Manbar altawhid issue 55

Page 1

‫العدد ‪ 55‬ــ آب ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫وهاب يواكب السوريين‬ ‫المؤيدين للحوار واإلصالح‬

‫السفير اإليراني ‪ :‬اختطاف‬ ‫القوات للديبلوماسيين أصبح‬ ‫وثيقة في األمم المتحدة‬

‫لحود ‪ :‬أعت ّز ببناء‬ ‫الجيش المقاتل‬ ‫نفط لبنان كيف نح ّرره لنستثمره؟‬ ‫المحكمة الدولية اعتداء إسرائيلي على المقاومة‬ ‫‪1‬‬

‫الزعبي ‪ :‬المادة الثامنة‬ ‫تسببت بأضرار للبعث‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬


‫العدد‬

‫‪55‬‬

‫آب ‪ 2011‬السنة اخلامسة‬

‫‪18‬‬

‫‪ 0 6‬الغالف‬

‫المقاومة ضاعفت قوتها بعد‬

‫‪ 10‬لبنانيات‬

‫‪ 5‬سنوات من حرب تموز‬

‫‪ 23‬حزب التوحيد العربي‬

‫‪49‬‬

‫«األونروا» الشاهد الحي‬

‫على مأساة الشعب الفلسطيني‬

‫‪63‬‬

‫‪ 46‬فلسطينيات‬ ‫‪ 5 4‬دوليات‬ ‫‪ 5 8‬اقتصاد‬

‫أوسامة الرحباني‪:‬‬

‫‪ 66‬فن‬

‫صدمنا َمن حاول التطاول‬

‫‪ 71‬مناطق‬

‫والمراهنة علينا‬

‫مشروع قانون العنف‬

‫‪68‬‬

‫األسري أسير دار الفتوى‬ ‫منبر التوحيد‬

‫‪ 40‬عربيات‬

‫نشرة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫في حزب التوحيد العربي‬

‫‪ 7 4‬اجتماعيات‬ ‫‪ 76‬صحة‬ ‫‪ 78‬رياضة‬

‫سكرتيرة التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العسراوي ــ املدير املالي ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بيروت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضمان االجتماعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL : manbar _ altawhid@ yahoo. com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنشر والطباعة‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنبر‬

