Manbar altawhid issue 49

Page 1

‫العدد ‪ 49‬ــ شباط ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫أُفول‬ ‫الحريرية‬ ‫السياسية‬

‫تونس ‪ :‬شعب أراد الحياة‬ ‫فاستجاب مع الثورة‬

‫مقسما!ً‬ ‫تع ّرف على العالم العربي ّ‬

‫‪1‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫العدد‬

‫‪49‬‬

‫شباط ‪ 2011‬السنة الخامسة‬

‫‪36‬‬

‫حريرية‬ ‫أم‬ ‫بربرية ؟‬ ‫‪2‬‬

‫جورج عبد الله‪..‬‬ ‫األسري املنيس‬ ‫من الدولة اللبنانية‬

‫‪ 1‬لبنانيات‬ ‫‪ 2‬‬ ‫‪ 14‬حزب التوحيد‬

‫األبايت نعامن ‪:‬‬ ‫تهجري املوارنة‬ ‫انهيار للبنان‬

‫‪46‬‬

‫نرشة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫يف حزب التوحيد العريب‬

‫‪40‬‬

‫‪ 24‬عربيات‬ ‫‪ 32‬دوليات‬ ‫‪ 56‬اقتصاد‬ ‫‪ 60‬مرأة‬

‫من يستهدف‬ ‫العامل السوريني‬ ‫يف لبنان؟‬

‫‪ 64‬ثقافة‬

‫الخادم ‪:‬‬ ‫يف مياهنا ‪ 36‬مليار‬ ‫برميل نفط‬ ‫منرب التوحيد‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪ 06‬الغالف‬

‫‪52‬‬

‫‪ 71‬اجتامعيات‬ ‫‪ 78‬رياضة‬ ‫‪ 80‬صحة‬

‫سكرترية التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العرساوي ــ املدير املايل ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بريوت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضامن االجتامعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL:manbar_altawhid@yahoo.com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنرش والطباعة‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنرب‬

‫الحريرية‬ ‫السياسية‬ ‫ُ‬ ‫الى أفول !‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫“لو دامت لغريك ملا آلت إليك”‪ ،‬شعار رفعه الرئيس الراحل رفيق الحريري‬ ‫عىل مدخل الرساي الحكومي‪ ،‬عند تدشينها بعد ترميمها يف ‪،1998‬‬ ‫هو العام الذي خرج منه من رئاسة الحكومة‪ ،‬يف أول عهد الرئيس إميل‬ ‫لحود‪ ،‬أذ رفض أن يودع النواب أصواتهم‪ ،‬يف االستشارات النيابية امللزمة‪،‬‬ ‫يجيها هو‪ ،‬وقد حصل خالف دستوري حول‬ ‫لدى رئيس الجمهورية التي‬ ‫رّ‬ ‫هذه املامرسة التي مل تجد لها تفسرياً يف الدستور‪ ،‬فرفض الحريري األب‬ ‫العملية الدستورية‪ ،‬واعتربها انقالباً عليه وفخاً له إلحراجه وإخراجه‬ ‫من الرساي‪ ،‬وقد تطلع إىل اللوحة الرخامية التي كتب عليها ذلك‬ ‫الشعار‪ ،‬واقتنع بتداول السلطة‪ ،‬وانكفاء إىل املعارضة‪ ،‬وهو ما مل يرق‬ ‫لوريثه السيايس نجله سعد‪ ،‬الذي وعندما خرس األكرثية النيابية يف‬ ‫االستشارات‪ ،‬لجأ إىل الشارع واحتكم إىل الخطاب املذهبي‪ ،‬مدعوماً من‬ ‫املفتي محمد رشيد قباين ومجلس مفتني‪ ،‬سموه رئيساً للحكومة‪،‬‬ ‫قافزين فوق املؤسسات الدستورية املدنية‪ ،‬مقحمني الدين بالسياسة‪،‬‬ ‫رافعني شعاراً طائفياً‪ ،‬يتحدث عن حقوق السنة‪ ،‬ومن ميثلهم‪ ،‬وقد‬ ‫التقوا مع ما قاله وزير الخارجية املرصي أحمد أبو الغيط “إن حقوق‬ ‫السنة يف لبنان تهدر” وتبع ذلك أن إعالم “تيار املستقبل” وحلفاءه يف‬ ‫‪ 14‬آذار‪ ،‬روجوا ملعلومات‪ ،‬بأن األمني العام لـ “حزب الله” السيد حسن‬ ‫نرص الله‪ ،‬هو من سمى رئيس الحكومة السني‪ ،‬وهو فرض رأي للشيعة‬ ‫عىل الطائفة السنية‪ ،‬التي ميثلها الحريري الذي حاز عىل أكرب عدد من‬ ‫النواب السنة‪ ،‬إضافة إىل نواب آخرين‪ ،‬ميثلون حوايل ثلث عدد مجلس‬ ‫النواب‪.‬‬ ‫فوجئ الحريري‪ ،‬برتشيح الرئيس نجيب ميقايت لرئاسة الحكومة‪ ،‬وكان‬ ‫ينتظر أن يبقى النائب وليد جنبالط مؤيداً له‪ ،‬وأنه سيعطيه أصوات‬ ‫“اللقاء الدميقراطي” الذي انقسم ‪ 7‬مع رئيسه و‪ 4‬ترأسهم النائب مروان‬ ‫حامدة‪ ،‬بعد أن أبلغ جنبالط أعضاء اللقاء أنه سعى إىل أن يتوفر حل‬ ‫يحافظ فيه الحريري عىل موقعه‪ ،‬وهو أمل أن يطبق االتفاق السوري –‬ ‫السعودي‪ ،‬وأن تخرج التسوية قبل صدور القرار الظني عن املدعي العام‬ ‫يف املحكمة الدولية دانيال بيلامر‪ ،‬ومل يتجاوب رئيس حكومة ترصيف‬ ‫األعامل مع هذه املساعي‪ ،‬بفعل الضغوط األمريكية‪ ،‬فاضطر رئيس‬ ‫الحزب التقدمي االشرتايك‪ ،‬وانسجاماً مع قناعاته السياسية‪ ،‬وبسبب‬ ‫عوامل الجغرافيا السياسية‪ ،‬التي أملت عليه ان يعود إىل موقعه‬ ‫الوطني والقومي الطبيعي يف تأييد املقاومة والتحالف مع سوريا‪،‬‬ ‫والوقوف ضد األحالف الغربية‪ ،‬وهو الطريق الذي سلكه كامل جنبالط‪،‬‬ ‫فقرر أن يكون إىل جانب مرشح املعارضة‪ ،‬التي كانت تتجه إىل تسمية‬ ‫الرئيس عمر كرامي‪ ،‬ملواجهة تداعيات املحكمة الدولية وقراراتها‪ ،‬وإلغاء‬ ‫مفاعيلها لبنانياً‪ ،‬وهو ما كان وافق عليه الحريري‪ ،‬وتنصل منه‪ ،‬بعد‬ ‫أن رفضت املعارضة منحه سلطة واسعة يف الحكم‪ ،‬فأسقط بذلك‬ ‫التسوية التي أرساها كل من الرئيس السوري بشار األسد والعاهل‬ ‫السعودي امللك عبد الله‪.‬‬ ‫سقطت التسوية‪ ،‬وصدر القرار االتهامي قبلها‪ ،‬بعد أن حوله‬ ‫بيلامر إىل قايض اإلجراءات التمهيدية دانيال فرانسني‪ ،‬ودخل لبنان‬ ‫يف مرحلة ما بعد القرار االتهامي‪ ،‬ومل يعد يصلح أن يكون الحريري‬ ‫رئيساً للحكومة‪ ،‬وقررت املعارضة إسقاط حكومته دستورياً‪ ،‬وهو ما‬ ‫حصل‪ ،‬وبدأت الوساطات الخارجية والتدخالت إلبقائه يف السلطة‪ ،‬إال‬ ‫ام‪ ،‬لن نوافق عىل الحريري رئيساً‬ ‫أن جواب السيد نرص الله كان حاس ً‬ ‫للحكومة‪ ،‬فرد األخري “أنا أو ال أحد” وبدأت عملية احتساب األصوات‬

‫‪4‬‬

‫“للرشق األوسط الجديد” ونرش الدميقراطية‪ ،‬واعترب لبنان مخترباً يف‬ ‫هذا املرشوع عرب ما سمي “ثورة األرز”‪.‬‬ ‫فرتؤس ميقايت لحكومة تخلف حكومة الحريري االبن‪ ،‬يشابه ترؤس‬ ‫الرئيس سليم الحص لحكومة الحريري األب‪ ،‬يف نهاية العام ‪،1998‬‬ ‫ويف املرحلة السابقة واملرحلة القادمة‪ ،‬فإن املطروح هو تغيري نهج‬ ‫مدرسة سياسية واقتصادية واجتامعية اعتمدت منذ وصول رفيق‬ ‫الحريري إىل الحكم يف نهاية ‪ ،1992‬ومل تنتج سوى تحميل لبنان أعباء‬ ‫ديون‪ ،‬وصلت إىل حوايل ‪ 64‬مليار دوالر‪ ،‬مع خدمة دين سنوية تصل إىل‬ ‫حوايل أربعة مليار دوالر وتزداد سنوياً‪ ،‬فوضعت اللبنانيني أمام أعباء‬ ‫كبرية‪ ،‬ودون مردود داخيل عىل صعيد اإلمناء والخدمات والبنى التحتية‪،‬‬ ‫حيث مازالت الكهرباء شبه معدومة ولبنان مهدد بالظالم باعرتاف‬ ‫الوزير جربان باسيل‪ ،‬ودخوله يف مرحلة الجفاف إذا مل تقم الدولة ببناء‬ ‫السدود‪ ،‬إضافة إىل تراجع التقدميات االجتامعية والصحية الرتبوية‪،‬‬ ‫وانحدار املؤسسات التي تقدم هذه الضامنات‪.‬‬ ‫فالحريرية السياسية واالقتصادية واالجتامعية إىل أفول‪ ،‬وقد‬ ‫حكمت لبنان لنحو ‪ 18‬سنة‪ ،‬انقطع عنها الحريري األب عن السلطة‪،‬‬ ‫لحوايل عامني منذ توقيع اتفاق الطائف‪ ،‬وأن املعارضة لنهج الحريرية‬ ‫تنوعت خالل هذه األعوام‪ ،‬وأن بعض من أصبح حليفاً لهذه الحريرية‬ ‫بعد اغتيال مؤسسها‪ ،‬كانوا ضدها ومنهم نسيب لحود وبطرس حرب‪،‬‬ ‫وقوى سياسية وحزبية هي يف قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬حتى أن جنبالط كان‬ ‫يرفض السياسة االقتصادية واملالية واالجتامعية للحريري‪ ،‬واعرتض‬ ‫عىل مشاريع الخصخصة وإفقاد الدولة لدورها يف الرعاية االجتامعية‬ ‫ملصلحة الرشكات الخاصة‪.‬‬ ‫إن لبنان دخل يف مرحلة جديدة‪ ،‬يف إخراج حكم الشخص‬ ‫والعائلة من السلطة‪ ،‬التي استخدمت لتمرير مشاريع شخصية‪،‬‬ ‫مثل “سوليدير” وسوكلني” والهاتف الخلوي وغريها من املشاريع التي‬ ‫أغرقت اللبنانيني بالرسوم والرضائب‪ ،‬وشكلت أعباء عليهم للكلفة‬ ‫العالية التي يتكبدونها‪.‬‬ ‫فالحريرية تخرج من السلطة وعىل قوى اإلصالح والتغيري وتطبيق‬ ‫القانون وإقامة املؤسسات وتعزيز الرقابة واملساءلة واملحاسبة‪ ،‬أن تثبت‬ ‫أن شعاراتها التي كانت ترفعها وتطالب بتنفيذها عليها أن تضعها‬ ‫موضع التطبيق‪ ،‬ألن أمام الحكومة الجديدة‪ ،‬مهام كثرية عىل املستوى‬ ‫الخارجي والداخيل‪ ،‬فهي ستواجه ضغوطاً أمريكية وغربية تحت عنوان‬ ‫رفعه الرئيس ميقايت وهو حامية املقاومة وإنجازاتها‪ ،‬ويكفي هذا ليثري‬ ‫عليه هذا الكم من الغضب الداخيل‪ ،‬الذي تم التعبري عنه يف الشارع‬ ‫الذي حركه “تيار املستقبل”‪ ،‬وتحاول قوى ‪ 14‬آذار أن تستعيد مرحلة‬ ‫‪ ،2005‬والعودة إىل ساحة الشهداء لتنظيم اعتصامات وتحركات‪،‬‬ ‫يكون هدفها هذه املرة املقاومة وسالحها‪ ،‬وهو البند الذي تعتربه‬ ‫أمريكا و”إرسائيل” وحلفاؤها أنه مل يطبق يف قرار مجلس األمن‬

‫ملرشح املعارضة التي كان الرئيس كرامي‪ ،‬يتقدم األسامء عندها‪ ،‬إىل‬ ‫أن ظهر الرئيس ميقايت يف الربع الساعة األخرية‪ ،‬وقد لعب الرئيس‬ ‫نبيه بري دوراً يف تسويقه وساعده النائب جنبالط‪ ،‬ومل يضع النائب‬ ‫العامد ميشال عون “فيتو” عليه‪ ،‬وإن كان يفضل أن يكون الوزير محمد‬ ‫الصفدي يف هذا املوقع‪ ،‬وهو رشحه قبل وبعد اتفاق الدوحة‪ ،‬لكن‬ ‫الظروف مل تسمح مبجيئه‪ ،‬وقد نجحت االتصاالت الداخلية بني أطراف‬ ‫املعارضة السابقة‪ ،‬مع اتصاالت خارجية عربية ودولية‪ ،‬ال سيام مع‬ ‫سوريا والسعودية وقطر وتركيا وفرنسا‪ ،‬وجاءت الردود إيجابية لصالح‬ ‫ترؤس ميقايت للحكومة‪ ،‬وكان التحفظ أمريكياً‪ ،‬والرفض إرسائيلياً‬ ‫من أن ميقايت فرضه “حزب الله” وهي اللغة التي تحدث بها فريق ‪14‬‬ ‫آذار‪ ،‬وقاد حملة إعالمية‪ ،‬أرفقها بأعامل شغب يف الشارع‪ ،‬من قطع‬ ‫طرقات وترهيب لنواب طرابلس‪ ،‬بإحراق مكتب الوزير محمد الصفدي‪،‬‬ ‫إىل رفع شعارات مذهبية‪ ،‬تدعو السنة إىل مواجهة الشيعة‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه املامرسات الهمجية‪ ،‬التي فضحت “تيار املستقبل” الذي كان‬ ‫رئيسه يدعو إىل أن تأخذ اللعبة الدميقراطية مداها ضمن املؤسسات‬ ‫الدستورية‪ ،‬فإذا به يوجه جامعته إىل الشارع الذي يأخذ عىل املعارضة‬ ‫أنها لجأت إليه يف ‪ 7‬أيار ‪ 2008‬وتهدد به دامئاً‪ ،‬وهي اضطرت أن تقوم‬ ‫بذلك‪ ،‬للدفاع عن املقاومة بوجه قرار حكومة فؤاد السنيورة بطلب‬ ‫تفكيك شبكة اتصاالت املقاومة‪ ،‬يف حني أن “تيار املستقبل” تحرك‬ ‫للحفاظ عىل موقعه يف السلطة التي انهارت دستورياً‪ ،‬مع تغري‬ ‫التحالفات السياسية‪ ،‬التي بدأها جنبالط تدريجياً بعد أحداث أيار‬ ‫‪ ،2008‬وت ّوجها يف ‪ 2‬أب ‪ ،2009‬وطبقها يف االستشارات النيابية يف‬ ‫‪ 25‬كانون الثاين ‪ ،2011‬وأعطى سبعة أصوات للرئيس ميقايت الذي‬ ‫نال دع ً‬ ‫ام من املعارضة التي رأت فيه‪ ،‬أنه ميكنه أن يواجه الحالة املذهبية‬ ‫التي افتعلها “تيار املستقبل” بالتنسيق مع املفتي قباين‪ ،‬وال ميكن‬ ‫التشكيك بحضوره الشعبي يف الطائفة السنية‪ ،‬إذ نال يف طرابلس‬ ‫أعىل األصوات السنية‪ ،‬متفوقاً عىل مرشحي املستقبل بحوايل‬ ‫عرشين ألف صوت‪ ،‬ومثله النائب الصفدي الذي أ ّيد وصول ميقايت‪،‬‬ ‫الذي يتمتع بعالقات عربية وإقليمية ودولية‪ ،‬تؤمن له غطا ًء خارجياً‬ ‫وتعطيه دوراً سيلعبه يف موضوع إلغاء مفاعيل املحكمة الدولية عىل‬ ‫الصعيد الداخيل لجهة املطلوب منها أمريكياً وإرسائيلياً هو إشعال‬ ‫فتنة بني اللبنانيني وإذكاء رصاع سني – شيعي‪ ،‬يكون الهدف منه‬ ‫رضب املقاومة‪ ،‬وتشويه نضالها وسالحها‪.‬‬ ‫فدعم املعارضة لرتشيح ميقايت لرئاسة الحكومة‪ ،‬كانت قراءة صحيحة‬ ‫إذ وفرت بوصوله إمكانية مواجهة الفتنة ومنع حصولها‪ ،‬كام أنها‬ ‫تكشف موضوع شهود الزور‪ ،‬الذين ُف ِربكوا مبعرفة الحريري نفسه‪ ،‬وهو من‬ ‫أدار جلسات مع الشاهد الزور محمد زهري الصديق‪ ،‬وتفاوض معه‪ ،‬وخضع‬ ‫لرشوطه وطلباته‪ ،‬وكان الحريري يتصدى إلحالة ملف هؤالء الشهود إىل‬ ‫املجلس العديل‪ ،‬ألنه سيخضع للمساءلة أمامه‪ ،‬وسيتم فتح صفحة حول‬ ‫من اغتال والده‪ ،‬وهو ما ستقوم به الحكومة الجديدة برئاسة ميقايت‪ ،‬الذي‬ ‫مل يكشف عن هوية ولون حكومته‪ ،‬وإن كان حددها بأن تكون سياسية إذا‬ ‫شارك فيها فريق ‪ 14‬آذار الذي رفض املشاركة‪ ،‬فإن االتجاه هو اىل حكومة‬ ‫مطعمة بسياسيني وتكنوقراط‪ ،‬عىل شاكلة حكومته التي شكلها‬ ‫يف ربيع ‪ ،2005‬بعد استقالة حكومة الرئيس كرامي إثر اغتيال‬ ‫الحريري‪ ،‬وهي كانت انتقالية‪ ،‬إلجراء االنتخابات النيابية‪ ،‬تحت ضغط‬ ‫إدارة الرئيس األمرييك األسبق جورج بوش‪ ،‬الذي كان يطرح مرشوعه‬

‫الدويل ‪ ،1559‬وهي املواجهة املفتوحة منذ العام ‪ ،2004‬ومل‬ ‫تتوقف وكانت حرب متوز ‪ 2006‬اإلرسائيلية إحدى تجليات هذا‬ ‫القرار – الفتنة‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫«منرب التوحيد »‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫العدد ‪ 49‬ــ شباط ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫الغالف‬

‫«منبر التوحيد» تكشف عن مشاريع وخرائط أميركية وإسرائيلية رسمت له‪:‬‬

‫المقسم !‬ ‫العالم العربي تقسيم‬ ‫ّ‬

‫شارون ‪،‬مرشوعه الرشق آوسطي‬

‫املرشوع الرشق األوسطي للهيمنة‪ ،‬هو مرشوع‬ ‫استعامري صهيوين‪ ،‬يعني سلب الهوية واألرض‬ ‫واملوارد‪ ،‬وهو الصيغة الجيو‪ -‬سياسية املقدمة من‬ ‫قبل الصهيونية لتكون بدي ًال للهوية القومية‬ ‫للمنطقة‪ ،‬وعرب التاريخ أخذ ذلك املرشوع يكرب‬ ‫ويرسخ ويسعى لفرض السوق الرشق أوسطية‬ ‫التي تلحق املنطقة اقتصادياً بـ “إرسائيل”‪ ،‬وتجعل‬ ‫أهلها‪ ،‬مجرد أفواه وسواعد يف خدمة رأس املال‬ ‫الصهيوين والغريب‪.‬‬ ‫وألن الكيان الصهيوين غري طبيعي يف‬ ‫نشأته فهو ليس دولة عادية نشأت نشو ًءا‬ ‫طبيعياً وتاريخياً بل هو ثكنة احتشد فيها‬ ‫املستوطنون الذين منحهم االستعامر منذ وعد‬ ‫بلفور أرض فلسطني‪ ،‬فنشأ عىل أساس الهجرة‬ ‫االستيطانية‪ ،‬لذلك فهو يتطلب يف السلم‬ ‫التبديل الطبيعي واإلسقاط التاريخي ملصلحة‬ ‫املصطنع قرساً واقتصادياً حتى يجد لنفسه‬ ‫املكان والتربير املناسب‪.‬‬ ‫يريد استبدال العروبة بالرشق أوسطية‪،‬‬ ‫وتهجني القومية والرتاث العريب ومحوه من‬ ‫الذاكرة التاريخية‪ ،‬وإحالل خرافته الدينية‬ ‫والعنرصية محل الحقيقة العربية الحضارية‪.‬‬ ‫ويف هذا املرشوع الرشق األوسطي‪ ،‬يخطط‬ ‫الصهاينة‪ ،‬وبدعم من الواليات املتحدة األمريكية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫لويس برنارد‬

‫لويس برنارد‬

‫والدول االستعامرية األخرى وعىل أنقاض التشتت‬ ‫القطب‬ ‫الصهيوين‬ ‫الكيان‬ ‫ليصبح‬ ‫العريب‬ ‫االقتصادي املهيمن عىل أسواق املنطقة وكي ًال‬ ‫تم تحويله اىل ورشة‬ ‫حرصياً لتلك الدول بعد أن ّ‬ ‫تصنيع متطورة لغزو املنطقة‪.‬‬ ‫هذا املرشوع يستهدف املنطقة كلها‪ ،‬ألن‬ ‫العدو الصهيوين ليس مجرد منافساً تجارياً‪،‬‬ ‫بل إنه صاحب مرشوع عنرصي استيطاين‬ ‫توسعي طامح للسيطرة عىل األرض واملوارد‪،‬‬ ‫ويستهدف إحالل جامعاته املستوطنة مكان‬ ‫الشعب الفلسطيني املغتصب أرضه‪ ،‬كهدف‬ ‫مالزم لطبيعته االستيطانية‪ ،‬كام يطمح أيضاً‬ ‫للسيطرة عىل املنطقة املمتدة من الفرات‬ ‫اىل النيل‪ ،‬وله دور محسوب يف االسرتاتيجية‬ ‫األمريكية يف املنطقة املمتدة من آسيا الوسطى‬ ‫للمصالح‬ ‫ووكيل‬ ‫العربية‪،‬‬ ‫املنطقة‬ ‫حتى‬ ‫األمريكية يف العامل‪.‬‬ ‫هذا العدو قد ُبني مبليارات الدوالرات من‬ ‫املساعدات الغربية ليكون قاعدة صناعية‬ ‫متقدمة بتكنولوجيتها تواجه اقتصاداً ممزقاً‬ ‫يف املنطقة بتعدد الكيانات‪ ،‬التي يعمل عىل‬ ‫إنشائها‪ ،‬واإلحصاءات تشري أنه مع زيادة سكان‬ ‫العامل العريب ازدادت نسبة الفقر بينام يزداد‬ ‫اعتامده عىل استرياد أمنه الغذايئ‪ ،‬أما ثرواته‬

‫‪6‬‬

‫ّ‬ ‫فتوظف يف الغرب أو تذهب لرشاء سلع الغرب‬ ‫من السالح حتى املواد االستهالكية‪.‬‬ ‫ومن قال إن مرشوع الرشق األوسط الجديد‬ ‫هو ابن ساعته؟ إنه املخطط الصهيوين األصيل‬ ‫يف طور إكامل تحقيقه‪ ،‬وإن شعار “إرسائيل”‬ ‫من الفرات اىل النيل منقوش عىل الكنيست‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬وهو الحلم التورايت وبرنامج الحركة‬ ‫يتغي بل يراد‬ ‫يتغي ولن‬ ‫الصهيونية الذي مل‬ ‫رّ‬ ‫رّ‬ ‫تحقيقه بطرق أخرى تحت مسميات واهية بالحديث‬ ‫عن “السالم”‪.‬‬

‫املرشوع الرشق األوسطي‬ ‫منذ احتالل أفغانستان والعراق‪ ،‬يرتدد يف اآلونة‬ ‫األخرية مصطلح “الرشق األوسط الجديد”‪ ،‬وهو‬ ‫سليل مجموعة من املصطلحات األخرى مثل‬ ‫“النظام العاملي الجديد‪ ،‬الرشق األوسط الكبري”‬ ‫واملرشوع الرشق األوسطي‪ .‬وكان االعتقاد لدى‬ ‫البعض أن مثل هذه املصطلحات قد دفنت بال‬ ‫رجعة‪ .‬ولكن بعد الهجوم اإلرسائييل عىل لبنان‬ ‫يف حرب متوز عام ‪ ،،2006‬أعلنت وزيرة الخارجية‬ ‫األمريكية رايس أن الرشق األوسط الجديد سيولد‬ ‫من رحم هذه الحرب‪ .‬فام هو هذا الرشق األوسط‬ ‫الجديد الذي يتحدثون عنه‪.‬‬

‫‪ ٢٠١١‬ترسم مالمحها من خالل طريق جلجلة‬ ‫ميتد من سيدة النجاة يف بغداد اىل كنيسة‬ ‫القديسني يف االسكندرية‪ .‬يد اإلرهاب ترضب‬ ‫بقوة‪ ،‬يف هذا التوقيت لرتسم خريطة تفتيت‬ ‫املنطقة عىل أسس طائفية وعرقية ودينية‪،‬‬ ‫“حزب الله” قال عن التفجري إنه أخطر املؤامرات‬ ‫التي تستهدف التنوع الديني‪ ،‬وهو توصيف دقيق‬ ‫لتلك الجرمية اإلرهابية‪.‬‬ ‫ويأيت تفجري االسكندرية يف وقت نشهد فيه‬ ‫الفصل األخري لتقسيم السودان عىل أساس‬ ‫ديني لدولتني إسالمية يف الشامل ومسيحية‬ ‫يف الجنوب‪ .‬وعىل وقع الكالم عن حق تقرير املصري‬ ‫الذي أطلقه السيد مسعود الربزاين رئيس إقليم‬ ‫كردستان‪ ،‬هذا الكالم الذي يعيدنا اىل مرشوع جو‬ ‫بايدن‪ ،‬حول تقسيم العراق اىل ثالث دول كردية‬ ‫وسنية وشيعية‪.‬‬ ‫كثافة الغبار املتأيت عن تلك الترصيحات‬ ‫واالشتباكات والتفجريات تغطي بظلها مرشوع‬ ‫دولة عنرصية دينية تعمل “إرسائيل” عىل تثبيت‬ ‫دعامئها‪ ،‬سنة ‪ ٢٠١١‬هي سنة البداية الفعلية‬ ‫لتنفيذ مرشوع كيسنجر تقسيم املنطقة‬ ‫اىل موزاييك مفكك مك ّون من دويالت طائفية‬ ‫وعرقية ضعيفة‪ ،‬هذا املوزاييك سيسهل الهيمنة‬ ‫عىل اقتصاديات العامل العريب‪ ،‬وهذا الواقع خلق‬ ‫تسابق تسليحي الستنزاف اإلمكانات املالية‬ ‫للدول العربية النفطية التي تتوهم وتدعي أنه‬ ‫من خالل التسابق التسليحي ستكون قادرة عىل‬ ‫خلق توازن عسكري أو عىل األقل توفري اإلمكانات‬ ‫الحربية ملواجهة التحديات والتهديدات‪ ،‬إال أن‬ ‫نتيجة ذلك التسابق سيكون مزيد من الحروب‬ ‫واالنقسام والتفتيت‪ ،‬وسيسهل مرشوع الدولة‬ ‫الصهيونية العنرصية‪.‬‬ ‫إن تفتيت الرشق األوسط هو استكامل ملرشوع‬ ‫سايكس بيكو ‪ 1916‬وفيها تم اقتسام ما تبقي‬ ‫من املرشق العريب عقب الحرب العاملية األوىل بني‬ ‫انجلرتا وفرنسا والذي أعقبها وعد بلفور ‪1917‬‬ ‫لليهود يف فلسطني‪.‬‬ ‫واملراد اليوم هو أن تصبح املنطقة كيانات‬ ‫قامئة أكرث عىل االنتامء املذهبي أو اإلثني أو‬ ‫اللغوي‪ ،‬املطلوب اليوم هو املزيد من االنقسام‬ ‫بحيث يصعب الدفاع عن املنطقة من ناحية‬ ‫ويصري االستيالء عليها فكرياً واقتصادياً شيئاً‬ ‫سه ًال‪.‬‬ ‫ظنّ البعض أن ما صنعته أمريكا يف العراق‬ ‫من احتالل وتقسيم هو أمر مفاجىء جاء وليد‬ ‫األحداث التي أنتجته‪ ،‬وما يحدث اآلن يف جنوب‬ ‫السودان له دوافع وأسباب‪ ،‬ولكن الحقيقة الكربى‬ ‫أنهم نسوا أن ما يحدث اآلن هو تحقيق وتنفيذ‬ ‫للمخطط االستعامري الذي خططته وصاغته‬ ‫وأعلنته الصهيونية العاملية لتفتيت العامل‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬وتجزئته وتحويله اىل «فسيفساء»‪،‬‬ ‫تكون فيه «إرسائيل» هي املحركة ألحجار الشطرنج‬ ‫املتواجدة يف العامل‪ ،‬ينصاع لها الجميع دون رادع‪،‬‬

‫وذلك منذ إنشاء هذا الكيان الصهيوين الغاصب‬ ‫عىل أرض فلسطني ‪.1948‬‬ ‫ميكن القول بكثري من االطمئنان إن‬ ‫االسرتاتيجية الغربية تجاه العامل اإلسالمي‬ ‫منذ منتصف القرن التاسع عرش تنطلق من‬ ‫اإلميان برضورة تقسيم العامل العريب واإلسالمي‬ ‫إىل دويالت إثنية ودينية مختلفة‪ ،‬حتى يسهل‬ ‫التحكم فيه‪.‬‬ ‫وقد ُغرست «إرسائيل» يف قلب هذه املنطقة‬ ‫لتحقيق هذا الهدف‪ .‬فعامل عريب يتسم بقدر‬ ‫من الرتابط وبشكل من أشكال الوحدة يعني أنه‬ ‫سيشكل ثق ًال اسرتاتيجياً واقتصادياً وعسكرياً‪،‬‬ ‫ويشكل عائقاً أمام األطامع االستعامرية‬ ‫الغربية‪.‬‬ ‫«قال شمعون برييز‪ :‬لقد جرب العرب قيادة‬ ‫مرص للمنطقة مدة نصف قرن‪ ،‬فليجربوا قيادة‬ ‫«إرسائيل» إذن‪ .‬وهذه هي الرؤية التي طرحها برنارد‬ ‫لويس منذ السبعينيات والتي تبناها املحافظون‬ ‫الجدد وتدور السياسة األمريكية يف إطارها‪.‬‬

‫مخطط برنارد لويس لتفتيت‬ ‫العامل اإلسالمي‬ ‫ونرشت صحيفة «وول سرتيت جورنال» مقاال‬ ‫قالت فيه‪ :‬إن برنارد لويس (‪ 90‬عاماً) املؤرخ البارز‬ ‫للرشق األوسط‪ ،‬و»رجل الشؤون العامة» و‬ ‫مستشار إداريت بوش األب واالبن‪ ،‬قد وفر الكثري‬ ‫من الذخرية اإليدلوجية إلدارة بوش يف قضايا‬ ‫الرشق األوسط والحرب عىل اإلرهاب حتى أنه‬ ‫يعترب بحق منظراً لسياسة التدخل والهيمنة‬ ‫األمريكية يف املنطقة‪.‬‬ ‫ومل يقف دور برنارد لويس عند استنفار‬

‫‪7‬‬

‫القيادة يف القارتني األمريكية واألوروبية وإمنا‬ ‫تعداه اىل القيام بدور العراب الصهيوين الذي‬ ‫صاغ للمحافظني الجدد يف إدارة الرئيس بوش‬ ‫الشديد‬ ‫العداء‬ ‫يف‬ ‫اسرتاتيجيتهم‬ ‫االبن‪،‬‬ ‫لإلسالم واملسلمني‪ ،‬وقد شارك لويس يف وضع‬ ‫اسرتاتيجية الغزو األمرييك للعراق حيث ذكرت‬ ‫الصحيفة األمريكية أن «لويس» كان مع الرئيس‬ ‫بوش االبن ونائبه تشيني خالل اختفاء االثنني‬ ‫إثر حادثة ارتطام الطائرة باملركز االقتصادي‬ ‫العاملي وخالل هذه االجتامعات ابتدع لويس‬ ‫للغزو مربراته وأهدافه التي ضمنه يف مقوالت‬ ‫«رصاع الحضارات» و»االرهاب اإلسالمي»‪ ،‬واصفاً‬ ‫فيها العرب واملسلمني بالفاسدين الذين ال‬ ‫ميكن تحضريهم والتعامل معهم إال بإعادة‬ ‫احتاللهم واستعامرهم وتدمري ثقافتهم الدينية‬ ‫وتطبيقاتها االجتامعية‪ ،‬ويف حال قيام أمريكا‬ ‫بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة‬ ‫الربيطانية والفرنسية يف استعامر املنطقة‬ ‫لتجنب األخطاء واملواقف السلبية التي اقرتفتها‬ ‫الدولتان‪ ،‬معترباً أنه من الرضورة إعادة تقسيم‬ ‫األقطار العربية واإلسالمية اىل وحدات عشائرية‬ ‫وطائفية وال داعي ملراعاة خواطرهم أو التأثر‬ ‫بانفعاالتهم وردود أفعالهم‪ ،‬وخالل هذا االستعامر‬ ‫الجديد ال مانع أن تقدم أمريكا بالضغط عىل‬ ‫قيادتهم اإلسالمية – دون مجاملة وال لني وال هوادة‬ ‫ ليخلصوا شعوبهم من املعتقدات اإلسالمية‬‫الفاسدة‪ ،‬ولذلك يجب تضييق الخناق عىل هذه‬ ‫التناقضات‬ ‫واستثامر‬ ‫ومحارصتها‬ ‫الشعوب‬ ‫العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها‬ ‫قبل أن تغزوا أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها‪.‬‬ ‫كام انتقد «لويس» محاوالت الحل السلمي‬ ‫واالنسحاب اإلرسائييل من جنوب لبنان يف ‪25‬‬ ‫أيار عام ‪ ،2000‬واصفاً هذا االنسحاب بأنه عمل‬ ‫مترسع وال مربر له‪ ،‬فـ «إرسائيل» متثل الخطوط‬ ‫األمامية للحضارة الغربية وهي تقف أمام الحقد‬ ‫اإلسالمي الزاحف نحو الغرب األورويب واألمرييك‪،‬‬ ‫ولذلك فإن عىل األمم الغربية أن تقف يف وجه‬ ‫هذا الخطر الرببري دون تلكؤ أو قصور وال داعي‬ ‫العتبارات الرأي العام العاملي»‪.‬‬ ‫واعتمدت الواليات املتحدة مرشوع برنارد‬ ‫لويس لتقسيم الدول العربية واإلسالمية‪ ،‬وما‬ ‫حروبها يف الخليج والعراق وأفغانستان وتقسيم‬ ‫السودان إال دليل ثابت عىل الرؤية االسرتاتيجية‬ ‫األمريكية – الصهيونية وسياساتها املستقبلية‬ ‫يف املنطقة‪:‬‬ ‫ففي عام ‪ 1980‬والحرب العراقية اإليرانية‬ ‫مستعرة رصح مستشار األمن القومي األمرييك‬ ‫«بريجنسيك» بقوله‪:‬‬ ‫«إن املعضلة التي ستعاين منها الواليات‬ ‫املتحدة هي كيف ميكن تنشيط حرب خليجية‬ ‫ثانية تقوم عىل هامش الخليجية األوىل – التي‬ ‫حدثت بني العراق وإيران – تستطيع أمريكا من‬ ‫خاللها تصحيح حدود سايكس‪ -‬بيكو‪.‬‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫فعقب إطالق هذا الترصيح وبتكليف من وزارة‬ ‫الدفاع األمريكية «البنتاجون» بدأ املؤرخ الصهيوين‬ ‫املتأمرك «برنارد لويس» بوضع مرشوعه الشهري‬ ‫الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية ملجموعة الدول‬ ‫العربية واإلسالمية جميعاً كال عىل حدة ومنها‬ ‫العراق وسوريا ولبنان ومرص والسودان وإيران‬ ‫وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول‬ ‫الخليج ودول الشامل اإلفريقي …الخ‪ ،‬وتفتيت كل‬ ‫منها اىل مجموعة من الكانتونات والدويالت‬ ‫العرقية والدينية واملذهبية والطائفية … وقد‬ ‫أرفق مبرشوعه املفصل مجموعة من الخرائط‬ ‫املرسومة تحت إرشافه تشمل جميع الدول‬ ‫العربية واإلسالمية املرشحة للتفتيت بوحي من‬ ‫مضمون ترصيح «بريجنسيك» مستشار األمن‬ ‫القومي يف عهد الرئيس جيمي كارتر الخاص‬ ‫بتسعري حرب خليجية ثانية تستطيع الواليات‬ ‫املتحدة من خاللها تصحيح حدود سايكس بيكو‬ ‫بحيث يكون هذا التصحيح متفقاً مع الصالح‬ ‫الصهيو ‪ -‬أمرييك‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1983‬وافق الكونجرس األمرييك‬ ‫باإلجامع يف جلسة رسية عىل مرشوع الدكتور‬ ‫«برنارد لويس» وبذلك تم تقنني هذا املرشوع‬ ‫واعتامده وإدراجه يف ملفات السياسة األمريكية‬ ‫االسرتاتيجية لسنوات مقبلة‪.‬‬ ‫ويف تفاصيل املرشوع الصهيو – أمرييك‪:‬‬ ‫تقسيم مرص والسودان‪ :‬فبالنسبة ملرص‬ ‫تم تقسيمها اىل ‪ 4‬دويالت‪ :‬هي سيناء ورشق‬ ‫فقد ّ‬ ‫الدلتا وتكون «تحت النفوذ اليهودي»‪ ،‬ليتحقق‬ ‫حلم اليهود من النيل إىل الفرات‪.‬‬ ‫أما الدويلة الثانية فهي الدولة النرصانية‪،‬‬ ‫عاصمتها االسكندرية‪ ،‬ومتتد من جنوب بني‬ ‫سويف حتى جنوب أسيوط وتتسع غر ًبا لتضم‬ ‫الفيوم ومتتد يف خط صحراوي عرب وادي النطرون‬ ‫لريبط هذه املنطقة باإلسكندرية‪ ،‬كام تتسع‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫لتضم ً‬ ‫أيضا جز ًءا من املنطقة الساحلية املمتدة‬ ‫حتى مرىس مطروح‪.‬‬ ‫أما الدويلة الثالثة فهي دولة النوبة املتكاملة‬ ‫مع األرايض الشاملية السودانية‪ ،‬عاصمتها‬ ‫أسوان وتربط الجزء الجنويب املمتد من صعيد‬ ‫مرصحتى شامل السودان باسم بالد النوبة‬ ‫مبنطقة الصحراء الكربى لتلتحم مع دولة الرببر‬ ‫التي سوف متتد من جنوب املغرب حتى البحر‬ ‫األحمر‪.‬‬ ‫وأخرياً الدويلة الرابعة وهي تشمل الجزء املتبقي‬ ‫من مرص وهي مرص اإلسالمية‪ ،‬عاصمتها القاهرة‪،‬‬ ‫لتكون أيضاً تحت النفوذ اإلرسائييل‪ ،‬حيث تدخل‬ ‫يف نطاق «إرسائيل» الكربى التي يطمع اليهود‬ ‫يف إنشائها‪.‬‬ ‫كذلك األمر بالنسبة اىل السودان الذي قسمه‬ ‫لويس برنارد يف مرشوعه اىل ‪ 4‬دويالت‪:‬‬ ‫‪ -1‬دويلة النوبة املتكاملة مع دويلة النوبة يف‬ ‫األرايض املرصية التي عاصمتها أسوان‪.‬‬ ‫‪ -2‬دويلة الشامل السوداين اإلسالمي‬ ‫‪ -3‬دويلة الجنوب السوداين املسيحي‪ ،‬وهي‬ ‫تم انفصالها يف االستفتاء الذي أجري‬ ‫التي ّ‬ ‫يف ‪ 2011/1/9‬ليكون أول فصل رسمي طبقاً‬ ‫للمخطط‪.‬‬ ‫‪ -4‬دارفور‪ :‬واملؤامرات مستمرة لفصلها عن‬ ‫السودان بعد الجنوب مبارشة حيث أنها غنية‬ ‫باليورانيوم والذهب والبرتول‪.‬‬ ‫ونالت دول الشامل اإلفريقي حصة يف‬ ‫التقسيم‪ ،‬حيث جرى تفكيك ليبيا والجزائر‬ ‫واملغرب بهدف إقامة‪:‬‬ ‫‪ -1‬دولة الرببر‪ :‬عىل امتداد دويلة النوبة مبرص‬ ‫والسودان‪.‬‬ ‫‪ -2‬دويلة البوليساريو‬ ‫‪ -3‬الباقي دويالت املغرب والجزائر وتونس وليبيا‬ ‫وشمل التقسيم يف مرشوع برنارد تقسيم‬

‫‪8‬‬

‫شبه الجزيرة العربية والخليج‪.‬‬ ‫كذلك األمر يف العراق حيث مخطط تفكيكه‬ ‫عىل أسس عرقية ودينية ومذهبية‪.‬‬ ‫ومل يكتف مرشوع برنارد بتقسيم مرص‬ ‫والسودان والعراق بل ُخ ّطط ليشمل سوريا‬ ‫قسم املرشوع سوريا اىل ‪4‬‬ ‫ولبنان أيضاً حيث ّ‬ ‫دويالت متاميزة عرقياً أو دينياً أو مذهبيا‪ً:‬‬ ‫أما لبنان فقد يجري تقسيمه اىل مثانية‬ ‫كانتونات مذهبية أو إثنية‪.‬‬ ‫أما يف ما يتع ّلق بتقسيم تركيا فقد ارتأى‬ ‫برنارد انتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية‬ ‫املزمع إقامتها يف العراق‪.‬‬ ‫ليصل اىل تصفية األردن ونقل السلطة‬ ‫للفلسطينيني‪.‬‬ ‫أما فلســـطني تلك األرض الواعدة‪ ،‬والصامدة‬ ‫بشعبها فقد عمل برنارد يف مرشوعه عىل‬ ‫ابتالعها بالكامل وهدم مقوماتها وإبادة شعبها‪.‬‬ ‫وأخرياً وليس آخراً عمد برنارد اىل تقسيم‬ ‫اليمن من خالل إزالة الكيان الدستوري الحايل‬ ‫للدولة اليمنية بشطريها الجنويب والشاميل‬ ‫واعتبار مجمل أراضيها جز ًءا من دويلة الحجاز‪،‬‬ ‫وبذلك يكون الكيان الصهيوين قد حقق حلمه‬ ‫يف السيطرة عىل دول البحر األبيض املتوسط‬ ‫التي لطاملا تغنى به منذ وعد بلفور ‪ ،1917‬الذي‬ ‫أعطى لليهود حق امتالك أرض لهم أينام وجدوا‪.‬‬ ‫ففي إطار هذا التقسيم تصبح الدولة‬ ‫غرسا‬ ‫املغروسة‬ ‫االستيطانية‪،‬‬ ‫الصهيونية‬ ‫يف الجسد العريب‪ ،‬دولة طبيعية بل وقائدة‪.‬‬ ‫فالتقسيم هو يف واقع األمر عملية تطبيع‬ ‫للدولة الصهيونية التي تعاين من شذوذها‬ ‫البنيوي‪ ،‬باعتبارها جسداً غريباً غرس غرساً‬ ‫باملنطقة العربية‪.‬‬ ‫ويبدو أن الواليات املتحدة بعد أن ذاقت مرارة‬ ‫الفشل يف العراق وأفغانستان قررت أن تعهد لـ‬

‫«إرسائيل» بتنفيذ مخططها االستعامري بحيث‬ ‫تقوم بتدمري لبنان وحكومتها فيتحول لبنان إىل‬ ‫بلد دميقراطي عىل الطريقة العراقية‪ ،‬أي يدور يف‬ ‫فلك املصالح األمريكية‪.‬‬ ‫وتتساقط قطع الدومينو العريب‪ ،‬الواحدة‬ ‫تلو األخرى‪ ،‬كام تنبأ برنارد لويس‪ ،‬وقد أكد وليام‬ ‫كريستول (من املحافظني الجدد) أن هذه فرصة‬ ‫للواليات املتحدة أن تأخذ زمام املبادرة مرة أخرى‬ ‫يف املنطقة‪.‬‬

‫رؤية ارسائيل للعامل العريب‬ ‫وال بد من التذكري بأنه يف العام ‪ 1980‬ألقى‬ ‫أرييل شارون وكان وزيراً للدفاع اإلرسائييل‬ ‫محارضة يف مركز الدراسات العسكرية حول‬ ‫رؤية ارسائيل للعامل العريب وكيفية التعامل‬ ‫معه يف املستقبل وقد نرشت وقائع تلك املحارضة‬

‫صحيفة «معاريف» بتاريخ ‪ 18‬كانون األول ‪1981‬‬ ‫يومها قال شارون ما ترجمته‪« :‬إن «إرسائيل»‬ ‫تصل مبجالها الحيوي اىل أطراف االتحاد السوفيايت‬ ‫(سابقاً) شامالً والصني رشقاً وإلفريقيا الوسطى‬ ‫جنوباً واملغرب العريب غرباً‪ .‬وهذا املجال هو عبارة‬ ‫عن مجموعات قومية وإثنية ومذهبية متناحرة‪.‬‬ ‫هذا التصوير للعامل العريب مل يقترص‬ ‫عىل الجرنال شارون وحده بل يف دراسة حول‬ ‫«اسرتاتيجية إرسائيل يف الثامنينات» نرشتها‬ ‫مجلة «إيفونيم» اإلرسائيلية الفصلية يف‬ ‫عددها الصادر صيف ‪ 1981‬تفاصيل محددة حول‬ ‫الربنامج التفتيتي الذي تعمل «إرسائيل» عىل‬ ‫تنفيذه يف العامل العريب‪.‬‬ ‫وهكذا فإن كل دولة عربية – إسالمية تتعرض‬ ‫اليوم لخطر التفتت اإلثني االجتامعي يف الداخل‬ ‫لدرجة أن بعضها تدور فيه اآلن حروب أهلية‪.‬‬ ‫فمرص مفككة ومنقسمة اىل عنارص سلطوية‬ ‫كثرية‪ ،‬وال تش ّكل أي تهديد لـ «إرسائيل» وإمنا‬ ‫ضامنة لألمن والسالم لوقت طويل‪ ،‬وهذا اليوم‬ ‫يف متناول يدنا‪ ،‬أن دوالً مثل ليبيا والسودان والدول‬ ‫األبعد منهام لن تبقى عىل صورتها الحالية بل‬ ‫ستقتفي أثر مرص يف انهيارها وتفتتها‪ ،‬فمتى‬ ‫تفتتت مرص تفتت الباقون‪ .‬إن رؤية دولة قبطية‪،‬‬ ‫مسيحية يف صعيد مرص اىل جانب عدد من‬ ‫الدول ذات سلطة أقلية – مرصية ال سلطة‬ ‫مركزية كام هو الوضع حتى اآلن هي مفتاح هذا‬ ‫التطور التاريخي الذي أخرته معاهدة السالم‬ ‫لكنه ال يبدو مستبعداً يف املدى الطويل»‪.‬‬ ‫وتتابع الدراسة‪« :‬إن تفتت لبنان بصورة مطلقة‬ ‫اىل مثاين مقاطعات إقليمية هو سابقة للعامل‬ ‫العريب بأرسه مبا يف ذلك مرص وسوريا والعراق‬ ‫وشبه الجزيرة العربية‪ ،‬وإن تفتت سوريا والعراق‬ ‫الحقاً اىل مناطق ذات خصوصية إثنية ودينية‬ ‫واحدة عىل غرار لبنان هو هدف «إرسائيل» إذ أن‬ ‫تشتيت القوة العسكرية لهذه الدول هو الهدف‬ ‫املرسوم يف املدى القصري‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫هذه الدراسة االسرتاتيجية يف رأي الباحثني‬ ‫ليست مجرد دراسات أكادميية تنظريية‪ ،‬إنها‬ ‫تش ّكل قاعدة للقرار السيايس وهو ما يجري يف‬ ‫«إرسائيل‪ .:‬فـ «إرسائيل» ساعدت حركة «إينانا»‬ ‫يف جنوب السودان مالياً وعسكرياً‪ ،‬كام ساعدت‬ ‫مالياً وعسكرياً الحركة االنفصالية الكردية يف‬ ‫العراق وإيران ولعب «اللويب الصهيوين» دوراً يف‬ ‫دفع العراق وإيران نحو الحرب‪ ،‬ثم يف استدراج‬ ‫العراق اىل اجتياح الكويت‪ ،‬فاملرشوع اإلرسائييل‬ ‫لتفتيت العامل العريب وتقسيمه هو الذي يحقق‬ ‫األمن االسرتاتيجي لـ «إرسائيل» وليس اتفاقات‬ ‫أو معاهدات التسوية والسالم‪...‬‬ ‫ويف مقال بعنوان «الواليات املتحدة متواطئة‬ ‫مع «إرسائيل يف تحطيم لبنان» يقول املعلق‬ ‫األمرييك بول كريغ روبرتس (املوقع اإللكرتوين‬ ‫‪ 25‬يوليو‪ /‬متوز ‪ )2006‬إن ما نشاهده يف الرشق‬ ‫األوسط هو تحقيق خطة املحافظني الجدد يف‬ ‫تحطيم أي أثر لالستقالل العريب اإلسالمي‪،‬‬ ‫والقضاء عىل أي معارضة لألجندة اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫وهذا التصور للرشق األوسط ينطلق من تصور‬ ‫أن التاريخ متوقف متاماً يف هذه املنطقة‪ ،‬وأن‬ ‫الشعب العريب سيظل مجرد أداة بيد معظم‬ ‫حكامه الذين ينصاعون انصياعاً أعمى للواليات‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫وهذا التصور للرشق األوسط الجديد لصيق‬ ‫للغاية بالرؤية الصهيونية منذ بدايتها‪ ،‬فقبل‬ ‫إنشاء الدولة الصهيونية بعدة أعوام قال بن‬ ‫غوريون «إن عقب أخيل (أي نقطة الضعف) يف‬ ‫االئتالف العريب هى سيادة املسلمني يف لبنان‬ ‫فهى سيادة زائفة‪ ،‬ميكن بسهولة قهرها»‪.‬‬ ‫وقد حاول شارون وضع الجزء الخاص بلبنان يف هذا‬ ‫املخطط موضع التنفيذ عام ‪ ،1982‬ولكن املقاومة‬ ‫اللبنانية اضطرته لالنسحاب إىل الجنوب ثم‬ ‫إىل الدولة الصهيونية‪ ،‬ولكن شارون نجح باآلونة‬ ‫األخرية يف تحقيق التطابق الكامل بني السياسة‬ ‫اإلرسائيلية والسياسة اإلمرباطورية األمريكية‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫اتفاقية سايكس بيكو‬

‫‪،1916‬‬ ‫املتحدة‬ ‫اقتسام‬ ‫لتحديد‬ ‫تهاوي‬ ‫هذه‬

‫بإعالن حرب ال نهاية لها ضد اإلرهاب‪ ،‬كام نجح‬ ‫يف الجمع بني سياسة التوسع االستيطاين وضم‬ ‫األرايض ونهج الفصل العنرصي ووافقته الواليات‬ ‫املتحدة عىل ذلك ودعمته‪.‬‬ ‫وقد أعطى هذا دفعة لألوهام اإلرسائيلية‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬عىل سبيل املثال إىل موقف جيورا‬ ‫آيالند رئيس شعبة العمليات بالجيش اإلرسائييل‬ ‫سابقاً‪ ،‬والرئيس السابق ملجلس األمن الوطني‬ ‫املسؤول عن وضع اإلسرتاتيجية األمنية للدولة‬ ‫الصهيونية‪.‬‬ ‫فقد طرح شارون خطته إلعادة تنظيم الرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬وقام عبقري آخر وهو جاي بخور (يف‬ ‫يديعوت أحرونوت يوم ‪ )2006/7/27‬بتقديم خطته‬ ‫إلعادة صياغة الرشق األوسط‪ .‬والخطة ال تعدو أن‬ ‫تكون شك ًال من أشكال األحالم املتورمة‪ ،‬ولكنها‬ ‫مع هذا تعطينا فكرة عام يدور يف خلد الواليات‬ ‫املتحدة و»إرسائيل»‪.‬‬ ‫إن مخطط بخور وكل املخططات األخرى املامثلة‬ ‫نابعة من غطرسة القوة‪ ،‬ولكن كام يقول كريغ‬ ‫روبرتس ىف مقاله الذى أرشنا له من قبل «هل‬ ‫ميكن لخمسة ماليني إرسائييل‪ ،‬حتى مع دعم‬ ‫الواليات املتحدة لهم‪ ،‬أن ينجحوا إىل األبد يف‬ ‫إذالل ماليني املسلمني الذين يغلون غضباً بسبب‬ ‫هذا اإلذالل الذي لحق بهم»‪.‬‬ ‫إن هذه وصفة للرصاع املستمر ولدمار‬ ‫«إرسائيل» يف نهاية األمر‪ ..‬إن حرب بوش ليست‬ ‫حرباً ضد اإلرهاب‪ ،‬وإمنا هي عباءة يغطي بها خداع‬ ‫املحافظني الجدد‪ ،‬فهي ليست حرباً ضد اإلرهاب بل‬ ‫هي حرب ضد الدول اإلسالمية التي ال تحكمها‬ ‫«دمى أمريكية»‪.‬‬ ‫ومن حقنا أن نتساءل‪ :‬هل ال تزال الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية والدولة الصهيونية غارقتني‬ ‫يف األحالم املتورمة الخاصة بالرشق األوسط‬ ‫الجديد‪ ،‬بعد ما حدث يف لبنان؟‬ ‫هل الوطن العريب إزاء اتفاقية سايكس بيكو‬ ‫جديدة؟ الداخلون فيها هذه املرة أمريكا‪ ،‬الصني‪،‬‬ ‫الهند‪ ،‬إضافة إىل السابقني‪ .‬وهل فع ًال مثة أجندة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫خفية يتم ترسيب مفاعيلها شيئاً فشيئاً؟‬ ‫من الصعب جداً التغايض عام يحدث عىل‬ ‫أرض العرب من تفتيت ومتزيق وحروب‪ ،‬فالعراق مل‬ ‫يعد ذلك البلد املوحد مركزياً وباتت «الفدرلة»‬ ‫شعاراً يجهر بنفسه يف السجال السيايس‬ ‫داخل العراق وخارجه وعىل األرض أيضاً‪ ،‬كام‬ ‫أن الصومال ما زالت مفككة األوصال ونهباً‬ ‫لرصاعات منذ ربع قرن تقريباً‪ ،‬فيام لبنان يعاين‬ ‫تجاذبات طائفية وتتوازع مساحته الصغرية‬ ‫مربعات أمنية لهذه الطائفة أو ذاك املذهب‪.‬‬ ‫هذا املشهد املزري للوطن العريب قد ُيؤخذ‬ ‫عىل أنه ناتج التخلف يف العقلية السياسية‬ ‫واإلدارية العربية‪ ،‬وأنه تراكم سياق اإلرث‬ ‫االستعامري الذي دقت أسافينه الخبيثة اتفاقية‬ ‫سايكس بيكو‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬ليديا أبودرغم‬

‫‪10‬‬

‫اتفاقية سايكس بيكو سازانوف عام‬ ‫كانت تفاهماً رس ًيا بني فرنسا واململكة‬ ‫مبصادقة من اإلمرباطورية الروسية عىل‬ ‫الهالل الخصيب بني فرنسا وبريطانيا‬ ‫مناطق النفوذ يف غرب آسيا بعد‬ ‫االمرباطورية العثامنية‪ ،‬املسيطرة عىل‬ ‫املنطقة‪ ،‬يف الحرب العاملية األوىل‪.‬‬ ‫تم الوصول إىل هذه االتفاقية بني نوفمرب من‬ ‫عام ‪ 1915‬ومايو من عام ‪ 1916‬مبفاوضات رسية‬ ‫بني الدبلومايس الفرنيس فرانسوا جورج بيكو‬ ‫والربيطاين مارك سايكس‪ ،‬وكانت عىل صورة‬ ‫تبادل وثائق تفاهم بني وزارات خارجية فرنسا‬ ‫وبريطانيا وروسيا القيرصية آنذاك‪ .‬تم الكشف‬ ‫عن االتفاق بوصول الشيوعيني إىل سدة الحكم‬ ‫يف روسيا عام ‪ ،1917‬مام أثار الشعوب التي‬ ‫متسها االتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت‬ ‫ردة الفعل الشعبية ‪ -‬الرسمية العربية املبارشة‬ ‫قد ظهرت يف مراسالت حسني مكامهون‪.‬‬ ‫تم تقسيم الهالل الخصيب مبوجب االتفاق‪،‬‬ ‫وحصلت فرنسا عىل الجزء األكرب من الجناح‬ ‫الغريب من الهالل (سوريا ولبنان) ومنطقة‬ ‫املوصل يف العراق‪ .‬أما بريطانيا فأمتدت مناطق‬ ‫سيطرتها من طرف بالد الشام الجنويب متوسعاً‬ ‫باإلتجاه رشقا لتضم بغداد والبرصة وجميع‬ ‫املناطق الواقعة بني الخليج العريب واملنطقة‬ ‫الفرنسية يف سوريا‪ .‬كام تقرر أن تقع فلسطني‬ ‫تحت إدارة دولية يتم االتفاق عليها بالتشاور بني‬ ‫بريطانيا وفرنسا وروسيا‪ .‬ولكن االتفاق نص عىل‬ ‫منح بريطانيا مينايئ حيفا وعكا عىل أن يكون‬ ‫لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا‪ ،‬ومنحت‬ ‫فرنسا لربيطانيا باملقابل استخدام ميناء‬ ‫االسكندرونة الذي كان سيقع يف حوزتها‪.‬‬ ‫الحقاً‪ ،‬وتخفيفاً لإلحراج الذي أصيب به‬ ‫الفرنسيون والربيطانيون بعد كشف هذه‬ ‫االتفاقية ووعد بلفور‪ ،‬صدر كتاب ترششل‬ ‫األبيض سنة ‪ 1922‬ليوضح بلهجة مخففة‬ ‫أغراض السيطرة الربيطانية عىل فلسطني‪ .‬إال‬ ‫أن محتوى اتفاقية سايكس‪ -‬بيكو تم التأكيد‬ ‫عليها مجدداً يف مؤمتر سان رميو عام ‪.1920‬‬ ‫بعدها‪ ،‬أقر مجلس عصبة األمم وثائق االنتداب‬ ‫عىل املناطق املعنية يف ‪ 24‬حزيران ‪ .1922‬عقدت‬ ‫يف فرنسا اتفاقية جديدة عرفت باسم معاهدة‬ ‫سيفر تم مبوجبها التنازل عن األقاليم السورية‬ ‫الشاملية لرتكيا األتاتوركية‪.‬‬ ‫قسمت هذه االتفاقية وما تبعها سوريا‬ ‫الكربى أو املرشق العريب إىل دول وكيانات‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫فلسطني‪ ،‬انتهى مفعول صك انتداب عصبة‬ ‫األمم عىل فلسطني يوم ‪ 14‬أيار ‪ 1948‬وجىل‬ ‫الربيطانيون عنها‪ .‬لكن يف اليوم التايل أعلن‬ ‫قيام «إرسائيل» فوق أجزاء كبرية من حدود‬ ‫االنتداب الربيطاين عىل فلسطني وبدأ الرصاع‬ ‫العريب اإلرسائييل‪.‬‬

‫منير شفيق ‪ :‬تقسيم السودان يدخل في «الشرق األوسط الجديد»‬ ‫هو ابن نكبة فلسطني‪ ،‬وطني‪ ،‬قومي‬ ‫وإسالمي‪ ،‬حمل هم الوطن فلسطني‬ ‫وجعله قضيته األوىل‪ ،‬ذاق مرارة اللجوء‪،‬‬ ‫ولد يف القدس الغربية عام ‪ ،1936‬ولجأ اىل‬ ‫القدس الرشقية عام ‪ ،1948‬مارس العمل‬ ‫النضايل وأعطاه الكثري من جهده وعزميته‬ ‫وكان مقاوماً بامتياز ال يساوم عىل املبادئ‪،‬‬ ‫حرص عىل مسار الثورة الفلسطينية وأن‬ ‫تكون املقاومة للتحرير وليس للمساومات‬ ‫السياسية‪ ،‬ولهذا عارض برنامج النقاط‬ ‫العرش وكان صاحب موفق مم ّيز‪ ،‬رأى يف‬ ‫انتصار املقاومة يف لبنان وفلسطني‬ ‫والعراق تتويج ملسار طويل من نضاالت‬ ‫حركة التحرر العريب‪.‬‬ ‫انضم اىل املؤمتر القومي اإلسالمي منذ‬ ‫رمبا تغيري العدد يف الكونغرس يساعد عىل‬ ‫ً‬ ‫تأسيسه متحمسا للقاء التيارين القومي تقوية اللويب الصهيوين أكرث‪ ،‬ولكن الحزبني‬ ‫العريب واإلسالمي‪.‬‬ ‫الجمهوري والدميقراطي متفقان يف الحقيقة عىل‬ ‫ويف قراءة للواقع العريب والفلسطيني الخضوع للويب الصهيوين األمرييك‪ ،‬وأتصور أن‬ ‫كان لـ «منرب التوحيد» اللقاء التايل مع التطور الجديد الذي حدث خالل ‪ 15‬عاماً املاضية‬ ‫املناضل الكبري منري شفيق يف حوار هنا أن اللويب الصهيوين مل يعد مجرد أداة ضغط‬ ‫وإمنا أصبح رشيكاً يف السلطة وجز ًءا ال يتجزأ‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫املفاوضات مع الكيان الصهيوين سقطت‬ ‫وعملية “التسوية” كانت مجرد وسيلة لفرض‬ ‫وقائع جديدة عىل حساب الشعب الفلسطيني‬ ‫وقضيته‪ ،‬ماذا بعد هذا الفشل عىل الصعيد‬ ‫الفلسطيني والعريب؟‬ ‫يف الحقيقة هم ال يستطيعون أن يغلقوا باب‬ ‫املفاوضات ومساعي التسوية مهام حدث‪ ،‬فمنذ‬ ‫أن قامت القضية كان هناك دامئاً وسطاء ومشاريع‬ ‫ومحاوالت إيجاد حلول وتسويات ألنهم ال يستطيعون‬ ‫جعل الناس يقفون أمام طريق مسدود‪ ،‬ألنهم إن‬ ‫فعلوا ذلك ال يبقى إال طريق املقاومة واملامنعة‪،‬‬ ‫لذلك هم دامئاً يحاولون أن يغذوا األوهام بأن هنالك‬ ‫ح ًّال ومفاوضات قادمة ووسطاء حتى يف هذه املرحلة‬ ‫ال أعتقد أنهم يئسوا من ذلك وإمنا خضعوا اآلن‬ ‫إلرادة اللويب الصهيوين يف أمريكا وإلرادة نتنياهو‬ ‫ولكن يف نفس الوقت يحاولون أن يحييوا مرة أخرى‬ ‫املفاوضات املبارشة أو غري املبارشة‪ ،‬لذلك ال ميكن أن‬ ‫نقول أن املسألة سقطت وانتهت وال شك أنه ُو ّجه‬ ‫إليها رضبات كثرية‪ ،‬هم يف عملية التسوية كام‬ ‫جاء يف السؤال يفرضون وقائع ويستفيدون منها‬ ‫ومي ّيعون املوقف الفلسطيني والعريب‪ ،‬ويف كل ذلك‬ ‫ال أعتقد بأن هنالك وصوالً اىل نقطة إعالن الفشل‪،‬‬ ‫الذي ميكن أن نعلنه عىل جولة من الجوالت‪ ،‬ولكن‬ ‫سيكون هناك استمرارية لتلك املفاوضات‪.‬‬ ‫املشكلة ليس فيهم بل يف الذين يصدقونهم‪،‬‬ ‫ويركضون وراءهم يف عملية التسوية منذ بدايتها‬ ‫حتى اليوم‪.‬‬ ‫بعد نتائج انتخابات الكونغرس التي حصلت‬ ‫هل سيطرأ تغيري يف اإلدارة األمريكية فيام‬ ‫يتع ّلق برشوط التسوية؟‬

‫يف القرار السيايس األمرييك وبالتايل هنا ميكن‬ ‫أن يحدث الخطأ يف فهم العالقة بني الكيان‬ ‫الصهيوين وأمريكا‪ ،‬إذ مل تعد العالقة كام كانت‬ ‫يف السابق أثناء سيطرة االمربيالية عىل الوضع‬ ‫يف املنطقة ككل‪ ،‬حيث جاء الكيان الصهيوين‬ ‫مخفراً أمامياً أو قاعدة‪ ،‬واآلن أصبحت الصهيونية‬ ‫يف قلب القرار األمرييك‪ ،‬و”إرسائيل” حقيقياً‬ ‫موجودة يف أمريكا وليست يف فلسطني‪ ،‬وهذا‬ ‫واضح جداً منذ مرحلة الرئيس بيل كلينتون ويف‬ ‫مرحلة جورج بوش االبن حيث أصبح هناك متاهي‬ ‫بني السياسة األمريكية واملرشوع الصهيوين‪،‬‬ ‫توقع‬ ‫ولهذا عندما جاء الرئيس باراك أوباما‬ ‫ّ‬ ‫البعض منه أن يأخذ موقفاً “أكرث تفه ًام للوضع‬ ‫الفلسطيني والعريب”‪ ،‬ولكت رسعان ما تبينّ أن‬ ‫أوباما خاضع للويب الصهيوين أكرث من أي رئيس‬ ‫أمرييك سابق‪ ،‬وأعتقد أنه خطر جداً وأخطر من‬ ‫أي رئيس أمرييك سابق حتى يف موضوع شن‬ ‫حروب العدوان اإلرسائييل‪.‬‬ ‫اآلن أصبح أوباما وإدارته أسريين للسيطرة‬ ‫الصهيونية يف القرار األمرييك‪.‬‬ ‫هل سيكفي رشط تجميد بناء املستوطنات‬ ‫لفتح مرحلة جديدة من مراحل التسوية؟ وهل‬ ‫ستخضع السلطات الفلسطينية لهذا القرار‬ ‫للسري يف عملية التسوية؟‬ ‫الحقيقة عندما طرحت إدارة باراك أوباما رشط‬ ‫التجميد ظنّت أن هذه املسألة بسيطة ولكن‬ ‫عندما تبينّ لها أن اللويب الصهيوين يف أمريكا‬ ‫ال يتفق عىل التجميد بدأت بالرتاجع‪ ،‬لذلك كانت‬ ‫تظن أنه إذا حصل هناك تجميد قد يساهم يف تقدم‬ ‫املفاوضات‪ ،‬ولكن تبينّ أن ما يطلبونه يف املفاوضات‬

‫‪11‬‬

‫القضية‬

‫الفلسطينية‬

‫وفقاً‬

‫للرؤية‬

‫هو تسوية‬ ‫الصهيونية‪.‬‬ ‫املصالحة الفلسطينية عىل أسس جديدة‬ ‫تؤ ّكد عىل الثوابت الوطنية وخيار املقاومة بدي ًال‬ ‫لخيار املفاوضات املد ّمر الذي أثبت فشله رمبا يكون‬ ‫الطريق السليم الستعادة الحقوق الفلسطينية‪،‬‬ ‫ملاذا فشلت عملية املصالحة الفلسطينية‪ ،‬ومن‬ ‫الذي يقف عرثة يف طريق تحقيقها؟‬ ‫سبب الفشل األسايس هو الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية والرباعية حيث وضعوا رشوطاً‪ ،‬ففي‬ ‫أي مصالحة معروفة الرشوط الثالث املشهورة أن‬ ‫تعرتف حامس بالكامل بالكيان الصهيوين وأن‬ ‫تتخىل عن املقاومة وأن تسري يف ركب املفاوضات‬ ‫والتسوية وهذه رشوط ال قيمة لها يف أي مصالحة‪،‬‬ ‫لذلك السبب الرئييس يف االنقسام الفلسطيني‬ ‫ويف عدم وجود مصالحة هو سبب سيايس‪ ،‬أضف‬ ‫اىل خالف جوهري يف السياسة بني سلطة‬ ‫رام الله املتواطئة مع الواليات املتحدة ومراهنة‬ ‫عىل السياسة األمريكية ووضعت كل القضية‬ ‫الفلسطينية يف السلة األمريكية‪ ،‬وبالتايل هذا‬ ‫مدمر للقضية الفلسطينية‪ ،‬وهي معزولة عن‬ ‫الشعب الفلسطيني‪ ،‬وهي ليست مشكلة حامس‬ ‫وفتح والسلطة يف رام الله‪ ،‬حتى يف داخل فتح‬ ‫هناك قوى كثرية ال تقبل يف هذا التوجه ألنها ترى‬ ‫فيه تدمرياً لحركتها‪.‬‬ ‫ما هي تداعيات انفصال جنوب السودان عربياً‬ ‫وخاصة عىل مرص؟‬ ‫تكمن الخطورة يف أن تجزئة السودان يدخل ضمن‬ ‫إطار املرشوع “الرشق األوسط الكبري” الذي ترسمه‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية والصهيونية للمنطقة‪،‬‬ ‫وهو تشكيل رشق أوسط من دول فسيفسائية‬ ‫واسعة وكثرية عىل أسس عرقية أو إثنية أو طائفية‬ ‫أو مذهبية أو قطرية إن يف مك ّون صغري أو دويلة‬ ‫بهدف إضعاف كل الدول والسيطرة عليها من قبل‬ ‫الكيان الصهيوين أو الدول االمربيالية الخارجية‪،‬‬ ‫وبالتايل هم يريدون من تداعيات هذا التقسيم‬ ‫أن يكون خطوة يف طريق املزيد من التقسيم يف‬ ‫السودان‪ ،‬وأعتقد أن السودان اآلن مرشح للمزيد من‬ ‫التجزئة يف الشامل‪.‬‬ ‫كيف تقرأ اليوم الوضع يف العراق بعد تشكيل‬ ‫الحكومة العراقية؟‬ ‫الوضع يف العراق ملتبس طاملا فيه احتالل‬ ‫أمرييك‪ ،‬وطاملا تنعدم املحاوالت لرضب االحتالل‪.‬‬ ‫هل تتوقع إعادة إحياء مرشوع “الرشق األوسط‬ ‫الجديد”؟‬ ‫هذا املرشوع مل يتوقف وهو مستمر‪ ،‬بالرغم من‬ ‫أنه فشل يف بعض مراحل زخمه‪ ،‬ولكن طاملا هناك‬ ‫مساع أمريكية وصهيونية مستمرة‪ ،‬املرشوع مازال‬ ‫ٍ‬ ‫ح ّياً وهناك وقائع عىل األرض‪ ،‬وما يجري يف السودان‬ ‫عىل سبيل املثال هو جزء من مرشوع “الرشق‬ ‫األوسط الجديد”‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬

‫اغتيال الحريري تزامن مع إطالق «الفوضى الخالقة»‬

‫المحكمة الدولية لتقسيم لبنان‬ ‫بات من املعلوم لدى أكرثية اللبنانيني‪ ،‬أن‬ ‫إنشاء املحكمة الدولية الخاصة بلبنان يف اغتيال‬ ‫الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬كان من أجل هدف واحد‪،‬‬ ‫وهو تقسيم لبنان وإشعال الحروب الداخلية بني‬ ‫أبنائه‪ ،‬واستعادة مرحلة الفتنة التي عصفت به‬ ‫يف العام ‪ 1975‬من القرن املايض‪ ،‬ودامت ‪ 15‬سنة‪،‬‬ ‫دام‪ ،‬ذهب ضحيته حوايل املئتي‬ ‫يف ظل اقتتال ٍ‬ ‫ألف قتيل وجريح ومئات آالف املهجرين‪ ،‬وخسائر‬ ‫مادية فاقت الخمسني مليار دوالر‪ ،‬ونزوح جامعي‬ ‫وفرز سكاين عىل أساس طائفي‪ ،‬ك ّون مجموعات‬ ‫طائفية‪ ،‬أقامت “كانتونات” لها‪ ،‬ورسمت حدود‬ ‫التقسيم‪ ،‬بني مناطق مسيحية وأخرى مسلمة‪،‬‬ ‫مل يخرج اللبنانيون بعد من تداعياتها يف‬ ‫االندماج الوطني‪.‬‬ ‫وما مرشوع الوزير بطرس حرب إىل منع بني‬ ‫أرايض املسيحيني إىل غري املسيحيني‪ ،‬إال نتيجة‬ ‫هذا املأزق الطائفي الذي يعيشه لبنان‪ ،‬بسبب‬ ‫نظامه السيايس القائم عىل الطائفية‪ ،‬ومل‬ ‫تنجح محاوالت تشكيل هيئة وطنية إللغائها‬ ‫كام نص اتفاق الطائف‪.‬‬ ‫فاغتيال الحريري‪ ،‬تزامن مع إطالق الرئيس‬ ‫األمرييك السابق جورج بوش ملرشوعه “الرشق‬ ‫األوسط الجديد” الذي أرساه عىل ما سامه‬ ‫“الفوىض الخ ّالقة”‪ ،‬التي تقوم يف املنطقة عرب‬ ‫حروب استباقية‪ ،‬كان منها الغزو األمرييك للعراق‬ ‫يف نيسان ‪ ،2003‬إىل تهديد سوريا باجتياحها‬ ‫وفرض عقوبات عليها‪ ،‬والتخريب عىل نظامها‪،‬‬ ‫وقد جرت محاولة الوصول إليها‪ ،‬عرب صدور قرار‬ ‫مجلس األمن الدويل ‪ 1559‬لسحب قواتها من‬ ‫لبنان‪ ،‬ثم بجرمية تفجري موكب الحريري‪ ،‬وإلصاق‬ ‫التهمة بقيادتها بدءاً من رأس الهرم‪ ،‬إىل ضباطها‬ ‫الذين كانوا ممسكني بامللف األمني يف لبنان‪.‬‬ ‫فإعادة رسم خارطة املنطقة‪ ،‬يتطلب إحداث‬ ‫عمليات اغتيال وتفجري‪ ،‬وتغيري أنظمة‪ ،‬وقد‬ ‫بدأ مرشوع “الرشق األوسط الجديد” من العراق‪،‬‬ ‫والتغيري الدميقراطي من أوكرانيا‪ ،‬وعندما‬ ‫وصل إىل لبنان‪ ،‬كان ال ب ّد من حدث كبري ينرش‬ ‫الفوىض‪ ،‬ويدفع باللبنانيني إىل الرصاع الداخيل‪،‬‬ ‫ويضغط عىل سوريا للسري باملخطط األمرييك‪،‬‬ ‫فلم يكن أمام راسمي الخريطة‪ ،‬إال أن قرروا وضع‬ ‫الحريري كهدف يفيد مرشوعهم‪ ،‬إذ أن اغتياله‬ ‫يح ّرض السنة عىل الشيعة‪ ،‬كام يخلق العداء‬ ‫بني لبنان وسوريا‪ ،‬ويساعد عىل التخلص من‬ ‫املقاومة‪ ،‬بزج سالحها يف وحل الحرب املذهبية‪،‬‬ ‫ويف الوقت نفسه يؤدي إخراج سوريا من لبنان‪،‬‬ ‫إىل إفقادها دوراً لها فيه‪ ،‬كام أن خروج قواتها‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منه‪ ،‬قد يسبب باضطرابات داخلية ضد النظام‪،‬‬ ‫كام يحرك مشاعر مذهبية فيها‪ ،‬عىل خلفية‬ ‫أن القتيل هو أبرز زعامء السنة يف لبنان‪ ،‬وله‬ ‫عالقات عربية وإقليمية ودولية‪.‬‬ ‫هذا املخطط األمرييك املربمج إرسائيلياً‪ ،‬له‬ ‫هدف واحد وهو السيطرة عىل لبنان‪ ،‬بإضعاف‬ ‫السلطة التي كانت قامئة من خالل الرعاية‬ ‫السورية للسلم األهيل‪ ،‬وتعزيز دور املؤسسات‬ ‫الدستورية فيه‪ ،‬بعد حرب دامية‪ ،‬واستبدال هذه‬ ‫السلطة بأخرى تخدم أهداف املرشوع األمرييك‬ ‫للمنطقة وتتامهى معه‪ ،‬لكنه القى مواجهة من‬ ‫قبل املقاومة التي كان القرار ‪ 1559‬يستهدفها‪،‬‬ ‫وطلب من السلطة الجديدة أن تنزع سالح‬ ‫املقاومة‪ ،‬فلام فشلت بسبب الرتكيبة اللبنانية‪،‬‬ ‫وظهور مامنعة للمرشوع األمرييك‪ ،‬لجأت اإلدارة‬

‫‪12‬‬

‫األمريكية إىل “إرسائيل” فشنت الحرب عىل‬ ‫لبنان يف متوز ‪ ،2006‬لكن فشلت يف أن تعيد‬ ‫رسم خارطة “الرشق األوسط الجديد” من لبنان‪،‬‬ ‫كام أعلنت وزيرة الخارجية األمريكية السابقة‬ ‫غونداليزا رايس‪.‬‬ ‫فمع فشل العدوان اإلرسائييل‪ ،‬وبعد انكشاف‬ ‫تسييس التحقيق الدويل‪ ،‬وإخراج سوريا من‬ ‫اتهام نظامها يف اغتيال الحريري‪ ،‬وهزمية أمريكا‬ ‫يف العراق ولبنان وتعرث مرشوعها التفاويض‬ ‫للسالم بني “إرسائيل” والسلطة الفلسطينية‪،‬‬ ‫وتراجع دور الدول العربية املسامة “معتدلة” يف‬ ‫مواجهة املقاومة وسوريا وإيران‪ ،‬والذي ظهر مع‬ ‫تقدم مرشوع املعارضة الوطنية اللبنانية‪ ،‬عىل‬ ‫حساب “أدوات أمريكا” يف لبنان‪ ،‬كام سامهم‬ ‫النائب وليد جنبالط‪ ،‬واعترب نفسه واحداً منهم‪،‬‬

‫وأنه اغرتب عن موقعه الوطني الطبيعي‪ ،‬فإن‬ ‫أمريكا بدأت تفتش عن وسيلة من أجل رضب‬ ‫املقاومة‪ ،‬ومنع تحويلها لبنان إىل مجتمع ودولة‬ ‫مقاومة‪ ،‬وال بد من أداة تضغط يف هذا االتجاه‪ ،‬فتم‬ ‫تفعيل املحكمة الدولية‪ ،‬ومتويلها‪ ،‬والطلب إىل‬ ‫املدعي العام فيها دانيال بيلامر‪ ،‬إعداد قرار ظني‬ ‫يتهم “حزب الله” مبا يخلق ظروفاً لحرب لبنانية‬ ‫داخلية‪ ،‬تكون مدخ ًال إلشغال املقاومة وسالحها‬ ‫يف الداخل اللبناين‪ ،‬ثم يف إذكاء رصاع مذهبي‪،‬‬ ‫يفيض إىل تطهري مناطق‪ ،‬كام حدث أثناء الحرب‬ ‫األهلية منتصف السبعينات من القرن املايض‪.‬‬ ‫هذا املرشوع األمرييك الذي ابتدعه وزير‬ ‫الخارجية األمريكية األسبق هرني كيسنجر للبنان‬ ‫يف نهاية القرن املايض‪ ،‬لتقسيمه وإنهاء الوجود‬ ‫الفلسطيني املسلح فيه‪ ،‬وتوطني الفلسطينيني‬ ‫فيه‪ ،‬والذي أفشلته القوى الوطنية اللبنانية يف‬ ‫هزمية “الدويلة املسيحية” ويف إخراج االحتالل‬ ‫اإلرسائييل من لبنان بفعل املقاومة‪ ،‬يعاد تعوميه‬ ‫من جديد‪ ،‬ولكن من خالل رصاع سني – شيعي‪،‬‬ ‫قد يدوم سنوات‪ ،‬ويؤدي إىل انتقاله إىل الجوار‪،‬‬ ‫إلشعاله بحروب مذهبية وإثنية‪ ،‬وهذا ما فعله‬ ‫األمريكيون يف العراق‪ ،‬وامتد إىل اليمن مع حرب‬ ‫“الحوثيني” والسلطة‪ ،‬وإىل بروز رصاع مذهبي يف‬ ‫البحرين والكويت والسعودية ودول أخرى‪ ،‬واىل‬ ‫اشتعال رصاع طائفي يف مرص‪ ،‬واىل ترشيع‬ ‫االنفصال يف السودان عرب استفتاء شعبي‬ ‫شجعت عليه أمريكا‪ ،‬ودفعت مثنه إىل نظام‬ ‫الرئيس السوداين عمر البشري‪ ،‬بشطب الديون‬ ‫عن السودان‪ ،‬ورفع العقوبات وإلغاء املحكمة‬ ‫الجنائية ضد البشري الذي اتهمته بارتكاب إبادة‬ ‫جامعية يف “دارفور”‪.‬‬ ‫فاملحكمة التي أنشئت ضد البشري‪ ،‬أدت إىل‬ ‫تقسيم السودان‪ ،‬وحروب أهلية فيه‪ ،‬كام أن‬ ‫املحكمة التي أقيمت ضد الرئيس اليوغوساليف‬ ‫منطقة‬ ‫قسمت‬ ‫ميلوسوفيتش‪،‬‬ ‫سلوبودان‬ ‫البلقان‪ ،‬وقد تويف يف املحكمة قبل االنتهاء من‬ ‫محاكمته‪ ،‬كام أدّت املحكمة التي أنشئت بعد‬ ‫تفجري مقهى “البيل” وطائرة لوكريب‪ ،‬إىل تطويع‬ ‫النظام الليبي الذي قبل رئيسه معمر القذايف‬ ‫الذي كان األشد عدا ًء ألمريكا‪ ،‬إىل أن يسري يف‬ ‫مرشوعها وفتح لها األسواق الليبية‪ ،‬وابتعد‬ ‫عن دعم املقاومة يف فلسطني ولبنان‪ ،‬وقد‬ ‫أخافه اجتياح العراق وسقوط نظامه‪ ،‬فانحنى‬ ‫أمام “العاصفة األمريكية” للمنطقة‪ ،‬وخرج من‬ ‫الصمود والتصدي‪ ،‬بعكس النظام يف سوريا‪،‬‬ ‫الذي واجه الضغوط عليه‪ ،‬وحافظ عىل ثوابته‬ ‫الوطنية والقومية ومل يقبل املساومة عىل‬ ‫املقاومة‪.‬‬ ‫وتحريك املحكمة الدولية‪ ،‬ضد “حزب الله”‪ ،‬يشبه‬ ‫كل السيناريوهات التي رسمتها أمريكا ونفذتها‪،‬‬ ‫إذ أن األضاليل واألكاذيب التي تفتعلها اإلدارات‬ ‫األمريكية املتعاقبة‪ ،‬ضد كل من يقف بوجه‬ ‫االقتصادية‪،‬‬ ‫ومصالحها‬ ‫السياسية‬ ‫مشاريعها‬

‫ضد‬ ‫اختلقت‬ ‫وقد‬ ‫النظام العراقي برئاسة‬ ‫صدام حسني أنه ميلك‬ ‫شامل‬ ‫دمار‬ ‫أسلحة‬ ‫ويأوي عنارص “القاعدة”‪،‬‬ ‫ادّعاءات‬ ‫أنها‬ ‫تبينّ‬ ‫كاذبة من أجل غزو بالد‬ ‫الرافدين‪ ،‬أظهرت أن كل‬ ‫ما تقوم به إمنا خدمة‬ ‫ملرشوع صهيوين يقوم‬ ‫عىل متزيق املنطقة‬ ‫طائفية‬ ‫كيانات‬ ‫اىل‬ ‫ومذهبية وإثنية‪ ،‬وهو‬ ‫ما بدأ قبل قرن من‬ ‫مطلع‬ ‫يف‬ ‫الزمن‪،‬‬ ‫القرن العرشين‪ ،‬وبعد‬ ‫خسارة دول املحور يف‬ ‫الحرب العاملية األوىل‪،‬‬ ‫قامت جيوش الحلفاء‪،‬‬ ‫باجتياح املناطق التي‬ ‫كانت خاضعة لالحتالل‬ ‫وفرضت‬ ‫األملاين‪،‬‬ ‫التقسيم عليها‪ ،‬وهو‬ ‫ما حصل يف املرشق‬ ‫العريب‪ ،‬الذي ُق ِّسم يف‬ ‫اتفاقية سايس – بيكو‪،‬‬ ‫بني بريطانيا وفرنسا إىل‬ ‫دويالت كانت ستأخذ‬ ‫طابعاً طائفياً ومذهبياً‪،‬‬ ‫القوى‬ ‫تصدي‬ ‫لكن‬ ‫والوطنية‬ ‫الوحدوية‬ ‫لها‪ ،‬وظهور املؤمتر السوري األول‪ ،‬الذي طالب‬ ‫بوحدة بالد الشام‪ ،‬واندالع الثورة السورية الكربى‪،‬‬ ‫أحبطت مرشوع التقسيم الطائفي‪ ،‬ليتحول إىل‬ ‫إنشاء كيانات سياسية مهّدت لوعد بلفور ‪1916‬‬ ‫وقيام دولة “إرسائيل” يف ‪.1948‬‬ ‫إن ما يحصل يف السودان‪ ،‬وما جرى يف العراق‪،‬‬ ‫وما ينتظر اليمن الذي سيعود أكرث من مينني‪ ،‬هو‬ ‫ما أعاد املخاوف إىل اللبنانيني من أن تعود نغمة‬ ‫التقسيم إليه‪ ،‬وأن البعض من أصحاب الفكر‬ ‫االنعزايل‪ ،‬مازال يرددها ويغنيها‪ ،‬ومن أبرزهم‬ ‫النائب سامي الجميل‪ ،‬الذي يطالب علناً بـ”‬ ‫فدرلة لبنان” وإقامة “مركزية سياسية” فيه‪،‬‬ ‫تحت شعار “لبناننا” كام أن االضطهاد واالغتياالت‬ ‫والتفجريات التي تطال املسيحيني وكنائسهم‬ ‫يشجع عىل أن‬ ‫يف العراق ومرص ودول أخرى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يطرح التقسيميون شعاراتهم ويسوقونها تحت‬ ‫شعار الخوف من اآلخر‪ ،‬والحفاظ عىل “الخصوصية‬ ‫املسيحية”‪ ،‬وهذه األفكار تالقي تأييداً لها يف‬ ‫الخارج‪ ،‬حيث سأل الرئيس الفرنيس نيكوال‬ ‫ساركوزي‪ ،‬عن “ التطهري الديني” الذي يتعرض‬ ‫له املسيحيون يف الرشق‪ ،‬وهو تذكري بأسباب‬ ‫حملة “الفرنجة” أو ما سمي بـ” حروب الصليبيني”‬

‫‪13‬‬

‫لحامية األماكن املسيحية والوجود املسيحي يف‬ ‫الرشق‪ ،‬حيث يجاريهم متطرفون مسيحيون‬ ‫من كنائس غري معروفة‪ ،‬ومرتبطة باليهودية‬ ‫العاملية‪ ،‬تدعو إىل “إحراق القرآن” كام طالب‬ ‫القس تريي جونسون يف أمريكا‪ ،‬أو تشويه صورة‬ ‫النبي محمد عرب رسوم كاريكاتورية يف صحيفة‬ ‫دامناركية‪ ،‬أو دعوات عنرصية يف دول غربية‬ ‫تدعو إىل طرد املسلمني‪ ،‬وتفرض عليهم قوانني‬ ‫متشددة‪ ،‬يتذرع البعض بهجامت إرهابية تقوم‬ ‫بها جامعات تدعي أنها إسالمية‪.‬‬ ‫من هنا فإن املحكمة الخاصة يف لبنان‪،‬‬ ‫ستستخدم يف اتجاه إذكاء رصاع مذهبي يف‬ ‫لبنان‪ ،‬وهو ما يتهم التحذير منه من قبل “حزب‬ ‫الله” وحلفائه وسوريا التي عملت مع السعودية‬ ‫من أجل الحفاظ عىل االستقرار يف لبنان‪ ،‬ومنع‬ ‫استخدام املحكمة يف زعزعة السلم األهيل‪ ،‬إذ أن‬ ‫ما حصل يف العراق والسودان‪ ،‬وما شهده لبنان‬ ‫يف السنوات الست التي رافقت اغتيال الحريري‪،‬‬ ‫تؤكد أن لبنان إذا مل تحصل تسوية فيه قبل صدور‬ ‫القرار االتهامي‪ ،‬فإنه متجه إىل فتنة داخلية‪ ،‬قد‬ ‫تودي به إىل الدمار‪ ،‬وتكون مدخ ًال إىل تقسيمه‪.‬‬

‫زهري العياش‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫وهاب التقى عون ودعا المعارضة الى وضع‬ ‫برنامج إصالح شامل وشفاف وأن تبدأ بنفسها‬ ‫التقى رئيس “تكتل التغيري واإلصالح”‬ ‫النائب العامد ميشال عون‪ ،‬يف الرابية رئيس‬ ‫حزب “التوحيد العريب” الوزير السابق وئام‬ ‫وهاب الذي رصح بعد اللقاء‪“ :‬نحن اليوم‬ ‫عىل أبواب تطورات مهمة‪ ،‬ومن الطبيعي‬ ‫أن املعارضة اتخذت قرارها بتسلم السلطة‬ ‫يف لبنان‪ ،‬وهي ليست ساعية ال اىل انتقام‬ ‫من أحد وال محاسبة الناس عىل مواقفها‬ ‫السياسية‪ .‬أرجو أال يعتقد أحد أن املعارضة‬ ‫تريد تنفيذ عملية انتقام سيايس‪ ،‬ولكن‬ ‫املطلوب تحييد بعض املؤسسات عن كل‬ ‫املؤسسات‬ ‫بالتحديد‬ ‫السيايس‬ ‫الرصاع‬ ‫األمنية والقضائية وإدارة وإحداث إصالح‬ ‫مايل واقتصادي حقيقي‪ ،‬الفتاً اىل أنه‬ ‫ممنوع عىل أي جهاز رسمي أن يتعامل مع‬ ‫الناس عىل أساس انتامئها السيايس‪.‬‬ ‫املحاسبة قد تطال بعض الناس واملرتكبني‬ ‫والقضاء سيحاكمهم وهم ال يتجاوزون‬ ‫عدداً محدوداً»‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬أستطيع القول إن املعارضة‪ ،‬يف‬ ‫حال تسلمت السلطة‪ ،‬يجب أن يكون‬ ‫لديها برنامج إصالح شامل وشفاف وأن تبدأ‬ ‫بنفسها ثم تنتقل اىل املؤسسات األخرى‪.‬‬ ‫وعىل جميع أطراف املعارضة أن يلتزموا‪،‬‬ ‫فالوضع االقتصادي واملايل مل يعد يحتمل‬ ‫طوي ًال‪ .‬نحن أمام استحقاقات كبرية‪ .‬كل‬ ‫سنة الدولة تتحمل ‪ 5‬مليارات دوالر خدمة‬ ‫الدين العام ونرى ماذا يحصل لجيوب الناس‪.‬‬ ‫لذلك عىل املعارضة إن أرادت أن تتسلم‬ ‫السلطة وهي اتخذت هذا القرار‪ ،‬أن تضع‬ ‫برنامجاً واضحاً وشفافاً‪ .‬أما اذا استبدلنا‬ ‫هذه السلطة بسلطة مشابهة‪ ،‬فكل هذا‬ ‫املوضوع ال قيمة له وليبق الفريق اآلخر يف‬ ‫السلطة»‪.‬‬ ‫وقال‪“ :‬إن بعض الكالم الذي سمعناه من‬ ‫الرئيس الحريري كان يطرح معادلة مل تكن‬ ‫تستطيع املعارضة أن تقبلها‪ ،‬هي تقيض‬ ‫بأن يتخذ الرئيس سعد الحريري املوقف‬ ‫املناسب إذ أن املحكمة مسيسة وعملها‬ ‫منظم يف مواجهة لبنان واملقاومة‬ ‫واملطلوب أن يتوىل هو كل السلطة من‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫رئيس حزب «التوحيد العربي» ع ّزى بشقيق العماد عون‬ ‫أبرق رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب إىل النائب العامد ميشال عون معزياً‬ ‫بشقيقه الياس ‪:‬‬ ‫حرضة رئيس تكتل “التغيري واإلصالح” النائب‬ ‫العامد ميشال عون املحرتم‬

‫ببالغ من الحزن واألىس تلقينا نبأ رحيل‬ ‫شقيقكم العزيز الياس عون ‪ ،‬وبهذه املناسبة‬ ‫األليمة نتقدم إليكم واىل كل أفراد العائلة‬ ‫الكرام بتعازينا الحارة‪ ،‬ومبشاعر مواساتنا العميقة‪،‬‬ ‫ونترضع إىل الله بأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته‬

‫وأن يسكنه فسيح جناته‪ ،‬ويلهم أهله ومحبيه‬ ‫الصرب والسلوان‪.‬‬ ‫ستظل ذكرى أبو نعيم العزيز طيبة عىل‬ ‫الدوام‪ ،‬وسيبقى مثاالً للرجل املناضل الطيب‬ ‫العنيد‪ ،‬املؤمن مببادئه‪ ،‬املحب لعارفيه‪.‬‬

‫وهاب لسعود الفيصل ‪ :‬سنمنع تقسيم لبنان‬

‫دون أي رشوط‪.‬‬ ‫كان يريد السلطة األمنية‪ ،‬سلطة كم‬ ‫األفواه ومنع اإلعالميني والسياسيني أن‬ ‫يعرتضوا عىل أي يشء يف سياسته‪ .‬كان‬ ‫أيضاً يريد أخذ املوضوع السيايس وكانوا‬ ‫يعدون شيئاً مثل الخصخصة للهاتف‬ ‫والكهرباء‪ .‬من املستحيل أن تعطيه‬ ‫املعارضة هذا‪ .‬فليسمح لنا الرئيس سعد‬ ‫الحريري فهذا الكالم بات واضحاً ألخذ‬ ‫السلطة وليس تحقيق العدالة «‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال إن كان يتحدث وكأن‬ ‫املعارضة ضمنت الحكم‪ ،‬وهل هو متأ ّكد‬ ‫من األصوات التي سيجريها رئيس “اللقاء‬ ‫الدميوقراطي النائب وليد جنبالط؟ وملاذا‬ ‫أرجأ مؤمتره الصحايف؟ أجاب وهاب‪“ :‬ال‬ ‫اعرف لست مطلعاً عىل موقف النائب‬ ‫جنبالط‪ ،‬ولكنني أكيد من أنه حريص‬ ‫عىل السلم األهيل وعىل عدم حصول‬ ‫أي تطورات سلبية يف البلد‪ ،‬وسيتخذ‬ ‫القرار الذي سيمليه عليه ضمريه يف هذا‬ ‫املوضوع‪ .‬معتقداً أن النائب جنبالط أبلغ‬ ‫الرئيس بري وآخرين موقفه‪ ،‬مشرياً اىل أن‬ ‫املعارضة لديها مرشحها لرئاسة الحكومة‬ ‫وسنميش به حتى النهاية‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬النائب جنبالط هو الذي يحدد‬

‫‪14‬‬

‫موقفه وال أحد يستطيع أن يجيب عنه‪،‬‬ ‫فهو أكد أنه سيعلن موقفه‪ ،‬واملعارضة‬ ‫مبعزل عن أي أحد مرصة أن تتوىل السلطة‪.‬‬ ‫ويف حال أعيد تكليف سعد الحريري تأليف‬ ‫الحكومة‪ ،‬وهذا أمر أصبح مستبعداً‪،‬‬ ‫فالرئيس سعد الحريري لن يستطيع تأليف‬ ‫الحكومة ألن املعارضة لن تشارك فيها»‪.‬‬ ‫وحول سؤاله عن عودة النائب جنبالط‬ ‫اىل املعارضة وما يقال يف ظل كل هذه‬ ‫الضغوط العاملية أن تنتهي كل األمور‬ ‫ويك ّلف رئيس حكومة تريده املعارضة‬ ‫وتتألف حكومة؟ أجاب متسائ ًال‪“ :‬هل نرتك‬ ‫البالد بدون حكومة؟ البالد معطلة منذ‬ ‫أعوام بحجة املحكمة الدولية‪ .‬يجب أن‬ ‫نفك أرس هذا البلد ونذهب اىل أمور الناس‬ ‫ولننس ماذا ستفعل هذه املحكمة»‪.‬‬ ‫وحول ما إذا كانت الحكومة ستتألف‬ ‫من دون الفريق اآلخر حتى ولو استطاعت‬ ‫املعارضة أن تتوىل الحكم؟ أجاب وهاب‪:‬‬ ‫“املعارضة تستطيع أن تشكل حكومة‬ ‫وتحكم وتنفذ خطة إصالحية شاملة لكل‬ ‫اللبنانيني‪ .‬ليس هناك أي مرشوع الستبعاد‬ ‫أي طائفة كانت‪ ،‬عمر كرامي هو ابن مفتي‬ ‫املسلمني يف لبنان وسنّي قبل غريه‬ ‫بعرشات األعوام وال ميرتس أحد وراءه»‪.‬‬

