت أقول ان نلزم وليد‬ ‫جنبالط أكثر بالتفاهم السياسي‪.‬‬ ‫ـ ولكن في حال وجود تفاهم سياسي بينكم وبني جنبالط‪ ،‬ال ميكنكم أن‬ ‫تخوضوا انتخابات في وجهه؟!‬ ‫ـ هو ال ميكنه أن يخوض انتخابات في وجهنا ال نحن!!‬ ‫سأترشح في بعبدا‪..‬‬ ‫ـ هل هناك معركة في الشوف مع وليد جنبالط مثالً؟‬ ‫ـ نعم هناك معركة في الشوف وعاليه وكل املناطق‪.‬‬ ‫ـ هل حضرتك مرشح؟‬ ‫ـ نعم‪.‬‬ ‫ـ في الشوف؟‬ ‫ـ أنا مرشح في بعبدا‪.‬‬

‫ـ على الئحة املعارضة؟‬ ‫ـ شخصيا ً نعم‪.‬‬ ‫تيار التوحيد سيرشح ثالثة أشخاص‪ ،‬في بعبدا وعالية والشوف‪.‬‬ ‫ـ ملاذا “هربت” من الشوف؟‬ ‫ـ ال لم أهرب من الشوف‪ .‬على العكس‪ ،‬سنخوض معركة الشوف‪ .‬ولكن‬ ‫لنكن واقعيني‪ ،‬معركة الشوف فقط لتسجيل موقف‪ ،‬فإقليم اخلروب هو‬ ‫الذي يقرر في معركة الشوف‪.‬‬ ‫أنا لدي تيار سياسي موجود في الشوف وعاليه واملنت األعلى‪ .‬في املنت‬ ‫األعلى ‪ 15‬قرية درزية‪ ،‬ولدينا كتيار ‪ 15‬مفوضية في هذه القرى‪ ،‬تبدأ من‬ ‫شويت ـ العبادية وتنتهي في كفرسلوان‪ .،‬ورأى التيار أن هناك فرصة أكبر‬ ‫ّ‬ ‫وسيرشح عضو مكتب‬ ‫في املنت‪ ،‬لذلك قرر أن أترشح أنا في هذه املنطقة‪.‬‬ ‫سياسي في الشوف‪ ،‬ونائب رئيس التيار الشيخ سليمان الصايغ في عاليه‪.‬‬ ‫ـ في عاليه‪ ،‬أي بالتحالف مع األمير طالل أرسالن؟‬

‫ـ إن موقفي من النظام السعودي موقف استراتيجي‪ ،‬غير‬ ‫خاضع لطبيعة العالقة السورية ـ السعودية‪.‬‬ ‫ـ سعد احلريري غائب عن الوعي السياسي‪.‬‬ ‫وببالهة تامة‪ ،‬لعب لعبة دعم احلركات األصولية‬ ‫والتكفيرية وتقويتها في لبنان‪.‬‬

‫ـ احلملة على العماد ميشال عون‪ ،‬محاولة لضرب املسيحي‬ ‫القوي الذي يقف في وجه مشروع التوطني ومينع حصوله‪.‬‬ ‫ـ يشكل سالح املقاومة عائقاً أمام أمرين‪ :‬األول التوطني‪،‬‬ ‫والثاني التقسيم‪ .‬لذلك هو مستهدف‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪54‬‬

‫ـ طبعاً‪.‬‬ ‫ـ ولكن إذا قررت املعارضة أن يكون املرشح في بعبدا شخصاً غير وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬هل تقبل بهذا القرار؟‬ ‫ـ ال مشكلة طبعاً‪ .‬نتفاهم مع املعارضة على هذا املوضوع‪ .‬وإذا لم يكن‬ ‫لطالل أرسالن مكان في عاليه‪ ،‬فلن آخذ مكانا ً في بعبدا‪ ،‬فليأخذه هو‪ ،‬ال‬ ‫مشكلة لدي!!‬ ‫ـ تفاهمت مع التيار الوطني احلر وحزب اهلل؟‬ ‫ـ أنا لن أترشح من دون التنسيق مع التيار الوطني احلر وحزب اهلل‪ ،‬والوزير‬ ‫طالل أرسالن أساساً‪ ،‬ومع احلزب القومي واألستاذ فيصل بك الداوود ومع‬ ‫كل احللفاء‪ .‬فأنا “ال أعزف منفرداً”‪ .‬ال يهمني إال أن تربح املعارضة‪ ،‬فإذا‬ ‫ربح سليمان فرجنية في زغرتا‪ ،‬أو إيلي سكاف في زحلة‪ ،‬أو العماد عون‬ ‫في كسروان‪ ،‬أو غيرهم من أفرقاء املعارضة‪ ،‬أكون أنا الرابح‪ .‬هكذا أفكر‪.‬‬ ‫ال يعنيني ما سأكسبه على الصعيد الشخصي‪ ،‬وإذا رأت املعارضة أن ال‬ ‫مصلحة في ترشيحي‪ ،‬فال مشكلة‪ ،‬ال أترشح‪ .‬ولكن طبعا ً وفق مبررات‪.‬‬


‫ولكن ما يهمني هو أن يكون لنا أربعة مقاعد درزية في كتلة‪ ،‬ولتكن الكتلة‬ ‫برئاسة األمير طالل أرسالن‪ ،‬ال مشكلة!‬ ‫كل املال السعودي ال يكفي لشراء كرامة اللبنانيني‬ ‫ـ باالنتقال إلى موضوع االنتخابات‪ .‬حضرتكم تراهنون على أنكم‬ ‫ستربحون انتخابات الـ‪ ،2009‬كيف؟‬ ‫ـ سأقول شيئا ً للبنانيني‪ .‬اللبناني لديه موضوع الكرامة أمر أساسي‪ .‬وال‬ ‫ميكن لعبد العزيز أو غيره أن يشتريه “بعلكة”! هم يدفعون مقابل الصوت‪.‬‬ ‫ولكن هل يقبل اللبناني أن يكون ثمنه ثمن “علكة”؟! طبعا ً ال‪ .‬فلو دفع عبد‬ ‫العزيز كل ثروته‪ ،‬فلن يستطيع أن يأخذ لبنان!!‬ ‫وأكثر من ذلك‪ ،‬إذا ربحوا املعركة باملال السعودي‪ ،‬فلن يستطيعوا أن‬ ‫يحكموا لبنان‪ .‬وأنا أحتداهم!!‬ ‫ـ هل ستجري االنتخابات في وقتها أم قد نشهد حدثاً أمنياً مينع‬ ‫ذلك؟‬ ‫ـ االنتخابات ستجري في وقتها واللبناني‬ ‫سيخرج هذا السعودي اخملرب من املعادلة‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫ـ معالي الوزير‪ ،‬أنت تخرج املعركة من‬ ‫معركة بني اللبنانيني إلى معركة بني حضرتكم‬ ‫والسعودية؟!‬ ‫ـ املعركة هي بني املعارضة والسعودية‪ ،‬نعم‪.‬‬ ‫عندما يقول سلطان بن عبد العزيز أمام اللبنانيني‬ ‫إنه حتى لو دفعوا (السعوديون) نصف ثروتهم كي‬ ‫يربحوا هم االنتخابات فسيفعلون!! سأقول له إنه‬ ‫سيدفع كل ثروته ولن يتمكن من هزميتنا‪.‬‬ ‫ـ إذا فزمت في انتخابات الـ‪ 2009‬فستكونون‬ ‫على عداء مع اململكة العربية السعودية‪ ،‬مثلما‬ ‫كان فريق األكثرية على عداء مع سوريا بعد‬ ‫انتخابات الـ‪2005‬؟ كيف ستتصرفون جتاهها؟‬ ‫ـ لن نكون أبدا ً على عداء معها‪ ،‬ولكن سنضعها‬ ‫حدها‪ .‬ال ميكن للسفير السعودي بعدها أن‬ ‫عند ّ‬ ‫يستمر في إدارة اللعبة السياسية في لبنان‪ ،‬وفي‬ ‫التحكم باألجهزة األمنية وتقدمي الرشى إلثارة‬ ‫اخلالفات الداخلية‪...‬‬ ‫جعجع والشهال‪ ..‬وجهان لعملة واحدة‬ ‫ـ سمير جعجع يقول إن فوزكم في االنتخابات‬ ‫هو عودة للوصاية السورية ولو من دون وجود‬ ‫اجليش السوري على األرض؟ ما تعليقك؟‬ ‫ـ أليس أفضل من أن يكون عودة لداعي اإلسالم‬ ‫الشهال؟!! الذي قرأت له اليوم في إحدى الصحف‬ ‫إشادة بسمير جعجع!! هل ميكننا أن نعلم ما الذي‬ ‫يجمع هذين الشخصني؟! هل هناك غير الدعم السعودي يجمع بينهما؟!‬ ‫سأخبرك بأمر حصل معي‪ ،‬وقد رويته مرات عدة‪ .‬عندما كنت في مصر في‬ ‫‪ ،2004‬أشارك في مؤمتر لوزراء البيئة العرب في اجلامعة العربية‪ ،‬وكان يرافقني‬ ‫يومها “السفير إيلي الترك”‪ ،‬الذي التقى “األستاذ أسامة الباز”‪ ،‬وهو مستشار‬ ‫الرئيس املصري وأهم شخص في اإلدارة املصرية منذ ‪ 30‬عاماً‪ .‬أخبرني صديقي‬ ‫“الترك” وهو منذهل ومصدوم مما سمعه من “الباز”‪ ،‬بأن السوريني سيخرجون‬ ‫من لبنان‪ ،‬وهذا األمر مطروح والرئيس رفيق احلريري كان ال يزال على قيد احلياة‪.‬‬ ‫سألته ملاذا سيخرجون؟ قال لي نقالً عن “الباز” طبعاً‪ ،‬ألن السوريني ال يريدون‬ ‫أن يكونوا شهودا ً على التوطني في لبنان‪ ،‬معتبرين أن هذا األمر سينعكس‬ ‫عليهم كنظام إذا وافقوا على املشروع‪ .‬كما قال لي “الترك” أيضا ً إن “العماد‬ ‫ميشال عون” عائد‪ ،‬وجعجع سيخرج من السجن‪ ،‬ألنه يجب أال يكون هناك‬ ‫أحد غائبا ً عندما سيحصل التوطني (على حد قول األستاذ الباز)‪.‬‬ ‫ـ برأيك ما زال مشروع التوطني قائماً اليوم؟‬ ‫تفسر احلملة على العماد عون اليوم؟!! ألنه ال يسير‬ ‫ـ طبعاً‪ ،‬وإال كيف‬ ‫ّ‬

‫في هذا املشروع!!‬ ‫ـ ولكن مسؤوالً في حركة حماس قال منذ أيام إنهم ضد التوطني!!‬ ‫ـ ال يهم ما يقوله‪ .‬جورج بوش قال إنه أتى إلى املنطقة العربية وهو‬ ‫يجمع ‪ 160‬مليار دوالر تعويضات للفلسطينيني‪ .‬وهذا الكالم الفلسطيني‬ ‫الذي يصدر من بعض الفصائل ال يغير شيئاً‪ .‬فالقرار بيد األميركيني في‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬وكل كالم غير ذلك هو استخفاف بعقول الناس‪ .‬أيريدوننا‬ ‫أن نصدق كالما ً كهذا في الوقت الذي نرى بأنفسنا املشروع الذي يقوم به‬ ‫جورج بوش في املنطقة؟! وأنا أقول لك وللرأي العام ما قاله “أسامة الباز”‬ ‫في الـ‪ !!2004‬من هنا احلملة على العماد ميشال عون‪ ،‬ومحاولة تشويهه‪،‬‬ ‫وضرب املسيحي القوي الذي يقف في وجه التوطني ومينع حصوله‪ ،‬لتمرير‬ ‫مشروع التوطني‪.‬‬ ‫ملاذا سالح املقاومة مستهدف إذاً؟! ألنه يشكل عائقا ً أمام أمرين‪ ،‬األول‬ ‫التوطني والثاني التقسيم‪ .‬سمعنا سمير جعجع منذ فترة يقول إنه بثالث‬

‫إذا أعاد وليد جنبالط متركزه السياسي‪ ،‬فأنا مستعد‬ ‫ألن أزوره في منزله في اخملتارة‪.‬‬

‫كان يجب على املعارضة أن تلزم وليد جنبالط بالتفاهم‬ ‫السياسي قبل أن تتم املصاحلة بينه وبني حزب اهلل‪.‬‬ ‫عندما ربح وليد جنبالط االنتخابات في الـ‪،2005‬‬ ‫لم يفكر إال باالنتقام من طالل أرسالن‪.‬‬

‫لن أترشح لالنتخابات في بعبدا دون التنسيق‬ ‫مع التيار الوطني احلر وحزب اهلل‪ ،‬والوزير أرسالن أساساً‪،‬‬ ‫ومع كل احللفاء في املعارضة‪.‬‬ ‫ساعات كان استطاع أن ينهي العماد عون في املنطقة الشرقية!! أنا أقول‬ ‫له‪ ،‬لو وضع قدميه على األرض لقضت عليه املعارضة بثالث دقائق!! من هنا‬ ‫كنت ّ‬ ‫أحذره بعدم الدخول في املعركة (‪ 7‬أيار)‪.‬‬ ‫ـ ختاماً معالي الوزير‪ .‬من اآلن وحتى االنتخابات النيابية‪ ،‬ماذا‬ ‫سيحصل في لبنان؟‬ ‫ـ برأيي حتضير لالنتخابات‪.‬‬ ‫ـ فقط‪ ،‬من دون خلل أمني أو ما شابه؟!‬ ‫ـ هناك إدارة أميركية اليوم يبدو أنها تطلب من اجلميع التهدئة‪ .‬ولكي تبدأ‬ ‫هذه اإلدارة عملها‪ ،‬تتطلب أشهرا ً عدة‪ ،‬نكون خاللها قد أمتمنا االنتخابات‬ ‫النيابية‪.‬‬ ‫ولكن أستطيع أن أقول إن املشروع الذي أطاح االستقرار في لبنان‬ ‫واملنطقة‪ ،‬وحاول تقسيمها‪ ،‬قد ذهب‪ .‬والشرق األوسط اجلديد دفن‪ ،‬ولبنان‬ ‫أمام مرحلة جديدة ستكون مزدهرة‪ .‬وسنبدأ بعد االنتخابات مبشروع بناء‬ ‫الدولة احلقيقية‪.‬‬

‫‪55‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫ً‬ ‫مستقبال ش ّمال وصفوان وال ّرواس‬ ‫رئيس تيار التوحيد اللبناني‬

‫وهاب‪ :‬كل القوى الفلسطينية حريصة على الوضع األمني‬ ‫ش ّمال‪ :‬نقوم بجولة سياسية لمناقشة القضايا الراهنة‬ ‫صفوان‪ :‬هدف امين الجميل هو الوصول الى المقعد النيابي‬ ‫استقبل رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب في مكتبه‪ ،‬وفدا ً من “جبهة‬ ‫شمال‪،‬‬ ‫النضال الفلسطيني” برئاسة أبو خالد ّ‬ ‫وبحضور مسؤول العالقات اخلارجية في التيار ياسر‬ ‫الصفدي‪ .‬وجرى في اللقاء استعراض عام لألوضاع‬ ‫الراهنة واملستجدات‪ ،‬حيث أدلى أبو خالد شمال‬ ‫بعدها بالتصريح اآلتي‪:‬‬

‫أبو خالد شمّ ال‬ ‫“نقوم اليوم بجولة سياسية كبيرة تشمل‬ ‫كل القوى الوطنية اللبنانية‪ ،‬سواء كنا منفردين‬ ‫أو مجتمعني كقوى حتالف فلسطيني ملناقشة‬ ‫القضايا الراهنة مع اإلخوة اللبنانيني‪ ،‬وحتديدا ً في‬ ‫مسألتني‪:‬‬ ‫األولى‪ :‬ما يجري داخل اخمليمات الفلسطينية‬ ‫وما يقال في وسائل اإلعالم من تضخيم للموضوع‬ ‫األمني‪ ،‬حول مجموعة من املطلوبني‪ .‬ونبدي‬ ‫استعدادنا للتعاون مع الدولة اللبنانية إلنهاء‬ ‫املوضوع بالتعاون مع الفصائل االخرى داخل هذه‬ ‫اخمليمات‪ .‬وإن شاء اهلل مبساعدة كل فعاليات‬ ‫اخمليم والقوى اإلسالمية وكل الفصائل مجتمعة‪،‬‬ ‫سنصل في النهاية إلى حل يزيل األلغام التي من‬ ‫شأنها أن تفجر الوضع‪ .‬ولن تتكرر جتربة نهر البارد‪،‬‬ ‫ونحن مصرون على هذا األمر‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬وضعنا معالي الوزير وهاب في صورة هذه‬ ‫احلركة وما يعانيه الشعب الفلسطيني هنا في‬ ‫اخمليمات‪ ،‬وفي فلسطني‪ ،‬خاصة في قطاع غزة‪ ،‬وسبل‬ ‫رفع احلصار عن أهلنا‪ ،‬من قبل إسرائيل أو من قبل‬ ‫النظام املصري‪ ،‬وإدخال املواد التموينية وإخراج اجلرحى‬ ‫من القطاع‪ ،‬لفقدان احلد األدنى من مستلزمات‬ ‫العالج لهؤالء وعالجهم في اخلارج‪ .‬ولقينا جتاوبا ً‬ ‫وحرصا ً كبيرين من قبل الوزير وهاب على املساعدة‬ ‫في هذا املوضوع قدر اإلمكان لرفع املعاناة‪.‬‬ ‫والتقى وهاب رئيس حركة الناصريني‬ ‫الدميوقراطيني خالد الرواس‪.‬‬

‫صفوان‬ ‫ثم التقى وفدا ً من حزب الطالئع اللبنانية برئاسة‬ ‫يوسف صفوان‪ ،‬الذي قال بعد اللقاء‪:‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫“استعرضنا مع رئيس تيار التوحيد األستاذ وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬وهو أخ عزيز جتمعنا معه مسيرة نضالية‬ ‫طويلة‪ ،‬آخر املستجدات على الساحة اللبنانية‪،‬‬ ‫وبعض املواقف التي صدرت في الفترة األخيرة‪،‬‬ ‫خاصة في مهرجان حزب الكتائب الذي نسف‬ ‫فيه الرئيس أمني اجلميل كل مقومات املصاحلات‬ ‫واحلوار الوطني وحتى اتفاق الطائف‪ ،‬عندما نادى‬ ‫بالفدرالية‪ .‬وفي الوقت نفسه كنا نأمل أن تكون‬ ‫هذه املصاحلات واحلوارات مقدمة وأساسا صحيحا‬ ‫النتخابات نيابية نزيهة وعادلة‪ .‬إال أن ما يحصل‬ ‫اآلن من تصريحات غير مسؤولة‪ ،‬تنسف الهدنة‬ ‫اإلعالمية التي كانت معلنة سابقاً‪.‬‬ ‫ونستغرب كيف أن البعض يتكلم من منظار‬ ‫مصاحله اخلاصة‪ .‬وأرجو هنا من اإلعالم أن يراجع‬

‫‪56‬‬

‫مواقف أمني اجلميل بعد اغتيال املرحوم بيار اجلميل‪،‬‬ ‫ألنه كان له هدف هو الوصول إلى املقعد النيابي‪،‬‬ ‫وكان كاحلمامة البيضاء يومها‪ ،‬ولكنه حتول اآلن‬ ‫إلى “صقر” ينسف مقومات احلوار‪.‬‬ ‫وبالتالي نريد هنا أن نرد على سمير جعجع الذي‬ ‫يتحفنا دائما مبواقفه التي تشبه مواقف “راجح”‬ ‫عندما قال‪“ :‬إن طريق دمشق مزدحمة”‪.‬‬ ‫نحن نفتخر بأن تكون طريق دمشق هي طريقنا‪،‬‬ ‫طريق العزة واألخوة بني دولتني شقيقتني وجارتني‪.‬‬ ‫وبالطبع نحن نعرف أن سوريا ال تقدم املال االنتخابي‪،‬‬ ‫فنريد أن نسأل جعجع وبعض األنظمة العربية التي‬ ‫تقدم هذا املال االنتخابي لإلقطاع السياسي وغيره‪:‬‬ ‫أليس هذا تدخالً بالشؤون الداخلية اللبنانية؟!‬ ‫نحن نعرف أن هذا هو طريقنا‪ ،‬طريق العروبة‬


‫والكرامة‪ ،‬إال أننا نريد أن نسأل سمير جعجع عن‬ ‫طريق إسرائيل وأميركا!‬

‫وهاب‬ ‫ثم حتدث بعدها الوزير وهاب قائالً‪“ :‬اطلعنا من‬ ‫اإلخوة الفلسطينيني في جبهة النضال على وضع‬ ‫اخمليمات‪ ،‬حيث زارنا وفد مركزي من اجلبهة ووفد من‬ ‫مخيمات اجلنوب وأطلعونا على الوضع داخل اخمليمات‪.‬‬ ‫فاإلخوة الفلسطينيون حريصون على أمن اخمليمات‬ ‫وعلى األمن اللبناني وعلى هيبة اجليش والدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وهم مستعدون للتعاون إلى أقصى احلدود‬ ‫مع اجليش وهذا هو املطلوب‪ .‬فال يجوز بعد اليوم أن‬ ‫تبقى هناك قوى (مهما كانت صغيرة)‪ ،‬تتمتع بحماية‬ ‫معينة وتهدد السلم األهلي واجليش اللبناني‪.‬‬ ‫أعتقد أن كل القوى الفلسطينية‪ ،‬مبا فيها‬ ‫القوى اإلسالمية في مخيم عني احللوة (كما أخبرنا‬ ‫اإلخوة)‪ ،‬حريصون على الوضع األمني في لبنان‬ ‫وداخل اخمليم‪.‬‬ ‫كذلك أطلعونا على الوضع في قطاع غزة‪ ،‬وقد‬ ‫أصبح كل العالم يعرف ماذا يحصل هناك‪ .‬ولكن‬ ‫هناك بعض الضمائر العربية النائمة‪ ،‬خاص ًة‬ ‫في مصر (على مستوى السلطة طبعاً)‪ ،‬وفي‬ ‫السعودية‪ .‬وال أعرف متى سيصحو ضمير حسني‬ ‫مبارك وعبد اهلل بن عبد العزيز كي يساهما في‬ ‫فك احلصار عن غزة‪ .‬أال يشاهدان األطفال اجلياع‪،‬‬ ‫واملرضى واألرامل واليتامى‪ ،‬والذين ميوتون في غزة؟!‬

‫أم أن ضمير هؤالء قد مات منذ زمن‪ ،‬ولن يساهم‬ ‫هذا احلصار القائم في صحوة ضمائرهم؟!‬ ‫أما بالنسبة لألمور الداخلية‪ ،‬فنسمع منذ أيام‬ ‫ضجة حول موضوع الفدرالية وما إلى ذلك‪ .‬أعتقد‬ ‫أن هذا املوضوع ال يدعو إلى الهلع‪ ،‬فاملعارضة لديها‬ ‫من القوة واإلمكانيات ما يسمح لها بأن متنع أية‬ ‫متس وحدة لبنان‪.‬‬ ‫خطوة تقسيمية‪ ،‬أو أية خطوة ّ‬ ‫فوحدة الدولة في لبنان خط أحمر‪ ،‬ومن قال‬ ‫هذه الكلمات ال ميلك اإلمكانية ليضعها موضع‬ ‫التنفيذ‪ .‬ثم نحن كنا نقول منذ زمن إن الكثير من‬ ‫اللبنانيني يرفضون هذه الطروحات‪ ،‬واجلزء اآلخر‬ ‫توجه إلى‬ ‫منهم‪ ،‬لو ُسمح له بذلك‪ ،‬لكان حتما ً ّ‬

‫منطق آخر وهو املنطق التقسيمي والفدرالي‪،‬‬ ‫ومنطق الدويالت واإلقطاعيات واإلمارات‪ .‬وهذه‬ ‫األقلية يجب أال نحصرها في طائفة واحدة‪.‬‬ ‫ولكن سالح املقاومة (احلمد هلل‪ ،‬وهذا ما كنا‬ ‫نشير إليه دائماً)‪ ،‬باإلضافة إلى مواجهة إسرائيل‪ ،‬هو‬ ‫يواجه أمرين ومينعهما‪ ،‬وهما التوطني والتقسيم‪.‬‬ ‫ولوال هذا السالح لكان موضوع التوطني قد أصبح‬ ‫أمرا ً واقعاً‪.‬‬ ‫وموضوع التقسيم‪ ،‬رمبا البعض في أكثر‬ ‫من منطقة وطائفة لديهم طموحات معينة‬ ‫بالتقسيم‪ ،‬ولكن سأطمئن اجلميع بأن مسألة‬ ‫وحدة لبنان ستبقى خطا ً أحمر‪.‬‬

‫لعبة الرسن شارفت على نهايتها‬

‫رد رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‬ ‫على تقرير الرسن اجلديد بالبيان اآلتي‪:‬‬ ‫يطالعنا تيري رود الرسن كعادته بتقاريره الدورية‬ ‫التي تتضمن تشهيرا ً مستمرا ً بلبنان وجتنّيا ً على‬ ‫املقاومة‪ .‬واستمعنا باألمس إلى تقريره اجلديد‬ ‫الذي يظهره على حقيقته كجاسوس إسرائيلي‬ ‫بامتياز‪ ،‬يضيق ذرعا ً بتصاعد قوة املقاومة وزيادة‬ ‫إمكانياتها في الدفاع عن لبنان وسيادته‪ ،‬وأمام‬

‫هذا التقرير ال بد من التأكيد على األمور اآلتية‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إن الرسن الذي عمل مطوال ً على دق‬ ‫إسفني في العالقات اللبنانية السورية يزعجه‬ ‫اليوم أن تبدأ هذه العالقات بالعودة إلى مجاريها‬ ‫الطبيعية مع رئيس اجلمهورية العماد ميشال‬ ‫سليمان وقائد اجليش اجلديد‪ ،‬مما يجعله يكرر‬ ‫محاوالته اليائسة كونه عضو شرف في فريق ‪14‬‬ ‫شباط املهزوم‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬إن الرسن وأمثاله يساهمون في إفقاد‬ ‫األمم املتحدة ومجلس األمن أية مصداقية‪ ،‬كونه‬ ‫يرى بعني واحدة‪ ،‬ففيما إسرائيل تخرق السيادة‬ ‫اللبنانية يومياً‪ ،‬نراه يحاول أخذ األنظار إلى مكان‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن الرسن الذي عمل طويالً مع فريق ضد‬ ‫آخر في لبنان يجب أن يعلم بأن لعبته قد شارفت‬ ‫على نهايتها‪.‬‬

‫مع بداية نهاية بوش ستكون اميركا أكثر اماناً‬ ‫أبدى رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام‬ ‫وهاب نظرته في االنتخاب اوباما فأصدر البيان‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫اليوم يبدأ العالم مرحلة جديدة‪ ،‬لن تكون‬ ‫آمال املظلومني واملقهورين في العالم كبيرة‬ ‫نتيجة انتخاب باراك أوباما لكن حتما ً سيكون‬ ‫العالم مختلفا ً مع بداية نهاية جورج بوش‪،‬‬ ‫سيكون العالم آمنا ً أكثر بدون هذا السفاح‬ ‫اجملرم هتلر القرن الواحد والعشرين‪ ،‬بدونه‬ ‫ستكون أميركا أكثر أمانا ً على كل الصعد‪،‬‬

‫وبدونه سيستعيد الشعب بعض القيم التي‬ ‫نحترمها والتي ش ّوهها الرئيس الكاذب واخملادع‪.‬‬ ‫بدونه ستكون منطقتنا أكثر أمنا ً بعدما‬ ‫دم ّرها ابن العائلة التي وضعت مصاحلها فوق‬ ‫أرواح العراقيني واجلنود األميركيني على حد‬ ‫سواء‪.‬‬ ‫العالم سيكون أكثر استقرارا ً بدون هذا اجملرم‬ ‫الذي ال ميلك ذرة ضمير‪.‬‬ ‫سجانا ً كما كانت‬ ‫بدونه قد ال تكون أميركا‬ ‫ّ‬ ‫في غوانتنامو وأبوغريب‪ ،‬قد ال تستطيع الشعوب‬

‫‪57‬‬

‫املقهورة أن تقتص منك أيها السفاح‪ ،‬ولكن‬ ‫العدالة اإللهية لن تتركك تنجو بفعلتك أيها‬ ‫اجملرم القذر‪.‬‬ ‫وفي لبنان تعامل معك من هم أقذر وأسفل‬ ‫منك ألنهم اعتبروك قادرا ً على كل شيء وفاتهم‬ ‫أن املقاومة قادرة على متريغ أنفك في التراب كما‬ ‫فعلت في حربك التي شننتها علينا في متوز‬ ‫‪ ،2006‬اعتقدوا أنك قادر على صنع املعجزات‪،‬‬ ‫تبخر هذا الوهم يا مجرم‬ ‫وها هم يعيشون اليوم ّ‬ ‫العصر‪.‬‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫رئيس تيار‬ ‫التوحيد اللبناني‬ ‫زار رئيس الحزب‬ ‫السوري القومي‬ ‫االجتماعي‬ ‫مهنئاً‬

‫حردان مستقبالً وهاب‬

‫وهاب ‪ :‬نحن نزور حزبنا للتنسيق‬

‫استقبل رئيس احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي النائب أسعد حردان‪ ،‬بحضور رئيس‬ ‫اجمللس األعلى محمود عبد اخلالق‪ ،‬رئيس «تيار‬ ‫التوحيد اللبناني» وئام وهاب الذي هنّأه بتوليه‬ ‫سدة الرئاسة في احلزب القومي‪ .‬وتطرق اللقاء‬ ‫إلى األوضاع العامة‪.‬‬ ‫قال وهاب‪« :‬إنها زيارة تنسيق مع الرئيس‬ ‫أسعد حردان ومع قيادة احلزب السوري القومي‬ ‫االجتماعي‪ .‬ونحن عندما نزور «القومي»‪ ،‬إمنا‬ ‫نزور مق ّرنا وحزبنا‪ ،‬خصوصا ً أنه لعب دورا ً كبيرا ً‬ ‫في املرحلة السابقة وفي املرحلة احلالية‪ ،‬وإن‬ ‫شاء اهلل في املرحلة املقبلة‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬مبا يعنينا في اجلبل‪ ،‬كان للحزب‬ ‫السوري القومي االجتماعي دور كبير خالل‬ ‫فترة االجتياح اإلسرائيلي للجبل‪ .‬فهذا احلزب‬ ‫حمى عروبة اجلبل ووحدة لبنان‪ ،‬وال سيما‬ ‫خالل السنوات املاضية‪ .‬كما لعب دورا ً كبيرا ً‬ ‫في حماية الثوابت في اجلبل‪ ،‬وفي حماية‬ ‫بد من التشاور معه‪،‬‬ ‫عروبة اجلبل‪ .‬لذلك ال ّ‬ ‫ونحن نراهن على أن يكون له دور بارز في‬

‫املرحلة املقبلة نظرا ً ملا يتمتع به من نفوذ في‬ ‫كل املناطق واألقضية اللبنانية‪ ،‬ال سيما أننا‬ ‫ذاهبون إلى معركة سياسية بامتياز خالل‬ ‫الفترة املقبلة‪ ،‬واحلزب القومي في قلب هذه‬ ‫حتمل‬ ‫املعركة وسيبقى عصبها‪ ،‬وهو الذي ّ‬ ‫الكثير من أجل هذه املعركة‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪ :‬أريد أن أعلق على الكالم الذي‬ ‫نقل عن البعض حول رأيه مبؤمتر احلوار وجلساته‬ ‫التي ستعقد‪ ،‬خصوصا ً جلهة رفض البعض‬ ‫توسيع طاولة احلوار‪« :‬نحن نتمنى أن ينجح‬ ‫احلوار الذي يجري برعاية رئيس اجلمهورية‪،‬‬ ‫ولكن أعتقد أن مواقف البعض األخيرة تعني‬ ‫بأن احلوار قد وصل إلى طريق مسدود‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫أن هناك قوى أخرى مستبعدة عن هذا احلوار‬ ‫ويحق لها أساسا ً أن تشارك فيه‪ ،‬وفي‬ ‫طليعتها األحزاب والقوى الوطنية املمثلة‬ ‫بأربعة نواب‪ ،‬هذا إذا كانت املعادلة في اجمللس‬ ‫النيابي التي أتت يومها باألطراف إلى طاولة‬ ‫احلوار قائمة على أساس القوى املمثلة مبجلس‬ ‫النواب‪ .‬فهناك املعارضة الدرزية واملعارضة‬

‫السنية وأطراف أخرى لها احلق باملشاركة في‬ ‫احلوار»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬أنا لدي رأيي في هذا املوضوع‪،‬‬ ‫وأعتقد أن احلوار مع البعض‪ ،‬وخاصة مع سعد‬ ‫احلريري‪ ،‬ال يوصل إلى أي مكان‪ .‬فهذا الرجل‬ ‫موظف عند السعوديني‪ .‬وإذا قررنا أن نحاور‬ ‫كي نصل إلى نتيجة‪ ،‬فيجب أن نحاور أسياد‬ ‫هذا الرجل‪ ،‬الذين يبدو أنهم ميارسون في لبنان‬ ‫«الدعارة السياسية» ال السياسة‪ ،‬ويسعون‬ ‫إلى تخريب لبنان‪ .‬ولألسف هذا النظام‬ ‫السعودي أصبح لديه «ق ّواد» هو النظام‬ ‫املصري مجدداً‪ ،‬الذي أتى لتقسيم لبنان إلى‬ ‫ويتحدث عن وحدة سنية‬ ‫شيع ومذاهب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومواجهة للفرس وما إلى ذلك!! أمتنى لو أنه‬ ‫يفكر في السنّة في غزة وكيفية إطعامهم‬ ‫ووقف جتويعهم‪ .‬أعتقد أن كل هذه األمور‬ ‫ستكون عائقا ً أمام مؤمتر احلوار في املرحلة‬ ‫املقبلة‪ .‬وأمتنى أن ال تكون هذه اجللسة املقبلة‬ ‫جلسة «يتيمة» قبل االنتخابات النيابية التي‬ ‫ستحدد األحجام احلقيقية للجميع»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫وهاب يزور لحو د ‪ :‬نستغرب «الضجة المفتعلة» على زيارة الوزير بارود الى دمشق‬ ‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬رئيس اجلمهورية السابق اميل حلود‪ ،‬حيث بحثا‬ ‫التطورات احمللية‪ .‬وقد وصف وهاب “ مؤمتر حوار االديان “‬ ‫الذي انعقد في نيويورك بـ “ املسرحية “‪.‬‬ ‫كما انتقد “ الضجة املفتعلة “ من قبل بعض اعضاء‬ ‫‪ 14‬شباط‪ ،‬على اثر زيارة وزير الداخلية والبلديات زياد‬ ‫بارود الى دمشق‪ ،‬داعيا ً الدولة اللبنانية الن تلتزم باالتفاق‬ ‫الذي حصل بني الوزير بارود واملسؤولني السوريني‪ ،‬جلهة‬ ‫التنسيق االمني املشترك‪ ،‬حفاظا ً على امن وسالمة‬ ‫البلدين‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪58‬‬


‫أعلن في مؤتمر صحافي أن سعد الحريري وشاكر العبسي وجهان لعملة واحدة‬

‫وهاب‪ :‬أتمنى على قيادة الجيش‬ ‫أن تأخذ صفة االدعاء الشخصي لكشف حقيقة ما حصل في نهر البارد‬

‫هذا النظام بفكره وبتركيبته ال ينتج إال إرهاباً‪ .‬لذلك‬ ‫على أميركا أن ترفع احلماية عن هذا النظام اإلرهابي‬ ‫خدمة للعالم‪.‬‬ ‫إما بالنسبة «لألستاذ سعد احلريري»‪ ،‬فيجب‬ ‫أن يرفع احلصانة النيابية عن نفسه ويضع نفسه‬ ‫بتصرف القضاء بعد ما سمعناه‪ .‬فقانون العقوبات‬ ‫يحاسب على املس بأمن الدولة اخلارجي‪ .‬لذلك يجب‬ ‫أن تتحرك النيابة العامة‪ ،‬ألن ما حصل ميس بأمن‬ ‫الدولة اخلارجي‪ .‬فالسيارة فخخها لبناني ومن أعطى‬ ‫األوامر هو مقيم في لبنان وحتت أعني االجهزة االمنية‬ ‫وبحماية سياسية من تيار سياسي‪ .‬هذا ما كشفه‬ ‫عناصر الشبكة‪.‬‬

‫عقد رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب مؤمتراً صحافياً في مكتبه في بئر‬ ‫حسن‪ ،‬تناول فيه قضية كشف األجهزة األمنية‬ ‫السورية للشبكة اإلرهابية واالعترافات اخلطيرة‬ ‫من قبل أعضائها‪ .‬وقد جاء في املؤمتر‪:‬‬ ‫«كشفت األجهزة األمنية السورية باالمس‬ ‫الشبكة التخريبية االتي شهدناها في وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫من الطبيعي أن تصدر مواقف عديدة اليوم حول هذا‬ ‫احلدث جلهة التشكيك او التأكيد وذلك تبعا ً للمواقف‬ ‫السياسية التي ينطلق منها كل طرف‪ .‬ولكن هذا‬ ‫األمر ال يجوز السكوت عنه وذلك ألسباب عدة أهمها‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬اجلو السياسي غالبا ً ما كان يسمح جلو أمني‬ ‫تخريبي‪.‬‬

‫تيار املستقبل‬ ‫يرعى التخريب في لبنان‬

‫ثانياً‪ :‬هناك املئات من الذين دفعوا حياتهم‬ ‫ثمنا ً لهذه اللعبة التخريبية التي جرت ألسباب‬ ‫سياسية في لبنان‪ .‬نحن منذ البداية كنا نعتبر ان‬ ‫تيار املستقبل هو الذي يرعى التيارات التخريبية في‬ ‫لبنان ألسباب عدة‪ ،‬لكن اتهامنا هذا في البداية كان‬ ‫اتهاما ً سياسيا ً ألننا كنا عاجزين عن إجبار األجهزة‬ ‫األمنية اللبنانية على الدخول في حتقيقات جدية‬ ‫حول هذا األمر‪.‬‬ ‫وعندما كانت تصل التحقيقات إلى مكان ما‪،‬‬ ‫كانت تتوقف حتى ال يصل التحقيق الى خوامته‬ ‫الصحيحة‪ ،‬وطبعا ً ألسباب سياسية‪ .‬وهذا ما سبب‬ ‫وجود ثغرة سمحت حلصول ما حصل خالل السنوات‬ ‫املاضية‪.‬‬

‫سعد احلريري «ابله وحقود»‬

‫ثالثاً‪ :‬لقد ظهر بالدليل القاطع امس‪ ،‬ان سعد‬ ‫احلريري وشاكر العبسي هما وجهان لعملة واحدة‪.‬‬ ‫واحد يعرف ما يريد ويستفيد من «بالهة» اآلخر‬ ‫لتنفيذ مشروعه اخلاص‪ .‬ولكن املفارقة هي أن هذا‬ ‫اآلخر هو أبله ولكنه حقود‪ .‬وال يستغرب أحد أن‬ ‫«أبل َه» ميكن أن يفعل كل هذا‪ ،‬فجورج بوش أبله‪،‬‬ ‫ولكنه حاقد ومجرم وقد دمر العالم‪ .‬فيمكن لهذا‬ ‫«احلقود املصغر» أن يفعل ما فعله في لبنان نتيجة‬ ‫أحقاده‪.‬‬

‫سعد احلريري سيدفع الثمن‬ ‫السياسي واملادي‬

‫رابعاً‪ :‬املطلوب من قيادة اجليش أال تترك قضية نهر‬ ‫البارد تذهب طي النسيان‪ ،‬فهناك عشرات الشهداء‬ ‫ومئات اجلرحى‪ .‬ومطلوب ج ّر كل من سبب وتدخل‬ ‫وحرض في قضية نهر البارد إلى السجن‪ .‬وهنا ال‬ ‫ننسى اللواء البطل الشهيد فرانسوا احلاج الذي‬ ‫كان ضحية عمله البطولي في نهر البارد وما رافقه‪.‬‬

‫لذلك أنا أمتنى على قيادة اجليش أن تتخذ صفة‬ ‫االدعاء الشخصي وأن تتعاون مع األجهزة األمنية‬ ‫السورية لكشف حقيقة ما حصل في نهر البارد‪ .‬ال‬ ‫يجوز أن نترك دماء ‪ 170‬شهيدا ً تذهب هدرا ً فقط ألن‬ ‫األمر يتعلق باحلوار والوفاق وما إلى ذلك‪ .‬وهنا أناشد‬ ‫أهالي الشهداء أن يتقدموا بدعاوى خاصة بحق‬ ‫سعد احلريري وتيار املستقبل مستندين إلى اعترافات‬ ‫اجملرمني باألمس للحصول على حقوقهم وتدفيعه‬ ‫الثمن‪ ،‬ليس املادي فقط بل املعنوي والسياسي أيضاً‪.‬‬ ‫وليأخذ القانون مجراه‪ .‬فأنا أعتبر كل من سقط في‬ ‫نهر البارد يساوي سعد احلريري‪ .‬ورغم أنه ميلك املال‬ ‫والسلطة فهذا ال يعني أن العدالة ال تطاله‪ ،‬فهو‬ ‫املسؤول ويجب أن يدرك ما يفعله تيار املستقبل في‬ ‫نهر البارد مع التيارات األصولية‪.‬‬

‫الترابط بني اجلرائم‬

‫خامساً‪ :‬على جلنة التحقيق الدولية وضع يدها‬ ‫على هذه القضية إذا كانت تعتبر أن كل األمور التي‬ ‫حصلت منذ عام ‪ 2005‬وحتى اليوم مترابطة‪ ،‬فهذا‬ ‫يعني أن جرمية اغتيال الرئيس احلريري التي نفذتها‬ ‫جهات سعودية وأميركية (كما اصبح واضحاً)‬ ‫مرتبطة بجرمية نهر البارد‪ .‬وان هناك فريقا ً واحدا ً نفذ‬ ‫اجلرائم منذ اغتيال احلريري وحتى آخر جرمية وهي التي‬ ‫استهدفت الشيخ صالح العريضي‪.‬‬ ‫سادساً‪ :‬أميركا يجب أن تساعد العالم مع الرئيس‬ ‫اجلديد‪ ،‬ويجب أن تخرج من سياسة جورج بوش الذي‬ ‫حمى العائلة السعودية خالل السنوات املاضية‬ ‫نتيجة املصالح النفطية بني عائلته والنظام احلاكم‬ ‫في السعودية‪ .‬على أميركا أن «تبيض» صفحتها‬ ‫(إذا أرادت أن تريح العالم)‪ ،‬بأن تريحه من النظام‬ ‫السعودي؛ هذه العائلة املتحكمة بالثروات من أجل‬ ‫اإلرهاب حتت عنوان املؤسسات الدينية والتوجيهية‪.‬‬ ‫هذا النظام اذا بقي على قيد احلياة فلن ينتج إال إرهابا ً‬ ‫يصدره إلى كل العالم‪ ،‬من الشيشان الى باكستان‬ ‫الى أفغانستان الى العراق الى لبنان الى كل مكان‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫يجب رفع احلصانة‬ ‫عن سعد احلريري‬

‫كل هذه األمور تستدعي رفع احلصانة عن النائب‬ ‫سعد احلريري ومثوله أمام التحقيق‪ .‬اين املشكلة؟!‬ ‫فهناك اكبر منه استدعوا ومثلوا أمام احملاكم‪.‬‬ ‫واملطلوب من القضاء أن يأخذ مجراه‪ .‬وعلى مدعي‬ ‫عام التمييز أن يتحرك بهذه القضية دون انتظار‬ ‫إذن من أي سياسي‪ .‬كما أمتنى على وزير الداخلية‪،‬‬ ‫الذاهب الى دمشق قريباً‪ ،‬أن يحصل من االجهزة‬ ‫االمنية السورية على كل التفاصيل‪ ،‬وان يتم إطالع‬ ‫االجهزة االمنية اللبنانية عليها للتنسيق في هذا‬ ‫االمر وإلقاء القبض على بقية الشبكة والتحقق‬ ‫من هذه املعلومات ملعاجلة وضعها‪ ،‬خاصة أن أعضاء‬ ‫الشبكة أكدوا في األمس أن شاكر العبسي خرج‬ ‫من مخيم نهر البارد وهو موجود ويعيد بناء جهازه‪،‬‬ ‫وأكدوا أيضا ً مبا ال يقبل الشك أن تنظيم القاعدة‬ ‫موجود في لبنان‪ ،‬ويعمل ويخطط‪ ،‬وهو مرتاح في‬ ‫البيئة التي أ ّمنها له تيار املستقبل في لبنان»‪.‬‬

‫قيادة اجليش تصوّب التحقيق‬ ‫باالجتاه الصحيح‬

‫أخيرا ً متنى وهاب أن حترك قضية كشف الشبكة‬ ‫االرهابية في سوريا‪ ،‬االجهزة االمنية اللبنانية باالجتاه‬ ‫الصحيح وأن تبدأ بالتركيز على الشبكات القائمة‬ ‫في لبنان ومالحقتها‪ ،‬حتى ال يذهب التحقيق‬ ‫الى املكان غير الصحيح كما كان خالل السنوات‬ ‫املاضية‪.‬‬ ‫كما اعتبر ايضا ً ان عدم إلقاء القبض على الفاعلني‬ ‫في بعض اجلرائم السابقة‪ ،‬سببه توجه التحقيق الى‬ ‫املكان اخلطأ‪ .‬فعندما ذهبت قيادة اجليش الى املكان‬ ‫الصحيح في التحقيق ووضعت الهدف الصحيح‪،‬‬ ‫استطاعت كشف اجلرائم التي حصلت بحق اجليش‪،‬‬ ‫وخالل أسابيع‪ ،‬وألقت القبض على أكثرية أعضاء‬ ‫الشبكة‪ .‬لكن هناك اجهزة امنية اخرى كانت تذهب‬ ‫في التحقيق الى املكان اخلطأ لذلك لم تكن لتُكشف‬ ‫كل هذه اجلرائم‪.‬‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫“المؤسسة التوحيدية للخدمات االجتماعية” في خدمة الوطن والمجتمع‬

‫رئيستها لين وهاب لـ”منبر التوحيد”‪ :‬بدأنا بإعداد‬ ‫الخطط والدراسات لبناء مستشفى في الشوف‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫رئيسة املؤسسة السيدة لني وهاب‬

‫في زمن طغت فيه عصبية التحزب األعمى على حكمة‬ ‫االعتراف باآلخر‪ ،‬وكبلت قيود التبعية واالستزالم حرية املواطن‬ ‫الفكرية والعقائدية‪ ،‬كان ال بد من والدة تيار سياسي يحمل‬ ‫لواء الثورة والتغيير‪ ،‬ويصر عليه عبر فتحه أفقاً إصالحياً‪ ،‬قاتالً‬ ‫للمفاسد ولكل ما يهدد الوطن وطاقاته‪ ،‬ال سيما الشبابية‪ ،‬عبر‬ ‫طرحه رؤية شاملة تهدف إلى إزالة ما اعترى لبنان من علل أسقمت‬ ‫كيانه وأوهنت أسسه فخلقت مجتمعاً ضعيفاً غارقاً في هموم‬ ‫حاكتها له خفافيش السلطة لتلهيه عن قضاياه وحقوقه ّ‬ ‫احملقة‬ ‫وإبعاده عن مواطنيته‪ ،‬لتضعه أمام خيارين أحالهما مر‪ ،‬فإما نفس‬ ‫ضعيفة مهانة وإما خيار حزم احلقائب والسفر‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬رفض تيار التوحيد اللبناني هذا‪ ،‬وخاصة النظرة التي‬ ‫يحملها البعض من أصحاب النفوس الضعيفة‪ ،‬التي يجاهر بها‬ ‫دومنا حياء‪ ،‬عند املقارنة بني لبنان ودول املهجر‪ ،‬التي حتمل في طياتها‬ ‫الكثير من النقد واالستهزاء‪ .‬فبالنسبة للتيار‪ ،‬الوطن ليس فندقاً‬ ‫نختار عدم النزول فيه‪ ،‬ألن خدمته أقل من فندق آخر‪ ،‬أو أن فرشه‬ ‫ورياشه ليسا أفضل من فندق مماثل‪ .‬كما ليس قميصاً نخلعه‬ ‫ساعة نشاء‪ ،‬لنرتدي قميصاً آخر أفضل منه نسيجاً وحياكة بل‬ ‫إنه فعل إميان راسخ ووالء غير مشروط‪.‬‬ ‫انطالقاً من هذا الطرح أخذ التيار على عاتقه عملية تغيير‬ ‫اجملتمع تغييراً شامالً‪ ،‬فعمل طوال السنتني املاضيتني على‬ ‫حتقيقها‪ ،‬عبر خطاب سياسي ميّزه عن باقي األحزاب السياسية‪،‬‬ ‫وعمل اجتماعي ُصعق كثيرون من جرأة هدفه جلهة حترير املواطنني‬ ‫من براثن اإلقطاعية‪ ،‬متوّجاً عمله هذا بتأسيس جمعية اجتماعية‬ ‫باسم‪“ :‬املؤسسة التوحيدية للخدمات االجتماعية”‪ ،‬بهدف إطالق‬ ‫نهضة شاملة في كل النواحي االجتماعية والتربوية والصحية‪،‬‬ ‫محاربة الفقر والفساد بني األفراد واجملتمع‪ ،‬نشر التربية والتعليم‬ ‫عن طريق فتح املدارس اخلاصة وإدارتها في مختلف مراحل التعليم‬ ‫وإقامة مراكز صحية‪“ .‬منبر التوحيد” التقت رئيسة املؤسسة‬ ‫السيدة لني وهاب لتسليط الضوء على عمل اجلمعية وطبيعته‬ ‫واخلطط املوضوعة لتنفيذ أهدافها‪ ،‬فكان هذا احلوار‪:‬‬

‫كثر اليوم من داخل التيار وخارجه يتساءلون عن سبب تأسيس‬ ‫املؤسسة؟‬ ‫سبب تأسيس املؤسسة يعود الى إدراكنا حاجة مجتمعنا املاسة‬ ‫ملؤسسات تستطيع مساعدته على النهوض في ظل غياب الدولة املستمر‪،‬‬ ‫علما ً بأن الدولة عادة ال تستطيع أن تقوم بكل شيء في اجملتمع‪ .‬هذا إذا‬ ‫كانت دولة ناجحة فكيف إذا كانت دولة مقصرة‪ ،‬خاصة جتاه اجملتمعات‬ ‫الريفية النائية‪ .‬هذا التقصير يستوجب علينا وعلى جميع اجلمعيات األهلية‬ ‫مد يد املساعدة‪ .‬طبعا ً ال نستطيع أن نحل مكان الدولة لكن نستطيع أن‬ ‫نقدم عونا ً إضافيا ً للناس‪ ،‬فخدمات الدولة ال تصل الى كل املناطق في لبنان‬ ‫بسبب تغييب سياسة اإلمناء املتوازن طوال السنوات املاضية‪ ،‬مما يستدعي‬

‫جهدا ً من اجلمعيات األهلية مللء جزء من الفراغ‪.‬‬ ‫إلى ماذا يرمز شعار املؤسسة املؤلف من إنسان وشمس؟‬ ‫الشعار يستخدم في أكثر الدول األوروبية ويعني اإلنسان في كل مراحله‪،‬‬ ‫ووجود الشمس إلى جانب اإلنسان في الشعار لتنير طريقه نحو طموحاته‬ ‫التي من دون شك ترتقي إلى األعلى‪.‬‬ ‫من سيموّل مشاريع املؤسسة؟‬ ‫ً‬ ‫ال نزال في مراحلنا األولى‪ ،‬نشأت املؤسسة منذ فترة قصيرة جدا‪ ،‬ما‬ ‫نحتاج إليه اآلن يؤمنه لنا رئيس التيار الرفيق وئام وهاب‪ .‬سنجري اتصاالت‬ ‫مع جهات داعمة ولكن بعد أن تصبح برامجنا واضحة وبعد أن تنهي‬ ‫اجلمعية حتضير دراسات املشاريع التي من املفترض أن يأتي الدعم وفقا ً لها‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫حاليا ً تلقينا سيارة إسعاف من حزب اهلل ستبقى في منطقة الشوف وأمنّا‬ ‫سيارة اخرى الى املنت األعلى‪.‬‬ ‫ما هو اإلطاراجلغرافي لعمل املؤسسة؟‬ ‫كمواطنني علينا دائما ً أن نفكر بلبنان‪ ،‬لكن هذا يتطلب توفيرإمكانات‬ ‫ضخمة‪ ،‬لذلك حاليا ً سيكون نطاق عملنا ضمن منطقة اجلبل‪ ،‬وحاصبيا‬ ‫وراشيا‪ .‬وإذا استطعنا توفير اإلمكانات املطلوبة للعمل على صعيد لبنان‪،‬‬ ‫فبكل تأكيد اجلمعية لن تو ّفر أي جهد من جهودها‪.‬‬

‫مشاريع طويلة األمد‬

‫ضرورة تفرغ التيار للعمل السياسي والتنظيمي‪ ،‬واملؤسسة ستكون‬ ‫كشقيقة للتيار‪ .‬مبعنى آخر التيار كما يقول الرئيس سيتفرغ للعمل‬ ‫التنظيمي والسياسي والعقائدي والوطني‪ ،‬واجلمعية للعمل االجتماعي‬ ‫والتربوي والصحي‪ ،‬والكشاف سيتولى العمل الكشفي وتربية اجليل اجلديد‬ ‫واخمليمات والنشاطات الفنية والرياضية والثقافية‪.‬‬ ‫هل هناك مشروع ألي جمعيات أو مؤسسات أخرى داخل التيار‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى الكشاف واجلمعية االجتماعية؟‬ ‫بكل تأكيد ولرمبا أولها سيكون جمعية بيئية تُنجز أوراقها حالياً‪.‬‬ ‫وضع التيار في “برنامج اخلالص الوطني” مبادئ وأهدافاً‪ ،‬خطة وطنية‬ ‫للنهوض االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬إذا كان النهوض االقتصادي سيتحقق‬ ‫من خالل هذه اجلمعية‪ ،‬فعلى من تقع مسؤولية النهوض االقتصادي؟‬ ‫النهوض االقتصادي مسؤولية الدولة على صعيد الوطن وليس مسؤولية‬ ‫مؤسسة أو جمعية‪ ،‬ولكن التيار من خالل مشاركته في السلطة إن شاء‬ ‫اهلل في املستقبل سيسعى إلى وضع خطة وطنية للنهوض االقتصادي‪.‬‬ ‫أما بإمكانياته اخلاصة فال ميكنه حتقيق النهوض االقتصادي‪ .‬املؤسسة‬