‫الشعب‬ ‫يريد إسقاط‬ ‫النظام‪...‬‬ ‫ولكن ماذا‬ ‫بعد؟‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تفاءلت الشعوب العربية‪ ،‬بأن رياح التغيير قد هبت على مجتمعاتهم‪،‬‬ ‫وأن األنظمة املوروثة قد بدأت باالنهيار‪ ،‬وال بد من ربيع عربي‪ ،‬تتفتح منه‬ ‫براعم الثورة لتزهر أنظمة دميقراطية مدنية‪ ،‬حتفظ حرية الرأي والتعبير‪،‬‬ ‫وتعددية العمل السياسي واحلزبي‪ ،‬وتداول السلطة‪ ،‬وتأمني حقوق‬ ‫اإلنسان العربي وكرامته‪ ،‬وحقه في احلرية والعدالة االجتماعية وتوزيع‬ ‫الثروة الوطنية ورفض االستبداد واالستعباد‪.‬‬ ‫هذه الشعارات رفعت في ساحات احلرية وميادين التحرير‪ ،‬تنبئ بأن‬ ‫فجرا ً جديدا ً قد بزع على العالم العربي‪ ،‬بعد عقود من الذل واالرتهان‬ ‫وانتهاك حريات شعوبه وتدمير قدراته وطاقاته‪ ،‬وتعميم السجون‬ ‫باعتقال قادة الرأي السياسي‪ ،‬وتعطيل إبداعات املفكرين واملثقفني‪،‬‬ ‫حلساب دكتاتوريات من شتى األنواع السياسية واحلزبية والعائلية‪.‬‬ ‫لقد كان مقتل املواطن التونسي‪ ،‬أبو عزيزي إيذانا ً بانطالق ثورات‬ ‫الشعوب العربية‪ ،‬على دكتاتورييها وجالديها‪ ،‬وخرجت املاليني تهتف‬ ‫“الشعب يريد إسقاط النظام” وكان شعارا ً جذابا ً وثوريا ً وأداة تغييرية‬ ‫توحد حتته املواطنون‪ ،‬على أنه طريق اخلالص واإلنقاذ‪ ،‬وهم ينشدون‬ ‫قوال ً وفعالً التغيير‪ ،‬نحو أنظمة تؤسس لدولة املواطنة‪ ،‬التي لم‬ ‫تعرف اجملتمعات العربية‪ ،‬منوذجا ً لها‪ ،‬منذ نشوء كياناتها السياسية‪،‬‬ ‫وإجناز استقالالتها الوطنية‪ ،‬بحيث غلب الطابع العائلي والفئوي على‬ ‫األنظمة التي منها من نشأ بفعل االستعمار ورعايته له‪ ،‬ومنها من كان‬ ‫رد فعل على هزمية ونكبة فلسطني في العام ‪ ،1948‬فخلعت األنظمة‬ ‫التي ولدت من رحم االستعمار الثياب املدنية‪ ،‬لترتدي اللباس العسكري‪،‬‬ ‫فدخلت بعض الدول العربية‪ ،‬في زمن االنقالبات العسكرية‪ ،‬واالنقالبات‬ ‫املضادة حيث انحرف صنّاع هذه االنقالبات عن أهدافهم وغاياتهم‪،‬‬ ‫في