‫أصدر املكتب اإلعالمي لرئيس حزب “التوحيد‬ ‫العريب” وئام وهاب البيان التايل‪:‬‬ ‫مل يفاجئنا موقف وزير الخارجية السعودي‬ ‫سعود الفيصل‪ ،‬فهذا الرجل مل يكف منذ‬ ‫سنوات عن التخريب عىل الساحة اللبنانية‪.‬‬ ‫وكان تخريبه واضحاً حتى عندما كانت املبادرة‬ ‫السورية ‪ -‬السعودية تسري يف االتجاه الصحيح ‪.‬‬ ‫ولكن ما فاجأنا هو أن يتحول سعود الفيصل‬ ‫ّ‬ ‫منظر للتقسيم يف لبنان‪ ،‬وهذا أمر نطمنئ‬ ‫اىل‬ ‫سم ّوه بأنه لن يحصل‪.‬‬ ‫وكم كنا نتمنى لو ينشغل عنا سعود‬ ‫الفيصل وأمثاله بأوضاعهم الداخلية لكنّا ارتحنا‬

‫من سمومهم ومواقفهم وتحريضهم املستمر‪،‬‬ ‫فمث ًال‪ :‬لو ينشغل سعود الفيصل بالرصاع الخفي‬ ‫الدائم عىل السلطة يف بلده‪ ،‬لو ينشغل باملناطق‬ ‫التي ميكن أن تنفصل عن اململكة يف أية لحظة‬ ‫مناسبة نتيجة أي سبب كام يعرف الفيصل‪،‬‬ ‫لو ينشغل مبئات آالف الفقراء الذين تنهب أموال‬ ‫البلد أمامهم وهم جائعون فيتحول جزء منهم‬ ‫اىل إرهابيني يجولون العامل‪ ،‬وقد وصلنا اىل نهر‬ ‫البارد دفعة منهم‪ ،‬لو ينشغل سعود الفيصل‬ ‫باملجارير وقساطل ترصيف املياه يف جدة يك ال‬ ‫ميوت كل سنة عرشات الناس يف الفيضانات‬ ‫نتيجة الصفقات املشبوهة التي تدفع من أموال‬

‫شعب الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫لو ينشغل بكل ذلك لكان أراحنا من‬ ‫املريضة‪ ،‬لكننا نطمئنه بأننا أقوياء يف‬ ‫اىل حدود سنمنع فيها التقسيم حتى لو‬ ‫كل العامل لتحقيقه‪ ،‬ورمبا اآلن توضحت‬ ‫أكرث‪ ،‬فاستهدافك املميت أنت وأمثالك‬ ‫املقاومة أصبح واضحاً لنا وله هدفان‪:‬‬ ‫لبنان وتوطني الفلسطينيني‪.‬‬ ‫نطمئنك بأنك سرتحل عن هذه الدنيا قبل‬ ‫مقس ًام ولكن طمئنّا أنت وأوقف‬ ‫أن تجد لبنان‬ ‫ّ‬ ‫تدخلك وتدخل معلميك ببلدنا ليك نرتاح‪ ،‬وخذوا‬ ‫وديعتكم عنا فنحن لسنا بحاجة لها‪.‬‬ ‫أفكاره‬ ‫لبنان‬ ‫وقف‬ ‫لعبتك‬ ‫لسالح‬ ‫تقسيم‬

‫ولـ «صوت لبنان»‪ :‬جنبالط َّ‬ ‫جنب لبنان بموقفه الداعم للمعارضة خضة كبيرة‬ ‫لفت رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير‬ ‫األسبق وئام وهاب‪ ،‬يف حديث اىل “صوت لبنان ‪-‬‬ ‫الحرية والكرامة”‪ ،‬اىل أن “الجميع يعلم أن املعارضة‬ ‫كانت معرتضة عىل عودة سعد الحريري اىل رئاسة‬ ‫الحكومة‪ ،‬وكان هناك حسابات أصوات تتم‪ ،‬ولكن‬ ‫طرأ شيئاً معيناً جعل تلك الحسابات ملصلحة‬ ‫رئيس الحكومة األسبق عمر كرامي”‪ ،‬وقال‪ ”:‬أتوقع‬

‫أن يكلف كرامي نهار االثنني‪ ،‬بـ ‪ 56‬أو ‪ 76‬صوتاً»‪.‬‬ ‫وعن موقف رئيس “اللقاء الدميقراطي” النائب‬ ‫وليد حنبالط‪ ،‬أكد وهاب أن “جنبالط كان حريصاً‬ ‫منذ البداية عىل القول بأنه يريد إفساح املجال‬ ‫أمام املبادرات”‪ ،‬الفتاً اىل أن “جنبالط عندما التقى‬ ‫الرئيس السوري بشار األسد رمبا كان لديه مبادرة‬ ‫معينة تكمل املبادرة السورية ‪ -‬السعودية‪ ،‬ورمبا‬

‫حاول ولكنها مل تصل اىل نتيجة فاتخذ هذا‬ ‫املوقف”‪ ،‬مؤكداً أن “ال وجود لضغوطات مورست‬ ‫عىل جنبالط”‪ ،‬مشدداً عىل أن “موقف جنبالط‬ ‫جنب لبنان خضة كبرية»‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال‪ ،‬قال وهاب‪ ”:‬عمر كرامي ليس‬ ‫“نكرة” يف الحياة السياسية‪ ،‬وهو يف املعادلة‬ ‫السنية قبل آل الحريري‪.‬‬

‫‪ ...‬ولـ «هنا لبنان»‪« :‬تيار المستقبل» مارس اإلرهاب بوجه ميقاتي‬ ‫قال رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب لـ”هنا لبنان” عن إعالن الرئيس نجيب‬ ‫ميقايت نفسه مرشح توافق‪“ :‬سبق أن جرى‬ ‫التوافق عليه عام ‪ 2005‬وكان مرشحاً توافقياً‪،‬‬ ‫الفتاً اىل أن جو املعارضة األسايس هو مع عدم‬ ‫إلغاء أحد وأعارض هذا املبدأ‪ ،‬أنا مع أن يربح‬ ‫مرشوع عىل آخر ألن لبنان ال يحكم مبرشوعني‬ ‫متناقضني‪ .‬املعارضة قررت هذا فاختارت أن‬ ‫يكون الرئيس نجيب ميقايت مرشحاً مقبوالً من‬ ‫الجميع»‪.‬‬ ‫وعن توافق املعارضة عىل إسم ميقايت وما‬ ‫إذا كان مغطى مبظلة الـ “س – س” قال‪”:‬ال أعرف‪.‬‬ ‫لست مطلعاً اآلن عىل حقيقة االتصاالت الجارية‪،‬‬

‫لكني أعتقد أن االتصاالت مفتوحة بني كل‬ ‫عواصم القرار التي ليست بعيدة عن ترشيح‬ ‫ميقايت»‪.‬‬ ‫وعن مدى استعداد ميقايت للتصادم السيايس‬ ‫مع “تيار املستقبل” إذا ُك ّلف بأصوات املعارضة‬ ‫قال‪“ :‬ملاذا التصادم؟ تيار املستقبل ميارس اإلرهاب‬ ‫الفكري والسيايس عىل الناس وهذا أمر خطري‬ ‫وله تبعات‪ ،‬اليوم تيار املستقبل يقول “أنا أو ال‬ ‫أحد”‪ ،‬سعد الحريري مل يصبح من ثوابت لبنان أو‬ ‫أعمدته‪ .‬ال أحد رأى شيئاً ال من خريه وال من رشه‪،‬‬ ‫حكم نحو سنة ونصف سنة كأن البلد كان يف‬ ‫فراغ»‪.‬‬ ‫وأشار اىل أن “هؤالء املنافقني الذين يخرجون‬

‫‪15‬‬

‫عىل التلفزيونات ليعتربوا أن أي شخص غري‬ ‫الحريري هو تح ّد نقول لهم إن مرشوع سعد الحريري‬ ‫هو تحد‪ ،‬فاملعارضة مل تخرت التحدي األقىص بل‬ ‫اختارت ح ّال وسطاً بنجيب ميقايت»‪.‬‬ ‫وعن عدم رىض ‪ 14‬آذار به قال‪“ :‬فليدقوا رأسهم‬ ‫بالحيط‪ ،‬ما املشكلة؟‪ ،‬مؤ ّكداً أننا “ذاهبون اىل‬ ‫تأليف حكومة تبدأ بتنظيف الدولة واملؤسسات‬ ‫وتبدأ بوضع أسس لقيام دولة‪ ،‬ويجب البدء‬ ‫بشكل جدي بعملية قيام الدولة وإال ال معنى‬ ‫ألن تحكم املعارضة إذا مل تبدأ مبرشوع قيام‬ ‫الدولة جدياً»‪.‬‬ ‫وعن توقعات املعارضة قال جازماً‪“ :‬سيك َّلف‬ ‫ميقايت»‪.‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫وهاب للـ «أن‪ .‬بي‪ .‬أن»‪ :‬الحكومة الجديدة ستأخذ‬ ‫قراراً بوقف التعاون مع المحكمة الدولية‬ ‫اعترب رئيس حزب “التوحيد العريب” وئام وهاب أنه‬ ‫“لو تركت املعارضة عىل راحتها ألىت رئيس الحكومة‬ ‫األسبق عمر كرامي لتشكيل الحكومة املقبلة‪،‬‬ ‫ونتمنى أن ال يخ ّيب أملنا‪ ،‬وبوصول فريقنا إىل‬ ‫السلطة علينا أن نكون فريق رقايب من داخل الخط‬ ‫الواحد‪ ،‬وأن نعمل بشكل منوذجي رداً عىل الفريق‬ ‫اآلخر وأن ال تكون سياستنا “قوم حتى أقعد محلك”‪،‬‬ ‫واملهم أن الرئيس نجيب ميقايت ليس لديه فريق‬ ‫مورط بالفساد كام سلفه سعد الحريري”‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أنه “حصل تشاور بني عواصم معينة ووقع‬ ‫االختيار عىل رئيس الحكومة املكلف نجيب ميقايت‬ ‫وأن ال نأيت برئيس “كرس عظم”‪ ،‬وقال “تم االتصال به‬ ‫ألن الوضع بحاجة لشخصية قادرة عىل إدارة هذا‬ ‫الوضع والحفاظ عىل الوضع املايل واالقتصادي»‪.‬‬ ‫وهاب‪ ،‬ويف حديث لتلفزيون «أن‪.‬يب‪.‬أن” ضمن‬ ‫برنامج “مخترص مفيد” مع اإلعالمي سعيد‬ ‫غر ّيب‪ ،‬رأى أن “املشكلة برئيس الحكومة األسبق‬ ‫سعد الحريري وفريقه أنهم إذا ربحوا “يتغطرسون”‬ ‫وإذا خرسوا ينهارون”‪ ،‬معترباً أن “الحريري تلقى‬ ‫رضبة موجعة بسبب أدائه وعدم قراءته للتطورات‬ ‫اإلقليمية والدولية بشكل جيد وأخذ األمور باتجاه‬ ‫فتنة ال أحد يريدها”‪ ،‬متسائ ًال‪“ :‬كيف متكن سعد‬ ‫الحريري من اإلطاحة بكل ما كان يقوله خالل خمس‬ ‫سنوات بيومني؟ خاص ًة حني تحدث ذاك الصحايف‬ ‫من آل سالم وكنت أمتنى لو مل يكن سمري الجرس‬ ‫بني هؤالء الرعاع‪ .‬مؤسف أن نرى هذا املشهد املقزز‬ ‫يف اليومني املاضيني‪ ،‬ولكننا اليوم طوينا صفحة‬ ‫وأصبحت تلك املرحلة من التاريخ وأنا حني ينهار‬ ‫الخصم أترفع عن الكالم أو مواجهته»‪.‬‬ ‫وتابع “هناك خارطة جديدة ونحن لن نتحدث‬ ‫قاس بحق سعد الحريري وهو رمبا يخرج من‬ ‫بشكل ٍ‬ ‫الحياة السياسية‪ .‬الفريق الحاكم خرس بسبب‬ ‫سياسته وعدم قراءته للتطورات اإلقليمية والدولية‪،‬‬ ‫ومث ًال طرابلس عاصمة العروبة مل تكن يف املظاهرة‪،‬‬ ‫وأهلها كانوا منزعجني مام حصل وأحييهم عىل‬ ‫موقفهم عىل األقل بعدم مشاركتهم‪ ،‬ونحيي‬ ‫أبناء بريوت واملناطق املسيحية عىل موقفهم‬ ‫بعدم مشاركتهم مبا حصل يف اليومني املاضيني”‪.‬‬ ‫وأضاف “نحن قمنا بالتظاهر يف الفرتة السابقة‬ ‫هل أسأنا إىل املمتلكات العامة أو الخاصة أو إىل أي‬ ‫صحايف؟ أحداث ‪ 7‬أيار كانت معركة رد عىل ترصفات‬ ‫ميليشيات مختلفة عن هذه وحتى تلك كانت ضمن‬ ‫ضوابط كبرية‪ .‬مل يفهم سعد الحريري التطورات‬ ‫يف لبنان واملنطقة ونحن كنا حريصون عىل رفيق‬ ‫الحريري أكرث منه»‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫وعن “حقيقة‪ -‬ليكس” الذي عرضه قناة “الجديد”‪،‬‬ ‫قال وهاب‪“ :‬الطريقة التي كان يتكلم بها الشاهد‬ ‫محمد زهري الصديق مع الحريري مهينة وكنت‬ ‫تفهمتها لو أنها حصلت عام ‪ ،”2005‬مضيفاً‪“ :‬حتى‬ ‫نظرتنا لألمراء السعوديني أولياء نعمته أفضل من‬ ‫نظرته»‪.‬‬ ‫وعن دعوات الحريري وفريقه للمشاركة يف‬ ‫الحكومة‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬أنا لست مع دعوة ‪ 14‬آذار إىل‬ ‫املشاركة يف الحكم ألنها دعوة لفريق فاسد وتآمر‬ ‫عىل لبنان”‪ ،‬مؤكداً أنه “أول من سينتقد إذا استمرت‬ ‫األمور كام هي اآلن‪ .‬ودعا الحكومة لتحييد القضاء‬ ‫واألجهزة األمنية عن السياسة بعد إصالحهم‪.‬‬ ‫وشدد عىل أن ميقايت “مل يقدم أي تعهدات ومل‬ ‫يطلب منه أحد ذلك‪ ،‬مؤكداً يف الوقت عينه أنه‬ ‫ملتزم بالثوابت اللبنانية‪ .‬وأن الحكومة الجديدة‬ ‫ستأخذ قراراً بوقف التعاون مع املحكمة الدولية»‪.‬‬ ‫ورأى أنه ال يجب أن يكون هناك وزراء لرئيس‬ ‫الجمهورية ميشال سليامن‪ ،‬معترباً أن الوزارات كلها‬ ‫والدولة هي لرئيس الجمهورية”‪ ،‬متوقعاً أن “ال يعود‬ ‫وزير الداخلية يف حكومة ترصيف األعامل زياد بارود‬ ‫إىل وزارة الداخلية ألنه “ليس بحجم دهاليزها”‪،‬‬ ‫معترباً أن الداخلية تحتاج لوزير “قبضاي” يعلم مدير‬ ‫عام األمن العام اللواء أرشف ريفي كيف يتطاول‬ ‫عىل وزير الداخلية‪ ،‬ولو كنت مكانه ألقدمت عىل‬ ‫سجن مدير عام يخالف قرار وزيره”‪.‬‬ ‫واعترب وهاب أن اتفاق الدوحة م ّر وقته”‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أنه “بعد وقت معني يجب بدء البحث بتعديل‬ ‫اتفاق الطائف»‪.‬‬ ‫ورد عىل األصوات التي اتهمت يف اليومني املاضيني‬ ‫“هم يتهمون البعض بالخيانة ولكن فليتذكروا أن‬ ‫وليد جنبالط هو من جعلهم ينزلون إىل الشارع‬ ‫وأوصلهم إىل السلطة‪ ،‬وهو كان لديه الجرأة الكبرية‬ ‫ليعرتف بأنه قد كان عىل خطأ‪ ،‬فهل املطلوب أن‬ ‫يذهب جنبالط معه إىل االنتحار‪ ،‬هل أن سعد الحريري‬ ‫بضحكته البلهاء يجلس مع الجواسيس ويق ّيم‬ ‫الناس؟ أمل يسأل نفسه ملاذا كانت مواقف بعض‬ ‫املقربني من السعودية مع الرئيس ميقايت ومنهم‬ ‫نعمة طعمة ومحمد الصفدي وغريهم؟»‪.‬‬ ‫وأبرز وهاب دراسة استطالع رأي نرش يف موقع‬ ‫“إيالف” يظهر وجهة نظر مثقفني سعوديني تعترب‬ ‫أن الرصاع سيايس يف لبنان ليس مذهبياً وأن سعد‬ ‫الحريري مل يكن رجل املرحلة‪.‬‬ ‫وتابع “علينا محاسبة الفاسدين يف العهد البائد‬ ‫مثل القايض صقر صقر والقايض فادي عنييس‬ ‫وعلينا عدم ترك من أساؤوا إىل مراكزهم يف‬

‫‪16‬‬

‫السلطة‪ .‬هناك قضاة ومراجع رشيفة مثل الوزير‬ ‫إبراهيم نجار كفوئني ورشفاء‪ ،‬وعلينا يف املرحلة‬ ‫املقبلة إصالح اإلدارة والقضاء واألجهزة األمنية‪،‬‬ ‫هناك موظف يف الدوائر العقارية ميتلك ‪ 200‬مليون‬ ‫قاض يف بريوت يظلم الناس ميتلك ‪3‬‬ ‫دوالر‪ ،‬وهناك ٍ‬ ‫ماليني دوالر وفيال ضخمة يف بلدته ملاذا ال يحاسب‪،‬‬ ‫أنا ال أخاف من التسميات وواجهت محافظاً يوماً‬ ‫ما وحاول زياريت وأنا رفضت وقلت له أنا ال أصافح‬ ‫حرامي بهذا الشكل‪ ،‬وأتحداهم أن يدّعوا عيل‪ .‬أنا‬ ‫ضد الظلم والتشفي ولكنني مع املحاسبة من أجل‬ ‫حسن سري عمل الدولة‪ ،‬إذا ما أوقفت الحكومة‬ ‫الهدر والفساد فإنها ستوفر ‪ % 40‬من املال العام‪.‬‬ ‫بينام املحكمة انتهت عملياً وهذه القرارات التي‬ ‫وافق عليها سعد الحريري ستنفذ بفك االرتباط مع‬ ‫هذه املحكمة‪ ،‬واعتقد أن الحكومة املقبلة ستوقف‬ ‫التعامل مع املحكمة الدولية بنا ًء عىل االتفاق الذي‬ ‫تم مع سعد الحريري الذي فاوض عىل كل التفاصيل‬ ‫ويبدو أنه قد خالف قرار امللك واستعان عليه مع‬ ‫األمريكيني‪ .‬التحذير السعودي اليوم جاء بنتيجة ما‬ ‫عرضته الشاشات عن هذا الرعاع وكلنا كنا حذرين‬ ‫وليس فقط السعوديني‪ ،‬فكيف يتهمون الرئيس‬ ‫ميقايت بسنيته وهو قد نال ‪ 65‬ألف صوت سني يف‬ ‫االنتخابات؟‪.‬‬ ‫وعن إمكان تسلمه وزارة قال وهاب “ال تحتملني‬ ‫الحكومة املقبلة وزيراً‪ ،‬وأمتنى أن تطعم الحكومة‬ ‫املقبلة بـ”تكنوقراط” وأنا مع أن يأخذ الدروز وزارة‬ ‫سيادية‪ ،‬أنا مقتنع بوضعي بأن أتحدث بلسان الناس‬ ‫فقط‪ ،‬وأعتقد أن الرئيس ميقايت سيعرض الرشاكة‬ ‫مع الفريق اآلخر وهم سريفضون وكل شخص رشيف‬ ‫داخل الوزارة ميثلني‪ ،‬ال ميكن أن يشرتك مرشوعني‬ ‫داخل الحكومة‪ ،‬وعىل الدولة أن تتحمل وزر األوضاع‬ ‫العامة وأن تفتح املجال أمام الناس للتوظيف»‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن “مؤسسات الدولة املهمة أنجزت‬ ‫خالل عهود الرؤساء فؤاد شهاب والياس رسكيس‪،‬‬ ‫فلو كان هؤالء موجودين اليوم هل قبلوا مبحالت‬ ‫ألعاب قامر يف قرارهم؟»‪.‬‬ ‫وتابع “لو كنت مكان سعد الحريري ألعدت االعتبار‬ ‫والنظر بكل سياستي وأعدت قراءة الجغرافية‬ ‫السياسية والبلد أكرب من كل الشهداء‪ ،‬وهو‬ ‫ترصف وكأن البلد ملكه‪ ،‬والناس بحاجة أن ترتاح‬ ‫وتتخلص من املحكمة‪ .‬اليوم أغلبية السنة م ّلوا من‬ ‫هذه النغمة وبدا ذلك يف التحركات خالل اليومني‬ ‫املاضيني‪ ،‬مشرياً إىل أن “الرئيس كرامي شخصية‬ ‫وطنية ملتزمة وهو قد تحمل كثرياً والسيد نرصالله‬ ‫يحرتم جداً الرئيس كرامي ولو كان األمر مجرداً‬

‫الختار الرئيس كرامي لرئاسة الحكومة»‪.‬‬ ‫وأكد أن “القاعدة الدرزية يعرب عنها وليد جنبالط‬ ‫اليوم يف تحوله‪ ،‬والجبل اليوم واحة أمان مبسيحييه‬ ‫ودروزه‪ ،‬وأبرز مثال أن مرجعنا الديني الشيخ أبو‬ ‫محمد جواد ويل الدين قال يل منذ عام ونصف قلت‬ ‫لوليد بيك أمتنى أن ال أموت وأنت عىل خالف مع‬ ‫سوريا واملقاومة‪ .‬يف األسابيع القليلة املاضية حاول‬ ‫وليد جنبالط مبادرة مع سعد الحريري يك يغري رأيه‬ ‫ويقبل باالتفاق ولكنه مل يفهم الرسالة‪ ،‬وحامية‬ ‫الجبل هي من حامية طائفة املوحدين وحامية لبنان‪.‬‬ ‫هنا كنت أمتنى لو كان بعض نواب اللقاء الدميقراطي‬ ‫وفياً أكرث من ذلك ومنهم أشخاص ال يستطيعون أن‬ ‫ينالوا ‪ 100‬صوت يف قراهم»‪.‬‬ ‫واقرتح وهاب “الذهاب إىل انتخابات نيابية مبكرة‬ ‫عىل أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة‬

‫بالئحتني مقفلتني‪ ،‬وذلك يتم من خالل اقرتاح تتقدم‬ ‫به الحكومة بقانون انتخابات عرصي يدخل دم جديد‬ ‫عىل الحياة السياسية وإصالح القضاء واألجهزة‬ ‫األمنية وإصالح اإلعالم أي إصالح قانون اإلعالم ملواكبة‬ ‫عملية اإلصالح الهيكلية‪ .‬ونحن سننجح إذا ما قمنا‬ ‫بفصل وضع لبنان عن املنطقة كام حصل بعد اتفاق‬ ‫الطائف وإال فإن التخريب السيايس سيبقى‪ ،‬إذ مل‬ ‫يستقر وضع لبنان نهائياً وحاول السوري والسعودي‬ ‫فصل لبنان عن املنطقة وطار سعد الحريري ألنه سار‬ ‫مع املرشوع األمرييك»‪.‬‬ ‫وحيا وهاب “الشعب التونيس عىل ما فعله‬ ‫واليوم نحيي الشعب املرصي عىل موقفه وعىس‬ ‫أن نتخلص من هذه الطغمة الحاكمة يف مرص‪ ،‬أمل‬ ‫يتذكر أبو الغيظ أن أهل غزة هم من أهل السنة؟ هو‬ ‫فقط يتذكر أن السنة يف لبنان ألن الحريري والسنيورة‬

‫عمالء األمريكيني؟ ملاذا يتدخل األمرييك عرب السفرية‬ ‫بلبنان بالذهاب إىل النائب نقوال فتوش لتجربه عىل‬ ‫تغيري رأيه؟ ملاذا بيانهم اليوم وهم يدلون بالوعظ‬ ‫السيايس؟ وهذا أكرب دليل عىل تدخلهم السافر‪،‬‬ ‫ونحن سنعمل عىل كرس القرار األمرييك ونجحنا‬ ‫بذلك‪ ،‬وهم توجهوا اآلن ناحية التدخل يف تونس»‪.‬‬ ‫وعن عملية تشكيل الحكومة العتيدة قال “برأيي‬ ‫إن عملية تشكيل الحكومة سيكون رسيعاً ورمبا‬ ‫هناك اقرتاح بحكومة من ‪ 14‬وزيراً وهذا أمر مهم‬ ‫رسع العمل‪ ،‬وأمتنى رؤية الدكتور سليم جريصايت‬ ‫وي ّ‬ ‫وزيراً للعدل‪ ،‬وجوزف غصوب وزيراً للسياحة ومث ًال‬ ‫أسامء مثل مروان خري الدين‪ ،‬مروان املرصي‪ ،‬أسد‬ ‫رشف الدين‪ ،‬رشبل نحاس‪ ،‬ابراهيم كنعان‪ ،‬محمد‬ ‫فنيش‪ ،‬حسني الحاج حسن‪ ،‬إييل الفرزيل وزياد أسود‬ ‫وغريهم وزراء نظراً لكفائتهم»‪.‬‬

‫‪ ...‬وأطلق حملة المليون شجرة في كل لبنان‬ ‫أطلق رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب حملة غرس “املليون شجرة”‬ ‫نتيجة تدهور الوضع البيئي يف لبنان طيلة‬ ‫السنوات املاضية فض ًال عن الحرائق التي طاولت‬ ‫يف اآلونة األخرية قرى الجبل وغريها من املناطق‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪ :‬إن هذه الحملة ليست مقترصة‬ ‫عىل قرى الجبل وقد وضعنا برنامج عمل بالتنسيق‬ ‫مع حوايل ‪ 400‬بلدية وجمعية بيئية لرتجمة‬ ‫هذه الحملة التي هي تأكيد منا عىل االستمرار‬ ‫يف حامية البلد من كافة النواحي امليدانية أو‬ ‫السياسية أو االقتصادية أو البيئية‪ .‬وطبعاً هذا‬ ‫تأكيد جديد‪.‬‬ ‫وأضاف‪ :‬إننا مستمرون يف الحفاظ عىل هذا‬ ‫البلد وقد تأيت البيئة يف طليعة اهتامماتنا‬ ‫خاصة وأنها تشكل أكرب مساعد لإلنسان يك‬ ‫يستمر يف حياته‪.‬‬ ‫وشكر وهاب الرئيس السوري بشار األسد‬ ‫الذي أعطى توجيهاته بتسليمنا عرشات‬ ‫اآلالف من النصوب املتنوعة‪ ،‬إضافة اىل وجود‬ ‫عدد من األشخاص الذين قاموا مبساعدتنا وهم‬ ‫مشكورين لكنهم فضلوا عدم اإلعالن عن‬ ‫أسامئهم وهم يساعدوننا بشكل شخيص‬ ‫إلمتام هذه الحملة التي ال ميكن أن تنتهي خالل‬ ‫هذين الشهرين وإمنا سوف تستمر لفرتة طويلة‬ ‫من الزمن‪.‬‬ ‫وأشار وهاب اىل أنه بات بإمكاننا اآلن تسليم‬ ‫نصوب اىل عدد من البلديات‪ ،‬كاشفاً عن وجود‬ ‫آلية لنقل األشجار وتسليمها ومن ثم رعايتها‪.‬‬ ‫وختم وهاب بالقول‪ :‬ما نقوم به اليوم هو بداية‬ ‫إلطالق حملة املليون شجرة‪ ،‬متهيداً لحملة أخرى‬ ‫حرصاً منا عىل أن يعود هذا البلد أخرض كام كنا‬ ‫نعرفه ونحبه‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬شهود الزور ت ّمت فبركتهم‬ ‫في منزل الحريري وبأمواله‬ ‫رأى رئيس “حزب التوحيد العريب” الوزير السابق وئام وهاب أن الرئيس سعد الحريري‬ ‫“أعلن أنه هو املسؤول عن كل الشهود الزور”‪ ،‬وأضاف‪“ :‬كنّا نعلم أن كافة هؤالء‬ ‫الشهود الزور ّمتت فربكتهم يف منزل الحريري وبأمواله»‪.‬‬ ‫ويف حديث لقناة “املنار”‪ ،‬قال وهاب‪“ :‬الحريري يريد خصخصة البلد ونحن علينا‬ ‫“التطبيل والتزمري” له‪ ،‬وأن مننع االتحاد العاميل العام من التظاهر وأي نقابة من‬ ‫إصدار بيان‪ ،‬كام يريد تغيري التصويت داخل قيادة مجلس األمن الداخيل الذي هو‬ ‫باألكرثية‪ ،‬ليك يصبح األمر بيد املدير العام وأن يعطيه صالحيات أكرب‪ ،‬وعلينا نحن‬ ‫أن نوافق»‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫وفد نادي‬ ‫«الخيول»‬ ‫الرياضي‬ ‫ك ّرم وهاب‬

‫أمين اإلعالم في حزب «التوحيد العربي» للـ «أن‪ .‬بي‪ .‬أن»‪:‬‬ ‫المحكمة ستصبح خارج التداول بعد رأس السنة‬

‫استقبل رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب‪ ،‬يف مكتبه‪ ،‬يف برئ حسن وفداً‬ ‫من إدارة نادي “الخيول” الريايض‪ ،‬وقدم الوفد للوزير‬ ‫وهاب درعاً تكرميياً‪.‬‬

‫وهاب بعد زيارته الرئيس كرامي‪:‬‬ ‫لوضع جدار حماية حول لبنان في المرحلة القادمة‬ ‫اعترب رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب أن ما قاله رئيس الحكومة‬ ‫سعد الحريري لجريدة “الحياة”‪ ،‬محاولة لتضليل‬ ‫الرأي العام و جمهوره‪.‬‬ ‫وقال وهاب خالل زيارته الرئيس عمر كرامي‬ ‫يف دارته يرافقه عضو املكتب السيايس‬ ‫د‪.‬شفيق باز ومستشاره خالد خداج لتسجيل‬ ‫استنكاره لالعتداء الذي تعرض له منزل نجله‬ ‫فيصل كرامي يف طرابلس‪”،‬ليس صحيحا أن‬ ‫هناك شيئاً يجب أن تقوم به املعارضة حيال‬ ‫التسوية السورية السعودية”‪ ،‬وأضاف وهاب أن‬ ‫“املبادرة تبدأ من موقف لرئيس الحكومة وبعدها‬ ‫نناقش األمور االخرى وما يحىك عن موضوع‬ ‫الكهرباء والهاتف والخصخصة و”اللصلصة”‪،‬‬ ‫وبالتايل فإن األمر يبدأ مبعالجة تداعيات القرار‬ ‫الظني”‪.‬‬ ‫وتابع “املعارضة تجاوبت مع مساعي الـ””سني‬ ‫سني” ألنها الطريق الصحيح للخروج من املأزق‬ ‫يف لبنان‪ ،‬مطمئناً اللبنانيني بأن “ال فتنة يف‬ ‫لبنان نتيجة القرار الظني ألننا ّ‬ ‫متكنا من تفجري‬ ‫هذه النتيجة قبل أن تصل الينا»‪.‬‬ ‫وأشار وهاب اىل أن “املسؤولني يف الدولة‬ ‫أبلغوا أن التعاطي مع القرار االتهامي والتفاعل‬ ‫معه ممنوع”‪ ،‬معرباً عن اعتقاده أن “الجميع بات‬ ‫يعرف ذلك”‪.‬‬ ‫وأضاف قائال “الحظنا جميعاً أن مسعى‬ ‫امللك السعودي عبد الله بن عبد العزيز جاد‬ ‫منذ متوز املايض‪ ،‬وقد رأينا أن التسوية السورية‬ ‫‪ -‬السعودية قد حققت نجاحها منذ الصيف‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫كرامي مستقبال وهاب وباز وخداج‬

‫املايض وليس منذ أيام»‪.‬‬ ‫وأوضح وهاب أنه “اذا سبق صدور القرار‬ ‫ٍّ‬ ‫حل من أي‬ ‫الظني إعالن التسوية فنحن يف‬ ‫التزامات كمعارضة”‪ ،‬مضيفاً “حينئذ ال أحد‬ ‫ميون علينا ال سوريا وال السعودية‪ ،‬فنحن‬ ‫من سيقرر أصول اللعبة ولدينا الوسائل‬ ‫الدميقراطية عرب مجلس النواب وعرب الحكومة‬ ‫حتى نترصف بالطريقة التي تناسبنا‪ ،‬الفتاً‬ ‫اىل أن “ما يدور يف نيويورك هو رصاع بني النية‬ ‫ّ‬ ‫الحل وبني محاوالت‬ ‫السعودية الطيبة يف ايجاد‬ ‫التخريب األمريكية وربط لبنان بساحات أخرى‪،‬‬ ‫داعياً اىل “وضع جدار حامية حول لبنان يف‬ ‫املرحلة القادمة”‪ ،‬مشرياً اىل أن “املعارضة‬ ‫مبجرد قبولها الجلوس مع فريق تآمر علينا منذ‬

‫‪18‬‬

‫ست سنوات فهذا بحدّ ذاته تنازل وذلك صوناً‬ ‫للوحدة الوطنية»‪.‬‬ ‫وأكد وهاب أن “أي قرار ظني سيجعلنا‬ ‫نتضامن أكرث مع املقاومة املستهدفة التي‬ ‫توجع الصهاينة واألمريكيني»‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬أكد وهاب أن املحكمة الدولية‬ ‫ليست سوى مؤامرة ورأينا كيف استعملت‬ ‫يف السودان ضدّ الرئيس كام لفت اىل أن‬ ‫“املحكمة الدولية هي مؤامرة‪ ،‬ونحن رأينا كيف‬ ‫استعملت ضدّ الرئيس السوداين عمر البشري‬ ‫وكيف اختفت عندما وافق عىل إجراء استفتاء‬ ‫جنوب السودان”‪.‬‬ ‫وختم وهاب قائ ًال‪“ :‬لقد أصبح هذا البلد‬ ‫عىل طريق التقسيم»‪.‬‬

‫رأى أمني اإلعالم يف حزب “التوحيد العريب”‬ ‫هشام األعور أن “هناك مرسحية اسمها محكمة‬ ‫دولية كان ُيراد من خاللها فربكة شهود الزور التهام‬ ‫سوريا‪ ،‬ولكن فشل هذا السيناريو أدى إىل االنتقال‬ ‫التهام “حزب الله”‪ .‬وكالم الرئيس بشار األسد‬ ‫إيجايب جداً‪ ،‬ورسم خريطة طريق للمستقبل‪،‬‬ ‫وأكد عىل كالم رئيس الحزب وئام وهاب عىل أن‬ ‫املحكمة إرسائيلية وقرارها شبيه باتفاق ‪ 17‬أيار”‪.‬‬ ‫األعور‪ ،‬ويف حديث لتلفزيون «‪»NBN‬مع‬ ‫اإلعالمية سهى وهبه‪ ،‬اعترب “أنهم يريدون من‬ ‫املحكمة التأسيس لفتنة سنية – شيعية بهدف‬ ‫اتهام الطائفة الشيعية باغتيال رئيس الحكومة‬ ‫رفيق الحريري‪ ،‬لكن املحكمة الدولية سقطت‬ ‫“وسنصل مرحلة رمبا بعد عرشة أيام من بداية‬ ‫السنة الجديدة حيث يصبح موضوع املحكمة خارج‬ ‫إطار التداول‪ ،‬وأننا نتجه إىل تسوية يف املرحلة‬ ‫املقبلة واىل انفراجات عىل الساحة الداخلية”‪.‬‬ ‫وتابع األعور “مل يكن سعد الحريري يترصف‬ ‫بايجابية حتى اليوم‪ ،‬وأكرب دليل عىل أن املحكمة‬ ‫مس ّيسة وإرسائيلية هو كالم جون بولتون‪ ،‬وإرصاره‬ ‫عىل أن املحكمة ستتهم سوريا و”حزب الله”‪ ،‬وهناك‬ ‫مرسحية اسمها محكمة دولية يوماً تتهم سوريا‬ ‫ويوماً آخر تتهم “حزب الله”‪ ،‬والهدف التسبب بفتنة‬ ‫سنية شيعية‪ ،‬واعتبار فريق ‪ 14‬آذار أن املحكمة‬ ‫قد خرجت من يد اللبنانيني‪ ،‬نكون قد سلمنا كل‬ ‫سيادتنا للخارج‪ ،‬والحل املنطقي والعادل هو ما‬ ‫طرحه الرئيس نبيه بري عن رضورة حل األزمة وإحالة‬ ‫القضية إىل املجلس العديل‪ .‬فكيف تكون املحكمة‬ ‫الدولية رشعية وهي ال تحمل توقيع الرئيس السابق‬ ‫إميل لحود وهو من يوقع املعاهدات الدولية؟”‪.‬‬ ‫وأضاف “كيف يشككون باملجلس العديل وهم‬ ‫ميسكون السلطة وزمام األمور يف البلد‪ ،‬ونحن‬ ‫بدورنا كحزب توحيد عريب نؤكد أنه ال يجوز أن‬ ‫يبقى البلد كام هو منذ خمس سنوات‪ ،‬بتح ّوله‬ ‫إىل جمهورية الرضيح‪ ،‬واملعارضة تتعامل مع‬ ‫البلد مبسؤولية‪ ،‬ودعت كل األفرقاء إىل الحوار‪ ،‬ولكن‬ ‫عملية اتهام فريق وطائفة لبنانية كبرية غري عابر‪،‬‬ ‫وحددنا كمعارضة أن هناك ‪ 10‬سيناريوهات يف‬ ‫املرحلة املقبلة‪ ،‬وقد يكون العارش منه فيه يشء‬ ‫من القوة‪“ ،‬ويا محال ‪ 7‬أيار”‪ ،‬وما يطرحه الفريق اآلخر‬ ‫من حلول بإلغاء املحكمة مقابل تعزيز سلطته‪ ،‬أمر‬ ‫غري وارد عىل اإلطالق‪ .‬ونحاول أن نجنب البلد تبعات‬ ‫القرار الظني‪ ،‬ويبدو أن املبادرة السعودية ‪ -‬السورية‬ ‫قد قطعت أشواطاً كبرية‪ .‬وبحسب ما يقال إن‬ ‫زيارة الرئيس سعد الحريري إىل نيويورك ضمن هذه‬ ‫التسوية‪ ،‬ويبدو أن الضغوطات األمريكية كبرية‬ ‫عىل امللك السعودي وفريق ‪ 14‬آذار”‪.‬‬ ‫وعام إذا استلمت املعارضة السلطة‪ ،‬أكد‬

‫األعور إنها “ستعمل عىل توزيع السلطة بني فئات‬ ‫الشعب اللبناين‪ ،‬وكيف ميكن وصفنا بأننا نحتكر‬ ‫السلطة وكل املؤسسات التي تريدها هي لكل‬ ‫الشعب اللبناين‪ .‬وتجاربنا واضحة وحتى املقاومة‬ ‫مفتوحة أمام كل من يريد املشاركة وهذه رسايا‬ ‫املقاومة أمام كل من يريد املشاركة فيها‪ .‬لغة‬ ‫الفتنة انتهت وهي أين ميكن أن تقع؟ بني َمن و َمن؟‬ ‫طاملا أن البلد معطل مبوضوع شهود الزور‪ ،‬فلامذا‬ ‫ال نقدم عىل حسم هذا امللف؟‬ ‫وتابع األعور‪ :‬عملية تشويه دور السنة هو‬ ‫عملية مربمجة من قبل األمريكيني ومخابراتهم‪،‬‬ ‫ونحذر آل الحريري من إيقاظ الفتنة والسلفية ألنها‬ ‫قد تجرفهم هم أوالً”‪.‬‬ ‫وعن دور رئيس الجمهورية تساءل األعور‪“ :‬كيف‬ ‫ميكن لرئيس الجمهورية أن يقول إنه حامي الدستور‬ ‫ويترصف بعكس ذلك‪ ،‬إذ يبدو أن موقفه عىل الحياد‬ ‫وسيبقى كذلك‪ ،‬ولكن ال يجوز أن يقول أن الدستور‬ ‫ينص عىل هذا البند وأنا رأيي مختلف‪ .‬املقاومة‬ ‫التي حفظت كرامة العرب واللبنانيني ولوالها‬ ‫ملا بقي كريس يجلس عليها رئيس الجمهورية‪،‬‬ ‫ولذلك يتوجب التأكيد عىل الثالوث اللبناين‬ ‫الجيش والشعب واملقاومة‪ ،‬واصفاً طاولة الحوار‬ ‫بطاولة فولكلور ال تجدي نفعاً‪.‬‬ ‫ونفى األعور أي حديث عن خالف أو تباين سوري‬ ‫ إيراين “حول لبنان واملحكمة‪ ،‬وطاملا أن املحكمة‬‫إرسائيلية فلن يكون هناك خالف مطلقاً‪ ،‬وكالم‬ ‫الرئيس بشار األسد مياثل ما قاله السيد الخامنئي‪،‬‬ ‫والدور اإليراين يف لبنان دور وحدوي ومكمل‬ ‫للحاجة اللبنانية‪ ،‬ألن إيران حاجة إقليمية وعربية‬ ‫وإسالمية وعاملية ال تعمل به عىل صعيد املنطقة‪.‬‬ ‫واليوم املوقف السوري اإليراين اللبناين ينتظر ما‬ ‫ستصل إليه املبادرة السعودية السورية‪ ،‬متسائ ًال‬ ‫كيف ميكن أن نصنف دور إيران يف لبنان بالسلبي‪،‬‬ ‫وهي التي قدمت الكثري وخالل زيارة الرئيس‬ ‫أحمدي نجاد إىل لبنان كان واضحاً مدى ردة الفعل‬ ‫الشعبي اإليجابية عىل هذا الدور‪ ،‬ودورها مركزي‬ ‫يف مواجهة املرشوع األمرييك اإلرسائييل وهذا‬ ‫أمر يجب أن نعمل عىل تعزيزه»‪ .‬وتابع «املوقف‬ ‫اإليراين وضع سقف ألي تسوية‪ ،‬واعترب أن املحكمة‬ ‫لن تكون بخدمة «إرسائيل»‪ ،‬وعىل ما يبدو أن‬ ‫املوقف اإليراين قد شعر بأن التسوية قد وصلت‬ ‫إىل حدودها النهائية فقررت التدخل ووضع سقفاً‬ ‫لها‪ ،‬واملوقف اإليراين ال بعرب عنه فقط «حزب الله»‬ ‫يف لبنان بل هناك رشيحة واسعة من الشعب‬ ‫اللبناين تؤيد هذا املوقف»‪.‬‬ ‫وأكد األعور أنه «لو ُطلب من النائب وليد جنبالط‬ ‫التصويت عىل ملف شهود الزور لكان فعل‪ ،‬ونحن‬ ‫لدينا ملء الثقة مبوقفه الحايل‪ .‬متسائ ًال ملاذا‬

‫‪19‬‬

‫ال تتفرغ كل قوى البلد ملعالجة امللف االقتصادي‬ ‫االجتامعي ومعالجة مشكلة الناس؟»‪.‬‬ ‫ورد عىل القائلني برضورة املفاوضات وإلغاء‬ ‫سالح املقاومة بأن «مقولة قوة لبنان يف ضعفه‬ ‫قد سقطت وسقطت معها مقولة املقاومة‬ ‫الدبلوماسية والحل بحامية لبنان ونفطه وشعبه‬ ‫باملقاومة‪ .‬البلد فيه مرشوعان ويجب أن يغلب‬ ‫أحدهام اآلخر‪ .‬وهناك طروحات جذرية تقول بتحرير‬ ‫فلسطني من النهر إىل البحر‪ ،‬وخيار التسويات‬ ‫والتبعية ألمريكا والعرب قد سقطت‪.‬‬ ‫وتساءل األعور‪ :‬ماذا أعطت التسويات واملفاوضات‬ ‫غري الذل والهوان وهذا منوذج الدميقراطية يف‬ ‫العراق زاهر جدا‪ ،‬واالتفاقيات تاريخياً عملت عىل‬ ‫تفكيك العامل العريب بد ًءا من اتفاقية سايكس‬ ‫بيكو واليوم تفكيك املفكك من السودان واليمن‬ ‫والعراق وغريها”‪ .‬وأكد أن “السنة يقاتلون برشف يف‬ ‫فلسطني والعراق وغريها وهذا األمر أسقط مقولة‬ ‫الفتنة‪ ،‬األمرييك لديه رشوط كبرية للتسوية‪،‬‬ ‫ولكن الواقع عىل األرض مختلف ويتحول باستمرار‪،‬‬ ‫ومل يكن يوماً االتفاق السوري ‪ -‬األمرييك ينعكس‬ ‫سلباً عىل لبنان‪ ،‬ويف أيام الوجود السوري يف لبنان‬ ‫شهد البلد استقراراً ملحوظاً‪ ،‬لكن ذلك ال يعني‬ ‫املقارنة بني مرحلة الوجود السوري يف لبنان مع ما‬ ‫بعدها إال دلي ًال عىل صحة ما نقوله عن دور سوريا‬ ‫يف لبنان”‪.‬‬ ‫وتابع األعور‪“ :‬شهود الزور هم دعامة املحكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬يف كتاب “صناعة شهود الزور بريوت‪،‬‬ ‫باريس‪ ،‬تل أبيب” لكاتبه األستاذ نضال حامدة عن‬ ‫شهود الزور يؤكد عىل أن أكرب شاهد زور يف هذه‬ ‫القضية هو الرئيس سعد الحريري نفسه‪ ،‬وشهود‬ ‫الزور واملحكمة وفريقهام يعملون ضمن أجندات‬ ‫سياسية‪ ،‬ويبدو أن هاجس السلطة عند الرئيس‬ ‫سعد الحريري سيطغى عىل معرفة حقيقة من‬ ‫اغتال والده‪ ،‬وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري‬ ‫كان الطرح يرتاوح بني اختيار سعد أو بهاء‪ ،‬وكانت‬ ‫االرجحية باتجاه بهاء الحريري إال أن ذلك مل يتحقق‬ ‫بفعل تدخل بعض أعضاء العائلة السعودية‬ ‫واختري سعد ألنه أكرث خدمة لهم”‪.‬‬ ‫وختم األعور كالمه بالقول “املسعى السوري‬ ‫السعودي هو بوابة الحل‪ ،‬وكام رد الخليفة أبو‬ ‫جعفر املنصور عىل أحد طالبي تعيينه وزيراً أن‬ ‫قال له‪“ :‬ارفع لواء الحق يتبعك الجميع”‪ ،‬فلرنفع لواء‬ ‫املقاومة يتبعنا العامل أجمع”‪.‬‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫المكتب السياسي في حزب «التوحيد العربي»‪:‬‬ ‫ال مشاركة مع سلطة تتآمر على المقاومة‬ ‫عقد املكتب السيايس لـحزب “التوحيد‬ ‫العريب” اجتامعه الدوري برئاسة رئيس الحزب وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬وقد جرى البحث يف األوضاع السياسية‬ ‫املتأزمة الراهنة‪ ،‬حيث أ ّكد املكتب السيايس‬ ‫عىل مسؤولية األمريكيني يف إفشال املسعى‬ ‫السوري ‪ -‬السعودي‪.‬كام توقف املكتب السيايس‬ ‫أمام موضوع املحكمة الدولية‪ ،‬تلك املؤامرة‬ ‫املتدحرجة عىل رؤوس اللبنانيني مؤ ّكداً التزام‬ ‫الحزب مبواجهتها‪ ،‬ومواجهة مختلف مفاعيلها‬ ‫عىل املستوى الداخيل دع ًام للمقاومة ملا شكلته‬ ‫من ضامنة لسيادة البالد وحريتها واستقاللها‪.‬‬ ‫واعترب املكتب السيايس أن األوان قد آن‬ ‫الستالم املعارضة للسلطة يف البالد بعيداً‬ ‫عن املحاذير والرتدد ألن رشاكة بعض من هم يف‬ ‫السلطة بالتآمر عىل املقاومة كأنبل ظاهرة يف‬ ‫التاريخ العريب الحديث هو سبب كاف يك تتوىل‬ ‫املعارضة الشأن العام‪ ،‬فإن األوضاع االقتصادية‬ ‫بها‬ ‫تسببت‬ ‫والتي‬ ‫السيئة‪،‬‬ ‫واالجتامعية‬ ‫سياسات الفقر واإلفقار والفساد سبب إضايف‬ ‫آخر يك تتوىل املعارضة مسؤولياتها التاريخية‬ ‫تجاه الناس مبختلف أطيافهم‪.‬‬

‫بلدة شارون ش ّيعت الشيخ أبو محمد فايز الصايغ‬ ‫في مأتم شعبي وحزبي‬ ‫ش ّيعت بلدة شارون بتاريخ ‪2010-12-26‬‬ ‫الشيخ أبو محمد فايز الصايغ يف مأتم شعبي‬ ‫وحزيب‪ ،‬حرضه املرجعية الروحية لطائفة‬ ‫املوحدين الدروز الشيخ أبو سليامن حسيب‬ ‫الصايغ‪ ،‬واملرجعية الروحية الشيخ أمني‬ ‫الصايغ ممث ًال بالشيخ أكرم الصايغ‪ ،‬الشيخ‬ ‫مروان فياض يرافقه وفد كبري من مشايخ جبل‬ ‫الدروز‪ ،‬ورئيس “حزب التوحيد العريب” الوزير‬ ‫السابق وئام وهاب‪ ،‬ممث ًال بنائب رئيس مجلس‬ ‫األمناء األستاذ يوسف أبو ذياب يرافقه أعضاء‬ ‫املكتب السيايس ورئيس بلدية الجاهلية‪،‬‬ ‫ورئيس حركة النضال اللبناين العريب النائب‬ ‫السابق فيصل الداوود‪ ،‬ومنفذ عام الغرب‬ ‫السابق يف الحزب السوري القومي االجتامعي‬ ‫حسام العرساوي وحشد من أبناء البلدة‬ ‫والجوار‪.‬‬ ‫كام قام رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب بتقديم واجب العزاء‪ ،‬رافقه وفد من قيادة‬ ‫الحزب‪ ،‬كام قدم مسؤول منطقة جبل لبنان يف “حزب‬ ‫الله” الحاج بالل داغر واجب العزاء يف قاعة آل صايغ‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يوسف أبوذياب وأمني أبوذياب يقدمان التعازي للصايغ‬

‫‪20‬‬

‫وفد من املكتب السيايس‬ ‫زار الرئيس لحود مهنئاً‬ ‫بعيدي امليالد ورأس السنة‬ ‫زار وفد من املكتب السيايس يف حزب “التوحيد‬ ‫ضم الوفد نائب‬ ‫العريب” فخامة الرئيس إميل لحود‪ّ ،‬‬ ‫رئيس املكتب السيايس بهاء عبد الخالق وأعضاء‬ ‫املكتب السيايس حافظ أيب املنى‪ ،‬عصمت‬ ‫العرييض‪ ،‬الدكتور شفيق باز‪ ،‬ضياء األعور وجواد‬ ‫زرقطة‪ .‬وبعد اللقاء قال عبد الخالق‪:‬‬ ‫حملنا لفخامة الرئيس معايدة حزب “التوحيد‬ ‫العريب” ورئيسه معايل األستاذ وئام وهاب‬ ‫مبناسبة مرور عيدي امليالد ورأس السنة أعاده الله‬ ‫عىل اللبنانيني بالخري واألمن واالستقرار‪ .‬وعربنا‬ ‫لفخامته عن شجبنا واستنكارنا للتفجريات‬ ‫التي حصلت يف االسكندرية والتي طالت أهلنا‬ ‫املسيحيني املستهدفني كام يف العراق ولبنان‬ ‫والسودان ويف كل عاملنا العريب‪ .‬وإن االنتهاكات‬ ‫لدور العبادة والكنائس واملساجد وقتل األطفال‬ ‫والنساء والشيوخ هو أسلوب العدو الصهيوين‬ ‫واألمرييك‪ ،‬اللذين يهدفان اىل تفكيك وإضعاف‬ ‫وتقسيم املنطقة اىل كانتونات مذهبية متناحرة‬ ‫فيام بينها خدمة للمرشوع الكبري وبالتايل تحقيقاً‬ ‫ألمن “إرسائيل»‪.‬‬ ‫كام استعرضنا مع فخامته ظروف املراوحة‬ ‫لألزمة الحالية والتي تشري اىل أن عملية احتواء‬ ‫القرار االتهامي جارية عرب جهود دولية وإقليمية‪،‬‬ ‫مام يؤكد مجدداً أن املحكمة هي فصل من فصول‬ ‫األزمة يف املنطقة خدمة للمرشوع األمرييك‬ ‫الصهيوين‪.‬‬

‫‪ ...‬والرئيس الحص مطمئناً عىل‬ ‫صحته ومهنئاً باألعياد‬ ‫وقام وفد من املكتب السيايس يف حزب “التوحيد‬ ‫العريب”‪ ،‬ضم كل من نائب رئيس املكتب السيايس‬ ‫بهاء عبد الخالق وعضوي املكتب السيايس عصمت‬ ‫العرييض وجواد زرقطة بزيارة الرئيس سليم الحص‬ ‫لإلطمئنان عىل صحته ومعايدته مبناسبة األعياد‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء نقل عبد الخالق بإسم الوفد تحيات‬ ‫رئيس الحزب الوزير وئام وهاب للرئيس الحص‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫تناولنا مع دولته تطورات وظروف األزمة الداخلية ال‬ ‫سيام املحكمة الدولية وملف شهود الزور ورضورة‬ ‫إحالته إىل املجلس العديل بعد أن ش ّكل هذا امللف‬ ‫انقالباً سياسياً طاول وحدة لبنان وأمنه واستقراره‬ ‫وتضحيات املقاومة واالعتداء عليها ‪.‬‬ ‫كام جرى بحث يف املعطيات اإليجابية التي‬ ‫رشحت عن املسعى السوري – السعودي‪ ،‬مرصحاً‪:‬‬ ‫ننتظر العام الجديد لرنى ما ستحمل لنا هذه‬ ‫املعطيات وما هو االتجاه الذي ستسلكه األزمة‬ ‫وهل ستكون هناك تسوية متكاملة تحتوي القرار‬ ‫االتهامي وإعادة تشكيل حكومة جديدة تؤسس‬ ‫التفاق جديد حول إدارة البلد وشؤونه وإنقاذ‬ ‫مؤسساته واالهتامم بامللف االقتصادي االجتامعي‬ ‫الذي بات ملحاً لدى للبنانيني جميعاً‪ ،‬ال سيام أن‬

‫الحكومة الحالية قد استقالت من مسؤولياتها‬ ‫الوطنية من خالل تعطيلها ملجلس الوزراء من قبل‬ ‫رئيس الحكومة ووزرائه‪ ،‬وكأننا بهم يأخذون الشعب‬ ‫اللبناين رهينة للضغط عىل املعارضة بهدف‬ ‫تحسني رشوطهم يف التسوية املرتقبة‪ .‬كام نأمل‬ ‫أن يحمل لنا العام الجديد انفراجات عىل مستوى‬ ‫تحمل فريق ‪ 14‬أذار مسؤولياته يف حامية أمن البلد‬ ‫واستقراره ومقاومته لدرء كل املؤامرات واملشاريع‬ ‫التقسيمية التي تهدد لبنان‪.‬‬

‫‪ ...‬وبحث مع سعد بآخر املستجدات‬ ‫عىل الساحة اللبنانية‬ ‫استقبل رئيس التنظيم الشعبي النارصي‬ ‫الدكتور أسامة يف مكتبه يف صيدا وفداً من حزب‬ ‫“التوحيد العريب‪ ،‬ضم الوفد أعضاء مجلس األمناء‬ ‫يف الحزب عصمت العرييض‪ ،‬لؤي الغور‪ ،‬هشام‬ ‫األعور‪ ،‬جواد زرقطة‪ ،‬ماهر وهاب ومحمد الصايغ‪،‬‬ ‫بحضور عضو القيادة يف التنظيم مصطفى‬ ‫حسن‪ ،‬حيث جرى التباحث بآخر املستجدات عىل‬ ‫الساحة اللبنانية بشكل خاص والعربية بشكل‬ ‫عام‪.‬‬ ‫رصح أمني العالقات السياسية‬ ‫وبعد اللقاء‬ ‫ّ‬ ‫عصمت العرييض قائ ًال‪:‬‬ ‫«جئنا اىل صيدا العروبة‪ ،‬صيدا معروف‬ ‫ومصطفى سعد‪ ،‬صيدا أسامة سعد‪ ،‬صيدا‬ ‫املضيئة باملقاومة الوطنية والقومية التي سجلت‬ ‫بتاريخها وقفات أنقذت الوطن من عدة مؤامرات‬ ‫أحيكت ضده بد ًءا من عقود طويلة وانتها ًء‬ ‫باالجتياح وما أفرز بعده «‪.‬‬ ‫وأ ّكد العرييض سقوط وفشل املسعى السوري‬ ‫ السعودي‪ ،‬معترباً أن فشل هذا املسعى يعود اىل‬‫قرار أمرييك ‪ -‬إرسائييل باالتفاق مع بعض الدول‬ ‫األجنبية و األنظمة العربية املتآمرة واملتعاملة مع‬ ‫هذا القرار‪ ،‬مشرياً اىل أن املحكمة الدولية وجدت‬ ‫ليك توجه رضبة لكل قوى املقاومة يف املنطقة‪.‬‬ ‫أما يف ما يخص الساحة العربية أشار‬ ‫العرييض اىل ما يجري يف مرص وما حصل فيها‬ ‫من استهداف لكنيسة األقباط‪ ،‬وصوالً اىل‬ ‫السودان وسلخ جنوبه عن شامله‪ ،‬وما يجري يف‬ ‫تونس والجزائر وغريها من دول املنطقة التي تعاين‬ ‫من املرشوع األمرييك‪ .‬وطالب اللبنانيني بأن يتخذوا‬ ‫مام يجري عربة ألن لبنان مستهدف من قبل املرشوع‬

‫‪21‬‬

‫األمرييك مثله مثل بقية دول املنطقة‪.‬‬

‫‪ ...‬وهنأ مطر وعودة بامليالد ورأس‬ ‫السنة‬ ‫مبناسبة حلول عيدي امليالد ورأس السنة زار‬ ‫عضوا املكتب السيايس يف حزب “التوحيد‬ ‫العريب” عصمت العرييض وجواد زرقطة كل من‬ ‫املطران بولس مطر واملطران الياس عودة وقدما‬ ‫لهام التهاين باسم الحزب ورئيسه الوزير السابق‬ ‫وئام وهاب‪ ،‬مؤكدين عىل التمسك بالثوابت‬ ‫الوطنية التي تجمع اللبنانيني ووجوب الوقوف صفاً‬ ‫واحداً ملواجهة األخطار املحدقة التي يهدد بها العدو‬ ‫اإلرسائييل أمن واستقرار لبنان‪.‬‬

‫نشاطات مفوضية عاليه العامة‬ ‫مبناسبة عيدي امليالد ورأس السنة قامت‬ ‫مفوضية عاليه العامة يف حزب “التوحيد العريب”‬ ‫بتوزيع بطاقات معايدة عىل الرفاق والرفيقات يف‬ ‫املفوضية متمنية لهم دوام الصحة واالستمرار‬ ‫يف مسرية النضال السيايس عىل درب التوحيد‬ ‫العريب‪.‬‬ ‫ويف إطار تعزيز التعاون والتنسيق بني حزب‬ ‫“التوحيد العريب” والحزب “التقدمي االشرتايك”‬ ‫التقى أمني اإلعالم يف حزب “التوحيد العريب”‬ ‫هشام األعور مدير فرع قرنايل يف الحزب االشرتايك‬ ‫وسيم هالل عىل رأس وفد من هيئة الفرع اإلدارية‪.‬‬ ‫تناول اللقاء بحث السبل اآليلة اىل تعزيز وحدة‬ ‫الجبل والحفاظ عىل أمنه واستقراره‪.‬‬ ‫كام جرى التطرق اىل موضوع اإلمناء يف بلدة‬ ‫قرنايل والرد قدر اإلمكان عىل حاجات أهايل البلدة‬ ‫الرضورية‪.‬‬ ‫يف سياق آخر‪ ،‬واستكامالً للجوالت التي تقوم‬ ‫بها أمانة الداخلية يف حزب “التوحيد العريب”‬ ‫عىل املفوضيات يف املناطق‪ ،‬قام أمني الداخلية‬ ‫الرفيق محمد الصايغ وأمني التعبئة الرفيق لؤي‬ ‫أبو ذياب بجولة يف مفوضية حاصبيا العامة‬ ‫شملت مفوضيات حاصبيا وعني جرفا واملاري حيث‬ ‫تم التأكيد عىل مضاعفة الجهود من أجل اإلرتقاء‬ ‫بالعمل الحزيب نحو األفضل كام وتم افتتاح مركز‬ ‫للحزب يف مفوضية املاري‪.‬‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫رحيل‬ ‫تابعت أمانة اإلعالم يف «حزب التوحيد العريب» التطورات السياسية واألمنية‬ ‫واإلجتامعية‪ ،‬يف لبنان والعامل العريب وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السيايس‬ ‫منها‪ ،‬وجاءت عىل الشكل اآليت‪:‬‬ ‫أمانة اإلعالم يف حزب «التوحيد العريب»‪:‬‬ ‫أبو الغيط تذكر حقوق السنّة يف لبنان‬ ‫ونيس حقوق السنّة يف غزة‬ ‫مضحك مبك كالم وزير خارجية النظام املرصي عن السنّة يف لبنان ويصح فيه‬ ‫قول الشاعر العراقي مظفر الن ّواب‪« :‬يهتم بكل قضايا الناس وينىس قضيته»‪.‬‬ ‫وتساءلت األمانة‪ :‬كيف تذكر أبو الغيط حقوق السنّة يف لبنان ونيس حقوق‬ ‫السنّة يف غزة ويف مرص تحديداً‪ ،‬كيف يسمح لنفسه أن يتحدث عن السنّة يف‬ ‫لبنان ونظامه يج ّوع السنّة ويحارصهم ومينع عنهم الطعام وحتى الدواء يف غزة‪،‬‬ ‫كيف يسمح وزير خارجية نظام ن ّكل وج ّوع وحارص مليون ونصف سنّي يف غزة‬ ‫بالحديث عن حقوق السنّة يف لبنان؟‬ ‫كأن أبو الغيط مل يعد يعرف من السنّة يف لبنان إال رشيكه يف الشبكة‬ ‫األمريكية العنكبوتية التي تريد اإلمساك باملنطقة سعد الحريري‪ ،‬كأن السنّة يف‬ ‫لبنان مخترصين بشخصية تافهة من أمثال الذين يتأسف عليهم أبو الغيط‪.‬‬ ‫ال يا صاحب املعايل السنّة يف لبنان هم الذين خرج وراءهم لبنان مؤيداً لعبد‬ ‫النارص وهاتفاً له‪ ،‬السنة هم الذين خرج وراءهم كل لبنان مؤيداً للوحدة السورية‪-‬‬ ‫املرصية‪ ،‬السنّة يف لبنان ووراءهم كل اللبنانيني يعتربون أن مشكلة األمة هي‬ ‫وجود نظامكم املريض والذي انعكس مرضه عىل كل األمة حتى أصبحت عاجزة‬ ‫بفضل عجزكم‪.‬‬ ‫املشكلة ليست عند السنّة يف لبنان‪ ،‬املشكلة هي عند كل األمة فعندما أصيب‬ ‫عقل النظام يف الشقيقة الكربى برسطان االرتهان والتبعية والذل واالستسالم‬ ‫أصبحنا كلنا نعاين املرض‪ ،‬وما نطلبه من الله أن يشفينا من مرض نظامكم قبل‬ ‫أن يقيض عىل كل األمة‪.‬‬

‫و للحريري‪ :‬أهل السنة هم أمة وليسوا مذهباً‬ ‫عىل قياسك الصغري‬

‫مرة جديدة يثبت سعد الحريري وموظفوه يف “أوجيه” لبنان املعينون برتبة نواب‬ ‫أنهم ليسوا سوى عصابة تسعى للسلطة حتى ولو أحرقت لبنان‪.‬‬ ‫مرة جديدة يظهر املبتدئ يف السياسة أنه ال يصح ألية مسؤولية‪.‬‬ ‫مرة جديدة يثبت غالم األمري أنه يعتقد نفسه يف إمارة ورثها عن جده‪.‬‬ ‫مرة جديدة تثبت العصابة التي ه ّولت عىل اللبنانيني طوي ًال من خطوات املعارضة‬ ‫أنها كام أسميناها منذ ست سنوات عصابة سلطة ومال‪.‬‬ ‫مرة جديدة يحاول هذا الذي اغتصب السلطة متاجراً بدم أبيه عام ‪ 2005‬مجدداً‬ ‫اغتصابها بنفس الوسائل‪ ،‬متناسياً أن زمن ‪ 2005‬انتهى‪.‬‬ ‫نصيحة لوجه الله‪ ،‬يا وجه الشؤم عىل لبنان ألنه مل يستقر منذ أن تعرف عليك‪،‬‬ ‫نصيحة لوجه الله لقد خرست الحكومة فاحذر من خسارتك كل يشء نتيجة‬ ‫فرعونتك وحقدك الدفني‪.‬‬ ‫أما أهلنا يف بريوت والبقاع والشامل والجنوب والجبل وخاصة بعض أهل السنة‬ ‫ألن أكرثية السنة هم يف املوقع القومي لهؤالء األقلية التي يحركها بعض املجانيني‬ ‫ممن يسمون أنفسهم نواب نقول كفاكم استخدام‪ ،‬فأهل السنة بخري والسنة‬ ‫هم أمة نسري كلنا وراءها وليسوا مذهباً عىل القياس الصغري لسعد الحريري‪ ،‬ثم‬ ‫ما عالقة هذا الرجل بقضايا األمة وهو ليس إال عام ًال صغرياً يف املرشوع األمرييك‬ ‫الذي استهدف أول من استهدف السنة يف هذه املنطقة‪.‬‬

‫وتطالب أجهزة الدولة بتوقيف الحريري‬ ‫ومحاكمته بتهمة تخريب لبنان‬

‫يبدو أن السيد سعد الحريري قد اتخذ لنفسه لقب قاطع الطرقات بدالً من‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ترؤسه لحكومة‪ ،‬وما يجري من عمليات سلب ونهب وقطع طرقات إمنا يتم من أمر‬ ‫شخيص منه ‪.‬‬ ‫و بعد ما عجز عن االستمرار يف سلب اللبنانيني بقية أموالهم يبدو أنه قرر أن‬ ‫يسلبهم أمنهم واستقرارهم‪ ،‬فاملطلوب من أجهزة الدولة أن تعمل إىل توقيفه ألن‬ ‫ما يجري اعتداء عىل أمن الدولة وأمن الناس ‪ ،‬وحصانته النيابية ال تحميه يف هذه‬ ‫الحالة‪ ،‬واملطلوب أن يواجه هذا املواطن السعودي املستورد إىل لبنان القضاء بتهمة‬ ‫تخريب لبنان وقتل أهله وإثارة الفتنة بني أبنائه‪.‬‬ ‫ورداً عىل الضاهر‪ :‬موقع الطائفة الدرزية سيبقى اىل جانب املقاومة‬ ‫ردا عىل الكالم الصادر عن النائب خالد الضاهر والذي أشار من خالله اىل أن‬ ‫رئيس حزب التوحيد العريب الوزير وئام وهاب هدد جنبالط برضورة السري مع سوريا‬ ‫واملقاومة يهم أمانة اإلعالم التأكيد عىل اآليت‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬تدعو أمانة اإلعالم يف حزب التوحيد العريب وسائل اإلعالم إىل عدم‬ ‫استضافة البس اللحية املدعو خالد الضاهر حفاظا عىل الذوق العام وحفاظا‬ ‫للبيئة املهددة أصال بالتغيريات املناخية وحفاظا عىل صحة أطفالنا وتدعو وسائل‬ ‫اإلعالم اىل االلتزام ببث مقابالته بعد الثانية عرشة ليال‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬ليس وليد جنبالط من يخضع للتهديدات وعندما اختبأ خالد الضاهر بعد‬ ‫مقتل الحريري نزل جنبالط اىل الشارع وكنا ضده يومها وضد نزوله وضد تجريئه‬ ‫أمثال خالد الضاهر عىل النزول الذي كان ينام عىل أبواب ضباط املخابرات وتجريئه‬ ‫عىل أوادم الناس‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬فليعلم خالد الضاهر أن موقع الطائفة الدرزية كان وسيبقى اىل جانب‬ ‫املقاومة وليس موقف جنبالط األخري إال تعبريا عن موقف أبناء الطائفة‪.‬‬

‫التوحيد لجعجع‪:‬‬ ‫ستبقى لعنة جوليان وطارق تالحقك‬ ‫أال يخجل أزالم األمراء الصغار يف الكالم عن الناس‪ ،‬اال يخجل متسول الخليج‬ ‫بأن يتحدث عن املخابرات وأزالم املخابرات‪ ،‬أال يخجل موظف أوجيه لبنان الذي هو برتبة‬ ‫قائد قوات لبنانية يف التعرض لكرامات الناس والذي هو بيته من دون شبابيك‬ ‫وليس من زجاج‪ ،‬وطاملا ان املجرم يقول أن العرص السوري قد حكمه ملاذا مل يطلب‬ ‫اعادة املحاكمة ووزارة العدل يف عهدته‪ ،‬ويربئ نفسه من الجرائم التي ارتكبها بحق‬ ‫االنسانية‪.‬‬ ‫ستبقى لعنة جوليان وطارق تالحقه طيلة حياته ولن ينج منها مهام فعل وم ّثل‬ ‫وه ّرج وتهاضم بدمه الثقيل‪.‬‬

‫هموم املواطن املعيشية تتجاوز محادثات نيويورك‬ ‫و تسوياتها املزعومة‬ ‫ال زالت موجة ارتفاع األسعار يف تصاعد مستمر حتى غدت سيدة املوقف يف‬ ‫األسواق اللبنانية األمر الذي خلق آفة تعد أكرب هموم العام الجديد وكل األعوام‬ ‫السابقة واسمها “ الفقر” الذي تتسع رقعته يف أوساط املواطنيني كل يوم‪.‬‬ ‫وحملت األمانة اإلجراءات اإلقتصادية املتبعة منذ سنوات مسؤولية ما يحدث من‬ ‫ظلم متسلط عىل رقاب الناس بالتجويع والحرمان بعد أن ارمتت هذه اإلجراءات يف‬ ‫احضان صندوق النقد الدويل ورضيت بامالءاته واتخذت وصفاته نهجاً ال تحيد عنها‬ ‫حتى بات فقر األحوال وضيق العيش الكريم وسوء الرعاية وقطع األرزاق من مظاهر‬ ‫الرشوط الدولية أينام حلت‪.‬‬ ‫ودعت األمانة إىل رضورة إنتقاء الدروس من اإلنتفاضات الشعبية التي عمت خالل‬ ‫األيام املاضية عدداً من العواصم العربية احتجاجاً عىل األوضاع املعيشية املرتدية‪،‬‬ ‫األمر الذي يستوجب التنبه اىل رضورة االرساع يف اصالح اقتصادي واجتامعي‬ ‫عنوانه األسايس مقاومة الفساد اإلداري واملايل املسترشي وتغيري السياسة‬ ‫االقتصادية املعتمدة ملا فيه خري املواطن الذي باتت همومه اليومية تتجاوز محادثات‬ ‫نيويورك وتسوياتها املزعومة ‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫أبو ماهر اليماني‬ ‫مناضل كبير رحل‬ ‫يف تجربته النضالية دروس‬ ‫بالغة األهمية من العطاء الذي‬ ‫ال ينضب‪ ،‬أبو ماهر اليامين‬ ‫الرجل الذي أعطى كل ما ميلك‬ ‫من طاقات من أجل فلسطني‬ ‫التي أحبها‪ ،‬ومن أجل عروبته‬ ‫زيتونة‬ ‫انتصارها‪،‬‬ ‫وحتمية‬ ‫فلسطني الضاربة جذورها يف‬ ‫أرض فلسطني الغالية‪ ،‬حمل‬ ‫قضيته منذ كان طف ًال يف‬ ‫ثورة الرباق وشاهد االحتفال‬ ‫بعرس الشهداء (فؤاد حجازي‬ ‫ومحمد جمجوم وعطا الزير) وواصل نضاله‬ ‫بال هواده طوال حياته املجيدة وكان يردد دامئاً‪:‬‬ ‫“فلسطيننا لن ننساك ولن نرىض وطناً سواك”‪.‬‬ ‫أبو ماهر اليامين رجل املبادئ والقيم‪ ،‬ضمري‬ ‫الثورة الفلسطينية املعارصة وصاحب املواقف‬ ‫الجريئة والشجاعة يف اللحظات الصعبة‬ ‫واملصريية التي مرت بها القضية الفلسطينية‬ ‫والقيادي الفلسطيني الذي ظل وفياً لشعبه‬ ‫ّ‬ ‫يتخل عن دوره النضايل حتى يف‬ ‫وأمته ومل‬ ‫أصعب الظروف التي مر بها‪ ،‬وكان من أنبل القادة‬ ‫العرب وأطهرهم وأشجعهم وأصلبهم وأشدهم‬ ‫عشقاً لفلسطني‪.‬‬ ‫عُ رف مبناقبيته الفريدة‪ ،‬وهو رفيق درب املناضل‬ ‫الكبري جورج حبش حكيم الثورة ورشيكه‬ ‫يف ذات الخصال‪ ،‬نظافة اليد واللسان والنزاهة‬ ‫االخالقية والقدرة عىل تحمل املسؤولية مهام‬ ‫بلغت الصعاب والتحديات‪.‬‬ ‫شهيدنا القائد أبو ماهر من مواليد سحامتا‬ ‫– قضاء عكا – لواء الجليل عام ‪ ،1924‬تويف‬ ‫يف بريوت يوم االثنني ‪ ،2011/1/4‬فقدنا برحيل‬ ‫الكبري مناض ًال شجاعاً وصلباً من أبناء شعبنا‬ ‫وأمتنا اللذين حملوا راية املقاومة والقضية‬ ‫الفلسطينية واألوفياء لفلسطني كل فلسطني‪،‬‬ ‫متسكاً بأهداف وقيم شعبنا النبيلة‪ .‬وهو الواثق‬ ‫كل الثقة من حتمية انتصار قضيتنا املقدسة‬ ‫والسري عىل طريق املناضلني والشهداء حتى تعود‬ ‫فلسطني كاملة لشعبها وأمتها‪.‬‬ ‫الرفيق أبو ماهر هو أحد مؤسيس حركة‬ ‫القوميني العرب‪ ،‬وأحد مؤسيس الجبهة‬ ‫الشعبية لتحرير فلسطني‪ ،‬شغل منصب‬ ‫أمني رس جبهة القوى الفلسطينية الرافضة‬ ‫للحلول االستسالمية‪ ،‬عضو اللجنة التنفيذية‬ ‫ملنظمة التحرير الفلسطينية‪ ،‬رئيس دائرة شؤون‬ ‫العائدين‪ ،‬وعضو املؤمتر الوطني الفلسطيني‬ ‫عام ‪ 1998‬وعضو اللجنة العليا للمتابعة وعضو‬

‫أبو ماهر اليماني‬

‫الفلسطيني‬ ‫الثقايف‬ ‫املؤمتر‬ ‫وعضو املؤمتر القومي العريب‪.‬‬ ‫الشعبية‬ ‫الجبهة‬ ‫نعت‬ ‫وأمينها‬ ‫فلسطني‬ ‫لتحرير‬ ‫العام أحمد سعدات من داخل‬ ‫معتقالت االحتالل الصهيوين‪،‬‬ ‫الرجل الذي قىض حياته يف‬ ‫الكفاح من أجل تحرير فلسطني‪،‬‬ ‫ونعته جامهري شعبنا وأمتنا‬ ‫والتي عرفت فيه مناض ًال فذاً‬ ‫وقائداً متواضعاً أفنى عمره‬ ‫وحتى آخر لحظة من حياته يف‬ ‫خدمة قضية شعبه وأمته العربية‪.‬‬ ‫كتب مذاكراته الرثية ومنها “تجربتي مع األيام”‬ ‫ويف دروس تجربته النضالية خالصات هامة‪ ،‬أ ّكد‬ ‫فيها عىل البعد النضايل الفلسطيني الذي هو‬ ‫جزء ال يتجرأ من النضال العريب‪ ،‬مهام كانت‬ ‫رشاسة التآمر عىل القضية الفسطينية‪ ،‬وأ ّكد‬ ‫أن للوحدة الوطنية الفلسطينية ثوابت ينبغي‬ ‫أن ترتكز عليها‪ ،‬وهي التي تبنتها قرارات املجالس‬ ‫الوطنية الفلسطينية املتعاقبة واملجلس املركزي‬ ‫واللجنة التنفيذية ملنظمة التحرير‪ ،‬وتقيض بعدم‬ ‫التنازل عن شرب من فلسطني وال عن حق العودة‬ ‫اىل كامل فلسطني‪ ،‬ولهذا رصف أبو ماهر سنوات‬ ‫طويلة وهو يصارع املراهنني عىل رساب “التسوية”‬ ‫داخل منظمة التحرير‪ ،‬وهو الذي أ ّكد‪ ،‬أن ال انتصار‬ ‫بال معرفة‪ ،‬واملعلم الشجاع هو أساس النهضة‪،‬‬ ‫وهذا درس لنا‪ ،‬فالشهادات واملعارف ليست لوحات‬ ‫فنية للتباهي‪ ،‬إمنا يجب أن تخدم قضية املجتمع‬ ‫واألمة وأن تساهم يف رفع القدرات ووضعها يف‬ ‫خدمة الهدف املركزي‪ ،‬تحرير األرض وعودة الشعب‬ ‫الفلسطيني اىل دياره‪.‬‬ ‫ويف مسرية القائد الوطني والقومي أبو ماهر‪،‬‬ ‫يستحق كل فصل من فصولها كتاباً كام ًال‪،‬‬ ‫سرية غنية طويلة ومليئة بصفحات عطرة من‬ ‫كفاح شعب فلسطني قبل النكبة وبعدها‪،‬‬ ‫صفحات نقابية وحزبية وسياسية وطنية وقومية‬ ‫وإنسانية وفيها أحرف يختلط فيها الدم بالنور‪،‬‬ ‫الريادة بالشهادة‪ ،‬الفكر بالنضال والسري باإلميان‪.‬‬ ‫نعاهدك يا رفيقنا الكبري‪ ،‬بأننا عىل الدرب‬ ‫سائرون نحو فلسطني‪ ،‬وستظل سريتك بوصلتنا‬ ‫ونرباساً ألجيالنا وهداية لطالئع أمتنا وتعزيزاً‬ ‫لصمودها ومقاومتها‪ ،‬وستظل عيوننا كام كانت‬ ‫عيناك تنظر دوماً شاخصة صوب فلسطني‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫‪23‬‬

‫مبستوى الزمن أنت أكرب سناً من‬ ‫القضية‪ .‬وبقياس العمل أنت مبستوى‬ ‫القضية‪ ،‬شيخ نقاة القضية‪ ،‬وضمري‬ ‫الثورة الفلسطينية‪.‬‬ ‫مل أعرف أن يف فلسطني أرزاً‪ ،‬ولكني‬ ‫اكتشفت أن يف فيها أرزة واحدة‪ ،‬جذورها‬ ‫ممتدة عىل مساحة الوطن‪ ،‬وأغصانها‬ ‫مظللة كل أبناء فلسطني‪ ،‬يفوح منها‬ ‫أريج املقاومة والنضال‪ ،‬ورأسها شامخ‬ ‫يف السامء ميثل إرادة التمسك بالحق‪،‬‬ ‫والصرب والعناد والتحدي‪ ،‬ولكن الناس‬ ‫عىل شاكلة األرز ميألون فلسطني برائحة‬ ‫التضحية والفداء والعطاء‪.‬‬ ‫أبو ماهر اليامين‪،‬‬ ‫أنت عنوان الوطن والقضية ومثل‬ ‫الشعب األعىل وأستاذ النضال‪ ،‬أنت‬ ‫مدرسة فريدة من نوعها بجميع‬ ‫املواصفات‪ ،‬وبكل املعايري والحسابات‪.‬‬ ‫نرشت بيننا كيف يكون املريب واألب‬ ‫واإلنسان‪ ،‬واملناضل والقائد وتركت األثر‬ ‫الطيب والنموذج لكل ذلك‪ ،‬وأسست‬ ‫مدرسة نضالية وكفاحية تنفع لكل زمان‬ ‫ومكان ‪.‬‬ ‫نحن ال نعد السنني ألنها أصغر من‬ ‫مآثرك الطيبة‪ ،‬وبذلك ُنقزم عامل عطائك‬ ‫بوعاء هو أقل من الحجم‪.‬‬ ‫عطاؤك كبري وكثري‪ ،‬وأحياناً يو ّلد العجز‬ ‫يف حكامء الوصف والتوصيف‪.‬‬ ‫االبن تع ّلم وأطاع‪ ،‬والزوجة صربت‬ ‫وباركت وشاركت‪ ،‬واالبنة فخورة ومعجبة‪،‬‬ ‫واألقارب صفقوا وتعلموا‪ ،‬واألصدقاء‬ ‫احرتموك وساندوك وكانوا أوفياء‪.‬‬ ‫الشعب مييش عىل ترانيمك وخطاك‬ ‫وأنت القدوة‪.‬‬ ‫ولكن من الناحية الوجدانية‪ :‬فحنانك‬ ‫نادر‪ ،‬وقلبك كبري‪ ،‬والوجدان متيقظ‪،‬‬ ‫والضمري حي‪ ،‬واإلحساس صادق وصحيح‪،‬‬ ‫والعطاء دافق‪.‬‬ ‫أبو ماهر اليامين‪،‬‬ ‫لن نيأس‪ ،‬ولن نركع‪ ،‬وهذه املسألة‬ ‫ليست قدر لنا‪ ،‬إنها امتحان املناضلني‬ ‫عىل امتداد الوطن واألمة‪.‬‬ ‫آثارك مقتفاة‪ ،‬ونهجك دروس وتعاليم‪،‬‬ ‫أنت أب للجميع و َم َثلنا األعىل‪ ،‬ولك كل‬ ‫التقدير والوفاء‪...‬‬ ‫اىل جنات الخلد يا أبا ماهر‪.‬‬

‫عاصم محمد قدورة‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬

‫إرادة الحياة انتصرت في تونس الخضراء‬ ‫وانتفاضة الشعب أسقطت نظام القمع والتجويع‬ ‫انترص الشعب العريب يف تونس عىل حكم‬ ‫الطاغية االستبدادي‪ ،‬وسقط حكم القمع‬ ‫والفساد والتجويع‪ ،‬وهرب زين العابدين بن‬ ‫عيل يف الرابع عرش من كانون الثاين‪ ،‬بعد‬ ‫أن قال الشعب كلمة الفصل‪ ،‬ويف انتفاضة‬ ‫جامهريية حملت يف طياتها عنرصي املفاجأة‬ ‫وتسارع الخطوات‪.‬‬ ‫تونس الخرضاء التي ُو ِصفت بالبلد الهادئ‪،‬‬ ‫تحولت اىل ثورة شعبية وتسارعت التطورات‬ ‫واألحداث يوماً بعد يوم وبعد شهر من‬ ‫انطالقتها‪ ،‬ف ّر بن عيل يف الرابع عرش من‬ ‫كانون الثاين تاركاً البالد اىل أهلها‪.‬‬ ‫إنها ثورة عىل الفساد والظلم الذي لحق‬ ‫بالشعب التونيس املكافح‪.‬‬ ‫بدأت أحداث االنتفاضة املنترصة مع نزول‬ ‫الشبان اىل الشوارع يف منطقة سيدي بوزيد‬ ‫احتجاجاً عىل الظروف املعيشية الصعبة‪،‬‬ ‫ومع إقدام الشاب محمد البوعزيزي (‪ 26‬عاماً)‬ ‫عىل إرضام النار يف نفسه‪.‬‬ ‫التقطت قوى املعارضة التونسية اللحظة‬ ‫الراهنة‪ ،‬وأشارت بأصابع االتهام اىل النموذج‬ ‫التنموي لنظام بن عيل الذي فشل يف حل‬ ‫املشكالت االقتصادية واالجتامعية وصوالً اىل‬ ‫األزمة الكربى‪.‬‬ ‫ويبدو أن دماء ضحايا انتفاضة الخبز عام ‪1984‬‬ ‫الذين هزموا النظام التونيس السابق برئاسة‬ ‫بورقيبة مازالت تفعل فعلها‪ ،‬وها هي انتفاضة‬ ‫سيدي بوزيد تعلن نهاية النظام الفاسد‪ ،‬وبات‬ ‫املشهد تراكمياً‪.‬‬ ‫وكانت تونس قد شهدت انتفاضات مامثلة‬ ‫كأحداث بن قردان وقفصة وغريها‪ ،‬وهي‬ ‫مؤرشات حمراء لطاقة استيعاب الشعب‬ ‫للتوزيع غري العادل للرثوة‪ ،‬وبالتايل ميكن القول‬ ‫إن عقد االقتصاد األخالقي جرى تحطيمه‬ ‫من خالل االعتداء عىل ثروات البالد لحساب‬ ‫مجموعة مقربة من النظام‪ ،‬وتساهم يف ذلك‬ ‫سياسات العوملة االقتصادية بأدواتها‪.‬‬ ‫لقد استخدم النظام التونيس القمع وكل‬ ‫املحرمات خالل انتفاضة الخبز عام ‪ ،1984‬وتس ّلم‬ ‫الرئيس بن عيل الحكم عام ‪ 1987‬عىل إثر هذه‬ ‫االستباحة‪ ،‬وخالل ‪ 24‬عاماً مل يعمل عىل‬ ‫تحقيق القليل من العدالة‪.‬‬ ‫وعاشت تونس خالل تلك السنوات عىل‬ ‫وقع قصص أولئك األباطرة الذين استطاعوا‬ ‫تكوين إمرباطوريات مالية وإعالمية يف فرتات‬ ‫قياسية‪ ،‬مستفيدين من عالقاتهم بالرئيس‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫انتفاضة الشعب التونيس أسقطت نظام القمع والتجويع‬

‫من خالل العصبية الحادة للنظام‪ ،‬والتخبط‬ ‫يف القرارات‪ ،‬واالستخدام التعسفي للقوة‬ ‫العسكرية وفقدان البوصلة األخالقية‪ ،‬وقد‬ ‫بدأت مالمح غطرسة القوة بالظهور‪ ،‬لقد‬ ‫وماركوس‬ ‫وسوهارتو‬ ‫تشاوشيسكو‬ ‫اعتقد‬ ‫جميعهم أن يف وسعهم الخلود يف السلطة‪،‬‬ ‫ولكنهم أطيحوا‪.‬‬ ‫لقد بدأ إسدال الستار وغادر بن عيل‪ ،‬ونجحت‬ ‫االنتفاضة املدنية يف فضح النظام التونيس‬ ‫الذي يقتل التونسيني بالفقر والجوع والظلم‬ ‫االجتامعي واالقتصادي أو من خالل قواته‬ ‫البوليسية‪.‬‬

‫أحمد نجيب الشايب‬

‫مرجان استقال من الحكومة األوىل إلنجاح االنتفاضة‬

‫زين العابدين بن عيل‬

‫متعدد الجوانب إذ اختلط فيها االقتصادي‬ ‫بالسيايس واالجتامعي واألمني‪.‬‬ ‫لقد اعتقد البعض بأن النظام التونيس‬ ‫مبأمن عن الهزات االجتامعية‪ ،‬حيث دخل‬ ‫النظام يف عام ‪ 1990‬يف سلسلة من‬ ‫املفاوضات االجتامعية حول الزيادة يف‬ ‫األسعار‪ ،‬تتكرر كل خمس سنوات‪ ،‬ويقول‬ ‫املراقبون‪ ،‬إن هذه السياسة نجحت يف تأجيل‬ ‫الثورة االجتامعية طوال عقدين من الزمن إال‬ ‫أن الجيل الجديد من الشباب الذي نادى برضورة‬ ‫انعكاس النجاحات االقتصادية املعلنة عىل‬ ‫حياة املواطنني مبارشة وهذا مل يحصل‪ ،‬بل‬ ‫ظهرت مظاهر الفساد الذي بات ينخر النظام‪،‬‬ ‫وحيث غالء األسعار ونفيش البطالة التي‬ ‫جاوزت ‪ % 15‬كام هو معلن‪ ،‬ولكن التقديرات‬ ‫تؤ ّكد بأنها أعىل بكثري‪.‬‬ ‫ويسجل لألحزاب التونسية‪ ،‬أنها كانت‬ ‫عىل تواصل مع نبض الجامهري التونسية التي‬ ‫تحركت وحاول النظام يف البدء تشويه صورة‬ ‫األحزاب من خالل وصفها بأنها محسوبة عىل‬ ‫التطرف‪ ،‬مثل الحركة اإلسالمية التونسية‬

‫والحزب الشيوعي التونيس وكالهام محظور‬ ‫من النشاط السيايس‪ ،‬واعترب الحزب الحاكم‬ ‫يف البداية‪ ،‬بأن الحوادث التي حصلت فردية‬ ‫وتقف وراءها مآرب شخصية‪ ،‬إال أن األحزاب‬ ‫األخرى ردّت عىل املسألة بطريقة مختلفة‪،‬‬ ‫وقالت مية الجريبي‪ ،‬األمينة العامة للحزب‬ ‫الدميقراطي التقدمي‪ ،‬بأن وظيفة أي حزب‬ ‫سيايس هي مواكبة األحداث االجتامعية‬ ‫وتأطريها وتبني مطالبها املرشوعة‪ ،‬وهذا‬ ‫ما فعله الحزب يف أحداث سيدي بوزيد‪ ،‬ورأى‬ ‫آخرون أن الواقع التونيس يعرف مشكالت ال‬ ‫ميكن إنكارها وإغفالها‪ ،‬ويجب فهم أسباب‬ ‫العنف ودوافعه بعمق والنظر يف واقع الشباب‬ ‫والبحث يف تأطرية وإيجاد الحلول الحقيقية‪.‬‬ ‫وبدوره أوضح مصطفى بن جعفر األمني‬ ‫العام للتكتل الدميقراطي من أجل العمل‬ ‫والحريات املعارض‪ ،‬أن االنتفاضة االجتامعية‬ ‫األخرية اكرث من مسألة ظرفية طارئة‪ ،‬وأرص‬ ‫عىل اعتبار القضية أعمق بكثري‪ ،‬وطالب‬ ‫باستخالص الدروس مام جرى وإطالق إشارات‬ ‫واضحة ملراجعة أساليب التعامل مع األحداث‬

‫التي تنطلق من تغيري الحكم‪ ،‬والتوجه نحو‬ ‫الحوار مع مكونات املجتمع املدين من دون إقصاء‪،‬‬ ‫وإدخال التعددية السياسية اىل أرض الواقع‬ ‫وعدم تركها شعاراً فضفاضاً ال صلة له مبا‬ ‫يجري‪.‬‬ ‫وكانت انتفاضة سيدي بوزيد وما تبعها قد‬ ‫سبقت أحداثاً احتجاجية مامثلة يف منطقة‬ ‫الحوض املنجمي “والية محافظة قفصة‬ ‫الواقعة عىل بعد ‪ 365‬كلم عن العاصمة‬ ‫التونسية”‪ ،‬وكان ذلك خالل شهر كانوان الثاين‬ ‫من عام ‪ ،2008‬وتواصلت حينها االحتجاجات‬ ‫ألشهر‪ ،‬وتدخلت إثرها السلطات هناك‪،‬‬ ‫ووعدت مبجموعة من املشاريع التنموية وهدأت‬ ‫األوضاع‪ ،‬إال أن تبعات تلك االحتجاجات هي‬ ‫التي ساهمت يف تأجيج االنتفاضة‪ ،‬باعتبار‬ ‫أن قادة تلك االحتجاجات قد حوكموا وطردوا‬ ‫من وظائفهم ومل يجر إرجاعهم اىل سالف‬ ‫أنشطتهم رغم أن منطلق تلك األحداث كان‬ ‫اجتامعياً‪ ،‬وارتبط بعمليات توظيف شبان من‬ ‫املنطقة يف رشكة “فسقاط قفصة”‪ ،‬املشغل‬ ‫األهم لشباب منطقة الحوض املنجمي‪ ،‬حيث‬ ‫اتهمت السلطات املناطقية وقتها بوجود‬ ‫الشهادات‬ ‫أصحاب‬ ‫تشغيل‬ ‫يف‬ ‫محاباة‬ ‫الجامعية العاطلني عن العمل‪ ،‬ولكن الوضعية‬ ‫االجتامعية تلك رسعان ما تطورت اىل مطالب‬ ‫سياسية وطالب السكان برضورة توظيف‬ ‫أبنائهم العاطلني عن العمل منذ سنوات‪.‬‬

‫تدهور األوضاع املعيشية‬ ‫زين العابدين بن عيل‬

‫بن عيل‪ ،‬ومنظمة الشفافية العاملية املعنية‬ ‫مبحاربة الفساد صنفت تونس يف املرتبة الـ‬ ‫‪ 65‬ضمن ترتيب شمل ‪ 180‬دولة‪ ،‬والفساد‬ ‫مسترش يف كل مكان يف تونس‪ ،‬وهذا ما‬ ‫كشفته وثائق “ويكيليكس” أيضاً وأصبح من‬ ‫الصعب عىل التونسيني التغايض عن الفساد‬ ‫املسترشي يف رأس هرم السلطة السياسية‪.‬‬ ‫لقد كانت كل املؤرشات تؤكد سقوط‬ ‫نظام بن عيل‪ ،‬حيث بدأت التناقضات بالظهور‬

‫‪24‬‬

‫كام هو معلن من النظام التونيس السابق‪،‬‬ ‫وخالل عقدين من الزمن‪ ،‬اختارت الدولة‬ ‫التونسية “أولية التنمية”‪ ،‬وكانت تكسب يف‬ ‫توجهها هذا‪ ،‬من خالل‬ ‫مسعاها إلثبات صحة‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالن عن نسب منو اقتصادي مرتفعة والحديث‬ ‫عن توفري خدمات جيدة يف قطاعات التعليم‬ ‫والصحة والطفولة وغريها‪.‬‬ ‫ولكن هذه الصورة الوردية‪ ،‬انهارت اآلن‬ ‫أمام الوقائع املاثلة‪ ،‬واتساع لهيب االنتفاضة‬ ‫الشعبية‪ ،‬وارتفاع حصيلة الضحايا التي‬ ‫أصبحت بالعرشات‪ ،‬وأخذت األزمة طابعاً‬

‫الخصائص التي م ّيزت االنتفاضة‬ ‫التونسية‬ ‫ازدادت درجة االهتامم والرغبة يف معرفة‬ ‫األسباب والدواعي‪ ،‬وخاصة أن االنتفاضة‬ ‫الشعبية صاحبها عمليات انتحارية ملحتجني‬ ‫شباب من أجل لفت انتباه املسؤولني اىل‬ ‫أوضاعهم بسبب ارتفاع مستويات البطالة‬ ‫وانسداد آفاق التوظيف‪ ،‬وما زاد يف اشتعال‬ ‫االنتفاضة‪ ،‬أن االقتصاد التونيس ارتبط عند‬