‫هل من نشاط قريب للمؤسسة؟‬ ‫نحن اآلن بصدد وضع دراسات للمشاريع التي ستنفذها املؤسسة‪،‬‬ ‫لكن نحتاج الى بعض الوقت‪ .‬ال نستطيع أن نتأمل بعمل قريب جداً‪ ،‬إال‬ ‫ضمن نشاطات وأهداف صغيرة نسبيا ً من وجهة نظرنا‪ .‬كما ال نستطيع‬ ‫أن نبني اآلن قصورا ً من رمل‪،‬‬ ‫فاملشاريع التي تسعى املؤسسة‬ ‫لتحقيقها طويلة األمد‪ ،‬اما اآلن‬ ‫ سنجري اتصاالت مع جهات داعمة ولكن‬‫ومبناسبة عيد االضحى سنوزع‬ ‫مساعدات متواضعة على بعد أن تصبح برامجنا واضحة‬ ‫احملتاجني وضمن امكاناتنا‪.‬‬ ‫والبرامج‬ ‫ما هي اخلطط‬ ‫ حاليا ً تلقينا سيارة إسعاف من حزب اهلل‪.‬‬‫املوضوعة لعمل املؤسسة؟‬ ‫نحن ما زلنا في النطاق سنضعها في منطقة الشوف وأمنّا أخرى‬ ‫الدراسي كما قلت‪ ،‬ونحاول أن للمنت األعلى‪.‬‬ ‫ننظم امللف الصحي للتخفيف‬ ‫قدر اإلمكان من أعباء املواطنني‪،‬‬ ‫ في السياسة اجلمعية تخضع لقرار التيار‪،‬‬‫وستكون هناك دورات تدريبية‬ ‫على إسعافات أولية‪.‬‬ ‫أما في الشؤون االجتماعية والصحية والتربوية‬ ‫حاليا ً التيار اشترى أرضا ً‬ ‫أصبحت جاهزة في الشوف‪ ،‬وبدأنا فلها استقالليتها‬ ‫بإعداد اخلطط والدراسات لبناء‬ ‫مستشفى حتت اسم “مستشفى‬ ‫ستسعى إلقامة بعض املؤسسات لكن هذه املؤسسات ال حتل املشكلة‪.‬‬ ‫ولكن‬ ‫املنت‪.‬‬ ‫كعاليه‪،‬‬ ‫أخرى‬ ‫مناطق‬ ‫في‬ ‫أراض‬ ‫تأمني‬ ‫سلمان الفارسي”‪ .‬وسنحاول‬ ‫ٍ‬ ‫املواطن يجب أن يعلم أن له حقا ً على الدولة التي مي ّولها عبر دفع الضرائب‬ ‫طويل‬ ‫لوقت‬ ‫حتتاج‬ ‫مسألة‬ ‫هذه‬ ‫بأشهر‪.‬‬ ‫ينتهي‬ ‫ال‬ ‫هذا املشروع سيبدأ ولكن‬ ‫لها والدولة يجب أن تعلم أن للمواطن حقا ً عليها‪.‬‬ ‫رمبا سنوات‪ ،‬إذا متكنا من تأمني الدعم الالزم‪ ،‬ولكن األجواء مشجعة نتمنى أن‬ ‫نبدأ عما قريب‪ .‬هذا املشروع وضع على سكة العمل لكن املؤسسة لن تنفذ‬ ‫نؤسس لعالقات تعاون متينة‬ ‫أي مشروع قبل دراسته بشكل معمق كي ال نقع ال سمح اهلل في هفوات أو‬ ‫أخطاء يكون تأثيرها سلبيا ً على عمل املشروع أو مسيرة اجلمعية‪.‬‬ ‫إطالق نهضة في اجملتمع أحد أهداف اجلمعية‪ ،‬ويجعلكم تشتركون‬ ‫عالم تركزون في دراسة املشاريع التي ذكرتها؟‬ ‫نتوخى في هذه الدراسات حتديد األولوية من املشروع الذي تنوي اجلمعية في األهداف مع جمعيات أخرى‪ ،‬هل هناك خطط موضوعة إلقامة عالقة‬ ‫إقامته‪ ،‬كما دراسة أمور عديدة تتعلق بطبيعة األرض واملشاريع املنوي تعاون مع بعضها؟‬ ‫حتما ً ستتعاون املؤسسة مع جمعيات أو مؤسسات أخرى في لبنان‬ ‫إقامتها وأمور اخرى متعلقة باخلرائط والرخص‪.‬‬ ‫ما طابع املؤسسات التي ستنشئها املؤسسة‪ ،‬خيرية أم تتوخى واخلارج حتى‪ .‬وسنحاول التعاون على أساس برامج واضحة حتى نؤسس‬ ‫لعالقات تعاون متينة‪ .‬لهذا يجب أن يكون مسار عملنا وخططنا واضحا ً‬ ‫الربح؟‬ ‫املؤسسات دائما ً ستكون في خدمة الوطن واجملتمع والناس بالدرجة األولى‪ ،‬ومحدداً‪ ،‬وخاصة في تعاوننا مع جمعيات خارجية‪ ،‬فال أحد يتعاون مع‬ ‫ولكل الطبقات‪ ،‬وستساعدهم لتكون حياتهم أسهل في الظروف التي يعيشها جمعية ما أو يقدم دعما ً لها بدون شروط واضحة‪.‬‬ ‫هل حددت أسماء هذه اجلمعيات؟‬ ‫لبنان‪ .‬وإذا حققت الربح فبكل تأكيد سيعود ريعه إلى عمل خيري آخر‪.‬‬ ‫حتى اآلن ال‪ ،‬نحن ترجمنا رخصة املؤسسة إلى اللغة الفرنسية‬ ‫واإلنكليزية وسنقدمها إلى هيئات اجتماعية‪ .‬كل ما سيحصل‬ ‫اجلمعية شقيقة للتيار‬ ‫سنضع الناس في أجوائه‪ ،‬عمل املؤسسة سيكون دائما ً واضحا ً‬ ‫ً‬ ‫وستكون على اتصال دائم مع الناس وسيكونون دائما على معرفة‬ ‫ما طبيعة العالقة التي تربط التيار واملؤسسة؟‬ ‫بأبرز ما تقوم به‪.‬‬ ‫في السياسة املؤسسة تخضع لقرار التيار‪ ،‬أما في الشؤون االجتماعية‬ ‫حوار ‪ :‬وعد ابو ذياب‬ ‫والصحية والتربوية فلها استقالليتها‪ ..‬رئيس التيار يركز باستمرار على‬

‫‪61‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫أقام غداء على شرف سفراء وقناصل دول في أميركا الالتينية‬

‫وهاب‪ :‬ما ورد من اعترافات عن عالقة «تيار المستقبل» بفتح اإلسالم قليل‬

‫وهاب أثناء استقباله الدبلوماسيني‬ ‫استقبل رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب‪ ،‬في دارته في اجلاهلية‪،‬‬ ‫سفيري دولتي فنزويال وكوبا‪ ،‬وقنصلي دولتي‬ ‫فنزويال‪ ،‬االكوادور والبراغواي في لبنان‪ ،‬وبحضور‬ ‫بعض أعضاء املكتب السياسي في التيار‪ .‬حيث‬ ‫أقام وهاب مأدبة غداء تكرميية‪ ،‬ثم حتدث بعدها‬ ‫قائالً‪:‬‬ ‫“لقاؤنا اليوم مناسبة‪ ،‬بحثنا فيها مختلف‬ ‫التطورات‪ .‬من الطبيعي أن العالم مرتاح أكثر‬ ‫اليوم‪ ،‬مع قرب ذهاب جورج بوش‪ .‬وخاصة دول‬ ‫أميركا الالتينية‪ ،‬التي ستشهد انفراجا ً اكبر في‬ ‫العالقات الدولية مع رحيله‪ .‬وهذا أمر أساسي”‪.‬‬ ‫كما علق وهاب على ما ظهر في وسائل االعالم‬ ‫باالمس من ود كبير بني عبد اهلل بن عبد العزيز‬ ‫وجورج بوش‪ ،‬مستغربا ً ككل العالم وكل العرب‪،‬‬ ‫ما فعله باالمس هذا “املنافق الكبير” مع جورج‬ ‫بوش‪ .‬فقال‪“ :‬هذا امللك الذي ينافق في ماله وفي‬ ‫دينه وعروبته‪ ،‬أسأله‪ :‬كأس من كنت تشرب‬ ‫باالمس مع جورج بوش؟! أكأس املليون عراقي‬ ‫الذين قتلوا على يد جورج بوش؟! أكأس املسجونني‬ ‫في غوانتانامو وابو غريب؟! ام كأس املليون ونصف‬ ‫محاصر وجائع في غزة وكأس العالم الذي دمره‬ ‫بوش؟! الى متى سيستمر هذا امللك املنافق‪،‬‬ ‫واملنافقون اآلخرون في لبنان‪ ،‬الذين سمعناهم‬ ‫باالمس يدافعون عن السعودية (ومنهم رجال‬ ‫دين)؟! ولكن آصبح من الواضح انه عندما‬ ‫يحضر املال‪ ،‬يبطل االستغراب‪ ،‬ونفهم عندها‬ ‫ملاذا بعض املفتني وبعض رجال الدين يدافون عن‬ ‫السعودية‪ !!..‬فاملال يحل كل املشاكل!!‬ ‫آما بالنسبة لهذا “ الغ ّر السعودي” الذي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫صورة تذكارية‬ ‫تهجم باالمس على الذين يحملون على‬ ‫السعودية‪ ،‬آسأله‪ :‬هل لك أن تخبرنا عن إجنازات‬ ‫هذه اململكة؟! أين؟! في فلسطني؟! في العراق؟!‬ ‫ام في الداخل السعودي!! يتحدث عن حوار االديان‪،‬‬ ‫وباالمس صدر حكم بجلد طبيب مصري ‪1500‬‬ ‫جلدة ألنه أخطأ خطأ بسيطاً!! ما هذا النظام‬ ‫الدميوقراطي العظيم‪ ،‬املتسامح!!!‬ ‫أقول لهذا “الغر السعودي” املوجود في لبنان‪،‬‬ ‫ويتوعد بأنه سيربح االنتخابات‪ :‬إعلم‬ ‫والذي يهدد‬ ‫ّ‬ ‫أن هذا البلد لن يستطيع أن يحكمه أبناء عبد‬ ‫العزيز‪ ،‬وال السعودية!! هذا البلد ال يستطيع ان‬ ‫يحكمه موظف مثلك في بالط السلطان فهد‬ ‫بن عبد العزيز‪ .‬ولبنان اكبر من ان يشتريه سعد‬ ‫احلريري وغيره!!”‬ ‫من ناحية اخرى أشاد وهاب بكالم وزير العدل‬

‫‪62‬‬

‫اللبناني الدكتور ابراهيم جنار‪ ،‬جلهة حيادية‬ ‫وعقالنية ومنطقية الكالم الذي قاله حول‬ ‫التحقيقات التي صدرت في سوريا مبوضوع فتح‬ ‫االسالم‪ ،‬وحرصه على مصلحة لبنان‪ ،‬معتبرا ً أن‬ ‫هذه التحقيقات ساعدت اجليش اللبناني في‬ ‫كشف الكثير من االشخاص ومن االرتباطات‪.‬‬ ‫وأشار الى دقة التحقيق معتبرا ً انه لو لم تكن هذه‬ ‫االعترافات التي نشرت في سوريا دقيقة‪ ،‬ملا بادر‬ ‫اجليش اللبناني الى اعتقال الكثير من املطلوبني‬ ‫الذين وردت أسماؤهم في هذه االعترافات‪.‬‬ ‫كما رأى وهاب ان ما ورد في االعترافات من عالقة‬ ‫لتيار املستقبل بفتح االسالم‪ ،‬قليل‪ ،‬فالدور الذي‬ ‫لعبه تيار املستقبل وسعد احلريري (دون ان يدري)‪،‬‬ ‫اكبر وأخطر‪ ،‬معتبرا ً ان االيام املقبلة ستكشف‬ ‫خطورة هذا الدور‪.‬‬


‫محاضرة لرئيس اللجنة الثقافية في هيئة العمل التوحيدي‬

‫الشيخ راتب نصرهللا ابو ذياب ‪:‬‬ ‫هناك ما يربط االديان بدعوة الى توحيد الخالق‬ ‫حتت عنوان املوحدون والعالقة مع املذاهب‬ ‫االخرى‪ ،‬القى رئيس اللجنة الثقافية في هيئة‬ ‫العمل التوحيدي الشيخ راتب نصر اهلل ابو ذياب‬ ‫محاضرة في مقر هيئة العمل التوحيدي ابرز‬ ‫ما جاء فيها‪:‬‬ ‫يُبني ما جاء حتت هذا العنوان مفهوم التوحيد‬ ‫املوحد مع‬ ‫كمذهب اسالمي توحيدي وعالقة‬ ‫ّ‬ ‫هذا املفهوم دينا ً ودنيا بكامل االوجه واالبعاد‬ ‫والتعاليم وتطبيقها نية وقوال ً وعمالً ليكون‬ ‫بجوهرية توحيده انسانا ً حقيقيا ً جوهريا ً‬ ‫وتوحيده نوره الذي يرشده الى اكتساب الفضائل‬ ‫واجتناب خالفها ويطلق في قلبه نداء االمر‬ ‫باملعروف والنهي عن املنكر ويفتح عليه ابواب‬ ‫االلهام واملعرفة التوحيدية اجلوهرية فتكون‬ ‫له نورا ً ميشي به في الناس فيكون قضا ًء بها‬ ‫ومضيئا ً مبقدار متسكه وصدقة والتزامه ووعيه‬ ‫فيكون عازما ً عاملا ً عامالً‪.‬‬ ‫وهو بعالقته مع املذاهب االسالمية االخرى‬ ‫مبنزلة الفكرة احملورية في النص الديني كون‬ ‫التوحيد هو احلقيقة اجلوهرية لكافة هذه املذاهب‬ ‫فعاال ً‬ ‫لذا يصح لزاما ً عليه ان يكون جوهريا ً ّ‬

‫ايجابيا ً في العالقة مع املذاهب االخرى دينا ً ودنيا‬ ‫اذ ان القرآن الكرمي مصدر هذه املذاهب وموحدها‬ ‫مما يجعلها اقوى من اي فتنة تعمل على التفريق‬ ‫واخلالف فيما بينها محافظة على وحدتها‬ ‫ومنطلقة الى مصالح شعوبها دينا ً ودنيا‬ ‫كذلك العالقة مع االديان االخرى فالشرائع‬

‫السماوية مقدسة وهنالك ما يربط هذه االديان‬ ‫بدعوة الى توحيد اخلالق جل جالله واالميان املطلق‬ ‫بالكتب السماوية واالنبياء والرسل ومبدأ اخلير‬ ‫والعدل ومنهج بناء االنسان الصالح واجملتمع‬ ‫الصالح وبالتالي التالقي على مصلحة االنسان‬ ‫وانقاذه من الظلم واجلهل واالنطالق به الى‬ ‫املعرفة النورانية والزمنية فال يكون املوحد في هذا‬ ‫املضمار اال نبراسا ً وقدوة ومثالً النه من املفروض‬ ‫انه يجاهد نفسه مستمرا ً بجهاده ليطبق ما‬ ‫تقدم ذكره وبالتالي مقاوما ً لكل ما يخالف ذلك‬ ‫فهو مقاوم فكيف على صعيد الوطن فيصبح‬ ‫ذلك حتصيل حاصل ملواقفه وتضحياته وثوابته‬ ‫اجلوهرية التاريخية وعلى كل صعيد وطني وقومي‬ ‫وانساني‪“ ...‬وقد اعتمد مبدأ االحترام لدور كل فرد‬ ‫صالح ودين ومذهب فال يلغي الواحد االخر ومبدأ‬ ‫االمر هلل والوطن للجميع لتسير سفينة الوطن‬ ‫الى شاطئ السالم‪ .‬وقد عبر عن دوره في مراحل‬ ‫التاريخ وصوال ً الى املقاومة الوطنية في لبنان‬ ‫واجلوالن وفلسطني وقناعته الثابته لها قناعة ال‬ ‫تتزعزع ضد املؤمرات التي تستهدف الوطن في‬ ‫لبنان واالمة العربية‪.‬‬

‫نشاط فروع‬

‫وهاب يقوم بواجب التعزية‬

‫م ّثل أمني الداخلية الرفيق هشام األعور رئيس‬ ‫تيار التوحيد اللبناني الرفيق وئام وهاب على رأس‬ ‫وفد من املفوضيات‪ ،‬في حفل االستقبال الذي‬ ‫أقامه احلزب السوري القومي االجتماعي ملناسبة‬ ‫الذكرى السادسة والسبعني لتأسيسه في فندق‬ ‫الكورال بيتش ـ بيروت‪ ،‬وقدم التهاني لرئيس احلزب‬ ‫أسعد حردان وأعضاء قيادة احلزب‪.‬‬

‫شيعت بلدة اجلاهلية الشيخ أبو نزيه مجيد العياص وذلك نهار السبت في ‪،2008/11/15‬‬ ‫وتقدم املشيعني رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب الذي قدم واجب العزاء ألهالي‬ ‫الفقيد وجنله نبيه إلى جانب وفد من التيار‪ ،‬وبهذه املناسبة يتقدم تيار التوحيد اللبناني من‬ ‫عائلة الفقيد بالعزاء ملصابهم اجللل ويسألهم الصبر والسلوان‪.‬‬

‫شارك وفد قيادي من تيار التوحيد اللبناني‬ ‫برئاسة نائب الرئيس سليمان الصايغ بواجب تقدمي‬ ‫العزاء باملرحومة أم أنور عفيفة زيدان في رويسة‬ ‫البلوط‪ ،‬نهار األربعاء الواقع فيه ‪ .2008/11/19‬كما‬ ‫قدم الوفد التعازي بوالدة مفوض بيصور الرفيق‬ ‫عمر العريضي حاملني أخلص املواساة من رئيس‬ ‫تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‪.‬‬

‫شارك رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب‪ ،‬صباح يوم اجلمعة ‪،2008/11/14‬‬ ‫بتشييع الشيخ أبو وجيه سالم نصر اهلل‪ ،‬عميد آل نصر اهلل ذياب في جرمانا في سوريا‪،‬‬ ‫برفقة املرجع الروحي سماحة الشيخ ابو علي سليمان أبو ذياب‪ ،‬مع حشد من رجال الدين‬ ‫واملواطنني‪ ،‬ورئيس هيئة العمل التوحيدي الشيخ صالح ضو‪ .‬وكانت تقام في الوقت واملكان‬ ‫نفسيهما جنازة ثانية للشيخ علم الدين منذر شقيق الشيخ العالم ابو حسني علي منذر‪.‬‬ ‫حيث كان استقبال التعازي من كلتا العائلتني واجلمهور الغفير الذي حضر‪ ،‬وعلى رأسهم‬ ‫الشيخ أبو حمود فارس كاتبة والشيخ ابو نبيل سليمان د ّبوس املرجعية الروحية في جرمانا‪،‬‬ ‫ثم شارك الشيخ أبو ذياب بالصالة على اجلنازتني‪ ،‬وبعد التشييع حضر الوفد الى دار الفقيد‬ ‫الستكمال التعازي وتقدم عن آل الفقيد الشيخ راتب نصر اهلل بكلمة شكر للوفد جاء‬ ‫فيها‪“ :‬وجودكم غسل احلزن في قلوبنا وأثبت قوة العالقة بيننا كعائلة واحدة وشعب واحد‬ ‫في السراء والضراء في لبنان وسوريا‪ ...‬وعظم اهلل أجركم”‪.‬‬

‫‪63‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬ ‫وفد من هيئة العمل التوحيدي يجول على مواقع المقاومة في الجنوب ويلتقي مسؤوليها‬

‫ً‬ ‫مستحيال أصبح اليوم ممكناً‬ ‫الشيخ صالح ضو‪ :‬ما كان باألمس‬

‫جال وفد من هيئة العمل التوحيدي‬ ‫برئاسة الشيخ صالح ضو‪ ،‬على املناطق في‬ ‫اجلنوب اللبناني‪ ،‬تلبية لدعوة من قيادة حزب‬ ‫اهلل واملقاومة اإلسالمية مبناسبة ذكرى‬ ‫يوم الشهيد‪ ،‬حيث كان في استقبال الوفد‬ ‫ممثلون عن قيادة حزب اهلل واملقاومة‪ .‬وكانت‬ ‫اجلولة على املواقع األساسية التي تصدى‬ ‫بها املقاومون في عدوان متوز ‪ ،2006‬وشملت‬ ‫اجلولة أيضاً‪ ،‬بنت جبيل‪ ،‬ومارون الراس‪ ،‬وعيتا‬ ‫الشعب‪ ،‬وعيترون‪ ،‬وقانا والنبطية‪ .‬وفي ختام‬ ‫اجلولة أقام حزب اهلل حفل غداء على شرف‬ ‫الوفد في مدينة صور حيث استقبل الوفد‬ ‫ممثال ً عن مسؤول اجلنوب في حزب اهلل فضيلة‬ ‫الشيخ نبيل قاووق بالترحاب وكانت له كلمة‬ ‫في املناسبة‪.‬‬

‫الشيخ ضو‬ ‫وبعدها ألقى الشيخ ضو كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫في يوم الشهيد وفي حضرة الشهداء‪ ،‬نقف‬ ‫خاشعني أمام عظمة القضية ونبلها‪ ،‬التي‬ ‫استشهد من أجلها األبطال اجملاهدون الذين‬ ‫كانت شهادتهم انبعاثا ً حلياة الوطن واألمة‪،‬‬ ‫هؤالء الذين غيرت دماؤهم الزكية مجرى التاريخ‬ ‫وأعادت كتابة سطوره مبداد العزة والكرامة‪،‬‬ ‫وأصبح هذا الشرق حقا ً مشرقا ً بفضل هؤالء‬ ‫األبطال الذين حققوا بعزم إميانهم وثباتهم ما‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الشيخ صالح ضو مع مسؤولي املقاومة في اجلنوب‬ ‫عجزت عنه األنظمة العربية من حترير وصمود‬ ‫منذ ستني عاماً‪ ،‬وبفضل تضحيات اجملاهدين‬ ‫البواسل نقف اليوم على بوابة العنفوان‬ ‫ومجد األمة العربية واإلسالمية‪ ،‬نعم‪ ...‬وكأني‬ ‫بلسان حال الشهداء يقول من عليائهم‪ :‬ال‬ ‫تستطيع أي قوة في العالم أن تنتزع حقوق‬ ‫وحرية من أراد الوقوف عند حدود كرامته‪،‬‬ ‫آمنوا بالنصر وانتصروا وهلل نصير املؤمنني‪،‬‬

‫‪64‬‬

‫إجالل وإكبار لك يا سيد الشهداء السيد‬ ‫حتية‬ ‫ٍ‬ ‫عباس املوسوي وإلى شيخ اجملاهدين الشيخ‬ ‫راغب حرب وعماد املقاومني احلاج رضوان الذين‬ ‫أضاؤوا شعلة املقاومة وتوهجت لتنير دروب‬ ‫األحرار‪ ،‬وإلى كل الشهداء األبرار امليامني الذين‬ ‫ضنعوا النصر املبني‪.‬‬ ‫تابع‪ :‬كما نتوجه بتحية ملؤها الصدق‬ ‫واحملبة من املسلمني املوحدين ومن جبل‬


‫معروف املقاوم إلى سيد املقاومني وحامل‬ ‫لواء عزة العرب واملسلمني سماحة األمني‬ ‫العام وإلى كل اإلخوة اجملاهدين الرابضني على‬ ‫حدود الوطن املتيقظني ليال ً ونهارا ً للدفاع عن‬ ‫كرامة الوطن واستقالله وحماية املواطنني‬ ‫من غدر الصهاينة املرجمني وقتلة األنبياء‬ ‫واملرسلني‪ ،‬عهدا ً لكم أيها الشهداء بأن نكون‬ ‫أوفياء لدمائكم الطاهرة وأن نكون دائما ً إلى‬ ‫جانب األبطال املقاومني في السراء والضراء‬ ‫انسجاما ً مع تاريخنا الذي ورثناه مما سبقنا‬ ‫على هذا الدرب‪.‬‬ ‫أضاف‪ :‬كما نتوجه إلى اإلخوة املقاومني‬ ‫في فلسطني العربية اجلريحة املقاومة الذين‬ ‫يواجهون االحتالل بصدورهم وباحلجارة‪،‬‬ ‫لهؤالء اإلخوة نقول إن حجارتكم ستدمر هذا‬ ‫الكيان الغاصب‪ ،‬بفضل عزميتكم وإميانكم‬ ‫الذي هو أقوى من أسلحة بعض األنظمة‬ ‫العربية التي تأتي بها ال لتدافع عن حقوقها‬ ‫وحترر أراضيها‪ ،‬بل لتنال عطف وود اإلدارة‬ ‫األميركية وبالد الغرب من خالل املليارات التي‬ ‫تنفقها على هذه األسلحة التي يتآكلها‬ ‫الصدأ في الصحراء الشائعة‪ ،‬وإذا كانوا‬ ‫سيجلسون على الطاولة مع اجملرم القاتل‬ ‫والعدو األول حتت شعار حوار األديان فلماذا‬ ‫هذا السالح؟ لذلك أيها اإلخوة املقاومون‬ ‫على أرض فلسطني الطاهرة شددوا عزميتكم‬ ‫واصبروا وصابروا والنصر سيكون حليفكم‪،‬‬ ‫وما كان باألمس مستحيال ً أصبح اليوم ممكناً‪،‬‬ ‫إن اهلل معكم‪ ،‬لقد صدق وعده وبر عهده‬ ‫ونصر جنده وهزم األحزاب وحده‪.‬‬ ‫إن هذا الكيان لزوال إن شاء اهلل والنصر آت ال‬ ‫محال‪ ،‬والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬

‫الوفد أمام شهداء بنت جبيل‬

‫الوفد يجول في القرى املدمرة‬

‫‪65‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫حاجز محبة لـ«تيار التوحيد» في قرنايل يستفز حقد االشـــــــــ‬

‫الفتـة لإلسـتقالل وتوزيع الورود على المواطنين يدفـــــــــ‬ ‫فجر اإلشكال الذي وقع بني عناصر تيار التوحيد‬ ‫اللبناني وآخرين من احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫في بلدة قرنايل‪ ،‬اخلالفات التاريخية التي طبعت‬ ‫العالقة بني مختلف القوى السياسية التي‬ ‫تتقاسمها‪ ،‬وقد أثارت هذه احلادثة ردود أفعال‬ ‫كثيرة واستنكارا من اهالي البلدة وشجبهم‬ ‫مما تعرض له مؤيدو تيار التوحيد اللبناني من‬ ‫استفزازات من قبل عناصر احلزب االشتراكي‪،‬‬ ‫والقوات اللبنانية‪ ،‬على خلفية تعليق التوحيديني‬ ‫الفتة مبناسبة عيد االستقالل على مدخل البلدة‬ ‫وتوزيع الورود‪.‬‬ ‫بدأ اإلشكال عندما أقامت مفوضية املنت‬ ‫االعلى العامة في تيار التوحيد اللبناني حواجز‬ ‫محبة على الطرق‪ ،‬حيث قام شباب وشابات‬ ‫التوحيد بتوزيع ورود حمراء على املارة ورفعت‬ ‫الالفتات في مختلف قرى املنت األعلى مجسدة‬ ‫معاني االستقالل احلقيقي الذي ترسخ مع‬ ‫انتصار املقاومة على العدوان االسرائيلي في‬ ‫حرب متوز‪ .‬وقد حرصت مفوضية املنت االعلى‬ ‫على ان يكون نشاطها منظما جيدا ودقيقا‬ ‫تفاديا ً ألي احتكاكات مع القوى السياسية‬ ‫االخرى‪ ،‬لذلك عمدت‪ ،‬بالتنسيق مع رؤساء‬ ‫البلديات إلى رفع الالفتات وتوزيع الورود في‬ ‫االماكن التي سمح لها إلحياء هذه الذكرى‬ ‫الوطنية‪ ،‬وهو ما اعتبره احلزب االشتراكي‬ ‫وحليفه من “القوات اللبنانية” إهانة لهم‪،‬‬ ‫محاولني التعرض لالفتة التي علقت على‬

‫اعضاء التيار حتت الفتة رفعوها باسم مفوضية املنت‬

‫الالفتة التي رفعتها مفوضية رويسة البلوط‬

‫حاجز محبة للتيار قابله حاجز من احلقد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ووزعت الورود ايضا ً الى ركاب الباصات‬

‫‪66‬‬


‫ـــــــــــتراكيين والقوات‬

‫ــــــعهم الفتعال إشكال‬ ‫مدخل بلدة قرنايل والتي حملت حتية للجيش‬ ‫اللبناني وتهنئته على مواقفه اجلريئة‪ ،‬فتدخل‬ ‫شباب التيار مبؤازرة أهالي البلدة‪ ،‬يتقدمهم‬ ‫آل األعور‪ ،‬ملنع هذا االعتداء الذي خلق حالة‬ ‫من التوتر‪ ،‬خاصة بعدما استدعى ذلك تدخل‬ ‫القوى االمنية للفصل بني اجلانبني‪ ،‬ليواصل‬ ‫من بعدها التوحيديون نشاطهم االستقاللي‬ ‫الذي استمر في رفع الالفتات في مختلف‬

‫الالفتة التي استفزت االشتراكيني في قرنايل‬

‫قرى املنت االعلى وتوزيع الورود على املارة الذين‬ ‫استقبلوها بكل سرور وترحيب‪ ،‬داعني للوزير‬ ‫وئام وهاب بطول العمر ونصرته على قوى‬

‫الظلم واالستبداد التي تعودت على استفزاز‬ ‫الناس وقهرهم‪ ،‬وجاء اآلن الزمن الذي سيضع‬ ‫حدا ً ملمارساتهم القمعية‪.‬‬

‫وردة الى قوى االمن‬

‫رئيس البلدية والشرطي وقوى االمن في قرنايل يحاولون نزع الالفتة‪ ،‬فيتم منعهم‪.‬‬

‫املواطن توفيق ابو شقرا يتقبل الوردة بابتسامة‬

‫احتجاج متبادل بني عنصر التيار وشرطي بلدي وبينهم احد عناصر قوى االمن‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر التيار‬

‫زيارة سفارة الباراغواي‬ ‫زارت مسؤولة العالقات اخلارجية في تيار‬ ‫التوحيد اللبناني فريال أبو ذياب سفارة الباراغواي‬ ‫حيث التقت سعادة القنصل “فيدالينا ليت دي‬ ‫غايوسو”‪ ،‬وهنّأتها على تعيني سفير دولتها‬ ‫السابق في لبنان “أليخاندرو حامد فرانكو” وزيرا ً‬ ‫للخارجية في حكومة الباراغواي‪.‬‬ ‫من جهتها ّ‬ ‫أكدت سعادة القنصل على ضرورة‬ ‫استمرار العالقات الدبلوماسية بني الطرفني‪،‬‬ ‫كما أرسلت حتياتها لرئيس التيار الوزير وئام وهاب‬ ‫وأبدت ترحيبها الشديد ملبادرته واهتمامه بتعزيز‬ ‫العالقات الدبلوماسية والتعاون الثقافي الذي‬ ‫يلعب الدور األبرز في تقريب الشعوب بعضها من‬ ‫بعض‪.‬‬

‫‪ ..‬وسفارة بلغاريا‬ ‫كما قامت بزيارة سفارة بلغاريا‪ ،‬حيث التقت‬ ‫املسؤولة الدبلوماسية جوليجيا بيرغوزيجافا‪.‬‬

‫ابو ذياب وقنصل الباراغواي فيدالينا ليت دي غايوسو‬

‫بعد الترحيب‪ ،‬متحور اللقاء حول وجهة نظر‬ ‫التيار ورؤيته السياسية واهتمام رئيس التيار‬ ‫الوزير وئام وهاب بالعالقات الدبلوماسية واالنفتاح‬ ‫على اآلخرين ثقافيا ً واجتماعياً‪.‬‬ ‫من جهتها شكرت السيدة بيرغوزيجافا‬

‫نشاط أمانة العمل والنقابات‬

‫عقد اللقاء الوطني للهيئات الزراعية في لبنان اجتماعا ً مع معالي وزير‬ ‫الزراعة بتاريخ ‪ ،8002/11/11‬بحضور معالي الوزير إيلي سكاف‪ ،‬واملدير العام‬ ‫للوزارة‪ ،‬إضاف ًة إلى جهاد ب ّلوق‪ ،‬وائل صعب أمني العمل والنقابات في تيار‬ ‫التوحيد اللبناني‪ ،‬طالل أبو جودة‪ ،‬سمير أيوب‪ ،‬جورج عيناتي‪ ،‬جورج التكلي‪،‬‬ ‫وحسن عباس‪.‬‬ ‫وضع الوزير اجملتمعني في أجواء زيارته لسوريا‪ ،‬والبحث في إمكانية عدم‬ ‫حجز شاحنات البطاطا ورفع التصدير من ‪ 001‬طن إلى ‪ 0001‬طن‪ ،‬وتسهيل‬ ‫عمليات التفتيش‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شكلها اللقاء الوطني في‬ ‫تط ّرق البحث إلى آلية عمل اللجان التي‬ ‫املناطق بالتنسيق مع الوزارة‪ ،‬كما بُحث موضوع التعويضات على املزارعني‬ ‫من ج ّراء عدوان متوز والعوامل املناخية‪.‬‬ ‫أبلغ معالي الوزير اجملتمعني استحداث بطاقة زراعية توز َّع املساعدات على‬ ‫أساسها وفق معلومات ومعايير صحيحة‪ ،‬كما أ ّن هناك إمكانية لفتح‬ ‫أسواق عاملية لتصريف املنتجات الزراعية عبر استحداث مركز لتلقّ ي هذه‬ ‫املنتجات وفق قواعد الزراعة وشروط االستهالك العاملية‪ .‬كما اتُّفق على عقد‬ ‫اجتماعات دورية للمساعدة في حل املشاكل الزراعية التي تعترض املزارعني‪.‬‬ ‫كما م ّثل تيار التوحيد اللبناني أمني العمل والنقابات الرفيق وائل صعب‬ ‫وامني الشؤون اخلارجية الرفيق ياسر الصفدي‪ ،‬في إجتماع عقدته املكاتب‬ ‫العمالية في أحزاب املعارضة إجتماعا بتاريخ ‪ 8002/11/52‬في مكتب إحتاد‬ ‫النهضة العمالية‪ ،‬تناول األوضاع اإلجتماعية‪ ،‬خصوصا ما يتعلق مبشروع‬ ‫قانون التقاعد واحلماية اإلجتماعية‪ ،‬وإرتفاع أسعار املواد الغذائية واملشتقات‬ ‫النفطية رغم هبوط األسعارالعاملية‪.‬‬ ‫وأكد اجملتمعون الوقوف إلى جانب اإلحتاد العمالي العام في رفضه لصيغة‬ ‫املشروع املقترح‪ ،‬معتبرة أن طرح قضية اإلنتقال من نظام تعويض نهاية‬ ‫اخلدمة إلى نظام التقاعد واحلماية اإلجتماعية الراهنة يخاف أبسط القواعد‬ ‫الدميوقراطية‪ ،‬كما أنه جاء غامضــا في مختلف أقسامه‪.‬‬ ‫كما دعا اجملتمعون في بيان لهم إلى تفعيل جمعية حماية املستهلك‬ ‫وطالبوا بتخفيض أسعار البنزين متاشيا مع إنخفاض أسعار النفط‪ ،‬ودعم‬ ‫أسعار املازوت على أبواب فصل الشتاء‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪68‬‬

‫السيدة ابو ذياب على الزيارة‪ ،‬وأجمع الطرفان‬ ‫على ان التضامن الدولي هو هدف الشعوب‪.‬‬ ‫كما شكرت الوزير وهاب على املبادرة واالهتمام‬ ‫بالشأن الدبلوماسي وأكدت على استمرار التعاون‬ ‫والتنسيق بني الشعبني اللبناني والبلغاري‪.‬‬

‫نوار – شذا‬

‫يتوجه تيار التوحيد اللبناني وأسرة مجلة “منبر التوحيد”‬ ‫الى املنسق االعالمي في التيار في طرطوس نوار الشعار‬ ‫بأحر التهاني بعقد زفافه على اآلنسة شذا دلول‪ .‬ألف‬ ‫مبروك‬ ‫تتوجه مفوضية راشيا في تيار التوحيد اللبناني بتهنئة‬ ‫الرفيق حليم شموط وعقيلته باملولود اجلديد “وئام” ألف‬ ‫مبروك‪ ،‬فاألطفال زينة احلياة الدنيا‪.‬‬


‫وهاب جال على أجنحة معرض «أرضي»‬

‫«جهاد البناء» وجه آخر للمقاومة‬ ‫والمعرض يعيدنا إلى األرض‬

‫وهاب يجول في املعرض‬

‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام‬ ‫وهاب معرض «أرضي» حيث استقبل بحفاوة‬ ‫بالغة‪ .‬وكان في استقباله مسؤول العالقات‬ ‫ملؤسسة “جهاد البناء” املهندس حسن قزان‪،‬‬ ‫واملدير اإلعالمي في مؤسسة جهاد البناء احلاج‬ ‫عادل أحمد وجال معهما في أرجاء املعرض‪ ،‬حيث‬ ‫ألقى كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫أشكر مؤسسة جهاد البناء في كل عمل تقوم‬ ‫به‪ ،‬وهي وجه آخر للمقاومة‪ ،‬ونحن نرى الكثير من‬ ‫إجنازاتها منذ سنوات طويلة‪ ،‬منذ العدوان على‬ ‫لبنان وحتى اآلن‪ ،‬ونحن في مرحلة السلم‪ ،‬وهذه‬ ‫املؤسسة ما زالت تقدم وتنجز الكثير‪ ،‬لها دور‬ ‫كبير ال يختصر بإعادة إعمار ما دمرته احلرب بل‬ ‫أيضا ً مهمتها بناء لبنان واإلنسان الذي يجب أن‬ ‫يعود إلى جذوره وأرضه وأصالته‪ ،‬والثورة احلقيقية‬ ‫هي التي نراها هنا في هذا املعرض‪ ،‬أعتقد أن‬ ‫العالم كله بعد األزمة املالية العاملية املقبل‬ ‫عليها سيتجه في املستقبل للعودة الى األرض‬ ‫واإلنتاج‪ ،‬باإلضافة الى أن هذا اإلنتاج يشجع على‬ ‫الزراعة واملزارعني واملهن الصغيرة واحلرة‪ .‬إن هذا‬ ‫اإلنتاج له جانب صحي يجب أال نغض النظر عنه‪،‬‬ ‫ويفتح أمامنا كل املنتوجات املوجودة في السوق‪.‬‬ ‫أثناء جولتي للمعرض‪ ،‬وجدت أن كله حياة‪،‬‬ ‫ترى األلفة واحملبة والفرح في عيون الناس‪ ،‬نرى‬ ‫احلماسة‪ ،‬وهذه اخلطوة مهمة جدا ً ومن املمكن‬ ‫أن تتطور في مجاالت كثيرة‪ ،‬ومؤسسة جهاد‬ ‫البناء لديها الكثير من خطط التطوير ولدينا‬ ‫الثقة الكاملة والكبيرة بأفكارها اخلالقة‬ ‫وإمكانياتها في هذا اإلطار‪.‬‬

‫سمير القنطار بعد احلرية في املعرض‬

‫جانب من املعرض‬

‫‪69‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫حتقيق‬

‫االرض اصبحت األغلى واألثمن بالتضحيات وبدماء الشهداء والجرحى‬

‫المدير التنفيذي لمعرض «أرضي» الحاج محمد الحج لـ «منير التوحيد»‪:‬‬

‫خطوة اولى في مشوار التسويق الطويل‬

‫حتت شعار «نحن منلك األرض املناسبة‪ ،‬بل األرض الغالية والثمينة التي أصبحت األغلى‬ ‫واألثمن بالتضحيات وبدماء الشهداء واجلرحى ‪ »..‬الذي أطلقه األمني العام حلزب اهلل‪ ،‬افتتحت‬ ‫جمعية مؤسسة جهاد البناء اإلمنائية معرض املونة واملنتوجات الزراعية واحلرفية‪« :‬أرضي‬ ‫‪ ،»2008‬بحضور عدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية‪ ،‬وممثلي أحزاب املعارضة‪،‬‬ ‫وقد شارك رئيس تيار التوحيد اللبناني ممثالً بأمني الداخلية هشام األعور وبأمينة شؤون‬ ‫املرأة في تيار التوحيد اللبناني فدى وهاب أبو درغم ووفد من تيار التوحيد اللبناني‪.‬‬ ‫معرض املونة واملنتوجات الزراعية واحلرفية لعامه الثاني‪ ،‬وفي ظل الوضع االقتصادي‬ ‫املتأزم‪ ،‬يأتي في إطار تنشيط احلركة االقتصادية التسويقية للتعاونيات الزراعية واحلرفية‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى املزارعني واحلرفيني من مختلف القرى والبلدات اللبنانية‪ ،‬الذين عانوا الكثير‬ ‫خالل العامني املاضيني‪ ،‬ليساهم في إيجاد فرصة لصغار املنتجني الزراعيني واحلرفيني‪،‬‬ ‫خاصة النساء منهم‪ ،‬لتسويق إنتاجهم املتنوع‪ ،‬وإتاحة الفرصة للمستهلكني‪ ،‬خاصة ربات‬ ‫البيوت‪ ،‬للحصول على املونة السنوية واملنتوجات الغذائية واحلرفية العالية اجلودة‪ ،‬كما‬ ‫يساعد في إيجاد تواصل بني املنتج واملستهلك من أجل تطوير عملية اإلنتاج مبا يتناسب‬ ‫وحاجات املستهلكني‪ ،‬وخلق أجواء زراعية وقروية من خالل األنشطة املساندة للمعرض‬ ‫يستفيد منها اجملتمع‪ ،‬خاصة الناشئة‪.‬‬ ‫ونظراً للنجاح الكبير الذي لقيه معرض أرضي ‪ ،2007‬وإللقاء الضوء على الهدف من‬ ‫هذا املعرض‪ ،‬وطبيعة منتوجاته‪ ،‬ونسبة اإلقبال عليه‪ ،‬كان لـ»منبر التوحيد» لقاء مع املدير‬ ‫التنفيذي للمعرض احلاج محمد احلج‪ ،‬في حوار هذا نصه‪:‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪70‬‬

‫احلاج محمد احلج‬ ‫ما هو الهدف األساسي من هذا املعرض‪ ،‬وملاذا‬ ‫أطلق عليه اسم “أرضي”؟‬ ‫معرض أرضي ‪ 2008‬هو املعرض الثاني الذي‬ ‫ّ‬ ‫تنظمه املؤسسة بهدف الوساطة في عمليات‬ ‫التسويق ما بني املنتج املنتشر على كل األراضي‬ ‫اللبنانية‪ ،‬واملستهلك املوجود في العاصمة‬


‫بكثافة وبقدرة شرائية أكبر‪ ،‬عبر حلقات بني املنتج‬ ‫واملستهلك‪ ،‬لكسر حواجز املشاكل القائمة بني‬ ‫الطرفني التي يدفع ثمنها املستهلك ويخسرها‬ ‫املنتج‪.‬‬ ‫ونحن كمؤسسة‪ ،‬وبعد دراسة واقع العمليات‬ ‫الزراعية واحلرفية‪ ،‬وبعد عمل استغرق عشرين‬ ‫عاماً‪ ،‬وجدنا أن هناك مشكلة لدى املزارع‪ ،‬تكمن‬ ‫في نقص املعلومات واإلرشادات الزراعية‪ ،‬ألن املزارع‬ ‫كان متروكا ً للشركات الزراعية‪ ،‬التي كانت ترشده‬ ‫ملصلحة ربحها‪ ،‬واضعة جانبا ً عملية اإلرشاد‬ ‫الزراعي الصحيح‪ ،‬وبالتالي تتحكم به في األسواق‪،‬‬ ‫من هنا كان تدخلنا كمؤسسة لنخفف من‬ ‫مشكلة مستلزمات الزراعة‪ :‬فمنذ عشر سنوات‬ ‫أو خمس عشرة سنة لم يكن في لبنان مشكلة‬ ‫تسويق‪ ،‬وكل ما ينتجه املزارع كان يبيعه داخل‬ ‫لبنان أو خارجه‪ ،‬ولكن اليوم‪ ،‬ومع ظهور األسواق‬ ‫العربية واألوروبية واالنفتاح على البحر املتوسط‪،‬‬ ‫أصبح من السهل على صاحب املؤسسة أن‬ ‫يستورد بضائعه من الصني وغيرها من البلدان‪.‬‬ ‫إذا ً األسواق اختلفت‪ ،‬وكذلك عمليات التسويق‪،‬‬ ‫ما أدى إلى بروزمشكلة أساسية لدى املنتج حرفيا ً‬ ‫كان أم مزارعاً‪ ،‬أال وهي التسويق‪ ،‬ما اضطرنا إلى‬ ‫التدخل حللها‪ ،‬فكان هذا املعرض اخلطوة األولى من‬ ‫مشوار عملية التسويق الطويل‪.‬‬ ‫وعندما اتفق على إقامة هذا املعرض واجهتنا‬ ‫مشكلة إيجاد العنوان املناسب له‪ ،‬إذ لو أردنا‬ ‫التكلم من الناحية الدينية الفلسفية فنجد‬ ‫أن اإلنسان هو الذي يعمر األرض‪ ،‬ويعيش على‬ ‫سطحها‪ ،‬ولهذا السبب اختير اسم “أرضي”‪،‬‬ ‫خاصة أن األرض كما سبق أن أشار السيد حسن‬ ‫في كلمة ألقاها في معرض ‪ 2007‬بقوله إن األرض‬ ‫غالية وثمينة‪ ،‬وإن املزارع يتعب في أرضه واملقاوم‬ ‫دفع ثمنها من دمه‪ ،‬وخدمة للفكرة األساسية التي‬ ‫نتكلم فيها كمجتمع مقاومة‪ ،‬كحالة إسالمية‬ ‫بد من اختيار كلمة “أرضي”‪.‬‬ ‫في لبنان‪ ،‬كان ال ّ‬ ‫يقام املعرض مرة واحدة في السنة‪ ،‬هل سيتم‬ ‫العمل على إقامته أكثر من مرة؟‬ ‫إن فكرة إقامة املعرض أكثر من مرة ال تزال واردة‪،‬‬ ‫وخاصة بعد جتربتنا للمعرض العام املاضي‪ ،‬وظهور‬ ‫بعض املعطيات التي ستبلور اخلطط املستقبلية‬ ‫التي ستمكننا من إقامة هذا املعرض أكثر من‬ ‫مرة وفي أماكن متنقلة خارج لبنان‪ ،‬كما أن هناك‬ ‫الكثير من األفكار املطروحة ومنها إقامة سوق‬ ‫دائم‪ ،‬أو أسبوعي‪.‬‬ ‫هل توقيت املعرض في هذا الشهر مناسب؟‬ ‫هذا املعرض يقام بني تشرين األول وتشرين‬ ‫الثاني‪ ،‬إذا دخلنا في احلرفيات فال من مشكلة في‬ ‫التوقيت‪ ،‬ولكن إذا تكلمنا عن املونة واملنتوجات‬ ‫الزراعية‪ ،‬فمن الطبيعي أن يكون املعرض في آخر‬ ‫موسم املونة أي في شهري تشرين األول وتشرين‬ ‫الثاني‪ ،‬وليس في آب أو متوز‪ ،‬ألن املنتوجات‪ ،‬على‬ ‫سبيل املثال‪( ،‬املكدوس‪ ،‬اخملالالت‪ ،‬والكشك) ال تكون‬ ‫جاهزة إالّ خالل هذين الشهرين‪.‬‬

‫قامت رئيسة املؤسسة التوحيدية للخدمات االجتماعية السيدة لني وهاب‬ ‫برفقة وفد من تيار التوحيد اللبناني بزيارة املعرض‪ ،‬حيث استقبلت بحفاوة بالغة‪.‬‬ ‫وجالت السيدة وهاب في أرجاء املعرض‪ ،‬ورافقها في جولتها‪ :‬مسؤول العالقات‬ ‫ملؤسسة “جهاد البناء” املهندس حسن قزان‪ ،‬مديرة العالقات العامة في هيئة‬ ‫الدعم للمقاومة احلاجة غزوة اخلنسا وجلنة العالقات ملؤسسة “جهاد البناء”‪.‬‬ ‫هذا وأثنت وهاب على جهود املسؤولني والقيمني على املعرض‪ ،‬وقدمت باسم‬ ‫رئيس تيار التوحيد اللبناني الشكر إلى كل من ساهم في إجناح هذه الفكرة على‬ ‫مدى عامني‪ ،‬كما أثنت على عمل نساء التيار اللواتي كان لهن مشاركة في املعرض‬ ‫من خالل عرضهن منتوجات زراعية ذات طابع بيتي يدوي‪.‬‬

‫السيدة وهاب توقع على كتاب املعرض‬

‫‪...‬وخالل جولتها‬

‫حزب اهلل هو الشريك األساسي‬ ‫في تطوير العمل وإجناحه‬

‫من ساهم في إجناز هذا املعرض؟‬ ‫إن هذا املعرض يقام باسم مؤسسة “جهاد‬ ‫البناء”‪ ،‬ومن الطبيعي عندما نقول “جهاد البناء”‬ ‫يتراءى إلى الذهن مجتمع املقاومة‪ ،‬وحزب اهلل‬ ‫له تدخله وهو الشريك األساسي في تطوير هذا‬ ‫العمل وإجناحه‪ .‬من هنا نحن نرى أن كل فرد شارك‬

‫‪71‬‬

‫معنا وعرض منتوجاته هو مساهم في إجناح هذا‬ ‫املعرض‪ ،‬نحن من جهتنا نتعاون مع العارض لنخدم‬ ‫هذا الزائر الذي يزور املعرض‪ ،‬ليس لنا فضل عليه‬ ‫وليس له فضل علينا‪ ،‬إذ نتكلم دائما ً بالشراكة‪.‬‬ ‫ملن يعود ريع هذا املعرض؟‬ ‫مبدئيا ً ال نستطيع القول إن ريع هذا املعرض‬ ‫يعود إلى أي مؤسسة أو جهة معينة‪ ،‬وذلك ألن‬ ‫العارضني ال يتحملون أي نفقة مالية ملشاركتهم‬ ‫في املعرض‪ ،‬أي ال نأخذ منهم أي مبلغ من املال‪ ،‬بل‬ ‫على العكس‪ ،‬نحن نقدم لهم الكثير‪ ،‬فالريع يعود‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫حتقيق‬ ‫إلى العارض مباشرة‪ ،‬ونحن نساهم معه ليصرف‬ ‫إنتاجه‪ ،‬فبدل أن أساعده بإعطائه املال أو تقدمي‬ ‫خدمة ما له‪ ،‬نتواصل معه بزيارة منزله أو االتصال‬ ‫به لنؤمن له الطريقة لتصريف منتوجاته‪ ،‬وكل‬ ‫ما هو مطلوب من العارض أن يعرض منتوجاته‬ ‫ويبيعها هو بنفسه‪.‬‬ ‫رأينا أن هناك كمية من املنتوجات هذا العام‬ ‫أكثر من العام املاضي‪ ،‬ملاذا‪ ،‬وكيف أعلن عن‬ ‫إقامة املعرض؟‬ ‫بدأنا السنة املاضية بكميات كبيرة‪ ،‬واملعرض‬ ‫مدته كانت ‪ 7‬أيام‪ ،‬وفي اليوم الثالث نفدت البضائع‬ ‫فوجد العارض أن عليه أن يزيد كمية البضائع‬ ‫عنده‪ ،‬ونحن مقارنة مع السنة املاضية إذا دخلنا‬ ‫باألرقام جند أن كميات البضائع املوجودة هذا العام‬ ‫مت ّثل ثالثة أضعاف ما كانت عليه العام املاضي‪،‬‬ ‫وهذا يظهر لنا اهتمام الناس وجتهيزهم للمعرض‬ ‫قبل الوقت احملدد‪ ،‬وهذا ما توضحه زيادة عدد‬ ‫العارضني‪ :‬ففي السنة املاضية كان عدد العارضني‬ ‫‪ 113‬عارضاً‪ ،‬أما هذه السنة فهو ‪ 225‬عارضاً‪ ،‬أي‬ ‫بزيادة مرتني وبضائعهم بثالث مرات‪.‬‬ ‫كيف كان اإلقبال على املعرض هذا العام‪،‬‬ ‫مقارنة مع العام املاضي؟‬ ‫زوار هذه السنة أقل من السنة املاضية‪ ،‬نظرا ً‬ ‫لعدم تأمني موقف خاص باجملمع‪ ،‬هذا من ناحية‪،‬‬ ‫ومن ناحية أخرى الظروف االقتصادية التي يعيشها‬ ‫الشعب اللبناني‪ ،‬والقدرة الشرائية للناس‪ :‬فإذا عدنا‬ ‫سنة واحدة إلى الوراء جند أن رب املنزل اآلن ينفق‬ ‫ضعفي ما كان ينفقه السنة املاضية‪ ،‬ليؤمن قوته‬ ‫اليومي فقط‪ ،‬ووضعه املادي ال يسمح له بشراء‬ ‫مرطبان من املكدوس الذي يكفيه ملدة شهرين‪،‬‬ ‫بل يفضل شراء املرطبان الذي يكفيه ملدة يوم‬ ‫واحد‪ ،‬وإذا تطرقنا إلى موضوع املوظف‪ ،‬فإن راتبه ال‬ ‫يكفيه حتى العاشر من الشهر‪ ،‬إذا ً هناك مشكلة‬ ‫اقتصادية كبيرة لدى املواطن‪ ،‬ما يؤثر على حياته‬ ‫إن كان من ناحية الزيارات أو التنزه أو شراء بعض‬ ‫املستلزمات التي لم تعد أساسية‪ ،‬فهي متى أرادها‬ ‫يجدها‪ ،‬وإذا لم تكن موجودة في بيروت فمن املمكن‬ ‫أن يجدها في قريته‪ .‬إن املواطن يؤمن مستلزماته‬ ‫احلياتية املهمة مثل املدارس‪ ،‬ومن املسائل التي أثرت‬ ‫على املوضوع‪ ،‬هي ارتفاع تكلفة البضائع‪ :‬فعندما‬ ‫نقول إن املنتج يتكلف‪ ،‬أو يصرف مرتني‪ ،‬وكذلك‬ ‫األمر بالنسبة للزائر‪ ،‬فما كان على املنتج إالّ أن يرفع‬ ‫أسعاره‪ ،‬وذلك ألن أسعار املواد األولية ارتفعت‪ ،‬من‬ ‫ُوضب البضائع فيه‪ ،‬ما‬ ‫املازوت إلى الزجاج الذي ت ّ‬ ‫يؤدي بالتالي إلى زيادة تكاليف إنتاج السلعة‪ ،‬ويؤثر‬ ‫على عمليات حركة البيع واإلنتاج وغيرها‪.‬‬ ‫نحن نرى أن املنتوجات املعروضة متشابهة‪،‬‬ ‫هل هناك من منافسة‪ ،‬أو هناك توحيد في‬ ‫األسعار من جانبكم لكل عارض؟‬ ‫من الطبيعي عندما نتكلم عن توحيد نوع‬ ‫املنتوجات‪ ،‬إذا أخدنا بعني االعتبار مثالُ في لبنان‬ ‫هناك ‪ 70‬أو ‪ 80‬منتجا‪ ،‬أينما توجهنا إلى البقاع‪،‬‬ ‫اجلنوب‪ ،‬الشمال‪ ،‬اجلبل أو بيروت‪ ،‬جند أن املواطن‬ ‫اللبناني يصنع (الزعتر‪ ،‬املكدوس‪ ،‬الكشك‪ ،)...‬غير أن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ذلك ال مينع وجود خواص أخرى هامة تتعلق بنوعية‬ ‫املنتج‪ ،‬فعلى سبيل املثال (كشك البقاع يختلف‬ ‫عن كشك اجلنوب‪ ،‬أو منتوجات أخرى)‪ ،‬من هنا جند أن‬ ‫التنافس طبيعي‪ ،‬أما إذا تكلمنا عن التنافس مبعنى‬ ‫األسعار واجلودة والنوعية‪ ،‬فهناك أناس تعمل على‬ ‫ضبط نوعياتها من خالل اجلودة والنوعية وتكلفة‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬كما أن طريقة صنع املنتوجات تختلف‬ ‫من شخص إلى آخر‪ .‬ونحن قمنا ببعض املقارنات‬ ‫والتجارب ما بني املنتج الواحد وتوزعه وانتشاره‪،‬‬ ‫فتبني أن هناك فروقات كبيرة في األسعار‪ ،‬وعندما‬ ‫ندخل في التفاصيل مثالُ (مرطبان املكدوس) عدد‬ ‫حباته في العبوة‪ ،‬جند أن هناك عبوات حتتوي على‬ ‫ثم تأتي احلشوة‬ ‫‪ 8‬حبات و‪ 30‬حبة‪ ،‬هذا الفرق األول‪ّ ،‬‬ ‫املوضوعة في املكدوس‪ ،‬منهم من يضع املواد‬ ‫البلدية ومنهم املستوردة‪ ،‬ويليه نوع الزيت الذي‬ ‫يستعمل‪ ،‬كل هذه التفاصيل الدقيقة عندما ندقق‬ ‫بها يظهر لدينا الفرق‪ ،‬من هنا أنشأنا معدال وسطيا‬