استعادة فلسطني وحتريرها من الصهاينة‪ ،‬الى طغاة عسكريني‪،‬‬ ‫استخدموا األمن وقوانني الطوارئ في احلكم‪ ،‬فتم تعطيل احلريات‪ ،‬وبات‬ ‫الشعار “ال صوت يعلو فوق صوت املعركة”‪ ،‬فبات االستبداد مالزما ً لتحرير‬ ‫فلسطني‪ ،‬والذي فشل في استرجاعها‪ ،‬ال بل خسرت األنظمة العربية‪،‬‬ ‫ما تبقى منها في حرب حزيران عام ‪ ،1967‬فكانت النكسة بعد النكبة‪،‬‬ ‫وبدأ العالم العربي في حالة من الغليان الثوري‪ ،‬وقد تأثر مبا ّ‬ ‫حل بالرئيس‬ ‫املصري الراحل جمال عبد الناصر‪ ،‬الذي حولته الهزمية الى قائد مكسور‬ ‫قدم استقالته‪ ،‬لكن عاطفة اجلماهير نحوه أعادته عن االستقالة‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬ ‫درسا ً للشعب الفلسطيني أن ميسك بقضيته ويستردها من األنظمة‬ ‫التي ض ّيعت فلسطني‪ ،‬بارتهانها السياسي الى اخلارج‪ ،‬والفساد الذي‬ ‫ضرب بأركانها وقياداتها‪ ،‬فكانت مرحلة نهاية الستينات من القرن‬ ‫املاضي اندالع الثورة الفلسطينية‪ ،‬وظهور السالح الفلسطيني كأداة‬ ‫وحيدة الستعادة احلقوق الوطنية الفلسطينية‪.‬‬ ‫وشكلت انطالقة الثورة الفلسطينية‪ ،‬أمال لدى الشعوب العربية‬ ‫التي آزرت الفلسطينيني في اإلمساك بقضيتهم‪ ،‬ومساندتهم في‬ ‫كفاحهم املسلح‪ ،‬وبات شعار تلك املرحلة‪ ،‬الكفاح املسلح هو الطريق‬ ‫نحو حترير فلسطني بعاصمتها القدس‪ ،‬واملطالبة بفتح اجلبهات واحلدود‬ ‫العربية‪ ،‬لتعبر الشعوب عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني املقاوم‪،‬‬ ‫إال أن هذه الثورة ما لبثت أن غرقت بصراعات األنظمة التي أنشأت لكل‬ ‫منها تنظيما ً فلسطينيا ً ينطق باسمها‪ ،‬في محاولة لسرق شعارات‬ ‫الثورة‪ ،‬ومصادرة قرارها‪ ،‬ووضعها حتت وصاية األنظمة العربية من جديد‪،‬‬ ‫ومن رفض منها‪ ،‬كان حسابه التصفية‪ ،‬كما حصل في األردن‪ ،‬فأقدم‬ ‫النظام األردني على ارتكاب مجازر بحق الفلسطينيني‪ ،‬فيما سمي‬ ‫بـ”أيلول األسود” الذي كان إيذانا ً جلميع األنظمة أن تسلك هذا السلوك‪،‬‬