‫الجيش التونيس يقمع الثوار‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬ ‫الرأي العام بالنجاعة ورسعة النمو االقتصادي‪،‬‬ ‫وتونس يف التصفيات الدولية هي يف مقدمة‬ ‫الدول العربية يف مجاالت التنافسية وكفاءة‬ ‫بيئة االعامل والجاهزية التكنولوجية‪.‬‬ ‫ومن خالل رصد ما حدث خالل فرتة‬ ‫االنتفاضة التي امتدت ألكرث من شهر‪ ،‬ميكن‬ ‫الوقوف عىل مجموعة الخصائص وتحليلها‬ ‫بشكل معمق ومنها‪ :‬طبيعة املشاركني يف‬ ‫تلك االحتجاجات‪ ،‬وبالرغم من أن األسباب‬ ‫التي أشعلت فتيل االحتجاج ارتبطت‬ ‫باستفحال البطالة يف صفوف الشباب‪ ،‬وال‬ ‫سيام الفئات الحاصلة عىل شهادات عليا‪ ،‬إال‬ ‫أن املشاركني يف االنتفاضة كانوا من الفئات‬ ‫االجتامعية والعمرية كافة‪ ،‬حيث شارك‬ ‫فيها الكهول اىل جانب الشباب‪ ،‬والنساء اىل‬ ‫جانب الرجال واملوطفون اىل جانب العاطلني‬ ‫عن العمل‪.‬‬ ‫االنتشار الجغرايف الواسع‪ ،‬حيث انطلقت‬ ‫االحتجاجات من والية سيدي بوزيد‪ ،‬من وسط‬ ‫البالد ثم امتدت اىل املناطق املجاورة قبل أن‬ ‫تشمل املدن التونسية الداخلية والساحلية‬ ‫كافة‪ ،‬مبا يف ذلك تونس العاصمة‪.‬‬ ‫وكذلك االمتداد الزمني‪ ،‬وخالفاً لكثري‬ ‫من عمليات االحتجاج التي تستغرق بضع‬ ‫ساعات وتتوقف بعد ذلك‪ ،‬واالنتفاضة التي‬ ‫شهدتها تونس نهاية السنة امتدت ألسابيع‬ ‫عديدة‪ ،‬ومل تفقد زخمها عىل رغم التطويق‬ ‫واملحارصة التي فرضتها األجهزة األمنية عىل‬ ‫املحتجني‪.‬‬ ‫وما يلفت االنتباه‪ ،‬هو االستغالل الذيك‬ ‫لوسائل االتصال الحديثة‪ ،‬ورغم أن اإلعالم‬ ‫الرسمي يف تونس حاول التكتم عىل تطور‬ ‫األحداث وحجمها وأسبابها‪ ،‬إال أن املحتجني‬ ‫أنفسهم وبوسائلهم الخاصة مارسوا دور‬ ‫املراسلني وزودوا وسائل اإلعالم املختلفة باملادة‬ ‫الالزمة ملتابعة ما حدث يف تونس‪ ،‬وهذا ما‬ ‫أعطى مصداقية يف نقل الحدث وقوة كبرية‬ ‫يف التأثري وكسب الرأي العام بكافة مستوياته‬ ‫داخلياً وخارجياً‪.‬‬ ‫وكذلك عفوية الغضب الشعبي الذي انطلق‬ ‫رافعاً مجموعة من الشعارات تتجاوز معضلة‬ ‫بطالة الشباب لتشمل مطالب بالحد من‬ ‫الفساد وحرية الرأي والتعبري والحد من الفوارق‬ ‫الجهوية‪ ،‬وهذا يعني أن التحرك الشعبي مل‬ ‫يسبقه تأطري سيايس أو نقايب‪ ،‬وهذا يعود‬ ‫اىل طبيعة النظام الحاكم وهيمنة الحزب‬ ‫الحاكم الذي أضعف أحزاب املعارضة والنقابات‬ ‫املستقلة‪ ،‬مام اضطر األحزاب والنقابات للسري‬ ‫خلف الجامهري ومن ثم التقاط اللحظة‬ ‫الراهنة‪.‬‬ ‫لقد نجحت االنتفاضة التي عربت بوعي‬ ‫وتصميم عاليني عن مطالبها‪ ،‬وكانت سلمية‬ ‫يف مجملها رغم رد الفعل العنيف من جانب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫من اليمني مصطفى بن جعفر وأحمد ابراهيم‬

‫قوات الرشطة الذي أدى لسقوط عرشات‬ ‫القتىل والجرحى من املدنيني املحتجني‪.‬‬

‫حاول النظام بداية االلتفاف عىل‬ ‫االنتفاضة‬ ‫من خالل املعطيات التي فرضت معادلة‬ ‫جديدة‪ ،‬أدرك النظام التونيس أنه أمام‬ ‫منعطف دقيق وخطري‪ ،‬وأن التعامل بشكل‬ ‫أمني محض لن يؤدي إال اىل تأجيج سخط‬ ‫املحتجني‪ ،‬مام جعله ُيقدم عىل مجموعة‬ ‫من الخطوات من أجل طأمنة املنتفضني بأن‬ ‫رسالتهم وصلت‪ ،‬وأقر النظام بتأزم أوضاع‬ ‫التوظيف وال سيام يف صفوف الشباب‬ ‫الحاصل عىل شهادات‪ ،‬وبوجود حالة إحباط‬ ‫لدى أعداد كبرية من هؤالء‪ ،‬ثم قام النظام‬ ‫بتعديل وزاري شمل حقائب اإلعالم والتجارة‬ ‫والشؤون الدينية والداخلية‪ ،‬اىل جانب إقالة‬ ‫عدد من الوالة من بينهم وايل جهة سيدي‬ ‫بوزيد التي انطلق منها االحتجاج‪ ،‬وقدم‬ ‫النظام وعوداً بتخصيص موازنة إضافية‬ ‫مستعجلة من أجل تنمية املناطق الداخلية‬ ‫التي تعاين من التهميش‪ ،‬وبرفع موازنة‬ ‫الصناديق التي تدعم التوظيف‪ ،‬وال سيام يف‬ ‫صفوف الشباب الحاصل عىل شهادات عليا‪.‬‬ ‫وبغض النظر عن املحتوى الحقيقي لهذه‬ ‫التدابري ومدى قدرتها عىل حل أو معالجة‬ ‫األسباب التي كانت وراء اندالع االنتفاضة‪،‬‬ ‫فإن اضطرار النظام التونيس اىل التعامل‬ ‫بذكاء وموضوعية مع تطور األحداث مل يفلح‬

‫‪26‬‬

‫يف وقف اشتعال االنتفاضة‪ ،‬وهو مؤرش عن‬ ‫تاليش النموذج التونيس والفشل الذريع الذي‬ ‫مني به‪ ،‬وهذا ما حصل حيث تم إسقاط النظام‬ ‫الحاكم وأدواته‪.‬‬

‫تونس أمام مرحلة جديدة‬ ‫وبعد سقوط نظام بن عيل‪ ،‬بدأ الشعب‬ ‫ومؤسساته‬ ‫ونقاباته‬ ‫وأحزابه‬ ‫التونيس‬ ‫املدنية يف اإلعداد ملرحلة جديدة‪ ،‬ومن‬ ‫الواضح أن امليثاق الوطني لعام ‪1989‬‬ ‫سقط ومل يعد مناسباً لواقع تونس‪ ،‬فهو‬ ‫مل يحقق األهداف السياسية واالجتامعية‬ ‫واالقتصادية املرجوة‪ ،‬وميكن إيجاز املطالب‬ ‫التي ترتكز حولها الجهود التي تبذل لوضع‬ ‫البالد يف مسار جديد وتعهدات معينة‪.‬‬ ‫العدالة االجتامعية الشاملة‪ ،‬هي مطلب‬ ‫الجميع‪ ،‬وهي ترتكز عىل االنصاف واملساواة‪،‬‬ ‫وحق الضامن االجتامعي‪ ،‬والحق يف العمل‪،‬‬ ‫وإرشاك القوى الفاعلة يف عملية التنمية‪.‬‬ ‫ورضورة املشاركة السياسية الشاملة التي‬ ‫تبنى عىل التعددية السياسية واملنافسة‬ ‫الحرة والرشيفة وتحديد فرتة انتقالية لتمكني‬ ‫مؤسسات املجتمع التونيس من إعادة بناء‬ ‫نفسها‪ ،‬وتعميق وتوسيع املشاركة لكافة‬ ‫مكونات املجتمع وعدم تهميش أي فئة‪.‬‬ ‫لقد نجحت الثورة الشعبية يف تونس يف‬ ‫إسقاط الديكتاتورية وهرب جباناً‪ ،‬وبقيت‬ ‫تونس الشعب وقواها الحية‪ ،‬نعم‪ ،‬لقد‬ ‫قال الشعب العريب يف تونس‪“ :‬بن عيل يا‬

‫جبان‪ ،‬تونس لن تهان”‪ ،‬لقد قطع الثائرون‬ ‫نصف الطريق‪ ،‬ذهب الحاكم الفاسد وبقي‬ ‫الحكم‪ ،‬وهنا متكن املهمة الالحقة واملتمثلة‬ ‫يف تفكيك منظومة الفساد واالستبداد‬ ‫وبناء مجتمع العدل والحرية‪ ،‬وعىل الشعب‬ ‫التونيس اليقظة والحضور للحفاظ عىل‬ ‫انتفاضته‪.‬‬ ‫الدرس التونيس بالغ األهمية بأدواته‬ ‫الحضارية‪ ،‬الشعب نزل اىل الشارع وقال‬ ‫كلمته‪ ،‬والكف يواجه املخرز‪ ،‬واالنتصار تم‬ ‫بالتضحيات‪ ،‬وما حصل يف تونس يبرش‬ ‫باملزيد أنها بداية نهضة جديدة يف العامل‬ ‫العريب‪.‬‬ ‫لقد أعلن املجلس الدستوري يف تونس‬ ‫رسمياً شغور السلطة يف البالد‪ ،‬و ُك ِّلف‬ ‫رئيس الربملان فؤاد املبزغ بتويل رئاسة البالد‬ ‫بالوكالة‪ ،‬عىل أن يجري تنظيم انتحابات‬ ‫رئاسية وترشيعية يف غضون ‪ 60‬يوماً‪ ،‬وتم‬ ‫االحتكام اىل املادة ‪ 57‬من الدستور التي‬ ‫تنص عىل أنه ينبغي أن يشغل رئيس الربملان‬ ‫منصب الرئيس مؤقتاً‪ ،‬وأدى املبزغ اليمني‬ ‫الدستورية‪.‬‬ ‫وتنتظر معظم قادة األحزاب السياسية‬ ‫املعارضة للسلطة ولطريقة إدارة البالد خالل‬ ‫فرتة حكم بن عيل‪ ،‬أن يتم تعديل الفصل‬ ‫‪ 40‬من الدستور التونيس حتى يقع السامح‬ ‫لكل من يريد الرتشح لرئاسة الجمهورية أن‬ ‫يفتح الباب أمامه‪.‬‬ ‫ومن املعروف أن الجيش التونيس ال يتدخل‬ ‫يف الحياة السياسية‪ ،‬وللتونسيني تجربة أوىل‬ ‫يف أحداث كانون الثاين ‪ 1978‬وتجربة ثالثة‬ ‫يف ‪ 1984‬فيام بات يعرف بانتفاضة الخبز‪،‬‬ ‫وقد ساهم الجيش يف استتاب األمن وضامن‬ ‫االستقرار‪.‬‬ ‫طرح عدد من السيناريوهات عىل الساحة‬ ‫السياسية التونسية خالل الفرتة املقبلة‪ ،‬وإذا‬ ‫كان الجيش لن يتدخل يف الحياة السياسية‪،‬‬ ‫فإن عدة أسامء تطمح لقيادة البالد‪.‬‬ ‫ومن داخل املنظومة القامئة هناك وجوه‬ ‫معروفة وباإلمكان أن يتم اإلجامع عىل‬ ‫ترشيحها ملنصب الرئاسة والحسم سيكون‬ ‫لصناديق االقرتاع‪.‬‬

‫محمد الغنويش‬

‫تونس خالل حكم بن عيل‪ ،‬قد يكون لذلك‬ ‫تأثرياته يف صناديق االقرتاع‪.‬‬

‫والسيناريوهات الكثرية واملطروحة عىل‬ ‫الساحة السياسية ال ميكن أن تستبعد‬ ‫مشاركة شخصيات من املعارضة يف‬ ‫السباق الرئايس املرتقب‪.‬‬ ‫االتحاد العام التونيس للشغل قد سارع‬ ‫الش َعب والجامعات املهنية التي‬ ‫اىل حل‬ ‫ِ‬ ‫هي عىل ارتباط بالحزب الحاكم السابق‪،‬‬ ‫التجمع الدستوري الدميقراطي‪ ،‬الحزب‬ ‫الذي قام عىل أنقاض الحزب الدستوري‬ ‫‪ 1987‬وواصل قيادة البالد ملدة ‪ 23‬سنة‪،‬‬ ‫واآلن فقد مصداقيته لدى الشارع‬ ‫التونيس ومل يبق عليه سوى حل جميع‬ ‫هياكله وتكوين حزب سيايس عادي‪ ،‬ويقع‬ ‫الفصل بينه وبني أجهزة اإلدارة بحيث ال‬ ‫يكون أداة من أدواتها‪.‬‬ ‫ومن الواضح خالل الفرتة املقبلة‪،‬‬ ‫أن الرصاع السيايس عىل السلطة‬ ‫سيتواصل وسيكون مختلفاً متاماً‪ ،‬وهناك‬ ‫محمد الغنويش الوزير االول السابق‪ ،‬حرص من الطبقة السياسية والحقوقية‬ ‫ام من التونسيني ومن الكثري التونسية عىل املحافظة عىل مكاسب‬ ‫وجد دع ً‬ ‫للرتشح الشعب التونيس‪.‬‬ ‫السياسية‬ ‫األطراف‬ ‫من‬ ‫لقيادة تونس‪ ،‬وذلك بالنظر اىل الحنكة‬ ‫السياسية التي يتمتع بها خالل مسرية‬ ‫تشكيل حكومة وحدة وطنية‬ ‫طويلة تجاوزت ‪ 16‬عاماً يف ترأس الحكومة‬ ‫التونسية‪ ،‬إن العالقة املميزة للغنويش‬ ‫ّ‬ ‫شكلت تونس أوىل حكومات “ثورة‬ ‫مع بلدان الخليج عىل وجه الخصوص‬ ‫باستثامراتها الهائلة يف تونس‪ ،‬ونظافة الياسمني” بعد نظام الرئيس املخلوع‬ ‫السرية السياسية وعدم الدخول يف بن عيل‪ ،‬وضمت قادة بارزين يف أحزاب‬ ‫مشاريع النهب املنظم التي عرفتها املعارضة‪ ،‬ووعدت بإجراء انتخابات رئاسية‬

‫‪27‬‬

‫حرة ونزيهة وتحت إرشاف‬ ‫وترشيعية‬ ‫خارجي‪ ،‬وبدا واضحاً أن الحكومة الجديدة‬ ‫تريد أن تقدم صورة مختلفة لتونس‬ ‫عام كانت عليه خالل فرتات طويلة من‬ ‫السنوات الـ ‪ 23‬املاضية‪ ،‬إذ وعد الوزير‬ ‫األول محمد الغنويش باإلفراج عن جميع‬ ‫السجناء السياسيني يف البالد وفتح املجال‬ ‫أمام عودة األحزاب املحظورة‪ ،‬معلناً إلغاء‬ ‫وزارة االتصال “اإلعالم” التي كان ينظر‬ ‫إليها بوصفها مثاالً عىل نوع من الرقابة‬ ‫الشديدة التي كانت تونس متارسها عىل‬ ‫قطاع اإلعالم خالل السنوات األخرية‪.‬‬ ‫وأعلن الغنويش عن تركيبة حكومة‬ ‫الوحدة الوطنية الجديدة التي ستدير‬ ‫دواليب اإلدارة التونسية خالل الشهرين‬ ‫القادمني‪ ،‬حسب ما ينص عىل ذلك‬ ‫الفصل ‪ 57‬من الدستور التونيس‪.‬‬ ‫وضمت التشكيلة الحكومية ألول مرة‬ ‫منذ استقالل البالد عام ‪ 1956‬ثالثة وجوه‬ ‫من أحزاب املعارضة وهم‪ :‬أحمد نجيب‬ ‫الشايب‪ ،‬األمني العام السابق للحزب‬ ‫الدميقراطي التقدمي‪ ،‬الذي عينّ وزيراً‬ ‫للتنمية الجهوية واملحلية‪ ،‬وأحمد ابراهيم‪،‬‬ ‫األمني العام لحركة التجديد “الحزب‬ ‫الشيوعي سابقاً” الذي عينّ وزيراً للتعليم‬ ‫العايل‪ ،‬ومصطفى بن جعفر األمني العام‬ ‫لحزب التكتل الدميقراطي من أجل العمل‬ ‫والحريات الذي عينّ وزيراً للصحة‪.‬‬ ‫ويف اليوم التايل لتشكيل الحكومة‪،‬‬ ‫أعلن عبد السالم جراد‪ ،‬األمني العام‬ ‫لالتحاد العام التونيس للشغل أن االتحاد‬ ‫سحب ممثليه عن حكومة الوحدة‬ ‫الوطنية التي أعلن عنها‪ ،‬وهو ما يعترب‬ ‫من أهم التحديات التي تواجهها الحكومة‬ ‫الجديدة‪ ،‬وهؤالء الوزراء هم‪ :‬عبد الجليل‬ ‫البدوي‪ ،‬وحسني الدميايس وأنور بن قدور‪.‬‬ ‫وأمام ضغط الجامهري وخاصة االتحاد‬ ‫العام للشغل (اتحاد عاميل) املطالب‬ ‫برحيل رموز حكومة الرئيس السابق زين‬ ‫تم تشكيل‬ ‫العابدين بن عيل‪ ،‬املنتفضة ّ‬ ‫حكومة تونسية ثانية يوم ‪2011/1/27‬‬ ‫تم تعيني‬ ‫وترأسها محمد الغنويش‪ ،‬حيث ّ‬ ‫‪ 12‬وزيراً جديداً‪ ،‬فيام بقي ‪ 9‬وزراء من‬ ‫الحكومة األوىل التي جاءت بعد انتفاضة‬ ‫الكرامة‪.‬‬ ‫البالد أمام مرحلة جديدة‪ ،‬عنوان انتصار‬ ‫إرادة الشعب‪ ،‬وقد صدق قول الشاعر‬ ‫التونيس أبو القاسم الشايب‪:‬‬ ‫إذا الشعب يوماً أراد الحياة ‬ ‫فال بد أن يستجيب القدر‬ ‫وال بدّ لليل أن ينجيل‬ ‫وال بدّ للقيد أن ينكرس‬ ‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬

‫الوضع العربي الراهن وسقوط أوهام «التسوية»‬ ‫الخسائر بالجملة من فلسطين الى مصر والسودان‬ ‫الحالة الراهنة يف عاملنا العريب تنذر بالكثري من‬ ‫التطورات الالحقة‪ ،‬ويف توصيفنا لهذه الحالة رمبا‬ ‫نهتدي اىل العالج الناجح‪ ،‬هذا إذا أسعفنا عامل‬ ‫الوقت أو إذا بقيت املخاطر املحدقة عند حدودها‬ ‫الحالية‪ ،‬والناظر من بعيد رمبا يرى صورة ماثلة‬ ‫ملحرقة هائلة للمبادئ واألفكار‪ ،‬والبعض يصارع‬ ‫من أجل البقاء‪ ،‬والبعض اآلخر ينادي بالتغيري نحو‬ ‫األفضل مهام بلغت التضحيات‪ ،‬ويف مختلف‬ ‫النامذج تختلط األديان وتتامزج الطوائف وتتزاوج‬ ‫املذاهب وتتداخل األعراق‪.‬‬ ‫كانت تقديرات “عرب االعتدال” ومن يدور يف‬ ‫الفلك األمرييك أن عليهم تلبية ما يطلبه‬ ‫سيدهم وحتى لو تطلب األمر التضحية مبستقبل‬ ‫أجيالهم وتقديم حتى آخر نقطة نفط من برتول‬ ‫العرب‪ ،‬واملهم أن تحفظ مكانتهم “الرفيعة” عند‬ ‫أصحاب القرار الكوين‪ ،‬وجل ه ّمهم أن يبقى‬ ‫الحريق بعيداً عن قصورهم‪.‬‬ ‫يف‬ ‫العريب‬ ‫الرسمي‬ ‫النظام‬ ‫وأصحاب‬ ‫معظمهم كانوا رشكاء بالتضامن‪ ،‬عندما‬ ‫تركوا الشعب الفلسطيني يذبح ويحرتق‬ ‫وتدمر بيوته وممتلكاته‪ ،‬وغسلوا أياديهم من‬ ‫كل ما تم تدبريه‪ ،‬وحتى يرتاح الكيان الصهيوين‬ ‫ويتوسع‪ ،‬عقدوا معه صلحاً منفرداً‪ ،‬خرجت مرص‬ ‫من دائرة الرصاع العريب – اإلرسائييل‪ ،‬فاختل‬ ‫التوازن بأشكاله كافة‪ ،‬العسكري واالقتصادي‬ ‫واالجتامعي والنفيس‪ ،‬وهو األخطر‪ ،‬وحتى ميرر‬ ‫الصلح املنفرد واتفاقات كامب ديفيد ‪ ،1979‬كان‬ ‫االجتياح الصهيوين ألرض لبنان يف عام ‪ 1978‬و‬ ‫‪ ،1982‬وصوالً للعاصمة بريوت‪ُ ،‬‬ ‫وأخ ِرجت املقاومة‬ ‫الفلسطينية لتصري الجئة يف تونس‪.‬‬ ‫ما جرى ويجري اآلن هو خطة مدروسة بإحكام‬ ‫تام لها أهدافها املحددة‪ ،‬وهي جعل األنظمة‬ ‫العربية عاجزة عن حامية مجتمعاتها باإلنجاز يف‬ ‫مختلف املجاالت‪ ،‬واملستفيد الوحيد هو الكيان‬ ‫الصهيوين‪.‬‬ ‫ويف الحالة الراهنة ال يدور االشتباك بني‬ ‫الطوائف واملذاهب‪ ،‬بل أصبح قاب ًال للتمدد داخل‬ ‫األعراق والعنارص املكونة للمجتمعات التي ظلت‬ ‫عرب التاريخ صلبة يف متاسكها‪.‬‬ ‫يف مرص تنشغل السلطة بشؤونها مستعدية‬ ‫عليها كل التيارات التي كانت قد جربت احتواءها‬ ‫فنجحت يف االنتخابات املاضية أي قبل سنوات‪،‬‬ ‫بينام غيبت الجميع عن مجلس الشعب الجديد‬ ‫الذي انكشفت غربته عن مجتمعه فإذا هو‬ ‫شاهد زوراً‪ ،‬يسيطر عليه رجال املال واألعامل‬ ‫وأصحاب النفوذ‪ ،‬وترك مرص منهوبة وأسرية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫معاهدات الذل والخذالن‪ ،‬وأصبحت “إرسائيل”‬ ‫ترتبع يف أعايل النيل‪ ،‬هناك عند املنابع‪.‬‬ ‫ويف السودان وعرب اختالف العرق بني مكونات‬ ‫شعبه‪ ،‬وحيث كانت وحدة الشعب معتلة‪،‬‬ ‫تطور املرض وتعاظم املد االنفصايل وصوالً اىل‬ ‫االستفتاء املفروض‪.‬‬ ‫ويف العراق فجر االحتالل األمرييك كل الفنت‬ ‫والضغائن مع اجتياحه األرض التي جعلها خراباً‪،‬‬ ‫بعدما فرز الشعب طوائف ومذاهب وعنارص‬ ‫لتنشغل بالتنازع عىل السلطة‪.‬‬ ‫ويف اليمن “السعيد”‪ ،‬فإن الفتنة ترضب اآلن‬ ‫تم توحيدها‬ ‫وحدة اليمن‪ ،‬وتهز ركائز الدولة التي ّ‬ ‫بالقوة‪.‬‬ ‫الكيان الصهيوين هو املستفيد الوحيد من‬ ‫الحالة الراهنة والذي ربح املزيد من الحروب من دون‬ ‫أن يخوض غامر الحرب وهو الذي يحصد النتائج‬ ‫الثمينة‪ ،‬بينام يدفع الشعب الفلسطيني‬ ‫الفاتورة مضاعفة‪ ،‬يف أرضه تنبت املستوطنات‬ ‫وتنترش كالفطر بوترية عالية الرسعة‪ ،‬حتى ال‬ ‫تبقى منها أي مساحة تكفي إلقامة الدولة‬ ‫املوعودة‪.‬‬

‫مرص أوالً – شعار مض ّلل‬ ‫تغي الكثري يف الواقع العريب الراهن‪ ،‬يف مرص‬ ‫رّ‬ ‫العروبة ومنذ كامب ديفيد انتقلت من القومية‬ ‫اىل القطرية‪ ،‬ومن االشرتاكية املنقوصة اىل‬ ‫الرأساملية املغشوشة‪ ،‬ومن الحزب الواحد اىل‬ ‫التعددية الشكلية‪ ،‬اىل الدميقراطية املزورة‬ ‫واملرضوبة‪ ،‬ومرص التي وقفت يوماً اىل جانب‬ ‫حركات التحرر يف إفريقيا ومساندتهم‪ ،‬هي‬

‫‪28‬‬

‫اليوم تحارص قطاع غزة‪ ،‬وتالحق املقاومني وتلقي‬ ‫بهم يف غياهب سجونها ومعتقالتها‪ ،‬إن رسالة‬ ‫االنتخابات الربملانية األخرية يف مرص تقول‪ ،‬إن أي‬ ‫أفق للمشاركة يف العمل العام مسدود‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني تراجع دور الجامهري وحضورها‪.‬‬ ‫ومن املفارقات أن الصورة التي أصبحت عليها‬ ‫مرص يف الداخل تشكلت يف ظل شعار “مرص‬ ‫أوالً” أي كعنوان إلصالح البيت الداخيل‪ ،‬لكن‬ ‫التجربة أ ّكدت أنه كان دعوة لالنسحاب من‬ ‫الخارج وتكريساً للعزلة التي ترتبت عىل توقيع‬ ‫اتفاقيات كامب ديفيد‪ ،‬الفشل يف الداخل‪،‬‬ ‫وخارجياً انخرطت يف معسكر “االعتدال” وهذا‬ ‫االنخراط أسهم مع عوامل أخرى يف تسليم‬ ‫ملف القضية الفلسطينية للواليات املتحدة‬ ‫التي وظفته لصالح االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬ومل‬ ‫يعد دور ملرص سوى مامرسة الضغط عىل حركات‬ ‫املقاومة الفلسطينية‪.‬‬ ‫لقد تراجع دور مرص بشكل كبري‪ ،‬ومؤرشات هذا‬ ‫الرتاجع بدت واضحة يف األزمة التي أثريت بشأن‬ ‫مياه النيل والدعوة التي انطلقت إلعادة النظر‬ ‫يف حصص الدول املطلة عليه‪ ،‬وهذا ما دفع عدداً‬ ‫غري قليل من املثقفني السودانيني‪ ،‬تحميل مرص‬ ‫قسطاً من املسؤولية عن التدهور الذي حدث يف‬ ‫عالقة الشامل بالجنوب‪ .‬ومرص بذلك ستكون‬ ‫من أكرب املترضرين‪ ،‬ألن “دولة جنوب السودان”‬ ‫ستكون مبثابة دولة جديدة تطالب بحقوقها‬ ‫يف مياه النيل‪ ،‬وكذلك سيتحول الجنوب اىل‬ ‫قاعدة عسكرية إرسائيلية وأمريكية‪ ،‬وسيصبح‬ ‫السودان مهدداً و ُفتح الباب الحتامالت متزق البلد‪،‬‬ ‫خصوصاً أن قادة التمرد يف دارفورد أصبحوا‬ ‫يطالبون بحكم ذايت ينتهي باستقاللهم‪.‬‬ ‫ويف ظل الصمت العريب‪ ،‬تصفى القضية‬

‫الفلسطينية بعد أن فشلت كل املفاوضات التي‬ ‫أجريت‪ ،‬وهذا مل يكن مفاجئاً‪ ،‬وأعلنت الواليات‬ ‫املتحدة عن تراجعها عن الوعود التي سبق وأن‬ ‫أطلقها الرئيس باراك أوباما‪ ،‬وهناك حديث عن‬ ‫إغالق ملف املفاوضات أو وضعه يف آخر أولويات‬ ‫اإلدارة األمريكية أم ًال يف أن يؤدي ذلك اىل زيادة‬ ‫شعبية الرئيس أوباما بني اليهود وحلفائهم‪ ،‬مام‬ ‫ميكنه من التجديد ملدة ثانية‪.‬‬ ‫التوتر بني املغرب والجزائر عىل أشده‪ ،‬وموضوع‬ ‫النزاع عىل الصحراء يزداد تعقيداً والصحف‬ ‫الغربية تتحدث عن احتامالت الحرب بني البلدين‪،‬‬ ‫وقضية الرببر متثل لغ ًام موقوتاً يف البلدين قاب ًال‬ ‫لإلنفجار يف أي لحظة‪.‬‬ ‫هذا الترشذم ترتتب عليه نتائج من شأنها‬ ‫إضعاف األمة وغياب دورها‪ ،‬واعتامد الدول العربية‬ ‫عىل القوى الخارجية الطامعة ويف املقدمة‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬األمر الذي يعني أن‬ ‫االنتداب والوصاية التي فرضا عىل العرب بعد‬ ‫الحرب العاملية االوىل‪ ،‬وتخصلوا منها بعد ذلك‪،‬‬ ‫عادا مرة أخرى يف األلفية الثانية برغبة وطلب‬ ‫عربيني‪ ،‬وأن الفراغ املخيم عىل املنطقة استدعى‬ ‫قوى أخرى لتعبئته بشكل ما‪.‬‬ ‫رمبا تكشف حالة النظام العريب‪ ،‬بوصفه‬ ‫نظاماً فرعياً من النظام اإلقليمي للرشق األوسط‪،‬‬ ‫أن التحالف مع خارج النظام هو األكرث رواجاً‪،‬‬ ‫فالنظام العريب فكك فعلياً منذ توقيع مرص‬ ‫معاهدة السالم مع الكيان الصهيوين إذ تراجعت‬ ‫مكانة القضية الفلسطينية كقضية مركزية‬ ‫لهذا النظام‪ ،‬وانفرط العقد العريب متاماً‪ ،‬وبني هذا‬ ‫االنفراط وذاك كان النظام العريب يتفكك و ُيخرتق‬ ‫من الخارج ابتداءاً من النظام اإلقليمي األوسع‬ ‫“نظام الرشق األوسط” وانتهاء بالنظام العاملي‬ ‫وحال التجمعات الفرعية العربية‪ ،‬خصوصاً‬

‫مجلس التعاون الخليجي واالتحاد املغاريب هي أكرب‬ ‫دليل عىل ذلك‪ ،‬فمجلس التعاون الخليجي بنى‬ ‫نظريته األمنية عىل أساس االعتامد الكامل عىل‬ ‫الواليات املتحدة من دون أفق لنظام أمن جامعي‬ ‫خليجي‪ ،‬بل أمن منفرد لكل دولة خليجية عىل‬ ‫حدى‪ ،‬أما مسرية التكامل واالندماج فال تزال‬ ‫هي األخرى عند حدها األدىن‪ ،‬وليست حال االتحاد‬ ‫املغاريب أفضل‪ ،‬ومسرية االندماج معطلة كلياً‬ ‫واألمن الجامعي غائب والتوجه البارز هو نحو‬ ‫االرتباط باألفق املتوسطي‪.‬‬ ‫الوضع العريب الراهن‪ ،‬مل يرتق بأحواله وعالقاته‬ ‫وإمكانياته اىل الدرجة التي تتيح له تشكيل‬ ‫قوة حقيقية يحسب لها‪ ،‬إذ أن العالقات البينية‬ ‫العربية ليست عىل ما يرام‪ ،‬ومثة مشكالت‬ ‫عميقة واختالفات سياسية بني معظم األطراف‬ ‫الفاعلة الوازنة يف العامل العريب‪.‬‬

‫عملية «التسوية» فضحت‬ ‫النظام الرسمي العريب‬ ‫إن عملية “التسوية” يف املنطقة ُفرضت فرضاً‬ ‫من قبل الواليات املتحدة بعد حرب الخليج األوىل‪،‬‬ ‫ويف ظل عدم وجود موازين قوى تسمح‪ ،‬وأكرث من‬ ‫ذلك فعملية “التسوية” يف حد ذاتها شكلت‬ ‫تنازالً من جانب واحد هو الطرف العريب‪ ،‬وتال ذلك‬ ‫مطالبات وتوسالت مذلة من جانب األطراف التي‬ ‫سقطت يف مستنقع التسوية املفروضة‪ .‬ولعل‬ ‫هذا ما يفرس بقاء املبادرة العربية “للسالم” التي‬ ‫أطلقت يف مؤمتر قمة بريوت ‪ 2002‬يف الظالم‪،‬‬ ‫ويف ظل غياب رؤية مشرتكة وعدم استثامر‬ ‫مكامن القوة يف هذه األمة‪ ،‬والتلهي بعبارات‬ ‫مثل “اسرتاتيجية السالم” بينام عدونا يتهيأ كل‬ ‫فرصة للقيام بجولة حرب جديدة مستفيداًَ من‬ ‫حالة االنقسام العريب والترشذم الحاصل‪ ،‬واألكرث‬ ‫من ذلك هناك من يتآمر عىل املقاومة العربية‬ ‫يف هذه األمة‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك رصاع ضا ٍر‬ ‫بني القوى اإلقليمية والدولية عىل خرائط الرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬ولذلك بات الكيان الصهيوين يربط‬ ‫“التسوية” وشكلها وحدودها‪ ،‬مبآل الرصاع عىل‬ ‫الرشق األوسط وبالرتتيبات السياسية واألمنية‬ ‫واالقتصادية التي ميكن أن تتمخض عنها‪.‬‬ ‫“إرسائيل” اليوم يف واقع االحتالل املريح‬ ‫أو أرخص احتالل كام قال رئيس السلطة‬ ‫الفلسطينية محمود عباس‪ ،‬فلامذا تتعجل‬ ‫التسوية طاملا أن بإمكانها أن تحصل عىل املزيد‬ ‫من التنازالت يف الواقع الراهن؟‬

‫السودان يف املصيدة األمريكية‬ ‫أكد الرئيس السوداين عمر البشري قبيل‬ ‫االستفتاء يف جنوب السودان بأيام قليلة بأنه‬

‫‪29‬‬

‫سيكون حزيناً إذا حصل انفصال الجنوب عن‬ ‫الشامل‪ ،‬ورغم ذلك فهو سيحتفل مع الجنوبيني‬ ‫إذا اختاروا االنفصال‪ ،‬أما قرار مرص فهو مواكبة‬ ‫االنفصال والحد من خسائره باعتبارها أربح‬ ‫السياسات‪ ،‬وترصف البشري وكأنه يحمل‬ ‫تفويضاً عربياً‪ ،‬بإدارة االنفصال واحرتام إرادة‬ ‫الناخبني‪ ،‬وحصل هذا أمام التصميم األمرييك‬ ‫البارز‪ ،‬عىل اقتطاع ما يقرب من ثلث مساحة‬ ‫السودان ‪ 700‬ألف كلم‪ 2‬مساحة جنوب السودان‪،‬‬ ‫بينام مساحة السودان كاملة ‪ 2.5‬مليون كلم‪2‬‬ ‫وعدد سكان جنوب السودان يقارب ‪ 8.260‬مليون‬ ‫نسمة‪.‬‬ ‫ويف جردة حسابية‪ ،‬ما هي األرباح املتحققة‬ ‫من وراء انفصال جنوب السودان؟ وميكن القول‪،‬‬ ‫وضمن مقاييس الزمن الرديء والواقع العريب‬ ‫الراهن‪ ،‬حصل الرئيس البشري عىل تلميحات‬ ‫بتحسني موقعه القانوين دولياً‪ ،‬ومرص الخارجة من‬ ‫انتخابات صعبة بحاجة اىل مهادنة – أمريكية‪،‬‬ ‫بشأن أصول التعامل مع األقليات االنتخابية‬ ‫والدينية‪.‬‬ ‫لقد حصل االستفتاء يف التاسع من كانون‬ ‫الثاين ‪ 2011‬وتكرس انفصال جنوب السودان‬ ‫وقيام دولة جديدة انسلخت عن أكرب الدول‬ ‫اإلفريقية مساحة‪.‬‬ ‫األهمية االسرتاتيجية لجنوب السودان هي‬ ‫الدافع وراء تكثيف الجهود الغربية واإلرسائيلية‬ ‫لفصله عن بقية السودان ومن املتوقع أن ينجم‬ ‫عن انفصاله قيام تحالف إقليمي مناهض ألمن‬ ‫مرص واملنطقة العربية‪ ،‬وقد يدعم مطالب‬ ‫االنفصال يف دارفور التي تشجعها قوى يف‬ ‫الغرب‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة اىل أهمية موقع الجنوب‬ ‫السوداين “تشكل املراعي ‪ %40‬من مساحته‬ ‫وتشغل الغابات الطبيعية ‪ % 23‬والسطوح‬ ‫املائية ‪ %7‬وهذا يكسبه أهمية خاصة بالنسبة‬ ‫لألمن القومي السوداين”‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون أن تحديات دولة الجنوب الوليدة‬ ‫كثرية‪ ،‬تكمن يف وجود الكثري من القضايا العالقة‬ ‫مع الشامل‪ ،‬وأهمها الرتابط بشأن النفط الذي‬ ‫يبلغ إنتاجه ‪ 500‬ألف برميل يومياً ومعظمه‬ ‫يف الجنوب‪ ،‬وترسيم الحدود الذي سيدفع القوى‬ ‫الدولية للتدخل يف الشأن الجنويب‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فرض تصوراتها من أجل تحقيق أجندتها يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬كام أن هناك احتامل نشوب حرب بني‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬ ‫الجنوبيني أنفسهم عىل ضوء مترد عدد من قادة‬ ‫الجيش الشعبي إبان خالفهم مع حكومة الجنوب‬ ‫يف االنتخابات األخرية‪.‬‬ ‫وبعد فصل جنوب السودان عن شامله هناك‬ ‫أولوية اسرتاتجية أمريكية – صهيونية ذات‬ ‫طابع استعامري بغية السيطرة عليه‪ ،‬ويتزايد‬ ‫الحديث عن صالت تجمع الدولة الوليدة يف جنوب‬ ‫السودان مع الكيان الصهيوين وأطامعه يف‬ ‫الرثوات الطبيعية وعىل رأسها الرثوات النفطية‪،‬‬ ‫وكذلك فإن إقامة عالقة قوية مع الكيان سيفتح‬ ‫الباب أمام تل أبيب للحصول عىل مياه نهر النيل‪،‬‬ ‫وتزيد من فرص سيطرتها عليه‪ ،‬عرب بناء املزيد من‬ ‫السدود وإقامة املشاريع كام سبق أن فعلت مع‬ ‫أثيوبيا لتكون ورقة جديدة بيدها‪.‬‬ ‫وعىل صعيد املحور األمني‪ ،‬فلدى “إرسائيل”‬ ‫مصالح أمنية وعسكرية يف منطقة القرن‬ ‫اإلفريقي وحوض النيل‪ ،‬وهي الدول املجاورة للسودان‬ ‫من خالل صفقات األسلحة التي تدر مبالغ طائلة‬ ‫عىل الكيان الصهيوين تقدر مبليارات الدوالرات‬ ‫وليس خافياً الدعم العسكري الذي قدمته‬ ‫“إرسائيل” للمتمردين يف جنوب السودان‪.‬‬ ‫املأساة الدامية مستمرة يف حالة الوضع‬ ‫العريب الراهن‪ ،‬السودان ُيقسم قرساً اىل دولتني‪،‬‬ ‫هذا البلد العريب‪ ،‬الغني مبوارده والفقري واقعياً‬ ‫اىل درجة التخلف‪ ،‬هذا باعرتاف أهله والظروف‬ ‫القاسية التي يعيشون‪ ،‬والدولة املركزية غائبة‬ ‫مل تصل يوماً اىل سائر أنحاء السودان املمتد‬ ‫بحجم قارة‪.‬‬ ‫ويف عودة للتاريخ من املفيد أن نذكر كيف‬ ‫تش ّكل السودان بعد أن أنهيت الوحدة الشكلية‬ ‫التي كانت سائدة والتي أقامها االستعامر‬ ‫الربيطاين بغية تحقيق مصالحة‪ ،‬وبعيداً عن‬ ‫حقائق التاريخ والجغرافيا والرتكيبة السكانية‬ ‫يف “وادي النيل”‪.‬‬ ‫ما حصل يف السودان‪ ،‬وما قد يحصل يف العراق‬ ‫واليمن‪ ،‬وما يل ّوح من أخطار تهدد لبنان ووحدة‬ ‫كيانه السيايس‪ ،‬أو يف أي دولة عربية أخرى‪ ،‬ومن‬ ‫املفيد العودة اىل الظروف التي أنشئت فيها دول‬ ‫املرشق العريب بتقاسم معلن بني االمرباطوريتني‬ ‫الربيطانية والفرنسية‪ ،‬والتقسيم أو التقاسم‬ ‫مل يستند اىل حدود طبيعية أو اىل وحدة عنارص‬ ‫الشعب يف كل من تلك الدول‪ ،‬ولذا فقد أمكن‬ ‫زرع الكيان الصهيوين عام ‪ 1948‬يف فلسطني‬ ‫بالقوة‪ ،‬ويستمر بدعم وحامية االستعامر القديم‬ ‫والحديث‪.‬‬

‫تداعيات انفصال جنوب السودان‬ ‫مستشار األمني العام لألمم املتحدة فرانسيس‬ ‫دينق‪ ،‬قال‪ :‬إنه وحدوي وهو من جنوب السودان ورغم‬ ‫ذلك فهو يؤ ّيد حق تقرير املصري للجنوب‪ ،‬ويحث‬ ‫القيادة الشاملية ملضاعفة جهودها لخلق ظروف‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مناسبة تجعل الوحدة جذابة للجنوب‪ ،‬وقال‪ :‬إن‬ ‫انفصال جنوب السودان سيجعل األمة تواجه‬ ‫تحدياً يجب النظر إليه نظرة عميقة مبا يخدم‬ ‫مصلحة الشامل والجنوب‪ ،‬ووضع دينق رشوطاً‬ ‫الستمرار انفتاح باب الوحدة يف املستقبل‪ ،‬بأن‬ ‫يكون تقسيم املسؤوليات ودياً‪ ،‬ووضع أساس‬ ‫لتعاون وتعايش ومعامالت مستمرة‪ ،‬واملشاركة‬ ‫يف تقسيم النفط واملاء‪ ،‬وتشجيع التجارة‬ ‫املشرتكة وضامن حرية الحركة واإلقامة والعمل‪،‬‬ ‫وترك الباب مفتوحاً ملناقشة احتامالت الوحدة‬ ‫مرة أخرى‪.‬‬ ‫وقال دينق إن تداعيات انفصال الجنوب‪ ،‬ستستمر‬ ‫وستطالب جامعات شاملية غري عربية بتحقيق‬ ‫السودان الجديد الذي تدعو له الحركة الشعبية‪،‬‬ ‫وهذه الجامعات متكاثرة يف واليات جنوب كردفان‬ ‫والنيل األزرق‪ ،‬والرشق‪ ،‬ودارفور‪ ،‬وهذه الجامعات‬ ‫ستطلب مساعدة جنوب السودان املستقل‪،‬‬ ‫وستقود هذه املساعدة اىل مشكالت‪ ،‬ألن‬ ‫الخرطوم ستعمل عىل إضعاف حكومة الجنوب‪،‬‬ ‫ويف رأي كثري من الناس‪ ،‬االنفصال سيؤدي اىل‬ ‫كارثة للجنوب واملنطقة‪.‬‬ ‫والسؤال ملاذا وافق الرئيس السوداين عمر‬ ‫البشري‪ ،‬عىل إجراء االستفتاء الذي قاد اىل‬ ‫االنفصال جنوب السودان؟‬ ‫عب مايكل إبراموفتش من كبار‬ ‫يف هذا املجال رّ‬ ‫املسؤولني يف متحف “هولوكوست” يف واشنطن‬ ‫عن رأيه يف صحيفة واشنطن بوست وأشاد‬ ‫بسياسة “العصا والجزرة” التي سارت عليها إدارة‬ ‫الرئيس باراك أوباما نحو السودان وقال‪ :‬إن وعود‬ ‫شطب اسم السودان من قامئة دول اإلرهاب‪،‬‬ ‫وتخفيض ديونه الخارجية‪ ،‬ورفع مستوى التمثيل‬ ‫الدبلومايس مع الواليات املتحدة‪ ،‬أقنعت الرئيس‬ ‫البشري بعد معارضة نتيجة استفتاء السودان‪.‬‬ ‫لكن إبراموفتش قال‪“ :‬تجارب تقسيم الدول‬

‫‪30‬‬

‫ليست سارة‪ ،‬فتقسيم الهند‪ ،‬وفصل بنغالديش‬ ‫عن باكستان‪ ،‬وتقسيم يوغوسالفيا كلها‬ ‫صاحبتها حروب”‪.‬‬ ‫وكانت صحيفة “نيويورك تاميز” كشفت أن‬ ‫الحركة الشعبية التي قادت الحرب الجنوبية ضد‬ ‫الشامل ألكرث من ‪ 21‬عاماً والتي تحكم الجنوب‬ ‫نصت اتفاقية السالم‬ ‫مل تنزع سالح جنودها كام ّ‬ ‫سنة ‪ ،2005‬ومن بني ‪ 100‬ألف جندي مل يتح ّول‬ ‫اىل الحياة املدنية سوى ‪ 400‬جندي فقط‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬ما هو موقف املعارضة السودانية‬ ‫بعد انفصال جنوب السودان؟‬ ‫رأى زعامء املعارضة السودانية يف اجتامع ضم‬ ‫زعامء حزب األمة الصادق املهدي واملؤمتر الشعبي‬ ‫وتم‬ ‫حسن الرتايب والشيوعي محمد ابراهيم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مناقشة تطورات الوضع السيايس يف البالد‪،‬‬ ‫ودعا هؤالء اىل العمل الجاد ملنع نشوب حرب بني‬ ‫الشامل والجنوب مهام كانت األسباب‪ ،‬والحل‬ ‫السلمي العادل والشامل املتفاوض عليه ألزمة‬ ‫دارفور بعيداً عن الخيارات العسكرية‪ ،‬وأ ّكدت‬ ‫املعارضة يف بيان أنها مع حق مواطني جنوب‬ ‫السودان يف مامرسة حق تقرير مصريهم‪ ،‬ودعوا‬ ‫اىل تشكيل حكومة انتقالية قومية تكون أوىل‬ ‫مهامتها عقد مؤمتر دستوري لتحديد شكل‬ ‫دولة شامل السودان وكيفية حكمها والتصدي‬ ‫للقضايا امللحة وعىل رأسها أزمة دارفور واألزمة‬ ‫املعيشة‪ ،‬والحريات‪ ،‬وإقامة عالقة اسرتاتيجية بني‬ ‫دولتي شامل وجنوب السودان‪.‬‬

‫الوجه اآلخر لتقسيم السودان‬ ‫نزاع عىل تقاسم مياه النيل‬ ‫من املعروف أن أثيوبيا والسودان ومرص هي‬ ‫منطقة النيل بامتياز وتعيش عىل النيل‪ ،‬وإذا‬ ‫كان املنبع الحقيقي من بحرية فكتوريا يف‬ ‫أثيوبيا‪ ،‬فإن الواقع الحقيقي لتغذية النيل من‬ ‫األنهر هو من جنوب السودان حيث يسمى هناك‬ ‫النيل األبيض‪ ،‬وبعد أن تجتمع أنهر النيل األبيض‬ ‫لتصب كلها يف مجرى النيل األزرق‪ ،‬فيمر من‬ ‫السودان وصوالً اىل مرص ليصب يف البحر‬ ‫األبيض املتوسط‪ ،‬وجنوب السودان تستثمر‬ ‫‪ %1‬يف الزراعة من مساحتها البالغة ‪700‬‬ ‫ألف كلم‪ ،2‬يف حني أنها قادرة عىل اسنثامر‬ ‫أكرب بقعة زراعية يف املنطقة‪ ،‬وإضافة اىل‬ ‫غنى جنوب السودان مبياه النيل األبيض فهي‬ ‫ستقوم عىل ثروات معدنية هامة وعىل النفط‬ ‫يف منطقتي أبيي ودارفور املتنازع عليها‪.‬‬ ‫وما يخطط له األمريكيون والكيان الصهيوين‪،‬‬ ‫هو إقامة سد كبري ما بني أثيوبيا وجنوب السودان‬ ‫يكون السد األكرب يف املنطقة وبحجم يفوق‬ ‫ثالث مرات السد العايل يف مرص‪.‬‬ ‫ويف إحدى برقيات ويكيليكس يذكر السفري‬ ‫األمرييك يف مرص والسودان ويف أثيوبيا‪ ،‬أن‬

‫مصلحة أمريكا يف إقامة قاعدة عسكرية‬ ‫جوية يف جنوب السودان‪ ،‬وهي تجعل أمريكا‬ ‫ذات قوة تدخل كبرية يف إفريقيا‪ ،‬إضافة اىل أن‬ ‫أمريكا طامحة يف إرشاك جنوب السودان يف‬ ‫الدرع الصاروخي ألن مرمى الصواريخ يف جنوب‬ ‫السودان يطال دول املنطقة وصوالً اىل إيران‪.‬‬ ‫قسم يف سياق سيايس‪ ،‬إيديولوجي‪،‬‬ ‫السودان ُي ّ‬ ‫وأخالقي عنوانه حق تقرير املصري‪ ،‬وبدعم أمرييك‬ ‫جرى نزع السلطة املركزية تدريجياً يف عملية‬ ‫ساهمت فيها املؤسسات الدولية بد ًءا من‬ ‫دارفور‪ ،‬والرئيس البشري املتهم بارتكاب مجازر‬ ‫يف دارفور‪ ،‬يته ّيأ ليعود بشكل تدريجي متعاوناً‬ ‫وبنّا ًء للسودان ومنصاعاً “لإلرادة األمريكية” التي‬ ‫تقررها الواليات املتحدة ومن يدور يف فلكها‪.‬‬ ‫وللمفارقة يحمي النفط مؤقتاً وحدة العراق‪،‬‬ ‫بينام أدى النفط اىل ترسيع تقسيم السودان‪،‬‬ ‫تعب يف شكلها عن‬ ‫والرشعية الدولية التي‬ ‫رّ‬ ‫مصالح الواليات املتحدة‪ ،‬متلك كل اإلمكانيات‬ ‫والديناميكيات املتعلقة بالتقسيم والوحدة‪.‬‬ ‫وما حدث يف السودان منذ فرتة وال سيام يف‬ ‫األشهر األخرية‪ ،‬يكشف عن أن واشنطن تدير‬ ‫متاماً وبتصميم عملية تقسيم السودان‪.‬‬ ‫لقد شهد عام ‪ 2011‬قيام دولة إفريقية‬ ‫جديدة عدد سكانها ال يزيد عن ‪ 8‬مليون نسمة‬ ‫ومساحتها ‪ 700‬ألف كلم‪ ،2‬وتقدّر ثرواتها‬ ‫النفطية بحوايل ‪ 250‬مليار دوالر عىل األقل دون‬ ‫آبار أبيي ودرفور‪ ،‬وهذه الدولة ستكون منطقة‬ ‫متنازع عليها أو موطئ قدم للدول الكربى‬ ‫وخصوصاً ألمريكا وبريطانيا‪.‬‬ ‫فالرشط األمرييك األساس الذي ُوضع عىل‬ ‫الرئيس البشري لتحسني عالقته مع أمريكا‬ ‫هو القبول باالنفصال‪ ،‬كام أن أمريكا مارست‬ ‫ضغطاً عىل مرص للسكوت عىل التقسيم‪ ،‬وهذا‬ ‫سيكون مكلفاً ملرص وسيجعلها يف حالة توتر‬ ‫دائم مع أثيوبيا وجنوب السودان‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫تتغلغل فيه “إرسائيل” يف أريرتيا القريبة من‬ ‫جنوب السودان‪.‬‬

‫خسائر اقتصادية بأبعاد‬ ‫اسرتاتيجية‬ ‫ويف الوضع العريب الراهن بات اللعب اآلن‬ ‫عىل املكشوف وحتى وإن كان سياسياً‪ ،‬وأصبح‬ ‫التسليم باألمر الواقع هو صفة مالزمة لهذا‬ ‫الزمن الرديء‪ ،‬وإن حاول البعض أن يز ّين الهزمية‪،‬‬ ‫والقول‪ ،‬خرجنا بأقل الخسائر االقتصادية التي ُمني‬ ‫بها السودان جراء انفصال جنوبه‪ ،‬لرنى بوضوح‬ ‫حجم الكارثة‪ ،‬وتشري التقديرات االقتصادية اىل‬ ‫أن الشامل فقد مع انفصال الجنوب ‪ %33‬من املوارد‬ ‫البرشية و‪ %25‬من األرايض الصالحة للزراعة‪،‬‬ ‫إضافة اىل ‪ %60‬من ثروته الغابية و‪ %55‬من الرثوة‬ ‫الحيوانية و‪ %60‬من الرثوة السمكية‪ ،‬ويف املقابل‬

‫ستستفيد الحكومة املركزية مؤقتاً من اضطرار‬ ‫الجنوب الذي ميلك ‪ %75‬من نفط السودان اىل‬ ‫استخدام أنابيب النقل ومصايف التكرير وموانئ‬ ‫التصدير الشاملية لالحتفاظ بجزء من العوائد‬ ‫النفطية كرسوم تتقاضاها عن استخدام الجنوب‬ ‫ملنشآتها‪ ،‬وسط تقديرات لخرباء اقتصاديني بأن‬ ‫يجري التوصل اىل اتفاق بني الطرفني تقسم فيه‬ ‫عوائد النفط الجنويب خالل املرحلة املقبلة بنسبة‬ ‫‪ %60‬للجنوب مقابل ‪ %40‬للشامل‪.‬‬ ‫يف إطار املفاهيم القدمية لحق تقرير املصري‪،‬‬ ‫نضع أنفسنا يف الخطأ عندما نفهم أن هذا الحق‬ ‫هو “مجرد حكم الشعب لنفسه بنفسه”‪ ،‬ومثل‬ ‫هذا الطرح الواسع والفضفاض ميكن استعامله‬ ‫يف كل األزمنة واألمكنة تبعاً لظروف الشعوب‬ ‫وموقعها يف الخرائط السياسية واالجتامعية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬وميكن القول‪ ،‬وبعد أن استغلت‬ ‫الدول االستعامرية هذا املفهوم لتفكيك الدول‬ ‫القامئة عىل أساس التعايش املشرتك‪ ،‬بهدف‬ ‫الحصول عىل أفضل املكاسب وتحقيق مصالحها‪،‬‬ ‫كان هناك نظرية جديدة ُتطرح عىل مستوى‬ ‫الفكر السيايس والحقوقي تسمى بـ “ما بعد‬ ‫األقليات” وهي التؤ ّيد حق االستقالل لألقليات‬ ‫يف العامل ألنه يؤدي اىل ركام من الدول‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يؤدي اىل عجز املؤسسات األممية وقوانينها‬ ‫املعمول بها عن املتابعة والسيطرة‪ ،‬وبالتايل فإن‬ ‫طرح مسألة التعايش املشرتك هو شكل من‬ ‫أشكال حق تقرير املصري‪.‬‬

‫القضية الفلسطينية الخارس‬ ‫األكرب من تردي الوضع العريب‬ ‫ولطاملا أ ّيد الكيان الصهيوين متزيق أوصال‬ ‫العراق‪ ،‬الدولة التي تتيح لها مساحتها‬ ‫وإمكانياتها وثرواتها كافة أن مت ّثل خطراً يهدّد‬ ‫هذا الكيان املحتل‪ ،‬ويرجح هؤالء أن عراقاً أصغر‬ ‫لن يكون قادراً عىل تبني أحالم عربية يف حرب‬ ‫كربى جديدة‪ ،‬ولهذا مازال مرشوع نائب الرئيس‬ ‫األمرييك جو بايدن موضوعاً عىل الرف يف الوقت‬ ‫تتم بالتدريج والخطر‬ ‫الراهن‪ ،‬ألن عملية التقسيم ّ‬ ‫مازال مائ ًال ويتهدّد العراق‪.‬‬ ‫ويف الوضع العريب الراهن سقطت أوهام‬ ‫“التسوية” التي نادى بها عرب “االعتدال”‪ ،‬ومل‬ ‫تفلح زيارات جورج ميتشيل املكوكية اىل املنطقة‬ ‫إال يف توفري الوقت الالزم للكيان الصهيوين‬ ‫من أجل اتساع رقعة االستيطان وتقليص‬ ‫مساحة مطالبات السلطة الفلسطينية بوقف‬ ‫االستيطان‪ ،‬وعاد ميتشيل من دون تغيري يذكر يف‬ ‫غي من موقفه‬ ‫مواقف الصهاينة‪ ،‬وال األمرييك رّ‬ ‫الشكيل وال االستيطان الصهيوين توقف‪ ،‬وذهبت‬ ‫واشنطن اىل تقديم دعم غري مرشوط للكيان‬ ‫الصهيوين‪ ،‬وقد تجلىّ ذلك يف قرار مجلس النواب‬ ‫األمرييك يف كانون األول املايض‪ ،‬الذي قىض‬

‫‪31‬‬

‫باستخدام حق النقض “الفيتو”‪ ،‬إزاء أي قرار يصدر‬ ‫عن مجلس األمن يدعم قيام دولة فلسطينية‪،‬‬ ‫يشجع حكومة نتنياهو‬ ‫ومثل هذا القرار وغريه‬ ‫ّ‬ ‫عىل مواصلة سياستها ويضعف الدبلوماسية‬ ‫األمريكية أو يلغي قدرتها املتآكلة والهشة عىل‬ ‫االستمرار يف لعب دور الوسيط النزيه‪.‬‬ ‫إن مثانية عرش عاماً‪ ،‬منذ بدء مسرية‬ ‫تأت بجديد‪،‬‬ ‫ثم أوسلو مل‬ ‫ِ‬ ‫مؤمتر مدريد ومن ّ‬ ‫وكل جوالت التفاوض الثنائية والثالثية مل‬ ‫تفلح‪ ،‬وهي تؤ ّكد أن واشنطن غري جادة‬ ‫عىل اإلطالق يف الضغط عىل حكومات‬ ‫“إرسائيل” املتعاقبة‪ ،‬وها هو الرئيس األمرييك‬ ‫أوباما يستهلك رصيده السيايس‪ ،‬وفشلت‬ ‫وتم إغراقها يف‬ ‫تجربة “التغيري” التي نادى بها ّ‬ ‫أوحال الفشل سواء يف حروبها العسكرية‬ ‫أو يف سلسلة إجراءاتها االقتصادية واملالية‬ ‫واالجتامعية‪ ،‬وباألخص إفشال جهودها يف‬ ‫تسوية الرصاع العريب – الصهيوين‪.‬‬ ‫قبل عامني كانت الحرب الصهيونية عىل غزة‪،‬‬ ‫وكانت الحرب األوىل من نوعها التي تقع خارج‬ ‫السياسة وغلب عليها الطابع الجنايئ الذي‬ ‫يخضع ملنطق القانون ومحاكمه أكرث مام يخضع‬ ‫ملنطق الرصاع بني قوتني وإرادتني سياسيتني‪ ،‬ويف‬ ‫أي حرب قادمة عىل غزة سيكون عنوانها إعادة‬ ‫تأهيل الجيش الصهيوين لضامن الردع والتفوق‪،‬‬ ‫لكن أحداً لن يستطيع أو يجرؤ عىل استثامر‬ ‫الحرب يف أي مرشوع سيايس‪ ،‬وتجربة سنوات‬ ‫التفاوض كان الهدف منها إتاحة الوقت لالحتالل‬ ‫الصهيوين لفرض املزيد من الوقائع وانتزاع‬ ‫التنازالت من السلطة الفلسطينية تحت غطاء‬ ‫رسمي عريب ممث ًال مببادرة السالم العربية ورعاية‬ ‫أمريكية منحازة‪.‬‬ ‫والحرب اإلرسائيلية القادمة سيكون أحد‬ ‫دوافعها استثامر حالة الرتدي السائدة يف عاملنا‬ ‫العريب واستثامر كل السلبيات وحالة االنقسام‬ ‫السائدة‪ ،‬وستنطلق من الحاجة اإلرسائيلية‬ ‫املعلنة اىل تغيري موازين القوى العسكرية‬ ‫الراهنة يف املنطقة بعد انتصار املقاومة‬ ‫اإلسالمية وصمودها البطويل عام ‪ 2006‬وإفشال‬ ‫أهداف العدوان الصهيوين‪.‬‬ ‫العدو الصهيوين مازال بانتظار الفرصة‬ ‫األمريكية املواتية للقيام بعدوان جديد‪ ،‬وحالة‬ ‫الوضع العريب الراهن تش ّكل عام ًال دافعاً ملثل‬ ‫هذه الحرب بعد تجربة السنوات السابقة‪.‬‬ ‫العامل الوحيد الذي ميكن التعويل عليه هو‬ ‫املقاومة يف هذه األمة والتحالف الصلب بني‬ ‫دمشق وطهران وجامهري شعبنا العريب مبا متلكه‬ ‫من إمكانيات برشية خالقة‪ ،‬التي إذا أتيحت لها‬ ‫الفرصة ستفجر كل طاقاتها الكامنة وستخلق‬ ‫معادالت جديدة عنوانها‪ ،‬املقاومة هي خطة‬ ‫طريقنا نحو االنتصار وصون كرامة األمة‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب دويل‬

‫أزمة النظم في أفريقيا‬ ‫تناقضات عميقة في طريق اإلصالح السياسي‬

‫إن الحالة السياسية يف أفريقيا تكشف عن‬ ‫تناقضات عميقة تطال مسألة الدميقراطية‬ ‫برمتها أوالً كبعد نظري‪ ،‬وثانياً كشكل بحيث أن‬ ‫هذه التناقضات أصبحت تشكل يف حقيقة األمر‬ ‫جوهر أزمة الواقع السيايس يف أفريقيا‪ ،‬وهي أزمة‬ ‫أبعد يف واقعها وأسبابها عن كل منافذ الخروج‬ ‫املزعومة واملفرتضة يف اإلصالح السيايس‪.‬‬ ‫الحقيقة األوىل يف هذا السياق أن أفريقيا‬ ‫والثقافية‪،‬‬ ‫االجتامعية‪،‬‬ ‫ببيئتها‬ ‫املختلفة‬ ‫والنفسية قد وقعت أسرية يف قبضة استعامر‬ ‫سيايس تهيأت لقبوله نخب سياسية أفريقية‬ ‫كانت يف األصل مبهورة بتطبيقاته يف الغرب‬ ‫الذي عاشت هذه النخب‪ ،‬وتعلمت يف أحضانه‪،‬‬ ‫وقد ساعد انعدام الوعي لدى الكثري من الشعوب‬ ‫األفريقية‪ ،‬وعجزها عن تطوير واقع دميقراطي‬ ‫أفريقي أصيل عىل االنبهار برؤية املستعمر القديم‬ ‫لقضية الدميقراطية‪ ،‬ومن هنا مل تجد تلك النخب‪،‬‬ ‫واالستعامر من وراءها يف إلباس أفريقيا ثوباً‬ ‫سياسياً واقتصادياً هو يف األساس غريب عنها‪،‬‬ ‫ومتناقض مع بيئتها أية صعوبات‪ ،‬ومن ثم متكني‬ ‫تلك النخب السياسية املستلبة فكرياً‪ ،‬وثقافياً‬ ‫من السلطة يف كل الدول اإلفريقية حيث أسست‬ ‫نظ ًام تسلطية استبدادية ساندتها بقوة الدول‬ ‫االستعامرية التي روجت وبشكل واسع أكذوبة‬ ‫أن األفارقة مل يبلغوا بعد الرشد الحضاري والوعي‬ ‫أنفسهم‬ ‫يحكموا‬ ‫ليك‬ ‫املطلوب‬ ‫السيايس‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بأنفسهم‪ ،‬وأنهم بحاجة إىل من يحكمهم‪،‬‬ ‫ويساعدهم عىل الخروج من تلك الحالة املتدنية‪،‬‬ ‫وهو ما اعترب وقتها دع ًام استعامرياً ألنظمة‬ ‫سياسية جاءت أص ًال لخدمة ذلك املستعمر‪،‬‬ ‫وراعية ملصالحه يف قارة كان يستعمرها مبارشة‬ ‫وينهب خرياتها يف وضح النهار‪.‬‬ ‫مل تنهض أفريقيا قارة‪ ،‬وإنساناً بذلك النموذج‬ ‫الدميقراطي املزعوم املستورد‪ ،‬ليس ألنها غري‬ ‫مؤهلة كام يدعي الكثري من مفكري الغرب بل ألن‬ ‫النموذج الغريب للدميقراطية وإضافة إىل فساد‬ ‫جوهره ال يناسب أبداً األفارقة‪ ،‬وال ينسجم مع‬ ‫آليات الحياة االجتامعية اإلفريقية إن مل يكن أص ًال‬ ‫متعارض معها‪ ،‬ومتناقض مع ثقافتها‪ ،‬وكنتيجة‬ ‫لكل ذلك تحولت ما يسمى بالدميقراطية الغربية‪،‬‬ ‫إىل أداة فعالة يف إشعال الفنت يف أفريقيا‪ ،‬بل‬ ‫والحروب األهلية‪ ،‬واإلقليمية يف نفس الوقت الذي‬ ‫مل تحقق فيه هذه الدميقراطية املزعومة شيئاً من‬ ‫كل ما كانت تروج له يف دعاياتها االنتخابية‪.‬‬ ‫إن األزمة السياسية يف أفريقيا ال تعود يف‬ ‫الحقيقة إىل طبيعة األفارقة‪ ،‬وال إىل خصوصيتهم‬ ‫الثقافية‪ ،‬واالجتامعية‪ ،‬بل هي أزمة يف النظرية‬ ‫الرأساميل‪،‬‬ ‫ومكونها‬ ‫الليربالية‪،‬‬ ‫السياسية‬ ‫ذلك أن أفريقيا‪ ،‬وقبل مجيء االستعامر إليها‬ ‫كانت لها حضارة متميزة‪ ،‬وكانت تعيش تكام ًال‬ ‫اقتصادياً‪ ،‬وسياسياً‪ ،‬ومل تكن يف أفريقيا ما ميكن‬ ‫وصفه باألزمة السياسية حيث اعتمدت أفريقيا‬

‫‪32‬‬

‫عىل نظام سيايس يعتمد عىل الشورى‪ ،‬وهو ما‬ ‫عرف بنظام دميقراطية الشجرة‪ ،‬إال أن األفارقة‬ ‫الذين عانوا البؤس‪ ،‬والفقر والتخلف يف ظل‬ ‫االستعامر الذي قسم أفريقيا‪ ،‬بحدود وهمية بني‬ ‫أجزاءها‪ ،‬اعتقدوا بعد االستقالل أن الرأساملية‪،‬‬ ‫كل‬ ‫لهم‬ ‫ستحقق‬ ‫الغربية‬ ‫والدميقراطية‬ ‫أحالمهم‪ ،‬وطموحاتهم‪ ،‬وستخلصهم مام خلفه‬ ‫لهم املستعمر من بؤس ومعاناة‪ ،‬وفقر‪ ،‬وتخلف‪،‬‬ ‫فسارعت نخبهم إىل استرياد األفكار‪ ،‬والرؤى‬ ‫الغربية السياسية‪ ،‬واالقتصادية وقد ساعدهم يف‬ ‫ذلك انتشار لغات املستعمر يف العديد من أجزاء‬ ‫القارة ودعوا إىل تطبيقها يف أفريقيا‪ ،‬فأسسوا‬ ‫أنظمة سياسية ظلت غريبة عىل األفارقة وظل‬ ‫األفارقة يف رصاع دائم معها‪ ،‬فانترشت االنقالبات‬ ‫العسكرية‪ ،‬والتمردات الشعبية‪ ،‬والفنت الداخلية‪،‬‬ ‫والرصاعات الحزبية‪ ،‬وكنتيجة لكل ذلك دخلت‬ ‫أفريقيا ومنذ استقاللها فيام ميكن وصفه بأزمة‬ ‫استقرار سيايس‪ ،‬واجتامعي نتجت عنها أن تحول‬ ‫األفارقة إىل متلقى للمساعدات الدولية‪ ،‬وانتهت‬ ‫أفريقيا إىل قارة كوارث بامتياز‪.‬‬ ‫يف الواقع إن أزمة النظم السياسية يف‬ ‫أفريقيا تقع بأسبابها يف إطار هذا التناقض‬ ‫بني الخصوصية األفريقية‪ ،‬وبني ما يراد فرضه من‬ ‫قيم غربية عىل أفريقيا‪ ،‬وهي النظم التي تسري‪،‬‬ ‫بفلسفتها‪ ،‬وآلياتها‪ ،‬وقيمها يف اتجاه معاكس‬ ‫متاماً لخصوصية األفارقة‪ ،‬الثقافية‪ ،‬واالجتامعية‪،‬‬

‫وهو ما يفرس هذا التناقض الدائم بني األفارقة‪،‬‬ ‫وبني أنظمتهم السياسة والذي ترجم يف‬ ‫أحيان كثرية إىل احتجاجات عنيفة‪ ،‬ومقاومات‬ ‫واسعة ضد الحكومات املنتخبة‪ ،‬وإىل رصاعات‪،‬‬ ‫وحروب محلية كثرية عرفتها أغلب أجزاء القارة‬ ‫السمراء‪.‬‬ ‫لقد أضحت الصورة الذهنية والقوالب الجامدة‬ ‫التي كرستها وسائل اإلعالم الدولية واملحلية ترادف‬ ‫بني أفريقيا وبني حالة العنف والرصاع الداخيل يف‬ ‫ظل واقع بائس يزداد فيه تهميش املواطن اإلفريقي‬ ‫بشكل مستمر‪.‬‬ ‫فغرب أفريقيا تطرح منوذجاً للفوىض العارمة؛‬ ‫حيث تشهد انهياراً ملؤسسات الدولة‪ ،‬وتعاين من‬ ‫انتشار األوبئة والجرمية‪ ،‬وانهيار حكم القانون‪.‬‬ ‫ونظراً لزيادة اندماج أفريقيا يف االقتصاد العاملي‪،‬‬ ‫وعجز الدولة التنموية عن توفري االحتياجات‬ ‫األساسية للشعوب األفريقية؛ بسبب انهيار‬ ‫أسواق املواد الخام يف منتصف السبعينيات فإن‬ ‫الدولة األفريقية عانت من أزمات خانقة؛ بسبب‬ ‫تنامي الهويات العرقية‪ ،‬واإلقليمية‪ ،‬والدينية‬ ‫التي نازعت الدولة من أجل البقاء‪ ،‬لقد أضحى‬ ‫وجود الدولة األفريقية بحد ذاته محل شك ونزاع‪،‬‬ ‫ولنذكر ـ عىل سبيل املثال ـ الكونغو‪ ،‬والسودان‪،‬‬ ‫والصومال‪ ،‬وسرياليون‪ ،‬ومثة مطالب شعبية‬ ‫متزايدة برضورة إيجاد أسس جديدة للحكم يف‬ ‫أفريقيا تعمل عىل متكني الشعب‪ ،‬ومحاسبة‬ ‫القادة الفاسدين‪.‬‬ ‫كام شهدت املنطقة من جنوب السنغال‬ ‫وحتى ليربيا حروباً ورصاعات أخرى تورطت فيها‬ ‫نحو خمس دول أفريقية أخرى‪ ،‬وال شك أن هذه‬ ‫الرصاعات األفريقية تؤدي إىل تدهور اقتصادي‬ ‫وانهيار ملؤسسات الدولة‪ ،‬إضافة إىل شيوع ثقافة‬ ‫العنف والفساد يف هذه املجتمعات‪.‬‬ ‫وعىل صعيد آخر فإن بعض الدول األفريقية‬ ‫األخرى ال تزال تشهد رصاعات عرقية عنيفة‬ ‫مثل‪ :‬رواندا‪ ،‬وبوروندي‪ ،‬وأوغنده‪ ،‬وتشاد‪ ،‬وجيبويت‪،‬‬ ‫والسودان‪ ،‬أضف إىل ذلك فإن هناك بعض الدول‬ ‫األفريقية التي تعاين مخاطر عدم االستقرار‬ ‫السيايس وانهيار الدولة‪.‬‬

‫الرصاعات العرقية والسياسية‬ ‫يف أفريقيا‬ ‫لعل تقسيم القارة األفريقية بني القوى‬ ‫االستعامرية األوروبية الكربى يف مؤمتر برلني‬ ‫‪1884‬ـ ‪ 1885‬ميثل نقطة فارقة يف التطور‬ ‫السيايس واالجتامعي اإلفــريقي‪ ،‬ومن املالحظ‬ ‫أن الحدود االستعامرية التي رسمت عىل خرائط‬ ‫يف أوروبا عكست باألساس مصالح القوى‬ ‫االستعامرية‪ ،‬ومل تعرتف باملصالح اإلفريقية‪،‬‬ ‫وعليه فإن الحدود املوروثة عن االستعامر أدت إىل‬ ‫تقسيم الجامعات العرقية بني دولتني أو أكرث‪،‬‬

‫كام أنها من جهة أخرى أدت إىل وجود جامعات‬ ‫عرقية ذات تاريخ من العداء والرصاع داخل حدود‬ ‫إقليمية واحدة؛ وهو األمر الذي شجع عىل تزايد‬ ‫حدة الرصاعات العرقية يف كثري من املواقف‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن أحد املبادئ الحاكمة‬ ‫للعالقات الدولية األفريقية يف مرحلة ما بعد‬ ‫االستقالل أكدت عىل مبدأ «عدم املساس بالحدود‬ ‫املوروثة» عن االستعامر‪ ،‬إال أن القارة األفريقية‬ ‫شهدت نزاعات حدودية عنيفة لعل من أبرزها‪:‬‬ ‫حرب القرن األفريقي بني الصومال وإثيوبيا ‪1977‬‬ ‫ـ ‪ ،1978‬والحرب التي تخوضها املغرب ضد جبهة‬ ‫البوليساريو حول الصحراء الغربية‪ ،‬والحرب بني‬ ‫ليبيا وتشاد ‪ 1973‬ـ ‪ ،1988‬وأخرياً النزاع اإلرتري‬ ‫اإلثيويب‪.‬‬ ‫لقد شهدت القارة األفريقية تزايداً مطرداً يف‬ ‫عدد الرصاعات والنزاعات املسلحة؛ حيث بلغت‬ ‫منذ عام ‪ 1970‬أكرث من ثالثني نزاعاً (الغالبية‬ ‫العظمى منها نزاعات أهلية داخلية)‪ ،‬بل إن‬ ‫عام ‪ 1996‬وحده شهد وجود رصاعات مسلحة‬ ‫يف أكرث من ‪ 14‬دولة أفريقية‪ ،‬وقد نجم عن هذه‬ ‫الرصاعات نحو نصف ضحايا الحروب عىل الصعيد‬ ‫العاملي‪ ،‬ونحو مثانية ماليني الجىء ونازح ومرشد‪،‬‬ ‫وأن تأثريات هذه الرصاعات والنزاعات تعوق الجهود‬ ‫املبذولة لتحقيق السالم واالستقرار لشعوب‬ ‫القارة‪.‬‬ ‫إن تزايد الحروب والرصاعات األفريقية ما هو إال‬ ‫نتاج لآلثار املدمرة التي متارسها قوى العوملة عىل‬ ‫األفريقية‪،‬‬ ‫واالقتصادية‬ ‫السياسية‬ ‫التنظيامت‬ ‫لقد أدت العوملة إىل تراجع سلطة الدولة املركزية‬ ‫يف أفريقيا؛ وال سيام السيطرة عىل أدوات القهر‬ ‫املادي يف املجتمع‪ ،‬يف ذات الوقت متثلت مالمح‬ ‫االستجابة السياسية لتأثريات العوملة يف ظهور‬ ‫حركات وتنظيامت عرقية ودينية تتحدى سلطة‬ ‫الدولة األفريقية‪ ،‬سواء عىل املستوى القومي أو‬ ‫املحيل‪.‬‬ ‫أضف إىل ذلك فإن السياسات االقتصادية‬ ‫الثامنينيات‬ ‫يف‬ ‫اتبعت‬ ‫التي‬ ‫الليربالية‬ ‫والتسعينيات من القرن املايض أدت إىل زيادة‬ ‫معدالت البطالة وسوء توزيع املوارد والدخول؛ وهو‬ ‫ما خلق البيئة املناسبة لتزايد الجرمية‪ ،‬وانتشار‬

‫‪33‬‬

‫الفساد والسوق السوداء‪ ،‬وتهريب األسلحة‬ ‫واملخدرات‪ ،‬وهو ما يفرس ظهور األشكال واألمناط‬ ‫الجديدة من الحروب األهلية‪ ،‬والعنف السيايس‬ ‫الذي تشهده النظم السياسية األفريقية‪.‬‬ ‫وأ ّياً كان األمر فإن حدة الرصاعات العرقية‬ ‫والسياسية يف الواقع األفريقي ترتبط بدرجة‬ ‫االستجابة ملطالب الجامعات العرقية‪ ،‬فثمة‬ ‫مطالب قابلة للتفاوض مثل‪ :‬املطالبة باملساواة‬ ‫بني الجامعات العرقية املختلفة يف عملية توزيع‬ ‫الرثوة والسلطة؛ فالجامعة أو الجامعات املهيمنة‬ ‫يف املجتمع تسعى دوماً إىل الحفاظ عىل الوضع‬ ‫القائم الذي يضمن لها الهيمنة عىل باقي‬ ‫الجامعات‪ ،‬عىل أن هناك مطالب يصعب التفاوض‬ ‫بشأنها مثل‪ :‬السعي من أجل االستقالل‬ ‫واالنفصال عن الدولة‪ ،‬أو الحصول عىل الحكم‬ ‫الذايت إلقليم معني داخل الدولة‪.‬‬ ‫لقد عاد استعامر أفريقيا‪ ،‬ولكن هذه املرة ليس‬ ‫عىل أيدي األوروبيني‪ ،‬ولكن عىل أيدي األفارقة‬ ‫أنفسهم ‪ ،‬ومضمون هذا التصور أن يتم إعادة‬ ‫النظر يف الخريطة السياسية ألفريقيا‪ ،‬حيث‬ ‫تجاوزت الحاالت اإلفريقية مرحلة إسقاط النظام‬ ‫الشمويل‪ ،‬لكن التعددية السياسية قادتها إىل‬ ‫كارثة العنف السيايس‪ :‬يف بورندي خاضت قبيلة‬ ‫التونيس الحرب عندما سجل زعيم من قبيلة‬ ‫الهوتو فوزاً يف أول انتخابات رئاسية عام ‪1992‬‬ ‫حصد العنف املاليني ورشد املاليني‪ .‬ويف الجزائر‬ ‫حولت انتخابات الرئاسة عام ‪ 1990‬الجزائر إىل‬ ‫حامم دم مل يتوقف حتى هذه اللحظة (العنف‬ ‫والعنف املضاد) كلف الجزائر مثناً باهظاً آالف‬ ‫القتىل ودمار البنية التحتية‪ .‬ويف كينيا حولت‬ ‫انتخابات الرئاسة ‪ 2008‬كينيا إىل ساحة رصاع‬ ‫عنيف ومواجهات بني أنصار «مواي كيباي» الذي‬ ‫يقود تجمع املوزة ومعارضة «رابيداونيغا» الذي‬ ‫يقود تجمع املعارضة تحت اسم الربتقالة وأنتج‬ ‫الرصاع دمار شامل وأكرث من ‪ 1600‬قتيل‪ .‬ويف‬ ‫نيجرييا أعقب انتخابات الرئاسة ‪ 2008‬بني الرئيس‬ ‫السابق أوبا سينجو والحايل عمر يارادو أعامل‬ ‫عنف حصدت املئات تحت مربر تزوير االنتخابات‬ ‫والنتائج‪ .‬ويف أثيوبيا احتجت املعارضة عىل نتائج‬ ‫االنتخابات ‪ 2005‬التي فاز فيها مليس زيناوي بوالية‬ ‫ثالثة بحجة نزاهة االنتخابات وأدت الصدامات‬ ‫إىل مقتل أكرث من ‪ 300‬شخص‪ .‬ويف زميبابوي‬ ‫ما زالت األزمة السياسية ونتائج االنتخابات‬ ‫الرئاسية ‪ 2008‬بني الرئيس موغايب واملعارضة‬ ‫تلقي بظاللها عىل املشهد السيايس بحجة‬ ‫تزوير االنتخابات والقوائم االنتخابية ومل تفلح‬ ‫وساطات (امبييك) رئيس جنوب أفريقيا السابق‬ ‫يف حل األزمة وتقاسم السلطة والوزارات والتي‬ ‫يحتمل أن تقود البالد إىل حافة الحرب األهلية‬ ‫املدمرة‪ .‬كام أن الصومال كانت وما زالت األزمة‬ ‫السياسية حول السلطة وتقاسمها (املحاصصة)‬ ‫ومنصب الرئيس ورئيس الوزراء املسبب األسايس‬ ‫يف العنف املتأجج والحروب األهلية املشتعلة‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب دويل‬ ‫واملواجهات الدموية منذ سقوط سيادبري ‪1991‬‬ ‫والتي راح ضحيتها مئات اآلالف ورشد مئات‬ ‫اآلالف إضافة إىل اآلثار اإلنسانية املعاناة والفقر‬ ‫والتخلف والقهر‪ .‬كذلك السودان كانت ومازالت‬ ‫أزمة تقاسم السلطة بني الشامل والجنوب منذ‬ ‫‪ 1953‬وتقاسم السلطة والرثوة مع دارفور منذ‬ ‫‪ 2004‬مسائل نزاع حاد تتسم بالعنف املتبادل‬ ‫واملواجهات املستمرة التي تكلف السودان مثناً‬ ‫باهظاً عىل كل األصعدة والجبهات‪ .‬أما يف تشاد‬ ‫فقد سببت نتائج االنتخابات ‪ 2007‬وفوز الرئيس‬ ‫إدريس ديب يف تفجر العنف املسلح بني السلطة‬ ‫واملعارضة مازالت تلقى بظاللها عىل املشهد‬ ‫السيايس التشادي‪ ،‬وتعيق أي إصالح أو مصالحة‪.‬‬ ‫وهكذا الحال يف موزامبيق وليبرييا وتونس ومرص‬ ‫وسرياليون وموريتانيا والكنغو‪...‬الخ وكل الدول‬ ‫اإلفريقية التي شهدت انتخابات برملانية ورئاسية‬ ‫بحضور مراقبني أمميني ودوليني مل تنتج فيها‬ ‫االنتخابات غري االتهامات املتبادلة بالتزوير ومل‬ ‫تفيض سوى إىل مزيد من العنف والعنف املضاد‬ ‫وفتحت الباب عىل مرصاعيه أمام التدخالت‬ ‫األجنبية كام حدث يف الصومال (قوات أممية‬ ‫وأفريقية‪ ،‬وأمريكية‪ ،‬وأثيوبية‪ )...‬والسودان وليبرييا‬ ‫وروندا وبورندي وتشاد والكنغو‪ ،‬يف االستعامر‬ ‫األورويب الذي وضع بذور الحرب األهلية يف أفريقيا‬ ‫سواء من خالل النشأة املصطنعة للدول اإلفريقية‬ ‫أو من خالل السياسات االستعامرية املتبعة يف‬ ‫املستعمرات اإلفريقية السابقة»‪ .‬شهدت ‪16‬‬ ‫دولة أفريقية انتخابات تعددية غري أن الواقع اآلن‬ ‫يعرتيه كثري من الغموض وسط تزايد العنف‬ ‫للوصول إىل السلطة أو املحافظة عليها مثلام‬ ‫حدث يف بورندي والكنغو الدميقراطية والكنغو‬ ‫برازفيل وكينيا وزميبابوي فض ًال عن اندالع أعامل‬ ‫العنف‪ ،‬والرصاع الداخيل يف سرياليون والسودان‬ ‫والصومال وأنجوال وبورندي والكنغو األمر الذي‬ ‫يرسم مستقب ًال يدعو للتشاؤم بصورة دفعت‬ ‫كثري من األفارقة إىل االعتقاد أن الدميقراطية‬ ‫هي مجرد مسألة ترفيه وأن املطلوب هو منط‬ ‫أفريقي من الدميقراطية الشعبية يختلف عام‬ ‫هو متعارف عليه يف الغرب الرأساميل حيث‬ ‫أدت التحوالت الدميقراطية إىل استبدال الحزب‬ ‫الواحد بأحزاب صغرية غري دميقراطية الطابع ميثل‬ ‫بعضها الطبقة السياسية الجديدة إذ تحرص هذه‬ ‫النخب الجديدة عىل تكديس الرثوة والحصول عىل‬ ‫السلطة‪.‬‬

‫التغلغل اإلرسائييل يف أفريقيا‬ ‫ومخاطره عىل األمن العريب‬ ‫وتويل «إرسائيل» أهمية خاصة للقرن األفريقي‬ ‫العتبارات عديدة منها وجود السودان دولة‬ ‫إسالمية‪ ،‬وتخوف «إرسائيل» من أن يتحول القرن‬ ‫األفريقي ‪ -‬خصوصاً عىل امتداد الساحل البحري‪-‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫إىل منطقة نفوذ إيرانية سودانية‪ ،‬من شأنها‬ ‫تعريض مصالحها االسرتاتيجية لخطر كبري‪.‬‬ ‫كام أن «إرسائيل» تركز عىل نيجرييا باعتبارها‬ ‫دولة إسالمية كربى يف أفريقيا‪ ،‬وقد أسهم‬ ‫الضغط األمرييك يف فتح األبواب النيجريية‬ ‫للرشكات اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫وقد أبدى اإلرسائيليون مخاوفهم من تزايد‬ ‫انتشار اإلسالم يف أفريقيا‪ ،‬ما يلحق أذى كبرياً‬ ‫باملصالح اإلرسائيلية‪ ،‬ويقول تسفي مزال نائب‬ ‫املدير العام لشؤون أفريقيا يف وزارة الخارجية‬ ‫اإلرسائيلية «إن العامل صغري ومغلق‪ ،‬وإن ما‬ ‫يحدث يف أي مكان يؤثر عىل املكان اآلخر‪ ،‬وخاصة‬ ‫بالنسبة ملا يحدث يف أفريقيا التي نعتربها جارة‬ ‫لـ «إرسائيل» من الناحية الجغرافية‪ ،‬وإذا ما تفىش‬ ‫اإلسالم هناك فإن «إرسائيل» ستترضر كثرياً‪.‬‬ ‫من جهة ثانية تستغل «إرسائيل» حقيقة كون‬ ‫قارة أفريقيا ترزح تحت وطأة الفقر والتخلف‪ ،‬فرتفع‬ ‫شعار الدولة «الصديقة» ذات السامت الخاصة‬ ‫التي مكنتها من االنعتاق من االضطهاد وتحقيق‬ ‫التنمية مبا يؤهلها لقيادة «منوذج» يصلح االقتداء‬ ‫به للدول األفريقية التي تشارك «إرسائيل» يف‬ ‫كونها دوالً نامية تعاين «القهر واالضطهاد»‪.‬‬ ‫كام ساهم تلويح «إرسائيل» باستعدادها‬ ‫لتقديم «املساعدة الفنية البحتة» الخالصة من‬ ‫أية «مطامع أو مطامح» يف خلق صداقات بينها‬ ‫وبني زعامء القارة وتبادل العالقات الدبلوماسية‬ ‫وعقد االتفاقيات االقتصادية‪.‬‬ ‫ولـ «إرسائيل» أهداف كبرية من وراء تغلغلها‬ ‫يف القارة األفريقية منها اسرتاتيجية وسياسية‬ ‫واقتصادية ففي ما يتع ّلق باألهداف االسرتاتيجية‬ ‫تشكل أفريقيا باملنظور اإلرسائييل أهمية‬ ‫اسرتاتيجية كبرية‪ ،‬لعدة أسباب‪:‬‬ ‫امتالك أفريقيا ملمرات حيوية للتجارة الدولية‬ ‫وملنافذ وموانئ بحرية هامة عىل املحيطني‬

‫‪34‬‬

‫الهندي واألطليس‪ ،‬وإلمكانات نفطية إذ قدر‬ ‫مؤمتر األمم املتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)‬ ‫مجمل االحتياطي النفطي ألفريقيا بنحو ‪80‬‬ ‫مليار برميل‪ ،‬كام تشكل أفريقيا حالياً ممراً هاماً‬ ‫للتجارة البحرية اإلرسائيلية حيث مير ‪ %20‬من‬ ‫هذه التجارة أمام سواحل القرن األفريقي ويف‬ ‫مضيق باب املندب‪ ،‬كام أن رحالت «رشكة العال»‬ ‫إىل الرشق األوسط متر يف سامء إريرتيا ومن هناك‬ ‫تتجه رشقاً‪.‬‬ ‫أما األهداف السياسية فهي تكمن يف‬ ‫سعي «إرسائيل» للخروج من عزلتها والحصول‬ ‫عىل املزيد من الرشعية الدولية‪ ،‬وإقامة عالقات‬ ‫دبلوماسية مع أكرب عدد ممكن من الدول األفريقية‬ ‫كمدخل للقيام بنشاطات أخرى اقتصادية وأمنية‪،‬‬ ‫وكوسيلة لنفي الصورة العنرصية للكيان‬ ‫الصهيوين‪ ،‬من خالل القيام بنشاطات إعالمية‬ ‫وثقافية وتقديم مساعدات متنوعة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل السعي لكسب ودعم السود يف أمريكا‬ ‫وللمواقف واملطالب اإلرسائيلية عىل الساحة‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫ويشكل البحر األحمر أهمية كبرية بالنسبة‬ ‫واالسرتاتيجية‬ ‫التجارية‬ ‫اإلرسائيلية‬ ‫للمصالح‬ ‫ألنها تعتمد عليه يف تجارتها مع أفريقيا وآسيا‬ ‫وأسرتاليا‪ ،‬ونظراً لغياب قواعد عربية واضحة‬ ‫تحكم أمن البحر األحمر‪ ،‬ومع استقالل إريرتيا‬ ‫عام ‪ 1993‬وابتعادها عن النظام العريب‪ ،‬تحاول‬ ‫«إرسائيل» ضامن تلبية مطالبها األمنية الخاصة‬ ‫بالبحر األحمر‪.‬‬ ‫هذا ويحتل الجانب االقتصادي يف اسرتاتيجية‬ ‫«إرسائيل» للتغلغل يف أفريقيا أهمية كبرية‪،‬‬ ‫ذلك أنه يحقق للدولة العربية مجموعة من‬ ‫األهداف‪:‬‬ ‫فتح أسواق للمنتجات اإلرسائيلية والحصول‬ ‫عىل املواد األولية الالزمة للصناعة اإلرسائيلية‬ ‫وتشغيل فائض العاملة لديها من خرباء وفنيني‬ ‫يف دول القارة‪.‬‬ ‫فعدم قدرة العرب عىل تطوير اسرتاتيجيات‬ ‫جديدة يف عالقاتهم مع القارة األفريقية من‬ ‫شأنه أن يبقي فرص تالعب «إرسائيل» بأمنهم‬ ‫ومصريهم قامئة‪ .‬وقد تبنت «إرسائيل» يف‬ ‫اسرتاتيجيتها هذه مجموعة من اآلليات منها‪:‬‬ ‫الحصول عىل امتيازات للبحث عن البرتول يف‬ ‫أفريقيا‪ ،‬وتأسيس عدة رشكات عىل أنها أفريقية‪،‬‬ ‫وتحويل مبالغ كبرية من املال تحت أسامء تجار يهود‬ ‫يحملون جنسيات تلك الدول‪ ،‬من خالل وجود‬ ‫خرباء يحملون جنسيات دول أوروبية ويدينون لـ‬ ‫«إرسائيل» بالوالء‪ ،‬واحتكار تجارة بعض املحصوالت‬ ‫واألسواق‪ ،‬استهالك العديد من السلع‪ ،‬كاحتكار‬ ‫أسواق املنتجات الغذائية وعصري الفاكهة يف‬ ‫إثيوبيا‪ ،‬ومحصول النب يف أوغندا‪ ،‬ومحاصيل‬ ‫السمسم والفول السوداين وغريها يف عموم‬ ‫دول رشق أفريقيا‪ ،‬واتباع سياسة إغراقية يف‬ ‫تجارتها بغية كسب األسواق‪ ،‬مثلام حدث مع‬

‫كينيا وإثيوبيا حينام أغرقت أسواقهام مبختلف‬ ‫البضائع والسلع وكانت جميعها تستوردها‬ ‫بأسعار منخفضة من بلدان أخرى‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫سد الطريق أمام التعامل األفريقي ‪ -‬األفريقي‪،‬‬ ‫واألفريقي العريب‪.‬‬ ‫وتستهدف «إرسائيل» السيطرة عىل قطاع‬ ‫الصناعة االستخراجية يف القارة األفريقية‪،‬‬ ‫مركزة يف هذا املجال عىل استغالل الرثوات‬ ‫الطبيعية كاملاس يف ٍّ‬ ‫كل من الكونغو الدميقراطية‬ ‫وسرياليون وغانا وأفريقيا الوسطى‪ ،‬واليورانيوم‬ ‫يف النيجر‪.‬‬ ‫وميلك اإلرسائيليون اليوم كربى الرشكات التي‬ ‫تتحكم يف االقتصاد اإلفريقي كرشكة «أغريد‬ ‫أب» للتطوير الزراعي التي تقوم باستصالح‬ ‫األرايض وإقامة املزارع و»رشكة ألرا» و»موتوروال»‬ ‫و»كون» التجارية و»سوليل ونيه» الفرع الخارجي‪،‬‬ ‫وكذلك رشكة فنادق أفريقيا وغريها‪.‬‬

‫الرصاع األمرييك الفرنيس‬ ‫عىل أفريقيا‬ ‫مل تكن رحلة وزيرة خاريجية أمريكا هيالري‬ ‫كلينتون إىل إفريقيا والتي استمرت ‪ 11‬يوماً رضباً‬ ‫شم الهواء اإلفريقي الداىفء‪،‬‬ ‫من التسلية أو‬ ‫ّ‬ ‫فهيالري كلينتون تجولت عىل ‪ 7‬دول أفريقية إلعادة‬ ‫بسط االسرتاتيجية األمريكية يف تلك القارة بعد‬ ‫ليشم‬ ‫أن امت ّد أنف أمريكا إىل األدغال السمراء‬ ‫ّ‬ ‫عبق النفط األسود الذي تتلذذ به حاسة الشم‬ ‫االسرتاتيجية األمريكية‪ ،‬هدف الزيارة واضح يف‬ ‫الظاهر‪ ،‬بعدما حددت الخارجية األمريكية يف كل‬ ‫دولة من الدول السبع أزمة خاصة بها تراوحت‬ ‫بني معالجة موضوع املسلحني وكيفية التخلص‬ ‫منهم‪ ،‬اىل الحد من انتشار اإليدز‪.‬‬ ‫ويف أجواء من الرسية اندلعت حرب من نوع‬ ‫آخر بني النفوذ األنجلوسكسوين (األمرييك)‬ ‫والفرانكوفوين (فرنسا) عىل مناطق نفوذ «قدمية‬ ‫جديدة» يف غرب أفريقيا تحديداً‪.‬‬ ‫وفيام يتعلق باملوارد الطبيعية املوجودة هناك‬ ‫– خصوصاً يف غينيا وليبرييا ونيجرييا‪ -‬تؤكد‬ ‫التوقعات الرسمية األمريكية أن تستمد الواليات‬ ‫املتحدة حوايل ‪ %20‬من احتياجاتها النفطية من‬ ‫أفريقيا خالل العقد املقبل‪.‬‬ ‫وتجري عىل قدم وساق ويف أجواء من الرسية‬ ‫حرب من نوع آخر بني النفوذ األنجلوسكسوين‬ ‫(األمرييك) والفرانكوفوين (فرنسا) عىل مناطق‬ ‫نفوذ «قدمية جديدة» يف غرب أفريقيا تحديداً‪.‬‬ ‫وفيام يتعلق باملوارد الطبيعية املوجودة هناك‬ ‫– خصوصاً يف غينيا وليبرييا ونيجرييا‪ -‬تؤكد‬ ‫التوقعات الرسمية األمريكية أن تستمد الواليات‬ ‫املتحدة حوايل ‪ %20‬من احتياجاتها النفطية‬ ‫من أفريقيا‪ ،‬وستوفر دول غرب أفريقيا ‪ %15‬منها‪،‬‬ ‫ويتوقع مجلس املعلومات القومي األمرييك أن‬

