Manbar altawhid issue 34

Page 1

‫تيار التوحيد يكرم‬ ‫الصديق اإليراني السفير شياني‬

‫العدد ‪ 34‬ــ تشرين الثاني ‪2009‬ــ السنة الثالثة‬

‫تركيا العربية‬

‫ملتقى الجوالن رؤية جديدة‬ ‫للتحرير‬

‫الفرزلي ‪:‬ارفعوا أيديكم‬ ‫عن المسيحيين‬

‫هزيمة استخباراتية صهيونية في الجنوب‬

‫فادي عبود ‪ :‬تراجع الصادرات الصناعية سببه األسعار‬

‫فوزي شعيبي ‪ :‬أذكى ما فعله السوريون التمديد للحود‬

‫محمد كركي ‪ 800 :‬مليار مستحقات الضمان على الدولة‬

‫إسرائيل ‪ :‬التوراة النووية‬

‫‪1‬‬

‫دولةالثاين ‪2009‬‬ ‫‪ -34‬ترشين‬ ‫اشتراكية‬ ‫سفير الصين في لبنان ‪ :‬ماالعددزلنا‬


‫منرب التوحيد‬

‫في هذا العدد‬ ‫املنرب اللبناين‬ ‫الحريري يتحدّث‬ ‫األصويل»‬

‫تكريم صديق‬

‫نرشة شهرية داخلية تصدر عن امانة االعالم‬ ‫يف تيار التوحيد اللبناين‬

‫«اإلسالم‬

‫ص‪8‬‬

‫عن‬

‫خطر‬

‫املنرب العريب‬ ‫د‪ .‬محمد املجذوب لـ «منرب التوحيد»‪ :‬تقرير‬ ‫غولدستون سالح بيد العرب‬

‫ص‪44‬‬

‫طارق الشامي لـ «منرب التوحيد»‪ :‬الحسم‬ ‫العسكري ُفرض علينا يف صعدة وعالقتنا‬ ‫جيدة مع إيران‬

‫ص‪47‬‬

‫املنرب الفلسطيني‬ ‫مروان عبد العال لـ «منرب التوحيد»‪ :‬خرسنا‬ ‫التزامات لبنان األخالقية أمام الشعب‬ ‫الفلسطيني‬

‫ص‪52‬‬

‫املنرب الدويل‬ ‫تركيا وأرمينيا‪« ،‬عفا الله عام مىض»‬

‫العدد الرابع والثالثون ‪ /‬ترشين الثاين ‪ 2009‬السنة الثالثة‬

‫أول الكالم‬ ‫“منرب التوحيد” بدأت تحتل مساحة‬ ‫واسعة من اهتامم املسؤولني يف مراكز‬ ‫القرار‪ ،‬إىل قادة أحزاب وسياسيني‪،‬‬ ‫ومفكرين ومثقفني‪ ،‬وقادة رأي يف‬ ‫املجتمع املدين‪ ،‬إضافة إىل هيئات‬ ‫اقتصادية ونقابية واجتامعية‪.‬‬ ‫هذه اإلضاءة عىل االهتامم الذي‬ ‫تلمسه إدارة “منرب التوحيد” بها يؤكد‬ ‫عىل النجاح الذي حققته بشهادات‬ ‫قياديني وزمالء مهنيني‪ ،‬وهي تفتخر‬ ‫وتعتز بها‪ ،‬ويدفع بأرستها إىل مزيد من‬ ‫العطاء واإلبداع والتطور‪ ،‬إذ استطاعت‬ ‫هذه املجلة من أن تزاوج بني الصحافة‬ ‫الحزبية‪ ،‬والعمل املهني‪ ،‬فليست هي‬ ‫نرشة حزبية‪ ،‬وال منشوراً حزبياً‪ ،‬هي‬ ‫تعرب عن “تيار التوحيد” وسياسته‪،‬‬ ‫وتعكس نشاطه وانتشاره‪ ،‬ويف الوقت‬ ‫نفسه‪ ،‬تقدم للقارئ مادة متنوعة‪،‬‬ ‫إلغناء فكره السيايس‪ ،‬وتنوير الرأي‬ ‫العام عىل قضايا وطنية واقتصادية‬ ‫واجتامعية‪ ،‬وهي يف هذا املجال أصابت‪،‬‬ ‫واستطاعت أن تشكل نقطة جذب‬ ‫للقراء من كل االتجاهات السياسية‬ ‫والحزبية واملنابع الفكرية واملنابت‬ ‫العقائدية‪.‬‬ ‫فـ “منرب التوحيد” ليس خارج فضاء‬ ‫التغيري يف املجتمع‪ ،‬وهي يف دائرة‬ ‫النضال االقتصادي – االجتامعي‪،‬‬ ‫لقضايا املواطنني املعيشية والحياتية‪،‬‬ ‫وال ميكن إال أن تكون مع املقاومة يف‬ ‫مواجهة العدو اإلرسائييل‪ ،‬وإىل جانب‬ ‫الفلسطينيني يف حقوقهم الوطنية‬ ‫واسرتجاع كامل أرضهم‪.‬‬ ‫وألنها كذلك هي اليوم املتقدمة بني‬ ‫وصيفاتها وقد تكون أجملهن‪.‬‬

‫ص‪64‬‬

‫املنرب الفني‬ ‫الفنان رشبل خليل‪ ،‬جرأة خاصة يف تقليد‬ ‫الشخصيات وتقديم االسكتشات‬

‫ص‪74‬‬

‫املنرب الثقايف‬ ‫أسامة بعلبيك طبيعته الصامتة يف لوحة‬ ‫«بوسطة عني الرمانة» أكسبته امليدالية‬ ‫الفضية‬

‫ص‪78‬‬

‫فرقة الكرامة التونيسية هناك قرار لتفريغ‬ ‫االنتصارات من معناها‬

‫ص‪80‬‬

‫املنرب االجتامعي‬ ‫جان عرت لـ «منرب التوحيد»‪ :‬أطفال الشوارع‬ ‫مجرمو املستقبل‪ ،‬عىل من تقع مسؤوليتهم‬ ‫املنرب الريايض‬ ‫األرجنتني تخطف بطاقة التأهل‬ ‫العامل‪ ،‬واأللعاب الفرنكوفونية جسد بال روح‬

‫لكأس‬

‫ص ‪84‬‬

‫ص‪96‬‬

‫سكرترية التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العنوان ‪ :‬بريوت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضامن االجتامعي‬

‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪ 0966600099 :‬الطباعة ‪ :‬دار بالل للنرش والطباعة‬

‫‪2‬‬

‫‪1003‬‬

‫«أرسة التحرير»‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منذ أن خرجت القوات السورية من لبنان‪ ،‬قبل أكرث من أربع‬ ‫سنوات‪ ،‬وهو يتعرث يف إطالق مسرية الدولة‪ ،‬وتثبيت االستقرار‬ ‫السيايس‪ ،‬وترسيخ السلم األهيل‪ ،‬ألن من كان يرعى تطبيق‬ ‫اتفاق الطائف بقرار إقليمي – دويل‪ ،‬اتخذ يف العام ‪،1990‬‬ ‫ُسحب منه وباتت الساحة اللبنانية مكشوفة عىل كل‬ ‫رصاعات املحاور العربية واإلقليمية والدولية‪ ،‬ودخلت إليها‬ ‫أجهزة استخبارات عدة‪ ،‬فلم يعد األمن محصنا‪ ،‬وقد اهتز يف‬ ‫أكرث من محطة‪ ،‬فوقعت عمليات اغتيال وتفجري‪ ،‬وكاد الوضع‬ ‫األمني أن ينزلق نحو حرب أهلية‪ ،‬بعد أن تعزز الخطاب الطائفي‬ ‫واملذهبي‪.‬‬ ‫خرجت سوريا من لبنان‪ ،‬يف محطة كان عىل اللبنانيني أن‬ ‫يستكملوا ما بقي مام اتفقوا عليه يف الطائف‪ ،‬وكتبوه يف‬ ‫وثيقة الوفاق الوطني‪ ،‬التي أصبح بعض بنودها مواداً دستورية‪،‬‬ ‫إال أن اإلصالحات األساسية مل تأخذ طريقها إىل التطبيق‪،‬‬ ‫والسيام يف عناوين إصالحية منها قانون االنتخاب‪ ،‬إلغاء‬ ‫الطائفية‪ ،‬الالمركزية اإلدارية‪ ،‬اإلمناء املتوازن‪ ،‬فصل السلطات‬ ‫وتعاونها‪ ،‬استقاللية القضاء‪ ،‬الخ‪...‬‬ ‫هذه املبادئ اإلصالحية التي شكلت املخرج السيايس‬ ‫والدستوري‪ ،‬إلنهاء الحرب العبثية بني اللبنانيني‪ ،‬التي امتدت‬ ‫نحو ‪ 15‬عاماً‪ ،‬وحصلت عىل موافقة عربية – إقليمية – دولية‪،‬‬ ‫مل تتقدم نحو بناء الدولة‪ ،‬التي يف روح وثيقة الوفاق الوطني‪،‬‬ ‫هي دولة وجهها ال طائفي‪ ،‬إذ يف بنودها ما يؤكد عىل توجه‬ ‫نحو إلغاء الطائفية‪ ،‬واالتجاه يف خارطة طريق نحو قيام دولة‬ ‫مدنية‪ .‬فتشكيل الحكومة الذي تأخر أشهراً‪ ،‬ليس هو األزمة‪،‬‬ ‫بل انبثاق السلطة الذي يبدأ من مكان آخر‪ ،‬هو مجلس النواب‪،‬‬ ‫وأساسه قانون انتخاب خارج القيد الطائفي كام نص اتفاق‬ ‫الطائف‪.‬‬ ‫فليست املرة األوىل التي تحصل فيها أزمة حول تأليف‬ ‫الحكومة‪ ،‬فتاريخ لبنان الحديث يكشف عن ذلك‪ ،‬والسبب‬ ‫يعود إىل املحاصصات الطائفية واملذهبية التي كرسها النظام‬ ‫السيايس‪ ،‬ومل يتمكن اللبنانيون من الخروج منه وعليه‪ ،‬إذ‬ ‫منه تولد األزمات‪ ،‬منذ أن أبرص النور مع تكوين قامئقاميتني‬ ‫درزية ومارونية يف جبل لبنان‪ ،‬أثر الحوادث الطائفية الدامية‬ ‫يف العام ‪ ،1860 – 1840‬فكان هذا التوزيع السيايس الطائفي‪،‬‬ ‫بداية لنشوء النظام السيايس‪ ،‬الذي رعته الدول السبع التي‬ ‫كانت وصية عىل لبنان‪ ،‬ووكيلة لطوائفه ومذاهبه‪ ،‬يف زمن‬ ‫السلطنة العثامنية التي بدأت تشيخ‪ ،‬ودخلت يف عرص‬ ‫“الرجل املريض”‪.‬‬ ‫فبدون إجراء إصالحات عىل النظام السيايس فإن األزمة‬ ‫ستظل قامئة والفنت مشتعلة والحروب األهلية دامئة‪ ،‬إذ العلة‬ ‫يف تكوين السلطة التي مل يتفق اللبنانيون عىل شكلها‪،‬‬ ‫وإن كانت مقدمة الدستور أكدت عىل النظام الربملاين‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬لكن يف كل نتائج االنتخابات التي انبثقت منذ‬ ‫اتفاق الطائف‪ ،‬كانت السلطة فيه‪ ،‬تجمع طوائف لسلطات‬

‫كلمة‬ ‫املنرب‬

‫دكتاتورية‬ ‫طائفية‬ ‫ال‬ ‫ديمقراطية‬ ‫توافقية!‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪4100‬‬

‫متعددة‪ ،‬ال لسلطة مركزية واحدة‪ ،‬وأن االنتخابات األخرية أفرزت‬ ‫“فدرالية طوائف ومذاهب”‪ ،‬وهو ما يعقد تشكيل الحكومة‬ ‫الحالية‪ ،‬أو أية حكومة أخرى‪ ،‬ألن الخالف هو حول مشاركة‬ ‫الطوائف يف السلطة‪ ،‬وقد حصل هذا األمر مطلع السبعينات‬ ‫من القرن املايض‪ ،‬وأدى إىل انفجار النظام السيايس من داخله‪،‬‬ ‫حيث شهد العام ‪ ،1969‬أزمة تشكيل الحكومة برئاسة املرحوم‬ ‫رشيد كرامي‪ ،‬ودامت حوايل سبعة اشهر‪ ،‬ومل ُتحل إال بتدخل‬ ‫خارجي‪ ،‬وعقد “اتفاق القاهرة” بني الحكومة اللبنانية ومنظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية‪ ،‬لتنظيم الوجود الفلسطيني املسلح‬ ‫داخل املخيامت وخارجها‪.‬‬ ‫ويكرث الحديث عن رضورة البحث يف وضع النظام السيايس‪،‬‬ ‫سواء لجهة تطبيق اتفاق الطائف وهو األكرث تداوالً‪ ،‬أو إجراء‬ ‫تعديالت عليه‪ ،‬لضامن متثيل سيايس يف السلطة‪ ،‬اكرث منه‬ ‫متثيل طائفي ومذهبي‪ ،‬والعبور إىل ذلك له عنوان واحد‪ ،‬هو قانون‬ ‫انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي‪ ،‬حيث أخطأ اللبنانيون‬ ‫بعدم إقراره يف املرحلة األوىل من بناء دولة الطائف‪ ،‬ولكن تم‬ ‫ربط اإلصالحات السياسية‪ ،‬مبسألة الوجود السوري يف لبنان‪،‬‬ ‫كام يف تحرير لبنان من االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬وخرس اللبنانيون‬ ‫فرصة‪ ،‬تحررهم من العلة الطائفية‪ ،‬التي هي املرض الذي يعانون‬ ‫منه‪ ،‬منذ نحو قرنني من الزمن‪ ،‬ومل يتهيأوا بعد للشفاء منه‪،‬‬ ‫إذ استوطن فيهم‪ ،‬وتساكنوا معه‪ ،‬لكنه تساكن مع السكني‬ ‫املسنونة دامئاً‪ ،‬وهي عىل رقبتهم‪ ،‬تعمل فيهم تقطيعاً وقت ًال‬ ‫عىل الهوية عند كل أزمة سياسية‪ ،‬وفتنة طائفية‪.‬‬ ‫فالرئيس املكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري‪ ،‬يدور حول‬ ‫األسامء والحقائب‪ ،‬ولكنه ال يدخل إىل عمق األزمة‪ ،‬ومثله يفعل‬ ‫قادة األحزاب املفروزة عىل قياس الطوائف واملذاهب‪ ،‬بحيث‬ ‫أصبحت الوزارات سيادية عىل قياسها‪ ،‬واألخرى الخدماتية‬ ‫توزع عىل أصحاب الوالءات السياسية‪ ،‬والتحالفات االنتخابية‪،‬‬ ‫بحيث تدور األزمة عىل نفسها‪ ،‬وال خروج منها‪ ،‬إال بتدخل‬ ‫خارجي‪ ،‬أو انقالب يف املوازين الداخلية‪ ،‬ويف الحالتني يدخل‬ ‫لبنان يف حرب جديدة‪.‬‬ ‫لذلك فإن الحكومة املسامة وحدة وطنية‪ ،‬إذا تشكلت فإنها‬ ‫ستعكس صورة النظام السيايس‪ ،‬وهي لن تكون سوى انعكاسا‬ ‫للواقع السيايس الطائفي املنقسم بني محاور ومعسكرات‪ ،‬إذ‬ ‫يبدو الخارج مؤثراً يف الداخل‪ ،‬وما إعالن السفرية األمريكية يف‬ ‫بريوت “ميشال سيسون” بأنها مع حكومة تشكلها األكرثية‬ ‫فقط دون املعارضة‪ ،‬ما هو إال إشارة إىل ارتباط تشكيل‬ ‫الحكومة بالقرار األمرييك الذي يرفض أن يتمثل يف الحكومة‬ ‫حزب مقاوم هو وفق مزاعم اإلدارة األمريكية “تنظيم إرهايب” أو‬ ‫أن يدخل تيار سيايس مثل “التيار الوطني الحر” إىل الحكومة‪،‬‬ ‫متفاهم مع املقاومة‪ ،‬وانحاز إىل املحور السوري – اإليراين‪ ،‬وأبعد‬ ‫املسيحيني عن الغرب وأعادهم إىل مرشقيتهم‪.‬‬ ‫إن ما سمح للسفرية األمريكية وغريها من السفراء بالتدخل‬ ‫يف الشؤون اللبنانية‪ ،‬هو النظام السيايس الطائفي‪ ،‬وقد‬

‫أعادنا إىل زمن القناصل يف القرن التاسع عرش‪ ،‬حيث كان لهم‬ ‫القول الفصل يف تقرير سياسة لبنان‪ ،‬ولن يتغري هذا الواقع‬ ‫إال مع تغيري صيغة النظام‪ ،‬ونزع الوصاية الخارجية عنه نهائياً‪،‬‬ ‫وهذا األمر لن يتحقق إال مع إجراء إصالحات جذرية وحقيقية‪،‬‬ ‫تبدأ ليس يف تشكيل الحكومة بل بانبثاق السلطة‪ ،‬وتفتيت‬ ‫مجلس النواب من الكتل الطائفية‪ ،‬وهي بعد االنتخابات‬ ‫األخرية متقاربة يف الحجم‪ ،‬ومتوازنة إىل حد ما يف التمثيل‪،‬‬ ‫إذ تم احتكار متثيل الطوائف واملذاهب‪ ،‬بسبب النظام األكرثي‬ ‫واعتامد القضاء يف االنتخابات‪ ،‬حيث كان الخطاب الطائفي‬ ‫واملذهبي هو الربنامج‪ ،‬والشعارات الطائفية عناوين املعارك‬ ‫االنتخابية‪ ،‬وصناديق االقرتاع مشاريع مقابر جامعية تنتظر‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬ألن ما فيها من أوراق‪ ،‬كان رصاص وقذائف يضعها كل‬ ‫فريق طائفي يف صندوق االقرتاع‪ ،‬يحملها مواطنون مدججون‬ ‫بأفكار إلغاء اآلخر وكرهه وتأجيج الحقد عليه‪.‬‬ ‫هذه هي صورة الواقع املأساوي يف لبنان‪ ،‬الذي يعيش منذ‬ ‫لحظة اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬مرحلة انتعاش للحالة‬ ‫املذهبية والطائفية‪ ،‬وأن من خطط لهذه الجرمية‪ ،‬أراد أن ينقل‬ ‫التجربة العراقية إىل لبنان‪ ،‬الذي كان بدأ يخرج من “القربصة”‬ ‫التي فرضت عليه‪ ،‬ومن “اللبننة” التي امتاز بها عندما مارس كل‬ ‫أنواع التخلف والرجعية والتقهقر الثقايف والحضاري‪ ،‬باللجوء‬ ‫إىل القتل عىل الهوية‪ ،‬واستخدام اإلبادة الجامعية‪ ،‬وارتكاب‬ ‫املجازر‪ ،‬وتنظيم عملية التهجري للمدن والقرى‪ ،‬عىل طريقة‬ ‫عصابات “الهاغاناه” الصهيونية التي طردت الفلسطينيني‬ ‫من أرضهم يف العام ‪ ،1948‬فامرس بعض اللبنانيني النموذج‬ ‫اليهودي نفسه‪ ،‬وتدربوا عليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فكل ما يجري حول تشكيل الحكومة ليس إال مظهرا من‬ ‫مظاهر النظام السيايس املتخلف‪ ،‬وكل ما يقال عن دميقراطية‬ ‫يف لبنان‪ ،‬حتى لو سميت توافقية‪ ،‬ما هي إال دميقراطية شكلية‪،‬‬ ‫وال تعرب كام يحددها العلم السيايس والدستوري‪ ،‬من أنها‬ ‫حكم الشعب للشعب‪ ،‬بل هي دكتاتوريات طوائف ومذاهب‪،‬‬ ‫تحكم اللبنانيني عرب زعامء تكرسوا بالخطاب الطائفي واملذهبي‪،‬‬ ‫وتكونت زعاماتهم عىل أساس التخويف والخوف من اآلخر يف‬ ‫الطائفة األخرى واملذهب اآلخر‪ ،‬ويستعيص بناء الدولة‪ ،‬إذا مل‬ ‫تكن مزرعة ملن يديرها من الطبقة السياسية التي مل ينل أحد‬ ‫منها بعد رتبة رجال الدولة‪.‬‬ ‫فاللبنانيون يعيشون اليوم دون حكومة‪ ،‬وقد اعتادوا عىل أن‬ ‫ال يكون يف وطنهم دولة‪ ،‬وقد ابتلوا بثقافة التبعية والخنوع‪،‬‬ ‫لذلك فإن سؤالهم عن تشكيل الحكومة قليل جداً‪ ،‬وكالمهم‬ ‫حول النظام السيايس ليس مفيداً‪ ،‬لذلك هم استسلموا‬ ‫لدكتاتوريات طائفية التي سميت زوراً دميقراطية توافقية‪،‬‬ ‫وتشكيل الحكومة يدخل يف إطارها‪.‬‬

‫«منرب التوحيد»‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب لبناين‬

‫شبكاتها البشرية االستخبارية انهارت فلجأت إلى األجهزة التقنية‬

‫«إسرائيل» تصاب بنكسة جديدة‬ ‫في وادي حوال بتفجير آالت تنصتها‬ ‫التجسسية‬ ‫شبكاتها‬ ‫انهارت‬ ‫بعدما‬ ‫البرشية عىل األرض‪ ،‬عرب اكتشاف عدد البأس‬ ‫به من عمالئها‪ ،‬قامت “إرسائيل”‪ ،‬بزرع آالت‬ ‫تجسس عالية التقنية عىل شبكة اتصاالت‬ ‫املقاومة يف جنوب لبنان‪ ،‬وبالقرب من الحدود‬ ‫اللبنانية الفلسطينية يف وادي حوال‪ ،‬ميس‬ ‫الجبل‪ ،‬وكان الكتشاف هذه اآلالت واألجهزة من‬ ‫قبل املقاومة‪ ،‬رد فعل لدى العدو اإلرسائييل‬ ‫الذي عمد إىل تفجري جهازين منهام عرب طائرة‬ ‫من دون طيار‪ ،‬خرقت السيادة اللبنانية‪ ،‬وتجاوزت‬ ‫قرار مجلس األمن الدويل ‪.1701‬‬ ‫فتمكنت األجهزة األمنية اللبناين‪ ،‬سواء من‬ ‫مخابرات الجيش أو فرع املعلومات يف قوى األمن‬ ‫الداخيل من اكتشاف عدد من شبكات العمالء‬ ‫للعدو اإلرسائييل‪ ،‬ومنهم من هو مجند‬ ‫منذ عقود‪ ،‬وجه رضبة قوية لالستخبارات‬ ‫ّ‬ ‫وعطل دورها وأربكها‪ ،‬إذ باتت بال‬ ‫اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫عيون وال أذان‪ ،‬إذ من بني املعتقلني رموز أساسية‬ ‫وفاعلة‪ ،‬وبعضهم توىل إدارة شبكة من العمالء‬ ‫كأديب العلم العميد املتقاعد يف األمن العام‪،‬‬ ‫أو عيل الجراح وشقيقه يوسف وزياد الحميص‬ ‫وغريهم ممن ارتبطوا بـ” الشني بت” و “املوساد”‪.‬‬ ‫وأصيبت “إرسائيل” بنكسة استخبارية‪،‬‬ ‫وهزمية جديدة تضاف إىل هزامئها العسكرية‬ ‫والسياسية يف لبنان‪ ،‬وكان آخرها انتصار‬ ‫املقاومة وصمودها يف وجه العدوان اإلرسائييل‬ ‫عىل لبنان يف صيف ‪ ،2006‬إذ سقطت هيبة‬ ‫وقوة الردع عند الجيش الذي ال يقهر‪ ،‬بحسب‬ ‫تقرير “لجنة فينوغراد” الذي رسم خارطة طريق‬ ‫اإلرسائيلية‬ ‫واألمنية‬ ‫العسكرية‬ ‫للمؤسسة‬ ‫إلعادة بناء الثقة بها‪ ،‬وتأهيل عنارصها‪،‬‬ ‫وإجراء مناورات لتقوية الجبهة الداخلية التي‬ ‫تزعزت بسبب سقوط صواريخ املقاومة عىل‬ ‫املستوطنات الصهيونية‪ ،‬ونزوح نحو مليون‬ ‫ونصف مليون مستوطن من شامل فلسطني‬ ‫إىل عمق األرايض الفلسطينية املحتلة‪ ،‬حيث‬ ‫تبني أن ال وسائل حامية للمدنيني لجهة املالجئ‬ ‫والدفاع املدين واإلطفاء‪ ،‬أو تأمني مستلزمات‬ ‫الصمود املدين‪.‬‬ ‫ومن الثغرات التي ظهرت يف أثناء العدوان‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مكان تفجري أجهزة التنصت اإلرسائيلية‬

‫المقاومة تربح الجولة والجيش يتصدى‬ ‫للطائرات والقوات الدولية محرجة‬ ‫اإلرسائييل قبل ثالث سنوات‪ ،‬أن عيون “إرسائيل”‬ ‫داخل لبنان كانت مغمغمة‪ ،‬ومل يقدم لها‬ ‫العمالء ما يفيدها يف حربها ضد املقاومة‪،‬‬ ‫إذ كل ما أعطيت من معلومات عن أهداف‬ ‫عسكرية أو مراكز تواجد لقيادة املقاومة‪ ،‬مل‬ ‫تكن صحيحة‪ ،‬بل كانت منازل مدنيني سقط‬ ‫منهم مئات الشهداء وآالف الجرحى‪ ،‬وقد‬ ‫خرجت املقاومة سليمة قيادياً وعسكرياً‪ ،‬إذ‬ ‫أن اإلصابات يف صفوفها مل تكن كبرية يف‬ ‫بعض املواجهات التي حصلت أثناء محاوالت‬ ‫قوات االحتالل اإلرسائييل التقدم عىل محاور‬ ‫عيتا الشعب ومارون الراس والخيام وكفركال‬ ‫والغندورية وغريها من املواقع‪ ،‬حيث تصدى لها‬

‫‪6‬‬

‫املقاومون وكبدوها خسائر فادحة يف األرواح‬ ‫والعتاد‪.‬‬ ‫فبعد عدوان متوز وفشله يف القضاء عىل‬ ‫املقاومة‪ ،‬ورضب بنيتها العسكرية السيام‬ ‫الصاروخية منها‪ ،‬فإن “إرسائيل” بدأت تفكر يف‬ ‫عمل استخباري مختلف مع إخفاق عنارصها‬ ‫البرشية من العمالء الذي مل يتمكنوا من‬ ‫تزويدها مبعلومات ذات أهمية‪ ،‬ولذلك لجأت إىل‬ ‫أساليب تقنية متطورة‪ ،‬بزرع أجهزة قريبة من‬ ‫الشبكة السلكية للمقاومة املمدودة يف عدد‬ ‫من املناطق الجنوبية‪ ،‬والتي تقر قيادة املقاومة‬ ‫بها‪ ،‬حامية لها ولعنارصها من دخول العدو‬ ‫عىل الشبكة الرسمية لالتصاالت والتنصت‬

‫فرتة عىل أعامل التجسس فوق لبنان عموماً‬ ‫والجنوب خصوصاً‪ ،‬وجاءت حادثة “طريفلسية”‪،‬‬ ‫لتكشف عن العمل االستخباري اإلرسائييل‬ ‫عرب طائراتها من دون طيار والصحون الطائرة‪،‬‬ ‫التي تصور من سامء لبنان كل ما يجري عىل‬ ‫أرضه عىل مدى ‪ 24‬ساعة‪ ،‬وقد استغلت‬ ‫“إرسائيل” حصول انفجار ناتج عن احتكاك‬ ‫يف األسالك الكهربائية يف أحد كاراجات بناء‬ ‫ميلكه مواطن ينتمي إىل حزب الله‪ ،‬مام أدى‬

‫عىل مكاملات املقاومة‪ ،‬التي أقامت شبكة‬ ‫خاصة بها‪ ،‬وكان لها الدور األساس يف تسجيل‬ ‫االنتصار يف حرب متوز‪ ،‬إذ استمرت االتصاالت‬ ‫قامئة بني مراكزها‪ ،‬ولقد حاولت حكومة فؤاد‬ ‫السنيورة نزع الشبكة بالقرار الشهري الذي‬ ‫أخذته فجر ‪ 5‬أيار من العام ‪ ،2008‬وبأمر أمرييك‬ ‫وتواطؤ داخيل‪ ،‬وتحت ذريعة بسط سيادة الدولة‪،‬‬ ‫وعدم التعدي عىل أمالكها وخزينتها املالية‪،‬‬ ‫ولقد ساهم وزير االتصاالت مروان حامده يف‬ ‫إثارة هذا املوضوع سياسياً وإعالميا‪،‬‬ ‫ودفع النائب وليد جنبالط إىل‬ ‫تبنيه‪ ،‬فعقد مؤمتراً صحافياً بينّ‬ ‫فيه من خالل خريطة متدد شبكة‬ ‫اتصاالت املقاومة يف الكثري من‬ ‫املناطق اللبنانية‪ ،‬وقد أدى القرار‬ ‫املذكور إىل اضطرار املقاومة‬ ‫للدفاع عن نفسها‪ ،‬ألن االستيالء‬ ‫عىل شبكة اتصاالتها‪ ،‬يكشفها‬ ‫أمام العدو اإلرسائييل‪ ،‬الذي‬ ‫ميكنه عندها من اصطياد قادة‬ ‫املقاومة وكوادرها وتصفيتهم‪.‬‬ ‫املقاومة‪،‬‬ ‫اتصاالت‬ ‫فشبكة‬ ‫هي جزء أسايس من عملها‬ ‫ومن دونها ال تفعل شيئاً وهذا‬ ‫أمر معلوم عسكرياً ومدنياً عن‬ ‫أهمية االتصاالت يف الشؤون‬ ‫االقتصادية والعسكرية والحياتية‪،‬‬ ‫لذلك تعترب املقاومة أن سالح‬ ‫االتصاالت لديها هو خط أحمر طائرات العدو‪ :‬خرق واعتداء يومي‬ ‫يساوي وجودها‪ ،‬وتدافع عنه وترى‬ ‫أن املس به اعتداء عليها‪ ،‬لذلك‬ ‫كانت ردة فعلها عىل قرار حكومة السنيورة إىل وقوع انفجار ناتج عن قارورة غاز وحصول‬ ‫قاسياً وحاس ًام‪ ،‬واضطرت إىل استخدام حريق‪ ،‬وحرضت عنارص من الجيش اللبناين‬ ‫سالحها يف الداخل وللمرة األوىل للدفاع عن وقوات الطوارئ الدولية إىل مكان الحادث‪ ،‬الذي‬ ‫يقع عىل خط متاس بني جنوب نهر الليطاين‬ ‫شبكة االتصاالت‪.‬‬ ‫وما قامت به “إرسائيل” من زرع ألجهزة قريبة وشامله‪ ،‬وقد بثت “إرسائيل” صوراً التقطتها‬ ‫من خطوط شبكة اتصاالت املقاومة‪ ،‬هو من من الجو وأعلنت أنها لصواريخ ينقلها حزب‬ ‫أجل التنصت عىل مكاملاتها‪ ،‬وهذه األجهزة الله من املكان‪ ،‬بعد أن كانت ترسبت معلومات‬ ‫مرتبطة بأجهزة مركبة داخل فلسطني املحتلة عرب وكالة “رويرتز” تفيد أن االنفجار أسفر عن‬ ‫وعىل مقربة من الحدود اللبنانية‪ ،‬وهي ترصد مقتل تسعة أشخاص بعد تدمري املبنى ومقتل‬ ‫االتصاالت‪ ،‬وتعطي إشارات ألي تحرك‪ ،‬حيث ذكر صاحبه وأفراد من عائلته وتبني أن الخرب عار من‬ ‫رسب هذه املعلومات للتأكيد‬ ‫خرباء تقنيون بأن املقاومة لديها أيضا أجهزة الصحة‪ ،‬وأن من ّ‬ ‫تشويش عىل شبكتها وقد الحظت وجود آالت عىل وجود صواريخ انفجرت كام حصل مع‬ ‫ما‪ ،‬تعمل اللتقاط املكاملات وهو ما دفع بالعدو حادثة “خربة سلم”‪.‬‬ ‫ومل تنجح “إرسائيل” يف استغالل حادثة‬ ‫االرسائييل اىل تفجري الجهازين املزروعني قبل‬ ‫ان تتمكن املقاومة أو الجيش اللبناين من “طريفلسيه”‪ ،‬إذ كشف رشيط مصور لحزب‬ ‫تفكيكها وكشف ما فيهام‪ ،‬وهذا ما حصل الله عن أن ما قيل أنها صواريخ تنتقل من‬ ‫وقد جرى التفجري عرب طائرة من دون طيار‪ ،‬مخزن إىل شاحنة‪ ،‬هو باب الكاراج الذي وقع‬ ‫وتم وصف العمل من قبل رئيس الجمهورية فيه الحريق الكهربايئ‪ ،‬وتم نقله إىل بلدة أخرى‬ ‫وقيادات املقاومة وشخصيات سياسية وحزبية إلصالحه‪ ،‬وقد تأكد من ذلك الجيش اللبناين‬ ‫بالعدوان أكرث منه بالخرق‪ ،‬إذ تركز “إرسائيل” منذ وقوات الطوارئ الدولية‪ ،‬وقد تقدم لبنان‬

‫‪7‬‬

‫بشكوى إىل مجلس األمن الدويل‪ ،‬عن خرق‬ ‫“إرسائيل” للسيادة اللبنانية والقرار ‪ ،1701‬بعد‬ ‫أن كانت الحكومة اإلرسائيلية أرسلت الرشيط‬ ‫إىل األمم املتحدة للتأكيد أن املقاومة تتسلح‬ ‫وتنقل الصواريخ إىل مناطق جنوب الليطاين‪.‬‬ ‫لكن الكذبة اإلرسائيلية مل تدم كثريا‪،‬‬ ‫وكذبها تقرير القوات الدولية والجيش وقبلهم‬ ‫حزب الله‪ ،‬وقد أثار الفيلم اإلرسائييل ردود‬ ‫فعل سلبية ضده‪ ،‬حتى داخل “إرسائيل”‪،‬‬ ‫التي تحاول منذ فرتة تغيري قواعد‬ ‫االشتباك وتعديل القرار ‪،1701‬‬ ‫لجهة أن تقوم القوات الدولية‬ ‫املحرجة بترصيحات مسؤوليها‬ ‫بدور عسكري فعال يف مواجهة‬ ‫املقاومة‪ ،‬وتعقب عنارصها ونزع‬ ‫سالحها والتفتيش عليه‪ ،‬تحت‬ ‫ذريعة إعادة تسلحها‪ ،‬إال أن هذه‬ ‫املحاولة‪ ،‬وإنذار “إرسائيل” عرب‬ ‫القوات الدولية‪ ،‬أنه لن يقف‬ ‫مكتوف األيدي إذا استمر خرقها‬ ‫للسيادة اللبنانية‪ ،‬وجاء العدوان‬ ‫جهازي‬ ‫بتفجري‬ ‫اإلرسائييل‬ ‫التنصت اإلرسائيليني اللذين زرعا‬ ‫يف وادي حوال – ميس الجبل‪ ،‬عرب‬ ‫العدو لريد الجيش بإطالق النار من‬ ‫مضادات أرضية باتجاهها‪ ،‬مع إنذار‬ ‫باستخدام صواريخ ضد الطائرات‬ ‫وإسقاطها‪ ،‬وقد رفض الجيش‬ ‫التساهل يف هذا املوضوع‪ ،‬إذ أنه‬ ‫اعتداء مبارش والذي كشف أيضا‬ ‫عن دور للقوات الدولية‪ ،‬التي‬ ‫حاولت الناطقة الرسمية فيها‪ ،‬التقليل من‬ ‫وضع العبوات اعتربت أنها زرعت قبل العدوان‬ ‫اإلرسائييل وال يعترب ذلك خرقاً للقرار ‪،1701‬‬ ‫لكن الرد عليها جاء رسيعاً من قبل املقاومة‬ ‫التي سألتها ملاذا استباق التحقيق‪ ،‬حيث‬ ‫عادت وتراجعت عن ترصيحها وتركت املوضوع‬ ‫للتحقيق الذي يجريه الجيش و”اليونيفل”‪ ،‬لكن‬ ‫املسألة تتعدى زرع األجهزة إىل تفجريها إىل‬ ‫عدوان موصوف‪ ،‬تقدم عىل أثره لبنان بشكوى‬ ‫إىل األمم املتحدة‪ ،‬التي بدأت تنظر بقلق إىل‬ ‫ما تهيئ له “إرسائيل” للجنوب‪ ،‬إذ أن خروقها‬ ‫اليومية وعدوانها األخري‪ ،‬قد يفتح الباب‬ ‫لعمل عسكري واسع تهدد “إرسائيل” به منذ‬ ‫فرتة‪ ،‬وتستعد له من خالل املناورات التي تقوم‬ ‫بها‪ ،‬والتدريبات التي مل تتوقف عنها‪ ،‬فهل‬ ‫ما حصل بني وادي حوال وميس الجبل‪ ،‬مؤرشا‬ ‫عىل عودة التوتر إىل الجنوب الذي لن توفره‬ ‫“إرسائيل” بعدوان للهروب من مأزقها‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب لبناين‬

‫الحريري يتحدث عن خطر «اإلسالم األصولي»‬ ‫ويصرف آالف المتفرغين بعد االنتخابات‬

‫بدأ رئيس «تيار املستقبل» النائب سعد‬ ‫الحريري‪ ،‬يعرتف يف مجالسه الخاصة‪ ،‬عىل أن‬ ‫أحد األخطار التي تهدد لبنان‪ ،‬هي األصولية‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬املمثلة «بفتح اإلسالم» خصوصاً‬ ‫وتنظيم «القاعدة» عموماً‪ ،‬وقد بدأ القلق ينتابه‬ ‫من تنامي هذا الخطر‪ ،‬ال سيام بعد أن كشفت‬ ‫التقارير األمنية والتحقيقات القضائية عن‬ ‫وجود خاليا نامئة من الحركات والتنظيامت‬ ‫اإلسالمية املتطرفة‪ ،‬وقامت بعضها بعمليات‬ ‫ضد قوات الطوارئ الدولية يف الجنوب‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل استهدافها للجيش اللبناين‪ ،‬واملعارك التي‬ ‫دارت يف مخيم نهار البارد‪ ،‬وتك ّبد فيها الجيش‬ ‫‪ 171‬شهيداً ومئات الجرحى واملعاقني وخسائر‬ ‫مادية جسيمة‪ ،‬نتجت عن تدمري املخيم الذي‬ ‫تحصن فيه تنظيم «فتح اإلسالم»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكرث ما يقلق الحريري‪ ،‬هو أن هذه األصولية‬ ‫تنمو يف ظل خطاب مذهبي‪ ،‬كام أن تنظيامت‬ ‫ّ‬ ‫تتلطى وراء «تيار املستقبل» وتستفيد من‬ ‫منها‪،‬‬ ‫الرواتب ملتفرغني لديه‪ ،‬كام أنها اخرتقت جناحه‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫العسكري‪ ،‬حيث ظهرت عنارص أصولية أثناء‬ ‫أحداث عائشة بكار يف حزيران املايض‪.‬‬ ‫وما زاد من توجس الرئيس املكلف تشكيل‬ ‫الحكومة‪ ،‬املعلومات التي وردت إىل مديرية‬ ‫مخابرات الجيش عن أن محاولة تفجري سيقوم‬ ‫بها تنظيم أصويل يف مسجد محمد األمني يف‬ ‫وسط بريوت الذي سيصيل فيه مفتي الجمهورية‬ ‫الشيخ محمد رشيد قباين صالة عيد الفطر مع‬ ‫رئيس حكومة ترصيف األعامل فؤاد السنيورة‪،‬‬ ‫مام اضطر قيادة الجيش إىل اتخاذ تدابري أمنية‬ ‫احرتازية‪ ،‬وتشديد اإلجراءات داخل وخارج املسجد‬ ‫ملنع حصول التفجري الذي لو حصل لكان أشعل‬ ‫فتنة مذهبية وأدخل لبنان يف حرب أهلية مدمرة‪،‬‬ ‫إذ أن األرض اللبنانية جاهزة ومهيأة ومعبأة القتتال‬ ‫سني – شيعي ولدخول «العرقنة» إليها‪ ،‬وبدأت‬ ‫تعمل لها املؤامرة األمريكية اإلرسائيلية ضد‬ ‫لبنان منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬والقصد‬ ‫منه استهداف سالح املقاومة‪ ،‬وإغراقه يف وحول‬ ‫الداخل‪ ،‬وتحويل «حزب الله» إىل ميليشيا‪ ،‬وإسقاط‬

‫‪8‬‬

‫الرشعية الشعبية والسياسية والرسمية عن‬ ‫السالح الذي مل يتوجه إال نحو العدو اإلرسائييل‪،‬‬ ‫وقد حاولت قوى األكرثية نصب فخ له لجره إىل‬ ‫احرتاب داخيل يف القرار الذي أصدرته حكومة‬ ‫السنيورة األوىل‪ ،‬بنزع شبكة اتصاالت املقاومة‪،‬‬ ‫التي اضطرت إىل الدفاع عن نفسها وحامية‬ ‫سالحها‪ ،‬فقامت حملة ضدها أنها اجتاحت‬ ‫بريوت وحاولت الصعود إىل الجبل‪ ،‬واستخدمت‬ ‫قواتها وسالحها يف الداخل‪ ،‬وأن دخولها إىل‬ ‫العاصمة هو للسيطرة عليها و»إذالل السنة»‪،‬‬ ‫كام ورد يف بيانات ومواقف «لتيار املستقبل»‪،‬‬ ‫واملفتي قباين ومشايخ من الطائفة السنية‬ ‫وشخصياتها‪.‬‬ ‫يف ظل هذه األجواء التي شحنت فيها البالد‪،‬‬ ‫كان «تيار املستقبل» يعمل عىل إنشاء مجموعات‬ ‫مسلحة له‪ ،‬تحت أسامء رشكات أمنية‪ ،‬واستدعى‬ ‫ضباطاً متقاعدين من الجيش وقوى األمن الداخيل‬ ‫لتنظيم هذه الرشكات واستقبال املنضوين إليها‬ ‫لتدريبهم وتسليحهم‪ ،‬وجيء باملئات منهم من‬

‫مناطق يف الشامل كعكار والضنية‬ ‫واملنية وطرابلس إضافة إىل البقاعني‬ ‫الغريب واألوسط وشبعا وكفر شوبا‬ ‫وإقليم الخروب‪ ،‬أي من مناطق األطراف‬ ‫ذات الكثافة السنية‪ ،‬ولكن هؤالء مل‬ ‫يصمدوا يف أثناء أحداث أيار من العام‬ ‫‪ ،2008‬واستسلموا أمام قوى املعارضة‪،‬‬ ‫وهذا ما اعرتف به النائب وليد جنبالط‬ ‫يف أكرث من حديث له‪ ،‬بان أكرث من‬ ‫ثالثة آالف عنرص كانوا موظفني يف‬ ‫رشكات أمنية‪ ،‬انهاروا يف الساعات‬ ‫األوىل لتحرك املعارضة يف بريوت‪،‬‬ ‫وسلموا أسلحتهم ومكاتبهم‪ ،‬كام‬ ‫فعل هو‪ ،‬وبادر إىل االتصال بالحريري‬ ‫والطلب منه أن يتوقف عن إنشاء‬ ‫ميليشيا لتياره‪ ،‬ألن ال فائدة منها‪،‬‬ ‫وميكن معالجة موضوع سالح املقاومة‬ ‫بالحوار‪ ،‬وأن ال يكون سبباً لحرب أهلية‬ ‫جديدة ستكون مدمرة للجميع وعىل الحريري ‪ :‬رصف املتفرغني أزمة مالية ام عبئ امني؟‬ ‫الجميع‪.‬‬ ‫كان الخطاب الهادئ لجنبالط مؤرشاً‬ ‫إىل نزع فتيل االنفجار وانفتاحه عىل‬ ‫«اللقاء الدميقراطي» إىل االقرتاب من العروبة‬ ‫الحوار مع أطراف املعارضة‪ ،‬وتجنيب الجبل هزة وترك شعار «لبنان أوال»‪ ،‬ألنه انعزال عن القضايا‬ ‫أمنية‪ ،‬وإجراء مصالحة مع «حزب الله» والطائفة العربية ويف مقدمتها قضية فلسطني‪ ،‬وأن‬ ‫الشيعية‪ ،‬وقد أعطاه موقعه هذا مناسبة التمسك بالعروبة والوحدة العربية‪ ،‬هو السبيل‬ ‫للطلب من الحريري ان ينفتح هو أيضا عىل «حزب للخروج من التقوقع واالنعزال والتمذهب‪،‬‬ ‫الله» ويلتقي أمينه العام السيد حسن نرص الله‪ ،‬حيث نصح رئيس «تيار املستقبل» أن يتبنى‬ ‫والتشجيع عىل اللقاءات يف أحياء بريوت واملناطق خطاباً وطنياً عروبياً‪ ،‬ألن البديل عنه‪ ،‬هو صعود‬ ‫بني «تيار املستقبل» وكل من حركة «أمل» و اإلسالم املتطرف‪ ،‬ودعاه إىل اإلكثار من اللقاءات‬ ‫«حزب الله» لتخفيف التشنج السيايس والحد مع قيادة «حزب الله» واإلشادة باملقاومة‪ ،‬وعدم‬ ‫من االحتقان املذهبي‪ ،‬الذي يحذر رئيس الحزب طرح موضوع سالحها‪ ،‬ألن هناك تيار انعزايل‬ ‫التقدمي االشرتايك من خطورته‪ ،‬ومن أن اندالع عاد ليقوى متثله «القوات اللبنانية» يريد أن‬ ‫رشارة فتنة الرصاع السني – الشيعي‪ ،‬ستقيض يأخذ لبنان إىل خيارات كان الفريق االنعزايل‬ ‫عىل السلم األهيل يف لبنان‪ ،‬وعىل وحدته‪ ،‬لذلك يعمل لها يف الستينات والسبعينات من القرن‬ ‫استعجل املصالحة مع الشيعة وأخرج الدروز املايض‪ ،‬وهي «قوة لبنان يف ضعفه»‪ ،‬وتحييده‬ ‫من الرصاع مع أطرافها األساسيني‪ ،‬واقرتب من عن الرصاع العريب – اإلرسائييل‪ ،‬وإقامة صلح‬ ‫موقف املعارضة الدرزية التي وقفت إىل جانب مع العدو اإلرسائييل‪ ،‬وهذه الشعارات سببت‬ ‫املقاومة يف تصديها لـ «إرسائيل» وهو املوقف انقساماً داخلياً وأدت إىل اشتعال الحرب األهلية‪،‬‬ ‫الذي سبب التباعد داخل الطائفة الدرزية التي وما تركيز القوات ومعها الكتائب وفريق من‬ ‫انقسمت سياسياً بني مؤيد للمقاومة والعالقة مسيحي ‪ 14‬آذار عىل سالح املقاومة بأنه خارج‬ ‫مع سوريا كعمق قومي للوطنيني اللبنانيني الرشعية والدولة‪ ،‬ما هي إال مقدمات لحرب‬ ‫وحاضن للدروز يف كل األزمات واالضطهادات داخلية‪ ،‬ال ميكن للبنان أن يتجه نحوها‪ ،‬حيث أكد‬ ‫التي تعرضوا لها‪ ،‬إذ رأى جنبالط نفسه يف جنبالط للحريري‪ ،‬عىل رضورة أن يقيم مسافة‬ ‫موقع واحد مع رئيس «تيار التوحيد» وئام وهاب مع هذه األفكار االنعزالية‪ ،‬وأن ال يأخذه جعجع‬ ‫الذي كان دامئا يتوجه إليه‪ ،‬بأن يعود إىل جذوره إىل مكان ال يستطيع أن يكون ال هو فيه وال تياره‬ ‫الوطنية والقومية‪ ،‬وإىل مواقع الدروز التاريخية‪ ،‬السيايس وال جمهوره‪.‬‬ ‫التي كانوا فيها حامة للثغور يف مواجهة حمالت‬ ‫هذه النصائح الجنبالطية‪ ،‬بدأت تفعل فعلها‪،‬‬ ‫اإلفرنج عىل املرشق العريب‪ ،‬ومدافعني عن العروبة وال سيام وأن يف بعض منها تحذير من تنامي‬ ‫واإلسالم بوجه االستعامر ورافضني لالحتالل أصولية سنية‪ ،‬وأنها سرتتد أوال عىل آل الحريري‪،‬‬ ‫اإلرسائييل ومقاومني له‪.‬‬ ‫حيث كشفت التقارير التي صدرت عن لجنة‬ ‫وترك التحول يف موقف جنبالط‪ ،‬وعودته إىل التحقيق الدولية‪ ،‬أن السيارة التي انفجرت يف‬ ‫مرحلة ما قبل العام ‪ ،2005‬حيث أسقط رهانه موكب الرئيس رفيق الحريري كان يقودها إسالمي‬ ‫عىل املرشوع األمرييك أثرا كبرياً لدى األكرثية‪ ،‬أصويل‪ ،‬وأن االحتامالت كبرية بأن يكون تنظيم‬ ‫ال سيام «تيار املستقبل» الذي دعاه رئيس «القاعدة» أو أي طرف أصويل إسالمي وراء‬

‫‪9‬‬

‫جرمية االغتيال‪ ،‬وأن ال مصلحة «لتيار‬ ‫املستقبل» املعروف باعتداله‪ ،‬أن تنمو‬ ‫بكنفه تيارات أصولية‪ ،‬كام يحصل‬ ‫يف أكرث من منطقة سنية‪ ،‬مستغلني‬ ‫الخالف السيايس مع املعارضة ومن‬ ‫ضمنها «حزب الله» وحركة «أمل»‬ ‫أو االستفادة من االشتباكات التي‬ ‫تحصل بني باب التبانة ذات الطابع‬ ‫السني وجبل محسن ذات الحضور‬ ‫العلوي الكثيف‪.‬‬ ‫وقد كان الحادث الذي جرى أمام «بيت‬ ‫الوسط» الذي يتخذه الحريري منزالً‬ ‫له‪ ،‬عندما قام شخص مبحاولة إحراق‬ ‫نفسه‪ ،‬حيث رست معلومات عن أنه‬ ‫كان ينوي الوصول إىل داخل املنزل‬ ‫ملقابلة الحريري لتفجري نفسه‪ ،‬وتم‬ ‫طمس هذه الحادثة وعدم التداول فيها‪،‬‬ ‫لكن جرى التوقف عندها‪ ،‬وربطها مبا‬ ‫حصل مع األمري محمد بن نايف نجل‬ ‫وزير الداخلية السعودي‪ ،‬عندما دخل‬ ‫إليه شاب قيل أنه أراد تقديم نفسه‬ ‫عىل أنه مل يعد من الفئة الضالة‪،‬‬ ‫وفجر نفسه أمامه‬ ‫أي من املتطرفني اإلسالميني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقتل‪ ،‬ونجا األمري بأعجوبة‪.‬‬ ‫فحادثة الوسط فتحت العني عىل التنظيامت‬ ‫األصولية وجاءت توجيهات من السعودية إىل‬ ‫الحريري بأن يخفف من التضخم الذي أصاب تياره‬ ‫السيايس‪ ،‬لجهة تفرغ آالف من املواطنني فيه‪،‬‬ ‫وأن هؤالء سيشكلون عبئا عليه‪ ،‬وال بد من إعادة‬ ‫البحث يف كل املتفرغني الذين اضطر لهم «تيار‬ ‫املستقبل» قبل االنتخابات‪ ،‬لالقرتاع له وللوائح‬ ‫املواالة‪ ،‬ومل يعد بحاجة إليهم‪ ،‬فاتخذ قراراً برصف‬ ‫حوايل عرشة آالف منهم‪ ،‬وتخفيض رواتب االآلف‬ ‫أيضا السيام الذين يقبضون وهم يف منازلهم‪،‬‬ ‫وترك هذا القرار انعكاساً سلبياً عىل «تيار‬ ‫املستقبل» وجمهوره يف كثري من املناطق‪ ،‬وبدأ‬ ‫التململ داخل صفوفه واالعرتاض عىل سلوكه‬ ‫السيايس ووعوده االنتخابية‪.‬‬ ‫وهذا الرصف الكبري ملتفرغني يف رشكة‬ ‫األمن املسامة «السيكور بالس»‪ ،‬أو غريها من‬ ‫املؤسسات الحريرية يحاول البعض أن يربطها‬ ‫باألزمة املالية العاملية‪ ،‬وخسائر تعرض لها آل‬ ‫الحريري من جرائها ال سيام سعد الذي يتوىل‬ ‫الشأن السيايس‪ ،‬كام أن البعض رأى يف عملية‬ ‫الرصف الجامعي‪ ،‬قلق من اخرتاقات أمنية وأخرى‬ ‫أصولية لتيار جامهريي‪ ،‬مام دفع بالحريري‪ ،‬إىل إعادة‬ ‫البحث يف الهيكلية التنظيمية‪ ،‬بعد أن تضخم‬ ‫العدد كثرياً بسبب املال والتوظيف السيايس‬ ‫والخدمات‪ ،‬وإذا ما توقفت هذه املكاسب عىل من‬ ‫يحصل عليها‪ ،‬فإىل أين سيتجه إىل صفوف‬ ‫املعارضة‪ ،‬أم إىل تنظيامت أصولية‪ ،‬أو يعود إىل‬ ‫منزله؟‬

‫زهري العياش‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫إرفعوا أيديكم عن الساحة المسيحية‬

‫إيلي الفرزلي لـ «منبر التوحيد»‪ :‬الحكومة لو تش ّكلت‬ ‫ستكون مهمتها إدارة الكيانات المذهبية والطائفية القائمة‬ ‫بني سندان التكليف األول ومطرقة التكليف الثاين‪ ،‬اعتاد‬ ‫اللبنانيون عىل انتظار والدة الحكومة املتعرسة بعد انقضاء أشهر‬ ‫عىل انتهاء مدة والية الحكومة السابقة‪ ،‬ما يثبت أنه منذ قيام‬ ‫ُّ‬ ‫تدخل‪“ ،‬أطباء” أجانب للمساعدة يف عملية‬ ‫دولة لبنان حتى اآلن‬ ‫والدتها‪ ،‬وخاصة يف ما يتعلق بتحديد األسامء والحقائب‪.‬‬ ‫وها نحن اليوم‪ ،‬بعد ميض أكرث من أسبوعني عىل القمة‬ ‫السورية‪ ،‬السعودية‪ ،‬وانعقاد مؤمتر فيينا حول امللف النووي‬ ‫حيث تبنت إيران تخصيب اليورانيوم بعد اعرتاف أمريكا بحقها‬ ‫بالتخصيب دون ذكر لنسبة التخصيب‪ ،‬والدور الرتيك يف منطقة‬

‫الرشق األوسط‪ ،‬وغريها من األمور التي اعتقد البعض بأنها‬ ‫ستنعكس إيجاباً عىل لبنان‪ ،‬بحيث تذلل كافة العقبات يف‬ ‫تشكيل الحكومة‪ ،‬غري أننا مازلنا نبارح مكاننا‪ ،‬ومازالت العراقيل‬ ‫تصب يف الخانة ذاتها‪ ،‬خانة األسامء والحقائب دون النظر اىل ما‬ ‫سيؤول إليه التأخري يف تشكيل الحكومة عىل كافة الصعد‬ ‫الحياتية االقتصادية واملعيشية والصحية‪.‬‬ ‫من هنا كان لـ “منرب التوحيد” وقفة عىل الوضع الداخيل‬ ‫اللبناين‪ ،‬وأثر املستجدات اإلقليمية والدولية عىل لبنان يف حوار‬ ‫مع دولة رئيس مجلس النواب إييل الفرزيل‪ ،‬هنا نصه‪:‬‬ ‫كيف تقرأ الوضع الداخيل اللبناين؟‬ ‫يف ما يتع ّلق يف البعد الداخيل اللبناين‪ ،‬وحقيقة الواقع السيايس عىل‬ ‫املستوى الوطني اللبناين بكل أوجهه‪ ،‬ال أعتقد أن هذا الواقع مصاب بتحلل‬ ‫هائل عىل مستوى التامسك الوطني‪ ،‬بالرغم من وجود كيانات مذهبية‬ ‫وطائفية‪ ،‬قادرة عىل التحكم به‪ ،‬لها جغرافيتها‪ ،‬وأحالمها‪ ،‬وإعالمها‪،‬‬ ‫وماليتها ومؤسساتها‪ ،‬وثقافتها‪ ،‬وإيديولوجيتها‪ ،‬وعالقاتها بالخارج‪ ،‬وعالقة‬ ‫الخارج بها‪ ،‬ورعايته املبارشة لها‪ ،‬التي تعلن عنها بشكل واضح‪ .‬وهذه‬ ‫الخصوصيات املتمسكة بذاتها‪ ،‬لصالح الخصوصية العامة أو الذات العامة‬ ‫التي يجب أن تتمثل بالدولة املركزية‪ ،‬واملتخاصمة‪ ،‬ال يوجد من ينظم بينها‬ ‫تنظي ًام دقيقاً ولو بالحد األدىن‪ ،‬ال بل بالعكس هي تحاول أن تأكل بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬وأن تعتدي عىل بعضها البعض تحت عناوين املشاركة بالسلطة‬ ‫املركزية‪ ،‬واستدعاء الدول ملساعدتها سواء كان ذلك مادياً أو عسكرياً‪،‬‬ ‫وإدخال لبنان يف مؤامرات إقليمية ودولية‪ ،‬تستعمل عندها الدول التي‬ ‫دعمتها من أجل االستقواء عىل غريها من الخصوصيات‪.‬‬ ‫وبذلك نستطيع أن نقول أن لبنان يعيش حالة عراقية بامتياز‪ ،‬ولكن بدون‬ ‫استخدام للمدافع‪ ،‬حتى داخله مستباحاً استباحة كاملة أمنياً ومخابراتياً‪،‬‬ ‫وهذا ما ثبت من قبل أجهزة املخابرات اإلرسائيلية من هنا وهناك‪ ،‬كام أنه‬ ‫معرضاً لشتى أنواع االستعامل‪.‬‬ ‫لبنان كام وصفته وزيرة الخارجة األمريكية السابقة‪ ،‬كونداليزا رايس ‪،‬‬ ‫هو خط الدفاع األول يف معركة ضد اإلرهاب‪ ،‬أي أنها استدعت بطريقة‬ ‫غري مبارشة اإلرهاب ليك يرضب خط الدفاع األول‪ ،‬وبالتحديد لبنان‪ ،‬وهذا‬ ‫ما أ ّكده الشيخ الظواهري حيث قال بالفم املآلن أن لبنان هو ساحة جهاد‬ ‫وليس ساحة نرصة‪ ،‬مؤ ّكداً أنه بلد مفكك األوصال‪ ،‬والقناعات‪ ،‬والقيم التي‬ ‫تتحكم به‪ ،‬وتتآمر عليه وعىل وحدته‪.‬‬ ‫من هنا نأمل أن يبحث لبنان عن طريقة ما تحول دون استمرار تدهور‬ ‫هذا الواقع‪ ،‬كام يجب أن يؤخذ بعني االعتبار أن مسألة تأليف الحكومة‬ ‫هي مسألة شكلية جداً‪ ،‬وتكتيكية‪ ،‬حاولت من خاللها قوى األكرثية أو‬ ‫‪ 14‬آذار باالتفاق مع الغرب والدول املعنية‪ ،‬أن تجري انتخابات نيابية عىل‬ ‫الساحة املسيحية إلعادة إنتاج موازين قوى عىل أنقاض ما ميثله ميشال‬ ‫عون‪ ،‬ولكنهم مل يوفقوا عملياً وحاولوا اليوم عرب تشكيل الحكومة أيضاً أن‬ ‫يجروا هذا االنقالب عن طريق إعادة إنتاج قوى وإسقاط ميشال عون يف فخ‬ ‫الهزمية الحكومية إن صح التعبري‪ ،‬وإظهاره أنه ال ميثل املسيحيني رغم نتائج‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وبالتايل املسألة مسألة “تكتكة” فقط الغري‪ ،‬وهذه الحكومة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪10‬‬

‫ليست حكومة وحدة وطنية حتى لو تألفت‪ ،‬بل هي حكومة إئتالف وطني‬ ‫مهمتها األوىل واألخرية إدارة الكيانات املذهبية والطائفية القامئة عىل‬ ‫األرض‪ ،‬وإدارة وحامية وتعزيز الخصوصيات التي ميثلها هذا الزعيم أو ذاك يف‬ ‫تلك الحكومة‪.‬‬ ‫إن قرار تشكيل أي حكومة منذ إعالن دولة لبنان‪ ،‬يكون من الخارج‪ ،‬هل‬ ‫مازال تأثري القرار الخارجي يلقي بثقله اليوم عىل تشكيل الحكومة؟‬ ‫يف هذا اإلطار سواء كان القرار الخارجي يؤثر مبارشة أو ال يؤثر‪ ،‬نحن نعلم‬ ‫ونسمع أن هناك اتجاهات يف بعض اإلدراة األمريكية وهي مرتبطة باإلدارة‬ ‫السابقة‪ ،‬ميثلها هذا السفري أو ذاك‪ ،‬التزال من بقايا العهد البائد والتي تريد‬ ‫أن تتمسك مبوقف الواليات املتحدة األمريكية التفجريي‪ ،‬الهجومي سواء‬ ‫يف العراق عرب التمسك يف بقاء قوتها يف العراق‪ ،‬أو تطوير الدور األمرييك‬ ‫باتجاه املزيد من الحروب يف الوقت‪ ،‬الذي فيه أوباما‪ ،‬كام نعلم جميعاً‪ ،‬يسعى‬ ‫اىل املزيد من االنكفاء من الحروب‪ ،‬التي ورطه فيها جورج بوش‪ ،‬وورط أمريكا‬ ‫فيها‪ ،‬ولبنان تأثر عن طريق عالقات هؤالء مع بعض السياسيني سواء داخل‬ ‫لبنان أو خارجه‪ ،‬وهناك بعض املحاور الشخصيات العربية التي تستطيع‬ ‫أن تؤثر‪ ،‬ولكنني أعتقد أن كل هذه الجامعات تبني مشاريعها عىل الرغبة‬ ‫الذاتية اللبنانية‪ ،‬لذلك إن املشكلة هي داخلية‪ ،‬قبل أن تكون كامنة يف‬ ‫القيادات اللبنانية التي تريد أن تغلب هذا الحليف عىل ذاك‪ ،‬وكله عىل‬ ‫الساحة املسيحية‪ ،‬لذلك أناديهم جميعاً ألقول لهم ارفعوا أيديكم عن‬ ‫الساحة املسيحية‪.‬‬ ‫ما هو سبب األوضاع السياسية واألمنية التي تعصف بلبنان اليوم‪،‬‬ ‫هل هو كام يقول البعض سببها عدم تطبيق الطائف كام يجب‪ ،‬أم‬ ‫هناك أسباب أخرى؟‬ ‫البعض من هذه األقاويل صحيح‪ ،‬وذلك ألن الطائف عملياً عندما ُأقر‪ ،‬مل‬ ‫يط ّبق إال من جانب واحد‪ ،‬هو أخذ صالحية رئيس الجمهورية‪ ،‬ولكن اىل أين‬ ‫أّخذت هذه الصالحية؟ هل اىل مجلس الوزراء مجتمعاً؟ هل تأسست يف‬ ‫مجلس الوزراء حيث يتمثل وزراء نصف بنصف مهام كان العدد؟ وهل الوزراء‬ ‫متمسكون بوزاراتهم كام يجب‪ ،‬أم أىت مجلس اإلمناء واإلعامر ليك يأخذ‬ ‫كل الصالحيات من تحت أقدام الوزراء وبالتايل ال قيمة لكثري من الوزرات‬ ‫التي قد تستغلها الجامعة املسيحية‪ ،‬هل أن الالمركزيات اإلدارية واإلمنائية‬ ‫املوسعة قد متت ملا هو مطابق؟ هل أن قانون االنتخابات العادل الذي تحدث‬ ‫عنه الطائف‪ ،‬والذي يعكس إرادة واضحة لحامية مبدأ‪ ،‬تم االتفاق عليه‪ ،‬وهو‬ ‫نصف بنصف مهام كان العدد؟‬ ‫عندما يقال نصف املسلمني ونصف املسيحيني مهام كان العدد‪ ،‬هذا‬ ‫اليعني أن تأيت وتأخذ نصف النصف املسيحي تحت هذا العنوان وذاك‪ ،‬فمنذ‬ ‫الحقبة السورية حتى اليوم كل قوانني االنتخابات التي ُو ِضعت كانت تآمر‬ ‫عىل إفراز نصف مسيحي صايف بإرادة املسيحيني‪ ،‬وهذا أمر غري عادل‪ .‬لقد‬ ‫تحدث بعض قادة األكرثية عىل شاشات التلفزة‪ ،‬عن استكامل سلطة‬ ‫الدولة‪ ،‬نعم نحن مع استكامل سلطة الدولة‪ ،‬ولكن نادراً ما نراهم يتحدثون‬ ‫عن تحرير األرض من نري االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬نادراً ما يعتربون أن فقط سلطة‬ ‫الدولة تكمن يف القضاء عىل املقاومة‪ ،‬وهذه مسألة مركزية‪ ،‬إذ نعترب أن‬ ‫املقاومة هي نتيجة من نتائج االحتالل‪ .‬وعندما يزول االحتالل وتتأكد حدود‬ ‫لبنان و ُتحمى سيادته وأجوائه‪ ،‬ويتوقف العدو اإلرسائييل عن االعتداء عليه‪،‬‬ ‫وتأكيد رموز املقاومة الذين رفعوا اسم لبنان عالياً‪ ،‬عندها نقول أنه يجب‬ ‫عىل املقاومة أن تضع حداً لسالحها وهذا أمر يجب أن يتم بصورة طوعية‬ ‫وال حاجة ملطالبة هذا أو ذاك‪.‬‬ ‫أما نحن اليوم النزال تحت االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬والنزال عرضة لشتى أنواع‬ ‫االعتداءات اإلرسائيلية‪ ،‬نحن اليوم نتعرض اىل حرب مخابراتية أمنية من‬ ‫طراز رفيع من إرسائيل‪ ،‬طائراتها يف أجواءنا وعىل األرض بشكل مستمر‪،‬‬ ‫وهناك تجربة وقعت يف مرحلة معينة وهو االعتداء عىل رموز املقاومة‬ ‫الفلسطينية عندما دخلت “إرسائيل” بطائراتها اىل داخل لبنان وعملت‬ ‫عىل تصفية رموز املقاومة الفلسطينية‪ ،‬أال يجب أن يؤخذ هذا األمر بعني‬ ‫االعتبار‪ ،‬أن هناك احتامل عدوان إرسائييل وانتقام ضد كل رموز املقاومة‪،‬‬ ‫التي ألحقت بـ “إرسائيل” هزمية حقيقية‪ ،‬وداست كرامة “إرسائيل”‪ ،‬وحققت‬

‫أول انتصار يف تاريخ العرب‪ ،‬حيث تنسحب “إرسائيل” دون أي تنازل من‬ ‫الدولة املعنية‪ ،‬كل هذه األمور تدل أنه ال يوجد وفاقاً وطنياً واليوجد لبناناً‬ ‫واحداً‪ ،‬بل هناك “لبنانات” وهذا األمر يحتاج اىل قراءة جديدة ودراسة جديدة‬ ‫لبقاء لبنان‪.‬‬ ‫أين؟ وكيف استبيح الطائف يف روحيته ونصه؟‬ ‫يك ال نطيل بالحديث‪ ،‬سوف أشري اىل حادثتني أو ثالث‪ ،‬باألمس عندما‬ ‫جرى إقدام مجلس الوزراء عىل توقيع املعاهدات الدولية دون العودة اىل‬ ‫رئيس الجمهورية‪ ،‬إذ ال يوجد معاهدات دولية‪ ،‬وهذه الصالحية الوحيدة من‬ ‫املادة ‪ 52‬التي بقيت لرئيس الجمهورية الذي يتوىل هو املفاوضات ويتوىل‬ ‫صياغة التفاهامت الدولية‪.‬‬ ‫ثانياً توقيع املراسيم دون العودة اىل رئيس الجمهورية يف الحكومة‬ ‫السابقة‪ ،‬حكومة فؤاد السنيورة أي حكومة ترصيف األعامل‪ ،‬هذه من‬ ‫األمور الواضحة‪ ،‬التي تدل عىل ثقافة االستعداد لالستخفاف ليس فقط‬ ‫برئيس الجمهورية‪ ،‬بالرغم من أننا ننظر اىل شخصية الرئاسة بعد أن‬ ‫يصبح رئيساً أنه شخصية وطنية مملوكة من قبل الناس جميعاً بل أيضاً‬ ‫االستعداد لالستخفاف بالطوائف املسيحية برمتها‪.‬‬ ‫مىض أسبوعان وأكرث عىل القمة السورية –السعودية‪ ،‬ومل نلحظ أي‬ ‫تجليات لهذه القمة عىل املستوى اللبناين‪ ،‬خاصة يف مسألة تشكيل‬ ‫الحكومة‪ ،‬ما هو تفسريكم لذلك؟‬ ‫ال أعتقد أن السوريني والسعوديني قد انرصفوا للتعاطي بالشأن اللبناين‬ ‫التفصييل‪.‬‬ ‫السوريون والسعوديون اتفقوا قبل االنتخابات النيابية عىل حكومة وحدة‬ ‫وطنية التي ال وجود لها باعتقادي‪ ،‬ولكن ما توصل إليه اليوم االتفاق هو‬ ‫حكومة ائتالف وطني مهمتها فقط‪ ،‬إدارة الكيانات الطائفية عىل األرض‪،‬‬ ‫تجسد مصلحة الطرفان‪ :‬مصلحة الطرف السوري هي أن تقود حكومة‬ ‫ّ‬ ‫ائتالف وطني متنع إنجرار البلد اىل مواقع أخرى‪ ،‬كام حدث يف حكومة‬ ‫الرئيس السنيورة السابقة‪ ،‬يتحول فيها لبنان اىل شوكة يف خارصة سوريا‪،‬‬ ‫ومصلحة السعودية حيث أمنت بيئة آمنة باملعنى السيايس للكلمة‬ ‫لتويل سعد الحريري الذي هو جزء من البنيان السعودي‪ ،‬لرئاسة وزارة آمنة‬ ‫باملعنى السيايس للكلمة‪“ ،‬ما معناه أن اللبنانيني أتوا عىل قاعدة هذه‬ ‫الفلسفة السياسية‪ ،‬فأوجدوا صيغة الـ ‪ 15-5-10‬وتأمن األكرثية النيابية‬ ‫لها بعد إعالن النائب حنبالط والءه لهذه الصيغة‪.‬‬ ‫وعند البحث عن التفاصيل‪ ،‬حصلت معركة عىل الساحة املسيحية يف‬ ‫محاولة من قبل البعض‪ ،‬والرئيس املك ّلف‪ ،‬إلنتاج القوى املسيحية الحليفة‬ ‫له‪ ،‬عىل قاعدة إلحاق الغلبة مبن ميثل األكرثية املسيحية بشكل عام واملارونية‬

‫‪11‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫بشكل خاص واملقصود هنا العامد عون‪ ،‬وهنا وقعت املشكلة‪.‬‬ ‫ما هي النتائج املرتتبة عىل التأخري املستمر يف تشكيل الحكومة؟‬ ‫سيتبينّ للجميع أن مصالح الناس قد تتأمن أكرث يف ظل غياب حكومة‪،‬‬ ‫ألنه كام سبق وذكرت أن الحكومة هي مرشوع اعتداء عىل الدولة املركزية‬ ‫ملصلحة الدول التي تدعمها‪ ،‬أما عملياً‪ ،‬أستغرب حتى اآلن‪ ،‬كيف أن النائب‬ ‫املكلف سعد الحريري يتح ّمل نتائج خسارة أو اعتذار جديد أو التلكؤ عن تكليف‬ ‫الحكومة ألن هذا أمر سيلحق به أرضاراً عىل صورته ودوره يف املستقبل‪.‬‬ ‫ثانياً مهام تربأت اململكة العربية السعودية من سعد الحريري ودوره الداخيل‬ ‫ال تستطيع إ ّال أن يلحقها أرضاراً تتعلق بهيبتها ومكانتها يف ظل إخفاقات‬ ‫كثرية أصابت اململكة‪ ،‬لسوء الحظ ونحن ال نريد ذلك وال نتمنى ذلك عىل‬ ‫اإلطالق‪ ،‬تبدأ مبشكلة فلسطني واملصالحة الفلسطينية‪ ،‬مروراً بأزمة العراق‬ ‫واليمن‪ ،‬وكل أزمات العامل اإلسالمي‪ ،‬وحرب غزة‪ ،‬وانتهاء بتهديد املسجد‬ ‫األقىص‪ .‬ومن هنا نرى أن هناك مصلحة عليا‪ ،‬بالرغم من طموحنا املتواضع‬ ‫أو رؤيتنا املتواضعة جداً لدور الحكومة‪ ،‬أن تتألف الحكومة‪ ،‬ألسباب كثرية‬ ‫منها أن هيبة اململكة العربية السعودية هي يف امللعب‪ ،‬وهي دولة عربية‬ ‫ولنا مصلحة بأن تكون مبأمن من أي رش بالرغم من املؤامرات التي تحاك عىل‬ ‫مستوى العامل اإلسالمي برمته‪ ،‬وعىل املناطق املحاذية للسعودية بالتحديد‪،‬‬ ‫وعىل ثقافة تفتيت األمة العربية التي تشكل السعودية جز ًءا منها‪.‬‬ ‫هل اليزال لبنان يقع تحت تأثري خطر الفتنة بشقيها السني‪-‬الشيعي‬ ‫واإلسالمي املسيحي؟‬ ‫ال شك أن قمة دمشق التي جرت مؤخراً تخفف من حدة االستعار املذهبي‬ ‫القائم بالرغم من وجوده‪ ،‬وتضع له شك ًال من أشكال الضوابط اىل جانب‬ ‫إرادة ووعي بعض القيادات املحلية‪ ،‬ولكن يجب أن تعرتف أن هذه املشكلة‬ ‫هي عىل مستوى املنطقة‪ ،‬وستبقى تغذي الواقع اللبناين ويتغذى منها‪،‬‬ ‫وبالتايل ستغذي البقاء اللبناين‪.‬‬ ‫ثانياً واألهم هو أن لبنان كام سبق وذكرت يف بداية الحديث‪ ،‬هو ساحة‬ ‫معرضة لشتى أنواع االنتهاكات حتى يف معركته ضد اإلرهاب‪ ،‬ومعركة‬ ‫اإلرهاب ضد الخارج من خالله وعىل أرضه‪ ،‬ولبنان‪ ،‬اىل جانب “إرسائيل”‬ ‫ومخططاتها يف املنطقة‪ ،‬هو بلد مستباح من الجميع ومن اليدخله يشعر‬ ‫بالخسارة‪ ،‬لقد فشلت هذه السلطة فش ًال ذريعاً يف حامية لبنان وتأكيد‬ ‫سيادته واستقراره‪ ،‬وعندما فرحنا وابتهجنا أننا دخلنا مرحلة االستقالل‬ ‫الثاين‪ ،‬اعتربنا أن هذا أمر قد تحقق ولكن تبينّ أنه ُأخ ِرجت الوصاية السورية‬ ‫ليك تدخل اىل لبنان عدة وصايات لتحوله اىل ساحة بكل ما تحمله الكلمة‬ ‫من معنى‪ ،‬وهذا األمر أنزل بلبنان ك ًام من املشاكل املرتقبة‪ ،‬التي ستأيت عىل‬ ‫أرضه‪ ،‬ما يقلل من مقدرة الحكام عىل التعاطي معها بشكل تام وكامل‪.‬‬ ‫كيف ينظر دولة الرئيس الفرزيل اىل الوضع اإلقليمي والدويل‪ ،‬وتأثري‬ ‫املستجدات اإلقليمية عىل لبنان سواء عىل مستوى التقارب السعودي‪-‬‬ ‫السوري والسوري الرتيك وامللف اإليراين؟‬ ‫ال شك أن هناك تغيرّ نوعي يف قوانني اللعبة املطروحة عىل الوضع‬ ‫اإلقليمي والدويل‪ .‬وواضح أن الواليات املتحدة األمريكية أعادت النظر‬ ‫بسياسة تعاطيها‪ ،‬إذ هناك شيئاً جديداً يرتكب بني أمريكا وإيران أو ُر ّكب‬ ‫وقد عُ رب عنه يف اجتامع األمس‪ ،‬يف فيينا بشكل واضح يف تبني اإليرانيني‬ ‫مسألة التخصيب‪ ،‬واعرتاف أمريكا بحق إيران بالتخصيب برصف النظر عن‬ ‫النسبة املئوية له‪ .‬وهذا األمر سيؤدي حت ًام اىل مزيد من االعرتاف بدور إيران‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬وبالتايل هذا الدور أصبح واضحاً من هضاب آسيا الوسطى‬ ‫تنام هائل‬ ‫اىل السواحل الرشقية يف البحر األبيض املتوسط‪ .‬كام أن هناك‬ ‫ٍ‬ ‫لدور تركيا‪ ،‬بالحكم العاقل املتح ّكم باألمور يف تركيا‪ ،‬عرب العالقات املميزة‬ ‫مع سوريا والعراق والدخول يف الوجدان العريب واإلسالمي عرب مشكلة‬ ‫غزة وتخفيف مستوى العالقات مع “إرسائيل”‪ ،‬عرب محاولة حاميتهم‬ ‫للمسجد األقىص‪ ،‬ما سيؤهل تركيا‪ ،‬وهي الدولة العظمى يف منطقة‬ ‫الرشق األوسط‪.‬‬ ‫إذاً نحن أمام قوى جديدة إقليمية كبرية تلعب دوراً متقدماً عىل الساحة‬ ‫الرشق األوسطية املرشقية وطبعاً “إرسائيل” دولة غاصبة‪ ،‬ولكن موجودة‬ ‫عىل األرض بكل قواها‪ ،‬ما يؤدي اىل عدم استطاعة الواقع السيايس القائم‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫زار المرجح الروحي الشيخ أبو سليمان حسيب الصايغ في معصريتي بحضور وهاب‬

‫جنبالط‪ :‬وحدة الجبل تتعزز أكثر مع التنوع والحادية في القرار خطأ‬ ‫الشيخ الصايغ‪ :‬مصيرنا واحد ألن إسرائيل عدونا وسوريا حليفتنا الدائم والطبيعي‬

‫تجاهل دخول سوريا وأمريكا وتركيا‪ ،‬يف انتقالها اىل قوانني لعبة جديدة يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬كام جعلنا ندرك أن انفتاح تركيا عىل سوريا بالطريقة التي متت‬ ‫جعل االتحاد األورويب يدخل اىل سوريا أيضاً‪.‬‬ ‫فهناك تغيرّ ات هائلة قادمة اىل املنطقة‪ ،‬تشكل فيها سوريا نقطة‬ ‫تقاطع للمصالح العربية مجتمعة بفضل السياسة الحكيمة والرائدة‬ ‫التي انتهجها الرئيس بشار األسد بشكل مميز اعرتف بها القريب والبعيد‪،‬‬ ‫ونستطيع أن نقول أن التحدي الرئييس هو يف كيفية ردع “إرسائيل” عن‬ ‫تنفيذ مخططاتها العدوانية املستمرة‪ ،‬وتفشيل مخططاتها يف النيل‬ ‫من وحدة الكيانات العربية واإلسالمية‪ ،‬ألن العروبة متعرضة لخطر كبري‬ ‫واإلسالم متعرض لخطر كبري عرب رشذمته وتفكيكه وزرع الرصاعات يف‬ ‫كنفه‪ ،‬وكذلك العروبة التي تعرضت اىل إخفاقات وهزائم كربى أقلها‬ ‫تفكيك العراق لالحتالل األمرييك‪ ،‬وما يوازي ذلك هو هزمية العروبة بالثقافة‬ ‫وما جرى يف لبنان والشعارات التي ُرفعت والقضايا التي حاول هذا الفريق‬ ‫السلطوي أن يرفعها مبا ألحق من رضر بثقافة العروبة‪ ،‬هو يقع يف منزلة‬ ‫احتالل العراق ألن الخطة هي القضاء عىل العروبة وإقامة هذا النظام الجديد‬ ‫الذي تلعب فيه دوالً غري عربية أدواراً مركزية عىل الساحة املرشقية‪.‬‬ ‫كيف تقرأ االنفجار الذي حصل يف إيران‪ ،‬ما هي الرسالة املوجهة من‬ ‫خالله؟‬ ‫إنه جزء من الفتنة الكربى التي تعم العامل اإلسالمي‪ ،‬الهدف منه‬ ‫محاولة جر إيران اىل معارك تحت عنوان مذهبي‪ ،‬عرب معارك عسكرية مع‬ ‫باكستان‪ ،‬األمر الذي س ُيضعف باكستان ويحولها اىل دويالت ويلهيها عن‬ ‫املعركة الحقيقية مع طالبان ومع القوى املتطرفة‪ ،‬وبالتايل إدخال العامل‬ ‫اإلسالمي يف حرب تبدأ وال تنتهي‪ ،‬وأيضاً ُيضعف إيران ألنه سيخلق لها‬ ‫معركة جانبية تنرصف من خاللها عن بناء ذاتها وعن الرتكيز عىل اعتبار‬ ‫“إرسائيل” هي عدو رئييس‪ ،‬والغاية من هذا املخطط هو تفتيت العامل‬ ‫اإلسالمي برمته‪.‬‬ ‫متى ستيرص الحكومة النور؟‬ ‫إن كل ما ميكنني يف هذا اإلطار هو وضع املعيار التايل لذلك‪ ،‬هو أنه‬ ‫عندما يعترب النائب املكلف الحريري أن الساحة املسيحية هي للمسيحيني‪،‬‬ ‫ويعرتف بنتائج االنتخابات عىل الساحة املسيحية ويتعاطى معها (الساحة‬ ‫املسيحية) عىل أساس أن الرشيك املسيحي الحقيقي هو الذي نال أكرثية‬ ‫األصوات املسيحية وله الحق بأن يسمي الوزراء املسيحيني ويف املواقع‬ ‫املسيحية من موقع منطق الرشاكة‪ ،‬عندها سيتم تشكيل الحكومة‪.‬‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬

‫‪12‬‬

‫يف إطار سياسة االنفتاح التي ينتهجها النائب وليد جنبالط‪ ،‬والتي تكرست‬ ‫يف لقائه مع رئيس «تيار التوحيد» وئام وهاب‪ ،‬كانت له زيارة اىل املرجع الروحي‬ ‫الشيخ أبو عيل سليامن حسيب الصايغ يف معرصيتي‪ ،‬وكان يف استقباله‬ ‫رئيس «تيار التوحيد» ونائبه سليامن الصايغ ورئيس هيئة العمل التوحيدي‬ ‫الشيخ صالح ضو‪ ،‬وقد رافقه يف الزيارة ابنه تيمور‪ ،‬والنائب أكرم شهيب‪.‬‬ ‫وخالل اللقاء تحدث جنبالط‪ ،‬فقال‪« :‬ان وحدة الجبل تتعزز أكرث فأكرث‪ ،‬والتنوع‬ ‫مع كل الفاعليات السياسية والحزبية‪ .‬واألحادية يف القرار خطأ‪ ،‬ونحن مل ولن‬ ‫يوم ما رأي واحد ولكن اليوم‬ ‫نصادر القرار يوماً أو ان نتفرد به‪ ،‬صحيح انه كان يف ٍ‬ ‫هناك تنوع يف طائفة املوحدين العرب الدروز من اجل اإلفادة من هذا التنوع‪ ،‬وهذا‬ ‫التنوع من دار خلدة اىل املختارة اىل هذه الخلوة اىل رفيقنا السابق ورفيقنا الحايل‬ ‫وئام وهاب اىل الشيخ سليامن الصايغ الذي لنا معه صوالت وجوالت اىل الشيخ‬ ‫أبو محمد جواد ويل الدين اىل الشيخ أمني الصايغ اىل كل املشايخ األفاضل‪،‬‬ ‫وكلٍ منا يكمل اآلخر عىل طريقته»‪ .‬وأضاف خالل زيارته اىل خلوة الشيخ أبو‬

‫سليامن حسيب الصايغ يف بلدة معرصيتي بحضور رئيس تيار التوحيد وئام‬ ‫وهاب ونائبه سليامن الصايغ‪ ،‬النائب أكرم شهيب‪ ،‬تيمور وليد جنبالط‪ ،‬رئيس‬ ‫هيئة العمل التوحيدي الشيخ صالح ضو وحشد من مشايخ الطائفة‪.‬‬ ‫بدوره رد الشيخ مرحباً “ بجنبالط يف بيته وبني أهله “ مؤكداً ان “طائفة‬ ‫املوحدين الدروز هي سيف العروبة واإلسالم وتقف دامئاً وأبدا اىل جانب الحق‬ ‫العريب وليس لديها عدو إال إرسائيل وأعوانها‪ ،‬وتبقى سوريا هي الحليف الدائم‬ ‫اىل جانبنا ووحدة الطائفة هي يف جمع شملها عىل األسس الوطنية والقومية‬ ‫التي تهم العرب واملسلمني»‪.‬‬ ‫كذلك رحب نائب رئيس تيار التوحيد الشيخ سليامن الصايغ بالجميع مؤكداً‬ ‫ان “طاملا عدونا االرسائييل واحد وحليفنا الدائم والطبيعي هي سوريا فإن‬ ‫مصرينا واحد وعساه خرياً ان نكون يف مركب النجاة سوياً»‪.‬‬ ‫ثم توجه الجميع اىل خلوة الشيخ أبو حسن عارف حالوة حيث قرأوا الفاتحة‬ ‫عن روحه‬

‫تيار التوحيد ‪ :‬لقاء معصريتي أكد على التعددية السياسية داخل الطائفة الدرزية‬ ‫اكدت أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد يف بيان لها‬ ‫ان اللقاء الذي جمع رئيس تيار التوحيد الوزير وئام‬ ‫وهاب ورئيس الحزب التقدمي االشرتايك النائب‬ ‫وليد جنبالط يف خلوة الشيخ أبو سليامن حسيب‬ ‫الصايغ يف بلدة معرصيتي قضاء عاليه بحضور‬ ‫حشد من مشايخ الطائفة‪ ،‬عىل تكريس معادلة‬ ‫التعددية السياسية والحزبية عند طائفة املوحدين‬

‫العرب الدروز ‪ ،‬ودعوة النائب جنبالط اىل رضورة‬ ‫االستفادة من هذا التنوع املثلث األضالع والذي يتمثل‬ ‫بثالثة أحزاب رئيسية الحزب التقدمي االشرتايك ‪،‬‬ ‫تيار التوحيد والحزب الدميقراطي اللبناين ‪.‬‬ ‫وترى ان اهمية هذا اللقاء يشكل ضامنة‬ ‫حقيقية للبناء الدميقراطي القائم عىل ثقافة‬ ‫الحوار وتقبل الرأي اآلخر بدال من ثقافة اإلقصاء‬

‫‪13‬‬

‫والنبذ والتهميش يف الخطاب السيايس املتبادل‬ ‫بني اإلطراف‪،‬ملا فيه خري ومصلحة أبناء الطائفة‬ ‫الدرزية ‪ ،‬واالجتامع عىل قواسم وطنية مشرتكة‬ ‫واعتبار سورية العمق االسرتاتيجي والشقيق‬ ‫للبنان و املعرب الرئييس للدخول اىل العمق‬ ‫العريب ‪ ،‬واملؤمتنة عىل مستلزمات العروبة يف‬ ‫مواجهة العدو االرسائييل ‪.‬‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬ ‫وهاب و ّدع السفير اإليراني الصديق بعشاء تكريمي في دارته في الجاهلية‬

‫تجمعنا معكم عالقة مم ّيزة‬ ‫عبر محور الصمود القومي واإلقليمي‬

‫أقام رئيس تيار التوحيد وئام وهّ اب‬ ‫تكرميياً عىل رشف السفري اإليراين يف‬ ‫محمد رضا شيباين ملناسبة مغادرته‬ ‫وانتقاله إىل موقع دبلومايس آخر يف‬ ‫الخارجية اإليرانية‪ ،‬شارك فيها الوزير غازي‬

‫عشاء‬ ‫لبنان‬ ‫لبنان‬ ‫وزارة‬ ‫زعيرت‪،‬‬

‫النائب مروان فارس‪ ،‬مسؤول اإلعالم يف التيار‬ ‫الوطني الحر ناصيف القزي ممث ًال العامد ميشال‬ ‫عون‪ ،‬عضو املجلس السيايس لحزب الله محمود‬ ‫قامطي ممث ًال سامحة السيد حسن نرص‬ ‫الله‪ ،‬نارص زيدان عضو قيادة الحزب التقدمي‬

‫الطاولة الرئسية‬

‫جانب من الحضور‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪14‬‬

‫االشرتايك مم ّث ًال رئيس اللقاء الدميقراطي النائب‬ ‫وليد جنبالط‪ ،‬عضو املكتب السيايس يف حزب‬ ‫الكتائب اللبنانية سجعان القزي ممثال الرئيس‬ ‫أمني الجميل‪ ،‬األمني القطري لحزب البعث العريب‬ ‫االشرتايك الوزير السابق فايز شكر‪ ،‬وفد من‬ ‫حركة أمل برئاسة محمد جباوي‪ ،‬مرينا زخريا‬ ‫ممثلة رئيس تيار املردة سليامن فرنجية‪ ،‬دولة‬ ‫الرئيس إييل الفرزيل‪ ،‬رئيس حزب االتحاد الوزير‬ ‫السابق عبد الرحيم مراد‪ ، ،‬قاسم صالح ممث ًال‬ ‫رئيس الحزب السوري القومي االجتامعي النائب‬ ‫أسعد حردان‪ ،‬الوزير السابق يوسف سالمة‪،‬‬ ‫السفري السوري يف لبنان عيل عبد الكريم‪،‬‬ ‫سفرية الجمهورية البوليفارية الفنزولية يف‬ ‫لبنان سعاد كرم‪ ،‬املرجع الروحي يف الطائفة‬ ‫الدرزية الشيخ أبو عيل سليامن أبو دياب‪،‬‬ ‫اللواء عيل الحاج‪ ،‬القايض الشيخ مرسل نرص‪،‬‬ ‫رئيس هيئة العمل التوحيدي الشيخ صالح‬ ‫ضو‪ ،‬ممثل مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ‬ ‫نجيب الصايغ‪ ،‬ممثلون عن فصائل املقاومة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬مسؤول حزب الله يف جبل لبنان‬ ‫بالل داغر‪ ،‬الشيخ حسن غربيس والشيخ ماهر‬ ‫مزهر عن تجمع العلامء املسلمني‪ ،‬مدير األخبار‬ ‫يف «صوت املدى» حبيب يونس‪ ،‬مدير األخبار‬ ‫والربامج السياسية يف قناة املنار محمد‬ ‫عفيف‪ .‬وحشد من مشايخ الطائفة الدرزية‪،‬‬ ‫وشخصيات دبلوماسية وسياسية وفعاليات‬ ‫اجتامعية وتربوية وإعالمية‪ ،‬ومسؤولون يف‬ ‫تيار التوحيد‬ ‫وقد تحدث وهاب قائ ًال‪« :‬يف أمسية التكريم‬ ‫لوجه من وجوه الكرامة‪ ،‬حمل رسالة الجهاد‬ ‫والنرصة‪ ،‬ومىش عىل درب الهدى واإلميان‬ ‫ملواجهة قوى الرش واالستكبار‪ .‬أردناها‪ ،‬تحمل‬ ‫يف ثناياها واجب الوفاء‪ ،‬ملن جاهدوا وناضلوا‬ ‫ودافعوا عن حقوق بالدهم‪ ،‬وحقوق الشعوب‬ ‫املسلوبة من حريتها وسيادتها‪ ،‬والفاقدة‬ ‫لقوتها الذاتية‪ ،‬الستعادة مرشوعيتها بني األمم‬ ‫واملنتديات الدولية‪ .‬أردناها عربكم يا سعادة‬ ‫السفري‪ ،‬رسالة شكر وتقدير‪ ،‬وعربون التزام‪،‬‬ ‫اإلسالمية‬ ‫للجمهورية‬ ‫واملامرسة‪،‬‬ ‫بالنهج‬ ‫اإليرانية قيادة وشعباً ومؤسسات‪ ،‬حيث أزهرت‬ ‫ثورتها املجيدة‪ ،‬وحولت مسارات املنطقة بأرسها‬ ‫من كبوة الخوف والرتدد واالرتهان‪ ،‬إىل ساحات‬

‫وهاب يلقي كلمته‬

‫وهاب مستقب ًال السفري شيباين‬

‫الجهاد والنضال‪ ،‬وإثبات تاريخها املقاوم عرب‬ ‫امتداد العصور‪ ،‬فكانت السند لكل فصائل‬ ‫املقاومة املؤمنة الرشيفة‪ ،‬حيث انكرست‬ ‫القوة التي ال تقهر‪ ،‬وتحطمت الغزوات عىل‬ ‫تراب أمتنا العربية وغرقت قوى الطغيان يف‬ ‫مستنقع املوت امللتهب يف وجه جيوشها‪،‬‬ ‫فانربت تبحث عن خالصها وانسحابها والتخيل‬ ‫عن سياساتها‪ ،‬فاتحة خطوط التواصل مع من‬ ‫بيده قدرة إمساك املفاصل‪ ،‬والحل والربط لهذه‬ ‫املنطقة بأرسها‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬أردناها موقفاً صارخاً لكل األنظمة‬ ‫والدول‪ ،‬التي ما زالت تبحث عن بقائها والتي‬ ‫مل تتعلم بعد‪ ،‬أبجدية التحرر من معتقالت‬ ‫األرس الدولية‪ ،‬ومل تلتقط ما حدث للشاه يف‬ ‫إيران‪ ،‬وما حدث لصدام يف العراق‪ ،‬وما جرى‬ ‫لغريهم يف دول عديدة من إسقاطات اودت‬ ‫بهم إىل بئس املصري‪ .‬وحدها سوريا‪ ،‬بقيادتها‬ ‫العاقلة والقادرة‪ ،‬وقفت ومنذ البدايات‪ ،‬تحذر‬ ‫وتنبه وتوجه‪ ،‬بأن الرهان عىل القوى الدولية‪،‬‬ ‫واألمم املتحدة‪ ،‬ومجلس األمن وحقوق اإلنسان‬ ‫هي رهانات باطلة‪ ،‬ألن سوريا تدرك بأن التاريخ‬ ‫ماضياً وحارضاً ومستقب ًال‪ ،‬هو يف يد الشعوب‬ ‫املستندة‪ ،‬إىل إثبات هويتها وانتامئها وحقها‬ ‫يف الحرية والسيادة واالنتصار‪ ...‬وإلميانها‬ ‫القومي الواعي‪ ،‬بأن ما فعلته «سايكس بيكو»‬ ‫ووعد بلفور‪ ،‬لن يغيرّ ا يف وحدة األرض والشعب‬ ‫واملصري»‬ ‫والثقايف‬ ‫السيايس‬ ‫الرتابط‬ ‫كان‬ ‫لذا‪،‬‬ ‫والعسكري مع الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬محوراً‬ ‫بدّ ل املعادالت‪ ،‬وتوسع نحو تركيا وبعض دول‬ ‫الخليج‪ ،‬فأصبحت اللعبة مكشوفة‪ ،‬وبات‬ ‫القرار القومي العريب واإلسالمي متامسكاً‪،‬‬

‫السيدة وهاب ترحب بالسفري والوفد املرافق‬

‫السفري شيباين يلقي كلمته‬

‫‪15‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬ ‫وفاعال‪ ،‬وأسهم يف صياغة التاريخ الحديث‪.‬‬ ‫وخاطب وهاب شيباين قائ ًال‪ « :‬إن العالقة‬ ‫املميزة التي تجمعنا معكم‪ ،‬عرب محور الصمود‬ ‫والتصدي القومي واإلقليمي‪ ،‬وبعد تجربة‬ ‫السنوات املاصية القاسية‪ ،‬تجعلني وعىل‬ ‫مسمعكم أتوجه لألخوة العرب بأن الخوف‬ ‫يأيت فقط مبا يخطط له العدو الصهيوين ومن‬ ‫يقف ورائه‪ ،‬وإن الذل والهوان والضعف حالة‬ ‫من اليأس القاتل يودي بصحبه إىل نهايات‬ ‫مؤسفة ومفجعة‪.‬‬ ‫ودعا وهاب العرب إىل االلتفاف حول بوابة‬ ‫العروبة دمشق‪ ،‬القادرة عىل إقامة أفضل‬ ‫العالقات مع إيران وتركيا‪ ،‬فنخرج من عقدنا‪،‬‬ ‫ونعود إىل تعاليم ديننا الحنيف‪ ،‬ومهد القيامة‪،‬‬ ‫املنتظرين عودتنا إليهام‪ ،‬إنقاذاً ملا يتعرضان له‬ ‫من تدنيس عىل أيدي أعداء الدين واألمة»‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬نعم لدينا وجهات نظر‪ ،‬لكن الرصاع‬ ‫االسرتاتيجي يقتيض أوالً الحفاظ عىل وجودنا‬ ‫وأرضنا وحقوقنا القومية املقدسة‪ ،‬من قبل‬ ‫«إرسائيل» واالستعامر‪ ،‬وبعدها يتفاوض األخوة‬ ‫وتستعاد الحقوق‪ ،‬مبا فيها فلسطني السليبة‬ ‫واملغتصبة‪ ...‬وما تبقى من أرايض عربية يف‬ ‫الجوالن ولبنان‪ ...‬نناشدكم أيها العرب‪ ،‬وقبل‬ ‫فوات األوان‪ ،‬ألن زمن الهزائم قد ولىّ وبات‬ ‫التحرير واالنتصار عىل قاب قوسني‪ ،‬بأن تدافعوا‬ ‫عن دينكم‪ .‬املسجد األقىص يناديكم‪ ،‬القدس‬ ‫تناديكم‪ ،‬غزة املحارصة تسترصخ ضامئركم‪،‬‬ ‫بالد الرافدين تناجيكم‪ ،‬وجنوب لبنان ينتظر‬ ‫التو ّثب لصناعة االنتصار الكبري‪ »...‬وال فرق بني‬ ‫عريب وأعجمي إال بالتقوى»‪.‬‬ ‫وقد ختم وهاب بالقول‪« :‬نتمنى لكم النجاح‬ ‫يف مهامتكم الجديدة‪ ،‬ولن ننىس لشخصكم‬ ‫الكريم‪ ،‬مدّ يد العون إلينا‪ ،‬والدور األسايس يف‬ ‫مساعدتنا لتأمني بناء يف منطقة الشوف‬ ‫تشاد عليه املستشفى‪ ،‬ومساندتكم الدامئة‬ ‫لدعم صمودنا يف كل امللفات والقضايا‪ ،‬إىل‬ ‫جانب أخوتنا يف حزب الله املقاوم‪ ،‬وكل أبناء‬ ‫وطننا العزيز لبنان السيام أثناء وبعد حرب‬ ‫متوز املظفرة‪ .‬إننا‪ ،‬وأنتم تغادرون لبنان‪ ،‬نعلن‬ ‫بأن العهد باق‪ ،‬ومعكم نستمر يف املواجهة‪،‬‬ ‫ونحن ما تعودنا إال أن نكون يف طليعة األوفياء‬ ‫امللتزمني بصدق املوقف ووضوح القرار‪ ،‬وأغتنم‬ ‫هذه املناسبة‪ ،‬ألتوجه منكم ومن القيادة‬ ‫اإلسالمية والشعب اإليراين‪ ،‬بأصدق املشاعر‪،‬‬ ‫معربني عن ثقتنا‪ ،‬بقيادة املرشد األعىل للثورة‬ ‫دام ظله الرشيف‪ ،‬وفخامة الرئيس القائد‪،‬‬ ‫وقيادة الجيش واملؤسسات‪ ،‬سائلينه تعاىل أن‬ ‫نلقى معكم تحقيق كل ما نبتغيه لشعوبنا‬ ‫ومنطقتنا من ازدهار وحرية وسالم‪.‬‬ ‫وبدوره أكد السفري شيباين أن كل ما‬ ‫قدمته إيران إىل لبنان هو واجب وبالتايل فال‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫السيدة وهاب تو ّدع زوجة السفير شيباني‬ ‫يف إطار الجوالت الوداعية التي‬ ‫تقوم بها زارت زوجة سعادة السفري‬ ‫شيباين‬ ‫كاتايون‬ ‫السيدة‬ ‫اإليراين‬ ‫رئيسة املؤسسة التوحيدية للخدمات‬ ‫االجتامعية لني وهاب يف منزلها يف‬ ‫بريوت وكان يف استقبالها إىل جانب‬ ‫السيدة وهاب أمينة شؤون املرأة يف‬ ‫التيار الرفيقة فدى أبو رضغم‪ ،‬وأمينة‬ ‫الشؤون القانونية الرفيقة كارين نصار‪،‬‬ ‫إضافة إىل عدد من الرفيقات يف تيار‬ ‫التوحيد‪.‬‬ ‫وأشارت وهاب أننا قد تعرفنا عىل‬ ‫املرأة اإليرانية وانفتاحها ودورها من خالل‬ ‫السيدة شيباين التي عرفناها بانفتاحها‬ ‫وعالقاتها‪ ،‬وما تقوم به يف املجتمع اإليراين‬ ‫من كل النواحي السياسية واالجتامعية‬ ‫واالقتصادية‪.‬‬ ‫فالسيدة شيباين كانت سفرية املرأة‬ ‫اإليرانية ونقلت عنها الصورة الجميلة‬ ‫من‬ ‫الكثري‬ ‫وأسقطت‬ ‫واملتقدمة‪،‬‬ ‫األضاليل واملزاعم التي كانت تر ّوج عن‬ ‫كون املرأة اإليرانية منتهكة حقوقها‪،‬‬ ‫وتبني أنها قد اكتسبت هذه الحقوق مع‬ ‫انتصار الثورة اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬فهي‬ ‫يف الصفوف األمامية من كل املجاالت‪.‬‬ ‫بدورها عربت السيدة شيباين عن‬ ‫رسورها يف هذا اللقاء العائيل‪ ،‬وهي‬ ‫تغادر لبنان‪ ،‬ويف قلبها الكثري من املحبة‬ ‫لشعبه املقاوم واملكافح والنشيط‪،‬‬