‫‪4‬‬


‫من داخل حزب البعث العربي االشتراكي‪ ،‬فنقل سوريا الى احلداثة‪،‬‬ ‫وحكم األحزاب املتعددة في إطار “جبهة وطنية تقدمية” وحقق‬ ‫إصالحات ترافقت مع تثبيت املوقف القومي‪ ،‬فرفع القبول بالسالم مع‬ ‫“إسرائيل” وشارك في مؤمتر مدريد حتت شروط تنفيذ القرارات الدولية‪،‬‬ ‫ولم يفرط بشبر واحد من أرض سورية محتلة‪ ،‬وربط بني املسارات‬ ‫العربية‪ ،‬فكان حترير اجلوالن مالزم لتحرير اجلنوب الذي ّ‬ ‫متكنت املقاومة‬ ‫من طرد االحتالل اإلسرائيلي منه دون قيد أو شرط في العام ‪،2000‬‬ ‫وكان النموذج الذي استنسخه الفلسطينيون في داخل فلسطني‪،‬‬ ‫فكان حترير غزة باملقاومة أيضاً‪.‬‬ ‫هذا االستعراض للثورات التي شهدها العالم العربي‪ ،‬للوصول‬ ‫الى الثورات األخيرة التي تعيشها بعض الدول العربية‪ ،‬وهي بقدر‬ ‫ما تعكس إرادة الشعوب في التغيير‪ ،‬إال أن النتائج ال تبشر بأن هذه‬ ‫الثورات على عفوية بعض من يتحرك فيها‪ ،‬وعلى أحقية مطالب‬ ‫فئات فيها‪ ،‬باإلصالح والتطوير واحلرية ستصل الى ما تطرحه‪ ،‬ألن‬ ‫ما يحصل منذ اندالع االحتجاجات مطلع العام احلالي‪ ،‬يطرح أسئلة‬ ‫وتساؤالت حول أهداف من ح ّركها‪ ،‬وهل هي بريئة أم أن ما انتهت‬ ‫إليه ال تؤشر أنها كانت صناعة عربية‪ ،‬بل صناعة خارجية بدأت‬ ‫تظهر في العديد من الدول التي شهدت حركات احتجاج‪ ،‬بأن شعار‬ ‫“الشعب يريد إسقاط النظام” وقف عند هذا العنوان‪ ،‬دون أن يصل‬ ‫انشد الى اإلصالحات‬ ‫الى مرحلة ما بعد إسقاط النظام‪ ،‬ألن الشعب‬ ‫ّ‬ ‫املرفوعة‪ ،‬وهي محقة فتبينّ أن برنامج التغيير في الداخل ولدى قوى‬ ‫املعارضة‪ ،‬ليس واحدا ً وال يحمل البديل الذي يتعدد وفق األفكار والرؤى‬ ‫السياسية والدينية‪ ،‬بحيث بدأت هذه القوى تعاني من انقسامات‬ ‫وحاالت تشرذم ‪،‬كما أن من يحملون الفكر الديني وحتديدا ً السلفي‬ ‫واألصولي والتكفيري‪ ،‬يتقدمون على ما يطرحه التقدميون واليساريون‬ ‫والعروبيون والعلمانيون‪ ،‬حيث الثورة في مصر تعاني أزمة استمرارها‪،‬‬ ‫وإن كان رحيل نظام حسني مبارك ضرورة وطنية وقومية‪ ،‬الرتباطه‬ ‫بالعدو اإلسرائيلي‪ ،‬لكن مسألة النظام البديل‪ ،‬لم يتم االتفاق عليه‪،‬‬ ‫بل كل ما نتج من احلركات االعتراضية‪ ،‬هو تعميم فوضى خالقة‪،‬‬ ‫تخدم مشروع أميركي – إسرائيلي يصب في اندالع حروب أهلية‪،‬‬ ‫وإيقاظ احلاالت الطائفية واملذهبية والعربية‪ ،‬وأن هذا املشروع بدأ مع‬ ‫االحتالل األميركي للعراق حتت عنوان قيام “الشرق األوسط اجلديد”‪،‬‬ ‫وهو مشروع تقسيم املنطقة‪ ،‬وقد ظهرت معامله في العراق وتك ّرس‬ ‫في السودان‪ ،‬ويترسم في ليبيا‪ ،‬ويتجدد في اليمن‪ ،‬ويتمدد الى سوريا‬ ‫ليكتمل في لبنان‪ ،‬وهذا ما بات معلوما ً لكل من يطلع على الوثائق‬ ‫واملستندات واخملططات املرسومة منذ عقود للعالم العربي‪ ،‬وأن هذا‬ ‫املشروع‪ ،‬يأخذ عناوين دميقراطية وحقوق اإلنسان‪ ،‬وهي نفسها التي‬ ‫رفعت قبيل انهيار االحتاد السوفياتي واملنظومة االشتراكية التي نتج‬ ‫عنها خسارة العرب حلليف لهم على املستوى الدولي‪ ،‬وفتح الطريق‬ ‫لهجرة أكثر من مليون يهودي من دوله الى فلسطني احملتلة‪.‬‬ ‫إن الثورات العربية‪ ،‬التي اندلعت في توقيت واحد‪ ،‬واعتبرها البعض‬ ‫بداية التحول في العالم العربي‪ ،‬كشفت نتائجها بعد أشهر من‬ ‫حصولها‪ ،‬أن مطالبها اإلصالحية احملقة‪ ،‬ما هي إال عناوين‪ ،‬يجري‬ ‫استخدامها إلسقاط الكيانات السياسية القائمة الى تفتيتها‬ ‫حلساب مخطط وضع قبل قرن في “سايكس بيكو” وهو ينفذ متأخراً‪.‬‬