‫ترتفع هذه النسبة إىل ‪ % 25‬بحلول عام ‪. 2015‬‬ ‫وتشري اإلحصاءات الصادرة من اإلدارة األمريكية‬ ‫لشؤون النفط والطاقة أن أمريكا ستلجأ إىل‬ ‫النفط اإلفريقي يف العرشية املقبلة وسيصل‬ ‫حجم االسترياد األمرييك من النفط األفريقي إىل‬ ‫‪ % 50‬من مجموع النفط املستورد بحلول العام‬ ‫‪ ،2015‬وهذا التخطيط اإلمرييك باإلستيالء عىل‬ ‫نفط دول غرب إفريقيا مل مير دون مداخلة فرنسا‬ ‫الحريصة عىل الكعكة النفطية اإلفريقية‪.‬‬ ‫أما يف نيجرييا فبؤر التوتر املصطنع لفرض‬ ‫الوصاية األمريكية حيث العمليات العسكرية‬ ‫مستمرة يف قطاعات مايدوغوري عاصمة والية‬ ‫بورنو‪ ،‬ويف واليات كانو وبالتو ونيجر وأداموا‬ ‫وسوكوتو وكيبي ونيجرييا تعترب واحدة من‬ ‫أهم وأغنى وأكرب الدول اإلسالمية يف العامل‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬ ‫وهذه التحديات يجب أن يتصدى لها االتحاد‬ ‫االتحاد تتويجاً ملا كان‬ ‫اإلفريقي الذي جاء ميالد‬ ‫ّ‬ ‫طرحه سابقاً وتبنّاه العقيد الليبي مع ّمر‬ ‫القذافيّ الذي أصيب بحالة يأس من املرشوع‬ ‫الوحدوي العريب‪ ،‬وقد استثمر العقيد مع ّمر‬ ‫القذايف عالقاته السابقة والقو ّية مبعظم القادة‬ ‫األفارقة الذين كانوا يرتددّون عىل العاصمة الليب ّية‬ ‫طرابلس‪ ،‬وكان العقيد الق ّذايف يل ّبي الحاج ّيات‬ ‫الس ّياسية وحتى املاد ّية لهؤالء القادة األفارقة‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة إىل أ ّنه مل يكن سه ًال عىل اإلطالق‬ ‫ّ‬ ‫ظل‬ ‫االتحاد اإلفريقي خصوصاً يف‬ ‫تدشني لبنة‬ ‫ّ‬ ‫املتأجج حول القارة‬ ‫التنافس األمرييك – الفرنيس‬ ‫ّ‬ ‫اإلفريق ّية التي تعتربها دوائر القرار واالسرتاتيجيا‬ ‫يف الغرب بأ ّنها القارة العذراء املزدحمة بالرثوات‬ ‫الطبيع ّية واملوارد األول ّية غري املستنفذة وغري‬ ‫االتحاد‬ ‫املستفاد منها‪ .‬وكان اإلعالن عن ميالد‬ ‫ّ‬ ‫اإلفريقي يف ق ّمة ديربان يف جنوب إفريق ّيا مبثابة‬ ‫اإلنتقال من الفكرة إىل الفعل‪ ،‬من دائرة النظر ّية‬ ‫إىل دائرة التطبيق‪ ،‬وقد أعلن القادة األفارقة يف‬ ‫اإلتحاد اإلفريقي عىل أنقاض‬ ‫هذه الق ّمة عن ميالد‬ ‫ّ‬ ‫تأسست قبل‬ ‫التي‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫اإلفريق‬ ‫منظمة الوحدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حوايل نصف قرن وترهلت وعجزت عن ّ‬ ‫حل املشاكل‬ ‫السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتامع ّية‬ ‫والعرق ّية العالقة يف أفريقيا‪ .‬وكانت منظمة‬ ‫الوحدة اإلفريق ّية خليطاً من الرؤى والتوجهّات‬ ‫السياسية وأصبحت يف فرتة من الفرتات مط ّية‬ ‫بيد اإلرادات الدول ّية‪ .‬ويف ق ّمة ديربان التي جمعت‬ ‫الزعامء األفارقة جرى التأكيد عىل رضورة تغيري‬ ‫النهج السيايس الذي كانت تنهجه منظمة‬ ‫الوحدة اإلفريق ّية‪ ،‬باإلضافة إىل النهج السيايس‪،‬‬ ‫حيث قد ّم بعض القادة األفارقة تصوراتهم‬ ‫لكيف ّية النهوض باقتصاد ّيات أفريقيا املنهارة‪ ،‬من‬ ‫خالل آلية لدميقراطية الح ّياة السياسية يف القارة‬ ‫اإلفريق ّية‪ .‬ورغم الطموحات التي واكبت انطالقة‬ ‫االتحاد اإلفريقي إ ّال ّأن املراقبني ال يتوق ّعون أن‬ ‫يختلف هذا األخري عن منظمة الوحدة اإلفريق ّية‪،‬‬ ‫واإلختالف الوحيد بني االتحاد اإلفريقي الراهن‬

‫‪35‬‬

‫ومنظمة الوحدة اإلفريق ّية املاض ّية هو يف تراجع‬ ‫مراكز إفريق ّية إقليم ّية نافذة يف منظمة الوحدة‬ ‫اإلفريق ّية وصعود مراكز إقليم ّية ودول إفريق ّية‬ ‫اإلتحاد اإلفريقي املقبل‪.‬‬ ‫أخرى ستلعب دوراً يف ّ‬ ‫وبعد كل ما تقدّم‪ ،‬فإن أي تصور ألي إصالح‬ ‫سيايس يف أفريقيا لن يكون مجدياً‪ ،‬فاملشكلة ال‬ ‫تكمن يف تطبيقات األفارقة للدميقراطية الغربية‬ ‫بآلياتها التقليدية بل هي يف عدم صالحية هذه‬ ‫الدميقراطية أص ًال‪ ،‬وكربهان عىل ذلك إن فرضها‬ ‫عىل األفارقة من خالل األنظمة السياسية التي‬ ‫أعقبت استقالل القارة‪ ،‬وما تال ذلك مل يحقق‬ ‫الرفاه‪ ،‬والتقدم الذي كان األفارقة ينشدونه يف‬ ‫بلدانهم‪ ،‬ولحياتهم حيث مازالت أفريقيا غارقة‬ ‫يف التخلف‪ ،‬والفقر‪ ،‬واملرض والجهل‪ ،‬والرصاعات‪،‬‬ ‫والفنت‪ ،‬والحروب‪..‬‬ ‫إن األزمة إذن تكمن يف هذه الدميقراطية‬ ‫املزعومة التي متكن القلة من السلطة بواسطة‬ ‫تلك اآلليات الخادعة ويف مقدمتها االنتخابات‪،‬‬ ‫وتبعد الشعوب عن حقها يف املامرسة الحقيقية‬ ‫للسلطة‪ ،‬وتجعلها تصارع‪ ،‬وتقاتل من أجل أن‬ ‫تستعيد حقوقها من تلك األقلية التي سطت‬ ‫بواسطة الدميقراطية الغربية عىل تلك الحقوق‪.‬‬ ‫ومن اإلشكاليات الخطرية األخرى يف هذا‬ ‫السياق عدم التوافق بني النظم السياسية‪،‬‬ ‫والنظم االقتصادية فباتساع الفجوة بني النظامني‬ ‫السيايس واالقتصادي يف أفريقيا تتسع كل يوم‬ ‫حالة الالستقرار يف القارة األفريقية‪ ،‬ذلك ألن‬ ‫الدميقراطية يف االقتصاد هي االشرتاكية‪ ،‬كام أن‬ ‫االشرتاكية يف السياسة هي الدميقراطية وهذه‬ ‫املعادلة ال تحققها دميقراطية الغرب املفروضة اآلن‬ ‫عىل أفريقيا‪..‬‬ ‫« إن النظام االقتصادي الذي ميثل قاعدة‬ ‫الدميقراطية هو نظام ال يقوم فقط عىل التفاوت‪،‬‬ ‫ولكن أيضاً يعمق هذا التفاوت»‪ ،‬وبقراءة الواقع‬ ‫السيايس يف أفريقيا نجده ليس فقط مشوها‬ ‫ميكن إصالحه كام يروج لذلك منظرو اإلصالح‬ ‫الليرباليني‪ ،‬بقدر ما هو نتاج رؤى ليربالية مناهضة‬ ‫يف األصل للدميقراطية‪ ،‬وللعدالة‪ ،‬واملساواة‪،‬‬ ‫وإجامالً للحرية‪ ،‬ومن هنا فإن أية رؤية إصالحية‬ ‫للنظم السياسية يف أفريقيا هي رؤية تلفيقية‬ ‫ال تصب يف اتجاه اإلنجاز التاريخي الذي يستهدف‬ ‫إعادة اإلنسان اإلفريقي إىل دائرة الفعل ليك‬ ‫يتوىل بنفسه إنجاز التقدم املنشود‪.‬‬ ‫إن الحل يكمن يف بلورة بديل مناسب‬ ‫كافة‬ ‫ينهي‬ ‫بديل‬ ‫األفريقية‪،‬‬ ‫للخصوصية‬ ‫أشكال الرصاع عىل السلطة‪ ،‬ويحقق يف جانبه‬ ‫االقتصادي عدالة حقيقية من خالل إعادة توزيع‬ ‫الرثوة األفريقية عىل األفارقة‪ ،‬بديل يعيد للمواطن‬ ‫اإلفريقي حقوقه الطبيعية‪ ،‬وميكنه من مامرسة‬ ‫إرادته‪ ،‬وتقرير مصريه بنفسه‪ ،‬ومن دون وصايه‬ ‫عليه أو تهميش له‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬مليس داغر‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫قضية‬

‫المناضل اللبناني جورج عبد هللا‪ 26 ..‬سنة من األسر الظالم في السجون الفرنسية‬

‫شقيقه د‪ .‬جوزيف عبد هللا لـ «منبر التوحيد»‪ :‬ال نطلب‬ ‫عفواً بل حقاً‪ ..‬والدولة اللبنانية ليست غائبة بل متواطئة‬ ‫‪ 26‬سنة م ّرت عىل اعتقال املناضل جورج عبد الله‪ ،‬وما زال‬ ‫حتى اليوم‪ ،‬يف زنزانته يف سجون فرنسا‪ ،‬كبرياً ككربياء وطنيته‪،‬‬ ‫ح ّراً كرفاقه املقاومني األحرار‪ ،‬عنيداً كصالبة األرض التي آمن بها‪،‬‬ ‫والحق َمن د ّنسها‪.‬‬ ‫من سجنه يف “الن ميزون”‪ ،‬يؤكد باستمرار عىل أهمية القضية‬ ‫الوطنية لألمة العربية ال سيام القضيتان اللبنانية والفلسطينية‪،‬‬ ‫ويشري دامئاً إىل تواطؤ القوى الرخيصة يف املنطقة مع “إرسائيل”‬ ‫لتصفية املقاومني والثوار‪.‬‬ ‫هو الذي لطاملا أرسل تحياته الصادقة للمقاومة يف لبنان‬ ‫وفلسطني‪ ،‬وألرساها وشهدائها وأبطالها‪ ،‬تلك املقاومة التي‬ ‫تحدث باسمها نائب األمني العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم‬ ‫قاسم مؤخراً عن أهمية حل قض ّيته‪ ،‬والتي هي “قضية سياسية‬ ‫بامتياز”‪ ،‬مؤكداً ّ‬ ‫أن “الحكومة الفرنسية مطال َبة باإلفراج عنه‪،‬‬ ‫والتوقف عن انتهاك حقوقه املرشوعة كإنسان مقاوم ملصلحة‬ ‫بلده‪ ،‬وال معنى لرمي الكرة يف ملعب القضاء إال للتهرب من‬ ‫املسؤولية”‪.‬‬

‫صاحب الضمري الوطني‬ ‫وراء القضبان‬ ‫جورج عبد الله‪ ،‬ابن القبيات – عكار‪ ،‬من مواليد ‪،1951-4-2‬‬ ‫وخ ّريج دار املعلمني يف األرشفية منذ العام ‪ .1970‬بدأ عمله‬ ‫النضايل يف صفوف الحركة الوطنية (الحزب السوري القومي‬ ‫االجتامعي)‪ ،‬ثم التحق باملقاومة الفلسطينية (الجبهة الشعبية‬ ‫لتحرير فلسطني)‪ ،‬دفاعاً عن املقاومة وعن لبنان وفلسطني‪ .‬أصيب‬ ‫بجروح يف العام ‪ 1978‬أثناء االجتياح اإلرسائييل لقسم من الجنوب‬ ‫اللبناين‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ ،1982‬شكل العدوان اإلرسائييل املتامدي عىل األرض‬ ‫اللبنانية والفلسطينية‪ ،‬يف ظل تواطؤ دول العامل مجتمعة‪ ،‬ثورة‬ ‫لدى العديد من الشباب اللبناين والعريب‪ ،‬الذين ه ّبوا يتنقلون‬ ‫بني دول العامل ملالحقة الصهاينة‪ ،‬واالقتصاص منهم ملا فعلت‬ ‫أيديهم بحق شعبنا العريب‪.‬‬ ‫هناك‪ ،‬كان جورج عبد الله‪ ،‬أحد املناضلني الذين تح ّركت لديهم‬ ‫اله ّمة العربية برضورة الكفاح والنضال بوجه االستكبار العاملي‬ ‫ال سيام األمرييك منه‪ ،‬وبعد تغايض دول العامل عن اإلعرتاف‬ ‫لشعب أىب التخيل عن أرضه‪ ،‬فكانت آلة الحرب‬ ‫بالحقوق اإلنسانية‬ ‫ٍ‬ ‫اإلرسائيلية له باملرصاد‪ ،‬وكانت تلك الدول املراقبة األساسية‬ ‫لذلك‪.‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يف فرنسا‪ ،‬رودريك غرانت‪ ،‬يف ‪.1982/8 /22‬‬ ‫تهم متعددة‪ ،‬والهدف واحد‪:‬‬ ‫إغتيال الدبلومايس األمرييك ليمون هانت‪ ،‬املدير السابق‬ ‫النيل من جورج عبد الله واملقاومة‬ ‫للقوات الدولية يف سيناء‪ ،‬يف ‪.1984/2 /15‬‬ ‫محاولة اغتيال القنصل العام للواليات املتحدة األمريكية يف‬ ‫أما سلة التهم التي تذ ّرعت بها السلطات الفرنسية‪ ،‬بحق سرتاسبورغ‪ ،‬روبرت أونان هوم‪ ،‬يف ‪ 26‬آذار ‪.1984‬‬ ‫املناضل جورج عبد الله‪ ،‬والتي جاءت وما زالت بضغوط وإرادة‬ ‫ال يزال جورج عبد الله يف سجنه يف فرنسا‪ ،‬عل ًام أنه كان‬ ‫أمريكية – صهيونية‪ ،‬فكانت‪ :‬شبهة تأسيس «الفصائل املسلحة بوسع وزارة العدل الفرنسية اإلفراج عنه فور انتهاء عامه الخامس‬ ‫الثورية اللبنانية»‪ ،‬والتخطيط ملجموعة من العمليات أبرزها‪:‬‬ ‫عرش يف السجن‪ ،‬وذلك مبجرد قرار إداري من الوزارة املذكورة‪ ،‬طبقاً‬ ‫السفارة‬ ‫يف‬ ‫الثاين‬ ‫محاولة اغتيال كريستيان املسؤول‬ ‫تم الحكم عىل جورج استناداً إليه‪.‬‬ ‫لقانون الجزاء الفرنيس الذي ّ‬ ‫األمريكية يف فرنسا‪ ،‬أديسون تشامبان‪ ،‬يف ‪.1981 /11 /12‬‬ ‫هذا مع اإلشارة إىل أنه‪ ،‬ويف ‪ ،2006 /1 /31‬رفضت النياية العامة‬ ‫فرنسا‪،‬‬ ‫يف‬ ‫األمريكية‬ ‫إغتيال امللحق العسكري يف السفارة‬ ‫الفرنسية اإلفراج عن جورج لعدة أسباب أهمها قولها بأن جورج‬ ‫الكولونيل تشارلز راي‪ ،‬يف ‪.1982 /1 /18‬‬ ‫«يتابع من سجنه وميارس أنشطة التضامن مع الشعب الفلسطيني‬ ‫إغتيال السكريتري الثاين للسفارة اإلرسائيلية يف فرنسا‪ ،‬ومع الحركات السياسية املناضلة اليسارية واإلسالمية»‪ ،‬ما اعتربته‬ ‫النيابة العامة الفرنسية دلي ًال عىل خطورته وعدم جواز اإلفراج‬ ‫ياكوف بارسيمنتوف‪ ،‬يف ‪.1982 /4 /3‬‬ ‫تفخيخ وتفجري سيارة امللحق التجاري يف السفارة األمريكية عنه‪ ،‬وهي بالطبع مجرد خضوع لإلرادتني اإلرسائيلية واألمريكية‪.‬‬

‫د‪ .‬جوزيف عبد الله‪ :‬اإلفراج عن‬ ‫جورج مرفوض بتدخل أمرييك‬ ‫علني‬ ‫جورج عبد الله بني األمن الفرنيس‬

‫‪ ،1984‬املناضل عبد الله يف األرس‪ ،‬ووعود فرنسا‬ ‫بإطالقه‪ :‬كاذبة‬ ‫عام ‪ ،1984‬ويف الرابع والعرشين من شهر ترشين‬ ‫السلطات األمنية والقضائية الفرنسية باعتقال جورج‬ ‫يف مدينة ليون الفرنسية ‪ -‬بعد أن الحق مجموعة‬ ‫وبعض عمالئها اللبنانيني ‪ -‬متذ ّرعة بحيازته أوراق‬ ‫صحيحة‪ :‬وكان جواز سفر جزائري رشعي‪.‬‬ ‫يف صيف ‪ ،1985‬وعدت السلطات الفرنسية حكومة الجزائر‬ ‫التي كانت الوسيط‪ ،‬باإلفراج عن جورج عبد الله وإطالق رساحه‪.‬‬ ‫وأوفدت لهذا الغرض املدير السابق لجهاز مكافحة التجسس يف‬ ‫فرنسا إيف بونيه ‪ -‬الذي ألقى القبض عىل جورج إبراهيم عبد الله‬ ‫ إىل الجزائر إلبالغ الحكومة الجزائرية‪ ،‬وعد السلطات الفرنسية‬‫بإطالق عبد الله‪ ،‬بسبب ضعف األدلة واإلتهامات ضدّه‪.‬‬ ‫فام كان من الحكومة الجزائرية آنذاك‪ ،‬سوى الر ّد بأن إطالق‬ ‫رساح األسري الفرنيس يف لبنان «بريول»‪ ،‬سيتم مبقابل اإلفراج‬ ‫عن جورج عبد الله‪ ،‬وقد أنجز اتفاقاً مل يتم بسبب تدخل الرئيس‬ ‫الفرنيس السابق فرانسوا ميرتان‪ ،‬رغم وعد بونيه‪.‬‬ ‫جاء يوم ‪ ،1986 /7 /10‬لتتم محاكمة جورج عبد الله‪ ،‬بتهمة‬ ‫حيازة أسلحة ومتفجرات بطريقة غري مرشوعة‪ ،‬وصدر بحقه‬ ‫ّ‬ ‫وكأن شيئاً مل يكن من‬ ‫حكم بالسجن ملدة أربع سنوات‪ .‬وبالتايل‪،‬‬ ‫تعهدات الفرنسيني‪ ،‬ومن جهته‪ ،‬رفض املحاكمة ومل يعرتض‪.‬‬ ‫يف ‪ ،1987/3/1‬أعادت السلطات الفرنسية محاكمته بتهمة‬ ‫التواطؤ يف أعامل «إرهابية»‪ ،‬وأصدرت بحقه حك ًام بالسجن‬ ‫املؤبد‪ .‬مرة أخرى رفض املحاكمة ومل يعرتض‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫األول‪ ،‬قامت‬ ‫عبد الله‪،‬‬ ‫من املوساد‪،‬‬ ‫ثبوتية غري‬

‫من جهته‪ ،‬وبعد لقاء «منرب التوحيد» به‪ ،‬أكد‬ ‫شقيق جورج د‪ .‬جوزيف عبد الله‪ ،‬تواطؤ الدولة‬ ‫اللبنانية مع اإلدارة الفرنسية املؤمترة بأوامر‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية والكيان الصهيوين‪،‬‬ ‫ملا القاه أهل وأصدقاء جورج من المباالة من ِق َبل‬ ‫ّ‬ ‫حل‬ ‫يف‬ ‫اللبنانيني‬ ‫واملسؤولني‬ ‫السياسيني‬ ‫قضية «مناضل من لبنان»‪.‬‬ ‫وقد جاء حوارنا مع د‪ .‬عبد الله عىل الشكل‬ ‫التايل‪:‬‬ ‫أخربنا عن جورج عبد الله؟‬ ‫جورج عبد الله مناضل عريب من بلدة القبيات‬ ‫تفجرت‬ ‫يف لبنان‪ .‬يف ظروف الحرب األهلية التي ّ‬ ‫يف لبنان‪ ،‬بتحريض أمرييك – إرسائييل – أورويب‬ ‫عموماً‪ ،‬ولعدم اإلنخراط يف الرصاعات الطائفية‬ ‫التي اتخذتها شكلياً هذه الحرب‪ ،‬اعترب جورج عبد‬ ‫الله أن هناك رضورة ملالحقة ما ميكن أن نس ّميه‬ ‫«رأس األفعى» أي الرموز اإلرسائيلية واألمريكية‪،‬‬ ‫ومن أجل ذلك شكل مجموعة اتخذت إسم‬ ‫«الفصائل املسلحة الثورية اللبنانية»‪ ،‬ومارست‬ ‫يف أوروبا نشاطاً يف مالحقة هؤالء الصهاينة‬ ‫وأسيادهم األمريكيني يف مجموعة عمليات‪،‬‬ ‫وكان جورج اعتقل بعد فرتة بنا ًء لنشاط‬ ‫مخابرايت إرسائييل ‪ -‬لبناين‪ ،‬مجموعات من‬ ‫القوات اللبنانية‪ ،‬فاعتُقل يف فرنسا‪ ،‬بتهمة‬ ‫حمل جواز سفر جزائري رشعي غري صحيح‪ ،‬عل ًام‬ ‫أنه باسمه ألنه صادر عن الحكومة الجزائرية التي‬ ‫كانت تدعم ما يسمى مجموعات العمل الخارجي‪،‬‬ ‫وهي املجموعات التي عملت يف إطار غري تنظيمي‬ ‫دقيق مع املقاومة الفلسيطينية‪ ،‬وكانت تالحق‬ ‫الصهاينة وأسيادهم يف كل مناطق العامل‪،‬‬

‫حيث أمكنهم ذلك‪.‬‬ ‫اعتقل جورج‪ ،‬وصدر بحقه حكم ملدة أربع‬ ‫سنوات ونصف‪ .‬يف العام ‪،1987 – 1986‬‬ ‫شهدت العاصمة الفرنسية مجموعة عمليات‬ ‫استهدفت مصالح فرنسية‪ .‬يف هذا الجو‪ ،‬أعيد‬ ‫فتح ملف جورج عبد الله‪ ،‬خصوصاً وأن بعض‬ ‫هذه العمليات رافقتها بيانات تطالب باإلفراج عن‬ ‫ثالثة مناضلني هم أنيس النقاش‪ ،‬ومناضل أرمني‬ ‫غارابيجيان‪ ،‬وجورج عبد الله‪.‬‬ ‫أعيد فتح ملف جورج يف هذا الجو املحموم‪،‬‬ ‫و ُن ِس َب إليه عالقته بهذه التفجريات‪ ،‬ونسبت‬ ‫هذه األخرية إىل أهله وأصدقائه‪ ،‬فصدر بحقه‬ ‫حكم باملؤ ّبد‪ .‬هذا الحكم الذي صدر‪ ،‬وفق القانون‬ ‫ٌ‬ ‫الفرنيس‪ ،‬يقتيض اإلفراج عنه يف العام ‪،1999‬‬ ‫أي بعد ميض ‪ 15‬سنة يف السجن‪ .‬من ذلك‬ ‫العام‪ ،‬والقضاء الفرنيس يفتح ملف جورج عبد‬ ‫الله سنوياً‪ ،‬تحت عنوان لجنة إعادة النظر باألحكام‬ ‫ومحكمة اإلفراج املرشوط‪.‬‬ ‫هل جاءت هذه اإلجراءات بعد املطالبات‬

‫‪37‬‬

‫باإلفراج عنه من قبل أهله وأصدقائه؟‬ ‫ال بل السلطات القضائية الفرنسية‪ ،‬هي التي‬ ‫تتصل بالسجني‪ ،‬واتصلت بجورج‪ ،‬لتقول له من‬ ‫حقك أن تتقدم بطلب إفراج مرشوط‪ .‬هل تريد‬ ‫أن تتقدم بهذا الطلب؟ وهو كان يفعل ذلك بنا ًء‬ ‫لطلب السلطات الفرنسية‪ .‬إذاً‪ ،‬القرار ليس‬ ‫مرتبط بجورج‪ ،‬إمنا بالقضاء والقانون الفرنيس‪،‬‬ ‫وهام اللذان يقضيان بذلك‪.‬‬ ‫يف العام ‪ ،2003‬صدر قرار محكمة اإلفراج‬ ‫املرشوط‪ ،‬عن محكمة (بو) ‪ PAU‬واملعنية‬ ‫باملوضوع‪ ،‬باإلفراج عن جورج عبد الله‪ ،‬وترحيله‬ ‫إىل لبنان‪ ،‬اعرتضت وزراة العدل الفرنسية عىل‬ ‫هذا القرار‪ ،‬واستأنفت الحكم‪ ،‬و ُر ِفض اإلفراج عن‬ ‫جورج يف اإلستئناف‪ ،‬وما زال اإلفراج عنه مرفوضاً‬ ‫حتى اآلن بضغط وتدخل مبارش أمرييك وعلني‪،‬‬ ‫رسي‪.‬‬ ‫وليس ّ‬ ‫ماذا عن اإلتهامات التي اتهم بها جورج‬ ‫غري حيازة جواز السفر املز ّور‪ ،‬خاصة تهمة‬ ‫اإلرهاب التي ألقوها عليه‪ ،‬أو ما يس ّمونها يف‬ ‫قاموسهم بـ»اإلرهاب»؟‬ ‫ما تس ّميه فرنسا إرهاباً‪ ،‬مارست ُه هي يف لبنان‬ ‫طيلة الحرب األهلية‪ ،‬حيث كان هناك مرتزقة‬ ‫فرنسيون يساعدون يف الحرب األهلية‪ ،‬ويتعاطون‬ ‫مع ما كان يسمى سابقاً «الجبهة اللبنانية» أي‬ ‫حزب الكتائب والحقاً‪ ،‬القوات اللبنانية أيضاً‪ .‬يف‬ ‫كل الحاالت‪ ،‬ما ُح ِك َم عليه جورج عبد الله‪ ،‬مل ُيث َبت‬ ‫عليه أي فعل جرمي ثابت ومحقق‪ ،‬ال بل ُحكم‬ ‫عليه فقط عىل قاعدة معلومات من املخابرات‪،‬‬ ‫ويف ذلك الحني أعيد يف فرنسا العمل مبحكمة‬ ‫يكفي أن تحصل عىل معلومات مخابراتية لتدين‬ ‫أي متهم‪ .‬ما نرش يف فرنسا‪ ،‬عن «مارسو» وهو‬ ‫قايض تحقيق أمني‪ ،‬يقول‪« :‬حكم عىل جورج عبد‬ ‫الله عىل قاعدة أعامل مل يقم بها أص ًال»‪ ،‬والحقاً‪،‬‬ ‫اكتشفت السلطات الفرنسية َمن هي املجموعة‬ ‫التي كانت تقوم بهذه األعامل‪ .‬مبعنى آخر‪ ،‬فإن‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫قضية‬ ‫وزير األمن الفرنيس روبري بوندرو‪ ،‬ومبناقشته مع‬ ‫وليم كاييس مسؤول املخابرات املركزية األمريكية‪،‬‬ ‫عندما طلب منه مسؤول املخابرات أن يكون الحكم‬ ‫عىل جورج قاسياً ومؤبداً‪ ،‬أجابه بوندري‪ :‬سأقرتح‬ ‫عليك أمراً آخراً أفضل‪ :‬نطلق رساح جورج عبد‬ ‫الله‪ ،‬ونحن قادرون عىل معرفة تفاصيل تنقالته‬ ‫يف لبنان‪ ،‬وأنتم دولة عظمى تقومون بتصفيته‬ ‫هناك»‪ .‬وقد ُذ ِه َل كاييس من هذا العرض‪.‬‬ ‫مبا ّأن هذه الدولة الفرنسية التي تتحدث عن‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬وتدين جورج عبد الله عىل قاعدة أنه‬ ‫«إرهايب»‪ ،‬تطلب من املخابرات املركزية األمريكية‪،‬‬ ‫تصفية جورج عبد الله جسدياً‪ .‬إذاًَ‪َ ،‬من هو‬ ‫اإلرهايب‪ ،‬جورج عبد الله الذي يقول إن هناك حرباً‬ ‫أهلية يف لبنان تقف وراءها «إرسائيل» والواليات‬ ‫املتحدة األمريكية ومعظم الدول األوروبية‪ ،‬أم‬ ‫هذا املسؤول األمني الفرنيس الذي يطرح عىل‬ ‫املخابرات األمريكية تصفية جورج؟ وهنا تكمن‬ ‫اإلجابة عن سؤالنا‪.‬‬ ‫إذاً ذريعة فرنسا هي أنه يف حال أطلق‬ ‫رساح جورج عبد الله‪ ،‬سيعود إىل ما تسميه‬ ‫«اإلرهاب» من جديد؟‬ ‫نجد يف حيث ّيات قرار رفض اإلفراج عن جورج‬ ‫عبد الله الصادر يف العام ‪ ،2006‬أنه إذا أفرج‬ ‫عن جورج عبد الله‪« ،‬سيشكل ذلك إزعاجاً لنا‪،‬‬ ‫وإساءة لعالقتنا مع األمريكيني‪ ،‬وهذا ال عالقة‬ ‫له بالقانون الفرنيس‪ ،‬وس ُيستقبل إستقباالً‬ ‫كبرياً يف لبنان»‪ ،‬كام قالوا‪ .‬و»إذا أفرج عن جورج‬ ‫عبد الله‪ ،‬فليس لدينا أي ضامنة بأنه لن يعود‬ ‫إىل مامرسة ما فعله سابقاً»‪ .‬ما نسأله هو‪َ :‬من‬ ‫يستطيع أن يضمن جميع الناس بأن ال تقوم‬ ‫بأفعال؟ هل نعتقلهم جميعاً؟‪.‬‬ ‫يشرتطون اآلن لإلفراج عن جورج عبد الله أن‬ ‫يتنكر لكل تاريخه‪ ،‬ولقناعاته مبعاداة اإلستعامر‬ ‫والصهيونية‪ ،‬وهذا يعني أن اعتقال جورج عبد‬ ‫الله جاء عىل قاعدة «رأي» وليس عىل قاعدة‬ ‫«فعل جرمي»‪.‬‬ ‫يف جلسات محكمة اإلفراج املرشوط‪ ،‬يسألون‬ ‫جورج‪« :‬إذا أفرج عنك‪ ،‬ماذا ستفعل يف لبنان؟»‬ ‫ترصف حكومتي‬ ‫فيجيب‪« :‬سأضع نفيس يف‬ ‫ّ‬ ‫وشعبي»‪ .‬يسألونه أكرث‪« :‬إذا حصل هجوم‬ ‫إرسائييل عىل لبنان‪ ،‬ماذا تفعل؟»‪ ،‬فيجيب‪:‬‬ ‫«سأفعل كام فعلتم أنتم عندما احتلت أملانيا‬ ‫فرنسا‪ ،‬أي سأقاوم»‪ .‬يصلون إىل خالصة أن جورج‬ ‫عبد الله كام هو‪ .‬أ ِمنَ املطلوب أن يقول أنه يف‬ ‫حال هجمت «إرسائيل» عىل لبنان‪ ،‬سأساعدها‬ ‫بالهجوم؟ وأن االستعامر هو نعمة أنزلها الله‬ ‫عىل املرشق العريب؟‬ ‫كذلك‪ ،‬يف رفض اإلفراج املرشوط يقولون‪،‬‬ ‫«صحيح أن تقارير الطبيب النفيس وطبيب‬ ‫ّ‬ ‫ألن‬ ‫الصحة النفسية واالجتامعية‪ ،‬هي إيجابية‪،‬‬ ‫جورج عبد الله ذيك‪ ،‬ولكن ذلك ال ينفي إىل أنه‬ ‫قد يعود إىل ما فعله سابقاً»‪ .‬هذه كلها مربرات‬ ‫غري قانونية‪ ،‬وغري متوفرة يف القانون الفرنيس‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫رشوط اإلفراج املرشوط متوفرة يف جورج عبد‬ ‫ترص عىل‬ ‫الله منذ العام ‪ ،1999‬واإلرادة الفرنسية ّ‬ ‫اعتقاله خضوعاً منها لإلرادة األمريكية وتجاوباً‬ ‫منها مع نزعتها الصهيونية‪ ،‬هذا هو األمر فقط‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬ميكن القول أنه هناك قراراً أمريكياً –‬ ‫صهيونياً إلبقاء جورج معتق ًال يف السجون‬ ‫الفرنسية‪ ،‬يك يظل تحت نظرهم؟‬ ‫ٍّ‬ ‫تخل فرنيس عن مسؤوليتها عن‬ ‫هناك‬ ‫سجني يف بالدها‪ ،‬وهناك خضوع لرغبة أمريكية‬ ‫وإرسائيلية‪ ،‬وهو خضوع واضح وعلني‪ ،‬وهذا ما‬ ‫قاله روالن دومان عندما جاء إىل لبنان‪ ،‬وكذلك‬ ‫املحامي جاك فرجيس وهام فرنسيان‪ ،‬ودومان ليس‬ ‫شخصية عادية بل هو وزير خارجية فرنسية‬ ‫أسبق‪.‬‬ ‫ووالد روالن جومان‪ ،‬بحسب روالن‪ ،‬اعتقل‬ ‫وص ّف َي خالل ‪ 24‬ساعة‪ ،‬وعندما‬ ‫عىل يد األملان ُ‬ ‫بحث روالن اإلبن عن األوراق التي ّمتت محاكمة‬ ‫والده عليها‪ ،‬وجد إىل جانب إسمه عبارة إرهايب‬ ‫«‪ .»Terrorist‬أي أن هذه الصفة تستعملها قوى‬ ‫االستعامر واالحتالل عىل الدوام‪ ،‬وهو يقول إن‬ ‫«ما فعله جورج عبد الله هو مثلام فعلناه نحن‬ ‫يف مقاومة االحتالل األملاين لبالدنا‪ ،‬وبالتايل هذا‬ ‫مناضل وطني وليس مجرماً»‪ ،‬وقال‪« :‬عىل فرنسا‬ ‫أن تكون فرنسية‪ ،‬وأنا أدافع عنها ألن فرنسا‬ ‫التي تعمل خادمة أمينة لدى الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬ليست فرنسا الفرنسية»‪.‬‬ ‫إذاً ليس هناك مس ّوغات قانونية فرنسية‬ ‫تجيز اإلبقاء عىل اعتقال جورج عبد الله؟‬ ‫ال يوجد أي مس ّوغ قانوين فرنيس يسمح‬ ‫لإلدارة الفرنسية بإبقاء جورج عبد الله يف‬ ‫السجن‪ ،‬بل هناك مس ّوغات هي مجرد خضوع‬ ‫للقرار األمرييك وهذا ليس مس ّوغ قانوين‪.‬‬ ‫هناك ما يحمل السلطات الفرنسية عىل‬ ‫إبقاء جورج عبد الله يف األرس هو موقف الدولة‬ ‫اللبنانية مث ًال‪ ،‬وليس فقط مجرد الضغوط‬ ‫األمريكية واإلرسائيلية‪ ،‬إذ ال يليق هذا بحق‬ ‫لبنان كدولة مستقلة‪ ،‬وال يليق مببدأ حامية أي‬ ‫دولة ملواطنيها‪ ،‬فعندما اعتقل مواطن بريطاين‬ ‫مجنّس‪ ،‬وهو عريب األصل‪ ،‬يف «إرسائيل» بتهمة‬ ‫التعامل مع «حزب الله»‪ ،‬ذهب السفري الربيطاين‬ ‫إىل السجن وهي ليست تهمة بسيطة‪ ،‬ليسأل‬ ‫هذا املواطن الربيطاين املجنّس – وجورج عبد الله‬ ‫غري مجنس ال بل لبناين منذ أكرث من عرش‬ ‫َ‬ ‫أنت متهم‬ ‫سنوات – ليسأله هل صحيح ما‬ ‫فيه؟ كذلك اعتقل تاجر مخدرات يف تركيا‪ ،‬وجاء‬ ‫السفري األمرييك ليسأل عنه‪.‬‬ ‫نحن حتى اآلن ال نستطيع أن نقابل مسؤوالً‬ ‫لبنانياً واحداً لنطرح له موضوع جورج عبد الله‪،‬‬ ‫ال أحد من الرؤساء الثالثة‪ ،‬وال أي مسؤول لبناين‪،‬‬ ‫فقط الدكتور سليم الحص ألنه رجل دولة فعيل‪،‬‬ ‫اهتم باألمر‪ .‬أما غريه من املسؤولني‪ ،‬فريفضون‬ ‫مجرد لقاءنا لعرض موضوع جورج عبد الله‪.‬‬ ‫ملاذا يرفضون برأيك؟ هل تعترب أن الدولة‬

‫‪38‬‬

‫مقصة بحق جورج عبد الله؟‬ ‫رّ‬ ‫مقصة‪ ،‬ال بل‬ ‫الدولة عملياً ليست مج ّرد‬ ‫رّ‬ ‫هي متواطئة يف استمرار جورج عبد الله يف‬ ‫السجن‪ .‬ملاذا هذا التواطؤ؟ ملاذا ال ُيسأل الفرنيس‬ ‫عن جورج عبد الله‪ .‬وهنا نطلب من الدولة‬ ‫اللبنانية أن تتدخل يف املوضوع‪ .‬ملاذا ال يجرؤ ال‬ ‫رئيس الجمهورية وال رئيس الحكومة وال رئيس‬ ‫مجلس النواب عىل القيام بذلك؟ وهل هم حقاً‬ ‫ال يجرؤون أم أنهم ال يرغبون بذلك؟ ال أستطيع‬ ‫اإلجابة عن ذلك‪ ،‬ولكن أقول أن هذا سلوكاً غري‬ ‫مسؤول وال يليق بدولة مستقلة‪ .‬جاء محامي‬ ‫جورج عبد الله‪ ،‬جاك فرجيس إىل لبنان‪ ،‬ليقول‬ ‫للدولة اللبنانية‪« :‬هل تظنون أنكم ما زلتم دولة‬ ‫منت َد َبة من فرنسا؟ أنتم دولة مستقلة‪ ،‬فامرسوا‬ ‫أموركم كدولة»‪.‬‬ ‫ماذا عنكم كعائلة جورج عبد الله؟‬ ‫نحن‪ ،‬أخوة وأهل وأصدقاء جورج عبد الله‪ ،‬نسأل‬ ‫الدولة اللبنانية‪ ،‬أال تعترب أنها دولة مستقلة‬ ‫وذات سيادة؟ أليس من متطلبات السيادة التي‬ ‫يتغنى بها معظم قادة هذا البلد‪ ،‬السيادة عىل‬ ‫املواطنني؟ هل ُيعقل أن ُيعتقل مواطن لها يف‬ ‫الخارج بدون أن تسأل عنه؟‬ ‫لو كان جورج عبد الله مه ّرب مخدرات‪ ،‬أو تاجر‬ ‫رقيق أبيض أو ما إىل هنالك‪ ،‬لتابعته الدولة‪،‬‬ ‫وهناك مطربون اعتقلتهم السلطات بتهمة‬ ‫املخدرات‪ ،‬واستقبلوا يف املطار وتابعتهم الدولة‪،‬‬ ‫فلامذا ال تتابع وضع جورج عبد الله الذي مل‬ ‫يفعل أي يشء من ذلك؟‬ ‫ما هي التحركات التي تقومون بها من أجل‬ ‫جورج؟ ولتحريك امللف وإطالق رساحه؟‬ ‫يف العادة‪ ،‬نتحرك كلجنة أهل وأصدقاء جورج‬ ‫عبد الله‪ ،‬وهناك العديد من القوى املتنوعة‪،‬‬ ‫كاتحاد الشباب الدميقراطي وشبيبة الحزب‬ ‫الشيوعي اللبناين‪ ،‬يقومون بأنشطة منفردة‬ ‫أحياناً‪ ،‬وأحياناً أخرى بالتنسيق فيام بيننا‪ .‬أيضاً‪،‬‬ ‫هناك حركة التوحيد اإلسالمي يف طرابلس‪،‬‬ ‫تشكل جز ًءا من لجنة أهل وأصدقاء جورج عبد‬ ‫الله‪ ،‬وتطرح املوضوع‪ ،‬إضافة إىل العديد من‬ ‫القوى التي شاركت سابقاً وتشارك يف العديد‬ ‫من التحركات املطالبة باإلفراج عن جورج عبد‬ ‫الله وبتدخل الدولة بهذا امللف‪.‬‬ ‫قضية جورج عبد الله تطرح بسقف أعىل‪،‬‬ ‫وبشكل أوسع وأعمق‪ّ ،‬‬ ‫ألن هناك نوع من شبه‬ ‫إجامع عىل ّأن هذه القضية عادلة‪ّ ،‬‬ ‫وأن ما يستمر‬ ‫بالحصول هو ظلم بحق جورج عبد الله ومهانة‬ ‫بحق الدولة اللبنانية‪ ،‬وهناك الحملة التي أطلق‬ ‫عليها إسم «الحملة الدولية والعربية إلطالق‬ ‫رساح جورج عبد الله»‪ ،‬والتي شارك فيها‬ ‫محاميون ومحامي جورج ‪ -‬جاك فرجس‪ ،‬وشارك‬ ‫فيها وزير خارجية فرنسية أسبق‪ ،‬وسيشارك‬ ‫فيها فرنسيون آخرون‪ ،‬كام شارك ممثل الحزب‬ ‫الجديد ملناهضة الرأساملية‪ ،‬وقوى فلسطينية‬ ‫ولبنانية متنوعة ومنها بعض قوى ‪ 14‬آذار‪،‬‬

‫كالنائب هادي حبيش‪ ،‬وممثلون عن حركة أمل‬ ‫و»حزب الله» وجهات متعددة أخرى ومنها جبهة‬ ‫العمل اإلسالمي‪ ،‬يك تسري بقضية إطالق رساح‬ ‫بسقف أوسع‪ .‬حصل اللقاء يف‬ ‫جورج عبد الله‬ ‫ٍ‬ ‫فندق السفري يف العام املايض‪ ،‬وخرج عنه ندا ًء‬ ‫ُو ِّجه إىل السلطات الفرنسية واللبنانية‪ ،‬وأعقبه‬ ‫يف اليوم الثاين اعتصاماً أمام السفارة الفرنسية‬ ‫بحيث ُس ِّل َمت السفارة النداء الصادر عن اللقاء‪،‬‬ ‫وهناك باستمرار اتجاه تصعيدي يف هذا املوضوع‬ ‫بدعم من قوى مجتمع أهيل متنوعة‪ ،‬مبعنى أن‬ ‫ُيطلق الصوت لإلفراج عن جورج عبد الله مع‬

‫مجيء أي مسؤول فرنيس إىل لبنان‪ ،‬وأن ُيطرح‬ ‫الصوت أمام السلطات اللبنانية أيضاً يك‬ ‫تلعب دورها يف قضية جورج‪ ،‬ونحن ال نطلب‬ ‫م ّن ًة وال رحمة من أحد‪ ،‬ال من الفرنسيني وال من‬ ‫السلطة اللبنانية‪ ،‬بل نقول للسلطات اللبنانية‪،‬‬ ‫بأن املطلوب منكم متاعبة وضع مواطن لكم‬ ‫يقبع يف سجون فرنسا‪ ،‬هناك مواطن حكم‬ ‫عليه القضاء الفرنيس‪ ،‬والذي يقيض باإلفراج‬ ‫عنه‪ ،‬ومن واجباتكم ومسؤولياتكم متابعة هذا‬ ‫املوضوع‪ .‬نحن ال نطلب عفواً ال من الفرنسيني‬ ‫وال من سلطاتنا‪ ،‬نحن نطلب حقاً لنا‪ ،‬وهذا الحق‬

‫يف رسالة صوتية بعثها من سجنه يف «المنيزون»‬ ‫يف فرنسا‪ ،‬أذيعت يف مؤمتر الحملة الدولية لإلفراج‬ ‫عن جورج عبد الله الذي عقد يف ‪ 29‬نيسان من العام‬ ‫املايض يف بريوت‪:‬‬ ‫األصدقاء والرفاق األعزاء‪ ،‬األخوات واألخوة الكرام‬ ‫األسوار البغيضة‪ ،‬وما يحيط بها من إجراءات تحول‬ ‫دون التواصل املبارش معكم‪ ،‬لكن تحيات الصمود من‬ ‫خلف القضبان تصل دوماً للمقاومني مهام كانت‬ ‫صعوبة الظروف‪ ،‬ومهام كانت طول املسافات الفاصلة‪،‬‬ ‫فأحر التحيات لكم جميعاً‪ ،‬وخالص التقدير لتحرككم‬ ‫التضامني‪.‬‬ ‫أيتها الرفيقات‪ ،‬أيها الرفاق‪،‬‬ ‫يحمل يل لقاؤكم التضامني اليوم الكثري الكثري من القوة والدفء‬ ‫والثقة بالنرص‪ ،‬كيف ال؟ وكل منكم يحمل لوناً من ألوان املقاومة‪ ،‬إن‬ ‫اجتمعت وتناغمت كل أطيافها‪ ،‬وهي حك ًام بصدد ذلك‪ ،‬تشكل الرد‬ ‫التاريخي عىل كل مفاعيل الهجمة اإلمربيالية الراهنة‪ .‬صف مرصوص‬ ‫خلف البندقية املقاومة‪ ،‬ومواجهة حازمة لكل متطاول عىل رشعيتها‪.‬‬ ‫الجميع يعرف أن الهدف املبارش لكل القوى اإلمربيالية ولـ «إرسائيل»‬ ‫واملتواطئني معها يف املنطقة‪ ،‬هو بالتحديد البندقية املقاومة والقرار‬ ‫املقاوم امللتزم برشعيتها‪ ،‬والدافع باتجاه التفعيل الخ ّالق لكل أولويات‬ ‫وحدة حركة الجامهري وطالئعها املقاتلة‪ .‬الكل يعرف والكل يرى‪ ،‬أن من‬ ‫يستهدف البندقية املقاومة يستهدف أيضاً ويف نفس الوقت وحدة‬ ‫حركة الجامهري‪ ،‬ويعمل بشتى الوسائل عىل تعميق الرشوخ العامودية‬ ‫ومتزيق كل أوارص وحدة الشعب وجامهريه املضطهدة بشكل خاص‪ .‬هذا‬ ‫واضح كل الوضوح يف لبنان وفلسطني ويف العراق‪ .‬صمدت البندقية‬ ‫املقاومة يف لبنان‪ ،‬وحررت األرض وأعادت السيادة‪ ،‬فامذا كان موقفهم؟‬ ‫كان ومازال موقفهم تحريضاً وتآمراً عىل املقاومة ورجال املقاومة‪ ،‬باسم‬ ‫األرض وباسم السيادة‪ ،‬هذا دأبهم وهذه هي طبيعتهم‪ .‬الرد الطبيعي‬ ‫عليهم يكون مبزيد من تفعيل حركة الجامهري‪ ،‬عرب وضع مطالبها يف‬ ‫سلم أولويات املهام النضالية‪ .‬الرد عليهم يكون مبزيد من التمسك‬ ‫بالبندقية املقاومة والقرار املقاوم‪ .‬الرد الطبيعي يكون مبزيد من‬ ‫التأكيد عىل وحدة املصري اللبناين الفلسطيني‪ .‬فاالستفراد بالشعب‬ ‫الفلسطيني والجامهري الفلسطينية لن يجلب سوى الكوارث للجميع‪.‬‬ ‫ما يجري اليوم يف فلسطني من استيطان وقمع وتحضري ملا ميكن‬ ‫اعتباره نكبة أخرى‪ ،‬ال يعني الشعب الفلسطيني وحده‪ ،‬إنه يعني‬ ‫الجميع‪ ،‬ال من باب التعاطف والتضامن األخوي فحسب‪ ،‬بل يعنينا جميعاً‬ ‫وبنفس القدر ألن ما سيرتتب عىل هذه املواجهة سيحدد مستقبل‬ ‫كيانات املنطقة بكاملها ولبنان يف طليعة هذه الكيانات‪.‬‬ ‫واهم من يتصور أمناً وازدهاراً عىل أنقاض الشعب الفلسطيني‬

‫يشكل واجباً عند الحكومة اللبنانية‪ ،‬وواجباً حتى‬ ‫عند الحكومة الفرنسية‪ .‬ونعترب اىل ح ٍّد ما أن من‬ ‫واجبات قوى املقاومة والعروبة والدميقراطية وقوى‬ ‫حقوق اإلنسان أن تتابع هذا املوضوع‪ ،‬وستجد‬ ‫حت ًام أن هناك ظل ًام كبرياً‪ ،‬وحيثام يوجد ظلم‬ ‫والخية أن تسعى لرفعه‪،‬‬ ‫عىل القوى اإلنسانية‬ ‫رّ‬ ‫هذا كل ما نطلبه وما تستهدفه الحملة‪ ،‬مزيداً‬ ‫من االتصال بالقوى السياسية واملرجعيات‬ ‫لحملها عىل لعب الدور املطلوب منها‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سايل نوفل‬

‫والجامهري الفلسطينية‪ ،‬واهم من يتصور إرصار‬ ‫نتنياهو وليربمان وإرضابهم عىل يهودية «إرسائيل»‬ ‫مجرد شعارات فارغة لالستهالك العنرصي‪ ،‬طبعاً الرد‬ ‫الطبيعي وامللح اآلن هو التمسك بكل الوسائل لفرض‬ ‫حق العودة أساس وجوهر القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫التمسك بوحدة الشعب الفلسطيني ومطالبة القوى‬ ‫املسؤولة بإنهاء حالة االنقسام‪ ،‬االنقسام الكارثة بني‬ ‫الضفة والقطاع‪.‬‬ ‫مشاعل الحرية يف قالع الكرامة‪ ،‬أرسانا الصامدون‬ ‫والصامدات جسدوا بتحركهم الراهن الوحدوي أولويات‬ ‫املواجهة املسؤولة يف ظروف مع العدو‪.‬‬ ‫بعد أن انتهوا من تشييد السور‪ ،‬إلحكام حصار‬ ‫غزة‪ ،‬أيعقل أن ال نأخذ بعني االعتبار موقف تركيا كدولة متضامنة مع‬ ‫قضيتنا األوىل بعد أن كانت السند األسايس للكيان الصهيوين يف‬ ‫املنطقة؟ أيعقل أن يستخف بأهمية التحالف السوري اإليراين يف‬ ‫مواجهة اإلمربيالية؟ يف حني تتكالب القوى اإلمربيالية يف اغتنام أي‬ ‫فرصة لالنقضاض عىل شعوبنا مدعومة بكل قوى الردة يف املنطقة‪.‬‬ ‫أيها الرفاق‪ ،‬أيتها الرفيقات‬ ‫إن ثبات الثوار عىل مواقفهم النضالية‪ ،‬هو الرشط الوجودي لكل‬ ‫أولويات التضامن الثوري معهم‪ ،‬بل هو رشط حيايت لتضامنهم مع‬ ‫أنفسهم كمناضلني أرسى‪.‬‬ ‫يف ظل األزمة الراهنة‪ ،‬باتت القناعات املعادية لإلمربيالية‪ ،‬القناعات‬ ‫املعادية للرأساملية ته ًام كافية‪ ،‬وأدلة جرمية أمام القضاء يف أوروبا‪ ،‬ال‬ ‫سيام حني يتعلق األمر مبناضلني من الرشق األوسط بشكل خاص‪ ،‬فبعد‬ ‫الحكم عىل املناضلني الثوريني األرسى بأقىس العقوبات وفقاً للقوانني‬ ‫املرعية يستمر الحجز عليهم مدى الحياة طاملا هم مل يركعوا ومل‬ ‫يعتذروا‪ ،‬هذا ليس مجرد تعصب كيدي وانتقامي من قبل القيمني عىل‬ ‫أجهزة الدولة فحسب‪ ،‬إن هذا النوع من املامرسات هو باألحرى انعكاس‬ ‫للمنطق العام املوجه لعدالة هي يف خدمة نظام إمربيايل مأزوم‪ ،‬وله‬ ‫سياسة محددة تجاه منطقتنا‪ ،‬وله سياسة محددة تجاه ثوار شعوبنا‪.‬‬ ‫شعار الربجوازية الراهن‪ ،‬الخضوع الطوعي والندم مقابل الحرية‪ ،‬شعارهم‬ ‫هذا يفضح عهر العدالة الربجوازية‪ ،‬يف زمن األزمة‪ ،‬إمنا تتأكد أكرث فأكرث‬ ‫هذه العدالة بوصفها مجرد إجراءات إدارية تخضع يف التحليل األخري‬ ‫ملوازين القوى بني قوى الثورة املتضامنة مع ثوارها املعتقلني وبني قوى الردة‬ ‫الدافعة باتجاه إبقائهم يف السجون وإخضاعهم لكل أنواع االبتزاز‪.‬‬ ‫لتسقط املشاريع اإلمربيالية وخدمها يف املنطقة‪ ،‬النرص كل النرص‬ ‫لجامهري شعبنا املقاومة‪ ،‬املجد والخلود لشهدائنا األبرار‪ ،‬معاً أيها الرفاق‬ ‫سننترص‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫جورج عبد الله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫ذكرى‬

‫شفيع الموارنة في لبنان في ذكراه‬ ‫األباتي بولس نعمان لـ «منبر التوحيد»‪ :‬طائفة مناضلة ال تطيق االستعباد‬ ‫ش ّكل املوارنة ظاهرة فريدة يف الرشق عرب‬ ‫العصور‪ ،‬لفتت أنظار العامل وكان لهم الفضل‬ ‫ثم الدولة‬ ‫يف إنشاء دولة لبنان الكبري‪ ،‬ومن ّ‬ ‫اللبنانية حيث نرشوا العلم والثقافة واالنفتاح‬ ‫والعيش املشرتك اىل حني دخول العامل‬ ‫ثم اندالع‬ ‫الفلسطيني وبعده اإلرسائييل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الحرب األهلية‪ .‬أما الحروب االنتحارية فيام بينهم‬ ‫فكانت الرضبة القاضية التي انتهت بانتزاع‬ ‫بعض الصالحيات الدستورية والعرفية لتدخل‬ ‫الطائفة السنّية رشيكاً أكرث يف السلطة‬ ‫التنفيذية بعد اتفاق الطائف‪ .‬وقد مت ّيز املوارنة‬ ‫بعالقاتهم الوطيدة مع الغرب وحظوا باهتامم‬ ‫الفاتيكان عىل مدى العصور‪ ،‬كام أنشأوا‬ ‫شبكة من العالقات مع كافة دول العامل‪ ،‬وما‬ ‫ساعد يف انتشار املوارنة هي األحداث التي‬ ‫تالحقت عىل لبنان والتي دفعت العديد من‬ ‫الشباب املوارنة املثقفني اىل الهجرة اىل كافة‬ ‫أرجاء املعمورة بحثاً عن فرص عمل حيث بلغ‬ ‫عدد املنترشين املوارنة حول العامل أضعاف‬ ‫عدد اللبنانيني‪ ،‬وتبوأوا أرفع املناصب السياسية‬ ‫واالقتصادية والعلمية يف البلدان التي استقروا‬ ‫فيها‪ ،‬كام أقاموا الجاليات الكربى التي أصبحت‬ ‫متتلك النفوذ العاملي‪ ،‬وتنافس اللويب اليهودي‬ ‫يف عدد كبري من البلدان‪ .‬أما يف الداخل‪ ،‬فقد‬ ‫كان للموارنة دور كبري يف الحياة السياسية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وعرف الكثريون منهم كرجال دولة‬ ‫من الطراز األول ودخلوا التاريخ إال أن تحالفاتهم‬ ‫املتقلبة أضعفتهم‪ .‬لقد دفع بعض السياسيون‬ ‫دماءهم مثناً لهذه التحوالت التي أوصلت‬ ‫املوارنة اىل حدود التهميش‪ ،‬مع وصول رؤساء‬ ‫جمهورية اىل الحكم دون صالحيات متكنهم من‬ ‫اتخاذ القرارات املصريية الحازمة‪ ،‬اىل أن بدأت‬ ‫تسمع أصوات تنادي باسرتجاع هذه الصالحيات‬ ‫املنتزعة‪.‬‬ ‫مل تسكت يوماً بكريك ومل ولن ترتاح حتى‬ ‫اسرتجاع ما فقد‪ ،‬وقد القاها يف ذلك العامد‬ ‫املرص عىل إعادة الهيبة لصورة‬ ‫ميشال عون‬ ‫ّ‬ ‫الرئيس املاروين‪ ،‬كام شهد الرصح البطريريك‬ ‫عىل م ّر العصور خالفات حادة مع رئاسة‬ ‫الجمهورية ووصلت بالبعض اىل مقاطعة‬ ‫بكريك غري قادرين عىل االلتقاء وفهم ما‬ ‫يجسده صاحب الرصح‪ ،‬وقد وصل األمر اىل أن‬ ‫قال أحد الرؤساء املوارنة‪“ :‬سأجعل العشب ينمو‬ ‫عىل جدران بكريك”‪ ،‬ولكن العشب منا عىل قربه‬ ‫وبقيت بكريك صامدة‪ .‬كام حصلت أيضاً بعض‬ ‫حاالت االعتداءات والتهجم اىل داخل الكريس‬ ‫الرسويل وفرتات من القطيعة دامت لسنني‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫طويلة يف عهد بعض الرؤساء‪ ،‬ومل تتأثر بكريك‬ ‫رغم التجاذبات والرصاعات التي تشهدها ورغم‬ ‫اتهامها بالتحيز مع فريق ضد فريق آخر‪.‬‬ ‫فعىل م ّر العهود كان عىل الرئيس املاروين أن‬ ‫يأخذ مباركة البطريرك ألن موقف بكريك ينطلق‬ ‫من مبادىء وطنية كنسية تنرشالتسامح‬ ‫والحرية واالنفتاح عىل األديان‪ ،‬وقد كان البطاركة‬ ‫يشجعون الحوار املسيحي ‪ -‬اإلسالمي وأنشأت‬ ‫لجان مختصة لذلك‪.‬‬

‫عالقة املوارنة بفرنسا‬ ‫حظي املوارنة‪ ،‬عىل مدى فرتات طويلة‪ ،‬بعطف‬ ‫فرنسا ومساعدتها‪ .‬وخري دليل عىل ذلك‪ ،‬ما جاء‬ ‫يف رسالة لويس التاسع‪ ،‬ملك فرنسا‪ ،‬عام ‪،1250‬‬ ‫إىل موارنة لبنان‪“ :‬إننا موقنون‪ ،‬أن هذه األمة‪ ،‬التي‬ ‫قامت تحت اسم القديس مارون‪ ،‬هي جزء من األمة‬ ‫الفرنسية” لذلك ال تزال تردد عبارة “األم الحنون”‬ ‫عند التكلم عن فرنسا من قبل املسيحيني‪.‬‬ ‫انترش املوارنة يف املدن اللبنانية كاف ًة وبنوا‬ ‫األديرة وعاشوا بقربها‪ ،‬ومل يحظوا بالسالم‬ ‫السلطنة‬ ‫حكم‬ ‫فرتة‬ ‫طوال‬ ‫والطأمنينة‬ ‫العثامنية إال حني مجيء األمري فخر الدين املعني‬ ‫الثاين صاحب العقل املتن ّور والتفكري الواسع‬ ‫غي كافة املفاهيم‪ ،‬حيث أطلق الحريات‬ ‫الذي رّ‬ ‫الدينية مستأص ًال بهذا التدبري العلة األوىل‬

‫‪40‬‬

‫للنزاعات الداخلية والتعديات‪ ،‬فأق ّر يف بالده‬ ‫“الحرية واملساواة واآلخاء”‪ ،‬كام أقام عالقة وطيدة‬ ‫مع الفاتيكان الذي وصلته أخبار هذه املعاملة‬ ‫الطيبة للمسيحيني واحتضانهم‪.‬‬

‫لبنان أنىشء ألسباب دينية‬ ‫“لبنان ُأنشئ ألسباب دينية” هي خلق ملجأ‬ ‫ملسيحيي الرشق‪ ،‬كام يرى املفكرون الفرنسيون‪.‬‬ ‫وهذا هو السبب األسايس‪ ،‬الذي دعا القوى‬ ‫األوروبية إلنشاء مترصفية جبل لبنان‪ ،‬ذات الحكم‬ ‫الذايت عام ‪ ،1860‬ما دفع فرنسا إىل إنشاء دولة‬ ‫لبنان الكبري‪ ،‬عام ‪ .1920‬وتزامن ازدياد الطموحات‬ ‫املسيحية اللبنانية‪ ،‬مع رسعة انهيار الدولة‬ ‫العثامنية‪ ،‬التي هددت وجودها بالخطر‪ ،‬فشعر‬ ‫املوارنة أن وقت تحقيق آمالهم قد حان‪ ،‬وأذكته يف‬ ‫نفوسهم السياسة الفرنسية يف املرشق‪.‬‬

‫حلم املوارنة تحقق‬ ‫يف العام ‪ ،1920‬أعلن الجرنال غورو‪ ،‬املندوب‬ ‫السامي الفرنيس يف سوريا ولبنان‪ ،‬نشوء دولة‬ ‫لبنان الكبري‪ .‬فتحقق حلم املوارنة القديم‪ ،‬وتالشت‬ ‫آمال املسلمني الراغبني يف دولة عربية موحدة‪،‬‬ ‫ونشطت اإلرساليات الدينية الفرنسية‪ ،‬مثل‬

‫اآلباء اليسوعيني‪ ،‬الذين كانت لهم مؤسسات‬ ‫تربوية يف لبنان‪ ،‬كذلك أسسوا املستشفيات ودُور‬ ‫األيتام‪ ،‬وغريها من املؤسسات الخريية‪ ،‬وأصبحت‬ ‫اللغة الفرنسية لغة رسم ّية يف جميع دوائر‬ ‫الدولة باإلضافة اىل اللغة العربية مبوجب املادة‬ ‫‪ 11‬من الدستور اللبناين الصادر يف ‪ 23‬ا ّيار ‪،1926‬‬ ‫وجرى تعديل الدستور مبا فيه هذه املادة بعد‬ ‫االستقالل يف ‪ 1943/11/9‬لتصبح اللغة العربية‬ ‫هي اللغة الوطنية الرسمية وتحدد األصول التي‬ ‫تستعمل بها اللغة الفرنسية مبوجب قانون‬ ‫خاص‪.‬‬ ‫تكتف فرنسا بسلخ مناطق عن سوريا‪،‬‬ ‫ومل‬ ‫ِ‬ ‫وضمها إىل لبنان‪ ،‬الدولة التي يتواجد عليها‬ ‫املسيحيون‪ ،‬بل عمدت إىل تقسيم سوريا‬ ‫نفسها اىل دويالت‪ ،‬عىل أساس طائفي‪ ،‬ع ّينت‬ ‫عليها حكاماً فرنسيني‪ .‬فأنشأت دولة يف جبل‬ ‫الدروز‪ ،‬وأخرى يف الالذقية وجبال العلويني‪ ،‬ودولة‬ ‫يف لواء اإلسكندرونة‪ ،‬وأخرى يف الداخل السوري‪.‬‬ ‫وقد وجدت السياسة الفرنسية أرضاً خصبة‬ ‫يف لبنان‪ ،‬وال سيام بني زعامء املسيحيني‪ ،‬الذين‬ ‫استامتوا يف املطالبة باالنتداب الفرنيس‪ ،‬مام‬ ‫أشعر سكان املناطق‪ ،‬التي سلخت عن سوريا‪،‬‬ ‫وضمت إىل لبنان‪ ،‬بالظلم الذي سيلحق بهم‪ ،‬من‬ ‫جراء تسلط االنتداب الفرنيس‪ ،‬ومحاباته لفئة‬ ‫من أبناء وطنهم‪.‬‬

‫للميسحيني حصة األسد‬ ‫ومل يرتك الفرنسيون مجاالً لزرع الفنت بني‬ ‫الطوائف‪ ،‬إ ّال واستغ ّلوه‪ .‬فلم يرتددوا يف سياسة‬ ‫قهر املناطق اإلسالمية‪ ،‬وحرمانها أبسط‬ ‫حقوقها االقتصادية‪ ،‬يف مقابل تنمية املناطق‬ ‫والقطاعات‪ ،‬التي تتالءم مع أهدافهم التجارية‪،‬‬ ‫فحصل املسيحيون منها عىل نصيب األسد‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬قويت سياسة التفرقة والتح ّيز‪ ،‬التي‬ ‫انتهجتها فرنسا يف لبنان‪ ،‬الطائفية‪ ،‬وعمقتها‪،‬‬ ‫وهيأت املناخ‪ ،‬مبكراً‪ ،‬للحرب األهلية اللبنانية‪،‬‬ ‫إضافة إىل أن فرنسا‪ ،‬عمدت إىل استعامل البنى‬ ‫التقليدية يف املجتمع‪ ،‬بدل أن تساعد عىل القضاء‬ ‫عليها‪ ،‬وتحديث البالد‪ ،‬فكان ذلك عام ًال من عوامل‬ ‫التخلف والتجزئة الطائفية‪.‬‬

‫عالقة املوارنة مع «إرسائيل»‬ ‫يف ‪ 24‬ا ّيار عام ‪ 1948‬خاطب رئيس الحكومة‬ ‫اإلرسائيلية بن غوريون أركان الجيش بقوله إن‬ ‫النقطة األضعف يف التحالف العريب هي لبنان‪،‬‬ ‫ألن النظام اإلسالمي مصطنع ومن السهل تجاوزه‬ ‫وال بد من إقامة دول مسيحية تكون حدودها‬ ‫الجنوبية عىل نهر الليطاين‪ ،‬فكان التوجه‬ ‫للتحالف مع املوارنة لخدمة مصالح “إرسائيل”‬ ‫يف لبنان والرشق األوسط‪.‬‬

‫مساعدة عسكرية‪.‬‬

‫املجرم شارون مل تعجبه فلسفة‬ ‫املوارنة‬

‫القديس مارون‬

‫يف العام ‪ 1956‬كشف بن غوريون عن خطته‬ ‫العريضة للهيمنة عىل الرشق األوسط‬ ‫كاشفاً عن ذلك يف مذكراته الشخصية إذ‬ ‫يقول فيها‪:‬‬ ‫“هي الخطة العامة‪ ،‬إسقاط جامل عبد النارص‬ ‫وتقسيم األردن وإعطاء رشقها للعراق حتى‬ ‫تقيم سالماً مع “إرسائيل” ومتكني الالجئني من‬ ‫االستقرار هنا مبساعدة األموال األمريكية‪ .‬أما‬ ‫بالنسبة اىل لبنان فال بد من اجتياح األرايض‬ ‫اللبنانية إلقامة دولة مسيحية وضم جزء منها‬ ‫لسوريا وجزء آخر ميتد حتى نهر الليطاين نضمه‬ ‫لنا‪ ،‬وحدود لبنان سيتم تقليصها وسيكون لبنان‬ ‫دولة مسيحية‪”.‬‬ ‫الحقيقة أن “إرسائيل” لجأت إىل التدخل مبارشة‬ ‫يف دعم املوارنة يف الحرب األهلية من املنتمني‬ ‫بالسالح ليك‬ ‫اىل الكتائب‪ .‬وبدأت بإمدادهم‬ ‫يتمكنوا من البقاء‪ ،‬مقابل ذلك طلبت منهم‬ ‫تزويدها مبعلومات عن الوضع يف لبنان وعن‬ ‫النارصية التي تنترش يف األقطار العربية كخطر‬ ‫إسالمي شامل ال يستهدف املسيحيني اللبنانيني‬ ‫فقط بل يستهدف “إرسائيل” أيضاً‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1975‬طلب الفريق االنعزايل يف الطائفة‬ ‫املسيحية يف جنوب لبنان وبريوت املساعدة من‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬فزودت األحزاب وامليليشيات املسيحية‬ ‫يف الجنوب بالسالح والطعام والدواء‪ ،‬وأيضاً‬ ‫الشامل بالسالح وخدمات التدريب‪ .‬بدأت هذه‬ ‫االتصاالت من خالل السفارات اإلرسائيلية يف‬ ‫الخارج وما أن اشتعلت الحرب األهلية يف لبنان‬ ‫حتى كان بعض املوارنة يصطفون عىل أبواب‬ ‫السفارات اإلرسائيلية يف باريس وروما طالبني‬

‫‪41‬‬

‫اتسعت فكرة التحالف اإلرسائييل‪ -‬املاروين‪،‬‬ ‫وقد مارست “إرسائيل” من خاللها هيمنتها‬ ‫عىل املنطقة‪ .‬لكنّ شارون مل يكن معجباً وال‬ ‫مهت ًام بتاريخ املوارنة وال بفلسفتهم السياسية‪،‬‬ ‫لكنه كان يسعى إىل عزل سوريا وتهميشها‬ ‫وتركيزه األسايس عىل الفلسطينيني وإمكانية‬ ‫تهجريهم إىل األردن وإقامة دولة لهم هناك‪.‬‬ ‫اغتيال الحريري فرز تحالفات سياسية يف‬ ‫القوات والكتائب مع‬ ‫الساحة املسيحية‪:‬‬ ‫املستقبل‪ ،‬و «التيار الوطني الحر» و «املردة» مع‬ ‫“حزب الله”‪.‬‬ ‫الخطأ الذي ارتكبه املوارنة بعد استقالل لبنان‬ ‫حني أخذوا الحصة الكبرية يف كل املجاالت ‏يتكرر‬ ‫اآلن مع الطائفة السن ّية من خالل الدور السيايس‬ ‫لتيار املستقبل‪ ،‬الذي أطلق النعرة ‏املذهبية‬ ‫وأقحم دار اإلفتاء يف الرصاع السيايس‪ .‬‏‬ ‫وإذا كانت “الكتائب اللبنانية” قد مارست دور‬ ‫املحرض الطائفي لدى املوارنة وأقحمت الرهبان‬ ‫‏واملطارنة اىل جانب رئاسة الجمهورية اللبنانية‬ ‫املوجود فيها ماروين‪ ،‬فإن تيار “املستقبل”‬ ‫‏بات هو حزب “الكتائب” لدى السنّة يقحم‬ ‫دار اإلفتاء واملفتي الجوزو واملشايخ تحت عنوان‬ ‫الدفاع ‏عن مركز رئاسة مجلس الوزراء التابعة‬ ‫للسنّة برأيهم‪.‬‏‬ ‫‏الخطري يف األمر أن رئيس تيار “املستقبل” سعد‬ ‫الحريري يترصف بأموال املساعدات يف سبيل‬ ‫الشحن املذهبي كام حصل أثناء االنتخابات‬ ‫النيابية يف العام ‪ 2005‬و‪ ،2009‬وقد أدّت اىل‬ ‫نتائج ‏مذهبية يف االنتخابات بدعم أمرييك‬ ‫واضح عرب التدخل املبارش للسفارة ودخولها‬ ‫عىل خط التواصل مع األفرقاء السنة خصوصاً‬ ‫يف الشامل‪ .‬‏‬ ‫املوارنة أخطأوا يف املايض باستئثارهم بالحكم‬ ‫يف لبنان‪ ،‬والسنّة يرتكبون الخطأ ذاته عرب ‏تيار‬ ‫“املستقبل”‪.‬‬

‫طائفة مناضلة‬ ‫لديه عدد كبري من الكتب واملنشورات‬ ‫واألبحاث عن املوارنة‪ ،‬وهو أفضل من تكلم عن‬ ‫تاريخ املوارنة ونشأتهم‪ .‬إنه األبايت بولس نعامن‬ ‫الذي مل يتغري ومل يتعب‪ .‬بقي وهو يقرتب من‬ ‫الخامسة والسبعني رج ًال مبواهب كثرية‪.‬‬ ‫الكتابة‪،‬‬ ‫القراءة‪،‬‬ ‫التاريخ‪،‬‬ ‫السياسة‪،‬‬ ‫لبنان‪ ،‬الرهبنة اللبنانية املارونية‪ ،‬كلها جزء‬ ‫من شغفه‪ ،‬ورمبا األصح جزء منه‪ .‬رجل دين‬ ‫خاض شؤون الدنيا كام مل يفعل إال قلة من‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫ذكرى‬ ‫العلامنيني‪ .‬شارك يف صنع األحداث‪ .‬خاض‬ ‫رصاعات‪ ،‬وكانت له خصومات وعداوات حادة ال‬ ‫يبنيها الرهبان عادة‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” التقت األبايت نعامن فكان‬ ‫الحوار التايل‪:‬‬ ‫حرضة األبايت لقد بحثتم يف أهم مكتبات‬ ‫العامل عن نشوء املارونية وعن دور دير مار مارون‬ ‫عىل العايص يف سوريا وتأثريه يف نشوء‬ ‫املارونية‪ .‬هل هناك من صيغة معتمدة للتعريف‬ ‫عن نشأة املوارنة وانتشارهم منذ أيام القديس‬ ‫مارون وحتى يومنا هذا؟‬ ‫املوارنة يف األساس هم قسم من سكان‬ ‫مقاطعة سوريا الرومانية التابعني لبطريركية‬ ‫َّ‬ ‫منظمة رهبانية يف‬ ‫إنطاكية‪ ،‬وقد تجمعوا حول‬ ‫منطقة أفاميا املوجودة يف سوريا الوسطى‬ ‫وتعرف اليوم بقلعة املضيق أو معرة النعامن‪،‬‬ ‫تو ّلت الدفاع عن طبيعة املسيح اإلنسانية‪ ،‬كام‬ ‫حددها مجمع خلقدونية يف العام ‪.451‬‬ ‫عىل إثر هذا املجمع أنشأ اإلمرباطور “مرسيان”‬ ‫ديراً عىل اسم “مارون”‪ ،‬أشهر نساك سوريا‬ ‫الشاملية‪ ،‬يك يساندوا املدافعني عن عقيدة‬ ‫الطبيعتني يف السيد املسيح‪ ،‬كام ذكر أبو‬ ‫الفداء حاكم منطقة حامة‪ ،‬قال‪“ :‬ولسنة خلت‬ ‫من ملكه (أي ‪ ،)452‬بنى اإلمرباطور مرسيان دير‬ ‫مارون الذي يف حمص‪”...‬‬ ‫كرب هذ الدير جداً‪ ،‬حتى فاق عدد رهبانه‬ ‫األربعامية ومعظمهم من املثقفني واملناضلني‪،‬‬ ‫كام منت املنظمة حتى زادت عىل الستة وثالثني‬ ‫ديراً‪.‬‬ ‫فالرهبان التابعون لهذه املنظمة‪ ،‬والشعب‬ ‫الذي تبع تعاليمهم‪ ،‬من أنحاء بطريركية‬ ‫إنطاكية‪ ،‬دعوا أوالً “أتباع بيت مارون”‪ ،‬ومع الزمن‬ ‫اخترصت العبارة بكلمة “موارنة”‪ .‬هؤالء انتظموا‬ ‫يف شبه حزب ديني‪ ،‬النتفاء وجود أحزاب مدنية‪،‬‬ ‫وصمدوا يف النضال أكرث من مئتي سنة‪.‬‬ ‫ولكن كيف تحول هذا املذهب الفكري اىل‬ ‫طائفة مناضلة‪ ،‬مرتبطة بوطن معني هو‬ ‫لبنان؟‬ ‫رفض املوارنة التنازل عن معتقدهم كام رفضوا‬ ‫استبداله بأي معتقد آخر‪ ،‬وعندما ضاقت بهم‬ ‫سبل العيش‪ ،‬وقد أصبحوا بني نارين‪ ،‬نار الفتح‬ ‫العريب ونار املدافع البيزنطي‪ ،‬ألن غالبيتهم‬ ‫كانوا يسكنون قي القسم الشاميل الخصب‬ ‫من سوريا‪ ،‬آثروا النزوح اىل أي بلد آخر وفضلوا‬ ‫اللجوء اىل فينيقيا الجبلية الوعرة املسالك‪ ،‬ومن‬ ‫منبع العايص تسلقوا جبال األرز وجبال املنيطرة‬ ‫ العاقورة‪ ،‬واستوطنوا الجبال والوديان وواصلوا‬‫تجارتهم التي كانوا ألفوها يف سوريا الشاملية‪:‬‬ ‫أي الزيت والزيتون والحبوب والخمور‪ .‬ومل يطل الزمن‬ ‫حتى انصهروا يف وحدة مرتاصة البنيان‪ ،‬وألفوا‬ ‫أمة ذات سيادة بفضل تضامنهم والتفافهم‬ ‫حول رهبانهم وأساقفتهم وبطريركهم‪.‬‬

‫براد‪ ...‬العودة اىل الجذور‬ ‫وصفت قيادات مسيحية لبنانية مشاركتها‬ ‫يف ذكرى عيد مار مارون يف براد يف سوريا العام‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عندما تجمع بكريك قياداتها تكون‬ ‫خائفة من الصدام والتقاتل‬ ‫املايض بأنها عودة اىل الجذور‪ .‬هل توصيفهم‬ ‫دقيق تاريخياً؟‬ ‫نعم هي عودة اىل الجذور‪ ،‬إذا أخذت باملعنى‬ ‫الروحي والتاريخي ال السيايس فقط‪ .‬إن ظروفاً‬ ‫سياسية تاريخية ربطت وجود املوارنة يف لبنان‪،‬‬ ‫ولكن ذلك ال ينسينا جذورنا وال انتشاراملوارنة‬ ‫يف العامل كله‪ ،‬وقد كنت من الذين كشفوا عن‬ ‫هذه اآلثار بطلب من مطران املوارنة يف حلب‪ .‬من‬ ‫الرضوري الفصل بني التاريخ والسياسة‪.‬‬ ‫يف زمن األحباط والقلق للموارنة هل جاءت‬ ‫املؤسسة املارونية لالنتشار لتزرع األمل والثقة‬ ‫مبستقبل أفضل؟‬ ‫ال أحب كلمة إحباط فأنا لست محبطاً‪.‬‬ ‫نعيش يف مرحلة اضطراب يف الرشق األوسط‬ ‫ك ّله‪ ،‬اضطراب سيايس وفكري واقتصادي وأمني‪.‬‬ ‫ولكن األهمية تكمن يف العمل الداخيل مبعنى‬ ‫أننا ال يجب أن نستقوي بأمريكا أو بغريها‪ ،‬فقوة‬ ‫املوارنة تنبع من اتحادهم مع بعضهم البعض‪.‬‬ ‫لقد استندنا يف حياتنا عىل الخارج‪ ،‬ولكننا مل‬ ‫نتكل عليه بكل ما للكلمة من معنى‪ ،‬بل عىل‬ ‫ق ّوتنا الذاتية‪.‬‬ ‫دور مؤسسة االنتشار هو جمع املوارنة‬ ‫املوجودين يف الخارج والسامح لهم باالنتخاب‬ ‫مثل باقي الدول‪ .‬التجمع يف االغرتاب يهمنا‬ ‫تجارياً واقتصادياً وسياسياً‪.‬‬ ‫وأشكر الوزير ميشال إده الذي يراًس هذه‬ ‫املؤسسة ويعمل جاهداً عل انتشارها وتطويرها‪.‬‬ ‫هل سيغري موضوع االنتخاب للمغرتبني‬ ‫يف املعادلة السياسية خصوصاً وان املوارنة‬ ‫أصبحوا من األقليات يف لبنان؟‬ ‫عدد املوارنة واملسيحيني ليس قلي ًال فهو يشكل‬ ‫‪ %42‬من مجموع سكان لبنان‪ .‬وال يعود السبب اىل‬ ‫الهجرة فقط فهي موجودة منذ القدم‪ .‬املسيحي‬ ‫ال يرتك بلده من أجل السياسة بل لعدم توفر فرص‬ ‫العمل التي متكنه من العيش بكرامة‪.‬‬

‫تهجري املوارنة انهيار للبنان‬ ‫تقولون “ إن تهجري املوارنة يعني انهيار لبنان‬

‫‪42‬‬

‫السيايس‪ ،‬هو إعدام لفكرة الدولة اللبنانية‬ ‫والعودة اىل حياة القبائل”‪ .‬أليس هذا القول‬ ‫مبالغ فيه؟‬ ‫ّ‬ ‫املستقل الح ّر‬ ‫من دون املسيحيني ال وجود للبنان‬ ‫املتعدّد والحروب الدامئة التي تعيشها منطقة‬ ‫الرشق األوسط تدفع اليوم باملوارنة والدروز‬ ‫والشيعة‪ ...‬اىل القرف ومن ثم اإلغرتاب النتفاء‬ ‫الحرية والدميقراطية‪.‬‬ ‫هل صحيح أن “قوة املوارنة يف دورهم‬ ‫وحضورهم الثقايف والعلمي هي قوة للبنان‬ ‫ودوره يف املنطقة”‪ ،‬وكيف يرتجم هذا القول؟‬ ‫فلنعد اىل الوراء اىل فكرة وجود لبنان‪ .‬يف زمن‬ ‫الحكم العثامين‪ ،‬كانت املعرفة والعلم مفقودين‬ ‫باإلضافة اىل الحكم الفردي والديكتاتوري‪ .‬كان‬ ‫املوارنة يعيشون يف منطقة شامل لبنان يف أيام‬ ‫العسافيني الذين كانوا يحكمون بغري الرشيعة‬ ‫اإلسالمية‪ .‬لقد أقاموا قواعدهم يف غزير ووظفوا‬ ‫املوارنة وأعطوهم إمكانيات مادية بحسب رشيعة‬ ‫اإلقطاع أي يعملون يف األرايض ويدفعون لهم‬ ‫األموال‪ ،‬انزعج األتراك ملا كان يقوم به العسافيون‬ ‫من تسامح فاستبدوا بهم‪ ،‬وجاؤوا ببني سيفا‪.‬‬ ‫َح َك َم بني سيفا بحسب الرشيعة اإلسالمية‪ .‬ثم‬ ‫أىت األمري فخر الدين اىل الشوف فرأى أن املوارنة‬ ‫يتمتعمون بطاقات إنسانية وعلمية بنّاءة‪ ،‬فألف‬ ‫شجعهم اىل‬ ‫ثالثة أرباع جيشه منهم ثم‬ ‫ّ‬ ‫االنتقال من الشامل وكرسوان اىل الشوف‪ ،‬كام‬ ‫سار الشهايب عىل خطاه‪ .‬يف هذه الظروف ج ّمع‬ ‫املوارنة الطوائف بعضهم اىل بعض وأصبح هناك‬ ‫مسيحي وسني وشيعي يعيشون مع بعضهم‬ ‫تحت حكم األمري‪ .‬فجاءت الفكرة بإنشاء وطن‬ ‫تعددي وعملوا مع فرنسا حتى استطاعوا تحقيق‬ ‫االستقالل يف العام ‪ .1914‬وبحكم عالقاتهم مع‬ ‫الغرب وخصوصاً مع الفاتيكان‪ ،‬أنشأوا املدرسة‬ ‫املارونية يف روما‪ ،‬وهذه املدرسة أنشأت مدرسة‬ ‫عني ورقة وعينطورة وباقي املدارس‪ .‬صار لبنان‬ ‫يتفرد بعنرصين أساسيني‪ :‬عنرص التعددية‬ ‫وعنرص املعرفة‪ ،‬من هنا شاع املثل الشهري “عامل‬ ‫كامروين”‪ .‬ولبنان هو البلد الوحيد يف الرشق‬ ‫األوسط الذي يتمتع بدميقراطية حقيقية‪.‬‬ ‫والجدير ذكره أن املسيحيني بشكل عام واملوارنة‬ ‫خصوصاً يتمتعون بروح املبادرة ومحبة الحرية‬ ‫يعني أنهم ال يطيقون االستعباد ويرفضون‬ ‫الحكم الديكتاتوري‪ ،‬وعندهم املعرفة والعلم‬ ‫واحرتام الرأي اآلخر‪ ،‬فإذا خرس لبنان هذه املبادىء‬ ‫فقد هويته وكيانه‪ ،‬وأصبح كباقي الدول املجاورة‬ ‫التي ترزح تحت الحكم الفردي أو الحكم الديني‪.‬‬

‫نحن حراس للوطن الحر‬ ‫يعتقد البعض أنه “مع إخفاق األحزاب‬ ‫واملؤسسات السياسية مل يعد من مالذ أال‬ ‫الكنيسة واملؤسسات الدائرة يف فلكها بعيداً‬ ‫عن تجاذبات ومصالح أهل السياسة” ما هو‬ ‫تعليقكم عىل ذلك؟‬ ‫كان عند املسيحيني دامئاً الكنيسة من جهة‬ ‫واملشايخ مثل آل الخازن ورؤساء اإلقطاع من جهة‬ ‫ثانية‪ .‬البطريركية كانت متثل الزعامة الدينية‪،‬‬

‫ولكن هذه الزعامة كانت مرجعية سياسية‬ ‫فقط عند حصول الخالفات أو اإلنقسامات‪ .‬ه ّمها‬ ‫هم البطريرك‬ ‫الوحيد والذي ما زال حتى اليوم ّ‬ ‫صفري هو الحفاظ عىل اإلطار الكبري‪ ،‬يعني عىل‬ ‫لبنان ونظامه الحر واملستقل‪ .‬نحن حراس للوطن‬ ‫الحر وللدميقراطية وللحرية‪.‬‬ ‫ما رأيكم باألصوات التي تقول “اتركوا‬ ‫بالشؤون‬ ‫واهتموا‬ ‫للسياسيني‬ ‫السياسة‬ ‫الدينية فقط”؟‬ ‫إنها مصالح خاصة يحاولون بهذا القول‬ ‫محاربة بكريك‪ ،‬ولكن الشعب اىل جانبها‪ .‬نحن‬ ‫ال نتدخل يف السياسة إال عندما يهدد الكيان‬ ‫ويصبح يف خطر‪.‬‬

‫اسرتجاع ما فقد‬ ‫يقول املجمع املاروين إن “املوارنة هم أكرث‬ ‫طوائف لبنان ارتباطاً بفكرة الكيان اللبناين‬ ‫تاريخياً وسياسياً وعاطفياً‪ ،‬ويرى املوارنة األمور‬ ‫بيشء من املرارة والظلم ألنهم خرسوا بعض‬ ‫مواقع نفوذهم”‪ .‬هل من املمكن اسرتجاع ما‬ ‫فقدوه عىل كل األصعدة؟‬ ‫ال يهمنا هذا القول فنحن مل نخرس شيئاً‪ .‬مل‬ ‫نكن أبداً يف هذا الرشق األكرث عدداً‪ ،‬ولكن املوارنة‬ ‫حملوا فكرة لبنان‪ ،‬فكرة االستقالل والتعددية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املستقل ال يخرسه‬ ‫ما يربحه لبنان الوطن الح ّر‬ ‫املوارنة‪.‬‬

‫غياب القادة املوارنة‬ ‫ماذا تقول للشارع املسيحي املحبط؟‬ ‫هناك ضعف ظر ّيف يف القيادة املارونية‪.‬‬ ‫ال يوجد قادة موارنة أمثال كميل شمعون‬ ‫وبيارالجم ّيل وفؤاد شهاب والياس رسكيس وشارل‬ ‫الحلو وشارل مالك‪.‬‬ ‫سمري جعجع وميشال عون وسليامن‬ ‫فرنجية ماذا يعتربون؟‬ ‫إنهم زعامء وال ميلكون مواصفات القادة‪.‬‬ ‫وما الفرق بني القائد والزعيم واالثنان ميتلكان‬ ‫قواعد شعبية ؟‬ ‫هناك فرق كبري بني القائد والزعيم‪ ،‬القائد‬ ‫يهتم بخدمة وطنه وشعبه‪ ،‬أما الزعيم فهوالذي‬ ‫ّ‬ ‫يستغل شعبه ليك يحقق أهدافه‪ .‬فلو كانوا‬ ‫قادة حقيقيني الجتمعوا وح ّولوا قواهم لخدمة‬ ‫الوطن واملواطنني‪.‬‬ ‫تحاول بكريك جمع قياداتها املتخاصمة‬ ‫واملتناحرة ولكن دون جدوى‪ .‬هل سيشهد العام‬ ‫‪ 2011‬مصالحات عىل صعيد بعض القيادات‬ ‫املارونية متهيداً لخطوات أكرب وأوسع؟‬ ‫ال يجب أن نعلق أهمية كبرية عىل هذا املوضوع‪.‬‬ ‫كام ال يجب عىل املسيحيني أن يكونوا نسخة‬ ‫واحدة عن بعضهم البعض وأن يصبوا يف االتجاه‬ ‫نفسه‪ .‬ومن غري املسموح أن يتقاتلوا‪ .‬هناك فرق‬ ‫كبري بني الخصام السيايس والتقاتل‪ .‬عندما تجمع‬ ‫بكريك قياداتها تكون خائفة من الصدام فيام‬ ‫بينهم‪ .‬الدميقراطية وحدها يجب أن تسود بني‬

‫املسيحيني‪.‬‬ ‫أال تخافون من الصدام واألزمة تبدو يف‬ ‫أشدها؟‬ ‫كال ‪ .‬أنا مطمنئ ولن يصل املسيحيون اىل‬ ‫التصادم مجدداً أل ّنه ال يزال عندهم حنني إىل‬ ‫الحرية والدميقراطية‪.‬‬ ‫“إن وحدة املسيحيني هي التي تصنع لبنان‪،‬‬ ‫نحتاج اىل االرتكاز عىل مرتكز وطني صادق‪.‬‬ ‫أنا أراها يف بكريك‪ .‬أنا شخص ّياً تحت إمرة‬ ‫بكريك”‪ ،‬هل ما زلتم عىل هذا القول؟‬ ‫لست فقط تحت إمرة البطريرك صفري بل تحت‬ ‫إمرة القيادة الروحية التي هي ممثلة ببكريك‪.‬‬

‫الكنيسة بحاجة اىل تجديد‬ ‫لقد قدّم البطريرك استقالته يف هذه‬ ‫الظروف الصعبة مام يزيد يف إحباط املوارنة‬ ‫وهي سابقة مل تحصل أبدا؟‬ ‫بل حصلت مع البطريرك املعويش وهذه‬ ‫األحداث تتالىش عند نشوء القيادة الجديدة‪.‬‬ ‫ولكن البطريرك املعويش مل يكن بكامل‬ ‫قواه العقلية‪ ،‬أما البطريرك صفري فامزال‬ ‫يتمتع بالنشاط والفكر الواعي؟‬ ‫الكنيسة بحاجة اىل تجديد‪ ،‬وال يستطيع‬ ‫البطريرك أن يقدم ذلك يف عمر التسعني‪ .‬فقد‬ ‫شعر أنه ال يستطيع أن يعطي روحاً وقوة جديدة‬ ‫للكنيسة‪ ،‬لذلك قدّم استقالته‪.‬‬ ‫ما هو تعليقكم عىل قرار الوزير بطرس حرب‬ ‫الذي يقيض مبنع بيع األرايض ألشخاص من غري‬ ‫طائفة‪ ،‬وقد كنتم السباقون للمحافظة عىل‬ ‫األمالك املارونية‪ ،‬وقد ظهر ذلك يف مشاريع‬ ‫اإلسكان التي نفذمتوها حيث احتفظتم‬ ‫بقسم من أسهم كل شقة منعاً لبيعها اىل‬ ‫أشخاص ال يحظون مبوافقتكم؟‬ ‫نحن طبقنا هذا املوضوع يف الرهبنة اللبنانية‬ ‫املارونية‪ ،‬ونتمنّى أن يصبح فاع ًال يف الدولة أيضاً‪،‬‬ ‫فال يستطيع أحد أن “يغزو اآلخر”‪ .‬الفرق كبري بني‬ ‫الحرية التجارية واالحتالل املربمج‪...‬‬ ‫حسم اتفاق الطائف أن لبنان عريب الهوية‬ ‫واإلنتامء‪ ،‬وكانت تلك املسألة مدار سجال منذ‬ ‫نشأة لبنان الكبري يف العام ‪ .1920‬اليوم هل‬ ‫ترون هذا البند من الطائف موافق للحقائق‬ ‫التاريخية؟‬ ‫هذه الوقائع ال تحذف بحركة قلم‪ ،‬لبنان هو‬ ‫لبنان‪ ،‬نأمل أن يتحول اىل وطن لإلنسان‪ ،‬لكل‬ ‫إنسان‪ ،‬العريب وغري العريب‪ ،‬والعرص مل يعد‬ ‫للعنرصيات‪ :‬الرئيس أوباما إفريقي مسلم‪ ،‬أصبح‬ ‫رئيساً للواليات املتحدة‪ ،‬الرئيس ساركوزي من‬ ‫أوروبا الرشقية يحكم اليوم فرنسا املتشددة‬ ‫فرنسياً‪ ...‬أال ترون أن ورقة التفاهم التي وقعها‬ ‫التيار الوطني الحر حمت املسيحني يف أحداث‬ ‫أيار ‪2008‬؟‬ ‫كل األوراق وكل التفاهامت مفيدة‪ ،‬ولكن ماذا‬ ‫عمل املسيحيون يف شهر أيار حتى تحميهم‬ ‫ورقة التفاهم‪ ،‬وهل نحن بحاجة اىل أوراق تحمينا‬ ‫وتردعنا حتى ال نتعدى عىل بعضنا‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫أخلص وأوىف األصدقاء‬ ‫تحدثتم يف مذكراتكم عن حذركم من‬ ‫العالقة مع سوريا حتى يف األوقات التي كانت‬ ‫“التوافق”‪ .‬اليوم كيف‬ ‫فيها عىل يشء من‬ ‫تنظرون اىل تلك العالقة؟ وهل اتجهت اىل‬ ‫مسار صحيح ؟‬ ‫ليس ع ّ‬ ‫يل أن أق ّيم سياسة الجارة سوريا يف‬ ‫لبنان اليوم‪ ،‬ولكن أسمح لنفيس بأن أقول‬ ‫لفخامة الرئيس بشار األسد‪ ،‬واملسؤولني‬ ‫السوريني بأنهم سيجدون يف املواطن اللبناين‬ ‫العادي أخلص وأوىف األصدقاء إذا قام تعاون صادق‬ ‫بني البلدين املستق ّلني فع ًال‪...‬‬ ‫تعلمون أن الكثريين الذين ال يشاركونكم‬ ‫بالتعصب‬ ‫يتهمونكم‬ ‫لبنان‬ ‫اىل‬ ‫النظرة‬ ‫ملبادئكم وأفكاركم‪ ،‬ما هو ردكم عليهم؟‬ ‫لو بدّلتي كلمة “التعصب” بكلمة “التمسك‬ ‫باملبادىْ واالستقالل لكانت أفضل‪ ،‬كل أمنيتي‬ ‫أن يعيش املواطن اللبناين يف مناخ سليم حتى‬ ‫يتحول اىل الخلق واإلبداع ألنه موهوب‪ ،‬وحرام علينا‬ ‫أال نو ّفر له األمان والطأمنينية ليخلق ويبدع‪.‬‬

‫املساعدات االجتامعية‬ ‫للمساعدات‬ ‫تام‬ ‫شبه‬ ‫غياب‬ ‫يوجد‬ ‫االجتامعية للعائالت الفقرية من الكنيسة‬ ‫املارونية‪ ،‬خصوصاً وأن املدارس والجامعات تدر‬ ‫أرباحاً كبرية وتستطيع املساعدة أقله يف‬ ‫التحصيل العلمي أسوة بباقي الطوائف؟‬ ‫هنك مؤسسات خري ّية ال ُتحىص يف املجتمع‬ ‫املسيحي وكاريتاس من أه ّمها‪ .‬أصحاب املدارس‬ ‫والشعب مسؤوالن عن هذا املوضوع‪ .‬فاملسيحي‬ ‫الفقري الذي ال يستطيع تعليم أوالده يف مدرسة‬ ‫خاصة‪ ،‬ملاذا ال يرسلهم اىل املدارس الرسمية؟‬ ‫هناك مكابرة عىل املدرسة الرسمية واستعالء‬ ‫فارغ‪ .‬املدارس الخاصة والجامعات الخاصة ليست‬ ‫أفضل من مؤسسات الدولة إ ّال بالتنظيم والرتبية‪،‬‬ ‫فلامذا ال نعمل عىل تقوية هذين املوضوعني يف‬ ‫املدرسة والجامعة الوطنية؟‬ ‫يف جامعة الروح القدس توزع مساعدات مبا‬ ‫يقارب الخمسة ماليني دوالر سنوياً للطالب املحتاج‬ ‫وهناك فريق مؤلف من ‪ 12‬فتاة لتلقي الطلبات‬ ‫والـتأكد من صحتها‪.‬‬ ‫مبناسبة عيد مار مارون‪ ،‬ما هي كلمتكم اىل‬ ‫املسيحيني يف لبنان وخصوصاً املوارنة منهم؟‬ ‫أنتم أقوى األقوياء اليوم ويف كل يوم إذا‬ ‫عشتم بإميانكم‪ .‬نحن أقوياء ال بذواتنا‪ ،‬بل مبن‬ ‫يقوينا‪ :‬املبادىء واألسس التي بني عليها لبنان‪:‬‬ ‫الحرية والدميقراطية‪ ،‬واحرتام اإلنسان‪.‬من آمن‬ ‫بهذه القيم وعمل بها ال يخاف أبداً‪ ،‬بل يتحول‬ ‫اىل إنسان يخيف الذين ال يؤمنون بهذه القيم‪،‬‬ ‫إن الحرية والدميقراطية واحرتام اإلنسان هي قوى‬ ‫رسيعة العدوى وسالح فتاك ال ب ّد أن ينترص‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫لم يشأ أن يتكلّم بالمحكمة وشهود الزور ألنه «إطفائي»‬