‫ولكن املشكلة األساسية تكمن في عدم وجود أي‬ ‫توجه عام في سير عمليات اإلنتاج والبيع والشراء‬ ‫الذي تتدخل فيه عادة الدولة لتنظيم أعمال‬ ‫هذه املؤسسات واجلهات التي تعمل‪ ،‬إلى أن نصل‬ ‫جميعا ً إلى مكان محدد وواضح‪.‬‬ ‫هل يتم توضيب وتعليب املنتوجات من خالل‬ ‫شركات أم شخصياً؟‬ ‫عندما ن ً​ًتكلم عن التوضيب جند أنها مسألة‬ ‫شائعة ألننا نشتغل مع صغار املنتجني وال ندخل‬ ‫مع أولئك املتخصصني وخبراء التسويق والتوضيب‬ ‫بهدف جذب الزبون لشراء املنتج‪ ،‬وعندما نتكلم‬ ‫عن سكان القرى واجملتمعات البسيطة‪ ،‬جند أنفسنا‬ ‫أمام مشكلة التسويق‪ ،‬من هنا بقدر ما تق ّيم املنتج‬ ‫بقدر ما يزداد بيعه وثمنه‪ ،‬فنحن نتدخل في طريقة‬ ‫عمليات تصنيع هذه املنتجات‪ ،‬كما أننا نقوم‬ ‫بزيارات مسبقة قبل عمليات التصنيع وخاللها‪،‬‬ ‫ألننا جند أن مراقبة العمل تعطي نتائج أفضل‪.‬‬

‫جناح تيار التوحيد اللبناني‬

‫لهذه املنتوجات على أن تضاف القيمة على تكلفة‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬ولكن إذا تكلمنا عن معامل ضخمة فيزيد‬ ‫املنتج ما بني ‪ 10‬و‪ 20‬باملئة‪ ،‬هذه املنتوجات جميعها‬ ‫مصنوعة في القرى وذات صناعة بيتية وبلدية‪،‬‬ ‫ما يجعل تكلفة إنتاجها أكثر بكثير من املعامل‬ ‫وثمنها املالي بعنوان التعب واجلهد وغيرها‪.‬‬ ‫من خالل جولتنا‪ ،‬رأينا أن املنتوجات تشمل‬ ‫املنتوجات الزراعية والصناعية‪ ،‬هل ميكن أن‬ ‫تساعد في حتسني قطاعي الزراعة والصناعة؟‬ ‫كان هناك مقابلة على التلفزيون بخصوص‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬وتكلموا عن دور الوزارات املعنية في‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬خاصة عندما نقول إن ‪ %40‬تقريبا ً‬ ‫من الشعب اللبناني يعمل في الزراعة مباشرة او‬ ‫غير مباشر‪ ،‬من هنا ليس لوزارة الزراعة أي دور في‬ ‫ذلك‪ ،‬وخاصة إذا تذكرت مثالً موازنة وزارة الزراعة‬ ‫تقدر بـ‪ %0.4‬من املوازنة العامة‪ ،‬وهي ال تكفي‬ ‫التي ّ‬ ‫املوظفني والعمال عندهم‪ ،‬فالدولة اللبنانية تضع‬ ‫سياسات عامة تعزر قطاعا على قطاع آخر‪ ،‬غير‬ ‫أنها تبقى غائبة عن هذا اجملتمع‪ ،‬وعن هذا العمل‪،‬‬ ‫وتتدخل في أمور بسيطة جدا ً ال تثمن‪ ،‬لذلك جند‬ ‫أن للمجتمع احمللي دورا كبيرا في سد تلك الثغرات‬ ‫التي تتركها الوزارات أو أصحاب العالقات املعنية‪،‬‬

‫‪72‬‬

‫وبعد عمليات التصنيع تأتي عملية التوضيب بأن‬ ‫توضع املنتوجات في أوعية معقمة ونظيفة‪ ،‬وعلى‬ ‫سبيل املثال ال ميكن أن نضع في زجاجة عصير أي‬ ‫نوع من املنتوجات دون تعقيمها‪ ،‬عمليات التصنيع‬ ‫ال تصلح بهذا الشكل‪ ،‬وبعد التصنيع والتوضيب‬ ‫نبحث مع املنتج في عمليات التخزين‪ ،‬حتى حتافظ‬ ‫على جودتها وطبيعتها‪ ،‬لتأتي بعدها عمليات‬ ‫النقل‪ .‬ونحن لكي يتم هذا املوضوع جيدا ً طلبنا‬ ‫من العارضني وضع الصق باسمهم‪ ،‬نظرا ً الهتمامنا‬ ‫بإبراز اسم املنتج على العبوة املبيعة‪ ،‬ما يجذب‬ ‫الشاري ويدفعه للشراء مرة أخرى‪ ،‬وبهذه الطريقة‬ ‫أصبح هناك عالقة مباشرة بني املنتج واملستهلك‬ ‫بغض النظر عن املعرض الذي أقيم في السنة‬ ‫املاضية‪ ،‬ونحن في النهاية نخلق عالقة بني االثنني‪،‬‬ ‫وهنا يكمن دور العارض ومدى انفتاحه‪ ،‬ونهجه‪،‬‬ ‫للوصول إلى النتائج بطريقة فعالة ومربحة‪.‬‬ ‫هناك خطط إلقامة املعرض في مكان آخر‬ ‫فهل ميكن إقامته خارج بيروت؟‬ ‫جميع هذه األمور واردة وقيد الدرس‪ ،‬وإن شاء اهلل‬ ‫نحن دائما ً نسعى إلى األفضل‪ ،‬ولكن هذه األمور‬ ‫حتتاج إلى تأمني العديد من املستلزمات‪ ،‬ألنه ال ميكن‬ ‫أن نقوم بعمل إالّ إذا كنا واثقني من جناحه‪ ،‬بهذا‬


‫العنوان نحن يهمنا من هذا املوضوع كله ويجب‬ ‫البحث في الكثير من املسائل‪ ،‬وأن نشجع الناس‬ ‫على هذا النوع من املنتوجات‪ ،‬وهكذا نكون بهذه‬ ‫الطريقة ندعم أهلنا وناسنا املنتشرين في بلدنا‪،‬‬ ‫فنحن نستطيع مساعدة األشخاص بأن نشتري ما‬ ‫نحتاج إليه منهم إذا كان املطلوب موجودا ً لديهم‪.‬‬ ‫عندها لن يعتمد على العيش الريعي أي إنه لن‬ ‫يعود بحاجة إلى مساعدة أحد‪.‬‬ ‫عادة جميع الناس تنتظر إقامة معرض‬ ‫لتشتري ما حتتاج إليه‪ ،‬ألن األسعار في املعارض‬ ‫تكون أقل من خارجها‪ ،‬فهل هذا موجود في‬ ‫املعرض؟‬ ‫هذا املعرض هو صنع يدوي‪ ،‬وال ميكننا املقارنة‬ ‫بني الصنع اليدوي واملصنع‪ ،‬وإذا قارنا السلعة مبا‬ ‫هي سلعة وطبيعة تصنيعها‪ ،‬فهناك أشخاص‬ ‫يجدون أن عبوة املربى داخل املعرض ضعفي سعره‬ ‫في اخلارج‪ ،‬ولكن هذا صنع يدوي إذا قارنّا املنتج‬ ‫مبا هو يدوي‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬أما من جهة السعر‬ ‫فطبيعي‪ ،‬نحن طلبنا من العارضني أن يعدلوا في‬ ‫األسعار‪ ،‬فليس هناك أية تكاليف على العارض‪،‬‬ ‫وليس عليه دفع أجرة حتى يحمل بضائعه تكلفة‬ ‫زيادة‪ ،‬وإذا اعتمد العارض مبدأ البيع الكثير والربح‬ ‫القليل فهذا أفضل بكثير من البيع القليل والربح‬ ‫الكثير‪ ،‬بدأنا نحن معهم بخطط مبدئية‪ ،‬منهم‬ ‫من أعلن عن حسم لألسعار أوعروضات أخرى‪.‬‬ ‫وبدأت هذه الطريقة تعطي نتيجة فالحظنا أن‬ ‫احلركة الشرائية ازدادت‪.‬‬ ‫كم يأخذ وقت التحضير للمعرض؟‬ ‫نحن كل سنة نضع خططا معينة للتحضير‪،‬‬ ‫تبدأ قبل املعرض بشهرين‪ ،‬إضافة إلى حتضيرات‬ ‫أولية مع املنتجني والعارضني‪ ،‬حتتاج بدورها إلى‬ ‫شهر أو أكثر لضبط كميات بضائعهم وأنواعها‪،‬‬ ‫لتحديد عدد املشاركني‪ ،‬كما أن جتهيز املكان يأخذ‬ ‫عادة شهرا ً ونصف أو عشرين يوماً‪ ،‬لذلك نحن‬ ‫نضع خططنا منذ بداية السنة إلقامة هذا النوع‬ ‫من املعارض تاركني التاريخ متحركا ً حتسبا ً ملا قد‬ ‫يحصل من تغييرات‪ :‬مثالً شهر رمضان كان هذه‬ ‫السنة في أيلول وشهر تشرين األول هو شهر‬ ‫مدارس‪ ،‬ما يجعلنا نراعي الظروف من جميع‬ ‫نواحيها حتى ال تؤثر على جناح املعرض‪.‬‬ ‫هل األيام العشرة اخملصصة للمعرض تكفي؟‬ ‫من جهة العارضني فإنهم يتمنون أن يستمر أكثر‬ ‫كي يبيعوا منتوجاتهم وليس لديهم مشكلة‪،‬‬ ‫ولكن من جهتنا هناك تعب وإرهاق‪ ،‬واألفضل لنا‬ ‫أن ينتهي بالوقت احملدد‪ ،‬ولكن نحن نرى النتائج‪،‬‬ ‫وعندما نصل إلى املطلوب ال يعود لدينا مشكلة‪:‬‬ ‫السنة املاضية مثالً‪ ،‬كانت مدة املعرض ‪ 7‬أيام وهذه‬ ‫السنة تعدتها إلى ‪ 10‬أيام والسنة املقبلة ستكون‬ ‫أكثر‪ ،‬وكل ذلك يعود إلى فرع استطالع الرأي لدينا‬ ‫ملعرفة ما يفضل الزبون وما يراه مناسبا ً له وماذا‬ ‫يريد العارض أيضاً‪ ،‬ما يفيدنا ويدفعنا للتخطيط‬ ‫ملعرض آخر في السنة املقبلة‪.‬‬ ‫من هي اجلهات املشاركة في املعرض‪ ،‬هل‬ ‫تقتصر على اجلمعيات واملؤسسات وأحزاب‬

‫املعارضة فقط أم هناك مشاركة شعبية‬ ‫فردية؟‬ ‫نحن عندما نقول إن لدينا حوالى ‪ 225‬عارضاً‪ ،‬فمن‬ ‫الطبيعي أن يكونوا من جميع فئات الشعب اللبناني‪،‬‬ ‫من جمعيات وتعاونيات وأفران‪ ،‬وأحزاب مندرجة‬ ‫بجمعيات‪ ،‬وال ننكر مواجهتنا السنة املاضية‬ ‫وهذه السنة صعوبات مع مجموعة من الناس لم‬ ‫يدخلوا الضاحية أو مجمع سيد الشهداء خصوصاً‪،‬‬ ‫باعتقاد منها أن هناك أنظمة وقوانني خاصة بسكان‬ ‫الضاحية‪ ،‬ولكن الصورة بدأت تتوضح لهم مع‬ ‫الوقت بعد اكتشافهم أن هذا املكان يحتضن كل‬ ‫الناس واجلهات واألفكار والطوائف‪.‬‬ ‫نحن يهمنا إبراز الهدف األساسي وهو إظهار‬ ‫املهن واحلرف ومدى معايشة الناس معها‪ ،‬نحن نأخذ‬ ‫مناذج من هؤالء فندرسها‪ ،‬مثالً صاحب مصلحة ما‬ ‫فإننا جنري دراسة تقريبية حول كمية إنتاجه في‬ ‫الشهر‪ ،‬وما هي إمكاناته ليؤسس هذه املهنة‪،‬‬ ‫كما نناقش في العديد من احلاالت قيمة املواد‬

‫في السنة املاضية‪ ،‬فمنهم من نستدعيهم‬ ‫للمشاركة ملرة ثانية ومنهم من لم يلتزم‬ ‫بالضوابط وغيرها ال يتم استدعاؤهم‪ ،‬ونحن خالل‬ ‫السنة وبعد جناح هذا املعرض هناك اتصاالت كثيرة‬ ‫للمشاركة في املعرض‪ ،‬والذي تأخر في االتصال هذه‬ ‫املرة ستكون مشاركة له في السنة املقبلة‪ ،‬هكذا‬ ‫تتم للمشاركة كعارض‪ ،‬أما املشاركة كحضور‬ ‫فإننا نلجأ إلى الوسائل اإلعالمية‪.‬‬ ‫هل من زوار من خارج لبنان‪ ،‬رغم أن هذا املوسم‬ ‫ليس موسم سياحة؟‬ ‫هناك حضور ولكنه ضئيل‪ ،‬ألنه ليس هناك‬ ‫موسم سياحي بشكل واسع وكبير‪ ،‬ونحن وجهنا‬ ‫دعوات للسفارات واجلهات املعنية باملوضوع‪ ،‬ومنها‬ ‫اجلهات والهيئات االقتصادية وغيرها لنعمل معا ً‬ ‫على استكمال هذا املشروع‪ ،‬فكان هناك مجموعة‬ ‫من الوجوه العربية التي ل ّبت الدعوة وإن كان هذا‬ ‫األمر ال يدخل في صلب اهتمامها‪.‬‬ ‫هل من برامج محددة تخللها املعرض؟‬

‫األولية التي هي بحدود ‪ 2000‬دوالر أو ‪ 3000‬واملردود‬ ‫الشهري على هذه القيمة الذي يقدر بحوالى ‪700‬‬ ‫دوالر‪ ،‬فتأتي النتيجة بأن ‪ 3000‬دوالر في الشهر‬ ‫ميكن أن تعطي ربحا ً بـ ‪ 8000‬دوالر في السنة وهذا‬ ‫استثمار هائل اذا ما تكلمنا عن عالم االستثمارات‪.‬‬ ‫من هنا كثير من احلاالت تدفعنا لدراستها وأخذ‬ ‫مؤشرات منها إلبرازها في أماكن أخرى وتعميمها‬ ‫على املواطن بهدف تشجيعه وإبعاده عن الفشل‬ ‫عند اعتماده على هذا النوع من الصناعات‪.‬‬ ‫كم تساعد هذه املعارض بتحسني القطاع‬ ‫الزراعي؟ والصناعي؟‬ ‫من الطبيعي عندما نقول إن معارض أو أسواق‬ ‫كهذه لن حتل أزمة الزراعة والصناعة في لبنان‪ ،‬إذ‬ ‫لسنا نحن من يقرر مدى تأثيرها على تطور هذين‬ ‫القطاعني‪ ،‬ولكن هذا يشجع املزارع ويزيد الوعي‬ ‫لديه كما أنه يهمنا إظهار هذا املفهوم وتبنيه في‬ ‫بعض األوقات لنثبت للغير‪ ،‬وألصحاب الشأن‪ ،‬أن‬ ‫هذه األفكار مفيدة بقدر أهميتها‪ ،‬كما أننا نحثهم‬ ‫على تبنيها لالستفادة منها‪.‬‬ ‫كيف تتم الدعوة للمشاركة في املعرض؟‬ ‫الدعوة متنوعة‪ ،‬نعتمد من جهة على املشاركني‬

‫في هذا اإلطار كان هناك العديد من األنشطة‬ ‫املرافقة للمعرض هي على ‪ 3‬أنواع‪ :‬طالبية صباحية‬ ‫من ‪ 10‬صباحا ً حتى الواحدة ظهرا ً لدينا حوالى ‪55‬‬ ‫مدرسة مت التواصل معهم وتسجيل أسمائهم‬ ‫حلضور املعرض ليع ّرفوا األطفال على املهن واحلرف‪،‬‬ ‫ومن املتوقع أن يصل عدد الطالب إلى ‪ 10‬آالف‬ ‫طالب‪ ،‬إضافة إلى برامج خاصة لربات املنازل حول‬ ‫كيفية الصناعة البيتية‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة‬ ‫لطالب اجلامعات وأصحاب املهن واحلرف واجملتمع‬ ‫املدني‪ ،‬هناك ندوات ومحاضرات‪ ،‬لها عالقة بعاملنا‬ ‫الزراعي واملهني‪ ،‬من خالل دورات للتأهيل والتدريب‬ ‫املهني واحلرفي‪ ،‬شاركت فيها شريحة كبيرة من‬ ‫احملاضرين واملشاركني في هذه األنشطة والندوات‬ ‫من أصحاب اخلبرة واالختصاص واجلهات األهلية‬ ‫التي تعمل في هذا املوضوع‪ ،‬إضافة إلى ندوات‬ ‫أخرى هامة تتعلق مبوضوع التصحر‪ ،‬املرتبط بعالم‬ ‫الزراعة وملف احلرائق نظرا ً لتشعبه وأهميته‬ ‫البيئية‪ ،‬وتأهيل العارضني وتدريبهم وموضوع‬ ‫التنمية ألهميته في إطار هذا العمل‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫حتقيق ‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ً‬ ‫أوال‬

‫العدو اإلسرائيلي يراها نقيضاً للمفاوضات‬ ‫ما بني الكلمات البراقة وعملية اللعب‬ ‫بااللفاظ الكثير من اخلسائر الفادحة التي يدفع‬ ‫ثمنها شعبنا الفلسطيني من حلمه احلي‪ ،‬فلم‬ ‫يعد للكلمات من سحر ونحن ندفع في كل يوم‬ ‫الشهداء واجلرحى واملعاناة أمام حواجز البؤس في‬ ‫غزة والضفة الغربية‪ ،‬وعملية التلطي بالعبارات‬ ‫الرنانة باتت رخيصة‪ ،‬فالسالم املوعود حتول الى‬ ‫اداة لتكسير عظام الفلسطينيني وحصارهم‬ ‫وجتويعهم وتهدمي بيوتهم‪ ،‬في مخطط‬ ‫استعماري صهيوني مدعوم من أعتى قوة ظاملة‬ ‫في هذا العالم‪ :‬الواليات املتحدة االميركية‪ ،‬وما‬ ‫متلكه من وسائل الدمار والقذائف الذكية لكن‬ ‫العدمية األخالق والقيم‪ ،‬بعدما أوصل جورج‬ ‫بوش العالم الى حافة االنهيار من خالل سعيه‬ ‫لالستمرار في لعبته القذرة في إثارة احلروب في‬ ‫كل مكان‪ ،‬والتفنن في اصول الكذب واخلداع‪ ،‬وما‬ ‫دعوته حلل الدولتني إال محاولة لتغطية عيوب‬ ‫النظام الرسمي العربي‪ ،‬في الوقت الذي بارك‬ ‫فيه االستيطان الصهيوني في الضفة الغربية‬ ‫واعتبره أمرا ً واقعا ً وقدم عشرات املليارات دعما ً‬ ‫للكيان الصهيوني‪ ،‬وكان وعد بوش ألرئيل شارون‬ ‫عام ‪ 2004‬تكملة لوعد بلفورفي بداية القرن‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫وعملية السالم املزعوم منذ أوسلو وأنابوليس‪،‬‬ ‫ما هي إال وسيلة لكسب الوقت واستنزاف القدرات‬ ‫الفلسطينية وتفتيت القوى احلية في فلسطني‪،‬‬ ‫وفي الوقت نفسه محاولة إسرائيل والواليات‬ ‫املتحدة توجيه الضربات لقوى املقاومة واملمانعة‬ ‫في أمتنا العربية على غرار ما حاولت اسرائيل‬ ‫القيام به في حربها على لبنان ومقاومته صيف‬ ‫العام ‪ ،2006‬في محاولة لتثبيت مواقع االحتالل‬ ‫االميركي للعراق ونهب نفطه وخيراته ونزعه عن‬ ‫جسده العربي وتهديد سوريا باالجتياح ومنعها‬ ‫من دورها القومي في دعم قوى املقاومة في أمتنا‪،‬‬ ‫والتلويح بضرب إيران وتدمير قدراتها النووية في‬ ‫محاولة لالستفراد باملنطقة وسقوطها ضمن‬ ‫دائرة الهيمنة االميركية والصهيونية‪.‬‬

‫املفاوضات‬ ‫هي املرادف حلالة العجز‬ ‫اسحق شامير رئيس حكومة الكيان قال في‬ ‫مؤمتر مدريد ‪“ ،1991‬املفاوضات مع الفلسطينيني‬ ‫سوف تستمر لعشرات السنوات وعندها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫مشعل‪( :‬هل تستمر التهدئة في قطاع غزة ومن تخدم؟!)‬ ‫فالوقائع ستتغير ملصلحة اسرائيل” واليوم يقول‬ ‫الصهاينة‪ ،‬ان الوحدة بني الفصائل الفلسطينية‬ ‫معناها وقف املسيرة التفاوضية مع اسرائيل إال‬ ‫إذا قلبت حماس شروط الرباعية التي تتضمن‬ ‫االعتراف بإسرائيل وااللتزام باالتفاقيات التي‬ ‫توصلت اليها السلطة الفلسطينية مع اسرائيل‬ ‫ونبذ االرهاب‪ ،‬واسرائيل تلتزم باالتفاقيات عندما‬ ‫يعني ذلك مزيدا ً من التنازالت الفلسطينية‬ ‫ملصلحتها‪ ،‬أما حقوق الشعب الفلسطيني‬ ‫واالنسحاب من األراضي التي احتلت فهو أمر‬ ‫مرفوض في القاموس الصهيوني‪،‬‬ ‫ويستبعد املعلقون أن تعمل رئيسة الوفد‬ ‫االسرائيلي للتفاوض تسيبي ليفني من‬ ‫التوصل ألي اتفاق مكتوب او تفاهم مع اجلانب‬ ‫الفلسطيني خشية ان يستخدم ضدها في‬ ‫املعركة االنتخابية التي بدأت في اسرائيل‪،‬‬ ‫والصهاينة يرون أن مجرد احملادثات التي‬ ‫جتريها فتح مع حماس بهدف استعادة الوحدة‬ ‫الوطنية تعتبر نقيضا ً للمفاوضات مع اسرائيل‪،‬‬ ‫واملفاوضات حسب الرؤية االسرائيلية تعني مزيدا ً‬ ‫من االنقسام بني صفوف الفلسطينيني ومحاربة‬ ‫املقاومني ووصفهم باالرهاب‪ ،‬وحصار الشعب‬ ‫الفلسطيني في قطاع غزة بات أمرا ً طبيعياً‪،‬‬ ‫وفي ذلك يقول رئيس الوفد البرملاني االوروبي الذي‬ ‫زار غزة مؤخرا ً “ان احتجاز قوات االحتالل للوفد‬ ‫االوروبي على معبر ايرز ومحاولة منعه من دخول‬

‫‪74‬‬

‫عباس‪ :‬التمسك بشروط اللجنة الرباعية الدولية‬ ‫غزه لم يثر استهجان أو حتفظ الوفد في ظل‬ ‫احتجاز االحتالل ملئات االلوف من الفلسطينيني‬ ‫في قطاع غزة”‪.‬‬ ‫ماكينة املفاوضات حتصد املكاسب للصهاينة‬ ‫املستشار القضائي للحكومة اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫يشرعن املفاوضات عندما تكون نتائجها‬ ‫ملصلحة سرائيل ويقول‪“ :‬حسب القانون ال توجد‬ ‫أي قيود في أي شيء وان إدارة املفاوضات بحد‬


‫ذاتها ال تشكل سببا ً لوقفها‪ ،‬فاملفاوضات هي‬ ‫مرحلة في مسيرة وعندما يتوصل اوملرت الى‬ ‫اتفاقات سيكون عليه ان يعرضها على احلكومة‬ ‫والكنيست‪ ،‬فإذا أقرات تكون شرعية‪ ،‬واذا لم تكن‬ ‫مقبولة تسقط شرعيتها”‪.‬‬ ‫نعم في هذا الزمن الرديء بات العدو الصهيوني‬ ‫هو اخلصم واحلكم‪ ،‬ويصبح االمر أكثر قساوة‬ ‫عندما يتم التمسك باملفاوضات حتى النهاية‬ ‫ودون جدوى‪ ،‬والسؤال ما هو السبب الذي يدفع‬ ‫املفاوض الفلسطيني للتمسك باملفاوضات في‬ ‫الوقت الذي يستمر فيه احلصار الظالم لالراضي‬ ‫الفلسطينية احملتلة في قطاع غزة والضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬رمبا اذا عرف السبب بطل العجب؟!‬ ‫قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس‬ ‫في بوخارست (رومانيا)‪“ :‬إسرائيل والواليات‬ ‫املتحدة مشغولتان في انتخابات كبيرة‪ ،‬ونحن‬ ‫الفلسطينيني ما زلنا ممزقني من جراء االنقالب‬ ‫في غزة ونحاول مللمة جراحنا”‪.‬‬ ‫ويقول األمني العام للجامعة العربية عمرو‬ ‫موسى‪“ ،‬ان الدول العربية يجب أن تناقش اسباب‬ ‫عدم الوصول الى نتيجة ايجابية في املسيرة‬ ‫التي جرت حتى اآلن‪ ،‬وأين وصلت القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬والعقبات التي جرت والفشل في‬ ‫الوصول الى أي نتيجة إلقامة دولة فلسطينية‪،‬‬ ‫ووقف االستيطان‪ ،‬وحتريك املفاوضات الى نقطة‬ ‫متقدمة”‪.‬‬ ‫ويتابع موسى‪“ :‬ان الدول العربية تتطلع الى‬ ‫ان تعمل االدارة االميركية اجلديده فور توليها‬ ‫مهماتها حلل القضية الفلسطينية‪ ،‬وأال يكون‬ ‫هناك تردد لالدارة اجلديدة”‪.‬‬

‫والسؤال الذي يطرح بقوة‪ :‬ملصلحة من انتظار‬ ‫احللول من الواليات املتحدة االميركية الداعم‬ ‫االكبر للكيان الصهيوني وما هو دور الدول‬ ‫العربية تلك يا ترى؟!‬

‫نظام كامب ديفيد واحلوار‬ ‫الفلسطيني في القاهرة‬ ‫في اجتماع اللجنة الرباعية الدولية في‬ ‫شرم الشيخ في مصر قيل إنه مت إعطاء دفعة‬ ‫من أجل استمرار األمل في عملية السالم‬ ‫ومن أجل الوصول اليه‪ ،‬وقالت وزيرة اخلارجية‬ ‫االسرائيلية تسيبي ليفني‪“ :‬ان اسرائيل تدرك‬ ‫احلاجة الى تأسيس دولة فلسطينية مستقلة‬ ‫ال تدعم (االرهاب)” مشيرة الى استعداد اجلانبني‬ ‫للعمل وفق مرجعية مؤمتر انابوليس‪ ،‬وخارطة‬ ‫الطريق التي تنص املرحلة االولى منها على‬ ‫تفكيك الفصائل الفلسطينية املسلحة ووقف‬ ‫الهجمات ضد اسرائيل‪ ...‬وهذا فقط ما تفهمه‬ ‫اسرائيل من خارطة الطريق!؟‬ ‫أما شمعون بيريس رئيس دولة الكيان فحذر‬ ‫من احتمال تفكك اجملتمع االسرائيلي بسبب ما‬ ‫يشهده من صراعات داخلية‪ ،‬زاعما ً أن السالم‬ ‫اقرب مما نتصوره‪ ،‬ويجب بذل كل جهد مستطاع‬ ‫من اجل استكمال مسيرة التسوية‪.‬‬ ‫املصادر املصرية أعلنت إرجاء احلوار الفلسطيني‬ ‫الشامل وعزته الى تراخي االرادة السياسية لدى‬ ‫اطراف فلسطينية بينها حركة حماس‪ ،‬وأكدت‬ ‫ان لديها حتليلها ألسباب هذا التراجع‪ ،‬وان هذا‬

‫التراجع ينبغي أن يحلل بدقة‪،‬‬ ‫أما حركة حماس فقالت نحن نذهب للحوار‬ ‫لتحقيق املصاحلة وليس لتأمني غطاء االستمرار‬ ‫في املفاوضات العقيمة‪ ،‬ونرفض النهج العبثي‬ ‫للمفاوضات فكيف سنوفر الغطاء من خالل متديد‬ ‫والية الرئيس محمود عباس وتفويضه باملفاوضات‪.‬‬ ‫وقال قيادي في حماس “إن من يراهنون على‬ ‫االميركيني واالسرائيليني ويعملون على تنفيذ‬ ‫خطة دايتون االمنية لن يجدوا من يحميهم‬ ‫الن االجندات اخلارجية واملصالح اخلاصة تتحول‬ ‫وتتغير”‪.‬‬

‫وماذا عن التهدئة في قطاع غزة؟‬ ‫أعلن كبار جنراالت اجليش االسرائيلي عن‬ ‫تقديرهم بأن انفجارا ً عسكريا ً واسع النطاق‬ ‫ستشهده غزة خالل الشهرين املقبلني‪ ،‬وان‬ ‫الفلسطينيني يعتبرون يوم ‪ 19‬كانون االول املقبل‬ ‫انتهاء اتفاق التهدئة الذي أقر قبل ستة شهور‬ ‫في مفاوضات غير مباشرة بني اسرائيل وحماس‬ ‫عبر مصر‪ ،‬وان يوم ‪ 9‬كانون الثاني يوم انتهاء دورة‬ ‫حكم الرئيس محمود عباس رسمياً‪ ،‬واملصادر‬ ‫االسرائيلية ترى ان هذين التاريخني سيشكالن‬ ‫ذريعة للتنظيمات الفلسطينية الستئناف‬ ‫املقاومة‪ ،‬وبناء على هذه االدعاءات يقول اجلنراالت‪،‬‬ ‫ان على اسرائيل ان تكون مستعدة جملابهة انفجار‬ ‫جديد بكل قوة‪ ،‬حتى ال تعيد اجلنوب االسرائيلي‬ ‫الى حالة حرب استنزاف فلسطينية جديدة‪.‬‬ ‫أما وزير الدفاع االسرائيلي ايهود باراك فنقل‬ ‫عنه قوله “ان على اجليش ان يعطي ردا ً شافيا ً‬ ‫على كل صاروخ يطلق على اسرائيل” وأضاف‪:‬‬ ‫ليعلم قادة حماس ان كل ضربة تتلقاها اسرائيل‬ ‫سنرد عليها بعشرات الضربات‪.‬‬ ‫ويذكر ان اجليش االسرائيلي أعد خطة تتضمن‬ ‫عدة سيناريوهات تنفذ بعدة درجات‪ ،‬أقساها‬ ‫االجتياح وإعادة االحتالل الكامل‪ ،‬وهي تبدأ بعدة‬ ‫عمليات اجتياح تترافق مع سلسلة اغتياالت‬ ‫عينية لشخصيات عسكرية وسياسية وإعادة‬ ‫احتالل الشريط احلدودي على طول احلدود بني‬ ‫قطاع غزة وسيناء املصرية املعروف باسم‬ ‫(فيالدلفيا)‪.‬‬ ‫الكيان الصهيوني بدأ يعد العدة ويحرص‬ ‫على متهيد االجواء كحرب كهذه بالتوضيح‬ ‫انها قد تكلف اجليش االسرائيلي عددا ًَ كبيرا ً من‬ ‫الضحايا‬ ‫االمر ال يتوقف على قطاع غزة وتهديد القادة‬ ‫الصهاينة للبنان وسوريا مستمرا ً واملناورات‬ ‫االسرائيلية االخيرة تؤكد مثل هذا االحتمال‪..‬‬ ‫بقي ان نقول ان خيار املقاومة والدفاع عن‬ ‫الوطن‪ ،‬هو الوسيلة الوحيدة التي تصون الكرامة‬ ‫وتعيد احلقوق ألصحابها‪ ،‬والوحدة الوطنية هي‬ ‫السالح األمضى ملواجهة العدوان‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫ليفني‪ :‬عليكم االختيار إما املفاوضات أو املصاحلة الفلسطينية؟!‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر عربي‬ ‫تغيير اسم االتفاقية األمنية «العراقية ـ األميركية»‬

‫من وضع القوات إلى سحبها احتالل ُم ّقنع للعراق‬ ‫في محاولة بائسة يحاول البعض من املستفدين‬ ‫من وجود االحتالل األميركي على أرض العراق تسويق‬ ‫االتفاقية املزعومة‪ ،‬بعدما أقر مجلس الوزراء العراقي‬ ‫االتفاقية وأحالها على البرملان العراقي‪ ،‬وهؤالء‬ ‫يقولون إن االتفاقية تقدم أفضل أمل خلروج القوات‬ ‫األجنبية من البالد‪ ،‬ونسي هؤالء أن هدف االحتالل‬ ‫األميركي منذ أن وطئت قدمه أرض العراق‪ ،‬يتمثل في‬ ‫تدمير جميع قدرات العراق االقتصادية واالجتماعية‬ ‫والتاريخية واحلضارية والعسكرية‪ ،‬وكونه الرصيد‬ ‫القوي ألمته العربية‪ ،‬فاالحتالل األميركي الذي دمر‬ ‫كل مكونات احلياة في هذا البلد‪ ،‬وشرد العراقيني‬ ‫ونهب خيراتهم واستباح مقدساتهم‪ ،‬وح ّول العراق‬ ‫إلى بلد فقير ومستورد حتى إلى مشتقات البترول‪،‬‬ ‫بالرغم أن العراق يعتبر أحد ثاني أكبر خزان نفطي‬ ‫في العالم‪ ،‬فمثل هذا االحتالل ال يحتاج التفاقية‬ ‫للخروج من أرض العراق‪ ،‬ولكنه يحاول تخفيف كلفة‬ ‫احتالله للعراق وتثبيت املكاسب واملغامن وتأمني أفضل‬ ‫الشروط لضمان استمراره في نهب حتى آخر نقطة‬ ‫نفط عراقية‪ ،‬بعدما غ ّير املعادلة الداخلية وأضعف‬ ‫العراقيني بعدما جعلهم قبائل متناحرة‪ ،‬فعقد‬ ‫الصفقات مع زعماء العشائر (العراقية) وسمى ذلك‬ ‫(بالصحوات) وهي وصفة محققة للغفوات‪ ،‬التي‬ ‫سيدفع ثمنها الشعب العراقي من دم أبنائه‪ ،‬حتى‬ ‫يطمئن سادة البيت األبيض إلى جناحهم في متزيق‬ ‫وحدة العراق وكيانه‪.‬‬ ‫ومن الطبيعي واألرجح أن يقول املوقعون على‬ ‫االتفاقية تلك‪ ،‬إنه لم يكن أمامهم خيار آخر‪ ،‬وهذا‬ ‫أمر تكذبه الوقائع على األرض‪ ،‬وعن هؤالء يقول‬ ‫جوست هيلترمان من مجموعة األزمات الدولية‬ ‫“مهما قالوا اليوم خلدمة أمور قومية خاصة قبل‬ ‫االنتخابات احمللية فإن األحزاب املوجودة في السلطة‬ ‫حاليا ً تريد أن تبقي القوات األميركية في البالد”‪.‬‬ ‫وأضاف “إن الوجود األميركي هو الذي يبقيهم‬ ‫في السلطة‪ ،‬وهم يعرفون أنهم ما زالوا ضعفاء‬ ‫وال يحظون بشعبية‪ ،‬وإن إعادة بناء جيشهم لم‬ ‫تكتمل بعد وإن هذا اجليش ال يزال غير فعال بالشكل‬ ‫الكافي”‪.‬‬ ‫وهناك من يقول إيضاً‪ ،‬إذا سألت معظم القاده‬ ‫السياسيني في العراق‪ ،‬هل من املمكن وجود دولة‬ ‫عراقية دون هذه االتفاقية فسيقولون لك ال‪ ...‬ولكن‬ ‫االختالف هو حول كيفية تقدمي هذه االتفاقية‬ ‫للشعب العراقي‪...‬‬ ‫كيفية تسويق االتفاقية!؟‬ ‫يقال إن هذه االتفاقية حتدد موعدا ً ثابتا ً النسحاب‬ ‫القوات األميركية من العراق‪ ،‬وهذه واحدة من‬ ‫القضايا السياسية املهمة في الواليات املتحدة‬ ‫والشرق األوسط والعالم خالل السنوات األخيرة‪،‬‬ ‫وإن القوات األميركية ستسلم قواعدها إلى العراق‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬وستفقد صالحياتها لهدم منازل‬ ‫عراقية من دون أمر من قاض عراقي وتصريح من‬ ‫احلكومة‪ ،‬وسيعود القضاء (اجملال اجلوي العراقي) إلى‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العراق‪ ،‬وإن العراق سيتسلم كل املواقع السيادية‬ ‫(املعسكرات) مطلع ‪ 2009‬وس ُيح ّول ملف املعتقلني‬ ‫لدى القوات األميركية إلى احلكومة العراقية‪ ،‬علما ً‬ ‫بأن السجون األميركية في العراق تضم (‪ 16‬ألف‬ ‫معتقل استنادا ً لبيانات اجليش األميركي)‪ ،‬واالتفاقية‬ ‫حددت نهاية عام ‪ 2011‬موعدا ً أقصى جلالء آخر جندي‬ ‫أميركي عن األراضي العراقية‪.‬‬ ‫وإن هذه االتفاقية ستجد الظروف واملناخات‬ ‫املناسبة لتسريع العملية السياسية في هذا البلد‪،‬‬ ‫وعلى اعتبار أن املوضوع الرئيس في هذه االتفاقية هو‬ ‫انسحاب القوات األميركية‪ ،‬وإزالة العقبة الرئيسية‬ ‫التي حالت دون إيجاد املناخات الداخلية املناسبة‬ ‫لتسريع العملية السياسية‪...‬‬ ‫تقول صحيفة النيويورك تاميز‪“ :‬إن حكومة املالكي‬ ‫استطاعت إيجاد نوع من التوازن بني الضغوط‬ ‫الداخلية التي ترفض أي توجه ينتهي بإقامة قواعد‬ ‫عسكرية أميركية دائمة ألمد غير محدد في العراق‪،‬‬ ‫وبني ضغوط البيت األبيض‪ ،‬فإصرار حكومة املالكي‬ ‫على إيجاد تغييرات أساسية في مسودة االتفاقية‪،‬‬ ‫أجبر إدارة جورج بوش على قبول اجلزء األكبر من‬ ‫املقترحات العراقية في هذا اجملال‪ ،‬وخاصة حتديد‬ ‫موعد ثابت لالنسحاب‪ ،‬في الوقت الذي كانت إدارة‬ ‫بوش تراهن على بند يترك موضوع االنسحاب رهنا ً‬ ‫بالظروف”‪.‬‬ ‫كما استطاعت حكومة املالكي إدراج بند رئيسي‬ ‫يحظر على القوات األميركية استخدام األراضي‬ ‫العراقية ضد بلدان اجلوار العراقي‪.‬‬ ‫ولكن مع ذلك كله ال يعني أن االتفاقية لن تواجه‬ ‫احتجاجات داخلية واسعة‪ ،‬وهناك من يقول بعدم‬ ‫وجود قانون لالتفاقيات في العراق‪ ،‬ويُستند إلى‬ ‫املادة ‪ 130‬في الدستور‪ ،‬وهذا ما جرى توقيع العديد‬ ‫من االتفاقيات من خالله‪ ،‬وأن الشعب العراقي هو‬ ‫من يقرر توقيع االتفاقية ومجلس الوزراء ال ميثل كل‬ ‫الشعب في ظروف العراق احلالية‪ ،‬وهذه االتفاقية‬ ‫تسلم العراق إلى الواليات املتحدة على طبق من‬ ‫ذهب وملدة غير محدودة‪ ،‬وال ميكن الوثوق بعهود احملتل‬ ‫األميركي‪.‬‬ ‫ما هو مصير هذه االتفاقية؟‬ ‫واشنطن رحبت مبوافقة احلكومة العراقية على‬ ‫االتفاقية‪ ،‬والناطق باسم البيت األبيض غوردون‬ ‫جوندرو قال‪“ :‬إنها مرحلة مهمة وإيجابية‪ ،‬ونأمل ونثق‬ ‫بأنه سيكون لنا قريبا ً اتفاق يخدم الشعب العراقي‬ ‫والواليات املتحدة‪ ،‬واالتفاق يشمل األمن والعالقات‬ ‫االقتصادية والسياسية والدبلوماسية‪.”..‬‬ ‫وقد عارض مقتدى الصدر االتفاق‪ ،‬والناطق‬ ‫باسم الكتلة الصدرية قال “إن هذا االتفاق يسلم‬ ‫العراق إلى الواليات املتحدة وهذه االتفاقية مهينة”‪،‬‬ ‫والناطق باسم جبهة الوفاق قال إن الكتلة تسعى‬ ‫إلى عرقلة االتفاق في البرملان‪ ،‬بينما جدد السيد علي‬ ‫السيستاني موقفه احلريص على عدم مس االتفاقية‬ ‫بسيادة العراق وضرورة االلتزام بالثوابت الوطنية‪ ،‬وأن‬

‫‪76‬‬

‫مقتدى الصدر‪ :‬االتفاقية مهينة وقدمت العراق‬ ‫للواليات املتحدة على طبق من ذهب‬

‫ملالكي (اتفاقية وضع القوات أم سحبها واآلتي أعظم)‬ ‫أو (شخصية مزدوجة واآلتي أعظم)‬

‫يتحمل املسؤولون مسؤولياتهم الوطنية وينزلوا إلى‬ ‫الساحة بشكل فاعل‪.‬‬ ‫يبدو أن واشنطن وافقت على بعض التعديالت‬ ‫التي طالب بها رئيس احلكومة العراقية نوري‬ ‫املالكي‪ ،‬وشطبت الفقرة التي كانت تنص على أنه‬ ‫ميكن ألحد الطرفني األميركي والعراقي متديد املهلة‬ ‫إلى ما بعد ‪ 31‬كانون األول ‪ ،2011‬ومت التأكيد على‬ ‫منع شن القوات األميركية أي هجوم على أي دولة‬ ‫مجاورة انطالقا ً من أرض العراق أو جوه أو بحره‪ ،‬إال أن‬ ‫هناك فقرة خاصة باحلصانة التي سيتمتع بها جنود‬ ‫االحتالل واملرتزقة املتعاقدون معهم‪ ،‬إذ إن الوالية‬ ‫القضائية بحق هؤالء ستبقى محصورة باحملاكم‬ ‫األميركية‪ ،‬إال في حاالت محددة‪.‬‬ ‫كذلك فإن القوات األميركية في العراق ميكنها‬ ‫أن تتخذ اإلجراءات املناسبة حيال أي تهديد يطال‬ ‫استقرار النظام الدميوقراطي العراقي‪ ،‬وهذا يعني‬ ‫شرعنة االحتالل األميركي وما مي ّثله من تهديد لدول‬ ‫اجلوار وحتويل العراق إلى قاعدة أميركية‪ ،‬وحادث‬ ‫البوكمال مؤشر واضح للعدوان األميركي‪.‬‬ ‫والبرملان العراقي ص ّوت على االتفاقية األمنية‬ ‫بعد شهور طويلة من حالة الشد واجلذب من قبل‬ ‫الكتل البرملانية الثالث الكبرى «اإلئتالف والتحالف‬ ‫والتوافق» بعد ضغوط وتهديدات أميركية بتجميد‬ ‫أرصدة العراق النفطية‪ ،‬وإشعال الصراعات الداخلية‪،‬‬ ‫وما يقال عن هذه اإلتفاقية أنها هدية مجانية جلورج‬ ‫بوش تشرعن االحتالل وتبقي العراق في اجملهول‬ ‫سنوات أخرى‪ ،‬إنه السيناريو املرسوم‪ ،‬انتهت فصول‬ ‫هذا املسلسل‪ ،‬واملقاومة العراقية وحدها اخملولة‬ ‫بتقدمي اجلواب الشافي‪ ،‬وهي الوحيدة التي تتحدث‬ ‫باسم الشعب العراقي‪ .‬طريق احلرية واضحة والتاريخ‬ ‫يعملنا أن ال عهد مع احملتل‪.‬‬

‫إعداد أدهم محمود‬


‫عبدهللا بن عبد العزيز‬ ‫شرب كأس التطبيع مع‬ ‫اسرائيل على مائدة بوش‬ ‫هذا العنوان لم يسقط سهواًَ‪ ،‬بل حتقق فعالً عندما شرب خادم احلرمني الشريفني‪،‬‬ ‫نخب استباحة دم املسلمني في فلسطني والعراق‪ ...‬وتنازل عن دينه مؤيدا ً ومؤكدا ً على‬ ‫خطاب سيده جورج بوش الذي طلب إتاحة الفرصة جلهة حق تغيير الدين ودافع بقوة‬ ‫عن هذا احلق في كلمته أمام مؤمتر ثقافة “االستسالم” حلوار األديان في نيويورك‪.‬‬ ‫لبى عبد العزيز دعوة الرئيس األميركي وغ ّير دينه ورفع كأس اخلمر عالياً‪ ،‬وبعدما‬ ‫فضحته عدسات املصورين الذين ال يقبضون رشى األسرة احلاكمة وليسوا محسوبني‬ ‫على البالط امللكي‪ ،‬تقدم امللك باستئناف على احلكم الالأخالقي الذي صدر بحقه من‬ ‫قبل اإلسالم واملسلمني في العالم وجاء بهذا االستئناف‪:‬‬ ‫“إن امللك يسجل سخطه وغضبه وذلك لألسباب التالية‪ :‬اوالً‪ :‬نوعية اخلمر التي‬ ‫قدمت جلاللته‪ ،‬ليست مطابقة ملواصفات اجلودة العاملية‪ ،‬فتركيزها أقل بنسبة ‪%3‬‬ ‫كونه “ذويق” من طراز رفيع وال متر عليه أساليب الغش والتزوير‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬كمية اخلمر قليلة‪ ،‬وال تتناسب مع عادته في احتساء املنكر حد ال ّثمل‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬تع ّود امللك أن تقدم إحدى احلسناوات الشراب مع بعض املقبالت واملنشطات‬ ‫ال رجل سياسي‪ ،‬مع العلم أن قضاء اهلل وقدره وحده أنقذ ذلك السياسي مما هو أقبح‬ ‫وإال كانت الفضيحة نكراء‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬لم يتخلل احلفل أي نوع من أنواع الرقص والهرج واملرج‪ ،‬مما أغضب امللك الذي‬ ‫ال يجيد اللغات التي كانت تتهامس عليه ميينا ً وشماالً‪.‬‬ ‫لذلك أعلن صاحب اجلاللة عن امتعاضه واشمئزازه ودعا جلنة اإلفتاء الى جلد ذلك‬ ‫الرجل الذي قدم له اخلمر خمسني جلده وتغرميه برميلني من النبيذ الفرنسي املعتق‬ ‫ومجموعة من النساء اجلميالت ال يقل عددهن عن خمس‪.‬‬ ‫يستغرب البعض هذا األسلوب الساخر في الكتابة‪ ،‬لكن الذي يُثير االستغراب‬ ‫احلقيقي هو هذه احلالة املتدنية من االنحالل الذي أصاب هذه األمة‪ ،‬حيث يعجز‬ ‫أي كاتب في الدنيا إال أن يسخر من أمراء وملوك كهؤالء‪ ،‬ألن املفترض أنهم ميثلون‬ ‫املرجعية اإلسالمية‪.‬‬ ‫م ّثل حوار األديان مهزلة حقيقية وحالة من االستخفاف بعقول الناس‪ ،‬فأين يصرف‬ ‫هذا احلوار واليهود الصهاينة ينكلون بطفل فلسطيني لم يتجاوز الست سنوات؟‬ ‫أين يسجل واملسلمون مينعون من دخول املسجد األقصى ألداء الفرائض؟ كيف نصدق‬ ‫واملسيحيون يذبحون على ناصية الطرق في العراق؟ أما السؤال األهم فهو‪ :‬كيف‬ ‫حتاور من يقوم جوهر عقيدته على العنصرية والتمييز واإلرهاب “شعب اهلل اخملتار”‪.‬‬ ‫جاء حوار االستسالم ليثبت الدور السعودي املشبوه الذي يؤدي أدواره الوهابيون‬ ‫األبناء ويواصلون التطبيع على نهج اآلباء‪ .‬وقد كشفت الوثائق عن نهج سعودي بدأ‬ ‫مع مؤسس اململكة عبد العزيز بن سعود الذي كان السباق الى االعتراف بالكيان‬ ‫الصهيوني‪.‬‬

‫السلطان عبد العزيز‬ ‫يعترف وامللك عبد اهلل يطبع‬

‫عبد العزيز آل سعود‪ ،‬أقر وأعترف للسيد كوكس مندوب بريطانيا العظمى‪“ :‬ال‬ ‫مانع عندي من إعطاء فلسطني لليهود أو غيرهم‪ ،‬كما ترى بريطانيا التي ال أخرج‬ ‫عن رأيها حتى قيام الساعة”‪.‬‬ ‫هذه املقدمة ليست حملة تشهير أو قدح وذم ألسرة آل سعود بعدما أصبح‬ ‫كل َمن يتناول السعودية غير عربي‪ ،‬إمنا هو تاريخ فاسد ُكتب بحروف مشبعة‬ ‫بالغش والتزوير‪ ..‬و ّثقها رفاق وأصدقاء آل سعود في ّ‬ ‫مذكراتهم‪.‬‬ ‫عبر هذا املوقف التآمري على القضية الفلسطينية من ِقبل آل سعود عن‬ ‫مدى التر ّدي األخالقي‪ ،‬واالنحطاط القومي في رأس آل سعود‪ ،‬وليس في فكرهم‬ ‫كونهم ال ميتلكون سوى رؤوس فارغة من قيم األصالة والعروبة والفكر‪.‬‬

‫إ ّن املقدمة التي باع مبوجبها عبد العزيز فلسطني‪ّ ،‬‬ ‫أكد عليها جون فيليبي في‬ ‫ّ‬ ‫مذكراته بقوله‪“ :‬إ ّن عبد العزيز بن سعود أخرج ورقة صغيرة من جيبه املتد ّلي‬ ‫على صدره وكتب عليها بخط يده ما ورد في املقدمة (صك التنازل عن القدس)”‪.‬‬ ‫توجه جون فيليبي إلى عبد العزيز آل سعود بالسؤال‪“ :‬إ ّن هذه الوثيقة‬ ‫وعندما ّ‬ ‫التي كتبتها بخط يدك ستكون سببا ً في تشريد الشعب الفلسطيني”‪ .‬أجاب‬ ‫سعود قائالً‪“ :‬أال ترى أننا ش ّردنا من جزيرة العرب الكثير من أهلها وسنش ّرد الكثير‬ ‫منهم أيضاً‪ ،‬وتعلم اننا ّ‬ ‫كفرنا العرب واملسلمني إرضا ًء لبريطانيا‪ ،‬وهم ليسوا‬ ‫أغضب بريطانيا صديقتنا احلميمة وحليفتنا األولى؟”‪.‬‬ ‫كفاراً‪ .‬فهل تريدني أن ِ‬ ‫قال الباحث ألكسندر بالي من معهد ترومان في مقال كتبه في مجلة العلوم‬ ‫السياسية الوطنية “جيروزاليم كوارنلي” حتت عنوان “تعايش إسرائيلي سعودي‬ ‫سلمي”‪“ :‬إ ّن اململكة العربية السعودية وإسرائيل قامتا ببناء عالقة حميمة‬ ‫وكانتا على اتصال مباشر ومستمر في أعقاب حدوث ثورة اليمن عام ‪ ،1962‬بهدف‬ ‫ما أسماه “منع عدوهما املشترك أي عبد الناصر من تسجيل انتصار عسكري‬ ‫في اجلزيرة العربية”‪ ،‬وذكر الكاتب بالي أنه أجرى مقابلة مع السفير اإلسرائيلي‬ ‫السابق في لندن “أهارون مييز” (‪1965‬ـ‪ )1970‬الذي أعلمه‪“ :‬أ ّن امللك سعود وامللك‬ ‫فيصل كانا على عالقة مع إسرائيل‪ ،‬وعلى اتصال وثيق معها”‪.‬‬ ‫وفي تقرير الشرق األوسط الذي صدر في ‪ ،1978/6/10‬أ ّن وزير الدفاع اإلسرائيلي‬ ‫“عيزرا وايزمان” التقى سرا ً ولي العهد السعودي األمير فهد في اسبانيا‪ ،‬فيما‬ ‫ذكرت مجلة “تامي” األميركية ‪ ،1978/7/14‬حتت عنوان “موعد إسرائيلي في املغرب”‪،‬‬ ‫أ ّن امللك حسن ّ‬ ‫حث رابني على لقاء السعوديني الذين مي ّولون االقتصاد املغربي‪،‬‬ ‫حيث وافق رابني واألمير فهد على اللقاء الذي مهّ د له امللك حسن‪.‬‬ ‫أجرت صحيفة “جيروزاليم بوست” في ‪ ،1994/6/23‬مقابلة مع الكولونيل‬ ‫اإلسرائيلي “رافي سينون” ضابط االستخبارات اإلسرائيلية‪ ،‬كشف من خاللها‬ ‫أ ّن فهد حينما كان وليا ً للعهد‪ ،‬سعى إلجراء اتصاالت سرية مع إسرائيل بغية‬ ‫الوصول إلى تفاهم بني البلدين‪ ،‬وأنه استخدم لهذه الغاية مبعوثا ً فلسطينيا ً‬ ‫أرسله ملقابلة “موشي ديان” وزير اخلارجية اإلسرائيلي آنذاك‪ ،‬وقد أجرت الصحيفة‬ ‫املذكورة مقابلة مع املبعوث السعودي “ناصرالدين النشاشيبي” وهو صحافي‬ ‫فلسطيني مق ّرب من السعوديني‪ ،‬حيث ّ‬ ‫أكد احلادثة وقال إنه التقى الكولونيل‬ ‫سينون عام ‪ ،1967‬ثم سافر إلى الرياض وقابل ولي العهد فهد‪ ،‬وس ّلمه رسالة‬ ‫شفوية سرية‪ .‬كما ذكر النشاشيبي أنه التقى عقب ذلك بستة أعوام “شيمون‬ ‫حمله رسالة سرية للملك فهد لم تُعرَف محتوياتها‪.‬‬ ‫بيريز” الذي ّ‬ ‫املبددة” للكولونيل اإلسرائيلي “رافي سينون”‬ ‫يعتبر كتاب “الفرص الكبرى ّ‬ ‫مرجعا ً مهما ً لالطالع على االتصاالت السرية التي جرت بني إسرائيل واحلكام‬ ‫العرب‪ .‬ويحتوي هذا الكتاب على كمية كبيرة من األسرار والفضائح التي لم‬ ‫ت َ‬ ‫ُنشر من قبل حول تو ّرط أمراء وملوك وسماسرة السياسة العربية على القضايا‬ ‫الوطنية والقومية‪ ،‬وكيف ح ّولوا الشعوب العربية إلى أرقام ال قيمة لها‪ ،‬وال‬ ‫وجود‪ .‬أرقام تُكتب وتمُ حى في لعبة االجتار برغيف اخلبز وكأس احلليب‪ .‬إنها سخرية‬ ‫القدر وسخافة الوجود حيث يُو ّلى علينا أغبياء وكاذبون وجتار يحملون صفة‬ ‫ملوك وأمراء‪.‬‬