‫السفري اإليراين متوسطاً وهاب والشيخ أبو ذياب‬

‫الشيخ آبو ذياب‬

‫مع ّرف الحفل عصمت العرييض‬

‫شكر عىل الواجب‪ .‬وعرب شيباين عن محبته‬ ‫الكبرية لرئيس تيار التوحيد الذي جمعه مع‬ ‫هذه الوجوه الطيبة من الشعب اللبناين الذي‬ ‫صنع معجزة يف صموده ومقاومته‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫أؤكد مجدداً دعم الجمهورية اإلسالمية يف‬ ‫إيران للبنان الشقيق ومقاومته الباسلة‬ ‫ووقوفها الدائم إىل جانب لبنان من أجل‬ ‫استقراره وتقدمه وازدهاره‪ .‬وختم‪« :‬أتوجه إىل‬ ‫األخ الصديق وئام وهاب ألعرب له عن خالص‬ ‫تقديري له ولتيار التوحيد ملا يقوم به يف الحياة‬ ‫السياسية اللبنانية من أجل وحدة اللبنانيني‬ ‫خلف خياراتهم الوطنية الجامعة ولطائفة‬ ‫املوحدين الدروز التي نكن لها تقديراً كبرياً‬ ‫لدورها الوطني والعريب واإلسالمي»‪.‬‬ ‫املرجع الروحي الشيخ أبو عيل سيلامن أبو‬

‫دياب رحب بالضيوف يف “هذه الزيارة‬ ‫التي تؤلف بني أبناء الوطن الواحد‬ ‫املصاعب والشدائد”‪ .‬وأضاف‪“ :‬نرحب‬ ‫سعادة السفري وبكل زائر ينهج سبيل‬ ‫يف سائر أنحاء البالد يف هذه األيام‬ ‫التي يود العدو أن يضيق علينا فيها‬ ‫بجواسيسه وزرع الخالف بيننا والشقاق»‪.‬‬ ‫وختم قائال‪« :‬إن إيران وسوريا وفنزويال ساعدوا‬ ‫لبنان وساعدوا املقاومة الباسلة‪ ،‬وساعدوا‬ ‫بلدتنا خاصة وكنتم يا سعادة السفري املكرم‬ ‫خري ممثل‪ ،‬فنلتم الحسنة يف هذه الرتقية‬ ‫الجديدة‪ ،‬التي أنتم أه ًال لها فإننا نبارك لكم‬ ‫فيها ونرحب بحضوركم وبكل الضيوف‬ ‫الحارضين ونرفع عربكم شكرنا الجزيل إليران‬ ‫قيادة وشعباً»‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫الجامعة‬ ‫وتهون‬ ‫بك يا‬ ‫الوفاق‬ ‫الشداد‬ ‫الخناق‬

‫خطوبة‬ ‫كمال الدين ـ يحيى‬

‫شارك أمني رس مجلس‬ ‫األمناء ماهر رسي الدين‬ ‫الثقايف‬ ‫اللقاء‬ ‫يف‬ ‫اللبناين – الفلسطيني‬ ‫الذي عُ قد يف مكتب‬ ‫نقيب الصحافيني يف‬ ‫بريوت‪ ،‬دع ًام لصمود‬ ‫الفلسطيني‬ ‫شعبنا‬ ‫يف املحافظة عىل الهوية‬ ‫واإلسالمية‬ ‫العربية‬ ‫للقدس الرشيف‪.‬‬

‫يتقدم تيار التوحيد من الرفاق‬ ‫حسام مسعود كامل الدين‬ ‫وبـراءة فؤاد يحيى بالتهاين‬ ‫الحارة وذلك ملناسـبة عقد‬ ‫خطوبتهـام‪.‬‬ ‫كام يتقدم بالتهاين من‬ ‫الرفاق كريم أبو ذياب وسايل نوفل‬ ‫ملناسبة خطوبتهام‬ ‫كام يهنئ الرفيق نبيل أبو‬ ‫ذياب والرفيقة رايسا أو ذياب‬ ‫بإعالن الخطوبة‬ ‫وألف مربوك وبالرفاه والبنني‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫زكي زاره مودعاً‬

‫‪...‬واستقبل سفير رومانيا ‪ :‬ال ملفات خارجية تعيق تشكيل الحكومة‬

‫وهاب ‪ :‬على الحكومة التي ستتشكل معالجة قضية المخيمات‬ ‫أكد رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب برضورة أن “يكون لدى الحكومة الجديدة‬ ‫التي ستتشكل يف القريب مهام كانت‬ ‫الصعوبات‪ ،‬خطة إلنقاذ املخيامت الفلسطينية‬ ‫من البؤس والفقر املدقع‪ ،‬ألن ذلك غري مقبول‬ ‫من كل النواحي اإلنسانية واألخالقية‪ ،‬وعلينا‬ ‫مامرسة كل الضغوط من خالل الحكومة‬ ‫الجديدة ملعالجة هذا امللف اإلنساين املؤمل يف‬ ‫كل املخيامت‪ ،‬واتهام بعضها بأنها تحوي اإلرهاب‬ ‫أمر غري مقبول‪ ،‬خاص ًة وأن هؤالء هم إخوة‬ ‫لنا وضيوف ومتمسكون بالعودة إىل أرضهم‪،‬‬ ‫وعلينا أن نعاملهم كبرش»‪.‬‬ ‫وأضاف‪ ،‬بعد استقباله ممثل منظمة‬ ‫التحرير يف لبنان عباس زيك يف زيارة وداعية‬ ‫ملناسبة انتهاء مهامه يف لبنان‪ ،‬أنه «يف هذا‬ ‫اإلطار يجب اإلرساع يف إعادة إعامر مخيم‬ ‫نهر البارد‪ ،‬وال يجوز أن ترتك الناس يف العراء‬ ‫واملامطلة يف معالجة املوضوع‪ ،‬وأن يعالج‬ ‫األمر برسعة وهؤالء الناس هم أمانة يف‬ ‫أعناقنا»‪ .‬وتابع «لقد كان دور سعادة السفري‬ ‫زيك كبرياً يف تصويب بعض العالقات‬ ‫الفلسطينية اللبنانية وهذا أمر يسجل له‪،‬‬ ‫وقد تحول الفلسطيني من نقطة خالف‪ ،‬رمبا‪،‬‬ ‫بني اللبنانيني يف مرحلة سابقة‪ ،‬إىل نقطة‬ ‫إجامع‪ .‬وهو أخ ورفيق‪ ،‬رجل حمل فلسطني‬ ‫يف قلبه وعقله طيلة حياته‪ ،‬ومازال يناضل‬ ‫من أجلها ومن أجل القدس‪ .‬يغادرنا اليوم‬ ‫من موقع نضايل إىل موقع آخر‪ ،‬إىل املوقع‬ ‫األسايس إىل فلسطني والبد أن أشري إىل أن‬ ‫ما يجري اليوم يف فلسطني يدفعنا إىل العودة‬ ‫إىل الروحية التي تعاطى بها األخ عباس زيك‬ ‫خاصة خالل عدوان غزة حني وحد املوقف‬ ‫الفلسطيني يف لبنان‪ ،‬وأمتنى عىل كل األخوة‬ ‫يف الداخل أن ال ننىس العدو األسايس وهو‬ ‫كيان العدو وأن يكون موقفنا يف مواجهة‬ ‫هذا العدو‪ .‬و»إرسائيل» مازالت تحتل وتغتصب‬ ‫وتقتل‪ ،‬وتبقى فلسطني تضمنا كلنا مهام‬ ‫تعددت مشاريعنا واتجاهاتنا ومهام تعددت‬ ‫اجتهاداتنا‪ ،‬وهي األساس وأمتنى عىل كل‬ ‫األخوة يف حركة فتح وحامس التوحد‪ ،‬ألننا‬ ‫مع فلسطني‪ ،‬كل فلسطني‪ ،‬وكل الناس مع‬ ‫فلسطني املوحدة‪ ،‬وهي مازالت تحت االحتالل‬ ‫وهو يتفرج علينا‪ ،‬وكلام اختلفنا قوي هو‬ ‫أكرث‪ ،‬ويقول للعامل تفضلوا تريديون دولة‬ ‫فلسطينية هذا هو النموذج‪ ،‬االختالف‬ ‫واالنقسام والترشذم‪ ،‬لذلك نحن وعرب‬ ‫سعادة السفري الذي هو من الكبار يف الثورة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أكد رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب أن‬ ‫“املعارضة تدعم تشكيل الحكومة يف أرسع وقت‬ ‫ممكن ألن التأخري مل يعد جائزاً‪ ،‬وهناك رضورة‬ ‫حتى ال ينعكس ذلك يف بعض املناطق اللبنانية‪،‬‬ ‫وهذا اإلرساع يلزمه يشء من التنازالت املتقابلة‪،‬‬ ‫إذ أن العامد ميشال عون قدم بعض التنازالت‬ ‫واملطلوب كذلك من غريه”‪.‬‬ ‫وأضاف وهاب‪ ،‬بعد استقباله يف مكتبه سفري‬ ‫رومانيا يف لبنان “دانييل تيناسييه” بحضور امينة‬ ‫العالقات الخارجية يف التيار فريال أبو ذياب‪ ،‬حيث‬ ‫تم البحث يف القضايا العامة والعالقات الرومانية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬أنه “مل يعد هناك أي مشاكل أو ملفات‬ ‫خارجية تعيق تشكيل الحكومة‪ ،‬واملسألة‬ ‫انحرست يف الداخل وبعض التفاصيل الداخلية‪،‬‬ ‫واعتقد أن إعطاء التيار الوطني الحر حقائب‬ ‫مهمة مثل العدل والرتبية والشؤون االجتامعية‬ ‫والزراعة‪ ،‬رمبا يسهل تشكيل الحكومة‪ .‬أما أن نقول‬ ‫بأن نأخذ من التيار الوطني حقيبتي االتصاالت‬ ‫والطاقة وال نعطيه مقابلها‪ ،‬أو حقائب شكلية‬ ‫فإن ذلك ال يسهل التشكيل‪.‬‬

‫وأضاف “ املطلوب من الرئيس املكلف‬ ‫التشكيل ألن ذلك يعود عليه باإليجابية‪،‬‬ ‫الحقائب األربعة ميكن أن تشكل املخرج‬ ‫لهذه األزمة ونتمنى أن ينتج من لقاء‬

‫تسهيل‬ ‫وهذه‬ ‫املقبول‬ ‫الرئيس‬

‫املكلف والعامد عون كل اإليجابية‪ ،‬وأعتقد أنه إذا‬ ‫ما تم االتفاق بينهام فإن الحكومة ميكن أن تبرص‬ ‫النور خالل األسبوع املقبل‪ ،‬خاص ًة وأن هناك زخ ًام‬ ‫عربياً يدعم التشكيل رسيعاً”‪.‬‬

‫‪...‬ومن الكورة ‪ :‬الحكومة يجب أن تكون خاضعة للرقابة من كل القوى‬ ‫الفلسطينية إىل جانب الشهيد يارس عرفات‬ ‫أبو عامر وآخرين ناضلوا من أجل فلسطني أن‬ ‫يلعب دوراً داخل فلسطني من أجل تصويب‬ ‫املوقف والنضال من أجل استعادة فلسطني‪،‬‬ ‫ونتمنى أن نزوره يف املستقبل القريب عندما‬ ‫تصبح فلسطني حرة»‪.‬‬

‫زيك‬ ‫بدوره أكد زيك أنه «يف لحظة وداع الجميع‬ ‫يف لبنان‪ ،‬أما بالنسبة ملعايل الوزير وئام‬ ‫وهاب فإنني أقول له إىل اللقاء إن شاء الله‪،‬‬ ‫ألن مهمتي ستشمل املنطقة العربية يف‬ ‫إطار تعزيز العالقات العربية الفلسطينية‬ ‫ويف ذاكريت سيبقى معاليه يف كل مكان‪،‬‬ ‫ألننا بحاجة إىل كل من يشعر بأهمية‬ ‫العروبة وكيفية جمع الصف وإنهاء التوترات‪،‬‬ ‫وكيف ميكن أن يتعزز الحضور العريب يف وجه‬ ‫العواصف القادمة عىل املنطقة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فإنني سعيد جداً أن أقول بأننا باقون عىل‬ ‫العهد يف رفع راية هذه األمة‪ ،‬وإننا لو توحدنا‬ ‫ما عرفنا الهزمية قط‪ ،‬والتاريخ يشهد عند‬ ‫توحدنا كيف ننترص يف كل املعارك بعيداً عن‬ ‫الخالفات والحساسيات‪ ،‬وأنا عندما دخلت مكتب‬ ‫معايل الوزير ورأيت مجس ً‬ ‫ام لخارطة فلسطني‬ ‫شعرت وأحسست بدوره ومبادئه حني يتخذ‬ ‫من فلسطني العنوان»‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫وتابع زيك “أهم رأس مال للفلسطيني‬ ‫هو أن يتوحد وأن يكون يف وجه هذا العدو‬ ‫فقط‪ ،‬وكل تناقض ثانوي بني األخوة ال‬ ‫يلغي التناقض الرئييس‪ ،‬ألن أية تنازالت بني‬ ‫بعضنا هي انتصار‪ ،‬أما الهزمية هي أن تقول‬ ‫«إرسائيل» أنه ال رشيك يل وتستخف بكل‬ ‫مقدرات األمة العربية خاصة وأن القدس هي‬ ‫زهرة املدائن ومدينة الهالل والصليب يتعانقان‬ ‫ومتارس «إرسائيل» االعتداء عليها‪ .‬أحيي األخ‬ ‫وهاب ونشعر أنه سيكون لنا وقفات موحدة‬ ‫ونداء إىل الجميع من اجل الوحدة وزج كل‬ ‫الطاقات واإلمكانات يف سبيل التأكيد أن‬ ‫القدس ليست وحدها وليست يتيمة وفيها‬ ‫أناس مرابطون‪ ،‬وميكن أن يصنعوا املعجزات‪،‬‬ ‫ونتمنى أن نرى رايات الوحدة ترفرف فوق ربوعنا‬ ‫العربية‪ .‬أنا أغادر وأحمل يف ذاكريت كل‬ ‫األشياء الطيبة‪ ،‬ونحن بدورنا قدمنا ونقدم‬ ‫لألخوة اللبنانيني كل الطأمنينة‪ ،‬ال أحقاد‪،‬‬ ‫ونرفض التوطني والتدخل يف الشأن الداخيل‬ ‫اللبناين وكلنا نسري باالتجاه الصحيح والجميع‬ ‫يبدي الحب الكبري لفلسطني»‪.‬‬ ‫وختم بالتمني “ملعايل الوزير وئام‬ ‫وهاب كل النجاح والتوفيق والشكر له‬ ‫ولحزبه”‪.‬‬ ‫بعدها قدم زيك لوهاب درع ميثل مدينة‬ ‫القدس‪ ،‬وقدّ م وهاب درع تقدير ووفاء لزيك‬ ‫وكل فلسطني‬

‫أكد رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب أن “هناك عىل ما يبدو مفاوضات جدية‬ ‫تجري‪ ،‬نتمنى أن توصل إىل النتائج املرجوة إذا ما سارت األمور عىل ما يرام‪،‬‬ ‫وميكن أن نشهد والدة التشكيلة خالل األيام املقبلة‪ .‬وبالنسبة للمعارضة‬ ‫فإنها تحاول الدفع بكل إيجابية لتسهيل عملية التشكيل وتشجيع الجميع‬ ‫عىل املرونة‪ ،‬ولكن األمر يحتاج إىل تنازالت من الفريقني‪ ،‬إذ أنه كام قدم‬ ‫العامد عون بعض التنازالت خالل املفاوضات‪ ،‬عىل الرئيس املكلف أن يبادر‬ ‫إىل تقديم عروض مقبولة لدى املعارضة وأن يطرح حقائب جدية وليس من‬ ‫أجل املناورة مقابل حقيبتي االتصاالت والطاقة”‪.‬‬ ‫أضاف وهاب‪ ،‬خالل حفل غداء تكرميي أقامه عىل رشفه اإلعالمي الزميل‬ ‫حسان الحسن يف منزله يف بلدة تراتيج ‪ -‬قضاء الكورة‪ ،‬وحرضه النائب‬ ‫السابق اميل اميل لحود‪ ،‬وفيصل كرامي‪ ،‬مسؤول منطقة الشامل يف‬ ‫حزب الله الحاج محمد صالح‪ ،‬رفيل ذياب من تيار املردة‪ ،‬مسؤول املحامني يف‬ ‫منطقة الشامل يف التيار الوطني الحر طوين عبود‪ ،‬حشد من مسؤويل‬ ‫التيار الوطني الحر يف الشامل وحشد من أبناء البلدة واألصدقاء‪ ،‬إن “هذا‬ ‫اللقاء قد جمع األصدقاء واملحبني وأطراف سياسيني يحملون توجهات وأفكارا‬ ‫ٌ‬ ‫نقاش عام يف املستقبل كقوى سياسية متحالفة‪ ،‬وبحث‬ ‫مشرتكة‪ ،‬وكان‬ ‫يف موضوع تأليف الحكومة وما ينتظرها من قضايا وعناوين بعد التشكيل‪،‬‬ ‫خاص ًة وأن األمور األساسية التي تنتظرها كبرية جداً‪ ،‬وباملبدأ يجب أن تكون‬ ‫الحكومة خاضعة للرقابة من كل القوى من أجل تصويب مسارها‪ ،‬خاص ًة‬ ‫عندما تطرح ملفات حساسة مثل موضوع الخصخصة»‪.‬‬ ‫وختم بالقول” “برأيي الشخيص إعطاء العامد عون وزارات الرتبية والعدل‬ ‫والشؤون االجتامعية والزراعة ميكن أن تحل املشكلة وهذا األمر منسق مع‬ ‫الجرنال وميكن أن يشكل مخرجاً للجميع يف الساعات املقبلة”‪.‬‬

‫أكرث من السيايس‪ ،‬لكن اللقاء معهم نعتربه جزءا ال يتجزأ من العمل عىل‬ ‫تثبيت واستكامل التواصل مع بعضنا يف املعارضة‪ ،‬التي يهمها أوالً وأخرياً‬ ‫الحفاظ عىل البلد بكل ما فيه من تنوع‪ .‬وكان تداولنا األساس يف هذا اللقاء‬ ‫هو يف كيفية صياغة وترجمة هذا التواصل عىل أرض الواقع”‪.‬‬ ‫وأضاف “انطالقاً من ذلك إن ما نهدف إليه من خالل الدعوة إىل تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية تضم كل القوى األساسية وتعطى املعارضة ما‬ ‫تستحقه‪ ،‬وأن نتشارك واملواالة يف كيفية صياغة حكم مشرتك ونتحمل‬ ‫مسؤولية ذلك‪ ،‬ونتمنى أن تحمل الساعات املقبلة برشى سارة للبنانيني‬ ‫بإعالن تأليف الحكومة وتكون التنازالت من قبل الجميع‪ .‬فلبنان يف وضع‬ ‫صعب وسط املخاطر اإلقليمية والدولية وما تتعرض له القدس وفلسطني‬ ‫من هجمة عنرصية رشسة‪ ،‬واملناورات العسكرية األمريكية – اإلرسائيلية‬ ‫التي تستهدف املنطقة بأرسها‪ ،‬وانعكاسات األزمة االقتصادية العاملية‬ ‫عىل االقتصاد اللبناين وغري ذلك من املخاطر املتنوعة‪ ،‬مام يدعونا إىل تشكيل‬ ‫حكومة وحدة وطنية تحصن البلد وتقيه انعكاسات كل هذه املخاطر”‪.‬‬

‫كرامي‬ ‫من جهته أكد فيصل كرامي أن “اللقاء يغلب عليه الطابع االجتامعي‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب بعد لقائه الرئيس لحود‪ :‬المعارضة ال تنتظر‬ ‫أي موقف من الخارج لتبني عليه‬ ‫استقبل الرئيس لحود رئيس “تيار التوحيد” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب الذي قال بعد اللقاء‪“ :‬بحثنا مع‬ ‫فخامة الرئيس يف األوضاع الراهنة عىل الساحة‬ ‫وخصوصا تشكيل الحكومة‪ .‬ويبدو أن الخريف‬ ‫من املمكن أن يكون أفضل من الربيع يف لبنان‪.‬‬ ‫وقلنا يف السابق أن ترشين األول ميكن أن يكون‬ ‫موعدا لوالدة مثل هذه الحكومة‪ ،‬واآلن متفائلون‬ ‫بأن الحكومة ميكن أن تتألف يف ترشين‪ ،‬خصوصا‬ ‫أننا نلحظ تغيريا يف األداء عند أكرث من طرف‪،‬‬ ‫ال سيام بعض األطراف الذين كانوا متمسكني‬ ‫ببعض الشكليات يف موضوع تشكيل الحكومة‪،‬‬ ‫يبدو أنهم قد بدءوا بالرتاجع عن التمسك‬ ‫بهذه الشكليات وهذا أمر إيجايب قد يؤدى إىل‬ ‫تشكيل حكومة يف وقت قريب‪ ،‬خصوصا أن‬ ‫عىل اللبنانيني جميعا أن يدركوا أن األوضاع يف‬ ‫املنطقة تتجه نحو التصعيد نتيجة املواقف‬ ‫اإلرسائيلية األخرية‪ ،‬وهذه ليست بجديدة عىل‬ ‫حكومة “نتنياهو”‪ .‬هذا األمر يستدعي تحصني‬ ‫الساحة اللبنانية‪ ،‬ورمبا البعض قد اقتنع بشكل‬ ‫ذايت‪ ،‬ورمبا التطورات اإلقليمية التي حصلت‬ ‫أخريا هي التي ساهمت يف إقناع هذا البعض‬

‫للذهاب أكرث يف اتجاه االيجابية‪ .‬ولكن ما يهمنا‬ ‫هو النتيجة والنتيجة رمبا تكون لنا حكومة خالل‬ ‫األسابيع املقبلة‪ ،‬حكومة تبدأ بورشة يحتاجها‬ ‫اللبنانيون يف هذا الوطن”‪.‬‬ ‫وختم‪“ :‬من الطبيعي أن زيارة الرئيس السوري‬ ‫بشار األسد للمملكة العربية السعودية كان‬ ‫لها أثر إيجايب‪ .‬ولكن كام أن املعارضة ال تنتظر‬

‫أي موقف من الخارج لتبني عليه‪ ،‬عىل اآلخرين‬ ‫يترصفوا بحسابات لبنانية وليست‬ ‫كذلك أن‬ ‫ّ‬ ‫خارجية عىل رغم أن هذه الزيارة إن كانت من‬ ‫الرئيس األسد تجاه السعودية أو الزيارة املتوقعة‬ ‫خالل األيام املقبلة للملك السعودي لسوريا‪ ،‬كل‬ ‫هذه اإليجابيات ميكن أن تساهم يف اإلرساع يف‬ ‫تشكيل الحكومة يف لبنان”‪.‬‬

‫‪ ...‬و بعد لقائه عون‪ :‬هناك مشروع لخصخصة الهاتف‬ ‫زار رئيس “تيار التوحيد” وئام وهاب رئيس‬ ‫“تكتل التغيري واإلصالح» النائب العامد‬ ‫ميشال عون يف دارته يف الرابية وكان‬ ‫لوهاب الترصيح التايل بعد الزيارة‪« :‬الوضع‬ ‫الحكومي هو املحور األسايس للبحث‪،‬‬ ‫والعامد عون متجاوب مع كل الطروحات وال‬ ‫عقدة لديه تجاه أي طرح لتسهيل تشكيل‬ ‫الحكومة‪ ،‬وهذا قرار من كل املعارضة»‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬إذا متكن الرئيس املكلف من‬ ‫الخروج من بعض العوائق‪ ،‬وهو قادر عىل‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد نشهد حكومة خالل األيام‬ ‫العرشة املقبلة‪ ،‬وإال نكون دخلنا يف أزمة‬ ‫سياسية مفتوحة ال يعرف أحد أفقها»‪.‬‬ ‫وتساءل وهاب عن أسباب متسك األكرثية‬ ‫بوزاريت االتصاالت والطاقة‪ ،‬الفتا إىل أن‬ ‫هناك حديثا يتم تداوله حول مرشوع معني‬ ‫للخصخصة الهاتف‪.‬‬ ‫مشريا إىل أن العامد عون «أعطى أكرث‬ ‫من ‪ 20‬مخرجا ليختاروا واحدا‪ ،‬وإذا كانوا‬ ‫يريدون املداورة يف الحقائب فليكن‪ ،‬ولكن‬ ‫يف كل الوزارات وليس فقط عىل وزارات‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫السفير الكوبي زاره مو ّدعاً‬ ‫وهاب ‪ :‬إجراءات «أوباما» شكلية والحصار ال يزال مستمرا‬ ‫استقبل رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب يف مكتبه السفري الكويب يف لبنان «داريو‬ ‫تورينتي» وقنصل السفارة «ماريا ايزابيل» يف زيارة‬ ‫وداعية‪ ،‬بحضور أمينة العالقات الخارجية يف التيار‬ ‫فريال أبو ذياب‪ ،‬وكان بحث يف العالقات العامة بني‬ ‫البلدين وسبل تعزيز العالقات الثنائية‪.‬‬ ‫بعد اللقاء أكد وهاب أن «زيارة سعادة السفري‬ ‫الوداعية كانت فرصة لتقييم العالقات الوطيدة‬ ‫التي أقيمت خالل الفرتة السابقة مع كوبا‪ ،‬إذ لعب‬ ‫سعادته دوراً كبرياً ومه ًام يف تعزيز العالقة بني‬ ‫«تيار التوحيد» وكوبا والحزب الشيوعي الكويب‪ ،‬وقد‬ ‫كان عىل اطالع عىل كل القضايا التي تهم لبنان‬ ‫وشعوب املنطقة‪ ،‬وكان له دوراً بارزاً خاصة خالل‬ ‫حرب متوز ودعمه لبنان وشعبه‪ ،‬وله موقف مرشف‬ ‫من كل القضايا العربية املحقة‪ .‬وشكرنا له أيضا‬ ‫ولكوبا كل مواقفهم ودورهم يف هذا املجال وخدماته‬ ‫يف السنوات املاضية‪ .‬ونحن بدورنا نؤكد وقوفنا إىل‬ ‫جانب كوبا يف مواجهتها الحصار األمرييك منذ‬ ‫سنوات طويلة‪ ،‬الذي كنا قد تأملنا بفكه الحصار كنا‬ ‫تأملنا بفكه يف األشهر املاضية بعد مجيء الرئيس‬ ‫األمرييك باراك اوباما» وإدارته الجديدة‪ ،‬لكن يبدو‬ ‫أن اإلجراءات التي اتخذها «اوباما» مازالت شكلية‬ ‫ومازال الحصار مستمراً‪ ،‬وهذا أمر غري مقبول‪ ،‬إذ ال‬ ‫يجوز أن يستمر حصار بلد بأكمله بهذه الطريقة‬ ‫الوحشية والال إنسانية»‪.‬‬ ‫أضاف وهاب «كذلك بحثنا يف بعض األمور‬ ‫اللبنانية ومنها موضوع تشكيل الحكومة يف‬ ‫وقت قريب‪ ،‬وإذ نؤكد عىل أن الجميع يريد تسهيل‬ ‫مهمة الرئيس املكلف خاصة املعارضة وهناك‬ ‫عىل ما يبدو أجواء معقولة يف الشكل العام من‬ ‫قبل جميع القوى‪ ،‬مواالة ومعارضة‪ ،‬لكن املطلوب‬ ‫أن يتحرر الرئيس املكلف سعد الحريري من املواقف‬

‫التي متنع قيام التشكيلة‪ ،‬ومن الواضح أنه يتعرض‬ ‫لضغوط من أكرث من طرف وآخرها ما سمعناه يف‬ ‫األيام القليلة املاضية من قائد «القوات اللبنانية»‬ ‫سمري جعجع وما تحدث به من لغة غري مألوفة‬ ‫حول الكثري من األمور اللبنانية ومنها استهدافه‬ ‫بعض الطوائف وهذا أمر غري مألوف يف السياسة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وأنا اعتقد أن الرئيس املكلف سيكون‬ ‫عاجزاً ليس عن حكم لبنان فقط بل ال يستطيع أن‬ ‫يحكم محيط منزله إذا ما بقي أسري هذه املواقف‪،‬‬ ‫وال يجوز أن يكون رئيس حكومة كل لبنان ويرتأس‬ ‫فريق يتحدث بهذه اللغة‪ ،‬وهي لغة رددها ويرددها‬ ‫الكثري من النواب املحسوبني عىل فريق الحريري‪.‬‬ ‫إذا مهمة التأليف ال تكون متيرسة يف ظل هذه‬ ‫األجواء السياسية‪ ،‬والسؤال ما هو موقف الرئيس‬ ‫املكلف منها حيث أن مثل هذه الطروحات ميكن‬ ‫أن توصل إىل تدمري لبنان؟ وكلنا يعلم أن هذه‬ ‫القوى تعيش عىل مائدة سعد الحريري وال ميكنها‬ ‫أن تستمر بال دعمه ورعايته‪ ،‬وال ميكنها أن تتحرك‬

‫وليست قادرة عىل متويل حركتها بدونه‪.‬‬ ‫أسئلة مطروحة عىل سعد الحريري يف هذا اإلطار‬ ‫وننتظر إجابته عليها عمليا عىل أرض الواقع‪.‬‬

‫تيار التوحيد‬ ‫يشارك في العيد الستين‬ ‫الستقالل الصين‬

‫الخارجية‬ ‫العالقات‬ ‫أمينة‬ ‫شاركت‬ ‫الرفيقة فريال ابوذياب وامني االعالم يف تيار‬ ‫التوحيد الرفيق هشام االعور‪ ،‬ويف حفل‬ ‫االستقبال الذي اقامته السفارة الصينية‬ ‫يف لبنان مبناسبة مرور ستون عاماً عىل‬ ‫استقالل جمهورية الصني الشعبية يف‬ ‫اوتيل مرتوبوليتان باالس بريوت‪.‬‬

‫‪...‬وللـ «الجديد»‪ :‬الدور المصري‬ ‫في لبنان تخريبياً‬ ‫املعارضة»‪.‬‬ ‫وتساءل وهاب‪« :‬هل لديهم مشكلة يف‬ ‫وزارة املال؟ من دون أن أسأل العامد عون‪ ،‬أقول‬ ‫إنه إذا أعطي وزارة املال فسيكتفي بحقيبة‬ ‫واحدة‪ ،‬وليكن الوزراء الباقون وزراء دولة‪ .‬ما‬ ‫هو املطلوب؟ نحن اليوم عىل أبواب تشكيل‬

‫‪20‬‬

‫الحكومة وأطلب من الرئيس املكلف أال‬ ‫يع ّوقها‪ .‬مل يعد هناك إال عقبات بسيطة‬ ‫جدا‪ ،‬وعىل الرئيس املكلف أن يتجاوزها‪،‬‬ ‫وهو يستطيع‪ ،‬فهو أمام فرصة‪ ،‬وأصبحت‬ ‫أشك يف أن بعض األطراف الحلفاء له ال‬ ‫يريدونه رئيسا للحكومة»‪.‬‬

‫مشريا إىل أن هناك مرشوع إلقامة «ليبان تلكوم» وهذا يقدر باملليارات‪،‬‬ ‫كام أن هناك مواضيع الخصخصة والكهرباء والنفط والغاز الذي بدأ يصبح‬ ‫موضوعا جديا‪.‬‬ ‫مؤكداً أنه ال ميكن السري بكالم السفرية األمريكية «ميشيل سيسون»‬ ‫حول حكومة تراعي نتائج االنتخابات‪.‬‬ ‫وعن الدور املرصي يف لبنان‪ ،‬شدد عىل أنه كان تخريبيا منذ البداية وهو‬ ‫مستمر بالتخريب يف الداخل اللبناين‪ ،‬ألن همهم األسايس هو التوريث‬ ‫وهذا يحتاج لدعم إرسائييل خاصة يف الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫حذر رئيس تيار التوحيد وئام وهاب رئيس الحكومة املكلف سعد الحريري‬ ‫من عدم التقاط اللحظة اإلقليمية لتشكيل الحكومة‪ ،‬مؤكدا أن الفرصة‬ ‫مفتوحة والجميع مستعد ملساعدة الحريري مبا فيهم سوريا واملعارضة‪.‬‬ ‫وشدد وهاب يف حديث لتلفزيون “الجديد”‪ ،‬عىل أن إعادة التكليف‬ ‫مستحيلة إذا اعتذر الحريري مجدداً‪ ،‬الفتاً إىل أن جهة معنية طرحت تغيري‬ ‫الحريري وسمت رئيس حكومة ترصيف األعامل فؤاد السنيورة ورئيس‬ ‫الحكومة األسبق نجيب ميقايت والوزير محمد الصفدي والطرح جدي‪.‬‬ ‫ورأى أن العرقلة األساسية هي بسبب االتصاالت‪ ،‬واصفا إياها بـ”املنجم”‪،‬‬

‫‪21‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫رئيس «تيار التوحيد» يك ّرمه مفيد حمزة في عبيه‪:‬‬

‫علينا تنظيم أحزابنا لعمل جبهوي مشترك‬ ‫أقام السيد مفيد حمزة حفل عشاء تكرميية‬ ‫عىل رشف رئيس تيار التوحيد وئام وهاب يف‬ ‫منزله يف بلدة عبيه – قضاء عاليه‪.‬‬ ‫حرض الحفل رئيس الحزب الدميقراطي الشعبي‬ ‫(رئيس بلدية عبيه – عني درافيل) نزيه حمزة‪،‬‬ ‫مسؤول جبل لبنان يف حزب الله الحاج بالل داغر‪،‬‬ ‫منفذ عام الغرب يف الحزب السوري القومي‬ ‫االجتامعي حسام العرساوي‪ ،‬مسؤول منطقة‬ ‫عاليه يف الحزب الشيوعي اللبناين فهد أيب‬ ‫صعب‪ ،‬فادي حداد ممثل التيار الوطني الحر‪ ،‬أسد‬ ‫سويد عن حزب البعث العريب االشرتايك‪ ،‬رئيس‬ ‫دير سيدة شمالن األب انطوان ضو‪ ،‬رئيس الحركة‬ ‫الثقافية االجتامعية الخبري االقتصادي غالب‬ ‫أبو مصلح‪ ،‬وفد من تيار املجتمع املدين املقاوم‪،‬‬ ‫وعدد من رؤساء البلديات واملخاتري والفاعليات‬ ‫االجتامعية الثقافية وحشد من املواطنني من‬ ‫أبناء البلدة والجوار‪.‬‬

‫مفيد حمزة‬ ‫بعد كلمة ترحيب من صاحب الدعوة مفيد‬ ‫رحب فيها مبعايل الوزير يف منزله‬ ‫حمزة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وبلدته وبني أهله‪ ،‬ونحن وأ ّكد عىل وحدة الجبل‬ ‫بكل تنوعاته وعائالته الروحية واالجتامعية‬ ‫والسياسية والحزبية ووقوفه صفاً واحداً يف‬ ‫خط املقاومة واملامنعة التي تحمي وحدة وسيادة‬ ‫هذا الوطن»‪ ،‬وجدد «التأكيد عىل ثوابت العيش‬ ‫املشرتك ومواجهة كل ما يستهدف وحدة لبنان‬ ‫من مؤامرات تقسيمية‪ ،‬والعزم عىل تحقيق‬ ‫العدالة االجتامعية وتطوير النظام مبا يحقق‬ ‫العدالة لكل املواطنني عىل السواء»‪.‬‬

‫رئيس «الحزب الدميقراطي‬ ‫الشعبي»‬ ‫وتكلم رئيس “الحزب الدميقراطي الشعبي” نزيه‬ ‫حمزة فأكد عىل أن «عودة املهجرين مل تبدأ بعد‬ ‫يف بلدة عبيه‪ ،‬وهي البلدة التنوخية التي كانت‬ ‫عاصمة لبنان عىل مدى ‪ 500‬عام‪ ،‬ومل تعرف‬ ‫يف تاريخها أي من مظاهر التفرقة الطائفية‬ ‫وكانت املثال األعىل يف العيش املشرتك‪ ،‬وهي‬ ‫قد ُظلمت كثرياً بهذا التأخري رغم أن املصالحة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫من اليسار وهاب‪ ،‬بالل داغر‪ ،‬وحسام العرساوي‬

‫قد متت بشكل كامل بني األهايل‪ .‬ومن هنا‬ ‫نتمنى يف ظل هذه األجواء املريحة والهادئة‬ ‫يف املنطقة ويف لبنان عام ًة وقد حقق الفريق‬ ‫املواجه لكل املخططات اإلمربيالية والصهيونية‬ ‫نجاحاً كبرياً يف صموده وتصدية وثباته منذ‬ ‫العام ‪ 1982‬عرب القاومة وإسقاط اتفاق ‪ 17‬أيار‬ ‫حتى العام ‪ 2000‬إىل عدوان العام ‪ ،2006‬الذي‬ ‫أسقطه أبطال حزب الله واملقاومة الوطنية‬ ‫الرشيفة»‪ .‬وأضاف‪« :‬من هنا نستغل هذه‬ ‫املناسبة من أجل املطالبة بإنصاف هذه القرية‬ ‫وتقديم ما تحتاجه من قبل املراجع املختصة وعىل‬ ‫رأسها عودة كرمية إلخواننا املهجرين وتأمني‬ ‫البنى التحتية مبا يليق بحاجات الناس وحياتهم‬ ‫الالئقة والكرمية»‪.‬‬

‫يف جعلها منارة حضارية وقدوة إنسانية تتمثل‬ ‫به الناس حتى اليوم»‪ .‬ودعا ضو «الحضور وكل‬ ‫أجهزة الدولة املختصة واملجتمع املدين لالهتامم‬ ‫بالرتاث وحفظه وصيانته من أجل الوصول إىل‬ ‫نهضة علمية للمحافظة عىل اإلرث الحضاري‬ ‫والتارخي لبلدة عبيه ملا متثل يف تاريخ لبنان»‪.‬‬ ‫وأضاف أن «خالصنا هو بالوحدة الوطنية‬ ‫الحقيقية والفعلية التي تؤمن الحوافز للنهوض‬ ‫بكل قطاعات الحياة يف لبنان‪ ،‬وما نراه يف‬ ‫فلسطني من تراجع وضياع يف مسألة املقاومة‬ ‫والتحرير هو بسبب االنقسام الذي تشهده‬ ‫الساحة الفلسطينية‪ ،‬ونحن انترصنا عىل‬ ‫«إرسائيل» بفضل وحدتنا وتالحمنا كشعب‬ ‫لبناين بكل مكوناته»‪.‬‬

‫األب ضو‬

‫وهاب‬

‫ثم كانت كلمة لرئيس دير سيدة شمالن األب‬ ‫انطوان ضو استهلها بعرض «ملحة تاريخية عن‬ ‫قيم العيش املشرتك وأهميته الحضارية يف‬ ‫تاريخ هذا الجبل وعىل األخص بلدة عبيه‪ ،‬والحضور‬ ‫إىل هذه القرية الوادعة هو حضو ٌر روحي ألنها‬ ‫بلدة كل العائالت الروحية اللبنانية من األمري‬ ‫السيد عبد الله التنوخي الذي هو و ٌيل من أولياء‬ ‫الله وقديس بالنسبة إىل طائفة املسيحيني‪،‬‬ ‫ومن أهم رجاالت اإلصالح والثورة عىل التخلف‬ ‫يف عرصه»‪ .‬وروى األب ضو «عدداً من العرب التي‬ ‫كان لألمري السيد عبد الله التنوخي الفضل‬

‫أما رئيس تيار التوحيد وئام وهاب فقد أكد يف‬ ‫كلمته عىل أن «عبيه تفاخر حتى وقتنا الحارض‬ ‫مبدارسها ومؤسساتها الحاضنة ألجيال عديدة‬ ‫تخرجت من عىل مقاعدها‪ ،‬إىل وقفات العز‬ ‫والبطولة ألبنائها يف وجه االحتالل اإلرسائييل‬ ‫عميداً‬ ‫لألرسى‬ ‫القنطار‬ ‫سمري‬ ‫وبطلها‬ ‫واملعتقلني واملقاومني واملجاهدين كام صخور هذا‬ ‫الجبل والوطن يف وجه الطغاة واملستكربين»‪.‬‬ ‫وأضاف ‪« :‬إن زمن الفتوحات قد ولىّ ‪ ،‬وجاء زمن‬ ‫االنتصارات‪ ،‬وجمعكم هذا من طالئع انتصاراتنا‬ ‫فكراً وغالالً وصناعة وقتاالً»‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫إنكم جمع يعرب عن املقاومة يف هذه‬ ‫املنطقة‪ ،‬وطاملا النقاش اليومي يف البلد حول‬ ‫املقاومة ودورها واالسرتاتيجية الدفاعية وحول‬ ‫ما حصل يف إحدى قرى الجنوب‪ ،‬ونقول أن كل‬ ‫بيوت لبنان هي بيوت للمقاومة وهم اليوم‬ ‫يتلهون بنقاش تفصييل‪ ،‬هل هناك صاروخ يف‬ ‫املنزل وماذا حصل؟ الجواب أن املسألة تتعلق‬ ‫بوجود «إرسائيل» نفسها‪ ،‬ومدى شعورها‬ ‫بخطورة املقاومة عليها وال تتعلق بأي يشء آخر‪،‬‬ ‫والرصاع مفتوح وليس من باب الحلم أن نقول‬ ‫إن «إرسائيل» ككيان هي عىل طريق الزوال‪.‬‬ ‫وهي بعدما تحول هدفها من أن تكون دولة من‬ ‫الفرات إىل النيل‪ ،‬باتت تقف عاجزة يف مواجهة‬ ‫املقاومة يف لبنان وما اقتبسته املقاومة يف‬ ‫فلسطني‪ ،‬وعندما تصبح بحاجة إىل جدار عازل‬ ‫ليك تحمي مستوطناتها فهي إذن عىل طريق‬ ‫الزوال وال تستطيع حامية نفسها»‪.‬‬ ‫وأضاف‪« :‬ومن هنا أنتم مبا متثلون من جمعيات‬ ‫وأحزاب‪ ،‬وتحديتم بالعلم واملعرفة والثقافة‬ ‫وقررتم أن تستلموا زمام املبادرة‪ ،‬فغدوتم حيثية‬ ‫ترسم أروع صور العمل املشرتك السيايس‬ ‫والوطني والحزيب‪ ،‬لكنني أقول لكم وبكل‬ ‫صدق وشفافية علينا اإلعداد لتنظيم صفوفنا‬ ‫وأحزابنا وحركاتنا‪ ،‬عرب عمل جبهوي مشرتك‪،‬‬ ‫أو فس ّموه ما شئتم‪ ،‬عم ًال يرتكز يف بنائه عىل‬ ‫إقامة برنامج جديد يعتمد عىل مبادئ وأهداف‬ ‫واضحة ورصيحة‪ ،‬إن عىل صعيد بنية النظام‬ ‫اللبناين أم عىل صعيد الرؤية العربية والدولية‪،‬‬ ‫فينقسم عندها البلد إىل تيارين‪ ،‬أو مرشوعني‬ ‫وليس إىل تيارات ومشاريع»‪.‬‬ ‫وتابع “إنني ومن عبيه أناشد القيادات الوطنية‬ ‫لتوحيد هذا الربنامج الثقايف والفكري والسيايس‬ ‫واالقتصادي‪ ،‬كام أنني ومن خالل قمة دمشق‬ ‫األخرية بني امللك السعودي والرئيس السوري ومن‬ ‫إلغاء للمناورات الرتكية – اإلرسائيلية‪ ،‬وتزامن‬ ‫إلغاء تأشريات الدخول بني تركيا وسوريا‪ ،‬وما يجري‬ ‫من مفاوضات بني إيران والدول الخمسة وانعكاس‬ ‫كل ذلك عىل ساحتنا العربية واإلسالمية‪ ،‬أرى‬ ‫أن هنالك تحوالت علينا أن نساهم يف إدراكها‬ ‫وكل ذلك ما كان ليحدث لوال حرب متوز الظافرة‬ ‫الخالدة‪ ،‬وانتصار املقاومة التي نحن وأنتم جزء‬ ‫منها وغزة الصامدة‪ .‬فالدروز كانوا ومازالوا رأس‬ ‫الحربة يف مقارعة االستعامر والعدوان‪ ،‬والدرع‬ ‫العراقي للمقاومة الوطنية والعربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫ويف صلب املامنعة والتمرد عىل الطغيان‪ ،‬وها هي‬ ‫الجوالن تقف بالشموخ القومي‪ ،‬متمسكة بكل‬ ‫حبة تراب‪ ،‬ورافضة لكل عوامل الخنوع واإلذالل‬ ‫والتطبيع‪ ،‬فالدروز وبكل مراحلهم التاريخية‪،‬‬ ‫أثبتوا أن الدفاع عن األرض والعرض صنوان‬ ‫مقدسان‪ ،‬ال تنفصم الواحدة عن األخرى عم ًال‬ ‫بالتعاليم الدينية الرشيفة والتزامهم بقوى‬

‫من اليمني‪ :‬مخايل عوض‪ ،‬وهاب‪ ،‬غالب أبو مصلح‪ ،‬األب ضو ومفيد حمزة‬

‫من مأدبةالعشاء‬

‫التحرر واالستقالل ومشاعل الحرية‪ .‬وهذا ما نراه‬ ‫اليوم يتجسد من جديد عرب قياداتهم وأحزابهم‪،‬‬ ‫فهم موحدون ومتوحدون عىل القرار السيايس‬ ‫الوطني والعريب والتي باتت سوريا الحاضنة‬ ‫الدامئة لكل أعامل املقاومة الرشيفة من لبنان‬ ‫إىل فلسطني والعراق‪ ،‬ونحن متفقون جميعاً عىل‬ ‫كل هذه العناوين»‪.‬‬ ‫وأضاف «وعليه فنحن مع استكامل بقية املصالحات‬ ‫يف الجبل‪ ،‬وأولها املصالحات بني املقيمني أنفسهم‪،‬‬ ‫بحيث تشمل كل القوى والتيارات والفعاليات‪ ،‬وأهمها‬ ‫قريباً مصالحة بني الحزب التقدمي االشرتايك والرفاق‬ ‫يف الحزب السوري القومي االجتامعي‪ ،‬ومن ثم بعض‬ ‫املصالحات بني املهجرين املقيمني‪ ،‬والتهجري ال يعني‬ ‫فقط الخروج من األرض والبيوت بل الفقر والبطالة‬ ‫وغريها هي تهجري بحد ذاته‪ .‬األمور بحاجة إىل كل‬ ‫تلك املصالحات لنشكل النموذج الحقيقي للتعبري عن‬

‫‪23‬‬

‫إرادتنا يف الحياة الحرة الكرمية‪ ،‬وإننا ويف هذه العجالة‬ ‫نرتك للنقاش بيننا أمكنة اخرى يتالقى فيها اصحاب‬ ‫املعرفة واالختصاص‪ ،‬وتقدم من خاللها الدراسات‬ ‫واألبحاث منطلقني من الثوابت الفكرية واملبادئ‬ ‫األساسية التي تحمي مجتمعنا وامتنا‪ .‬إذاً كان علينا‬ ‫أن ننىس جراح أنفسنا ملواجهة جراح أمتنا البليغة‪،‬‬ ‫ذلك ال يعني ونحن يف عبيه أن نلحظ وللمرة األخرية‬ ‫وجوب إقفال ملف املهجرين لهذه البلدة وإعطائهم‪،‬‬ ‫مقيمني وعائدين الحقوق املتوجبة لهم إسوة ببقية‬ ‫قرى الجوار والوطن وزيادة التعويضات‪ .‬ومن هنا نطالب‬ ‫بحكومة وحدة وطنية‪ ،‬وهي ستتشكل إنشاء الله‬ ‫خالل العرشة أيام املقبلة إذا سارت األمور عىل ما هي‬ ‫عليه اآلن‪ ،‬حتى ال ندخل يف أزمة سياسية مفتوحة‪،‬‬ ‫وبعد تشكيل الحكومة علينا أن نشكل قوة ضغط‬ ‫من أجل إعطاء التعويضات العادلة للمقيمني‬ ‫والعائدين»‪.‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫وهاب للـ «الجديد»‪ :‬لبنان بحاجة‬ ‫إلى طائف جديد متطور ينقذه‬

‫أكد رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب أن “األزمة اللبنانية بحاجة إىل حل شامل‪،‬‬ ‫داخيل وإقليمي‪ ،‬عرب تطوير النظام يك يتمكن‬ ‫من السري مبفرده‪ ،‬كذلك بحاجة إىل توافق سوري‬ ‫سعودي أمرييك إليجاد صيغة شبيهة باتفاق‬ ‫طائف أكرث تطوراً‪ ،‬حتى ال يبقى النظام اللبناين‬ ‫ي ّولد األزمات والحروب كل بضعة سنوات»‪.‬‬ ‫وأضاف خالل مقابلة ضمن برنامج “الحدث” عىل‬ ‫محطة “الجديد” أن “ما جرى يف الجنوب منذ أيام يف‬ ‫املنطقة الواقعة ما بني ميس الجبل وحوال‪ ،‬ليست‬ ‫حادثة بل هو عدوان مستمر عىل لبنان‪ ،‬وهي‬ ‫ضمن إطار العدوان املستمر الذي يتخذ كل يوم‬ ‫شك ًال جديداً‪ ،‬براً وبحراً وجواً‪ ،‬والخرق األخري نجحت‬ ‫املقاومة يف كشفه‪ .‬أما بالنسبة للقوات الدولية‬ ‫«اليونيفيل» فإنها تتعامل مبعيارين مع الخروقات‬ ‫«اإلرسائيلية»‪ ،‬وهناك انحياز واضح لـ «إرسائيل»‬ ‫وموقفها يعرب بشكل فعيل عن موقف املنظمة‬ ‫الدولية‪ ،‬وله أسباب سياسية منحازة إىل كيان‬ ‫العدو‪ .‬أما الجيش اللبناين كان واضحاً يف كشفه‬ ‫للخرق الذي وقع بعد عدوان متوز‪ ،‬ومعلومات الجيش‬ ‫قريبة من معلومات املقاومة‪ ،‬ال بل متطابقة‪ .‬من‬ ‫جه ٍة ثانية تتعامل املقاومة مع عدو يف الخارج‬ ‫وجاسوس يف الداخل‪ ،‬وبعض عنارص «اليونيقيل»‬ ‫يقومون بأعامل تجسس من تصوير وترسيب‬ ‫معلومات إىل «إرسائيل» ولكنه أمر مكشوف‪،‬‬ ‫رغم أنها ال تتصدى للخروقات اإلرسائيلية لكنها‬ ‫بالواقع متثل مؤسسة دولية‪ ،‬ماذا لو كان األمر‬ ‫معكوس وقامت املقاومة بأعامل داخل األرايض‬ ‫املحتلة؟ كيف كانت ستترصف األمم املتحدة؟‪.‬‬ ‫علينا أن نؤكد أن «إرسائيل» هي عدوان مستمر‬ ‫واملقاومة ضامنة دامئة‪ ،‬وهنا نرى بعض األصوات‬ ‫اللبنانية التي تواكب املنطق «اإلرسائييل»‬ ‫خاص ًة بعد حادثة «طريفلسيه»‪ ،‬وباختصار نعم‬ ‫هناك سالح وصواريخ فام هو املطلوب؟ وهل‬ ‫زال الخطر اإلرسائييل حتى نطالب بإزالة سالح‬ ‫املقاومة؟ كل منزل يف لبنان فيه سالح وما يقال‬ ‫عن االلتزام بالقرار ‪ 1701‬ال يعرب عن األمر الواقع‬ ‫وهو قرار يعني الرئيس فؤاد السنيورة‪ ،‬حني ُوقع‬ ‫االتفاق تحت القصف والحرب‪ ،‬وطاملا أن هناك أرض‬ ‫محتلة وعدو موجود فإن الحديث عن السالح خارج‬ ‫السياق‪ ،‬ولدينا قدرة عىل الرد فلامذا نخرسها؟»‪.‬‬ ‫وأضاف “هناك مرشوع “إرسائييل» عام يف‬ ‫املنطقة من ضمنه رضب املقاومة يف لبنان‬ ‫ويف كل املنطقة‪ ،‬وهناك خطط تجسسية‬ ‫عديدة وأجهزة متطورة للتنصت وموجودة‪،‬‬ ‫وميكن استخدام األرايض القربصية أو عرب بعض‬ ‫للتجسس‬ ‫السفارات(األمريكية أو الربيطانية)‬ ‫عىل األجهزة الالسلكية‪ ،‬أما األجهزة السلكية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫فإنها تتعقد أكرث‪ .‬ويف ‪ 5‬أيار ‪ 2008‬كان هناك‬ ‫خيط تواصل ما بني الحكومة اللبنانية و»إرسائيل»‬ ‫حول موضوع شبكة االتصاالت السلكية‪ ،‬وكان‬ ‫لدى وليد جنبالط الجرأة أن يعرتف بأنه كان وراء‬ ‫القرارين الشهريين يف أيار ‪ ،2008‬وأنها كانت‬ ‫خطأً جسي ًام‪ ،‬لكننا اليوم تجاوزنا تلك املرحلة‪.‬‬ ‫وهذه مسألة مهمة يجب أن ال نستهني بها إذ‬ ‫تعمل املقاومة عىل كشف شبكات التجسس‬ ‫حتى من داخل كيان العدو»‪.‬‬ ‫من جه ٍة أخرى أكد وهاب عىل أن “مطالب‬ ‫العامد عون محقة‪ ،‬وهو ميثل رشيحة كبرية من‬ ‫الشعب اللبناين ولديه تكتل من ‪ 27‬نائب‪ ،‬وهم‬ ‫مل يعرضوا له بدائل عن وزاريت الطاقة واالتصاالت‪،‬‬ ‫وعىل ما يبدو أن النائب سعد الحريري متمسك‬ ‫بوزارات الطاقة واالتصاالت ويبدو أن له عالقة‬ ‫مبوضوع الخصخصة‪ ،‬ولكن الخصخصة دونها‬ ‫عقبات كبرية ورمبا ال يحصد توافق األكرثية عىل‬ ‫ذلك ومنهم كتلة الوزير جنبالط‪ ،‬ويتسبب بخالف‬ ‫كبري‪ .‬وكيف نلجأ إىل الخصخصة ووزارة االتصاالت‬ ‫تدر األرباح عىل الخزينة العامة؟‪ .‬ويف الحقيقة‬ ‫املسألة تتعدى ذلك وهناك نية لدى األكرثية بتوزير‬ ‫النائب بطرس حرب يف الحكومة املقبلة»‪ .‬وكشف‬ ‫وهاب أن «النائب الحريري قد أوفد النائب السابق‬ ‫غطاس خوري إىل واشنطن للقاء بعض املسؤولني‬ ‫األمريكيني وعىل رأسهم «جيفري فيلتامن»‪ ،‬ولكن‬ ‫حتى اآلن عىل ما يبدو يرفض استقباله‪ ،‬ونسأل‬ ‫ماذا سيقدم هذا األمر وما هي مصلحة لبنان يف‬ ‫ذلك خاص ًة وأن الرئيس «اوباما» مل يعط «فيلتامن»‬ ‫أي دور يف امللف اللبناين كام فعل «ساركوزي» مع‬ ‫«كوشنري»‪ .‬وارتباط الحريري مع األمريكيني كام‬ ‫كل من ميتلكون املال يكون تأثري األمرييك عليهم‬ ‫كبرياً‪ ،‬وهم يستعملون لبنان كورقة يف رصاع‬ ‫الرشق األوسط»‪ .‬أما «سوريا فإنها تدعم كل‬ ‫توافق وال تتدخل يف التفاصيل اللبنانية الداخلية‪،‬‬ ‫والتأخري يف التشكيل يأكل من رصيد الرئيس‬ ‫املكلف»‪ .‬وتابع «الوزير الياس املر مل يثبت حياديته‬ ‫وهو أضحى محسوب عىل األكرثية‪ ،‬بينام الوزير‬ ‫بارود أثبت حيادية أكرث بكثري‪ ،‬وأنا مع أن تطالب‬ ‫املعارضة بوزارة الدفاع‪ ،‬وهاجس املقاومة كان‬ ‫من وزارة االتصاالت من الناحية األمنية‪ ،‬ومتسك‬ ‫الحريري بها أثار شكوكا أمنية ومالية وغريها‪،‬‬ ‫ويف املحصلة لن تتألف حكومة دون العامد عون»‪.‬‬ ‫وأكد أن « املشكلة باألساس يف لبنان داخلية‪،‬‬ ‫وهي التي تسمح للخارج بالتدخل‪ ،‬وكيف ميكن‬ ‫البلد أن مييش بال حكومة ملدة خمسة أشهر‬ ‫وقبلها ألشهر بال رئيس جمهورية مام يعني أننا‬ ‫نعاين من أزمة نظام‪ ،‬يتمظهر من خالل فقدان‬ ‫الحد األدىن من وجود نظام‪ ،‬وهو يحتاج إىل طائف‬

‫‪24‬‬

‫جديد بدعم سوري سعودي أمرييك‪ ،‬وإىل تطوير‬ ‫يف النظام واإلدارة‪ ،‬وليست دعوة إىل أن ُيحكم‬ ‫من قبل جهة خارجية بل إىل التطوير من الداخل‪.‬‬ ‫واتفاق الطائف أصبح رشكة مفلسة ومل يتبق‬ ‫منها غري اليافطة عىل املدخل»‪ .‬ومتنى وهاب لو‬ ‫«مشت البالد باقرتاح الرئيس بري أن يحتفظ كل‬ ‫فريق بحقائبه من أجل ترسيع تشكيل الحكومة‪،‬‬ ‫لكنّا وفرنا هذه األشهر من االنتظار»‪ .‬ونفى «أي‬ ‫تدخل إقليمي مبارش بتفاصيل لبنانية صغرية‬ ‫كالحقائب الوزارية‪ ،‬يف وقت تتحدث «سيسون»‬ ‫عن اعتامد نتائج االنتخابات يف التشكيل‪ ،‬يف‬ ‫وقت أن األكرثية مل تعد كذلك بعدما خرج منها‬ ‫النائب وليد جنبالط وهو ال يسري يف حكومة لون‬ ‫واحد‪ ،‬األكرثية هي مع حكومة الوحدة الوطنية»‪.‬‬ ‫وأكد أنه ال ميكن للقوات اللبنانية أن تبني حزبا‬ ‫مياثل حزب الله‪ ،‬وإال سيكون هذا مرشوع لتخريب‬ ‫السلم األهيل‪ ،‬وأن هناك مبالغات بحجم «القوات‬ ‫اللبنانية» عىل أرض الواقع‪ ،‬وجعجع يتمنى أن نفتح‬ ‫عالقة معه»‪ .‬ونفى أن «يكون مكلفا بفتح خطوط‬ ‫مع أحد عدا تلك الرسالة إىل النائب جنبالط‪ ،‬وأن‬ ‫تيمور جنبالط مل يزر سوريا أبدا برفقته‪ ،‬وباألمس‬ ‫التقيت جنبالط ولدينا الكثري من املناقشات بيننا‪،‬‬ ‫إذ أن الدروز يفتشون عن خارطة طريق لدورهم‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬والنائب جنبالط يسعى إىل تقريب‬ ‫وجهات النظر مع جميع األطراف‪ ،‬والتقى لهذه‬ ‫الغاية النائب أسعد حردان وهناك مرشوع مصالحة‬ ‫بني القومي والتقدمي خاص ًة يف معالجة إشكالية‬ ‫حادثة صوفر السابقة‪ ،‬وبعد الحكومة سيلتقي‬ ‫جنبالط العامد عون من أجل وحدة الجبل»‪.‬‬ ‫وكشف عن “زيارة قام بها النائب نهاد املشنوق‬ ‫إىل سوريا‪ ،‬وهو لديه من العقل والحكمة لو‬ ‫يستفيد منها النائب الحريري‪ ،‬وهناك العديد‬ ‫من «صقور ‪ 14‬آذار» يزورون دمشق‪ ،‬لكن هناك‬ ‫ملفات شائكة بني لبنان وسوريا املطلوب حلها‪،‬‬ ‫ويجب أال تعاد األخطاء املاضية خاص ًة البعض ممن‬ ‫ادعوا أنهم معارضون سوريون يف لبنان وهم يف‬ ‫الحقيقة مطلوبون قضائيا بأحكام جنائية يف‬ ‫سوريا وأحدهم مطلوب بأحكام قضائية بجرم‬ ‫شيكات بال رصيد»‪.‬‬ ‫ونفى أن يكون «قد طلب موعداً من الحريري‬ ‫كام نقل الوزير ارسالن عنه‪ ،‬وأنه مل يزر الوزيرة‬ ‫السابقة نائلة معوض»‪.‬‬ ‫وختم بالتمني عىل “الحريري اإلقدام عىل زيارة‬ ‫سوريا ليتجاوز املشاكل الصغرية وهو بحاجة‬ ‫لذلك‪ ،‬خاص ًة وأن بعض أوساطه تتحدث عن‬ ‫عرشة أيام حاسمة أو سيعتذر الحريري‪ ،‬واألوضاع‬ ‫ليست سهلة حتى مع تشكيل حكومة‬ ‫جديدة»‪.‬‬

‫‪ ...‬ويشارك في افتتاح ملتقى‬ ‫التضامن العربي الكوبي في سوريا‬ ‫حرض رئيس تيار التوحيد الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب ترافقه أمينة العالقات الخارجية‬ ‫فريال أبو ذياب فعاليات امللتقى التضامني‬ ‫العريب الكويب الذي أقامته جمعية‬ ‫الصداقة السورية الكوبية يف مجمع‬ ‫صحارى بدمشق بتاريخ ‪2009/10/1‬‬ ‫مبشاركة ممثلني عن ‪ 12‬بلداً عربياً واجنبياً‪،‬‬ ‫وبحضور االمني العام لحركة االشرتاكيني‬ ‫العرب أحمد األحمد والدكتور محسن‬ ‫بالل وزير االعالم السوري وعدد من امناء‬ ‫فروع حزب البعث وأحزاب الجبهة ورؤساء‬ ‫املنظامت الشعبية واالتحادات املهنية‬ ‫الكوبية‬ ‫الصداقة‬ ‫جمعية‬ ‫ورئيس‬ ‫العربية وبعض السفراء وممثيل البعثات‬ ‫الدبلوماسية يف سورية‪.‬‏‬ ‫وقد تركزت ورشة العمل التي أقيمت‬ ‫يف امللتقى عىل مفهوم الحصار األمرييك‬ ‫عىل كوبا والعقوبات األمريكية املفروضة‬ ‫عىل سوريا و اآلثار املرتتبة عليها وتعارضها‬ ‫مع قواعد القانون الدويل وحقوق االنسان‪ ،‬يف املرحلة املاضية مبا يسهم يف تطويرها لكون قوى الهيمنة تعيش أزمة خانقة‬ ‫كام دعا امللتقى اىل نرصة قضية االرسى مبختلف املجاالت السياسية واالقتصادية والعامل متجه إىل سياسة متعددة االقطاب‬ ‫مشددة عىل رضورة تكثيف العمل من أجل‬ ‫الكوبيني الخمسة واألرسى العرب والعمل والثقافية والرياضية‪.‬‏‬ ‫وقال ان الشعب السوري يحمل يف االستفادة من هذه الفرصة‪.‬‏‬ ‫عىل اطالق رساحهم ورفع الظلم عنهم‪.‬‬ ‫وأكدت سريانو أن بالدها تدافع عن حق الشعوب‬ ‫وقد تركزت ورشة العمل التي اقيمت يف ضمريه ووجدانه الوطني تقديرا عميقا‬ ‫امللتقى عىل مفهوم الحصار االمرييك عىل واحرتاما كبريا للدولة الكوبية والثورة بالصمود واملقاومة ضد أشكال االحتالل كافة‬ ‫كوبا و العقوبات االمريكية املفروضة عىل املستمرة يف كوبا ولقادتها الثوريني ولكل وقطعت عالقاتها مع ارسائيل بسبب عدوانها‬ ‫سوريا و اآلثار املرتتبة عليها و تعارضها مع الذين تعرضوا لالغتيال او التعذيب او الحصار عىل الشعوب العربية وتدعم نضال الشعب‬ ‫قواعد القانون الدويل و حقوق االنسان‪ ،‬وبدمائهم ونضالهم تحولت كوبا إىل قلعة الفلسطيني ضد االحتالل واالستيطان واقامة‬ ‫دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس وحق‬ ‫وقد دعا امللتقى اىل نرصة قضية االرسى حقيقية من قالع الثورة االنسانية الخالقة‪.‬‏‬ ‫من جانبها قالت كينيا سريانو رئيسة العودة للشعب الفلسطيني‪.‬‏‬ ‫الكوبيني الخمسة و االرسى العرب و العمل‬ ‫وقد حرض االفتتاح احمد االحمد االمني‬ ‫جمعية الصداقة الكوبية مع شعوب العامل‬ ‫عىل اطالق رساحهم و رفع الظلم عنهم‪.‬‬ ‫واشار اسامة عدي عضو القيادة القطرية ان سورية وكوبا ترتبطان بتاريخ عميق وطويل العام لحركة االشرتاكيني العرب والدكتور‬ ‫محسن بالل وزير االعالم السوري وعدد من‬ ‫لحزب البحث و رئيس جمعية الصداقة من االخوة والصداقة والتعاون والتضامن‪.‬‏‬ ‫وأعربت عن شكرها لسورية قيادة وشعبا امناء فروع حزب البعث واحزاب الجبهة ورؤساء‬ ‫السورية الكوبية إىل ان هذا اللقاء يؤكد‬ ‫حرص الشعبني السوري والكويب عىل التاحة الفرصة لعقد هذا امللتقى الذي املنظامت الشعبية واالتحادات املهنية ورئيس‬ ‫تعزيز العالقات السورية الكوبية عىل يعرب عن الشجاعة والتصميم عىل متابعة جمعية الصداقة الكوبية العربية وبعض‬ ‫السفراء وممثيل البعثات الدبلوماسية يف‬ ‫كل املستويات من جهة وعىل استثامر املسرية يف هذا الطريق‪.‬‏‬ ‫وقالت ان امللتقى ينعقد يف لحظة مهمة سورية‪.‬‏‬ ‫الخالصات والنتائج التي تكرست من خاللها‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫نائب رئيس تيار التوحيد سليمان الصايغ للـ «ان بي ان» ‪:‬‬

‫التقارب العربي ــ العربي‬ ‫يحصن الموقف المقاوم والممانع في المنطقة‬ ‫أكد نائب رئيس تيار التوحيد الرفيق سليامن‬ ‫الصايغ خالل برنامج “صباح العامل”مع الزميل‬ ‫عباس ضاهر عىل قناة ال”ان يب ان”‪ ،‬عىل‬ ‫أهمية التوافق الداخيل يف تشكيل الحكومة‪،‬‬ ‫وتامني الرعاية السورية‪-‬السعودية الرشط‬ ‫األسايس لوالدة مثل هذه الحكومة خاصة و ان‬ ‫الطائف جاء نتيجة تسوية سورية‪-‬سعودية‪،‬‬ ‫موضحاً ان الطائف عاش حتى العام ‪2005‬‬ ‫عىل الرغم من الشوائب التي تحكمت به‪،‬‬ ‫وبعد هذه الفرتة دخلنا يف أزمة حكم بسبب‬ ‫غياب الرعاية اإلقليمية‪ ،‬واشار اىل ان البلد‬ ‫ال ميكن ان يحكم ضد سوريا أو بإلغاء سالح‬ ‫املقاومة أو بالتحالف مع أمريكا أو بأقلية أو‬ ‫أكرثية ‪،‬مطالباً بالوقت نفسه بتطبيق بنود‬ ‫اتفاق الطائف وأهمها بند إلغاء الطائفية‬ ‫السياسية‪ ،‬مع تعديل املسائل اإلجرائية‬ ‫املتعلقة بصالحيات رئيس الجمهورية يك‬ ‫يصبح قادراً بالفعل عىل لعب دور الحكم‪.‬‬ ‫وقال الصايغ “أين الحرية والسيادة‬ ‫واالستقالل يف ظل عرص العوملة ؟‪ ،‬مشرياً‬ ‫اىل ان الحكومة ليست بحاجة الستشارات‬ ‫وإمنا لقرارات بتشكيلها و ما ينقص الرئيس‬ ‫املكلف هو القرار الجريء‪ ،‬داعياً إياه ان يرسع‬ ‫بتشكيل الحكومة و تنفيذ مطالب املعارضة‬ ‫املحقة والقفز فوق كل التفاصيل الصغرية يك‬ ‫يزور سوريا وهو رئيس حكومة و ليس رئيس‬ ‫مكلف‪.‬‬ ‫ونصح الصايغ رئيس الجمهورية والرئيس‬ ‫املكلف عدم االستامع للكالم الصادر عن بعض‬ ‫الشخصية‬ ‫املصالح‬ ‫أصحاب‬ ‫السياسيني‬ ‫‪ ،‬وأضاف” سمري جعجع غري مقتنع بفكرة‬ ‫بناء دولة و هو صاحب مرشوع تقسيمي‬ ‫وفيدرايل‪.‬‬ ‫وتساءل الصايغ‪“ :‬ملاذا ال يحق للجرنال عون‬ ‫صاحب ثاين اكرب كتلة نيابية ان ميتلك وزارة‬ ‫سيادية كالداخلية أو املالية ؟ وملاذا الفيتو‬ ‫عند األكرثية عىل بعض الوزارات؟ “ معترباً ان‬ ‫هذا الفيتو هو الذي أخر عملية التأليف يف‬ ‫املرحلة األوىل‪.‬‬ ‫وحذر الصايغ من خطورة الدور األمرييك‬ ‫الذي يراهن يف لبنان عىل ما بقي من جامعة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪ 14‬آذار بعد إخفاقاته يف أفغانستان و العراق‪،‬‬ ‫متسائ ًال‪”:‬ماذا تستفيد أمريكا من عملية‬ ‫تعطيل الحكومة؟»‬ ‫كام أشاد مبواقف النائب جنبالط ووصفه‬ ‫بالقارئ الجيد لألحداث‪ ،‬فض ًال عن متتعه بالذكاء‬ ‫واملرونة و الشجاعة و هو يأخذ مواقفه عىل‬ ‫هذا األساس‪ .‬كام نوه بالدور االيجايب للرئيس‬ ‫بري الذي لديه من الحكمة و الشجاعة و بعد‬ ‫النظر ما يكفي ملعرفة مصلحة البلد‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال‪ ،‬قال الصايغ‪ :‬نحن غري‬ ‫مسؤولني عن الجفاء الحاصل مع طالل آرسالن‬ ‫وحلفائنا يعرفون ذلك ونحن حريصون عىل‬ ‫عالقة جيدة معه ودعوناه أكرث من مرة‬ ‫لرتؤس املعارضة الدرزية ولكن ال نعرف ما هي‬ ‫ظروفه‪.‬‬ ‫أما عن العالقة مع دروز سوريا اعترب الصايغ‬ ‫ان العالقة طيبة و هي عمقنا العريب ال تلغيها‬ ‫حقبات من املشاكل الصغرية‪ ،‬كام ان سوريا‬ ‫هي املرجع السيايس الدروز الجزيرة العربية‪،‬‬ ‫مشرياً اىل ان الدروز يف األساس هم سيف‬ ‫العروبة و اإلسالم و من يخرج عن املوقف‬ ‫العريب الدرزي خرج عن الدروز‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫و حول التقارب السوري‪ -‬السعودي اعترب‬ ‫الصايغ ان قرار امللك عبدا لله ليس نتيجة‬ ‫ضوء اخرض أمرييك بل نتيجة قراءة للواقع‬ ‫العريب الجديد مشرياً اىل ان “هذا التحول قابله‬ ‫الرئيس بشار األسد باملشاركة يف افتتاح‬ ‫جامعة امللك عبد لله للعلوم والتكنولوجيا»‬ ‫و دعا اىل رضورة الرتكيز نرش فكر و ثقافة‬ ‫املقاومة الن “إرسائيل” هي عدو ابدي ال ميكن‬ ‫التوصل معه اىل حل ونحن نؤمن بان إرسائيل‬ ‫اىل زوال‪ ،‬مؤكداً عىل ان سالح املقاومة هو‬ ‫الضامن األسايس لوجود لبنان عىل الخارطة‬ ‫السياسية العاملية ومحاربة مرشوع التوطني‪.‬‬ ‫و رأى الصايغ انه ال يوجد استقرار يف املنطقة‬ ‫بوجود حكومة نتنياهو التي تعمل عىل تهويد‬ ‫القدس و تهجري ملليون فلسطيني‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال قال الصايغ ‪ ”:‬مرص(الله‬ ‫يعينها عىل مشاكلها الداخلية)‪ ،‬مرص هذه‬ ‫ليست أم الدنيا و ليست أم املليون شهيد التي‬ ‫حررت سيناء يف ال‪ 73‬و راعية الحقوق العربية‪،‬‬ ‫مرص اليوم أصبحت مستباحة وبعيدة عن‬ ‫منارصة الحقوق العربية و ستصل قريباً اىل‬ ‫كارثة‪ ،‬و الشعب املرصي سيثور ضد النظام‬ ‫املرصي الفاسد الذي اضطر بعد عجزه عن‬ ‫تركيع حامس املسارعة اىل إقامة حواراً معها‬ ‫و االستامع اىل مطالبها‪.‬‬ ‫وأشار الصايغ اىل أهمية التحالف‬ ‫داعياً‬ ‫توحيد‬ ‫اىل‬ ‫السوري‪-‬الرتيك‪-‬اإليراين‪،‬‬ ‫الجهود ملواجهة “إرسائيل” التي تقوم اليوم‬ ‫بتهويد الدولة الفلسطينية من خالل‬ ‫عملية “الرتونسفار” التي متارسها بحق عرب‬ ‫ال‪ 48‬و االستفادة من أي تقارب عريب‪-‬عريب‬ ‫للمساهمة يف دعم املوقف املقاوم و املامنع‬ ‫يف املنطقة‬ ‫أشار الصايغ اىل أهمية الدور اإليراين يف‬ ‫املنطقة معترباً ان “اإليراين عاقل و حكيم‬ ‫ومن الخطأ التعامل معه مثلام تعامل الغرب‬ ‫مع صدام حسني”و أضاف ان إيران تدرك مصدر‬ ‫قوتها و ضعف اآلخرين وهي تعرف أيضا بان‬ ‫أمريكا عاجزة عن توجيه رضبة عسكرية‬ ‫ضدها الن الرد سيكون قايس و العامل ال ميكنه‬ ‫ان يتحمل نتائجها من الناحية االقتصادية‪.‬‬

‫أمانة اإلعالم في تيار التوحيد تواكب األحداث بسلسلة مواقف‬ ‫أصدرت أمانة اإلعالم يف «تيار التوحيد»‬ ‫خالل شهر ترشين األول بيانات تعبرّ عن‬ ‫مواقف عدد من األحداث‪ ،‬هذا نصها‪:‬‬

‫نستغرب ما آلت إليه جائزة نوبل‬ ‫للسالم بعد منحها الوباما‬ ‫توقفنا باستغراب أمام منح األكادميية العلمية‬ ‫السويدية جائزة نوبل للسالم لرئيس الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية «باراك اوباما» والذي مل ميض عىل وصوله‬ ‫إىل البيت االبيض أكرث من تسعة أشهر فيام مل‬ ‫يرشح عن سياسته الخارجية وتحديدا يف منطقة‬ ‫الرشق األوسط سوى إعالن نوايا مل يرتجمها أفعاال‬ ‫عىل أرض الواقع كل ذلك دفعنا إىل التساؤل عن‬ ‫املعايري املستجدة التي بدأت تتحكم برشوط منح‬ ‫هذه الجائزة ومحاولة إعطائها مفهوما آخر للسالم‬ ‫يف ظل ما يحىك عن إمكانية منح «ارييل شارون»‬ ‫جائزة نوبل للسالم يف العام ‪.2010‬‬

‫اعتداءات األقصى‬ ‫تؤكد على خيار المقاومة‬ ‫استكام ًال لخططها االستيطانية وتهديد األحياء‬ ‫القدمية ملدينة القدس‪ ،‬تستمر حكومة «نتنياهو» يف‬ ‫محاوالتها الهادفة إىل تدنيس املقدسات اإلسالمية‬ ‫والتي كان آخرها االعتداء عىل املسجد األقىص‬ ‫واملصلني من قبل يهود متطرفني وقوات االحتالل‪.‬‬ ‫إن أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد تدين بشدة‬ ‫وتستنكر مثل هذه األفعال الجرمية «اإلرسائيلية»‬ ‫التي لن تثني الشعب الفلسطيني عن حقه يف‬ ‫املقاومة حفاظاً عىل قضيته العادلة وصوناً ملقدساته‬ ‫وحاميتها من أي انتهاكات‪.‬‬

‫االعتداء على إيرا ن مرتبط‬ ‫بسعيها النووي‬ ‫تتنقل يد الغدر يف أرجاء مساحة األمة‪ ،‬لتهز هذه‬ ‫املرة الجمهورية اإلسالمية يف إيران‪ ،‬يف انفجار أدى‬ ‫إىل مقتل وإصابة ما يزيد عن ‪ 60‬شخصا من املدنيني‬ ‫األبرياء‪ ،‬باإلضافة إىل قادة كبار من الحرس الثوري عىل‬ ‫رأسهم الجرنال «نور عيل شوشتاري»‪ ،‬نائب قائد سالح‬ ‫الرب يف الحرس الثوري اإليراين‪.‬‬ ‫إن أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد تدين هذا العمل‬ ‫اإلجرامي الذي استهدف أمن واستقرار إيران‪ ،‬والذي‬ ‫جاء عشية تلويح الواليات املتحدة بفرض عقوبات‬

‫عىل طهران بسبب ملفها النووي الذي أضحى هاجسا‬ ‫يقلق «إرسائيل»‪ ،‬املدعومة من طرف اإلدارة األمريكية‪.‬‬ ‫كام تتقدم من الرئيس محمود أحمدي نجاد ‪،‬‬ ‫وأحر التعازي‪ ،‬متمنية الشفاء‬ ‫والشعب اإليراين بأصدق ّ‬ ‫العاجل للجرحى واملصابني جراء هذه االعتداءات‬ ‫البشعة‪.‬‬

‫نقدر موقف نفاع لرفضه‬ ‫التجنيد في جيش االحتالل‬ ‫يستمر املسلسل الصهيوين اإلجرامي بحق أهلنا‬ ‫يف فلسطني املحتلة والذي كان آخرها االعتداء عىل‬ ‫الشاب الفلسطيني والء قاسم نفاع‪ ،‬وتوقيفه من‬ ‫قبل الرشطة العسكرية لقوات االحتالل الصهيوين‬ ‫بعد أن رفض الخدمة اإللزامية يف الجيش اإلرسائييل‪.‬‬ ‫إن أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد تتوجه بتحية‬ ‫اعتزاز وفخر من املناضل نفاع ومن كل الرافضني‬ ‫للخدمة يف جيش االحتالل الذي مل يتورع يوما عن‬ ‫قتل األطفال وتدمري البيوت واالعتداء عىل الكرامات‬ ‫وتدنيس املقدسات يف فلسطني املحتلة‪ ،‬وهي أمور لن‬ ‫تثني والء نفاع ورفاقه املناضلني عن امليض قدما يف‬ ‫حركة الصمود العريب ونرصة القضية الفلسطينية‪.‬‬

‫تهنئة لألسيرين السوريين‬ ‫المف ّرج عنها‬ ‫صدر عن أمني اإلعالم يف البيان التايل‪:‬‬ ‫نتقدم من الشعب السوري الشقيق بأحر التهاين‬ ‫بعد اإلفراج عن األسريين السوريني من الجوالن املحتل‪،‬‬ ‫عميد األرسى العرب والسوريني برش سليامن املقت‪،‬‬ ‫واألسري عاصم محمد الويل‪ ،‬املحكومني ملدة ‪ 27‬عاما‬ ‫منذ العام ‪ 1985‬يف السجون «اإلرسائيلية» وهي‬ ‫خطوة وإن دلت عىل يشء إمنا عىل صمود أهلنا‬ ‫يف الجوالن العزيز الذين يواجهون اآللة العسكرية‬ ‫الصهيونية بإرادة وطنية عالية‪ ،‬وتأكيدهم عىل امليض‬ ‫قدما يف سبيل تحرير كل حبة تراب من أرضه‪.‬‬

‫‪ 15‬دعوى احتيال بحق‬ ‫المدعو محمد الحاج حسن‬ ‫استغربنا أن يهاجم السيد محمد الحاج حسن‬ ‫الوزير وئام وهاب ألنه تحدث يف إحدى مقابالته عن‬ ‫نصاب يضع عاممة عىل رأسه‪ ،‬وأبرز خالل املقابلة بيان‬ ‫ّ‬ ‫عديل فيه أكرث من ‪ 15‬دعوى احتيال ونصب وتزوير‪،‬‬ ‫وما أثار استغرابنا أن ينربي املدعو الحاج حسن غىل‬

‫‪27‬‬

‫مهاجمة الوزير بسبب هذه الواقعة مع ان رئيس التيار‬ ‫يسم أحداً بل تحدث عن مواصفات‪ ،‬ويبدو بأن الحاج‬ ‫مل ّ‬ ‫حسن وجد بأن هذه املواصفات تنطبق عليه فاقتىض‬ ‫التوضيح‪.‬‬

‫إدانة االعتداء «اإلسرائيلي»‬ ‫األخير على الجنوب‬ ‫شكلت الخطوة التي قام بها رجال املقاومة يف‬ ‫الكشف عن جهازي الرصد واإلرسال املزروعني يف‬ ‫«وادي العنق» بني بلديت حوال وميس الجبل‪ ،‬ومسارعة‬ ‫الجيش «اإلرسائييل» إىل تفجري أحدهام عن بعد من‬ ‫داخل األرايض الفلسطينية املحتلة‪ ،‬صورة واضحة‬ ‫عن استكامل «ارسائيل» يف مساعيها التخريبية‬ ‫واملتنوعة داخل األرايض اللبنانية مبا يشكل خرقا‬ ‫فاضحا للقرار الدويل ‪ ،1701‬وإمنا للسيادة اللبنانية‪.‬‬ ‫إن أمانة اإلعالم يف تيار التوحيد تدين بشدة االعتداء‬ ‫«اإلرسائييل» الجديد عىل لبنان وتشيد باإلنجاز النوعي‬ ‫الذي حققته املقاومة والجيش اللبناين وإحباطهم‬ ‫املحاوالت «اإلرسائيلية» يف إيجاد ثقب أمني يعيد جزء‬ ‫من هيبتها التي تصدعت بعد حرب متوز ‪.2006‬‬

‫استنكار حادثة عين الرمانة‬ ‫يأسف تيار التوحيد لإلشكال الذي وقع يف منطقة‬ ‫الشياح – عني الرمانة والذي ذهب ضحيته جورج ابو‬ ‫مايض‪ .‬ويعترب التيار أن ما حصل هو عمل تخريبي‬ ‫يهدف إىل تقويض االنفراج والهدوء الذي بدأ يخ ّيم‬ ‫عىل الساحة اللبنانية منذ فرتة‪.‬‬ ‫إن تيار التوحيد يتقدم بالتعازي من التيار الوطني الحر‬ ‫ومن عائلة الفقيد ويتمنى عىل قيادة الجيش والقوى‬ ‫األمنية مواصلة تطويق مفاعيل الحادث واإلرساع يف‬ ‫إجراء التحقيقات الالزمة لكشف املعتدين واملتآمرين‪.‬‬

‫حرب تشرين عكست وحدة‬ ‫األمة والمصير وقدسية الهدف‬ ‫يصادف يوم السادس من ترشين األول ذكرى‬ ‫حرب ترشين التحريرية التي تجسدت فيها معركة‬ ‫العزة والكرامة‪ ،‬دفاعا عن وحدة األمة ووحدة املصري‬ ‫وقدسية الهدف‪ .‬وباملناسبة تتقدم أمانة اإلعالم يف‬ ‫تيار التوحيد بأحر التهاين من جامهري األمة أحفاد‬ ‫جامل عبد النارص وحافظ األسد الذين يتط ّلعون اليوم‬ ‫بعيونهم وأفئدتهم املرشئبة إىل استكامل مسرية‬ ‫الدفاع عن االرض ورشف األمة وكلهم عىل ثقة بانهم‬ ‫إىل النرص سائرون‪.‬‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫الغالف‬

‫الصداقة السورية ‪ -‬التركية‬ ‫رؤية إستراتيجية بعيدة المدى‬ ‫ال بوابات حدودية بعد اليوم‪ ،‬وال أسالك شائكة‪ ،‬هذا ما يريده السوريون‬ ‫واألتراك ودخل حيز التنفيذ‪ ،‬فألغت كل من سورية وتركيا رسمياً الحاجة‬ ‫إىل تأشريات أو سامت دخول ملواطني البلدين‪ ،‬والطريق أصبحت سالكة‬ ‫إلمكانية توقيع العرشات من االتفاقيات وبروتوكوالت التعاون ومذكرات‬ ‫التفاهم‪.‬‬ ‫يوم الثالث عرش من ترشين األول‪ ،‬هو يوم تاريخي يف تعزيز العالقات بني‬ ‫البلدين يف جميع املجاالت األمنية والعسكرية والسياسية واالقتصادية‪،‬‬ ‫وهذا اليوم شهد أول اجتامع وزاري لـ “املجلس االسرتاتيجي املشرتك” الذي‬ ‫شكله البلدان يف ترجمة ملموسة لـ”إزالة الحدود املصطنعة” حني انطلق‬ ‫العمل من خالل وعي مشرتك ألهمية بناء املستقبل معاً‪ ،‬وسيتم من خالل‬ ‫املجلس تجسيد اإلرادة السياسية وتحويلها اىل آلية للتعاون السيايس‪،‬‬ ‫وتحويل التعاون إىل تكامل اقتصادي‪ ،‬وتعزيز الروابط الثقافية والتاريخية‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬أن أحداثا تاريخية وضعت موضع التطبيق وحقبة جديدة‬ ‫من العالقات الرتكية – السورية‪ ،‬قال عنها وزير الخارجية الرتيك أحمد داود‬ ‫أوغلو “عقدنا اجتامعات مهمة للغاية مثمرة‪ ،‬وتعاملنا كدولتني ووفد واحد‪،‬‬ ‫ومن خالل املفاهيم املشرتكة قمنا بتحديد األطر األساسية‪ ،‬وهذا اليوم هو‬ ‫رمز لشعار املصري والتاريخ واملستقبل املشرتك‪.‬‬ ‫وقال اوغلو” إننا ننظر إىل العالقة الرتكية السورية عىل أنها عنرص‬ ‫أسايس لتطوير العالقات مع العامل العريب والرشق األوسط من ناحية‬ ‫عالقات الدول الجارة‪ ،‬وأيضا من ناحية اقتسام املكان والتاريخ والجغرافية‬ ‫املشرتكة”‪.‬‬ ‫ومن جهته قال وزير الخارجية السورية وليد املعلم‪“ :‬أن رؤية الرئيس بشار‬ ‫األسد لربط البحار األربعة هي رؤية إسرتاتيجية بعيدة املدى تنسجم مع‬ ‫الواقع الجغرايف والتاريخي لهذه املنطقة‪ ،‬كام تنسجم مع الرغبة املشرتكة‬ ‫لقادة هذه البلدان وشعوبها”‪.‬‬

‫أردوغان واألسد‬

‫التحتية لالنرتنت والغاز الطبيعي والكهرباء‪ ،‬إضافة إىل إبرام مذكرة‬ ‫ملكافحة الجفاف واإلدارة الفاعلة للمياه‪ ،‬باعتبار أن شامل رشق سورية‬ ‫عاىن مشكلة جفاف قبل سنتني‪ ،‬والتعاون يف املجاالت الثقافية والتعليمية‬ ‫والرياضية والسياحية ليصبح البلدان “مقصداً واحدا”ً للسياح‪.‬‬ ‫وقال املعلم إن جدول األعامل نص أيضا عىل “توسيع التعاون يف إطار (‬ ‫اتفاق أضنا األمني) لعام ‪ 1998‬الذي بدا نقطة التحول يف العالقات وصوالً‬ ‫إىل الزيارة التاريخية لألسد يف مطلع ‪ 2004‬كأول رئيس سوري يزور تركيا‪،‬‬ ‫كام تضمن تعزيز التعاون العسكري يف إطار االتفاقات القامئة بني دمشق‬ ‫وأنقرة‪.‬‬

‫مجاالت التعاون بني البلدين‬

‫سوريا وتركيا أدوار إسرتاتيجية‬

‫وكان الوزير املعلم اتفق مع وصف تركيا االجتامعات الوزارية بني البلدين‬ ‫بأنها “حدث تاريخي” قام خالله الوزراء املعنيون بالبحث يف جدول األعامل‬ ‫الذي يتضمن نقاطاً للتعاون يف عرشة مجاالت تشمل “استمرار التشاور‬ ‫السيايس بني وزاريت الخارجية”‪ ،‬وتطوير اسرتاتيجيات مشرتكة بينهام”‪،‬‬ ‫إضافة إىل حامية املصالح املتبادلة يف أماكن ال ميثل فيها أحد البلدين‬ ‫دبلوماسيا” و”الدعم املتبادل ملرشحي البلدين يف املحافل الدولية وتدريب‬ ‫الدبلوماسيني”‪.‬‬ ‫ويف املجال االقتصادي بحث الجانبان يف مزيد من التعاون يف إطار اتفاق‬ ‫التجارة الحرة لعام ‪ 2004‬وتسهيل التعاون يف مرشوع تطوير جنويب رشق‬ ‫األناضول ( غاب) لتطوير شامل رشقي سوريا‪ ،‬أي بعدما كان ( غاب) محل‬ ‫قلق يف التسعينات‪ ،‬نجح البلدان يف تحويله إىل مساحة مشرتكة للتعاون‪،‬‬ ‫كام حصل مع الحدود وإزالة األلغام يف الجانب الرتيك منها إلقامة املشاريع‬ ‫املشرتكة‪.‬‬ ‫وتضمن جدول األعامل تشجيع التعاون يف مجال الطريان‪ ،‬و”تسهيل‬ ‫العمل يف البوابات الحدودية لإلجراءات الجمركية‪ ،‬وربط شبكتي السكك‬ ‫الحديدية‪ ،‬والنقل الربي والبحري والتعاون يف مجال االتصاالت والبنية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تركيا اليوم هي الرشيك االسرتاتيجي الجديد الذي ال ميكن التخيل عنه‪،‬‬ ‫هذا ما يقوله إعالن دمشق رداً عىل إعالن حكومة “بنيامني نتنياهو” مؤخرا‬ ‫ورفضها ألي دور تريك بعد اآلن‪ .‬فرتكيا مل تعد تلك الكامشة أو الفك‬ ‫الجنويب لحلف الناتو الذي أوليت إليه مهمة مراقبة سوريا ومحارصتها‬ ‫أمنياً وعسكرياً ضمن لعبة الرصاع بني نظام القطبني‪ ،‬فقرار إلغاء تأشريات‬ ‫الدخول بني البلدين شكل نقلة نوعية مهمة يف مسار العالقات الرتكية‬ ‫السورية‪ ،‬من خالله تسهل تركيا للسوريني االقرتاب أكرث فأكرث ودون أية‬ ‫عوائق من التخوم األوروبية‪ ،‬حلم مل يكن ليعيشه البعض قبل عرش‬ ‫سنوات مث ًال‪.‬‬ ‫وسوريا‪ ،‬أيضا سارعت لطرح خدماتها يف مسألة قدمية تزعج األتراك‬ ‫وتحارصهم يف أكرث من مكان‪ ،‬وترص دمشق عىل أنها قادرة عىل لعب دور‬ ‫الوسيط فيها بسبب فرصها وعالقاتها مع أطراف النزاع‪ ،‬وكانت املناسبة‬ ‫هي املساهمة السورية يف حل املسألة األرمينية التي تطارد األتراك‪ ،‬حني‬ ‫استخدم الرئيس بشار األسد كل رصيده األرمني إلقناع “بريفان” بقبول‬ ‫اقرتاحاته‪ ،‬مستفيداً من لعب ورقة الجالية األرمنية املنترشة يف املدن‬

‫‪28‬‬

‫السورية التي تحتل دوراً رياديا يف نهضة وإعامر البالد‪ ،‬وكان لدمشق ما أرادت‬ ‫بعد سلسلة تحركات سياسية ودبلوماسية متالحقة يف العامني األخريين‬ ‫بدأت يف خريف ‪ 2007‬من خالل زيارة قام بها الرئيس بشار األسد إىل‬ ‫أنقرة وحمل خاللها إىل األتراك العديد من الرسائل واالقرتاحات وتصورات‬ ‫املساهمة السورية املمكن تقدميها عىل طريق حلحلة العقدة الرتكية‬ ‫األرمنية دون إهامل كسب وتأييد روسيا التي زارها الرئيس األسد‪ ،‬والتي تجد‬ ‫هي األخرى مصلحة إسرتاتيجية كبرية يف إنهاء النزاع بني “بريفان وباكو”‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬إن قرار تركيا وأرمينيا إقامة عالقات دبلوماسية وفتح الحدود‬ ‫وتطوير العالقات الثنائية قد طوى مرحلة مديدة من العداء بني الدولتني‪،‬‬ ‫ويسهم يف تحسني العالقات ويف فك عزلة أرمينيا‪ ،‬ويوفر لها استخدام‬ ‫املوانئ الرتكية‪.‬‬ ‫ويف وسع املراقب القول‪ :‬إن تركيا بدأت بتغيري املشهد السيايس‬ ‫االسرتاتيجي بالقوقاز الجنويب‪ ،‬ودورها راجح يف املنطقة اإلسرتاتيجية وهي‬ ‫تؤدي دورا نشطاً يف محاولة إيجاد حلول ألزمة الرشق األوسط ‪،‬وهذه تشغل‬ ‫حيزا مهام يف اهتاممات السياسية العاملية‪.‬‬ ‫إن األهمية والطابع االحتفايل اللذين ترتديهام اللحظة التي جلس فيها‬ ‫وزير الخارجية الرتيك أحمد داود أوغلو واألرمني “اداورد نالبادنديان” إىل طاولة‬ ‫يف زوريخ ووقعا اتفاق سالم بني البلدين‪ ،‬هي مؤرش يعني الكثري‪ ،‬ألن القادة‬ ‫الحقيقيون جاهزون دامئا لتبديل الطريقة التي ينظرون بها إىل األمور من‬ ‫أجل املستقبل‪ .‬لقد قاد رئيس الوزراء الرتيك رجب اردوغان املصالحة مع‬ ‫أرمينيا‪ ،‬يف الوقت الذي يحاول فيه تحسني العالقات مع اليونان والسري‬ ‫إليجاد حل للمسألة القربصية بحكمة مثرية لإلعجاب‪.‬‬ ‫وأمام الجمعية العام لألمم املتحدة تكلم اردوغان بلغة إنسانية وقانونية‬ ‫وأخالقية واضحة‪ ،‬ودافع عن القضية الفلسطينية‪ ،‬وعن غزة تحديدا دفاع‬ ‫املرابط عىل ثغرها‪ ،‬واتهم اردوغان القوى الكربى مبامرسة ازدواجية يف‬ ‫التعامل مع املنطقة موضحا “بقدر ما هو األمن مهم إلرسائيل فإنه مهم‬ ‫للفلسطينيني‪ ،‬واتهم املجتمع الدويل بأنه مل يف بتعهداته قبل مثانية‬ ‫أشهر بإعادة أعامر غزة‪ ،‬وقال “لقد استخدمت إرسائيل الفوسفور ضد غزة‬ ‫وقتل ‪ 1400‬امرأة وطفل وجرح ‪ 5‬آالف شخص‪ ،‬فلامذا ال نتحدث عن هذا”؟‬ ‫مضيفا “إذا كنا نريد سالماً عاملياً فلنترصف بصورة أكرث استقامة”‪.‬‬ ‫يرى املراقبون لتطور األوضاع هذا‪ ،‬أن التوازنات يف املنطقة تتغري ويتم‬ ‫تشكل مركز جديد بقيادة تركيا‪ ،‬ومهام قيل عن هذا التحول فإنه يتجه يف‬ ‫غري مصلحة “إرسائيل” التي بدأت حملة تخويف ضد تركيا من قبيل تعكري‬ ‫عالقات تركيا مع حلف شامل األطليس واالتحاد األورويب‪ ،‬وهناك من يرى أن‬ ‫دعوة وزارة الخارجية الرتكية لـ “إرسائيل” بأن تترصف بعقل سليم ليس‬ ‫سوى شكل مهذب لعبارة “ إرسائيل اعريف حدك”‪.‬‬ ‫إن هامش املناورة اليوم أمام تركيا يتسع كلام حلت إحدى مشكالتها وهذا‬ ‫ما ستظهره االتفاقية بني أنقرة وبريفان‪ ،‬وأن عهد تخويف تركيا بإرسائيل‬ ‫انتهى‪ ،‬ورياح العالقات تجري بعكس ما يريده هؤالء املر ّوجون للتخويف‪.‬‬ ‫ويقول الكاتب الرتيك إبراهيم قوة غول يف صحيفة “يني شفق” “إن‬ ‫املحور الرتيك – اإلرسائييل‪ -‬األمرييك قد انهار والجميع تابع هذا الرتاجع‪ ،‬وأنه‬ ‫كلام قويت تركيا اتسع مجال حركتها وتحررت من ضعفها وضاق يف املقابل‬ ‫مجال التحرك اإلرسائييل”‪.‬‬

‫أوغلو واملعلم يوقعان اتفاقية العالقات بني البلدين‬

‫اجتامع التعاون بني البلدين‬

‫أنقرة بدأت تستثمر جيداً عالقاتها املتعددة مع جريانها التي حررتها من‬ ‫االرتهان الكيل للغرب وإلرسائيل‪ ،‬وبات بإمكانها اتخاذ إجراءات وال تخىش‬ ‫من ردة الفعل اإلرسائيلية ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان وصف‬ ‫“إرسائيل” قبل فرتة بالدولة اإلرهابية أثناء وقفته املشهودة يف منتدى‬ ‫“دافوس” إىل خطابه األخري يف الجمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬كلها مؤرشات‬ ‫هامة يف تحول تركيا نحو محيطها العريب واإلسالمي‪.‬‬ ‫ورأت بعض املصادر اإلرسائيلية بان أزمة العالقات اإلرسائيلية مع تركيا‬ ‫ستضعف ردع “إرسائيل” إليران وسوريا‪ ،‬وهي مؤرش لدخول “إرسائيل” يف‬ ‫عزلة دولية‪ ،‬وأن التأييد الذي يحصده رئيس الوزراء الرتيك يف الشارع يسمح‬ ‫له بفرض رأيه وصناعة القرار يف تركيا‪.‬‬ ‫ونتيجة لهذه األزمة املتواصلة فقد تراجع التعاون العسكري العلني وغري‬ ‫العلني بني الدولتني‪ ،‬والكثري من الصفقات الجديدة التي تقدر مبئات املاليني‬ ‫من الدوالرات والتي تعرضها الصناعة العسكرية اإلرسائيلية هي إما‬ ‫معلقة وإما ألغيت‪ ،‬وقد فضلت أنقرة يف الفرتة األخرية رشاء قمر تجسس‬ ‫عسكري من إيطاليا مع انه أغىل من القمر اإلرسائييل‪.‬‬ ‫إن إلغاء مشاركة “إرسائيل” يف املناورات الجديدة يشكل منعطفا نحو‬ ‫األسوأ بالنسبة للكيان الصهيوين الذي يفضل التزام الهدوء وعدم الرد‬ ‫لئال تخرب ما تبقى من عالقات‪ ،‬رغم تأكده من أن أنقرة مل تعد حليفا‬ ‫إسرتاتيجيا وعسكريا‪ ،‬وهذا األمر يشكل يف حد ذاته رضبة لألمن القومي‬ ‫اإلرسائييل‪.‬‬ ‫وعىل كل من ينظر إىل خريطة املنطقة عليه أن يدرك بسهولة حجم‬ ‫الخطوة الرتكية وإعادة تشكيل التحالفات يف هذه املنطقة الهامة يف‬ ‫العامل‪.‬‬

‫أنقرة تلغي تحالفاتها السابقة مع «إرسائيل»‬ ‫يف سابقة تشهد عىل تدهور العالقة الرتكية – اإلرسائيلية رفضت‬ ‫حكومة رجب اردوغان السامح للطائرات الحربية اإلرسائيلية باملشاركة يف‬ ‫مناورة (نرس األناضول) السنوية التي تجري يف إطار تدريبات حلف شامل‬ ‫األطليس‪ ،‬وهذا التطور الجديد يعني أن املؤسسة العسكرية الرتكية بدأت‬ ‫تنظر لـ “إرسائيل” بعني جديدة مرتابة من مجمل السياسيات اإلرسائيلية‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬بل ترى أن هذه السياسات خطرا أو تهديدا لألمن القومي‬ ‫الرتيك مبعناه الواسع‪...‬‬