‫القاضي غالب غانم‪ :‬يجب ترسيم الحدود بين السياسيين والقضاة‬ ‫وقد أترشح الى االنتخابات النيابية‬ ‫«أتجنب كل املواضيع التي تصب الزيت‬ ‫عىل النار فأنا إطفايئ مهمتي إطفاء النار‪،‬‬ ‫وليس إشعالها‪ .‬موضوع املحكمة الدولية‬ ‫لن اتكلم عنه‪ ،‬فهل من املعقول أن أعطي‬ ‫رأيي يف موضوع قاسم البلد اىل قسمني؟»‬ ‫هذا ما أعلنه رئيس مجلس القضاء األعىل‬ ‫السابق القايض غالب غانم عندما سألناه‬ ‫عن ملف املحكمة وشهود الزور‪.‬‬ ‫واعترب أن «القضاة برش وهم يخطئون»‪،‬‬ ‫ولكن تحت رشطني الرشط األول أن يكون‬ ‫الخطأ استثنا ًء والرشط الثاين أن يكون غري‬ ‫مقصود‪.‬‬ ‫مل يشعر غانم بتأنيب الضمري طيلة‬ ‫حياته املهنية وهذا ال يعني أنه مل يخطىء‪،‬‬ ‫ولكنه مل يقصد ذلك‪ ،‬كام مل يتع ّمد‬ ‫اإلساءة اىل أحد من خالل السلطة املعطاة‬ ‫كيف تق ّيم تجربتك يف القضاء؟ وأين أخطأت‬ ‫له‪.‬‬ ‫ومتى أصبت؟‬ ‫ّ‬ ‫وقد أكد أنه ال يوجد «واسطة» يف‬ ‫أستطيع القول أنني كنت راضياً عن تجربتي‪ ،‬ألن‬ ‫مباراة للدخول اىل القضاة‪ .‬إنها أفكار هديف يف األساس هو أن أكون قاضياً‪ ،‬لذلك مارست‬ ‫شائعة وهي ليست صحيحة فالكفاءة عميل كشخص يعرف واجباته وحقوقه وهو مدرك‬ ‫خطورة هذه املهمة ومستعد للعمل الدائم حتى‬ ‫وحدها هي املعيار األسايس للنجاح‪.‬‬ ‫واتصاالت ينجح رغم كل العقبات‪ .‬ال يوجد تجربة كاملة مكللة‬ ‫السيايس‬ ‫التدخل‬ ‫وعن‬ ‫بكل النجاح أو بكل الفشل‪ .‬ألن النجاح يف املطلق‬ ‫من‬ ‫تأيت‬ ‫وهي‬ ‫كثرية‬ ‫بأنها‬ ‫فقال‬ ‫السياسيني‬ ‫هو فكرة مثالية مثل أي فكرة أو مبدأ‪.‬‬ ‫األقارب واألصدقاء وأصحاب املصالح أيضاً‪،‬‬ ‫العلم والحصانة واالستعداد للعمل والشعور‬ ‫أما الجواب عىل هذه االتصاالت‬ ‫فيكون بالحرية لدى تحليل األمور وتطبيق الوقائع عند اتخاذ‬ ‫القرار هو ما يسمى استقالل القضاء‪ .‬لذلك كنت‬ ‫بعبارة «انشالله خري» أو «منشوف»‪.‬‬ ‫وعن عالقاته مع السياسيني يف املنت راضياً عن تجربتي‪ .‬ال ميكن القول أن تجربتي كانت‬ ‫الشاميل‪ ،‬فأ ّكد أن الجميع أصحابه دون ناجحة ألن مصطلح النجاح يطلقه الغري عىل‬ ‫استثناء وهو سيتعاطى الشأن العام‪ ،‬الشخص‪ ،‬إنه امتحان وال يستطيع اإلنسان أن يضع‬ ‫عالماته‪ ،‬فاآلخرون هم الذي يضعونها‪.‬‬ ‫وقد يرتشح اىل االنتخابات النيابية عىل‬ ‫ما هي أحب املراكز اىل قلبك؟‬ ‫الالئحة التي تناسب أفكاره ومبادئه‪.‬‬ ‫األحب اىل قلبي أن أكون قاضياً جيداً‪ ،‬وأن أحقق‬ ‫يف بعض األجوبة التي تتعلق مبحاسبة املهنة الرسولية‪ ،‬ولكن املركز الذي كان له تأثري يف‬ ‫الوزراء والرؤساء الفاسدين اعتقدنا أننا قلبي هو رئاسة مجلس القضاء األعىل واىل جانبها‬ ‫نعيش يف مدينة «أفالطون املثالية» رئاسة مجلس شورى الدولة‪.‬‬ ‫ما هو شعور القايض عندما يعلم أنه ظلم أحد‬ ‫فابتسم وقال‪« :‬ولكن يوجد بعض الدول‬ ‫األشخاص يف بعض األحكام التي أصدرها؟‬ ‫لبنان‬ ‫التي تطبق هذه املبادىء وكذلك يف‬ ‫ليك نوضح هذا املوضوع‪ ،‬فقد سئلت سابقاً «هل‬ ‫يعني‬ ‫فقد متت محاسبة البعض منهم مام‬ ‫القضاة يخطئون»؟ فقلت «أجل إنهم برش»‪ .‬بالنسبة‬ ‫أنها موجودة عىل أرض الواقع ولسنا يل بعد ‪ 32‬عاماً من مامرسة القضاء‪ ،‬قد أكون أخطأت‬ ‫بحاجة اىل مدينة أفالطون لتطبيقها»‪.‬‬ ‫يف موضوع ما‪ ،‬ولكن تحت رشطني‪ :‬الرشط األول أن‬ ‫«منرب التوحيد» التقت رئيس مجلس يكون الغلط استثناء‪ ،‬والرشط الثاين أن يكون غري‬ ‫السابق القايض غالب غانم مقصود‪ .‬فالخطأ هو برشي‪ .‬العدل واالعتدال هام‬ ‫القضاء األعىل‬ ‫صفتان الزمتاين طيلة حيايت املهنية‪.‬‬ ‫وكان الحوار التايل‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪44‬‬

‫أما يف حال أصدرت حك ًام مجحفاً يف حق أحدهم‪،‬‬ ‫فالذي يطأمنني أنني مل أحكم مبغاالة ‪ ،‬كنت افكر‬ ‫بالحد االدىن للعقاب‪.‬‬

‫عذاب الضمري؟‬

‫يعني إنك مل تشعر بعذاب الضمري يف قضية‬ ‫ما أصدرت حكمك فيها ؟‬ ‫عذاب الضمري! أبداً وهذا ال يعني أنني مل أخطئ‪.‬‬ ‫أشعر بتأنيب الضمري عندما أكون قاصداً اإلساءة اىل‬ ‫أحدهم من خالل السلطة املعطاة يل‪ .‬وهذه السلطة‬ ‫مهمة جداً‪ ،‬يف الحضارات القدمية كانوا يعتربون‬ ‫سلطة القايض سلطة فوقية وسلطة إلهية‪ .‬فهذه‬ ‫السلطة يجب أن نعرف كيفية استعاملها‪.‬‬ ‫هناك ترصيح تقول فيه «معظم القضاة جيدون‬ ‫ولكن معظمهم ال يستحقون أن يكونوا قضاة»‬ ‫فهل هذا صحيح؟‬ ‫هذا الترصيح ليس دقيقاً‪ .‬لقد قلت ال ميكن‬ ‫للوحة القضائية أن تكون مكتملة يف أرقى األنظمة‬ ‫القضائية‪ ،‬فكيف بلبنان؟ لو كانت كذلك ملاذا وجد‬ ‫التفتيش القضايئ واملجالس التأديبية؟ وملاذا وجدت‬ ‫الهيئة العليا للتأديب التي كنت أترأسها‪ ،‬والتي‬ ‫أصدرت أحكاماً يف ‪ 17‬ملفاً‪ ،‬هذا يعني أن هناك‬ ‫إخالالً يف بعض القضايا‪.‬‬ ‫ماذا عن مباريات القضاة؟ واىل مدى تدخل‬ ‫«الواسطة» يف هذه املباريات؟‬ ‫الدخول اىل القضاء ال يتم من خالل «الواسطة»‬ ‫أبداً‪ .‬هناك أفكار شائعة عن هذا املوضوع‪ .‬لقد‬ ‫اختربت هذا املوضوع طيلة ‪ 30‬سنة يف اللجان التي‬ ‫أرشفت عليها‪.‬‬ ‫ولكن مل تنفذون ما وعدتم به من تطبيق املادة‬ ‫‪ 95‬التي تخول مجلس القضاة النظر بأهلية‬ ‫القايض؟‬ ‫هناك عدة مهامت لرئيس مجلس القضاء األعىل‪،‬‬ ‫من بني هذه املهامت أن الرئيس األول التمييزي يكون‬ ‫واملجالس‬ ‫رئيس الهيئة القضائية العليا للتأديب‪.‬‬ ‫التأديبية تكون عىل درجتني‪ :‬مجلس تأديبي وهيئة‬ ‫التفتيش القضايئ‪ .‬كان املجلس التأديبي يعمل‬ ‫بطريقة جيدة‪ ،‬وعندما تسلمت مهامي يف املجلس‬ ‫كانت هناك ملفات مكدسة وغري محسومة‪.‬‬ ‫فاتخذنا القرارات املناسبة بحقها وبتّينا مبا يقارب الـ‬ ‫‪ 17‬ملفاً‪ .‬واىل جانب هذه امللفات كنت وعدت زماليئ‬ ‫بتطبيق املادة ‪ 95‬التي تتكلم عن أهلية القايض‬ ‫املتدرج والقايض األصيل‪ .‬أهلية القايض املتدرج‬ ‫بسيطة ألنه يف آخر السنة يستطيع مجلس‬ ‫القضاء األعىل بنا ًء عىل اقرتاح مجلس إدارة معهد‬ ‫الدروس القضائية‪ ،‬أن يعلن أهلية القضاة املتدرجني‪،‬‬ ‫من الناحيتني األخالقية او العلمية فال يستطيع‬ ‫املتابعة‪ .‬اتخذنا قرارات صعبة يف هذا املجال‪.‬‬

‫أما عىل صعيد القضاة يف الخدمة الفعلية فلم‬ ‫تقدم لنا أي ملفات ليك ّ‬ ‫نبت فيها‪ .‬إنه قرار بحاجة‬ ‫اىل شجاعة أدبية وتحمل مسؤولية‪ .‬هذه املادة‬ ‫تساهم إسهاماً جذرياً يف تنقية القضاء‪.‬‬

‫حزم وليس انتقاماً‬

‫أعلن وزير العدل مالحقة بعض القضاة‪ ،‬أين‬ ‫أصبح هذا املوضوع؟‬ ‫لقد أخذنا التدابري الالزمة بحق ‪ 17‬ملفاً وهذه‬ ‫الخطوة كانت مجمدة سابقأً‪ ،‬فاإلقدام عليها كان‬ ‫حسب مناخ لبنان الذي فيه الكثري من املعوقات‬ ‫قاض كام نرش‬ ‫الطائفية والسياسية‪ .‬لقد ّتم فصل‬ ‫ٍ‬ ‫اسمه إعالمياً‪.‬‬ ‫قد يعود الفضل بذلك لكرثة األصوات التي‬ ‫تنادي بفساد القضاء فكان هذا القايض «كبش‬ ‫محرقة» ألنه ال ميكن أن يكون الفساد مقترصأ‬ ‫عىل شخص واحد؟‬ ‫قمنا بهذا اإلجراء من باب مامرسة الواجب‪ .‬مبرارة‬ ‫فصلنا هذا القايض فليس من السهل القيام بذلك‪،‬‬ ‫واألهم من هذا كله مامرسة الواجب‪ .‬ومن مل يفصل‬ ‫اتخذت بحقه عقوبات وهي تبدأ من التنبيه واللوم‬ ‫والتوقف عن العمل وإنزاله درجة وصوالً اىل عقوبتني‬ ‫هم األخطر‪ ،‬أما الفصل من القضاء مع إعطاء‬ ‫تعويض‪ ،‬أو الفصل بدون تعويض وكأنها عقوبة‬ ‫إعدام‪.‬‬

‫إتصاالت سياسية‬

‫ما هو حجم تدخل السياسيني يف القضاء؟‬ ‫وكم مرة اتصل بكم أحدهم للتوصية بحكم أو‬ ‫مبلف ما؟‬ ‫ال نستطيع القول كم مرة‪ ،‬اإلتصاالت ال تأيت من‬ ‫السياسيني فقط بل من األصدقاء واألقارب وأصحاب‬ ‫املصالح‪ ،‬اإلتصاالت مفتوحة يف لبنان‪ .‬ولكن‬ ‫باملناسبة أريد أن أسجل ظاهرة صحية يف هذا املجال‬ ‫هي أنني مل اتلقَ اتصاالً واحداً من السياسيني يف الـ‬ ‫‪ 17‬ملفاً سعياً لدعم موقف زميل من الزمالء‪ .‬لقد‬ ‫قاض‪.‬‬ ‫تركونا نعمل ومل يتدخلوا لصالح أي ٍ‬ ‫بكل رصاحة مباذا ترد عىل السياسيني عندما‬ ‫يطلبون منك خدمة ما؟‬ ‫ال أحد يفهم ع ّ‬ ‫يل الجواب‪ .‬يف البداية كنت‬ ‫أقول «انشالله خري» فعلمت أنهم كانوا يفهمون‬ ‫ذلك إيجاباً فأصبحت أقول «منشوف»‪ .‬تحولت من‬ ‫«انشالله خري» اىل «منشوف»‪ .‬كنت رمادياً يف جميع‬ ‫االتصاالت التي أتلقاها ال ابيض وال أسود بل رمادي‬ ‫اللون‪.‬ال أحد يستطيع أن يأخذ مني كلمة تتعلق‬ ‫بامللف‪ .‬عندما كنت مدعي عام جبل لبنان كان يأيت‬ ‫إ ّيل األشخاص املقطوعون‪ ،‬فكنت أترصف حسب‬ ‫األصول وأساعدهم من خالل الثغرات التي ميكن‬ ‫تغطيتها‪ .‬من األمهات امللهوفات اىل املقطوعني‬ ‫الذين يعتربون أن عدالة القايض األرضية هي من‬ ‫العدالة الساموية‪.‬‬ ‫الحظنا يف الفرتة األخرية لجوء الوزراء وخصوصاً‬ ‫وزير الداخلية اىل األخذ برأي هيئة الترشيع‬ ‫واالستشارات يف وزارة العدل لتفسري بعض‬ ‫القوانني‪ ،‬ملاذا كانت غائبة وهل لوزير العدل الحايل‬ ‫دور يف تفعيلها؟‬ ‫طبعاً لوزير العدل الحايل الدور يف تفعيلها ألنها‬ ‫مرتبطة به مبارشة‪ .‬ولكن يسمع بها اآلن ألنها‬

‫تتكلم عن قضايا تهم الرأي العام‪.‬‬ ‫هل كان للمجلس الدستوري دور فعال يف‬ ‫الطعون النيابية وملاذا ال يوجد ثقة يف هذه‬ ‫الطعون؟‬ ‫املجلس الدستوري هيئة دستورية ذات صفة قضائية‬ ‫خارجة عن إطار القضاء العديل واإلداري كلي ُا‪ .‬أنشئ‬ ‫بعد اتفاق الطائف وشكل عدة مرات لذلك ال ميكن‬ ‫أن أعطي رأيي يف هيئة عىل هذا املستوى‪ .‬هي تعرف‬ ‫كيف تترصف وكيف تعمل‪ .‬هذا املجلس خارج عن‬ ‫نطاق عملنا‪.‬‬ ‫عىل أي أساس اختري القضاة اللبنانيني يف‬ ‫املحكمة الدولية؟‬ ‫قبل تسلمي مهامي س ّمى مجلس القضاء األعىل‬ ‫مجموعة من القضاة ذهبوا اىل دوائر األمم املتحدة‬ ‫وتم اختيارهم‪.‬‬ ‫وخضعوا ملقابالت ّ‬ ‫هل أمنت املحاكم الدولية عرب العصور العدالة‬ ‫للشعوب وأوقفت اإلجرام؟‬ ‫هناك معايري معينة للعدالة الدولية ويتمنى رجل‬ ‫القانون أن تطبق هذه املعايري بشكل سليم‪ ،‬مام يؤدي‬ ‫اىل بعض االطمئنان للشعوب‪.‬‬ ‫انقسم البلد يف موضوع شهود الزور‪ ،‬فالبعض‬ ‫يقول إنه يتم محاسبتهم عند إقرار الحكم‪،‬‬ ‫والبعض اآلخر يقول بعد الحكم‪ ،‬بحسب خربتكم‪،‬‬ ‫كيف كنتم تحاسبون شهود الزور؟‬ ‫أتجنب كل املواضيع التي «تصب الزيت عىل النار»‪،‬‬ ‫أنا «إطفايئ»‪ ،‬مهمتي إطفاء النار وليس إشعالها‪.‬‬ ‫باختصار لن اتكلم يف موضوع املحكمة الدولية‬ ‫وشهود الزور‪.‬‬ ‫ولكنك قلت يف هذا السياق «املجلس العديل‬ ‫غري مختص للنظر يف قضية شهود الزور»؟‬ ‫هذا الكالم ليس صحيحاً‪ .‬لقد نسب إيل هذا‬ ‫لقاض أن يعطي رأيه‬ ‫الترصيح‪ .‬وقد نفيته فهل ميكن‬ ‫ٍ‬ ‫يف موضوع «قاسم» البلد سياسياً‪.‬‬

‫محاكمة للسياسيني الفاسدين‬

‫ماذا عن املجلس األعىل ملحاكمة الرؤساء والوزراء؟‬ ‫وهل سنشهد يوماً ما محاكمة للسياسيني‬ ‫الفاسدين؟‬ ‫يوجد مجلس تكلم عنه الدستور اسمه املجلس‬ ‫األعىل ملحاكمة الوزراء والرؤساء‪ .‬وهو مكون من ‪15‬‬ ‫عضواً‪ 8 ،‬قضاة من أعىل القضاة رتب ًة ومن ‪ 7‬نواب‪ .‬يف‬ ‫العام ‪ 2010‬تشكل املجلس من ‪ 8‬قضاة وأقسموا اليمني‬ ‫أمام دولة الرئيس نبيه بري وهيئة مكتب املجلس‪ .‬إذاً‬ ‫أصبح املجلس جاهزاً ملحاكمة الوزراء والرؤساء‪ .‬فلو تلقينا‬ ‫ملفاً بهذا الخصوص لكنا أنجزناه‪ ،‬وأنا من األشخاص‬ ‫الذين يرغبون مبمارسة كل أنواع املسؤوليات‪.‬‬ ‫ملاذا مل يجهز أي ملف؟ هل ألنه ال يوجد فساد‬ ‫يف أهل السياسة؟‬ ‫املشكلة يف القانون‪ ،‬يوجد فيه عقد وإنفاق‪ ،‬هذا‬

‫‪45‬‬

‫القانون يصعب تطبيقه‪.‬‬ ‫يعني هو مع ّقد يك ال يطبق؟‬ ‫لقد ط ّبق مرة واحدة‪.‬‬ ‫ولكن األسباب كانت سياسية؟‬ ‫ال أعرف األسباب‪ .‬الحل هو بتعديل القانون حتى تدور‬ ‫الزوايا‪ .‬املشكلة ليس يف املجلس‪ ،‬ولكن يف عدم وجود‬ ‫امللفات لدرسها‪.‬‬ ‫ال يوجد قرار جدي بفصل السياسة عن القضاء‬ ‫مع العلم أن الطائف أ ّكد رضورة الفصل‪ ،‬اىل ذلك‬ ‫الحني هل سيبقى القضاء مسيساً؟‬ ‫الدستور اللبناين يتكلم عن ثالث سلطات‪:‬‬ ‫الترشيعية والتنفيذية والقضائية‪ .‬وكل سلطة‬ ‫تلجم األخرى‪ .‬هذا نظام مثايل‪ .‬مل تستطع األنظمة‬ ‫الدميقراطية التوصل اىل افضل منه‪ .‬يف القوانني‬ ‫هناك نقص يف بلورة السلطة القضائية‪ .‬من أجل‬ ‫هذا النقص حرضنا مرشوع يف مجلس القضاء األعىل‬ ‫وقدمناه اىل فخامة الرئيس واىل وزير العدل يك يسلك‬ ‫طريقه‪ .‬هذا عىل الصعيد النظري‪.‬‬ ‫أما عىل الصعيد التطبيقي فعىل القايض أن‬ ‫يتصدى ويقاوم ويرفض الضغوطات حتى يصل اىل‬ ‫نتيجة مرتسخة هي ثقافة االستقالل‪.‬‬ ‫القضاء يجب أن يكون بعيداً عن السياسة‪ .‬ال يعني‬ ‫ذلك أنه كره للسياسيني‪ .‬السيايس له دور والقايض‬ ‫أيضاً‪ .‬ولكنني أتكلم عن الحدود‪ .‬كل واحد عنده أرض‬ ‫وهذه األرض لها حدود معينة‪ .‬ترسيم الحدود رضوري بني‬ ‫القضاة والسياسيني‪.‬‬ ‫من أين يبدأ اإلصالح من رأس الهرم أم من‬ ‫أسفله؟‬ ‫القضاة متساوون جميعاً مع وجود هرمية إدارية‪.‬‬ ‫يبدأ اإلصالح من الذات‪.‬‬

‫عالقات طيبة مع أهل السياسة‬

‫مت ّيز غالب غانم بعالقاته الطيبة برجال السياسة‬ ‫وخاصة يف املنت الشاميل‪ ،‬هل كونك ابن بسكنتا‬ ‫القريبة من بتغرين سياسياً وجغرافياً؟ وأين موقع‬ ‫غالب غانم اليوم؟‬ ‫هذا سؤال موجه اىل واحد من رجال السياسة‪ .‬هذه‬ ‫الفكرة قدمية‪ .‬مت ّيزت بعالقايت الطيبة مع الجميع دون‬ ‫استثناء‪.‬‬ ‫يعني أن صداقاتك تغريت اليوم؟‬ ‫احرتم كل السياسيني واحرتم الشخص الذي‬ ‫تلمحني له كل االحرتام‪.‬‬ ‫يف لبنان معارضة ومواالة أو فريقي ‪ 8‬و‪ 14‬آذار من‬ ‫هو الفريق األقرب اىل قناعاتك؟‬ ‫لست مع ‪ 8‬أو ‪ 14‬أنا مع أفكار معينة‪ .‬بني نظافة‬ ‫الكف والفساد أختار النظافة‪ ،‬كام أختار الوقوف‬ ‫اىل جانب الضعيف ضد القوي‪ .‬ومثلام ينتقد بعض‬ ‫السياسيني العمل القضايئ فانا أيضاً انتقد العمل‬ ‫السيايس لبعضهم‪.‬‬ ‫هل صحيح إنك تحرض لالنتخابات النيابية؟‬ ‫ميكن ان أتعاطى الشأن العام ولكن ادرس وضعي‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫ومن هو الفريق الذي ستكون تحالفاتك معه؟‬ ‫الفريق الذي يضم مباديئ‪.‬‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫تحقيق‬

‫من يستهدف العمال السوريين في لبنان ؟‬

‫نصري خوري‪ :‬ال مصلحة ألرباب العمل‬ ‫بتنظيم اليد العاملة السورية‬ ‫إذا كان إعامر وسط بريوت يعود بفضله إىل‬ ‫الرئيس الشهيد رفيق الحريري من حيث التمويل‬ ‫والقرار السيايس‪ ،‬فإنه يعود بفضله أيضاً إىل‬ ‫العامل السوريني الذين دفعوا من عرقهم ودمهم‬ ‫يف سبيل تشييده‪ ،‬بل إنهم شاركوا يف إعامر‬ ‫كل لبنان بعد نهاية الحرب األهلية‪ ،‬ومل يفرقوا بني‬ ‫لبنان وسوريا يف هذا اإلطار مبا يتمتعون به من‬ ‫حس قومي عال‪ ،‬وهم يضعون هذا الوطن الصغري‬ ‫يف قلوبهم‪.‬‬ ‫إنهم قادمون من أكرث طبقات الشعب‬ ‫السوري فقراً وحرماناً‪ ،‬وهم بعيدون عن السياسة‬ ‫ومعطياتها‪ ،‬وكل ما يشغل بالهم هو الحصول‬ ‫عىل لقمة العيش التي يسدون بها رمقهم‪،‬‬ ‫وتعينهم عىل استمرار حياتهم البائسة‪.‬‬ ‫إال أن هؤالء العامل عانوا من ظروف ورشوط‬ ‫عمل قاسية‪ ،‬وال ميكن أن تكون مقبولة يف أي‬ ‫رشيعة ساموية‪ .‬فهم يعملون بأبخس األسعار‬ ‫وال يحظون بأية حقوق‪ ،‬كام يبقون تحت رحمة‬ ‫أصحاب العمل باالضافة إىل الكثري من رشوط‬ ‫العمل السيئة والبعيدة كل البعد عن املقاييس‬ ‫التي تحددها املنظامت الدولية والعربية يف هذا‬ ‫املجال‪.‬‬ ‫وكانت هجرة العامل السوريني إىل لبنان قد‬ ‫ازدادت يف فرتيت الثامنينيات والتسعينيات‬ ‫من القرن املايض بسبب توافر فرص عمل هامة‬ ‫أمام مئات اآلالف منهم‪ ،‬كام أن ارتفاع معدالت‬ ‫البطالة يف سوريا يعد من أهم األسباب التي‬ ‫دفعت بالعاملة السورية نحو لبنان‪.‬‬ ‫وميتاز العامل السوريون مبرونة حركتهم من‬ ‫وإىل سوق العمل اللبناين‪ .‬وهم بذلك قادرون‬ ‫عىل التأقلم مع ظروف االقتصاد املحيل‪ ،‬خاصة‬ ‫يف فرتات الركود‪ ،‬إذ ميكنهم بسهولة العودة‬ ‫إىل ديارهم يف سوريا‪ ،‬ومن ثم الرجوع مجدداً إىل‬ ‫لبنان مع تحسن مؤرشات النمو االقتصادي‪.‬‬ ‫مل ينقطع السجال يوماً يف لبنان حول مدى‬ ‫حاجة االقتصاد الوطني لليد العاملة السورية‪،‬‬ ‫وخاص ًة منذ توقيع معاهدة األخوة والتنسيق بني‬ ‫البلدين العام ‪ ،1991‬وعاد ًة ما يطغى عىل هذا‬ ‫الجدل طابعاً سياسياً ينافس طبيعته االقتصادية‬ ‫ّ‬ ‫وظل عدد العامل السوريني املوجودين يف‬ ‫األصلية‪.‬‬ ‫لبنان مثار أخذ ورد‪ ،‬وتجاذبات ال تنتهي بني األطراف‬ ‫السياسية اللبنانية املختلفة امليول واألهواء‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مستشار أو مدير عام أو مدير أو رئيس محاسبة‬ ‫أو ما يعادل ذلك مهام كان راتبه الشهري‪.‬‬ ‫من الفئة الثانية‪:‬‬ ‫أ‪ -‬إذا كان الراتب الشهري يتجاوز ضعفي الحد‬ ‫األدىن لألجر ولغاية ثالثة أضعافه‪.‬‬ ‫ب‪ -‬مراسلو وسائل اإلعالم وجميع األجراء‬ ‫الفنيني مهام كان راتبهم الشهري‪.‬‬ ‫من الفئة الثالثة‪ :‬إذا كان الراتب الشهري‬ ‫يرتاوح بني مقدار الحد األدىن لألجر ولغاية‬ ‫ضعفيه‪.‬‬ ‫من الفئة الرابعة‪ :‬الخادمات يف منازل األفراد‬ ‫إذا كان األجر الشهري للخادمة يقل عن الحد‬ ‫األدىن لألجر‪.‬‬ ‫كام أصدر الوزير طراد حامدة القرار رقم ‪1/79‬‬ ‫تاريخ ‪ 2‬حزيران ‪ 2006‬قانون يجيز للفلسطيني‬ ‫العمل يف بعض املهن كانت يف السابق ممنوعة‬ ‫عليهم وأبقى عىل أخرى خاضعة إلجازة عمل‪.‬‬ ‫كام تم إلغاء كافة الرسوم املفروضة عىل معامالت‬ ‫وزارة العمل للعامل املرصيني‪.‬‬

‫ماذا بعد ‪ 14‬شباط ‪2005‬؟‬ ‫عامل سوريون يغادرون األرايض اللبنانية بعد اغتيال الحريري‬

‫لقد تد ّفق العامل السوريون إىل لبنان وشتى‬ ‫بقاع العامل العريب بحثاً عن لقمة العيش بسبب‬ ‫الظروف املعيشية القاسية التي ألقت بظاللها‬ ‫وهمومها عىل بلدان العامل‪ .‬وكان من الطبيعي‬ ‫أن يقصد عددٌ كب ٌري من العامل البسطاء لبنان‬ ‫للعمل بسبب القرب وسهولة االنتقال وطبيعة‬ ‫األعامل التي كانت تسهم يف إعادة إعامر لبنان‬ ‫بعد الحرب األهلية الطويلة‪.‬‬ ‫ويعمل السوريون يف لبنان يف مجاالت املهن‬ ‫اليدوية مثل البناء والتبليط والدهان والنجارة‪،‬‬ ‫ويف قطاعات الفنادق واملطاعم والزراعة‪ ،‬ويف‬ ‫بعض املصانع‪ ،‬وكعماّ ل تنظيفات وعماّ ل تحميل‪،‬‬ ‫وغريها من املجاالت ال تتط ّلب مؤهّ الت كبرية‪.‬‬ ‫ويبلغ متوسط األجر اليومي للعامل السوري‬ ‫يف قطاع البناء مث ًال ما بني‪ 20‬إىل ‪ 25‬دوالر‪ ،‬ويف‬ ‫قطاع الزراعة حوايل ‪ 340‬دوالر شهرياً‪.‬‬

‫غياب تام لوزارة العمل‬ ‫ومن مغريات تشغيل العامل السوريني‬ ‫بالنسبة ألرباب العمل اللبنانيني‪ ،‬رغبة املشغلني‬ ‫اللبنانيني بالهروب من التعقيدات املتصلة‬ ‫بالعامل األجانب لجهة ما يرتتب عليهم من‬ ‫رضائب ورسوم‪ .‬وباألرقام فإن استقدام أي عامل‬ ‫أجنبي‪ ،‬يتطلب كحد أدىن مبلغ ‪ 400‬دوالر شهرياً‪،‬‬ ‫دون حساب عمولة مكاتب تشغيل العامل‪ ،‬أي أن‬

‫‪46‬‬

‫كل عامل ُيك ّلف مئة دوالر أكرث من كامل الراتب‬ ‫للعامل السوري‪ ،‬ثم ُيضاف إليها بعد ذلك مبالغ‬ ‫العموالت واألجور األخرى‪ ،‬وهذا يرفع كلفة أي‬ ‫منتج لبناين‪ ،‬األمر الذي يعني ارتفاع مؤرش الغالء‬ ‫أكرث مام هو عليه اآلن‪.‬‬ ‫فعىل سبيل املثال مل يتجاوز راتب أكرث‬ ‫العامل السوريني حظاً ‪ 300‬دوالر أمرييك‪ ،‬يف‬ ‫حني أن العاملة اللبنانية يف سورية‪ ،‬التي ُيقارب‬ ‫تعدادها ‪ 100‬ألف لبناين‪ ،‬تتقاىض رواتب عالية‪ ،‬ال‬ ‫تقل حرصاً عن ‪ 500‬دوالر شهرياً‪ ،‬مع األخذ بعني‬ ‫االعتبار الفارق بني مستوى املعيشة الرخيص يف‬ ‫سوريا‪ ،‬والغايل جداً يف لبنان‪ ،‬الذي يحتل املرتبة‬ ‫العارشة يف قامئة أغىل بلدان العامل‪.‬‬ ‫ويف الوقت نفسه‪ ،‬نرى غياباً تاماً لدور وزارة‬ ‫العمل اللبنانية منذ االستقالل وحتى تاريخه‬ ‫يف تنظيم العاملة القادمة من سوريا يف شتى‬ ‫املجاالت وامليادين‪ّ ،‬‬ ‫وإن قلة من العامل يلجأون اىل‬ ‫وزارة العمل للحصول عىل إجازة عمل والحقاً‬ ‫إقامة سنوية نظراً الرتفاع الرسوم املفروضة‪.‬‬ ‫وبحسب قانون العمل اللبناين املادة الرابعة منه‬ ‫واملرسوم رقم ‪ 17561‬تاريخ ‪( 1964/9/18‬تنظيم‬ ‫عمل األجانب) صنّف األجراء األجانب الذين‬ ‫يعملون يف مؤسسات وطنية أو أجنبية عىل‬ ‫الوجه اآليت‪:‬‬ ‫من الفئة األوىل‪ :‬أ‪ -‬إذا كان الراتب الشهري‬ ‫يتجاوز ثالثة أضعاف الحد األدىن لألجر الشهري‪.‬‬ ‫ب‪ -‬إذا كان األجنبي يعمل بصفة خبري أو‬

‫هكذا كانت أوضاعهم حتى الرابع عرش‬ ‫من شباط ‪ 2005‬عندما تم اغتيال رئيس الوزراء‬ ‫اللبناين األسبق رفيق الحريري‪ ،‬حيث تعرض‬ ‫هؤالء ألكرب عملية تحريض ومتييز خالل كل تاريخ‬ ‫العالقة بني البلدين بالرغم من أنهم بعيدون عن‬ ‫السياسة‪ ،‬وهم أكرث من خدم لبنان والشعب‬ ‫اللبناين‪ ،‬فبدأت وسائل اإلعالم تنفث سمومها‬ ‫ضدهم فكانت النتيجة أن بعضهم طرد من‬ ‫عمله ال لذنب اقرتفه وإمنا فقط ألنه سوري ال‬ ‫بل أن الكثري منهم قد قتل بدم بارد وحملوا وزر‬ ‫أوضاع سياسية مل يكونوا أطرافاً فيها‪.‬‬

‫دفعوا حياتهم مثناً لذنب مل‬ ‫يرتكبوه‬ ‫نعم‪ ،‬لقد دفع العامل السوريون مثناً‬ ‫لذنب‬ ‫ٍ‬ ‫مل يرتكبوه‪ ،‬لكنه مل يخطر عىل بال أحد أن هذا‬ ‫العامل غري املؤهل والبسيط سيدفع حياته مثناً‬ ‫لتجاذبات سياسية إقليمية وعاملية! ومل يكن‬ ‫أحد يتخيل أن هذا العامل البسيط سيصبح‬ ‫هدفاً يف وقت كرثت فيه األهداف والرماة‪.‬‬ ‫وملن ال يعرف‪ ..‬فإن العاملة السورية يف لبنان‬ ‫ُقدّرت عند وقوع جرمية اغتيال الحريري‪ ،‬بحواىل‬ ‫نصف مليون عامل سوري‪ ،‬وهذه األعداد تعرضت‬ ‫يف غالبيتها العظمى‪ ،‬ملضايقات وإهانات‬ ‫واستفزازات عنرصية‪ ،‬إضافة إىل جرائم اعتداء‬ ‫جسدي‪ ،‬أسفرت حسب بعض املعلومات عن‬ ‫استشهاد حواىل أربعني عام ًال سورياً‪ ،‬فيام عدد‬ ‫الجرحى غري معروف‪ ،‬بسبب التعتيم اإلعالمي‬

‫اللبناين املقصود يف بعض جرائده ومحطاته‬ ‫اإلعالمي‬ ‫والتعتيم‬ ‫والتلفزيونية‪.‬‬ ‫اإلذاعية‬ ‫العريب‪ ،‬وطبعاً‪ ..‬التعتيم اإلعالمي الغريب غري‬ ‫ا ُملستغرب!!‬ ‫تحركت منظمة العفو الدولية‪ ،‬التي دعت‬ ‫إىل التوقف الفوري عن شنّ االعتداءات عىل‬ ‫العامل السوريني وتقديم مرتكبي هذه االعتداءات‬ ‫للعدالة‪.‬‬ ‫فقد أصدرت منظمة العفو الدولية مؤخراً بياناً‬ ‫ّ‬ ‫وضحت من خالله بأنها قلقة جداً بشأن التقارير‬ ‫ُ‬ ‫رصح بأن عرشات العامل السوريني تعرضوا‬ ‫التي ت ّ‬ ‫للقتل‪ ،‬وأن املئات غريهم تع ّرضوا للرضب وإطالق‬ ‫النار والتهديد‪ ،‬أو للرسقة يف لبنان‪ ،‬وذلك منذ‬ ‫حادثة اغتيال رئيس الوزراء اللبناين األسبق رفيق‬ ‫الحريري يف ‪ 14‬شباط ‪.2005‬‬ ‫وتقول املنظمة‪ :‬يف الثامن من آذار‪ 2005‬قامت‬ ‫مصادر من إدارة الهجرة والجوازات السورية بإرسال‬ ‫تقارير إىل الحكومة تقول فيها‪ ،‬بأن أكرث من ‪20‬‬ ‫جثة لعامل سوريني مقتولني‪ ،‬قد عربت نقطة‬ ‫الحدود اللبنانية يف جديدة يابوس منذ ‪ 14‬شباط‪،‬‬ ‫وأن آالف السوريني غادروا لبنان خوفاً من التهديدات‬ ‫والعنف‪ ،‬والعديد منهم مل يتلق كامل أجره أو أن‬ ‫صاحب العمل قد أنكر األجر عليه‪.‬‬ ‫وتضيف املنظمة يف بيانها‪ ،‬بأن معظم حوادث‬ ‫القتل قد متت عندما قام املهاجمون بإطالق النار‬ ‫عىل خيم أو مساكن العامل املؤقتة‪.‬‬

‫قتل ورضب ورسقة‪ ...‬والشكاوى‬ ‫ضد مجهول‬ ‫وشملت التفاصيل املسجلة رسمياً لحوادث‬ ‫االعتداء ‪ 31‬حادث اعتداء منفص ًال عىل منازل‬ ‫مؤقتة لعامل سوريني‪ ،‬تم إرضام النار فيها يف‬ ‫الفرتة الواقعة بني ‪ 27‬شباط و‪ 23‬آذار ‪ ،2005‬و‪43‬‬ ‫حادثة اعتداء جسدي عىل عامل سوريني سواء‬ ‫بالحجارة أو العيص أو حتى البنادق والقنابل‬ ‫اليدوية‪ ،‬والتي ترافقت أحياناً بعمليات سلب وذلك‬ ‫خالل الفرتة الواقعة بني األول من آذار والسادس‬

‫‪47‬‬

‫من نيسان‪ ،‬وتعرض اثنان من السوريني لالختطاف‪،‬‬ ‫كام تم إرضام النار يف عدد من شاحنات العامل‬ ‫السوريني إضافة إىل ‪ 17‬حالة تلقى فيها بعض‬ ‫األفراد تهديدات إلجبارهم عىل الرحيل من البالد‪.‬‬ ‫والجدير ذكره أن املنحى القضايئ الذي يأخذه‬ ‫االدعاء املبارش الذي يتقدّم به املواطن السوري‬ ‫يف لبنان لدى أجهزة األمن عند تع ّرضه لالعتداء‪،‬‬ ‫نتيجة بسبب عدم إملام‬ ‫غالباً ال يصل اىل‬ ‫السوري بالقوانني اللبنانية املرعية اإلجراء‪ ،‬وهذا‬ ‫املسارالقضايئ يأخذ وقتاً كبرياً أمام املحاكم‪،‬‬ ‫وبحاجة اىل كلفة مالية كبرية يذهب أكرث من‬ ‫نصفها أتعاب محاماة‪ ،‬ويف أغلب األحيان ال يتابع‬ ‫ملفه لصعوبته أو لعدم توفر الوقت أو اإلمكانيات‬ ‫املادية لذلك‪ .‬كام أن هذا العامل البسيط يجد‬ ‫صعوبة يف املثول أمام قوس املحكمة خاصة‬ ‫أن آلية إبالغه األوراق الرسمية ال تتم بطريقة‬ ‫صحيحة‪.‬‬

‫عمليات نصب واحتيال‬ ‫يكاد ال يخلو تقرير أمني من خرب اعتداء عىل‬ ‫تهجم لفظي‬ ‫عماّ ل سوريني‪ ،‬حتى اليوم‪ ،‬رضب أو ّ‬ ‫أو سلب أو… ولكن الالفت عند قراءة التقارير يف‬ ‫الشهور األخرية ارتفاع نسبة االعتداءات القامئة‬ ‫عىل رضوب من االحتيال‪ ،‬يتن ّكر لصوص يف زي‬ ‫رجال أمن أو ينتحلون صفات أمنية‪ ،‬يقرتبون‬ ‫من عامل أو مجموعة عامل يصادفونهم يف‬ ‫طريق البحث عن لقمة عيشهم‪ ،‬أو يقصدونهم‬ ‫يف محالت إقامتهم‪ ،‬الفقرية بالتأكيد‪ ،‬يدّعي‬ ‫اللصوص أنهم يريدون التأ ّكد من األوراق الثبوتية‬ ‫للعامل‪ ،‬يجربونهم أحياناً عىل الصعود إىل‬ ‫سياراتهم‪ ،‬يأخذون منهم أوراقهم وكل ما يف‬ ‫حوزتهم من نقود‪ ،‬ويرمونهم عىل قارعة الطريق‪،‬‬ ‫ثم يف ّرون إىل جهات مجهولة وباألخص عامل‬ ‫ورش البناء الذين يبيتون يف األبنية التي هي قيد‬ ‫اإلنشاء غالباً ما تكون بعيدة عن املناطق املأهولة‬ ‫نسبياً‪.‬‬ ‫االعتداءات عىل العامل السوري تنطلق من‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫تحقيق‬ ‫“منطلق عنرصي” هذا ما يجمع عليه مهت ّمون‬ ‫بقضايا املجتمع املدين‪ .‬محامون متابعون لقضايا‬ ‫حقوق اإلنسان ي ّذكرون أن الدستور اللبناين نص‬ ‫يف مقدمته عىل احرتام رشعة حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وهي تتض ّمن إدانة للعنرصية‪ ،‬ولكن ال نص يف‬ ‫القانون اللبناين يرتجم هذا االلتزام لجهة معاقبة‬ ‫مرتكب الفعل العنرصي‪ ،‬وال وسيلة لحامية‬ ‫الضحية إال إذا كان الفعل الواقع عليها يع ّد‬ ‫مخالفة أو جنحة أو جناية ُيعا َقب مرتكبه عليها‬ ‫وفق نصوص قانون العقوبات ومواده‪ .‬ويف هذا‬ ‫اإلطار يذ ّكر املحامون بأن ال متييز بني لبناين وأجنبي‬ ‫بالطبع يف هذا اإلطار “النص القانوين يعالج أي‬ ‫حادث كجرمية أو عقوبة‪ ،‬وال فرق إن كان الضحية‬ ‫سورياً أم مواطناً لبنانياً‪ ،‬أو إن كان يحمل جنسية‬ ‫أخرى”‪ .‬وبإمكان العامل أن يستفيد من نصوص‬ ‫قانون العمل إذا وقع يف حقه ظلم يف عمله‪.‬‬ ‫إن عقلية القتل عىل الهوية‪ ،‬التي سادت يف‬ ‫فرتة سيئة من تاريخ لبنان املعارص‪ ،‬تنطوي عىل‬ ‫اعتداء عىل القيم اإلنسانية والدينية ال يقبلها‬ ‫عقل وال تربرها رشيعة أو منطق سليم‪ ،‬وال ميكن‬ ‫الصمت عنها أينام وقعت وكيفام وقعت‪.‬‬ ‫املسؤولية‬ ‫اللبنانية‬ ‫الحكومة‬ ‫تتحمل‬ ‫السياسية والقانونية واألخالقية واإلنسانية عام‬ ‫يجري للعامل ومن واجبها أن تكشف عن الجناة‬ ‫الذين اقرتفوا بحقهم أبشع الجرائم وأن متنح‬ ‫أهايل الشهداء التعويضات التي يستحقونها‪.‬‬

‫إتفاق سوري لبناين حول‬ ‫موضوعي العاملة والطلبة‬ ‫خالل زيارة رئيس الوزراء اللبناين نجيب ميقايت‬ ‫تم االتفاق عىل جملة من األمور مبا‬ ‫إىل دمشق‪ّ ،‬‬ ‫فيها وضع العاملة السورية يف لبنان‪ ،‬والطلبة‬ ‫السوريني يف املدارس والجامعات اللبنانية‪ ،‬وننرش‬ ‫نص الفقرتني املتعلقني بذلك‪:‬‬ ‫تم البحث مبا يثار حول موضوع العاملة السورية‬ ‫واللبنانية يف كال البلدين وتم االتفاق عىل أن‬ ‫ترسع اللجنة الوزارية املشرتكة لشؤون العمل‬ ‫عملها يف وضع آلية تنفيذ التفاقية العمل‬ ‫املوقعة بني الجانبني‪ ،‬تنفيذاً للقرار الذي اتخذه‬ ‫املجلس األعىل خالل اجتامعه بتاريخ ‪،2005/3/7‬‬ ‫ويف هذا السياق تم االتفاق عىل أن يصار إىل إجراء‬ ‫تحقيق مبا تعرض له بعض املواطنني السوريني من‬ ‫اعتداءات عىل أرواحهم وممتلكاتهم مؤخراً يف‬ ‫لبنان‪ ،‬وعىل أن تقوم الحكومة اللبنانية مبالحقة‬ ‫الفاعلني قضائياً والبحث بإمكانية التعويض عن‬ ‫الضحايا واألرضار‪.‬‬ ‫وحرصاً من الجانبني عىل استمرار الطلبة‬ ‫السوريني املسجلني يف الجامعات اللبنانية مبتابعة‬ ‫دراستهم يف لبنان بأجور مريحة‪ ،‬تم االتفاق عىل‬ ‫أن يصار إىل فتح مكتب يف رئاسة مجلس الوزراء‬ ‫يف لبنان لتلقي الشكاوى ومعالجتها بالطرق‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املناسبة مبا يكفل سبل متابعة دراستهم‪،‬‬ ‫كام تم تأكيد رضورة االستمرار يف تنفيذ جميع‬ ‫االتفاقيات الرتبوية والثقافية املتعلقة بتبادل‬ ‫الطالب بني الجامعات السورية واللبنانية‪ .‬إال أن‬ ‫هذه االجتامعات مل تتوصل اىل نتائج ملموسة‬ ‫عىل األرض‪.‬‬

‫ال جديد يف اتفاق الدوحة‬ ‫مام ال شك فيه أن التقارب بني الحكومتني السورية‬ ‫واللبنانية‪ ،‬وخاص ًة بعد اتفاق الدوحة بني األفرقاء‬ ‫اللبنانيني وما تبعه من انتخاب رئيس الجمهورية‬ ‫العامد ميشال سليامن وتشكيل الحكومة‪ ،‬هذا‬ ‫التقارب ث ّلج صدر الكثري من السوريني واللبنانيني‬ ‫عىل حد سواء‪ ،‬واعتقد البعض أن الحكومتني‬ ‫قادرتان عىل حل معظم امللفات العالقة بني‬ ‫البلدين مبا فيها ملف املفقودين‪ ،‬ولكن يجب عىل‬ ‫الحكومة اللبنانية أن تضع عىل طاولة املحادثات‬ ‫بني الطرفني قضية ال تقل أهمية وهي قضية‬ ‫العامل السوريني الذين يعملون يف لبنان‪.‬‬

‫أصوات متطرفة إللغاء املجلس‬ ‫وبعد أن تم إنجاز التبادل الدبلومايس بني‬ ‫البلدين‪ ،‬وافتتاح السفارات وبدء أعاملها رسمياً‪،‬‬ ‫بدأت تصدر أصواتاً متط ّرفة تطالب بإلغاء املجلس‬

‫السنة‬

‫إن املجلس األعىل اللبناين السوري يضع‬ ‫السياسة العامة للتنسيق والتعاون بني الدولتني‬ ‫يف املجاالت السياسية واالقتصادية واألمنية‬ ‫والعسكرية‪ ،‬ويرشف عىل تنفيذها‪ .‬يحدد املجلس‬ ‫األعىل املواضيع التي يحق للجان املختصة اتخاذ‬ ‫قرارات فيها تكتسب الصفة التنفيذية مبج ّرد‬ ‫صدورها عنها‪ ،‬كام تتف ّرع عن املجلس األعىل لجان‪:‬‬ ‫لجنة الشؤون الخارجية‬ ‫لجنة الشؤون االقتصادية‬ ‫لجنة شؤون الدفاع واألمن‬ ‫وتنشئ أمانة عامة ملتابعة تنفيذ أحكام‬ ‫املعاهدة‪.‬‬ ‫تم توقيع‬ ‫منذ العام ‪ 1943‬ولغاية العام ‪ّ 1974‬‬ ‫‪ 25‬اتفاق مشرتك بني لبنان وسوريا واتفاقيتني‬ ‫مشرتكتني بني لبنان وسوريا ومرص واتفاقية‬ ‫مشرتكة مع األردن‪.‬‬ ‫ومنذ العام ‪ ،1991‬بعد توقيع معاهدة األخوة‬ ‫السنة‬ ‫‪2006‬‬

‫عدد العمّال السوريين في لبنان‬ ‫‪167000‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪175000‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪216000‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪291000‬‬

‫‪350000‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫هذه اإلحصاءات لغاية شهر تشرين األول ‪2010‬‬

‫حركة دخول السوريين الى لبنان حركة دخول اللبنانيون الى سوريا‬

‫‪2005‬‬

‫‪2371000‬‬

‫‪1684000‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪1938000‬‬

‫‪1844000‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2028000‬‬

‫‪1587000‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪2500000‬‬

‫‪1648000‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪3371000‬‬

‫‪2000000‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪3047000‬‬

‫‪1600000‬‬

‫األعىل اللبناين السوري الذي يتوىل أمانته العامة‬ ‫األستاذ نرصي خوري‪ ،‬ومبا إن غالبية السياسيني‬ ‫يف بالدنا غري ملمني بالقوانني وغري مطلعني عىل‬ ‫االتفاقات واملعاهدات املوقعة بني لبنان وسائر دول‬ ‫العامل‪ ،‬ومبا أن مواقفهم تأيت يف معظم األحيان‬ ‫ارتجالية متط ّرفة متح ّيزة اىل رغبات الزعامء الذين‬ ‫ينتمون اليهم‪ ،‬فإنه ينبغي علينا إلقاء الضوء‬ ‫عىل املادة السادسة من معاهدة األخوة والتعاون‬ ‫والتنسيق بني الجمهورية اللبنانية والجمهورية‬ ‫العربية السورية امل ّوقعة يف دمشق يف ‪ 22‬أيار‬ ‫‪ 1991‬لعلهم يقرأون ما جاء فيها ويعرفون مدى‬ ‫أهميتها‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫يف كافة‬ ‫الشقيقني‪،‬‬ ‫للشعب‬ ‫التحضري‬

‫تم توقيع ‪ 88‬اتفاق‬ ‫والتعاون والتنسيق ّ‬ ‫املجاالت وامليادين التي تهم البلدين‬ ‫والبيتها تعنى بالشؤون اليومية‬ ‫باإلضافة اىل ‪ 14‬اتفاقية تعاون يجري‬ ‫إلبرامها‪.‬‬ ‫هل تستطيع السفارة مبفردها متابعة األعامل‬ ‫بني البلدين؟‬ ‫إن عمل السفارات مق ّيد بالعرف الدبلومايس‪،‬‬ ‫فإن السفارة تتواصل مع مختلف اإلدارات‬ ‫واملؤسسات الرسمية والخاصة بواسطة وزارة‬ ‫الخارجية التي تتوىل اإلجابة عىل طلبات هذه‬ ‫السفارة وتنسيق الزيارات واملواعيد لها وإعطاءها‬

‫املعلومات التي تطلبها‪ ،‬ويتم التواصل مع‬ ‫السفري للوقوف عىل املستجدات السياسية‬ ‫واألمنية ذات الطابع املشرتك‪ ،‬لذلك فإن حجم‬ ‫األعامل اليومية بني لبنان وسوريا ال ميكن ألي‬ ‫سفارة أن تقوم به نظراً لكثافته وكرب حجمه‪ .‬وإن‬ ‫أرقام حركة الدخول والخروج كفيلة بإظهار حجم‬ ‫التنقل والتعامل بينهام‪.‬‬ ‫فال ميكن القفز فوق الربوتوكول املعتمد مع‬ ‫جميع سفارات العامل‪ ،‬ومن هنا جاء املجلس‬ ‫األعىل ليقوم مبهمة التواصل عىل مستوى‬ ‫الرؤساء مبارشة دون الحاجة اىل الروتني اإلداري‬ ‫الدبلومايس لحل أصغر املشاكل وأكربها‪.‬‬ ‫إللقاء الضوء عىل هذا املوضوع وملعرفة املزيد‬ ‫من التفاصيل التقت “منرب التوحيد” أمني عام‬ ‫املجلس األعىل اللبناين السوري األستاذ نرصي‬ ‫خوري وكان الحوار اآليت‪:‬‬ ‫يوجد يف لبنان ‪ 300‬ألف عامل سوري‬ ‫يعملون وفق تقديرات وزارة العمل اللبنانية‪ ،‬أما‬ ‫مجموع تصاريح العمل املمنوحة فال تتجاوز‬ ‫مئات التصاريح‪ ،‬مام يعني أن البقية تعمل دون‬ ‫رب‬ ‫اي غطاء قانوين‪ ،‬من يتحمل سؤولية ذلك‪ّ ،‬‬ ‫العمل أم العامل أم الحكومة اللبنانية؟‬ ‫هذا املوضوع موجود يف لبنان منذ نشأته‬ ‫وحتى اليوم‪ .‬هناك تبادل لليد العاملة بني البلدين‬ ‫وفق طبيعة العمل واألعامل‪ .‬وهي موجودة منذ‬ ‫الخمسينات وتتطور حسب احتياجات السوق‬ ‫اللبنانية نظراً اىل أن هناك الكثري من القطاعات‬ ‫التي ال تعمل فيها اليد العاملة اللبنانية‪ .‬وعرف‬ ‫تاريخاً استقطاب اليد العاملة من سوريا اىل‬ ‫لبنان‪ ،‬وكان ينصب بشكل أسايس عىل قطاعات‬ ‫البناء والزراعة والقطاع الصناعي والسياحي‪.‬‬ ‫هناك اتفاقية وضعت لتنظيم تبادل اليد العاملة‬ ‫بني البلدين‪ ،‬وهذه االتفاقية تحتاج اىل مجموعة‬ ‫أطر تنفيذية ترتكز اىل امكانية وجود مراكز‬ ‫حدودية مشرتكة واىل وجود وسائل متطورة‬ ‫لعملية اإلحصاء‪ .‬ولكن نتيجة عدم إقامة هذه‬ ‫املراكز الحدودية وعدم إمكانية وجود مكتب‬ ‫لبناين سوري يتوىل استقبال العامل الوافدين‬ ‫اىل لبنان وتصنيفهم ضمن العامل املوسميني‬ ‫أو العامل الدامئني‪ ،‬فيعطى العامل املوسميون‬ ‫بطاقة ويعفون من الرسوم‪ ،‬أما الذين يعملون‬ ‫بصورة دامئة فيحتاجون اىل إجازة عمل وترخيص‬ ‫عادي وفق اإلجراءات املتبعة مع إمكانية أن يعفوا‬ ‫من رسوم اإلقامة أسوة بالعامل املرصيني‪.‬‬

‫يد ماهرة ومنتجة‬ ‫للعامل‬

‫املرصيني‬

‫ملاذا هناك تسهيالت‬ ‫وإجحاف بحق العامل السوريني؟‬ ‫و ّقع لبنان اتفاقية مع مرص فيام يختص‬ ‫مبوضوع العامل املرصيني‪ .‬لقد حصلت اتفاقيات‬ ‫بني لبنان وسوريا ولكنها مل تستكمل بربنامج‬

‫خوري‪ :‬يبلغ عدد العامل السوريني يف لبنان ‪ 320‬ألف عامل‪.‬‬

‫عمل نتيجة مجموعة عوامل منها لوجستية‬ ‫واقتصادية‪ .‬إن أرباب العمل يف لبنان ليسوا‬ ‫متحمسني اىل هذا املوضوع التنظيمي ألنه‬ ‫سريتب عليهم أعبا ًء كثرية‪.‬‬ ‫فالعامل السوري يعمل من دون أية ضامنات‬ ‫ويف بعض األحيان تحدث حاالت وفاة وحوادث‬ ‫سقوط من بعض األبنية وحوادث أخرى صحية ال‬ ‫يبايل بها أرباب العمل‪ ،‬وال يتحملون أية مسؤولية‬ ‫ما جعل السلطات السورية تطالب برضورة وجود‬ ‫رب‬ ‫اتفاقية تنفيذية تحدد الواجبات والحقوق بني ّ‬ ‫العمل والعامل‪ .‬والسوق اللبناين بحاجة اىل عدد‬ ‫كبري من العامل السوريني للعمل يف مختلف‬ ‫القطاعات لدرجة أن بعض املؤسسات اللبنانية‬ ‫تنرش إعالنات يف الصحف السورية تعلن فيها‬ ‫عن حاجتها اىل يد ماهرة ومنتجة باإلضافة اىل‬ ‫أنها توفر مليارات الدوالرات عىل اإلنتاج اللبناين‪.‬‬ ‫والجدير ذكره أن أرباب العمل يرفضون أي أعباء‬ ‫جديدة تضاف اىل كلفة اإلنتاج التي هي باألساس‬ ‫مرتفعة جداً‪ .‬لذلك فإن ‪ %99‬من أرباب العمل غري‬ ‫متحمسني لهذا التنظيم ومعظم إدارات الدولة‬ ‫كذلك وهي تقول “اتركوا األمور كام هي” وهذا‬ ‫أمر طبيعي بني لبنان وسوريا‪.‬‬ ‫معظم اللبنانيني يعلمون أن هذه اليد هي‬ ‫يد ماهرة ومنتجة وتوفر كثرياً عىل االقتصاد‬ ‫اللبناين وعىل املنتج اللبناين مبا يقارب مليارات‬ ‫الدوالرات‪ ،‬ما يعني أنه إذا تقاىض العامل ‪ 15‬أو ‪20‬‬ ‫أو ‪ 50‬دوالرأ فهو يستحق ذلك ألنه يتمتع بقدرة‬ ‫كبرية بشهادة الجميع‪.‬‬ ‫ويف فرتة من الفرتات كان العامل يرتكون‬ ‫لبنان ويذهبون اىل بالدهم فيذهب أرباب‬ ‫العمل اىل سوريا ويأتون بهم عىل ضامنتهم‬ ‫الشخصية‪ .‬ويف فرتة األعياد عندما يذهب‬ ‫العامل من أجل متضية العيد تتعطل الحياة‬

‫‪49‬‬

‫اإلنتاجية يف كثري من القطاعات‪.‬‬

‫عروض أكرث سخا ًء‬ ‫أال ميكن أن يحسن ذلك من رشوط عملهم‬ ‫بعدما أثبتوا وجودهم وصعوبة االستغناء‬ ‫عنهم يف بعض القطاعات مثل قطاعي البناء‬ ‫والزراعة؟‬ ‫اليد العاملة أصبحت مطلوبة يف سوريا‬ ‫أيضاً ولهذا السبب أصبح أرباب العمل اللبنانيني‬ ‫يقدمون عروضاً أكرثسخا ًء من السابق‪.‬‬ ‫وهل صحيح أنه ميكن تقدير ما ُيدخله‬ ‫العامل السوريني من لبنان اىل سوريا يف‬ ‫السنة العادية‪ ،‬مبا يقارب املليار دوالر؟‬ ‫إذا كان يدخل اىل سوريا مليار دوالر من اليد‬ ‫العاملة‪ ،‬فامذا يدخل اىل لبنان أيضاً من العامل‬ ‫والتقنيني أو من أصحاب املراكز العليا الذين‬ ‫يتسلمون مراكز مرموقة يف سوريا‪ ،‬ويبلغ‬ ‫عددهم باآلالف؟ هناك أشخاص مقيمون منذ‬ ‫الخمسينات وميلكون عقارات ورشكات‪ .‬وحسب‬ ‫اإلحصاءات األولية فعددهم ال يقل عن ‪ 100‬ألف‬ ‫عائلة ينترشون يف كل أنحاء سوريا‪ .‬صحيح‬ ‫أنهم يدخلون مليار دوالر اىل دولتهم ولكنهم‬ ‫يوفرون عىل لبنان أربعة مليارات‪.‬‬ ‫عدد العامل السوريني املوجودون يف لبنان حالياً‬ ‫هو ‪ 320‬ألف عامل يف العام ‪ 2010‬حسب دراسة‬ ‫أجريت يف العام ‪ 1996‬وتطور كل سنة وتعتمد‬ ‫عليها املراجع الدولية‪ .‬أما عدد العامل املرصيني‬ ‫فيبلغ ‪ 200‬ألف‪ ،‬فلامذا نتكلم دامئاً عن العامل‬ ‫السوريني وال نذكر غريهم؟ العامل السويورن‬ ‫منتجون والسوق اللبناين بحاجة لهم‪ .‬إنها يد‬ ‫مضطهدة ومظلومة‪ .‬يعملون من دون تأمينات‬ ‫أو ضامنات أو حوادث عمل أو تعويضات نهاية‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫تحقيق‬ ‫الخدمة‪ .‬بعض األشخاص عملوا يف البلديات ملدة‬ ‫‪ 20‬سنة ورصفوا من دون تعويض نهاية الخدمة‬ ‫وقد تقدموا بشكوى‪.‬‬ ‫منظمة العمل العربية طلبت من وزارة العمل‬ ‫اللبنانية حامية العامل السوريني وذلك تنفيذاً‬ ‫ملعايري العمل العربية والدولية املتعلقة بتنقل‬ ‫األيدي العاملة العربية وحاميتها مبا يحقق‬ ‫التكامل العريب‪ ،‬هل أصبح لهؤالء العماّ ل‬ ‫مرجعية بعدما فتحت السفارة السورية‬ ‫أبوابها يف لبنان؟‬ ‫هناك عدم تجاوب يف الشكاوى التي تقدم اىل‬ ‫اإلدارات املعنية‪ ،‬فكثري منها بقيت من دون أجوبة‪.‬‬ ‫حالياً املجلس األعىل ال يتابع املوضوع‪ ،‬ألنه يدخل‬ ‫ضمن صالحيات السفارة‪.‬‬ ‫يجب أن يكون هناك ترشيع يضمن الحد األدىن‬ ‫من الحقوق لهؤالء العامل‪ .‬وأن يكون هناك معاملة‬ ‫تفضيلية للعامل السوري يف لبنان وبالعكس‪.‬‬ ‫هناك سوق واعدة يف سوريا باإلضافة اىل نهضة‬ ‫اقتصادية كبرية‪ .‬اللبنانيون يعتربون سوريا نقطة‬ ‫التوجه للعمل االقتصادي ولالستثامر‪.‬‬ ‫هل صحيح أن الحكومة السورية اتخذت‬ ‫إجراءات جديدة بحق العامل اللبنانيني الذين‬ ‫يعملون لديها بعد األزمة بني البلدين؟‬ ‫موضوع العامل منظم يف سوريا‪ ،‬وهو يخضع‬ ‫لرشوط معينة وفق طبيعة العمل‪ ،‬باستثناء‬ ‫اللبنانيني املقيمني منذ فرتة طويلة يف سوريا‬ ‫فهم يعملون من دون إجازة عمل أو إقامة‪ .‬ولكن‬ ‫نتيجة املعاملة السيئة التي طالت العامل‬ ‫السوريني صدرت قوانني يعامل بها العامل‬ ‫اللبناين مثله مثل أي عامل عريب‪.‬‬ ‫ما هي األعامل التي يحق للبناين مزاولتها‬ ‫يف سوريا؟‬ ‫يسمح لهم مبزاولة كل األعامل واملهن‪،‬‬ ‫من مصارف ورشكات تأمني ونفط وفنادق‬ ‫ومحالت ورشكات تجارية ويف مجال الكومبيوتر‬ ‫واالتصاالت‪ .‬تداخل السكان هو تداخل طبيعي‬ ‫بني لبنان وسوريا ومحاولةإاقامة أسوار برلني هي‬ ‫محاوالت فاشلة عرب التاريخ‪.‬‬

‫متييز عنرصي‬ ‫يتعرض العديد من السوريني يف لبنان‬ ‫للهجوم والرسقة والرضب وأحياناً للقتل‬ ‫خالل السنوات الخمس املاضية‪ ،‬وال يوجد من‬ ‫يساعدهم عىل حامية حقوقهم يف العمل‬ ‫أو سالمتهم الشخصية‪ ،‬كيف سيعالج هذا‬ ‫وكل حاالت االعتداء تسجل ضد‬ ‫املوضوع‬ ‫مجهول؟‬ ‫هناك متييز وتعامل عنرصي يف املعاملة مع‬ ‫العامل السوريني‪ ،‬فقد تع ّرض عدد كبري جداً من‬ ‫هؤالء اىل املعاملة السيئة واالعتداء الجسدي‬ ‫ولدينا إحصاء كامل لجميع الذين تعرضوا لالعتداء‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫والقتل أو للرضب أو لالهانات والتعذيب‪ .‬لقد حمل‬ ‫الرئيس نجيب ميقايت هذا امللف اىل سوريا عندما‬ ‫كان رئيساً للحكومة يف العام ‪ ،2005‬وتم االتفاق‬ ‫مع القيادة السورية عىل متابعة املوضوع ودراسة‬ ‫أوضاع العماّ ل‪ ،‬والبحث يف إمكانية تعويض‬ ‫بعض الخسائر التي أملّت بهم‪ ،‬ولكن ظروف مع ّينة‬ ‫حالت دون متابعة املوضوع‪.‬‬ ‫وهذه األمور أثريت أكرث من مرة من قبل منظمة‬ ‫العمل العربية‪ .‬لقد حصلت مطالبة بتحقيقات‬ ‫يف هذا املوضوع‪ ،‬ولكن األجوبة عىل مراسالتنا‬ ‫وجهت ضد‬ ‫كانت تردنا دامئاً عىل ّأن هذه االعتداءات ّ‬ ‫“مجهول” ومل نتوصل اىل معرفة هوية املعتدين‪.‬‬ ‫يجب أن تعطى حقوق هؤالء العماّ ل كاملة‬ ‫والتكامل بني البلدين هو تكامل طبيعي عرب‬ ‫التاريخ‪ .‬نحن شعب تربطنا عالقات اجتامعية‬ ‫رسية مميزة وقوية وجميع املحاوالت لبناء أسوار‬ ‫وأ ّ‬ ‫من األوهام مل ولن تنجح عربالتاريخ‪.‬‬ ‫يشعر العامل السوري أنه يأيت اىل بلده بني‬ ‫أهله‪ ،‬واللبناين الذي يذهب اىل سوريا يشعر‬ ‫باليشء نفسه‪.‬‬ ‫إن لبنان يعيش أزمة منذ العام ‪ 2005‬ولغاية‬ ‫اليوم‪ ،‬وهناك وضع غري مستقر باملعنى السيايس‬ ‫وهو ينعكس عىل الجميع‪ .‬وسيأيت يوم نرى فيه‬ ‫“يس وال تعث”‪.‬‬ ‫الدولتان تعمالن عىل قاعدة رّ‬

‫بالدول العربية األخرى‪.‬‬ ‫وكام أرشت سابقاً‪ ،‬إن معظم الذين يعملون‬ ‫يف لبنان لهم أقارب لذلك ال يفضلون االغرتاب‬ ‫اىل دول أخرى‪ ،‬ومعظمهم عماّ ل موسميني‬ ‫يعملون لعدة أشهر يف لبنان ثم يعودون اىل‬ ‫بلدهم‪ ،‬دون كلفة سفر ترهقهم‪.‬‬ ‫إن رشوط العمل يف الدول األخرى أفضل‬ ‫ّ‬ ‫يفضل لبنان‬ ‫والرواتب أعىل لكنّ العامل السوري‬ ‫لسهولة االنتقال اليه‪ ،‬إنها أسباب اقتصادية‬ ‫سوسيولوجية‪.‬‬ ‫بدأت وزارة العمل اللبنانية بتنظيم العاملة‬ ‫السورية وأعلنت تأليف دائرة تنظيم العامل‬ ‫السوريني يف لبنان بعد محادثات مع الجانب‬ ‫السوري‪ ،‬ولكن مل تتمكن هذه الدائرة حتى‬ ‫اليوم من االنطالق بعملها ملاذا برأيكم؟‬ ‫نص هذا االتفاق عىل إنشاء دائرة تنظيم‬ ‫للعماّ ل السوريني يف لبنان ودائرة تنظيم للعامل‬ ‫اللبنانيني يف سوريا‪ .‬كان من املفرتض أن ينفذ‬ ‫قبل العام ‪ ،2006‬ولكن هذا املرشوع واجه مامطلة‬ ‫اىل أن أنشئت الدائرة يف وزارة العمل يف لبنان‬ ‫ومل تبارش عملها جدياً بعد‪.‬‬ ‫وعرضت االتفاقية عىل املناقشة لتعديل‬ ‫بعض البنود املجحفة بحق الطرفني وحاولنا إنجاز‬ ‫هذا املوضوع قبل اجتامعات املتابعة والتنسيق‬ ‫يف متوز املايض‪ ،‬لكن مل نتم ّكن من ذلك‪ ،‬ومازلنا‬ ‫عىل أمل أن يتم ذلك يف املرحلة املقبلة‪.‬‬

‫ماذا عن معاملة العامل اللبنانني املوجودين‬ ‫يف سوريا؟ وهل حقوقهم محفوظة ومصانة؟‬ ‫العامل واملوظفون اللبنانيون يعاملون بكل‬ ‫احرتام ومل تسجل أية حادثة أو ردة فعل أو اعتداء‬ ‫يسجل للتاريخ بالرغم من‬ ‫عىل أي لبناين‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫أنه يحمل نقطة سوداء يف تاريخ لبنان‪.‬‬ ‫هناك دراسة تقول بأن أكرث من ‪ %75‬من‬ ‫السوريني املوجودين يف لبنان يعملون يف‬ ‫قطاع البناء و‪ %15‬كعامل نظافة و‪ %10‬جامعة‬ ‫متجولون‪ ،‬هل هذه الدراسة دقيقة وفقاً‬ ‫لجداولكم وما هي األرقام الصحيحة؟‬ ‫نحن ال نقوم بدراسات تفصيلية بل هناك دراسة‬ ‫إجاملية عن نسبة العماّ ل‪ .‬املعدّل العام للعامل‬ ‫السوريني م ّوزع عىل مختلف القطاعات‪ ،‬وبشكل‬ ‫أسايس قطاعات البناء والزراعة والصناعة‬ ‫باإلضافة اىل قطاع السياحة‪ .‬هذه دراسة ميدانية‬ ‫تحتاج اىل إمكانيات تقوم بها الدولة‪.‬‬

‫رابطة شغيلة فاعلة‬

‫نقطة سوداء يف تاريخ لبنان‬

‫يفضلون لبنان عىل الدول العربية‬ ‫العامل‬

‫كيف تقيمون وضع‬ ‫لبنان مقارنة مع الدول العربية؟‬ ‫هناك تواصل طبيعي يف منطقة الرشق‬ ‫العريب وينترش العامل من لبنان وسوريا يف كافة‬ ‫أنحاء العامل‪ .‬ال نستطيع أن نقارن لبنان وسوريا‬

‫‪50‬‬

‫السوريني‬

‫يف‬

‫يقول البعض إنه عىل العامل السوريني أن‬ ‫“ينتظموا حتى ال يتعرضوا للضغط” غري أن‬ ‫معظم العامل عاجزين عن الخوض باملشاكل‬ ‫القانونية كام يعجزون عن معرفة حقوقهم‬ ‫التي بوسعهم املطالبة بها‪ .‬أال يتحملون جزءاً‬ ‫من مسؤولية ما يتعرضون له؟‬ ‫هناك رابطة للعامل السوريني موجودة يف‬ ‫لبنان وهي مرخصة‪ ،‬ولكن ال أعرف ما هو وضعها‬ ‫القانوين‪ .‬هذه املواضيع تتابعها السفارة‪ .‬ليك‬ ‫ّ‬ ‫ينظم هذا املوضوع فهو بحاجة اىل قدرات رابطة‬ ‫شغيلة أو جمع ّية أو منظمة عمل‪ ،‬ورمبا هناك‬ ‫مصلحة يف إبقاء الوضع عىل هو عليه‪.‬‬ ‫هل من املمكن إجبار املؤسسات والرشكات‬ ‫التي تستقدم هؤالء العامل عىل تنظيم‬ ‫بوالص تأمني لضامن حصولهم عىل حقوقهم‬ ‫الصحية بدالً من إرسالهم اىل بالدهم‬ ‫للمعالجة؟‬ ‫من ضمن املرشوع املطروح‪ ،‬هناك تأمني صحي‬ ‫للعامل خالل فرتة عملهم عىل غرار ما يط ّبق‬ ‫بالنسبة للعامل الذين يستقدمون للعمل من‬ ‫الخارج‪.‬‬ ‫إنه مرشوع متكامل وال أرى أن أرباب العمل‬ ‫يف لبنان لهم مصلحة يف تنظيم اليد العاملة‬

‫السورية‪ .‬والدولة اللبنانية املمثلة بوزارة العمل‬ ‫ليست ضاغطة باتجاه زيادة األعباء عىل أرباب‬ ‫العمل الذين يعتربون طرفاً قوياً يف املعادلة‬ ‫اللبنانية فال ينظرون اىل املوضوع من الزاوية‬ ‫اإلنسانية أو الحقوقية‪ ،‬ولكن يف املقابل يجب‬ ‫أن ال ننىس اهتامم بعض املؤسسات بالعامل‬ ‫وإعطاءهم‬ ‫معاملتهم‬ ‫وحسن‬ ‫السوريني‬ ‫حقوقهم‪.‬‬ ‫إن عقد العمل هو الضامنة الوحيدة لحقوق‬ ‫العامل أينام استخدم‪ ،‬وهو غري معمول به يف‬ ‫لبنان‪ .‬وهناك بعض األصوات التي تعلو لتنظيم‬ ‫قانون العمل بالنسبة للسوريني‪ ،‬لكن البعض‬ ‫اآلخر ال يريد ذلك‪ ،‬قد يكون هناك مصلحة يف‬ ‫إبقاء الوضع عىل ما هو عليه‪.‬‬ ‫وميكن تنظيم هذا املوضوع من خالل إعفاء‬ ‫رب العمل من الرسوم املفروضة عليه وإلعطاء‬ ‫معاملة تفضيلية للعامل السوريني‪ .‬كام ميكن‬ ‫تطبيق بعض املعايري املعتمدة يف معظم دول‬ ‫العامل لتحسني وحامية العامل‪.‬‬ ‫كيف تقيم دور وعمل السفارة اللبنانية يف‬ ‫سوريا؟‬ ‫إنها فاعلة وتقوم بدورها بشكل الفت مثل‬ ‫السفارة السورية يف لبنان‪ .‬وقد تفاجأ القيمون‬ ‫بحجم العمل امللقى عىل عاتقهم‪.‬‬

‫عالقات شعبية أقوى من األطر‬ ‫الرسمية‬ ‫تغي يف العالقات اللبنانية – السورية‬ ‫ماذا‬ ‫رّ‬ ‫بعدما اتخذت طابعاً دبلوماسياً أم أن التبادل‬ ‫الدبلومايس اقترص فقط عىل إرضاء دول‬ ‫العامل التي طالبت بهذا التمثيل؟‬ ‫ال يستطيع أحد تغيري طبيعة الحياة بقرارات‪.‬‬ ‫وصحيح أن التبادل الدبلومايس تحقق‪ ،‬لكن هناك‬ ‫عالقات شعبية أقوى بكثري من الطابع الرسمي‪.‬‬ ‫والثقافية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫اإلنسانية‬ ‫فالعالقات‬ ‫تسبق كل األطر الرسمية وكل االتفاقيات التي‬ ‫وضعت لتنظيم هذا املوضوع‪.‬‬ ‫لقد تغريت طبيعة العمل الدبلومايس يف ظل‬ ‫التطور التكنولوجي‪ ،‬أصبح االتصال سه ًال بني‬ ‫رؤساء العامل‪ ،‬لذلك فإن الدبلوماسية التقليدية‬ ‫تجاوزها الزمن‪ .‬أما السفارة السورية يف لبنان‬ ‫فقد جاءت ملطلب نفيس ومعنوي عند اللبنانيني‪،‬‬ ‫تغي يف طبيعة العالقات بل ستعمل‬ ‫لذلك لن رّ‬ ‫عىل حاميتها ‪ .‬إنها خطوة قانونية تصب يف‬ ‫إطار االتفاقات الدولية وهي ترعى العالقات‬ ‫وتعمل عىل تنميتها وتساهم يف تطويرها ‪.‬‬ ‫يقول البعض إنه مل يعد هناك أي دور‬ ‫للمجلس األعىل اللبناين السوري مع العلم‬ ‫أن له دوراً كبرياً يف جميع االتفاقات املعقودة‬ ‫بني البلدين منذ العام ‪1996‬؟ ما هو تعليقكم‬ ‫عىل ذلك؟‬

‫هذه اآلراء تنطلق من خلفيات معروفة‪ ،‬ولكن‬ ‫إذا كان هذا املبدأ صحيحاً‪ ،‬يجب ّ‬ ‫حل مجلس‬ ‫التعاون الخليجي نظراً لوجود تبادل دبلومايس بني‬ ‫دول الخليج‪.‬‬ ‫واليوم هناك مجلس تعاون اسرتاتيجي بني‬ ‫تركيا وسوريا ومجلس تعاون رباعي اسرتاتيجي‬ ‫بني تركيا ولبنان وسوريا واألردن وسوف تنشأ أمانة‬ ‫عامة ومجلس‪ .‬ملاذا األنظار م ّوجهة اىل املجلس‬ ‫األعىل اللبناين السوري ويطرحون إلغاءه؟ هناك‬ ‫معاهدة موقعة بني لبنان وسوريا وهي تنطلق من‬ ‫اتفاقية الطائف‪.‬‬ ‫أال يوجد تضارب صالحيات بني املجلس‬ ‫والسفارة السورية؟‬ ‫عىل العكس ال يوجد تضارب صالحيات بل‬ ‫هناك تكامل‪ .‬هذه الصيغة موجودة يف كل دول‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫طريقة عمل األمانة العامة تختلف عن طريقة‬ ‫عمل السفارة يف موضوع تنفيذ االتفاقيات‬ ‫ومتابعتها‪ .‬ومن أهم مهامها التواصل املبارش‬ ‫وهي تابعة ألعىل سلطة يف البلدين‪ .‬كام تقوم‬ ‫بتواصل مبارش مع اإلدارات بأمور تنفيذية يومية‬ ‫بحاجة اىل متابعة‪.‬‬ ‫إن السفري مي ّثل بالده‪ ،‬أ ّما املجلس األعىل اللبناين‬ ‫السوري فيم ّثل إطار تعاون مشرتك بني البلدين‪.‬‬ ‫كام أن طرح موضوع إلغاء املجلس مجدداً عندما‬ ‫ذهب الرئيس سعد الحريري اىل سوريا يف أكرث من‬ ‫مناسبة وبحثت كل األمور‪ ،‬وكان هناك تكريس لهذا‬ ‫املجلس وعمله ألن أمور التعاون والتنسيق واالتفاقيات‬ ‫تصب يف صلب عمل املجلس األعىل واألمانة العامة‪،‬‬ ‫واملعاهدات بقيت كام هي ومل يطرح تعديل أي بند‬ ‫منها‪ .‬كام أن مراجعة االتفاقيات واملعاهدات تتم‬ ‫عندما تقتيض الحاجة لذلك‪.‬‬ ‫هل أسباب املطالبة بإلغاء املجلس هي‬ ‫سياسية؟‬ ‫قد يكون الدافع سياسياً‪ ،‬ولكن يف العام ‪2010‬‬ ‫عقدت اجتامعات متابعة وتنسيق يف سوريا‬ ‫برئاسة املجلس األعىل‪ .‬نحن نقوم بالتنسيق فقط‬ ‫دون إبداء الرأي‪ ،‬ويقترص عملنا عىل تقديم اقرتاحات‬ ‫وتقريب وجهات النظر ونعمل عىل إزالة املشاكل‬ ‫والعراقيل‪ .‬وبرأيي إذا ُحرصت العالقة بني البلدين‬ ‫ضمن عمل السفارة‪ ،‬تتعطل األموربسبب كثافة‬ ‫حجم العمل‪.‬‬ ‫وزراء الداخلية العرب عندهم أمانة عامة ملتابعة‬ ‫أعاملهم‪ ،‬وهناك الكثري من األمانات العامة التي‬ ‫تعمل يف املؤسسات العربية واإلقليمية وال أحد‬ ‫يطالب بإلغاءها بل عىل العكس هناك مطالب‬ ‫بتفعيل دورها ألن عملها ال يتناقض مع عمل‬ ‫السفارات‪.‬‬ ‫تم البت يف موضوع اإلبقاء عىل املجلس‬ ‫وقد ّ‬ ‫األعىل بعد جلسات طويلة مع الرئيس الحريري‬ ‫خالل العام ‪ ،2010‬حيث كان هناك مطلب تحديد‬ ‫العالقة مع سوريا‪ :‬عالقات مميزة يعني معاهدات‬ ‫يعني مجلس أعىل أوعالقات عادية تطغى فيها‬

‫‪51‬‬

‫املعاهدات وبالتايل املجلس األعىل‪ .‬فكان الجواب‬ ‫عىل هذه الجلسات رضورة اإلبقاء عىل العالقات‬ ‫نص عليها‪ .‬إنه قرار رهن‬ ‫املميزة ألن اتفاق الطائف ّ‬ ‫البلدين‪ ،‬ال بصوت يصدر من هنا أو من هناك‪.‬‬ ‫الحدود املشرتكة يف كل دول العامل ترشف‬ ‫عليها لجان تابعة للبلدين يف كافة املجاالت‪.‬‬ ‫ملاذا تغيب هذه اللجان بني لبنان وسوريا؟ هل‬ ‫بسبب عدم ترسيم الحدود؟‬ ‫يوجد لجان ملعالجة املشاكل التي تطرأ‬ ‫عىل املواضيع الحدودية‪ .‬هناك لجان مشرتكة‬ ‫بني محافظة البقاع ومحافظة ريف دمشق‬ ‫ومحافظة حمص‪ ،‬ال عالقة لرتسيم الحدود بهذا‬ ‫املوضوع‪ .‬إنها لجان تجتمع دورياً لتحل مشاكل‬ ‫املزارعني والعماّ ل‪ .‬كام أن هناك لجان مشرتكة‬ ‫تضم الجيش واألمن الداخيل والجامرك واألمن‬ ‫العام‪ .‬هناك إشكاالت تحصل عىل الحدود وتتم‬ ‫معالجتها وهذه اللجان تعمل منذ سبع سنوات‬ ‫ولها محارض واجتامعات ولجان فرعية‪.‬‬ ‫ولكن دورها ليس فاع ًال ؟‬ ‫عىل العكس‪ ،‬ولكن يف لبنان يجب أن يطرح‬ ‫كل يشء يف اإلعالم‪ .‬نحن نعمل خارج اإلعالم‪.‬‬ ‫وليس من الرضورة أن نصدر بياناً عند كل اجتامع‪.‬‬ ‫هذه اللجان ح ّلت املشاكل يف عبور املشاة‪،‬‬ ‫حددنا معابر مع ّينة للمشاة وأرسل عدد من هذه‬ ‫املحارض اىل األمم املتحدة‪ .‬نعمل لي ًال نهاراً وليس‬ ‫من الرضورة أن نتك ّلم عن كل عمل ننجزه‪ ،‬نحن‬ ‫نعمل بصمت‪.‬‬ ‫أما عن موضوع ترسيم الحدود فلم ترسم الحدود‬ ‫بني سوريا والعراق‪ ،‬ومل ترسم أيضاً بني العراق‬ ‫والكويت وهناك أمثلة كثرية بني عدد من البلدان‪.‬‬ ‫يف لبنان يتكلمون عن املوضوع‪ ،‬وينسون أن هناك‬ ‫لجاناً تعمل منذ عرشين عاماً ومل تصل اىل نتيجة ‪.‬‬ ‫لقد حققوا خطوات كبرية يف السبعينات لكنها‬ ‫توقفت وسوف تستأنف عملها عندما يصدر‬ ‫قرار مشرتك بذلك‪ .‬أمتنى أن تستأنف اللجان‬ ‫أعاملها ليك نرى كيف سيواجهون املشاكل‬ ‫التي سيصادفونها‪ ،‬خصوصاً موضوع القرى التي‬ ‫سوف تقسم اىل نصفني‪.‬‬ ‫هل يتدخل املجلس األعىل اللبناين السوري‬ ‫يف القضايا األمنية والعسكرية؟‬ ‫يف اتفاقية الدفاع واألمن‪ ،‬نهتم باألمور ذات‬ ‫الطابع العام وال ندخل يف التفاصيل‪ .‬نحن نتدخل‬ ‫يف املواضيع ذات الطابع السيايس‪.‬‬ ‫كيف ترى مستقبل العالقات اللبنانية –‬ ‫السورية؟‬ ‫مستقبل مميز وعالقات جيدة مع اتفاقيات أو‬ ‫من دونها‪ .‬لقد مرت العالقات بأصعب الظروف‬ ‫وبقيت مستمرة‪ ،‬وعىل العكس لقد شهدنا تعاون‬ ‫اقتصادي مميز من خالل فتح املصارف ورشكات‬ ‫التأمني ومشاريع ضخمة أقيمت بني البلدين‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪:‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫ترسيم حدود المياه االقتصادية من مسؤولية الدولة اللبنانية‬

‫الخادم لـ «منبر التوحيد»‪ 36 :‬مليار برميل نفط‬ ‫في منطقتنا و «إسرائيل» أزاحت الخرائط لجهتها‬ ‫يفرتض أن يبدأ لبنان بإعداد العدة الالزمة‬ ‫ملواجهة جديدة مع “إرسائيل”‪ ،‬تختلف هذه املرة‬ ‫عن سابقاتها‪ ،‬فبعد رسقة األرض واملياه‪ ،‬تتحرض‬ ‫“إرسائيل” بل باألحرى بدأت بالتنفيذ لرسقة ثروة‬ ‫جديدة من ثروات لبنان وهي النفط‪.‬‬ ‫وأصدرت وزارتا الخارجية والعدل اإلرسائيليتان‬ ‫قراراً أعلنا مبوجبه املنطقة البحرية الحدودية‬ ‫قبالة الشواطئ اللبنانية ‪ -‬القربصية واملتصلة‬ ‫بأحد جوانبها مع حدود فلسطني املحتلة البحرية‬ ‫منطقة اقتصادية‪ ،‬وذلك يعني وفقاً لألحكام‬ ‫القانونية الدولية أنه ال يحق ألي طرف القيام‬ ‫بأي عمل بحري يف تلك املنطقة ليس فقط‬ ‫التنقيب عن النفط وإمنا حتى الصيد يف تلك‬ ‫الناحية‪.‬‬ ‫وهذا األمر بات يستلزم من الحكومة اللبنانية‬ ‫وفقاً للخرباء املعنيني اتخاذ إجراءات قانونية‬ ‫رسيعة للحفاظ عىل حقوقها يف النفط الواقع‬ ‫قبالة السواحل اللبنانية‪ ،‬فأق ّر الربملان اللبناين‬ ‫قانون الطاقة الذي ينظم عمليات االستطالع‬ ‫والغازي‪،‬‬ ‫النفطي‬ ‫واإلنتاج‬ ‫واالستكشاف‬ ‫ويقيض بإنشاء صندوق سيادي إلدارة واستثامر‬ ‫عائدات النفط املحتملة‪ ،‬إذ ذكرت بعض التقارير‬ ‫عن اكتشاف مواقع عدة يف محاذاة الساحل‬ ‫اللبناين تحتوي عىل كميات مؤكدة من الغاز‬ ‫والنفط قد تبلغ بحسب خرباء النفط نحو ‪25‬‬ ‫تريليون قدم مكعب من الغاز بالحد األدىن و‪80‬‬ ‫تريليون بالحد األقىص ‪ ،‬و‪ 1.5‬مليار برميل من‬ ‫النفط الخام‪.‬‬ ‫ولكن يف دولة يثقل الدين العام كاهلها‬ ‫مثل لبنان‪ ،‬ال ميكننا الخوض يف مجال التنقيب‬ ‫والبحث عن البرتول دون االستفسار عن تكاليف‬ ‫العملية‪ ،‬لذا أعلن وزير الطاقة اللبناين جربان‬ ‫باسيل عن البدء بدورة ملنح تراخيص التنقيب عن‬ ‫الغاز الطبيعي يف املياه اإلقليمية اللبنانية‪.‬‬ ‫إال أن سياسة الطاقة التي قدمها الوزير باسيل‬ ‫مل تحصل عىل النقاش الجدي الذي تستحق يف‬ ‫ظل األزمات التي يعيشها لبنان‪ .‬مع التأكيد أن‬ ‫خططاً وطنية من هذا النوع‪ ،‬ميكن أن تلزم لبنان‬ ‫لسنوات طويلة وميكن أن تحصل فيها أخطاء‬ ‫كبرية ال ميكن إصالحها وال تعوض‪ ،‬يفرتض أن‬ ‫يتم إشباعها درساً ونقاشاً ومتحيصاً ونقداً بناء‪،‬‬ ‫قبل إقرارها وتبنيها وطنياً ورسمياً‪ ،‬خاصة يف‬ ‫ما يتع ّلق برتسيم الحدود البحرية اللبنانية‪ ،‬وفق‬ ‫القوانني الدولية‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫كيف يتم تعيني الحدود البحرية ؟‬ ‫إذا كانت الدولتان متجاورتني‪ ،‬يأيت الحل نتيجة‬ ‫التفاوض فيام بينهام وإن مل تصل املفاوضات‬ ‫إىل نتيجة أو إذا تع ّذرت‪ ،‬فهناك بعض القواعد‬ ‫روسو منها‬ ‫التي ميكن إتباعها‪ ،‬وقد ذكر شارل‬ ‫ّ‬ ‫قاعدتني‪ ،‬هام‪:‬‬ ‫أ‪ -‬متديد خط الحدود الربية داخل البحر‬ ‫إذا كان هذا األمر يبدو احتامالً مقبوالً من بني‬ ‫احتامالت أخرى‪ ،‬إال أنه يصبح يف بعض الحاالت‬ ‫غري مقبول‪ .‬كأن تكون دولة ما تنتهي حدودها‬ ‫بزاوية حادة فيمتد خط الحدود مقابل الدولة‬ ‫األخرى‪ ،‬كام لو أخذنا خط الحدود الربية بني مرص‬ ‫وفلسطني من خليج العقبة حتى رفح ومددناه‬ ‫يف البحر‪ ،‬فإنه ينتهي يف وسط قربص‪.‬‬ ‫ب‪ -‬رسم خط عامودي عىل االتجاه العام‬ ‫للشاطئ‬ ‫مراجعة قرار محكمة التحكيم الدامئة ‪/10/23‬‬ ‫‪ 1909‬يف قضية الحدود البحرية بني السويد‬ ‫والرنوج‪ ،‬الذي تك ّررت أحكامه يف عدد كبري من‬ ‫القرارات واالتفاقيات وصوالً إىل معاهدة ترسيم‬ ‫الحدود البحرية بني الواليات املتحدة واملكسيك‬ ‫يف ‪ .1970/11/23‬يبدو هذا الحل صعب التطبيق‬ ‫عندما ال يشكل الخطان التقريبيان لساحيل‬ ‫البلدين‪ ،‬الواحد امتداداً مستقي ًام لآلخر‪ ،‬فينتج‬ ‫عن التقائهام عند نقطة الحدود زاوية‪ ،‬فإذا رسمنا‬ ‫الخط العمودي عىل خط الساحل التقريبي‬

‫‪52‬‬

‫للدولة األوىل والخط العامودي عىل خط الساحل‬ ‫التقريبي للدولة الثانية‪ ،‬فقد يفرتق الخطان‬ ‫يف البحر وينفرجان عن منطقة ال تتبع أياً من‬ ‫الدولتني‪ ،‬أو يحرصان منطقة تكون بالنسبة‬ ‫لكل دولة منهام من ضمن مياهها‪ .‬فلو حاولنا‬ ‫أن نط ّبق ذلك عىل الحدود البحرية بني فلسطني‬ ‫ومرص‪ ،‬نجد أن الخط العمودي عىل خط الساحل‬ ‫املرصي يذهب باتجاه شامل شامل ‪ -‬غرب‪ ،‬والخط‬ ‫العمودي عىل الساحل الفلسطيني يذهب باتجاه‬ ‫إىل ما بني الخط األول والشاطئ املرصي‪.‬‬ ‫أما محكمة العدل الدولية فاعتمدت أيضاً‬ ‫طرقاً أخرى لتعيني الحدود املذكورة‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ج‪ -‬الخط الوسط (‪)Median‬‬ ‫وهو الخط الذي يبدأ من نقطة الحدود باتجاه‬ ‫أعايل البحار بحيث تكون كافة نقاطه عىل‬ ‫مسافة متساوية من نقطتي تعليم (‪)repères‬‬ ‫متناظرتني عىل كل من ساحيل الدولتني‪ :‬إال أن‬ ‫هذا الخط يصطدم بثالثة استثناءات‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن تكون هناك اتفاقات خاصة ببعض‬ ‫مناطق البحر‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن تكون هناك حقوق تاريخية ألي من‬ ‫الدولتني عىل مناطق معينة (مصائد أو غريها)‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يكون الواقع الجغرايف للشواطئ معقداً‬ ‫مام يصعب معه تصور هذا الخط‪.‬‬ ‫د‪ -‬املعايري املتعددة‬ ‫يجب أن تؤخذ بعني االعتبار معطيات عدة‪،‬‬ ‫بهدف أن تؤدي إىل حل عادل وهذا ما كرسته‬ ‫محكمة العدل الدولية يف عدد من قراراتها‬ ‫خصوصاً يف القرارات حول تعيني الحدود البحرية‬ ‫يف خليج ماين(‪ )Maine‬بني الواليات املتحدة‬ ‫وكندا بتاريخ ‪ 20‬كانون الثاين ‪ ،1982‬وحول الحدود‬ ‫البحرية بني الكامريون ونيجرييا بتاريخ ‪ 10‬ترشين‬ ‫األول ‪ ،2002‬وحول الحدود البحرية بني الهندوراس‬ ‫ونيكاراغوا بتاريخ ‪ 8‬ترشين األول ‪ ،2007‬وحول‬ ‫الحدود البحرية يف البحر األسود بني رومانيا‬ ‫وأوكرانيا بتاريخ ‪ 3‬شباط ‪.2009‬‬

‫يف الحدود البحرية بني لبنان‬ ‫وفلسطني املحتلة‬ ‫إن تعيني الحدود البحرية بني لبنان وفلسطني‬ ‫املحتلة يخضع إىل عدد من االعتبارات‪ .‬فقد ورد يف‬ ‫قرار تعيني حدود الجرف القا ّري بني ليبيا وتونس‪ ،‬أنه‬

‫تبقى األولوية لالعتبار الجغرايف‪“ :‬يف كل تقويم‬ ‫املنهجيات واجبة االتباع‪ ،‬كتقويم القواعد واملبادئ‬ ‫الصالحة للتطبيق‪ ،‬من املهم أن ننطلق من الوضع‬ ‫وخاصة من امتداد املنطقة‬ ‫الجغرايف كام يظهر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املعنية وخصائصها”‪.‬‬ ‫من الناحية الجغرافية ميكن أن ُتعتمد إحدى‬ ‫الطرق التالية يف موضوع الحدود بني لبنان‬ ‫وفلسطني املحتلة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الخط العمودي عىل االتجاه العا ّم‬ ‫‪ -1‬أخذ‬ ‫للشاطئ‪.‬‬ ‫‪ -2‬متديد الحدود الرب ّية داخل البحر‪.‬‬ ‫‪ -3‬أخذ خط الوسط ( ‪.)median‬‬ ‫كل هذا يعني أن الرتسيم يحتاج إىل عمل‬ ‫فن ّ​ّي‪ ،‬ميكن أن تو ّفره فقط األمم املتحدة‪.‬‬ ‫املعلومات التي نرشتها الصحافة اإلرسائيلية‬ ‫وتلك التي بثتها أجهزة التلفزة اإلرسائيلية عن‬ ‫حقول الغاز يف املتوسط من املياه اللبنانية‪،‬‬ ‫حتى مياه فلسطني و”إرسائيل”‪ ،‬وقربص وسوريا‬ ‫األمريكية‪،‬‬ ‫واالستقصاء‬ ‫التنقيب‬ ‫وتجهيزات‬ ‫إن د ّلت عىل يشء فإمنا هي تدل عىل الرهان‬ ‫اإلرسائييل يف املستقبل عىل استغالل واستثامر‬ ‫هذه الرثوة‪ ،‬وعدم مشاركة أصحاب الحقوق‬ ‫مبن فيهم لبنان‪ .‬فحكومة “بنيامني نتنياهو”‬ ‫كام هو معروف‪ ،‬تذرعت أمام موفدين دوليني‬ ‫وديبلوماسيني “بأنها أقدمت عىل ترسيم الحدود‬ ‫املائية مع قربص بقطاعها اليوناين‪ ،‬ألن عالقاتها‬ ‫بالجزيرة جيدة جداً‪ .‬ورمبا ساعدتها بالوصول اىل‬ ‫هذا االتفاق عىل ترسيم الحدود حكومة اليونان‬ ‫برئاسة “جورج باندريو” الذي زاره “نتنياهو” عقب‬ ‫أزمة العالقات التي قامت بني تركيا و”إرسائيل”‬ ‫بسبب املوقف الرتيك من الحرب عىل قطاع غزة‪،‬‬ ‫والحرب عىل لبنان‪ ،‬وعملية “الكوماندوس” عىل‬ ‫سفن “أسطول الحرية” الرتيك يف املياه الدولية‪.‬‬ ‫لكن حكومة “إرسائيل” مستعدة للدخول‬ ‫يف مفاوضات مبارشة مع الحكومة اللبنانية‪،‬‬ ‫بهدف ترسيم الحدود املائية إذا ما قررت حكومة‬ ‫لبنان ذلك‪ ،‬وبذلك اعتربت حكومة “نتنياهو” ومن‬ ‫يؤازرونه أن الطابة أصبحت يف امللعب اللبناين‪،‬‬ ‫فإن قررت حكومة لبنان البحث يف موضوع الغاز‬ ‫واستغالل حقوله واإلفادة من هذه الرثوة‪ ،‬فام‬ ‫عليها سوى اإلقدام عىل خطوة تؤدي اىل فتح‬ ‫حوار مبارش‪ ،‬أو بواسطة طرف ثالث مع “إرسائيل”‬ ‫وستالقي اليد اإلرسائيلية ممدودة‪ ،‬واستعداداً‬ ‫للبحث يف موضوع “العالقة مع لبنان” عىل كل‬ ‫املستويات ويف جميع املجاالت ومن دون رشوط‬ ‫مسبقة‪.‬‬ ‫السؤال الذي يطرح نفسه يف هذا املجال‬ ‫هو‪ :‬هل الحكومة اللبنانية جاهزة‪ ،‬أو هي عىل‬ ‫استعداد للبحث يف ترسيم حدود لبنان يف‬ ‫املياه اإلقليمية مع “إرسائيل”؟ وهل ميكن تحرير‬ ‫املياه اللبنانية االقتصادية قبل البدء باستخراج‬ ‫النفط؟‬