‫ماهر سري الدين‬

‫‪77‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر عربي‬

‫هل الحرب على سوريا مسألة وقت؟‬ ‫وثائق صهيونية سرية تستهدف سوريا‪ ،‬لبنان والعراق‬ ‫حتتفظ املنظمة الصهيونية العاملية بعشرات‬ ‫الوثائق اخلطيرة التي تستهدف وجود أمتنا‬ ‫العربية‪ .‬وسنلقي الضوء في دراسة سريعة‬ ‫على بعض هذه الوثائق في سياق قراءة سياسية‬ ‫معمقة‪ ،‬حيث ميكن لكم إسقاط مضامني هذه‬ ‫الوثائق على الوقائع التي منر فيها في لبنان‬ ‫واملنطقة‪ ،‬أو قد مررنا بها ملعرفة مدى ضخامة‬ ‫اخملططات التي تريد النيل من كرامتنا ووجودنا‬ ‫وحقنا في هذه األرض التي خلقنا وتك ّونا مع‬ ‫ترابها الطاهر‪.‬‬ ‫أوالً‪ :‬وثيقة (استراتيجية إسرائيلية‬ ‫للثمانينيات)‬ ‫حتدثت هذه الوثيقة عن أن تفتيت مصر إلى‬ ‫أقاليم جغرافية منفصلة هو هدف إسرائيل على‬ ‫جبهتها الغربية‪ .‬كما أن تفتيت لبنان الى خمس‬ ‫مقاطعات إقليمية يجب أن يكون سابقة لكل‬ ‫العالم العربي‪ .‬وتفتيت العراق أهم بكثير في‬ ‫املدى القريب‪ ،‬وميكن تقسيمه إلى ثالث دويالت أو‬ ‫أكثر‪.‬‬ ‫التص اخلاص والصريح ضد سوريا‪:‬‬ ‫تضمنت االستراتيجية اإلسرائيلية ضد سوريا‬ ‫النقاط اآلتية‪:‬‬ ‫ـ ان سوريا ال تختلف اختالفا ً جوهريا ً عن لبنان‬ ‫الطائفية باستثناء النظام العسكري القوي‬ ‫الذي يحكمها‪ ،‬ولكن احلرب الداخلية احلقيقية‬ ‫اليوم بني األغلبية السنية واألقلية احلاكمة من‬ ‫الشيعة العلويني الذي يشكلون ‪ %12‬فقط من‬ ‫عدد السكان‪ ،‬تدل على مدى خطورة املشكلة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الداخلية‪.‬‬ ‫ـ ان تفكك سوريا والعراق في وقت الحق الى‬ ‫أقاليم ذات طابع قومي وديني مستقل‪ ،‬كما‬ ‫هي احلال في لبنان‪ ،‬هو هدف إسرائيل األسمى‬ ‫في اجلبهة الشرقية على املدى القصير‪ ،‬وسوف‬ ‫تتفتت سوريا تبعا ً لتركيبها العرقي والطائفي‬ ‫الى دويالت عدة كما هي احلال اآلن في لبنان‪.‬‬ ‫ـ وعليه سوف تظهر على الشاطئ دويلة‬ ‫علوية‪.‬‬ ‫ـ وفي منطقة حلب دويلة سنية‪.‬‬ ‫ـ وفي منطقة دمشق دويلة سنية أخرى‬ ‫معادية لتلك التي في الشمال‪.‬‬ ‫ـ أما الدروز فسوف يشكلون دويلة في اجلوالن‬ ‫التي نسيطر عليها‪.‬‬ ‫ـ وكذلك في حوران وشمال االردن فسوف يكون‬ ‫ذلك ضمانا ً لألمن والسالم في املنطقة بكاملها‬ ‫على املدى القريب‪ ،‬وهذا األمر هو اليوم في متناول‬ ‫أيدينا‪.‬‬ ‫جاءت املمارسات الصهيونية متوافقة ملضامني‬ ‫هذه الوثيقة‪ ،‬وحاولت إخراجها الى ح ّيز التنفيذ‬ ‫عبر توظيف كل الوسائل واإلمكانات واألدوات‬ ‫من أجل خلق قاعدة حقيقية ترتكز عليها‬ ‫االستراتيجية الصهيونية لتفتيت املنطقة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬مخطط تشيني الرهيب ووثيقة‬ ‫الكسر النظيف‪:‬‬ ‫كشف مايكل أوهالن‪ ،‬خبير الشؤون العسكرية‬ ‫واالستراتيجية في معهد “بروكينجر” النقاب عن‬

‫‪78‬‬

‫تفاصيل وإبعاد هذا اخملطط الرهيب‪ .‬كما أطلق‬ ‫عليه نائب الرئيس األميركي ديك تشيني‪ ،‬للعالقة‬ ‫الوثيقة مع الكيان الصهيوني والتخطيط لضرب‬ ‫سوريا وعزلها‪“ :‬ان هناك تطورات وتغيرات جديدة‬ ‫طرأت على تركيبة مكتب نائب الرئيس ديك‬ ‫تشيني في االسابيع القليلة املاضية التي تدل‬ ‫على تقاربه األكثر (إذا كان ذلك ممكناً) من حكومة‬ ‫شارون‪ ،‬فقد انتقل دايفد ويرمز بهدوء من مكتب‬ ‫جون بولتون‪ ،‬رجل العداء األول لعدالة القضية‬ ‫الفلسطينية ورأس حربة احلملة الشرسة التي‬ ‫شنت على سوريا في وزارة اخلارجية‪ ،‬الى دائرة‬ ‫مستشاري نائب رئيس األمن القومي الضيقة‪،‬‬ ‫هذه نقلة نوعية اذا ما أخذنا بعني االعتبار ان ديفد‬ ‫ويرمز هو أحد محرري وثيقة “الكسر النظيف”‬ ‫التي شكلت أارضية مبدأ القرن األميركي اجلديد‬ ‫“ لإلجهاز على اتفاقات أوسلو وفرض السالم‬ ‫اإلسرائيلي على املنطقة على أرضية ميزان‬ ‫القوى اخملتل ملصلحة اسرائيل بشكل كبير‪،‬‬ ‫وضرب املقاومة الفلسطينية لالحتالل من خالل‬ ‫أقحامها كجزء في “حرب الواليات املتحدة ضد‬ ‫االرهاب العاملي” وغزو العراق واحتالله‪.‬‬ ‫أما وثيقة “ الكسر النظيف” التي ابتكرها‬ ‫ديفد ويرمز‪ ،‬أحد مستشاري نائب الرئيس تشيني‬ ‫لشؤون االمن القومي حتت رعاية ريتشارد بيرل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فتركز على “حتطيم ياسر عرفات والسلطة‬ ‫الفلسطينية” من خالل إلقاء اللوم لكل ما يحدث‬ ‫من “عنف فلسطيني” عليهما بغض النظر عن‬ ‫املصدر أو القوى التي تتبناه‪ ،‬ودفع الواليات املتحدة‬


‫إلطاحة نظام صدام حسني من أجل اقتالع “اخلطر‬ ‫الذي يشكله هذا النظام على إسرائيل” وشن‬ ‫حرب على سوريا ـ سياسية وعسكرية ـ وقد رأينا‬ ‫بالفعل بداية هذه احلرب من خالل املصادقة على‬ ‫قانون معاقبة سوريا في الكونغرس واتهامها‬ ‫برعاية اإلرهاب من جهة‪ ،‬وشن هجمات عسكرية‬ ‫كان أولها القصف اجلوي اإلسرائيلي ملنطقة‬ ‫عني الصاحب يوم ‪ ،2003/10/15‬وإقحام الواليات‬ ‫املتحدة في مبادرة لتفتيت املنطقة العربية حتت‬ ‫غطاء الدمقرطة‪.‬‬ ‫وإذا كانت كل املعطيات تشير الى أن نائب‬ ‫الرئيس ديك تشيني كان مقتنعا ً مبوقف شارون‬ ‫بضرورة البدء بعمليات قصف اسرائيلي جوي‬ ‫في العمق السوري‪ ،‬واذا احتاج األمر قصفا ً‬ ‫أميركيا ً لألراضي السورية الواقعة مع احلدود‬ ‫العراقية وتصعيدها تدريجيا ً إلنهاك القدرات‬ ‫العسكرية السورية واستنزافها وانهيار النظام‬ ‫في دمشق‪ ،‬واذا ما استعمل املراقب مقياس الـ‪30‬‬ ‫شهرا ً املاضية بالنسبة لقدرة نائب الرئيس ديك‬ ‫تشيني على إمالء رغباته‪ ،‬فبإمكاننا احلكم ان‬ ‫األيام القادمة ستكون عصيبة على سوريا كما‬ ‫هي احلال على السلطة الفلسطينية ‪ ،‬كما‬ ‫يستخلص اخلبير األميركي اوهالن في ختام‬ ‫قراءته خملطط تشيني‪.‬‬ ‫نستطيع اليوم وبعد مرور سنوات على هذه‬ ‫الوثائق أن نعرف أين نحن من املشروع الصهيوني‬ ‫ـ األميركي في املنطقة! كما ميكننا أن نقرأ‬ ‫محاولة تقسيم لبنان‪ ،‬وضرب وحدته الوطنية‬ ‫عبر استخدام بعض األدوات اجلاهلة حينا ً واملتآمرة‬ ‫أحيانا ً كثيرة‪...‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬خريطة طريق خاصة بسوريا‪:‬‬ ‫وضع العراق في زنزانة الطاغوت األميركي‪،‬‬ ‫بينما يواصل بلدوزر اإلرهاب الصهيوني جرائمه‬ ‫التدميرية والبربرية على الشعب الفلسطيني‬ ‫بالتزامن مع التصعيد األميركي ـ الصهيوني‬ ‫للحمالت التحريضية ضد سوريا وحزب اهلل‬ ‫وايران والدول واحلركات املمانعة ملشروع احلقد‬ ‫والكراهية اجلديد الذي تبناه صقور “البيت‬ ‫األسود”‪ ،‬ونفذه غربان بني صهيون‪ .‬وهذا ما أكده‬ ‫تقرير أميركي أن “صقور اإلدارة األميركية وأصدقاء‬ ‫اسرائيل في واشنطن يخططون لتنفيذ خريطة‬ ‫طريق وضعوا بنودها بإحكام لتضييق اخلناق على‬ ‫نظام الرئيس السوري بشار االسد ومحاصرته‬ ‫اقتصاديا ً وتكنولوجيا ً وصوال ً الى فرض الشروط‬ ‫االسرائيلية املتعلقة بعملية التسوية‪ ،‬وهي‬ ‫خريطة‪ ،‬كما كشفت مسؤولة رفيعة سابقة في‬ ‫وزارة الدفاع األميركية ( البنتاغون) وضعها رئيس‬ ‫قسم شؤون “اسرائيل” في البنتاغون‪.‬‬ ‫ويوضح هذا التقرير املط ّول كيف بدأ أعداء‬ ‫دمشق التآمر ضدها من عامني وكيف كانت‬ ‫اسرائيل تطالب بضرب سوريا أثناء غزو العراق‬ ‫وبعده‪ ،‬وكيف أحكم الصقور قبضتهم على‬ ‫الكونغرس والبيت األبيض للتعجيل بخطوات‬ ‫معاقبة سوريا ومحاصرتها وحتييد كل من دمشق‬

‫وبيروت لتنفرد اسرائيل بفرض شروطها على‬ ‫الفلسطينيني‪.‬‬ ‫الئحة اتهام صهيونية ضد سوريا‪:‬‬ ‫عمل اإلعالم الصهيوني على تأجيج احلمالت‬ ‫السياسية والدبلوماسية التحريضية ضد‬ ‫سوريا‪ ،‬مستفيدا ً مما وصفته واشنطن حربا ً على‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫لعل أبرز مالمح احلملة املوجهة التي تستهدف‬ ‫سوريا تتجلى في‪:‬‬ ‫ـ دفع إدارة بوش جلهة إدراج سوريا على قائمة‬ ‫دول محور الشر وذلك بدال ً من العراق فور التخلص‬ ‫من نظام صدام حسني‪ ،‬كمقدمة لإلعداد ملرحلة‬ ‫استكمال املشروع االميركي ـ الصهيوني في‬ ‫الشرق االوسط اجلديد‪.‬‬ ‫ـ اتهام سوريا بتطوير أسلحة الدمار الشامل‬ ‫ضمن املنظومة االيرانية وطبعا ً كوريا الشمالية‪.‬‬ ‫ـ اإلضاءة على ملف حقوق االنسان في‬ ‫سوريا باالعتماد على بعض املنظمات الدولية‪،‬‬ ‫واملؤسسات التي تعمل حلساب االستخبارات‬ ‫االميركية والصهيونية وبتنسيق مع بعض ما‬ ‫يسمى بالقيادات املعارضة للنظام الذين تآمروا‬ ‫على شعبهم ووطنهم وباعوا قضاياهم الوطنية‬ ‫والقومية في سبيل كرسي الدولة‪.‬‬ ‫ـ محاولة نزع الشرعية عن الوجود السوري‬ ‫في لبنان وتصوير احلالة الطبيعية والشرعية‬ ‫للوجود السوري على أنها حالة احتالل بالتعاون‬ ‫مع عناصر لبنانية إلطالق حملة ضد الوجود‬ ‫السوري‪ ،‬بالرغم من أن معظم هذه العناصر‬ ‫كانت مستفيدة أساسا ً من هذا الوجود وتعمل‬ ‫حلسابها اخلاص دون أذية للمصلحة الوطنية‬ ‫اللبنانية واملصلحة القومية املشتركة‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫ـ الضغط االقتصادي واحلصار املالي‪ ،‬بهدف‬ ‫إعداد الشارع السوري نفسيا ً لعملية تغيير‬ ‫في النظام‪ ،‬ومتزيق الوحدة الوطنية للشعب‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫ـ توجه واشنطن الى العالم وتظهير صورة‬ ‫سوريا بالدولة الداعمة لالرهاب واعتبارها دولة‬ ‫مصدرة لالرهاب وتساعد منظمات إرهابية‬ ‫كاجلهاد االسالمي وحماس‪...‬‬ ‫ـ دعم الكيان الصهيوني والواليات املتحدة‬ ‫االميركية لبعض احلركات األصولية املتشددة‪،‬‬ ‫عبر دول عربية أو أحزاب حتمل صفة دينية معينة‬ ‫بهدف إثارة الفنت واملشاكل وإضعاف املقاومة‬ ‫وإرباك النظام في سوريا‪ ،‬وزعزعة االمن واالستقرار‬ ‫األهليني في املنطقة العربية بغية تنفيذ املشروع‬ ‫الصهيوني‪.‬‬ ‫ـ السؤال املطروح‪ :‬هل احلرب على سوريا مسألة‬ ‫وقت؟ واالجابة اننا أمام حرب ثالثة ستنتهي‬ ‫بزوال الكيان الصهيوني‪ ،‬لكن ما يلفت انتباهنا‬ ‫هو أن العرب جنحوا في نظرية واحدة هي نظرية‬ ‫“مخزون ضبط النفس العربية” حيث ميكننا اليوم‬ ‫أن نسجل هذا التميز املذهل والفريد من نوعه‬ ‫عن باقي الدول واالمم بضبط النفس إزاء ما يحدث‪،‬‬ ‫حيث ان حكومتنا العتيدة متتلك مخزونا ً هائالً من‬ ‫النفس الطويل في ضبط النفس قل نظيره في‬ ‫الدنيا‪ .‬لكن األسوأ انه مخزون متجدد ال ينضب‬ ‫لذلك نتمنى على أنظمتنا ان تعطينا قليالً من‬ ‫هذا النفس لتقول للعالم إن فلسطني عربية‬ ‫وستبقى عربية وما يسمى “بإسرائيل” ورم خبيث‬ ‫يجب استئصاله وبتر كل امتداداته املشبوهة‪.‬‬

‫ماهر سري الدين‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر دولي‬

‫من طرطوس إلى بنغازي‬ ‫القذافي يث ّبت الدور الروسي الجديد‬ ‫تعتبر اللحظة االستراتيجية في التاريخ‪ ،‬هي‬ ‫تلك اللحظة التي تتجاوز حدود الزمان واملكان‬ ‫لتصل حد اإلشباع‪ ،‬وعندما تقترن هذه اللحظة‬ ‫مبثقف وثائر‪ ،‬فإنها تأخذ طابع التمرد على الواقع‪،‬‬ ‫وال سيما بعدما تركت اإلشارات السياسية‬ ‫األخيرة أثرا ً رآه البعض تغ ّيرا ً في سلوك العقيد‬ ‫العتيق جلهة الذهاب نحو محور ما يسمى‬ ‫بـ”االعتدال العربي”‪.‬‬ ‫بفعل‬ ‫الهواة‬ ‫احملللني‬ ‫كل‬ ‫على‬ ‫رد القذافي‬ ‫ٍ‬ ‫اسمه “الثوابت الوطنية والقومية” لثورة الفاحت‬ ‫الوحدوية الهوى‪ ،‬والعروبية القلب‪ ،‬فكانت زيارة‬ ‫القذافي إلى روسيا خير دليل على‪:‬‬ ‫االلتزام الليبي الرسمي باالنفتاح على عالم‬ ‫متعدد األقطاب‪ ،‬واخلروج مما يسمى “أحادية‬ ‫القطب” املتمثل بالواليات املتحدة‪.‬‬ ‫قدرة القذافي على التعاطي مع املتغيرات‬ ‫الدولية وفق استراتيجية قومية ثابتة وتكتيك‬ ‫متغير يتناسب مع املصالح الوطنية الليبية‪.‬‬ ‫عودة روسيا إلى الدائرة الدولية طرفا ً أساسيا ً‬ ‫وفاعالً‪ ،‬وتقويض النظام األحادي‪ ،‬ولعب دور جوهري‬ ‫في منظومة العالقات الدولية اجلديدة‪.‬‬

‫البرنامج الليبي ـ الروسي‬ ‫تناولت املباحثات الليبية ‪ -‬الروسية استئناف‬ ‫التعاون الثنائي في اجملال العسكري‪ ،‬كون القوات‬ ‫املسلحة الليبية مجهزة بنسبة ‪ %90‬بتقنيات من‬ ‫صنع االحتاد السوفياتي سابقاً‪ .‬وفي هذا السياق‬ ‫وافق القذافي على إقامة قاعدة عسكرية روسية‬ ‫في بنغازي‪.‬‬ ‫وهذا ما ع ّبر عنه نائب جلنة مجلس الدوما‬ ‫الروسي لشؤون الدفاع “يوري سافينكو”‪“ :‬يعتبر‬ ‫الزعيم الليبي الوجود العسكري الروسي ضمانا ً‬ ‫حلماية ليبيا من هجوم أميركي‪ ،‬األمر الذي تدل‬ ‫عليه زيادة دور روسيا في السياسة العاملية‪.‬‬ ‫وأوضح هذا املصدر أن ليبيا معنية أيضا ً باحلصول‬ ‫على أنظمة صواريخ أرض ـ جو من نوع اس ـ ‪300‬‬ ‫وتور ـ ام ‪ 1‬ومقاتالت ميغ‪ 29/‬وسو ـ ‪ 30‬ودبابات‬ ‫تي ـ ‪.90‬‬ ‫باشرت روسيا العودة إلى املناطق االستراتيجية‬ ‫الهامة‪ ،‬منطلقة من مرفأ طرطوس السوري‬ ‫مرورا ً بكوبا وصوال ً إلى مرفأ بنغازي‪ ،‬حيث‬ ‫تتقاطع املصلحة الروسية في سعيها للعودة‬ ‫إلى أمجادها كدولة عظمى مع مصالح‬ ‫الدول املمانعة للمشروع األميركي والساعية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫إلسقاطه‪ ،‬مع العلم أنه سقط‪ ،‬لكن ال بد من‬ ‫أن أخذ احليطة واحلذر لتداعيات هذا االنهيار‬ ‫والعوامل التي قد يتركها‪.‬‬

‫النتائج االقتصادية‬ ‫حصلت ليبيا على شطب ديونها املستحقة‬ ‫لالحتاد السوفياتي سابقا ً والبالغة ‪ 5‬مليارات‬ ‫دوالر‪ ،‬فيما وقعت شركات روسية كبيرة مجموعة‬ ‫من العقود الهامة‪ ،‬وبلغ حجم عقود مبيعات‬ ‫األسلحة ملياري دوالر‪ ،‬إضافة لعقد اتفاقيات‬ ‫لتطوير التعاون في مجاالت الطاقة‪.‬‬ ‫يالحظ القارئ واملتتبع للفكر السياسي الذي‬ ‫ينتهجه القذافي مدى العمق التاريخي والقدرة‬ ‫العالية على استنهاض التجارب املضيئة في‬ ‫حياة األمة‪ ،‬دون النظر إلى أبعادها وسماتها‬ ‫الضيقة‪ ،‬حيث يسقط العقيد كل احلسابات‬ ‫اآلنية والصغيرة ويتنازل عن املظاهر ملصلحة‬ ‫اجلوهر احلقيقي املترسخ في ضميره القومي‪.‬‬ ‫قرأ القذافي املتغ ّير الدولي بدقة وشرح الوضع‬ ‫املتفسخ حني قال‪“ :‬العرب أمة بال دولة‪،‬‬ ‫العربي‬ ‫ّ‬ ‫ونحن العرب في مفترق الطرق‪ ،‬واألمر جدي”‪.‬‬ ‫مما دفعه للتعاطي بشكل مرن‪ ،‬ميتص التفرد‬ ‫األميركي من خالل سياسة احتواء‪ ،‬ويسجل‬ ‫انتصارا ً دبلوماسيا ً كبيراً‪ ،‬ساحبا ً البساط من‬ ‫حتت أقدام الساسة األميركيني‪.‬‬ ‫وعندما جاءت حلظة االنتقال نحو متغ ّير دولي‬ ‫سخر العقيد لعبة التوازن الدولي خلدمة‬ ‫جديد‪ّ ،‬‬ ‫القضايا الليبية الوطنية في إطارها القومي‪،‬‬

‫‪80‬‬

‫وقلب الطاولة على الغطرسة األميركية بزيارة‬ ‫الكرملني الذي عرفه منذ وصوله إلى احلكم في‬ ‫العام ‪ 1969‬شريكا ً حقيقياً‪.‬‬ ‫ع ّبرت “السياسة القذافية” (إذا جاز التعبير)‬ ‫عن معاناة اإلنسان العربي من احمليط إلى اخلليج‪،‬‬ ‫وكسرت كل النوافذ واألبواب املغلقة باألنظمة‬ ‫املستبدة والرجعية لتصل رسالة الثورة القذافية‬ ‫إلى كل الشرفاء واألحرار واملضطهدين في هذه‬ ‫األمة‪ .‬وفعلت شعارات القذافي فعلها في النخب‬ ‫العربية الواعية والرافضة للظلم واالستسالم‪،‬‬ ‫وحت ّولت من قومية املعركة إلى قومية العمل‬ ‫الفدائي‪.‬‬ ‫وإننا ندعوكم في ظل زمن االنتصارات إلى‬ ‫التمسك باللحظة التاريخية القذافية إن جاز‬ ‫التعبير‪ ،‬إلطاحة أفكار االنعزالية وبناء دولة قوية‬ ‫ودميوقراطية كالتي دعا إليها القذافي‪ .‬نعم‬ ‫وبال شك هي الدولة الفاطمية على غرار انهيار‬ ‫الدول‪ ،‬ثم إعادة تشكلها من جديد‪ ،‬وفي السياق‬ ‫ذاته بات من الواضح أن روسيا عادت إلى الساحة‬ ‫الدولية بقوة من خالل املفاصل الرئيسية القادرة‬ ‫ّ‬ ‫شل املشروع األميركي‪ ،‬وااللتفاف حوله‬ ‫على‬ ‫ليصل حد خنق الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬ونزع‬ ‫كل أوراق الضغط من يدها في الساحة الدولية‪،‬‬ ‫وجتييرها لروسيا اجلديدة‪.‬‬ ‫فهل يستفيد العرب من التسابق الروسي‬ ‫األميركي في لعبة املتغيرات؟ أم يح ّولون‬ ‫أنفسهم إلى ساحات تدفع فواتيرها الشعوب‬ ‫العربية القابعة حتت نير أنظمة فاسدة تغذي‬ ‫التطرف الديني وحتمي اجلماعات التكفيرية؟‬

‫ماهر سري الدين‬


‫منبر تربوي‬

‫القطاع التربوي يتخ ّبط بين المطالب وتنفيذ الوعود‬ ‫والجامعة اللبنانية‪..‬إضراب شامل بعد التهديد بالتصعيد‬

‫بعد انتهاء عقدة تشكيل احلكومة وإعادة‬ ‫انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية‪ ،‬وخروج هذه‬ ‫األزمة من النفق‪ ،‬وبعد اثنتي عشرة سنة من‬ ‫جتميد الرواتب واألجور‪ ،‬أقرت احلكومة اللبنانية‬ ‫أخيرا ً قرار زيادة احلد األدنى لألجور‪ ،‬في محاولة‬ ‫منها إلعطاء بعض احلقوق ألصحابها‪ ،‬خاص ًة‬ ‫بعد اإلجحاف احلاصل جتاه املوظفني في القطاع‬ ‫الرسمي الذين كانوا وال يزالون يعانون من عدم‬ ‫االكتراث لوضعهم االقتصادي واالجتماعي‪ ،‬إال أن‬ ‫صيحات االعتراض على هذا القرار صدرت بسرعة‬ ‫قياسية‪ ،‬إذ إن كثرا ً لم يجدوا فيه إنصافا ً لهم‪،‬‬ ‫خاص ًة أن هذه الزيادة ال تتعدى الـ‪ 200‬ألف ليرة‬ ‫لبنانية (‪ 133‬دوالرا)‪ ،‬وبالتالي غير كافية لتغطية‬ ‫نفقات النقل واملعيشة‪ ،‬ومجاراة نسبة التضخم‬ ‫احلاصلة على الصعيد االقتصادي‪ ،‬إضاف ًة إلى حق‬ ‫املعلمني لناحية التقاعد ونهاية اخلدمة‪ ،‬وغيرها‬ ‫من األمور الهامة‪.‬‬ ‫قرار الزيادة على األجور‪ ،‬نسبة التدرج وقيمة‬ ‫الدرجة‪ ،‬إعطاء فروقات بني سلسلة الرتب والرواتب‪،‬‬ ‫معاجلة مشاكل اجلامعة اللبنانية وشؤونها‪ ،‬إعادة‬ ‫انتخاب عمداء جدد لرئاسة اجلامعة ومندوبني عن‬ ‫األساتذة لدى مجلس اجلامعة‪ ،‬إدخال املتفرغني في‬ ‫امللحة واملزمنة‪،‬‬ ‫املالك‪ ،‬وغيرها من األمور املطلبية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شكلت محور اعتصام كل الهيئات واجلمعيات‬ ‫والرابطات في القطاع التربوي الرسمي واخلاص‪.‬‬ ‫فبعد التهديد املط ّول لـ”هيئة التنسيق النقابية‬ ‫لرابطات املعلمني في املدارس الرسمية واخلاصة”‬ ‫بالتصعيد واإلضراب‪ ،‬تشارك أهل القطاع التربوي‬ ‫في اإلضراب التحذيري للمطالبة بتنفيذ الوعود‬ ‫القدمية منها واجلديدة‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬الزم أكثر من مليون طالب منازلهم‬ ‫بعد التزام الهيئات التعليمية بتلبية دعوة هيئة‬ ‫التنسيق النقابية لالعتصام من أجل حتقيق بعض‬ ‫املطالب احملقة خاص ًة جلهة تصحيح الرواتب‬

‫واألجور‪ ،‬فكان هذا االعتصام مشهدا ً مؤكدا ً على‬ ‫إجماع اجلسم التربوي بكل قطاعاته للتأكيد على‬ ‫مواكبة املطالب للوصول إلى تنفيذ أبسط حقوق‬ ‫املعلمني في القطاعني الرسمي واخلاص‪ ،‬كشريحة‬ ‫مهمة من اجملتمع اللبناني‪.‬‬

‫التضخم املعيشي ّ‬ ‫شكل‬ ‫صرخة لتحقيق املطالب‬ ‫بعد بلوغ التضخم منذ عام ‪ 1996‬حدودا ً كبيرة‪،‬‬ ‫كان ال بد من صرخة جملموعة مهمة من الكادر‬ ‫التربوي الذي يشغل منصب املتابعة الثقافية‬ ‫التي تشكل الوجه احلضاري للبلد ضد التلكؤ‬ ‫الكبير للحكومة على مستوى حتقيق املطالب‬ ‫املستحقة‪ ،‬إن جلهة رفع نسبة الزيادة على األجور‬ ‫أو جلهة إعطاء القطاع التربوي بكل مجاالته‬

‫االهتمام الالزم لتطويره وإبقائه بعيدا ً عن األزمات‬ ‫السياسية واالقتصادية التي يعيشها لبنان‪ ،‬وعن‬ ‫الصراعات التي حصلت بني القوى السياسية‪،‬‬ ‫التي أثرت على كل القطاعات‪ ،‬فكانت حصة‬ ‫األسد للقطاع التربوي الرسمي واخلاص على حد‬ ‫سواء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شكل التزام املؤسسات التربوية‬ ‫حقاً‪ ،‬لقد‬ ‫كلها من الشمال إلى اجلنوب‪ ،‬بإداراتها الرسمية‬ ‫توحد القطاع‬ ‫واخلاصة‪ ،‬مشهدا ً حقيقيا ً يشير إلى ّ‬ ‫التربوي حول مطالب واحدة ال بد من تنفيذها أو‬ ‫أقله العمل على تعديلها مبا يتناسب مع التضخم‬ ‫احلاصل الذي يعانيه كل مواطن في لبنان‪ ،‬فكان‬ ‫ال بد من رفض عمل احلكومة على جتميد سلم‬ ‫التدرج‪ ،‬وتقليص الفارق بني احلد األدنى لألجور‬ ‫وبداية راتب املعلم وفق سلسلة الرواتب املعتمدة‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى زيادة التعويض العائلي وفقا ً للنسبة‬ ‫املعمول بها وفقا ً للقوانني املرعية اإلجراء‪ ،‬وغيرها‬ ‫امللحة‪.‬‬ ‫من األعباء املعيشية ّ‬ ‫إذاً‪ ،‬املطلوب كان تصحيح الرواتب واألجور‬ ‫للمحافظة على قيمتها الشرائية‪ ،‬ومراعاة الشطور‪،‬‬ ‫وزيادة احلد األدنى لألجور عن الـ‪ 200‬ألف ليرة مراعا ًة‬ ‫لبدل النقل ونسبة التضخم واالرتفاع اجلنوني‬ ‫لألسعار‪ .‬وقد ّ‬ ‫أكد جميع األساتذة العاملني في القطاع‬ ‫الرسمي واخلاص املضي في اإلضرابات واالعتصامات‬ ‫للوصول إلى تنفيذ الوعود وحتقيق املطالب‪.‬‬ ‫يبقى القطاع التربوي‪ ،‬بالرغم من كل التحركات‬ ‫املنددة بسياسة احلكومة‪ ،‬وبالظلم الالحق‬ ‫ّ‬ ‫باملوظفني‪ ،‬كغيره من القطاعات التي تنتظر الدعم‬ ‫الالزم لها وعمل الدولة على تنفيذ وعودها بشأن‬ ‫مطالب مزمنة ال بد لها من أن تتحقق يوما ً ما‪.‬‬

‫اعداد ‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪81‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر املرأة‬ ‫األم التي أنجبت القائد الشهيد عماد مغنية تتحدث لـ «منبر التوحيد» في يوم الشهيد‪:‬‬

‫همه الوحيد زوال إسرائيل وتحرير فلسطين‬ ‫الشهداء هم أكرم من في الدنيا‪ ،‬وأنبل بني البشر‪ ،‬والشهداء هم منارة لألجيال ومصدر عزتنا وكرامتنا‪ ،‬هم قدموا حياتهم فدا ًء‬ ‫بلد تسوده العزة والكرامة‪ ،‬وهم من رووا هذه األرض بدمائهم الطاهرة‪ ،‬كيف ال‬ ‫للوطن لتعيش األجيال من بعدهم بحرية وطمأنينة في ٍ‬ ‫وهي التي أجنبت هؤالء األبطال‪ ،‬فكانوا األوفياء واستحقوا اخللود‪.‬‬ ‫وفي تاريخنا محطات هامة جليل نذر نفسه حلماية الوطن وقدم أروع صور البطولة وإنكار الذات‪ ،‬فارتفعت رتبة الوطن عالياً‪ ،‬هم‬ ‫فخرنا وقدوة األجيال‪ ،‬هم رجال املقاومة البطلة التي حررت أرض الوطن من دنس الصهاينة الغزاة‪ ،‬وبذلوا كل جهد ممكن في اإلعداد‬ ‫والتحضير والتدريب وبناء األجيال‪ ،‬كانوا أشرف الرجال في مواجهة احملتل الصهيوني‪ ،‬ودخلت كلمة املقاومة إلى قاموس احلرب‪ ،‬لم‬ ‫يستخدموا نظريات مستوردة في أسلوب القتال وفنه‪ ،‬فكانت اإلرادة والتصميم وعدالة القضية سالحهم‪ .‬صعدوا إلى العلى‪ ،‬وصعد‬ ‫الوطن بشموخه وعزته‪ ،‬وكبر لبنان برجاله الصادقني‪ ،‬وأصبحت املقاومة قاموساً‪ ،‬تسري في عروقنا وفي دمائنا‪.‬‬ ‫وبوركت أم عماد‪ ،‬أم الشهداء‪ ،‬التي أجنبت البطولة والفخر والعزة والكبرياء‪،‬‬ ‫من هؤالء األبطال‪ ،‬كان الشهيد القائد احلاج عماد مغنية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫فهي أم كل مقاوم في وطننا احلبيب‪ ،‬وإليها نرنو بكل احترام وتقدير‪ ،‬فكانت األم املربية واملناضلة واجملاهدة واملقاومة‪ ،‬وفي يوم الشهيد‬ ‫نبارك للشهداء األبرار‪ ،‬فهم كانوا دوماً وما زالوا مصدر الفخر واالعتزاز‪.‬‬ ‫فاألم العظيمة التي أجنبت عماد مغنية‪،‬هي أم البطل واملقاوم الذي قدم حياته فدا ًء لوطنه وأمته‪ ،‬عرف قيمة الوقت فكان العمل‪،‬‬ ‫وكان مثاالً في الصبر واملواظبة وسالمة الرؤية‪ ،‬فكان الوعد الصادق‪ ،‬فأخذ املكان الذي ال يناله إال الرجال الكبار الذين حملوا لواء املقاومة‬ ‫دفاعاً عن األمة وعزتها‪.‬‬ ‫مبناسبة يوم الشهيد توجهت “منبر التوحيد” إلى األم املقاومة احلاجة أم عماد بالسؤال لنتعرف إلى بعض اجلوانب الهامة في حياة‬ ‫املقاوم القائد البطل احلاج عماد مغنية (رضوان)‪ ،‬وكان هذا احلوار العفوي والصادق‪:‬‬ ‫األم احلاجة أم عماد‪ ،‬أم البطل‪ ،‬أرجو أن‬ ‫حتدثينا عن مرحلة الطفولة والشباب في حياة‬ ‫الشهيد البطل عماد‪ ،‬وحبه ألسرته ولوطنه‬ ‫وألمته‪ ،‬هذا املقاوم الذي ضرب مثاالً في املقاومة‬ ‫والصمود والتحدي‪ ،‬وكان عنواناً ملقاومة احملتل‬ ‫الصهيوني؟‬ ‫(وبعد تنهيدة طويلة ‪ )....‬قالت‪ :‬طفولة عماد‬ ‫كانت عادية‪ ،‬حتى عمر خمس سنوات‪ ،‬كان هادئا ً‬ ‫في حياته ويتعامل مع أصدقائه مبودة واحترام‪،‬‬ ‫ومت ّيز بأخالق عالية جدا ً ّ‬ ‫قل نظيرها في تعاطيه‬ ‫مع الناس ومع أهله وعائلته‪ ،‬وهذا يعود إلى تربية‬ ‫األهل وكيفية تعاطيهم مع أبنائهم‪ ،‬والولد يأخذ‬ ‫الكثير من أهله‪ ،‬فقد كان يحترم آراء اآلخرين‪ ،‬حتى‬ ‫املنتقدين له‪ ،‬كان يتقبل االنتقاد‪ ،‬فقد كان يرى أن‬ ‫املنتقد يقدم له حكمة من خالل انتقاده‪.‬‬ ‫لقد حتمل مسؤولية نفسه وهو في عمر ‪13‬‬ ‫سنة‪ ،‬ويومها كانت أحداث احلرب الداخلية في‬ ‫لبنان‪ ،‬فلم يشترك فيها وقد كان ضدها‪ ،‬وكان‬ ‫يشعر باشمئزاز جتاه هذا الوضع الذي أصاب لبنان‪،‬‬ ‫ومنذ ذلك الوقت أصبح همه الوحيد إسرائيل‬ ‫والقضية الفلسطينية‪ ،‬كان يشتغل لها‪ ،‬وبقي في هذا اجملال حتى اجتياح‬ ‫إسرائيل عام ‪ ،1982‬فأصبح همه الوحيد هو ورفاقه إخراج إسرائيل من‬ ‫لبنان‪ ،‬هذا الكابوس الذي أتى علينا واحتل أرضنا‪ ،‬عندها لم يكن عماد قد‬ ‫جتاوز الواحدة والعشرين من عمره‪.‬‬ ‫األوالد في جيلنا هذا لعبتهم املفضلة األسلحة‪ ،‬يتكلمون في‬ ‫السياسة واحلرب‪ ،‬هل كان احلاج عماد يجتمع برفاقه في املنزل‬ ‫ويتكلمون بهذه األحاديث‪ ،‬ويضعون مخططات؟‬ ‫طبعا ً كانوا منذ طفولتهم وقضيتهم الوحيدة وطنهم‪ ،‬لقد كنت أمنح‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪82‬‬

‫عماد كامل احلرية في املنزل‪ ،‬ولكن حتت إشرافي ونظري‪ ،‬وكنت أصر على‬ ‫مراقبة أعماله احلسنة والسيئة‪ ،‬وكنا على تفاهم تام ملعرفة رفاقه‪ ،‬وكنت‬ ‫دائما ً قريبة منهم وأشاركهم جلساتهم وأحاديثهم وأبدي رأيي وأصر على‬ ‫معرفة الصح من الغلط‪ ،‬لقد كنت قريبة من رفاقه أكثر من قربي منه‪،‬‬ ‫كانوا يخبرونني كل ما يفكرون به‪ ،‬وكان هو ورفاقه يصرون على إكمال‬ ‫قضيتهم واحلمد هلل حتى وصلوا إلى ما هم عليه‪ ،‬وفي النهاية على‬ ‫اإلنسان أن يرضي اهلل قبل أن يرضي نفسه‪ ،‬وقبل كل شيء في هذه الدنيا‪،‬‬ ‫وهكذا نصل إلى نتيجة‪.‬‬


‫الشهادة شرف كبير لنا جميعاً‬ ‫كأهل يخافون على ولدهم‪ ،‬هل كان هناك من إرشادات أو نصائح‬ ‫تقدمونها للتراجع عما يقوم به أم كنتم تنصحونه؟‬ ‫نحن نعيش هذه القضية‪ ،‬ولو كان باستطاعتنا أن نقاتل لكنا قاتلنا‬ ‫قبله‪ ،‬ال نستطيع أن نردعه عما يقوم به‪ ،‬فنحن في قلب هذا احلدث‪ ،‬إن‬ ‫هذه العزمية موجودة وبدمنا‪ ،‬فكيف نستطيع أن مننع ولدنا عنها‪ ،‬نحن كنا‬ ‫املعنيني‪ ،‬إذا كان بحاجة إلى أي مساعدة كنا نقدمها له دون تردد‪ ،‬لقد كنا‬ ‫نؤمن له كل الدعم إلكمال مسيرته وقضيته مع رفاقه األبطال‪ ،‬لقد كنت‬ ‫ّ‬ ‫األم لعماد ورفاق عماد وهذا أقل من واجبي‪ .‬وأنا لم أفكر يوما ً مبنعه من‬ ‫إكمال هذا الطريق‪ ،‬وأن ال يقاتل جتاه الوطن‪ ،‬أو أن يخاف من املوت‪ ،‬بل على‬ ‫العكس الشهادة شرف كبير لنا جميعاً‪ ،‬ولكن طبعا ً كأهل‪ ،‬كنا نطلب‬ ‫منه االنتباه وأخذ كامل احليطة واحلذر واالنتباه لنفسه‪ ،‬ولكننا لم مننعه‬ ‫أبداً‪.‬‬ ‫وعند هذه النقطة ذكرنا لها أننا تذكرنا كلمتها يوم استشهاد احلاج‬ ‫عماد عندما قالت‪ :‬احلسرة الوحيدة في قلبها أنه لم يعد لديها أوالد‬ ‫لتقدمهم للشهادة في سبيل الوطن واملقاومة وفلسطني‬ ‫وهنا أجابتنا‪ ،‬أن إخوة عماد كانوا مقاومني واستشهدوا في سبيل القضية‬ ‫نفسها التي حملها عماد‪ ،‬وبقي عماد مستمراً‪ ،‬وهمه الوحيد زوال إسرائيل‬ ‫وحترير فلسطني‪ ،‬وتابع مسيرته وبقي على هذا اخلط حتى بدأت املقاومة‪،‬‬ ‫عندها كان عماد مطلوبا ً من الدولة اللبنانية‪ ،‬والدولة اإلسرائيلية‪ ،‬وبدأ‬ ‫اجليش اللبناني يالحقه‪ ،‬وباستمرار كان يداهم املنزل ويسأل عنه‪ ،‬ومنذ ذلك‬ ‫الوقت بدأ يأخذ كامل احتياطاته‪ ،‬وكان ال يتنقل بحرية وبقي على هذا‬ ‫املنوال حتى انتهت مدة مذكرة التوقيف بحقه‪ ،‬وبعد فترة علمنا أن التهمة‬ ‫املوجهة إليه هي باعتباره مسلما ً متطرفاً‪ ،‬وهو من احملاربني إلسرائيل‪ ،‬وفي‬ ‫ذلك الوقت كانت احلكومة اللبنانية تعاقب من يقف بوجه إسرائيل‪ ،‬هذه‬ ‫احلكومة اإلسرائيلية‪ ،‬وبعد ذلك سافر عماد إلى خارج البالد‪ ،‬ولكنه كان‬ ‫يحمل قضية ولم يتراجع عنها‪ ،‬فعاد وأكمل طريقه‪ ،‬ولكنه بقي متخفيا ً‬ ‫وعمله بقي مستمرا ً حتى استشهاده‪.‬‬ ‫كيف كان يتم التواصل بينكم وبني احلاج عماد‪ ،‬هل كنتم تشاهدونه‬ ‫باستمرار‪ ،‬ويأتي لزيارتكم؟‬ ‫لقد كان عمله أهم شيء في حياته‪ ،‬وليس هناك شيء أغلى على قلبه‬ ‫من قضيته‪ ،‬ولقد كان يزورنا ويتصل بنا حسب ظروفه‪ ،‬ولكننا لم نكن‬ ‫نستطع أن نزوره‪ ،‬وكان يتبع طرقا ً مدروسة جدا ً ملشاهدة عائلته وأوالده‪.‬‬ ‫ما هي النصائح التي كان يقدمها ألوالده دائماً؟‬ ‫عندما كانوا صغارا ً وعمرهم ال يسمح لهم سوى مبتابعة الدراسة‪،‬‬ ‫كانت نصيحته دائما ً االهتمام بدروسهم‪ ،‬ولكنه دائما ً كان يرشدهم إلى‬ ‫أن هناك قضية يجب أن يحملوها عندما يكبرون‪ ،‬وهي زوال إسرائيل من‬ ‫الوجود‪ ،‬ويجب عليهم أن يكملوا ما بدأه‪.‬‬

‫التواضع واالخالق العالية‬ ‫كيف كانت عالقة املقاوم (عماد) بإخوته من املقاومني‪ ،‬وكيف كان‬ ‫يختار أصدقاءه‪ ،‬وهل هناك في الذاكرة ما يشير إلى متيز (عماد) في حبه‬ ‫لوطنه وأمته‪ ،‬وأحاديثه عن املقاومة اللبنانية وعن فلسطني والعروبة؟‬ ‫حبه لوطنه ال يوصف‪ ،‬وهو الذي جعله يختار هذا الطريق‪ ،‬لقد كان‬ ‫دائما ً حزينا ً على وطنه‪ ،‬ويخاف من أن يخسره وميتلكه العدو‪ ،‬فكل هذا‬ ‫كان يزيده متسكا ً بوطنه‪ .‬أما عن حبه وعالقاته بإخوته املقاومني‪ ،‬فكانت‬ ‫عالقة صادقة‪ ،‬فعماد لديه أخالق عالية جداً‪( ،‬وهنا تدخلت ابنته فقالت إنه‬ ‫كان متواضعا ً جداً) وأكملت احلاجة أم عماد بأنه كان يتعاطى مع األمور‬ ‫يكن ألصدقائه كل االحترام واملودة واحملبة‬ ‫بجدية ساعة الضرورة‪ ،‬لقد كان ّ‬ ‫والتقدير‪.‬‬ ‫عماد لم يكن متهاونا ً في العمل‪ ،‬وهو دائما ً يقول إن على كل إنسان‬

‫أن يؤدي واجبه بنفسه‪ ،‬وإن طريقة السرية والكتمان واإلخالص التي كان‬ ‫يعتمدها في العمل كانت سبب االنتصار الذي وصلنا إليه اليوم‪.‬‬ ‫أهم ما كان مييز عماد في تعاطيه مع رفاق دربه هو التواضع واألخالق‬ ‫العالية‪ ،‬والتعامل معهم على أنه عنصر مثلهم حتى يكسبهم‪ ،‬العنصر‬ ‫من دون القائد ال وجود له‪ ،‬والقائد من دون عنصر ال يستطيع أن يصل إلى أي‬ ‫شيء‪ ،‬إن القائد وعناصره يكمل بعضهم بعضا ً ليصلوا إلى ما يبتغون‪.‬‬ ‫هل تذكرين املرة األخيرة التي شاهدت فيها احلاج عماد‪ ،‬هل هناك‬ ‫مالمح معينة كانت تظهر على وجهه تنبئ بالذي حصل له؟‬ ‫لم يكن هناك أي تعابير على وجهه تنبئ بأن هناك شيئا ً سيحصل‪،‬‬ ‫ولكنه كان مرهقاً‪ ،‬هادئا ً جدا ً والتواضع كان رفيقه الدائم‪.‬‬ ‫هل كان احلاج عماد يتوقع اغتياله؟‬ ‫طبعا ً من املمكن أن يدور في تفكيره هذا‪ ،‬ألن الطريق التي اختارها‬ ‫والقضية التي حملها ستجعله متحضرا ً دائما ً إلى هذه النهاية‪ ،‬وانه كان‬ ‫على استعداد دائم لتقدمي نفسه للشهادة‪ .‬كان عند سماعي أي خبر‬ ‫عنه‪ ،‬أحذره‪ ،‬فكان دائما ً مينحني الشجاعة والقوة ويطلب مني أال ميتلكني‬ ‫الشعور باخلوف الن هذه هي الطريق التي تعلمناها ونعلمها ألوالدنا‪.‬‬ ‫يقال إن “قلب األم دليلها”‪ ،‬كيف كان إحساس احلاجة أم عماد يوم‬ ‫استشهاد احلاج عماد‪ ،‬وقبل سماع اخلبر؟‬ ‫أنا دائما ً كنت أنتظر هذا اليوم‪ ،‬ألنني دائما ً كنت قلقة عليه‪ ،‬واإلحساس‬ ‫بفقدانه موجود دائماً‪ ،‬كنت أحيانا ً كثيرة أتناسى هذا املوضوع وأشغل‬ ‫نفسي بأمور أخرى‪ ،‬ولكنني كنت دائما ً أنتظر هذا اليوم‪ ،‬هذه مسيرتنا‪،‬‬ ‫وهذا خطنا‪ ،‬ونحن اخترنا هذا الطريق ويجب علينا أن نتقبل كل شيء‪.‬‬

‫‪83‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر املرأة‬ ‫خبر استشهاد احلاج عماد جاء كصاعقة‬ ‫على العالم أجمع‪ ،‬كيف تصفني احلاجة أم‬ ‫عماد حلظة تلقيها اخلبر؟‬ ‫طبعا ً أنا في النهاية أم‪ ،‬ولن أخفي عليك‬ ‫املقاومة على حق‬ ‫احلزن الذي مأل قلبي‪ ،‬فلحظة سماع اخلبر‪ ،‬بدأت‬ ‫بالصراخ‪ ،‬رغم انني مررت بهذه املرحلة سابقا ً‬ ‫نحن نعلم أن هيئة الدعم للمقاومة والكتلة‬ ‫(أي عند استشهاد أوالدها) ولم يتملكني هذا‬ ‫النيابية هم الذين يقدمون الدعم لعائالت‬ ‫الشعور بالصراخ‪ .‬ولكن من الطبيعي أن هناك‬ ‫الشهداء واجلرحى‪ ،‬هل كان هناك من لفتة ما‬ ‫عالقة روحية جتمع األم بولدها‪ ،‬وعاطفة األم في‬ ‫من اجلهات السياسية أو جمعيات سياسية‬ ‫مثل هذه الساعة ستتفجر‪ .‬ولكن بعد مرور وقت‬ ‫أو هيئات دولية مت التواصل من خاللها حتى‬ ‫قصير‪ ،‬استيقظت مما كنت فيه‪ ،‬واستغفرت ربي‪،‬‬ ‫تساعدكم وتدعمكم؟‬ ‫وقمت بأداء واجب الصالة‪ ،‬وبدأت بتهدئة نفسي‬ ‫هناك تواصل مع الهيئات جميعها‪ ،‬عبر‬ ‫وأكملت مسيرتي مع الناس التي كانت تشاركني‬ ‫العالقات اخلارجية والهيئات النسائية وهيئة‬ ‫حزني‪.‬‬ ‫الدعم‪ ،‬التواصل يكون مع األشخاص الذين‬ ‫من كان املثل األعلى للحاج عماد؟‬ ‫يتعاطون معنا‪ ،‬ويحملون قضيتنا‪ ،‬ألن األشخاص‬ ‫مثله األعلى من بعد اهلل سبحانه وتعالى‬ ‫الذين ال يحملون هذه القضية ال نستطيع‬ ‫عمله‪ ،‬وأعني بذلك القضية التي حملها‬ ‫أغلى شيء على قلبه قضيته‬ ‫إقناعهم والنقاش معهم والتحدث إليهم‪ ،‬لذلك‬ ‫واستشهد من أجلها‪ ،‬لقد كان عمله أهم من‬ ‫هذه األمور تتطلب وقتا ً طويالً‪ ،‬ونحمد اهلل على‬ ‫كل شيء في حياته‪.‬‬ ‫الذي وصلنا إليه حتى اآلن‪ ،‬في البداية لم يكن‬ ‫ما هي رسالتك العربية واإلسالمية في هذه‬ ‫كل قضية شعب يقاوم في‬ ‫يُعترف باملقاومة‪ ،‬كانوا ينعتونها باإلرهابية‪،‬‬ ‫املناسبة؟‬ ‫ً‬ ‫لقد وصلنا الى مرحلة متقدمة‪ ،‬هناك الكثير‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫جميع‬ ‫العرب‬ ‫ألمهات‬ ‫أوجهها‬ ‫رسالتي‬ ‫سبيل وطنه هي قضيتنا‬ ‫من الذين اقتنعوا اليوم بأن املقاومة على حق‬ ‫وأطلب منهن أن يستيقظن من نومهن‪ ،‬ويقفن‬ ‫وطريقها صحيح‪.‬‬ ‫الوقفة التي وقفتها املرأة اللبنانية عامة‪ ،‬واملرأة‬ ‫االستشهاد نعتبره شرفاً لكل شخص‬ ‫اجلنوبية خاص ًة‪ ،‬ألنها عانت وحتملت الكثير‪ ،‬كما‬ ‫أمتنى منهن أن يفتحن عيونهن جيدا ً ويقفن بجانب املرأة الفلسطينية مقاوم‪ ،‬ولديه نزعة املقاومة في سبيل قضية وطنية قومية‪ ،‬هناك‬ ‫التي ما زالت تعاني الكثير حتى اآلن‪ ،‬نحن مررنا مبعاناتها ونشعر معها‪ ،‬عمليات اغتيال كثيرة‪ ،‬بغض النظر عن االستشهادية‪ ،‬قضية احلاج‬ ‫ولكن املرأة العربية لم متر بهذه املعاناة حتى تقف وقفتنا‪ ،‬املقاومة عماد مغنية خاصة‪ ،‬أين أصبح التحقيق فيها‪ ،‬هل هناك من مالحقة‬ ‫اللبنانية كانت مبثابة السند‪ :‬املرأة كانت السند‪ ،‬الزوجة كانت السند‪ ،‬قانونية الكتشاف مرتكبي اجلرمية‪ ،‬وإلى أين وصل التحقيق في هذه‬ ‫االخت كانت السند‪ ،‬ال نستطيع أن نستثني أحداً‪ ،‬األخت وقفت بجانب القضية؟‬ ‫هناك أشخاص مكلفون بهذا املوضوع‪ ،‬ويالحقون القضية‪ ،‬انني ال‬ ‫أخيها‪ ،‬الزوجة مع زوجها‪ ،‬األم مع ولدها‪ ،‬كان هناك تكامل بالعمل حتى‬ ‫وصلنا إلى هذه املرحلة‪ ،‬كان هناك الكثير من األخوات اللواتي حملن أستطيع أن أتدخل بأمور ليست من اختصاصي‪ ،‬نحن ملتزمون ولنا مرجعية‬ ‫األسلحة إلخوتها في الوديان‪ ،‬وهناك أخوات أسيرات أسرن بسبب وال نقوم بعمل دون استشارة من هم أصحاب املسؤولية‪ ،‬وكل شخص له‬ ‫إخوتهم الشباب‪ ،‬املرأة عام ًة كانت السند لكل مجاهد ومقاوم‪ ،‬ولو أن عمله اخلاص‪ ،‬وقضية التحقيق بجرمية اغتيال احلاج عماد تخص أشخاصا‬ ‫كل امرأة لعبت دور اجملاهد واملقاوم ملا وصل العرب إلى ما نحن عليه اليوم معينني‪ ،‬طبعا ً يالحقون القضية وال أستطيع أن أتخطى هؤالء األشخاص‪،‬‬ ‫من غنب وإهانة‪ ،‬ونتمنى أن يعودوا ويقفوا وقفة العرب احلقيقية التي وجميعا ً نسلك الطريق ذاته وال يجوز ألحد أن يتدخل بعمل غيره‪ ،‬وعلينا‬ ‫القيام مبا هو مطلوب منا فقط‪.‬‬ ‫كانوا يقفونها قدمياً‪.‬‬ ‫الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر‪ ،‬ماذا تقولني ألم الشهيد‬ ‫ما هي اخلطوات التي تتبعونها ليصل صوتكم إلى هذه املرأة العربية‪،‬‬ ‫هل هناك لقاءات متالحقة مع أمهات الشهداء واجلرحى‪ ،‬كي ينظرن إلى ولكل شهداء لبنان واألمة في يوم الشهيد؟‬ ‫في يوم الشهيد أقول لكل أم أن تسترجع حقها‪ ،‬أال تخاف على شهدائها‪،‬‬ ‫القضية اللبنانية والفلسطينية؟‬ ‫نحن لدينا إعالمنا وتلفزيوننا‪ ،‬ولدينا سيد املقاومة السيد حسن نصراهلل ألن هذا الشهيد لديه قضية وحق‪ ،‬فهو يسترجعه‪ ،‬وان اهلل هو املكفل‬ ‫حفظه اهلل‪ ،‬عبر الكلمات التي يلقيها وآخرها الكلمة التي ألقاها في يوم بهؤالء الشهداء‪ ،‬نحن ال نعتدي على أحد‪ ،‬نحن نصد العدو عنا‪ ،‬ونحاربه‪،‬‬ ‫فهذا الشخص الذي يواجه العدو عليه أال يخاف ألنه على حق‪ .‬وهنا أخبرتنا‬ ‫الشهيد‪ ،‬وهي كانت كافية لتصل إلى كل هذه األمة‪.‬‬ ‫نحن لدينا جمعيات وهيئات ومؤسسات خاصة‪ ،‬وهناك لقاءات عديدة أن “اإلمام زين العابدين” عليه السالم رأى والده متضايقا ً فسأله ما بك يا‬ ‫مع شخصيات من اخلارج‪ ،‬أنا مثالً ما زلت حتى اآلن أستقبل وفودا من اخلارج‪ ،‬بني ان وقع املوت علينا ام وقعنا عليه‪ ،‬وما دمنا نحن على حق ال نسأل عن‬ ‫نتكلم ونحث أن يكون هناك وقفة وتعاطي بجدية اكثر في هذه القضية‪ ،‬هذه االمور‪ ،‬وكل قضية شابها الغنب واإلهانة هي قضيتنا نحن وال يتعلق‬ ‫وإال فإننا سنخسر فلسطني كلها إذا استمروا على هذا التخاذل والتقوقع األمر بالقضية الفلسطينية فقط‪ ،‬بل كل قضية شعب يقاوم في سبيل‬ ‫جند وطنه هي قضيتنا‪ ،‬ويجب أال نخاف ألننا على حق وصاحب احلق سلطان‪،‬‬ ‫والنوم العميق‪ ،‬الذي ال نعلم متى يستيقظون منه‪ ،‬هذه األمور يجب أن ّ‬ ‫نعمل عليها ونستمر مبالحقتها‪.‬‬ ‫وفي النهاية سيحصل كل صاحب حق على حقه بالصبر والتضحيات‪ ،‬من‬ ‫نحن اآلن أصبحنا في وضع أحسن بكثير من السابق‪ ،‬ونحن متفائلون املمكن أن يضحي بنفسه‪ ،‬ولكن في النهاية هناك حل‪ ،‬ونحن نرى أننا وصلنا‬ ‫باملستقبل الذي سنصل إليه‪ ،‬باملستقبل القريب‪ ،‬واملثل يقول‪“ :‬تفاءلوا الى حقنا‪ ،‬هذا االنتصار الذي حققناه هو انتصار عظيم‪ .‬قدمنا الكثير من‬ ‫باخلير جتدوه”‪ ،‬قوتنا وتفاؤلنا نستمدهما من القيادة املوجودة عندنا‪ ،‬التي التضحيات ولكننا وصلنا وإن شاء اهلل على هذا الدرب مستمرون‪.‬‬ ‫تعلم ما تفعله‪ ،‬وإذا فقدنا قائدا من هؤالء القياديني‪ ،‬هذا ال يعني أن القضية‬ ‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫انتهت‪ ،‬ألن العمل ال يقف على قائد واحد‪ ،‬بل نحن مستمرون بقياداتنا‬ ‫احلكيمة‪ ،‬وسنكمل الطريق والنهج الذي نشأنا‬ ‫ونسير عليه‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