‫ومتنع الفلسطينيني من أن تكون قضيتهم مستقلة عنهم‪ ،‬باعتبارها‬ ‫ورقة رابحة تستخدم لصالح األنظمة‪.‬‬ ‫فالثورة الفلسطينية مت وأدها وإشغالها بصراعات األنظمة العربية‬ ‫ومحاورها الدولية‪ ،‬وعادت فلسطني ورقة مساومة‪ ،‬حتى من داخل‬ ‫منظمة التحرير الفلسطينية التي تنازلت عن ميثاقها الوطني‬ ‫وتخلت عن جزء كبير من فلسطني التي لم يعد شعار حتريرها من‬ ‫النهر الى البحر مرفوعاً‪ ،‬بل بات قيام سلطة فلسطينية وحكم ذاتي‬ ‫حتت االحتالل والقبول بجزء من فلسطني‪ ،‬هو ما انتهت إليه أهم وأنبل‬ ‫ثورة في العالم‪ ،‬التي انتفضت على اتفاق أوسلو وكل ما تفرع عنه‪،‬‬ ‫فكانت االنتفاضة الفلسطينية ربيع الشعب الفلسطيني للتحرر‬ ‫من االحتالل اإلسرائيلي‪ ،‬فتساقطت كل أوراق التسوية التي ابتدعها‬ ‫مر ّوجو تصفية قضية فلسطني من مؤمتر مدريد الى اتفاق أوسلو‬ ‫وخارطة الطريق وكل التفاهمات األخرى‪ ،‬التي لم تنتج سوى أوهاما ً‬ ‫لهث وراءها التسوويون الذين راهنوا على دور أميركي وآخر أوروبي‬ ‫ملحق به‪ ،‬يستولد دولة فلسطينية تعيش الى جانب الدولة اليهودية‬ ‫التي ال يؤمن منشؤوها بأنها ميكن ان تتعايش مع دولة جديدة يؤمن‬ ‫شعبها‪ ،‬بحقه بكل أرض فلسطني وأن القدس عاصمتها‪ ،‬كما أن حق‬ ‫العودة مشروع للفلسطينيني في مقابل استقدام املاليني من اليهود‬ ‫من أصقاع العالم‪ ،‬ليقيموا على أرض ليست لهم‪ ،‬ويبنوا عليها‬ ‫مستوطنات لزيادة عدد اليهود الذين يعيشون أزمة اندماجهم في‬ ‫اجملتمعات التي ُولدوا فيها‪ ،‬نتيجة ِعقد تربوا عليها‪ ،‬بأنهم “شعب اهلل‬ ‫اخملتار” وهم املتفوقون بني الشعوب‪.‬‬ ‫لقد مر العالم العربي‪ ،‬بثورات حترر وطني من االستعمار‪ ،‬ثم بأخرى‬ ‫لبناء دول االستقالل‪ ،‬وبعدها ثورات التخلص من تركة االستعمار‪ ،‬ومن‬ ‫بعدها انقالبات على األوضاع القائمة‪ ،‬حيث أكلت الثورات التي تلت‬ ‫نكبة فلسطني أبناءها‪ ،‬ثم كان عصر ثورات النهضة التي لم حتقق‬ ‫ما أعلنت عنه‪ ،‬كما حتركت أحزاب حتمل الفكر القومي‪ ،‬فانعكست‬ ‫عليها هزمية حزيران بتحميل هذا الفكر مأساة النكسة‪ ،‬وتقدم الفكر‬ ‫املاركسي – اللينيني‪ ،‬لكنه لم ينجح في إبداع صيغة لتحرير األرض‪،‬‬ ‫ألنه فكر معولم‪ ،‬فحاولت بعض التنظيمات املاركسية أن تزاوجه مع‬ ‫الفكر القومي‪ ،‬إال أنها محاوالت أسقطتها الوقائع‪ ،‬وزاد من تراجع‬ ‫الرؤى اليسارية‪ ،‬انهيار االحتاد السوفياتي واملنظومة االشتراكية‪،‬‬ ‫فتقدمت املنظمات التي حتمل فكرا ً دينيا ً إسالمياً‪ ،‬على األحزاب‬ ‫والتيارات القومية التي حاولت استعادة دورها‪ ،‬من خالل حرب تشرين‬ ‫في العام ‪ ،1973‬بعد أن متكن الرئيس السوري الراحل حافظ األسد من‬ ‫أن يعيد للفكر القومي مكانته‪ ،‬واعتبار املسألة الفلسطينية قضية‬ ‫قومية‪ ،‬وقد ك ّرس ذلك في احلرب املشتركة التي خاضها اجليشان‬ ‫السوري واملصري معاً‪ ،‬في حرب تشرين‪ ،‬وحققا إجنازات بارزة‪ ،‬منها قدرة‬ ‫اجلندي العربي‪ ،‬على خوض معركة حترير فلسطني‪ ،‬واستخدام السالح‬ ‫املتطور‪ ،‬وردت هذه احلرب في أحد جوانبها على نكسة حزيران‪ ،‬وأعادت‬ ‫الروح املعنوية للمواطن العربي‪ ،‬إال أنها أصيبت بضربة كبيرة‪ ،‬عندما‬ ‫انحرف الرئيس املصري أنور السادات عن أهدافها التحريرية‪ ،‬الى عقد‬ ‫صفقة مع العدو الصهيوني برعاية أميركية‪ ،‬فأخرج مصر من الصراع‬ ‫مع “إسرائيل”‪ ،‬وشق الطريق أمام األنظمة العربية لتسقط الواحدة‬ ‫تل األخرى بالسالم‪ ،‬وبقيت سوريا تقود جبهة الصمود والتصدي‪،‬‬ ‫وتشجع على املمانعة‪ ،‬وتدعو الى املقاومة وتساند حركاتها وأحزابها‪،‬‬ ‫وقد استند الرئيس السوري الراحل على حركة تصحيحية خاضها‬