‫الخادم‪ :‬املياه اللبنانية ليست‬ ‫محتلة من أحد‬ ‫يف هذا اإلطار التقت «منرب التوحيد» رئيس‬ ‫املؤسسة العربية للدراسات ما بني الرشق والغرب‬ ‫العميد البحري املتقاعد سمري الخادم الذي أ ّكد‬ ‫أن املياه اللبنانية ليست محتلة من أحد‪ ،‬فاملياه‬ ‫اإلقليمية اللبنانية أو ‪ّ Territorial waters‬حددت‬ ‫يف أوائل الثامنينات يف عهد الرئيس أمني الجميل‪،‬‬ ‫بـ ‪ 12‬ميل أي حوايل ‪ 22‬كلم‪ ،‬وسابقاً مل تكن‬ ‫محددة‪ ،‬ولكن اليوم هي محددة حالياً‪ ،‬والتحديد‬ ‫الرسمي كان عرب اتفاقية لجنة الهدنة التي ُوقعت‬ ‫بني لبنان و»إرسائيل» عام ‪ 1949‬ونصت عىل‬ ‫أن حدود املياه اإلقليمية ال يجب أن يتواجد فيها‬ ‫وحدات عسكرية أكرث مام متفق عليه‪ ،‬عىل حدود ‪6‬‬ ‫كلم‪ ،‬اليوم أصبح لدينا مياه إقليمية محددة‪.‬‬ ‫ولكن ذلك ال يكفي مع األسف‪ ،‬ألن لبنان حتى‬ ‫اآلن عىل الصعيد الدويل وعرب األمم املتحدة مل‬ ‫يحدد مياهه االقتصادية‪ ،‬التي تعرف بالـ‬ ‫‪ economical zones‬مل تحدّد بعد‪ ،‬وهناك‬ ‫مسعى من قبل الحكومة إلقامة مرشوع لتحديد‬ ‫هذه املياه االقتصادية التي مل تحدّد رسمياً‪ ،‬بالرغم‬ ‫من أن الدول األخرى حدّدت مياهها االقتصادية‬ ‫كفرنسا وأمريكا‪ ،‬وكذلك األمر بالنسبة للدول‬ ‫العربية‪ ،‬حتى أن تشييل حددت مياهها اإلقليمية‬ ‫بـ ‪ 200‬كلم‪ ،‬هذا التحديد يجب أن يجري باالتفاق‬ ‫مع الدول املجاورة ألنه ما يفصل لبنان عن قربص‬ ‫حوايل ‪ 110‬أميال‪ ،‬فإذا لبنان حدّد مياهه اإلقليمية‬ ‫فرضاً بـ ‪ 100‬أو ‪ 150‬كلم فإن ذلك سيتضارب مع‬ ‫مصالح الدول املجاورة كقربص والشقيقة سوريا‬ ‫ومع العدو اإلرسائييل الذي هو أيضاً عىل الحدود‬ ‫الجنوبية‪.‬‬ ‫فهذا املوضوع يجب أن يتم بالتزامن عرب اتفاقيات‬ ‫ثنائية مع تلك الدول لرفعها فيام بعد اىل األمم‬ ‫املتحدة لتكون موجودة يف محفوظاتها‪.‬‬ ‫ويروي الخادم أن عمليات التنقيب عن النفط‬ ‫يف لبنان قدمية‪ ،‬إال أن املحاوالت الحثيثة الستطالع‬ ‫األماكن املحتمل تواجد النفط فيها بدأت فعلياً يف‬ ‫أوائل السبعينات‪ ،‬وتحديداً يف املنطقة الواقعة بني‬ ‫سلعاتا ‪ -‬البرتون ‪ -‬شكا ‪ -‬الهري‪.‬‬ ‫ويتحدث الخادم عن الرحالت العديدة التي‬ ‫قام بها أيام كان مالزماً أ ّول وآمراً ملركب “طراد‬ ‫طرابلس”‪ ،‬برفقة الوزير املرحوم أمني البزري وخرباء‬ ‫يف الجيولوجيا والنفط‪ ،‬حيث كانوا يقومون مبسح‬

‫‪53‬‬

‫بحري ملنطقة البرتون ‪ -‬سلعاتا‪ ،‬رأس الشقعا‬ ‫ وشكا‪ ،‬للكشف عن املنطقة حيث كان يقال‬‫حينها بوجود حقل نفطي ميتد من منطقة‬ ‫طرابلس باتجاه ‪ 350‬درجة أي باتجاه قربص‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أن الحقل النفطي موجود ضمن هذه البقعة‬ ‫(البرتون ‪ -‬سلعاتا ‪ -‬الهري) التي تفصلنا عن قربص‬ ‫بحدود ‪ 110‬أميال بحرية‪.‬‬ ‫ويلفت الخادم إىل أن نتائج هذه املسوحات التي‬ ‫متت عدّة مرات أثبتت وجود نفط يف تلك املنطقة‬ ‫التي متتد حتى جبل تربل شامل طرابلس باتجاه‬ ‫قربص‪ ،‬وشواطئ طرطوس السورية‪.‬‬ ‫وأوضح الخادم أن العديد من الخرباء وضعوا‬ ‫مجموعة من الدراسات إال أنه مل يؤخذ بها ووضعت‬ ‫يف األدراج نتيجة ضغوط خارجية وفق املعلومات‬ ‫املتوافرة‪ ،‬كام يقال بأن من أسباب الحرب اللبنانية‬ ‫عام ‪ 1975‬هو اإلقفال والتغطية عىل ملف النفط‬ ‫املوجود يف شامل لبنان كون هذا املوضوع مؤجل‬ ‫وال يجب فتحه‪.‬‬ ‫وعزا الخادم إعادة فتح امللف اليوم إىل الظروف‬ ‫التي تعيشها املنطقة وال سيام العراق‪ ،‬يضاف‬ ‫إليها امللف النووي اإليراين والتهديدات التي تطال‬ ‫مضيق هرمز الحيوي والذي مير فيه ما يقارب من‬ ‫‪%60‬من استهالك العامل‪ ،‬وعليه فإن حصول أي‬ ‫مناوشات يف تلك املنطقة ستكون له انعكاساته‬ ‫السلبية‪ ،‬ومن هنا كان الحل البديل بإعادة إحياء‬ ‫وجود النفط يف لبنان‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن الدراسات العديدة التي جرت‬ ‫حول النفط يف لبنان كانت نظرية ومل تصل‬ ‫إىل الحد العميل حتى اليوم رغم حصول العديد‬ ‫من االتصاالت مع رشكات للتنقيب‪ ،‬التي توصلنا‬ ‫إىل معلومات مهمة عن وجود النفط يف ثالث‬ ‫مناطق لبنانية‪ :‬البرتون ‪ -‬شكا والتي متتد حتى‬ ‫جبل تربل‪ ،‬ومنطقتي سحمر ويحمر يف البقاع‪،‬‬ ‫ومنطقة عدلون يف الجنوب حيث أن أماكن النفط‬ ‫متواجدة يف الرب ومتتد حتى البحر وعىل بعد عدّة‬ ‫كيلومرتات يف ه ّوة بحرية يصل عمقها ما بني‬ ‫‪ 2000‬إىل ‪ 3000‬مرتاً‪ ،‬الفتاً يف هذا اإلطار إىل أن‬ ‫االمتناع عن التنقيب يف املرحلة السابقة يعود‬ ‫إىل الكلفة العالية لهذه العملية نتيجة وجود‬ ‫النفط عىل أعامق كبرية قد تصل إىل ‪ 3‬آالف مرتاً‬ ‫مل يكن من املمكن يف ذلك الوقت القيام بها (قبل‬ ‫‪ 40‬عاماً)‪.‬‬ ‫أما اليوم فاألمور باتت أسهل مع وجود تقنيات‬ ‫حديثة لدى الرشكات كرشكة “نوبل” للطاقة التي‬ ‫أعلنت يف حزيران املايض عن اكتشافها حقل غاز‬ ‫يف املنطقة املمتدة بني فلسطني باتجاه لبنان حتى‬ ‫الحدود السورية باتجاه قربص‪.‬‬ ‫إال أن الخادم اعترب أن الخارطة التي قدمتها‬ ‫رشكة “نوبل” عن تواجد حقول النفط هي خارطة‬ ‫مغلوطة حيث حددت امتدادات حقول النفط‬ ‫والغاز كلها إىل الغرب من الحدود الفلسطينية‬ ‫املحتلة‪ ،‬إمنا الواقع أن هذه الحقول تتمركز جميعها‬ ‫يف لبنان‪ ،‬مع إمكانية تواجد القليل منها باتجاه‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫الجنوب‪ ،‬إال أن متركزها الرئييس هو يف لبنان وإىل‬ ‫الغرب الشاميل باتجاه قربص مع حصة محددة‬ ‫لسوريا وال سيام حدودها البحرية‪.‬‬ ‫وطالب الخادم الدولة بالعمل رسيعاً لتصحيح‬ ‫هذه الخارطة استناداً اىل املعلومات املتوافرة حول‬ ‫أماكن تواجد الحقول النفطية‪ ،‬مشرياً اىل أنه يف‬ ‫اإلمكان االستعانة برشكات كربى ميكنها تحديد‬ ‫الحدود البحرية بواسطة األقامر االصطناعية‪.‬‬ ‫ورأى الخادم أنه عىل الحكومة اللبنانية العمل‬ ‫اليوم مع امتالكها اإلمكانات الالزمة إىل‬ ‫االستعانة برشكات كربى ميكنها تحديد الحدود‬ ‫البحرية بواسطة األقامر الصناعية التي بإمكانه‬ ‫رسم الخرائط كرشكة “غوغل” إضافة إىل إمكانية‬ ‫استعامل أجهزة ‪ GPS‬التي ميكنها تحديد نقاط‬ ‫عىل الخريطة بواسطة األقامر الصناعية ال سيام‬ ‫وأن دقتها ال تتجاوز املرت‪.‬‬ ‫ويلفت يف ما خص سعة هذه اآلبار إىل أن‬ ‫الكمية التي حددتها الرشكة بـ ‪ 122‬تريليون قدم‬ ‫مكعب من الغاز و‪ 1.7‬بليون برميل من النفط‪ ،‬قد‬ ‫تكون أكرب من ذلك بكثري وتتجاوز بكثري الـ ‪1.7‬‬ ‫بليون برميل إىل ما يقارب الـ ‪ 30‬إىل ‪ 40‬بليون‬ ‫برميل وهي ثروة مهمة جداً وتعود عىل لبنان‬ ‫باالزدهار والرخاء‪.‬‬ ‫وعن وجود ترسيم سابق للحدود البحرية‬ ‫اللبنانية ُيؤ ّكد الخادم أن الرتسيم املعمول به‬ ‫حتى اليوم هو ما ورد يف اتفاقية الهدنة املو ّقعة‬ ‫مع العدو اإلرسائييل عام ‪ 1949‬التي حددت بعدم‬ ‫اقرتاب أي من مراكب البلدين من شواطئ البلد‬ ‫األخ بأقل من ‪ 6‬كيلومرتات‪ ،‬مؤكداً أن هذه املسافة‬ ‫ليست بالحدود البحرية للبنان‪ ،‬ولكنه ال ُيحدّد‬ ‫املناطق االقتصادية للبنان والتي متتد عادة خارج‬ ‫املياه اإلقليمية‪ ،‬أي املناطق التي يوجد فيها ترسبات‬ ‫معدنية ‪ Nodules‬والتي ميكن أن تكون املنيوم أو‬ ‫نحاس أو ذهب‪ ،‬موضحاً أن بعض هذه املناطق متتد‬ ‫يف بعض البلدان اىل حدود ‪ 200‬كلم عن الشواطئ‪،‬‬ ‫مطالباً مجليس النواب والحكومة باإلرساع يف‬ ‫تحديد هذه املنطقة االقتصادية وسعتها للحفاظ‬ ‫عىل الرثوة النفطية والغاز وحتى الصيد يف هذه‬ ‫املنطقة‪ ،‬وإصدار قانون خاص عن مجلس النواب‬ ‫الذي هو سيد نفسه ‪ sui Compus‬ميكنه إدخال‬ ‫التعديالت الالزمة عىل القانون املنوي إنشاؤه ألنه‬ ‫يعود بالفائدة عىل لبنان ويحفظ له حقه يف تحديد‬ ‫الحدود البحرية وإرساله اىل األمم املتحدة ومحكمة‬ ‫العدل الدولية يف الهاي ليكتسب الطابع الدويل‪،‬‬ ‫معترباً أن الرئيس ب ّري عىل حق يف استعجاله‬ ‫لألمور‪ ،‬ألن يف ذلك مصلحة وطنية وتحسباً ألي‬ ‫اعتداء محتمل عليها‪.‬‬

‫تحديث األسطول البحري‬ ‫ويعتقد الخادم أنه إضافة إىل الخطوات‬ ‫الترشيعية والقانونية فإن حامية النفط برأيه‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يجب أن ترتافق مع تجهيزات تقنية وبرشية‪ ،‬تبدأ‬ ‫من تحديث األسطول البحري للجيش اللبناين‬ ‫ليتمكن من مواجهة املخاطر املحتملة التي ستواجه‬ ‫البالد‪ ،‬ولذلك يجب تزويد األسطول البحري مبراكب‬ ‫تستطيع أن تبحر إىل أعايل البحار والبقاء يف تلك‬ ‫األماكن قدر الحاجة إىل ذلك‪ ،‬مشدداً عىل أهمية‬ ‫اإلرساع يف ذلك ألن الحصول عىل مثل هذه املراكب‬ ‫يتطلب سنوات‪ ،‬إضافة اىل الوقف الذي يحتاجه‬ ‫تدريب الطاقة املختص عىل مثل هذه املراكب‪.‬‬ ‫حالياً البحرية تقوم بهذا الواجب ولكن ليس‬ ‫لديها اإلمكانات الكافية ويبدو أن لبنان سيستلم‬ ‫قريباً أول فرقاطة «‪ »frigate‬يصل طولها اىل ‪40‬‬ ‫مرت‪ ،‬كافية التسليح وبإمكانها أن تبقى عدة‬ ‫أيام يف عرض البحر وليس كالزوارق الحالية التي‬ ‫ال ميكن أن تبقى أكرث من ‪ 24‬ساعة‪ ،‬لحامية املياه‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وباالضافة إىل ذلك يجب االهتامم‬ ‫مبصفايت النفط يف طرابلس والزهراين‪ ،‬وإنشاء‬ ‫خزانات لتخزين الكميات التي ستستخرج من‬ ‫الغاز أو النفط‪ ،‬وكل ذلك ‪ -‬كام يقال ‪ -‬يحتاج إىل‬ ‫عملية نشطة من الترشيعات والعمل الجاد ال‬ ‫سيام وأن الوقت بدأ يدهمنا‪.‬‬ ‫وحذر الخادم من محاوالت “إرسائيل” رسقة‬ ‫النفط يف الوقت الذي يتمهل فيه لبنان باتخاذ‬ ‫اإلجراءات الترشيعية والقانونية الالزمة لحامية‬ ‫ثروته‪ ،‬التي تقدر بأكرث من ‪ 50‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫الخادم الذي اعترب أن لبنان اليوم أمام تحد‬ ‫مع الوقت‪ ،‬رأى أن أي تأخري يف إقرار اإلصالحات‬ ‫والتحديثات الالزمة عىل كل الصعد ملواكبة عملية‬ ‫التنقيب عن الغاز والنفط سيؤثر سلباً عىل لبنان‬ ‫الذي بات عىل املحك داعياً القيادات السياسية‬ ‫لوضع املصلحة الوطنية قبل املصلحة الشخصية‬ ‫ألن املستفيد األكرب يف النهاية هو لبنان‪.‬‬ ‫وأشار الخادم إىل وجود اتصاالت مع قربص التي‬ ‫تبعد عن الشاطئ اللبناين ‪ 110‬أميال بحرية‬ ‫لتحديد الحدود معها ألن املناطق االقتصادية‬ ‫متداخلة معها‪ ،‬وكذلك الوضع مع سوريا‪ ،‬حيث‬ ‫أن حدود قربص موازية لشواطئ طرطوس‪ ،‬األمر‬

‫‪54‬‬

‫الذي يستوجب أيضاً عقد اتفاق معها‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يعني رضورة تاليف الدول الثالث لوضع اتفاقية‬ ‫مشرتكة بينها حول املناطق االقتصادية‪ ،‬الفتاً يف‬ ‫هذا اإلطار اىل إمكانية عقد اتفاق مع “إرسائيل”‬ ‫عرب اتصاالت غري مبارشة لوضع بروتوكول يحدد‬ ‫املناطق االقتصادية وحقوق كل دولة‪.‬‬ ‫وهنا يطرح السؤال كيف ميكن التشاور مع‬ ‫يتم عرب لجنة الهدنة التي تعرف‬ ‫“إرسائيل”؟ إن األمر ّ‬ ‫بالـ “‪ ،»ilmac‬أي‬ ‫‪Israel-Lebanese Mixed Armistice‬‬ ‫«‪Comission‬‬ ‫هذه اللجنة تجتمع دورياً يف مقر األمم املتحدة‬ ‫يف الناقورة وبإرشاف قائد القوات الدولية‪ ،‬ويكون‬ ‫هناك ضباط من لبنان وآخرون من «إرسائيل»‪،‬‬ ‫فيعملون عىل درء أي انتهاكات ممكن أن تحصل‪،‬‬ ‫وعرب هذه اللجنة وبعد تزويدها باختصاصيني‬ ‫ورشكات تستخدم وسائل حديثة وبواسطة األقامر‬ ‫الصناعية «‪ »GPS‬ميكن ترسيم الحدود‪ ،‬أما إذا نظرنا‬ ‫اىل الحدود االقتصادية‪ ،‬التي ترسمها «إرسائيل»‪،‬‬ ‫نجد أن الخط بدل أن يأيت بطريقة عامودية عىل‬ ‫خط الحدود نجده يتجه باتجاه الشامل وكأنه أخذ‬ ‫كميات كبرية من املياه االقتصادية اللبنانية‪ ،‬فهذه‬ ‫األمور يجب أن توضح وتوضع للتشاور بني البلدين‬ ‫ألن «إرسائيل» دامئاً أطامعها يف لبنان إن كان يف‬ ‫املياه االقتصادية أو الحدودية‪ ،‬دامئاً لديها تجاوزات‪،‬‬ ‫فبواسطة هذه اللجان وباالتفاق ما بني السلطات‬ ‫اللبنانية والسلطات اإلرسائيلية عرب لجنة الهدنة‬ ‫وبإرشاف األمم املتحدة سيصري اىل ترسيم الحدود‬ ‫هذه‪ ،‬التي سيتم إرسالها اىل الواليات املتحدة‬ ‫لتوضع يف محفوظاتها وتأخذ العلم بها‪ ،‬وبالتايل‬ ‫لبنان يستطيع أن يحافظ عىل حقه‪.‬‬ ‫ولكن لدينا مشكلة مع الحدود الجنوبية ألن‬ ‫«إرسائيل» مل تنسحب بعد من الحدود الجنوبية‪،‬‬ ‫ووضعت العديد من الطفافات عىل الحدود البحرية‬ ‫املشرتكة بني لبنان واألرض املحتلة‪ ،‬وهذه الطفافات‬ ‫موجودة يف الجانب اللبناين و»إرسائيل» حالياً‬ ‫تعترب أن دورياتها ال تتجاوز تلك الطفافات‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال‪ ،‬هل ستتنازل «إرسائيل» للبنان‬ ‫إلعطائه حصته من الرثوة الحديثة الهابطة عىل‬ ‫املنطقة؟ وهل سيكون النفط سبباً الندالع‬ ‫حروب جديدة إذا قررت «إرسائيل» تجاوز حدود‬ ‫فلسطني الشاملية واحتالل بعض مناطق يف‬ ‫جنوب لبنان؟‬ ‫أعتقد الخادم أننا يف سباق مع الزمن‪ ،‬و»إرسائيل»‬ ‫حالياً بدأت بعمليات تركيب املنصات وبدأت‬ ‫بالتنقيب‪ ،‬وأعتقد أن «إرسائيل» قد سبقتنا عىل‬ ‫األقل بثالث سنوات أو أربع وبهذه الفرتة «إرسائيل»‬ ‫ستضاعف جهدها الستخراج أكرب كمية ممكنة‬ ‫من الغاز والنفط من مياهها االقتصادية‪ ،‬ومن‬ ‫تلك املنطقة التي ميكن اعتبارها كحوض كبري‬ ‫يشمل جز ًءا من شواطئ «إرسائيل» ولبنان وقربص‬ ‫وسوريا‪ ،‬وستعمد اىل سحب أكرب كمية ممكنة‪،‬‬ ‫وأن «إرسائيل» ستقوم باعتداءاتها إذا حاول لبنان‬

‫أن يعتدي عىل منصاتها‪ ،‬ووضع منصات ممكن‬ ‫أن تأيت «إرسائيل» بواسطة فرقها «الكومندس‬ ‫البحري» التي اعتدت سابقاً عىل «أسطول الحرية»‪،‬‬ ‫لالعتداء عليها وتوقيف عملها‪ .‬وطاملا «إرسائيل»‬ ‫تستفيد وحدها من املياه االقتصادية ال أعتقد أنها‬ ‫ستقدم عىل حرب‪.‬‬ ‫وأ ّكد أن موضوع النفط سيقوي االقتصاد‬ ‫اإلرسائييل وإمكانياتها‪ .‬ووجود النفط سيعطيها‬ ‫جرعات بقاء إضافية‪.‬‬ ‫وحول إمكانية استغناء “إرسائيل” عن‬ ‫اعتامدها الكيل عىل الواليات املتحدة الذي امتد‬ ‫حتى اآلن ألكرث من ستني عاما‪ ،‬بعد امتالكها‬ ‫للنفط والغاز أوضح الخادم أنه ال ميكن أن تستغني‬ ‫“إرسائيل” عن رشيان حياتها الواليات املتحدة‪ ،‬ألن‬ ‫تلك األخرية تدعمها معنوياً وعسكرياً واقتصادياً‪،‬‬ ‫ولوال الواليات املتحدة النهارت “إرسائيل”‪ ،‬والدليل‬ ‫عىل هذا االنهيار أن غولدا مائري التي كانت رئيسة‬ ‫الحكومة والجرنال رابني رئيس األركان يوم العدوان‬ ‫الثاليث أخذوا خيار استعامل السالح الذري وكانت‬ ‫“إرسائيل” متلك وقتها ‪ 6‬أو‪ 7‬قنابل ذرية‪ ،‬وهي متلك‬ ‫اليوم ‪ 200‬قنبلة ذرية‪ ،‬فحرضوا ثالث قنابل ذرية‬ ‫لرضب الجبهة السورية واملرصية يف العام ‪1975‬‬ ‫واألردن ورمبا لبنان‪ ،‬إمنا الواليات املتحدة لعبت دورها‬ ‫ونصحت “إرسائيل” بعدم اللجوء اىل السالح النووي‬ ‫ما قد يدفع بالدول العربية اىل رشاء أو اقتناء أو صنع‬ ‫قنبلة نووية للدفاع عن نفسها‪ ،‬ودعمت “إرسائيل”‬ ‫يف موقفها وال زالت تدعمها حتى اليوم‪.‬‬ ‫عن إرصار مجلس النواب عىل سن قانون النفط‬ ‫يف البحر من دون اليابسة‪ ،‬يعزو الخادم‪ ،‬السبب‬ ‫إىل الدراسات واالستكشافات التي متت سابقاً‬ ‫والتي بينت أن يف الرب كميات قليلة‪ ،‬وأن كلفة‬ ‫استخراجها عالية جداً‪ ،‬سواء يف منطقة جبل‬ ‫تربل‪ ،‬أو يف سحمر ويحمر‪ ،‬أو جنويب صيدا‪ ،‬بينام‬ ‫الكميات الكبرية من احتياطي الغاز خاصة والنفط‬ ‫عموماً‪ ،‬فموجودة قبالة السواحل اللبنانية خاصة‬ ‫بني القطاع املوجود يف منطقة البرتون ‪ -‬شكا‬ ‫الهري ‪ -‬طرابلس باتجاه ‪ 350‬درجة نحو قربص واىل‬ ‫الشامل باتجاه الساحل السوري‪ .‬وبالتايل فإن‬ ‫القانون الذي أقر جاء ليتامىش مع املعطيات التي‬ ‫رصحت عنها رشكة «نوبل» بعد البحثيات التي‬ ‫قامت بها‪ ،‬والتي بينت أن لدى لبنان حواىل ‪123‬‬ ‫بليون قدم مكعب من الغاز‪ ،‬وحواىل ‪ 36‬مليار برميل‬ ‫من النفط يف هذه املنطقة‪.‬‬ ‫وطبعا نرشوا خرائط‪ ،‬تبني الحقاً انها «مغلوطة»‬ ‫نوعا ما‪ ،‬وفيها خطأ‪ ،‬باعتبار أن هذه الخرائط «أزيحت»‬ ‫لجهة «إرسائيل» أكرث‪ ،‬ومصبها يف اتجاه الغرب من‬ ‫«إرسائيل» أكرث من لبنان‪ ،‬هي طبعاً تشمل لبنان‪،‬‬ ‫لكن النقطة املحورية لها‪ ،‬عىل السواحل الغربية لـ‬ ‫«إرسائيل»‪ ،‬وهذه الخارطة تحتاج اىل تصحيح وإزاحة‬ ‫يف اتجاه الشامل لتشمل األرايض اللبنانية وخاصة‬ ‫البقعة التي تحدثنا عنها‪ ،‬منطقة شكا الهري يف‬ ‫اتجاه قربص‪.‬‬ ‫وهل استخراج النفط يحتم علينا ترسيم الحدود‬

‫مع «إرسائيل»‪ ،‬وملاذا؟ يجيب الخادم‪ :‬قبل أي يشء‬ ‫يتحتم علينا ترسيم حدودنا التي هي ليست مرسمة‬ ‫حتى تاريخه‪ .‬ألننا قبل سنة ‪ 1983‬مل يكن عندنا أي‬ ‫نص يرسم املياه اإلقليمية‪ ،‬إال وفق اتفاق الهدنة التي‬ ‫قالت يف البند الذي يحيك عن املادة الثالثة أنه يجب‬ ‫أن ال يكون أي اعتداء بني لبنان و»إرسائيل» ال جوي وال‬ ‫بري وال بحري أو يف املياه الواقعة ضمن ثالثة أميال‬ ‫من الخط الساحيل التابع للفريق اآلخر‪ .‬وهذا هو‬ ‫النص الحريف الوحيد الذي اعرتفت به األمم املتحدة‪.‬‬ ‫وقد صدر املرسوم ‪ 138‬يف ‪ 16‬أيلول من العام ‪1983‬‬ ‫والذي يحدد املياه اإلقليمية وينص يف مادته األوىل‬ ‫بالقول «مع مراعاة أحكام االتفاقيات الدولية التي‬ ‫يكون لبنان فريقاً فيها أو منض ًام اليها يحدد عرض‬ ‫البحر اإلقليمي مبسافة ‪ 12‬مي ًال بحرياً من الشاطئ‬ ‫ابتداء من أدىن مستوى الجذر»‪.‬‬ ‫هذا هو النص القانوين املعرتف به حالياً يف‬ ‫لبنان‪ .‬وال أدري إذا كان قد أرسل يف حينه اىل األمم‬ ‫املتحدة أو اىل محكمة العدل الدولية يف الهاي‪،‬‬ ‫مع أن املفروض ان يكون قد أرسل إليهام للتأكد‬ ‫منه‪.‬‬ ‫بعد املياه اإلقليمية تأيت املياه املتاخمة‪ ،‬التي هي‬ ‫أيضا بـ ‪ 12‬مي ًال من هذه املياه وتحسب من ابتداء‬ ‫الجذر‪ ،‬يعني حني يرتاجع البحر اىل أقل مستوى وفق‬ ‫حركة املياه تبعاً للمد والجذر‪ ،‬نبدأ بقياس ‪ 12‬مي ًال‪،‬‬ ‫ثم نعد ‪ 12‬مي ًال أخرى‪ ،‬هي مسافة املياه املتاخمة‪،‬‬ ‫ثم بعد ذلك تدخل اىل املنطقة االقتصادية‪ ،‬وهذه‬ ‫املنطقة مل يحددها لبنان بعد‪ ،‬عل ًام أن هناك الكثري‬ ‫من الدول‪ ،‬ومن بينها أمريكا وفرنسا‪ ،‬وحتى التشييل‬ ‫والربازيل يقولون أن املياه االقتصادية خاصتهم هي‬ ‫بحدود الـ‪ 200‬ميل من الشاطئ أو من املكان الذي‬ ‫ترسم فيه الحدود‪ ،‬و»إرسائيل» سبقتنا منذ أن تبني‬ ‫لهم أن مثة نفطاً يف املياه‪ ،‬اجتمع الكنيست فوراً‬ ‫وحدد املياه االقتصادية الخاصة بهم‪ .‬أما نحن يف‬ ‫لبنان فلم نحدد بعد مياهنا االقتصادية‪.‬‬ ‫كيف‪ ،‬وما هي آلية ترسيم حدود املياه االقتصادية‬ ‫بيننا وبني «إرسائيل» عىل وجه الخصوص؟ ببساطة‬ ‫عىل مجلس النواب أن يجتمع ويقول أن املياه‬ ‫االقتصادية (ليس بالرضورة أن تكون ‪ 200‬مي ًال بل‬ ‫تتحدد) من الجذر األدىن أي من أقرب جزيرة موجودة‬ ‫كجزيرة رمكني يف الشامل أو أن نحدد ‪ 100‬ميل‬ ‫مث ًال ويصوت عليها املجلس النيايب ثم نرسلها اىل‬ ‫الجهات الدولية‪.‬‬ ‫أما عن اآلليات التقنية لتحديد املياه‬ ‫االقتصادية فيمكن‪ ،‬وفق الخادم‪ ،‬أن يتم من خالل‬ ‫وسائل تقنية تعتمد ‪ 3‬طرق عىل األقل‪ ،‬ترسيم‬ ‫املياه اإلقليمية أو املياه املتاخمة أو املياه االقتصادية‪،‬‬ ‫كاعتامد خط الحدود املرسوم عىل الخرائط الدولية‬ ‫ليكون امتداده املايئ فاص ًال بني هذه الدول‪ .‬وعىل‬ ‫سبيل املثال فإن الخط الفاصل بيننا وبني األرايض‬ ‫املحتلة هو اآليت من الناقورة‪ .‬هذا الخط نفسه ميكن‬ ‫أن مندده يف اتجاه البحر‪ ،‬وتكون الحدود املائية امتداداً‬ ‫للحدود الربية فنرضب خطاً وهمياً يف البحر يعترب‬ ‫حدوداً مائية‪ .‬ولكن هذا الخط عادة يكون خطاً مائياً‪،‬‬

‫‪55‬‬

‫وبالتايل ميكن أن يكون لصالح لبنان وتكون زاويته‬ ‫منعكسة يف اتجاه «إرسائيل»‪ ،‬حينها يحصل لبنان‬ ‫عىل مساحة أكرب‪.‬‬ ‫والطريقة الثانية للرتسيم هي يف وضع الخط الذي‬ ‫ميكن أن نسميه الخط الساحيل األوسط (‪،)Median‬‬ ‫وهذا خط وهمي أيضاً‪ .‬كأن نرضب خطا مستقي ًام‬ ‫عىل الساحل اللبناين‪ .‬ومن هذا الخط نأخذ خطاً‬ ‫عمودياً عليه وزاوية ‪ 270‬درجة يف اتجاه الغرب‪ ،‬وبالتايل‬ ‫يكون هذا الخط خطاً مستقي ًام شامله يكون للبنان‬ ‫وجنوبه لألرايض املحتلة‪.‬‬ ‫الطريقة الثالثة وتسمى بالجيومرتي الخط األوسط‪،‬‬ ‫الذي تكون كل النقاط التي عىل شامله وعىل ميينه‬ ‫هي عىل نفس املسافة منه‪ ،‬أي نقطة الخط األوسط‬ ‫وهو الخط الراسم هذه الحدود بني البلدين يف شكل ال‬ ‫مييل ال لجهة هذا البلد وال اىل ذاك‪ .‬وطبعاً فإن كل هذه‬ ‫األمور تكون حرباً عىل ورق إذا مل يوافق عليها مجلس‬ ‫النواب ومل ترسل اىل األمم املتحدة‪.‬‬ ‫وحول ما إذا كانت األمم املتحدة ستوافق بهذه‬ ‫السهولة‪ ،‬خاصة إذا ما اعرتضت «إرسائيل» عىل‬ ‫هذا الرتسيم «الذايت»؟ يعتقد الخادم أن «إرسائيل»‬ ‫قد تعرتض وقد ال تعرتض‪ ،‬لكننا أمام موضوع مهم‬ ‫جداً سيدر مليارات الدوالرات عىل البلد واملهم أن هناك‬ ‫اتفاقية الهدنة‪ ،‬ألن لجنة الهدنة ستجتمع عند نشوء‬ ‫الخالفات‪ ،‬كام يحدث اآلن يف املعالجات عىل الخط األزرق‪،‬‬ ‫من قبيل هذه الشجرة لكم أو هذه الشجرة لنا‪ ،‬وهذا‬ ‫الحجر لكم وذاك لنا‪.‬‬ ‫وال يتوقع الخادم املتفائل بإمكانية إنجاز هذا املرشوع‪،‬‬ ‫أن يتم ذلك قبل خمس سنوات‪ ،‬إذا ما بدأنا من اليوم‬ ‫بالعمل الجاد يف الدراسات والبحث والتمويل والتجهيز‬ ‫والتخزين‪ ،‬داعياً الجميع إىل «التشمري» عن الزنود‬ ‫والبدء بالعمل‪ ،‬ألن هذا املوضوع يعود بالفائدة اىل كل‬ ‫املواطنني وبالتايل اىل سد العجز الذي فاق الـ ‪ 55‬مليار‬ ‫دوالر وسد الدين العام‪ ،‬وبالتايل خفض تكلفة الطاقة‬ ‫الكهربائية‪ ،‬متمنياً إيالء البحرية اللبنانية نوع من‬ ‫الرعاية واالهتامم الجدي لتدافع عن مصالح لبنان يف‬ ‫مياهه االقتصادية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫‪ 2010‬عام السياحة بامتياز قفز فوق السجاالت السياسية واإلعالمية‬ ‫عدد السياح بلغ ‪ 2,167,989‬زائراً بزيادة ‪% 17‬‬ ‫مؤرشات إيجابية خرقت أخرياً األجواء السوداوية‬ ‫السائدة يف لبنان‪ ،‬هذه املؤرشات تتعلق بالحركة‬ ‫السياحية‪ ،‬فبعدما كان القرار الظني الذي يرتقب‬ ‫صدوره عن املحكمة الدولية الخاصة بلبنان يرخي‬ ‫بظالله عىل كل القطاعات والتطورات‪ ،‬أتت فرتة‬ ‫الهدنة التي سبقت بقليل فرتة األعياد واستمرت‬ ‫خاللها‪ ،‬لتعيد إىل السياحة حركة ناشطة‬ ‫اعتادتها يف هذا الوقت من السنة‪.‬‬ ‫فوسط تضافر كل الظروف السلبية من أوضاع‬ ‫اقتصادية ومعيشية غري مشجعة لدى اللبنانيني‬ ‫املقيمني‪ ،‬إىل ملفات سياسية مشحونة تبدأ‬ ‫بالقرار الظني وقرع طبول الحرب والفتنة‪ ،‬وسط‬ ‫كل ذلك انقلبت البوصلة يف األيام األخرية من‬ ‫العام ‪ 2010‬لرتتفع حركة الوافدين إىل لبنان‬ ‫وتنشط حركة املطار قدوماً والفنادق واملطاعم‬ ‫حجزاً‪ .‬واألسباب كثرية‪ :‬صدور القرار الظني تأكد‬ ‫تأجيله إىل ما بعد األعياد‪ ،‬ومسعى “السني ــ‬ ‫السني” تأكد استمراره خصوصاً بعد تحسن‬ ‫صحة العاهل السعودي امللك عبد الله بن عبد‬ ‫العزيز وتعافيه من الوعكة الصحية التي أملّت‬ ‫به وج ّمدت املسعى واالتصاالت‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫العاصفة الطبيعية التي فرشت بساطاً أبيض‬ ‫عىل الجبال فانفرجت قلوب الق ّيمني عىل القطاع‬ ‫السياحي والعاملني فيه‪ .‬لكنّ السبب األهم‬ ‫يبقى يف الظروف الجوية العاصفة يف غالبية‬ ‫الدول األوروبية والتي أدت إىل إقفال املطارات‬ ‫وبالتايل تح ّول وجهة سفر الكثريين من السياح‬ ‫واملغرتبني اللبنانيني إىل لبنان‪.‬‬ ‫وهكذا جاءت فرتة األعياد لتع ّوض بعضاً مام فات‬ ‫القطاع السياحي يف األشهر القليلة األخرية‬ ‫نتيجة املشاحنات واملناكفات السياسية ونتيجة‬ ‫تأخر الثلج كثرياً هذا العام ما أخر السياحة‬ ‫الشتوية قلي ًال‪ ،‬وجعل األرقام لألشهر الستة‬ ‫األخرية للعام ‪ 2010‬تشهد منواً ملحوظاً‪.‬‬

‫األرقام تتكلم‬ ‫بلغ عدد الوافدين إىل لبنان خالل العام ‪2010‬‬ ‫مليونني و‪ 167‬ألفاً و‪ 989‬زائراً‪ ،‬أي بزيادة بلغت‬ ‫‪ % 17,12‬عن العام ‪.2009‬‬ ‫وأعلنت مصلحة األبحاث والدراسات والتوثيق‬ ‫يف قسم اإلحصاء يف وزارة السياحة‪ ،‬يف بيان‬ ‫أصدرته‪ ،‬أن عدد الوافدين من الدول العربية سجل‬ ‫تقدماً بنسبة ‪ ،% 14‬فبلغ ‪ 894,724‬زائراً يف العام‬ ‫‪ 2010‬مقارنة مع سنة ‪ 2009‬التي وصل فيها عدد‬ ‫الزائرين اىل ‪ 785,985‬شخصاً‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عدد السياح وفق المراتب‬ ‫جنسية الوفود‬

‫المرتبة‬

‫الوافدون العرب ‪ 894,724‬زائراً موزعين‪:‬‬ ‫األولى‬

‫الثانية‬

‫عراقيون‬

‫كويتيون‬

‫سعوديون‬

‫أردنيون‬ ‫‪274,615‬‬

‫‪129,847‬‬ ‫‪191,066‬‬ ‫الوافدون األوروبيون ‪ 549,481‬زائراً‬

‫‪95,824‬‬

‫فرنسيون‬

‫بريطانيون‬

‫إيطاليون‬

‫‪60,239‬‬ ‫‪76,854‬‬ ‫الوافدون اآلسيويون ‪ 373,490‬زائراً‬

‫‪36,625‬‬

‫ألمان‬

‫‪139,534‬‬ ‫الثالثة‬

‫إيرانيون‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪241,514‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫الوافدون األميركيون ‪ 248,725‬زائراً‬ ‫الرابعة‬

‫ويأيت الوافدون العرب يف املرتبة األوىل‪،‬‬ ‫وعددهم ‪ 894,724‬زائراً أي بنسبة ‪ % 41‬من مجمل‬ ‫الزوار وهم بالتفصيل‪ :‬أوالً‪ :‬األردنيون ‪274,615‬‬ ‫زائراً أي بنسبة ‪ % 31‬من مجمل الزوار العرب‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬السعــــوديون ‪ 191,066‬زائراً أي بنسبة‬ ‫‪ .% 21‬ثـــالثاً‪ :‬العراقيون ‪ 129,847‬زائراً‪ .‬رابــعاً‪:‬‬ ‫الكويتـيون ‪ 95,824‬زائراً‪.‬‬ ‫أما الوافدون من الدول األوروبية فهم يف املرتبة‬ ‫الثانية‪ ،‬وعددهم ‪ 549,481‬زائراً أي بنسبة ‪% 25‬‬ ‫من مجمل الزوار‪ :‬أوالً‪ :‬الفرنسيون ‪ 139,534‬زائراً‬ ‫أي بنسبة ‪ % 25‬من مجمل الزوار األوروبيني‪ .‬ثانياً‪:‬‬ ‫األملان ‪ 76,854‬زائراً‪ .‬ثالثاً‪ :‬الربيطانيون ‪60,239‬‬ ‫زائراً‪ .‬رابعاً‪ :‬اإليطاليون ‪ 36,625‬زائراً‪.‬‬ ‫ويأيت يف املرتبة الثالثة الوافدون من قارة آسيا‪،‬‬ ‫حيث بلغ عددهم ‪ 373,490‬زائراً السيام منهم‬ ‫اإليرانيون ‪ 241,514‬زائراً‪ .‬يليهم يف املرتبة الرابعة‬ ‫الوافدون من قارة أمريكا عددهم ‪ 248,725‬زائراً‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬الواليات املتحدة ‪ 123,302‬زائراً أي بنسبة ‪50‬‬ ‫‪ %‬من مجمل الزوار من قارة أمريكا‪ .‬ثانياً‪ :‬الكنديون‬ ‫‪ 88,002‬زائراً‪ .‬ثالثا‪ :‬الربازيليون ‪ 15,371‬زائراً‪.‬‬ ‫وسجل شهر متوز من العام ‪ 2010‬أكرب عدد من‬ ‫الوافدين‪ 361,934 :‬زائرا‪.‬‬ ‫أما يف ما يتعلق باإلنفاق السياحي‪ ،‬فقد‬ ‫سجل زيادة بنسبة ‪ % 24‬عن العام املايض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بحسب رشكة “‪ ”Global Blue‬املعتمدة يف لبنان‬ ‫السرتجاع الرضيبة عىل القيمة املضافة للسياح‬

‫‪56‬‬

‫غري اللبنانيني‪ ،‬وتوزع اإلنفاق عىل الجنسيات عىل‬ ‫الشكل اآليت‪ :‬السعوديون بنسبة ‪ ،% 23‬األردنيون‬ ‫بنسبة ‪ ،% 18‬اإلماراتيون بنسبة ‪ ،% 10‬الكويتيون‬ ‫بنسبة ‪ ،% 10‬السوريون بنسبة ‪ ،% 8‬املرصيون‬ ‫بنسبة ‪ ،% 7‬وباقي الجنسيات بنسبة ‪.% 24‬‬ ‫هكذا إذاً تن ّفست السياحة بكل قطاعاتها‬ ‫الصعداء نهاية العام ‪ 2010‬وبداية العام ‪2011‬‬ ‫بعدما كانت شهدت ركوداً ملحوظاً يف شهر‬ ‫ترشين الثاين وحتى منتصف كانون األول وبعدما‬ ‫كانت التوقعات سلبية واألمل مفقوداً مبوسم‬ ‫األعياد‪.‬‬ ‫كذلك الحجوزات يف الفنادق ساح ًال وجب ًال‬ ‫ارتفعت يف شكل ملحوظ والمست نسبة ‪70‬‬ ‫‪ %‬خصوصاً يف بريوت ومناطق التزلج‪ ،‬عل ًام أن‬ ‫يتحسون عىل املوسم الذي‬ ‫أصحاب الفنادق‬ ‫رّ‬ ‫كان ميكن أن يكون أفضل بكثري لو مل يكن هناك‬ ‫حديث عن قرار ظني وعن شهود زور‪.‬‬

‫الواليات المتحدة‬

‫الكنديون‬

‫البرازيليون‬

‫‪-‬‬

‫‪123,302‬‬

‫‪88,002‬‬

‫‪15,371‬‬

‫‪-‬‬

‫املقيمني‪ .‬فقبل عرشة أيام من عيد امليالد مل‬ ‫تكن التوقعات إيجابية عىل اإلطالق وكان‬ ‫الوضع مزرياً ويشهد ركوداً وينبئ بغياب الحركة‬ ‫السياحية خصوصاً نتيجة األجواء السياسية‬ ‫غري املشجعة‪ ،‬ولكن قبيل األعياد بأيام معدودة‬ ‫امتألت الفنادق وزادت الحجوزات يف املطاعم يف‬ ‫شكل كبري جداً‪ ،‬وباتت أوضاع القطاع السياحي‬ ‫جيدة عىل غرار السنوات املاضية يف مثل هذه‬ ‫الفرتة‪ ،‬والسبب الرئييس لذلك تع ّذر السفر إىل‬ ‫أوروبا‪ ،‬إضافة إىل أن األجواء السياسية يف لبنان‬ ‫هدأت بعض اليشء‪.‬‬

‫ومكاتب السفر أيضاً‬ ‫بدورها سجلت مكاتب السفر والسياحة منواً‬ ‫ملحوظاً يف العام ‪ 2010‬ولكن ليس عىل قدر‬ ‫التوقعات‪ ،‬بحيث تر ّكز النمو يف أماكن محددة‬

‫كالوسط التجاري فيام غابت يف أماكن أخرى‪.‬‬ ‫فصحيح أن البلد حقق منواً يف القطاع السياحي‬ ‫يزيد عن العام املايض إ ّال أنه مل يكن النمو املتوقع‬ ‫ويف شكل خاص خالل األعياد‪ .‬لقد حققت‬ ‫األشهر الستة األوىل من السنة النمو األكرب‬ ‫ولكن منذ منتصف الصيف مل تكن األرقام عىل‬ ‫قدر الطموحات‪ .‬ففي شهري آب وأيلول صادف‬ ‫شهر رمضان وعيد الفطر فرتاجعت الحركة‬ ‫بعض اليشء‪ ،‬ويف األشهر التي تلت انعكست‬ ‫املناوشات السياسية والحديث املتكرر عن املحكمة‬ ‫الدولية والقرار الظني وعن فتنة متوقعة عىل‬ ‫حركة الوافدين حتى من املغرتبني اللبنانيني الذين‬ ‫كانت نسبتهم مرتفعة جداً يف هذا الوقت من‬ ‫السنة‪ .‬ولكن ال شك أن النمو استمر يف األشهر‬ ‫الستة األخرية ولكنه كان خجوالً‪ ،‬ما جعل النمو‬ ‫يف العام كله يرتاجع عماّ كان متوقعاً‪ ،‬بحيث‬ ‫ُس ّجل منو بنسبة ‪ 17‬إىل ‪ % 18‬فيام كان من‬ ‫املتوقع أن تبلغ النسبة ‪ % 25‬إىل ‪ % 26‬عن العام‬

‫‪ ،2009‬ونتيجة ذلك أن بعض رشكات الطريان‬ ‫خصوصاً العربية‪ ،‬ضاعفت رحالتها إىل لبنان‪.‬‬ ‫وعىل خالف بقية القطاعات السياحية‪ ،‬ال يتأثر‬ ‫قطاع التذاكر كثرياً برتدّي األوضاع السياسية‬ ‫واألمنية وهو ما ُيخىش منه حالياً‪ ،‬إذ تنشط‬ ‫تذاكر الذهاب‪ ،‬ألن غياب االستقرار ينعكس عىل‬ ‫ّ‬ ‫ويعطلها ولكن سوق التذاكر‬ ‫السياحة يف لبنان‬ ‫ال يتوقف‪ ،‬بحيث تنشط حركة املغادرة من البلد‬ ‫بحثاً عن عمل ومشاريع يف الخارج‪ .‬وبالتايل إن‬ ‫مجال قطع التذاكر ال يتأثر يف شكل كبري برتدّي‬ ‫األوضاع السياسية‪ ،‬ال بل إن هذا السوق يشهد‬ ‫منواً ملحوظاً منذ خمس سنوات وال يزال‪.‬‬ ‫اآلن وبعدما طوى العام ‪ 2010‬آخر صفحاته من‬ ‫دون أن يخذل القطاع السياحي كام كانت توحي‬ ‫املؤرشات يف بداية آخر أشهره‪ ،‬بدأت التوقعات يف‬ ‫شأن األرقام السياحية لسنة ‪ 2011‬التي يرتقب‬ ‫أن تكون حبىل بالتطورات القضائية والسياسية‬ ‫واألمنية‪ ،‬فهل تصح تلك التوقعات؟‬

‫املطاعم واملقاهي‬ ‫حال املطاعم واملقاهي كحال الفنادق ال بل‬ ‫أفضل‪ ،‬فالحجوزات ارتفعت يف شكل ملحوظ‬ ‫واملطاعم امتألت باملغرتبني اللبنانيني والسياح‬ ‫العرب واألوروبيني إضافة إىل اليابانيني والصينيني‬ ‫الذين زادت أعدادهم هذا العام إىل جانب اللبنانيني‬

‫‪57‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫المؤسسة العامة للمواصالت الطرقية السورية‬

‫الدكتور حمود‪ :‬االهتمام بالسالمة الطرقية وهندسة المرور‬ ‫جزء من البنية التحتية لالقتصاد الوطني‬ ‫للمواصالت‬ ‫العامة‬ ‫املؤسسة‬ ‫تعترب‬ ‫الطرقية السورية مرفقاً حيوياً هاماً‬ ‫مسؤوالً عن الشبكة الطرقية الرئيسية‬ ‫استثامراً وصيان ًة وتطويراً‪ ،‬وتعترب هذه‬ ‫الشبكة جزءاً هاماً من البنية التحتية‬ ‫لالقتصاد الوطني‪ ،‬وقد بلغ طول هذه‬ ‫الشبكة حتى نهاية الشهر السادس من‬ ‫عام ‪ / 7934 / 2010‬كم‪.‬‬ ‫وللمقارنة بني عامي ‪ 2005‬وحتى‬ ‫نهاية عام ‪ 2009‬نرى أن الزيادة واضحة من‬ ‫حيث الفارق‪ ،‬فقد بلغت عام ‪ 2005‬طول‬ ‫االتوسرتادات ‪ 1090‬كم‪ ،‬والطرق الرئيسية‬ ‫‪ 5968‬كم ليبلغ مجموعها الكيل ‪7058‬‬ ‫كم‪ ،‬أما يف عام ‪ 2009‬فقد بلغت طول‬ ‫االتوسرتادات ‪ 1339‬كم‪ ،‬والطرق الرئيسية‬ ‫‪ 6388‬كم ليبلغ مجموعها الكيل ‪7727‬‬ ‫كم‪.‬‬ ‫الدكتور‬ ‫التقت‬ ‫التوحيد”‬ ‫“منرب‬ ‫املهندس يوسف حمود‪ ،‬مدير عام املؤسسة‬ ‫العامة للمواصالت الطرقية‪ ،‬الذي تحدث‬ ‫بكل شفافية عن دور املؤسسة الهام‪،‬‬ ‫فكان الحوار التايل‪:‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ما هو الدور الرئييس الذي تلعبه أو تقوم به‬ ‫املؤسسة؟‬ ‫كان لسوريا وما يزال دور هام يف مجال املواصالت‬ ‫الطرقية ملوقعها الجغرايف الهام من الناحية‬ ‫االسرتاتيجية‪ ،‬حيث تلتقي فيها الطرق يف عدة‬ ‫اتجاهات بني الرشق والغرب والشامل والجنوب‪،‬‬ ‫فكانت حلقة وصل بني أسيا وأوروبا يف طريق‬ ‫الحرير‪ ،‬واحتلت يف تلك الحقبة مكانة هامة فهي‬ ‫تمُ ثل جرساً برياً يربط الرشق بالغرب‪ ،‬لذا ظهرت‬ ‫عليها أعظم الطرق التاريخية ومن بينها طريق‬ ‫الشام التي تربط رشق البحر األبيض املتوسط‬ ‫بالهند والرشق اآلسيوي وطرق الحرير‪ ،‬ولقد تحقق‬ ‫تطور كبري يف الشبكة الطرقية‬ ‫يف سوريا بدعم واهتامم كبريين‬ ‫من القيادة السياسية والحكومة‪،‬‬ ‫باعتبار أن هذه الشبكة هي من‬ ‫أهم البنى التحتية لالقتصاد‬ ‫السوري لتحقيق مزيد من التطور‬ ‫االقتصادي واالجتامعي يف البالد‪.‬‬ ‫ما هي أهم املشاريع الحيوية‬ ‫تقوم‬ ‫التي‬ ‫واالستثامرية‬ ‫املؤسسة بتنفيذها؟‬ ‫تقوم املؤسسة العامة للطرق‬ ‫بتنفيذ وتأمني شبكة طرق‬ ‫مركزية تتوفر فيها املواصفات‬ ‫الفنية الجيدة‪ ،‬وتؤمن السالمة‬ ‫املرورية عليها وهي‪ :‬متابعة‬ ‫تنفيذ الطريق الرسيع أريحا‪-‬‬ ‫الالذقية بطول ‪ 98‬كم مؤلفاً‬

‫‪58‬‬

‫من أربع حارات يضم ‪ 76‬جرساً منها ‪15‬عقدة‪،‬‬ ‫إضافة إىل أعامل صناعية أخرى كمعابر سفلية‬ ‫للمشاة والسيارات وعددها ‪ 53‬معرباً‪ ،‬وعبارات‬ ‫لترصيف املياه وعددها ‪ ،260‬ومن املتوقع إنجازه يف‬ ‫صيف عام ‪ ،2011‬وتنفيذ فرع ثاين لطريق دمشق‪-‬‬ ‫السويداء‪ ،‬مؤلف من ثالث مراحل األوىل بطول ‪30‬‬ ‫كم من نجها حتى براق‪ ،‬والثانية بطول ‪39,145‬‬ ‫كم من براق إىل سليم‪ ،‬والثالثة بطول ‪ 21‬كم‬ ‫من السويداء وحتى الحدود األردنية‪ ،‬وقد تم توقيف‬ ‫العمل ريثام ُيتخذ قرار إقامة املركز الحدودي قرب‬ ‫قرية العانات‪ ،‬وسيتم استالم املرشوع من دمشق‬ ‫حتى السويداء قبل نهاية هذا العام‪.‬‬ ‫ونقوم بتنفيذ طريق دير الزور البوكامل (الطريق‬ ‫الصحراوي) بطول ‪140‬كم بكلفة تقديرية ‪5,611‬‬ ‫مليار لرية سورية‪ ،‬مؤلف من مرحلتني‪ :‬األوىل من‬ ‫دير الزور إىل امليادين بطول ‪ 40,4‬كم سيتم استالم‬ ‫هذا الجزء قبل نهاية هذا العام‪ ،‬والثانية من امليادين‬ ‫حتى البوكامل بطول ‪126,6‬كم متضمناً وصالت‬ ‫طرقية لربط التجمعات السكنية والنشاطات‬ ‫األخرى بالطريق‪ ،‬وتم التوقيع عىل اتفاقية قرض مع‬ ‫الصندوق العريب لإلمناء االقتصادي واالجتامعي‬ ‫للمساهمة يف متويل هذا املرشوع مببلغ قيمته‬ ‫‪ 16‬مليون دينار كويتي‪ ،‬وتقوم املؤسسة حالياً‬ ‫بالتأهيل املسبق للمقاولني كام تم إعداد دراسة‬ ‫تقييم ّية ويتم إعداد دراسة بيئية من قبل مكتب‬ ‫استشاري متخصص‪.‬‬ ‫إضافة اىل تنفيذ طريق الرقة ‪ -‬دير الزور الجديد‬ ‫بطول ‪ 137‬كم‪ ،‬والوصلة الطرقية بني فرعي‬ ‫دير الزور – الرقة (الوصلة الجنوبية) ودير الزور‪ -‬ا‬ ‫لحسكة (الوصلة الشاملية) بطول حوايل ‪23‬‬ ‫كم ُينفذ من قبل رشكتي كوبري والما بكلفة‬ ‫تقديرية ‪ 3,300‬مليار لرية سورية‪ ،‬وهو ممول خارجياً‬ ‫بقرض من الصندوق الكويتي ومن املتوقع إنهائه‬ ‫خالل عام ‪.2012‬‬ ‫وقمنا بتنفيذ طريق ديرالزور‪ -‬الـ ‪( 47‬الحسكة)‬ ‫بطول ‪ 97,5‬كم ُينفذ من قبل رشكة الخرايف‬ ‫بكلفة تقديرية ‪ 3,650‬مليار لرية سورية‪ ،‬وهو ممول‬ ‫خارجياً بقرض من الصندوق الكويتي وتم تدشينه‬ ‫ووضعه بالخدمة بتاريخ ‪.2010/11/28‬‬ ‫وإنشاء طريق دمشق‪ -‬القنيطرة الجديد ويتألف‬ ‫من قسمني‪ :‬األول اعتباراً من القنيطرة بطول ‪35‬‬ ‫كم جاهز‪ ،‬وتم ربطه مع الطريق القديم‪ ،‬والثاين‬ ‫بطول ‪ 58‬كم‪ ،‬يتم تنفيذه من قبل مؤسسة‬ ‫تنفيذ اإلنشاءات العسكرية‪ ،‬و ُتنفذ األعامل‬

‫الصناعية من قبل الرشكة العامة للطرق‬ ‫والجسور‪ ،‬ومن املتوقع إنهائه خالل هذا العام‪،‬‬ ‫وتنفيذ تحويلة حمص الكربى بطول ‪ 48‬كم‪.‬‬ ‫كام نقوم بإعداد دراسة الجدوى االقتصادية‬ ‫إلنشاء محاور طرقية جديدة وفق نظام البناء‬ ‫والتشغيل واإلعادة (‪ )T.O.B‬واعتامد هذا النظام‬ ‫يف إنشاء عدة طرق واستثامرها وأهم هذه املحاور‪:‬‬ ‫ محور الحدود الرتكية حتى الحدود األردنية وفق‬‫املسار‪ :‬باب الهوى ‪ -‬حلب– حامة– حمص‪ -‬دمشق‬ ‫ الحدود األردنية بطول حوايل ‪ 432‬كم أوتوسرتاد‬‫وبتكلفة أولية ُتقدر بـ ‪ 50,0‬مليار لرية سورية‪.‬‬ ‫ محور طرطوس ‪ -‬التنف ‪ -‬الحدود العراقية‬‫وفق املسار‪ :‬طرطوس‪ -‬حمص‪ -‬البصريي‪ -‬التنف‪-‬‬ ‫الحدود العراقية بطول حوايل ‪ 351‬كم من الدرجة‬ ‫األوىل‪ ،‬وبتكلفة أولية ُتقدر بـ ‪ 30,684‬مليار لرية‬ ‫سورية‪ ،‬وتم اإلعالن عن التأهيل املسبق للرشكات‬ ‫االستثامرية التي ترغب يف تنفيذ هذين‬ ‫املرشوعني‪ ،‬وتقدمت ‪ 9‬رشكات عاملية‪ ،‬ويتم حالياً‬ ‫اتخاذ إجراءات التعاقد مع استشاري تعاقدي‬ ‫للمساهمة يف تأهيل الرشكات املؤهلة وإعداد‬ ‫إضبارة التعاقد واإلرشاف عىل مرحلة التعاقد‪،‬‬ ‫وقد تم تأمني التمويل الالزم لدراسة الجدوى‬ ‫االقتصادية من قبل الجانب القطري‪.‬‬ ‫ تحويلة دمشق الكربى وهي محلق دائري‬‫بأربع حارات بطول ‪ 110‬كم‪ ،‬وقد تم دراسة الجدوى‬ ‫االقتصادية للتحويلة من قبل رشكات ماليزية‬ ‫مبوجب مذكرة تفاهم للتعاون بني الحكومتني‬ ‫السورية واملاليزية وهي قيد الدراسة‪.‬‬ ‫ مرشوع الربط الشمويل للمدينة الصناعية‬‫يف عدرا مع اتوسرتاد دمشق – حمص‪ ،‬وقد تم‬ ‫التعاقد بالرتايض مع الرشكة العامة للطرق‬ ‫والجسور مبوجب العقد ‪ 111‬لعام بقيمة ‪452,900‬‬ ‫مليون لرية سورية‪ ،‬ومع مؤسسة تنفيذ اإلنشاءات‬ ‫العسكرية مبوجب العقد ‪ 81‬لعام ‪ 2010‬بقيمة‬ ‫‪ 651,193‬مليون لرية سورية‪.‬‬ ‫ونقوم باالهتامم بالسالمة الطرقية وهندسة‬ ‫املرور‪ ،‬وذلك بتنفيذ برنامج واسع لتجهيز الطرق‬ ‫وتغطية الشبكة بأفضل وسائل ضبط املرور‬ ‫(اإلشارات الطرقية ‪ -‬الدهان العاكس ‪ -‬املسامري‬ ‫العاكسة ‪ -‬حواجز األمان) وتركيب محطات‬ ‫تعداد طرقي موزعة عىل املحاور الرئيسية‪ ،‬وتم‬ ‫إنتاج وزرع اإلشارات وفق بنود اتفاقية املرشق‬ ‫العريب (األسكوا) املزودة باملسافة الكيلو مرتية‪،‬‬ ‫ويتم التأكيد بشكل مستمر عىل الرشكات‬ ‫التنفيذية برضورة وضع إشارات التحذير والداللة‬ ‫يف كافة مواقع العمل عىل الطرق املركزية‬ ‫وإعطاء املوضوع األهمية الفنية الالزمة‪.‬‬ ‫للمشاريع‬ ‫السنوية‬ ‫الخطة‬ ‫هي‬ ‫ما‬ ‫االستثامرية للمؤسسة لعام ‪2011‬؟‬ ‫تم وضع مرشوع الخطة السنوية للمشاريع‬ ‫للمواصالت‬ ‫العامة‬ ‫للمؤسسة‬ ‫االستثامرية‬ ‫الطرقية لعام ‪ 2011‬يف إطار مرشوع الخطة‬ ‫الخمسية الحادية عرشة للمشاريع االستثامرية‬

‫للمؤسسة العامة للمواصالت الطرقية للفرتة‬ ‫(‪ 2011‬ـ ‪ ،)2015‬وانطالقاً من اعتبارات أهمها‪،‬‬ ‫عليها‬ ‫املتفق‬ ‫والسياسات‬ ‫االسرتاتيجيات‬ ‫يف الخطة الخمسية الحادية عرشة‪ ،‬والعالقات‬ ‫املتبادلة بني املؤسسة واملؤسسات والجهات‬ ‫املعنية بأمناط النقل كافة‪ ،‬وتحقيق أهداف الخطة‬ ‫الخمسية الحادية عرشة بحيث تكون أكرث واقعية‬ ‫وجدية وانتظاماً وتحقق عامل املرونة‪ ،‬واالعتامد‬ ‫عىل معايري تقييم املشاريع التي تنسجم مع‬ ‫اسرتاتيجية وسياسات قطاع الطرق والخطة‬ ‫الخمسية الحادية عرشة واختبار مقدار املساهمة‬ ‫الفعالة لكل مرشوع من مشاريع الخطة الخمسية‬ ‫الحادية عرشة يف تحقيق مجموعة من األهداف‬ ‫وهي‪ ،‬استكامل املشاريع التي ميكن تشغيلها‬ ‫أو استثامرها خالل عام ‪ ،2011‬ومتابعة مشاريع‬ ‫االستبدال والتجديد التي تؤدي اىل تحسني نوعية‬ ‫شبكة الطرق املركزية وتأمني السالمة املرورية‬ ‫عليها‪ ،‬وإنجاز املشاريع املبارش بها واملنقولة وفق‬ ‫برامج زمنية متعاقد عليها‪ ،‬و ُتعطى األولوية‬ ‫للمشاريع املمولة خارجياً‪ ،‬واملبارشة يف تنفيذ‬ ‫املشاريع الجديدة املقررة املطروحة يف الخطة‬ ‫الخمسية الحادية عرشة والتي تم تجهيز أضابريها‬ ‫التنفيذية مبا يف ذلك دراسة الجدوى االقتصادية‬ ‫والتي ستسهم يف عملية التنمية‪.‬‬ ‫ما مقدار االستثامرات التي تخصصت بها‬ ‫املؤسسة؟‬ ‫تم تخصيص املؤسسة باستثامرات ُتقدر بـ‬ ‫‪ 11‬مليار لرية سورية‪ ،‬وهي استثامرات مشاريع‬ ‫االستبدال والتجديد ‪ 2,855‬مليار لرية سورية‪،‬‬ ‫استثامرات املشاريع املبارش بها ‪ 7,093800‬مليار‬ ‫لرية سورية‪ ،‬املشاريع الجديدة املقررة ‪1,001000‬‬ ‫مليار لرية سورية‪ ،‬املشاريع الجديدة املقرتحة‬

‫‪59‬‬

‫‪ 50,200‬مليون لرية سورية‪.‬‬ ‫ما هي الخطة‬ ‫شبكة الطرق املركزية؟‬ ‫قمنا باتخاذ عدة إجراءات لجعل األوتوسرتادات‬ ‫حرة‪ :‬وهي إنشاء عقد طرقية وجسور للمشاة‬ ‫وتقاطعات عىل مستوى واحد‪ ،‬وتقاطعات عىل‬ ‫عدة مستويات‪ ،‬إضافة إىل إنشاء فتحات وحارات‬ ‫لاللتفاف عىل املحاور الرئيسية وإنشاء طرق‬ ‫تخدميية من الطرفني‪ ،‬وتخطيط الطرق الجديدة‬ ‫البعيدة عن التجمعات السكانية‪ ،‬واستكامل‬ ‫حواجز األمان الوسطية نيوجريس‪ ،‬وسيتم خالل‬ ‫الخطط االستثامرية تنفيذ األعامل الالزمة لجعل‬ ‫األتوسرتادات حرة ومحمية من األطراف والوسط‬ ‫كرتكيب سياجات حامية من الطرفني‪ ،‬إضافة‬ ‫لألعامل الذي ذكرناها وكانت الخطوة األوىل يف‬ ‫هذا املجال يف تركيب سياج حامية لتحويلة‬ ‫حمص بطول ‪ 24‬كم‪ ،‬واستمالك األرايض بجانب‬ ‫الطرق وتحديد مقدار رجوع واجهات األبنية التي‬ ‫ُتشاد عىل جوانب الطرق‪ ،‬وإنجاز كود سوري ألعامل‬ ‫الطرق والجسور‪ ،‬والعمل عىل تأهيل وتطوير‬ ‫وتوسيع وتنفيذ الطرق املركزية القامئة مبا فيها‬ ‫األتوسرتادات والوصالت الطرقية الدولية‪.‬‬ ‫ويف الختام أ ّكد حمود عىل سعي املؤسسة‬ ‫الدائم لتنفيذ املزيد من املشاريع ووضعها‬ ‫باالستثامر بالشكل األمثل من أجل املساهمة‬ ‫يف عملية التطوير والتحديث التي يقودها سيد‬ ‫الوطن الرئيس الدكتور بشار األسد‪ ،‬ونعاهده بأن‬ ‫نبقى الجند األوفياء يف هذه املسرية الكبرية‪.‬‬ ‫املستقبلية‬

‫ملسرية‬

‫تطوير‬

‫حوار‪ :‬عبد السالم وعبد املناف‬ ‫األحمد – مكتب دمشق‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب مرأة‬

‫الكوتا النسائية ليست هدفاً بل خرق جدي لوصولها لمراكز قيادية‬ ‫وفاء الضيقة حمزة لـ «منبر التوحيد»‪ :‬حزب المرأة في لبنان لم يتبلور‬ ‫دور املرأة أسايس ومركزي ومحوري يف‬ ‫املجتمع مبختلف شؤونه‪ ،‬وال ميكن حرص هذا‬ ‫الدور يف جانب محدد‪ ،‬فاملرأة موجودة يف‬ ‫كل مكان ودورها يف زرع بذور املساواة عملية‬ ‫هامة وأساسية‪ ،‬أما ميادين العمل فهي‬ ‫الشاهد عىل إنجازات املرأة ونجاحها وهذا ما‬ ‫أثبتته التجارب‪.‬‬ ‫إن أي محاوالت لتغييب هذا الدور ال ميكنها‬ ‫أن تلغي الحقيقة املاثلة وحتمية وجود املرأة‬ ‫يف أعىل هرم أولوياتنا ويف القضايا الوطنية‬ ‫ودورها االجتامعي واالقتصادي والسيايس‪.‬‬ ‫إن حرص دور املرأة يف قوالب وأدوار منظمة‬ ‫هو أحد مكامن الخلل يف بنية قدمية موروثة‪،‬‬ ‫لقد عانت املرأة وما زالت تعاين‪ ،‬وشكلت‬ ‫العوائق كابحاً أمام قدراتها الخالقة يف كافة‬ ‫مجاالت العمل واإلنتاج واإلبداع الفكري‬ ‫والعمل السيايس‪.‬‬ ‫املرأة هي حارسة كل القيم يف مجتمعنا‬ ‫وهي املدرسة املعنية بالتنشئة واإلعداد‪ ،‬وهي‬ ‫التعبري األسمى واألمثل عن قوة مجتمعنا‬ ‫العريب ومتاسكه يف مواجهة كل التحديات‪.‬‬ ‫املسؤولية تقع عىل عاتق الجميع من‬ ‫الفرد واألرسة واملجتمع واملؤسسات والقوانني‪،‬‬ ‫حتى تأخذ املرأة دورها‪ ،‬وهي رافعة النهضة‬ ‫واالقتصادية‪،‬‬ ‫والسياسية‬ ‫االجتامعية‬ ‫وأساس أي حضارة‪.‬‬ ‫إن إعطاء املرأة حقوقها يفسح املجال أمام‬ ‫هذه القدرات لتتحول إىل نتاج هام وأسايس‬ ‫يف صنع مناعة الوطن وقوته‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” كعادتها‪ ،‬تتوجه دامئاً‬ ‫صوب القدرات الكامنة يف مجتمعنا وهي‬ ‫بذلك تحاول تفعيل جميع الطاقات املتاحة‬ ‫مبا يعود بالخري عىل مجتمعنا اللبناين وأمتنا‬ ‫العربية‪ ،‬ونظراً للمكانة التي تحتلها املرأة‬ ‫العربية ودورها الكبري يف عملية النهوض‬ ‫االجتامعي والسيايس واالقتصادي وصوالً‬ ‫اىل معادالت جديدة من شأنها أن تعزز دور‬ ‫املرأة العربية بشكل عام من خالل مسار‬ ‫صاعد يرتكز عىل اإليجابيات وتنميتها‬ ‫واستئصالها‪،‬‬ ‫السلبية‬ ‫املظاهر‬ ‫ومحاربة‬ ‫من أجل هذه األهداف كان لنا اللقاء التايل‬ ‫مع الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة‪ ،‬هنا‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تتحمل املرأة يف مجتمعنا نصيب وافر من‬ ‫املسؤوليات امللقاة عىل عاتقها يف عملية‬ ‫الرتبية والعمل بكافة أشكاله‪ ،‬وهذا الدور‬ ‫يتسع أكرث كلام زادت التحديات املحيطة بفعل‬ ‫الظروف الخاصة التي تواجه لبنان كبلد مقاوم‬ ‫وموقع اسرتاتيجي هام يف املنطقة‪ ،‬فام هو دور‬ ‫املرأة اللبنانية بشكل عام‪ ،‬وهل أنت راضية عن‬ ‫مستوى األداء املتحقق فعلياً؟‬ ‫هذا السؤال له عدة جوانب‪ .‬أبدأ أوالً من مركزية‬ ‫موقع املرأة ضمن األرسة ودورها املحوري يف تربية‬ ‫األوالد وتنشئتهم تنشئة وطنية سليمة تجعلهم‬ ‫متأثرين ومؤثرين يف الشأن العام‪ ،‬وليسوا عىل‬ ‫هامش الحياة وقشورها‪ ،‬فهم أبناء هذا الوطن‬ ‫وال يجوز أن يكونوا مراقبني ملا يحدث أو حتى غري‬ ‫معنيني باألحداث العامة عىل اختالفها‪ ..،‬الرتبية‬ ‫تجعلهم مدركني ملا يجري حولهم متفاعلني مع‬ ‫األحداث والقضايا املطروحة سواء سياسية أو‬ ‫معيشية أو اقتصادية الخ‪ .‬أو حتى يف طريقة‬ ‫املسؤولية واحرتام النظام وغريه‪،‬‬ ‫إظهار حس‬ ‫كام يقول الكاتب الكبري الراحل سعيد تقي‬ ‫الدين إن كل مواطن خفري‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى إن دور املرأة أسايس يف زرع بذور‬ ‫املساواة بني الشقيق والشقيقة منذ الوالدة فال‬ ‫تفريق يف الرتبية عىل أساس الجنس‪ ،‬وال تفضيل‬ ‫يف املعاملة أو حظوة يف الحصول عىل الخدمات‪،‬‬ ‫يجب أن نريب الفتاة عىل تحمل أعباء الحياة متاماً‬ ‫كام الرجل‪ ،‬مبعنى آخر أرى أن لألرسة بشكل عام‬ ‫وللمرأة بشكل خاص دور أسايس يف نرش أسس‬ ‫املساواة‪ ،‬ليس بالكالم بل باألفعال‪ .‬وهذا طبعاً ال‬

‫‪60‬‬

‫يلغي دور األب يف الرتبية والتنشئة فال تكرس‬ ‫الذكورية‪ ،‬األب حت ًام سيعكس طريقة تربيته يف‬ ‫منزله عىل طريقة تربيته ألبنائه وبناته‪.‬‬ ‫أما موقع املرأة يف ميدان العمل‪ ،‬إنني عىل‬ ‫قناعة تامة وأثبتت التجربة أن املرأة املتعلمة‬ ‫واملثقفة والتي يف ميدان العمل تقدم وقتاً نوعياً‬ ‫ألرستها مقارنة مع النساء العاطالت عن العمل‬ ‫أو املمتنعات عن العمل سواء مبحض إرادتهن أو‬ ‫بناء عىل طلب الزوج يف أحيان كثرية‪.‬‬ ‫لست يف معرض تقييم أداء النساء أو‬ ‫استعراض واقع يحتاج اىل صفحات من التحليل‬ ‫إلعطاء املرأة حقها‪ ،‬إمنا بشكل عام بدأنا نشهد‬ ‫زيادة يف الوعي لقضايا املرأة من خالل الجيل‬ ‫الجديد الذي بدأ يرى و يرفض التمييز والعنف‬ ‫بحق املرأة‪ ،‬من ناحية أخرى أسجل هنا غياب املرأة‬ ‫عندما تبحث القضايا الوطنية الكربى كطاولة‬ ‫الحوار الوطني عىل سبيل املثال‪ ،‬فاملرأة من خالل‬ ‫وجودها الفاعل يف مؤسسات املجتمع املدين لها‬ ‫موقع متثييل هام ولكن هذه الفئة غيبت كلياً‬ ‫عن طاولة الحوار‪ .‬كذلك نحتاج اىل إبراز نضاالت‬ ‫املرأة يف املقاومة الوطنية وعدم حرص دورها عرب‬ ‫تجسيد معاناتها كأم الشهيد أو زوجة الشهيد‪.‬‬ ‫باختصار الطريق طويلة والعمل املطلوب‬ ‫إنجازه أكرث بكثري من العمل املنجز‪.‬‬

‫يف مجال العمل السيايس‬ ‫ما هو وضع املرأة يف مجال العمل السيايس؟‬

‫أال تالحظني التهميش الحاصل يف دور املرأة ومن‬ ‫املسؤول عن ذلك؟‬ ‫هناك ناشطات يف العمل السيايس وليس‬ ‫هناك نساء يف السياسة‪ ،‬فاملوقع الوزاري أو النيايب‬ ‫أو حتى نسبة التمثيل املتدنية يف العمل البلدي‬ ‫التي حظيت بها النساء يجب أن تستفز كل‬ ‫النساء يف لبنان وأن تشكل حافزاً لهن للتمسك‬ ‫مبطالبهن املحقة‪ .‬إن الواقع السيايس يف لبنان‬ ‫خالل العقود املنرصمة كان له تأثرياً سلبياً عىل‬ ‫املرأة وعىل العمل املطلبي النسايئ‪ ،‬فاملساواة‬ ‫والكوتا وتعديل القوانني املجحفة بحق املرأة‬ ‫اعتربت مطالب غري ذات أولوية أو حتى هامشية‬ ‫أمام عدم االستقرار السيايس واألمني يف البالد‬ ‫‪ ،‬فانكفأت الجمعيات النسائية وباتت تستفيد‬ ‫من فرتات السامح للقيام بتحركات واحتجاجات‬ ‫تم اسرتضاء‬ ‫مل تغري شيئاً يذكر يف املعادلة‪ ،‬لقد ّ‬ ‫الحركة النسائية مبقعد وزاري او مقعدين‪ .‬وأعتقد‬ ‫أن وعي املجتمع ألهمية عمل املرأة يف السياسة‬ ‫مل ينضج بعد بل أن األداء السيايس يف لبنان قد‬ ‫ساهم أيضاً يف إبعاد املرأة وانكفائها ألنها مل‬ ‫تقبل باالستطفاف املذهبي والطائفي املسيطر‬ ‫حالياً عىل الرغم من مشاركتها الخجولة يف‬ ‫بعض هذه االسطفافات أو حتى باإلمكان القول‬ ‫إن حشود النساء تستخدم لغايات انتخابية‬ ‫وسياسية لخدمة مصالح رجال السياسة‪.‬‬ ‫أما من املسؤول عن ذلك؟ املرأة مسؤولة كام‬ ‫الرجل كام اإلرادة السياسية‪ ،‬كام وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫كام كل مواطن‪ ،‬كام الجمعيات والحركة النسائية‬ ‫التي أخذت عىل عاتقها هذه القضية‪ .‬وال بد من‬ ‫االعرتاف أن حزب املرأة يف لبنان مل يتبلور بعد‪،‬‬ ‫فالجهود التي تبذل من قبل الهيئات الناشطة مل‬ ‫متكنها من االتحاد لتشكيل قوة ضاغطة أو كتلة‬ ‫حرجة مؤثرة تحتاج إليها أكرث من أي وقت مىض‬ ‫لتحقيق مطالبها‪.‬‬ ‫هل أنت مع إعطاء دور املرأة يف نواحي الحياة‬ ‫العامة متاماً مثل دور الرجل‪ ،‬أو أن يبقى الدور‬ ‫ضمن مجاالت محددة‪ ،‬وهل لديك اقرتاحات ما‬ ‫ميكن عرضها؟‬ ‫إن إحدى مكامن الخلل الذي عانت منه املرأة‬ ‫واملجتمعات بشكل عام هو حرص دور املرأة‬ ‫يف قوالب وأدوار منمطة تبدأ كام ذكرنا منذ‬ ‫الوالدة‪ ،‬ال تلعبي مع الصبيان‪ ،‬ال تجليس هكذا‪،‬‬ ‫ممنوع الخروج من املنزل إال برفقة األخ أو ابن العم‪،‬‬ ‫تخصيص ممرضة أو معلمة‪ ،‬انتظري العريس‪...‬‬ ‫من التوجيهات والقوالب املجتمعية التي‬ ‫الخ‬ ‫حرصت الفتاة يف ميادين عمل محددة وجعلتها‬ ‫يف موقع من يطلب الحامية الدامئة من الرجل‬ ‫الذي يف حاالت كثرية قد يكون الجالد بالنظر اىل‬ ‫حاالت العنف التي تحصل يف مجتمعنا‪.‬‬ ‫بكل تأكيد أنا مع أن تأخذ املرأة دورها وتفرض‬ ‫نفسها كام هي فاعلة يف ميادين القضاء‬ ‫وليس أن يعطى‬ ‫والتعليم والهندسة‪ ،‬وغريها‪،‬‬ ‫لها دوراً كمنّة‪ ،‬ويجب تكثيف العمل عىل إزالة‬

‫العراقيل التي تعيق عمل املرأة ومحاربة التمييز‬ ‫القائم عىل أساس النوع االجتامعي‪ ،‬بل أكرث من‬ ‫ذلك يجب تقديم الحوافز والتسهيالت لتصحيح‬ ‫الخلل يف ميادين محددة مثل العمل السيايس‪،‬‬ ‫املواقع العليا يف اإلدارات الرسمية والخاصة‪،‬‬ ‫تسهيل الحيازة عىل القروض‪ ،‬حق املرياث‪ ،‬من هنا‬ ‫إن من واجب الدولة واملرشع السهر الدائم عىل‬ ‫مصالح املواطنني نساء ورجاالً‪ ،‬وتطبيق املساواة‬ ‫كام ينص الدستور‪ ،‬وتحديد مكامن الخلل‪ ،‬واتخاذ‬ ‫التدابري التي تؤمن املساواة لكافة املواطنني رجاالً‬ ‫ونساء‪ ،‬وأن ترفع الغنب الالحق بأي منهم وتحقيق‬ ‫العدالة‪.‬‬

‫املرأة هي أساس األرسة طبعاً اىل جانب‬ ‫الرجل‪ ،‬فهي التي تدير موازنة األرسة يف معظم‬ ‫الحاالت‪ ،‬اىل أي مدى ميكن أن يؤثر دور املرأة يف‬ ‫ترشيد االقتصاد بشكل عام؟‬ ‫أشك أن املرأة هي التي تدير موازنة األرسة يف‬ ‫معظم األحيان‪ ،‬باعتقادي إن املرأة تنفق ما يقرره‬ ‫الرجل يف معظم األحيان‪ ،‬هو يحدد املبلغ الذي‬ ‫سينفق وأبواب اإلنفاق حتى‪ ،‬خاصة يف الحاالت‬ ‫التي ال تعمل املرأة وال تساهم يف دخل األرسة‪،‬‬ ‫حتى حني تعمل‪ ،‬وهذا تبينّ يف الدراسات امليدانية‬ ‫التي أجريناها عىل عينة من النساء يف القرى‪.‬‬ ‫إن املرأة تعطي الرجل ما تدخره من عملها بأجر‬ ‫وهو يترصف به‪ .‬املهم يف كل ذلك التأكيد عىل‬ ‫أهمية دعم دور املرأة يف االقتصاد وتقوية القدرات‬ ‫املعرفية لديها‪ ،‬وما نقوم به عرب مرصد نوارة من‬ ‫دورات تدريب للمرأة يف الريف من جهة أو عرب‬ ‫الهيئة الوطنية لشؤون املرأة عىل مستوى تدريب‬ ‫لنساء يف مراكز تنفيذية متوسطة أو للوايت‬ ‫يرغنب يف العمل ضمن برنامج التعاون مع غرفة‬ ‫التجارة والصناعة والزراعة يف بريوت وجبل لبنان‬

‫‪61‬‬

‫يقع ضمن اسرتاتيجية الهيئة ومرصد نوارة‬ ‫لتقوية دور املرأة يف االقتصاد واإلنتاج ألهمية ذلك‬ ‫يف وصول املرأة اىل مراكز قيادية‪ .‬املوضوع أكرب‬ ‫من ترشيد االقتصاد عىل مستوى املنزل‪.‬‬ ‫ما هي االنتقادات التي ميكن توجيهها‬ ‫للقوانني التي تتعلق بحقوق املرأة والتي مل‬ ‫تنفذ حتى اآلن؟ وهل أخذت املرأة اللبنانية‬ ‫كافة حقوقها‪ ،‬وما هي النسبة التي تحققت‬ ‫يف الواقع؟‬ ‫لألسف هناك قوانني أساسية يف لبنان الزالت‬ ‫تحمل متييزاً صارخاً ضد املرأة مثال قانون الجنسية‬ ‫الذي يحرم املرأة املتزوجة من أجنبي من إعطاء‬ ‫الجنسية ألوالدها‪ ،‬التمييز يف قانون العمل لجهة‬ ‫عدم املساواة يف االستفادة من التنزيل العائيل‬ ‫يف رضيبة الدخل للمرأة كام للرجل‪ ،‬وتفاصيل‬ ‫أخرى‪ ،‬والضامن االجتامعي‪ ،‬التمييز يف قانون‬ ‫العقوبات لجهة أحكام الزنا واالغتصاب والعذر‬ ‫املخفف ملا يسمى “جرائم الرشف” وغريها‪ ،‬كذلك‬ ‫التمييز يف قوانني األرسة لجهة اختيار الزوج‪،‬‬ ‫الطالق وفسخ الزواج‪ ،‬واإلرث وسن الحضانة‬ ‫وقوانني األرسة كام تعلمني مرتبطة بقوانني‬ ‫األحوال الشخصية تختلف بحسب كل طائفة‬ ‫يف لبنان‪ ،‬إال أنها تلتقي عىل التمييز بحق املرأة‪.‬‬ ‫أما ماذا تحقق؟ كام هو معلوم لقد حققت‬ ‫الحركة النسائية منذ نشأتها إنجازات قانونية‬ ‫هامة لصالح املرأة بحيث عدلت مبوجبها قوانني‬ ‫عديدة منذ نالت املرأة حقوقها السياسية‬ ‫يف العام ‪ ،1953‬والسامح لها بالسفر دون إذن‬ ‫الزوج‪ ،‬وحرية مامرسة التجارة‪ ،‬وإجراء عقود البيع‪،‬‬ ‫وبعض التعديالت حول مساواة املرأة املوظفة‬ ‫بالرجل‪ ،‬وصوالً إىل التعديالت األخرية يف العام‬ ‫‪ 2010‬بالسامح للمرأة أن تفتح حساب ائتامين‬ ‫ألوالدها القارصين‪ ،‬عل ًام أن هذه األخرية مل متنع‬ ‫بنص قانوين إمنا ارتبطت باألحوال الشخصية‬ ‫ووصاية األب‪ ،‬وال بد من ذكر مشاريع القوانني أو‬ ‫اقرتاحات القوانني املقدمة حالياً أو التي قدمت‬ ‫يف السابق سواء من الهيئات األهلية أو الهيئة‬ ‫الوطنية لشؤون املرأة أو لجنة املرأة يف الربملان‪،‬‬ ‫مثل اقرتاح قانون العنف األرسي الذي عىل ما‬ ‫يبدو يواجه عقبات إلقراره‪ ،‬وقد أعيد ربطه بقوانني‬ ‫األحوال الشخصية مام يشكل حالة التفاف‬ ‫تحد من فعاليته إذا ما أخذ بالتعديالت التي‬ ‫أجريت عىل النص األسايس املقدم من الهيئات‬ ‫النسائية املعنية‪ ،‬وهناك أيضاً حركات املنارصة‬ ‫والضغط لتعديل قانون الجنسية للمساواة بني‬ ‫املرأة والرجل‪ ،‬وقانون العقوبات لجهة إلغاء التمييز‬ ‫بني املرأة والرجل يف األحكام التي ذكرتها أعاله‪.‬‬ ‫كذلك السعي لتعديل سن الحضانة ورفعه إىل‬ ‫سن السادسة عرشة أو الخامسة عرش لدى‬ ‫الطوائف التي مل تقر التعديالت بعد‪ .‬باختصار‬ ‫املطلوب أن تتبنى الدولة مبدأ تنزيه الترشيعات‬ ‫من كل نص مجحف بحق املرأة‪ ،‬واتخاذ إجراءات‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب مرأة‬ ‫جريئة لجهة قوانني األرسة‪.‬‬

‫الكوتا النسائية‬

‫يف ما يتعلق بالكوتا النسائية‪ ،‬هل أنت‬ ‫مع النسبة التي أعطيت للمرأة‪ ،‬وما هي سبل‬ ‫العمل لتحسني وضع املرأة يف الكوتا؟‬ ‫لنقول ما هي الكوتا أوالً‪ :‬إنها إحدى التدابري‬ ‫االستثنائية التي أقرتها االتفاقيات الدولية‬ ‫(اتقافية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد املرأة‬ ‫املخترصة باتفاقية (سيداو) وخطة عمل املؤمتر‬ ‫العاملي الرابع للمرأة التي أقرت يف بيجني عام‬ ‫‪ ،1995‬وهذه األخرية حددت الكوتا بـ ‪ %30‬كحد‬ ‫أدىن يف املراكز القيادية العليا كهدف يجب‬ ‫تحقيقه‪ .‬وفع ًال حوايل ‪ 95‬دولة يف العامل طبقت‬ ‫الكوتا وبعضها تجاوز نسبة الـ ‪ % 30‬كحد أدىن‬ ‫مثل أسبانيا ‪ %40‬واألرجنتني ‪ ،%36‬كام أن دوالً‬ ‫أخرى مل تتمكن من اعتامدها رغم كل الجهود‬ ‫التي بذلت ومنها لبنان‪ .‬إذاً الكوتا ليست هدفاً‬ ‫بحد ذاته إنها وسيلة أو تدبري طالبت الهيئات‬ ‫املعنية بقضايا املرأة يف لبنان برضورة اعتامده‬ ‫بشكل مؤقت أي تدبري استثنايئ ومرحيل‬ ‫لتحقيق خرق جدي لوصول املرأة اىل مراكز‬ ‫قيادية وسياسية‪ ،‬ال سيام أن النظام السيايس‬ ‫والظروف السياسية االجتامعية يف لبنان منعت‬ ‫املرأة من الوصول بالطرق السياسية املتبعة حتى‬ ‫اليوم‪ .‬وأسلوب التعاطي مع مبدأ الكوتا بني‬ ‫السياسيني مضحكة وتدعو للخجل إذ يتعامل‬ ‫السياسيون وكأنها بازار للتخفيض فيطرحون‬ ‫مرة ‪ %10‬و‪ ، %5‬وهذا أبعد مبدأ الكوتا عن جوهر‬ ‫املعنى والهدف املرجو من اعتامده‪.‬‬ ‫من قبل الهيئات‬ ‫لقد بذلت جهود كبرية‬ ‫املعنية والحملة الوطنية الداعمة للكوتا ومل تؤد‬ ‫اىل النتيجة املرجوة‪ ،‬أعتقد أنه بات لزاماً علينا‬ ‫أن نغري من اسرتاتيجيات التحرك‪ ،‬واتخاذ مواقف‬ ‫أكرث جرأة‪ ،‬كاالمتناع عن التصويت أو اإلدالء بورقة‬ ‫بيضاء خالل االنتخابات‪ ،‬أو طلب املشاركة يف‬ ‫االستشارات التي يجريها رؤساء الحكومات قبل‬ ‫تشكيل الحكومة‪ ،‬كذلك تبني أسامء سيدات‬ ‫مشهوداً لهن يف الكفاءة للمشاركة يف‬ ‫السلطة التنفيذية‪ ،‬فالكوتا ليست فقط للنيابة‬ ‫أو البلديات بل أيضاً للمراكز التنفيذية‪ .‬التوعية‬ ‫أيضاً رضورية‪ ،‬كام يجب أن نأخذ باالعتبار واقع أن‬ ‫عدداً كبرياً من النساء املقرتعات لسن أصحاب‬ ‫قرار يف خياراتهم الوطنية‪ ،‬وهذا يستوجب‬ ‫تكثيف العمل عىل توعية املرأة ملامرسة حقها‬ ‫كقوة ناخبة وإنها بإمكانها تغيري املعادلة‪.‬‬ ‫عندما نتحدث عن األمية‪ ،‬نجد أن نسبتها‬ ‫عند املرأة توازي تقريباً نسبتها عند الرجل أو‬ ‫أكرث‪ ،‬بحيث نجد اليوم تسمية جديدة وهي‬ ‫األمية املعلوماتية‪ ،‬هل األمية تندرج فقط يف‬ ‫املجال الثقايف والعلمي أو املعلوماتية‪ ،‬أم هناك‬ ‫وصف آخر لالمية‪ ،‬وكيف يتم العمل عىل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب رأي‬ ‫محوها اليوم؟ وما هي املجاالت التي ميكن ان‬ ‫تشغلها تلك النسبة من اإلناث؟‬ ‫ال شك أن عرص اليوم وغدا هو عرص املعلوماتية‬ ‫ولألسف قبل أن نتحدث عن األمية املعلوماتية‬ ‫هناك رشيحة هامة من النساء تعاين األمية‬ ‫األبجدية ال سيام يف املناطق النائية يف لبنان‬ ‫وقد بينت اإلحصاءات الرسمية اتساع الفروقات‬ ‫بني املرأة والرجل كلام توغلنا يف املناطق النائية‬ ‫حيث تبقى النساء الريفيات األكرب سنا (ألـ ‪40‬‬ ‫وما فوق) الضحية األكرب لألمية‪.‬‬ ‫ال ميكننا تجاهل املد الرسيع للمعلوماتية‬ ‫وانتشارها بني فئات الشباب والشابات‪ ،‬وحتى‬ ‫الصغار منهم‪ .‬املهم أن نعي أهمية استخدام‬

‫املعلوماتية لخدمة أغراض التنمية‪ ،‬وكيفية‬ ‫االستفادة من املعلوماتية يف الحصول عىل‬ ‫املعلومات وتقديم الخدمات للمناطق النائية‪ .‬ضمن‬ ‫برامج املرصد الوطني للمرأة يف الزراعة والريف‬ ‫(نوارة) برنامج تدريبي خاص باملعلوماتية وكيفية‬ ‫استخدام تقنياتها للحصول عىل املعلومات‬ ‫والخدمات‪ .‬لقد تم تدريب السيدة عىل استخدام‬ ‫االنرتنت وهي يف أبعد منطقة يف لبنان بحيث‬ ‫تتمكن من التسويق ملنتجاتها‪ ،‬أو معرفة أسعار‬ ‫السوق والسلع‪ ،‬وغريها من الخدمات بدالً من‬ ‫القدوم اىل بريوت لهذه الغاية‪.‬‬ ‫حرضتك استشارية يف التنمية الريفية‪،‬‬ ‫وأطلقت مؤخراً يف إطالق املرصد الوطني‬ ‫للمرأة يف الزراعة والريف‪ ،‬ماذا نعني بالتنمية‬ ‫الريفية؟‬ ‫التنمية الريفية مفهوم واسع يهدف‬ ‫الستنهاض املناطق الريفية بكل امليادين واألهم‬ ‫من كل ذلك التنمية البرشية يف هذه املناطق‪،‬‬

‫‪62‬‬

‫واالستفادة من طاقات وقدرات السكان والسعي‬ ‫لتثبيتهم يف قراهم من خالل إيجاد فرص عمل‬ ‫وإقامة مشاريع واستثامرات مفيدة‪ .‬التنمية‬ ‫الريفية ليست بناء الحجر ضمن مقاييس ومعايري‬ ‫محددة‪ ،‬أو مشاريع فقط لتطبيق التقنيات‬ ‫الحديثة يف الزراعة أو الري أو البنى التحتية‪.‬‬ ‫متكاملة تعني اإلنسان‬ ‫إنها عملية مستمرة‬ ‫ونهوضه ببيئته ومنطقته‪ .‬وال ريب أن الواقع‬ ‫التنموي واالجتامعي يف لبنان بات يتطلب‬ ‫مبادرات شجاعة ومسؤولة من الدولة لتالقي‬ ‫جهود القطاع األهيل‪ ،‬مبادرات تركز عىل تطوير‬ ‫قدرات اإلنسان ومهاراته للمساهمة يف تنمية‬ ‫املناطق وتطبيق الالمركزية‪ ،‬ونرش مبادئ املواطنة‪،‬‬ ‫وخلق فرص عمل ألبنائنا يف املناطق النائية وعىل‬ ‫أطراف املدن‪ ،‬واالستفادة من الطاقات الشبابية‬ ‫والنسائية املهدورة واملهاجرة‪ ،‬إن العمل التنموي‬ ‫حق وواجب‪ ،‬وهو مسؤولية مشرتكة بني عمل‬ ‫الدولة واملجتمع املدين الذي يتسم بالطابع‬ ‫الوطني شك ًال ومضموناً‪.‬‬ ‫من هنا نركز من خالل عمل املرصد عىل‬ ‫اإلنسان واملرأة بالتحديد من خالل تنفيذ أنشطة‬ ‫تسلط الضوء عىل إنجازات النساء‪ ،‬وتشجيع‬ ‫املشاريع االقتصادية يف الزراعة والغذاء والحرف‪،‬‬ ‫ويأيت ضمن هذا التوجه إطالق الجائزة الوطنية‬ ‫ألفضل مبادرة اقتصادية زراعية غذائية نفذتها‬ ‫املرأة يف املناطق الريفية يف لبنان والتي أطلقت‬ ‫يف ترشين الثاين ‪ 2010‬إلعادة االعتبار للزراعة‬ ‫ودور املرأة فيها من منظار سيدة األعامل‪.‬‬ ‫ما هي رسالتك اىل املرأة اللبنانية والعربية‬ ‫بشكل عام؟‬ ‫أقول للمرأة يف لبنان تسلحي باملعرفة والعلم‬ ‫ملواجهة التحديات وتقوية الذات وتفادي الوقوع‬ ‫يف أيدي من ال يرحمون‪ .‬وأ ّمثن قدرة النساء‬ ‫عىل مواجهة التحديات والعقبات والعنف الذي‬ ‫تتعرض له والتمييز بحقها يف القوانني‪ ،‬كذلك‬ ‫اإلنجازات التي حققتها بالرغم من كل ذلك‪،‬‬ ‫وأحث النساء عىل أهمية التضامن مع غريهن‬ ‫من النساء اللوايت يواجهن العنف والتمييز فال‬ ‫ينطلقن من تجربتهن املريحة وحياتهن الرغيدة‬ ‫للتنصل من قضية املرأة‪.‬‬ ‫أما اىل املرأة العربية عشية االحتفال بيوم املرأة‬ ‫العربية يف األول من شباط أتوجه بتحية إكبار‬ ‫وتقدير اىل كل امرأة منتجة وفاعلة ومناضلة‬ ‫ومؤمنة بقضية املرأة يف لبنان والعامل العريب‪ ،‬ال‬ ‫سيام النساء الثائرات يف وجه الظلم والطغيان‬ ‫والقمع وأخص هنا املرأة املناضلة يف تونس‪ ،‬وكل‬ ‫النساء اللوايت يرفعن لواء الحرية ومناهضة كل‬ ‫أشكال التمييز بحق املرأة‪ .‬فلن يضيع حق وراءه‬ ‫مطالب‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬

