Manbar altawhid issue 26

Page 1

‫العدد ‪ 26‬ــ آذار ‪2009‬‬

‫سوريا تحاور أميركا‬ ‫برفض إمالءاتها‬

‫إيران‪ 30 :‬عاماً‬

‫من ثورة اإلنجازات‬

‫وهاب لـ «منبر التوحيد» ‪:‬‬ ‫إذا ربحنا االنتخابات أرفض إشراك الحريري في الحكم‬

‫أرسالن فاوض جنبالط منفرداً فاستفرد به‬

‫ثان إذا تك ّررت األسباب‬ ‫‪ 7‬أيار ٍ‬ ‫اإلسرائيليون ينتخبون‬ ‫اإلرهاب‬

‫صواريخ الجنوب تعود ألجهزة تابعة إلسرائيل‬

‫مؤتمر في الصيف لتيار التوحيد وانتخابات‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر‬ ‫التوحيد‬


‫منبر التوحيد‬

‫في هذا العدد‬

‫نشرة شهرية داخلية تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في تيار التوحيد اللبناني‬

‫املنبر اللبناني‬ ‫التنصــت‬ ‫العميد عطوي‪ :‬مشكلة‬ ‫ّ‬ ‫ليســت في القانون ‪ 140‬بل في عدم‬ ‫تطبيقه وحتديثه‬

‫العدد السادس والعشرون ‪ /‬آذار ‪ 2009‬السنة الثانية‬

‫ص‬ ‫‪16‬‬

‫أول الكالم‬

‫ص‬ ‫‪26‬‬

‫قصة العماد مع اجلهاد‬ ‫املنبر الفلسطيني‬ ‫أحمد خليفة‪ :‬نتائج االنتخابات‬ ‫اإلسرائيلية كارثية على املنطقة‬

‫ص‬ ‫‪50‬‬

‫احملامي عمر زين‪ :‬محرقة غزة تروي‬ ‫حكاية مقاوم ّ‬ ‫أذل إسرائيل‬

‫ص‬ ‫‪52‬‬

‫املنبر االقتصادي‬ ‫االقتصاد األميركي في نفق الركود‬

‫ص‬ ‫‪58‬‬

‫املنبر العربي‬ ‫االنتخابات احمللية العراقية تغيير في‬ ‫الشكل ال في املضمون‬

‫ص‬ ‫‪70‬‬

‫املنبر الدولي‬ ‫تركيا ترسم دورها االستراتيجي‬ ‫بالتباعد عن إسرائيل‬

‫ص‬ ‫‪72‬‬ ‫ص‬ ‫‪76‬‬

‫شعب فنزويال قال كلمته‬ ‫املنبر الثقافي‬ ‫الد‪ .‬فاروق اجلمال‪ :‬شوشو ُولِد فقيرا ً‬ ‫إالّ من العنفوان‬

‫ص‬ ‫‪82‬‬

‫املنبر البيئي‬ ‫برج هارتيجيان‪ :‬وزارة البيئة اتهامات‬ ‫باطلة بغياب العمل الواقعي‬

‫ص‬ ‫‪88‬‬

‫املنبر الرياضي‬ ‫ريال مــدريد‪ ...‬النــادي امللــكي في‬ ‫إســبانيا‬

‫ص‬ ‫‪94‬‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬

‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬

‫هل حقا ً نعيش نكسة في تطلعاتنا؟ أم أننا‬ ‫وك َبرِ األخالق؟‬ ‫لم ندرك بُع َد الرؤى ِ‬ ‫تساؤالتنا الكثيرة بغير جواب واضح‪ ،‬ملاذا مات‬ ‫آباؤنا‪ ،‬وماذا أورثونا؟‬ ‫هل أورثنا آباؤنا بلدا ً مداميكه رصفت بال عبث؟‬ ‫أم أننا استرخصنا احلياة فكنا قتَلتَها بطوفان‬ ‫جارف من املعاني التي ما لبثت أن ماتت في‬ ‫بواطن الكتب روايات ونوادر تبددت في الظلمات‬ ‫قبل انبالج الفجر؟‬ ‫نحن املسرفني في امليراث املتروك لنا‪ ،‬مطويا ً‬ ‫على العتمات واحلروب العبثية‪ ،‬مسؤولون عن‬ ‫االنهزام املم ّوه مبهرجانات مجبولة بالدم واخلوف‬ ‫كزجاج محطم ومرمي على روابي الزمان السيئ‬ ‫والعبث الهادر‪.‬‬ ‫حالوة الصمت وبالغته من حالوة األرض‬ ‫وقدسيتها ووداعتها‪ ،‬وبعضنا أزال “بعظاته”‬ ‫بصمات آبائنا وشهدائنا عن صفحات الوطن‪،‬‬ ‫بعدما كان منارة شع ضياؤها على مدى الشرق‪،‬‬ ‫وكل منا مسلوخ من موجات البرابرة التي حتكمت‬ ‫بلغتنا وتاريخنا وذوقنا وجماالت ربوعنا‪.‬‬ ‫نحن املنفيني عن جسد الوطن لفترة طويلة‪،‬‬ ‫يقسم الوطن أو أن يقترع على ثوبه‬ ‫نأبى أن‬ ‫َّ‬ ‫أجبرْنا‪ ،‬أيضا ً لفترة‪ ،‬على العيش في عزلة‪،‬‬ ‫ولو ْ‬ ‫ألننا نؤمن بالبلد الواحد ولو جتاوز كل حساب‬ ‫املصممني على إقصائنا عن التغلغل في أوردته‪،‬‬ ‫أو كنا نحن األضاحي على فسحات سهوله‬ ‫وروابيه وقمم جباله‪.‬‬ ‫لقد رأينا قدرا ً كبيرا ً من اخلراب واملوت والرعب‪،‬‬ ‫الذي أبطل كل حلن شجي رددناه في عقائدنا‬ ‫إلنقاذ الصدق واحلق من براثن من ليس له في‬ ‫الوطن إال ثوب يلبسه حينا ً وينزعه أحياناً‪ ،‬يوزع‬ ‫شهادات في الوطنية وهو األولى بأن يخضع‬ ‫المتحان في الصفاء والتقوى ومصداقية االلتزام‬ ‫برسالة جاوزت األلفي عام‪.‬‬ ‫نحن لسنا مجتمعا ً طائفياً‪ ،‬ولسنا من أتباع‬ ‫رساالت التفرقة واالنحياز‪.‬‬ ‫نحن أهل سالم ومحبة وتسامح متتد على‬ ‫مساحة املشرق‪ ،‬لسنا منقسمني أو محبوسني‬ ‫في زاوية من زوايا لبنان التي تضيق بساكنيها‬ ‫وانعزالها ورفضها لكل انفتاح على محيطها‬ ‫وعروبتها ومشرق ّيتها‪.‬‬ ‫ننزع أن يرعى هذه التطلعات مبصداقية من‬ ‫لم شمل رعيته كما فعل من رأى‬ ‫يعمل على ّ‬ ‫في لبنان منارة تضيء على من حوله‪ ،‬فبساطة‬ ‫وك َب ٌر في زمن الشدائد‪ ،‬لعلنا‬ ‫الصدق بطولة تبني ِ‬ ‫إذا اقتربنا منها نزداد إخالصا ً لبناء األوطان‪.‬‬

‫اسرة التحرير‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫ثالثي اإلجرام‬ ‫يفوز‬ ‫باالنتخابات‬ ‫اإلسرائيلية ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تحضروا‬ ‫للحرب !‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫لم يعد املواطن العربي عموماً والفلسطيني خصوصاً‪،‬‬ ‫ينتظر نتائج االنتخابات اإلسرائيلية‪ ،‬فكل من سيصل إلى‬ ‫الكنيست من األحزاب الصهيونية واحد في تفكيره التوراتي‪،‬‬ ‫وعقيدته العنصرية‪ ،‬وإميانه بحقه املزعوم في أرض فلسطني‪،‬‬ ‫وقيام “إسرائيل الكبرى” من الفرات إلى النيل‪ ،‬وممارساته الدموية‬ ‫في ارتكاب اجملازر وقتل األطفال والنساء والشيوخ‪ ،‬وتدمير املدن‬ ‫والقرى‪ ،‬وجرف املنازل‪ ،‬وقضم األرض وتهويدها وبناء املستوطنات‬ ‫عليها‪ ،‬وطرد أهلها وأصحابها دون وجه حق‪ ،‬ومبا يخالف ميثاق‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬وشرعة حقوق اإلنسان‪ ،‬وحق تقرير املصير‪ ،‬ووجود‬ ‫شعب له وطن ودولة‪ ،‬ال شعب اغتصبت أرضه ُ‬ ‫وطرد منها وتشرد‬ ‫إلى املنافي الجئا ً في خيم‪ ،‬تطعمه وكالة غوث الالجئني‪ ،‬وينتظر‬ ‫حق عودته إلى أرضه مبوجب قرار األمم املتحدة ‪ 194‬الذي امتنعت‬ ‫إسرائيل عن تنفيذه‪.‬‬ ‫هذه هي إسرائيل‪ ،‬دولة عنصرية خارجة على القانون الدولي‪،‬‬ ‫أوجدها وعد استعماري أصدره وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور‪،‬‬ ‫ثم ك ّرسه قرار األمم املتحدة ‪ 181‬بتقسيم فلسطني‪ ،‬نتيجة ملا‬ ‫انتهت إليه احلربان العامليتان األولى والثانية‪.‬‬ ‫فاالنتخابات في الكيان الصهيوني هي تنافس على برامج‪،‬‬ ‫بني من يقتل الفلسطينيني أكثر‪ ،‬ومن يقتلعهم من أرضهم‪،‬‬ ‫ومن يتولى ترحيلهم من فلسطني‪ ،‬ومن يستقدم أكبر عدد‬ ‫من اليهود من أصقاع العالم ليبنوا مستوطنات‪ ،‬ومن يعمل‬ ‫على تقطيع أوصال املدن والبلدات والقرى الفلسطينية‪،‬‬ ‫لعزلها بعضها عن بعض‪ ،‬ومنع التواصل بني أهلها‪،‬‬ ‫وإجبار الفلسطينيني على اإلقامة في معازل على طريقة‬ ‫“االبارتهايد” في جنوب أفريقيا‪ ،‬وفق نظام الفصل العنصري‬ ‫الذي عبرت عنه إسرائيل في اجلدار الفاصل الذي أقامته‬ ‫بني كيانها الغاصب لألراضي الفلسطينية في العام ‪1948‬‬ ‫وأراضي الضفة الغربية احملتلة‪ ،‬حيث أدان العالم إجراءاتها‪،‬‬ ‫وأصدرت محكمة العدل الدولية في الهاي قرارا ً بضرورة‬ ‫هدم اجلدار‪ ،‬إال أن الدولة العبرية‪ ،‬كعادتها وكما هو تاريخها‪،‬‬ ‫ال حتترم القرارات الدولية وال تلتزم بها‪ ،‬وال تهتم للضمير‬ ‫العاملي‪ ،‬مستندة إلى الدعم األميركي لها‪ ،‬وإلى غطرستها‬ ‫ومنطق القوة والبطش القائم على أنها أقوى دولة في‬ ‫املنطقة تسليحاً‪ ،‬ولديها أكبر جيش مدرب ومجهز‪ ،‬فتضرب‬ ‫بعرض احلائط العدالة الدولية والقيم اإلنسانية‪ ،‬ألنها خارج‬ ‫احملاسبة واحملاكمة الدولية‪.‬‬ ‫ومثل هذا اجملتمع اإلسرائيلي‪ ،‬القائم على فكر ديني‬ ‫خرافي وأسطوري‪ ،‬ال ميكنه إال أن ينتج قادة دمويني‪ ،‬وينتخب‬ ‫املرشحني األشد تط ّرفاً‪ ،‬ويأتي إلى احلكم مبن له سيرة ذاتية‬ ‫بأنه مرتكب مجازر‪ ،‬وقاتل‪ ،‬حيث أتت نتائج االنتخابات األخيرة‬ ‫لتتقدم الئحة املرشحني اليمينيني‪ ،‬الذين ال يختلفون كثيرا ً‬ ‫يدعون اليسارية‪ ،‬أو الوسط‪ ،‬أو يسار الوسط‪ ،‬فكلهم‬ ‫عمن ّ‬ ‫ّ‬ ‫عما يسمونه “أرض‬ ‫باملمارسة سواسية جلهة عدم التنازل ّ‬ ‫إسرائيل”‪ ،‬لذلك يتقدم حزب “إسرائيل بيتنا” برئاسة أفيغدور‬


‫ليبرمان‪ ،‬ويحصل على ‪ 13‬مقعدا ً في الكنيست‪ ،‬مما يعني أن‬ ‫التطرف هو الذي يوجه الناخب اإلسرائيلي ويعكس تفكيره‪،‬‬ ‫جلهة رفضه للتسوية السلمية املزعومة وللسالم‪ ،‬بل هو‬ ‫متشبث بأيديولوجيته الصهيونية‪ ،‬التي ترفض وجود شعب‬ ‫آخر يساكنه “أرض إسرائيل” حسب جذورهم الفكرية التوراتية‪،‬‬ ‫وقد تصاعدت نبرة الذين يهددون بطرد الفلسطينيني من‬ ‫أرضهم‪ ،‬ال سيما من بقي منهم داخل األراضي الفلسطينية‬ ‫احملتلة عام ‪.1948‬‬ ‫فحزب “كادميا” الذي ترأسه تسيبي ليفني املولود من رحم حزب‬ ‫“الليكود” الذي أسسه عتاة الصهانية وأكثرهم دموية مثل‬ ‫إسحق شامير ومناحيم بيغن وأرييل شارون‪ ،‬حصد ‪ 28‬مقعدا ً‬ ‫في الكنيست‪ ،‬فيما نال “الليكود” ذو الطبعة األصلية برئاسة‬ ‫بنيامني نتنياهو ‪ 27‬مقعداً‪ ،‬وكال احلزبني ينتمي إلى اليمني‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬ويقف إلى ميينهما حزب “إسرائيل بيتنا” و”شاس”‬ ‫وأحزاب دينية أخرى‪ ،‬وكلها تدعو إلى ترحيل الفلسطينيني من‬ ‫أراضي ‪ ،1948‬وقد ع ّبرت عن ذلك ليفني نفسها‪ ،‬وقدمت برنامجها‬ ‫على أساس إقامة دولة يهودية صافية‪ ،‬وقد سبق للرئيس‬ ‫األميركي السابق جورج بوش أن حضر إلى الكيان الصهيوني‬ ‫ليؤكد “يهودية الدولة” ويعترف بها‪ ،‬مبررا ً فعلته بضرورة قيام‬ ‫دولتني يهودية وفلسطينية‪ ،‬لكنه بذلك ش ّرع تطهير الدولة‬ ‫اليهودية من كل من هو غير يهودي‪ ،‬وأعطى أمر عمليات بإخراج‬ ‫الفلسطينيني من هذه الدولة الدينية العنصرية‪ ،‬دون أن تكون‬ ‫الدولة الفلسطينية املوعودة قد قامت‪ ،‬وذهب بوش من البيت‬ ‫يف بتعهده بقيام هذه الدولة‪ ،‬التي شطبها‬ ‫األبيض ولم ِ‬ ‫نتنياهو من برنامجه‪ ،‬وهذه إشارة إلى أن وصوله إلى رئاسة‬ ‫احلكومة‪ ،‬إسقاط للتسوية ومشاريعها‪ ،‬ولكل املراهنني عليها‬ ‫من قيادات فلسطينية موجودة في السلطة الوطنية أو دول‬ ‫“عربية معتدلة”‪.‬‬ ‫تدعي اليسارية‬ ‫فوصول أحزاب ميينية متطرفة أو أخرى ّ‬ ‫والوسطية‪ ،‬مثل كادميا والعمل وميرتس‪ ،‬إلى الكنيست‪،‬‬ ‫وانحسار الوجود العربي داخله بشخصيات ملتحقة بأحزاب‬ ‫صهيونية رغم وصول بعض الشخصيات العربية التي تعمل‬ ‫للحفاظ على الهوية الفلسطينية والعربية‪ ،‬كما فعل عزمي‬ ‫بشارة رئيس “التجمع الوطني الدميوقراطي” الذي جُ رّد من‬ ‫عضوية الكنيست باتهامه بأنه يتعامل مع املقاومة في لبنان‪،‬‬ ‫ويزور سوريا‪ ،‬هذا التجمع الذي وصل نائب رئيسه سعيد نفاع إلى‬ ‫عضوية الكنيست سيكون الصوت العربي الذي يطالب بحقوق‬ ‫فلسطينيي ‪ ،48‬وسيفضح أعمال التهويد والتجريف لألراضي‪،‬‬ ‫وسيقف سدا ً منيعا ً مع كل الوطنيني الفلسطينيني في‬ ‫الداخل‪ ،‬ملنع “الترانسفير” اإلسرائيلي‪ ،‬املزمع تنفيذه بحق مليون‬ ‫ونصف مليون فلسطيني يعيشون في األراضي الفلسطينية‬ ‫احملتلة‪.‬‬ ‫ولقد ترك توجه الصهاينة نحو التطرف عالمات استفهام‬ ‫لدى األوروبيني‪ ،‬ووصلت إشارات من الواليات املتحدة األميركية‪،‬‬

‫عن امتعاض داخل إدارة الرئيس باراك أوباما من عودة نتنياهو‬ ‫إلى رئاسة احلكومة‪ ،‬وقد اكتشف فيه الرئيس األميركي‬ ‫اجلديد غطرسته وعقله العنصري وعباراته الفوقية واملتعالية‬ ‫ضد الفلسطينيني‪ ،‬مما أعاد إلى ذاكرة الرئيس الشاب اآلتي‬ ‫من األميركيني السود ما عانوه من املمارسات العنصرية على‬ ‫مدى عقود‪ ،‬إلى أن حرروا البيض منها‪ ،‬مبقاومتهم املدنية‬ ‫لها‪ ،‬بالتظاهرات واالعتصامات والقوانني التي ساوتهم مع‬ ‫مواطنيهم األميركيني اآلخرين‪.‬‬ ‫فنتائج االنتخابات اإلسرائيلية‪ ،‬وما ستفرزه على صعيد تأليف‬ ‫احلكومة‪ ،‬تشير إلى أن التسوية السلمية اندثرت وتبخرت‪ ،‬وهي‬ ‫أساسا ً متعثرة ولم تتقدم‪ ،‬ولم تلتزم إسرائيل مبا صدر عن “اتفاق‬ ‫أوسلو” وال عن “خارطة الطريق”‪ ،‬وال عن اللجنة الرباعية وال عن‬ ‫اجتماعات شرم الشيخ وال عن كل اآلخرين من السلطة الوطنية‬ ‫ميت‬ ‫الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات أو محمود عباس‪ ،‬فكل ما ّ‬ ‫بصلة إلى عودة األراضي الفلسطينية احملتلة عام ‪ 1967‬كان‬ ‫القادة الصهاينة يراوغون فيه‪ ،‬وعندما وافق إسحق رابني على‬ ‫إعادة أجزاء كبيرة من الضفة الغربية‪ ،‬قتله يهودي قيل إنه مييني‬ ‫متطرف‪ ،‬ألنه يتنازل عن “أرض إسرائيلية من يهوذا والسامرة كما‬ ‫جاء في التوراة”‪.‬‬ ‫فالثالثي الذي فاز بأكثرية املقاعد في الكنيست‪ ،‬أي نتنياهو‬ ‫(الليكود) وليفني ( كادميا) وإيهود باراك (حزب العمل)‪ ،‬فإن‬ ‫السلطة تفرقهم‪ ،‬ويجمعهم هدف واحد وهو رفض قيام دولة‬ ‫فلسطينية‪ ،‬وعدم إعطاء القدس الشرقية‪ ،‬ومنع حق العودة‬ ‫للفلسطينيني‪ ،‬وإبقاء املستوطنات الصهيونية وعدم تفكيكها‬ ‫القدمي منها واحلديث الذي أنشئ بعد اتفاق “السالم” والوقوف‬ ‫ضد إنشاء ممر بري بني الضفة وقطاع غزة‪.‬‬ ‫هذه الالءات اإلسرائيلية جتمع عليها األحزاب اإلسرائيلية‬ ‫بكل ألوانها السياسية‪ ،‬فهي استراتيجية لها‪ ،‬وإن اختلفت‬ ‫لكن هناك إجماعا ً على عدم‬ ‫في التكتيك وأسلوب التفاوض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫السماح للفلسطينيني بأن يكون لهم دولة‪ ،‬قد تسيطر عليها‬ ‫حركة “مقاومة” كما فعلت “حماس في غزة”‪ ،‬وهذا ما يقلق‬ ‫قادة العدو‪ ،‬الذين باتوا أكثر تشددا ً في السير بتسوية‪ ،‬بل بناء‬ ‫قوة عسكرية‪ ،‬واستعادة الردع اإلسرائيلي‪ ،‬إذ يبشر املتطرف‬ ‫ليبرمان بأنه مع استخدام قنبلة نووية ضد غزة‪ ،‬وإزالتها من‬ ‫الوجود‪ ،‬كما فعل األميركيون في اليابان‪ ،‬في وقت يتحدث‬ ‫نتنياهو عن ضرورة القيام بضربة عسكرية ضد إيران‪ ،‬قبل‬ ‫أن تستكمل بناء قوتها النووية التي هي خطر على الوجود‬ ‫اليهودي‪.‬‬ ‫فمثل هذا التفكير الذي يحكم الكيان الصهيوني قيادة وشعباً‪،‬‬ ‫يدلنا على أننا أمام حرب مفتوحة معه‪ ،‬وأن منطق الذي يدعون إلى‬ ‫يعدون للحرب والتدمير‬ ‫“السالم” مع هذه الدولة خاطئ‪ ،‬ألن قادتها ّ‬ ‫واإلبادة‪ ،‬وما شهدناه في حربي لبنان وفلسطني عامي ‪ 2006‬و ‪،2009‬‬ ‫يكشفان أن إسرائيل ال تريد “السالم” وال تعمل له‪ ،‬بل هي تسعى إلى‬ ‫احلرب دائماً‪ ،‬ومجتمعها قائم على أنه مجتمع حرب‪ ،‬فهل نواجهه‬ ‫مببادرات سالم‪ ،‬وتطبيع عالقات‪ ،‬وعقد اتفاقيات‪ ،‬أم مبجتمع املقاومة‬ ‫وثقافة املقاومة‪ ،‬وقد أثبتت املقاومة أنها ليست قوة ردع بل حركة‬ ‫حترير وطنية من لبنان إلى فلسطني‪.‬‬

‫منبر التوحيد‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر ثقافة‪ /‬مقابلة‬

‫رئيس «تيار التوحيد اللبناني» في حوار شامل لـ «منبر التو‬

‫وهــاب ‪ :‬االنتخابـات سـتجـري في موعـدهـا‬ ‫قد يكون رئيس «تيار التوحيد اللبناني» الوزير وئام وهاب‪،‬‬ ‫من أكثر السياسيني حضوراً في اإلعالم‪ ،‬الذي ال ينفك يطالبه‬ ‫مبقابالت تلفزيونية وإذاعية وصحافية‪ ،‬والسبب في كل ذلك‬ ‫صراحته وشفافيته في طرح املواقف بكل جرأة تبدو أحياناً‬ ‫للبعض جارحة‪ ،‬وانتقاداته قاسية‪ ،‬إال أن ما يحكم كالمه‬ ‫هو أنه ال يهادن مع الفاسدين واخلونة واملتنكرين للمقاومة‬ ‫والطاعنني بسوريا واملبتعدين عن العروبة وامللتزمني باملشروع‬ ‫األميركي واملروّجني للعدو اإلسرائيلي‪ ،‬كل هذه الثوابت تدفع‬ ‫بوهاب الى أن يكون األجرأ واألصدق واألعنف‪ ،‬بعيداً عن‬ ‫دبلوماسية الكالم الذي يعلنه مباشرة‪ ،‬دون مواربة‪ ،‬فيقول‬ ‫كلمته وال ميشي‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪4‬‬

‫وألن «منبر التوحيد»‪ ،‬على خط رئيس التيار‪ ،‬حتمل الكلمة‬ ‫احلرة والرأي الشجاع‪ ،‬فإنها فتحت صفحاتها للوزير وهاب‪،‬‬ ‫ليعلن عبرها مواقف من كل االستحقاقات والتطورات‪ ،‬فلم‬ ‫تعتمد في هذا احلوار إال طرح السؤال من موقع الذي يريد أن‬ ‫يعرف احلقيقة وينقلها الى القراء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫محضرة مسبقا معه‪ ،‬بل كانت ضده‪،‬‬ ‫فاألسئلة لم تكن‬ ‫وأحياناً تستفزه صحافياً‪ ،‬لتأتي األجوبة حتمل مضموناً‬ ‫سياسياً ومعلومات‪.‬‬ ‫في هذا احلوار الذي تنقل في كل املواضيع واألحداث‬ ‫والعناوين‪ ،‬حت ّدث وهاب بكل جرأته املعهودة‪ ،‬وهنا‬ ‫نصه‪:‬‬


‫االستحقاق املقبل‬

‫­­‬ ‫هناك دائماً حديث عن أن االنتخابات لن حتصل‪،‬‬ ‫ما هي األسباب التي تدفع الى إثارة هذا احلديث؟‬ ‫في هذا اإلطار هناك اتصاالت حثيثة على‬ ‫الصعيدين السوري األميركي والسوري السعودي‬ ‫في املنطقة إلجراء االنتخابات في موعدها املقرر‬ ‫في السابع من حزيران املقبل‪ ،‬وجزء كبير من هذه‬ ‫االتصاالت جرى في لبنان خالل السنوات األربع‬ ‫املاضية‪ ،‬خالل الهجمة األميركية السعودية على‬ ‫الساحة اللبنانية‪ ،‬أما اليوم فهناك وضع مستجد‬ ‫هو أن املشروع األميركي الذي هاجم املنطقة منذ‬ ‫سنوات قد اندحر بالكامل‪ ،‬وأوباما يبدو أن لديه‬ ‫مشروعا ً جديداً‪ ،‬وخطة انفتاح على كل األطراف‪،‬‬ ‫واألمر واضح‪ ،‬إن كان في موضوع سوريا أو إيران‬ ‫أو الصني وروسيا والعالم أجمع‪ ،‬ما ّ‬ ‫يدل على أنّه‬ ‫أصبح مقتنعا ً بأن أميركا لن تستطيع أن حتكم‬ ‫العالم مبفردها كما في عهد جورج بوش‪ ،‬وبأن‬ ‫الشراكة مع العالم أجمع أصبحت ضرورية‪ ،‬وهذا‬ ‫األمر ينعكس على املنطقة عامة وعلى لبنان‬ ‫خاصة‪ ،‬ما دفع بالبعض من اجلهات السياسية الى‬ ‫االعتقاد بأ ّن االنتخابات لن حتصل قبل إمتام تسوية‬ ‫معينة حول الوضع اللبناني‪ ،‬وهذا ما يُبحث خالل‬ ‫االتصاالت األميركة السورية من جهة والسعودية‬ ‫السورية من جهة أخرى‪ ،‬التي يبدو أنها ستشهد‬ ‫تطورات جديدة خالل الفترة املقبلة‪ ،‬من هنا احلديث‬ ‫عن تأخر االنتخابات على الرغم اقتناعي بأنها جتري‬ ‫في موعدها‪.‬‬ ‫ما هو العائق من عدم حدوث االنتخابات غير‬

‫هل ستطالب املعارضة بإجراء االنتخابات‬ ‫في يومني‪ ،‬إذا شعرت بأن االنتخابات في يوم‬ ‫واحد قد تعطل االنتخابات ملرة ثانية؟‬ ‫في كل احلاالت هذا األمر يتوقف على‬ ‫الدولة وأجهزتها‪ ،‬إذا كانت لديها املقدرة‬ ‫على إجراء االنتخابات في يوم واحد أم ال‪،‬‬ ‫فالدولة ال تستطيع أن تترك عشرات القرى‬ ‫بدون قوى أمنية وتقول إنها جتري انتخابات‬ ‫نزيهة‪ ،‬ونحن نعرف ما جرى االنتخابات‬ ‫السابقة حيث كانت بعض القرى تقفل‬ ‫في وجه املرشحني اآلخرين وأخرى تقفل‬ ‫بوجه مندوبي املرشحني املنافسني‪،‬‬ ‫من هنا فالقوى األمنية إذا لم تكن‬ ‫حاضرة وجاهزة للحماية‪ ،‬فكيف ميكن‬ ‫إجراء انتخابات نزيهة في يوم واحد؟‬ ‫االنتخابات من اآلن وفي كثير من‬ ‫املناطق سيشوبها التزوير‪ ،‬واملثل على‬ ‫ذلك أنه كيف ميكن ضبط أقالم الشوف‬ ‫األعلى وعكار وغيرها من املناطق ومن‬ ‫سيحمي مندوبي املرشحني املنافسني‬ ‫لالئحة األساسية؟ إذا لم يكن هناك قوى‬ ‫أمنية منتشرة بكثافة وجدية؟‬

‫قانون انتخابات نسبي‬ ‫ولكن إجراء االنتخابات في يوم واحد أتى‬ ‫وفق مطلب إصالحي – سياسي؟‬ ‫برأيي ان هذا املوضوع فيه مراوغة على‬

‫حيد» يؤكد بأن من يربح األكثرية يحكم‬

‫وسنخوضها ببرنامج تغييري‬ ‫احلرب األهلية مثالً؟‬ ‫التوترات التي حتصل اليوم هي خير دليل على ذلك‪،‬‬ ‫اليوم في هذا اجلو املشحون بالتجاذبات السياسية‪،‬‬ ‫والقوى األمنية عاجزة على تأمني احلماية وحل‬ ‫مشكلة في مكان واحد‪ ،‬فكيف مبقدورها أن تضبط‬ ‫انتخابات على مستوى كل لبنان‪ ،‬وإجراءها بيوم‬ ‫واحد؟‬ ‫لكن األمن هو قرار سياسي والوزير بارود ّ‬ ‫أكد‬ ‫أنه إذا اتفقت األطراف السياسية ميكن إجراء‬ ‫االنتخابات بيوم واحد‪.‬‬ ‫بعض األطراف السياسية تعتبر تلك االنتخابات‬ ‫معركة حياة أو موت‪ ،‬ونحن نعرف أن هناك فريقني‬ ‫يتنافسان على األكثرية‪ ،‬فأين ميكن أن يكمن‬ ‫االتفاق؟‬

‫الناس‪ ،‬وكل التفاصيل التي يعتبرونها إصالحية‬ ‫هي مراوغة ال أكثر وال أقل‪ ،‬ومحاولة رشوة سخيفة‬ ‫يتم إال‬ ‫للناس بأن اإلصالح قد بدأ‪ ،‬فاإلصالح ال ّ‬ ‫بقانون نسبي لالنتخابات الذي بدونه تكون جميع‬ ‫االنتخابات في لبنان مزورة بشكل أو بآخر‪ ،‬إن كان‬ ‫بالقانون أو غيره‪ ،‬والدليل على ذلك أنه ال جند‬ ‫أية دولة في العالم جتري فيها االنتخابات على‬ ‫الطريقة املعتمدة في لبنان‪.‬‬ ‫هل سيترشح وهاب في الشوف؟‬ ‫أنا غير مرشح في الشوف ولكن تيار التوحيد‬ ‫اللبناني هو الذي سيترشح‪.‬‬ ‫ولكن هناك من يقول إن وئام وهاب الذي‬ ‫ّ‬ ‫ميثل رأس احلربة في وجه اإلقطاع وفي وجه‬ ‫وليد جنبالط يفر من املعركة االنتخابية؟‬ ‫عدم ترشحي في االنتخابات ال يعني فراري‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫الغالف‬ ‫من املعركة‪ ،‬والدليل على ذلك ترشح تيار التوحيد‬ ‫الذي ميثلني وميثل شريحة كبيرة من املواطنني‪،‬‬ ‫ولكن هناك قرارا ً صدر من املكتب السياسي للتيار‬ ‫ّ‬ ‫بأن يكون هناك رمز معني السمي في هذه املعركة‬ ‫وبأنه ال يجوز أن نفسح اجملال في الشوف بعد‬ ‫السنوات األربع التي م ّرت واملعركة التي خضناها‬ ‫منفردين أحيانا ً أو مع حلفائنا أحيانا ً أخرى لبعض‬ ‫العصبيات املذهبية في ظل اجلو املذهبي القائم‬ ‫في بعض املناطق لبعض القوى التي تعمل على‬ ‫إثارة هذا اجلو املذهبي لالنتقام من اسم وئام وهاب‬ ‫أو من النهج الذي مثلته خالل السنوات املاضية‪،‬‬ ‫يحدد النتائج في الشوف‬ ‫إذ من املعروف أن الذي ّ‬ ‫هو إقليم اخلروب‪ ،‬وإقليم اخلروب على وضعه اليوم‬ ‫نتيجة بعض األجواء املذهبية ووجود األكثرية الى‬ ‫جانب تيار املستقبل ال الى جانب جنبالط‪ ،‬وهذا األمر‬ ‫يجعلنا ندخل في معركة إثبات وجود في الشوف‬ ‫ولكن ليس باسمي‪ ،‬وبكل األحوال كنت قد أبلغت‬ ‫املكتب السياسي في التيار منذ أكثر من سنة أنه‬ ‫إذا كان لدينا احلظ بنائب أو وزير ميكننا أن نسمي‬ ‫سمى‬ ‫شخصا ً آخر من التيار وليس من الضروري أن أ ُ ّ‬ ‫شخصياً‪.‬‬ ‫واليوم هناك مشاورات مع أركان املعارضة‪ ،‬التي‬ ‫اجتمعنا مع كل أركانها في الشوف والتقينا‬ ‫مسؤولني في حزب اهلل في بعض االجتماعات‬ ‫وبحثنا في تفاصيل املعركة‪ ،‬من هنا معركة الشوف‬ ‫قائمة ولكن األهم أن تتوافر لها اإلمكانات الالزمة‬ ‫إلجرائها‪.‬‬ ‫ولكن ترشيحكم الشخصي في الشوف‬ ‫يعطي للمعركة االنتخابية بعداً سياسياً أكثر‪.‬‬ ‫هذا صحيح‪ ،‬وسأكون جزءا ً ال يتجزأ من معركة‬ ‫الشوف ولكن اسمي لن يدخل في املعركة على‬ ‫األرجح‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬كما أن املعارضة من جهة‬ ‫أخرى لم تضع اخلارطة الكاملة للبنان التي على‬ ‫ستتحدد جميع الترشيحات وسيتقرر كل‬ ‫ضوئها‬ ‫ّ‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫وترشيحكم في بعبدا؟‬ ‫ترشيحي في بعبدا ُطرح في بعض وسائل‬ ‫اإلعالم دون أن أعلن عنه‪ ،‬ولكن مرشحنا في بعبدا‬ ‫هو األستاذ هشام األعور‪ ،‬وهو سيعلن ترشيحه‬ ‫في الثامن من شهر آذار في احتفال سيقيمه في‬ ‫منطقة املنت األعلى‪ ،‬واجلميع يعلم أن مقعد بعبدا‬ ‫عليه تهافت‪ ،‬ولكنني لست شريكا ً فيه ويخطئ‬ ‫من يعتقد أن مقعد بعبدا مضمون للمعارضة‪ ،‬ألن‬ ‫معركة بعبدا هي أيضا ً متكافئة وليست محسومة‬ ‫كما يعتقد البعض‪ ،‬والصوت الدرزي والسني هناك‬ ‫يوازي الصوت الشيعي‪ ،‬فتبقى املعركة على الصوت‬ ‫املسيحي‪ ،‬وأي اسم ال يستطيع أن يكسب من‬ ‫الشارع املسيحي ميكن أن يتعرض لنكسة في بعبدا‪.‬‬ ‫ليست األمور كما يعتقد البعض أن معركة بعبدا‬ ‫ستكون نزهة‪ ،‬مع وجود املواالة التي تضع كل ثقلها‬ ‫في منطقة بعبدا إلحداث خرق ما‪ ،‬لذلك فإن مقعد‬ ‫بعبدا سيكون من ضمن املقاعد التي ستُبحث مع‬ ‫املعارضة‪ ،‬ولكن هذه املرة األمر سيكون واضحا ً أكثر‬ ‫من تشكيل احلكومة السابقة التي حصلت خاللها‬ ‫تسوية ما بني املعارضة الدرزية عبر حزب اهلل الذي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كان الوسيط حينها‪ .‬أما اليوم فاألمر يختلف‪ ،‬فلن‬ ‫نقبل بأية تسوية ال تضمن حقوق اجلميع‪ ،‬مبعنى‬ ‫أن يأتي أحد اليوم ويعتقد أن بقوة غيره سيتمكن‬ ‫من أخذ وزارة أو نيابة أو كتلة‪ ،‬هذا األمر لم يعد له‬ ‫وجود‪ ،‬إذا كان لديه قوته فلن يقف أحد في وجهه‬ ‫أما أن يستقوي باملعارضة علينا فهذا أمر صعب ولن‬ ‫يُكتَب له النجاح‪.‬‬

‫املعارضة الدرزية‬ ‫هل هذا يدل على أن املعارضة الدرزية غير‬ ‫موحدة؟‬ ‫مخطئ من يقول إن املعارضة الدرزية موحدة‪،‬‬ ‫وهناك جزء من املعارضة الدرزية أقرب الى وليد‬ ‫جنبالط مما هو إلى املعارضة‪ ،‬فكيف تكون املعارضة‬ ‫الدرزية موحدة؟‬ ‫هل املقصود بذلك الوزير أرسالن؟‬

‫لم يستطيعوا أن يأتوني بسبب وجيه ملا يحصل‪.‬‬ ‫إذاً لم يكن هناك أي خالف سياسي‪ ،‬فهل األمر‬ ‫يعود إلى خالف شخصي؟‬ ‫ّ‬ ‫أكن كل االحترام والتقدير للوزير أرسالن‪ ،‬وقد‬ ‫أعلنت عن ذلك صراحة أكثر من مرة بأنه كان ميكن‬ ‫أن يكون هناك مشروع أساسي في املعارضة الدرزية‬ ‫يق ّوي موقع الوزير أرسالن ال العكس‪ ،‬وتبينّ خالل‬ ‫األسابيع املاضية أن الوزير أرسالن قد ذهب وحيدا ً‬ ‫للتفاوض مع وليد جنبالط بالرغم من أننا أعلمناه‬ ‫أكثر من مرة بأن ذهابه منفردا ً سيجعل النائب‬ ‫جنبالط ينفرد به في حلظة مناسبة ويتركه‪ ،‬وهذا‬ ‫ما حصل‪.‬‬ ‫هل هناك وساطات ما جلمع املعارضة الدرزية؟‬ ‫هناك اتصاالت مستمرة عبر أصدقاء مشتركني‪،‬‬ ‫ولكن أنا ليس لدي أي سبب وجيه أو مشكلة ما‬ ‫حتى تكون هناك وساطات‪ ،‬وحتى اآلن ال أعرف‬ ‫أسباب اخلالف‪.‬‬ ‫كيف ميكن أن تربح املعارضة الدرزية في‬

‫أوباما لديه مشروع جديد وخطة‬ ‫انفتاح على كل األطراف‬ ‫القوى األمنية إذا لم تكن حاضرة‬ ‫وجاهزة للحماية كيف ميكن إجراء‬ ‫انتخابات نزيهة في يوم واحد‬ ‫في االنتخابات السابقة‬ ‫كانت بعض القرى تقفل‬ ‫بوجه املرشحني اآلخرين‬ ‫ال أريد أن أسمي أحدا ً ولكن آن األوان لوضع‬ ‫اإلصبع على اجلرح‪ ،‬وتسمية األمور بأسمائها‪ ،‬وآن‬ ‫األوان لنعلن أن هذا األمر سيجرنا الى الكارثة على‬ ‫صعيد اجلبل كمعارضة درزية‪ ،‬وال يجوز أن يصبح‬ ‫هاجسنا الوحيد التفتيش على مقعد‪ ،‬فرأسمالي‬ ‫ليس مقعدا ً نيابيا ً وال وزارياً‪ ،‬وأعتقد أن الذي فعلناه‬ ‫خالل السنوات املاضية هو أكثر من مقعد نيابي‬ ‫ووزاري‪ ،‬واألمر هذا تفصيلي بالنسبة لنا‪ ،‬طرحنا‬ ‫أكبر من هذا بكثير وعملنا أيضاً‪ ،‬ولن نقبل بأن‬ ‫تكون املعارضة الدرزية «مطية» للوصول الى مقاعد‬ ‫وزارية أو نيابية‪.‬‬ ‫ما أسباب تشتت املعارضة الدرزية منذ قيام‬ ‫املعارضة الوطنية؟‬ ‫أنا ليس لدي أي سبب يُذكر‪ ،‬وحتى كل الوسطاء‬

‫‪6‬‬

‫اجلبل إذا كان لديها أكثر من مرشح وبوجود هذا‬ ‫اخلالف؟‬ ‫أوالً‪ ،‬جناح املعارضة الدرزية سيحسم بحسب‬ ‫املناطق‪ :‬في الشوف حتى اآلن ال يبدو الوزير أرسالن‬ ‫طرفا ً في املعركة‪ ،‬واألطراف األساسية في الشوف‬ ‫متفقة في ما بينها‪ ،‬أما في عاليه فاألمر بحاجة‬ ‫للبحث ولدينا مرشحنا هو الشيخ سليمان الصايغ‪،‬‬ ‫واحلزب القومي لديه مرشحه والوزير أرسالن أيضا ً‬ ‫لديه تصور معينّ ‪ ،‬وكذلك التيار الوطني احلر‪ ،‬من هنا‬ ‫يجب توحيد اجلهود في عاليه‪.‬‬ ‫أما في منطقة بعبدا‪ ،‬فاملعارضة الدرزية حجمها‬ ‫بسيط نسبة لآلخرين‪ :‬ففي انتخابات ‪ 2005‬حصلت‬ ‫املعارضة الدرزية في بعبدا على ‪ 3000‬صوت‪ ،‬وأنا‬ ‫أعتقد أن غالبية أصوات املعارضة الدرزية ستصب‬


‫للمرشح األساسي على الئحة املعارضة كائنا ً من‬ ‫كان‪ ،‬ولكن في السياسة املعارضة الدرزية بحاجة‬ ‫موحدة على الرغم من اعتقاد البعض أن‬ ‫ألن تكون ّ‬ ‫بعض فرقاء األكثرية أقرب إليه من املعارضني الدروز‪،‬‬ ‫وهذا ال يعود الى أي سبب معينّ ‪.‬‬ ‫الوزير أرسالن أعلن أنه مع املعارضة وسيترشح‬ ‫مع املعارضة وسيعلن ترشحه في عاليه‪.‬‬ ‫ال أستطيع البت في هذا املوضوع مع اقتناعي بأن‬ ‫الوزير أرسالن لن ّ‬ ‫يترشح في عاليه‪.‬‬ ‫أين تكمن نقاط ضعف املعارضة الدرزية وقوتها‬ ‫في االنتخابات املقبلة؟‬ ‫في الشوف وعاليه ليس للمعارضة أية نقاط‬ ‫قوة‪ ،‬ولكن في الشوف لديها معركة قوة أساسية‬ ‫هي معركة إثبات الوجود من خالل محاولة بناء‬ ‫مشروع سياسي بني أطراف املعارضة‪ ،‬وكان لنا لقاء‬ ‫مع التيار الوطني احلر في اجلاهلية وصرحنا خالله‬ ‫بأن ما يجمعنا بالعماد عون هو مشروع تغييري ال‬ ‫مشروع انتخابي‪ ،‬وهذا شيء إيجابي أن نحقّ ق هذا‬

‫ملعرفة أسباب ذلك‪.‬‬ ‫عن البرنامج االنتخابي لتيار التوحيد‬ ‫اللبناني‪ ،‬حتت أي عنوان سيخوض تيار التوحيد‬ ‫االنتخابات؟‬ ‫بعد إعالن أسماء املرشحني‪ ،‬وأعتقد أن ذلك‬ ‫سيكون قريبا ً جداً‪ ،‬سيكون لدينا برنامج سياسي‬ ‫انتخابي‪ ،‬ولن نخوض املعركة على أساس برنامج‬ ‫انتخابي محض‪ ،‬بل أيضا ً على أساس برنامج‬ ‫تغييري‪ ،‬ونحن نحث املعارضة ككل على هذا األمر‪،‬‬ ‫وذلك لوضع مفارقة ما بيننا نحن كمعارضة وبني‬ ‫تيار املستقبل الذي ال يربطنا شيء به وال برئيسه‬ ‫النائب سعد احلريري الذي ميثل «مشروع الفساد‬ ‫واإلفساد» في لبنان وأرفض إشراكه في احلكم‪،‬‬ ‫من هنا يجب أن تكون لدينا كل اجلرأة لنعلن أننا‬ ‫سنحكم وسنعطي منوذجا ً في هذه السلطة‪.‬‬ ‫ولكن الدستور هو الذي يفرض هذه الدميوقراطية‬ ‫التوافقية أو العيش املشترك‪.‬‬ ‫ال أعتقد اليوم أن النائب سعد احلريري هو فقط‬

‫تغيير وطني شامل تخوض على أساسه املعارضة‬ ‫االنتخابات‪.‬‬ ‫املعارضة كان لها أسباب خالل السنوات املاضية‬ ‫وعند وقوع عدوان متوز‪ ،‬وعندما تآمرت السلطة على‬ ‫املقاومة في متوز ‪ 2006‬وعندما حصل التآمر لنزع‬ ‫سالح حزب اهلل‪ ،‬وعندما حصلت كل محاوالت جتيير‬ ‫السلطة وتسليمها لألميركيني‪ ،‬كل هذه األمور‬ ‫دفعت املعارضة ألن تدخل في الشراكة في حكومة‬ ‫الثلث الضامن حتى تضمن عدم انحراف السلطة‪،‬‬ ‫ونحن نشاهد ما يقوم به السنيورة من محاوالت‬ ‫إللغاء هذه املعادلة التي منعته من حتقيق مآربه‬ ‫خالل الفترة السابقة‪.‬‬

‫التدخل اخلارجي‬ ‫هل سيتمكن لبنان من إمتام االستحقاق املقبل‬ ‫بنجاح بعيداً عن التدخالت اخلارجية؟‬

‫اإلصالح يتم بقانون نسبي لإلنتخابات‬ ‫أنا غير مرشح في الشوف ولتيار التوحيد مرشحه‬ ‫في الشوف سندخل االنتخابات كمعركة إثبات وجود‬ ‫ال يعتقد أحد انه يتمكن بقوة غيره أخذ وزارة أو نيابة أو كتلة‬ ‫هناك جزء من املعارضة الدرزية أقرب الى وليد جنبالط‬ ‫السلطة تآمرت على املقاومة في متوز ‪2006‬‬ ‫سوريا ترغب في أن يربح حلفاؤها االنتخابات‬ ‫املشروع التغييري على األرض‪ ،‬واتفقنا على الكثير‬ ‫من اخلطوات املشتركة من خالل نشاطات ومخيمات‬ ‫مشتركة وأنشطة سياسية وثقافية واجتماعية‬ ‫وفنية وغيرها تشمل املنطقة ككل‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫يؤسس لعمل ممتاز بعيد عن مسألة االنتخابات‬ ‫التي كانت موضوعا تفصيليا في هذا املشروع‪ ،‬مبا‬ ‫أن االنتخابات موضوع استحقاق دائم واملعارضة في‬ ‫الشوف ستخوض هذه االنتخابات‪ ،‬ونقطة قوتها‬ ‫األساسية أن تقود معركتها الى النهاية‪.‬‬ ‫أما في املناطق األخرى‪ ،‬وباألخص في عاليه‪،‬‬ ‫فهناك مشكلة ال نعرف سببها حتى اآلن كما سبق‬ ‫وذكرت‪ ،‬أما املعارضة فلم تتقدم منذ العام ‪1992‬‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬فنسبة األصوات هي ذاتها‪ ،‬وفي تناقص‪،‬‬ ‫وهذا ما يدعونا الى بحث ونقاش جدي في املوضوع‬

‫الذي سيعطي «ورقة مرور» للرئيس عمر كرامي‬ ‫والوزير عبد الرحيم مراد أو للرئيس سليم احلص في‬ ‫الطائفة السنية أو الوزيرة ليلى الصلح أو الرئيس‬ ‫جنيب ميقاتي‪ ،‬فالطائفة السنية هناك من ميثلها‬ ‫وهم كثر ولديهم أسماؤهم ومواقعهم في تاريخ‬ ‫لبنان إذا ما أرادوا احلديث عن األسماء التاريخية‪،‬‬ ‫وإال فما الفرق بيننا وبني تيار املستقبل‪ ،‬بحيث‬ ‫ال يعود هناك أي مشكلة في أن يربح أي كان في‬ ‫االنتخابات‪.‬‬ ‫في هذ اإلطار ملاذا أصرت املعارضة على حكومة‬ ‫وحدة وطنية في وقت ما زال هناك جزء من‬ ‫املعارضة ضمن لعبة الطوائف؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬هذا األمر موجود وهو محور نقاشنا اليوم‪،‬‬ ‫من هنا يجب أن تكون لدينا اجلرأة إلعالن مشروع‬

‫‪7‬‬

‫لم ال! فمن يربح االنتخابات يجب عليه أن‬ ‫َ‬ ‫يقدم‬ ‫ينشئ حكومة‪ ،‬ولكن قبل ذلك عليه أن ّ‬ ‫منوذجا ً للحكم ال أن يحكم بحسب رغباته ومآربه‬ ‫الشخصية‪ ،‬ونحن في لبنان بحاجة ألن نصل الى‬ ‫عمن يربح في‬ ‫مكان ما نؤسس فيه لدولة مبعزل ّ‬ ‫االنتخابات‪ ،‬فاإلدارة والقضاء واألمن هذه أمور يجب‬ ‫عمن سيربح في االنتخابات‪،‬‬ ‫أن تكون محايدة ّ‬ ‫ويجب أن تخدم املواطن كمواطن مبعزل عن والئه‬ ‫السياسي‪ ،‬وهنا ينعدم وجود أي مشكلة ميكن أن‬ ‫حتصل في من يريد أن يحكم‪ ،‬ولكن املشكلة تكمن‬ ‫عندما تُستَعمل تلك األجهزة ضد اآلخر‪ ،‬هذا ما‬ ‫حصل في السنوات املاضية خالل تولي العصابة‬ ‫التي حكمت البلد واستعملت كل األجهزة ضد‬ ‫املعارضة‪ ،‬ما دفعنا لوضع حد لها وأوصلتنا الى‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫الغالف‬ ‫السابع من أيار‪.‬‬ ‫من هنا يجب القيام بعملية إصالح شامل تبدأ‬ ‫بقانون االنتخاب‪ ،‬هذا النظام السياسي هو السبب‬ ‫في املشاكل التي نعانيها اليوم‪ ،‬وما دام هذا النظام‬ ‫قائماً‪ ،‬فهناك مشكلة قائمة في لبنان‪ ،‬وأحتدى أن‬ ‫تتمكن السلطات املتعاقبة من إدارة لبنان أو حكمه‬ ‫مع وجود هذا النظام‪ ،‬من دون تغيير فيه لن يتمكن‬ ‫أحد من حكم لبنان‪.‬‬ ‫ويتكلمون اليوم عن الطائف‪ ،‬فالطائف نشأ أصالً‬ ‫بهدف استمرار إدارة البلد من اخلارج‪ ،‬فالطائف الذي‬ ‫هو وليد شراكة أميركية سورية انتهى‪.‬‬ ‫هناك من يتحدث أنه بعد االنتخابات النيابية‬ ‫أو قبلها سيحصل اتفاق سوري سعودي على‬ ‫إدارة مشتركة للبنان من خالل احلوار السوري ـ‬ ‫السعودي‪ ،‬ما رأيكم في ذلك؟‬ ‫ال أستبعد ذلك‪ ،‬فلبنان استقر ملدة ‪ 15‬سنة‬

‫نقدم منوذجا ً للسلطة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يحدثك بالقيم وتراه في‬ ‫الذي‬ ‫فهذا األميركي‬ ‫ّ‬ ‫اليوم الثاني يدعم القتلة‪ ،‬فما هي هذه القيم‬ ‫حتدث بها‪ ،‬ما يدفعنا الى فضحه واإلعالن على‬ ‫التي ّ‬ ‫املأل عن الصيغة التي يجب اعتمادها في احلكم‬ ‫من خالل منوذج مغاير ملغارة علي بابا في احلكم‪،‬‬ ‫يتمتع بشفافية تغنيك عن املساعدات إذا ضُ بطت‬ ‫مشكلة اإلنفاق في لبنان‪ ،‬وقد مارسنا هذه التجربة‬ ‫أثناء الستة أشهر التي قضيناها خالل مشاركتنا‬ ‫في السلطة‪ ،‬حيث توصل الرئيس كرامي ووزير‬ ‫املالية الى خفض اإلنفاق الى نسبة ‪ ،%40‬فلبنان بلد‬ ‫غني ولكن تنقصه الدولة‪.‬‬ ‫بدأت األصوات ترتفع من قوى ‪ 14‬آذار مدعومة‬ ‫من اإلدارة األميركية التي أعلنت صراحة أنها لن‬ ‫تعيد الرئيس نبيه بري رئيساً جمللس النواب‪ ،‬وهذا‬ ‫ما شهدناه في العام ‪ ،2005‬ما رأيكم في ذلك؟‬

‫بعد الطائف عندما حصل هناك تفاهم أميركي‬ ‫سوري سعودي أوروبي الى حد ما على رعاية الوضع‬ ‫اللبناني‪ ،‬وبدون تفاهم إقليمي دولي مي ّثل إرادة ما‬ ‫تلزم اللبنانيني جميعا ً بحد أدنى من التفاهم ال‬ ‫ميكن حتقيق إدارة مشتركة للبنان‪.‬‬ ‫في موضوع التدخل اخلارجي‪ ،‬رأينا جون كيري‬ ‫في السفارة األميركية يتحدث عن تخوفه من‬ ‫سقوط قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬هل إذا حكمت املعارضة‬ ‫سيكون الوضع مشابهاً حلكم حماس في غزة؟‬ ‫الوضع مختلف متاماً‪ ،‬أوال ً من حيث األجواء‬ ‫السياسية‪ ،‬كما أن الوضع في لبنان ال ينطبق أبدا ً‬ ‫على الوضع في غزة‪ ،‬فهو مختلف متاماً‪ ،‬إضافة الى‬ ‫أن بعض املعارضني اخلائفني من محاصرة لبنان إذا‬ ‫حكمت املعارضة ولكن ليس هناك أي مبرر لذلك‪.‬‬ ‫فلبنان لديه حدوده املفتوحة‪ ،‬األمر اآلخر يجب أن‬

‫هذه الصيغة الهجينة اليوم ليس لديها أي‬ ‫معنى‪ .‬ومن يربح فعليه التحمل ول ُي َح ّول ما بقّ ي‬ ‫إلى املعارضة‪.‬‬ ‫لكن النائب وليد جنبالظ أعلن أنه سيرشح‬ ‫الرئيس بري لرئاسة مجلس النواب‪..‬‬ ‫إذا كان النائب جنبالط مع ترشيح الرئيس بري‬ ‫لرئاسة اجمللس فأعتقد أنهم سيؤمنون األكثرية‬ ‫للرئيس بري‪.‬‬ ‫أال يتناقض النائب جنبالط مع تيار املستقبل‬ ‫في هذا املوضوع؟‬ ‫في النهاية جتد نفسك أنك مضطر‪ ،‬مع عدم‬ ‫وجود رمبا أي نائب شيعي‪ ،‬فمن سيترأس اجمللس؟ أو‬ ‫قد جتد نائبا ً شيعيا ً واحدا ً في بيروت‪ ،‬فهل ميكنك‬ ‫أن تأتي بنائب واحد ضد إرادة ‪ 32‬نائبا شيعيا‪ ،‬وأنا‬ ‫أجد أن هذا األمر قد طرح في إطار التهويل وفي إطار‬

‫الصدى للموقف األميركي‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار كالم الرئيس األسد جاء واضحا ً‬ ‫مع جون كيري بشأن التخلي عن سياسة اإلمالءات‪،‬‬ ‫وفي النهاية الرئيس جورج بوش قد خرج مهزوما ً‬ ‫من هذه املنطقة التي أدت بالتالي الى هزمية داخلية‬ ‫للحزب اجلمهوري في أميركا‪ ،‬اليوم بعد حرب متوز‬ ‫وحرب غزة العقل العربي عموما ً والعربي املقاوم‬ ‫خصوصا ً تغ ّير‪ ،‬فلم يعد ينصاع لألميركي أو يخاف‬ ‫من وصول نتنياهو أو غيره الى السلطة في إسرائيل‪،‬‬ ‫في السابق كانوا يعتقدون أن هناك أناسا ً تخاف‬ ‫على عروشها فتنصاع لهم‪ ،‬ولكن الوضع مع لبنان‬ ‫مختلف متاماً‪ ،‬من هنا فإنهم عاجزون عن انتخاب أي‬ ‫رئيس مجلس نواب آخر غير الرئيس نبيه بري‪.‬‬ ‫هل يشير الغزل القائم بني النائب جنبالط‬ ‫والرئيس بري الى حتالفات انتخابية رباعية سواء‬ ‫في البقاع الغربي أو في بعبدا؟‬

‫جنبالط يقرأ التطورات‬ ‫ودعوته للتهدئة جاءت‬ ‫بعد أن ّ‬ ‫تبلغ عن انفتاح‬ ‫أميركي على سوريا وإيران‬ ‫سعد احلريري‬ ‫يستخدم ‪ 7‬أيار للتحريض‬ ‫اإلنتخابي واملذهبي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪8‬‬

‫الرئيس بري ملتزم مبواقف املعارضة‪ ،‬وهذا الكالم‬ ‫أبلغني إياه أخيراً‪ ،‬ولكن النائب جنبالط جاء وأعلن‬ ‫عن عدم خوض معركة في حاصبيا ضد الرئيس بري‪،‬‬ ‫وهذا موقف جيد منه‪ ،‬ولكن إن قام بهذه املعركة‬ ‫فإلى أين سيصل مع ‪ 2000‬صوت مقابل ‪ 80‬ألف‬ ‫صوت للمعارضة‪ ،‬والرئيس بري على معرفة تامة‬ ‫بذلك‪ ،‬ولكن الوزير أرسالن أخطأ باملسارعة في‬ ‫الهجوم على هذا املوضوع الذي ليس له وجود أصالً‪.‬‬ ‫هناك من يتحدث عن أن سوريا حتاول بطريقة‬ ‫ما أن تتدخل في االنتخابات النيابية عبر التنسيق‬ ‫مع حلفائها‪.‬‬ ‫سوريا ترغب في أن يربح حلفاؤها بالتأكيد كما‬ ‫يرغب األميركي في أن تربح قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬وعلى‬ ‫سوريا أن تدعم حلفاءها الذين يتمتعون بهذا احلق‬ ‫ضدهم‪ ،‬وقد‬ ‫ملواجهة الهجمة العاملية التي تشن ّ‬


‫حتدث عن حرب كونية حيث‬ ‫صدق العماد عون عندما ّ‬ ‫يتدخل العالم أجمع ومعه املال العربي في هذه‬ ‫املعركة‪ ،‬فأين املشكلة في دعم سوريا حللفائها؟‬ ‫بالرغم من أنها األقل تدخالً في االنتخابات‪ ،‬فحتى‬ ‫اآلن لم يتمكن أحد من نقل موقف سوريا أو أي‬ ‫مسؤول سوري في االنتخابات‪.‬‬

‫العالقة مع جنبالط‬ ‫اتصالك بالنائب وليد جنبالط‪ ،‬هل تضمّ ن‬ ‫احلديث البحث في األوضاع السياسية كما قيل‬ ‫في الصحف؟‬ ‫اتصالي بالنائب جنبالط كان بهدف التعزية‬ ‫فقط ال غير‪.‬‬ ‫هل هذه التعزية جاءت رداً على املبادرة‬ ‫اإليجابية التي صدرت عن النائب جنبالط بعد‬

‫أعتقد أن النائب سعد احلريري يستخدم اليوم‬ ‫السابع من أيار للتحريض االنتخابي واملذهبي‪،‬‬ ‫والنائب احلريري و»ولدناته» ال تسمح له باخلروج‬ ‫من هذه القناعات‪ ،‬أما النائب جنبالط فلديه ميزان‬ ‫مختلف في السياسة ويزن األمور بطريقة مختلفة‬ ‫عن النائب سعد احلريري الذي هو أسير أحقاده‪ ،‬وقد‬ ‫أدخل البلد في أزمة خانقة ملدة ‪ 4‬سنوات نتيجة‬ ‫ومصر على اتهام سوريا في اغتيال‬ ‫هذه األحقاد‬ ‫ّ‬ ‫الرئيس احلريري وهو ما زال بانتظار احملكمة الدولية‬ ‫وبالتالي بانتظار نتائج التحقيق‪ ،‬وهو يستخدم ‪7‬‬ ‫أيار للتحريض‪ ،‬من هنا أؤكد أن السابع من أيار كانت‬ ‫ثان‪،‬‬ ‫له أسبابه‪ ،‬وإذا تكررت األسباب فسيحصل ‪ 7‬أيار ٍ‬ ‫ولكن هذه املرة سيكون أكبر‪ ،‬إذا ما حصل اقتراب من‬ ‫احملرمات‪ ،‬والنائب احلريري يتحمل مسؤولية كبيرة‬ ‫في هذا األمر‪ ،‬فإن السابع من أيار سيتكرر‪.‬‬ ‫ماذا عن الكتلة الوسطية؟‬

‫حتملها‪،‬‬ ‫في تكتّل اإلصالح والتغيير وغير قادر على ّ‬ ‫وهو كان يعتقد كـ»ميشال املر» أنه يجب أن تكون‬ ‫لديه وضعية مم ّيزة غير وضعية تكتّل اإلصالح‪ ،‬ورمبا‬ ‫اعتباره العتراض البعض على توزير ابنه إلياس‬ ‫املر كان جزءا ً من املشكلة ورمبا كانت هناك لديه‬ ‫حسابات سياسية خاطئة‪.‬‬ ‫هل تتوقع أن يأخذ الوزير ميشال املر من الرئيس‬ ‫اجلميّل ما عجز عن تقدميه له العماد عون في‬ ‫املقاعد النيابية؟‬ ‫حتى اآلن ال ميكنني أن أجزم مبا ميكن أن يحصل في‬ ‫الفترة املقبلة‪ ،‬وطبعا ً كان لدى الوزير املر اعتقاد في‬ ‫جعل حزب الطاشناق الى جانبه‪ ،‬ولكن الطاشناق‬ ‫كان لديه موقف سياسي واضح أبلغه للجميع وهو‬ ‫وقوفه الى جانب العماد عون في كل املناطق‪.‬‬ ‫هل تتوقع أن يتموضع النائب جنبالط بعد‬ ‫االنتخابات النيابية خارج قوى ‪ 14‬آذار بحسب ما‬

‫جنبالط يزن األمور‬ ‫بطريقة مختلفة‬ ‫عن “ولدنات”‬ ‫وأحقاد سعد احلريري‬ ‫الكتلة الوسطية‬ ‫غير موجودة وهي لضرب‬ ‫العماد ميشال عون‬ ‫حادثة كفرحيم؟‬ ‫ليس ذلك فقط‪ ،‬بل أيضا ً ملوقفه في ضبط‬ ‫الوضع في منطقة بحمدون بعد احلادث الذي‬ ‫كان من احملتمل أن يؤدي الى تفاعالت كبيرة عمل‬ ‫مقدر من اجلهة‬ ‫البعض على تغذيتها‪ ،‬وهذا املوقف ّ‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫ما سبب دعوته الدائمة للتهدئة؟ وماذا يقرأ‬ ‫النائب جنبالط؟‬ ‫النائب جنبالط يقرأ التطورات احلاصلة في‬ ‫املنطقة خارج لبنان‪ ،‬إقليميا ً ودولياً‪ ،‬وال يخفي ذلك‬ ‫على أحد‪ ،‬خاصة بعد زيارته األخيرة الى أميركا حيث‬ ‫تب ّلغ أنه سيكون هناك انفتاح ما على سوريا وإيران‪.‬‬ ‫كان من الالفت له إعالنه عن أن حوادث ‪ 7‬أيار‬ ‫أصبحت وراءنا‪ ،‬في وقت ما زال النائب سعد‬ ‫احلريري يعيش هذه املرحلة‪ ،‬كيف تفسرون ذلك؟‬

‫ليس هناك من كتلة وسطية‪ ،‬كل ما في األمر أن‬ ‫صد من خاللها‬ ‫الكتلة الوسطية كانت «كذبة» ُق ِ‬ ‫ضرب العماد ميشال عون في الساحة املسيحية‪،‬‬ ‫ولكن يبدو من خالل ما حصل أن هذا األمر رمبا‬ ‫ق ّوى العماد عون بحسب اإلحصاءات األخيرة‪ ،‬ورمبا‬ ‫محاولة البعض و»طاووسية» البعض في هذه‬ ‫املعركة والتقدمي لها رمبا أعطت العماد عون دفعا ً‬ ‫أكثر‪.‬‬ ‫ما هي األسباب التي دفعت الوزير ميشال املر‬ ‫إلى اخلروج من تك ّتل اإلصالح والتغيير؟‬ ‫حسب ما أبلغني أكثر من مرة بأن هذه األسباب‬ ‫شخصية‪ ،‬كما ّ‬ ‫أكد لي أنه باملوضوع السوري يذهب‬ ‫أكثر من العماد عون‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة ملوضوع‬ ‫حزب اهلل‪ ،‬وهو كما يقول محسوب على الرئيس‬ ‫بري ولكن هناك تصرفات شخصية حصلت معه‬

‫‪9‬‬

‫تتحدث عنه بعض املعلومات؟‬ ‫إن الذي سيحدد ذلك هو نتائج االنتخابات‪،‬‬ ‫وقد بدا واضحا ً أنه غير منسجم مع كل أقطاب‬ ‫األكثرية‪ ،‬وخاصة مع الرئيس اجلميل وسمير جعجع‪،‬‬ ‫ولكن لديه انسجاما واضحا مع النائب سعد‬ ‫ّ‬ ‫احلريري‪ ،‬وله عدة أسباب وبالتأكيد ألسباب غير‬ ‫فكرية‪ ،‬وهو بانتظار نتيجة االنتخابات والتطورات‬ ‫في املنطقة‪ .‬فاملنطقة ذاهبة الى تطورات أكثر من‬ ‫التي نناقشها اآلن‪ ،‬وموضوع االنتخابات كذلك هو‬ ‫موضوع تفصيلي أمام تطورات املنطقة املقبلة‪.‬‬

‫احملكمة الدولية واالستحقاق‬ ‫هل سيؤثر بدء عمل احملكمة الدولية على‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫الغالف‬ ‫االنتخابات النيابية؟‬ ‫إن بدء احملكمة الدولية لن يكون له أي تأثير‬ ‫على االنتخابات النيابية‪ ،‬خاصة أن أمامها عامني‬ ‫لتكوينها‪ ،‬وهي لم تعد ذات قيمة‪ ،‬وكذلك األمر‬ ‫بالنسبة ملوضوع العدالة الدولية‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫حرب غزة‪ ،‬فما من أحد يجيب على محكمة‬ ‫دولية مس ّيسة‪ ،‬وإذا ّ‬ ‫نفذ بلمار إرادة تسييس‬ ‫بنصاب كبير كديتليف‬ ‫هذه احملكمة فسيصنّف ّ‬ ‫ميليس‪ ،‬ألن اجلهة التي ّ‬ ‫نفذت االغتيال باتت‬ ‫معروفة‪.‬‬ ‫هناك من يتح ّدث أنه سيُستدعى من كان في‬ ‫حكومة الرئيس كرامة؟‬ ‫لن يذهب أحد‪ ،‬وهذا قرار أصبح فيه تشاور بني‬ ‫أركان املعارضة تقريباً‪ ،‬وإذا أرادوا االستماع الى وزير‬ ‫الداخلية أو وزير الدفاع أو رئيس احلكومة أو وزير ما‬ ‫فليأتوا الى منزله ويستمعوا الى أقواله‪ ،‬لن يذهب‬ ‫أحد الى محكمة غير موثوق بها‪ ،‬الى محكمة‬ ‫عدالة دولية فاسدة مئة في املئة أوقفت ملدة ثالث‬ ‫سنوات أربعة ضباط بدون أي حق‪ ،‬وبدون أي قرار‬ ‫اتهامي‪ ،‬وهذا اعتداء سافر يجب أن يُر ّد عليه في‬ ‫وقت قريب‪ ،‬كما يجب محاسبة كل الذين تسببوا‬ ‫في ذلك‪.‬‬ ‫هل تتوقع أن يُفرج عن الضباط األربعة إذا لم‬ ‫يصدر قرار عن م ّدعي عام التمييز؟‬ ‫ليس لديه أية أسس لعدم بت القرار‪ ،‬وبرأيي أنه‬ ‫س ُيفرج عنهم في اخلارج‪.‬‬ ‫هل برأيكم نقل الضباط إذا حصل ولم يُفرج‬ ‫عنهم بقرار من امل ّدعي العام الدولي ‪ ،‬هو بداية‬ ‫تسييس للمحكمة؟‬ ‫إذا لم يفرج عنهم ولم يثبت عليهم أية تهمة‬ ‫فطبعا ً هذا يُعتبر استمرارا ً للتسييس‪ ،‬وهذا‬ ‫املوضوع يجب أن يحسم‪ ،‬وخاصة بعد التلميحات‬ ‫التي أصدرتها األمم املتحدة وبلمار حول إطالق سراح‬ ‫الضباط األربعة‪ ،‬ولكن يبدو أن «الشيخ» سعد لم‬ ‫يرض عنهم بعد؟‬ ‫َ‬ ‫ماذا عن حكم الرئيس ميشال سليمان خالل‬ ‫عام؟‬ ‫لقد التزم الرئيس سليمان مبواقفه‪ ،‬ولو كانت‬ ‫ّ‬ ‫لتمكن من فعل املزيد‪ ،‬وهذه‬ ‫لديه صالحيات أكثر‬ ‫مشكلة الطائف الذي حرم رئيس اجلمهورية من‬ ‫صالحياته كرئيس للجمهورية ومن أن يكون حكما ً‬ ‫حتى‪ ،‬لذلك الرئيس سليمان يسير بني النقاط في‬ ‫لبنان وفي اخلارج ّ‬ ‫ومتكن من معاجلة بعض األمور‪،‬‬ ‫ولكن ليس من ضمن الصالحيات التي أعطيت له‪.‬‬ ‫مبعنى أنكم مع عودة صالحيات رئيس‬ ‫اجلمهورية؟‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬فال تستطيع أن حتكم لبنان إذا لم يكن‬ ‫هناك مرجع ما يستطيع أن يحكم في األمور‪ ،‬فمن‬ ‫يحكم في األمور اليوم؟ رئيس اجلمهورية من دون‬ ‫صالحيات ومجلس الوزراء منقسم على ذاته‪ ،‬كذلك‬ ‫ال مكان في العالم يحكم من دون مرجع‪ ،‬وكذلك‬ ‫الدول الدميوقراطية ال تستطيع أن حتكم من دون‬ ‫مرجع‪ ،‬وهذا يعود الى النظام السياسي القائم‬ ‫والطائف الذي أنشئ كي ال يتمكن أحد من أن‬ ‫يحكم لبنان وكي تظل إدارة لبنان الى ما ال نهاية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫جنبالط غير منسجم مع سمير جعجع وأمني جميل‬ ‫احملكمة الدولية لن يكون لها تأثير على اإلنتخابات‬ ‫لن يذهب أحد إلى محكمة غير موثوق بها‪.‬‬ ‫لو كانت للرئيس سليمان صالحيات لتمكن من فعل املزيد‬ ‫البلد يُحكم من خالل الرابح في االنتخابات‬ ‫هل من خالل الكتلة الوسطية‪ ،‬أو تأمني كتلة‬ ‫نيابية لرئيس اجلمهورية هي إحدى النواحي‬ ‫لتفعيل احلكم؟‬ ‫ال‪ ،‬األهمية تعود الى تأمني الصالحيات‪ ،‬وال وجود‬ ‫لكتلة وسطية‪ ،‬إذ ان هذه الكتلة قد تنحاز في ما‬ ‫بعد إما الى ‪ 8‬آذار أو الى ‪ 14‬آذار‪ ،‬فاملطلوب صالحيات‬ ‫للرئيس‪ ،‬والرئيس يجب أن يكون فوق كل النزاعات‪.‬‬ ‫وهذا ما كانوا يطالبون به‪ ،‬إال أنهم انتقدوا إدارة‬ ‫الرئيس حلود على هذا األمر‪ ،‬ولكن اآلن يريدون من‬ ‫الرئيس أن يصبح جزءا ً من هذه النزاعات‪.‬‬ ‫ولكن هذا احلديث أُثير عندما كانت املارونية‬ ‫السياسية تستأثر بلبنان؟‬ ‫ليست الصالحيات التي كانت موجودة سابقا ً ألن‬ ‫البلد قد تغ ّير والبلد قد ُح ٍكم بعقلية خاطئة قبل‬ ‫الطائف‪ ،‬ولكن هذا ال يعني أنه إذا ُح ِكم بعقلية‬ ‫خاطئة أن ننتقم من الطائفة التي كانت لديها‬ ‫الصالحيات في إدارة احلكم لتنتقل الى طائفة‬ ‫أخرى‪ ،‬فاحلل ال يكمن هنا‪.‬‬ ‫لقد سمعنا من السيد حسن نصر اهلل‬

‫‪10‬‬

‫والرئيس نبيه بري وبعض أركان املعارضة أن البلد‬ ‫ال يُحكم باالستئثار وال بالثنائية وال بالثالثية وال‬ ‫بالرباعية‪ ،‬فإذا وصلنا الى هذه املرحلة‪ ،‬فكيف‬ ‫سيُحكم البلد؟‬ ‫برأيي ان البلد يُحكم من خالل الذي يربح‬ ‫االنتخابات‪ ،‬فأنت عندما تش ّرد الناس وأنت في احلكم‬ ‫فال يعود هناك أي اعتبار لشعاراتك السياسية في‬ ‫معركتك‪ ،‬بحيث يصبح اجلميع سواء‪ ،‬وهكذا ال‬ ‫ميكن احلكم‪.‬‬ ‫إذاً تلتقي مع قوى ‪ 14‬آذار في أن حتكم األكثرية‬ ‫مهما كانت اجلهة الرابحة؟‬ ‫األكثرية حكمت ولم يكن لدينا الثلث املعطل‬ ‫في احلكومة‪ ،‬ولكن بعد حرب متوز هذه األكثرية‬ ‫التي حكمت والتي كانت مؤمتنة على الدستور‬ ‫أنا برأيي خانت الدستور وامليثاق الوطني وميثاق‬ ‫العيش املشترك عندما تآمرت على لبنان مع‬ ‫اإلسرائيليني وعندما كانت تهلل للعدوان‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬عندها وجدت املعارضة أن تضع‬ ‫ضوابط لهذا الوضع‪.‬‬


‫سالح املقاومة‬ ‫الصواريخ التي تطلق دائماً من جنوب لبنان‪،‬‬ ‫من املسؤول عنها؟‬ ‫هذه الصواريخ بحسب رأيي هي صواريخ‬ ‫مشبوهة‪ ،‬وهي تعود الى أجهزة أمنية تابعة‬ ‫إلسرائيل‪ ،‬وكلنا نعرف أن احلرب على إسرائيل ال‬ ‫تكون بهذه الطريقة‪ ،‬واملواجهة اليوم مع إسرائيل‬ ‫هي من الساحة الفلسطينية‪ ،‬من هنا يجب أن‬ ‫ندعم املقاومة الفلسطينية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن هناك سؤاالً بأن املقاومة لديها حضورها‬ ‫وجهازها األمني اخلاص وسالحها وال تستطيع أي‬ ‫جهة أن تفعل ذلك في ساحتها؟‬ ‫املقاومة ليست حرس حدود للكيان الصهيوني‪،‬‬ ‫املقاومة لديها مشروعها السياسي واالستراتيجي‪،‬‬ ‫وهو حترير كل فلسطني‪ ،‬واملقاومة لديها استراتيجية‬ ‫دعما ً للمقاومة الفلسطينية ودعما ً لتحرير‬ ‫فلسطني‪ ،‬من هنا فهي ليست حرسا ً للكيان‬ ‫الصهيوني فهناك اجليش وقوات اليونيفيل‪ ،‬وال أحد‬ ‫يستطيع أن يقوم بأي خرق أمني في ظل وجودهم‪.‬‬ ‫هناك من يقول إن هدف وضع هذه الصواريخ‬ ‫وإطالقها هو لوضع اجليش في جنوب لبنان‬ ‫في مواجهة مع املقاومة لتقوم إحدى القوى‬ ‫بتجريدها في جنوب الليطاني؟‬ ‫هذا املوضوع ال ميكن أن يحصل‪ ،‬إذ قد يؤدي الى‬ ‫حرب في البلد‪ ،‬وقوات اليونيفيل واجليش اللبناني‬ ‫على علم بذلك‪.‬‬ ‫اخلطر احملدق بنا هو خطر إسرائيلي‪ .‬فإسرائيل‬ ‫اليوم ذاهبة الى اليمني وقد يأتي ليبرمان وزيرا ً‬ ‫للدفاع‪ ،‬من هنا إن من يتكلم عن هذا املوضوع وعن‬ ‫سالح املقاومة بالذات في وقت تقوم به إسرائيل‬ ‫بهذا التحول هو خائن جتب محاكمته ومحاسبته‬ ‫بكل األساليب والوسائل‪.‬‬ ‫هل االستراتيجية الدفاعية سيكون وضعها‬ ‫مختلفاً‪ ،‬إذ انها من ضمن احلوار مع رئيس‬ ‫اجلمهورية؟‬ ‫احلوار مع رئيس اجلمهورية هو حول موضوع آخر‪،‬‬ ‫وليس على االستراتيجية الدفاعية التي أصبحت‬ ‫لعبة مشتركة يلهون بها الناس‪ ،‬فمن سيقدم‬ ‫استراتيجية دفاعية؟ النائب سمير جعجع‪ ،‬هو‬ ‫وقواته مدربون ‪ 20‬سنة في اسرائيل‪ ،‬أم الرئيس‬ ‫اجلميل الذي أتت به الدبابات اإلسرائيلية‪ ،‬لقد‬ ‫تكلمنا عن كل أمورهم‪ ،‬فليعتقونا‪.‬‬ ‫فهل ميكن اعتبارهم اليوم من أنصار االستراتيجية‬ ‫الدفاعية في وقت كانوا فيه من أنصار استسالم‬ ‫لبنان‪ ،‬وفي األمس ابن رئيس اجلميل وضع أنصاره‬ ‫بني خيارين إما اختيار لبنان املقاومة أو لبنان ثقافة‬ ‫احلياة‪ ،‬وكأن ثقافة احلياة أصبحت في اجللوس في‬ ‫املقاهي وشرب «النرجيلة»‪ ،‬فهذا احلزب الذي قتل ‪30‬‬ ‫ألف لبناني على الهوية فما هي ثقافة احلياة التي‬ ‫يتحدث عنها؟‬ ‫قوى ‪ 14‬آذار تقول إنه بعد إصدار القرار ‪1701‬‬ ‫لم يعد هناك دور لسالح املقاومة‪ ،‬ما تعليقكم‬ ‫على ذلك؟‬ ‫هذا القرار متكنوا من احلصول عليه بالقوة وحتت‬

‫ما هي ثقافة احلياة‬ ‫حلزب قتل ‪ 30‬ألف مواطن‬ ‫على الهوية‬ ‫حق للمقاومة‬ ‫بأن يكون لديها‬ ‫سالح جوي‬ ‫أهمية ما حصل في غزة‬ ‫هو تغيير للعقل العربي‬ ‫القصف وهو ليس له وجود‪ ،‬فاملقاومة ستتسلح‬ ‫وستزيد تسليحها وستستعد للمواجهة مع‬ ‫إسرائيل‪.‬‬ ‫أعلن السيد حسن نصر اهلل بطريقة ما أوصلها‬ ‫إلسرائيل بأن املقاومة متلك صواريخ مضادة‬ ‫للطائرات وهذا تطور نوعي في تسلح املقاومة؟‬ ‫هذا حق املقاومة بأن يكون لديها سالح جوي‬ ‫وسالح هجومي ملواجهة أي اعتداء على األرض‬ ‫اللبنانية وصده بأي نوع سالح موجود‪.‬‬ ‫واملقاومة لديها احلق في احلصول على السالح‬ ‫من أي مكان وكيفما كان‪ ،‬وحتما ً لن يتمكنوا من‬ ‫جعل املقاومة محاصرة كما فعلوا في حصار غزة‬ ‫ملنعها من احلصول على األسلحة الالزمة‪ .‬ولو كان‬ ‫مع حماس السالح نفسه ملا متكنت إسرائيل من‬ ‫مقاومتها وشن العدوان على غزة‪ ،‬فالسالح ضمانة‬ ‫وحماية‪.‬‬

‫احلرب على غزة‬ ‫كيف قرأت انتصار غزة؟‬ ‫إن أهمية الذي حدث في غزة هو تغيير للعقل‬ ‫العربي‪ ،‬بعد غزة نحن اليوم أكثر ثقة بأنفسنا وأكثر‬ ‫ثقة بقدرتنا على االنتصار‪ ،‬قبل متوز اعتبرنا أن الهزمية‬ ‫هي قدرنا‪ ،‬وإسرائيل هي الدولة املتقدمة التي ال‬ ‫تهزم‪ ،‬وانتصار متوز جاء ليزيد ثقتنا بأنفسنا‪ ،‬ولكن‬ ‫البعض كان يرى أن حرب متوز هي استثناء وليست‬ ‫قاعدة‪ ،‬الى أن جاءت غزة‪ّ ،‬‬ ‫وأكدت أن متوز هي القاعدة‪،‬‬ ‫اليوم نحن نعيش عصرا عربيا جديدا ونرى انكفاء‬ ‫قوى االعتالل العربي وليس دول االعتدال العربي‪،‬‬ ‫وهذه القوى أُس ِقط كل ما في يدها‪ ،‬واملقاومة‬ ‫أصبحت محتضنة شعبيا ً ولو لم تكن محتضنة‬ ‫رسمياً‪ ،‬وأصبح لدينا ثقة بأن إسرائيل ال تستطيع‬ ‫أن تهزمنا في الوقت الذي تريده بعدما أصبح هناك‬

‫‪11‬‬

‫تغيير في العقل العربي الذي نشأنا عليه من ‪ 40‬أو‬ ‫‪ 50‬سنة‪ ،‬وهو عقل الهزمية‪ ،‬وأصبح هناك شعور آخر‬ ‫يعزز ثقتنا‪ ،‬وما حصل في غزة وقبلها في متوز جعلنا‬ ‫ال ننسى أن اسرائيل لو ربحت احلرب فاحلديث داخل‬ ‫أميركا سيكون مختلفاً‪ ،‬فحرب متوز أسقطت كل‬ ‫املشروع األميركي في املنطقة‪ .‬وعندما وقفت رايس‬ ‫في تل أبيب لتعلن بناء مشروع شرق أوسط جديد‪،‬‬ ‫كانت تعلم بأن هذا املشروع قد انتهى ونحن نعيش‬ ‫اليوم مشروع املشرق العربي اجلديد‪ ،‬وبتقديري هناك‬ ‫مشرق عربي جديد واألنظمة العربية التي ال تتك ّيف‬ ‫معه سيكون لديها مشكلة كبيرة وفي طليعتها‬ ‫النظام املصري الذي حتى اآلن لم يستطع التك ّيف‬ ‫مع الواقع اجلديد‪.‬‬ ‫أما السعودية فقد بدأت الى حد ما بتغيير بارز‬ ‫في السياسة بدأ ببيان مجلس الوزراء السعودي‬ ‫الذي حتدث عن خيار املقاومة في فلسطني ومبا قام‬ ‫به امللك عبد اهلل في تقربه من سوريا‪.‬‬ ‫هل ستنعكس املصاحلة السعودية ـ السورية‬ ‫على لبنان؟‬ ‫أكيد‪ ،‬اذا حصل هناك تقارب فسينعكس على‬ ‫لبنان‪ ،‬ونحن نعرف أن الفريق اآلخر اعتمد كثيرا ً على‬ ‫دعم بعض اجلهات السعودية في الفترة السابقة‬ ‫وعلى املال السعودي الذي دُ ِفع في لبنان‪.‬‬ ‫هل املقصود املال الذي يدفع في االنتخابات‬ ‫اآلن؟‬ ‫طبيعي‪ ،‬وهذا أمر واضح‪ ،‬ولكن من اآلن حتى‬ ‫االنتخابات النيابية ال ميكن أحدا ً أن يجزم مبا ميكن‬ ‫أن يحصل‪.‬‬ ‫لقد كنت رأس حربة دائماً في تصريحاتك‬ ‫ومواقفك ضد النظام السعودي‪ ،‬كيف ستتعاطى‬ ‫مع التطورات اجلديدة اليوم؟‬ ‫أعدل تصريحاتي على الرغم من‬ ‫من الطبيعي أن ّ‬ ‫أن مواقفي ما زالت ثابتة‪ ،‬ألن السعودية هي التي‬ ‫غ ّيرت مواقفها‪ ،‬ومن الطبيعي أن أهدئ من مواقفي‬ ‫اذا اقترب موقفهم من خيار املقاومة واملمانعة‪ ،‬أما‬ ‫إذا بقي موقفهم على ما هو عليه‪ ،‬فموقفي لن‬ ‫يتغير وسأبقى واضحا ً ألن خالفي معهم لم يكن‬ ‫من أجل سوريا‪ ،‬بل خالف على موقف سياسي‪،‬‬ ‫وبالتحديد هجومي القاسي عليهم أعلنته بعدما‬ ‫أصدروا البيان ملصدر مسؤول في متوز باعتبار أسر‬ ‫اجلنديني اإلسرائيليني مغامرة وح ّلل قتلنا‪ ،‬عندها‬ ‫فتحت احلرب عليهم‪.‬‬ ‫السعودي بدأ اآلن يتحدث بلغة أخرى‪ ،‬وال أجد‬ ‫أي مشكلة شخصية في هذا املوضوع‪ ،‬ولكن‬ ‫هناك مشكلة سياسية اذا غ ّير السعودي بطريقة‬ ‫تفكيره فال مشكلة لدي‪ ،‬والسعودي حاول في‬ ‫فترة معينة دعم خيار البعض في إخراج سوريا من‬ ‫املعادلة اللبنانية وفشل في هذا األمر‪ ،‬ألنه ليس‬ ‫هناك أي إمكان إلخراج سوريا من املعادلة اللبنانية‪،‬‬ ‫من هنا أعتقد أن السعودي سيصبح أكثر عقالنية‬ ‫خالل املرحلة املقبلة‪.‬‬

‫االنتخابات اإلسرائيلية‬ ‫ماذا عن االنتخابات اإلسرائيلية ووصول اليمني‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫الغالف‬ ‫املتطرف الى احلكم؟‬ ‫بداية سيكون لديه الكثير من الضحايا‪ ،‬ومحمود‬ ‫عباس سيكون هو الضحية األولى‪ ،‬كما أن وصول‬ ‫اليمني الى احلكم سيثبت عقم كل محاوالت عباس‬ ‫لالستسالم ومحاولته للتغطية على االستسالم‬ ‫املغطى بباراك وأوملرت‪ ،‬وال أستبعد أن تكون مصر‬ ‫هي الضحية الثانية‪.‬‬ ‫فالشارع املصري يغلي واألجهزة األمنية‬ ‫استطاعت الى حني أن متسك األمور ولكن ليس الى‬ ‫ما ال نهاية‪.‬‬ ‫وبتقديري ليس هناك أي فارق بني حزب العمل‬ ‫وحزب الليكود‪ ،‬وواضح أن حزب العمل كان أشرس‬ ‫في كل احلروب التي حصلت مع العرب‪ ،‬من هنا‬ ‫أراهن على إرادة عربية معينة بدأت تتكون‪ ،‬ومخطئ‬ ‫من يعتقد أن إسرائيل ستستمر بالعيش في هذا‬ ‫البلد‪ ،‬هناك مسألة ‪ 15‬أو ‪ 20‬سنة ولكن اسرائيل‬ ‫لن تتمكن من العيش في هذا البلد الى النهاية‪،‬‬ ‫والدليل أنها وضعت نفسها على طريق النهاية‪،‬‬ ‫وهناك تطورات معينة وأجيال جديدة تُخلق أكثر‬ ‫حقدا ً من اجليل السابق‪ ،‬وهذا نتيجة التصرف‬ ‫اإلسرائيلي اليوم‪ ،‬وباألخص اجملازر التي قامت بها في‬ ‫غزة‪ ،‬وكل التطورات تثبت أن إسرائيل كيان غير قابل‬ ‫للعيش بالرغم من محاوالتها املستمرة إلنتاج شيء‬ ‫جديد‪ ،‬ولكن من دون جدوى‪ ،‬فالقياديون التاريخيون‬ ‫ذهبوا‪ ،‬وكذلك القياديون العقائديون‪ ،‬وبذهابهم‬ ‫حتاول أن تثبت شيئا ً ما‪ .‬ولكن دون جدوى‪ ،‬وبعد‬ ‫الفشل الذريع الذي أُحلق بكل من أوملرت وليفني‬ ‫واآلن نتنياهو‪ ،‬كل ما في األمر أن وجودهم سيزيد‬ ‫التطرف واحلقد العربي‪ ،‬وأنا بتقديري إن وجود دولتني‬ ‫هو ملصلحة إسرائيل‪ ،‬واالنسحاب من األراضي التي‬ ‫احتلت في العام ‪ 1967‬هو مصلحة إسرائيلية ال‬ ‫مصلحة عربية‪ ،‬ألن النظام الرسمي العربي اليوم‬ ‫رمبا قبل بأراضي الـ ‪ ،67‬ولكن األجيال املقبلة لن‬ ‫تقبل بها وستعود باملطالبة بكل فلسطني‪.‬‬ ‫هل تتوقع مع وصول نتنياهو أو ليبرمان عدواناً‬ ‫إسرائيلياً جديداً على لبنان؟‬ ‫ال أستبعد ذلك‪ ،‬خاصة أن نتنياهو قد بدأ احلديث‬ ‫عما يسميه بقطع األذرع اإليرانية في املنطقة ومنها‬ ‫حماس وحزب اهلل‪ ،‬وهذه تسمية خاطئة‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫نتنياهو قد يجرب حظه ويحاول االنضمام الى القادة‬ ‫التاريخيني في اسرائيل بطرح نفسه بأنه قادرعلى‬ ‫أن يفعل ما عجز عن فعله أسالفه في موضوع حزب‬ ‫اهلل‪ ،‬ولكن هذا األمر ستكون له انعكاسات كبيرة‬ ‫على املنطقة كلها‪.‬‬ ‫هم يرون أن إيران ّ‬ ‫متثل خطرا وجوديا على‬ ‫إسرائيل في امتالكها السالح النووي؟‬ ‫بالنسبة ملوضوع السالح النووي اإليراني نحن‬ ‫مع السالح النووي‪ ،‬وليس مع امتالك قدرات نووية‬ ‫ألغراض سلمية‪ ،‬ألن السالح النووي اإليراني يحمي‬ ‫املنطقة العربية من السالح النووي اإلسرائيلي‬ ‫وكفى إذا ً تالعب إسرائيل على هذه النقطة‪ .‬يجب‬ ‫أن يكون هناك موقف عربي واضح إلزالة كل‬ ‫األسلحة النووية في املنطقة وإما ترك إيران متتلك‬ ‫هذا السالح‪ ،‬ألن هذا األمر فيه حماية لكل الشعوب‬ ‫العربية اإلسالمية‪ ،‬والسالح النووي اإليراني هو‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الوحيد الذي سيعطل السالح النووي اإلسرائيلي‬ ‫في املنطقة‪.‬‬ ‫هناك اكتشاف دائم لشبكات جتسس‬ ‫إسرائيلية‪ ،‬ما هي نتيجة ذلك؟‬ ‫هذه الشبكات موجودة في األساس ولكن‬ ‫انكشاف الساحة في السنوات األربع املاضية‬ ‫وتركيز عمل األجهزة األمنية على املعارضني ال على‬ ‫العمالء والشبكات اخلارجية جعل لبنان ساحة لكل‬ ‫أجهزة اخملابرات ومنها املوساد اإلسرائيلي‪ ،‬فـ»وسام‬ ‫احلسن» في حينها كان يلهو مبراقبة معارضي النائب‬

‫غير مسموعة عند العماد قهوجي‪ ،‬وقيادة اجليش‪.‬‬ ‫هل أعيدت الثقة بني لبنان وسوريا بعد وصول‬ ‫العماد سليمان الى سدة الرئاسة؟‬ ‫الثقة كانت موجودة أصالً ولكنها تعززت‪ .‬أصالً‬ ‫العماد ميشال سليمان لم يكن يوما ً على خطى‬ ‫بعيدة من سوريا‪ ،‬وعالقته بها كانت وال تزال جيدة‬ ‫جداً‪ ،‬ولكن بعد مجيئه تعززت هذه الثقة‪ ،‬وهذه‬ ‫العالقة بني البلدين‪.‬‬ ‫كيف تتناول موضوع التنصت؟‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬هناك خطأ في املوافقة على إعطاء‬ ‫مهلة لالستمرار بالتنصت‪ ،‬وسأحتدث قريبا ً عن هذا‬ ‫املوضوع ما إن تتوافر لدي املعطيات التي بصدد البحث‬ ‫عنها‪.‬‬ ‫لقد طلبوا فرصة لغاية ‪ 15‬آذار وهذه الفرصة لها‬ ‫أسبابها‪ ،‬ويبدو أنهم يريدون إقامة ترميز معني ملتابعة‬ ‫االتصاالت الهاتفية‪ ،‬وهذه مسألة خطرة‪ ،‬وبرأيي أن‬ ‫وزراء املعارضة يجب أال يكونوا شهداء زور في احلكومة‬ ‫ويقبلوا ببقاء التنصت حتى ‪ 15‬آذار وكان يجب إيقافه‬ ‫فوراً‪ ،‬ولكن االتفاق الذي جرى في الدوحة والذي ال نعرف‬ ‫جميع بنوده التي من ضمنها بند مينع االستقالة هو‬ ‫الذي جعل وزراء املعارضة يوافقون على هذا األمر‪.‬‬ ‫دائماً تنتقد املعارضة وأداءها فتبينّ أنك على‬ ‫يسار املعارضة؟‬ ‫إن انتقادي للمعارضة هو بدافع ح ّثها على حتسني‬ ‫أدائها‪ ،‬وإال فما الذي يف ّرق املعارضة عن تيار املستقبل‬ ‫إذا لم يكن لديها مشروع تغييري أفضل من الذي‬ ‫وضعه تيار املستقبل‪.‬‬

‫سعد احلريري ال الشبكات اإلسرائيلية‪ ،‬واآلن هناك‬ ‫املزيد من التعاون بني بعض األجهزة األمنية وخاصة‬ ‫اجليش واملقاومة‪ ،‬وهذا التعاطي يعطي مفعوله‪.‬‬ ‫في ما يتعلق بفرع املعلومات هناك حملة‬ ‫عليه؟‬ ‫ليس هناك حملة على فرع املعلومات ففرع‬ ‫املعلومات اليوم يخالف القانون واألصول‪ ،‬وقيادة قوى‬ ‫األمن الداخلي رفضت حتويله الى شعبة مبا يعني أنه‬ ‫مكتب فقط لألمن العسكري ويختص عمله فقط‬ ‫بعناصر قوى األمن الداخلي‪ ،‬وفرع املعلومات يخالف‬ ‫قاض يخالف هذا األمر ويكلف فرع‬ ‫ذلك‪ ،‬وبرأيي كل ٍ‬ ‫املعلومات مبهمات معينة‪ ،‬والضباط الذين يخالفون‬ ‫هذا األمر يجب أن يحاسبوا بعد االنتخابات‪.‬‬ ‫في موضوع قيادة اجليش بعد وصول جان‬ ‫قهوجي‪ ،‬هل اجليش سيبقى على عقيدته؟‬ ‫الواضح أن العماد جان قهوجي يعرف ما يريد‬ ‫وهو ضمانة أساسية في اجليش إن كان في عالقته‬ ‫باملقاومة أو بسوريا‪ ،‬فهو رجل واضح‪ ،‬كذلك تسليح‬ ‫اجليش إذا كان حلماية لبنان فال يحق ألحد أن يعترض‪،‬‬ ‫ولكن إذا كان تسليح اجليش هو لضرب املقاومة‬ ‫فكلنا نعرف أن هذا السالح ال يصرف وال يوصلنا‬ ‫الى أي مكان‪ ،‬ألن اجليش من الشعب‪ ،‬والشعب هو‬ ‫الذي يقرر موقع اجليش‪ ،‬فأية محاولة لزج اجليش‬ ‫في مواجهة مع املقاومة حتما ً اجليش هو اخلاسر‪،‬‬ ‫وأعتقد أن العماد قهوجي يدرك هذه احلقيقة ويدرك‬ ‫هذا الواقع على الرغم من وجود محاوالت «هميونية»‬ ‫وفوقية وما الى ذلك لطرح مهمات معينة للجيش‬

‫تيار التوحيد‬ ‫واملعادلة السياسية في اجلبل‬

‫السعودية بدأت‬ ‫في تغيير سياستها‬ ‫بعد انتصار غزة‬ ‫من الطبيعي أن أع ّدل‬ ‫تصريحاتي من السعودية‬ ‫ألنها غيّرت مواقفها‬

‫‪12‬‬

‫هل دخل تيار التوحيد اللبناني في املعادلة‬ ‫السياسية في اجلبل؟‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬لقد أصبح تيار التوحيد اللبناني جزءا ً من‬ ‫املعادلة السياسية في اجلبل وحتى باعتراف اخلصوم‪.‬‬ ‫فالتيار موجود وهو جزء من هذه املعادلة بالرغم من وجود‬ ‫أحزاب تعود في وجودها الى ‪ 60‬أو ‪ 70‬سنة‪ .‬وصحيح أن‬ ‫التيار حديث الوالدة ولكنني أعتقد أن السنوات املقبلة‬ ‫ّ‬ ‫سيشكل اجلزء األساسي من املعادلة‬ ‫ستثبت أن التيار‬ ‫السياسية في اجلبل‪.‬‬ ‫هل هناك مؤمتر ما قريب للتيار يعلن من خالله‬ ‫إجراء انتخابات داخل التيار؟‬ ‫طبعا ً سيكون هناك مؤمتر لنعلن من خالله‬ ‫االنتخابات التي ستجري داخل التيار‪ ،‬وقد تقرر في‬ ‫الصيف املقبل‪ ،‬بعد االنتخابات‪ ،‬وهناك جلنة ع ّينت لبدء‬ ‫اإلعداد له بعد االنتخابات النيابية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق باملال السياسي الذي يوزّع في‬ ‫في ما‬ ‫االنتخابات‪ ،‬هل تيار التوحيد يصرف ماال سياسيا‬ ‫في االنتخابات؟‬ ‫في ما يتع ّلق بهذا املوضوع إننا نأمل أن نحصل على‬ ‫املساعدة الالزمة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬


‫مقال‬

‫آخر األساطير‬ ‫وأول الحقائق‬ ‫عندما تعصف الرياح الهوج في أشرعة‬ ‫سفينة الوطن‪ ،‬وعندما تتعرض دفتها لألمواج‬ ‫العاتية‪ ،‬وعندما يعز الرجال الرجال في زمن احملن‬ ‫القاسية والظلم‪ ،‬تتذكر األمة قادتها وأبطالها‬ ‫واستشهادييها الذين أوصلوها الى مراتب النصر‬ ‫والغد األفضل‪ ،‬لكن اخلشية تبقى ألن ندرة الرجال‬ ‫النوعيني تخلق حالة من اليأس وتفسح في اجملال‬ ‫لشتى األفكار غير البنّاءة والذهاب بعيدا ً في‬ ‫االستنتاج ورمبا يكون في غير محله‪.‬‬ ‫لكن معني العطاء لم ينضب في أمتنا‬ ‫يخب نورها‪ ،‬بل الزمن املعولم واملتصهني‪،‬‬ ‫ولم‬ ‫ُ‬ ‫وارتدادات الهزائم السابقة التي حتكمت ببعض‬ ‫هم‬ ‫عاملنا العربي املسيطر على مقدراته حكام ال ّ‬ ‫صموا‬ ‫لهم إال االستمرار في ما هم عليه‪ ،‬وقد ّ‬ ‫آذانهم عن صرخات األلم املبرح في أصعب بقعة‬ ‫متفجرة حتى تاريخه في فلسطني احملتلة ككل‬ ‫وفي قطاع غزة خاصة‪ ،‬يأخذ املرء ناحية احلذر من‬ ‫الغد اآلتي‪.‬‬ ‫عندما يقف املرء متأمالً بانورامية تلك املشاهد‪،‬‬ ‫تتملكه الدهشة ويستفزه الزمن الذي يسيطر‬ ‫فيه اإلعالم املزيف املتخم بأموال تستخدم في‬ ‫تشويه احلقائق واستحضار اجملرمني على شاشات‬ ‫احملطات املرئية والصفحات املكتوبة وتغييب القادة‬ ‫األبطال الذين عملوا لعزة شعوبهم وأوطانهم‬ ‫ولم يبخلوا حتى بدمائهم وهناء الغفوة بني‬ ‫أسرهم وعائالتهم‪ ،‬بل كانوا في جهوزية دائمة‬ ‫لئال يؤخذ شعبنا ووطنا على حني غرة‪.‬‬ ‫إن ما يجري في فلسطني احملتلة وفي قطاع غزة‬ ‫بالتحديد من ظلم وقهر لم تشهد لهما البشرية‬ ‫مثيالً عبر التاريخ‪ ،‬وإن العالم بأسره يشاهد‬ ‫املذابح بحق األطفال والنساء والعجزة كل يوم‪،‬‬ ‫وإذا كان بعضه يظهر جزءا ً من التضامن املعنوي‬ ‫أو اإلعالمي‪ ،‬فذلك من باب التواصل اإلنساني‬ ‫ال أكثر‪ ،‬لكنه غير مهتم من الناحية القومية‬ ‫بتلك املأساة التي أتت على األخضر واليابس‪ ،‬وقد‬ ‫أصبحت غزة أو كادت مع الضفة يبابا ً يستحيل‬ ‫حتى على الطير حتمل شظف العيش ما بينهما‪،‬‬