‫‪5‬‬

‫«منبر التوحيد»‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫المؤسس الثاني للجيش يتحدث لمناسبة عيده ‪66‬‬

‫الرئيس إميل لحود ‪ :‬أرادوا من اغتيال الحريري النيل مني‬ ‫والرئيس األسد والمقاومة التي يصفوها باإلرهابية‬ ‫ّ‬ ‫أكد الرئيس إميل حلود إن معادلة الشعب واجليش‬ ‫واملقاومة تختصر االستراتيجية الدفاعية عن لبنان‬ ‫بأكملها‪ ،‬إن الشعب هو صاحب السيادة‪ ،‬أما اجليش‬ ‫فهو حامي الوطن واملقاومة‪ ،‬وهو أثبت‪ ،‬أنه متمسك‬ ‫بعقيدته الوطنية أي ضرب اإلرهاب والتصدي للعدو‬ ‫اإلسرائيلي والدفاع عن الوطن والشعب‪ .‬أما املقاومة‬ ‫فهي تشكل سنداً جليش الوطن في عملياتها ضد‬ ‫العدو اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫ومبناسبة عيد اجليش السادس والستون التقت‬ ‫“منبر التوحيد” الرئيس إميل حلود الذي تولى قيادة‬ ‫اجليش في أصعب الظروف وأدقها وبدأ بعملية بنائه‬ ‫بعد الطائف‪ ،‬فكان على قدر اآلمال املعقودة وفق‬ ‫مقولة “الرجل املناسب في املكان املناسب”‪ .‬فقد‬ ‫باشر بدمج األلوية العسكرية بعدما ازال عنها‬ ‫الصبغة الطائفية التي كانت تسودها من خالل‬ ‫انصهار العسكريني على مختلف انتماءاتهم احلزبية‬ ‫والطائفية واملذهبية دون األخذ بعني االعتبار سوى‬ ‫حاجة اجليش وكفاءة العناصر ومواقع استخدامهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد حلود بأن رفع يد السياسيني عن اجليش هي التي‬ ‫حافظت عليه طيلة العشرين عاماً‪ ،‬واعتبر أن خدمة‬ ‫العلم التي استمرت عشر سنوات هي من أهم‬ ‫اإلجنازات التي حتققت‪ .‬وفي ما يلي نص احلوار‪:‬‬ ‫فخامة الرئيس‪ ،‬استلمتم قيادة اجليش في‬ ‫أصعب الظروف‪ ،‬بلد منقسم وجيش مشرذم‪ ،‬إخبرنا‬ ‫عن تلك املرحلة وكيف بدأمت مرحلة بناء اجليش؟‬ ‫عندما عينت قائدا ً للجيش‪ ،‬كان اجليش مشرذماً‪،‬‬ ‫وكان ال بد من جمعه حتت قيادة واحدة ومن ثم دمجه‪،‬‬ ‫كي يخرج من هذا التبعثر جيشا ً وطنيا ً واحدا ً تستطيع‬ ‫القيادة معه إرساء عقيدة قتالية وطنية واحدة تكون‬ ‫اللبنة األولى في عملية توحيد اجليش ودمج ألويته‬ ‫وأفواجه‪ .‬هذا ما فعلت ولم أعر في حينه أذنا صاغية‬ ‫للمسؤولني السياسيني أو للتدخالت السياسية أو‬ ‫للمراجعات التي أتت من كل حدب وصوب بالتمهل في‬ ‫عملة التوحيد والدمج العتبارات مختلفة لم تقنعني‬ ‫بل زادت من اقتناعي أن طريق اخلالص مير بالوحدة‪،‬‬ ‫بد ًءا من املؤسسة العسكرية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫ملاذاعارض بعض السياسيني عملية الدمج؟‬ ‫كانت احلجج كثيرة‪ ،‬إال أن القرار كان مرتكزا ُ الى‬ ‫مسلمات وثوابت غير قابلة للتفاوض‪ .‬فمن احلجج‬ ‫مثالً‪ ،‬اخلوف من أن يتقاتل العسكر فيما بينهم أو‬ ‫أن يشهروا السالح على بعضهم‪ ،‬وقد بلغ منهم‬ ‫التمذهب مبلغا ً خطيراً‪ ،‬ومن احلجج أيضا ً أن األلوية‬ ‫املذهبية متماسكة وهي تطمئن ذاتها ومحيطها‬ ‫املباشر بلونها املذهبي الواحد‪ ،‬حتى اذا هدأت النفوس‪،‬‬ ‫يصبح من املمكن التفكير بتوحيد اجليش ودمجه‪،‬‬ ‫فضالً عن أسباب اخرى تتعلق مبصالح السياسيني‬ ‫في ان يكون اجليش تابعا ً ملرجعيتهم ولطوائفهم‪ .‬إال‬ ‫أنني جتاوزت كل هذه االعتبارات وذهبت الى التوحيد‬ ‫والدمج بتصميم وإصرار‪ ،‬فحصل ذلك بتناغم مثالي‬ ‫والتقى رفاق السالح على عقيدة قتالية وطنية‬