‫محمود صالح‬ ‫‪29‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫ملف‬

‫«منبر التوحيد» تواكب ملتقى الجوالن العربي الدولي األول وتلتقي فعالياته‬

‫يؤصل لرؤية وخيارات جديدة في مسيرة التحرير‬ ‫ليس بالحدث العادي أن يعقد ملتقى دوليا‬ ‫وعربيا يضم ما يزيد عن خمسة آالف شخصية‬ ‫من بينها ‪ 1200‬شخصية عربية ودولية‪ ،‬تجتمع‬ ‫عىل تراب القنيطرة ويف أقرب نقطة من قرانا‬ ‫املحتلة لتتواصل عرب مكربات الصوت من حاجز‬ ‫عني التينة مع أهل مجدل شمس وبقعاثا‬ ‫ومسعدة‪ ،‬ليس بالحدث العادي أن يفتتح املؤمتر ثلة‬ ‫من مناضيل العامل والوطن العريب‪ ،‬ليؤكدوا عىل‬ ‫رضورة التضامن بني شعوب العامل يف مناهضة‬ ‫االستعامر واإلمربيالية‪ ،‬ويؤكدوا وقوفهم مع‬ ‫قضية الجوالن كام وقفوا مع القدس وغزة ولبنان‬ ‫والعراق‪ ،‬إنه الحدث االستثنايئ‪ ،‬والبالغ الداللة‪،‬‬ ‫أن يقف “رامس كالرك” وزير العدل األمرييك‬ ‫السابق‪ ،‬و”جوردي بيدرت” منسق اللجنة الربملانية‬ ‫اإلسبانية لدعم فلسطني‪ .‬و”جورج كالوي”‬ ‫والشاذيل القليبي وأحمد بن بلة‪ ،‬وغريهم من‬ ‫رجاالت ذاك الزمن الجميل بثورته ونضاله‪ ،‬يقفون‬ ‫عىل أنقاض املدينة الحرة واملحررة يأخذون املواعظ‬ ‫والعرب والدروس‪ ،‬وأبلغ الدروس ذاك الذي قال‬ ‫به الرئيس الجزائري أحمد بن بلة أحد رجاالت‬ ‫الثورة الجزائرية ضد املحتل الفرنيس‪ ،‬رفيق جامل‬ ‫عبد النارص زمن السالح والكفاح يف ترصيحه‬ ‫ملجلة “منرب التوحيد” بأن الدروس التي ميكن أن‬ ‫نستخلصها من هذا الحدث اليوم وبالنسبة يل‬ ‫درسان األول‪ :‬أن الصمود يلغي إرادة االستسالم‪،‬‬ ‫ألنها رفضت تسبيق‬ ‫ولقد صمدت سوريا‬ ‫املصلحة الوطنية الضيقة عىل القضية املركزية‬ ‫فلسطني‪ ،‬صمدت سوريا مبواجهة مامرسات الحصار‬ ‫ومحاوالت زعزعة االستقرار‪ ،‬وحتى تغيري النظام‪،‬‬ ‫وبقيت وفية ملقولة الرئيس الراحل حافظ األسد‬ ‫التي رددها مرارا‪ :‬إذا مل ميكننا أن نحرر الجوالن‬ ‫فال ينبغي أن نفرط فيه باالستسالم إىل العدو‪،‬‬ ‫ال بد أن نرتك األمانة إىل األجيال القادمة حتى‬ ‫تحرر األرض وتسرتجع الكرامة”‪ .‬وصمدت سوريا‬ ‫ومل تفرط باألمانة‪ ،‬هذا الصمود الذي كان من‬ ‫نتائجه كام يقول بن بلة تعزيز املقاومة يف لبنان‬ ‫املحتلة‪ ،‬واألمة العربية بأكملها‬ ‫ويف فلسطني‬ ‫قد اسرتجعت األمل يف أن املقاومة الشعبية‬ ‫هي التي ستسرتجع األرض والكرامة‪ .‬وما هذ‪1‬‬ ‫الحشد الدويل اليوم إال ليؤكد عىل خيار املقاومة‬ ‫وصوابية ما اتخذته سوريا من قرارات‪ ،‬حضور‬ ‫دويل وعريب جاء كام يقول اإلعالمي محمود‬ ‫بكري لريد الجميل لسوريا عىل مواقفها القومية‬ ‫التي مل تفضل يوما قضيتها الوطنية عىل‬ ‫حساب القضايا القومية‪ .‬وليعلن يف ختام هذا‬ ‫امللتقى عن تأسيس مؤسسة دامئة ملتابعة ما‬ ‫يصدر عنه من قرارات‪ ،‬فقضية الجوالن لن تنتهي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الجوالن االحتالل املنيس رضيبة‬ ‫مواقف سوريا الوطنية‬

‫الرئيس الجزائري االسبق احمد بن بلله‬

‫وزير العدل االمرييك االسبق رامس كالرك‬

‫بنهاية امللتقى‪ ،‬وهذا الحشد الدويل ليس مجرد‬ ‫حشد ملدة يوم وإمنا سيتبعه خطة عمل وحركة‬ ‫دائبة عىل مستوى املنطقة العربية والعامل‪.‬‬

‫بني هريوشيام والقنيطرة‬ ‫حبل رس مل ينقطع‬ ‫يف أقىص الغرب من مدينة القنيطرة املحررة‪،‬‬ ‫يف املدينة القدمية‪ ،‬وعىل ركام منازل كانت عامرة‬ ‫بسواعد رجالها‪ ،‬وأحالم أطفالها‪ ،‬وبالقرب من‬ ‫أرضحة شهداء تونس واملغرب والعراق والجيش‬ ‫السوري الذين رووا بدمائهم ثراها الطاهر يف‬

‫‪30‬‬

‫متخطية للزمن وبعيدة يف العمق نظرة حافظ‬ ‫األسد لألمور‪ ،‬عندما سمعت وزير العدل األمرييك‬ ‫“رامس كالرك “ والذي يزور القنيطرة ألول مرة يف‬ ‫افتتاح ملتقى الجوالن الدويل يقول ما نصه “ إن‬ ‫ما شاهدته يف القنيطرة يذكرين بهريوشيام‬ ‫وما فعلته الواليات املتحدة األمريكية هناك”‪.‬‬ ‫ويف امللتقى تحول السؤال من ملاذا إىل كم من‬ ‫الدول ومن البرش ال يعرفون ما الذي جرى يف هذه‬ ‫البقعة من األرض؟ ولنعرف أهمية السؤال نقف‬ ‫عند ما تقدمت به السيدة حربية البيضة عضو‬ ‫املكتب التنفيذي لالتحاد العام النسايئ عندما زار‬ ‫وفدا من “الجامايكا” اليابانية القنيطرة وذهلوا‬ ‫مام رأوا‪ ،‬وكان أول رد فعلهم “أننا سنعلم اآلخرين‬ ‫عندما تزورون سوريا اذهبوا إىل القنيطرة أوال”‪ .‬إذا‬ ‫فأول أهداف امللتقى قد تحققت ووقف أكرث من‬ ‫خمسة آالف شخص من بينهم أكرث من ‪1500‬‬ ‫شخصية عاملية نافذة وفاعلة يف برملاناتها‬ ‫وبلدانها وجمعياتها ومنظامتها الدولية‪ ،‬وقفت‬ ‫شاهدة ألول مرة عىل همجية العدو اإلرسائييل”‬ ‫ووحشية كيانه وعنرصيته‪.‬‬

‫ترشين النرص والتحرير‪ ،‬وعىل مسافة دقة‬ ‫ناقوس من كنيستها الشاهدة والشهيدة عىل‬ ‫همجية ووحشية كيان عنرصي بربري‪ ،‬وحيث‬ ‫تقف مئذنة جامعها تردد يف فضاءات حريتها‬ ‫الله أكرب عىل من طغى وتجرب وعاث الفساد يف‬ ‫األرض‪ ،‬وفوق أقرب نقطة من قرى الجوالن املحتلة‬ ‫للجوالن‪.‬‬ ‫أقيمت خيمتةامللتقى الدويل العريب‬ ‫ولطاملا كنا نتساءل ملاذا ال يتم إزالة آثار العدوان‬ ‫وإعادة إعامر القنيطرة التي مىض عىل تدمريها‬ ‫‪ 43‬عاما‪ ،‬منذ احتالل عام ‪ ،1967‬رغم تحريرها يف‬ ‫حرب ترشين املجيدة من عام ‪1973‬؟‬ ‫سؤال عمره من عمر االحتالل‪ ،‬لكني يف هذا‬ ‫امللتقى قد وجدت إجابته‪ ،‬واكتشفت كم هي‬

‫ثالث وأربعون عاما مضت عىل احتالل الجوالن‬ ‫منذ عام ‪ ،1967‬إىل جانب احتالل القدس والضفة‬ ‫الغربية وغزة وسيناء‪ ،‬ومنذ عام ‪ 1967‬وعرب‬ ‫البيانات والخطب والكتابات واألشعار واملؤمترات‬ ‫واألغاين واألفالم واملسلسالت‪ ،‬ويف املظاهرات من‬ ‫دمشق إىل القاهرة مرورا ببريوت وتونس والجزائر‪،‬‬ ‫كانت االقدس هي الشغل الشاغل لألمة العربية‬ ‫وكانت فلسطني هي القضية املركزية للعرب‪،‬‬ ‫ورغم أن الجوالن كان وما يزال جزءا من القضايا‬ ‫القومية‪ ،‬ورغم أن سوريا ومنذ ‪ 1948‬حملت لواء‬ ‫القضية وقدمتها عىل كل ما عداها من قضايا‪،‬‬ ‫إال أن الجوالن بقي يف خانة املناسبات‪ ،‬نتذكره‬ ‫يوم احتالله‪ ،‬ويوم نرص ترشين‪ ،‬ونفرد له مساحة‬ ‫من الفضاء يف الثامن من شباط يوم وقف‬ ‫أبناءه رافضني للهوية اإلرسائيلية‪ ،‬مرصين عىل‬ ‫عروبتهم وانتامئهم لوطنهم األم سوريا‪.‬‬ ‫الجوالن هذه البقعة املنسية يؤكد الكثري من‬ ‫الباحثني واألعالم أنها الرضيبة التي تدفعها‬ ‫سوريا نتيجة تبنيها لخيارات املقاومة واملامنعة‬ ‫ورفض االستسالم‪ ،‬فالنائب عن حزب الله نوار‬ ‫الساحيل يقول يف ذلك‪ :‬إن وقوف سوريا بقيادة‬ ‫الرئيس الراحل حافظ األسد مع القوى املقاومة‬ ‫وعىل رأس الدول املامنعة واستمرار الدكتور بشار‬ ‫عىل النهج ذاته ودعمه الالمتناهي واملطلق لقوى‬ ‫املقاومة جعل سوريا تدفع الثمن غاليا‪ ،‬ويف‬ ‫املقدمة بقاء الجوالن محتال‪ ،‬ولو وافق الدكتور‬ ‫بشار أن يكون مام يسمون دول “االعتدال” لكان رمبا‬ ‫أخذ الجوالن وأكرث‪ ،‬لكنه عىل قناعة وإميان ويقني‬ ‫بأن ال مساومة عىل الحقوق‪ ،‬وبالتايل الجوالن‬

‫رئيس املكتب السيايس لحركة حامس خالد مشعل وعبد العظيم املغريب‬

‫حق وليس من واجبه أن يدفع مثنا للوصول إىل‬ ‫حقه‪ ،‬و‪ 43‬عاما ليست معيارا يف عمر الشعوب‪،‬‬ ‫فاملهم الوصول إىل نتيجة‪ .‬ويتالقى مع هذه‬ ‫النظرة الباحث والدكتور محمد صالح املسفر‬ ‫الذي يعترب أنه لوال فلسطني ملا احتل الجوالن‪،‬‬ ‫وبالرغم من أن امللتقى جاء متأخرا إال أنه جاء‬ ‫بدافعية كبرية جدا ومبشاركة ومستوى عاملي‪،‬‬ ‫يجمع قوى من أمريكا الالتينية وأفريقيا وأوروبا‬ ‫العامل العريب بأطيافه السياسية‬ ‫وغريها من‬ ‫واالجتامعية‪ .‬هذا االحتالل املنيس للجوالن وهذه‬ ‫الرضيبة التي تدفعها سوريا يجد فيها الدكتور‬ ‫عبد العظيم املغريب النائب يف الربملان املرصي‬ ‫أنها قضية واحدة‪ ،‬واليوم يف امللتقى الدويل‬ ‫والعريب للجوالن نريد أن نصحح مفهوما شائعا‬ ‫خاطئا‪ ،‬فالجوالن ليس فقط قضية سورية وشأنه‬ ‫شأن القضية الفلسطينية‪ ،‬هو قضية عربية‬ ‫وإسالمية وإنسانية يف آن واحد‪ ،‬والعدوان عىل‬ ‫الجوالن كام العدوان عىل فلسطني ولبنان والعراق‪،‬‬ ‫نحن لسنا فقط أمة واحدة إمنا عدونا واحد‪ ،‬والذي‬ ‫احتل الجوالن هو من يعتدي عىل اآلخرين ويعمل‬ ‫مع ويل أمره الدويل يف العدوان عىل العراق‪ ،‬هي‬ ‫قضية واحدة نتناولها يف ملتقى القدس وملتقى‬ ‫العودة واليوم ملتقى الجوالن‪ ،‬وكلها زوايا متعددة‬ ‫لقضية واحدة هي قضية األمة العربية الساعية‬ ‫إىل تحقيق التحرر والتوحد والتقدم‪ .‬أما اإلعالمية‬ ‫التونسية يف محطة املحور كوثر البرشواي فإنها‬ ‫تعبرت أنه من املخجل هذا التأخر‪ ،‬وتعترب الجوالن‬ ‫احتالال منسيا بامتياز‪ ،‬وهذا يقع عىل عاتق األفراد‬ ‫كام املؤسسات‪ ،‬ومهام حاولنا التربير‪ ،‬أعتقد‬ ‫أنه ال توجد مربرات‪ ،‬ولكن مثة تفسري ملاذا‬ ‫الجوالن بالتحديد هو القضية املنسية واالحتالل‬ ‫املنيس‪ ،‬فحتى أبناء املنطقة يعرفون أن هناك‬ ‫احتالال صهيونيا ليس لفلسطني والقدس وغزة‬ ‫بل هناك قطعة أرض عربية سورية‬ ‫فقط‪،‬‬ ‫أيضا محتلة وال نتحدث عنها‪ ،‬وحتى يف الوعي‬ ‫والالوعي‪ ،‬ويف الذهنية واملخيلة العربية دامئا‬

‫‪31‬‬

‫الصهيونية مرتبطة بفلسطني‪ ،‬وهناك أسباب‬ ‫كثرية لتسليط األضواء عىل القدس وهذا حقها‬ ‫عىل كل األمة‪ ،‬وأمر ال نقاش فيه‪ ،‬رمبا األحداث‬ ‫الدموية التي تشهدها غزة وعرب الداخل يجعل‬ ‫األكرب فلسطني‬ ‫تركيز الكامريا عىل القضية‬ ‫املحتلة‪ .‬وسوريا املعروفة مبواقفها القومية ال ميكن‬ ‫أن تكون بتلك األنانية لتطالب فقط بالجوالن‬ ‫‪ ،‬فالنظام العريب السوري يطالب بالحق العريب‬ ‫والسوري‪ ،‬هذا منهج الدولة‪ ،‬وال ميكن أن تطالب‬ ‫بالجوالن دون القدس‪ ،‬الجوالن حق ال بد أن يعود‪،‬‬ ‫ولكن الجمهور العريب عندما تقول له إما أن تدافع‬ ‫عن القدس أو عن الجوالن تضعه أمام خيار صعب‪،‬‬ ‫ألن األقىص موضوعه مختلف وجدانيا وعقائديا‬ ‫وعىل كل املستويات‪ ،‬والجوالن ال يقل عن القدس‪.‬‬ ‫وتلتقي مع هذا الراي اإلعالمية وفاء حطيط‬ ‫من اإلعالم املركزي لحزب الله والتي تأسف عىل‬ ‫الوضع بالقول‪ :‬ال أعرف من يتحمل املسؤولية‬ ‫أهوالفرد أم النظام الرسمي العريب‪ ،‬ولكن‬ ‫بعقليتنا التي ترص عىل التفكري بأن النظام هو‬ ‫املسؤول عن هذا التقاعس والتقصري‪ .‬ومرة أخرى‬ ‫فإن الجوالن ما كان ليحتل لوال فلسطني‪ ،‬وهذا‬ ‫ما رصح به القيادي يف حامس محمد نزال‪ ،‬ألن‬ ‫اإلرسائيليني أرادوا أن يوفروا اآلليات التي تضمن‬ ‫استمرار احتاللهم لفلسطني‪ ،‬كان احتالل‬ ‫الجوالن وجزءا من األرايض اللبنانية واألردنية‪،‬‬ ‫تدفع مثن ومواقفها مع‬ ‫وبالتايل فإن سوريا‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬والجغرافيا ال يختارها‬ ‫اإلنسان بل هي قدر‪ ،‬وقدر سوريا أن تكون يف‬ ‫صف الرشفاء واملناضلني‪ .‬ومن خالل استطالعنا‬ ‫للرأي فإن الكثريين من املشاركني يرصون عىل أن‬ ‫إثارة القضية جاءت جد متأخرة‪ ،‬وهذا ما أكده‬ ‫النوميي محمد بن عبدالله من رابطة محامي‬ ‫جامعة العدل واإلحسان يف املغرب‪ ،‬عىل اعتبار‬ ‫أن قضايا األمة يجب أن ال تنحرص يف قضايا‬ ‫معروفة وأصبحت تفرض نفسها بقوة مثل‬ ‫القضية الفلسطينية والعراقية‪ ،‬ولسنوات خلت‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫ملف‬ ‫كانت قضية الجوالن هي قضية الشعب السوري‬ ‫وسوريا‪ .‬وهذه هي املرة األوىل التي يعقد فيها‬ ‫مؤمترا عىل أرض سوريا ملناقشة وبحث قضية‬ ‫سورية‪ ،‬فسوريا غالبا ما تهتم بالقضايا العربية‬ ‫أكرث من اهتاممها بقضاياها املحلية‪ ،‬وهذا رأي‬ ‫يتبناه كذلك اإلعالمي محمود بكري‪.‬‬

‫الجوالن واإلعالم‪ :‬نسيان‬ ‫غري متع ّمد وتقصري بلغ الذروة‬ ‫يف مؤمتر بال يف سويرسا برئاسة “صموئيل‬ ‫هرتزل” عام ‪ 1897‬كان أحد أهم البنود التي‬ ‫نوقشت يف املؤمتر بند الدعاية والتسويق إلقامة‬ ‫الكيان الصهيوين‪ ،‬وعمل هذا الكيان منذ ذلك‬ ‫الوقت وبشكل حثيث عىل استخدام كافة‬ ‫وسائل اإلعالم ورشائها وتأجريها يف كل أنحاء‬ ‫العامل لصالح مرشوعه العنرصي االحتاليل‪،‬‬ ‫لدرجة أن املجتمع الغريب بات ال يعرف من وطننا‬ ‫العريب وقاضايانا العادلة شيئ‪ ،‬وباتت فلسطني‬ ‫حق لليهود والجوالن كذلك وبات املواطن العريب‬ ‫إرهابيا يالحق املستوطنني اإلرسائيليني بالقتل‪،‬‬ ‫وما صورة الطفلة هدى التي فقدت أباها يف‬ ‫قضف جوي قامت به طائرات إرسائيلية لشاطئ‬ ‫غزة‪ ،‬حيث احتلت هذه الصورة الشاشات‬ ‫الفضائية العاملية‪ ،‬ولكن مل تكن هدى طفلة‬ ‫فلسطينية بل فتاة ارسائيلية عانت من همجية‬ ‫حامس والعرب‪ ،‬هكذا صورها اإلعالم اإلرسائييل‬ ‫وعممها‪ ،‬ونحن صامتون ال حول لنا وال قوة‪.‬‬ ‫إن يف هذا صورة عن أهمية اإلعالم يف فضح‬ ‫إجرام الكيان الصهيوين واحتالله وإظهار الحق‬ ‫العريب‪ ،‬وعدالة قضاياه‪ ،‬لكن إعالمنا قد بلغ‬ ‫يف تقصريه الذروة خاصة يف قضية الجوالن‪،‬‬ ‫وجمعية فكر الفرنسية عندما زارت القنيطرة‬ ‫أكد أعضاءها أن أوروبا وفرنسا ال تعرف مكانا‬ ‫اسمه الجوالن كجزء من سوريا‪ ،‬بل هي سوريا‬ ‫من احتل الجوالن‪ ،‬ويهدد مستوطناته‪ ،‬وكم رأينا‬ ‫يف امللتقى دهشة ردات فعل عنيفة وغالية عند‬ ‫الضيوف الغربيني عندما رأوا القنيطرة ودمار‬ ‫القنيطرة‪ ،‬وما لحق بها من جراء احتالل ‪ ،67‬يؤكد‬ ‫تقصري إعالمنا الرسمي والخاص يف معركتنا مع‬ ‫أرشس عدو عرفه التاريخ‪.‬‬ ‫وإذا انترص حزب الله عىل إرسائيل يف حرب‬ ‫‪ 2006‬فإمنا انترص أوال بإعالمه‪ ،‬واإلعالمية وفاء‬ ‫حطيط تؤكد أن كل اإلعالم العريب مقرص يف‬ ‫قضية الجوالن‪ ،‬وتذكر مبؤمتر “هرتزل” كان هناك‬ ‫بند الدعاية والتسويق‪ ،‬يعني من ذاك الزمن‬ ‫العدو أدرك أهمية اإلعالم والدعاية واالستفادة‬ ‫من اإلعالم كأداة لتنفيذ مرشوعه يف اغتصاب‬ ‫صاحب حق‬ ‫األرايض العربية‪ .‬وكل إنسان‬ ‫وقضية ال بد أن يعرف عن قضيته‪ ،‬واملؤامترات‪،‬‬ ‫واحدة من الوسائل التي ميكن أن يعتمدها‬ ‫اإلعالمي والسيايس بنفس الوقت يف إظهار‬ ‫هذا الحق وهذه القضية وبالتايل‪ ،‬إذا مل يكن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫اهايل الجوالن يتابعون اعامل املؤمنر من مجدل شمس‬

‫هناك تفاعال مع هذا الحق وتفسريا له ال ميكن‬ ‫تشكيل رأي عام ضاغط ومنارص لقضايانا‪ .‬يجب‬ ‫أن نحارب العدو بكل الوسائل وقد تعلمنا يف‬ ‫املقاومة اإلسالمية يف لبنان أن الحرب اإلعالمية‬ ‫واالجتامعية والدراسة االسرتاتيجية لهذا البعد‬ ‫هي أيضا من أبعاد املقاومة‪ ،‬فاملقاومة ليست‬ ‫فقط عمليات عسكرية وال شك أن هذا العدو‬ ‫يستعمل كل الوسائل وخاصة اإلعالم‪ .‬فيام‬ ‫تعترب كوثر البرشواي أن هناك تقصريا واضحا‬ ‫من اإلعالم تجاه قضية الجوالن وهذا هو الواقع‬ ‫لكنه غري متعمد‪ ،‬لكن قولنا غري متعمد عىل‬ ‫مدى ‪ 43‬عاما أعتقد أننا “زودناها”‪ ،‬والجهد الذي‬ ‫يقوم به اإلعالم السوري مهام كان حجمه ال‬ ‫ميكن أن يفي‪ ،‬ألنه ال يحتل املساحة الفضائية‬ ‫الكبرية كالجزيرة أوالعربية بغض النظر عن رأينا‬ ‫بالقنوات‪ ،‬ويبقى محدودا‪ ،‬ويصبح املوضوع سوري‬ ‫يحيك عن سوريا وهذا املحزن يف املوضوع‪ ،‬لذلك‬ ‫املؤسسات اإلعالمية السورية يجب أن تجد بدائل‬ ‫ضمن مشاريع جديدة تكون أوسع وفيها تحريض‬ ‫أكرث مثل هذا امللتقى‪ .‬وال بد أن نعرتف أنه‬ ‫من أخطاءنا كأعالميني أننا ركزنا عىل القضية‬ ‫الفلسطينية بدون قصد‪ ،‬وأجزم أن سبعني باملئة‬ ‫دون قصد‪ .‬وبدوره اعترب اإلعالمي غسان بن جدو‬ ‫أن اإلعالم أداة أساسية يف أي معركة‪ ،‬وال ميكن‬ ‫أن تخاض هذه املعركة دون أن يكون اإلعالم يف‬ ‫صلبها وليس فقط عنرصاً مسانداً لها‪ ،‬وانعقاد‬ ‫ملتقى الجوالن الدويل عىل أرض مدينة القنيطرة‬ ‫هو رسالة إعالمية مهمة تقول للجميع أن الجوالن‬ ‫ليس قضية منسية‪ .‬إن اإلعالم املهني امللتزم هو‬ ‫األقدر عىل املواجهة الحقة‪ .‬فيام يرى الدكتور‬ ‫املسفر أننا يف امللتقى يف مسرية تثقيف عىل‬ ‫مستوى العامل ملسريتنا ولقضية الجوالن‪ ،‬وهنا‬ ‫يقع الدور الكبري جدا عىل عاتق وزارة اإلعالم يف‬

‫‪32‬‬

‫هذا الكم من الناس‬

‫سوريا‪ ،‬يف التواصل مع‬ ‫ملتابعة ما يعملون ولو باإليحاء‪.‬‬ ‫أما حربية البيضة فتمنت أن يكون الجوالن‬ ‫حارضا إعالميا يف كل مناسبة عربية أو محلية‪،‬‬ ‫أو عاملية‪ ،‬فالجوالن قضية عربية وعاملية‪ ،‬ألن احتالل‬ ‫أرض بغري وجه حق يفرتض أن تكون كذلك امللتقى‬ ‫أعادنا إىل الطريق الصحيح‪ ،‬فهناك الكثري من‬ ‫الدول ال تعرف شيئا عن الجوالن‪ ،‬لعدم وجود إعالم‬ ‫قوي‪.‬‬

‫حرضت التغريبة وغابت تفاصيل‬ ‫تجمعات النازحني‬ ‫من منا ال يذكر املسلسل الرائع التغريبة‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬للمخرج حاتم عيل‪ ،‬وهو باملناسبة‬ ‫مخرج من محافظة القنيطرة‪ ،‬هذا املسلسل‬ ‫الذي رصد دقائق املأساة الفلسطينية منذ ما‬ ‫قبل النكبة إىل ما بعد ‪ ،1967‬وكذلك مسلسل‬ ‫سحابة صيف‪ ،‬وهدوء نسبي الذي ألقى الضوء‬ ‫عىل حرب بغداد األخرية بكل تفاصيلها‪ ،‬وغريها‬ ‫من املسلسالت واألفالم الوثائقية والقصرية‬ ‫التي كان محورها كذلك القضية الفلسطينة‬ ‫التي وال شك ال قضية قبلها وال وجع يعلو‬ ‫عىل وجعها‪ ،‬لكن ال بد من وقفة عتب عىل‬ ‫الساحات الفنية التي غاب عنها الجوالن سوى‬ ‫من أفالم وثائقية متر مرور الكرام يف مناسبات‬ ‫كسحابات الصيف‪ ،‬والعتب يبدأ من أهل الدار‬ ‫حيث أن حتى تلك األفالم التي تقف عىل الجوالن‬ ‫تكتفي بالداخل‪ ،‬لتصور معاناة أهل قرانا املحتلة‬ ‫من مجدل شمس ومسعدة وبقعاثا مع اعرتافنا‬ ‫بحقهم وواجبنا يف إظهار معاناتهم وفضح ما‬ ‫يتعرضون له من مامراسات عنرصية وهمجية‪،‬‬ ‫واعتزازنا بتمسكهم بهويتهم ونضالهم الذي‬

‫يرضب فيه املثل‪ ،‬ولكن للأمساة ضفة أخرى‬ ‫قد أهملتها الكامريا كام الكلمة‪ ،‬فهناك ما‬ ‫يقارب الـ ‪ 400‬ألف أرسة نازحة‪ ،‬تسكن تجمعات‬ ‫النازحني موزعة عىل ‪ 6‬محافظات يف القطر‪،‬‬ ‫تعيش ضمن رقع جغرافية ضيقة‪ ،‬تأىب مغادرتها‬ ‫عىل أمل العودة‪ .‬وألن الفن هو الرسالة األبلغ‬ ‫واألرسع يف الوصول كان للفناين الوطن العريب‬ ‫يف‬ ‫لتجاربهم‬ ‫وكان‬ ‫الفكرية‪،‬‬ ‫مساحتهم‬ ‫ملتقى الجوالن املكان الرفيع‪ ،‬حيث حرض امللتقى‬ ‫العديد من الفنانني واملخرجني واملرسحيني يف‬ ‫ورشة عمل يتدارسون فيها كيفية النهوض‬ ‫بقضية الجوالن ونرشها عىل ساحات تالوطن‬ ‫العريب أوال والعاملية ثانيا‪ ،‬وكان اعرتافا واضحا‬ ‫بالتقصري واإلهامل أحيانا ولكال الجانبني أسبابه‬ ‫الوجيهة التي ال بد من الوقوف عليها‪ ،‬إذ يبدو‬ ‫ضحى الدبس‬ ‫أن املسألة كام تراها الفنانة‬ ‫وبعيدا عن التظري هي مسألة انعدام النص‬ ‫الذي يحيك عن الجوالن وفيه النضج والوعي‬ ‫ملا يحدث‪ ،‬يحتوي البعد اإلنساين إذ ال يكفي‬ ‫الحديث يف العام‪ ،‬وال بد من الخاص والتفاصيل‪.‬‬ ‫وتضيف إىل ذلك مشكلة الجهات اإلنتاجية التي‬ ‫ميكن بأن تنتج أعامال جوالنية بشكل مرتاكم‪.‬‬ ‫حيث تعرتف الجوالن مل يأخذ حقه بشكل‬ ‫كامل‪ ،‬ونحن كسوريني مقلون يف أعاملنا‬ ‫الجوالنية‪ ،‬ونحن بحاجة للعملية الرتاكمية‬ ‫فهي التي تؤدي إىل التأثري خاصة فيام يتعلق‬ ‫بالفن ألنه الرتاكم والرتاكم يؤدي إىل عملية‬ ‫تعميق الفكرة والتأثري بالشكل الحقيقي‪ .‬ويبدو‬ ‫أن الهم ذاته يحمله الفنان املرصي مجدي كامل‬ ‫الذي‬ ‫الذي مثل شخصية جامل عبد النارص‬ ‫يتساءل كفنان ما هو املطلوب مني ألقدمه؟‬ ‫أنا أريد ورقا مكتوبا عن قضية الجوالن ألقدمه‪،‬‬ ‫ويضيف عامال آخر هو أن املمثل السوري أقدر‬ ‫عىل تأدية هذا العمل من املرصي كونه يجيد‬ ‫اللهجة السورية أكرث‪ ،‬إال إذا كتب النص باللغة‬ ‫العربية‪ .‬هناك تقصري يف النصوص وأزمة نص‬ ‫تعاين منها الساحة العربية‪ ،‬فنحن نريد نصا‬ ‫يزيح الستار عن املقاومني الحقيقني والتفاصيل‬ ‫ألهل الجوالن‪ ،‬كام أزحنا الستار بعد ‪ 38‬سنة عن‬ ‫جامل عبد النارص‪.‬‬ ‫ويؤكد بدوره عىل مسألة اإلنتاج وال بد من وجود‬ ‫ممول ملثل هذه األعامل‪ ،‬وهذا املمول ال يد وأن يكون‬ ‫الدولة‪ ،‬رغم أن التلفزيون املرصي قد غاب عن‬ ‫مسلسل جامل عبد النارص وكان إنتاجا خاصا‪،‬‬ ‫وقدمت التسهيالت سوريا حيث تم التصوير يف‬ ‫الفرقة العارشة بأسلحتها وعتادها وعنارصها‪.‬‬ ‫أما الفنان عيل القاسم وهو من أبناء املعاناة‬ ‫يف القنيطرة يقول يف أكرث من مرة وأكرث من‬ ‫موقف تم طرح القضية بشكل مفصل‪ ،‬وكلام‬ ‫كانت تطرح القضية الفلسطينية‪ ،‬واليشء‬ ‫لكن ال نصوص إىل اآلن قدمت لنقوم عىل العمل‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫وهناك مسألة التغييب لقضية أهلنا يف‬

‫عبدالسال االحمد مندوب منرب التوحيد «اىل اليمني)يف املؤمتر واىل جانبه العميد امني حطيط‬

‫الجوالن إعالميا وفنيا‪ ،‬وخاصة فيام يعني‬ ‫مسألة التامزج التي تضيع فيها هوية أهل‬ ‫أحمل املسؤولية للتلفزيون‬ ‫الجوالن الحقيقية‪ .‬أنا‬ ‫ّ‬ ‫العريب السوري الذي من واجبه تبني هذه‬ ‫القضايا الوطنية‪ ،‬ألنه صاحب رأسامل ال يخضع‬ ‫ملفهوم الربح والخسارة‪ ،‬وإذا مل تتنب املؤسسات‬ ‫الحكومية هذه القضية فاملؤسسات الخاصة لن‬ ‫تتبناها‪.‬‬

‫الجوالن نحو العاملية ال العوملة‬ ‫إن املتابع لورش العمل املتوزعة عىل مثانية‬ ‫عرش محور‪ ،‬يلحظ وجود أحد العناوين الالفتة‬ ‫للنظر التي تقول بأن الجوالن مسؤولية العامل‪ ،‬مام‬ ‫يعني نظرة جديدة وأفقا أوسع ملعالجة االحتالل‬ ‫املسترشي يف الجوالن‪ ،‬وما تلك الشخصيات‬ ‫العاملية التي حرضت امللتقى وكان لها أوراق عمل‬ ‫إال تأكيدا عىل هذه النظرة‪ ،‬حيث ال بد وأن يتحول‬ ‫ذلك الحضور إىل محطات بث متنقلة عرب العامل‬ ‫وإىل رسل للجوالن كل يف بلده وقارته‪ ،‬مع رضورة‬ ‫التأكيد عىل النظرة العاملية وليس العوملة فام‬ ‫من صالح وطني يف عوملة قضايانا العربية‪ ،‬إذا ما‬ ‫بعد العوملة إال ضياع الحقوق‪ ،‬وهذه رؤية يتبناها‬ ‫الدكتور جولد إذ يرى يف هذا الكم من الحضور‬ ‫دعوة إىل عاملية املسألة ال عوملتها‪ ،‬وذلك عن‬ ‫طريق التثقيف بالحق الوطني للشعب السوري‬ ‫يف وطنه‪ ،‬ال أن نجعلها بال معنى أو مضمون‪ ،‬ألننا‬ ‫ال نريد أن نعومل مسائلنا‪ ،‬بل نريد أن يساهم‬ ‫الطرف اآلخر معنا يف هذه القضايا‪ ،‬بعد أن يرى‬ ‫رأى العني ما يجري عىل الساحة العربية‪ ،‬وكالم‬ ‫وزير العدل األمرييك عندما شاهد أرض الجوالن‬ ‫والدمار الذي أحدثته “إرسائيل” مبدينة القنيطرة‬ ‫كالماً كبرياً جدا‪ ،‬ال بد من متابعته ونرشه عرب‬ ‫أنحاء العامل‪ .‬فيام يؤكد الدكتور املغريب رئيس‬ ‫اللجنة التحضريية للمنتدى‪ :‬أن جميع الذين‬ ‫حرضوا من خارج املنطقة العربية هم قادة‬ ‫سياسيون ومفكرون عىل املستوى العاملي‪،‬‬ ‫ومجتمعاتهم التي‬ ‫ومسؤولون يف برملاناتهم‬ ‫ينتمون إليها يف مختلف القارات وعىل امتداد‬ ‫الكرة األرضية‪ ،‬وأردنا بذلك أال يكون طرح قضية‬

‫‪33‬‬

‫الجوالن طرحا عربيا محضا‪ ،‬بل يجب أن يتذكرها‬ ‫العامل خارج حدود الوطن العريب وأن أن يؤدي ما‬ ‫عليه من واجب تجاه هذه القضية‪ .‬فيام ينتظر‬ ‫محمود بكري من املشاركني يف امللتقة مبختلف‬ ‫وسياسيني وإعالميني وكافة‬ ‫فعالياتهم مثقفني‬ ‫الطيف السيايس‪ ،‬وهم الذين أتوا إىل‬ ‫ألوان‬ ‫دمشق ليسجلوا بداية رد الجميل لسوريا عىل‬ ‫مواقفها القومية والعروبية دفاعا عن قضايا‬ ‫العرب‪ ،‬كذلك هم يدركون مغزى هذا التجمهر‪،‬‬ ‫وهذه التظاهر الكبرية‪ ،‬ألن العامل العريب بحاجة‬ ‫إىل أن يعيد النظر يف قضاياها من جديد‪ ،‬يف‬ ‫ظل ما يجري من انتهاكات لحقوق العرب وتوسيع‬ ‫دائرة االستعامر‪ ،‬ويسعى لغزو دارفور مبربرات‬ ‫وهمية‪ ،‬ويوسع دائرة املناطق والثغور املحتلة يف‬ ‫عاملنا العريب‪ .‬كل املشاركني يدركون أن دورهم‬ ‫أسايس يف هذه املرحلة‪ ،‬والتضامن مع الجوالن‬ ‫هو تضامن مع كل األزمات يف العامل العريب‬ ‫وليس مع الجوالن فقط‪ .‬فالفنان الذي قدم إىل‬ ‫هنا مهمته أن يكون لديه أعامال تلفزيونية‬ ‫ومسلسالت تعكس واقع الجوالن عىل الساحة‬ ‫الفنية العربية‪ ،‬وكذلك الشعراء واألدباء عليهم‬ ‫إعادة النظر بأشعارهم وكتاباتهم لتثقيف الجيل‬ ‫العريب بقضية الجوالن‪ .‬أما بالنسبة للحضور‬ ‫السيايس العاملي والعريب والفعاليات الشعبية‬ ‫الندوات واملؤمترات يف‬ ‫فهي مطالبة بعقد‬ ‫اقطارها وبلدانها دفاعا عن الجوالن‪.‬‬ ‫أما الدكتور خالد الشاميل أمني رس هيئة‬ ‫تحرير الجوالن فريى أنه من الواجب استثامر كافة‬ ‫الساحات الدولية واملنابر‪ ،‬وأي مكان دويل‪ ،‬وزمان‪،‬‬ ‫ليصل صوت أبناء الجوالن للعامل كافة‪ ،‬وبكل‬ ‫الطرق املتاحة‪ ،‬إعالميا وسياسيا وفنيا إليصال‬ ‫رسالة أهلنا يف الجوالن إىل العامل‪ .‬وهذا ما‬ ‫يؤكد عليه الناشط محمد قحيم من اليمن‬ ‫ويرى أن مثة انعكاسا عامليا وعربيا حول املشاركة‬ ‫يف هذا امللتقى من قبل املشاركني الذي جاؤوا من‬ ‫أقطاب املعمورة ليحقوا الحق‪ ،‬ويساندوا إخوانهم‬ ‫السوريني يف الدفاع عن حقوقهم‪ .‬واعترب معن‬ ‫بشور رئيس املركز العريب الدويل للتواصل‬ ‫والتضامن أنه بات للجوالن أكرث من ستني سفريا‪،‬‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫ملف‬ ‫هم تلك الشخصيات الدولية والعربية التي‬ ‫حرضت امللتقى اليوم‪ ،‬وقد يكون هناك يوما عامليا‬ ‫للجوالن تكون فيه احتفاالت يف كل بقاع األرض‬ ‫والبلدان التي شارك منها أعضاء يف امللتقى‬ ‫الدويل‪ .‬ويشاركه الرأي الدكتور يحيى غندور‬ ‫الذي يرى أن هذه الشخصيات وال شك ومبا ملسناه‬ ‫سواء من الكلامت أو اللقاءات ستكون رسال‬ ‫للجوالن يف بلدانها‪ ،‬وهم ميثلون هيئات املنتدى‬ ‫اإلمربيالية املوجود يف الهند‬ ‫العاملي ملناهضة‬ ‫ورئيسه أمرييك‪ ،‬كذلك أعضاء برملانات امركيا‬ ‫الالتينية الفاعلون عىل الساحة الدولية‪ .‬إضف‬ ‫إىل أنها سوف تقوي من صمود أهلنا يف الجوالن‪،‬‬ ‫وكذلك من صمود الحركات املامنعة والتنظيامت‬ ‫املناضلة والصامدة يف وجه العدو الصهيوين‬ ‫وضد قوى االستكبار العاملي‪،‬وستزيدها قوة‬ ‫وصربا وصمودا‪.‬‬

‫رؤية جديدة يف مسرية التحرير‬ ‫ال شك أن مثة رؤية جديدة تتبلور ليس يف‬ ‫مسرية تحرير الجوالن وحسب بل يف مسرية التحرر‬ ‫العربية بشكل عام‪ ،‬وأن اعتامد أساليب الرصاع‬ ‫العسكري واالعتامد عىل القوة العسكرية‬ ‫والذاتية فقط‪ ،‬وهو عنرص هام لكنه غري كاف‬ ‫يف رصاعنا مع العدو اإلرسائييل‪ ،‬قثمة مفاهيم‬ ‫جديدة للحرب قد دخلت منظومة الرصاع‪،‬‬ ‫وأصبح ال بد من تفاعل كل املجتمع بكل أبعاده‬ ‫يف عمليات املقاومة‪ ،‬إضافة إىل عقد امللتقيات‬ ‫والندوات واملؤمترات عىل كافة الساحة العربية‬ ‫والدولية‪ ،‬واالستفادة من كل الخربات املتوافرة‬ ‫لتكون مقاومتنا متكاملة‪ ،‬وهذه الرؤية هي تحديدا‬ ‫ما بدأت تتبلور يف مختلف الساحات الساخنة‬ ‫يف الوطن العريب مام تطلب إدراجها ضمن ورشات‬ ‫العمل التي حفل بها امللتقى‪ ،‬فكانت ورش العمل‬ ‫التي بحثت يف األبعاد الرتبوية والتعليمية‬ ‫والتثقيفية والفنية واإلعالمية‪ ،‬إىل جانب البعد‬ ‫االسرتاتيجي الذي قدمه العميد أمني حطيط‬ ‫إضافة إىل عنرص املقاومة العسكرية الذي يعجل‬ ‫يف حركة التحرير‪ ،‬كام تؤكد ذلك وفاء حطيط‬ ‫من خالل تجربتهم يف املقاومة اإلسالمية لحزب‬ ‫الله‪ ،‬وتتمنى أن تكون هذه املحطات التي يسميها‬ ‫البعض تظاهرة إعالمية وتفضل تسميتها‬ ‫مبحطة مع النفس لكل فرد إلعادة الحسابات‪ ،‬ألنه‬ ‫باألصل ال يوجد قصية ميكن مواجهتها بعيدا‬ ‫عن البعد الثقايف والسيايس والفكري‪ ،‬ألن تلك‬ ‫األبعاد كال متكامال ال يتجزأ‪ ،‬ومشكلتنا يف‬ ‫الرصاع العريب الصهيوين أن العريب كان يجزأ‬ ‫رصاعه مع عدوه‪ ،‬يف الوقت الذي هو يتعاطى‬ ‫بالبعد الثقايف‬ ‫معنا ككل متكامل‪ ،‬وحارنبا‬ ‫وبالسياسة‬ ‫واالجتامعي والفكري واإلعالمي‪،‬‬ ‫تفوقه علينا‪.‬‬ ‫والقوة العسكرية‪ ،‬وهذا سبب‬ ‫وتتمنى أن تكون هذه املحطات التي نعيشها‬ ‫واملؤمترات تكون محطة إلعادة قراءة األساليب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الفنانتان وفاء موصليل وضحى‬

‫التي اعتمدت ملواجهة هذا العدو لسد املكان‬ ‫الذي كان شاغرا‪ ،‬فمواجهته تحتاج إىل أساليب‬ ‫جديدة قامئة عىل هذا التكامل بكل األبعاد يف‬ ‫الرصاع‪ .‬واألمر ذاته يحرص عليه معن بشور‬ ‫الذي يعتقد بأن جزءا أساسيا من معركتنا يف‬ ‫فلسطني والجوالن وكل مكان‪ ،‬ال يحسم فقط‬ ‫عىل أرض املعركة‪ ،‬بل يجب أن يحسم عىل‬ ‫الساحات الدولية والداخلية كذلك‪ ،‬ويؤكد أنه‬ ‫ومن خالل التجربة الطويلة يف الرصاع مع العدو‬ ‫الصهيوين كان هناك تغييبا لجوانب كثرية من‬ ‫الرصاع‪ ،‬بينام مجابهة العدو يجب أن تشمل كل‬ ‫امليادين الثقافية واإلعالمية والرتبوية والشبابية‪،‬‬ ‫لذلك هذا امللتقى يركز عىل هذه الجوانب ويحاول‬ ‫أن يستفيد من خربات وتجارب وثقافة العديد من‬ ‫املشاركني‪ ،‬وهم من كبار الشخصيات الفكرية‬ ‫والعلمية والثقافية يف إطار حشد كل الجهود‬ ‫يف معركتنا التي يجب أن نخوضها ونستنفر‬ ‫لها كل الطاقات‪.‬‬

‫مفاوضات السالم بني الرتنح‬ ‫والسقووط‬ ‫إذا كانت محاور امللتقى وورشات عمله تؤكد‬ ‫عىل تكامل األبعاد يف عملية النضال ضد املحتل‪،‬‬ ‫وعدم الركون إىل الجانب العسكري يف املقاومة‪،‬‬ ‫فإن هذه الرؤية تطرح تساؤال مهام أين هو خيار‬ ‫املفاوضات‪ ،‬وهل انتهى بالنسبة للقيمني عىل‬ ‫هذا امللتقى‪ ،‬أم أنه يرتنح وينتظر الرصاصة‬ ‫األخرية والتي بالطبع سيطلقها الطرف اآلخر‪،‬‬ ‫أعني الكيان الصهيوين كونه مل يكن يف يوم‬ ‫أكرث منه اليوم استهتارا يف املفاوضات وعملية‬ ‫السالم وإن شئتم التسوية للرصاع العريب‬ ‫الصهيوين‪.‬‬ ‫وكان ال بد من طرح هذا السؤال عىل املؤمترين‬ ‫وحارضي امللتقى‪ ،‬عىل اعتبار أنهم األقرب إىل‬ ‫القرار السيايس‪ ،‬واألقدر عىل تحليل ما بني‬ ‫السطور‪ ،‬سطور هذا امللتقى‪ .‬حيث مل نتفاجأ‬ ‫بإجامع أغلب الحضور عىل أن العملية التفاوضية‬ ‫قد انتهت‪ ،‬بل ذهب البعض إىل أقىص من ذلك‬

‫‪34‬‬

‫ليقول أنها دفنت وماتت‪.‬‬ ‫فالدكتور جولد يجزم بأن العملية السلمية‬ ‫قد انتهت ألنها بال جدوى منذ عام ‪ ،1993‬منذ‬ ‫ذلك الوقت مل نحقق أي إنجاز عىل اإلطالق‪ ،‬ال‬ ‫و ال االجتامعية وال‬ ‫عىل الساحة اإلعالمية‬ ‫الوطنية داخل األرض املحتلة‪ ،‬ولن نستطيع تحقيق‬ ‫أي هدف ما مل يكن ذلك عن طريق عمل عسكري‬ ‫مقاوم ووطني وشعبي‪ ،‬وليس جيوشا‪ ،‬فنحن ال‬ ‫نريد جيوش العامل العريب‪ ،‬بل يجب أن تفتح‬ ‫الجبهات من أجل املقاومة الشعبية فهي أجدر‬ ‫بتحقيق األهداف الحقيقية‪ .‬كذلك يتبنى هذه‬ ‫الفكرة جولد الذي يقول بانه من الواجب األخذ‬ ‫بعني االعتبار أن كل ما قيل عن خيار السالم‬ ‫كان فاشال وقد سقط وانهار‪ ،‬وكل املامرسات‬ ‫واملطلوب اليوم‬ ‫اإلرسائيلية أكدت عىل هذا‪،‬‬ ‫إعادة االعتبار لخيار املقاومة‪ ،‬وهنا مربط الفرس‪،‬‬ ‫ودون ذلك ال أتصور أن العدو سيقيم وزنا أو‬ ‫حسابا لكلامت وشعارات فقط‪ .‬لذا املطلوب‬ ‫وليس املطلوب تبني قرارات‬ ‫تبني خيارات‬ ‫وشعارات‪ ،‬خيارات تكون قادرة عىل التفاعل مع‬ ‫القضية بالشكل املطلوب واملنهجي‪ .‬فمع العدو‬ ‫ال تنفع إال لغة املقاومة وهذا رأي معن بشور‬ ‫كذلك‪ ،‬حيث أن املفاوضات هي محاولة إلضاعة‬ ‫الوقت وإضاعة الحقوق من قبل العدو اإلرسائييل‪،‬‬ ‫‪ .‬ويخالف الرأي الدكتور جولد الذي ال يعترب أن‬ ‫هذه امللتقيات تعرب سقوط خيار املفاوضات‪ ،‬ألن‬ ‫هذا الخيار برأيه مساراً‪ ،‬واملقاومة محور ومسار‬ ‫آخر تسري به سوريا وتحميه وتدعمه‪ ،‬كام أن‬ ‫جزء من االسرتاتيجية السلمية‪،‬‬ ‫املفاوضات‬ ‫وال يوجد أي تعارض بينهام‪ ،‬وموقف سوريا بات‬ ‫معروفا‪ ،‬إذ ال مفاوضات مبارشة إال بعودة الجوالن‪،‬‬ ‫واملفاوضات تعني كيف ميكن لإلرسائييل أن ينزح‬ ‫عن الجوالن ويعوض عن األرضار التي خلفها خالل‬ ‫احتالله‪.‬‬ ‫ختاما‬ ‫وللوقوف عىل أهمية هذا املؤمتر ومراحل‬ ‫التحضري له‪ ،‬وما أريد له من رسائل وما يتبعه‬ ‫من خطوات الحقة‪ ،‬كان ملجلة منرب التوحيد وعىل‬ ‫هامش انعقاد امللتقى هذا اللقاء مع محافظ‬ ‫القنيطرة الدكتور رياض حجاب‪.‬‬ ‫نبدأ من أجواء التحضري لهذا امللتقى‪ ،‬وهل‬ ‫من صعوبات اعرتضت عملكم؟‬ ‫برعاية كرمية من السيد الرئيس الدكتور‬ ‫بشار األسد رئيس الجمهورية العربية السورية‪،‬‬ ‫استمرت التحضريات الالزمة النعقاد امللتقى‬ ‫وضامن نجاحه يف مدينة القنيطرة املحررة وموقع‬ ‫عني التينة املحرر مقابل بلدة مجدل شمس املحتلة‬ ‫يف الجوالن‪ ،‬ويف دمشق العاصمة‪ ،‬يف املوعد‬ ‫املحدد يومي ‪ 10‬و‪ 11‬من ترشين األول ‪ ،2009‬وذلك‬ ‫من خالل االتصاالت والتنسيق مع العديد من‬ ‫والشخصيات‬ ‫والنقابات‬ ‫واملنظامت‬ ‫الهيئات‬ ‫العربية والدولية‪ ...‬وكذلك من خالل اجتامعات‬ ‫اللجنة التحضريية للملتقى التي عقدت‬ ‫اجتامعها األول يف ‪ 2009/8/16‬برئاسة محمد‬

‫سعيد بخيتان األمني القطري للحزب‪ ،‬ورؤساء‬ ‫الهيئات واملنظامت التي تنادت إىل عقد هذا‬ ‫امللتقى‪ ،‬حيث تم يف االجتامع اختيار السيد‬ ‫الدكتور عبد العظيم املغريب من مرص العربية‬ ‫رئيساً للجنة التحضريية التي ستتوىل مهمة‬ ‫الدعوات وتحديد املدعوين ومتابعة عمل اللجان‬ ‫الفرعية املتخصصة بشؤون امللتقى‪ ،‬مع القيام‬ ‫بالزيارات امليدانية الستقبال اآلالف من املشاركني‬ ‫يف هذه التظاهرة التضامنية البليغة واملؤثرة يف‬ ‫تاكيد حق سورية الراسخ يف استعادة جوالنها‬ ‫املحتل من براثن الغزاة الصهاينة‪ ،‬إىل جانب تأكيد‬ ‫حق العرب عموماً يف استعادة أراضيهم املحتلة‪..‬‬ ‫كام قمنا بالتحضريات اإلعالمية الالزمة متمثلة‬ ‫بإصدار عدد خاص وثائقي من “جريدة الجوالن” يف‬ ‫‪ 20‬صفحة ملونة تم توزيعها عىل كافة املشاركني‬ ‫والحضور صبيحة امللتقى متضمناً امللف الكامل‬ ‫لقضية الجوالن العادلة والقرارات الدولية ذات‬ ‫الصلة‪ ،‬واملامرسات الصهيونية الوحشية ضد‬ ‫أهلنا يف الجوالن املحتل‪ ،‬إضافة إىل رسقة املياه‬ ‫واآلثار وتدمري املدن والبلدات والقرى وارتكاب املجازر‬ ‫وترشيد السكان‪ ،‬كام تضمن العدد اللقاءات‬ ‫التي أجرتها الجريدة قبيل امللتقى مع رؤساء‬ ‫الوفود املشاركة والجهات املعنية بنجاحه‪ ،‬وقد‬ ‫تم كذلك طبع وتوزيع كتيبات ونرشات حول‬ ‫محافظة القنيطرة بهذه املناسبة‪ ...‬ورغم قرص‬ ‫مدة التحضريات فقد كانت النتائج جيدة جداً‪.‬‬ ‫ماذا يعني هذا امللتقى الدويل عىل أرض‬ ‫الجوالن بعد ‪ 43‬سنة احتالل وخاصة بوجود‬ ‫شخصيات عاملية وعربية عرفت بنضالها؟‬ ‫إىل “ملتقى الجوالن العريب الدويل” تنادت‬ ‫هيئات ومنظامت عربية ودولية تضامناً شعبياً‬ ‫داع ًام للحق بقوة الرأي العام لجامهري عربية‬ ‫وعاملية واسعة‪ ،‬ونرصة لقضية الجوالن املحتل‬ ‫لعقود من قبل كيان إرهايب عنرصي توسعي‪،‬‬ ‫تسبب يف ترشيد مئات اآلالف من السكان‬ ‫اآلمنني بعد احتالل أراضيهم وتدمري مدنهم‬ ‫وقراهم ومزارعهم‪ ...‬إضافة إىل قتل وأرس العديد‬ ‫من أبناء القرى الجوالنية املأهولة بسكانها‬ ‫املناضلني ضد االحتالل‪....‬‬ ‫وعندما تضع “إرسائيل” نفسها فوق القانون‬ ‫الدويل واإلنساين‪ !...‬فمن واجب املجتمع الدويل‬ ‫أن يتحمل مسؤولياته دفاعاً عن الحرية والقيم‬ ‫اإلنسانية النبيلة‪ ،‬وتعرية الوحشية والعنرصية‪..‬‬ ‫و لقد متيز هذا امللتقى بحضور شخصيات‬ ‫عاملية وعربية عرفت بنضالها واملأمول بعد هذه‬ ‫التظاهرة النوعية الحاشدة إطالق حركة شعبية‬ ‫عاملية تعيد التوازن إىل العالقات الدولية‪ ،‬مبا ينهي‬ ‫الهيمنة واالحتالل والتجاوز عىل حقوق الشعوب‬ ‫اآلمنة بالقوة الغاشمة‪.‬‬ ‫أي أثر سيرتكه هذا امللتقى برأيكم عىل‬ ‫قضية الجوالن؟‬ ‫ميكن القول‪ :‬إن امللتقى مبن حرضه عىل أرض‬ ‫الجوالن املحررة من هيئات وشخصيات عربية‬ ‫وعاملية بنضالها‪ ،‬كان رغم قرص مدته ناجحاً‬

‫فعاليات املؤمتر تحيي اهل مجدل شمس‬

‫بكل املقاييس اإلعالمية والحقوقية واإلنسانية‪..‬‬ ‫إن استحضار قضية الجوالن العادلة من قبل هذا‬ ‫الجمع الكبري من الحقوقيني والكتاب واملفكرين‬ ‫والفنانني واإلعالميني واملناضلني لهو خطوة يف‬ ‫االتجاه الصحيح نرصة للمقاومني األحرار عىل‬ ‫طريق دحر االحتالل واستعادة الحقوق ورسالة‬ ‫بليغة تسترصخ كل ضمري حي عىل امتداد عاملنا‬ ‫أجمع‪ ،‬ولن يضيع حق وراءه مطالب‪ ،‬فقضية الجوالن‬ ‫تستحق الكثري من النضال واملواقف التضامنية‬ ‫من األشقاء املخلصني واألصدقاء من قارات األرض‪،‬‬ ‫تضييقاً للخناق عىل مزاعم الصهيونية‪ ،‬ونحن‬ ‫كام قال األمني القطري املساعد للحزب يف‬ ‫إطالق التحضريات للمتلقى‪”:‬نطمح ألن يكون‬ ‫الجوالن حارضاً يف كل ملتقى‪ ..‬حتى تتم عودته‬ ‫إىل حضن الوطن”‪.‬‬ ‫أي رسالة أردتم إيصالها من بناء خيمة‬ ‫االفتتاح إىل جانب مقربة الشهداء وعىل ركام‬ ‫القنيطرة املحررة؟‬ ‫هي رسالة تنبض بحق املقاومة املرشوعة ضد‬ ‫استمرار االحتالل عندما تغيب الخيارات األخرى‪،‬‬ ‫وهي كذلك اآلن مع عدو توسعي مراوغ سارق‬ ‫ال تجدي معه املفاوضات نفعاً‪ ،‬وهكذا تم اختيار‬ ‫املكان يف حرضة الشهداء إخالصاً لرسالتهم‬ ‫وقناعاتهم التي استشهدوا من أجلها‪ ،‬كام‬ ‫تعني أيضاً أن هذا االحتالل الذي هزم يف هذه‬ ‫املدينة البطلة نتيجة ملعارك حرب ترشين‬ ‫التحررية املرشوعة باعرتاف القايص والداين‬ ‫عىل امتداد املعمورة‪ ،‬ميكن دحره نهائياً بخيار‬ ‫املقاومة وصمود األهل يف الجوالن املحتل القريبني‬ ‫جداً من مكان انعقاد امللتقى‪ ،‬ثم إن يف املكان‬ ‫أيضاً “حديقة أصدقاء القنيطرة”مقابل مثوى‬ ‫الشهداء حيث األشجار التي زرعتها وفود زائرة‬ ‫من كل أصقاع الدنيا معربة عن تضامنها مع‬ ‫قضية الجوالن العادلة‪ ،‬شاجبة استمرار االحتالل‬ ‫والغطرسة الصهيونية التي يجب أن تنتهي إىل‬ ‫غري رجعة‪.‬‬ ‫كيف ميكن أن يؤثر وقوف أهل مجدل شمس‬ ‫عىل الجانب اآلخر من الرشيط املحتل يف‬ ‫الشخصيات التي رافقت املؤمتر؟‬ ‫أهلنا يف قرى الجوالن املحتلة أصحاب إرث وطني‬

‫‪35‬‬

‫يتوهج بالنضال ومقاومة املحتلني‪ ...‬ومل تنقطع‬ ‫مقاومتهم لالحتالل الصهيوين منذ وقوعه وعرب‬ ‫كل أشكال املقاومة‪ ،‬وها هم رجال مجدل شمس‬ ‫وأمهامت األرسى يف زنازين الغزاة يف موقف‬ ‫شموخ تحيط بهم أعالم الوطن وصور قائد الوطن‬ ‫يستمعون إىل بنود إعالن امللتقى‪ ،‬ويحيون املشاركني‬ ‫فيه ومحطتهم األخرية يف موقع عني التينة املحرر‬ ‫عرب أسالك االحتالل ودوريات املحتلني‪ ...‬لقد ترك هذا‬ ‫املوقف املجديل أعمق األثر يف نفوس املشاركني‪ ،‬كام‬ ‫انعكس يف نجاح امللتقى من حيث أن رسالته األهم‬ ‫كانت شد أزر هؤالء املقاومني‪ ،‬وأنهم ليسوا وحدهم‬ ‫فيام انفتضوا له‪ ،‬بل إن أمتهم وأحرار العامل‬ ‫ُ‬ ‫والتأثري متبادالً‪ ،‬كل طرف‬ ‫معهم‪ ،‬لقد كان التأثر‬ ‫يعطي اآلخر ويأخذ منه أسباب القوة واإلرصار عىل‬ ‫متابعة النضال‪ ،‬مبا يثلج صدور الجميع بأن العدو‬ ‫مندحر عام قريب وأن الجوالن عائد‪.‬‬ ‫هل ميكن اعتبار هذا امللتقى هو الخطوة‬ ‫األوىل يف مسرية تحركات مقابلة تشهدها‬ ‫القنيطرة تباعاً؟‬ ‫عملنا اإلعالمي يف مدينة القنيطرة وموقع‬ ‫عني التينة املحرر مستمر‪ ،‬ووفود األشقاء واألصدقاء‬ ‫من أحرار العرب والعامل تكاد تكون يومية أو شبه‬ ‫يومية‪ ،‬ومعظم الضيوف والزوار واملتضامنني‬ ‫مع مواقف سورية بشار االسد قلعة العروبة‬ ‫الصامدة وموئل التاريخ العريق والحضارة والقيم‬ ‫اإلنسانية النبيلة‪ ،‬نستقبلهم يف املوقعني‬ ‫املذكورين كام تعرفون‪ ..‬ومع ذلك فإن نجاح هذا‬ ‫امللتقى ومتيزه بحضور العديد من الشخصيات‬ ‫العربية والعاملية املناضلة يف سبيل الحق والعدل‪،‬‬ ‫يشجعنا عىل تكرار هذه امللتقيات املفيدة‪ ،‬ملا‬ ‫لإلعالم بعد تعاظم دوره وتطور وسائله من قدرة‬ ‫عىل الوصول إىل أعامق املجتمعات اإلنسانية‬ ‫بيرس وسهولة‪ ،‬وملا للرأي الشعبي العام عىل‬ ‫مستوى العامل من قوة تأثري متصاعدة يف إنهاء‬ ‫العربدة ومظاهر الظلم والعنرصية واالحتالل‬ ‫املخالفة للقيم اإلنسانية النبيلة‪.‬‬

‫دمشق ـ متابعة وحوار ‪:‬‬ ‫عبد السالم االحمد وهدى مطر‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب عريب‬

‫العاهل السعودي في دمشق‪ :‬الزيارة الصح‬ ‫تحول جوهري لتعزيز التضامن العربي‬ ‫ليس من قبيل الصدفة‪ ،‬أن امللك السعودي‬ ‫عبد الله أطلق مبادرته الوفاقية يف قمة الكويت‬ ‫االقتصادية ُبعيد الغزو الصهيوين لقطاع غزة‪،‬‬ ‫وبعد فشل هذا الغزو‪ ،‬ومنذ املصالحة يف تلك‬ ‫القمة (‪ 19‬كانون الثاين ‪ 2009‬يف الكويت)‪ ،‬تم‬ ‫فصل العالقات الثنائية بني البلدين عن امللفات‬ ‫وأخصها العراق وفلسطني‬ ‫اإلقليمية الساخنة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولبنان وإيران والعالقة مع واشنطن‪ ،‬وهي ملفات‬ ‫مطروحة بينهام عىل الطاولة منذ وقت طويل‪.‬‬ ‫وأخرياً‪ ،‬انعقدت القمة السورية‪ -‬السعودية‬ ‫يف السابع والثامن من ترشين األول التي طاملا‬ ‫انتظرها املواطن العريب وبنى عليها املزيد من‬ ‫اآلمال يف انفراجات تتعلق مبلفات عديدة تغطي‬ ‫جميع القضايا الساخنة يف املنطقة‪ ،‬والقمة‬ ‫التي كان البعض من املحللني يراها بعيدة‪ ،‬انعقدت‬ ‫وسط اهتامم عاملي وإقليمي واسعني‪ ،‬وتأكيدات‬ ‫بأنها حققت املزيد من النتائج اإليجابية عىل‬ ‫مستوى القضايا املطروحة‪ ،‬بد ًءا من ملف‬ ‫العالقات الثنائية‪ ،‬وانتها ًء بالقضايا اإلقليمية‪.‬‬

‫أهمية الزيارة‬ ‫وزيارة امللك عبد الله إىل سوريا تكتسب‬ ‫أهميتها من املكانة التي تحظى بها كل من‬ ‫الدولتني عىل الساحة اإلقليمية‪ ،‬إذ أنهام من‬ ‫الدول املركزية يف املنظومة العربية‪ ،‬ويتجاوز‬ ‫نفوذهام النطاق اإلقليمي‪ ،‬وإمساك كل منهام‬ ‫مبفاتيح مهمة لحل الكثري من القضايا وامللفات‬ ‫العالقة‪ ،‬وبالتايل‪ ،‬فإن الدفء الذي بدأت تشهده‬ ‫العالقات الثنائية بني البلدين يف اآلونة األخرية‬ ‫سيشكل بارقة أمل إلحياء التضامن العريب الذي‬ ‫عاىن يف العامني املاضيني‪ ،‬خصوصاً بعد العدوان‬ ‫الصهيوين عىل لبنان يف عام ‪ ،2006‬وعىل قطاع‬ ‫غزة يف نهاية العام ‪ 2008‬وبداية العام ‪.2009‬‬ ‫ال شك يف أن عودة الدفء إىل العالقات‬ ‫السعودية‪ -‬السورية تشكل كام ذكر وزير‬ ‫الخارجية السوري وليد املعلم حجر الزاوية‬ ‫الستقرار املنطقة‪ ،‬وهي كفيلة ليس فقط‬ ‫بتقوية العمل العريب املشرتك‪ ،‬بل وتسهم يف‬ ‫تجسد يف حرب‬ ‫إحياء التضامن العريب كالذي‬ ‫ّ‬ ‫ترشين ‪.1973‬‬ ‫فالجميع يدرك خطورة الفرقة بني الدول العربية‪،‬‬ ‫والجميع يتبنى مواقف منارصة للحق العريب‬ ‫يف فلسطني‪ ،‬ولكن عرثات عديدة تقف حائلة‪.‬‬ ‫فالتباين يف املواقف بني الطرفني حيال الغزو‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مصالح البلدين‪.‬‬ ‫إن القمة السورية‪ -‬السعودية‪ ،‬هي فرصة‬ ‫للتقارب العريب ‪ -‬العريب وصوالً إىل بلورة رؤية‬ ‫موحدة تجاه التحديات التي تواجهها‪ ،‬حيث‬ ‫أ ّكد الطرفان حرصهام عىل استمرار التنسيق‬ ‫والتشاور بني البلدين عىل جميع املستويات‪.‬‬ ‫والسياسية‬ ‫اإلعالمية‬ ‫املستشارة‬ ‫وأعلنت‬ ‫للرئيس بشار األسد‪ ،‬بثينة شعبان‪« :‬أن مباحثات‬ ‫األسد وعبد الله‪ ،‬إيجابية‪ ،‬وبناءة‪ ،‬وودية‪ ،‬وأن‬ ‫العالقات السورية السعودية تسري يف تطور‬ ‫ممتاز‪ ،‬وهناك نية قوية لخلق فضاء وجو عريب‬ ‫يحاول أن يستفيد من الطاقات العربية لرفع‬ ‫كلمة العرب عىل الساحة اإلقليمية والدولية‪،‬‬ ‫وأن هذا التنسيق يضاف إىل التنسيق الذي‬ ‫تقوم به سوريا مع الصديقتني تركيا وإيران لخلق‬ ‫فضاء إقليمي عريب إسالمي يستطيع أن يواجه‬ ‫التحديات الكبرية التي تعرتض األمتني العربية‬ ‫واإلسالمية»‪.‬‬ ‫ومن جهته وصف وزير اإلعالم السعودي عبد‬ ‫العزيز خوجة‪« ،‬العالقات السعودية‪ -‬السورية‬ ‫بالتاريخية واملتميزة جداً‪ ،‬الفتاً إىل أنها ستشهد‬ ‫تطوراً كبرياً يف املستقبل القريب»‪.‬‬

‫فلسطني ولبنان والعراق واليمن‬ ‫حرضوا القمة‬

‫األمرييك للعراق‪ ،‬رغم أن البلدين استُه ِدفا بهذه‬ ‫الطريقة أو تلك‪ ،‬لكن استهداف اململكة كان‬ ‫(تحت شعار الدميقراطية) وكان مؤقتاً وقد انتهى‬ ‫رسيعاً بعد تعرث املرشوع األمرييك يف مراحله‬ ‫األوىل تحت وطأة املقاومة العراقية‪ ،‬وحاولت اإلدارة‬ ‫األمريكية جر اململكة السعودية ما يسمى‬ ‫(حلف املعتدلني)‪ ،‬والذي يتضمن رشيكاً جديداً‬ ‫هذه املرة‪ ،‬هو الكيان الصهيوين تحت مسمى‬ ‫مرشوع الرشق األوسط الكبري (األمرييك)‪ ،‬هذا‬ ‫املرشوع الذي استنفذ قدراته بعد العدوان األخري‬ ‫عىل قطاع غزة‪ ،‬آخر حلقة يف مسلسل الغزو‬ ‫والحروب التي خاضها املحافظون الجدد وحلفاؤهم‬ ‫الصهاينة‪ ،‬وفشل العدوان يف تحقيق أهدافه‬ ‫األمريكية والصهيونية‪.‬‬ ‫ويبدو أن امللك عبد الله قد وجد يف التطورات‬ ‫الدراماتيكية آنذاك‪ ،‬ما ميكنه أيضاً من تأكيد‬ ‫مت ّيزه وحرصه من خالل اتخاذ مواقف وفاقية‬ ‫وإضفاء اللون القومي عىل توجهاته‪ ،‬لكن‬ ‫األساس يف إحداث التحول املذكور‪ ،‬كان الفشل‬ ‫األمرييك‪ ،‬وبدا واضحاً آنذاك التوجه السعودي‬ ‫الجديد ونقطة االنعطاف الهامة يف قمة الكويت‬ ‫االقتصادية يف ‪ 19‬كانون الثاين‪ ،‬وبعدها االجتامع‬ ‫الذي عقده الرئيس بشار األسد مع امللك عبد الله‬ ‫يف جدة يف ‪ 23‬أيلول والنتائج التي انتهى إليها‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫نقطة مفصلية هامة‬ ‫اليوم متيض سوريا والسعودية يف مسار‬ ‫عالقاتهام الثنائية تبعاً ملستويني‪ ،‬عدم تأثر‬ ‫العالقات بأي خالف يطرأ عىل أي من امللفات‬ ‫العالقة بينهام‪ ،‬والتفاهم عىل إدارة الخالفات عىل‬ ‫هذا امللف أو ذاك ألن التحديات الخارجية تتزايد‪،‬‬ ‫وعليه يجب أن تنصب الجهود ملضاعفة الحوار يف‬ ‫إطار التضامن العريب وتعزيز وردم الهوة القامئة‬ ‫بني بعض الدول العربية‪ ،‬األمر الذي يساهم يف‬ ‫استقرار املنطقة‪.‬‬ ‫تلتقي دمشق والرياض عىل قواسم مشرتكة‪،‬‬ ‫تبنى عىل أساس االحرتام املتبادل واملصالح بني‬ ‫البلدين مبا يعزز التضامن العريب والسعي إىل‬ ‫تفاهامت عىل ملفات إقليمية عالقة بينهام‪،‬‬ ‫ويؤكدان عىل رضورة اتخاذ الخطوات التي تصون‬ ‫الحقوق العربية وتالحق ما ُيرتكب بحقها من إجرام‪،‬‬ ‫وأن ارتقاء العالقات بني البلدين سينعكس إيجاباً‬ ‫عىل مختلف القضايا التي تهم العرب جميعاً‪.‬‬ ‫وبحث الرئيس بشار األسد وامللك عبد الله‬ ‫مجمل األوضاع عىل الساحة العربية واإلسالمية‬ ‫والدولية ويف مقدمتها تطورات القضية‬ ‫الفلسطينية وآفاق التعاون بني البلدين‪ ،‬وسبل‬ ‫دعمها وتعزيزها يف جميع املجاالت مبا يخدم‬

‫وأ ّكد البيان الصحايف الذي صدر يف ختام زيارة‬ ‫تم استعراض شامل‬ ‫امللك عبد الله إىل سوريا‪ ،‬أنه ّ‬ ‫للعالقات الثنائية الوثيقة التي تربط بني البلدين‬ ‫وتم التأكيد عىل‬ ‫وسبل ترسيخها وتطويرها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تعزيز العالقات السياسية والثقافية واإلعالمية‬ ‫تم االتفاق عىل رضورة انعقاد‬ ‫بني البلدين‪ ،‬كام ّ‬ ‫اللجنة السعودية‪-‬السورية املشرتكة يف أقرب‬ ‫فرصة ممكنة وكذلك العمل عىل تفعيل التعاون‬ ‫بينهام يف جميع املجاالت االقتصادية والتجارية‬ ‫والجمركية واالستثامرية بالشكل الذي يسهم‬ ‫يف تعزيز وتوثيق التعاون الثنايئ بني البلدين‪.‬‬ ‫وتم استعراض املستجدات حول القضية‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية خاصة األوضاع املأساوية التي‬ ‫يتعرض لها اإلخوة الفلسطينيون يف األرايض‬ ‫الفلسطينية املحتلة ورضورة تضافر الجهود‬ ‫اإلسالمية والعربية لوقف االعتداءات املستمرة‬ ‫التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق‬ ‫ورفع الحصار الذي تفرضه السلطات اإلرسائيلية‬ ‫الغاصبة عن املسجد األقىص والتصدي لإلجراءات‬ ‫اإلرسائيلية الرامية لتهويد القدس الرشيف‪.‬‬ ‫وبالنسبة للشأن اللبناين‪ ،‬شدد البيان عىل‬ ‫تم التأكيد عىل أهمية التوصل إىل كل ما‬ ‫أنه ّ‬ ‫من شأنه وحدة لبنان واستقراره من خالل تعزيز‬ ‫التوافق بني األشقاء يف لبنان واإلرساع يف‬ ‫تشكيل حكومة الوحدة الوطنية‪.‬‬ ‫وفيام يتعلق بالعراق‪ ،‬أوضح البيان‪ ،‬أن هناك‬ ‫اتفاقاً كام ًال عىل أهمية أمن واستقرار ووحدة‬

‫وعروبة العراق‪ ،‬وعدم التدخل يف الشؤون الداخلية‬ ‫وصوالً إىل بناء عراق مستقر ومزدهر وآمن‪.‬‬ ‫كام تطرق البحث إىل األوضاع يف اليمن‬ ‫تم التأكيد عىل رضورة دعم‬ ‫الشقيق‪ ،‬حيث ّ‬ ‫حكومة اليمن الشقيقة‪ ،‬وتأييد جهودها لبسط‬ ‫األمن واالستقرار يف جميع أنحاء اليمن والقضاء‬ ‫عىل الفنت والقالقل التي تهدد وحدته وسالمته‪.‬‬ ‫إن القمة بني الرئيس بشار األسد وامللك عبد‬ ‫الله بن عبد العزيز‪ ،‬خطوة مهمة للنهوض‬ ‫بالعمل العريب املشرتك‪ ،‬وهذه القمة ستعطي‬ ‫مزيداً من الدفع للعالقات الثنائية‪ ،‬وستعزز‬ ‫الروابط التاريخية املتميزة عىل امتداد تاريخها‬ ‫الطويل نحو اآلفاق التي تخدم البلدين واألمة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫فالوضع العريب يف أشد الحاجة للتضامن‬ ‫ليس بالكلامت فقط وإمنا من خالل اسرتاتيجيات‬ ‫موحدة إزاء التحديات الكبرية والتنسيق مبا يحقق‬ ‫مصلحة العرب‪ ،‬وخلق فضاء عريب وإقليمي يخدم‬ ‫مصالح األمة العربية‪ ،‬ويخلق موقفاً موحداً عىل‬ ‫الصعيد الدويل‪ ،‬من شأنه املساهمة يف حل‬ ‫جميع املشاكل العالقة يف املنطقة‪.‬‬ ‫سوريا والسعودية دولتان مهمتان وجديرتان‬ ‫مبامرسة دور قيادي يف جمع كل القوى العربية‬ ‫الفاعلة حول اسرتاتيجية قوية قادرة عىل تعديل‬ ‫االنحرافات القامئة يف الواقع العريب الراهن‬ ‫وعىل منع التدخالت الخارجية يف العامل العريب‬ ‫وإنقاذ الوضع الفلسطيني وتوحيده وتقويته‬ ‫ملواجهة الغطرسة الصهيونية والوقوف إىل‬ ‫جانبه الستعادة حقوقه كاملة‪.‬‬

‫اهتامم عريب ودويل‬ ‫القمة‬

‫السورية‪-‬‬

‫السعودية‬

‫‪37‬‬

‫التي‬

‫استضافتها‬

‫دمشق‪ ،‬مل تكن حدثاً محلياً فقط‪ ،‬بل كانت‬ ‫مناسبة مختلفة حظيت باهتامم عريب وعاملي‬ ‫واسع‪ ،‬وكان هناك اهتامم إعالمي وسيايس تجاوز‬ ‫حدود الوطن العريب‪.‬‬ ‫القمة أنهت حالة الجمود التي سيطرت عىل‬ ‫املنطقة يف حقبة الغزو األمرييك للعراق‪،‬‬ ‫والهجمة الصهيونية الرشسة عىل لبنان‪،‬‬ ‫ومحاولة الصهاينة كرس إرادة املقاومة يف‬ ‫فلسطني‪.‬‬ ‫فالقمة جاءت لتنهي مرحلة حرجة وثقيلة‬ ‫عىل األمة العربية وتنتقل بها إىل فضاء أرحب‪،‬‬ ‫وهذه القمة جرى التحضري لها بشكل جيد‬ ‫يف كال البلدين‪ ،‬وستكون مبثابة نقطة هامة‬ ‫ومفصلية‪.‬‬ ‫وحسب مصادر موثوقة‪ ،‬فقد وجه الرئيس بشار‬ ‫األسد شخصياً الدعوة إىل العاهل السعودي‬ ‫لزيارة دمشق‪ ،‬واملشاركة يف احتفاالت تقيمها‬ ‫سوريا مبناسبة ذكرى حرب ترشين األول(‪،)1973‬‬ ‫وهي الدعوة التي وافق عليها امللك عبد الله‪،‬‬ ‫وتم الرتتيب لها عىل مختلف املستويات‪ ،‬ولعل‬ ‫ّ‬ ‫تبادل أرفع األوسمة‪ ،‬دليل عىل التقدير البالغ‬ ‫الذي تكنه سورية لدور اململكة يف هذه املرحلة‬ ‫الصعبة‪ ،‬ورؤية اململكة السعودية السورية‬ ‫الصامدة املامنعة عىل أنها صامم أمان‪ ،‬وعامل‬ ‫أسايس يف قوة العرب ورفع شأنهم‪.‬‬ ‫القمة خلقت حالة من الحراك تجاوزت املنطقة‪،‬‬ ‫حيث سادت أجواء من التفاؤل العديد من املناطق‪،‬‬ ‫خصوصاً يف لبنان وفلسطني‪ ،‬وهذا أمر طبيعي‬ ‫ألن سوريا هي قلب العروبة النابض باملشاعر‬ ‫الوطنية والقومية‪.‬‬ ‫زيارة امللك عبد الله إىل دمشق العروبة هي‬ ‫خطوة يف االتجاه الصحيح‪ ،‬سيكون لها الكثري‬ ‫ما بعدها‪ ...‬إنها البداية‪...‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫ملف‬

‫«إسرائيل» نووية توراتية‬ ‫بين فكرة البقاء ومبدأ القوة‬

‫أوباما‬

‫ذكرت صحيفة «اإليكونومست» الربيطانية‪،‬‬ ‫أن القنبلة النووية اإلرسائيلية أصبحت أكرب رس‬ ‫معلن يف العامل‪ ،‬والخيار النووي اإلرسائييل كان‬ ‫وما يزال‪ ،‬قضية غري مطروحة للتناول العام يف‬ ‫«إرسائيل»‪ ،‬بل هو حكر عىل مجموعة ضيقة من‬ ‫املسؤولني يف ظل ما يسمى بسياسة ( التعمية‬ ‫والتكتيم) الرسمية‪ ،‬فمن جانب ال يوجد اعرتاف‬ ‫إرسائييل رسمي بامتالك سالح نووي‪ ،‬وهناك تلويح‬ ‫وتلميح بان هذه األسلحة الفتاكة موجودة حقاً يف‬ ‫الرتسانة الحربية الصهيونية وعىل خلفية هذين‬ ‫املوقفني املتناقضني ترتدد ترصيحات متواصلة من‬ ‫جانب املسؤولني الصهاينة بأن «إرسائيل» إذا مل‬ ‫تكن أول من يدخل السالح النووي إىل املنطقة‪،‬‬ ‫فإنها لن تكون الثانية ولن تسمح ألحد أن يسبقها‬ ‫يف هذا الشأن‪.‬‬

‫الجذور التاريخية لفكرة الرصاع‬ ‫إن قضية الخيار النووي اإلرسائييل مرتبطة‬ ‫مبجموعة من املكونات النفسية والدينية واملادية‬ ‫التي توارثها الفكر الصهيوين عىل اختالف مراحله‪،‬‬ ‫لتكوين ما يعرف مبفهوم الرصاع مع اآلخرين‪ ،‬الذي‬ ‫تحول إىل ما يشبه العقيدة املتوارثة‪ ،‬والذي يشكل‬ ‫الخيار النووي أحدث حلقاته‪ ،‬لقد الزمت فكرة الرصاع‬ ‫تلك‪ ،‬التاريخ الصهيوين والتاريخ اليهودي منذ‬ ‫وطأت أرض فلسطني التاريخية أقدام الفلول األوىل‬ ‫للعربانيني القادمني من بالد ما بني النهرين‪ ،‬استناداً‬ ‫إىل ما يعرف بالعهد بني الرب وشعبه الذي منحت‬ ‫مبوجبه أرض فلسطني «لشعب الرب»‪ ،‬وربط ذلك‬ ‫مبجموعة من الرشوط الواجب تنفيذها‪ ،‬وأصبح‬ ‫تنفيذ هذا العهد يتطلب‪ ،‬يف نظر اإلرسائيليني‬ ‫االستقرار يف فلسطني‪ ،‬مام يعني الدخول يف صدام‬ ‫ورصاع حتمي مع الشعوب املقيمة فيها‪ ،‬إذا‪ ،‬فكرة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫جون كنيدي‬

‫الرصاع الزمت الفكر «االرسائييل» قدمية وحديثة‬ ‫وبصور مختلفة‪ ،‬ترتاوح ما بني الحوار العنيف‬ ‫وانتها ًء بالدخول يف حروب رشسة وفتاكة ضد كل‬ ‫طرف يرفض اإلذعان إلرادة الطرف اإلرسائييل‪.‬‬ ‫ومع تطور األحداث‪ ،‬تحول هذا الرصاع بأشكاله‬ ‫املختلفة إىل رشيعة شبه مقدسة تسعى إىل‬ ‫تحقيق أهداف اليهود يف فلسطني انطالقاً من‬ ‫االعتقاد بأنه دون هذا الرصاع لن يتسنى االستقرار‬ ‫يف فلسطني‪.‬‬ ‫وعندما بدأ التجسيد العميل للفكر الصهيوين‬ ‫املتمثل يف ترحيل ونقل أكرب عدد ممكن من يهود‬ ‫العامل إىل فلسطني‪ ،‬ضمن ما يعرف بالهجرات‬ ‫اليهودية الصهيونية الحديثة‪ ،‬اصطدمت تلك‬ ‫الهجرات لدى قدومها إىل فلسطني مبقاومة عربية‬ ‫قوية‪ ،‬ومنذ الحرب العاملية األوىل تصاعد الرفض‬ ‫العريب مع تصاعد موجات الهجرة املدعومة بتأييد‬ ‫دولة االنتداب وبالحركة الصهيونية العاملية‪.‬‬ ‫إذا‪ ،‬أدركت زعامة الحركة الصهيونية أن تنفيذ‬ ‫مخططاتها يف فلسطني يحتم الدخول يف رصاع‬ ‫قوي مع أصحاب األرض الفلسطينية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫احتلت فكرة الرصاع مكانها الثابت داخل البنية‬ ‫العامة للعقيدة الصهيونية‪ ،‬شأنها يف ذلك شأن‬ ‫سائر األساطري املغلقة األخرى التي يتعامل معها‬ ‫الفكر الصهيوين‪ ،‬مثل أسطورة أرض امليعاد والحق‬ ‫التاريخي يف فلسطني والشعب املختار‪ ،‬ومع إعالن‬ ‫االنتداب الربيطاين عىل فلسطني‪ ،‬توفرت خلفية‬ ‫جديدة لتطوير وتصعيد فكرة الرصاع يف املنطقة‪.‬‬ ‫وبعض الصهاينة يرى أن املجتمع اليهودي‬ ‫الحديث تشكل يف فلسطني منذ بداية الثالثينات‬ ‫فصاعداً‪ ،‬بفضل الرصاع العريب – الصهيوين‬ ‫أساسا‪ ،‬وأن هذا الرصاع ألقى بظالله عىل جميع‬ ‫التطورات االجتامعية التي مر بها املجتمع اليهودي‬ ‫االستيطاين منذ ذلك الوقت‪.‬‬ ‫وتبنت الحركة الصهيونية إذا‪ ،‬منذ رشوعها يف‬

‫‪38‬‬

‫برييز‬

‫تنفيذ مخططاتها يف فلسطني‪ ،‬فكرة الرصاع مع‬ ‫العرب‪ ،‬لتتحول إىل دعوة لتعبئة املوارد اليهودية‬ ‫رسخ‬ ‫يف العامل أجمع‪ ،‬إن تصاعد هذا الرصاع ّ‬ ‫لدى الصهاينة رضورة السعي المتالك أكرب قدر‬ ‫من وسائل القوة‪ ،‬بل إن عقيدة «متلك القوة»‬ ‫قادت بصورة طبيعية إىل الرغبة يف السعي يف‬ ‫ما بعد إىل امتالك خيار نووي‪ ،‬وهو حلم تحول بعد‬ ‫قيام الكيان الصهيوين إىل أحد أهم األهداف التي‬ ‫سعت الزعامة الصهيونية إليه‪.‬‬

‫فكرة الرصاع بعد قيام الكيان‬ ‫الصهيوين‬ ‫إن اإلعالن عن قيام الكيان الصهيوين يف عام‬ ‫‪ 1948‬وحصوله عىل عضوية األمم املتحدة بفضل‬ ‫الدعم من قبل القوى الكربى وخاصة الواليات‬ ‫املتحدة والدول الغربية‪ ،‬ساهم يف تتويج فكرة‬ ‫الرصاع املتوارث لدى الصهاينة‪ ،‬وتأكيداً راسخاً ملبدأ‬ ‫استخدام العنف والقوة كأحد أشكال الرصاع من‬ ‫أجل تحقيق أهداف الحركة الصهيونية يف فلسطني‪،‬‬ ‫والتي تستند‪ ،‬عىل أفكار متوارثة ومسجلة يف‬ ‫أسفار العهد القديم‪ ،‬وبعد شتات يهودي يف العامل‬ ‫أصبح لليهود «دولة» يشكلون غالبية سكانها‪،‬‬ ‫ولها مؤسساتها العسكرية واالقتصادية‪.‬‬ ‫إن الهدف األسايس للحركة الصهيونية كان‬ ‫يتمثل يف تطبيع اليهود‪ ،‬وإعادتهم إىل التاريخ‬ ‫والوصول إىل وضع متسا ٍو مع اآلخرين‪ ،‬ولكن ما‬ ‫حدث فع ًال جاء متناقضاً مع هذه التطورات حيث‬ ‫برز مع قيام الكيان الصهيوين‪ ،‬تطور يتمثل يف‬ ‫الرتكيز عىل تجميع القوة العسكرية‪ ،‬بدعوى أن‬ ‫ذلك أمر حتمي من أجل استمرار وجود الكيان‬ ‫الصهيوين عىل أرض فلسطني‪ ،‬ومن أجل تطوير‬ ‫نواة منفصلة وذات سيادة‪ ،‬وكانت الحجة التي‬

‫إيهود باراك‬

‫سيقت لتربير التطلع إىل امتالك القوة بعد قيام‬ ‫الكيان‪ ،‬هي أن هذا الوليد «إرسائيل» تعيش وسط‬ ‫محيط عريب ضخم ومرتامي األطراف يتطلب مزيداً‬ ‫من الرتسيخ للمفهوم األمني العسكري‪.‬‬ ‫ومن الباحثني يف هذا الكيان من يتامدى بعيدا‬ ‫ويعرتف بأن العقلية التي سيطرت عىل «إرسائيل»‬ ‫هي مثرة لعقلية العنف‪ ،‬التي تؤمن بأن قوة الردع‬ ‫العسكري هي وحدها القادرة عىل التحدث مع‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫وبعد إنشاء الكيان الصهيوين عىل أرض‬ ‫فلسطني‪ ،‬برزت مواقف ال ترى يف الصهيونية وسيلة‬ ‫لالنخراط يف التاريخ واملشاركة مع الشعوب األخرى‬ ‫كطرف متسا ٍو‪ ،‬بل كوسيلة لالنتقام التاريخي من‬ ‫األغيار‪ ،‬حتى أن األديب الشهري «عاموس عوز» ضمن‬ ‫كتابة (من هنا وهناك يف دولة إرسائيل) مقابلة مع‬ ‫أحد اإلرسائيليني الذي وصف نفسه بأنه يهودي‬ ‫نازي‪ ،‬قال أنه ال يريد من اآلخرين ومن اآلن أن يعاملوه‬ ‫بيشء من الشفقة بل يريدهم أن يخافوا منه‪.‬‬ ‫وترسخ هذا االتجاه يف ما يشبه عبادة القوة‬ ‫بفضل املناهج الدراسية التي طبقت يف هذا‬ ‫الكيان الغاصب‪ ،‬واستمدت من النصوص التوراتية‪،‬‬ ‫ومن الرتاث اليهودي القديم‪ ،‬فقرات تغذي الوجدان‬ ‫اإلرسائييل مبربرات متجد استمرارية الرصاع‬ ‫واستخدام العنف والقسوة والوحشية مع‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫لقد اقرتن االتجاه إىل عبادة القوة مبحاولة دوائر‬ ‫معنية يف الكيان خداع نفسها‪ ،‬والترصف كام‬ ‫لو أن «إرسائيل» هي كوكب منفرد يف املنظومة‬ ‫العاملية‪ ،‬وأن ميدان القوة الذي باتت «إرسائيل»‬ ‫تعمل وتترصف عىل أرضيته أصبح يتمثل يف العودة‬ ‫إىل عامل «الغيتو» اليهودي‪ ،‬وتلك القوة تحولت‬ ‫إىل غاية محركة للنظام السيايس يف السنوات‬ ‫األوىل لنشوء الكيان‪ ،‬ومع تطور األحداث‪ ،‬وتصاعد‬

‫شارل ديغول‬

‫بن غوريون‬

‫املقاومة الفلسطينية ضد الكيان‪ ،‬اقرتنت الرغبة‬ ‫يف امتالك وسائل القوة إىل (عبادة الرعب) كام‬ ‫قال املفكر اإلرسائييل «موشيه سكرمان»‪ ،‬وهذه‬ ‫أصبحت تغذي النظرية القامئة عىل ما يسمى‬ ‫( األمن القومي) وانطالقاً من االدعاء القائل بان‬ ‫الجميع يقفون ضد اليهود ويريدون القضاء عليهم‬ ‫ولذا يجب عدم االعتامد عىل أي طرف خارجي‪.‬‬

‫الخيار النووي اإلرسائييل‬ ‫وخلفيته التاريخية‬ ‫وخالل السنوات األوىل إلقامة الكيان الصهيوين‪،‬‬ ‫تأكدت املخاوف لدى بعض املفكرين اليهود من أن‬ ‫إقامة دولة يهودية لن يكون أكرث من مجرد واحة‬ ‫صغرية محاطة مبحيط عريب واسع ميتلك التفوق‬ ‫البرشي باملقارنة بعدد السكان اليهود املحدود‬ ‫يف الكيان املفروض لذا بدأ البحث عن وسيلة‬ ‫قوة غري تقليدية ميكنها إلغاء مفعول التفوق‬ ‫البرشي العريب‪ ،‬ومن هنا بدأ التفكري يف الخيار‬ ‫النووي االرسائييل الذي اعترب خري وسيلة لتحقيق‬ ‫أهدافهم‪ ،‬وكان «بن غوريون» هو املبرش األول بهذه‬ ‫الفكرة‪ ،‬حني تبنى يف الخمسينات الدعوة إىل‬ ‫تطوير خيار نووي إرسائييل مستقل‪ ،‬واعتبار ذلك‬ ‫قضية مقدسة من أجل البقاء القومي‪ ،‬ومنع أي‬ ‫اختالل يف ميزان القوى التقليدية لصالح العرب‪،‬‬ ‫بل اعترب هذا الخيار ( بوليصة) التأمني النهائية‬ ‫للكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫والحقيقة أن تطلع «بن غوريون» إىل امتالك خيار‬ ‫نووي كعنرص من عنارص القوة‪ ،‬يعود لسنوات ما‬ ‫قبل «إرسائيل»‪ ،‬حني حدد أهدافه عشية قيام‬ ‫الكيان ومن هذه األهداف‪ ،‬إقامة دولة ذات أغلبية‬ ‫يهودية‪ ،‬وتوفري األمن لسكانها بوسائل القوة‪ ،‬وكان‬ ‫الخيار النووي يف نظره هو خري وسيلة تحقق التوازن‬ ‫مع القوة العربية وتحييد التفوق العددي العريب‪،‬‬ ‫وقد تحولت نظريته هذه إىل دستور مقدس حرص‬ ‫جميع من جاؤوا بعده عىل التمسك به انطالقاً‬ ‫من مبدأين عدم اعرتاف «إرسائيل» املعلن والرصيح‬ ‫بامتالك قدرات نووية‪ ،‬ويف الوقت نفسه جعل‬ ‫اآلخرين يستخلصون بأنفسهم بأن لدى «إرسائيل»‬ ‫حقاً نووياً مستق ًال وذلك من خالل إنشاء أكرث من‬ ‫مفاعل نووي‪ ،‬واإلعالن املستمر بأن «إرسائيل» لن‬ ‫تسمح ألي طرف عريب بامتالك قدرات نووية‪.‬‬ ‫وقد رافق هذين املبدأين ترصفات إرسائيلية‬

‫‪39‬‬

‫مناحيم بيغن‬

‫رسمية متثلت يف تأكيد رئيس الوزراء آنذاك «ليفي‬ ‫اشكول» وخليفه «بن غويرون» أن إرسائيل لن‬ ‫تكون أول من يدخل السالح النووي إىل املنطقة‪،‬‬ ‫ويف الوقت نفسه لن ترتك للطرف اآلخر أي العريب‬ ‫فرصه امتالك هذا السالح‪.‬‬ ‫وهذا ما أكده «آرئييل شارون» وزير الدفاع يف‬ ‫خطاب ألقاه يف جامعة «تل أبيب» يف كانون الثاين‬ ‫‪ ،1980‬من أن حصول أي دولة عربية عىل قدرات‬ ‫نووية هو مبثابة خط أحمر بالنسبة إلرسائيل‪.‬‬ ‫وتطبيق هذا املبدأ جاء عملياً أيضا عىل أيدي‬ ‫حكومة الليكود‪ ،‬برئاسة مناحيم بيغن‪ ،‬حني أصدر‬ ‫أوامره بقصف املفاعل النووي العراقي يف السابع‬ ‫من حزيران ‪ 1981‬استناداً إىل ترصيح سابق من‬ ‫«إرسائيل» ستعمل عىل منع أي دولة معادية من‬ ‫تطوير سالح نووي خاص بها‪.‬‬ ‫وقد رسخت حكومات «إرسائيل» مواقفها هذه‬ ‫برفضها التوقيع عام ‪ 1968‬عىل معاهدة منع‬ ‫انتشار السالح النووي‪ ،‬عىل أن يتحقق ذلك من‬ ‫خالل مفاوضات إقليمية ولكن مل يكن ملثل هذه‬ ‫االدعاءات أي قيمة عملية‪.‬‬

‫أصوات يف الكيان تؤيد الخيار‬ ‫النووي‬ ‫ومن أبرز الذين أيدوا الخيار النووي اإلرسائييل‬ ‫«شلومو أهرونسون» من قسم علوم الدولة‬ ‫يف الجامعة العربية الذي ساق مربراته لرضورة‬ ‫امتالك «إرسائيل» لسالح نووي‪ ،‬فقد ذكر عىل‬ ‫ضوء املشكلة األساسية التي تواجه «إرسائيل»‬ ‫اليوم بسبب التباين بني أعداد سكانها وبني سكان‬ ‫العامل العريب‪ ،‬ويقول‪« :‬إرسائيل وفرت لنفسها‬ ‫سياسة ردع نووي غامضة ومبهمة‪ ،‬بهدف الحفاظ‬ ‫عىل الوضع الراهن‪ ،‬ولكن «إرسائيل» أثبتت يف‬ ‫الوقت نفسه أنها ال تؤمن متاماً بسياسة الردع‬ ‫النووي‪ ،‬ولذلك تحدث املسؤولون فيها عن حاجاتهم‬ ‫املستمرة إىل عمق اسرتاتيجي وأوراق مساومة»‪.‬‬ ‫ولعل الدرس املستفاد من حرب ترشين ‪1973‬‬ ‫هو أبلغ رد عىل هذه املزاعم حيث أن امتالك‬ ‫«إرسائيل» قدرات نووية مل مينع اندالع تلك الحرب‪،‬‬ ‫بكل ما خلفته من آثار ما زال املجتمع اإلرسائييل‬ ‫يعانيها حتى اآلن‪ ،‬وقد تأكدت هذه الحقيقة يف ما‬ ‫ذكره «تسيفي اليفر» من أن حرب ‪ 1973‬كشفت‬ ‫زيف االدعاءات اإلرسائيلية وثبت أن أسلحة الدمار‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫التيار‬ ‫منربملف‬ ‫الشامل يف أيدي «إرسائيل» مل متنع تعرضها‬ ‫لصدمة عىل أيدي العرب‪ ،‬إىل جانب تفنيدها‬ ‫وبصورة مذهلة حدود القوة اإلرسائيلية»‪.‬‬ ‫ويحاول املفكر االسرتاتيجي‪« ،‬بوئيل ماركوس»‪،‬‬ ‫الربط بني االنسحاب من املناطق وبني رضورة امتالك‬ ‫«إرسائيل» لسالح نووي حيث يؤكد أنه « إذا كان‬ ‫انسحاب «إرسائيل» من املناطق سيقلص من‬ ‫قدراتها عىل الردع مبا لديها من أسلحة تقليدية‪،‬‬ ‫فمن األهمية مبكان أن تحافظ «إرسائيل» عىل قوة‬ ‫الردع النووية التي لديها‪ ،‬ألن السالم الشامل‪ ،‬ما‬ ‫زال بعيد املنال‪ ،‬وألن عنارص معادية ما زالت تشكل‬ ‫مصدر تهديد لنا‪ ،‬ولذلك فإن قدرات «إرسائيل»‬ ‫النووية يجب أال تكون موضوعاً ألي مفاوضات»‪.‬‬ ‫أما «مئري يرايل» فيحاول اإليهام بأن استعداد‬ ‫جزء من الوطن للتوقيع عىل معاهدات سالم مع‬ ‫«إرسائيل» هو نتيجة مبارشة لثقتهم أن لدى‬ ‫«إرسائيل» قدرات نووية ميكن استخدامها إذا وصلوا‬ ‫إىل شفا تدمري «إرسائيل» ويقول أنه يجب عدم‬ ‫التخيل عن القدرات النووية اإلرسائيلية‪ ،‬وأن قرار‬ ‫أنور السادات يف حينه بالتوقيع عىل معاهدة سالم‬ ‫مع «إرسائيل» ال ميكن عزله عن إدراكه لحقيقة‬ ‫القدرات النووية اإلرسائيلية‪.‬‬