‫فالعالم الغربي املشاهد من بعيد ذلك هو حاله‬ ‫وال لوم عليه ألن يده ليست في النار كما يقال‪.‬‬ ‫لكن ما بال العالم العربي والدول التي آلت‬ ‫على نفسها منذ األربعينيات تبني املسألة‬ ‫الفلسطينية وجعلت منها أولى اهتماماتها‬ ‫ورصدت لها امليزانيات الضخمة وأنشأت اجليوش‬ ‫على مر عقود من الزمن؟‬ ‫وهل كانت تلك الدول تراهن على وهن إرادة‬ ‫شعوبها لتتخلص من التزاماتها جتاه فلسطني‬ ‫واستردادها من براثن االغتصاب الصهيوني؟ أم‬ ‫أنها كانت متثل إرادة حكامها الناضحة بكالم‬ ‫سياسي فقط المتصاص النقمة ومتييع القضية‬ ‫واالستمرار في سدة احلكم‪ ،‬غير عابئة بأن الزمن‬ ‫اآلتي‪ ،‬زمن التغيرات الكبرى‪ ،‬الزمن الذي باتت‬ ‫الشعوب املقهورة تتطلع فيه إلى رفع الظلم‬ ‫عن كواهلها وتطمح الى حتقيق استقالليتها في‬ ‫إدارة مؤسساتها واستثمار خيرات بالدها‪ ،‬ولم تعد‬ ‫ترضى مطلقا ً أن تباع كالعبيد في مزادات الدول‬ ‫الكبرى خدمة ملصالح حكامها ومحتكريها‬ ‫واملتاجرين بها واملفسدين لقضيتها في أسواق‬ ‫النخاسة العاملية؟!‬ ‫هذا من الناحية االقتصادية إذا كنا نتقبل‬ ‫القول إن الدول تعمل ملصاحلها‪ ،‬أو ان صالح الدين‬ ‫جمال أو‬ ‫ويوسف العظمة وإبراهيم هنانو وجول ّ‬ ‫املقاومة التي حطمت أسطورة اجليش الذي ال‬ ‫يقهر قد ولت أيامهم‪ ،‬وان أمثال أؤلئك الرجال‬ ‫لم يعد موجودا ً في أيامنا احلاضرة!!‪ ..‬وأيام الفخر‬ ‫والنخوة والعز قد ولت الى غير رجعة؟!‪ ..‬معاذ‬ ‫اهلل!‪..‬‬ ‫أما من الناحية القومية وبأي شكل أو مفهوم‬ ‫أتت‪ ،‬أو من الناحية اإلميانية واملعتقد‪ ،‬فهل يعقل‬ ‫ومدعو احملافظة‬ ‫مدعو حماة األحرام‪ّ ،‬‬ ‫أال يتحرك ّ‬ ‫على الثوابت والعاملون لعزتها ونصرتها‪ ،‬وهل‬ ‫يعقل أال تهزهم مشاهد القتل واالغتيال‬ ‫املتواصل واملتعمد لكل مقومات الوجود اإلنساني‬ ‫أو ال حتركهم مشاهد التدمير الذي متارسه آلة‬ ‫الشر الصهيونية كل يوم؟ والتجويع املقصود‬

‫‪13‬‬

‫وقطع املاء والكهرباء وحتى الدواء وكل ما له‬ ‫عالقة بإمكانية التجذر والصمود في تراب الوطن‬ ‫املقدس؟‬ ‫نقول صراحة لكل حكام العالم العربي‪ ،‬حكام‬ ‫األنظمة التي فقدت أو أفقدت أرصدتها املالية‬ ‫الضخمة في ما يسمى تدهور البورصات العاملية‪:‬‬ ‫إن قدسية املال تسقط‪ ،‬ويفقد املال احترامه أمام‬ ‫احملتاجني وعند أعتاب اجلياع‪ ،‬وها ان الغرب مبجمله‬ ‫قد أطبق على أرصدتكم البترولية املودعة في‬ ‫مؤسساته املالية‪ ،‬مع العلم أن الغرب وبعض‬ ‫أوروبا قد تصرفوا مبا يضمن مصاحلهم ومصالح‬ ‫شعوبهم وأنظمتهم ولو أنهم لم يتعرضوا‬ ‫بعد للجوع‪ ،‬لكنهم بدأوا يلمسون أنهم وقعوا‬ ‫أمس احلاجة وقد تداركوا بتدابيرهم تلك‬ ‫في‬ ‫ّْ‬ ‫السقوط في مطب العوز واإلفالس‪...‬‬ ‫السؤال املطروح بإحلاح اليوم‪ :‬هل متتلك الدول‬ ‫النفطية وخاصة العربية منها‪ ،‬حق التصرف‬ ‫بإيراداتها اذا كان لها في غزة أو غير غزة أبناء‬ ‫جلدة وأهل إميان ومعتقد مثلهم يتساقطون‬ ‫صرعى اجلوع واأللم والعوز والقهر؟؟!‬ ‫أليس كل شيء في املفهوم الغيبي هو ملك‬ ‫هلل واحلكام مؤمتنون عليه؟ وفي املفهوم القومي‬ ‫والوطني أليس هو ملكا ً عاما ً ال يحق ألي كان‬ ‫التصرف به فرديا ً أو دون مشورة أو إجماع؟؟!‬ ‫وملاذا يترك أتباع اإلميان من كل الطوائف‬ ‫يعانون احلرمان مما وهبه اهلل لدنياهم؟ أبعد كل‬ ‫ما يتعرضون له يبقون على إميانهم باهلل؟ إن‬ ‫اهلل يغفر للجائع واملعوز غضبه ويتحالف مع‬ ‫املقهورين‪ ،‬لكنه ال يغفر للظالم واملستبد ظلمه‬ ‫واستبداده مطلقاً‪.‬‬ ‫إن من يبتغي تاريخا ً مشرفا ً يجب أن يسعى الى‬ ‫ممارسة احلقيقة وسيادتها‪ .‬واحلقيقة هنا أن يسود‬ ‫حكم العدل والتنمية املتساوية‪ ،‬واذا كان هناك‬ ‫من دليل أن حكام الدول النفطية “املعتدلني” هم‬ ‫ارستقراطيو الفكر أو األخالق فليستبدوا بالناس‬ ‫وبحقوقهم‪.‬‬ ‫أخيراً‪ ،‬وبالرغم من القمع والتصفيات التي‬ ‫متارسها دولة االغتصاب الصهيوني‪ ،‬ورغم احلصار‬ ‫اخلانق‪ ،‬ستبقى مصابيح غزة املتوهجة بعطاء‬ ‫دماء استشهادييها ومناضليها‪ ،‬منارات يستضاء‬ ‫بها ما دام أبناء احلياة يعرفون جيدا ً أن الضياء الذي‬ ‫يعطي لفلسطني مكانة مرموقة في التاريخ‬ ‫ولغزة عزتها‪ ،‬امنا مير في شرايني دمائهم قبل أن‬ ‫يصل الى مصدر انبعاثه‪ .‬وللشهداء أن يتأكدوا‬ ‫جيدا ً أنهم يقيمون في الوجدان ألنهم حراس‬ ‫جماالت ال تتغير وال تغيب شموسها‪.‬‬ ‫فقدميا ً كنتم آخر األساطير‪ ،‬وحاضرا ً أنتم أول‬ ‫احلقائق‪.‬‬

‫شبلي بدر‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫جنبالط فشل في التحريض على شبكة اتصاالت المقاومة وخسر في تنصت وزارة اإلتصاالت‬

‫«ووترغيت لبنانية» ‪ 22 :‬ألف خط هاتفي مراقب‬ ‫تطبيق القانون ‪ 140‬أثار حفيظة قوى ‪ 14‬شباط وفرعهم األمني‬ ‫عمر التنصت على املكاملات الهاتفية هو‬ ‫من عمر استقالل لبنان‪ ،‬ويتطور مع تطور “ثورة‬ ‫االتصاالت”‪ ،‬والعلوم التقنية‪ ،‬ويعطى له الطابع‬ ‫االمني دائماً‪ ،‬لكنه يتمدد الى السياسي واملالي‬ ‫واالقتصادي والشخصي‪ ،‬ويُستخدم ألهداف تخرج‬ ‫عن الهدف الذي من أجله سمح القانون به‪ ،‬جلهة‬ ‫كشف شبكات إرهابية‪ ،‬ومالحقة أعمال إجرامية‬ ‫وتخريبية متس األمن الوطني والسلم األهلي‪.‬‬ ‫ولبنان عرف فترة التنصت‪ ،‬وأخذ حيزا ً ساسيا ً‬ ‫وإعالمياً‪ ،‬في عهد الرئيس فؤاد شهاب امتدادا ً‬ ‫الى عهد الرئيس شارل حلو‪ ،‬في عقد الستينيات‬ ‫من القرن املاضي‪ ،‬وقد اصطلح على تسمية تلك‬ ‫املرحلة‪ ،‬بحكم اخملابرات العسكرية‪“ ،‬املكتب‬ ‫الثاني”‪ ،‬حيث اشتكى سياسيون وحزبيون‬ ‫وإعالميون وشخصيات مالية وفعاليات اقتصادية‬ ‫واجتماعية‪ ،‬من مراقبة هواتفهم الثابتة في تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬وقد استغل جهاز اخملابرات االنقالب الذي‬ ‫قام به احلزب السوري القومي االجتماعي ضد‬ ‫السلطة الشهابية والنظام السياسي اللبناني‪،‬‬ ‫لينقض في التشدد ضد اخلصوم السياسيني‬ ‫ّ‬ ‫للشهابية‪ ،‬في قمع احلريات‪ ،‬والقبض على احلياة‬ ‫السياسية والعامة بقبضة بوليسية وحتت ذريعة‬ ‫احلفاظ على األمن‪ ،‬ومالحقة االنقالبيني وأفكارهم‬ ‫الهدامة‪ ،‬وفق مصطلحات ذلك الزمان‪.‬‬ ‫وهكذا عانى اللبنانيون من حكم اخملابرات‬ ‫“املكتب الثاني”‪ ،‬وبدأت الضجة السياسية‬ ‫واإلعالمية ترتفع من مراقبة الهواتف‪ ،‬ورصد‬ ‫التحركات‪ ،‬وتوزيع البيانات السياسية مبا سمي‬ ‫“الدكتيلو”‪ ،‬باسم سياسيني ونواب ووزراء‬ ‫وجمعيات‪ ،‬فزادت مساحة القمع والتسلط‬ ‫وتراجعت مساحة احلرية‪ ،‬وهكذا دخل لبنان عصر‬ ‫اخملابرات التي عرفتها الدول اجملاورة‪ ،‬وساعد في‬ ‫ذلك انه في عهد الرئيس فؤاد شهاب الذي تزامن‬ ‫انتخابه مع الوحدة السورية ـ املصرية‪ ،‬برئاسة‬ ‫الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان له مناصروه‬ ‫ومؤيدوه في لبنان‪ ،‬والذي دعم انتخاب شهاب‬ ‫رئيسا ً للجمهورية باتفاق مع االدارة االميركية‬ ‫آنذاك عبر موفدها ريتشارد مورفي‪ ،‬مما ّ‬ ‫مكن‬ ‫مخابرات “الوحدة السورية ـ املصرية”‪ ،‬من أن‬ ‫يكون لها امتداد الى لبنان عبر ضباط في اخملابرات‬ ‫اللبنانية (املكتب الثاني)‪ ،‬فوقع لبنان حتت حكمي‬ ‫عبد احلميد السراج (رئيس مخابرات اجلمهورية‬ ‫العربية املتحدة)‪ ،‬وعبد احلميد غالب سفير مصر‬ ‫في لبنان‪.‬‬ ‫وكانت الفترة الشهابية في لبنان‪ ،‬من أبرز‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الفترات التي ظهر فيها نوع من “احلكم العسكري‬ ‫واالمني”‪ ،‬اذ كان تدخل ضباط اجليش علنياً‪ ،‬وكان‬ ‫تُتداول أسماؤهم بني اللبنانيني‪ ،‬ومن أبرزهم‬ ‫أنطون سعد رئيس الشعبة الثانية‪ ،‬غابي حلود‪،‬‬ ‫نعيم فرح‪ ،‬سامي اخلطيب‪ ،‬وتصاعدت احلملة‬ ‫السياسية واإلعالمية ضدهم ‪ ،‬وكان رأس حربة‬ ‫تلك احلملة رئيس حزب الكتلة الوطنية رميون‬ ‫إده‪ ،‬ثم الرئيس صائب سالم ومن بعدهما الرئيس‬ ‫سليمان فرجنية‪ ،‬وك ّرت سبحة الرافضني لـ”حكم‬ ‫فتصدت جريدة “النهار” له‪ ،‬كما متّ‬ ‫العسكر”‬ ‫ّ‬ ‫تأليف مسرحيات حوله‪ ،‬وبدأت حركات االحتجاج‬ ‫تتدحرج ضده ككرة الثلج‪ ،‬ال سيما بعد هزمية‬ ‫حزيران ‪ ،1967‬وخسارة الرئيس عبد الناصر احلرب‬ ‫مع اسرائيل‪ ،‬فاستغل خصوم الشهابية احلليفة‬ ‫وصعدوا من حمالتهم على‬ ‫للناصرية هذه الهزمية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ممارسات “اخملابرات”‪ ،‬فنشأ “احللف الثالثي” املك ّون‬ ‫من كميل شمعون ورميون إده وبيار اجلميل‪ ،‬للتأثير‬ ‫مسيحيا ً على جماعة الشهابية وأخصامهم‪،‬‬ ‫ضم صائب سالم‬ ‫كما قام “تكتل الوسط” الذي ّ‬ ‫وكامل األسعد وسليمان فرجنية‪ ،‬ومتكن هذا‬ ‫التكتل من أن يوصل مرشحه فرجنية إلى رئاسة‬ ‫اجلمهورية‪ ،‬ووصل معه سالم إلى رئاسة احلكومة‬ ‫في العام ‪ ،1970‬وأول ما قام به األخير‪ ،‬كان ذهابه‬ ‫إلى غرفة التنصت في وزارة الهاتف‪ ،‬وإقفالها‬ ‫عبر ضجة سياسية وإعالمية‪ ،‬حيث فتح ملف‬ ‫رجال املكتب الثاني الذن فروا الى سوريا‪ ،‬ومنهم‬ ‫سعد واخلطيب وبدأت محاكمتهم غيابيا‪ ،‬حتت‬ ‫عنوان امللف األسود للعهد الشهابي‪ ،‬واستُحضر‬

‫‪14‬‬

‫التعذيب الذي لقيه القوميون االجتماعيون على‬ ‫يد عناصر املكتب الثاني‪ ،‬واجلرائم التي ارتكبت‬ ‫ص ّفي ‪ 35‬قوميا ً دون محاكمات‪.‬‬ ‫بحقهم‪ ،‬حيث ُ‬ ‫التنصت‪ ،‬مطلع‬ ‫غرفة‬ ‫سالم‬ ‫أقفل الرئيس‬ ‫ّ‬ ‫السبعينيات‪ ،‬ولم يجر تنظيمه‪ ،‬ووقعت احلرب‬ ‫األهلية‪ ،‬وعندما توقفت بعد اتفاق الطائف‪،‬‬ ‫عاد لبنان للوقوع حتت ما سمي “النظام األمني‬ ‫اللبناني ‪ -‬السوري املشترك”‪ ،‬الذي استخدم‬ ‫التنصت ألسباب أمنية‪ ،‬ولكن في املعارك‬ ‫السياسية يجري استخدامه من قبل َمن يكون‬ ‫في السلطة ضد خصومه‪ ،‬وهكذا بدأت الشكوى‬ ‫تنصت على الهواتف‪ ،‬وقد أثار املوضوع‬ ‫من وجود ّ‬ ‫الرئيس نبيه بري في إحدى جلسات مجلس النواب‬ ‫منتصف التسعينيات من القرن املاضي‪ ،‬وكذلك‬ ‫فعل الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬وكانت االتهامات توجه‬ ‫إلى مخابرات اجليش التي كانت تتحدث عن أنها‬ ‫تلجأ إلى التنصت ألسباب أمنية‪ ،‬فتألفت جلنة‬ ‫حتقيق برملانية برئاسة النائب سامي اخلطيب‬ ‫صاحب اخلبرة اخملابراتية وتاريخ طويل في التنصت‬ ‫عندما كان ضابطا ً في اجليش‪ ،‬وقد خرج بتقرير‬ ‫أعدته جلنة الدفاع واألمن اللبنانية‪ ،‬عن وجود‬ ‫تنصت‪ ،‬وأن األجهزة التقنية احلديثة باستطاعتها‬ ‫التنصت حتى على الهواتف اخللوية‪ ،‬وهي مقفلة‪،‬‬ ‫ونشأت أزمة اسمها “التنصت”‪ ،‬واتخذت طابعا ً‬ ‫سياسياً‪ ،‬و ُو ّجهت نحو النظام األمني اللبناني‬ ‫السوري املشترك‪ ،‬ودخل فيها موضوع انتخابات‬‫رئاسة اجلمهورية‪ ،‬إضاف ًة إلى مسائل سياسية‬ ‫وأمنية أخرى‪ ،‬وكان الرئيس احلريري يشكو من‬


‫أن مخابرات اجليش تعمل ضده‪ ،‬وكان يتهم أحد‬ ‫ضباطها العميد جميل السيد بأنه هو َمن يقوم‬ ‫بذلك‪ ،‬وأعلن أنه سيعزز فرع املعلومات في قوى‬ ‫األمن الداخلي‪ ،‬ليزوده بالتقارير األمنية التي‬ ‫كانت حتجبها عنه مديرية اخملابرات‪ ،‬وقام صراع‬ ‫بني األجهزة األمنية‪ ،‬شجع عليها السياسيون‪،‬‬ ‫وكان كل منهم يحاول أن يكون له جهازه األمني‬ ‫الرسمي‪ ،‬وأن يتحول هذا اجلهاز إلى هذا الزعيم‬ ‫الطائفي واملذهبي أو ذاك‪.‬‬ ‫وازداد الصراع الداخلي على دور األجهزة األمنية‬ ‫في احلياة السياسية‪ ،‬وقد ارتفعت حدته مع‬ ‫وصول الرئيس إميل حلود إلى رئاسة اجلمهورية‬ ‫عام ‪ ،1998‬واعتبر احلريري ومعه وليد جنبالط‪ ،‬أن‬ ‫لبنان أصبح حتت “حكم العسكر”‪ ،‬الذي ال يحبه‬ ‫األخير‪ ،‬ولم ينتخب حلود حتت ذريعة أنه ال يرغب‬ ‫بوصول عسكري إلى احلكم‪ ،‬لكنه انتخب العماد‬ ‫ميشال سليمان رئيسا ً للجمهورية‪.‬‬ ‫متكن احلريري وجنبالط بالتنسيق مع‬ ‫رئيس جهاز األمن واالستطالع في القوات‬ ‫السورية العاملة في لبنان‪ ،‬اللواء غازي‬ ‫كنعان‪ ،‬من إضعاف عهد حلود من بدايته‪،‬‬ ‫وبإطاحة رئيس احلكومة سليم احلص‬ ‫عبر قانون انتخاب أتى بكتلة نيابية كبرى‬ ‫للحريري‪ ،‬الذي سيطر على كل املقاعد‬ ‫النيابية في بيروت‪ ،‬وعاد رئيسا ً للحكومة‪،‬‬ ‫وقرر االنتقام من مديرية اخملابرات في اجليش‪،‬‬ ‫وأعلن في مجلس النواب حملته عليها‬ ‫سياسياً‪ ،‬وانه سيبقي عملها في اإلطار‬ ‫العسكري‪ ،‬ولكن دون أن يعلن أنه سيط ّبق‬ ‫القانون ‪ 140‬الذي كان قد صدر في العام‬ ‫‪ ،1999‬في عهد حكومة احلص التي عملت على‬ ‫قوننة التنصت‪ ،‬الذي كان يرفضه احلص ويطالب‬ ‫باحلريات‪.‬‬ ‫لم يط ّبق احلريري القانون ‪ ،140‬بل ذهب إلى‬ ‫تقوية فرع املعلومات‪ ،‬وإلى شراء أجهزة تنصت‬ ‫خاصة وضعت في قريطم‪ ،‬حتت حجة أنه ال يطلع‬ ‫على التقارير األمنية‪ ،‬وهكذا فتحت املعركة‬ ‫من جديد وحتت عناوين شتى‪ ،‬وكان التركيز‬ ‫على ممارسات النظام األمني اللبناني ‪-‬السوري‬ ‫املشترك‪ ،‬وتدخله في احلياة السياسية‪ ،‬ومالحقة‬ ‫بعض الصحافيني‪ ،‬وكل ذلك كان يجري حتت‬ ‫عنوان انسحاب القوات السورية من لبنان‪ ،‬وقاد‬ ‫هذه احلملة جنبالط بخطاب ألقاه عام ‪2000‬‬ ‫في مجلس النواب‪ ،‬وارتفعت املطالبة بخروج‬ ‫هذه القوات‪ ،‬بعد االحتالل األميركي للعراق‪،‬‬ ‫واالستفادة من التحوالت الدولية‪ ،‬وصدور القرار‬ ‫‪ 1559‬عن مجلس األمن الدولي الذي قدمته‬ ‫فرنسا والواليات املتحدة األميركية‪.‬‬ ‫وبعد اغتيال الرئيس احلريري‪ ،‬وانسحاب القوات‬ ‫السورية‪ ،‬ووضع لبنان حتت الوصاية األميركية‪،‬‬ ‫وتسلم قوى ‪ 14‬شباط للسلطة عبر األكثرية‬ ‫حصلتها في االنتخابات عام ‪،2005‬‬ ‫النيابية التي ّ‬ ‫حتركت السلطة اجلديدة باجتاه اجتثاث النظام‬ ‫األمني السابق‪ ،‬وتركيب نظام جديد بإشراف‬

‫أميركي وفرنسي‪ ،‬من خالل االستعانة بـ”األمن‬ ‫األميركي (اف‪.‬بي‪.‬آي)”‪ ،‬واألمن الفرنسي (‪،)D.S.T‬‬ ‫واستُبعدت مخابرات اجليش عن أي عمل أمني‬ ‫وحصرت مهمتها بالشق العسكري واستُبدل‬ ‫ُ‬ ‫ضباطها‪ ،‬واستحدث فرع املعلومات ورصدت له‬ ‫وس ّلم إلى املقدم وسام احلسن‬ ‫موازنة ضخمة‪ُ ،‬‬ ‫وهو املعروف بعالقاته السياسية وارتباطه مع‬ ‫“تيار املستقبل”‪ ،‬وهكذا وقع لبنان حتت حكم هذا‬ ‫الفرع أو الشعبة‪ ،‬التي قيل انها غير قانونية‪ ،‬ألنها‬ ‫لم تنشأ بقانون‪ ،‬وبدأت تكبر مهامها‪ ،‬حتت حجة‬ ‫مالحقة جرائم االغتيال والتفجير التي ارتكبت‪،‬‬ ‫وحت ّول عملها إلى مالحقة حلفاء سوريا الذين لم‬ ‫يبدلوا مواقفهم وبقوا على ثباتهم‪ ،‬وبدأت تلصق‬ ‫بهم تهمة أنهم يقفون وراء عمليات االغتيال‬ ‫والتفجير‪ ،‬وحتديدا االحزاب واجلهات السياسية‬ ‫التي تقوم بذلك دون تقدمي أدلة‪ ،‬بل اإلشارة إلى‬

‫أن االتهام سياسي‪ ،‬حيث بدأت عناصر شعبة‬ ‫املعلومات أو فرعها‪ ،‬بالتنصت على املعارضة‬ ‫والقوى والشخصيات احلليفة لسوريا‪ ،‬وترصد‬ ‫حتركاتها وترفع تقارير بها‪ ،‬وتستدعي عناصرها‬ ‫للتحقيق مستظلني جلنة التحقيق الدولية‬ ‫برئاسة ديتليف ميليس الذي تبني أن تقاريره‬ ‫كانت غير صحيحة ومن صنع شهود زور كمحمد‬ ‫زهير الصديق وهسام هسام‪ ،‬وهكذا دخل لبنان‬ ‫التنصت واحلكم األمني ولكن هذه املرة من باب‬ ‫فرع املعلومات‪ ،‬الذي نسب إليه سياسيون أعماال ً‬ ‫من خارج القانون‪ ،‬وانتقدوا إنشاءه وطالبوا بحله‪،‬‬ ‫وسألوا عن موازنته وعن العناصر التي أحلقت به‪،‬‬ ‫حيث ذكر أنه كان يستعني بأمنيني حزبيني من‬ ‫املواالة‪ ،‬ال سيما من احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫وتيار املستقبل والقوات اللبنانية لتزويده‬ ‫باملعلومات والتقارير‪ ،‬وقد استخدم فيها “الكيد‬ ‫السياسي” واألخبار الكاذبة‪ ،‬و ُوضعت اليد على‬ ‫التنصت من خالل وزارة االتصاالت التي كانت في‬ ‫عهدة مروان حمادة‪.‬‬ ‫وبعد أحداث أيار املاضي‪ ،‬ومتكن املعارضة‬ ‫من أن تكون شريكة في حكومة وحدة وطنية‪،‬‬ ‫وتسلم جبران باسيل وزارة االتصاالت‪ ،‬فتح ملف‬ ‫التنصت‪ ،‬الذي سأل عنه في مناقشة البيان‬ ‫الوزاري للحكومة النائب بهيج طبارة‪ ،‬الذي طالب‬

‫‪15‬‬

‫بتطبيق القانون ‪ ،140‬ووضع املراسيم التطبيقية‬ ‫موضع التنفيذ‪ ،‬وهذا ما فعله باسيل‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫كف يد األجهزة األمنية عن التنصت دون سند‬ ‫قانوني وإذن قضائي‪ ،‬حيث تبني له أن هناك حوالى‬ ‫‪ 22‬ألف مهمة تنصت ال ألسباب أمنية فقط‬ ‫بل العتبارات شخصية وسياسية‪ ،‬وقرر وضع‬ ‫وتصدر‬ ‫حد لذلك‪ ،‬فقامت قوى ‪ 14‬شباط ضده‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫احلملة النائب وليد جنبالط بسؤاله عن وجود‬ ‫ضابط من اجليش يعمل في وزارة االتصاالت‪ ،‬وك ّرت‬ ‫حملة االنتقادات على الوزير باسيل واتهامه بأنه‬ ‫ح ّول غرفة في وزارة االتصاالت إلى التنصت‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك ألسباب سياسية وانتخابية‪ ،‬إلضعاف “التيار‬ ‫الوطني احلر” ليخسر االنتخابات‪ ،‬وحلجب ما قام‬ ‫به وزير االتصاالت من خفض لالشتراكات على‬ ‫الهاتف‪ ،‬وإصالحات في الوزارة‪.‬‬ ‫ففي أيار املاضي‪ ،‬سأل جنبالط عن شبكة‬ ‫اتصاالت حزب اهلل‪ ،‬وطالب بوقفها‪،‬‬ ‫وحصل ما حصل من أحداث أمنية‪،‬‬ ‫وحتوالت سياسية‪ ،‬وهو اآلن يكرر السؤال‬ ‫ولكن عن التنصت في وزارة االتصاالت‪،‬‬ ‫وكان اجلواب عبر االجتماع الوزاري الذي‬ ‫عقد في السرايا برئاسة رئيس احلكومة‬ ‫فؤاد السنيورة‪ ،‬أن ما يقوم به الوزير باسيل‬ ‫هو تطبيق القانون ‪ ،140‬وضبط التنصت‬ ‫وعدم تركه مشاعا ً ألجهزة أمنية‪ ،‬وال‬ ‫يستخدم حلفظ األمن‪ ،‬بل ي ُ ّ‬ ‫وظف سياسيا ً‬ ‫وماليا ً وشخصياً‪.‬‬ ‫فملف التنصت الذي عمره في لبنان‬ ‫حوالى نصف قرن‪ ،‬ويفتح في كل مرة‬ ‫في ظل املعارك السياسية واالنتخابية‪،‬‬ ‫كاد أن يشكل فضيحة “ووترغيت” لبنانية‪ ،‬ألن‬ ‫ما كشفه الوزير باسيل أنه حصل على تقارير‬ ‫عن االرتكابات التي حصلت منذ أربع سنوات في‬ ‫التنصت وعبر فرع املعلومات‪ ،‬سيشكل فضيحة‬ ‫كبرى‪ ،‬وقد حاول فريق ‪ 14‬شباط الغمز من قناة‬ ‫احملكمة الدولية وتعطيل عملها‪ ،‬وعدم تزويدها‬ ‫باملعلومات فكان الرد عليه أن كل املعلومات‬ ‫هي في عهدة جلنة التحقيق‪ ،‬وأن اجلانب األمني‬ ‫مؤمن عبر القانون وتستطيع األجهزة األمنية‬ ‫استخدامه‪.‬‬ ‫فبعد الفشل في شبكة اتصالت املقاومة‪،‬‬ ‫ها هي قوى ‪ 14‬شباط تخسر معركة التنصت‬ ‫الذي كانت تستخدمه ألهداف سياسية وأغراض‬ ‫شخصية‪ ،‬ليس أمام باسيل فقط‪ ،‬بل أمام الوزراء‬ ‫اخملتصني الذين أيدوا تطبيق القانون‪ ،‬كما دعموه‬ ‫بوجود الضابط دانيال نعمة في مهمة من قيادة‬ ‫اجليش لعمل يفيد الدولة اللبنانية في موضوع‬ ‫السطو على اخملابرات الدولية من جهات غير‬ ‫رسمية‪ ،‬وهو ما أفاد به وزير الدفاع الياس املر الذي‬ ‫أكد وجود الضابط مبعرفته وإذن منه‪ ،‬ومن قيادة‬ ‫اجليش‪ ،‬ويدحض ما ر ّوج له جنبالط عن عمل هذا‬ ‫الضابط واعترف بأن ما يحصل هو تطبيق القانون‬ ‫وال يعمل في التنصت‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫أكد أن المشكلة ليست في قانون ‪ 140‬بل في عدم تطبيقة وتحديثه‬

‫العميد د‪ .‬عطوي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫الجميع يمكنه الحصول على أجهزة للتنصت‬ ‫برز ملف التنصت في لبنان كبند لصراع سياسي جديد بني‬ ‫قوى املواالة وقوى املعارضة‪ ،‬فاشتد التراشق اإلعالمي بني الفرقاء‬ ‫اخملتلفني‪ ،‬ونشطت االتهامات املتبادلة إبان سجال عنيف بني‬ ‫فريقي ‪ 8‬و‪ 14‬آذار حول اجلهة املسؤولة عن التنصت وعن شرعيته‬ ‫أو عدمها‪ ،‬حيث اتهمت املعارضة قوى ‪ 14‬آذار بسوء استخدام‬ ‫التنصت والذهاب بعيدا فيه ليطال أمورا شخصية خارجة عن‬ ‫كل األعراف والقوانني‪ ،‬فيما أكدت قوى ‪ 14‬آذار أن إثارتها للملف‬ ‫انطلقت من باب حجب وزارة االتصاالت معلومات عن األجهزة‬ ‫األمنية لتزود بها جلنة التحقيق الدولية في جرمية اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق احلريري بناء على طلبها‪.‬‬ ‫في ضوء هذا‪ ،‬أصبح التنصت الشغل الشاغل للسياسيني‬ ‫ولألجهزة األمنية واملواطنني‪ُ ،‬‬ ‫وطرحت أسئلة كثيرة عن ماهية‬ ‫التنصت وكيفيته واألجهزة املستخدمة فيه‪ ،‬والقانون ‪« .140‬منبر‬ ‫التوحيد» ألقت الضوء على هذه املواضيع عبر حوار أجرته مع‬ ‫العميد املتقاعد واخلبير في االتصاالت الدكتور محمد عطوي‪ ،‬هنا‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫لنبدأ حضرة العميد حوارنا باحلديث عن ماهية التنصت؟‬ ‫التنصت هو أحد أنواع ما يسمى باحلرب اإللكترونية التي تستخدمها اجليوش‬ ‫للحصول على املعلومات بهدف استغاللها في سبيل حتقيق األهداف التي‬ ‫تضعها القيادة العسكرية‪ ،‬ألن احلرب اليوم كما كانت في السابق هي حرب‬ ‫املعلومات واجلميع يتصارع للحصول على املعلومات لالستفادة منها‪ ،‬إن كان‬ ‫على الصعيد األمني أو السياسي أو العسكري أو لكشف جرائم اقتصادية‪،‬‬ ‫اجتماعية‪ ،‬أو إعالمية‪ ،‬باإلضافة إلى انتشار ظاهرة التجسس التجاري‬ ‫والصناعي أي سرقة األسرار التكنولوجية‪ ،‬إلى الكشف عن عصابات مهربي‬ ‫اخملدرات وسرقة السيارات وخالفها‪.‬‬ ‫وميكن تلخيص مهمة احلرب اإللكترونية في تنفيذ عدد من املهام االستراتيجية‬ ‫مثل احلصول على املعلومات وتعطيل شبكات االتصاالت والتشويش عليها‬ ‫والتنصت على املكاملات (موضوع هذه املقابلة)‪ ،‬وبث معلومات مضللة عبر‬ ‫شبكات الكمبيوتر والهاتف‪ ،‬ومنها تقليد بصمات األصوات‪ ،‬وخاصة أصوات‬ ‫القادة العسكريني وعن طريق ذلك ميكن إصدار أوامر ضارة بالقوات‪ ،‬واستهداف‬ ‫شبكات الكمبيوتر بالتخريب عن طريق نشر الفيروسات ومسح الذاكرة اخلاصة‬ ‫باألجهزة املعادية‪ ،‬ومنع تدفق األموال وتغيير مسار الودائع‪ ،‬وإيقاف محطات‬ ‫الكهرباء عن العمل‪ ،‬وقد صممت لذلك قنبلة إلكترونية خاصة أطلق عليها‬ ‫اسم‪ ”cbu94« :‬تنطلق منها عدة قنابل في اجلو وتستهدف محطات الكهرباء‬ ‫وتؤدي إلى احتراقها وتدميرها بالكامل‪.‬‬ ‫فاملعلومات بحد ذاتها أنواع إما صوت أو صورة أو االثنتان معا أو عبارة عن‬ ‫بيانات أو معطيات ‪ Data‬تنقل بواسطة أجهزة الكمبيوتر عبر شبكات‬ ‫االتصاالت املتعددة األهداف والوسائل‪ .‬وكل أنواع املعلومات تنتقل بواسطة ما‬ ‫يسمى اإلشارات املتجانسة أو الرقمية ‪.Signals Digital or Analog‬‬ ‫التنصت‪ ،‬كأي سالح‪ ،‬نوعان‪ :‬تنصت مفيد وسليم يهدف ويتعلق بسالمة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪16‬‬

‫الوطن واملواطنني‪ ،‬وتنصت ضار ورديء والذي هو من «املسلمات» بني رجال احلكم‬ ‫والسياسيني وأصحاب الشأن العام واملتزوجني أو ما يقوم به رجال العصابات‬ ‫أو الدول اإلرهابية كإسرائيل من اغتياالت سياسية كما حصل للمقاومني‬ ‫الشهداء في فلسطني ولبنان وكما حصل للشهيد القائد عماد مغنية‪.‬‬ ‫ما هي األجهزة املستعملة حاليا للتنصت وما هي تقنياتها؟‬ ‫هناك مئات األجهزة التي تعمل حسب شبكات االتصاالت ثابتة أو خلوية‬ ‫أو شبكة االنترنت أو شبكات أجهزة الكمبيوتر لكل منها تقنياتها وأجهزتها‬ ‫واستخداماتها‪ ،‬فعلى سبيل املثال ال احلصر نذكر بعضا منها وهي أجهزة هاتف‬ ‫متنوعة للتسجيل والتنصت وتغيير األصوات‪:‬‬ ‫جهاز ميكنه تسجيل مكاملات الهاتف ملدة خمس ساعات‪ ،‬جهاز تغيير‬ ‫األصوات على الهاتف اخللوي «احملمول»‪ ،‬ساعة وجهاز اتصال السلكي ملسافة‬ ‫ميلني‪ ،‬هاتف يعمل ملسافة عشرين كيلومترا مربعا‪ ،‬جهاز تلفون عادي ولكنه‬ ‫يغير األصوات‪ ،‬جهاز تغيير األصوات على جميع أنواع الهواتف األرضية واحملمولة‪،‬‬ ‫ميدالية لتغيير األصوات على التلفون حول مكاملاتك الهاتفية إلى أي تلفون في‬ ‫العالم‪ ،‬الهاتف العجيب يكتشف التنصت ومينعه‪ ،‬جهاز يفلتر أرقام الهاتف‪.‬‬ ‫جهاز اإلدارة والسيطرة على الهاتف‪ ،‬جهاز يرد على املتصلني بالنيابة عنك‪،‬‬ ‫جهاز يكشف عمليات التنصت املعقدة على الهاتف‪ ،‬الهاتف احملمول الصاعق‪،‬‬ ‫جهاز هاتف كورد ليس مداه ثالثة آالف هكتار‪ ،‬الهاتف العجيب املزود بثمانية‬ ‫أصوات عجيبة‪ ،‬سماعة الهاتف التي تسجل املكاملات الهاتفية‪.‬‬ ‫هذا جزء بسيط من عالم احلرب اإللكترونية‪ ،‬وإننا هنا لم نشر إلى التنصت‬ ‫عبر األقمار االصطناعية‪ ،‬وطائرات التجسس‪ ،‬وشبكة اإلنترنت‪ ،‬وشبكات أجهزة‬ ‫الكمبيوتر احمللية اخلاصة وخالفها‪.‬‬ ‫هل هناك حاالت تنصت كثيرة حول العالم؟‬ ‫لو أردنا التحدث وتعداد حاالت التنصت لكتبنا بها اجمللدات‪ ،‬ولكننا نستعرض‬


‫وننوع بعضا ً منها على سبيل املثال ال احلصر ونوجزها باآلتي‪- :‬اتهام رئيس‬ ‫البرملان اللبناني نبيه بري زميله رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق احلريري‬ ‫بامتالك أجهزة تنصت على الهواتف ‪ ...‬والذي بدوره أخبر البرملان أن هناك جهات‬ ‫تتنصت على هواتفه‪.‬‬ ‫ جتسس الرئيس بوش على املواطنني األميركيني دون أن يأخذ قرارا ً وإذنا ً من‬‫احملكمة‪ ،‬مما جعل زمالءه ومسانديه في الكونغرس وباألخص آل غور يخالفونه‬ ‫الرأي ويوجهون إليه أشد االنتقادات‪ .‬مما حدا بقاضية أميركية إلى أن أمرت بوقف‬ ‫برنامج التنصت على املكاملات الهاتفية مبوجب القرار الذي وضعه الرئيس‬ ‫األميركي جورج بوش في إطار مكافحة اإلرهاب من دون أمر قضائي‪ ،‬معتبرة أن‬ ‫جورج بوش جتاوز صالحياته مرة جديدة‪.‬‬ ‫ مراقبة وجتسس على املساجد في الواليات املتحدة بحجة البحث عن مواد‬‫مشعة‪ ،‬بينما الهدف األساسي كان مراقبة املسلمني‪ ،‬وسميت في ما بعد‬ ‫بفضيحة التنصت‪.‬‬ ‫ أعربت مصادر إسرائيلية عن جناح كتائب عز الدين القسام في اختراق‬‫شبكة الهاتف اخللوي اإلسرائيلية بعد اختراق نظيرتها الفلسطينية‪ ،‬األمر ال داعي لفصل البطارية أو نزعها كما يصنع البعض‪ ،‬ويكفي إقفاله (‪switch‬‬ ‫مكن حماس من التنصت على املكاملات الهاتفية اإلسرائيلية على غرار ما ‪ ،)off‬إذ ان املقصود من إقفاله هو منع بث اإلشارات التي حتدد جهتك ال منع نقل‬ ‫الذي ّ‬ ‫قام به حزب اهلل في جنوب لبنان‪ ،‬الذي جنح في تسجيل مكاملات أجراها ضباط الصوت؛ إال في حال وضع برامج وشرائح رقيقة جدا تضاف على إلكترونيات‬ ‫اجلهاز تسمح باستخدام اجلهاز كمرسل أو مسجل للمكاملات أو بوضع أجهزة‬ ‫وجنود إسرائيليون من هواتفهم النقالة‪.‬‬ ‫ تنصت على هواتف عدد من الشخصيات في فرنسا أيام والية الرئيس تنصت داخل الهواتف اخللوية‪ .‬لذلك يُنصح املقاومون بعدم قبول أي جهاز خلوي‬‫السابق فرانسوا ميتران‪ ،‬وباألخص التنصت على مكاملات املمثلة كارول بوكيه كهدية مخافة إجراء بعض التعديالت ليصبح جهازا باثا ومسجال للمعلومات‪.‬‬ ‫فعند إقفالك اجلهاز تكون املعلومة األخيرة عرضة لآلخريني وإمكانية احلصول‬ ‫بأمر من الرئيس الفرنسي ميتران‪.‬‬ ‫ إقدام الرئيس نيكسون بالتجسس على من خالفه الرأي واعتبرهم أعداءه‪ ،‬عليها من املقسم عن طريق شبكة اجلوال‪.‬‬‫َ‬ ‫كيف يتم الرصد على املواطنني أو اإلسالميني أو اجلهاديني؟‬ ‫ممّن عارضوا احلرب على فيتنام و َمن اشتبه بأنهم كانوا من احلزب الشيوعي أو‬ ‫هناك أربع طرق مبتكرة للتنصت على اإلسالميني‪ .‬الطريقة األولى‪ :‬عن طريق‬ ‫لديهم ارتباطات باحلزب الشيوعي‪ ،‬ولهذا أصدر الكونغرس قانونا ً ُسمي بقانون‬ ‫االستخبارات األجنبية مينع ويحرم اجلناح التنفيذي‪ ،‬أي اإلدارة األميركية‪ ،‬من أن أجهزة إلكترونية تقوم بفرز بعض الكلمات من املكاملات الهاتفية وتسجيلها‬ ‫وتسليمها للمتخصصني من فنيني ومترجمني ومحللني‪ .‬ويتم ذلك عبر قاموس‬ ‫تتجسس على األميركيني‪.‬‬ ‫ نشرت الصحف اإلماراتية أخبارا عن ارتفاع نسبة الطالق في اإلمارات ضخم للكلمات أو األلفاظ املنتقاة التي يجب مراقبتها (السيد‪ ،‬الشيخ‪ ،‬جهاد‪،‬‬‫عملية‪ ،‬استشهاد‪ ،‬أسامة بن الدن أو املال عمر… الشهيد… الخ)‪.‬‬ ‫بسبب انتشار أجهزة التنصت على الهواتف بني األزواج والزوجات‪.‬‬ ‫أما الطريقة الثانية فتتم بوضع بصمات الصوت للمطلوبني املستهدفني‬ ‫ استخدام الصينيات الهواتف احملمولة ألزواجهن للتنصت على غرامياتهم‪.‬‬‫حيث عمدت الزوجات إلى شراء شرائح إلكترونية دقيقة احلجم تركب في باملراقبة من خالل عملية الفرز بواسطة كمبيوتر وبرامج خاصة‪ .‬هذه البصمات‬ ‫سماعة الهاتف حتى يستطعن التنصت على أزواجهن في أي مكان هم فيه‪ .‬الصوتية قد مت رصدها وتخزينها مسبقا‪.‬‬ ‫أما الطريقة الثالثة فهي التنصت عبر معيار اللغة وذلك إذا كان الشخص‬ ‫فيمكن للزوجة استخدامها في قضايا الطالق إلثبات خيانة الزوج واحلصول على‬ ‫تسوية مجزية‪ .‬فأجهزة التجسس األكثر رواجا في العالم هي أجهزة تنصت يقيم في بلد ال يتحدث أهلها اللغة ذاتها‪.‬‬ ‫التنصت عبر رصد الرقم أو عدة أرقام معروفة باستخدامها من قبل الشخص‬ ‫الزوجات الغيورات واألزواج اخلائنني بعضهم على بعض‪ ،‬تلقى رواجا ً كبيرا‪ ،‬وهذا‬ ‫املراد التنصت عليه‪.‬‬ ‫النوع من التنصت كما سميناه سابقا بالرديء‪.‬‬ ‫كيف ميكن أن نتجنب رصد اخلطوط؟‬ ‫ما هي البيانات أو املعلومات التي تخزنها السنتراالت اخللوية عن كل‬ ‫نتجنب رصد املكاملات أو التخفيف منها عن طريق استخدام واستبدال‬ ‫مشترك في الشبكة؟‬ ‫مع بدء تشغيل اجلهاز اجلوال يقوم اجلهاز باستشعار أقرب موقع خلدمة اجلوال الشرائح التي تباع من دون مستندات أو مبستندات مزورة‪ ،‬عدم استخدام‬ ‫ِ‬ ‫الشريحة الثانية على اجلهاز القدمي‪ ،‬والتخلص من اجلهاز القدمي ببيعه في مكان‬ ‫ويرسل املعلومات التالية‪:‬‬ ‫معلومات كاملة عن املشترك (بيانات كاملة) والتي تشمل‪ SIM :‬كرت أو لشخص غبر معروف‪.‬‬ ‫تسجيل الهاتف لدى الشركة‪ ،‬نوعية اجلهاز املستخدم‪ ،‬ورقم اجلهاز وطرازه‪،‬‬ ‫وتاريخ التصنيع‪ ..‬الخ‪ ،‬إمكانية اجلهة املعترضة أن تربط بني املعلومات املتعلقة‬ ‫التنصت في لبنان يعود ألواخر الستينيات‬ ‫بأكثر من شريحة مستخدمة على الهاتف نفسه‪ ،‬بسبب معرفة مواصفات‬ ‫اجلهاز املستخدم‪ ،‬لذلك من السهل الربط بني شريحتني يستخدمهما اجلهاز‬ ‫إلى أي تاريخ يعود التنصت في لبنان؟ وملاذا فتح ملفه بقوة اليوم؟‬ ‫نفسه‪ ،‬معلومات عن موقع اجلهاز القريب من البرج‬ ‫في لبنان عدة أوجه للتنصت‪ ،‬التنصت السياسي‪،‬‬ ‫ُمق ِدم اخلدمة‪ .‬كما ميكن للمقسم أن يحدد منطقة‬ ‫القانوني‪ ،‬والتقني‪ .‬في لبنان الكل يتهم الكل‬ ‫اجلهاز املراد التنصت عليه مع إمكانية حتديد اجلهة‬ ‫بالتنصت‪ ،‬واجلميع يتكلم بالتنصت السياسي‪ ،‬ونادرا‬ ‫التنصت هو أحد أنواع‬ ‫من البرج مقدم اخلدمة‪ ،‬مع عدم إمكانية حتديد‬ ‫ما نتكلم عن التنصت القانوني وحتديث قوانينه‪ ،‬أما‬ ‫املوقع بدقة إال إذا استُعملت أجهزة أخرى من‬ ‫بالنسبة للتنصت التقني فتقنياته في لبنان بدائية‪،‬‬ ‫مراقبني قريبني من املوقع‪ .‬بخالف اجلوال الذي يعتمد‬ ‫احلرب اإللكترونية‬ ‫واجلديد في هذه التقنيات يكاد يكون معدوما وغير‬ ‫على األقمار الصناعية في االتصال فإنه يتعامل مع‬ ‫معلوم من املعنيني‪.‬‬ ‫خطوط الطول والعرض وهو يحدد إحداثية املتصل‬ ‫التنصت في لبنان يعود ألواخر الستينيات أيام‬ ‫التي تستخدمها اجليوش‬ ‫بدقة تصل إلى عشرات السنتمترات‪.‬‬ ‫ما كان يسمى بالشعبة الثانية حيث كان التنصت‬ ‫هل ميكن التنصت من هاتف خلوي إذا كان‬ ‫محصورا فقط بأجهزتها‪ ،‬وكان بأغلبيته يستخدم‬ ‫مقفال؟‬ ‫للحصول على املعلومات‬ ‫ملصلحة الوطن واملواطنني‪ .‬وفي أوائل السبعينيات‪،‬‬ ‫اجلهاز ال يبعث أي معلومة في حالة إقفاله‪ ،‬لذا‬ ‫أقدم املرحوم الرئيس صائب سالم على مهاجمة‬

‫‪17‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫ما سمي بالغرفة السوداء أو باملغارة السوداء التي‬ ‫كانت عبارة عن غرفة في سنترال رياض الصلح‪،‬‬ ‫كانت أجهزة الشعبة الثانية تستخدمها ملراقبة‬ ‫بعض اخلطوط الهاتفية‪ ،‬بواسطة وصل أو تفريع‬ ‫(‪ )Branchement‬اخلطوط الهاتفية على آالت هاتف‬ ‫ليصار إلى االسترقاق على الهاتف املراد التنصت‬ ‫عليه عن طريق تدوين بعض األحاديث إلى أن تطورت‬ ‫تقنيات الستينيات وبدء استعمال آالت التسجيل‬ ‫التي أصبحت من التقنيات البدائية في عصرنا هذا‬ ‫بسبب استخدام تقنيات الكمبيوتر والبرامج املعدة‬ ‫لهذه الغاية‪.‬‬ ‫التنصت على املواطنني‬ ‫أما فتح هذا امللف بهذه القوة في أيامنا هذه‬ ‫ميثل انتهاكاً خطيرا ً‬ ‫فهو ‪ %100‬سياسي وال عالقة بفتحه لسالمة‬ ‫الوطن واملواطنني والذي أشرنا إليه سابقا بالتنصت‬ ‫حلقوق اإلنسان‬ ‫السليم‪.‬‬ ‫ما هي مشكلة التنصت برأيك ضمن القانون‬ ‫في لبنان وكيف تقرأ القانون ‪ 1999/140‬من الناحية‬ ‫الشرعي؟‬ ‫القانونية وما هي مواده وتطبيقاته وحسناته وسيئاته؟‬ ‫ميكن للقوانني املرعية اإلجراء احلد من ضبط التنصت غير الشرعي ولكن ال‬ ‫دور الدولة صيانة احلرمات واحلريات الشخصية للمواطنني وليس التجسس‬ ‫عليهم‪ .‬والتنصت على املواطنني ميثل انتهاكا خطيرا حلقوق اإلنسان‪ ،‬ينبغي ميكن منع التنصت غير الشرعي نهائياً‪ ،‬لسبب وجود تقنيات وأجهزة تفوق قدرة‬ ‫مساءلة ومحاسبة املسؤول عن خرقه‪ .‬وأي قانون يتعلق بالتنصت يجب أن الدولة الفنية والعلمية على استعياب ما يدور في عالم التنصت والتجسس‪،‬‬ ‫يراعي خصوصية املواطنني وحريتهم الشخصية بدقة وبعناية‪ .‬فاملشكلة وخاصة ما يتوافر لدى السفارات من أجهزة ال علم للدولة بها‪.‬‬ ‫هل متلك اجلهات احلزبية في لبنان إمكانيات للتنصت؟ وماذا عن االتهام‬ ‫ليست في القانون ‪ 99/140‬وتعديالته ‪ 1999/12/27‬ومراسيمه التطبيقية‬ ‫الصادرة في العام ‪ 2005‬بالرغم من وجود عدة شوائب فيه‪ .‬بل املشكلة هي الذي وجه للمقاومة في هذا اإلطار؟‬ ‫من ميلك املال يستطيع اقتناء أحدث أجهزة التنصت في العالم لتوافرها في‬ ‫في عدم تطبيق القانون وحتديثه ليراعي التقنيات احلديثة بل كل اخلطورة في‬ ‫األسواق التجارية‪ ،‬وبالتالي اجلميع من الدولة إلى األحزاب إلى األفراد ميكنهم‬ ‫التوظيف السياسي للتنصت ولقوانينه ووضعها في مصلحة السياسيني‪.‬‬ ‫فاملادة االولى من القانون ‪ 1999/140‬التي تهدف إلى صون احلق بسرية اخملابرات احلصول على أجهزة للتنصت‪ .‬من هنا نرى ضرورة حماية شبكة اتصاالت املقاومة‬ ‫التي جتري بواسطة أي وسيلة من وسائل االتصال السلكية والالسلكية قد التي كانت موضوع سجال أخذ حيزا كبيرا من اهتمام املواطنني‪ ،‬وذلك عن طريق‬ ‫أغفلت مع تعديالتها في القانون ‪ 158‬تاريخ ‪ 1999/12/27‬وفي مراسيمها استقالليتها عن الشبكة الثابتة واخللوية العائدة للدولة ووضع القوانني حلمايتها‬ ‫التطبيقية الثالثة الصادرة في العام ‪ 2005‬أمورا عديدة‪ ،‬منها على سبيل املثال وصونها من املتربصني بها من العدو اإلسرائيلي ومن األعداء في الداخل‪.‬‬ ‫موضوع التنصت بات يشغل بال اجلميع‪ ،‬واجلميع يهمس‪ ،‬هل ّ‬ ‫ال احلصر‪ :‬أمان االتصاالت الهاتفية ما يسمى بـ ‪ ، Phone Secure‬أمان شبكات‬ ‫خطي‬ ‫االتصاالت احمللية اخلاصة في الكمبيوتر ‪ ،LAN‬اتصاالت الـ ‪ Fidelity Wireless‬مراقب‪ .‬كيف يتم التنصت على الهاتف العادي الثابت (األرضي) أوعلى‬ ‫(‪ ، )Fi-Wi‬جميع االتصاالت عبر االنترنت وليس فقط البريد االلكتروني‪ ،‬بل هناك اخللوي؟ وما هي التقنيات املستخدمة؟‬ ‫الصوت عبر االنترنت ما يسمى بـ‪over Voice/ Messaging Instant /SMS‬‬ ‫التنصت على الهاتف الثابت يتم بالطريقة البدائية التي أشرت إليها سابقا‪.‬‬ ‫اتصاالت‬ ‫‪Data of Transfer /IP‬أو نقل امللفات أو البيانات الرقمية‪ ،‬أمان شبكة‬ ‫أتأسف هنا بأن أشير إلى أن أحد نواب األمة عندما سئل عن التنصت أجاب بأن‬ ‫من‬ ‫للعديد‬ ‫املقاومة‪ .‬كيف نحمي هذه الشبكة التي تعرضت في السابق‬ ‫خطه الشخصي مراقب‪ ،‬وعند سؤاله كيف تعرف بأنه مراقب فكان جوابه من‬ ‫األكاذيب واألضاليل بهدف النيل من املقاومة‪.‬‬ ‫التكتكة عليه‪ .‬واجلديد في هذه التقنيات أنه يتم التنصت حاليا على آالف‬ ‫محافظة‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫أول‬ ‫حتقيق‬ ‫قاضي‬ ‫كما أعطت املادة الثانية احلق لكل‬ ‫اخلطوط دفعة واحدة من خالل املقسم (السنترال) بواسطة أجهزة كمبيوتر‬ ‫االعتراض على املكاملات الهاتفية واملعلومات على وسائل االتصال مبوجب قرار وبرامج معدة لهذه الغاية‪ ،‬وهذا أيضا ما ميكن تطبيقه أيضا على االتصاالت‬ ‫سمي بالقرار القضائي‪ ،‬فلو افترضنا جدال أن كل قاضي حتقيق أول معني مبوجب اخللوية‪ .‬أما التنصت على الهاتف اجلوال فيعتمد على اخلاليا ‪( Cell‬أبراج الهاتف‬ ‫طائفي أو مذهبي لنتج من ذلك أن كل سياسي من طائفة أو مذهب سوف اجلوال) املوزعة جغرافيا في لبنان‪ ،‬باإلضافة إلى إمكانية التنصت من املقسمات‪.‬‬ ‫يتنصت على السياسي من الطائفة األخرى‪ .‬هذه هي املشكلة احلالية في لبنان وهذه اخلاليا تكون عادة على شكل أبراج مرتفعة معروفة الشكل أو تكون على‬ ‫هذا التنصت هو ما يسمى بالتنصت السياسي‪.‬‬ ‫شكل هوائيات مثبتة على أسطح األبنية العالية‪ .‬وبالتالي فإن هذه اخلاليا‬ ‫وسائل‬ ‫مبوضوع‬ ‫املعنية‬ ‫اجلهات‬ ‫وألزمت املادة اخلامسة جميع العاملني لدى‬ ‫تقوم بعملية (‪ )Over Hand‬أي تسليم املشترك من البرج احلالي إلى البرج الذي‬ ‫القاضي‪.‬‬ ‫قرار‬ ‫االتصال في القطاعني العام واخلاص تنفيذ‬ ‫يليه دون شعور من املشترك بهذا االنتقال حتى لو كان االنتقال على مستوى‬ ‫العالقة‬ ‫ذات‬ ‫احملضر‬ ‫لتنظيم‬ ‫املعلومات‬ ‫وحددت املادة السادسة مضمون‬ ‫املقسمات الداخلية أو احمللية أو حتى الشبكات اخلارجية‪ ،‬ومع كل انتقال يتم‬ ‫ً‬ ‫الدولة‬ ‫بأمن‬ ‫تتعلق‬ ‫مخابرات‬ ‫اعتراض‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫مث‬ ‫باملوضوع وليس مبعلومات اخرى‪.‬‬ ‫جتديد البيانات‪ ‬وإعطاء املعلومات اجلديدة عن الهاتف اجلوال‪.‬‬ ‫لألشخاص‪.‬‬ ‫واملهنية‬ ‫الشخصية‬ ‫باحلياة‬ ‫تتعلق‬ ‫يتنافى مع اعتراض مخابرات‬ ‫هل برأيك أقفل ملف التنصت في لبنان؟‬ ‫اعتراض‬ ‫الداخلية‬ ‫ووزير‬ ‫الوطني‬ ‫الدفاع‬ ‫وزير‬ ‫من‬ ‫لكل‬ ‫أما املادة ‪ 8‬فأجازت‬ ‫هذا التنصت املوظف سياسيا في لبنان كان زوبعة في فنجان انتهى كما‬ ‫اخملابرات مبوجب قرار خطي معلل‪ ،‬وبعد موافقة رئيس مجلس الوزراء وهو ما حصل لنظيرته من قبل في الهجمة على ما سمي بشبكة اتصاالت املقاومة‪.‬‬ ‫سمي بالقرار اإلداري‪.‬‬ ‫وان احلل الوحيد هو في إيجاد القوانني احلديثة وتسليم تنفيذ مهمة التنصت‬ ‫كما أجازت املادة املادة التاسعة لكل من وزير الدفاع ووزير الداخلية أن يجيز جلهاز أمني واحد‪ ،‬وأشدد هنا على اجلهاز الواحد‪ ،‬أعني به اجليش اللبناني الذي‬ ‫اعتراض اخملابرات مبوجب قرار إداري خطي معلل وبعد موافقة رئيس مجلس بدوره يقدم املعلومات الالزمة للجهات اخملتصة في كشف شبكات العدو‬ ‫الوزراء‪.‬‬ ‫واالغتياالت وكل اجلرائم‪.‬‬ ‫وأعطت املادة الرابعة عشرة فقط لوزير االتصاالت األماكن التي يجوز فيها‬ ‫حوار‪ :‬وعد أبو ذياب‬ ‫اعتراض اخملابرات وتسجيلها‪.‬‬

‫ميكن القوانني املرعية اإلجراء‬ ‫احلد من ضبط التنصت‬ ‫غير الشرعي ولكن‬ ‫ال ميكن منعه نهائياً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪18‬‬

‫ولم جتز املادة اخلامسة عشرة اعتراض اخملابرات‬ ‫التي يجريها الرؤساء والنواب مبوجب قرار إداري‪.‬‬ ‫أما املادة ‪ 16‬املصححة مبوجب القانون ‪ 158‬تاريخ‬ ‫‪ :1999/12/27‬تنشأ هيئة مستقلة من الرئيس‬ ‫األول حملكمة التمييز ورئيس مجلس شورى الدولة‬ ‫ورئيس ديوان احملاسبة تناط بها صالحيات التثبت من‬ ‫قانونية اإلجراءات املتخذة بناء على قرار إداري‪ .‬ويكون‬ ‫للهيئة أوسع الصالحيات إلجراء التحقيقات الالزمة‬ ‫مع اجلهة األمنية واإلدارية والفنية اخملتصة‪ .‬مع‬ ‫التذكير بأن هذه الهيئة لتاريخه لم تبصر النور وهي‬ ‫تكاد تكون حبرا على ورق وغير موجودة فعليا‪ ،‬ولو‬ ‫وجدت حللت الكثير من اجلدل القائم حاليا واملوظف‬ ‫سياسيا‪ .‬املشكلة إذا ً هي في تطبيق القانون‬ ‫وليست في القانون بالرغم من وجود عدة شوائب به‬ ‫أشرنا إليها سابقاً‪ ،‬ويجب العمل فورا على حتديثه‬ ‫ليراعي التقنيات احلديثة لالتصاالت‪.‬‬ ‫هل برأيك ميكن للقانون أن يضبط التنصت غير‬


‫منبر لبناني‬

‫عوض غياب الدولة عن منطقة‬ ‫مجلس الجنوب ّ‬ ‫كانت هدفاً إلسرائيل واعتداءاتها‬ ‫توجه السهام إلى مجلس النواب منذ سنوات‪،‬‬ ‫كما إلى صندوق املهجرين‪ ،‬ومعهما مجلس اإلمناء‬ ‫واإلعمار‪ ،‬وأخيرا ً الهيئة العليا لإلغاثة‪ ،‬وتوضع‬ ‫هذه املؤسسات في خانة هدر األموال‪ ،‬وحتولها‬ ‫إلى مصالح سياسية وفئوية‪ ،‬واقتطاعها من قبل‬ ‫زعماء طوائف وأحزاب بحيث باتت كل مؤسسة‬ ‫تخص هذا الزعيم السياسي أو الطرف احلزبي‪،‬‬ ‫ويجري التعاطي معها حتت هذه الصيغ والعناوين‪،‬‬ ‫وهي أساسا ً لم تنشأ لذلك‪ ،‬بل لظروف فرضتها‬ ‫االعتداءات اإلسرائيلية‪ ،‬أو احلروب األهلية‪.‬‬ ‫فمجلس النواب أنشئ‪ ،‬ليغطي الفراغ الذي‬ ‫أحدثه غياب الدولة عن منطقة كانت تتعرض‬ ‫للقصف اإلسرائيلي دائماً‪ ،‬وعدم وجود مقومات‬ ‫للصمود‪ ،‬من مالجئ إلى مراكز صحية ملعاجلة‬ ‫املصابني في احلاالت الطارئة‪ ،‬إلى تقدمي املساعدات‬ ‫الفورية للمتضررين من إصابة منازلهم أو تهدميها‪،‬‬ ‫والنازحني عنها‪.‬‬ ‫وهذا اجمللس طالب بإنشائه اإلمام السيد موسى‬ ‫الصدر‪ ،‬الذي دعا إلى حمل السالح دفاعا ً عن اجلنوب‬ ‫وإلى إنشاء “حرس وطني” يقوم بهذه املهمة‪ ،‬إلى‬ ‫جانب اجليش اللبناني‪ ،‬فوصف السالح بأنه “زينة‬ ‫الرجال” للتعبئة في اقتنائه ملقاومة االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬بعدما شعر بأن الدولة مقصرة في هذا‬ ‫اجملال‪ ،‬وان اجليش غير قادر بسالحه املتواضع على أن‬ ‫يواجه قوات االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬فطالب الدولة بأن‬ ‫تقوم بواجباتها بالدفاع عن اجلنوب‪ ،‬وتأمني الصمود‬ ‫إلى أهله‪ ،‬وكان اقتراحه بقيام مجلس يتولى‬ ‫مباشرة‪ ،‬وخارج “الروتني اإلداري” والبيروقراطية‬ ‫التي تتحكم بأجهزة االدارة الرسمية بدفع األموال‬ ‫مباشرة إلى الشهداء واجلرحى والذين دمرت أو‬ ‫أصيبت وتضررت منازلهم ومتاجرهم وأمالكهم‪.‬‬ ‫فمن فرض إنشاء مجلس اجلنوب هو العدوان‬ ‫اإلسرائيلي واحتالله‪ ،‬وبالتالي ليس هو صندوقا ً‬ ‫سياسيا ً أو انتخابياً‪ ،‬كما يقول رئيسه الدكتور‬ ‫قبالن قبالن الذي يؤكد أن الصندوق يقوم بأعمال‬ ‫إمنائية في اجلنوب‪ ،‬تخلت عنها الدولة‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫دوره في معاجلة اجلرحى ودفع التعويضات للشهداء‬ ‫وألصحاب املنازل املدمرة واملتضررة‪ ،‬وهو بهذا املعنى‬ ‫ليس تابعا ً لطائفة أو تنظيم سياسي وحزبي‪ ،‬وهو‬ ‫قام قبل تأسيس حركة “أمل” و”حزب اهلل”‪ ،‬في‬ ‫مطلع السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬وان املدارس‬ ‫التي أنشأها‪ ،‬ومحطات ومولدات الكهرباء التي‬ ‫أقامها‪ ،‬واآلبار االرتوازية التي حفرها‪ ،‬والطرق التي‬ ‫شقها‪ ،‬كلها بنى حتتية هي ألهل اجلنوب‪ ،‬ولكنها‬ ‫للدولة اللبنانية‪ ،‬وأن ما دفع هو موجود في املدارس‬ ‫واآلبار والطرق‪.‬‬

‫ففي غياب اإلمناء املتوازن غطى مجلس اجلنوب‬ ‫اجلزء األساسي منه‪ ،‬وان الرئيس نبيه بري لم يكن‬ ‫ميانع بأن تقوم مجالس في كل احملافظات إلمناء‬ ‫املناطق‪ ،‬ولقد كان ملدينة بيروت مجلس اسمه‬ ‫“مجلس تنفيذ املشاريع الكبرى ملدينة بيروت” وقد‬ ‫ألغي أخيراً‪ ،‬وهو أنشئ قبل مجلس اجلنوب‪ ،‬واملعلوم‬ ‫أن املناطق النائية والريفية هي التي بحاجة إلى‬ ‫إمناء ال العاصمة التي تأخذ احلصة األكبر من‬ ‫املشاريع‪ ،‬وهذا ما كان في صلب الدعوات إلصالح‬ ‫النظام السياسي وحتقيق العدالة واملساواة بني‬ ‫جميع اللبنانيني‪ ،‬وهو مطلبهم‪ ،‬وان مجلس اجلنوب‬ ‫عندما أنشئ كان الهدف منه مواجهة أضرار‬ ‫العدوان اإلسرائيلي‪ ،‬وساهمت إدارته في السنوات‬ ‫األخيرة بعد حترير اجلنوب وقبله‪ ،‬في أن يتحول‬ ‫عمله ايضا ً الى اإلمناء املتوازن ملساعدة األهالي على‬ ‫البقاء في أرضهم‪ ،‬بتأمني املدرسة واملستشفى‬ ‫واملياه والكهرباء والطرق‪.‬‬ ‫وكثر احلديث عن أن الصناديق حتولت الى‬ ‫سياسية‪ ،‬وهي مزاريب للهدر‪ ،‬وان األموال التي‬ ‫تدفع لها‪ ،‬لم تعد تذهب إلى املتضررين‪ ،‬بعدما‬ ‫حترر اجلنوب في العام ‪ ،2000‬ومثله جرى احلديث عن‬ ‫صندوق املهجرين‪ ،‬حيث اعترف النائب وليد جنبالط‬ ‫بأنه استخدمه في السياسة‪ ،‬وحصل فيه هدر‪ ،‬وقد‬ ‫أكدت التقارير أن عودة املهجرين كانت قليلة جدا ً‬ ‫قياسا ً على ما صرف من أموال وهي بحدود املليار و‬ ‫‪ 700‬مليون دوالر‪ ،‬كما ان الهيئة العليا لإلغاثة التي‬ ‫تقع من ضمن أجهزة وزارة الشؤون االجتماعية‪،‬‬ ‫ونقلت بشكل غير قانوني الى رئاسة احلكومة‪،‬‬ ‫وعُينّ أمني عام لها‪ ،‬وتقوم بصرف االموال بأمر من‬ ‫رئيس احلكومة‪ ،‬حيث كشفت املعلومات ان أموالها‬ ‫املوجودة للحاالت الطارئة‪ ،‬مثل الفيضانات والهزات‬

‫‪19‬‬

‫واألضرار الطبيعية‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬قد حتولت الى توزيع‬ ‫للمال السياسي‪ ،‬وزادت عشية االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫وانها تدفع لتيارات سياسية وحزبية‪ ،‬وتوزع على‬ ‫مناطق تابعة لنفوذ سياسي أو طائفي ومذهبي‬ ‫للمواالة وقوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬بحيث تساوت اجملالس‬ ‫والهئيات والصناديق‪ ،‬في االستخدام السياسي‪.‬‬ ‫واذا كان الرئيس السنيورة ينطلق من نظرية‬ ‫إيقاف الهدر وهذا مطلب اللبنانيني‪ ،‬فهو بدأ من‬ ‫مجلس اجلنوب الذي حرمه من املوازنة منذ العام‬ ‫‪ 2006‬وحتى املوازنة احلالية‪ ،‬حيث كان يصرف له‬ ‫موازنة تشغيلية لالدارة وااليجارات مببلغ ‪ 6‬مليارات‬ ‫ليرة‪ ،‬و ُغ ّيبت أرقام املوازنة االساسية وهي ‪ 60‬مليار‬ ‫ليرة‪ ،‬تدفع الى الشهداء واجلرحى واملعاقني والضمان‬ ‫االجتماعي وايجارات وإجناز مشاريع إمنائية‪.‬‬ ‫وقد رفض السنيورة إدراج مبلغ الستني مليارا‬ ‫في املوازنة‪ ،‬وأعلن انه اذا احتاج مجلس اجلنوب الى‬ ‫مال ملشروع معني يدرس ويعطى سلفة خزينة‪ ،‬الن‬ ‫االجتاه هو إلقفال هذا اجمللس مع صندوق املهجرين‪،‬‬ ‫وانه رُصد مبلغ إلقفال ملف عودة املهجرين‪ ،‬فرد‬ ‫الرئيس بري بأنه ال ميانع من حصول ذلك‪ ،‬اذا كان‬ ‫السنيورة يعتبره إجنازا إصالحيا‪ ،‬فليكن احلل شامال‪،‬‬ ‫بإقفال مجلس اإلمناء واإلعمار‪ ،‬الذي نشأ في العام‬ ‫‪ ،1977‬ملعاجلة نتائج احلرب األهلية التي اندلعت في‬ ‫العام ‪ 1976-1975‬وسميت بحرب السنتني‪ ،‬وكان‬ ‫اقتراح إنشائه من حكومة الرئيس سليم احلص‪،‬‬ ‫في عهد الرئيس الياس سركيس‪ ،‬ليختزل “الروتني‬ ‫االداري” ويقوم مبهمات سريعة العادة بناء واعمار‬ ‫ما هدمته احلرب‪ ،‬وكانت مهامه محصورة في هذا‬ ‫االطار لكن أعماله تطورت وحل محل وزارات ويقوم‬ ‫مبشاريعها‪ ،‬وسمي بـ “حكومة الظل” وطالبت‬ ‫قوى سياسية بإلغائه‪ ،‬والعودة الى وزارة التصميم‬ ‫التي ألغيت بعد قيامه‪ ،‬وهو ما عاد الرئيس بري‬ ‫للمطالبة به‪ ،‬بحيث تقوم وزارة التخطيط بوضع‬ ‫الدراسات واملشاريع فتنفذها الوزارات‪.‬‬ ‫لكن اقتراح بري جوبه برفض السنيورة فتدخل‬ ‫رئيس اجلمهورية العماد ميشال سليمان حلل هذا‬ ‫اإلشكال الذي عطل إقرار املوازنة املتوقفة منذ اربع‬ ‫سنوات‪ ،‬ويتم الصرف على قاعدة االثني عشرية‪.‬‬ ‫فهل ينجح الرئيس سليمان في تأمني احلل ـ‬ ‫التسوية‪ ،‬حيث ال يرضى الرئيس بري اقل من إقرار‬ ‫مبلغ الستني مليارا‪ ،‬أو إلغاء كل الصناديق واجملالس‬ ‫والهيئات‪ ،‬فيما الرئيس السنيورة ال يريد أن ميول‬ ‫مجلس اجلنوب‪ ،‬ويطمح الى إلغائه مع صندوق‬ ‫املهجرين والكرة في ملعبه‪.‬‬

‫زهير العياش‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫حوله إلى «مفتاح انتخابي»‬ ‫موقفه المنحاز إلى قوى ‪ 14‬شباط ّ‬

‫صفير قرر أن يكون «بطريركاً»‬ ‫فقسم طائفته‬ ‫لمجموعة سياسية ّ‬

‫لم يكن مفاجئا ً انحياز البطريرك املاروني‬ ‫مار نصر اهلل صفير الى قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬بل‬ ‫هو بالنسبة اليها “مرشدها الروحي”‪ ،‬ال بل‬ ‫مؤسسها‪ ،‬منذ أنشأ “لقاء قرنة شهوان”‪ ،‬الذي‬ ‫هو “املكتب السياسي” للبطريركية املارونية‪،‬‬ ‫وبدأ العمل معه إلخراج القوات السورية من‬ ‫لبنان‪ ،‬ولوقف املقاومة ونزع سالحها‪ ،‬اذ كان‬ ‫سيد بكركي ينظر الى عمليات املقاومة بأنها‬ ‫أحداث أمنية‪ ،‬والى شهدائها بأنهم “قتلى” ويذيع‬ ‫“رقيما ً بطريركياً”‪ ،‬في تشييع أحد كبار العمالء‬ ‫مع االحتالل االسرائيلي عقل هاشم الذي قتلته‬ ‫املقاومة في اجلنوب‪.‬‬ ‫فالبطريرك املاروني الذي يقال “ان مجد لبنان‬ ‫أعطي له”‪ ،‬ال يتصرف وفق هذه املقولة داخل‬ ‫طائفته اوالً‪ ،‬إذ هو يساند “القوات اللبنانية”‪،‬‬ ‫ويؤيد “حزب الكتائب”‪ ،‬ويحتضن كل األحزاب‬ ‫والشخصيات التي تناهض سوريا وتخاصم‬ ‫املقاومة‪ ،‬وقد شكل منهم متراسه السياسي‬ ‫ليخوضوا معه ما أسماها “معركة السيادة‬ ‫واالستقالل”‪ ،‬وقد انتدب مطرانا ً هو يوسف بشارة‬ ‫ليترأس لقا ًء سياسيا ً من مقر املطرانية في قرنة‬ ‫شهوان‪ ،‬وهو ما وضع سدة البطريركية طرفا ً‬ ‫في الصراع الداخلي‪ ،‬بعدما انصرفت الى العمل‬ ‫السياسي‪ ،‬فلقيت معارضة على تصرفاتها‬ ‫وانتقادات على سلوكها وأدائها‪ ،‬من مسيحيني‬ ‫ال يؤيدون نهجها وخطابها السياسي وحتولها‬ ‫الى غرفة عمليات سياسية وتعبوية‪ ،‬ضد‬ ‫الوجود السوري واملقاومة وحلفاء سوريا‪ ،‬وقد‬ ‫أدى ذلك الى تلقي البطريرك صفير نقدا ً الذعا ً‬ ‫من رئيس “تيار املردة” سليمان فرجنية‪ ،‬الذي أطلق‬ ‫عليه مناصروه لقب “البطريرك”‪ ،‬كإشارة الى‬ ‫صفير انه ال ميثلهم وال يعبر عنهم‪ ،‬او ان خطه‬ ‫السياسي يخلق متاريس بني املوارنة‪ ،‬بدال ً من ان‬ ‫يكون موقعه جامعا ً وبكركي ملتقى اجلميع‪.‬‬ ‫فهذه املواقف لصفير بتبنيه خطا ً سياسيا ً‬ ‫فئوياً‪ ،‬وان كان حمل شعارات وطنية‪ ،‬لم يكن‬ ‫وليدة قرار مستقل من بكركي‪ ،‬على ما يعرف‬ ‫املطلعون‪ ،‬اذ انه مستند الى دعم أميركي وموحى‬ ‫به من واشنطن ولم تغب عنه باريس‪ ،‬وهو‬ ‫ما أكده البطريرك نفسه‪ ،‬ال سيما بعد صدور‬ ‫القرار ‪ 1559‬عن مجلس االمن بتوافق أميركي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫زيارة عون إلى سوريا‬ ‫وصالته على قبر مار مارون‬ ‫أغاظتا سيد بكركي‬ ‫‪20‬‬


‫ـ فرنسي‪ ،‬وبعد االحتالل االميركي للعراق‪ ،‬بأن‬ ‫على لبنان أن يستفيد من التحوالت االقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬ويسعى الى “حترير أرضه من الغرباء”‪،‬‬ ‫قاصدا ً القوات السورية‪ ،‬وذهب أكثر من مرة الى‬ ‫الواليات املتحدة االميركية وفرنسا ودول أخرى‪،‬‬ ‫مطالبا ً بإخراج القوات السورية من لبنان‪ ،‬وقد‬ ‫اتفق في الداخل مع النائب وليد جنبالط على أن‬ ‫يُستفاد مما جرى في العراق‪ ،‬والتقارب الفرنسي‬ ‫ـ االميركي‪ ،‬وان تتوحد القوى املناهضة للوجود‬ ‫السوري في لقاء موسع‪ ،‬وان تنضم الى “لقاء‬ ‫قرنة شهوان” املسيحي شخصيات إسالمية‪،‬‬ ‫فكانت املصاحلة في اجلبل بني صفير وجنبالط‬ ‫اإلشارة االولى النتقال االخير من ضفة التحالف‬ ‫مع سوريا‪ ،‬الى مخاصمتها‪ ،‬والتي بدأها بحمالت‬ ‫على وجودها العسكري واالمني‪ ،‬وعلى حلفائها‬ ‫في لبنان‪ ،‬بعدما اختار له حلفاء جددا ً من “القوات‬ ‫اللبنانية”‪ ،‬إضافة الى الكتائب والوطنيني األحرار‬ ‫وغيرهما‪.‬‬ ‫وظهر صفير كأب روحي لكل حتركات “لقاء قرنة‬ ‫شهوان” الذي لم ينخرط فيه “التيار الوطني احلر”‪،‬‬ ‫واعتبر أنه يصب في خانة خدمة أهداف خارجية‪،‬‬ ‫أكثر منها أهداف سيادية‪ ،‬لها عالقة بخروج‬ ‫القوات السورية فقط‪ ،‬وعودة العالقات مع سوريا‪،‬‬ ‫بل ان بعضهم ارتبط مبشروع حتويل لبنان الى‬ ‫ساحة لالنقضاض على النظام في سوريا‪ ،‬وهذا‬ ‫ما انكشف بعد خروج اجليش السوري من لبنان‪،‬‬ ‫كما لم يكمل “العونيون” حضور اجتماعات “لقاء‬ ‫البريستول” الذي انضم اليه الرئيس رفيق احلريري‬ ‫عبر “تيار املستقبل” بتمثيله من خالل النائبني‬ ‫غطاس خوري ونبيل دو فريج‪ ،‬بعدما كان التحق‬ ‫به جنبالط ونوابه‪.‬‬ ‫فكل أداء البطريرك املاروني يكشف عن انحيازه‬ ‫الى أطراف مارونية سياسية يعتبرها أداته‬ ‫التنفيذية في حتقيق أهدافه السياسية‪ ،‬لذلك لم‬ ‫يتفاهم مع العماد ميشال عون‪ ،‬الذي كان ينظر‬

‫الى صفير على انه ينفذ‬ ‫“اجندة اميركية”‪ ،‬منذ‬ ‫أن لبى طلبات واشنطن‬ ‫في ما يختص برئاسية‬ ‫واتفاق‬ ‫اجلمهورية‬ ‫الطائف‪ ،‬الى تغطية‬ ‫“القوات اللبنانية” في‬ ‫صراعها مع الشرعية‬ ‫التي كان ميثلها عون‬ ‫في القصر اجلمهوري‬ ‫في بعبدا كرئيس‬ ‫“للحكومة العسكرية”‪.‬‬ ‫لذلك لم يفاجأ‬ ‫رئيس “تكتل اإلصالح‬ ‫والتغيير” مبواقف صفير‬ ‫األخيرة‪ ،‬التي انحاز فيها الى قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫وهاجم املعارضة‪ ،‬واعتبر أن فوزها في االنتخابات‬ ‫سيغير من هوية لبنان وموقعه وسيكون كارثة‬ ‫عليه‪ ،‬في رسالة مباشرة منه‪ ،‬وحتريض للموارنة‬ ‫خصوصا ً واملسيحيني عموماً‪ ،‬على عدم انتخاب‬ ‫لوائح املعارضة‪ ،‬وحتديدا ً في املناطق املسيحية‪،‬‬ ‫التي ميثلها حتالف “املردة” و”التيار الوطني‬ ‫احلر” وشخصيات مسيحية اخرى‪ ،‬حيث أثبت‬ ‫رأس الكنيسة املارونية أنه طرف ويتدخل في‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وتل ّوث بالسياسة‪ ،‬وهذا التدخل‬ ‫دفع العماد عون وشخصيات في املعارضة‬ ‫للنظر الى البطريرك نظرة اخلصم السياسي‪،‬‬ ‫والبطريرك السياسي للمواالة‪ ،‬وأحد “مفاتيحها‬ ‫االنتخابية”‪.‬‬ ‫وتدخل صفير في االنتخابات ودعمه‬ ‫للوائح املواالة يؤكدان أن املعركة مصيرية وأن‬ ‫على نتائجها يتوقف مصير لبنان كما ذكر‬ ‫البطريرك الذي يعتبر أن فشل قوى ‪ 14‬شباط‬ ‫سيرتب على لبنان الكثير من اخلطورة‪ ،‬الن عون‬ ‫وحلفاءه سينقلونه الى احملور السوري ـ االيراني‪،‬‬

‫ال سيما بعدما زار كال ً من طهران ودمشق‪ ،‬وهو‬ ‫ال ينكر حتالفه السياسي معهما‪ ،‬وانحيازه الى‬ ‫جانب املقاومة ليس في لبنان فقط بل في غزة‬ ‫وفلسطني‪ ،‬والهجوم الذي يشنه رئيس “التيار‬ ‫الوطني احلر” على أميركا ويتهمها مع اسرائيل‬ ‫بتهجير املسيحيني وترحيلهم من الشرق‪،‬‬ ‫وإفراغ املنطقة من الوجود املسيحي‪ ،‬وقرر أن‬ ‫يتوجه الى الدول التي تقارع وتواجه املشاريع‬ ‫األميركية للحفاظ على احلضور املسيحي‬ ‫وعلى مهد املسيحية وانطالقتها من هذا‬ ‫املشرق‪.‬‬ ‫فبني نهج صفير وتفكير عون تباعد كبير في‬ ‫النظرة الى املسائل االستراتيجية‪ ،‬التي حددها‬ ‫“السينودس من أجل لبنان” برئاسة البابا يوحنا‬ ‫بولس الثاني‪ ،‬الذي دعا الى احلفاظ على املسيحيني‬ ‫في لبنان وتفاعلهم مع محيطهم العربي‪ ،‬وحمل‬ ‫قضاياه‪ ،‬ولم يلتزم البطريرك املاروني به ويسير‬ ‫عليه‪ ،‬بل ذهب وفق “تفكيره االنعزالي”‪ ،‬كما‬ ‫يقول معارضوه في رفض كل تقارب مع سوريا‪،‬‬ ‫وهو لم يذهب للقاء البابا يوحنا بولس الثاني الى‬ ‫دمشق ملواكبته في زيارته الى مهد املسيحية‪،‬‬ ‫والسير على الطريق التي سار عليها أحد رسل‬ ‫املسيح يوحنا املعمدان‪ ،‬كما كان يرفض اية زيارة‬ ‫لتفقد أبناء طائفته في سوريا التي جاء منها مار‬ ‫مارون‪ ،‬فذهب اليها عون وزار قبر مؤسس الطائفة‬ ‫املارونية وصلى عليه‪ ،‬واكتشف أن املسيحية‬ ‫متجذرة في بالد الشام‪ ،‬وأن املسيحيني املشرقيني‬ ‫لهم دور كبير في احلفاظ على العروبة‪.‬‬ ‫من هنا فإن وقوف صفير الى جانب قوى ‪14‬‬ ‫شباط أمر طبيعي من بطريرك ال يخرج تفكيره‬ ‫عن جبل لبنان‪ ،‬والقضايا اجلزئية‪ ،‬وهو الذي يحمل‬ ‫صفة بطريرك انطاكية وسائر املشرق‪ ،‬وقد بدأ‬ ‫يرفضها ليكتفي بـ”مجد لبنان أعطي له”‪ ،‬والذي‬ ‫يريد للمسيحيني عموما ً واملوارنة منهم خصوصا ً‬ ‫أن يعيشوا معزولني في اجلبال‪ ،‬أو يغامروا للسفر‬ ‫في البحار‪ ،‬وهذه هي األزمة مع البطريرك الذي‬ ‫قرر أن يكون بطريركا ً جملموعة سياسية هي قوى‬ ‫‪ 14‬شباط‪.‬‬

‫أنطوان خير اهلل‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫الهجوم على الجيش «تقليد جنبالطي» يبدأ بعناوين استراتيجية لينتهي بتعيين ضابط‬

‫قوى ‪ 14‬شباط يقلقها التكامل مع المقاومة والتنسيق مع سوريا‬ ‫«ضباط الحقبة األمنية السابقة» يثيرون الهواجس لدى األكثرية‬ ‫كان متوقعا ً أن يهاجم النائب وليد جنبالط‬ ‫رئيس اجلمهورية العماد ميشال سليمان‪ ،‬دون أن‬ ‫يسميه مباشرة‪ ،‬ومعه قيادة اجليش‪ ،‬على خلفية‬ ‫االستراتيجية الدفاعية وعنوانها “تكامل اجليش‬ ‫واملقاومة”‪ ،‬التي طرحها الرئيس سليمان في جلسة‬ ‫افتتاح جلسات احلوار حول هذا املوضوع‪ ،‬وأكدها في‬ ‫كلمته أثناء زيارة لوزارة الدفاع‪ ،‬إضافة الى استعادة‬ ‫التنسيق العسكري واألمني بني اجليشني اللبناني‬ ‫والسوري‪ ،‬وفق االتفاقات املعقودة بينهما تطبيقا‬ ‫ملعاهدة األخوة والتعاون والتنسيق بني الدولتني‪.‬‬ ‫إال أن ما جعل رئيس احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫يوجه انتقاداته للجيش‪ ،‬كان التشكيالت التي‬ ‫أجرتها قيادة اجليش‪ ،‬وأتت بضباط الى مديرية‬ ‫اخملابرات وفروعها‪ ،‬ويعتبرهم جنبالط أنهم من بقايا‬ ‫النظام االمني اللبناني ـ السوري املشترك‪ ،‬وكانوا‬ ‫على عالقة مع املدير العام السابق لألمن العام‬ ‫اللواء الركن جميل السيد‪ ،‬وعملوا معه في اخملابرات‬ ‫وفي األمن العام‪ ،‬وان هذا األخير من املشتبه فيهم‬ ‫في جرمية اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬وكان من‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اركان نظام الرئيس اميل حلود‪ ،‬ونسج عالقات قوية‬ ‫مع ضباط من اخملابرات السورية اثناء وجودهم في‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫كل هذه الهواجس يضج بها “زعيم اخملتارة”‪،‬‬ ‫خوفا ً من أن يعود النظام األمني السابق لإلمساك‬ ‫بالوضع اللبناني سياسيا ً وأمنياً‪ ،‬وهو يعيش مرحلة‬ ‫من القلق‪ ،‬بعدما تبني له أن القيادة السورية قوية‪،‬‬ ‫ولم تتزعزع‪ ،‬وان الرئيس بشار األسد باق في احلكم‪،‬‬ ‫وسوريا دولة محورية في املنطقة‪ ،‬وهي رغم خروجها‬ ‫من لبنان عسكرياً‪ ،‬إال انها ما زالت فاعلة فيه‪ ،‬من‬ ‫خالل حلفائها الذين لم يضعفوا أبداً‪ ،‬بل قلبوا‬ ‫املعادلة الداخلية ملصلحتهم‪ ،‬وأعادوا التوازن بعد‬ ‫انتفاضة ‪ 7‬أيار ‪ 2008‬واتفاق الدوحة‪ ،‬وانتخاب العماد‬ ‫سليمان رئيسا ً للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة‬ ‫وطنية‪ ،‬وتعيني العماد جان قهوجي قائدا ً للجيش‪.‬‬ ‫فهذه التغييرات يقر بها جنبالط‪ ،‬ويعترف بأن‬ ‫مشروعه ُهزم‪ ،‬وان قوى املعارضة تعمل للفوز‬ ‫باالكثرية في االنتخابات‪ ،‬فتفقد فريقه السياسي‬ ‫في ‪ 14‬شباط رئاسة احلكومة واالكثرية فيها‪ ،‬وتعيد‬

‫‪22‬‬

‫النفود السوري الى الداخل اللبناني حسب زعمه‪.‬‬ ‫لذلك يفتش عن مخرج ملأزقه السياسي‪ ،‬فأثار‬ ‫موضوع التنصت من زاوية أن ضابطا من اجليش‬ ‫هو العقيد دانيال فارس انتدب الى وزارة االتصاالت‬ ‫ملراقبة خطوط الهاتف‪ ،‬وتبني ان مهمته هي فقط‬ ‫لكشف تهريب التخابر الدولي‪ ،‬وقصد جنبالط من‬ ‫إثارته هذا املوضوع‪ ،‬ليدخل الى قرارات املؤسسة‬ ‫العسكرية وتوجهها‪ ،‬وقد رأى أنها ال تعمل وفق‬ ‫توجهات قوى ‪ 14‬شباط‪ ،‬فهي أبقت على ضباط‬ ‫“احلقبة السورية” وأعادتهم الى مواقع أمنية‬ ‫حساسة في مديرية اخملابرات‪ ،‬وعززت الضباط الذين‬ ‫يتعاطفون سياسيا ً مع “التيار الوطني احلر” برئاسة‬ ‫العماد ميشال عون‪ ،‬وكذلك مع “حزب اهلل” وحركة‬ ‫“أمل” وأطراف في املعارضة‪ ،‬بالرغم من ان املواقع‬ ‫الدرزية القيادية داخل اجليش هي في عهده ضباط‬ ‫يدينون بالوالء “للجنبالطية”‪ ،‬ويسميهم هو‪ ،‬سواء‬ ‫في رئاسة االركان أو االمن القومي العسكري أو قادة‬ ‫ألوية وأفواج‪ ،‬إضافة الى التدخل في تطويع طالب‬ ‫في املدرسة احلربية‪ ،‬بحيث يحتكر كل هذه املراكز‪،‬‬


‫ويحرم خصومه السياسيني داخل الطائفة الدرزية‬ ‫منها‪ ،‬ويقوم بهذا العمل منذ سنوات بعيدة‪ ،‬بحيث‬ ‫أضحى العدد االكبر من العسكريني الدروز هم من‬ ‫“الفريق اجلنبالطي” أو احلزب التقدمي االشتراكي‪.‬‬ ‫لذلك فإن توجيه االنتقادات للجيش على قاعدة‬ ‫وجود ضباط من “املرحلة األمنية السابقة”‪ ،‬أو‬ ‫يخصون أحزابا ً في املعارضة‪ ،‬لم تعد تنفع‪ ،‬ألن‬ ‫التركيبة الطائفية للبنان تفرض مثل هذا الواقع‪،‬‬ ‫وقد حاولت املؤسسة العسكرية جاهدة إبعاد‬ ‫التدخالت السياسية عنها‪ ،‬وال سيما بعد اتفاق‬ ‫الطائف‪ ،‬وقد جنح العماد اميل حلود في منع تدخل‬ ‫السياسيني بقضايا اجليش‪ ،‬ومنع العسكريني من‬ ‫اللجوء الى السياسيني فأرسى قاعدة الكفاءة في‬ ‫امتحانات الدخول الى املدرسة احلربية‪ ،‬وكان يجري‬ ‫التشكيالت بعيدا ً عن احملاصصة السياسية‪ ،‬وقد‬

‫اميل حلود تنفيذ قرار مجلس الوزراء‪ ،‬ألنه ال يقبل‬ ‫االصطدام باملقاومة‪ ،‬بل التنسيق معها‪ ،‬وقد فجر‬ ‫موقفه خالفا ً وتباعداً‪ ،‬بني الرجلني‪ ،‬ودفع حلود ثمنه‬ ‫في تأخير انتخابه رئيسا ً للجمهورية ثالث سنوات‪،‬‬ ‫ومت التمديد للرئيس الياس الهراوي عام ‪،1995‬‬ ‫وفي العام ‪ 1998‬انتخب حلود رئيسا ً للجمهورية‪،‬‬ ‫مبعارضة جنبالط الذي رفع شعار انه يرفض وصول‬ ‫عسكري الى احلكم‪ ،‬لكن تبني في ما بعد أن املسألة‬ ‫لها عالقة بأن حلود يرفض نهج احلريري وسياسته‬ ‫االدارية واملالية‪ ،‬وال يوافقه على حتجيم دور املقاومة‪،‬‬ ‫وال يقبل أن يضع يده على مؤسسات الدولة‪ ،‬وهو ما‬ ‫مارسه في عهد الهراوي بدعم من الثالثي السوري‬ ‫عبد احلليم خدام‪ ،‬وحكمت الشهابي وغازي كنعان‪.‬‬ ‫وهكذا كانت املؤسسة العسكرية “فشة خلق”‬ ‫جلنبالط‪ ،‬اذا لم يستجب لطلباته اخلاصة‪ ،‬وهو ما‬

‫أثارت عليه هذه االجراءات الزعماء السياسيني‪،‬‬ ‫وفي طليعتهم جنبالط الذي شن أكثر من هجوم‬ ‫على املؤسسة العسكرية فطالب بخفض عديدها‪،‬‬ ‫وطلب البحث في رواتب ضباطها وعسكرييها‬ ‫واالمتيازات التي يحصلون عليها‪ ،‬وح ّرض وزير‬ ‫املال فؤاد السنيورة على ترشيد اإلنفاق في هذه‬ ‫املؤسسة‪ ،‬واصطدم بقيادتها‪ ،‬التي صمدت بوجه‬ ‫احلملة اجلنبالطية عليها‪ ،‬التي انضم اليها رئيس‬ ‫احلكومة رفيق احلريري‪ ،‬الذي اتهم مخابرات اجليش‬ ‫بأنها تعمل ضده‪ ،‬وتعرقل مشاريعه‪ ،‬وتشجع‬ ‫معارضيه عليها‪ ،‬وحترك الشارع عبر االحتاد العمالي‬ ‫ضده‪.‬‬ ‫والتقى احلريري وجنبالط على الهجوم املركز على‬ ‫اجليش وقيادته‪ ،‬وقاطع األول احتفاالت عيد اجليش‬ ‫ومناسباته‪ ،‬واشتكى من ان قائده اميل حلود ال يزوره‪،‬‬ ‫وال يطلعه على وضع املؤسسة العسكرية‪ ،‬كما‬ ‫ان مخابرات اجليش ال ترسل اليه التقارير االمنية‬ ‫املهمة‪ ،‬وسعى الى خلق تناقض بينها وبني أجهزة‬ ‫أمنية اخرى‪ ،‬وبدأ كل جهاز يعمل مستقالً عن اآلخر‪،‬‬ ‫ويجمع املعلومات اخلاصة منه‪ ،‬ويقدمها الى قوى‬ ‫سياسية يدين بعض قادة هذه األجهزة لها‪.‬‬ ‫وكان الصدام بني احلريري وقيادة اجليش عندما‬ ‫طلب منها أن ترسل اجليش الى اجلنوب اثر عدوان‬ ‫متوز ‪ ،1993‬في العملية االسرائيلية التي سميت‬ ‫“تصفية احلساب”‪ ،‬فرفض قائد اجليش آنذاك العماد‬

‫فعله اثناء قيادة الرئيس سليمان للجيش‪ ،‬فكان‬ ‫دائما ً يهاجمه‪ ،‬وعلى خلفية مكاسب سياسية‬ ‫فئوية لها عالقة بتشكيالت وتعيينات داخل اجليش‬ ‫لضباط محسوبني عليه‪ ،‬فوقع خالف مع قيادة‬ ‫اجليش التي رفضت تعيني رئيس لالركان اختاره‬ ‫جنبالط وعينت اللواء فادي ابو شقرا‪.‬‬ ‫وفي الهجوم املفاجئ على اجليش‪ ،‬فإن جنبالط‬ ‫أغاظه أن يعني العماد قهوجي قائدا ً له‪ ،‬وهو من‬ ‫بلدة بعدران الشوفية‪ ،‬وعلى بعد أمتار من اخملتارة‪،‬‬ ‫دون أن يكون له رأي بذلك‪ ،‬وهو كان يسعى الى‬ ‫أن يكون العميد جورج خوري مدير اخملابرات قائدا ً‬ ‫للجيش‪ ،‬لكن لم يحصل على ذلك‪ ،‬بالرغم من ان‬ ‫خوري ضابط جيد في اجليش‪ ،‬لكن رئيس اجلمهورية‬ ‫وقع اختياره على قهوجي الذي هو ضابط ميداني‬ ‫ومشهود له بالكفاءة العسكرية واألخالقية‪ ،‬إال ان‬ ‫جنبالط لم يرق له هذا التعيني‪ ،‬فانتظر مناسبة‬ ‫زيارة قائد اجليش الى سوريا واستقبال الرئيس بشار‬ ‫األسد له‪ ،‬حتى قامت قيامته عليه مع فريق ‪14‬‬ ‫شباط‪ ،‬وبدأ التشكيك باملؤسسة العسكرية‪ ،‬التي‬ ‫أكدت على التنسيق مع اجليش السوري الذي كان له‬ ‫الدور في دعم اجليش في معركة مخيم نهر البارد‬ ‫ضد “فتح اإلسالم”‪ ،‬وقد أزعج هذا الكالم أطراف ‪14‬‬ ‫شباط التي شنت هجوما ً على اجليش‪ ،‬بعدما كانت‬ ‫أشادت ببطوالته في املعارك التي سقط له فيها‬ ‫‪ 170‬شهيدا ً ومئات من اجلرحى‪ ،‬كما لم يوفره نواب‬

‫‪23‬‬

‫“تيار املستقبل” عندما اعتقل عناصر تابعة له في‬ ‫باب التبانة‪ ،‬كانت ترمي القنابل وتطلق النار باجتاه‬ ‫جبل محسن في طرابلس‪ ،‬كما لم يعجبهم بيان‬ ‫قيادة اجليش عن “الصواريخ املشبوهة” التي وجدت‬ ‫في اجلنوب أخيراً‪.‬‬ ‫وتنظر قوى ‪ 14‬شباط الى اجليش نظرة عدم‬ ‫ثقة‪ ،‬ألنها لم تتمكن من تغيير عقيدته القتالية‬ ‫ضد العدو االسرائيلي‪ ،‬وأصرت قيادته اجلديدة على‬ ‫التكامل مع املقاومة والتنسيق مع اجليش السوري‪،‬‬ ‫فرفض جنبالط هذا التوجه الذي ال يخدم سياسات‬ ‫“ثورة األرز” في إقفال جبهة اجلنوب مع العدو‬ ‫وتسريح عناصر املقاومة وجمع سالحها ووضعه في‬ ‫املستودعات‪ ،‬حيث أعلن احلزب التقدمي االشتراكي‬ ‫أنه ال يريد أن يرسل مندوبه العسكري املقدم شريف‬ ‫فياض الى جلنة اخلبراء املنبثقة عن طاولة احلوار حول‬ ‫االستراتيجية الدفاعية‪ ،‬ألنه يرفض مقولة “تكامل‬ ‫اجليش واملقاومة”‪ ،‬بل تذويب املقاومة باجليش من‬ ‫خالل استيعاب عناصر منها فيه‪ ،‬على طريقة‬ ‫دمج امليليشيات بعد اتفاق الطائف وتطبيقه على‬ ‫املقاومة‪ ،‬والعودة الى اتفاق الهدنة مع اسرائيل‪.‬‬ ‫عما يريده‬ ‫لقد أفصح رئيس “اللقاء الدميوقراطي”‪ّ ،‬‬ ‫صراحة‪ ،‬وهو نزع سالح املقاومة الذي صدر في قرار‬ ‫مجلس األمن الدولي ‪ 1559‬في ‪ 2‬أيلول عام ‪،2004‬‬ ‫وهو ما زال على موقفه هذا‪ ،‬وهو منع وجود السالح‬ ‫بيد “حزب اهلل”‪ ،‬ألنه يعتبره سالحا ً ايرانيا ً وسورياً‪،‬‬ ‫وبالتالي فإن مبادئ “ثورة األرز” لم تتحقق مع بقاء‬ ‫هذا السالح الذي يريد أن يستغل وجوده ليكون‬ ‫شعاره السياسي والتعبوي لالنتخابات النيابية‬ ‫املقبلة‪ ،‬وهو بدأ في هجومه على اجليش لتعطيل‬ ‫دوره‪ ،‬وإقصائه عن العملية االنتخابية كضابط‬ ‫لألمن‪ ،‬والنظر اليه كطرف‪ ،‬حيث يخشى من‬ ‫خسارته لالكثرية في هذه االنتخابات‪ ،‬وهو يحاول أن‬ ‫يحصل على تنازالت من قيادة اجليش وتعيني ضباط‬ ‫له‪ ،‬يشرفون على األمن في املناطق التي لن يفوز‬ ‫فيها مع فريقه‪.‬‬ ‫فاجليش الذي وقف على مسافة واحدة من‬ ‫اجلميع‪ ،‬منذ أربع سنوات وفي أزمات سياسية‬ ‫وأمنية خطيرة مر فيها لبنان‪ ،‬لن تنج ّر قيادته‬ ‫الى املهاترات السياسية‪ ،‬وهي ملتزمة بالثوابت‬ ‫الوطنية التي حددها الدستور واتفاق الطائف‪،‬‬ ‫ولن تفرط بها‪ ،‬وهو ما أكد عليه العماد قهوجي‬ ‫في كل كلماته التوجيهية‪ ،‬بأن اجليش هو للبنان‪،‬‬ ‫وان والء العسكريني هو للمؤسسة ال للزعامات‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫فاللعب على “فرط” اجليش وشرذمته‪ ،‬لم يعد بيد‬ ‫السياسيني‪ ،‬الن اللبنانيني شعروا بحاجتهم اليه‪،‬‬ ‫في أثناء احلوادث األمنية التي كانت تقع بني القوى‬ ‫السياسية‪ ،‬فلم يكن أمامهم سوى املؤسسة‬ ‫العسكرية‪ ،‬يلجأون اليها ملنع انزالقهم نحو حرب أهلية‪،‬‬ ‫كانت تقترب منهم‪ ،‬لكنها تعود فتبتعد‪ ،‬الن املقاومة‬ ‫رفضت أن تغرق في هذه احلرب‪ ،‬وألن املعارضة ال تريدها‪،‬‬ ‫وهي احتكمت الى االعتصام املدني ال الى السالح‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫خبرته وتجربته وبصماته نقلها للمقاومة الفلسطينية‬