‫‪6‬‬

‫واحدة أرسيتها‪ .‬ثم بادرت الى حتصني اجليش ضد‬ ‫االستمالة السياسية أو التحجج بافتقاره الى‬ ‫السالح والعتاد إلجراء الصفقات‪ ،‬فوقفت حاجزا ً‬ ‫ضد هذه املشاريع التي كانت ال تفيد اجليش في‬ ‫شيء بل جيوب الوسطاء من أهل الشأن العام‬ ‫واشتريت آليات أميركية من أملانيا بأسعار رمزية‬ ‫تكاد ال تتجاوز كلفة شحنها‪ .‬ثم بادرت الى رفع‬ ‫رواتب العسكريني وتعويضاتهم بهدف التحصني‬ ‫املعنوي‪ ،‬وانتهى بي االمر الى حتقيق مشروع خدمة‬ ‫العلم احلاضن لكل اللبنانيني بعد أن فرقتهم‬ ‫احلرب العبثية‪ ،‬وجاء من يترحم اليوم على هذا‬ ‫املشروع الذي ألغي العتبارات كيدية‪.‬‬ ‫ولكن البلد كان منقسماً حول موضوع‬ ‫خدمة العلم؟‬


‫لم يحل هذا االنقسام دون تطبيق خدمة العلم‬ ‫طيلة سنوات عشر‪ ،‬وقد بادرت الى إرسال ابني‬ ‫البكر إميل وجنلي رالف الى اخلدمة العسكرية‬ ‫حيث انضم اليهما الكثيرون من أبناء جيلهم‬ ‫وتوثقت العالقة بينهم والهدف واحد‪ :‬خدمة‬ ‫الوطن والتضحية في سبيله‪ .‬إن مشروع خدمة‬ ‫العلم هو مشروع االنصهار الوطني بامتياز الذي‬ ‫يبعد شبح التقوقع واجلفاء عن أطياف الشعب‬ ‫اللبناني‪ .‬غريب ان يحصل االنقسام السياسي‬ ‫دائما ً على مشاريع نهضوية وطنية من هذا‬ ‫املستوى‪ ،‬كأن أهل السياسة ال يرغبون بقيام‬ ‫الدولة مبضامينها ومفاهيمها كافة‪ .‬إن منطق‬ ‫امليليشيا يأبى خدمة العلم‪ ،‬اما منطق الدولة‬ ‫فيتقبلها بصورة طوعية النها تندرج في سياق‬ ‫بناء الدولة ووحدة الشعب‪ ،‬أي في سياق حتقيق‬ ‫امليثاق الوطني‪ .‬فعزائي أن كبيرا من قوم السياسة‬ ‫أسف اخيرا ً بصورة علنية من إلغاء خدمة العلم‪،‬‬ ‫كما الكثير من الشباب الذين يسعون اليوم الى‬ ‫إلغاء الطائفية السياسية وهم يعرفون أن امليل‬ ‫األول في رحلة اإللغاء إمنا يبدأ في خدمة العلم‪.‬‬ ‫فخامة الرئيس‪ ،‬رفعتم يد السياسيني عن‬ ‫اجليش بالرغم من استيعاب امليليشيات فيه‪،‬‬ ‫وبعد مرور ‪20‬سنة على هذا املوضوع‪ ،‬كيف‬ ‫ترون هذه اخلطوة؟