‫السيرة‬ ‫الذاتية‬ ‫والجهادية‬ ‫احلاج عماد مغنية‪ ،‬مواليد بلدة طيردبا‪ ،‬قضاء مدينة صور ‪ ،‬عام ‪. 1962‬‬ ‫في عام ‪ 1976‬انضم إلى القوة ‪ 17‬التابعة‪ ‬حلركة فتح‪ ،‬وكان أحد احلراس‬ ‫الشخصيني لياسر عرفات‪ .‬مغنية هو من القادة املؤسسني لـ»حزب اهلل»‪.‬‬ ‫متيز احلاج عماد في تلك الفترة بأنه كان قناصا ً فائق املهارة‪ ،‬ومن طراز نادر‬ ‫ال يخطئ أهدافه على اإلطالق‪.‬‬ ‫ بعد االجتياح اإلسرائيلي جلنوب لبنان في ما عرف بعملية سالمة‬‫اجلليل عام ‪ 1982‬التي انتهت باحتالل الصهاينة للعاصمة بيروت ومبغادرة‬ ‫قوات منظمة التحرير الفلسطينية لبنان نهائياً‪ ،‬انضم احلاج عماد إلى‬ ‫حركة أمل‪.‬‬ ‫ بعد انطالقة حزب اهلل التحق احلاج عماد باحلزب‪ ،‬وكان من أركان‬‫العمل العسكري واجلهادي في املقاومة اإلسالمية منذ اللحظة األولى‬ ‫النطالقتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ تد ّرج احلاج عماد مغنية في حزب اهلل جنبا إلى جنب مع كبار قادة احلزب‬‫وفي طليعتهم سماحة السيد حسن نصراهلل‪.‬‬ ‫ عمل احلاج عماد مغنية خالل فترة االحتالل اإلسرائيلي جلنوب لبنان‬‫على نقل األسلحة الى فصائل املقاومة‪ ،‬وفي الطليعة حزب اهلل وحركة‬ ‫أمل‪.‬‬ ‫ يعتقد أن القائد البطل يقف وراء عدد من أضخم العمليات النوعية‬‫في تاريخ املقاومة في لبنان وأبرزها‪:‬‬ ‫‪ -1‬عملية تفجير مبنى السفارة األميركية في بيروت في نيسان من‬ ‫العام ‪ ،1983‬مما أدى الى سقوط ‪ 83‬قتيالً أميركياً‪.‬‬ ‫‪ -2‬عملية تفجير مبنى املارينز في بيروت‪ ،‬مما أدى الى مقتل ‪ 241‬من جنود‬ ‫املارينز‪ ،‬في ما اعتبر أضخم ضربة للقوات األميركية منذ بيرل هاربر‪.‬‬ ‫‪ -3‬تفجير معسكر قوات النخبة الفرنسية‪ ،‬مما أدى الى مقتل ‪ 58‬جندياً‪.‬‬ ‫‪ -4‬عملية تفجير مبنى السفارة اإلسرائيلية واملركز الثقافي اليهودي‬ ‫في بيونس ايرس في األرجنتني‪ ،‬مما أدى الى مقتل حوالى مئة يهودي‪.‬‬ ‫‪ -5‬عملية إبادة قوات النخبة للبحرية اإلسرائيلية الفرقة شيطيت ‪13‬‬ ‫في بلدة أنصارية‪ ،‬أو ما عرف جهاديا ً باسم عملية «فخ العباس»‪.‬‬ ‫‪ -6‬عملية أسر اجلنود اإلسرائيليني في مزارع شبعا عام ‪.2000‬‬ ‫‪ -7‬عملية أسر اجلنديني اإلسرائيليني في محيط عيتا الشعب عام‬ ‫‪.2006‬‬

‫‪ -8‬قيادته لقوات املقاومة اإلسالمية وحزب اهلل في عدوان متوز ‪2006‬‬ ‫ومتكنه من حتقيق االنتصار الباهر على أعتى قوة عسكرية في الشرق‬ ‫األوسط باعتراف العدو نفسه‪.‬‬ ‫ تولى احلاج عماد مغنية مسؤولية أمن سماحة آية اهلل السيد محمد‬‫حسني فضل اهلل‪ ،‬وسرعان ما ترك هذه املسؤولية لشقيقه جهاد الذي‬ ‫استشهد عام ‪ 1985‬في متفجرة بئر العبد التي استهدفت السيد فضل‬ ‫اهلل بتخطيط مخابراتي لبناني ـ أميركي ـ إسرائيلي وجنا منها السيد‬ ‫حينها مبعجزة إلهية‪ ،‬وارتفع جهاد مغنية شقيق احلاج عماد شهيدا ً في‬ ‫هذه املتفجرة‪.‬‬ ‫ عام ‪ 1985‬أيضا ً خطف طائرة تابعة للخطوط اجلوية األميركية ‪TWA‬‬‫وهبط بها في مطار بيروت متعاونا ً مع حسن عز الدين وعلي عطوي‪ ،‬وقد‬ ‫أدت هذه العملية الى مقتل ضابط في املارينز‪.‬‬ ‫ يقال إنه يحمل عدة جوازات سفر ومستندات ثبوتية يستعملها في‬‫تنقالته‪ ،‬ومعروف عن احلاج عماد انه د ّوخ أجهزة اخملابرات العاملية التي لم‬ ‫تتمكن من االيقاع به فأطلقت عليه عدة ألقاب منها «الشبح» والرجل‬ ‫اخلفي ورجل الظل والثعلب‪.‬‬ ‫ عام ‪ 1994‬حاول جهاز املوساد اغتياله مبتفجرة وضعت في صفير جنا‬‫منها احلاج عماد واستشهد شقيقه فؤاد‪ ،‬ووقف وراء هذه العملية العميل‬ ‫أحمد احلالق الذي فر الى الشريط احملتل حينها ولكن املقاومة اإلسالمية‬ ‫ومخابرات اجليش اللبناني استدرجاه إلى املناطق احملررة وحوكم وأعدم في‬ ‫سجن رومية عام ‪.1996‬‬ ‫ً‬ ‫ طاردته اخملابرات األميركية واإلسرائيلية طيلة ‪ 25‬عاما ولم تتمكن من‬‫اإليقاع به‪ ،‬وكان احلاج عماد يتابع تسديد الضربات املؤملة لقوى االستكبار‬ ‫العاملي‪.‬‬ ‫ رصدت الـ ‪ CIA‬جائزة نقدية خيالية قيمتها ‪ 25‬مليون دوالر ملن يدلي بأي‬‫معلومة عنه وهو املطلوب رقم واحد لهذا اجلهاز‪.‬‬ ‫ القائد العسكري للمقاومة اإلسالمية في لبنان ـ حزب اهلل‪.‬‬‫ له أخوان شهيدان هما جهاد وفؤاد مغنية‪.‬‬‫ استشهد بتاريخ ‪ 2008/2/12‬الساعة العاشرة ليالً في انفجار غامض‬‫استهدف سيارته في العاصمة السورية دمشق‪ ،‬في عملية اتهم حزب اهلل‬ ‫املوساد اإلسرائيلي بالوقوف وراءها‪.‬‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬مقابلة‬

‫الدكتورة نور سلمان تبوح بما عندها لـ«منبر التوحيد»‬

‫أنا ُمبعدة عن السياسة وأعمل في الشأن االجتماعي‬

‫في رحلة البحث عن احلقيقة‪ ،‬نسأل التاريخ‬ ‫دائماً وهو املعروف بشهامته وصدقه وكرمه‪،‬‬ ‫فهو يجود علينا‪ ،‬ويجمعنا حوله ليسرد علينا‬ ‫أخبار أيامه ومغامرات لياليه‪ ،‬ويبوح لنا بحلوه‬ ‫ومره‪ ،‬ويعطينا الدروس والعظمة لنتعلم‪...‬‬ ‫في اللقاء فرحة وأمل وكيف ال إذا كانت‬ ‫الشاعرة نور سلمان هي رفيقتنا‪ ،‬أمامنا اليوم‬ ‫نقطة ضوء متوهجة بدأت تكبر في ظالمنا‬ ‫الدامس‪ ،‬نتلمس خطانا ويكبر الضوء كلما‬ ‫تقدمنا بإرادة واعية نحو الهدف األسمى‪ ،‬بناء‬ ‫الوطن وعزته‪.‬‬ ‫إليك نور سلمان نقول‪ :‬اليوم نقرأ التاريخ‬ ‫في كلمات مدوية وهادئة في آن واحد‪ ،‬عباراتك‬ ‫اجلميلة تنسل الى عقولنا وقلوبنا‪ ،‬انها كاملياه‬ ‫القادمة من األعالي‪ ،‬الى قلوب عطشى إال من‬ ‫األمل وإرادة احلياة والقدرة على حتقيق الذات‪،‬‬ ‫حتى نكون لبنة صلبة في بناء مقاومتنا لكل‬ ‫أنواع القهر التي حلقت بنا‪.‬‬ ‫ولكننا هذه املرة عرفنا طريقنا‪ ،‬وأدب احلياة‬ ‫يعلمنا بأن احلياة هدف وإرادة‪ ،‬وليس املهم‬ ‫الوصول بسرعة‪ ،‬ألننا سنصل حتماً لكن في‬ ‫مسار الوصول وأخالقياته‪.‬‬ ‫ما أجمل الشعر حني يسمو بالنفس الى‬ ‫األعالي والقيم الرفيعة‪ ،‬فأدب احلياة مجبول‬ ‫بالعمل والكفاح وال يعرفه اال أولئك الذين عرفوا‬ ‫قيمة احلياة‪ ،‬أبناء األرض املعطاءة الذين دفعوا‬ ‫الثمن في طريقهم الى نيل احلرية‪ ،‬أمثال هؤالء‬ ‫نستلهم منهم القيم النبيلة‪ ،‬ونلتقي معاً في‬ ‫رحلة البحث عن احلقيقة‪ ،‬حتى تتحول نقطة‬ ‫الضوء الى شمس ساطعة ونور يب ّدد ظالم غربتنا الدامس‪...‬‬ ‫وسنصل حتماً ألنها إرادة احلياة جتري في عقولنا وعروقنا وتنبض‬ ‫في قلوبنا‪ ،‬فنحن من جيل سمع وشاهد كل املعاناة وباتت كلماته‬ ‫صرخة استنفار واستعداد للعمل لتغيير الواقع من حال إلى حال‬ ‫أفضل‪ ،‬والكلمات باتت حمماً وبراكني ومقاومة متواصلة‪ ،‬وكأننا‬ ‫باألديبة ونحن نتحدث عن ذاتنا ونقول‪:‬‬ ‫إني انطلقت ولن أجثو إلى صنم‬ ‫ولن أمرغ في األشواك وجناتي‬ ‫فإن قسوت فعذرا ً إنها حمم‬ ‫من مرجل التيار ثارت في انطباعاتي‬ ‫نعم حبنا للوطن يجمعنا‪ ،‬ونحن جيل ملتزم بقضايا أمته‬ ‫وهذه هي خطوط أشعة الشمس الذهبية التي تلون جبالنا‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪86‬‬

‫وسهولنا وهضابنا وبحرنا‪.‬‬ ‫وما تقوله الشاعرة نور في الشهيد هو مبثابة احلكمة في زمن‬ ‫الضياع‪:‬‬ ‫تغتسلوا من تفاصيل الدنيا‬ ‫أصغوا إلى صمت الشهيد‬ ‫فيبقى حياً ال ميوت‬ ‫الشهيد يهمل املوت‬ ‫وفي مجد األرض‪:‬‬ ‫يقيمون به مجد االرض!‬ ‫دعوا الشهداء حلبهم العظيم‬ ‫وهل هناك أروع من التعبير التالي (أخذني احلب الى احلب)‪ ،‬فسر‬ ‫الوجود في الغائب احلاضر‪ ،‬وهنا معاني الوفاء والقيمة اجلمالية‬ ‫الرائعة في حياتنا‪:‬‬ ‫ألصغي إلى بُعدك‬ ‫ ‬ ‫ألجلك أغلق كلماتي‬ ‫وعداً في قلب وردة‬ ‫وألجلك تصير الدنيا‬


‫الدين هو االعتراف بالرابط‬ ‫األكبر بني اإلنسان وربه‬ ‫املفروض أن يكون‬ ‫لدى كل بيت مكتبة‬ ‫عوّضت عن الكبت السياسي‬ ‫في وطني باإلبداع والشعر‬

‫اخلواطر عديدة وتساؤالت جدلية مشروعة‪ ،‬كل شيء في هذه‬ ‫الدنيا يجري كمعزوفة رائعة‪ ،‬قرار وجواب‪ ،‬وتقول ( ال يدري) وفي زمن‬ ‫متوحش ورغم التقدم العلمي‪:‬‬ ‫وأنت طويت قصائدك‬ ‫ما معنى أن أكون امرأة‬ ‫في أحضان الضوء املتوحش وأنشدت لي اللقاء في الوداع‬ ‫الشاعرة الكبيرة نور سلمان تصف واقع احلال في بالدنا‪ ،‬وحجم‬ ‫األعباء امللقاة على عاتق الوطن واملواطن وتخاطب املتظاهرين‬ ‫املطالبني بحقوقهم‪.‬‬ ‫جماعات جماعات‬ ‫ميرون على الطريق ‬ ‫خطاً أسود قائماً‬ ‫في خريطة وجعنا‬ ‫إنها كلمات في عبارات من حديقة الشاعرة نور سلمان وتعالوا‬ ‫لنحاورها معاً فهي منكم وتكتب وتعبر عن أحاسيسنا جميعاً‪...‬‬

‫ـ من هي نور سلمان‪ ،‬ومن أين دخلت باب األدب والشعر؟‬ ‫نشأت في بيت مثقف‪ ،‬والدتي جامعية‪ ،‬ووالدي طبيب‪ ،‬كانت‬ ‫والدتي حتدثنا دائما ً عن أدباء العرب‪ ،‬وعن مي زيادة‪ ،‬لم تعاصر مي‬ ‫زيادة مئة في املئة‪ ،‬ولكنها تعرف أخبارها‪ ،‬وأنا أخذت بقصص‬ ‫حياتها وصدمت عندما علمت أنها أصيبت بنكسة‪ ،‬هذا ترك‬ ‫في نفسي تأثيرا ً كبيراً‪ ،‬وشعرت أن قدري مع األدب قليل رغم أنني‬ ‫كنت ضعيفة جدا ً في اللغة العربية‪ ،‬ألنني نشأت في مدرسة‬ ‫فرنسية التعليم‪ ،‬وكنت أكتب باللغة الفرنسية‪ ،‬وأعبر باللغة‬ ‫علي والدي وأمي‪ ،‬كنت‬ ‫الفرنسية‪ ،‬خصوصا ً عندما كان يغضب ّ‬ ‫أجلس أبكي وأبكي‪ ،‬بعد ذلك عندما دخلت اجلامعة وكنت في‬ ‫سن املراهقة‪ ،‬قررت أن أتخصص في اللغة العربية وآدابها‪ ،‬لم‬ ‫يشجعني أحد إال والدي‪ ،‬األساتذة في اجلامعة كانوا يقولون لي‬ ‫اذهبي وتخصصي في اللغة اإلنكليزية أو اللغات األخرى‪ ،‬كنت‬ ‫ضعيفة جدا ً في اللغة العربية‪ ،‬قررت أن أتقن هذه اللغة‪ ،‬فطلبت‬ ‫من أحد األساتذة في اجلامعة أن يدرسني القرآن الكرمي من‬ ‫الناحية األدبية واللغوية‪ .‬وأدرس مبادئ اللغة العربية اكتشفت‬ ‫أن مبادئ اللغة ليست معقدة كما يظهر‪ ،‬هي مبنية على‬ ‫منطق واضح‪ ،‬إذا فهمناها فهمنا القواعد‪ ،‬الفكر املنطقي ليس‬ ‫ببعيد عن القواعد‪ ،‬الذين يعلمون اللغة يعقدون أمورها‪ ،‬حتى‬ ‫أن طالبنا ينفرون منها‪ ،‬يقبلون على اللغات األجنبية ويعرضون‬ ‫عن اللغة العربية‪ ،‬كنت أكتب باسم مستعار‪ ،‬أمي شجعتني‪،‬‬ ‫والدي لم يشجعني أبداً‪ ،‬كان يتحدث مع أمي باللغة اإلنكليزية‬ ‫وتعلمت اللغة شفويا ً أوال ً من أمي وأبي منذ طفولتي‪ ،‬ويقول‬ ‫لها ال تشجعني نور على سلوك هذه الطريق‪ ،‬أريد ابنتي أن‬ ‫تعيش سعيدة‪ ،‬أخاف عليها من قهر األدب‪ .‬في أحد األيام دعيت‬ ‫والدي بذهابي‪ ،‬ولكنهما عرفا‪،‬‬ ‫للخطابة في مناسبة ولم أخبر‬ ‫ّ‬ ‫وكانا في مقدمة احلضور‪ ،‬وأذكر متاما ً أن والدي أعطاني رسالة وضعها بني‬ ‫يدي‪ ،‬خفت من هذه الرسالة‪ ،‬أن يكون هناك تأنيب‪ ،‬وعندما قرأتها تأثرت بها‪،‬‬ ‫قال فيها‪“ :‬أنا أفتخر بك‪ ،‬وأفخر مبوهبتك‪ ،‬ولكني أخاف عليك‪ ،‬أريد أن تكوني‬ ‫سعيدة”‪ ،‬ولم أستطع أن أجيب عن هذا السؤال في ذلك الوقت ولكنني‬ ‫اليوم أدركت أن والدي كان على حق‪ ،‬فطريق األدب طريق صعب‪ ،‬فيه الكثير‬ ‫من املعاناة ولكني ال أريد أن أقول شيئاً‪ ،‬وهذه أول مرة في حياتي أقولها ألي‬ ‫صحافي‪ :‬إنني ع ّوضت عن الكبت السياسي والوطني في لبنان‪ ،‬ألن طريق‬ ‫الطموح في بلدي محفوف باخملاطر والعقبات واكتشفت هذا باكراً‪ ،‬وأدركت‬ ‫كم عانت والدتي في ريادتها العمل االجتماعي‪ ،‬وكم عانى والدي في العمل‬ ‫الوطني والسياسي‪ ،‬والدي كان وطنيا ً ولكنه كان يعاني‪ ،‬وأعوض عن هذا‬ ‫الكبت باإلبداع والشعر‪ ،‬بدأت أكتب قصة ورواية‪ ،‬كنت في السابعة عشرة‬ ‫من عمري‪ ،‬القت رواجا ً وتشجيعاً‪ ،‬ثم مجموعة من القصص القصيرة‪،‬‬ ‫بعد ذلك وجدت أن مساحة القصة والرواية ال تكفيني رغم أنني معجبة‬

‫‪87‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬مقابلة‬ ‫بـ”دوستو ينسكي”‪ ،‬روائي عظيم لم ينتج التاريخ أعظم منه‪ ،‬طبعا ً هناك‬ ‫“شكسبير”‪ ،‬لكنه مسرحي ووجدت أن مساحة الشعر أوسع‪ ،‬ثم بدأت في‬ ‫كتابة الشعر املوزون‪ ،‬هو جميل فيه طرب‪ ،‬درست الشعر العربي عبر التاريخ‪،‬‬ ‫معان أريد أن أستفيض‬ ‫ووجدت أن الوزن والقافية يقيدانني جداً‪ ،‬فهناك‬ ‫ٍ‬ ‫فيها‪ ،‬وأريد أن أوسع آفاقي في التعبير عنها‪ ،‬فتحررت وبدأت أكتب الشعر‬ ‫احلر‪ ،‬صدر لي كتاب حتت عنوان “الهجرة إلى الورق” في ‪ ،2008/11/20‬هذا‬ ‫الكتاب سادس مجموعة‪ ،‬وهناك مؤلفات أخرى‪ ،‬أدركت أيضا ً أن األدب‬ ‫الشريف ال يطعم خبزا ً أبداً‪ ،‬اخترت الطريق الشريف وأكملت علمي‪،‬‬ ‫فحضرت الدكتوراه ألطروحة وجنحت بها‪ ،‬نالت إعجاب اللجنة الفاحصة‬ ‫املؤلفة من أساتذة كبار من لبنان ومن باريس ومن جامعة القديس يوسف‪،‬‬ ‫علي‪ ،‬فنلت بدرجة‬ ‫هذه اجلامعة كما اجلامعة األميركية لها فضل كبير ّ‬ ‫شرف‪ ،‬أول أطروحة طبعت في كتاب ترجم‪ ،‬كتبت عنه الصحف العاملية‪،‬‬ ‫عن األدب اجلزائري والثورة اجلزائرية‪ ،‬كنت السباقة في هذا املوضوع‪ ،‬ويعود‬ ‫الفضل في ذلك إلى أستاذي‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬الدكتور جبور عبد النور‪ ،‬فضله‬

‫ـ عضو مجلس إدارة املعهد العالي للموسيقى (الكونسيرفتوار)‬ ‫ـ عضو مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان االجتماعي ـ ممثلة‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫ـ أمينة التخطيط والدراسات في منظمة لبنان لألمم املتحدة‪.‬‬

‫من هي نور سلمان؟‬ ‫مدينة الوالدة واإلقامة بيروت‪ ،‬األصل‪:‬‬ ‫الشويفات‬ ‫والدها‪ :‬داود سلمان ـ طبيب ج ّراح‬ ‫والدتها‪ :‬زاهية خطار مقصد (برمانا)‬ ‫لبنان‪ ،‬التي ُعرفت بـ‪“ :‬أم الطفل‬ ‫اللبناني” وبالعمل الدؤوب في حقول‬ ‫املرأة والطفولة واألسرة‪.‬‬ ‫حتمل الدكتورة نور سلمان التخصصات التالية‪:‬‬ ‫ـ بكالوريوس في العلوم االجتماعية والتربية‪ ،‬من اجلامعة األمبركية‬ ‫في بيروت‪.‬‬ ‫ـ بكالوريوس علوم في األدب العربي من اجلامعة األميركية في‬ ‫بيروت‪.‬‬ ‫ـ ماجستير علوم في األدب املقارن (احلركة الرمزية في أوروبا‪ ،‬والتعبير‬ ‫في الشعر الصوفي) من اجلامعة نفسها‪.‬‬ ‫ـ دكتوراه دولة في األدب العربي‪ ،‬واألدب املقارن بدرجة شرف أولى‬ ‫(‪.)1978‬‬ ‫الرتبة العلمية‪:‬‬ ‫أستاذة تعلم عال‪ ،‬ومشرفة على رسائل الدراسات العليا‪ ،‬والدكتوراه‬ ‫في اجلامعة اللبنانية‪.‬‬ ‫مشرفة على رسائل الدراسات العليا في التربية واألدب العربي‪،‬‬ ‫في جامعة القديس يوسف بصفة استشارية‪ .‬الدكتورة نور سلمان‬ ‫عالمة من عالمات وإشراقات الفجر النسائي اللبناني‪.‬‬ ‫وفي مجال اإلعالم النسائي‪ ،‬هي رئيسة حترير مجلة “مشوار”‬ ‫املعدات لدليل‬ ‫ومقدمة لبرامج املرأة في تلفزيون لبنان‪ ،‬ومن‬ ‫النسائية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكاتبات اللبنانيات ‪ 1940‬ـ ‪.1995‬‬

‫خارج لبنان‪:‬‬

‫حاضرت في مؤمترات واجتماعات دولية‪ ،‬وحلقات دراسية‪ ،‬في لبنان‪،‬‬ ‫والعالم العربي‪ ،‬وآسيا‪ ،‬وأوروبا‪ ،‬وشمالي افريقيا‪ ،‬والواليات املتحدة‪،‬‬ ‫كجامعات هارفرد ـ وبرلستون ـ وبنسلفانيا ـ وواشنطن ونيويورك‬ ‫ـ واجلزائر لتحاضر عن الثورة اجلزائرية‪ ،‬باللغتني العربية والفرنسية‬ ‫فضالً عن األدب الشعبي البربري وقضايا التعريب‪ ،‬ويُعتبر كتابها في‬ ‫هذا اجملال مرجعا ً “أكادميياً”‪.‬‬ ‫ـ تكتب وحتاضر باللغات الثالث‪ :‬العربية واالنكليزية والفرنسية‪،‬‬ ‫وتلم بلغات أخرى‪.‬‬ ‫ّ‬

‫شاعرة وأديبة من أعمالها في الكتابة اإلبداعية‬ ‫املؤلفات التالية‪:‬‬

‫ رواية (فضحكت)‬‫– يبقى البحر والسماء (قصص قصيرة)‬ ‫– الى رجل لم يأت (من رسائل الوجدان)‬ ‫– العني احلمراء (قصص قصيرة)‬ ‫ ‪ – 1994‬لفجر يشقّ احلجر (من األدب الوجداني)‬‫– فجر للغضب (من األدب الوجداني) ـ‬ ‫أما في اجملال األكادميي‪ ،‬فلها دراسات وأبحاث ومؤلفات منها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ اإلمناء التربوي في محافظة جبل لبنان‬‫– مدخل إلى دراسة الشعر الرمزي في األدب احلديث‬ ‫– اللغات السامية واللغة العربية‬ ‫– أضواء على التص ّوف االسالمي‬ ‫– األدب اجلزائري باللغة الفرنسية‬ ‫– دور اإلعالم في مشاركة املرأة في اإلمناء‬ ‫– املرأة واإلعالم‬ ‫– األدب اجلزائري في رحاب الرفض والتحرير‬ ‫– والواقع واملرجتى في وضع املرأة االجتماعي في لبنان‬ ‫– املوشحات االندلسية‬ ‫– األدب في لبنان خالل احملنة‬ ‫– ولها قيد الطبع باالشتراك مع الدكتورة فهيمة شرف الدين وفريق‬ ‫من الباحثني‪ ،‬دليل الكاتبات اللبنانيات بتكليف من اللجنة الوطنية‬ ‫يضم (الرائدات ـ الباحثات – االديبات ـ اإلعالميات من‬ ‫لالونيسكو‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سنة ‪ 1950‬حتى ‪)1997‬‬

‫مراكز شغلتها‪:‬‬

‫إحدى عشرة عضوية في مجالس جامعية وأكادميية وأدبية‬ ‫واستشارية ونسائية ومؤمترات عاملية وفن ّية وفكرية واجتماعية‪،‬‬ ‫تضيق الصفحات عن حصرها‪.‬‬

‫مراكز تشغلها حالياً‪:‬‬

‫ـ رئيسة جمعية رعاية الطفل اللبناني‪ ،‬ورئيسة الهيئة الوطنية‬ ‫للطفل اللبناني‪.‬‬ ‫ـ مستشارة اجمللس النسائي اللبناني للشؤون الثقافية‪.‬‬ ‫ـ عضو إداري في اللجنة األهلية ملتابعة قضايا املرأة (بعد بكني)‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أحضر‬ ‫علي كما كل أستاذ تلقيت منه املعرفة‪ ،‬قال لي يوم كنت‬ ‫ّ‬ ‫كبير ّ‬ ‫موضوعا ً للدكتوراه حول الشعر حديث‪“ :‬يا نور أريدك أن تخوضي غمار هذا‬ ‫املوضوع”‪ ،‬في األدب اجلزائري لم يكتب فيه الكثير‪ ،‬خضت‪ ،‬بقيت أحضر‬ ‫شهادة الدكتوراه سبع سنوات ونصف‪ ،‬دكتوراه دولة‪ ،‬ال دكتوراه جامعية‪،‬‬ ‫ولدي‬ ‫أمنت نفسي مهنيا ً كأستاذة برتبة بروفسور‪ ،‬عدت إلى األدب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بعدما ّ‬ ‫أبحاث كثيرة في الكتابة األكادميية والبحث‪ ،‬لست مكثرة ولكنني لست‬ ‫جد‬ ‫مقصرة‪ ،‬واليوم أرتاح إلى أجواء الشعر‪ ،‬هذا الشعر املصنّف بأسلوب ّ‬ ‫مختصر وبسيط‪ ،‬ال أعقد ال أطيل‪ ،‬ال أستفيض‪ ،‬أحاول أن أربط الواقع بال‬ ‫واقع‪ ،‬والوعي بال وعي واإلميان بالعقل‪ ،‬وأنني مؤمنة جداً‪ ،‬قد ال يوحي مظهري‬ ‫بذلك‪ ،‬كل محجب منفتح‪ ،‬ولكنني لست محجبة‪ ،‬متحررة جداً‪ ،‬أقبل احلياة‬ ‫املنفتحة املتطورة‪ ،‬لكني أعيش حياة داخلية خاصة بي‪ ،‬رغم الذي وهبني‬ ‫إياه اهلل من النعمة والعطاء‪ .‬قضية وطني جرح في قلبي‪ ،‬جرح كبير ال‬ ‫يضمد‪ ،‬وأنا حاولت قدر املستطاع أن أعطي وطني ما ميكن أن أعطيه‪ ،‬لكن‬ ‫وطني لم يعطني الكثير‪ .‬عندما أتذكر ما حصل معي يتملكني احلزن‪،‬‬

‫‪88‬‬


‫اختارتني حكومة سليم احلص كعضو في مجلس إدارة الضمان االجتماعي‪ ،‬أخواتي اللبنانيات وحضرت أديبات العرب‪ ،‬ك ّرموني لدرجة شعرت باخلجل‪،‬‬ ‫بعض زعمائنا استكثروا علي أن أكون عضوا ً وقالوا لي إنه حت ٍد لي‪ ،‬فأقبلت ال أستطيع أن أعبر كم أعجبت باملرأة السورية‪ ،‬فما الذي مينعنا من أن‬ ‫على دراسة قوانني الضمان ونظامه الذي لم يكن ضمن تفكيري وعملي نكون هكذا‪ ،‬أتذكر يومها ونحن على مأدبة الغداء‪ ،‬دخول سيدة جلست‬ ‫وجوي‪ ،‬بقيت مدة ‪ 15‬يوما ً أدرس وأقرأ‪ ،‬وهناك نقيب أصحاب األفران وغيره‪ ،‬بقربي وبدأت متدح بي‪ ،‬شكرتها‪ ،‬فعرفتني بنفسها بأنها عضو في محكمة‬ ‫فأنا أحببتهم وهم بادلوني الشعور نفسه‪ ،‬ولكن بعض زعمائي بكل أسف اجلنايات والبرملان‪ ،‬وهنا قدمت لها كل احترامي‪ ،‬وأريد أن أحيي عبر مجلة‬ ‫لم يرضوا بي‪ ،‬لذلك أنصح هذا اجليل اجلديد بأن ال يقبل إال بفكرة إصالحية “منبر التوحيد” املرأة السورية واألديبة العظيمة كوليت اخلوري‪ ،‬حفيدة‬ ‫بني تطلع اجليل الصاعد املثقف والواقع الذي نعيشه‪ ،‬هذه الفجوة و ّلدت فارس اخلوري‪ ،‬الذي لعب دورا ً في تأسيس اجلامعة العربية واستقالل سوريا‪،‬‬ ‫انفصاما ً وسببت هجرة من نوع جديد‪ ،‬الهجرة موجودة عندنا‪ ،‬قد تكون كان رجالً عظيماً‪ ،‬أصله من جنوب لبنان‪ ،‬من بلودان‪ ،‬كان يستقبل امللوك‬ ‫قدرا ً في حياتنا‪ .‬أنا عربية النزعة لكنني ال أفكر أن أصلنا هنا‪ ،‬الذين أسسوا والرؤساء في منزله‪ ،‬ومن بعده قدمت األديبة كوليت منزله في بلودان إلى‬ ‫احلضارة الفكرية الكتابية هم الفينيقيون‪ ،‬لم يستوعبهم لبنان‪ ،‬كان ممرا ً وطنها كمركز ثقافي‪ ،‬كوليت اخلوري اليوم مستشارة رئيس اجلمهورية‬ ‫جميالً جدا ً ورائعاً‪ ،‬من املمكن أن ال توجد إمكانيات تستوعب كل الناس‪ ،‬للشؤون الثقافية‪ ،‬ولكننا لم نرها يوما ً من األيام في أي عمل اجتماعي‬ ‫فقد كان قدرهم الهجرة من األول‪ ،‬أسسوا قرطاجة‪ ،‬وهي كانت مستعمرة جتلس بتعجرف‪ ،‬بل تخدم وتعطي‪ ،‬فهي دكتورة وشاعرة‪ ،‬أنا أحترمها‬ ‫وحولوها إلى مملكة‪ ،‬هذه من نتائج الهجرة‪ ،‬وفي احلرب العاملية األولى‪ ،‬هربوا وأحييها بإعجاب وأبدي إعجابا ً كبيرا ً بالبرنامج الذي أقامته‪ ،‬ورأيت شيئا ً‬ ‫من اجملاعة‪ ،‬وفي احلرب العاملية الثانية هربوا ليكسبوا لقمة عيشهم‪ ،‬اليوم عظيما ً ترك أثرا ً كبيرا ً في داخلي‪ ،‬وكلما أذكره تدمع عيناي‪ ،‬في الشام في‬ ‫يهاجرون ألن فرص العمل قليلة‪ ،‬وإذا كان هناك فرصة تكون عبر الواسطة‪ ،‬دار األوبرا‪ ،‬حضرت أوبرات كثيرة في العالم منها موسكو‪ ،‬باريس‪ ،‬لندن‪،‬‬ ‫نيويورك‪ ،‬ولكنها ليست أروع من دار أوبرا الشام‪ ،‬إن‬ ‫أو وراثة مجد سياسي‪ ،‬إذا لديك قدرة باملال‬ ‫من ناحية التصميم أو الهندسة أو غيرها‪ ،‬قدموا‬ ‫من املمكن أن جتدي فرصة للعمل‪ ،‬أما اإلنسان‬ ‫لست متفائلة‬ ‫برنامجاً‪ ،‬وفيه فرقة اإلنشاد احملمدية مع فرقة‬ ‫الطموح الذي أنهى علمه وتعب من أجل الوصول‪،‬‬ ‫باالنتخابات النيابية القادمة‬ ‫اإلنشاد الكنائسية‪ ،‬وقفوا مع بعضهم ينشدون‬ ‫فيقف على باب السفارات‪ ،‬ومن املالحظ أن أكثر‬ ‫بصوت اإلنشاد املمتاز‪ ،‬غنوا مع بعضهم “هليلو يا‬ ‫اللبنانيني لديهم جنسيتان‪ ،‬كأن هذه اجلنسية ال‬ ‫بالنسبة إلى املرأة‬ ‫واهلل أكبر”‪ ،‬عند سماعي هذا قلت إن الدين جوهره‬ ‫تستوعبهم‪.‬‬ ‫واحد‪ ،‬وإننا نض ّيع الوقت ونتكلم‪ ،‬الشعب اللبناني‬ ‫ـ من عاصرت نور سلمان من أدباء ومفكرين‬ ‫غير متعصب‪ ،‬هناك من يخلق هذا التعصب بيننا‪،‬‬ ‫وشعراء‪ ،‬نحن نالحظ أنه ليس هناك من‬ ‫هناك أدب مقاوم في لبنان‬ ‫نحن نشأنا بجو مسيحي‪ ،‬كنا جنلس مع املوحدين‬ ‫صالونات أدبية‪ ،‬وهل أنت من املشجعني على‬ ‫ولكن غير مروج له‬ ‫املشايخ وغيرهم من األديان‪ ،‬تأثروا بديانة التوحيد‪،‬‬ ‫ذلك من جديد‪ ،‬ومن هو املثل األعلى لنور‬ ‫كان جدي ألبي رجل دين‪ ،‬وله الكثير من األهمية‬ ‫سلمان؟‬ ‫عند الدروز‪ ،‬وتأثرت به كثيرا ً وتعملت منه الكثير‪.‬‬ ‫عاصرت كل شعراء العصر‪ ،‬وليس هناك من مثل‬ ‫أبي ليس إقطاعياً‪،‬‬ ‫أعلى‪ ،‬أحترمهم جميعاً‪ ،‬وال أجد شخصا ً واحدا ً‬ ‫يعطيني ما أريد بل آخذ من اجلميع الشيء احلسن‬ ‫بل مناضل‪ ،‬ثروته ذهبت‬ ‫أنا إصالحية وتطويرية‪ ،‬أحترم‬ ‫واألفضل‪ ،‬نحن نحاول أن نعمل هكذا‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫إلى احملتاجني واأليتام‬ ‫اإلنسان‪ ،‬مؤمنة باملرأة وبالشعب‬ ‫ال مينع أنه أحيانا ً تقعني في األلم واخليبة‪ ،‬حياتي‬ ‫الداخلية فيها الكثير من اخليبة‪ ،‬ولكنني أحب‬ ‫ـ برأيك املرأة اللبنانية ألن تستطيع أن تصل‬ ‫الناس وال أفرض على أحد أملي‪ ،‬دائما ً مبتسمة‪،‬‬ ‫أؤمن باإلنسان وباملرأة‪ ،‬ولكن املرأة في مجتمعنا ووطننا لم تأخذ حقوقها إلى ما تريده إال بعد أن تخفف من تواضعها؟‬ ‫هي بحاجة إلى روح نضالية‪ ،‬عملها االجتماعي ليس دائما ً نضالياً‪ ،‬فهي‬ ‫وال تعرف كيف تنالها‪ ،‬فهي بحاجة لوحدة صف‪ ،‬املسألة ليست مسألة‬ ‫زعامة‪ ،‬يجب أن تناضل لتكسب ثقة الشعب‪ ،‬وتعيش معه‪ ،‬وإال لن حتصل إما مشغولة بحفلة أو بشيء آخر‪ ،‬مثالً‪ ،‬أخذت مسيرة خدمة األطفال‪،‬‬ ‫ويوميا ً لدي اجتماع‪ ،‬ورغم ضيق وقتي أذهب وأجلس أربع ساعات في‬ ‫على أي شيء‪.‬‬ ‫ال أنكر حضور النائبات‪ ،‬يقولون نائب ال نائبات‪ ،‬أنا أقول إنه جتوز الكلمتان‪ ،‬االجتماع‪ ،‬يجب أن ألتزم بالعمل الذي أقوم به‪ .‬أريد أن أبدي رأيي بلبنان‪ ،‬أنا‬ ‫ألن في العربية شيئا ً اسمه األضداد‪ ،‬كلمة حتمل معنيني مضادين‪ ،‬فالنائبة أحب السياسة كثيراً‪ ،‬أنا إصالحية وتطويرية‪ ،‬أحترم اإلنسان‪ ،‬مؤمنة باملرأة‬ ‫املصيبة والنائبة التي تنوب عنها‪ ،‬ال أنكر عملي‪ ،‬معظمهم أتوا بالوراثة وبالشعب كثيراً‪ ،‬وال يجوز للشعب أن ينكبت أو يرتشى‪ ،‬الشعب له رأيه‪،‬‬ ‫واملصيبة‪ ،‬وأنا أرى البعض يعمل ليصل‪ ،‬وأحترم املرأة كثيراً‪ ،‬وأؤمن بأن خالص ولكي نستطيع أن منلي إرادتنا على كل اجليران‪ ،‬واإلخوان‪ ،‬يجب أن نخلق‬ ‫مناعة داخلية‪ ،‬ليس لدينا مناعة داخلية‪ ،‬ونريد أن منلي إرادتنا‪ ،‬ليس معقوالً‪،‬‬ ‫العالم اليوم سيكون عن طريق املرأة‪.‬‬ ‫يتأهلون بنا ولكنهم ال يحترموننا‪ ،‬يجب أن منلي املناعة الداخلية لنستطيع‬ ‫الوقوف وجنابه ونشتغل بطريقة املساواة‪ ،‬لبنان ال شك بأن قدره مهم جداً‪،‬‬ ‫وضعنا السياسي املقصر‬ ‫أنني مجروحة جدا ً في لبنان‪ ،‬واخليبة تزعجني كثيراً‪ ،‬أسلي نفسي وأطلب‬ ‫التفاؤل‪ ،‬أعود إلى الصحف والتلفزيونات‪ ،‬أرى اخليبة من جديد‪.‬‬ ‫يفرض علينا القبول بالكوتا‬ ‫ـ هل لهذا السبب نرى أن نور سلمان بعيدة عن األضواء‪ ،‬وهل هناك‬ ‫أنت مع وجود من سبب آخر؟‬ ‫ـ قانون االنتخاب حرم املرأة من الكوتا النسائية‪ ،‬هل ِ‬ ‫أنا مشغولة دائماً‪ ،‬ووقتي مليء‪ ،‬إنني اجتماعية ولست اجتماعية‪ ،‬ولدي‬ ‫الكوتا‪ ،‬وماذا مينع املرأة من أن تترشح؟ وهل هناك نساء وصلن إلى الندوة‬ ‫الكثير من املعجبني واحلمد هلل ولكن أيضا ً هناك الكثير ممن ال يتفقون معي‬ ‫النيابية؟‬ ‫مبا أني مستشارة اجمللس النسائي اللبناني‪ ،‬وأحترمهن جميعاً‪ ،‬وافقنا في الرأي‪ ،‬ال أريد أن أحاربهم‪ ،‬لكنهم ال يقفون معي‪ ،‬هناك اتصاالت كثيرة‬ ‫على الكوتا‪ ،‬وضعنا السياسي املقصر يفرض علينا القبول بالكوتا ولو على من التلفزيونات واإلذاعات لكي أجري مقابالت‪ ،‬وافقت هذه املرة‪ .‬في األعمال‬ ‫مضض‪ ،‬يجب على املرأة أن تدخل اجمللس النيابي بنضالها وتعبها‪ ،‬منذ فترة االجتماعية ونظرا ً لضيق وقتي أرسل األعضاء‪ ،‬منهم رجال وسيدات‪،‬‬ ‫دعيت إلى سوريا “الشام عاصمة الثقافة”‪ ،‬لبيت الدعوة مع مجموعة من ميثلونني وذلك ليشعروا أن لديهم دورا ً في احلياة‪ ،‬ولكن يبدو أن الناس ترى‬

‫‪89‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬مقابلة‬ ‫هذا الشيء ضعفاً‪ ،‬إنه ليس ضعفا ً واإلعالم يجب أن يتمتع باجلدية‪ ،‬ويطرح‬ ‫قضايا املستقبل‪ ،‬الناس تريد أن تسمع شيئا ً آخر‪ ،‬فكرة إصالحية‪ ،‬فكرة‬ ‫توحيدية‪ ،‬شيئا ً يبشر باخلير‪ ،‬خطة اقتصادية تخلص الناس‪ ،‬وبحكم عملي‬ ‫االجتماعي‪ ،‬لدي عملي األكادميي‪ ،‬واإلبداع‪ ،‬ووقت فراغي أمليه بالعمل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬دخلت الكثير من املنازل‪ ،‬هناك أشياء جتدينها ال تخطر على‬ ‫بال اإلنسان‪ ،‬دائما ً أقدم اخلدمات للمحتاجني‪ ،‬أنا أؤمن بالعطاء املسيحي‬ ‫والزكاة اإلسالمي‪ ،‬أنا أريد أن أزكي وأعطي‪ ،‬وليس من حقي التمتع بالذي‬ ‫أملكه وحدي‪ ،‬ربي أعطاني ألعطي الغير‪ ،‬أدخل البيوت فيشكرونني على ما‬ ‫أقوم به‪ ،‬أرى الغير يتصرف بطريقة ال يعتبرون أنفسهم يقومون بواجب‪ ،‬بل‬ ‫للمظاهر‪ ،‬هؤالء الناس يجب أن يتعلموا العطاء‪ ،‬وأن يفكروا بالغير‪.‬‬ ‫ـ كأكادميية ودكتورة في اجلامعة اللبنانية‪ ،‬كيف تصنفني واقع‬ ‫اجلامعة اليوم؟ وما هي مستلزمات نهوضها‪ ،‬مبا أنها جامعة الفقراء‬ ‫ومتوسطي احلل؟‬ ‫عندما قررت الذهاب إلى اجلامعة اللبنانية‪ُ ،‬قدمت لي عروض كثيرة‬ ‫من اجلامعة األميركية‪ ،‬أذكر أستاذا كبيرا طلب مني البقاء في اجلامعة‬ ‫األميركية التي تعلمت فيها‪ ،‬قلت له إن هذه جامعة الوطن‪ ،‬ويجب أن أذهب‪،‬‬ ‫ودرست عاما ً كامالً في دار املعلمني‪ ،‬وكانت من أجمل السنوات التي درست‬ ‫فيها في عمري‪ ،‬علمت شبانا ً وشابات‪ .‬اجلامعة اللبنانية عزيزة جدا ً على‬ ‫قلبي‪ ،‬اشتغلت مدة طويلة عضوا ً في مجلس اجلامعة‪ ،‬وممثلة األساتذة‪،‬‬ ‫اشتغلت‪ ،‬وناضلت من أجل دخول االساتذة في املالك الدائم‪ ،‬ناضلت كثيرا ً‬ ‫ألجل حقوق اإلنسان‪ ،‬وحقوق املوظفني جميعهم‪ ،‬ولم أكن أسمح بالتعدي‬ ‫على أي موظف مهما كانت وظيفته‪ ،‬وأخدم اجلميع دون استثناء‪ ،‬وهذا من‬ ‫واجبي‪ ،‬ولم أتعب ألصل الى أي مركز‪.‬‬ ‫الدولة مقصرة جدا ً بحق اجلامعة‪ ،‬هناك اساتذة يتقاضون راتبهم كل‬ ‫سبعة اشهر أو أكثر‪ ،‬اجلامعة اللبنانية يجب أن تتعزز‪ ،‬ليس لدينا سوى‬ ‫جامعة واحدة‪ ،‬امليزانية ال تكفيها‪ ،‬وال الهيئة التعليمية كافية‪ ،‬هناك‬ ‫أساتذة في اجلامعة اللبنانية ممتازون‪ ،‬ذوو قدرة وكفاءة وأخالق‪ ،‬ولكن‬ ‫اإلمكانيات ال تسمح‪ ،‬غير مدعومني‪ .‬اجلامعة تعني لي الكثير وأنا أتوجع‬ ‫كثيرا ً عند سماع ماذا يحصل‪.‬‬ ‫ـ اهتمامات نور سلمان أكثر من أدبية وفكرية‪ ،‬أين تصب هذه‬ ‫االهتمامات؟‬ ‫كل شيء في احلياة نقوم به جميل‪ ،‬إنني ايضا ً أحب الفن اليدوي ‪ ،‬كنت‬ ‫أصمم مالبس‪ ،‬لكنني لم أعد أملك الوقت الكافي للقيام بهذا‪ ،‬أحب‬ ‫املوسيقى‪ ،‬أمتنى ممارسة الرياضة‪ ،‬أحب االهتمام باألمور املنزلية‪ ،‬أحب املرأة‬ ‫العاملة وأحترمها‪ ،‬وخاصة التي تهتم بأمورها املنزلية والعائلية وال تهملها‪،‬‬ ‫على حساب عملها‪ ،‬إنني أرى أن األسرة هي األساس‪ ،‬ويجب أن حتافظ على‬ ‫كيانها‪ ،‬الولد بحاجة الى االحتضان وليس فقط إلى تأمني حاجاته‪.‬‬ ‫وقتي مليء دائماً‪ ،‬أقرأ‪ ،‬ليس هناك من وقت فراغ‪ ،‬هذه االيام أتابع األخبار‬ ‫اليومية الصحفية والتلفزيونية‪ ،‬اإلعالم عندنا مقصر‪.‬‬ ‫أريد أن أتوجه عبر مجلتكم الغراء بطلب من السيدة وفاء سليمان عقيلة‬ ‫رئيس اجلمهورية العماد ميشال سليمان‪ ،‬ولم يحصل لي الشرف أن أتعرف‬ ‫بها شخصياً‪ ،‬يقولون لي إنها امرأة عظيمة وفاضلة ومتعلمة ومثقفة‪،‬‬ ‫أمتنى عليها أن تستقطب حولها نساء لديهن الكفاءة‪ ،‬حتى يدعمنها‪ ،‬حتى‬ ‫يقفن بجانبها‪ ،‬حتى تتفاعل معهن‪ ،‬ألن املرأة التي لديها الكفاءة في هذا‬ ‫البلد ليست متفاعلة وال مستقطبة وأنا واحدة منهن‪.‬‬ ‫ـ ماذا عن السياسة‪ ،‬وأين تصنف نور سلمان موقعها؟‬ ‫إنني ُمبعدة رغما ً عني‪ ،‬ألن أبي ليس إقطاعيا ً وليس ُمق ّربا ً من خط القرار‪،‬‬ ‫أبي مناضل‪ ،‬ثروته ذهبت على احملتاجني والفقراء واأليتام‪ ،‬وتلقنت منه درسا ً‬ ‫ال أنساه مدى حياتي‪ ،‬عندما سألته ما هي العروبة؟ عندها أرسلني إلى‬ ‫اجلامعة في الصيف ألتعلم تاريخ العرب من أوله حتى آخره‪ ،‬وعندما قرأته‬ ‫وجدت أن هناك مجداً‪ ،‬ولكن هناك تفككا ً ومجازر ودماً‪ ،‬وحتزباً‪ ،‬حزنت كثيراً‪.‬‬ ‫أنا مبعدة عن السياسة وال أريد أن يُبعد الناس أمثالي‪ ،‬أمتنى على األجيال‬ ‫القادمة بعدي أال تعاني الذي عانيته‪ ،‬فعلى الواقع أن ينصفهم‪ ،‬أنا مع‬ ‫التحرر‪ ،‬مع العلمنة املعقولة‪ ،‬أنا امرأة مؤمنة‪ ،‬عالقتي بربي مهمة جداً‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪90‬‬

‫لبنان بلد متخلف وليس نامياً‪ ،‬اشتغلت بالعمل االجتماعي ال السياسي‬ ‫كما فعلت والدتي واكتشفت الواقع قبلي‪ ،‬فاختارت اخلدمة االجتماعية وأنا‬ ‫أكمل مسيرتها‪ ،‬أتابع السياسة وأقرأ الصحف العربية واألجنبية جميعها‪،‬‬ ‫أرى كل اإلذاعات والتلفزيونات‪ ،‬تهمني السياسة ولكنني ال أستطيع القيام‬ ‫بأي شيء‪.‬‬ ‫ـ وضعت دراسة حول وضع املرأة االجتماعي في العام ‪ ،1995‬ماذا تغير‬ ‫من ذلك التاريخ في واقعها؟‬ ‫ازدادت نسبة التعليم وخاصة اجلامعي‪ ،‬جند أن نسبة كبيرة من طالب‬ ‫اجلامعات إناث‪ ،‬وهذا يدل على االنفتاح عند املرأة‪ ،‬لكن دورها لم يتطور‬ ‫كثيراً‪ ،‬فالقرار لم يزد اخلدمة االجتماعية‪ ،‬إذا لم تكن مدعومة مبخطط‬ ‫وطني‪ ،‬نبقى دائما ً نعمل بالتستر والترقيع‪ ،‬نعطي الفقير ولكن نرقع وال‬ ‫نستأصل‪.‬‬