‫أصوات إرسائيلية تحذر من اآلثار‬ ‫السلبية المتالك قدرات نووية‬ ‫يحاول املفكر الصهيوين «حزقيان درور» إبراز‬ ‫الجوانب السلبية املختلفة المتالك القدرات النووية‬ ‫ويرى أن التسلح النووي اإلرسائييل سيؤدي إىل دفع‬ ‫أطراف عربية إىل امتالك قدرات مشابهة‪ ،‬وأن انتشار‬ ‫السالح النووي يف املنطقة سيعرض «إرسائيل»‬ ‫للخطر املادي‪ ،‬باإلضافة إىل األخطار النفسية‬ ‫واملعنوية األخرى‪ ،‬والخيار النووي اإلرسائييل قد يدفع‬ ‫دوالً أجنبية إىل تقديم ضامنات لدول وأطراف عربية‬ ‫ملواجهة تهديدات «إرسائيل» النووية‪ ،‬ويؤدي إىل‬ ‫تقليص فعالية ما يسمى سياسية الردع والتهديد‬ ‫التي ميثلها الخيار النووي اإلرسائييل‪ ،‬وليس من‬ ‫املستبعد أن يؤدي التسلح النووي إىل تعريضها‬ ‫لعقوبات محتملة أو تعرضها لضغوط دولية‬ ‫مختلفة‪ ،‬والسالح النووي ال يخدم أمن «إرسائيل»‪،‬‬ ‫ألنه ليس بالسالح املوثوق به إال يف حالة تعرضها‬ ‫حقاً لخطر يهدد كيانها‪ ،‬كام أن السالح النووي‬ ‫ال مينع اندالع الحروب املحدودة‪ ،‬أو حروب استنزاف‪،‬‬ ‫تشكل مصدر خطر شديد عىل املجتمع اإلرسائييل‬ ‫ويخلص إىل رضورة رفض السياسة النووية‬ ‫اإلرسائيلية وعدم اعتبارها بدي ًال اسرتاتيجياً‪.‬‬ ‫وبدوره يؤكد «ايالن داويت»‪ ،‬أستاذ العالقات الدولية‬ ‫يف جامعة حيفا عدم وجود أي جدوى يف تبني‬ ‫«إرسائيل» للخيار النووي كوسيلة ردع‪ ،‬ويقول بان‬ ‫الردع النووي اإلرسائييل لن يكون سالحاً فعاالً عند‬ ‫حدوث اشتباكات محدودة‪ ،‬إما يف حالة اندالع حرب‬ ‫نووية فان «إرسائيل» ستكون يف وضع يسء نظراً‬ ‫لرقعتها الجغرافية الضيقة وحشودها السكانية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫والدويل وارتباط كل هذه العنارص باإلمكانيات‬ ‫املادية‪.‬‬

‫الدول التي أمدت «إرسائيل»‬ ‫باإلمكانيات الذرية‬

‫يف منطقة ساحلية محدودة‪.‬‬ ‫أما «ساسون سوفري»‪ ،‬املحارض يف العالقات‬ ‫الدولية يف الجامعة العربية بالقدس‪ ،‬فيتناول‬ ‫قضية الخيار النووي اإلرسائييل من زاوية تاريخية‬ ‫نفسية‪ ،‬ويقول أن املجتمع اإلرسائييل مير حالياً‬ ‫مبسرية ذيول اجتامعي وروحاين‪ ،‬وبأزمة زعامة‪،‬‬ ‫وعىل الرغم من تحقيقه إنجازات تقنية متطورة‪ ،‬فإن‬ ‫املجتمع اإلرسائييل عاجز حتى اآلن عن إجراء نقاش‬ ‫جامهريي واسع حول جوهر ونتائج الخيار النووي‪ ،‬ويرى‬ ‫أيضا بأن اإلسرتاتيجية النووية اإلرسائيلية تتعارض‬ ‫متاماً مع الصورة املتوارثة التي تبلورت عىل الدوام‪،‬‬ ‫حول صورة الجندي الصهيوين‪ ،‬وعندما اندلعت‬ ‫االنتفاضة الفلسطينية عام ‪ 1987‬واستمرت ملا‬ ‫يزيد عن خمس سنوات‪ ،‬أثبت سالح املقالع والحجر‬ ‫يف أيدي الشباب الفلسطيني فعالية يف وجه‬ ‫أحدث أسلحة الفتك والقتل اإلرسائييل‪ ،‬مام أعاد‬ ‫إىل األذهان قصة داود وجالوت وتم تناولها يف األدب‬ ‫العربي ولكن بصورة معكوسة تظهر شجاعة‬ ‫الفلسطيني وتصديه آللة البطش الصهيونية‬ ‫بأسلحة بسيطة‪ ،‬واالنتفاضة الفلسطينية غريت‬ ‫من صورة النزاع يف الرشق االوسط‪ ،‬والرصاع مل‬ ‫يعد حرب جيوش نظامية‪.‬‬

‫دوافع الكيان الصهيوين‬ ‫المتالك السالح النووي (القوي‬ ‫يفعل ما يشاء)‬ ‫سعت الحركة الصهيونية إىل تأكيد مفهوم‬ ‫القوة يف بنائها للكيان‪ ،‬عسكرت املجتمع وجعلت‬ ‫ملؤسساتها العسكرية الغلبة يف كل يشء‪،‬‬ ‫وأكدت مفاهيم التفوق العسكري والتقني‬ ‫ملواجهة األخطار‪ ،‬وأن ثقافة القوة مبفهومها املرتبط‬ ‫بالعنف‪ ،‬هي الثقافة التي قام عليها بنيان الكيان‪،‬‬ ‫حيث ركنت السياسة اإلرسائيلية لبلورة فلسفة‬ ‫القوة من تحديد مفاهيم معينة لهذه القوة‪ ،‬التي‬ ‫ال بد أن تكون قوة ذاتية حتى ال تتحكم فيها أهواء‬ ‫أخرى‪ ،‬وأن تكون قوة حذرة من كل القوى األخرى‪،‬‬

‫‪40‬‬

‫حتى الصديقة منها‪ ،‬أي هذه القوة عليها االرتباط‬ ‫بالقوى األكرب اسرتاتيجياً (الواليات املتحدة والغرب‬ ‫عموماً) وأن تدرك أن استمرارية هذه القوة هي التي‬ ‫تضفي عليها الرشعية والبقاء‪ ،‬ولتأكيد مفهوم‬ ‫(أن القوي يفعل ما يشاء‪ ،‬أما الضعيف فإنه يعاين‬ ‫من ضعفه)‪.‬‬ ‫ومل تصبح القوة وسيلة لتوفري ضامنة البقاء‬ ‫لـ «إرسائيل» فقط‪ ،‬إمنا للدفاع املقرتن بالعنف‬ ‫والعدوان‪ ،‬وفرض اإلرادة عىل اآلخرين‪ ،‬وقهرهم بذلك‪،‬‬ ‫وتقرتن كل األسباب لتحقيق مفهوم الردع‪.‬‬ ‫والردع يف مفهومه هو الحرب سل ًام مبعنى‬ ‫جعل الخصم يحجم عن شن أي عدائيات تحسباً‬ ‫لعنارص مواجهته‪ ،‬وتطور مفهوم الردع العسكري‬ ‫إىل امتالك قمة ما يف الرتسانة العسكرية من‬ ‫سالح وعتاد وانسحب تلقائياً بعد الحرب العاملية‬ ‫الثانية عىل الردع النووي‪ ،‬وبخاصة يف ضوء‬ ‫االستخدام الفعيل للسالح النووي يف «هريوشيام‬ ‫وناغازايك»‪.‬‬ ‫ومل يقترص مفهوم الردع عىل منع الخصم من‬ ‫القيام بأعامل عدائية فقط‪ ،‬بل تطور ليشمل منع‬ ‫هذا الخصم من التفكري يف القيام بأي عدائيات‪ ،‬أو‬ ‫متلك األسباب التي متكنه من هذا التفكري‪.‬‬ ‫ولذا كان الردع النووي هو الشغل الشاغل للقيادة‬ ‫اإلرسائيلية يف سبيل متلكه كخيار اسرتاتيجي‪،‬‬ ‫وإذا كان اإلجبار هو املنع جرباً‪ ،‬فإن الردع هو املنع‬ ‫سل ًام‪ ،‬وبالتايل فقد مثل الردع النووي مرتكزاً‬ ‫اسرتاتيجياً لإلرسائيليني‪ ،‬وسعوا إليه جاهدين‪.‬‬ ‫لقد سعت «إرسائيل» منذ بداية إنشائها عىل‬ ‫أن تخطو نحو امتالك السالح النووي‪ ،‬وبخاصة يف‬ ‫ظل تويل «حاييم وايزمان» عامل الكيمياء‪ ،‬رئاسة‬ ‫الدولة يف الكيان‪ ،‬وأيضا فإن رئيس الوزراء آنذاك‬ ‫«ديفيد بن غوريون» كان مقتنعاً بأهمية امتالك‬ ‫«إرسائيل» سالحاً رادعاً‪ ،‬وتم بناء القاعدة العلمية‬ ‫واملعلوماتية والخربات والكوادر الالزمة للعمل يف‬ ‫املجال النووي من خالل مؤسسات وهيئات علمية‬ ‫والتعاون مع الدول النووية وتوفري الخامات النووية‬ ‫والعمل عىل تجهيز البنية األساسية من املفاعالت‬ ‫واملنشآت النوعية الالزمة ارتباطاً باملناخ اإلقليمي‬

‫من أهم الدول التي أمدت «إرسائيل» وقدمت‬ ‫الدعم املبارش يف هذا املجال فرنسا‪ ،‬والواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‪ ،‬وجنوب إفريقيا‪.‬‬ ‫ويظل الدور الفرنيس هو الدور الحاكم تاريخياً‬ ‫يف دخول «إرسائيل» الفعيل للمجال النووي‪ ،‬حيث‬ ‫قام «ديفيد بن غوريون» أول رئيس لوزراء «إرسائيل»‬ ‫باالتصال بالقيادات الفرنسية للتعاون يف مجال‬ ‫األبحاث النووية مستغ ًال معاناة اليهود الفرنسيني‬ ‫عىل يد النازي‪ ،‬وأكمل املهمة «شمعون برييز»‬ ‫مبهارة بالغة‪ ،‬أما الفرنسيون فقد رحبوا بالتعاون مع‬ ‫«إرسائيل» العتبارات معينة منها‪ ،‬تقنيني التعاون‬ ‫القائم فع ًال بني العديد من العلامء الفرنسيني‬ ‫واليهود منهم بشكل خاص والعلامء اإلرسائيليني‬ ‫وخاصة من الفرنسيني الذين هاجروا حديثاً اىل‬ ‫«إرسائيل»‪ ،‬ويساق تربيراً ملوقف فرنسا رغبتها يف‬ ‫االنتقام من املوقف العريب‪ ،‬بزعامة مرص آنذاك‬ ‫املؤيدة للثورة الجزائرية الوليدة‪ ،‬والغضب الفرنيس‬ ‫من العالقة الخاصة بني الواليات املتحدة وبريطانيا‬ ‫يف املجال النووي‪ ،‬فقد تيقن «ديغول» من رضورة‬ ‫استقاللية القرار النووي الفرنيس عن الواليات‬ ‫املتحدة فزاد من تعاون فرنسا مع «إرسائيل» يف‬ ‫هذا املجال‪ ،‬وتذهب الشواهد العلمية إىل أن «ديغول»‬ ‫سمح للعلامء اإلرسائيليني باكتساب الخربة حتى‬ ‫حضور التفجريات النووية التي أجرتها فرنسا‬ ‫يف الصحراء الجزائرية لتستقل فرنسا برادعها‬ ‫النووي الخاص بها‪ ،‬وتتمكن «إرسائيل» بالتبعية من‬ ‫قطع خطوات واسعة عىل طريق التسلح النووي‪،‬‬ ‫وبالطبع فإن بناء املفاعل النووي يف «دميونا»‬ ‫ومكوناته ذات التقنية العالية‪ ،‬هي الثمرة األكرب‬ ‫للتعاون الفرنيس مع «إرسائيل» يف املجال النووي‬ ‫عالوة عىل املساعدات الفنية الفرنسية التي‬ ‫قدمتها فرنسا عام ‪ 1961‬ببيع «إرسائيل» ‪ 72‬قاذفة‬ ‫مقاتلة من طراز ( مرياج – ‪3‬يس) قادرة عىل حمل‬ ‫األسلحة النووية‪ ،‬يضاف إىل ذلك تعاون فرنسا مع‬ ‫«إرسائيل» يف إنتاج الصاروخ «أريحا» القادر عىل‬ ‫حمل الرؤوس النووية عام ‪ 1966‬املنتج باالتفاق مع‬ ‫رشكة «داسو» الفرنسية‪.‬‬ ‫أما الدور األمرييك يف دعم الكيان الصهيوين‬ ‫فيمكننا أن نقسمه إىل دور إيجايب وآخر تضلييل‬ ‫وبخاصة للقوى العاملية واإلقليمية املهتمة‪،‬‬ ‫وبالنسبة للدور اإليجايب لناحية «إرسائيل»‬ ‫أمدت الواليات هذا الكيان بخرباتها النووية عن‬ ‫طريق علامء الذرة األمريكيني الذين تعاونوا مع‬ ‫«إرسائيل» وعن طريق البعثات التي كانت تحت‬ ‫رئاسة أو إرشاف علامء يهود وأمريكيني‪ ،‬ولكن‬ ‫األهم هو بناء مفاعل نووي بحثي املعروف مبفاعل‬ ‫«ريشون ليزيون» عام ‪ 1954‬و»مفاعل «النبي روبني»‬

‫الفتاكة‬ ‫والكيان‬ ‫بالسالح‬ ‫النووي‬

‫سياسة التعمية والتكتيم‪ ،‬هي تلميح وتلويح بوجود األسلحة النووية‬ ‫يف أيدي الصهاينة‪ ،‬وهي وسيلة للمراوغة تفنّن الصهاينة يف إتقانها‬ ‫الغاصب ألرض فلسطني يعيش يف دائرة الخوف الدائم رغم تسلحه‬ ‫النووي‪ ،‬والرصاع مع اآلخرين تحول اىل ما يشبه العقيدة املتوارثة والخيار‬ ‫أحدث حلفائه‪.‬‬ ‫وفكرة الرصاع احتلت مكانها الثابت داخل البنية العامة للعقيدة الصهيونية‪،‬‬ ‫كسائر األساطري املغلقة‪ ،‬كأرض امليعاد‪ ،‬والحق التاريخي‪ ،‬والشعب املختار‪ ،‬وتبنت‬ ‫الحركة الصهيونية فكرة الرصاع لتعبئة املوارد اليهودية والسعي لرضورة امتالك‬ ‫أكرب قدر من وسائل القوة‪ ،‬واستخدامها كوسيلة لالنتقام‪ ،‬وصوالً اىل عبادة القوة‬ ‫ومن ثم عبادة الرعب وصوالً المتالك قوة غري تقليدية‪.‬‬ ‫والخيار النووي االرسائييل‪ ،‬اعتُرب خري وسيلة لتحقيق األهداف الصهاينة‪ ،‬وكان‬ ‫بن غوريون هو املبرش األول بهذه الفكرة‪ ،‬ومنع العرب من الحصول عىل قدرات نووية‬ ‫وهو مبثابة خط احمر بالنسبة إلرسائيل‪.‬‬ ‫وتطبيق هذا املبدأ جاء عملياً عىل أيدي حكومة الليكود برئاسة مناحيم بيغن‬ ‫حني أصدر أوامره عام ‪ 1981‬بقصف املفاعل النووي العراقي‪.‬‬ ‫ان امتالك الكيان الصهيوين لقدرات نووية مل مينع اندالع حرب ‪ 1973‬بكل ما‬ ‫خ ّلفته من أثار ما زال املجتمع االرسائييل يعانيها حتى اآلن‪،‬والكيان الصهيوين ما‬ ‫زال يرى ان السالم الشامل بعيد املنال‪ ،‬ولذلك فان قدرات إرسائيل النووية يجبأال‬ ‫تكون موضوعاً ألي مفاوضات‪ ،‬وهناك من الصهاينة من يرى بأن قرار أنور السادات‬ ‫بالتوقيع عىل معاهدة سالم مع إرسائيل ال ميكن عزله عن إدراكه لحقيقة القدرات‬ ‫النووية اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫مل تصبح القوة وسيلة لتوفري ضامنة البقاء إلرسائيل فقط‪ ،‬إمنا للدفاع املقرتف‬ ‫بالعنف والعدوان‪ ،‬وفرض اإلرادة عىل اآلخرين‪.‬‬ ‫الردع النووي هو الشغل الشاغل للقيادة اإلرسائيلية يف سبيل متلكه كخيار‬ ‫اسرتاتيجي‪ ،‬وإذا كان اإلجبار هو املنع جرباً‪ ،‬فان الردع هو املنع سل ًام‪ ،‬وبالتايل فقد‬ ‫مثل الردع النووي مرتكزاً اسرتاتيجياً لإلرسائيليني‪.‬‬ ‫ويظل الدور الفرنيس هو الدور الحايل تاريخياً يف دخول إرسائيل للمجال‬ ‫النووي‪ ،‬وكان ديغول قد سمح للعلامء اإلرسائيليني باكتساب الخربة حتى حضور‬ ‫التفجريات النووية التي أجرتها فرنسا يف الصحراء الجزائرية‪.‬‬ ‫وبالتايل‪ ،‬فان بناء املفاعل النووي االرسائييل يف ( دميونا) ومكوناته ذات التقنية‬ ‫العالية‪ ،‬هي الثمرة األكرب للتعاون الفرنيس مع إرسائيل يف املجال النووي‪،‬‬ ‫وكمكافأة الشرتاك إرسائيل يف عدوان ‪ 1956‬عىل مرص‪.‬‬ ‫والدور األمرييك األهم والذي استمر منذ الخمسينات هو التضليل املتعمد‬ ‫من قبل اإلدارة األمريكية وإخفاء حقيقة مفاعل دميونا‪ ،‬ووزير الخارجية األمرييك‬ ‫األسبق دين راسك‪ ،‬أرسل رسالة رسية عام ‪ 1961‬اىل نظريه املرصي ( محمود‬ ‫فوزي)‪ ،‬قال‪ « :‬أن مفاعل دميونا هو إلغراض سلمية»‪.‬‬ ‫ان استثناء إرسائيل من االنضامم اىل معاهدة منع انتشار األسلحة النووية‪،‬‬ ‫يعني عملياً السامح لها بالتفوق االسرتاتيجي املستمر‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة ومعظم الدول الغربية متارس سياسة املعايري املزدوجة وبصورة‬ ‫مفضوحة‪ ،‬والرئيس األمرييك اوباما عرب عن قلقه البالغ إزاء املساعي التي تقوم‬ ‫بها إيران من اجل امتالك (أسلحة نووية) ومل يتعرض بإشارة واحدة للرتسانة‬ ‫النووية اإلرسائيلية‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫ملف‬ ‫واملفاعل الذري املعروف بـ «بنا حال سوريق»‪.‬‬ ‫ولكن الدور األمرييك األهم الذي استمر منذ‬ ‫الخمسينات حتى اآلن‪ ،‬هو التضليل املتعمد من قبل‬ ‫اإلدارة األمريكية التي قبلت به التفسري اإلرسائييل‬ ‫بخصوص إخفاء حقيقة مفاعل «دميونا»‪ ،‬ألن‬ ‫«إرسائيل» كانت تخىش يف حالة افتضاح أمره‬ ‫أن تدرج البلدان العربية الرشكات العاملة يف بناء‬ ‫املفاعل يف سجالت املقاطعة العربية‪.‬‬ ‫وعندما قابل الرئيس األمرييك «جون كيندي»‬ ‫رئيس الوزراء اإلرسائييل «بن غوريون» يف شهر أيار‬ ‫من عام ‪ ،1961‬أعرب الرئيس األمرييك عن قلق اإلدارة‬ ‫االمريكية إزاء املعلومات املتوفرة واملؤكدة حول‬ ‫طبيعة املفاعل النووي يف «دميونا»‪ ،‬وطالب كيندي‬ ‫بإخضاع املفاعل لتفتيش «الوكالة الدولية للطاقة‬ ‫الذرية» ولكن الجدل بني الرجلني مل يسفر إ ّال عن حل‬ ‫وسط باملوافقة عىل قيام الواليات املتحدة‪ ،‬وليس‬ ‫الوكالة الدولية بإجراء التفتيش طبقاً للرشوط‬ ‫التي تحددها وزارة الدفاع اإلرسائيلية‪ ،‬وقد حصلت‬ ‫«إرسائيل» عىل مثن املوافقة عىل هذا اإلجراء‬ ‫مبوافقة اإلدارة االمريكية عىل تزويدها بصفقة‬ ‫صواريخ هوك مضادة للطائرات‪ ،‬ومع ذلك فقد كان‬ ‫عمل لجنة «فلويدكلر» التي تولت التفتيش عىل‬ ‫مفاعل «دميونا» صورياً‪.‬‬ ‫وإثر ذلك قام وزير الخارجية األمرييك األسبق «دين‬ ‫راسك» يف ‪ 15‬أيار من عام ‪ 1961‬بإرسال رسالة‬ ‫رسية إىل وزير الخارجية املرصي آنذاك محمود فوزي‪،‬‬ ‫قال فيها (عىل الرغم من أن مفاعل «دميونا» سوف‬ ‫ينتج كميات صغرية من البلوتونيوم‪ ،‬إال أن العلامء‬ ‫االمريكيني مل يجدوا أي دليل عىل أن «إرسائيل»‬ ‫لديها نية إلنتاج السالح النووي‪ ،‬ويسعدين يف‬ ‫أن أكرر لكم تأكيدايت الشخصية التي نقلتها‬ ‫للسفري املرصي باقتناع الحكومة األمريكية بأن‬ ‫املفاعل النووي يف دميونا هو ألهداف سلمية‬ ‫فقط)‪.‬‬ ‫وكل الوثائق تؤكد أن مفاعل «دميونا» كان مثرة‬ ‫اتفاق الحكومة الفرنسية واإلرسائيلية‪ ،‬كمكافأة‬ ‫الشرتاك «إرسائيل» يف العدوان الثاليث عىل مرص‬ ‫عام ‪ ،1956‬مع كل من فرنسا وبريطانيا‪ ،‬وقد أحاطت‬ ‫«إرسائيل» العمل يف مركز دميونا برسية تامة حتى‬ ‫عن حليفها الرئييس الواليات املتحدة‪ ،‬وتضاربت‬ ‫الترصيحات حينها حول طبيعة العمل يف املكان‪،‬‬ ‫فتارة تعلن أنه مصنع نسيج ومرة أخرى تعلن أنه‬ ‫محطة ضخمة للمياه‪ ،‬وثالثة جامعة علمية‪.‬‬ ‫لقد كانت بداية تركيبة املعدات الفنية يف‬ ‫«دميونا» عام ‪ 1960‬وبدأ تشغيله يف عام ‪ 1962‬وأنتج‬ ‫«البلوتونيوم» (‪ )239‬يف عام ‪ 1964‬وبدأ «دميونا» يف‬ ‫إنتاج القنابل النووية عام ‪.1968‬‬ ‫إن امتالك الكيان الصهيوين أكرث من (‪ )200‬رأس‬ ‫نووي كام تؤكد ذلك كل مراكز األبحاث العسكرية‬ ‫هو أمر مل يعد رسا‪ ،‬بأن قادة الكيان يعرتفون به‪،‬‬ ‫ويف املفهوم األمرييك والغريب عموماً «إرسائيل»‬ ‫ال تشكل خطراً عىل األمن والسلم الدوليني‪ ،‬بل‬ ‫تتعمد هذه الدول التغطية عىل امتالك «إرسائيل»‬ ‫سالح التدمري الشامل‪ ،‬فإرسائيل لوحدها لن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب رأي‬ ‫تستطيع خرق القرارات الدولية‪ ،‬لو مل تقدم لها‬ ‫الواليات املتحدة التشجيع والحامية واالحتكار لهذه‬ ‫الرتسانة يف الرشق األوسط‪ ،‬واألكاذيب األمريكية‬ ‫املربمجة تعيدنا إىل «سنياريوهات» احتالل العراق‪،‬‬ ‫وتعيدنا اآلن إىل التصعيد املربمج ضد إيران‪،‬‬ ‫للحيلولة دون تحقيق مآربها املرشوعة يف صناعة‬ ‫التكنولوجيا النووية لالستخدام املدين السلمي‪.‬‬ ‫إن السياسة النووية اإلرسائيلية تعتمد أساساً‬ ‫عىل تفاهم تم التوصل إليه يف العام ‪ 1969‬بني‬ ‫الحكومتني األمريكية واإلرسائيلية‪ ،‬ويتمثل يف‬ ‫تفاهم ينص عىل أن تحافظ «إرسائيل» عىل (‬ ‫الغموض النووي) ومتتنع فيه اإلدارة األمريكية عن‬ ‫مامرسة أي ضغط يهدف لحملها عىل التوقيع عىل‬ ‫معاهدة منع انتشار األسلحة النووية‪ ،‬والتزمت‬ ‫اإلدارات األمريكية املتعاقبة بهذا التفاهم‪.‬‬

‫مخاطر امتالك الكيان الصهيوين‬ ‫للسالح النووي‬ ‫لقد أصبح السالح النووي اإلرسائييل يشكل‬ ‫تهديداً خطرياً للمنطقة العربية كلها وعامل خلل‬ ‫يف استقرارها ومستقبلها‪ ،‬فامتالك «إرسائيل»‬ ‫للسالح النووي وامتناعها عن االنضامم إىل‬ ‫معاهدة الحد من انتشاره يؤكد نواياها للهيمنة‬ ‫عىل املنطقة العربية ومقدراتها‪ ،‬واستثناء‬ ‫«إرسائيل» من االنضامم إىل معاهدة منع انتشار‬ ‫األسلحة النووية يعني عمليا السامح لها بالتفوق‬ ‫االسرتاتيجي املستمر‪ ،‬واليشء امللفت لالنتباه أن‬ ‫اإلدارة األمريكية‪ ،‬التي تضغط عىل الدول العربية‬ ‫ملنعها من امتالك أية إمكانية نووية‪ ،‬تجهد نفسها‬ ‫لتربير عدم توقيع «إرسائيل» عىل معاهدة الحد من‬ ‫انتشار األسلحة النووية‪.‬‬ ‫ويف تقرير أعده مركز الدراسات االسرتاتيجية‬ ‫والدولية يف واشنطن‪ ،‬يتبني أن الرؤوس النووية‬ ‫اإلرسائيلية متتلك قدرات جوية وبحرية‪ ،‬وأن بحوزة‬ ‫«إرسائيل» حالياً (‪ 200‬رأس حريب نووي)‪ ،‬كام‬ ‫قامت بإنتاج أسلحة نووية ويبلغ حصيلة إنتاجها‬ ‫واحد ميجا طن ( مليار طن)‪ ،‬ومتتلك أيضاً قنابل‬ ‫«نيوترونية» منخفضة لها القدرة عىل تدمري‬ ‫القوات بأقل رضر يف املمتلكات‪.‬‬ ‫إن وجود التسلح النووي اإلرسائييل أكرب دليل‬ ‫عىل تجاهل القوى الغربية والواليات املتحدة خاصة‬ ‫هذه الرتسانة الكبرية‪ ،‬فـ «إرسائل» تستخدم‬ ‫الصواريخ األمريكية الصنع وطائرات «اف» ‪16‬‬ ‫وصواريخ «اريحا ‪1‬و‪ »2‬إليصال الرؤوس النووية‪ ،‬كام‬ ‫قامت الحكومة اإلرسائيلية يف اآلونة األخرية برشاء‬ ‫ثالثة غواصات «دولفني» أملانية فئة ( ‪ )800‬حتى‬ ‫يصبح لها قدرة ضاربة مع صواريخ «كروز» النووية‬ ‫التي تطلقها من البحر‪.‬‬ ‫ورغم ذلك ال زالت الواليات املتحدة ومعظم الدول‬ ‫الغربية متارس سياسة املعايري املزدوجة وبصورة‬ ‫مفضوحة‪ ،‬ففي مؤمتر صحفي عقد يف البيت‬ ‫األبيض يوم ‪ 18‬ايار ‪ 2009‬أعرب الرئيس األمرييك‬

‫‪42‬‬

‫«باراك اوباما» عن قلقه البالغ إزاء املساعي التي‬ ‫تقوم بها إيران من أجل امتالك أسلحة نووية‪،‬‬ ‫وتحدث عن أن امتالك إيران للسالح النووي لن يشكل‬ ‫تهديداً ألمن «إرسائيل» والواليات املتحدة فقط‪ ،‬بل‬ ‫إنه سيمثل زعزعة شديدة لالستقرار يف املجتمع‬ ‫الدويل بأكمله‪ ،‬وقد ُيشعل سباقاً للتسلح النووي‬ ‫يف الرشق األوسط» ومل يتعرض الرئيس «أوباما»‬ ‫ولو بإشارة واحدة إىل الرتسانة النووية اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫التي متثل تهديداً لجميع دول الرشق األوسط‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬أن املطالب األمريكية والغربية‬ ‫عموماً من إيران بوقف تخصيب «اليورانيوم» أمر‬ ‫ال تقبله أي دولة ذات سيادة وعملية تخصيب‬ ‫«اليورانيوم» مسموح بها يف املادة الرابعة من‬ ‫معاهدة حظر انتشار األسلحة النووية‪ ،‬طاملا‬ ‫أنها تستخدم ألغراض مدنية‪ ،‬إمنا غطرسة الدول‬ ‫العظمى ال تسمح لغريها بامتالك السالح ألنها‬ ‫تعلم جيداً أن من ينرش الظلم تحت راية السالم‬ ‫وميارس سياسة املعايري املزدوجة‪ ،‬ويغتصب األرايض‬ ‫ويستبيح الدماء سيكون وجوده دوما يف دائرة‬ ‫الخطر‪.‬‬ ‫إن امتالك «إرسائيل» ألكرب ترسانة نووية‬ ‫وعسكرية والدعم األمرييك الالمحدود لن يحقق‬ ‫لها األمن واألمان‪ ،‬وهي تخىش من أن تتعلم إيران‬ ‫تقنية تخصيب «اليورانيوم» رسيعاً‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يهدد أمن «إرسائيل» ووجودها كام تدّعي‪ ،‬وتواصل‬ ‫تحريض الواليات املتحدة إلجبار طهران عىل وقف‬ ‫تخصيب «اليورانيوم»‪ ،‬وحتى بعد إعالن إيران‬ ‫تخصيب «اليورانيوم» عرب األمني العام لألمم املتحدة‬ ‫«كويف أنان» عن األمل يف أن تتمكن األطراف من‬ ‫العودة إىل طاولة املفاوضات‪ ،‬والعمل مع املجتمع‬ ‫الدويل إليجاد حل يتم التفاوض عليه‪ ،‬وتقول‬ ‫الوكالة الدولية للطاقة النووية بعد سلسلة‬ ‫عمليات تفتيش للمواقع النووية اإليرانية أن برنامج‬ ‫إيران النووي سلمي متاماً‪ ،‬كام أنها مل تجد ما يثبت‬ ‫أنها تسعى إىل صنع قنابل نووية‪.‬‬ ‫إن «إرسائيل» هذا الكيان العنرصي الغاصب‬ ‫استباح األرايض الفلسطينية‪ ،‬وأوغل يف الجرمية‬ ‫وسفك الدماء‪ ،‬ويشكل تهديداً لألمة العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬يتسلح اليوم بالسالح النووي‪ ،‬وهو‬ ‫رأس حربة للمرشوع االستعامري وماكينة النهب‬ ‫االستعامري التي تستهدف ثروات األمة وحارضها‬ ‫ومستقبل أجيالها‪ ،‬هذا املرشوع املسلح بسالح‬ ‫الرعب النووي ليس قدراً مفروضاً ونحن أمام تجربتان‬ ‫ماثلتان حرب ترشين ‪ ،1973‬وحرب العام ‪،2006‬‬ ‫عندما متكن سالح املقاومة من فرض سيطرته عىل‬ ‫أرض املعركة ومني الصهاينة بهزمية مرة‪ ،‬إنه سالح‬ ‫اإلرادة وعزمية الوعي املؤمن بأمته‪ ،‬واألهم هو عدالة‬ ‫القضية‪ ،‬وستثبت األيام بأن سالحنا هو األمىض‬ ‫واألقوى من كل ترسانتهم النووية ألنه ميثل قوة حق‪،‬‬ ‫أما الصهاينة وحميتهم سيعيشون يف دائرة الخطر‬ ‫الذي يتهددهم وهم من اختار ( الرعب النووي)‪!!...‬‬

‫إعداد‪:‬نبيل مرعي وليديا أبودرغم‬

‫كلمة حق تقال في تيار التوحيد وفي الموحدين الدروز‬ ‫من البديهي أن ال ننىس‪ ،‬ونحن يف خضم انشغاالتنا‬ ‫حجم الرتاكامت السلبية واإليجابية التي عايشناها‬ ‫والتي كانت سبباً يف تدين عالقاتنا أو تناميها مع‬ ‫القوى التي تفاعلنا معها فأثرت فينا أو تأثرنا بها‪...‬‬ ‫وتأيت يف طليعة هذه القوى الطائفة الدرزية الكرمية‬ ‫التي التحمت بالقضية الفلسطينية حتى بات‬ ‫الهم الفلسطيني من همومها واهتامماتها وكان‬ ‫من الصعب عىل أي متابع لهذه العالقة أن يقتنص‬ ‫ولو فرصة واحدة لسيايس درزي يتنصل عالنية من‬ ‫ارتباطه بالقضية الفلسطينية أو حتى يتربم منها‪،‬‬ ‫رغم ما كان يعرتي هذه العالقة أحياناً من إشارات‬ ‫التململ واالمتعاض من سلوكيات البعض هنا أو‬ ‫هناك‪ ..‬لقد كانت هذه العالقة مع املوحدين الدروز‬ ‫تسمو دامئاً عىل كل االعتبارات ومل نجد يف متنها إال‬ ‫الدفء واملودة التي افتقدناها حتى عند الكثريين من‬ ‫األصدقاء‪ ...‬كان كامل جنبالط رحمه الله‪ ،‬فلسطيني‬ ‫الهوى والقلب عريب االنتامء‪ ...‬كنا نفرح عىل الدوام‬ ‫عندما يأيت يف أي تشكيلة حكومية‪ ،‬وكنا نسعد‬ ‫أكرث عندما تكون حقيبة الداخلية من نصيبه ملا كان‬ ‫لها من متاس وارتباط مع الفلسطينيني آنذاك لجهة‬ ‫تصاريح التنقالت والسفر وأوامر املالحقات عىل كل‬ ‫صغرية وكبرية‪ ..‬كان كامل جنبالط يجهد يف الدفاع‬ ‫عن الحقوق املدنية واالجتامعية للفلسطينيني بالقلم‬ ‫والكلمة والرأي السديد‪ ...‬تعلقنا به ملواقفه الشجاعة‬ ‫مع الفلسطينيني وشعوره اإلنساين النبيل تجاههم‬ ‫والذي نجح يف ترسيبه إىل كل بقعة وزاوية يف الجبل‪،‬‬ ‫فال غرو بعد ذلك أن يستشهد الفلسطيني يف سبيل‬ ‫حرية الجبل يوم أن ح ّرك الصهاينة أزالمهم الفتعال‬ ‫الفتنة هناك‪ ،‬وال غرو أن تجد العرشات من الشباب‬ ‫املوحدين يف صفوف الثورة الفلسطينية وبعضهم‬ ‫قدّم حياته عىل هذا السبيل‪ ..‬أتذكر ويتذكر معي‬ ‫الكثريون من األخوة الفلسطينيني الشهيد صالح‬ ‫العرييض ودوره أثناء الفتنة يف الجبل وتحذيره الدائم‬ ‫إلخوانه من األصابع اإلرسائيلية التي عاثت فساداً‬ ‫عىل مساحة األرض اللبنانية‪ ...‬لن أنىس كلامت والده‬ ‫الشيح فرحان العرييض ونحن نقدم له واجب العزاء‬ ‫باستشهاد ابنه صالح‪ ،‬كيف راح يرشح لنا سرية‬ ‫الشهيد وهو يدرك أننا نعرف أكرث تفاصيلها‪ ،‬يقول‬ ‫الشيخ املرحوم فرحان العرييض‪ :‬كان الشهيد صالح‬ ‫لفلسطني كام كان للبنان‪ ،‬قتلوه ألنه كان رمزاً لوحدة‬ ‫الجبل وكان نافذة الجبل عىل اإلخوة الفلسطينيني”‪....‬‬ ‫صالح العرييض منوذج من مناذج البطولة التي نعتز بها‬ ‫ويعتز بها املوحدون الدروز يف لبنان‪ ...‬أما يف سوريا‪،‬‬ ‫فحدّث وال حرج عن بطوالت جبل الدروز وصمود أهل‬ ‫الجوالن األسطوري أمام هجمة التهويد التي تتكرس‬ ‫منذ أكرث من اربعة عقود عىل صخرة صمودهم‬ ‫ورفضهم املطلق لالحتالل‪ ،‬ومتسكهم بهويتهم‬ ‫العربية والسورية وبوطنهم األم سوريا‪ .‬أبناء الجوالن‬ ‫اليوم يفخرون كام يف املايض بتواصلهم الجغرايف مع‬ ‫الداخل الفلسطيني‪ ...‬يتذكرون كيف كان املجاهدون‬ ‫الفلسطينيون يأتون بزادهم وذخريتهم من هذا الثغر‬ ‫السوري املرابط عىل سفوح جبل الشيخ يوم كان‬ ‫االنتداب اإلنجليزي يحكم قبضته عىل كل املعابر املؤدية‬

‫إىل فلسطني‪ ...‬وها هم أهلنا املوحدين يف الجوالن‬ ‫يستعدون اآلن بتكامل نضالهم من أجل حريتهم‬ ‫وتحرير أراضيهم مع نضال أخوانهم يف فلسطني‪،‬‬ ‫مؤكدين يف كل ذلك أن ما وصله الله لن يقوى عىل‬ ‫قطعة كل جرناالت صهيون‪ ،‬وأن الجوالن سيظل خارصة‬ ‫فلسطني والرئة التي تتنفس من خاللها نسامت‬ ‫العروبة والتحدي واإلرصار عىل هزمية املحتلني‪.‬‬ ‫أما يف فلسطني املحتلة فتحرضين محطة مؤثرة‬ ‫ملوقف مرشف للموحدين يف فلسطني‪ ،‬كان والدي‪،‬‬ ‫رحمه الله‪ ،‬يحدثني أن أفضل عالقاتهم كانت مع‬ ‫جريانهم الدروز يف جبل الكرمل‪ ...‬وعندما بدأت‬ ‫العصابات الصهيونية بشن حربها عىل القرى‬ ‫الفلسطينية لتهجري سكانها إىل البلدان املحيطة‬ ‫بفلسطني كانوا يتعمدون استثناء القرى الدرزية‬ ‫والبدوية من هجامتهم لزرع الشقاق بني أبناء الشعب‬ ‫الواحد يف فلسطني ويتظاهرون بصداقتهم لهذه‬ ‫الطائفة وعدائهم لتلك‪ ...‬لكن إخواننا الدروز وقد‬ ‫ساءهم هذا األسلوب الصهيوين اللعني‪ ،‬فاجأوا‬ ‫وهب مشايخ الطائفة‬ ‫الصهاينة بنخوتهم العربية‬ ‫ّ‬ ‫لحامية جوارهم من القرى ومنها قرية “طرية حيفا”‬ ‫يضيف والدي أن اللحظة املؤثرة عنده كانت عندما‬ ‫اندفع الشيخ أبو كامل نحو القرية غري آبه بالنريان‬ ‫املنهمرة من كل حد وصوب لينقل للمحارصين رسالة‬ ‫تضامن وليقف بنفسه عىل حاجاتهم لكن رضاوة‬ ‫املعارك الحقاً حالت بيننا وبينه فلم يستطع العودة‬ ‫إلينا لنفاجأ بعد ذلك بخرب وفاته بعد أن أخذ الحزن‬ ‫منه كل مأخذ‪ ،‬فرتجل عن جواده وآثر الرحيل قبل أن‬ ‫يرى جريانه الذين أحبهم وأحبوه يرحلون إىل املنايف‬ ‫البعيدة‪...‬‬ ‫هو العشق نفسه لفلسطني وللعروبة يتجدد اليوم‬ ‫مع األخوة يف تيار التوحيد‪ ،‬إن من خالل أدبياتهم‪ ،‬أو من‬ ‫خالل بياناتهم ومنشواراتهم‪ ،‬أو من خالل مجلتهم‪،‬‬ ‫أو من خالل مواقف رئيس هذا التيار التي ال تخلو‬ ‫من الجرأة واإلقدام‪ ،‬تعود العالقة الفلسطينية مع‬ ‫املوحدين إىل طبيعتها‪ ،‬تزخر بالدفء واملودة بعد أن‬ ‫كاد البعض من الطرفني يضيع وسط االزدحام وتناطح‬ ‫الرايات والشعارات التي أخذت حامليها لسنوات‬ ‫عديدة بعيداً يف مغاالتهم ورهاناتهم الخاطئة وغري‬ ‫املحسوبة بدقة وتبرص‪ ...‬هو وئام وهاب يعيد اليوم وصل‬ ‫ما انقطع مع العروبة وفلسطني لتذكري املتناسني‬ ‫من بني قومه أن املوحدين الدروز هم مع فلسطني‬ ‫القوية والوفية لثوابتها الوطنية والقومية‪ ،‬كام هو‬ ‫مع سوريا ضامنة اليوم وبشارة الغد‪ ..‬وئام وهاب عرويب‬ ‫ال يعرف املجاملة مع املواقف التي تتطلب املواجهة‪ ،‬وال‬ ‫يعرف الرتاجع مع املواقف التي تتطلب اإلقدام‪ ...‬نحبه‬ ‫نحن الفلسطينيون ألنه صادق‪ ،‬وهو يطرح هواجسه‬ ‫ويعرب عن أمله مام يسود الساحة الفلسطينية من‬ ‫متزّق وتباعد نتيجة إرصار فريق “أوسلو” عىل امليض‬ ‫يف طريق املفاوضات العبثية مع الصهاينة‪ ،‬استمراره‬ ‫يف رهاناته الخاطئة عىل الدور األمرييك الذي ال ينفك‬ ‫يعلن جهاراً نهاراً عن التزامه بأمن الصهاينة ويرفض‬ ‫حتى مجرد إدانتهم أمام الرأي العام العاملي عىل‬ ‫جرامئهم وانتهاكاتهم لحقوق اإلنسان الفلسطيني‬

‫‪43‬‬

‫والعريب يف فلسطني والجوالن وجنوب لبنان‪ ....‬نتفاءل‬ ‫كفلسطينيني بأمثال وئام وهاب يف وقت يخبئ فيه‬ ‫الكثريون رؤوسهم يف الرمال حتى ال يغضبوا أسيادهم‬ ‫األمريكيني وأنظمة (االعتدال العريب) التي تدور يف‬ ‫فلكهم‪ ،‬والتي مل تعد تجد يف مفردات الكرامة والعزة‬ ‫والكربياء أكرث من كلامت عفا عليها الزمن وال تليق‬ ‫مبا يسمونه حوار الحضارات‪ ،‬وحقوق اإلنسان‪ ،‬والسالم‬ ‫العاملي!!‪.‬‬ ‫وئام وهاب بشخصيته الكارزماتية يفاجئ كل هؤالء‬ ‫ببساطة طروحاته ونقاوة رسيرته ووضوح موقفه‬ ‫وحرصه الالمتناهي عىل وحدة طائفته ومتيزها العرويب‬ ‫األصيل‪ ..‬يكيلون له االتهامات‪ ،‬فهو تارة يبحث عن‬ ‫زعامة‪ ،‬وطوراً سوري أكرث منه لبناين‪ ...‬فريد عليهم‬ ‫بسخرية تفقدهم صوابهم وتعيدهم إىل مواقفهم‬ ‫مرسبلني بألف سؤال وسؤال‪ ...‬هو يف املحصلة سهل‬ ‫عىل من يريد أن يفهمه عىل حقيقته وصعب املراس‬ ‫عىل من يتعمد تصويره عىل غري ذلك‪...‬‬ ‫أجدين بعد هذا اإلسهاب يف التحليل والذي آمل‬ ‫أن ال أكون قد جافيت فيه الصواب‪ ،‬مفع ًام بكلامت‬ ‫الشكر لتيار التوحيد ومجلته “منرب التوحيد” التي‬ ‫غدت مدخ ًال للتعارف واإلضاءة عىل كل العناوين‬ ‫التي تهم املواطن العريب‪ ،‬فتحولت بزمن قيايس إىل‬ ‫نافذة إعالمية رصينة تفرض حضورها عىل الساحة‬ ‫اإلعالمية املحلية مبا تختزن من مواقف توحيدية‬ ‫وتحليالت سياسية‪ ،‬ومبا تنيطه من لثام عن خبايا‬ ‫وأرسار كانت حتى وقت قريب محظورة ومحرم تداولها‬ ‫بذريعة أنها تجرح مشاعر البعض‪ ،‬أو تيسء إىل عالقات‬ ‫البلد بالدول الشقيقة والصديقة‪ !!...‬إنها املجلة التي‬ ‫تحرص عىل خلق حالة من الدينامية والجدل بني القراء‪...‬‬ ‫يعرفها املرء من اسمها فال يحتاج لكثري من جهد أو‬ ‫عناء يك يفهم توجهاتها‪.‬‬ ‫مل يبق يف الختام إال التأكيد عىل أهمية دور املوحدين‬ ‫الدروز يف لبنان وفلسطني‪ ..‬فهنا حيث يعيش مئات‬ ‫اآلالف من الفلسطينني‪ ،‬نتطلع غىل قادة وعقالء هذه‬ ‫الطائفة ألخذ املبادرة كعادتهم للتخفيف من معاناة‬ ‫إخوانهم الفلسطينيني‪ ،‬وحث الدولة اللبنانية عىل‬ ‫الوفاء بالتزاماتها تجاه حقوقهم املدنية واالجتامعية‪،‬‬ ‫وهناك يف فلسطني يعيش اآلالف من املوحدين‬ ‫الدروز يتمردون اليوم عىل اإلرادة الصهيونية الرامية‬ ‫لعزلهم عن محيطهم العريب فيعلنون تضامنهم‬ ‫مع إخوانهم يف غزة والضفة‪ ..‬احرتامنا وتقديرنا لهذه‬ ‫الطائفة الكرمية يتعزز باستمرار وما يطمئننا أكرث عىل‬ ‫مستقبل الدور العريب والتوحيدي لهذه الطائفة وجود‬ ‫رجال كبار فيها يتقدمهم اليوم الوزير وئام وهاب الذي‬ ‫يعمل ليل نهار بال كلل وال ملل‪ ،‬لتصحيح ما اع ّوج عند‬ ‫البعض من مسار‪ ،‬وإعادة توجيه سفينة املوحدين نحو‬ ‫شاطئ األمان العريب ممث ًال بسوريا وقيادتها الحكيمة‬ ‫مالذ كل األحرار واملقاومني يف هذه األمة‪.‬‬

‫حسن زيدان ( ابو ايهاب )‬ ‫أمني رس املجلس الثوري‬ ‫لحركة فتح االنتفاضة‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫حوار‬ ‫عليهم اغتنام الفرصة لمالحقة مجرمي الحرب من اإلسرائيليين أمام الرأي العام العالمي‬

‫الدكتور محمد المجذوب لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫تقرير غولدستون سالح قانوني بيد العرب‬ ‫لوائح االتهام ضد هذا الكيان الغاصب ال ُتعد وال ُتحىص‪ ،‬وتقرير‬ ‫تقرير غولدستون ميثل فرصة مثينة تستحق أن تستكمل‬ ‫بتضافر كل الجهود إلبراز عدوانية الكيان الصهيوين‪ ،‬وجرامئه غولدستون ميثل صفعة كبرية لقادة الكيان‪ ،‬ويف ذاكرة الجامهري‬ ‫البشعة التي استهدفت الشعب الفلسطيني‪ ،‬لقد كشفت الواسعة يف العامل العريب واإلسالمي‪.‬‬ ‫ولتسليط الضوء عىل النواحي القانونية والسياسية التي‬ ‫الحرب العدوانية التي شنتها “إرسائيل” ضد أبناء غزة مدى‬ ‫ُ‬ ‫الحقد الصهيوين وبشاعته‪ ،‬وتقرير غولدستون هو كلمة عىل أساسها أق ّر هذا التقرير‪ ،‬كان لـ “منرب التوحيد” لقاء مع‬ ‫حق تحتاج ملزيد من الدعم‪ ،‬وهي طرف خيط سيقودنا اىل أستاذ القانون الدويل العام يف جامعة بريوت العربية الدكتور‬ ‫محمد املجذوب يف حوار هنا نصه‪:‬‬ ‫الحقيقة‪.‬‬ ‫استأثر الحديث‪ ،‬يف شهر ترشين األول‪ ،‬عن تقرير “غولدستون” وعن‬ ‫مجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬مبجمل األخبار املتعلقة بالوضع الفلسطيني يف‬ ‫قطاع غزة‪ .‬فهل باإلمكان‪ ،‬أوالً‪ ،‬تكوين فكرة عن هذا املجلس الذي يرعى‬ ‫حقوق اإلنسان يف العامل؟‬ ‫قبل ظهور هذا املجلس‪ ،‬كانت هناك هيئة تابعة للمجلس االقتصادي‬ ‫واالجتامعي يف األمم املتحدة تقوم مبهمة حقوق اإلنسان و ُتعرف باسم “لجنة‬ ‫حقوق اإلنسان”‪.‬‬ ‫ولكن هذه اللجنة بقيت حتى العام ‪ 1967‬محرومة من صالحية اتخاذ أي‬ ‫إجراء بالنسبة اىل الشكاوى املتعلقة بحقوق اإلنسان‪ ،‬وابتدا ًء من ذلك العام‪،‬‬ ‫قررت اللجنة توسيع صالحياتها بإدخال بند سنوي ثابت يف جدول أعاملها‬ ‫بعنوان‪”:‬مسألة ألساسية يف أية منطقة يف العامل‪ ،‬مع إشارة خاصة اىل‬ ‫األقاليم املستعمرة وغريها من األقاليم التابعة”‪.‬‬ ‫وأقر املجلس االقتصادي واالجتامعي هذا املنحى الجديد‪.‬‬ ‫شجع الجمعية العامة لألمم املتحدة عىل‬ ‫ونجاح اآللية التي اتبعتها اللجنة ّ‬ ‫تشكيل لجنة ُتعنى باملامرسات اإلرسائيلية التي متس حقوق اإلنسان يف‬ ‫األرايض العربية املحتلة‪ ،‬وإحالة تقاريرها اىل لجنة حقوق اإلنسان التي تناقشها‬ ‫كل عام يف إطار بند خاص بعنوان‪”:‬مسألة انتهاك حقوق اإلنسان يف األرايض‬ ‫العربية املحتلة‪ ،‬مبا فيها فلسطني”‪.‬‬ ‫ويف السبعينات من القرن املنرصم سمح املناخ الدويل للجنة بتوسيع‬ ‫صالحياتها وتشكيل فريق عمل‪ ،‬يف العام ‪ ،1974‬لدراسة أوضاع حقوق‬ ‫اإلنسان يف دولة التشييل‪ ،‬يف عهد الحكومة العسكرية‪.‬‬ ‫وكانت قرارات الحامية التي تتخذها اللجنة تصدر بناء عىل مرشوع قرار‬ ‫تتقدم به دولة أو أكرث‪ ،‬ويكون مبنياً عىل معلومات توافرت لدى اللجنة عن‬ ‫أوضاع حقوق اإلنسان يف دولة معينة‪.‬‬ ‫وعند املوافقة عىل مرشوع القرار يس ّمي رئيس اللجنة مق ّرراً خاصاً لدراسة‬ ‫حالة حقوق اإلنسان يف الدولة املعنية‪ ،‬وتقديم تقرير نهايئ اىل اللجنة التي‬ ‫تناقشه‪ ،‬وتتخذ بشأنه تقريراً ُيعرض عىل املجلس االقتصادي واالجتامعي‪ّ ،‬ثم‬ ‫ُيرفع اىل اللجنة الثالثة للجمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬لدرسه وإعداد مرشوع‬ ‫قرار فيه‪ ،‬متهيداً لعرضه عىل الجمعية العامة من أجل إصدار قرار بشأنه‪.‬‬ ‫وابتداء من العام ‪ ،1980‬أخذت لجنة حقوق اإلنسان تتّبع منهجاً جديداً يف‬ ‫تحقيق الحامية الدولية‪ ،‬يتلخص يف الرتكيز عىل حق واحد محدّد من حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وتوجيه كل االهتامم إليه‪ .‬وأغرى نجاح املنهج الجديد بتوسيع دائرة‬ ‫الحقوق التي تستحق الرعاية واالهتامم‪ ،‬ورغبة يف تعزيز وضع حامية حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬أقدمت الجمعية العامة عىل إنجاز نقلة نوعية نحو األفضل‪ ،‬فاتخذت‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يف تاريخ ‪ ،2006/3/15‬قراراً بإنشاء مجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬ليحل محل لجنة‬ ‫حقوق اإلنسان‪ ،‬ويكون مرتبطاً بالجمعية مبارشة‪ ،‬واتخذ مقره يف جنيف‪،‬‬ ‫وهو مك ّون من ‪ 47‬دولة عضو تنتخبها الجمعية العامة باألغلبية‪ ،‬وفقاً لتوزيع‬ ‫جغرايف يشمل القارات األربع الكربى‪ ،‬وتكون والية العضو لثالث سنوات قابلة‬ ‫للتجديد مرة واحدة‪ .‬وقد ّتم انتخاب املجلس األول يف أيار ‪ .2006‬وكانت الواليات‬ ‫املتحدة يف عهد بوش اإلبن قد قاطعت هذا املجلس‪ ،‬ولكنها أقلعت عن هذا‬ ‫املوقف يف عهد الرئيس الحايل أوباما‪ ،‬وانضمت اىل املجلس يف ‪ .2009/6/19‬وبدأ‬ ‫املجلس دورته الحالية يف ‪ 14‬أيلول لينهيها يف ‪.2009/11/2‬‬ ‫هل كان للمجلس نشاط ملحوظ منذ قيامه؟‬ ‫كان للمجلس نشاطاً واضحاً‪ ،‬ففي ‪ ،2006/7/6‬دان املجلس العمليات‬ ‫العسكرية اإلرسائيلية يف قطاع غزة‪ ،‬وطالب باإلفراج عن الوزراء والنواب‬ ‫الفلسطينيني الذين اعتقلتهم “إرسائيل” يف الضفة الغربية‪ ،‬ووافق عىل‬

‫‪44‬‬

‫ارتكبتها “حامس” ضد املدنيني اإلرسائيليني‪ .‬وأ ّكدت أنها “ستواصل مامرسة‬ ‫حقها يف الدفاع املرشوع عن النفس وتوفري األمن ملواطنيها”‪.‬‬ ‫وأعرب ممثل الواليات املتحدة عن إصابة بالده بخيبة أمل إزاء نتائج دورة‬ ‫مجلس حقوق اإلنسان‪ .‬ويف رسده لألسباب التي دعت اإلدارة األمريكية‬ ‫لالعرتاض عىل القرار‪ ،‬أثار مسألة حق إرسائيل يف الدفاع املرشوع عن نفسها‬ ‫لحامية مواطنيها من التهديدات املوجهة اىل أمنهم‪ .‬وأصدرت وزارة خارجية‬ ‫ويشجع املنظامت‬ ‫العدو بياناً اغتربت فيه أن القرار يق ّوض السالم العاملي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلرهابية يف أنحاء العامل عىل التامدي يف إرهابها‪ .‬وأ ّكدت أن “إرسائيل”‬ ‫ستواصل “استخدام حقها يف الدفاع املرشوع عن النفس”‪.‬‬ ‫واملضحك أن نائب وزير خارجية العدو ادعى “أن الجيش اإلرسائييل تعامل مع‬ ‫األبرياء يف قطاع غزة بق ّفاز من حرير”‪ ،‬ووصف تقري غولدستون بأنه “مهزلة‬ ‫دبلوماسية”‪ .‬واتصل رئيس حكومة العدو‪ ،‬نتنياهو‪ ،‬باألمني العام لألمم املتحدة‬ ‫وطالبه‪ ،‬بكل صفاقة بإصدار ترصيح يؤ ّكد فيه أن ما قامت به “إرسائيل” يف‬ ‫قطاع غزة ليس سوى استخدام لح ّقها يف الدفاع عن نفسها ضد االعتداءات‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫ورشعت “إرسائيل” منذ صدور القرار‪ ،‬بحملة دعائية دولية‪ ،‬هدفها إقناع‬ ‫الدول “بحقها يف الدفاع عن نفسها ضد اإلرهاب الدويل”‪ .‬وأجرى نتنياهو‬

‫مرشوع قرار طرحته منظمة املؤمتر اإلسالمي‪ ،‬يقيض بإرسال بعثة لتقصيّ‬ ‫الحقائق يف األرايض الفلسطينية املحتلة وإعداد تقرير عاجل عن انتهاك حقوق‬ ‫الفلسطينيني‪.‬‬ ‫وقبيل توقف العدوان اإلرسائييل عىل لبنان‪ ،‬يف آب ‪ ،2006‬تحدّث رئيس بعثة‬ ‫لبنان الدامئة لدى املنظامت الدولية يف الدورة الطارئة ملجلس حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وا ّتهم “إرسائيل” بارتكاب الجرائم واملجازر ضد املدنيني وتدمري املرافق العامة‬ ‫والجسور والبنى التحتية‪ ،‬فدان املجلس “إرسائيل” بأكرثية ‪ 27‬صوتاً ضد ‪،11‬‬ ‫وامتناع ‪ .8‬وخ ُلص يف قراره اىل إنشاء لجنة تحقيق مؤلفة من خرباء يف القانون‬ ‫الدويل اإلنساين وحقوق اإلنسان لالطالع ميدانياً عىل الوضع‪ ،‬ورفع تقرير بذلك‬ ‫اىل املجلس‪ .‬وعينّ رئيس املجلس أعضاء اللجنة‪ ،‬وك ّلفهم التحقيق يف انتهاكات‬ ‫“ التحقيق يف انتهاكات “إرسائيل” لحقوق اإلنسان يف لبنان‪ .‬واستاءت الهيئات‬ ‫الحقوقية واملهنية والثقافية يف لبنان من موقف الدول التي ص ّوتت ضد القرار‪،‬‬ ‫فوجهت عريضة اىل املسؤولني اللبنانيني طالبتهم فيها بعدم املوافقة عىل‬ ‫ّ‬ ‫اشرتاك هذه الدول يف قوات األمم املتحدة العاملة يف لبنان‪.‬‬ ‫ويف أيلول ‪ُ ،2008‬رفع اىل مجلس حقوق اإلنسان تقرير تناول جرمية الحرب‬ ‫التي اقرتفتها “إرسائيل” يف قرية “بيت حانون” الفلسطينية‪ .‬وكان املجلس‬ ‫قد ك ّلف لجنة دولية لتقصيّ الحقائق برئاسة كبري أساقفة جنوب أفريقيا‪،‬‬ ‫ديزموند توتو‪ ،‬حامل جائزة نوبل للسالم‪،‬‬ ‫بحث حقيقة ما ارتكبته قوات االحتالل‬ ‫اإلرسائييل يف هجومها املفرط عىل القرية‪،‬‬ ‫الذي أدى اىل تدمريها ومقتل العديد من‬ ‫املدنيني فيها‪ .‬وأ ّكدت اللجنة يف تقريرها أن‬ ‫ما ارتكبته “إرسائيل” يدخل يف خانة “جرمية‬ ‫حرب” مكتملة األركان‪.‬‬ ‫كيف تقرأون تقرير غولدستون؟‬ ‫لقد جرت محاوالت عدة من قبل‬ ‫“إرسائيل” وأنصارها لعرقلة صدور قرار من‬ ‫مجلس حقوق اإلنسان بالتصديق عىل تقرير‬ ‫غولدستون الذي يتّهم “إرسائيل” بارتكاب‬ ‫جرائم حرب خالل عدوانها عىل قطاع غزة يف‬ ‫أواخر العام ‪ 2008‬ومطلع العام ‪.2009‬‬ ‫وقد ص ّوتت ‪ 25‬دولة لصالح اعتامد التقرير‪،‬‬ ‫وعىل رأسها الدول العربية واإلفريقية‪،‬‬ ‫وعارضته ‪ 6‬دول‪ ،‬من بينها طبعاً الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وامتنعت ‪ 16‬دولة عن التصويت‪ .‬والقرار يتبنّى التوصيات الواردة يف‬ ‫التقرير الذي أع ّدته لجنة برئاسة القايض غولدستون حول العدوان اإلرسائييل‬ ‫عىل قطاع غزة‪ ،‬والذي استمر ‪ 22‬يوماً‪.‬‬ ‫والقرار يدعو جميع األطراف املعنية‪ ،‬مبا فيها أجهزة األمم املتحدة‪ ،‬اىل ضامن‬ ‫تطبيق التوصيات‪ .‬كام يدعو مجلس األمن اىل إحالة القضية عىل املحكمة‬ ‫الجنائية الدولية يف الهاي‪ ،‬إذا ما فشل اإلرسائيليون والفلسطينيون يف إجراء‬ ‫تحقيقات ذات مصداقية خالل ستة أشهر‪ .‬وأصيبت األوساط السياسية يف‬ ‫إرسائيل بصدمة قوية‪ ،‬ومفاجأة غري متوقعة‪ ،‬من جراء التصويت لصالح‬ ‫التقرير‪ .‬وهي تخىش أن ُيسفر ذلك عن توفري األسس القانونية ملالحقة‬ ‫الضباط والقادة اإلرسائيليني بتُهم جرائم حرب وجرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬ ‫والحقيقة أن القرار “يدين كل السياسات التي اتخذتها “إرسائيل”‪ ،‬السلطة‬ ‫املحتلة‪ ،‬مبا فيها تلك التي تعرقل دخول الفلسطينيني اىل ممتلكاتهم وأماكنهم‬ ‫املقدسة‪ ،‬والسيام يف رشق القدس”‪ ،‬كام يدين مصادرة األرايض واستهداف‬ ‫األماكن السكنية وبناء املستعمرات أو توسيعها‪ ،‬وإحداث تغيريات دميوغرافية‬ ‫يف رشق القدس‪ ،‬واستخدام املدنيني دروعاً برشية‪ ،‬ومواصلة الحفر تحت املسجد‬ ‫األقىص‪ .‬وطالب القرار “إرسائيل” بالتوقف الفوري عن تلك االنتهاكات‪ ،‬متّه ًام‪،‬‬ ‫يف الوقت ذاته‪ ،‬حركة حامس باستهداف البلدات اإلرسائيلية وقصفها‬ ‫عشوائياً‪.‬‬ ‫وهدّدت “إرسائيل” بوقف مفاوضات السالم مع الفلسطينيني يف حال‬ ‫التصويت لصالح التقرير‪ .‬وادّعت أن القرار يتجاهل ما أسمته االعتداءات التي‬

‫الدول العربية مل تبلغ‬ ‫بعد املرحلة املتقدمة‬ ‫يف مجال العدالة‬ ‫الدولية ملحاكمها‬ ‫الجنائية الوطنية‬ ‫ملالحقة اإلرسائيليني‬ ‫ومحاكمتهم قادة وأفراداً‬ ‫مشاورات واتصاالت مع معظم رؤساء العامل لتربير مجازر قواته العسكرية يف‬ ‫قطاع غزة‪ .‬وطالب املسؤولني يف مكتبه ويف وزارة الخارجية باالستعداد لخوض‬ ‫هذا الرصاع وبعث الرسائل إلثبات حق “إرسائيل” يف الدفاع عن النفس‪.‬‬ ‫ُتكرث “إرسائيل”‪ ،‬كام ذكرتم‪ ،‬الحديث عن حقها يف الدفاع عن النفس‬ ‫وتتّهم الفلسطينيني باالعتداء عليها‪ .‬فهل تعتقدون أن ذلك يش ّكل‬ ‫حجة لصالحها‪ ،‬وأن إطالق بعض الصواريخ من قبل الفلسطينيني يش ّكل‬ ‫عم ًال موازياً لالنتهاكات اإلرسائيلية؟‬ ‫املستغرب يف ترصفات “إرسائيل” لدى اقرتافها الجرائم الدولية‪ ،‬كام فعلت‬ ‫بعد املجازر التي أسفرت عن عدوانها عىل لبنان يف العام ‪ ،2006‬وعىل غزة يف‬ ‫التنصل من مسؤولياتها والتذ ّرع بحق الدفاع‬ ‫العام ‪ ،2009-2008‬اإلرساع اىل‬ ‫ّ‬ ‫التحصن وراء هذا‬ ‫لها‬ ‫يحق‬ ‫فهل‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫املعتدى‬ ‫عن النفس‪ ،‬وإلقاء التّهم عىل‬ ‫ّ‬ ‫الحق لتربير أفعالها الجرمية املناقضة للقواعد واملبادئ الدولية؟‬ ‫إن حق الدفاع عن النفس حق طبيعي ومرشوع أق ّرته املادة ‪ 51‬من ميثاق األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬ولكن امليثاق حرص هذا الحق بالعالقات بني الدول‪ ،‬مبعنى أنه ال يحق‬ ‫لدولة التذ ّرع به ضد حامعات مسلحة ال تشكل دولة‪.‬‬ ‫وهذه القاعدة أ ّكدتها محكمة العدل الدولية يف سابقة حديثة‪ ،‬هي‬ ‫الفتوى الصادرة عنها بشأن الجدار العنرصي الفاصل الذي أقامته “إرسائيل”‬ ‫يف األرايض الفلسطينية املحتلة‪ .‬فقد أ ّكدت املحكمة‪ ،‬يف ‪ ،2004/4/9‬عدم توافر‬ ‫رشوط الدفاع عن النفس‪ ،‬ورفضت التربير الذي أدلت به “إرسائيل” لبناء الجدار‪،‬‬ ‫وهو توفري األمن لها ضد هجامت “اإلرهابيني” الفلسطينيني‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب عريب‪/‬حوار‬

‫حوار‬ ‫القضاء اإلسباين‪.‬‬ ‫وأ ّكد القايض يف مطالعته أن الوقائع الواردة يف الدعوى “تش ّكل مؤرشات‬ ‫لجرائم ضد اإلنسانية”‪ ،‬وأن االعتداء الذي وقع كان موجهاً ضد السكان املدنيني‪،‬‬ ‫وهو اعتداء غري قانوين يف أساسه ألن هدفه االغتيال‪ .‬وأشار اىل أنه ليس يف‬ ‫وسع “إرسائيل” تجاهل النتائج املحتملة إللقاء قنبلة تزن طناً عىل منطقة آهلة‬ ‫بالسكان‪.‬‬ ‫إنابتي قضائيتني‪ ،‬األوىل اىل السلطات اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫وق ّرر القايض إرسال‬ ‫نْ‬ ‫إلخطارها بوجوب فتح تحقيق يف هذه القضية‪ ،‬والثانية اىل السلطة‬ ‫الفلسطينية لجمع إفادات من الشهود حول عملية القصف‪.‬‬ ‫ونشري هنا اىل أن القايض اإلسباين املشهور “غارثون” هو من أش ّد املدافعني‬ ‫عن مبدأ الصالحية العاملية للقضاء‪ .‬وكان له الفضل يف العام ‪ ،1998‬يف‬ ‫إصدار مذكرة توقيف دولية ضد دكتاتور الشييل السابق‪ ،‬بينوشيه‪ ،‬بتهمة‬ ‫ارتكاب جرائم إبادة‪ ،‬ومامرسة إرهاب وتعذيب‪ .‬وقد ّتم‪ ،‬آنذاك‪ ،‬توقيفه مؤقتاً يف‬ ‫لندن قبل ترحيله اىل بلده بسبب مرضه وسنّه‪.‬‬ ‫ونشري كذلك اىل أن القضاء اإلسباين بدأ‪ ،‬يف العام الحايل‪ ،‬التحقيق يف‬ ‫عرش شكاوى حول جرائم ضد اإلنسانية وعمليات إبادة وتعذيب يف األرجنتني‬ ‫والشييل وغواتيامال والتيبت ورواندا والصحراء الغربية‪ ،‬باإلضافة اىل قطاع‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫هل ميكننا بوجود هذا القضاء الجنايئ العاملي‪ ،‬االستغناء عن القضاء‬ ‫الجنايئ الوطني؟‬ ‫مهام يكن الدور الذي ميكن أن تقوم به املحاكم الجنائية الدولية‪ ،‬ذات‬ ‫الصالحيات العاملية‪ ،‬فإنه ال ميكن التعويل أو االعتامد كلياً عليها لضامن‬ ‫تحقيق العدالة الدولية‪ .‬إننا بالفعل ال نستطيع االستغناء عن القضاء‬ ‫الجنايئ الوطني‪ ،‬القادر عىل تأمني قدر كبري من الضامنات يف مجال الجرائم‬ ‫الدولية‪ ،‬عل ًام بأن املحكمة الجنائية الدولية الدامئة يف الهاي هي ‪ -‬كام‬ ‫ورد يف ديباجة نظامها األسايس ‪“ -‬مك ّملة للواليات القضائية الجنائية‬ ‫الوطنية”‪.‬‬ ‫غري أن الرجوع اىل القضاء الجنايئ الوطني ال يكون مفيداً ومجدياً إزاء‬ ‫مرتكبي الجرائم الدولية إ ّال إذا كان الترشيع الجنايئ الوطني جاهزاً وقاب ًال‬ ‫يتم ذلك إ ّال إذا أدرجت الجرائم الدولية يف صلب‬ ‫للتصدّي ملثل تلك الجرائم‪ .‬وال ّ‬ ‫الترشيع الجزايئ الوطني‪ ،‬مع اإلقرار باالختصاص العاملي يف حال العجز‬ ‫أو التقصري‪ .‬والنص عىل تلك الجرائم يف الترشيع الوطني يتيح للمحاكم‬ ‫الجزائية الوطنية محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية مهام تكن جنس ّيتهم‪،‬‬ ‫ومهام يكن املكان الذي ارتكبت فيه الجرمية‪ ،‬وسواء أكان مرتكب الجرمية‪ ،‬أو‬ ‫املرشف عليها‪ ،‬أو املح ّرض عليها‪ ،‬أو اآلمر بها‪ ،‬عسكرياً أم مدنياً‪ .‬وكل ذلك مع‬ ‫رضورة النص يف الترشيع الوطني عىل عدم سقوط الجرائم الدولية بالتقادم‪.‬‬ ‫وهناك عدة دول منحت قضاءها الجزايئ الوطني اختصاصاً عاملياً ملحاكمة‬ ‫مرتكبي الجرائم الدولية‪ .‬ويؤسفنا أن نالحظ أن الدول العربية مل تبلغ بعد‬ ‫املرحلة املتقدمة يف مجال العدالة الدولية‪ ،‬أي مل تأخذ بعد مببدأ االختصاص‬ ‫العاملي‪ ،‬عىل غرار بعض الدول األوروبية‪ ،‬فهي مل ُتق ّر بعد بهذا االختصاص‬ ‫ملحاكمها الجنائية الوطنية ليك مت ّكنها من مالحقة اإلرسائيليني ومحاكمتهم‪،‬‬ ‫قادة وأفراداً‪ ،‬م ّمن ارتكبوا واليزالون يرتكبون جرائم دولية ضد املدنيني واملنشآت‬ ‫املدنية يف شتى الدول العربية‪.‬‬ ‫ويؤسفنا أن نضيف بعد اإلشادة باإلنجاز الرائع الذي حققه القضاء‬ ‫اإلسباين يف مجال الصالحية العاملية‪ ،‬أن ضغوطاً سياسية شديدة‪ ،‬أمريكية‬ ‫وإرسائيلية‪ ،‬أدّت اىل جعل املحكمة الوطنية‪ ،‬وهي الهيئة القضائية العليا‬ ‫يف إسبانيا‪ ،‬تق ّرر‪ ،‬يف ‪ ،2009/6/30‬إقفال ملف التحقيق بشأن املسؤولني‬ ‫اإلرسائيليني املتّهمني بارتكاب جرائم ضد اإلنسانية وجرائم حرب ‪.‬‬ ‫فقد ّمتت املوافقة عىل إغالق امللف باألغلبية‪ 14 ،‬مقابل ‪ 4‬أصوات‪ ،‬وقد اتخذ‬ ‫قرار املحكمة يف إثر تصديق الربملان اإلسباين عىل مرشوع قانون يضع قيوداً‬ ‫عىل حق القضاة اإلسبان يف التحقيق يف حاالت انتهاك حقوق اإلنسان خارج‬ ‫البلد‪.‬‬

‫صحيح إن املادة ‪ 51‬تعرتف بالحق الطبيعي لكل دولة يف الدفاع عن نفسها‬ ‫يف حالة االعتداء املس ّلح عليها من قبل دولة أو دول أخرى‪ ،‬إ ّال أن أعامل العنف‬ ‫التي تدّعي “إرسائيل” أنها كانت ضحيتها ليست من فعل دولة أجنبية‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن “إرسائيل” هي املسيطرة كلياً‪ ،‬بفعل االحتالل القرسي‬ ‫املفروض‪ ،‬عىل األرايض الفلسطينية‪ .‬والتهديد الذي تزعم أنها تتعرض له‬ ‫منطلق من هذه األرايض‪ ،‬ومن جامعات ال تشكل دولة‪ ،‬كام أق ّرت هي (أي‬ ‫“إرسائيل” نفسها) بذلك‪ّ .‬ثم أن هذه الجامعات تستند اىل قواعد القانون‬ ‫الدويل العام املعارص والقرارات املتعددة الصادرة حديثاً عن الجمعية العامة‪،‬‬ ‫لتؤ ّكد بأن كفاحها املسلح ليس سوى مقاومة مرشوعة ضد عدو اغتصب‬ ‫أرضها ونهب ثرواتها‪ ،‬وحارص حدودها‪ ،‬وحرمها من الحصول عىل ما يقيم أود‬ ‫شعبها‪ ،‬ولذا فأن االستناد اىل املادة ‪ ،51‬كام تزعم “إرسائيل”‪ ،‬ال يقوم عىل أي‬ ‫أساس قانوين أو إنساين‪.‬‬ ‫وباإلضافة اىل كل ذلك‪ ،‬فهناك خلل يف تذ ّرع “إرسائيل” بحجة الدفاع‬ ‫توجب عليها‬ ‫املرشوع عن النفس‪ .‬فلو س ّلمنا جدالً بأن تذ ّرعها سليم‪ ،‬لكان قد ّ‬ ‫إخطار مجلس األمن الدويل ليك يتّخذ التدابري الالزمة‪ ،‬حتى إذا ما فشل‬ ‫املجلس يف أداء واجبه وعجز عن ر ّد العدوان أو الخطر عنها‪ ،‬أقدمت هي عندها‬ ‫عىل الدفاع عن نفسها‪ .‬فحق الدفاع املرشوع يتوقف منذ اللحظة التي يتوىل‬ ‫فيها مجلس األمن معالجة املوضوع‪ ،‬سواء أكان ذلك مبج ّرد انعقاد املجلس أم‬ ‫بصدور قرار منه‪.‬‬ ‫وهذه القاعدة مستنبطة من حكم صادر عم محكمة العدل الدولية‪ ،‬يف‬ ‫‪ ،1986/6/27‬يف قضية األنشطة األمريكية‪ ،‬العسكرية وشبه العسكرية‪،‬‬ ‫يف نيكاراغوا‪ ،‬وكذلك من الفتوى الصادرة عنها يف قضية الجدار الفاصل يف‬ ‫فلسطني‪ .‬فاملادة ‪ 51‬التي اعتربت حق الدفاع املرشوع حقاً مرشوعاً ولصيقاً‬ ‫باإلنسان‪ ،‬كالحق يف الحرية‪ ،‬وضعت ضوابط ملامرسته‪ ،‬أهمها وقوع هجوم‬ ‫مس ّلح صادر عن دولة وليس عن مجموعات أو وحدات ال ترقى اىل رتبة دولة‪،‬‬ ‫وهذا يعني أن األعامل التي تقوم بها حركات التحرير واملقاومة ومنها “حامس”‬ ‫يف غزة‪ ،‬ال تو ّفر الرشط املطلوب ملامرسة حق الدفاع املرشوع‪.‬‬ ‫هل تعتقدون أن قرار مجلس حقوق اإلنسان املستند اىل تقرير غولدستون‬ ‫سيش ّكلرادعاً إلرسائيل عن شن اعتداءات جديدة؟‬ ‫إن القرار يش ّكل‪ ،‬ورمبا كان ذلك للمرة األوىل‪ ،‬إدانة رصيحة لـ”إرسائيل”‪ ،‬ولكن‬ ‫أحداً منا اليجد األمل يف أن يش ّكل القرار رادعاً يحول دون متادي “إرسائيل”‬ ‫يف غ ّيها‪ ،‬وبطشها‪ ،‬ومتاديها يف ارتكاب الكبائر واملجازر‪ .‬كل ما نتمناه هو أن‬ ‫يسلك القرار طريقه الصحيح حتى النهاية‪ ،‬أي أن يصل اىل املحكمة الجنائية‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫إن عىل العرب أن يغتنموا الفرصة هذه املرة ويتخذوا القرار سالحاً قانونياً‬ ‫ملالحقة مجرمي الحرب من اإلرسائيليني أمام الرأي العام العاملي‪ .‬فمن املالحظ‬ ‫أنه مبج ّرد ظهور التقرير‪ ،‬وإصدار القرار‪ ،‬سارعت “إرسائيل” اىل منع ضباطها‬ ‫الكبار من السفر اىل الخارج خشية تع ّرضهم لالعتقال نتيجة الدعاوى‬ ‫املرفوعة ضدهم من منظامت حقوقية عاملية‪ ،‬بل أن وزير الحربية نفسه‪ ،‬إيهود‬ ‫باراك‪ ،‬مع ّرض لالعتقال بسبب الشكاوى املرتاكمة ضده واتهامه بارتكاب‬ ‫جرائم حرب‪.‬‬ ‫هناك اليوم قضاء عاملي يتمتع بصالحية عاملية‪ :‬فدول غربية عدة تأخذ مببدأ‬ ‫القضاء العاملي الذي مينحها صالحية مالحقة األشخاص الذين ارتكبوا جرائم‬ ‫دولية خارج حدودها‪ ،‬وصالحية محاكمتهم أمام محاكمها الوطنية‪ ،‬سواء‬ ‫أكانوا من مواطنيها أم من األجانب‪.‬‬ ‫وأسبانيا‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬هي من هذه الدول‪ .‬فقد فتح القضاء األسباين‪،‬‬ ‫يف ‪ ،2009/1/29‬تحقيقاً يف دعوى مرفوعة ضد وزير الحربية اإلرسائيلية السابق‬ ‫“بن أليعازر” و‪ 6‬من كبار املسؤولني السياسيني والعسكريني الإلرسائيليني‬ ‫السابقني‪ ،‬وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب خالل قصف عىل غزة يف متوز‬ ‫‪ ،2002‬أسفر عن مقتل قيادي يف حركة “حامس” (صالح شحادة) و‪ 14‬مدنياً‪،‬‬ ‫معظمهم من األطفال ّ‬ ‫الرضع‪ ،‬وجرح ‪ 150‬فلسطينياً‪.‬‬ ‫وقد وافق القايض اإلسباين يف املحكمة الوطنية يف مدريد عىل قبول‬ ‫الدعوى التي تقدّمت بها إحدى منظامت حقوق اإلنسان‪ ،‬استناداً اىل مبدأ‬ ‫الصالحية العاملية يف مالحقة الجرائم الدولية‪ ،‬الذي يعرتف به ويطبقه‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬ ‫‪46‬‬

‫مسؤول الدائرة االعالمية في المؤتمر الشعبي للحزب الحاكم في اليمن‬

‫الحسم العسكري فرض علينا في صعدة وعالقتنا جيدة مع ايران‬ ‫هنا اليمن‪ ،‬هنا صنعاء وعدن‪ ،‬هنا ‪22‬مايو ‪،1990‬‬ ‫تاريخ الوحدة اليمنية بجزئيها الجنويب والشاميل‪،‬‬ ‫هنا الدولة الثانية والعرشين من عمر الوحدة‬ ‫اليمنية وذلك حسب دراسة للمؤرخ اليمني محمد‬ ‫حسني الفرح‪ ،‬الذي يؤكد يف دراسته أن عدد دول‬ ‫الوحدة اليمنية يف تاريخ اليمن بلغ (‪ )22‬دولة وبلغ‬ ‫مجموع عمر دول الوحدة اليمنية ‪ 3250‬سنة‪ ،‬أما‬ ‫فرتات االنقسام فكانت يف أغلبها رصاعاً من‬ ‫أجل إعادة الوحدة أو عجزاً عن إقامتها وأول معامل‬ ‫تاريخ دول الوحدة اليمنية عرب التاريخ كان بدولة‬ ‫الوحدة األوىل التي قامت يف مطلع القرن األربعني‬ ‫قبل امليالد‪ ،‬وتوالت فصول االنفصال والوحدة حتى‬ ‫بلغ عدد الوحدات يف اليمن السعيد ‪ 21‬دولة وحدة‬ ‫حتى عهد يحيى الدولة الحادية والعرشون والتي‬ ‫تجلت يف عهد الوايل العثامين محمود نديم عام‬ ‫‪1915‬م‪ ،‬حني قام العثامنيون واليامنيون بتحرير‬ ‫محميات الجنوب ودمروا اإلنجليز حتى ميناء عدن‪ ،‬وملا‬ ‫انسحب العثامنيون من اليمن رفض اإلمام يحيى‬ ‫استالم لحج واملحميات من العثامنيني عام‪1919‬م‪ .‬ثم‬ ‫استعادت اليمن وحدتها يف ظل الثورة والجمهورية‬ ‫اليمنية يف‪ 22‬أيار ‪1990‬م برئاسة الرئيس عيل عبد‬ ‫الله صالح‪ ،‬حيث وحد اليمنان الشاميل والجنويب‪.‬‬ ‫وبقي الوضع مستقرا حتى رضبت اليمن السعيد‬ ‫حالة من عدم االستقرار‪ ،‬وإذ كنا مع وحدة اليمن‬ ‫واستقراره وسيادته واستقالله‪ ،‬فإنه من الغريب‬ ‫مبكان أن تحارب السلطة هؤالء االنفصاليني بحرب ال‬ ‫يعرف متى تنطفئ نارها‪ ،‬إذ أنهاالحرب التي اندلعت‬ ‫بال مقدمات منذرة بالتوسع كام كرة الثلج حيث‬ ‫بدأت معامل تحولها إىل حرب إقليمية أريد لها‬ ‫أن تكون طائفية‪ ،‬واألغرب أن تلجأ السلطة إىل‬ ‫اتهامات دول الجوار اإلسالمية بتغذية هذه الفتنة‬ ‫دون أن يكون عىل أرض الواقع ما يربر هذه االتهامات‪،‬‬ ‫مستبعدة يف الوقت عينه إمكانية أن يكون هناك‬ ‫إصبع للواليات املتحدة األمريكية التي بات من‬ ‫املعروف أن أحد بنود سياستها خلق الفتنة والنأي‬ ‫بالجيش األمريييك عن مصدر النريان‪ ،‬مستبعدة أي‬ ‫السلطة يف اليمن أن يكون هناك مصالح أمريكية‬ ‫يف اليمن‪ ،‬مفرتضة أن مثة تنسيق بني القاعدة‬ ‫والحوثيني واالنفصاليني‪ ،‬ويف الوقت ذاته تتهم إيران‬ ‫بتغذية ما يحصل متجاهلة أن ال قواسم تجمع‬ ‫باملطلق بني إيران والقاعدة‪ ،‬ومغرقة يف تجاهل‬ ‫حقيقة أن أمريكا هي من مول وال يزال تنظيم‬ ‫القاعدة‪ ،‬كام أنها قد تناست حقيقة الوضع‬ ‫االجتامعي واملعايش والسيايس الذي بلغ حد‬ ‫األزمة يف اليمن الذي ما عرف تاريخه االستقرار‪.‬‬ ‫فام الذي يحدث يف اليمن السعيد‪ ،‬وملاذا هذه‬ ‫االتهامات وما هو مربرها‪ ،‬وغري ذلك من األسئلة‬ ‫التي توجهت بها مجلة منرب التوحيد يف لقاء‬ ‫خاص مع طارق الشامي مسؤول الدائرة اإلعالمية‬ ‫يف املؤمتر الشعبي للحزب الحاكم يف اليمن‪ ،‬والذي‬

‫التقته عىل هامش منتدى الجوالن الدويل‪.‬‬ ‫ما الذي يحدث يف اليمن؟‬ ‫هناك مجموعة من العنارص عملت عىل التخريب‬ ‫والفتنة يف محافظة صعده منذ عام ‪ ،2004‬وكانت‬ ‫جوالت من اللجوء إىل الحسم العسكري‬ ‫هناك‬ ‫والحوار‪ ،‬وكانت هناك لجان وساطة للحوار وحل‬ ‫اإلشكال بشكل سلمي ودون فائدة كان آخرها يف ‪19‬‬ ‫حزيران التي أعلن فيها رئيس الجمهورية وقف األعامل‬ ‫العسكرية وإنهاء الفتنة بواسطة الحوار واستمرت‬ ‫أكرث من عام دون فائدة‪ ،‬حتى عملت املجموعات عىل‬ ‫التامدي يف العمل العسكري وقطع الطرقات وترشيد‬ ‫املواطنني من قراهم‪ ،‬وقتل الشخصيات االجتامعية‬ ‫والعلامء ونهب املمتلكات العامة والخاصة‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل تدمري املستشفيات واملدارس واملرافئ العامة‪،‬‬ ‫األمر الذي اضطر الدولة للجوء إىل الحسم العسكري‬ ‫للقضاء عىل هذه الفتنة‬ ‫الحسم العسكري الذي تحدث به الرئيس عيل‬ ‫عبد الله صالح سينتهي خالل فرتة محدودة الذي‬ ‫طال ألشهر ومن يدفع الثمن اليمن الذي بات بني‬ ‫الفتنة وتهديد الوحدة؟‬ ‫الحسم العسكري فرض فرضا عىل اليمن ومنذ‬ ‫عام كانت هناك محاوالت لحل املسألة بالحوار وتأمني‬ ‫املواطنني يف محافظة صعده دون فائدة‪ ،‬بل متادت‬ ‫تلك القوى بشكل أكرب وقامت بعمليات عسكرية‬ ‫ليس لها أي عالقة بحرية فكر أو تعبري‪ ،‬فحرية الفكر‬ ‫والتعبري ‪.‬‬ ‫لكن هناك اتهامات للدولة اليمنية بأنها هي‬ ‫من أسقط االتفاق مع الحوثيني؟‬ ‫عىل العكس متاما كانت هناك عدة لجان وساطة‬ ‫وتنازل من قبل الدولة يف سبيل إحالل األمن‬ ‫واالستقرار يف مديريات محافظة صعده‪ ،‬وكنا نفاجأ‬ ‫يف كل مرة يتم فيها الحل السلمي بتامدي هذه‬ ‫املجموعات وبالذات خالل بداية العام الحايل‪ ،‬بشكل ال‬ ‫ميكن السكوت عنه وأصبح أبناء املحافظة مترضرين‬

‫‪47‬‬

‫من هذه األعامل ورشدوا من مساكنهم‪ ،‬وقامت‬ ‫الدولة ببناء مخيامت لهم‪ ،‬ما يتم اآلن هو من أجل‬ ‫إعادة األمن واالستقرار إىل املحافظة‪.‬‬ ‫لكن هذا الوضع جعل السلطة يف اليمن بني‬ ‫ناري فتنة حوثيني ونار االنفصاليني يف الجنوب!‬ ‫ال شك يف ذلك وهناك تنسيق أيضا بني عنارص من‬ ‫الحوثيني وعنارص من االنفصاليني يف الجنوب‪ ،‬كام هناك‬ ‫تنسيق بني هؤالء وتنظيم القاعدة‪ ،‬وهذا التنسيق‬ ‫الثاليث تم اإلعالن عنه‪ ،‬وتنظيم القاعدة يعمل اآلن مع‬ ‫تلك العنارص يف إطار واحد‪ ،‬إنهم يعملون ضمن قواعد‬ ‫مشرتكة والجميع يهدف إىل إيجاد حالة من عدم‬ ‫االستقرار يف اليمن‪ ،‬فتنظيم القاعدة يريد أن يكون له‬ ‫مالذا آمنا يف اليمن وبالتايل يعمل عىل تغذية كافة‬ ‫الرصاعات التي تؤمن حالة عدم االستقرار‪ ،‬كذلك‬ ‫العنارص االنفصالية التي تسعى إلعادة عجلة التاريخ‬ ‫إىل الوراء ما قبل قيام الوحدة‪.‬‬ ‫تحدثت عن تنسيق بني عنارص من الحوثيني‬ ‫واالنفصاليني وتنظيم القاعدة وهذا يطرح سؤاال‬ ‫حول االتهامات التي وجهتها اليمن إىل إيران ما‬ ‫الذي يربر هذا االتهام ونحن نعلم أن ال قواسم‬ ‫مشرتكة بني القاعدة وإيران؟‬ ‫هناك اعرتافات أدىل بها عنارص من تنظيم‬ ‫القاعدة الذين سلموا أنفسهم إىل السلطات‬ ‫السعودية‪ ،‬كام هناك زيارات متبادلة من قبل عنارص‬ ‫التخريب يف محافظة “صعده” مع بعض املرجعيات‬ ‫يف إيران أو العراق وكان هناك تواصل بني هذه‬ ‫القيادات وتلك املرجعيات‪ ،‬وبالتايل ومن حيث املبدأ‬ ‫نحن ال نقبل بأن يكون هناك أي تدخل يف شؤون بالدنا‬ ‫أو يف سيادتنا‪ ،‬والنقطة الثانية نحن لدينا عالقات‬ ‫جيدة مع الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وكام أننا ال‬ ‫نقبل التدخل بالشؤون الداخلية إليران ال نقبل كذلك‬ ‫التدخل يف شؤون اليمن الداخلية‪.‬‬ ‫املنطق يقول ملاذا اتهام إيران وما هي مصلحتها‬ ‫وملاذا ال تكون تلك االعرتافات هي “مفربكة”‬ ‫وليست صحيحة لرضب العالقات بني اليمن‬ ‫والجمهورية اإلسالمية اإليرانية؟‬ ‫هناك اليوم تواصل يف اإلطار الدبلومايس بني‬ ‫اليمن وإيران وتم التقاء السفري اإليراين من قبل‬ ‫الخارجية اليمنية وهناك بعض الظواهر التي تحدث‬ ‫يتم الحديث عنها ضمن األطر الدبلوماسية ونتمنى‬ ‫أن يكون هناك مواقف جادة لإلحاطة بتلك األعامل‪.‬‬ ‫ملاذا نتهم إيران ونستبعد اليد األمريكية فيام‬ ‫يحدث يف الوقت الذي معروف فيه أن أمريكا هي‬ ‫من يغذي مجموعات القاعدة‪ ،‬وسياستها اليوم‬ ‫تقول النأي بالجندي األمرييك عن مصدر النريان‬ ‫وخلق الفنت الداخلية؟‬ ‫ال يوجد يف اليمن جنود أمريكيون وال قواعد‬ ‫أمريكية‪ ،‬ال شك يوجد مصالح أمريكية يف املنطقة‬ ‫بشكل عام‪.‬‬

‫دمشق‪ -‬هدى مطر‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب عريب‬

‫اليمن ‪:‬‬ ‫حرب تزعزع‬ ‫الوحدة‬

‫دخلت املواجهات الدامية يف اليمن شهرها الثالث من دون أي انفراج‬ ‫ميكن االستناد إليه لبلورة حل لهذه األزمة التي بدأت تتحول إىل كارثة‬ ‫إنسانية ووطنية وإقليمية‪...‬‬ ‫وبقدر ما ميكن أن يطلق اإلنسان من تساؤالت عن مصري هذه الحرب‬ ‫وحدودها واألطراف املشاركة بها‪ ،‬يربز سؤال يف غاية األهمية عن حركة‬ ‫الحوثيني‪ ،‬وكيف متت وتتطورت؟ ومن هو املسؤول الحقيقي عن ما آلت إليه‬ ‫الظروف يف صعدة‪.‬‬ ‫إن الحوثيني يف اليمن هم قبيلة مينية تسكن يف منطقة صعدة الجبلية‬ ‫وما يجاورها‪ ،‬حيث تعرف هذه املناطق بوعورتها وصعوبة ارتيادها والتجول‬ ‫فيها‪ ،‬وتنتسب هذه القبيلة للمذهب الزيدي‪ ،‬ومن املعلوم أن اإلمامة الزيدية‬ ‫حكمت اليمن قرابة ألف عام (‪ )1962-897‬وكان أمئتها ينتمون لهذا املذهب‬ ‫حتى اإلطاحة والقضاء عىل اإلمام (أحمد بن يحيى) يف انقالب ‪ 1962‬وإعالن‬ ‫النظام الحايل‪.‬‬

‫السالح مكافأة للمشاركة يف الحرب األهلية‪ ،‬وبالتايل فإن اتهام الحكومة‬ ‫اليمنية إليران بدعم الحوثيني هو ادعاء باطل ال صحة له كون مصدر املال‬ ‫والسالح يعود للرئيس صالح الذي تفرد بسلطة القرار وقدم الدعم املايل‬ ‫والعسكري عندما كانت مصالحه الشخصية تستوجب ذلك‪.‬‬ ‫ولعل بداية الخالفات والتوترات تزامنت عشية شن الواليات املتحدة حربها‬ ‫عام ‪ 1991‬عىل العراق حيث تحركت «مجاميع الشباب» املؤمن وأدت دورا‬ ‫رئيسيا يف التظاهرات اليمنية املنددة بالعدوات والداعية للجهاد يف سبيل‬ ‫نرص اإلسالم واملسلمني‪.‬‬ ‫كان عضوا يف الربملان اليمني‪ ،‬برز اسمه بشكل الفت ورسيع بعد تطورات‬ ‫الحرب‪ ،‬قتل يف العارش من أيلول ‪ 2004‬يف سن الخامسة واألربعني خالل‬ ‫الجولة األوىل من الحرب‪ ،‬وهو من مواليد صعدة‪ ،‬والده من أبرز الشخصيات‬ ‫العلمية يف املذهب الزيدي وارتبط بصداقة عميقة مع عبد الله الرزامي‬ ‫الرجل الثاين من جامعة الشباب املؤمن‪.‬‬

‫فكرهم العقائدي‬

‫تنظيم الشباب املؤمن الذراع العسكري‬

‫تتبنى الحركة العقيدة الزيدية التي تعتقد بوجوب أن يكون اإلمام‬ ‫(الحاكم) زيديا‪ ،‬فاطميا‪ ،‬من ذرية الحسن أو الحسني ابناء عيل‪ .‬وقد حرصوا‬ ‫عىل استقطاب الناس واملوالني مبناداتهم بعداء أمريكا و»إرسائيل» واليهود‬ ‫مع االحتفاظ بعروبيتهم وانتامئهم القومي لألمة العربية‪.‬‬ ‫ولدت الحركة وترعرعت يف كنف حزب «الحق املعارض»‪ ،‬الذي ضم يف‬ ‫صفوفه العديد من الشخصيات القضائية الزيدية‪ ،‬وبعد انتشار املدارس‬ ‫الدينية السلفية ذات التوجه الوهايب بدعم سعودي وتنسيق مبارش مع‬ ‫مجموعة شخصيات مهمة داخل النظام‬ ‫الحاكم يف اليمن‪ .‬برزت مجموعة من‬ ‫الشباب املؤمن بقيادة حسني بدر الدين‬ ‫الحويثي وكرد طبيعي عىل التعصب‬ ‫الوهايب‪.‬‬

‫نشأ هذا التنظيم كفكرة دينية ومنتدى يجتمع فيه الشباب ويهدف‬ ‫إىل تثقيفهم وتدريسهم العلوم الدينية واإلنسانية والفكرية بغية تطوير‬ ‫معارفهم وإخراجهم من حالة التعصب األعمى‪ ،‬استمر هذا املنتدى من‬ ‫عام ‪ 1990‬إىل عام ‪ 2000‬حيث أعلن حسني الحويث تيارا جديدا أطلق عليه‬ ‫«حركة الشعار» املناهضة لـ «إرسائيل» والواليات املتحدة واملنارصة للشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫تؤكد غالبية املصادر إن حرب صعدة األوىل اندلعت قي ‪ 19‬حزيران ‪،2004‬‬ ‫عند محاولة الدولة اعتقال حسني الحويث‬ ‫بعد خروج جامعة «الشباب املؤمن»‬ ‫يف تظاهرات حاشدة تندد بأمريكا‬ ‫و»إرسائيل»‪ .‬وانتهت الحرب مبقتل حسني‬ ‫الحويث يف أيلول من العام نفسه‪ .‬ثم‬ ‫توقفت جولتها األوىل نحو عرشة أشهر‪،‬‬ ‫عادت بعدها املواجهات املسلحة لتندلع‬ ‫مجددا يف جولة ثانية يف آذار من عام‬ ‫‪ ،2005‬بقيادة بدر الدين الحويث‪ .‬الحرب‬ ‫استمرت نحو ثالثة أسابيع بعد تدخل‬ ‫القوات اليمنية بقوة إلنهائها‪ .‬ويف نهاية‬ ‫عام ‪ ،2005‬اندلعت الجولة الثالثة‪ ،‬ثم‬ ‫توقفت باتفاق هدنة بني الجانبني‪ ،‬وعادت‬

‫عيل عبدالله الصالح يدعم‬ ‫الحوثيني‬ ‫قدم الرئيس عيل عبد الله صالح املال‬ ‫والسالح وشجع دورهم بهدف موازنة‬ ‫النفوذ الوهايب‪ ،‬ويف عام ‪ 1994‬قدم لهم‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪48‬‬

‫لتتجدد قي جولة رابعة عام ‪ ،2006‬ثم توقفت أيضا باتفاق‪ .‬وقي منتصف‬ ‫عام ‪ ،2007‬متكن الطرفان من التوصل إىل اتفاق عن طريق وساطة ناجحة‬ ‫بذلتها دولة قطر‪ ،‬حيث وقعا مع بداية عام ‪ 2008‬اتفاق الدوحة‪ .‬غري أن هذه‬ ‫االتفاقية مل تصمد طويال لعدم االلتزام ببنودها‪ ،‬وأثر ذلك تجددت املواجهات‬ ‫املسلحة بني الجانبني عام ‪ ،2008‬إىل أن أعلن الرئيس اليمني عيل عبد الله‬ ‫صالح وقف إطالق نار أحادي الجانب قي متوز من عام ‪ ،2008‬أنشأ بعدها لجنة‬ ‫صعدة للسالم وإعادة اإلعامر‪.‬‬ ‫غري أن هذه اللجنة شهدت تراجعا ملحوظا بسبب شح التمويل‪ ،‬وظالل‬ ‫األزمة املالية العاملية‪ ،‬فرأت جامعة الحويث ذلك تراجعا يف تبني الحكومة‬ ‫ملسؤوليتها تجاه املنطقة‪ ،‬وعدم وفائها بالتزامها إعادة اإلعامر‪ .‬ويف بدايات‬ ‫آب من العام الجاري‪ ،‬اندلعت الحرب السادسة‪ ،‬التي ال تزال رحاها دائرة وبشكل‬ ‫أعنف من كل الجوالت السابقة‪ ،‬إذ تشارك فيها وحدات من الحرس الجمهوري‬ ‫وأخرى من القوات املسلحة وسالح الجو واألمن املركزي‪.‬‬ ‫وتعزو الحكومة اليمنية قرارها األخري بتصعيد العمليات العسكرية‬ ‫ضد املسلحني الحوثيني‪ ،‬واملرفق برشوط‬ ‫ستة إلنهاء الحرب‪ ،‬إىل عوامل عدة أبرزها‬ ‫اعتقادها بأن ال أمل بالتواصل غىل حل‬ ‫دبلومايس‪ ،‬وتوسيع الحوثيني الدائم‪،‬‬ ‫وسعيهم لالنفصال عن اليمن حسب‬ ‫رواية الحكومة‪.‬‬ ‫تعهد الرئيس اليمني عيل عبد الله‬ ‫صالح مبواصلة الحرب ضد الحوثيني‬ ‫لسنوات إذا اقتىض األمر وقال‪»:‬غن‬ ‫املعركة ستستمر خمس أو ست سنوات‬ ‫ولن نرتاجع»‪.‬‬ ‫وقد وضعت الحكومة اليمنية ستة‬ ‫رشوط لوقف الحرب وهي‪:‬‬ ‫‪ -1‬انسحاب الحوثيني من جميع املديريات‪.‬‬ ‫‪ -2‬رفع كل املعوقات والنقاط التي تعيق حركة املواطن‪.‬‬ ‫‪ -3‬تسليم املعدات التي استوىل عليها الحوثيني‪.‬‬ ‫‪ -4‬الكشف عن مصري جميع املخطوفني‪.‬‬ ‫‪ -5‬عدم التدخل قي شؤون السلطة املحلية‪.‬‬ ‫‪ -6‬النزول من الجبال وتسليم املخطوفني من أبناء صعدة‪.‬‬ ‫رفض الحوثيون هذه الرشوط التي عكست مدى الخسائر التي يتلقاها‬ ‫الجيش اليمني واملوقف الضعيف للحكومة والرئيس‪.‬‬