‫عماد مغنية ‪ :‬الثأر الستشهاده كان في انتصار غزة‬ ‫صواريخ المقاومة ضد الطائرات يقلق إسرائيل ونصر هللا ال يطمئنها‬ ‫كان اجلميع‪ ،‬ليس في لبنان فقط‪ ،‬بل في العالم‪ ،‬وحتديدا ً في الكيان‬ ‫الصهيوني‪ ،‬ينتظرون ما سيقوله االمني العام لـ”حزب اهلل” السيد حسن‬ ‫نصر اهلل‪ ،‬في الذكرى السنوية االولى الستشهاد القائد عماد مغنية‪،‬‬ ‫والرد الذي كان متوقعا ً على اغتياله‪ ،‬بعد الوعد الذي قطعه سيد املقاومة‬ ‫بالثأر لدم الشهيد الذي شكل خسارة كبيرة للمقاومة في لبنان كما‬ ‫في فلسطني والعراق‪ ،‬وكان مقتله صيدا ً ثمينا ً للعدو االسرائيلي ولإلدارات‬ ‫االميركية املتعاقبة التي خصصت جائزة مالية بقيمة ‪ 25‬مليون دوالر‪،‬‬ ‫إلعطاء معلومات مؤكدة عن مكان “احلاج رضوان” وتنقالته‪ ،‬وهي ترصده‬ ‫منذ ربع قرن ولم تتمكن منه االستخبارات االسرائيلية إال العام املاضي‪،‬‬ ‫في عملية مراقبة‪ ،‬داخل أحد أحياء دمشق في منطقة كفرسوسه‪.‬‬ ‫فالرد لم يحصل‪ ،‬ولكن السيد حسن نصر اهلل كرر القسم والوعد‬ ‫والعهد‪ ،‬بأنه سيأتي اليوم الذي يتم الثأر بعملية تكون بحجم خسارة‬ ‫قائد من ابرز قادة “املقاومة االسالمية”‪ ،‬حيث يعيش املسؤولون الصهاينة‬ ‫العسكريون منهم والسياسيون‪ ،‬داخل الكيان الصهيوني وخارجه‪ ،‬في‬ ‫حالة من الرعب للعام الثاني‪ ،‬ينتظرون متى تقع العملية التي بحسب‬ ‫معلومات “حزب اهلل” ستكون في الزمان واملكان املناسبني‪ ،‬بحيث يبقى‬ ‫املستوطنون في الداخل‪ ،‬واليهود في اخلارج بحالة من االستنفار والهلع‪،‬‬ ‫اذ بات تنقلهم مشوبا ً باحلذر والقلق‪ ،‬وجرى تشديد االجراءات االمنية‬ ‫على السفارات واملراكز اليهودية‪ ،‬وعلى أحياء يسكنها يهود كما على‬ ‫مصاحلهم االقتصادية‪.‬‬ ‫ويرى البعض أن الرد على عملية االغتيال‪ ،‬كانت في صمود غزة بوجه‬ ‫العدوان االسرائيلي عليها ملدة ‪ 22‬يوماً‪ ،‬وان منوذج صمود املقاومة في لبنان‬ ‫تكرر في غزة‪ ،‬حيث كشف قادة املقاومة الفلسطينية في “حماس” و”اجلهاد‬ ‫االسالمي” وفصائل اخرى‪ ،‬أن بصمات الشهيد عماد مغنية كانت بارزة في‬ ‫عمليات املقاومة‪ ،‬وكان له الدور االساسي والفاعل في نقل جتربة املقاومة‬ ‫في لبنان وخبرتها إلى املقاومة في فلسطني‪ ،‬وهذا ما حقق النصر الثاني‬ ‫على العدو االسرائيلي‪ ،‬حيث قال السيد نصر اهلل إن كل قادته فشلوا في‬ ‫لبنان‪ ،‬منذ العام ‪ ،1982‬اثر االجتياح الصهيوني‪ ،‬حيث سقط رئيس احلكومة‬ ‫مناحيم بيغن وأصيب بكآبة‪ ،‬وانهزم وزير دفاعه ارييل شارون‪ ،‬ثم اسحق‬ ‫رابني وشيمون بيريز وبنيامني نتنياهو وايهود باراك وايهود اوملرت وتسيبي‬ ‫ليفني‪ ،‬وكل وزراء الدفاع ورؤساء األركان وقادة الوحدات والقطاعات‪ ،‬هزموا‬ ‫في لبنان منذ العام ‪ 1982‬مرورا ً بـ ‪ 1993‬و‪ 1996‬و‪ 1999‬وصوال ً الى ‪،2006‬‬ ‫ففي كل هذه احلروب التي خاضتها الدولة العبرية ضد لبنان ومقاومته‬ ‫وجيشه وشعبه باءت بالفشل والهزمية‪ ،‬فتم طرد قوات االحتالل باملقاومة‪،‬‬ ‫وحترير االرض بالعمليات العسكرية والنوعية واالستشهادية‪ ،‬فبات أي‬ ‫عمل عسكري عدواني على لبنان يؤرق قادة العدو‪ ،‬ويحسبون له حساباً‪،‬‬ ‫ولم يعد دخولهم الى أراضيه نزهة‪ ،‬بل أصبح مكلفا ً جداً‪ ،‬وكانت احلرب‬ ‫االسرائيلية في صيف ‪ 2006‬هي الصورة التي بدأت ترتسم لدى قادة العدو‬ ‫توعدهم السيد نصر اهلل‬ ‫عند تفكيرهم في القيام بعدوان جديد‪ ،‬وقد ّ‬ ‫بأن املقاومة ستكون لهم باملرصاد‪ ،‬ولو أدخلوا كل ألويتهم العسكرية‬ ‫واستخدموا كل أسلحتهم وقد استخدموها في السابق‪ ،‬فإن املقاومة‬ ‫ستنتصر‪.‬‬ ‫ففي احلرب االخيرة على لبنان‪ ،‬استطاعت املقاومة كما قال قائدها‪،‬‬ ‫إسقاط سالح البحرية من املعركة‪ ،‬بعد يومني على شن العدوان‪ ،‬فتم‬ ‫تعطيله بعدما استهدفته املقاومة بصواريخها‪ ،‬فهربت بوارجه الى خارج‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪24‬‬

‫السيد نصراهلل والقائد الشهيد مغنية‬

‫املياه االقليمية‪.‬‬ ‫ولم تتمكن قوات االحتالل البرية من اجتياز املدن والقرى االمامية‬ ‫املتاخمة للحدود مع فلسطني احملتلة‪ ،‬فلقيت مواجهة عنيفة‪ ،‬وحرب‬ ‫حترير شعبية على قدر كبير من التدريب والتنظيم‪ ،‬فزج اجليش االسرائيلي‬ ‫بنخبته من قوى البر‪ ،‬ولم يحصد سوى الهزمية‪ ،‬فسقط له عشرات‬ ‫من القتلى ومئات من اجلرحى في هذه املواجهات في مارون الراس وعيتا‬ ‫الشعب وبنت جبيل واخليام وغيرها من االماكن‪ ،‬وتكبد خسائر مادية في‬ ‫دباباته وآلياته العسكرية‪.‬‬ ‫لقد متكنت املقاومة من إخراج سالحي البر والبحر من معادلة احلرب‬ ‫على لبنان‪ ،‬بعد منعهما وحدهما على حتقيق أهدافهما‪ ،‬أما سالح اجلو‬ ‫الذي دوره تدميري للمدن والقرى واملرافق العامة واجلسور والطرق ومحطات‬ ‫الكهرباء واملياه‪ ،‬فلم يحسم املعركة‪ ،‬سوى إحلاق االضرار املادية اجلسيمة‬ ‫وقتل االطفال والنساء والرجال من املدنيني‪ ،‬دون أن يتمكن من الوصول‬ ‫الى قيادة املقاومة وكوادرها ويعطل قرارها ويدفعها الى االستسالم‪،‬‬ ‫وهذا ما لم يحصل‪ ،‬وبقيت املقاومة متماسكة قيادة وعناصر‪ ،‬واستمرت‬ ‫الصواريخ تتساقط على املستوطنات الصهيونية‪ ،‬وقد اكد تقرير جلنة‬ ‫“فينوغراد” االسرائيلية أن حفنة من الرجال هزمت أكبر من جيش في‬ ‫الشرق االوسط‪.‬‬ ‫فسالحا البر والبحر لم يعد لهما الفاعلية في احلرب‪ ،‬وان املقاومة قررت‬ ‫تد ّبر موضوع سالح اجلو‪ ،‬وهي في آخر أيام العدوان االسرائيلي‪ ،‬جلأت الى‬ ‫إطالق بضعة صواريخ على طائرات اسرائيلية بطيار ومن دون طيار‪ ،‬ومتكنت‬ ‫من إسقاط اثنتني‪ ،‬وكانت محاولة جنحت فيها املقاومة‪ ،‬التي كشف‬ ‫سيدها أن قادة العدو يتحدثون عن امتالكها صواريخ مضادة للطائرات وان‬ ‫حتذيرا ً أرسله هؤالء عبر مبعوث االمم املتحدة وليامز‪ ،‬من ان أي امتالك لهذا‬ ‫السالح واستخدامه بإسقاط طائرة اسرائيلية لن يُسكت عنه‪ ،‬فكان‬ ‫رد السيد حسن كما في كل مرة يجري احلديث عن سالح املقاومة وعدد‬ ‫صواريخها‪ ،‬بأنه ال ينفي أو يؤكد املعلومات‪ ،‬وهو بذلك يضع العدو في‬ ‫حالة من اإلرباك والتضعضع‪ ،‬بحيث يؤثر عليه في وضع اخلطط‪ ،‬ويتركه‬


‫في جو املفاجآت التي يؤكد عليها دائما ً األمني العام حلزب اهلل ويعد بها‪،‬‬ ‫ويصدق بوعده‪ ،‬ويأخذ العدو االسرائيلي كالمه على محمل اجلد‪ ،‬ألنه ليس‬ ‫كبعض قادة العرب الذين كانوا يطلقون االكاذيب على شعوبهم‪ ،‬انهم‬ ‫ميتلكون االسلحة‪ ،‬وسيرمون “اسرائيل في البحر”‪ ،‬فيتبني عند وقوع احلرب‬ ‫واملعارك‪ ،‬انهم لم يتهيأوا لها‪ ،‬وال ميلكون قرارا ً سياسيا ً شجاعا ً في قتال‬ ‫اسرائيل‪ ،‬حيث تغيرت املعادلة مع املقاومة‪ ،‬التي عندما يتحدث قادتها‬ ‫فإنهم يصدقون بكالمهم‪ ،‬وان الوعود التي أعلنها السيد نصر اهلل‬ ‫حتققت‪ ،‬من إطالق سراح األسرى وجثامينهم‪ ،‬الى الصمود في املعركة اذا‬ ‫قررت اسرائيل االعتداء‪ ،‬وقد أثبت في كل ما أبلغه لشعبه أنه كان صادقاً‪،‬‬ ‫وحقق االنتصارات في امليدان‪ ،‬لذلك بات العدو يخشى املقاومة‪ ،‬ولم يعد‬ ‫يرفع من سقف أهدافه‪ ،‬كما فعل في غزة‪ ،‬اذ تراجعت أهدافه الى حد‬ ‫وقف تهريب سالح عبر األنفاق‪ ،‬بعدما فشل في قتل قيادة املقاومة‪ ،‬وفي‬ ‫وقف صواريخها‪ ،‬أو في اجتياح املدن واخمليمات‪ ،‬وبقيت قوات االحتالل عند‬ ‫تخومها‪.‬‬ ‫فدخول صواريخ ارض ـ جو في منظومة سالح املقاومة‪ ،‬تطور نوعي‬ ‫واستعداد الحتماالت أن يخوض العدو االسرائيلي مغامرة جديدة في لبنان‪،‬‬ ‫عبر اجتياح بري له‪ ،‬مع وصول اليمني املتطرف الى احلكم‪ ،‬دون ان يعني ان‬ ‫اليسار لم يخض احلروب ضد الدول العربية ولبنان بالذات‪ ،‬بل ان العقل‬ ‫الذي يحكم املؤسسة السياسية هو عقل يتجه الى احلرب‪ ،‬ألنه نتاج‬ ‫اجملمتع الصهيوني الذي هو مجتمع حرب بامتياز‪ ،‬وثكنة عسكرية‪ ،‬وان‬ ‫اجليش الذي بني على عقيدة التفوق والقوة والغطرسة‪ ،‬ما زال يرفض أن‬ ‫حتل به النكبات والهزائم‪ ،‬فهو حاول التجربة في غزة إلعادة قوة الردع له‪،‬‬ ‫واستعادة هيبته لدى شعبه اليهودي‪ ،‬الذي اذا فقد الثقة به في تأمني‬ ‫احلماية له‪ ،‬يترك املستوطنات ويغادر الكيان في هجرة معاكسة‪ ،‬بعدما‬ ‫أسقطت املقاومة عنه نظرية اجليش الذي ال يقهر‪ ،‬ومعها ايضا ً مقولة‬ ‫االمن االسرائيلي الذي تقول اسرائيل انها خاضت حروبها التوسعية حتت‬ ‫عنوان احلفاظ على أساسه‪ ،‬وهو يتسع مداه ليصل الى باكستان‪.‬‬ ‫فوصول صواريخ جديدة الى املقاومة من كل االنواع التي يقدرها وزير‬ ‫الدفاع ايهود باراك بحوالى االربعني الفاً‪ ،‬يشير الى أن قوة الردع لدى‬ ‫املقاومة في تصاعد‪ ،‬وكيف اذا كان بني هذه الصواريخ ما هو مضاد‬ ‫للطائرات‪ ،‬بحيث سيكون أي عدوان جديد على لبنان مقبرة للصهاينة‪،‬‬ ‫كما وعد السيد نصر اهلل وهو يكرر هذا الوعد‪ ،‬ويؤكد بثقة عالية أن‬ ‫املقاومة ستغير املعادالت في املنطقة‪ ،‬وأن قادة العدو اذا فكروا في شن‬ ‫حرب جديدة على لبنان فإنها قد تكون احلرب االخيرة التي ستضع وجود‬ ‫الكيان الصهيوني على احملك‪ ،‬ويصبح في املوقع الضعيف وال تعود نظرية‬ ‫“رمي اسرائيل في البحر” مجرد شعار استهالكي أو خطاب تعبوي‪ ،‬الن‬ ‫املقاومة أصبحت في جاهزية وجهوزية القادر ليس على الردع فقط‪ ،‬بل‬ ‫على إحلاق الهزمية بالعدو‪.‬‬ ‫لذلك كان خطاب السيد نصر اهلل في ذكرى الشهيد عماد مغنية في‬ ‫شقه املتعلق مبواجهة العدو االسرائيلي‪ ،‬مبثابة خارطة طريق للمرحلة املقبلة‪،‬‬ ‫في ظل التهديدات االسرائيلية التي ارتفعت وتيرتها أخيرا ً عبر املناورات‬ ‫العسكرية التي قام بها اجليش عند احلدود للجبهة الشمالية مع لبنان‪ ،‬ومع‬ ‫املعلومات التي تكشفت عن أن قادة العدو بعد االنتخابات قد يلجأون الى‬ ‫حرب اسرائيلية شاملة على لبنان إلنهاء املقاومة وتدمير سالحها‪.‬‬ ‫وخطاب األمني العام “حلزب اهلل” لم يكن تعبوياً‪ ،‬الن املقاومة وجمهورها‪،‬‬ ‫ليسا بحاجة الى التعبئة‪ ،‬بل ان املقاومة هي في حالة االستنفار الدائم‬ ‫تدريبا ً وتسليحاً‪ ،‬فمنذ وقف االعمال العسكرية في ‪ 14‬آب ‪ ،2006‬كانت‬ ‫املقاومة في حالة اعادة بناء وترميم بنيتها العسكرية‪ ،‬وتأهيل كوادرها‬ ‫وعناصرها‪ ،‬وأشرف على ذلك القائد عماد مغنية الذي استشهد وهو‬ ‫مطمئن الى أن املقاومة أعادت تنظيم نفسها‪ ،‬وباتت في وضعية املواجهة‬ ‫مع أي عدوان‪ ،‬وهذا ما فعلته بعد دحر االحتالل في العام ‪ 2000‬بأنها لم تلق‬ ‫السالح ولم تذهب الى استراحة احملارب‪ ،‬بل أعدت العدة الن تكون متأهبة‬ ‫ملثل حرب متوز ‪ 2006‬التي انتصرت فيها‪.‬‬

‫قـاوم‬ ‫َ‬ ‫فـــرك باألنيــاب بــالعــصـب‬ ‫قــاوم بظـِ‬ ‫قــاوم بــــرمشك باألرمــــاق بالـهــــدب‬ ‫قــاوم بصـوتك ِمـــ ْن أعمـــاق حنجــر ٍة‬ ‫واطلق صيــاح نداء احلق فــي غضـــب‬ ‫فكــــر ِمــ ْن مقـــاومـــ ٍة‬ ‫واصنع ثقــافة‬ ‫ٍ‬ ‫في الشعر والنثر في التصريح واخلُطـَب‬ ‫في اللحن والعزف في األوتار فـي ن َغـَ ٍم‬ ‫فـي الفن والشدو فــي اإلنشاد والطـــرب‬ ‫في الرسم والنحت في التمثيل في ص َورٍ‬ ‫في الدرس والبحث في التأليف والكتـب‬ ‫فعــل بظهـــر األرض تفعلـــه‬ ‫في كـل‬ ‫ٍ‬ ‫يــرضي ضمائر أهـــل اخلــير واألدب‬ ‫بنفـــس ال يبــ َِّدلــهــــا‬ ‫وار َق املعـــالي‬ ‫ٍ‬ ‫فــك ٌر يض ِّيع ما فـي األصـل ِم ْن نســب‬ ‫واشمــخ بحبك َمـ ْن لألرض يحضنهــا‬ ‫و َمـ ْن يصــون بــالد النــور والشـهــب‬ ‫الكبـْر في َ‬ ‫ش َم ٍم‬ ‫و َمــ ْن يُــرَوِّي تـــراب‬ ‫ِ‬ ‫جــب‬ ‫نـ‬ ‫ن‬ ‫ــ‬ ‫م‬ ‫األبنـاء‬ ‫ن‬ ‫ــ‬ ‫م‬ ‫يـذود‬ ‫ن‬ ‫ــ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫فيزرع السهــل غــرسا ً ِمــ ْن جوارحه‬ ‫رايــات عـلى ِقبـــب‬ ‫لينبت النصــــ ُر‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫يحــرقـــه‬ ‫وارم ِ العــدوَ بسهـــم النــار‬ ‫ُ‬ ‫وامــأل مـــرابــ َع صنع الشــر باللهـب‬ ‫ملكــت‬ ‫شيطـان مبــا‬ ‫وارجم مســاك َن‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِم َ‬ ‫نــك الســواعـد ما للرجم ِمــ ْن ُجعـــب‬ ‫فاهلل يحفـــظ َمــــ ْن للحــــق ينصــــره‬ ‫و َمــــ ْن يــردُّ شـــرور القهـــر والكــرب‬ ‫َ‬ ‫شهـــورك ِمــ ْن متوز َ قافـلــــ ًة‬ ‫واجعـل‬ ‫يغني السنيـن مبا في الشهـر ِمـ ْن َع َجب‬ ‫متــــوزُ أنشــــ َد للتحــريـــر أغـنيــــ ًة‬ ‫َقـضـَّت مضاج َع أهـل الظلـم فـي ريـب‬ ‫مرحتــل‬ ‫حني النعا ُل غـــدت في ظهـر‬ ‫ٍ‬ ‫ِمــــ َن الغـــزاة و ِمـــ ْن أرتـالـه النخــــب‬ ‫يلقـــى الهزائــم ِمــ ْن غوال َن ألــــويــة ٌ‬ ‫والنــ َوب‬ ‫األرزاء‬ ‫في‬ ‫صهيــو ُن يغــرق‬ ‫ُ‬ ‫وانبلجـــت‬ ‫زال الغمــام وزال الظلـــم‬ ‫ْ‬ ‫أشعـَّـة النـــور تعـطي الـوهـــج للسحـب‬ ‫ّ‬ ‫حملـــت‬ ‫أسقط فـي األفكــار ما‬ ‫متــوز‬ ‫ْ‬ ‫تلك العقـــول ِمـــ َن األوهـام فـــي ِحقـــب‬ ‫متــوز سطـَّر لألجــيـــال مــلـحـمـــة ً‬ ‫حروفهــا التبــر والـتــاريخ ِمـ ْن ذهــــب‬ ‫أعــاد مجــد بالد ُ‬ ‫العرْب ِمــ ْن زمـــن ٍ‬ ‫ُ‬ ‫التمــاســك درب النصـر للعــــرب‬ ‫كــان‬

‫غازي مراد‬

‫يوسف زين الدين‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‪/‬ذكرى‬

‫قصة العماد مع الجهاد‬ ‫خروجه إلى الضوء أوقعه شهيداً‬ ‫لم يكن قد م ّر وقت طويل على اندالع احلرب‬ ‫األهلية‪ ،‬حني بلغ عماد مغنية سن الرابعة عشرة‪.‬‬ ‫ولم يكن منضويا ً في إطار تنظيمي متكامل‪.‬‬ ‫وضع االجتياح اإلسرائيلي الكثير من اجملموعات‬ ‫في مواجهة االستحقاق األبرز لها‪ .‬مساهمات‬ ‫التصدي لالجتياح‪ ،‬بعضها حصل‬ ‫متفرقة في‬ ‫ّ‬ ‫بطريقة مستقلة‪ ،‬وبعضها اآلخر من ضمن‬ ‫األطر التي كانت قائمة وخصوصا ً الفلسطينية‬ ‫منها‪ ،‬وكان هناك الكثير من اإلسالميني الذين‬ ‫عملوا في فتح‪ ،‬ولكن عماد لم يكن ضمن هذه‬ ‫التشكيالت عندما شارك وعددا ً من رفاقه في‬

‫التصدي لقوات إسرائيلية في خلدة‪ ،‬وهناك‬ ‫أصيب عماد للمرة األولى بجروح ليست خطرة‪،‬‬ ‫لكن هذه املعركة فتحت له الباب أمام عالم‬ ‫آخر‪ ،‬استمر فيه حتى حلظة استشهاده قبل عام‪.‬‬ ‫لم يكن حزب اهلل قد تك ّون على هيئة تنظيم‬ ‫في ذلك احلني‪ ،‬لكن املقاومة اإلسالمية‬ ‫انطلقت من دون اإلعالن عنها‪ ،‬اجلميع ينتبه‬ ‫إلى العقل األمني والعسكري الذي مي ّيز هذا‬ ‫الشاب‪ .‬وبينما كان اإلسرائيليون ال يزالون في‬ ‫غالبية املناطق التي احتلوها‪ ،‬كان عماد مغنية‬ ‫عد لألعمال النوع ّية الكبرى التي كانت‬ ‫يُ ّ‬

‫القائد امليداني‬

‫فاحتة لصفحة جديدة من احلرب مع العدو‪.‬‬ ‫العملية األولى للشهيد أحمد قصير‪ ،‬أو فاحت‬ ‫العمليات االستشهادية‪ .‬كان الشاب البسيط‬ ‫املؤمن الذي تو ّلى احلاج عماد التخطيط‬ ‫والتحضير وقيادة عمليته النوعية‪ .‬درس‬ ‫الواقع األمني على األرض‪ ،‬حيث ظل يتج ّول‬ ‫في مناطق االحتالل وخارجها حتى عام ‪،1985‬‬ ‫وحدد الهدف بـ”إيقاع” أكبر اخلسائر البشرية‬ ‫ّ‬ ‫واملعنوية في جيش العدو‪ ،‬وتنفيذ عملية‬ ‫تعطي اإلشارة على شكل املقاومة التي تنتظر‬ ‫اإلسرائيليني‪ .‬اقتحم االستشهادي بسيارته‬ ‫مقر احلاكم العسكري اإلسرائيلي لينفذ أول‬ ‫عملية استشهادية أوقعت أكبر خسائر بشرية‬ ‫عرفتها إسرائيل في عملية واحدة‪( .‬مق ّر احلاكم‬ ‫العسكري اإلسرائيلي ــ قيادة قوات االحتالل)‪.‬‬ ‫يومها‪ ،‬كان عماد يباشر أمناطا ً جديدة من‬ ‫ّ‬ ‫تتشكل وتنفذ‬ ‫العمل املقاوم‪ ،‬وكانت اجملموعات‬ ‫العديد من العمليات من دون إصدار بيانات أو‬ ‫اإلعالن عن املسؤولية‪ ،‬يصعب على كثيرين من‬ ‫الذين عملوا معه أو تع ّرفوا إليه عن قرب جتاهل‬ ‫ما يعرف باملهارات القيادية التي كانت لديه‪:‬‬ ‫احلزم والبأس والقدرة على التفاعل مع اآلخرين‪،‬‬ ‫املبادرة واتخاذ القرار والتشاور واالستماع إلى‬ ‫آراء ال تطابق ما يقوله‪ ،‬احلذر والتدقيق ومنح‬ ‫الثقة ملن يستحقها وتفعيلها على شكل توزيع‬ ‫مسؤوليات‪ ،‬التمسك مبرجعية قراره النهائي‬ ‫وحتمل املسؤولية عن أي أخطاء‬ ‫في قطاعه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تُرتكب‪ .‬احملاسبة املباشرة وعدم املراوغة أو احملاباة‪.‬‬ ‫بني عامي ‪ 1982‬و‪ 1985‬تاريخ االنسحاب األول‬ ‫إلسرائيل من معظم املناطق اللبنانية وانحسارها‬ ‫حتى الشريط احلدودي‪ ،‬كان عماد مغنية يقود‬ ‫العشرات من مجموعات املقاومة‪ .‬ظل يتنقل‬ ‫بني املناطق احملتلة وبيروت والبقاع حتى صار‬ ‫من الصعب التحرك بسهولة ألسباب أمنية‪.‬‬ ‫تولى خالل هذه الفترة اإلعداد ملعظم العمليات‬ ‫النوعية واالستشهادية‪ ،‬وكان أحد األوائل الذين‬ ‫يدخلون العنصر األمني إلى العمل العسكري‪.‬‬

‫«الشبح» الذي ّ‬ ‫ظل مجهوالً‬ ‫إلى أن عرف باحلاج رضوان‬ ‫لم يو ّفر في تلك الفترة مواجهة القوات املتعددة‬ ‫اجلنسية‪ ،‬التي قصفت مناطق من بيروت واجلبل‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪26‬‬


‫والتي انتشرت قواتها في لبنان لضمان النتائج‬ ‫السياسية لالجتياح‪ .‬عمل عماد على االستفادة‬ ‫من تركة املقاومة الفلسطينية في لبنان بشريا ً‬ ‫وعسكرياً‪ ،‬لكنه خاض جتربة من نوع مختلف‪،‬‬ ‫استندت إلى واقع أنه يجب توجيه الضربات غير‬ ‫العادية إلى العدو‪ ،‬وإلى إشعاره بوجود قدرات‬ ‫أشد‬ ‫حتمل قمعه وقتله ومواجهته مبا هو‬ ‫ّ‬ ‫على ّ‬ ‫قسوة‪ .‬وفي عام ‪ 1983‬جنح عماد ورفاقه في أسر‬ ‫جندي إسرائيلي‪ ،‬في منطقة السعديات‪ ،‬على‬ ‫الطريق القدمية التي تربط بيروت بصيدا‪ ،‬وقد‬ ‫كانت أول عملية أسر‪ ،‬لكن ألنه لم تكن هناك أي‬ ‫خبرة سابقة في الترتيبات اخلاصة لعمليات من‬ ‫هذا النوع‪ ،‬حصل أن وقع خلل جنم عن مقاومة‬ ‫اجلندي األسير ملعتقليه‪ ،‬حتى أطلق النار عليه‬ ‫أحد املقاومني‪ ،‬قتل اجلندي وترك في املكان‪ ،‬لم‬ ‫يكن هناك يومها أي إجراءات خاصة لالحتفاظ به‪.‬‬ ‫تقدم الشاب العشريني سريعا ً في العمل‬ ‫العسكري واألمني‪ ،‬وكانت مهاراته في هذا اجملال‬ ‫تبرز يوما ً بعد يوم‪ ،‬وكلما كثر الكالم عنه في‬ ‫اإلعالم واتهامه بأعمال وأعمال‪ ،‬كان يبتعد عن‬ ‫األضواء‪ ،‬ويتحول شيئا ً فشيئا ً إلى “الشبح” الذي‬ ‫ّ‬ ‫ظل مجهوال ً إلى أن عاد ليعرفه العاملون معه‬ ‫باسم احلاج رضوان‪.‬‬ ‫ في نهاية ربيع عام ‪ 1999‬أعلن إيهود باراك‬‫املنتخب رئيسا ً حلكومة إسرائيل ن ّيته سحب قوات‬ ‫االحتالل من لبنان خالل عام واحد‪ .‬سعى ومعه‬ ‫العالم ألن يتم األمر على شكل إجناز وانتصار‪.‬‬ ‫وعلى األرض أوحت اخلطوات العمالنية بأن إسرائيل‬ ‫مقبلة على خطوة جدية‪ ،‬لكن قرار اإلخالء التام‬ ‫وخروج العمالء أيضا ً لم يكن محسوماً‪ .‬خرجت‬ ‫أصوات في إسرائيل وبني قادة العمالء تدعو إلى‬ ‫ترك الشريط احلدودي بيد ميليشيا أنطوان حلد‪،‬‬ ‫فيما كانت املقاومة تدرس خياراتها العملية‪.‬‬ ‫حينها ُعهد إلى احلاج عماد منصب قائد اجلسم‬ ‫اجلهادي في احلزب‪ ،‬شغل سابقا ً مواقع قيادية‬ ‫ووظائف رئيسية ضمن املنظومة القيادية لهذا‬ ‫اجلهاز‪ ،‬لكنه باشر أعماال ً من نوع مختلف عندما‬ ‫أسندت إليه املهمة بأكملها‪ ،‬وبعد انطالقه في‬ ‫عدد غير قليل من العمليات النوعية التي أنهكت‬ ‫العمالء وأنهكت جيش االحتالل‪ ،‬درس مع قيادته‬ ‫اخلطوة املتصلة بقرار العدو باالنسحاب‪ .‬لم يكن‬

‫هناك ما يوجب تصديق األمر أو التعامل معه على‬ ‫أساس حقيقة ثابتة‪ ،‬وبالتالي لم يكن مسموحا ً‬ ‫االسترخاء‪ ،‬أو وقف العمليات بحجة أن إسرائيل‬ ‫سوف تنسحب‪ ،‬وهذا ما استدعى خطة عمل‬ ‫خالل سنة هدفها التأكيد على أن املقاومة سوف‬ ‫تطارد قوات االحتالل حتى آخر نقطة حدودية‪ ،‬وأن‬ ‫املنطقة التي سوف يخليها لن تبقى يوما ً واحدا ً‬ ‫حتت سيطرة العمالء‪.‬‬ ‫التقديرات التي تفاوتت حول جدية خطوة‬ ‫العدو والتوقيت واحتمال ما بعدها‪ ،‬فرضت‬ ‫إعداد خطة وقائية‪ ،‬أخذ القرار بأنه إذا أجنز‬ ‫العدو انسحابه كامال ً أو ترك بعض جنوده في‬ ‫أيار أو حزيران‪ ،‬فإن على املقاومة اإلعداد لهجوم‬ ‫شامل هدفه إنهاء هذا االحتالل ملرة أخيرة‪ ،‬وفي‬ ‫غضون ذلك يجب العمل على تكثيف العمليات‬ ‫العسكرية‪ ،‬وعدم اإلصغاء إلى أصوات ودعوات‬ ‫إلى عدم القيام بعمليات في األشهر األخيرة‪،‬‬ ‫وكانت الوجهة أنه إذا أجنز االنسحاب خالل شهر‬ ‫حزيران‪ ،‬فإن خطة التحرير الشعبية للشريط‬ ‫احملتل سوف تنفذ في شهر متوز من العام نفسه‪،‬‬ ‫وجرى إعداد سلسلة من اخلطط والبرامج‬ ‫وترافقت مع إجراءات على األرض لضمان جناحها‬ ‫بأقل اخلسائر املمكنة بني املقاومني والناس أيضاً‪.‬‬ ‫سريعا ً باشر العدو بإخالء عدد من املواقع‪ ،‬ثم‬ ‫سحب وحدات إضافية من جنوده‪ ،‬إلى أن أتى‬ ‫العشرون من أيار عام ‪ .2000‬ووصلت املعلومات‬ ‫عن إخالء العدو معظم مواقعه وإنهاء وجوده‬ ‫وحت ّركه في منطقة القنطرة والط ّيبة‪ ،‬وبعد‬ ‫دخول األهالي إلى تلك املنطقة وحتطيم‬ ‫البوابات‪ ،‬بدا أنه ميكن العمل بسرعة على خطة‬ ‫متوز‪ ،‬لكن تنفيذها صار مطلوبا ً اآلن‪ .‬انتقل عماد‬ ‫ورفاقه إلى املناطق احملاذية للشريط احملتل‪ ،‬ومن‬ ‫هناك أدار عملية اقتحام أهالي البلدات احملتلة‪،‬‬ ‫التي تتم مبواكبة من عشرات اجملموعات من‬ ‫املقاومني الذين كانوا مك ّلفني اإلجهاز على أي‬ ‫مقاومة من جانب عمالء ميليشيا حلد‪ ،‬واألخذ‬ ‫بعني االعتبار خصوصية أشياء كثيرة‪ ،‬أهمها‬ ‫القرى املسيحية التي كانت في املنطقة‪.‬‬ ‫خالل ثالثة أيام لم يكن قد بقي أحد من جنود‬ ‫العدو أو من العمالء في معظم القرى احلدودية‪،‬‬ ‫وكان املئات من عناصر امليليشيات العميلة‬

‫الشهيد مغنية‬ ‫في اللباس‬ ‫العسكري واملدني‬

‫‪27‬‬

‫تحولت‬ ‫شهادة مغنية ّ‬ ‫إلى منارة تستهدي بها‬ ‫األجيال المتعطشة‬ ‫للحرية و لالنتصار‬ ‫توجه تيار التوحيد اللبناني بتحية العز‬ ‫والفخر لروح الشهيد القائد عماد مغنية‬ ‫في ذكرى رحيله األولى‪ ،‬بعدما أصبح القائد‬ ‫مغنية مدرسة في الشهادة والكرامة‬ ‫وحتولت شهادته الى منارة تستهدي بها‬ ‫األجيال املتعطشة للحرية واالنتصار‪.‬‬ ‫كانت بصمات احلاج عماد واضحة وجلية‬ ‫في نصر متوز ‪ ،2006‬ولكنها حتولت الى‬ ‫قاعدة حقيقية في انتصار غزة حيث متردت‬ ‫إرادة احلياة على أسلحة املوت والدمار‪.‬‬ ‫مثل القائد مغنية في استشهاده‬ ‫مدرسة للقيم النضالية الوطنية‬ ‫رمزا ً‬ ‫وغدا‬ ‫واإلسالمية‪،‬‬ ‫والقومية‬ ‫للتواضع والعمل املضني لنصرة القضايا‬ ‫العربية واإلسالمية احملقة والعادلة‪.‬‬ ‫فتحية إليك يا شهيد األمة‪ ،‬حتية لدمك‬ ‫الطاهر الذي أنبت آالف املقاومني املؤمنني‪.‬‬ ‫عشت قائدا ً واستشهدت رمزا وستبقى‬ ‫بطال يخيف األعداء الذين طاملا‬ ‫عاشوا الرعب من بندقيتك الصامدة‪.‬‬ ‫الرحمة لك يا سيد الرجال‪ .‬أسكنك اهلل‬ ‫فسيح جنانه واحلمد هلل الذي وهبك‬ ‫ما احببت وما انتظرت وهي الشهادة‪.‬‬ ‫فهنيئا لك شهادتك وهنيئا لنا إجنازاتك التي‬ ‫تخطت حدود الوطن‪ .‬وليعرف العدو أن عماد‬ ‫مغنية رحل جسداً‪ ،‬ولكنه باق في ضمائر كل‬ ‫املقاومني واألحرار على مر األجيال القادمة‪..‬‬ ‫يتوجه تيار التوحيد اللبناني بتحية العز‬ ‫والفخر لروح الشهيد القائد عماد مغنية‬ ‫في ذكرى رحيله األولى‪ ،‬بعدما أصبح القائد‬ ‫مغنية مدرسة في الشهادة والكرامة وحتولت‬ ‫شهادته إلى منارة تستهدي بها األجيال‬ ‫املتعطشة للحرية واالنتصار‪.‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‪/‬ذكرى‬ ‫يستسلمون‪ ،‬فيما ف ّر كثيرون إلى داخل‬ ‫إسرائيل‪ ،‬أما املواقع فقد أُخليت على عجل‪،‬‬ ‫وكان احلاج عماد أول من وصل بسيارته إلى‬ ‫ثكنة مرجعيون ومنها إلى معتقل اخليام فبقية‬ ‫املواقع األمنية والعسكرية على طول اخلط‬ ‫املمتد غربا ً حتى الناقورة‪ .‬أشرف شخصيا ً على‬ ‫جمع الغنائم وما خ ّلفه اإلسرائيليون وعناصر‬ ‫يعد سريعا ً خطة انتشار جديدة‬ ‫حلد‪ ،‬قبل أن ّ‬ ‫جملموعات املقاومة على طول احلدود‪ ،‬فيما تو ّلت‬ ‫مجموعات أخرى تفجير املواقع اإلسرائيلية بعد‬ ‫إفراغها من موجوداتها ودرسها من داخلها‪.‬‬ ‫خالل أسبوعني كان العمل قد أجنز‪ ،‬وانتقلت‬ ‫اجملموعات إلى ورشة عمل من نوع مختلف‪،‬‬ ‫حيث اجلهوزية الدفاعية تتقدم على العمل‬ ‫الهجومي‪ ،‬وطلب من وحدات خاصة االنتشار‬ ‫العسكري املباشر وأخذ الوضعية القتالية في‬ ‫منطقة مزارع شبعا‪ ،‬لكن كلمة السر كان قد‬ ‫أس ّر بها في أذن احللقة القيادية الض ّيقة بأن‬ ‫املطلوب اآلن العمل بسرعة لتنفيذ عملية‬ ‫أسر لتحرير املعتقلني في السجون‪ ،‬آخذا ً بعني‬ ‫االعتبار فشل محاوالت كثيرة جرت في العامني‬ ‫األخيرين‪ ،‬وسقط خاللها عدة شهداء‪ ،‬وأنه يجب‬ ‫االستفادة من عنصر املفاجأة لتحقيق هذا‬ ‫الهدف قبل أن يبتعد اإلسرائيليون عن خط النار‪.‬‬ ‫وخالل ست سنوات‪ ،‬قاد احلاج عماد أكبر عملية‬ ‫تطوير في عمل املقاومة في حينه‪ ،‬تدريب آالف‬ ‫املقاتلني‪ ،‬واالنتشار بطرق خاصة ومم ّوهة على‬ ‫طول اخلط احلدودي‪ ،‬وإدخال وسائل جديدة إلى‬ ‫أرض املعركة‪ ،‬وعمل مع املئات من الذين يتم‬ ‫اختيارهم بعناية على نشر القوة الصاروخية‬ ‫للحزب مبا يؤدي إلى الغرض املطلوب منها‪ ،‬وعلى‬ ‫حفر األنفاق وإقامة القواعد اخلاصة بالعمل‬ ‫القتالي‪ ،‬ونشر عشرات من نقاط املراقبة‬ ‫املعلنة وغير املعلنة التي كانت حتصي أنفاس‬ ‫جنود االحتالل‪ .‬وجرى تطوير خبرات كوادر في‬ ‫املقاومة على صعيد التعرف إلى جيش االحتالل‬ ‫بكل تفاصيله وهيكيل ّياته وطرق عمله‪ ،‬وكان‬ ‫يقود في الوقت نفسه جهازا ً استخباريا ً لن‬ ‫يكون مبقدور أحد احلديث عنه فترة طويلة‪،‬‬ ‫لكن كان له دوره في انتصارات وإجنازات‪.‬‬ ‫وبعد إجناز عملية األسر في مطلع خريف عام‬ ‫‪ 2000‬في منطقة شبعا‪ ،‬وجناح عملية التبادل‬ ‫في كانون الثاني ‪ ،2004‬انتظر احلاج عماد اجلهود‬ ‫والوساطات‪ ،‬ومع بقاء معتقلني في السجن‪،‬‬ ‫كان القرار بتنفيذ عمليات أسر جديدة‪ ،‬وفي‬ ‫متوز عام ‪ 2006‬جنحت عملية “الوعد الصادق” ثم‬ ‫اندلعت أكبر حروب إسرائيل ضد لبنان والعرب‪.‬‬

‫في ستة شهور أجنزنا ما قمنا به‬ ‫في ست سنوات‬ ‫ “في ستة شهور أجنزنا ما قمنا به في ست‬‫سنوات” كانت هذه عبارة احلاج عماد بعد مرور‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أقل من تسعة أشهر على انتهاء حرب متوز‪،‬‬ ‫كان يعرض نتائج ما قامت به املقاومة على‬ ‫صعيد إعادة جتهيز نفسها بالقوة والعتاد‪ .‬ومنذ‬ ‫اليوم األول لتوقف احلرب اجملنونة التي شنّتها‬ ‫إسرائيل على لبنان‪ ،‬كان اجلميع في قيادة احلزب‬ ‫املهجرين ومسح األضرار‪،‬‬ ‫مشغولني مبتابعة أمور‬ ‫ّ‬ ‫وكان احلاج عماد يتابع تفقّ د رفاقه من املقاومني‪،‬‬ ‫قياديني وأفراداً‪ ،‬ويتابع ملف الشهداء منهم‬ ‫واجلرحى‪ ،‬ولكنه في الوقت نفسه‪ ،‬كان يعرف‬ ‫كيف يستنفر اآلالف من املقاومني في برنامج‬ ‫عمل مك ّثف ركز على استعادة كل ما خسره‬ ‫في احلرب من إمكانات تسليحية‪ .‬وملا ّ‬ ‫نظم احلزب‬ ‫مهرجان االنتصار في أيلول من العام نفسه‪،‬‬ ‫كان السيد حسن مطمئنا ً ألن يبلغ احلشود بأن‬ ‫قوة احلزب الصاروخية باتت أكبر من أيام احلرب‪.‬‬ ‫املراجعة كانت املهمة األولى‪ ،‬وخالل أسابيع‬ ‫قليلة ّ‬ ‫شكل احلاج عشرات اللجان التي عملت‬ ‫على مسح احلرب بقعة بقعة ومواجهة‬ ‫مواجهة‪ ،‬وتسجيل أكبر قدر من الوقائع التي‬ ‫مرت خالل احلرب‪ ،‬واستعادة كل ما حصل مع‬ ‫كل مجموعات املقاومة التي شاركت في القتال‬ ‫مباشرة أو من خالل الدعم أو من خالل اجلهوزية‬ ‫في األمكنة التي لم يصل إليها القتال‪ ،‬وكانت‬ ‫فرق تتولى أعمال التدقيق في الروايات وجتري‬ ‫التحقيقات لالستفادة من النجاحات أو األخطاء‪،‬‬ ‫وخالل فترة غير طويلة وقبل أن تنجز إسرائيل‬ ‫تقرير فينوغراد بكثير‪ ،‬كان احلاج وقادة املقاومة‬ ‫أعدوا تقريرهم وتقوميهم للحرب‪ ،‬حيث‬ ‫قد‬ ‫ّ‬ ‫ُعرضت التجربة وأخذت العبر واخلالصات‪ ،‬وعلى‬ ‫أساسها وضعت مجموعة كبيرة من البرامج‬ ‫التي عمل على تنفيذ قسم كبير منها حتت‬ ‫إشرافه‪ ،‬فيما يعمل اآلن على استكمال ما بقي‪.‬‬ ‫أعاد احلاج وضع اخلطط اجلديدة للمقاومة وذلك‬ ‫ربطا ً بنتائج املواجهة التي حصلت أو تلك التي‬ ‫قد حتصل في أي يوم‪ ،‬لكن خطواته العملية‬

‫‪28‬‬

‫أخذت بعني االعتبار قوة ما بات محل قناعة‬ ‫مشتركة بينه وبني اآلخرين من قيادات في‬ ‫املقاومة وفي احلزب بأن مشروع إزالة إسرائيل‬ ‫لم يعد مجرد حلم أو أن هناك عقودا ً يجب أن متر‬ ‫حتى يتحقق‪ ،‬بل إنه ميكن العمل على إجناز الكثير‬ ‫تقدم كبير‬ ‫من املتطلبات التي تفيد في حتقيق ّ‬ ‫على صعيد إصابة جيش العدو بضربات جتعله‬ ‫غير قادر على حماية كيانه‪ ،‬وعلى إصابة اجلبهة‬ ‫الداخلية بضربات تفقدها متاسكها وصمودها‪،‬‬ ‫وكل ذلك في سياق تهيئة املكان خلطوات قد‬ ‫تتطلب ما هو أبعد من تص ّور كثيرين في سياق‬ ‫يهدف إلى حتقيق ما يعرف بني رفاق عماد بأنه‬ ‫“التكليف” ألجل نصرة فلسطني وإزالة إسرائيل‪.‬‬ ‫عمل خالل فترة قياسية على إدخال برامج‬ ‫التطوير والتدريب والتسليح واجلهوزية والعتاد‬ ‫على أنواعه‪ ،‬واإلعداد حلرب تستمر شهورا ً طويلة‬ ‫ال أسابيع كما حصل سابقاً‪ ،‬وعلى استخدام‬ ‫قدرات جديدة ومن مستويات مختلفة ووضع‬ ‫آليات جديدة ومتطورة لكل القطاعات ولكل‬ ‫أعمال البرمجة والتخطيط‪ ،‬وعلى توفير‬ ‫مستلزمات تدريب وجتهيز عشرات اآلالف من‬ ‫املقاومني ونشرهم وفق خطط جديدة تدخل‬ ‫ما هو جديد إضافي على صيغة التنسيق بني‬ ‫مجموعات مقاومة وأسلحة جليش كالسيكي‪.‬‬ ‫ احلزم والبأس ال يخفيان صورة الرجل الهادئ‪،‬‬‫لم يكن يستخدم منطق األوامر إلقناع‬ ‫اآلخرين بتحقيق ما هو واجب‪ ،‬أو ح ّثهم‬ ‫على إجناز أشياء في أقل وقت ممكن‪ ،‬وجلأ‬ ‫عماد مرات كثيرة إلى آليات مختلفة حتقق‬ ‫التشاور الذي يحتاج إليه صاحب القرار‪.‬‬ ‫لم يكن يتس ّرع في اتخاذ القرارات الكبيرة‪ ،‬تع ّلم‬ ‫الصبر وأخذ الوقت الكافي للتد ّبر في األمور‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت هناك أمور حتتاج إلى قرارات سريعة‪ ،‬لم تكن‬ ‫تعوزه النباهة والرجاحة وقوة اتخاذ القرار‪ ،‬لكن‬ ‫أي مشروع يحتاج إلى جهد‪ ،‬كان يك ّلف أركانه‬ ‫فيجتمعون مرات ومرات معه أو بدونه للوصول‬ ‫إلى خالصات وإلى توجهات إلقرار ما يجب إقراره‪.‬‬ ‫ظلت فلسطني على الدوام كلمة السر بينه‬ ‫وبني رفاق السالح والقضية في فصائل املقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ولم يكن صعبا ً على أي منهما‬ ‫االقتراب دائما ً لتحقيق األهداف املشتركة‬ ‫التي تخدم القضية األكبر‪ ،‬في خلق ظروف‬ ‫تقود فعليا ً إلى إزالة إسرائيل‪ .‬ولم يكن عماد‬ ‫يحتاج إلى مناسبات خاصة أو إلى افتعال ما‬ ‫يشعر العدو قبل احللفاء وقبل املقاومني بأن‬ ‫موضوع فلسطني واستعادتها ألهلها‪ ،‬وإنهاء‬ ‫إسرائيل هو أمر ليس قبله أي عنوان آخر‪.‬‬ ‫يوم اندلعت معركة السور الواقي‪ ،‬كان عماد‬ ‫هم‬ ‫حاضرا ً في اجلنوب وبني املقاومني‪ ،‬كان ّ‬ ‫فلسطني يسكنه بقوة‪ .‬وقبل اندالع انتفاضة‬ ‫األقصى‪ ،‬كان احلاج عماد يعيد توثيق العالقات‬ ‫بني كل القوى املقاومة في فلسطني‪ ،‬مستعيدا ً‬ ‫تاريخا ً من العالقات التي ظلت متقطعة مع‬ ‫قيادات فيها‪ ،‬وأهم ما في األمر استعادته‬


‫صلة خاصة بالرئيس الراحل ياسر عرفات‪.‬‬ ‫بعد ‪ 15‬آب ‪ ،2006‬لم يرحت احلاج عماد يوماً‪،‬‬ ‫كان كمن يشعر بأن موته اقترب‪ ،‬أراد إجناز‬ ‫ما أمكن قبل الرحيل‪ .‬ليس في لبنان فقط‪،‬‬ ‫بل في أمكنة أخرى‪ ،‬وخصوصا ً لناحية نقل‬ ‫التجربة إلى الفلسطينيني‪ ،‬وهو امللف الذي‬ ‫عمل عليه طويالً وتفصيليا ً مع قيادات فصائل‬ ‫املقاومة الفلسطينية الذين يتولون األمر‬ ‫وقدم لهم‬ ‫في غزة والضفة وبقية فلسطني‪ّ ،‬‬ ‫تفاصيل اخلالصات التي خرجت بها املقاومة‬ ‫من حرب متوز‪ ،‬والتقومي ألداء جيش العدو ونقاط‬ ‫ضعفه وقوته‪ ،‬والتشديد على حاجات املقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وتو ّلى اإلشراف على تنفيذ برامج‬ ‫الدعم لنقل اخلبرات إلى غزة والضفة‪ ،‬وكذلك‬ ‫استقبال مجموعات من داخل فلسطني‬ ‫وتدريبها وجتهيزها مبا يلزم من خبرات وأفكار‬ ‫تيسر نقله إلى داخل‬ ‫وخطط‪ ،‬باإلضافة إلى ما ّ‬ ‫فلسطني وبوسائل مختلفة جنّد لها الشهيد‬ ‫إمكانات وطاقات بشرية ومادية هائلة‪ .‬لكن‬ ‫قاعدة العمل عنده أخذت بعني االعتبار أن في‬ ‫فلسطني إمكانات بشرية هائلة يجب العمل‬ ‫على حسن توظيفها في معركة فاصلة ال بد‬ ‫أنها آتية ولو بعد حني‪.‬‬ ‫ مع الوقت‪ ،‬تع ّود الشهيد عماد على‬‫مجهول ّيته‪ .‬لكن اقتناعه بأنه مع ّرض للقتل‬ ‫طوال الوقت‪ ،‬لم يكن أكبر من اقتناعه بأن‬ ‫نفي وجوده في حياته أمر فيه فائدة ملسيرته‪.‬‬ ‫ولذلك كان يهتم بتجهيل نفسه وصورته‬ ‫لضمان أمنه واستمرارية مسيرته حيث يحب‪.‬‬ ‫لذلك لم يكن يهتم بتكرمي أو إشادة أو بيان‪،‬‬ ‫يفضل أن ال يأتي أحد على سيرته‪.‬‬ ‫ورمبا كان‬ ‫ّ‬ ‫لم يكن عماد معنيا ً بتقدمي نفسه إلى أحد‪ .‬وفي‬ ‫الئحة اإلجراءات اخلاصة به‪ ،‬ما يفيد بأنه ليس‬ ‫معلوما ً من قبل جميع الكوادر في املقاومة‪،‬‬ ‫وبالتأكيد غير معلوم من قبل املقاومني أنفسهم‪.‬‬ ‫وبرغم أن الكل ير ّدد اسم احلاج رضوان‪ ،‬إال أن ذلك‬ ‫لم يكن يعني أن الكل كان يلتقي باحلاج رضوان‪،‬‬ ‫علما ً بأنه كان يلتقي كثيرين من كوادر املقاومة‬ ‫واملقاومني‪ ،‬لكنه يع ّرف عن نفسه باسم آخر وربمّ ا‬ ‫بوظيفة أخرى‪ .‬وكان هذا ما يس ّبب له تعقيدات‪،‬‬ ‫لكنها ليست من النوع الصعب‪ ،‬مثل أن ينتظر‬ ‫عند مدخل أحد املواقع حتى يأتي من يسمح له‬ ‫بالدخول‪ ،‬أو ينتظر في ردهة أحد املكاتب لكن‬ ‫ذلك كان يع ّرضه لتجارب جتعله مينع نفسه‬ ‫من االنفجار ضاحكا ً أمام ما يحدث معه‪ .‬ذات‬ ‫مرة‪ ،‬كان عماد برفقة وفد يزور موقعا ً متقدما ً‬ ‫للمقاومة‪ .‬جرى التعريف عنه على أنه عضو في‬ ‫هذا الوفد‪ ،‬وبعد انتهاء االجتماعات دُعي الوفد‬ ‫إلى تناول الغداء في املوقع نفسه‪ ،‬وبعدما أنهى‬ ‫وجبته‪ ،‬حمل صحنه إلى غرفة املطبخ لتنظيفه‪،‬‬ ‫وحمل معه صحونا ً فارغة أخرى‪ ،‬ثم انتبه إلى أن‬ ‫أحد املقاومني صار يأتيه مبا بقي من صحون على‬ ‫الطاولة‪ ،‬ممازحا ً إياه‪ :‬إجلي إجلي‪ ،‬شاطر تاكل‪ ،‬إجلي‪.‬‬ ‫كاد عماد ينفجر بالضحك‪ ،‬لكنه لم يح ّرك ساكناً‪،‬‬

‫قبل أن ينفجر بالضحك الحقا ً وهو يروي ملساعدين‬ ‫ما حصل معه‪ .‬في مثل هذه األيام من العام املاضي‪،‬‬ ‫كان املقاوم نفسه‪ ،‬يضرب رأسه بيديه مرات‬ ‫ومرات عندما شاهد صورة احلاج قائده‪ ...‬شهيداً‪.‬‬ ‫بخالف ما يظن كثيرون‪ ،‬وما تشيعه استخبارات‬ ‫عاملية عجزت لعقدين ونصف عن معرفة مكانه‪،‬‬ ‫لم يجر عماد مغنية عمليات جراحية للتمويه‬ ‫ولتغيير شكله أو مالمح وجهه‪ .‬صحيح أنه‬ ‫استخدم أكثر من اسم مستعار‪ ،‬وأنه تنقل‬ ‫بهويات مختلفة‪ ،‬وأن أوالده اضط ّروا ألن يعطوا‬ ‫ألنفسهم أسما ًء حركية‪ ،‬لكنه كان يلجأ إلى‬ ‫تغطية وجهه بطريقة خاصة فقط عندما‬ ‫كان يتفقد نقاط املراقبة األمامية واملكشوفة‬ ‫للمقاومة على احلدود مع فلسطني قبل حرب عام‬ ‫‪ ،2006‬أو عندما كان مضطرا ً ألن مي ّر في أمكنة‬ ‫ميكن أن يراه فيها أشخاص يعرفونه‪.‬‬

‫الوعد الصادق‬ ‫الثالثاء‪ ،‬احلادي عشر من متوز عام ‪،2006‬‬ ‫كان عماد مغنية في دمشق‪ ،‬عقد سلسلة‬ ‫اجتماعات قبل أن يتوجه قبيل منتصف الليل‬ ‫إلى منزل صديقه األمني العام حلركة اجلهاد‬ ‫اإلسالمي الدكتور رمضان عبد اهلل‪ .‬أمضى لديه‬ ‫وقتا ً طويالً‪ ،‬أعطاه أقراصا ً مدمجة فيها نسخة‬ ‫أعدها مناصرون للمقاومة‪.‬‬ ‫عن أناشيد وقصائد ّ‬ ‫حتدث وإياه عن فلسطني وعن املقاومة‪ .‬وبعد‬ ‫منتصف الليل‪ ،‬وقف عماد مغادراً‪ ،‬أصر عليه‬ ‫الدكتور رمضان البقاء إلى الصباح‪ ،‬قال له‪ :‬أريد‬ ‫لدي عمل‪ ،‬اد ُع لنا بالتوفيق!‬ ‫أن أعود إلى بيروت‪ّ ،‬‬ ‫صباح اليوم التالي‪ ،‬تلقى عماد البرقية العاجلة‬ ‫من غرفة العمليات عن احتماالت قوية لتنفيذ‬ ‫اخلطة املقررة لألسر قبالة عيتا الشعب‪ .‬كانت‬ ‫نقطة الرصد هناك قد عملت لوقت طويل‬ ‫على مراقبة املكان‪ ،‬وحني وصلت السيارات‬ ‫العسكرية‪ ،‬اتُّخذ القرار بالتنفيذ الفوري‪.‬‬ ‫بعد بدء العملية بأقل من نصف ساعة‪ ،‬كان‬ ‫احلاج عماد مغنية يطلع القيادة على آخر األنباء‪،‬‬ ‫ويتأكد من سالمة املقاومني ووصول األسيرين إلى‬ ‫النقطة املتفق عليها‪ ،‬ومباشرة بدأت عمليات‬ ‫اإلخالء لكل املقا ّر واستنفار جميع الوحدات‬ ‫العسكرية في املقاومة استعدادا ً للمواجهة‪.‬‬ ‫وفي مكان آخر‪ ،‬كان صديق مشترك بني احلاج‬ ‫رضوان والدكتور رمضان يزور األخير في مكتبه‬ ‫في دمشق‪ ،‬وينقل إليه األخبار السارة‪ ،‬وأبلغه‬ ‫أن احلزب يدرس اآلن البيان املفترض إصداره عن‬ ‫العملية وهناك نقاش حول االسم املفترض‬ ‫إطالقه على العملية‪ .‬اقترح أبو عبد اهلل “الوعد‬ ‫الصادق”‪ ،‬قال لضيفه إن األمر فيه عرفان للسيد‬ ‫حسن‪ ،‬الذي قاد هذه التجربة‪ ،‬وفيها تأكيد على‬ ‫التزام املقاومة وعودها لشعبها‪ ...‬وهكذا كان‪،‬‬ ‫فكان اسم “الوعد الصادق”‪.‬‬

‫مهيبة العسراوي‬ ‫‪29‬‬

‫فرح‬ ‫في إسرائيل‬ ‫في الثاني عشر من شباط ‪ 2008‬اغتيل‬ ‫عماد مغنية في حادث تفجير سيارة في‬ ‫دمشق‪ ،‬حي كفرسوسة‪ .‬في اليوم التالي‬ ‫لالنفجار أعلن حزب اهلل في بيان له بثه‬ ‫تلفزيون املنار عن اغتياله ويتهم فيه‬ ‫اسرائيل بالوقوف وراء العملية‪ .‬أصدر‬ ‫مكتب رئيس الوزراء اإلسرائيلي إيهود‬ ‫أوملرت بيانا ً ينفي فيه ضلوعه في العملية‬ ‫قائالً “إسرائيل ترفض أي محاولة من‬ ‫اجلماعات اإلرهابية إلصاق أي مشاركة‬ ‫لها باحلادث” وأضاف البيان “ليس لدينا‬ ‫ما نضيفه بعد ذلك”‪ .‬نقلت العربية‬ ‫نت عن وكالة أنباء “معا” الفلسطينية‬ ‫خبر ظهور أوملرت في الكنيست ليتلقى‬ ‫تهاني أعضاء البرملان‪.‬‬ ‫أعلن التلفزيون واإلذاعة الرئيسية‬ ‫في إسرائيل عن مقتل مغنية فورا ً عبر‬ ‫نشرات إخبارية خاصة‪ ،‬ووصفته بأنه‬ ‫“أخطر إرهابي في الشرق األوسط منذ‬ ‫‪ 30‬سنة”‪ .‬وعنون موقع “واي ‪-‬نت” التابع‬ ‫لصحيفة يديعوت أحرنوت اإلسرائيلية‬ ‫تقريره‪“ :‬متت تصفية احلساب‪ :‬عماد مغنية‬ ‫متت تصفيته في دمشق” وقالت وزارة‬ ‫اخلارجية األميركية إن العالم بات أفضل‬ ‫بدونه‪ .‬في ما بعد‪ ،‬ظهرت تقارير صحافية‬ ‫في صحيفة صانداي تاميزالبريطانية‬ ‫نقال عن مصادر استخبارتية إسرائيلية‬ ‫تفيد بأن عمالء للموساد نفذوا عملية‬ ‫االغتيال بتفخيخ سيارة مغنية عن طريق‬ ‫استبدال مسند رأس مقعد السائق في‬ ‫سيارة عماد مغنية مبسند يحتوي على‬ ‫شحنة متفجرات قليلة لكنها شديدة‬ ‫االنفجار بالتعاون مع أجهزة استخبارات‬ ‫عربية قد تكون جمعت معلومات عن‬ ‫حتركات مغنية وقدمتها للموساد‪.‬‬ ‫نقلت اجلزيرة عن جريدة “صنداي تاميز”‬ ‫البريطانية أنه في اليوم الذي دفن فيه‬ ‫مغنية استدعى رئيس الوزراء اإلسرائيلي‬ ‫إيهود أوملرت مدير املوساد إلى بيت إجازته‬ ‫باجلليل‪ ،‬وتقول مصادر مطلعة إنه أثنى‬ ‫عليه ووعده بأن يحتفظ مبنصبه حتى‬ ‫نهاية العام ‪.2009‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‪/‬ذكرى‬

‫وفد قيادي من تيار التوحيد اللبناني‬ ‫زار ضريح الشهيد مغنية‬

‫زار وفد قيادي من تيار التوحيد اللبناني يرأسه نائب الرئيس الرفيق‬ ‫سليمان الصايغ ونائب رئيس املكتب السياسي الرفيق بهاء عبد اخلالق‪،‬‬ ‫ضريح الشهيد عماد مغنية في الضاحية اجلنوبية‪ ،‬حيث وضع إكليال من‬ ‫الزهر و ُقرئت الفاحتة عن روح الشهيد‪.‬‬

‫الصايغ‬ ‫وباملناسبة حتدث نائب رئيس التيار سليمان الصايغ قائال‪“ :‬تعجز‬ ‫الكلمات أمام ضريح القائد الشهيد اجملاهد احلاج عماد (رضوان اهلل‬ ‫عليه)‪ .‬إن هذا البطل أسس مدرسة في النضال والعطاء من أجل حرية‬ ‫لبنان وسيادته والدفاع عن أرضه في وجه املغتصب واحملتل اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫واذا توهم العدو أنه باغتيال احلاج عماد سوف يقضي على هذه املدرسة‬ ‫اجلهادية فهو واهم‪ ،‬فهذه املدرسة قد خ ّرجت اآلالف من تالمذة عماد‬ ‫مغنية‪ ،‬وسوف يعرف العدو جهاد عماد مغنية من خالل تالمذته‪ .‬ونحن‬ ‫نتوجه الى جمهور املقاومة‪ ،‬ان الوفاء لدماء احلاج عماد يكون بالذهاب يوم‬ ‫االنتخاب الختيار نهج املقاومة والدفاع عنه في وجه احملتلني واملغتصبني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪30‬‬

‫ونهج اإلصالح في وجه املفسدين ونهج التغيير في وجه اإلقطاعيني‬ ‫املنافقني”‪.‬‬

‫عبد اخلالق‬ ‫وحتدث نائب رئيس املكتب السياسي بهاء عبد اخلالق فقال‪“ :‬في الذكرى‬ ‫السنوية األولى الستشهاد القائد اجلهادي عماد مغنية (رض)‪ ،‬أتينا لنجدد‬ ‫العهد والوفاء لهؤالء العظماء من شهدائنا‪ ،‬ولهذا النهج املقاوم‪ ،‬حيث ال‬ ‫خيار لنا في املنطقة بوجود هذا العدو املتغطرس سوى املقاومة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سطروا بدمائهم تاريخ العزة والكرامة لهذه‬ ‫لهؤالء الشهداء الذين‬ ‫األمة بعد سبعني عاما من الذل والهيمنة والتسلط واالستعمار‪ ،‬الف حتية‬ ‫ألرواحهم احلاضنة لألرض واملعانقة للسماء‪ ،‬والتي جعلت من هذا املكان‬ ‫املقدس محجا ً للشرفاء واألحرار‪ ،‬ليس في لبنان واملنطقة فحسب بل في‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫وإلى اجملاهدين البواسل املرابطني على الثغور نقول‪ :‬كما ان إرادتكم من‬ ‫عند اهلل فإن النصر كذلك آت آت بإذن اهلل”‪.‬‬


‫وهاب‬ ‫زار سليمان‬ ‫وبحث معه‬ ‫التطورات الراهنة‬ ‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬رئيس اجلمهورية العماد ميشال‬ ‫سليمان‪ ،‬وبحث معه التطورات السياسية‬ ‫الراهنة‪.‬‬

‫الرئيس سليمان مستقبالً وهاب‬

‫زار الرئيس الحص وبحث معه شؤوناً لبنانية‬ ‫وهاب ‪ :‬كذبة «ميليس» حول الضباط األربعة ستنكشف‬

‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‬ ‫الرئيس سليم احلص‪ ،‬حيث تباحثا في الشؤون‬ ‫السياسية اللبنانية‪ ،‬والتطورات القضائية‬ ‫التي حصلت في اإلفراج عن األخوين عبد العال‬ ‫وابراهيم جرجورة‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪« :‬بحثنا مع دولة الرئيس‬ ‫احلص عدة أمور‪ ،‬خاصة على الصعيد اللبناني‪،‬‬ ‫ونحن على ابواب انتخابات نيابية‪ .‬وطبعا توقفنا‬ ‫طويال عند ما حصل باالمس على الصعيد‬ ‫القضائي‪ ،‬والذي هو مبثابة فضيحة قضائية‬ ‫وسياسية وأخالقية‪ ،‬حيث لم يبرر أحد ال توقيف‬ ‫املشتبه فيهم بقضية اغتيال الرئيس احلريري وال‬ ‫إطالق سراح الشقيقني عبد العال‪ .‬ولكن كل‬ ‫ما حصل زادنا قناعة بأن هذا «النصاب» ديتليف‬ ‫ميليس قد أدخل البلد في دوامة منذ ثالث سنوات‬ ‫ولم يخرج منها حتى اآلن‪ .‬هذا الرجل ضرب‬ ‫عرض احلائط بكل القيم القضائية واالنسانية‬ ‫والسياسية في لبنان‪ .‬وهذا االمر يجب أال مير‬ ‫مرور الكرام بل يجب أن تكون هناك محاسبة‪.‬‬ ‫وعندما ينتهي التحقيق ويبرأ املعتقلون‪ ،‬عليهم‬ ‫يحصلوا حقوقهم عبر القضاء من بعض‬ ‫ان‬ ‫ّ‬ ‫القضاة الذين تآمروا مع ديتليف ميليس‪ ،‬ومن‬ ‫ميليس ومن بعض السياسيني واالعالميني‬ ‫الذين كانوا أداة ميليس في هذه الفضيحة التي‬ ‫حصلت‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪« :‬اآلن أسدل الستار على جزء من‬ ‫هذه «الكذبة»‪ ،‬ولكن هناك اجلزء اآلخر املتعلق‬ ‫بالضباط االربعة»‪ ،‬معتبرا ان ال مبرر لتوقيف هؤالء‬ ‫الضباط‪ ،‬اال األحقاد الشخصية والسياسية التي‬

‫الرئيس احلص مستقبالً وهاب‬

‫يجب ان يعاقب عليها أصحابها في املستقبل‪.‬‬ ‫كما اكد أنه «كما سيفعل األخوان عبد العال‬ ‫عندما تبرأ ساحتهم‪ ،‬كذلك سيفعل الضباط‬ ‫االربعة عندما يطلق سراحهم»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬نحن متأكدون من انه سيطلق‬ ‫سراح الضباط دون اية تهمة‪ ،‬خاصة أن أحدا‬ ‫لم يتمكن حتى اآلن من احلصول على دليل‬ ‫يدينهم»‪ ،‬مشددا على ضرورة إطالق الضباط‬ ‫بسرعة وإنهاء هذه املهزلة بعدما عاش البلد‬

‫‪31‬‬

‫طيلة اربع سنوات في هذه «الكذبة»‪ ،‬وجرى‬ ‫حتريف الناس عن احلقيقة؛ احلقيقة احلقيقية‬ ‫ووجه‬ ‫في قضية اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ّ ،‬‬ ‫االتهام السياسي منذ اليوم االول‪ ،‬مشيرا الى‬ ‫ان كل ما فعله ديتليف ميليس‪ ،‬فعله بسبب‬ ‫الرشوة‪« ،‬فقد كان مرتشيا حقيقيا وكذابا‬ ‫حقيقيا في كل ما فعله»‪.‬‬ ‫ختاما متنى وهاب آن ينكشف ما بقي من هذه‬ ‫الكذبة‪ ،‬بخصوص الضباط االربعة‪.‬‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫وهاب بحث‬ ‫مع بري‬ ‫األوضاع السياسية‬

‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني‬ ‫الوزير وئام وهاب‪ ،‬رئيس مجلس النواب‬ ‫األستاذ نبيه بري‪ ،‬وبحث معه االوضاع‬ ‫السياسية الراهنة‪ ،‬ال سيما ما يتعلق‬ ‫منها بوحدة املعارضة في املرحلة‬ ‫املقبلة‪.‬‬

‫بري مستقبالً وهاب‬

‫وهاب بعد لقائه السيد فضل هللا ‪:‬‬ ‫على المعارضة أن تعلن مشروعها الستالم الحكم‬ ‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‬ ‫العالمة السيد محمد حسني فضل اهلل‪ ،‬يرافقه‬ ‫نائب رئيس املكتب السياسي بهاء عبد اخلالق‪،‬‬ ‫وعضوا املكتب السياسي ياسر الصفدي وهشام‬ ‫االعور‪ .‬وقد جرى التداول في شؤون سياسية‬ ‫عديدة‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬نحن على ابواب كل‬ ‫مفترق في لبنان اواملنطقة‪ ،‬نستنير برأي صاحب‬ ‫السماحة الواسع لالمور على صعيد لبنان‬ ‫واملنطقة‪ .‬لقد استمعنا لشرح مط ّول لسماحة‬ ‫السيد حول كل التطورات في املنطقة وفي لبنان‪،‬‬ ‫آت”‪.‬‬ ‫وتوقعاته ملا هو ٍ‬ ‫أضاف وهاب‪“ :‬بحثنا في بعض االمور الداخلية‬ ‫على الصعيد اللبناني‪ ،‬خاصة ونحن على ابواب‬ ‫انتخابات نيابية وكل لبنان منشغل بهذه‬ ‫االنتخابات‪ .‬لكن انشغالنا باالنتخابات يجب أال‬ ‫يلهينا عن تطورات اساسية حتصل في املنطقة‪،‬‬ ‫كان آخرها االنتخابات االسرائيلية وخطرها‬ ‫القادم‪ .‬وهنا أعتقد انه يجب ان يتغير شيء في‬ ‫األداء الداخلي نتيجة هذه االنتخابات‪ .‬واذا كان‬ ‫احلوار اللبناني سيقتصر فقط على هذا النقاش‬ ‫الذي كان يدور على االستراتيجية الدفاعية‪ ،‬فأنا‬ ‫أعتقد ان ال طعم لهذا احلوار‪ ،‬ولم يعد له مكان‬ ‫اذا استمر بهذه الطريقة‪ .‬اآلن االستراتيجية‬ ‫الدفاعية الوحيدة التي يجب ان يلتزمها لبنان‬ ‫هي استراتيجية تقوية وتعزيز املقاومة ملواجهة‬ ‫اي تطورات مقبلة‪ .‬فيجب ان نعرف بأن حماية‬ ‫لبنان تبدأ بتعزيز املقاومة وان يكون هناك اجماع‬ ‫لبناني على ذلك‪ .‬اما النقاش الذي كان يحصل‬ ‫خالل جلسات احلوار فهو بصراحة نقاش تافه‬ ‫وسخيف وال مكان له في االستراتيجية‪ .‬طبعا‬ ‫نحن لنا استراتيجيتنا في الدفاع عن لبنان وهذه‬ ‫االستراتيجية ليست بحاجة إلذن من احد وال‬ ‫إلجماع من احد‪ ،‬عندما تتهدد لبنان اخملاطر قادمة‬ ‫من الكيان الصهيوني‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬أما في املوضوع الداخلي اللبناني‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫السيد فضل اهلل مستقبالً وهاب ووفد تيار التوحيد اللبناني‬

‫أود ان أشير الى امر اساسي يجري التداول به‬ ‫وأسمع جدال بني بعض املعارضة وبعض املواالة‬ ‫حول اذا فاز هذا الفريق او ذاك كيف يجب ان‬ ‫نحكم؟ انا اعود واكرر نحن كمعارضة يجب‬ ‫ان يكون لدينا اجلرأة لنحدد مشروعنا حلكم‬ ‫لبنان على الصعيد السياسي واالقتصادي‬ ‫واالجتماعي واملالي ويجب ان يكون لدينا اجلرأة‬ ‫لنقول نحن لدينا مشروع اصالحي تغييري ولن‬ ‫نقبل باستمرار هذه الدولة “املزرعة” بل يجب ان‬ ‫نعطي منوذجا‪ .‬واذا لم نعط نوذجا‪ ،‬ال يعود هناك‬ ‫فرق بيننا وبني الفريق اآلخر الذي ننتقده اليوم‪.‬‬ ‫اذا كان البعض يقول انه اذا فازت املعارضة ال‬ ‫نقبل اال ان يشارك فالن من املواالة وبعض املواالة‬ ‫يقول انه لن يشارك املعارضة! أريد ان أسأل‪ :‬هل‬ ‫سيفتقد اللبنانيون االمكانات العقلية والفكرية‬ ‫كثيرا لسعد احلريري اذا لم يشارك في احلكم؟!‬ ‫اين املشكلة اذا لم يشارك في احلكم؟ فاملعارضة‬ ‫لديها حلفاء سنّة وقادرون على املشاركة في‬ ‫احلكم‪ .‬واملعارضة يجب ان تكون ملتزمة مع‬ ‫حلفائها‪ ،‬ال ان متضي الوقت في دعوة هذا او ذاك‬ ‫في املشاركة”‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬من الطبيعي ان يحكم الفريق‬ ‫الذي يفوز في االنتخابات‪ ،‬ولكن ليس طبيعيا ان‬

‫‪32‬‬

‫يستخدم اي فريق يفوز في االنتخابات النيابية‪،‬‬ ‫الدولة ضد الفريق اآلخر‪ ،‬فالدولة يجب ان تتعامل‬ ‫مع اللبناني كلبناني مبعزل عن والئه السياسي‪.‬‬ ‫واذا فازت املواالة فلتحكم ولكن دون استخدام‬ ‫مؤسسات الدولة في مواجهة الفريق اآلخر‪.‬‬ ‫اما اذا فازت املعارضة فيجب أن تعطي النموذج‬ ‫للحكم‪ ،‬ونعم‪ ،‬يجب أال تشارك احد من الفريق‬ ‫اآلخر في احلكم‪ ،‬واال تصبح املسألة صراع مراكز‬ ‫واشخاص‪ ،‬وهذا ما ال نقبله”‪.‬‬ ‫سئل‪ :‬هناك تفاهم سعودي ـ سوري‪ ،‬ما مدى‬ ‫انعكاسه على الصراع الداخلي اللبناني؟‬ ‫اجاب وهاب‪ :‬اذا اقتربت السعودية من‬ ‫مرحب‬ ‫املوقف املمانع في املنطقة فهذا امر‬ ‫ّ‬ ‫به‪ .‬فالسعودية يجب ان يكون لديها قراءة‬ ‫النهيار مشروع جورج بوش في املنطقة‪،‬‬ ‫ولالنتخابات االسرائيلية اجلديدة‪ ،‬ولنتائج حرب‬ ‫غزة‪ .‬واذا كان لدى اململكة العربية السعودية‬ ‫هذه القراءة فهذا يعني انها بدأت تقترب اكثر‬ ‫من موقف الدول املمانعة وهذا امر مرحب‬ ‫به وأعتقد انه سينعكس على لبنان وكل‬ ‫املنطقة‪ .‬أما اذا كان البعض داخل السعودية‬ ‫يعتقد ان ال شيء تغ ّير في املنطقة بعد غزة‪،‬‬ ‫فيكون مخطئاً‪.‬‬


‫وهاب أكد بعد زيارته لحود أنه يدرس تقديم شكوى حول مراقبة حطوطه الهاتفية‬ ‫استقبل الرئيس إميل حلود في دارته في اليرزة‬ ‫رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‬ ‫وجرى عرض للتطورات الداخلية في البالد‪،‬بعد‬ ‫اللقاء قال وهاب‪:‬‬ ‫بحثنا مع فخامة الرئيس أمورا ً عدة‪ ،‬في‬ ‫طليعتها املوضوع االساسي الذي يأخذ اليوم ح ّيزا ً‬ ‫واسعا ً في النقاشات‪ ،‬وهو موضوع التنصت الذي‬ ‫يجب وضع حد له‪ .‬وعلى وزراء املعارضة أال يكونوا‬ ‫شهود زور فيه‪ ،‬فالفريق اآلخر ميارس التنصت على‬ ‫الناس منذ اربع سنوات‪ .‬هناك أمور بدأت تنكشف‬ ‫مع املعلومات التي أعلن عنها وزير االتصاالت‬ ‫(جبران باسيل)‪ .‬وقد علمنا أن هناك آالف اخلطوط‬ ‫الهاتفية التي كانت يراقبها مكتب املعلومات‬ ‫وأجهزة أخرى‪ .‬أما في ما يعنيني‪ ،‬فأقوم مع‬ ‫بعض احملامني بدراسة امللف‪ ،‬وخاصة كما علمت‬ ‫أن خطوطي الهاتفية كانت مراقبة‪ .‬سأحاول‬ ‫إعداد ملف قضائي للتقدم بشكوى ضد مكتب‬ ‫املعلومات وضد الذين كانوا يغطونه في موضوع‬ ‫مراقبة االتصاالت‪ .‬كما أطالب كل الناس بتقدمي‬ ‫شكاوى ضد مكتب املعلومات وضد الذين كانوا‬ ‫يغطونه في عملية القرصنة هذه‪ ،‬ألن مكتب‬ ‫املعلومات ال صفة له ملراقبة االتصاالت الهاتفية‪،‬‬ ‫وال صفة له بالتعاطي مع هذا املوضوع‪ .‬فالقرار‬ ‫اتخذ أخيرا ً منذ أسابيع من قيادة قوى األمن‬ ‫الداخلي‪ ،‬مكتب املعلومات لم يح ّول الى مكتب‬

‫حلود مستقبالً وهاب‬

‫شعبة املعلومات‪ ،‬بل بقي على عالقة باألمن‬ ‫العسكري للعسكريني داخل قوى األمن الداخلي‪.‬‬ ‫فأي عمل مخالف لهذا القرار هو مخالفة للقانون‪.‬‬ ‫لقد آن األوان وبالتحديد وزراء املعارضة أن يضعوا‬ ‫حدا ً للخلل القائم في عمل مكتب املعلومات‪.‬‬ ‫أضاف وهاب‪ :‬األمر اآلخر الذي يدور النقاش حوله‬ ‫هو موضوع الصناديق‪“ .‬تقاسم اجلبنة أمر عيب”‪.‬‬ ‫لم يعد جائزاً‪ ،‬آن األوان لنا ألن نلغي كل الصناديق‬ ‫دون استثناء‪ ،‬هذه الصناديق هي صناديق للهدر‬ ‫والسرقة على كل املستويات وفي كل االجتاهات‪.‬‬ ‫ونتحدث وكأن هذا الصندوق هو صندوق تشريعي‬ ‫وذاك الصندوق غير تشريعي! كل هذه الصناديق هي‬ ‫للسرقة وآن األوان ألن تتوقف عن عملها وأن تلغى‪.‬‬

‫وهناك موضوع املهجرين‪ ،‬يجب اإلسراع في حله‬ ‫وعدم تركه موضوعا ً لالبتزاز‪ ،‬وكلما تأتي االنتخابات‬ ‫يحركون هذا املوضوع‪ .‬هل يجوز بعدما انتهت احلرب‬ ‫منذ ‪ 19‬سنة أال يعود املهجرون الى قراهم؟‬ ‫وتابع‪ :‬على املعارضة أن يكون لديها اجلرأة إلعداد‬ ‫برنامج تغييري شامل لالنتخابات وأن تخرج من‬ ‫موجه لكل أركان‬ ‫هذا األداء احلالي‪ .‬وهذا الكالم‬ ‫ّ‬ ‫املعارضة‪ ،‬فبهذا األداء احلالي ال تستطيع املعارضة‬ ‫أن تربح االنتخابات‪ ،‬يجب أن يكون لديها أداء جيد‬ ‫وخطة جدية لإلمساك بالسلطة‪ .‬فالناس لن‬ ‫تنتخب املرشحني على أشكالهم بل يجب أن‬ ‫تنتخبهم على برامجهم‪ ،‬وآن األوان ألن يرتقي‬ ‫هذا احلكم ليليق باللبنانيني‪.‬‬

‫وهاب من الرابية‪ :‬على المعارضة توحيد صفوفها لخوض معركة انتخابية ناجحة‬ ‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير‬ ‫وئام وهاب رئيس كتلة التغيير واالصالح‬ ‫اجلنرال ميشال عون في منزله في‬ ‫الرابية‪ ،‬الذي استبقاه‪ ‬على الغداء‪ .‬وقد‬ ‫تطرق البحث إلى التطورات السياسية‬ ‫املطروحة على الساحة اللبنانية‪.‬‬ ‫بعد اللقاء صرح وهاب‪“ :‬بحثنا في‬ ‫أمور عدة أبرزها توحيد صفوف املعارضة‪،‬‬ ‫وأنا مقتنع بأنه من دون توحيد صفوف‬ ‫املعارضة ال إمكان خلوض معركة ناجحة‪،‬‬ ‫ودولة الرئيس عون حريص على توحيد‬ ‫هذه الصفوف وعلى إعداد مشروع شامل‬ ‫للتغيير في لبنان‪ .‬فمشروعنا ليس عون مستقبالً وهاب‬ ‫مشروع “قم لنجلس مكانك” بل مشروع‬ ‫رئيس‬ ‫يبدأ بتعديل الطائف حتى ال يبقى‬ ‫وردا ً على سؤال قال وهاب‪“ :‬هناك موضوع خطير آخر‬ ‫رئيس‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫كاتب”‬ ‫اجلمهورية في لبنان “باش‬ ‫يحصل اآلن وهو موضوع اخملاتير الذين أرسلوا الى‬ ‫اجلمهورية يجب أن تستعاد صالحياته‪ ،‬والطائف لم اخلارج للقيام مبعامالت غير قانونية‪ .‬هذا موضوع‬ ‫يعد قابال للحياة في لبنان‪ ،‬واملعارضة مدعوة الى يجب أن توقفه وزارة الداخلية‪ .‬اخملتار له نقطة‬ ‫إعداد برنامج تغيير كامل على الصعد السياسية‪ ،‬جغرافية ال يستطيع أن يتخطاها‪ ،‬وهناك مخاتير‬ ‫االجتماعية‪ ،‬املالية واالقتصادية‪ ،‬ويجب أن يكون أخذوا الى أميركا وأستراليا لتوقيع معامالت‪ ،‬وأنا‬ ‫للمعارضة اجلرأة على أن تقول هذا هو مشروعي أثق بوزير الداخلية الذي يجب أن يوقف هذا األمر”‪.‬‬ ‫للحكم والتغيير وبدون ذلك هناك مشكلة”‪ .‬وشدد على ضرورة حماية املؤسسة العسكرية‬

‫‪33‬‬

‫وقيادتها من كل احلمالت التي تستهدفها‪ ،‬مشيرا ً‬ ‫الى ان املعارضة لن تسكت عن‪ ‬أربع‪ ‬مسلمات‬ ‫أساسية هي منع التوطني والتقسيم وحماية‬ ‫اجليش واملقاومة وإال فإن هناك سبعة أيار جديد‪.‬‬ ‫وتطرق وهاب الى موضوع التشكيالت القضائية‪،‬‬ ‫معتبرا أنها ظاهرة االقتصاص وتركيب الطرابيش‬ ‫ألهداف سياسية‪ ،‬ومؤكدا ً ضرورة اختيار القاضي‬ ‫األكفأ‪.‬‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫تيار التوحيد يشارك في إحياء الذكرى الثالثين‬ ‫النتصار الثورة اإلسالمية في إيران‬

‫وهاب ووفد من هيئة العمل التوحيدي يهنئون السفير شيباني‬

‫بدعوة من سفير اجلمهورية‬ ‫االسالمية االيرانية في لبنان السيد‬ ‫محمد رضا شيباني‪ ،‬شارك رئيس تيار‬ ‫التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‬ ‫في إحياء الذكرى الثالثني النتصار‬ ‫الثورة اإلسالمية في ايران‪“ ،‬العيد‬ ‫الوطني”‪ ،‬على رأس وفد من مشايخ‬ ‫الطائفة الدرزية واملكتب السياسي‬ ‫ومجلس االمناء ووفد نسائي في التيار‪.‬‬ ‫وقد أقيم حفل االستقبال باملناسبة‬ ‫في صالة البيال‪ ،‬في وسط بيروت‪،‬‬ ‫بحضور ممثلي الرؤساء الثالثة وحشد من‬ ‫الشخصيات السياسية والدبلوماسية‬ ‫واإلعالمية‬ ‫والعسكرية‬ ‫واحلزبية‬ ‫وفعاليات اجتماعية ونقابية وثقافية‪.‬‬

‫السفير‬ ‫محمد رضا شيباني‬ ‫وتخللت االحتفال كلمة لسعادة السفير‬ ‫محمد رضا شيباني جاء فيها‪:‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫“ثالثون ربيعا مرت من عمر الثورة‬ ‫االسالمية‪ ،‬والشعب االيراني معتمد على‬ ‫اهلل تعالى ومتمسك باآلية الكرمية “إن‬ ‫تنصروا اهلل ينصركم ويث ّبت أقدامكم”‬ ‫ومتكل على قدراته الذاتية‪ ،‬يشق طريقه‬ ‫رغم احلصار الدولي واملصاعب واملؤامرات‬ ‫كلها‪ ،‬محققا اإلجنازات العظيمة‬ ‫على مختلف الصعد السياسية‬ ‫واالقتصادية والثقافية والعلمية‪ ،‬مبا‬ ‫فيها الطاقة النووية السلمية وإطالق‬ ‫القمر الصناعي “اميد” الى الفضاء‪،‬‬ ‫محققا بذلك إجنازا علميا الى جانب‬ ‫إجنازاته االخرى‪ ،‬التي تعتبر مكسبا‬ ‫علميا مهما لشعوب أمتنا اإلسالمية”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬إن الشعب االيراني في عيد ثورته‬ ‫الـ‪ 30‬عاقد العزم واالرادة على املثابرة من‬ ‫دون كلل أو ملل من أجل حتصني إجنازاته في‬ ‫احلرية واالستقالل من خالل االعتماد على‬ ‫طاقات الشباب املبدعة وتطوير قدراتها‬ ‫واختراق كل العلوم خلدمة اإلنسان ورقيه‬ ‫وسعادته‪ ،‬معتبرا انه “يكفي شعوبنا‬ ‫عقود طويلة من ارتهان علمها وسياستها‬

‫‪34‬‬

‫ومصيرها‬ ‫وثقافتها‬ ‫واقتصادها‬ ‫لسيطرة املستكبرين وسلطتهم”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬إننا في اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية وفي ظل القيادة احلكيمة للولي‬ ‫القائد اإلمام السيد علي اخلامنئي دام‬ ‫ظله الشريف وحكومة فخامة الرئيس‬ ‫الدكتور محمود احمدي جناد‪ ،‬ما زلنا على‬ ‫عهد إمامنا اخلميني رضوان اهلل تعالى‬ ‫عليه‪ ،‬نعتبر كل الشعوب احلرة‪ ،‬ال سيما‬ ‫الشعوب العربية واإلسالمية في منطقتنا‪،‬‬ ‫شريكا ً في هذه اإلجنازات العلمية املباركة‬ ‫التي حتققت في ايران حيث نحمل رسالة‬ ‫احملبة والصداقة جلميع الشعوب من‬ ‫أجل ترسيخ روابط األخوة واإلنسانية‬ ‫التي جتمع بني البشر لتحقيق العدالة‬ ‫واالستقالل واحلرية والقيم اإلنسانية”‪.‬‬ ‫وأكد أن اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫كانت ولم تزل مع حق الشعوب احلرة‬ ‫في مجال الدفاع عن كرامتها وعزتها‬ ‫وحريتها وقيمها ومبادئهااحملقة‪ ،‬خصوصا‬ ‫الشعبني اللبناني والفلسطيني في‬ ‫مقاومة التهديدات واالحتالل الصهيوني‪.‬‬


‫هنأ المطران مطر بعيد ما مارون‬

‫وهاب ‪ :‬األجواء اإليجابية في المنطقة‬ ‫بظل الحوار السوري ‪ -‬السعودي‬ ‫زار رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب‬ ‫راعي أبرشية بيروت للموارنة املطران بولس مطر‪،‬‬ ‫يرافقه نائب رئيس املكتب السياسي بهاء عبد‬ ‫اخلالق وعضو املكتب السياسي هشام األعور‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪:‬‬ ‫زيارتنا اليوم للتهنئة مبناسبة عيد مار مارون‪،‬‬ ‫ألنني كنت خارج البالد يوم العيد‪ .‬فنحن من‬ ‫ضمن أبرشية سيدنا‪ ،‬وتربطنا به عالقات قدمية‬ ‫على صعيد املنطقة واملنطق‪ .‬فزيارتنا مناسبة‬ ‫تداولنا خاللها في عدد من األمور‪.‬‬ ‫أريد أن ألفت النظر إلى عدة مسائل حصلت‬ ‫في هذين اليومني‪ ،‬حيث شعرت أن هناك تواطؤا ً‬ ‫بحق املواطنني‪ ،‬إن كان في جلسة مجلس النواب‬ ‫أو في مجلس الوزراء‪ .‬ومن موقعي املنحاز للناس‬ ‫ال ميكنني أن أعفي ال املعارضة وال املواالة من‬ ‫املسؤولية في هذا األمر‪ .‬ال يجوز أن يه ّرب النصاب‬ ‫بالطريقة التي مت بها باألمس في مجلس النواب‪،‬‬ ‫فقط لإلبقاء على ضريبة البنزين! ال يجوز أن تكون‬ ‫ضريبة الدولة تتجاوز السعر األصلي لصفيحة‬ ‫البنزين‪.‬‬ ‫اضاف‪ :‬في موضوع التنصت‪ ،‬الحظنا أيضا ً‬ ‫في مجلس الوزراء أن هناك محاولة إلعادة إدخال‬ ‫مكتب املعلومات الذي ليس له احلق في التنصت‬ ‫واملراقبة الهاتفية‪ ،‬بل هذا احلق هو ملديرية اخملابرات‬ ‫في اجليش فقط‪ .‬ومكتب املعلومات الذي رفضت‬ ‫قيادة قوى األمن الداخلي أن حت ّوله إلى شعبة‪،‬‬ ‫وبالتالي أي عمل يقوم به أصبح مخالفا للقانون‬ ‫خارج األمن العسكري لقوى االمن الداخلي‪.‬‬ ‫هذه احملاولة التي متت في مجلس الوزراء بإعادة‬ ‫إدخاله “من الشباك” بعدما خرج من الباب في‬ ‫موضوع التنصت‪ ،‬هي محاولة مرفوضة‪ .‬وأطالب‬ ‫وزراء املعارضة بأال يكونوا شهود زور في جلسات‬ ‫احلكومة وأال يحولهم أحد الى ذلك‪ .‬فهناك حريات‬ ‫وخصوصيات للمواطنني ال يجوز أن تستغل في‬ ‫عملية أمنية مهما كانت صغيرة أو كبيرة إلعادة‬ ‫انتهاك هذه احلريات‪.‬‬ ‫وأناشد بالتحديد وزراء املعارضة بأن يكونوا‬ ‫منسجمني مع أنفسهم ومع جمهورهم بعدم‬ ‫السكوت عن هذين األمرين‪.‬‬ ‫تابع‪ :‬أما املوضوع اآلخر فهو القرصنة والنهب‬ ‫الذي يحصل في قطاع احملروقات‪ ،‬فاللبناني ال‬ ‫يعرف أين تذهب األموال‪ ،‬كل يوم يدفع اللبناني‬ ‫‪ 11‬الف ليرة على كل صفيحة بنزين وال يعرف أين‬

‫املطران مطر مستقبالً وهاب‬

‫املطران مطر مستقبالً وفد تيار التوحيد اللبناني‬

‫تذهب هذه القيمة! وال أحد يعرف أين مشاريع‬ ‫التنمية التي حتصل! في الواقع العملية الوحيدة‬ ‫هي إيفاء فائدة الدين العام وال شيء آخر غيرها‪.‬‬ ‫وختم قائالً‪ :‬سياسيا‪ ،‬أالحظ أن األجواء التي‬ ‫حتصل في املنطقة إيجابية‪ ،‬إن كان على صعيد‬ ‫احلوار السوري ‪ -‬االميريكي أو على صعيد احلوار‬ ‫السعودي ‪ -‬السوري‪ ،‬لكن هذا األمر ال ينعكس‬ ‫على لبنان بالشكل املطلوب‪ .‬أنا أرى أن على كل‬ ‫اللبنانيني أن يعيدوا حساباتهم في ظل هذا الوضع‬ ‫حتى ال يكون لبنان ضحية ملا يجري في املنطقة‪.‬‬ ‫فالبقاء في املواقع السابقة نفسها التي حاول‬ ‫البعض وضع لبنان بها هو خطأ كبير‪ .‬أي ان يبقى‬ ‫لبنان الساحة الوحيدة التي يريد البعض من‬

‫‪35‬‬

‫خاللها مواجهة هذه الدولة أو تلك‪،‬األمر سيج ّر‬ ‫على لبنان نتائج كارثية‪ ،‬خاصة ما شهدناه في‬ ‫الفترة األخيرة من التدخل األميريكي في بعض‬ ‫التفاصيل الداخلية‪ .‬واذا كان البعض ينادي‬ ‫بالسيادة واالستقالل فعليه أن يكون منسجما ً‬ ‫مع هذه الشعارات باجتاه اجلميع ال باجتاه فريق‬ ‫دون آخر‪ .‬فالتدخل األميريكي الوقح في موضوع‬ ‫انتخابات رئاسة مجلس النواب وموضوع املوازنة‬ ‫وتفاصيل اخرى‪ ،‬أمر ال ميكن القبول به‪ .‬وعلى وزير‬ ‫اخلارجية عدم االكتفاء بالكالم عن هذا االمر بل‬ ‫عليه أن يستدعي السفيرة االميركية ويبلغها‬ ‫قرارا لبنانيا ً واحتجاجا شديد اللهجة‪ ،‬وأن يضع‬ ‫حدا ً لتصرفها غير الالئق‪.‬‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬كتاب‬

‫لقاء بين تياري التوحيد اللبناني والوطني الحر في الشوف‬

‫تأكيد على العمل المشترك‬

‫اجتماع بني تياري التوحيد اللبناني والوطني احلز في دارة وهاب في اجلاهلية‬

‫عقد في دارة رئيس تيار التوحيد اللبناني‬ ‫الوزير وئام وهاب في بلدة اجلاهلية الشوفية‬ ‫اجتماع بني قيادتي تيار التوحيد اللبناني والتيار‬ ‫الوطني احلر‪ ،‬بحضور الوزير وئام وهاب ومسؤول‬ ‫اإلعالم وجبل لبنان اجلنوبي في التيار الوطني‬ ‫احلر الدكتور ناصيف قزي الذي ترأس وفدا ً من‬ ‫مسؤولي منطقة اجلبل السادة جورج بستاني‪،‬‬ ‫جوزيف ريشا‪ ،‬إدغار لطفي‪ ،‬شادي حداد‪ ،‬جورج‬ ‫تكلي‪ ،‬حكمت ابو عبود‪ ،‬ميشال اندراوس‪،‬نوال‬ ‫ابو سرحال ووليد صابر‪ ،‬فيما حضر الرفاق‬ ‫في تيار التوحيد اللبناني‪ ،‬نائب رئيس املكتب‬ ‫السياسي بهاء عبد اخلالق‪ ،‬امني الداخلية‬ ‫هشام االعور‪ ،‬امني االعالم ماهر سري الدين‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫امني املالية يوسف ضو‪ ،‬ومفوضية الشوف‬ ‫العامة‪.‬‬

‫وهاب‬ ‫بداية حتدث وهاب قائال‪“ :‬ما يجمعنا بالتيار‬ ‫الوطني احلر ليس مشروعا انتخابيا وال موسميا‪،‬‬ ‫بل يجمعنا مشروع بناء الدولة والوطن‪ ،‬بناء‬ ‫دولة على األقل يفتخر بها أوالدنا‪ .‬وال أحد‬ ‫يستطيع التعبير عن هذه الدولة التي نطمح‬ ‫اليها أكثر من العماد ميشال عون‪ .‬لذلك‬ ‫نلتقي اليوم في موسم االنتخابات ولكن ليس‬ ‫فقط لالنتخابات‪ ،‬بل لنبحث كيفية التعاون‬

‫‪36‬‬

‫باستمرار قبل االنتخابات وبعدها في املنطقة‬ ‫وفي جبل لبنان وفي كل لبنان‪ ،‬وكيف نتعاون‬ ‫لبناء هذه الدولة التي ننشدها جميعا”‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪“ :‬نحن كتيار توحيد لدينا قرار‬ ‫بخوض املعركة االنتخابية في االقضية الثالثة‪:‬‬ ‫الشوف وعاليه وبعبدا‪ ،‬وطبعا سنكون الى‬ ‫جانب التيار الوطني احلر‪ .‬فلدينا مرشحون‪،‬‬ ‫بعضهم أعلنا عن أسمائهم‪ ،‬وهناك ترشيحات‬ ‫لم ت ُعلن بعد‪ .‬فهناك مشاورات جتري‪ .‬وقد كنا‬ ‫خالل أيام في لقاء مع الدكتور قزي ومجموعة‬ ‫من االخوة على صعيد منطقة الشوف‪،‬‬ ‫باالضافة الى لقاءات تتم على صعيد املناطق‬ ‫االخرى‪ .‬ومنذ أيام كنت عند اجلنرال عون وبحثنا‬