‫حتمية التغيير في العالم العربي‪.....‬تونس أنموذج!‬ ‫إنجاز تاريخي‪ ،‬هذا أقل ما ميكن وصفه لالنتفاضة‬ ‫الشعبية التونسية الباسلة‪ ،‬التي لن ترتك‬ ‫تداعياتها فقط يف البلد األخرض‪ ،‬وإمنا أيضاً عىل‬ ‫املستوى العريب بشكل عام‪.‬‬ ‫هذه الثورة‪ ،‬هذا االنتصار‪ ،‬هذا التغيري جاء يف‬ ‫وقته ويف مكانه الصحيح‪ .‬لقد اعتقد كثريون‬ ‫أن األمة العربية ميتة وال حياة فيها‪ ،‬غري قابلة‬ ‫للثورات وال لتطبيق القوانني عليها‪ ،‬وصل‬ ‫االستهتار إىل الحد الذي وصفت فيه صحيفة‬ ‫فرنسية‪ ،‬ما حدث من خالل عنونتها للتغيري‬ ‫يف تونس بالقول‪ :‬الثورة ممكنة أيضاً يف األقطار‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫االنتفاضة الشجاعة تعمدت بدماء الشهداء‬ ‫وأ ّنات الجرحى‪ .‬دماء محمد ابوعزيزي الذي أشعل‬ ‫النار يف جسده احتجاجاً عىل البطالة‪ ،‬أضاءت‬ ‫طريق االنتفاضة‪ ،‬عىل التعسف واالستبداد‬ ‫والظلم والقهر اإلنساين‪.‬‬ ‫الخوف كل الخوف أن يجري االلتفاف عىل‬ ‫مكتسبات االنتفاضة‪ ،‬فللطاغية الهارب عمالؤه‬ ‫وأذنابه‪ .‬ال نريد لالنتفاضة التونسية يف ‪2011‬‬ ‫تكرار تجربة انتفاضة الخبز التونسية عام ‪،1984‬‬ ‫وقد كان بن عيل يومها وزيراً للداخلية‪ ،‬ور ّوج‬ ‫لنفسه آنذاك بأنه‪ :‬املنقذ واملخ ّلص‪ ،‬واستطاع‬ ‫قمع االنتفاضة‪ ،‬وجاء إىل السلطة‪.‬‬ ‫انتفاضة ‪ 2011‬هي شكل مختلف‪ ،‬رشيطة‬ ‫إدراك كافة القوى الوطنية والحزبية التونسية‪،‬‬ ‫كيفية املحافظة عىل إنجازها التاريخي‪ ،‬املتمثل‬ ‫يف انتصارها‪.‬‬ ‫قيمة الثورة التونسية عىل املستوى العريب‪،‬‬ ‫أنها أعادت األلق والوهج للمرشوع الوطني‪ ،‬عىل‬ ‫املستوى القومي العريب‪ ،‬فالنموذج التونيس‬ ‫ميكن نسخه يف دول عربية كثرية‪ ،‬تعاين ما عانته‬ ‫تونس‪ ،‬بل بأشكال أكرث قسو ًة وال إنساني ًة‪ ،‬ولكن‬ ‫مع املحافظة عىل خصوصيات كل دولة عربية‪,‬‬ ‫وسامت طبيعة الرصاع فيها‪.‬‬ ‫وبعيداً عن الجدال النظري حول أيّ من الظواهر‬ ‫هو املحرك األسايس للتاريخ‪ ،‬أهو االقتصاد أم هو‬ ‫نوع آخر‪ ،‬لكن ما ال ميكن إخفاؤه‪ :‬أن‬ ‫الرصاع من ٍ‬ ‫االقتصاد يلعب دوراً أساسياً يف عجلة التاريخ‪،‬‬ ‫ابتدا ًءا من ابن خلدون يف عرصه‪ ،‬والذي يفهم‬ ‫من مقدمته‪ :‬بأن االقتصاد يعترب عام ًال متحك ًام‬ ‫يف التاريخ وتطوره‪ ،‬مروراً بآدم سميث‪ ،‬والكثريين‬ ‫من األيديولوجيني االقتصاديني‪ ،‬وصوالً إىل آباء‬ ‫املاركسية النظريني ومفكريها‪ ،‬فإن أحداً ال‬ ‫يستطيع إنكار العوامل االقتصادية يف التأثري‬ ‫عىل حركة التاريخ‪ ،‬وتقدمه‪ ،‬إن أحسن استغاللها‪،‬‬ ‫أو تأخره إذا ما أسئ هذا االستعامل‪ ،‬وال بكونها‬ ‫أرضية خصبة للرصاع وإعادة إنتاجه بني الفرتة‬ ‫واألخرى‪ ،‬ويف مراحل معينة من التاريخ‪.‬‬ ‫كثري من املتغريات حدثت عىل الصعيد‬

‫الدويل‪ :‬سياسية واقتصادية ‪ -‬سياسية متظهرت‬ ‫يف‪ :‬فضاءات جديدة من الحرية‪ ،‬ومامرسات أعمق‬ ‫يف التطبيق الدميوقراطي‪ ،‬ومنسوب أعىل يف‬ ‫مفهوم حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫أمام هذا املتغري الدويل‪ ،‬مازال الدكتاتوريون‬ ‫العرب يعتقدون بسياسة قمع الرأي اآلخر‬ ‫املعارض‪ .‬لذلك مينعون صدور هذا الكتاب أو‬ ‫تلك الصحيفة من دخول بلدانهم‪ ،‬ويعتقدون‬ ‫باملزيد من تكميم األفواه‪ ،‬ويخرتعون وسائل‬ ‫قمع بولييس‪ ،‬ويتفنّنون يف اعتقال وتعذيب‬ ‫معارضيهم‪ ،‬ويلجؤون إىل تزوير االنتخابات لتبلغ‬ ‫نسبة تأييد الحاكم ‪ .%99.99‬أما األجهزة اإلعالمية‬ ‫الرسمية‪ ،‬صباحاً مسا ًء تسبح بحمد الدكتاتور‪،‬‬ ‫الذي وهبه الله للشعب من السامء‪ ،‬والذي لواله‬ ‫ملا استطاع املواطنون تنفس الهواء‪ ....‬إىل آخرهذه‬ ‫املامرسة الدكتاتورية‪ .‬ينىس‬ ‫املظاهر وأشكال‬ ‫الدكتاتور أو يتناىس أنه يف عرص اإلنرتنت‪ ،‬ال ميكن‬ ‫حجب الكلمة وال منع ما تكتبه الصحف الحرة‪،‬‬ ‫فالشمس ال ميكن تغطتيها بغربال‪ ،‬واملواطنون‬ ‫يصلون إىل الحقيقة‪ ،‬شاء الدكتاتور أم أىب‪.‬‬ ‫أما املتغريات العاملية األبرز عىل الصعيد‬ ‫االقتصادي‪ ،‬فتمثل يف مظاهر كثرية أبرزها‪:‬‬ ‫العوملة االقتصادية‪ ،‬الظاهرة املتغولة واملتوحشة‪،‬‬ ‫التي زادت من ارتفاع مديونية الدول النامية لدول‬ ‫الشامل الغنية‪ ،‬حتى باتت الكثري من الدول غري‬ ‫قادرة عىل سداد فوائد الديون‪ ،‬وسط إرشاف‬ ‫دويل مركزي من املؤسسات االقتصادية العابرة‬ ‫للقارات‪ ،‬مثل البنك الدويل‪ ،‬والغات‪ ،‬وغريهام‪ ،‬عىل‬ ‫اقتصاديات هذه الدول‪ ..‬التي متتلك يف معظمها‬ ‫اقتصاد خدمات (وليس اقتصاداً تصنيعياً) مثل‬ ‫غالبية الدول العربية‪ ،‬األمر الذي يؤدي بالرضورة‬ ‫إىل إثراء األثرياء فيها‪ ،‬وكذلك إثراء اإلقطاعيني‬ ‫والسامرسة والكمربادور‪ ،‬ويؤدي اىل اضمحالل‬ ‫تدريجي للطبقة الوسطى‪ ،‬وإفقار الفقراء‪ ،‬وارتفاع‬ ‫أمثان السلع (حتى الحياتية منها)‪ ،‬وازدياد الفساد‪،‬‬ ‫فهذه الدول بأنظمتها الدكتاتورية‪ ،‬أعجز من أن‬ ‫ترسم خطط اقتصادية تحمي بها مواطنيها‪،‬‬ ‫ولذلك يبدأ العجز االقتصادي يف فرض تأثرياته‬ ‫مثل‪ :‬ارتفاع نسب البطالة‪ ،‬وازدياد املعاناة‪ ...‬إىل‬ ‫آخر هذه املظاهر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الدكتاتوريني العرب‬ ‫يحكمون شعوبهم يف القرن الواحد والعرشين‬ ‫بأساليب القرون الوسطى‪ ،‬لذلك فإن األمور (وفقاً‬ ‫لقانون زيادة الضغط تؤدي إىل االنفجار)‪ ،‬تتجه‬ ‫نحو االنفجارات االجتامعية‪ ،‬املعرب عنها يف‬ ‫الخروج الجامعي إىل الشوارع واملطالبة بالتغيري‬ ‫السيايس‪ ،‬طال الزمن أم قرص‪.‬‬ ‫أهمية املسألة تكمن يف استطاعة القوى‬ ‫الوطنية الحية يف هذه الدول‪ ،‬اإلمساك باللحظة‬ ‫التاريخية‪ ،‬وتحويل الحركة الجامهريية والتضحيات‬ ‫الشعبية إىل مفهوم تنظيم استالم السلطة‪،‬‬

‫‪63‬‬

‫وإجراء عملية التغيري‪ ،‬ألن عدم اإلمساك باللحظة‬ ‫سوف يؤدي حت ًام إىل مرحلة الفوىض الشاملة‪.‬‬ ‫‪..‬هذه التي تتعاكس مع املفهوم األمرييك لـ‬ ‫(الفوىض الخ ّالقة) التي أرادت أمريكا تطبيقها‬ ‫يف العراق‪ ،‬كخلفية النطالقة دميوقراطية جديدة‪،‬‬ ‫وفشلت وعجزت أمريكا‪ ،‬وكل ما استطاعت إنجازه‬ ‫هي (الفوىض الشاملة)‪.‬‬ ‫بالتايل‪ ،‬فإن مآل األمور يف العامل العريب‬ ‫متجهة نحو التغيري الحتمي وآيلة إليه‪ ،‬ولن‬ ‫يستطيع دكتاتور أ ّياً كانت قوته وارتباطاته‬ ‫الخارجية من وقف قطار التغيري‪.‬‬ ‫لقد ُأريد للرصاعات االجتامعية الداخلية‬ ‫يف البلدان العربية‪ ،‬التحول إىل منط آخر من‬ ‫الرصاعات‪ ،‬منط يعزز من التواجد اإلمربيايل‪-‬‬ ‫الصهيوين يف املنطقة ويعززه‪ ،‬ولذلك جرت تغذية‬ ‫(وما تزال تجري) الرصاعات الطائفية واملذهبية‬ ‫والدينية والعرقية واإلثنية‪ ،‬يف محاولة استباقية‬ ‫ملنع تصاعد الشكل االجتامعي للرصاع‪ ،‬يف‬ ‫البلدان العربية‪ ،‬والسري باملشوار حتى نهاياته‬ ‫الحتمية‪ ،‬أي منع عملية حتمية التغيري للصالح‬ ‫الشعبي الجامهريي‪ ،‬وذلك لصالح الرصاعات‬ ‫البديلة األخرى‪.‬‬ ‫يف عام ‪ ،1970‬قابل الدكتور جورج حبش األمني‬ ‫العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطني إ ّبانها‬ ‫وفداً من األكادمييني األمريكيني‪ ،‬ونقلوا إليه‪:‬أن‬ ‫مؤسسة (راند) لألبحاث االسرتاتيجية آنذاك يف‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬واملعنية يف جز ٍء من نشاطاتها‬ ‫باألوضاع العربية‪ ،‬وضعت شعاراً لها يقول‪:‬‬ ‫(سنقتل املقاومة الفلسطينية بدراستها‪:‬‬ ‫‪ResistansePalestinianTheStudyWellWe‬‬ ‫‪Death s’It Until‬‬ ‫الحادثة‪ ،‬تدلل عىل منط التفكري الغريب‬ ‫بالنسبة لألوضاع العربية‪ ،‬والذي يهدف إىل قتل‬ ‫روح املقاومة وإمكانية التغيري يف العامل العريب‪،‬‬ ‫مبعنى آخر ال يراد لهذه املنطقة‪ ،‬التطور لصالح‬ ‫الشعوب‪ ،‬فهي ذات أهمية اسرتاتيجية عىل‬ ‫صعيد الجغرافيا‪ ،‬وذات أهمية من حيث الرثوات‪،‬‬ ‫وبالتحديد‪ :‬النفط‪.‬‬ ‫لذلك أطلقت الواليات املتحدة و”إرسائيل”‬ ‫مرشوعهام املشرتك للرشق األوسط الجديد‪.‬‬ ‫لنا أمريكا‬ ‫لكن‪ ،‬ليس كل ما تخططه‬ ‫و”إرسائيل”‪ ،‬قدر محتوم‪.‬‬ ‫لقد أثبتت االنتفاضة التونسية الباسلة‪ ،‬أن‬ ‫الجامهري ومثلام قال الشاعر العريب التونيس‬ ‫الكبري‪ :‬إذا الشعب يوماً أراد الحياة ‪ ............‬فال بد‬ ‫أن يستجيب القدر‪.‬‬ ‫قدر أمتنا العربية هو الذي تصنعه شعوبها‪،‬‬ ‫والتي طال الزمن أم قرص ستقوم بتغيري واقعها‪.‬‬

‫الدكتور فايز رشيد‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫أحيا الزجل‪ ،‬فأعاده إلى القمة وبدا قائده‬ ‫موسى زغيب ‪ :‬بترول زجلي اكتشفته في برنامج «أوف»‬ ‫“أفتخر مبا قدّمته للزجل اللبناين حتى اليوم”‪ ،‬هي كلامت يرددها حني يستذكر السنوات التي قضاها عىل‬ ‫فبقي سائراً صعوداً إىل القمة‪ ،‬حتى أصبح الزجل نفسه مرتبطاً باسم “موىس زغيب”‪.‬‬ ‫املنرب الزجيل‪َ ،‬‬ ‫حاول اإلبتعاد عن املنرب‪ ،‬إال أن األحبة مل يسمحوا بذلك‪ ،‬فكان أن أىب إال أن يسعى إلكتشاف املواهب‬ ‫املحب للزجل واملولع بشعرائه منذ ‪ 500‬سنة‪.‬‬ ‫الجديدة ويطلقها للجمهور‬ ‫ّ‬ ‫واملرأة لديه حالة خاصة‪ ،‬لذلك نرى صوته يعلو باستمرار متحدثاً عنها‪ ،‬ومتغزالً مبفاتنها‪ ،‬بحيث قال‬ ‫يف قصيدة “العصفور”‪:‬‬ ‫وهديو ألبويك وما كان القصد كرمالو‬ ‫مرة سحرين الهوا بألب القفص عصفور‬ ‫يسهر يغني ليك وتغفي عا م ّوالو‬ ‫كرمال عينك إذا بدك غناين طيور‬ ‫تسلل ومن فتحة الفستان ض ّوالو‬ ‫بالليل جبتي القفص عاغرفتك والنور‬ ‫العصفور هيدا أنا ورح ينشغل بالو‬ ‫وما كان عندك علم تا تسرتي املحظور‬ ‫وطيور خلف الحرير عا زوقن ياللو‬ ‫وملا كشفتي الدهب صار العجني يفور‬ ‫بدو يدوق الحال ومش قادر يطالو‬ ‫وبلش بهاك القفص يتحرقص ومقهور‬ ‫صارو طيور التلج يتغنجو قبالو‬ ‫وملا دلقتي الدهب عرشاشف املقصور‬ ‫يشبق بهاك القفص حتى قتل حالو‬ ‫ترشدق بدمعو وبقي بني العتم والنور‬ ‫اليوم‪ ،‬ومع عودة الزجل ليحيا من جديد مع الشعراء الشباب‪ ،‬كان حوارنا مع الشاعر موىس زغيب‬ ‫الذي يرعى طموحهم اليوم‪ ،‬ليكون األب الروحي ملنربهم‪ ،‬بعد أن تصدّر منابر الزجل يف دول العامل‪،‬‬ ‫وتحدّى كل شعراءه‪ ،‬وهنا نص الحوار‪:‬‬ ‫موىس‬

‫كيف يستذكر‬ ‫الزجل اللبناين؟‬ ‫ُ‬ ‫ولدت يف قرية حراجل التي أوجدت أربعني‬ ‫شاعراً‪ ،‬وعائلتي بالكامل كانت تهوى الزجل‬ ‫ُ‬ ‫وكنت أتابع‬ ‫وتتقنه‪ ،‬فأحببت الزجل منذ صغري‪،‬‬ ‫الجرائد التي تكتب عن جوقة شحرور الوادي التي‬ ‫ُ‬ ‫فكنت ألقي القصائد يف‬ ‫كانت الجوقة الوحيدة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وأصبحت‬ ‫املناسبات يف مدرستي يف عمشيت‪،‬‬ ‫رئيساً لجوقة زجلية بحيث كتب تاريخ الزجل‬ ‫اللبناين أنه «يف العام ‪ 1953‬كان موىس زغيب‬ ‫رئيس جوقة «باز الجبل»‪ .‬من مواليد أيلول العام‬ ‫‪ ،1937‬وبالتايل كانت معجزة أنني أصبحت رئيساً‬ ‫لجوقة زجلية يف عمر السادسة عرش‪ ،‬واستمريت‬ ‫منذ ذلك الحني بدون توقف‪ ،‬فغنّيت مع جوقة‬ ‫«األرز» مع حنّا موىس‪ ،‬ومع طانيوس الحناوي يف‬ ‫املنتخب الفني‪ ،‬ومع زغلول الدامور وزين شعيب‪،‬‬ ‫ومن ثم كانت املرحلة الرئيسية يل مع خليل‬ ‫روكز‪ ،‬واستمرينا عىل مسافة طويلة‪ ،‬وبعد‬ ‫وفاته‪ ،‬تسلمت رئاسة الجوقة وأسميتها باسمه‬ ‫«جوقة خليل روكز»‪ ،‬إكراماً له‪ ،‬وأقامت الجوقة‬ ‫أكرب مباريات خالل تاريخ الزجل اللبناين‪ ،‬فكانت‬ ‫أن شكلت نهضة للزجل اللبناين منذ الستينات‬ ‫للثامنينات‪ ،‬طبعاً مع جوقة زغلول الدامور‪ ،‬وأقمنا‬ ‫مجتمعني مباريات متعددة يف لبنان‪ ،‬كمباريات‬ ‫املدينة الرياضية واملتني والقلعة والدامور وكرم‬ ‫سدّة‪ ،‬وكلها برعاية رؤساء الجمهورية‪ ،‬وكذلك‬ ‫يف الكويت التي كانت برعاية أمريها‪ ،‬وبحضور‬ ‫أكرث من ‪ 24‬سفرياً من الدول العربية‪ ،‬وكذلك يف‬ ‫أسرتاليا وسوريا وغريها‪ .‬توالت الحفالت واملباريات‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫زغيب‬

‫بداياته‬

‫يف‬

‫ولكن مل يكن هناك فرقة زجلية كاملة تستطيع‬ ‫منافسة هاتني الجوقتني‪ ،‬اليوم زغلول الدامور‬ ‫ُ‬ ‫كنت الصغري بني‬ ‫أصبح يف سن متقدّم‪ ،‬وقد‬ ‫الكبار أي بني خليل روكز وزين شعيب ومحمد‬ ‫املصطفى‪ ،‬وزغلول الدامور‪ ،‬وأسعد سعيد الذي‬ ‫غنى معي ‪ 18‬سنة‪.‬‬ ‫عاد ًة ما تأيت األشياء الجيدة كمواسم الطيور‪،‬‬ ‫فتص ّوروا أن يأيت عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد‬ ‫األطرش ورياض السنباطي والرحابنة وفريوز‬ ‫وصباح ووديع الصايف‪ ،‬ويف األدب‪ :‬جربان ونعيمة‬ ‫والريحاين وأحمد شوقي وغريهم‪ ،‬وكذلك شعراء‬ ‫الزجل جاؤوا يف مرحلة واحدة من خليل روكز‬ ‫وزين شعيب وأسعد سعيد ومحمد املصطفى‬ ‫ُ‬ ‫كنت‬ ‫وزغلول الدامور وموىس زغيب‪ ،‬عل ًام أنني‬ ‫األصغر سناً بينهم‪ ،‬ولكن األكرب سناً بني اآلخرين‬ ‫األصغر‪.‬‬ ‫ماذا قدّم موىس زغيب للزجل يف الئحة‬ ‫ذكرياته؟‬ ‫كان الزجل اللبناين يف بداياته عبارة عن حفلة‬ ‫شتم عىل املنرب‪ُ ،‬يتداول فيها املرشوب والطعام‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ألغيت هذه األشياء بعد استالمي لجوقة‬ ‫لكنني‬ ‫خليل روكز‪ ،‬بحيث ح ّولت الزجل لرسالة وطنية‬ ‫إنسانية إجتامعية فلسفية فكرية تربوية‪ ،‬إضافة‬ ‫للغزل الذي أدخلته عىل الزجل‪ ،‬نظراً ملا يضفيه‬ ‫عىل الحفالت من جو رائع وجميل‪ .‬كذلك أضفت‬ ‫مواد مهمة للجوقة‪ ،‬وهي آلة العود والبيانو‬ ‫و»الكورال»‪ ،‬والتي مل تكن موجودة سابقاً‪ ،‬وهم‬ ‫اليوم يرافقونني يف جميع حفالتنا وحتى خالل‬ ‫حلقات برنامج «أوف» عىل تلفزيون «أو‪.‬يت‪.‬يف»‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫جاءت هذه األشياء الجديدة لتصبح كـ‬ ‫«التخت املوسيقي»‪ ،‬عل ًام أننا كشعراء الزجل‬ ‫ُ‬ ‫قمت باسرتجاع‬ ‫غري مثقفني موسيقياً‪ ،‬كذلك‬ ‫الدلعونا واأللوان الرتاثية كافة‪ ،‬فأصبح الحوار بني‬ ‫الشعراء أكرث جامالً‪.‬‬ ‫ماذا عن تكريم موىس زغيب؟‬ ‫ُ‬ ‫نلت وسامني‪ :‬وسام‬ ‫مع الجوائز املتعددة‪،‬‬ ‫اإلستحقاق اللبناين من الدرجة الثانية‪ ،‬ووسام‬ ‫األرز من رتبة فارس‪ ،‬إضافة إىل شهادة تقدير من‬ ‫أسرتاليا تخ ّولني أن أكون مواطن رشف فيها‪،‬‬ ‫لكنني مل آخذها يك ال يرحل أبنايئ من لبنان‪.‬‬ ‫كام قام السنة املاضية رئيس بلدية باريس‬ ‫باستدعايئ لتكرميي‪ ،‬وكذلك سيقوم بتكرميي‬ ‫مجدداً يف العارش من شباط‪.‬‬ ‫ملاذا يأيت هذا التكريم لشخص موىس زغيب‬ ‫وليس ملجموعة شعراء من الزجل اللبناين؟‬ ‫ألنني مت ّيزت بربنامج «أوف» الذي أمتكن فيه‬ ‫يف كل أسبوع من إلقاء قصيدة يف بداية كل‬ ‫حلقة ويف نهايتها‪ ،‬ومع التم ّيز يف طريقة‬ ‫ّ‬ ‫واملوشح والدلعونا وغريها من‬ ‫تقدميي للمعنّى‬ ‫ُ‬ ‫قمت بإدخال نوع «الرشوقي»‬ ‫أنواع الزجل‪ .‬كذلك‬ ‫إىل الحفالت والذي مل يكن موجوداً سابقاً‪ ،‬بحيث‬ ‫أصبح لدينا ‪ 800‬طلباً ألقراص الـ‪ DVD‬لقصائد‬ ‫الرشوقي التي قدّمتها يف الحلقات السابقة‪.‬‬ ‫لذلك أصبح جميع شعراء الزجل يك ّرمون الفن‬ ‫من خالل موىس زغيب‪ ،‬ألنه أوجد أشيا ًء جديدة‬ ‫لهذا الفن‪ .‬باعتبار أنني وهبت نفيس لهذا الفن‪،‬‬ ‫وتباريت مع كل شعراء الزجل يف لبنان‪ ،‬منهم‬ ‫من انتقل إىل رحمة الله والبعض اآلخر أصبح‬

‫مس ّناً‪ ،‬خاصة وأننا خرسنا ثالثة من شعراء‬ ‫الجوقة امله ّمني من خليل روكز وبطرس ديب‬ ‫وإدوار حرب‪ ،‬لذلك ُ‬ ‫كنت أعيد بناء الجوقة من‬ ‫جديد كلام تد ّمر ركن من أركانها‪.‬‬ ‫هل لذلك جاءت فكرة برنامج أوف‬ ‫لتخريج هواة الزجل؟‬ ‫ُ‬ ‫وجدت أن الشعراء املوجودين توقفوا‬ ‫بعد أن‬ ‫عن إعطاء أي يشء جديد‪ ،‬وأصبح الزجل‬ ‫مجرد تكرار‪ ،‬ومع وجود هذا الفن منذ ‪500‬‬ ‫سنة يف لبنان‪ ،‬وقام بكل واجباته يف األفراح‬ ‫واألتراح‪ ،‬لذلك شعرت بالخوف أن يذهب كل‬ ‫هذا الرتاث الذي تعبنا لتكوينه‪.‬‬ ‫لقد قال عايص الرحباين مرة حني رأى‬ ‫الحشود الشعبية يف مهرجانات القلعة‪:‬‬ ‫لو يرى األجنبي كل هذا‪ ،‬يعتقد أن الشعب‬ ‫اللبناين مثقف»‪ ،‬ولكن لألسف كانت ثقافة‬ ‫الحرب لديه أكرب من الثقافة الشعرية‪ .‬حتى أننا‬ ‫نرى اليوم أن «الجرنيك» لألفالم و»الفيديو كليب»‬ ‫أصبحت تكتب باألجنبية وكأنهم تناسوا لغتنا‬ ‫العربية األم‪ .‬أعتقد أن هناك برتول زجيل قام‬ ‫«موىس زغيب» باكتشافه‪.‬‬ ‫ما الفرق بني عرص خليل روكز وموىس زغيب‬ ‫وغريهم وعرص الشباب الجديد يف الزجل‬ ‫اللبناين؟‬ ‫كان عرص خليل روكز خالياً من أي تقنيات‬ ‫متطورة‪ ،‬وكان شعراء ذاك الزمان أ ّميني يقولون‬ ‫الزجل بالشكل القروي القديم ومل يكن أي شاعر‬ ‫زجيل ميلك مكتبة يف منزله ما عدا أسعد‬ ‫سعيد وموىس زغيب‪ ،‬ولكن شعرت أنه يك‬ ‫يستمر هذا الفن‪ ،‬يلزمه فريقاً متم ّرناً خاصاً به‪،‬‬ ‫ويرافق الجوقة بشكل دائم‪ .‬أما اليوم ف َمن يأيت‬ ‫إىل حفالت الزجل هو إما صحايف أو طبيب أو‬ ‫مهندس أو أستاذ جامعي‪ ،‬أو غريه‪ ،‬ولذلك يجب‬ ‫أن يتطور الزجل بدوره إىل املزيد من الثقافة‪ .‬وهذا‬ ‫ما نحاول فعله من خالل برنامج «أوف» بحيث‬ ‫نسعى إىل تعريف الجمهور عىل الشعراء الجدد‬ ‫ليتمكنوا من الوصول إليه بشكل أسهل مام كان‬ ‫يف األيام السابقة‪.‬‬ ‫كذلك كان هناك بعض التحفظ لدى بعض‬ ‫األديان حول قصائد الغزل‪ ،‬أما اليوم فأصبح كل‬ ‫وتغي مستوى‬ ‫يشء مباحاً ومكشوفاً بكل حرية‪،‬‬ ‫رّ‬ ‫بتغي الزمن‪.‬‬ ‫الغزل‪ ،‬رّ‬ ‫مع هذا كله الزلت تخاف عىل الزجل‬ ‫اللبناين‪ ،‬إذ قلت يف قصيدة مخاطباً خليل‬ ‫متل‬ ‫روكز‪ :‬عينك تشوف الشعر هاأليام‬ ‫السمك محفوظ ومع ّلب؟‬ ‫وجهتها لخليل روكز خالل إزاحة‬ ‫هذه القصيدة ّ‬ ‫ُ‬ ‫كنت حقاً أشعر بخوف‬ ‫الستار عن متثاله‪ ،‬ألنني‬ ‫ُ‬ ‫عملت عىل إعداد هذا‬ ‫حقيقي عىل الزجل‪ ،‬لذلك‬ ‫الربنامج وقد خ ّر ُ‬ ‫جت جوقة لسوريا بحيث عاد‬ ‫الزجل يف سوريا إىل مجده‪ ،‬كام لدينا طلب من‬ ‫الفلسطينيني للقائهم يف األردن وإرشاكهم يف‬ ‫برنامج للزجل خاصة بوجود أكرث من ‪ 50‬شاعر‬

‫هدية الشاعر موىس‬ ‫زغيب لـ «منرب التوحيد»‪:‬‬

‫يا منرب التوحيد الله يزيد‬ ‫مجدك تا تظهر كل يوم جديد‬ ‫منابر الكذب بتقتل الوجدان‬ ‫ومنابر التوحيد عم بتفيد‬ ‫و ُبكرا إن جار الدهر عَ لبنان‬ ‫منرب الفرقة بيه ُبط وبيزول‬ ‫ّ‬ ‫وبيضل صامد منرب التوحيد‬ ‫زجيل بينهم‪.‬‬ ‫وكذلك يف لبنان‪ ،‬أصبح لدينا جوقتان جديدتان‬ ‫سورية ولبنانية‪ ،‬تخ ّرج أفرادها من برنامج أوف‪،‬‬ ‫إضافة إىل الجوقات األخرى التي ض ّمت العديد من‬ ‫مشرتيك الربنامج إليها كجوقتَي الشاعر طليع‬ ‫حمدان والشاعر أنطون سعادة‪ .‬أعتقد أن عرشين‬ ‫شاعراً من برنامج أوف ‪ 1‬و ‪ ،2‬سيتمكنون من إبقاء‬ ‫الزجل اللبناين حياً ال ميوت أبداً‪.‬‬ ‫ماذا عن إتحاد شعراء الزجل ومتاسكهم؟‬ ‫لقد شكلنا نقابة مشرتكة لشعراء الزجل‪،‬‬ ‫وطالبنا بخدمات متعددة للشعراء يف وزرايت‬ ‫العمل والثقافة‪ ،‬وبعد جهود كبرية متكنا‬ ‫من تنظيم النقابة ووضع رشوط اإلنتساب‬ ‫إليها‪ .‬وقد حصلنا عىل حق اقتطاع نسبة من‬ ‫الرضيبة التي تؤخذ من حفالت الفنانني العرب‬ ‫واألجانب‪ ،‬وتعطى ألعضاء نقابة شعراء الزجل‬ ‫من طبابة واستشفاء وغريها من الخدمات‬ ‫االجتامعية‪.‬‬

‫الزجل يحيا‪ ،‬وكل يشء يحيا معه‬ ‫كان هناك تجارب متعددة يف إصدار مجالت‬ ‫تختص بالزجل؟ ملاذا ال تعملون عىل إصدار‬ ‫مجلة جديدة؟‬ ‫بالفعل‪ ،‬كان لدينا أكرث من ‪ 20‬مجلة شعرية‪،‬‬ ‫وأهمها «صوت الجبل»‪ ،‬والشعلة‪ ،‬والشحرور‪،‬‬ ‫وكذلك «األدب الشعبي» التي التزال مستمرة‬ ‫حتى اليوم ولكن بنسبة ضئيلة من اهتامم‬ ‫الجمهور منذ أكرث من ‪ 60‬سنة‪ .‬برنامج أوف اليوم‬ ‫متابع يف ‪ 63‬دولة‪ ،‬ألن التلفزيون أكرث إنتشاراً من‬ ‫املجلة أو الجريدة‪ .‬ما قدّمته حتى اآلن يف أوف ‪ 1‬و‬ ‫‪ ،2‬أكرث من ‪ 110‬قصائد رشوقي تصف كل واحدة‬ ‫منها حالة من املرأة‪ ،‬إضافة إىل ‪ 110‬قصائد‬ ‫الفتتاح الحلقات من الوطنيات والفلسفيات‬ ‫والتوجيهيات‪.‬‬ ‫فمث ًال‪ ،‬قدّمت مؤخراً قصيدة تتمحور حول‬ ‫الجيش اللبناين بعنوان «جيش لبنان»‪ ،‬نظراً إىل‬

‫‪65‬‬

‫أن أبناء الوزراء والنواب واملسؤولني ال يقبلون بأن‬ ‫يكونوا بني صفوفه‪ ،‬إذ أقول‪:‬‬ ‫يا جيش إنت العدل وامليزان‬ ‫والح ّل واملصدر‬ ‫إنت الربط َ‬ ‫ما هزهَ زوك عواصف األديان‬ ‫واملهجر‬ ‫الرس‬ ‫حرتقات‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وملّا السياسة با ِعت الوجدان‬ ‫وخ ِّلت ْحساب البعض يتدولر‬ ‫تغيرَّ وجوه كتار يف لبنان‬ ‫ووجك حقيقي ما بيتغي‬ ‫َّ‬ ‫جمعت ش َّبان‬ ‫من بيوت فقرا َّ‬ ‫ْوالد الزعيم‪ ...‬من السلك أكرب‬ ‫وإبنك عىل حدود الوطن سهران‬ ‫عميسهر‬ ‫ار‬ ‫ب‬ ‫بال‬ ‫الغني‬ ‫وإبن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫عايش براحة بال مش فزعان‬ ‫ْفجر‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫الوضع‬ ‫ء‬ ‫سا‬ ‫إن‬ ‫عارف‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫رح يساعد موطنو التعبان‬ ‫مش ْ‬ ‫بالليل بدو يطيرْ عامل ْهجر‬ ‫هونيك ب ّيو مأ ِّمنو بعنوان‬ ‫وباسبور أوروبيّ ودهب أصفر‬ ‫وقصور حمرا دراجها ِم ْرجان‬ ‫دافع مثنها الشعب املعت‬ ‫فيها نبيد معتَّق ونسوان‬ ‫يا مني يغرق بالهوى ويسكر‬ ‫م ْنهَيك عمق ّلو لهاإلنسان‬ ‫العسكر بيجمعنا مش الجوهر‬ ‫وشو فضلك عىل دولتك إذا كان‬ ‫عندك قصور بلندن وباريس‬ ‫وما كان عندك إبن بالعسكر‬ ‫ماذا يقدّم أبناء املسؤولني لهذا الوطن‪ ،‬وهم‬ ‫يهربون مبجرد أن يسوء الوضع يف لبنان؟ لألسف‪،‬‬ ‫ال أحد يهتم لهذا البلد إال الفقراء الوطنيني‪ .‬نأمل‬ ‫أن يبقى الزجل مرآة للوضع املعاش‪ ،‬ومتن ّفساً‬ ‫للجمهور بعيداً عن الظروف القاسية التي‬ ‫يعيشها‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب فني‬

‫تتطور اليوم‬ ‫السينما في لبنان‪ ..‬صورة في الذاكرة وأخرى‬ ‫ّ‬ ‫نقيب فنانيها صبحي سيف الدين‪:‬‬ ‫َمن يملك مصدر المال «جبان» ليخاطر من أجلها‬ ‫هي السينام اللبنانية مجدداً إىل‬ ‫الواجهة‪ ،‬مع ما تح ّققه أفالم مخرجيها من‬ ‫جوائز يف الخارج‪ ،‬ومع ما تالقيه من نجاح بني‬ ‫األفالم األخرى‪.‬‬ ‫تأيت هذه النجاحات بعد تساؤل‬ ‫الكثريين‪ :‬هل ال يزال هناك “سينام‬ ‫لبنانية”؟ وهل ستتطور مع غياب الدعم‬ ‫املادي لإلنتاج واالستمرار؟‬ ‫بدأت كام يؤ ّرخها البعض‪ ،‬بفيلم‬ ‫صامت بعنوان “مغامرات الياس مربوك”‬ ‫للمخرج اإليطايل جوردانو بيدويت‪ ،‬لتستمر‬ ‫مبا يعرتف بها البعض اآلخر مع املخرج عيل‬ ‫العريس يف العام ‪ 1943‬مع فيلم “بياعة‬ ‫الورد”‪ ،‬لتتواىل بني ارتفاع وهبوط بحسب‬ ‫الظروف املحلية والخارجية‪ ،‬وبحسب توفر‬ ‫عنرص املال األساس الذي أوقف إنتاجها‬ ‫يف العام ‪ ،1957‬والذي تح ّول لدعم السينام‬ ‫املرصية بتمويل لبناين بحت‪.‬‬ ‫من هنا نسأل‪ :‬أين السينامئيني‬ ‫اللبنانيني اليوم؟ خاصة مع الديون‬ ‫املرتاكمة‪ ،‬غياب الدعم املادي‪ ،‬وبقاء‬ ‫التمويل اللبناين يف مرص وغريها؟ وهل من‬ ‫ترشيع قانوين يحمي السينام اللبنانية‬ ‫ومخرجيها؟‬ ‫والسؤال األهم الذي يطرح نفسه‪ :‬هل‬ ‫تنحرص السينام وإنتاج األفالم بفئة دون أخرى‪،‬‬ ‫وهي تلك الفئة من الشباب املوهوب الذي‬ ‫ينتظر فرصة سانحة لتحقيق حلمه وإخراج‬ ‫فيلم سيناميئ «لبناين» السيناريو واإلنتاج‪،‬‬ ‫وحني يجد الدعم الخارجي من السفارات‬ ‫وغريها‪ ،‬يرسع إللتقاط تلك الفرص؟‬ ‫من هنا‪ ،‬كان لقاؤنا بـ»نقيب الفنانني‬ ‫السينامئيني اللبنانيني»‪ ،‬ونائب رئيس اتحاد‬ ‫الفنانني العرب (القاهرة)‪ ،‬املخرج صبحي‬ ‫سيف الدين‪ ،‬الذي ال تلبث تسأله عن حال‬ ‫السينام اللبنانية‪ ،‬حتى يقول‪ :‬السينام‬ ‫بخري وستبقى كذلك‪ ،‬مع ما تالحظه من‬ ‫عتب عىل الالمباالة التي يلقاها املخرجون‬ ‫وتلقاها السينام عىل الصعيد الرسمي‪.‬‬ ‫فكان حوارنا كالتايل‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بتعبنا وجهدنا ونشاطنا‪ ،‬وال ميكن القول أن‬ ‫السينام اللبنانية تبدأ اليوم‪ ،‬بل كنا منذ ذلك‬ ‫الحني الدولة الثانية بعد مرص يف العامل العريب‬ ‫التي تصنع السينام وبشكل فردي كبري‪ ،‬ف َمن‬ ‫رحلوا ومن بعدهم نحن الجيل اآلخر‪ ،‬أقمنا‬ ‫سينام لبنانية بحتة‪ ،‬وجاءت الحرب اللبنانية‬ ‫ومتكنا من إخراج أفالم متعددة خالل تلك‬ ‫وكنت من بني الذين قدّموا ‪ 12‬فيل ً‬ ‫ُ‬ ‫ام‬ ‫الفرتة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫من العام ‪ 1976‬حتى ‪ ،1986‬كانت أفالما روائية‪،‬‬ ‫إضافة إىل ما تم تقدميه من أكرث من ‪ 40‬فيل ً‬ ‫ام‬ ‫توثيقياً وتجريدياً‪ ،‬وتلك التي تتحدث عن األمور‬ ‫السياسية واالعتداءات اإلرسائيلية التي كانت‬ ‫تمُ ارس عىل لبنان‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬ميكننا القول أن هناك «صناعة سينام‬ ‫لبنانية»؟‬ ‫بالطبع‪ ،‬إذا كان هناك قبل فرتة الحرب األهلية ‪9‬‬ ‫هل هناك «سينام لبنانية» أم سينام يف إستوديوهات ومختربات لتحميض األفالم‪ ،‬وعىل‬ ‫لبنان؟‬ ‫رأسها «استوديو بعلبك» الذي متلكته الدولة‬ ‫وانطلقت‬ ‫تأسست‬ ‫لبنانية‪،‬‬ ‫سينام‬ ‫هناك‬ ‫بل‬ ‫ال‬ ‫اليوم‪ ،‬بحيث سيتم تحويله إىل موقف للسيارات‪،‬‬ ‫أن‬ ‫عن‬ ‫البعض‬ ‫ّعي‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫بعكس‬ ‫‪،1944‬‬ ‫العام‬ ‫يف‬ ‫و»استديو هارون» الذي بدأ والد رميون هارون به‬ ‫مع‬ ‫‪1929‬‬ ‫العام‬ ‫يف‬ ‫بدأ‬ ‫اللبنانية‬ ‫السينام‬ ‫تاريخ‬ ‫كاستوديو صغري وقدّم فيلم «زهور حمراء»‪،‬‬ ‫مخرج إيطايل‪ ،‬قدّم فيل ًام لبنانياً صامتاً‪ ،‬وهو ال والذي أصبح فيام بعد اإلستديو األكرث إنتاجاً‬ ‫عالقة له بلبنان وال بالسينام اللبنانية‪.‬‬ ‫لألفالم السينامئية‪ ،‬مع أحدث معدّات ومختربات‬ ‫الذي‬ ‫مربوك»‬ ‫الياس‬ ‫إذاً‪ ،‬فيلم «مغامرات‬ ‫للصوت والصورة والطبع والتحميض‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يف‬ ‫بيدويت‬ ‫جوردانو‬ ‫اإليطايل‬ ‫أخرجه املخرج‬ ‫بالحديث عن الحرب األهلية‪ ،‬أنتج يف العام‬ ‫ً‬ ‫اللبنانية‬ ‫للسينام‬ ‫ا‬ ‫تابع‬ ‫ليس‬ ‫العام ‪،1929‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ 1975‬حوايل ‪ 35‬فيلام سينامئيا‪ ،‬هل لذلك‬ ‫برأيك؟‬ ‫يصفون السينام اللبنانية بـ»سينام الحرب»؟‬ ‫فإن‬ ‫لبنان‪،‬‬ ‫يف‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫وص‬ ‫أجنبي‬ ‫مخرج‬ ‫أي‬ ‫جاء‬ ‫إذا‬ ‫تم إنتاج أكرث من ‪ 35‬عم ًال سينامئيا‪ً،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالفعل‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫تاريخ‬ ‫ويشكل‬ ‫لبناين‬ ‫فيلمه‬ ‫أن‬ ‫يعني‬ ‫ال‬ ‫هذا‬ ‫ولكنها ليست «سينام حرب»‪ ،‬حتى ولو أن‬ ‫املخرج‬ ‫مع‬ ‫بدأت‬ ‫السينام‬ ‫هذه‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫للسينام‬ ‫البعض كان يسمي املناطق بـ»الرشقية‬ ‫عيل العريس يف فيلمني هام بياعة الورد (‪ ) 1943‬والغربية»‪ ،‬مع أننا كسينامئيني مل نعرتف ومل‬ ‫وكوكب أمرية الصحراء (‪ ،)1946‬وك ّرت السبحة نتع ّرف عىل ذلك‪ ،‬وال مارسنا هذه األسامء‪،‬‬ ‫مع عدد من املخرجني اللبنانيني كـ»جورج قاعي» مع أن الظروف شاءت أن تكون مراكز معظم‬ ‫وجورج نرص يف الخمسينات وغريهم من املخرجني اإلستوديوهات يف «املنطقة الرشقية»‪ ،‬بحيث‬ ‫الذي استخدموا تلك التقنيات التقليدية من واجهنا صعوبات التصوير يف منطقة واإلرسال‬ ‫التحميض ونرش أرشطة التصوير يف الهواء إىل املنطقة األخرى‪ ،‬للتحميض واإلرشاف عىل‬ ‫بطول ‪ 120‬مرت‪ ،‬وغريها إلنتاج أفالمهم‪ .‬انطلقت عملنا‪ ،‬وللقيام بعمليات الدبلجة‪ ،‬ألن التصوير‬ ‫السينام اللبنانية بشكل رسيع يف الخمسينات كان يتم بدون الصوت ومن ثم ُيضاف الصوت إىل‬ ‫والستينات والسبعينات حتى وصل اإلنتاج املشاهد داخل اإلستوديو‪ .‬ومع أننا كنا الدولة‬ ‫السيناميئ اللبناين إىل ‪ 20‬و‪ 25‬فيل ًام يف السنة‪ ،‬الثانية يف العامل العريب كام قلنا سابقاً‪ ،‬ولكن‬ ‫عمن قام بتلك النهضة الفنية‬ ‫فانطلقت إىل كل العامل العريب وتوزعت يف إذا عُ دنا للتفتيش َّ‬ ‫الدول األفريقية ودول آسيا‪ ،‬وأحرزت جوائز متعددة واإلعالمية واملرسحية يف مرص‪ ،‬لوجدنا أنهم‬ ‫يف الخارج‪.‬‬ ‫كانوا لبنانيني يف مرص‪ ،‬قاموا بتمويلها بنسبة‬ ‫ّ‬ ‫رناه‬ ‫سط‬ ‫اللبنانية‪،‬‬ ‫للسينام‬ ‫تاريخ‬ ‫هناك‬ ‫إذاً‪،‬‬ ‫‪ %70‬وال زالوا كذلك حتى اليوم‪ .‬وإذا تناولنا مجال‬

‫‪66‬‬

‫اإلعالم املرصي أيضاً‪ ،‬نجد ّأن األصحاب الحقيقيني‬ ‫لـ «جريدة األهرام»‪ ،‬ودار البالل كانوا لبنانيني‬ ‫هاجروا إىل مرص وخلقوا إعالماً جيداً ما زال‬ ‫مستمراً حتى اآلن‪ ،‬وله دوراً فاع ًال يف جمهورية‬ ‫مرص العربية‪ .‬وكذلك يف املرسح‪ ،‬إذ ال ننىس‬ ‫جورج أبيض ومارون نقاش وغريهام من الر ّواد‬ ‫الذين صنعوا املرسح‪.‬‬

‫التمويل اللبناين دامئاً يف الخارج‪..‬‬ ‫وال حياة ملَن تنادي‬ ‫هل صحيح ّأن بداياتك يف الخمسينات كانت‬ ‫صعبة بسبب غياب التمويل السيناميئ؟‬ ‫نعم‪ ،‬وما زلنا نعاين من هذه املشكلة حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬ولهذا تحدثت عن اإلستوديوهات التي كنا‬ ‫نأمل أن اإلنتاج سريتفع بعد انتهاء الحرب األهلية‪،‬‬ ‫فتفاجأنا أن املسألة جاءت معاكسة آلمالنا‪.‬‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬فتشت كثرياً ووجدت أسباب ما ميكن‬ ‫تسميته «مؤامرة» ضد السينام اللبنانية‪.‬‬ ‫َمن وراء هذه املؤامرة؟‬ ‫أوج فرتة الحرب اللبنانية‪،‬‬ ‫عندما نكون يف‬ ‫ّ‬ ‫ويكون هناك ‪ 9‬أستوديوهات وإنتاجاً كثيفاً‪،‬‬ ‫وبعدها ندخل يف العام ‪ 1990‬وما بعده‪ ،‬ونجد كل‬ ‫تلك األستديوهات قد أفلست وأقفلت وأوقفت‬ ‫أعاملها‪ ،‬نؤكد عىل هذه املؤامرة التي ال نعرف َمن‬ ‫وراءها حتى اآلن‪.‬‬ ‫إذاً املؤامرة كانت من الدولة أو من األفراد؟‬ ‫ما أقوله هو أن هناك العديد من املنتجني‬ ‫اللبنانيني يف مرص والذين يريدون العودة إىل‬ ‫لبنان للعمل فيه‪ ،‬لكن الوضع يف لبنان ال‬ ‫يطمنئ‪ ،‬و َمن ميلك املال «جبان» ليخاطر بأمواله‬ ‫من أجل السينام اللبنانية‪.‬‬ ‫لكن نالحظ أن هناك العديد من املخرجني‬ ‫الشباب الذين ينتجون أفالماً تأخذ الكثري من‬ ‫النجاحات والجوائز؟‬ ‫هذا كله يتم بشكل فردي‪ ،‬أو بتمويل أورويب‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫ممن عُ ِر َض عليهم الحصول عىل متويل خارجي‬ ‫كنت َّ‬ ‫ُ‬ ‫ورفضت ذلك‪ ،‬مع أنني بحاجة له‪،‬‬ ‫إلنتاج أفالمي‪،‬‬ ‫ولكنهم يفرضون مك ّونات السيناريو‪ ،‬وهذا ما ال‬ ‫أتق ّبله للوقوف أمام السفارات األوروبية ومراكزها‬ ‫الثقافية‪ .‬وهنا نسأل أين أصبح بلدنا؟ مج ّرد‬ ‫برامج ومسلسالت فضائية منافية ملا اعتدنا‬ ‫عليه من أهمية تثقيف الشباب وبناء الوطن؟‬ ‫هذه ليست قيمنا وتقاليدنا‪ .‬نحن أشخاص يف‬ ‫هذا الوطن‪ ،‬أبناء عائالت وعشائر‪ ،‬يجب أن نخجل‬ ‫من هذه الربامج التي تبثها الفضائيات واملحطات‬ ‫املحلية‪ ،‬ونخجل من الوقوف عىل أبواب السفارات‬ ‫الروسية أو الفرنسية أو غريها ألخذ متويل لفيلم‬ ‫ُييسء أليٍّ من الديانات‪.‬‬ ‫أتخيل أمامي اليوم ما يحصل يف مرص ولبنان‬ ‫لنعود ملشاهد ‪ 1840‬و ‪ ،1860‬بحيث بدأت نغامت‬ ‫حامية املسيحيني‪ ،‬الذين بدأوا هم أنفسهم‬

‫يتآمرون عىل ذاتهم وخاصة يف لبنان – بالطبع‬ ‫البعض منهم – ألن البعض اآلخر أرشف من‬ ‫الرشفاء‪ .‬وكذلك َمن يتحدثون باإلسالم وهو بريء‬ ‫منهم‪ ،‬فاإلسالم محبة والرسول الكريم آمن بكل‬ ‫الديانات السابقة‪ ،‬و َمن يحبه يجب أن يسري عىل‬ ‫نهجه‪.‬‬ ‫هذا ما يحصل متاماً يف السينام‪ ،‬وبالتايل‬ ‫ُ‬ ‫كنت مؤخراً يف مهرجان اإلعالم‬ ‫هو تشويه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ورأيت الكثري من األعامل‬ ‫العريب يف القاهرة‪،‬‬ ‫التي ال تخضع خاللها الجوائز للرقابة وللتحكيم‬ ‫الصحيح‪ .‬نحن اآلن كنقابة الفنانني السينامئيني‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬نقدّم مهرجاناً للسينام مبشاركة ‪13‬‬ ‫دولة عربية‪ ،‬وهو املهرجان األول لنا‪.‬‬ ‫ملاذا األول والنقابة مؤسسة منذ العام‬ ‫‪1959‬؟‬ ‫مل تقم النقابة بيشء منذ ذلك الحني‪ ،‬فمنذ‬ ‫سنتني أصبحت تابعة لوزارة الثقافة بعد أن‬ ‫كانت تابعة لوزارة العمل‪ ،‬وكل الذين تعاقبوا عىل‬ ‫رئاسة هذه النقابة مل يقوموا برأيي مبا يجب‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬الخطوة األوىل هي املهرجان‪ ،‬إضافة لصندوق‬ ‫التعاضد اإلجتامعي الذين يؤمن اإلستشفاء‬ ‫والخدمات الطبية لكل أعضاء النقابة‪ .‬وكذلك‬ ‫لدينا كت ِّيب يصدر كل سنة يتضمن تصنيفات‬ ‫وأسامء أعضاء النقابة‪ .‬وال ننىس التواصل‬ ‫واملشاركة يف املؤمترات العربية جميعاً‪ .‬وقد قمنا‬ ‫كاتحاد الفنانني العرب من ‪ 18‬دولة‪ ،‬بزيارة غزة‬ ‫والتضامن مع شعبها بعد فتح معرب رفح‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬دور نقابة السينامئيني اليوم هو دور فعال‬ ‫يف جميع الدول التي تزورها وتكون حارضة يف‬ ‫قصت‬ ‫مؤمتراتها‪ ،‬ولهذا يلومني الكثريون ألنني رّ‬ ‫بعميل الفردي ومهنتي‪ ،‬وأصبحت حام ًال لهموم‬ ‫وساع لتطويرها‪.‬‬ ‫النقابة ٍ‬ ‫كذلك نعمل عىل حقوق امللكية التي تغيب‬ ‫الدولة عن حاميتها‪ ،‬بحيث تباع األفالم يف‬ ‫األسواق عىل أقراص اليس دي‪ ،‬بعد ما يتكلفه‬ ‫الفيلم من مصاريف‪ ،‬وبعد أن كنا الس ّباقني يف‬ ‫صناعة السينام‪ ،‬وكذلك يف صناعة التلفزيون‬ ‫واملسلسالت‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فيصنفوننا باألغنية‬ ‫الهابطة‪ ،‬وغري الالئقة‪.‬‬ ‫لقد تناسوا أن بريوت مرتبطة باألرز وجربان وقانا‬ ‫والجنوب وغريهم‪ ،‬لكن املهم أن السينام بخري‬ ‫وستبقى كذلك‪ ،‬ونتفاءل خرياً مبا سيأيت من أفالم‬ ‫سينامئية‪ ،‬طبعاً بعد حل األزمة اللبنانية عامة‪،‬‬ ‫والسامح لنا بالسري بالوطن إىل ما لصالحه‪.‬‬ ‫املشكلة أن املسؤولني سائرون بجهة والشعب‬ ‫بجهة‪ ،‬وهذا أكرث ما يخيف‪.‬‬ ‫أعترب نفيس مسؤوالً عن املحافظة عن هذا‬ ‫الوطن‪ ،‬ألنني صاحبه بعروبتي وقيمي ووجودي‬ ‫وإنتاميئ له‪ ،‬وأمتنى لو أن الجميع يعترب ذلك‬ ‫بالنسبة له‪ ،‬لنتخطى هذه األزمة‪.‬‬ ‫أما السينام‪ ،‬فمهنة رائعة وبسيطة تعلمنا‬ ‫كيف نحب اآلخرين‪ ،‬والوطن وأجياله كافة‪ .‬أنصدم‬ ‫كثرياً من هذا املجتمع‪ ،‬ولكن السينام تبقى الرمز‬

‫‪67‬‬

‫والبوابة الجميلة التي يطل منها اإلنسان عىل‬ ‫العامل للتعريف عن وطنه‪.‬‬

‫املحسوبيات الطائفية‪ ،‬حتى يف‬ ‫السلك السيناميئ‬ ‫قمتم سابقاً بتقديم دراسة لرئيس الحكومة‬ ‫السابق الشهيد رفيق الحريري‪ ،‬إلنشاء صندوق‬ ‫دعم للسينامئيني اللبنانيني بقيمة مليوين‬ ‫وتم رفضها‬ ‫دوالر إلنتاج حوايل ‪ 15‬فيل ًام سنوياً‪ّ ،‬‬ ‫يف ذلك الوقت‪ ،‬ماذا عنها؟‬ ‫كانت الدراسة إلنشاء صندوق دعم للسينام‪،‬‬ ‫وكنت حينها من أعضاء مجلس النقابة‪ ،‬لكن‬ ‫الدراسة حقاً مل يوافق عليها‪ ،‬وهذا كان من ضمن‬ ‫خطة إغالق اإلستوديوهات وتفكيك النقابات‪،‬‬ ‫وهنا أتحدث منذ فرتة التسعينات وحتى اليوم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫اقرتحت مرشوع اقتطاع ‪ 250‬لرية لبنانية من‬ ‫كل تذكرة سينام‪ ،‬تقدم لوزراة الثقافة وعُ رض‬ ‫عىل الرئيس الشهيد الحريري حينها‪ ،‬وتم الحصول‬ ‫عىل املوافقة من الوزراة‪ ،‬ولكن مشكلتنا هي أنهم‬ ‫يهتمون باألجانب دامئاً بحيث استقدموا لجنة‬ ‫مستشارين من وزراة الثقافة الفرنسية لتطبيق‬ ‫املرشوع‪ ،‬وهذه مصاريف إضافية أيضاً‪ ،‬يف حني‬ ‫أن املوضوع كله هو لدعم صندوق السينام‪،‬‬ ‫وهي دراسة تؤمن سنوياً مبلغ ‪ 2‬مليون دوالر‪ ،‬أي‬ ‫ما يؤمن حوايل ‪ 20‬فيلم سيناميئ من قصري‬ ‫وطويل بدل أن يذهب املخرجون إىل أبواب السفارات‬ ‫للحصول عىل الدعم املادي لإلنتاج‪ ،‬ويخضعون‬ ‫لرشوط اإلنتاج الخارجة عن واقع وطنهم‪.‬‬ ‫أين أصبحت هذه الدراسة اليوم؟‬ ‫بقيت يف أدراج الوزارة كغريها من املشاريع‪،‬‬ ‫وأصبحت املبالغ تو ّزع بحسب املحسوبيات‪،‬‬ ‫بحيث يأخذ مخرج ‪ 20‬مليون لرية لبنانية‪ ،‬وآخر‬ ‫‪ ،10‬وغريهام ‪ 3‬ماليني فقط‪ .‬وهذا يتم بحسب‬ ‫مزاجية اللجنة املسؤولة‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬هي مجرد «تقسيم محسوبيات»؟‬ ‫نعم‪ ،‬وقد عمل وزير الثقافة السابق طارق مرتي‬ ‫عىل تعيني أربعة أو خمسة من أعضاء اللجنة‬ ‫ُ‬ ‫ورفضت هذه الفكرة يف‬ ‫من أبناء طائفته‪،‬‬ ‫أرصيت عىل أن تتمثل‬ ‫املجلس التنفيذي‪ ،‬بحيث‬ ‫ّ‬ ‫جميع الطوائف‪ .‬لألسف حتى السينام مخرتقة‬ ‫طائفياً‪ ،‬عل ًام أننا قمنا باختيار املخرج جورج نرص‬ ‫ليكون ضمن اللجنة‪ ،‬ولكنهم يحاولون إقصاءه‬ ‫ألنه يعمل بضمريه‪.‬‬ ‫عىل وزير الثقافة أن يكون دامئاً غري حزيب‪،‬‬ ‫وأمتنى ذلك ألن هذه الوزارة ال تسري وفق املحسوبيات‬ ‫الحزبية والطائفية‪ .‬ولكن مع هذا‪ ،‬أتفاءل بالخري‬ ‫لأليام املقبلة يف مجال السينام اللبنانية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبدالله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب فني‬

‫فيلم «ش ّتي يا دني»‪ ،‬يحصد العديد من الجوائز‬

‫المخرج بهيج حجيج ‪ :‬ال وزارة فعلية تهت ّم‬ ‫بالسينما اللبنانية كعمل ثقافي وليس تجارياً‬ ‫كان خيار املخرج بهيج حجيج التج ّول بفيلمه “شتي يا دين”‬ ‫بني املهرجانات ومن ثم عرضه يف الصاالت السينامئية اللبنانية‪،‬‬ ‫وهو الذي يفخر بأنه ميثل لبنانه ‪ -‬كام يراه – يف املحافل الدولية‬ ‫واملهرجانات الخارجية‪.‬‬ ‫بأفالمه‪ ،‬يعرض الواقع اللبناين كام هو‪ ،‬بسلبياته وإيجابياته‪،‬‬ ‫لتعكس آلة تصويره واقعاً جمي ًال يف بعض األحيان‪ ،‬ومريراً يف‬ ‫الكثري منها‪ ،‬إال أن هذا مل يوقفه لحظة واحدة من االستمرار‪،‬‬ ‫التقدّم‪ ،‬وتطوير طموحه‪ ،‬ملزيد من النجاح‪.‬‬ ‫يأيت فيلم “شتي يا دين” بعد سلسلة من األفالم‪ ،‬كـ”الخط‬ ‫األخرض” و”بريوت‪ ،‬حوار األنقاض”‪ ،‬و”املخطوفون” و”زنار النار”‪،‬‬ ‫ليشكل رسالة مهمة للشعب اللبناين خصوصاً‪ ،‬والعريب عموماً‪،‬‬ ‫ليست للتذكري مبَن كان السبب بخطف شباب لبنانيني‪ ،‬إمنا لعرض‬ ‫سيناريو هام متكن املمثلون الذين اختارهم حجيج من آداء رسالته‬ ‫أرص أن يتحدث الجميع فيه باللهجة‬ ‫بشكل رائع‪ ،‬خاصة وأنه‬ ‫ّ‬ ‫“السجانون” أو “الخاطفون”‪.‬‬ ‫اللبنانية حتى‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫من هنا‪ ،‬وبعد الجوائز التي نالها فيلمه الجديد‪ ،‬واستكامال مللف‬ ‫السينام اللبنانية التي نيضء الضوء عليها‪ ،‬كان حوارنا التايل مع‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫املخرج بهيج حجيج‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫يقول‬

‫ماذا‬ ‫اللبنانية»؟‬ ‫ميكن القول أن هناك أفالماً لبنانية وليس‬ ‫سينام لبنانية‪ ،‬لكنني أرى أن األخرية بدأت ترسم‬ ‫مالمحها‪ ،‬لتتميز بالتجديد‪ ،‬وطرح املواضيع‬ ‫الجد ّية‪ ،‬وتتحدث بشكل دائم بأسلوب تقني‬ ‫متطور‪ ،‬بأمورنا السياسية وقضايانا األساسية‪.‬‬ ‫أعتقد أنها ستصبح سينام عربية متوسطية‬ ‫بامتياز‪.‬‬ ‫ماذا عن املتخ ّرجني الجدد يف مجال السينام؟‬ ‫هل سيتم ّكنون من امليض قدماً بدون الدعم‬ ‫اإلنتاجي الخارجي؟‬ ‫اإلخراج هو إبداع‪ ،‬فليس كل َمن يدرس السينام‬ ‫يصبح مخرجاً حتى ولو كان لديه هذا الطموح‪.‬‬ ‫عىل املخرج أن ميلك القدرة عىل اإلخراج بالشكل‬ ‫الصحيح‪ ،‬ومن هنا نرى أن َمن نجحوا يف عامل‬ ‫السينام هم قلة‪ .‬معظم َمن يتخ ّرجون يف‬ ‫هذا املجال‪ ،‬إما تخ ّلوا عن املهنة أو دخلوا يف املجال‬ ‫السمعي والبرصي من إعالنات ومسلسالت‬ ‫تلفزيونية وغريها‪ ،‬وبالطبع هذا ليس خطأ‪ ،‬ألن‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بهيج‬

‫حجيج‬

‫عن‬

‫«السينام‬

‫السينام مهنة‪ ،‬وليست فناً فقط‪.‬‬ ‫ً‬ ‫من هنا‪ ،‬نرى أن الفرص تقريبا تتوفر ألعامل‬ ‫سينامئية جديدة بدأ الشباب بالدخول إليها‪،‬‬ ‫وعندما تتوفر الفرص‪ ،‬فإن اإلمكانات حت ًام‬ ‫موجودة‪ .‬نأمل أن تكرب تلك الفرص من ناحية‬ ‫التمويل وأيضاً بتطوير عملية الكتابة ألن‬ ‫السينام يف األساس هي كتابة سيناريو‪ ،‬وبالتايل‬ ‫لدينا مشكلتان‪ :‬اإلنتاج والسيناريو‪ ،‬وأرى أن‬ ‫كالهام اليوم يف تطور ملحوظ‪ ،‬بفضل صناديق‬ ‫الدعم واملساعدات املوجودة التي ظهرت مؤخراً‬ ‫يف العامل العريب مثل ديب وأبو ظبي وقطر‪ .‬كلها‬ ‫تشكل صناديق لدعم أي مرشوع سيناميئ جديد‬ ‫إضافة لبعض املؤسسات األوروبية التي تدعم‬ ‫السينام اللبنانية‪ ،‬لألسف نكرر القول بأن هناك‬ ‫غياب شبه تام إلهتامم الدولة أو وزراة الثقافة‬ ‫بعامل السينام الذي يعترب اليوم من أرفع الفنون‬ ‫توجهاته وأجواءه‪.‬‬ ‫ويحمل هموم البلد ويعكس ّ‬ ‫نأمل أن يأيت اليوم الذي يأيت به وزيراً يركز‬ ‫فع ًال عىل هذا املوضوع ويقول‪« :‬نريد تأسيس‬ ‫صندوق دعم»‪ ،‬ألن السينام هي عمل ثقايف يف‬

‫‪68‬‬

‫العامل‪ ،‬ومن املجحف أن يكون مهم ًال إىل هذا الحد‪.‬‬ ‫أما الخطط التي تسري بها نقابة السينامئيني‬ ‫اللبنانيني مع الوزارة فلن تصل بنا إىل أي مكان‬ ‫ألن ال وزارة فعلية تهتم باملوضوع‪.‬‬

‫تشتّت السينام اللبنانية‪ ،‬بني‬ ‫اإلنتاج والسيناريو‬ ‫إذاً‪ ،‬املشكلة هي مشكلة إنتاج وسيناريو؟‬ ‫نعم‪ ،‬وقد بدأ معظم املخرجني بكتابة سيناريو‬ ‫أفالمهم بأنفسهم‪ ،‬يف ظل غياب كتّاب سيناريو‬ ‫محرتفني‪ .‬ال نستطيع اللوم ألن ال حركة مستمرة‬ ‫وال دورة مستمرة للسينام ليعمل الكتّاب داخلها‬ ‫باستمرار‪.‬‬ ‫هذه املشكلة ليست فقط يف لبنان‪ ،‬إمنا هناك‬ ‫أزمة سيناريوهات يف العامل‪ ،‬وهناك تفتيش‬ ‫جدي حول إمكانية إيجاد سيناريوهات تصلح يك‬ ‫تك ّون أساساً لفيلم جديد‪ .‬لذلك نرى أن بني ‪100‬‬ ‫فيلم يف لبنان‪ ،‬هناك أقل من عرشة يبقون يف‬

‫البال ويأخذون النجاح الالزم‪.‬‬ ‫هل تعترب أن السينام اللبنانية جرئية بطرح‬ ‫القضايا واملواضيع األساسية؟‬ ‫هناك جرأة يف الكثري من األفالم‪ ،‬وليس‬ ‫جميعها‪ ،‬وهنا تأيت أهمية السيناميئ‪ ،‬خاصة‬ ‫مع العداء املوجود له يف العامل العريب عىل أنه‬ ‫رشير يعرض ما ال يريدون للناس أن تراه‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن السينام تخيفهم ألنها تنترش برسعة أكرب‬ ‫بني الدول‪ ،‬لكنني أعتربها إيجابية يف لبنان‪،‬‬ ‫بالنسبة لدول أخرى‪ .‬نحمد الله أننا ال نزال منلك‬ ‫مجاالً أكرب من الحرية‪ ،‬والسينام ال ميكن أن تتطور‬ ‫وتصل بدون هذه الحرية ‪ -‬طبعاً الحرية املسؤولة‬ ‫وليس الفوضوية‪.‬‬ ‫برأيك‪ ،‬هل يجب أن يتم إعالن حالة طوارىء‬ ‫يف مجال السينام اللبنانية؟‬ ‫نأمل أال يتم إعالن حالة طوارىء يف البلد عامة‪،‬‬ ‫ومن ثم نهتم باألمور السينامئية‪ .‬لكن بالفعل‬ ‫يجب أن نأخذ حالة السينام عىل محمل الجد‪ ،‬ألن‬ ‫املبادرة الفردية هي الوحيدة التي تط ِّور السينام‪.‬‬ ‫ولو كان هناك اهتامم رسمي بها‪ ،‬لتطورت بشكل‬ ‫أرسع‪ ،‬ولكنها حت ًام ستصبح األفضل يف العامل‬ ‫العريب‪.‬‬ ‫مبجرد ذكر إسم «بهيج حجيج»‪ ،‬فإنه‬ ‫يرتبط بالحرب اللبنانية‪ .‬ملاذا تأخذ أفالمك هذا‬ ‫الطابع؟‬ ‫ُ‬ ‫عملت عىل ذاكرة حرب أكرث مام هو‬ ‫رمبا ألنني‬ ‫عىل الحرب نفسها‪ ،‬إال يف الفيلم الروايئ «زنار‬ ‫النار»‪ ،‬الذي قدّمته يف العام ‪ ،2004‬وهو الفيلم‬ ‫الوحيد الذي يتكلم عن الحرب من الداخل‪ ،‬وتجربتي‬ ‫التي عشتها خالل الحرب من خالل اإلقتباس الذي‬ ‫ُ‬ ‫قمت به للرواية‪ .‬وكذلك فيلم «املخطوفني»‪ ،‬ألنه‬ ‫كان وثائقياً حول موضوع املخطوفني‪ ،‬ولكن هذا ال‬ ‫يعني أن إختصايص «يف الحرب»‪ ،‬ولكن ال أستطيع‬ ‫سوى التكلم عن أشياء راسخة يف ذاكرتنا‪ ،‬وهذا‬ ‫ليس باليشء الخطأ‪.‬‬ ‫أعتقد أن هذه األفالم تأيت إلخراج فكرة الحرب‬ ‫من نفوس الناس‪ .‬أما فيلمي األخري «شتي يا دين»‪،‬‬ ‫فال يحمل فكرة الحرب أبداً‪ ،‬ال بل تسري أحداثه‬ ‫اليوم يف املجتمع اللبناين‪ ،‬وهو يحمل قصة عودة‬ ‫«رامز» الذي خطف‪ ،‬يف منتصف الثامنينات‬ ‫كآالف الناس غريه‪ ،‬ومن ثم عاد مجدداً بأعجوبة‪،‬‬ ‫وكانت قصة الفيلم حول عودته وتداعياتها عىل‬ ‫محيطه وعائلته بشكل خاص‪ ،‬خاصة وأنه عاد‬ ‫إنساناً مكسوراً جسدياً ومعنوياً‪ ،‬ولديه هوس أنه‬ ‫س ُيخطف مجدداً‪ ،‬ونرى الحقاً قرار زوجته‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن مصريه يلتقي مبصري إمرأة أخرى «زينب» التي‬ ‫ما تزال تنتظر عودة زوجها الذي ُخ ِطف يف الفرتة‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫هل ميكن اعتبار الفيلم إضاءة عىل ملف‬ ‫املفقودين؟‬ ‫مل أعالج موضوع املخطوفني بالذات‪ ،‬ولكن‬ ‫للقصة التي تناولتها يف الفيلم عالقة بذاك‬ ‫املوضوع‪ ،‬فالقصة ليست معالجة اجتامعية‬

‫يف مهرجان ابو ظبي السيناميئ‬

‫سياسية‪ ،‬لكن ميكن اعتبارها معالجة سياسية‬ ‫لكيفية إمكانية عودة املخطوفني‪.‬‬ ‫ماذا عن الجوائز التي نالها هذا الفيلم؟‬ ‫كانت الجائزة األوىل من مهرجان أبو ظبي‬ ‫السيناميئ والذي هو اليوم يف طليعة املهرجانات‬ ‫العربية‪ ،‬ألنه يعرض نخبة من األفالم العاملية‬ ‫والعربية أيضاً‪ ،‬خاصة وأنه أوجد صندوقاً لدعم‬ ‫السينام إن من ناحية التطوير أو من ناحية إنهاء‬ ‫الفيلم أي ‪.Production Post‬‬ ‫ُ‬ ‫كنت قد تقدّمت بطلب مساعدة إلنهاء‬ ‫الفيلم وحصلت عىل املساعدة من إدارة املهرجان‪،‬‬ ‫ومتكنت من إنهاء الفيلم‪ ،‬الذي عُ رض فيام بعد يف‬ ‫املهرجان ونال جائزة أفضل فيلم عريب‪ ،‬ليس ألنه‬ ‫نال املساعدة املالية بل بقرار من لجنة التحكيم‬ ‫التي كانت دولية بأعضاء عرب وأجانب‪.‬‬ ‫املشاركة الثانية للفيلم كانت يف مهرجان‬ ‫بروكسل الدورة ‪ ،37‬ملهرجان األفالم املستقلة‪،‬‬ ‫وهنا كان لقاؤنا مع الجمهور الغريب من أجانب‬ ‫وعرب والذي تفاعل مع الفيلم وهذا يشء رائع‪،‬‬ ‫ونلنا جائزة أفضل ممثل لـ»إحسان مراد» الذي أبدع‬ ‫بدور البطولة يف الفيلم‪ .‬كام كانت املشاركة‬ ‫الثالثة لنا يف مهرجان القاهرة لكنها مشاركة‬ ‫عادية إذ مل نكن يف مسابقة األفالم العربية‪،‬‬ ‫واملشاركة الرابعة واألهم كانت مؤخراً وض ّمت‬ ‫نخبة األفالم العربية وهنا نال الفيلم جائزة‬ ‫أفضل إخراج‪ .‬وسيبدأ عرض الفيلم يف صاالت‬ ‫السينام يف بريوت يف هذا الشهر‪.‬‬ ‫ما سبب نجاح أفالم بهيج حجيج؟‬ ‫رمبا ألنني أتكلم ببساطة وتبسيط وأتوجه‬ ‫مبارشة لقلوب الناس‪ ،‬وقد عملت الكيمياء لهذا‬ ‫الفيلم بشكل جيد وسببت نجاحه‪ ،‬ونيله الجوائز‪.‬‬

‫والتلفزيون غائب عن دعم األفالم‬ ‫اللبنانية‬ ‫ملاذا نالحظ سيطرة األفالم واملسلسالت‬ ‫شاشاتنا‬ ‫عىل‬ ‫وغريها‬ ‫والرتكية‬ ‫السورية‬ ‫املحلية؟ أين دوركم يف هذا املجال؟‬

‫‪69‬‬

‫العمل التلفزيوين يختلف عن العمل‬ ‫السيناميئ‪ ،‬ولكن هذا ال مينع أن يكون التلفزيون‬ ‫مشاركاً يف األعامل السينامئية‪ ،‬مادياً وإنتاجياً‪،‬‬ ‫رّ‬ ‫املتحضة‪،‬‬ ‫وهذا ما يحصل يف البلدان الغربية‬ ‫بحيث يشارك التلفزيون يف عملية إنتاج األفالم‪،‬‬ ‫بعكس ما نحن عليه يف لبنان‪ .‬ولكن ال بد من‬ ‫التأكيد عىل اهتامم الصاالت اللبنانية بعرض‬ ‫الفيلم اللبناين ألنه أصبح يستقطب الجمهور‬ ‫بشكل أكرب‪ ،‬الذي بدأ يرى سينام متطورة وجيدة‪،‬‬ ‫وتغيت نظرة اإلهامل للفيلم اللبناين‪ .‬خاصة‬ ‫رّ‬ ‫مع بعض األفالم التي أخذت نجاحاً باهراً مثل‬ ‫«كراميل» و»تحت القصف» و»البوسطة» و»دخان‬ ‫بال نار»‪ ،‬وغريها‪ .‬كلها تك ّون جمهوراً جديداً أصبح‬ ‫يحب السينام اللبنانية أكرث فأكرث‪ .‬ومن هنا‬ ‫ليس لدينا مشكلة مع صاالت السينام ال بل‬ ‫مع شاشات التلفزة ألنه ليس لديها أي مشاركة‬ ‫باإلنتاج السيناميئ وال تشرتي الفيلم اللبناين‬ ‫بالسعر الذي يستحق‪.‬‬ ‫ما دور السينام اللبنانية يف الثقافة‬ ‫العامة؟‬ ‫هي الدور األسايس يف الثقافة‪ ،‬وإنه إنجاز جيد‬ ‫جداً إذا قدّمنا من خمسة إىل عرشة أفالم يف‬ ‫السنة‪ .‬من هنا أقول أن هناك ال وعي من ِق َبل‬ ‫املسؤولني‪ ،‬فالسينام ليست عم ًال تجارياً فقط‪ ،‬ال‬ ‫بل هي عمل ثقايف بامتياز‪.‬‬ ‫ما هو شعورك عندما يقولون‪« :‬اللبناين‬ ‫بهيج حجيج»‪ ،‬هل تكون الجائزة لبهيج أم‬ ‫للبنان؟‬ ‫شئنا أم أبينا‪ُ ،‬تع َّرف أفالمنا كالتايل‪ :‬شتي يا‬ ‫دين – لبنان‪ ،‬وهذا بالطبع أمر نفخر به‪ .‬وبالتايل‬ ‫حت ًام فيلمي لبناين‪ ،‬وأمثل لبنان بشكل رسمي‪.‬‬ ‫فخور بلبنان ّيتي كام هي‪ ،‬ولكن ال أعترب أنني أمثل‬ ‫الـ»لبنان «الرسمي فقط‪ ،‬ألن لبنان الرسمي غائب‬ ‫قبل وخالل وبعد هذا‪ .‬وآسف لقول ذلك‪ ،‬ولكنني‬ ‫أمثل لبنان الذي أحب‪ ،‬وأفتخر به‪ ،‬وأنتمي إليه‬ ‫وأستوحي أفالمي منه‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبدالله‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب اجتامعي‬

‫طغاة يملكون سلطة مطلقة في التحكم بزوجاتهن‬ ‫«كفى» لـ «منبر التوحيد»‪ :‬العنف المنزلي أسير الصمت والعادات‬ ‫معليش” ‪ ...‬فقد السيطرة عىل أعصابو‬ ‫املرأة تستفز الرجل غالباً‬ ‫ما حدا إلو حق يدخل بني زملي ومرتو‬ ‫املرأة كالسجادة عندما ترضب بتجوهر‬ ‫بدي ربيك إذا أهلك ما عرفو يربوك‬ ‫عيب شو بدن يقولو الناس عنا إنك تركت بيتك‬ ‫ووالدك‬ ‫إنها مجموعة من الذرائع واألقوال التي تعطي‬ ‫أسباباً تخفيفية لسلطة ذكورية ولجربوت طغاة‬ ‫أعطاهم النظام األبوي سلطة شبه مطلقة يف‬ ‫التحكم يف مصري زوجاتهن وبناتهن وإخواتهن‪.‬‬ ‫يربر معظم الرجال الذين يستخدمون أسلوب‬ ‫الرضب مع زوجاتهن بأن املشكلة من الزوجة‪،‬‬ ‫فهي التي ال تعي كيف تتعامل معه‪ ،‬أو أنها‬ ‫عنيدة‪ ،‬أو مث ًال‪“ :‬هيي بتستفزين‪ ،‬بقوم أنا‬ ‫بعصب وبرضبها”‪ .‬والرجال الذين يندمون عىل‬ ‫فعلتهم‪ ،‬يف ما بعد‪ ،‬قالئل‪ .‬يقول محمد إنه‬ ‫يرضب زوجته ولكن‪“ :‬ع الخفيف‪ ،‬يعني رضبة‬ ‫كف أو دفشة صغرية”‪ .‬أما يوسف فيندم‪ .‬يف‬ ‫كل مرة يرضب فيها زوجته‪“ .‬ما بعرف‪ ،‬أوقات‬ ‫بتستفزين أو ما برتد عيل‪ ،‬وأنا كثري عصبي‪،‬‬ ‫بس أهم يش إين بندم وبراضيها”‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن العنف املنزيل تجاه املرأة ينترش‬ ‫يف دول عدة‪ ،‬ال سيام الغربية منها‪ ،‬إال أن‬ ‫القانون يف تلك الدول قادر عىل حامية النساء‪،‬‬ ‫يف حال قررت إحداهن التقدم بشكوى ضد‬ ‫الزوج‪ .‬أما يف لبنان فال يوجد أي نص قانوين‬ ‫رصيح وواضح يجرم العنف املنزيل‪ ،‬بانتظار‬ ‫إقرار مرشوع قانون تجريم العنف األرسي الذي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يتم العمل عليه والذي قد يبرص النور قريباً‪.‬‬ ‫يف املبدأ‪ ،‬يحق للمرأة أن تتقدم ببالغ إىل‬ ‫املخفر يف حال تعرضها للعنف من قبل زوجها‪،‬‬ ‫وذلك ضمن املنطق الذي يقول مبنع أي شخص‬ ‫من االعتداء عىل آخر‪ .‬وإذا استطاعت املرأة أن‬ ‫تفلت من يدي زوجها وتصل إىل مركز قوى‬ ‫األمن الداخيل‪ ،‬فستجد هناك من يحاول‬ ‫إقناعها بالعدول عن فكرة فتح املحرض والبالغ‪،‬‬ ‫وذلك بحجة أن هذا الشخص هو زوجك‪ .‬أما إن‬ ‫حرضت إحدى النساء املغتصبات للتبليغ‪ ،‬فيتم‬

‫‪70‬‬

‫الكشف عليها من قبل الطبيب الرشعي يف‬ ‫املخفر وعىل رسير أحد عنارص القوى األمنية‪،‬‬ ‫هذا عدا عن تكلفة الطبيب الرشعي التي غالباً ال‬ ‫تستطيع دفعها‪.‬‬ ‫ما هو حجم هذه املشكلة يف لبنان والعامل‬ ‫خصوصاً‪ ،‬نجد أن األرقام تشري اىل أن‪:‬‬ ‫يف أمريكا هناك امرأة مغتصبة كل ‪ 6‬دقائق‪،‬‬ ‫ويف املكسيك كل ‪ 9‬دقائق‬ ‫تتعرض ‪ 6‬ماليني زوجة أمربكية للرضب املربح‬ ‫كل عام‪ ،‬ومتوت أكرث من ‪ 400‬زوجة أمريكية‬ ‫جراء العنف األرسي سنوياً‪ %65 ،‬منهن قت ًال‬ ‫بالرصاص عىل يد الزوج‪.‬‬ ‫يف أملانيا تتعرض ‪ %52‬من النساء للعنف‬ ‫املصحوب بالتحرش الجنيس‬ ‫تقتل زوجة بيد زوجها يومياً يف إسبانيا‪،‬‬ ‫وواحدة كل أربعة أيام يف فرنسا‬ ‫يف أملانيا تلجأ ‪ 45000‬امرأة سنوياً لبيوت‬ ‫النساء هرباً من العنف املنزيل‬ ‫إن امرأة حام ًال يف إفريقيا لديها ‪ 100‬مرة‬ ‫احتامل أن متوت وهي تلد مقارنة مع حامل‬ ‫أوروبية‬ ‫تتقاىض املرأة ثلث ما يتقاضاه الرجل للعمل‬ ‫نفسه‪ ،‬ومن كل ‪ 10‬فقراء سبعة منهم نساء‪،‬‬ ‫ويف األمم املتحدة يحتل الرجل ‪ 8‬مناصب من‬ ‫أصل ‪.10‬‬ ‫ماذا عن لبنان؟‬ ‫أما يف لبنان فال يوجد إحصاءات رسمية يف‬ ‫هذا الشأن‪...‬‬

‫تزين البقع الزرقاء جسد هيام برسومات مختلفة‪.‬‬ ‫عىل زاوية عينها اليرسى بقايا لدم يابس‪ ..‬وإذا ما‬ ‫كشفت عن رجلها فستجد بقعة زرقاء بدأ لونها‬ ‫مييل إىل االصفرار‪.‬‬ ‫تشكو هيام من إهامل زوجها الذي يخرج يف‬ ‫الصباح وال يعود إال يف وقت متأخر‪ .‬راودتها الشكوك‬ ‫بشأن غيابه املتواصل‪ ،‬فقررت مراقبته‪ .‬وذات يوم‬ ‫أكد فيه أنه موجود يف العمل‪ ،‬شعرت هي بكذبه‪،‬‬ ‫لذا ذهبت إىل العمل ومل تجده‪ ،‬وعندما سألته عن‬ ‫املوضوع‪...‬‬ ‫أمسك بها من شعرها وسحبها عىل األرض من‬ ‫السيارة حتى مدخل البناية‪ .‬وقعت الفريسة وبدأت‬ ‫تحاول قدر املستطاع أن تتفادى الرضبات‪ .‬جاء جوابه‬ ‫عىل سؤالها رك ًال باألقدام عىل كل أنحاء جسدها‬ ‫الضعيف املستسلم وهي تحاول يائسة الدفاع عن‬ ‫نفسها ولكن دون جدوى فقد تحول لونها اىل أحمر‬ ‫قاتم‪.‬‬ ‫يحاول زوج هيام التقاط أنفاسه‪ ،‬فقد أنهكته‬ ‫مشقة رضبه لها‪ .‬يه ‪ ،‬يرفع اصبعه إىل فمه‬ ‫ويطلب منها بكل لطف أن ال ترفع صوتها‪ ،‬مخافة‬ ‫الفضيحة‪ .‬أما هي فتحاول قدر املستطاع أن تكتم‬ ‫أنفاسها‪ ،‬بينام يسحبها عىل األرض مجدداً إىل‬ ‫مدخل املصعد‪.‬‬ ‫“بيني وبينو بتنحل‪ ،‬بس إذا الناس عرفوا وين بدي‬ ‫ودي وجهي منن”‬ ‫“ أول كف بيوجعني‪ ،‬بعدين بتصري كرامتي‬ ‫توجعني”‪ .‬زوج نور يف الثالثني من عمره‪ .‬عندما يأيت‬ ‫من العمل تقول عنه‪“ .‬هياه إجا ابن الـ‪ ،...‬بيضل‬ ‫يرضبني حتى غيب عن الوعي‪ ،‬برجع بوعى لوحدي‬ ‫وبيكمل رضب عن جديد”‪.‬‬ ‫تزوجت نور من أمين منذ أِشهر قليلة‪ .‬عاد من‬ ‫فرنسا بعدما أكمل دراسته يف مجال الطب‪ ،‬شاب‬ ‫وسيم وميسور‪ ،‬ولكنه عصبي جداً‪“ .‬إذا بحاول أعطي‬ ‫رأيي بأي يش بالبيت‪ ،‬ما بالقي إال الكف وصلني‪ .‬ما‬ ‫بسرتجي إتنفس بالبيت‪ ،‬رصت خاف منو”‪.‬‬ ‫اليوم تطلقت نور من أمين بعدما أشبعها رضبا‪،‬‬ ‫وهي سعيدة بوقوف أهلها إىل جانبها‪ ،‬بعدما كانت‬ ‫خائفة من ردة فعلهم‪.‬‬ ‫تقول املازا “تزوجت موىس وانجبت منه هاين‬ ‫وماريانا‪ ...‬بعد طالقه من زوجته االوىل التي سلبها‬ ‫كل ما متلك‪ ،‬جاء دوري ليامرس علينا كل انواع‬ ‫التعنيف والتشهري واملقالب والغدر وليسلب كل ما‬ ‫لدينا‪ ...‬حتى حقنا يف العيش بكرامة‪”...‬‬ ‫اما سمرية فكان يسألهم عن رأيهم بأداة‬ ‫التعذيب”ميكنكم اختيار الرنبيج‪ ،‬العصا‪ ،‬الفأس‪،‬‬ ‫الحبل‪”،‬أتلة” الصليب او الفروج “ بعد ذلك يتخذ‬ ‫قراره بنفسه‪.‬‬ ‫البعض سمع القصص لكنه ارتأى عدم‬ ‫تصديقها‬ ‫البعض عشن هذه القصص لكنهن مل يتجرأن‬ ‫عىل مشاركتها خوفاً من وصمة املجتمع‪.‬‬ ‫والبعض كانت لديهن الشجاعة للتكلم ولطلب‬ ‫املساعدة خوفاً عىل حياتهن وحياة اوالدهن‪.‬‬

‫واللقاء الضو ء عىل هذا املوضوع كان لنا لقاء مع‬ ‫رميا خطار ايب نادر رئيسة قسم االرشاد واالستامع‬ ‫يف منظمة “كفى عنف واستغالل” وكان الحوار‬ ‫أآليت‪:‬‬ ‫متى تأسست منظمة “كفى عنف واستغالل”‬ ‫وملاذا؟‬ ‫تأسست منظمة “كفى عنف واستغالل” (كفى)‬ ‫يف ‪ 2005/3/8‬تزامناً مع يوم املرأة العاملي‪ ،‬وكانت‬ ‫نتيجة اتفاق مجموعة من الناشطات يف مجايل‬ ‫حقوق اإلنسان واملرأة عىل توحيد الرؤية وهي مبنية‬ ‫عىل أساس االستفادة من منطق تحليل اإلشكالية‬ ‫التي أمثرتها خربة سنني يف العمل داخل مراكز‬ ‫االستامع واألبحاث والدراسات وإرفاقها أكرث مبنطق‬ ‫املواجهة والبحث عن الحلول ملناهضة العنف الذي‬ ‫ميارس عىل املرأة‪.‬‬ ‫باختصار التأسيس كان خطوة للخروج من اإلطار‬ ‫النظري واملؤمترات والدخول إىل اإلطار امليداين العميل‬ ‫لوضع حل لهذه املشاكل‪ ،‬وألننا وجدنا أن املرأة‬ ‫أصبحت بحاجة أكرث إىل الحل وقد أشبعت دراسات‬ ‫عن الظواهر النفسية والثقافية واالجتامعية‬ ‫والدينية للعنف الذي تعاين منه‪ ،‬من هذا املنطلق‬ ‫كان ال بد من مرشوع قانون حامية النساء من العنف‬ ‫األرسي هو هدفنا منذ التأسيس‪.‬‬ ‫ما هي أهداف كفى؟ وما هي املجاالت التي تعنى‬ ‫بها؟‬ ‫تتط ّلع “كفى” نحو مجتمع خال من العنف‬ ‫واالستغالل‪ ،‬يضمن متتع كافة املواطنني بحقوقهم‬ ‫اإلنسانية واحرتامها وحاميتها ويكفل املساواة يف‬ ‫الفرص والنتائج‪ .‬وهي تؤمن بأن أعامل حقوق املرأة‬ ‫والطفل هي جزء ال يتجزأ من مسرية بناء أي مجتمع‬ ‫حر وعادل‪.‬‬ ‫ما هو حجم املشكلة يف العامل ويف لبنان؟ هل‬ ‫صحيح أن العنف يطال ثلث نساء لبنان؟‬ ‫إن أنثى من بني كل ثالث إناث يف جميع أنحاء‬ ‫العامل‪ ،‬تتعرض يف فرتة ما من حياتها إما للرضب أو‬ ‫ملامرسة الجنس قرساً أو إلساءة معاملتها بشكل أو‬ ‫بآخر‪ .‬وغالباّ ما يكون املعتدي فرداً من أفراد أرستها‪.‬‬ ‫وقد يكون هذا العنف متك ّرر ومستمر‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫ترتفع هذه النسبة إىل أكرث من ‪ 1/2‬يف البلدان‬ ‫النامية حيث تغيب الترشيعات ال ّرادعة واملؤسسات‬ ‫الحامية‪.‬‬ ‫ُتعترب فرنسا من البلدان ذات النسب األقل يف‬ ‫تع ّرض النساء للعنف الزوجي‪ ،‬ورغم ذلك فإن‬ ‫سيدة من ّ‬ ‫كل ‪ 10‬نساء يف فرنسا تعاين من هذه‬ ‫املشكلة‪.‬‬ ‫كام أن ‪ 3/10‬من النساء املطلقات حديثاً عانني من‬ ‫هذه املشكلة يف زيجاتهنّ ‪.‬‬ ‫جاء يف تقرير برنامج األمم املتحدة للتنمية‬ ‫النسائية أن مجلس أوروبا قد تبنى توصية تنص عىل‬ ‫أن العنف ضد النساء هو سبب رئييس للوفيات‬ ‫والعجز بني النساء اللوايت ترتاوح أعامرهن ما بني‬ ‫السادسة عرشة والرابعة واألربعني‪.‬‬ ‫إن النساء ال ينجون من العنف املنزيل والحميم‬ ‫يف أي مكان يف العامل‪ .‬فقد جاء يف تقرير صندوق‬ ‫التنمية النسائية (يونيفم) يف أن‪:‬‬ ‫‪ %30‬من النساء يف اململكة املتحدة يتعرضن‬ ‫لألذى الجسدي عىل يد رشكاء حياتهن أو رشكاء‬ ‫حياتهن السابقني؛ و يتلقى رجال الرشطة مكاملة‬ ‫كل دقيقة من النساء اللوايت يتعرضن للعنف داخل‬ ‫املنزل يطلنب املساعدة‏‪.‬‬ ‫‪ %29‬باملئة يف كندا‪.‬‬ ‫‪ %32‬من النساء يف الضفة الغربية‬ ‫“إن الخطر الذي يسببه العنف املنزيل عىل حياة‬ ‫النساء األوروبيات بني الـ ‪ 15‬و الـ ‪ 44‬سنة يفوق‬ ‫األخطار التي تسببها مجتمعة أمراض الرسطان‬ ‫واملالريا أو حتى حوادث السري والحروب مجتمعني”‪.‬‬ ‫أما يف لبنان فال يوجد إحصاءات رسمية بهذا‬ ‫الشأن‪...‬‬ ‫يف دراسة أجراها صندوق األمم املتحدة يف لبنان‬ ‫عىل ع ّينة من النساء‪ ،‬تبينّ أن ‪ 33.33%‬من نساء‬ ‫الع ّينة يتع ّرضن للعنف‪.‬‬