‫األحمر والجامعات واألحزاب السنية‪.‬‬ ‫‪ -3‬اما العامل الثالث فريتبط بتجار الحروب واملستفيدين منها سواء‬ ‫بتهريب السالح أو املخدرات أو احتكار الطعام والدواء‪ ،‬أو املستفيدين ماليا‬ ‫بشكل مبارش أو غري مبارش من الحرب‪ ،‬وهؤالء كرث يف اليمن ومتغلغلون‬ ‫يف مفاصل الدولة‪ ،‬ومل يتخذ اي إجراء ضدهم‪ ،‬وهؤالء لهم مصلحة يف‬ ‫استمرار الحرب وتقوية الحوثيني بشكل غري مبارش‪.‬‬ ‫‪ -4‬العامل الرابع الذي قوى الحوثيني هو القصف العشوايئ وغري املدروس‬ ‫عىل مناطق القبائل بصعدة‪ ،‬األمر الذي وسع دائرة املنتقمني واملترضرين يف‬ ‫آن واحد‪ ،‬ونظراً ألن الدولة تلكأت يف تقديم العون والتعويض للمترضرين‬ ‫وملن ساعدوها يف الحرب عىل الحوثيني‪ ،‬أضحى البعض يفضل االنضامم إىل‬ ‫معسكرات الحوثيني‪ ،‬إما بهدف االنتقام أو بهدف الحصول عىل األمان ولقمة‬ ‫العيش‪.‬‬ ‫‪ -5‬العامل الخامس هو إضعاف النظام للحياة السياسية يف البالد‪ ،‬وادى‬ ‫ذلك إىل تقوية خصوم فكريني للحوثيني (الشيعة) أمثال السلفيني الذين‬ ‫ليس لهم آليات قوية وفاعلة يف أوساط‬ ‫الناس‪ ،‬يف حني تم إهامل اتجاهات قادرة عىل‬ ‫حسم املعركة فكريا وسياسيا وحتى‬ ‫ميدانيا‪ ،‬مثل اإلخوان املسلمون املنضوون‬ ‫يف إطار التجمع اليمني لإلصالح‪ ،‬والذين‬ ‫مينحهم الكثري من أبناء الشعب اليمني‬ ‫من أي جامعة إيديولوجية‬ ‫الثقة أكرث‬ ‫عىل الساحة‪.‬‬ ‫‪ -6‬كام أن استمرار محاربة الحكومة‬ ‫للحوثيني يف معارك غري مجمع عليها‬ ‫سياسيا من قبل أحزاب املعارضة‬ ‫املتواجدة يف منظقة الحياد قد ساهم‬ ‫بشكل أسايس يف بقاء الحوثيني أقوياء‬ ‫عىل الساحة‪.‬‬ ‫إن أبرز ما مييز هذه الحرب هو ارتفاع التكلفة اإلنسانية مع االستخدام‬ ‫املكثف للقوة الذي وإن كان سيؤدي إىل إضعاف بنية الحوثيني العسكرية‪،‬‬ ‫لكن ال يعني ذلك أنه سيتم اجتثاثهم‪ ،‬فهم سيعودون أقوى إذا مل تستفد‬ ‫الحكومة من تجاربها السابقة من خالل اعتامد خيارات الحسم العسكري‬ ‫كاالستعانة بالحوار الفكري ودعم التيارات الوسطية واألحزاب املدنية‪.‬‬

‫التجاذبات الخارجية‬

‫عوامل قوة الحوثيني‬

‫تتهم صنعاء الجمهورية اإلسالمية اإليرانية بدعم الحوثيني ماديا‬ ‫وعسكريا وهذا االتهام ال يستند إىل قاعدة حقيقية أو ملموسة‪ ،‬ويأيت يف‬ ‫سياق االتهام السيايس ذات املدلول العقائدي يف محاولة لتحويل املعركة‬ ‫الداخلية لنظام عيل عبد الله واألزمة املعيشية واإلنسانية‪ ،‬وتفرده بالحكم‬ ‫عىل حساب املناطق اليمنية الفقرية إىل معركة إقليمية وزج دول كثرية‬ ‫فيها بهدف تغطية الجرائم اإلنسانية التي تطال املدنيني العزل‪ ،‬إن الوضع‬ ‫يف اليمن إذا بقي عىل ما هو عليه فإن ذلك يعني أن الحرب الطويلة لن تكون‬ ‫مفروشة بالورود والرياحني‪ ،‬بل بجثث األطفال والشيوخ‪ ،‬وهذا ما يحتم عىل‬ ‫الرئيس اليمني مسؤولية أخالقية تجاه شعبه دون التمييز عىل أساس ديني‬ ‫أو مناطقي‪ ،‬مع العلم أن ثلثي الشعب اليمني هو معارض لسياسة الفقر‬ ‫قاب قوسني‬ ‫والبطالة والتمرد داخل اليمن‪ ،‬وهذا ما يجعل االنفجار األمني‬ ‫أو أدىن يف كافة أرجاء الدولة‪.‬‬ ‫إن وقف نزيف الدم والعرق والجهد والرثوات والحفاظ عىل الوحدة يف‬ ‫اليمن مسؤولية عربية وإسالمية‪ ،‬ألن ما يجري يخدم املصالح الصهيونية‬ ‫ويدمر استقرار وأمن الدول العربية واإلسالمية ‪.‬‬

‫سواء أكان الحوثيون يسعون لحكم ذايت يف صعدة للسيطرة عىل البالد‬ ‫أم كانت تحركاتهم حقوقية ضد النظام وليست سياسة‪ .‬إال أنهم أضحوا‬ ‫عىل قدر من القوة بعد استفادتهم من عوامل داخلية وخارجية متر بها‬ ‫البالد‪ ،‬ففي الداخل ال ميكن إغفال كثري من العوامل التي أدت إلطالة عمر‬ ‫املواجهات‪ ،‬وساعدت الحوثيني يف الصمود أمام اآللة العسكرية طوال خمس‬ ‫سنوات ماضية‪ .‬وهذه العوامل‪:‬‬ ‫‪ -1‬العامل العقائدي واإليديولوجي الذي يعد مصدرا من مصادر قوة‬ ‫الحوثيني‪ ،‬إال أنه ال ميكن القول أنه العامل الحاسم يف امليدان‪.‬‬ ‫‪ -2‬من بني تلك العوامل ما يقال من وراء األبواب عن رصاع خفي بني نجل‬ ‫الرئيس اليمني أحمد عيل عبد الله صالح الذي يقود الحرس الجمهوري‪ ،‬وبني‬ ‫قائد املنطقة الشاملية عيل محسن األحمر‪ ،‬أما العامل الثاين فهو عامل‬ ‫املتأثرين عاطفيا وفكريا مبا يقوله الحوثيون من أن اإلمامة ي آل البيت‪ ،‬خاصة‬ ‫من قبل من يعتقد أن أنسابهم تؤهلهم للوصول إليها‪ ،‬ويتواجدون قي‬ ‫أماكن حساسة يف الدولة‪ ،‬ويربز هذا العامل جليا يف تظاهر البعض من‬ ‫هؤالء بحب الرئيس ونجله وإظهار الحقد الدفني تجاه (الجرنال) عيل محسن‬

‫ماهر رسي الدين‬

‫‪49‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫عماد فوزي شعيبي رئيس مركز المعطيات االستراتيجية لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫انتهت الحروب في المنطقة‬ ‫وإسرائيل لم تربحها نحن خسرناها‬

‫يف عام ‪ 2004‬ظن العامل أن سوريا لن‬ ‫تقوم لها قامئة‪ ،‬وأن نهاية هذا البلد املامنع‬ ‫واملقاوم قد أزفت‪ ،‬لكن سوريا التي ظن أنها‬ ‫األضعف يف شباط ‪ ،2004‬باتت هي األقوى‬ ‫عىل الساحة الدولية يف ‪ ،2009‬ليس ذاك‬ ‫وحسب‪ ،‬بل«باتت توزع األدوار عىل الدول من‬ ‫حولها‪ ،‬لتحتفظ لنفسها باملفتاح»‪ .‬حيث أن‬ ‫كل املعطيات تشري إىل أن االدارة األمريكية‬ ‫الجديدة تعمل عىل طأمنة السوريني‪ ،‬من حيث‬ ‫التشديد عىل الدور السوري يف املنطقة‪،‬‬ ‫واإليحاﺀ يف إمكانية قيام تعاون ولو بالحد‬ ‫األدنــى بني واشنطن ودمشق‪ .‬إضافة إىل‬ ‫السياسة الفرنسية الجديدة التي انتهجها‬ ‫الرئيس الفرنيس «ساركوزي» بانفتاحه عىل‬ ‫دمشق‪ ،‬واألهم هو االنفتاح السوري عىل‬ ‫تركيا واستطاعتها انتزاع تركيا من حضن‬ ‫الحلف اإلرسائييل األمرييك لتساهم يف خلق‬ ‫دور جديد لرتكيا يرتكز عىل معطيات جديدة‬ ‫أهمها قطع الحلف العسكري مع «إرسائيل»‬ ‫حتى ولو مل يتم ذلك عرب إعالن رسمي‪ .‬هذه‬ ‫املعطيات وغريها تؤكد دور سوريا اليوم عىل‬ ‫خارطة السياسة الدولية‪ ،‬وعمق نظرتها‬ ‫االسرتاتيجية‪ ،‬وصوابية خياراتها‪ ،‬التي أرغمت‬ ‫اإلدارة األمريكية عىل الرتاجع عن سياستها‬ ‫نحو دمشق‪ ،‬حيث بات الخيار املمكن أمام هذه‬ ‫اإلدارة هو التسوية‪ ،‬وهذا ما يؤكده الدكتور‬ ‫شعيبي إضافة إىل محاور أخرى كانت مثار‬ ‫حوار مع مجلة منرب التوحيد‪.‬‬ ‫نبدأ من رؤيتكم ملوقع سوريا اليوم عىل الساحة‬ ‫الدولية واإلقليمية!‬ ‫لن أبالغ وأتحدث بلغة سورية وسأحاول أن أكون‬ ‫موضوعيا قدر جهدي‪ ،‬فهنالك وقائع قامئة عىل‬ ‫األرض تنطلق من قواعد العمل السيايس‪ ،‬ومن التي‬ ‫تقول أحد قواعدها أن من يطلق آخر طلقة وينترص‬ ‫هو من يحكم‪ ،‬وسوريا بعد حرب ‪ 2006‬يربر لها أن‬ ‫تحكم املنطقة‪ ،‬ألن حرب ‪ 2006‬حرب إسرتاتيجية بكل‬ ‫املقاييس‪ ،‬فعادة يف العمل العسكري أو السيايس‬ ‫الحرب امتداد للعمل الدبلومايس وإن بوسائل‬ ‫أخرى وهذه قاعدة «كالوز بيتش» الشهرية‪ ،‬هناك‬ ‫أكرث من تعريف للحرب لكنها يف القانون الدويل‬ ‫هي دبلوماسية العنف‪ ،‬أي ما مل نستطع أخذه‬ ‫بدبلوماسية املفاوضات والسلم نحققه بدبلوماسية‬ ‫الحرب‪ ،‬حيث ال يوجد حرب للحرب‪ .‬والحروب أنواع حرب‬ ‫للتحريك‪ ،‬وحرب لرسم وقائع جديدة تشكل نوعا أو‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫درجة أعىل يف عملية التحريك السيايس وحرب‬ ‫‪2006‬من هذا املستوى‪.‬‬ ‫ما الذي حدث يف حرب ‪ 2006‬ليجعل منها حربا‬ ‫من هذا املستوى؟‬ ‫كانت نظرية املحافظني الجدد (العامء الخالق) والتي‬ ‫ترتجم خطأ بالفوىض الخالقة‪ ،‬تقول برضب العراق‬ ‫ثم نثني يف لبنان ونخرج القوات السورية‪ ،‬ثم نغري‬ ‫السياسة السورية فالسعودية والجائزة الكربى مرص‪.‬‬ ‫هذه كانت قاعدة املحافظني الجدد التي عرب عنها‬ ‫بوضوح «ريتشارد بريل»‪ ،‬وبدأوا بالعراق وثنوا يف لبنان‪،‬‬ ‫الذي كانت العملية تقوم فيه عىل عدة خطوط‬ ‫أولها إخراج السوري واالستيالء عىل رئاسة الحكومة‪،‬‬ ‫فرئاسة املجلس النيايب‪ ،‬ومن ثم رئاسة الجمهورية‬ ‫وتطويق حزب الله شعبيا وحكوميا‪ ،‬ورضبه عسكريا‬ ‫من قبل إرسائيل‪ ،‬واالنتقال إىل رضب سوريا إلجبارها‬ ‫عىل تغيري منط سلوكها‪ .‬حرب ‪ 2006‬إسرتاتيجية من‬ ‫هذا املقياس‪ ،‬وصحيح أن السوريني خرجوا من لبنان‬ ‫ولكن أذىك ما فعلوه هو التمديد للرئيس اميل لحود‪،‬‬ ‫ألن التمديد منع «املدحلة» األمريكية من االستمرار‬ ‫باتجاه الرئاسة ورئاسة مجلس النواب‪.‬‬ ‫فحرب ‪ 2006‬التي كانت تقوم عىل محاولة إنهاء‬ ‫املقاومة وااللتفات إىل سورية‪ ،‬والتي كانت نتيجتها‬ ‫أن اإلرسائييل مل يستطع أن يتقدم وال خطوة عىل‬ ‫األرض اللبنانية‪ ،‬والنقطة الثانية األكرث خطورة أن‬ ‫«العمق املدين اإلرسائييل» أصبح ألول مرة غري آمن‪،‬‬ ‫ونظرية العسكرية اإلرسائيلية التي تقوم عىل نقل‬ ‫الحرب إىل أرض «اآلخرين» ومقايضة عمقه املدين «‬ ‫مع العمق املدين للغري» قد دمرت‪ ،‬وألول مرة يدمر‬ ‫مذهب «إرسائيل» العسكري‪ ،‬وأمريكا قد توقف‬ ‫مرشوعها‪ ،‬ألنه إذا كانت مهمة العمل العسكري ملا‬ ‫هو محيط بـ «إرسائيل» هو من مسؤولية «إرسائيل»‬ ‫بالتفاهم مع الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬إذا كان‬ ‫هذا الكالم هو املقياس فإن املرشوع األمرييك فشل‬ ‫بتحويل «إرسائيل» إىل موقع خطري‪ .‬بهذا املعنى‬

‫‪50‬‬

‫حزب الله وسوريا أنجزا حالة إسرتاتيجية جديدة‪ ،‬ولو‬ ‫أراد حزب الله أن يحكم يف لبنان لحكم‪ ،‬ولو أرادت‬ ‫سوريا أن تحكم يف املنطقة لحكمت‪ ,‬سوريا تقوم‬ ‫بتوزيع األدوار من موقع أنها املنترص‪ ،‬ومن موقع أنها‬ ‫ال تريد أن تنفرد‪ ،‬وأنها تفهم وتتفهم أن التوازن يف‬ ‫املنطقة يحتاج إىل الجميع‪.‬‬ ‫بهذا املعنى هل انتهت الحروب؟‬ ‫نعم انتهت الحروب مبعنى أن آخر طلقة أطلقت‬ ‫كانت تلك الحرب‪ ،‬ألنه مبقاييس الحروب يجب أن‬ ‫يكون هناك ضامن ألسباب الحرب ومسارها والنتائج‬ ‫املرتتبة عليها‪ ،‬وكيف هو سبيل الخروج من الحرب؟ و‬ ‫«إرسائيل» تستطيع فقط ضامن أسباب الحرب‪ ،‬وال‬ ‫ميكنها تعيني املسار وال النتائج وال تستطيع الخروج‬ ‫منها‪.‬‬ ‫هناك وجهة نظر يروج لها تقول بأن حزب الله قد‬ ‫اتخذ قرارا بعدم الحروب كونه غدا محارصا داخليا‬ ‫وعربيا وإقليميا ومل تعد الحروب بإمكانه؟‬ ‫القرار ليس لدى حزب الله بأن ال حرب‪ ،‬وحزب الله‬ ‫إن شئت هو اليوم وغدا وبعد غد يعترب أن الحرب‬ ‫رضورة الستعادة الحقوق‪ ،‬ولكن الحرب اآلن ليست‬ ‫للحرب‪ ،‬والسؤال هو ملاذا الحرب وكيف ميكن الخروج من‬ ‫الحرب؟ مبعنى ما هو الجنى السيايس من هذه الحرب‪،‬‬ ‫هل باستطاعتنا أن نجني جنى سياسيا‪ ،‬وهل هذا‬ ‫الجنى السيايس الذي ميكن أن نأخذه من الحرب هو‬ ‫اسرتاتيجي أم آين‪ ،‬يحقق مصلحة اآلن ويأخذها بعد‬ ‫غد أم يحقق مصلحة اآلن وبعد غد‪ ،‬هذه أسئلة كربى‬ ‫يف الحرب وحزب الله ليس صغريا بل هو عميق‪ ،‬لكنه‬ ‫يدرك أن «إرسائيل» ال ميكن أن تغامر بحرب تنقلها‬ ‫من املصيبة إىل الكارثة‪« ،‬إرسائيل»جربت املصيبة‬ ‫يف حرب‪ ،2006‬ورئيس األركان يقول «إن ترسانة حزب‬ ‫الله من الصورايخ هي عرشة أضعاف ترسانته اآلن»‪،‬‬ ‫«إرسائيل» مل تربح أي حرب من حروبها نحن الذين‬ ‫خرسنا هذه الحروب أو عىل األقل بعضها‪ ،‬وهي تعرف‬ ‫أنها إذا جربت مع حزب الله خاصة وأنهم يتحدثون‬

‫ليس عن صواريخ أرض‪ -‬أرض فقط بل عن صواريخ أرض‬ ‫جو‪ ،‬وإذا كان كالمهم صحيحا ومن دواعي رسوري أن‬ ‫حزب الله يترصف بهذا الذكاء العايل املستوى‪ ،‬ألنه‬ ‫إذا كان هذا الكالم صحيحا يعني أن الذراع املتطاولة‬ ‫لدى «إرسائيل» يف أي حرب وهي الطريان قد انتهى‪،‬‬ ‫إذا كيف يستطيعون أن يتقدموا برا وال يوجد لديهم‬ ‫غطاء جوي‪ ،‬وكيف ميكن لهم أن ميارسوا قاعدة األرض‬ ‫املحروقة‪ ،‬هذه الحرب مستحيلة لهذا السبب‪ ،‬وهي‬ ‫أكرث استحالة مع سوريا ألسباب عديدة‪.‬‬ ‫يف هذه الحالة نحن أمام حرب غري ممكنة من قبل‬ ‫«إرسائيل» وحزب الله ال يرى أنه من الواجب أن يقوم‬ ‫بها يف هذه املرحلة يف حسابات العمل العسكري‪،‬‬ ‫إذا هل هذا يعني أن حزب الله قد فقد معامالت القوة‪،‬‬ ‫هناك قوة بالفعل وقوة كامنة‪ ،‬وهذه القوة الكامنة‬ ‫هي أخطر بكثري من القوة بالفعل‪ .‬معامل القوة‬ ‫األساس هي القوة الكامنة والتي ميكن استخدامها‬ ‫يف اللحظة املناسبة‪ ،‬وهنا أستطيع أن أقول أن حزب‬ ‫الله ميتلك كل معامالت القوة‪ ،‬وكذلك سوريا‪ ،‬لكن‬ ‫األهم يف اللغة السياسية العقالنية كيف ندير‬ ‫معامالت القوة وهذا ما تقوم به سوريا وحزب الله‪،‬‬ ‫إنها أعىل إدارة عقالنية ملكامن القوة‪.‬‬ ‫طاملا أن إرسائيل ليس بإمكانها أن تقوم بحرب‬ ‫يف املدى املنظور‪ ،‬مباذا نفرس تعنتها إذا يف عملية‬ ‫السالم ووضعها العيص يف دواليب؟‬ ‫اإلرسائيليون أذكياء وأغبياء‪ ،‬أذكياء ألنهم يدركون‬ ‫أنهم إذا ذهبوا إىل طاولة املفاوضات وهم مهزومون‬ ‫اسرتاتيجيا يعني تكريس الهزمية بنتائج عىل األرض‬ ‫سياسية أكرث هزامئية‪ ،‬لذلك هم يحاولون أن‬ ‫يستهلكوا الوقت لتحسني موقعهم التفاويض من‬ ‫خالل تأخري املفاوضات أو تأجيلها‪ ،‬ولكني أقول لك أن‬ ‫املفاوضات قادمة‪ ،‬شاء «نتنياهو وليربمان» أم أبوا‪.‬‬ ‫هذا يعني أن خيار املفاوضات مل يسقط؟‬ ‫ال‪ ،‬أبدا مل يسقط خيار املفاوضات وهذا تفصيل‪،‬‬ ‫وبعد قليل وحسب تصوري سرنى تحوال دراماتيكيا يف‬ ‫الوضع الحكومي يف «إرسائيل»‪ ،‬وقد يخرج «ليربمان»‬ ‫ويأيت بدال عنه «كادميا» أو تأيت حكومة متكاملة‪ ،‬فأنا‬ ‫لست مقتنعا أن «نتنياهو» هذا «األزعر» التافه الذي‬ ‫يبدي تشددا‪« ،‬نتنياهو» براغاميت بالنتيجة النهائية‪،‬‬ ‫ولكن وضع حكومته ورغبته برفع السقف عاليا هو‬ ‫الذي يجعله يأخذ هذا املوقف املتشدد‪« ،‬نتنياهو» مل‬ ‫يقم بأي حرب وال يف أي مرحلة‪ ،‬كله كالم يف الهواء‪،‬‬ ‫ومن يتكلم يف الهواء أخطر بكثري من الذين يقومون‬ ‫بالحروب‪ .‬لذلك أنا لست معوال عىل «نتنياهو»‪.‬‬ ‫تعوييل عىل أن عجلة املرشوع السلمي يف املنطقة‬ ‫ال يستطيع «نتنياهو» وال غريه تحديها‪.‬‬ ‫إذا أنت ترى أن إدارة «أوباما» تريد حقا تسوية‬ ‫للرصاع العريب اإلرسائييل يف املنطقة وهي جادة‬ ‫يف خيار التسوية؟‬ ‫ال بد وليس لها خيار غري ذلك‪ ،‬اليوم األمريكيون‬ ‫بعد تقرير الحكامء الذي قدم للرئيس «أوباما» والذي‬ ‫يعمل به‪ ،‬يقول التقرير بكل رصاحة عليك أن تنهي‬ ‫الرصاع العريب اإلرسائييل‪.‬‬ ‫وماذا عن املظاهرات التي بدأت تخرج ضد‬ ‫سياسة «أوباما» واالنتقادات التي توجه ضده يف‬ ‫الداخل األمرييك؟‬ ‫أمريكا تيارات مختلفة وهذا كالم صحيح‪ ،‬ولكن‬

‫يف العمل السيايس ال يجوز أن نبقى يف النظريات‬ ‫العامة‪ ،‬وال يجب أن نغرق يف التفاصيل الصغرية‪ ،‬بل‬ ‫ال بد من الجمع بني االثنني‪ ،‬وأنا أقول أن الخط العام‬ ‫الذي يسري هو عملية السالم‪ ،‬نعم هناك تفاصيل‬ ‫معطلة من إرسائيليني وأمريكان يف اإلدارة األمريكية‬ ‫الحالية ال زالوا من اإلدارة السابقة وهذا أمر قائم‪ ،‬وأنا‬ ‫أول من كتب ضد «فلتامن» وقلت أنه من املحافظني‬ ‫الجدد وحسب معلومايت أن اإلدارة األمريكية يف‬ ‫بريوت ترجمت املقالة وأرسلت بها إىل الوزيرة‬ ‫«كلنتون» التي رفعتها بدورها إىل الرئيس «أوباما»‬ ‫فشكل وفدا مع «فيلتامن» أضاف له شخصا من‬ ‫البيت األبيض‪ ،‬وعندما أىت «فيلتامن إىل سوريا‬ ‫قام بترسيب ذلك وحاول تبييض صفحته‪ ،‬وأنا عىل‬ ‫قناعة بأنه هو اللغم يف مرشوع السالم‪ ،‬هو يقول‬ ‫بأنه ميثل إدارته‪ ،‬ولكن اإلدارة األمريكية مدركة بأنه‬ ‫ال ميكنه القيام بهذا الدور نظرا لتاريخه وارتباطاته‪،‬‬ ‫فشكلوا لجنة للسالم مؤلفة من ميتشل و»هوف»‬ ‫واألهم من «ميشتل» هو «هوف» مساعده وصاحب‬

‫وماذا عن الجوالن؟‬ ‫هناك مثل يقول «الطبل يف دوما والعرس يف‬ ‫حرستا» مبعنى أن كل ما يحدث هو لتهيئة مسار‬ ‫السالم عىل الخط السوري‪ ،‬وهذا ال يعني أنه بالرضورة‬ ‫سنصل إىل نتيجة‪ .‬مفاوضات السالم ستتمحور عىل‬ ‫املسار السوري لعدة اعتبارات‪ ،‬وإذا كان اإلرسائييل‬ ‫عىل هذا املستوى من الغباء قد ال يذهب إىل هذا‬ ‫املسار وال إىل ذاك‪ ،‬ويحاول املزيد من إضاعة الوقت‪،‬‬ ‫وسعادة املراقب االسرتاتيجي عندما يرى «إرسائيل»‬ ‫تضع نفسها يف مواجهة العامل‪« .‬إرسائيل» اليوم‬ ‫يف مواجهة مع أمريكا وأوروبا وخرست جزءا كبريا‬ ‫من العالقة مع تركيا‪.‬‬ ‫نبقى يف موقع سوريا عىل الساحة الدولية‬ ‫ونسأل ما الذي يحدث بني سوريا وتركيا؟‬ ‫تركيا تبحث لها عن موقع أكرث فائدة بالنسبة‬ ‫لالنضامم إىل االتحاد األورويب‪ ،‬وكلنا يذكر ترصيح‬ ‫“ساركوزي” عندما قال لن ندخل تركيا إىل االتحاد‬ ‫األورويب حتى ال تصبح حدود أوروبا يف آسيا مع‬

‫سوريا تقوم بتوزيع األدوار من موقع أنها املنترص‬ ‫«فلتامن» من املحافظني الجدد وهو اللغم يف مرشوع السالم‬ ‫غزة هي ساحة العمليات الوحيدة املفتوحة واملتبقية‪،‬‬ ‫واإلرسائييل يتحدث عن «تل أبيب» تحت مرمى صواريخ غزة‬ ‫هناك تحوال دراماتيكيا يف الوضع الحكومي يف «إرسائيل»‬ ‫وقد يخرج «ليربمان»‬ ‫خط «هوف»‪.‬‬ ‫هناك ترسيبات تقول بأنه رمبا يبعد ميتشل»‬ ‫عن إدارة ملف السالم يف الرشق األوسط؟‬ ‫أنا مل أسمع بهذا الكالم ورمبا تكون هذه الترسيبات‬ ‫هي من باب الضغط عىل الحكومة اإلرسائيلية مبعنى‬ ‫أنكم سببتم لنا مشكلة‪ ،‬أو رمبا هو للبدء بالضغط‬ ‫عىل إرسائيل‪.‬‬ ‫وماذا عن الوضع الفلسطيني؟‬ ‫ما يحدث هو سجال بني «إرسائيل والفلسطينيني‪،‬‬ ‫الوضع يف «إرسائيل» بعد حرب ‪ 2006‬يقول إما‬ ‫بذهابهم إىل السالم أو إىل مصيبة الحرب‪ ،‬لذا هم‬ ‫يلعبون لعبة الالحرب والالسلم‪ ،‬ولكن هناك أطراف‬ ‫أخرى قد ال تسمح لهم بهذه اللعبة خاصة وأن‬ ‫خالصهم حسب اليهود األمريكيني هو يف السالم‪.‬‬ ‫وماذا عن غزة؟‬ ‫هي ساحة العمليات الوحيدة املفتوحة واملتبقية‪،‬‬ ‫ويجب االستعداد لهذا‪ ،‬واإلرسائيليون باتوا يتحدثون‬ ‫عن أن «تل أبيب» أمام مرمى الصواريخ القادمة من‬ ‫غزة‪ ،‬ميزة األطراف األخرى يف العملية أنها ذكية‬ ‫وتعمل عىل قضم الوقت برسعة وتحرض نفسها‬ ‫للجوالت الثالثة والرابعة‪ ،‬يجب علينا جرب الظروف‬ ‫املتحجرة عىل الرقص بأن نغني لها لحنها ذاته‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫سوريا‪ .‬اليوم بهذه العالقة تستطيع أن تضمن تركيا‬ ‫لسوريا عالقة باالتحاد األورويب وتصبح جرسا بني‬ ‫آسيا وأوروبا‪ .‬ومن جهة أخرى تكون تركيا قد أوجدت‬ ‫لنفسها هوية يف املنطقة كدولة ذات امتداد تاريخي‬ ‫يف املرشق العريب البعد العثامين‪ ،‬ومل تعد هويتها‬ ‫أوروبية رصفة‪ .‬إن هذا أجرأ قرار اسرتاتيجي اتخذته‬ ‫تركيا منذ “أتاتورك”‪ ،‬وميكن أن نقول بأن سوريا بنظرية‬ ‫الرئيس بشار األسد ربط البحار األربعة فتحت‬ ‫لرتكيا هذه البوابة‪ .‬السوريون يعملون عىل نظرية‬ ‫وأكرث إسرتاتيجية‬ ‫إسرتاتيجية مبنتهى العمق‬ ‫منذ إنشاء الجمهورية العربية السورية‪ ،‬ويجسدون‬ ‫موقعهم الجغرايف كعقدة وصل بني آسيا وأفريقيا‬ ‫وأوروبا ويوزعون أدوارا عىل الجميع اإليراين والرتيك‬ ‫وبعض الدول العربية لكن املفتاح يف دمشق‪..‬‬ ‫قد يرى البعض أن هناك مبالغة يف دور سوريا‬ ‫يف املنطقة؟‬ ‫ألنهم ال يدركون املوقع الجيواسرتاتيجي» لسوريا‬ ‫التي تصنع تاريخا جديدا لألمة من خالل عملية‬ ‫ربط البحار األربعة بحيث إذا نجحت هذه العملية‬ ‫سنتحدث عام قبل وما بعد البحار األربعة وستكون‬ ‫نقطة انعطاف يف املنطقة بأكملها‪.‬‬

‫دمشق‪ -‬هدى مطر‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫حوار‬

‫خسرنا التزامات لبنان األخالقية أمام الشعب الفلسطيني‬

‫مروان عبد العال لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫صبرنا كثيراً إلعمار مخيم نهر البارد وقد نفقده‬ ‫تعرض الشعب الفلسطيني ألنواع مختلفة من‬ ‫النكبات‪ ،‬ومأساته ما زالت فصولها متواصلة‪ ،‬ورغم ذلك‬ ‫قاوم واستبسل يف الدفاع عن وجوده‪ ،‬ومتسك بحقه يف‬ ‫العودة إىل أرض اآلباء واألجداد فلسطني‪ ،‬وقدم التضحيات‬ ‫الجسام ورضب أمثولة للعامل أجمع‪ ،‬ورغم هول املأساة‪،‬‬ ‫ما زالت إرادة الحياة هي العامل الفاعل يف يقني هذا‬ ‫الشعب ووجدانه‪ ،‬متسلحا بالوعي والصرب‪ ،‬وبقي األمل‬ ‫كبرياً‪ ،‬عيونه مشدودة إىل فلسطني وبرتقالها وزيتونها‬ ‫ومقدساتها‪.‬‬ ‫وقدر هذا الشعب أن يحتمل هول املأساة مرات ومرات‪،‬‬ ‫ويف املخيامت الفلسطينية ميكن للمرء أن يقرأ اللوحة جيداً‪،‬‬ ‫شعب يعاين األمرين ولكنه يتمسك بالهوية‪ ،‬ويعض عىل‬

‫وينتظر‬

‫لحظة‬

‫العودة‬

‫إىل‬

‫فلسطني‬

‫الجراح مهام كربت‪،‬‬ ‫ومدنها وقراها وبستانيها‪.‬‬ ‫ويف مخيم البارد ورغم الدمار‪ ،‬متكن الفلسطيني من‬ ‫االنتصار عىل الفتنة‪ ،‬وألن املصري واحد واألرض واحدة‪ ،‬احتضن‬ ‫لبنان أبناء فلسطني ودفع الفاتورة التي تليق‪ ،‬واليوم نحن‬ ‫أمام مرحلة جديدة تحتاج إىل رص الصفوف وترتيب األولويات‪،‬‬ ‫والجهود اليوم تنصب إلعادة أعامر املخيامت العزة والكرامة‬ ‫والحفاظ عىل الهوية استعداداً ليوم العودة إىل فلسطني‬ ‫الحبيبة‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” تحاور الرفيق مروان عبد العال‪ ،‬عضو‬ ‫فلسطني‬ ‫لتحرير‬ ‫الشعبية‬ ‫للجبهة‬ ‫السيايس‬ ‫املكتب‬ ‫واملوضوع هو مخيم نهر البارد وجهود إعادة أعامره‪:‬‬ ‫ما هي األسباب الحقيقية وراء عملية التأخري الحاصلة يف إعادة‬ ‫إعامر مخيم نهر البارد ؟‬ ‫بداي ًة ال يسعني إال تقديم التحية ملجلتكم الغ ّراء‪ ،‬يف تناول نقطة‬ ‫مق ّررة يف صياغة العالقات الفلسطينية – اللبنانية‪ ،‬وأعني فيها الوفاء‬ ‫بوعد إعادة إعامر مخيم نهر البارد‪ ،‬ألن االلتزام بالوعد‪ ،‬سيعكس صدقية‬ ‫سياسية وأخالقية وإنسانية‪ ،‬لها بعدها الوطني والقومي‪ ،‬يف التعاطي‬ ‫مع الشعب الفلسطيني‪ ،‬رمبا ستشكل حجر األساس يف صياغة عالقة‬ ‫أخوية‪ ،‬تزيل شوائب املايض‪ ،‬ملا سيتأسس عىل هذه الخطوة‪ .‬أقول ذلك‬ ‫باعتبار ّأن النظر لهذا األمر‪ ،‬يحتل مكاناً أساسياً يف الواقع الفلسطيني‬ ‫يف لبنان مبختلف أطيافه االجتامعية والسياسية‪.‬‬ ‫وال شك ّأن الوقت من دم وأمل ومعاناة‪ ،‬واالنتظار ليس بالقضية‬ ‫الهينة إن المسنا حجم املأساة والظلم والغضب الذي يشعر به الناس‬ ‫الذين بال بيوت لهم‪ ،‬ويعيشون يف املؤقت واالضطراري والطارئ وداخل‬ ‫مجمعات من “ الربكسات “ بكل مواصفاتها الالإنسانية‪.‬‬ ‫إذا كان من قضية خلقت الشك اإلنساين يف ذهنية أبناء البارد‪ ،‬هي‬ ‫عملية التأخري يف املرشوع وتحقيق ما تم الوعد به‪ ،‬من خطاب القسم‬ ‫لفخامة الرئيس ميشال سليامن‪ ،‬إىل البيان الحكومي وااللتزامات التي‬ ‫قطعت‪ ،‬محلياً ودولياً برضورة اإلعامر‪.‬‬ ‫التأخري رسمياً عامان ونصف‪ ،‬والعقبات متعددة تبدأ من مرحلة‬ ‫إزالة الركام‪ ،‬أي تسوية املخيم القديم باألرض بكافة أبنيته‪ ،‬وبعدها ما‬ ‫سمي مبرحلة نزع األلغام‪ ،‬وصوالً إىل استمالك أرض املخيم القديم‪ ،‬ووضع‬ ‫مخطط توجيهي وتنظيم مدين للبناء‪ ،‬وكل مرحلة من هذه املراحل‬ ‫كان دونها املصاعب الج ّمة‪ .‬وهي ليست باألمر الهي‪.‬‬ ‫وصوالً إىل جمع األموال من خالل مؤمترات عدة حيث ما التزم به دفرتياً‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪52‬‬

‫مل يقدم ربع املبلغ عملياً‪ ،‬وبحيث أن املخيم القديم وزع إىل رزم‪ّ ،‬‬ ‫فإن األموال‬ ‫املتوفرة للبناء هي للرزم الثالث األوىل فقط‪ .‬ورمبا أردنا مبارشة العمل‪،‬‬ ‫لتقديم حافز لكافة الدول التي وعدت وخاصة الدول العربية‪ّ ،‬‬ ‫بأن اإلعامر‬ ‫قد بدأ‪ ،‬حتى تبارش بالدفع أو االلتزام مبارشة ببناء الرزم الباقية‪.‬‬ ‫يقال أن املبالغ الالزمة إلعادة األعامر يف املخيم القديم والجديد‪،‬‬ ‫واملناطق اللبنانية املجاورة تحتاج إىل ما يقارب (‪ )450‬مليون دوالر‪ ،‬وهي‬ ‫التي طلبت يف مؤمتر “فيينا” من املجموعة الدولية يف حزيران ‪،2008‬‬ ‫والسؤال‪ :‬هل األسباب املالية هي وراء تأخري عملية األعامر ؟‬ ‫أجبت يف املقدمة عىل هذا السؤال ولكن أنا ذكرت سبب آخر‬ ‫افرتايض فهو املتعلق باملخيم الجديد‪ ،‬فاملعروف أن له نظرة خاصة‪ .‬أوالً‬ ‫هو ملكية ساكنيه من الفلسطينيني‪ ،‬ولكنها ملكية غري مسجلة‬ ‫بحكم قانون التملك املجحف بحق الفلسطينيني الصادر عام ‪،2001‬‬ ‫والذي مينع الفلسطيني من التملك‪ ،‬وثانياً ّأن املخيم الجديد يحوي مباين‬ ‫تحتاج لرتميم‪ ،‬وقد قام أصحابها برتميمها عىل نفقتهم‪ ،‬وهناك أكرث‬ ‫من مئة مبنى مدمر بالكامل‪ ،‬ورغم وجود مؤسسات أوروبية مستعدة‬ ‫للبناء إال أن عدم وضوح النظرة لطبيعة املخيم الجديد والتعاطي‬ ‫القانوين معه‪ ،‬ما زالت تؤثر عىل استئناف العمل‪ ،‬وقد وضعت آليات‬ ‫باملشاركة الفنية األوروبية واللبنانية واألونروا والفلسطينية لرتميم‬ ‫ومتابعة البنى التحتية يف املخيم الجديد‪ّ .‬‬ ‫إن البريوقراطية اإلدارية بهذا‬ ‫املعنى تقف عام ًال مؤخراً دامئاً‪ ،‬أضف إىل أن واقع البلد السيايس ال‬ ‫ميكن إغفاله‪ ،‬يف محاوالت رسم أبعاد للبناء بداعي التوطني وغريها‪،‬‬ ‫عل ًام أنه مخيم مبا يحتويه املخيم من ذاكرة وطن وهوية يعاد بناؤه‬ ‫ألنه تد ّمر وليس مكاناً إسكانياً لالجئني‪ .‬بقاء املخيم هو بقاء الهوية‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫عملية إعادة اإلعامر قد انطلقت منذ فرتة‪ ،‬ولكنها أظهرت وجود‬ ‫آثار يف هذه املنطقة مام أدى إىل توقيف هذه األعامل‪ ،‬هل تم إيجاد حل‬ ‫لهذه املعضلة ؟‬ ‫قصة اآلثار هي التي ما زلنا نعيش فصولها حتى الساعة والتي أدت‬ ‫إىل أخذ قرار من مجلس شورى الدولة بوقف طمر اآلثار التي تم العثور‬ ‫عليها‪ ،‬بداعي ّأن مثة آثار من الجرمية إخفاؤها أو طمرها‪.‬‬ ‫تم تذليل‬ ‫لقد فوجئنا بالقرار‪ ،‬وأقول لعدم صدمة أهايل املخيم فبعد أن ّ‬ ‫كل العقبات السابقة تقريباً‪ّ ،‬‬ ‫وأن مديرية اآلثار عاينت اآلثار التي تم العثور‬ ‫عليها من أعمدة غرانيت قدمية وغريها‪ ،‬صنفت هذا الجزء بأنه من النوعية‬ ‫الثالثة‪ ،‬التي يتم طمرها وفق املعايري العاملية املعروفة‪ ،‬وليس من الصنف‬ ‫األول الذي يتم جلبه إىل املتحف مث ًال أو الصنف الثاين الذي يتم إظهاره‪.‬‬ ‫رص الرتبة وطمر اآلثار وفق املعايري‪،‬‬ ‫وفع ًال بدأت الجهات الهندسية يف ّ‬ ‫إال ّأن الحديث أن مثة مدينة مفرتضة وضائعة منذ ألفني سنة اسمها‬ ‫“ أرتوزيا “ ويجب معاينتها ومعرفة مكانها‪ ،‬وعىل أبناء املخيم يف النزوح‬ ‫الصعب االنتظار ولكن الخسارة تكون مضاعفة من خالل‪ :‬أوالً‪ :‬فقدان‬ ‫الصرب ألنه سيجعل من اإلعامر أم ًال ميؤوسا منه‪ ،‬بل يتحول املخيم املدمر‬ ‫إىل منوذج سلبي يدفع الفلسطينيني إما نحو البحث عن مكان آخر‪،‬‬ ‫أي تذويب ودمج وتهجري الفلسطيني من جديد‪ ،‬وهذه املرة أربعني ألف‬ ‫فلسطيني بالجملة‪.‬‬ ‫وثانياً‪ :‬خرسنا التزامات لبنان األخالقية أمام الشعب الفلسطيني‬ ‫والعامل‪ ،‬ومن سيدفع لإلعامر إن مل نبدأ بالرزم الثالث‪ .‬والسؤال املؤمل‬ ‫هل نبحث عن آثار تحت األرض باعتباره هوية وتراث وقيمة‪ ،‬ونفقد الهوية‬ ‫فوق األرض ؟؟‬ ‫ومنعاً لالستخدام وتحويل القضية إىل اشتباك وزج للموضوع‬ ‫الفلسطيني مع الجهة الطاعنة‪ ،‬كان ال بد من التواصل مع التيار الوطني‬ ‫الحر‪ ،‬إلظهار العقبات والكلفة السياسية واالجتامعية لوقف اإلعامر أو‬ ‫زحزحة املخطط التوجيهي أو حذف منطقة من املخيم‪ ،‬وأستطيع القول‬ ‫ّأن هناك الكثري من املسائل السياسية والفنية التي اتفقنا بشأنها‪،‬‬

‫وأظهر التيار الوطني حرصاً عىل إعادة ترسيع اإلعامر‪ ،‬وحفظ الهوية‬ ‫الفلسطينية واألثرية مبعايري دولية ونحن نعترب أن هذا سيؤثر عىل القرار‬ ‫القضايئ الحقاً‪ .‬وعرب مخرج الئق‪ ،‬يحفظ الهوية الفلسطينية من‬ ‫الضياع‪ ،‬ويجعل من اآلثار أرشيف األرض املحفوظ ألن الوجود الفلسطيني‬ ‫مؤقت والتاريخ ملك البلد‪.‬‬ ‫ما هي الجهات التي يقع عىل عاتقها املسؤولية يف إعادة اإلعامر ؟‬ ‫وما هو دور األونروا‪ ،‬والدولة اللبنانية‪ ،‬والفصائل الفلسطينية ؟‬ ‫مسؤولية اإلعامر واجب الحكومة اللبنانية أوالً‪ ،‬وعليها دور بتح ّمل‬ ‫نتائج الحرب الكارثية التي جرت‪ ،‬فالفلسطيني ضيف عىل األرض‬ ‫اللبنانية‪ ،‬والحكومة هي الجهة املقررة والراعية واملضيفة لهذا الوجود‪،‬‬ ‫عليها التزامات املضيف عىل األخ الضيف‪ ،‬كام يف قضية البارد لها‬ ‫مسؤولية سياسية وإجرائية‪ ،‬وخاصة لجهة اعتبار ّأن أرض املخيم هو‬ ‫من األرايض اللبنانية‪ ،‬لذلك للوزارات اللبنانية مسؤولية يف تأمني‬ ‫الخدمات وليس القطع السائد يف العديد من املخيامت‪ ،‬حتى يشعر‬ ‫الفلسطيني بأنه يعيش بأمان إنساين وسيايس واجتامعي وقانوين‬ ‫يكفل الحقاً حفظ األمن الشامل‪ ،‬للضيف واملضيف‪ ،‬وهذا يكمن يف‬ ‫التعاطي مع القانون بوضع قوائم للحقوق والواجبات‪ ،‬بل األهم اعتبار‬ ‫لب الرصاع وهي قضية‬ ‫ّأن للفلسطيني هوية‪ ،‬وقضية ما زالت يف ّ‬ ‫العودة‪.‬‬ ‫أما األونروا فهي شاهد دويل عىل قضية الالجئني‪ ،‬ولها مسؤولية عن‬ ‫كل ألجيء فلسطيني أينام كان يف املخيم أو خارجه ويف بناء املخيم‪ ،‬هي‬ ‫تقوم بخدماتها وعرب هيئة طوارئ تشكلت منذ نشأ الوضع القائم اآلن‪،‬‬ ‫هي التي تستلم األموال من الحكومة للبناء‪ ،‬وهي التي تصمم املخططات‬ ‫الهندسية‪ ،‬وتعطي التعهدات للبناء مبشاركة ثالثية نريدها حقيقية‬ ‫بني األطراف الثالث الحكومة واألونروا والطرف الفلسطيني‪.‬‬ ‫الطرف الفلسطيني أعني فيه هيئة املتابعة العليا إلعامر البارد‪ ،‬والتي‬ ‫تشكلت أخرياً‪ ،‬وهي تضم كافة الفصائل الفلسطينية من منظمة‬ ‫التحرير والفصائل الفلسطينية‪ ،‬ولها الصفة الرسمية مع كافة‬ ‫الجهات اللبنانية والدولية‪ ،‬وهي الغطاء الفلسطيني لكافة املؤسسات‬ ‫االجتامعية والجامهريية يف املخيم‪ ،‬وكذلك الهيئات الفنية الهندسية‬ ‫املشاركة يف التخطيط والبناء‪ ،‬مهمتها يف التوجه باملطالب وفرض‬ ‫الرشاكة ورسم السياسات ومعرفة ما نريد وما ال نريد‪ ،‬مع الحكومة‬ ‫واألونروا والهيئات الدولية املانحة‪ ،‬بل هي رقيبة عىل نوعية البناء وسامع‬ ‫رأي األهايل وقبول الطعون والشكاوى‪ ،‬واألهم ّأن الفصائل ال تتخىل‬ ‫عن كون املخيم فضاء سياسيا له كأحد رشوط الهوية الفلسطينية‪،‬‬ ‫ويعتمد عىل قدرتها يف املشاركة عىل اإلدارة السياسية والجامهريية‬ ‫واألمنية‪ ،‬وتعرف حدود مسؤولياتها ومسؤولية اآلخرين‪ .‬املخيم اآلن يف‬ ‫حالة عسكرية يف حالة طوارئ ومهمتنا نقله تدريجياً إىل الحالة املدنية‬ ‫الطبيعية‪ ،‬يك يستعيد الحياة ويستعيد دوره‪.‬‬ ‫ما هي الرسالة التي توجهونها ألهايل مخيم نهر البارد واملتعلقة‬ ‫بإعادة إعامر املخيم‪ ،‬ودراسة أوضاعهم وإمكانية التعويض عن الخسائر‬ ‫يف أعاملهم وأرزاقهم ؟‬ ‫أهل املخيم‪ ،‬كانوا مدرسة يف الصرب وزراعة األمل‪ ،‬وبفضل قدرتهم‬ ‫عىل التحدي عاد الجزء األكرب إىل املخيم‪ ،‬أقول لهم أنهم أفضل منوذج‬ ‫للفلسطيني‪ ،‬بل هو املدرسة التي ستعلمنا وتحملنا العبء واملسؤولية‪،‬‬ ‫وإن كان أملهم منّا بأن نختلف متى شئنا ولكن الجميع‪ ،‬أطمئنهم ّ‬ ‫بأن‬ ‫إعامر املخيم هي النقطة التي تجمع كل القوى ّ‬ ‫وأن اإلعامر سيتحقق‪،‬‬ ‫بفعل هذا األمل وبقوة البقاء وبتعاضد الجميع‪ .‬ونحن بكل ما أوتينا من‬ ‫قوة معهم‪ ،‬إلزالة آثار نكبتهم الثانية يف البارد حتى تزول آثار نكبتهم‬ ‫األوىل يف العودة إىل فلسطني‪.‬‬

‫أدهم محمود‬

‫‪53‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب فلسطيني‬

‫أوباما – نتنياهو – عباس‬

‫قمة ثالثية في نيويورك عالمة فشل‬ ‫ومسرحية بائسة بامتياز‬

‫يقول أحد الصهاينة يف صحيفة هارتس “نتنياهو يف السلطة”‪ ،‬عودي يا‬ ‫نفس إىل راحتك‪ ،‬ال خيبات أمل‪ ،‬ال مفاجآت‪ ،‬وال ثورات أعصاب‪ ،‬ملاذا؟ ببساطة‬ ‫شديدة‪ :‬ألنه ال توجد آمال‪ ،‬وال توجد وعود‪ ،‬وال توجد خطط‪.‬‬ ‫وحتى املحادثات‪ ،‬والسفرات واللقاءات السياسية يف املايض‪ ،‬مل تكن سوى‬ ‫جوالت الاليشء‪ ،‬وصلت اآلن إىل العدم املطلق‪ ،‬ال توجد اليوم سوى الرحالت‪،‬‬ ‫دون اللقاءات‪ ،‬دون محادثات‪“ ،‬نتنياهو” رافع علم “تخفيض مستوى التوقعات‪،‬‬ ‫ونبي برشى إنعدام البرشى‪ ،‬والذي كان يعترب يف املايض مجرد مثبط للفرح‪،‬‬ ‫عاد إىل الحكم عىل موجات اليأس ك َمن يحتفل بانتصار التجربة عىل األمل‪،‬‬ ‫ال خطط‪ ،‬وال حركة‪ ،‬وال أزمات ائتالفية”‬ ‫“اوباما” دعا عملياً إىل انسحاب إىل خطوط ‪ ،1967‬ولكنهم يف مكتب‬ ‫تم القضاء عىل كل فرصة‬ ‫“نتنياهو” يحتفلون عىل طريقتهم‪ ،‬بعد أن ّ‬ ‫الستئناف املسرية‪ ،‬واحتفاالت النرص يف املكتب إىل ذروتها؟‬

‫األمريكية عن مخاوفها من إجهاض العملية السياسية‪ ،‬بهدف ذر الرماد يف‬ ‫العيون‪ ،‬عىل حقيقة املواقف األمريكية الداعمة للكيان الصهيوين حيث‬ ‫وصلت إىل ميناء حيفا (‪ )15‬سفينة حربية من األسطول األمرييك وعرشات‬ ‫من طائرات النقل من طراز (غالسيك) حاملة معها مجموعة من كبار‬ ‫الضباط يف الجيش األمرييك‪ ،‬وبدأت أضخم تدريبات تجريها القوات األمريكية‬ ‫واإلرسائيلية‪ ،‬وأعربت “إرسائيل” عن رغبتها يف أن تبقي الواليات املتحدة‬ ‫جميع املعدّات واألجهزة املستخدمة يف “إرسائيل” ليك يتم استخدامها يف‬ ‫حاالت الرضورة املستقبلية‪.‬‬ ‫املصادر الفرنسية ذكرت‪ ،‬أن رئيس أركان الجيش اإلرسائييل “غايب اشكنازي”‬ ‫قال‪ :‬إن املناورات اإلرسائيلية – األمريكية‪ ،‬الهدف منها هو اختبار أنظمة‬ ‫مضادة للصواريخ‪ ،‬وتقول املصادر‪ ،‬إن “اشكنازي” مل يستبعد توجيه رضبات‬ ‫عسكرية موجعة لألذرع اإلقليمية إليران كتجديد املواجهة مع حليفها حزب‬ ‫الله يف لبنان‪ ،‬أو تكرار عملية مشابهة لعملية الرصاص املسكوب يف قطاع‬ ‫غزة‪ ،‬وتأيت مثل هذه الترصيحات كام أشار املعلقون نتيجة لشحنة الثقة‬ ‫الزائدة بالنفس التي يشعر بها أعضاء حكومة “نتنياهو”‪ ،‬وهذه الثقة باتت‬ ‫مفرطة جراء انثالم حربة التهديدات األمريكية يف األسابيع الفائتة‪ ،‬وبدأت‬ ‫جولة “ميتشل” الحالية أقرب إىل الواعظ منها إىل إدارة أو قيادة العملية‬ ‫بالسياسة املفرتضة يف املنطقة‪ ،‬بعد أن تم تسخري كل أبواق الدعاية‬ ‫األمريكية بأن املفاوضات السياسية ستستأنف يف املنطقة‪.‬‬ ‫فالحديث عن تحريك عملية السالم غدا أقرب إىل الحديث الفارغ يف القمة‬ ‫الثالثية التي فرضها الرئيس “باراك اوباما” عىل كل من رئيس الحكومة‬ ‫اإلرسائيلية “بنيامني نتنياهو” ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس‪.‬‬ ‫ويشعر األمريكيون بأن التفاخر الذي أبداه قادة “إرسائيل” بإجبار السلطة‬ ‫الفلسطينية عىل سحب تأييدها إقرار تقرير “غولدستون” يف مجلس حقوق‬ ‫اإلنسان قلل من فرص العودة إىل طاولة املفاوضات‪ ،‬وكذلك األمر فإن إعادة‬ ‫تبني مجلس حقوق اإلنسان تقرير “غولدستون” مل يغري من صورة املشهد‬ ‫أيضا‪ ،‬وبدا واضحاً أن الكيان الصهيوين يقفل أبواب التسوية املفرتضة التي‬ ‫نادى بها الرئيس األمرييك “باراك أوباما” وهذا ينسجم مع ترصيحات ومواقف‬ ‫وزير الخارجية اإلرسائييل الذي رسب فحوى وثيقة أو تقرير يؤكد وبشكل‬ ‫واضح استحالة تحقيق تسوية دامئة مع العرب يف السنوات القريبة‪ ،‬ويشدد‬ ‫عىل تحسني الوضع عىل األرض والعودة ملقولة السالم االقتصادي التي تحدث‬ ‫عنها‪ ،‬مراراً رئيس الحكومة اإلرسائيلية “بنيامني نتنياهو”‪ ،‬والهدف النهايئ‬

‫األقىص يف خطر‬ ‫شهدت األسابيع املاضية زيادة حدة التوترات يف القدس‪ ،‬إثر مواجهات بني‬ ‫الفلسطينيني املدافعني عن املسجد األقىص وقطعان املستوطينني الصهاينة‬ ‫وعنارص من الرشطة اإلرسائيلية حاولت اقتحام املسجد األقىص عدة مرات‬ ‫عشية عيد الغفران وعيد العرش اليهوديني‪ ،‬ويف هذا الوقت تزايدت أعامل الحفر‬ ‫اإلرسائيلية قرب الحرم القديس والتي من شأنها إضعاف أساسات املسجد‬ ‫األقىص‪ ،‬وكل املصادر أفادت أن األقىص ينهار تدريجياً بسبب هذه الحفريات‪.‬‬ ‫وبينام واصلت السلطات الصهيونية فرض الطوق األمني عىل املسجد‬ ‫األقىص ومنعت الفلسطينيني دون سن الخمسني من الدخول إىل هناك‪،‬‬ ‫رسعان ما اندلعت املواجهات والتي شملت أنحاء متفرقة من البلدة القدمية‪،‬‬ ‫واندلعت مواجهات يف مخيم الالجئني يف “شعغاط” بني عدد من الشبان‬ ‫الفلسطينيني والرشطة اإلرسائيلية‪ ،‬وكذلك فقد ُس ِجلت أحداث مامئلة يف‬ ‫حي الزيتون‪ ،‬ويف هذه األثناء كان املعتكفون داخل املسجد األقىص وعددهم‬ ‫نحو ثالمثائة شخص محارصين وظروفهم صعبة‪ ،‬ويف أعقاب األحداث‬ ‫األخرية‪ ،‬تح ّولت القدس إىل ثكنة من شدة الحشود العسكرية اإلرسائيلية‪،‬‬ ‫وترصيحات الصهاينة املعادية للعرب‪.‬‬ ‫إن “إرسائيل” تلعب بالنار يف قضية األقىص وأي مس به سيشعل ناراً‬ ‫ال ميكن إطفاؤها‪ ،‬حسب ما أشار إليه عدد من الفلسطينيني يف وصفهم‬ ‫الحتامل تصاعد املواجهات يف القدس‪ ،‬فاالحتالل يفرض القيود الرشسة‬ ‫والحاقدة أمام سمع وبرص العامل أجمع‪ ،‬والصهاينة يصعدون لحرب مستمرة‬ ‫هدفها هدم القدس الرشيف لبناء هيكلهم املزعوم‪ ،‬وبالتايل فإن الصمت‬ ‫العريب والعاملي املريب هو مشاركة يف هذه الهجمة العنرصية التي‬ ‫تستهدف القدس واألماكن اإلسالمية واملسيحية‪ ،‬والحل الوحيد املرتجى يف‬ ‫هذا الرصاع هو املقاومة ألنها السبيل الوحيد لتحرير األرض املغتصبة‪.‬‬

‫القلق األمرييك‪ ،‬مخادع‬ ‫وال تكفينا ترصيحات اإلدارة األمريكية التى تعرب عن القلق من أجواء التوتر‬ ‫املتصاعدة يف القدس واملناطق الفلسطينية األخرى‪ ،‬وتدّعي أنها تراقب عن‬ ‫كثب التطورات حول املسجد األقىص يف األسابيع األخرية‪ ،‬وعبرّ ت اإلدارة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪54‬‬

‫إزالة النزاع االرسائييل – الفلسطيني من صدارة جدول األعامل الدويل‪.‬‬ ‫وتعترب الوثيقة أنه ميكن الوصول إىل تسوية انتقالية بني الطرفني دون‬ ‫مسائل الحل النهايئ مبا فيها القدس‪ ،‬وحق العودة والحدود‪.‬‬ ‫وأمام التعنت اإلرسائييل ما زال املوقف األمرييك يراوح يف الحديث عن‬ ‫مفاوضات ستجري عىل أساس جدول محدد وعىل قاعدة دولتني لشعبني‪.‬‬

‫القمة الثالثية بائسة بامتياز‬ ‫وبعد القمة الثالثية‪ ،‬أعربت أوساط قريبة من رئيس الحكومة اإلرسائيلية‬ ‫“بنيامني نتنياهو” بأنه عرب عن ارتياحه لنتائج القمة التي جمعته يف “نيوريوك”‬ ‫بالرئيس األمرييك “باراك اوباما”‪ ،‬ورشكاء “نتنياهو” يف االئتالف الحكومي‪،‬‬ ‫فرسوا نتائج القمة عىل أنها ضوء أخرض ملواصلة البناء يف املستوطنات يف‬ ‫موازاة استئناف االتصاالت السياسية مع الفلسطينيني‪.‬‬ ‫ويرى النائب الصهيوين “داين دانون”‪ ،‬إن القمة أثبتت للرئيس األمرييك أن‬ ‫الكاريزما وحدها ال تحقق السالم‪“ ،‬وأن الرئيس الفلسطيني ليس رشيكاً جدياً‬ ‫قادراً عىل التوصل إىل سالم مع إرسائيل”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكان “ليربمان” وزير خارجية الكيان قد قال متهكام قبل أسابيع “إن‬ ‫املفاوضات بني إرسائيل والفلسطينيني مل تسفر خالل ‪ 16‬عاماً عن نتائج‬ ‫ولن تحقق نتائج خالل األعوام ال‪ 16‬املتبقية‪ ،‬وميكن التوصل يف أفضل الحاالت‬ ‫إىل تسوية مؤقتة”‪.‬‬ ‫ويرى بعض اإلرسائيليني “أنه ال يذكر قمة تعيسة وبائسة كقمة نيويورك‪،‬‬ ‫الزعامء الثالثة ظهروا كمن تقمصهم الشيطان وقاموا بعمل رغ ًام عنهم”‪.‬‬ ‫أما “نتنياهو” فقال‪“ :‬إن أجواء اللقاء كانت جيدة‪ ،‬وعرب عن اقتناعه بأن‬ ‫السلطة الفلسطينية باتت تدرك‪ ،‬بعدم رهن املفاوضات بتجميد البناء يف‬ ‫املستوطنات”‪ ،‬مطلب التجميد مات‪ ،‬وبدل التجميد يتحدث “نتنياهو” عن‬ ‫لحجم البناء‪ ،‬واملعلقون رأوا أن “نتنياهو” مل يخف ارتياحه لحقيقة أن “اوباما”‬ ‫عدل عن التجميد دون أن يطلب مقاب ًال من “إرسائيل” و”نتنياهو” مل يكن عىل‬ ‫علم مسبق بالتغيري”‪.‬‬ ‫أما مصادر السلطة الفلسطينية ما زالت تقول‪ :‬إن القمة الثالثية ال تعني‬ ‫إنطالق املفاوضات‪ ،‬والجانب الفلسطيني ما زال متمسكاً بوقف االستيطان‬ ‫قبل انطالق أي جولة من املفاوضات‪ ،‬والترسيع يف العملية ال ينبغي أن يكون‬ ‫عىل حساب الجوهر‪ ،‬والرتاجع لن يؤدي إىل مفاوضات ناجحة‪ ،‬بل سيؤدي إىل‬ ‫كارثة وفشل كامل يف العملية السياسية‪.‬‬ ‫ونقل عن الرئيس الفلسطيني قوله للرئيس األمرييك “كيف نجلس إىل‬ ‫مائدة املفاوضات عندما نسمع أن إرسائيل تريد استثناء القدس والالجئني‬ ‫من قضايا التفاوض؟ ال نريد أن نسري من فشل إىل فشل أكرب‪ ،‬غرينا هو‬ ‫الذي يسعى إلفشال العملية السياسية‪ ،‬يك يبقى االحتالل عىل حاله‪ ،‬ويك‬ ‫يقطع أوصال الضفة الغربية‪ ،‬وتفرض نظام الكانتونات”‪.‬‬

‫النتيجة فشل املبعوث الرئايس األمرييك السناتور “جورج ميتشل” يف التوصل‬ ‫إىل اتفاق ملعاودة املفاوضات‪ ،‬وخالل القمة استخدم “اوباما” مصطلحاً جديداً هو (‬ ‫لجم االستيطان)‪.‬‬ ‫ويف غياب أي تقدم عىل األرض تجري محاولة لتصوير تقدم وهمي‪ ،‬وهو الهدف‬ ‫الذي سعى إليه الرئيس “باراك اوباما”‪ ،‬يك يظهر نفسه مبظهر امللتزم تحقيق اتفاق‬ ‫بني الطرفني‪.‬‬ ‫والحقيقة التي ترتدد يف األوساط الفلسطينية تؤكد “أن رئيس السلطة محمود‬ ‫عباس ال ميلك خيارات سوى التفاوض‪ ،‬فهو يعترب أن رفض أي مطلب أمرييك مبثابة‬ ‫انتحار سيايس لشخصه ومرشوعه القائم عىل التامهي من مطالب املجتمع‬ ‫الدويل‪ ،‬وبالتايل فقد ذهب إىل اللقاء الثاليث مكرهاً‪.‬‬ ‫الكثريون رأوا يف قمة نيويورك أنها قمة بائسة ومخجلة‪ ،‬ومجرد مرسحية مل‬ ‫يكن من خيار أمام عباس و”نتنياهو” سوى املشاركة فيها‪ ،‬ليك يحصل الرئيس‬ ‫األمرييك عىل الصور ويتمكن من إعطاء انطباع بأن الواليات املتحدة مل تتخل عن‬ ‫العملية السياسية؟‪.‬‬ ‫ويبدو ان الرئيس األمرييك ميهد الطريق للتخيل عن مطالبته “إرسائيل” بتجميد‬ ‫فوري لالستيطان‪ ،‬وكان الفتاً دعوته إىل (ضبط االستيطان) مرتاجعاً عن طلبه‬ ‫املستمر (تجميد) النشاط االستيطاين‪.‬‬ ‫ويف السياق نفسه‪ ،‬ملّح املبعوث الخاص إىل الرشق األوسط “ميتشل” إىل أن‬ ‫تجميد االستيطان ليس رضورياً الستئناف املفاوضات‪ ،‬وقال بعد القمة الثالثية‪ ،‬أن‬ ‫الواليات املتحدة مل تطرح مطلقاً (رشوطاً مسبقة)‪ ،‬وال نريد أن يفعل ذلك أي من‬ ‫الطرفني‪ .‬ويرى محللون بان هناك محاولة أمريكية تتمثل يف اتخاذ خطوات لبناء‬ ‫الثقة مقدماً‪ ،‬ورمبا تنبئ مبسعى لخوض مفاوضات كاملة النطاق مبارشة‪ ،‬حيث قال‬ ‫الدبلومايس األمرييك املتقاعد “دانييل كريترز” يف جامعة “برينسكون”‪ ،‬عن محاولة‬ ‫“اوباما” إقناع “إرسائيل” والفلسطينيني والدول العربية بالقيام بلفتات متبادلة قبل‬ ‫استئناف املحادثات‪“ ،‬من الواضح أنها قضية خارسة” وقال” أنهم يحاولون التعامل‬ ‫بدهاء مع قضية املستوطنات اآلن‪ ،‬مبا أنهم مل يستطيعوا الوصول إىل اتفاق‬ ‫لتجميد بناء املستوطنات بطريقة جادة‪ ،‬فأنهم سيرتكونها هكذا كخالف بيننا‬ ‫وليس كحجر عرثة أو عائق يف طريق املفاوضات‪.‬‬ ‫وتستمر حالة الجدل يف صفوف الفلسطينيني حول الوحدة الوطنية‪ ،‬ورضورة‬ ‫إنهاء حالة االنقسام الراهنة‪ ،‬واألسئلة كثرية‪ ،‬هل تطوي املصالحة الوطنية ببعدها‬ ‫الفصائل أزمات حادة عصفت باملجتمع الفلسطيني وتركت آثأرا ال تزال تتفاعل يف‬ ‫صفوفه‪ ،‬الحوارات مستمرة وجميعها تنصب عىل عناوين محددة ذات صلة مبارشة‬ ‫بالخالفات حول الرشاكة‪ ،‬كموضوع االنتخابات واألجهزة األمنية وغريها‪ ،‬ولكنها ال‬ ‫تتطرق إال بكالم غامض عن املآزق الكربى التي أوصلت الشعب الفلسطيني إىل‬ ‫هذه الحالة املأساوية‪ ،‬االحتالل الصهيوين أصل البالء‪ ،‬والدجول يف نفق التسوية‬ ‫الخادعة والواهمة مزق وحدة الصف‪ ،‬عدونا يعمل بكل إمكانياته لرسقة ما تبقى‬ ‫من أرض فلسطني وتهويد القدس ويستفيد من عامل الزمن وكسب الوقت‪ ،‬والدعم‬ ‫األمرييك والغريب الالمحدود‪.‬‬ ‫وشعبنا الفلسطيني قدم التضحيات الجسام‪ ،‬ولكنه اليوم ال ميلك رشف إضاعة‬ ‫الوقت‪ ،‬وهو يشاهد بأم عينه جرافات االحتالل تهدم البيوت وتجرف املزروعات وحتى‬ ‫أشجار الزيتون بات لها حكاية يف مواجهة املحتل‪ ،‬فهي الشاهد واملتمسك برتاب‬ ‫األرض أصبحت اليوم هدفاً مبارشاً آللة البطش الصهيونية‪.‬‬ ‫العناوين كثرية لواقع صعب يعانيه شعبنا الفلسطيني‪ ،‬أال يستحق هذا‬ ‫الشعب املكافح املناضل املجاهد‪ ،‬أن تتوحد الرؤى كلها باتجاه هدف واحد تحرير‬ ‫األرض‪ ،‬نقول ألويل األمر‪ ،‬كفاكم تجارب‪ ،‬الطريق واضحة‪ ،‬وفلسطني تناديكم‪،‬‬ ‫هبوا لنجدتها‪ ،‬التاريخ ال يرحم وهو صادق وبدأ يروي حكايته‪.‬‬

‫فشل أمرييك ومصطلح جديد لجم االستيطان‬

‫محمود صالح‬

‫‪55‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب دويل‬

‫البرنامج النووي اإليراني السلمي‬ ‫يتق ّدم دولياً وأميركا ستسلّم به‬ ‫أجهزة‬ ‫يف‬ ‫العاملون‬ ‫يواصل‬ ‫إن اإلنجاز الذي حققه جلييل يكمن‬ ‫واألمريكية‬ ‫الصهيونية‬ ‫االستخبارات‬ ‫يف أن جميع املباحثات مع إيران تركز‬ ‫بنرش وبحث التقديرات الخاصة‬ ‫املخصب وال‬ ‫عىل موضوع “اليورانيوم”‬ ‫ّ‬ ‫بالقدرات النووية اإليرانية‪ ،‬ويغرق‬ ‫توجد أي نقطة أو مبادرة للحديث‬ ‫الباحثون يف تفاصيل األزمة القامئة‬ ‫عن الربنامج النووي مام يعطي الخرباء‬ ‫وإشكاالتها فيام يعمل اإليرانيون عىل‬ ‫اإليرانيني هامشاً مريحاً وكبرياً للعمل‬ ‫خطني متوازيني وثابتني‪:‬‬ ‫داخل هذه املنشآت‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫األول‪ :‬استمرار بناء القدرات النووية‬ ‫استسالم الغرب والواليات األمريكية‬ ‫وتطويرها‬ ‫لحق إيران املرشوع بامتالك الطاقة‬ ‫الدبلوماسية‬ ‫الحملة‬ ‫الثاين‪:‬‬ ‫النووية ألغراض سلمية‪ ،‬كام يسجل‬ ‫واإلعالمية املضادة للدعاية األمريكية‬ ‫تراجعا وتخليا يف اإلدارة األمريكية عن‬ ‫والغربية‪.‬‬ ‫ما أطلقته الخارجية األمريكية (مسارات‬ ‫ويف كال الوضعني يربز أمني املجلس‬ ‫للضغط)‪ ،‬والتي تنضوي تحتها آلية‬ ‫األعىل لألمن القومي اإليراين سعيد‬ ‫العقوبات الدولية واستعامل عبارات‬ ‫جلييل كمهندس بارع يف أصول‬ ‫دبلوماسية جديدة (تدوير الزوايا)‪.‬‬ ‫وتفاصيل الحرس‪ ،‬حيث يتعامل‬ ‫وقد أكد مساعد أمني مجلس‬ ‫بحنكة ومت ّرس سيايس ودبلومايس‬ ‫األمن القومي اإليراين عيل باقري أن‬ ‫ّ‬ ‫قل نظريها‪ ،‬وبثبات صارم مع املحافظة‬ ‫رزمة املقرتحات اإليرانية الجديدة هي‬ ‫االسرتاتيجية‬ ‫األساسيات‬ ‫عىل‬ ‫التي شكلت أساس مباحثات جنيف‬ ‫اإليرانية واملناورة يف التكتيك الجزيئ‬ ‫األخرية‪ ،‬وأن اللقاء الذي جمع املفاوض‬ ‫وبهذا األداء الرفيع للس ّيد جلييل‬ ‫اإليراين سعيد جلييل واملمثل األمرييك‬ ‫يكون امللف النووي اإليراين أكرث قوة‬ ‫تم بنا ًء عىل طلب أمرييك‪،‬‬ ‫يف جنيف ّ‬ ‫وجرى االتفاق بني إيران ومجموعة‬ ‫وقدرة عىل تجاوز الحواجز املرتفعة التي امني املجلس االعىل للمن القومي االيراين سعيد الجلييل‬ ‫تضعها الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫الدول الست عىل استمرار املفاوضات‬ ‫والصهيونية الدولية إذا جاز التعبري‪.‬‬ ‫بني أمني املجلس األعىل لألمن القومي اإليراين ومنسق السياسة الخارجية‬ ‫كانت الدول الغربية تستعد لعقد اجتامعها مع إيران يف األول من واألمن يف االتحاد األورويب “خافيري سوالنا” يسبقها اجتامع بني مساعدي‬ ‫أكتوبر عندما فاجأت طهران العامل باإلعالن عن وجود مفاعل ثانٍ لتخصيب الجانبني لصياغة إطار املفاوضات‪.‬‬ ‫اليورانيوم كانت قد بنته بالقرب من مدينة “قم” وهذا اإلعالن حمل مدلوالت‬ ‫طرحت الوكالة الدولية للطاقة الذر ّية والتي تعترب الجهة املسؤولة‬ ‫َ‬ ‫سياسية وإعالمية وأمنية تفيد بأن الجمهورية اإلسالمية باتت أقوى وأكرث فيام يتعلق باألنشطة النووية السلمية قبل عامني ست أسئلة حول‬ ‫قدرة عىل تطوير برامجها النووية بقدرات ذاتية‪ ،‬وأن أي محاولة إلضعافها األنشطة النووية اإليرانية‪ ،‬وخالل هذين العامني استوفت الوكالة كافة‬ ‫أو تهديدها كام جرى بعد االنتخابات الرئاسية سيكون الرد أكرث قسوة األجوبة وباتت مرتاحة بظل إرشافها عىل الربنامج بشتى الوسائل عرب‬ ‫وتشدداً يف املفاوضات‪.‬‬ ‫إيفاد مفتش ونصب كامريات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يشكل وجود ما يقارب ثالثة آالف جهاز طرد مركزي جديد هلعا لدى‬ ‫وأشار باقري إىل إصدار قرارات من مجلس األمن ضد إيران بسبب برنامجها‬ ‫الواليات املتحدة وحلفائها وال سيام يف ظلطل حالة الرسية والجهل‬ ‫السلمي خالل األعوام املاضية وذلك بهدف مامرسة الضغط عليها‪ ،‬ليك‬ ‫بطبيعة هذه األجهزة لجهة نوعها وتخ ّوف الغرب من أن تكون هذه األجهزة‬ ‫تنتمي إىل “يب ‪ ”2-P ”2‬الحديثة جداً‪ ،‬وإذا ما استخدمت إيران اليورانيوم تتخىل عن هذا الربنامج الذي هو من حقوقها البديهية‪ ،‬وقال أن الرضر‬ ‫الطبيعي سيستغرق األمر شهراً لتخصيبه يف ظل وجود هذا العدد األكرب من هذه القرارات لحق بها أقل رضر‪ ،‬مؤكداً أن الخارس الوحيد من هذه‬ ‫العقوبات هو الدول الغربية‪.‬‬ ‫الكبري من أجهزة الطرد‪.‬‬ ‫وأضاف باقري أن بعض الدول حاولت خالل مفاوضات “جنيف” أن تك ّرس‬ ‫انترصت اإلرادة اإليرانية وأجرب سعيد جلييل إدارة “أوباما” عىل الرتاجع‬ ‫التوجهات الخاطئة السابقة تجاه إيران إال أنها فشلت يف هذا املجال‬ ‫يف محادثات جنيف عن املطالب األساسية التي كان الغرب يحلم بها نفس‬ ‫ّ‬ ‫وكذلك الطلب “اإلرسائييل” الرئييس الدّاعي لوقف التخصيب اإليراين بحيث وافقت جميع األطراف عىل اقرتاح الجمهورية اإلسالمية اإليرانية‬ ‫أن محادثات ملتابعة املفاوضات عىل أساس رزمة املقرتحات اإليرانية‪.‬‬ ‫بشكل كامل ومل ينتبه قادة االستخبارات الصهيونية القصرّ‬ ‫وتم‬ ‫جنيف مل تبحث توقيف الربنامج النووي بل رضخت ملطالب اإليرانيني ّ‬ ‫املخصب الذي متلكه إىل مفاعل‬ ‫الحديث عن أن نقل إيران ثلثي “اليورانيوم”‬ ‫ّ‬ ‫«إرسائيل» والكابوس اإليراين‬ ‫لتخصيب “اليورانيوم” يف روسيا‪ ،‬وبعد ذلك يتم نقل ‪ %20‬من “اليورانيوم”‬ ‫باتت القدرات النوعية اإليرانية يف مختلف املجاالت كابوساً مزعجاً‬ ‫إىل فرنسا وهناك تجري تغيريات معينة‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪56‬‬

‫مالزماً للقادة والساسة الصهاينة‬ ‫الذين يطلقون صيحات النهاية‬ ‫القريبة حيث أكد رئيس شعبة‬ ‫اللواء‬ ‫العسكرية‬ ‫االستخبارات‬ ‫“أهارون زئيفي”‪“ :‬أنه وخالل األشهر‬ ‫الستة القادمة ستكون إيران قادرة‬ ‫عىل إنتاج القنبلة النووية فيام‬ ‫أعلن “شمعون برييز” أن “إرسائيل”‬ ‫تضع ثقلها وراء الرئيس األمرييك‬ ‫“اوباما” يف مساعيه ملنع إيران‬ ‫من إنتاج أسلحة نووية عن طريق‬ ‫العقوبات والدبلوماسية‪.‬‬ ‫كام تأيت املناورات العسكرية‬ ‫الضخمة بني الكيان الصهيوين‬ ‫األمريكية‬ ‫املتحدة‬ ‫والواليات‬ ‫صاروخية‬ ‫أنظمة‬ ‫واستخدام‬ ‫اعرتاضية متطورة يف سياق القلق‬ ‫من القدرات الصاروخية اإليرانية‬ ‫التي تستطيع أن ترضب أدق املواقع‬ ‫اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫لكن من الناحية العسكرية ال تستطيع أنظمة الدفاع الجوي اعرتاض‬ ‫عدد كبري من الصواريخ قد تصل حد النيازك‪ ،‬وبالتايل بالنظر للمساحة‬ ‫التي يعيش عليها الصهاينة وحجم الرضبة الصاروخية اإليرانية سيكون‬ ‫الدمار هو املستقبل الوحيد لهذا الكيان‪.‬‬

‫االستعامرية الجديدة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لفت الرئيس اإليراين‬ ‫أحمدي نجاد إىل “أن قيام‬ ‫عىل‬ ‫ارتكز‬ ‫الصهيوين‬ ‫والحرب اإلعالمية والنفسية‬ ‫والشاملة‪ ،‬فلو أوقفت هذه‬ ‫ملا بقي يشء من هذا‬ ‫الغاصب”‪.‬‬

‫محمود‬ ‫الكيان‬ ‫التربير‬ ‫املعقدة‬ ‫الحرب‬ ‫الكيان‬

‫االستخبارات‬ ‫األمريكية‪:‬‬ ‫األمريكية‬

‫من‬

‫تنطلق السياسة‬ ‫ثالث محاور رئيسية‪:‬‬ ‫األول‪ :‬حامية الكيان الصهيوين‬ ‫الثاين‪ :‬نهب املوارد‬ ‫الثالث‪ :‬السيطرة عىل العامل‬ ‫وتعتمد هذه املحاور عىل ثالث‬ ‫اسرتاتيجيات أساسية أيضاً‪:‬‬

‫إطاحة األنظمة‬ ‫احتواء األنظمة‬ ‫التعايش البارد والتطويع واالرتهان‬ ‫إن هذه االسرتاتيجيات متداخلة ومتشابكة‪ ،‬ومن املمكن لكل دولة تنوي‬ ‫اإلدارة األمريكية اإلجهاز عليها‪ .‬وهذا ما يجعل الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫يف طور النازية الحديثة والعدوان الذي تشنّه عىل العامل اسرتاتيجية‬ ‫كونية هجينة بني النازية والصهيونية‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يتسلل بني هذا الزحام من الترصيحات والتحليالت‪ ،‬هل‬ ‫ستوافق إيران عىل تخصيب “اليورانيوم” خارج أراضيها‪ ،‬وهذا ما يدفعنا‬ ‫لإلجابة بكل حزم نتيجة معرفتنا بالثوابت اإليرانية‪ ،‬أنها لن تقبل وستقوم‬ ‫بتخصيب “اليورانيوم” بنسبة ‪ %20‬املطلوبة ملفاعل البحوث الطبية يف‬ ‫طهران وقال “عيل شريزديان” الناطق باسم املنظمة اإليرانية للطاقة الذرية‬ ‫أن “إيران متلك كل التكنولوجيا للتخصيب‪ ،‬وبالتايل فإنها ستجلس إىل‬ ‫ّ‬ ‫يفضل “رشاء الوقود‬ ‫طاولة املفاوضات مع وسيلة ضغط”‪ ،‬مضيفاً أن بلده‬ ‫بالجملة ملفاعل طهران‪ ،‬ألنه أكرث توفرياً”‪ .‬وتابع أنه إذا فشلت محادثات‬ ‫فيينا “سنكتب رسالة نعلن فيها‬ ‫للوكالة الدولية للطاقة الذر ّية أن‬ ‫إيران ستقوم مبا يلزم من أجل توفري‬ ‫الوقود الالزم ملفاعل طهران”‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن املفاعل يف حاجة‬ ‫إىل ما بني ‪ 150‬و ‪ 300‬كيلوغرام‬ ‫املخصب بنسبة‬ ‫من “اليورانيوم”‬ ‫ّ‬ ‫‪ 20‬يف املئة‪.‬‬ ‫تح ّولت إيران املسلمة إىل “رشيك‬ ‫صناعي” للغرب وتقدّم مرشوعها‬ ‫األمرييك النووي السلمي عىل‬ ‫حساب ترهّ ل وانحسار املرشوع‬ ‫وسجل‬ ‫اإلمربيايل‬ ‫األمرييك‬ ‫ّ‬ ‫التاريخ أن حركات التغيري‬ ‫واملامنعة يف العامل التي تعبرّ عن‬ ‫مصالح الشعوب الت ّواقة للسالم‬ ‫هي التي ستنترص‪.‬‬

‫الحرب االعالمية‬ ‫تستخدم الواليات املتحدة األمريكية اإلرهاب والدعاية والخوف‬ ‫كوسيلة أساسية ضمن حرب يكون هدفها النهايئ هو احتالل أو تدمري‬ ‫دول قامئة بغية اإلطباق عليها ونهبها‪ .‬ويف هذا اإلطار اعترب الرئيس نجاد‬ ‫أن “اإلعالم يشكل الجبهة الرئيسية للمواجهة بني االستكبار والثورة‬ ‫اإلسالمية”‪.‬‬ ‫أكد باملقابل وزير الخارجية الربيطاين “ديفييد ميليباند” عىل أن‪:‬‬ ‫“طهران لن متلك فرصة أفضل إلقامة عالقات طبيعية مع املجتمع‬ ‫الدويل”‪ .‬وترافق هذا الخطاب اإلعالمي االستباقي مع توجيه وزيرة‬ ‫“هيالري‬ ‫األمريكية‬ ‫الخارجية‬ ‫كلينتون” التهديد والتحذير بأن‪:‬‬ ‫“املجتمع الدويل لن ينتظر إىل ما‬ ‫ال نهاية يك تفي إيران بالتزاماتها‬ ‫حول ملفها النووي”‪.‬‬ ‫جاء رد القادة اإليرانيني واضحاً‬ ‫حيث أعلن رئيس األركان اإليراين‬ ‫الجرنال حسني فريوز آبادي عن‬ ‫“تشكيل قوة املقاومة الربية يف‬ ‫الحرس الثوري” بعد إجراء بعض‬ ‫التغيريات عىل قوات الحرس”‪.‬‬ ‫أما قائد سالح البحر يف الحرس‬ ‫الثوري مرتىض صفاري فأكد “أن‬ ‫الحرس سيواجه العدو يف جبهة‬ ‫الحرب الناعمة بكل قوة وأن العدو‬ ‫يستهدف إثارة الحرب الناعمة‬ ‫والنظام‬ ‫الشعب‬ ‫قيم‬ ‫ملسح‬ ‫النامذج‬ ‫وبث‬ ‫ومعتقداتهام‪،‬‬

‫ماهر رسي الدين‬

‫‪57‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مقابلة‬

‫السفير الصيني في لبنان «ليو زيمينغ» لـ«منبر التوحيد»‪:‬‬

‫لم نأخذ بالنظام الرأسمالي وما زلنا دولة إشتراكية‬ ‫جوهرها تحرير قوة اإلنتاج وتطويره‬ ‫مبناسبة الذكرى الستني للثورة الصينية‪ ،‬ألقت مجلة “منرب التوحيد” نظرة يف العمق حول الغيريات واإلنجازات التي حققتها تلك‬ ‫الثورة يف الصني‪ ،‬فكان لها زيارة لسفارة الصني يف لبنان حيث التقت السفري الصيني “ليو زميينغ”‪ ،‬وأجرت معه حواراً شام ًال‪ ،‬تط ّرقت‬ ‫خالله إىل كافة التفاصيل حول الثورة الصينية‪ ،‬أهدافها‪ ،‬تطورها وإدارتها‪ ،‬كام تطرقت خالل الحديث اىل عالقات الصني الدولية‪.‬‬ ‫لقد مت ّيز االحتفال بذكرى الستني بعرض‬ ‫لآلليات العسكرية الضخمة‪ ،‬هل من رسالة‬ ‫موجهة إىل الواليات املتحدة من خالل هذا‬ ‫العرض؟‬ ‫كام تعرفون‪ ،‬تجري الصني عرضاً عسكرياً كل‬ ‫عرش سنوات‪ ،‬وبذلك تختلف عن فرنسا التي‬ ‫تجري عرضها العسكري كل سنة‪ .‬من هنا كان‬ ‫للعرض مغزىً هاماً جداً‪ ،‬وأعتقد أن الصني متكنت‬ ‫من خالله ببعث رسالة إىل داخلها وخارجها‪.‬‬ ‫يف ما يتعلق بداخل الصني كانت الرسالة‬ ‫موجهة للجامهري الصينية بالتحديد‪ ،‬بغية‬ ‫اإلشارة إىل استمرارها يف التقدم‪ ،‬كام يثبت‬ ‫بأن االشرتاكية هي فقط التي ميكنها أن تنقذ‬ ‫الصني‪ ،‬وهذا أيضاً ما أثبته تاريخ الصني‪ ،‬الذي‬ ‫أ ّكد أنه ال ميكن قيام الصني الجديدة دون وجود‬ ‫للحزب الشيوعي فيها‪ :‬فعىل مدار الستني سنة‬ ‫القصرية‪ ،‬متكنت الصني من تحقيق تقدم هائل‬ ‫جداً بفضل رئاسة الحزب الشيوعي الصيني‪،‬‬ ‫كام نعتقد أن هذا العرض العسكري سريفع‬ ‫الشعور الوطني لدى الشعب الصيني‪ ،‬وبالتايل‬ ‫سيعزز معنوياته‪ ،‬ويثبت عزميته للسري قدماً يف‬ ‫طريق االشرتاكية‪.‬‬ ‫ويف الوقت نفسه‪ ،‬كانت هناك رسالة موجهة‬ ‫اىل الدول األجنبية‪ ،‬لتؤكد حرص الصني دامئاً‬ ‫عىل السري قدماً يف تحديث قطاعها العسكري‪،‬‬ ‫بعد نجاحها يف تحقيق تقدمها يف قطاعي‬ ‫الزراعة والصناعة‪ ،‬كام تحرص أيضاً عىل حامية‬ ‫سيادتها‪ ،‬ووحدة أراضيها‪ ،‬ومسارها يف طريق‬ ‫التنمية السلمية‪ ،‬والدليل عىل ذلك انعدام أي‬ ‫وجود عسكري خارج الحدود الصينية إ ّال يف قوات‬ ‫األمم املتحدة لحفظ السالم‪ ،‬وكذلك عدم امتالك‬ ‫الصني ألي قواعد عسكرية يف الخارج‪ ،‬ولن تبادر‬ ‫االعتداء عىل أي دولة أخرى‪ ،‬مع رغبتها املتواصلة‬ ‫يف اتباع سياستها الخارجية بطريقة سلمية‪.‬‬ ‫كيف تق ّيمون الوضع الداخيل اليوم يف‬ ‫الصني بعد األحداث األخرية التي حصلت منذ‬ ‫عدة أشهر؟‬ ‫بشكل عام األوضاع الداخلية يف الصني‬ ‫جيدة‪ ،‬وهناك استقرار سيايس واجتامعي‬ ‫وتعايش سلمي بني كافة القوميات‪ .‬ولكن كام‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تعرف هناك مليار و‪ 300‬مليون نسمة يف الصني‬ ‫منهم ‪ 56‬من قوميات مختلفة‪ ،‬ما يجعل من‬ ‫املستحيل أن ال يكون هناك مشاكل‪ .‬وأعتقد أن‬ ‫أصدقاءنا اللبنانيني سيتفهمون هذه الناحية‬ ‫أكرث منا‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إىل أحداث الخامس من متوز‪،‬‬ ‫تم التحريض عليها من قبل‬ ‫ميكننا القول أنه ّ‬ ‫بعض القوى األجنبية املتواجدة هناك‪ ،‬والتي‬ ‫تتبع ملنظمة املؤمتر العاملي “للويغور”‪ ،‬والهدف‬ ‫منها فصل مقاطعة “شينجيانغ” عن الصني‪،‬‬ ‫وهذا ما ترفضه الصني وال تسمح به أبداً‪ ،‬كام‬ ‫أنها ستعمل جاهدة لصيانة سيادتها ووحدة‬ ‫أراضيها‪.‬‬ ‫ولكن بشكل عام كام ذكرت سابقاً‪ ،‬وبغض‬ ‫النظر عن املشاكل التي حصلت‪ ،‬فإن الصني‬ ‫تنعم باستقرار سيايس واجتامعي ووحدة‬ ‫تعايش بني كافة القوميات املوجودة فيها‪.‬‬ ‫يقال إن الصني الحديثة ال تتسم بأي عقيدة‪،‬‬ ‫ويف حال وجود تلك العقيدة فهي الشعور‬ ‫الوطني‪ ،‬ويقال أيضاً بأنها مل تعد دولة‬

‫‪58‬‬

‫الرأساملية‬

‫شيوعية بسبب توجهها نحو‬ ‫منذ ‪ 30‬عاماً‪ ،‬ما هو تعليقكم عىل ذلك؟‬ ‫يف هذا اإلطار ميكن التطرق إىل موضوعني‪:‬‬ ‫مسألة العقيدة والنظام‪.‬‬ ‫ففيام يتعلق مبسألة العقيدة‪ ،‬تنترش‬ ‫يف الصني كافة ديانات العامل‪ ،‬وهناك ‪100‬‬ ‫مليون نسمة تعتنق أدياناً مختلفة‪ ،‬إىل جانب‬ ‫العقيدة السياسية‪ ،‬التي لوالها ال وجود للصني‬ ‫الجديدة اليوم‪ .‬فالعقيدة السياسية هي من‬ ‫القيم األساسية التي تدعو إليها الصني اليوم‬ ‫والتي ميكن أن نتناولها يف نقطتني‪ :‬أوالً الحب‬ ‫لالشرتاكية وثانياً الشعور الوطني‪ ،‬ونحن عىل‬ ‫صواب عندما نقول شعور وطني ألن معظم‬ ‫الصينيني يحبون دولتهم كثرياً ومبا فيهم‬ ‫الجالية الصينية وراء البحار‪ ،‬وكام تعرف قبل‬ ‫األوملبياد يف السنة املاضية‪ ،‬قامت بعض وسائل‬ ‫اإلعالم الغربية بنرش الشائعات‪ ،‬ما أزعج الجالية‬ ‫الصينية هناك‪ ،‬وشنت حملة مضادة لذلك‪.‬‬ ‫وبالرغم من عدم وجود الدعم والتأييد من‬ ‫الحكومة الصينية لهذه الجاليات‪ ،‬فإن ترصفاتها‬

‫تعترب خري دليل عىل شعورهم الوطني‪ ،‬عىل‬ ‫الرغم من أنهم يعيشون خارج الصني‪ ،‬فإنهم‬ ‫يحبون بالدهم حباً جماّ ً ‪.‬‬ ‫أما فيام يتعلق بالنظام يف الصني‪ ،‬أؤكد‬ ‫لكم كل التأكيد أن الصني الزالت دولة‬ ‫اشرتاكية‪ ،‬بالرغم من وجود جدال حول مفهوم‬ ‫االشرتاكية‪ ،‬حيث أجاب الرئيس الصيني الراحل‬ ‫“دنغ شياوبينغ” بصورة واضحة عند سؤاله عن‬ ‫جوهر االشرتاكية‪ ،‬قائ ًال أن جوهرها هو تحرير قوة‬ ‫اإلنتاج وتطويره‪.‬‬ ‫إن الحزب الشيوعي الصيني مل يأخذ بالنظام‬ ‫الرأساميل ألنه يعترب أن االشرتاكية ميكن‬ ‫أن تعمل بصورة أحسن لتحرير قوة اإلنتاج‬ ‫وتطويرها‪ ،‬عىل الرغم من أن نصيب الفرد من‬ ‫الناتج املحيل اإلجاميل يف الصني منخفض‬ ‫باملقارنة مع الواليات املتحدة واليابان‪.‬‬ ‫ولكن منذ تأسيس جمهورية الصني الشعبية‬ ‫قبل ستني سنة‪ ،‬ازداد نصيب الفرد يف الناتج‬ ‫املحيل اإلجاميل يف الصني أكرث من ‪ 77‬مرة‪،‬‬ ‫وبذلك ستتمكن الصني خالل عرشات السنوات‬ ‫إكامل الطريق التي تسلكها الدول األخرى يف‬ ‫مئة سنة‪ ،‬وهذا ما مي ّيز النظام االشرتايك الذي‬ ‫يتّسم بالعدالة‪ ،‬ويتمتع مبيزتني أساسيتني هام‪:‬‬ ‫االعتامد عىل امللكية العامة وتوزيع الرثوات‬ ‫حسب العمل‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن الصني يف هذه السنوات‬ ‫تشهد تطوراً يف الخصخصة يف بعض‬ ‫املؤسسات املتوسطة والصغرية‪ ،‬فإن رشايني‬ ‫االقتصاد الصيني التزال يف قبضة املؤسسات‬ ‫الكبرية التي متلكها الدولة‪ .‬والصني يف هذه‬ ‫السنوات تعتمد بشكل رئييس عىل توزيع‬ ‫الرثوات وفقاً للعمل‪ ،‬مع تنويع ألسلوب التوزيع‪،‬‬ ‫إضافة إىل أساليب أخرى تشمل التوزيع وفق‬ ‫الرأسامل أو التقنية‪.‬‬ ‫وبالرغم مام تقدم‪ ،‬ومهام كان يف جوهرها‪،‬‬ ‫وملكيتها وأسلوب توزيع ثرواتها‪ ،‬التزال الصني‬ ‫دولة اشرتاكية‪ ،‬بالرغم من أن االشرتاكية فيها‬ ‫التزال يف مرحلتها االبتدائية‪ ،‬وهدفنا األول هو‬ ‫تحقيق الشيوعية‪ ،‬ما يعني أن االشرتاكية هي‬ ‫مرحلة أولية للشيوعية‪ ،‬لذلك لن يكون هناك‬ ‫اشرتاكية مئة يف املئة‪ ،‬مع السامح لوجود بعض‬ ‫العنارص غري االشرتاكية‪ ،‬كاالعرتاف مبلكية‬ ‫اآلخر‪ ،‬وتشجيع الناس للعمل عرب التحفيز املادي‬ ‫وما إىل ذلك‪ .‬وهذه العملية ستحتاج إىل وقت‬ ‫طويل جداً‪ ،‬بالرغم من ثقتنا الكبرية يف تحقيق‬ ‫االشرتاكية والشيوعية يف املستقبل‪.‬‬ ‫كيف تقرأ الصني الثورة البوليفارية التي‬ ‫يقوم بها الرئيس “أوغو تشافيز” يف فنزويال؟‬ ‫يف هذا اإلطار‪ ،‬كل ما ميكنني قوله هو أن هناك‬ ‫طرق كثرية ومختلفة يف اعتامد االشرتاكية‪،‬‬ ‫وميكن تجربتها‪ ،‬والصني عىل مدار ستني سنة‬ ‫“ليست مفروشة بالورد”‪ ،‬وقمنا بتجارب كثرية‬ ‫جداً‪ ،‬كام عانينا من الكثري من الفشل‪.‬‬ ‫وكام قال الرئيس الراحل “دنغ شياوبينغ”‪ :‬إن‬

‫سياسة اإلصالح واالنفتاح هي مثل عبور النهر‬ ‫وتلمس الحجارة فيه”‪ ،‬وحتى اليوم مازلنا نسري يف‬ ‫هذا الطريق‪ ،‬ما يعني أننا نحن بصدد اكتشاف‬ ‫طريق جديد ال مثيل له يف تاريخ اإلنسانية‪ ،‬هو‬ ‫الدمج بني االشرتاكية واقتصاد السوق‪ ،‬ألننا‬ ‫نعتقد أن االشرتاكية ستساهم أكرث يف ضامن‬ ‫عدالة املجتمع‪ ،‬واقتصاد السوق‪ ،‬وميكن أن يساهم‬ ‫أكرث يف ضامن الجدوى االقتصادية‪ ،‬ولكن لكل‬ ‫منهام نواقصها‪ ،‬فكيف نستفيد من فوائدها‪،‬‬ ‫ونتجنب نواقصها‪ ،‬هذا موضوع كبري جداً‪ ،‬كوننا‬ ‫مازلنا “نعرب النهر ونتلمس حجارته”‪.‬‬ ‫ما هو الدور الذي تلعبه الصني يف أزمة‬ ‫الرشق األوسط؟‬ ‫تويل الصني اهتامماً بالغاً لقضية الرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬ألن هذه املنطقة مهمة جداً بالنسبة‬ ‫إىل العامل بشكل عام وللصني بشكل خاص‪،‬‬ ‫وعدم انضامم الصني إىل اللجنة الرباعية يف‬ ‫الرشق األوسط ال ينبثق عن عدم رغبتها يف‬ ‫االنضامم إىل هذه اآللية‪ ،‬بالرغم من رغبة‬ ‫بعض الدول العربية من انضامم الصني إىل‬

‫مازلنا نسعى للقيام بدور ما‬ ‫يف تسوية قضية‬ ‫الرشق األوسط‬ ‫عرب املحافل الدولية‬ ‫الصني تعتقد‬ ‫أنه أن اليوم اآلوان لتعلن‬ ‫فلسطني دولتها‬ ‫‪59‬‬

‫تلك اللجنة‪ ،‬وذلك ألسباب عديدة منها تاريخية‬ ‫ما جعل الصني خارج هذه اآللية‪ .‬وبالرغم من‬ ‫ذلك مازلنا نسعى للقيام بدور ما يف تسوية‬ ‫قضية الرشق األوسط عرب املحافل الدولية كاألمم‬ ‫املتحدة ومجلس األمن‪ ،‬كون الصني عضواً دامئاً‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إىل جميع القرارات األمنية‪ ،‬فال‬ ‫ميكن مترير أي قرار دون موافقة الصني عليه‪ ،‬حتى‬ ‫أن الصني متتنع عن التصويت يف بعض األحيان‪،‬‬ ‫نعني قد تم تعديل مرشوع القرار وفقا إلرادة‬ ‫الصني‪ ،‬وإ ّال‪ ،‬فإنها ستصوت ضد القرار‪ .‬إضف‬ ‫إىل أن الصني تتلقى دامئاً دعوات للمشاركة‬ ‫يف التشاورات الدولية حول قضية الرشق‬ ‫األوسط‪ .‬فعىل سبيل املثال شاركت الصني يف‬ ‫مؤمتر (أنابوليس) يف السنة املاضية‪ ،‬للبحث يف‬ ‫القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫كام تلعب الصني دورها يف إيجاد حل لهذه‬ ‫القضية عن طريق العالقات الثنائية وذلك‬ ‫من خالل سفراءها لدى جميع الدول العربية‬ ‫ومبعوثيها إىل الرشق األوسط‪ ،‬حيث ع ّينت‬ ‫الحكومة الصينية يف سنة ‪ 2002‬مبعوثاً خاصاً‬ ‫إىل دول الرشق األوسط قام بزيارات للمنطقة‪،‬‬ ‫كام أنه زار لبنان ثالث مرات‪ ،‬وتجدر اإلشارة هنا‬ ‫إىل أن الصني ع ّينت حتى اليوم ثالث مبعوثني‬ ‫خاصني إىل الرشق األوسط‪.‬‬ ‫ويرت ّكز موقف الصني األسايس يف قضية‬ ‫الرشق األوسط‪ ،‬عىل إيجاد تسوية عىل أساس‬ ‫قرار مجلس األمن‪ ،‬ومبدأ األرض مقابل السالم‪،‬‬ ‫ومبادرة السالم العربية‪ ،‬وذلك ألن الصني تعتقد‬ ‫أن “إرسائيل” قد أنشأت دولتها منذ أكرث من‬ ‫ستني عاماً‪ ،‬وقد آن اآلوان اليوم لتعلن فلسطني‬ ‫دولتها‪ ،‬مع اإلشارة إىل أن الصني هي مع حل‬ ‫الدولتني‪ ،‬كام أنها تدعو “إرسائيل” إىل وقف بناء‬ ‫املستوطنات يف فلسطني املحتلة‪ ،‬ألن باعتقادها‬ ‫أنه إذا مل توقف “إرسائيل” بناء املستوطنات‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫فمن الصعب استئناف املفاوضات‪ ،‬ويف نفس‬ ‫الوقت ترى الصني أنه عىل “إرسائيل” رفع‬ ‫حصارها عن قطاع غزة لتسهل عملية إعادة‬ ‫اإلعامر يف القطاع‪.‬‬ ‫كيف تصفون العالقات اللبنانية‪ -‬الصينية‬ ‫اليوم؟ وما هي إنجازات السفارة الصينية يف‬ ‫لبنان؟‬ ‫إن العالقة بني الصني ولبنان مم ّيزة‪ ،‬وظ ّلت‬ ‫الصني تدعم الجهود اللبنانية لصيانة سيادتها‪،‬‬ ‫ووحدتها‪ ،‬واستقاللها‪ ،‬ومهام كان يف األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬أو يف جنوب لبنان‪ ،‬هناك وحدة صينية‬ ‫لحفظ السالم‪.‬‬ ‫و ُتعترب الصني الرشيك التجاري الرئييس‬ ‫للبنان‪ ،‬حيث عملنا والنزال عىل تعزيز التواصل‬ ‫والتعاون بني البلدين يف املجال الثقايف والتعليمي‪،‬‬ ‫حيث أنشأت الحكومة الصينية وللمرة األوىل‬ ‫يف الرشق األوسط‪ ،‬معهد “كونفوشيوس” يف‬ ‫لبنان‪ ،‬يف جامعة القديس يوسف يف شباط‬ ‫‪.2007‬‬ ‫وقد اخرتنا لبنان وبريوت بالتحديد‪ ،‬ألنها‬ ‫تجسد التنوع الثقايف يف العامل‪ ،‬وهي أصلح‬ ‫ّ‬ ‫مكان للتعايش السلمي بني مختلف الحضارات‬ ‫والثقافات‪.‬‬ ‫وهذا املعهد يع ّلم اللغة الصينية ويقوم‬ ‫أيضاً ببعض النشاطات الثقافية للتعرف عىل‬ ‫الرتاث الصيني‪ ،‬كام تقدم الحكومتان اللبنانية‬ ‫والصينية املنح املتبادلة للطالب‪ ،‬فهناك وافدون‬ ‫لبنانيون يتعلمون يف الصني‪ ،‬وكذلك األمر يف‬ ‫لبنان حيث نجد خمس طالب يتلقون دراساتهم‬ ‫العليا يف جامعات لبنانية‪.‬‬ ‫كام أن السفارة الصينية تشجع التواصل‬ ‫الشعبي بني البلدين‪ ،‬من خالل رابطة “الصداقة‬ ‫الصينية اللبنانية”‪ ،‬وهي منظمة ناشطة جداً‪.‬‬ ‫هذا وتعمل السفارة الصينية يف لبنان‬ ‫أيضاً عىل تعزيز التفاهم والتعارف بني شعوب‬ ‫تم دعوة ثالث وفود إعالمية‬ ‫البلدين‪ ،‬حيث ّ‬ ‫لزيارة الصني‪ .‬ونحن دامئاً نلبي الدعوات إللقاء‬ ‫املحارضات والندوات واملقابالت الصحافية بهدف‬ ‫تعزيز التواصل‪ .‬وقد بذلنا جهوداً للتواصل‬ ‫الثقايف بني البلدين‪ ،‬فقمنا بنشاطات ثقافية‬ ‫كثرية‪ ،‬عىل سبيل املثال أجرينا أسبوعا لعرض‬ ‫األفالم الصينية يف جامعة القديس يوسف‬ ‫والجامعة األمريكية‪ ،‬إضافة إىل عروض فنية‬ ‫تلبية لدعوة معهد “كونفوشيوس” يف لبنان‪،‬‬ ‫كام ق ّدم وفد فني للمعوقني الصينيني عروضات‬ ‫يف صور والبرتون‪ ،‬واليوم هناك وفد من الالعبني‬ ‫البهلوانيني الصينيني يقدمون عروضاً يف كازينو‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫وحول دور السفارة الصينية يف لبنان‪ ،‬فإنها‬ ‫متثل الجرس الذي يربط الصني بلبنان‪ ،‬وتعمل‬ ‫عىل تعزيز التواصل بني البلدين يف كافة املجاالت‬ ‫والثقافية‪،‬‬ ‫السياسية والعسكرية واالقتصادية‬ ‫ففي ما يتعلق بالشق السيايس‪ ،‬نؤ ّكد دامئاً‬ ‫مواقف الحكومة الصينية ورغبتها يف تعزيز‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب دويل‬