‫في بعض املسائل االنتخابية‪ ،‬ولكن لن يكون‬ ‫قرارنا فرديا وأحاديا‪ ،‬بل سيكون جزءا من قرار‬ ‫املعارضة‪ .‬ونحن منذ البداية لم نتصرف يوما‬ ‫على أساس ما سنحصل عليه نحن من‬ ‫االنتخابات‪ ،‬بل ما سيحصل عليه اخلط الذي‬ ‫نؤمن به من هذه االنتخابات‪ .‬واليوم أكثر من أي‬ ‫وقت مضى يجب أن نفكر بهذه الطريقة وأن‬ ‫نتصرف على أساسها”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬نحن نؤمن بأن املعارضة لديها‬ ‫القدرة على ربح االنتخابات‪ ،‬ولكن ال يكفي أن‬ ‫تقول املعارضة إنها أفضل من الفريق الذي‬ ‫يحكم اليوم‪ ،‬بل يجب أن يكون لها برنامج‬ ‫تغييري واضح للحكم‪.‬‬ ‫ونحن كما التيار الوطني احلر لسنا فقط‬ ‫مشروع إصالح بل مشروع تغيير شامل في‬ ‫هذا البلد‪ ،‬وأعتقد أن لبنان لن يستطيع‬ ‫أن يكمل بنظامه السياسي القائم اليوم‬ ‫وبالطريقة التي تتعاطى بها املؤسسات‪.‬‬ ‫ونظرا للوضع االقتصادي في العالم والدول‬ ‫العربية‪ ،‬وحتديدا الدول اخلليجية‪ ،‬على لبنان أن‬ ‫يعتمد على نفسه في املرحلة املقبلة‪ ،‬وحتديدا‬ ‫على الصعيد االقتصادي‪ .‬وعلى هذا الصعيد‪،‬‬ ‫يكفي أن تتوقف عملية الهدر التي متارسها‬ ‫كل مؤسسات الدولة‪ ،‬ولن أدخل في تفاصيل‬ ‫الصناديق فكلها صناديق نهب وسرقة دون‬ ‫استثناء‪ .‬اليوم هذه الدولة تع ّلم أبناءها‬ ‫السرقة والنهب‪ .‬وبعد االنتخابات يجب أن‬ ‫تعطي املعارضة وكما قال السيد حسن نصر‬ ‫اهلل منوذجا في احلكم وإدارة شؤون الدولة‪ ،‬فبدون‬ ‫هذا النموذج ال معنى ملن يستلم السلطة‬ ‫أكانت املعارضة أم املواالة‪ .‬واليوم شهدمت بعض‬ ‫التفاصيل التي حصلت في مجلس الوزراء‪،‬‬ ‫وخاصة خالل األشهر السابقة‪ ،‬وهناك بعض‬ ‫وزراء املعارضة الذين كان أداؤهم جيدا وأعطوا‬ ‫منوذجا جيدا رغم أنهم محاصرون داخل مجلس‬ ‫الوزراء‪ ،‬وهم أقلية وغير قادرين على أن يعطوا‬ ‫كل املطلوب‪ ،‬ولكن ما أعطوه ال يكفي‪ .‬يجب‬ ‫أن يصار بعد االنتخابات الى مشروع متكامل‬ ‫للمعارضة ال فقط مشروع سياسي‪ .‬يجب‬ ‫أن تبدأ بقانون حديث لالنتخابات وهذه بداية‬ ‫اإلصالح ثم يجب أن تعطي املوضوع االجتماعي‬ ‫واالقتصادي الذي ال يلتفت اليه أحد في لبنان‬ ‫رغم أهميته‪ ،‬اهتماما كبيرا‪ .‬أعتقد إذا ّ‬ ‫خف‬ ‫هذا التشنج السياسي‪ ،‬فحتما ً هذا املوضوع‬ ‫سيقفز الى الواجهة‪ ،‬ونحن كمعارضة يجب‬ ‫أن نكون جاهزين للقول إن هذا هو مشروعنا‬ ‫لإلصالح االجتماعي واالقتصادي والسياسي‬ ‫في لبنان‪”.‬‬ ‫وختم وهاب مؤكدا ً أن التنسيق بني تيار‬ ‫التوحيد اللبناني والتيار الوطني احلر لن يكون‬ ‫موسميا فقط‪ ،‬خاصة في الشوف‪ ،‬حيث نعاني‬

‫وهاب وقزي‬

‫من مسألة أساسية وهي املصاحلات الفوقية‬ ‫التي متت‪ .‬واليوم نحن في الشوف قسمان‪:‬‬ ‫قسم مقيم وآخر مهاجر‪ ،‬ولكن حتى املقيم‬ ‫مهاجر نتيجة الفقر والوضع االقتصادي املتردي‬ ‫‪ ..‬ومتنى وهاب أن يكون التنسيق على كل‬ ‫املستويات‪ :‬اإلمنائي واالجتماعي والسياسي‬ ‫والثقافي والرياضي وغيره‪.‬‬

‫قزي‬ ‫ثم حتدث الدكتور ناصيف قزي شاكرا الوزير‬ ‫وهاب واالخوة في تيار التوحيد على حسن‬ ‫االستقبال‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬أثني على كل ما تفضل به الوزير وهاب‪،‬‬ ‫ونحن هنا بتوجيه من دولة الرئيس العماد‬ ‫ميشال عون‪ ،‬وهذه هي سياستنا األساسية‬ ‫ومسارنا الطبيعي‪ .‬نحن نطمح معكم في‬ ‫هذا اجلبل إلعادة العالقات الى سابق عهدها‪.‬‬ ‫فنحن ال نتحدث في املصاحلات‪ ،‬نحن كنا معا‪،‬‬ ‫واآلن نحن معا‪ ،‬وسنبقى معا‪ ،‬وسنرسم الغد‬ ‫معا‪ .‬من هنا مشروعنا ليس مشروعا انتخابيا‬ ‫بل مشروع إعادة إحياء اجلذور التاريخية لنبني‬ ‫مبقتضى هذه اجلذور ومبقتضى العالقات التي‬ ‫درج على بنائها أجدادنا واآلباء‪ ،‬لبنان الغد‪،‬‬ ‫ولنبقى النموذج للبنان الذي نحلم به رغم كل‬ ‫العثرات التي وقعنا به‪ ،‬وكي نكون منوذجا لكل‬ ‫العالم ايضا”‪.‬‬ ‫أضاف قزي‪“ :‬نحن في اجلبل‪ ،‬واجلبل سيبقى‬ ‫قلب لبنان والشوف حتديدا‪ .‬نحن ننطلق‬ ‫من سياسية اليد املمدودة التي رسمها لنا‬ ‫اجلنرال عون‪ ،‬واالستاذ وئام في هذا االطار هو‬

‫‪37‬‬

‫من السباقني الى االنفتاح والى بناء العالقات‬ ‫الطبيعية مع اآلخرين‪ .‬لقد آن األوان اليوم‬ ‫ألن نعرف من هم بناة الدولة احلقيقيون ومن‬ ‫سيعمل على اإلمناء‪ .‬وهنا أضم صوتي الى‬ ‫صوت الوزير وهاب بأن على املعارضة في أسرع‬ ‫وقت ممكن ان تطلق برنامجها‪ ،‬والبرنامج حاضر‬ ‫وقوامه املفاهيم األساسية لبناء الدولة؛ دولة‬ ‫الشراكة ودولة املواطن‪ ،‬الدولة التي ترعى كل‬ ‫مواطنيها وتقوم على مفهوم العدل وعلى‬ ‫استراتيجية دفاعية واضحة‪ ،‬لتكريس السيادة‬ ‫اللبنانية وإلغاء كل ما من شأنه أن ينتقص من‬ ‫هذه السيادة‪ ،‬وال سيما كل السياسات التي‬ ‫أوقعنا فيها بعض ساسة هذا البلد من عقد‬ ‫حتى اليوم‪ .‬نحن معا نتمنى أن نرسم مستقبل‬ ‫لبنان مع كل اخليرين والطيبني في اجلبل‬ ‫وخارجه‪ ،‬ويدنا ممدودة الى اجلميع‪ .‬سنخوض‬ ‫االنتخابات في الشوف وفي جبل لبنان اجلنوبي‬ ‫وفي كل لبنان على أساس اننا حركة للتغيير‪،‬‬ ‫ال تريد التغيير لنفسها فحسب بل للجميع‬ ‫وتريد بناء املستقبل للجميع دون استثناء‪،‬‬ ‫حتى ان مفهوم اخلدمة العامة في قاموسنا‬ ‫التي منارسها اليوم في احلكومة‪ ،‬مرتبطة بحق‬ ‫املواطن وليست منة من أحد‪ .‬هذه احلكومة‬ ‫باألمس عمدت الى تطيير جلسة مجلس‬ ‫النواب كي ال تعطي الناس حقوقهم‪ .‬كيف‬ ‫نبني دولة والدولة عصبها األساسي املواطن‪،‬‬ ‫دون ان نعطيه حقه الطبيعي الذي يجب أال‬ ‫يكون استجدا ًء أو منّة من أحد؟!”‪.‬‬ ‫وختم قزي‪“ :‬باسم اجلنرال عون أحييكم في‬ ‫هذا اجلبل الذي نطمح ألن يكون متماسكا‬ ‫بكل أفرقائه وبكل مكوناته السياسية لنبني‬ ‫معا الغد املشرق ألبنائنا”‪.‬‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫حاضر في جامعة تشرين بالالذقية‬

‫وهاب‪ :‬األميركي يعود الى سوريا يسألها‬ ‫عن رؤيتها االستراتيجية لمستقبل المنطقة‬ ‫بدعوة من نقابة املعلمني في جامعة تشرين‬ ‫في الالذقية‪ ،‬حاضر رئيس تيار التوحيد اللبناني‬ ‫الوزير وئام وهاب‪ ،‬حول احلرب االسرائيلية على‬ ‫غزة ونتائجها‪ ،‬حضرها مسؤولون محليون ورئيس‬ ‫اجلامعة وأساتذتها وطالبها‪ ،‬واستهلها وهاب‬ ‫بالقول‪:‬‬ ‫للسنة اخلامسة نلتقي في هذه اجلامعة منذ‬ ‫‪ 5‬سنوات‪ ،‬أتيت إلى هذه القاعة وكان املشروع‬ ‫األميركي يتقدم في كل املنطقة‪ ،‬وكان ما أسموه‬ ‫مبشروع الشرق األوسط اجلديد قد بدأ تنفيذه في‬ ‫العراق‪ .‬اآلن وبعد ‪ 5‬سنوات أتيت ألقول لكم انتهى‬ ‫مشروع الشرق االوسط اجلديد ونحن أمام مشروع‬ ‫الشرق العربي اجلديد‪ .‬منذ سنوات أتيت وقلت لكم‬ ‫إن االمواج اآلتية على سوريا ستتكسر على شواطئ‬ ‫الالذقية‪ ،‬اآلن أقول لكم إن االمواج التي أتت على‬ ‫سوريا واملنطقة عادت خائبة من منطقة الالذقية ‪.‬‬

‫الرهان على املقاومات انتصر‬ ‫نعم بفضل سوريا ورئيسها الدكتور بشار‬ ‫االسد‪ ،‬انتقلنا من مرحلة الى أخرى وبعدها كان كل‬ ‫العالم مجتمعا ً ليغير سياسة سوريا وسلوكها‬ ‫في املقاومة واملمانعة والرهان على املقاومات‬ ‫العربية في العراق في غزة والضفة الغربية‬ ‫وفي لبنان‪ .‬بعد سنوات ثبت لكل العالم أن هذه‬ ‫املقاومات هي حق وستتجه نحو النصر‪ ،‬وها أنتم‬ ‫تشاهدون اليوم حتى بعض الدول العربية التي‬ ‫كانت تقول في املاضي انها ال تفهم ماذا يريد بشار‬ ‫االسد‪ ،‬ولديهم احلق بأن ال يفهموا ذلك ألنهم أصال‬ ‫كانوا ال يفهمون لغة املقاومة واملمانعة والشرف‬ ‫والرفعة واحلق والكرامة‪.‬‬ ‫اآلن واالحتالل االميركي يلملم ما بقي لديه‬ ‫ليرحل من العراق‪ ،‬اآلن وبعد صمود غزة‪ ،‬اآلن بعدما‬ ‫أخذت اسرائيل تتجه الى مزيد من التدهور‪ ،‬بدأ‬ ‫البعض رمبا يدرك ماذا كان يريد بشار االسد في‬ ‫السنوات املاضية‪ .‬اآلن بدأ االميركي يعود الى‬ ‫سوريا يسألها عن رؤيتها االستراتيجية ملستقبل‬ ‫املنطقة في السنوات املقبلة‪.‬‬ ‫وحتملت سوريا الكثير في السنوات املاضية‬ ‫ألنها بقيت الوحيدة في هذه املنطقة العربية‬ ‫تقول “ال” الحتالل العراق وإلسقاط املقاومة‬ ‫في لبنان وإلسقاط املقاومة في فلسطني‪ .‬كان‬ ‫املطلوب من سوريا في السنوات املاضية هو‬ ‫أن تخرج الفلسطينيني من سوريا‪ ،‬وأن تسقط‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫احلضور مستمعا ً الى وهاب‬

‫املقاومة في لبنان‪ .‬كانت عملية اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق احلريري أحد هذه الضغوط التي متت في سياق‬ ‫املشروع االميركي الذي احتل العراق ودمرها وقتل‬ ‫ياسر عرفات في فلسطني واغتال رفيق احلريري في‬ ‫لبنان‪ .‬املشروع االميركي متكامل في كل املنطقة‪.‬‬ ‫في الوقت الذي تهاوى وخاف اجلميع من االميركيني‬ ‫عندما أتوا الى العراق‪ ،‬إال بشار االسد الذي مورس‬ ‫عليه كل اشكال الضغوط السياسية من سياسة‬ ‫العزل واالتهام ومحاولة محاصرة سوريا‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه احملاولة فشلت منذ بدايتها وبشار االسد بقي‬ ‫متمسكا ً باملبادئ التي نشأ عليها‪ .‬وأنا أقول اليوم‬ ‫لقد خسروا الرهان وربحته سوريا‪ ،‬هذه هي االرادة‬ ‫التي ستنتصر في النهاية‪.‬‬

‫محكمة دولية حملاكمة إسرائيل‬ ‫أضاف‪ :‬قبل غزة كان البعض يظن أن حرب متوز هي‬ ‫استثناء‪ .‬ولكن اليوم بعد انتصار غزة اصبحت حرب‬ ‫متوز قاعدة للمواجهة مع اسرائيل لدى الشعوب‬ ‫العربية‪ .‬وهذا النصر العربي اجلديد أهم ما فيه‬

‫‪38‬‬

‫أننا نحن العرب لم نعد مهزومني بعقلنا وفكرنا‬ ‫وأصبحنا مقتنعني بأننا قادرون على هزمية اسرائيل‬ ‫بعد نصر متوز وغزة‪ ،‬بعدما زرعوا في نفوسنا وفكرنا‬ ‫أن الهزمية هي قدر‪ .‬تشاهدون انه لم يخرج أحد‬ ‫ليطالب مبحكمة دولية حتاكم اسرائيل ويقول‬ ‫ان ما حصل في غزة هو جرمية بحق اإلنسانية أو‬ ‫يجب ان يتحرك مجلس االمن واالمني العام الذي‬ ‫هو مبثابة موظف صغير لدى اخلارجية االميركية‪.‬‬ ‫بينما نراهم كل يوم يتحدثون عن جرمية كبرى‬ ‫وقعت في لبنان ولكن ال نعرف من ارتكبها‪ .‬نحن‬ ‫نرى أن املشروع االميركي الذي أتى الى املنطقة هو‬ ‫الذي اغتال رفيق احلريري‪ .‬ولكن في ظل كل اجملازر‬ ‫التي حصلت اليوم في غزة كل يوم يخرج مسؤول‬ ‫دولي ليهددنا باحملكمة الدولية في لبنان‪ .‬أقول‬ ‫لهم‪ :‬أنتم لستم أقوى من غيركم لتستعملوا‬ ‫محكمة دولية في حساباتكم السياسية‪ .‬اذا‬ ‫كانت العدالة الدولية ستكشف حقيقة من اغتال‬ ‫رفيق احلريري بالوقائع والدالئل فنحن مع احملكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬وإذا كنتم تريدون االستماع الى بعض‬ ‫املعارضني فأهال وسهال بكم في منازلهم‪ ،‬الن أحدا‬ ‫لن يذهب اليكم ألنكم ال متثلون العدالة الدولية‪،‬‬


‫بل متثلون السياسة الدولية‪ ،‬ومجلس األمن واألمم‬ ‫املتحدة يأمتران بأوامر اإلرادة االميركية‪ ،‬وكل كالم‬ ‫غير ذلك هو كذب وادعاء‪ .‬لو كان هناك عدالة دولية‬ ‫حقيقية ملا كان جورج بوش قد ذهب الى منزله بل‬ ‫الى السجن وثم الى احملاكمة‪ ،‬وملا كان هذا الصمت‬ ‫على اجلرائم في غزة بل خلرجوا بجدية ليقولوا ان‬ ‫ما حصل في غزة جرمية بحق اإلنسانية ويجب أن‬ ‫تتحرك العدالة الدولية لتعالج هذا االمر ولتقتص‬ ‫من مجرمي احلرب في اسرائيل‪.‬‬ ‫اليوم وبعد ما حصل في غزة عادت بعض االبواق‬

‫العربية والدولية لتهدد وتتوعد باحملكمة الدولية‪.‬‬ ‫أقول لهم اذا كانت محكمتهم مسيسة فلن‬ ‫نقيم وزنا ً لها‪ ،‬وتأكدوا أننا لن نسلم أحدا بدون‬ ‫أدلة وقرائن مهما كان صغيرا أو كبيرا في لبنان أو‬ ‫في املنطقة‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬في غزة ممنوع أن تكون اجلرمية أداة حملاكمة‬ ‫القاتل‪ ،‬ولكن في لبنان املطلوب أن تكون اجلرمية أداة‬ ‫حملاكمة البريء‪ .‬تصوروا هذه املعادلة في العدالة‬ ‫الدولية التي حتكم العالم‪.‬‬ ‫لكي ال نبقى ننتظر عدالة دولية لن تأتي في كل‬ ‫قضايانا‪ ،‬أقول لكم إن سوريا أدركت منذ البداية‬ ‫أن التسول في القضايا القومية واحملقة لن يؤدي‬ ‫الى أي نتيجة‪ .‬نعم بعض الدول العربية التي كانت‬ ‫تدعونا للتسول من العالم ومجلس االمن ومما‬ ‫أسموه اجملتمع الدولي‪ ،‬اآلن كلهم يعودون خائبني‪،‬‬ ‫وقد بدأنا نشاهد عالمات اخليبة على بعضهم‪،‬‬ ‫وبدأوا اآلن ينتقدون ويهاجمون جورج بوش بعدما‬ ‫عاد الى منزله‪ ،‬ويقولون إنه هو من ورط املنطقة‬ ‫ولكن الشجاعة تقتضي أن تقفوا الى جانب بشار‬ ‫االسد منذ خمس سنوات عندما هاجم السياسة‬ ‫االميركية في املنطقة‪ ،‬وعندما رفض االعتراف‬

‫باالحتالل األميركي في العراق‪ ،‬وعندما جتمع كل‬ ‫العالم حوله لعزل سوريا وإلسقاطها وجعلها‬ ‫عراقا ثانياً‪ ،‬يومها كانت الشجاعة فيه بالقول‬ ‫جلورج بوش إن مشروعك سيسقط املنطقة‬ ‫ويدمرها‪.‬‬

‫تغيير السياسة األميركية‬ ‫واشار وهاب الى ان ما حصل قد حصل أستطيع‬ ‫أن أقول لكم ونحن بعد غزة إننا أمام مرحلة جديدة‪،‬‬

‫حرب متوز قاعدة لإلنتصار‬ ‫سوريا أدركت أن التسول‬ ‫في القضايا القومية احملقة‬ ‫لن يؤدي الى أي نتيجة‬ ‫اجليش السوري انسحب من‬ ‫لبنان ليضرب رأس املشروع‬ ‫األميركي في العراق‬

‫‪39‬‬

‫ليس على مستوى املنطقة فقط بل على مستوى‬ ‫العالم‪ ،‬وقد بدأمت تشاهدون هذا العالم الدي بقي‬ ‫لسنوات يتحدث عن تغيير السلوك السوري‬ ‫في الشرق االوسط وعن محور الشر في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬هذا العالم اليوم يتحدث على لسان‬ ‫رئيس اكبر دولة في هذا العالم الرئيس باراك أوباما‬ ‫عن تغيير السياسة االميركية في العالم‪ ،‬وليس‬ ‫عن تغيير السياسة السورية في املنطقة‪ .‬ثبت أن‬ ‫املطلوب هو تغيير السلوك االميركي ال السوري‪.‬‬ ‫تبني للعالم أن هناك حقا ً عربياً‪ ،‬وكان املطلوب‬ ‫أن يتصرف بشار االسد مع املقاومة في لبنان كما‬ ‫تصرف رئيس مصر مع املقاومة في غزة‪ .‬عندما‬ ‫كانوا يتحدثون عن سوريا وعن دور سوريا‪ ،‬وعندما‬ ‫رفض أن يفعل في لبنان ما فعله مبارك في غزة‪،‬‬ ‫بدأت احلرب عليه‪ ،‬ولكن هذا الذي في سوريا‬ ‫سيخلده التاريخ يوما ما‪.‬‬ ‫بدأت اللعبة تتغير مع قمة الدوحة‪ .‬عندما شعر‬ ‫اجلميع بأن لقاء قطر سيذهب مبن حضر لنصرة غزة‬ ‫واملواجهة‪ ،‬وبأن هناك محورا عربيا جديا بدأ يتشكل‬ ‫لدعم املقاومات العربية‪ ،‬إن كان في فلسطني أو‬ ‫في لبنان أو في العراق‪.‬‬ ‫واستطرد يقول‪ :‬الكل يعلم الهجمة التي شنت‬ ‫على سوريا بأبواق منها لبنانية ومنها عربية‪ ،‬من‬ ‫اغتيال رفيق احلريري‪ ،‬الى إخراج اجليش السوري من‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكنهم كانوا أغبياء بالكامل حني فكروا‬ ‫بإخراج سوريا من لبنان إلسقاط سوريا من الداخل‪،‬‬ ‫الى حدود انهم لم يعرفوا أنهم حرروا سوريا من‬ ‫بعض االلتزامات اللبنانية وان األفضل لهم ان‬ ‫يبقوا سوريا في لبنان ويلزموها ببعض االلتزامات‪.‬‬ ‫وملن لم يدرك الطريقة التي مت بها انسحاب‬ ‫اجليش السوري من لبنان إقول إنه انسحب من‬ ‫معركة تفصيلية في لبنان وذهب ليضرب على رأس‬ ‫املشروع االميركي في العراق‪ ،‬ثم في متوز في لبنان‬ ‫ثم في معركة غزة‪ ،‬وانهم قادرون على الصمود‬ ‫ألشهر‪ ،‬واذا استدعى األمر تدخّ ل سوريا فحتما ً‬ ‫سيطلبون تدخلها‪ ،‬ويومها أبلغه الرئيس بشار‬ ‫االسد بأن سوريا جاهزة لدخول احلرب‪ ،‬ويومها لم‬ ‫يفهموا ما كنا نقوله إن سقوط املقاومة وهزميتها‬ ‫ممنوع‪ .‬لم يعرفوا على ماذا كنا نستند في كالمنا‪،‬‬ ‫كنا نستند الى قرار كبير في هذه املنطقة هو‬ ‫قرار سوريا وكل قوى املمانعة بأن سقوط املقاومة‬ ‫ممنوع‪ ،‬وال نخجل اذا قلنا إن الدبابات االسرائيلية‬ ‫التي كانت حتترق في اجلنوب كانت حتترق بصواريخ‬ ‫اجليش السوري وكانت تطلقها أيدي املقاومة‬ ‫املؤمنة والشجاعة وهي التي أدت الى وقف العدوان‬ ‫االسرائيلي على اجلنوب‪.‬‬ ‫نعم هزمت اسرائيل ورمبا قد تظنون أن هناك‬ ‫مبالغة اذا قلت لكم إن صمود بلدكم غ ّير كل‬ ‫اللعبة على مستوى العالم‪ ،‬وأنتم تعيشون‬ ‫احلدث اليوم‪ ،‬عندما استسلم كل العالم أمام هذا‬ ‫الوحش االميركي بقي بشار االسد وحده واقفا‪،‬‬ ‫واجه العاصفة وحيدا ومعه بعض اللبنانيني‬ ‫واملسلمني والعراقيني‪ ،‬واجهها وحيدا ال ميلك‬ ‫شيئا ً إال إميانه بقضيته وقدرة أمته وشعبه على‬ ‫الصمود الى جانبه‪ ،‬وهذا الصمود غ ّير كل اللعبة‬ ‫في املنطقة والعالم‪.‬‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬ ‫الدبابات اإلسرائيلية التي‬ ‫كانت حتترق في اجلنوب‬ ‫كانت بصواريخ سورية‬ ‫اذا امتلكت إيران سالحاً نووياً‬ ‫فأنه يلغي اخلطر اإلسرائيلي‬ ‫على العرب‪.‬‬

‫وهاب يلقي كلمته‬

‫أمام كل ذلك نحن اليوم أمام مرحلة جديدة‪،‬‬ ‫تقولون لي هل خرجت سوريا من دائرة اخلطر؟‬ ‫أعتقد أن املرحلة املقبلة رمبا ستشهد انفتاحا‬ ‫سياسيا أكثر من املرحلة السابقة‪.‬‬ ‫واإلدارة االميركية اجلديدة رمبا اقتنعت بأنها ال‬ ‫تستطيع أن حتمل العصا وتس ّير كل الناس في‬ ‫العالم‪ ،‬املعادلة مختلفة اليوم واالدارة االميركية‬ ‫اجلديدة اذا كانت تريد ان تنجح في املنطقة فيجب‬ ‫أن تقول‪ :‬هذه مصاحلكم وهذه مصاحلنا‪ ،‬طبعا‬ ‫للدول الفاعلة في املنطقة وهي سوريا وايران‬ ‫حتديدا‪ .‬اذا سارت وفق ذلك أعتقد أننا سائرون الى‬ ‫انفراجات كبيرة‪.‬‬

‫إمتالك إيران للسالح النووي‬ ‫وسأل وهاب‪ :‬هل سوريا تضع اخلطر في املوضوع‬ ‫االسرائيلي؟‬ ‫سوريا أمام صراع دائم مع اسرائيل حتى‬ ‫استعادة االرض العربية كاملة‪ ،‬وال أعتقد أن‬ ‫سوريا ستنسحب من القضية الفلسطينية‬ ‫كما يعتقد البعض‪ .‬سوريا في قلب قضية‬ ‫القدس والالجئني‪ ،‬وسوريا مع االسرائيليني لم‬ ‫تعد هي التي كانوا يحاولون عزلها في السابق‬ ‫بعدما أخذوا مصر باجتاه معاهدة مع اسرائيل‪.‬‬ ‫بقيت سوريا وحدها ولم تكن مهيأة يومها‬ ‫ملواجهة منفردة مع اسرائيل‪ ،‬اليوم سوريا قادرة‬ ‫إذا فرضت عليها املواجهة أن تخوضها الى اليوم‬ ‫االخير‪ ،‬وهذا يخلق معادلة رعب مع اسرائيل‪،‬‬ ‫لذلك نرى االسرائيليني يحاولون احلديث عن سالم‬ ‫مع سوريا ويعطون أولوية لهذا السالم ‪ .‬وهنا‬ ‫باملناسبة أستغرب بعض التحذيرات العربية‬ ‫من القوة النووية االيرانية‪ ،‬فيما لم نسمع‬ ‫منذ أربعني عاما حتذيرا من امتالك اسرائيل‬ ‫السالح النووي‪ .‬أين املشكلة في السالح النووي‬ ‫االيراني؟! هذا السالح يلغي اخلطر على العرب‬ ‫في املنطقة ويشعرهم باألمان‪ ،‬الن هذه القنبلة‬ ‫النووية هي التي ستحدث التوازن مع الكيان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب يتس ّلم درعا ً تقديريا ً من أمني فرع حزب البعث في جامعة تشرين‬

‫الصهيوني الذي ميلك مئات الرؤوس النووية‪ .‬ملاذا‬ ‫كل هذا التحريض من بعض الدول العربية على‬ ‫ايران وعلى ما يسمونه اخلطر الفارسي؟ ايران‬ ‫هي الوحيدة التي وقفت الى جانب قضايانا والى‬ ‫جانب سوريا والى جانب لبنان لتحرير أرضه والى‬ ‫جانب فلسطني لتحرير غزة وبقية االرض احملتلة‪.‬‬ ‫ايران كانت تدعم حترير القدس وليس طهران او‬ ‫اصفهان او غيرها‪ ،‬في الوقت الذي تخاذل كثير‬ ‫من العرب عن هذا الدعم‪ ،‬أكان في لبنان أم في‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫نحن ـمام واقع جديد اليوم‪ ،‬هناك عدة ساحات‬ ‫يجب أن ينعكس عليها هذا الوضع اجلديد الذي‬ ‫نشأ بعد غزة‪ .‬اوال الساحة العراقية التي يجب‬ ‫عليها أن ته ّيئ نفسها ملرحلة ما بعد االحتالل‬ ‫ويجب أن تكون االرادة العراقية هي السائدة في‬ ‫العراق مبعزل عن املصلحة االميركية أو املعاهدات‬ ‫االمنية مع اميركا‪.‬‬ ‫سوريا حتما سيكون لها نفوذ كبير على‬ ‫مستوى كل املنطقة‪ ،‬واليوم تثبت سوريا انها‬ ‫املمر االجباري لكل العالم أكان في السلم ام في‬ ‫احلرب‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫خيار الفلسطينيني املقاومة‬ ‫وختم وهاب قائالً‪ :‬على مستوى فلسطني يجب‬ ‫أن يقتنع الفلسطينيون جميعا بأن ال خيار مع‬ ‫اسرائيل إال خيار املقاومة‪ ،‬وهو اخليار الذي ميكن أن‬ ‫يربح وأن يضع حدا للعربدة االسرائيلية‪.‬‬ ‫على مستوى لبنان ان الكذبة التي سميت ‪14‬‬ ‫آذار وثورة االرز وغيرها أصبحت على طريق النهاية‪،‬‬ ‫وان رئيس أكبر كتلة نيابية يتنقل اليوم من بلد‬ ‫الى آخر محاوال استجداء رضى أجهزة اخملابرات‬ ‫والسفارات حتى يستمر في السلطة‪ .‬انتهت هذه‬ ‫الثورة مبحاولة استجداء العطف واستعمال الدم‬ ‫لربح أكثرية نيابية مجددا ‪ .‬ان هذه االكثرية يجب أن‬ ‫تكون وفقا إلرادة الناس‪ ،‬واذا حصل تزوير لالنتخابات‪،‬‬ ‫إن كان عبر املال أو عبر أي شيء آخر‪ ،‬فإن السنوات‬ ‫االربع املاضية ستكون عليهم أسهل من السنوات‬ ‫االربع التي ستأتي‪ ،‬الن أي تزوير لالنتخابات سنتعامل‬ ‫معه على اساس أن هذه االنتخابات مزورة‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قدم أمني فرع حزب البعث في‬ ‫اجلامعة الدكتور غالب شحادة ونقيب املعلمني في‬ ‫اجلامعة الدكتور عيد محمود درعا ً تقديرية‪.‬‬


‫بهاء عبد الخالق لـ «منبر التوحيد» ‪:‬‬ ‫علينا تشكيل الطبقة السياسية في لبنان‬ ‫تشهد الساحة اللبنانية اليوم جتاذبات‬ ‫سياسية‪ ،‬تخلقها املرحلة الدقيقة التي‬ ‫تفصلنا عن ‪ 7‬حزيران‪ ،‬موعد االستحقاق‬ ‫املصيري واملفصلي كما يسميه البعض‪،‬‬ ‫وهو االنتخابات النيابية وما ستؤول اليه‬ ‫من نتائج‪ ،‬يترقبها املواطن اللبناني بحذر‪.‬‬ ‫وهو الذي سيعيش في الدرجة األولى‬ ‫انعكاساتها‪ ،‬سلباً كانت ام ايجاباً‪.‬‬ ‫وبعدما عانى املواطن اللبناني طيلة‬ ‫السنوات املاضية من سياسات احلكومات‬ ‫السابقة التي أثقلت كاهله باملآسي املعيشية‬ ‫واحلياتية‪ ،‬وأضافت إليه ديوناً متراكمة‪،‬‬ ‫أضحى اليوم ينتظر االستحقاق اجلديد‪ّ ،‬‬ ‫لعله‬ ‫يستطيع‪ ،‬اذا ما أغوته الرشى املالية التي‬ ‫يدفعها بكثافة فريق لبناني‪ ،‬أن يغيّر شيئاً‬ ‫في شكل الطبقة احلاكمة‪ ،‬التي يأمل منها‬ ‫ان تعمل على إصالح‪ ،‬ال بل تغيير ونسف كل‬ ‫ما اقترفته السياسات السابقة من فساد‬ ‫ّ‬ ‫ولعل‬ ‫وهدر وفضائح لم تعد تخفى على أحد‪.‬‬ ‫أصحاب السلطة اجلدد يعيدون لهذا املواطن‬ ‫االستقرار االقتصادي واالجتماعي والنفسي‬ ‫الذي ينشده كل إنسان حر في وطن حقيقي‬ ‫وفي ظل دولة عادلة‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬أجرينا لقا ًء مع مرشح‬ ‫الشوف نائب رئيس املكتب السياسي في‬ ‫تيار التوحيد اللبناني بهاء عبد اخلالق‪،‬‬ ‫ومرشح التيار لالنتخابات النيابية عن املقعد‬ ‫الدرزي في الشوف‪ .‬وهنا نص اللقاء‪:‬‬

‫ما هي األسس التي دفعتكم خلوض معركة‬ ‫االنتخابات وصياغة برنامج انتخابي يحتاج اليه‬ ‫اجملتمع؟‬ ‫قبل أن نستطرد في احلديث عن برنامجنا‬ ‫االنتخابي بشقيه االجتماعي والسياسي ـ‬ ‫االقتصادي‪ ،‬ال بد لنا اوال من أن نسلط الضوء‬ ‫على ما آلت اليه األوضاع في مجتمعنا بعد هذا‬ ‫االنحطاط واإلحباط الذي أصابه والذي بات اإلنسان‬ ‫فيه هو الضحية واجملتمع أو الوطن هو القضية‪.‬‬ ‫ما نحتاج اليه اليوم أكثر من ذي قبل هو إعادة‬ ‫صياغة مفهوم االنسانية لدى اجملتمع‪ ،‬وكذلك حتديد‬ ‫أهمية أبعاده وضرورة تعميمه من جديد والتمسك‬ ‫بجوهر ارتباطه في تكوين هذه اجملتمعات املتنوعة‬ ‫الثقافات واحلضارات التي شكلت في املاضي منوذجا ً‬ ‫في التآلف والعيش املشترك‪.‬‬ ‫لقد أصبحنا على شفير الهاوية في بعدنا‬ ‫االجتماعي الذي يؤكد واقعنا احلاضر جناح كل‬ ‫اخلطط املبرمجة التي أودت به الى حاالت الشرذمة‬

‫والتفكك‪ ،‬والتي باتت حتكمه معادالت املال‬ ‫واستئثاره بدل مفاهيم الوعي األخالقية واإلنسانية‪،‬‬ ‫مما ينذر كل ذلك بزواله من خالل تفريغه من تراثه‬ ‫وأصالته وعراقة ثقافته االجتماعية القائمة على‬ ‫مرتكزات إنسانية تصونها املثل والفضائل‪ ،‬مما‬ ‫يؤكد اخلوف على إنساننا‪.‬‬ ‫هذا االنسان الذي يجب ان يكون الغاية وهو‬ ‫االساس‪ ،‬هذا االنسان الذي أثقلته سياسات‬ ‫الهيمنة والتغييب واالستئثار واخلطط املبرمجة‬ ‫إلضعافه وإفقاره وجتهيله‪ ،‬إضافة الى تفعيل‬ ‫العصبيات وبث األضاليل وتشويه للحقائق‬ ‫لتجييش مشاعره وإغفاله عن مترير مشاريعهم‬ ‫في هدر املال العام وإفسادهم ملؤسسات الدولة‬ ‫وتعطيلها وحتقيق مصاحلهم اخلاصة على حساب‬ ‫تقدم الوطن‪ ،‬وبالتالي اإلمساك به وتوجيهه إلى‬ ‫ما يخدم املشروع االميركي االسرائيلي الذي يهدف‬ ‫الى الهيمنة على االرض واالنسان‪.‬‬ ‫كيف برأيك يجب العمل على حترير االنسان‬ ‫من كل ذلك؟‬ ‫نعم‪ ،‬املطلوب هو حترير االنسان من معتقالت‬ ‫العصبيات السياسية ودهاليز الطائفية واالحقاد‪،‬‬ ‫وإطالقه الى رحاب الوطن واملواطنية‪ ،‬كما يجب ان‬ ‫نضع حدا ً حلرمانه من كل مقومات احلياة الطبيعية‬ ‫كمواطن ح ّر‪ .‬وواجبات السلطة والنظام جتاهه‬ ‫كقيمة وجودية يرتكز عليها بناء الوطن‪.‬‬ ‫لقد عانى هذا االنسان على م ّر أجيال من هؤالء‬ ‫املك ّررين في السلطة الذين يتوارثونها كتقليد‬ ‫مقدس ال يسمح املساس به‪ .‬هذا التقليد الذي‬ ‫أرسى ثقافة االختزال‪ ،‬وك ّرس سياسة األحاديات‬ ‫القطبية اخملتزلة للوطن واملواطن‪.‬‬ ‫وهناك حدود الطوائف املغلقة على الوطن‬ ‫واملرسومة من قبل املتزعمني عليها‪ ،‬هؤالء الذين‬ ‫يعممون ثقافة العداء بني ابناء الوطن الواحد والذين‬ ‫استنزفوه في املاضي بحروب البقاء واخلوف على‬ ‫مصير الطائفة التي اختلقوها لتبقى مصاحلهم‬ ‫ويبقوا على حساب الوطن‪ .‬من هنا ميكن لنا البدء‬ ‫مبسيرة البناء احلقيقية لهذا االنسان‪.‬‬ ‫ولكن هل احلل برأيك يبدأ باالنسان كفرد في‬ ‫اجملتمع ام بالطبقة احلاكمة؟‬ ‫اوال علينا إعادة تشكيل الطبقة السياسية‬ ‫في لبنان وصياغة نظام جديد يعنى بهذا االنسان‬ ‫القيمة لنصل الى بناء وطن حقيقي لكل أبنائه‪،‬‬ ‫وكذلك إطالق قدرات الشباب الواعي وتوليد نهضة‬ ‫اجتماعية واقتصادية وسياسية‪ .‬فتولد النهضة‬ ‫بتغيير االنسان‪ ،‬تغيير عقليته ونظرته الى احلياة‪.‬‬ ‫وقيام جبهات مناقبية في اجملتمع تغ ّيره تغييرا ً‬ ‫جذريا ً تصارع من أجل انتصار نظرة التحرر واالنفتاح‬ ‫على قاعدة الوعي واملسؤولية الوطنية‪.‬‬ ‫أما مهمة نهضتنا االولى فهي إنقاذ مجتمعنا‬ ‫من حالة انحطاطه وتعثره‪ ،‬وتبدأ مبنع عناصر‬

‫‪41‬‬

‫الظلمة من االندماج فيه أو التأثير عليه‪.‬‬ ‫كيف السبيل لتحقيق هذه النهضة وما هو‬ ‫دور املواطن فيها؟‬ ‫إن االنسان الواعي للواقع االجتماعي والسياسي‬ ‫ينشد التحرر والعدالة االجتماعية‪ ،‬بل هو إنسان‬ ‫يثور على ما يشده الى عصور االنحطاط وهو داخل‬ ‫االلفية الثالثة‪ ،‬هذا االنسان الذي يريد ان ينتقل‬ ‫مبجتمعه من التخلف الى النهضة ويشكل ثورة‬ ‫االفكار اجلديدة في اجملتمع الذي ما زال عالقا ً بني‬ ‫ذهنيات زعامات القرون الوسطى‪.‬‬ ‫فالعقل هو مصدر الوعي واملسؤولية الذي ينتج‬ ‫هذه النهضة‪ ،‬وبالتالي روح التطور والتغيير في‬ ‫حركة احلياة‪ ،‬فال ميكن حترير االنسان من الهزمية أو‬ ‫االرتهان أو من اجلهل والضعف أو من الفقر والبؤس‬ ‫والعبودية من غير الوعي وصناعة اإلرادة في التغيير‬ ‫والبلوغ به الى القيمة التي أرادها له اهلل‪.‬‬ ‫فيجب أن يتكون لدينا إميان راسخ بالتقدم‬ ‫والتطور وحتقيق التغيير بروح نازعة للحياة‪ ،‬فهي‬ ‫روح اجلماعة في مسيرة التقدم اإلنساني دون خوف‬ ‫أو كلل أو تردد‪.‬‬ ‫ويجب أن نؤمن بأنه يستحيل ان ينتظم اجملتمع‬ ‫اال في اطار الدولة النظيفة احلقيقية‪ ،‬الدولة التي‬ ‫تعمل مبوجب االفكار السائدة‪ ،‬واالفكار تصوغها‬ ‫النخبة الثقافية بالدرجة االولى‪.‬‬ ‫واجملتمع إما ان يكون مرجعا ً للمبادرة او يكون‬ ‫متلقيا ً لها‪ ،‬وإما ان يكون هو الوحيد املتسامي‬ ‫دون غيره أو يكون رع ّية تخضع لغيرها‪ .‬والفرق‬ ‫بني احلالتني هو مدى االميان بالناس وبقدرتهم على‬ ‫حتديد حاجاتهم ورغباتهم وعلى أال يكونوا قاصرين‬ ‫وبحاجة الى رعاية دائمة‪.‬‬ ‫ولكن هل النخب الثقافية في لبنان تستطيع‬ ‫أن تقوم بهذا الدور جتاه اجملتمع اللبناني؟‬ ‫ان النخبة الثقافية في لبنان تتواطأ مع النظام‬ ‫على اجملتمع كي يبقى رع ّية‪ .‬وال معنى للقمع سواء‬ ‫كان فكريا ً ام جسديا ً سوى حتقيق هذا االمر‪.‬‬ ‫وما مي ّيز هذا العصر عما سبقه هو ان اإلخضاع‬ ‫ال يتم عن طريق القمع بالقوة بل عن طريق االيهام‬ ‫همش اجملتمع ويُلغى سعيه‬ ‫باحلقائق‪ ،‬فهكذا يُ ّ‬ ‫الدائم لتحقيق نفسه وتدمير قدرته على التعبير‬ ‫عن حقائقه‪ .‬وعندما يهمش اجملتمع وتُزدرى حقائقه‬ ‫فإنه يتحول الى رع ّية وال يبقى له إال السير‬ ‫كالقطيع وراء حقائق الغير حتت راية الشعارات التي‬ ‫ال تعبر إال عن قدرة أصحابها على رفع الصوت‪.‬‬ ‫إن احلرية واملسؤولية اذا اجتمعتا تستطيعان أن‬ ‫حتددا هوية وجود االنسان‪.‬‬

‫حاورته‪ :‬وداد العياص‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬

‫آل المصري في جرمانا كرموه‬

‫وهاب‪ :‬ال أؤمن بالحدود في هذه األمة‬ ‫انتصار المقاومة في غزة أصبح قاعدة لنا‬

‫جرمانا تستقبل وهاب والشيخ املرجع أبو ذياب‬

‫اقامت عائلة آل املصري في مدينة جرمانا في‬ ‫سوريا غداء تكرمييا ً لرئيس تيار التوحيد اللبناني‬ ‫الوزير السابق وئام وهاب واملرجعية الروحية‬ ‫في الطائفة الدرزية الشيخ ابوعلي سليمان‬ ‫ابوذياب‪ ،‬ووفد من مشايخ هيئة العمل التوحيدي‪.‬‬ ‫تخلل االحتفال كلمات لرجال دين مسلمني‬ ‫ومسيحيني‪.‬‬

‫الشيخ أبو ذياب‬ ‫وكانت كلمة للمرجعية الروحية في الطائفة‬ ‫الدرزية الشيخ ابو علي سليمان جاء فيها‪ :‬إن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أحسن ما نبتدئ به ذكر اهلل سبحانه وحمده‬ ‫على دائم فضله واإلنعام والثناء على رسوله‬ ‫والصالة عليه والسالم‪.‬‬ ‫الهادي الكرمي ّ‬ ‫ن َ ْق َدم الى مدينة جرمانا كأننا قادمون الى‬ ‫بلدتنا ملا لهذه املدينة عندنا من محب ٍة ألهلها‬ ‫ووفاء وإكرام‪.‬‬ ‫وتقدير واحترام‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫إنها مدينة الشيخ الصالح ( الشيخ صالح‬ ‫اجلرماني) واملشايخ الفاضلني الكرام املوفني‬ ‫العهد والود والذمام‪ ،‬وإنها موطن األهل واألحباب‬ ‫واالخوان واخل ّالن واألصحاب ومعقل أبناء املروءة‬ ‫والنخوة والكرم والشهامة والشجاعة والهمم‬ ‫تصافح دمشق الشام العاصمة مصافحة‬ ‫الوالء والوفاء واألخاء والتكرمة وتستقبل ضيوف‬

‫‪42‬‬

‫العاصمة باحلفاوة والكرمة‪.‬‬ ‫فليس يمُ كننا أن ننسى أهلنا وأن ننسى من‬ ‫والضراء‬ ‫السراء‬ ‫ّ‬ ‫ك ّرمنا وساندنا وساعدنا في ّ‬ ‫ّ‬ ‫شيء وما ِمن اح ٍد يف ّرق‬ ‫والشدة وال ّرخاء‪ ،‬وما من‬ ‫ٍ‬ ‫بيننا وبني أهلنا واهلل تعالى معنا وناصرنا‪.‬‬ ‫نح ّيي الرئيس الشجاع االسد والقيادة‬ ‫ونحييكم ونشكركم والسالم عليكم‬

‫وهاب‬ ‫ثم حتدث الوزير وهاب قائالً‪“ :‬مشايخنا االجالء‬ ‫اخوتي االعزاء‪ ،‬اخواني من مختلف الطوائف‪،‬‬


‫الشيخ أبو ذياب يلقي كلمته‬

‫االخوة اللبنانيني والسوريني والعراقيني املتواجدين‬ ‫في هذه املدينة‪.‬‬ ‫زيارتنا الى جرمانا اليوم هي زيارة اهلية‬ ‫واجتماعية بدعوة من اناس كرام‪ ،‬ال استطيع ان‬ ‫اقول بأنهم لبنانيون ومقيمون في سوريا النني ال‬ ‫اؤمن باحلدود في هذه االمة‪ ،‬فبالنسبة لي لبنان‪،‬‬ ‫سوريا‪ ،‬العراق‪ ،‬االردن‪ ،‬وفلسطني‪ ...‬كلهم بلد‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫نعم النني احب لبنان‪ ،‬احب سوريا والعراق‬ ‫وفلسطني وكل قطعة من هذه االمة‪ .‬وفي‬ ‫يوم من االيام كتب ألقي ندوة سياسية في‬ ‫جرمانا ويومها قلت واكرر هذا القول “انا سوري‬ ‫بقدر ما انا لبناني ‪ ،‬وانا فلسطيني بقدر ما انا‬ ‫لبناني‪ ،‬وانا عراقي بقدر ما انا لبناني” فطاملا‬ ‫ان عراق محتل فأنا عراقي‪ ،‬وطاملا ان فلسطني‬ ‫مغتصبة فأنا فلسطيني وطاملا ان سوريا‬ ‫مهددة فأنا سوري‪ .‬نعم‪ ،‬ولكن احلمدهلل بفضل‬ ‫حكمة رئيسكم وشجاعته الذي لم يعد اليوم‬ ‫رئيس لسوريا فقط بل هو رئيس عربي‪ ،‬ها انتم‬ ‫تشاهدون اليوم هذه الوفود والتي كانت تأتي‬ ‫منذ سنوات ولتحاول ان متلي شروطها على‬ ‫سوريا‪ ،‬تعود صاغرة الى سوريا تطلب رأيها في‬ ‫كل القضايا املعقدة‪ ،‬فأضحت سوريا اليوم‬ ‫املمر االجباري لكل القضايا العالقة واملعقدة‬ ‫في املنطقة‪ ،‬واملمر االساسي للسالم في كل‬ ‫منطقتنا العربية‪.‬‬ ‫واعتقد بأن االربع سنوات املاضية كانت هي‬ ‫االصعب ليس في تاريخ سوريا فقط بل في‬ ‫تاريخ كل املنطقة العربية وحتما لو مورست‬ ‫الضغوط التي مورست على سوريا ورئيسها‬ ‫طيلة السنوات املاضية لو مورست لى دول‬ ‫كبرى النهارت‪ ..‬ولكن بقي بشار االسد صامدا ً‬ ‫وحده في هذا العالم العربي‪ .‬وها انتم تشهدون‬ ‫اليوم‪ ،‬بأن ليس فقط العالم العربي بدأ يتغ ّير‬ ‫بفضل صموده بل كل العالم من املوقف‬ ‫التركي الى املوقف الفنزويلي واميركا الالتينية‬

‫‪...‬وهاب‬

‫الترحيب بوهاب والشيخ أبو ذياب‬

‫وموقف كثير من الشعوب العربية‪ .‬هذا االمر ما‬ ‫كان ليتحقق لوال صمود سوريا التي تغذت منها‬ ‫املقاومات العراقية واللبنانية والفلسطينية‪.‬‬ ‫وكما قال السيد حسن نصراهلل بعد انتصار‬ ‫صد العدوان‬ ‫متوز بأن سوريا شريكة كاملة في ّ‬ ‫وفي مقاومة العدوان االسرائيلي كذلك سمعنا‬ ‫خالد مشعل يقول بأن سوريا كانت شريكة‬ ‫صد العدوان على غزة وصمود املقاومة‬ ‫كاملة في ّ‬ ‫الفلسطينية في غزة‪ .‬وغدا ً عندما يكتمل حترير‬ ‫العراق ستقول املقاومة العراقية كلمتها بأن‬ ‫سوريا كانت شريكة في املقاومة العراقية‪.‬‬ ‫وانتم يا اهلي‪ ،‬يا احفاد سلمان واملقداد وابا‬ ‫ذر‪ ،‬كما في الشدائد سيفا ً في وجه االستعمار‬ ‫بيد سلطان االطرش‪ ،‬حتما ً ستكونون باستمرار‬ ‫سيفا ً بيد بشار االسد الذي يحمل اليوم مشعل‬ ‫املقاومة واملمانعة في هذه املنطقة‪ ،‬وهو ميثل‬ ‫ما تبقى لنا من شرف عربي وكرامة عربية‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫نعم بعد كل ما شاهدناه‪ ،‬خاصة في حرب‬ ‫غزة من تآمر عربي االن ندرك ملاذا هذه احلملة‬ ‫على سوريا ورئيسها الن سوريا كانت هي املكان‬ ‫الوحيد الذي استمر يغذي هذه املقاومات‪.‬‬ ‫وبعد غزة اصبح انتصار املقاومة بالنسبة لنا‪،‬‬ ‫قاعدة وليس استثناءا‪ .‬كان البعض يعتقد ان‬ ‫انتصار متوز الكبير هو استثناء وليس قاعدة‪.‬‬ ‫بعد غزة اثبتا بأن املقاومة وانتصارها هو‬ ‫القاعدة وان انتصار اسرائيل (السمح اهلل)‬ ‫في معركة ما هو االستثناء‪ ،‬وليس االستثناء‬ ‫هو اخضاع العرب والقناعة بهزميتهم كما‬ ‫كان يعتقد البعض نعم لقد ثبت ان سيد‬ ‫املمانعة في هذه االمة العربية هو بشار االسد‬ ‫وسيد املقاومة العربية سماحة السيد حسن‬ ‫نصراهلل‪ ،‬واملقاومني الشرفاء من العراق الى‬ ‫فلسطني ولبنان هذه القناعة اصبحت هي‬ ‫القاعدة الثابتة لنا‪.‬‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر لبناني‬

‫مسؤولة العالقات الخارجية في تيار التوحيد اللبناني فريال أبو ذياب ‪:‬‬

‫بدأنا بتوسيع نشاطاتنا عبر خطة واضحة‬ ‫دور العالقات اخلارجية أساسي وهام‪ ،‬وهو يعبر عن مدى‬ ‫التواصل مع األحزاب والقوى والبلدان‪ ،‬وهو يتطلب الكثير‬ ‫من اجلهد واملتابعة‪ ،‬وخاصة مع تقدم وسائل االتصال وتزاحم‬ ‫القضايا اخملتلفة السياسية واالجتماعية واالقتصادية‪ ،‬وإذا كان‬ ‫تقدير مستوى األداء ألي عمل ناجح يتم من خالل عدد اللقاءات‬ ‫واملوضوعات التي تطرح‪ ،‬فهذا يعني أن اإلشارات املتوافرة‬ ‫لدينا تدل بكل وضوح على أننا على طريق العمل الدؤوب نسير‬ ‫بخطوات هامة على طريق التغيير نحو األفضل‪ ،‬واالستفادة من‬ ‫كل االمكانات والعالقات املتاحة‪ ،‬فقضية التغيير واملهمة امللقاة‬ ‫على عاتقنا تتطلب مزيدا ً من التواصل‪ ،‬فقضية العمل من اجل‬ ‫احلياة أفضل هي مبثابة معركة مستمرة من البناء والعطاء‪.‬‬ ‫بعد عودتها من املغترب حاملة أفكارا ً ثورية وحتررية‪ ،‬قررت أن‬ ‫تكون جزءا اساسياً في بناء تيار التوحيد اللبناني‪ ،‬حيث رأت في‬ ‫شخصية القائد وئام وهاب سمات الثورة البوليفارية الداعية‬ ‫للحق واخلير والعدل واملساواة‪ ،‬وللتعرف اكثر على اهمية العالقات‬ ‫اخلارجية وما مت إجنازه‪ ،‬كان لنا اللقاء التالي مع الرفيقة فريال ابو‬ ‫ذياب مسؤولة العالقات اخلارجية في تيار التوحيد اللبناني‪ ،‬وهذا‬ ‫نص احلوار‪:‬‬

‫ما اهمية العالقات اخلارجية في نقل مواقف تيار التوحيد اللبناني‬ ‫ونشاطاته الى اجلهات األخرى التي يتم التواصل معها مبا يعزز دور التيار‬ ‫على جميع االصعدة الوطنية ومينت العالقة باألصدقاء في اخلارج؟‬ ‫إميانا ً باحلوار واالنفتاح والتفاعل مع اآلخر‪ ،‬أعطى رئيس تيار التوحيد‬ ‫اللبناني توجيهاته إلقامة عالقات دولية مع السفارات الصديقة والشقيقة‬ ‫في لبنان‪ ،‬فوضعنا خطة واضحة لعملنا وبدأنا بتوسيع النشاطات عبر‬ ‫التواصل املباشر من خالل اللقاءات مع السفراء بهدف شرح وجهة نظر‬ ‫التيار باألمور السياسية واالقتصادية والفكرية وإطالعهم على أبرز املبادئ‬ ‫واألسس التي قام عليها تيار التوحيد ونظرته ملستقبل لبنان‪.‬‬ ‫كانت نتيجة عملنا اجلاد واملضني جيدة جدا ً رغم الظروف االمنية‬ ‫واالضطرابات السياسية التي كانت متثل عائقا ً امام نشاطنا‪ ،‬واالمر االيجابي‬ ‫قبول اآلخر لنا‪ ،‬ال بل االميان بأهدافنا الوطنية والقومية ذات البعد االنساني‬ ‫التحرري‪ ،‬فعكسنا خالل جوالتنا رؤيتنا العلمانية البعيدة عن الطائفية‬ ‫والفئوية خالفا ً ملا يحاول اآلخرون إلصاقه بنا‪.‬‬ ‫ما هي أبرز النشاطات للعالقات اخلارجية خالل املرحلة املاضية‪ ،‬وما‬ ‫هو تقييمكم لها؟‬ ‫منذ اللحظة االولى لبداية عملنا لم تتوقف النشاطات من خالل التواصل‬ ‫الدائم مع السفارات واحلضور الالفت بكل املناسبات‪ ،‬ضمن ذهنية احلوار‬ ‫واحلق والعدالة وخدمة للقضايا الوطنية والتأكيد على حقنا في املقاومة‬ ‫باستعادة أرضنا املغتصبة‪.‬‬ ‫تكلل هذا العمل مبجموعة كبيرة من اللقاءات التي ضمت رئيس تيار‬ ‫التوحيد اللبناني وئام وهاب وسفراء الدول التالية‪:‬‬ ‫ سفير الصني في لبنان‪ ،‬سفير روسيا‪ ،‬سفير رومانيا‪ ،‬دولة االمارات‬‫العربية املتحدة‪ ،‬فنزويال‪ ،‬باراغواي‪ ،‬اكوادور‪ ،‬وفد البرملان اللتينو اميركي‬ ‫الفنزويلي‪ ،‬النائب االول للعالقات اخلارجية للحزب الشيوعي الكوبي‪.‬‬ ‫ما هي خطة العالقات اخلارجية املستقبلية لتحقيق أفضل جدوى ممكنة‪،‬‬ ‫وهل هناك برنامج محدد‪ ،‬وما هي آفاق تطوير عمل العالقات اخلارجية؟‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪44‬‬

‫نؤمن في تيار التوحيد برسالة انسانية حضارية‪ ،‬وهذا ما يحتم علينا‬ ‫التواصل مع جميع املؤمنني برسالتنا‪.‬‬ ‫يرتكز عملنا على ما يلي‪:‬‬ ‫تفعيل التعاون السياسي والفكري واالعالمي مع كل السفارات‪.‬‬ ‫اللقاءات الدورية مع السفراء والفعاليات الدورية‪.‬‬ ‫توسيع العالقات الدبلوماسية مع سفرات جديدة‪.‬‬ ‫كما نتطلع الى مرحلة انطالقنا الى خارج لبنان للمشاركة الفعالة في‬ ‫املؤمترات الدولية وتسجيل حضور فاعل ومؤثر‪.‬‬ ‫هل ملستم تفهماً اكبر للقضايا الوطنية والقومية مع اجلهات التي‬ ‫يتم التواصل معها‪ ،‬وعلى ماذا تركز هذه اجلهات؟‬ ‫خالل لقاءاتنا ملسنا تفهما ً كبيرا ً للقضايا االساسية التي نطرحها‬ ‫للحوار‪ ،‬ال بل وجدنا تفاعالً ودعما ً كبيرين للجهود التي نقوم بها لرسم‬ ‫صورة تيار التوحيد اللبناني كجزء ومكون اساسي في النسيج الوطني‬ ‫والقومي باملنطقة‪ ،‬وحلقّ لبنان في ان ينعم باالستقرار السياسي وحقه‬ ‫ايضا ً في الدفاع عن ارضه واستعادة ما سلب منها‪.‬‬ ‫وكنا ايضا ً نتقاطع مع كثير من السفارات في االهداف والتطلعات‬ ‫والهواجس التي هي نفسها عند بعضهم جتاه الكيان الصهيوني الغاصب‬ ‫والواليات املتحدة االميركية املتغطرسة‪.‬‬ ‫املالحظ خالل لقاءاتنا ان معظم السفارات رحب بإقامة افضل العالقات‬ ‫مع تيار التوحيد اللبناني وسجل احترامه الشديد ملواقف الرفيق وئام وهاب‬ ‫الشجاعة والصادقة‪.‬‬ ‫رسالتي حمل ّبي السالم واالستقرار في العالم أقول‪ :‬ان في تضامن الدول‬ ‫والشعوب خيرا ً لإلنسانية جمعاء‪ ،‬وقوة إلرادة احلياة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العسراوي‬


‫حملة لباس العز‬ ‫لترتديه غزة‬

‫بعد احلملة التي أطلقها التجمع النسائي‬ ‫لألحزاب والقوى الوطنية حتت عنوان حملة‬ ‫لباس العز‪ ،‬من أجل غزة اجلريحة‪ ،‬غزة الصابرة‬ ‫والصامدة‪ ،‬غزة املقاومة واملواجهة‪.‬‬ ‫ومن أجل التخفيف عن كاهل شعبنا العظيم‬ ‫على أرض فلسطني األبية‪ ،‬ومن أجل بلسمة جراح‬ ‫اجلرحى واملهجرين من بيوتهم املدمرة ولدرء البرد‬

‫عن أجساد أهلنا وخاصة األطفال‪ ،‬متّ جمع تبرعات‬ ‫من املالبس اجلديدة لكل أفراد األسرة‪ .‬ومتّ تسليمها‬ ‫ملمثالت من اللجان النسائية في حركة حماس‪،‬‬ ‫بحضور ممثالت من األحزاب والقوى الوطنية‪.‬‬ ‫وكانت كلمة شكر وتقدير على املبادرة‬ ‫اإلنسانية من السيدة ماجدة عبد احلليم عضو‬ ‫الهيئة النسائية في حماس‪.‬‬

‫لقاء في سفارة الجمهورية البوليفارية الفنزويلية حول تعديل الدستور‬ ‫مثلت مسؤولة العالقات اخلارجية في تيار‬ ‫التوحيد اللبناني الرفيقة فريال أبو ذياب رئيس‬ ‫تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب في لقاء‬ ‫موسع عقدته سفيرة اجلمهورية البوليفارية‬ ‫الفنزويلية في لبنان سعاد كرم في مقر‬ ‫السفارة بتاريخ ‪ 2‬شباط ‪ ،2009‬بحضور نواب‬ ‫البرملان الفنزويلي عماد صعب وعادل زغير‬ ‫وعدد من الشخصيات السياسية اللبنانية‬ ‫وبعض السفراء األجانب الالتينوأميركيني‪ ،‬إلى‬ ‫جانب فعاليات إعالمية وسياسية مختلفة‪.‬‬ ‫خالل اللقاء‪ ،‬حتدث النائب عادل زغير عن‬ ‫تعديل املواد ‪ 160‬و‪ 162‬و‪ 174‬و‪ 192‬و‪ 230‬من‬ ‫دستور اجلمهورية الذي اقترحه مجلس النواب‬ ‫والذي يعطي صالحيات أكثر للشعب مبمارسته‬

‫حقوقه السياسية‪ ،‬للسماح ألي مواطن ميارس‬ ‫وظيفة تتطلب تصويتا شعبيا بأن يترشح‬ ‫للمنصب نفسه حسب املدة املقررة دستورياً‪،‬‬ ‫على أن تنحصر إمكانية انتخابه في التصويت‬ ‫الشعبي‪.‬‬ ‫وأوضح زغير أن الرئيس تشافيز قام بإصالحات‬ ‫كبيرة على املستوى الشعبي‪ ،‬وأنها لم تظهر‬ ‫للبعض كونهم يتخذون موقفا ً سلبيا ً مسبقا ً‬ ‫من فنزويال‪ ،‬وشكر دولة كوبا على املساعدات‬ ‫الطبية التي يؤديها فريق األطباء الكوبيني في‬ ‫كل املناطق الفنزويلية‪.‬‬ ‫كما بينّ أن االنتصار األكبر الذي حققه‬ ‫تشافيز هو القضاء على األمية باعتراف هيئة‬ ‫األونيسكو العاملية‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر التيار‬ ‫تيار التوحيد اللبناني في الذكرى الرابعة الغتيال الحريري‬ ‫نؤكد حرصنا ودعمنا إلقامة العدالة الدولية وسوق المجرمين إلى المحكمة‬ ‫أكد تيار التوحيد اللبناني في بيان له في‬ ‫الذكرى الرابعة الغتيال الرئيس رفيق احلريري‬ ‫انها تشكل فاجعة وطنية كبيرة وخسارة لكل‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬وبرغم بعض اخلالف السياسي مع‬ ‫الراحل إال انه ال ميكننا إال ان نؤكد على املكانة‬ ‫التي يتمتع بها الراحل في لبنان واخلارج عبر‬ ‫مواقفه الوطنية والقومية‪ ،‬وكم كنا نتمنى‬ ‫ان نشارك في هذه املناسبة لو أبقاها البعض‬ ‫ضمن اطارها الوطني الشامل بعيدا ً عن زواريب‬ ‫السياسة الداخلية‪.‬‬ ‫أطل علينا النائب سعد احلريري ليبشر‬ ‫اللبنانيني بربيع ثان بعد الربيع االول الذي ترك‬ ‫خمسني مليار دوالر أميركي يدفعه الشعب‬ ‫اللبناني من رغيف خبزه ليسدد خريف االقتصاد‬ ‫اللبناني املنهار بسبب السياسة احلريرية املرتكزة‬ ‫على الدين بدل اإلمناء‪.‬‬ ‫عن أي ربيع تتحدث يا شيخ سعد بعدما دمرمت‬

‫كل مقومات العيش الكرمي للمواطن اللبناني فغدا‬ ‫ينام ويصحو على ضرائب السنيورة املتصاعدة‪...‬‬ ‫لقد سرقتم أحالم األطفال‪ ،‬واختلستم طموح‬ ‫الشباب‪...‬‬ ‫إن سياستكم الهادفة الى خنق إبداع‬ ‫اللبنانيني وإلهائهم بحليب أطفالهم أضحت‬ ‫سياسة واضحة‪.‬‬ ‫كفى اجتارا بحياة الناس حتت أسماء وهمية‬ ‫وشعارات مزيفة ال تخدم سوى املصالح االنتخابية‬ ‫الضيقة‪...‬‬ ‫كفى مراوغة ومتاجرة بدم الشهيد رفيق احلريري‬ ‫الذي من املفترض ان تكون ذكرى استشهاده‬ ‫مناسبة وطنية جامعة لكل اللبنانيني‪ ،‬واذا كان‬ ‫الشيخ سعد يذكر بأحداث ‪ 7‬أيار بهدف التحريض‬ ‫ويصفه باليوم االسود‪ ،‬فإننا نؤكد له أن املعارضة‬ ‫هي التي حمته وأمنت له سبل البقاء بعدما‬ ‫تخلى عنه حلفاؤه وتركوه وحيدا ً في بيروت‪.‬‬

‫تيار التوحيد‪ :‬نأسف لوفاة زين الدين وعلى األجهزة‬ ‫كشف المتسببين وتحويلهم إلى القضاء‬ ‫تلقى «تيار التوحيد اللبناني» خبر وفاة املواطن لطفي عباس زين‬ ‫الدين واصابة جنله شادي بجروح خالل مشاركتهما مبهرجان ذكرى‬ ‫الرئيس الشهيد رفيق احلريري‪ ،‬بكل أسف وأدان كل عمل يسيء الى‬ ‫حرية التعبير والتظاهر واحلق بإبداء الرأي‪ .‬من هنا يطالب «التيار»‬ ‫ويصر على االجهزة األمنية كشف ومالحقة املتسببني وحتويلهم‬ ‫الى القضاء كي تنال العدالة من كل من يسيء الى حرية التعبير‬ ‫واحلق في التظاهر والنزول الى الشارع بشكل سلمي وحضاري‪ .‬واذ‬ ‫يتقدم التيار من عائلة الشهيد لطفي زين الدين وبلدته الشبانية‬ ‫وكل محبيه بأحرالتعازي‪ ،‬فإنه يتمنى لنجله شادي الشفاء‬ ‫العاجل‪.‬‬

‫تيار التوحيد اللبناني‪ :‬الحملة على الجيش هدفها‬ ‫هز ثقة اللبنانيين بمؤسستهم العسكرية‬ ‫صدر عن املكتب اإلعالمي لرئيس تيار التوحيد اللبناني البيان‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫نستغرب أشد االستغراب احلملة املستجدة على مؤسسة‬ ‫اجليش وقائدها وضباطها‪ ،‬ونعتبرها مشبوهة من حيث التوقيت‬ ‫واألهداف‪ ،‬وهي ال تقل خطورة عن الصواريخ املشبوهة التي‬ ‫تكتشف كل يوم على احلدود اللبنانية ـ الفلسطينية‪.‬إن هذه‬ ‫احلملة اإلعالمية والصاروخية‪ ،‬إن استهدفت شيئا‪ ،‬فإنها تستهدف‬ ‫ه ّز ثقة اللبنانيني بجيشهم ومؤسستهم العسكرية‪ .‬وهنا ال بد‬ ‫من التأكيد على ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ان هذه احلملة تأتي ردا ً على اإلجنازات التي حققتها القيادة‬ ‫اجلديدة للجيش‪ ،‬والتي كشفت من يقف فعالً وراء عمليات التخريب‪،‬‬ ‫وأسقطت محاوالت توجيه االتهام في اجتاهات خاطئة‪.‬‬ ‫‪ -2‬ان اجليش اللبناني هو املؤسسة الوحيدة التي تشكل إجماعا‬ ‫لدى كل اللبنانيني‪ ،‬وهي صمام األمان الوحيد الباقي في لبنان‪.‬‬ ‫لذا فإن استهدافها يشكل خطرا على الوحدة والسلم االهلي‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫يؤكد تيار التوحيد اللبناني حرصه ودعمه‬ ‫إلقامة العدالة وسوق اجملرمني الى احملكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬ويطالب بعدم استثناء أحد من القتلة‬ ‫وأمراء الدم في لبنان وما اكثرهم‪.‬‬ ‫يأسف تيار التوحيد اللبناني على حالة الشيخ‬ ‫سعد كونه يستجدي الناس ويقدم لهم كل انواع‬ ‫اإلغراءات للمشاركة في ذكرى استشهاد والده‪،‬‬ ‫بعدما تكشفت نوايا بعض أقطاب ‪ 14‬شباط في‬ ‫استغالل هذه املناسبة للدعاية واالعالم والترويج‬ ‫االنتخابي‪.‬‬ ‫ان محاولة خداع الناس بباريس ‪ 3‬يجب ان‬ ‫تتوقف‪ ،‬الن باريس ‪ 3‬هو مرحلة جديدة لالستدانة‬ ‫وإرهاق اللبنانيني من جديد‪ ،‬كما ان الدول ال تقدم‬ ‫هبات أو منحا بل قروضا ترهن الدولة ومؤسساتها‬ ‫عبر اخلصخصة وبيع الكثير من هذه املؤسسات‪،‬‬ ‫وبالتالي ارتهان القرار االقتصادي وفرض القرار‬ ‫السياسي اخلارجي‪.‬‬

‫وهاب صاحب مشروع تغييري ال انتخابي وقتي‬

‫ردت أمانة االعالم في تيار التوحيد اللبناني على ما ورد في صحيفة «السفير»‬ ‫بتاريخ اليوم ‪ 2‬شباط ‪ 2009‬عن «توافق غير معلن بني جنبالط وارسالن على إقصاء‬ ‫وهاب عن بعبدا»‪:‬‬ ‫اوال‪ :‬ان رئيس تيار التوحيد اللبناني وئام وهاب هو صاحب مشروع تغييري‪ ،‬ال‬ ‫وقتي‪ .‬وهو ليس من الذين يقفون على أبواب الزعامات واملرجعيات‬ ‫مشروع انتخابي‬ ‫ّ‬ ‫ليستجدي كرسيا أو مقعدا نيابيا كما يفعل غيره‪ ،‬كما يؤكد انه ليس بحاجة لقرار‬ ‫ميلى عليه‪ ،‬وهو الوحيد صاحب احلق في اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا ومتوافقا مع‬ ‫ضميره وعقيدته الوطنية والقومية‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬لم يتلق رئيس تيار التوحيد أي إشارة عن عملية الترشيح‪ ،‬واألمر أكبر‬ ‫من إشارات حيث ال حواجز مع حلفائه وهو على تواصل دائم وممتاز معهم‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬سبق أن أعلن تيار التوحيد اللبناني خوض االنتخابات النيابية مبرشحني ميثلون‬ ‫التيار في كل املناطق التي هم فيها‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬ان مصلحة الوطن والشعب هي األساس الذي يجب أن تقوم عليه العملية‬ ‫االنتخابية‪ ،‬ولنترك للمواطن اللبناني حرية االختيار بعيدا عن التدليس والغش‬ ‫واالجتار بحاجة الناس‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬يضع تيار التوحيد اللبناني هذه الكتابات واملقاالت في خانة االرتزاق‬ ‫االنتخابي والدعاية لبعض األسماء‪ .‬ويدعوهم للتوقف عن هذه الكتابات الصغيرة‪.‬‬ ‫تعليقاً على املوقف املصري الذي حمل على السيد حسن نصر اهلل‪ ،‬صدر عن‬ ‫رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير وئام وهاب التصريح التالي‪:‬‬ ‫يبدو أن عمالة النظام املصري للكيان الصهيوني أصبحت وجهة نظر عند رئيس‬ ‫النظام املصري وأركانه الذي يحاول الدخول من باب التحريض على إيران الستعادة‬ ‫ما فقده خالل األسابيع املاضية نتيجة موقفه اخملزي واملعيب من غزة‪ .‬وهنا يهمنا‬ ‫التأكيد على ما يلي‪:‬‬ ‫اوالً‪ :‬نريد تذكير هذا اخلائن وأركان نظامه بأن غزة أرض فلسطينية وليست إيرانية‪،‬‬ ‫وأن سكان غزة من أهل السنة وقد أسقطت غزة ورقة التني عن هذا النظام‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬اذا كانت إيران س ّباقة في دعم قضايانا وفي دعم حركات التحرر العربية من‬ ‫لبنان الى فلسطني‪ ،‬فهل نرفض الدعم اإليراني منتظرين أن يسقط مبارك التزامه‬ ‫“بكامب دايفيد” والعمالة إلسرائيل‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬يبدو أن هذا النظام لم يعد يستحي في عمالته‪ ،‬لذلك قرر أن يفعل ما‬ ‫يشاء‪ .‬ويا ليت هذا النظام ك ّلف هيئة ما حتى لو كانت تابعة له لكانت نقلت اليه‬ ‫موقف الشارع املصري املؤيد لكالم السيد حسن نصر اهلل‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬ان هؤالء العمالء الصغار ال يعرفون إال العمالة لغة للتعامل بني الناس‪ ،‬رغم‬ ‫إدراكهم أن رجالً بحجم السيد حسن نصر اهلل له حلفاء في هذه املنطقة يدعمون‬ ‫املمانعة واملقاومة‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫ً‬ ‫وتضليال‬ ‫االنتخابات اإلسرائيلية‪ ...‬األكثر عنصرية‬ ‫نتائجها على وقع المجازر في غزة‬

‫نتائج االنتخابات االسرائيلية‪ ،‬جاءت متوافقة‬ ‫الى حد كبير مع التوقعات التي حتدثت عنها‬ ‫الكثير من وسائل االعالم الصهيونية‪ ،‬فقط نتائج‬ ‫حزب العمل لم تكن متوقعة‪ ،‬ومن يعرف طبيعة‬ ‫الكيان الصهيوني‪ ،‬يعرف ملاذا جاءت هذه النتائج‬ ‫على هذه الصورة‪ ،‬واحلقيقة الثابتة في الكيان‪ ،‬ان‬ ‫هذا الكيان كل ال يتجزأ وان احلديث عن “اجملتمع‬ ‫املدني” فيه ال يستقيم مع حقائق االمور‪.‬‬ ‫فهذا اجملتمع ال يقل تطرفا ً عن قادته السياسيني‬ ‫والعسكريني‪ ،‬وهؤالء يعكسون طبيعة الكيان‬ ‫بدون جتميل‪ ،‬فاجلمهور االسرائيلي اختار من‬ ‫ميثله من صقور اليمني‪ ،‬والنتائج تشير نحو مزيد‬ ‫من التطرف والتشدد‪ ،‬وبالتالي فاجلمهور ليس‬ ‫مستعدا ً لتقبل فكرة السالم‪.‬‬ ‫تسيبي ليفني زعيمة حزب كادميا‪ ،‬ظهرت خالل‬ ‫احلرب الوحشية على غزة بأنها االكثر تطرفا ً‬ ‫وتضليالً‪ ،‬وأعجب بها اجلمهور الصهيوني ألنه لم‬ ‫يحدث أن حتدث أحد من قبل‪ ،‬كما حتدثت هي خالل‬ ‫العدوان الهمجي على غزة‪ ،‬فهي التي كانت تقول‬ ‫ان وقف إطالق النار سيدخل حيز الفعل عندما‬ ‫تقرر اسرائيل ذلك‪ ،‬وليس هناك عالم أو واليات‬ ‫متحدة أو أوروبا أو مجلس أمن‪ ،‬وليس هناك طرف‬ ‫آخر جريح ينزف دماً‪ ،‬اسرائيل وحدها هي التي تقرر‬ ‫ذلك‪ ،‬فصناديق االقتراع برهنت من جديد‪ ،‬أن من‬ ‫يحظى بتأييد الرأي العام الصهيوني‪ ،‬هو من يقتل‬ ‫اكثر من الفلسطينيني والعرب‪ ،‬وليس من يحقق‬ ‫تلك االهداف من وراء تلك احلربني‪ ،‬سواء على غزة‬ ‫أو لبنان‪ ،‬وهي احلافز ملنحه الصوت الصهيوني‪،‬‬ ‫اعتقادا ً ان القتل سيحقق االهداف عاجالً ام آجالً‪.‬‬ ‫وفي كل االحوال لم يكن ملنطق السالم أي‬ ‫مكان في احلمالت االنتخابية لقادة االحزاب‬ ‫الصهيونية‪ ،‬وبعد حربي لبنان وغزة‪ ،‬أظهر اجملتمع‬ ‫الصهيوني حالة من اخلوف والهلع‪ ،‬أفقدت هذا‬ ‫اجملتمع صوابه‪ ،‬فرأى الضعف في حكومته رغم‬ ‫اجملازر التي ارتكبت‪ ،‬وأصوات هؤالء ذهبت نحو من ال‬ ‫يريد السالم‪ ،‬واحلملة االنتخابية هذه املرة خلت من‬ ‫كلمة السالم‪ ،‬ولم تتكرر ال كفكرة وال كبرنامج‪،‬‬ ‫ويرى البعض منهم ان كلمة السالم باتت نافرة‬ ‫تؤذي سمع الناخب االسرائيلي‪.‬‬ ‫أثبتت االنتخابات االسرائيلية التي جرت في‬ ‫العاشر من شباط ‪ ،2009‬وهي االنتخابات الثامنة‬ ‫عشرة‪ ،‬ان اكثر من ثلثي االسرائيليني يفكرون بطرد‬ ‫الفلسطينيني الباقني من أرضهم‪.‬‬ ‫لقد قال الناخب االسرائيلي كلمته‪ ،‬ومنح‬ ‫اليمني االسرائيلي القوة التي كان يطمح لها‬ ‫والتي حترره نظريا ً من كل القيود‪ ،‬ورغم ذلك‬ ‫فاليمني منقسم على ذاته بني دعاة الدولة الدينية‬

‫ودعاة الدولة املدنية‪ ،‬او دولة‬ ‫االمر الواقع‪.‬‬ ‫انتخابات ولكنها مبثابة‬ ‫مواجهة‬ ‫خمسة احزاب اسرائيلية‬ ‫ميينية متطرفة‪ ،‬بينها حزبان‬ ‫دينيان متزمتان‪ ،‬تساند زعيم‬ ‫حزب الليكود بنيامني نتانياهو‬ ‫لتشكيل حكومته‪ ،‬وبينها‬ ‫حزب اسرائيل بيتنا بقيادة‬ ‫افيغدور ليبرمان‪ ،‬الذي يضع‬ ‫االمن في مرتبة أولوياته‪ ،‬مبعنى‬ ‫“ان تعتمد اسرائيل على قوتها‬ ‫العسكرية‪ ،‬ومن خالل احلرب‬ ‫يتحقق االنتصار‪ ،‬وليس في أجندته البحث عن‬ ‫تسوية‪ ،‬بل الردع وفرض السالم الذي تراه اسرائيل‬ ‫وشعار “السالم مقابل السالم” هو ما يتبناه احلزب‪،‬‬ ‫ويرى حزب “اسرائيل بيتنا” وجوب ان تضم اسرائيل‬ ‫الى تخومها كل املستوطنات في القدس والضفة‬ ‫الغربية احملتلني‪ ،‬ويتبنى هذا احلزب سياسة‬ ‫متشددة مع فلسطينيي ‪ ،1948‬ويرى وجوب ان‬ ‫يشترط عليهم “قانون املواطنة” ان يعلنوا والءهم‬ ‫إلسرائيل كدولة يهودية‪.‬‬ ‫أما احلزب اليميني الثاني “حزب شاس” الذي‬ ‫يشرف عليه احلاخامات عوفاديا يوسف‪ ،‬فيتبنى‬ ‫مواقف متشددة داعمة لالستيطان في “أرض‬ ‫اسرائيل” ويعارض طرح قضية القدس في أي‬ ‫مفاوضات مع الفلسطينيني‪.‬‬ ‫وهناك حركة “يهودت هتوراه” الدينية املتزمنة‪،‬‬ ‫أما “االحتاد القومي” فيعتبر االكثر تطرفا ً على‬ ‫اخلريطة احلزبية االسرائيلية‪ ،‬لكنه انقسم على‬ ‫نفسه الى “االحتاد القومي” و”البيت اليهودي”‬ ‫(مفدال اجلديد)” ويعتبر أركان احلزبيني من غالة‬ ‫املستوطنني املتطرفني‪ ،‬ويسعى االحتاد القومي‬ ‫كما جاء في برنامجه االنتخابي الى أن يطبق‬ ‫الشعب اليهويدي حقه في االستيطان في كل‬ ‫وطنه‪ ،‬ويرفض احلزب إقامة أي كيان سياسي في‬ ‫أي مكان غرب نهر االردن‪.‬‬ ‫لقد كان اليمني واضحاً‪ ،‬وحزب الليكود وصيغته‬ ‫العودة الى اسرائيل الكبرى‪ ،‬والتشديد كثيرا ً على‬ ‫استخدام القوة بالعالقة مع الفلسطينيني‪ ،‬فأكد‬ ‫أنه كان ينبغي على اجليش االسرائيلي ان يكمل‬ ‫املواجهة في غزة‪ ،‬وكذلك حيث يضطر للمواجهة‪،‬‬ ‫والليكود هو ذاته صاحب مقولة السلم االقتصادي‬

‫‪47‬‬

‫تسيبي ليفني زعيمة حزب كادميا ظهرت‬ ‫خالل احلرب على غزة االكثر عنفا ً وتطرفا ً‬ ‫وتضليالً‪ ،‬وقالت‪ :‬ان وقف النار سيدخل حيز‬ ‫الفعل عندما تقرر اسرائيل فليس هناك‬ ‫واليات متحدة او اوروبا او مجلس امن‪.‬‬ ‫نتائج االنتخابات االسرائيلية فوز ‪12‬‬ ‫قائمة من اصل ‪:33‬‬ ‫كدميا ‪ 28‬مقعدا ً‬ ‫الليكود ‪ 27‬مقعدا ً‬ ‫العمل ‪13‬‬ ‫اسرائيل بيتنا ‪ 15‬مقعدا ً‬ ‫شاس ‪ 11‬مقعدا ً‬ ‫يهودت هتواره ‪5‬‬ ‫االحتاد القومي ‪4‬‬ ‫اجلبهة الدميقراطية للسالم واملسـاواة‬ ‫‪4 .....‬‬ ‫القائمة العربية املوحدة ‪4‬‬ ‫بلد ‪3‬‬ ‫البيت اليهودي ‪3‬‬ ‫ميرتس ‪3‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫للفلسطينيني‪ ،‬والسلم مقابل السلم‬ ‫للسوريني‪ ،‬واحلل اجلذري للملف النووي االيراني‪ ،‬أما‬ ‫افيغدور ليبرمان زعيم حزب “اسرائيل بيتنا” فطرح‬ ‫صيغة جديدة لليمني‪ ،‬وهي ما تفترضها ضمنا ً‬ ‫صيغة نتنياهو وهي احلل “الدميوغرافي ـ اجلغرافي”‬ ‫الذي يضع نصب عينيه اسرائيل يهودية الى أقصى‬ ‫حد ممكن‪ ،‬وذلك بوضع آلية “عملية للترانسفير”‬ ‫وباخلالص من السكان العرب وطردهم ولو كانوا‬ ‫في إسرائيل‪ ،‬مقابل ضم املستوطنني وأرضهم‬ ‫في الضفة الغربية‪ ،‬وهو شعار عملي جذاب‬ ‫لالسرائيليني الذين أوصلوا فكرة شارون االولى‬ ‫باالنفصال عن غزة الى مداها االخير‪.‬‬ ‫بينما حزب العمل املعني تقليديا ً‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫بتحديد سقف ما ميكن ان‬ ‫يتقبله اجملتمع االسرائيلي من‬ ‫تنازالت للسالم‪ ،‬خاض املعركة بزعامة ايهود باراك‪،‬‬ ‫باعتباره الرجل ذا القبضة احلديدية‪ ،‬الذي لم‬ ‫يكلف نفسه عناء البحث عن مخارج سياسية‬ ‫وفضل توجيه ضربة قوية في قطاع غزة‪ ،‬ومحاولة‬ ‫رفع رصيده لدى الناخب االسرائيلي على حساب‬ ‫الدماء الفلسطينية‪.‬‬ ‫وحزب “كادميا” بزعامة تسيبي ليفني‪ ،‬هذا‬ ‫االبتكار الشاروني‪ ،‬اجنر الى حل االمر الواقع ما‬ ‫دامت التسوية مستبعدة لعدم وجود شريك‬ ‫فلسطيني قادر على ابتالع املعروض عليه‪ ،‬وهذا‬ ‫احلزب ضاع في الوسط بني ما يطرحه ايهود اوملرت‬ ‫وما تطرحه ليفني‪ ،‬وأثبتت الوقائع أن حديث‬ ‫اوملرت عن برنامج للتسوية املزعومة كان بسبب‬ ‫فقدانه وزنه السياسي‪ ،‬ولهذا فقد خاض اكثر‬ ‫احلروب دموية ضد املدنيني في غزة ولبنان‪ ،‬بينما‬ ‫هم ليفني في االنتخابات ان تبدو انها قادرة‬ ‫كان ّ‬ ‫على قيادة اسرائيل في احلرب‪ ،‬ال في السالم‪،‬‬ ‫فأغلقت كل النوافذ التي فتحها اوملرت‪ ،‬ولو‬ ‫نظرياً‪ ،‬وحاولت تسويق فكرة انها القادرة على‬ ‫التفاهم مع االميركيني مع ما ميكن ان يحملوه من‬ ‫أفكار ضاغطة على اسرائيل على طريق‪ ..‬خارطة‬ ‫الطريق‪.‬‬ ‫وإزاء هذا املشهد‪ ،‬ورغم التباين داخل اليمني في‬ ‫النظرة الى اهمية العاملني الدميوغرافي واجلغرافي‪،‬‬ ‫لكنه تباين مثمر في احلياة السياسية االسرائيلية‬ ‫املتجهة مييناً‪ ،‬ويقابله العقم الذي أصاب الوسط‬ ‫(كادميا) وحزب العمل‪ ،‬واملتمثل بكل االتفاقات‬ ‫املتوالدة التي تزداد منذ اتفاق اوسلو مرورا ً بخارطة‬ ‫الطريق وانابوليس‪..‬‬ ‫والسؤال الذي يُطرح اآلن‪ :‬هل باستطاعة‬ ‫السياسة اخلارجية االميركية ان تتكيف مع رغبة‬ ‫الناخب االسرائيلي‪ ،‬ما ميكن قوله‪ ،‬ان الواليات‬ ‫املتحدة مستعدة دائما ً الستقبال الفائز ولكن‬ ‫عليه ان يسهل للحليف االميركي عالقاته‬ ‫العربية والشرق أوسطية‪ ،‬وفي رحلة البحث عن‬ ‫رؤية اميركية شاملة في عهد ادارة باراك اوباما؟‬ ‫اللوحة باتت واضحة من خالل نتائج االنتخابات‬ ‫االسرائيلية التي أسفرت عن فوز (‪ 12‬قائمة) من‬ ‫أصل ‪ 33‬قائمة وهي‪:‬‬ ‫فوز كدميا بـ(‪ )28‬مقعدا ً والليكود (‪ )27‬مقعدا ً‬ ‫واسرائيل بيتنا (‪ )15‬والعمل (‪ )13‬وشاس (‪)11‬‬

‫‪48‬‬

‫ويهودت هتواره (‪ )5‬واالحتاد القومي (‪ )4‬واجلبهة‬ ‫الدميوقراطية للسالم واملساواة (حداش) (‪)4‬‬ ‫والقائمة العربية املوحدة (‪ )4‬بلد (‪ )3‬والبيت‬ ‫اليهودي (‪ )3‬وميرتس (‪.)3‬‬ ‫قراءة في نتائج االنتخابات اإلسرائيلية‬ ‫لم حتمل نتائج االنتخابات البرملانية االسرائيلية‬ ‫مفاجأة كبرى‪ ،‬وكما كان متوقعا ً صعود حزب‬

‫“اسرائيل بيتنا” اليميني املتطرف وتراجع تشكيالت‬ ‫اليسار املتمحورة حول حزب العمل وميرتس‪.‬‬ ‫وعكست اخلارطة االنتخابية املتولدة عن اجتاهات‬ ‫ثالثة بارزة في احلقل السياسي االسرائيلي متثلت في‪:‬‬

‫االنهيار املتدرج حلزب العمل الذي انتقل الى‬ ‫املوقع الرابع في املعادلة الداخلية االسرائيلية‪،‬‬ ‫بعدما كان في املاضي القوة الرئيسية التي‬ ‫أنشأت الدولة الصهيونية وحكمتها في أغلب‬ ‫مراحل تاريخها‪ ،‬وهذا االنهيار يعبر عن حتول‬ ‫جوهري في داخل املؤسسة الصهيونية ذاتها‪ ،‬من‬ ‫حيث مشروعهاااليديولوجي وخياراتها السياسية‬ ‫وعالقاتها باجلاليات واللوبيات اليهودية في اخلارج‪،‬‬ ‫فالعقيدة الصهيونية أخذت منذ البداية شكل‬ ‫اخلطاب القومي العلماني املتأثر بأطروحات اليسار‬ ‫االوروبي‪ ،‬ودافعت عن مشروع الدولة اليهودية‬ ‫الدميوقراطية القادرة على استيعاب الشعوب‬ ‫اليهودية املنحدرة من خلفيات عرقية وثقافية‬ ‫وطائفية شديدة التباين واالختالف‪.‬‬ ‫ولهذا الغرض أنشأت املؤسسة الصهيونية‬ ‫هياكل إدماجية احتضنت مجتمع الهجرة‬ ‫الوافدة‪ ،‬من أبرزها الكيبوتزات اجلماعية (املزارع‬ ‫العائلية) والنقابة العمالية والتنظيمات املسلحة‬ ‫التي شكلت عمود اجليش‪ ،‬وعلى الرغم من ان‬ ‫هذه الهياكل لم تنجح في امتصاص التناقضات‬ ‫الداخلية التي تنخر اجملتمع االسرائيلي بني اليهود‬ ‫الشرقيني (السفاردمي) والغربيني (االشكيناز) اال‬ ‫انها كانت قاعدة بناء هوية مشتركة في مجتمع‬ ‫شديد التنوع والتناقض‪ ،‬ومن هذا املنظور أدى حزب‬ ‫العمل دور احلاضن االيديولوجي واالطار السياسي‬ ‫للمشروع الصهيوني‪ ،‬وبلور خطابا ً علمانيا ً في‬


‫اخلارج‪ ،‬في ما وراء امليثولوجيا الدينية التي وظفها‬ ‫في استراتيجيته التعبوية الستقطاب املهاجرين‬ ‫اليهود (مقولة الوعد املقدس واحللف مع الرب)‪.‬‬ ‫ومن الواضح اليوم ان حزب العمل لم يعد قادرا ً‬ ‫على أداء دور القاطرة السياسية وااليديولوجية‬ ‫للمشروع الصهيوني بل حتول الى تشكيلة حزبية‬ ‫صغيرة‪ ،‬غير قادرة على حتديد الثوابت واخليارات‬ ‫االستراتيجية للمجتمع االسرائيلي‪.‬‬ ‫لقد أظهرت االنتخابات االسرائيلية‪ ،‬ان القوى‬ ‫اليمينية مبختلف تلويناتها قد حققت اختراقا ً‬ ‫ملحوظا ً للحقل السياسي االسرائيلي‪ ،‬مما جتسد‬ ‫من احلجم املتزايد للتشكيالت اليمينية الثالثة‬ ‫كدميا والليكود واسرائيل بيتنا التي أصبحت‬ ‫تسيطر على سبعني مقعدا ً من مقاعد الكنيست‪،‬‬ ‫واذا كانت هذه االحزاب تتباين من حيث اخللفية‬ ‫االيديولوجية واملواقف السياسية‪ ،‬فإنها تتفق‬ ‫في الرؤية العميقة للمشروع القومي اليهودي‬ ‫بالدفاع عن فكرة “الدولة اليهودية املتجانسة”‬ ‫مهما كان املوقف النهائي من اطار التسوية مع‬ ‫الفلسطينيني احملدود السيادة (كدميا) أو االكتفاء‬ ‫بالتوافقات املرحلية اجلزئية (الليكود) أو السماح‬ ‫مبعازل فلسطينية يهجر اليها فلسطينيو ‪.1948‬‬ ‫خطاب اليمني االسرائيلي يُظهر املسحة‬ ‫العنصرية واالصولية التي كانت معهودة داخل‬ ‫اخلطاب الصهيوني (كتابات فالدميير جابوتنسكي)‬ ‫قبل أن تُعتمد من الليكود لدى تأسيسه عام‬ ‫‪.1973‬‬ ‫وان فرص قيام ائتالف حكومي واسع سيظل‬ ‫هشا ً ومؤقتا ً في ظل ادارة اميركية جديدة برئاسة‬ ‫باراك اوباما ستعتمد املقاربة القريبة من أطروحات‬ ‫حزب العمل الذي كان اخلاسر االكبر في االنتخابات‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫ان االصطفاف احلزبي الناجم عن االنتخبات‬ ‫ليس في وسعه ان يخرج اسرائيل من دوامة االزمة‬ ‫السياسية التي تعصف بها‪ ،‬وتنعكس هذه االزمة‬ ‫في أحد جوانبها‪ ،‬في فقدان االستقرار السياسي‪،‬‬ ‫فإسرائيل جتد نفسها من اآلن وصاعدا ً بني خيارين‪،‬‬ ‫ليس من املبالغة القول ان احالهما م ّر‪.‬‬ ‫ان خيار تأليف حكومة ميينية ذات غالبية ضئيلة‬ ‫برئاسة بنيامني نتنياهو‪ ،‬رئيس الليكود‪ ،‬بحكم‬ ‫الواقع القائم‪ ،‬لن يبعد اليوم الذي ستصطدم فيه‬ ‫هذه احلكومة مع استحقاقات املرحلة السياسية‬ ‫السابقة خالل فترة والية حكومة اوملرت‪،‬‬ ‫وخصوصا ً في ظل مناخ إقليمي ودولي مختلف‬ ‫قد يشكل حاضنة لتلك االستحقاقات‪ ،‬أما خيار‬ ‫تأليف حكومة واسعة‪( ،‬حكومة وحدة وطنية)‪ ،‬أو‬ ‫حكومة رأسني وستكون حكومة كهذه إما وصفة‬ ‫مضمونة لشلل سياسي عام‪ ،‬وإما حكومة‬ ‫حتضيرية لتصعيد حربي محتمل‪.‬‬ ‫وفي ضوء ذلك لم يكن من قبيل املصادفة انه‬ ‫فور ظهور نتائج االنتخابات العامة بدأ في اسرائيل‬ ‫حديث متواتر عن ضرورة تغيير طريقة االنتخابات‬ ‫النسبية املتبعة‪ ،‬واحلديث عن أمراض السياسة‬ ‫االسرائيلية وهي تشرذم في الكنيست‪ ،‬وتبديل‬

‫حزب اسرائيل بيتنا “بقيادة افيغدور ليبرمان ليس في اجندته‬ ‫البحث عن تسوية مع الفلسطينيني وشعاره “السالم مقابل السالم” ويضع االمن‬ ‫مرتبة اولوياته واحلل الدميوغرافي – اجلغرافي و‪ .......‬فلسطني ‪.1948‬‬ ‫حزب الليكود بزعامة نتانياهو التشديد على استخدام القوة مع‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬كان ينبغي على اجليش االسرائيل ان يكمل املواجهة في غزة وهو‬ ‫صاحب مقولة‪ ،‬السلم االقتصادي‪.‬‬ ‫حزب كادميا وهو ابتكار شاروني اجنز الى حل االمر الواقع والتسوية‬ ‫مستبعدة لعدم وجود شريك فلسطيني قادر على ابتالع املعروض‪ ،‬وحديث اوملرت عن‬ ‫برنامج التسوية كان بسبب فقدانه لوزنه السياسي وخياره من الفصل التدريجي‬ ‫الى التقسيم‪.‬‬ ‫حزب العمل بزعامة باراك لم يكلف نفسه البحث عن مخارج سياسية‬ ‫وفضل توجيه ضربة قوية من قطاع غزة عله يرفع رصيده االنتخابي على حساب‬ ‫الدماء الفلسطينية‪.‬‬ ‫حزب االحتاد القومي‪ ،‬اركانه من غالة املستوطنني وفي برنامجه االنتخابي‬ ‫االستيطان في كل االراضي ويرفض اقامة اي كيان فلسطيني غربي نهر االردن‪.‬‬ ‫حكومات مبعدل مرة كل سنتني‪ ،‬وليس مفاجئا ً‬ ‫ان نسبة التصويت هبطت في اسرائيل الى درك‬ ‫تاريخي بلغ ‪.%63‬‬ ‫يقول استاذ علم االجتماع في اجلامعة العبرية‬ ‫في القدس البروفيسور باروخ كيمر لينغ عشية‬ ‫انتخابات الكنيست السابعة عشرة سنة ‪2006‬‬ ‫بشأن الكراهية املتأصلة للفلسطينيني في‬ ‫اجملتمع االسرائيلي “مما ال شك فيه ان االسرائيليني‬ ‫في معظمهم‪ ،‬مينيني ويساريني‪ ،‬صقورا ً وحمائم‪،‬‬ ‫يفضلون أن يفيقوا ذات صباح صاف ليكتشفوا‬ ‫ان الفلسطينيني قد اختفوا أو تبخروا بطريقة‬ ‫عجيبة‪ ،‬وان هذا الصراع كله‪ ،‬وحقيقة وجود عرب‬ ‫بني ظهرانينا ومن حولنا وفي أي مكان‪ ،‬كان مجرد‬ ‫كابوس ليس إال أو كان حلما ً سيئا ً تبدد‪ ،‬والسؤال‪:‬‬ ‫ما الذي تغير منذ انتخابات ‪ 2006‬حتى انتخابات‬ ‫‪ 2009‬باستثناء تغيير اسم اخليار الذي يدعو اليه‬ ‫حزب كادميا من “الفصل التدريجي” الى “التقسيم”‬ ‫الذي ال يبدو انه سيخرج الى حيز التنفيذ حتى‬ ‫بصورة تدريجية‪...‬‬

‫على ليفني تشكيل أغلبية من الوسط‬ ‫واليسار‪...‬‬ ‫واذا ما ترك حزب “كادميا” خارجا ً فسيكون‬ ‫بإمكان االحزاب اليمينية ان حتكم بأغلبية ضئيلة‪،‬‬

‫وهو ما يعطي فرصة لالحزاب الصغيرة والقدرة على‬ ‫إسقاط احلكومة‪ ،‬وهذا ما سيحول حلم نتانياهو‬ ‫بالعودة الى رئاسة الوزراء الى كابوس‪.‬‬ ‫واذا شكل نتنياهو هو حكومة ميينية ضيقة فإنه‬ ‫سيضع نفسه في مأزق ما بني التعامل مع مطالب‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬بتجميد املستوطنات االسرائيلية‪،‬‬ ‫والتخلي عن معظم الضفة الغربية من أجل التوصل‬ ‫الى حل الدولتني‪ ،‬وما بني مقاومة شركائه في االئتالف‬ ‫ألي حل وسط‪...‬‬ ‫وبدون وجود وزن مقابل لـ”الليكود” في احلكومة ممثالً‬ ‫بحزب كادميا وليفني‪ ،‬فإن حياة نتنياهو كرئيس للوزراء‬ ‫في حكومة ائتالفية ستكون قصيرة االجل‪.‬‬ ‫بطبيعة احلال‪ ،‬هناك مصلحة مشتركة لنتنياهو وليبرمان‬ ‫لتشكيل حكومة ائتالفية مع ليفني‪ ،‬من أجل ضمان االستقرار‬ ‫لتلك احلكومة‪ ،‬وقد ال يعني هذا االمر ان اسرائيل ستصبح شريكاً‬ ‫مثالياً ألوباما‪ ،‬اال انه ال يعني باملقابل احلصول على تسويات‬ ‫ايجابية بشأن عملية السالم في الشرق االوسط تتوافق مع‬ ‫مظاهر األزمة الناشئة‬ ‫رغبات االدارة االميركية اجلديدة‪ ،‬إالّ أن رئيس الدولة شمعون بيريز‬ ‫في الكيان بعد االنتخابات‬ ‫قرر تكليف نتنياهو بتشكيل احلكومة نزوالً عند رغبة األغلبية‬ ‫وقرار ليبرمان دعم نتنياهو‪.‬‬ ‫رغم ان تسيبي ليفني جنحت في وضع‬ ‫وأمام هذا الواقع في الكيان الصهيوني بعد االنتخابات‪ ،‬ما‬ ‫حزبها “كدميا” في املقام االول‪ ،‬ومبا ان حزب الذي ميكن فعله لتقصير عمر هذا الكيان؟‬

‫العمل حقق نتائج ضعيفة وحصل على‬ ‫املركز الرابع‪ ،‬فهذا سيجعل من املستحيل‬

‫‪49‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫كالم نتنياهو يحمل نوايا عدوانية تجاه إيران‬

‫أحمد خليفة لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫نتائج االنتخابات اإلسرائيلية كارثية على المنطقة‬ ‫أعطت نتائج االنتخابات االسرائيلية إشارة‬ ‫واضحة إلى تطرف اجملتمع االسرائيلي الذي ال يقل‬ ‫عن قادته‪ ،‬ووضعت ما يسمى بعملية السالم في‬ ‫حالة املوت السريري‪ ،‬التي أضحت ال حتتاج الى‬ ‫تصريحات جديدة من رئيس احلكومة االسرائيلية‬ ‫املكلف بنيامني نتنياهو الذي يصر على رفض‬ ‫أي برنامج سياسي في حكومة يضمن استمرار‬ ‫مفاوضات السالم مع الفلسطينيني‪.‬‬ ‫فهذه النتائج التي جاءت على وقع اجملازر‬ ‫الصهيونية ضد الفلسطينيني في قطاع غزة ال‬ ‫ميكن أن تنتج سالماً‪ ،‬هذا ما يؤكده قادة الكيان‬ ‫اجلدد‪ ،‬أمثال بنيامني نتنياهو زعيم حزب الليكود‪،‬‬ ‫وأفيغدور ليبرمان رئيس حزب اسرائيل بيتنا‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” تقرأ في حوار أجرته مع اخلبير‬ ‫في الشؤون االسرائيلية االستاذ أحمد خليفة‬ ‫نتائج االنتخابات االسرائيلية وانعكاساتها على‬ ‫املنطقة بعدما جاءت بصقور اليمني واليمني‬ ‫املتطرف في اسرائيل‪ ،‬وبرهنت صناديق االقتراع‬ ‫من جديد‪ ،‬تركيبة اجملتمع الصهيوني القائم على‬ ‫العدوان والقتل واالستيالء على أراضي اآلخرين‬ ‫بالقوة العسكرية الغاشمة‪ ،‬مستفيدا ً من الدعم‬ ‫االميركي الالمحدود وظلم اجملتمع الدولي الذي ال‬ ‫يرى إال بعني واحدة‪.‬‬