‫أنواع العنف‬ ‫ما هي أنواع العنف التي تتع ّرض لها املرأة يف‬ ‫مختلف مراحل حياتها؟‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب اجتامعي‬ ‫إن العنف يطال األنثى يف مختلف مراحل‬ ‫حياتها‪:‬‬ ‫قبل الوالدة‪:‬‬ ‫إجهاض اإلناث األجنّة‪.‬‬ ‫الطفولة املبكرة‪:‬‬ ‫وأد الفتيات ‪ -‬الحصول غري املتكافئ عىل الغذاء‬ ‫والعناية الصحية ‪ -‬عنف جسدي و معنوي ‪ -‬التحرش‬ ‫الجنيس والسفاح‪...‬إلخ‬ ‫الطفولة‪:‬‬ ‫ختان الفتيات (طبقا لبيانات منظمة العفو‬ ‫الدولية فإن ‪ 120‬مليون من اإلناث يتعرضن سنوياً‬ ‫لعمليات ختان قاسية)‪ -‬الدعارة وأفالم أو صور الخالعة‬ ‫التي تستغل األطفال ‪ -‬التزويج املبكر ‪...‬‬ ‫املراهقة و عمر النضوج‪:‬‬ ‫فرض الدعارة واملشاركة يف أفالم أو صور الخالعة‬ ‫ االتجار بالفتيات والنساء ‪ -‬التحرش الجنيس‪-‬‬‫ التح ّرش الجنيس يف مكان العمل‬‫اإلغتصاب‬ ‫ السفاح ‪ -‬االغتصاب من قبل الزوج أو الرشيك ‪-‬‬‫اإلرغام عىل الحمل ‪ -‬قتل النساء والفتيات بذريعة‬ ‫املحافظة عىل الرشف ‪ -‬الجرائم ضد النساء أثناء‬ ‫الحروب‪...‬إلخ‬ ‫الشيخوخة‪:‬‬ ‫أذى معنوي‪ ،‬جسدي أو إهامل‪ .‬يف هذا العمر‬ ‫تصبح الرضبات واإلهانات –م هام ق ّلت حدّتها ‪ -‬أشد‬ ‫تأثرياً عىل الشخص‪.‬‬ ‫ما هي الحاالت التي تستقبلها “كفى”؟ وكيف‬ ‫يتم التعامل معها؟‬ ‫“كفى” تستقبل كل سيدة معرضة ألي شكل من‬ ‫أشكال العنف املعنوي أو الجسدي أو االقتصادي‪ .‬يتم‬ ‫االتصال باملنظمة عىل الخط الساخن‪ .‬تعرض املرأة‬ ‫مشكلتها بإيجاز‪ ،‬مع تجنب االستشارة عىل الهاتف‬ ‫ألنه يهمنا التعرف عىل السيدة ومعرفة حالتها‬ ‫النفسية من أجل مساعدتها‪.‬‬ ‫فإذا كانت بحاجة اىل استشارة قانونية تقدم‬ ‫لها”كفى” استشارة مجانية عن طريق محامي‬ ‫املنظمة‪ .‬واذا اتضح أن حالتها النفسية متطورة‬ ‫جداً وهي تعاين من اكتئاب أو من انهيار نفيس تح ّول‬ ‫اىل أخصايئ ملعالجتها وهذا أيضاً عىل عاتق “كفى”‪.‬‬ ‫املساهمة يف دفع أتعاب األخصائيني النفسيني تعود‬ ‫اىل إمكانية كل سيدة ووضعها املادي‪.‬‬ ‫ما هو خط األمان؟ وهل صحيح أنه يتلقى‬ ‫اتصاالت النساء ‪ 24/24‬ساعة يومياً؟‬ ‫هذا الخط يؤمن الحصول عىل إرشادات تحتاج إليها‬ ‫أي امرأة يف حاالت الطوارى مع املحافظة عىل الرسية‬ ‫التامة واحرتام الخصوصية الفردية‪.‬‬ ‫هل العنف هو فقط رضب حسب املفاهيم التي‬ ‫نتوارثها؟‬ ‫الرضب هو أحد أشكال العنف املنزيل‪ ،‬ولكنه‬ ‫يأخذ أشكاالً مختلفة منها‪:‬‬ ‫جسدي‪:‬‬ ‫رضب‪ ،‬حرق‪ ،‬خنق‪ ،‬ش ّد الشعر‪ ،‬الج ّر‪ ،‬رميها أو رمي‬ ‫األشياء عليها‪ ،‬التهديد بالسالح‪ ،‬القتل‪...‬إلخ‬ ‫كالمي‪/‬لفظي‪:‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التّعاطي مع حاالت العنف ضد املرأة‪ ...‬إلخ‬ ‫تأثري املحيط اإلجتامعي‪:‬‬ ‫غياب الروادع االجتامعية يف حال كان املحيط‬ ‫املبارش (العائلة املمتدة‪ ،‬الجريان‪ ،‬األصدقاء‪ )...‬يبيح‬ ‫يشجع عليه‪.‬‬ ‫العنف ض ّد املرأة أو ّ‬ ‫العوامل النفس ّية واالضطرابات العقل ّية‪:‬‬ ‫كالنّقص يف مهارات التّواصل وقد تصل أحياناً إىل‬ ‫كالسادية‬ ‫اإلصابة باالضطرابات أو األمراض العقل ّية‬ ‫ّ‬ ‫والصع والفصام وعقدة االضطهاد أو عقدة النقص‪،‬‬ ‫رّ‬ ‫باإلضافة إىل الغرية املرضية‪ ....،‬إلخ‬ ‫رصاخ‪ ،‬شتائم‪ ،‬إهانات‪...‬إلخ‬ ‫جنيس‪:‬‬ ‫اإلغتصاب الزوجي أو إجبارها عىل مامرسات ال‬ ‫ترغبها‪ ،‬إيذاؤها خالل العالقة الجنسية‪ ،‬فرض الحمل‬ ‫أو اإلجهاض‪ ،‬دفعها إلقامة عالقات مع آخرين‪ ،‬الخيانات‬ ‫الزوجية‪...‬إلخ‬ ‫معنوي‪:‬‬ ‫معاملتها كملكية‪ ،‬طردها من البيت‪ ،‬إتالف‬ ‫مقتنياتها‪ ،‬تكسري األشياء‪ ،‬تحطيم ثقتها بالنفس‪،‬‬ ‫تحقريها‪ ،‬تهديدها‪ ،‬عزلها‪...‬إلخ‬ ‫إقتصادي‪:‬‬ ‫اإلستيالء عىل مالها‪ ،‬إجبارها عىل العمل أو‬ ‫منعها منه‪ ،‬عدم إعطاؤها املال ملرصوف العائلة رغم‬ ‫تو ّفره‪ ،‬عدم اإلفصاح عن موارده و رصف ماله لرتفه‬ ‫الخاص‪ ،‬عدم اإلنفاق عليها لحاجياتها الخاصة كاألدوية‬ ‫والطعام‪.‬‬ ‫أسباب العنف املنزيل املامرس عىل‬ ‫ما هي‬ ‫الزّوجة؟‬ ‫ّإن أبرز األسباب التي قد تدفع بالزّوج إىل تبنّي‬ ‫السلوك العنيف مع زوجته هي التّالية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫السائدة‪:‬‬ ‫القيم االجتامع ّية وال ّثقاف ّية ّ‬ ‫سيادة القيم ال ّذكور ّية‪ ،‬نظرة املجتمع إىل الق ّوة‬ ‫والعدوان ّية وحتّى إىل العنف عىل أنه من عالمات‬ ‫ال ّرجولة‪ .‬رّ‬ ‫التبية االجتامع ّية التي تخلق لدى املرأة‬ ‫وعياً زائفاً بذاتها باعتبارها الجنس األدىن واألضعف‪،‬‬ ‫وعليه فوجودها ال يتح ّقق إال بال ّرجل ومن خالله‪...‬‬ ‫و ُيرتجم ذلك يف األمثال والثقافة الشعب ّية ويف‬ ‫اإلعالم‪...‬إلخ‬ ‫األنظمة االقتصاد ّية والقانون ّية‪:‬‬ ‫بحيث تغيب القوانني الخاصة بالعنف املنزيل ومت ّيز‬ ‫القوانني املرعية اإلجراء (القوانني الجزائ ّية وقوانني‬ ‫األحوال ّ‬ ‫الشخص ّية) يف الحقوق والواجبات ما بني‬ ‫ال ّرجل واملرأة‪ .‬باإلضافة إىل التّمييز يف تقسيم‬ ‫العمل بني الذكور واإلناث‪ ،‬وما يرت ّتب عنه من تبع ّية‬ ‫اقتصاد ّية من جهة املرأة لل ّرجل‪ ...‬إلخ‬ ‫املؤسسات املجتمع ّية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫غياب الخدمات االجتامع ّية الدّاعمة لضحايا‬ ‫العنف كدور الحامية للنّساء واألطفال‪ ،‬ق ّلة مراكز‬ ‫اإلستامع واإلرشاد النّفيس والقانوين‪ ...‬باإلضافة‬ ‫إىل ُبعد عنارص األمن عن التّخصصية يف مجال‬

‫‪72‬‬

‫ملاذا تقبل املرأة بالعنف؟‬ ‫ما هي األسباب التي قد تدفع باملرأة إىل البقاء‬ ‫أسرية عالقة عنيفة؟‬ ‫إن األسباب التي تدفع بالنساء إىل االستمرار‬ ‫يف هذه العالقات هي عديدة ومتنوعة وفقاً لإلطار‬ ‫الثقايف واالجتامعي حيث ميارس العنف الزوجي‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ الخجل من وضعهن يدفعهن إىل نكران العنف‬‫ الخوف من الرتديات التي قد تنجم أو تصدر عن‬‫الزوج املامرس للعنف (أو الخوف من ردود فعل الزوج‬ ‫املعنف)‪.‬‬ ‫ خوف الضحية من اإلقدام عىل فعلٍ قد يضاعف‬‫من خطورة الوضع‪.‬‬ ‫ الخوف من أن تصبح مهجورة ومعزولة‪.‬‬‫ الخوف من نبذ أرستها األصلية لها يف حال‬‫اتخاذها قرار مامثل‪.‬‬ ‫ الخوف من النبذ املجتمعي‪.‬‬‫ العزلة االجتامعية التي تعيش يف إطارها ‪/‬نقص‬‫الدعم أو غيابه‪.‬‬ ‫ التبعية االقتصادية للزوج‬‫ التبعية النفسية واعتقاد املرأة بأنه ال ميكنها‬‫إعادة بناء حياتها‪.‬‬ ‫ الشعور بالوالء للمعتدي‪.‬‬‫ أمل املرأة بإيجاد الرجل املسامل والهادئ الذي‬‫عرفته خالل فرتة التعارف‪.‬‬ ‫ األسباب دينية أو ثقافية‪.‬‬‫‪ -‬إميان املرأة برضورة املحافظة عىل وحدة األرسة‪.‬‬

‫من هو الرجل العنيف؟‬ ‫من هو الرجل العنيف ؟ وهل يعكس صورة‬ ‫مغايرة عن نفسه يف املجتمع؟ وهل ميكن الحكم‬ ‫عليه مبجرد النظر إليه؟‬ ‫غالبية هؤالء الرجال‪ ،‬يعكسون غالباً صورة مغايرة‬ ‫عن أنفسهم خارج إطار املحيط األرسي‪ .‬لذا ال ميكن‬ ‫الحكم عىل الرجل العنيف أو غري العنيف مبجرد النظر‬ ‫إليه‪ ،‬بل عىل العكس‪ ،‬قد يكون الرجل العنيف جذاباً‪،‬‬ ‫محبوباً‪ ،‬ساحراً يف حياته االجتامعية‪ ،‬دينامييك‪،‬‬ ‫ومركزه الوظيفي يستوجب احرتامه وتقديره‪.‬‬ ‫املعنف هو شخص ييسء استخدام قوته (رفض‬

‫اآلخر‪ ،‬االمتناع عن االعرتاف بهويته‪ ،‬محاولة تكييف‬ ‫الضحية وجعلها مطابقة لصورته أو لنظرته اىل‬ ‫العامل) وغالباً ما يتميز املعنف ببعض السامت‬ ‫منها‪:‬‬ ‫ غريته (شكوك وظنون)‬‫ فقدان الثقة بالنفس وامتالكه صورة دونية عن‬‫ذاته‬ ‫ متيزه بإلقاء اللوم عىل اآلخرين وبتربئة الذات‬‫وتنزيهها‬ ‫ عدم قدرته عىل احتامل الحرمان‬‫ عدم تقبله الختالف اآلخر‬‫ لديه رؤية جامدة حول األدوار الذكورية واألنثوية‬‫ يعتقد أنه عىل املرأة تلبية كافة احتياجاته‬‫ يريد إثبات رجوليته‬‫ يالقي صعوبة يف التعبري عن عواطفه‬‫وانفعاالته‬ ‫ يص ّغر أو ينكر عنفه‬‫ّإن تناول الكحول وضغوطات الحياة اليومية والعوز‬ ‫رسعة إلنفجار‬ ‫املايل ميكنها أن تش ّكل عوامل م ّ‬ ‫العنف‪.‬‬ ‫من هي املرأة املعنفة؟ وهل صحيح انها قد‬ ‫تكون أي امرأة يف العامل؟‬ ‫ال يوجد صورة منوذجية للنساء‪ ،‬ضحايا العنف‬ ‫الزوجي‪.‬‬ ‫العنف الزوجي يطال النساء من كافة املستويات‬ ‫االجتامعية واالقتصادية‪ ،‬يف املجتمعات املدنية كام‬ ‫يف املجتمعات الريفية‪ ،‬وهو يتخطى الحدود الجغرافية‬ ‫والدينية والعرقية وغريها‪...‬‬ ‫لعنف ضمن‬ ‫كل إمرأة قد تتع ّرض خالل حياتها‬ ‫ٍ‬ ‫إطار عالقة حميمة‪ ،‬أو خارجها‪ ،‬غري ّأن ما من شأنه‬ ‫أن يشجع املعنف عىل امليض يف العنف هو وجود‬ ‫امراة ترضخ له‪ ،‬إال أن بعض النساء يالقني صعوبة قي‬ ‫الخروج من دور الضحية‪ ،‬نظراً للتطبيع االجتامعي‬ ‫املبني عىل التمييز الجندري (النوع) الذي تل ّقينه طوال‬ ‫حياتهن وال س ّيام يف مرحلة الطفولة املبكرة‪ ،‬الذي‬ ‫يتوارث مسلكيات ومواقف معيقة مثل‪:‬‬ ‫• التسامح أمام العدوانية‪.‬‬ ‫• إلقاء املسؤولية عىل الذات فيام يختص‬ ‫بالعدوانية املامرسة عليها‪.‬‬ ‫• الشعور بالعجز الذي يتقدم ويتخطى الحالة‬ ‫العدائية‪.‬‬

‫أي فئة يطالها العنف؟‬ ‫ما هي الفئات التي يطالها العنف هل هي من‬ ‫املثقفني أو األغنياء أو من الفئات الشعبية؟‬ ‫يطال العنف جميع الفئات من أغنياء وفقراء‬ ‫ومثقفني وأميني‪ .‬أما األعامر فهي من سن الثالثني‬ ‫وما فوق‪ .‬فاملرأة اليوم أصبحت منتجة ومثقفة‬ ‫وترفض العنف وال تخفيه‪.‬‬ ‫هناك سيدة يف العقد الخامس من العمر‪،‬‬

‫أحرضتها ابنتها اىل “كفى” بعد ‪ 25‬سنة من العنف‬ ‫املنزيل‪.‬‬ ‫ملاذا انتفضت عىل واقعها بعد ‪ 25‬سنة العذاب‬ ‫واالمل؟‬ ‫لقد ضحت من أجل أوالدها ‪ ،‬وكانت تريد االنتظار‬ ‫ليك تزوجهم ولكنهم رفضوا ذلك‪ .‬أحياناً يطالب‬ ‫األوالد األهل باالنفصال ألنهم ال يستطيعون تحمل‬ ‫الوضع من رضب وإهانات وشتائم وتحقري‪.‬‬ ‫هل كل طفل ترىب يف جو مشحون هو مرشوع‬ ‫رجل عنيف؟‬ ‫الطفل يتشبه بوالده فإذا كانت هذه الصورة هي‬ ‫مشهد يتكرر أمامه كل يوم قد ينقل هذا املشهد‬ ‫اىل زوجته يف املستقبل‪ .‬أما الفتاة فعندما تشاهد‬ ‫والدتها ترضب باستمرار وال تحرك ساكناً ستتوارث‬ ‫عادة الصمت والخضوع الكيل‪ .‬فهي ال تعرف املثل‬ ‫الصحيح لعالقة سليمة‪ .‬أحياناً يفقد الرجل الثقة‬ ‫بنساء العامل أجمع ألن والدته قد خانت والده‬ ‫فيرضب زوجته انتقاماً من والدته‪.‬‬ ‫هذا يعني أن الرجل العنيف هو رجل مريض‬ ‫نفسياً ويجب أن يخضع اىل عالج ليك يشفى؟‬ ‫عليه أن يعرتف أنه يعاين من اضطرابات سلوكية‪،‬‬ ‫ويجب أن يعالج إذا كان يريد االستمرار كرب أرسة‪.‬‬ ‫هل هناك إشارات معينة تظهر عىل الرجل‬ ‫العنيف قبل الزواج؟‬ ‫أحياناً تكون هناك إشارات واضحة‪ ،‬وهي تظهر من‬ ‫كيفية متلكه للرشيك‪ ،‬فينهمر عليه باألسئلة التي‬ ‫ال تنتهي وبالغرية املرضية والشك القاتل‪ .‬قد تقول‬ ‫املرأة “لقد اكتشفته بعد الزواج”‪ ،‬وهذا غري صحيح‬ ‫ألنها تحاول “التطنيش” عىل هذه األمور وترقيعها‪.‬‬ ‫بعض النساء تزوجن رجال تعرضوا لهنّ بالرضب‬ ‫يف فرتة الخطوبة أو التعارف‪ .‬فهي تسمع األهل‬ ‫واألصدقاء يقولون لها “ال تضعي الكثري من الرشوط”‬ ‫و “بكرا بفوتك القطار وبتعنيس”‪“ ،‬الزم تلحقي تجيبي‬ ‫ولد”‪ ،‬و”بيتغري بعد الزواج” لذلك “تطنش” عىل الكثري‬ ‫من السيئات ومنها العنف بهدف الزواج‪.‬‬ ‫البعض يقول “املرة األوىل التي ُترضب فيها املرأة‬ ‫تكون ضحية وإذا تكرر املشهد وسكتت فتكون‬ ‫مشاركة فيه‪ ،‬فهل هذا القول صحيح أم فيه تجني‬ ‫عىل املرأة؟‬ ‫إنها مشاركة‪ ،‬ولكن غصباً عنها‪ ،‬ألنها تقبل‬ ‫العنف واالضطهاد وتعترب التسامح والخضوع أو‬ ‫السكوت عليه كرد فعل طبيعي‪ ،‬مام يجعل اآلخر‬ ‫يتامدى ويتطاول أكرث فأكرث‪ ،‬فإذا مل متلك الوعي‬ ‫الكايف وال يوجد من يساندها ستعيش يف دوامة‬ ‫فظيعة وال تتجرأ عىل ترك املنزل الزوجي‪.‬‬ ‫كام أن جهل املرأة بحقوقها وواجباتها من طرف‪،‬‬ ‫وجهل الرجل بهذه الحقوق من طرف آخر قد يؤدي اىل‬ ‫التجاوز وتعدي الحدود‪.‬‬ ‫ما هو تأثري العنف عىل األوالد وخصوصاً أن‬ ‫البعض يقول إنه من األفضل عىل األوالد أن يعيشوا‬ ‫مع والدين متشاجرين من أن يعيشوا مع والدين‬ ‫مطلقني؟ وما هي آثار العنف عىل األوالد؟‬ ‫االنفصال هو الحل الطبيعي لعالقة مستحيل أن‬

‫‪73‬‬

‫أهم ما نص عليه مرشوع قانون حامية‬ ‫النساء من العنف املنزيل‬ ‫يجرم العنف األرسي‬ ‫يحمي كافة النساء يف األرسة لغاية‬ ‫الدرجة الرابعة‬ ‫يحافظ عىل خصوصية األرسة‬ ‫إستحداث قطعة متخصصة بالعنف‬ ‫األرسي لدى قوى األمن الداخيل‬ ‫مينع املعتدي من التعرض للضحية‬ ‫بواسطة قرار الحامية‬ ‫إمكانية تحريك الشكوى عن طريق‬ ‫اإلخبار‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫*‬

‫تستمر‪ .‬شخصان يتشاجران واألوالد يدفعون الثمن‪.‬‬ ‫ويف النهاية نحصد طفل ينضم اىل قامئة الرجال‬ ‫العنيفني يف املستقبل وبهذا نساهم يف زيادة عدد‬ ‫الضحايا من الطرفني‪.‬‬ ‫حتى ولو مل يكن األطفال ضحايا مبارشين للعنف‬ ‫الزوجي‪ ،‬فإن مجرد مشاهدتهم لهذا العنف ييسء‬ ‫إىل منوهم العاطفي وإىل صحتهم العقلية‪ ،‬أما اآلثار‬ ‫القريبة األمد فهي‪:‬‬ ‫ شعوربالذنب وشعور بعدم األمان‬‫ صعوبات مدرسية أو استثامر زائد يف الشؤون‬‫املدرس ّية‬ ‫ ظهور عوارض أمراض نفسية‪ -‬جسد ّية‬‫ إثقال الذات باملسؤولية وسط األرسة‬‫ اضطرابات سلوكية‬‫ خطر اإلقدام عىل االنتحار أو الهروب من املنزل‬‫ خطر اإلنحراف مثل اإلدمان عىل الكحول أو‬‫املخدرات‬ ‫كام أن هناك املخاطر البعيدة األمد منها‪:‬‬ ‫ تق ّبل العنف كنموذج لحل النزاعات‬‫‪ -‬التامهي باملعتدي أو بالضحية‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب اجتامعي‬ ‫هل صحيح أن األطفال يعتقدون بأن أمهم‬ ‫املعنفة مذنبة لذلك تلقى نصيبها من الرضب؟‬ ‫كال ال يعتربونها مذنبة ألن الطفل يتعاطف كثرياً‬ ‫مع والدته‪ ،‬ولكنه يلومها ضمناً ويتساءل ملاذا ترتك‬ ‫املجال لوالده بأن يتامدى يف رضبها‪ .‬يريدها أن تدافع عن‬ ‫نفسها وأن ال تكون “ممسحة”‪ .‬بالطبع هو ال يستطيع‬ ‫التعبري عن ذلك‪ ،‬ولكنه يتمنى أن يرى والدته تدافع‬ ‫عن نفسها وتطالب بحقوقها‪ .‬عىل الطفل أن يتعلم‬ ‫ما معنى الكرامة يف هذه الحياة‪ .‬األم تقول “كرمال‬ ‫والدي”‪ ،‬األوالد يريدونها أن تعيش بكرامة‪.‬‬ ‫هل الرجل العنيف مع زوجته هو حك ًام عنيف‬ ‫مع أوالده؟‬ ‫ليس بالرضورة‪ .‬ولكنه عنيف بصورة غري مبارشة‬ ‫ألن األوالد يتطلعون اىل عالقة سليمة مع أهلهم‪.‬‬

‫العنف «خبزهن اليومي»‬ ‫متى يجب عىل املرأة أن تقول “كفى عنف‬ ‫واستغالل”؟ ويف أية حالة تنصحون املرأة بالصرب‬ ‫والتضحية؟‬ ‫ال يوجد وصفة جاهزة للجميع‪ .‬كل امرأة تتمتع‬ ‫بقدرة تح ّمل تختلف عن األخرى‪ ،‬هي التي تقرر إذا‬ ‫كانت تستطيع االستمرار يف هذه الحياة الصعبة‬ ‫أم ال‪ .‬نحن ال ننصح برتك املنزل عند كل نوبة غضب‪،‬‬ ‫فاملرأة وحدها تعلم إذا كان الرشيك سيتغري عند‬ ‫إعطائه فرصة‪ ،‬ولكن ضمن رشوطها ومن هذه‬ ‫الرشوط رضورة الخضوع اىل عالج نفيس‪.‬‬ ‫كيف السبيل اىل كرس جدار الصمت عند‬ ‫النساء اللوايت يتعرضن اىل كافة أنواع العنف‬ ‫حتى أصبح ذلك “خبزهنّ اليومي”؟‬ ‫إذا مل تعرف املرأة أنها يجب أن ترفض الذل‬ ‫واإلهانة فال أحد يستطيع مساعدتها‪.‬‬ ‫يقال إن الجمعيات املناهضة لحقوق املرأة ال‬ ‫يسعها إال الكالم‪ ،‬وعند الحقيقة يرتكنّ النساء‬ ‫يف مهب الريح دون أي ملجأ أو رعاية‪.‬هل تستطيع‬ ‫الجمعيات األهلية توفري ملجأ آمن باملعنى الغريب‬ ‫ليستقبل النساء مع أطفالهن‬ ‫ومساعدتهنّ‬ ‫ّ‬ ‫مادياً ومعنوياً؟‬ ‫تنسق “كفى” مع باقي الجمعيات األهلية لتأمني‬ ‫الحاجات املطلوبة للمرأة املعنفة منها املكان اآلمن‬ ‫لها وألوالدها‪ ،‬وهي من ضمن سياسة اإليواء التي‬ ‫تتبعها املنظمة وتبقى اىل جانبها اىل حني تصبح‬ ‫مستعدة من الناحية املادية والجسدية‪.‬‬ ‫هل صحيح أن الدولة ال تساعد الجمعيات وهي‬ ‫تعاملهم كرشكة تجارية وال تؤمن لهم حامية إذا‬ ‫أراد الرجل االنتقام ملساندة زوجته أو شقيقته أو‬ ‫أخته؟‬ ‫نحن نطالب الدولة فقط بقبول مرشوع القانون‬ ‫ملناهضة العنف ضد املرأة ألن املجتمع بكامله يتأذى‬ ‫من هذه الظاهرة‪ .‬أما مواجهة الرجل فتكون‬ ‫بالرتحاب ألن املراة ليست قارصاً ونحن ال نخبىء‬ ‫أحداً‪ ،‬وهذا املركز مفتوح الستقبال كل سيدة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫استشارة‬

‫بحاجة اىل‬ ‫عىل كافة الصعد‪.‬‬ ‫هناك أسباب متنع‬ ‫النساء من الكشف‬ ‫عن مصريهنّ امليلء‬ ‫بالعذاب السيام من‬ ‫القانونية‬ ‫الناحية‬ ‫إذ ال يوجد نص‬ ‫خاص بالعنف ضد‬ ‫باستثناء‬ ‫النساء‬ ‫العنف الجنيس أي‬ ‫االغتصاب‪ .‬أين أصبح‬ ‫مرشوع القانون الذي‬ ‫تقدمتم به اىل املجلس النيايب ومتى سيقر؟ وما‬ ‫هي الصعوبات التي تواجه هذا املرشوع؟‬ ‫القوانني ظاملة جداً بالنسبة اىل املرأة‪ .‬قد يتوقف‬ ‫الرجل أحياناً ملدة ساعة أو ساعتني‪ ،‬ثم مييض تعهداً‬ ‫بعدم التعرض لزوجته‪ ،‬ولكن ما أن يعود اىل املنزل حتى‬ ‫ينتقم منها رش انتقام‪ .‬لذلك تتجنب املراة الشكوى‬ ‫خوفاً من ردة فعل زوجها‪ .‬أما مرشوع قانون حامية‬ ‫النساء من العنف املنزيل فأصبح يف مراحله األخرية‬ ‫ونأمل أن يق ّر قريباً فيساعد يف وضع حد لدوامة‬ ‫العنف‪.‬‬ ‫ماذا تنصحون املرأة ؟ وما هو سالحها ملواجهة‬ ‫العنف؟‬ ‫أن تكون قوية وأن تعرف كيف تختار رشيكها‪.‬‬ ‫ما هي كلفة العنف عىل املرأة جسدياً‬ ‫ومعنوياً؟‬ ‫إنه يدمرها من الناحية الجسدية والنفسية‪ .‬وهي‬ ‫تحتاج اىل وقت طويل ليك تجتاز هذ املرحلة املجبولة‬ ‫باملعاناة والحزن واألىس‪ .‬ولكن من الرضوري أن تتكلم‬ ‫ألنه ميكن أن تغري أسلوب حياتها من خالل نصيحة‬ ‫صغرية تقدمها أخصائية يف هذا املجال‪.‬‬ ‫أما كلفة العنف عىل صحة املرأة فهي آثار صحية‬ ‫قريبة األمد‪:‬‬ ‫ كدمات‪ ،‬متزقات‪ ،‬كسور‪ ،‬تقرحات تصيب األعضاء‬‫الداخلية والخارجية‪.‬‬ ‫ نزيف داخيل أو خارجي‪.‬‬‫ خطر حصول حمل غري مرغوب به‪.‬‬‫ إجهاض غري مرغوب فيه‪.‬‬‫ خطر اإلصابة بعدوى السيدا وغريها من األمراض‬‫املنقولة جنسياً‪.‬‬ ‫أو من الناحية العاطفية‪/‬اإلنفعالية‪ ،‬ولجهة‬ ‫الصحة العقلية‪:‬‬ ‫ آالم ومعاناة‪.‬‬‫ فقدان تقدير الذات‪.‬‬‫ قلق‪ ،‬ضغط‪ ،‬توتر‪.‬‬‫ إكتئاب‪.‬‬‫الصحية البعيدة األمد للعنف فهي‪:‬‬ ‫اما اآلثار ّ‬ ‫آالم مزمنة‪.‬‬ ‫وفاة ‪ :‬تع ّرض للقتل أو إنتحار‪.‬‬ ‫بعض الضحايا قد يقدمون عىل قتل املعتدي‪.‬‬ ‫تبني مسلكيات سلبية ومؤذية للصحة (اإلدمان‬

‫‪74‬‬

‫ما هو قرار الحامية‬ ‫يلزم املعتدي بتأمني مكان‬ ‫سكن آمن لضحية العنف‬ ‫وأوالدها (إذا وجد)‬ ‫يلزم املعتدي بدفع كافة‬ ‫النفقات الطبية‬ ‫يلزم املعتدي باإلنفاق عىل‬ ‫ضحية العنف وأوالدها (إذا وجد)‬ ‫إلزام املعنِّف باللجوء اىل‬ ‫مراكز تأهيل من العنف‬ ‫بواسطة قرار الحامية‬

‫*‬

‫*‬ ‫*‬ ‫*‬

‫عىل الكحول‪ ،‬املخدرات‪ ،‬اإلفراط يف التدخني‪ ،‬اإلفراط‬ ‫يف تناول املهدئات‪.)...‬‬ ‫كيف تستمر “كفى” ومن ميولها؟‬ ‫هناك متويل خارجي وهي تقوم بعدة نشاطات‬ ‫متكنها من االستمرار‪.‬‬ ‫هل صحيح أنكم تستقبلون رجاالً قدموا‬ ‫للمعالجة من عقدهم النفسية التي جعلت‬ ‫منهم أشخاصاً عنيفني؟‬ ‫الرجل أسايس يف مشكلة العنف لذلك‬ ‫نستقبل يف عيادتنا أشخاصاً يقبلون االعرتاف‬ ‫واملعالجة‪ ،‬ولكن بالطبع عددهم قليل جداً‪.‬‬ ‫وأخرياً لقد عرضنا بعض القصص لنساء تجرأن‬ ‫وقررن االنتفاضة عىل ما يعتربه اآلخرون مصرياً‬ ‫حتمياً وواقعاً ملزماً عىل أمل أن تكشف باقي‬ ‫القصص التي تختبىء وراء األبواب‪ ،‬وهي معاناة‬ ‫لطاملا بقيت مغيبة عن نطاق الوعي االجتامعي‪،‬‬ ‫وقد دفنت يف دهاليز الحرمات العائلية عىل أمل أن‬ ‫تجد اإلطار القانوين الذي يحميها ويؤازرها‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪:‬عدنان عبد الله‬

‫‪75‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫حوار‬

‫«الماردليون» لبنانيون من أصل تركي‬

‫رئيس الجمعية منير حسن‪ :‬نحن عرب‬ ‫ونحافظ على اإلرث التاريخي الماردلي‬ ‫هاجر ماردليون كرث إىل لبنان من تركيا‪ ،‬وبالرغم من حصولهم‬ ‫عىل الجنسية اللبنانية‪ ،‬إمنا مازالت هناك صعوبات تعرتض سبل‬ ‫اندماجهم باملجتمع اللبناين‪ ،‬إذ أنهم ينسبونهم اىل األكراد وهم‬ ‫يرفضون ذلك‪ ،‬واليوم يحاولون إبراز حضارتهم وثقافتهم ولهجتهم‬ ‫عرب جمعيات خاصة بهم‪ ،‬يعربون من خاللها اىل املجتمع اللبناين‪.‬‬ ‫إنهم املاردليون‪ ،‬أبناء الشعوب التي قطنت عرب مئات السنني‬ ‫يف جبل “ماردين”‪ ،‬وهي املنطقة الواقعة يف رشق جنويب تركيا‪.‬‬ ‫ترك هؤالء موطنَهم إبان الحربني العامليتني هرباً من الحروب‪ ،‬وانتقلوا‬ ‫إىل مناطق عدة من بينها الساحل اللبناين‪.‬‬ ‫ومؤخراً أسسوا جمعية خاصة بهم يحاولون من خاللها‬ ‫التعريف بأنفسهم إرصاراً منهم عىل أنهم من أبناء قبيلة عربية‬ ‫تاريخية‪ ،‬وبأنهم ماردليني وليسوا أكراداً‪.‬‬ ‫وللتعرف أكرث عن هذه الجمعية‪ ،‬ومن هم املاردليون‪ ،‬التقت مجلة‬ ‫“منرب التوحيد” برئيس الجمعية املاردلية العربية اللبنانية االستاذ‬ ‫منري حسن‪ ،‬حيث أطلعنا عىل ماهية املاردليني وعىل املجتمع‬ ‫املارديل‪ ،‬متحدثاً عن أهداف الجمعية الرئيسية وأهم نشاطاتها‪،‬‬ ‫ومشاريعها املستقبلية‪ ،‬مسته ًال حديثه بالقول‪:‬‬ ‫يف الرشق الجنويب من تركيا‪ ،‬هناك منطقة‬ ‫تدعى منطقة ماردلني‪ ،‬منطقة تجمع جميع‬ ‫األطياف عن الشعوب‪ ،‬أتراك‪ ،‬عرب‪ ،‬أكراد‪ ،‬أرمن‬ ‫والرسيان القدامى‪ ،‬سميت مبنطقة املاردليني‪،‬‬ ‫ونحن من األفخاذ الثالثة أبناء ربيعة بن الشيبان‬ ‫بن زئر‪ ،‬وهم الرشيديون واملحلميون واملخاشميون‪،‬‬ ‫نحن عرب ننتمي اىل العروبة‪ ،‬عددنا يف لبنان ‪%90‬‬ ‫يطلق علينا اسم األكراد‪ ،‬ولكننا لسنا بأكراد‪.‬‬ ‫األكراد الحقيقيون يف لبنان عددهم ال يتجاوز الـ‬ ‫‪ ،%10‬ولكن لألسف «ألبسونا قميصاً ليست لنا»‪،‬‬ ‫والجمعية املاردلية ما ُوجدت إال للحفاظ عىل تاريخ‬ ‫وعروبة املاردليني‪ ،‬وإثبات وجودهم‪ ،‬لنتمكن من‬ ‫االنخراط يف املجتمع اللبناين إن كان عىل الصعيد‬ ‫السيايس أو الوظائف أو االجتامعي‪ ،‬ألن يف املجتمع‬ ‫املارديل العريب‪ ،‬يوجد الكثري من املثقفني وذوي‬ ‫اختصاصات عىل مختلف أنواعها تخولهم الحصول‬ ‫عىل حقوقهم كغريهم من األشخاص‪ ،‬ونعمل‬ ‫حالياً عىل التحضري ملؤمتر يف هولندا‪ ،‬وأطلقنا‬ ‫عليه مؤمتر عرب ماردلني‪ ،‬املخاشمني‪ ،‬املحلمني‪ ،‬كام‬ ‫سيكون لنا يف كل عام مؤمتر‪ ،‬بعد هولندا تركيا‪،‬‬ ‫وبعدها لبنان وبعدها سوريا وسنبقى عىل هذا‬ ‫املصري‪ ،‬والهدف مللمة هذه املواضيع والوصول اىل‬ ‫ما نسعى اليه‪ ،‬ألننا وبكل رصاحة نتشتت‪ ،‬ونذهب‬ ‫اىل أماكن ليست أماكننا نحن من الجذور العربية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ال نرىض بأن يطلق علينا‬ ‫باألكراد‪ ،‬نحن عرب من تركيا‪ ،‬وعددنا ‪ 200‬ألف‬ ‫نسمة يف لبنان‪ ،‬ويقولون إنهم أكراد لبنان‪ ،‬شاركنا‬ ‫يف عدة برامج إعالنية وإذاعات‪ ،‬والهدف توضيح‬ ‫للعامل أجمع من هم املاردليون وأعلمنا موقفنا‬ ‫من جهة املقاومة ومن جهة املحكمة الدولية‪.‬‬ ‫وعن تأسيس الجمعية املاردلية‪ ،‬أشار حسن‬ ‫اىل أن الجمعية تأسست سنة ‪ ،2006‬وهي جمعية‬ ‫ثقافية اجتامعية خريية‪ ،‬وكلمة جمعية تعنى‬ ‫مواضيع عدة شاملة‪ ،‬وجميعنا تحت سقف القانون‪،‬‬ ‫ال نستطيع تخطي القوانني املفروضة علينا‬ ‫كأي جمعية أخرى‪ ،‬وهدفها الرئييس هو الحفاظ‬ ‫عىل تاريخ املاردليني العرب وجذورهم وثقافتهم‬ ‫وفلكلورهم وتراثهم‪ ،‬وإثبات هويتهم العربية‪ ،‬ال‬ ‫نريد االنجرار بقوميات أخرى غري عربية‪ ،‬نحن عرب‬ ‫وننتمي اىل العروبة ومن الجزيرة العربية ‪.%200‬‬ ‫هي جمعية خريية يف املجال اإلنساين‬ ‫واالجتامعي‪ ،‬جمعية ثقافية وعلمية وتاريخية‬ ‫تعزز وتدعم املجتمع املارديل العريب الشبايب عل ًام‬ ‫وثقاف ًة‪ ،‬وتحافظ عىل اإلرث التاريخي املارديل وترعى‬ ‫النشاط الثقايف والعلمي‪ ،‬باإلضافة اىل أنها‬ ‫جمعية فنية تنمي وتدعم املواهب الشابة يف‬ ‫جميع املجاالت والحقول الفنية ‪.‬كام أن الجمعية‬ ‫تن ّمي وتدعم التوجيه واإلرشاد الصحي‪ ،‬وتساعد‬

‫‪76‬‬

‫يف دعم املجتمع املارديل يف املجال الصحي من خالل‬ ‫املستوصفات واملشايف واألطباء املتعاقدة معها‪.‬‬ ‫الجمعية منفتحة عىل كافة املؤسسات‬ ‫والجمعيات الخريية واالجتامعية والثقافية العربية‬ ‫والعاملية‪ .‬وللجمعية نشاطات عدة‪ ،‬منها املحارضات‬ ‫الثقافية عن اللهجة املاردلية العربية لطالب‬ ‫جامعيني من مجتمعنا املارديل وغري املارديل‪ ،‬ألننا‬ ‫لسنا جمعية لفئة معينة بل جمعيتنا تشمل‬ ‫كل الشعوب وكل الطوائف‪.‬‬ ‫أعضاء الجمعية جميعهم مثقفون وطالب‬ ‫جامعيون‪ ،‬وأقمنا عدة أمسيات شعرية تعتمد‬ ‫الشعر العريب‪ ،‬اللهجة مثلها مثل الشعر العريب‪،‬‬ ‫هناك بعض املصطلحات فقط عليها‪ ،‬عىل‬ ‫سبيل املثال‪ :‬كلمة “خبز” عندنا “خبيز”‪ ،‬الكلامت‬ ‫تختلف بعضها باختالف الحركات فقط‪ ،‬وكان لنا‬ ‫رشف تكريم طالب جامعيني وأمهات‪ ،‬خاصة األم‬ ‫العاجزة‪ ،‬واألرملة واألكرث من هن بحاجة ماسة‬ ‫اىل مساعدة‪ ،‬ونحن بصدد تحضري لنشاط مبناسبة‬ ‫عيد األم الذي يصادف يف ‪ 21‬اذار ‪ 2011‬أعاده الله‬ ‫عىل أمهات العامل كلها بالخري والعافية‪.‬‬ ‫كام تربطنا عالقات بجمعية يف أملانيا‪ ،‬جمعية‬ ‫“اتحاد العائالت القادمة من لبنان”‪ ،‬ويرتأسها‬ ‫مجتمعنا املارديل العريب‪ ،‬يقدمون املساعدات‬ ‫وخاصة للامردليني املقيمني يف أملانيا بسبب‬

‫قدرتهم املادية‪ ،‬ووضعهم االقتصادي املزدهر الذي‬ ‫ميكنهم من تقديم العون بعكس ما يعانيه لبنان‪،‬‬ ‫وأيضاً هناك تعاون خريي مشرتك مع هذه الجمعية‬ ‫من ناحية الحصص الغذائية‪ ،‬وال تشمل فقط‬ ‫مجتمعنا املارديل بل مجتمعات أخرى سنّة وشيعة‬ ‫ودروز ومسيحيني‪ ،‬انخرطنا يف كل هذه الطوائف‪،‬‬ ‫وننظر اىل أوضاع الناس جميعهم دون التمييز يف‬ ‫طوائفهم‪ ،‬ونقدم املساعدة ملن هم بحاجة ماسة‬ ‫أكرث من غريهم ونأمل ببعض التغيريات بعد مؤمتر‬ ‫هولندا بالنسبة للمجتمع املارديل يف لبنان‪.‬‬ ‫والجمعية مركزها يف النويري‪ ،‬واملركز عبارة‬ ‫عن غرفة صغرية وبصدد التحضري ملركز آخر يقع‬ ‫بني كركول الدروز والضناوي‪ ،‬تم استثامره ونعمل‬ ‫عىل تجهيزه‪ ،‬وبالنسبة ألعضاء الجمعية فهي‬ ‫تتالف من رئيس‪ ،‬وأمني صندوق وأمني رس‪ ،‬جميعنا‬ ‫نساعد بعضنا البعض‪ ،‬هناك مقتدرون من لجنة‬ ‫املجتمع املارديل العرب يساعدون يف تغطية إجار‬ ‫املركز‪ ،‬ألننا ال منلك مبنى خاص‪ ،‬وألن إمكانياتنا‬ ‫املحدودة ال تسمح حتى اآلن بامتكالك مركز‪ ،‬ونقوم‬ ‫بكامل أعاملنا يف مركزنا الحايل‪ ،‬وجميع العاملني‬ ‫متطوعون‪ ،‬جميعهم يشغرون وظائف أخرى‬ ‫ومنهم طالب جامعني‪ ،‬يخصصون وقتاً للجمعية‬ ‫بعد االنتهاء من أعاملهم وجامعاتهم‪ ،‬ولدينا أيضاً‬ ‫هيئة نسائية تعنى بقضايا املرأة كاحتفال عيد األم‬ ‫وغريها من املناسبات‪.‬‬ ‫وبالنسبة للصعوبات والعقوبات التي تواجه‬ ‫الجمعية يؤ ّكد حسن‪ ،‬أن الصعوبة الوحيدة التي‬ ‫تواجهها هي التعريف عن ماهيتها‪ ،‬الذي هو‬ ‫الهدف األسايس إلنشاء الجمعية املاردلية لتوضيح‬ ‫الصورة الصحيحة للمجتمعات كلها وليس لبنان‬ ‫فقط‪ ،‬بل كل أنحاء العامل‪.‬‬ ‫إضافة اىل تقديم املساعدات الصحية‪ ،‬وذلك‬ ‫عرب التعاقد مع بعض املستشفيات التي تقدم‬ ‫لنا مساعدات‪ ،‬طبعاً ال منلك مراكز صحية خاصة‬ ‫بالجمعية‪ ،‬ولكن بفضل بعض األشخاص الخريين‪،‬‬ ‫هناك مراكز صحية ومستوصفات تقدم لنا‬ ‫االستشفاء وتأمني الدواء لبعض األشخاص الذين‬ ‫نرسلهم اليها عرب جمعيتنا‪ ،‬كام قمنا بتوزيع ‪200‬‬ ‫حصة غذائية عىل بعض املحتاجني من مختلف‬ ‫املجتمعات اللبنانية وليس املجتمع املارديل فقط‪.‬‬ ‫ويف إطار الدعم املادي للجمعية لفت حسن‬ ‫اىل أن الدعم املادي ليس لبنانياً‪ ،‬بالرغم من محاولة‬ ‫طلب املساعدة من مسؤولني ورأسامليني لبنانيني‪،‬‬ ‫لكن دون جدوى‪ ،‬من هنا لن نكون بعد اآلن ورقة‬ ‫انتخابية ألي تيار أو حزب يف لبنان‪ ،‬ألن ما يحق لغرينا‬ ‫من إخواننا األرمن والجامعات اإلسالمية والشيعة‬ ‫والسنة والطائفة الدرزية يحق لنا‪ .‬ويف االنتخابات‬ ‫القادمة سيكون هناك تغيريات ال محال‪ ،‬ويف كل‬ ‫دورة انتخابية يكون لنا دور‪ ،‬ولكن الحظ ال يحالفنا‬ ‫والسبب ألننا مترشذمون‪ ،‬منهم “تيار مستقبل”‬ ‫ومنهم اآلخر جامعات اسالمية‪ ،‬لسنا يد واحدة‬ ‫متحالفة‪ ،‬ومنهم من لديهم جمعيات خاصة‬ ‫ويطلقون عليها الجمعيات الكردية‪ ،‬ولألسف هي‬

‫المحكمة الدولية‬ ‫فيلم أميركي طويل‬ ‫من إخراج صهيوني‬ ‫أص ًال جمعيات ماردلية وبسبب مصالحهم الخاصة‬ ‫يرضخون لألمر الواقع‪ ،‬رمبا ألسباب سياسية‪.‬‬ ‫وتابع حسن‪ :‬من هنا ما كان علينا إال أن نسعى‬ ‫للملمة الجراح‪ ،‬عرب التحالف والتضامن‪ ،‬قدر‬ ‫اإلمكان‪ ،‬مع أي جمعيات حتى ال نكون ورقة انتخابية‬ ‫ألي حزب‪ ،‬لن نرىض أبداً‪ ،‬عانينا الكثري منذ مئة‬ ‫سنة حتى اآلن‪ ،‬منذ ‪ 70‬عاماً عندما نزحوا األجداد‬ ‫من منطقة تدعى ماردلني يف الحرب العاملية األوىل‬ ‫والثانية‪ ،‬بحثاً عن لقمة العيش منهم من مكثوا‬ ‫يف سوريا والعراق ودول عربية أخرى‪ ،‬ومنهم من‬ ‫بقي يف تركيا ومنهم من أىت اىل لبنان‪ ،‬منذ وجودنا‬ ‫يف لبنان وحقنا مهدور‪ ،‬عل ًام أن هويتنا لبنانية –‬ ‫سنية‪ ،‬ومحسوبون عىل الطائفة السنية‪ ،‬ال نريد أن‬ ‫ُنحسب عىل أحد من الطوائف‪ ،‬نحن جز ًءا ال يتجزأ‬ ‫من لبنان‪ ،‬ويحق لنا املشاركة وأن ميثلنا أحد يف‬ ‫املجتمع اللبناين‪ ،‬شخص من املجتمع املارديل العريب‬ ‫الذي هو من نفس العرق الذي ننتمي اليه‪ ،‬حتى يف‬ ‫البلديات‪ ،‬لدينا أربعة مخاتري‪ ،‬املختار جامل عمريات‬ ‫من املجتمع املارديل‪ ،‬يطلق عليه كردي‪ ،‬غريب حسن‪،‬‬ ‫املختار العمري‪ ،‬سمري غازي الرشيف‪ ،‬وهو مختار‬ ‫منذ أكرث من ‪ 40‬عاماً يف زقاق البالط من املجتمع‬ ‫املارديل‪ ،‬ولكن نواجه حروباً حتى يف املخاتري‪ ،‬نحارب‬ ‫من كل الجهات رغم أننا قدمنا الكثري من الدماء‬ ‫يف االجتياح اإلرسائييل‪ ،‬حاربنا يف بريوت وكان لنا‬ ‫شهداء من الـ”عمريات” والـ”سعد” ورغم كل هذا‬ ‫ينظرون الينا عىل أننا أكراد‪.‬‬ ‫ال نرىض أن نتحارب ألجل إعطائنا مختار‪ ،‬يحق‬ ‫لنا املشاركة يف املجلس النيايب والبلدي‪ ،‬وأن يكون‬ ‫لنا مقعد‪.‬‬ ‫ومن خالل “منرب التوحيد” نوجه صوتنا اىل‬ ‫الجميع ونقول‪“ :‬نحن مجتمع لبناين – سني – عريب‪،‬‬ ‫انظروا إلينا مثل كل الطوائف األخرى املوجودة يف‬ ‫لبنان‪ ،‬عاملونا عىل أساس الهوية‪ ،‬لبناين‪ -‬سني‪.‬‬ ‫نقول لجميع القيميني عىل السياسية يف لبنان‪،‬‬ ‫نحن لن نقبل أن نكون ورقة انتخابية بعد اليوم‪،‬‬ ‫وأوجه كالمي اىل كل االتجاهات السياسية دون‬ ‫استثناء وكل األطراف وسنحارب ألجل هذا يف‬ ‫الدورة االنتخابية القادمة‪.‬‬ ‫وكجمعية ماردلية عربية لبنانية أعلنا موقفنا‬ ‫عن املحكمة الدولية الخاصة بلبنان‪ ،‬بأنها فيلم‬ ‫أمرييك طويل‪ ،‬من إخراج إرسائييل ‪ -‬صهيوين‪،‬‬ ‫ونحن ضدها إذا كانت تتهم سوريا و”حزب الله”‪،‬‬ ‫ومعها إذا كانت عادلة‪ ،‬ومع املقاومة‪..‬‬ ‫وردّا عن سؤال انخراطه يف مجال الفن وما‬

‫‪77‬‬

‫نوع األغاين التي يغنيها أجاب حسن بأنه يطلق‬ ‫عليه الفنان املارديل املحلمي‪ ،‬األغنية املاردلية ويطلق‬ ‫عليها األغنية املحلمية‪ ،‬والراشدية واملخاشمية‪،‬‬ ‫واملحلمية هي عبارة عن عدة قرى منها الراشدية‬ ‫واملخاشية واملحلمية ولكنها تعرف باملاردلية‪ ،‬او فن‬ ‫الراشدي‪ ،‬أي غناء محلمي تسمية باألفخاذ الثالثة‪،‬‬ ‫وأغنية ماردلية عربية بحت‪ ،‬األغنية غناها وائل‬ ‫كفوري‪“ ،‬يا مدليل‪ ،‬يا قصبتي‪ ،‬سمرة قتلتيني‬ ‫غناها كاظم الساهر”‪.‬‬ ‫يف العراق يطلق عليها األغنية املوصلية‬ ‫وهي أغنية عربية مثلها مثل األغنية العراقية‬ ‫والسعودية والتونسية‪ ،‬وهي أوضح للسمع‬ ‫وتتطلب الرتكيز‪ ،‬ولكن الروح واللحن ينتمي اىل‬ ‫الفن واألصالة الرتكية أكرث من غريهام‪ ،‬متيل اىل‬ ‫املوسيقى الرتكية‪ ،‬ألحانها تركية‪ ،‬وروحها تركية‬ ‫واألغاين جميعها عاطفية وعنوانها للتاريخ‬ ‫أغني‪ ،‬وهي إثبات وجود للتاريخ‪ ،‬وهي تاريخية‬ ‫كاألغنية العربية‪ ،‬الكثري من اللبنانيني يسمعون‬ ‫األغنية‪ ،‬وتعرض عىل كافة اإلذاعات والتلفزيونات‬ ‫وجمهورها منترش يف كل أنحاء العامل كمجتمع‬ ‫مارديل عريب أي ‪ 5‬مليون شخص يف العامل‬ ‫يف سوريا موجودون يف القامشلية والحسكة‬ ‫والعامودة وحلب‪ ،‬ويوجد فيها ‪ 40‬ألف مارديل‪،‬‬ ‫ويف الشام يف منطقة اسمها ركن الدين والعراق‬ ‫وتركيا واسكندورن مريسني‪ ،‬ويف الرشق الجنويب‬ ‫لرتكيا وأملانيا‪ ،‬وجميعهم نزحوا من لبنان‪ ،‬وينتمون‬ ‫اىل العمريات وسعدو‪ ،‬وزين‪ ،‬واملري‪ ،‬وعيل خان‪.‬‬ ‫هذا الفن هو فن عريب أوضح من الفن السعودي‪،‬‬ ‫والخليجي نستطيع فهم األغنية بسهولة‪ ،‬واللغة‬ ‫واضحة‪.‬‬ ‫بدأت الغناء عام ‪ 1985‬مع فرقة كانت موجودة‬ ‫يف لبنان واستمريت معهم لفرتة طويلة وبعدها‬ ‫هاجرت الفرقة فأكملت املشوار‪ ،‬وأسست فرقة‬ ‫باسم الفرقة املاردلية اللبنانية‪ ،‬ومنها الجمعية‬ ‫املاردلية اللبنانية‪ ،‬ومشينا حتى طورنا األغنية‬ ‫التي كانت محصورة ضمن مجتمعنا فقط‪ ،‬ومنذ‬ ‫عرش سنوات تم إدخالها اىل اإلذاعات والتلفزيونات‬ ‫واألغنية دخلت الدول العربية كافة‪.‬‬ ‫قمت بعمل أغاين عدة‪ ،‬مبساعدة “مرعي سونت”‬ ‫رشكة أملانيا ونلقى صعوبات عدة ومشاكل بالنسبة‬ ‫لإلنتاج‪ ،‬الذي هو مشرتك دامئاً والدعم من الجمعية‬ ‫مستمر من املتطوعني‪ ،‬ومساعدات من رشكات‬ ‫إنتاج يف لبنان وسوريا وهذا ال “‪ “ CD‬رقمه ‪15‬‬ ‫ويف الختام شكر حسن مجلة “منرب التوحيد”‪،‬‬ ‫املنرب اإلعالمي الجريء‪ ،‬ونفتخر بجرأتها‪ ،‬والرسالة‬ ‫دامئ ُا تصل عربها‪“ ،‬مجلة منرب التوحيد”‪ ،‬واملجلة‬ ‫جريئة وقوية كالقيمني عليها‪ ،‬ومن خالل “منرب‬ ‫توجه حسن بالشكر اىل معايل الوزير‬ ‫التوحيد”‬ ‫ّ‬ ‫وئام وهاب مثنياً عىل جرأته‪ ،‬متمنياً اللقاء به ألننا‬ ‫نؤمن برسالة معاليه وجرأته ومواقفه ومصداقيته‬ ‫والخط السيايس الذي يسري عليه‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب ريايض‬

‫بطولة لبنان في كرة السلة مستمرة ‪ ...‬رغم الصعوبات واإلشكاالت‬ ‫«الشانفيل» يختتم الدور األول في الصدارة و «الرياضي بيروت» ثانياً‬ ‫مل يكتب لختام الدور األول من بطولة لبنان‬ ‫يف كرة السلة نهاية سعيدة‪ ،‬إذ شهدت مباراة‬ ‫“الريايض بريوت” و”الشانفيل” يف قاعة “صائب‬ ‫سالم”‪ ،‬يف املنارة‪ ،‬إشكاالت وعراك‪ ،‬فتحول‬ ‫امللعب “الريايض” اىل ساحة “معركة حقيقية”‬ ‫استخدمت فيها الكرايس وأعقاب البنادق‬ ‫والهراوات‪ ،‬وسط هتافات سياسية وطائفية‬ ‫أقل ما يقال عنها أنها “مقززة وغري أخالقية”‪.‬‬ ‫وكان ميكن لألمور أن تفلت أكرث لوال تدخل‬ ‫قوة من الجيش اللبناين التي عملت عىل ضبط‬ ‫الوضع وفض اإلشكال‪.‬‬

‫مدرب «الشانفيل‬ ‫غسان رسكيس‬

‫تفاصيل اإلشكال‬ ‫ويف التفاصيل أنه ليلة األحد ‪ 9‬كانون الثاين‬ ‫الجاري كانت كرة السلة اللبنانية عىل موعد‬ ‫مع مباراة ساخنة عنوانها ثأري “للريايض‬ ‫بريوت” الذي كان خرس أمام “الشانفيل” ذهاباً‬ ‫(‪ )50-70‬يوم األحد ‪ 28‬ترشين الثاين ‪.2010‬‬ ‫وجاءت املباراة قمة يف الندية واإلثارة‪ ،‬وم ّر‬ ‫كل يشء عىل ما يرام حتى اقرتبت نهاية اللقاء‬ ‫والريايض متقدمة بفارق ‪ 7‬نقاط (‪ .)74-81‬بيد أن‬ ‫الثواين األخرية قلبت كل شيئ‪ ،‬وح ّولت األبيض‬ ‫اىل أسود‪ ،‬عندما سجل العب “الريايض” لورين‬ ‫وودز سلة ساحقة ملصلحة فريقه حني كان‬ ‫العبو الفريقني يهمون لتبادل املصافحة‪ ،‬ما أثار‬ ‫سخط نجم “الشانفيل” و”منتخب لبنان” فادي‬ ‫الخطيب الذي مل يتقبل هذا “الدنك” فتالسن مع‬ ‫وودز‪ ،‬وحاول زميل الخطيب يف “الشانفيل”‪ ،‬كارل‬ ‫رسكيس الجالس عىل مقاعد االحتياط التدخل‬ ‫للفصل بينهام وهو يف ثيابه املدنية ألنه مل‬ ‫يشارك يف املباراة‪ ،‬إال أن “ط ّبال” النادي الريايض‬ ‫انسل خلف القوى األمنية ونزل اىل امللعب واعتدى‬ ‫بالرضب عىل كارل رسكيس‪ ،‬فحصل هرج ومرج‬ ‫واندفع مدرب الشانفيل غسان رسكيس وابنه‬ ‫كارل وبعض الالعبني نحو املعتدي لرضبه‪ ،‬إال أن‬ ‫عنارص قوى األمن حالت دون وصولهم إليه‪.‬‬

‫بني القانون ‪ ...‬واألخالق الرياضية‬ ‫صورة امللعب بدت “مشينة” بحق الناديني‬ ‫الذين يتحمالن‪ّ ،‬‬ ‫كل حسب أفعاله وردات فعله‪،‬‬ ‫ما حصل‬ ‫وبداية مع السلة التي سجلها وودز والتي‬ ‫أشعلت “نار اإلشكال” يف امللعب‪.‬‬ ‫يف القانون ال شيىء مينع أي العب داخل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫من جهته‪ ،‬دان مدرب “الشانفيل” و”منتخب‬ ‫لبنان” سابقاً غسان رسكيس ما حصل‪.‬‬ ‫وقال ‪”:‬املباراة كانت رياضية وما جرى ال ميت‬ ‫للرياضة بصلة‪ ...‬قبل ثوان من نهاية املباراة‬ ‫سجل وودز سلة عل ًام أن النتيجة كانت‬ ‫محسومة‪ ،‬فدخل ضارب الطبل عند جمهور‬ ‫الريايض واعتدى عىل ابني كارل رسكيس‬ ‫من الخلف ليسود هرج ومرج فتدخلت القوى‬ ‫األمنية‪ ،‬لكنها بدالً من أن متنع جمهور الريايض‬ ‫من دخول امللعب هاجمت العبي “الشانفيل”‬ ‫الذين أصيب منهم كارل رسكيس ويحيى‬ ‫صربا‪ .‬كام تعرض مساعدي مروان خليل‬ ‫إلصابة بالغة يف الرأس”‪.‬‬ ‫وطالب رسكيس القوى األمنية بضبط‬ ‫الوضع يف املالعب‪.‬‬

‫امللعب من التسجيل يف أي وقت‪ ،‬وخصوصاً يف‬ ‫الوقت القاتل والذي شهد الكثري من االنتصارات‬ ‫والهزائم‪ ،‬بيد أن هذا األمر متّبع فقط يف حال‬ ‫كانت النتيجة متقاربة جداً والفوز مل يحسم‬ ‫بعد‪.‬‬ ‫أما يف حالة مباراة “الريايض” و”الشانفيل”‬ ‫فإن األخالق الرياضية ال تسمح بهذا األمر‪ ،‬إذ كان‬ ‫يتوجب عىل العب الريايض وودز االحتفاظ بالكرة‬ ‫يف الثواين األخرية وعدم القيام مبحاولة تسجيل‬ ‫ألن النتيجة حسمت نهائياً وال مجال ألي تغيري‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫وزيادة عىل ذلك‪ ،‬مل يسجل وودز سلة‬ ‫بعيدة‪ ،‬حتى يلعب الحظ دوره فيها‪ ،‬بل قام‬ ‫بـ “دنك” ساحق‪ ،‬وهي حركة استفزازية من‬ ‫الطبيعي أن تثري “االشمئزاز” يف نفوس‬ ‫الالعبني والجمهور‪.‬‬ ‫لكن ردة الفعل مل تكن لتتطور أكرث من‬ ‫التالسن والنقاش‪ ،‬لوال تدخل أحد مشجعي‬ ‫الريايض ونزوله اىل أرض امللعب واالعتداء عىل‬ ‫كارل رسكيس‪ ،‬ما سمح لإلشكال يف التوسع‬ ‫يف مشهد “مقزز”‪.‬‬

‫أما رئيس النادي الريايض هشام الجارودي‬ ‫فح ّمل الالعبني فادي الخطيب وكارل رسكيس‬ ‫مسؤولية ما حصل متسائ ًال‪“ :‬كيف يسمح‬ ‫لنفسه الخطيب باالعتداء عىل العب أجنبي‬ ‫وما سيكون عليه موقف االتحاد الدويل يف هذه‬ ‫الحال؟ اذا مل يعاقب االتحاد اللبناين الخطيب‬ ‫ورسكيس سيكون لنا موقف تصعيدي للغاية‪،‬‬ ‫ولن نقبل باستئناف اللعب يف البطولة‪ ،‬وكل‬ ‫ما حصل التقطته الكامريات التي كانت تنقل‬ ‫املباراة فلتحرض األرشطة ويصار اىل مشاهدتها‬ ‫ومعاقبة املسؤولني”‪ .‬ورداً عىل سؤال عن الشاب‬ ‫الذي دخل امللعب وزاد اإلشكال تفاق ًام قال‬ ‫الجارودي‪”:‬هناك عنارص من الجيش وقوى األمن‬ ‫وهي تتوىل الحفاظ عىل أمن امللعب وهذا ليس‬ ‫من شأننا‪ ،‬كيف نفذ منهم ودخل؟ لن نقبل أن‬ ‫يعتدى علينا يف ملعبنا”‪.‬‬

‫رئيس االتحاد اللبناين‬

‫«التيار الوطني الحر»‬

‫رئيس االتحاد اللبناين لكرة السلة‬ ‫ألقى املسؤولية عىل شخص أو‬ ‫مشجعي النادي “الريايض” وليس‬ ‫ككل بشكل عام‪ ،‬واعترب ما حصل‬ ‫وم ّرت”‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫جورج بركات‬ ‫شخصني من‬ ‫عىل جمهوره‬ ‫“غيمة صيف‬

‫رئيس النادي الريايض‬

‫من‬ ‫الوطني‬ ‫جمهور‬ ‫بفوز‬ ‫جمهور‬

‫جهتها‪ ،‬اتهمت وسائل إعالم “التيار‬ ‫الحر” أنصار الريايض باالعتداء عىل‬ ‫“الشانفيل” وقالت “فور انتهاء املباراة‬ ‫الريايض عىل نادي “الشانفيل”‪ ،‬أقدم‬ ‫الريايض وبتغطية من بعض عنارص يف‬

‫قوى األمن الداخيل باإلعتداء عىل العبي نادي‬ ‫“الشانفيل” بالرضب ومن ضمنهم فادي الخطيب‪.‬‬ ‫وتعرض أيضاً لإلعتداء أعضاء إدارة “الشانفيل”‪،‬‬ ‫وكارل رسكيس ابن مدرب نادي “الشانفيل” غسان‬ ‫رسكيس‪ .‬ومل يكتف منارصو نادي الريايض بهذا‪،‬‬ ‫بل أقدموا عىل تكسري سيارات وباصات جمهور‬ ‫نادي “الشانفيل”‪ ..‬ومل ينته اإلشكال إال بعد‬ ‫ّ‬ ‫لفضه‪ .‬والجدير بالذكر أن‬ ‫تدخل الجيش اللبناين‬ ‫مساعد املدرب غسان رسكيس مروان خليل جرح‬ ‫واستلزم عالجه ‪ 8‬قطب يف الرأس”‪.‬‬

‫رئيس لجنة الشباب والرياضة‬ ‫النيابية‬ ‫ويف املواقف من اإلشكال‪ ،‬أبدى رئيس لجنة‬ ‫الشباب والرياضة النيابية النائب سيمون أيب‬ ‫رميا أسفه لإلشكال الذي وقع بني فريقي الريايض‬ ‫والشانفيل‪ .‬ورأى يف ترصيح له من مجلس النواب‬ ‫أن “ما شاهدناه عىل شاشات التلفزة ال نستطيع‬ ‫أن نقبله او نتحمله‪ ،‬وليك ال يتكرر هذا املشهد‬ ‫يجب أن نرسم خطوطاً حمراء لألوساط الرياضية‬ ‫من قبل الوزارات والسلطة التنفيذية”‪.‬‬ ‫وطالب أيب رميا وزارة الشباب والرياضة واتحاد‬ ‫كرة السلة “باتخاذ كل اإلجراءات والعقوبات يف‬ ‫حق النادي املسؤول عام حدث أياً كان هذا النادي‪،‬‬ ‫ويف حق فريق املشجعني أياً يكن والذي قام بهذه‬ ‫األعامل املسيئة”‪ ،‬ومتنى عىل القضاء اللبناين‬ ‫املختص أيضاً “أخذ موقف مام حصل وإنزال أشد‬ ‫العقوبات يف حق كل من قام بهذه االعتداءات‬ ‫عىل ملعب الريايض‪ ،‬كام طلب من وزاريت‬ ‫الداخلية والدفاع التحقيق يف ما حصل وأخذ‬ ‫اإلجراءات الالزمة يف حق املتقاعسني واملتواطئني‬ ‫ألي مؤسسة أمنية انتموا”‪.‬‬

‫املقررات الرسمية لالتحاد حول‬ ‫املباراة‬ ‫من جهتها‪ ،‬عقدت الهيئة اإلدار ّية لالتحاد‬ ‫اللبناين لكرة السلة جلسة خاصة وعرضت‬ ‫للمالبسات التي رافقت مباراة ناديي “الريايض –‬ ‫بريوت” و”الشانفيل” وتسلسلها واطلعت عىل‬ ‫تقرير مراقب املباراة واستمعت إىل أراء جميع‬ ‫األعضاء وانتهت إىل اتخاذ اإلجراءات التالية‪:‬‬ ‫ـ يأسف االتحاد اللبناين لكرة السلة استغالل‬ ‫هذه املباراة يف غري منحاها الريايض والتعاطي‬ ‫فيها بروح االستغالل بطريقة تيسء إىل اللعبة‬ ‫واألندية واىل محبي هذه اللعبة الجامهريية‪.‬‬ ‫ توقيف جمهور الفريقني يف أول مباراة لهام‪.‬‬‫ تحديد جمهور مباريات نادي “الشانفيل” مع‬‫النادي “الريايض ـ بريوت” ‪ 200‬عىل أرض املضيف‬ ‫و‪ 100‬عىل أرض الضيف‪.‬‬

‫ تغريم ناديي “الشانفيل” و”الريايض ـ بريوت”‬‫مبلغ ثالثة ماليني لرية لبنانية لتف ّوه جمهوريهام‬ ‫بعبارات غري الئقة وإلطالق شعارات سياسية‬ ‫مستنكرة‪.‬‬ ‫ توجيه كتاب استنكار ملا صدر يف وسائل‬‫اإلعالم املرئية من بيان قام بتحليل املباراة بطريقة‬ ‫تش ّوه كرة السلة اللبنانية‪ ،‬وتناىس القاعدة‬ ‫الكربى للعبة من أندية وإداريني والعبني يتمتعون‬ ‫باملسؤولية وتبني أقلية موتورة تهدف اإلساءة‬ ‫إىل اللعبة والتمني عليه املساهمة مع الخريين‬ ‫للحفاظ عىل هذه اللعبة كجامع مشرتك‬ ‫ومتنفس للرياضة اللبنانية خصوصاً أن لعبة كرة‬ ‫السلة تحولت من لعبة رياضية إىل لعبة وطنية‪.‬‬ ‫ توجيه كتاب شكر إىل القوى األمنية لجهودها‬‫املستمرة وللمسؤولية والتأكيد بأن كرامتها من‬ ‫كرامة االتحاد‪.‬‬ ‫ الطلب إىل الصحافة الرياضية مشكور ًة‬‫تحيل بعض األقالم باملوضوعية والدقة والعمل‬ ‫معاً من أجل الرياضة والرياضيني‪.‬‬

‫الشانفيل ينهي الدور األول‬ ‫يف الصدارة‬ ‫وعىل صعيد البطولة أنهى الشانفيل الدور‬ ‫األول يف الصدارة برصيد ‪ 44‬نقطة بفوزه يف ‪16‬‬ ‫مباراة عىل بيبلوس (‪ ،)71-87‬وأنيبال زحلة (‪-71‬‬ ‫‪ ،)61‬والحكمة (‪ ،)73-78‬وهوبس (‪ ،)61-76‬والشباب‬ ‫زحلة (‪ ،)53-95‬واالنرتانيك (‪ ،)63-96‬واملتحد (‪-88‬‬ ‫‪ ،)82‬والريايض بريوت (‪ ،)50-70‬وبيبلوس (‪-113‬‬ ‫‪ ،)103‬وأنيبال زحلة (‪ ،)71-78‬والحكمة (‪،)62-67‬‬ ‫والشباب زحلة (‪ ،)58-76‬واالنرتانيك (‪،)60-98‬‬ ‫واملتحد (‪ ،)74-84‬فيام لقي هزميتني أمام هوبس‬ ‫(‪ ،)73-57‬والريايض بريوت (‪.)83-74‬‬ ‫واحتل الريايض بريوت املركز الثاين برصيد ‪42‬‬ ‫نقطة بفوزه يف ‪ 13‬مباراة عىل الشباب زحلة‬ ‫(‪ ،)71-88‬وبيبلوس (‪ ،)70-88‬واالنرتانيك (‪،)72-95‬‬ ‫وأنيبال زحلة (‪ ،)58-66‬واملتحد (‪ ،)57-75‬وهوبس‬ ‫(‪ ،)79-90‬والشباب زحلة (‪ ،)65-105‬وبيبلوس‬ ‫(‪ ،)91-98‬واالنرتانيك (‪ ،)76-105‬والحكمة (‪،)74-76‬‬

‫‪79‬‬

‫واملتحد (‪ ،)76-104‬وهوبس (‪ ،)68-88‬والشانفيل‬ ‫(‪ ،)74-83‬يف حني تعرض الفريق لثالث هزائم أمام‬ ‫الحكمة (‪ ،)71-68‬والشانفيل (‪ ،)70-50‬وأنيبال‬ ‫زحلة (‪.)62-57‬‬ ‫ويف املركز الثالث جاء املتحد الذي جمع ‪36‬‬ ‫نقطة بفوزه يف ‪ 10‬مباريات عىل أنيبال زحلة (‪-93‬‬ ‫‪ ،)90‬وهوبس (‪ ،)82-88‬والشباب زحلة (‪،)90-92‬‬ ‫وبيبلوس (‪ ،)81-98‬وأنيبال زحلة (‪ ،)76-83‬والحكمة‬ ‫(‪ ،)71-77‬وهوبس (‪ ،)48-71‬والشباب زحلة (‪-80‬‬ ‫‪ ،)71‬واالنرتانيك (‪ ،)65-85‬وبيبلوس (‪ ،)83-127‬فيام‬ ‫خرس الفريق يف ‪ 6‬مباريات أمام الحكمة (‪،)82-77‬‬ ‫واالنرتانيك (‪ ،)88-84‬والريايض بريوت (‪،)75-57‬‬ ‫والشانفيل (‪ ،)88-82‬والريايض بريوت (‪،)104-76‬‬ ‫والشانفيل (‪.)84-74‬‬ ‫واحتل الحكمة املركز الرابع برصيد ‪ 36‬نقطة‬ ‫أيضاً بفوزه يف ‪ 10‬مباريات عىل املتحد (‪،)77-82‬‬ ‫وبيبلوس (‪ ،)74-100‬وأنيبال زحلة (‪ ،)69-72‬والريايض‬ ‫بريوت (‪ ،)68-71‬وهوبس (‪ ،)57-73‬والشباب زحلة‬ ‫(‪ ،)81-85‬وأنيبال زحلة (‪ ،)61-62‬وهوبس (‪،)76-80‬‬ ‫والشباب زحلة (‪ ،)60-85‬واالنرتانيك (‪،)81-83‬‬ ‫فيام خرس يف ‪ 6‬مباريات أمام الشانفيل (‪،)78-73‬‬ ‫واالنرتانيك (‪ )84-80‬بعد التمديد (الوقت األصيل‬ ‫‪ ،)74-74‬واملتحد (‪ ،)77-71‬والشانفيل (‪،)67-62‬‬ ‫وبيبلوس (‪ ،)100-90‬والريايض بريوت (‪.)76-74‬‬ ‫ويف املركز الخامس جاء أنيبال زحلة برصيد‬ ‫‪ 34‬نقطة بفوزه يف ‪ 9‬مباريات مقابل ‪ 7‬هزائم‪،‬‬ ‫يف حني احتل هوبس املركز السادس برصيد ‪28‬‬ ‫نقطة من ‪ 6‬انتصارات و‪ 10‬هزائم‪ ،‬واالنرتانيك‬ ‫املركز السابع برصيد ‪ 26‬نقطة من ‪ 5‬انتصارات‬ ‫و‪ 11‬هزمية‪ ،‬وبيبلوس املركز الثامن برصيد ‪22‬‬ ‫نقطة من ‪ 3‬انتصارات و‪ 13‬هزمية‪.‬‬ ‫أما املركز التاسع واألخري فاحتله الشباب زحلة‬ ‫برصيد ‪ 20‬نقطة من انتصارين و‪ 14‬هزمية‪.‬‬ ‫ويف ختام الدور األول هبط الشباب زحلة اىل‬ ‫الدرجة الثانية‪ ،‬فيام سيخوض بيبلوس الثامن‬ ‫مباراة فاصلة مع ثاين الدرجة الثانية‪.‬‬ ‫أما الفرق الستة األوىل فستخوض دور “الفاينل‬ ‫سيكس”‪ ،‬والذي سيحدد الفرق األربعة املتأهلة‬ ‫اىل الفاينل فور‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬جرج عون‬ ‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب صحة‬

‫سرطان الثدي‬ ‫الرسطان مرض يجعل الخاليا التي تصاب به‬ ‫تتغري وتنقسم بصورة رسيعة خارجة عن نطاق‬ ‫السيطرة‪ ،‬فتشكل تكتالت نسيجية تسمى‬ ‫أوراماً‪ .‬ميكن لهذه األورام أن تكون إما حميدة أو‬ ‫خبيثة أي (رسطانية)‪ .‬تنمو األورام الرسطانية‬ ‫برسعة وتؤدي إىل تدمري أنسجة الجسم السليمة‪.‬‬ ‫وميكن لبعض الخاليا املتضاعفة أن تنفصل عن‬ ‫الورم وتنترش بعيداً إىل أجزاء أخرى من الجسم‬ ‫يف عملية تدعى انبثاثاً (‪.)Metastasis‬‬ ‫ٌ‬ ‫شكل من أشكال‬ ‫أما رسطان الثدي‪ ،‬فهو‬ ‫األمراض الرسطانية التي تصيب أنسجة الثدي‪،‬‬ ‫وعاد ًة ما يظهر يف أنابيب وغدد الحليب‪ .‬يعترب هذا‬ ‫النوع من الرسطان أكرث شيوعاً عند‬ ‫النساء‪ ،‬لكنه ميكن أن يصيب الرجال‪.‬‬ ‫فمقابل كل إصابة للرجال توجد ‪200‬‬ ‫إصابة للنساء‪ .‬إال أن عواقب املرض‬ ‫عند الرجال قد تكون أسوأ نظراً لتأخر‬ ‫عملية التشخيص‪.‬‬ ‫يعترب رسطان الثدي من أبرز‬ ‫األمراض املؤدية إىل الوفاة عند‬ ‫النساء‪ .‬فبحسب منظمة الصحة‬ ‫العاملية‪ ،‬يتم تشخيص أكرث من ‪٢,١‬‬ ‫مليون إصابة سنوياً يف جميع أنحاء‬ ‫العامل وأكرث من ‪ 500‬ألف ميوتون من‬ ‫هذا املرض‪ .‬ووفقاً لجمعية الرسطان‬ ‫معدل‬ ‫انخفض‬ ‫فقد‬ ‫األمريكية‪،‬‬ ‫الوفيات برسطان الثدي منذ سنة‬ ‫‪ 1990‬بسبب الكشف املبكر وتطور‬ ‫طرق العالج‪.‬‬ ‫أما يف لبنان‪ ،‬فقد أظهرت‬ ‫اإلحصاءات أن املعدل السنوي للحاالت‬ ‫الجديدة لرسطان الثدي يعادل ‪83‬‬ ‫حالة لكل ‪ 100‬ألف إمرأة من جميع‬ ‫األعامر‪ .‬ووفقاً لدراسة تقريرية ملرصد‬ ‫الرسطان يف الجامعة األمريكية يف بريوت بني‬ ‫‪ 1983‬و‪ ،2000‬فإن ‪ %49,1‬من كل حاالت رسطان‬ ‫الثدي هن أصغر من سن الـ ‪.50‬‬ ‫هناك عدة عوامل تزيد من خطر اإلصابة‬ ‫برسطان الثدي منها العمر‪ ،‬إذ إن خطر نشوء‬ ‫املرض يزداد مع التقدم يف العمر‪ ،‬ومعظم‬ ‫اإلصابات تحدث عند النساء فوق سن الـ ‪ .50‬قد‬ ‫يكون سبب ذلك أن رسطان الثدي هو أحد أنواع‬ ‫الرسطانات التي تتطور ببطء عرب الزمن‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫فهو يظهر يف مرحلة متأخرة عند ‪ % 60‬من‬ ‫الحاالت‪ .‬ميكن أن يكون العمرعند بدء الطمث‬ ‫أيضاً عامل خطر‪ ،‬فالنساء اللوايت بدأن أول دورة‬ ‫حيض لهن يف سن مبكرة جداً أي قبل سن ‪12‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫قد يكنّ معرضات لزيادة طفيفة يف مخاطر‬ ‫اإلصابة برسطان الثدي بسبب تعرضهن لهرمون‬ ‫اإلسرتوجني لفرتة أطول من غريهن‪.‬‬ ‫ميكن أيضاً للعامل الورايث أن يكون سبباً‬ ‫لإلصابة حيث تشكل رسطانات الثدي الوراثية‬ ‫‪ % 10 – 5‬من الحاالت‪ .‬لذا‪ ،‬فإن توفر تاريخ عائيل‬ ‫لرسطان الثدي خاصة عند األم‪ ،‬األخت أو البنت‪،‬‬ ‫قد يزيد خطر اإلصابة بنسبة ‪.% 80 – 60‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬يشكل التدخني أبرز عوامل‬ ‫الخطر ألنه يؤدي إىل تأكسد خاليا الجسم ويزيد‬ ‫من خطر تحولها إىل خاليا رسطانية‪ ،‬ومن بينها‬ ‫خاليا الثدي‪.‬‬

‫أما بالنسبة لحبوب منع الحمل‪ ،‬فتتضارب‬ ‫املعلومات حول ما إذا كانت تساهم يف زيادة خطر‬ ‫اإلصابة برسطان الثدي‪ .‬كام أن العالج بهرمون‬ ‫اإلسرتوجني بعد انقطاع الدورة الشهرية قد يزيد‬ ‫الخطر‪ ،‬فيفضل بعض األطباء عدم استعامله‪،‬‬ ‫خاصة إذا كان العامل الورايث موجود‪.‬‬ ‫هناك بعض املواد املوجودة طبيعياً تعرف‬ ‫ﺑ (‪ ،)Xenoestrogen‬والتي يتم تخزينها يف‬ ‫خاليا الجسم عند التعرض لها‪ ،‬خاصة خاليا‬ ‫الثدي‪ .‬ميكن لهذه املواد أن تؤدي إىل زيادة خطر‬ ‫اإلصابة برسطان الثدي ألنها تشبه اإلسرتوجني‬ ‫برتكيبها‪ .‬نجد هذه املواد يف بعض أنواع املبيدات‬ ‫الحرشية‪ ،‬املواد الحافظة‪ ،‬املواد البالستيكية‪،‬‬

‫‪80‬‬

‫ملونات الطعام‪ ،‬ومواد التنظيف‪ .‬إال أن الدراسات‬ ‫غري كافية حول الكمية التي يجب التعرض لها‬ ‫والكافية لنشوء املرض‪.‬‬ ‫اإلسرتوجني هرمون نسايئ يقوم بعدة وظائف‬ ‫يف الجسم‪ .‬منها أنه يساعد عىل انقسام خاليا‬ ‫الثدي‪ ،‬وبالتايل إذا تواجدت الخاليا الرسطانية‬ ‫فيه‪ .‬فهو يساعد يف انقسامها ومنوها‪ .‬ترتفع‬ ‫معدالت اإلسرتوجني خالل مراحل مختلفة يف‬ ‫حياة املرأة تشمل مرحلة بدء الطمث ومرحلتي‬ ‫الحمل والرضاعة‪ .‬هناك بعض األنواع من األورام‬ ‫التي يتأثر منوها مبستويات اإلسرتوجني وتسمى‬ ‫(‪.)Tumors Responsive Estrogen‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فإن العوامل التي تزيد معدل‬ ‫اإلسرتوجني هي ذاتها العوامل التي‬ ‫تساهم يف نشوء مرض رسطان‬ ‫الثدي‪ .‬تشمل هذه العوامل النظام‬ ‫الغذايئ العايل بالدهون والبدانة‬ ‫التي تشكل خطراً كبرياً خاصة‬ ‫بعد سن انقطاع الدورة الشهرية‪،‬‬ ‫إذ أن الخاليا الدهنية تقوم بتخزين‬ ‫اإلسرتوجني وبالتايل‪ ،‬فكلام زاد‬ ‫عددها‪ ،‬كلام ارتفعت مستويات‬ ‫ويلجأ‬ ‫اإلسرتوجني يف الجسم‪.‬‬ ‫بعض األطباء إىل العالج الهرموين‬ ‫لتخفيف حدة الهبات الساخنة‬ ‫وعوارض سن الرجاء‪ .‬يحدث هذا بعد‬ ‫مراجعة التاريخ الطبي والعائيل‬ ‫للمرأة والتأكد من أن عامل الوراثة‬ ‫غري موجود‪ ،‬ومن أنها مل تخضع‬ ‫سابقاً لعمليات استئصال كيس‬ ‫دهن أو أورام حميدة خالل حياتها‪.‬‬ ‫وألن الكحول قد تكون عامل‬ ‫خطر لإلصابة باملرض من خالل زيادة‬ ‫مستوى اإلسرتوجني‪ ،‬فإن التوصيات‬ ‫تقيض بعدم تناول أكرث من كوب واحد يومياً‪.‬‬ ‫ومن األفضل اختيار النبيذ األحمر لغناه مبضادات‬ ‫األكسدة التي تقي من الرسطان‪.‬‬ ‫أما العوامل التي تساعد يف تخفيف خطر‬ ‫اإلصابة برسطان الثدي‪ ،‬فتشمل النظام الغذايئ‬ ‫القليل الدهون والغني باأللياف‪ .‬كام أن مامرسة‬ ‫الرياضة تعمل عىل الحامية من املرض‪ ،‬حيث‬ ‫أنها تساعد يف التخلص من الدهون من جهة‪،‬‬ ‫وتخفيض مستوى اإلسرتوجني من جهة أخرى‪.‬‬ ‫الحمل املبكر قد يحمي من املرض‪ ،‬فالنساء اللوايت‬ ‫يحدث حملهن األول قبل سن ‪ 20‬عاماً تنخفض‬ ‫لديهن نسبة االصابة برسطان الثدي‪.‬‬ ‫كام أن الرضاعة الطبيعية من الثدي تساعد‬

‫عىل تعزيز خاليا الثدي ملواجهة العوامل الخارجية‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل أن عملية اإلباضة تتوقف خالل فرتة‬ ‫الرضاعة‪ ،‬فبذلك تنخفض مستويات اإلسرتوجني‬ ‫ويقل خطر اإلصابة برسطان الثدي‪ .‬كام أن‬ ‫الرضاعة تسهل عملية إنقاص الوزن والتخلص‬ ‫من الدهون‪ .‬وكلام زادت فرتة اإلرضاع كلام قل‬ ‫خطر اإلصابة‪.‬‬ ‫وهناك نوع من اإلسرتوجني النبايت املوجود يف‬ ‫بعض األطعمة مثل الصويا ومنتجاتها‪ ،‬البقول‬ ‫كالفول والحمص‪ ،‬بزر الكتان والحبوب ونخالة‬ ‫القمح‪ .‬تتميز هذه املادة النباتية بأنها تشبه‬ ‫اإلسرتوجني من ناحية الرتكيبة الكيميائية‪ ،‬وهي‬ ‫تخفف من تأثري اإلسرتوجني عىل الخاليا ألنها‬ ‫تتسابق معه عىل املستقبالت (‪.)Receptors‬‬ ‫بهذه الطريقة يقلل اإلسرتوجني النبايت من‬ ‫األماكن الشاغرة التي ميكن لإلسرتوجني أن‬ ‫يرتبط بها‪ ،‬وبالتايل تساهم يف الحامية من مرض‬ ‫رسطان الثدي‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لعالج رسطان الثدي‪ ،‬فهو‬ ‫يعتمد عىل حجم الورم ومدى انتشاره‪ .‬قد يتم‬ ‫العالج‪ ،‬يف أغلب األحيان‪ ،‬بعدة طرق يف الوقت‬ ‫ذاته‪ ،‬فإذا ما تم االكتشاف املبكر للورم وكان‬ ‫حجمه يف حدود ‪ 3‬سم‪ ،‬فإنه ال يستلزم العالج‬ ‫بالتدخل الجراحي باستئصال الثدي‪ ،‬ولكن ميكن‬ ‫استئصال الورم ذاته وعالج باقي الثدي باألشعة‬ ‫للقضاء عىل بقية الخاليا التي قد تكون نشطة‪.‬‬ ‫أما إذا كان الورم أكرب من ذلك أو كان قد انترش‬ ‫إىل الغدد الليمفاوية‪ ،‬يكون العالج باستئصال‬ ‫الثدي والغدد املصابة‪ ،‬ويضاف إىل ذلك العالج‬ ‫الكيميايئ‪ ،‬اإلشعاعي والهرموين‪.‬‬ ‫ميكن عالج رسطان الثدي بعدة طرق‪ .‬فهناك‬ ‫العالج الجراحي الذي يعتمد‪ ،‬كام ذكر‪ ،‬عىل حجم‬ ‫الورم ومدى انتشاره‪ .‬أما العالج اإلشعاعي‪ ،‬فهو‬ ‫عالج موضعي يتم بواسطة استخدام أشعة‬ ‫قوية تقوم بتدمري الخاليا الرسطانية إليقاف‬

‫العالج‬ ‫وهناك‬ ‫نشاطها‪.‬‬ ‫الكيميايئ وهو عبارة عن‬ ‫عقاقري تعطى بشكل دوري إما‬ ‫عن طريق الفم أو الوريد‪ ،‬حيث‬ ‫تقوم بقتل الخاليا الرسطانية‪.‬‬ ‫ميكن العالج أيضاً بواسطة‬ ‫الهرمونات التي تعمل عىل‬ ‫منع الخاليا الرسطانية من‬ ‫تلقي الهرمونات الرضورية‬ ‫لنموها‪ ،‬أو يتم استئصال‬ ‫األعضاء التي تنتج هذه‬ ‫الهرمونات كاملبيض‪.‬‬ ‫ميكن الكشف املبكر عن‬ ‫رسطان الثدي عرب الفحص‬ ‫الذايت للثدي‪ ،‬حيث يجب عىل‬ ‫النساء إجراؤه مرة كل شهر‪،‬‬ ‫يف اليوم السادس أو السابع‬ ‫من الدورة الشهرية‪ .‬وقد‬ ‫يكون ذلك عىل األرجح خالل‬ ‫االستحامم‪ .‬للقيام بالفحص الذايت يجب‪:‬‬ ‫• الوقوف أمام املرآة وفحص الثديني ملالحظة أي‬ ‫يشء غري اعتيادي كتورم وإفرازات غري طبيعية‪.‬‬ ‫• وضع اليدين خلف الرأس والضغط بهام إىل‬ ‫األمام دون تحريك الرأس أثناء النظر يف املرآة‪.‬‬ ‫• وضع اليدين عىل الوسط واالنحناء قلي ًال مع‬ ‫ضغط الكتفني واملرفقني إىل األمام‪.‬‬ ‫• رفع اليد اليرسى واستخدام اليد اليمنى يف‬ ‫فحص الثدي األيرس من القسم الخارجي وبشكل‬ ‫دائري حتى الحلمة مع الرتكيز عىل املنطقة بني‬ ‫الثدي واإلبط ومنطقة أسفل اإلبط‪.‬‬ ‫• الضغط بلطف عىل الحلمة للتأكد ما إذا‬ ‫كانت هناك أية إفرازات غري طبيعية‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫• تكرار نفس الخطوات عىل الثدي األمين‪.‬‬ ‫• تعاد الخطوتان السابقتان عند االستلقاء‬ ‫عىل الظهر‪.‬‬ ‫إذا أظهرت نتائج الفحص الذايت أي عالمات‬ ‫غري طبيعية مثل ورم تحت الجلد‪ ،‬تغري يف شكل‬ ‫أو حجم الثدي‪ ،‬انخفاضات أو نتوآت‪ ،‬تغري يف لون‬ ‫الجلد‪ ،‬تغري يف شكل الحلمة‪ ،‬أو خروج إفرازات‪،‬‬ ‫وخاصة االفرازات الدموية من الحلمة‪ ،‬يجب‬ ‫مراجعة الطبيب يف أقرب وقت ممكن‪.‬‬ ‫كام يجب إجراء التصوير اإلشعاعي ملعاينة‬ ‫األجزاء الداخلية غري الظاهرة للثدي‪ .‬وتجرى أول‬ ‫صورة للمرأة عند سن يرتاوح بني ‪ 35‬و ‪ 40‬مرة‬ ‫كل سنة‪.‬‬ ‫تبقى الوقاية‪ ،‬مبا أن خري من قنطار عالج‪،‬‬ ‫أفضل السبل لتفادي املرض‪ .‬يحدث ذلك من خالل‬ ‫اتباع منط حياة صحي قائم عىل مامرسة التامرين‬ ‫الرياضية وتجنب التدخني ورشب الكحول‪.‬‬ ‫كام يجب اإللتزام بنظام غذايئ غني بالصويا‬ ‫ومنتجاتها‪ ،‬األلياف من الحبوب الكاملة والبقول‬ ‫كالفول والحمص والعدس‪ ،‬والفاكهة كالفريز‬ ‫واإلجاص والتفاح والعنب والليمون‪ ،‬والخضار‬ ‫كامللفوف والهليون والجزر والخيار والفليفلة‬ ‫والبصل واللفت‪ .‬تؤمن كل هذه املأكوالت‬ ‫مضادات أكسدة تقي من األمراض الرسطانية‬ ‫إضافة إىل األلياف‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬يعترب‬ ‫الفحص الذايت وسبل التشخيص من اإلجراءات‬ ‫الوقائية للكشف املبكر‪.‬‬

‫أخصائية التغذية املجازة‬ ‫ليال رشيد‬

‫‪com.hotmail@r-Layal‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب حر‬

‫قرار‬ ‫«دون‬ ‫كيشوت»‬ ‫الظني‬ ‫نصار‬ ‫الشيخ حسام ّ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪ .....‬وأخرياً سقطت حكومة الحريري اإلبن األوىل “ورمبا األخرية” باستقالة أَ َح َد عرش وزيراً من الرتكيبة الثالثينية‬ ‫أي الثلث زائد واحد‪ ،‬ومعها سقطت معظم أحالم “دون كيشوتيون” يف القرار الظني يف لبنان والخارج‪ ،‬هذا القرار‬ ‫الذي سيتهم يف ظاهر األمر ما أسامه بـ “العنارص غري املنضبطة” يف “حزب الله”‪ ،‬وهو يف مضمونه الحقيقي‬ ‫عنرص ال بل كل يش ٍء منضبط يف لبنان واملنطقة خصوصاً بعد “الترسيب” اإلعالمي املدروس بدقة‬ ‫سيرضب كل‬ ‫ٍ‬ ‫الذي ورد يف مجلة “دير شيبغل” األملانية والذي يتضمن “إشارة واضحة ورصيحة اىل وجود أد ّلة قو ّية جداً” كام‬ ‫وصفتها تدين “حزب الله” باملشاركة الفعلية يف عملية اغتيال الحريري‪ .‬هذا الترسيب إن َّ‬ ‫دل عىل يشء فإنه يدل‬ ‫بشكل واضح بأن قرار املحكمة الظني ُكتب قبل التحقيق‪ ،‬واتهم عنارص من “حزب الله” تحت عنوان أو توصيف‬ ‫“عنارص غري منضبطة”‪ ،‬وهذا ما أكده رئيس شعبة االستخبارات العسكرية لكيان العدو “دون عاموس يدلني”‪ ،‬بأن‬ ‫القرار الظني للمحكمة الدولية سيشكل ما أسامها بالكارثة الدعائية عىل “حزب الله”‪ ،‬وأنه سيقوض االستقرار‬ ‫يف لبنان‪.‬‬ ‫تم رسم “بروباغاندا” كاملة ساعد عىل رسمها جهوزية املاكينة اإلعالمية التي تعمل‬ ‫بهذه الصورة التشاؤمية ّ‬ ‫بجد وجهد الستقبال القرار الظني ُبغية توظيفه توظيفاً سياسياً يخدم فريقاً عىل حساب فريق آخر‪ ،‬وتجدر‬ ‫اإلشارة هنا اىل أن هذه املاكينة اإلعالمية هي نفسها التي كانت جاهزة لحظة اغتيال الحريري للوظيفة عينها‪.‬‬ ‫ويف غضون ذلك ذكرت صحيفة دون كيشوت “السياسة الكويتية”‪ ،‬أن العمل يف املحكمة الدولية الخاصة بلبنان‬ ‫قدم وساق مشرية اىل أن القيمني عىل املحكمة ال يولون الضجيج الخارجي‪ ،‬وما يثار من ترسيبات يف ما‬ ‫جا ٍر عىل ٍ‬ ‫منصب عىل وضع اللمسات األخرية عىل بعض “أعامل الديكور” يف‬ ‫خص القرار االتهامي أي أهمية بل أن عملها‬ ‫ّ‬ ‫تجهيز قاعات املحكمة التي ستستقبل املتهمني‪.‬‬ ‫صحيفة “هآرتس” العربية نقلت عن مصادر استخباراتية غربية وصفتها باملطلعة عىل سري التحقيق يف‬ ‫عملية اغتيال الحريري أن سوريا لعبت دوراً رئيسياً يف اغتياله‪ ،‬وأن تحقيق األمم املتحدة “ب ّرأها خطأً” من الضلوع يف‬ ‫العملية‪ ،‬لكن الرئيس الحريري رصح لصحيفة الرشق األوسط بأن املحكمة الدولية “ا ّتهمت سوريا خطأً” بالضلوع‬ ‫يف عملية االغتيال‪ ،‬والسبب يعود اىل وجود شهود زور أساؤوا اىل العالقات السورية‪ ،‬فاعتذر الحريري اىل القيادة‬ ‫السورية “ما تواخذونا يا إخوان”‪.‬‬ ‫سياسياً من الواضح بأن العم سام كان مستعج ًال جداً إلصدار القرار قبل حصول أي تسوية يف لبنان سواء‬ ‫كانت تسوية سعودية – سورية‪“ ،‬التي كانت قامئة”‪ ،‬أو لبنانية – لبنانية‪ ،‬أم إيرانية ‪ -‬سعودية ينتج عنها استقرار‬ ‫قبل صدور القرار‪ ،‬فاألمرييك يدفع نحو مقولة إن املحكمة الدولية هي ملك املجتمع الدويل وليست ملك أي طرف‬ ‫إقليمي‪ ،‬حتى لو كان بينهم أولياء الدم‪ ،‬وبات الكل يدرك أن الهدف يكمن يف حرب صهيو‪ -‬أمريكية عىل سالح‬ ‫املقاومة بسالح القرار الظني‪ .‬ورغم أن هذا القرار هو ظني وليس اتهامي إ َّال أن هدفه هو رضب وتهميش سمعة‬ ‫املقاومة وخلق بيئة تشكك بهدف هذا السالح ووجهته‪ ،‬وخلق رأي عام من خالل ماكينة إعالمية شعارها “اكذب‬ ‫ثم اكذب ثم اكذب حتى تصبح الكذبة حقيقة او حتى يقول املريب خذوين”‪ ،‬فكيف إذا كان سالح الكذبة هذه‬ ‫املرة القانون الدويل ؟‬ ‫يهدف القرار الظني بشكله “القضايئ” اىل إدانة “حزب الله” باغتيال الحريري وحظره من الحياة السياسية‬ ‫اللبنانية‪ ،‬وتفكيكه نهائياً باعتباره خطر عىل أمن الدولة اللبنانية‪ ،‬فيؤدي هذا األمر اىل مواجهة بني “الرشعية‬ ‫اللبنانية” و”حزب الله”‪ ،‬فتقع بذلك اشتباكات مسلحة بني الجيش واملقاومة‪ ،‬تؤدي بنظر “الدون كيشوتيون” اىل‬ ‫سيناريوهات أو خيارات منها‪:‬‬ ‫أن يتمكن الجيش من كرس “حزب الله”‪ ،‬فتصبح الجبهة الجنوبية اللبنانية مفتوحة أمام العدو الصهيوين مام‬ ‫يسهّل عليه اجتياح لبنان والقضاء عىل املقاومة‪.‬‬ ‫أن يتدخل السوريون عسكرياً إلنقاذ “حزب الله” ولحامية خارصتهم‪ ،‬فيتم التصادم مع الجيش اللبناين‪ ،‬والرهان‬ ‫الكبري هنا عىل ردة فعل الشعب اللبناين من عودة الجيش السوري اىل لبنان‪ ،‬وعندها يتم استدعاء الدعم‬ ‫العسكري الخارجي‪ ،‬الذي سيعمل يف طبيعة الحال لصالح الكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫ان ينترص “حزب الله” يف الرصاع مع الجيش‪ ،‬والخارصة السورية ضعيفة والتأييد لـ “حزب الله” ضعيف جداً‬ ‫بحجة استعامل السالح يف الداخل‪ ،‬فتكون هنا مهمة اإلرسائييل بالحرب عىل كل من سوريا ولبنان مبساعدة‬ ‫ميلشيات طائفية تتشكل يف لبنان وعودة ظهور املعارضات السورية من جديد‪ ،‬فيتم زعزعة النظام السوري من‬ ‫الداخل ورضبه من الخارج‪.‬‬ ‫ولكن القرار ُأ ّجل عدة مرات ألسباب سياسية فاملشاورات التي أجراها القايض دون مدعي عام املحكمة الدولية‬ ‫دانيال بلامر‪ ،‬مع أعضاء مجلس األمن الدويل ومع بعض املسؤولني الفرنسيني كله له عالقة بالتوقيت السيايس‬ ‫ال مبضمون القرار‪.‬‬ ‫ويرى بعض “الدون كيشوتيون” املحليون أن باستطاعتهم استخدام املحكمة لتعديل موقعهم السيايس ولتعزيز‬ ‫نفوذهم يف مقابل فعالية وحضور “حزب الله” وحلفائه‪ ،‬ويستخدمون قراراتها يف خططهم لتحقيق “تفوقاً ما”‬ ‫يف الداخل اللبناين عرب بوابة املحكمة‪.‬‬ ‫أصحاب شخصية “دون كيشوت” السياسية يف لبنان هم قلة‪ ،‬يحملون شخصية خيالية حاملة تصدر عنها‬ ‫قرارات ال عقالنية تتمثل بنزع سالح املقاومة‪ ،‬تفكيك اللحمة الوطنية اللبنانية‪ ،‬إقامة كونتونات كونفدرالية‪،‬‬ ‫فصل لبنان عن عمقه االسرتاتيجي‪ ،‬وسلخه عن محيطه العريب واإلسالمي‪ ،‬إعادة نسج اتفاقية ‪ 17‬أيار‪ .‬أ ّما‬ ‫أصحاب شخصية “دون كيشوت” يف الخارج فيحلمون برضبة عسكرية مدمرة تستهدف الجمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬قلب النظام السوري‪ ،‬تهجري مسيحيي املرشق‪ ،‬خلق حرب سنية شيعية ُتشعل املنطقة بر ّمتها‪ ،‬تهويد‬ ‫القدس إستكامالً لقيام دولة يهودية عىل األرض الفلسطينية العربية‪ ......‬ولكنها سقطت‪ ،‬وأخرياً سقطت‬ ‫ومعها سقطت معظم أحالم “دون كيشوتيي” القرار الظني يف لبنان والخارج‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -49‬شباط ‪2011‬‬


‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.