‫الصين ‪..‬‬ ‫إمبراطوية الشعب‬

‫عىل “إرسائيل” رفع حصارها عن‬ ‫قطاع غزة لتسهل عملية إعادة‬ ‫اإلعامر يف القطاع‬ ‫املطلوب اليوم يف لبنان إزالة‬ ‫الخالفات بني األطراف كافة عرب‬ ‫الحوار واالتفاق‬ ‫تواصلها مع الشعب اللبناين والحكومة‬ ‫مع الحفاظ عىل مساواتها وتوازنها‬ ‫اللبنانية‪،‬‬ ‫أثناء اتصاالتها بكافة األطراف السياسية‬ ‫اللبنانية عىل الرغم مام تشكله هذه املهمة‬ ‫من صعوبة‪ ،‬بسبب تعدد القوى السياسية يف‬ ‫لبنان‪ ،‬بحيث نلتزم‪ ،‬وبشكل صارم‪ ،‬عدم التدخل‬ ‫يف الشؤون الداخلية للبلد‪.‬‬ ‫أما بالنسبة اىل التعاون االقتصادي بني‬ ‫البلدين فامزلنا نواجه القليل من املشاكل‪ ،‬عىل‬ ‫الرغم من أننا نبذل الجهود لتذليلها‪.‬‬ ‫وبشكل عام لقد شاركت الصني بصورة‬ ‫قليلة يف عملية إعادة اإلعامر يف لبنان‪ ،‬وهناك‬ ‫مرشوعني فقط تقوم بهام رشكة مقاوالت‬ ‫صينينة هام‪ :‬مرشوع سد نهر العايص‪ ،‬ومرشوع‬ ‫توسيع ميناء طرابلس‪.‬‬ ‫وبالنسبة ملرشوع سد نهر العايص ق ّرر‬ ‫الجانب اللبناين وقف املرشوع‪ ،‬ونأسف كثرياً‬ ‫لذلك‪ ،‬ولن أطيل كالمي يف هذا املوضوع ألن‬ ‫األمر يتعلق بأمور كثرية ال أرغب يف التطرق‬ ‫إليها‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫أما بالنسبة إىل مرشوع توسيع ميناء‬ ‫طرابلس‪ ،‬فهناك أمل كبري بإمتامه‪ ،‬وهناك فريق‬ ‫عمل من رشكة صينية اآلن يف لبنان ونتمنى‬ ‫أن تتفق مع الجانب اللبناين حول تفاصيل هذا‬ ‫املرشوع‪ ،‬إضافة إىل مرشوع ثالث‪ ،‬أود أن أشري‬ ‫إليه اآلن‪ ،‬هو أن الصني ستقدّم للجانب اللبناين‬ ‫بعض التجهيزات يف قطاع االتصاالت‪ ،‬استغالال‬ ‫للمساعدات التي تقدمها الصني للبنان بدون‬ ‫مقابل‪ ،‬وتق ّدر هذه التجهيزات بحواىل ‪500‬‬ ‫مليون “يوان” صيني‪ ،‬ما سيسهم يف رفع قدرة‬ ‫لبنان يف االتصال الالسليك وخفض نفقة‬ ‫االتصاالت‪ .‬وأمتنى أن يتم توقيع اتفاقية هذا‬ ‫املرشوع يف املستقبل القريب‪ ،‬لعدم وجود أي‬ ‫عوائق تذكر‪.‬‬ ‫وبشكل عام‪ ،‬نحن متفائلون بالتعاون‬ ‫االقتصادي بني الصني ولبنان وغري راضني‬ ‫بالنتيجة التي بلغها حتى اآلن‪ ،‬عىل أمل أن‬ ‫نعمل أكرث يف املستقبل‪.‬‬ ‫كيف تقرأون مستقبل لبنان؟‬ ‫يتمتع لبنان بظروف جيدة جداً من كل النواحي‬ ‫عىل الرغم من افتقاره للموارد الطبيعية‪ ،‬ولكن‬ ‫هذا ال ينفي امتالكه ملوارد برشية كبرية وهامة‬ ‫ذات مستوى ثقايف وعلمي عالٍ جداً‪ ،‬وحكمة‬ ‫واجتهاد‪ ،‬وخري دليل عىل ذلك نجاح الكثري من‬ ‫املغرتبني اللبنانيني يف الخارج‪ ،‬ما يدل عىل كفاءة‬ ‫اللبنانيني‪.‬‬ ‫إضف إىل أن الخالق منح لبنان مناخاً جيداً‪،‬‬ ‫ومعامل طبيعية جيدة‪ ،‬لديها القدرة عىل جعل‬ ‫لبنان سويرسا الرشق‪.‬‬ ‫واملطلوب اليوم إزالة الخالفات بني األطراف‬ ‫كافة‪ ،‬عرب الحوار واالتفاق للتوصل إىل التوافق‬ ‫لجعل لبنان أجمل وأحسن يف املستقبل‪ ،‬وهذا‬ ‫من أوىل رغبات الصني‪.‬‬

‫حوار رونالد حمدان‬

‫أحيت الصني الذكرى الستني لتأسيسها‬ ‫باحتفاالت وعروض عسكرية ضخمة يف ساحة‬ ‫“تيان أن مني” وسط العاصمة “بكني” التي أعلن‬ ‫“ماو تيس تونغ” منها إقامة جمهورية الصني‬ ‫الشعبية يف األول من ترشين األول ‪.1949‬‬ ‫وتشجع هذه االحتفاالت العامل عىل التعلم‬ ‫من التقاليد الثورية وخوض غامر الكفاح العنيد‬ ‫لنيل االستقالل الوطني والسري قدماً يف طريق‬ ‫اإلصالح واالنفتاح والتطور‪.‬‬ ‫فقد شهدت الصني منذ تأسيسها تغريات‬ ‫كبرية وإنجازات عديدة يف كافة املجاالت‪ ،‬خاصة‬ ‫يف املجال التجاري حيث يشكل إجاميل الناتج‬ ‫املحيل للصني ما يزيد عن أربعة آالف مليار دوالر‪،‬‬ ‫فيام يصل االحتياطي الدويل إىل أكرث من ألفي‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬وحجم التجارة الخارجية بلغ ‪2560‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬وهو أمر جعل الصني تحل عىل مدار‬ ‫السنوات األربع األخرية يف املركز الثالث عاملياً‪.‬‬ ‫إن النجاحات التي تحققت كالنمو االقتصادي‬ ‫املتوازن واستيعاب التكنولوجيا بشكل فائق‬ ‫مل تكن لتتحقق دون الثورة ومرياثها الكفاحي‬ ‫الضخم‪ ،‬والنضال الوطني التحرري بكفاءة وإدارة‬ ‫متقدمة‪.‬‬ ‫الصني تطعم ‪ %22‬من سكان العامل مع أنها‬ ‫ال متتلك سوى ‪ %6‬من األرايض القابلة للزراعة‬ ‫يف الكوكب‪ ،‬وهذه هي املعجزة الحقيقية للثورة‬ ‫الصينية التي بدأت بقيادة زعيم املرحلة األوىل‬ ‫“ماو تيس تونغ” إىل املرشد واألب الروحي لكل‬ ‫التحوالت االقتصادية املتواصلة حتى اآلن “دينغ‬ ‫هسياو بنغ”‪.‬‬ ‫لقد استهدفت الثورة الصينية التحرر من‬ ‫االستعباد اإلمربيايل وإحراز االستقالل الوطني‬ ‫الحقيقي وتصفية مخلفات القرون الوسطى‬ ‫واإلقطاعية‪.‬‬ ‫واستطاعت الثورة تحطيم جهاز الدولة القديم‬ ‫واستبداله بنظام سيايس جديد ودميقراطي‪،‬‬ ‫ونقل املراكز الحساسة يف االقتصاد إىل أيدي‬ ‫دولة وطنية‪ ،‬قادرة قوية ونزيهة‪.‬‬ ‫لقد نقلت الثورة الصينية مجتمع البالد إىل‬ ‫الحداثة‪ ،‬واملجتمع الصيني مجتمع حديث بحق‪،‬‬

‫‪61‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب دويل‬ ‫ويتضح ذلك من جميع مظاهر ترصف مواطنيه‪.‬‬ ‫فيعيش الصينيون حارضهم غري متأثرين بتلك‬ ‫ماض أسطوري معاد‬ ‫األنواع من الحنني إىل‬ ‫ٍ‬ ‫تشكيله‪ ،‬وهم ال يعانون من مشاكل الهوية‬ ‫والكيان‪ .‬كام ميتلك الشعب الصيني الثقة‬ ‫الكبرية بالنفس ويعرف أن نضاالته قد حققت‬ ‫تحوالت اقتصادية كبرية وتقدم اجتامعي‬ ‫متوازن‪.‬‬ ‫ويف نفس السياق وبالرغم من األزمة‬ ‫االقتصادية العاملية‪ ،‬رفع البنك الدويل توقعاته‬ ‫حول منو االقتصاد الصيني خالل عام ‪ 2009‬إىل‬ ‫أكرث من ‪ %7‬من النمو يف الناتج املحيل اإلجاميل‪.‬‬ ‫ويف وقت تعاين فيه معظم دول العامل من‬ ‫انحسار يف اقتصادها‪ ،‬تستطيع الصني تحقيق‬ ‫هذا املعدل املرتفع من النمو بسبب الربنامج‬ ‫الحكومي التحفيزي الكبري الذي التزمت بتنفيذه‬ ‫وزادت إنفاقها حوايل ‪ 600‬مليار دوالر‪ .‬وقد أدت‬ ‫زيادة اإلنفاق الحكومي إىل زيادة يف اإلقرتاض من‬ ‫قبل البنوك ومنو يف االستثامر تبعاً لذلك‪ ،‬ما كان‬ ‫له تأثريا ملموسا عىل منو االقتصاد‪ .‬فبدالً من أن‬ ‫تندب الصني حظها وتحد من طموحاتها بسبب‬ ‫األزمة العاملية وانخفاض الطلب من قبل الدول‬ ‫األخرى‪ ،‬قامت بتبني برامج حكومية طموحة‬ ‫موجهة إىل الداخل‪ ،‬أي إىل تحفيز الطلب‬ ‫الداخيل‪ ،‬وهو ما تستطيع أي حكومة التأثري فيه‬ ‫أكرث من قدرتها عىل التأثري عىل الطلب القادم‬ ‫من الدول األخرى‪.‬‬ ‫ويف العودة إىل الذكرى الستني لتأسيس الثورة‬ ‫أقيمت عروض عسكرية أظهرت الصني كقوة‬ ‫عاملية الميكن إنكارها من خالل كشف الجيش‬ ‫الصيني‪ ،‬الذي يعترب من أكرب جيوش العامل‪،‬‬ ‫عن أحدث أسلحته مبا فيها صواريخ “بالستية”‬ ‫جديدة عابرة للقارات‪ ،‬واستعرض أيضاً صواريخ‬ ‫نووية طويلة املدى قادرة عىل الوصول إىل قلب‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن تحديث الجيش الذي بدأ منذ‬ ‫أواخر التسعينات بدأ بتحقيق نتائج عملية حيث‬ ‫ال تزال أسلحته املتنوعة األفضل يف العامل‪.‬‬

‫الكبرية‬

‫وبقدرتها‬ ‫االقتصادي‪.‬‬ ‫وأمام هذا التقدم االقتصادي الرسيع للصني‪،‬‬ ‫كانت الواليات املتحدة تدرك خطورة هذه القوة‬ ‫الصاعدة‪ ،‬وهو ما جعل جميع األوساط األمريكية‬ ‫تتحدث عن الرصاع االقتصادي القادم مع الصني‪.‬‬ ‫لذلك بدأت الواليات املتحدة تضع خططها‬ ‫إلجهاض هذه النهضة الصينية أو عىل األقل‬ ‫احتوائها‪.‬‬ ‫وألن املدخل للتغيري واالحتواء يف الفكر‬ ‫األمرييك هو التأثري عىل الثقافة والفكر‪ ،‬كانت‬ ‫محاوالت الواليات املتحدة املتكررة إلثارة املشاكل‬ ‫مع الصني‪ ،‬بسبب حقوق اإلنسان مرة‪ ،‬وعمليات‬ ‫اإلغراق لألسواق األمريكية بالسلع الصينية مرة‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫ويف النهاية‪ ،‬أدركت الواليات املتحدة أن‬ ‫الصدام مع الصني لن يحقق أهدافها‪ ،‬وأن أقرص‬ ‫الطرق هو التطبيع يف املجال التجاري‪ ،‬وأن الخطوة‬ ‫األوىل يف هذا املجال هي إدخال الصني إىل حظرية‬ ‫منظمة التجارة العاملية‪ ،‬وذلك برشط إدخال‬ ‫بعض التحوالت يف السياسة االقتصادية والفكر‬ ‫االقتصادي الصيني‪.‬‬ ‫يف ظل الضغوط األمريكية املتواصلة عىل‬ ‫الصني إلدخال تعديالت عىل سياستها يف مجال‬ ‫حقوق اإلنسان وسياستها التجارية‪ ،‬مل تتخذ‬ ‫الصني موقفاً نهائياً ترفض فيه القيام بهذه‬ ‫التعديالت‪ ،‬ولكنها اتخذت مواقف مرنة‪ ،‬وقامت‬ ‫بالعديد من التحوالت والتغيريات االقتصادية‪،‬‬ ‫ولكن هذه التحوالت كانت وفق الفكر الصيني‪،‬‬ ‫يرتم يف أحضان الرأساملية األمريكية‪،‬‬ ‫الذي مل‬ ‫ِ‬ ‫ومل يظل متشبثاً باالشرتاكية‪ ،‬وانطلقت الصني‬ ‫يف ذلك من املثل القائل‪”:‬ال يهم لون القطة ما‬ ‫دامت تأكل الفرئان”‪ ،‬وانطالقاً أيضاً من أن ك ًال من‬ ‫الرأساملية واالشرتاكية ليستا عقيدة‪ ،‬ولكنهام‬ ‫صيغة قابلة للتطوير وتتشكل وفقاً للمجتمع‬ ‫الذي تطبق فيه‪ ،‬ووفقاً لظروف هذا املجتمع‪.‬‬ ‫وبذلك نجد أن تجاوب الصني مع مطالب الواليات‬ ‫املتحدة باالتجاه نحو االنفتاح والتغيري جاء‬ ‫متوافقاً مع املصالح الصينية‪ ،‬لكنها مل ترقص‬ ‫اقتصادياً عىل األنغام األمريكية رغم الكثري من‬ ‫الضغوط واإلغراءات‪ ،‬وكان ذلك من خالل قيام‬ ‫الصني بتهجني الرأساملية وتعديل االشرتاكية‬ ‫لتوافق ظروفها‪.‬‬ ‫من هنا كانت الواليات املتحدة مضطرة إىل‬ ‫إرخاء قبضتها واحتواء “التنني الصيني”‪ ،‬الذي‬ ‫خرج من القمقم راكباً حصان االقتصاد‪ ،‬وأدركت‬ ‫واشنطن أن الصني هي الطريق الطبيعي إلقامة‬ ‫عالقات اقتصادية مع الدول اآلسيوية الصاعدة‬ ‫وخاصة كوريا وفييتنام‪ ،‬وبعد نجاح الصني يف‬ ‫تغليب االقتصاد والتجارة عىل السياسة تحققت‬ ‫املقولة الصينية الشهرية‪”:‬االقتصاد هو الذي‬

‫الصني والواليات املتحدة‬ ‫إن املراقبني يف العامل يدركون حقيقة أن‬ ‫الصني دولة عظمى بدأت تنطلق يف العامل‬ ‫بعد فرتة طويلة من التخبط‪ ،‬وأنها سوف تزاحم‬ ‫وتصارع الواليات املتحدة اقتصادياً خالل السنوات‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫ويبدو أن الصني قد تبنت اسرتاتيجية هامة‬ ‫تقوم عىل عدم استفزاز اآلخرين وخاصة الواليات‬ ‫املتحدة بهذا التقدم االقتصادي املذهل‪ ،‬وبدت‬ ‫الصني كقوة عظمى تتحرك يف عباءة دولة‬ ‫نامية‪ ،‬يف تواضع حضاري وثقة هائلة يف النفس‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪62‬‬

‫عىل‬

‫صياغة‬

‫مستقبلها‬

‫يشكل السياسة ويرسم اتجاهاتها”‪.‬‬

‫الصني وأمريكا الالتينية‬ ‫تتحرك الصني بنشاط متزايد لتمأل الفراغ‬ ‫الذي تركته الواليات املتحدة يف السنوات األخرية‬ ‫بعد تركيزها عىل الحرب يف أفغانستان والعراق‬ ‫ومواجهة األزمة االقتصادية‪ ،‬فأظهرت نشاطاً‬ ‫حيوياً ومتنوعاً يف مجال األعامل‪ .‬فالتجارة بينها‬ ‫وبني أمريكا الالتينية ارتفعت من ‪ 10‬مليارات يف‬ ‫عام ‪ 2000‬إىل ‪ 140‬مليار عام ‪.2008‬‬ ‫وتشرتي الصني “الزنك” من البريو‪ ،‬والنحاس‬ ‫من تشييل‪ ،‬وخام الحديد من الربازيل‪ ،‬ويف املقابل‬ ‫تصدّر األجهزة واملعدات اإللكرتونية إىل الربازيل‪،‬‬ ‫والباصات إىل كوبا‪ ،‬واملالبس إىل املكسيك‪،‬‬ ‫والسيارات إىل البريو‪ ،‬التي يحاول رئيسها “آالن‬ ‫غارسيا” أن يجعل من بلده املحور األسايس‬ ‫للتجارة مع الصني‪ ،‬آم ًال أن تستثمر الصني ليس‬ ‫فقط موانئ البريو بل أيضاً التاريخ املشرتك بني‬ ‫البلدين‪ ،‬حيث هاجر إىل البريو‪ ،‬يف القرن التاسع‬ ‫عرش وبداية القرن العرشين آالف الصينيني ألداء‬ ‫أعامل يدوية‪ ،‬وهؤالء املهاجرون تركوا تراثاً هو‬ ‫عبارة عن سلسلة من املطاعم يطلق عليها‬ ‫اسم “جيفا ‪ ،”CHIFA‬تقدّم األطعمة الصينية‬ ‫يف مختلف أنحاء البريو‪.‬‬ ‫ونجحت الصني يف بناء تحالف اسرتاتيجي مع‬ ‫الربازيل يسمح للبلدين بإقامة رشاكة مع الهند‬ ‫وروسيا فيام سمي باملجموعة الرباعية والتي‬ ‫تطالب بأن يكون لها صوتاً أكرب يف القضايا‬ ‫السياسية واالقتصادية الدولية‪.‬‬ ‫ويعود اهتامم بكني الحديث يف أمريكا الالتينية‬ ‫إىل مطلع هذا القرن‪ ،‬حيث يف العام ‪ ،2001‬وأثناء‬ ‫جولة الرئيس الصيني “جيانغ تسه مني” يف‬

‫‪63‬‬

‫القارة الالتينية‪ ،‬كانت هناك محطة متميزة يف‬ ‫تم التوقيع عىل اتفاقيات متعددة‬ ‫كاراكاس‪ ،‬حيث ّ‬ ‫تتعلق بالتعاون يف مجاالت الطاقة والجيولوجيا‬ ‫والتعدين‪.‬‬ ‫وبعد عام عىل توقيع تلك االتفاقيات‪ ،‬بدأت‬ ‫الثورة البوليفارية بقيادة الرئيس “أوغو تشافيز”‬ ‫تنترش يف كل أنحاء فنزويال‪ ،‬محققة انتصارات‬ ‫يف كل االنتخابات التي خاضتها‪ ،‬وجاء ترصيح‬ ‫وزارة الخارجية الصينية يقول بأن الصني مقتنعة‬ ‫بأن الشعب الفنزوييل بقيادة الرئيس “أوغو‬ ‫تشافيز” سيواصل الرتكيز عىل االستقرار‬ ‫السيايس والتنمية االقتصادية‪ ،‬وتحقيق أكرب يف‬ ‫تقدم البالد‪ ،‬وأن الصني ستواصل تنمية وتدعيم‬ ‫صداقتها وتعاونها مع فنزويال‪.‬‬ ‫وبعد عامني عىل هذا الترصيح‪ ،‬و ّقعت البلدان‬ ‫اتفاقية للتعاون تشمل إعادة تأهيل منظومة‬ ‫سكك الحديد الفنزويلية واتفاقيات أخرى‪ ،‬وخاصة‬ ‫يف مجال الطاقة‪ ،‬وأعرب الرئيس “تشافيز” عن‬ ‫ارتياحه مؤكداً عزم فنزويال عىل رفع صادراتها‬ ‫النفطية اليومية إىل الصني من ‪ 150‬ألفاً إىل‬ ‫‪ 500‬ألف برميل يف اليوم‪.‬‬ ‫وأخرياً‪ ،‬ت ّوج البلدان هذه املسرية من التعاون‬ ‫باإلعالن عن توقيع اتفاق نفطي الستغالل النفط‬ ‫يف حوض “أورينوكو” بقيمة ‪ 16‬مليار دوالر حتى‬ ‫العام ‪ ،2012‬وسينفذ املرشوع رشكة فنزويلية‬ ‫– صينية مشرتكة إلنتاج ‪ 450‬ألف برميل من‬ ‫النفط يومياً‪.‬‬ ‫كل هذه االتفاقيات‪ ،‬والتعاون بني الصني‬ ‫وأمريكا الالتينية أزعجت الواليات املتحدة فباتت‬ ‫تنظر بقلق شديد تجاه املكاسب التي تحققها‬ ‫الصني يف فنزويال بشكل خاص‪ ،‬وأمريكا الالتينية‬ ‫بشكل عام‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب دويل‪ /‬شخصية‬

‫منرب دويل‬

‫تركيا‬ ‫وأرمينيا‬ ‫و «عفى هللا‬ ‫عما مضى»‬

‫و ّقعت أرمينيا وتركيا اتفاقات تاريخية لتطبيع‬ ‫العالقات بينهام‪ ،‬يف مدينة “زوريخ”‪ ،‬سويرسا‪،‬‬ ‫بحضور وزيري الخارجية الرتيك أحمد داود أوغلو‪،‬‬ ‫واألرمني “إدوارد نالبنديان”‪ ،‬ووزراء خارجية الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وروسيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وسويرسا‪ ،‬وسلوفانيا‪،‬‬ ‫إضافة إىل منسق العالقات الخارجية يف االتحاد‬ ‫األورويب “خافيري سوالنا”‪.‬‬ ‫وكادت خالفات حصلت يف اللحظة األخرية أن‬ ‫تنسف االتفاق‪ ،‬بعد اكتشاف الجانب الرتيك وجود‬ ‫عبارات قوية عن اإلبادة األرمينية يف نص كلمة‬ ‫“نالبنديان”‪ ،‬ما حتّم مطالبته بالرتاجع عنها‬ ‫التزاماً بربوتوكول االتفاق الذي يحيل موضوع‬ ‫اإلبادة إىل لجنة تاريخية‪.‬‬ ‫ورغب “نالبنديان” عرب هذه الفقرة تهدئة‬ ‫غضب جاليات األرمن يف العامل‪ ،‬والذين يتمتعون‬ ‫بنفوذ كبري يف الرأي العام‪ ،‬وتظاهر آالف منهم‬ ‫يف مدن عديدة ومنها بريوت احتجاجاً عىل اتفاق‬ ‫التطبيع‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا االتفاق‪ ،‬نرى قدرا كبريا من‬ ‫الشجاعة‪ ،‬الذي أبدتاه الحكومتان الرتكية‬ ‫واألرمنية‪ ،‬واللتان تستعدان إلعادة عالقاتهام‬ ‫الدبلوماسية املنقطعة منذ عام ‪ ،1993‬بسبب‬ ‫منطقة “ناغورين ق ّره باخ” األرمنية الواقعة يف‬ ‫األرايض األذربيجانية‪ ،‬بعد حرب استمرت ‪ 6‬سنوات‬ ‫بني عامي ‪ 1988‬و ‪ ،1994‬وأسفرت عن سقوط ‪30‬‬ ‫ألف قتيل‪ ،‬ونزوح مئات اآلالف من الالجئني‪.‬‬ ‫وس ُيخرج هذا االتفاق أرمينيا‪ ،‬التي تقع يف بقعة‬ ‫مغلقة وتفتقد موارد النفط من عزلتها‪ ،‬فيام‬ ‫ستخطو تركيا خطوة إىل األمام يف املفاوضات‬ ‫التي تجريها منذ العام ‪ ،2005‬لنيل عضوية االتحاد‬ ‫األورويب‪ .‬وينص االتفاق عىل استئناف العالقات‬ ‫الدبلوماسية بني البلدين‪ ،‬وإعادة فتح الحدود‬ ‫بينهام‪ ،‬وتشكيل لجنة مشرتكة من مؤرخني‬ ‫مستقلني لدراسة قضية اإلبادة الجامعية‪ ،‬التي‬ ‫طاملا ا ّتهم األرمن تركيا‪ ،‬بقتل مليون ونصف‬ ‫مليون أرمني‪ ،‬خالل الحرب العاملية األوىل‪ ،‬وتهجري‬ ‫بقية األرمن‪ ،‬الذين كانوا يعيشون يف ظل‬ ‫السلطنة العثامنية‪ ،‬يف أواخر أيامها‪ ،‬بينام‬ ‫تقول تركيا إن األرمن ُقتلوا يف سياق حروبها ضد‬ ‫الدول األخرى ومقاومتها لحاالت التمرد والعصيان‬ ‫ضدها يف الرشق األوسط‪.‬‬ ‫فال مغاالة يف الحديث عن أهمية هذا االتفاق‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫وزير الخارجية التركي « أحمد داود أوغلو»‬

‫نظرية التحول الحضاري‬

‫التاريخي بني البلدين‪ ،‬كونه اتفاق سالم بالرغم‬ ‫من أن تركيا وأرمينيا مل تكونا يف حالة حرب‬ ‫فعلياً‪ ،‬لكن كان بينهام نزاع مهلك وغارق يف‬ ‫الكراهية املتجذرة منذ مئة عام‪.‬‬ ‫وس ّبب هذا النزاع األذى للدولتني‪ ،‬فيام أدّى‬ ‫رفض تركيا االعرتاف بالظلم الذي ُألحق باألرمن‬ ‫إىل تقويض فرصها باالنضامم إىل االتحاد األورويب‪،‬‬ ‫وبقيت أرمينيا تحت عبء الفقر والعزلة‪.‬‬ ‫أما اآلن‪ ،‬فقد اتخذتا خطوة عمالقة نحو‬ ‫املصالحة من دون االتفاق النهايئ عىل التفاصيل‬ ‫التاريخية‪ .‬ومن الخطوات العمالقة التي قامت‬ ‫بها الحكومة الرتكية‪ ،‬عقد مؤمتر دويل يف‬ ‫“اسطنبول”‪ ،‬حرضه باحثني أتراك‪ ،‬وأرمن‪،‬‬ ‫وآشوريني‪ ،‬وأوروبيني‪ ،‬ملناقشة قضية املذابح‪ .‬وهذا‬ ‫التحول يف املوقف الرتيك من القضية األرمنية‪،‬‬ ‫مل يقترص عىل املستويات الرسمية فحسب‪،‬‬ ‫وإمنا امتد إىل األوساط الثقافية‪ ،‬والنخب داخل‬ ‫املجتمع الرتيك‪ ،‬وأطلق العديد من كبار الكتاب‬ ‫واملثقفني األتراك حملة تضامنية مع ضحايا‬ ‫املذبحة‪ ،‬وطالبوا الحكومة الرتكية بتقديم اعتذار‬ ‫رسمي للشعب األرمني‪ .‬وقد و ّقع عرشات اآلالف‬

‫اتفاق ُوصف بالتاريخي‬ ‫ينص عىل‬

‫ـ احرتام مبادىء العدل والسيادة وعدم‬ ‫التدخل يف الشؤون الداخلية للدول األخرى‬ ‫واحرتام حصانة حدودها‪.‬‬ ‫ـ الحفاظ عىل جو الثقة بني الدولتني بغية‬ ‫املساهمة يف متتني السالم واالستقرار يف‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫ـ العزم عىل التخفيف من استخدام القوة‬ ‫والتهديد بها‪.‬‬ ‫ـ االعرتاف املتبادل بالحدود الجغرافية الحالية‬ ‫وفقاً لالتفاقيات الدولية املعمول بها‪.‬‬ ‫ـ التذكري بقرار الدولتني فتح حدودهام‬ ‫املشرتكة‪.‬‬ ‫ـ مبارشة الحوار حول البعد التاريخي من‬ ‫أجل ترميم الثقة املتبادلة بني الدولتني‪،‬‬ ‫واللجوء إىل تحليل علمي حيادي ونزيه للوثائق‬ ‫التاريخية بغية توضيح الخالفات الحالية‬ ‫ووضع توصيات للحل‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫عىل بيان الحملة‪ ،‬الذي كان مبثابة رسالة إىل الرأي‬ ‫العام الرتيك‪.‬‬ ‫ولعل تركيا تجد يف التطبيع تعزيزاً لرغبتها يف‬ ‫مزيد من النفوذ يف منطقة القوقاز‪ ،‬إذ تسعى‬ ‫إىل بناء رشاكات اسرتاتيجية اقتصادية فيها‪.‬‬ ‫وقمة الدول الناطقة بالرتكية التي انعقدت‬ ‫يف بداية الشهر الجاري يف أذربيجان تؤكد ذلك‪،‬‬ ‫وكان لسوريا تأثري إيجايب يف تطبيع العالقات‬ ‫الرتكية األرمينية من خالل العالقات الطيبة‬ ‫التي تربطها بالبلدين‪ .‬ففي الزيارة الرسمية إىل‬ ‫بريفان التي قام بها الرئيس بشار األسد‪ ،‬يف ‪17‬‬ ‫حزيران املايض‪ ،‬أشاد مبسرية التقارب الحثيثة بني‬ ‫تركيا وأرمينيا‪ ،‬وأبدى استعداداً للعمل من أجل‬ ‫دفع هذه العالقات انطالقاً من العالقة القوية‬ ‫التي تربط بني سورية وأرمينيا من ناحية‪ ،‬وسورية‬ ‫وتركيا من ناحية أخرى‪ .‬وكذلك تأكيد الرئيس‬ ‫خالل زيارته تركيا يف ‪ 16‬أيلول عىل اهتامم سوريا‬ ‫القوي باالنفتاح الرتيك األرميني‪ ،‬ألن تحسني‬ ‫العالقات بني البلدين سينعكس اقتصادياً عىل‬ ‫املنطقة‪ .‬و مع الدور الذي تؤديه سوريا من خالل‬ ‫عالقاتها االسرتاتيجية مع تركيا وعالقاتها‬ ‫الطيبة مع أرمينيا وأذربيجان‪ ،‬رمبا يؤرش تطبيع‬ ‫العالقات الرتكية األرمينية إىل أن أزمة إقليم‬ ‫«ناغورين كرباخ» قريبة الحل‪ ،‬وإن كان ربط رئيس‬ ‫الوزراء الرتيك رجب طيب أردوغان فتح الحدود‬ ‫مع أرمينيا مبسألة إقليم «ناغورين كرباخ»‪ ،‬ألن‬ ‫تركيا تهمها مصالح أذربيجان التي ترتبط معها‬ ‫بعالقات تاريخية وجغرافية وثقافية مع النطق‬ ‫بلغة واحدة‪.‬‏‬ ‫وال شك يف أن إحالل السالم‪ ،‬وحل جميع‬ ‫الخالفات مع الجريان هام من أبرز مبادئ السياسة‬ ‫الخارجية الرتكية منذ عهد “أتاتورك” حتى اآلن‪ ،‬لذا‬ ‫تسعى تركيا إىل مد جسور التعاون والثقة‪ ،‬وبناء‬ ‫منظومة إقليمية متتد من القوقاز إىل البلقان‬ ‫والرشق األوسط‪ ،‬وتحول هذه املنظومة دون تدخل‬ ‫القوى الخارجية يف شؤون املنطقة وسياساتها‪.‬‬ ‫وهذه املصالحة الرتكية‪ -‬األرمنية‪ُ ،‬تثبت أنه‬ ‫حتى النزاعات املستمرة منذ وقت طويل‪ ،‬ميكن‬ ‫تسويتها‪ ،‬وأن القادة الحقيقيني جاهزون لتبديل‬ ‫الطريقة‪ ،‬التي ينظرون بها إىل األمور من أجل‬ ‫املستقبل‪.‬‬

‫رونالد‪...‬‬

‫هو ّ‬ ‫منظر اإلسرتاتيجية الجديدة التي تنتجها تركيا‬ ‫وقومها إخراج تركيا من بلد طرف عضو يف محاور‬ ‫عدوان إىل بلد مركز‪ ،‬عىل مسافة من الجميع <‬ ‫انتقد النظريات التي انتهجها الفكر الغريب خالل‬ ‫القرن املايض (نهاية الدين‪ ،‬ونهاية اإليدولوجيا‪ ،‬ونهاية‬ ‫التاريخ)‪ ،‬وانتقد بشدة نظرية (صدام الحضارات) تلك‬ ‫النظرية التي تحاول أن ت ّ‬ ‫رشعن استخدام القوة لحامية‬ ‫مصالح القوى الكربى وهو مبدأ مفرغ من املضمون‬ ‫اإلنساين‪ ،‬ويرى أن املشكلة هي يف (صدام املصالح)‪.‬‬ ‫أحمد داود أوغلو وزير الخارجية الرتكية‪ ،‬ولد عام‬ ‫‪ 1959‬يف مدينة ( قونيا) الواقعة يف قلب األناضول‪،‬‬ ‫وتدرج يف التعليم حتى تخرج يف قسم العلوم‬ ‫السياسية عام ‪ 1984‬يف جامعة “البوفسور” إحدى‬ ‫أهم املؤسسات الجامعية الرتكية‪ ،‬وحصل الحقاً عىل‬ ‫شهادة املاجستري والدكتوراه يف العالقات الدولية‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1999‬حصل عىل درجة (بروفيسور) يف علم‬ ‫العالقات الدولية‪ ،‬كام توىل رئاسة قسم العالقات‬ ‫الدولية يف جامعة (بيكنت) الرتكية الخاصة قبل أن‬ ‫يختاره رجب طيب أردوغان كمستشار للسياسة‬ ‫الخارجية‪ ،‬وذلك لإلرشاف عىل مهام الرصد والتخطيط‬ ‫واملشاركة يف عملية إطالق سياسة خارجية جديدة‬ ‫للبالد‪ ،‬عقب فوز حزب العدالة والتنمية باالنتخابات‬ ‫الربملانية الرتكية وتشكيلة للحكومة‪.‬‬ ‫وقد أتاح منصب مستشار السياسة الخارجية‬ ‫ألوغلو فرصة التأثري املبارش عىل السياسة الخارجية‬ ‫الرتكية من أعىل مستوياتها‪ ،‬وتطبيق اإلطار النظري‬ ‫الذي قدمه للسياسة الخارجية الرتكية وما يسمى‬ ‫مببدأ العمق االسرتاتيجي‪.‬‬ ‫وأعلن عن تعيينه وزيراً للخارجية الرتكية يف األول‬ ‫من أيار ‪ 2009‬ضمن تعديل وزاري موسع‪ ،‬وهو “رجل‬ ‫الظل” و”صاحب اليد العليا”كام يلقب يف أروقة‬ ‫الخارجية الرتكية‪ ،‬وهناك أمر يحتاج إىل التوقف‬ ‫عنده‪ ،‬فهي إحدى املرات النادرة يف الحياة السياسية‬ ‫الرتكية التي يعني فيها وزير من خارج الربملان‪ ،‬ولكن‬ ‫األهم‪ ،‬أن “اوغلو” هو املنظر األول للسياسة الخارجية‬ ‫الرتكية التي اتبعها حزب العدالة والتنمية‪ ،‬وهي‬ ‫السياسة التي عززت الدور اإلقليمي الرتيك‪ ،‬ووضعت‬ ‫تركيا يف قلب التفاعالت اإلقليمية يف منطقة الرشق‬ ‫االوسط‪.‬‬ ‫نجح احمد داود اوغلو يف أن ُيخلد يف ذاكرة األتراك‪،‬‬ ‫‪،‬ألنه صاحب دور فاعل ومبادر يف كل القضايا اإلقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬وهو ما يفرس التحول الهائل يف العالقات‬ ‫بني تركيا ودول جوارها‪ ،‬ومنها سوريا وإيران واليونان‬ ‫وروسيا‪ ...‬وهذه اإلسرتاتيجية التي وردت مالمحها يف‬ ‫كتابه االشهر (العمق االسرتاتيجي) تكرس السياسات‬ ‫التقليدية التي اتبعتها تركيا منذ تأسيس الجمهورية‬ ‫وحتى اآلن‪.‬‬ ‫يقول “اوغلو”‪ :‬إن طريقة تعامل تركيا مع املنطقة‬

‫تحددها جغرافية تركيا وتاريخها‪ ،‬نحن نرى املنطقة من‬ ‫وجهة نظر املنطقة‪ ،‬نحن لسنا غرباء بل جزء من هذه‬ ‫املنطقة وتاريخها واألرايض الرتكية يف الجنوب والحدود‬ ‫مع العراق وسورية لها استمرارية طبيعية من حيث‬ ‫االستمرار الدميغرايف والثقايف‪ ،‬والسياسة الخارجية‬ ‫الرتكية هي سياسة داخلية للمنطقة التي نحن جزء‬ ‫منها‪ ،‬وال ميكن فصل التاريخ الرتيك والعريب واإليراين‬ ‫والكردي عن بعضه البعض‪ ،‬السياسة واملصري‬ ‫واملستقبل نفسه”‪.‬‬ ‫احمد داود اوغلو صاحب رؤية إسرتاتيجية أصيلة‬ ‫تنسب إليه وحده دون غريه‪ ،‬ودوره من الرصاع العريب‬ ‫– االرسائييل ينطلق من ثوابت “الرؤية الحضارية” التي‬ ‫يؤكد عليها من خالل نظرتني‪ :‬األوىل يقول فيها” “إن‬ ‫الثقة بالذات الحضارية” مصدر قوة إضافية للدولة‬ ‫يف عالقاتها الخارجية”‪ ،‬والنظرية الثانية أنه “يك‬ ‫تكون ناجحاً يف إدارة العالقات الدولية يتعني عليك‬ ‫مراعاة التوازن الدقيق بني قوى األمر الواقع‪ ،‬وقوة الحق‬ ‫األصيل‪ ،‬وأنه ال يجوز املغامرة مبواجهة قوة األمر الواقع‬ ‫دون استعداد كاف‪ ،‬كام ال يجوز التفريط يف قوة الحق‬ ‫الثابت األصيل‪ ،‬وأنه ميكن إنجاز الكثري يف الساحة‬ ‫القامئة بني قوة (األمر الواقع) و(قوة الحق األصيل) يف‬ ‫ضوء موازين القوى التي تتحرك باستمرار وال تعرف‬ ‫السكون أو الجمود”‪.‬‬ ‫والحضارة الغربية برأيه‪ ،‬متر بأزمة‪ ،‬وأزمتها تتلخص‬ ‫يف عجزها عن توفري التاريخ‪ ،‬وكل حضارة تفشل أو‬ ‫ترتاجع عن تحقيقهام تصبح متوترة وانفعالية تجاه‬ ‫اآلخرين‪ ،‬ويستدل مفكرنا عىل عجز الحضارة الغربية‬ ‫عن توفري األمان والحرية لإلنسان برعونتها يف التعامل‬ ‫مع بقية الشعوب‪ ،‬وعدوانيتها تجاه األخر‪ ،‬ونزعتها‬ ‫الطاغية نحو العوملة تهدد بإلغاء الهوية الحضارية‬ ‫وفرض منط واحد عن طريق مزيد من القرس واإلكراه‪.‬‬ ‫أول ترصيح للوزير “اوغلو” قال فيه‪“ :‬تركيا سوف‬ ‫تستشار ‪،‬ويحرتم رأيها يف كل القضايا العاملية‪ ،‬من‬ ‫املناخ واالحتباس الحراري‪ ،‬إىل قضايا الرشق األوسط”‪.‬‬ ‫وله ثالث نظريات متامسكة‪ ،‬األوىل (نظرية التحول‬ ‫الحضاري) طرح فيها رؤيته ملستقبل العالقات الدولية‪،‬‬ ‫وفيها برهن عىل أن ما يجري يف العامل منذ سقوط‬ ‫االتحاد السوفيايت ليس تعبرياً عن انتصار الرأساملية‬ ‫الليربالية‪ ،‬وال عن نهاية التاريخ‪ ،‬وإمنا هو تحول حضاري‬ ‫واسع املدى‪ ،‬ومبوجب هذا التحول‪ ،‬ينزاح تدريجياً املركز‬ ‫الحضاري األطليس األمرييك وتحاول القارة األوروبية‬ ‫العجوز اسرتداده مرة أخرى من خالل االتحاد األورويب‪،‬‬ ‫كام تحاول آسيا بناء محور جديد ويحاول اإلحياء‬ ‫اإلسالمي أن يبني محوراً حضارياً جديداً أيضا مرتكزاً‬ ‫عىل متاسك رؤيته للعامل‪ ،‬ويف القلب من هذه الرؤية‬ ‫تقع قيمتا الحرية واألمان الوجودي باملعنى اإلنساين‪...‬‬ ‫(الحرية ليست موضوعاً من موضوعات القوة بقدر ما‬ ‫هي موضوع للوعي بالذات ومعرفة النفس)‪.‬‬

‫‪65‬‬

‫العقبات التي تتعرض نهضة املحور الحضاري‬ ‫اإلسالمي هي أن املحور الحضاري األمرييك سيسعى‬ ‫لالحتفاظ بتفوقه بشتى الوسائل األخالقية وغري‬ ‫األخالقية‪ ،‬ولذلك فاملرحلة الراهنة من تاريخ العالقات‬ ‫الدولية تشهد منازعة بني أكرث من محور حضاري‬ ‫باتجاه (نظام عاملي جديد)‪.‬‬ ‫ويؤكد حضور العامل اإلسالمي يف خضم‬ ‫املنازعة‪ ،‬ويرسم تصور من أربع مراحل قطع منها املحور‬ ‫اإلسالمي ثالثة ودخل يف الرابعة‪ ،‬أولها مرحلة الخضوع‬ ‫للنزعة اإلسالمية‪ ،‬وثانيتها مرحلة تحدي الهوية إىل‬ ‫قيام الثورات‪ ،‬وثالثهام مرحلة نشأة دولة ما بعد‬ ‫االستعامر وسيطرة النخب املتغ ّربة عليها‪ ،‬ورابعتها‬ ‫مرحلة تجدد اإلدراك الذايت اإلسالمي وتخلصه من‬ ‫عقدة الدونية إبان نظريته الكربى الثانية وهي نظرية‬ ‫العمق االسرتاتيجي (تركيا لديها اآلن سياسة خارجية‬ ‫قوية نحو الرشق االوسط والبلقان ومنطقة قوقاز‪،‬‬ ‫سنسعى لدور إقليمي أكرب‪ ،‬ومل نعد بلد رد فعل) يقول‬ ‫“اوغلو”‪ :‬تركيا دولة مركزية والدليل عىل ذلك هو تواجد‬ ‫أفرقاء يف مكان قريب من الجغرافيا التي تسمى (آفرو‬ ‫آسيا) أي أفريقيا وأوروبا وآسيا‪.......‬‬ ‫أما نظريته (العثامنية الجديدة) وإن مل يسمها بهذا‬ ‫االسم يف كتابه‪ ،‬فهي تعني باختصار االعتامد عىل‬ ‫القوى الناعمة ال الخشنة يف السياسة الخارجية‪ ،‬إنها‬ ‫تعني‪ :‬علامنية أقل تشدداً يف الداخل‪ ،‬ودبلوماسية‬ ‫نشطة يف الخارج‪ ،‬وخاصة يف املجال الحيوي لرتكيا‪،‬‬ ‫وبذور هذه النظرية تتسع رويدا رويداً يف أوساط النخبة‬ ‫الرتكية بأطيافها السياسية والفكرية ورمبا تكون قد‬ ‫وصلت إىل النخبة العسكرية ممثلة يف رئيس أركان‬ ‫القوات املسلحة (ايلكر باشبوغ)‪ ،‬وهو قائد عسكري‬ ‫ومثقف من طراز رفيع واسع االطالع‪ ،‬ففي الخطاب‬ ‫السنوي يوم ‪ 14‬نيسان ‪ 2009‬عرب عن رؤية جديدة ومل‬ ‫يستخدم تعبري الهوية الرتكية وال الشعب الرتيك‪،‬‬ ‫وبذلك تكون العسكرية الكاملية قد غادرت واحدة‬ ‫من ثوابتها يف الرتكيز عىل القومية الرتكية يف‬ ‫املقام األول‪ ،‬تحدث هذه املرة عن أن الجمهورية الحديثة‬ ‫تتحقق “بالدميقراطية” وليس بالعلامنية‪ ،‬ما ورد يف‬ ‫هذا الخطاب هو مبثابة “ثورة صامتة”‪.‬‬ ‫ومن املرجح أن تكتسب نظريات “اوغلو” قوة دفع‬ ‫كبرية لألمم‪ ،‬وقد يشهد العامل بروز شخصية تقف يف‬ ‫مصاف وزراء خارجية عظام‪“ ،‬اوغلو” وباعرتاف الكثريين‬ ‫له هوى عريب‪ ،‬وهو فرصتنا نحن العرب إذا ما أحسنا‬ ‫الترصف وأعددنا العدة‪ ،‬من خالل ترتيب أولوياتنا ونبذ‬ ‫التفرقة‪ ،‬وتوحيد الجهود والنظر عرب رؤية واضحة‬ ‫واختيار الوسيلة الخالقة‪ ،‬واملهم البداية الصحيحة‬ ‫واختيار املسار األسلم الذي يحفظ الكرامة‪ ،‬وامتالك‬ ‫اإلرادة والعزمية‪ ،‬إنها فرصتنا قبل فوات األوان‪!...‬‬

‫محمود صالح‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب اقتصادي‪ /‬حوار‬

‫الضمان االجتماعي حق من حقوق المواطن اللبناني‬

‫محمد كركي لـ «منبر التوحيد»‪ 802 :‬مليار ليرة مستحقات‬ ‫على الدولة وال ّ‬ ‫حل للعجز إالّ بزيادة اإلشتراكات‬ ‫مل يقدّم العام ‪ 2009‬حلو ًال ذهبية ملجمل املشاكل التي يتخ ّبط‬ ‫فيها اللبنانيون‪ ،‬بل عىل العكس كان عىل غرار السنوات املاضية‬ ‫التي مل تشهد فقط انتقاالً للمشاكل‪ ،‬بل إضافة جديدة عليها‬ ‫بفعل تفاقم األوضاع االقتصادية والسياسية واألمنية يف البالد‪،‬‬ ‫ما جعل لبنان يتحرض إىل العام الجديد بانطالقة مثقلة بامللفات‬ ‫الشائكة ومن بينها ملف الضامن االجتامعي الذي هو حق من‬ ‫حقوق املواطن‪ ،‬يف وقت يتّفق فيه الجميع عىل هدف واحد‪ ،‬هو‬ ‫تحقيق الطبابة واالستشفاء لجميع املواطنني‪ .‬بالرغم من الخالف‬ ‫حول كيفية تأمني التقدميات الذي رمى بثقله عىل كاهل املواطن‬ ‫اللبناين من خالل املطالبة بزيادة سقف تعرفة االشرتاكات التي‬ ‫ما هي هواجس الضامن؟ وكيف تفرسون‬ ‫اللغط املثار حول محاولة إفالسه؟‬ ‫التعرفة‬ ‫زيادة‬ ‫مبوضوع‬ ‫يتعلق‬ ‫فيام‬ ‫االستشفائية‪ ،‬وكيفية تغطية الكلفة الناجمة‬ ‫عن هذا املوضوع‪ ،‬إن إدارة الضامن االجتامعي‬ ‫قامت مبا يتوجب عليها ورفعت منذ شهر نيسان‬ ‫‪ 2009‬كتاب متكامل إىل مجلس إدارة الضامن‪،‬‬ ‫وضعت فيه كل السيناريوهات‪ ،‬ووافقت عىل‬ ‫تطبيق مندرجات قرار مجلس الوزراء لجهة‬ ‫التوحيد يف التعرفات االستشفائية وتصحيح‬ ‫تعريفات األطباء‪ ،‬واملطالبة يف زيادة االشرتاكات‬ ‫لتأمني التمويل الالزم‪ ،‬لتصحيح الخلل يف التوازن‬ ‫املايل ثم املوافقة عىل مندرجات قرار مجلس‬ ‫الوزراء‪.‬‬ ‫وهذا ال يعني أننا لسنا مع إعطاء األطباء‬ ‫واملستشفيات حقوقهم‪ ،‬ومع تطبيق مندرجات‬ ‫قرار مجلس الوزراء‪ ،‬ولكن كيف سيمكننا العطاء‬ ‫من صندوق عاجز مسبقا‪ ،‬حيث أن املشكلة‬ ‫األساسية هي يف كلفة الـ ‪ 82‬مليار لرية لبنانية‬ ‫للزيادة الجديدة وكيفية تغطيتها‪ ،‬فإذا كانت‬ ‫الدولة غري قادرة عىل املساعدة‪ ،‬علينا اللجوء‬ ‫إىل زيادة االشرتاكات لنؤمن التمويل الالزم‪،‬‬ ‫وهذه الزيادة سترتتب عىل جميع املستفيدين‬ ‫من الضامن االجتامعي مبا فيهم أرباب العمل‬ ‫واألطباء والدولة‪ ،‬وبهذه املناسبة ومبا أننا يف‬ ‫إطار تصحيح كل مايتعلق بتعريفات األطباء‬ ‫واملستشفيات‪ ،‬ارتأينا العمل عىل خلق توازن‬ ‫مايل يف فرع املرض واألمومة الذي ميكن وصف‬ ‫وضعه املايل وفق املعطيات التالية‪ :‬مع نهاية‬ ‫عام ‪ 2008‬كان لدينا عجز مرتاكم بحدود ‪335‬‬ ‫مليار ل‪.‬ل يف فرع املرض واألمومة‪ ،‬مضاف إليها‬ ‫‪ 52‬مليار ل‪.‬ل متوقعة يف العام ‪ ،2009‬ما يعني‬ ‫أننا نتكلم عن حوايل ‪ 400‬مليار مع نهاية العام‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أثري الجدل حولها‪ ،‬و ُوصف بأنها جاءت تلبية لقرار البنك الدويل‪،‬‬ ‫ولقرارات مسؤولني ومعنيني يعملون ضد الضامن يف محاولة‬ ‫إلفالسه‪.‬‬ ‫وهذا ما جعل املدير العام للصندوق الوطني للضامن االجتامعي‬ ‫يأسف عىل أمور كثرية عرقلت تطوير الصندوق‪ ،‬وأوقعته يف‬ ‫العجز‪ ،‬السيام قرار خفض االشرتاكات يف عام ‪ .2001‬ورغم ذلك‪،‬‬ ‫يدعو الجميع إىل التعاون وعدم التعنّت ألنه “ال ميكن تص ّور لبنان‬ ‫من دون ضامن”‪ .‬مح ّمد كريك تحدّث لـ “منرب التوحيد”‪ ،‬عماّ يهدّد‬ ‫الضامن والرؤية الوطنية لحاميته‪.‬‬

‫الخطة لتحسني نظم الدخل وتأدية الخدمات‬ ‫وضبط النفقات‪ ،‬وهي جزء من خطة طلبها وزير‬ ‫العمل آنذاك‪.‬‬ ‫وماذا عن خلفية مشاريع الضامن؟‬ ‫خلفية املشاريع سهلة جدا وبسيطة‪،‬‬ ‫والذي نقوله أنه لدينا بحدود الـ ‪ %65‬من حاالت‬ ‫االستشفاء هي بداعي الطبابة‪ ،‬وبذلك لدينا‬ ‫إفراط يف الدخول بداعي الطبابة ألن النسب‬ ‫العاملية هي بحدود الـ ‪ ،%45‬يف الضامن بحدود‬ ‫الـ‪ 60‬أو الـ‪ %65‬ما يعني أننا نتكلم عن أصل‬ ‫‪ 300‬ألف معاملة استشفاء‬ ‫‪ 250‬ألف أو‬ ‫سنوياً‪ ،‬هناك عىل األقل ‪ 50‬أو ‪ 60‬ألف معاملة‬ ‫استشفاء بداعي الطبابة سنوياً ما يدعونا إىل‬ ‫ضبط هذا املوضوع‪ ،‬وسبق يف العام ‪-2004‬‬ ‫‪ 2005‬أن طرحناه عىل مجلس إدارة الضامن‬ ‫يف إطار خطة إصالحية‪ ،‬وضعها مجلس إدارة‬ ‫الضامن يف العام ‪ 2003‬وطالب مشاريعها من‬ ‫الضامن‪ ،‬حيث عملنا مرشوع متكامل آنذاك‪،‬‬ ‫يلزم املستشفيات املعروفة عاملياً بتقديم هامشاً‬ ‫معيناً من معامالت االستشفاء‪ ،‬وبذلك بدل أن‬ ‫يذهب ‪ 60‬أو ‪ %65‬بداعي الطبابة أصبحت النسبة‬ ‫العليا يف هذه املستشفى ‪ %52‬بداعي الطبابة‬ ‫و‪ %48‬عىل األقل بداعي العمليات أو الوالدة‪ .‬لكن‬ ‫الهدف من املرشوع مل يكن كام ُس ّوق له بأنه‬ ‫محاولة النتقاص التقدميات‪ ،‬بل عىل العكس‪ ،‬هو‬ ‫التفكري يف كيفية إيجاد الحل للـ ‪ 380‬والـ ‪400‬‬ ‫مليار ل‪.‬ل عجز مع نهاية العام ‪ ،2009‬كذلك األمر‬ ‫بالنسبة للتعويضات العائلية التي سيتعدّى‬

‫عجزها الـ‪ 300‬مليار مع نهاية العام ‪ ،2009‬بعد‬ ‫أن كان بحدود الـ ‪ 264‬مليار ل‪.‬ل مع نهاية العم‬ ‫‪ 2008‬والتي ستصل مجتمعة اىل عجز بحدود الـ‬ ‫‪ 700‬مليار ل‪.‬ل مع نهاية العام ‪ .2009‬من هنا فرعا‬ ‫املرض واألمومة والتعويضات العائلية عاجزان‬ ‫ونأخذ اليوم من أموال نهاية الخدمة لنمولها‪ ،‬ما‬ ‫يدفعنا إىل أخذ اإلجراءات الالزمة حتى يتمكن‬ ‫هذين الفرعني من االستمرار دون أن نسقط‬ ‫فرع نهاية الخدمة الذي هو تعويضات الناس يف‬ ‫العجز‪ ،‬ونضعها يف وضع غري مستقر‪ .‬ومبا أن‬ ‫التحقيقات االجتامعية الحالية تأخذ ‪ 10‬أشهر أو‬ ‫سنة‪ ،‬ارتأينا أنه من األجدى االنتقال إىل تحقيق‬ ‫مكتبي ونأخذ مبلغ مقطوع هو بحدود الـ‪ 20‬ألف‬ ‫عىل الوالد و‪ 20‬ألف عىل الوالدة‪.‬‬ ‫وأعود وأؤ ّكد أننا ونحن يف إطار زيادة التعريفات‬ ‫االستشفائية نعمل لتأمني التوازن املايل وخالل‬

‫أسبوع أو أسبوعني ستطلع النتائج النهائية‬ ‫للعام ‪ 2008‬وسيكون هناك تقرير يؤكد عىل‬ ‫كل الثوابت يف اإلطار الذي تحدثنا عنه من العام‬ ‫‪ ، 2003‬وبعرشات الكتب الرسمية‪ ،‬حول رضورة‬ ‫تطبيق املادة ‪ 66‬من الضامن االجتامعي وتأمني‬ ‫التوازن املايل من خالل زيادة االشرتاكات‪.‬‬ ‫من هنا عىل كل املعنيني يف الضامن‪ ،‬من‬ ‫عامل وموظفني معنيني يف هذا املوضوع تقديم‬ ‫القليل من التضحيات لهذه املؤسسة لتتمكن‬ ‫من االستمرار والتطور‪.‬‬ ‫إىل متى ميكن لفرع املرض واألمومة أن‬ ‫يستمر يف تقدمياته‪ ،‬وهل سيصار إىل مد اليد‬ ‫إىل أموال صندوق نهاية الخدمة مع ما لهذا‬ ‫األمر من محاذير وعقبات؟‬ ‫يف هذا اإلطار يجب العمل فوراً ملعالجة‬ ‫هذا املوضوع ألنه ال ميكننا االستمرار إىل ما ال‬

‫متوجبات الدولة اللبنانية لصالح الصندوق الوطني للضمان االجتماعي لغاية ‪2009/12/31‬‬ ‫‪ ،2009‬وبالتايل فهناك عجز يف هذا الصندوق‬ ‫بحدود ‪ 380‬إىل ‪ 400‬مليار ل‪.‬ل مع نهاية العام‬ ‫‪ ،2009‬وذلك دون تطبيق الزيادات‪ ،‬وبالتايل الزيادات‬ ‫كلفتها ‪ 82‬مليار‪ ،‬وما نقوله هو تأمني التمويل‬ ‫الالزم للزيادات وهذا موقف مجلس إدارة الضامن‬ ‫يف هذا اإلطار وهو بانتظار كيفية تأمني التمويل‬ ‫الالزم لهذه الكلفة‪.‬‬ ‫أما املوضوع اآلخر الذي أثار جدالً فهو االقرتاحان‬ ‫التي طرحتهام اإلدارة فيام يتعلق مبوضوع ضبط‬ ‫اإلنفاق والدخول إىل املستشفى بداعي الطبابة‬ ‫يف إطار خطة إصالحية كاملة‪ ،‬لتسهيل إنجاز‬ ‫معامالت التحقيقات االجتامعية‪ ،‬ولألسف أسيئ‬

‫‪66‬‬

‫فهم كل املرشوع‪ ،‬واتهمنا بتنفيذ سياسات‬ ‫البنك الدويل‪ ،‬واقرتاحات مسؤولني ومعنيني ضد‬ ‫الضامن بالرغم من أن هذه املواضيع مطروحة‬ ‫منذ ‪ 2003‬أي قبل وجود البنك الدويل‪.‬‬ ‫وسبق وعالجنا عدة مواضيع خارج إطار هذه‬ ‫الخطة‪ ،‬تتعلق بالضامن االختياري‪ ،‬والنقص‬ ‫يف املوارد البرشية‪ ،‬والتوازن املايل‪ ،‬وفق قطب‬ ‫مستقلة‪ ،‬مع نهاية العام ‪ 2008‬وبداية العام‬ ‫‪ ،2009‬والذي استجد اليوم هو رغبة إدارة الضامن‬ ‫يف إيجاد خطة عملية لتحسني أداء الضامن‪،‬‬ ‫لضبط التأمينات وما إىل هنالك‪ .‬فبدأت برفع‬ ‫املشاريع التنفيذية‪ ،‬وعددها ‪ 13‬بنداً تتعلق بهذه‬

‫‪ 742‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 220‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 962‬مليار ل‪.‬ل‬

‫ديون الدولة للصندوق لغاية ‪2008/12/31‬‬ ‫متوجبات الدولة للصندوق للعام ‪2009‬‬ ‫المجموع‬ ‫سُ ّدد منها خالل العام ‪ 2009‬مبلغ ‪ 160‬مليار ل‪.‬ل‬

‫الرصيد‪ 802 :‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫مساهمة ‪ %25‬في الضمان الصحي‬ ‫مساهمة ‪ %25‬في الضمان الصحي االختياري‬ ‫مساهمة في اشتراكات السائقين العموميين‬ ‫مساهمة في اشتراكات المختارين‬ ‫مبالغ تسوية عن تعويضات نهاية الخدمة‬ ‫االشتراكات عن األجراء العاملين في اإلدارات العامة‬ ‫المجموع‬

‫متوجبات العام ‪2009‬‬

‫‪ 151‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 6‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 43‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 1.5‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 5‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 13‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 220‬مليار ل‪.‬ل‬

‫ت ّم رصد ‪ 300‬مليارل‪.‬ل في موازنة العام ‪ 2010‬عبارة عن‪ 220 :‬مليار ل‪.‬ل مستحقات سنوية و‪ 80‬مليار دفعة عن السابق‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب اقتصادي‪ /‬حوار‬ ‫نهاية يف سياسة متويل فرعي املرض واألمومة‬ ‫والتعويضات العائلية من فرع نهاية الخدمة‪،‬‬ ‫كام يجب العمل عىل اتخاذ اإلجراءات اللالزمة‬ ‫ونتأمل أنه يف الوقت الذي نتحدث فيه عن تعديل‬ ‫تعريفات األطباء واملستشفيات يجب العمل عىل‬ ‫إيجاد حل شامل للتوازن املايل يف فرعي املرض‬ ‫واألمومة والتعويضات العائلية‪ ،‬وهناك نقطة‬ ‫محورية يجب أن نتكلم عنها تتعلق بديون‬ ‫الدولة اللبنانية‪ ،‬وهنا ألفت النظر إىل أن الدولة‬ ‫اللبنانية يف اإلجامل أصبحت تدفع بوترية أفضل‬ ‫للضامن االجتامعي مام كانت عليه‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫نقطة يجب أن نرتجمها وإياها عىل األرض وهي‬ ‫أن الدولة اللبنانية تدفع عن ديونها املاضية ولكن‬ ‫بدون فائدة‪ ،‬واليوم‪ ،‬كام قسطنا لكل املؤسسات‬ ‫يف البلد مع ‪ %5‬فائدة سنطالب الدولة بدفع ‪%5‬‬ ‫فائدة عىل الديون املرتاكمة عليها والتي تساوي‬ ‫أكرث من ‪ 800‬مليار ل‪.‬ل‪ ،‬ما يعني أن عىل الدولة‬ ‫أن تدفع متوجباتها السنوية وقسط عن املايض‪،‬‬ ‫الذي سرنكب عليه فائدة شأن باقي املؤسسات‬ ‫حتى يكون جميع املعنيني يف الضامن يقومون‬ ‫بواجباتهم حيال الضامن االجتامعي‪.‬‬ ‫كيف تفرس غياب الدولة عن ما يجري يف‬ ‫صندوق الضامن؟‬ ‫الضامن االجتامعي هو أداة من أدوات الدولة‬ ‫اللبنانية لتنفيذ سياستها االجتامعية والصحية‪،‬‬ ‫وبالتايل هي املسؤولة األوىل عن موضوع الضامن‬ ‫االجتامعي الذي يجب أن يكون من أولويات‬ ‫الحكومة املقبلة حيث أن هناك مواضيع عدة‬ ‫أصبحت بحاجة للمعالجة‪ ،‬ومنها موضوع الضامن‬ ‫االختياري‪ ،‬وموضوع املوارد البرشية‪ ،‬الذي أصبح‬ ‫اليوم من أهم املواضيع‪ ،‬ألن يف هذه املؤسسة‬ ‫كل سنة يرتك ‪ 70‬أو ‪ 80‬مستخدم وبالتايل‬ ‫تعمل بـ ‪ %65‬من طاقتها‪ ،‬والذي يجب معالجته‬ ‫عىل وجه الرسعة يك نتمكن من تقديم الخدمات‬ ‫للمواطن بوترية رسيعة‪ ،‬لذلك يجب اإلرساع مبلء‬ ‫الشواغر يف الضامن االجتامعي التي أصبحت‬ ‫من أوىل أولويات الضامن االجتامعي‪ ،‬أضف إليها‬ ‫موضوع التوازن املايل يف فرعي املرض واألمومة‬ ‫والتعويضات العائلية‪ ،‬وهي أمور أساسية‬ ‫وجوهرية نأمل فع ًال أن تعمل الدولة اللبنانية عىل‬ ‫إعطاء الضامن االجتامعي الوقت والدور الذي‬ ‫يستحقه ألنه صامم األمان االجتامعي‪ ،‬للنهوض‬ ‫بهذه املؤسسة والذهاب باتجاه توسيع شموليته‬ ‫ليشمل كل اللبنانيني واألهم من ذلك آن اآلوان‬ ‫للتفكري يف زيادة تقدميات الضامن االجتامعي‪،‬‬ ‫ونحن مع اإلرساع يف مرشوع قانون للتقاعد‬ ‫والحامية االجتامعية يعطي معاش تقاعدي مع‬ ‫ضامن صحي مدى الحياة للمتقاعد‪ ،‬كام أننا مع‬ ‫املبارشة يف التفكري يف إنشاء صندوق للبطالة‬ ‫وأمور أخرى مثل طب األسنان وطوارئ العمل‬ ‫واألمراض املهنية‪ ،‬كل هذه األمور يجب أن توضع‬ ‫عىل السكة ألن املواطن اللبناين بحاجة إليها‪،‬‬ ‫والضامن االجتامعي هو حق من حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫يجب دعمه وتحصينه والعمل عىل توسيع‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يف‬

‫شموليته ليشمل كل اللبنانيني‪ ،‬والتفكري‬ ‫زيادة تقدمياتها يف األطر الذي سبق وذكرناها‪.‬‬ ‫كم بلغ العجز اليوم‪ ،‬وكيف ي ّوزع‪ ،‬وهل من‬ ‫وفر‪ ،‬وكيف يتوزع؟‬ ‫لألسف عندما نسمع بعض الترصيحات يظن‬ ‫الجميع أن لدى الضامن فائضاً وال يرغب يف إعطاء‬ ‫ولكن‬ ‫مستحقاتهم‪،‬‬ ‫واألطباء‬ ‫املستشفيات‬ ‫املوجود يعكس حقيقة األمر التي تظهر بوضوح‬ ‫يف الجدول التايل‪:‬‬

‫إلدارة الضامن واملرصودة يف موازنة العام ‪2009‬‬ ‫للضامن االجتامعي ‪ 160‬مليار متوجبات سنوية‪،‬‬ ‫و‪ 80‬مليار مدفوعات عن املايض‪ ،‬ما يعني أننا‬ ‫نتحدث عن ‪ 240‬مليار وصل منها لغاية اليوم‬ ‫‪ 160‬مليار‪ ،‬ونحن نطالب بأن تدفع ‪ 80‬مليار حتى‬ ‫نهاية السنة‪ ،‬وبذلك تكون قد أوفت التزاماتها‬ ‫السنوية ودفعت قس ًام عن املايض‪.‬‬ ‫ومن ثم هناك شيئ هام‪ ،‬هو أنه للمرة األوىل‬ ‫تقدم الدولة اللبنانية يف موازنة العام ‪ 2010‬عىل‬

‫العجز المتراكم منذ العام ‪ 2000‬حتى نهاية العام ‪ 2009‬في فرعي المرض واألمومة والتعويضات العائلية‬ ‫األعوام‬

‫‪2000‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪ 415‬مليار ل‪.‬ل فائضاً‬

‫‪ 335‬مليار ل‪.‬ل عجزاً متراكماً‬

‫‪2009‬‬

‫‪2008‬‬

‫فرع المرض واألمومة‬ ‫‪ 380‬مليار ل‪.‬ل عجزاً متراكماً‬

‫‪ 400‬مليار ل‪.‬ل عجزاً متراكماً‬

‫‪ 264‬مليار ل‪.‬ل عجزاً متراكماً‬

‫‪ 300‬مليار ل‪.‬ل عجزاً متراكماً‬

‫فرع التعويضات العائلية‬ ‫‪ 220‬مليار ل‪.‬ل فائضاً‬

‫‪-‬‬

‫وذلك بسبب تخفيض االشرتاكات بنسبة ‪%50‬‬ ‫يف الفرعني‪ .‬ما نريد قوله ال يستطيع أي بلد يف‬ ‫العامل أن يخفض نسبة اشرتاكاته ‪ %50‬دفعة‬ ‫واحدة‪ ،‬وهذا كان السبب املبارش ملا نحصده‬ ‫اليوم‪ ،‬فالسياسات الخاطئة آنذاك واملوافقة عىل‬ ‫تخفيض االشرتاكات هو الذي أوصل الضامن إىل‬ ‫ما هو عليه اليوم‪ ،‬وبتنا نحصد كل الذي زرع يف‬ ‫املايض ونحاول البحث يف كيفية معالجة هذا‬ ‫املوضوع سواء يف فرع املرض واألمومة‪ ،‬أو يف فرع‬ ‫التعويضات العائلية ألجل ذلك نطالب بتصحيح‬ ‫معدل االشرتاكات‪.‬‬ ‫هل الدولة قادرة اليوم عىل دعم الضامن‬ ‫االجتامعي يف ظل التزاماتها املالية وخصوصاً‬ ‫أن دينها سيزيد عن ‪ 800‬مليار دوالر؟‬ ‫الدولة اللبنانية يف املايض كانت تدفع سنوياً‬ ‫بحدود الـ ‪ 20‬مليار ل‪.‬ل أو ال تدفع شيئاً‪ ،‬ولكن‬ ‫بدأت األمور بالتحسن اعتباراً من العام ‪،2004‬‬ ‫والجدول التايل يبني وترية مدفوعات الدولة‬ ‫اللبنانية حتى عام ‪.2009‬‬ ‫مدفوعات الدولة اللبنانية للصندوق الوطني للضمان االجتماعي‬ ‫لألعوام ‪23-10-2009 -2004‬‬ ‫السنة‬

‫المبالغ‬

‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬

‫‪ 90‬مليار ل‪.‬ل‬

‫‪ 100‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 160‬مليار ل‪.‬ل‬

‫المجموع‬

‫‪ 1070‬مليار ل‪.‬ل‬

‫‪ 290‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 150‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 280‬مليار ل‪.‬ل‬

‫والذي نأمله حتى نهاية العام ‪ ،2009‬أن تويف‬ ‫الدولة ووزارة املالية بالوعود التي قطعتها‬

‫‪68‬‬

‫رصد ‪300‬مليار ل‪.‬ل للضامن االجتامعي الذي هو‬ ‫عبارة عن ‪ 220‬مليار متوجبات سنوية يف العام‬ ‫‪ ،2010‬و ‪ 80‬مليار قسط عن املايض‪ ،‬وبالتايل فإن‬ ‫الدولة اللبنانية يف حال التزامها بالذي تحدثنا‬ ‫عنه بأن تدفع سنوياً متوجبات سنوية زائد قسط‬ ‫عن املايض تكون عىل األقل تقوم بواجباتها‪ ،‬ما‬ ‫يدفع باقي الفرقاء من أرباب عمل وغريهم بالقيام‬ ‫بدورهم ودفع مستحقاتهم‪ ،‬ونأمل أن تكون‬ ‫‪ 2009‬بداية للجدية يف التعامل مع الضامن‬ ‫االجتامعي‪ ،‬وأن تستكمل الدولة الـ‪ 160‬مليار‬ ‫ل‪.‬ل بالـ ‪ 80‬مليار ويف العام ‪ 2010‬تدفع الـ ‪300‬‬ ‫مليار املرصودة يف موازنة العام ‪.2010‬‬ ‫ويبقى كام سبق وتكلمنا عن األمور األساسية‬ ‫التي يجب معالجتها كالضامن االختياري الذي‬ ‫هو خارج إدارة الضامن‪ ،‬وموضوع املوارد البرشية‬ ‫الذي ربطه الضامن مبجلس الخدمة املدنية الذي‬ ‫يضع رشوط تعجيزية عىل الضامن‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫موضوع التوازن املايل الذي يحتاج إىل مراسيم‬ ‫يف مجلس الوزراء‪.‬‬ ‫وبالرغم مام يقال فهذه املؤسسة التي تنفق‬ ‫أكرث من ألف مليار يف السنة وتجبي مع الفوائد‬ ‫استثامرات بحوايل ‪ 1400‬مليار‪ ،‬ولديها يف نهاية‬ ‫الخدمة أكرث من ‪ 5500‬مليار‪ ،‬التزال صامم األمان‬ ‫االجتامعي‪ ،‬وهي العنرص األسايس يف االستقرار‬ ‫االجتامعي‪ ،‬ويجب املحافظة عليها‪ ،‬كام يجب‬ ‫التفكري بكيفية توسيع شمولية املضمونني‪،‬‬ ‫وزيادة تقدمياتها ليكون لديها رؤية وطنية واضحة‬ ‫حول دور ومستقبل الضامن االجتامعي‪ ،‬ونأمل‬ ‫من الحكومة الجديدة أن تأخذ املواضيع املطروحة‬ ‫والتي أشبعت درساً من قبل إدارة الضامن‪،‬‬ ‫مجراها يف مجلس الوزراء للبت فيها والتصدي‬ ‫للمشاكل التي يعاين منها املجتمع اللبناين‪.‬‬

‫إعداد وحوار ليديا أبودرغم‬

‫مقارنة نسبة الزيادة المقترحة بين المؤسسات الضامنة‬ ‫بعد رفع الحد األدنى لألجور الى ‪ 500‬ألف ل‪.‬ل‪ .‬مع اعتماد أسعار الضمان كأساس‬ ‫الضمان‪/‬‬ ‫أمن‬ ‫الدولة‪%‬‬ ‫‪1.27‬‬

‫‪1.21‬‬

‫‪0.90‬‬

‫‪1.43‬‬

‫العناية الفائقة الفلبية‬

‫‪264.000‬‬

‫‪.0.9‬‬

‫‪1.51‬‬

‫‪0.89‬‬

‫‪0.90‬‬

‫‪1.60‬‬

‫العناية المركزة‬ ‫العناية الفائقة لألطفال‬ ‫مختبر ‪L‬‬ ‫مختبر ‪N‬‬ ‫مختبر األنسجة ‪A‬‬ ‫األشعة ‪R‬‬ ‫طبيب ‪K‬‬ ‫عمليات ‪K‬‬ ‫تخدير ‪ARE‬‬ ‫سكانر‬ ‫رنين‬ ‫مغناطيسي > ‪TESLA I‬‬ ‫رنين مغناطيسي >‪TESLAI‬‬ ‫معامل استعمال اآلالت‬

‫‪301.00‬‬ ‫‪167.000‬‬ ‫‪185‬‬

‫‪1.00‬‬ ‫‪0.60‬‬ ‫‪0.70‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.90‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪0.80‬‬

‫‪1.72‬‬ ‫‪1.39‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪27.50‬‬ ‫‪18.62‬‬ ‫‪17.29‬‬ ‫‪350.00‬‬

‫‪1.01‬‬ ‫‪0.56‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.02‬‬ ‫‪22.00‬‬ ‫‪18.62‬‬ ‫‪15.28‬‬ ‫‪314.61‬‬

‫‪1.00‬‬ ‫‪0.60‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪18.60‬‬ ‫‪8.60‬‬ ‫‪10.10‬‬ ‫‪233.30‬‬

‫‪1.22‬‬ ‫‪1.08‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪0.00‬‬ ‫‪20.17‬‬ ‫‪13.75‬‬ ‫‪13.75‬‬ ‫‪318.18‬‬

‫‪250.000‬‬

‫‪0.70‬‬

‫‪50.00‬‬

‫‪41.67‬‬

‫‪35.70‬‬

‫‪41.67‬‬

‫‪300.000‬‬ ‫‪3.500‬‬

‫‪0.90‬‬ ‫‪1.00‬‬

‫‪75.00‬‬ ‫‪0.70‬‬

‫‪50.00‬‬ ‫‪0.58‬‬

‫‪33.30‬‬ ‫‪0.50‬‬

‫‪60.00‬‬ ‫‪0.58‬‬

‫الضمان‪/‬وزارة‬ ‫الصحة‪%‬‬

‫الخدمة‬

‫الضمان‬

‫اإلقامة العادية‬

‫‪70.000‬‬

‫‪2.00‬‬

‫‪397‬‬ ‫‪397‬‬ ‫‪6.050‬‬ ‫‪6.050‬‬ ‫‪6.050‬‬ ‫‪140.000‬‬

‫الضمان‪/‬أمن‬ ‫الداخلي‪%‬‬

‫الضمان‪/‬‬ ‫التعاونية‪%‬‬

‫الضمان‪/‬الجيش‪%‬‬

‫لمحة عامة عن الصندوق الوطني للضمان االجتماعي‬ ‫تضمنت النصوص القانونية التي ترعى إنشاء الصندوق وطبيعته‬ ‫القانونية‪ ،‬ةنركيبته اإلدارية‪ ،‬وعدد مكاتبه التي تبلغ ‪ 35‬مكتباً بني مكتب‬ ‫إقليمي ومحيل ومراسلة‪ ،‬وعدد مستخدميه البالغ حالياً ‪ 1309‬مستخدماً‪.‬‬ ‫ويعترب الصندوق الوطني للضامن االجتامعي من أهم وأكرب املؤسسات‬ ‫الضامنة يف لبنان حيث يبلغ عدد املؤسسات املسجلة فيه حوايل ‪ 53‬ألف‬ ‫مؤسسة‪ ،‬وهو يوفر التقدميات لحوايل ‪ 520‬ألف مضموناً وحوايل ‪ 125‬ألف‬ ‫مستفيداً‪.‬‬ ‫تظهر أهمية هذا املرفق من خالل حجم التقدميات التي يو ّفرها للمضمونني‬ ‫يف فروعه الثالث العاملة (ضامن املرض واألمومة – التقدميات العائلية –‬ ‫تعويض نهاية الخدمة) حيث بلغ مجموع التقدميات يف هذه الفروع للعام‬ ‫‪ 2007‬ما قيمته ‪ 916‬مليار ل‪.‬ل موزعة كام ييل‪:‬‬ ‫تقديمات فرع ضمان المرض واألمومة‬ ‫تقديمات فرع التقديمات العائلية‬ ‫تقديمات فرع نهاية الخدمة‬ ‫المجموع‬

‫يضاف إليها املوازنة اإلدارية للصندوق التي تقارب الـ ‪ 100‬مليار‬ ‫ل‪.‬ل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتخطى الـ ‪ 1000‬مليار‬ ‫وبالتايل فإن إجاميل اإلنفاق السنوي‬ ‫ل‪.‬ل‬ ‫وينجز الصندوق سنوياً أكرث من ‪ 250‬ألف معاملة استشفاء وحوايل ‪5‬‬ ‫مليون استامرة طبية‪ ،‬وحوايل ‪ 30‬ألف براءة ذمة وحوايل ‪ 16‬ألف تعويض‬ ‫نهاية خدمة‪ ،‬إضافة اىل أكرث من ‪ 200‬ألف عائلة تستفيد من التقدميات‬ ‫العائلية‪.‬‬

‫واقع املوارد البرشية‬ ‫يعاين الصندوق الوطني للضامن االجتامعي نقصاً هائ ًال يف املوارد‬ ‫البرشية‪ ،‬والذي سوف يزداد مستقب ًال‪ ،‬كام يتبينّ من مراجعة وضعية املالك‬ ‫الدائم يف الصندوق‪.‬‬ ‫إن النقص يف عديد مستخدمي الصندوق هو يف نزايد مضطرد كام هو‬ ‫مبينّ يف الجدول التايل‪:‬‬

‫‪ 513‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 224‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 179‬مليار ل‪.‬ل‬ ‫‪ 916‬مليار ل‪.‬ل‬

‫عدد المستخدمين المنتهية خدمتهم خالل األعوام ‪ 1998‬ولغاية ‪2013‬‬ ‫األعوام‪ /‬السبب‬ ‫بلوغ السن‬ ‫وفاة‬ ‫أسباب مختلفة‬ ‫مجموع‬ ‫متوسط سنوي‬

‫‪2007 - 2003‬‬ ‫‪184‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪194‬‬ ‫‪ 39‬مستخدماً‬

‫‪2002 -1998‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪ 16‬مستخدماً‬

‫‪69‬‬

‫‪2013 -2008‬‬ ‫‪407‬‬ ‫‬‫‬‫‪407‬‬ ‫‪ 68‬مستخدماً‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫تراجع الصادرات الصناعية سببه األسعار التنافسية‬

‫رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫ال نلوم وزارة الصناعة ألنها أُ‬ ‫فرغت من مسؤولياتها‬ ‫ِ‬

‫ّ‬ ‫لعل لبنان يعيش مفارقة غريبة هذه السنة‪ .‬فمعظم‬ ‫مؤرشات االقتصاد الكيل تبدو إيجابية خالل األشهر الثامنية‬ ‫األوىل من العام‪ ،‬عىل الرغم من األزمة املالية واالقتصادية‬ ‫العاملية‪.‬‬ ‫فقد متكنت الحركة السياحية القياسية هذا العام‪ ،‬من‬ ‫تحجيم تداعيات األزمة املاملية عىل لبنان‪ ،‬بحيث يتوقع مرصف‬ ‫لبنان أن يصل معدل النمو نهاية السنة إىل (‪ )%6‬مقابل انكامش‬ ‫االقتصاد العاملي أكرث من (‪ .)%1‬كام استفاد القطاع املرصيف‬ ‫املحيل نسبياً من تأثريات األزمة عن الدول املحيطة‪ ،‬لجهة جذب‬ ‫الرساميل وزيادة الودائع‪ ،‬وإن باتت األخرية تشكل عبئاً عىل‬ ‫القطاع‪ ،‬يف ظل تقلص فرص االستثامر يف االقتصاد وارتفاع‬ ‫معدالت الفوائد‪.‬‬ ‫هذا وحافظت مؤرشات االقتصاد الكيل عىل منحاها‬ ‫اإليجايب خالل شهري متوز وآب‪ ،‬بدعم من الحركة السياحية‬ ‫الناشطة‪ ،‬إال أن ثقة املستثمرين بالبلد عىل املدى املتوسط‬ ‫والبعيد بدأت تهتز بسبب استمرار الخالف السيايس‪ .‬كام أن‬ ‫لبنان يض ّيع مجدداً فرصة االستفادة من دينامية االستقرار‬ ‫األمني‪ ،‬لخلق معدالت منو مستدامة يف املستقبل‪ ،‬يف ظل غياب‬ ‫أي إصالح إداري واقتصادي‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬ال تخفي اإليجابية يف االقتصاد الكيل‪ ،‬بعض‬ ‫املؤرشات السلبية الناجمة عن األزمة املالية والفراغ الحكومي‪.‬‬ ‫أوالً‪ ،‬تراجع الصادرات بنسبة ‪ 2,48‬يف املئة لغاية متوز املايض‪،‬‬ ‫عل ًام بأن القطاع الصناعي هو أكرب املترضرين من ذلك‪ ،‬كون‬ ‫صادرات القطاع متثل حواىل ‪ 87‬يف املئة من إجاميل الصادرات‪.‬‬ ‫وكام يبدو فإن األزمة املالية العاملية كان لها تأثريها عىل‬ ‫االقتصاد اللبناين‪ ،‬إذ ليس كام قال البعض أن لبنان استطاع‬ ‫تخطي األزمة املالية‪ ،‬بل هي إحدى األسباب التي أدّت إىل تراجع‬ ‫الصادرات الصناعية يف هذا العام‪ ،‬وحسب توقع مجلس تنمية‬ ‫الصادرات الصناعية‪ ،‬فإن نسبة اإلنخفاض ترتاوح بني ‪ %12‬و‬ ‫‪.%15‬‬ ‫ولبنان هو البلد الوحيد يف العامل الذي مل يأخذ إجراءات‬ ‫بعد األزمة املالية العاملية‪ ،‬كام فعلت دول العامل‪ ،‬حيث باتت‬ ‫الصناعة اللبنانية اليوم تواجه صعوبة يف التنافس بسبب‬ ‫غياب األسواق الخارجية لها وغياب اإلجراءات املطلوبة من الدولة‬ ‫يف هذه الرحلة إلعادة التنافسية لإلنتاج اللبناين‪.‬‬ ‫فالصادرات الصناعية تراجعت يف األشهر السبعة األوىل‬ ‫من العام الجاري بنسبة ‪ ،%13.4‬فيام استمر الهبوط الكبري‬ ‫للصادرات يف آب املايض للشهر السادس عىل التوايل‪ ،‬ما‬ ‫يعكس األثر املبارش لألزمة املالية العاملية عىل هذه الصادرات‬ ‫التي تظهر حدتها بشكل واضح عىل القطاع الصناعي‪ ،‬ما قد‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يهدد بإقفال عدداً كبرياً من املصانع التي تعتمد عىل التصدير‪،‬‬ ‫مع ما يستتبع ذلك من مشاكل اجتامعية عميقة بسبب رصف‬ ‫العامل جراء الواقع املستجد‪.‬‬ ‫وخسائر القطاع الصناعي الحقيقية هي أكرب من ذلك‪،‬‬ ‫خصوصاً وأن الصادرات الصناعية كانت تحقق خالل السنوات‬ ‫املاضية معدالت منو ترتاوح بني ‪ %20‬و ‪ ، %25‬فيام تسجل اليوم‬ ‫انخفاضاً بنسبة ‪ %28‬ما يبني أن معدل الرتاجع الحقيقي يزيد‬ ‫عن ‪.%50‬‬ ‫وبحسب إحصاءات وزارة الصناعة‪ ،‬فقد انخفضت الصادرات‬ ‫الصناعية يف األشهر السبعة األوىل من العام الجاري‪ ،‬بنسبة‬ ‫‪ %13.4‬مقارنة مع نفس املدة من العام ‪ ،2008‬فبلغت قيمتها‬ ‫املحققة ملياراً و‪ 516‬مليون دوالر‪ ،‬مقابل مليار و‪ 750‬مليوناً يف‬ ‫الفرتة نفسها من العام ‪ ،2008‬فيام حققت هذه الصادرات‬ ‫يف آب املايض ‪ 199‬مليون دوالر مقابل ‪ 257‬مليوناً يف آب ‪،2008‬‬ ‫أي بانخفاض بلغت نسبته ‪( .%22.57‬جدول إحصاءات وزارة‬ ‫الصناعية)‪.‬‬ ‫وبالنسبة لآلالت الصناعية املستوردة فقد أوضحت إحصاءات‬ ‫الجامرك أنها بلغت يف األشهر السبعة األوىل من العام ‪2009‬‬ ‫نحو ‪ 120.5‬مليون دوالر‪ ،‬يف حني حققت قيمة هذه املستوردات‬ ‫يف متوز املايض رق ًام كبرياً بلغ نحو ‪ 15.3‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫وحول أسباب تراجع الصادرات الصناعية‪ ،‬كان ملجلة «منرب‬ ‫التوحيد» وقفة مع رئيس جمعية الصناعيني يف لبنان الدكتور‬ ‫فادي عبود‪ ،‬يف حوار هنا نصه‪:‬‬

‫‪70‬‬

‫سببه‬

‫هل تراجع الصادرات الصناعية‬ ‫عدم تأمني األسواق لها‪ ،‬أم عدم جودتها؟‬ ‫يعود سبب تراجع الصادرات الصناعية‬ ‫يف لبنان إىل أسعارها التنافسية‪ :‬لقد‬ ‫أقيم أكرب معرض للصناعات الغذائية يف‬ ‫العامل يف أملانيا‪ ،‬وكان هناك تواجدا للجناح‬ ‫اللبناين‪ ،‬إضافة اىل صناعات غذائية‬ ‫أخرى من بلدان العامل كافة‪ ،‬واإلشكال‬ ‫الذي حصل هناك وتردد صداه‪ ،‬هو أسعار‬ ‫الصناعة اللبنانية الغذائية التي فاقت‬ ‫‪ %30‬أسعار الصناعة الغذائية السورية‪،‬‬ ‫واملرصية‪ ،‬والسعودية‪ ،‬واإلماراتية واألردنية‪،‬‬ ‫ونسبة الغالء هذه مل تأت بسبب وجود‬ ‫أشباح الصناعة يف لبنان‪ ،‬ولكن بسبب‬ ‫عوامل أخرى منها‪ :‬امتالك لبنان ألغىل مرفأ‪،‬‬ ‫أغىل مطار‪ ،‬أغىل اتصاالت‪ ،‬أغىل طاقة‪،‬‬ ‫أغىل مرت أرض‪ ،‬وأغىل ضامن اجتامعي‪،‬‬ ‫وأغىل أجرة عامل‪ ،‬وأغىل تعليب‪ ،‬أغىل‬ ‫طب يف هذه املنطقة املعروفة مبنظومة‬ ‫الـ‪ ،17‬وهي مجموع الدول املتزاوجة فيام‬ ‫بينها اقتصادياً‪ ،‬ما يتيح إمكانية التجارة‬ ‫فيام بيننا دون أي رسوم تفرض‪ .‬كذلك فإن‬ ‫األسعار املرتفعة للصناعة اللبنانية هي‬ ‫التي دفعت برشكة “النيوسرياميك” إىل‬ ‫اإلفالس واإلغالق‪ ،‬فكانت ضحية اإلغراق‪ ،‬ألن‬ ‫مرت البالط مث ًال إذا ُوجد بدوالر محروقات يف‬ ‫لبنان فإن مرت البالط ذاته يكون يف مرص‬ ‫بسعر (‪5‬سنت) أي ما يوازي ‪ 20‬ضعف سعره‬ ‫يف لبنان‪ ،‬فبالتايل السبب مبارش وبسيط‪،‬‬ ‫هو ماذا يفعل لبنان أمام دعم تلك الدول‬ ‫لألكالف‪ ،‬ولبنان ال يستطيع أن يخرتع حلوالً‬ ‫جديدة‪ ،‬وال نستطيع أن ندعم أكالفنا‪.‬‬ ‫لقد كان ملنظمة التجارة العاملية التي‬

‫تخضع لقوانينها التجارة العربية الحرة رد‬ ‫لهذا املوضوع‪ ،‬الذي أىت من قانون حامية‬ ‫اإلنتاج الوطني‪ ،‬والذي يقول إن البلدان التي‬ ‫تصدر لك‪ ،‬تدعم أكالف إنتاجها‪ ،‬وبذلك‬ ‫يكون لديك الحق بوضع رسوم وقائية‪ ،‬وإذا‬ ‫زادت وارداتنا من صنف معني من بعد إزالة‬ ‫الحامية عنه لدينا الحق أيضاً بوضع رسوم‬ ‫وقائية‪ ،‬وإذا كانت هذه البلدان تسعى‬ ‫إلغراق لبنان بأسعار رخيصة لدينا أيضاً‬ ‫الحق بوضع رسوم وقائية‪ ،‬ولكن نحن ال نقوم‬ ‫بوضع الرسوم الوقائية وذلك يعود ألسباب‬ ‫سياسية الغاية منها الحصول عىل رضا‬ ‫الدول املستوردة ملنتوجاتنا‪ ،‬فنكون بذلك‬ ‫كمن يضحي بتنافسية الصناعة اللبنانية‬ ‫لتمتني عالقتنا مع اآلخرين‪ ،‬ما يحفظ لنا‬

‫‪71‬‬

‫صفة الولد املطيع‪ ،‬وتأثري ذلك يكون كبرياً‬ ‫عىل الصادرات الصناعية‪.‬‬ ‫تقدمتم من الحكومة مبذكرة لدعم‬ ‫الصناعة‪ ،‬فام هي مطالبكم‪ ،‬وهل حصل‬ ‫تجاوب معها؟‬ ‫مطالبنا هي تحقيق القانون ال أكرث وال‬ ‫أقل‪ ،‬ولكننا مل نحظ بأي اهتامم أو تجاوب‬ ‫رصيح مع تلك املطالب‪ ،‬رمبا ألن البعض‬ ‫يعترب أنه ميكن االستمرار بال صناعة‪ ،‬كوننا‬ ‫منلك مصنع هام يف إنتاج الشباب املثقف‬ ‫والواعي وبإمكاننا تصديرهم إىل الخارج‪،‬‬ ‫وهذا ما يعتربه العديد من رجال السياسة‬ ‫بأنه مصدر خري للبنان‪ ،‬ملا ألموال االغرتاب من‬ ‫أهمية يف االستثامر‪.‬‬ ‫فلبنان مل يتعلم من تجارب العرشين أو‬ ‫الثالثني السنة املاضية التي مل يستفد‬ ‫خاللها لبنان شيئاً من املال االغرتايب‪ ،‬ومل‬ ‫يسجل يف تلك الفرتة أي عودة للمغرتبني‪،‬‬ ‫ما جعلنا نخرس األيدي الشابة‪ ،‬وبالتايل‪،‬‬ ‫ال نتوافق مع السياسيني بهذه الناحية ألن‬ ‫ذلك يعتربخسارة كبرية للبلد‪.‬‬ ‫هل من استثامرات يف الصناعة؟ وما‬ ‫هي نسبتها من اإلنتاج الوطني‪ ،‬وهل‬ ‫االستثامر وطني أم أجنبي؟‬ ‫يف الواقع أكرث من ‪ %90‬من استثامرات‬ ‫الصناعة هي استثامر وطني وليس أجنبي‪،‬‬ ‫والسبب يف ذلك يعود إىل دعم الدولة‬ ‫للفوائد عىل املاكنات الجديدة‪ ،‬بحيث وصلت‬ ‫الصادرات الصناعية اللبنانية اليوم إىل حدود‬ ‫‪ 3‬مليار دوالر‪ ،‬بعد أن كانت ال تتخطى املليار‬ ‫دوالر يف السنوات السبع املاضية‪ ،‬أي منذ أن‬ ‫توليت منصب رئاسة جمعية الصناعيني‪ ،‬ما‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مقابلة‬ ‫أدى إىل تحديث العديد من الصناعات بعد‬ ‫استحداث ماكناتها‪ ،‬والسبب يف ذلك يعود‬ ‫إىل موضوع دعم الفوائد‪ ،‬ولكن لسوء الحظ‬ ‫يف السوق الصناعي نشهد احتكاراً من ثالث‬ ‫أو أربع أسامء أجنبية‪ ،‬وبالطبع إذا أردنا مقارنة‬ ‫وضعنا مع تونس التي تفوق صادراتها لالتحاد‬ ‫األورويب الخمس مليار دوالر‪ ،‬أو اإلمارات‪ ،‬ال‬ ‫نستطيع نحن يف لبنان أن نجذب استثامرات‬ ‫أجنبية إىل البلد‪ ،‬وهذا املوضوع ال يرتبط‬ ‫فقط بالسياسة‪ ،‬بل يعود إىل املستثمر الذي‬ ‫يبحث دامئاً عن مكان لالستثامر واالنتاج‬ ‫بأقل كلفة وجودة ممكنة‪.‬‬ ‫من هنا نجد أن لبنان يف هذا األمر يقع يف‬ ‫املوقع األخري بني دول الـ‪ 17‬العربية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫إذا بقينا بهذا الوضع ونستسلم دون القيام‬ ‫بخطط لتعويض الصناعات ذات الطاقة‬ ‫املكثفة‪ ،‬فهل نستطيع أن نعمد اىل‬ ‫صناعات جديدة؟ ال يوجد خطط جديدة حتى‬ ‫اليوم والسبب يف ذلك يعود إىل عدم توفر‬ ‫مناطق صناعية بأسعار معقولة‪ ،‬والسبب‬ ‫يعود إىل أن بعض املسؤولني ال يعون أن أي‬ ‫بلد ال ميكنها التطور والنهوض دون وجود‬ ‫صناعات ذات طاقة مكثفة‪ ،‬وهنا نعود إىل‬ ‫املثل الذي ذكرناه يف السابق‪ ،‬ملاذا الصناعات‬ ‫الغذائية يف لبنان أغىل ‪ %30‬مام هي عليه‬ ‫يف البلدان العربية األخرى؟ والجواب معروف‬ ‫ألن الكرتون‪ ،‬والعبوة وجميع املواد األولية‬ ‫يتم استريادها من الخارج بسعر غال‪ ،‬أضف‬ ‫إليها كلفة اليد العاملة اللبنانية املرتفعة‬ ‫مقارنة بتلك املوجودة يف الدول العربية‬ ‫األخرى‪ ،‬وهذا بالنسبة إىل املسؤولني ال‬ ‫يشكل خطراً‪ ،‬ما يجعلنا دامئاً نعمل عىل‬ ‫توضيح أهمية تلك األمورللنهوض بالقطاع‬ ‫الصناعي‪ ،‬ألنه يستحيل عىل لبنان تأمني‬ ‫فرص العمل التي يحتاجها‪ ،‬دون القطاع‬ ‫الصناعي‪.‬‬ ‫االقتصادية‬ ‫السياسات‬ ‫كانت‬ ‫للحكومات املتعاقبة‪ ،‬تركز عىل السياحة‬ ‫والخدمات‪ ،‬ملاذا برأيكم إهامل الصناعة‪ ،‬إىل‬ ‫جانب الزراعة؟‬ ‫ال نستطيع أن ننكر أن القطاع السياحي‬ ‫قد يكون األهم‪ ،‬وبالتايل ال ميكننا األخذ‬ ‫بالنظرية التي تسمح بتنمية قطاع الخدمات‬ ‫السياحية عىل حساب القطاعات األخرى‪.‬‬ ‫واستغرب التفكري اللبناين يف ما‬ ‫يتعلق بتلك األمور‪ ،‬فسويرسا وسنغافورا‬ ‫ال ينقصهام شيئ يف السياحة ويف نفس‬ ‫الوقت ميلكون قطاع صناعي هام‪ ،‬النظرية‬ ‫التي تقول أن لبنان بلد خدمايت سياحي‬ ‫هي نظرية الغية‪ ،‬االقتصاد يشمل كافة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫السلع‬

‫القطاعات اإلنتاجية ألي بلد من البلدان‪،‬‬ ‫بد ًءا من الزراعة مروراً بالصناعة ووصوالً إىل‬ ‫السياحة‪ ،‬ويجب أن ُتعطى كامل حقوقها‬ ‫لتكون قابلة للحياة والتطور والنمو‪ .‬ال يجب‬ ‫وضع العيص يف دواليب الصناعة إرضاء‬ ‫لرشكائنا العرب‪ ،‬بل يجب التعاون بني الدول‬ ‫الـ‪ 17‬لحامية اقتصادها‪.‬‬ ‫هل هناك حامية للصناعة الوطنية؟‬ ‫نعم هناك بعض الصناعات التي تتمتع‬ ‫بحامية التي لوالها اندثرت‪.‬‬ ‫ما هو دور جمعية الصناعيني؟‬ ‫لجمعية الصناعيني عدة أدوار تتعدى الدور‬ ‫الجمريك‪ ،‬وغريها من األمور يف أنها تعمل‬ ‫عىل حامية االنتاج الوطني‪ ،‬والسعي إىل‬ ‫تطبيق القوانني‪ ،‬التي تضمن له تلك الحامية‪،‬‬ ‫إضافة إىل سعيها لحامية الصناعات‪ ،‬ذات‬ ‫الطاقة املكثفة املهددة باملوت‪ ،‬ما يشكل‬ ‫أثراً عىل صناعات أخرى قد تندثر وراءها‪،‬‬ ‫لالرتباط الوثيق فيام بينها‪ .‬وطبعاً لدينا‬ ‫دورا نوعيا ومهام جداً هو تنمية أسواق‬ ‫الصادرات الصناعية اللبنانية‪ ،‬حيث وقعنا‬ ‫اتفاق الرشاكة مع أوروبا لنتمكن من إدخال‬ ‫صناعاتنا إليها‪ ،‬كام وقعنا اتفاق التجارة الحرة‬ ‫مع مرص‪ ،‬وبذلك أصبح استريادنا من مرص‬ ‫يتخطى الـ ‪ 600‬مليون دوالر‪ ،‬اما تصديرنا‬ ‫اليها فال يتعدى الـ ‪ 120‬مليون‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فاالتفاقيات التجارية مل تكن يف كل حاالتها‬ ‫تصب يف صالح لبنان‪ ،‬وبالرغم من ذلك نحن‬ ‫مع االنفتاح والتطور‪ ،‬ولكن ليس عىل حساب‬ ‫االقتصاد والصناعة اللبنانية‪.‬‬ ‫إىل أي مدى قيام وزارة الصناعة ساعد‬