‫عداء واضطهاد اكثر للعرب‬ ‫كيف قرأت نتائج االنتخابات اإلسرائيلية؟‬ ‫فوز األحزاب اليمينية املتطرفة في االنتخابات‬ ‫االسرائيلية أظهر توجه اجملتمع االسرائيلي نفسه‬ ‫نحو اليمني‪ ،‬ونحو عداء واضطهاد أكثر للعرب‪،‬‬ ‫فهذه األحزاب اليمينية التي حصلت على غالبية‬ ‫‪ 65‬صوتا من اصل ‪ 120‬في الكنيست احزاب فاشية‪،‬‬ ‫فهي متطرفة ليس باملعنى االفتصادي واالجتماعي‬ ‫فقط‪ ،‬بل في مواقفها من املناطق الفلسطينية‬ ‫احملتلة والشعب الفلسطيني والسالم مع العرب‪.‬‬ ‫فإذا ألقينا نظرة على االحزاب‪ ،‬نعدد ما يلي‪:‬‬ ‫الليكود واسرائيل بيتنا‪ ،‬اللذان يدعيان انهما حزبان‬ ‫علمانيان‪ ،‬وهناك حزبان دينيان يهودت هتوراه وحزب‬ ‫شاس‪ ،‬كلها أحزاب متطرفة وخاصة اسرائيل بيتنا‪،‬‬ ‫فهو حزب يتمتع بنظرة عنصرية ملا يسمى بعرب‬ ‫الـ‪ ،48‬أي املواطنني الفلسطينيني الذين يقيمون‬ ‫في فلسطني منذ عام ‪ 1948‬والذين يبلغ تعدادهم‬ ‫اآلن مليونا ً و‪ 200‬الف أي نسبة ‪ %20‬من اجملتمع‬ ‫اإلسرائيلي‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ماذا سيكون انعكاس فوز هذه األحزاب على‬ ‫الفلسطينيني؟‬ ‫نتائج االنتخابات من دون شك ستنعكس على‬ ‫الفلسطينيني في املناطق احملتلة وفي الضفة‬ ‫الغربية وفي قطاع غزة‪ ،‬وعلى عرب الـ‪ 48‬وعلى‬ ‫مبادرة السالم العربية أي عرض السالم الذي قدم‬ ‫للعرب والذي رفضته اسرئيل في حينها عندما‬ ‫كان شارون رئيس حكومة‪.‬‬ ‫ما هي انعكاسات نتائج االنتخابات على عملية‬ ‫السالم بني الفلسطينيني واإلسرائيليني؟‬ ‫احلزب الرئيسي والقائد بني هذه االحزاب اليمينية‬ ‫هو حزب الليكود الذي يرأسه بنيامني نتنياهو‬ ‫الذي له مواقف معلنة ومواقف تكررت في احلملة‬ ‫االنتخابية وحتى الحقا ً اتضح متسكه بها‪ ،‬في ما‬ ‫يتعلق بفلسطني فهو مستعد ليتفاوض معهم‬ ‫على أساس حتسني أوضاعهم االقتصادية ال على‬ ‫أساس التوصل الى تسوية سلمية تؤدي الى قيام‬ ‫دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة‪،‬‬ ‫كما انه ليس لديه استعداد إلزالة املستوطنات وال‬ ‫االنسحاب من هضبة اجلوالن‪ .‬إضافة الى انه يدعم‬ ‫التوسع االستيطاني في الضفة احملتلة‪ ،‬وبقاء‬ ‫اجلدار العنصري أي ما يسمونه اجلدار العازل ويدعم‬ ‫تقطع أوصال الضفة الغربية باملستوطنات والطرق‬ ‫والقواعد العسكرية‪ ،‬كما يدعو الى سحق حماس‬

‫‪50‬‬

‫ويرفض أي تعاون معها‪.‬‬ ‫اذاً‪ ،‬فيما لو تشكلت احلكومة من األحزاب‬ ‫اليمينية املتطرفة‪ ،‬فلن يكون هناك سالم‪ ،‬اذ هناك‬ ‫تنافض كلي وكامل ملا يريده نتنياهو مع املطالب‬ ‫الفلسطينية في املناطق احملتلة وتناقض كلي‬ ‫وكامل مع املبادرة العربية للسالم التي تدعو الى‬ ‫انسحاب اسرائيل من املناطق احملتلة‪.‬‬ ‫اذاً‪ ،‬على ماذا ستتم املفاوضات‪ ،‬في األوضاع‬ ‫االقتصادية؟‬ ‫السلطة الفلسطينية لن تقبل باملفاوضات‬ ‫من أجل حتسني الوضع االقتصادي‪ ،‬هذا محسوم‪،‬‬ ‫واآلن هناك مساع حثيثة مصيرية من أجل تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية فلسطينية‪ ،‬وأنا أرجح أن‬ ‫ينجحوا بتشكيل حكومة تنهي االنقسام‪ ،‬قد ال‬ ‫تتفق حماس والسلطة وفتح على كل القضايا لكن‬ ‫أرجح أن يتفقوا على حد ادنى من أجل فتح اجملال‬ ‫أمام ضغوطات لرفع احلصار عن قطاع غزة وبلسمة‬ ‫اجلراح وإعادة اإلعمار‪ .‬إضافة الى انه ليس هناك‬ ‫جهة فلسطينية تستطيع التفاوض قائلة إنها‬ ‫تقبل بالبقاء حتت االحتالل مقابل حتسني االوضاع‬ ‫االقتصادية‪ .‬املفاوضات التي كان يجريها أبو مازن‬ ‫كانت قائمة على اساس ايجاد حل للدولتني‪ ،‬ورغم‬ ‫ان هذه املفاوضات لم تؤدِ الى نتيجة استمروا بها‪،‬‬ ‫لكن اآلن ليس هناك مفاوضات‪.‬‬

‫اجتاه لتشكيل حكومة ميينية‬ ‫كيف ستنعكس نتائج االنتخابات اإلسرائيلية‬ ‫على باراك أوباما‪ ،‬حيث وصفها البعض بالنبأ‬ ‫السيئ ملشاريعه؟‬ ‫هناك خشية لدى األوساط اإلسرائيلية‬ ‫السياسية من أن إدارة أوباما لن ترتاح للتعاون مع‬ ‫حكومة ميينية متطرفة حاملة هذا املوقف جتاه‬ ‫الفلسطيني والتسوية السلمية وحماس وجتاه‬ ‫املبادرة العربية‪ ،‬خاص ًة أن حزب اسرائيل بيتنا‪ ،‬الذي‬ ‫ميثل اليهود الروس وتعدادهم ما يقارب املليون‬ ‫ونصف فاز بـ‪ 15‬مقعدا ً في الكنيست‪ ،‬وهذا حزب‬ ‫يدعو الى جتريد عرب الـ‪ ،48‬اذ يقول هذا احلزب ال‬ ‫مواطنة من دون والء‪ ،‬واذا لم يعلن عرب الـ‪ 48‬والءهم‬ ‫لدولة اسرائيل فيجب أن تسحب املواطنة منهم‪.‬‬ ‫هذا موقف عنصري فاشي‪ ،‬اذ ان هؤالء معهم هوية‬ ‫وجنسية اسرائيلية وهم اصحاب االرض االصليني‪.‬‬ ‫هذه املواقف يرجح أال تكون مقبولة من االدارة‬ ‫االميركية واجملتمع الدولي‪ ،‬هناك إشارات إلى ان‬


‫االدارة االميركية اجلديدة ستكون نشيطة‪ ،‬على‬ ‫االقل في البداية‪ ،‬في ما يتعلق باستمرار املفاوضات‬ ‫الفلسطينية االسرائيلية‪.‬‬ ‫كما ان في االدارة االميركية اجلديدة ارتياحا ً جتاه‬ ‫حماس‪ ،‬جون كيري رئيس االغلبية الدميوقراطية في‬ ‫مجلس الشيوخ صرح بعد زيارة املناطق احملتلة بأن‬ ‫االدارة االميركية مستعدة للتعامل مع حكومة‬ ‫شرعية فلسطينية تضم السلطة وحماس‪ ،‬أي‬ ‫انها مستعدة للتعامل مع حماس حتى لو لم‬ ‫تعترف بها‪ .‬مواقف نتنياهو ال تتالقى مع كل هذا‪،‬‬ ‫لذلك في املفاوضات االئتالفية الدائرة حاليا ً حاول‬ ‫نتنياهو أال يشكل حكومة من االحزاب املتطرفة‬ ‫اليمينية الفاشية‪ ،‬حاول ان يشكل ما يسميه‬ ‫حكومة وحدة وطنية أي حكومة يدخل فيها كدميا‬ ‫الذي يعتبر حزبا ً الى ميني الوسط‪ ،‬لكن مع رفض‬ ‫كدميا والعمل تتجه االمور الى تشكيل حكومة‬ ‫ميينية متطرفة‪.‬‬ ‫االدارة االميركية واالوروبيون ملحّ وا بعدم ترحيبهم‬ ‫بحكومة ميينية متطرفة‪ ،‬وطلبوا من اسرائيل‬ ‫تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كدميا وحزب‬ ‫العمل‪ .‬رمبا سيحاول نتنياهو بنا ًء على الضغط‬ ‫االميركي واالوروبي تشكيل حكومة تضم حزب‬ ‫كدميا والعمل‪ ،‬لكن االرجح انه سيضطر الى‬ ‫تشكيل حكومة ميينية‪ ،‬لذلك نتائج االنتخابات من‬ ‫هذه الناحية التي تكلمنا عنها تعتبر نتائج كارثية‬ ‫على املنطقة‪.‬‬ ‫هل تعتقد أن دخول حزب كدميا أو العمل في‬ ‫احلكومة سيغير في مجرى األمور؟‬ ‫ال‪ ،‬فال يكفي أن نرى التصريحات‪ ،‬كدميا حزب‬ ‫وسط فقط في دعايته االنتخابية وأمام الرأي العام‬ ‫العاملي‪ ،‬فاحلقيقة على األرض تظهر غير ذلك‪ .‬فهذ‬ ‫احلزب بدأ عهده بحرب على لبنان وأنهاه بحرب على‬ ‫غزة وبالتالي هو شرس في عدائه للفلسطينيني‪،‬‬ ‫حزب كدميا برئاسة ايهود اوملرت‪ ،‬وكانت حني ذاك‬ ‫وزيرة اخلارجية تسيبي ليفني‪ ،‬وقاد هذا احلزب‬ ‫مفاوضات مع الفلسطينيني ملدة سنتني‪ ،‬مع‬ ‫ابو مازن وقريع‪ ،‬لم تؤدِ الى نتيجة عملية‪ ،‬كما ان‬ ‫االستيطان استمر وتوسعت املستوطنات وسط‬ ‫تواطؤ حكومي‪ ،‬اذ لم تُزل املستوطنات العشوائية‬ ‫التي وعدوا االميركيني بإزالتها‪ ،‬ما يعني ان سلوكه‬ ‫مييني متطرف ال يستحق أن يسمى وسطيا ً بناء‬ ‫على الواقع الفعلي‪ ،‬فهذا احلزب في االساس‬ ‫مشكل من عناصر انشقت عن الليكود في حينه‬ ‫برئاسة ارييل شارون‪ ،‬والكتلة اليمينية التي ذهبت‬ ‫من الليكود الى هناك ال تزال ميينية‪.‬‬

‫استبعاد حروب جديدة‬ ‫هل تتوقع حرباً إسرائيلية على إيران‪ ،‬خاصة‬ ‫ان نتنياهو قال إن اخلطر الوجودي األكبر على‬ ‫اسرائيل يأتي من إيران؟‬ ‫كالم نتنياهو هذا يحمل نوايا عدوانية واضحة‪،‬‬ ‫لكن ال ميكن أن نتوقع حدوث عدوان ام ال‪ ،‬اذ حصول‬ ‫عدوان يحتاج الى عوامل عدة‪ .‬فإسرائيل بحاجة‬ ‫الى ضوء أخضر أميركي كما العادة وكما حصل‬

‫في حرب الـ‪.1982 ،1973 ،1967 ،1956‬‬ ‫ال ميكن إلسرائيل ان تقدم على شن حرب بدون‬ ‫ضوء أخضر أميركي‪ ،‬في ما يتعلق بإيران التي‬ ‫تعتبرها خطرا وجوديا‪ ،‬اخليار العسكري ال يزال‬ ‫موجودا ومطروحا على الطاولة ولكن ينتظرون‬ ‫نتائج احلوار بني الواليات املتحدة وايران‪ ،‬واذا فشل‬ ‫احلوار يطرح احلل العسكري‪.‬‬ ‫أنا أشك جدا ً في أن األميركيني يوافقون على‬ ‫أن تشن إسرائيل هجوما عسكريا على ايران ألنه‬ ‫اذا وجهت اسرائيل ضربة عسكرية إليران‪ ،‬فإيران‬ ‫ستعتبر أن إسرائيل أُعطيت ضوءا ً أخضر من‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وسترد في العراق واخلليج وفي‬ ‫أماكن اخرى‪ ،‬وهذه نتائجها ستكون خطيرة على‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫هل من باب املفاخرة يعد نتنياهو بحرب جديدة‬ ‫على لبنان‪ ،‬حتت شعار قطع األذرع اإليرانية قاصداً‬ ‫املقاومة في لبنان عبر حزب اهلل؟‬ ‫هناك بعض احملللني يتوقعون في حال عدم‬ ‫شن هجوم عسكري على ايران‪ ،‬محاولة اسرائيل‬ ‫القضاء على ما تسميه األذرع االيرانية في شمال‬ ‫وجنوب إسرائيل أي حزب اهلل وحماس‪.‬‬ ‫أنا شخصيا ً أعتقد انه ليس من السهل على‬ ‫اسرائيل ان تقدم على شيء من هذا القبيل‪ ،‬فحزب‬ ‫اهلل سيرد وهو ميتلك صواريخ تصل الى كل أنحاء‬ ‫اسرائيل‪ ،‬وميلك قوات مدربة ومنظمة‪ ،‬أي ان قوته‬ ‫ازدادت‪ ،‬واالسرائيليون يدركون ذلك‪ ،‬واذا كانوا قد‬ ‫فشلوا في السابق في العدوان الذي شنوه على‬ ‫جنوب لبنان في متوز‪ ،‬فليس هناك ضمانة لنجاح‬ ‫عدوان جديد‪ .‬الرد من شأنه أن يعود ليلهب املنطقة‬ ‫وعواقبه لن تكون محصورة بجنوب لبنان‪.‬‬ ‫هنا نطرح السؤال‪ :‬ملاذا يريدون أن يشنوا احلرب‪،‬‬ ‫ليستبقوا خطرا قادما‪ ،‬أنا أستبعد حصول عدوان‬ ‫لعدة اسباب‪ ،‬ما طبقوه في غزة من ضرب للمدنيني‬ ‫وإيقاع عدد كبير من الضحايا وطبقوه ايضا ً في‬ ‫لبنان‪ ،‬أضر بإسرائيل ولم يوصلها الى حتقيق‬ ‫أهدافها‪ ،‬وما قيل عن تدمير لبنان كلمات تقال‪.‬‬ ‫كما ان االدارة االميركية اجلديدة لن تكون كإدارة‬ ‫بوش تعطي الضوء االخضر ليفعلوا ما يريدون‬ ‫في املنطقة‪ ،‬مصالح اميركا في املنطقة ميكن‬ ‫ان تتهدد‪ ،‬فاالميركيون سيقيمون حاليا ً حوارا مع‬ ‫سوريا وايران‪ ،‬ويقولون ان ال مانع عندهم من أن‬ ‫تتألف حكومة وحدة وطنية تكون فيها حماس‪،‬‬ ‫ويشجعون مصر على القيام بدور الوسيط إليجاد‬ ‫حل لالنقسام الفلسطيني حتى تأتي املساعدات‪.‬‬ ‫العامل العربي‪ ،‬حيث احلرب على غزة استنهضت‬ ‫الدول العربية‪ ،‬صحيح أن املواقف العربية لم تكن‬ ‫على قدر طموحات الشعب العربي‪ ،‬لكن هناك‬ ‫حسابات عند االسرائيليني تأخذ في عني االعتبار‬ ‫امكان أخذ العرب نوعا ً من التضامن والتحوط ألي‬ ‫جنون اسرائيلي جديد ليفهموها إلسرائيل بأن‬ ‫لهذا اجلنون عواقب‪.‬‬ ‫أنا أستبعد أن تهاجم اسرائيل لكن قضايا املنطقة‬ ‫مترابطة‪ .‬أنا شخصيا ً ال أعرف الى أي مدى ستكون‬ ‫الواليات املتحدة مستعدة لعقد تفاهم مع ايران‬ ‫وسوريا‪ ،‬وإذا فشل هذا فماذا يحدث‪ .‬خاصة انه في‬ ‫املقابل هناك شيء اسمه جنون اسرائيلي‪ ،‬فصورة‬

‫‪51‬‬

‫اسرائيل في العالم أصبحت “دولة مجنونة” وهي‬ ‫تعمدت ان تعطي هذه الصورة لتقول أنا اذا تضايقت‬ ‫ميكن أن أكون دولة مجنونة‪ ،‬وأفعل أي شيء‪.‬‬ ‫ماذا بشأن حديث نتنياهو عن تفضيله‬ ‫لتسوية مع سوريا‪ ،‬هل يدخل من باب التكتيك‬ ‫لضرب وحدة الصف العربي وإخراج سوريا من‬ ‫حتالفها مع إيران؟‬ ‫عندما تفاوضت اسرائيل مع مصر في عهد انور‬ ‫السادات وانسحبت من سيناء وأزالت املستوطنات‬ ‫كانت تدرك أن حتييد مصر من الصراع العربي‬ ‫االسرائيلي مكسب كبير وهائل إلسرائيل‪ ،‬اذ‬ ‫ستفكك اجلبهة اجلنوبية وستخرج القوة االهم‬ ‫لناحية عدد السكان واالقوى عسكريا ً من الصراع‪.‬‬ ‫إسرائيل كانت تخشى من جبهة تتألف من‬ ‫سوريا والعراق بالرغم من خالفهما‪ ،‬اآلن العراق‬ ‫احتلته أميركا ودمرته بتحريض اسرائيلي‪ ،‬وهذا‬ ‫التحريض مستمر‪ ،‬فاالميركيون لم يدمروا فقط‬ ‫صدام حسني بل الدولة العراقية‪ ،‬وعملوا على خلق‬ ‫فتنة طائفية حتى يدمروا اجملتمع العراقي حتى ال‬ ‫تقوم للعراق قائمة لسنوات طويلة‪ ،‬وبالتالي ينتهي‬ ‫خطر تكوين جبهة شرقية‪.‬‬ ‫ولكن مع ظهور ايران بتحالفها مع سوريا‬ ‫وحماس وحزب اهلل اتضح ان هناك نوعا من جبهة‬ ‫شرقية ليس باملعنى التقليدي للكلمة‪ ،‬فأصبح‬ ‫هناك خشية كبيرة من جبهة شرقية إضافة الى‬ ‫جبهتي الشمال واجلنوب‪.‬‬ ‫جتاه هذا اخلطر املتجدد‪ ،‬أصبحوا يرون أنه من‬ ‫الضروري جدا ً تفكيك احللف عبر إخراج سوريا منه‬ ‫مما قد يخلق جفاء بينها وبني ايران‪ ،‬ألن أي حل مع‬ ‫سوريا سيكون مشروطا بفك حتالفها مع ايران‬ ‫والتوقف عن تزويد حزب اهلل بالدعم السياسي‬ ‫والتوقف عن دعم حماس‪.‬‬ ‫ليخرجوا سوريا من هذه “اجلبهة” عليهم أن‬ ‫يدفعوا لها ثمنا ً مرتفعاً‪ .‬وسوريا ليست مستعدة‬ ‫لفك حتالفها مع ايران وإيقاف حتالفها مع حزب اهلل‬ ‫وحماس واجلهاد االسالمي إال اذا أعادوا لها اجلوالن‬ ‫كامالً‪.‬‬ ‫أنا أشك بأن سوريا ستثق بالنوايا االسرائيلية‪،‬‬ ‫خاصة ان اسرائيل تأخذ قبل أن تعطي‪ ،‬وهذا‬ ‫ما لن تفعله سوريا‪ ،‬علما ً بأن بقاء اسرائيل في‬ ‫هضبة اجلوالن ليس ألسباب أمنية فقط‪ ،‬بل هناك‬ ‫مستوطنون في اجلوالن وهؤالء لهم قوة تأثير‬ ‫كبيرة في السياسة االسرائيلية الداخلية وفي‬ ‫قرارات احلكومة‪ ،‬فهناك ‪ 10‬نواب من املستوطنني‬ ‫في الكنيست وهناك أحزاب تدعمهم وتؤيدهم‪،‬‬ ‫وبالتالي ليس من السهل على أي حكومة‬ ‫االنسحاب من اجلوالن وإغضاب املستوطنني‪.‬‬ ‫ومن اجلدير ذكره أن املؤسسة االمنية االسرائيلية‬ ‫ترى ان هضبة اجلوالن لم تعد مهمة عسكريا ً ألن‬ ‫اخلطر اليوم هو خطر الصواريخ وليس مواجهة‬ ‫بني جيش وآخر‪ ،‬وتقول فلنعطها لسوريا ونعقد‬ ‫اتفاقاً‪ ،‬خاصة بعدما اتضح في حرب متوز ان اجلبهة‬ ‫الداخلية هشة‪ ،‬مما يعني ان اسرائيل ال تستطيع ان‬ ‫تبقى في حالة تعبئة دائمة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬وعد ابوذياب‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫محرقة غزة تروي حكاية مقاوم ّ‬ ‫أذل إسرائيل‬ ‫األمين العام المساعد التحاد المحامين العرب المحامي عمر زين لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬

‫فلنكن موحدين على األقل لمقاضاة إسرائيل‬

‫حكاية مقاومة‪ ،‬هو تاريخ صراع الشعب‬ ‫عدو غاصب يحاول انتزاع احلق من‬ ‫العربي مع‬ ‫ٍ‬ ‫أصحابه من خالل عالقات دموية بُنيت بني‬ ‫شعوب عربية تأبى الظلم وتُطالب بإعالء صوت‬ ‫ٍ‬ ‫احلق وإزهاق الباطل‪ ،‬ووحش يهودي صهيوني‬ ‫معروف بهمجيته والإنسانيته‪ .‬هذا هو النزاع‬ ‫العربي اإلسرائيلي الذي بدأ عام ‪ 1948‬عندما‬ ‫قرر الصهاينة بناء دولة قومية يهودية على أرض‬ ‫فلسطني وامتدادها من الفرات إلى النيل‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن الصراع األكبر يحدث على أرض‬ ‫فلسطني‪ ،‬إال أن إسرائيل ومبساندة الدول الكبرى‬ ‫في العالم تضع نصب أعينها على املشرق‬ ‫العربي‪ ،‬فتتكرر املأساة العربية كل يوم وبأسلحة‬ ‫أكثر فتكا ً ودمارا ً حتى وصلت الوقاحة بالعدو إلى‬ ‫استعمال األسلحة احمل ّرمة دوليا ً إلبادة املواطنني‬ ‫العزّل من شعب فلسطني وقبلها في لبنان‪ .‬هذه‬ ‫األسلحة تستمد ذخيرتها من التخاذل العربي‬ ‫والتآمر الدولي مما يُظهر بعض احلكام العرب على‬ ‫وجه حقيقتهم‪ .‬ومن الالفت أن يهود اسرائيل لم يقتنعوا بعد انتصاري‬ ‫أيار ‪ 2000‬ومتوز ‪ 2006‬أن مقاومة الشعوب ال يكسرها سالح وال تهزّها‬ ‫همجية‪ ،‬فاملقاومة موجودة والثورة على الظالم مستمرة‪ .‬لذلك حاولت‬ ‫إسرائيل مرة جديدة ذل الرأس العربي‪ ،‬فبدأت حربها على غزة في ‪ 28‬كانون‬

‫يداً بيد للمحاكمة الفعلية‬ ‫ً‬ ‫بداية‪ ،‬هل لنا أن ّ‬ ‫نطلع على حتركات احتاد احملامني‬ ‫العرب جلهة تقدمي شكاوى جمللس األمن الدولي‬ ‫حملاكمة إسرائيل على جرائمها في غزة واختراقها‬ ‫للقرارات الدولية؟‬ ‫لقد اشترك األمني العام الحتاد احملامني العرب وبعض‬ ‫العامني املساعدين مع فريق من القانونيني‬ ‫األمناء‬ ‫ّ‬ ‫ومجموعة كبيرة من مؤسسات اجملتمع املدني العربي‬ ‫بتقدمي دعوى ضد اسرائيل‪ ،‬وموضوعها جرائم اإلبادة‬ ‫وجرائم ضد الالإنسانية وجرائم احلرب‪ .‬وقد عقد‬ ‫املكتب الدائم الحتاد احملامني العرب دورته الثانية في‬ ‫مدينة احلمامات في الفترة ما بني ‪ 19‬إلى ‪2009/1/31‬‬ ‫حتت شعار‪« :‬الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني‬ ‫ومقاومة االحتالل الصهيوني جزء ال يتجزأ من رسالة‬ ‫احملاماة»‪ .‬وقد قرر املكتب تشكيل جلنة في احتاد احملامني‬ ‫العرب تتولى مهمة إعداد لوائح االتهام واتخاذ‬ ‫اإلجراءات القانونية حملاكمة مجرمي احلرب الصهاينة‬ ‫الذين ارتكبوا مجزرة غزة والذين ارتكبوا جرائم‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األول ‪ 2008‬مخترقة كل املواثيق الدولية حلقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬لكن مجاهدي املقاومة الفلسطينية‬ ‫بكل اجتاهاتها كانوا باملرصاد ليرووا حكاية اجلهاد‬ ‫شهداء سقطوا‬ ‫بالرغم من احلسرة واأللم على‬ ‫ٍ‬ ‫لتبقى غزة وتبقى القدس وتبقى فلسطني‪.‬‬ ‫ومرة جديدة عاد جنود االحتالل يجرون أذيال‬ ‫ليقدموها هدية حلكومتهم املتغطرسة‬ ‫الهزمية ّ‬ ‫واملدعومة من بعض الدول الغربية وحتى‬ ‫العربية منها‪ .‬ومنذ بدأ العدوان على غزة‪،‬‬ ‫حاولت احلكومة الصهيونية فرض التعتيم‬ ‫اإلعالمي على ما يحدث‪ ،‬علها جتنب ضباطها‬ ‫ومسؤوليها عقاب القانون الدولي واحملاكم‬ ‫الدولية‪ ،‬إال ان مجازر اإلبادة اجلماعية واجلرائم‬ ‫الالإنسانية ظهرت واضحة للرأي العام العاملي‬ ‫وبالتالي ال بد من محاكمة اسرائيل ومقاضاتها‬ ‫ّ‬ ‫لعل أرواح الشهداء تستريح في جنانها ويأخذ‬ ‫الشعب املنتصر حقه من العدالة الدولية‪ .‬من‬ ‫هذا املنطلق تتحرك جميع املنظمات القانونية‬ ‫واملدنية لتقدمي شكاوى ضد اسرائيل في احملاكم الدولية‪ .‬ولالطالع على‬ ‫حتركات احتاد احملامني العرب في هذا اجملال التقت «منبر التوحيد» األمني‬ ‫العام املساعد الحتاد احملامني العرب احملامي عمر زين‪ ،‬فكان احلوار معه‬ ‫اآلتي‪:‬‬

‫احلرب والعدوان وجرائم اإلبادة اجلماعية وجرائم ضد‬ ‫اإلنسانية مستخدمني أسلحة مح ّرمة دولياً‪ ،‬وذلك‬ ‫أمام احملاكم اجلنائية والدولية واحملاكم الوطنية في‬ ‫املصدقة على اتفاقية جنيف واحملاكم الدولية‬ ‫الدول‬ ‫ّ‬ ‫اخملتصة‪ .‬مع تكليف هذه اللجنة مبتابعة ودعم اجلهود‬ ‫التي بذلها املركز العربي لتوثيق جرائم احلرب واملالحقة‬ ‫القانونية التابع لالحتاد وكذلك التحالف الدولي الذي‬ ‫أقامته منظمة (عدالة واحدة) مع ‪ 350‬منظمة دولية‬ ‫قدمت شكاوى ودعاوى امام احملكمة اجلنائية الدولية‬ ‫والعديد من محاكم الدول األوروبية ذات االختصاص‬ ‫العاملي‪.‬‬ ‫لكن برأيي الشخصي‪ ،‬يقتضي األمر استنهاض كل‬ ‫القوى املؤيدة لقضايانا العربية في العالم وبخاصة‬ ‫قضية فلسطني إلصدار قرار كالذي صدر سابقا ً عن‬ ‫محكمة الهاي بتصويت ‪ 14‬وامتناع واحد في موضوع‬ ‫اجلدار العازل ّ‬ ‫وأكد أنه جدار عنصري‪ .‬لذا أعتبر أنه‬ ‫يجب أن يكون هناك حترك سريع نحو الهيئة العامة‬ ‫لألمم املتحدة التي ميكن لها القيام بأمور أساسية‪،‬‬ ‫بأن تطلب من مجلس األمن تشكيل محكمة دولية‬ ‫خاصة باجلرائم التي ارتكبت في غزة وما قبلها‪،‬‬ ‫كاحملاكم اخلاصة التي شكلت خالل العشر سنوات‬

‫‪52‬‬

‫األخيرة للنظر بجرائم اإلبادة واحلرب‪.‬‬ ‫بني اجلرمية والعقاب‪ ...‬حقوق منتظرة‬ ‫سمعنا حكومة العدو تعد ضباطها بتجنيبهم‬ ‫عقاب احملاكم الدولية‪ .‬برأيك‪ ،‬ما دور القانون الدولي‬ ‫الذي أصبح خاضعاً مليزان القوى السياسي؟‬ ‫الكيان الصهيوني اليوم يحاول إقامة الضغط‬ ‫على بعض الدول التي ميلك قضاؤها صالحية شاملة‬ ‫ووطنية كإسبانيا وبلجيكا‪ ،‬حيث ميكن إقامة دعاوى‬ ‫فردية من املتضررين من أصحاب العالقة األحياء‬ ‫منهم كاجلرحى واملعوقني وكورثة للضحايا أمام هذه‬ ‫احملاكم‪ .‬إسرائيل اليوم تخشى هذا املوضوع‪ ،‬وفي‬ ‫فترة من الفترات خشي شارون اخلروج من الكيان‬ ‫الصهيوني بسبب هذا النوع من الدعاوى‪ .‬لذا‪ ،‬نحن‬ ‫نرى أن دور اسبانيا وبلجيكا أساسي‪ ،‬وبالتالي علينا‬ ‫أن نعاضد قضاء هاتني الدولتني لوقوفهما معنا وبأننا‬ ‫إلى جانبهما وهما تعمالن ألجلنا وألجل اإلنسانية‬ ‫ضد قادة اسرائيل العسكريني والسياسيني‪ .‬وقد‬ ‫الحظنا خالل العدوان واحملرقة التي قام بها الكيان‬ ‫َ‬ ‫تتعاط بإيجابية مع اإلعالم‬ ‫الصهيوني في غزة أنها لم‬ ‫بل بالعكس أخفت جميع أسماء القادة امليدانيني‬ ‫الذين اتخذوا قرارات بالضرب بالنيران بهذا احلجم‬


‫وبهذا النوع من األسلحة احملرمة كي ال تصل إليهم يد‬ ‫السلطات القضائية لدى الدول التي ستقام الدعاوى‬ ‫أمام محاكمها‪.‬‬ ‫هل تتوقع احلصول على أكثرية التصويت ضد‬ ‫ً‬ ‫خاصة بوجود‬ ‫إسرائيل في مجلس األمن الدولي‪،‬‬ ‫الفيتو األميركي وبعض الدول املساندة للعدو؟‬ ‫من املعروف منذ قيام الكيان الصهيوني وحتى اليوم‬ ‫أن اسرائيل هي جزء أساسي من أميركا‪ ،‬وبالتالي كل‬ ‫ما يؤدي إلى محاسبة اسرائيل تقف أميركا في وجهه‬ ‫وميكنها استعمال الفيتو اذا طرح أحد هذه املواضيع‬ ‫ضدها في مجلس األمن‪.‬‬ ‫اعتبر أحد اخلبراء أن محكمة العدل الدولية التي‬ ‫أنشأت مبوجب ميثاق األمم املتحدة ال تدخل في عمل‬ ‫القضاء اجلزائي الدولي‪ .‬ماذا أصبح دورها إذاً في هذا‬ ‫املوضوع؟‬ ‫محكمة العدل الدولية أُنشئت مبوجب ميثاق‬ ‫األمم املتحدة بوصفها الهيئة القضائية األساسية‬ ‫للمنظمة‪ ،‬وبالتالي ال تدخل في عداد القضاء اجلزائي‬ ‫الدولي‪ ،‬وتقتصر صالحياتها على حالتني‪ :‬الفصل‬ ‫بالنزاعات بني الدول‪ ،‬وتقدمي االستشارات‪ .‬لذا من‬ ‫املمكن التقدم بطلب استشاري أمام محكمة الهاي‬ ‫في موضوع احملرقة في غزة إلبداء الرأي حيث سيكون‬ ‫حتما ً ضد الكيان الصهيوني‪ ،‬علما ً بأنه ال فيتو في‬ ‫محكمة العدل الدولية‪ ،‬وبالتالي ميكن أن يتخذ قرار‬ ‫في أعلى مستوى قضائي في العالم باعتبار أن احملكمة‬ ‫تابعة لألمم املتحدة بتجرمي السياسيني والعسكريني‬ ‫في الكيان الصهيوني‪ .‬فمن املمكن أن يكون حملكمة‬ ‫العدل في هذا اخلصوص الدور االستشاري الذي يج ّرم‬ ‫إسرائيل‪ .‬لكن نحن نريد الذهاب إلى أكثر من ذلك أي‬ ‫إلى احملاكمة الفعلية التي ميكن ان تكون عن طريق‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية أو عن طريق إنشاء محكمة‬ ‫خاصة في موضوع جرائم اإلبادة وجرائم احلرب التي‬ ‫قام بها العدو الصهيوني أخيرا ً في غزة‪.‬‬ ‫ورد في املادة ‪ 15‬من النظام األساسي للمحكمة‬ ‫اجلنائية الدولية أنه يحق للم ّدعي العام فتح حتقيق‬ ‫من تلقاء نفسه إذا توافرت له األدلة الالزمة‪ .‬لقد‬ ‫توافرت هذه األدلة بوضوح‪ ،‬هل قام املدعي العام‬ ‫بذلك؟‬ ‫بحسب معلوماتنا‪ ،‬فإن املدعي العام لم يفتح‬ ‫حتقيقا ً باملوضوع حتى هذه اللحظة‪ .‬ويُفترض علينا‬ ‫كاحتاد محامني عرب وكنقابات محامني أن نضع‬ ‫أمام هذا احملقق كل األدلة املطلوبة مللفات الدعاوى‬ ‫والشكاوى أنى يكن املرجع القانوني الدولي الذي‬ ‫تقدم له‪ ،‬وقد أشار أخيرا ً الدكتور محمد اجملذوب‬ ‫أستاذ القانون الدولي العام في محاضرته أمام اجمللس‬ ‫الثقافي للبنان اجلنوبي إلى هذه األدلة ّ‬ ‫فذكر بضرورة‬ ‫العمل على‪ :‬توثيق االنتهاكات اإلسرائيلية للقوانني‬ ‫والقرارات الدولية‪ ،‬وضع سجل بأسماء اجملرمني‬ ‫اإلسرائيليني املطلوبني‪ ،‬سياسيني كانوا أم عسكريني‪،‬‬ ‫وضع سجل بأسماء الشهداء واجلرحى املتضررين من‬ ‫املدنيني واخلسائر البشرية واملادية‪ ،‬دعم اإلدانات العربية‬ ‫بشهادات من اجلرحى واألطباء والصحافيني والعاملني‬ ‫في املؤسسات اإلنسانية الدولية كالصليب األحمر‬ ‫الدولي واألونروا في قطاع غزة ودعمها بالصور واألفالم‪،‬‬ ‫استنادا ً إلى التقارير الدولية التي أذاعتها املنظمات‬ ‫والهيئات الدولية وأدانت فيها وحشية اسرائيل‪،‬‬

‫واصفة أفعالها باجلرائم الدولية‪ ،‬وفي طليعتها جرمية‬ ‫اإلبادة اجلماعية‪ ،‬إقناع الدول العربية األعضاء في‬ ‫األمم املتحدة ببذل اجلهود إلعادة احلياة إلى القرار الذي‬ ‫شطب عام ‪ 1991‬والذي كان يعرف الصهيونية بأنها‬ ‫شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري‪.‬‬ ‫واخلالصة أن ما حصل في غزة هو بكل موضوعية‬ ‫عدوان غاشم ينطبق عليه وصف إرهاب الدولة‪ .‬فقد‬ ‫انهمرت دون رحمة أو متييز‪ ،‬آالف األطنان من القنابل‬ ‫على األحياء واملباني وعلى املراكز التي ترفع علم األمم‬ ‫املتحدة أو تقدم خدمات إنسانية‪ .‬لقد كان العدوان‬ ‫انتهاكا ً صارخا ً ال مثيل له لكل قواعد القانون الدولي‬ ‫العام ومبادئ القانون الدولي اإلنساني‪ ،‬وفي مقدمها‬ ‫اتفاقية جنيف حول حماية املدنيني إبان النزاعات‬ ‫املسلحة‪.‬‬ ‫حتدثت أن محامني في االحتاد قدموا شكوى إلى‬ ‫الهاي؟ إذاً ليس االحتاد بكامله مَن قام بذلك؟‬ ‫ليس االحتاد كمؤسسة‪ ،‬بل األفراد كرموز‪ ،‬األمني‬ ‫العامون املساعدون هم َمن وقعوا على‬ ‫العام واألمناء‬ ‫ّ‬ ‫قدمت إلى احملكمة وهي تنتظر بعض‬ ‫الدعوى التي ّ‬ ‫اإلجراءات‪ .‬أما االحتاد فهو بصدد إقامة مؤمتر قانوني‬ ‫حول موضوع مالحقة إسرائيل كما ب ّينا‪.‬‬

‫الوحدة واملوقف املوحّ د‬ ‫هما األساس‬ ‫الحظنا أن هناك الكثير من الدول التي أصدرت‬ ‫قرارات مبنع دخول مسؤولني إسرائيليني إلى أراضيها‪.‬‬ ‫هل تعتبر ذلك كافياً ام أنه خطوة جملموعة خطوات‬ ‫الحقة ضد اسرائيل؟‬ ‫املفروض علينا هو الضغط على دولنا كي يكون‬ ‫لديها صالحية شاملة كما اسبانيا وبلجيكا‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ال بد من تعديل القوانني بحيث يستطيع كل متضرر‬ ‫موجود في الدول العربية إقامة دعوى من مكان‬ ‫وجوده‪ ،‬وال بد من موقف عربي في هذا املوضوع غير‬ ‫قابل للمساومة وغير قابل للتمييع وال يجوز اخلالف‬ ‫بني النظام العربي الرسمي أو بني املنظمات وهيئات‬ ‫اجملتمع املدني من أجل محاكمة قادة العدو الصهيوني‬ ‫على محرقتهم في غزة‪ .‬إذا ً نحن نطلق هذه‬ ‫الدعوى إلى كل املسؤولني العرب بأن تبقى اخلالفات‬ ‫السياسية على أنواعها جانبا ً وغاية ذلك احلفاظ على‬ ‫األمن القومي العربي واإلنسان العربي وكي ال نكون‬ ‫متفرقني بالنظرة ملداعاة اسرائيل كدول وكشعوب‪،‬‬ ‫وإذا لم نساعد أنفسنا اوال ً فال أحد سيساعدنا‪ .‬طاملا‬

‫‪53‬‬

‫أن الوحدة ما زالت بعيدة املنال بيننا فعلى األقل لنكن‬ ‫موحدين ملقاضاة اسرائيل‪ ،‬وأنا كأمني عام مساعد‬ ‫وتوجه ودراسة واحدة لتحقيق‬ ‫أدعو إلى قرار واحد‬ ‫ّ‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫الحظنا صمتاً عربياً ودولياً مخزياً من بعض‬ ‫احلكام مبا تعرضت له سفينة األخوة اللبنانية التي‬ ‫كانت ذاهبة إلى غزة لتقدمي املعونات اإلنسانية‪ .‬أال‬ ‫تعاقب إسرائيل على قرصنتها في هذا اجملال؟‬ ‫بالتأكيد يجب أن يُحاكم الكيان الصهيوني على‬ ‫احلصار‪ ،‬وأحد مظاهره التعامل الذي حصل مع سفينة‬ ‫«األخ ّوة اللبنانية»‪ ،‬مبنع وصول األدوية والطعام إلى‬ ‫شعب فلسطني في غزة‪ ،‬وال بد أيضا ً من التصدي لهذا‬ ‫احلصار الذي مي ّثل جرمية ضد اإلنسانية بحق الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وقد أكد املكتب الدائم الحتاد احملامني‬ ‫العرب في اجتماعه أخيرا ً بتونس على حق املقاومة‬ ‫الفلسطينية في امتالكها السالح للدفاع الشرعي‬ ‫عن األرض ضد قوات االحتالل‪ ،‬كما ندد املكتب بإمداد‬ ‫العدو بكل أسلحة الدمار الشامل من قبل اإلدارة‬ ‫األميركية وحلفائها‪ ،‬وطالب اجملتمع الدولي وجامعة‬ ‫الدول العربية بالتصدي للحصار اجلوي والبري والبحري‬ ‫املفروض على األمة وبخاصة فلسطني والعمل‪.‬‬ ‫وطالب املكتب الدائم اجلامعة العربية متحالفة‬ ‫مع منظمة املؤمتر اإلسالمي واالحتاد األفريقي ومنظمة‬ ‫دول عدم االنحياز مع منظمة أميركا الالتينية بطلب‬ ‫عقد اجتماع طارئ للجمعية العامة لألمم املتحدة‬ ‫إعماال ً ملبدأ من أجل السلم لتشكيل محكمة‬ ‫جنائية دولية خاصة حملاكمة مجرمي احلرب الصهاينة‬ ‫وشركائهم‪ ،‬وكذلك إحالة األمر إلى محكمة العدل‬ ‫الدولية والعمل على إعادة القضية الفلسطينية إلى‬ ‫األمم املتحدة بعيدا ً عن أي اتفاقيات ثنائية‪.‬‬ ‫إذا ً ال بد من التنبيه مرة أخرى ونهائية الى أن الصراع‬ ‫نتوحد‬ ‫العربي الصهيوني هو صراع حدود وعلينا أن‬ ‫ّ‬ ‫قوال ً وفعالً حلماية شعوبنا ودولنا وحدودنا وإال ذهبت‬ ‫ريحنا‪ .‬فعلى النظام الرسمي العربي أن يتخذ موقفا ً‬ ‫أقله املوقف غير العربي الذي يساندنا ويقف بقوة مع‬ ‫قضايانا وفي املقدمة منها قضية فلسطني‪ ،‬ونح ّيي‬ ‫في هذه املناسبة باسم كل احملامني العرب رئيسي‬ ‫فنزويال وبوليفيا ملوقفهما العظيم املتضامن مع غزة‬ ‫وبطردهما السفير الصهيوني لدى بلديهما‪ .‬هذه‬ ‫التحية هي حتية التقدير لكل شعوب العالم احل ّر‬ ‫بعامة وبخاصة الشعب التركي ملواقفه املؤيدة للحق‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫الشعب الفلسطيني من مرحلة المطالبة‬ ‫بالحقوق إلى الدفاع عن الوجود‪...‬‬ ‫إن احلالة في الشرق االوسط هي أزمة بكل ما في كلمة أزمة من معنى‪،‬‬ ‫إن عامل الوقت يعمل ضد الضوابط‪ ،‬وضد تخفيف حدة التوتر‪ ،‬وان أي حل‬ ‫بات بعيد املنال‪ ،‬وال شيء يضمن مطلقا ً منع الدعم املطلق الذي متنحه‬ ‫الواليات املتحدة االميركية للكيان الصهيوني‪ ،‬وكل اإلشارات تدل على أن‬ ‫وقت التغيير قد حان وبطرق جذرية وليس بطريقة اخلطوات الصغيرة‪ ،‬أو‬ ‫ما يسمى بعملية املفاوضات التي جتري بني الفلسطينيني واالسرائيليني‪،‬‬ ‫فاملرحلة ليست مرحلة القرارات التي تدعو بالتوجه الى ما يسمى بعملية‬ ‫السالم‪ ،‬فهذه الكلمة فقدت بريقها‪ ،‬ولم تعد لتخدع أحداً‪ ،‬والسؤال‬ ‫اليوم‪ :‬ملاذا سيعنى الصهاينة بالسالم‪ ،‬ما داموا مقتنعني بأن الوقت يعمل‬ ‫ملصلحتهم؟ فالقضايا السياسية ليس لها حلول كاملة‪ ،‬ألن الطرف‬ ‫العربي الذي قدم املبادرات على طبق من ذهب للصهاينة‪ ،‬لم يضع في‬ ‫حساباته اخليارات االخرى‪ ،‬مثل هذا االمر شجع الصهاينة للمضي قدما ً في‬ ‫نهب األرض العربية‪ ،‬واستخدام القوة العسكرية الى أبعد احلدود لفرض‬ ‫سياسة االمر الواقع‪ ،‬وكل هذا كان على حساب قضية العرب االولى‪ ،‬قضية‬ ‫فلسطني‪ ،‬القضية املركزية لالمة العربية‪...‬‬

‫الدم الذي يطلق عليه تعمية احلكومة االسرائيلية‪ ،‬ويجري فيها التباري‬ ‫بأشالء األطفال والشيوخ والنساء لتوزيع من سيكون رئيسا للوزراء ومن‬ ‫سيكون في طرف املعارضة‪ ،‬في وقت لم يعد خافيا ً القول‪ ،‬ان كل االحزاب‬ ‫الصهيونية دون استثناء‪ ،‬كان التوجه لديها يعبر عن خط واحد‪ ،‬وهو اعتبار‬ ‫فلسطني “أرضا ً إسرائيلية وهي لليهود فقط” وبهذه الصراحة والعنصرية‬ ‫استُميلت كل شرائح الشارع االسرائيلي الذي لم يعد يضيره أو يزعجه أن‬ ‫يرى في عنصريته نسخة أخرى عن دولة جنوب افريقيا العنصرية سابقاً‪ ،‬أو‬ ‫أي دولة أخرى مشابهة‪ ،‬مع هذه املعادلة ُك ّلف بنيامني نتنياهو بالتنسيق‬ ‫مع بقية االحزاب العنصرية ومنها حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة العنصري‬ ‫املتطرف افيغدور ليبرمان لتشكيل احلكومة الصهيونية اجلديدة‪ ،‬واحلزبان‬ ‫يعتبران ان حل الصراع في املنطقة ليس أولوية‪ ،‬مع ان ما يطلق عليه اليسار‬ ‫االسرائيلي لم يأخذ موقفا ً أقل عنصرية من هذه الوجهة‪...‬‬ ‫وهنا تبدأ لعبة الضاللة والتضليل‪ ،‬بني ما هو مييني متطرف وبني ما هو‬ ‫يساري متطرف ايضاً‪.‬‬ ‫ولذلك فالعدو الصهيوني مستمر في جرائمه في قطاع غزة‪ ،‬وال مير يوم‬ ‫دون أن يرتكب العدو املزيد من اجلرائم ضد أبناء شعبنا‪ ،‬وخاصة في غزة‪،‬‬ ‫واجلرائم الصهيونية اتخذت طابع عمليات إبادة جماعية‪.‬‬

‫وبعدما ظهرت نتائج االنتخابات االسرائيلية التي جرت على وقع احملرقة‬ ‫وقنابل الفوسفور‪ ،‬وكانت سمتها املميزة العنف والدم خلطب املرشحني‪،‬‬ ‫يقفز املشهد اآلخر األكثر عنفا ً ودموية وتطرفا ً في عملية تقاسم غنائم‬

‫مصير اتفاق التهدئة في ظل التصعيد اإلسرائيلي‬

‫الكيان الصهيوني يزداد عنصرية‪...‬‬

‫قرية سلوان‪ :‬تتلقى أوامر بإخالء منازل فيها متهيدا ً لهدمها وتهجيرها في القدس‬

‫قرية جيوس‬ ‫تقاوم االقتالع‬ ‫شأنها‬ ‫شأن القرى‬ ‫الفلسطينية‬ ‫في الضفة‬ ‫الغربية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪54‬‬

‫ورغم الوساطة املصرية املعلنة بشأن إبرام اتفاق تهدئة‪ ،‬فالعدو يواصل‬ ‫عدوانه‪ ،‬بعد إعالن وقف أحادي اجلانب إلطالق النار في قطاع غزة‪ ،‬ويضع املزيد‬ ‫من العراقيل في طريق التوصل الى تهدئة‪ ،‬وتُطرح شروط جديدة ومختلفة‬ ‫مثل إطالق سراح اجلندي االسرائيلي غلعاد شاليت‪ ،‬وبهدف زيادة الضغوط‬ ‫على املقاومة الفلسطينية واالستفادة من عامل الوقت‪ ،‬ألغت قيادة الكيان‬ ‫املهمة التي كان قد ُك ّلف بها عاموس جلعاد رئيس الشؤون السياسية في‬ ‫وزارة احلرب الصهيونية الى القاهرة‪ ،‬االمر الذي فرض املزيد من الغموض حول‬ ‫إمكانية عقد اتفاق للتهدئة‪.‬‬ ‫في هذا الوقت‪ ،‬دعت منظمة مراقبة حقوق االنسان الكيان الى إنهاء‬ ‫حصاره الوحشي على قطاع غزة فوراً‪ ،‬كما انتقدت املنظمة السلطات‬ ‫املصرية‪ ،‬بسبب منعها دخول املساعدات اإلنسانية عبر معبر رفح‪.‬‬ ‫والتصعيد االسرائيلي بدأ يتوسع في رقعته ليشمل الضفة الغربية‬ ‫ايضاً‪ ،‬فالقوات االسرائيلية بدأت تستهدف القرى الفلسطينية في الضفة‬ ‫الغربية‪ ،‬وواصلت عمليات تهجير الفلسطينيني في القدس الشرقية حيث‬ ‫باشرت قوات االحتالل بتنفيذ مخطط جديد يرمي الى تهجير الفلسطينيني‬ ‫من القدس احملتلة‪ ،‬حيث تلقى نحو ‪ 1500‬فلسطيني أوامر بإخالء منازلهم‬ ‫متهيدا ً لهدمها‪ ،‬وهذه األوامر تعتبر “ترانسفيرا” جديدا ً تسعى اسرائيل الى‬ ‫تنفيذه‪ ،‬وهذه إشارة واضحة إلى أن اخلطط الدولية الرامية حلل القضية‬ ‫الفلسطينية على أساس إيجاد دولتني قد انهارت‪ ،‬وان اسرائيل ترفض مبدأ‬ ‫إيجاد دولتني‪ ،‬ونتائج االنتخابات التي متخضت عن حتقيق تقدم التيارات‬ ‫والقوى االكثر تطرفا ً في اسرائيل‪ ،‬حملت معها إشارة واضحة إلى أن‬ ‫األوضاع في املنطقة قد تشهد املزيد من التصعيد والتوتر‪.‬‬ ‫وتعثرت جهود التهدئة‪ ،‬وهذا يترافق مع التصعيد االسرائيلي والهجمات‬ ‫التي استهدفت القرى القريبة من جدار الفصل في الضفة الغربية‪ ،‬وتعرض‬ ‫العديد من القرى الفلسطينية لهجمات من قبل جيش االحتالل واعتقال‬


‫العشرات من الفلسطينيني‪ ،‬وقد اقتحمت القوات االسرائيلية قرية (جيوس)‬ ‫التي تكافح من أجل البقاء‪ ،‬رغم ان جدار الفصل ابتلع عمليا ً اجلزء األكبر من‬ ‫أراضيها الزراعية‪ ،‬واحتل املستوطنون القليل الباقي من أراضي هذه القرية‪.‬‬ ‫والواقع أن ما يجري في الضفة الغربية من تصعيد‪ ،‬هو إشارة واضحة‬ ‫إلى انهيار اخلطط الدولية املفترضة والداعية الى حل الدولتني‪ ،‬فاجليش‬ ‫االسرائيلي يستخدم املدفعية والدبابات لقصف القرى الفلسطينية في‬ ‫الضفة الغربية‪ ،‬لدفع سكانها إلى مغادرتها وإلخماد أي احتجاجات ضد‬ ‫بناء اجلدار العازل‪.‬‬

‫ما الذي يعنيه تكليف نتنياهو بتشكيل احلكومة‬ ‫املراقبون أشاروا إلى أن تكليف نتنياهو من شأنه أن يقلل فرص‬ ‫السالم املزعوم‪ ،‬ويزيد حده التوتر‪ ،‬واالئتالف الذي سيشكله سيضم‬ ‫مجموعة متشددة وحتمل أفكارا ً شبيهة مبا فعلته إدارة جورج بوش‪،‬‬ ‫في الوقت الذي تشهد أميركا عودة الى أفكار أكثر اعتداال ً مع اإلدارة‬ ‫اجلديدة‪ ،‬فاملرحلة القادمة ستحمل الكثير من التشدد في احلكومة‬ ‫االسرائيلية‪ ،‬ونتنياهو سيكون محكوما ً بالتشدد من خالل حتالفه مع‬ ‫االحزاب االكثر ميينية وتطرفاً‪ ،‬وان دعاة التفاؤل سيكتشفون أن عملية‬ ‫السالم ستكون الغائب عن جدول أعمال حكومة الكيان الصهيوني‬ ‫اجلديدة‪.‬‬ ‫وان برنامج نتنياهو‪ ،‬وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫سيكون برنامجا ضبابيا‪ ،‬بسبب رفضه قيام دولة فلسطينية تتمتع‬ ‫بالسيادة الكاملة‪ ،‬واالئتالف الذي سيشكله يعني ان العملية السلمية‬ ‫مع الفلسطينيني ستتعرض الى مخاطر‪ ،‬ومشروع السالم االقتصادي الذي‬ ‫يطرحه نتنياهو‪ ،‬كأساس للسالم مع الفلسطينيني‪ ،‬رفضته ليس فقط‬ ‫السلطة الفلسطينية‪ ،‬بل ايضا ً اإلدارة االميركية‪ ،‬ويقول جورج ميتشل‬ ‫املبعوث االميركي في هذا اجملال “ال ميكن احلديث فقط عن السالم االقتصادي‬ ‫من دون تطوير دبلوماسي‪ ،‬فاإلدارة األميركية ملتزمة بأمن إسرائيل وبإقامة‬ ‫دولة فلسطينية”‪ .‬وحسب صحيفة “هآرتس” “فإن االدارة االميركية أرسلت‬ ‫الى اسرائيل عدة رسائل مباشرة وغير مباشرة تقول فيها انها تريد أن تسمع‬ ‫احلكومة اجلديدة في اسرائيل تتحدث عن هدف إقامة دولة فلسطينية‬ ‫واالمتناع عن التهرب عن ذكرها”‪ .‬فهل في مثل هذه الرسالة ما يعبر عن‬ ‫اتفاق ضمني ونوع من التكتيك ليس إال؟‬ ‫واملعروف أن نتنياهو كان قد خاض معركته االنتخابية لرئاسة احلكومة‬ ‫في الشهرين األخيرين‪ ،‬على أساس مبدأ يقول “ان الفلسطينيني غير‬ ‫ناضجني إلجراء مفاوضات مع اسرائيل حول سالم دائم وشامل”‪ ،‬ويرى‬ ‫نتنياهو “أن الفلسطينيني ممزقون‪ ،‬وال يتفقون على رأي‪ ،‬وحماس والفصائل‬ ‫االخرى تسيطر حاليا ً على قطاع غزة‪ ،‬وخطتهم اليوم هي أن يسيطروا‬ ‫على الضفة الغربية ويطلقوا منها الصواريخ على تل أبيب ولذلك نرفض‬ ‫االنسحاب من الضفة”‪.‬‬ ‫ونتنياهو يؤكد أنه ال يريد أن يدير ظهره للمفاوضات‪ ،‬بل بالعكس‪ ،‬ما يريده‬ ‫هو أن جتري املفاوضات على نار هادئة‪ ،‬مع تفضيل مسار التطوير االقتصادي‬ ‫عليها‪ ،‬ويقول‪ :‬دون تطوير لن تكون هناك مصلحة فلسطينية في السالم‬ ‫مع اسرائيل‪ ،‬وبعدها ميكن احلديث عن السالم‪ ،‬ولكن في هذا الوقت احلالي‪،‬‬ ‫ال مكان للتوجه إلجراء مفاوضات سالم‪.‬‬

‫إدارة أوباما ومحاولة تسويق نتنياهو‬ ‫ورغم ذلك فهناك اآلن محاوالت لتسويق نتنياهو‪ ،‬وفي نظر هؤالء ان صقر‬ ‫األمس قد حتول اليوم الى براغماتي وشخصية واقعية وسياسية شديدة‬ ‫املرونة‪ ،‬لدرجة أن نتنياهو يردد ما قاله عنه الرئيس االميركي اجلديد باراك‬ ‫اوباما “إن نتنياهو كان ميينيا ً وحتول الى الوسط” ومحاولة التبشير بأن‬ ‫نتنياهو قد يكون شريكا ً متعاونا ً مع ادارة اوباما حلل قضايا الشرق االوسط‬

‫اجلدار العازل يبتلع األرض ويسرق املياه الفلسطينية‬

‫والتوصل الى حلول مقبولة‪.‬‬ ‫وحني تسلم الرئيس االميركي‬ ‫اجلديد باراك أوباما السلطة رسميا ً‬ ‫نصحه خبراء بأن يعلن موقفا ً‬ ‫اميركيا ً حازماً‪ ،‬على االقل بالنسبة‬ ‫للمستوطنات االسرائيلية املقامة‬ ‫على االراضي الفلسطينية في‬ ‫الضفة الغربية‪ ،‬اذا كان يريد التأثير‬ ‫في نتائج االنتخابات االسرائيلية‬ ‫الوشيكة‪ ،‬لكنه لم يفعل وأسفرت‬ ‫االنتخابات عن اجتاه اخلريطة‬ ‫السياسية االسرائيلية الى املزيد‬ ‫من التطرف‪ ،‬بينما استقبل العرب‬ ‫الرئيس أوباما بدرجة عالية من‬ ‫حسن النيات لم يحصل عليها‬ ‫نتنياهو‬ ‫رئيس أميركي من قبل‪ ،‬في وقت ال‬ ‫ميلك الفلسطينيون ترف االنتظار وهم يتعرضون حلرب إبادة صهيونية لم‬ ‫يسبق لها مثيل‪ ،‬باتت تستهدف الوجود الفلسطيني وقضيته‪.‬‬ ‫والتجارب تؤكد أن النيات الطيبة وحدها لن تعيد احلقوق‪ ،‬واحلسابات‬ ‫األميركية من الناحية السياسية تعطي االولوية للمصالح االميركية ذاتها‪،‬‬ ‫والعرب لن يكونوا جزءا ً من تلك اذا استمروا منقسمني كما أصبحوا أخيراً‪،‬‬ ‫واذا استمر الفلسطينيون ايضا ً مشغولني بقضايا تخلط بني االولويات‪،‬‬ ‫ومبظاهر سلطة وهمية ال يستطيع من فيها أن يتنفس إال مبوافقة االحتالل‪،‬‬ ‫يقول (مارتن انديك) السفير االميركي السابق لدى “اسرائيل” ان الرئيس‬ ‫باراك اوباما سيرتكب خطأ فادحا ً اذا ما قرر فتح حوار مباشر مع حماس‪،‬‬ ‫ألن مثل هذه اخلطوة من شأنها ان تقوض قيادة السلطة الراغبة في حتقيق‬ ‫السالم مع اسرائيل‪.‬‬ ‫العدو الصهيوني ما زال يعزف على التناقضات الثانوية‪ ،‬ويستمر‬ ‫في الرقص أمام حالة االنقسام في الصف الفلسطيني‪ ،‬فيما يتعرض‬ ‫الشعب الفلسطيني ألخطر هجمة صهيونية باتت تستهدف وجوده‪...‬‬ ‫آن األوان لوحدة الصف وفي حركة التحرر األولية لدحر االحتالل اجلاثم‬ ‫على صدور الفلسطينيني قبل أرضهم‪ ،‬واحلديث عن السالم املزعوم‬ ‫ما هو إال معزوفة سئم منها املواطن العربي‪ ،‬وال بد من خيارات اخرى‬ ‫بدال ً من إضاعة الوقت في احلديث عن املبادرات التي تطيل عمر الكيان‬ ‫وتصبح فاتورة كشف اخلسائر أشد تدميرا ً ألنها باتت تطال الوجود‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫‪55‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫حتقيق‬

‫الطفل الفلسطيني في مخيمات لبنان‪ :‬وطن مسلوب‪ ،‬طفولة مهدورة‬

‫مدير مؤسسة «شاهد» محمود حنفي لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬

‫حقوق اإلنسان تقف عند أعتاب المخيمات‬

‫هم أطفال فلسطني القابضة على اجلرح‪،‬‬ ‫أولئك الذين عاشوا أبشع أنواع األلم منذ تفتّح‬ ‫براعمهم على احلياة‪ .‬أطفال‪ ،‬خُ لِقوا على أصوات‬ ‫أزيز الرصاص لينموا ويكبروا على حب اجلهاد‬ ‫واستعادة األرض املغتصبة املصبوغة بالدماء‬ ‫الزكية‪ .‬يه ّبون ملالقاتك باإلبتسامة البريئة بعد‬ ‫جتهّ م أيامهم وسواد طفولتهم بعدما عاث بهم‬ ‫وتعصب اليهود عليهم‬ ‫الغرب حقدا ً وطمعاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حربا ً وإرهاباً‪.‬‬ ‫من الواضح أ ّن احلكام لم يُدركوا بعد أ ّن‬ ‫الطفل الفلسطيني هو كغيره من األطفال‪،‬‬ ‫يحق له العيش حياة كرمية بعيدا ً عن التجاذبات‬ ‫السياسية والتدهور االقتصادي واالجتماعي‪،‬‬ ‫فمع كل ما تعنيه كلمة “طفولة”‪ ،‬يعيش الطفل‬ ‫الفلسطيني الالجئ وضعا ً مزريا ً داخل اخمليمات‬ ‫بصلة‪.‬‬ ‫التي ال متت إلى أسلوب العيش الكرمي ِ‬ ‫طفولة مسلوبة‬ ‫إنّه ذاك الطفل الذي اندثرت آماله وطموحاته‬ ‫وتقدم له أدنى‬ ‫تضمه‬ ‫في احلصول على أرض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫برعم يانع شقّ‬ ‫مستويات العيشة الراضية‪ ،‬كأنه‬ ‫ٌ‬ ‫التراب لينمو في أرض غريبة بدون توافر ضرورات‬ ‫من ّوه‪ ،‬فكيف ينمو ويزهر ويثمر في ظل مناخ غير‬ ‫مستقر‪ ،‬متقلب الظروف‪ ،‬مجهول املستقبل‪،‬‬ ‫مسلوب براءة الطفولة؟‬ ‫كثيرا ً ما نرى العيون الشاخصة نحو فلسطني‬ ‫أخ ُم ِحب‪ ،‬حتلم بغ ٍد‬ ‫تدمع لفقدان ٍ‬ ‫أب حنون‪ ،‬أو ٍ‬ ‫أفضل يعود فيه أصحابها إلى الديار لدمل‬ ‫اجلراح التي س ّببها هذا الزمان الغادر على أيدي‬ ‫ّ‬ ‫املتنكرين لألصالة‬ ‫اليهود األشرار و َمن معهم من‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫غصة القلب والعني الدامعة‪ ،‬صرخة‬ ‫مع‬ ‫ّ‬ ‫لضمائر األمة العربية‪ ،‬كقول الشاعر‪:‬‬ ‫أمة العرب ما هذا اخلنوع أما‬ ‫يا ّ‬ ‫حان انتفاضك للبلوى أما حانا‬ ‫عارٌ إذا ما انتظمنا في مواقفنا‬ ‫ضد العدو وصار الكل إخوانا‬ ‫ٌ‬ ‫شرف‬ ‫إما أن نعيش حيا ًة بردها‬ ‫ّ‬ ‫أو أن جناور في األمجاد موتانا‬

‫التوحيد” التقت مدير املؤسسة الفلسطينية‬ ‫حلقوق اإلنسان (شاهد) األستاذ محمود حنفي‬ ‫لتتع ّرف عن كثب على أوضاع الطفل الفلسطيني‬ ‫وواقعه في لبنان وأبرز التحديات التي تواجهه‪،‬‬ ‫ومعرفة اجلهود املبذولة من مؤسسة شاهد‪،‬‬

‫طفل اخمليمات‬ ‫يواجه طفل اخمليمات الفلسطينية في لبنان‬ ‫أزمات ومشاكل عديدة‪ ،‬تزيد من معاناته وتنعكس‬ ‫سلبا ً على مسار حياته ومستقبله‪“ .‬منبر‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪56‬‬

‫خاص ًة بعد إصدارها الدراسة امليدانية حتت‬ ‫عنوان‪“ :‬األطفال الفلسطينيون في لبنان‪ :‬واقع‬ ‫مرير ومستقبل مجهول”‪ ،‬ع ّلنا نصل إلى توصيف‬ ‫حقيقي للمعاناة الشديدة التي يتع ّرض لها جيل‬ ‫األطفال‪ ،‬واألسباب احلقيقية الكامنة وراء تلك‬


‫ّ‬ ‫نتمكن من‬ ‫املعاناة ومعرفة طرق املعاجلة حتى‬ ‫وأمته‪ ،‬وهنا نص‬ ‫جيل‬ ‫بناء‬ ‫مؤمن بقضايا وطنه ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫احلوار‪:‬‬

‫ٌ‬ ‫وجرح‬ ‫أطفال البارد‪ :‬مخيم ينزف‬ ‫لم يندمل بعد‬

‫شاهد‪ :‬سواعد تعمل‬ ‫ملنع انتهاك احلقوق‬

‫ماذا عن وضع أطفال مخيم نهر البارد؟‬ ‫لقد تناولنا في التقرير موضوع أزمة نهر البارد‬ ‫التي م ّثلت جرحا ً كبيرا ً لكل الناس‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫األطفال‪ ،‬ولألسف هذا اجلرح ما زال ينزف والطفل‬ ‫حتدثنا‬ ‫الفلسطيني هو الذي يدفع ثمنه‪ .‬فإذا ّ‬ ‫باألرقام‪ ،‬نرى أ ّن أدنى نسبة جناح في مدارس األونروا‬ ‫هذا العام‪ ،‬وأعلى نسبة من الشعور بغياب األمان‪،‬‬ ‫هي عند أطفال مخ ّيم نهر البارد‪ .‬وهنا تظهر‬ ‫نقمة الطفل الفلسطيني على اجليش اللبناني‪،‬‬ ‫إذ نراه يشعر بالعداء ضد هذا اجليش العتقاده‬ ‫مبسؤوليته عما حصل في اخمليم‪.‬‬ ‫ماذا عن مجموعات االرتكاز التي أ ّلفتموها؟‬ ‫هذه اجملموعات حديثة أوروبياً‪ ،‬وقد اجتمعنا‬ ‫مع ‪ 112‬طفالً من اخمليمات الفلسطينية كلها‪،‬‬ ‫وملسنا غياب احلوار لديهم‪ ،‬وخاص ًة بوجود كبت‬ ‫حتديا ً لدى الطفل‬ ‫نفسي‪،‬‬ ‫وتوصلنا إلى وجود ‪ّ 32‬‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وأقول “حتدي” ال “مشاكل” نظرا ً‬ ‫ألهمية إيجاد حلول وإيجابيات لهذه التحديات‪.‬‬ ‫ما التحديات املالية والصعوبات التي تواجه‬ ‫املؤسسة؟‬ ‫حتديا ً موضوعيا ً لوجودنا في بلد ال‬ ‫نحن نواجه ّ‬ ‫يحترم القوانني والقرارت وحقوق اإلنسان‪ ،‬وهنا‬ ‫يبرز تسييس كل شيء‪ ،‬وعندما نتكلم عن معاجلة‬ ‫مواضيع متفرقة‪ ،‬يرون ذلك “توطيناً”‪ .‬كذلك‪،‬‬ ‫فاجلانب احلقوقي جانب جاف ومزعج بطبيعته‪.‬‬ ‫واآلن لدينا تعاون مع اليونيسف واملنظمات‬ ‫األوروبية واالحتاد األوروبي‪ ،‬إضاف ًة إلى الوسائل‬ ‫اإلعالمية الداعمة لنا في موضوع اخمليمات‪.‬‬ ‫ما اإلشارات املقلقة التي تتع ّلق بواقع الطفل‬ ‫الفلسطيني في لبنان بحسب موضوع تقريركم‪،‬‬ ‫وعلى َمن تقع املسؤولية؟‬ ‫أنا أرى أ ّن هناك بالفعل إشارات مقلقة ومقلقة‬ ‫جدا ً على الصعد كلها‪ :‬اجلانب التربوي‪ ،‬غياب‬ ‫األمان‪ ،‬انتشار األمراض‪ ،‬غياب الدافع لتلقّ ي العلم‬ ‫واملعرفة‪ ،‬النظرة السلبية للمجتمع‪ ،‬النزوع نحو‬ ‫العنف اللفظي واجلسدي‪ ،‬إضاف ًة إلى التدخني‬ ‫وارتياد أماكن اإلنترنت‪ .‬هذه اإلشارات اخلطيرة‬ ‫يلزمها حت ّرك سريع وجدي‪ ،‬ليس أل ّن األطفال هم‬ ‫احللقة األضعف‪ ،‬بل من أجل حتسني وضع كل‬ ‫الفلسطينيني في اخمليمات‪.‬‬ ‫ما خططكم املقبلة ملواجهة التحديات التي‬ ‫تواجه األطفال خاص ًة والفلسطينيني عام ًة؟‬ ‫هناك ثالثة جوانب أساسية سنعمل عليها‪:‬‬ ‫اجلانب التثقيفي من خالل الندوات واللقاءات‬ ‫وتدريس مواد حقوق اإلنسان وأساليب احلوار‬ ‫ورفض االنتهاك‪ ،‬اجلانب الثاني هو إصدار الدراسات‬ ‫والتقارير‪ ،‬وجانب “التشبيك” أي التعاون مع اجلميع‪،‬‬ ‫أل ّن املؤسسة ال تستطيع أن تعمل وحيد ًة بل‬ ‫يلزمها التعاون والتنسيق مع مؤسسات أخرى‪.‬‬

‫ما هي مؤسسة شاهد؟ وما أهداف‬ ‫تأسيسها؟‬ ‫شاهد‪ ،‬مؤسسة حقوقية تأسست‬ ‫في‪ ،1998/12/10‬وهدفها رصد االنتهاكات وإصدار‬ ‫التقارير املوضوعية واملتخصصة‪ ،‬إضاف ًة إلى‬ ‫إقامة الندوات واللقاءات‪ ،‬وآخر ندوة لنا تناولت‬ ‫القانون الدولي اإلنساني‪ .‬أما الدورات‪ ،‬فكان‬ ‫آخرها إطاللة على اجملتمع الدولي‪ ،‬إذ أردنا إظهار‬ ‫توصلنا‬ ‫سلبياته وإيجابياته على حد سواء‪ ،‬وقد ّ‬ ‫أنه لدينا ضعف باألداء في العالقات الدولية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما ينعكس سلبا ً علينا‪ ،‬فعندما تكون اجملموعتان‬ ‫العربية واإلسالمية ضعيفتني‪ ،‬بالتأكيد سيكون‬ ‫اجملتمع الدولي أقوى‪ .‬نحن كمؤسسة حقوقية‬ ‫نعمل على إجراء دراسات علمية موضوعية‬ ‫لتبيان وجود االنتهاك‪.‬‬ ‫ماذا عن الدراسة األخيرة لكم؟ وملاذا تناولت‬ ‫“األطفال” بالتحديد؟‬ ‫الدراسة التي أجريناها هي دراسة من‬ ‫سلسلة دراسات‪ ،‬وقد كنا نفترض افتراضات في‬ ‫موضوع دراسة “األطفال” ملعرفة واقع الطفل‬ ‫الفلسطيني في لبنان من ناحية علمية‪ ،‬وبعد‬ ‫كل التساؤالت أردنا قطع الشك باليقني‪ ،‬وإعطاء‬ ‫إمكانية لصناع القرار لتقدمي خدمة أفضل‪ ،‬إذ إننا‬ ‫لسنا حزبا ً أو سلطة تنفيذية‪.‬‬ ‫َمن تقصد بصنّاع القرار؟‬ ‫كل األطراف‪ ،‬سواء الدولة اللبنانية أو األونروا‬ ‫أو اليونيسف أو حتى الفصائل الفلسطينية‬ ‫مقصرة في‬ ‫نفسها‪ .‬فالفصائل الفلسطينية‬ ‫ّ‬ ‫هذا املوضوع‪ ،‬واألونروا ال تقوم بواجبها على كل‬ ‫املستويات‪ ،‬كما أ ّن إجراءات احلكومة اللبنانية غير‬ ‫كافية‪ ،‬وكذلك منظمة اليونيسف للطفولة‪،‬‬ ‫كونها األب الرعوي لألطفال‪.‬‬ ‫أجريتم الدراسة عن الطفل الفلسطيني في‬ ‫اخمليمات‪ ،‬ما هدفها‪ ،‬وما نتائجها؟‬ ‫هذه الدراسة كانت هاجسا ً لدينا منذ أربع‬ ‫سنوات‪ ،‬والدافع األساسي الذي ح ّركنا يرتكز‬ ‫على هدفني‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬موضوع التر ّدي في املستوى التعليمي‪،‬‬ ‫حيث نرى االنحدار واالنزالق في النتائج املدرسية‬ ‫عند األطفال‪ .‬وثانياً‪ :‬هاجس العنف عند األطفال‪،‬‬ ‫حيث ال تتوافر لغة احلوار لديهم‪ ،‬وهذا نتيجة‬ ‫الظروف احمليطة بهم‪ ،‬ونحن نُعنى مباشر ًة‬ ‫بالظروف احلقوقية والقانونية‪ .‬هنا يرى الطفل‬ ‫أ ّن األفق مسدود أمامه‪ ،‬خاص ًة بعد تع ّلمه‬ ‫وتخصصه في اجلامعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ماذا عن املستوى التعليمي في مدارس‬

‫األونروا؟‬ ‫هناك ثالثة عناصر أساسية في اجملال التعليمي‪:‬‬ ‫عال جدا ً على اإلداريات‪ ،‬سوء توزيع لبنود‬ ‫إنفاق ٍ‬ ‫املوازنة املالية‪ ،‬باإلضافة إلى السياسة التعليمية‬ ‫غير املتطورة وغير الصحيحة بوجود اكتظاظ‬ ‫طالبي وعوامل أخرى معقّ دة‪ ،‬وهذا ما يبينّ ارتفاع‬ ‫التس ّرب املدرسي الذي يجعل األطفال عالة على‬ ‫اجملتمع بعدما كانوا مي ّثلون مخزونا ً استراتيجيا ً‬ ‫ثمينا ً جداً‪ .‬وقد حاولت الدراسة احلديث بلغة‬ ‫األرقام عن كل هذه اجلوانب‪ ،‬فتفاجأنا بالرغبة‬ ‫الكبيرة بالهجرة عند األطفال‪ ،‬وكان واضحا ً‬ ‫غياب الشعور باألمان االجتماعي والسياسي‬ ‫والشخصي بنسبة ‪.%82‬‬

‫ما سيأتي لن يكون أفضل‬ ‫مما سبق‪ ،‬ونحن سندق‬ ‫أجراس اخلطر دائماً‬ ‫محمود حنفي‪“ :‬عالقتنا‬ ‫بالسلطة اللبنانية تأتي‬ ‫من باب العالقات العامة‪،‬‬ ‫والعالقة مع األونروا‬ ‫عالقة احترام مفروضة‬ ‫من جانبنا”‬ ‫‪57‬‬

‫اعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫االقتصاد األميركي في نفق الركود‪ ،‬ومعدل البطالة ‪%7.6‬‬ ‫‪ 789‬مليار دوالر قيمة خطة اإلنعاش االقتصادي‬ ‫يبدو أن اختيار األميركيني لباراك‬ ‫أوباما رئيساً كان موفقاً‪ ،‬بالرغم من‬ ‫تأكيد العديد من املراقبني أن اختيار‬ ‫األميركيني له رئيساً للواليات املتحدة‬ ‫كان حتت الضغوط املادية والنفسية‬ ‫التي صنعتها األزمة االقتصادية العاتية‪.‬‬ ‫فالرئيس األميركي الذي رأى في خطاب‬ ‫القسم أن حالة االقتصاد تدعو الى بذل‬ ‫اجلهود والعمل‪ ،‬الذي يجب أن يكون هائالً‬ ‫وسريعاً‪ ،‬حترك بسرعة مذهلة منذ اليوم‬ ‫األول لدخوله الى البيت األبيض‪ ،‬فحقق‬ ‫نصراً سياسياً مع إقرار خطة إنعاش‬ ‫اقتصادي‪ ،‬متثل حسب قوله “بداية‬ ‫نهاية” أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها‬ ‫الواليات املتحدة منذ زمن طويل‪.‬‬

‫خطة اإلنعاش االقتصادي‬ ‫وقع الرئيس األميركي باراك أوباما أكبر خطة‬ ‫لإلنعاش االقتصادي في تاريخ الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫بعدما استغرق التوصل إليها أسابيع من‬ ‫املفاوضات الشاقة‪ .‬وتعد هذه أكبر خطة إنفاق‬ ‫في تاريخ الواليات املتحدة ‪ ،‬تهدف الى مساعدة‬ ‫البالد في التغلب على الركود االقتصادي‬ ‫الذي استمر نحو عام والذي يعد األسوأ منذ‬ ‫“الكساد الكبير” في ثالثينيات القرن العشرين ‪.‬‬ ‫وقالت إدارة أوباما إن حزمة اإلنقاذ‪ ،‬التي‬ ‫يشمل ثلثاها مشروعات تتعلق باإلنفاق‬ ‫والثلث األخير خفضا للضرائب‪ ،‬ستعمل‬ ‫على احلفاظ على ‪ 3.5‬ماليني وظيفة أو‬ ‫خلق هذا العدد بحلول نهاية عام ‪.2010‬‬ ‫وأقر اجمللس اخلطة بأغلبية ‪ 246‬مقابل ‪183‬‬ ‫صوتاً‪ ،‬لكن دون دعم من احلزب اجلمهوري‪ .‬ووصف‬ ‫الرئيس باراك أوباما اخلطة في وقت سابق بأنها‬ ‫“ليست سوى البداية” في سلسلة جهوده‬ ‫الرامية الى مواجهة االزمة االقتصادية‪ .‬وكان‬ ‫مجلسا الكونغرس والشيوخ األميركيان قد‬ ‫توصال الى صيغة مشتركة خلطة اإلنقاذ التي‬ ‫طرحها أوباما والتي انخفضت قيمتها من ‪820‬‬ ‫مليار إلى املبلغ احلالي‪ .‬جاء ذلك بعدما وافق‬ ‫القادة الدميوقراطيون على إلغاء بعض املشاريع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ردا على انتقادات اجلمهوريني بأن اخلطة تهدر‬ ‫أموال الشعب األميركي‪.‬‬ ‫تصل التكلفة النهائية للخطة إلى ‪ 789‬مليار‬ ‫دوالر‪ ،‬وتتضمن إنفاقا طارئا وخفوضات ضريبية‪.‬‬ ‫ تتضمن اخلطة ‪ 282‬مليار دوالر على شكل‬‫خفوضات ضريبية غير مباشرة‪ ،‬أما الباقي وهو‬ ‫‪ 507‬مليارات دوالر فجاءت على شكل بنود إنفاق‪.‬‬ ‫ يتحمل أرباب العمل ضريبة ائتمانية (خفض‬‫ضريبي غير مباشر) تصل إلى ‪ 400‬دوالر للشخص‬ ‫و‪ 800‬دوالر لألزواج‪.‬‬ ‫‪ ‬ضريبة ائتمانية ملالكي املنازل تصل إلى‬‫ثمانية آالف دوالر‪.‬‬ ‫‪ ‬بديل إلعفاء ضريبي مؤقت للحد األعلى ألكثر‬‫من عشرين مليون دافع ضريبة ممن كان يتوجب‬ ‫عليهم دفع ضرائب مفروضة أصال على األغنياء‪.‬‬ ‫‪ ‬تقدمي تسعني مليار دوالر للواليات ملساعدة‬‫برامج رعاية صحية موجهة للفقراء‪.‬‬ ‫‪ ‬تطوير البنى التحتية بتكلفة ‪ 150‬مليار‬‫دوالر وتتضمن حتسني النقل وخدمات اإلنترنت‬ ‫ومشروعات للطاقة‪.‬‬ ‫‪ 54 ‬مليار دوالر ملساعدة الواليات في سد‬‫العجوزات في موازناتها واإلنفاق على برامج‬ ‫تطوير املدارس‪.‬‬ ‫‪ ‬حتمل احلكومة لـ‪ %60‬من نفقات برنامج‬‫لتأمينات العاطلني بحيث تساعد هذه النسبة‬ ‫أرباب العمل في اإلبقاء على هذه التأمينات‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫‪ ‬إعفاءات ضريبية تساعد الشركات في‬‫التخلص من خسائرها احلالية ملدة خمس سنوات‬ ‫وتستهدف هذه الفقرة باألخص الشركات‬ ‫الصغيرة‪.‬‬ ‫‪ ‬متديد فترة تقدمي مساعدات البطالة احلكومية‬‫للعاطلني وزيادتها مبقدار ‪ 25‬دوالرا أسبوعيا‪.‬‬ ‫‪ ‬تقدمي إعفاءات ضريبية للمستهلكني لشراء‬‫سيارات جديدة‪.‬‬ ‫‪ ‬تقدمي ‪ 300‬مليار دوالر من احلكومة االحتادية‬‫لشركات صناعة السيارات إلنتاج سيارات أقل‬ ‫استهالكا للوقود‪.‬‬

‫فشل في جت ّنب‬ ‫تداعيات االنهيار‬ ‫وكان العديد من اخلبراء االقتصاديني قد أكدوا‬ ‫أن االقتصاد األميركي دخل بالفعل نفق الركود‬ ‫رغم كل محاوالت واضعي السياسات االقتصادية‬ ‫على جتنب تداعيات االنهيار املالي األخير ليقتصر‬ ‫األمر اآلن على بحث كيفية تقليص فترة األزمة‬ ‫وتخفيف حدتها التي طالت بوضوح احلياة‬ ‫اليومية لألميركيني‪.‬‬ ‫ويتجه األميركيون حاليا إلى إحكام قبضتهم‬ ‫على ما توافر لديهم من سيولة نقدية في‬ ‫مواجهة طوفان اخلسائر الذي يجتاح أغلب أمناط‬


‫من املتوقع أن يفقد أكثر من ‪ 51‬مليون‬ ‫شخص وظائفهم مع نهاية العام اجلاري‪،‬‬ ‫ليرفعوا نسبة البطالة عامليا إلى ‪ 7,1‬باملئة‪،‬‬ ‫مقارنة بستة باملئة في العام املاضي‪ ،‬و‪5,7‬‬ ‫باملئة في العام ‪ 2007‬الذي سبقه‪.‬‬ ‫في يوم واحد من أيام شهركانون الثاني‬ ‫املاضي س ّرحت شركات من كل القطاعات‬ ‫في الواليات املتحدة األميركية وأوروبا‪70 ،‬‬ ‫ألف موظف وعامل‪ .‬ومع نهاية الشهر‬ ‫نفسه‪ ،‬بلغ عدد املس ّرحني من أعمالهم أكثر‬ ‫من مليونني‪.‬‬

‫االستثمار املتعارف عليها‪ .‬وتأتي اإلحصاءات‬ ‫احلكومية األميركية التي أظهرت تراجع اإلنفاق‬ ‫الشخصي في الواليات املتحدة للشهر اخلامس‬ ‫على التوالي وسط هبوط ملحوظ للدخل‬ ‫الشخصي‪.‬‬ ‫وتشير بيانات وزارة التجارة األميركية التي‬ ‫أوردها تقرير لشبكة “سي إن إن” اإلخبارية إلى‬ ‫تراجع إنفاق األفراد خالل نوفمبر بـ ‪ %0.6‬بعد‬ ‫تراجعه بـ‪ %1‬في أكتوبر‪ .‬وقد أسهم انخفاض‬ ‫أسعار املستهلكني بشكل كبير في انخفاض‬ ‫اإلنفاق اإلجمالي‪.‬‬ ‫ويضيف التقرير أن تراجع اإلنفاق اإلجمالي ما‬ ‫زال ميثل أمرا مقلقا في ضوء فترة عطالت نهاية‬ ‫العام التي تعد موسما تقليديا للتسوق‪ .‬فذلك‬ ‫التراجع في اإلنفاق ميثل مشكلة لالقتصاد‪،‬‬ ‫خاصة أن اإلنفاق االستهالكي أو إنفاق األفراد‬ ‫على مستوى السوق األميركي أصبح مي ّثل أكثر‬ ‫من ثلثي الناجت احمللي اإلجمالي للواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ويشير التقرير إلى أن ذلك التراجع يأتي في الوقت‬ ‫الذي أظهر فيه تقرير منفصل صادر عن املكتب‬ ‫اإلحصائي األميركي تراجع الطلب على السلع‬ ‫الصناعية املعمرة بـ‪ %1‬خالل تشرين الثاني‬ ‫املاضي‪.‬‬

‫‪ 2.6‬مليون شخص‬ ‫خسروا وظائفهم‬ ‫و كان معدل البطالة في الواليات املتحدة قد‬ ‫ارتفع إلى ‪ 7.6‬في املئة في كانون الثاني املاضي‪،‬‬ ‫حيث فصل أرباب العمل حوالى ‪ 600‬ألف موظف‬ ‫جديد‪ .‬وكشفت اإلحصائيات أن ما يصل إلى ‪598‬‬ ‫ألف موظف فقدوا وظائفهم خالل كانون الثاني‪،‬‬ ‫ما يعد أسوأ معدل لفقدان الوظائف منذ شهر‬ ‫كانون األول عام ‪ ،1974‬كما يرفع عدد من فقدوا‬

‫وظائفهم خالل الفترة األخيرة إلى ‪ 1.8‬مليون‬ ‫موظف‪.‬‬ ‫كذلك تشير األرقام إلى أن النسبة في‬ ‫معدالت البطالة هي األسوأ منذ عام ‪،1992‬‬ ‫ويعتبر شهر كانون الثاني األسوأ جراء فصل‬ ‫شركات كبيرة وعمالقة اآلالف من موظفيها‪،‬‬ ‫مثل شركة “مايكروسوفت” و”بوينغ” و”كاتربلر”‬ ‫و”ستاربكس” و”هوم ديبوت” وغيرها‪ .‬فقد أعلنت‬ ‫شركة صناعة املعدات الثقيلة “كاتربلر” أنها‬ ‫بصدد االستغناء عن نحو خمسة آالف موظف‪،‬‬ ‫وذلك في محاولتها للتعامل مع التحديات‬ ‫الدولية التي يواجهها قطاع األعمال‪ .‬وكانت‬ ‫الشركة قد أعلنت خالل العام ‪ 2008‬عن تقليص‬ ‫في الوظائف طال نحو ‪ 15‬ألف موظف‪ .‬ومت ّثل‬ ‫نسبة من فقدوا وظائفهم في شركة “كاتربلر”‬ ‫حوالى ‪ 18‬في املئة من إجمالي اليد العاملة‬ ‫فيها‪ .‬وكشفت شركة “هوم ديبوت” األميركية‬ ‫عن فصل ‪ 7000‬موظف‪ ،‬بينما قالت شركة‬ ‫“سبرينت نيكستيل” إنها ستفصل ‪8000‬‬ ‫موظف بحلول أواخر شهر آذار املقبل‪ .‬كما أعلن‬ ‫عمالق صناعة البرمجيات األميركية شركة‬ ‫“مايكروسوفت” األسبوع املاضي أنها بصدد‬ ‫فصل ‪ 5000‬موظف خالل الشهور الثمانية‬ ‫عشر املقبلة‪ .‬وكانت مجموعة سيتي غروب‬ ‫قد أعلنت خالل تشرين الثاني املاضي عن إلغاء‬ ‫‪ 53‬ألف وظيفة‪ ،‬وحلقتها “جي بي مورغان” في‬ ‫كانون األول وألغت ‪ 9000‬وظيفة‪ ،‬ثم ماركس آند‬ ‫سبنسر الذي أغلق ‪ 27‬محالً من محاله وس ّرح‬ ‫‪ 1230‬موظفاً‪ .‬علما ً بأن أكثر من ‪ 2,6‬مليون‬ ‫شخص خسروا وظائفهم في العام املاضي في‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬لتصل هذه اخلسارة إلى أعلى‬ ‫مستوى لها منذ العام ‪ ،1945‬أي العام الذي‬ ‫انتهت فيه احلرب العاملية الثانية‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬وعد أبو ذياب‬ ‫‪59‬‬

‫مت االستغناء عن ‪ 45‬ألف موظف وعامل‬ ‫في شركات خليجية منذ سبتمبر من‬ ‫العام املاضي‪ ،‬وتقدر مؤسسة “أدفانتج”‬ ‫لالستشارات اإلدارية‪ ،‬تسريح أكثر من ‪120‬‬ ‫ألف آخرين في العام اجلاري‪ ،‬كما تتوقع أن‬ ‫ينخفض أداء حركة التوظيف ما بني ‪26‬‬ ‫إلى ‪ 30‬باملئة‪ ،‬في العام نفسه‪ .‬فاملشروعات‬ ‫الضخمة تتراجع‪ ،‬واألعمال الصغيرة تسير‬ ‫معها‪ ،‬ألن الرابط بينهما حتمي‪ .‬والذي يعزز‬ ‫هذه التقديرات‪ ،‬تقديرات أخرى بأن قيمة‬ ‫املشروعات التي ألغيت‪ ،‬وتلك التي تأجلت‬ ‫تتأرجح ما بني ‪ 150‬إلى ‪ 400‬مليار دوالر‬ ‫أميركي في املنطقة العربية ككل‪.‬‬ ‫حذرت املفوضية األوروبية من احتمال‬ ‫فقدان سوق العمل األوروبية ‪ 3.5‬ماليني‬ ‫وظيفة خالل العام احلالي بسبب األزمة‬ ‫االقتصادية الراهنة‪ .‬وتوقع التقرير الشهري‬ ‫وصول معدل البطالة في منطقة االحتاد‬ ‫األوروبي التي تضم ‪ 27‬دولة الى ‪ %10‬بنهاية‬ ‫‪ ،2010‬فيما كان ‪ %7‬في العام املاضي‪ .‬وأضاف‬ ‫التقرير أن فقدان الوظائف سيزيد من معدل‬ ‫توفير وظائف جديدة‪.‬‬ ‫وجد نحو ‪ 20‬مليون عامل مهاجر أنفسهم‬ ‫بال عمل في الصني بسبب األزمة‪ ،‬فيما يتوقع‬ ‫مسؤولون حكوميون أن ‪ 15.3‬في املئة من‬ ‫‪ 130‬مليون ريفي يهاجرون للعمل فقدوا‬ ‫وظائفهم أو لم يجدوا فرص عمل‪.‬‬ ‫حذر صندوق النقد الدولي من أن العالم‬ ‫يواجه أسوأ وضع اقتصادي منذ احلرب‬ ‫العاملية الثانية‪ .‬وقال صندوق النقد إنه يتوقع‬ ‫أن ينخفض معدل منو االقتصاد العاملي الى‬ ‫‪ ،%0.5‬ومع تزايد عدد السكان‪ ،‬فإن ذلك يعني‬ ‫انخفاضا ً في معدل الدخل الفردي‪ .‬ويتوقع‬ ‫الصندوق أن تنكمش االقتصادات النامية‬ ‫بينما تتباطأ معدالت النمو بشدة في‬ ‫االقتصادات األخرى‪.‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫توسع رقعــة الفـقـر أول‬ ‫‪ %20‬نسبة انخفاض تحويـــــــ‬ ‫يتوقع اخلبراء االقتصاديون أن يعاني لبنان من تداعيات األزمة املالية العاملية‬ ‫وتردداتها‪ ،‬بالرغم من أنه البلد األبعد عنها‪ ،‬إذ يفترض أن يؤدي انعكاسها‬ ‫على االسواق اخلليجية وتعطل املشاريع االستثمارية فيها بظالله على‬ ‫لبنان‪ ،‬الذي بات ينتظر عودة مئات اآلالف من أبنائه من مغترباتهم‪ ،‬ليس‬ ‫لقضاء عطلة الصيف كما العادة‪ ،‬وال حتى لإلدالء بأصواتهم‪ ،‬في االنتخابات‬ ‫املفصلية في ‪ 7‬حزيران املقبل‪ ،‬بل لضيق البلدان التي هاجروا اليها بعدما هز‬ ‫أسواقها استبداد األزمة املالية العاملية‪.‬‬

‫تقليص فرص العمل‬ ‫لسنوات خلت شكلت أسواق اخلليج ساحة أساسية الستقطاب‬ ‫األدمغة والشباب ذوي اخلبرة والشهادات اجلامعية الفاقدين لفرص العمل‬ ‫في لبنان الذي أنهكت اقتصاده صراعات أبنائه وانقسامهم‪ .‬ففيما تعاني‬ ‫اليد العاملة من عدم توافر فرص العمل‪ ،‬ويعاني االقتصاد من ركود عام‪،‬‬ ‫كانت دول اخلليج توفر للعمال اللبنانيني رواتب ممتازة وفرصا أوسع ومراكز‬ ‫مهمة‪ .‬ومع عدم انحصار األزمة املالية ومتددها الى احليز االقتصادي‪ ،‬من‬ ‫املتوقع أن تعاني فرص العمل من خفض أو تقليص سيؤدي الى عودة اآلالف‬ ‫من الشباب والعاملني اللبنانيني هناك‪ ،‬اذ هناك أربع شركات كبرى للتطوير‬ ‫العقاري ألغت الف وظيفة يشغل عدد منها الكثير من اللبنانيني‪ ،‬كما‬ ‫قلص ليمان عدد الوظائف لديه بنسبة ‪ 25‬الف وظيفة منهم ‪ 300‬موظف‬ ‫لبناني‪.‬‬

‫انخفاض حجم التحويالت‬ ‫هذا ال يعني أن التسريح هو اخليار الوحيد املتاح للشباب اللبناني املغترب‪،‬‬ ‫فقد يحالفه احلظ بتلقي ضربة أخف وطأة من التسريح‪ ،‬وهي خفض الدخل‬ ‫الذي قد تكون وطأته أشد على الوطن في ظل حتذير االقتصاديني من الضرر‬ ‫الكبير الذي قد يصيب االقتصاد اذا ما انخفض حجم التحويالت اخلارجية‬ ‫الذي شكل لسنوات طويلة ركنا ً هاما ً في اقتصاده وعنصرا ً أساسيا ً في‬ ‫صموده أثناء أزماته‪.‬‬ ‫تأتي حتويالت املغتربني أساسا ً من اإلمارت العربية املتحدة‪ ،‬وحتديدا ً‬ ‫من دبي ومن ثم أبو ظبي‪ ،‬ومن السعودية والكويت وقطر وإن بنسبة‬ ‫أقل‪ ،‬وقد بلغ حجمها في العام املاضي ‪ 6‬مليارات دوالر وفق إحصاءات‬ ‫البنك الدولي‪ ،‬الذي توقعت أوساطه أن تسجل قيمة التحويالت‬ ‫تراجعا ً بنسبة ‪ %9‬في العام احلالي‪ ،‬بعدما ارتفعت بنسبة ‪ %38‬في‬ ‫عام ‪ .2008‬كما لفتت الى أن حتويالت اللبنانيني في أميركا‪ ،‬كندا‪،‬‬ ‫وأوروبا تراجعت ولكن بنسبة متدنية لن تتجاوز ‪ %8‬عن املستوى الذي‬ ‫وصلت اليه في العام املاضي‪ .‬هذا‪ ،‬وكان البعض أكثر تشاؤما ً وتوقع‬ ‫انخفاضا ً في التدفق املالي بنسبة ‪ %20‬ليصل الى ‪ 4‬مليارات و‪800‬‬ ‫مليون دوالر‪.‬‬

‫الشركات اخلليجية تقلص عدد الوظائف لديها‬

‫عودة املهاجرين‬ ‫وفيما يشير اخلبراء االقتصاديون الى أن نسبة الذين سيعودون الى‬ ‫لبنان خالل السنة احلالية لن تتجاوز الـ‪ %10‬من الطاقة اإلنتاجية‪ ،‬أي ما‬ ‫يعادل ‪ 18‬ألف مواطن‪ ،‬ستحاول النسبة الباقية تغيير مكان إقامتها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪60‬‬


‫تداعيات األزمة المالية على لبنان‬ ‫ــــــــالت اللبنانيين بفعـل األزمة الماليـة‬ ‫بحثا ً عن فرص عمل أفضل‪ ،‬خاص ًة أن االستثمارات لم تتوقف كلياً‪ ،‬مما يعني‬ ‫ان الطلب على اليد العاملة ال يزال قائماً‪.‬‬ ‫ويؤكد اخلبراء أن لبنان لن يلمس آثار الهجرة املعاكسة في الوقت احلاضر‪،‬‬ ‫بل قد يحتاج األمر الى بضعة أشهر‪ ،‬اذ ان اللبنانيني الذين صرفوا من‬ ‫عملهم أو تضررت مصاحلهم لم يعودوا جميعا ً الى لبنان‪ ،‬فمنهم من اختار‬ ‫وجهة اخرى في اخلليج ومنهم من ال يزال ينتظر فرصة عمل في اخلارج قبل‬ ‫أن يتخذ قراره النهائي بحزم احلقائب والعودة الى الوطن‪ .‬علما ً بأن ظروف‬ ‫العائدين ليست متشابهة‪ ،‬فهناك الذين كانوا يبحثون عن فرص عمل‬ ‫سيعودون خالي اليدين‪ ،‬وهناك فئة ادخرت مبلغا ً معقوال ً يتيح لها إقامة‬ ‫مشروع جتاري خاص في لبنان‪.‬‬

‫أضرار األزمة على املهاجرين متشعبة‬ ‫أضرار األزمة املالية على املهاجرين اللبنانيني متشعبة وذات أوجه متعددة‪،‬‬ ‫ولعل أحد أخطر املشاكل التي سيواجهها هؤالء ستظهر في الدول التي‬ ‫شجعت على االستدانة الشخصية‪ .‬اذ ان املقيمني في هذه الدول استدانوا‬ ‫قروضا ً شخصية‪ ،‬إما استثمروها في مشاريع في لبنان وإما استخدموها‬ ‫للمضاربة في البورصة‪ ،‬وشكل االحتمال الثاني ظاهرة انتشرت بشكل‬ ‫واسع في اخلليج اعتبارا ً من عام ‪ ،2006‬وال بد من أن تواجه هذه الفئة كارثة‬ ‫صرف أفرادها من وظائفهم‪.‬‬ ‫فعلية إذا ُ‬ ‫وال بد من اإلشارة الى أن سهولة االقتراض شجعت املقيمني في اخلليج‬ ‫على االقتراض من أكثر من مصرف‪ ،‬واالعتماد على البطاقات االئتمانية‬

‫شركات استغنت عن موظفيها‬ ‫استغنت خالل الفترة األخيرة في اإلمارت عن أعداد كبيرة من‬ ‫املوظفني‪ .‬وأبرز تلك الشركات «إعمار» العقارية و«دبي العقارات»‬ ‫و«داماك» و«نخيل»‪ .‬فيما جلأت شركات أخرى إلى تخيير موظفيها‬ ‫بني تقدمي االستقالة أو إبرام عقد جديد معهم براتب أقل‪.‬‬ ‫كما أعلنت شركة «نخيل» (صاحبة مشاريع اجلزر) في بيان‬ ‫صحافي أنها استغنت عن ‪ 15‬في املئة من إجمالي موظفيها (‪500‬‬ ‫موظف) ملواجهة تداعيات األزمة‪.‬‬ ‫«داماك» استغنت عن ‪ 200‬موظف من مندوبي املبيعات‪ ،‬وأعلنت‬ ‫عن ذلك‪ ،‬إال أ ّن «إعمار» (صاحبة أعلى برج في العالم) لم تعلن أي‬ ‫حاالت «تفنيش» (مأخوذة عن كلمة ‪ Finish‬باإلنكليزية أو إنهاء) إال‬ ‫أنّها استغنت عن موظفني فعالً‪.‬‬ ‫واستغنى عدد كبير من البنوك عن موظفني كان أبرزهم «بنك دبي‬ ‫التجاري» الذي استغنى عن حوالى ‪ 70‬موظفاً‪ ،‬و«بنك نور اإلسالمي»‬ ‫و«بنك اخلليج األول» و«بنك اإلمارات دبي الوطني»‪ ،‬إال أ ّن أيا ً منها لم‬ ‫يجرؤ على إعالن ذلك خوفا ً على سمعته وخوفا ً من تداعيات ذلك‬ ‫وإقبال األفراد على سحب أموالهم‪.‬‬