‫الكمبيوتر‬ ‫ال يحل محل الكتاب‬ ‫ـ لم يعد الشعر‪ ،‬ال سيما احلديث منه‪ ،‬يالقي االهتمام لدى املواطنني‪،‬‬ ‫ملاذا هذا االنحسار؟‬ ‫اوال ً نحن ال نعلم أوالدنا حب الكتاب‪ ،‬جلأوا الى الكمبيوتر‪ ،‬ولكنه ال‬ ‫يحل محل الكتاب‪ ،‬الشعر بطبيعة حاله فكريا ً وعميقا ً ليس لكل‬ ‫الناس‪ ،‬هو للنخبة‪ ،‬والشعر اليوم في صراع‪ ،‬األدب في صراع‪ ،‬الناس‬ ‫ماديا ً ومعنويا ً ليس لديها ميزانية‪ ،‬املفروض أن يكون كل بيت لديه‬ ‫أحمل املسؤولية‬ ‫مكتبة‪ ،‬ويجب أن يكون اإلنسان مرتاحا ً ليقرأ‪ ،‬وأنا‬ ‫ّ‬ ‫لإلعالم‪ ،‬كل صحيفة أو جريدة لها جماعتها‪ ،‬تروج لها وتكتب عنها‪،‬‬ ‫كل جريدة مختلفة عن األخرى‪ ،‬نحن ليس لدينا نقد‪ ،‬اليوم النقد بأزمة‪،‬‬ ‫ال يوجد نقاد‪ ،‬يوجد كتابة ترويجية في الصحف‪ ،‬وكتب النقد قليلة‬ ‫جداً‪ ،‬األدب والشعر يتجهان نحو احلداثة‪ ،‬واحلداثة ليس أن تكوني إباحية‬


‫مباشرة‪ ،‬إسرائيل تعرف أن الشرق العربي منطلق احلضارة اإلنسانية‪ ،‬ال‬ ‫حضارة التكنولوجيا‪.‬‬ ‫ـ هل نشأ في لبنان أدب مقاوم كمتابعة لألدب اجلزائري الذي نشأ في‬ ‫رحاب املقاومة أيضاً؟‬ ‫هناك أدب مقاوم في لبنان‪ ،‬ولكن غير مر ّوج له‪ ،‬وهو قليل‪.‬‬ ‫ـ ملن تهدي نور سلمان قصائدها؟‬ ‫إلى اهلل وإلى احلب‪.‬‬ ‫ـ ديوانك األخير عنوانه الهجرة إلى الورق‪ ،‬ماذا تعني بالهجرة؟‬ ‫هذه أقصى درجات اخليبة‪ ،‬رغم أنني أضحك‪ ،‬ال أفرض وجعي على أحد‪،‬‬ ‫أحتفظ بكل ما يؤملني لنفسي‪ ،‬لدي حياتي الداخلية‪ ،‬ممكن أن أجلس مع‬ ‫نفسي يوما ً كامالً‪ ،‬ال أشعر بامللل أو الضجر‪ ،‬رغم كل هذا الشيء أنا أشعر‬ ‫بخيبة كبيرة‪ ،‬لكنني أشكر اهلل دائما ً على النعم التي أعطاني إياها‪ ،‬لست‬ ‫متشائمة وحقودة‪ ،‬هكذا أشعر‪ ،‬لكن اخليبة متأل قلبي‪ ،‬لدي كتاب “الفجر‬ ‫يشق احلجر”‪ ،‬أول من طرح اإلنذار من احلجر هو كتابي‪ ،‬رأيت بالدي أصبحت‬ ‫حجراً‪ ،‬وبعد ذلك أنثر أنشودتي فوق اخليبة‪ ،‬وما زلت في اخليبة‪ ،‬مؤمنة باهلل‪،‬‬ ‫أحب اإلنسان كثيراً‪ ،‬أحب وطني لبنان كثيراً‪ ،‬لبنان أوال ً ولكن ال يعني هذا أن‬ ‫أهمل إخواني العرب‪ ،‬هم جيراني شئت ام أبيت‪.‬‬ ‫ـ ماذا تريد نور سلمان أن تبرز من وراء سطورها؟‬ ‫أهمية احلب‪ ،‬أدعو الناس جميعهم الى احلب‪ ،‬أحترم جدا ً احلب بني الرجل‬ ‫واملرأة‪ ،‬واحلب اإللهي‪ ،‬احلب هرم‪ .‬هناك احلب اإلنساني الذي يرفعك عاليا ً‬ ‫ليصل إلى احلب اإللهي‪ ،‬وهذا كله جزء من هرم اسمه احلب‪ ،‬أعظم نعمة‬ ‫منحنا إياها اهلل هو احلب‪ ،‬لست ضد احلب‪ ،‬أدعو كل النساء والرجال إلى‬ ‫احلب‪.‬‬

‫أنا قريبة من الصوفية‬ ‫من كتابها األخير “الهجرة إلى الورق”‬ ‫الكفر‬ ‫هياكل الكفر‬ ‫هياكل‬ ‫نهايته‬ ‫تتجدد نهايته‬ ‫الفقر تتجدد‬ ‫الفقر‬ ‫مشتعل‬ ‫موت مشتعل‬ ‫جسد موت‬ ‫كأنها جسد‬ ‫كأنها‬ ‫يتناسل‬ ‫يتكاثر يتناسل‬ ‫الفقر يتكاثر‬ ‫الفقر‬ ‫هزمية‬ ‫إنه هزمية‬ ‫إنه‬ ‫سة‬ ‫مك ّر ّرسة‬ ‫مك‬ ‫الكفر‪.‬‬ ‫هياكل الكفر‪.‬‬ ‫في هياكل‬ ‫في‬ ‫األرض‬ ‫مجد األرض‬ ‫مجد‬ ‫الدم‬ ‫حكايات الدم‬ ‫حكايات‬ ‫القبور‬ ‫في القبور‬ ‫تاريخا ًا ً في‬ ‫دت تاريخ‬ ‫جمدت‬ ‫جم‬ ‫ّ​ّ‬ ‫دم‬ ‫السطوة دم‬ ‫السطوة‬ ‫دم‬ ‫االستبداد دم‬ ‫االستبداد‬ ‫دم‬ ‫الطمع دم‬ ‫الطمع‬ ‫الدم‬ ‫حكايات الدم‬ ‫حكايات‬

‫اإلنسان‬ ‫أرض اإلنسان‬ ‫مسخت أرض‬ ‫مسخت‬ ‫ينقل‬ ‫قبر الال ينقل‬ ‫قبر‬ ‫سفاح‬ ‫جرح سفاح‬ ‫جرح‬ ‫املوت‬ ‫إال املوت‬ ‫الال يليل ّو ّوحح إال‬ ‫وهابيل‬ ‫قابيل وهابيل‬ ‫قابيل‬ ‫املأساة‪...‬‬ ‫قلب املأساة‪...‬‬ ‫في قلب‬ ‫في‬ ‫األحمر‬ ‫هذا األحمر‬ ‫فوق هذا‬ ‫فوق‬ ‫الشهداء‬ ‫يرقد الشهداء‬ ‫يرقد‬ ‫األرض‬ ‫يغسلون األرض‬ ‫يغسلون‬ ‫حبهم‬ ‫سرير حبهم‬ ‫سرير‬ ‫الشهداء‬ ‫دعوا الشهداء‬ ‫دعوا‬ ‫العظيم‬ ‫حلبهم العظيم‬ ‫حلبهم‬ ‫األرض!‬ ‫مجد األرض!‬ ‫به مجد‬ ‫يقيمون به‬ ‫يقيمون‬

‫مئة باملئة‪ .‬فاجلسد واجلنس محوران مهمان لكنهما ليسا احملورين‬ ‫الوحيدين‪ .‬الدين هو االعتراف بالرابط األكبر بني اإلنسان وربه‪ ،‬كيف‬ ‫ينكرون ربهم‪ ،‬سبب وجود هذا الكون لم يكتشفه أحد‪ ،‬لم يستطع‬ ‫العلم أن يكتشف كل احلقائق‪ ،‬هناك حكمة إللهية‪ ،‬العقل البشري‬ ‫يقف عندها‪ ،‬وال يستطيع أن يتخطاها‪ ،‬هناك أحد الشعراء قال إنه‬ ‫صوفي ملحد‪ ،‬ال يجوز أن يكون صوفيا ً وملحداً‪ ،‬يريدون أن يخلقوا من‬ ‫الصوفيني اإلحلاد‪ ،‬وهذا ال يجوز‪ ،‬هناك قواميس ضائعة‪ ،‬هناك ضياع‪،‬‬ ‫إنني خائفة من أن يكون كل هذا من وراء إسرائيل بصورة مباشرة أو غير‬

‫ـ من هنا‪ ،‬هل نستطيع أن نقول إن الشاعرة نور سلمان تنتمي إلى‬ ‫املدرسة الرومانسية؟ أو ألي مدرسة؟‬ ‫الرومانسية موجودة في كل العصور‪ ،‬هذه نزعة إنسانية‪ ،‬قريبة من‬ ‫الصوفية‪ ،‬كل إنسان رومانسي‪ ،‬حتى الواقعيون‪ ،‬إذا كنت رومانسية يجب‬ ‫أن يكون لديك خيال وحب للطبيعة‪ ،‬الرومانسية نوع من الهروب وجميعنا‬ ‫نهرب‪ ،‬بخيالنا نهرب‪ ،‬بالصمت نهرب‪ ،‬ألن الضغط من الواقع الذي نعيشه‬ ‫يجعلنا نهرب‪.‬‬ ‫ـ كلمة أخيرة توجهها الشاعرة نور سلمان؟‬ ‫شكرا ً لزيارتكم‪ ،‬إنني على استعداد لتقدمي أي مساعدة لكم‪ ،‬أنا مؤمنة‬ ‫باملرأة‪ ،‬وأريد أن يكون للمرأة دور أكبر وأهم وفاعل‪ ،‬وأنا أعتقد أن أهم عطاء‬ ‫لإلنسان هو في اإلبداع‪ ،‬واإلبداع يهذب اإلنسان ويدخله في عوالم مهمة‬ ‫جداً‪.‬‬ ‫هناك نساء في سبيل الشهرة يتنازلن عن أشياء كثيرة‪ ،‬لم أتنازل عن‬ ‫شيء‪ ،‬دفعت الثمن غالياً‪ ،‬وبقيت صامدة‪ ،‬اكبر شيء ان تكوني مستعدة‬ ‫علي أن أدفعها‪ ،‬هناك‬ ‫أن تدفعي الثمن‪ ،‬عرفت أن طريق االدب ضريبة كبيرة ّ‬ ‫أحمل أهلي‬ ‫اشخاص يفرحونني وآخرون يؤذونني‪ ،‬يجب أن أكون محصنة‪ ،‬ال ّ‬ ‫همي‪ ،‬أمنت نفسي بنفسي واخترت مهنتي‪ ،‬والدي كان مرتاحا ً وماله‬ ‫وعظمته ذهب في أعمال اخلير والعمل الوطني‪ ،‬حضنت نفسي اقتصاديا ً‬ ‫حتى ال أقع أي وقعة‪ ،‬وتثقفت‪ ،‬ال يحق لي أن أتكلم وأنا جاهلة ‪ ،‬وال يحق لي‬ ‫الكتابة وأنا قليلة املعرفة ومحددة االطالع‪.‬‬ ‫لست متفائلة باالنتخابات النيابية القادمة بالنسبة الى املرأة‪ ،‬سيعودون‬ ‫كما كانوا‪ ،‬ولكن آمل في املستقبل أن يتغير القانون‪ ،‬ليست القصة كوتا‪،‬‬ ‫كأنهم يقدمون إلينا حسنة‪،‬‬ ‫أنا واجهت الكثير‪ ،‬كنت أسمع بأذني ما يؤذيني من الكالم‪ ،‬ولكن والدتي‬ ‫كانت حتميني دائما ً وأنا في عمر املراهقة‪ ،‬والدي كان فرحا ً وفخورا ً بي كثيرا ً‬ ‫في أيامه االخيرة‪ ،‬ولكنه كان يخاف علي‪.‬‬

‫حاورتها‪ :‬مهيبة العسراوي‬

‫‪91‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬حوار‬

‫«سوريا الطبيعية» ُتحذف من قاموس جبران خليل جبران في ميالده الـ ‪125‬‬

‫جان داية لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫«لقد حصلت عملية تعتيم وتشويه لمؤلفات جبران»‬ ‫هاجر من لبنان طفالً صغيراً‪ ،‬فترعرع في داخله حب الوطن واألرض‪ ،‬وزاد الشوق واحلنني‪ ،‬فأصبح القلم رفيق غربته ومؤنس وحدته‪ ،‬وكان اإلبداع طريقه‬ ‫إلى تعريف الناس على عقيدته القومية وفكره الوطني‪ .‬لقد ّ‬ ‫خط جبران خليل جبران بقلمه أفكاره وآراءه في كل اجملاالت‪ ،‬خاص ًة سوريا ولبنان‪ ،‬وكان له‬ ‫أمته الذين كانوا يعيشون في ظل االنتداب العثماني‪.‬‬ ‫أبناء‬ ‫مساعدة‬ ‫على‬ ‫الدور الفاعل في تأسيس اجلمعيات التي عملت ولو من املهجر‬ ‫ّ‬ ‫كان جبران ثوريا ً إلى أبعد احلدود‪ ،‬فكان يحث في معظم خطاباته على الثورة‪ ،‬ورفض االستبداد‪ ،‬واملطالبة باالستقالل‪ ،‬حيث كان يقول‪“ :‬علينا أن نسير‬ ‫متف ّردين مستوحدين نحو قمة اجلبل‪ ،‬و َمن ال يسير رافعا ً رأسه يظل عبدا ً لنفسه‪ .‬و َمن كان عبدا ً لنفسه‪ ،‬فلن يصير حراً‪ .‬فاحلرية شعاع ينبعث في‬ ‫داخل اإلنسان وال ينسكب من اخلارج”‪ .‬كذلك قال في كتابه “النبي”‪“ :‬قد طاملا رأيتكم ساجدين على ركبكم أمام أبواب املدينة وإلى جوانب املواقد تعبدون‬ ‫حريتكم‪ .‬وأنتم بذلك أشبه بالعبيد الذين يتذللون أمام س ّيدهم العسوف اجل ّبار ميدحونه‪ ،‬وينشدون له وهو يعمل السيف في رقابهم‪ .‬نعم‪ ،‬وفي غابة‬ ‫أشدكم حرية يحمل حريته كنير ثقيل لعنقه‪ّ ،‬‬ ‫وغل متني ليديه ورجليه”‪ .‬كما كانت له نظرته اخلاصة جتاه احلكام‬ ‫الهيكل‪ ،‬وظل القلعة‪ ،‬كثيرا ً ما رأيت ّ‬ ‫حتدث األجيال عن خلودنا وفنائكم‪ .”...‬أليس‬ ‫الرمال‬ ‫على‬ ‫اآلن‬ ‫جالسة‬ ‫واألهرام‬ ‫العبيد‪،‬‬ ‫جماجم‬ ‫من‬ ‫األهرام‬ ‫بنيتم‬ ‫وامللوك حيث كان يخاطبهم قائالً‪“ :‬أنتم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتحكمون بالشعب ويبنون قصورهم على حسابه؟ ألم يحن الوقت لهذا الشعب أن يثور على‬ ‫كالمه منطبقا ً على واقعنا احلالي الذي ما زال احلكام فيه‬ ‫كل هذه التقاليد البالية كما كان جبران يريد؟‬ ‫لقد مت ّيز جبران بنظرته القومية وعقيدته الفكرية والوطنية حول طريقة احلكم‪ ،‬فكان من أكثر الداعني إلى فصل الدين عن الدولة‪ ،‬وإلى نبذ‬ ‫ّ‬ ‫وتشعبت سبله ولكن مثلما تتف ّرع‬ ‫وظل مجردا ً مطلقاً‪،‬‬ ‫تعددت مظاهره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الطائفية واملذهبية‪ ،‬وكان يقول‪“ :‬ليس هناك سوى دين واحد مج ّرد مطلق‪ّ ،‬‬ ‫األصابع من الكف الواحدة”‪.‬‬ ‫ومبناسبة الذكرى املئة وخمسة وعشرين على والدة جبران خليل جبران‪ ،‬التقت “منبر التوحيد” الكاتب “جان داية” صاحب كتاب “عقيدة جبران”‪ ،‬وكان‬ ‫هذا احلوار‪:‬‬ ‫ماذا يعني جبران خليل جبران لـ”جان داية”؟‬ ‫جبران كان يعني كثيراً‪ ،‬خاص ًة للجيل الذي أنتمي إليه‪ ،‬وليس لهذا اجليل‬ ‫الذي تدنّت نسبة القراءة لديه‪ .‬ومبا أننا نعيش في وطن “الشعاع والنور”‬ ‫ندعي أكثر مما هو موجود‪ ،‬وجبران قد استهوانا كثيرا ً ألنه كشف‬ ‫فنحن ّ‬ ‫بعض األمراض االجتماعية والسياسية القائمة‪ ،‬وحاول وضع حلول لها‬ ‫كهجومه على رجال الدين الذين تص ّرفوا كإقطاعيني‪ ،‬باإلضافة إلى الظلم‬ ‫امتد من ‪ 1883‬إلى ‪ 1920‬في‬ ‫الذي حلق بالناس خالل احلكم التركي الذي‬ ‫ّ‬ ‫سوريا الطبيعية‪ ،‬وخصوصا ً في جبل لبنان حيث حصلت اجملاعة‪ .‬وقد كانت‬ ‫ردة فعل جبران‪ ،‬ليس من الزاوية األدبية فقط بل من الزاوية السياسية‪،‬‬ ‫مناهضة لهذا االحتالل والظلم واالستبداد العثماني الذي ثار عليه رائد‬ ‫النهضة املشهور عبد الرحمن الكواكبي‪.‬‬ ‫كان جبران دائما ً يتحدث عن أهمية أن يكون اإلنسان حرا ً ال عبداً‪ .‬هل ترى‬ ‫املواطن العربي باإلجمال اليوم حرا ً في آرائه الوطنية والقومية‪ ،‬أم إنه حقا ً‬ ‫أصبح عبدا ً خاضعا ً للحكام واملسؤولني؟‬ ‫ً‬ ‫املؤسف جدا ً أن املواطن العربي لم يتقدم أبدا منذ مئة سنة وحتى اآلن‪.‬‬ ‫هناك مجموعات معينة ثارت على هذه األوضاع‪ ،‬طرحت األمراض‪ ،‬ووضعت‬ ‫احللول ولكنها بقيت محصورة‪ .‬ففي ما يسميه املصريني بـ”بالد الشام”‬ ‫أو “سوريا الطبيعية”‪ ،‬ال يزال املواطن كما هو ولم يتقدم‪ ،‬وأبرز مثل على‬ ‫ذلك موجود في لبنان الذي نعتبره متقدما ً أكثر من غيره حيث جند الناخبني‬ ‫ينتخبون زعماءهم التقليديني واإلقطاعيني بحيث ال يجوز أن يُغلق البيت‬ ‫اإلقطاعي أبداً‪.‬‬

‫الدعوة لنبذ الطائفية وفصل الدين عن الدولة‬ ‫كان هدف جبران من إنشاء اجلمعيات ّ‬ ‫حث العرب على عدم التخلي عن‬ ‫سوريا الطبيعية‪ .‬هل يستفيد العرب اليوم من أفكار جبران الداعية إلى‬ ‫رفض الظلم والعمل على إعالء شأن هذه األمة؟‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪92‬‬


‫ال شك بأن هناك استفادة ما بالشق‬ ‫االجتماعي لدى جبران‪ ،‬خاص ًة مبحاربته‬ ‫للطائفية واإلقطاع والفساد‪ ،‬ودفاعه عن‬ ‫املرأة والدعوة إلى إشراكها في اجملتمع‪ .‬ال‬ ‫شك بأن جلبران أثرا ً كبيرا ً في هذا اجلانب‪،‬‬ ‫وكثير من رجال وقادة النهضة الذين أتوا‬ ‫بعده قد تأثروا به ومنهم أنطون سعادة‬ ‫نفسه الذي كتب عنه بإعجاب أكثر من مرة‪.‬‬ ‫لكن اجلانب الذي يتعلق بالناحية السياسية‬ ‫القومية لدى جبران‪ ،‬أي مسألة وحدة األمة‬ ‫واستقاللها‪ُ ،‬عتّم عليها ولم يؤثر جبران‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫تعني أ ّن هناك تشويها ً ملؤلفاته وحذفا ً من‬ ‫النصوص؟‬ ‫جزء من العملية كان تعتيماً‪ ،‬ولم‬ ‫يسمحوا بنشر هذه النصوص حتى اآلن‪،‬‬ ‫فالنصوص التي سبق ونشرتها في كتاب‬ ‫“عقيدة جبران” حصلت عليها من مكتبة‬ ‫الكونغرس في أميركا ومن نورث كارولينا‪،‬‬ ‫حيث وضعتها صديقته ماري هاسكل‪.‬‬ ‫وهناك قسم آخر حصل فيه تشويه وتزوير‬ ‫نصوص جلبران يتحدث فيها عن سوريا الطبيعية‪ .‬لذلك‪ ،‬فإنني قد وضعت‬ ‫في كتابي اجلديد “لكم جبرانكم ولي جبراني” فصالً كبيرا ً اسمه “لبننة‬ ‫املصطلح السوري”‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬نشر الدكتور هنري ملكي عام ‪1982‬‬ ‫خطابا ً جلبران ألقاه في مهرجان حلزب “احللقات الذهبية” في بوسطن آنذاك‬ ‫في أواخر عام ‪ ،1910‬نُشر في جريدة كانت تصدر حينها تدعى “مرآة الغرب”‪.‬‬ ‫وقد استعمل جبران أكثر من عشرين مرة في نص اخلطاب كلمات‪ :‬سوريا‪،‬‬ ‫السوريني‪ ،‬واألمة السورية‪ ،‬متاما ً كاملصطلحات التي استعملها أنطون‬ ‫سعادة‪ .‬وقد سمح الدكتور هنري ملكي لنفسه بحذف هذه املصطلحات‬ ‫السورية ووضع مصطلحات لبنانية مكانها‪ ،‬كـ”لبنان واللبنانيني”‪ ...‬فحصل‬ ‫تغيير كامل للنص‪ ،‬ألنه ليس مجرد تغيير بكلمة بل تغيير مبصطلح‪ ،‬فبدل‬ ‫أن يكون جبران متكلما ً عن منطقة بالد الشام بأكملها‪ ،‬أصبح يتكلم فقط‬ ‫عن لبنان وحتديدا ً عن منطقة جبل لبنان‪.‬‬

‫جبران القومي السوري‬ ‫لقد ُق ّدم جبران كقومي لبناني ال كقومي عربي‪ ،‬أي أن هناك شطبا ً لألمة‬ ‫السورية؟‬ ‫هو ليس قوميا ً لبنانيا ً وال قوميا ً عربياً‪ ،‬بل هو قومي سوري بكل ما للكلمة‬ ‫من معنى‪ ،‬وقد كررتها أكثر من مرة بأن الذي يريد التفتيش عن رائد نهضة‬ ‫ويكتب عنه على أساس أنه قومي لبناني‪ ،‬فلينظر إلى نعوم مكرزل صاحب‬ ‫جريدة “الهدى” ال إلى جبران خليل جبران‪ .‬أما الذي يكتب عن جبران‪ ،‬فهو‬ ‫يضطر إلى تزوير مصطلحاته‪ .‬فجبران لم يكن قوميا ً لبنانيا ً كما يحاول‬ ‫تصويره بعض الذين يدرسونه اليوم‪.‬‬ ‫ملاذا يحصل هذا التحريف برأيك؟‬ ‫هذا التحريف حصل لتوظيف جبران في مشروعهم السياسي‪ ،‬أل ّن‬ ‫أدبياته السياسية لم تكن تنتمي ملشروعهم السياسي‪.‬‬ ‫لطاملا حتدث جبران عن عجز الشعوب الشرقية عن إدارة نفسها بنفسها‪،‬‬ ‫وبالتالي اخلضوع ملبدأ التبعية‪ .‬برأيك‪ ،‬إلى أي مدى تنطبق أقواله على واقعنا‬ ‫احلالي‪ ،‬خاص ًة أننا ال نستطيع أخذ قراراتنا املصيرية بدون الرجوع إلى الدول‬ ‫الكبرى؟‬ ‫حتدث جبران كثيرا ً في خطابه الذي سبق أن حتدثت عنه عن ضرورة االتّكال‬ ‫وشدد كثيرا ً‬ ‫على الذات على مستوى الفرد وعلى مستوى األمة واجملتمع‪،‬‬ ‫ّ‬

‫امتدت من ‪ 1910‬إلى ‪ ،1920‬مبا في‬ ‫على هذه الناحية‪ .‬لذلك خالل احلرب التي ّ‬ ‫أسس جبران مع أمني الريحاني وميخائيل نعيمة‪،‬‬ ‫ذلك احلرب العاملية األولى‪ّ ،‬‬ ‫وسائر أعضاء الرابطة القلمية أمثال عبد املسيح حداد وإيل ّيا أبو ماضي‬ ‫س ّمي “جلنة حترير سوريا وجبل لبنان”‪ ،‬ونادوا باالستقالل‪،‬‬ ‫ورشيد أيوب‪ ...‬حزبا ً ُ‬ ‫وهذا بعد إنشاء “جلنة مساعدة املنكوبني في سوريا ولبنان” بحوالى سنة‬ ‫ونصف‪ ،‬ألنهم رأوا أنه ليس هناك منفعة أن يبقوا ناشطني في جلنة اإلعانة‬ ‫وشعبهم ميوت‪ ،‬فمن الواجب االنتقال إلى جلنة إلنقاذ شعبهم ومن ثم تأتي‬ ‫اإلعانة واملساعدة‪.‬‬

‫سوريا لم تغب أبداً عن قلم جبران‪،‬‬ ‫ملاذا كان هذا الفيض العارم من احلب واالندفاع اجلبراني نحو سوريا؟‬ ‫إذا عدنا إلى تلك املرحلة‪ ،‬أي من أواسط القرن التاسع عشر‪ ،‬فاجلمعية‬ ‫التي أسسها بطرس البستاني مع مجموعة من الر ّواد‪ ،‬كانت تدعى‬ ‫“اجلمعية السورية”‪ ،‬وثم تطورت الحقا ً‬ ‫وسميت “اجلمعية العلمية‬ ‫ّ‬ ‫السورية”‪ ،‬فاملنطقة كانت تدعى حينها “سوريا”‪ ،‬وكل الدالئل واخملطوطات‬ ‫والكتب تشير إلى ذلك‪ .‬لبنان بوضعه السياسي احلالي‪ُ ،‬وجد عام ‪،1920‬‬ ‫لكنه كان يدعى قبل ذلك “جبل لبنان”‪ ،‬وكان والية من الواليات العثمانية‪،‬‬ ‫حيث كان له نوع من االستقالل اإلداري الذاتي‪ ،‬بدأ بنظام القائمقاميتني‪،‬‬ ‫قائمقامية درزية وأخرى مارونية‪ ،‬ثم أصبح هناك نظام املتصرفية‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫فقد كان جبران وغيره من مئات رواد النهضة‪ ،‬يتحدثون باملصطلح السوري‪،‬‬ ‫هذه حقيقة تاريخية‪.‬‬ ‫عندما كان جبران يتحدث عن املذهبية والطائفية‪ ،‬كان يقول‪“ :‬قد يختلف‬ ‫الناس على أمور كثيرة‪ ،‬لكنهم لن يختلفوا على املنفعة املشتركة”‪ .‬هل‬ ‫هذه الكلمات تنطبق على واقعنا اليوم؟‬ ‫كان هناك فريقان من القادة السياسيني واألدباء واملفكرين في املنطقة‬ ‫بفعل التدخالت األجنبية‪ :‬فريق متعاون مع األجنبي وافق على تقسيم اجملتمع‬ ‫وتركيز نظامه على أساس طائفي وعلى أساس تبعي لهذه الدول األجنبية‬ ‫منذ نظام القائمقامينت ونظام املتصرفية‪ ،‬ومن ثم االنتداب الفرنسي وحتى‬ ‫اآلن‪ ،‬وهذا الفريق لألسف هو الذي حكم لبنان‪ .‬أما الفريق اآلخر‪ ،‬فبدءا ً من‬ ‫املعلم بطرس البستاني ومرورا ً بعشرات رواد النهضة الذين رفضوا االحتالل‬ ‫األجنبي ونادوا بوحدة اجملتمع والوالء القومي أو الوطني بدل الوالء الطائفي‪،‬‬ ‫كل هؤالء اضطهدوا من احلكم األجنبي واملتعاونني معه من أبناء بلدنا‪ ،‬ولم‬

‫‪93‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬حوار‬ ‫يؤخذ برأيهم على الرغم من االستفادة منهم‬ ‫بالتوعية على املستوى الشعبي‪ ،‬ولكن ليس على‬ ‫املستوى الرسمي‪ .‬هؤالء لم يصلوا إلى احلكم‬ ‫بدءا ً من البستاني ووصوال ً إلى أنطون سعادة الذي‬ ‫أُعدم بفعل آرائه القومية‪.‬‬ ‫إلى أي مدى تعتقد أننا في حالة من النهوض‬ ‫اجملتمعي الذي كان جبران ينادي به؟‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬لم يصبح لدينا سوى بوادر لهذا‬ ‫النهوض‪ ،‬لكن لم تصبح احلالة شاملة على‬ ‫املستوى الشعبي التي من شأنها أن تتطور‬ ‫وتتمخض عن نظام نهضوي يصبح متمثالً باحلكم‬ ‫ّ‬ ‫واحلكومة كما حصل في أوروبا‪ .‬نحن لدينا إضاءات‬ ‫نهضوية‪ ،‬وهناك مجموعات شعبية متأثرة بهؤالء‬ ‫النهضويني كجبران‪ ،‬ولكنها ال تزال في بدايتها‪.‬‬

‫لبنان الالطائفي وطن‬ ‫جلميع أبنائه‬ ‫املعروف عن جبران أنه كان علمانيا ً يدعو لنبذ‬ ‫الطائفية ولتوحيد سوريا الطبيعية‪ .‬إلى أي حد ما زال هذا التوحيد‬ ‫موجوداً‪ ،‬خاص ًة بعد املشاكل السياسية التي حصلت في السنوات األخيرة‬ ‫املاضية؟‬ ‫كثيرون يرون أن هذا التوحيد هو حلم لم يعد موجوداً‪ .‬برأيي‪ ،‬فإنه من‬ ‫اجلميل جدا ً أن يكون هناك أفكار نهضوية في لبنان‪ ،‬وأال تكون محصورة‬ ‫س ّجل في اتفاق الطائف “لبنان وطن نهائي”‪ ،‬هذه عبارة‬ ‫في لبنان‪ ،‬كما ُ‬ ‫ّ‬ ‫يتخطى‬ ‫غير علمية إذ ليس هناك وطن نهائي‪ .‬يجب أن يكون هناك طموح‬

‫حدود لبنان ويشمل كل منطقة الهالل اخلصيب‪ ،‬وهناك أفراد كثر كانوا‬ ‫يتكلمون عن الوحدة السورية أمثال جبران وأنطون سعادة وأمني الريحاني‪.‬‬ ‫هذا املشروع املستقبلي ليس على أساس طائفي كي تخاف األقليات منه‪،‬‬ ‫كخوف املسيحي من طغيان إسالمي أو العكس‪ .‬هذا املشروع هو مشروع‬ ‫وحدوي علماني‪ ،‬بحيث يصبح املواطن‪ ،‬وإلى أي منطقة انتمى‪ ،‬متساويا ً مع‬ ‫غيره باحلقوق والواجبات‪.‬‬ ‫كيف نعالج برأيك أزمة التعصب املذهبي‪ ،‬وفصل الدين عن الدولة؟‬ ‫إن أهل احلكم في لبنان غارقون بالطائفية إلى حد بعيد‪ ،‬وقد كان نقيب‬ ‫هل هناك أغلى من الوطن بالنسبة جلبران الذي قال‪:‬‬ ‫أحب بالدي‪ ،‬وللحب ألف عني ترى وألف أذن تعي‪..‬‬ ‫أحب بالدي عليلة‪ ،‬وأحب أبناء بالدي مصابني‪ ،‬ولوال علة في جسم بالدي‬ ‫ومصاب في أبناء بالدي‪ ،‬ملا بقيت على العهد‪ ،‬وال صرفت الليالي بني ذكر‬ ‫وتشويق‪..‬‬ ‫أحب بالدي مبصراً‪ ،‬واحلب إن فقد بصيرته ينقلب جهالً‪ ،‬واجلهل في احلب‬ ‫يض ّر احملب ويغش احملبوب‪ ..‬أحب بالدي مستيقظاً‪ ،‬واليقظة في احلب ال‬ ‫ترتدي الغزل ثوبا ً وال تلبس املدح حلية‪..‬‬ ‫قد احملبوب ل ّينا‪ً،‬‬ ‫أحب بالدي مفكراً‪ ،‬واملفكر في احلب ال ّ‬ ‫يتوهم الهزل في ّ‬ ‫وال التكحيل في جفنه كحالً‪..‬‬ ‫أحب بالدي وأبناء بالدي‪ ،‬وليس في حبي ما يوحي الهيام واالفتتان‪ ،‬بل‬ ‫هناك قوة عذبة بسيطة ال تتغ ّير وال تتحول وال تطلب شيئا ً لنفسها‪.‬‬ ‫كادر‪:‬‬ ‫قال جبران في كتاب “النبي”‪ :‬إ ّن أوالدكم ليسوا أوالدا ً لكم‪ ..‬إنهم أبناء‬ ‫وبنات احلياة املشتاقة إلى نفسها‪ .‬بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس‬ ‫منكم‪ ..‬أنتم تستطيعون أن متنحوهم محبتكم‪ ،‬ولكنكم ال تقدرون أن‬ ‫تغرسوا فيهم بذور أفكاركم‪ ،‬أل ّن لديهم أفكارا ً خاصة بهم‪”...‬‬

‫وقال‪“ :‬إن شئتم أن تعرفوا ر ّبكم فال تعنوا ّ‬ ‫بحل األحاجي‬ ‫تأملوا ما حولكم جتدوه العبا ً مع أوالدكم‪،‬‬ ‫واأللغاز‪ ،‬بل ّ‬ ‫وارفعوا أنظاركم إلى الفضاء الوسيع تبصروه ميشي في‬ ‫السحاب‪ ،‬ويبسط ذراعيه في البرق‪ ،‬وينزل إلى األرض مع‬ ‫تأملوا جيدا ً تروا ر ّبكم يبتسم بثغور األزهار‪ ،‬ثم‬ ‫األمطار‪ّ ،‬‬ ‫ينهض ويحرك يديه باألشجار‪”...‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪94‬‬


‫الصحافة سابقا ً اسكندر الرياشي يقول لهم‪“ :‬إذا كنتم حقا ً صادقني‬ ‫بعداوتكم للطائفية‪ ،‬ومحاربتكم لها‪ ،‬فخذوا دروسا ً من أنطون سعادة”‪،‬‬ ‫لكنهم بالفعل لم يأخذوا الدروس فقد أعدموا سعادة‪ .‬إذا ً املسألة‬ ‫صعبة وسهلة في آن معاً‪ ،‬فأنطون سعادة جنح جناحا ً باهرا ً باستقطاب‬ ‫آالف املواطنني من كل الطوائف واملذاهب واملناطق ومن كل اإلثنيات‪،‬‬ ‫حيث كان هناك أعضاء في احلزب السوري القومي االجتماعي من‬ ‫األكراد والسريان واآلشوريني والسنّة والدروز والشيعة‪ ...‬فاحلزب الوحيد‬ ‫الذي استطاع خرق اإلقطاع في الشوف سابقا ً هو احلزب القومي وك ّون‬ ‫شريحة كبيرة من املواطنني ألنه كان صادقا ً في محاربته للطائفية‪،‬‬ ‫وفي مقولته بأن والء املواطنني يجب أن يكون لوطنهم ال لطوائفهم‬ ‫جسد هذه العملية بشكل‬ ‫ومذاهبهم‪ .‬وهو كان عمليا ً كذلك‪ ،‬فقد ّ‬ ‫يومي ودؤوب على مدى سنوات‪ ،‬فوثق به املواطنون متاماً‪ ،‬فلنأخذ مثالً‬ ‫على ساستنا في لبنان اليوم الذين يقولون إنهم ضد العدو الصهيوني‪،‬‬ ‫تصدق‬ ‫تصدقهم‪ ،‬بل هي‬ ‫مبن فيهم العمالء له سرا ً وعلناً‪ ،‬إ ّن الناس ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السيد نصر اهلل مثالً ألنه برهن عمليا ً أنه حقا ً ضد هذا العدو الغاصب‪،‬‬ ‫إذا ً هذا هو سر أنطون سعادة‪ ،‬وأيضا ً جبران الذي حارب الطائفية‬ ‫واملذهبية وكل أشكال العنصريات على مدى سنني حياته‪ .‬فجبران‬ ‫وأنطون سعادة وغيرهما من ر ّواد النهضة كانوا يط ّبقون ما كانوا يدعون‬ ‫إليه ويؤمنون به‪.‬‬

‫جبران خليل جبران‪ُ ،‬ولد في ‪ 6‬يناير‪/‬ك‪ 1883 2‬في بشري ـ لبنان‪ ،‬وتوفي‬ ‫في ‪ 15‬ابريل‪/‬نيسان ‪ 1931‬في نيويورك ـ الواليات املتحدة بداء السل‪.‬‬ ‫هو أديب وشاعر ورسام‪ ،‬درس فن التصوير في أميركا‪ ،‬بعدما تع ّلم‬ ‫ّ‬ ‫يخط رسوما ً مليئة‬ ‫األبجدية في صغره لدى كاهن البلدة في بشري‪ ،‬فكان‬ ‫بالتأمل والرموز‪ ،‬وكان شديد التلهّ ف للمعرفة واإلبداع في مجاالت الرسم‬ ‫ّ‬ ‫والكتابة وغيرها‪.‬‬ ‫ُعرف في أميركا باسم “خليل جبران” بعد خطأ في تسجيل اسمه في‬ ‫املدرسة‪ .‬كان له أخ غير شقيق من أمه يدعى بطرس‪ ،‬وشقيقتان تدعيان‬ ‫سلطانة ومريانا‪ .‬ويُحكى أنه عندما طلبت منه والدته العمل ملساعدة‬ ‫رسام لتساوي ألف تاجر‪ ،‬وإ ّن‬ ‫أخيه في إعالة األسرة قال لها‪“ :‬إ ّن إصبع ّ‬ ‫صفحة من الشعر لتساوي كل أنسجة مخازن العالم”‪.‬‬ ‫مت ّيز بكتاباته التي تف ّرعت في اجتاهني‪ :‬األول مليء بالثورة على العقائد‬ ‫والدين‪ ،‬والثاني امليل إلى حب احلياة‪ ،‬فكتب الكثير من املقاالت باإلضافة‬ ‫إلى العديد من الكتب منها‪ :‬رائعته “النبي” الذي كان حلمه منذ طفولته‪،‬‬ ‫والذي تُرجم إلى أكثر من أربعني لغة‪ ،‬اجملنون‪ ،‬التائه‪ ،‬األرواح املتردة‪ ،‬األجنحة‬ ‫املتكسرة‪ ،‬يسوع ابن اإلنسان‪ ،‬حديقة النبي‪ ،‬البدائع والطرائف‪ ،‬العواصف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عرائس املروج وغيرها‪.‬‬

‫جبران ومبادئ سعادة‬ ‫ملاذا تناول أطون سعادة برأيك جبران في مبدأ من مبادئ حزبه؟‬ ‫لقد انطلق سعادة في أحد مبادئ حزبه األساسية من النهوض‬ ‫احلاضر واملستقبلي للمجتمع‪ ،‬وكي يحصل هذا النهوض جيداً‪ ،‬يجب أن‬ ‫يستوحي ماضيه املشرق وليس املعيب واملظلم‪ .‬هذا املاضي يتمثل أكثر‬ ‫ما يكون في هؤالء الرواد كجبران وغيره ممّن كتبوا بشكل صحيح وكانت‬ ‫سماهم سعادة في مبادئ حزبه لتوظيفهم‬ ‫لهم مواقف جدية‪ .‬وقد ّ‬ ‫في ورشة النهوض احلالي واملستقبلي‪ .‬فسعادة لم يكن وحده‪ ،‬وهناك‬ ‫أخطاء كثيرة من بعض القوميني الذين يقولون إنه حالة فريدة ليس لها‬ ‫عالقة مبَن سبقوه‪.‬‬ ‫حتدثت عن كتاب جديد لك عن جبران‪ ،‬ما هو عنوانه وما املواضيع التي‬ ‫تناولتها فيه؟‬ ‫عنوان الكتاب هو “لكم جبرانكم ولي جبراني”‪ ،‬وقد أخذته من “لكم‬ ‫لبنانكم ولي لبناني”‪ ،‬فكما كان األديب سعيد تقي الدين يردد‪“ :‬العنوان‬ ‫لكن‬ ‫ثالثة أرباع املقال”‪ ،‬وهنا إذا أردت املبالغة أقول‪“ :‬ثالثة أرباع الكتاب”‪ّ .‬‬ ‫السبب اجلوهري الختياري هذا العنوان هو أنني خالفت آراء كثيرين ممّن‬ ‫كتبوا عن جبران‪ ،‬فهذا الكتاب سيم ّثل إضاءة على عدة جوانب من حياة‬ ‫جبران ونشاطاته ومصطلحاته السياسية‪.‬‬ ‫تصادف هذه السنة الذكرى املئة وخمسة وعشرين على والدة جبران‪.‬‬ ‫هل تعتقد أنه أخذ حقه من التكرمي؟‬

‫إذا قارنّاه بغيره من ر ّواد النهضة‪ ،‬جند أنه أخذ حقه‪ .‬ال شك بأنه تك ّرم كثيرا ً‬ ‫ليس على مستوى لبنان فقط‪ ،‬بل على املستوى العاملي أيضا ً وخاصة في‬ ‫أميركا‪ .‬ونحن في لبنان منلك عقدة نقص جتاه األجنبي‪ ،‬لذلك وجدنا أنه يجب‬ ‫تكرميه مبا أن األميركيني قد ك ّرموه‪ ،‬ال شك بأنه أهل للتكرمي‪ ،‬لكنني أرى أن هناك‬ ‫تشويها ً له من البعض‪ ،‬حيث متّ حتريف وتعتيم بعض املصطلحات التي كان‬ ‫جبران يستعملها في كتاباته‪ .‬إذ لم يسمحوا بنشر الكثير من الوثائق التي‬ ‫كتبها جبران خوفا ً من ظهور املنحى السياسي الرئيسي له واملعاكس للمنحى‬ ‫الذي أرادوه‪ .‬نحن اليوم نرى شاشات التلفزة تضع هذه العبارة في ذكرى والدته‪:‬‬ ‫“لو لم يكن لبنان وطني الخترته وطنا ً لي”‪ .‬أنا أشك بأن يكون جبران قد قال هذه‬ ‫العبارة‪ .‬لكن إذا س ّلمت جدال ً بأن جبران قد قالها‪ ،‬فهناك مئات العبارات التي‬ ‫يقول فيها إنه “لو لم تكن سوريا وطني ألردتها أن تكون وطني”‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪95‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر ثقافي‬

‫«استراحة»‪ :‬معرض جديد وعالم آخر في لوحاته الزيتية‬

‫الفنان جميل مالعب لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫مواضيعي مستوحاة من حياتي اليومية‪ ،‬والبحر جزء دائم في معارضي‬

‫تُ ّ‬ ‫نقل النظر بني زرقة البحر والسماء‪ ،‬فتجد املاء يتماوج على سطح تأ ّمله‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وترى الطيور حتلق في لوحاته مخترقة زيت ريشته لتنتصب شامخة على‬ ‫غصن شجرة أو بني أغصانها وأوراقها‪ ،‬تنظر إلى وجو ٍه جميلة ّ‬ ‫خطها بأنامله‬ ‫لوحات أخرى‪ ،‬فبدت كأنها ناطقة‪.‬‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫وجوه شاخصة نحو املستقبل‪ ،‬وأخرى ال تزال تسير وفقاً للتقاليد واألعراف‬ ‫واألعمال القروية‪ ،‬فهنا قطاف الليمون‪ ،‬وهناك التعاون على ج ّز صوف الغنم أو‬ ‫املساعدة في مواسم الكوسى والرمان‪ ...‬كلها صور تنامت في مخيلته لتنصبّ‬ ‫لوحات‬ ‫خطوطاً على ورق أبيض دخلت يدا الرسام جميل مالعب بينها لتجعلها‬ ‫ٍ‬ ‫تشعرك بالرغبة في العودة إلى عادات قروية تالشت في مخيّلتنا‪ ،‬وإلى طبيعة‬ ‫ال تزال تنتظرنا كي نعود لالهتمام بها ورشف خيراتها‪.‬‬ ‫من ريشة رسام‪ ،‬إلى قلم يتكلم عنه‪“ ،‬منبر التوحيد” ّ‬ ‫تنقلت بني لوحات‬ ‫املبدع “جميل مالعب” في معرضه “استراحة”‪ ،‬فجمعت من أفكاره وآرائه‬ ‫احلوار التالي‪:‬‬ ‫ملاذا اخترت كلمة “استراحة” عنواناً ملعرضك؟‬ ‫الفن بالنسبة لي هو نوع من الوقفة أمام عمل فني يريح النفس ويه ّدئ‬ ‫ّ‬ ‫تشكل‬ ‫األعصاب‪ ،‬ويجعل اإلنسان يحلم ويسرح مبخ ّيلته للدخول إلى ذاته‪ ،‬بحيث‬ ‫نافذة على الطبيعة‪ ،‬من هنا كان اختياري لهذا العنوان‪.‬‬ ‫ما سبب اختيارك لوجوه أشخاص وتشخيصها في رسوماتك؟‬ ‫اإلنسان موضوع مهم بالنسبة لي ألنه يبعث على التفكير وتأ ّمل كل ما يدور‬ ‫حوله وما يجول برأسه وجسده‪ .‬الفن هو باب للمعرفة الشخصية اإلنسانية‪ ،‬وصور‬ ‫األشخاص في لوحاتي مستوحاة من واقع حياتي اليومية‪.‬‬ ‫لقد طغى اللون األزرق في عدد من لوحاتك‪ ،‬ما سبب استعمالك لهذا اللون‬ ‫بالذات؟‬ ‫بالفعل‪ ،‬فهذا اللون ّ‬ ‫شكل جزءا ً مهما ً من معرضي احلالي‪ ،‬وسبق لي أن عرضت في‬ ‫ّ‬ ‫يشكل‬ ‫معارضي السابقة نوعا ً كهذا من األلوان‪ ،‬وخاص ًة رسومات للبحر‪ .‬فالبحر‬ ‫ثالثة أرباع الكرة األرضية من شمالها إلى جنوبها‪ ،‬والسماء بحر أزرق‪ ،‬فعندما أنظر‬ ‫إلى البحر من منزلي في اجلبل أراه يستقبلني وكأنه مرآة صباحية تسرح مخيلتي‬ ‫لتتجسد أفكارا ً في لوحاتي‪.‬‬ ‫فيها‬ ‫ّ‬ ‫ما سر هذا االندفاع الكبير جتاه البحر؟‬ ‫برأيي أ ّن البحر هو الذي يغسل األرض من البقايا التي يلوثها اإلنسان‪ ،‬كما أ ّن ملح‬ ‫البحر جزء من مك ّونات جسمنا‪ ،‬إضاف ًة إلى احتوائه على اليود الذي يطهّ ر املاء‪ .‬إنه‬ ‫مفيد لكل شيء‪ ،‬كرمي معطاء‪ ،‬يعطي بدون مقابل‪.‬‬ ‫ممّ تستوحي صور األشخاص الذين ينتصبون في رسوماتك؟‬ ‫كل هذه الوجوه هي ألشخاص أتكلم معهم كل يوم‪ ،‬في سوق اخلضار واملطحنة‬ ‫ومكبس الزيتون والتالميذ في صفوفهم‪ ،‬والناس الذين ألتقيهم في املقاهي‬ ‫واملطاعم‪ ،‬إنهم جزء من حياتي الواقعية‪.‬‬ ‫لك ّنك أسميت بعضها كـ”سناء وهيام ووفاء”؟‬ ‫أعرفهن واقعياً‪.‬‬ ‫وهن فتيات‬ ‫ّ‬ ‫نعم هذه الوجوه حقيقية‪ّ ،‬‬ ‫نالحظ أ ّن لوحاتك مرسومة باملواد الزيتية‪ ،‬ما سبب اختيارك هذا النوع من‬ ‫املواد؟‬ ‫مهمة في الرسم كونها تدوم زمنا ً طويالً وملئات السنني‪ ،‬إنها‬ ‫أنا أعتبرها مادة ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتأكد من بقائها على ما هي عليه من دون تغ ّيرها أو‬ ‫مادة مميزة لرسم اللوحات‬ ‫تآكلها‪.‬‬ ‫ما سبب اختيارك رسم أعمال تقليدية قروية؟‬ ‫بطبيعتي أحب أن آخذ املواضيع من احلياة اليومية‪ ،‬ومن املهرجانات التي تبرز‬ ‫الفرح والرقص واملوسيقى‪ ،‬وليس احلرب‪ ،‬فقد وعدونا بأ ّن زمن السلم قد بدأ‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪96‬‬

‫ونحات من بلدة بيصور في‬ ‫جميل مالعب‪ ،‬رسام ّ‬ ‫جبل لبنان‪ُ ،‬ولد عام ‪ .1948‬نال دبلوم دراسات عليا‬ ‫من معهد الفنون اجلميلة ـ اجلامعة اللبنانية‪،‬‬ ‫وماجستير فنون جميلة من معهد برات في نيويورك‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى دكتوراه فلسفة بالتربية الفنية من‬ ‫جامعة أوهايو ـ الواليات املتحدة‪ .‬عمل أستاذا ً ملادة‬ ‫الرسم في اجلامعة اللبنانية األميركية من عام ‪1993‬‬ ‫حتى عام ‪ ،1999‬وهو اآلن أستاذ مالك في اجلامعة‬ ‫اللبنانية‪ .‬شارك في مشاريع نحت عديدة منذ عام‬ ‫‪ 1999‬وحتى العام ‪ 2004‬منها سمبوزيوم عاليه‪،‬‬ ‫ورأس املنت‪ ،‬وجونيه‪ ،‬واملشرف وغيرها‪ .‬أقام أكثر من‬ ‫‪ 33‬معرضا ً ّ‬ ‫تنقلت بني لبنان ونيويورك واجلزائر وفرنسا‬ ‫وأبو ظبي‪ ،‬وكان آخرها معرض “استراحة” الذي‬ ‫تضمن أكثر من ‪ 20‬لوحة فنية الفتة‪.‬‬ ‫ّ‬


‫لذلك وضعنا صور احلرب جانبا ً للوصول إلى زمن السلم وتبيانه على‬ ‫حقيقته‪.‬‬ ‫ما رأيك بالطبيعة؟‬ ‫الطبيعة ال تتوقف‪ ،‬وال تنتظر‪ ،‬بل تتحرك وجتيب في حتركها على‬ ‫معنى الوجود‪ .‬الطبيعة جتيب في حتركها‪ ،‬في استيقاظها املتواصل‪،‬‬ ‫في احتفالها األكيد‪ ،‬بوالدة جديدة‪ ،‬بيوم جديد ال يشبه غيره‪ ،‬بزمن ال‬ ‫يكرر ذاته‪.‬‬ ‫ممّ ستستوحي رسوماتك بعد احتراق معظم الغابات وتشوّه‬ ‫منظر الطبيعة؟‬ ‫ّ‬ ‫سأتذكر طبيعة لبنان اخلالبة التي أكلتها النيران‪ ،‬فصور األشجار‬ ‫والغابات ستبقى في مخيلتي حتى بعد أن تأكلها النار وتقضي عليها‪،‬‬ ‫وستظل واقعا ً ملموسا ً في ذاكرتي ألستفيد منها في رسوماتي‪.‬‬ ‫ماذا ّ‬ ‫تعلمك الطبيعة‪ ،‬وكيف تتعامل معها؟‬ ‫أحاول دائما ً أن أتع ّلم من الطبيعة‪ ،‬ومن جديد سر اجلمال‪ ،‬سر‬ ‫اخللق‪ ،‬سر اإلبداع‪ ،‬كأ ّن العمل الفني طبيعة أو كون ال تتكرر نقاطه‬ ‫وزواياه‪ .‬فالعمل الفني ال يكرر نفسه‪ ،‬إنه طبيعة بشرية حتاول أن جتد‬ ‫طريقها في تكوين الشكل واللون واخلطوط‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتجسدها على لوحتك؟‬ ‫تتوصل إلى الفكرة‬ ‫كيف‬ ‫أجلأ في جتاربي إلى تفاصيل اجلبال‪ ،‬إلى الشجر‪ ،‬إلى اإلنسان‬ ‫والطير واحليوان‪ ،‬إلى العشب والثمر واألغصان‪ ،‬كأ ّن األزهار تتح ّداني‬ ‫ألضمه إلى‬ ‫في الطبيعة في روعة إشراقها‪ .‬أريد أن أقطف لونها‬ ‫ّ‬ ‫فأضمه إلى لون دمي املغ ّلف‬ ‫مجموعتي‪ ،‬كأ ّن األقحوان يتحداني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بجسد ال أعرف دائما ً شروط عيشه وحزنه وفرحه‪ .‬ال أعرف ما وراءه‪،‬‬ ‫خصوصا ً حني يتعب ويضجر من األبعاد الواضحة والتقاسيم احلياتية‬ ‫املؤكدة واملستقبل املنظور‪.‬‬ ‫ممّ تستمد األفكار للوحاتك؟‬ ‫إنني أبحث عن اجلديد في القدمي أبحث عن الصورة التي ال صورة‬ ‫بعدها‪ .‬باإلضافة إلى تراث مملوء باحلضارات التي تط ّوقني من كل جانب‪.‬‬ ‫هذا التراث أتواصل معه بعني مفتوحة وقلب خافق‪ ،‬ألرفع عملي إلى‬ ‫حدود احلرية واالستقالل‪.‬‬ ‫ماذا تقول لـ”منبر التوحيد”؟‬ ‫أوصي مج ّلتكم بتوسيع املنابر الثقافية‪ ،‬ووضع صور كثيرة‬ ‫ّ‬ ‫واحلطابني والرسامني واملوسيقيني‪ ،‬إضاف ًة إلى‬ ‫للطبيعة‪ ،‬للفالحني‬ ‫صور ألهلنا الصامدين في اجلبل‪ ،‬جلعل الناس تتفاءل باملستقبل‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى نقل صور للغابات اللبنانية قبل أن حتترق‪.‬‬

‫حاورته سالي نوفل‬

‫ـ الفن هو نوع من الوقفة أمام عمل فني‬ ‫ويهدئ األعصاب‪ ،‬وهو باب‬ ‫يريح النفس‬ ‫ّ‬ ‫للمعرفة الشخصية اإلنسانية‬ ‫ـ الطبيعة ستبقى في اخمليلة حتى بعد‬ ‫احتراق معظم الغابات والثروة اخلضراء‪ ،‬فهي‬ ‫جتيب بوالدة جديدة ال تشبه أي شيء آخر‬ ‫ـ وضعنا صور احلرب جانبا ً للوصول إلى زمن‬ ‫السلم وتبيانه على حقيقته‬ ‫ـ العمل الفني طبيعة أو كون ال تتكرر‬ ‫زواياه ونقاطه‬