‫‪72‬‬

‫الصناعيني؟‬ ‫يف الواقع ال ميكننا اإللقاء باللوم عىل‬ ‫وزارة الصناعة‪ ،‬ألنه قد تم تفريغها من‬ ‫مسؤولياتها تجاه هذا القطاع‪ ،‬فإذا أخذنا‬ ‫بعني االعتبار الرسوم الوقائية التي سبق‬ ‫وتحدثنا عنها‪ ،‬فوزارة الصناعة ليس لها‬ ‫دور يف ذلك وإن ُوجد هذا الدور فهو صغري‪،‬‬ ‫خاصة فيام يتعلق بعمليات التصدير فال‬ ‫دور ُيذكر لوزارة الصناعة يف ذلك‪ ،‬ولكننا ال‬ ‫نستطيع أن ننكر جهود الوزراء الذين تعاقبوا‬ ‫عىل وزارة الصناعة‪ ،‬ومحاوالتهم للنهوض‬ ‫بهذا القطاع‪ ،‬بالرغم من تفريغ تلك الوزارة‬ ‫من صالحياتها‪.‬‬ ‫عىل ماذا ترتكز الصادرات الصناعية‬ ‫يف لبنان؟ وما هي نسبة كل قطاع‬ ‫منها؟‬ ‫إن الصناعات األساسية التي يرتكز‬ ‫عليها لبنان يف صادراته هي الصناعات‬ ‫الكهربائية ومنها صناعة املحوالت واملولدات‬ ‫وكابالت الكهرباء‪ ،‬والكيامويات أيضاً تعترب‬ ‫من الصادرات الصناعية اللبنانية الهامة‪،‬‬ ‫والقطاع الغذايئ هو قطاع أسايس يف‬ ‫الصادرات اللبنانية‪ ،‬وغريها من الصناعات وال‬ ‫بد من التذكري أن أهم الصناعات التي ترتكز‬ ‫عليها الصادرات اللبنانية هي املجوهرات التي‬ ‫ُتصدر بينياً أو “بالشنطة”‪ ،‬وكذلك األمر‬ ‫بالنسبة للصناعات الورقية والطباعة‪.‬‬ ‫ما هي نسبة الصادرات الصناعية عىل‬ ‫الدخل الفردي والعام؟‬ ‫لدينا استرياد سيصل هذا العام إىل‬ ‫أكرث من ‪ 13‬أو ‪ 14‬مليار دوالر‪ ،‬أما بالنسبة‬

‫آب ‪2008‬‬

‫آب‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2‬‬

‫شحوم ودهون وزيوت‬

‫‪1‬‬

‫منتجات صناعة األغذية‬

‫‪28‬‬

‫‪25‬‬

‫منتجات معدنية‬

‫‪12‬‬

‫‪7‬‬

‫منتجات الصناعة الكيماوية‬

‫‪44‬‬

‫‪15‬‬

‫رانتجات ولدائن اصطناعية‬

‫‪14‬‬

‫‪11‬‬

‫جلود جلود فراء ومصنوعاتها‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫خشب ومصنوعاته‬

‫‪4‬‬

‫‪1‬‬

‫ورق ومصنوعاته‬

‫‪20‬‬

‫‪18‬‬

‫مواد نسيجية ومصنوعاتها‬

‫‪11‬‬

‫‪9‬‬

‫أحذية‪ ،‬أغطية رأس‪ ،‬ريش‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫مصنوعات من حجر جبس إسمنت‬ ‫لؤلؤ‪ ،‬أحجار كريمة وشبه كريمة‪ ،‬معادن ثمينة(دون السبائك الذهبية‬ ‫بشكلها الخام)‬ ‫معادن عادية ومصنوعاتها‬

‫‪6‬‬

‫‪4‬‬

‫‪23‬‬

‫‪26‬‬

‫‪36‬‬

‫‪30‬‬

‫آالت وأجهزة معدات كهربائية‬

‫‪42‬‬

‫‪37‬‬

‫معدات نقل‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫أدوات وأجهزة للبصريات‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫أسلحة وذخائر‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫مختلف‬

‫‪10‬‬

‫‪6‬‬

‫المجموع‬

‫‪257‬‬

‫‪199‬‬

‫الصادرات الصناعية الشهرية‪ /‬مقارنة بين شهر آب ‪ 2008‬وآب ‪2009‬‬ ‫(األرقام المبينة أعاله بمليون دوالر أميركي)‬ ‫للصادرات فستصل إىل ‪3‬مليار دوالر‪ ،‬أي ما‬ ‫يشكل الربع تقريباً‪.‬‬ ‫أنتم ممثلون يف مجلس إدارة الصندوق‬ ‫الوطني للضامن االجتامعي‪ ،‬وهناك حديث‬ ‫دائم عن إفالسه بسبب العجز املايل‪ ،‬فام‬ ‫هو رأيكم؟‬ ‫يف هذا اإلطار‪ ،‬إن إفالس الضامن يعود‬ ‫اىل الهدر وسوء اإلدارة‪ ،‬وبالتايل دعينا‬ ‫جميع الهيئات االقتصادية لالستقالة من‬ ‫الضامن لحني إطالق ورشة إصالحية‪ ،‬ولكن‬ ‫مل نلق أي توافق عىل االستقالة الجامعية‬ ‫من الضامن‪ ،‬وطبعاً نحن جميعنا نشعر‬

‫باملسؤولية‪ ،‬كوننا نشكل ‪ %50‬من مجلس‬ ‫إدارة الضامن‪ ،‬وهناك عدة مشاكل يعاين‬ ‫منها الضامن‪ %23 ،‬من أجل األجري تذهب‬ ‫اىل الضامن الذي يجب عليه أن يؤمن له‬ ‫خدمة أكرث من ذلك‪ ،‬خاصة فيام يتعلق‬ ‫مبوضوع الصحة‪ ،‬وهذا يعود اىل سوء ادارة‬ ‫الضامن‪ ،‬بأن يتحول الضامن من الرقيب‬ ‫عىل الرشكات الخاصة التي تؤمن الصحة‬ ‫اىل مؤسسة تقدم الخدمات الطبية‪.‬‬ ‫ففي مقارنة بني رشكات التأمني الخاصة‬ ‫والضامن والرقابة‪ ،‬نجد أن الضامن يدفع‬ ‫ضعف التعويضات الصحية مقارنة بتلك‬

‫‪73‬‬

‫التي تدفعها الرشكات الخاصة‪.‬‬ ‫ما هي األمور التي‬ ‫اليوم؟‬ ‫يف الواقع مع حكومة ترصيف أعامل‬ ‫نطلب املعقول وبانتظار حكومة جديدة‪،‬‬ ‫بوثبة جديدة نحن باتجاه مطالبة أساسية‬ ‫هي تنفيذ حامية قانون اإلنتاج الوطني‪.‬‬ ‫وسنقوم باملستحيل للعمل عىل تحقيق هذه‬ ‫الحامية للسري قدماً باتجاه الصناعات ذات‬ ‫الطاقة املكثفة‪.‬‬ ‫تطالبون‬

‫بها‬

‫حوار ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب فني‬

‫دمى تمثل «ممثلي الديمقراطية» في لبنان‬

‫خلقت خطاً جديداً‬ ‫ُ‬ ‫الفنان شربل خليل‪:‬‬ ‫في البرامج الكوميدية وبدأوا يقلّدونني‬ ‫عندما نستذكر الربامج الكوميدية الساخرة‬ ‫من الوضع السيايس املرتدي يف لبنان‪ ،‬ومن‬ ‫السياسيني الذين أحرقوا تاريخ هذا البلد الغني‬ ‫باملثقفني واملبدعني‪ ،‬فإننا حت ًام سنتحدّث عن‬ ‫“تقرير” وعن “بس مات وطن” وتلفتنا الفكرة‬ ‫الجديدة والوحيدة يف لبنان “دمى قراطية”‪،‬‬ ‫وبالتايل نقول بالفم املآلن‪“ :‬هذه من أعامل‬ ‫رشبل خليل”‪ ،‬الذي مت ّيزت برامجه بأفكار فريدة‬ ‫وإبداع خاص‪.‬‬ ‫ال يخاف من يشء‪ ،‬وواجه جميع الصعوبات‬ ‫إليصال أفكاره املتأملة عىل الظروف التي‬ ‫يعيشها املواطن بطريقة كوميدية ساخرة‬ ‫مت ّيزه عن الربامج األخرى التي تحاول تقليده‪ ،‬ورمبا‬ ‫تنجح يف استقطاب املشاهدين‪ ،‬إ ّال أن برامجه‬ ‫تبقى ذو وقع مميز وصدى كبري يف األوساط‬ ‫االعالمية والشعبية والسياسية واالجتامعية‪.‬‬ ‫“رشبل خليل” اليوم يفخر بأنه خ ّرج العديد‬ ‫من زمالئه يف الوسط الكوميدي ويتابع مسرية‬ ‫ْ‬ ‫بدأت منذ أربعة عرش سنة وتستمر اليوم يف‬ ‫برنامج “دمى قراطية”‪ ،‬لتؤكد من جديد القدرة‬ ‫اإلبداعية يف مجال الكوميديا واالنتقاد البنّاء‬ ‫الذي مي ّيز برامجه عن غريها من الربامج التي‬ ‫تقلده وتجلس يف القالب الذي خلقه بنفسه‬ ‫كام قال‪“ .‬منرب التوحيد” التقته يف رشكته‬ ‫الفنية يف جونيه حيث يقوم بتنفيذ برنامجه‬ ‫“دمى قراطية”‪ ،‬وكان هذا الحوار‪:‬‬ ‫ماذا عن املمثلني يف “بس مات وطن”‪ ،‬خاصة‬ ‫وأننا نرى الوهج الذي يأخذه برنامج “دمى‬ ‫قراطية” رمبا عىل حساب “بس مات وطن”؟ ما‬ ‫الفرق بني أهمية االثنني؟‬ ‫كام يقول املثل اللبناين “كل جديد ‪N‬لو‬ ‫رهجة”‪ ،‬فـ”بس مات وطن” له أربعة عرش سنة‬ ‫عىل الهواء‪ ،‬بينام “دمى قراطية” جديد ورهجته‬ ‫معه‪ ،‬إضافة إىل أنه يتابع الحدث بلحظته‪ ،‬فالذي‬ ‫يحصل الساعة الخامسة مساء مث ًال ترينه‬ ‫يف برنامجي عند الثامنة والنصف‪ .‬اذاً متباعة‬ ‫الحدث بني “دمى قراطية” و”بس مات وطن”‪ ،‬وهذه‬ ‫الرسعة التي يتن ّفذ بها “دمى قراطية” هي التي‬ ‫ترتك دهشة لدى املشاهد برسعة تنفيذ الحدث‬ ‫ومواكبته‪ ،‬كام أن هناك الكثري م ّمن يخربوين‬ ‫أنهم ال يتابعون األخبار بل ينتظرون فرتة عرض‬ ‫“دمى قراطية” ملعرفة األخبار بطريقة مسلية‬ ‫ومضحكة‪ ،‬لكن هذا ال يعني أنني استغنيت عن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املمثلني يف “بس مات وطن” ألنه ال يزال قامئاً بحد‬ ‫ذاته ومل يتوقف‪.‬‬ ‫َمن األقدر عىل إيصال املضمون املطلوب‪،‬‬ ‫الدمى أم الشخصيات؟‬ ‫ٍّ‬ ‫لكل دوره‪ ،‬فاملمثلون يؤدّون دورهم بشكل ممتاز‬ ‫ورائع‪ ،‬وأنا يف املقابل أستطيع استغالل الدمى‬ ‫بطريقة مهمة ومحرتفة جداً إليصال الرسالة‬ ‫املطلوبة من “االسكتش”‪ ،‬والدليل أن هذا‬ ‫الربنامج الذي تعود فكرته لربنامج ُيعرض يف‬ ‫فرنسا منذ عرشين سنة واسمه “‪،”le guignols‬‬ ‫حاولت عدة دول أخذ حقوق هذا الربنامج لعرضه‬ ‫عندها وعرضت دمى لشخصياتها السياسية‬ ‫إال أن الربنامج مل ينجح نجاحاً كبرياً كام حصل‬ ‫فقط يف فرنسا واآلن يف لبنان‪ ،‬وهذه املحاوالت‬ ‫كانت لسبع دول عربية وأجنبية كبرية مثل تونس‬ ‫واسبانيا والربازيل وروسيا‪.‬‬

‫مدرسته خ ّرجت نجوم الربامج‬ ‫الكوميديا‬ ‫نالحظ اليوم ازدياد الربامج الكوميدية‬ ‫بشكل كبري‪ .‬ما رأيك بهذه الربامج خاصة‬ ‫وأننا تع ّودنا منذ فرتة كبرية عىل أن يكون املوقع‬ ‫الكوميدي فقط عند رشبل خليل‪ ،‬أما اآلن فرنى‬

‫‪74‬‬

‫أكرث من برنامج عىل كل قناة‪ .‬هل برامج رشبل‬ ‫خليل يف الطليعة؟‬ ‫ُ‬ ‫لست أنا َمن يق ّيم نفسه‪ ،‬بل أترك‬ ‫برصاحة‬ ‫ذلك للمشاهد يك يقول إذا ما كان رشبل خليل‬ ‫ال يزال يف مكانه أو تأثر بالربامج التي تأيت من‬ ‫بعده وتستنسخ عنه أو تقلده‪ .‬فبالنهاية‪ ،‬كل‬ ‫الربامج هي تقريباً نسخة عن “بس مات وطن” مع‬ ‫بعض اإلضافات والتغيريات‪ ،‬بدءاً من االسكتشات‬ ‫ووصوالً إىل إدخال األغنية يف النهاية‪ .‬إذاً الجميع‬ ‫ينسخون عن األسلوب الذي أطلقته يف “بس مات‬ ‫وطن”‪ ،‬إضافة إىل أنه ال يوجد أي برنامج إال ويحوي‬ ‫بني أفراده عىل شخصيات كانت يف برامجي‬ ‫وبالتايل م ّرت يف مدرسة “رشبل خليل”‪ .‬هذا‬ ‫ُ‬ ‫خلقت خطاً جديد‪ hW‬يف‬ ‫عادي‪ ،‬فأنا فخور بأنني‬ ‫الربامج الكوميدية وأصبح ورايئ زمالء يقلدونني‬ ‫ُ‬ ‫كنت أمتنى أن يخرجوا‬ ‫وال مشكلة لدي‪ ،‬ولكن‬ ‫ُ‬ ‫قمت‬ ‫بيشء جديد ويكرسوا هذا القالب الذي‬ ‫بخلقه وص ّبه بنفيس ويجلسوا يف قالب جديد‬ ‫خاص بهم ويوقفوا محاولة تغيري الشكليات‬ ‫فقط‪ ،‬لكنهم ال يريدون ذلك‪ ،‬بل يعملوا عىل‬ ‫السري بالقالب الذي نجح به رشبل خليل‪.‬‬ ‫إذاً أنت تعترب نفسك “ملك الكوميديا”؟‬ ‫ُ‬ ‫لست ملك الكوميديا وال أستاذ الكوميديا‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وال أي يشء آخر‪ ،‬لكنني أفخر بأنني أول َمن أطلق‬ ‫هذا النوع من الربامج يف لبنان وكل الذين أتوا‬

‫من بعدي يقدّمون ما قدّمته سابقاً ‪ -‬مع احرتامي‬ ‫لباقي الزمالء ‪.‬‬

‫جرأة خاصة يف تقليد‬ ‫الشخصيات وتقديم االسكتشات‬ ‫سابقاً‬ ‫َ‬ ‫شخصيات‬ ‫تقليد‬ ‫عىل‬ ‫تجرأت‬ ‫هامة جداً يف اسكتشات كوميدية بدءاً من‬ ‫االسكتش الذي ق ّلد سامحة الس ّيد حسن نرص‬ ‫الله وأحدث بلبلة كبرية يف وقت كان الظرف يف‬ ‫لبنان قاسياً نوعاً ما‪ .‬ما رس هذه الجرأة؟‬ ‫هي مل تبدأ فعلياً مع سامحة الس ّيد حسن‬ ‫نرص الله‪ ،‬بل أن االسكتشات التي تحدث مشاكل‬ ‫َ‬ ‫بدأت منذ تلك الفرتة التي كان السور ّيون ال يزالون‬ ‫يف لبنان‪ ،‬ومل يتجرأ أحد غريي يف كل لبنان‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫عىل انتقادهم والتحدث عنهم بالجرأة التي‬ ‫ُ‬ ‫وتعرضت حينها لعدة مشاكل من‬ ‫أتكلم بها‪،‬‬ ‫ج ّراء عريض لهذه االسكتشات‪ .‬أكرر أن الفن هو‬ ‫رسالة والتزام‪ ،‬واألهم أن أكون ملتزم بفني‪ ،‬ومل‬ ‫آت اىل الفن فقط يك أضحك الناس وأربح املال‬ ‫ِ‬ ‫بل أنا أحافظ عىل رسالتي منذ أربعة عرش سنة‬ ‫وما ُ‬ ‫زلت أسري بها حتى اليوم‪ .‬ليس لديّ مشكلة‬ ‫باختيار َمنْ سأق ّلد يف برنامجي‪ ،‬إذ ليس لديّ خط‬ ‫أحمر إمنا غالباً ما يكون هذا الخط يف املؤسسة‬ ‫االعالمية التي أتعامل معها‪ .‬لهذا السبب‪ ،‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫بدأت يف تلفزيون لبنان يف أوائل التسعينات‬ ‫كانت االدارة هي التي تحذف االسكتشات التي ال‬ ‫تناسبها‪ ،‬وكذلك من بعدها املؤسسة اللبنانية‬ ‫لالرسال “‪ .”LBC‬برأيي أن الكوميديا والكاريكاتور‬ ‫يجب أن يطال كل الشخصيات حتى رجال الدين‬ ‫ورئيس الجمهورية وليس فقط الرئيس الحايل امنا‬ ‫الرؤساء السابقون أيضاً وكل َمن يضع خطوط‬ ‫حمراء حول تقليده‪ .‬ملاذا ال نق ّلد رجل الدين‪ ،‬فهو‬ ‫يخطأ أيضاً؟ والس ّيد حسن نرص الله اعرت َ​َف‬ ‫أنه أخطأ وهو قال بنفسه أنه لو كان يعلم ّأن‬ ‫أرس الجنديني االرسائيليني سيؤدي لحرب مد ّمرة‬ ‫عىل لبنان ملَ ف َعل ذلك‪ .‬وبالتايل اعرت َ​َف أنه‬ ‫أساء التقدير‪ ،‬كام أنني سابقاً‬ ‫ُ‬ ‫ألفت “اسكتش”‬ ‫عن املطران عودة والبطريرك صفري لكنّ املحطة‬ ‫َ‬ ‫رفضت عرضه‪ .‬ملاذا؟ أال يخطىء املطران عودة وال‬ ‫البطريرك؟ ال أحد يخطأ اليوم أكرث من رجال الدين‬ ‫ّ‬ ‫بتدخلهم بالسياسة‪ ،‬وأنا ال أفهم هذا القانون‬ ‫“األعوج” الذي يضع خطوطاً حمراء عىل نقد‬ ‫الشخصيات يف لبنان‪ ،‬وأعتقد أنه يجب تغيريه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أنك تقدّم االسكتشات الكوميدية‬ ‫هل نفهم‬ ‫يف برامجك وفقاً لقناعات املحطة وليس طبقاً‬ ‫لقناعاتك الخاصة؟‬ ‫ال أبداً‪ ،‬فاملحطة ال تتدخل يف عميل‪ ،‬بل أقوم‬ ‫بصنع املادة لربنامجي ولدي رشكتي الخاصة‬ ‫وليس لدي أي تعاطي تقني أو تنفيذي مع االدارة‬ ‫بل أنتج برنامجي وأسلم الرشيط لإلدارة وهم‬ ‫يقومون بحذف ما ال يتناسب معهم ألن “الهواء‬ ‫املبارش” يف النهاية لهم‪.‬‬

‫َ‬ ‫لديك شخصية تتمنى تقليدها ومل‬ ‫هل‬ ‫تفعل ذلك بعد؟ وملاذ مل تقم بذلك‪ ،‬هل خوفاً‬ ‫من املشاكل؟‬ ‫فكنت أحب كثرياً‬ ‫ُ‬ ‫ال ليس خوفاً من املشاكل‪،‬‬ ‫وقمت بذلك‪ ،‬وال ُ‬ ‫ُ‬ ‫زلت‬ ‫أن أقلد السيد نرص الله‬ ‫حتى اآلن أحب أن أكرر ذلك لو أنني أدري أنه ال‬ ‫يحصل مشاكل من ج ّراء ذلك‪ .‬بالنسبة يل‬ ‫هناك ثالث رجال دين يظهرون بشكل “مهضوم”‬ ‫تم تقليدهم بالكاريكاتور هم البطريرك صفري‬ ‫إذا ّ‬ ‫واملفتي قباين واملطران عودة‪ ،‬لكنّ القانون ال‬ ‫يسمح بذلك‪.‬‬

‫هدفه كشف املستور‬ ‫يف الكواليس السياسية‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لديك رسالة ت ّود ايصالها من خالل‬ ‫قلت أن‬ ‫برامجك‪ .‬هل تهدف بذلك تغيري القناعات‬ ‫السياسية للمشاهد؟‬ ‫بالطبع ال‪ ،‬لكن هناك زوايا يف كواليس الحياة‬ ‫السياسية تكون مستورة وال تخرج يف االعالم‪،‬‬ ‫لذلك فأنا أحاول أن أفضحها بطريقة الكاريكاتور‬ ‫ألطلع املشاهد عليها‪ّ ،‬‬ ‫ألن هديف ليس العمل عىل‬ ‫تغيري قناعات الناس‪ ،‬بل فقط تسليط الضوء عىل‬ ‫املواقف واملحطات املعتمة ليعرف املشاهد خلفية‬ ‫وحقيقة األمور ويصحح توجهاته اذا أراد ذلك‪.‬‬

‫«دمى قراطية» مل ينجح‬ ‫سوى يف الربنامج األسايس‬ ‫يف فرنسا واآلن يف لبنان‬ ‫ُ‬ ‫كنت أمتنى أن تخرج الربامج‬ ‫الكوميدية األخرى بيشء جديد‬ ‫لكنهم يريدون البقاء يف قالبي‬ ‫الذي خلقته بنفيس‬ ‫‪75‬‬

‫قد َ‬ ‫ّمت يف برنامجك ‪ 52‬دمية متثل‬ ‫الشخصيات السياسية يف لبنان‪ .‬أال تعترب أن‬ ‫الشعب هو “الدمية” وليس الحكام؟‬ ‫لقد أص َب َحت الدمى أكرث من ‪ ،52‬إذ أنني أحضرّ‬ ‫دمى للدفعة الجديدة من النواب ولن يسلموا من‬ ‫النقد‪ .‬أما بالنسبة للشعب فهو “معرت” ومغلوب‬ ‫عىل أمره‪ .‬أنا مل أقصد أن كل الشخصيات‬ ‫التي مثلتها كـ”دمى” ليست جميعها دمى يف‬ ‫الحقيقة مع العلم أن هناك البعض منها هي حقاً‬ ‫دمى تحركها وتسيرّ ها دول خارجية عرب الهاتف‪،‬‬ ‫وهناك أخرى هي ح ّرة مثل العامد عون بالرغم من‬ ‫أن لديه دمية متثله يف برنامجي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أنك من املعارضني‬ ‫هل نفهم من حديثك‬ ‫َ‬ ‫كنت يف الـ‪ LBC‬التي ُتعرف عىل أنها‬ ‫حتى لو‬ ‫متيل للقوات اللبنانية؟‬ ‫بداية أنا يف األساس أميل للمعارضة وبالنسبة‬ ‫للمحطة فليست تابعة للقوات اللبنانية حتى‬ ‫لو احتوت عىل بعض العاملني يف قسم األخبار‬ ‫الذين يؤ ّيدون الق ّوات‪ .‬لكنني شخصياً كرشبل‬ ‫خليل ال أتعاطى مع الق ّوات اللبنانية وال تتعاطى‬ ‫معي‪ ،‬فأنا منذ األساس معارض والكل يعلم أن‬ ‫قناعايت السياسية تابعة للتيار الوطني الحر‪.‬‬ ‫هل “دمى قراطية” مستمر؟ ألن يدخل يف‬ ‫روتني؟‬ ‫نعم هو مستمر طاملا أن هناك أخبار وسياسة‪،‬‬ ‫وبحسب أعاميل وأفكاري يقع الربنامج يف‬ ‫روتني أو يبقى متجدداً ولديه نسبة مشاهدة‬ ‫ُ‬ ‫بدأت “بس مات وطن” الذي‬ ‫مرتفعة جداً‪ .‬عندما‬ ‫كان اسمه “تقرير” عام ‪ 1995‬عىل تلفزيون لبنان‬ ‫كان العقد مع رئيس مجلس اإلدارة فؤاد الرتك‬ ‫عىل أساس ثالثة عرش حلقة كربنامج كوميدي‬ ‫ُ‬ ‫وأحببت اضافة اسكتشات سياسية عليه وأن‬ ‫أنتقد السياسيني يف بلدنا‪ ،‬وعندما بدأ الربنامج‬ ‫يأخذ نجاحه طلب مني األستاذ فؤاد الرتك تجديد‬ ‫الربنامج مرة أخرى وأنا مستمر منذ أربعة عرش‬ ‫سنة يف الربنامج نفسه بعد ان انتقلت اىل الـ‬ ‫‪ LBC‬وأنا اقدّم سنوياً أكرث من ‪ 52‬حلقة‪ .‬إذا قدّمنا‬ ‫أفكار متجددة دامئاً‪ ،‬فإن هذا النوع من الربامج ال‬ ‫ميوت وال يقع يف الروتني‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب فني‬ ‫ال تزال املوسيقى وبالرغم من كل الخروقات عىل‬ ‫خط الفن الذي من املفروض أن يكون أحمراً أمام‬ ‫الخروقات التي قد تش ّوهه أو تخفض مستواه‪ ،‬تحوي يف‬ ‫تاريخها موهوبني وعاشقني أبوا إال أن يكملوا مسري ًة‬ ‫رمبا بدأها كبار الفنانني ويستكملها جيل اليوم‪ ،‬أو رمبا‬ ‫هو إبداع هذا الجيل الجديد الذي وبرغم ما آلت اليه‬ ‫ظروف هذا الوطن ال زالوا يؤمنون بأن الفن مرآة املجتمع‬ ‫كام قال الفنان زياد األحمدية يف لقاءنا معه‪.‬‬ ‫هو لبناين يعكس ظروف أهله ومواطنو بلده‬ ‫بالرغم من أنه مل ُيولد يف لبنان‪ ،‬إال أنه تعطش لفنّه‬ ‫وتاريخ الفن العريب املرشقي‪ ،‬مع أنه يتم ّيز بأعامله‬ ‫التي تدخل فيها املوسيقى الغربية مع التف ّرد املميز‬ ‫الذي يظهر يف استعامله آللة العود األصيلة‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬يقدّم األحمدية بعد أسطوانتيه “بالبال”‬ ‫و”‪ ،”Beyond Traditions‬أسطوانته الجديدة “‪Silent‬‬ ‫‪ ”Wave‬باالشرتاك مع العازفني األجنبيني “مايلز جاي”‬ ‫ومشاركة “نارص سالمه”‪ ،‬ليؤكد‬ ‫و”جريميي تشامبان”‬ ‫من جديد أن املوسيقى الرشقية تتناغم مع الغربية‬ ‫وال تفقد رونقها الذي مي ّيزها بني كل الفنون‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” التقت الفنان زياد األحمدية‬ ‫وتناولت أمور الفن واملجتمع والوطن‪ ،‬حيث يتنبه الفرد‬ ‫خالل الحديث معه لثقافة كبرية يف جميع األمور الفنية‬ ‫واالجتامعية والوطنية‪ ،‬ونهم بارز لتقديم األفضل من‬ ‫أجل إغناء الفن بهذا نوع من املوسيقى الرائعة‪:‬‬ ‫نالحظ أن أغنياتك تتنوع بني الفصحى والعا ّمية‪،‬‬ ‫كأغنية “بالبال” و”برش َفك” بالعا ّمية‪ ،‬وأغنية‬ ‫“احيك للعامل” من األسطوانة الثانية يف اللغة‬ ‫الفصحى؟ برأيك أ ّيهام ينجح أكرث يف الوصول‬ ‫للناس خاصة َ‬ ‫وأنك َ‬ ‫أنت من يقوم بتأليف األغاين؟‬ ‫النمطان يصالن للناس إذا كان اللحن املرافق‬ ‫للكالم جمي ًال‪ ،‬فاللحن هو الذي يق ّرب األغنية من‬ ‫الناس أكرث من أن تقرأي قصيدة لوحدها‪ .‬الجمهور‬ ‫اللبناين يسمع النمطان معاً‪ ،‬وكل الذين غنّوا‬ ‫باللهجة اللبنانية وحتى العاملقة يف مرص غنّوا‬ ‫بالفصحى وبالعا ّمية أيضاً أي بلهجتهم املحلية‪.‬‬ ‫هذا ال يؤثر أبداً عىل وصول األغنية للناس‪ ،‬بل ما‬ ‫يؤثر هو جاملية اللحن أو ال‪.‬‬ ‫تستقصد أن تقدّم األغنية بالفصحى أو‬ ‫بالعا ّمية أو بحسب كل معنى للقصيدة؟‬ ‫القصيدة هي التي تفرض نفسها‪ ،‬فإذا كانت القصيدة‬ ‫جميلة بالعا ّمية فإنني حت ًام سأقوم بتلحينها‪ ،‬وكذلك‬ ‫ُ‬ ‫لست‬ ‫األمر بالنسبة للقصيدة املكتوبة بالفصحى‪.‬‬ ‫ضد أي نوع من النمطني إذا كانت القصيدة باملستوى‬ ‫املطلوب إذ أنها تلعب دور الحكم يف االختيار‪.‬‬

‫بني الكالم واللحن‪ ..‬مقطوعات‬ ‫موسيقية رائعة‬ ‫تتناول‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يف‬

‫أغانيك‬

‫قضايا‬

‫إنسانية‬

‫واجتامعية‬

‫«موجة ساكنة»‪ ...‬أسطوانة جديدة بأنغام رائعة‬

‫الفنان زياد األحمدية ‪ُ :‬‬ ‫جئت بعد عمالقة‬ ‫الفن ألع ّبر عن تطلع موسيقي‬

‫الجميع بدون تعليق إذا كان هذا التشبيه إيجايب‬ ‫أو سلبي‪ ،‬والسلبي ال يعني أنني ال أحب مارسيل‬ ‫خليفة لكني أعتقد أنه عىل الفنان أن يكون لديه‬ ‫شخصيته الخاصة ولونه الخاص‪ .‬هذا ال مينع أن يكون‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫هناك تشابه بالصوت‪ ،‬لكن املهم باملوضوع إذا‬ ‫ُ‬ ‫تأثرت به أو ال‪ ،‬فأنا أعترب أن كل لحظة متر يف حياة‬ ‫قد‬ ‫اإلنسان تؤثر عليه يف مكان معينّ ‪ ،‬فكل ما يتع ّرض‬ ‫له اإلنسان العادي وليس فقط الفنان يعيشه يف‬ ‫يومياته ويؤثر يف طريقة تفكريه وعطاءه‪ ،‬ومبا أنني‬ ‫أسمع موسيقى من كل األنواع‪ ،‬إذاً يف مكان ما كل‬ ‫ما أسمعه يؤثر يب‪ ،‬وهؤالء الفنانون كانوا األنشط‬ ‫يف املوسيقى الجد ّية وال شك أن تدخل موسيقاهم‬ ‫بك يف طريقة التوزيع واآلفاق التي‬ ‫لداخلك ويؤثرون ِ‬ ‫شخصيتك‬ ‫يفتحونها أمامك‪ ،‬ومن ثم تتشكل‬ ‫ِ‬ ‫الخاصة مع باقي األنواع‪ ،‬من املوسيقى الكالسيكية‬ ‫إىل املوسيقى الالتينية إىل املوسيقى العربية‬ ‫بشكل عام‪.‬‬

‫تفاعل حضاري موسيقي‬ ‫بني الرشق والغرب‬

‫َ‬ ‫اخرتت هذا األسلوب‬ ‫مثل أغنية “برش َفك”‪ .‬ملاذا‬ ‫َ‬ ‫وابتعدت عن االغاين الرومانسية وغريها؟‬ ‫ُ‬ ‫اخرتت منذ بداية طريقي يف املوسيقى أن‬ ‫ألنني‬ ‫يكون عميل يف خانة الفن الجدّي أي الفن امللتزم‪،‬‬ ‫وهذا الفن ال يستطيع أن يكون ملتزماً إذا تعا َمل‬ ‫مع قصيدة سطحية أو مركبة‪ .‬ومبا أنه فن جدّي‪،‬‬ ‫فإننا حت ًام نبحث عن موضوع للحديث عنه‪ ،‬وال بد‬ ‫أن متلك القصيدة مميزات فلسفية أو ميزات عميقة‬ ‫يف عالقة الحب واملرأة والرجل والطفل وغريها‪ .‬أنا‬ ‫مضطر أن أتكلم يف الفن امللتزم عن مواضيع تعني‬ ‫الناس وتحيك عن همومهم وتطلعاتهم وقضاياهم‬ ‫املحلية كانت أو العربية‪ .‬فمث ًال أغنية “احيك‬ ‫للعامل” هي قصيدة لـ”سميح القاسم” تحيك عن‬ ‫القضية الفلسطينية‪ ،‬وأغنية “برشفك” عام ‪2003‬‬ ‫هي أغنية شعبية تحيك عن جو معينّ من الشباب‬ ‫الذين ضاقوا ذرعاً من الوضع السيايس ولديهم‬ ‫حياتهم الخاصة‪ ،‬وتتحدث عن “أبو عيل الدكنجي‬ ‫والحدّاد االفرنجي وجارتنا زاه ّية”‪ .‬إذاً اختيار الكلامت‬ ‫يأيت موازياً لنوع الفن الذي أتبعه واملندرج يف خانة‬ ‫الفن الجدي أو امللتزم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بدأت مسريتك بعد الحرب األهلية‪ .‬كيف أثرت‬ ‫هذه الفرتة يف حياتك أوالً‪ ،‬ويف شخصيتك‬ ‫الفنية أيضاً؟‬ ‫لقد أثرت بحياة كل إنسان يف هذا الوطن‪ ،‬إال أنني‬ ‫ُو ُ‬ ‫لدت يف الكويت ومل أكن هنا يف تلك الفرتة‪ ،‬ثم‬ ‫جئت إىل الجامعة يف لبنان وقد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّمت أول حفلة يف‬

‫‪76‬‬

‫الـ‪ whole West‬يف الجامعة األمريكية‪ ،‬وكانت يف‬ ‫خانة الفن الثوري أو امللتزم أو اليساري‪ .‬يف النهاية‪،‬‬ ‫أنا أرى أن الفنان هو املرآة التي تعكس وضع الناس‪،‬‬ ‫وهو بدون شك مرآة تعكس وضع املجتمع بشكل عام‪،‬‬ ‫فإذا أردنا قياس حضارة ما‪ ،‬فإننا ننظر إىل ما قدّموه‬ ‫من رسومات وعمران وموسيقى‪ ،‬ألن هذه األرشفة‬ ‫أو هذا التأريخ يتم عرب الفنون أي الرسم واللوحات‬ ‫أوجدَت جيل مهم‬ ‫والنحت وغريها‪ .‬والحرب األهلية َ‬ ‫جداً يف املوسيقى اللبنانية‪ ،‬بدءاً من املخرضمني‬ ‫الذين يكربونني بجيل‪ ،‬من مارسيل خليفة وزياد‬ ‫الرحباين وأحمد قعبور وسامي ح ّواط وخالد الهرب‪،‬‬ ‫هؤالء الذين تحدّثوا عن الحرب األهلية وهموم الناس‬ ‫والطبقات االجتامعية‪ ،‬وقد بدأ ذلك قبلهم الس ّيد‬ ‫درويش يف أوائل القرن العرشين وأنشأ مندرسة‬ ‫من الفن الشعبي امللتزم الذي يتناول قضايا الناس‬ ‫ُ‬ ‫جئت بعد هؤالء الكبار‬ ‫وهمومهم وطروحاتهم‪ .‬أنا‬ ‫ألعبرّ عن تطلع موسيقي آخر مختلف‪ ،‬وأعكس‬ ‫صورة مجتمع يعيش يف ظروف مجنونة باملعنى‬ ‫األمني والحيايت اليومي عندما كان الناس يفكرون‬ ‫بالخط الذي سيسلكونه نظراً للمشاكل األمنية‬ ‫والطائفية والحروب‪ .‬هذا كله أثر يف طريقة الفن‬ ‫الذي أعمل عىل تقدميه منذ البداية‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تأثرت بالفنانني الذين ذكرتهم‪ ،‬خاصة‬ ‫هل‬ ‫الفنان مارسيل خليفة الذي تحدّث البعض أن‬ ‫أعاملك قريبة نوعاً ما له؟‬ ‫القريب ملارسيل خليفة هو صويت‪ ،‬وهذا ما يقوله‬

‫إذاً‬ ‫َ‬ ‫أنت ت ّؤيد الخلط بني املوسيقى العربية‬ ‫َ‬ ‫فعلت يف أسطوانتك الجديدة‪،‬‬ ‫والغربية‪ ،‬كام‬ ‫خاصة أن البعض قد ينتقد ذلك بالقول أن ذلك‬ ‫خروجاً عن الرتاث الرشقي وميل نحو الغرب؟‬ ‫ال يشء مينعنا أن نتفاعل حضارياً مع الغرب‪ ،‬بل‬ ‫إن هذا التفاعل رضوري‪ ،‬ألنني ال ميكن أن أعزل نفيس‬ ‫يف املوسيقى كام كان يعيش الس ّيد درويش أو‬ ‫ّ‬ ‫املوشحات‪ ،‬ويف‬ ‫يلحنون‬ ‫محمد عثامن أو َمن كانوا ّ‬ ‫املقابل أكون يف أمور أخرى متابعاً للتفاعل الحضاري‬ ‫من لباس وتكنولوجيا وانرتنت وسيارات وهواتف‬ ‫وغريها‪ .‬ملاذا نتفاعل يف كل هذه األشياء مع الغرب‬ ‫إال يف املوسيقى؟ املوسيقى هي يشء موجود يف‬ ‫الحياة متاماً كغريه من األشياء األخرى‪ .‬ليس خطأ‬ ‫أن يكون هناك تفاعل ملوسيقانا مع املوسيقى‬ ‫الغربية إذا مل تكن عىل حساب جاملية اللحن‬ ‫وجدّية التعاطي مع املوضوع‪ .‬ميكنني أن أكون عازف‬ ‫عود‪ ،‬ولكن الشخص الذي يعزف عليه هو شخص‬ ‫موجود يف يومياته الغرب والرشق والتاريخ والقديم‬ ‫والتجديد وغريه‪.‬‬ ‫لكنّ املعروف عن آلة العود أنها آلة رشقية‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خلطت استعامله مع آالت‬ ‫أنك‬ ‫بحتة‪ ،‬يف حني‬ ‫غربية يف “‪”Wave Silent‬؟‬ ‫نعم هو آلة رشقية لكن ذلك ال مينع من‬ ‫استعامله مع آالت غربية‪ ،‬فـ”أم كلثوم” أيضاً أدخلت‬ ‫السكسوفون يف أغاين “آخر أ ّيام أم كلثوم”‪ ،‬وكان‬ ‫عىل املرسح “غيتار الكرتيك” و”تشالو”‪ ،‬وغريها من‬ ‫اآلالت أيضاً لدى عبد الحليم‪ ،‬والعديد من آالت النفخ‬ ‫التي استعملها عبد الوهاب يف بعض األناشيد‪،‬‬ ‫كام أن الس ّيد درويش استعمل البيانو أيضاً وهي‬ ‫ليست آلة رشقية‪ .‬إذاً حتى الفنانني اللذين ُيعتبرَ ون‬ ‫من الرتاث استعملوا اآلالت الغربية بشكل أسايس‬ ‫يف املقدّمات املوسيقية أو يف التوزيع املوسيقي‬ ‫وهذا حصل يف الستينات‪ ،‬وأنا اليوم أعيش يف الـ‬ ‫‪ ،2009‬وال ميكنني التفكري أن العود هو آلة محصورة‬

‫غالف االسطوانة الجديدة‬ ‫عن تفاعل حضاري مع غري أمناط وشعوب‪.‬‬ ‫قد َ‬ ‫ّمت حتى اآلن ثالث اسطوانات‪ .‬ما الذي‬ ‫مي ّيز كل أسطوانة عن األخرى بالنسبة لزياد‬ ‫األحمدية؟‬ ‫لنعترب أن النتاج الفني هو أرشفة ونوع من‬ ‫تأريخ إلنسان عاش يف مرحلة معينة‪ ،‬وهو يف‬ ‫هذه املرحلة يفكر بهذه الطريقة وأنتج هذا العمل‬ ‫للتعبري عن أفكاره‪ ،‬إذاً بني “بالبال” يف عام ‪2003‬‬ ‫و”‪”traditionsbeyond‬عام‪،2006‬و”‪”wavesilent‬‬ ‫اآلن يف ‪ ،2009‬هناك مساحات تشبه بعضها نوعاً‬ ‫ما ألنني أنا َمن أعمل عليها‪ ،‬وتعكس تفكريي‬ ‫يف املوسيقى‪ ،‬لكنها تختلف عن بعضها يف‬ ‫طريقة املعالجة املوسيقية ألنني يف كل مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ومحتك أكرث‬ ‫أنضج‬ ‫أفكر بشكل مختلف‪ ،‬فأنا‬ ‫باملوسيقيني وأخزّن معلومات أكرب‪ ،‬وبدون شك‬ ‫سيختلف كل ألبوم عن اآلخر خاصة وأن هناك ثالث‬ ‫سنوات بني الواحد واآلخر‪.‬‬ ‫ماذا عن األسطوانة الثانية “‪beyond‬‬ ‫‪”traditions‬؟ ماذا تضمنت وملاذا عنوان “ما بعد‬ ‫التقاليد”؟‬ ‫هذه األسطوانة كانت تعاون بيني كمؤلف‬ ‫موسيقي وفريق لبناين اسمه “فنجان شاي”‪ .‬لقد‬ ‫حاولنا يف هذا التعاون القول ّأن آلة العود ميكن أن‬ ‫تعزف هويتها ولكن تالقي صلة وصل مع حضارات‬ ‫وثقافات أخرى‪ .‬لقد قدّمنا يف هذه األسطوانة‬ ‫قال َبني موسيقيني رشقيني أي “اللونغا” والسامعي‬ ‫وحتى السامعي الذي قدّمناه كان ُيعزَف عود مع‬ ‫بيانو مبعنى أنه غري تقليدي‪ .‬الطريقة التي قدّمنا‬ ‫فيها هذه األشكال املوسيقية التقليدية كانت‬ ‫طريقة جديدة و”ما بعد التقاليد”‪ .‬أيضاً العود‬ ‫القى صلة وصل مع تقاليد موسيقية عاملية من‬ ‫املوسيقى الكوبية إىل “الفالمنكو” اإلسباين إىل‬ ‫“الجاز” وغريها من األساليب املوسيقية‪ ،‬ومل أكن‬ ‫ألنجح لو قدّمتها وحدي لذلك كان التعاون مع‬ ‫“فنجان شاي” هو سبب النجاح‪.‬‬ ‫أال تعترب أن العمل الفردي يعطي رونقاً أفضل‬ ‫للنجاح؟‬ ‫هناك نوعني من األعامل‪ :‬هناك العمل الذي‬ ‫يكتب املؤلف فيه كل تفاصيل موسيقاه ويأيت‬ ‫بالعازفني لتنفيذ هذا العمل بحرف ّيته دون إضافة‬ ‫شخصيتهم املوسيقية يف العمل‪ ،‬والنوع اآلخر هو‬ ‫أن يكتب املؤلف الفكرة ويعالجها مع املوسيقيني‬ ‫الذين يضعون أفكارهم وشخصيتهم خالل العزف‪،‬‬

‫‪77‬‬

‫مام ُيعطي نتاجاً آخر ملا يقدّمه املؤلف وهذا ما فعله‬ ‫“مايلز وجريميي” يف أسطوانتي الجديدة‪ ،‬وما أضافوه‬ ‫ُ‬ ‫قررت ّأن ما أريده‬ ‫لأللحان التي ألفتها كان رائعاً‪ ،‬وأنا‬ ‫من اآلالت هو فقط “الكونرت باس” و”السكسوفون”‬ ‫والعود‪ ،‬مع ما أضافه كالهام من آراء خالل التجارب‬ ‫التي قمنا بها قبل التسجيل‪.‬‬ ‫أتؤ ّيد االرتجال خالل العزف يف الحفالت؟‬ ‫إذا كان يف مكانِ ما يضيف أفكار جديدة عىل‬ ‫املقطوعة‪ ،‬فإنني طبعاً أؤ ّيده‪ .‬هناك مقطوعات‬ ‫ُتعزَف كاملة بدون ارتجاالت وهناك أخرى ميكن لعب‬ ‫لحن معينّ ومن ثم نرتك ألي عازف أن يرتجل ويبينّ‬ ‫مهاراته وشعوره‪.‬‬ ‫هل قد َ‬ ‫ّمت أغاين وطنية يف احدى‬ ‫اسطواناتك؟‬ ‫يف أول ألبوم “بالبال” قد ُ‬ ‫ّمت أربع أغاين ُتعتبرَ‬ ‫يف خانة األغاين الوطنية‪ ،‬لكنني مل أغنّ يف‬ ‫األسطوانتني األخريتني‪.‬‬

‫مواطن متأمل‬ ‫من الوضع ا ُملعاش يف لبنان‬ ‫هل تفكر أن تغني للمقاومة؟ وماذا يعني َ‬ ‫لك‬ ‫ذلك؟‬ ‫حالياً ال‪ ،‬إذ ليس من الرضوري أن أغني للمقاومة‬ ‫يك تعني يل‪ .‬املقاومة هي رد فعل طبيعي ألي ظلم‬ ‫أو خلل موجود يف أي مجال من مجاالت الحياة‪ .‬فإذا‬ ‫مل يكن هناك “إرسائيل” واحتالل‪ ،‬هذا ال يعني أن‬ ‫املقاومة يجب أن تتوقف‪ ،‬فكل املطالبات بالحقوق‬ ‫هي مقاومة كأن أطالب الدولة أن تحرتم حقوق‬ ‫الشعب الذي يجب يف املقابل أن يحرتم الدولة‬ ‫اللبنانية ويترصف كمواطن ودولة‪ ،‬حق وواجب‪،‬‬ ‫فهذا مقاومة للفساد العقيل للشعب املخالف‬ ‫للقوانني للوصول إىل حالة أفضل‪ ،‬متاماً كاملقاومة‬ ‫العسكرية التي تهدف للوصول إىل حالة أفضل‬ ‫من الحرية واسرتجاع الحق باألرايض واملمتلكات‬ ‫ومواجهة ظلم املحتل‪ .‬ال أحب ان أخلط الفن‬ ‫بالسياسة‪ ،‬ولكنني اليوم يف لبنان أعيش حالة‬ ‫انقسام بني األفكار املوجودة كسياسة‪ .‬فالناس‬ ‫ّ‬ ‫وأفضل أن ال أغني ألحد‬ ‫متكتلة بوجه بعضها‬ ‫منهم بل أن أغني ليشء جميل يف هذا الوطن‪ .‬أريد‬ ‫كام كل انسان‪ ،‬أن أعيش يف وطن كمواطن يأخذ‬ ‫حقوقه‪ ،‬وبالتايل عىل جميع السياسيني‪ ،‬معارضة‬ ‫ومواالة‪ ،‬أن يؤ ّمنوا يل ذلك‪ .‬وقد الحظنا أن العديد من‬ ‫املواطنني ص ّوتوا يف االنتخابات بأوراق بيضاء ألنهم‬ ‫ال يريدون أحد بل يريدون األمن واالستقرار والهدوء‬ ‫والحضارة وقانون يسري عىل كل الناس‪ ،‬وغريها من‬ ‫املطاليب املحقة‪ .‬لذلك أريد أن أغني عن املواطن الذي‬ ‫يقاوم كل الظلم والغالء وغريها‪.‬‬ ‫ماذا عن آخر حفلة يف مرسح بابل؟‬ ‫وجه يل دعوة للمشاركة يف‬ ‫مرسح بابل‬ ‫ّ‬ ‫األمسيات الرمضانية وكانت مناسبة جيدة لتوقيع‬ ‫األلبوم الجديد يف الحفلة وعزفه يف املرسح لدى‬ ‫األستاذ جواد األسدي‪.‬‬

‫حوار ‪ :‬سايل نوفل‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫«طبيعته الصامتة» في لوحة «بوسطة عين الرمانة» أكسبته الميدالية الفضية‬

‫أسامة بعلبكي ‪ :‬أعمل على الطبيعة الصامتة‬ ‫التي تحتوي حياة داخلية وحراك دائم‬ ‫َمن ينظر للوحاته‪ ،‬يعي فع ًال أن رساماً بارعاً بعمر الواحدة‬ ‫والثالثني يختلف متام االختالف عن غريه من أبناء هذا الفن الغني‬ ‫عادة بألوانه النابضة واملش ّعة‪ ،‬إ ّال أنه يدرك متام اإلدراك أن هذا‬ ‫األسلوب يف الرسم باألسود واألبيض واالستعامل القليل لأللوان‬ ‫مجسدة للواقع‬ ‫هو الذي مي ّيز أسامة بعلبيك ويجعل لوحاته‬ ‫ّ‬ ‫بحذافريه وط ّياته ونقوشه‪.‬‬ ‫رمبا هو تجسيد لواقع يعيشه ويعاين من أزماته‪ ،‬ليعود وينتفض‬ ‫ّ‬ ‫تحث الناظر إليها عىل الغوص يف تفاصيلها ليتأكد‬ ‫بلوحات‬ ‫ٍ‬ ‫يجسد هموم الحياة ومشاغلها وتفاصيل‬ ‫بعلبيك‬ ‫أن‬ ‫حينها‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حياته وبيئته‪ ،‬بأشكال قامتة سوداوية حينا وبلوحات معبرّ ة عن‬ ‫شخصية فردية بالسلبيات واإليجابيات التي تعيشها عىل ح ٍد‬ ‫بداية‪ ،‬ماذا عن مشاركتك يف النشاطات‬ ‫َ‬ ‫رسمت‬ ‫الثقافية لأللعاب الفرنكوفونية‪ ،‬حيث‬ ‫“بوسطة عني الرمانة” التي فازت بامليدالية‬ ‫َ‬ ‫اخرتت هذا املوضوع بالذات؟‬ ‫الفضية‪ .‬ملاذا‬ ‫ُ‬ ‫شاركت ضمن النشاطات التي كانت عىل‬ ‫لقد‬ ‫هامش النشاطات الرياضية‪ ،‬حيث تقوم املنظمة‬ ‫الفرنكوفونية بتصفيات للدول األعضاء لديها يف‬ ‫مجاالت عديدة مثل الرسم والتصوير واملوسيقى‬ ‫والنحت‪ ،‬وكل دولة تقوم بتصفبات لديها‪ .‬أنا‬ ‫تقد ُ‬ ‫ّمت عن لبنان يف التصفيات املحلية‪ ،‬واختاروا‬ ‫عميل “البوسطة” وكان العمل املبديئ‪ ،‬ومل‬ ‫أقدّمه كعمل خاص ميثل هذه املناسبة بل كلوحة‬ ‫تشبه عميل وتشبه صميم أعاميل الفنية وتأيت‬ ‫من صميم خطايب التشكييل الذي يعمل عىل‬ ‫اللوحة الواقعية‪ ،‬التي تحتوي عوامل تشكيلية‬ ‫مختلفة منها السياسة والشعر والفلسفة‪،‬‬ ‫ودامئاً اختار فيها كثافة من واقع بيئتنا املحلية أو‬ ‫الذهنية‪ .‬اختياري لـ”البوسطة” هو اختيار لرمز‬ ‫محيل وكتلة محلية تحمل يف داخلها صورة‬ ‫مظهر العنف الوثائقي والتاريخي الذي له عالقة‬ ‫بتقرير مصائر كثرية‪ .‬فأنا أرى هذه الكتلة النحتية‬ ‫تشكيلياً كشكل‪ ،‬وأراها أدبياً وروحياً كرمز للخراب‬ ‫إمنا مبسحة مغلفة نوعاً ما بيشء من الفضاء‬ ‫الشعري‪ .‬فأنا أعمل عىل الطبيعة الصامتة ولكن‬ ‫التي تحتوي حياة داخلية وحراك دائم‪ ،‬لذلك كانت‬ ‫الفكرة بالعمل عىل شبح البوسطة بدون اإلشارة‬ ‫إليها كوصف تاريخي بل تلميح فقط‪ ،‬والهدف‬ ‫تشكييل أكرث مام هو معنوي‪ ،‬أي أن الهدف هو تنبيه‬ ‫البرص لزاوية من زوايا الكواليس التاريخية‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫سواء‪ ،‬وكأنه يط ّبق قول نابليون‪“ :‬كل مصيبة تصيبني ال تقتلني‬ ‫بل تجعلني أكرث إرصاراً”‪ ،‬فرناه دائم التطور والتقدم يف كل معرض‬ ‫يقيمه أكان فردياً أو جامعياً‪ .‬ونتيجة إرصاره ذاك يفوز اليوم‬ ‫بامليدالية الفضية يف النشاطات الثقافية لأللعاب الفرنكوفونية‬ ‫تجسد “بوسطة عني الرمانة”‬ ‫عن فئة الرسم بعد تقدميه لوحة‬ ‫ّ‬ ‫التي ال تزال تسكن مخ ّيلة اللبنانيني‪ ،‬رمبا لتذكريهم مبا اقرتفه‬ ‫تفكريهم الخاطىء أو ملج ّرد عرض واقع تاريخي يف فرتة مؤملة م ّرت‬ ‫عليهم‪.‬‬ ‫يف لقائنا معه‪ ،‬وجدنا اندفاعاً كبرياً للمزيد من النجاح‪،‬‬ ‫متجسدة يف كلامته ومسكوبة عىل لوحاته الرائعة‪،‬‬ ‫وثقافة‬ ‫ّ‬ ‫فكان الحوار التايل‪:‬‬

‫قدرة اإلبداع باللون الواحد‬ ‫ما سبب تعلقك باألسود واألبيض‪ ،‬إذ نالحظ‬ ‫أن معظم لوحاتك تحتوي هذه السوداوية واأللوان‬ ‫القامتة؟‬ ‫هذا يعود للمراحل التي تد ّر ُ‬ ‫بت فيها عىل الرسم‬ ‫كنت م ّياالً كثرياً‬ ‫كنت طف ًال ومن ثم مراهقاً‪ُ ،‬‬ ‫حني ُ‬ ‫“للرسم” وليس “للتلوين”‪ ،‬وحساسيتي تتجه‬ ‫للرسم باللون الواحد سواء بالحرب أو بالفحم أو‬ ‫بـ”االكلرييك” أو بالزيت‪ ،‬إذاً لدي ميل فطري للتلوين‬

‫‪78‬‬

‫بلون واحد أو بآالت ضيقة من األلوان‪ ،‬وأنا أقصد ذلك‬ ‫ألنني دامئاً أبحث عن الكثافة والنربة التي فيها‬ ‫وضوح وجالء يف اللوحة‪ ،‬فاآلالت الضيقة من األلوان‬ ‫تجسد الحساسية التي أريد نقلها‪،‬‬ ‫واألبيض واألسود‬ ‫ّ‬ ‫وهذه الحدّة يف الوعي الذي أرسم فيه اللوحة‬ ‫والكثافة التي تظهرها أكرث “قدرة األبيض واألسود”‪،‬‬ ‫تشبه خالصات املريئ والروحي‪ ،‬لذلك يكون األسود‬ ‫واألبيض هام املادة التي تل ّبي هذه الحساسية‪.‬‬ ‫هل تعترب أن ما مي ّيز رسام عن آخر هو قدرته عىل‬ ‫استعامل األسود واألبيض وإيصال األحاسيس‬ ‫واألفكار بالشكل املطلوب بدون استعامل‬ ‫األلوان؟‬ ‫ال بل هي اختيارات بقدر ما تلبي حساسية كل‬ ‫شخص‪ ،‬فهذا مجال تقني عىل الرسام واللوحة‬ ‫عىل حد سواء‪ ،‬ك َمن يختار املادة التي تالئم طاقته‬ ‫العصبية والنفسية‪ ،‬فتصبح االختيارات لدى‬ ‫الرسام كـ”ح َريف” هي اختيارات للامدة التي تالمئه‬ ‫أكرث‪ .‬ال يوجد هنا أفضل‪ ،‬فكل مادة لها أملع ّيتها‬ ‫وخصائصها‪.‬‬ ‫هل نستطيع االعتبار أن هذه الوحدة والسوداوية‬ ‫نوعاً ما التي تخ ّيم عىل لوحاتك موجودة فع ًال‬ ‫يف حياتك وتأيت نتيجة تجارب شخصية؟‬ ‫يف لوحتي يشء من السكون‪ ،‬أي من العزلة‬ ‫االختيارية لكنني ال أعتربها سوداوية بل هي حالة‬ ‫عقلية أمثلها يف اللوحات وحيايت الخاصة كحالة‬ ‫عقلية‪ ،‬واملقصود منها معاينة العامل ومعاينة‬ ‫محيطي‪ ،‬ومعاينة العامل بكل مظاهره‪ .‬إذاً هذه‬ ‫املعاينة تحتاج لالبتعاد ولطاقة تف ّرج وليس طاقة‬ ‫انخراط يف الصور واملظاهر العامة للحياة‪ .‬لذلك‬

‫فهي ال تبقى سوداوية‪ ،‬إذ ال يوجد هنا ثنائية حزن‬ ‫وفرح فأنا خارج ذلك‪ ،‬وأعمل عىل حالة ال يحكمها‬ ‫هذا املنطق العاطفي بل أعمل يف حقل يحكمه‬ ‫املنطق العقيل والذهني‪ ،‬هو القدرة أكرث عىل‬ ‫معاينة تفاصيل وعمومية العامل يف نفس الوقت‪.‬‬ ‫ملاذا تختار األشياء القدمية واألدوات األثرية‬ ‫لتجسيدها يف لوحاتك؟ هل تعترب أن الحارض هو‬ ‫استكامل للاميض وأدواته ورموزه؟‬ ‫ُ‬ ‫عملت عليها‬ ‫هذه كانت خط من الخطوط التي‬ ‫ُ‬ ‫عملت عىل األدوات الحجرية‬ ‫يف فرتة معينة‪ ،‬بحيث‬ ‫القدمية ومن ضمنها سعيي الدائم للعمل عىل‬ ‫املفهوم املتحرك للتكنولوجيا كحالة حرفية برشية‬ ‫ولكن فيها املعنى املكثف لإلنسان وفيها صورة‬ ‫فعله‪ ،‬وأنا من ضمن العمل عىل عموميات الحضارة‬ ‫وأدواتها العامة والرموز التي متثل‬ ‫ُ‬ ‫عملت عىل هذه‬ ‫أشياء كثرية‬ ‫املواضيع لتشبه اللوحة التنقيب‬ ‫ويكون فيها يشء من الحفر‬ ‫والتت ّبع ملظهر اآلدات البرشية‬ ‫والحريك‬ ‫التشكييل‬ ‫كمظهرها‬ ‫الذي يسبب الفعل الحضاري‪ ،‬لكن‬ ‫من ضمن فكرة عامة أفرتضها‬ ‫من خالل النقد يف هذه اللوحات‬ ‫للنزعة العلمية بأن يكون ما‬ ‫قبل “التاريخي” مثل حارضنا‬ ‫ومستقبلنا‪ .‬كل هذه املراحل ال‬ ‫يبلغ فيها اإلنسان رشده اإلنساين‬ ‫بل هو دامئاً يف حالة رصاع مع‬ ‫غرائزه وميله الطبيعي للعنف‪ .‬من‬ ‫هنا ص ّو ُ‬ ‫رت حجارة القتل‪ ،‬وتلك التي‬ ‫هي أدوات استعاملية للفعل‪ .‬أنا‬ ‫أرى يف هذه األداة طبيعة التنمية‬ ‫التي هي األداة االستعاملية التي‬ ‫تقدّم فيها البرش كثرياً من خالل‬ ‫األعامل اليومية‪ ،‬وأداة قتل أيضاً‪ .‬إذاً هي حاملة‬ ‫للطبيعتني وأنا بالتايل أقوم باملعاينة لهذه املسألة‪.‬‬

‫لوحات ّ‬ ‫مبطنة بأفكار بعلبيك‬ ‫أتتعرض للنقد يف معارضك؟ كيف ترى تفاعل‬ ‫الناس مع لوحاتك واألحاسيس واألفكار املحفورة‬ ‫فيها؟‬ ‫الجمهور مروحة واسعة من وجهات النظر‪،‬‬ ‫وبالطبع أتع ّرض للنقد وهذا طبيعي ورضوري‪،‬‬ ‫وهناك البعض م ّمن يصلون ملعاين الرسومات خاصة‬ ‫ّ‬ ‫وأن لوحتي تتضمن دامئاً شيئاً مبطناً والوصول‬ ‫لداخلها صعباً نوعاً ما‪ ،‬لذلك فهناك َمن يفهم‬ ‫ّ‬ ‫مبطنة‪ .‬هذا‬ ‫مظاهر اللوحة والبعض اآلخر يراها‬ ‫كله يكون بحسب فكرة كل مشاهد عن تاريخ‬ ‫الفن وكيف ينظر للرسام‪ .‬لكن املطلوب بشكل‬ ‫أسايس أن ال يكون الطموح األسايس للرسام أن‬ ‫يعجب اآلخرين بقدر ما يكون العمل الفني متثي ُال‬ ‫صحيحاً وحسيا وفعليا للرسام‪ ،‬ومن بعدها تأيت‬

‫عملية تق ّبل اآلخرين له‪ ،‬األساس أن يكون العمل‬ ‫الفني خارج من صميم وجود الرسام وصورته وعمله‬ ‫وحركته‪.‬‬ ‫يلفتني قول”نيتشه”‪“ :‬منارس الفن لئال نهلك‬ ‫يف هذه الحياة”‪ .‬هل ميكن أن نعترب أن أسامة‬ ‫بعلبيك يعيش للفن‪ ،‬وما الح ّيز الذي يأخذه‬ ‫الرسم يف حياته؟‬ ‫هو ح ّيز كبري باإلضافة لخطوط أخرى أعمل‬ ‫عليها كاملطالعات األدبية والفلسفية والشعرية‬ ‫عىل أنواعها‪ ،‬لكن الرسم له الحضور األكرب عدا عن‬ ‫أنه حرفة متفرغ لها بالكامل‪ ،‬هو خشبة الخالص‬ ‫الروحية التي أتعلق من خاللها مبوقع أستطيع‬ ‫أن أطل منه عىل العامل وعىل محيطي‪ .‬الرسم‬ ‫بالنسبة يل هو لغتي وصوريت يف الوقت نفسه‪،‬‬

‫لذلك هناك هذا االنخراط الروحي فيه‪ ،‬وهناك‬ ‫التف ّرغ املادي اليومي حيث أعمل كثرياً عىل تنمية‬ ‫العمل الفني بهذه الطريقة‪.‬‬

‫كامل العمل الفني يكمن يف‬ ‫التوازن والتنغيم الداخيل‬ ‫هل الرسام عاد ًة مجرب عىل حمل هموم‬ ‫يجسد تجاربه‬ ‫الدنيا ومشاغل الناس أم أنه فقط‬ ‫ّ‬ ‫الشخصية؟‬ ‫هذه مسألة اختيارية متاماً كاالنتامء السيايس‬ ‫أو اإلمياين االعتقادي‪ .‬إذ هناك مذهباً يف الفن ممكن‬ ‫دثت عنه‪ ،‬وهناك‬ ‫تح ِ‬ ‫أن يذهب يف هذا االتجاه الذي ّ‬ ‫مذاهب أخرى تكتفي بأن تكون ممثلة لصورة الرسام‬ ‫باملحصلة‬ ‫بدون أن يكون لها اهتاممات أخرى‪ ،‬ولكن‬ ‫ّ‬ ‫العامة الفن هو هذا الحراك الذي ميثل صورة البرشية‪،‬‬ ‫ومعنى وجودنا‪.‬‬ ‫أين تفرح أكرث بإبداعك‪ ،‬يف اللوحة الف ِر َحة‬ ‫التي تتضمن بعض األلوان أو يف األخرى القامتة‬

‫‪79‬‬

‫الحزينة؟‬ ‫أفرح عندما أجد أن عميل وصل لنفيس التي‬ ‫أحدّث فيها هذا العمل‪ ،‬فهناك حالة من التوازن‬ ‫والكثافة أقصدها قبل البدء بالعمل الذي يأخذ‬ ‫بالتد ّرج لدى صنعه عىل السطح ليامثل هذه الحالة‬ ‫التي يأنس فيها الفرد‪ ،‬حالة من التناغم والتوازن‬ ‫واألملعية الخافتة التي ال تحتوي عىل أي يشء علني‪،‬‬ ‫فكامل العمل يكمن يف توازنه والتنغيم يف داخله‪،‬‬ ‫بحسب ما هو نسيج واحد ويل ّبي مطلب الكثافة‬ ‫الذهنية يف الصورة‪ .‬هذه هي الحالة‪ ،‬بعدها تصبح‬ ‫املادة سواء باألسود واألبيض أو باللون هي الوسيط‬ ‫لتنفيذها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أردت أن ترسم لبنان اليوم‪ ،‬هل ترسمه يف‬ ‫إذا‬ ‫مشاكله والعراقيل التي تحيط به أم كام تحلم‬ ‫أن يكون؟‬ ‫ُ‬ ‫رسمت “بوسطة عني الرمانة”‬ ‫أنا‬ ‫بشكل اختياري وبدون قصد توثيقي‬ ‫أو بقصد يتوخى املبارشة يف التعبري‬ ‫ألن أسلوب الرسم الذي أعمل عليه‬ ‫يشتغل يف الكواليس ويف أحضان‬ ‫العزلة واملعاين العامة سواء أكانت‬ ‫العاملية أو املحلية‪ ،‬لكن بشكل انتقايئ‬ ‫إذ ال يوجد ترابط ومبارشة يف اللغة‬ ‫التشكيلية‪ ،‬حيث أنتقي زوايا من‬ ‫البيئة العقلية الفردية والعامة‪ .‬ما‬ ‫يعنيني من “اليومي” هو فقط بعض‬ ‫املظاهر الخاصة وليس “اليومي” مبعنى‬ ‫التعبري املبارش‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أقمت حتى اآلن‪ ،‬وماذا‬ ‫كم معرض‬ ‫تحضرّ من جديد؟‬ ‫يف الحصيلة أصبح لدي ثالث‬ ‫معارض فردية‪ :‬األول كان مبثابة‬ ‫انطالقة بعد تخ ّرجي من الجامعة‬ ‫عام ‪ 2004‬بعنوان “رسومات باألسود”‪،‬‬ ‫واملعرض الثاين كان يف غالريي “سافانا” يف فردان‬ ‫ُ‬ ‫وعملت فيه عىل حاالت‬ ‫بعنوان “مشهديات العزلة”‬ ‫شكلت البذرة التي أعمل عليها اآلن‪ ،‬أما املعرض‬ ‫الثالث التي اختم َرت فيه األفكار وظهرت بأشكال‬ ‫خاصة وكان يف قمة التطور الذي تصل إليه اللوحة‬ ‫أقمته يف غالريي أجيال بعنوان “أقل دخاناً ‪ ..‬وأكرث”‪.‬‬ ‫إضافة إىل ذلك هناك تحضري دائم لتكوين مجموعة‬ ‫جديدة‪ ،‬ولدي مشاركات جامعية واسعة أهمها‬ ‫مشاركتي يف “آرت ديب ‪ ،”2009‬وسبع مشاركات‬ ‫يف “معرض الخريف – متحف رسسق” باإلضافة‬ ‫ملعارض جامعية أخرى‪ ،‬وأعامل خاصة نس ّميها‬ ‫ُ‬ ‫كنت أرسم لبعض الصحافة‬ ‫“الرسم البياين” حيث‬ ‫ودور النرش‪ .‬هذه كانت تجارب صحافية غنية كوين‬ ‫ُ‬ ‫كنت أرسمها بالحرب‪ ،‬كعميل يف “السفري” ومجلة‬ ‫“الغاغون” و”العريب” مع تصميم بعض األغلفة‬ ‫لـ”دار شهاب العريب”‪ .‬اليوم بدأ التحضري ملجموعة‬ ‫جديدة من األعامل والتي متهّد ملعرض فردي جديد‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب فني‬

‫بين ياسمين تونس والشام‬ ‫«فرقة الكرامة» ّ‬ ‫غنت لغزة ولبنان‬

‫«والله زمان يا سالحي اشتقتلك يف كفاحي‪،‬‬ ‫والله أكرب يا عرب نادت بغداد‪ ،‬وخيل السالح‬ ‫صاحي‪ ،‬وهيهات يا محتل‪ ،‬ويا جوالن وياليل‬ ‫ما تهون علينا‪ ،‬فلسطني عربية القبلة األوىل‬ ‫والهوية‪ ،‬وطني حبيبي الوطن األكرب‪ ،‬وفار‬ ‫الدم العريب فار» إنها مفردات الزمن املقدس‪،‬‬ ‫زمن الثورة والكفاح‪ ،‬مفردات الزمن الجميل‬ ‫زمن جامل عبد النارص وأحمد بن بلة وحافظ‬ ‫األسد‪ ،‬بل هي اختالجات الروح املعمدة بدم‬ ‫الشهداء‪ ،‬املطيبة بعذابات األرسى واملعتقلني‪،‬‬ ‫هي نقوش الثوب الفلسطيني والجرح الجوالين‪،‬‬ ‫ونكهة االنتصار يف غزة ولبنان‪ ،‬وهي رفيف‬ ‫األماين يف بغداد الحرة والرمادي والفلوجة‬ ‫الثائرة‪ ،‬هي رصخات حرائرنا املاجدات يف سجن‬ ‫أبو غريب‪ ،‬هي ليست كلامت‪ ...‬وال هي بإلحان‪،‬‬ ‫هي ياسيمن كان ذات شام أبيض فعانقته‬ ‫ياسمينة تونسية يف يوم عز من أيام ترشين‪،‬‬ ‫شقائق نعامن ارتوت‬ ‫فأينعت تربة الوطن‬ ‫بدم شهداء املغرب والعراق ومرص وتونس‪ ،‬هي‬ ‫الكرامة‪ ،‬جاءت تسعى يف أروقة املايض لتجدد‬ ‫العزم يف شباب املستقبل‪ ،‬تغني مجد العرب‪،‬‬ ‫رغم كل ما آل إليه حال العرب‪.‬‬ ‫إنها فرقة الكرامة التونيسية التي زحفت‬ ‫نحو الجوالن كام جيوش ‪ ،73‬وامتشقت اللحن‬ ‫سالحا كام رجال الله يف لبنان‪ ،‬مل يثنها‬ ‫عن رسالتها ضيق اليد‪ ،‬هي التي آمنت أن‬ ‫الفن رسالة وسالح‪ ،‬أوليس عازف كامنها أبو‬ ‫اللجا من قدم ابنه شهيدا يف صفوف الثورة‬ ‫الفلسطينية؟!‬ ‫أوليست هي من غنت لالنتصار يف كل‬ ‫مكان‪ ،‬وناهضت املحتل يف قطر عريب كان؟!‬ ‫إنها فرقة الكرامة جاءت تغني للجوالن‬ ‫وصموده وإبائه فالتقتها «منرب التوحيد» يف‬ ‫حوار ذو شجون‪ ،‬حرضت فيه أوجاع هذه النخبة‬ ‫املحارصة من قبل األصابع واملحطات املشبوهة‪،‬‬ ‫واملحاربة بالتمويل‪ ،‬ورغم ذلك تبقى األصالة‬ ‫ويبقى الفن الرفيع راية ترفرف فوق جبني أمة‬ ‫كلام حاولت يد الغدر بها سوءا‪ ،‬تصدت لها‬ ‫الحناجر كام رشقات الرصاص‪.‬‬ ‫هي محطات غنائية سجلتها منرب التوحيد‬ ‫عىل هامش ملتقى الجوالن الدويل مع رئيس‬ ‫فرقة‬ ‫الكرامة سمري ادريس من تونس ونسأل من‬ ‫هي فرقة الكرامة؟‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫فرقة الكرامة عمرها مثان وعرشون عاما جئنا‬ ‫من تونس‪ ،‬نعمل يف املستوى الفني شعرا وغناء‬ ‫هي فرقة ملتزمة بقضايا األمة عموما فلسطني‬ ‫لبنان سوريا والجوالن وكل هموم املواطن العريب‬ ‫بدءا من قضيتنا املركزية فلسطني وإينام وجدنا‬ ‫احتالل نحن نغني ضده‪ ،‬كام نعمل عىل الحفاظ‬ ‫عىل هويتنا العربية واإلسالمية من خالل إبراز‬ ‫الجوانب املنرية واملضيئة يف تراثنا العريب وإبراز‬ ‫العريب والحفاظ عىل آلة العود والقانون والناي‬

‫إينما وجد االحتالل‬ ‫نغني ضده‬ ‫الحصار‬ ‫ضد الفن الملتزم‬ ‫موجود ولكنه لن يدوم‬ ‫‪80‬‬

‫الفرقة تعتمد هذا التوجه ألنه إىل جانب القضايا‬ ‫الكربى هناك قضايا أخرى قد ال يلمسها املشاهد‬ ‫بشكل مبارش تستهدف هويتنا وتراثنا‪ ،‬ونحاول‬ ‫من خالل هذه الفرقة الحفاظ عىل هذا الرتاث‬ ‫الزاخر‪.‬‬ ‫املالحظ أن الفرقة تنتهج مبدأ األغنية‬ ‫امللتزمة كيف ترون تفاعل الجمهور مع هذه‬ ‫األغنية وهل ال زال لها مكانا ضمن موجة‬ ‫«الجمهور عايز كده»؟‬ ‫من خالل تواجدنا يف السنوات األخرية نجد‬ ‫هناك تجاوبا وهناك أناس ال زالوا يحافظون عىل‬ ‫الذوق الفني الرفيع‪ ،‬قد يقول البعض أن الجمهور‬ ‫يبحث عن نوع آخر ولكننا من خالل املامرسة‬ ‫نقول أن الجمهور الرفيع ال زال موجوداً والناس ال‬ ‫زالت تحب أن تسمع‪ ،‬ومثة أحداث كبرية صارت‬ ‫عىل مستوى الوطن العريب واألمة كالقدس‬ ‫وغزة وانتصار جنوب لبنان‪ ،‬واستطاعة املقاومة‬ ‫فرض إرادتها يف املواجهات وحقق الهزمية عىل‬ ‫العدو هذه الهزمية التي خلقت نوع من األمل لدى‬ ‫الجمهور‪ ،‬حتى نحن بتنا نستمد من هذا الصمود‬ ‫واالنتصارات االسرتاتيجية نستمد منها صمودنا‬ ‫وإبداعنا واملتلقي كذلك نجد فيه تجاوبا كبريا‪.‬‬ ‫مرت فرتات خاصة يف أثناء املد النارصي‬ ‫والثورة الجزائرية ويف فرتة الثامنينات والثورة‬ ‫الفلسطينية واالنتفاضة كان الشارع العريب‬ ‫ينتظر األغنية الوطنية التي تحركه وتبعث فيه‬

‫الحامس‪ ،‬هل مازال الشارع العريب بخري أم أن‬ ‫موجات العوملة واإلحباط قد أصابته؟‬ ‫أكيد هناك مراحل يصبح فيها الجمهور‬ ‫والشارع يف حالة جزر لكن الفرتة الحالية البعض‬ ‫يريد أن يجعلها حالة جزر‪ ،‬ولكن هل من املعقول‬ ‫أن نتحدث عن حالة جزر بعد بضعة ايام من‬ ‫انتصارات حققناها عىل العدو‪ ،‬هناك آلة إعالمية‬ ‫تحاول تفريغ لهذه االنتصارات من محتواها‪،‬‬ ‫وأرضب مثاال حرب ترشين التحريرية كانت انتصارا‬ ‫لكن العدو والبعض حولوه إىل نكسة واتفاقية‬ ‫مخيم داوود سيئة الذكر‪ ،‬واالنتصار يف جنوب‬ ‫لبنان يحاولون إفراغه من الداخل والتآمر عليه‬ ‫كذلك يفعلون األمر نفسه مع غزة‪ ،‬لكن نحن ال‬ ‫بد أن نعي أن هناك مخططا للعدو من أجل إفراغ‬ ‫هذه وتحويل حالة املد والوعي القومي واإلسالمي‬ ‫إىل حالة أخرى تخدم مصلحتهم‪ ،‬نحن نشعر‬ ‫يف هذا الرصاع‪ ،‬ونخوضه بدورنا من أجل الجانب‬ ‫اإليجايب‪ ،‬وإال ملاذا جئنا من تونس إىل الشام‪.‬‬ ‫ماذا تقول وأنت القادم من تونس لتغني لرىب‬ ‫الجوالن وأهله الصامدون؟‬ ‫تحية ألهل الشام والجوالن‪ ،‬وما يجمع بني الشام‬ ‫وتونس كبري‪ ،‬فبينهام الياسمني وللشام علينا‬ ‫دين‪ ،‬فهي التي أرسلت «اليسا» لتأسيس قرطاج‬ ‫وأرسلت عقبة مؤسس القريوان وباين جامع عقبة‬ ‫بن نافع ونرش الدين اإلسالمي يف املغرب العريب‪،‬‬ ‫وهي التي كان لها الدور الكبري يف بناء الحضارة‬ ‫األندلسية التي استفدنا منها كثريا‪ ،‬وأقام يف‬ ‫تونس يف فرتة العرشينات الفنان السوري عيل‬ ‫الدرويش وكان يدرس وتخرجت عىل يده مجموعة‬ ‫من األساتذة الذين ال تزال آثارهم إىل اليوم وغري‬ ‫ذلك الكثري فكيف ال نكون عىل املستوى ذاته‬ ‫من الوفاء للشام‪ ،‬وتونس كذلك قدمت الكثري‬ ‫من أجل الشام منذ صالح الدين األيويب لذا جئنا‬ ‫إىل الشام اعرتافا بالجميل ولنوصل سالمن إىل‬ ‫أهلنا يف الجوالن والقدس وكل شرب من فلسطني‬ ‫ونقول أن القضية واحدة من خالل ما نقدمه من‬ ‫فن‪.‬‬ ‫كيف تنظرون كفرقة عمرها مثان وعرشون‬ ‫عاما عاشت فرتات مختلفة من املد والجزر إىل‬ ‫وظيفة الفن اليوم هل فقد وظيفته أم أنه ال زال‬ ‫عامال مهام يف رصاعنا وقضيتنا أم تراه يعاين‬ ‫من ركود أو أزمة ما؟‬ ‫تقلص الدور اإليجايب هو بالفعل موجود‬ ‫من خالل سيطرت قنوات فضائية بعينها‬ ‫عىل الساحة ولكن باملقابل هناك شكل من‬ ‫املقاومة لهذا التيار الجارف الذي بالطبع وراءه‬ ‫أصابع مشبوهة وأناس مشبوهني يعملون عىل‬ ‫استغالل دور الفن لتوظيفه يف خدمة أهدافهم‪،‬‬ ‫وبدورنا نقول أنه ال بد من أن يكون هناك عمل جبار‬ ‫بني املؤسسات والفرق واتحادات الفنانني وتنسيق‬

‫الجهود بني هذه الفرق مبختلف أنواعها ووزارات‬ ‫الثقافة‪ .‬التيار الجارف هذا بالتأكيد لن يصل إىل‬ ‫تحقيق ما يريد مئة باملئة‪ ،‬ألن الجمهور عندما‬ ‫يتلقى شيئا معينا مستواه أقل من مستوى‬ ‫الذوق الرفيع الذي نقدمه ميكن أن يؤثر ملمدة يوم‬ ‫أو انثان أو سنة ولكن ال زلنا إىل اليوم نغني ألم‬ ‫كلثوم وعبد الحليم وفريوز ووديع و صباح فخري‪،‬‬ ‫ولو مل يكن لهذا الرتاث دوراً ومكانة لكان مات‬ ‫يف ظل هذه الهجمة لكنه مستمر وسيستمر‪،‬‬ ‫باألمس وأول من أمس ويف تونس ويف أي مكان‬ ‫من الوطن العريب عندما نغني هذا الرتاث نجد أن‬ ‫تأثريه ال يزال موجودا‪ ،‬وعىل سبيل املثال أغنية‬ ‫أم كلثوم األطالل تحتفظ بأعىل رقم يف املبيعات‬ ‫رغم املوجة األخرى‪ ،‬رمبا عدم النظر لألشياء بدون‬ ‫تعمق قد تنطيل فكرة الجمهور انتهى لكن هذا‬ ‫غري صحيح‪.‬‬ ‫الحظنا من خالل ما قدمته الفرقة يف‬ ‫األمايس املوسيقية التي أحيتها أنها تقدم‬

‫فرقة الوالية غنت‬ ‫تحت القصضف‬ ‫وتركت االستديو لتخلي‬ ‫الشوارع من الجرحى‬ ‫والشهداء‬ ‫‪81‬‬

‫إىل جانب األغنية الوطنية األغنية الرتاثية من‬ ‫القدود الحلبية وامليجنا واملالوف أي تجربة هذه‬ ‫ومن يكتب كلامتها ومن يقوم بتلحينها؟‬ ‫رغم أنه للفرقة أغان خاصة بها لكننا ال نتعامل‬ ‫مع اإلنتاج الخاص‪ ،‬هذه نظرة مع احرتامنا لبعض‬ ‫التجارب فيها نوعا من املحدودية ونحن نتعامل مع‬ ‫الوضع وانطالقا من قراءة الواقع ومتابعة األوضاع‬ ‫التي تحصل نختار األغاين التي سجلت حضورا‬ ‫شعبيا وتفاعل معها الجمهور‪ ،‬ففي أحداث غزة‬ ‫هناك أغانٍ تبث نلمس من نبض الشارع التفاعل‬ ‫معها فنحفظها ونرددها‪ ،‬بحيث يصبح بيننا‬ ‫وبني الشارع عالقة‪ ،‬كذلك يف فرتة االنتفاضة‬ ‫الثانية غنت أصالة أوىل القبلتني‪ ،‬حولناها إىل‬ ‫شعارات يف املظاهرات يف تونس وكنا نغنينها‬ ‫يف كل املناساببات ألن الجمهور تقبلها بشكل‬ ‫عميق‪ ،‬عندما تقول فلسطني عربية القبلة‬ ‫األوىل والهوية عربية‪ ...‬هذه الكلامت كانت تردد‬ ‫عىل ألسنة عرشات اآلالف يف الشوارع‪ ،‬وكان‬ ‫للكرامة دورا يف هذا املجال‪.‬‬ ‫وليك تضمن هذه التجارب االستمرارية يجب‬ ‫أن نبدأ بها من عمر الطفولة حتى الكرب وهناك‬ ‫تجارب كربى يف تونس‪.‬‬ ‫هل قدمت فرقة الكرامة هذا النوع من‬ ‫التجارب مع األطفال؟‬ ‫نفكر اآلن بتجربة مشرتكة بني مجموعة من‬ ‫األطفال والكبار كام «أوبريت» القدس حرتجع‬ ‫لنا‪ ،‬هذه التجربة الرائدة‪ ،‬لكننا باإلضافة إىل ذلك‬ ‫نحن نعمل باملوسيقى وهناك اساتذة يدرسون‬ ‫يف املعاهد الخاصة ووزارة الثقافة والرتبية فنحن‬ ‫نلحن لألطفال ونرشف عىل «كورالهم»‪ ،‬ألن هذا‬ ‫العمل هو ما يؤسس ملستقبل صحيح‪.‬‬ ‫هذا العمل بهذا املستوى وهذا الطموح‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب ثقايف‬ ‫والسفر والتنقالت كلها بحاجة إىل متويل ماذا‬ ‫عن متويل الفرقة؟‬ ‫برصاحة جئنا إىل سوريا أربع مرات وكلها كانت‬ ‫عىل حسابنا الشخيص ونعترب ذلك تضحية‬ ‫بسيطة ألن هناك من يضحي مبا هو أكرب ويقدم‬ ‫أبناءه يف سبيل القضية‪.‬‬ ‫ما أريد الوصول إليه أننا بأمس الحاجة إىل‬ ‫هذا النوع من الفن امللتزم الذي هو بحاجة‬ ‫للتمويل من قبل جهات ورشكات كربى‪ ،‬أأم أن‬ ‫هناك تعمدا بعدم متويل هذا الفن امللتزم؟‬ ‫مسألة التمويل رضورية‪ ،‬ولكن نحن كفرقة‬ ‫من املستحيل أن نأيت إىل مؤسسة ونطلب منها‬ ‫متويال إذا كانت هذه الجهة أو تلك أحبت مساعدة‬ ‫الفرقة ونرش إنتاجها فال بأس ولكن أن نذهب‬ ‫نحن إىل املؤسسات فهذا مبدأ مرفوض‪ ،‬ورغم‬ ‫ذلك ال زلنا صامدون‪.‬‬ ‫أنتم كفرقة اليوم يف ملتقى الجوالن جئتم‬ ‫بدعوى رسمية ولكن عىل حسابكم الخاص!‪.‬‬ ‫نعم فنحن كفرقة متحمسة نعمل من أجل‬ ‫قضية‪ ،‬لن نقف عند مسألة النفقات‪ ،‬وكام قلت‬ ‫هذا تقديم بسيط أمام من فقد ابنه أو قدم نفسه‬ ‫أو هدم بيته أو فقد جزءا من جسده يف سبيل‬ ‫قضايانا العربية‬ ‫هذه مشاعر تشكر عليها الفرقة‪ ،‬ولكن هنا‬ ‫تقع خطورة مسألة اإلنتاج والتمويل سواء‬ ‫عىل املستوى الغنايئ أو الدرامي أو املوسيقي‬ ‫وتحكم رأس املال بالوجهة الفنية وغياب‬ ‫املؤسسات الحكومية؟‬ ‫قد يكون هناك حصار لهذا الفن امللتزم وإن‬ ‫شئت الحصار موجود لكنه لن يدوم والثغرات‬ ‫موجودة‪ ،‬ولكننا نتغلب عليها بالتضحيات‬ ‫املادية حتى لو كان عىل حساب احتياجاتنا‬ ‫يف منازلنا‪ ،‬ألن هذا الشغل الشاغل لنا‪ ،‬وبعد‬ ‫هذا املؤمتر هناك دعوات أخرى تلقتها الفرقة‬ ‫كملتقى حق العودة وملتقى املقاومة يف لبنان‬ ‫‪ ،‬وعندما تأيت الدعوة وتتبنى الجهة الداعية‬ ‫النفقات ال مشكلة فال بأس من طرف يدعم‬ ‫الفرقة وال نرفض ذلك وبودنا وجود هذا الطرف‪،‬‬ ‫ولكن لو وضعنا رشوطا بعدم الذهاب أو التنقل‬ ‫إال إذا توفرت كل اإلمكانيات أكون كمن يضع‬ ‫عصا يف عجلة النشاط ال بد من التضحية‪،‬‬ ‫وهذه مناسبة إذا كان هناك مؤسسات ثقافية‬ ‫مستعدة لتقديم الدعم يف هذا اإلطار ال بأس‪.‬‬ ‫رغم ضيق الوقت يف الحفل الختامي كنتم‬ ‫مرصين عىل أغنية الختام هيهات يا محتل‪،‬‬ ‫أي معنى تحمله هذه األغنية لفرقة الكرامة‬ ‫وكيف وجدتم من خالل تنقلكم تفاعل الجمهور‬ ‫العريب مع انتصار حزب الله واملقاومة يف‬ ‫األقطار العربية؟‬ ‫أثناء الحرب عىل لبنان كنا نتابع بالدقيقة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫اإلعالمية كوثر البرشواي تبيك زمن الثورة عىل نغامت الكرامة‬

‫والثانية كل ما تبثه قناة املنار ألنها يف تلك‬ ‫الفرتة كانت القناة الجامهريية رقم واحد‪ ،‬ووجدنا‬ ‫تفاعال من الناس مع هذه األغاين بشكل كرب جدا‪،‬‬ ‫لذا أخذنا بعض األغاين ورددناها يف تونس قبل‬ ‫ذهابنا إىل لبنان وكان لها يف تونس صدى كبريا‬ ‫وتأثري‪ ،‬ونحن كفرقة الكرامة نغني لكل قطر‬ ‫عريب من املرشق إىل املغرب كام نغني من أجل‬ ‫بريوت والقدس واألقىص والجوالن وجنوب لبنان‪،‬‬ ‫نحن مع كل مقاومة ندافع عن األرض والكرامة‬ ‫وضد العدو ونكرس هذا املوقف بالطريقة الفنية‬ ‫التي نراها‪ ،‬وهيهات يا محتل لفرقة الوالية التي‬ ‫التقيانها يف لبنان لها أثركبري يف نفوسنا‪ ،‬ألنه‬ ‫وكام أخربنا األخ حسن من الفرقة وأثناء تسجيل‬ ‫هذه األغنية والحرب عىل لبنان قامئة حدث قصف‬ ‫عنيف عىل الضاحية فاضطرت الفرقة إليقاف‬ ‫التسجيل يف االستديو ليقوموا بنقل املصابني‬ ‫وإخالء الشهداء من الشوارع ونقل الجرحى ومن‬ ‫ثم عادوا إىل التسجيل‪ ،‬إنها فرقة مناضلة ونحن‬ ‫نستفيد من تجربتها‪.‬‬ ‫هل كانت هذه التجربة العربية الوحيدة مع‬

‫هناك آلة إعالمية‬ ‫تحاول تفريغ‬ ‫هذه االنتصارات‬ ‫من محتواها‬ ‫‪82‬‬

‫فرقة الوالية؟‬ ‫ال التقينا يف الشام مع فنان الثورة‬ ‫الفلسطينية أبو عرب‪ ،‬وغنينا معه‬ ‫يف مخيم الريموك يف دمشق كام‬ ‫استقبلناه يف تونس وكانت فرقة‬ ‫الكرامة هي التي تعزف وراءه‪ ،‬لدرجة‬ ‫أنه دهش وقال كيف أن هذه الفرقة‬ ‫قد حفظت أغا ّ‬ ‫ين أنا الذي مل أتدرب‬ ‫معها وال مرة‪ ،‬إننا نحاول االستفادة من‬ ‫كل التجارب الفنية يف الوطن العريب‬ ‫ونغنيها‪ ،‬وليست إشكالية إنتاج من‬ ‫تكون األغنية‪.‬‬ ‫كلمة أخرية توجهها؟‬ ‫أثناء الحرب عىل العراق كانت هناك‬ ‫استديوا متحرك ملجموعة من الفنانني‬ ‫وشعراء يكتبون وملحن يلحن يف الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬وقد أخربنا بها فنانون عراقيون‬ ‫التقينا بهم يف بغداد وهذه التجربة‬ ‫وجدناها يف بريوت وغزة وال بد أنها كانت‬ ‫موجودة يف حرب ترشين وبهذه املناسبة‬ ‫نقدم أعظم التهاين ألن الجيش السوري‬ ‫مبساعدة جيوش عربية وصل إىل بحرية‬ ‫طربية‪ ،‬وكان عىل أمتار من فلسطني‪،‬‬ ‫ونتمنى من كل قلبنا عودة الجوالن فهناك‬ ‫عالقة وثيقة بني الشام وتونس حتى‬ ‫يف املزاج وطبيعة األشخاص والثقافة‬ ‫كام هناك تسنيقاً بني فنانني سوريني‬ ‫وتوانسة وهذا يش مهم جداً‪.‬‬

‫دمشق‪ -‬اليسار عبد‬ ‫السالم‬ ‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب التيار‬

‫«بيت الرجاء» يحتضنهم في غياب الدولة‬

‫جان عتر لـ «منبر التوحيد»‪ :‬أطفال الشوارع‬ ‫مجرمو المستقبل‪ ،‬على من تقع مسؤوليتهم؟‬ ‫قاس‪ ......‬وألن البعض من‬ ‫ألن القدر والفقر‬ ‫ٍ‬ ‫األهايل يفتقرون ملا يس ّمى ضمري‪ ...‬وألن الدولة‬ ‫وكالعادة غائبة‪ُ ...‬وجد‪“ ...‬أطفال الشوارع»‪.‬‬ ‫بحيث أضحت ظاهرة أطفال الشوارع يف‬ ‫لبنان من الظواهر التي تثري قلق املجتمع املدين‬ ‫اللبناين‪ ،‬خصوصا أمام‪ ‬تناميها و ازدياد عدد‬ ‫أطفال الشوارع باملدن والقرى اللبنانية الكربى‬ ‫يوما بعد يوم‪ .،‬وبدال من أن يكونوا يف املعاهد‬ ‫الدراسية يتحضرّ ون ملستقبل واعد يليق بهم‬ ‫نراهم مرشدين‪ ،‬ميألون الطرقات‪ ،‬حفاة األقدام يف‬ ‫مواقف السيارات‪ ..‬قرب املطاعم ‪ ..‬عىل األرصفة‬ ‫ويف الحدائق‪ ..‬ال ملجأ لهم و ال مسكن‪ ،‬يتخذون‬ ‫بعض األماكن املهجورة مكانا للمبيت‪ ،‬مفرتشني‬ ‫األرض و ملتحفني السامء‪.‬‬ ‫يعملون يف مسح األحذية والتس ّول‪ ،‬العتالة‪،‬‬ ‫بيع العلكة‪ ،‬املياه واليانصيب والبعض يبيع الورود‪،‬‬ ‫ينتظرون الشارة الحمراء ملسح الزجاج الخلفي‬ ‫للسيارات ويركضون لطلب املال‪ .‬معظمهم‬ ‫ينحرف‪ ،‬يتعاطى التدخني و املخدرات والكحول‪ ،‬و‬ ‫قد يتطور األمر ليصل إىل حد اإلجرام يف عدد‬ ‫من الحاالت‪.‬‬ ‫أطفال ضحايا عوامل مجتمعية واقتصادية‬ ‫مل ترحمهم و مل ترتك لهم فرصة للخيار أمام‬ ‫صعوبة الظروف التي يعيشونها‪.‬‬ ‫ونظراً لخطورة ظاهرة أطفال الشوارع‪ ،‬كان ملنرب‬ ‫التوحيد زيارة إىل املؤسسة اإلنجيلية للرعاية‬ ‫االجتامعية والتأهيل أو “بيت الرجاء” لتسليط‬ ‫الضوء عىل هذه املؤسسة وما تقدمه لهؤالء‬ ‫األطفال كان لنا لقاء مع األستاذ “جان عرت” مدير‬ ‫بيت الرجاء‪:‬‬

‫الدولة تنظر اىل األطفال‬ ‫عىل إنهم نكرة‬ ‫متى تم إنشاء «بيت الرجاء»‪ ،‬وكيف جاءت‬ ‫فكرة إنشاؤه‪ ،‬وما الهدف من هذه املؤسسة؟‬ ‫أوال هدف «بيت الرجاء» هو إعادة تأهيل أطفال‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تواجدهم املستمر يف الطرقات وبني السيارات‬ ‫وغريها من األمور‪ ،‬فالتقينا ووزارة الشؤون وبدأنا‬ ‫العمل ويف ذلك الوقت‪ ،‬تم انتخاب الرئيس اميل‬ ‫لحود رئيساً للجمهورية وأجرت السيدة اندريه‬ ‫لحود مقابلة إعالمية اذكر متاماً يومها كنت يف‬ ‫طريقي إىل زحلة‪ ،‬فذكرت خالل حديثها جملة‬ ‫هامة جداً بان من أولويات أعاملها العمل عىل‬ ‫أطفال الشوارع‪ ،‬وعند سامعي حديثها مل أكمل‬ ‫طريقي وذهبت إىل القرص الجمهوري وأخذت‬ ‫موعداً وقابلت السيدة لحود‪ ،‬وأخربتها باهتاممي‪،‬‬ ‫فاتصلت مبارشة بوزير الشؤون الذي كان يومها‬ ‫الوزير ميشال موىس‪ ،‬وكان وزيرا بكل ما للكلمة‬ ‫من معنى‪ ،‬وكان يحب الفقراء واألطفال واشتغلنا‬ ‫سوياً كلجنة مختصة بأطفال الشوارع ووضعنا‬ ‫أطر قانونية ورسنا عليها حتى عام ‪ 1999‬فتحنا‬ ‫املركز‪ ،‬وعمره اآلن عرش سنوات‪.‬‬

‫املركز‪ ،‬والعدد هنا غري محدد ألن الدولة هي التي‬ ‫تحرضهم ولسنا نحن‪.‬‬ ‫ويف هذا اإلطار ركزنا عىل قوانني العمل‪ ،‬حيث‬ ‫يتم إحضار األطفال من خالل محكمة األحداث‬ ‫ومكاتب املدعني العامني‪ ،‬مبعنى نستلم الطفل‬ ‫بقرار ومدة إقامته تحدد من املحكمة‪ ،‬أما املدعي‬ ‫العام فيرتك مدة إقامته مفتوحة‪ ،‬وال نسلم‬ ‫طفل إىل ذويه أو أقاربه إال بقرار من املحكمة‪.‬‬ ‫الطفل حقوقه كلها محفوظة‪ ،‬وعند‬ ‫تسلمينا الطفل إىل أهله يتعهدون بعدم وضع‬ ‫أطفالهم يف الشوارع مجدداً‪ ،‬ولألسف ال ينطبق‬

‫عىل األهل جميعهم‪.‬‬ ‫“بيت الرجاء” مؤسسة تهتم باألطفال من‬ ‫هم األطفال موضوع الرعاية‪ ،‬وهل هم من‬ ‫حاميل الهوية اللبنانية‪ ،‬أم هناك جنسيات‬ ‫أخرى؟‬ ‫األطفال يتم استالمهم بقرار مدعي عام وليس‬ ‫من دور أيتام‪ ،‬و”بيت الرجاء” فقط خصص ألطفال‬ ‫الشوارع أي الذين ينامون يف الشوارع وميضون‬ ‫معظم وقتهم فيه‪ ،‬ومن خالل دراسايت امليدانية‬ ‫التي قمت بها وجدت أن معظمهم ال ميلكون‬ ‫هويات‪ ،‬وال ينتمون إىل الجنسية اللبنانية‪ ،‬وهم‬

‫الطفل حقوقه كلها محفوظة‬

‫الشوارع لدمجهم يف مجتمعهم‪ ،‬وجعلهم‬ ‫مواطنني صالحني‪ ،‬نستلم الطفل ميلء بقيم‬ ‫الشوارع املعروفة باألعامل القذرة والشتائم‬ ‫ونعمل‬ ‫والرسقة وغريها من األمور الخطرة‪،‬‬ ‫معه ساعني ملحو هذه القيم املرسخة يف ذهنه‪،‬‬ ‫واستبدالها بالقيم األخالقية العالية التي يتمتع‬ ‫بها كل طفل يقيم مع أهله ويف منزله‪ ،‬إن هدفنا‬ ‫األسايس هو العمل مع الطفل ليصبح مواطنا‬ ‫صالحا والسعي لعدم عودته إىل الشارع مجدداً‪.‬‬ ‫والسؤال املهم‪ ،‬ملاذا يلجأ الطفل إىل الشارع؟‬ ‫هو الذي جعلنا نفكر يف إنشاء بيت ليأوي هؤالء‬ ‫األطفال ويعيد تأهيلهم الن نسبة تكاثر أطفال‬ ‫الشوارع ملحوظ بشكل مستمر يف لبنان‪.‬‬ ‫كنت مدير ميتم يف البقاع الغريب‪ ،‬واملكتب‬ ‫الرئيس كان يف بريوت‪ ،‬وكنت بحكم عميل‬ ‫أقصده بشكل مستمر‪ ،‬وخالل مروري يف‬ ‫الشوارع كنت أشاهد الكثري من األطفال يبيعون‬ ‫العلكة ويشحذون املال أو ينظفون الزجاج‪ ،‬كان‬ ‫عام ‪ ،1986 ،1985‬وتنامت الظاهرة مع مطلع‬ ‫عام ‪ 1988/1987‬حيث أصبح عددهم كبريا‪ ،‬وهنا‬ ‫بدأ السؤال عن هوية هؤالء األطفال ومصريهم‪،‬‬