‫لشراء كل حاجاتهم‬ ‫مهما بدت صغيرة‬ ‫وتفصيلية‪ ،‬مما راكم‬ ‫العجز في أوضاعهم‬ ‫املالية‪ .‬ولعل هذا ما‬ ‫يفسر ظاهرة السيارات‬ ‫التي وجدت مركونة‬ ‫في مرائب مطار دبي‪،‬‬ ‫وقد ارتفع عددها نحو‬ ‫‪ 1600‬سيارة‪ ،‬بينها‬ ‫‪ 500‬سيارة تعود‬ ‫ملكيتها الى لبنانيني‪،‬‬ ‫حيث تبني أن أصحاب‬ ‫هذه السيارات صرفوا‬ ‫من وظائفهم قبل أن‬ ‫يتمكنوا من تسديد‬ ‫ثمن سيارتهم التي‬ ‫حصلوا عليها بواسطة قروض مصرفية‪ .‬وأزمة قروض السيارات تشكل‬ ‫واحدة من عشرات األزمات املشابهة‪.‬‬

‫لبنان ينتظر عودة‬ ‫مئات اآلالف من‬ ‫شبابه املغترب‬ ‫بفعل تقليص‬ ‫فرص العمل‬

‫تداعيات األزمة محلياً‬ ‫تداعيات األزمة املالية على لبنان ال ميكن جتاهلها‪ ،‬فانخفاض التدفق‬ ‫املالي سيؤثر سلبا ً على االقتصاد‪ ،‬إذ ان هذه األموال التي يحولها اللبنانيون‬ ‫من اخلارج‪ ،‬تشكل مصدر دخل أساسيا ً لعائالت كثيرة‪ ،‬وكانت تنفق على‬ ‫االستهالك وبالتالي معدل االستهالك واالستثمار سينخفض‪ .‬إضافة‬ ‫الى الواقع اخمليف الذي قد تفرضه عودة اللبنانيني العاملني في اخلارج على‬ ‫السوق اللبنانية التي ستعج حينها بالباحثني عن الوظائف املفقودة ممن‬ ‫فقدوا عملهم في اخلارج‪ ،‬او العاطلني عن العمل أصالً في لبنان‪ ،‬إضافة الى‬ ‫املتخرجني اجلدد‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬أول تداعيات األزمة املالية محليا ً سيبدأ في توسع رقعة الفقر‪ ،‬علما ً‬ ‫بأن لبنان يعاني أصالً من وجود فقر بسبب السياسات االقتصادية التي لم‬ ‫تقم على توزيع عادل للمال‪ ،‬وكرست فجوة كبيرة بني الطبقات االجتماعية‬ ‫في لبنان‪.‬‬

‫حتديات أمام احلكومة‬ ‫ويرى اخلبراء أن احلكومة اللبنانية تقف امام مجموعة حتديات ابرزها إعادة‬ ‫النظر في االستثمار العام احلكومي وإعادة النظر في دور القطاع املصرفي‬ ‫لتحفيز التسليف وتطوير نوعيته وحجمه‪ ،‬إذ ان االستقطابات االقتصادية‬ ‫احلالية وتركز التسليف ال يخدمان االقتصاد الوطني‪ .‬إضافة الى معاجلة‬ ‫مشكلة االحتكار وتركز العمل االقتصادي في بيروت وإمناء املناطق ذات‬ ‫القدرات االقتصادية الكبيرة‪ ،‬مما يؤمن حلوال ً تؤمن قدرة استيعابية لعودة‬ ‫أعداد املهاجرين‪ ،‬فضالً عن كونها إصالحات أساسية ضرورية بصرف النظر‬ ‫عن األزمة العاملية وتراجع حتويالت املغتربني‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬وعد أبو ذياب‬

‫‪61‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬

‫الثورة اإلسالمية اإليرانية بعد ثالثين عاماً‪:‬‬

‫قوة إقليمية ـ دولية‬

‫حتت شعار “ال شرقية وال غربية”‪ ،‬خاض الشعب‬ ‫اإليراني معركة احلرية بقيادة اإلمام اخلميني الذي‬ ‫امتلك كل مقومات القيادة الوطنية واإلسالمية عبر‬ ‫تأثيره الروحي واملعنوي على الشعب اإليراني الذي‬ ‫قاتل بروح استشهادية وفدائية في معركة إثبات‬ ‫الذات والهوية‪ ،‬فجمعت عباءة القائد اخلميني كل‬ ‫أطياف الشعب اإليراني دون متييز أو تفريق‪ ،‬فتح ّول‬ ‫اجملتمع إلى مؤسسات فكرية وعقائدية وسياسية‬ ‫ال تنتهي وال تضمحل بغياب القائد‪.‬‬ ‫حركة التاريخ اإلنساني كما دورة الكون تخضع‬ ‫لديناميات محكمة‪ ،‬تدفعها معطيات واضحة الى‬ ‫إحداث تغييرات غالبا َ ما تتم تدريجياَ‪ ،‬وقلما تكون‬ ‫وليدة الصدفة بل ترتكز على النضال والكفاح‬ ‫والصبر‪ .‬وعليه فإن تاريخ إيران زخر بومضات وعي‬ ‫قومي جتلى في رفض القوى الوطنية اإليرانية‬ ‫مساومة الدولة الشاهنشاهية التي غرقت في‬ ‫االمتيازات األجنبية وأجهضت احملاوالت املبكرة لبناء‬ ‫دولة حرة وقوية‪.‬‬

‫بدايات جذور الثورة اإلسالمية‬ ‫بدأت جذور الثورة اإليرانية تنمو تصاعديا ً منذ عام‬ ‫‪ 1949‬عندما شرَ َع محمد رضا بهلوي في إنشاء دولة‬ ‫اوتوقراطية حتت حكمه الفردي املباشر‪ ،‬تقوم ركائزها‬ ‫االولى على تدمير املعارضة بكل أطيافها وأنواعها‪،‬‬ ‫سواء االرستقراطية او البرجوازية او الدينية‪ ،‬بحيث‬ ‫يصبح اجملتمع كله خاضعا ً إلرادته املباشرة‪.‬‬ ‫برز الدور االساسي للواليات املتحدة االميركية‬ ‫في دفع الشاه إلى التفرد واالستئثار بالسلطة‪،‬‬ ‫كما كانت وراء عزل والده رضا بهلوي بعد تهيئة‬ ‫املقدمات الستثمار احلوادث األمنية في تنفيذ‬ ‫سياسة الهيمنة‪ .‬هذا ما حصل فعالً عندما تعرض‬ ‫الشاه حملاولة اغتيال في ‪ 4‬فبراير‪/‬شباط ‪ 1949‬أثناء‬ ‫االحتفال بذكرى تأسيس جامعة طهران‪ ،‬حيث‬ ‫استثمرت هذه احلادثة لقمع املعارضة باحلديد والنار‬ ‫ومصادرة االراضي واالموال وخنق احلريات العامة‬ ‫وتنفيذ أحكام اإلعدام والسجن بحق الشعب‬ ‫اإليراني‪.‬‬ ‫أقام الشاه ديكتاتورية معتمدة على جهاز‬ ‫مخابرات إيراني قوي ومرتبط بشكل وثيق بضباط‬ ‫اخملابرات االميركيني من جهة‪ ،‬وبجهاز املوساد‬ ‫االسرائيلي من جهة اخرى‪ ،‬حيث انعكس هذا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الرئيس اإليزاني أحمدي جناد‪ :‬ثبات على الثورة‬

‫االرتباط والتعاون في تشكيل جهاز “السافاك” أي‬ ‫اخملابرات اإليرانية‪ ،‬ومت توقيع العديد من االتفاقات‬ ‫االمنية والعسكرية بني الشاه والكيان الصهيوني‬ ‫جلهة بناء القدرات العسكرية اإليرانية‪ ،‬وذلك في‬ ‫الفترة الواقعة من عام ‪ 1953‬الى ‪ ،1972‬ولوحظ‬ ‫ارتفاع امليزانية العسكرية من ‪ 60‬مليون دوالر‬ ‫الى بليوني دوالر اميركي تقريبا َ حيث حتولت إيران‬ ‫مبوجبه قاعدة متقدمة للواليات املتحدة االميركية‪،‬‬ ‫حتمي مصاحلها االقتصادية وتكفل أمن الكيان‬ ‫الصهيوني‪.‬‬ ‫اعتقدت جماعة حترير إيران انه من املمكن بناء‬ ‫ايديولوجية مختلفة عن “اجلبهة الوطنية” جتمع‬ ‫في تكوينها الداخلي أهل الدين والفكر معاً‪.‬‬ ‫فانضم إليها املفكر علي شريعتي الذي تبنى شعار‪:‬‬ ‫“اإلسالم عقيدة ثورية فعالة”‪.‬‬ ‫استمر الشاه في انتهاج سياسة الظلم واالرهاب‬ ‫واخليانة لقيم الشعب اإليراني حتى عام ‪1963‬م‪،‬‬ ‫حيث أعلن ما سمي بالثورة البيضاء التي تهدف الى‬ ‫منح املرأة حقوقا ً كبيرة وواسعة ومصادرة االراضي‪،‬‬ ‫معتبرا ً ان هذه الثورة نوع من االصالح‪.‬‬ ‫لكن هذه االصالحات قوبلت بالرفض القاطع من‬ ‫املعارضة‪ ،‬وعلى وجه اخلصوص رجال الدين‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمتهم آية اهلل اخلميني (‪ )1963‬الذي حمل‬ ‫على الشاه واتهمه ببيع إيران الى الواليات املتحدة‬

‫‪62‬‬

‫األميركية‪ ،‬فضالً عن مخالفته للدستور والنظام‬ ‫والشريعة‪.‬‬ ‫انطلق اسم اخلميني عاليا ً وتالزم مع احتفاالت‬ ‫محرم في ذكرى استشهاد اإلمام احلسني بن علي‪،‬‬ ‫اإلمام الثالث لدى الطائفة الشيعية‪ ،‬بعد تنديده‬ ‫بالشاه وطلبه من الشارع اإليراني التظاهر واإلضراب‬ ‫وتعطيل مؤسسات القمع والظلم واالنتفاضة‬ ‫على كل رموز ومعاني القهر والتسلط التي فرضها‬ ‫الشاه‪.‬‬ ‫حت ّولت إيران الى ثورة غضب‪ ،‬وانقلبت مواكب‬ ‫محرم إلى تصادمات جماهيرية واسعة ضد‬ ‫نظام احلكم والشاه‪ ،‬واستشهد حوالى الفني من‬ ‫املتظاهرين‪ ،‬فيما حاولت السلطات واالستخبارات‬ ‫اإليرانية واألميركية الوصول الى اخلميني الذي كان‬ ‫له تأثير كبير وأساسي في انطالق رحلة احلرية‪.‬‬ ‫تُوج انتصار االستخبارات اإليرانية بالقبض على‬ ‫اخلميني الذي نُفي الى العراق‪ ،‬وذلك بعد مرور أشهر‬ ‫عدة على التظاهرات‪.‬‬ ‫ازداد األمن سوءا ً بعد محاصرة قوات األمن‬ ‫العراقية ملنزل اخلميني في مدينة النجف األشرف‬ ‫بناء على طلب الشاه‪ ،‬بعدما قضى اخلميني خمسة‬ ‫عشر عاما ً مناضالً وكاشفا ً لسياسة الشاه‬ ‫القائمة على القمع والفساد‪ ،‬داعيا ً للثورة واالنقالب‬ ‫من خالل التصريحات والبيانات التي كان يطلقها‬


‫عبر وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫غادر اخلميني النجف االشرف مفعما ً بالتقوى‬ ‫واالميان والعقيدة الراسخة في االنتصار الى دولة‬ ‫الكويت التي رفضت حكومتها استقباله‪ ،‬فاضطر‬ ‫للتوجه إلى فرنسا التي استثمرت ضيافته ملعرفتها‬ ‫املسبقة بانتصاره‪ ،‬وهذا ما فسر العالقات اجليدة‬ ‫بعد الثورة بني فرنسا وإيران‪.‬‬ ‫اعترف الشاه ضمنيا ً بانتصارالثورة‪ ،‬وألقى خطابا ً‬ ‫في ديسمبر ‪1978‬م طلب فيه من رجال الدين توجيه‬ ‫رسالة تهدئة للشعب واحترام النظام واحلفاظ‬ ‫على وحدة االمة‪ ،‬وتعهد بإقامة حكومة جديدة‬ ‫يرأسها غالم رضا أزهاري املقرب من الواليات املتحدة‬ ‫االميركية‪ ،‬لكنه بعد فترة قصيرة أقال احلكومة‬ ‫اجلديدة بسبب أدائها العقيم في معاجلة كثير من‬ ‫القضايا‪ ،‬وال سيما التعاطي اجلاهل مع املعارضة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شكل الشاه حكومة يرأسها شهبور بختيار‪،‬‬ ‫وبعد أسبوع أعلنت اخلارجية االميركية‪“ :‬أن الشاه‬ ‫سيغادر في إجازة قصيرة”‪ ،‬وبالفعل خرج الشاه‬ ‫من طهران الى اسوان في مصر في ‪ 16‬يناير ‪1979‬م‬ ‫وهرب بختيار الى باريس‪ ،‬ومت تشكيل مجلس وصاية‬ ‫إيراني مؤقت‪.‬‬ ‫مجلسي الوصاية والوزراء‬ ‫اخلميني‬ ‫رفض‬ ‫َ‬ ‫واعتبرهما غير شرعيني‪ ،‬وأعلن عن عودته إلى إيران‬ ‫بهدف إعادة احلقوق املغتصبة للشعب اإليراني‬ ‫الفقير والقضاء على الظاملني واملتآمرين‪ .‬وصل آية‬ ‫اهلل اخلميني الى طهران على منت طائرة فرنسية‬ ‫في االول من فبراير‪/‬شباط‪ ،‬وعقد مؤمترا ً صحافيا ً في‬ ‫اخلامس من فبراير‪/‬شباط ‪1979‬م حدد فيه برنامجه‬ ‫السياسي القائم على بسط سلطة الدولة‬ ‫االسالمية املعادية للواليات املتحدة االميركية‬ ‫واسرائيل وانتهاج سياسة العدل واحلق والقانون‪،‬‬ ‫ذلك بالتوازي مع اقامة حالة من التوازن بني الفقهاء‬ ‫واملصلحني واعتماد سياسة التعقل‪.‬‬ ‫رسم انتصار الثورة االسالمية في إيران معالم‬ ‫انقالب استراتيجي ضخم في منطقة الشرق‬ ‫االوسط أرهب الوحش األميركي وأخاف السارق‬ ‫الصهيوني‪ ،‬حيث حدد اإلمام اخلميني أسماء أعدائه‬ ‫الشخصيني حسب الترتيب التالي‪“ :‬الشاه اوالً‪ ،‬ثم‬ ‫الشيطان االميركي بسبب دعمه للشاه ثانيا‪ ،‬ثم‬ ‫الصهيونية كعدو مطلق لإلسالم”‪.‬‬

‫وقفت إيران تدافع عن ثورتها ومكتسباتها‪،‬‬ ‫رغم الظروف الداخلية الصعبة وبقيت متمسكة‬ ‫وداعمة للقضية الفلسطينية‪ ،‬ومعتبرة ان القدس‬ ‫اولوية اسالمية يجب الدفاع عنها وحتريرها‪.‬‬ ‫انتهت احلرب اجملنونة بعد صدور قرار مجلس االمن‬ ‫رقم ‪/598/‬عام ‪1987‬م مخلف ًة دمارا ً اقتصاديا ً هائالً‬ ‫للدولتني بلغ ‪ 500‬مليار دوالر‪ ،‬وبتراجع تنموي ُقدر‬ ‫بخمس وعشرين سنة‪ ،‬ناهيك عن حجم اخلسائر‬ ‫البشرية التي وصلت الى مليون قتيل وجريح‪ .‬فيما‬ ‫جنحت الواليات املتحدة االميركية في بيع كميات‬ ‫من االسلحة للعراق ودول اخلليج ووضعت قدمها‬ ‫بقوة في املنطقة العربية‪ ،‬فيما كانت احلرب غطا ًء‬ ‫إعالميا ً كبيرا ً إلسرائيل التي مارست القتل واإلرهاب‬ ‫واجملازر في فلسطني‪.‬‬ ‫أسدل الستار على معركة احلدود التي استنزفت‬ ‫طاقات وإمكانات دولتني أساسيتني في معركة‬ ‫الوجود ضد الكيان الصهيوني الغاصب‪ ،‬وهذا ما‬ ‫قاله الرئيس السوري الراحل حافظ االسد الذي‬ ‫حاول إيقاف احلرب في بدايتها وحذر من أهدافها‬ ‫العدوانية‪.‬‬

‫مالمح االستراتيجية القومية‬ ‫اإليرانية‬ ‫ترتكز االستراجتية القومية اإليرانية في حتقيق‬ ‫األمن القومي على ثالثة اجتاهات رئيسية‪:‬‬ ‫أولها‪ :‬تنمية القدرات االقتصادية للبالد‪ .‬وثانيها‪:‬‬ ‫حتديث القوة العسكرية وجعلها قوة ردع ضخمة‪.‬‬ ‫وثالثها‪ :‬التأثير األيديولوجي النابع من مبادئ الثورة‬ ‫اإلسالمية اإليرانية وأفكارها‪...‬‬ ‫تتكامل هذه األصول في دعم ومساندة السياسة‬ ‫اخلارجية اإليرانية على املستويني اإلقليمي والعاملي‪.‬‬ ‫وهذا يظهر جليا في انفتاح إيران على الدول العربية‬ ‫ومحاولة هيكلة عالقات جديدة مبنية على التوازن‬ ‫واملصالح املشتركة وبعيدة كل البعد عن سياسة‬

‫املؤامرة على الثورة‬ ‫احلرب العراقية ‪ -‬اإليرانية‬ ‫ردت الواليات املتحدة االميركية على جناح الثورة‬ ‫االسالمية اإليرانية من خالل احلرب الظاملة التي‬ ‫أعلنها صدام حسني في ‪ 22‬ايلول‪ 1980‬حتت شعار‬ ‫“استرداد وحترير االرض املغتصبة” بدعم أميركي‬ ‫وخليجي ومصر ي‪.‬‬ ‫علم اجلميع ان أهداف هذه احلرب حددتها اخملابرات‬ ‫املركزية االميركية‪ ،‬التي تخشى تعاظم احلركات‬ ‫الوطنية والثورية في بلدان العالم الثالث على وجه‬ ‫العموم وفي منطقة الشرق االوسط خاصة‪.‬‬

‫‪63‬‬

‫اإلمام اخلميني‪ :‬أطلق الشعب اإليراني نحو احلرية‬

‫االحتواء والتحدي‪.‬‬ ‫اتبعت الثورة اإلسالمية في إيران سياسة اليسر‬ ‫واللني في التعاطي‪ ،‬على مستوى كبير‪ ،‬لتقوية‬ ‫أواصر التالحم بني جناحي املسلمني (السنة‬ ‫والشيعة) بحيث يعيش اجلميع بسالم واطمئنان‬ ‫وميارسون شعائرهم الدينية بكل حرية‪ ،‬ولعل‬ ‫احملاوالت األخيرة لدس السموم والكره والضغينة‬ ‫عبر األدوات الرخيصة هدفها خلق الفنت املذهبية‬ ‫وفق مؤامرة عاملية تدعمها وحتضنها القوى‬ ‫اإلمبريالية والصهيونية خلنق املد الثوري ومنعه‬ ‫من الوصول الى املناطق التي يسكنها أهل السنة‪،‬‬ ‫وهذا ما أكده اإلمام اخلامنئي بقوله‪« :‬ان األيادي‬ ‫اخلبيثة التي تزيد من حدة االختالف بني املسلمني‬ ‫الشيعة وأهل السنة ال هي شيعية وال هي سنية‪،‬‬ ‫امنا أيدي االستعماريني الذين يضعون اخلطط خللق‬ ‫الفرقة بحجة التشيع أو التسنن»‪.‬‬

‫أسباب اهتمام إيران بتطوير‬ ‫برنامجها النووي‬ ‫عرفت الثورة اإلسالمية أهمية الطاقة والتقدم‬ ‫العلمي والتكونولوجي‪ .‬لذلك‪ ،‬فتحت أبواب العلم‬ ‫واملعرفة وشددت على بناء القدرات الذاتية في‬ ‫فاهتمت ايران‬ ‫سبيل حتصني الثورة وحمايتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ببرنامجها النووي لألسباب التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬السالح النووي اإلسرائيلي حيث متتلك‬ ‫اسرائيل ترسانة نووية ضخمة تقدر ما بني ‪-150‬‬ ‫‪ 200‬رأس نووي‪.‬‬ ‫‪ -2‬الوجود العسكري األميركي املباشر في اخلليج‬ ‫واحملاولة الدائمة الحتواء حتركات إيران ومراقبة‬ ‫نشاطها العسكري والسياسي والنووي أخيراً‪.‬‬ ‫‪ -3‬الطموح اإلقليمي‪ :‬تتمتع إيران بثقل إقليمي‬ ‫ملحوظ على الصعيد السياسي والثقافي والديني‪،‬‬ ‫وتعزيز البرامج النووية من شأنه أن يرفع املكانة‬ ‫اإلقليمية لها ويضعها على خريطة الدول الرئيسية‬ ‫في منطقة الشرق األوسط‪.‬‬ ‫‪ -4‬تطوير الطاقة وتوفيرها كبديل استراتيجي‬ ‫للنفط أو إلطالة عمر اآلبار النفطية‪.‬‬ ‫ترتبط إيران مع العالم اخلارجي بنوعني من الروابط‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬ ‫العسكرية‪ ،‬بحيث يحقق كل منهما هدفا ً محددا ً‬ ‫في إطار منظومة األمن القومي اإليراني‪ .‬ويندرج‬ ‫النوع األول من الروابط العسكرية في اطار توفير‬ ‫االحتياجات التسلحية بأنواعها اخملتلفة وتتركز‬ ‫هذه العالقات بصفة رئيسية مع روسيا والصني‬ ‫وكوريا الشمالية‪.‬‬ ‫أما النوع الثاني من العالقات العسكرية اخلارجية‬ ‫إليران فهي تندرج في إطار خلق البعد االستراتيجي‬ ‫واخلروج من العزلة اإلقليمية التي تعاني منها إيران‪،‬‬ ‫ونالحظ هذه العالقات مع سوريا ولبنان والسودان‬ ‫واجلمهوريات اإلسالمية في آسيا الوسطى‪.‬‬ ‫جتدر اإلشارة إلى أن السياسة اإليرانية في الوقت‬ ‫الراهن باتت توظف القوة العسكرية في أداء‬ ‫العديد من املهام التي تصب إجماال ً في إطار خدمة‬ ‫األغراض القومية وفي مقدمتها حماية أعمال‬ ‫البناء الداخلي من أية هجمات خارجية محتملة‪،‬‬ ‫باإلضافة الى تقدمي الغطاء االستراتيجي للدول‬ ‫الصديقة والتحسب الحتماالت املواجهة العاملية‬ ‫أو اإلقليمية‪.‬‬

‫أحمدي جناد ابن الثورة‬ ‫أثار فوز أحمدي جناد الغرب مبختلف مراكزه‬ ‫السياسية واالقتصادية واالستخباراتية ملعرفة‬ ‫وفهم هذه الشخصية الصاعدة بقوة وحكمة‬ ‫ملا ترتكز عليه من مزايا رفيعة ونبيلة‪ ،‬حيث رفض‬ ‫العيش في القصور وأراد حياة متواضعة بسيطة‬ ‫كما كان قائد الثورة‪ ،‬مواضبا ً على عمله وملتزما ً‬ ‫بالقوانني وملتصقا ً بالقواعد الشعبية الفقيرة‬ ‫التي انطلق منها فبادلها االنتماء‪ ،‬وقدمت له الوالء‪.‬‬ ‫وباختصار شديد جعلت الشخصية البسيطة‬ ‫واحملبوبة واملثقفة والثورية للرئيس جناد منه الضمانة‬ ‫احلقيقية للثورة اإلسالمية اإليرانية‪.‬‬ ‫حققت الثورة اإلسالمية انتصارا ً إلهيا ً مبكرا ً‬ ‫نسف كل مفاهيم وقيم الشاه العدوانية‬ ‫والتوسعية التي تقاطعت لزمن طويل مع الكيان‬ ‫الصهيوني الغاصب ورسمت نقطة انطالق جديدة‬ ‫ملعايير املواجهة واملمانعة وخلطت أوراق التحالفات‪،‬‬ ‫وعطلت معظم املؤامرات وأعادت احلياة لإليرانيني‬ ‫الذين طاملا حلموا بالقضاء على كل مظاهر التبعية‬ ‫والغدر‪ ،‬فكان لهم ما أرادوا عبر التصميم واإلرادة‬ ‫والعمل املنظم املقرون بالعقيدة الصادقة‪.‬‬ ‫مثل انتصار الثورة اإلسالمية اإليرانية وسقوط‬ ‫نظام الشاه حت ّوال ً مفصليا ً تاريخيا ً واستراتيجيا ً‬ ‫إليران‪ ،‬وفي مكانتها اإلقليمية والدولية وسياستها‬ ‫وعالقاتها في شتى امليادين‪ ،‬إذ حت ّولت إيران في‬ ‫عصر الشاه من أكبر قاعدة إقليمية للسياسات‬ ‫االستراتيجية األميركية ـ اإلسرائيلية‪ ،‬وإحدى‬ ‫الساحات اخللفية التي كانت اسرائيل تتسلل‬ ‫منها إلى احمليط العربي‪ ،‬إلى قوة اقليمية قوية‬ ‫ومركز رئيسي وأساسي الستقطاب جميع التيارات‬ ‫املعادية للمشاريع األميركية ـ الصهيونية‪ ،‬نظرا ً‬ ‫ملا حتتله ايران من موقع جغرافي استراتيجي‪ ،‬وملا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫متلكه من مقدرات وموارد باطنية كبيرة وأهميتها‬ ‫الضخمة في اخلريطة اجليوسياسية اإلقليمية‬ ‫والدولية على السواء‪.‬‬ ‫انصب االهتمام الصهيوني بعدما جنحت الثورة‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالمية على البعد العقائدي ـ الثوري اإلسالمي‬ ‫للنظام اجلديد وخطورة تأثيره على احمليط‪ ،‬وال سيما‬ ‫الدول املعنية بالصراع العربي ـ الصهيوني بعدما‬ ‫اعتبر آية اهلل اخلميني قائد الثورة‪ ،‬وبعده اإلمام‬ ‫«غدة سرطانية زرعت في‬ ‫اخلامنئي‪ ،‬أن إسرائيل‬ ‫ّ‬ ‫املنطقة»‪.‬‬ ‫اندفع الصهاينة إلى دراسة مجموعة من‬ ‫املشاريع الهادفة إلى محاصرة الثورة وتقويض‬ ‫مرتكزاتها البنيوية والعقائدية بعدما اعتبروا أن‬ ‫ايران مت ّثل تهديدا ً وجوديا ً للكيان الغاصب‪.‬‬ ‫كانت أفكار مؤسس الثورة اإلسالمية اإليرانية اإلمام‬ ‫اخلميني (قدس) مستوحاة من ثورة اإلمام احلسني (ع)‪،‬‬ ‫وتعتمد منهجا ً واضحا ً في تعاليمها وترتكز على‪:‬‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬اإلسالمية‪ ،‬التحررية‪ ،‬والشعبية‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬جنحت الثورة في إرساء دعائم األخالق‬ ‫والقيم النبيلة املنطلقة من جوهر العقيدة‬

‫قائد الثورة في سطور‬ ‫ُولد السيد روح اهلل املوسوي اخلميني عام ‪1902‬‬ ‫في بلدة «خمني»‪ ،‬حيث نشأ يتيما ً وعاش في كنف‬ ‫والدته وعمته‪ ،‬وبدأ دراسة العلوم اإلسالمية في‬ ‫سن مبكرة مبدينة «أراك» ثم في مدينة «قم»‬ ‫املقدسة‪ .‬كان صادقا ً وملتزما ً ومصدرا ً للثقة‪ ،‬وميتاز‬ ‫بذكاء حاد وشغف للعلم واملعرفة وجتاوز التقليد‬ ‫السائد عندما انخرط في الشأن السياسي‪ ،‬فيما‬ ‫برزت محاضراته التي انتقد فيها سياسات الشاه‬ ‫بجرأة‪ ،‬ودعا إلقامة حكومة إسالمية‪.‬‬ ‫أرسى اإلمام قواعد متينة للنظام السياسي‬ ‫دستوريا ً ومؤسساتياً‪ ،‬وأعاد صياغة شخصية األمة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬وعمل على توحيد مشاعر املسلمني‬ ‫وأهدافهم ودمجهم في إطار رؤية متطورة تقضي‬ ‫على التمزق والفرقة‪.‬‬ ‫توقف القلب النابض صدقا ً وإميانا ً في الرابع من‬ ‫حزيران ‪ 1989‬م‪ ،‬لكن مسيرة الثورة لم تتوقف بل‬ ‫ازدادت تدفقا ً وقوة بفضل حكمة اإلمام والنظام‬ ‫الفريد في إدارة الدولة والثورة‪.‬‬

‫تواريخ وأحداث‬

‫اإلسالمية الطاهرة والبعيدة عن التح ّيز واالضطهاد‬ ‫واالستئثار‪.‬‬ ‫أسس اإلمام اخلميني نظاما ً منهجيا ً جديدا ً‬ ‫للحكم الديني يواكب كل متطلبات العصر احلديث‬ ‫وال يتصادم مع التقدم العلمي والتكنولوجي‪،‬‬ ‫ويتقاطع مع الدميوقراطية امللتزمة‪ ،‬ويتكامل معها‬ ‫في اإلدارة واحلكم‪ ،‬مما جعل التأثير الروحي للثورة‬ ‫يتخطى حدود الدولة اإليرانية‪ ،‬إلى كل العالم‪ .‬وهذا‬ ‫ما يجعلها تختلف عن جميع الثورات وتناسب كل‬ ‫املتعطشني للحرية والتقدم والعدالة‪.‬‬ ‫لقد صدرت الثورة املباركة «روح الشهادة» فغدت‬ ‫ممارسة يومية لشعبنا وثقافة ثابتة في قاموس‬ ‫الشرفاء واملقاومني‪ ،‬وهذا ليس شعارا ً بل حقيقة‬ ‫قدم اإلمام القائد منوذجا ً حيا ً عن‬ ‫واقعة حيث ّ‬ ‫التضحية والشهادة عندما استشهد ابن القائد‬ ‫اخلميني‪ ،‬آية اهلل مصطفى اخلميني (رضوان اهلل‬ ‫عليه)‪ ،‬دفاعا ً عن الثورة وأهدافها السامية في‬ ‫‪.1977/1/23‬‬

‫‪64‬‬

‫‪ :1943‬نشر اإلمام اخلميني كتاب بعنوان «كشف‬ ‫األسرار»‪ ،‬فضح سماحته جرائم فترة العشرين‬ ‫عاما ً من حكم رضا شاه وتولى الرد على شبهات‬ ‫املنحرفني دفاعا ً عن اإلسالم‪ :1962 .‬انطلق اإلمام‬ ‫اخلمنئي (قدس)‪ ،‬في نضاله العلني ضد الشاه‪.‬‬ ‫‪ 3‬تشرين ‪ :1964‬اعتقال اإلمام ونفيه إلى تركيا‪.‬‬ ‫‪ :1965/10/5‬يُنقل سماحته برفقة ابنه السيد‬ ‫مصطفى إلى العراق‪ :1977/10/23 .‬استشهاد آية‬ ‫اهلل السيد مصطفى اخلميني‪ :1978/1/19 .‬اندالع‬ ‫انتفاضته في مدينة «قم» ضد الشاه‪:1978/10/24 .‬‬ ‫بعد ثالثة عشر عاما ً من النفي‪ ،‬يتوجه اإلمام إلى‬ ‫الكويت‪ .‬شباط ‪ :1979‬وصل قائد الثورة إلى مطار‬ ‫طهران‪ 11 .‬شباط ‪ :1979‬أشرقت شمس انتصار‬ ‫الثورة اإلسالمية‪.‬‬

‫موقف الثورة‬ ‫من القضية الفلسطينية‬ ‫السيد علي خامنئي‪« :‬اسرائيل نظام مختلف‬ ‫فرض على املنطقة وال يبقيه متماسكا ً سوى الدعم‬ ‫الذي تقدمه أميركا ومواقف بعض احلكام في الدول‬ ‫العربية واإلسالمية وعدم قيامهم مبسؤولياتهم‬ ‫في فلسطني»‪.‬‬ ‫هكذا عبر املرشد الروحي للثورة اإلسالمية‬ ‫اإليرانية عن النظام العنصري الذي زرعه طغاة‬ ‫العالم في منطقتنا‪ ،‬معبرا ً عن عمق استراتيجي في‬ ‫فهم أسس بقاء هذا الكيان على قيد احلياة‪ .‬فبعد‬ ‫انتصار الثورة‪ ،‬أغلقت طهران السفارة اإلسرائيلية‬ ‫تعج باجلواسيس واخملبرين املوساد‪،‬‬ ‫التي كانت‬ ‫ّ‬


‫الذين ق ّدر عددهم بعشرة آالف‪ .‬ورُفع العلم العربي‬ ‫الفلسطيني مكان اإلسرائيلي‪ ،‬وأخذت الثورةدعم‬ ‫القضية الفلسطينية سياسيا ً وماديا ً وعسكريا ً عبر‬ ‫بأفعال ملموسة ال‬ ‫قوافل املواقف الصادقة املقرونة‬ ‫ٍ‬ ‫بأقوال مدسوسة كما فعل بعض العرب‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر‪ ،‬فإن لبنان قطف‬ ‫ثمرة انتصار الثورة واستطاع أن يوظف الدعم غير‬ ‫احملدود لقضاياه العادلة في معركة التحرير والبناء‪،‬‬ ‫فكان انتصار متوز األخير ‪ 2006‬الذي حققته املقاومة‬ ‫اإلسالمية هو إحدى نتائجها‪ .‬وألن الثورة استمرارية‬ ‫ال تنتهي وال تتوقف بل تتطور مع املعطيات اخملتلفة‪،‬‬ ‫كان انتصار غزة ‪.2009‬‬ ‫إن تغيير قواعد اللعبة في منطقة الشرق‬ ‫األوسط واختالل موازين القوى ملصلحة مشروع‬ ‫املقاومة‪ ،‬يطرح تساؤالت كثيرة عن مستقبل‬ ‫الصراع العربي ـ الصهيوني‪ ،‬وحجم اخلطر الذي‬ ‫مت ّثله إيران على الدولة الصهيونية‪ ،‬وال سيما أن‬ ‫ايران تعترف بكل العالم ومستعدة للحوار مع‬ ‫اجلميع باشتثناء الشر املطلق «اسرائيل»‪ .‬وهذا ما‬ ‫بدا واضحا ً بعد ثالثني عاما ً من االنتصار على لسان‬ ‫الرئيس أحمدي جناد حني قال‪« :‬الكيان الصهيوني‬ ‫على وشك املوت‪ ،‬لو توافرت أدنى فرصة لشعوب‬ ‫املنطقة فإنها ستستأصل هذا الكيان امللفق»‪.‬‬

‫الثورة اإلسالمية إلى الفضاء‬ ‫اقترن احتفال اإليرانيني بثورتهم‪ ،‬بإطالق أول‬ ‫قمر اصطناعي ايراني بواسطة صاروخ «سفير‬ ‫‪ ،»2‬والقمر الذي أطلق عليه «اميد» ُصنع بسواعد‬ ‫وعقول إيرانية‪ ،‬والهدف منه استخدامه ألغراض‬ ‫البحث واالتصاالت‪.‬‬ ‫ترك هذا اإلجناز العلمي الضخم حالة هستيرية‬ ‫عند قادة العدو الصهيوني الذين بدأوا يحللون‬ ‫ويدرسون القدرات العسكرية اإليرانية التي م ّثلت‬ ‫خطرا ً محدقا ً بوجودهم في املنطقة‪ .‬وما يثير القلق‬ ‫لديهم هو أن الصواريخ البعيدة املدى والعابرة‬ ‫للقارات التي تستخدم في وضع األقمار الصناعية‬ ‫مبدارات حول األرض‪ ،‬تستخدم أيضا ً إلطالق األسلحة‬ ‫والصواريخ التقليدية وغير التقليدية‪.‬‬ ‫إال ان املؤكد أن القمر االصطناعي «أميد»‪ ،‬سيعود‬ ‫إلى األرض بعد أن يضل في مداره ما بني شهر وثالثة‬ ‫أشهر حامالً معه بيانات تساعد اخلبراء على ارساال‬ ‫قمر صناعي عامل إلى الفضاء‪ .‬مع العلم أن ايران‬ ‫لديها قمر صناعي في مدار حول األرض هو «سينا‬ ‫‪ ،»1‬لكنه أطلق عام ‪ 2005‬بصاروخ روسي الصنع‪.‬‬ ‫وجهت ايران رسالة واضحة إلى العالم‪ ،‬دحضت‬ ‫ّ‬ ‫من خاللها زيف ا ّدعاءات اجملتمع الدولي بشأن‬ ‫إمكان استخدام ايران للطاقة خارج نطاق األغراض‬ ‫السلمية‪ .‬كما أكدت على قدرة األنظمة السياسية‬ ‫اإلسالمية على مواكبة التكنولوجيا والتطور‪ ،‬فيما‬ ‫كان الهدف الرئيسي من الرسالة توجيه إنذار مبكر‬ ‫لكل َمن يحاول النيل من سيادة ايران وحقها في‬ ‫الدفاع عن مكتسبات الثورة‪.‬‬

‫المستشار الثقافي االيراني في بيروت لـ « منبر التوحيد»‪:‬‬

‫تأثير الثورة االسالمية وصل الى كل العالم‬ ‫بعدما حلقت الثورة اإلسالمية املباركة في‬ ‫سماء العالم معلنة بداية مرحلة جديدة من‬ ‫تاريخ العالقات السياسية الدولية‪ ،‬كتبت‬ ‫إجنازاتها بحروف العزة والكرامة‪ ،‬ومُهرت بدم‬

‫سماحة السيد «محمد حسني رئيس زاده‬

‫الشهداء‪ ،‬كان جمللة «منبر التوحيد» لقاء خاص مع‬ ‫املستشار الثقافي اإليراني في سفارة اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية في لبنان سماحة السيد‬ ‫«محمد حسني رئيس زاده» الذي أغنى مخزوننا‬ ‫املعرفي بحقائق الثورة اإلسالمية وخفاياها‬ ‫ومدى تأثيرها اإليجابي على اإليرانيني واملسلمني‬ ‫والعالم مبا متتلكه من مزايا إنسانية وحتررية‪:‬‬ ‫أين هي حدود الثورة اإلسالمية اإليرانية املباركة؟‬ ‫تأثير الثورة اإلسالمية لم ينحصر باحلدود اإليرانية‪،‬‬ ‫بل جتاوز املنطقة والعالم كله‪ .‬هذه الثورة غ ّيرت الوضع‬ ‫في ثالث ساحات‪ :‬الداخلية‪ ،‬واإلقليمية والعاملية‪ .‬في‬ ‫الداخل تغ ّير الوضع كليا ً في ايران‪ ،‬إذ ال ميكن مقارنة ما‬ ‫قبل الثورة مبا بعد الثورة في جميع اجملاالت السياسية‬ ‫واالقتصادية وغيرها‪ .‬في املنطقة أيضا ً غ ّيرت الثورة‬ ‫فكان انتصار متوز وانتصار غزة وقضية فلسطني‪ .‬أما‬ ‫في العالم‪ ،‬فقد غ ّيرت الثورة اجلو احلاكم على العالم‪.‬‬ ‫وقد قلنا إن الثورة كانت بشعار «ال شرق وال غرب»‪،‬‬ ‫وزمان كان العالم منقسما ً إلى معسكرين‪:‬‬ ‫وفي فتر ٍة‬ ‫ٍ‬ ‫شرقي وغربي‪ ،‬وأي حركة إصالحية وحتررية ال تتمكن‬ ‫من النجاح وحتى من الوجود إال باالنتماء إلى أحد‬ ‫املعسكرين‪ .‬وكانت احلرب في تلك الفترة باهظة بني‬ ‫أميركا واالحتاد السوفياتي‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فتغ ّير الوضع‬ ‫فأصبح هناك معسكر احلق ومعسكر الباطل‪:‬‬ ‫املعسكر األول يشمل ايران وهالل املقاومة في املنطقة‬ ‫وخارجها كأفريقيا وبعض الدول األخرى‪ ،‬أما معسكر‬ ‫الباطل ففي مق ّدمته أميركا الشيطان األكبر‪.‬‬

‫ثورة احلق على الباطل‪:‬‬ ‫باقية ومستمرة‬ ‫ما هي أبرز سمات الثورة اإلسالمية في إيران؟‬

‫‪65‬‬

‫مميزات الثورة ومواصفاتها كثيرة أهمها أربع‪:‬‬ ‫األولى أنها شعبية‪ ،‬إذ إنها اعتمدت على الشعب‬ ‫اإليراني ولم تكن مرتبطة بأي من األحالف الدولية‬ ‫السائدة في تلك الفترة من احلرب الباردة بسبب‬ ‫اعتمادها على الشعب ال على الدول االخرى‪ .‬الصفة‬ ‫الثانية أنها لم تكن مدينة أو مرهونة ألي دولة وال‬ ‫ألي طبقة خاصة أو صنف خاص في اجملتمع اإليراني‬ ‫لشمولها جميع شرائح الشعب اإليراني‪ .‬هذه‬ ‫الثورة فتحت فضاءها وأفردت جناحيها لكل من‬ ‫يريد أن يشترك فيها على طريق االنتصار‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫ال ميكن ألحد أن يخص هذه الثورة به‪ ،‬فهي لكل‬ ‫الشعب اإليراني على خالف الثورات الكبرى التي‬ ‫حصلت في العالم كما في االحتاد السوفياتي‬ ‫وفرنسا‪ .‬امليزة الثالثة لهذه الثورة أنها قبل أن‬ ‫تكون ثورة سياسية واقتصادية‪ ،‬كانت ثورة فكرية‬ ‫وثقافية‪ ،‬وقد أوجدت هذه الثورة تغييرات سياسية‬ ‫لكن اجلوهر األساس لها‬ ‫واقتصادية واجتماعية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫هو الثقافة والفكر‪ ،‬إذا ً أوجدت التغيير الثقافي في‬ ‫شعوب املنطقة واألمة اإلسالمية‪.‬‬ ‫أما امليزة الرابعة لها فترتبط بقيادتها التي‬ ‫كانت على عاتق علماء الدين واحلوزات العلمية‪،‬‬ ‫وقد اشتركت فيها جميع الشرائح والطبقات‪.‬‬ ‫لكن القيادة كانت على عاتق علماء الدين وعلى‬ ‫رأسهم اإلمام اخلميني (رحمه اهلل) فقد كان عاملا ً‬ ‫دينيا ً فقيهاً‪ ،‬وكان مرجعا ً دينيا ً وحينما يفتي بشيء‬ ‫يحكم بأمر‪ ،‬يعتبر الشعب اإليراني هذا احلكم‬ ‫كحكم «اإلمام املعصوم»‪ ،‬وكما تعلمون أن ‪ %85‬من‬ ‫الشعب اإليراني هم من «الشيعة» الذين يعتقدون‬ ‫بـ»والية أهل البيت(ع)»‪ ،‬من اإلمام علي بن أبي طالب‬ ‫(ع) إلى إمام العصر‪ .‬ونحن نعتقد أن إمام العصر‬ ‫موجود لكنه ليس ظاهرا ً فهو حاضر في اجملتمع‬ ‫ويعرف الناس لكنهم ال يعرفونه‪ .‬والروايات التي‬ ‫أئمتنا ش ّبهت إمام العصر بقضية يوسف‬ ‫وردت من ّ‬ ‫الذي عرف إخوته ولكنهم لم يعرفوه‪ ،‬قضية إمام‬ ‫العصر في مذهبنا هي كذلك‪ .‬هذا اإلمام القائم‬ ‫نعتبره ممثالً بوكالء ونواب هم الفقهاء الذين‬ ‫يصبحون مرجعا ً دينيا ً للناس وهم يعتبرون آراءهم‬ ‫الفقهية وأحكامهم كحكم إمام العصر‪ ،‬فيكون‬ ‫احلكم واجبا ً شرعيا ً دينيا ً وفرض عني على املسلم‪.‬‬ ‫واإلمام اخلميني يُعتبر نائبا ً إلمام العصر‪ ،‬ومن مزايا‬ ‫شخصيته إضاف ًة إلى علمه وإلى مرجعيته الدينية‪،‬‬ ‫انه كان عارفا ً ولم يكن عنده طمع دنيوي وال هوى‪.‬‬ ‫توصل الشعب‬ ‫جاهد مع نفسه وتغلب عليها‪ ،‬وقد ّ‬ ‫اإليراني إلى قناعة بأن هذا الفقيه العالِم لم يكن‬ ‫لديه أي طمع دنيوي‪ ،‬ولم يذهب إلى أي من املناصب‬ ‫همه العمل‬ ‫الدنيوية‪ ،‬فمشى بطريق احلق وكان ّ‬ ‫بتكليفه الديني والشرعي ولم يكن عنده أي شيء‬ ‫آخر ذي أهمية‪ .‬ومن مزايا اإلمام اخلميني أنه لم يكن‬ ‫فقط رجالً ثوريا ً يقود فقط الثورة‪ ،‬بل أسس نظاما ً‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬ ‫دينيا ً مبنيا ً على الدميوقراطية الدينية‪ ،‬وأعطى الدور‬ ‫األساسي والرئيسي للشعب اإليراني الذي ينتخب‬ ‫املناصب الرئيسية واملهمة في هذا النظام‪ ،‬وهو‬ ‫الذي يتخذ القرار عبر ممثليه في البرملان ورئاسة‬ ‫اجلمهورية وفي جميع اجملالس‪ ،‬باإلضافة إلى والية‬ ‫الفقيه التي تشرف على القوى الثالث‪ .‬لقد متنى‬ ‫األعداء في أيام الثورة أن ميوت اإلمام ويُقضى على‬ ‫هذا النظام لكنهم أخطأوا وكانوا من الغافلني‪ ،‬ألن‬ ‫هذه الشخصية رسمت وخططت لنظام ال يكون‬ ‫متكالً‪ .‬أما امليزة الرابعة فتعتمد على قيادة هذه‬ ‫الثورة واخلامسة ترتبط بأهدافها‪ ،‬إذ لم يكن هدفها‬ ‫فقط إسقاط نظام الشاه والنظام امللكي وتأسيس‬ ‫الدولة غير املنحازة إلى الدول األخرى‪ .‬الهدف املكبر‬ ‫لهذه الثورة كان إقامتها ليس على صعيد الشعب‬ ‫اإليراني بل في كل املنطقة والعالم‪ ،‬وكذلك تطبيق‬ ‫العدالة االجتماعية والسيادة التامة والشاملة في‬ ‫البالد‪ ،‬وشق الطريق إلى احلرية والتم ّيز باألخالق‪.‬‬ ‫استنادا ً إلى هذه األهداف‪ ،‬ميكن القول إن هذه الثورة‬ ‫ما زالت في بداية الطريق ولم تنت ِه بعد‪ .‬كما أن‬ ‫مميزاتها األخرى أنها أجمعت قوى في العالم على‬ ‫عدوانها‪ .‬وقد ظهر عداء الدول بأجمعها باستثناء‬ ‫عدد قليل‪ ،‬شرقية أوغربية‪ ،‬رأسمالية أو اشتراكية‪،‬‬ ‫أميركية وأوروبية وغيرها وحتى مع األسف الدول‬ ‫املوجودة في املنطقة وأكثر الدول العربية كانت من‬ ‫أعداء هذه الثورة‪ ،‬لكنها صمدت وانتصرت وقامت‬ ‫واستمرت‪ .‬وميكن القول إنه في احلرب التي فرضت‬ ‫علينا طيلة ‪ 8‬سنوات‪ ،‬حاربنا وواجهنا ضد جميع‬ ‫الدول كأميركا واالحتاد السوفياتي‪ ،‬وكنا وحدنا إال‬ ‫بوجود بعض الدول كـ»سوريا»‪ .‬إن كيفية عداوة‬ ‫األعداء لهذه الثورة جتعلها مميزة عن باقي الثورات‬ ‫في العالم‪ .‬إن َمن أخلف مع هذه الثورة هي الدول‬ ‫التي متلك اإلمكانات والقدرة‪ ،‬والسر في ذلك يرتبط‬ ‫بأهداف هذه الثورة ونتائجهها ومدى تأثيراتها‪.‬‬ ‫في ‪ ،1977/10/23‬استشهد آية اهلل السيد‬ ‫مصطفى اخلميني‪ ،‬وكانت الثورة احلوزية الثانية‪.‬‬ ‫ما هي انطباعات الشعب اإليراني عن شهادة ابن‬ ‫قائد الثورة؟‬ ‫قبل ‪ 15‬سنة من شهادة آية اهلل مصطفى‬ ‫اخلميني‪ ،‬انطلقت الثورة اإلسالمية في ايران بقيادة‬ ‫اإلمام اخلميني‪ .‬وميكن تقسيم هذه الثورة إلى‬ ‫مراحل‪ :‬املرحلة األولى أنها انطلقت بعد تصويت‬ ‫اللوائح في البرملان والدولة‪ .‬هذه اللوائح والقوانني‬ ‫كانت مخالفة لإلسالم وحلرية الشعب اإليراني‪ ،‬وكان‬ ‫هناك الئحة للمستشارين األميركيني في ايران وهذا‬ ‫كان مخالفا ً للسيادة الشرعية في الدولة اإليرانية‪.‬‬ ‫وقدم تضحيات‬ ‫نهض الشعب بقيادة اإلمام اخلميني ّ‬ ‫كثيرة‪ ،‬حوالى ‪ 15‬الف شهيد‪ .‬لم تنكسر الثورة في‬ ‫تلك الفترة‪ ،‬مع العلم أن نظام الشاه اعتقل بعض‬ ‫الثوار واجملاهدين ونفى اإلمام من ايران إلى تركيا‬ ‫وبعدها إلى العراق‪ .‬وقد طالت مدة نفيه حوالى‬ ‫‪ 15‬سنة‪ .‬في هذه الفترة‪ ،‬كانت سلطة الشاه على‬ ‫الشعب اإليراني كاملة وشاملة ومطلقة‪ ،‬وكان‬ ‫يعتقل ويقتل ويسجن‪ ...‬كان الشعب اإليراني في‬ ‫الظاهر صامتاً‪ ،‬لكنه في داخله ميلك «عقدة ثورية»‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وكانت شهادة السيد مصطفى اخلميني نقطة‬ ‫لتفجير هذه العقدة‪ ،‬وأقام علماء الدين واحلوزات‬ ‫العلمية بعد استشهاده مجالس الـتأبني حيث‬ ‫ميدح املشاركون اإلمام اخلميني الذي نفي من البلد‬ ‫وكان اسمه وكتاباته وفتاويه ممنوعة‪ ،‬وأي شيء‬ ‫يرتبط به كان غير مسموح‪.‬‬ ‫لقد أعلن الشعب اإليراني في هذه اجملالس تبعيته‬ ‫لإلمام اخلميني‪ ،‬حيث أوجد ذلك بغض الشاه فكتب‬ ‫ّ‬ ‫«اإلطالعات» باسم‬ ‫مقالة في صحيفة يومية‬ ‫مجهول وأهان فيها اإلمام فكانت تلك نقطة‬ ‫االنطالق الثانية للثورة اإلسالمية‪ .‬وبعد نشر‬ ‫هذه املقالة‪ ،‬قام علماء الدين واحلوزات العلمية‬ ‫بالتظاهرات ضدها‪ ،‬ثم التحق أهل السوق والتجار‬ ‫بها فقاموا باالعتصام وأعلنوا عالقتهم بالثورة‪.‬‬ ‫نحن في ايران‪ ،‬وذلك موجود لدى «الشيعة» هنا‬ ‫لدينا مجالس أربعينية‪ ،‬وبعد استشهاد خمسة أو‬ ‫أكثر من املتطاهرين في مدينة «قم»‪ ،‬أعلنت املراجع‬ ‫الدينية ومنهم اإلمام اخلميني احلداد العام في‬ ‫يوم األربعني على استشهادهم‪ .‬فقام نظام الشاه‬ ‫بقتل بعض املتظاهرين في مدينة «تبريس» ومن ثم‬ ‫في «باست» و»بندرابوس» ومدن أخرى‪ .‬فانتشرت‬ ‫التظاهرات وخرجت من الطبقات اخلاصة بالعلماء‬ ‫الدينيني والثوار إلى عامة الناس حتى وصلت ليوم‬ ‫االنتصار‪ ،‬فاستشهد آية اهلل السيد مصطفى‬ ‫اخلميني وكان ذلك نقطة االنفجار الثانية للثورة‬ ‫اإلسالمية اإليرانية‪.‬‬ ‫لقد جرّب الشعب اإليراني نوعني من احلكم‪:‬‬ ‫اإلصالحي واحملافظ‪ .‬برأيك‪ ،‬أي النظامني ق ّدم لهذا‬ ‫الشعب ما أرادته الثورة اإلسالمية اإليرانية؟‬ ‫من مميزات اإلمام اخلميني انه رسم نظاما ً له‬ ‫جهوزية ملواجهة أية مشكلة‪ .‬وفي قمة هذا النظام‬ ‫والية الفقيه‪ ،‬وولي الفقيه ينتخبه مجلس اخلبراء‬ ‫الذي ينبثق من الشعب وهو يشرف على جميع القوى‬ ‫التنفيذية والتشريعية والقضائية كي ال تخرج عن‬ ‫إطار اإلسالم واملصالح الوطنية‪ .‬كل من التيارين‪:‬‬ ‫اإلصالحي واحملافظ يعتبر نفسه أنه يساعد الثورة‬ ‫وميشي فيها‪ ،‬يغ ّير كال التيارين النظام اإلسالمي‬ ‫في السياسات الكلية ألن ولي الفقيه موجود وهو‬ ‫من مدرسة اإلمام اخلميني وهو ميشي في طريقها‪.‬‬ ‫السياسات الرئيسية في ايران لم تأخذ فقط القوى‬ ‫التنفيذية‪ ،‬فهناك جلنة مركبة من رؤساء القوى‬ ‫الثالث وممثلني من قبل القائد وأمراء وضباط كبار في‬

‫‪66‬‬

‫احلرس الثوري واجليش وبعض الوزارات‪ .‬وبالتالي هؤالء‬ ‫مجتمعني يأخذون القرار ويسلمونه للقائد‪.‬‬ ‫في املوضوع األميركي‪ ،‬يبدو أن هناك إشارات‬ ‫بعد انتخاب أوباما لنوع جديد من العالقات بني‬ ‫طهران وواشنطن‪ .‬برأيك‪ ،‬إلى أين ستذهب هذه‬ ‫العالقة؟‬ ‫نحن لم نقطع عالقتنا بأميركا‪ ،‬بل هي‬ ‫التي قطعت عالقتها بنا بعد تسخير السفارة‬ ‫جتسس ودعم‬ ‫األميركية التي قامت بعمليات‬ ‫ّ‬ ‫اخملالفني للثورة آنذاك‪ .‬ونحن كما قال اإلمام القائد‬ ‫ال منلك أي مشكلة في العالقة مع أي دولة في‬ ‫العالم إال مع دولة اسرائيل‪ ،‬إذ اننا ال نعترف بالدولة‬ ‫اإلسرائيلية في املنطقة ونعتبرها غاصبة وغير‬ ‫مشروعة‪ .‬لذلك ال منشي في طريق إيجاد العالقة‬ ‫معها‪ ،‬لكن االحترام املتبادل والتقارب موجود مع‬ ‫باقي الدول التي ال تخالف السيادة التامة للدولة‬ ‫اإليرانية والشعب اإليراني‪ .‬أما إذا أرادت أي دولة‬ ‫أن تكون هي املتسلطة وإيران تابعة لها فهذا‬ ‫مرفوض‪ .‬حتى اآلن‪ ،‬أميركا تريد هذه السيطرة‪ ،‬لذا‬ ‫كلما تكلمنا عن جتديد العالقات تضع شروطها‬ ‫وذلك يخالف سيادتنا‪ .‬فالثورة اإلسالمية فرضت‬ ‫على كل الدول كيفية التكلم والتعاطي معنا‬ ‫بعكس زمن الشاه حيث كان نظام تعاطي املولى‬ ‫مع الرعية‪ ،‬ونحن بعد الثورة لم نكن رعايا ألميركا‬ ‫أو غيرها‪ .‬أوباما اليوم نادى بالتغيير‪ ،‬وإذا كان شعاره‬ ‫التكتيك فلن نرفضه‪ ،‬وإذا كان تقدمي استراتيجية‬ ‫للسياسة األميركية للتغيير عمليا ً فاجملال مفتوح‪.‬‬ ‫أوباما ينادي بالتغيير ومع ذلك يتهم ايران بدعم‬ ‫اإلرهابيني وبأنها أحد محاور الشر في العالم‪،‬‬ ‫ويطلب منعها في موضوع التقدم في الطاقة‬ ‫النووية‪ .‬إذاً‪ ،‬إذا لم يكن التغيير عمليا ً على أرض‬ ‫الواقع‪ ،‬فاألفق مسدود‪.‬‬ ‫ملاذا يُعتبر املشروع النووي اإليراني نقطة‬ ‫إشكالية دولية وعاملية؟ ملاذا ممنوع على إيران‬ ‫امتالك مقومات الطاقة النووية؟‬ ‫نحن نعتقد أن الطاقة النووية ذريعة ألميركا‬ ‫والدول الغربية‪ .‬فمشكلتهم ليست فقط في‬ ‫الطاقة النووية لدى ايران‪ ،‬بل أيضا ً التقدم‪ .‬فهم ال‬ ‫يريدون تقدم البالد وازدهارها في أي شيء‪ .‬فكانت‬ ‫هذه الذريعة الستعمال الطاقة النووية في األمور‬ ‫احلربية والعسكرية‪ .‬برأيي‪ ،‬إن خالف أميركا معنا‬ ‫ال يرتبط مبوضوع الطاقة النووية العسكرية بل‬


‫في الطاقة النووية السلمية‪ .‬وأعتقد أننا لو‬ ‫استخدمنا هذه الطاقة في اجملال العسكري ملا‬ ‫اعترضوا‪ ،‬لكننا لم نفعل ذلك‪ .‬فالقنبلة النووية‬ ‫مرفوضة لدينا في الشرع الديني واإلسالمي‪.‬‬ ‫فدين اإلسالم يخالف استخدام القنبلة النووية‬ ‫والكيميائية واألسلحة التي ال تقتل َمن ال ذنب‬ ‫له‪ .‬وقد ورد في القرآن الكرمي‪“ :‬ال تزر وازرة وزر أخرى”‪،‬‬ ‫وبالتالي هذه اآلية ترفض استخدام هذا النوع من‬ ‫األسلحة‪ .‬ثانياً‪ ،‬نحن ال نحتاج للقنبلة النووية‬ ‫فنحن حاربنا في احلرب التي فرضت علينا طيلة‬ ‫‪ 8‬سنوات وانتصرنا بدون استخدامها‪ .‬إن صدى‬ ‫الثورة اإلسالمية وصوتها انتشر وجلب القلوب‬ ‫إليها‪ .‬نحن نعتبر أنه في اليوم الذي نستخدم‬ ‫فيه القنبلة النووية‪ ،‬نكون قد تراجعنا ألن أهداف‬ ‫الثورة هي تقدمي العدالة االجتماعية وارتفاع‬ ‫الشعوب إلى قمم الكمال والعلم واالزدهار‪.‬‬ ‫فأميركا والدول األخرى تريد هزمية هذه الثورة‬ ‫من خالل استخدام القنبلة النووية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فاملشكلة بيننا وبينهم هي في اجملال السلمي‪.‬‬ ‫هم ال ميلكون دليالً بأننا استخدمنا هذه الطاقة‬ ‫في األعمال العسكرية‪.‬‬

‫محاور متعددة‬ ‫وقمر صناعي سلمي‬ ‫هل الرسالة التي أرادت إيران توجيهها عبر‬ ‫القمر الفضائي تأتي في هذا السياق‪ ،‬أي استخدام‬

‫الطاقة ألغراض سلمية؟‬ ‫األغراض السلمية من القمر الصناعي أكثر بكثير‬ ‫من األغراض األمنية‪ .‬نحن تقدمنا في جميع اجملاالت‬ ‫التكنولوجية والفضائية والصناعية والطبية‪،‬‬ ‫وطابع هذا التقدم سلمي‪.‬‬ ‫هناك اليوم اصطفافان‪ :‬اصطفاف املقاومة‬ ‫(محور املقاومة ـ سوريا ـ إيران)‪ ،‬وفريق “االعتالل”‬ ‫أو ما يسمى االعتدال العربي (مصر ـ السعودية ـ‬ ‫وبعض الدول اخلليجية)‪ .‬إلى أين نحن ذاهبون بعد‬ ‫التقارب السوري السعودي األخير؟‬ ‫إن مصالح سوريا تكمن في املقاومة‪ ،‬لكن بعد‬ ‫مجزرة غزة وصلت دول االعتدال في املنطقة إلى‬ ‫ومترسخة في شعوبها وال‬ ‫قناعة بجذرية املقاومة‬ ‫ّ‬ ‫خالص لهم إال بالتعامل مع هذه املقاومة‪ .‬من ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬إن أفق املنطقة ليس واضحاً‪ ،‬خصوصا ً بعد‬ ‫هذا الثالوث الذي جاءت به إسرائيل‪ .‬برأيي‪ ،‬سوريا ال‬ ‫تنتزع نفسها من املقاومة‪ ،‬لكنها تعمم العالقات‬ ‫مع دول املنطقة لتخفيف الضغط عليها وهي‬ ‫تشكل محورا جديدا حول املقاومة لتتوسع إلى دول‬ ‫املنطقة‪ .‬ونحن نرى بعض اإلشارات اإليجابية بأن‬ ‫هذه الدول فهمت أن املقاومة ملصلحتها وبالتالي‬ ‫يريدون التعامل معها‪.‬‬

‫عالقات جذرية‬ ‫جتمع الشعوب اإلسالمية‬ ‫كلمة أخيرة للشعبني اللبناني واإليراني‬

‫وشعوب املنطقة؟‬ ‫للشعب اإليراني عالقات جذرية مع الشعوب‬ ‫اإلسالمية في املنطقة‪ ،‬فأوجه التشابه بني‬ ‫الشعبني اإليراني واللبناني أكثر من أوجه‬ ‫االختالف‪ .‬بداي ًة‪ ،‬الدين السائد في املنطقة هو‬ ‫دين اإلسالم‪ ،‬و‪ %95‬من الشعب اإليراني مسلمون‪،‬‬ ‫وكما قلت إن أهداف الثورة ال تخص الشعب‬ ‫اإليراني فقط‪ ،‬بل هي ألبناء البشر أجمعني‪،‬‬ ‫حتى غير املسلمني منهم‪ .‬فالرسالة حضارية‬ ‫وإنسانية‪ ،‬وألن هذه األهداف فطرية ومطلوبة‪،‬‬ ‫ونحن كما ال نقبل االستعمار واالستئثار ونرفض‬ ‫االستعباد‪ ،‬ال نريد أن نستعمر وال أن نستثمر‬ ‫اآلخرين‪ .‬ومن أهدافنا أيضا ً شق الطريق لعبودية‬ ‫اهلل‪ ،‬والدين ال يسمح لإلنسان أن يكون عبدا ً‬ ‫لغير اهلل‪ ،‬وال يسمح له بأن يجعل غيره عبدا ً‬ ‫له‪ ،‬فالعبودية خاصة فقط باهلل‪ .‬عدونا يريد‬ ‫تشويه وجه الشعب اإليراني في املنطقة‪ ،‬ويريد‬ ‫إخافة شعوب املنطقة من إيران‪ .‬نحن أصدقاء‬ ‫الشعوب كافة‪ ،‬وقد أثبتنا صداقتنا بعد انتصارنا‬ ‫في احلرب‪ .‬فكيف كانت عالقتنا وتعاملنا مع‬ ‫السعودية والكويت التي كانت حتت سيطرة‬ ‫“صدام” للهجوم على إيران‪ .‬فحينما احتل‬ ‫“صدام” الكويت‪ ،‬نحن استقبلنا كويتيني لدينا‬ ‫ورفضنا االحتالل‪ .‬إذا ً العدو يريد إيقاع العداوة‬ ‫والبغضاء بيننا وبني الشعب واللبناني وشعوب‬ ‫املنطقة وهذا ما يجب االنتباه إليه‪.‬‬

‫اعداد وحوار ‪ :‬ماهر سري الدين‬

‫ثالثون عاماً على فجر النور في وطني‬

‫عشية الذكرى الثالثني النتصار الثورة اإلسالمية‪ ،‬حري بنا أن نستعرض‬ ‫لألجيال الشابة إجنازات الثورة اإلسالمية ومكتسباتها‪ ،‬هذه الثورة التي يعتبر‬ ‫انتصارها تتويجا ً لنهضة ضد حكم االستبداد والهيمنة األجنبية‪ .‬ونحن إذ‬ ‫تلج أيام هذه الذكرى ال بد لنا من وقفة إزاء التضحيات التي بذلها شعبنا‬ ‫اإليراني العزيز بقيادة العزيز اإلمام اخلميني (رض) احلكيمة والرشيدة‪.‬‬ ‫فثورة العام ‪ 1979‬كانت نهضة قادها روح اهلل اخلميني (رض) وشاركت‬ ‫فيها األغلبية الساحقة من الشعب مبختلف أطيافه وانتماءاته‬ ‫السياسية والفكرية‪ ،‬تلك النهضة التي أطاحت عرش النظام امللكي‬ ‫ومهّ دت السبيل النبثاق نظام اجلمهورية اإلسالمية في إيران‪.‬‬ ‫وال يخفي أن شرارة هذه الثورة كانت قد انطلقت في العام ‪ 1342‬هـ‪ .‬ش‪.‬‬ ‫وحتديدا ً في مح ّرم احلرام بانتفاضة اخلامس عشر من يونيو ‪ 1963‬الشعبية‬ ‫العارمة في وجه النظام البهلوي التي آلت بالتالي إلى انتصار الثورة‬ ‫اإلسالمية في الـ ‪ 22‬بهمن عام ‪ 1357‬هـ‪ .‬ش‪ 12( .‬فبراير ‪.)1979‬‬ ‫لقد حلت املناسبة هذا العام ليلتقي بهمن االنتفاضة مبحرم النهضة‬ ‫ثانية بعد العام ‪ ،1979‬ويذكرنا من جديد بأن ثورتنا هي امتداد لنهضة أبي‬ ‫عبد اهلل احلسني (ع)‪ ،‬ولواؤها هو لواء الشهادة‪ ،‬األحمر القاني نفسه‪.‬‬ ‫إن الثورة اإلسالمية وبرغم كل الصعوبات واملنعطفات احلساسة‬ ‫واملؤامرات التي يد ّبرها أعداء نظام اجلمهورية اإلسالمية املقدس‪ ،‬ما زالت‬ ‫متضي قدما ً بكل رسوخ وثبات في ظل توجيهات اإلمام اخلميني (رض)‬ ‫والسيد القائد السيد علي خامنئي حفظه اهلل‪.‬‬ ‫إن أحد عوامل جناح هذه الثورة هو صون وحماية القيم اإلسالمية‬

‫واملعنوية األصيلة وتناقلها جيالً بعد جيل‪ ،‬واآلخر وحدة املسلمني‬ ‫وتظافرهم وتكاتفهم‪.‬‬ ‫وفي اخلتام‪ ،‬نحمد اهلل سبحانه وتعالى على املكانة التي بلغها وطني‬ ‫املقدس في العالم‪ ،‬واالنتصار الذي سطرته‬ ‫العزيز إيران ونظامه اإلسالمي‬ ‫ّ‬ ‫حماس والشعب املظلوم في غزة بعد ‪ 22‬يوما ً من البطوالت والتضحيات‪.‬‬ ‫فطوبى لشهداء ثورتنا اإلسالمية‪.‬‬ ‫وطوبى لشهداء املقاومة اإلسالمية في لبنان وغزة‪.‬‬ ‫وطوبى للشهداء األحرار في العالم‪.‬‬

‫وصية اإلمام لشعب إيران‪:‬‬

‫وصيتي إلى شعب ايران هي ان حتفظوا وحترسوا النعمة التي حصلتم‬ ‫عليها بجهادكم العظيم ودماء شبابكم الراشدين‪.‬‬ ‫اعرفوا قدرها كأعز ما لديكم‪ ،‬وابذلوا جهدا ً من أجلها فهي النعمة‬ ‫اإللهية العظيمة واألمانة اإللهية الكبيرة وال تخافوا من املشكالت التي‬ ‫تواجهكم في هذا الصراط املستقيم‪ .‬فإن تنصروا اهلل ينصركم ويثبت‬ ‫حتمل صعوبات حكومة اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫أقدامكم‪ .‬وكونوا شركاء في ّ‬ ‫واعملوا على إجناز جتاوز هذه الصعوبات بالروح والقلب واعتبروا احلكومة‬ ‫واجمللس منكم وحافظوا عليها كما حتافظون على محبوب عزيز‪.‬‬ ‫سكرتيرة املستشار الثقافي اإليراني في لبنان‬

‫فاطمة ميرزاده‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬

‫الحل في المنطقة يمر عبر دمشق‬ ‫بعد االحتالل االميركي للعراق في نيسان‬ ‫من العام ‪ ،2003‬حضر الى دمشق بعد حوالى‬ ‫الشهر‪ ،‬وزير اخلارجية االميركية كولن باول‪،‬‬ ‫ووضع شروطه على طاولة املسؤولني السوريني‬ ‫وغادر دون أن يناقش فيها‪ ،‬وكانت تتمحور‬ ‫حول فك ارتباط سوريا باملقاومة في لبنان‬ ‫وفلسطني‪ ،‬وعدم تسهيل عملها في العراق‪،‬‬ ‫بضبط احلدود ومنع املتسللني اليه‪ ،‬حتت عنوان‬ ‫“احلرب على اإلرهاب”‪ ،‬وأعلنت االدارة االميركية‬ ‫انها لن تفتح حوارا ً مع سوريا قبل أن تلبي هذه‬ ‫املطالب وتنفذها‪ ،‬وتغير سلوكها جلهة السير‬ ‫في املشروع االميركي للمنطقة‪ ،‬واخلروج من‬ ‫سياسة املمانعة والقبول باالنخراط في‬ ‫“الشرق االوسط اجلديد”‪.‬‬ ‫وقررت أميركا برئاسة جورج بوش‪ ،‬وفي‬ ‫إدارتها “احملافظني اجلدد”‪ ،‬انتهاج سياسة‬ ‫جديدة مع سوريا‪ ،‬مختلفة عن تلك التي اتبعت‬ ‫مع وزير اخلارجية االسبق هنري كيسنجر الذي‬ ‫كان يجالس الرئيس السوري الراحل حافظ‬ ‫االسد ساعات في حوار بينهما‪ ،‬ومثله فعل‬ ‫من خلفه في وزارة اخلارجية حتى جاءت وزيرة‬ ‫اخلارجية مادلني اولبرايت وقررت‪ ،‬ان تغير‬ ‫من هذه السياسة‪ ،‬واعتماد احلوار املشروط‬ ‫واملقنن‪ ،‬الى أن جاء عهد الرئيس بوش‪ ،‬وقرر‬ ‫بعد احتالل العراق‪ ،‬ووجود قواته على احلدود‬ ‫مع سوريا‪ ،‬انتهاج سياسة اإلمالءات وفرض‬ ‫الشروط‪ ،‬والضغط على سوريا لالستجابة‬ ‫لها‪ ،‬وبدأت بسلسلة قرارات وإجراءات‪ ،‬من‬ ‫قانون محاسبة سوريا‪ ،‬الى حظر السفر‬ ‫اليها‪ ،‬وتشديد اجراءات التبادل التجاري معها‪،‬‬ ‫وكانت الذروة في القرار الفرنسي ـ االميركي‬ ‫املشترك الذي صدر عن مجلس االمن وحمل‬ ‫الرقم ‪ 1559‬في ‪ 2‬ايلول ‪ ،2004‬والذي طالب‬ ‫سوريا بسحب قواتها من لبنان‪ ،‬وكانت هذه‬ ‫رسالة أميركية ملقايضة الوجود السوري‬ ‫في لبنان‪ ،‬بالتعاون مع القوات االميركية‬ ‫في العراق‪ ،‬وطرد “حماس” وفصائل املقاومة‬ ‫الفلسطينية من سوريا‪ ،‬ووقف إمداد “حزب‬ ‫اهلل” بالسالح‪ ،‬واالبتعاد عن ايران‪.‬‬ ‫لم يرضخ الرئيس بشار االسد لهذه الشروط‪،‬‬ ‫وكانت آخر زيارة قام بها الى دمشق مساعد‬ ‫وزير الدفاع االميركي ريتشارد أرميتاج‪ ،‬في‬ ‫كانون الثاني من العام ‪ ،2005‬وسأل املسؤولني‬ ‫السوريني عن تلبية املطالب االميركية‪ ،‬فكان‬ ‫ردهم ان سوريا لن تتخلى عن دعم املقاومة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الرئيس االسد مستقبالً جون كيري ‪ :‬تغيير السلوك االميركي‬

‫التي تختلف عن االرهاب‪ ،‬والتوصيف االميركي‬ ‫لها‪ ،‬وان التعاون السوري في مكافحة االرهاب‬ ‫ومحاربته قد حصل‪ ،‬مع أكثر من دولة‪ ،‬وقد‬ ‫تضررت منه سوريا‪ ،‬التي سبق لها أن طالبت‬ ‫بعقد مؤمتر دولي لتحديد االرهاب ومتييزه عن‬ ‫املقاومة‪ ،‬لكن واشنطن لم تستجب للطلب‬ ‫السوري الذي تقدم به الرئيس حافظ االسد‬ ‫منذ ثمانينيات القرن املاضي‪.‬‬ ‫بقيت سوريا على ثوابتها الوطنية‬ ‫والقومية‪ ،‬ورفضت السير باخملططات‬ ‫األميركية للمنطقة‪ ،‬ودعت الى سحب قوات‬ ‫االحتالل من العراق‪ ،‬الذي بدأ يفقد وحدته‪،‬‬ ‫ودخل باقتتال أهلي وفنت مذهبية وطائفية‪،‬‬ ‫وكان لهذا املوقف السوري من االحتالل‬ ‫االميركي “لبالد الرافدين”‪ ،‬ثم من استمراره‬ ‫احتضان سوريا للمقاومة الفلسطينية‬ ‫واللبنانية‪ ،‬أثره السلبي عند إدارة بوش التي‬ ‫قررت تطويع الرئيس بشار االسد‪ ،‬والتهويل‬ ‫عليه بأن مصيره ومصير نظامه سيكونان‬ ‫كمصير نظام صدام حسني‪ ،‬وبدأ الضغط‬ ‫عليه من الساحة اللبنانية‪ ،‬التي مت حتريك‬ ‫قيادات فيها ملطالبة سوريا بإخراج قواتها‬ ‫وتصدر احلملة البطريرك املاروني‬ ‫من لبنان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نصر اهلل صفير مع النائب وليد جنبالط‪،‬‬ ‫الذي رأى ان حتوالت في املنطقة بعد احتالل‬

‫‪68‬‬

‫العراق‪ ،‬ستفرض تغييرا ً في سوريا التي كان‬ ‫نائب رئيسها عبد احلليم خدام يراهن على‬ ‫ومد خدام‬ ‫سقوط النظام‪ ،‬بتدبير شيء ضده‪ّ ،‬‬ ‫يد التعاون مع حلفائه في لبنان حيث كان‬ ‫يشجع كالً من جنبالط والرئيس رفيق احلريري‬ ‫على رفض طلبات الرئيس االسد‪ ،‬وإبالغهما‬ ‫انه ضعيف داخلياً‪ ،‬ولديه مشاكل وأزمات‪ ،‬وال‬ ‫بد من العمل على إخراج قواته العسكرية‬ ‫ّ‬ ‫وأجهزته االمنية من لبنان‪ ،‬وحتت الضغط‬ ‫السياسي واالعالمي والشعبي‪ ،‬إضافة الى‬ ‫التأييد الدولي لهذا التحرك‪ ،‬مما يساعد على‬ ‫زعزعة النظام السوري‪ ،‬وبالتالي رضوخ االسد‬ ‫لشروط خدام وحلفائه بإعطائهم دورا ً أكبر‪.‬‬ ‫وقد برز واضحا ً اخملطط األميركي ـ‬ ‫الفرنسي‪ ،‬بالضغط على سوريا‪ ،‬التي لم‬ ‫تلينّ موقفها‪ ،‬فأيدت التمديد للرئيس اميل‬ ‫حلود من رئاسة اجلمهورية‪ ،‬وأتت بحكومة‬ ‫برئاسة عمر كرامي‪ ،‬ملواجهة تداعيات القرار‬ ‫‪ ،1559‬الذي ُوصف بأنه قرار فتنة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫حصل‪ ،‬بتدبير اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪،‬‬ ‫لرفع منسوب الضغط على سوريا لسحب‬ ‫قواتها‪ ،‬وإخراج حلفائها من السلطة‪ ،‬ونقلها‬ ‫الى حلفاء اميركا في “ثورة االرز” التي أطلقها‬ ‫بوش‪ ،‬وبدأ اهتمامه بالوضع في لبنان يتقدم‬ ‫على العراق‪ ،‬وقرر ان تكون ساحته منصة‬


‫لفرض شروطه على سوريا‪ ،‬التي صمدت‬ ‫بوجهه‪ ،‬وقررت سحب قواتها بعدما ظهرت‬ ‫املؤامرة عليها‪ ،‬وان الوضع العربي واالقليمي‬ ‫والدولي يعمل لغير مصلحتها‪ ،‬الى ان كان‬ ‫العدوان االسرائيلي في ‪ 12‬متوز ‪ ،2006‬وصمود‬ ‫املقاومة ملدة ‪ 33‬يوما ً سجلت فيه انتصارا ً‬ ‫غ ّير وجه املنطقة‪ ،‬اذ سقط مشروع “الشرق‬ ‫االوسط اجلديد”‪ ،‬الذي بشرت به وزيرة اخلارجية‬ ‫االميركية كونداليزا رايس‪ ،‬وبدأ الوضع في‬ ‫لبنان ينقلب ملصلحة املقاومة واملعارضة‬ ‫التي فرضت شروطها على حلفاء اميركا في‬ ‫السلطة‪ ،‬بانتخاب رئيس جمهورية توافقي‬ ‫هو العماد ميشال سليمان الذي تعتبره قوى‬ ‫‪ 14‬شباط حليفا ً للمقاومة وسوريا‪ ،‬وتشكلت‬ ‫حكومة وحدة وطنية‪ ،‬نالت فيها املعارضة‬ ‫الثلث الضامن‪ ،‬وهذا االنتصار فتح باب احلوار‬ ‫مع سوريا‪ ،‬فكانت زيارة رئيسة مجلس النواب‬ ‫االميركي نانسي بيلوسي املنتمية الى احلزب‬ ‫الدميوقراطي الى دمشق وتأكيدها ان احلل‬ ‫في لبنان يبدأ من البوابة السورية‪ ،‬وال ميكن‬ ‫تغييب سوريا ودورها الفاعل في املنطقة وهو‬ ‫ما أقر به تقرير “بايكر هاميلتون” الذي لم‬ ‫يقبل بوش العمل مبوجبه‪ ،‬وحاول التصعيد‬ ‫ضد سوريا‪ ،‬وتأليب دول عربية عليها مثل‬ ‫السعودية ومصر واالردن‪ ،‬التي سميت بـ‬ ‫“دول االعتدال”‪ ،‬في وجه احملور السوري ـ‬ ‫االيراني‪ ،‬وكانت انعكاسات الصراع السوري‬ ‫ـ االميركي‪ ،‬والسوري ـ السعودي‪ ،‬وااليراني‬ ‫ـ السعودي‪ ،‬على لبنان توتّرات سياسية‬ ‫وأحداثا أمنية‪ ،‬الى ان كان تاريخ ‪ 7‬ايار من العام‬ ‫‪ ،2008‬الذي أحدث انقالبا ً سياسياً‪ ،‬أطاح كل‬ ‫منجزات “ثورة األرز”‪ ،‬ومتكنت املعارضة من‬ ‫إعادة التوازن الداخلي‪ ،‬وأسقطت مشروع نزع‬ ‫سالح املقاومة سواء العسكري أو شبكة‬ ‫االتصاالت‪ ،‬او رفض التكامل بني اجليش‬ ‫واملقاومة والتنسيق بينهما‪ ،‬ألن من أتى الى‬ ‫قيادة اجليش العماد جان قهوجي مؤمن بهذه‬ ‫النظرية كما سلفه العماد سليمان‪ ،‬وهذا ما‬ ‫أزعج االدارة االميركية التي أكدت فشلها في‬ ‫لبنان‪ ،‬كما في فلسطني والعراق‪.‬‬ ‫فسوريا فرضت نفسها خالل اربع سنوات‬ ‫من سياسية العزل التي حاولت إدارة بوش‬ ‫اعتمادها انها رقم صعب في معادلة املنطقة‪،‬‬ ‫وجاءت احلرب االسرائيلية على غزة‪ ،‬وصمود‬ ‫املقاومة الفلسطينية بوجهها على مدى ‪22‬‬ ‫يوماً‪ ،‬وتكرار السيناريو االسرائيلي مع املقاومة‬ ‫في لبنان‪ ،‬ليضع سوريا طرفا ً اساسيا ً في‬ ‫موازين القوى العربية واالقليمية‪ ،‬وتقدم دورها‬ ‫على الدول العربية احلليفة ألميركا‪ ،‬وباتت هي‬ ‫متلك قرار احلرب والسلم في املنطقة‪ ،‬وهو ما‬

‫‪ ...‬واالمير مقرن ‪ :‬العودة الى سورية ‬

‫عجل بزيارة الرئيس الفرنسي نيكوال ساركوزي‬ ‫ّ‬ ‫اليها‪ ،‬وعندما انتخب باراك أوباما رئيسا ً‬ ‫للجمهورية‪ ،‬قرر أن يعمل بنصيحة رفيقته‬ ‫في احلزب الدميوقراطي نانسي بيلوسي‪ ،‬وان‬ ‫يفتح حوارا ً مع سوريا‪ ،‬وان يطبق ما ورد في‬ ‫تقرير “بايكر هاميلتون” فانفتح ايضا ً على‬ ‫احلوار مع طهران وعينّ دنيس روس مسؤوال ً عن‬ ‫ملفها‪ ،‬وأرسل اليها رسائل إيجابية‪.‬‬ ‫إال أن العالقة االميركية ـ السورية قطعت‬ ‫شوطا ً متقدما ً مع وصول أوباما‪ ،‬اذ زارت أربعة‬ ‫وفود اميركية دمشق كان آخرها رئيسي جلنتي‬ ‫اخلارجية في مجلسي الشيوخ والنواب جون‬ ‫كيري وهاورد بيرمان‪ ،‬وفتحا حوارا ً مع القيادة‬ ‫السورية‪ ،‬وهو أمر مختلف عما فعلته االدارة‬ ‫السابقة‪ ،‬اذ أبلغهما الرئيس االسد ان بالده‬ ‫ترفض سياسة اإلمالءات‪ ،‬وهي على استعداد‬ ‫لدراسة حقيقة املشاكل في املنطقة وإيجاد‬ ‫احللول لها‪ ،‬وهو ما تفهمته الوفود االميركية‬ ‫التي لم حتمل مطالب أو شروطا ً الى دمشق‪،‬‬ ‫بل بحثا مشتركا ومناقشة لكل القضايا‪،‬‬ ‫اذ ان املسؤولني االميركيني بدأوا يتفهمون‬ ‫دفاع الرئيس السوري عن املقاومة‪ ،‬ولم‬ ‫تعد النظرة الى سوريا انها تدعم “االرهاب”‬ ‫الذي عانت منه وتعاونت بشأنه مع االدارات‬ ‫االميركية‪.‬‬ ‫وال يعني فتح احلوار عدم وجود خالفات‪،‬‬ ‫بل ان طريقة معاجلتها تختلف عن املرحلة‬ ‫السابقة‪ ،‬وهو ما خرجت به الوفود االميركية‬ ‫التي كشفت عن وجود احتمال للتعاون‬ ‫الفوري لدور سوريا الفاعل في املنطقة‪ ،‬حيث‬ ‫لم تتمكن “االدارة البوشية” من حتجيمه‬

‫‪69‬‬

‫وإسقاط أوراق من يدها‪ ،‬اذ انها أصبحت أقوى‬ ‫من خالل حلفائها في املقاومة اللبنانية‬ ‫والفلسطينية‪ ،‬اذ قررت ادارة اوباما االنخراط‬ ‫مع سوريا في بحث كل االمكانيات التي تعالج‬ ‫شؤون املنطقة من خالل الفهم الصحيح لها‪،‬‬ ‫كما قال االسد لزواره االميركيني‪ ،‬وبأن يأخذوا‬ ‫مصالح دول املنطقة ال مصلحة اسرائيل‬ ‫فقط التي أصبحت عبئا ً على السالم العاملي‪،‬‬ ‫وهو ما بدأ يتفهمه مسؤولون اميركيون‪،‬‬ ‫حيث يخشى رئيس حزب “الليكود” بنيامني‬ ‫نتنياهو من تغيير في السياسة االميركية‪.‬‬ ‫فمع رحيل صاحبي القرار ‪ 1559‬جورج‬ ‫بوش وجاك شيراك‪ ،‬فإن سوريا حققت تقدما ً‬ ‫في إثبات وجودها على اخلارطة العربية‬ ‫واالقليمية والدولية‪ ،‬وان طلب مساعد وزير‬ ‫اخلارجية االميركية جيفري فيلتمان االجتماع‬ ‫بالسفير السوري في اميركا عماد مصطفى‪،‬‬ ‫للتباحث في العالقات بني البلدين‪ ،‬ثم احلديث‬ ‫عن عودة السفير االميركي الى سوريا وانفتاح‬ ‫السعودية للحوار مع سوريا وعودة العالقات‬ ‫معها‪ ،‬كلها تطورات وإشارات إلى أن دمشق‬ ‫استطاعت من خالل صمودها واستمرار‬ ‫دعمها للمقاومة التي انتصرت في لبنان‬ ‫وفلسطني من أن تغير اللعبة في املنطقة‪،‬‬ ‫جلهة االعتراف بدورها االساسي والقوي في‬ ‫املشرق العربي والعالم العربي‪ ،‬وان مفتاح‬ ‫احلل هو بيدها‪ ،‬وان سياسية العزل واحلظر لم‬ ‫تنفع معها‪ ،‬وباتت هي مقصد كل من يريد ان‬ ‫يكون له موطئ قدم في املنطقة‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر عربي‬

‫االنتخابات المحلية «مجالس المحافظات» في العراق‪:‬‬ ‫تغيير في الشكل ال في المضمون‬ ‫ال شيء يخرج من ال شيء‪ ،‬اجلديد في االمر‪ ،‬بعد توقيع االتفاقية االمنية‬ ‫(االميركية ـ العراقية) وإطارها العام السياسي واالقتصادي والثقافي‪ ،‬ومع‬ ‫اختالف في الشكل واتفاق في املضمون مع االدارة االميركية اجلديدة برئاسة‬ ‫باراك اوباما‪ ،‬هذه االدارة ستتعامل مع الواقع اجلديد وفق مصاحلها وبغض‬ ‫النظرعن احلملة االعالمية املضللة التي رافقت عملية االنتخابات‪ ،‬من خالل‬ ‫الترويج وإعادة تسويق وتعليب بعض الوجوه بغالف جديد باعتباره وطنيا ً‬ ‫قويا ً وموحدا ً ألبناء الشعب ضد الطائفية‪ ،‬حيث صارت بعض كلمات أولئك‬ ‫مبثابة معزوفة لسياسة االدارة االميركية اجلديدة‪ ،‬التي وصفت االنتخابات‬ ‫بأنها “نصر لكل العراقيني” و”ستوفر للمواطنني فرص العيش الكرمي”‪ ،‬وإذا‬ ‫ما علمنا ان أكثر اجلهات فرحا ً وسرورا ً باالنتخابات‪ ،‬ليس الشعب العراقي‪،‬‬ ‫املنشغل بالبحث عن لقمة عيشه في بلد يحتل املرتبة الثانية في قائمة‬ ‫الدول االكثر فساداً‪ ،‬بل االدارة االميركية‪ ،‬بدءا ً من الرئيس اوباما مرورا ً بجنراله‬ ‫ديفيد بترايوس‪ ،‬الذي وصف نتائجها بأنها “مصدر سعادة له”‪.‬‬ ‫والسؤال هنا هو عن غيض من فيض حول معاني بعض املفردات‬ ‫واملصطلحات وكيفية توظيفها إعالمياً‪ ،‬واذا نظرنا الى مفردات شعار قائمة‬ ‫املالكي مثالً “ائتالف دولة القانون وتغيير وبناء” فهو شعار استخدمت فيه‬ ‫مفردات يتعطش اليها الشعب العراقي مبقدار تعطشه للهواء غير امللوث‪.‬‬ ‫فهل تعني خطوات التغيير‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬اإلعالن عن بناء ‪ 4‬سجون‬ ‫جديدة في مختلف أنحاء العراق‪ ،‬وإعالن وزير العدل يوم ‪ 24‬كانون الثاني عن‬ ‫إعادة فتح سجن ابوغريب الستيعاب تزايد السجناء بعد تغيير اسمه الى‬ ‫سجن بغداد املركزي‪ ،‬وهذا االسم “يثير ذكريات سيئة لدى العراقيني”‪ ،‬وهل‬ ‫بإمكان املقبرة أن تصبح بستانا ً اذا ما غير اسمها‪...‬‬

‫البرامج االنتخابية والشعارات‬ ‫في القوائم االنتخابية‬ ‫معظم القوائم ركزت على حتسني اخلدمات من تعليم وصحة وسكن‬ ‫وغيره‪ ،‬لكن اخلالف بينها ظهر بوضوح في الشعارات التي يرفعها كل حزب‬ ‫أو حركة سياسية‪.‬‬

‫املالكي هو الفائز في االنتخابات حزب الدعوة اإلسالمي (قائمة ائتالف دولة القانون)‬

‫االنتخابات احمللية (مجالس احملافظات)‬ ‫وتأثيراتها املستقبلية‬ ‫االنتخابات األخيرة جرت في ‪ 14‬محافظة عراقية من أصل ‪ 18‬محافظة‪،‬‬ ‫اذ استُثنيت كركوك‪ ،‬واحملافظات الكردية الثالث السليمانية وأربيل ودهوك‪،‬‬ ‫وشارك في االنتخابات ‪ 401‬تنظيم سياسي وميثلها (‪ )14800‬مرشح يتنافسون‬ ‫على (‪ 440‬مقعداً) في مجالس تلك احملافظات‪ ،‬ومجالس احملافظات العراقية‬ ‫مسؤولة عن ترشيح احملافظني الذين يتولون شؤون االدارات احمللية حملافظاتهم‪،‬‬ ‫مبا في ذلك اإلشراف على مشاريع إعادة اإلعمار ومتويلها‪ ،‬إال أن اإلشراف على‬ ‫قوات االمن يظل حتت سيطرة السلطة املركزية في العاصمة بغداد‪.‬‬ ‫وأهمية هذه االنتخابات كما يقول الرئيس العراقي جالل الطالباني‪،‬‬ ‫تتمثل في دورها في حتديد مالمح اخلريطة السياسية املقبلة للعراق‪ ،‬في‬ ‫مسار العملية السياسية‪ ،‬وترسيخ الدميوقراطية وحتقيق املصاحلة الوطنية‬ ‫فيه‪...‬‬ ‫وما مييز هذه االنتخابات هو مشاركة الكتلة السنية وكتل أخرى‬ ‫شيعية قاطعت انتخابات ‪ ،2005‬فهذه املرة الكل حاضر بقوة في العملية‬ ‫السياسية‪ ،‬واحلديث يدور عن املنافسات بني االحزاب‪.‬‬ ‫وهناك من يقول‪ :‬إذا كانت انتخابات ‪ 2005‬قد فتحت أبواب الصراع‬ ‫الطائفي بحدة‪ ،‬فإن انتخابات احملافظات احلالية ستفتح باب املصاحلة‬ ‫الوطنية والتعايش الوطني‪ ،‬وبالتالي فاالحزاب التي دخلت االنتخابات‬ ‫السابقة بصيغة طائفية مذهبية بحتة‪ ،‬جندها اليوم قد نزعت العباءة‬ ‫الدينية لتلبس العباءة الوطنية‪ ،‬وأخذت أسماء سياسية جديدة من‬ ‫املشروع الوطني‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪70‬‬

‫(القائمة العراقية الوطنية) (قائمة عراق لكل العراقيني)‬

‫فقائمة (التوافق) العراقية وهي اكبر ممثل للعرب السنة‪ ،‬رفعت شعار‬ ‫“معنا حياتك لها قيمة”‪ ،‬والى جانب الوعود بتحسني اخلدمات دعت‬ ‫القائمة الى بناء جهاز شرطة بعيدا ً عن االنتماءات والوالءات الطائفية‬ ‫والعنصرية‪“...‬والقائمة العراقية الوطنية” التي يرأسها اياد عالوي رئيس‬ ‫الوزراء األسبق رفعت شعار “عراق لكل العراقيني”‪.‬‬ ‫أما “حزب الدعوة اإلسالمية” ومعه بعض املستقلني فرفعت شعار “دولة‬ ‫القانون”‪.‬‬

‫قراءة لنتائج االنتخابات‬ ‫الالفت في هذه االنتخابات فوز قائمة املالكي في معظم احملافظات‬


‫اجلنوبية على حساب االحزاب والكيانات االخرى التي هيمنت على مجالس‬ ‫احملافظات خالل السنوات املاضية‪.‬‬ ‫سجل تراجع أيضا ً في احلزب االسالمي ابرز االحزاب السنية في‬ ‫وكذلك ُ‬ ‫املناطق التي كان يسيطر عليها‪.‬‬ ‫ولوحظ تشتت نسبة كبيرة من األصوات على عدد كبير من الكيانات‬ ‫والقوائم‪ ،‬األمر الذي سيضطر جميع الكيانات الفائزة الى عقد حتالفات‬ ‫ضرورية الحقاً‪...‬‬ ‫والغلبة كانت للشعارات الوطنية واخلدماتية‪ ،‬بعدما كانت الشعارات‬ ‫الطائفية هي املسيطرة على الشارع العراقي خالل الفترة املاضية‪ ،‬وكان‬ ‫احلديث عن النهوض باإلعمار وإصالح الواقع اخلدماتي واإلمنائي املتردي األقرب‬ ‫الى تطلعات الناخبني‪.‬‬ ‫والالفت ايضا ً هو عدم تقدم قوائم انتخابية لها ثقلها في محافظات‬ ‫كانت تسيطر عليها في االنتخابات السابقة‪ ،‬مثل تراجع احلزب االسالمي‬ ‫في املوصل واألنبار‪ ،‬واجمللس األعلى في معظم محافظات اجلنوب‪ ،‬كما‬ ‫شهدت محافظة نينوى فوز قائمة ملرشحني مستقلني هي قائمة احلدباء‪،‬‬ ‫ورغم ما حصل يعتبر البعض أن النتائج احلقيقية للفائزين هي تلك‬ ‫التي ستحددها التحالفات املقبلة‪ ،‬وألن قرارات اجملالس التي ستحكم تلك‬ ‫احملافظات ستكون تصويتا ً باألغلبية على كل التشريعات التي تصدر عنها‪.‬‬ ‫أما مشاركة العراقيني في التصويت فقد كانت أقل من االنتخابات‬ ‫السابقة التي جرت في ‪ 2005‬رغم الترويج الهائل الذي حصل من قبل‬ ‫الكتل والكيانات املشاركة في العملية االنتخابية‪ ،‬فاملواطن لم يعط صوته‬ ‫بعد السنوات العجاف من الالمباالة من قبل اجلهة احلاكمة‪.‬‬ ‫ويالحظ ايضا ً التشتت الواضح في االصوات‪ ،‬وليس ألحد أغلبية باستثناء‬ ‫قائمة “ائتالف دولة القانون” للمالكي التي أخذت نسبة أكثر من غيرها‪،‬‬ ‫وكانت مبعدل ‪ %13‬من نسبة املشاركني الكلية البالغة ‪ ،%51‬ومن هنا جاء‬ ‫التشتت فاملواطن‪ ،‬ذهب الى من يتصور أنه سيخرجه من هذا اخلندق‪.‬‬ ‫واذا ما أخذنا بعني االعتبار عدد املرشحني الكبير بالنسبة الى عموم العراق‬ ‫على عدد محدود من املقاعد‪ ،‬لتبني كيف حصل التشتت وتلك النتائج‪،‬‬ ‫وتوقع البعض أنه ستكون هناك تغيرات كبيرة على اخلارطة السياسة‪،‬‬ ‫والذي حدث ان هذه اخلارطة يتحكم فيها الكم والنوع‪ ،‬والتغيير طرأ على‬ ‫الكم ولم يطرأ على النوع‪ ،‬وما زالت محافظات بغداد والوسط واجلنوب حتت‬ ‫سيطرة االحزاب االسالمية مع اختالف األحجام‪ ،‬أما التغيرات الكبيرة التي‬ ‫حدثت في النوع فحصلت في محافظة االنبار ومحافظة املوصل‪.‬‬ ‫ويقال ايضا ً إن التشتت حصل ألنه لم يكن هناك أحزاب علمانية وليبرالية‬ ‫مبعنى األحزاب املنظمة املؤسساتية‪ ،‬التي تستطيع أن جتاري االحزاب‬ ‫االسالمية في االنتخابات وفي العملية السياسية‪ ،‬واذا وجدت هذه االحزاب‬ ‫فهي لم تستطع أن توجد لها قاعدة جماهيرية‪ ،‬فنزلت بقوائم مستقلة‪،‬‬ ‫ومن مرشحني تكنوقراط‪ ،‬وليبراليني وعلمانيني بقوائم مبهمة الى الشارع‪،‬‬ ‫ولوحظ أن الدعاية االنتخابية ركزت على زعماء القوائم كقائمة دولة‬ ‫القانون لرئيس الوزراء نوري املالكي‪.‬‬

‫ملاذا أخذ املالكي النسب األعلى من األصوات‬ ‫تؤكد قائمة (ائتالف دولة القانون) انها لم تعتمد على إمكانات الدولة بل‬ ‫اعتمدت على منجزات احلكومة التي يراها املواطن من خالل التحسن في‬ ‫الوضع االمني في كثير من مناطق العراق‪ ،‬وخاصة العاصمة بغداد‪ ،‬وتقدمي‬ ‫اخلدمات في أكثر من مكان‪ ،‬وحل أزمات الكهرباء وغيرها‪ ،‬وعودة الثقة ما‬ ‫بني املواطن واالجهزة االمنية‪ ،‬وعودة الثقة بني الكتل السياسية‪ ،‬واملصاحلة‬ ‫الوطنية‪...‬‬ ‫وفي احملافظات اجلنوبية لم يتغير املشهد السياسي‪ ،‬لكن ما حصل تغ ّير‬ ‫في أماكن الالعبني‪ ،‬تقدم فصيل وتأخر آخر‪.‬‬ ‫ويعتقد املواطن العراقي‪ ،‬أن الدولة املركزية تستطيع أن تتخذ قرارات‬ ‫سريعة لتوفير شيء من اخلدمات واألمن في املنطقة‪ ،‬وليست الفدرالية هي‬

‫العائق الوحيد‪ ،‬فهذه الفدرالية تعرضت لالستهداف بأنها تعني التجزئة‪،‬‬ ‫والقول ان احلكومة احمللية ال تستطيع أن توفر للمواطن اخلدمات واالمن إن‬ ‫لم تكن هناك حكومة مركزية قوية‪ ،‬وهذا ما دأبت عليه حكومة املالكي‬ ‫التي نادت بحكومة مركزية وبصالحيات واسعة‪.‬‬ ‫والتغير احلقيقي طرأ في احملافظات السنية التي متكنت من عبور اجلدار‬ ‫القائم أي جدار التقسيم الطائفي‪ ،‬ومن خالل النتائج التي حصل عليها‬ ‫بعض الليبراليني واألصوات ذات التوجه العلماني والليبرالي‪.‬‬ ‫ورغم خروج احملافظات السنية من اجلانب الطائفي واجتيازه‪ ،‬إال أنها‬ ‫وقعت مبا هو أخطر وهو اخلطاب “القومي” من ناحية الشعار دون املضمون‪،‬‬ ‫والقوائم التي فازت في املوصل وصالح الدين باستثناء االنبار كان لها خطاب‬ ‫قومي موجه ضد طائفة معينة‪ ،‬وهذا ما جلب األصوات‪.‬‬

‫هل حصل التغيير نحو األفضل؟‬ ‫احلضور القوي لالصوات العلمانية في االنبار وصالح الدين يقابله احلظوة‬ ‫األكبر للقوى العشائرية التي استطاعت أن تفرض سطوتها‪ ،‬ولذلك جاءت‬ ‫التحالفات بشروط العشائر ال بشروط العلماني وال اإلسالمي‪ ،‬وفي املوصل‬ ‫وصالح الدين كان هناك خطاب سبق احلملة االنتخابية‪ ،‬وانتخبت قوائم‬ ‫ألنها اتخذت مواقف محددة جتاه قضية كركوك‪.‬‬ ‫ودخول العشائر على خط االنتخابات في محافظات االنبار له ما بعده‪،‬‬