‫‪97‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫شخصية‬

‫من ذاكرة الثورة السورية الكبرى‬

‫ربيب الثورة والمجاهدين منذ طفولته حتى الجالء‪:‬‬ ‫المجاهد «أبو كنج هايل عبد الكريم عزالدين»‬

‫ماذا يكون أوثق واصدق نقالً للتاريخ‬ ‫رجل عاشه‬ ‫بواقعه وأحداثه‪ ،‬إذ نسمعه من ٍ‬ ‫يوماً‬ ‫بيوم مبا فيه من عناء وجهاد ونضال‬ ‫ٍ‬ ‫مرير‪ ،‬مبا في ذلك من‬ ‫وصر‬ ‫وفداء وتضحيات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حل وترحال من موقع إلى موقع بعد خراب‬ ‫ٍ‬ ‫ديار وتدمير وإحراقه منازل بيد اإلستعمار‬ ‫وبعد استشهاد مستمر بلغ سبعة آالف‬ ‫شهيد في محافظة السويداء معقل‬ ‫انطالق الثورة‪ ،‬ناهيك عن عدد الشهداء في‬ ‫أنحاء سوريا‪ ،‬تلك الثورة التي قادها املرحوم‬ ‫سلطان باشا األطرش‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نحس مرارة الفترة التي عانى‬ ‫بذلك‬ ‫منها شعبنا البطل منذ بداية الثورة حتى‬ ‫ّ‬ ‫ونحس بالع ّز والكرامة مبا ق ّدمه‬ ‫اجلالء‪.‬‬ ‫هؤالء الثوّار‪ .‬فرسموا من موقعهم الوطني‬ ‫وبريق سيوفهم راية الوطن في سماء‬ ‫احلرية واإلستقالل ‪ ،‬ودماؤهم حبُر التاريخ‬ ‫اجمليد املفعم بالبطوالت والشموخ واإلباء‬ ‫ّ‬ ‫حتطمت قوى الغزو على صخور‬ ‫الى أن‬ ‫صبرهم‪ ،‬حيث ضربوا مثالً لوحدة الشعب‬ ‫بكافة أديانه واجتاهاته أمام خطر العدوان‬ ‫فكانوا يدا ً واحدة وانتصروا‪ .‬فمن ذاكرة‬ ‫التاريخ بل من ذاكرة رجل انفتح بآفاقه‬ ‫املعرفية اجلهادية اخملزونة ليُطلعنا على ما‬ ‫سمعنا به وما لم نسمع أبدا ً لكي يصبح‬ ‫ذلك رصيداً لألجيال ومواعظ حني شظف‬ ‫العيش ومرارة النضال ولكنها السعادة‬ ‫في بريق عينيه‪ ،‬وفي قلوبنا وهج شمس‬ ‫احلق تلك الشمس التي ستبقى مضيئة‬ ‫اإلستعمار احلاقد والطفولة‬ ‫بأوطاننا بكل حتد ٍلكل ما نواجهه في كل‬ ‫ثورة مجيدة جلبل العرب‬ ‫مكان يطلب الصمود واملمانعة واملقاومة‬ ‫احلزينة‬ ‫والفداء لصون هذا الوطن ووحدته ووحدة‬ ‫ضد األعداء الطامعني‬ ‫شعبه كالقبضة الواحدة بأصابعها‬ ‫ما كادت أن ترى عيناي نور هذا الكون لتشاهد‬ ‫اخلمس على مقبض السيف‪ ،‬سيف احلق معامله العجيبة ورحابه الواسعة‪ ،‬وأشعر بابتهاج‬ ‫كنت قد جنوت من املوت مع األشخاص اخلمسة‬ ‫والتحرير والوحدة في كل عصر وزمان في‬ ‫والدي مبقدمي لكوني وحيدهما‪ ،‬وما كاد أن الذين استشهدوا في دارنا عندما قصفت في‬ ‫ّ‬ ‫وطن الصمود والعروبة واإلباء‪ .‬فاجملاهد أبو يكتمل منوي في حضنيهما يغمراني برعايتهما الصباح الباكر من يوم ‪ 1925/8/27‬م‪ ،‬والبقية من‬ ‫كنج يروي لألجيال التاريخ من ذاكرة الثورة وعطفهما حى فجعت مبوت والدتي التي كانت سكانها قد أصيبوا بجروح متفاوتة مع حدوث‬ ‫السورية التي عاشها‪ ،‬وقد حفظ ابنه مصدر أملي‪ ،‬ورمز سعادتي‪ ،‬حتى بدأت استشف بعض األضرار البالغة في املمتلكات واملواشي‬ ‫هايل عز الدين احللبي مذكراته من عام ما يدور حولي من غمز وهمس حول األنباء التي ومنها (مهرة خيل أصيلة)‪ ،‬كانت جناتي من القتل‬ ‫‪1963-1903‬م ووضعها بني أيدينا‪ .‬ومجلة توحي باندالع الثورة في اجلبل ضد اإلستعمار يومذاك عم يد شقيقتي الكبرى التي كانت‬ ‫“منبر التوحيد” تنشر بعض ما ورد في هذه الفرنسي والتي كاد أن يعم سناها معظم قراه‪ .‬حتملني على كتفها عندما خرجت مع أهالي‬ ‫مفر في وعرة اللجاه‪ ،‬طلبا ً النجاة‬ ‫وقبل أن جتف الدمعة على والدتي‪ ،‬علمت من القرية باجتاه‬ ‫املذكرات وتضعها بني أيدي القراء‪:‬‬ ‫ٍ‬

‫مصدر غير موثوق باستشهاد والدي اثناء معركة‬ ‫وقعت غرب قرية عتيل‪ ،‬ملنع جيش العدو من‬ ‫دخولها‪ ،‬وإذ تبينّ لنا فيما بعد أنه جريح‪ .‬ولكن‬ ‫سرعان ما أخذ طيران العدو يجوب في سماء‬ ‫بالدنا مينة وشماال ً ليقذف كل قرية او هدف‬ ‫بقذائفه الالهبة وذلك لبث وبعث الرعب والفزع‬ ‫في قلوب اآلهلني املؤمنني‪ ،‬بعدالة ثورتهم للذود‬ ‫عن أرضهم وعرضهم وتطهير تلك األرض من‬ ‫رجس املستعمر الغاشم‪.‬‬ ‫وقد قصفت قريتنا ألهثة كبقية قرى املناورة‬ ‫للعدو‪ ،‬وقد كانت املقاومة أشد وأعنف مبوقفها‬ ‫نظرا ً ملقاومة حاكم اجلبل املستبد واملدعو‬ ‫(كربييه) وسياسته القمعية الرعناء حيث‬ ‫أرسل حمالته الثالث املدججة بالسالح الفتّاك‬ ‫لتفتك بقرى عشيرة احللبية إلنهاكها ماديا ً‬ ‫ومعنوياً‪ ،‬وكان ذلك يوم ‪ ،1926/1/22‬وهذه القرى‬ ‫هي‪ :‬الثعلة التي يقيم فيها جنم عزالدين احللبي‬ ‫_ الهثة‪ :‬عبد الكرمي عزالدين احللبي _ رضيمة‬ ‫اللواء‪ :‬سعيد عزالدين احللبي‪ ،‬وفي هذه القرية‬ ‫كان (كربييه) يقود احلملة بنفسه للتنكيل‬ ‫باهلها‪ ،‬حيث قصفت دار املرحوم والدي عبد‬ ‫الكرمي عزالدين قصفا ً مر ّوعا ً بقرية الهثة بحجة‬ ‫ضم‬ ‫اجتماع شامل وعام كان يعقد فيها وقد ّ‬ ‫العديد من قادة الثورة ومؤسسيها للتنسيق مع‬ ‫قائدها احلربي سلطان باشا األطرش للمداولة‬ ‫واملشورة في تنظيم ثورتهم اجمليدة ووضع اخلطط‬ ‫الالزمة والتي ينبغي تطبيقها فيما بعد إلتاحة‬ ‫الفرص أمام استمراريتها وحتقيق النصر املنشود‬ ‫باذن اهلل على األعداء الطامعني واملوالني لهم من‬ ‫األذناب‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪98‬‬


‫من قصف العدو اجلوي وكثافته‪ .‬لم تكتف تلك‬ ‫السلطة احلاقدة بهذا العمل البربري بل عمدت‬ ‫لتهدمي الدار بكاملها‪ ،‬وما زالت هناك بعض اآلثار‬ ‫املتهدمة من الدار تشهد ببربرية ذلك العدو‬ ‫الفرنسي وهمجيته‪.‬‬ ‫لقد تضاعف اهتمام األهل بهذه الطفولة‬ ‫التي شاهدت الويالت من اإلستعمار الغاشم‬ ‫وذاقت العذاب خاصة بعد ذلك النزوح القسري‬ ‫عن ديارهم تاركني أرزاقهم وامالكهم‬ ‫نهبا ً للطامعني‪ ،‬ليتخذوا من وعرة‬ ‫اجلاه حصنا ً منيعا ً يقيهم شر‬ ‫هجمات العدو‪ ،‬وقصف مدفعيته‬ ‫وطيرانه املستمر بضرباته للمواطنني‬ ‫األبرياء‪.‬‬ ‫محمد عزالدين احللبي‪ :‬مجاهدا ً‬ ‫بالرغم من الترحيل والتهجير‬ ‫وفي هذه األوقات احلرجة بالذات‪،‬‬ ‫أنيطت قيادة جبهة اللجاه باجملاهد‬ ‫الكبير محمد عزالدين احللبي‬ ‫املعروف عنه بإخالصه لبالده‪ ،‬وذلك‬ ‫من قبل القائد العام سلطان باشا‬ ‫األطرش قبيل اتخاذ قرار الرحيل عن‬ ‫أرض اجلبل جنوبا ً إلى قصبة األزرق‬ ‫مع مرافقيه من اجملاهدين األشاوس‪،‬‬ ‫أمالً منهم بأن تلك املنطقة داخل‬ ‫نطاق حدود جبلهم األشم‪ ،‬وذلك‬ ‫بعد استيالء اجليش الفرنسي‬ ‫على كافة أنحاء القطر باستثناء‬ ‫جبهة اللجاه التي نحن بصدد‬ ‫التحدث عنها حيث انها تبقى‬ ‫تستمد قوتها دائما ً منهم أي من‬ ‫قبل سلطان باشا األطرش واعوانه‪،‬‬ ‫طبقا ً لإلتفاقية املبرمة فيما بينهم‬ ‫بعدم انقطاع املساعدات املادية‬ ‫واملعنوية‪ ،‬باإلضافة إلى األسلحة‬ ‫ومشتقاتها عن جبهة اللجاه التي‬ ‫بقيت محاصرة ألكثر من احد عشر‬ ‫شهرا ً ونيف‪ .‬وهم بني كروفر (كل‬ ‫يوم في الصباح شر وقتال)‪ ،‬وقد‬ ‫أنزلت في صفوف الغزاة اخلسائر‬ ‫الفادحة‪ .‬وكان قد عينّ يومذاك‬ ‫اجلنرال (فاليه) قائدا ً عاما ً للجيوش الفرنسية‬ ‫في الشرق األوسط الذي أمر قواته وع ّبأها‬ ‫كاملة مبختلف صنوف اسلحتها وعتادها وعدد‬ ‫افرادها التي تفوق عشرات الضعاف عدة وعددا ً‬ ‫من الثوار املعتصمني في معاقلهم في اللجاه‬ ‫حينما امرت بالزحف عليهم قبل بزوغ فجر ‪31‬‬ ‫آذار ‪ 1927‬طبقا ً خلطة مرسومة ومدونة للقضاء‬ ‫على تلك املعاقل بأي وسيلة أو ثمن حيث كانت‬ ‫حتتوي على نخبة مميزة من كبار رجال الثورة‪،‬‬ ‫وقادتها اخمللصني امثال‪ :‬األمير عادل أرسالن _‬ ‫األمير عزالدين اجلزائري _ رشيد باشا طليع _‬ ‫فوزي القاوقجي _ شكيب وهاب _ سعيد البرى‬

‫وغيرهم‪...‬من األبطال املشهورين‪.‬‬

‫بواسل اجلبل‪ :‬قلوب صخرية‬ ‫ال تهاب املوت‬

‫كانت املعركة طبعا ً بالنسبة للجيوش‬ ‫واملقسمة على خمس جبهات غير‬ ‫الزاحفة‬ ‫ّ‬ ‫متكافئة‪ ،‬فتصدوا لها ثوارنا البواسل بقلوب‬

‫صخرية ال تهاب املوت‪ ..‬وسواعد فوالذية ال تعرف‬ ‫اللني والكلل‪ ،‬التحموا معها بقتال رهيب ودفاع‬ ‫مستميت‪ ،‬حيث خسر العدو في تلك املعركة‬ ‫أضعاف ما كان متوقعاص مع سقوط طائراته‬ ‫التي كان يشكل فيها مظلة واقية للجيش‬ ‫الزاحف ومدفعيته املرابطة بأعالي اجلبال املطلة‬ ‫على كافة مواقع الثوار واملشرفة على ساحة‬ ‫املعركة‪ ...‬انه ليوم مشهود من أيام حروب الدروز‬ ‫اخلالدة‪ ،‬ومالحمها البطولية الرائدة التي يشهد‬ ‫لها القاصي والداني فنعتز ونفخر بها على مدى‬ ‫األيام واألجيال مما حدا بضابط من كبار قادة‬ ‫اجليش الفرنسي بأن يطلق عليها اسم (قلعة‬ ‫اهلل)‪ .‬وبعد انتصارات الدروز املتالحقة على جيش‬

‫‪99‬‬

‫ابراهيم باشا املصري وجبروته اطلق اسم بان‬ ‫غزوتها للجيل ما بني (‪)1836 _ 1832‬م وانكسارها‬ ‫في وعرة اللجاه شر انكسار سميت من قبل‬ ‫احد قادتها باسم (قلعة النجاة) ملعركة فاصلة‬ ‫وحامية الوطيس غرب قرية الصورة الكبيرة ذهب‬ ‫فيها معظم افراد جيشه‪ ،‬ولم ينج منه إال قلة‬ ‫قليلة وكان ابراهيم باشا امللقّ ب بأبي قاسم من‬ ‫عدادها وما يزال بحوزتنا بعض الغنائم غلى يومنا‬ ‫هذا مثل (معامل القهوة امل ّرة وهي‬ ‫ثالث قطع فضية وما يتبعها‬ ‫كالصينية والفناجني) ألنهم كانوا‬ ‫اشد ‪ ......‬من صوارمهم‪ ..‬في كل‬ ‫معركة يخوضها الدروز (معروف‬ ‫الرصافي)‪.‬‬ ‫وبعد ان انتهى القتال وبعيد‬ ‫سدول الظالم بقليل‪ّ ،‬‬ ‫متكن املعتدي‬ ‫من احتالل جميع مواقع الثوار‬ ‫ومعاقلهم عندما أشعلوا النار‬ ‫في كل جوانبها حيث أتت على‬ ‫كل ما حتتويه‪ ،‬مع اإلجهاز على كل‬ ‫جرح منها ّ‬ ‫تعذر نقله من ساحة‬ ‫املعركة ولم يغادرها حتى اصبحت‬ ‫ركاما ً واطالال ً وقد استشهد فيها‬ ‫البطالن جبر شلغني وسعيد‬ ‫البرى‪ ،‬وقد قضي فيها على آخر‬ ‫رصاصة كانت حترق صدره وتقاوم‬ ‫احتالله بهذا األسلوب الوحشي‬ ‫القدر أسدل الستار على تلك‬ ‫الثورة العظيمة التي هزّت فرنسا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولطخت قادتها بالعار لعملهم‬ ‫البربري الذي ألهب مشاعر وقلوب‬ ‫أكبادهن الذين‬ ‫الثكالى على فلذات‬ ‫ّ‬ ‫خ ّروا صرعى في املزرعة والكفر‬ ‫ووعر اللجاه وسفوح اجملدل وقالع‬ ‫حاصبيا وراشيا في لبنان وغيرها‬ ‫عم صداها العالم‬ ‫من املعارك التي ّ‬ ‫بأسره‪..‬‬ ‫أما األشخاص الذين جنوا من‬ ‫أتون هذه املعركة الالهبة‪ ،‬أخذوا‬ ‫باإلنسحاب تباعا ً حتت جنح الليل‬ ‫مع جرحاهم واطفالهم ونسائهم‬ ‫باجتاه وعرة الصفا التي تبعد شرقاص عن وعرة‬ ‫اللجاه ما يقرب الثمانني كيلومترا ً حفاة عراة‬ ‫جياع‪ ،‬زغب احلواصل ال ماء وال شيء‪...‬‬ ‫وبالرغم من وحشية األساليب التي اتّبعها‬ ‫ّ‬ ‫يكف عن مالحقتهم حتى بعد‬ ‫العدو ولم‬ ‫وصولهم إليها‪ ..‬وقد استشهد آنذاك كل من‬ ‫البطل الشجاع هاني احللبي_ سليم غرزالدين_‬ ‫وكالهما من قرية بريكه في صباح األول من‬ ‫ايار عام ‪ 1927‬مع بعض اجلرحى الذين سقطوا‬ ‫وغيرهم إثر غارة جوية كثيفة ر ّوعت كل َمن كان‬ ‫هناك‪ ،‬ومنهم قبيلة الغياث املساملة املتّخذة‬ ‫من هذه الوعرة مقرا ً دائما ً لها‪ ،‬ومن زعمائها‪:‬‬ ‫محمد األقرع‪ ،‬وخلف النمير‪ ،‬ما كاد ان يعمها‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫شخصية‬ ‫شموخ وكبرياء الدروز أربك صفوف‬ ‫الغضب والسخط واإلرتياب من امتداد رقعة‬ ‫لزجها في تلك املعركة التي ال العدو‬ ‫احلرب‬ ‫ّ‬ ‫وتوسعها ّ‬ ‫هكذا كانت جتري الرياح مبا ال‬ ‫ناقة لها وال جمل فيها‪ .‬هذا ما كاد ان يحصل‬ ‫مع تلك القبيلة فعالً عندما داهم الث ّوار اجملاهدين تشتهي السفن‪ ،‬مما جعل ذلك‬ ‫يصب جام غضبه على‬ ‫مجمع الكولونيل أن‬ ‫مفرزة من اجليش الفرنسي بالقرب من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتحفز‬ ‫مياه تلك القبيلة املسميني (بحوى حسني) اجملاهدين من الدروز أكثر فأكثر‪،‬‬ ‫فتصدت فورا ً مجموعة من فرساننا البواسل‪ ،‬لإلنتقام منهم بشكل او بآخر عندما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تتمكن شاهدهم يعانقون بعضهم بعضا ً‬ ‫فأرغمت تلك املفرزة على الفرار قبل ان‬ ‫من تثبيت أقدامها فقتل منها اثنان واستولت عناقا ً حارا ً بشموخ واعتزاز وكبرياء غير‬ ‫على مطيتيهما وأسلحتهما وبعض الغنائم‪ ،‬عابئن مبا ّ‬ ‫حل بهم من نكبات ومحن‪،‬‬ ‫وارتد املعتدون خاسرين‪ ..‬وبعد هذه احلادثة وما وكأنهم فيها كأناس يقومون برحلة‬ ‫ّ‬ ‫سبقها من حوادث مماثلة‪ ،‬قرر اجملاهدون مغادرة استجمام وترفيه على مبدأ‪:‬‬ ‫“ومن ُ‬ ‫تك العلياء همة نفسه‬ ‫املكان رحم ًة بهم ورأفة بعشيرة الغياث املساملة‪،‬‬ ‫فكل الذي يلقاه فيها مح ّبب”‬ ‫وذلك قبل أن تتطور األمور ألسوأ‪ .‬وقد متّ في‬ ‫فكان لهذا اللقاء التاريخي بني‬ ‫صباح يوم األربعاء الواقع في ‪ 25‬أيار عام ‪1927‬‬ ‫جنوبا ً باجتاه منطقة األزرق حيث يقيم سلطان اجملاهد وتأثيره البالغ بنفوس من‬ ‫توحدت كلمتهم وملّت شملهم‪:‬‬ ‫باشا ومرافقوه من اجملاهدين‪ ..‬بطريق النمارة ـ‬ ‫ّ‬ ‫كف الكلب ـ الطيار ـ الفهداوي ـ املالح‪ ..‬ومنه وحدة الصف والهدف واملصير‪ .‬أما‬ ‫إلى األزرق مباشرة‪ ،‬الذين وصلوا إليه مساء يوم السلطة املنتدبة فقد خشيت من‬ ‫اإلثنني في ‪ 30‬منه وهم بحالة معيشية سيئة ال هذا اللقاء بان يجلب لها بعض‬ ‫يحسدون عليها‪ ...‬وبعد ان خلدوا للراحة لبعض املتاعب مستقبالً‪ ،‬وهذا ما دفعها‬ ‫الوقت‪ ،‬أخذوا يتداولون األمر مع أخوانهم اجملاهدين لن توغل صدر رئيسها في التشدد‬ ‫املقيمني هناك من قبل تواجدهم عندهم في باألمر لتجريد الدروز من سالحهم‬ ‫قصبة األزرق بشأن ما يتطلبه املوقف املتأزّم ولرصد كل حركة من حركات الثوار‪،‬‬ ‫إلتخاذ اإلجراءات املستعجلة لتعيد إليهم بعض وعدا ذلك الطلب إليهم ترك املنطقة‬ ‫الراحة املادية والنفسية واملعنوية وعن األسباب ومغادرتها بكاملها ضمن وقت محدد ابو كنج هايل عز الدين وشقيقه‬ ‫الوجيهة التي حدت بأخوانهم سكان األزرق من وطلب إليهم تنفيذ أحد أمرين‪ :‬أولهم‬ ‫عدم الوفاء بالتزاماتهم دون تنفيذ أي بند من بنود رجوعهم للجبل واستسالمهم لسلطاته وعددهم (‪ )1360‬نسمة‪ ،‬فقد غادروا منطقة‬ ‫األزرق باجتاه األرض التي خصصت لهم جنوبا ً‬ ‫اإلتفاقيات املبرمة سابقا ً فيما بينهم ملساعدة الباغية‪ ،‬والثاني ترحيلهم إلى اجلنوب إلى الديار‬ ‫من قبل االمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل‬ ‫أخوانهم في حروب اللجاه املشتعلة لكثر من السعودية‪ ،‬واألمرين كالهما كاحلنظل‪.‬‬ ‫كان مجاهدو األزرق أوفر حظا ً من أخوانهم سعود‪ ،‬وذلك بوساطة املغفور لهما األمير‬ ‫احد عشر شهرا ً حتى أصبح الرغيف يوازي سالح‬ ‫املقاتل بسبب احلصار احملكم واملفروض عليهم من مجاهدي اللجاه الذين قدموا إليهم اخيرا ً من شكيب أرسالن وشكري بك القوتلي املسماة‬ ‫قبل اجليوش الفرنسية الباغية‪ ،‬احمليطة بهم من اللجاه‪ ،‬ومن بينهم املرحوم والدي الذي كان قيد “بالنبك”‪“ ،‬وادي السرحان”‪ .‬وهذا األخير فقد‬ ‫كل حدب وصوب‪ ،‬وأنواع األسباب املانعة واملكبلة املعاجلة حتت إشراف الدكتور اجملاهد امني رويحة‪ ،‬قام بزيارتهم ثالث مرات متوالية‪ :‬األولى مع‬ ‫ّ‬ ‫لأليدي واحلريات دون مساعدة اخوانهم في اللجاه وبعض اجلرحى اآلخرين الذي شارك ثوار اللجاه أمير القريات “عبداهلل احلواسي”‪ ،‬والثانية مع‬ ‫املشار إليها آنفاً‪ ،‬تكمن بأ ّن الدروز سابقا ً كانوا محنتهم‪ ،‬وقيامه مبواساة املصابني ومعاجلتهم الدكتور “صبحي اخلضرة”‪ ،‬والثالثة كانت مع‬ ‫يعتبرون منطقة األزرق ملكا ً لهم وسكانها بوسائل بدائية قدمية‪ ،‬وقد كانت تلك املعاجلة وفد من مدينة القدس‪.‬‬ ‫وقد متّ ترحيل اجملاهدين املار ذكرهم اعاله‬ ‫حتى اليوم منهم يتصرفون بها حسبما يروق للمجاهدين محمد عزالدين احللبي قائد اجلبهة‬ ‫لهم‪ ،‬والسلطة البريطانية املنتدبة عليها وعلى ‪ ،‬واحملارب فواز طليعة حيث أجريت لهم املعاجلة وعلى رأسهم كل من القائد العام سلطان باشا‬ ‫رأسها الكولونيل “غلوب كابنت” العدو اللدود في احدى منازل اللجاه ويدعى (كوم الرمانة)‪ ،‬األطرش_األمير عادل أرسالن_محمد عزالدين‬ ‫ألبناء معروف الذي كان يعتبر املنطقة بانها ملكا ً حتت قصف الغطاء اجلوي واألرضي‪ ،‬ومهاجمة باشا احللبي ـ من األزرق جنوبا ً صباح يوم االثنني‬ ‫له‪ ،‬ودخول الدروز إليها منذ البداية حتد لسلطة بعض األعداء احياناً‪ .‬عاد اجملاهدون مبعظمهم الواقع في ‪ 22‬حزيران باجتاه محطة (العمرى)‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫إلى اجلبل‪ ،‬أما القلة الباقية من اجملاهدين ومنها إلى محطة تدعى حصيدات حيث كان‬ ‫التاج‪.‬‬ ‫صباح يوم السبت املصادف ‪ 33‬متوز‪ ،‬وقد وصلوا‬ ‫يوم الثالثاء الواقع في ‪ 26‬متوز إلى منفاهم‬ ‫«وعرة اللجاه» ّ‬ ‫األخير وفيه كانت نهاية املطاف للنفي والتشرد‬ ‫شكلت حصناً منيعاً بوجه هجمات العدو وقصف‬ ‫واملعاناة التي ذاقها اولئك اجملاهدين مما تعتصر‬ ‫ّ‬ ‫تقشف‬ ‫له القلوب واألفئدة ملا القوه من حياة‬ ‫مدفعيته وطيرانه املستمر بضرباته للمواطنني األبرياء‬ ‫وعذاب في تلك األرض القاحلة اجلرداء اخلالية من‬ ‫األنس ومقومات احلياة‪ ،‬باستثناء األفاعي املارحة‬ ‫والدباديب السارحة‪ ،‬كما جاد بوصفها األمير‬ ‫«ثورة اللجاه» ه ّزت فرنسا‪ّ ،‬‬ ‫ولطخت قادتها بالعار لعملهم البربري‬ ‫اجملاهد عادل أرسالن في احدى قصائده قائالً‪:‬‬ ‫هب استجارها شبح وصوت التغنّي‬ ‫“انسانها ّ‬ ‫الذي ألهب قلوب الثكالى‬ ‫فحيح‪ .”...‬اما معروف الرصافي شاعر العراق‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪100‬‬


‫فقد وصف معاناة الثوار وفقرهم بقوله‪“ :‬فالزموا‬ ‫الفقر وعاشوا في مجاهله عيش القناعة‪ ،‬ال حلو‬ ‫وال دسم”‪ .‬اما اجملاهد هالل عزالدين احللبي الذي‬ ‫كان من عداد الثوار مع اهله وابناء عمه فيقول‬ ‫بأحد أبياته من قصيدة له بعنوان العصماء التي‬ ‫أرسلها للمجاهد املرحوم الشيخ محمد األشمر‬ ‫من دمشق بأول احتفال يقام جلالء األجنبي عن‬ ‫بالدهم يوم ‪ 17‬نيسان عام ‪ 1946‬يصف له مراحل‬ ‫الثورة خطوة بعد خطوة من ألفها حتى يائها‬ ‫قائالً‪“ :‬كل رغيف حوله تسعة ـ فكأمنا صلى عليه‬ ‫املسيح”‪ ،‬ومن األسباب املوجبة التي ساعدت‬ ‫وشددت من قبضتها التقصير الفاضح والتلكؤ‬ ‫الواضح في تقدمي املساعدات الالزمة وتنظيم‬ ‫شؤونها‪ ،‬وقلة اإلهتمام بها عربيا ً كان ام دوليا ً‬ ‫ولو بأبسطها لقمة العيش الضرورية التي كانت‬ ‫حتول دون الوصول للمجاهدين‪ ،‬غير ان ما وصلهم‬ ‫هو اليأس والهوان واألمراض الفتاكة التي تفتقر‬ ‫لطبيب مقيم يعمل على اجلد في احلد من تلك‬ ‫األمراض بعد ان استقروا واستت ّبت امورهم إلى‬ ‫حد ما‪ .‬أخذت بعض الوفود من وجهاء العشائر‬ ‫والدول العربية اجملاورة تزورهم تباعاً‪ ،‬وآخر من‬ ‫ّ‬ ‫مصغر الباحثة الفرنسية‬ ‫زارهم على رأس وفد‬ ‫(كريستني كادريانه ـ ورياض بك الصلح‪ ،‬الزعيم‬ ‫الوطني اللبناني املعروف)‪ .‬بقيت األمور على ما‬ ‫هي عليه من الهدوء واإلستقرار حتى منتصف‬ ‫عام ‪1929‬م عندما اعتزم سلطان باشا ومرافقوه‬ ‫األكارم اإلنتقال شماال ً عن النبك غلى أرض‬ ‫تسمى (حديثه)‪ ،‬تبعد عنه حوالي ‪ 45‬كم‪ .‬اما‬ ‫األقدار فشاءت ان تكون مسقط رأس الشاب‬ ‫حديثه مراد حتى فترة من الوقت ال يتعدى العام‬ ‫الواحد‪ ،‬انتقل بعدها مع أخوانه امليامني وبعض‬ ‫أقربائه إلى قرية الكرك في شرق األردن التي مهّ د‬ ‫لها في حينها األمير عبداهلل بن احلسني مع‬ ‫السلطة البريطانية ريثما حتل مشكلتهم‪ .‬أما‬ ‫األمير عادل أرسالن‪ ،‬لم يكن مغادرا ً املكان إلى‬ ‫القدس لو لم يصر على ذلك أخوه األمير شكيب‬ ‫ألح بطلبه مع ابن عمه األمير أمني أرسالن‪،‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫وللمرة الثالثة من نوعها حتى استجاب لطلبه‬ ‫في أواسط عام ‪ .1931‬أما الثائر املعروف محمد‬ ‫عزالدين احللبي ورفاقه من اجملاهدين األبرار ممّن آثروا‬ ‫املسمى بـ “وادي السرحان”‬ ‫البقاء في مكانهم‬ ‫ّ‬ ‫على ع ّالته‪ ،‬كما وصفناه آنفا ً إلى ان يقضي اهلل‬ ‫أمرا ً كان معقوالً‪.‬‬

‫عودة الثوار إلى ديارهم‬ ‫واستقبالهم استقبال الفاحتني‬ ‫بقي هؤالء اجملاهدون على ما كانوا عليه من‬ ‫الفاقة وشظف العيش‪ ،‬حتى صدور العفو‬ ‫العام عنهم اثر عودة وفدنا األمني املفاوض من‬ ‫العاصمة الفرنسية “باريس” في شهر ايلول من‬ ‫عام ‪1936‬م برئاسة هاشم بك األتاسي‪ ،‬ولكن‬ ‫لم تتّخذ الترتيبات القانونية الالزمة بشأنهم‬

‫«وعرة اللجاه» ّ‬ ‫شكلت حصناً‬

‫لقاء اجملاهدين مع بعضهم‬ ‫البعض واتحّ ادهم‪ ،‬كان السبب‬ ‫في وحدة الصف والهدف واملصير‬ ‫ّ‬ ‫تقشف وعذاب عاشها‬ ‫حياة‬ ‫اجملاهدون األشاوس‪ ،‬وعلى رأسهم‬ ‫سلطان باشا األطرش بعد رحلة‬ ‫النفي والترحيل‬ ‫عاد اجملاهدون األبطال إلى ديارهم‬ ‫بعد صدور العفو العام عام ‪،1936‬‬ ‫وحشدوا استقباالً مميّزاً في كل‬ ‫مناطق جبل العرب‬ ‫حتى شهر ايار من عام ‪ 1937‬حيث متّ رجوع‬ ‫اجملاهدين من منفاهم األخير بحمد اهلل ورحماه‬ ‫من النبك_وادي سرحان بطريقهم شماال ً إلى‬ ‫مدينة عمان‪ ،‬حيث كان القائد العام ومن معه‬ ‫بانتظارهم‪ ،‬وقد كان اإلنطالق صباح يوم ‪ 24‬من‬ ‫الشهر نفسه باجتاه مدينة درعا بواسطة القطار‬ ‫السيرع‪ ،‬فدمشق الفيحاء التي استقبلتهم‬ ‫استقبال الفاحتني‪ ،‬ومنها مباشرة إلى جبل‬ ‫العرب املمثل مبدينة السويداء املزدانة‪ ،‬فقد كان‬ ‫وصولهم إليها قبل ظهر يوم السابع والعشرين‬ ‫منه‪ ،‬حيث كان اجلميع بانتظارهم بعد تلك‬ ‫املرحلة‪..‬رحلة العذاب املنهك الطويل حيث قال‬ ‫أحدهم بهذا املعنى‪:‬‬ ‫علي حتى أنه‬ ‫“هجم السرور ّ‬ ‫من فرط ما قد س ّرني أبكاني”‬ ‫وقد ع ّبر البعض من هؤالء اجملاهدين من آل‬ ‫عزالدين احللبي عن مشاعرهم الدامية بوصف‬ ‫تلك املرحلة املضنية وأسبابها ومسبباتها‪،‬‬ ‫وتدوين أحداثها بقصائدهم الوصفية الرائعة مع‬ ‫سرد أحداثها بواقعية وصدق وبشكل منتظم‪،‬‬ ‫خالية من الشوائب وحب الذات والبهرجة‬ ‫البراقة‪ ،‬وذلك بجموعة مبرمجة ومفهرسة‬ ‫حتوي بني ط ّياتها (‪ )478‬صفحة موضحا ً فيها‬ ‫كل شاردة وواردة بخصوص حرب اجلبل وعاداته‬ ‫ومثله السامية وتقاليده املميزة‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫ما تعرض إليه سكناه عام ‪1685‬م من تطورات‬ ‫سياسية وحربية مختلفة من أقوال شعرائه‬ ‫وبعض النبذ عن األشخاص من مشاهير‬

‫‪101‬‬

‫الزعماء ممّن التجأوا إليه وكانوا في مأمن من‬ ‫ألد خصومهم‪ .‬رحم اهلل أبناء معروف من قضى‬ ‫ّ‬ ‫نحبه ومنهم من ينتظر‪ ...‬وسيبقى شعارنا‬ ‫من بعدهم تخليد ذكرهم‪ ،‬ومتجيد اعمالهم‬ ‫واإلقتداء بحميد ماثرهم‪ ،‬والبذل بالنفس‬ ‫والنفيس للدفاع عن األرض والعرض كلما‬ ‫والتمسك باهداب الفضيلة‬ ‫استدعانا الواجب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ميت إليها بصلة من قيم ومثل وسلوكية‬ ‫وما ّ‬ ‫متّزنة باذن اهلل ما يرضي اخلالق واخللق ولسان‬ ‫حالهما يقول‪:‬‬ ‫مند جسومنا جسرا ً‬ ‫“تقضي الرجولة أن ّ‬ ‫فقل لرفاقتنا ان يعبروا”‬ ‫استكمال درب الدفاع عن الوطن بالرغم من‬ ‫الذكريات الدامية‬ ‫لنعد ثانية إلى مبعث تلك الطفولة املشردة‬ ‫ومعاناتها واستنباط ما تبقى لنا منها من‬ ‫ذكريات دامية حول ما حاق بها من البؤس‬ ‫واليأس وشظف العيش واحلرمان من لذة الهدوء‬ ‫واإلستقرار‪ .‬كنّا ننام على ّ‬ ‫الطوى بكثير من‬ ‫األحيان‪ ،‬ونستيقظ على أزيز الرصاص ودوي‬ ‫املدافع‪ ،‬إذ لم يكن هناك غارة دموية مباغتة‬ ‫ومدمرة‪ .‬وعلى هذا الطراز من اخلوف والرعب‪،‬‬ ‫وامللمات‬ ‫نشأت وفي غمرة مؤسفة من النوائب‬ ‫ّ‬ ‫واخلطوب املنهكة‪ .‬قد ترعرت وعلى السهر‬ ‫املضني ليالً ونهارا حيث تع ّودت على قرصة‬ ‫اجلوع وفحمة العطش أثناء ترحال أهلنا من‬ ‫منزل إلى منزل حتت تأثير عوامل اجلو املتق ّلبة‬ ‫بني ح ّر وق ّر‪ ،‬ولطاملا حتملت مع بعض األطفال‬ ‫الذين هم من عمري ممّن شملت اهلهم تلك‬ ‫النكبة النكباء من جراء احتالل مواقعهم في‬ ‫اللجاه‪ ،‬ومعاركها املفجعة والعدد الوافر منهم‬ ‫ما زال على قيد احلياة يعرف ّ‬ ‫كل منهم اآلخر‪،‬‬ ‫تربط بينهم رابطة ودية وثيقة لم يطرأ عليها‬ ‫أي تبديل‪ ،‬وتصهرهما أحداث القهر والنكبات‬ ‫واحملن التي رافقت طفولتنا منذ الصغر وحرمت‬ ‫معظمهم من متابعة العلم واإلرتشاف من‬ ‫مناهله العذبة التي حال دونها ما ذكر من‬ ‫عوامل القهر وصنوفها كالفقر‪ ،‬وحتديد مناهج‬ ‫الدراسة من قبل احملتل الفرنسي ووقفها على‬ ‫فئة معينة من املوالني واخملبرين‪ ،‬وهلل بخلقه‬ ‫شؤون‪ ،‬ولكل امرىء ما نوى‪ ،‬واهلل من وراء‬ ‫القصد‪.‬‬ ‫هذا الوطن ما حد عليه يبخلنّه‬ ‫منّا النذل يحكم عليه بالعدامه‬ ‫من أجله بأرض النبك قد سكنّه‬ ‫ينجد العذ ّية بدور عهد اإلمامه‬ ‫عادات اهلنا التضحية مبالكهنّه‬ ‫كل َمن تك ّلم منهم مرفوع هامه‬ ‫اموالنا وارواحنا له ترخصنّه‬ ‫بفعل ‪ :‬وبصدق القول في الكالمه‬ ‫هذا الثمن كل ما منّا يدفعنّه‬ ‫كل من أبائنا جلدادنا للعمامة‬

‫اعداد‪ :‬هايل عز الدين احللبي‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر البيئة‬ ‫هدية الصهاينة ألطفال لبنان أكثر من ‪ 4‬ماليين قنبلة عنقودية‬

‫المهندس مازن عبود لـ “منبر التوحيد”‪ :‬وزارة البيئة‬ ‫تحتاج لوزير تقني‪ ،‬وعدوان تموز خلّف كوارث بيئية خطيرة‬ ‫تكتف إسرائيل بقتل األبرياء وتشريد آالف‬ ‫لم‬ ‫ِ‬ ‫املواطنني وتدمير منازلهم في عدوانها األخير‬ ‫على لبنان في متوز ‪ ، 2006‬بل س ّببت كوارث بيئية‬ ‫فادحة على جميع الصعد‪ ،‬إن على مستوى تل ّوث‬ ‫التربة أو املاء أو الهواء مخ ّلف ًة أكثر من ‪ 4.5‬ماليني‬ ‫قنبلة عنقودية وآالف األلغام في القرى والبلدات‬ ‫واملدن اللبنانية‪ ،‬خاص ًة اجلنوبية والبقاعية‪.‬‬

‫يد اإلجرام الصهيونية تنشر‬ ‫قنابلها على األراضي اللبنانية‬ ‫ترك اإلرهاب اإلسرائيلي ما يزيد عن أربعة ماليني‬ ‫قنبلة عنقودية بعد عدوان متوز‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫األلغام املوجودة منذ انسحابها خانعة خاضعة‬ ‫بعد حترير عام ‪ .2000‬كل ذلك يترافق مع رفض‬ ‫القيادة اإلسرائيلية الشنيعة تسليم اخلرائط‬ ‫التي تبينّ أماكن وجود هذه القنابل لتسهيل‬ ‫عملية انتزاعها ضارب ًة عرض احلائط كل النداءات‬ ‫واملناشدات الدولية‪ ،‬وكل املواثيق الدولية حلقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫لقد استعمل العدو أنواعا ً عديدة من القنابل‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ـ صواريخ من نوع “أم‪ ،”26‬يحتوي كل منها على‬ ‫‪ 644‬قنبلة عنقودية خاصة “ب‪.‬ل‪.‬يو‪ ”36‬املضادة‬ ‫لألشخاص‪،‬‬ ‫ـ قنابل “أم‪.483.‬أ ‪ ”1‬التي تتميز بوجود خامت على‬ ‫شكل ماسة عليها‪ ،‬وكل قذيفة منها حتتوي على‬ ‫‪ 88‬قنبلة عنقودية صغيرة‪.‬‬ ‫ـ قنابل “أم ‪ ”42‬و”أم ‪ :”77‬وهي قنابل معدنية‬ ‫حجمها كبطارية مشعل يدوي وتُقذف من‬ ‫قذائف مدفعية جوية‪.‬‬ ‫ـ قنابل “أم ‪ : ”46‬وهي حاوية حتمل عدد من‬ ‫القنابل العنقودية بداخلها‪.‬‬ ‫ـ حاوية من نوع “سي‪ ،‬حتمل ‪ 65‬قنبلة‬ ‫عنقودية‪.‬‬ ‫كل هذه القنابل وغيرها من نوع “أم‪.‬كاي‪،”81‬‬ ‫“أم‪.‬كاي‪“ ،”82‬أم‪.‬كاي‪،”83‬و “أم‪.‬كاي‪ ...”84‬سب ّبت‬ ‫أضرارا ً بشرية فادحة طالت أكثر من ‪ 290‬مواطنا ً‬ ‫بني شهيد وجريح‪.‬‬ ‫وقد ص ّرح املدير التنفيذي لـ”هيومن رايتس‬ ‫ووتش” كينيث روث‪ ،‬أن القذائف العنقودية‬ ‫أسلحة ال يعتمد عليها وقليلة الدقة إلى حد غير‬ ‫مقبول عند استخدامها على مقربة من املدنيني‪،‬‬ ‫وال يجوز استخدامها أبدا ً في املناطق املأهولة‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولكن هل هذه الثوابت موجودة لدى عدو غاصب‬ ‫كالعدو الصهيوني؟ هنا ال بد من اإلشارة إلى أ ّن‬ ‫أكثرية هذه القنابل األميركية الصنع مبعظمها‪،‬‬ ‫مصممة لقتل البشر أو تشويههم وهي قادرة‬ ‫على االنفجار على مساحات واسعة لتطال أكبر‬ ‫عدد ممكن من الضحايا‪ ،‬خاص ًة أ ّن الكثير منها‬ ‫يحتوي على مادة الفوسفور‪.‬‬ ‫وكان الرئيس نبيه بري قد ناشد احلكومة‬ ‫اللبنانية‪“ ،‬الغائب األكبر عن متابعة هذه األزمة‬ ‫اخلطيرة واملميتة”‪ ،‬إلى “عدم االستمرار في‬ ‫دفن رأسها في الرمل‪ ،‬وجتاهل مسؤوليتها جتاه‬ ‫هذه املشكلة وأبعادها اإلنسانية واالجتماعية‬ ‫واإلمنائية‪ ،‬بدءا ً بتخصيص هذه القضية اسميا ً‬ ‫باعتمادات في موازنات الدولة‪ ،‬وحتريك احلساب‬ ‫اخلاص الذي افتتح لهذه القضية‪ ،‬وتعويض‬ ‫عائالت شهداء األلغام والقنابل العنقودية‪،‬‬ ‫ومتابعة شؤون اجلرحى‪ ،‬والتعويض على املالكني‬ ‫واملزارعني الذين زرعت اسرائيل أرضهم باملوت‬ ‫املتر ّبص”‪.‬‬ ‫هنا ال بد من التساؤل‪ :‬هل من دولة حتترم‬ ‫شعبها وقوانينها‪ ،‬تسمح لنفسها مبرور عامني‬ ‫على انتصار مقاومتها الباسلة على عدوان‬ ‫غاصب‪ ،‬فيما ال تعمل جديا وسريعا على إزالة‬ ‫آثاره ومخلفاته من القنابل واأللغام والدمار‪.‬‬ ‫من الضروري التساؤل عن املنظر العام للبنان‬ ‫لوال وجود أيادٍ ساهمت في إعادة اإلعمار وإزالة‬ ‫بعض هذه اخمللفات ولو بنسب قليلة‪ .‬وهنا‬

‫‪102‬‬

‫جدول باجلهود التي بُذلِت إلزالة هذه القنابل‬ ‫واأللغام‪:‬‬

‫كارثة زراعية وجوية ومائية‬ ‫سببّها التسرّب النفطي‬ ‫امتدت يد اإلرهاب اليهودية لتطال معامل‬ ‫النفط في محطة اجلية‪ ،‬مما أدى إلى تس ّرب نفطي‬ ‫وامتداد الوقود على طول الشاطئ والساحل‬ ‫اللبناني لتصل إلى البحر وتركد في قعره مك ّون ًة‬ ‫طبقة كثيفة بطول ‪ 150‬كلم وبعمق ‪ 30‬كلم‬ ‫وهي تستلزم خبرة إلزالتها‪ ،‬فقد تس ّرب حوالى‬ ‫‪ 15‬ألف طن من زيت الوقود‪ ،‬مما أدى إلى انخفاض‬ ‫نسبة الكائنات البحرية بنسبة ‪ّ .%90‬‬ ‫وأكدت وزارة‬ ‫البيئة إزالة حوالى ‪ 1144‬مترا مكعبا من النفايات‬ ‫السائلة‪ ،‬و‪ 7537‬مترا مكعبا من النفايات شبه‬ ‫الصلبة والصلبة‪ ،‬ولكن هذا ال يعني إزالتها‬ ‫بالكامل بل ما زال هناك مخلفات في قعر البحر‬ ‫على طول الشاطئ‪ ،‬هذا مع تو ّلد التلوث اجلوي‬ ‫وتبخره في الهواء‪.‬‬ ‫بعد احتراق الوقود املتس ّرب ّ‬ ‫أخذ القطاع الزراعي نصيبه الوافر من األضرار‬ ‫الشاملة بعد عدوان متوز‪ ،‬حيث تضررت املساحات‬ ‫الزراعية بشكل كبير‪ ،‬خاص ًة بوجود القنابل‬ ‫واأللغام التي مت ّثل خطرا ً كبيرا ً على املزارعني‪،‬‬ ‫فبلغت خسائر هذا القطاع بحسب وزارة‬ ‫الصناعة نحو ‪ 200‬مليون دوالر وذلك بعد تدمير‬


‫األراضي التي ت ّم‬ ‫مسحها م‪2‬‬

‫آب ‪-2006‬‬ ‫‪2007‬‬

‫ت‪2007 2‬‬

‫ك‪2007 1‬‬

‫ك‪2008 2‬‬

‫شباط ‪2008‬‬

‫آذار ‪2008‬‬

‫المجموع‬

‫‪5,948,367‬‬

‫‪511,755‬‬

‫‪193,008‬‬

‫‪116,914‬‬

‫‪315,581‬‬

‫‪287,255‬‬

‫‪7,372,880‬‬

‫تنظيف حقول األلغام‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪735‬‬

‫‪30‬‬

‫‪2‬‬

‫‪20‬‬

‫‪14‬‬

‫‪12‬‬

‫‪813‬‬

‫‪15.733‬‬

‫‪234‬‬

‫‪122‬‬

‫‪87‬‬

‫‪273‬‬

‫‪219‬‬

‫‪16,668‬‬

‫إزالة القنابل غير‬ ‫المنفجرة‬ ‫القنابل العنقودية‬

‫احلقول والبساتني‪ ،‬والبنية التحتية الزراعية من‬ ‫آالت وأنظمة ري ومعامل زراعية‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫نفوق آالف الرؤوس من املاشية والدواجن‪.‬‬ ‫لقد حتقق نصر الوطن على يد املقاومة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ولكن ماذا عن نصر إعادة اإلعمار‬ ‫والبناء‪ .‬أليس من واجب احلكومة اللبنانية العمل‬ ‫على كل هذه األمور؟ برأيي أن هذا الوطن لم يكن‬ ‫ليعود كما كان لوال وجود بعض الدول الشقيقة‬ ‫التي قدمت املساعدات للبنان‪ ،‬وسواعد “جهاد‬ ‫البناء” ومشروع “وعد” الذين رفضوا الدمار واخلراب‬ ‫وعملوا على إعادة اإلعمار مع الغياب الرسمي‬ ‫املهني للحكومة اللبنانية‪.‬‬ ‫ولالطالع أكثر على دور وزارة البيئة اللبنانية‬ ‫واجلمعيات البيئية في معاجلة األضرار والكوارث‬ ‫البيئة الناجمة عن عدوان متوز‪ ،‬التقت “منبر‬ ‫التوحيد” الرئيس السابق الحتاد اجلمعيات‬ ‫الشمالية‪ ،‬ومستشار األمم املتحدة في “خطة‬ ‫املتوسط في برنامج األمم املتحدة للبيئة”‪ ،‬الـ‬ ‫(‪ ،)UNEP‬املهندس مازن عبود‪ ،‬حيث كان لها معه‬ ‫هذا اللقاء‪:‬‬ ‫ً‬ ‫بداية‪ ،‬ما هو دوركم على صعيد البيئة؟‬ ‫نحن نعمل على تفعيل السياسات البيئية‬

‫وتصويبها إلى حد كبير في األماكن التي فيها‬ ‫خلل معني‪ .‬فعندما يُصدر وزير البيئة قرارا ً مثالً‬ ‫بفتح الصيد البري‪ ،‬نعمل على لفت النظر إلى‬

‫األخطاء الناجمة عن هذا القرار كزيادة السالح‬ ‫بني املواطنني مثالً‪ .‬إذا ً نحن من النوع الذي يسلط‬ ‫األضواء على األخطاء البيئية الصادرة عن وزارة‬ ‫البيئة‪ .‬إن برنامج األمم املتحدة (‪ ،)UNEP‬يهتم‬ ‫بتطبيق معاهدة برشلونة التي تُعنى بحماية‬ ‫البحر املتوسط من التلوث وهذه املعاهدة تضم‬ ‫‪ 21‬دولة متوسطية‪ ،‬وكل دولة ممثلة على صعيد‬ ‫وزير البيئة‪ .‬أما دورنا في لبنان‪ ،‬فهو لفت النظر‬ ‫إلى األضرار التي يحدثها الناس‪ ،‬كاستعمال‬ ‫الديناميت في صور مثالً‪ ،‬نحن نقوم بعملنا عبر‬ ‫بيانات إعالمية لزيادة الوعي البيئي‪.‬‬ ‫كيف تقوّم عالقتكم مع وزارة البيئة؟ وكيف‬ ‫يتم التنسيق معها؟‬ ‫ننسق على صعيد املوظفني أل ّن الوزراء‬ ‫نحن ّ‬ ‫يتغيرون‪ ،‬وألن الوزير عاد ًة يأتي ليس خلدمة البيئة‬ ‫بل خلدمة مشروعه السياسي‪ ،‬لذا فنحن نتعاطى‬ ‫مع فريق العمل في الوزارة بدءا ً من املدير العام‬ ‫ووصوال ً إلى باقي املوظفني‪.‬‬ ‫ما املشاريع التي تتشاركون فيها كأمم‬ ‫متحدة مع وزارة البيئة؟‬ ‫ال يحق لألمم املتحدة أن تقوم بأي مشروع في‬ ‫لبنان بدون العودة إلى الوزراء ألنها منتدى دول‪ ،‬وإذا‬ ‫حضرت اجلمعيات فيها حتضر بصفة خاصة‪.‬‬ ‫متّ احلديث كثيراً عن القنابل العنقودية‬

‫‪103‬‬

‫ّ‬ ‫خلفها العدوان اإلسرائيلي‬ ‫واأللغام التي‬ ‫األخير في متوز ‪ .2006‬هل كان لديكم أي دور في‬ ‫هذا النطاق؟‬ ‫لقد عملنا في مجال السياسات البيئية‪ ،‬وكنا‬ ‫من األوائل الذين س ّلطوا األضواء على القنابل‬ ‫العنقودية واأللغام وتأثيرها على القطاع الزراعي‪،‬‬ ‫وبفضل االتصاالت واملتابعة‪ّ ،‬‬ ‫متكنت الدولة من‬ ‫تأمني امليزانية الالزمة من أجل التنظيف واملعاجلة‬ ‫من آثار حرب متوز إن على صعيد البحر أو األراضي‬ ‫الزراعية‪ .‬أما نحن‪ ،‬فدورنا متكامل مع اإلعالم‬ ‫ونحن نعمل من خالله‪ ،‬فنس ّلط األضواء على‬ ‫ونقدم املعلومات الالزمة‪ ،‬ومن ثم نعمل‬ ‫املوضوع‬ ‫ّ‬ ‫مع الوزارات اخملتصة واجلهات املانحة‪ ،‬لقد عملنا‬ ‫بجهد في حرب متوز حيث كانت األولويات بيئية‬ ‫بحتة‪ ،‬فلفتنا النظر إلى تل ّوث البحر من جهة‬ ‫والقنابل العنقودية من جهة أخرى‪ .‬لقد ضربت‬ ‫ُقدر باآلالف حيث أضحت آالف‬ ‫اسرائيل قنابل ت ّ‬ ‫الهكتارات من األراضي الزراعية في اجلنوب غير‬ ‫صاحلة لالستعمال‪ .‬إن نسب هذه القنابل تحُ تسب‬ ‫عبر البنك الدولي‪ ،‬ووفقا ً له فقد أُزيل الربع منها‬ ‫وال يزال هناك ثالثة أرباع عددها‪ ،‬وكلفة إزالتها‬ ‫ُقدرمباليني الدوالرات‪.‬‬ ‫ت ّ‬ ‫هل تعمل وزارة البيئة على هذا املوضوع؟‬ ‫هذا ليس من صلب صالحياتها‪ ،‬بل هو من‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر البيئة‬ ‫الجهة‬