‫‪84‬‬

‫ولكن ال جواب وال وزارة وال دولة وال جمعيات أهلية‬ ‫تهتم للموضوع‪ ،‬كانوا ينظرون اىل األطفال عىل‬ ‫أنهم نكرة ال وجود لهم‪ ،‬ومل يقوموا بأي مبادرة‪،‬‬ ‫التجأت إىل وزارة الشؤون وفاجأين ردها‪ :‬هؤالء‬ ‫األطفال ليسوا من اختصاصنا فهم ال ينتمون‬ ‫إىل الجنسيات اللبنانية ومعظمهم ال ميلكون‬ ‫هوية‪ ،‬فطلبوا مني االهتامم بعميل كمدير‬ ‫ميتم‪ ،‬وعدم االنخراط يف هذا املوضوع‪ ،‬ولكن‬ ‫إحسايس كان مختلف‪ ،‬وخاصة يف إطار عميل‬ ‫يتوجب عيل التعامل مع األطفال‪ ،‬عندها قمت‬ ‫بدراسات ميدانية خاصة يب‪ ،‬وأجريت تحقيقات‬ ‫والتقيت بالكثري منهم‪ ،‬وتعرفت إىل بعضهم‬ ‫وسمعت أخبارهم‪ ،‬ونحن كجمعية إنجيلية‬ ‫لبنانية عرضنا الفكرة عىل وزارة الشؤون‪،‬عىل‬ ‫ان هناك الكثري من املياتم ودور اجتامعية وبيوت‬ ‫ومراكز للمعاقني ولكن ال يوجد مكان ألطفال‬ ‫الشوارع وال أحد يهتم بهم‪ ،‬يف البداية دعمونا‬ ‫معنوياً ومادياً وشجعوين عىل الفكرة‪ ،‬عندها‬ ‫وزارة الشؤون لهذا املوضوع‪ ،‬ألن‬ ‫استيقظت‬ ‫الناس كانت تعاين من هؤالء األطفال الذين‬ ‫يتسببون بالكثري من املشاكل لهم‪ ،‬وخاصة‬

‫كم عدد األطفال املوجودين عندكم‪ ،‬وكيف‬ ‫يتم إحضارهم إليكم وما هو مصريهم بعد‬ ‫ذلك؟‬ ‫عملنا منذ البداية بالطرق النظامية السليمة‪،‬‬ ‫ووضعنا قواعد وآلية لسري العمل‪ ،‬مبعنى أن‬ ‫هذا الطفل يتم القبض عليه من خالل قوى‬ ‫األمن‪ ،‬يؤخذ إما إىل محكمة األحداث أو مكتب‬ ‫مدعي العام‪ ،‬حيث يجرى معه التحقيق هناك‪،‬‬ ‫ويتحول بقرار محكمي أو بقرار مدعي عام إىل‬

‫األستاذ جان عرت‪ ،‬املعروف عند‬ ‫األطفال بـ “بابا جان” ‪ ،‬أستاذ محارض‬ ‫يف الجامعة اللبنانية سابقاً يف‬ ‫مادة الفيزياء والرياضيات‪ ،‬شغل‬ ‫منصب مدير سابق مليتم شنلر يف‬ ‫خربة قنافار ‪ -‬البقاع الغريب ملدة‬ ‫‪ 14‬عاماً‪ ،‬أسس الجمعية اإلنجيلية‬ ‫املعروفة أيضاً باسم “بيت الرجاء”‬ ‫عام ‪ ، 1999‬مببادرة فردية منه‪ ،‬وهو‬ ‫مدير هذه املؤسسة ‪ ،‬يقيم هو‬ ‫وعائلته فيها‪ ،‬وهي عىل حد قوله‬ ‫«الجمعية الوحيدة التي ُتعنى برعاية‬ ‫أطفال الشوارع وتأهيلهم»‪.‬‬ ‫‪85‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫من تابعيات عربية كسوريا‪ ،‬وفلسطني‪ ،‬والعراق‬ ‫واألردن ومرص‪ ...‬أو تبعية العاملة األجنبية‪.‬‬ ‫كيف يتم التعامل مع األهل الذين يرمون‬ ‫أوالدهم يف الشوارع؟‬ ‫يجب علينا أن ال ندين الفقراء‪ ،‬الن الفقري ال لوم‬ ‫عليه‪ ،‬األب إذا كان ال ميلك ماالً إلطعام أطفاله‬ ‫يفضل أن يرميه يف الشارع عىل أن ميوت جوعاً‪،‬‬ ‫وهنا يجب عدم تحميلهم املسؤولية الكاملة‪ ،‬ال‬ ‫ننكر أن هذا خطأ فادح‪ ،‬ولكن املسؤولية الكبرية‬ ‫تقع عىل عاتق الدولة‪ ،‬هناك عدل اجتامعي‪ ،‬يجب‬ ‫عىل الدولة أن تؤمن عمل للناس‪ ،‬فهذا يخفف من‬ ‫ظاهرة أطفال الشوارع‪ ،‬وطبعاً هناك أسباب أخرى‬ ‫يلجأ فيها الطفل إىل الشوارع‪ ،‬زرت العديد من‬ ‫منازل األطفال الذين كانوا عندنا بعد مغادرتهم‪،‬‬ ‫معظمهم يقطنون يف منازل ال تصلح لسكن‬ ‫الحيوانات‪ ،‬وال ننىس عنف األهل‪ ،‬وهو من األسباب‬ ‫الرئيسية التي تجعل الطفل يلجأ اىل الشارع‪.‬‬ ‫عىل الدولة أن تعمل سياسة اجتامعية‬ ‫واقتصادية‪ ،‬املجتمع األهيل‪ ،‬البلديات والناس‬ ‫الخريين يجب أن يشتغلوا عىل هؤالء األطفال‪.‬‬ ‫من املسؤول عن أطفال الشوارع‪ ،‬األهل‪،‬‬ ‫املجتمع أم الدولة؟‬ ‫املسؤولية تقع عىل الدولة‪ ،‬املجتمع األهيل‬ ‫والبلديات والناس‪ ،‬البلدية إذا كان لديها ‪ 40‬عائلة‬ ‫فقرية يجب عليها أن تعمل عىل مساعدتهم‪،‬‬ ‫ليس بالرضورة توزيع املال عليهم‪ ،‬ولكن يجب‬ ‫عمل إحصاءات‪ ،‬ووزارة الشؤون ميزانيتها قليلة‬ ‫لتقوم مبثل هذه األعامل‪ ،‬وعىل الدولة أن تهتم‬ ‫بهذا املوضوع‪ .‬مشكلة أطفال الشوارع يف لبنان‬ ‫ليست كبرية جداً‪ ،‬ألن عددهم بالنسبة لدول‬ ‫أخرى ما زال قلي ًال‪ ،‬لذا يجب حل هذه األزمة قبل أن‬ ‫تتفاقم‪ ،‬وينهار الوضع االقتصادي‪ ،‬يجب أن تكون‬ ‫املشكلة من أولوياتها‪.‬‬ ‫من أين يأيت الدعم لـ”بيت الرجاء”؟‬ ‫هناك عقد بني “بيت الرجاء” و”وزارة الشؤون”‬ ‫يقر بدفع كل مستلزمات هذه املؤسسة‪ ،‬ولكن‬ ‫لألسف وزارة الشؤون ال تدفع ربع ما هو مطلوب‪،‬‬ ‫ونحن نعاين الكثري‪ ،‬العقد مييض بدفع مستحقات‬ ‫ومستلزمات املركز‪ ،‬فيتم تأجيل الدفع آلخر السنة‪،‬‬ ‫ويف النهاية ال يدفع الربع‪ ،‬املشكلة أن ال جدية يف‬ ‫العمل عىل حل مشكلة أطفال الشوارع‪ ،‬والدولة‬ ‫لألسف تعترب األطفال كأي سلعة ليس لها أي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫قيمة‪ ،‬إين أتقدم من هؤالء األطفال باملعذرة ألنني‬ ‫عاجز عن تامني أشياء كثرية لهم لسوء الحظ‬ ‫بسبب غياب الدولة‪.‬‬

‫أطفال الشوارع هم أوالد الله‬ ‫هل هناك من مؤسسات خاصة أو أشخاص‬ ‫معينني يقدمون الدعم لهذا املركز؟ وما هو دور‬

‫يف‬

‫مكافحة‬

‫هذه‬

‫وزارة الشؤون االجتامعية‬ ‫الظاهرة والقضاء عليها؟‬ ‫هناك من يقدم مساعدات ولوالهم ملا استطعنا‬ ‫االستمرار‪ ،‬ولكنهم ال يستطيعون القيام مبيزانية‬ ‫مؤسسة‪ ،‬بيت الرجاء يدفع سنوياً فاتورة كهرباء‬ ‫قيمتها ‪ 30‬مليون لرية لبنانية ومازوت ‪ 40‬مليون‬ ‫لرية لبنانية‪ ،‬وأتوجه بالشكر من خالل مجلتكم‬ ‫إىل هؤالء األشخاص ألنهم يتمنون املساعدة أكرث‬

‫ولكن ميزانية املؤسسة ضخمة جداً وبحاجة‬ ‫لدعم من الدولة‪ ،‬وذلك باتفاق مسبق معها ولكن‬ ‫وزير الشؤون يعترب أن هؤالء األطفال هم أجانب‬ ‫ال يحملون الجنسية اللبنانية وال هويات لديهم‪،‬‬ ‫فهذا يعني أنه غري مسؤول عنهم‪ ،‬ولكننا نتعامل‬ ‫معهم عىل أنهم أوالد الله‪.‬‬ ‫نتمنى عىل الدولة إعطاء األهمية والنظر‬ ‫إىل وضعهم‪ ،‬ألن املركز بحاجة إىل ترميم ودامئاً‬ ‫تكون األولوية للطعام والدواء‪ ،‬وخاصة اآلن بعد‬ ‫انتشار أنفلونزا الخنازير نضطر باستمرار اىل إجراء‬ ‫فحوصات ألطفالنا وخاصة الذين أتوا مؤخراً‪.‬‬ ‫وزارة الشؤون االجتامعية قدمت املساعدات‬ ‫والدعم من عام ‪ 1999‬حتى عام ‪ 2003‬وكان ممتازاً‪،‬‬ ‫وبعدها تعرثت األمور كثريا‪.‬‬ ‫هل رشكات التسول حقيقة أم أمر مبالغ‬ ‫فيه‪ ،‬وعىل من تقع مسؤولية مكافحة مثل‬ ‫هذه الرشكات؟‬ ‫ال ميكننا القول بأن هناك رشكات تعمل‬ ‫عىل إلزام األطفال بالنزول إىل الشارع والعمل‬ ‫ملصلحتهم‪ ،‬بل هناك أشخاص‪ ،‬مث ًال‪ :‬أحرضت لنا‬ ‫قوى األمن طف ًال اخربنا انه يعمل يف الكسليك‬ ‫لحساب شخص‪ ،‬ويكسب املال الكثري من خالل‬ ‫عمله الخارج عن القانون‪ ،‬وغري األخالقي‪ ،‬وعند‬ ‫املساء يأخذ منه املال وال يطعمهم بل يطلب‬ ‫منهم أن يؤمنوا طعامهم بنفسهم‪ ،‬فقصدت‬ ‫يف اليوم التايل هذا املكان وراقبته من بعيد‬ ‫فتأكدت من صدق كالم هذا الطفل‪ ،‬وأخربت‬ ‫قوى األمن عن عنوانه ولألسف يف اليوم التايل‬ ‫ف ّر‪ ،‬هناك العديد من القصص املأساوية‪ ،‬وأهل‬ ‫يشغلون أطفالهم وبناتهم يف سبيل تأمني‬ ‫لقمة عيشهم عند املساء‪.‬‬

‫بسبب استحاممهم باملياه الوسخة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل اإلمراض املزمنة واملعدية كالسل واألمراض‬ ‫الجنسية السيدا‪ ،‬وأنفلونزا الخنازير الذي هو اآلن‬ ‫من أكرث األمراض انتشاراً‪ .‬ويليه امللف النفيس‬ ‫بسبب املعاناة الصعبة والعنف املنزيل وغريها‬ ‫من األمور‪ ،‬نعالجها بواسطة أخصائية للمعالجة‬ ‫النفسية تأيت كل ثالثاء وسبت‪ ،‬الن الطفل عند‬ ‫إلقاء القبض عليه ال يخرب حقيقة أمره لألمن‬ ‫الداخيل بل يعطيهم معلومات غري صحيحة‪،‬‬

‫ونحن بعد استالمنا إياهم نتعامل معهم‬ ‫بطريقة تشعرهم باألمان أكرث من بيتهم الذين‬ ‫ترعرعوا فيه‪ ،‬فتنال هذه األخصائية النفسية‬ ‫ثقة الطفل ويخربها عن سبب نزوله إىل الشارع‬ ‫وأمور أخرى‪.‬‬ ‫ثم نبدأ بامللف االجتامعي‪ ،‬وتأهيل الطفل‬ ‫ليكون كباقي أطفال العامل‪ ،‬ويتعلم كيفية‬ ‫التعاطي مع الناس بأسلوب مهذب‪ ،‬والتكلم‬ ‫بصوت هادئ‪ ،‬ويشمل هذا امللف آداب الطعام‬

‫“بيت الرجاء” يستوعب‬ ‫ما يقارب ‪ 60‬طف ًال‬ ‫ماذا يقدم “بيت الرجاء” لهؤالء األطفال؟‬ ‫“بيت الرجاء” يستوعب ما يقارب ‪60‬‬ ‫وعند استالمنا الطفل تكون الخطوة‬ ‫امللف الصحي‪ ،‬وهو مهم جداً ألن‬ ‫األطفال الذين نستلمهم يعانون من سوء‬ ‫ومشاكل صحية متعددة‪ ،‬وأهمها مرض‬

‫‪86‬‬

‫طف ًال‪،‬‬ ‫األوىل‬ ‫معظم‬ ‫تغذية‬ ‫الجلد‬

‫‪87‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫مناسبة‬

‫منرب اجتامعي‬ ‫الشوكة والسكينة)‬ ‫وطريقة استعامل (‬ ‫واالستحامم بشكل صحيح‪ ،‬ومن دون شك‬ ‫هذه من أصعب املراحل التي منر بها للوصول‬ ‫إىل نتيجة‪ .‬أخريا يأيت امللف املدريس‪ ،‬فمعظم‬ ‫أطفالنا مل يدخلوا املدارس منذ والدتهم‪ ،‬ونحن‬ ‫ليس لدينا مدرسة‪ ،‬بل محو أمية‪ ،‬بحيث نجعل‬ ‫الطفل يقرأ ويتعلم يشء من الرياضيات إضافة‬ ‫إىل اللغة األجنبية وطبعاً هناك الفنون عىل‬ ‫أنواعها‪ ،‬والطفل يحصل خالل دراسته إىل إكامل‬ ‫املرحلة االبتدائية‪ ،‬ولدينا مجموعة من املعلمني‬ ‫املؤهلني لهذا العمل‪ ،‬ولألسف بسبب الوضع‬ ‫املادي السيئ جداً قمنا بإيقاف العدد الكبري‬ ‫من املوظفني عن العمل‪ ،‬وعند بلوغ الطفل عمر‬ ‫الخامس عرش يتوجه مهنياً ويتعلم مصالح‪.‬‬ ‫هل ميكث األطفال فرتة زمنية تخوله الوصول‬ ‫إىل مرحلة التعليم املهني؟‬ ‫اتفاقنا مع الدولة وحسب اتفاق حقوق الطفل‬ ‫واألمم املتحدة التي تنص عىل أن الطفل يطلق‬ ‫عليه اسم طفل حتى بلوغه ‪ 18‬سنة‪ ،‬ولكن‬ ‫نستلم أطفاال يف عمر الرابعة أو الخامسة عرش‪،‬‬ ‫ألن األطفال يف سن الـ‪ 18‬يكون منوهم العقيل‬ ‫والجسدي قد اكتمل وترشبوا قيم الشوارع‬ ‫واألعامل القبيحة وتعلموا الرسقة واإلجرام‬ ‫واألفضل عدم استقبالهم‪.‬‬ ‫هل من مناذج ألطفال كانوا يف مؤسستكم‬‫“ بيت الرجاء” وأصبحوا اآلن يف مجال العمل‬ ‫واإلنتاج؟‬ ‫نالحق أطفالنا ونتابع أخبارهم ونسأل عنهم‬ ‫باستمرار‪ ،‬وهناك من أصبح يف الجيش طبعاً بعد‬ ‫حصولهم عىل الهوية وذلك عن طريقنا‪ ،‬ومنهم‬ ‫من استطاع فتح رشكات ومحالت وتعلموا‬ ‫املصالح كامليكانيك عىل أنواعها‪ ،‬ومنهم أزواجا‬ ‫وزوجات فقد قمنا بتزويج أربع فتيات كانوا عندنا‬ ‫يف امليتم‪ ،‬وأقمنا لهم حفلة زفاف بسيط حسب‬ ‫إمكانياتنا املادية هنا يف “بيت الرجاء”‪.‬‬

‫الحصول عىل الهوية‬ ‫أمر صعب جدا‬ ‫الحصول‬

‫هل تسهل الدولة عليكم‬ ‫الهوية اللبنانية لألطفال الذين ال ميلكونها؟‬ ‫الحصول عىل الهوية أمر صعب جداً‪ ،‬فهو‬ ‫بحاجة ملرسوم جمهوري ووزاري ومجلس‬ ‫النواب‪ ،‬من وجهة نظري ال أحبذ إعطاء الهوية‬ ‫لكل الناس ألنه بهذه الطريقة يتكاثر الفساد‬ ‫األخالقي واالجتامعي‪.‬‬ ‫هل لديكم أطفاال ال أهل لهم‪ ،‬وكيف يتم‬ ‫التعاطي مع هذا املوضوع؟‬ ‫طبعاً‪ ،‬لهذا أطلقت عىل “بيت الرجاء” هذا‬ ‫االسم‪ ،‬وكان اسمه “املؤسسة اإلنجيلية للرعاية‬ ‫االجتامعية والتنمية”‪ ،‬والهدف من هذا االسم‪،‬‬ ‫أن يشعر الطفل أن لديه بيت وليس مركزا يرعاه‪.‬‬ ‫أما عن مصري هؤالء األطفال‪ ،‬فهم ميكثون‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عىل‬

‫عندنا ويتعلمون املهن حتى بلوغهم سن الرشد‪،‬‬ ‫فلهم حق الخيار إما البقاء يف بيت الرجاء أو‬ ‫الذهاب إىل حيث يشاؤون‪.‬‬ ‫أين هي مكانة لبنان يف تصنيف الدول التي‬ ‫فيها ( حالة أطفال الشوارع)؟‬ ‫شخصياً اعترب أن لبنان استيقظ مؤخراً‬ ‫بالنسبة لباقي الدول العربية عىل هذه الظاهرة‬ ‫الخطرة التي تؤثر عىل مجتمعه‪ ،‬والدول ال تهتم‬ ‫بهذا املوضوع أبدا‪ ،‬احرض اجتامعات عدة وأشارك‬ ‫يف مؤمترات دولية حيث كان يل رشف املشاركة‬ ‫يف مؤمتر جنيف ويومها كان الوزير الياس املر وزيراً‬ ‫للخارجية وخالل املؤمتر صدر قرار يقر عىل أن عىل‬ ‫كل دولة تعيني بوليس يسمى البوليس املريب‬ ‫ألطفال الشوارع‪ ،‬يتم تدريبه وتأهيله للتعامل مع‬ ‫هؤالء األطفال بعيداً عن العنف‪ ،‬يوجه األطفال‬ ‫ويكسب محبتهم وثقتهم‪ ،‬ألنهم يخافون من‬ ‫الدرك والبوليس‪ ،‬وقوى األمن‪ ،‬فعرضت الفكرة‬ ‫عىل الوزير املر ولكن لسوء الحظ تم تعيينه بعد‬ ‫فرتة قصرية وزيراً للدفاع‪.‬‬ ‫يف الدول األخرى‪ ،‬هناك تلفون يطلق عليه اسم‬ ‫“‪ ”line hot‬أي التلفون الساخن وهو مخصص‬ ‫ألطفال الشوارع لطلب املساعدة من الدولة‪ ،‬يف‬ ‫حال هروبهم من املنزل أو تعرضهم ألي ضغوطات‬ ‫أو عنف ‪ ،.....‬ولكن بلدنا ال يلحق التطور ويكون‬ ‫السباق لهذه األمور‪.‬‬ ‫الدولة تهتم بكل األشخاص باستثناء أطفال‬ ‫الشوارع‪ ،‬هناك دور عجزة للمسنني‪ ،‬ومراكز‬ ‫للمعاقني‪ ،‬ودور أيتام‪ ،‬وهذا من حقهم ولهم عىل‬ ‫الدولة حقوق‪.‬‬ ‫هل من كلمة توجيهية من خالل مجلة‬ ‫“منرب التوحيد” أو توصيات معنية ملؤسستكم‬ ‫( بيت الرجاء)‬ ‫“بيت الرجاء” هو الوحيد يف لبنان‪ ،‬املخصص‬ ‫ألطفال الشوارع‪ ،‬اللبناين يرفض مساعدة‬ ‫األجنبي ويفضل الطفل اللبناين‪ ،‬سمعت الكثري‬ ‫من هذا الكالم‪ ،‬األطفال اللبنانيني وضعوا عندنا‬ ‫للحامية‪ ،‬والقايض ّ‬ ‫فضل “بيت الرجاء” عىل بيت‬ ‫األهل‪ ،‬وأمتنى عىل الدولة حل مشكلتها بنفسها‬ ‫وليس من الخارج‪ ،‬فتحنا الحدود عىل جميع‬ ‫املناطق‪ ،‬ودخل األطفال وهم يف شوارعنا وواجبنا‬ ‫حاميتهم‪ ،‬إما بالبحث عن أهلهم وتسليمهم‬ ‫للبالد التي ينتمون إليها‪ ،‬وإذا مل يكن باإلمكان‬ ‫مساعدتهم عىل الدولة إغالق الحدود‪ ،‬هناك‬ ‫املئات من األطفال يعربون الحدود السورية سرياً‬ ‫عىل األقدام وال تعلم الدولة شيئاً عنهم‪.‬‬ ‫املشكلة أن هؤالء هم مجرمو املستقبل‪،‬‬ ‫ويجب اإلرساع مبعالجة هذه املشكلة التي يجب‬ ‫عدم السكوت عنها‪.‬‬ ‫أتوجه إىل الدولة خاصة ووزارة الشؤون عامة‪،‬‬ ‫بااللتفاف إىل هؤالء األطفال ودفع مستحقاتهم‬ ‫فهذا من حقهم‪ ،‬حتى نتمكن تامني لقمة‬ ‫عيشهم عىل األقل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫‪88‬‬

‫هدفنا األسايس هو العمل مع‬ ‫الطفل ليصبح مواطنا صالحا‬ ‫والسعي لعدم عودته إىل الشارع‬ ‫مجدداً‬ ‫قالت‬ ‫األطفال‬ ‫فهم ال‬ ‫اللبنانية‬ ‫هوية”‬

‫وزارة الشؤون‪“ :‬هؤالء‬ ‫ليسوا من اختصاصنا‬ ‫ينتمون إىل الجنسيات‬ ‫ومعظمهم ال ميلكون‬

‫إحضار األطفال يتم من خالل‬ ‫ومكاتب‬ ‫األحداث‬ ‫محكمة‬ ‫املدعني العامني‬ ‫بيت الرجاء فقط خصص‬ ‫ألطفال الشوارع أي الذين ينامون‬ ‫يف الشوارع وميضون معظم‬ ‫وقتهم فيه‬ ‫الفقر والعنف األهيل من أهم‬ ‫األسباب التي تجعل الطفل يلجأ‬ ‫اىل الشارع‬ ‫االجتامعية‬ ‫الشؤون‬ ‫وزارة‬ ‫قدمت املساعدات والدعم من‬ ‫عام ‪ 1999‬حتى عام ‪ 2003‬وكان‬ ‫ممتازاً‪ ،‬وبعدها تعرثت األمور كثريا‬ ‫هناك املئات من األطفال يعربون‬ ‫الحدود السورية سرياً عىل األقدام‬ ‫وال تعلم الدولة شيئاً عنهم‪.‬‬

‫سلطان باشا االطرش في القريا‬

‫قائد الثورة السورية الكبرى يرقد‬ ‫في النصب التذكاري للشهداء‬ ‫‪ ‬يف تعبري عن العرفان والتقدير من سوريا‬ ‫وقائدها لتضحيات شهداء الثورة السورية‬ ‫الكربى واملجاهدين يف معارك االستقالل الذين‬ ‫سيبقون رمزاً من رموز الروح الكفاحية‪ ،‬متت‬ ‫مراسم نقل رفات القائد العام للثورة السورية‬ ‫الكربى سلطان باشا األطرش‪ ،‬من مكانه‬ ‫املؤقت إىل النصب التذكاري لشهداء الثورة‬ ‫السورية الكربى يف مسقط رأسه يف بلدة‬ ‫القريا يف محافظة السويداء‪ ،‬والذي أقيم عىل‬ ‫مساحة تقدر بنحو ‪ 6200‬مرت مربع تشمل‬ ‫بناء الرصح وملحقاته واملوقع العام‪ .‬إن نقل‬ ‫رفات قائد الثورة السورية الكربى ليس بالحدث‬ ‫الذي مير دون أن نسرتجع فيه معان خالدة يف‬ ‫الوجدان العريب غابراً وحارضاً ومستقب ًال‪ ،‬ويف‬ ‫مقدمتها أن الوطن ال ينىس أبناءه املجاهدين‬ ‫مهام طال الزمن واألجيال تعرب باستمرار عن‬ ‫تقدير عطاءاتهم وتضحياتهم‪ .‬وما تكريم روح‬ ‫قائد الثورة السورية الكربى ورفاقه إال تكرميا‬ ‫لكل أبطال الثورة ورجاالتها وقادتها الذين ثاروا‬ ‫ضد املستعمر يف مختلف أرجاء سورية األبية‪:‬‬ ‫إبراهيم هنانو والشيخ صالح العيل وحسن‬ ‫الخراط وأحمد مريود ومحمد الفاعور وغريهم‬ ‫من األبطال امليامني وآالف الثوار عىل امتداد أرض‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫مجلة منرب التوحيد نقلت الحدث وكان هذا‬ ‫الترصيح من شيخ عقل املوحدين «حمود حناوي»‬ ‫حول معاين هذا الحدث الجلل والذي قال فيه‪ « :‬ال‬ ‫يخلد الثوار إال الثوار‪ ،‬وأن األمة التي تكرم أفرادها‪،‬‬ ‫وتحرتم عظامءها‪ ،‬هي أمة حية وخالدة‪ ،‬وهذا‬ ‫ينطبق عىل األمة العربية ورسالتها املجيدة‪ ،‬ونحن‬ ‫كرجال دين نعترب بهؤالء القادة الذين ضحوا‬ ‫بدمائهم وأموالهم من أجل الوطن فيستحقون‬ ‫هذا التكريم‪ ،‬وخاصة لقائد مثل «سلطان باشا‬ ‫األطرش»‪ ،‬هذا القائد له متيز كبري بعظمته‬ ‫ويقينه الثابت‪،‬و قاتل وكتاب الله بني يديه‪ ،‬كان‬ ‫مؤمناً‪ ،‬وكان يقيناً ثابتاً بكامله‪ ،‬لقد اتكل عىل‬ ‫الله عندما تصدى لالحتالل الفرنيس‪ ،‬وظل‬ ‫صامداً حتى تحررالبلد‪ ،‬ونحن بالنسبة إلينا الجبل‬ ‫يعني رمز القوة والجهاد‪ ،‬ولكنها متتد إىل كافة‬ ‫أصقاع الوطن»‪.‬‬ ‫وعن الحدث التاريخي الذي عاشته بلدة‬ ‫«القريا» بنقل رفات القائد العام للثورة السورية‬ ‫الكربى قال‪« :‬نحن السوريون العرب‪ ،‬ندعو إىل‬ ‫التمسك بالعروة الوثقى من أجل التحرر‪ ،‬وهذا‬ ‫الرصح املجيد هو كتاب مفتوح ودرس لألجيال‬

‫وألبنائنا من بعدنا ليقولوا ماذا فعل أجدادنا‬ ‫من أمجاد‪ ،‬وكيف نتعلم أن نكرم املجاهدين‬ ‫واألبطال يف امليادين»‪ .‬فيام اعترب «حسن عبد‬ ‫الله األطرش عضو مجلس الشعب‪ :‬أن هذا‬ ‫اليوم هو يوم الوفاء لدم الثوار التي تعرفه‬ ‫فرنسا جيداً وهذا الحشد املوجود هنا هو‬ ‫حشد لشعب لن يرىض باالحتالل واالستعامر‬ ‫وسيحرر األرض بقيادة السيد الرئيس بشار‬ ‫األسد هذا اإلنسان العظيم الذي سيتفوق‬ ‫عىل كل من سبقه من القادة‪ .‬كام التقت‬

‫‪89‬‬

‫املجلة مع املجاهد «عبد الحميد حجازي كيالين‬ ‫رئيس رابطة املجاهدين القدامى الذي قال يف‬ ‫املناسبة‪« :‬هذا اليوم هو يوم لكل املجاهدين‬ ‫بقيادة البطل «سلطان باشا األطرش»‪ ،‬ألن‬ ‫هذا الوطن جبلت ترابه بالدم القاين‪ ،‬وسطر‬ ‫أبناؤه عىل مر الزمن مالحم البطولة والفداء‪،‬‬ ‫وأعطوا الغزاة املستعمرين دروساً يف الجهاد‬ ‫والتضحية‪ ،‬لن ينسوه أبداً عىل مر الزمان‬ ‫ونحن نعتز بهم‪ ‬بكل من جاهد وناضل وضحى‬ ‫من أجل رفع راية الوطن الغايل»‪.‬‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب تربوي‬

‫رئيس جامعة الحواش د‪ .‬محسن حسين لـ «منبر التوحيد» ‪:‬‬

‫نعمل إلعداد الشباب المتسلح بالعلم والمعرفة‬ ‫يف الطريق املمتدة من مدينة حمص غرباً باتجاه منطقة وادي‬ ‫النضارى التي تضم يف جنباتها قلعة الحصن املرتبعة عىل جبل‬ ‫شامخ تتجه شامالً لرتى بأم عينك جامل وروعة املنطقة والسفوح‬ ‫وحسن تصميمها املعامري‬ ‫الخرضاء الجميلة مع جامل أبنيتها‬ ‫ُ‬ ‫الحديث واملتميز‪ ،‬حيث تعترب هذه املنطقة مقصداً سياحياً هاماً‬ ‫وخاصة مع وجود معامل أثرية وأوابد شامخة كقلعة الحصن ودير‬ ‫مار جرجس‪ .‬عربنا الطريق املزدحمة برائحة زهر الياسمني املؤدية‬ ‫إىل جامعة الحواش الخاصة للتجميل والصيدلة املرتبعة عىل‬ ‫سفح جبل ولسان حالها يقول مرحباً بكم ضيوفاً أعزاء حللتم‬ ‫بداية متى تم إحداث الجامعة‪ ،‬وما هي رسالة‬ ‫هذه الجامعة‪ ،‬وأين موقعها ؟‬ ‫تم إحداث الجامعة باملرسوم الجمهوري رقم ‪/‬‬ ‫‪ / 258‬لعام ‪ 2007‬بداية العام الدرايس ‪2007‬‬ ‫– ‪ 2008‬وتضم حالياً أكرث من ‪ / 400 /‬طالباً‬ ‫باختصاص الصيدلة ‪ ،‬ونحن بصدد افتتاح كلية‬ ‫جديدة هي كلية التجميل والتي نأمل التدريس‬ ‫فيها خالل أسابيع قليلة‪ ،‬ولدينا حالياً طالب‬ ‫حتى السنة الثالثة وهؤالء الطالب من كافة‬ ‫محافظات القطر‪ ،‬ولكن الغالبية العظمى هم‬ ‫من محافظات حمص – حلب – طرطوس – حامة‬ ‫‪ .‬وأما عن رسالة الجامعة فكام كل الجامعات لها‬ ‫رسالة وأهم ما يف رسالة الجامعة هي إعداد جيل‬ ‫نخبوي من الشباب املتسلح بالعلم واملعرفة من‬ ‫خالل اعتامد أفضل الوسائل وأفضل مستويات‬ ‫التأهيل الرتبوي والتعليمي الذي يواكب متطلبات‬ ‫املرحلة الحالية واملستقبلية‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫املشاركة الفعالة لالرتقاء بواقع التعليم العايل‬ ‫من خالل تطوير عملية البحث العلمي األكادميي‬ ‫ورفده بأحدث اإلنجازات العلمية‪ ،‬أما موقعها‬ ‫ففي منطقة وادي النصارى يف الجزء الغريب من‬ ‫محافظة حمص وعىل تخوم محافظة طرطوس‪،‬‬ ‫تبعد ‪ / 45 /‬كم من مركز مدينة حمص‪ ،‬و‪/ 50 /‬‬ ‫كم عن مركز مدينة طرطوس‪ ،‬وتقع بالقرب من‬ ‫قلعة الحصن يف مدينة الحواش التي هي منطقة‬ ‫سياحية جميلة جداً معروفة ومشهورة يف‬ ‫سوريا‪ .‬‬ ‫ماذا تضم الجامعة وما هي مدة الدراسة يف‬ ‫الجامعة؟‬ ‫حالياً يوجد يف الجامعة كلية واحدة هي كلية‬ ‫الصيدلة ونسعى الفتتاح كلية ثانية هي كلية‬ ‫التجميل وهذا ما ينصب يف تسمية الجامعة‪،‬‬ ‫ويف املستقبل لدينا رؤية الفتتاح كليات‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫أما عن الدراسة يف الجامعة فمدتها خمس‬ ‫سنوات حيث تعتمد الجامعة نظام الساعات‬ ‫املعتمدة فيتخرج الطالب بعد أن ينجز ‪/ 180 /‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أه ًال ووطئتم سه ًال‪.‬‬ ‫تجولت والفريق اإلعالمي املرافق من أرسة تحرير املجلة يف أنحاء‬ ‫وأرجاء الجامعة وشاهدنا اللمسات السحرية للفن املعامري‬ ‫الحديث‪ ،‬وهذا إن دل عىل يشء فإنه يدل عىل األصالة والعراقة‬ ‫التي تتميز بها منطقة وادي النضارى ومدينة الحواش التي تحتضن‬ ‫جامعة كجامعة الحواش الخاصة‪ .‬وملعرفة املزيد عن الجامعة كان‬ ‫البد لنا من لقاء الدكتور محسن حسني رئيس الجامعة الذي ملسنا‬ ‫من خالل حديثه الشيق واملمتع عبقرية األستاذ واملعلم الذي‬ ‫يسعى دامئاً للعطاء والبذل دون مقابل ‪:‬‬

‫لدينا رؤية مستقبلية الفتتاح كليات جديدة‬

‫ساعة معتمدة عىل مدار السنوات الخمسة‪.‬‬ ‫ما هي املناهج التي تعتمدونها يف التدريس‬ ‫بالجامعة؟‬ ‫لدينا مناهج مستقاة من املناهج العاملية‬ ‫املعروفة يف اختصاص الجامعة لكل كلية حيث‬ ‫تم دراستها بعناية ودقة من قبل اختصاصني‬ ‫آخذين بعني االعتبار اإلرث الحضاري األكادميي يف‬ ‫الجامعات السورية كجامعة دمشق‪ ،‬والتطوير‬ ‫العلمي يف مجال اختصاص الجامعة يف املعاهد‬ ‫العلمية‪ ،‬وقد تم إقرار هذه املناهج أصوالً وهي‬ ‫مناهج معتمدة من قبل وزارة التعليم العايل‪،‬‬ ‫وحالياً نحن بصدد دراسة وإنشاء مركز بحث‬ ‫علمي مستقل إدارياً عن الجامعة يهتم يف‬ ‫القضايا البحثية يف املجال الطبي والصيدالين‬ ‫والصناعات الدوائية واستخالص املواد الفعالة‬ ‫من النباتات‪ ،‬وكل ما يتعلق بقضايا الصناعة‬ ‫الصيدالنية واألدوية‪ .‬وللجامعة عالقات تعاون‬ ‫علمي مع العديد من الجامعات العاملية املعروفة‪،‬‬ ‫حيث وقعت عدة اتفاقيات للتعاون مع هذه‬ ‫الجامعات لتبادل الخربات واالرتقاء بالعملية‬ ‫التعليمية وعملية البحث العلمي‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫ما هي الشهادة التي يحصل الطالب عند‬ ‫التخرج من الجامعة؟‬ ‫عندما يتخرج الطالب من الجامعة بعد أن‬ ‫يتم خمس سنوات بـ ‪ /180/‬ساعة‪ ‬يحصل عىل‬ ‫شهادة اإلجازة يف الصيدلة وهذه الشهادة‬ ‫معتمدة من قبل وزارة التعليم العايل‪ ،‬حيث‬ ‫ميكن للطالب إكامل دراسته يف الدراسات العليا‬ ‫بنا ًء عىل هذه الشهادة‪ ،‬كام ميكنه االنتساب‬ ‫إىل نقابة الصيادلة يف سوريا بالنسبة لخريجي‬ ‫اختصاص صيدلة وميكنه أيضاً مامرسة عمله‬ ‫الصيديل أي مزاولة املهنة‪.‬‬ ‫ما هي رشوط القبول يف الجامعة؟‬ ‫‪ ‬يقبل الطالب يف كليات الجامعة من خالل‬ ‫مفاضلة تحقق مبدأ تكامل الفرص بني جميع‬ ‫الطالب معتمدة عىل النسبة املئوية التي‬ ‫يحصل عليها الطالب يف الشهادة العامة الفرع‬ ‫العلمي‪ ،‬حيث تحدد وزارة التعليم العايل بنا ًء‬ ‫عىل إمكانيات الجامعة من قاعات ومختربات‬ ‫و»استاندات» وغريها وعدد الطالب اللذين ميكن‬ ‫قبولهم يف مطلع كل عام يف كل اختصاص‪،‬‬ ‫وتتم املفاضلة ضمن هذا العدد حرصاً‪ ،‬لكن الحد‬

‫األدىن للقبول يف كلية الصيدلة هو الدرجة ‪65‬‬ ‫‪ %‬من درجة الثانوية العامة‪.‬‬ ‫ما التجهيزات التي جهزت بها الجامعة وما‬ ‫حجم الكادر القائم عىل العمل؟‬ ‫جهزت الجامعة بعدد كبري من املختربات‬ ‫العلمية التخصصية‪ ،‬تحتوي هذه املخابر عىل‬ ‫أحدث التجهيزات العاملية يف مجال كل مخترب‬ ‫من أدوات وتكنولوجيا ومتمامتها‪ ،‬ومعظم‬ ‫األجهزة‪ ‬فيها قيمة مضافة يف مجال نظم‬ ‫املعلومات ومرتبطة بحواسيب حديثة‪ ،‬كام‬ ‫إن الجامعة جهزت جميع قاعاتها بالوسائل‬ ‫التعليمية الحديثة والربمجيات الالزمة واملريحة‬ ‫للطالب‪ ،‬إضافة إىل ذلك تقدم الجامعة مجموعة‬ ‫كبرية من الخدمات العلمية للطالب من كتب‬ ‫حديثة يف مجال االختصاص‪ ،‬ومتوفر يف الجامعة‬ ‫مكتبة غنية وأجهزة حواسيب متطورة وكتب‬ ‫الكرتونية ومنشورات ودوريات‪.‬‬ ‫أما عن حجم الكادر فيعمل يف الجامعة‬ ‫مجموعة من الدكاترة والباحثني املعروفني‬ ‫يف مجال اختصاص الجامعة ومجموعة من‬ ‫املساعدين من صيادلة وأطباء ومهندسني‬ ‫مساعدين للباحثني يف العملية التعليمية‪ ،‬كام‬ ‫ال يتوقف عمل الدكاترة والباحثني عىل التعليم‬ ‫فقط وإمنا يقومون بإجراء أبحاث علمية ودراسات‬ ‫أكادميية مختلفة‪ ،‬ويوجد كادر إداري مدرب يخضع‪ ‬‬ ‫لدورات تدريبية مستمرة تقوم بخدمة الطالب‬ ‫والعملية التعليمية يف مجاالت مختلفة مثل‬ ‫(القبول والتسجيل – شؤون الطالب – االمتحانات‬ ‫– املكتبة ‪ ...‬الخ )‪ .‬‬ ‫ما هي الخدمات التي تؤمنها الجامعة للطالب‬ ‫الدارسني؟‬ ‫تم تجهيز مبنى حديثاً جداً للسكن الجامعي‬ ‫‪/‬سكن الطالب‪ /‬سكن داخيل يؤمن الراحة‬ ‫واالستقرار الكامل للطالب من حيث املوقع‬ ‫واملساحة والخدمات‪ ،‬حيث أن كل غرفة مجهزة‬ ‫بأسرّ ة ومعدات دراسة واتصال دائم باالنرتنت‬ ‫وخط هاتفي وبراد ومايكروويف وتلفزيون وحامم‬ ‫وتدفئة‪ ،‬باإلضافة إىل خدمات أخرى مختلفة‬ ‫تؤمن الراحة التامة للطالب‪ ،‬ويبلغ استيعاب‬ ‫السكن الحايل ‪ /120/‬طالباً‪ ،‬ويف خطة الجامعة‬ ‫توسيع السكن الجامعي‪ ،‬كام تؤمن الجامعة‬ ‫وسائط نقل مريحة لنقل الطالب إىل املحافظات‬ ‫البعيدة يف نهابة كل أسبوع وإعادتهم إىل‬ ‫الجامعة مع بداية األسبوع التايل‪ ،‬وتؤمن الجامعة‬ ‫نقل يومي مريح من وإىل الجامعة للمحافظات‬ ‫القريبة مثل حمص وطرطوس‪ ،‬كام أن الجامعة‬ ‫مجهزة مبجموعة من وسائل التسلية كاملالعب‬

‫للجامعة عالقات تعاون علمياً مع العديد من الجامعات العاملية املعروفة‬

‫( طائرة – سلة – يد – بلياردو)‪ ،‬ويوجد مطعم ذو‬ ‫إطاللة جميلة وخالبة يقدم خدمات اإلطعام‬ ‫للطالب والكادر التعليمي‪ ،‬باإلضافة لكافرتيا‬ ‫تقدم الخدمة الرسيعة للطالب‪.‬‬ ‫كام تؤمن الجامعة ضامن صحي لجميع‬ ‫الطالب من خالل عقود تأمني صحي مع جهات‬ ‫متخصصة‪ ،‬باإلضافة إىل كادر طبي متخصص‬ ‫لإلرشاف عىل صحة الطالب والعاملني وتقديم‬ ‫الخدمات الصحية لها‪.‬‬ ‫تخفيضات تصل إىل ‪ % 50‬للطالب الفقراء‬ ‫واملتميزين‬ ‫وضمن سياسة الجامعة يوجد الكثري من‬ ‫قضايا الدعم للطالب والتشجيع لهم ومنها‪:‬‬ ‫‪ ‬تخفيض القسط بنسبة ‪ % 25‬بالنسبة‬‫للطالب األوائل عىل االختصاصات والسنوات‬ ‫املختلفة‪.‬‬ ‫‪ ‬تخفيض ‪ % 50‬عىل األقساط للمتفوقني‬‫رياضياً واجتامعياً وثقافياً عىل مستوى سوريا‪.‬‬ ‫‪ ‬تقديم منح مختلفة ألبناء الفقراء واملتميزين‬‫بأشكال مختلفة تزيد عن ‪ /5/‬مليون لرية‬ ‫سورية‪.‬‬ ‫األقساط‬ ‫بدفع‬ ‫مختلفة‬ ‫‪ ‬تسهيالت‬‫والتسديدات وتقدر إدارة الجامعة هذه القضايا‬ ‫حسب الحالة‪.‬‬ ‫‪ ‬تأمني رحالت ترفيهية وأنشطة مختلفة‬‫ومسابقات رياضية وثقافية وعلمية للطالب من‬ ‫أجل تنمية شخصيتهم‪.‬‬ ‫كيف كانت نتائج الطالب يف الجامعة خالل‬ ‫العامني املاضيني؟‬ ‫من خالل اإلطالع عىل نتائج الطالب‬ ‫ومتابعتهم تبني أن معدل النجاح هو معدل‬ ‫جيد وضمن املعايري العاملية‪ ،‬وقد يتعرث بعض‬ ‫الطالب يف الفصل من السنة األوىل حيث يأتون‬ ‫من مشارب مختلفة من داخل سوريا وخارجها‪،‬‬ ‫وبالتايل تحاول الجامعة من خالل توظيف اإلرشاف‬ ‫األكادميي عىل الطالب دراسة الحاالت وتقديم العون‬ ‫العلمي واالجتامعي والنفيس للطالب املقرصين‬ ‫ليتمكنوا من مواصلة التعليم والتحصيل‪.‬‬ ‫وقد اتخذت إدارة الجامعة قراراً هذا العام‬ ‫بأن تحرص الطالب املقرصين يف مطلع‬ ‫الفصل يف كل مقرر ويقوم األساتذة بإعطاء‬

‫‪91‬‬

‫محارضات وتجارب علمية إضافية لرفع سوية‬ ‫هؤالء الطالب‪ ،‬وكرس الهوة العلمية بينهم‬ ‫وبني أقرانهم وذلك إما مسا ًء أو إبان العطل‬ ‫وعىل نفقة الجامعة وال يتكلف الطالب أية‬ ‫مصاريف إضافية‪ ،‬كام أن هناك خطة يف‬ ‫الجامعة مبشاركة الطالب باألعامل البحثية‬ ‫وتقديم «السمنارات» املختلفة واملشاركة ببعض‬ ‫األعامل يف مركز األبحاث املزمع إقامته بحيث‬ ‫تصقل شخصية الطالب العلمية والبحثية‬ ‫أثناء فرتة الدراسة ويكون الطالب مؤه ًال حيث‬ ‫تخرجه للعمل يف السوق أو متابعة العمل يف‬ ‫املجال البحث العلم‪.‬‬ ‫ما هي نشاطاتكم غري التعليم يف‬ ‫الجامعة ؟‬ ‫للجامعة نشاطات متعددة وكثرية فهي‬ ‫تنظم سلسلة من املحارضات الثقافية والعلمية‬ ‫والسياسية‪ ،‬حيث يزور الجامعة شخصيات علمية‬ ‫سورية وعربية وعاملية معروفة إللقاء محارضات‬ ‫كل يف اختصاصه‪ ،‬حيث يحرضها عدد كبري‬ ‫من الطالب واألساتذة إضافة إىل أهايل املنطقة‬ ‫املهتمني‪ ،‬كام تقدم الجامعة خدماتها والكثري من‬ ‫إمكانيات البنية التحتية من أجل خدمة األنشطة‬ ‫الثقافية واالجتامعية املختلفة ملحافظة حمص‬ ‫ومنطقة تلكلخ‪ ،‬وتشارك بشكل فعال يف مهرجان‬ ‫القلعة والوادي الذي تقيمه محافظة حمص‬ ‫سنوياً‪ ،‬كام تقدم مجموعة من حفالت التعارف‬ ‫واللقاءات‪ ،‬إضافة ملجموعة من األنشطة العلمية‬ ‫والبحثية من ورشات عمل ومؤمترات وندوات‬ ‫تستقطب املهتمني من املنطقة واملحافظة‪.‬‬ ‫كلمة أخرية؟‬ ‫نتوجه بالشكر الجزيل لكل املدرسني يف‬ ‫الجامعة وللكادر الفني العامل ولجميع الطلبة‪،‬‬ ‫ونأمل مع بداية هذا العام الدرايس التوفيق لجميع‬ ‫الطالب يف دراستهم‪ ،‬وكذلك الشكر الخاص‬ ‫والجزيل ملجلة منرب التوحيد التي أتاحت لنا فرصة‬ ‫الحديث عن الجامعة‪ ،‬كام نقدم أسمى آيات الحب‬ ‫والوالء والتقدير للسيد الرئيس الدكتور بشار‬ ‫األسد راعي العلم والعلامء والذي قدم الدعم‬ ‫الكبري للعلم والثقافة يف جميع امليادين‪.‬‬

‫حمص_ عبد السالم األحمد‬ ‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب صحة‬

‫الحمض الريبي النووي المنقوص األوكسيجين‬ ‫(‪ )AND‬أو (‪ )DNA‬في خدمة العدالة‬ ‫كيف يسيطر رجال األمن عىل مرسح‬ ‫الجرمية‪ ،‬وكيف يطاردون الجناة؟‬ ‫مل يكن يف األرض ضابط أمن وقتام قتل‬ ‫قابيل هابيل‪ ،‬رمبا ألن العامل يف نشأته األوىل‬ ‫كان يسكنه بضعة أشخاص فقط‪ ،‬وكلهم‬ ‫كانوا شهوداً عىل الجرمية‪ ،‬وال يحتاجون اىل‬ ‫دليل‪.‬‬ ‫واألدلة عىل الجرائم تتن ّوع‪ ،‬أقواها هو‬ ‫االعرتاف الذي يعد سيداً عليها جميعاً‪ ،‬ولكن‬ ‫االعرتاف مل يعد متاحاً يف عرصنا الحايل إ ّال‬ ‫فيام ندر‪ ،‬وبات رضورياً عىل رجال األمن أداء‬ ‫أدوار محددة عىل مرسح الجرمية‪ ،‬وصوالً اىل‬ ‫أدلة إدانة للجاين‪.‬‬ ‫فمرسح الجرمية يختلف كثرياً عن املسارح‬ ‫األخرى‪ ،‬فاإلبداع فيه يكون للمجرم‪ ،‬الذي يفكر‬ ‫ويخطط حتى لحظة ارتكاب الجرمية‪ ،‬وبعدها‬ ‫يغادر املرسح فوراً مصحوباً بلعنات الضحية‪،‬‬ ‫وفور اكتشاف الجرمية يعتيل املرسح آخرون‬ ‫مهمتهم األساسية تتبع الهارب وإعادته اىل‬ ‫املرسح ليعيد متثيل دوره الذي لعبه رساً أمام‬ ‫كامريات النيابة‪.‬‬ ‫ومع أداء الجاين لدوره يف الحالتني يلعب رجال‬ ‫األمن أيضاً أدواراً أخرى ويستعينون بوسائل‬ ‫مساعدة لحبك القضية‪ ،‬واكتشاف الجاين من‬ ‫بني املاليني عىل مرسح الحياة‪.‬‬ ‫وقد كان اكتشاف عدم تشابه بصامت‬ ‫األصابع يف القرن الـ ‪ 19‬مبثابة ثورة علمية‬ ‫حتى أن اإلنكليز استخدموا البصامت للتمييز‬ ‫بني العامل واملساجني يف املزارع الشاسعة‬ ‫بإقليم البنغال يف الهند‪.‬‬ ‫ومنذ عام ‪ 1910‬تضع الرشطة يف الحسبان‬ ‫اآلثار التي يخلفها املجرمون وراءهم يف مرسح‬ ‫الجرمية حتى يف حالة عدم وجود آثار بصامت‬ ‫أصابع لهم‪ ،‬فلقد اتخذ الشعر والغبار وآثار‬ ‫األقدام والدهانات أو الرتبة أو مخلفات النباتات‬ ‫أو األلياف أو الزجاج كدالئل اسرتشادية‬ ‫للتوصل اىل املجرمني‪ ،‬وميكن جمع بعض اآلثار‬ ‫من مكان الجرمية بواسطة مكنسة تشفط‬ ‫عينات نادرة من هذه املواد وقد تكون قد علقت‬ ‫بأقدام املشتبه بهم‪ ،‬وقد عرف رجال األمن‬ ‫إدارات متخصصة اسمها األدلة الجنائية‪،‬‬ ‫فيها خرباء متخصصون يف تتبع أثر الجاين‪،‬‬ ‫إذ يجوز أن تتناقض أقوال الشهود‪ ،‬وتتضارب‬ ‫التحريات‪ ،‬لكنه ال يجوز أبداً التشكيك يف‬ ‫األدلة الجنائية‪ ،‬كونها تخضع لعلوم ثابتة‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يف املايض مل تكن األدلة الجنائية تستطيع‬ ‫الحصول عىل دليل ال يرى بالعني حتى اخرتعت‬ ‫العدسات املكربة وكانت أول أداة استخدمت‬ ‫ومازالت يف مرسح الجرمية كفحص أويل‬ ‫رسيع‪ ،‬ويف عام ‪ 1924‬استخدم امليكروسكوب‬ ‫اإللكرتوين املاسح وأعطى صوراً ثالثية األبعاد‬ ‫مكربة ألكرث من ‪ 150‬ألف مرة‪ .‬وهذه الطريقة‬ ‫تستخدم يف التعرف عىل اآلثار الدقيقة من‬ ‫املواد كالدهانات أو األلياف‪.‬‬

‫تاريخ علم الطب الرشعي‬ ‫يف عام ‪ 44‬ق‪.‬م كشف الطبيب الروماين‬ ‫أنستاسيوس عىل جثة يوليوس قيرص بعد‬ ‫مرصعه‪ ،‬فوجد بها ‪ 23‬جرحاً من بينها جرح‬ ‫غائر يف الصدر أدى ملقتله‪ ،‬وكانت تلك هي‬ ‫بداية لعلم الطب الرشعي الذي يقدم هو‬ ‫اآلخر األدلة عل الجرائم لتبصري العدالة‪.‬‬ ‫وبعد اكتشاف البصمة الوراثية‪ ،‬بصمة‬ ‫الحمض الريبي النووي املنقوص األوكسيجني‬ ‫(‪ )DNA‬لإلنسان التي تختلف جينياً عن القرد‬ ‫وبقية الحيوانات‪ ،‬رغم أننا يف الواقع نشارك‬ ‫القرد يف ‪ %98‬من جيناتنا‪ ،‬بات الكشف عن‬ ‫القضايا أسهل كثرياً عن أي وقت مىض‪.‬‬ ‫فام هو هذا الحمض النووي؟ أين يوجد؟ وما‬ ‫هي طبيعته؟ وكيف يستخدم كدليل إثبات‬ ‫يف مجال األدلة الجنائية والقضائية؟‬

‫الحمض النووي الريبي املنقوص‬ ‫األوكسيجني‬

‫واألدلة الجنائية أصبحت من العلوم املهمة‪،‬‬ ‫ألهمية دورها يف جمع األثراملادي الذي يتم‬ ‫العثور عليه يف مرسح الجرمية‪ ،‬ويكون شاهداً‬ ‫عىل الجاين‪.‬‬ ‫واملعمل الجنايئ‪ ،‬يعمل به متخصصون‬ ‫من خريجي كليات علوم‪ ،‬مهمتهم التعامل‬ ‫مع مرسح الجرمية واألسلحة املستخدمة‬ ‫يف القتل والرسقة‪ ،‬وأيضاً األحذية‪ ،‬تخضع‬ ‫للفحص وميكن رفع األتربة امللتصقة بها‬ ‫لتحليلها‪ ،‬وبيان مطابقتها ملكان الجرمية وأيضاً‬ ‫املستندات يف جرائم التزييف والتزوير‪ ،‬وكل‬

‫‪92‬‬

‫ما يتواجد بجرائم االغتيال والقتل والرسقة‬ ‫وغريها من الجرائم‪.‬‬ ‫األدلة الجنائية عندما تقدم تقارير حاسمة‪،‬‬ ‫تسهل كثرياً من عمل القضاة ويصدرون‬ ‫أحكاماً بإجامع اآلراء خاصة يف حاالت‬ ‫اإلعدام‪ ،‬ولكن ليست كل التقارير حاسمة ألن‬ ‫القرار األول واألخري يف أي قضية للمحكمة‪،‬‬ ‫فهي التي تدرس كل األدلة املقدمة إليها‪ ،‬وال‬ ‫يكتمل الدليل إ ّال باقتناعها‪ ،‬بالرغم من األخذ‬ ‫بنسبة ‪ %90‬من األدلة الفنية الحاسمة يف‬ ‫املحكمة‪.‬‬

‫الحموض النووية هي التي تسبب اإلختالف‬ ‫بني البرش‪ ،‬من حيث‪ :‬الشكل‪ ،‬و اللون‪ .‬و‬ ‫قد متكن قدميا العاملان جيمس واطسون و‬ ‫فرنسني كريك يف منتصف القرن الـ ‪ 20‬من‬ ‫اكتشاف الشكل األسايس للحمض النووي‬ ‫‪ ،DNA‬و الذي أدى إىل التعرف عىل الكثري‬ ‫من املعلومات حول كيفية تخزين و حفظ‬ ‫املعلومات الوراثية‪.‬‬ ‫الحمض النووي الريبي منقوص األوكسيجني‬ ‫باإلنجليزية(‪)acidDeoxyribonucleic‬ويعرف‬ ‫بالعربية الحمض ال َّر ْي ِب ّي النّووي وهو الحمض‬ ‫النووي الذي يحتوي عىل التعليامت الجينية‬ ‫التي تصف التطور البيولوجي للكائنات الحية‬ ‫ومعظم الفريوسات كام أنه يحوي التعليامت‬ ‫الوراثية الالزمة ألداء الوظائف الحيوية لكل‬ ‫الكائنات الحية‪.‬‬ ‫يعترب وسيلة التخزين الطويل األجل‬ ‫للمعلومات الوراثية و هي الوظيفة األساسية‬ ‫لجزيئات الـ‪ DNA‬باإلضافة إىل أنه ميكن من‬

‫خالل هذه الجزيئات الحصول عىل املعلومات‬ ‫الالزمة لبناء الربوتينات و الحمض الريبي‬ ‫النووي (‪.)RNA‬‬ ‫تسمى قطع (‪ )DNA‬التي تحمل معلومات‬ ‫وراثية ميكن ترجمتها لربوتينات باملورثات‬ ‫(‪)Genes‬تتواجد ألغراض تركيبية و تنظيمية‪.‬‬ ‫كيميائياً‪ :‬يعترب (‪ )DNA‬مكثوراً (عديد‬ ‫جزيئات) يتكون من وحدات بناء تسمى‬ ‫النيوكليوتيدات‪ .‬و تتكون كل نيوكليوتيدة من‬ ‫ثالثة جزيئات هي‪ :‬سكر خاميس دي اوكيس‬ ‫ريبوز (سكر ريبي منقوص األكسجني)‪،‬‬ ‫مجموعة فوسفات و قاعدة نيرتوجينية (احدي‬ ‫قواعد البيورين أو البريمييدين) ويتم اتصال‬ ‫جزيئات السكر و الفوسفات بشكل متتابع‬ ‫لتكوين ما يعرف بهيكل سكر الفوسفات‬ ‫بحيث تتصل مجموعة الفوسفات بذرة‬ ‫الكربون ‪ 5‬لسكر النيوكليوتيدة التي تتبع‬ ‫لهاعن طريق رابطة تساهمية وبذرة الكربون ‪3‬‬ ‫لسكر النيوكليوتيدة التالية عن طريق رابطة‬ ‫استريية و يتم ارتباط القواعد النيرتوجينية‬ ‫عىل هيكل سكر الفوسفات عن طريق‬ ‫ارتباطها بذرة الكربون ‪ 1‬عىل جزيء السكر‬ ‫املقابل‪ .‬و يعطي تتابع القواعد النيرتوجينية‬ ‫عىل طول هيكل سكر الفوسفات يف‬ ‫جزيء(‪ )DNA‬أكواداً أو شفرات ميكن من خاللها‬ ‫تحديد تتابع األحامض األمينية للربوتني‬ ‫املقابل و يتم ذلك كام ييل‪ :‬يتم نسخ جزيء‬ ‫رنا مقابل لجزيء (‪ )DNA‬املحتوي عىل كود‬ ‫الربوتني يف عملية تسمي بعملية النسخ‬ ‫(‪ )Transcription‬ويتم ترجمة الرماز إىل‬ ‫أحامض أمينية مقابلة خالل عملية الرتجمة‬ ‫(‪ )Translation‬لتعطي الربوتني املقابل‪ .‬و‬ ‫ليس بالرضورة أن تتم ترجمة الشفرات إىل‬ ‫بروتني إذ أن بعض جزيئات(‪ )RNA‬تدخل يف‬ ‫تركيبات مثل الريبوسومات ‪Ribosomes‬‬ ‫واالسبليسوسومات ‪.Spliceosomes‬‬ ‫ينتظم (‪ )DNA‬داخل الخلية يف تركيبات‬ ‫تسمى (األجسام الصبغية أو الكروموسومات‬ ‫‪ ،‬و الكروموسومات يف مجموعها تكون ما‬ ‫يعرف بالجينوم ‪( Genome‬املحتوي الجيني أو‬ ‫الصبغي للخلية)‪.‬‬ ‫قبل انقسام الخلية تتضاعف الصبغيات‬ ‫فيام يعرف بتضاعف ‪ Replication DNA‬ويتم‬ ‫ذلك يف كل من بدائيات النواة ‪Prokaryotes‬‬ ‫ويف حقيقيات النواة ‪. Eukaryotes‬‬ ‫ ‬

‫مكونات (‪)DNA‬‬ ‫يتكون الحمض النووي الريبي منقوص‬ ‫األوكسجني من سلسلتني متوازيتني تنتظامن‬ ‫عىل هيئة سلم ملتف لولبيا (‪.)Helix Double‬‬

‫‪93‬‬

‫جانبا السلم اللولبي من تعاقب‬ ‫خاميس وقاعدة الفوسفات بينام‬ ‫القواعد النيرتوجينية من الداخل‪.‬‬ ‫الوحدة األساسية لبناء جزيئة (‪،)DNA‬‬ ‫تسمى بالنيوكليوتيد من ثالثة أجزاء‪،‬‬

‫يتكون‬ ‫السكر‬ ‫تتصل‬ ‫تتكون‬ ‫والتي‬ ‫وهي‪:‬‬ ‫السكرالخاميس (ريبوز) منقوص األكسجني‪،‬‬ ‫ومجموعة فوسفات‪ ،‬وقاعدة تخزن املعلومات‬ ‫يف(‪ )DNA‬وهي من نوعان‪:‬‬ ‫ إثنتان من البيورينات (‪ )Purines‬وهام‪:‬‬‫أدينني ‪ Adenine‬وتخترص ‪ ،A‬غوانني ‪Guanine‬‬ ‫وتخترص ‪G‬‬ ‫ إثنتان من البايرمييدينات (‪)Pyrimidines‬‬‫وهام‪ :‬الثاميني ‪ Thymine‬وتخترص ‪،T‬‬ ‫السايتوسني ‪ Cytosine‬وتخترص ‪C‬‬

‫أهمية استخدام ‪: DNA‬‬ ‫ت ّبني ان استخدام تقنية البصمة الوراثية‬ ‫‪ DNA‬هى الرضبة القاضية للتشكيك يف‬ ‫القضايا الجنائية ومن خالل استخداماته‬ ‫يف املعامل الجنائية اعتمدت نتائجه بنسبة‬ ‫عالية جدا من الدقة قد تصل إىل ‪. %100‬‬ ‫قد نعطي مثاال عىل هذا من الواقع العميل‪،‬‬ ‫ففي املعامل واملختربات الجنائية سابقا كان‬ ‫يعتد ببصمة األيدي كدليل قاطع عىل عدم‬ ‫التشابه يف البصمة من شخص إىل آخر‪ ،‬إال‬ ‫إنه قد تحدث بعض األمور ‪.‬‬ ‫أوال قضايا القتل‪ :‬والخاصة ( بجثة مفقودة)‬ ‫ملدة من الزمن ويتم العثور عليها سواء كانت‬ ‫محرتقة أو قد دفنت يف األرض وبعد ان تحللت‬ ‫ومل يبقى منها سوى القليل من اللحم‬ ‫والعظم ‪.‬‬ ‫قد نحتاج للتعامل مع هذه القضايا إىل‬ ‫أرشيف من امللفات الخاصة باملواليد يتم‬ ‫فيه أخذ البصمة الوراثية لكل مولود حديث‬ ‫واالحتفاظ بها كذلك للرجوع إليها وقت‬ ‫الحاجة ‪.‬وعند العثور عىل الجثة ميكن الحصول‬ ‫منها عىل عينات (للحامض النووي) عن طريق‬ ‫الخاليا املوجودة بالعظام مثال‪ ،‬واستخالص‬ ‫وتحليل هذه الخاليا بهذه التقنية والحصول عىل‬ ‫نتائج البصمة الوراثية ومقارنتها بالدليل‬ ‫املوجود لدينا من ملفات املواليد ‪ ،‬ومعرفة‬ ‫هوية الشخص صاحب الجثة ‪.‬‬ ‫قد يكون هذا األمر بالغ الصعوبة ألعداد‬ ‫أرشيف املواليد حديثي الوالدة واالبتداء يف‬ ‫تطبيق هذا املنهج عىل مستوى الدولة‪،‬‬ ‫وتحتاج للبدء بهذا منذ اإلعداد لحظة العمل‬ ‫بهذه التقنية ويتطلب ذلك إن تتحصل عىل‬ ‫نتائج مرضية ملعرفة هذا النوع من الجرائم‬ ‫بعد ميض زمن من الوقت من هذا اإلعداد ‪.‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب صحة‬ ‫ثانيا‪ ،‬مل تقترص هذه التقنية عىل هذا‬ ‫املنهج‪ ،‬بل ميكن االستفادة منها مبارشة‬ ‫حتى يف حالة عدم إعداد تلك امللفات الخاصة‬ ‫باملواليد‪ ،‬وخاصة يف‪:‬‬ ‫قضايا القتل ومعرفة فصيلة الدم‪ :‬ولو‬ ‫كانت البقع الدموية صغرية جدا يف حالة‬ ‫االشتباه ان البقع املوجودة عىل مالبس‬ ‫املشتبه به هي البقع التي تخص جثة القتيل‬ ‫إىل غري ذلك‪.‬‬ ‫كذلك معرفة مصدر البقع الدموية وهى‬ ‫جافة قد تكون قد مرت عليها سنوات دون‬ ‫تعرضها لعوامل جوية قد تؤثر يف تكوينها ‪.‬‬ ‫أعقاب السجائر ‪:‬‬ ‫قد تكون موجودة مبرسح الجرمية‪ ،‬وميكن من‬ ‫خالل اللعاب املوجود عليها ومقارنته باللعاب‬ ‫الخاص بالشخص املشتبه به إن تؤكد أن هذا‬ ‫اللعاب يخص صاحب أعقاب السجائر التي‬ ‫وجدت مبكان الواقعة ‪.‬‬ ‫وميكن تحليل عرق األشخاص‬ ‫العرق‪:‬‬ ‫بواسطة التحليل الطيفي للتعالف عىل‬ ‫عنارصه‪ ،‬ألن الخرباء اكتشفوا أن لكل شخص‬ ‫بصمة عرق خاصة به مت ّيزه‪ ،‬وتعترب رائحة‬ ‫العرق أحد الشواهد يف مكان الجرمية لهذا‬ ‫تستخدم الكالب البوليسية يف شمها‬ ‫والتعرف عىل املجرم من رائحته‪.‬‬ ‫الشعر‪ :‬وهو من البصامت التي ال تتشابه‪،‬‬ ‫وهي من األدلة القوية خاصة أنه ال يتعرض‬ ‫للتلف مع الوقت‪ ،‬فيمكن من خالله التعرف‬ ‫عىل هوية الضحية واملجرم‪ ،‬وقد أخذ دليل‬ ‫بصمة الشعر أمام املحاكم عام ‪ ،1950‬ويف‬ ‫كل شعرة يوجد ‪ 14‬عنرصاً نادراً‪ ،‬وواحد من‬ ‫بني بليون شخص يتقاسم تسعة عنارص من‬ ‫هذه العنارص‪.‬‬

‫كيف تحصل‬ ‫عىل بصمة وراثية؟‬ ‫كان د‪”.‬آليك” أول َمن وضع بذلك تقنية‬ ‫جديدة للحصول عىل البصمة الوراثية وهي‬ ‫تتلخص يف عدة نقاط هي‪:‬‬ ‫‪ُ -1‬تستخ َرج عينة الـ”(‪ ”)DNA‬من نسيج‬ ‫الجسم أو سوائله “مثل الشعر‪ ،‬أو الدم‪ ،‬أو‬ ‫الريق”‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -2‬تقطع العينة بواسطة إنزيم معني ميكنه‬ ‫قطع رشيطي الـ “(‪ ”)DNA‬طول ًّيا؛ فيفصل‬ ‫قواعد “األدينني ‪”A‬و “الجوانني ‪ ”G‬يف ناحية‪،‬‬ ‫و”الثاميني ‪ ”T‬و”السيتوزين ‪ ”C‬يف ناحية أخرى‪،‬‬ ‫سمى هذا اإلنزيم باآللة الجينية‪ ،‬أو املقص‬ ‫و ُي َّ‬ ‫الجيني‪.‬‬ ‫‪ُ -3‬تر َّتب هذه املقاطع باستخدام طريقة‬ ‫سمى بالتفريغ الكهربايئ‪ ،‬وتتكون بذلك‬ ‫ُت َّ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫حارات طولية من الجزء‬ ‫املنفصل عن الرشيط‬ ‫تتوقف طولها عىل عدد‬ ‫املكررات‪.‬‬ ‫‪ُ -4‬تع َّرض املقاطع إىل‬ ‫فيلم األشعة السينية‬ ‫“‪ ،”film-ray-X‬و ُتط َبع‬ ‫عىل‬ ‫فتظهر‬ ‫عليه‬ ‫شكل خطوط داكنة‬ ‫اللون ومتوازية‪.‬‬ ‫ورغم أن جزيء‬ ‫الـ”(‪ ”)DNA‬صغري إىل‬ ‫درجة فائقة (حتى إنه‬ ‫لو جمع كل الـ “(‪”)DNA‬‬ ‫الذي تحتوي عليه أجساد‬ ‫سكان األرض ملا زاد وزنه‬ ‫عن ‪ 36‬ملجم) فإن‬ ‫البصمة الوراثية تعترب‬ ‫كبرية نسب ًّيا وواضحة‪.‬‬ ‫ومل تتوقف أبحاث‬ ‫د‪”.‬آليك” عىل هذه‬ ‫التقنية؛ بل قام بدراسة‬ ‫عىل إحدى العائالت‬ ‫يخترب فيها توريث هذه‬ ‫ً‬ ‫خطوطا‬ ‫البصمة‪ ،‬وتبني له أن األبناء يحملون‬ ‫يجيء نصفها من األم‪ ،‬والنصف اآلخر من‬ ‫األب‪ ،‬وهي مع بساطتها تختلف من شخص‬ ‫آلخر‪.‬‬ ‫يكفي الختبار البصمة الوراثية نقطة‬ ‫دم صغرية؛ بل إن شعرة واحدة إذا سقطت‬ ‫من جسم الشخص ا ُمل َراد‪ ،‬أو لعاب سال من‬ ‫فمه‪ ،‬أو أي يشء من لوازمه؛ فإن هذا كفيل‬ ‫بأن يوضح اختبار البصمة بوضوح كام تقول‬ ‫أبحاث د‪“ .‬آليك”‪.‬‬ ‫قد متسح إ ًذا بصمة األصابع بسهولة‪ ،‬ولكن‬ ‫بصمة الـ”(‪ ”)DNA‬يستحيل مسحها من‬ ‫ورائك‪ ،‬ومبجرد املصافحة قد تنقل الـ “(‪”)DNA‬‬ ‫الخاصة بك إىل يد َمن تصافحه‪.‬‬ ‫ولو كانت العينة أصغر من املطلوب‪ ،‬فإنها‬ ‫تدخل اختبا ًرا آخر‪ ،‬وهو تفاعل إنزيم البوليمرييز‬ ‫(‪ ،)PCR‬والذي نستطيع من خالل تطبيقه‬ ‫مضاعفة كمية الـ”(‪ ”)DNA‬يف أي عينة‪ ،‬ومام‬ ‫وصلت إليه هذه األبحاث املتميزة أن البصمة‬ ‫الوراثية ال تتغري من مكان آلخر يف جسم‬ ‫اإلنسان؛ فهي ثابتة بغض النظر عن نوع‬ ‫النسيج؛ فالبصمة الوراثية التي يف العني‬ ‫تجد مثيالتها يف الكبد‪ ..‬والقلب‪ ..‬والشعر‪.‬‬ ‫وبذلك‪ ..‬دخل د‪”.‬آليك جيوفريز” التاريخ‪،‬‬ ‫وكانت أبحاثه من أرسع االكتشافات‬ ‫تطبي ًقا يف كثري من املجاالت‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫رثاء الفقيدة سارة سليمان الصايغ*‬ ‫إلك سنتني يـا تشـرين تاره‬

‫ع ِش ّفه الضحك ع ِش ّفه املرارة‬

‫البي من أغىل الحبايب‬ ‫حرمت ّ‬

‫تركتو عايش بحمل الخسارة‬

‫حرقتو بجمر قلبو الصار ذايب‬

‫حرمتو عطر زنبقة الطهارة‬

‫رميتو بسهم كان القلب صايب‬

‫فجرو الدمع بغزارة‬ ‫عيونو ّ‬

‫مبجرى الدمع ف ّرخ شعر شايب‬

‫وحياتو قبل ما تبيك حياتو‬ ‫َ‬

‫ِق ّلو وينها بتكون سارة‬

‫اكتشاف واعد‬ ‫يف علم اكتشاف الجرمية‬ ‫املسح الجنايئ ملكان الجرمية هو أهم سالح‬ ‫بيد رجال األمن يف تعقبهم للمجرمني‪ ،‬تقنية‬ ‫جديدة طورها مركز الخدمة الجنائية الربيطاين‬ ‫تسمح بفصل الحمض الريبي الـ ‪ DNA‬عن‬ ‫قرائن أو أدلة تم ملسها أو تشويهها من أكرث من‬ ‫شخص ملعرفة هوية هؤالء‪ .‬التقنية الجديدة‬ ‫تسمح بالتعاون مع خبري جنايئ يف تحديد‬ ‫هوية أشخاص عرب تركيب الحمض النووي الـ‬ ‫‪ DNA‬من خالل تحليل أدلة ولو ملسها أكرث من‬ ‫شخص من خالل الجمع بني الحمض الريبي‬ ‫الـ ‪ DNA‬بوست ونظام لوكويب منرب الـ ‪CN‬‬ ‫املستخدم حالياً يف تحديد الحمض الريبي الـ‬ ‫‪ DNA‬من أصغر العينات‪ ،‬وذلك لفصل هويات‬ ‫من ميكن أن يكونوا قد مروا أو شوهوا أو‬ ‫عبثوا مبوقع الجرمية ما يفتح الباب أمام رجال‬ ‫الرشطة لحل الكثري من القضايا التي شوهت‬ ‫فيها األدلة عن قصد أو غري قصد‪ ،‬ويتوقع‬ ‫الخرباء أن يستفيد منه محققون يف قضايا‬ ‫إرهابية خطرية عدة حيث تتناثر أشالء الجناة‬ ‫وتختلط بأشالء الضحايا‪ .‬وكانت أنباء أفادت‬ ‫أن النظام الجديد مفيد خصوصاً يف التحقيق‬ ‫الدويل يف جرمية اغتيال رئيس الوزراء اللبناين‬ ‫الراحل رفيق الحريري‪ ,‬حيث تم العبث مبرسح‬ ‫الجرمية مبا فيها القرائن واألدلة قبل انطالق‬ ‫التحقيقات‪.‬‬

‫ق ّلو سبحت ع نور الهداية‬

‫لَمع حبل الوحي عل ّيي تد ّال‬

‫ِسمعت صوتا تردد بساميي‬

‫وبلحظة شفت حايل قبال الله‬ ‫قَليّ حكايتي َح ّال تو ّال‬

‫وقبل ما خبرّ و مغزى الحكايي‬ ‫وبفردوسو خلقها بالبدايي‬

‫غلط غلطه عىل الدنيا بعتها‬

‫ص ّلح غلطتو وردّا مح ّال‬ ‫واليوم يا سليامن منقلك كفى‬

‫سارة ما صارت عنك بعيدي‬

‫ال تفكر رسمها َعنّا اختفى‬

‫ال تقول ا ّال عيدها عيدي‬

‫وما دام هالتيار منبع للوفا‬

‫ا ّال الوفا مش طالع بإيدي‬ ‫خليتها مبنرب التوحيد‬

‫ويا مأسس التيار صعبي تنوىف‬ ‫لفظة ع كل لسان توحيدي‬ ‫* ملناسبة مرور عامني عىل وفاتها‬

‫“ابن الجبل” ابو طالل‬ ‫‪95‬‬

‫‪ ‬‬

‫صورة مشهدية‬ ‫‪ ‬في بناء الدولة‬ ‫المدنية‬

‫‪ ‬يبدو ان بعض ‪ ‬الساسة يف لبنان قد‬ ‫امتهنوا صيغة افتعال املشاكل ووضع‬ ‫العراقيل امام كل استحقاق وطني‬ ‫يواجه اللبنانيني ‪ ،‬وهي امور ساهمت ‪ ‬يف‬ ‫بناء ‪ « ‬مزرعة الطوائف» التي قامت ‪ ‬عىل‬ ‫اقتسام الحكم ومنافعه بني ملوك‬ ‫يحوزون عىل امتيازات النطق السيايس‬ ‫بإسم الطائفة او املذهب او العائلة‪.‬‬ ‫‪ ‬بعد اندالع الحرب االهلية يف ‪13‬‬ ‫نيسان ‪ 1975‬والتي كادت ان تهدد الجسد‬ ‫السفينة‬ ‫رست‬ ‫باالنهيار‪،‬‬ ‫اللبناين‬ ‫اللبنانية‪ ‬عام ‪1998‬عىل شاطئ اتفاق‬ ‫الطائف فأمثرت حينها وفاقا لبنانيا‬ ‫يدعمه اتفاق دويل‪ -‬عريب ‪ ،‬ينص عىل‬ ‫اعادة احياء الصيغة الطائفية الهشة‬ ‫مام ف ّوت الفرصة عىل اللبنانيني يف ايجاد‬ ‫مدخل جديد النهاء بذور الحرب اللبنانية‬ ‫واعادة ترتيب الحياة السياسية عىل‬ ‫اسس سلمية من مامرسة الدميقراطية‬ ‫والتعددية الحزبية واالنفتاح السيايس‬ ‫واالقتصادي واالجتامعي وتحقيق تكافؤ‬ ‫الفرص واملساواة بني املواطنني والعدالة‬ ‫االجتامعية‪ ،‬فبقي الكيان اللبناين ترايب‬ ‫الجدران والسقف واألرض‪ ,‬كليس الطرش‬ ‫والدهان من الداخل والخارج‪.‬‬ ‫‪ ‬وليك ال يبقى الكيان اسري الغرائز‬ ‫املناطقية والطائفية واملذهبية وعرضة‬ ‫ملراهنات البيع والرشاء‪ ،‬ال بد من التوصل‬ ‫اىل ثقافة مدنية تتنشق من عبريها ورود‬ ‫وازهار هذا الكيان‪ ‬وترتعرع يف فيايف‬ ‫اشجارها وتنهل من مياه ابارها وتتذوق‬ ‫حالوة مثارها‪ ،‬ومتارس كل العاب طفولتها‬ ‫عىل طرقاته وفوق بيادره ويف فسحات‬ ‫سهوله وتتعلم من مدرسة حروفها‬ ‫مشهديات‬ ‫عندئذ‬ ‫فتتجسد‬ ‫االوىل‬ ‫حضارة الغد يف دولة منوذجية تكون‬ ‫تعبريا صادقا ملا يختلج يف اعامق اصحاب‬ ‫النفوس املدنية التي ترتائ يف بناء الكيان‬ ‫اللبناين املدين ‪.‬‬

‫مفوضية املنت العامة‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫منرب ريايض‬

‫األرجنتين تخطف بطاقة‬ ‫التأهل لكأس العالم‬

‫مل يخ ِّيب راقصو التانغو األرجنتيني آمال‬ ‫عشاق الساحرة املستديرة يف جميع أنحاء‬ ‫العامل‪ ،‬وحجزوا بطاقة تأهلهم إىل نهائيات‬ ‫كأس العامل ‪ 2010‬لكرة القدم يف جنوب أفريقيا‪،‬‬ ‫إثر فوزهم الثمني ‪/1‬صفر عىل مضيفهم منتخب‬ ‫أوروغواي يف املباراة‪ ،‬التي جرت بينهام مساء يف‬ ‫الجولة الثامنة عرشة األخرية من تصفيات قارة‬ ‫أمريكا الجنوبية املؤهلة للنهائيات‪.‬‬ ‫وحجز املنتخب األرجنتيني البطاقة الرابعة‬ ‫األخرية من قارة أمريكا الجنوبية للتأهل املبارش‬ ‫إىل النهائيات‪ ،‬بعدما حجزت منتخبات الربازيل‬ ‫وباراغواي وشييل البطاقات الثالث األوىل‪ ،‬وبذلك‬ ‫أصبح املنتخب األرجنتيني هو املنتخب الثاين‬ ‫والعرشين الذي يتأهل للنهائيات‪.‬‬ ‫وشهدت باقي مباريات الجولة‪ ،‬فوز شييل‬ ‫عىل اإلكوادور ‪/1‬صفر وتعادل الربازيل مع فنزويال‬ ‫سلبيا‪ ،‬وفوز بريو عىل بوليفيا ‪/1‬صفر‪.‬‬ ‫فرفع منتخب األرجنتني رصيده إىل ‪ 28‬نقطة‬ ‫يف املركز الرابع وتج ّمد رصيد أوروغواي عند ‪24‬‬ ‫نقطة‪ ،‬وبذلك يخوض الدور الفاصل مع منتخب‬ ‫كوستاريكا‪ ،‬الذي احتل املركز الرابع يف تصفيات‬ ‫اتحاد كونكاكاف (أمريكا الشاملية والوسطى‬ ‫والكاريبي) ليتأهل الفائز منهام إىل النهائيات‪.‬‬

‫فرنسا والرتغال اىل امللحق‪...‬‬ ‫أسدل الستار حول هوية املنتخبات األوروبية‬ ‫املتأهلة ملونديال جنوب أفريقيا ‪ 2010‬بجانب‬

‫مللحق‬

‫التصفيات‪،‬‬

‫عقب‬

‫املنتخبات املتأهلة‬ ‫مباريات الجولة األخرية ‪.‬‬ ‫بهذه النتائج تكون منتخبات الدامنارك‪،‬‬ ‫رصبيا‪،‬‬ ‫إنكلرتا‪،‬‬ ‫إسبانيا‪،‬‬ ‫أملانيا‪،‬‬ ‫سويرسا‪،‬‬ ‫هولندا‪ ،‬إيطاليا وسلوفاكيا قد تأهلت مبارشة‬ ‫للمونديال‪.‬‬ ‫بينام صعد للملحق منتخبات اليونان‪ ،‬روسيا‪،‬‬ ‫البوسنة والهرسك‪ ،‬أوكرانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬أيرلندا‪،‬‬ ‫الربتغال وسلوفينيا‪ ،‬ولتكون منتخبات التشيك‬ ‫وكرواتيا والسويد وتركيا أبرز الغائبني عن‬ ‫املونديال‪.‬‬ ‫ويف كوبنهاغن‪ ،‬عادت الدامنارك اىل نهائيات‬ ‫كأس العامل بعد غياب عن النسخة األخرية‪،‬‬ ‫وذلك عرب بوابة جارتها السويد‪ ،‬بفوزها عليها‬

‫غانا بطل كأس العالم للشباب بكرة القدم للمرة األولى‬ ‫توج املنتخب الغاين ألول مرة بلقب بطولة كأس العامل للشباب لكرة القدم (تحت ‪ 20‬عاما)‪،‬‬ ‫التي اختتمت يف مرص‪ ،‬إثر تغلبه عىل نظريه الربازييل ‪ 4‬ـ ‪ 3‬برضبات الجزاء الرتجيحية عىل استاد‬ ‫القاهرة الدويل‪ ،‬بعدما انتهى الوقتان األصيل واإلضايف للمباراة النهائية بالتعادل السلبي‪ .‬ومل‬ ‫يتمكن أي من الفريقني من هز شباك منافسه طوال الوقتني األصيل واإلضايف‪ ،‬لينتهيا بالتعادل‬ ‫السلبي ويحتكم الفريقان لرضبات الجزاء الرتجيحية التي انتهت بفوز املنتخب الغاين ‪ 4‬ـ ‪.3‬‬ ‫واحتفل الغانيون باللقب وسط أكرث من‪67‬ألف مشجع مرصي‪ ،‬ساندوا الفريق اإلفريقي عيل‬ ‫مدار املباراة‪ ،‬وانتفض استاد القاهرة من الحامس حني سجل إميانويل بادو ركلة الرتجيح الحاسمة‪،‬‬ ‫فيام طاف الظهري األيرس ديفيد أدي امللعب حامال علم مرص‪ ،‬يف لفتة لشكر الجمهور عىل‬ ‫مساندة فريقه وكان أفضل إنجاز حققته الكرة اإلفريقية يف تاريخها‬ ‫وكان منتخب املجر أحرز املركز الثالث اثر فوزه عىل نظريه الكوستارييك بركالت الرتجيح ‪- 2‬‬ ‫صفر (الوقت االصيل ‪.)1 – 1‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪96‬‬

‫األلعاب الفرنكوفونية‪ ..‬جسد بال روح‬

‫بهدف وحيد سجله جايكوب بولسن يف الدقيقة‬ ‫‪.79‬‬ ‫وفازت الربتغال عىل املجر ‪ - 3‬صفر ضمن‬ ‫منافسات نفس املجموعة‪ ،‬رافعة بذلك‬ ‫رصيدها اىل ‪ 16‬نقطة‪ ،‬واصبحت األمور يف‬ ‫يد الربتغال‪ ،‬بسبب تقدمها عىل السويد‬ ‫بنقطة واحدة قبل الجولة األخرية‪ ،‬حيث تلعب‬ ‫الربتغال مباراة سهلة نسبياً عىل أرضها ضد‬ ‫مالطا‪.‬‬ ‫يف‬ ‫مكانه‬ ‫الرصيب‬ ‫املنتخب‬ ‫وحجز‬ ‫النهائيات أيضاً‪ ،‬بفوزه الساحق عىل ضيفه‬ ‫الروماين ‪ – 5‬صفر‪ ،‬ما جعل رصبيا التي‬ ‫انفصلت عن مونتينيغرو عام ‪ ،2006‬ترفع‬ ‫رصيدها اىل ‪ 22‬نقطة يف الصدارة بفارق ‪7‬‬ ‫نقاط عن مالحقتها فرنسا‪ ،‬التي سحقت‬ ‫جزر فارو ‪ - 5‬صفر‪ ،‬لتضمن حصولها بالتايل‬ ‫عىل بطاقة التأهل املبارش اىل النهايئ قبل‬ ‫جولة عىل نهاية التصفيات‪.‬‬ ‫هذا وعاد املنتخب األسباين من يريفيان‬ ‫بفوزه التاسع عىل التوايل بعدما تغلب عىل‬ ‫مضيفه األرميني ‪ 1 - 2‬ضمن منافسات املجموعة‬ ‫الخامسة‪.‬‬ ‫وبذلك ضمنت البوسنة والهرسك مشاركتها‬ ‫يف امللحق‪ ،‬ألول مرة منذ استقاللها عن‬ ‫يوغوسالفيا بعد فوزها عىل مضيفتها استونيا‬ ‫‪ - 2‬صفر ضمن نفس املجموعة‪ ،‬رافعة رصيدها اىل‬ ‫‪ 19‬نقطة وأ ّكدت بالتايل حصولها عىل املركز‬ ‫الثاين يف هذه املجموعة‪.‬‬

‫رونالد حمدان‬

‫بالفن واألضواء اختتمت دورة األلعاب‬ ‫الفرنكوفونية السادسة يف بريوت‪ ،‬ونشطت‬ ‫فرنسا عرب نيس‪ ،‬مدينتها الجنوبية‪ ،‬وتشاد‪ ،‬وغينيا‬ ‫اإلستوائية‪ ،‬إلستضافة النسخة السابعة عام‬ ‫‪.2013‬‬ ‫ووحده نهايئ كرة القدم‪ ،‬الذي جمع الكونغو‬ ‫وساحل العاج ُت ِرك لليوم األخري من األلعاب‪،‬‬ ‫وأجري عىل ملعب صيدا الدويل‪ ،‬فكان املواجهة‬ ‫الثانية بني الطرفني‪ ،‬اللذين تعادال بهدفني لكل‬ ‫منهام يف الدور األول‪ .‬وحسمت الكونغو املوقف‬ ‫بركالت الرتجيح (‪ )3-5‬بعد إنتهاء الوقتني األصيل‬ ‫واإلضايف بالتعادل‪.‬‬ ‫ويدين منتخب الكونغو يف هذا الفوز اىل‬ ‫حارسه مونغو ولفريغو الذي تألق وبدا من كوكب‬ ‫آخر‪ ،‬وهو املميز أساساً بترصفاته وحركاته التي‬ ‫شتتت تركيز املنافسني‪ ،‬إذ عض وزمالؤه عىل‬ ‫الجراح منذ الدقيقة الـ‪ 60‬عندما أكملوا املباراة‬ ‫بعرشة العبني‪ ،‬بعد طرد زميلهم ماديال‪ ،‬لنيله‬ ‫اإلنذار الثاين‪.‬‬ ‫لكن ذهب املباراة النهائية وفضتها‪ ،‬مل يؤثرا‬

‫عتب واستنكار‬

‫عىل مقدمة الرتتيب العام لجدول امليداليات‪،‬‬ ‫التي بقيت زعامته فرنسية برصيد ‪ 49‬ميدالية‬ ‫(رياضية وثقافية) منها ‪ 23‬ذهبية‪.‬‬ ‫وبني البلدان العرشة األوائل يف الرتتيب‪ ،‬ح ّلت‬ ‫املغرب يف املركز الثاين (‪ 47‬ميدالية بينها ‪12‬‬ ‫ذهبية) ومرص يف املركز الخامس (‪ 14‬ميدالية‬ ‫بينها ‪ 4‬ذهبية)‪ ،‬وتونس يف املركز السابع (‪8‬‬ ‫ميداليات بينها اثنان ذهبية)‪ .‬واكتفى لبنان‬ ‫بفضيتني يف الرياضة نالهام كل من الياس‬ ‫ناصيف يف الجودو ووائل شاهني يف املالكمة‪،‬‬ ‫ومثلهام يف املسابقات الثقافية حيث نالت‬ ‫كارول حاتم امليدالية الفضية يف األدب‪ ،‬وحصل‬ ‫أسامة بعلبيك عىل امليدالية الفضية عن فئة‬ ‫الرسم‪.‬‬

‫راجع يتع ّمر لبنان‬ ‫أحيا املطرب راغب عالمة الحفل الختامي للدورة السادسة لأللعاب الفرنكوفونية‪ ،‬يف مج ّمع‬ ‫البيال – وسط بريوت‪ -‬والذي حرضته شخصيات سياسية واجتامعية وإعالمية وصحفية بارزة‬ ‫باإلضافة إىل الالعبني املشاركني من لبنان والبالد الفرنكوفونية األخرى‪.‬‬ ‫رحب عالمة بضيوف لبنان الذين شاركوا يف هذه الدورة‪ ،‬كام شكر ّ‬ ‫منظمي الحفل الختيارهم‬ ‫له لتمثيل لبنان وإحياء الحفل الختامي‪ ،‬ودعا الحضور ملشاركته غناء النشيد الوطني اللبناين تحية‬ ‫لروح جميع شهداء الوطن األبرار‪.‬‬ ‫“نسم علينا الهوا” ثم ظهر راغب عالمة عىل املرسح‬ ‫فريوز‬ ‫أغنية‬ ‫فرقته‬ ‫تفاعل الحضور مع عزف‬ ‫ّ‬ ‫أمام خمسة آالف شخص وقدم أغنيته “انت الحب الكبري”‪ ،‬و”شفنا عيونا”‪“ ،‬يغيب”‪“ ،‬يا حيايت”‪،‬‬ ‫وأنهى الحفل بأغنية “راجع يتع ّمر لبنان” للراحل ذيك ناصيف‪ ،‬فعال الرصاخ والهتافات يف أرجاء‬ ‫الصالة‪ ،‬واعتىل املرسح مجموعة من الشباب األفارقة الذين قدّموا عرضاً ارتجالياً راقصاً ومتايلوا‬ ‫عىل أنغام أغنيات راغب التي مزجت املوسيقى الرشقية بالغربية‪.‬‬ ‫مت ّيز الحفل الختامي للدورة السادسة لاللعاب الفرنكوفونية أيضاً مبشاركة اوركسرتا بريوت‬ ‫“فانيسا”‪ ،‬املغنّي االنكليزي العاملي ‪T– Tony .O.I.R‬‬ ‫بقيادة هاروت فازيليان‪ ،‬عازفة الكامن اللبنانية‬ ‫ّ‬ ‫والـ‪ DJ‬الفرنيس العاملي ‪. Clamaran Antoine‬‬

‫‪97‬‬

‫عتبت اللجنة الباراملبية اللبنانية (االتحاد‬ ‫اللبناين للمعوقني سابقاً) عىل اللجنة املنظمة‬ ‫لأللعاب الفرنكوفونية‪ ،‬نظراً لعدم نيل املعوقني‬ ‫وذوي الحاجات الخاصة الذين مل ينالوا فرصة‬ ‫املشاركة يف الدورة‪ ،‬عىل رغم تسجيلهم‬ ‫حضوراً الفتاً يف دورات مامثلة‪ ،‬عل ًام أن «الربنامج‬ ‫منافسات‬ ‫يلحظ‬ ‫الفرنكوفوين»ال‬ ‫الريايض‬ ‫لهذه الفئة‪.‬‬ ‫ووجهت رئيسة اللجنة رنده نبيه بري‬ ‫كتاباً مفتوحاً إىل اللجنة الدولية لأللعاب‬ ‫الفرنكوفونية والوزارات واإلدارات املعنية بتنظيم‬ ‫الدورة‪ ،‬مستنكرة «تغييب ذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة عن املشاركة يف هذا الحدث»‪ ،‬داعية‬ ‫إىل صدور قرار من أعىل املستويات يف املنظمة‬ ‫العاملية للفرنكوفونية لفتح باب التنافس أمام‬ ‫ذوي الحاجات الخاصة يف البلدان الفرنكوفونية‪،‬‬ ‫يف األنشطة والفعاليات كلها”‪ ،‬وإذا كان هذا‬ ‫الخطأ قد ارتكب خالل الدورات السابقة‪ ،‬فإنه من‬ ‫غري املقبول أن ُيرتكب يف لبنان‪ ،‬خصوصاً أن آالفاً‬ ‫من أبنائنا هم ضحايا األسلحة الفتاكة واملحرمة‬ ‫دولياً‪ ،‬وخصوصاً حقول املوت املتمثلة باأللغام‬ ‫والقنابل العنقودية الصهيونية‪ ،‬إضافة اىل‬ ‫املعوقني بالوالدة والوراثة‪ .‬وقد حققت اللجنة‬ ‫الباراملبية اللبنانية حضوراً أوملبياً وآسيوياً الفتاً‬ ‫عرب البطلني ادوار معلوف ومحمد ميك‪.‬‬ ‫وتشري بري إىل أنه عىل رغم أن القرار يف‬ ‫إرشاك املعوقني يعود إىل اللجنة الدولية‬ ‫املنظمة‪ ،‬كان يجب عىل لبنان إطالق املبادرة‪ ،‬من‬ ‫منطلق رضورة دمج املعوق يف املجتمع‪.‬‬ ‫وتكشف عضو اللجنة الباراملبية اللبنانية‬ ‫رئيسة لجنة املرأة والرياضة يف اللجنة األوملبية‪،‬‬ ‫روال عايص‪ ،‬أن اتصاالً أجري باللجنة املنظمة‬ ‫العام املايض لتمني مشاركة املعوقني يف‬ ‫مؤمترات األلعاب الفرنكوفونية وندواتها‪ ،‬إضافة‬ ‫اىل حضورهم حفلة االفتتاح‪« :‬طلبنا إرشاك‬ ‫املعوقني ولو حتى يف لعبة واحدة وهي كرة‬ ‫الطائرة‪ ،‬ومل يستجب أحد لندائنا”‪.‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫اإلرهاب‬ ‫الصهيوني‬ ‫والعنف‬ ‫الثوري‬ ‫ماهر رسي الدين‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تتحدث “إرسائيل” عن العنف واإلرهاب وتربز الفلسطنيني كأرهابيني مستخدمة‬ ‫الدعاية الصهيونية التي تلعب دورا مضلال عىل الصعيد الدويل فيام يتعلق‬ ‫بجوهر الرصاع العريب‪-‬اإلرسائييل ومظاهره وتطوراته‪ ،‬وإال فلامذا يتجاهل املجتمع‬ ‫الدويل ما يجري يف األرايض العربية املحتلة ويغض النظر عن األوضاع املأساوية‬ ‫للفلسطنيني؟! وملاذا تتعامل القوى الدولية مبعايري مزدوجة مع املشكالت‬ ‫السياسية الكربى وبخاصة القضية الفلسطينية؟!‪.‬‬ ‫إن املفهوم الخاص لإلرهاب يتضمن معنى التخويف وإلقاء الرعب يف قلوب‬ ‫الناس وإلحاق األذى بهم‪ ،‬ولإلرهاب أشكال متعددة‪ ،‬فعندما نصف دولة ما كالكيان‬ ‫الصهيوين بإنه إرهايب فإن اإلرهاب يف هذه الحالة يكتسب الطابع الرسمي حيث‬ ‫يرسم الكيان سياسات مخططة ومنظمة ملامرساته تشمل القتل واالغتيال‬ ‫واختطاف الشخصيات‪ ،‬واستخدام أساليب التدمري وكبت الحريات واالعتداء عىل‬ ‫حقوق الناس وممتلكاتهم وأغراضهم وغري ذلك‪ ...‬وقد يتسم اإلرهاب بطابع غري‬ ‫رسمي إذا كان صادرا عن جامعات أو عصابات متتهن اإلجرام تحت مظلة النظام‬ ‫القائم ورعايته وحاميته‪..‬‬ ‫إن “إرسائيل” تشكل منوذجا واضحا لنوعي اإلرهاب املنظم وغري املنظم‬ ‫كونها تقوم عىل مجموعة من العصابات األمنية والعسكرية وفق خطة عدوانية‬ ‫شوفانية توسعية‪ ،‬وقد يقرتن اإلرهاب بالعنف من خالل استخدام القوة والبطش‪،‬إال‬ ‫أن العنف ال يكون بالرضورة إرهابا‪ ،‬فثمة من يلجأ إىل مامرسة العنف بغية تحقيق‬ ‫أهداف نبيلة واستخالص حقوق مرشوعة وعادلة‪.‬‬ ‫فاملناضلون يف سبيل التحرير الوطني وحق تقرير املصري‪ ،‬يتعرضون لإلرهاب‬ ‫والقمع من جانب الدول االستعامرية‪ ،‬لذلك يتبعون أسلوب العنف الثوري للوصول‬ ‫إىل أهدافهم التحريرية املرشوعة عندما تفشل جميع الطرق السلمية يف‬ ‫تحقيقها وبالتايل يصبح اللجوء إىل العنف رضورة ملحة ال بديل عنها ملواجهة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ومن هنا يتحول العنف الثوري إىل سمة مميزة ألشكال الكفاح الوطني‬ ‫والطبيعي أو الدميقراطي‪ ،‬وهنا يتحول العنف الثوري إىل نضال ثوري مرشوع ‪.‬‬ ‫ووفقا للقانون الدويل فإن “إرسائيل” ينطبق عليها مفهوم الدولة االستعامرية‬ ‫االستيطانية – اإلرهابية باعتبارها تحتل األرايض العربية بالقوة‪ ،‬وتشجع االستيطان‬ ‫الصهيوين ومتارس سياسات إجرامية تتناىف مع القوانني الدولية وحقوق اإلنسان‬ ‫تنضوي تحت مظلة اإلرهاب الرسمي للدولة‪ ،‬وما تقوم به العصابات الصهيونية‬ ‫من اعتداءات مختلفة عىل الفلسطنيني كإرهاب غري رسمي ضمن إطار الدولة‬ ‫العنرصية‪.‬‬ ‫أما العنف الذي أصبح ميثل السالح الوحيد للفلسطنيني للدفاع عن وجودهم‬ ‫من خالل استخدامهم للحجر والخنجر والزجاجات الحارقة والعمليات االنتحارية‬ ‫يف مواجهة اإلرهاب الصهيوين‪ ،‬فإمنا ميثل نضاال مرشوعا يهدف إىل التحرر من‬ ‫االحتالل وإقامة الدولة املستقلة‪.‬‬ ‫إن االنتفاضة متثل أعىل صور العنف املرشوع ضد االحتالل الصهيوين ويشعر‬ ‫الفلسطينيون بأنهم أحرارا باملعنى الحقيقي للكلمة كونهم تحرروا من الخوف‬ ‫واالبتزاز السيايس وأخذوا زمام أمورهم بإيديهم‪ ،‬ومل تعد قضيتهم الوجودية‬ ‫عرضة للصفقات واملساومات وتسوية الحسابات بني القوى واملجموعات الدولية‪،‬‬ ‫وإمنا هي قضية الشعب الفلسطيني أوال وأخريا بقدر ما هي قضية قومية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يح ّمل الفلسطنيني مسؤولية وحدتهم الوطنية والحفاظ عليها ونبذ كل‬ ‫الخالفات وإخراج مصريهم من غرف االستخبارات السوداء يف القاهرة التي انحرفت‬ ‫عن خطها الوطني والقومي‪ ،‬وتحولت ألدوات تخدم مرشوع الكريس الرئايس عىل‬ ‫حساب القضايا الوطنية والقومية لذلك نقول‪:‬‬ ‫استيقظوا واستفيقوا أيها العرب‬ ‫فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب‬

‫‪98‬‬

‫الجوالن في الذاكرة‬

‫‪99‬‬

‫العدد ‪ -34‬ترشين الثاين ‪2009‬‬


‫زوروا موقع تيار التوحيد‬ ‫‪www.tayyar-tawhid.org‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪100‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.