‫رمبا سيجعل من هذه العشائر قوة مسلحة في املشهد السياسي‪ ،‬زخم‬ ‫العشائر ما زال واضحاً‪ ،‬وقوات الصحوة لها حضور وسطوة‪.‬‬ ‫نحن أمام قوتني عشائريتني‪ ،‬ونحن نفهم طبيعة العالقات وطبيعة‬ ‫العشائر كقبائل حتاول أن تأخذ دورها وفي اجلنوب الصوت املوازي أيضاً‪.‬‬ ‫لقد أثبت العراقيون انهم مع احلاكم القوي‪ ،‬وخاصة ملا شهدته املنطقة‬ ‫في السابق من انفالت أمني‪ ،‬وتكبيل ومحاصصة‪ ،‬ورغم أن احلكومة تتحرر‬ ‫شيئا ً فشيئاً‪ ،‬واحلوار يدور بني القوى السياسية واحلديث عن حكومة وحدة‪،‬‬ ‫فالقوائم الوطنية العلمانية والليبرالية معرضة للتفتت واالنقسام‪.‬‬ ‫ورمبا تكون اخلطوة األولى في حزب الدعوة أن تتم دعوة التيار الصدري‬ ‫للعودة الى االئتالف املوحد‪ ،‬ورمبا عودة التحالفات السابقة وعدم تهميش‬ ‫القوائم اجلديدة‪.‬‬ ‫وميكن القول إن هذه الفترة ليست جمللس احملافظات اجلديد‪ ،‬انها عالقة‬ ‫مميزة وقوة انتخابية لها ما بعدها‪ ،‬وهذه النتائج تعطي إشارات مهمة إلى‬ ‫ما ستكون عليه االنتخابات البرملانية املقبلة في العراق‪ ،‬وستؤثر في ظهور‬ ‫حتالفات جديدة قد تسهم في تطور العملية السياسية وتؤدي الى املضي‬ ‫في عملية االندماج االجتماعي في اجملتمع العراقي املتعدد طائفيا ً وعرقياً‪،‬‬ ‫وانعكاسات الوضع العراقي على الدول اجملاورة مؤكدة‪ ،‬ولكنها ستكون‬ ‫ايجابية فقط بإنهاء االحتالل وامتالك العراق لقدراته االقتصادية والبشرية‬ ‫ليعود قوة اقليمية تساهم في نهضة االمة ومستقبلها‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫‪71‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر دولي‬

‫تركيا ترسم دورهـا االسـتراتيجي‬ ‫بالـتبـاعد عن اسرائيل‬ ‫أوساط دولية عديدة تساءلت عما‬ ‫اذا كانت األزمة في العالقات التركية‬ ‫االسرائيلية وصلت الى نقطة الالرجوع‪،‬‬ ‫وعما اذا كان العدوان على غزة واجملابهة‬ ‫بني رئيس الوزراء التركي رجب طيب‬ ‫أردوغان والرئيس الصهيوني شيمون بيريز‬ ‫في دافوس قد وضعت خامتة للعالقات‬ ‫اخلاصة بني إسرائيل وتركيا‪.‬‬ ‫من الواضح أن هناك توترا كبيرا في‬ ‫هذه العالقات‪ ،‬واألسباب ليست عارضة‬ ‫وال تتعلق باحلرب على غزة فحسب‪ ،‬بل‬ ‫تتعلق بعالقات حكومة أردوغان اإلقليمية‪،‬‬ ‫وحرص أردوغان طيلة الفترة املاضية على‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تطوير عالقات أنقرة مع جميع العواصم‬ ‫العربية وانها تقيم عالقات وثيقة وقدمية‬ ‫مع حماس‪ ،‬وذلك في اطار العالقات بني‬ ‫أحزاب ومنظمات سياسية تستلهم‬ ‫العقيدة الدينية اإلسالمية‪ .‬وتعبيرا ً عن‬ ‫هذه العالقات سعت انقرة الى إقناع‬ ‫االوروبيني واالميركيني بالتخلي عن املوقف‬ ‫السلبي جتاه حماس والى إقناعهم بأن‬ ‫حماس مؤهلة لكي تلعب دورا مهما‬ ‫وايجابيا في عملية السالم‪.‬‬ ‫فضال ً عن العالقة مع حماس‪ ،‬فإن‬ ‫حكومة أردوغان ساهمت في تطوير‬ ‫العالقات السورية التركية من عالقات‬

‫‪72‬‬

‫تصادمية وصلت الى شفير احلرب بني‬ ‫البلدين‪ ،‬الى عالقات ودية وتنسيق ملحوظ‬ ‫على املستويني االقليمي والدولي‪.‬‬ ‫مواقف أنقرة وانتقاداتها احلادة جتاه‬ ‫العدوان االسرائيلي على غزة جاءت لكي‬ ‫تزيد من احلسابات السلبية في اسرائيل‬ ‫جتاه حكومة اردوغان‪ ،‬ولكي تضيف الى‬ ‫احلسابات السابقة ملفات جديدة‪.‬‬ ‫وعلى هذا الصعيد لم يتضايق‬ ‫االسرائيليون من مواقف احلكومة التركية‬ ‫العلنية فحسب‪ ،‬بل تضايقوا ايضا ً من‬ ‫اإلجراءات العملية التي لم يعلن عنها‬ ‫كثيرا ً مثل حملة التعبئة التي نظمتها‬


‫وزارة التعليم والتربية التركية في‬ ‫املدارس تضامنا ً مع الشعب الفلسطيني‬ ‫واملشاركة النشيطة حلزب العدالة‬ ‫والتنمية في كل التظاهرات التي طالبت‬ ‫اجليش التركي بالسير باجتاه القدس‪.‬‬ ‫ان كانت اسرائيل عندها بعض االسباب‬ ‫القدمية للشكوى من حكومة اردوغان‪،‬‬ ‫فألنقرة اسبابها هي االخرى‪ .‬فالزعماء‬ ‫االتراك ينظرون بقلق ملا يتسرب اليهم من‬ ‫تعاون وثيق بني اجلماعات الكردية التركية‬ ‫االنفصالية‪ ،‬من جهة وبني االسرائيليني‬ ‫من جهة اخرى‪ .‬هذه املعلومات لم تعد‬ ‫سرا‪ ،‬فقد نشر الصحافي االميركي‬ ‫ساميون هيرش حتقيقا كامال ً عن قيام‬ ‫املوساد بتدريب عناصر حزب العمالي‬ ‫الكردستاني وتعزيز قدراته العسكرية‪.‬‬ ‫لذلك لم يتردد اردوغان في توجيه‬ ‫انتقادات عنيفة جدا إلسرائيل‪ ،‬كما‬ ‫ناشدت االحزاب الكمالية والقومية‬ ‫التركية املعارضة قطع العالقات مع تل‬ ‫ابيب ووقف كل أنواع التعاون وخاصة‬ ‫العسكري معها‪.‬‬ ‫تركيا متلك كل مقومات الدور االقليمي‬ ‫ليس فقط بسبب عالقاتها مع جميع دول‬ ‫املنطقة وعضويتها في احللف االطلسي‬ ‫وحوارها الساخن مع االحتاد االوروبي‬ ‫وموقعها اجلغرافي‪ ،‬بل ايضا ً ألنها وريثة‬ ‫االمبراطورية العثمانية التي حكمت هذه‬ ‫املنطقة مدة ‪ 400‬سنة‪.‬‬ ‫رمبا إسرائيل قد تنجح من خالل ضغط‬ ‫جماعات يهودية بالواليات املتحدة في‬ ‫اعادة الصحوة الى العالقات التركية ـ‬ ‫االسرائيلية ولكن من الصعب ان تعود‬ ‫هذه العالقات مرة اخرى الى سابق‬ ‫عهدها‪ ،‬فهذا النجاح احملتمل سوف‬ ‫يصطدم بقوة بنجاح آخر وهو الرأي العام‬ ‫التركي الذي دفع االكثرية الساحقة من‬ ‫االتراك الى االلتفاف حول حزب العدالة‬ ‫والتنمية‪.‬‬ ‫وفي هذه احلالة فإن تركيا واسرائيل‬ ‫سوف تسيران على طريق التباعد ال‬ ‫التقارب‪ .‬وان سلوك اردوغان ينسجم‬ ‫مع االجتاه الدولي الصاعد ويتصدره‬ ‫في الواقع‪ ،‬ولن يقود تركيا كما قادها‬ ‫البعض للركض خلف اسرائيل خالل‬ ‫االعوام العشرة االخيرة‪ .‬وعندها ستجد‬ ‫تركيا نفسها في موقع يجعل الالعبني‬ ‫االقليميني يشعرون بضرورة قرع بابها‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬

‫أردوغان‪ :‬مشوار‬ ‫من التحدي السياسي‬ ‫ولد أردوغان في شباط ‪ 1954‬في اسطنبول‪.‬‬ ‫والدته من أصل جورجي‪ ،‬أمضى طفولته املبكرة‬ ‫في ريزة على البحر األسود ثم عاد مرة أخرى إلى‬ ‫اسطنبول وعمر ُه ‪ 13‬عاماً‪ .‬نشأ أردوغان في أسرة‬ ‫فقيرة‪ ،‬فقد قال في مناظرة تلفزيونية مع دنيز‬ ‫بايكال رئيس احلزب اجلمهوري ما نصه‪“ :‬لم يكن‬ ‫أمامي غير بيع البطيخ والسميط في مرحلتي‬ ‫االبتدائية واإلعدادية؛ كي أستطيع معاونة‬ ‫والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد‬ ‫كان والدي فقيراً”‪ .‬أمت تعليمه في مدارس “إمام‬ ‫خطيب” الدينية ثم في كلية االقتصاد واألعمال‬ ‫في جامعة مرمرة‪.‬‬ ‫انضم أوردغان إلى حزب اخلالص الوطنى بقيادة جنم الدين أربكان في نهاية السبعينيات‪ ،‬لكن‬ ‫مع االنقالب العسكري الذي حصل في ‪ ،1980‬أُلغيت جميع األحزاب‪ ،‬وبحلول عام ‪ 1983‬عادت‬ ‫احلياة احلزبية إلى تركيا وعاد نشاط أوردغان من خالل حزب الرفاه‪ ،‬خاص ًة في محافظة إسطنبول‪.‬‬ ‫وبحلول عام ‪ 1994‬رشح حزب الرفاه أوردغان إلى منصب عمدة اسطنبول‪ ،‬واستطاع أن يفوز في‬ ‫هذه االنتخابات خاص ًة مع حصول حزب الرفاه في هذه االنتخابات على عدد كبير من املقاعد‪.‬‬ ‫عام ‪ 1998‬اتُّهم أردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية تسببت في سجنه ومنعه من العمل‬ ‫في الوظائف احلكومية‪.‬‬ ‫تثن هذه القضية أردوغان عن االستمرار في مشواره السياسي بل نبهته هذه القضية‬ ‫لم ِ‬ ‫إلى كون االستمرار في هذا األمر قد يعرضه للحرمان لألبد من السير في الطريق السياسي‬ ‫كما حدث ألستاذه جنم الدين أربكان‪ ،‬فاغتنم فرصة حظر حزب الفضيلة لينشق مع عدد من‬ ‫األعضاء منهم عبد اهلل غول وتأسيس حزب العدالة والتنمية عام ‪ .2001‬منذ البداية أراد أردوغان‬ ‫أن يدفع عن نفسه أي شبهة باستمرار الصلة األيديولوجية مع أربكان وتياره اإلسالمي الذي‬ ‫أغضب املؤسسات العلمانية مرات عدة‪ ،‬فأعلن أن العدالة والتنمية سيحافظ على أسس النظام‬ ‫اجلمهوري ولن يدخل في مماحكات مع القوات املسلحة التركية وقال “سنتبع سياسة واضحة‬ ‫ونشطة من أجل الوصول إلى الهدف الذي رسمه أتاتورك إلقامة اجملتمع املتحضر واملعاصر في إطار‬ ‫القيم اإلسالمية التي يؤمن بها ‪ %99‬من مواطني تركيا”‪.‬‬ ‫كان موقف أردوغان موقفا ً “حازماً” ضد خرق إسرائيل للمعاهدات الدولية وقتلها للمدنيني أثناء‬ ‫الهجوم اإلسرائيلي على غزة‪ ،‬فقد قام بجولة في الشرق األوسط حتدث فيها إلى قادة الدول بشأن‬ ‫هذه القضية‪ ،‬وكان تفاعله واضحاً‪ ،‬مما أقلق إسرائيل ووضع تركيا في موضع النقد أمام إسرائيل‪،‬‬ ‫وقال أردوغان “إني متعاطف مع أهل غزة”‪.‬‬ ‫في ‪ 29‬من يناير غادر أردوغان مندملرد على الرئيس اإلسرائيلي شيمون بيريز بشأن احلرب على‬ ‫غزة‪ .‬بعدما دافع الرئيس اإلسرائيلي عن إسرائيل وموضوع صواريخ القسام التي تطلق على‬ ‫املستوطنات‪ ،‬وتساءل بصوت مرتفع وهو يشير بإصبعه عما كان أردوغان سيفعله لو أن الصواريخ‬ ‫أُطلقت على اسطنبول كل ليلة‪ ،‬وقال أيضا ً “إسرائيل ال تريد إطالق النار على أحد لكن حماس‬ ‫لم تترك لنا خياراً”‪ .‬رد أردوغان على أقوال بيريز بعنف وقال‪ :‬إنك أكبر مني سنا ً ولكن ال يحق لك‬ ‫أن تتحدث بهذه اللهجة والصوت العالي الذي يثبت أنك مذنب‪ .‬وتابع‪ :‬إن اجليش اإلسرائيلي يقتل‬ ‫األطفال في شواطئ غزة‪ ،‬ورؤساء وزرائكم قالوا لي إنهم يكونون سعداء جدا ً عندما يدخلون غزة‬ ‫على منت دبابتهم‪ .‬ولم يترك مدير اجللسة الفرصة ألردوغان حتى يكمل رده على بيريز‪ ،‬فانسحب‬ ‫رئيس الوزراء التركي بعدما خاطب املشرفني على اجللسة قائال “شكرا ً لن أعود إلى دافوس بعد‬ ‫هذا‪ ،‬أنتم ال تتركونني أتكلم وسمحتم للرئيس بيريز باحلديث مدة ‪ 25‬دقيقة وحتدثت نصف هذه‬ ‫املدة فحسب”‪ .‬وأضاف أردوغان في املؤمتر الذي عقد بعد اجللسة إنه حتدث ‪ 12‬دقيقة خالل املنتدى‬ ‫كما حتدث األمني العام جلامعة الدول العربية عمرو موسى بدوره ‪ 12‬دقيقة‪ ،‬غير أن بيريز حتدث ‪25‬‬ ‫دقيقة‪ ،‬وملا طلب التعقيب عليه منعه مدير اجللسة‪.‬‬ ‫احتشد اآلالف ليالً الستقبال رجب طيب أردوغان بعد ساعات من مغادرة مؤمتر دافوس حاملني‬ ‫األعالم التركية والفلسطينية ولوحوا بالفتات كتب عليها “مرحبا بعودة املنتصر في دافوس”‬ ‫و”أهال وسهال بزعيم العالم”‪ .‬وعلقت حماس على احلادث بالقول “على احلكام العرب أن يقتدوا”‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر دولي‬

‫جرائمه ضد اإلنسانية تدينه‬

‫محاكمة بوش تقترب‬

‫يتميز العالم كله باضطراب ميزان العدالة‬ ‫في النواحي اخملتلفة من أركانه‪ ،‬ويبدو ان هذا‬ ‫االضطراب في ميزان العدالة الدولية هو طبيعة‬ ‫كونية‪ ،‬فلم يذكر التاريخ‪ ،‬مع بعض االستثناءات‬ ‫البسيطة‪ ،‬حقبة من حقبه اال وكان الظلم سيدا ً‬ ‫مطاعاً‪ ،‬له اركانه وزعاماته ومثقفوه ومؤرخوه‪.‬‬ ‫وإلزالة الظلم وحتدي الظاملني وردعهم عن‬ ‫حكم العالم وإفساده‪ ،‬جاءت األديان والفالسفة‬ ‫واملفكرون وزعماء االصالح والتغيير في ما عرف‬ ‫تاريخيا ً بالنهضة واالصالح‪ ،‬وما لم يكن هناك‬ ‫ثورة ضد الظلم‪ ،‬فالظلم هو سيد املوقف‪.‬‬ ‫ويعد خروج بوش الرئيس االميركي السابق‬ ‫والقائد الفذ الذي متكن من حرق احلضارات‬ ‫وتدمير العديد من الدول وقتل اآلالف من النساء‬ ‫واالطفال في العراق وافغانستان وفلسطني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ولبنان‪ ،‬النموذج احلقيقي لهذا الظلم ومثاال ً ملبدأ‬ ‫فقدان العدالة في العالم‪.‬‬ ‫فقد أظهرت استطالعات عديدة ان جورج‬ ‫بوش وطاقم إدارته السابقة قد نشروا خالل‬ ‫االشهر التي سبقت غزو العراق كميات هائلة‬ ‫من االكاذيب إلقناع الشعب االميركي واعضاء‬ ‫الكونغرس والعالم بعدالة غزو افغانستان‬ ‫عد البعض الف تصريح‬ ‫واحتالل العراق‪ ،‬وقد ّ‬ ‫كاذب صدرت عن جورج بوش وديك تشيني‪ ،‬اضافة‬ ‫الى دونالد رامسفيلد وكونداليزا رايس‪.‬‬ ‫بوش ساهم في التضليل العاملي مع اسرائيل‬ ‫واسلوبه املتماهي مع االسلوب الصهيوني منع‬ ‫الكثيرين في العالم من التحقق من اإلجرام‬ ‫الصهيوني واالميركي او من إدانته‪ ،‬لقد كانت‬ ‫اخلديعة التاريخية كبيرة وكبيرة جداً‪.‬‬ ‫لذلك شنت منظمات حقوقية وقانونية‬ ‫اوروبية‪ ،‬حملة للمطالبة مبحاكمة جورج بوش‬ ‫بتهمة ارتكاب جرائم ضد االنسانية‪ ،‬واكدت على‬ ‫توافر األدلة املوثقة عليها‪ ،‬فصرح االمني العام‬ ‫للمركز االوروبي للحقوق االنسانية والدستورية‪،‬‬ ‫ولفغانغ كاليك‪ ،‬ان التوضيح القضائي للجرائم‬ ‫التي ارتكبتها احلكومة االميركية السابقة ضد‬ ‫القانون الدولي‪ ،‬يأتي ضمن أدق املسائل التي‬ ‫سيتوجب على الرئيس باراك أوباما التعامل‬ ‫معها‪.‬‬ ‫ويعتبر عدد من خبراء القانون االوروبيني ان بوش‬ ‫وكبار مسؤوليه قد ارتكبوا جرائم ضد االنسانية‬ ‫ومنها التعذيب‪ ،‬ويتفق العديد منهم على ان‬ ‫هناك ادلة واضحة ضد ادارة بوش‪ ،‬فقد اعترف‬ ‫بعض املسؤولني فيها بعدد من جرائم التعذيب‪،‬‬ ‫كما قدم الناشطون احلقوقيون االوروبيون‬ ‫شهادات لضحايا ابرياء ألعمال التعذيب‪ ،‬وخاصة‬

‫‪74‬‬

‫بعض سجناء معتقل غوانتانامو‪ ،‬وسيكون على‬ ‫احلكومة االميركية اجلديدة تقدمي التعويضات‬ ‫لألبرياء الذين وقعوا ضحية هذه اجلرائم‪،‬‬ ‫وعلى العدالة االميركية أن تتولى التعامل مع‬ ‫االنتهاكات التي ارتكبتها حكومة بوش‪.‬‬ ‫وصرح النمساوي مانفريد نواك‪ ،‬محامي حقوق‬ ‫االنسان ومقرر االمم املتحدة اخلاص عن قضايا التعذيب‬ ‫ان هناك ادلة موثقة عن اوامر أصدرها مسؤولون‬ ‫أميركيون مبمارسة حاالت عديدة من التعذيب وجرى‬ ‫استخدام أساليب التعذيب في االستجوابات التي‬ ‫قامت بها احلكومة االميركية بأمر صريح من وزير‬ ‫الدفاع السابق دونالد رامسفيلد‪.‬‬ ‫وبدوره صرح ديتمار هيرز‪ ،‬استاذ العلوم‬ ‫السياسية بجامعة ايرفورت االملانية بأنه ليس‬ ‫هناك أي شك في ان جورج بوش مسؤول عن‬ ‫جرائم كالتعذيب‪ ،‬وشرح االستاذ اجلامعي انه وفقا ً‬ ‫للدستور االميركي الرئيس مسؤول عن كل االعمال‬ ‫التي تقوم بها إدارته‪ ،‬وبالتالي جورج بوش مسؤول‬ ‫عن أساليب التعذيب التي مارستها السلطات‬ ‫االميركية‪.‬‬ ‫وفي الواليات املتحدة نفسها اقترح السناتور‬ ‫الدميوقراطي باتريك ليهي تشكيل “جلنة اميركية‬ ‫لتقصي احلقائق” للتحقيق في سياسات جورج‬ ‫بوش‪ ،‬مبا فيها الترويج حلرب العراق ومعاملة‬ ‫املعتقلني والتنصت على االتصاالت الهاتفية دون‬ ‫أمر قضائي‪.‬‬


‫ودعا السناتور ليهي رئيس اللجنة القضائية‬ ‫مبجلس الشيوخ الى تشكيل اللجنة كسبيل‬ ‫ملنع حدوث انتهاكات في املستقبل‪.‬‬ ‫وقارن ليهي اللجنة بلجان اخرى لتقصي‬ ‫احلقائق كالتي شكلت في جنوب افريقيا‬ ‫للتحقيق في حقبة الفصل العنصري‪.‬‬ ‫وقال ليهي في خطاب مبدرسة القانون بجامعة‬ ‫جورجتاون “نحن بحاجة للتوصل الى فهم‬ ‫مشترك النتكاسات املاضي القريب”‪ ،‬وأضاف‪:‬‬ ‫“نحن بحاجة الى استقصاء منزّه عن األغراض‬ ‫ملا حدث بالفعل ال لالنتقام‪ ...‬ونفعل ذلك لضمان‬ ‫عدم حدوثه مرة اخرى”‪.‬‬ ‫ودعا السناتور السابق جورج ماكفرن الى توجيه‬ ‫االتهام الى جورج بوش ومحاكمته ألنه أساء‬ ‫استخدام السلطة‪ ،‬وأوضح ماكفرن األسباب‬ ‫التي جعلته يعتقد بضرورة توجيه االتهام الى‬ ‫بوش قائالً‪ ،‬ان احلقائق تثبت أنه مذنب‪ ،‬فقد خرق‬ ‫الدستور مراراً‪ ،‬وانتهك القانون القومي االميركي‬ ‫والقانون الدولي‪ ،‬وانه كذب على الشعب مرة بعد‬ ‫اخرى‪.‬‬ ‫شن حربا ً غير مشروعة على‬ ‫وصرح بأن بوش ّ‬ ‫العراق‪ ،‬أدت الى مقتل اكثر من اربعة آالف جندي‬ ‫اميركي وترك أضعاف هذا الرقم ( حوالى ‪ 25‬الف‬ ‫جريح) معوقني عقليا ً وجسدياً‪ ،‬كما أدت الى‬ ‫مقتل اكثر من ‪ 800‬الف عراقي‪.‬‬ ‫وأضاف ان هذه احلرب تكلف الواليات املتحدة‬ ‫‪ 250‬مليون دوالر يومياً‪ ،‬مما أدى الى جتاوز العجز‬ ‫القومي ‪ 9‬تريليونات دوالر‪.‬‬

‫تريليون دوالر‪.‬‬ ‫واعترف بوش بأن احلرب في العراق كانت أطول‬ ‫مما يجب وأكثر كلفة‪ ،‬كما انها بنيت على أسس‬ ‫واهية حسب اعتراف له في مقابلة مع “سي أن‬ ‫ان” الشهر املاضي‪ ،‬حني أشارت املذيعة الى انه لم‬ ‫يكن هناك وجود للقاعدة اال بعد الغزو االميركي‪،‬‬ ‫فأجابها بوش‪ :‬نعم‪ ،‬هذا صحيح‪ ،‬وان يكن‪...‬‬ ‫وقد وجهت له صحيفة واشنطن بوست‬ ‫االميركية انتقادات بشأن الغموض الذي طبع‬ ‫هذا التصريح‪ ،‬وخصوصا ً عبارة وإن يكن‪ ....‬التي‬ ‫قالها والتي ال نستطيع ان جند لها مكانا ً في أي‬ ‫وثيقة من الوثائق‪.‬‬ ‫ويرى محللون أن حرب بوش على االرهاب لم‬ ‫تخلف اال خسائر مالية أرهقت االقتصاد االميركي‬ ‫الذي يشهد بطبيعته مرحلة ال نظير لها‪.‬‬ ‫ويتوقع تقرير احملللون ان تفوق الكلفة النهائية‬ ‫لهذه احلرب مجموع ما أنفقته الواليات املتحدة‬ ‫في حربي كوريا وفيتنام معاً‪.‬‬ ‫في نهاية العام املاضي وصل حجم الديون‬ ‫االميركية الى ‪ 10‬تريليونات دوالر‪ ،‬اذ تزيد نحو ‪1.4‬‬ ‫مليار دوالر يومياً‪ ،‬أي نحو مليون دوالر كل دقيقة‪،‬‬ ‫وصارت هذه الديون‪ ،‬على حد قول اخلبراء واحملللني‪،‬‬ ‫أشبه بقنبلة زمنية موقوتة قد تنفجر في أي‬ ‫حلظة‪ ،‬حجم الدين الداخلي حاليا ً في الواليات‬ ‫املتحدة يبلغ ‪ 13.9‬تريليونات دوالر‪ ،‬وهو يعني ان‬ ‫مديونية كل مواطن أميركي ‪ 30‬الف دوالر تقريباً‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لتكاليف حربي العراق وافغانستان‪،‬‬ ‫فيقول مكتب املوازنة التابع للكونغرس االميركي‬ ‫إنها ستتجاوز ‪ 4.2‬تريليونات دوالر خالل العقد‬ ‫املقبل‪ ،‬وال ميكن أن ننسى أنه في بداية حرب‬ ‫العراق زعمت ادارة بوش أن احلرب سوف تتكلف‬ ‫‪ 50‬مليار دوالر‪ ،‬وها هو املبلغ نفسه ال يكفي سوى‬ ‫لإلنفاق ملرة ‪ 3‬شهور على تلك احلرب‪.‬‬ ‫وفي كتاب مثير جدا ً بعنوان “حرب الـ‪ 30‬مليار‬ ‫دوالر” قال االميركي جوزف ستيغلتز احلائز على‬ ‫جائزة نوبل لالقتصاد وليندا بيلمس االستاذة‬ ‫في جامعة هارفارد‪ ،‬ان حرب العراق ستكلف‬ ‫االميركيني ما ال يقل عن ثالثة االف مليار دوالر‪،‬‬ ‫وهو رقم اعلى بكثير من الرقم الذي أعلنه مكتب‬ ‫املوازنة‪ ،‬وميثل اكثر من ضعف ما كلفته احلرب في‬ ‫كوريا‪.‬‬ ‫وأكد أن ثلث تكلفة احلرب‪ ،‬الف مليار دوالر‪،‬‬ ‫كان ميكن أن تستخدم من اجل متويل بناء ثمانية‬ ‫ماليني مسكن‪ ،‬وتوظيف ‪ 15‬مليون أستاذ‪ ،‬وتقدمي‬ ‫العالج لـ‪ 530‬مليون طفل‪ ،‬ومنح تعليمية الى ‪43‬‬ ‫مليون طالب‪ ،‬وتغطية صحية لألميركيني على‬ ‫مدى السنوات اخلمسني املقبلة‪.‬‬

‫كارثة مالية‬ ‫تهدد الواليات املتحدة‬

‫يجب محاكمة بوش‬ ‫واألدلة متوافرة‬

‫قدر تقرير اقتصادي ان كلفة احلرب التي أعلنها‬ ‫ّ‬ ‫جورج بوش على ما يسمى بـ”االرهاب” بلغت‬

‫انتهاكات ادارة الرئيس السابق جورج بوش‬ ‫حلقوق االنسان في العراق وأفغانستان ال حتتاج‬

‫‪75‬‬

‫الى جلنة حتقيق من الكونغرس او غيره من اجل‬ ‫إثباتها‪ ،‬فالتعذيب الذي مارسته قواتها في‬ ‫معتقل ابو غريب موثق بالصور والشهادات‪،‬‬ ‫واقامة معتقل غوانتانامو في كوبا الحتجاز‬ ‫مئات من االبرياء ألكثر من سبع سنوات وبدون‬ ‫تهم محددة يشكالن وصمة عار للدميوقراطيات‬ ‫الغربية التي شاركت في هذه احلرب على‬ ‫االرهاب‪ ،‬هذه االنتهاكات الفظيعة حلقوق‬ ‫االنسان متت مبوافقة اجملرم بوش شخصياً‪،‬‬ ‫وبأوامر مباشرة من دونالد رامسفيلد وزير‬ ‫دفاعه‪ ،‬وقد اعترف االميركيون املتورطون في‬ ‫عمليات التعذيب في سجن ابو غريب بأنهم‬ ‫كانوا ينفذون اوامر رؤسائهم املباشرة‪ ،‬ولذلك‬ ‫فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عما اذا‬ ‫كانت االدارة االميركية اجلديدة ستفتح ملف‬ ‫هذه االنتهاكات من خالل إجراء حتقيق شامل‬ ‫بشأنها؟‬ ‫الرد على االنتهاكات ليس بإصدار تقارير تثبت‬ ‫وجودها‪ ،‬وتدين حدوثها‪ ،‬بل بإجراء حتقيق عاملي من‬

‫قبل قضاة مشهود لهم بالعلم واخلبرة والنزاهة‪،‬‬ ‫وتقدمي كل املتورطني في هذه االنتهاكات الى‬ ‫العدالة‪ ،‬وعلى رأس هؤالء جورج بوش االبن وطوني‬ ‫بلير‪ ،‬وديك تشيني ودونالد رامسفيلد‪ ،‬وكل‬ ‫املسؤولني العراقيني واالفغان الذين تواطأوا مع‬ ‫مشاريعهم سواء باملوافقة او التبرير او الترويج‬ ‫او الصمت‪.‬‬ ‫ايا ً يكن مصير جورج بوش وأزالمه فالواقع هو‬ ‫هل يتجرأ الرئيس باراك أوباما على دعم احملاكمة‬ ‫وإعطاء الضوء االخضر للكونغرس للتحقيق‬ ‫بنزاهة وحرية وعدالة‪ .‬وهل يقتنع اوباما بأن احلرب‬ ‫احلقيقة ضد االرهاب في الشرق والغرب هي حتقيق‬ ‫للتنمية ومكافحة الفقر وحل قضايا املنطقة‬ ‫العربية في فلسطني والعراق ولبنان وسوريا بصورة‬ ‫عادلة قائمة على احلقوق ال على القوة الغاشمة‪.‬‬ ‫انها سنّة احلياة‪ ،‬فإما الثورة على الظلم‬ ‫والظاملني‪ ،‬وإما العبودية التي يعيش فيها عرب‬ ‫االعتدال أو الذل‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر دولي‬

‫شعب فنزويال قال كلمته ‪:‬‬

‫فاز الرئيس الفنزويلي اوغو تشافيز بتأييد مواطنيه في استفتاء حول رفع‬ ‫القيود عن عدد املرات التي يستطيع رئيس اجلمهورية وغيره من املسؤولني‬ ‫املنتخبني ترشيح انفسهم في االنتخابات‪.‬‬ ‫وفور صدور النتيجة ظهر تشافيز على شرفة القصر الرئاسي وأنشد‬ ‫النشيد الوطني الفنزويلي‪ ،‬ثم قال ان “احلقيقة والكرامة انتصرتا‪ ،‬واليوم‬ ‫تفتح أمام فنزويال أبواب املستقبل‪ ،‬فال عودة الى املاضي املذل”‪.‬‬ ‫واعتبر الرئيس تشافيز ان من ص ّوت بنعم في هذا االستفتاء قد منح‬ ‫فقراء البالد الغذاء بسعر زهيد وتعليما ً مجانيا ً وقطعا نهائيا حلكومات‬

‫تشافيز يعلن احباط مؤامرة عسكرية‬ ‫ضد حكومته‬

‫أعلن الرئيس الفنزويلي أوغو تشافيز أن حكومته أحبطت مؤامرة‬ ‫عسكرية تستهدف السلطة التنفيذية‪ ،‬وقال حملطة التلفزة الرسمية‬ ‫“إن عددا ً من العسكريني في اخلدمة معتقلون‪ ،‬انهم كانوا يتصلون‬ ‫بعسكري الجئ إلى الواليات املتحدة‪ ،‬كما كانوا يوجهون رسائل حول‬ ‫عملية باسم “استقالل””‪.‬‬ ‫وأضاف تشافيز “كانوا ينوون التسلل إلى قصر ميرافلوريس الرئاسي‬ ‫ويوجهون رسائل إلى وحدات عسكرية في واليات تسيطر عليها‬ ‫املعارضة” من دون أن يعطي مزيدا ً من التفاصيل‪.‬‬ ‫وأكد الرئيس اعتقال ضباط تلقوا هذه الرسائل ولم يخطروا‬ ‫قيادتهم‪.‬‬ ‫وحتدث تشافيز أيضا ً عن مصادرة أسلحة ومتفجرات في غرب البالد‬ ‫مرتبطة بهذه القضية‪ ،‬وقال “إن الوضع حتت السيطرة”‪ ،‬واعدا ً برد حازم‬ ‫للحكومة على أولئك الذين يشجعون على التمرد داخل اجليش‪.‬‬ ‫وتابع متوعدا ً “ان املعتدين على احلكومة سيندمون على اطالق‬ ‫مخطط عنيف”‪.‬‬ ‫وفي سبتمبر‪/‬أيلول ‪ 2008‬أكدت احلكومة الفنزويلية ان عسكريني‬ ‫متقاعدين وفي اخلدمة كانوا يدبرون الغتيال الرئيس والقيام بانقالب‬ ‫عسكري من بعض الناشطني في املعارضة وذلك بدعم الواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وقد مت توقيف عدد من األشخاص كما متت مصادرة أسلحة من‬ ‫مختلف العيارات بحسب وزارة الداخلية الفنزويلية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪76‬‬


‫‪SI…COMANDANTE‬‬ ‫تشافيز يم ّدد فترة رئاسته‬ ‫توجه الفنزويليون للتصويت في استفتاء جديد على خطة الرئيس أوغو تشافيز لرفع‬ ‫القيود التي حتدد عدد الواليات الرئاسية‪ ،‬بحيث سيتسنى له االستمرار في احلكم‪ ،‬طاملا‬ ‫هو يفوز في اإلنتخابات‪ .‬وقد م ّر على تشافيز في السلطة ‪ 10‬سنوات‪ ،‬كما ص ّرح تشافيز‬ ‫أنه يرغب في ترأس الدولة املصدرة للنفط ملدة ‪ 10‬سنوات أخرى على األقل‪.‬‬ ‫األحداث الرئيسية في فترة رئاسة تشافيز‬ ‫‪ :1998‬فاز تشافيز في اإلنتخابات الرئاسية بنسبة ‪ %56‬من األصوات‪ ،‬وتسلم منصبه‬ ‫في شباط ‪.1999‬‬

‫متواطئة مع الرأسمالية املتوحشة‪.‬‬ ‫وتعهد الرئيس أمام شعبه مبحاربة اجلرمية والفساد‪ ،‬وقال في خطابه‬ ‫“بالفعل سنكون في وضع أفضل كثيرا ً لنفتح ابتداء من العام املقبل آفاقا ً‬ ‫جديدة”‪.‬‬ ‫وختم الرئيس تشافيز خطابه بالقول “انه انتصار واضح للشعب وللثورة‬ ‫البوليفارية‪ ،‬ولقد انتصرت احلقيقة على اخلدعة‪ ،‬وانتصرت كرامة الوطن‬ ‫والوفاء”‪ .‬وأهدى الرئيس انتصاره ألطفال البالد‪.‬‬ ‫وبعد فرز أصوات الناخبني حصلت النعم على ‪ %56.78‬من االصوات اي ‪6.3‬‬ ‫ماليني صوت‪ ،‬ومن ثم اشتعلت سماء العاصمة كاراكس بااللعاب النارية‬ ‫واملفرقعات‪.‬‬ ‫واحتفل آالف من أنصار الرئيس تشافيز وهم يحملون االعالم احلمراء‬ ‫بالنصر في شوارع العاصمة‪ ،‬وجتمع آالف من أنصار النعم أمام القصر‬ ‫الرئاسي وهم يرقصون وينشدون احتفاال ً بالنصر‪.‬‬ ‫بدورهم اعترف قادة املعارضة بهزميتهم في االستفتاء‪ ،‬كما حضر مراقبون‬ ‫اقليميون ودوليون من االمم املتحدة ومنظمة الدول االميركية للتأكد من أن‬ ‫االستفتاء جرى بحرية وعدالة تامة‪.‬‬ ‫وشمل هذا االستفتاء حكام الواليات والنواب وأعضاء ورؤساء اجمللس‬ ‫البلدية‪ ،‬إضافة الى رئيس اجلمهورية‪ ،‬ويأتي هذا االستفتاء بعد ثالثة اشهر‬ ‫من االنتخابات احمللية والبلدية التي جرت في ‪ 23‬تشرين الثاني من العام‬ ‫املاضي حيث فاز تيار الرئيس تشافيز بـ ‪ 17‬من اصل ‪ 23‬والية‪ ،‬وقد حافظ‬ ‫على تقدم في عدد االصوات على املعارضة‪ ،‬وقد اعتبرت هذه النتائج ضربة‬ ‫قوية للمعارضة التي يسودها التشرذم‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬أعلن الرئيس اوغو تشافيز أن فنزويال على استعداد لبدء‬ ‫تقارب مع رئيس الواليات املتحدة باراك أوباما في اطار االحترام املتبادل‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫“نحن على استعداد كي يبدأ في أي وقت عملية تقارب‪ ،‬لدينا الرغبة اجليدة‬

‫‪ :2001 -1999‬استغل حدة املعارضة لتمرير تعديالت على الدستور من شأنها تعزيز‬ ‫سلطته التنفيذية‪.‬‬ ‫‪ :2003-2002‬بعد أشهر من اإلحتجاجات‪ ،‬يصمد تشافيز في وجه انقالب عسكري‬ ‫وأمام إضرابات‪ ،‬على صعيد وطني تسبب هبوطا ً كبيرا ً في مستوى اإلنتاج الفنزويلي‪.‬‬ ‫‪ :2003‬بدأ حملة واسعة النطاق لزيادة اإلنفاق اإلجتماعي من أجل األغلبية من‬ ‫الطبقة الفقيرة في قطاعي التعليم والصحة ولتأمني ذات الكلفة اخملفضة‪.‬‬ ‫‪ :2004‬فاز بنسبة ‪ %58‬من األصوات في إعادة استفتاء طالبت به املعارضة‪.‬‬ ‫‪ :2005‬و ّقع مرسوم اإلصالح الزراعي الهادف الى القضاء على إمكانية مت ّلك مساحات‬ ‫كبيرة من األراضي‪.‬‬ ‫‪ :2006‬فاز في اإلنتخابات الرئاسية للمرة الثالثة بنسبة ‪ %63‬من األصوات‪.‬‬ ‫‪ :2007‬أعلن عن تأميم قطاع الكهرباء واإلتصاالت‪.‬‬ ‫عانى من أول هزيمة له في استفتاء متقارب يرفض اقتراحات بإجراء تعديالت‬ ‫دستورية لتوسيع صالحياته‪.‬‬ ‫‪ :2008‬و ّقع على اتفاق تعاون في مجال النفط والغاز مع روسيا وأجرى‬

‫محادثات لتطوير برنامج نووي مدني‪.‬‬

‫‪ 15‬شباط ‪ :2009‬ص ّوت الفنزويليون للمرة الثانية على اقتراح إللغاء‬ ‫أحكام متنع تشافيز من إعادة ترشيح نفسه لإلنتخابات‪.‬‬ ‫في استئناف مستوى العالقات التي كانت بيننا في عهد بيل كلينتون والتي‬ ‫لم تكن جيدة ولكن كانت مقبولة”‪.‬‬ ‫وأعرب الرئيس تشافيز عن األمل في أال ينتاب أوباما جنون بوش‪ ،‬وأضاف‪:‬‬ ‫نأمل أال يبدأ في التشبه به تدريجياً‪ ،‬إنه اخلطر األكبر‪ ،‬نأمل أن يصل الى‬ ‫فرض أفكار جديدة وجيدة‪.‬‬ ‫وطالب الرئيس الفنزويلي بأن تتم محاكمة جورج بوش واحتجازه لبقية‬ ‫أيام حياته بصفته مجرم حرب‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬

‫‪77‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫الحج السياسي إلى دمشق‬ ‫عبد السالم األحمد‪ -‬دمشق‬

‫شهدت دمشق في األسابيع املاضية حراكا‬ ‫سياسيا الفتا وحركة موفدين دبلوماسيني عرب‬ ‫وأجانب‪ ،‬إلى جانب زيارات لزعماء عرب حطت‬ ‫طائراتهم فجأة مطار دمشق الدولي‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يؤكد عودة سوريا العبا ً أساسيا ً على الساحة‬ ‫الدولية بعد محاوالت اإلبعاد التي طالت دورها في‬ ‫العهد البوشي البائس‪.‬‬ ‫يرى املراقبون أن القوى الدولية الكبرى أدركت‬ ‫أن سوريا ال ميكن التعامل معها إال كدولة ند‪ ،‬مع‬ ‫احترام لسيادتها وثوابتها منذ أن أعلنت الءاتها‬ ‫الشهيرة «لكولن باول» وزير اخلارجية األميركي‬ ‫السابق‪ ،‬رغم حراجة املوقف الدولي في ذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬واحلصار السياسي الذي أعلنته معظم‬ ‫الدول الكبرى على سوريا‪ ،‬لتركيعها وإجبارها‬ ‫على التنازل عن ثوابتها الوطنية والقومية‪ .‬اليوم‪،‬‬ ‫ومع فشل سياسات العزل هذه‪ ،‬التي قال فيها‬ ‫الرئيس السوري بشار األسد «إن من يعزل سوريا‬ ‫إمنا يعزل نفسه عن العالم»‪ ،‬يحدد املراقبون‬ ‫عالمات هذا الفشل األميركي في التعامل مع‬ ‫سوريا بنقاط ثالث مهمة‪:‬‬ ‫‪1‬ـ فشل السياسة األميركية في لبنان وعدم‬ ‫قدرتها على انتخاب رئيس للجمهورية من خالل‬ ‫األكثرية البرملانية‪.‬‬ ‫‪2‬ـ فشل العدوان على غزة وعدم حتقيق أهدافه‪.‬‬ ‫‪3‬ـ القبول األميركي بوجود حماس في حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية‪ ،‬وهذا ما أبلغه “جورج ميتشل”‬ ‫املبعوث األميركي إلى الشرق األوسط للقيادات‬ ‫“اإلسرائيلية”‪.‬‬ ‫هذا الفشل الواضح أجبر الواليات املتحدة على‬ ‫العودة أدراجها والقبول بواقعية سياسية فرضها‬ ‫صمود سوريا في وجه ما تعرضت له من ضغوطات‪،‬‬ ‫هذه الواقعية السياسية بدأت مالمحها من خالل‬ ‫اإلفراج عن أموال سورية مجمدة‪ ،‬واإلفراج عن أموال‬ ‫مغتربني سوريني‪ ،‬إلى جانب إعادة النظر في قانون‬ ‫محاسبة سوريا‪ ،‬هذا التوجه األميركي اجلديد عبر‬ ‫عنه بوضوح السناتور جون كيري أثناء زيارته إلى‬ ‫دمشق حني حتدث عن “أهمية تفعيل العالقات‬ ‫األميركية السورية واالستفادة من الدور السوري”‪.‬‬ ‫وليس بعيدا عن هذا التوجه بل سبقه زمانيا‬ ‫االنفتاح األوروبي على سوريا‪ ،‬حيث استضافت‬ ‫العاصمة دمشق العديد من الدبلوماسيني‬ ‫األوروبيني‪ ،‬بدءا بالرئيس الفرنسي “ساركوزي” مرورا‬ ‫بـ”خافيير سوالنا” واملفوضة األوروبية “بينيتا” التي‬ ‫قالت إن هدف زيارتها تقريب دمشق من االحتاد‬ ‫األوروبي‪.‬‬ ‫هذه الواقعية السياسية التي اضطرت هذه‬ ‫القوى الدولية التباعها مع سوريا كان لها انعكاس‬ ‫أيضا على الواقع العربي والعالقات العربية العربية‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫األسد مستقبالً أمير قطر‬

‫األسد مستقبالً سوالنا‬

‫حيث ظهر على الساحة توجه عربي نحو العاصمة‬ ‫دمشق بعد برود طغى على عالقة بعض الدول‬ ‫العربية مع سوريا‪ ،‬وخاصة السعودية ومصر‪،‬‬ ‫حيث شهدت األسابيع املاضية حركة متبادلة‬ ‫بني دمشق والرياض‪ ،‬ودمشق وعدد من العواصم‬ ‫العربية‪ ،‬حيث يرى املراقبون أن هناك أكثر من‬ ‫مبرر يوجب التقارب السعودي السوري‪ ،‬خاصة أن‬ ‫املراقبني يسجلون تقاربا سوريا ً سعوديا ً ملحوظا ً‬ ‫في وجهات النظر جتاه قضايا املنطقة في ما يتعلق‬ ‫بالوضع في فلسطني والعراق ولبنان‪ ،‬وما لسوريا‬ ‫من دور هام على الساحة الفلسطينية لقدرتها‬ ‫على حوار جميع أطراف الداخل الفلسطيني‪،‬‬ ‫وهذا ما أدركه اجلميع من خالل موافقة حماس‬ ‫على الدخول في حوار فلسطيني فلسطيني في‬ ‫القاهرة‪ ،‬وهذا ما أدركه العاهل السعودي وعبر عنه‬ ‫من خالل مبعوثه األمير “مقرن” رئيس االستخبارات‬

‫‪78‬‬

‫في اململكة العربية السعودية إلى دمشق التي ردت‬ ‫عليه باملثل مؤكدة أهمية الدور السعودي في املنطقة‬ ‫وضرورة التضامن العربي في رسالة حملها وزير‬ ‫اخلارجية السوري وليد املعلم إلى العاهل السعودي‪،‬‬ ‫هذا وال يستبعد املراقبون حصول قمة مفاجئة سورية‬ ‫سعودية قبيل انعقاد القمة العربية القادمة في‬ ‫الدوحة الشهر املقبل‪ ،‬التي من املفترض أن تتابع تعزيز‬ ‫التضامن العربي املشترك‪.‬‬ ‫أخيرا ال بد من اإلشارة إلى أن هذا التقارب‬ ‫السعودي السوري قد ينعكس إيجابا على العالقات‬ ‫السورية املصرية التي شابها بعض التوتر في املرحلة‬ ‫املاضية‪ ،‬وال يستبعد املراقبون أن حتتضن دمشق‬ ‫اجتماعا لوزراء خارجية كل من مصر والسعودية‬ ‫وسوريا وقطر لتنقية األجواء‪ ،‬هذه التنقية بدأتها‬ ‫سوريا بدورها في انطالق مؤمتر إعادة إعمار غزة في‬ ‫شرم الشيخ‪.‬‬


‫منبر ثقافي‪ /‬مقابلة‬

‫الشاعر حافظ أبو المنى لـ«منبر التوحيد» ‪:‬‬

‫الشعر من وحي األولين‬ ‫وعلم َم ْن يراك من حيث ال تراه‬

‫زمن أصبح فيه الشعر رهينة كل من‬ ‫في ٍ‬ ‫تستهويه الكتابة فيسارع إلصدار ديوان‬ ‫شعري‪ ،‬وفي وقت تغلب فيه الشعر احلديث على‬ ‫قصائد املتنبي وأبو نواس وغيرهما ممّن رفعوا‬ ‫للشعر عماداً فجعلوه محط أنظار القراء‪،‬‬ ‫وحوّلوا املشرق العربي واللغة العربية سفيراً‬

‫لثقافة الغرب وأدابهم‪ ،‬ال يزال بعض “ذوّاقة‬ ‫الشعر” في هذا العصر يغنون تراثنا األدبي‬ ‫العريق بنكهة فكرية خاصة‪ ،‬فكان “أبو املنى”‬ ‫ممّن أضفوا بريقاً مميزاً على قصائدنا املوروثة‪،‬‬ ‫بكلمات المعة بعيدة عن الشعر احلديث الذي‬ ‫أدخله البعض إلى قاموسنا األدبي‪ ،‬بالرغم من‬

‫‪79‬‬

‫عدم إصدار أي ديوان‪.‬‬ ‫بحر من احلنني‬ ‫في‬ ‫ترسلك‬ ‫إن لقصائده التي‬ ‫ٍ‬ ‫ألبيات طوت بني كلماتها نسمة رياح‬ ‫والشوق‬ ‫ٍ‬ ‫عليلة تنقلك حيناً إلى أعني شاخصة باحلنني‬ ‫حبيبة‬ ‫نحو أرض عربية عزيزة‪ ،‬وحيناً آخر إلى‬ ‫ٍ‬ ‫غزل وثناء‪ ،‬وقعاً رناناً في مسامع‬ ‫تنتظر كلمة ٍ‬ ‫مَن ال يزال يق ّدر الشعر املوزون‪ .‬من عائلة لبنانية‬ ‫وبدم عروبي ترعرع‪ ،‬وبقي “أبو املنى” في‬ ‫وُلد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫غربته عن الوطن مجسدا ً لذلك الشاب احلامل‬ ‫لقضايا أ ّمته بالرغم من قسوة الهجرة‪ ،‬وكان‬ ‫لـ”فلسطني اجلريحة واملقاومة” حصة كبيرة‬ ‫من عطائه األدبي‪ ،‬وملا تزل في صميم كتاباته‬ ‫شمساً مشرقة وملونة لكلماته املميزة‪.‬‬ ‫قصائده جتعلك تغوص في سطورها لترى‬ ‫ّ‬ ‫أحب األمسيات‬ ‫شخصية ذلك اإلنسان الذي‬ ‫ً‬ ‫كوكبة مهمة من كبار‬ ‫الشعرية‪ ،‬وعايش‬ ‫الشعراء املرموقني‪ ،‬شعراء القافية والشعر‬ ‫املوزون‪ .‬ومن خالل حديثه عن الشعر والقصائد‪،‬‬ ‫جتد بني ثنايا الكلمات أحرفاً تصدح ضد تطفل‬ ‫بعض من يسمّ ون أنفسهم بالشعراء على‬ ‫مملكة الشعر الراقي‪ .‬ذلك الشعر الذي كتبه‬ ‫نزار قباني وغسان مطر ويوسف عبد الصمد‬ ‫وغيرهم ممّن كان لهم دور في حمل الشعر‬ ‫املشرقي ليعلو ويطير ويصل إلى مسامع‬ ‫عاشقي الشعر ويتغلغل في النفس البشرية‬ ‫ّ‬ ‫احلساسة‪ .‬وعند تسميته بـ”الشاعر”‪،‬‬ ‫يستوقفك بتواضعه قائالً إنه ليس سوى ذواقة‬ ‫شعر‪ ،‬معتبراً أ ّن بضع قصائد متفرقة ال تصنع‬ ‫شاعرا ً حتى ولو أتت جيدة السبك واملعنى‪.‬‬ ‫أسلوب شعري متميز‬ ‫مع كل ما وجدناه من‬ ‫ٍ‬ ‫لديه‪ ،‬وبعد كل ما قيل عن قصائده‪ ،‬التقينا‬ ‫أمني سر املكتب السياسي في تيار التوحيد‬ ‫اللبناني الشاعر حافظ أبو املنى ليضفي‬ ‫على صفحتنا الثقافية معرفة فكرية ترسم‬ ‫شاعر يستم ّد مفرداته‬ ‫بعمقها األدبي لوحة‬ ‫ٍ‬ ‫من عشق احلياة‪ ،‬فكان لـ»منبر التوحيد» معه‬ ‫هذه املقابلة‪:‬‬ ‫منذ متى تكتب الشعر‪ ،‬ومتى بدأت رحلتك‬ ‫الشعرية؟‬ ‫إن ما كتبته لغاية اآلن قصائد متفرقة‪ ،‬أوحتها‬ ‫املناسبات والقضايا الوطنية والقومية‪ ،‬فأعجبت‬ ‫البعض وس ّرت البعض اآلخر فأحبوا مخاطبتي‬ ‫بالشاعر‪ ،‬فأنا لست باحلقيقة سوى ذواقة شعر‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر ثقافة‪ /‬مقابلة‬ ‫ميلك بحكم الذوق واملطالعة بعضا ً من الشفافية‬ ‫التي تخوله احملاولة فتجعله يتوق إلى الوصول‬ ‫ملرتبة الشعراء‪ .‬فالشاعر في نظري هو ذلك األديب‬ ‫القادر الكثير العطاء الذي يوقظ املشاعر البعيدة‬ ‫في النفس البشرية‪ ،‬تلك املشاعر التي ال ميكن أن‬ ‫نصل اليها إال بواسطة الشعر‪ ،‬وهو ذلك اإلنسان‬ ‫الذي ميكنه االستماع إلى صمت الطبيعة حيث‬ ‫يحوله إلى كالم بالغ العذوبة والعمق‪ ،‬ويكتبه‬ ‫كالما ً كالصالة يدرك به اهلل‪ ،‬متاما ً كالدعاء‬ ‫والتأمل‪ .‬فمن ال ميتلك قوة اإلدراك والشفافية‬ ‫يدعي بأنه شاعر‪ .‬كذلك فإن‬ ‫تلك‪ ،‬ال ميكنه أن ّ‬ ‫بضع قصائد متفرقة ال تصنع شاعرا ً حتى ولو‬ ‫أتت في معظمها جيدة السبك واملعنى‪ .‬فالشعر‬ ‫بحر واسع غني باألحاسيس‪ ،‬عميق املعاني‪ ،‬كثير‬ ‫العطاء‪ .‬وما أنا باملقارنة سوى ساقية صغيرة ال‬ ‫يصح أن تش ّبه بالبحر‪ .‬لقد كتبت أولى قصادي‬ ‫وأنا في سن اخلامسة عشرة‪ .‬مراهق‪ ،‬أعجب‬ ‫مبعلمته اجلميلة ذات الشال األخضر فكتب لها‬ ‫على اللوح هذه األبيات‪:‬‬ ‫حرير شالك االخضر‬ ‫وقلبك فيض من سكر‬ ‫أح ّبك لي مواربة‬ ‫ط ٌ‬ ‫أم خُ َ‬ ‫ش على دفتر‬ ‫ذهل‬ ‫فقالت وهي في ٍ‬ ‫ُضمر‬ ‫أتقو ُل غيرَ ما ت ِ‬ ‫أمتزح أم عن ج ْد تهذي‬ ‫ُ‬ ‫بأبيات وما أكثر‬ ‫ٍ‬ ‫أتنسى وأنت من تعلم‬ ‫بأنك حبي يا أسمر‬ ‫كانت هذه األبيات مدعاة الرتباك املعلمة‪،‬‬ ‫بعدما انتشرت على ألسنة رفاق الصف‪،‬‬ ‫فأصبحت تأتي إلى املدرسة بدون الشال‪ ،‬تنظر‬ ‫إلي ببرود وتعاملني بشكل رسمي‪ ،‬لعلها في‬ ‫داخل سريرتها كانت تقول‪« :‬ان محاولة إظهار‬ ‫االهتمام واحلب نحو هذا اليافع املراهق تفضح»‪..‬‬ ‫وبهذا طار حبي للمعلمة وطار معه الشال الذي‬ ‫أقلعت عن ارتدائه للمدرسة منذ ذلك احلني‪.‬‬ ‫تطفل أصحاب الشعر احلديث على مملكة‬ ‫الشعر‬ ‫هل أنت من مدرسة الشعر احلديث أم الشعر‬ ‫املوزون؟‬ ‫الشعر كما يقولون هو من وحي األولني‪ ،‬وهو‬

‫قباني وطراد يعتبران‬ ‫في نظري من عمالقة‬ ‫التجديد املواكب للعصر‬ ‫الشعر ال ميكن أن حتدده‬ ‫مدرسة معينة‪ ،‬ألنه أحاسيس‬ ‫ذاتية وإيحاءات روحية خاصة‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تريدين أن أكتب للحب قصيدة‬ ‫بعينيك أرص ُد حبي الكبير‬ ‫وشوق لضمك قرب الفؤاد‬

‫وتنسني أنك عني بعيدة‬ ‫وسهر الليالي وشوق احلنني‬ ‫وفي‬ ‫فال البعد أ ّثر فيك ّ‬

‫أنسيت أنك لي أحلى قصيدة‬ ‫وذكرى من البال ذكرى بعيدة‬ ‫لننسى البعاد وتنسي العباد‬ ‫وأنسى بأن مرور السنني‬ ‫إلي جديدة‬ ‫أعادوك يوما ً ّ‬

‫الطلي‬ ‫وال كالم احلسود‬ ‫ّ‬ ‫أنت لدي‬ ‫لذلك ما زلت ِ‬ ‫أحلى قصيدة وأجمل قصة حب فريدة‬

‫علم من يراك من حيث ال تراه‪ .‬وهو بالتالي يجب‬ ‫أال يصنف على أنه قدمي أو حديث‪ ،‬ويجب أال يقال‬ ‫عنه إنه نظم أو نثر‪ ،‬بل هو شعر أو ال شعر‪.‬‬ ‫لقد كان للقصيدة عند األقدمني شروطها‬ ‫وضوابطها‪ ،‬ومن ثم جوازاتها التي استنبطت من‬ ‫فطرَة اللغة احلسية والعروض‪ ،‬ولم تكن مفتعلة‬ ‫وال مرجتلة‪ .‬لذلك‪ ،‬قالوا‪« :‬يجوز للشاعر ما ال يجوز‬ ‫لغيره»‪ .‬لكن هذه اإلجازة لم تكن لتعني الفوضى‬ ‫والفلتان في كتابة الشعر كما هي احلال في هذه‬ ‫األيام‪ .‬فلقد كان للقصيدة أصولها وقواعدها التي‬ ‫ال تتحمل اخلطأ‪ .‬وكان الشعر للخاصة واملوهوبني‬ ‫يدعي‬ ‫امللهمني فقط‪ ،‬ال ملن شاء من الناس أن ّ‬ ‫الشاعرية كما يحدث اليوم‪ .‬فللشعراء خُ يالؤهم‬ ‫وغلواؤهم وأمزجتهم الغريبة‪ ،‬ألنهم ميارسون‬ ‫اإلعجاز في كتابة القصيدة التي تستحيل على‬ ‫أولئك احملاولني الذين ال ميلكون املوهبة والسليقة‬ ‫وملكة الشعر‪ .‬ولقد وضع األقدمون للشعر‬ ‫مميزات متيز الشعراء ومستوياتهم فقالوا بذلك‬ ‫نظماً‪ :‬الشعراء في الزمان أربعة‪:‬‬ ‫شاعر يجري وال يُجرى معه‬ ‫َ‬ ‫وسط املعمعة‬ ‫يخوض‬ ‫وشاع ُر‬ ‫ُ‬ ‫وشاع ُر ال تشتهي أن تسمعه‬ ‫وشاعر ال تستحي أن تصفعه‬ ‫القصيدة الشعرية تخسر جماليتها عندما‬ ‫تخلو من موسيقى الوزن والقافية‪ ،‬والوزن‬ ‫والقافية ضروريان ألنهما يساعدان مخيلة القارئ‬ ‫أو السامع على االستيعاب والتذكر‪ .‬فهل ميكن‬ ‫لك أن ترشديني إلى قارئ واحد قرأ هذا السخف‬ ‫الذي يسمونه اليوم شعرا ً حديثا ً وحفظ ما قرأه‬ ‫غيبا ً حتى أصبح يردده دائما ً كما هي احلال مع‬ ‫الشعر الذي أسميته موزوناً؟‬ ‫إن هناك قصائد للمتنبي وابن الرومي واألخطل‬ ‫وجرير والفرزدق‪ ،‬ال تزال على كل شفة ولسان‬ ‫بالرغم من أن أصحابها قد قضوا منذ مئات‬ ‫السنني‪ .‬أما شعراء اليوم الذين ج ّردوا الشعر من‬ ‫موازينه وضوابطه وموسيقاه فهم الذين يجب‬

‫‪80‬‬

‫أال نستحي من أن نصفعهم ألنهم ال يستحون‪.‬‬ ‫يرفضون سماع قصيدة الشعر املقفى املوزون‬ ‫مدعني أنها ال تصلح لذوق العصر‪ ،‬ذلك ألنها‬ ‫ّ‬ ‫تذكرهم بعجزهم وضعفهم حيث تضعهم‬ ‫خارج الئحة املوهوبني املميزين‪ ،‬وجتعلهم عراة‬ ‫أمام احلقيقة اجلارحة‪.‬‬ ‫ولعل أصدق وصف لهؤالء‪ ،‬هو ما جاء على‬ ‫لسان الشاعر األمير طارق آل ناصرالدين في‬ ‫مرثاته الرائعة التي ألقاها في ذكرى الشاعر‬ ‫القروي عندما تساءل قائالَ‪:‬‬ ‫ماذا عن الشعر في أيامنا خجلت‪،‬‬ ‫الوحي وانسحب‬ ‫منه القوافي وأغضى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حاشاك حاشاي‪ ،‬حاشى املبدعني‬ ‫بأن ندعو حداثتهم يا سيدي أدبا‬ ‫ٌ‬ ‫موغل في الهذر واحدهم‬ ‫لذاته‪،‬‬ ‫ومطرب نفسه والضفدع ارتعب‬ ‫ٌ‬ ‫الكذب دمعتهم‬ ‫ملح‬ ‫وكالتماسيح ُ‬ ‫ِ‬ ‫وكابن آوى إذا عوى انتشى طربا‬ ‫ِ‬ ‫إلى أن يقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫سيف دولت ِه‬ ‫للشعرِ دولت ُه يا‬ ‫ونحن واملتنبي نعرف السبب‬ ‫إنني أستغرب كيف أن هؤالء الذين يسمون‬ ‫أنفسهم شعراء محدثني‪ ،‬ويكتبون أحاسيسهم‬ ‫بطريقة النثر‪ ،‬يص ّرون على تسمية ما يكتبون‬ ‫شعرا ً مع ان النثر مليء باألحاسيس اجلميلة‪،‬‬ ‫ويحتوي على الكثير من اإلعجاز والعمق وهو‬ ‫أقرب إلى التعبيرالواضح وأسهل من الشعر‪.‬‬ ‫فلماذا نغنب النثر حقه بتسميته شعراً؟‬ ‫ملن قرأت من الشعراء ومبَن تأثرت؟‬ ‫قراءاتي الشعرية متفرقة ولو كانت هذه االيام‬ ‫قليلة نظرا ً لالنشغال‪ .‬لكنني ت ّواق دائم حلضور‬ ‫األمسيات الشعرية‪ .‬فلهذه األمسيات حافز‬ ‫ثقافي كبير يجعلك أسيرا ً للكلمة التي ترفعك‬ ‫من درك املاده إلى معارج الروح‪ ،‬فتعطيك من‬ ‫لدنها غذا ًء مقدسا ً يساعدك على االستمرار‪.‬‬ ‫لقد تأثرت في البداية كغيري من أتراب مرحلة‬


‫الشباب األولى بالشاعر نزار قباني الذي كتب‬ ‫بطريقة السهل املمتنع فأبدع‪ ،‬كما تأثرت مبيشال‬ ‫طراد الذي طور الشعر العامي اللبناني فرفعه‬ ‫إلى املستوى الالئق به من ناحية عمق املعنى‬ ‫ورهافة احلس ‪ .‬قباني وطراد‪ ،‬يعتبران في نظري من‬ ‫عمالقة التجديد املواكب للعصر‪ .‬ولقد شهدت‬ ‫فترة الستينيات في لبنان ثورة ثقافية عارمة‪،‬‬ ‫كنا خاللها نكدح حلضوراجملالسات الشعرية التي‬ ‫كانت تقام تلقائياً‪ ،‬ومبجرد وجود بضعة شعراء‬ ‫في مقهى الدبلومات على الروشة‪ ،‬كنا جنلس‬ ‫لالستماع إلى نزار قباني وبدوي اجلبل وغيرهما من‬ ‫شعراء تلك الفترة‪ ،‬أو لنجلس مع الثالثي املبدع‬ ‫يومها‪ :‬غسان مطر‪ ،‬يوسف عبد الصمد‪ ،‬واالمير‬ ‫طارق آل ناصر الدين في مقهى االيتوال الكائن‬ ‫قرب االذاعة يومذاك‪ ،‬أو مقهى الالروندا في رأس‬ ‫ساحة الشهداء‪.‬‬ ‫الشعر فضاء واسع ال حتدده أي مدرسة‬ ‫هل تعتبر أن الشاعر مدرسة قائمة بحد‬ ‫ذاتها أو ال بد له من االنتماء إلى مدرسة‬ ‫معينة؟‬ ‫ال أعتقد أن الشعر ميكن أن حتدده مدرسة‬ ‫معينة‪ ،‬ألنه أحاسيس ذاتية وإيحاءات روحية‬ ‫خاصة‪ ،‬تختلف في طرق التعبير والبالغة من‬ ‫شاعر إلى آخر بحكم الثقافة واملعرفة وسعة‬ ‫االطالع‪ ،‬وهو ما يُظهر التمايز في طرق اخللق‬ ‫واإلبداع إلخراج هذه األحاسيس إلى الوجود‪.‬‬ ‫هذا التمايز يصح أن نسميه أسلوبا ً ال مدرسة‪،‬‬ ‫فاملدرسة هي األساس الذي يرسم االصول‬ ‫والقواعد لتمهيد الطريق‪ .‬انطالقا ً من هذا‬ ‫املبدأ‪ ،‬أرى أن بحور الشعر وقواعد تنظيمه هي‬ ‫املدرسة‪ .‬لذلك‪ ،‬أعتقد أن تعبير املدرسة هنا في‬ ‫غير محله‪ ،‬وهو تعبير دخيل أحدثته محاوالت ما‬ ‫يسمى بالشعراحلديث‪ ،‬أمثال الشعراء‪ :‬يوسف‬ ‫اخلال وأنسي احلاج وغيرهما‪ ،‬الذين تأثروا بالشعر‬ ‫الغربي الفرنسي فكتبوا مثله وصاغوا على‬ ‫منواله‪.‬‬ ‫ملاذا لم جتمع حتى اآلن قصائدك في ديوان؟‬ ‫وملاذا أبقيت نفسك شاعراً مغموراً؟‬ ‫القصائد التي بني يدي اليوم ال تكفي جلمعها‬ ‫في ديوان‪ ،‬لعله الشح في اإلنتاج‪ .‬كما أنه ليس‬ ‫كل ما يكتب يجب أن يكون صاحلا ً للنشر‪.‬‬ ‫برأيك‪ ،‬هل نحن في زمن انتهاء الشعراء‬ ‫العمالقة أمثال نزار قباني‪ ،‬محمد املاغوط‬ ‫ومحمود درويش؟‬ ‫ال أعتقد ذلك‪ ،‬ألن الشعر كان وال يزال ذوق األمم‬ ‫عجل في‬ ‫الراقية ورمز معرفتها الغنية‪ .‬إن ما ّ‬ ‫اندثار بعض اللغات القدمية هو خل ّوها من الشعر‬ ‫والنصوص األدبية‪ .‬لذلك‪ ،‬نحمد اهلل على أن في‬ ‫لبنان والعالم العربي الكثير من الذواقة ومحبي‬ ‫الشعر‪ ،‬وفي هذا ما يطمئن إلى خلود جهابذة‬ ‫الشعر الذين قد ذكرت في سؤالك‪ .‬والبرهان هو‬ ‫أننا ال نزال نتذكر امرأ القيس واألخطل والفرزدق‬ ‫وجرير‪ ،‬ونردد أشعارهم بالرغم من مرور الزمن‬ ‫والتغيير اجلذري الذي حصل في البيئة االجتماعية‬ ‫بني األمس واليوم‪.‬‬

‫الشعر ال ميكن أن يهزم ما دام‬ ‫هناك شعراء في هذه األمة‬ ‫يتغرغرون مبائه صباح مساء‬ ‫إن قسوة احلياة املادية التي‬ ‫نواجهها في املهجر هي التي‬ ‫تفجر في النفس مشاعر احلنني‬ ‫الشوق واحلنني جت ّلى في أحلى القصائد في‬ ‫املهجر‬ ‫أال تشعر أن الشعر لم يعد يستهوي القراء‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وخاصة الشباب منهم؟‬ ‫رمبا مات من يتذوقون الشعر ويكحلون‬ ‫أجفانهم به في هذا اجليل الفتي اجلديد‪ .‬رمبا قتله‬ ‫(مايكل جاكسون)‪ ،‬وموسيقى (الراب)‪ ،‬واالنترنت‪،‬‬ ‫وطائرات (ف ‪ )16‬والنظام العاملي اجلديد الذي يريد‬ ‫أن يح ّولنا غارسونات على طاولة السيد الواحد‬ ‫األحد‪ ،‬الذي ال شريك له‪ .‬رمبا اختنق صوت الشعر‬ ‫ولم يبقَ لديهم ما يسمعونه سوى تلفزيون‬ ‫(السي أن‪ .‬أن)‪ .‬تأكدي‪ ،‬أن الشعر ال ميكن أن يهزم‬ ‫مبثل هذه السهولة‪ ،‬ما دام هناك شعراء في هذه‬ ‫االمة يتغرغرون مبائه صباح مساء‪ ،‬فإن الشعر‬ ‫سيبقى ألنه شريان اإلبداع الثقافي في هذه االمة‬ ‫وقلبها النابض‪.‬‬ ‫سافرت إلى أميركا هل كتبت الشعر هناك؟‬ ‫وهل كنت شاعراً مهجرياً؟‬ ‫في أميركا كتبت أحلى قصائدي‪ .‬لعل ذلك‬ ‫يعود لقسوة احلياة املادية التي تواجهها في‬ ‫املهجر‪ ،‬واملعاناة في الغربة هي التي تفجر في‬ ‫النفس مشاعر احلنني‪ ،‬فتصبح شديد التعلق‬ ‫بالتراث والثقافة التي تركت وراءك‪ ،‬فتمنحك‬ ‫الذكرى هيولى قدسية ترفدك إلى التأمل الذي‬ ‫يولد اإليحاء فتكتبه شعراً‪ .‬لذلك كان وراء كل‬ ‫قصيدة كتبتها حكاية ما‪ ،‬مثالً‪:‬‬ ‫كنت في أحد األيام بزيارة للشاعر املرحوم‬ ‫خالد زهر نزيل لوس اجنلوس ‪ -‬كاليفورنيا‪،‬‬ ‫عندما تناهى الينا خبر إقامة أمسية شعرية‬ ‫للشاعرة سلمى اخلضرا اجليوسي في املدينة‪.‬‬ ‫وهرعنا جميعا ً أنا وخالد واثنان من األصدقاء‬ ‫من محبي األدب ومتذوقي الشعر لنفاجأ بأن‬ ‫األديبة الكرمية من أنصار ما يدعى بالشعر‬ ‫احلديث‪ .‬لم نكمل األمسية يومها بل عدنا إلى‬ ‫املنزل لنجلس في فناء داره اخللفي في جلسة‬ ‫مذاكرة شعرية حميمة‪ .‬وملا كنت أجلس‬ ‫علي‬ ‫مستمعا ً معظم الوقت‪ ،‬أخذ خالد يلح‬ ‫ّ‬ ‫إلسماعهم أي شيء جديد‪ ،‬وكان قد مضى‬ ‫علي عدة شهور لم أكتب خاللها أي قصيدة‪.‬‬ ‫بدأ يلومني هازئاً‪ :‬لقد نضب شعرك وانتهيت‪.‬‬ ‫وفي الطائرة خالل العودة إلى هيوسنت‪ ،‬كتبت‬ ‫هذه القصيدة وأرسلتها اليه بالفاكس في‬ ‫اليوم التالي لوصولي ‪..‬‬

‫‪81‬‬

‫حدثوا عنك فقالوا‬ ‫لم تعد لألعني النجالء تأوي‪،‬‬ ‫لم تعد فيها تسافر‬ ‫لم تعد ترسم بالريشة ألواناً‪،‬‬ ‫وال عدت بشاعر‬ ‫حدثوا عنك فقالوا غار فيه احلس‬ ‫وانطفأت مجامر‬ ‫وانطوى كالتينة العجفاء‬ ‫يستجدي املنابر‬ ‫أدب‬ ‫حيث ال شع ٌر وال ٌ‬ ‫وال وحي يسامر‬ ‫متسو ٌل في هدأة املاضي‬ ‫وأحالم املقابر‬ ‫حرف يرجع املاضي‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫اليه فيسامر‬ ‫حدثوا عنك ولم يدروا‬ ‫بأن الدهر عاثر‬ ‫ففي مهجر الشيطان والدوالر‬ ‫والعنف املكابر‬ ‫تنطفي في جلة األفكار أغنية‬ ‫وتندثر املآثر‬ ‫وميوت الشعر مصلوبا على‬ ‫حانوت شاعر‬ ‫ومن قصيدة طويلة كتبت على اثر إقفال‬ ‫جريدة البيان التي كنت أصدرها في هيوسنت‬ ‫بدءا ً من سنة ‪ 1983‬وحتى ‪ . 1987‬أقرأ لك هذه‬ ‫االبيات‪:‬‬ ‫هل تختفني وأختفي‬ ‫هل ترحلني مع الرياح‬ ‫تتوقف‬ ‫كغيم ٍة ذهبت ولم‬ ‫ِ‬ ‫هل يسكب الشعراء في عينيك‬ ‫أحرفهم وتسكت أحرفي؟‬ ‫احلب يا أملي‬ ‫عيناك‪ ،‬نب ُع ّ‬ ‫وصوتك ِمعزَفي‬ ‫ُ‬ ‫أجمل موج ٍة‬ ‫ويداك‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫املدنف‬ ‫َحضنت شراعي‬ ‫ِ‬ ‫صمتي تبعثر في الرياح‬ ‫فلم يعد صمتا ً وزاد تخوفي‬ ‫فلم الرحيل وأنت أغنيتي‬ ‫َ‬ ‫وصوت تأسفي‬ ‫وأمنيتي‬ ‫ُ‬ ‫هل في أميركا شعراء لبنانيون وعرب؟ وهل‬ ‫يلقون االهتمام الالزم بهم؟‬ ‫في أواخر السبعينيات كانوا قلة‪ .‬أذكر أنني‬ ‫كنت يومها رئيسا ً لتحرير جريدة الهدى في‬ ‫نيويورك لصاحبها الصديق فارس اسطفان‪،‬‬ ‫عندما كان عميد الصحافة اللبنانية األستاذ‬ ‫غسان تويني سفيرا ً للبنان في االمم املتحدة‪.‬‬ ‫وقد لفت نظرنا يومها إلى ضرورة إحياء الرابطة‬ ‫القلمية القدمية التي لم نوفق بإحيائها بسبب‬ ‫ظروف‪ .‬أما اليوم فهناك الكثير من متذوقي‬ ‫الشعر واألدب بعدما جنح الشاعر الكبير األستاذ‬ ‫يوسف عبد الصمد ورفاقه في إحياء الرابطة‬ ‫القلمية اجلديدة‪ ،‬التي أصبحت بفضل جهده‬ ‫الشخصي مؤسسة ثقافية مميزة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر ثقافي‪/‬مقابلة‬

‫كبارنا في عيوننا‪ ،‬حقهم واجب علينا‬

‫د‪ .‬فاروق الج ّمال‬ ‫لـ «منبر التوحيد» ‪:‬شوشو‬ ‫ُولد فقيراً إالّ من العنفوان‬ ‫رائداً من رواد فن الكوميديا في لبنان‪ ،‬استنهض‬ ‫الفن منذ وطأت قدماه خشبة املسرح فكان فناناً‬ ‫ّ‬ ‫ويجسدها في أعمال‬ ‫للشعب يحمل قضاياهم‬ ‫مسرحية مميزة‪ ،‬وكان خير معبّر عن سخطهم‬ ‫للحكام واملسؤولني‪ ،‬حيث اتسع مسرحه‬ ‫الشوشوي لهموم الناس والوطن واألمة فشكل‬ ‫فريقاً طبياً فنياً معاجلاً ألوجاع الفقراء واملهمّ شني‬ ‫ّ‬ ‫جسد مبسرحه حكاية‬ ‫بإطار كوميدي متفرّد‪.‬‬ ‫إنسان ضد التمييز بني األغنياء والفقراء وضد‬ ‫كل ما تثيره التنازعات السياسية واإليديولوجية‪،‬‬ ‫وقد ساعدته شخصيته في بناء عالقة مميزة مع‬ ‫جمهوره في أكثر من ‪ 25‬مسرحية‪ .‬وهو الذي‬ ‫قال في مسرحية “آخ يا بلدنا”‪“ :‬آخ يا بلدنا شو‬ ‫هالهم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بيمصوا الدم”‪.‬‬ ‫جتارك‬ ‫رحل في عمر الستة والثالثني‪ ،‬فترك ّ‬ ‫غصة‬ ‫في قلوب األوفياء الذين لطاملا أضحكهم بأدواره‬ ‫املسرحية وشخصيته الفريدة‪ .‬هذا القدير من‬ ‫ً‬ ‫نظرة تتذكر‬ ‫فناني لبنان‪ ،‬يستأهل منا اليوم‬ ‫أعماله وعطاءاته علها تكرّم عمالقاً من عمالقة‬ ‫املسرح الوطني اللبناني‪ .‬هذه الغصة التي تركها‬ ‫في قلوب معجبيه هي نفسها التي أحس بها ابنه‬ ‫ّ‬ ‫يجسد دور والده اليوم في مسرحية‬ ‫خضر الذي‬ ‫“وصلت للتسعة وتسعني”‪ .‬هذا االبن الوفي تربّى‬ ‫والغصة تكبر داخله على ذهاب عطاء والده بدون‬ ‫ّ‬ ‫مجسد مللك الكوميديا‬ ‫تكرمي‪ ،‬ولو بإقامة متثال‬ ‫اللبنانية‪ ،‬فكتب وهو في سن اخلامسة عشرة في‬ ‫ذكرى والده‪“ :‬كم أحب أن تكون معنا هذا العام‪،‬‬ ‫كم أحب أن أتذكر ذكريات املاضي‪ ،‬وأشاهدك على‬ ‫ُ‬ ‫لست وحدي واجلمهور اشتاق أكثر‬ ‫املسرح‪ ،‬ألنني‬ ‫إلى وجهك البشوش الضاحك‪ ،‬أبي كم أحب أن أرى‬ ‫ذكراك يكرمها اجلميع واسمك ينشر بني الناس”‪.‬‬ ‫لعل هذه الكلمات التي خطها ذلك الطفل الصغير‬ ‫بحرقة ولوعة على فن والده األصيل‪ ،‬تتحرك اليوم‬ ‫وتطير إلى ملفات الوزارات لتعمل على تكرمي الفنان‬ ‫قبل موته ال بوضع وسام على قبره‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬ومع كل ما يعانيه فنانو لبنان من قلة‬ ‫اكتراث والمباالة الدولة واملسؤولني‪ ،‬كان ال بد من‬ ‫إلقاء الضوء على تراثنا األدبي والفني والفكري‪،‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فالتقت “منبر التوحيد” الصحافي واملؤرخ‬ ‫وأستاذ اإلعالم في اجلامعة اللبنانية وجامعة‬ ‫بيروت العربية الدكتور فاروق اجلمّ ال صاحب كتاب‬ ‫“شوشو‪ ،‬آخ يا بلدنا” الذي واكب هذه الكوكبة‬ ‫من عظمائنا‪ ،‬فأعادنا إلى زمن شوشو من خالل‬ ‫هذا احلوار‪:‬‬ ‫أنت أول صحافي لبناني كتب عن الفنان حسن‬ ‫عالء الدين (شوشو)‪ .‬ماذا تخبرنا عن هذا الرائد‬ ‫الفريد؟‬ ‫أول عمل مسرحي لشوشو كان في بيروت بعنوان‬ ‫“شوشو بك في صوفر” وقد اكتشف هذا الفنان‬ ‫فيلسوف الشعب محمد شامل وشذب شخصيته‬ ‫ووجهه توجيها ً ثقافيا اجتماعيا إنسانيا‬ ‫اإلنسانية ّ‬ ‫وهو َمن أطلق عليه اسم “شوشو”‪ .‬ال شك بأن شوشو‬ ‫اشتهر في بعض املسارح في بيروت من خالل بعض‬ ‫اجلمعيات التربوية والثقافية‪ ،‬ولكن عندما تبناه األب‬ ‫الروحي محمد شامل استطاع اختصار املسافة‬ ‫معه‪ .‬هذه اخلامة الفنية التي أوجدها اهلل في هذا‬ ‫الفنان الذي ولد “وفي فمه ملعقة من مسرح”‪.‬‬ ‫ما كان مدى جتسيد شوشو للقضايا‬ ‫اإلنسانية؟‬ ‫قدم شوشو خالل ربع قرن أعماال ً مسرحية‬ ‫لقد ّ‬

‫‪82‬‬

‫رائعة‪ ،‬وآخر عمل له كان لـ”روجيه عساف” وحمل‬ ‫هم الناس‬ ‫عنوان “آخ يا بلدنا”‪ .‬لقد ّ‬ ‫جسد شوشو ّ‬ ‫وضلوع الفقراء‪ ،‬وكان مبثابة ترجمان وجريدة‬ ‫سياسية ناطقة ولكن من على خشبة املسرح‪ .‬كان‬ ‫جريئا ً جداً‪ ،‬فتخطى اخلطوط احلمر ودخل السجن‬ ‫ألنه أظهر احلقيقة‪.‬‬ ‫عاد مسرح شوشو اليوم عبر ابنه خضر‪ .‬برأيك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سيجسد خضر مرحلة شوشو األب؟‬ ‫هل‬ ‫ال شك بأن خضر موهبة‪ ،‬وهو يتمنى أن يكون‬ ‫امتدادا ً لرسالة والده‪ ،‬لكن زمن شوشو يختلف عن‬ ‫الزمن احلاضر‪ .‬ففي عهد شوشو‪ ،‬العصر الذهبي‬ ‫املسرحي في بيروت‪ ،‬كان هناك كتاب مسرحيون‬ ‫وأمدوه بكل األعمال‪ ،‬ولبننوا‬ ‫تلقفوا هذه املوهبة‬ ‫ّ‬ ‫بعضها مثل أعمال “موليير” ومسرحيات أخرى من‬ ‫وحي الواقع اللبناني املعيش‪ .‬من حقنا كلبنانيني‬ ‫لكن هناك‬ ‫تشجيع هذه اخلامة الفنية اجلديدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تقصيرا ً من وزارة التربية و”التعتيم” العالي‪ ،‬وأعني‬ ‫ما أقول بـ”التعتيم”‪ ،‬وكذلك وزارة الثقافة التي يجب‬ ‫عليها تبني مبدعيها وشعرائها‪ ،‬لكننا لألسف ال‬ ‫نعرف قيمة تراثنا األدبي والفكري والفني‪.‬‬ ‫هل أعطي شوشو الفنان حقه؟‬ ‫شوشو مات مرتني‪ :‬خالل وجوده على مسرح‬ ‫الوجود‪ ،‬وخالل رحيله أو غروب شمسه‪ .‬كل ذلك‬ ‫يعود إلى ظلم املسؤولني الذين صرخ في وجههم‬ ‫برفض احلقد والدجل والطائفية والنفاق واملطالبة‬ ‫بالعدالة‪ ،‬فشكل مساحة جميلة وعنوانا ً نبيالً‬ ‫الستقراء املستقبل‪ ،‬وكان صوت الذين ال صوت لهم‬ ‫وحبيب الفقراء واملهمشني‪ .‬وقد كتب في وصيته‪:‬‬ ‫“إذا ما رحلت عن هذه الدنيا الفانية‪ ،‬فاصنعوا تابوتي‬ ‫من خشبة املسرح الوطني وكفنوني بالستارة” لكن‬ ‫وصيته لم تنفذ بسبب احلرب األهلية التي د ّمرت‬ ‫مسرح شوشو في عاصمة العواصم‪ ،‬وقد اكتفى‬ ‫جهابذة احلكم ودعاة املعرفة باألوتوسترادات واملدينة‬ ‫الرياضية ووسط بيروت بدون إعادة ترميم هذا‬ ‫املسرح الوطني‪ .‬شوشو ولد فقيرا ً إال من العنفوان‪،‬‬ ‫جسد قضية الناس في أكثر‬ ‫وعاش بطالً قوميا ً ألنه ّ‬ ‫من عمل مسرحي‪ ،‬ورحل وحيداً‪ ،‬هكذا الكبار في‬ ‫الزمن الرديء‪.‬‬


‫ً‬ ‫بطال قومياً ورحل وحيداً‪...‬‬ ‫عاش‬ ‫هكذا الكبار في الزمن الرديء‬ ‫ماذا عن عمر الزعني؟‬ ‫عمر الزعني‪ ،‬فيلسوف األدباء وأديب الفالسفة‪،‬‬ ‫توفي في ‪ 11‬شباط ‪ 1961‬حيث كانت بداياتي‬ ‫الصحافية‪ ،‬وأنا نادم ألنني عملت في الصحافة‪ ،‬هذه‬ ‫املهنة العفنة التي أصبحت سوبر ماركت إعالم‬ ‫حتت ستار حرية الرأي ودميوقراطية الكلمة‪ ،‬باستثناء‬ ‫تأت‬ ‫بعض احملطات اإلعالمية والصحف الوطنية‪ .‬ولم ِ‬ ‫أي شاشة أو صحيفة على ذكر الزعني في ذكراه‪.‬‬ ‫اهتممت بفنانني وشعراء وأدباء من بيروت‬ ‫وجمعت تراثهم مثل محمد شامل وشوشو وعمر‬ ‫الزعني؟ ملاذا ّ‬ ‫ركزت على إظهار هؤالء‪ ،‬وهل من‬ ‫مشروع آلخرين؟‬ ‫األرضية الصحافية لدي ساخرة‪ ،‬وأنا أبحث عن‬ ‫الساخرين وسيرهم الذاتية‪ ،‬وهذا صعب جدا ً ألنه‬ ‫تأريخ لألجيال القادمة‪ ،‬وقد تناولت جيل العمالقة‬ ‫والكبار في الزمن‪ .‬هنا نقع عند الدخالء على النغم‬ ‫واملستوى الفني الراقي وعلى محراب اإلعالم‪ ،‬هؤالء‬ ‫الذين يقبضون بـ”األخضر ابراهيم” أي الدوالر‪ ،‬وهم‬ ‫يفسدون أذواق األجيال اجلديدة ويكرسون اجلهل‬ ‫والغباء لدى جيل خارج من أتون احلرب‪.‬‬ ‫هل ميكن تسمية شوشو بـ”تشارلي تشابلن”‬ ‫لبنان؟‬

‫الدكتور فاروق الجمال‬ ‫ولد في عائشة بكار(بيروت)‪ ،‬وتلقى علومه‬ ‫االبتدائية والتكميلية في كلية املقاصد‬ ‫حائز ليسانس في اإلعالم من كلية اإلعالم‬ ‫والتوثيق في اجلامعة اللبنانية‪ ،‬وبكالوريوس في‬ ‫الصحافة من جامعة القاهرة‪ ،‬وكذلك شهادة‬ ‫الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها‬ ‫أستاذ محاضر في كلية اإلعالم والتوثيق ‪-‬‬ ‫اجلامعة اللبنانية‪ ،‬وجامعة بيروت العربية‬ ‫رئيس جلنة تخليد الفنان املسرحي حسن‬ ‫عالء الدين ‪ -‬شوشو‪ ،‬ورئيس مركز عائشة‬ ‫بكار للفنون والثقافة‪ ،‬وعضو في الهيئة‬ ‫التأسيسية حلزب السالم اللبناني‬ ‫من مؤلفاته‪ :‬كتاب عن الشاعر عمر الزعني‪،‬‬ ‫كتاب عن الفنان الكوميدي دريد حلام‪ ،‬كتاب عن‬ ‫محمد شامل “الدنيا هيك”‪ ،‬كتاب عن الفنان‬ ‫حسن عالء الدين ‪ -‬شوشو “آخ يا بلدنا”‬ ‫إضافة إلى كتابني يرويان السيرة الذاتية‬ ‫للفنانة ماجدة الرومي بعنوان “سفيرة السالم”‪،‬‬ ‫والفنان الراحل منصور الرحباني بعنوان “عودة‬ ‫الفينيق”‬

‫ال بل هو تشارلي تشابلن العرب‪ .‬إن تشارلي‬ ‫تشابلن كان مميزاً‪ ،‬فأملهامتا غاندي انحنى مقبالً يده‬ ‫قائالً‪“ :‬أقبل يدك ألنك زرعت الفرح في قلوب أطفال‬ ‫الهند”‪ .‬هكذا كان شوشو باعثا ً للفرح في قلوب‬ ‫اجلميع‪.‬‬ ‫من يقف وراء تقدمي هذا الفنان؟ هل النص الذي‬ ‫كان يكتبه محمد شامل‪ ،‬أم األداء الفني لشوشو‪،‬‬ ‫أم النقد السياسي التي امتازت به مسرحياته؟‬ ‫كل هذه العناوين شكلت العنوان الرئيسي‬ ‫لـ”حسن عالء الدين” (شوشو)‪ ،‬ألنه لم يكن هناك‬ ‫مبدع أو كاتب أو مرشد يتبنى هذه اخلامة الفنية‬ ‫لوال قدرة شوشو‪ .‬فالكاتب املسرحي مثل األغنية‪:‬‬ ‫فيها مؤ ّد وملحن وشاعر‪ .‬في لبنان فلتان سياسي‬ ‫وفني وإعالمي ومسرحي‪ ،‬والكل يقول‪“ :‬أنا أمة”‪ ،‬كما‬ ‫قال جبران خليل جبران‪ .‬هؤالء الذين صنعوا مجد‬ ‫بيروت بالذات من خالل الكلمة الشعرية واحلركة‬ ‫املسرحية‪ .‬ولوزيرة التربية أقول إنه ال يكفي إقامة‬ ‫مدرسة في طريق اجلديدة لعمر الزعني بدون أن‬ ‫يعلم الطالب من هو الزعني حقاً‪.‬‬ ‫هل أُدخل شعر عمر الزعني في املناهج‬ ‫التربوية؟‬ ‫ال‪ ،‬أُدخل فن الرحابنة الكبار‪ ،‬لكنهم نسوا أو‬ ‫تناسوا عبقرية شوشو وعمر الزعني‪ ،‬وكذلك‬ ‫الشاعر محمد شامل‪ .‬الزعني كان صوت الناس‬ ‫ودخل السجن ألنه حارب الطائفية واألنذال‪ ،‬وهو‬ ‫الذي قال‪“ :‬يا ضيعانك يا بيروت‪ ،‬يا مناظر عالشاشة‪،‬‬ ‫خداعة وغشاشة‪ ،‬يا مصمودة بالتابوت‪ ،‬اخلامل‬ ‫يا ّ‬ ‫حامل نيشان‪ ،‬والسافل له قدر وشان‪ ،‬والعالم اليب‬ ‫عالقوت‪ ،‬والكالم للن ّبوت‪ ،‬احلكام أنذال‪ ،‬واألرزال عاميني‪،‬‬ ‫ما في هيبة وال وقار‪ ،‬باألحكام استهتار”‪...‬‬ ‫هذه اللوحة الشعرية استعان بها زياد الرحباني‪،‬‬ ‫ماجد أفيوني‪ ،‬جالل خوري‪ ،‬فأدخلوها في عدة أعمال‬ ‫مسرحية‪.‬‬

‫كان محمد شامل وشوشو ثنائياً كما‬ ‫محمد املاغوط ودريد حلام‪ .‬ماذا عن االرتباط بني‬ ‫الشخصيتني (أي شامل وشوشو)؟‬ ‫محمد شامل صقل شخصية شوشو‪ ،‬مع‬ ‫اإلشارة إلى أن شوشو لم يدخل عتبة جامعة ولم‬ ‫يدرس ألف باء املسرح‪ ،‬وأنا كمؤرخ أقول إن شوشو‬ ‫علم نفسه فأحسن تعليمها‪ ،‬تعب على نفسه‬ ‫في القراءة واملطالعة الدؤوبة‪ ،‬إلى أن استقلت هذه‬ ‫الشخصية التي حملت اسم شوشو‪.‬‬ ‫ما املميزات التي طبعت مسرح شوشو؟‬ ‫النقد الساخر الالذع ولكن البنّاء‪ ،‬فقد كان يدعو‬ ‫إلى اإلصالح ومحاكمة احلكام‪ ،‬وكان ضمير الناس‬ ‫فدخل إلى قلوب البسطاء‪ .‬إذ إن كبار الفالسفة‬ ‫والشعراء أبدعوا من خالل حركة الشارع‪ .‬لقد رحل‬ ‫شوشو بجسده لكنه بقي في ضمائر الناس عمالقاً‪،‬‬ ‫وحتى اآلن ال متلك الدولة االستعداد إلنصاف العباقرة‬ ‫تقدرهم‪ .‬فعندما متر ذكرى الزعني في ‪11‬‬ ‫ألنها ال ّ‬ ‫شباط وال يتذكره أحد حتى التلفزيون الوطني‪،‬‬ ‫تصبح هذه الوسائل كلها دكاكني إعالمية‪ ،‬فنحن‬ ‫بحاجة إلى ضمير كي يبقى الوطن‪.‬‬ ‫ما هو نتاجك األدبي اجلديد؟‬ ‫قدمت كتابني جديدين يتناوالن سيرة ماجدة‬ ‫الرومي بعنوان “سفيرة السالم”‪ ،‬وكتاب “عودة‬ ‫الفينيق” في سيرة شخصية ملنصور الرحباني‪.‬‬ ‫هناك جلنة تخليد لشوشو؟ ما هو عمل‬ ‫اللجنة؟‬ ‫أرسلنا برقية إلى وزير الثقافة للمطالبة بإطالق‬ ‫شارع باسم شوشو‪ .‬كذلك‪ ،‬لدينا مطالب مبنحة‬ ‫مدرسية لطالب لبناني متفوق‪ ،‬طابع تذكاري يحمل‬ ‫صورة شوشو‪ ،‬راتب رمزي لرفيقة دربه السيدة‬ ‫فاطمة شامل لتكمل املشوار‪ .‬نحن في لبنان منلك‬ ‫مافيات وهو لن يرتاح إال بذوبانها كلياً‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫ولد حسن عالء الدين (شوشو) في بيروت عام ‪ ،1939‬وتوفي عام ‪.1975‬‬ ‫عمل مع محمد شامل في برامج تلفزيونية منها “شارع العز” و”يا مدير” و”الدنيا هيك”‬ ‫تروي األخبار أنه بنى مسرحه في كرم في كركون الدروز‪ ،‬مسرح لبناني يومي بعنوان املسرح‬ ‫الوطني في ‪ 11‬تشرين الثاني ‪.1965‬‬ ‫قدم كوميديا حية متميزة باحلركة الذكية واللعب البارع فكان محط جذب أنظار الكثير من‬ ‫اخملرجني واألدباء‪ .‬متيز بعفويته الشديدة التي ق ّربته من الناس فاكتشف نفسه واكتشفهم بعفويته‬ ‫اجلسدية ولسانه الطليق وأفكاره املضحكة واملدهشة التي تثير اإلعجاب بهذا اجلسد النحيل‬ ‫وهذين الشاربني الطويلني‪.‬له أعمال مسرحية كثيرة منها‪“ :‬حبل الكذب طويل‪ ،‬ج ّوه وب ّره‪ ،‬فوق وحتت‪،‬‬ ‫اللعب على احلبلني‪ ،‬كافيار وعدس‪ ،‬الدنيا دوالب‪ ،‬وصلت لتسعة وتسعني‪ ،‬آخ يا بلدنا‪ ،‬خيمة كراكوز‪،‬‬ ‫فرقت منرة‪ ،‬واو سني‪ ،‬وراء البارفان‪ ،‬شوشو عريس‪ ،‬مريض الوهم‪ ،‬شوشو بك في صوفر‪ ،‬شوشو‬ ‫والقطة‪ ،‬حيط اجليران‪ ،‬طربوش بالقاووش” وغيرها‪ .‬عمل كذلك في التلفزيون‪ :‬شارع العز‪ ،‬املشوار‬ ‫قدم أعماال ً في السينما‪ :‬سيدتي اجلميلة‪ ،‬زمان يا حب‪ ،‬سالم بعد املوت‪.‬‬ ‫الطويل‪ ،‬يا مدير‪ ،‬كما ّ‬

‫‪83‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫شخصية‬

‫قسام ّ‬ ‫الحناوي‬ ‫الشيخ أبو علي ّ‬

‫ّ‬ ‫ومنظم إداري وشاعر‪:‬‬ ‫مجاهد ومصلح إجتماعي‬ ‫تولّى مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز واستمرت في ساللته‬ ‫كان مدرسة لألجيال التي تعاقبت بعده حتى‬ ‫اآلن‪ .‬د ّيانا ً زاهدا ً وفقيهاً‪ ،‬ومصلحا ً إجتماعياً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومنظما ً إداريا ً لشؤون طائفته‪ ،‬ووطنيا ً مجاهدا ً‬ ‫يتقن فنون احلرب وقيادة املعارك في عصره‬ ‫بأبرع صور الشجاعة والبطولة وحصافة الرأي‪،‬‬ ‫فأصبح مضرب املثل في الدفاع عن احلق والوطن‬ ‫متصديا ً للغزاة واجليوش‪،‬‬ ‫واألرض والعرض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فانتصر في اثنني وسبعني معرك ًة قادها وخرج‬ ‫منها منتصرا ً مبَن معه من الفرسان األبطال‪.‬‬ ‫إذ كان ال يرى نفسه إال واحدا ً منهم في رفع‬ ‫ّ‬ ‫سطر أروع صفحات في‬ ‫راية اإلنتصار‪ ،‬وبذلك‬ ‫التاريخ العربي واإلسالمي التوحيدي حتى‬ ‫كانت معارك الثورة السورية الكبرى بقيادة‬ ‫سلطان باشا األطرش ورفاقه القادة األفذاذ‬ ‫على نفس املنهج والتطبيق والبطولة والفداء‬ ‫وعلى صعيد الوطن‪.‬‬ ‫واجلدير بالذكر أن سيرة هؤالء القادة الذين‬ ‫أصبحوا تراثنا الذي نفخر به ونتع ّلم منه‬ ‫كمدرسة ذات منهج تكاملي إميانا ً وشجاعة‬ ‫ووطنية وفروسية ومعتقدا ً وعروبة ومقاومة‬ ‫لكل اعتداء على كرامة هذه األمة وبالدها‬ ‫مهما كانت التضحيات وأصبحوا مرآة‬ ‫لشعبهم بتاريخهم اجمليد الذي ألهب قرائح‬ ‫الشعراء والكتاب واملؤرخني‪ .‬هذه املدرسة التي‬ ‫يسعدنا البحث عن مذكراتها وتراثها وأعالمها‬ ‫على مساحة الوطن ويسعدنا أن نستقبل سماحة الشيخ أبو وائل حمود احلناوي‪« ،‬شيخ العقل احلالي»‬ ‫ما ُك ِتب عنهم وما أ ّدخره أبناؤهم وأحفادهم‬ ‫كل قطر عربي ومن كل دين ومذهب ألنه التاريخ الواحد لوطن والد الشيخ أبو وائل حمود شيخ العقل احلالي‪.‬‬ ‫في‬ ‫‪ -2‬الشيخ اجلليل أيضا ً أبو حسني محمد احلناوي‬ ‫التصدي لكل مؤامرة‬ ‫وشعب واحد‪ ،‬فإ ّن نصرنا بإذن اهلل بوحدتنا في‬ ‫ّ‬ ‫وهو (سيدنا العالمة الزاهد املتفرغ للعبادة)‬ ‫ومخطط يستهدف هذه األمة بكل اجتاهاتها الوطنية فهي رسالة‬ ‫اجليل الثالث‪:‬‬ ‫على عاتق األمة العربية اإلسالمية بكاملها‪ ،‬فالدين هلل سبحانه‬ ‫‪ -1‬الشيخ أبو فارس سعيد احلناوي‪/‬شقيق الشيخ أبو شبلي املتفرغ‬ ‫والوطن للجميع أمنا ً وسالما ً وحتت قنطرة العز والفخار ندخل بوابة‬ ‫التاريخ تاريخ مرحلة وطائفة وشعب ووطن مبسيرة رجل شيخ بطل للثقافة الدينية والتاريخية والعبادة‬ ‫‪ -2‬فارس قاسم احلناوي أخ الشيخ أبو حسني محمد‪/‬شاعر وباحث‬ ‫قسام احلنّاوي‪.‬‬ ‫قائد ومجاهد‪/‬وشيخ عقل طائفة املوحدين ابو علي ّ‬ ‫ومبا توفر لدينا من معلومات حقيقية ومو ّثقة في مكتبة دار مشيخة ومؤلف‬ ‫‪ -3‬األستاذ سعيد قاسم احلناوي ايضا ً أخ للشيخ أبو حسني محمد‪/‬‬ ‫العقل آلل احلناوي (في سهوة بالطه) (قرب السويداء)‪ ،‬وذلك ضمن ملف‬ ‫كنّا طلبناه واستلمته شخصيا ً من يد ابن حفيده سماحة الشيخ ابو مد ّرس وباحث في هذه الشؤون الدينية والتاريخية‬ ‫أما الفنان الشهير عصام احلناوي من الساللة ذاتها وقد قام برسم‬ ‫وائل حمود احلناوي شيخ العقل احلالي‪ .‬فمنه ما هو بخط يده وتوثيقه‬ ‫يسد املدفع بعمامته‪.‬‬ ‫قسام احلناوي وهو‬ ‫ّ‬ ‫وجمعه‪ ،‬ومنه ما هو بخط والده املرحوم شيخ العقل الشيخ أبو شبلي لوحة فنية لسماحة الشيخ ّ‬ ‫وهناك محاضرتان‪:‬‬ ‫قسام احلناوي‪.‬‬ ‫يحي علي ّ‬ ‫قسام‬ ‫علي‬ ‫أبو‬ ‫موضوعها‬ ‫النجم‬ ‫سلمان‬ ‫زيد‬ ‫وتقدمي‬ ‫األولى‪ :‬إعداد‬ ‫ّ‬ ‫واعتمد هذا التوثيق على الثقاة وهم من ثالثة اجيال‪:‬‬ ‫احلناوي(شيخ مجاهد وبطل قائد) املركز الثقافي في السويداء‪/‬وزارة‬ ‫اجليل األول‪:‬‬ ‫الثقافة‬ ‫‪ -1‬الشيخ أبو سليمان اسماعيل احلناوي‬ ‫واحملاضرة الثانية بقلم فرزان كحل‪ .‬موضوعها الشاعر الشيخ ابو‬ ‫‪ -2‬الشيخ أبو محسن سعيد طربية‬ ‫علي قسام احلناوي(بني السيف والقلم)‬ ‫قسام‬ ‫وكانا معاصرين لسماحة الشيخ أبو علي ّ‬ ‫وفي مكتبة آل احلناوي الكثير من الوثائق والرسائل واملقاالت ال‬ ‫اجليل الثاني‪ -1 :‬سماحة شيخ عقل للطائفة أبو شبلي يحي احلناوي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