‫وزارة الزراعة بالتعاون مع‬ ‫منظمة الفاو‬

‫المركز االستشاري‬ ‫للدراسات والتوثيق‬

‫جمعية مستوردي مستلزمات‬ ‫اإلنتاج الزراعي في لبنان‬

‫المزروعات (من ضمنها األشجار الحرجية)‬

‫‪257.425000‬‬

‫‪140.971.590‬‬

‫‪246.000.000‬‬

‫الثروة الحيوانية (من ضمنها الثروة السمكية)‬

‫‪40.207.000‬‬

‫‪12.238.726‬‬

‫‪92.400.000‬‬

‫المجموع (‪)$‬‬

‫‪297.632.000‬‬

‫‪153.210.316‬‬

‫‪339.100.000‬‬

‫نوع األضرار‬

‫صالحيات وزارات اخرى وتلزمها أيضا ً ميزانية‬ ‫للقيام بإزالة هذه القنابل واأللغام‪.‬‬ ‫إذا كانت الوزارات ال تعمل بهذا الشأن‪ ،‬إذاً مَن‬ ‫يعمل على إزالة اخمللفات اإلسرائيلية؟‬ ‫هناك مكتب إزالة األلغام املشترك بني اجليش‬ ‫اللبناني واألمم املتحدة أي اليونيفيل‪ .‬هذا املكتب‬ ‫يأخذ متويله من قطر وغيرها من الدول املانحة‪.‬‬ ‫ماذا عن اجلهود التي قمتم بها بالنسبة‬ ‫لتنظيف البحر بعد التسرّب النفطي الذي‬ ‫حصل جراء قصف العدو ملعامل اجليّة؟‬ ‫لقد عملنا على هذا املوضوع وحركناه على‬ ‫الصعيد الدولي‪ ،‬وقد لقينا التجاوب الالزم‬ ‫من وزير البيئة السابق “يعقوب الصراف” لكن‬ ‫حصلت مخالفة في احلكومة السابقة حيث‬ ‫متّ ألول مرة بتاريخ لبنان انتداب صالحية وزارة‬ ‫جلمعية بيئية التي هي “بحر لبنان”‪ .‬هذا االنتداب‬ ‫حصل بشرط ان تبينّ هذه اجلمعية ما أجنزته وما‬ ‫لكن‬ ‫صرفت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األموال التي دخلت إليها‪ ،‬وكيف ُ‬ ‫عملها لم يكن شفافاً‪ ،‬فهذه اجلمعية محسوبة‬ ‫على طرف سياسي هو “تيار املستقبل”‪ ،‬وهذه‬ ‫اجلمعية أخذت صالحيات الوزارة من الوزير الذي‬ ‫أخطأ بعدم ّ‬ ‫حتفظه في مجلس الوزراء مع أنه‬ ‫قال إن القرار كان بظرف استثنائي‪ ،‬ولكن بالعرف‬ ‫القانوني‪ ،‬ميكن إدراج أي بند يختص بوزارة البيئة‬ ‫بدون موافقة الوزير اخملتص‪ .‬من املمكن أن يكون‬ ‫قد أخذ هذا القرار للتخ ّلص من التدابير اإلدارية‬ ‫وميكن القول ا ّن “بحر لبنان” قامت بعمل ما‪ ،‬لكننا‬ ‫ال نعرف قيمة املوازنة التي صرفتها‪ ،‬فاألرقام التي‬ ‫قدرناها ال يجوز ان تقل عن ‪ 65‬الف دوالر‪ .‬اليوم‪ ،‬إذا‬ ‫أخطأ الوزير أو الوزارة‪ ،‬فهو يخضع للمحاسبة من‬ ‫ِقبل اجمللس النيابي‪ .‬أما حالة اخلطأ التي قامت‬ ‫بها اجلمعية فلم يتم احملاسبة عليها‪.‬‬ ‫أال ميكن أن نعرف نسبة التلوث الذي ما زال‬ ‫موجودا ً في البحر نتيجة التسرّب النفطي؟‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬ال يزال هناك تلوث كبير في قعر‬ ‫البحر‪ ،‬وهناك املرحلة الثانية من إزالته التي لم‬ ‫تبدأ حتى اآلن ألنها بحاجة للتمويل‪ ،‬وقد حصلت‬ ‫ّ‬ ‫فتعطل عمل الوزارات‬ ‫األزمة احلكومية الشهيرة‬ ‫ولم يُستكمل العمل بها‪ .‬نحن لم نشعر أ ّن‬ ‫جتربة “بحر لبنان” كانت من التجارب التي ميكن‬ ‫للدولة اللبنانية إعادتها‪ .‬ال يزال الغموض يشوب‬ ‫هذا امللف املهم‪ .‬وما نعلمه هو أنه في حال تكرار‬ ‫ُفعل هيئة الطوارئ‬ ‫حوادث بيئية كهذه‪ ،‬يجب أن ت ّ‬ ‫البيئية ويبدأ العمل اجلدي بهذا املوضوع‪ ،‬خاص ًة‬ ‫أن البيئة هي املتضرر األكبر من كل ما يحصل من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أزمات على جميع الصعد‪.‬‬ ‫ما هي اجلمعيات التي تعمل في إطار إزالة‬ ‫هذه األضرار البيئية؟‬ ‫إجماالً‪ ،‬املؤسسات الكبيرة التي تُعنى بالبيئة‬ ‫تكون تابعة للسياسيني‪ ،‬إذ ال جمعيات حيادية‪،‬‬ ‫وإذا ُوجدت ف ُيراد لها من ِقبل النظام السياسي‬ ‫احلاكم أن ال تكبر وال تصيح مهمة‪ ،‬لذلك نالحظ‬ ‫على صعيد البيئة أن اجلمعيات األساسية التي‬ ‫متلك موازنة تتخطى الـ ‪ 200‬او ‪ 400‬ألف دوالر‬

‫اجلمعيات البيئية احملايدة وتنميتها للتمكن من‬ ‫العمل اجلدي‪ ،‬لتصل إلى نوع من اجملتمع املدني‬ ‫البيئي الذي يحاسب على كل األعمال‪ .‬فمثالً‪،‬‬ ‫عندما كنت رئيس احتاد اجلمعيات الشمالية‪،‬‬ ‫كنا نأخذ مواقف بيئية من الدولة وحتى من‬ ‫املعارضة‪ ،‬وكانت املوازنة ال تتعدى الـ ‪ 20‬أو ‪30‬‬ ‫االف دوالر سنوياً‪ ،‬بالرغم من اننا كنا ‪ 17‬جمعية‬ ‫لم نتمكن من تلقي الدعم املالي من الدولة‪ ،‬بل‬ ‫تلقينا فقط الدعم املعنوي من الطاقم التقني‬

‫وزارة البيئة الغائب األكبر‬ ‫عن متابعة ملف‬ ‫اضرار حرب متوز‬ ‫وزير البيئة ال يأتي خلدمة البيئة‬ ‫بل خلدمة مشروعه السياسي‬ ‫جمعية “بحر لبنان” لم تقوم‬ ‫بواجبها كامالً إذ لم تق ّدم تقارير‬ ‫عما أجنزته من مشاريع‬ ‫البيئة هي املتضرر األكبر‬ ‫من كل ما يحصل من أزمات‬ ‫هي جمعيات مرتبطة مباشرة بالسياسيني‪،‬‬ ‫وهم باألغلب رؤساؤها‪ ،‬فـ”بحر لبنان” مثالً تابعة‬ ‫ملؤسسة احلريري كما ذكرنا‪ ،‬والـ”‪ ”AFDB‬إلعادة‬ ‫التحريج هي للنائب أكرم شهيب‪ ،‬و”مؤسسة‬ ‫معوض” تابعة للرئيس معوض‪ ،‬وكذلك مؤسسات‬ ‫“جهاد البناء” تابعة حلزب اهلل‪ ،‬وهذه األخيرة‬ ‫ّ‬ ‫متكنت من العمل في اإلطار البيئي ألنها متلك‬ ‫القدرة اللوجستية للدخول إلى جميع املناطق‪.‬‬ ‫هل ّ‬ ‫تنسق هذه اجلمعيات مع وزارة البيئة؟‬ ‫إذا كانت مدعومة من سياسي ما‪ ،‬فهي‬ ‫ليست بحاجة للتنسيق مع الوزارة بل تعمل على‬ ‫تغييب دور األخيرة‪ .‬وهنا الدولة مدع ّوة إلى دعم‬

‫‪104‬‬

‫للوزارة‪ .‬إن االحتاد األوروبي هو األفضل من ناحية‬ ‫دعم اجلمعيات البيئية‪ ،‬لكنني إذا كنت أستطيع‬ ‫العمل على مشروع بيئي لربح سياسي فلماذا ال‬ ‫أقوم به؟ من هنا أصبحت األمور تتشرذم بيئياً‪.‬‬ ‫ماذا عن تأثير عدوان إسرائيلي على البيئة‬ ‫اللبنانية؟‬ ‫كان لعدوان متوز تأثير كبير إن في الهواء حيث‬ ‫ظهرت أمراض تنفسية كثيرة في املستشفيات‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى تلوث األراضي بالقنابل حيث لم‬ ‫يعد املواطنون قادرين على استثمار أراضيهم‬ ‫تقدمت‬ ‫التي حت ّولت بالتالي إلى “أراض بور”‪ .‬لقد ّ‬ ‫الدولة اللبنانية بدعوى ضد اسرائيل عبر األمم‬


‫املتحدة‪ ،‬وكنا من أول املطالبني بها عبر جريدة‬ ‫وسحب القرار من اجلمعية العامة لألمم‬ ‫“البلد”‪ُ .‬‬ ‫املتحدة يدين اسرائيل ويطلب منها تك ّبد أكالف‬ ‫اعتدائها على لبنان‪ .‬لقد صدرت توصية من‬ ‫اجلمعية العامة‪ ،‬لكنها بالتأكيد لن متر على‬ ‫مجلس األمن ألنه يصطدم بالفيتو‪ .‬هذا القرار‬ ‫لم يُ ّ‬ ‫نفذ ألنه يستلزم تقدمي شكوى إلى محكمة‬ ‫العدل الدولية‪ ،‬أو على اجلهات الدولية اخملتصة‬ ‫بتطبيق القرارات الدولية‪ ،‬ولألسف الشديد‬ ‫ميكن القول إنه ما لم يكن هناك سلطة تط ّبق‬ ‫القانون الدولي بشكل محايد‪ ،‬فال ميكن التحدث‬ ‫عن القانون‪ ،‬ألن القوانني التي تأتي مع مصلحة‬ ‫القوي ت ّ‬ ‫ُنفذ‪.‬‬ ‫إذا ً فالشكوى ذهبت ُ‬ ‫سدىً ؟‬ ‫ال‪ ،‬بل يلزمها عمل دبلوماسي من الدولة‬ ‫اللبنانية ووزارة البيئة ملتابعة هذا املوضوع‪ ،‬هذه‬ ‫القضية يلزمها تقنيون وفريق عمل وزارة اخلارجية‬ ‫اللبنانية ملالحقتها ووضع احللول ملعاجلتها‪ ،‬ألننا‬ ‫نشعر يوما ً بعد يوم بتأثير الغارات اإلسرائيلية‬ ‫على لبنان‪ ،‬ومدى اخلراب الذي أحلقته إن على‬ ‫الصعيد الزراعي أو احتراق الغابات‪ .‬إذا ً املفروض‬ ‫على الدولة اللبنانية ان تعمل على التعويض‬ ‫عن املواطنني باجلهود الدبلوماسية ودعم الدول‬ ‫الصديقة‪ .‬هذا األمر ال ميكن التغاضي عنه فهناك‬ ‫أطنان من القنابل التي أمطرتها اسرائيل على‬ ‫أرض لبنان‪ ،‬كل واحدة من هذه القنابل تنشطر‬ ‫إلى قنابل صغيرة وكل واحدة منها قادرة على قتل‬ ‫إنسان‪ .‬إمنا هناك تراجع كبير لألولويات البيئية‬ ‫في البلد وحلول األولويات السياسية مكانها‪.‬‬ ‫إ ّن األولوية األساسية التي يجب أن تُعطى لوزارة‬ ‫البيئة هي تسليمها لوزير تقني ّ‬ ‫مطلع على‬ ‫كل املواضيع البيئية ليستطيع إجناز املشاريع‬ ‫البيئية‪ .‬فلبنان يعتمد على السياحة عمادا‬ ‫أساسيا القتصاده والسياحة تعتمد على البيئة‪،‬‬ ‫وبالتالي كل ذلك يؤثر على قطاع السياحة‪ .‬نحن‬ ‫نناشد الرئيس سليمان وضع أولوية لوزارة البيئة‬ ‫كتلك التي ُوضعت لوزارة الداخلية‪ ،‬فحقيبة‬ ‫البيئة جد أساسية بعكس ما يعتبرها الكثير‬ ‫من السياسيني‪ ،‬هذه الوزارة تعتبر من أسخف‬ ‫الوزارات في لبنان‪.‬‬

‫ما املشاريع التي قامت بها وزارة البيئة‬ ‫في احلكومة اجلديدة ملعاجلة األضرار الباقية‬ ‫للعدوان؟‬ ‫إن وزارة البيئة لم تفعل شيئا ً حتى اليوم‪،‬‬ ‫وهي مدع ّوة الستكمال الدعوى ضد اسرائيل‪ .‬أنا‬ ‫ال أرى أن هذه القضية ومتابعتها هي من صلب‬ ‫اهتمامات وزير البيئة‪ .‬أنا لم أر شيئا ً على صعيد‬ ‫احلرائق‪ ،‬بل كان العمل كله لوزير الداخلية زياد‬ ‫بارود الذي عمل كوزير بيئة أكثر من وزير البيئة‬ ‫نفسه‪ ،‬فبدل أن يطلق الوزير بارود املبادرة جلمع‬ ‫األموال لشراء الطائرات‪ ،‬كان يجب أن يتم ذلك‬ ‫عبر وزير البيئة الذي يعمل ببطء شديد بحيث‬ ‫تتوالى الكوارث البيئية من دون مالحقتها سريعاً‪،‬‬ ‫مما يعني غياب االهتمام الالزم لهذه األزمات‪.‬‬ ‫إذا ً العمل اجلدي هو للقطاع اخلاص فقط؟‬ ‫ال ميكننا تناسي دور املديرية العامة لوزارة‬ ‫البيئة‪ ،‬ولكن املشكلة هي غياب الصالحيات‪.‬‬ ‫هم يريدونا “سكينا من بالستيك” فنحن نقول‬ ‫إننا نريد “سكينا من حديد”‪ ،‬فالقانون صدر‬ ‫لكن املراسيم التنفيذية لم تصدر بعد وبالتالي‬ ‫ّ‬ ‫فالوزارة غير قادرة على القيام بعملها‪ ،‬خاص ًة‬ ‫بغياب وزير تقني للوزارة بالرغم من وجود كادر‬ ‫تقني من أفضل الكوادر التقنية التي تعمل‬ ‫بشكل ممتاز‪.‬‬

‫من املعروف أن مادة الفوسفور وغيرها من‬ ‫املواد املمنوعة استعملتها اسرائيل في‬ ‫قنابلها ضد لبنان؟ ألم حتصل شكوى دولية‬ ‫في هذا األمر؟‬ ‫هذا من ضمن امللف الذي تقدمت به الدولة‬ ‫اللبنانية دولياً‪ ،‬وهنا ال بد من التنويه بالعمل الذي‬ ‫قامت به وزارتا البيئة والداخلية اللتان متكنتا‬ ‫من مواكبة امللف إلصدار القرار من اجلمعية‬ ‫العمومية الدولية الذي يدين اسرائيل ويطلب‬ ‫منها دفع املبالغ ألضرارها على لبنان‪.‬‬ ‫ما العمل التي تستطيع الوزارة اليوم القيام‬ ‫به؟‬ ‫من السهل جدا ً جتهيز ملف ودراسات بالتعاون‬ ‫مع البناك الدولي ومنظمة الفاو أي منظمة‬ ‫األغذية والزراعة العاملية‪ ،‬وجتهيز امللف بصورة‬ ‫أكمل‪ ،‬وأخذ القرار السياسي واللوجستي للبدء‬ ‫بهذه املعركة التي ميكن للبنان أن يربحها بسهولة‬ ‫لو حشد طاقاته الدبلوماسية والتقنية‪.‬‬ ‫هل تابعتم أوضاع املزارعني بعد أضرار‬ ‫العدوان؟‬ ‫في عام الـ‪ ،2006‬قدمنا تعويضات للمزارعني‬ ‫كـ”إدارة حصر التبغ والتنباك” لكنها بالتأكيد‬ ‫غير كافية لتغطية كل األضرار باحلد األدنى‬ ‫وبعكس كل القطاعات التي لم يتم التعويض‬ ‫عنها أبداً‪ .‬فاملطلوب إذا ً التنسيق بني وزارة البيئة‬ ‫والداخلية للتحرك وإيجاد احللول الالزمة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫خاصة بعد‬ ‫ماذا عن دعم صيادي األسماك‬ ‫التلوث الذي حصل في قعر البحر؟‬ ‫هؤالء هم احللقة األضعف‪ .‬لقد متّ التعويض‬ ‫لكن هذه الشريحة‬ ‫البسيط من الـ “‪،”UNDP‬‬ ‫ّ‬ ‫تقل تدريجياً‪ ،‬فالتعويض لم يكن كافيا ً أبداً‪،‬‬ ‫هم يدفعون الضريبة األكبر‪ .‬من املفترض أن‬ ‫تكون الهيئة العليا لإلغاثة قد قدمت بعض‬ ‫املساعدات لهذه الشريحة التي تُفقر يوما ً بعد‬ ‫يوم‪ .‬هذه الكوارث وغيرها من األعمال واملشاريع‬ ‫التي تستلزم التعويض بعد عدوان متوز والعمل‬ ‫على معاجلتها‪ ،‬تنتظر قيام الدولة مبالحقتها‪.‬‬

‫اعداد وحوار ‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪105‬‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر رياضي‬

‫دخل البريطاني لويس هاميلتون سائق‬ ‫ماكالرين مرسيدس تاريخ بطولة العالم‬ ‫لسباقات فورموال واحد بعدما توج باللقب اثر‬ ‫حلوله في املركز اخلامس جلائزة البرازيل الكبرى‬ ‫املرحلة الثامنة عشرة االخيرة لهذا املوسم التي‬ ‫احرز مركزها االول منافسه الوحيد البرازيلي‬ ‫فيليبي ماسا سائق فيراري دون ان يكون ذلك‬ ‫كافيا ليكون التتويج من نصيبه‪.‬‬ ‫وكانت نهاية السباق مثيرة للغاية لم تعرف‬ ‫خامتته حتى بعد جتاوز السيارات خط النهاية‬ ‫الن طاقم فيراري وعائلة ماسا كانوا يحتفلون‬ ‫باللقب العاملي داخل حظيرة “احلصان اجلامح”‬ ‫ظنا منهم ان “رجلهم” هو البطل لكن االمر‬ ‫ذاته كان في حظيرة ماكالرين الن طاقم الفريق‬ ‫البريطاني علم ان هاميلتون جنح في جتاوز‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫هاميلتون‬ ‫يدخل‬ ‫التاريخ ‪..‬‬ ‫أول سائق‬ ‫أسود‬ ‫يفوز بلقب‬ ‫الـفورموال ‪1‬‬ ‫االملاني تيمو غلوك سائق تويوتا في املنعطف‬ ‫االخير قبل خط النهاية مستفيدا من اعتماد‬ ‫االخير على االطارات اخلاصة باحللبة اجلافة في‬ ‫حني ان االمطار بدأت تهطل في اللفات الست‬ ‫االخيرة ما جعله يخسر ‪ 18‬ثانية في اللفة‬ ‫االخيرة فقط‪.‬‬ ‫ودخل هاميلتون الى سباق انترالغوش وهو‬ ‫متقدم على منافسه الوحيد ماسا ب‪ 7‬نقاط‬ ‫وكان بالتالي بحاجة الى انهاء السباق في املركز‬ ‫اخلامس فقط من اجل منح فريقه البريطاني‪-‬‬ ‫االملاني لقبه االول للسائقني منذ ‪ 1998‬والثاني‬ ‫عشر في تاريخه وهو جنح في حتقيق ذلك معظم‬ ‫السباق قبل ان يفقد اللقب مؤقتا في اللفتني‬ ‫االخيرتني بعدما جتاوزه االملاني سيباستيان‬ ‫فيتيل سائق تورو روسو ليتراجع البريطاني الى‬

‫املركز السادس قبل ان يخدمه احلظ وغلوك في‬ ‫املنعطف االخير‪.‬‬ ‫وعوض هاميلتون خيبة املوسم املاضي‬ ‫عندما خسر اللقب على هذه احللبة بالذات‬ ‫ودخل تاريخ رياضة الفئة االولى بعدما اصبح‬ ‫اصغر سائق يتوج باللقب (‪ 23‬عاما و‪ 9‬اشهر‬ ‫و‪ 26‬يوما) ليتفوق على زميله السابق االسباني‬ ‫فرناندو الونسو (رينو حاليا) الذي احرز اللقب‬ ‫عام ‪ 2005‬وهو يبلغ ‪ 24‬عاما و‪ 59‬يوما‪.‬‬ ‫وهو اللقب االول ملاكالرين مرسيدس في بطولة‬ ‫السائقني منذ ‪ 1999‬عندما كان الفنلندي ميكا‬ ‫هاكينن اخر الفائزين باللقب العاملي مع الفريق‬ ‫البريطاني‪-‬االملاني‪.‬‬ ‫وكان عزاء ماسا بتأكيد صدارة فريقه‬ ‫فيراري لترتيب الصانعني فحسم “احلصان‬


‫نتائج بطولة الـ”فورموال ‪2008 ”1‬‬

‫ترتيب بطولة العالم‬ ‫عدد النقاط‬ ‫األبطال‬ ‫‪98‬‬ ‫هاملتون‬ ‫‪97‬‬ ‫ماسا‬ ‫‪75‬‬ ‫كوبيتسا‬ ‫‪61‬‬ ‫ألونسو‬ ‫‪60‬‬ ‫هايدفيلد‬ ‫‪53‬‬ ‫كوفاالينن‬ ‫‪35‬‬ ‫فيتيل‬ ‫‪31‬‬ ‫تروللي‬ ‫‪25‬‬ ‫غلوك‬ ‫ترتيب الصانعين‬ ‫عدد النقاط‬ ‫الصانعين‬ ‫‪172‬‬ ‫فيراري‬ ‫‪151‬‬ ‫ماكالرين‬ ‫‪135‬‬ ‫بي أم دبليو‬ ‫‪80‬‬ ‫رينو‬ ‫‪56‬‬ ‫تويوتا‬

‫اجلامح” اللقب ملصلحته للمرة الثانية على‬ ‫التوالي والسادسة عشرة في تاريخه بعدما‬ ‫رفع رصيده الى ‪ 172‬نقطة بفضل ‪ 6‬نقاط‬ ‫اضافية من رايكونن فيما اكتفت ماكالرين‬ ‫مرسيدس باملركز الثاني برصيد ‪ 151‬نقطة‬

‫امام بي ام دبليو ساوبر (‪ 135‬نقطة) ورينو‬ ‫(‪ )80‬الذي حل سائقها الونسو في املركز‬ ‫الثاني‪.‬‬

‫اعداد‪ :‬رونالد حمدان‬

‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر رياضي‬

‫دييغو مارادونا مدرب المنتخب األرجنتيني‬ ‫اعلن االحتاد االرجنتيني لكرة القدم انه عني‬ ‫رسميا ً النجم دييغو ارماندو مارادونا مدربا‬ ‫للمنتخب االول لكرة القدم‪.‬‬ ‫واظهرت لقطات عرضها التلفزيون االرجنتيني‬ ‫مارادونا لدى وصوله الى مقر التدريب التابع لالحتاد‬ ‫في العاصمة بيونس ايرس‪.‬‬ ‫وجاء القرار بعد اجتماع اجراه مارادونا واملدرب‬ ‫السابق للمنتخب كارلوس بيالردو مع رئيس‬ ‫االحتاد لكرة القدم خوليو غروندونا‪.‬‬

‫وتعد الشعبية التي يتمتع بها مارادونا االكبر‬ ‫في تاريخ كرة القدم‪.‬‬ ‫وسيحل مارادونا مكان املدرب السابق الفيو‬ ‫باسيلي الذي استقال بعد هزمية املنتخب امام‬ ‫نظيره التشيلي في تشرين اول ضمن تصفيات‬ ‫قارة اميركا اجلنوبية املؤهلة الى نهائيات كأس‬ ‫العالم ‪ .2010‬وجاءت الهزمية امام تشيلي ضمن‬ ‫سلسلة من النتائج املتواضعة‪ ،‬حيث حقق‬ ‫املنتخب فوزا ً واحدا ً فقط خالل اخر ‪ 7‬مباريات‬

‫خاضها في التصفيات‪.‬‬ ‫وقال مارادونا في مؤمتر صحفي “تعييني مديرا‬ ‫فنيا للمنتخب االرجنتيني والعمل بجوار كارلوس‬ ‫بيالردو شرف لي وحلم حتقق سأبذل كل ما بوسعي‬ ‫حتى تسير االمور على ما يرام بالنسبة لنا”‪.‬‬ ‫واكد مارادونا انه يرغب في ان يكون خافير‬ ‫ماسكيرانو جنم خط وسط ليفربول االنكليزي‬ ‫قائدا ً للمنتخب‪ .‬واوضح “اريده ان يصبح قائدا‬ ‫لفريقي النني اعتقد انه الالعب االرجنتيني‬ ‫االقرب للصفات التي اريدها‬

‫مارادونا يحرز أول فوز كمدرب‬ ‫منح الالعب ماكسي رودريغيز‪ ،‬مدرب منتخب‬ ‫بالد التانغو‪ ،‬دييغو مارادونا اول فوز له بصفته‬ ‫مدرباً‪ ،‬إثر تسجيل االول الهدف الوحيد في املباراة‬ ‫الودية التي جمعت األرجنتني مع اسكتلندا‪.‬‬ ‫وهي املباراة االولى ملارادونا كمدرب على راس‬ ‫االدارة الفنية ملنتخب بالده‪ ،‬ويعطي هذا الفوز‬ ‫اهمية كبيرة بالنسبة الى مارادونا كونه سيرفع‬ ‫معنوياته في مشواره وسيسكت املشككني في‬ ‫قدراته كمدرب على قياده االرجنتني الى االجنازات‬ ‫التي سطرها معها كالعب وخصوصا قيادتها الى‬ ‫احراز اللقب العاملي عام ‪ .1986‬وشهدت املباراة‬ ‫سيطرة املنتخب االرجنتيني واظهر الالعبون‬ ‫سرعة ومهارة بينما اكتفى العبو املنتخب‬ ‫االسكتلندي مبتابعة فنون الكرة االرجنتينية في‬ ‫امللعب‪.‬‬

‫اعداد‪ :‬رونالد حمدان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪107‬‬


‫منبر قراء‬

‫وئام وهاب‬ ‫ق ّربني من أهلي ولبنان‬ ‫من مغتربي البعيد‪ ،‬يحضر لبنان دائما ً في‬ ‫وجداني وخاطري‪ ،‬وال يغيب أبدا ً عن عقلي وذهني‪،‬‬ ‫إنها مأساة األغتراب اللبناني املشدود دائما ً الى‬ ‫الوطن‪ ،‬الذي هو أكبر من مساحته‪ ،‬إنه على‬ ‫مساحة الكرة األرضية‪ ،‬حيث وجود اللبنانيني في‬ ‫كل أصقاع األرض‪ ،‬حتى قبل إنه ليس هناك بلد في‬ ‫العالم‪ ،‬لم تطأه قدما لبناني‪.‬‬ ‫لكن ما يشدني إلى لبنان هذه األيام‪ ،‬هو النشاط‬ ‫السياسي الذي أتابعه لقريبي ونسيبي وئام وهاب‪،‬‬ ‫الذي يشعرني دائما ً بأنني قريبة من كل أهلي‬ ‫وأقربائي‪ ،‬فأنا الذي سافرت منذ مدة الى أستراليا‪،‬‬ ‫هذه القارة البعيدة‪ ،‬لكن وسائل االتصاالت وتطور‬ ‫التكنولوجيا‪ ،‬ق ّربت بني شعوب األرض‪.‬‬ ‫وئام وهاب ميثل ظاهرة‪ ،‬وأنا هناك أحتدث عنه‪،‬‬ ‫كسياسي أتعلق مبواقفه األكثر جرأة‪ ،‬واألكثر‬ ‫شفافية‪ ،‬فهو أصبح على كل شفة ولسان‪،‬‬ ‫وينتظره قسم كبير من اللبنانيني‪ ،‬ليتعرفوا منه‬ ‫على كل احلقائق‪ ،‬فهو بصراحته وصدقه وكثرة‬ ‫معلوماته‪ ،‬بات مرجعا ً للقابعني وراء البحار‪ ،‬يريدون‬ ‫معرفة ماذا يجري في بلدهم األم‪.‬‬

‫سياسة الزواريب‬ ‫ في زواريب السياسة‬

‫وهذا ما يزيد اعتزازي أن قريبا ً لي‪ ،‬ومن عائلتي‪،‬‬ ‫يخطف املغتربني إليه‪ ،‬ويتقربون منه‪ ،‬ومن األهداف‬ ‫واملبادئ التي يعمل لها‪ ،‬فهو يواجه طبقة سياسية‬ ‫رجعية‪ ،‬وزعماء إقطاعيني‪ ،‬وجتار طائفية‪ ،‬وأرباب مال‬ ‫واحتكار‪ ،‬وهو خرج من بني الناس من أوجاعهم‬ ‫وآالمهم‪ ،‬فيتحدث بهمومهم وأوجاعهم‪ ،‬إنه من‬ ‫جيل الشباب الذي انتفض على الواقع‪ ،‬ومترد على‬ ‫املفاهيم‪ ،‬وانقلب على املقاييس التقليدية‪ ،‬ليضع‬ ‫مقياسا ً لعمله ونضاله‪ ،‬هو الصدق والصراحة‬ ‫والشجاعة‪.‬‬ ‫إنني على بعد آالف األميال‪ ،‬أتوجه بالتحية الى‬ ‫من ق ّربني من أهلي ووطني‪ ،‬إلى وئام الذي أرفع‬ ‫رأسي وأعتز بقرابتي له‪ ،‬إنه من نوع الرجال الذين‬ ‫قرروا أن يغيروا ففعلوا‪.‬‬ ‫هذه رسالتي التي أرسلها عبر “منبر التوحيد”‪،‬‬ ‫هذه اجمللة التي أشتاق إليها‪ ،‬وسأكون دائما ً فيها‬ ‫من خالل رسائلي إليها‪.‬‬

‫سهيلة وهاب حسن‬ ‫أستراليا‬

‫إلى بعض الحكام العرب‬

‫وقفت باألمس أتسكع على أرصفتهم من احمليط‬ ‫إلى اخلليج‪ ،‬أستجدي جوابا ً عن سؤال‪:‬‬ ‫كم سعر كوب الدم؟‬ ‫خمسون درهما‪ ،‬عشرون ليرة‪ ،‬ألف دينار‪ ،‬مئة‬ ‫برميل من النفط‪ ،‬ثالث من اإلبل ومليون ريال‪.‬‬ ‫وقال الكثير الكثير وفهمت مما قال بأنه في‬ ‫شرقنا العربي شرقا ً وغربا ً وجنوبا ً وشماالً‪ ،‬ال اهلل إال‬ ‫الزفت وال دين إال االستسالم وال نبي إال املال‪.‬‬ ‫ما اسمك أيها العربي؟ كم سعر كوب الدم‪،‬‬ ‫مئة برميل من النفط وثالث من اإلبل وماليني من‬ ‫الرياالت وكوفية وعقال‪.‬‬ ‫كم سعر كوب الدم؟ وغصة يتيم أيها اللقطاء‬ ‫أيها العمالء أيها األنذال‪.‬‬

‫تيا ر تو حيد بال د ي‬ ‫بيبقا عا لي بإ ميا نو‬ ‫يا أ غلى عنا من ا لد م‬ ‫سير د ر بك ما بيهم‬ ‫سيا سة حكمة و أ صا لي‬ ‫بتيا ر ا لتو حيد و ا خو ا ن‬

‫شالل من الدم‪ ،‬ولوعة قلب أم‪ ،‬حماة القصور‬ ‫هم‪ ،‬تدرك جيدا ً فلسطني كما تعلم بيروت كيف‬ ‫الوطن يولد وكيف ميوت وكيف الدم األحمر ال شتى‬ ‫أنواع الزيوت‪ ،‬وأكثر تدرك جيدا ً فلسطني كما تعلم‬ ‫بيروت وكل غرسة تبغ من خان ومن قاتل في لبنان‬ ‫واستشهد وقدم دماءه قرباناً‪ّ ،‬‬ ‫لعل الوطن يسلم‪.‬‬ ‫فليدرك األميركان ومن بالنصر يحلم‪ ،‬إن عظمت‬ ‫األحزان فالقدر لن يرحم‪ ،‬لن يهدأ البركان‪ ،‬واحلق لن‬ ‫يهزم وإن كثرت األديان نحن الدين نفهم‪،‬‬ ‫ال املوت وال اإلذعان‪ ،‬فدى األوطان‪ ،‬املوت فداء لبنان‪،‬‬ ‫هو ديننا األسلم‪.‬‬

‫أ‪ -‬ع‬ ‫حا مل با لد م شها د ي‬ ‫بقيا د ة ا بو ها د ي‬ ‫عطر جها د ك عمنشم‬ ‫مهما كثر و ا ا ال عا د ي‬ ‫بيبقى نهجك عا لعا لي‬ ‫ا نت ر مز ا لسيا د ي‬

‫فادية ابو ذياب‬

‫رغم شموخ جبالنا بعزة األرز الصامد‪،‬‬ ‫ورغم مساحات أرض بقاعنا األبي الواسعة‬ ‫وعلى امتداد حقول التبغ وأشجار الليمون‬ ‫وشقائق النعمان في جنوبنا املقاوم‪ ،‬يأبى‬ ‫البعض إالّ أن يعيش في زواريب فئوية ّ‬ ‫يتنفس‬ ‫فيها رائحة الفساد واالنقسام والتقسيم‬ ‫ليتوزّع الزاروب الواحد إلى مناطق نفوذ‬ ‫ومراكز قوى‪ ،‬فإذا طالب أحدهم بحقه في‬ ‫لقمة العيش بعرق اجلبني‪ّ ،‬‬ ‫تنطح البعض‬ ‫اآلخر للمطالبة باعتماد النظام الغذائي أي‬ ‫الريجيم‪ ،‬ليس لشيء‪ ،‬إمنا نكاي ًة بأخيه في‬ ‫الوطن وعد ّوه اللدود في زواريب السياسة‬ ‫القاتلة‪.‬‬ ‫نحن نفهم صراع السياسيني للوصول‬ ‫إلى الندوة البرملانية أو الوزارة‪ ،‬فهذا حقٌ‬ ‫مشروع‪ .‬ونفهم أيضا ً أ ّن الطالب يجب أن‬ ‫ميتلكوا الوعي السياسي ألنهم نقطة‬ ‫االنطالق واالرتكاز في العمل الوطني‬ ‫والقومي لنهضة أمتنا العظيمة‪.‬‬ ‫لكن ما ال نفهمه هو تسييس الطالب‬ ‫لهدف “نبيل” هو القضاء على اآلخر للوصول‬ ‫في انتخابات اجلامعات بسياسيني صغار‬ ‫بدال ً من الوصول إلى مرحلة ميثل فيها‬ ‫طالبنا أشخاص ّ‬ ‫أكفاء سيحملون غدا ً راية‬ ‫والتقدم واالزدهار‪.‬‬ ‫العمل الوطني‬ ‫ّ‬ ‫كيف ال وشباب اليوم في النقابات أطباء‬ ‫ومهندسون‪ ،‬محامون وحرف ّيون‪ ،‬جتار وعمال‪،‬‬ ‫تتقاذفهم مراكز القوى واالستزالم‪.‬‬ ‫آن لنا أن ننهض في وطننا بتمثيل‬ ‫حقيقي‪ ،‬علمي‪ ،‬مش ّرف‪ ،‬أق ّله إكراما ً لدماء‬ ‫الشهداء الذين سقطوا في مواجهة كل‬ ‫ّ‬ ‫محتل جائر أو عميل حقير‪ ،‬وإكراما ً ملستقبل‬ ‫ً‬ ‫وطن لم‬ ‫أوالدنا وأحفادنا وحفاظا عليهم في ٍ‬ ‫يعرف الهناء يوما ً منذ سلخه عن محيطه‬ ‫الطبيعي‪.‬‬ ‫آن لنا أن نتر ّفع لنصل إلى مستوى لبنان‬ ‫ضمانا ً للفكر احلر وانطالقه‪.‬‬ ‫أين احلرية في وطن أبناؤه ليسوا بأحرار‪ ،‬بل‬ ‫هم خاضعون‪ ،‬خانعون‪ ،‬مستسلمون إلرادة‬ ‫ّ‬ ‫ويتنكر لها‬ ‫متجدد يغدق الوعود‬ ‫سياسي‬ ‫ّ‬ ‫زمن أصبح فيه الصدق “عملة” نادرة‪.‬‬ ‫في ٍ‬ ‫دعوتنا هي إلى وعي الطالب‪ ،‬ومتثيل‬ ‫ّ‬ ‫لنشكل‬ ‫حقيقي طبيعي في النقابات‬ ‫جملتمع مدني يضمن احلقوق‬ ‫معا ً خميرة‬ ‫ٍ‬ ‫والواجبات واملواطنية في وطن ال ميكن له أن‬ ‫يحيا إالّ باحملبة والوحدة واملقاومة‪.‬‬

‫وائل صعب‬ ‫أمني العمل والنقابات‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫منبر الصحة‬

‫مرض السكري ‪ :‬القاتل الصامت‬ ‫ست دول عربية احتلت ستة مراكز متقدمة ضمن قائمة تضم أكثر‬ ‫عشر دول في العالم فيها نسبة عالية لإلصابة مبرض السكري‪ ،‬واحتلت‬ ‫دولة اإلمارات العربية املتحدة املرتبة الثانية على مستوى العالم وكانت‬ ‫السعودية هي صاحبة املركزوتلتها كل دول اخلليج ما عدا قطر بسبب عدم‬ ‫توافر اإلحصاءات الدقيقة‪.‬‬ ‫وأهم األسباب وراء وجود هذه النسب العالية ملرض السكري في الدول‬ ‫العربية‪ ،‬وحتديدا ً دول اخلليج‪ ،‬هي الوراثة‪ ،‬وقلة النشاط البدني وزيادة األكل‪،‬‬ ‫وبالتالي زيادة الوزن‪ ،‬كما أن زيادة نسبة السكري لدى األطفال‪ ،‬بدأت بسبب‬ ‫الترف وقلة احلركة ونوعية التغذية في املدارس التي ال تخرج عن العصائر‬ ‫واملشروبات الغازية‪ ،‬وقلة عدد حصص الرياضة والنشاط البدني في املدارس‪،‬‬ ‫وكذلك غياب الطب الوقائي في مجال مكافحة السكري‪ ،‬ولذلك فإن‬ ‫تعد إشارة خطرة‪،‬‬ ‫مراقبة الوزن وضرورة تخفيفه ضرورة هامة‪ ،‬فالسمنة ّ‬ ‫وخاصة لدى األطفال‪ ،‬وهناك مخاوف من أن تصل نسبة السكري في بعض‬ ‫البلدان العربية (السعودية) إلى ‪ %40‬من عدد السكان وهذا من اإلشارات‬ ‫التي تنذر بكارثة‪ ،‬من هنا يتوجب اتباع احلكمة التالية‪“ ،‬درهم وقاية خير من‬ ‫قنطار عالج”‪.‬‬ ‫ـ ما هو مرض السكري؟‬ ‫هو ارتفاع في نسبة السكر بالدم‪ ،‬وهي حالة مزمنة تنتج من نقص‬ ‫جزئي أو كلي في هرمون‬ ‫األنسولني الذي هو عبارة عن‬ ‫هرمون تفرزه غدة البنكرياس‪،‬‬ ‫ليقوم مبساعدة السكر في‬ ‫الدم للدخول الى خاليا اجلسم‬ ‫حيث يتحول إلى طاقة تساعد‬ ‫اجلسم على احلركة‪.‬‬ ‫عندما يقل األنسولني‬ ‫فإن السكر يزيد في الدم‪ ،‬وال‬ ‫يستطيع اجلسم االستفادة‬ ‫منه‪ ،‬ولذلك نراه يظهر في‬ ‫البول‪.‬‬ ‫ـ ما هي أنواع مرض‬ ‫السكري؟‬ ‫هناك نوعان ملرض السكري‪:‬‬ ‫النوع األول‪ :‬سكري األطفال‬ ‫أو الشباب وهو النوع املعتمد‬ ‫في عالجه على األنسولني‪.‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬سكري البالغني‪ ،‬وهو النوع غير املعتمد في عالجه على‬ ‫األنسولني‪.‬‬ ‫ارتفاع السكر‬ ‫ان ارتفاع نسبة السكر في الدم عند مرضى السكري هي حالة متكررة‬ ‫ومزمنة‪ ،‬ويكمن الهدف األساسي في عالج مرض السكري في تقليل‬ ‫الفترات التي يحدث فيها ارتفاع السكر في الدم‪ .‬إن مدى شعور املريض‬ ‫بأعراض ارتفاع السكر يختلف من شخص إلى آخر‪ ،‬لذا هناك صعوبة في‬ ‫معرفة نسبة السكر في الدم من خالل األعراض الظاهرة‪.‬‬ ‫ميكن تعريف ارتفاع السكر في الدم بأنه زيادة في معدل السكر في الدم‬ ‫عن ‪ 125‬ملغم‪/‬د في حالة الصيام‪ ،‬وعن ‪ 200‬ملغم‪/‬د‪.‬‬ ‫ـ ما هي أعراض ارتفاع السكر في الدم؟‬ ‫الشعور بالتعب‬ ‫تكرار التبول مع العطش‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪110‬‬

‫زوغان البصر‬ ‫الشعور بنمنمة أو وخز في أصابع القدمني واليدين‬ ‫بطء التئام اجلروح‬ ‫تقلصات في العضالت‬ ‫ما هي أعراض االرتفاع احلاد للسكر مع ارتفاع األحماض في الدم؟‬ ‫ألم في البطن‬ ‫انبعاث رائحة الفاكهة في الفم (االسيتون)‬ ‫نقصان في الوزن‬ ‫كثرة التبول‬ ‫اجلفاف الشديد في اجللد والفم‬ ‫سرعة في معدل التنفس‬ ‫ما هي أسباب ارتفاع السكر في الدم؟‬ ‫تناول كمية كبيرة من الطعام‬ ‫قلة احلركة أو عدم القيام بالتمارين املعتادة‬ ‫عدم أخذ عالج السكري‬ ‫املرض أو اإلصابة بالتهاب حاد‬ ‫الوقوع حتت ضغط نفسي‬ ‫ما هو عالج ارتفاع السكر في الدم؟‬

‫احلمية الغذائية املناسبة‬ ‫القيام بنشاطات ومتارين معينة‬ ‫أخذ مخفضات السكر حسب رأي الطبيب املعالج‬ ‫هل هناك أي إرشادات أخرى؟‬ ‫إذا كنت تعاني من أعراض السكر احلادة في الدم فيجب االتصال بطبيبك‬ ‫حاال أو الذهاب الى املستشفى فورا‪.‬‬ ‫إذا كانت نسبة السكر في الدم مرتفعة ملدة أسبوع وكنت ال تعرف‬ ‫السبب‪ ،‬فيجب عليك مناقشة هذا املوضوع مع طبيبك‪.‬‬ ‫إن ارتفاع السكر البسيط في الدم لفترات قصيرة ومحدودة ليس باألمر‬ ‫اخلطير وهو يحدث لكل مرضى السكري‪ ،‬ولكن عندما يبقى مستوى‬ ‫السكر مرتفعا لفترات طويلة فإن اخلطورة تكمن في حدوث مضاعفات‬ ‫مرض السكري‪.‬‬ ‫ان السكر في الدم يكشف لنا مستوى السكر في اجلسم ويعطي‬ ‫القيمة الفعلية للسكر‪.‬‬


‫إن فحص البول يعكس مستوى ارتفاع السكر في اجلسم لكن ال يعطي‬ ‫القيمة الفعلية للسكر‪.‬‬ ‫السكري وهبوط سكر الدم‬ ‫ـ متى تكون نسبة السكر في الدم منخفضة؟‬ ‫يعد السكر منخفضا عندما تكون نسبته في الدم أقل من ‪ 50‬ملغم ‪/‬‬ ‫ديسيليتر مع ظهور بعض األعراض أو غيابها‪.‬‬ ‫ـ ما هي عالمات هبوط نسبة السكر في الدم؟‬ ‫هناك عالمات أولية مثل‪:‬‬ ‫الرجفة‬ ‫تصبب العرق من اجلسم‬ ‫تسارع نبضات القلب‬ ‫قلة التركيز‬ ‫اجلوع الشديد‬ ‫العصبية وتصرفات غريبة غير‬ ‫مألوفة‪.‬‬ ‫يجب أخذ هذه العالمات بجدية‬ ‫كبيرة وعدم إهمالها‪ ،‬ألن استمرار‬ ‫انخفاض نسبة السكر في الدم من‬ ‫املمكن أن تؤدي الى ظهور أعراض‬ ‫أكثر خطورة مثل‪:‬‬ ‫تشنجات عصبية‬ ‫فقدان الوعي‬ ‫ما هي أسباب انخفاض نسبة‬ ‫السكر في الدم؟‬ ‫زيادة النشاط اجلسماني‬ ‫زيادة جرعة األنسولني‬ ‫عدم أخذ كمية كافية من‬ ‫الطعام بعد تناول عالج السكري‪.‬‬ ‫ـ كيف ميكن التصرف في حال‬ ‫حصول هبوط في سكر الدم؟‬ ‫العالج السريع في هذه احلالة اذا‬ ‫كان املريض قادرا على البلع‪:‬‬ ‫تناول قطعتني أو ملعقتني‬ ‫كبيرتني من السكر مذابتني في‬ ‫املاء‬ ‫تناول نصف كوب من عصير‬ ‫الفواكه‬ ‫ثلث كوب من أي عصير محلى‪،‬‬ ‫واذا لم تزل هذه األعراض خالل ‪-10‬‬ ‫‪ 15‬دقيقة فعلى املريض إعادة شرب‬ ‫الكمية نفسها حلني انتهاء األعراض‪.‬‬ ‫أما إذا كان املريض فاقدا للوعي فيجب عدم احملاولة في إعطائه أي مشروب‬ ‫عن طريق الفم‪ ،‬وذلك تفاديا حلدوث االختناق ونقله فورا الى املستشفى‪.‬‬ ‫وميكن تصنيف مرضى السكري إلى ثالثة أقسام حسب طبيعة العالج‪:‬‬ ‫أ‪ -‬إذا كان العالج يعتمد فقط على تنظيم الغذاء‪:‬‬ ‫هؤالء املرضى ميكنهم الصيام بأمان بل قد يفيدهم‪ ،‬خاصة ان كانوا من‬ ‫أصحاب الوزن الزائد ألن الصيام سيساعد على تقليل الوزن ولكن عليهم‬ ‫االلتزام بكميات ونوعيات األكل املسموح بها أثناء األيام العادية‪ ،‬مع مراعاة‬ ‫تقسيم الفترة ما بني اإلفطار والسحور ليتم تناول ثالث وجبات خاللها على‬ ‫فترات متساوية‪ ،‬على أن تكون وجبة السحور متأخرة ومتكاملة غذائيا‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إذا كان العالج يعتمد على تنظيم الغذاء وتناول األقراص املساعدة‬ ‫لتخفيض نسبة السكر بالدم‪:‬‬ ‫عدد كبير من هؤالء املرضى ميكنهم الصيام باتباع النظام الغذائي السابق‬ ‫على أن يتم تناول األقراص بالطرق التالية‪:‬‬

‫اذا كان يتناول األقراص مرة واحدة صباحا‪ ،‬فعليه أن يتناولها في رمضان‬ ‫مع وجبة األفطار‪.‬‬ ‫اذا كان يتناول األقراص مرتني يوميا‪ ،‬فعليه أن يتناولها مع وجبتي اإلفطار‬ ‫والسحور‪ ،‬ولكن اذا أحس بأعراض نقص السكر أثناء النهار فعليه تقليل أو‬ ‫منع جرعة السحور‪.‬‬ ‫اذا كان يتناول احلبوب ثالث مرات يوميا فعليه تناول جرعة الصباح والظهر‬ ‫أثناء اإلفطار‪ ،‬أما جرعة املساء فيتناولها مع السحور‪ .‬ويجب على هؤالء‬ ‫املرضى مراجعة الطبيب قبل البدء‬ ‫في الصيام أو تغيير نظام أخذ‬ ‫الدواء‪.‬‬ ‫ج‪ -‬إذا كان العالج يعتمد على‬ ‫األنسولني‪:‬‬ ‫املريض الذي يحتاج الى حقنة‬ ‫واحدة يستطيع الصيام بحيث‬ ‫يأخذها قبل اإلفطار‪.‬‬ ‫املريض الذي يحتاج الى حقنتني‬ ‫صباحا ومساء يستحسن أال يصوم‪،‬‬ ‫ولكن اذا أراد الصيام فعليه تعديل‬ ‫اجلرعات باستشارة الطبيب‪ ،‬وأخذ‬ ‫حقنة الصباح قبل اإلفطار وحقنة‬ ‫املساء قبل السحور مع مراعاة‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫ضرورة فحص نسبة السكر‬ ‫بالدم‪ ،‬خاصة خالل األيام األولى من‬ ‫الصيام‪.‬‬ ‫تأخير فترة السحور الى ما قبل‬ ‫الفجر بقليل‪.‬‬ ‫تقليل كمية األنسولني السريع‬ ‫املفعول في جرعة ما قبل السحور‪.‬‬ ‫تناول كميات كافية من السوائل‬ ‫عند السحور‪.‬‬ ‫عدم االستمرار بالصيام اذا حدث‬ ‫هبوط في السكر في أي وقت خالل‬ ‫فترة الصيام‪.‬‬ ‫ما هي اآلثار الشائعة التي تنجم‬ ‫عن السكري؟‬ ‫ميكن أن يتس ّبب السكري‪،‬‬ ‫مع مرور الوقت‪ ،‬في إحلاق أضرار‬ ‫بالقلب واألوعية الدموية والعينني‬ ‫والكليتني واألعصاب‪.‬‬ ‫اعتالل الشبكية السكري‪ :‬هو من األسباب الرئيسية املؤدية إلى العمى‬ ‫االعتالل العصبي السكري‪ :‬هو ضرر يصيب األعصاب بسبب السكري‪،‬‬ ‫ويطال نحو ‪ %05‬من املصابني بهذا املرض‪ .‬واالعراض الشائعة هي وخز أو ألم‬ ‫أو ضعف في القدمني أو اليدين‪.‬‬ ‫يزيد االعتالل العصبي الذي يصيب القدمني‪ ،‬هو وضعف جريان الدم‪ ،‬إلى‬ ‫زيادة فرص اإلصابة بقرحات القدم وإلى بتر األطراف في نهاية املطاف‪.‬‬ ‫السكري من األسباب الرئيسية املؤدية إلى الفشل الكلوي‪ .‬فهذا الفشل‬ ‫يتس ّبب في وفاة ‪ 01‬إلى ‪ %02‬من املصابني بالسكري‪.‬‬ ‫يزيد السكري من مخاطر اإلصابة بأمراض القلب والسكتة‪ .‬فاألمراض‬ ‫القلبية الوعائية (أمراض القلب والسكتة بالدرجة األولى) تتس ّبب في وفاة‬ ‫‪ %05‬من املصابني بالسكري‪.‬‬ ‫إ ّن املصابني بالسكري مع ّرضون خلطر الوفاة بنسبة ال ّ‬ ‫تقل عن الضعف‬ ‫مقارنة بغير املصابني به‪.‬‬

‫‪111‬‬

‫اعداد ‪ :‬راوية ابو ذياب‬ ‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫وكأننا‬ ‫في‬ ‫مسرح‬ ‫روماني‬ ‫شبلي بدر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االنعزال عدم‪ ،‬واالنسان العدمي منعزل عن اآلخرين‪ ،‬يثير الضجيج حول‬ ‫نفسه ليحس الناس بوجوده‪ ،‬استعراضي ثرثار يعيش وهم الحياة ال حقيقة‬ ‫الوجود في اآلخر‪ ،‬استمالكي يدور حول أنانيته‪ ،‬موهوم بأن له كياناً أو وجوداً‬ ‫في عيون اآلخرين‪.‬‬ ‫قد يتضخم دور االصولي حتى اختفاء القائم به‪ ،‬يخاف عريه الداخلي امام‬ ‫اآلخرين ويخاف المساواة بهم‪ّ ،‬‬ ‫الن المساواة تهدده‪ ،‬يختبئ خلف قناعه مخافة‬ ‫افتضاح هشاشته‪ ،‬يأخذ التف ّرد بالقرار حيزاً من كيانه‪ ،‬يرفض التداخل ويتعزى‬ ‫بالتقارب ولكن التقارب ال يبني وال ينشئ‪ ،‬بل يدمر كل المدى الداخلي للذات‪،‬‬ ‫وال يمكنه ابداً ان يقتسم ذوات اآلخرين‪ ،‬انه الفراغ المطبق‪ ،‬بل الفراغ القاتل‬ ‫البعيد عن التشاور وبدونه ليس لآلخر أساس في تكوينه‪.‬‬ ‫االصولي المنعزل عن مجتمعه وعن المشاركة مع اآلخر ال تهمه الحقيقة‪،‬‬ ‫ألن معرفة الحقيقة غير متوافرة ألحد دون االعتراف بالمشاركة‪ ،‬بعي ٌد عن‬ ‫الحقيقة ألنها أعلى دراجات االنصهار الثابتة في توازن المجتمع‪ ،‬لذلك يستمر‬ ‫المنعزل واالصولي في الذهاب بعيداً الى قاع عزلته وتقوقعه فيختفي ويبتعد عن‬ ‫اآلخرين كونه عاش دهراً مع عزلته واختناقه‪ ،‬والنه عاش دهراً معتبراً نفسه‬ ‫مرجع نفسه ومعيار ذاته وال يرى في مواجهة ذاته االّ ذاته‪ ،‬لذلك فهو كافر‬ ‫ملحد وإقراره باهلل إقرار كالمي‪ ،‬وهذا ما يؤكد نمو أناه وعتوّ ها‪ ،‬ومن ال يرى‬ ‫أمامه أحد ال يعترف بأن فوقه أحد‪.‬‬ ‫أما االنسان المجتمعي فهو إنسان يعترف بك كما يعترف بنفسه‪ ،‬وهو دائماً‬ ‫يرى انه يكتمل باآلخر‪ ،‬متواضع يجعل اآلخر جزءاً منه‪ ،‬وهذه الرؤية الوجدانية‬ ‫ليست ضعفاً بل سمو يجمع ما بين جلي الرؤية في االنتماء الوطني والحياة‬ ‫المشتركة‪.‬‬ ‫واالنسان المجتمعي ايضاً ليس انساناً فردياً الن في ذاته تتجلى الحقيقة‪،‬‬ ‫حقيقة الجماعة المتماسكة التي ال تسعى الى تزكية نفسها واحتقار اآلخر‬ ‫وليست منغلقة‪ ،‬بل منفتحة على الكل مهما كان انتماؤهم‪.‬‬ ‫واالنسان المجتمعي انسان يعترف بأن هللا فوقه لذلك هو مع من يراه‬ ‫ويتقاسم معه الهواء والظل والشمس‪ ،‬اجاباته في شتى االمور هي هي في أي‬ ‫زمان أتيت اليه الن معاييره ال تتغير‪ ،‬فهو يعيش ثوابته‪ ،‬يعيش ذاته‪ ،‬يحيا مع‬ ‫اآلخر‪ ،‬ينخرط في بناء الوطن الملموس الحقيقي‪ ،‬وال يسلّم أبداً نفسه لمغامرة‬ ‫الخيال‪ ،‬فهو دائماً بحاجة الى التكامل العقلي‪ ،‬الن التكامل العقلي نظام ثقافي‬ ‫متواضع بطبيعته‪ ،‬وال يستغني عن المشورة ألنه اذا فعل مال الى االعتقاد‬ ‫بعصمته‪ ،‬هذا هو االنسان المجتمعي الذي يؤثر الحقيقة على رأيه ويحيا بما‬ ‫يستوعبه من اآلخرين ويحافظ على جديته في مقاربة العقل لكل فكر تراثي‬ ‫وقيمي‪.‬‬ ‫فإما ان تكون إنساناً عدمياً تبيد الناس في عقلك او ان تكون انساناً مواطنياً‬ ‫اجتماعياً تعيش في عقول اآلخرين‪.‬‬


‫العدد ‪-23‬كانون االول ‪2008‬‬


‫تيار التوحيد اللبناني في معرض أرضي للمنتوجات‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.