‫يتّسع اجملال لذكرها‪.‬‬ ‫وكذلك (‪ )SD‬يحتوي صورا ً تذكارية ملَن ذكر‬ ‫وخصوصا ً صورة الفارس الذي يسد املدفع‬ ‫بعمامته‪.‬‬ ‫فيكون هذا امللف من هذه املدرسة التوحيدية‬ ‫رسالة لألجيال ومرآة لذلك التاريخ العظيم يرى‬ ‫فيه نفسه كل شريف ووطني وكرمي وشجاع‬ ‫موحد وسياسي شريف‪ ،‬ليعتز مباضيه‬ ‫وقومي‬ ‫ّ‬ ‫وثوابته ولينظر إلى حاضره ومستقبله بأمانة‬ ‫وإخالص‪.‬‬ ‫فتكون شجرة مشيخة العقل في آل احلناوي‬ ‫كما نستنتج من البحث‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫قسام_خطار_علي_يحي‪ :‬ولداه شيخا‬ ‫العقل(شبلي وحمود) واألخير هو شيخ العقل‬ ‫احلالي أطال اهلل بعمره ورحم اهلل سلفه‬

‫مولده ونسبه وذريّته ووفاته‬ ‫قسام‬ ‫سيدنا الشيخ اجلليل املرحوم أبو علي ّ‬ ‫احلناوي رضي اهلل عنه‪ ،‬امللقّ ب بـ”سيف الدين”‬ ‫والدته ‪1815‬مـ توفي عام ‪1884‬م‪ ،‬عاش رحمة‬ ‫اهلل عليه تسعة وستني عاما ً‬ ‫تاريخ وفاته منقوش على حجر في حجرته املقامة له باجمللس في‬ ‫سهوة بالطه‬ ‫املرجح أن تكون والدته في قرية عتيل شمالي السويداء ألن هجرة‬ ‫من ّ‬ ‫األُسر الكفرقوقية التي منها آل احلناوي كانت ‪1811‬م‬ ‫انتقلت األسرة احلنّاوية بعدها إلى السويداء ثم إلى صلخد فالقر ّيا‬ ‫وحتى استق ّر بها املقام إلى اآلن في قرية سهوة البالطة‪.‬‬

‫قسام احلناوي «شيخ العقل االول في آل احلناوي»‬ ‫سماحة شيخ العقل أبو علي ّ‬

‫ذريّته وأسرته‬ ‫قسام بن هاني بن مهنّا بن صخر بن عبد‬ ‫والده شبلي بن علي بن ّ‬ ‫وسجلوه في مخطوطة‬ ‫توصل إليه الباحثون من العائلة‬ ‫احلي‪ .‬هذا ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫في مكتبة األسرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خطار(شيخ عقل من بعده)‪ ،‬سلمان‪،‬‬ ‫الشيخ أبو علي أجنب‪:‬‬ ‫علي(استشهد في إحدى املعارك ضد األتراك‪ ،‬هاني(استشهد أيضاً)‪،‬‬ ‫مهنّا‪.‬‬ ‫هاني‪ :‬أجنب شيخ عقل بعد وفاة الشيخ ّ‬ ‫خطار‬ ‫وعلي‪ :‬أجنب يحي(شيخ عقل بعد وفاة الشيخ علي)‬ ‫ثم سعيد لم يزل على قيد احلياة‬ ‫يحي‪ :‬اجنب شبلي (شيخ عقل) توفي‪ ،‬سلمان‪ ،‬حمود(شيخ عقل)‬ ‫لم يزل على قيد احلياة‪ ،‬صالح‪ ،‬اسماعيل‪ ،‬عبداهلل‪ ،‬حكمت‬

‫مناقبه وأخالقه وآدابه‬ ‫عندما يتحدث ويروي الناس عن أبرز الرجال وأعاظم السلف الصالح‬ ‫يكون اسم الشيخ أبو علي احلناوي بني هذه األسماء إن لم يكن أولهم‬ ‫مت ّيز عن غيره من جميع القادة بأن منحه اهلل صفة النبوغ في كثير من‬ ‫اخلصال‪ ،‬فكان رضي اهلل عنه علما ً في الدين والتقوى والزهد والتواضع‬ ‫واجلود والكرم والشجاعة والبطولة واحلنكة والذكاء واحلافظة والعفة‬ ‫والنظر الثاقب والرأي واملشورة والسداد وحسن التدبير والتخلص‬ ‫واحلكمة والبداهة واحلوار والقضاء والعلم والشاعرية واألدب والترفع‬

‫عن مباهج الدنيا وزخرفها واإلنصراف إلى الرزق احلالل ويعتمد به على‬ ‫عرق اجلبني ونقب اليمني‪.‬‬ ‫كان رضي اهلل عنه من أصحاب الكرامات األسياد‪ ،‬فإذا كانت‬ ‫األساطير أقرب إلى احلقيقة والواقع فأول ما تندرج على الشيخ أبو‬ ‫علي رحمه اهلل ألن أعماله واجنازاته الرائعة لو لم تثنيها الشهور‬ ‫لقالت األجيال أنها من نسج اخليال ولكن تبينّ لنا ان كل ما قيل وروي‬ ‫عن الشيخ أبو علي احلناوي لم ينصفه ولم يعطه حقه وعنداهلل ال‬ ‫تضيع الودائع‪.‬‬ ‫كان غنيا ً عن التعريف‪ ،‬صفاته تشهد له وخصاله الشريفة تتحدث‬ ‫عنه‪ ،‬مواهبه واسعة مت ّيزت في صحتها‪ .‬كان عاملا ً بالدين‪ ،‬عارفا ً باهلل‪،‬‬ ‫عامال ً بتقاليد التوحيد‪ ،‬ال يخشى في اهلل لومة الئم‪ .‬كان بعيدا ً عن‬ ‫مباهج احلياة وملذاتها الدنيوية‪ ،‬احب البساطة فرفعته‪ ،‬وشديد احلرص‬ ‫الغيبة‪،‬‬ ‫على دينه وبيته وعياله وعشيرته‪ .‬كان سادقا ً ودقيقا ً مينع ِ‬ ‫والنميمة ال يطيل الكالم‪ ،‬ميقت الكذب وينبه إلى خطورته وعلى الدين‬ ‫والدنيا‪ ،‬ويدعو إلى التوبة‪ ،‬كان ذو هيبة ووفاء بعيدا ً عن الهزل‪ ،‬يدعو‬ ‫ويعمل حلفظ األخزاني‪.‬‬ ‫كان مصدقا ً ملا جاء به الدين‪ ،‬مصدقا ً إلخوانه الثقاة‪ ،‬شديد الغيرة‬ ‫عليهم‪ .‬ازدانت نفسه باإلشراق واندمجت في طينة األخيار‪ .‬كان عميق‬ ‫اإلميان‪ ،‬ثابت العقيدة شديد التوكل متوجها ً إلى باريه مقتديا ً مسلما ً‬ ‫وهمه وماله وولده ملواله‪ ،‬راضيا ً بقضاه وقدره‪ ،‬صابرا ً على اإلبتالء‪.‬‬ ‫روحه ّ‬ ‫كان يستشعر وجود اخلالف بالصفاء والنقاء‪ .‬ال يتأخر عن عمل يقربه‬ ‫من اهلل‪ ،‬مت ّيز في حبه هلل ورسوله األعظم وأهل اهلل أجمعني وألخوته‬ ‫أهل الدين شديد الورع‪ .‬قليل الطمع كثير احلسنات‪ ،‬ينفرد مع احلمد‬ ‫في خلوته ذكر وخشوع ومناحاة‪ ،‬قانع باملقسوم حافظا ً للمعلوم‬ ‫حسن األخالق كثير اإلحتمال واملسامحة والعفو لطيفا ً شفوقا ً رحيماً‪،‬‬ ‫مضيافا ً يحترم مشايخ عصره ويتواضع إليهم وال يجب أن يتقدم‬ ‫عليهم وال يدخل أمامهم‪.‬‬ ‫مبيزاته الفاضلة تب ّوأ مشيخة العقل وهي في ذريته إلى اآلن‪.‬‬ ‫ونستدل على ذلك من خالل وثيقة بخط سماحة الشيخ املرحوم أبو‬ ‫شبلي يحي احلناوي (شيخ عقل)‪ ،‬وهو حفيده ووالد شيخ العقل احلالي‬ ‫الشيخ أبو وائل حمود احلناوي‪.‬‬ ‫جاء في الوثيقة “إن هذا الرجل العظيم املرحوم الشيخ أبو علي‬ ‫احلناوي يعود نسبة إلى عائلة عريقة أصيلة متسلسلة من الدوحة‬

‫‪85‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫شخصية‬ ‫املبادرة إلى بناء املعابد وخلوات الذكر للتالوة‬ ‫القحطانية التي م ّرت مبراحلها وتاريخها الناصع‬ ‫والعبادة واإلرشاد والهداية والدراسة وقبول‬ ‫األصالة‪ُ .‬ولد رحمه اهلل في أكبر بيت من بيوتها‬ ‫املستفيدين والتعليم وتأسيس الكتاب وإعداد‬ ‫تعمهما الفضائل‬ ‫القيادية من أبوين كرميني صاحلني ّ‬ ‫الوعاظ‪.‬‬ ‫والنبل والعطاء فتر ّبى تربية نابعة من فضائلهما‬ ‫القيام في ترتيب األمور اإلجتماعية واإلدارية‬ ‫وصفاتهما وتخ ّلق باألخالق السامية الرفيعة‪،‬‬ ‫والسياسية وربطها مع قادة الرأي والقيام بتنفيذ‬ ‫وتولى تربيته الدينية والثقافية والعلمية بعض‬ ‫التوصيات حيث بدأت خطوات اإلستقرار في اجلبل‬ ‫أشده‬ ‫من املشايخ العلماء املشهورين حتى بلغ‬ ‫ّ‬ ‫بعد توافد الهجرات إليه من مختلف األصقاع التي‬ ‫وأصبح عاملا ً بليغا ً فريد عصر وحكيم زمانه وشاعر‬ ‫كان يقيم بها املوحدون‪.‬‬ ‫قومه وفارسهم‪ .‬برزت مواهبه املتعددة فأصبح‬ ‫تنظم العالقات اإلجتماعية على ضوء تعاليم‬ ‫مميزا ً بالتقوى والعلم العرفاني واملسلك التوحيدي‬ ‫املذهب التوحيدي فيما يتعلق بالزواج والطالق‬ ‫واحلكمة البالغة والرأي السديد والبطولة اخلارقة‬ ‫ونظام األسرة واألحوال الشخصية واإلرث والوصايا‬ ‫والشجاعة اخلارقة‪.‬‬ ‫واملواليد وتنظيم العادات والتقاليد الشريفة في‬ ‫هذه الصفات واخلصال احلميدة جعلت األنظار‬ ‫حياتهم‪.‬‬ ‫لدى املوحدين الدروز تتوجه إليه بعد وفاة الشيخ‬ ‫التوجه إلى بناء التوحيد في تأكيد العالقات‪،‬‬ ‫ابراهيم الهجري رحمه اهلل بأن يكون شيخا ً للعقل‬ ‫ّ‬ ‫فتنظمت ألفراح واألتراح في األعراس واملآمت‬ ‫ولتواضعه أبى الشهرة ولكن طائفة املوحدين‬ ‫لم تقبل له عذرا ً وتأسست مشيخة العقل سماحة الشيخ أبو شبلي يحيي احلناوي‬ ‫والوالدات واملآدب والعمل‪.‬‬ ‫ترتيب األمور اإلقتصادية والعالقات الزراعية ووضع أنظمتها فيما بني‬ ‫والتي تضمنت الشيخ حسني الهجري والشيخ أحمد جربوع ومن‬ ‫حينها أصبحت فسحة ثالثية يتوارثها ذر ّية هؤالء تقديرا ً خلدماتهم صاحب العمل والعمال والرعاة وقد وضع نظام يحدد هذه العالقات‬ ‫وكانت مرجعا ً للجميع من داخل اجلبل وخارجه‪ ،‬ومع البدو وضبط‬ ‫ولفضائلهم ومت ّيزهم بالتقوى واإلستقامة‪.‬‬ ‫اخملالفني‪.‬‬

‫خطته ومنهجه في إدارة مشيخة العقل‬

‫التواضع والتعاون والتضحية واإلخالص في تعاونه مع أخويه الذين‬ ‫تبادل معهما مسؤولية مشيخة العقل في أحرج الظروف‪.‬‬ ‫إقرار األمر باملعروف والنهي عن املنكر ومكافحة الشرور وبذل‬ ‫التوجيهات والنصائح وإحقاق احلق وإزهاق الباطل وإقامة احلدود وإحالل‬ ‫السالم داخل العشيرة التوحيدية وخارجها ومحاربة الفساد وإصالح‬ ‫ذات البني‪ ،‬ومساعدة الفقراء وأهل الدين‪.‬‬

‫الشيخ أبو على ّ‬ ‫قسام احل ّناوي‪ :‬مضرب املثل في‬ ‫الدفاع عن احلق والوطن واألرض والعرض‪ ،‬والتصدي‬ ‫للغزاة واجليوش‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫سطر الشيخ احلناوي أروع صفحات في التاريخ‬ ‫العربي واإلسالمي التوحيدي‬ ‫متيّز الشيخ احلناوي عن غيره من جميع القادة بأنه‬ ‫منحه اهلل صفة النبوغ في كثير من اخلصال‪ ،‬فكان‬ ‫غنياً عن التعريف‪،‬‬

‫املعارك التي قادها واشترك بها وخطط لها قبل وفاته عام ‪:1884‬‬ ‫معارك اللجاة‪ ،‬معركة الضليل‪ ،‬معركة املهلوس‪ ،‬معركة أ ْمسيكي‬ ‫معركة زيزون‪ ،‬معركة عجلون‪-‬القلعة‪ ،‬معركة الكرك(‪ ،)1297‬معركة‬ ‫املزيريْب‪ ،‬معركة زحلة(‪1860‬م‪1274-‬هـ)‪،‬معركة القريا(‪1842‬م‪1258-‬هـ)‪،‬‬ ‫موقعة ابراهيم باشا‪-‬اللجاة(‪1836‬م‪1258-‬هـ)‪ ،‬معركة العطفة‪،‬‬ ‫موقعة بصرى اسكي شام(‪1861‬م‪1277-‬هـ)‪ ،‬وقعة ق ّراصة‪ ،‬وقعة ممدوح‬ ‫باشا(‪.)1312-1894‬‬

‫رقعات الدروز واألحداث التي خاضها‬ ‫وقعة ممدوح باشا والعامية(‪1306‬هـ‪1894-‬م)‪ ،‬القبض على‬ ‫شبلي األطرش(‪1308‬هـ)‪ ،‬وقعة عيون وخراب عرمان وهجيج‬ ‫ممدوح(‪1313‬مهـ‪1895‬م)‪ ،‬وقعة احللبية واملفاويش(‪1321‬هـ)‪ ،‬وقعة‬ ‫العوامري مع بعضهم البعض(‪1321‬هـ‪1903-‬م)‪ ،‬وقعة محجة‬ ‫مع الدروز(‪1313‬هـ‪1906-‬م)‪ ،‬ذبحة آل ناصيف وآل شريف(‪1321‬هـ‪-‬‬ ‫‪1903‬م)‪ ،‬وقعة السرحان والقباوي(‪1322‬هـ)‪ ،‬دبحة وقعة مزيد األطرش‬ ‫ودحام(‪1324‬هـ‪1325/‬هـ‪-‬‬ ‫ومحجة(‪1324‬هـ‪1907-‬م)‪ ،‬وقعة املعجل‬ ‫ّ‬ ‫‪1907‬م)‪ ،‬وقعة قنوات ومفعله(‪1325‬هـ‪1907-‬م)‪ ،‬دبحة آل س ّ‬ ‫الم(‪1336‬هـ)‪،‬‬ ‫وقعة سامي باشا(‪1328‬هـ‪1900-‬م)‪ ،‬بصرة(‪1324‬هـ‪1906-‬م)‪.‬‬ ‫رجل الصلح واإلصالح واملصلح اإلجتماعي‪:‬‬

‫وفود الصلح التي رأسها وقام بها‬

‫كان عميق اإلميان‪ ،‬ثابت العقيدة شديد التوكل‬ ‫متوجهاً إلى باريه مقتدياً مسلماً روحه وهمسه‬ ‫وماله وولده ملواله‪ ،‬راضياً بقضاه وقدره‪،‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فارس املعارك‬ ‫الشيخ أبو علي قسام احلناوي‬

‫صلح لبنان يزبكي وجنبالطي‪ ،‬صلح الشام مع املعجل والدروز‪ ،‬صلح زر‬ ‫احلوارنة مع الدروز‪ ،‬صلح الدروز والدولة من أجل مشكلة الكرك‪ ،‬صلح القريا‬ ‫والبدو‪ ،‬صلح ابراهيم باشا والدروز‪ ،‬صلح األتراك والدروز واحلوارنة‪ ،‬الصلح‬ ‫الداخلي ما ينوف عن املئات من املشاكل وعقد الرايان والصلح‪.‬‬

‫‪86‬‬


‫إلى روح الشيخ البطل‬ ‫أبو علي ّ‬ ‫قسام احلناوي‬

‫األعمال والترتيبات والتنظيم‬ ‫الذي اسسه ووضع اعرافه‬ ‫إقامة اجملالس في القرى وتعيني السياس لها‪ ،‬توزيع األدوار على أيام اجلمعة‪،‬‬ ‫التشديد في األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬إقامة احلد على اخملالفني ألمر‬ ‫الدين‪ ،‬احلث على فتح املضافات في كل بيت‪ ،‬نشر آداب اجملالس‪ ،‬نشر آداب‬ ‫الطريق‪ ،‬آداب املعامالت‪ ،‬احملافظة على العرض ولو كان للعدو‪ ،‬النطق باحلق‪،‬‬ ‫طلب العلم ومكافحة اجلهل‪ ،‬مكافحة املسكرات‪ ،‬إغاثة امللهوف وحماية‬ ‫املستجير وإيواء املظلوم‪ ،‬إكرام الضيف‪ ،‬إعطاء السائل‪.‬‬

‫يُكنّى بو علي ليثُ‬

‫ومن أشهر مواقفه وبطوالته‬

‫الداوي‬ ‫تسد املدفع ّ‬ ‫ّ‬

‫الفارس املغوا‬ ‫هذا‬ ‫ُ‬

‫سد املدفع بعمامته فأصبحت مضرب املثل على مر التاريخ وعمامة‬ ‫ّ‬ ‫التوحيد رمزا ً للبطولة والشجاعة واإلقدام والتقوى‪.‬‬ ‫وزّع األراضي على الفقراء والفالحني وأصحاب احلاجات ولم يترك له إال ما‬ ‫يسد الرمق فكل َمن سكن املنطقة التي كانت بحوزته ناله قسط كبير‬ ‫منها‪ .‬فماذا يقول اإلشتراكيون بهذا الصدد؟‬ ‫تقول الروايات أن عباءته املمزقة بالرصاص موجودة في متحف لندرا‬ ‫باسطنبول وقد حدثنا الكثيرون ممن ارتادوه ولكننا لم نتأكد بأنفسنا من‬ ‫هذا ويقال أن بها أكثر من ستني مط ّير رصاص‬ ‫اشترك وقاد في أكثر من ستني معركة ضد األتراك ولم يهزم بواحدة‬ ‫منها‪ .‬وأشهرها‪:‬‬ ‫معركة بصرى املعروفة بـ(املعيدي)‪ ،‬معركة زيزون‪ ،‬حروب اللجاه ضد‬ ‫ابراهيم باشا‪ ،‬معركة العطفة‪.‬‬ ‫رفض ربع بصرى بعد أن عرضوا وبعد أن قام بهزمية املعيدى ومنعهم من‬ ‫اإلعتداء على اجلوار‪.‬‬ ‫دخل على بصرى في الليل الدامس وكان املعيدي ضيفا ً على أحد بيوتها‬ ‫كنت رجالً ونفذ ما قلته‪ ،‬فدخل عليه‬ ‫ووضع السيف بصدره وقال له‪“ :‬قم إذا َ‬ ‫وطلب العفو وأصبح املعيدي عتيقا ً لسيف أبو علي احلناوي‪.‬‬ ‫قاد قليالً من الفرسان في معركة زيزون وذبحتها‪ ،‬ومتّ لهم النصر في‬ ‫قضية ابن الع ّوام املعروفة‪.‬‬ ‫كسب العطفة وأعادها ألهلها محصنة وقام بالرد على ابن ذوَبب الذي‬ ‫قاد حملة على الدروز فهزمه شر هزمية‬

‫وميضي سيفه برقا ً‬ ‫يعيش ُمشرَّعا ً للحق‬ ‫ويلمع ذكره جنما ً‬ ‫ويبقى اسمه رمزا ً‬ ‫ويصبح فعله درسا ً‬ ‫فيروي اإلبن عن ج ٍد‬ ‫بأن الغزو لألوطا‬

‫من أبرز أعماله في منهجه اإلداري والسياسي‬

‫الساح فارسنا‬ ‫عقاب ّ‬

‫حفظ احلقوق واحلراسة حلفظ األمن في القرى واملدن واألرياف وقد قاموا‬ ‫بتقدير األجور وتنظيم الري والواجهات الزراعية‬ ‫وضع احلدود الفاصلة بني القرى وربط كل قرية في حدودها املعروفة‬ ‫واحملافظة عليها ومنع التعديات وحسم اخلالفات التي نشأ منها‪.‬‬ ‫تنظيم األمور اإلدارية والدينية في القرى واملدن ووضع طقوس وعادات‬ ‫حتفظ للمواطن حياته القائمة على العيش األمن والعدل واملساواة وإحقاق‬ ‫احلق‬ ‫ترتيب األمور القضائية واحلقوقية وإقرار القضاء القائم على األحكام‬ ‫العادلة واإلعتماد على أهل اخلبرة والرأي للفصل بني املنازعات وإقرار احلق‪.‬‬ ‫ترتيب اإلدارة السياسية وتوليه األكفاء من قادة الرأي ورؤساء البالد‬ ‫والتنسيق مع الدولة والعشائر والعالقات واإليجاب والرفض‪.‬‬ ‫ترتيب القضاء بالدم الناجمة عن املنازعات واخلالفات بني العائالت‬ ‫والقرى والعشائر والعمل على حلها بإقرار الد ّيات وحتديدها وعقد‬ ‫الرايات واملصاحلات وتبادل الزيارات والكفاالت‪.‬‬

‫طروا‬ ‫على التوحي ِد قد ُف ِ‬ ‫جيل به اإلنسا‬ ‫ومن ٍ‬

‫رُ يعلو ِق ّمة املجَ ْ ِد‬ ‫أس ِد‬ ‫وحنّاو ُّي من ْ‬ ‫الصد‬ ‫عما َم ُت ُه لدى‬ ‫ّ‬ ‫على بوابة اخللْ ِد‬ ‫يأبى وطأة ال ِغ ْم ِد‬ ‫بليل الكرْب والش ِد‬ ‫كأعالم على النّج ِد‬ ‫ٍ‬ ‫مع األجيال كالعه ِد‬ ‫جد‬ ‫ويروي اجلد عن ّ‬ ‫ن يدخل ظلمة ال ّلح ِد‬ ‫كرمي ُ القوم واجلَ ّد‬ ‫وللتسبيح واحل ْم ِد‬ ‫ِ‬ ‫امله ِد‬ ‫ُن يزأر وهو في ْ‬ ‫الشيخ راتب نصراهلل ابو ذياب‬

‫رئيس اللجنة الثقافية في هيئة العمل التوحيدي‬

‫‪87‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر بيئة‪/‬مقابلة‬

‫كارثة التلوث النفطي بعد مرور سنتين على حرب تموز‬

‫المدير العام لوزارة البيئة برج هارتيجيان لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫عالجنا التس ّرب النفطي‪ ،‬وحرائق لبنان ليست مفتعلة‬ ‫عندما تأتي للبحث في آثار حرب عدوان إسرائيل على لبنان في متوز ‪،2006‬‬ ‫جتد أمامك ممرات متفرقة وكوارث بيئية واجتماعية واقتصادية وعمرانية‬ ‫كثيرة‪ .‬لكن أكثر ما يلفت هو الوضع البيئي املتردي الذي وصل إليه لبنان‬ ‫نظرا ً ملا س ّببته إسرائيل من كوارث‪ ،‬خاص ًة بعد قصفها معمل اجلية احلراري‬ ‫وتس ّببها بتس ّرب حوالى ‪ 15000‬طن من زيت الوقود الثقيل في البحر األبيض‬ ‫املتوسط وانتشاره على ‪ 150‬كلم مربعا ً على طول الشاطئ اللبناني‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬وبعد مرور سنتني على العدوان الصهيوني على لبنان‪ ،‬ولالطالع‬ ‫على عمليات معاجلة التلوث النفطي‪ ،‬باإلضافة إلى نشاطات وزارة البيئة‬ ‫في كارثة احلرائق التي عاشها لبنان أخيراً‪ ،‬التقت “منبر التوحيد” املدير العام‬ ‫لوزارة البيئة األستاذ برج هارتيجيان‪ ،‬حيث كان لها معه هذا احلوار‪:‬‬ ‫أخذ القطاع البيئي نصيبه الوافر من اعتداءات حرب متوز ‪ .2006‬ما‬ ‫املشاكل التي متّت معاجلتها حتى اآلن؟‬ ‫ال شك بأن العدوان اإلسرائيلي خ ّلف مشاكل كثيرة في املوضوع البيئي‬ ‫في لبنان‪ ،‬وأبرز هذه املشاكل تنحصر في ثالثة مواضيع أساسية‪ :‬الردميات‪،‬‬ ‫والتلوث النفطي والقنابل العنقودية‪ .‬أوالً‪ ،‬الردميات هي التي نتجت عن‬ ‫تدمير األبنية السكنية واجلسور وكل املنشآت املدنية وغيرها‪ .‬هذه الردميات‬ ‫لديها آثار على البيئة ألن حتليلها ومعرفة مكوناتها من املواد صعب حصره‪،‬‬ ‫لذلك فعندما أزيلت هذه الردميات لتأمني عودة الناس إلى أرضها وإعادة بناء‬ ‫تهدم‪ُ ،‬وضعت هذه الكميات في البحر‪ ،‬ومن ثم أخذت عن البحر ووضعت‬ ‫ما ّ‬ ‫في مقالع قدمية قريبة من املناطق املدمرة‪.‬‬

‫بحر لبنان‪ ،‬املتضرر األكبر من التسرّب النفطي‬ ‫لكن هناك كميات بقيت في البحر أو بجانبه؟‬ ‫نعم‪ ،‬مثل كل املك ّبات‪ ،‬جاء جزء منها على الشاطئ‪ .‬واألساس في العمل‬ ‫كان لثالث جهات‪ :‬الهيئة العليا لإلغاثة‪ ،‬وزارة األشغال العامة والنقل‪،‬‬ ‫ومجلس اإلمناء واإلعمار‪.‬‬ ‫ماذا عن التلوث النفطي الناجت من قصف معمل اجلية؟‬ ‫مختصة لذلك‪ ،‬وهي تتصدى للكوارث على أنواعها‪،‬‬ ‫إجماالً‪ ،‬هناك أجهزة‬ ‫ّ‬ ‫مثالً عندما كانت إسرائيل تقصف بلدنا‪ ،‬جاء فريق عمل منتدب من االحتاد‬ ‫األوروبي اسمه “جهاز إدارة الكوارث في الدمنارك ‪ ،”DEMA‬ملساعدة لبنان‬ ‫على التصدي لهذه الكارثة‪.‬‬ ‫هل مت التنسيق بني وزارتكم وهذا اجلهاز؟‬ ‫أي جهاز طوارئ في العالم تصيبه كوارث من أنواع مختلفة‪ ،‬يكون مثقالً‬ ‫باملهمات واملسؤوليات والقدرات‪ ،‬إضاف ًة إلى قلة األموال‪ ،‬إذ ان كل اإلمكانات‬ ‫املادية واملعنوية والتقنية والبشرية التي كانت موجودة ُج ّيشت للتّصدي‬ ‫للكوارث االجتماعية والصحية والغذائية واحلياتية اليومية‪ ،‬قبل القدرة‬ ‫على التصدي للكوارث األخرى‪ .‬فجهاز الدولة‪ ،‬أي “الهيئة العليا لإلغاثة”‪ ،‬لم‬ ‫يستطع التطرق للكارثة النفطية التي حصلت‪ .‬عموماً‪ ،‬وفي كل بالد العالم‬ ‫يتصدى هذا اجلهاز بالتعاون أوال ً مع من ل ّوث هذه البقعة النفطية‪ .‬كان‬ ‫ميكن لوزارة البيئة أن تكون متفرجة على املوضوع‪ ،‬ولكنها وبتوجيهات من‬ ‫وزير البيئة السابق األستاذ يعقوب الصراف ّ‬ ‫متكنت من التصدي للمشكلة‬ ‫على موقع احلادثة‪ ،‬إذ كان هناك فريق عمل للوزارة موجود على أرض الواقع‬ ‫عند موقع معمل اجلية للوقاية من انسكاب ‪ 25‬ألف طن إضافي إلى البحر‪،‬‬

‫إزالة التلوث النفطي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪88‬‬


‫إذ تس ّرب ما بني ‪ 12‬و‪ 15‬ألف طن‪ ،‬ولكننا عملنا على منع حدوث تسرب‬ ‫إضافي ألن أجهزة الدولة بأكملها بحالة طوارئ عامة‪ .‬إذا ً بعد أن قمنا باجلزء‬ ‫األهم الذي هو “اجلزء الوقائي”‪ ،‬بقي لدينا اجلزء العالجي‪ ،‬وهنا تعاونّا مع ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 17‬دولة‪ ،‬للبدء بعملية املعاجلة‪.‬‬

‫دول العالم اجتمعت ملساعدة لبنان‬ ‫على تنظيف بحره وشواطئه‬ ‫هل ق ّدمت هذه الدول مساعدات مادية؟‬ ‫نعم‪ ،‬فهذه مشكلة عابرة للحدود‪ ،‬وبالتالي كلنا مسؤول بدرجات‬ ‫متفاوتة ومبستويات مختلفة‪ .‬من هذا املنطلق‪ ،‬حت ّركت وزارة البيئة إلعانة‬ ‫إدارات الدولة املسؤولة أي (الهيئة العليا لإلغاثة‪ ،‬وزارة األشغال العامة‬ ‫والنقل‪ ،‬مؤسسة كهرباء لبنان‪ ،‬ووزارة الطاقة) للتصدي لهذه املشكلة‪.‬‬ ‫هل كان كل ذلك من عمل وزارة البيئة؟‬ ‫لقد تعاونّا مع وزارة اخلارجية على إصدار قرار للجمعية العامة لألمم‬ ‫املتحدة (‪ )188/62‬الذي أكدت فيه اجلمعية أن لهذه اآلثار تأثيرا ً على التنمية‬ ‫وحملت إسرائيل‬ ‫املستدامة والشواطئ والتنوع البيولوجي وصيد األسماك‪ّ ،‬‬ ‫املسؤولية عن تقدمي التعويض الفوري حلكومة لبنان إلصالح الضرر البيئي‪.‬‬ ‫هنا أ ّلفت األمم املتحدة فريقا ً متعدد األطراف بقيادة برنامج األمم املتحدة‬ ‫للبيئة وبعضوية البنك الدولي ومنظمة الصحة العاملية ومنظمة الزراعة‬ ‫واألغذية العاملية (الفاو)‪ ،‬والـ ‪ ،IUCN‬والـ ‪ ،UNDP‬لتقدمي مسودة التقرير‪ ،‬وأبرز‬ ‫ما جاء فيه أن معمل اجلية احلراري هو معمل يخدم مدنيني ال عسكريني‪،‬‬ ‫ألن إسرائيل قصفته بحجة أنه موقع عسكري وفيه ذخيرة‪ ،‬ويؤكد أن‬ ‫الكلفة التقديرية للتدهور البيئي لخُ ّصت بتقر‪ .‬من ثم صدر القرار الثاني‬ ‫الذي يدعو إلى إنشاء صندوق لعالج األضرار واالنسكاب النفطي في شرق‬ ‫البحر األبيض املتوسط‪.‬‬ ‫إذا ً وزارة البيئة لم تكن على احلياد؟‬ ‫ال‪ ،‬وكان هناك تعاون مع وزارة اخلارجية ووزارة العدل واجمللس الوطني‬ ‫للبحوث العلمية‪ ،‬فكانت القيادة التقنية لوزارة البيئة‪ ،‬والدبلوماسية‬ ‫لوزارة اخلارجية‪ ،‬والعدلية لوزارة العدل‪ ،‬والعلمية للمجلس الوطني للبحوث‬ ‫العلمية‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬األمم املتحدة إجماال ً تضم فريقني أساسيني‪ :‬الدول‬ ‫الصناعية‪ ،‬والدول الـ ‪ 77‬والصني‪ ،‬وإسرائيل ولبنان هما جزء من الفريق‬ ‫األخير‪ ،‬وألول مرة بتاريخ عمل هذه اجملموعة‪ ،‬يؤخذ قرار مع دولة ضد دولة‬ ‫أخرى ضمن اجملموعة الواحدة‪.‬‬

‫وصلت نسبة التسرّب من معمل اجلية احلراري‬ ‫إلى حوالى ‪12000‬ـ‪ 15000‬متر مكعب‬ ‫من الفيول أويل الثقيل‬ ‫على حوالى ‪ 150‬كلم‬ ‫من الشاطئ اللبناني‬

‫وزارة البيئة‪ :‬اتهامات باطلة بغياب العمل الواقعي‬ ‫ملاذا أنتم متهمون كوزارة بأنكم لم تقوموا بأي عمل ولم يظهر جلياً‬ ‫وجود وزارة بيئة تعمل عل امللف البيئي بعد حرب متوز؟‬ ‫ملدعي عام التمييز يطلب منه جتميع‬ ‫هناك تعميم صدر عن احلكومة ّ‬ ‫كل األدلة املتعلقة بالعدوان اإلسرائيلي على لبنان‪ ،‬وقد تب ّينت مسؤولية‬ ‫إسرائيل الشاملة واملطلقة فأودعنا كل هذه املستندات الرسمية لدى وزارة‬ ‫العدل املوجلة كجهاز إداري بتجميع األدلة والنظر في تقدمي دعوى أمام احملكمة‬ ‫الدولية اجلزائية‪ ،‬وبالتالي عملية تقدمي الدعوى وكيفية تقدميها ليست في‬ ‫عهدة وزارة البيئة‪ ،‬بل هي في عهدة وزارة العدل واحلكومة مجتمع ًة‪.‬‬ ‫مباذا متيّز لبنان عن دول العالم بكوارثه البيئية؟‬ ‫هناك ثالثة أمور مت ّيز دول العالم عنا‪ :‬أوالً‪ ،‬أكثرية احلوادث النفطية التي‬ ‫حتصل (باستثناء الكويت) حصلت في أيام سلم‪ ،‬وبالتالي حدث ذلك نتيجة‬ ‫غرق بواخر نفط في عمق البحر‪ .‬الفرق لدينا أن الكارثة حصلت في أيام حرب‪،‬‬ ‫حيث هناك حاالت طوارئ أخرى‪ .‬ثانياً‪ ،‬بسبب مجيء هذه البقعة النفطية‪،‬‬ ‫لم يكن لدينا الوقت ملالحقتها ألنها تس ّربت إلى البحر ومن ثم عادت إلى‬ ‫اليابسة خالل فترة ‪ 33‬يوما ً من احلرب‪ .‬األمر الثالث أنه في معظم األحيان‬

‫إ ّن احتراق ‪ 60000‬متر مكعب‬ ‫من الوقود تسبّب بتلوث جوي كثيف‬ ‫ّ‬ ‫شكل سحابة امت ّدت‬ ‫على مسافة ‪ 60‬كيلومترا ً‬ ‫يكون النفط املتس ّرب من البواخر نفطا ً خاماً‪ ،‬أما في حالتنا فكان النفط‬ ‫املوجود في معمل اجلية نفطا ً ثقيالً ألنه عصارة النفط‪ ،‬وبالتالي فإنه م ّيال‬ ‫إلى الزفت ولديه القدرة على االلتصاق بعكس البنزين والكاز واملازوت‪ ،‬لذلك‬ ‫كان له تأثير كبير‪ ،‬خاص ًة بعد دخوله بني الصخور وامتداده على الشواطئ‪.‬‬ ‫ملاذا ال تتصدون لهذه املشكلة؟‬ ‫إذا راجعنا كل املراجع الدولية‪ ،‬نالحظ أنه من تاريخ حصول احلادثة لتاريخ‬ ‫إقفال ملفها‪ ،‬غالبا ً ما حتتاج إلى ما ال يقل عن خمس أو عشر سنوات‪ ،‬هذا‬ ‫في البلدان الصناعية املستخرجة للنفط‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ما أجنزه اللبنانيون‬ ‫وما توصلنا إليه اليوم هو انتصار دبلوماسي واضح وصريح على العدوان‬

‫‪89‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر بيئة‪/‬مقابلة‬

‫تنظيف الشاطئ مازال مستمرا ً حتى عام ‪2008‬‬

‫احلياة حتت املاء‪ -‬تنظيف كامل وإزالة التلوث النفطي‬

‫اإلسرائيلي‪ .‬يجب متابعة هذه األمور فهي ال تبدأ مع وزير وتنتهي مع آخر‪ ،‬أو نتيجة إهمال‪ ،‬فهناك عوامل تغ ّير مناخ وجفاف‪ ،‬باإلضافة إلى عوامل‬ ‫بل هي أمور طويلة األمد ويجب ترسيخها في ذاكرة اللبنانيني للصمود الهجرة وترك األرض‪ .‬إذا فتّشنا عن دور األجهزة بالوقاية‪ ،‬هناك دور في وزارة‬ ‫ّ‬ ‫للتمكن من حتصيل احلقوق‪.‬‬ ‫البيئة والزراعة‪ ،‬هاتان الوزارتان هما الالعبان األساسيان في دور الوقاية‪ ،‬إذا ً‬ ‫ماذا عن ّ‬ ‫اخمللفات التي ما زالت موجودة حتى اآلن؟ وما هي النسبة التي واجب وزارة الزراعة القيام بتشجير الغابات وتنظيفها‪ ،‬أما دور وزارة البيئة‬ ‫ّ‬ ‫نظفتموها في البحر؟‬ ‫فهو التوعية‪ .‬في موضوع املكافحة والدخول على املوقع‪ ،‬هذا عمل الدفاع‬ ‫ميكنني القول إننا تخطينا الـ ‪ 85‬إلى ‪ 90‬باملئة للمواقع التي أزيلت منها املدني والبلديات واجليش والطوافات‪.‬‬ ‫البقع النفطية‪ .‬نحن هنا نتحدث عن شاطئ مبساحة ‪ 150‬كلم مربعاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن املوضوع بيئي‪ ،‬وبالتالي من مسؤولية وزير البيئة املطالبة‬ ‫وبتعرجات صعبة جداً‪ ،‬لكننا ك ّلفنا شركة بتمويل من احلكومة الكندية بالطوافات وليس وزير الداخلية‪ ،‬هل يُعتبر ذلك تقصيراً من وزارتكم؟‬ ‫وبالتعاون مع برنامج األمم املتحدة اإلمنائي ملسح الشاطئ وتنظيفه‪ ،‬كما‬ ‫ال‪ ،‬فوزراء البيئة ومنذ نشأة الوزارة يطالبون احلكومة بشراء طوافات‪ ،‬إذا ً‬ ‫لدينا اخمللفات النفطية املوجودة في أربعة مواقع‪ :‬مصفاة النفط في املطالبة موجودة‪ .‬إ ّن املكافحة من مسؤولية وزارة الداخلية‪ ،‬إذا ً فوزير الداخلية‬ ‫الزهراني‪ ،‬مصفاة النفط في طرابلس‪ ،‬مطمر بصاليم الصحي‪ ،‬ومعمل يقوم بواجباته فقط‪ .‬أما وزير البيئة احلالي وحتى السابقون ومنهم الوزير‬ ‫اجلية نفسه‪.‬‬ ‫وهاب طالبوا بشراء طوافات لكنهم لم يلقوا‬ ‫قنابل وألغام‪ :‬هدية صهيونية للطفل اللبناني‬ ‫التعاون املطلوب‪ .‬وهنا‪ ،‬ال بد من التنويه بالعمل‬ ‫ماذا عن القنابل العنقودية التي خلفها‬ ‫ّ‬ ‫الشاق الذي تقوم به وزارة الداخلية‪ ،‬ولكن نؤكد أ ّن‬ ‫غطت طبقة سميكة‬ ‫العدوان على األراضي اللبنانية؟‬ ‫الطوافات ليست احلل‪ ،‬بل هي أحد احللول‪.‬‬ ‫بداي ًة‪ ،‬ال ننسى األلغام التي خ ّلفها العدوان من الوقود أحجار قاعدة برجني‬ ‫اإلسرائيلي خالل احتالله لألراضي اللبنانية طوال‬ ‫غابات لبنان تستلزم وقتاً‬ ‫ّ‬ ‫يشكالن‬ ‫سنوات وعقود‪ ،‬ونحن نسمع تصريحات رسمية من العصور الوسطى‬ ‫كثيرة تؤكد عدم وجود خرائط لهذا األلغام لكي‬ ‫وميزانية للمعاجلة‬ ‫املدخل إلى املرفأ‪ ،‬كما ّ‬ ‫غطت‬ ‫يتمكن اجليش اللبناني من إزالتها‪ .‬هذا األمر‬ ‫موضوع بعهدة اجليش اللبناني ووزارة الدفاع التي‬ ‫ماذا عن عملية إعادة تأهيل الغابات؟‬ ‫طبقة من الوقود بعض اآلثار‬ ‫وضعت برنامجا ً إلزالتها بحسب األولويات‪ ،‬خاص ًة‬ ‫بالنسبة لعملية التأهيل‪ ،‬فقد منعنا عملية‬ ‫السكانية منها‪.‬‬ ‫القدمية األخرى من عصور‬ ‫تغيير وجهة استعمال األراضي الغابية بعد‬ ‫احتراقها‪ .‬هذا القرار صدر عن وزارة البيئة‪ ،‬ونحن‬ ‫مختلفة تقع في أسفل‬ ‫نعمل على موضوع التحريج‪ ،‬ولكننا نؤكد أ ّن‬ ‫مكافحة احلرائق‪:‬‬ ‫عمليات التأهيل يلزمها الوقت وحتتاج لسنوات‪.‬‬ ‫األطالل األثرية‬ ‫مسؤولية جماعية‬ ‫هل هناك ميزانية لهذه املشاريع؟‬ ‫نعم‪ ،‬هناك ميزانية ولكنني أؤكد أ ّن اإلنسان‬ ‫ماذا عن عملكم في موضوع مكافحة‬ ‫لم يستطع حتى اآلن فهم كيفية التعامل مع‬ ‫احلرائق؟ وملاذا لم يتحرك معالي وزير البيئة‬ ‫ق ّدر مجموع األضرار البيئية‬ ‫العوامل الطبيعية‪ .‬لقد دخلت وزارة البيئة ووضعت‬ ‫لطلب الطوافات بنفسه؟‬ ‫خطة للتحريج‪ ،‬جنحنا في بعض األماكن وفشلنا‬ ‫الناجتة من التلوث النفطي‬ ‫هناك ثالثة مواضيع في حالة احلرائق‪ :‬الوقاية‪،‬‬ ‫في أخرى‪ ،‬وبالتالي حصلت عملية جدية ومرصودة‪،‬‬ ‫املكافحة‪ ،‬والعالج‪ .‬أنا أرى أن احلرائق ليست‬ ‫ولكن يجب أال ننسى أنه لم تصدر موازنة في‬ ‫بـ‪ 203‬ماليني دوالر أميركي‪،‬‬ ‫مفتعلة كما يُقال‪ ،‬فأكثرية احلرائق إما إهمال أو‬ ‫البرملان اللبناني‪ ،‬ولذلك لم نستطع استكمال‬ ‫طبيعية‪ .‬نحن كـ”لبنان” موجودون على خطوط‬ ‫العمل‪ ،‬خاص ًة بغياب الوزير املستقيل وحتى‬ ‫بينما ق ّدرت كلفة املعاجلة‬ ‫العرض نفسها لكاليفورنيا واليونان وغيرها‪،‬‬ ‫استقالة الوزير بالوكالة‪ ،‬وهذا ما أخّ ر عملنا‪.‬‬ ‫وإذا راجعنا آخر عشر سنوات‪ ،‬نرى أن هذه البلدان بحوالى ‪ 64‬مليون دوالر أميركي‬ ‫إعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫كلها عامت باحلرائق الهائلة وكانت إما طبيعية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪90‬‬


‫منبر قراء‬

‫العنف والجريمة‬ ‫تعريف موجز لألسباب وسبل الوقاية‬ ‫حني يصبح الوطن ملكا ً ألشخاص ال يقيمون وزنا ً لغير الربح واخلسارة‪ ،‬وحني يصبح املواطنون درجات‬ ‫وأكثرهم في الهامش‪ ،‬تتغير الوجوه‪ ،‬فتصبح الوجوه احلاملة الرقيقة أشد قسوة من جلود التماسيح‪.‬‬ ‫يكثر احلديث عن العنف أو اإلرهاب‪ ،‬فما هو مفهوم العنف؟ ومن هو اإلرهابي! أهو املزارع الذي أُبعد‬ ‫عن أرضه‪ ،‬أم األب الذي يرى أطفاله مستبعدين محرومني‪ ،‬أم الشاب الذي ينظر بعني القلق واخلوف‬ ‫على مصيره ومستقبله‪ .‬وهل احلد من اإلرهاب يكون باملزيد من القهر واإلذالل‪ ،‬وعدم النظر إلى هموم‬ ‫الشباب‪ .‬حني ننظر في عيون البائسني احلانقني ندرك على الفور حقيقة العنف ومنابعه‪ .‬وحني يصعب‬ ‫تغيير الواقع الذي بات جامدا ً كالصخر باردا ً كالثلج‪ ،‬فيه من الغموض ومن اللبس ما ال يحتمل‪ ،‬فالقول‬ ‫يناقض القول‪ ،‬والعقبات تتكاثر أمام أصحاب النفوس الكرمية التي ال ترضى بالهزمية‪ ،‬تكون االستجابة‬ ‫لدى هؤالء ملواجهة التحديات أقوى وأعنف‪ .‬إن التحرر من الظلم والعبودية ال يصنعه شخص مبفرده‪ ،‬وإن‬ ‫الغيور على ثقافة اجملتمع وأخالقه طريقه صعب‪ ،‬وعلى املثقف أن يحمل قضايا اجملتمع وهموم الناس‪،‬‬ ‫والعاقل هو الضمير الذي ينبه إلى خطورة ما يجري‪.‬‬ ‫العنف تعددت أشكاله ونتائجه مروعة؛ وليس هناك من دراسات جادة تعالج هذه املسألة‪ ،‬مع انها‬ ‫من أهم املسائل التي ينبغي دراستها‪ .‬وال شك بأن ظاهرة العنف متشعبة ومعقدة‪ ،‬فقد يكون العنف‬ ‫حالة فردية أو جماعية‪ ،‬ويجب التفريق بني العنف الناجت عن الغضب والظلم ‪ -‬أي العنف كانفعال ‪ -‬وبني‬ ‫العنف كسلوك مكتسب‪ ،‬فالسلوك اإلجرامي يُتعلم كما تُتعلم أي مهنة أخرى‪.‬‬

‫أسباب اجلرمية‬

‫البحث عن أسباب اجلرمية علم قدمي العهد‪ ،‬يرجع إلى أبوقراط‪ ،‬وأفالطون‪ ،‬وأرسطو‪ ...‬وقد تعددت اآلراء‬ ‫وطرق البحث حول هذا املوضوع‪ ،‬فمنهم من عزا سبب اجلرمية إلى نفس فاسدة في اجملرم‪ ،‬عند هؤالء الذين‬ ‫ينفذون كل ضروب السطو والقتل والتدمير‪ .‬وقدميا ً كان يُعتقد بوجود أرواح شريرة تتقمص روح اجملرم‬ ‫وتدفعه إلى ارتكاب جرائمه‪ .‬ومنهم من ربط اجلرمية بالكواكب أو ببعض االنفعاالت كاحلسد والغيرة‬ ‫واجلهل‪ ،‬ومع تطور العلوم تطورت هذه النظريات وصار هناك علم مستقل يسمى “علم اإلجرام” وفي‬ ‫كامبردج معهد متخصص يهتم بتدريس هذا العلم‪ .‬ومت أيضا ً استحداث الكثير من املناهج املستمدة‬ ‫من علوم احلياة‪ ،‬وعلوم الطب‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬ملعرفة الدوافع اإلجرامية وحتديدها‪ ،‬وقد عمل الطبيب‬ ‫اإليطالي “سيزار لومبروزو” في منتصف القرن الرابع عشر على تشريح جثث اجملرمني‪ ،‬ملعرفة إذا كان‬ ‫هناك عيوب خُ لقية أو أمناط جسدية تسبب النزعة اإلجرامية‪ .‬وفي العصور الوسطى رد القديس “توما‬ ‫األكويني” أسباب اجلرمية إلى شهوات اإلنسان‪.‬‬ ‫وفي القرن الثامن عشر الحظ كل من “بكاريا” و”فولتير” أن السرقة هي جرمية الفقر‪ .‬والنتيجة نفسها‬ ‫توصل إليها الهولندي “وليم بوجنر” الذي رأى أن العالج يكون في قيام مجتمع ال طبقي؛ كما أكد املؤرخ‬ ‫اإلنكليزي “توماس مور” أن الفقر الشديد يساهم في نشأة اجلرمية‪ .‬ومنذ العام ‪ 1920‬أجرى العالم اإليطالي‬ ‫“دي توليو” ‪ -‬هو أستاذ لعلم طبائع اجملرم بجامعة روما ‪ -‬دراسات على عدة آالف من اجملرمني فأوصلته‬ ‫مالحظاته إلى أن سبب اإلجرام يكمن في تكوين شخصية اجملرم نتيجة صراع بني املقومات االجتماعية‬ ‫وبني الدوافع الغريزية وعدم وجود قوة الردع املستمدة من البيئة والقيم االجتماعية‪ ،‬مما يخلق عند هؤالء‬ ‫شخصية “سيكوباتية” والسيكوباتيون أشخاص يعانون من عدم االستقرار العاطفي وعدم التكيف في‬ ‫اجملتمع وال يتبصرون بعواقب األمور فيقدمون على جرائم النصب واالحتيال والعدوان‪ .‬أما بالنسبة إلى‬ ‫“ماركس” و”أجنلس” من أتباع املدرسة االشتراكية فربطوا بني الظاهرة اإلجرامية والظروف االقتصادية‪،‬‬ ‫واعتبروا الرأسمالية وانعدام العدالة االجتماعية من أهم العوامل املسببة للجرمية‪.‬‬

‫ضوابط اجلرمية‬

‫وحتى ال يستغل جهل الشباب وفقرهم وجب على الدولة رعاية كل الذين ال ميلكون موردا ً للرزق‬ ‫وتوفير سبل العيش لهم‪ ،‬وزيادة الدعم لبعض اجلماعات الفقيرة كالفالحني الذين ال أرض لهم‪ ،‬أو‬ ‫العاملني اليوميني الذين يعيشون في قلق مستمر خوفا ً من البطالة‪ ،‬مع ضرورة التوعية للحد من‬ ‫مظاهر اإلسراف والبذخ التي تحُ رك نار احلسد والغيرة عند بعض احملرومني‪ ،‬وتوجيه الشباب وملء أوقات‬ ‫فراغهم بطرق نافعة كي ال يقعوا فريسة امللل والبطالة‪ .‬كما ال ميكن نسيان دور اإلدمان وتفشي اخملدرات‬ ‫في زيادة اجلرائم‪ .‬فأساليب القمع وحدها ال حتقق املطلوب‪ ،‬فال بد من النظر إلى آالم هؤالء اجلسدية‬ ‫والنفسية‪ ،‬ويجب التفريق بني ردود الفعل الغاضبة عند بعض املقهورين‪ ،‬وبني اجلرمية املدبرة‪.‬‬ ‫اجلرمية واالنحراف ميثالن تهديدا ً وقلقا ً وهذه اآلفات تستدعي اليقظة واالهتمام‪ .‬وفي اخلتام لعل خير‬ ‫شاهد على ما تقدم هذا االقتباس من كتاب “طبائع االستبداد” “للكواكبي”‪:‬‬ ‫“األخالق أثمار بذورها الوراثة‪ ،‬وتربتها التربية‪ ،‬وسقياها العلم‪ ،‬والقائمون عليها هم رجال احلكومة‪.‬‬ ‫بنا ًء عليه تفعل السياسة في أخالق البشر ما تفعله العناية في إمناء الشجر”‪.‬‬

‫ندا ذبيان‬

‫‪91‬‬

‫اجلاهلية تقص‬ ‫حكاية رجل مارد‬ ‫على باب جنوب الكرامة‪ ،‬وعلى كتف جبل‬ ‫اإلباء‪ ،‬وأمام بحر أمواجه أشرعة من لبنان‬ ‫احلرف واجملد‪ ،‬انتصبت اجلاهلية راية وفاء‬ ‫تلفحها صيدا الفداء وبيروت اللقاء وجبيل‬ ‫العطاء وطرابلس الفيحاء‪ ،‬كما في العمق‬ ‫ّ‬ ‫لتخط حكاية رجل مارد ما‬ ‫زحلة وبعلبك‪،‬‬ ‫اكتفى مبا عنده من قدرات ومبا أتيح له بأن‬ ‫يحصل‪ ،‬بل جعل من نفسه ومن علمه ومن‬ ‫حلمه طاقة استمرار في خدمة الوطن‪.‬‬ ‫فيا وئام الوحدة الوطنية‪ ،‬ويا رجل‬ ‫الشهامة ورجاحة العقل واقتدار احلكمة‪،‬‬ ‫رسمت الطريق فاستعان السائرون مبواقفك‬ ‫الشجاعة‪ ،‬أثرت الواقعية في خياراتك‬ ‫ونهجك وعهدت الى رفاقك حلمل األمانة‬ ‫فو ّفوا عهدا ً فتألق إجنازاً‪.‬‬ ‫نراك اليوم رجل املسؤولية أكثر مما نراك‬ ‫مقعدا نيابيا‪ ،‬فاملسيرة واإلعداد لبرامج‬ ‫يشتمل على بناء املواطن ذاتيا واجتماعيا‬ ‫ووطنيا لصنع التحول املنشود أرفع من مقعد‬ ‫نيابي‪ ،‬فتقديرا لعملك املؤسسي وإكبارا لروح‬ ‫اخلدمة والعطاء‪ ،‬ووفاء لهذا التيار وإجنازه‬ ‫وتطويره‪ ،‬هنيئا ً لك مواقفك‪ ،‬لقد أثبت أنك‬ ‫على قدر ثقة الوطن بك‪ ،‬فعتزينا بك واعتز‬ ‫لبنان‪.‬‬

‫مفوض القريّة‬ ‫وائل ضو‬

‫شكراً أردوغان‬ ‫لو أنني غير ضليع بالتاريخ واجلغرافيا‬ ‫لكنت اعتقدت أن تركيا هي أكبر دولة عربية‬ ‫وهي رمز العروبة واملقاومة واملمانعة‪.‬‬ ‫شكرا رجب طيب أردوغان‪ ،‬مواقفك تش ّرف‬ ‫كل إنسان‪ ،‬مواقف ال يتخذها إال أشجع‬ ‫الشجعان‪ .‬مواقف أصبح يشار اليها بالبنان‪.‬‬ ‫شكرا يا بطل من هذا الزمان‪ ،‬ألنك تركت‬ ‫املكان بعدما قلت كلمتك ومشيت بعز‬ ‫وعنفوان‪ ،‬وبقي املتواطئان غير قادرين على‬ ‫مجاراتك‪ ،‬ألنهما غارقان في بحر العمالة‬ ‫واالرتهان بجانب قاتل أطفال خسيس‬ ‫جبان‪.‬‬ ‫شكرا رجب طيب أردوغان ألنك أضفت‬ ‫نصرا ً جديدا ً الى غزة بعد نصر معركة‬ ‫الفرقان‪.‬‬

‫الرفيق جواد الصايغ‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر رأي‬

‫المسار التاريخي لقوانين االنتخاب منذ إعالن دولة لبنان الكبير‬ ‫مت ّثل االنتخابات النيابية حدثا ً سياسيا ً‬ ‫وظيفتها التمثيل والتغيير على صعيد النخب‬ ‫السياسية‪ ،‬وأيضا على صعيد السياسة العامة‬ ‫في البالد وفي النهج السياسي للحكم في‬ ‫إطار التنافس احلر بني املواالة واملعارضة‪ .‬غير أن‬ ‫الواقع االنتخابي في لبنان منذ العام ‪ 1920‬يسير‬ ‫في االجتاه املعاكس‪ ،‬بل كان يأتي في كل مرة‬ ‫ترجمة عملية للتمثيل الطائفي الذي رافق احلياة‬ ‫السياسية في لبنان منذ والدته‪ .‬فبعد إعالن قيام‬ ‫دولة لبنان الكبير في ‪ 20‬ايلول ‪ 1920‬عني اجلنرال‬ ‫الفرنسي غورو في اثر ذلك حاكما فرنسيا للبنان‪،‬‬ ‫يعاونه مجلس مديرين وجلنة إدارية مؤلفة من ‪17‬‬ ‫عضوا ً موزعني طائفيا على أساس ‪ 7‬مسلمني‬ ‫مقابل ‪ 10‬مسيحيني‪ .‬وقد اعتبرت هذه اللجنة‬ ‫أولى الهيئات التمثيلية في دولة لبنان الكبير‪،‬‬ ‫حيث اقتصر دورها على إبداء الرأي االستشاري‬ ‫في املسائل التشريعية واملالية ووضع ميزانية‬ ‫الدولة‪ ،‬فيما كان احلاكم العام يبت نهائيا هذه‬ ‫املوضوعات بعد موافقة املفوض العام الفرنسي‪.‬‬ ‫في ‪ 8‬آذار ‪ 1922‬صدر قرار عن املندوب السامي‬ ‫الفرنسي ينص على تعيني حاكم لبنان الكبير‬ ‫بقرار يصدره املندوب السامي‪ ،‬وعلى إنشاء هيئة‬ ‫منتخبة سميت “اجمللس النيابي للبنان الكبير”‬ ‫مدتها أربع سنوات‪ ،‬ويعني أعضاؤها باالقتراع‬ ‫العام غير املباشر على درجتني‪ ،‬ولم متنح الهيئة‬ ‫سلطة تشريعية مطلقة بل ظلت أعمالها‬ ‫التشريعية مرهونة بتصديق املفوض السامي‪.‬‬ ‫في ‪ 10‬آذار ‪ 1922‬صدر القرار الرقم ‪ 1307‬عن‬ ‫املفوض السامي الذي يعيد حتديد عدد أعضاء‬ ‫اجمللس بثالثني عضواً‪ ،‬على أن يجري االنتخاب‬ ‫على أساس احملافظة بصورة مباشرة وعلى‬ ‫درجتني ايضا‪ ،‬حيث ينتخب الناخبون في الدرجة‬ ‫االولى مندوبني عنهم‪ ،‬وينتخب هؤالء بدورهم‬ ‫النواب‪ ،‬وقد استمر العمل بهذا القانون حتى عام‬ ‫‪ 1943‬حيث ألغى املفوض السامي آنذاك قانون‬ ‫االنتخاب على درجتني‪ .‬وبناء عليه انتُخب اجمللس‬ ‫التمثيلي األول في ‪ 22‬أيار فضم ‪ 16‬عضوا ً من‬ ‫املسيحيني مقابل ‪ 14‬عضوا ً من املسلمني‪.‬‬ ‫في عام ‪ 1926‬وضع دستور للبالد مبوجب صك‬ ‫االنتداب الذي يلزم فرنسا بأن تضع في خالل ثالث‬ ‫سنوات من تاريخ تنفيذ االنتداب نظاما سياسيا‬ ‫لسوريا ولبنان‪ .‬وقد أنيطت السلطة التشريعية‬ ‫وفقا للمادة ‪ 16‬من هذا الدستور مبجلسني‪:‬‬ ‫مجلس الشيوخ املؤلف من ‪ 16‬عضواً‪ 7 ،‬من‬ ‫املسلمني مقابل ‪ 9‬من املسيحيني‪.‬‬ ‫مجلس النواب الذي حل مكان اجمللس التمثيلي‬ ‫في ‪ 25‬ايار ‪ 1926‬محافظا على العدد ‪ 30‬موزعني‬ ‫على‪ 14 :‬مسلما مقابل ‪ 16‬مسيحيا‪.‬‬ ‫استمر مجلس الشيوخ حتى‪ 17‬ت‪1927 1‬‬ ‫حني صدر تعديل دستوري واسع النطاق شمل‬ ‫‪ 45‬مادة من املواد الدستورية البالغة ‪ 102‬مادة‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كان أحد تعديالته إلغاء مجلس الشيوخ ودمج‬ ‫أعضائه مبجلس النواب الذي بات ثلث أعضائه‬ ‫تقريبا يأتون عن طريق التعيني مقابل الثلثني‬ ‫الذين يجري انتخابهم‪ ،‬وهكذا أصبح عدد أعضاء‬ ‫اجمللس النيابي الثاني عام ‪ 46 ،1927‬عضواً‪ 21 ،‬من‬ ‫املسلمني مقابل ‪ 25‬من املسيحيني‪.‬‬ ‫ثم تألف ثالث مجلس نيابي عام ‪ 1929‬من ‪45‬‬ ‫عضواً‪ ،‬انتخب ‪ 30‬عضوا ً مقابل تعيني ‪ 15‬عضواً‪،‬‬ ‫وقد توزعوا طائفيا على أساس ‪ 4/5‬أي ‪ 25‬عضوا ً‬ ‫من املسيحيني مقابل ‪ 20‬عضوا ً من املسلمني‪.‬‬ ‫وبقرار من املفوض السامي الفرنسي تعطلت‬ ‫احلياة النيابية من عام ‪ 1932‬حتى عام ‪ 1934‬حيث‬ ‫انتخب رابع مجلس نيابي مؤلف من ‪ 25‬عضوا ً‬ ‫انتخب منهم ‪ 18‬عضوا ً مقابل تعيني ‪ 7‬أعضاء‪،‬‬ ‫وهو كان يضم ‪ 11‬عضوا ً من املسلمني مقابل ‪14‬‬ ‫من املسيحيني‪ ،‬ومت تأليف اجمللس النيابي اخلامس‬ ‫عام ‪ 1937‬من ‪ 63‬عضواً‪ 42 ،‬منهم منتخبون و‪21‬‬ ‫معينون‪ ،‬وكان منهم ‪ 28‬من املسلمني مقابل‬ ‫‪ 35‬من املسيحيني‪ ،‬وقد عدل الدستور في ‪ 18‬ايار‬ ‫‪ 1939‬فأجاز اجلمع بني النيابة والوزارة بعدما كانت‬ ‫املادة ‪ 18‬منه حتول دون ذلك‪،‬‬ ‫وفي ‪ 25‬ايلول ‪ 1939‬حل اجمللس النيابي بسبب‬ ‫وقوع احلرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1943‬صدر قرار عن املفوض السامي‬ ‫الفرنسي يعيد احلياة الدستورية في البالد‬ ‫فانتخب سادس مجلس نيابي بعد تعديل املادة‬ ‫‪ 24‬من الدستور ألغيت مبوجبه سياسة التعيني‬ ‫وأصبح كل النواب يأتون باالنتخاب‪ ،‬وقد خفض‬ ‫عدد أعضاء هذا اجمللس الى ‪ 55‬عضوا ً ُوزّعوا طائفيا‬ ‫الى ‪ 25‬عضوا ً من املسلمني مقابل ‪ 30‬عضوا ً من‬ ‫املسيحيني‪ ،‬وقد ظلت قاعدة ‪ 5/6‬متبعة حتى آخر‬ ‫انتخابات عام ‪.1972‬‬

‫‪92‬‬

‫وفي ‪ 10‬آب ‪ 1950‬أجرى الرئيس بشارة اخلوري‬ ‫تعديال على قانون االنتخاب رفع من خالله عدد‬ ‫النواب الى ‪ 77‬عضوا ً موزعني طائفيا وفقا‬ ‫للقاعدة ‪ 5/6‬اي ‪ 35‬عضوا ً من املسلمني مقابل‬ ‫‪ 42‬عضوا ُ من املسيحيني‪ ،‬في محاولة منه‬ ‫المتصاص النقمة على احلكم‪ ،‬كما مت تعديل‬ ‫الدوائر االنتخابية بشكل متنع املعارضة املتمركزة‬ ‫في محافظة جبل لبنان من الفوز بأكثرية‬ ‫املقاعد‪.‬‬ ‫وبناء عليه انتخب اجمللس النيابي الثامن عام‬ ‫‪ 1951‬وخضع قانون االنتخاب في عهد الرئيس‬ ‫كميل شمعون الى تعديلني‪ ،‬حيث خفض في‬ ‫املرة االولى عدد أعضاء اجمللس الى ‪ 44‬عضوا ً‬ ‫وأعاد تقسيم الدوائر االنتخابية ثم عاد الرئيس‬ ‫شمعون وعدل القانون مرة ثانية عام ‪ 1957‬فرفع‬ ‫عدد اعضاء اجمللس الى ‪ 66‬عضوا ً وانتخب مبوجبه‬ ‫اجمللس النيابي العاشر في ‪ 30‬حزيران ‪ 1957‬الذي‬ ‫حل عام ‪ 1960‬حيث صدر قانون انتخاب جديد‬ ‫في عهد الرئيس فؤاد شهاب لزيادة عدد املقاعد‬ ‫وتعديل الدوائر االنتخابية‪.‬‬ ‫يقوم القانون االنتخابي الصادر في ‪ 26‬نيسان‬ ‫‪ 1960‬على أساس تكريس قاعدة التوزيع الطائفي‬ ‫لعدد املقاعد النيابية على قاعدة ‪ 5/6‬وعلى نظام‬ ‫االقتراع االكثري على دورة واحدة‪ ،‬رافعا عدد‬ ‫أعضاء اجمللس الى ‪ 99‬عضواً‪ 45 ،‬منهم مسلمون‬ ‫و‪ 54‬مسيحيون‪ ،‬وتقسيم لبنان الى دوائر‬ ‫انتخابية تعتمد القضاء مركزا ً لكل دائرة‪ ،‬وقد‬ ‫ظل هذا القانون معموال به حتى آخر انتخابات‬ ‫جرت في لبنان عام ‪ ،1972‬غير ان القاعدة ‪5/6‬‬ ‫والعدد ‪ 99‬عضوا ً مت تعديلهما في اتفاق الطائف‬ ‫بحيث ُوزّعت املقاعد بالتساوي بني املسلمني‬ ‫واملسيحيني ورفع العدد الى ‪ 108‬أعضاء الى حني‬ ‫إقرار قانون انتخاب ‪ ،1992‬فارتفع العدد الى ‪128‬‬ ‫كما هو مأخوذ به حاليا‪.‬‬ ‫منذ اتفاق الطائف شهد لبنان أربعة انتخابات‬ ‫نيابية في ‪ 2000 ،1996 ،1992‬و‪ ،2005‬واذا كان لكل‬ ‫دورة خصوصية إن بالنسبة الى قانون االنتخاب أو‬ ‫بالنسبة الى األجواء احمليطة بالعملية االنتخابية‪،‬‬ ‫ناهيك باملفاعيل السياسية التي نتجت منها‪،‬‬ ‫إال أنها جاءت تعكس مناصفة توزيع املقاعد بني‬ ‫املسلمني واملسيحيني‪.‬‬ ‫لم يختلف قانون انتخاب عام ‪ 1996‬عن قانون‬ ‫عام ‪ 1992‬إال من حيث دمجه دوائر محافظة البقاع‬ ‫الثالث في دائرة انتخابية واحدة‪ ،‬وقانون عام ‪1996‬‬ ‫كما قانون عام ‪ 1992‬ال يساوي بني اللبنانيني كما‬ ‫أكد اجمللس الدستوري الذي عده مخالفا ً للدستور‪،‬‬ ‫واخملالفة الدستورية جلهة عدم املساواة ال تقتصر‬ ‫على تقسيم الدوائر فقط وعلى التفاوت في‬ ‫عدد املقاعد والناخبني بني دائرة وأخرى‪ ،‬بل شمل‬ ‫أمناط االنتخاب‪ .‬ففي قانون عام ‪ 1996‬كما في‬ ‫قانون عام ‪ 1992‬ثمة ثالثة أمناط انتخابية‪ :‬ففي‬


‫بيروت يتم الترشيح واالقتراع‬ ‫على مستوى احملافظة كدائرة‬ ‫انتخابية‪ ،‬وفي الشمال والبقاع‬ ‫واجلنوب فإن الترشيح هو على‬ ‫مستوى القضاء إال أن االقتراع‬ ‫على مستوى احملافظة‪ .‬وفي جبل‬ ‫لبنان الترشيح واالقتراع يتمان‬ ‫على مستوى القضاء‪.‬‬ ‫لم تكن االنتخابات النيابية‬ ‫التي جرت عام ‪ 2000‬و‪2005‬‬ ‫نسخة طبق األصل عن سابقاتها‬ ‫ال في الشكل وال في املضمون‪،‬‬ ‫فتم تقسيم بيروت الى دوائر ثالث‬ ‫وضم القانون محافظتي اجلنوب‬ ‫والنبطية في دائرتني انتخابيتني‬ ‫ودمج القانون قضاء بشري في‬ ‫دائرة واحدة مع قضاء عكار‪ ،‬وجرى‬ ‫تقسيم محافظة البقاع إلى‬ ‫دوائر ثالث‪ ،‬كما في القانون عام‬ ‫‪ ،1992‬وخفضت دوائر محافظة‬ ‫جبل لبنان من ست الى أربع دوائر‪.‬‬ ‫أما اليوم فيدخل قانون ‪1960‬‬ ‫مجددا حيز التطبيق ليقترع‬ ‫اللبنانيون على أساسه ملصلحة‬ ‫مرشحيهم في االنتخابات‬ ‫النيابية املزمع إجراؤها في السابع‬ ‫من حزيران ‪ ،2009‬وفي ذلك عودة‬ ‫مجددا الى صيغة تقسيم الدوائر‬ ‫االنتخابية على أساس األقضية‬ ‫اللبنانية والبالغ عددها ‪ 24‬قضاء‪.‬‬ ‫يبقى أن نشيرالى أن قانون‬ ‫انتخاب عام ‪ 1960‬بقاعدته‬ ‫األساسية أي القضاء دائرة‬ ‫انتخابية واحدة هو األقرب الى‬ ‫الدائرة املتوسطة التي تتميز عن‬ ‫سواها من تقسيمات الدوائر بأنها‬ ‫جتمع بني وظيفتني أساسيتني في‬ ‫مجتمع تعددي كاجملتمع اللبناني‪،‬‬ ‫وظيفة االختالط الطائفي‬ ‫والسياسي من جهة‪ ،‬ووظيفة‬ ‫التمثيل املتوازن للطوائف‬ ‫واملناطق من جهة ثانية‪ ،‬وقد جرت‬ ‫قبل ذلك أربع دورات انتخابية على‬ ‫أساس هذا القانون الذي وضع في‬ ‫عهد الرئيس فؤاد شهاب (‪-1960‬‬ ‫‪.)1972 -1968 -1964‬‬

‫أمني الداخلية‬ ‫في تيار التوحيد‬ ‫اللبناني‬ ‫هشام األعور‬

‫من أراد الحرية عليه أن يخوض غمارها‬ ‫لم تعد املسألة خافي ًة او آني ًة مسألة تردي اوضاع‬ ‫الطائفة الدرزية ‪ ,‬ألنها صارت متارس على كل الصعد‬ ‫الفردية واجلماعية باساليب ال تراعي وحدة اجملتمع وال‬ ‫مصاحله‪ .‬وال تراعي الترابط االجتماعي ال وطنيا ً وال‬ ‫إجتماعيا ً وال مذهبيا ً ‪ ,‬مما يجعل مجتمع ابناء التوحيد‬ ‫ارضا ً خصبة ألسباب التوتر االجتماعي ‪ .‬ومجتمعا ً‬ ‫مهددا ً بعدم االستقرار مع تراكم الشتات واإلخفاق ‪.‬‬ ‫ومن قناعتنا باننا إذا افتقدنا مبادرة اإلصالح ‪ ,‬ال‬ ‫يجب ان نفتقد اإلميان بضرورة مجتمع املوحدين الدروز‬ ‫الذي كان على الدوام مجتمعا ً إنسانيا ً روحيا ً وطنيا ً‬ ‫واملوحدون اليوم مدعوون بإحلاح للنظر في شؤون‬ ‫وشجون مجتمعهم ‪ .‬والعمل الدائم لبحث املسائل‬ ‫التي هي غاية في اخلطورة والسعي الدائم للمحافظة‬ ‫على مقوماتهم اإلنسانية والروحية والوطنية التي‬ ‫متثل منهجهم الروحي ‪ .‬ولكي نثبت بأن في مذهب‬ ‫املوحدين منطلقا ً آخر يضيء مسالك احلياة بكاملها‬ ‫ونحن في أبلغ وأخطر مرحلة مير بها مجتمعهم ‪.‬‬ ‫فاإلميان وحده ال يكفي لتحقيق البقاء مع املعاناة‬ ‫القائمة ‪ ,‬بل يجب أن يقترن اإلميان باملبادرة للنهوض‬ ‫به من بني تراكمات التاريخ اخلاطئة كاجلهل والتخلف‬ ‫االجتماعي والوطني احلضاري ‪ ,‬ومن تراكم االعاقات‬ ‫للحقوق والواجبات املترتبة ا ّذ ما زالت عالقة ‪ .‬والنهوض‬ ‫مبجتمع التوحيد لتمتني اجملتمع بامناط مستحدثة‬ ‫من التفكير االجتماعي املتصالح بعد ان بلغ التنافر‬ ‫والشتات حدوده القصوى ‪ ,‬وذلك من خالل رؤية يصيغها‬ ‫املفكرون املؤمنون النخبة وتعيد تكوين اجملتمع نخبة‬ ‫تقدس املصلحة العامة وهي فوق‬ ‫ثابته في إميانها ّ‬ ‫الفردية واملصلحة الشخصية الطاغية إجتماعيا ً‬ ‫وسياسيا ً ‪ .‬وتتعداها الى ما يعالج اإلنهيار معاجلة‬ ‫حتقق من خاللها فرص التكافؤ مع القوى االجتماعية‬ ‫والشرائح االخرى في الوطن ‪ ,‬واذا توفر لنا هذا اإلميان‬ ‫الثابت بأحقية أبناء التوحيد وجدارتهم باملشاركة‬ ‫في احلقول اإلنسانية والوطنية العامة وبأهليتهم‬ ‫ليكونوا شريحة إنسانية ووطنية متارس بنضارة‬ ‫عقلها وسالمة معتقدها دورها اإلنساني احلضاري ‪,‬‬ ‫وألن في مذهب التوحيد نخبا ً هامة موجودة بالفعل‬ ‫ترفض التردي احلاصل في مجتمعها ووطنها وميكنها‬ ‫أن تضع حلوال ً وأجوبة نزيهة وحاسمة على التهافت‬ ‫واالعتداء على احلق العام ‪ ,‬نخبا ً تعرف حتديد واجباتها‬ ‫حيال تدعيم اجملتمع ومتتني بنيانه ‪ .‬ودعما ً لوحدة الوطن‬ ‫‪ .‬واذا فقدت النخبة عقل وارادة االصالح فال يبقى مبرر ً‬ ‫هامشي ‪ .‬وال يجوز انتظار الكارثة‬ ‫لوجودها سوى وجودٍ‬ ‫ّ‬ ‫ألن القطار انزلق عن السكة وانهار‪ ,‬وعم الفساد‬ ‫وغل احلق ّ‬ ‫واستشرى الباطل وثار وق ّيدت الكفاءات ّ‬ ‫وحل‬ ‫وبا ٌء اجلهل واإلنصياع في هذا الزمان العجيب ‪.‬‬ ‫وما من سبيل لتاخير الشعوب عن اللحاق بركب‬ ‫احلضارة والوعي والنهوض باألمة نحو مستقبل أرقى‬ ‫سوى تنازلها عن دورها وموقعها بتقرير مصيرها‬ ‫واملساهمة في صنع املستقبل ملصلحة زعماء‬ ‫إقطاعيني وما ادراك ما اإلقطاع ‪ ,‬اإلقطاع في شعبنا‬ ‫هو آفة اآلفات التي أوقفته عن مواكبة قافلة التقدم‬

‫‪93‬‬

‫فسمرته في مواضعه اخللفية ال يتحرك مع‬ ‫والعمران‬ ‫ّ‬ ‫الزمن ‪ .‬ألن االقطاعي غالبا ً ما يرث قيادة محيطه ليس‬ ‫ألن صفات القيادة به اجتمعت ‪ ,‬بل ألنه ميتلك مس ّوغات‬ ‫إقطاعية درج اصحابها على التحكم برقاب العباد منذ‬ ‫مئات السنني ‪ ,‬او أنه من حديثي النعمة املشبوهة وهذه‬ ‫وحدها افظع اجناس اإلقطاع وهذا أعظم مما خفي ‪.‬‬ ‫واإلقطاعيون حفنة من الناس يديرون قومهم‬ ‫كما يدير الراعي قطيعا ً من األغنام ‪ ,‬وال هم لهم إالّ‬ ‫الكسب واستدرار الفقير وهم كالعلق ميصون حتى‬ ‫آخر نقطة د ّم من هذا الشعب وال يهمهم شيء من‬ ‫مصير بالدهم وكرامتها االّ أن يظلوا مسيطرين ‪ ,‬إن‬ ‫الشعوب تساس بالعلم واملعرفة والويل ألمة تساس‬ ‫باجلهل واجلهالء إن الشعوب تساس باملبادىء الصريحة‬ ‫الواضحة التي تخطط سبل احلياة والويل ألمة تساس‬ ‫باإلرجتال والوصولية واالهواء اجلامحة العمياء ‪.‬‬ ‫يدأب اإلقطاع على تعميم اجلهل وخنق احلرية‬ ‫والعلم ألنه باجلهل يسيطر وبنشر الوعي والعلم‬ ‫يفشل بتحقيق مآربه‪ ,‬وما اكثر األمثلة على ذلك ‪.‬‬ ‫ميجدون الزعماء واإلقطاعيني‬ ‫فكم من م ّرة تسمع اناسا ً ّ‬ ‫ويهتفون بإسمهم فتتساءل عن املبادىء والقيم التي‬ ‫وضعوها دستورا ً ألمتهم وما هي األسس التي درجوا‬ ‫كسراب بقيعة‬ ‫عليها في خدمة مواطنيهم ‪ .‬فتراهم‬ ‫ٍ‬ ‫بحد العيان لم يجده‬ ‫يحسبه الظمأن ماء فاذا جاءه ّ‬ ‫شيئا ‪ .‬فثبت حقا ً انهم على ضالل ‪ .‬فالويل لكم يا‬ ‫عابدي املال املقدسني الشعارات اجلوفاء الكافرين‬ ‫بالروح واملبدأ ‪ ,‬الويل ألمتكم من جهلكم وذلكم ‪.‬‬ ‫ان الذين سادوا الشعوب ونصبوا انفسهم كثيرون ‪,‬‬ ‫فالقيادة القائمة على غير املبادىء الثابتة سيرفضها‬ ‫التاريخ ‪ .‬وال حياة ألمة تسير وراء االشخاص وال تسير‬ ‫وراء املبادىء ‪ ,‬ان االشخاص كلهم زائلون وال حياة االّ‬ ‫للمباديء الصحيحة التي تفوز وحتيا خالدة واحلق الذي‬ ‫يواجه التحديات تهتف به احلياة وترفعه الى أعلى‬ ‫مراتب النصر ‪ ,‬وبالرغم من هذا ال ولن ميوت التاريخ ولن‬ ‫يغفل ابداً‪ ,‬حقائبه مز ّودة باحلقائق وخزائنه فائضة ال‬ ‫تنفذ ‪ ,‬وناقوسه سيقرع وينابيعه ترشح دائما ً باملاء‬ ‫الزالل وشموسه نورها مشرق ابدا ً ‪ ,‬كاشف ًة للظلم‬ ‫معلن ًة شموخ احلق في النفوس احلية ولو بعد حني إن‬ ‫للباطل جولة وللحق كل جولة ‪.‬‬ ‫فيا ابناء قومي في هذا الوطن العزيز ‪ ,‬اذا كنتم حتى‬ ‫اآلن تستشعرون طعم احلرية فقد آن لكم اإلنعتاق من‬ ‫ّ‬ ‫ذل العبودية حيث تبقى الطاعة هلل وحده فإن ناضلتم‬ ‫من اجل احلرية المستم التغيير فكان رهانا ً على‬ ‫املستقبل ونصرا ً مبينا ً ‪ ,‬مكلالً لسعيكم املشكور‬ ‫وجهدكم املبرور ولنعلم جميعا ً ( إن اهلل ال يغ ّير ما‬ ‫بقوم حتى يغييروا ما بانفسهم ) نسأل اهلل خالقنا‬ ‫ٍ‬ ‫وهادينا ان يقينا ويعصمنا من الردى ويأخذ بنفوسنا‬ ‫الى نهج الهدى ويجعل لنا من كل ضيق مخرجا‪.‬‬

‫رئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫الشيخ صالح ضو‬ ‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫منبر رياضي‬

‫لاير مدريد‪ ..‬النادي الملكي فـــــــ‬

‫ريال مدريد هو فريق كرة قدم محترف‪ ،‬إسباني‬ ‫يقع في العاصمة اإلسبانية مدريد‪ .‬تأسس عام‬ ‫‪ ،1902‬لعب الفريق في الدوري اإلسباني ومت اختياره‬ ‫كأجنح فريق كرة قدم في القرن العشرين‪ ،‬وقد فاز‬ ‫بالدوري اإلسباني إحدى وثالثني مرة (رقم قياسي)‪،‬‬ ‫وحاز سبع عشرة مرة كأس ملك إسبانيا ورقما‬ ‫قياسيا بتسع بطوالت في دوري أبطال أوروبا‪،‬‬ ‫وفي ‪ 21‬مايو ‪ ،1904‬كان ريال مدريد أحد األعضاء‬ ‫املؤسسني الحتاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)‬ ‫وهو أيضا أحد أعضاء ‪ 14-G‬لألندية القيادية في‬ ‫أوروبا‪ ،‬وحاليا مت إلغاؤها واستبدلت برابطة األندية‬ ‫األوروبية‪.‬‬ ‫الفريق يلعب جميع مبارياته الرسمية في ملعب‬ ‫سانتياغو بيرنابيو في العاصمة مدريد‪ .‬وريال‬ ‫مدريد يختلف عن العديد من األندية في العالم‪،‬‬ ‫ألنه ميتلكه أعضاء النادي (‪ )soicos‬ويس ّيرون أمور‬ ‫النادي باختيار رئيس ينوب عنهم في تسيير النادي‬ ‫منذ تأسيسه عام ‪ .1902‬وفي ‪ 23‬كانون الثاني‬ ‫‪ ،2000‬اختارت الفيفا الفريق اإلسباني ليكون‬ ‫«أفضل نادي في القرن العشرين»‪.‬‬ ‫ويعتبر ريال مدريد أكبر ناد من حيث القاعدة‬ ‫اجلماهيرية‪ ،‬وذلك حسب دراسة ألحد أعرق‬ ‫اجلامعات العاملية «جامعة هارفارد» عام ‪.2007‬‬ ‫وأيضا ً يعتبر حاليا ً أغنى ناد في العالم حسب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫امليزانية السنوية‪.‬‬ ‫بعد تأسيس النادي في عام ‪ ،1902‬كان الفريق‬ ‫يستخدم بعض املالعب البسيطة في مدريد‬ ‫للعب املباريات حتى انتقل ألول ملعب كان اسمه‬ ‫ّ‬ ‫وظل الفريق‬ ‫ملعب ‪ llennoD>O‬في عام ‪.1912‬‬ ‫يستخدمه الستقبال املباريات التي تقام على‬ ‫أرضه ملدة أحد عشر عاما‪ .‬وبعد تلك الفترة‪ ،‬انتقل‬ ‫الفريق مللعب ‪ laeniL daduiC‬مؤقتا ً وكان امللعب‬ ‫صغيرا ً ويستقبل حوالى ‪ 8000‬مشجع‪ .‬ومن ثم‬ ‫انتقل الفريق ألول ملعب ميلكه ويسمى ملعب‬ ‫«تشيرمارتني» حيث افتتح في ‪ 17‬مايو ‪1923‬‬ ‫مبباراة ضد نيوكاسل يونايتد اإلنكليزي‪ .‬وفي هذا‬ ‫امللعب‪ ،‬الذي يتسع حلوالى ‪ 22‬ألف و ‪ 500‬متفرج‪،‬‬ ‫احتفل فريق ريال مدريد بأول بطولة دوري‪.‬‬ ‫وقد حصد العديد من النجاحات‪ ،‬وفي عام‬ ‫‪ 1923‬مت انتخاب سانتياغو بيرنابيو رئيسا ً للنادي‪،‬‬ ‫وقرر أن ملعب «تشيرمارتني» ليس بقدر طموحات‬ ‫النادي وأمر ببناء ملعب جديد‪ .‬ومت بالفعل االنتهاء‬ ‫من بناء امللعب اجلديد في ‪ 14‬ديسمبر ‪ 1947‬الذي‬ ‫يسمى حاليا ً ملعب «سانتياغو بيرنابيو» منذ‬ ‫العام ‪ .1955‬وأول مباراة أقيمت في امللعب كانت‬ ‫بني ريال مدريد والنادي البرتغالي «بلينينسيش»‬ ‫في حفل افتتاح امللعب‪ ،‬وانتهت بفوز الفريق‬ ‫امللكي بنتيجة ‪3‬ـ‪ ،1‬وكان أول هدف في امللعب من‬

‫‪94‬‬

‫نصيب العب ريال مدريد سابينو بارينغا‪.‬‬

‫القدرة االستيعابية للملعب‬ ‫والقدرة االستيعابية للملعب زيدت بشكل‬ ‫كبير حتى وصلت ألكثر من ‪ 120‬ألف متفرج‬ ‫بعد العمل على توسيع امللعب عام ‪ .1953‬وبعد‬ ‫فترة طويلة خُ فضت القدرة االستيعابية نظرا ً‬ ‫للتحديثات التي حصلت للملعب‪ ،‬وفي موسم‬ ‫‪ 99-1998‬تقلصت القدرة االستعابية للملعب‬ ‫بعد توفير مقاعد جديدة‪ ،‬وذلك تطبيقا ً لتعليمات‬ ‫االحتاد األوروبي التي تنص على أن تكون املالعب‬ ‫مهيأة بجميع وسائل السالمة واستبدال أماكن‬ ‫الوقوف مبقاعد لكي تكون مهيأة الستقبال‬ ‫البطوالت القارية‪ .‬وآخر حتديث للملعب كان‬ ‫بإضافة خمسة آالف مقعد لكي تصل إلى القدرة‬ ‫احلالية للملعب وهي ‪ 80‬ألف و ‪ 400‬متفرج‪ ،‬وذلك‬ ‫عام ‪ .2003‬وهناك خطة مستقبلية ُكشف‬ ‫عنها ومن أهم نقاطها تغطية امللعب بسقف‬ ‫متحرك‪.‬‬ ‫استضاف ملعب سانتياغو بيرنابيو عددا من‬ ‫املباريات والنهائيات أهمها نهائي كأس العالم عام‬ ‫‪ ،1982‬ونهائي بطولة أمم أوروبا عام ‪ .1964‬وعلى‬


‫ـــــي إسبانيا‬

‫مستوى األندية استضاف نهائيات بطولة دوري‬ ‫أبطال أوروبا أعوام ‪ 1957‬و ‪ .1980 1969‬وكذلك‬ ‫اختير امللعب الستضافة نهائي دوري أبطال أوروبا‬ ‫عام ‪ .2010‬وحاليا ً رُفع تصنيف امللعب من قبل‬ ‫االحتاد األوروبي لكرة القدم من تصنيف خمس‬ ‫جنوم إلى أعلى تصنيف متنحه املنظمة حتت اسم‬ ‫امللعب الفخري‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬

‫الئحة بأسماء الالعبين‬ ‫الالعب‬ ‫المركز‬ ‫ايكر كاسياس‬ ‫حراس المرمى‬ ‫جيرزي دوديك‬ ‫جوردي كودينا‬ ‫كريستوف ميتذلر‬ ‫فابيو كانافارو‬ ‫غبريل هاينز‬ ‫مارسيللو‬ ‫المدافعون‬ ‫مايكل سالغادو‬ ‫ميغيل توريس‬ ‫بيبي‬ ‫سيرجيو راموس‬ ‫ألبيرتو بوينو‬ ‫فرناندو غاغو‬ ‫جوتي‬ ‫خافيير غارسيا‬ ‫مامادو ديارا‬ ‫العبو الوسط‬ ‫رفاييل فان دير فارت‬ ‫رويستن درينث‬ ‫روبين دي الريد‬ ‫ويزلي شنايدر‬ ‫السانا ديارا‬ ‫أرين روبين‬ ‫غونزالو هيجوين‬ ‫خافيير سافيوال‬ ‫المهاجمون‬ ‫راوول غونزاليس‬ ‫رودفان نيستلروي‬

‫راؤول مغرم بصوت «فيروز»‬ ‫وتعلم العربية من أجلها‬ ‫بعيدا ً عن أجواء كرة القدم واملنافسة املستمرة حلصد البطوالت‪ ،‬كشف “راؤول غونزاليس” قائد فريق‬ ‫ريال مدريد اإلسباني الكثير عن اجلانب اآلخر من حياته الشخصية‪ ،‬حيث أفصح عن عشقه للموسيقى‬ ‫التي تهدئ من روعه وأعصابه بعد املعاناة التي يعيشها في كثير من مباريات النادي امللكي‪.‬‬ ‫وقال راؤول إنه يحب االستماع للمطربني ريكي مارتن‪ ،‬وخوليو أغليسياس‪ ،‬وتينا أرينا رغم أن معظم‬ ‫أغانيها فرنسية‪ ،‬كما عبر عن إعجابه باملطربة اللبنانية فيروز ووصف غناءها بالرائع واملذهل‪ ،‬وذلك‬ ‫حسبما ذكرت صحيفة «آس» اإلسبانية‪.‬‬ ‫وأشاد جنم الكرة اإلسبانية بصوت املطربة فيروز ونقائه على الرغم من أنه ال يفهم اللغة العربية إال‬ ‫القليل منها‪ ،‬مشيرا ً إلى أنه كلما التقى شخصا ً أو صديقا ً عربيا ً يسأله عن معنى هذه األغاني‪.‬‬ ‫وأوضح راؤول أنه حاول تعلم اللغة العربية عن طريق أحد أصدقائه العرب في املدرسة‪ ،‬وهو مغربي‬ ‫ويدعى رشيد‪ ،‬مشيرا ً إلى أنه تعلم بعض الكلمات العربية‪ ،‬لكنه لم يستطع إجادة اللغة كليا بعدما‬ ‫تركه صديقه وسافر إلى كندا‪ ..‬مشددا ً على أنه ما زال على اتصال بصديقه املغربي ويتحدث معه من‬ ‫فترة ألخرى‪ .‬وأرجع النجم اإلسباني رغبته في تعلم اللغة العربية إلى حرصه املستمر على التعرف‬ ‫على حضارات الغير‪ ،‬الفتا ً إلى أن إسبانيا لديها تاريخ إسالمي رائع وكان يأمل أن يتعلم اللغة العربية‪،‬‬ ‫حتى ال يكون جاهال به‪.‬‬ ‫وأفصح راؤول عن أنه متابع جيد لألفالم‪ ،‬خاصة التي يجسدها توم كروز‪ ،‬وريتشارد غير‪ ،‬وراؤول‬ ‫سانشيز‪ ،‬لكنه انتقد املزاجية التي هي إحدى عاداته التي لم يستطع التخلص منها حتى اآلن‪ ،‬معربا‬ ‫عن أمله في ترك هذه العادة في أقرب وقت‪.‬‬ ‫وكشف النجم اإلسباني عن أنه عاش قصة حب مع زوجته ماري كارمني سانشيز‪ ،‬بدأت عندما‬ ‫كانا في سن العاشرة حتى أمتا زفافهما‪ ،‬مشيرا ً إلى أنه قاتل حتى يفوز بقصة حبه األسطورية كما‬ ‫وصفها‪ .‬وأوضح راؤول أن والد زوجته كان يريد أن يزوجها لرجل غني من إيطاليا‪ ،‬لكنه ذهب إليه وطلب‬ ‫منه الزواج من ابنته رغم أن سنه كانت صغيرة وقتها‪ ،‬األمر الذي جعل الوالد يتراجع عن أن يزوجها‬ ‫للثري اإليطالي ليفوز بها راؤول في النهاية‪.‬‬ ‫وأشار الفتى املدلل للنادي امللكي إلى أن حضن زوجته هو املالذ الوحيد له عند الضيق أو الغضب‬ ‫حتى يصفو من جديد‪ ،‬موضحا أنه في بعض األوقات يرتاح عندما يجلس مع ابنه األكبر خورخي‪ ،‬الذي‬ ‫وصفه برجاحة العقل رغم صغر سنه‪.‬‬ ‫وشدد النجم اإلسباني على أن أكثر ما يزعجه عدم الثقة بالنفس واخلداع والكذب‪ ،‬مشيرا إلى أنه‬ ‫يكون سعيدا عندما يتناول الطعام‪.‬‬ ‫ومتنى راؤول أن يعود البرتغالي لويس فيغو واألرجنتيني سوالري واإلسباني فرناندو موريانتيس إلى‬ ‫صفوف الريال‪ ،‬معربا ً عن أمله في أن يضم النادي امللكي سيسك فابريغاس وكاكا وكريستيانو رونالدو‪،‬‬ ‫حتى يلعب بجوارهم‪.‬‬ ‫وفي سياق آخر‪ ،‬أكد قائد ريال مدريد أنه ال يفكر في االعتزال حالياً‪ ،‬خاصة أنه ما زال مرتبطا ً بعامني‬ ‫إضافيني مع النادي امللكي‪ ،‬مشيرا ً إلى أنه بعد نهاية املوسم احلالي سيبدأ في التفكير في كيفية وضع‬ ‫حد ملسيرته االحترافية‪.‬‬ ‫وقال راؤول إن االعتزال بات قريبا ً منه‪ ،‬ولكنه ما زال قادرا ً على اللعب ملدة موسمني أو ثالثة باملستوى‬ ‫الذي يحتاجه منه ناد كبير مثل ريال مدريد‪ ،‬رابطا ً بقاءه في املالعب بقدرته على املواصلة بنفس اللياقة‬ ‫البدنية التي يتمتع بها حاليا‪.‬‬ ‫وأوضح قائد النادي امللكي أن كل العب يحب أن يعتزل في قمة عطائه الفني‪ ،‬ولكن هذا القرار‬ ‫صعب‪ ،‬ألن أي العب ال يضع حدا ً ملشواره وهو ال يزال قادرا ً على العطاء‪ ،‬وقد اقتربت من هذا املوقف وأمتنى‬ ‫أن أتخذ القرار الصحيح‪.‬‬ ‫وأعرب راؤول عن سعادته باإلجناز الذي حققه بعد جناحه في تفوقه على رقم األسطورة ألفريدو دي‬ ‫ستيفانو بعد تسجيله هدفا في مرمى خيخون يوم األحد في املرحلة الثالثة والعشرين من الدوري‬ ‫اإلسباني في كرة القدم‪ ،‬ليصل راؤول إلى الرقم ‪ 308‬من عدد األهداف التي سجلها للنادي امللكي في‬ ‫الدوري فقط طوال مشواره مع النادي‪.‬‬ ‫وقال راؤول‪ :‬تفوق رقم دي ستيفانو شيء عظيم‪ ،‬ولكن الفضل يرجع لزمالئي من الالعبني واملدربني‬ ‫الذين عملت حتت قيادتهم منذ انتسابي للفريق األول‪ ،‬والذين ساعدوني للوصول إلى هذا الرقم من‬ ‫األهداف‪ ،‬فضالً عن حتفيز دى ستيفانو لي شخصيا ً لتجاوز هذا الرقم وتسجيل املزيد من األهداف‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫مقال‬

‫أبشري‬ ‫غ ّزة‬ ‫الشيخ‬ ‫راتب نصر اهلل ابوذياب‬

‫أمتي بني حوار القمم‬ ‫ّ‬

‫اغرق العدوان شعبا ً بالدم‬

‫وعلى وقع خصومات احلمى‬

‫تكتسي غزة ثوب احلمم‬

‫في لهيب النار متضي صرخة‬

‫حسها الصخر بقلب وفم‬ ‫ّ‬

‫فدم االطفال منشور لكم‬ ‫احرقوا غزة ارضا ً وفضا‬

‫أوقدموا النار بلحم ال ُيت َِّم‬ ‫صحن وامعتصماه اقدم‬

‫وباجساد شيوخ ونسا‬ ‫و ّلد القصف نهارا ً ودُجا‬

‫من لهيب ودخان مظلم‬

‫اوصدوا عنها ممرات النّجا‬

‫خنقوها بني فكي عدم‬

‫الصمت كي ينجوا بها‬ ‫طالبوها‬ ‫َ‬ ‫مجلس االمن بناء خائب‬ ‫وحدة العرب نرى النصر بها‬ ‫بني فتح وحماس وكذا‬ ‫فصدت غزَّوهم‬ ‫فئة ه ّبت‬ ‫ّ‬ ‫ابشري غزة ما ضاع الندا‬ ‫مانع‬ ‫نهجها فعل نضال‬ ‫ٍ‬ ‫له دعم واصل ساحاتِها‬ ‫من تخلى عنه اخلى عهده‬ ‫ابشري غز َة ُعرْبا ً ُفسلِما ً‬

‫انمّ ا العلة فينا ُفرْق ٌة‬

‫فهي نهج النصر في تاريخنا‬ ‫ف بيننا نص ُر العدا‬ ‫كل خُ لْ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫كل هذا الكون ال يرحمنا‬

‫فاجمعوا الصف تكونوا أم ًة‬ ‫ليس للفارس اال غارة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اوقفوا نار الكيان اجملرم‬

‫بحوار وهي رهن املأمت‬ ‫وقرارات لنصر ُّ‬ ‫الظلُم‬ ‫ال بصف تائه منقسم‬ ‫ضاع شعب في خالف ُمبهم‬

‫كيف لو كانوا كطوق ُم ْح َكم‬ ‫اقرب القربى جنو ُم ُّ‬ ‫الظلَم‬ ‫ُ‬ ‫قاوم االعداء ال َ‬ ‫بالكلم‬

‫ُ‬ ‫وصل الرَّحم‬ ‫اهل فيه‬ ‫حقُّ ٍ‬ ‫عهد حترير وصدق القسم‬ ‫لك حق في ضمير األمم‬ ‫فمع الوحدة نص ُر الهمم‬

‫وهي نور فوق خَ ْف ِق العلم‬ ‫ولنا فيه ِطعام العلقم‬

‫ضع ِفنا وال َو َهم‬ ‫إ ْن نكن في َ‬ ‫لها وق ُع السيف فوق ُّ‬ ‫الظلَ ِم‬ ‫يقطع بالضربة رأس الهيثم‬

‫انمّ ا احملتل غيم عاب ِ ٌر‬ ‫رحل العدوان في تاريخنا‬

‫السيف بل والقلم‬ ‫بجهاد ّ‬

‫ان ليل الظلم قد طال به‬

‫شمسنا الوحدة فوق ال ِقمم‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫مثلما قبل مضى في القدم‬


‫صدر المجلّدان األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫زوروا موقع تيار التوحيد اللبناني‬ ‫‪www.tayyar-tawhid.org‬‬

‫العدد ‪-26‬آذار ‪2009‬‬


‫زوروا موقع تيار التوحيد اللبناني‬ ‫‪www.tayyar-tawhid.org‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.