‬ ‫هذه اخلطوة هي التي حافظت على اجليش‬ ‫الذي حافظ على الوطن‪.‬‬ ‫هل أثر الوضع السياسي الضاغط الذي رافق‬ ‫اغتيال الرئيس احلريري وسقوط حكومة كرامي‬ ‫في الشارع‪ ،‬على بناء اجليش وعلى األسس‬ ‫التي وضعتموها؟‬ ‫إطالقا ال‪ .‬إن عقيدة اجليش القتالية الوطنية‬ ‫حددت العدو‪ ،‬ولم يكن قطعا ً الشعب اللبناني‪،‬‬ ‫بل العدو اإلسرائيلي واإلرهاب املتطرف‪ ،‬فحمى‬ ‫اجليش الشعب مبختلف أطيافه وقضى على أوكار‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬في جرود الضنية والبارد وناصر املقاومة‬ ‫الرائدة وانتصر معها على العدو اإلسرائيلي في‬ ‫معركة التحرير عام ‪ 2000‬وفي عدوان الكيان‬ ‫الغاصب على لبنان في متوز‪/‬آب ‪ .2006‬اغتيال‬ ‫احلريري استهدف الوطن بأكمله‪ ،‬باستقراره وأمنه‬ ‫ووحدته‪ ،‬وكان لبنان في حينه في املرتبة االولى في‬ ‫الئحة االستقرار األمني بحسب تقومي االنتربول‪.‬‬ ‫أصاب هذا االغتيال اجساد احلريري ومرافقيه‬ ‫ومدنيني عابرين ابرياء‪ ،‬كما جسد الوطن أيضاً‪ ،‬إال‬ ‫انه لم يصل الى القلب النابض في هذا الوطن‪،‬‬ ‫اي اجليش الذي جنا من محاولة الفتنة تلك التي‬ ‫التزال جترجر اذيالها‪ .‬فضالً عن ذلك‪ ،‬كان لسوريا‬ ‫الدور الكبير في وأد الفتنة من طريق دعم اجليش‬ ‫وإراحته واإلبقاء على اوثق العالقة به‪.‬‬ ‫فلنتوجه جنوباً‪ ،‬تكليف اجليش االنتشار ومنع‬ ‫املظاهر الفلسطينية املسلحة وحصرها في‬ ‫اخمليمات‪ ،‬وقد أدى اجليش دوراً بطولياً في ذلك‪ .‬أخبرنا‬ ‫عن تلك املرحلة؟‬ ‫بعد صدور األمر من مجلس الوزراء بتكليف‬

‫جوني عبدو عرض في مكتب الرئيس علي مبلغ ‪ 500‬ألف دوالر‬ ‫أميركي وأخبرني بأن كل قائد جيش كان يقبضه شهرياً‬ ‫استهجنت أن وزيراً سابقاً‪ ،‬مرشحاً للرئاسة‪ ،‬طلب من السفير‬ ‫الفرنسي الدخول الى القصر عنوة‬ ‫اجليش االنتشار ومنع املظاهر الفلسطينية‬ ‫املسلحة وحصرها في اخمليمات توجهت الى‬ ‫اجلنوب‪ ،‬كنت أمشي في املقدمة وعند الساعة‬ ‫السادسة وصلت الى صيدا فوجدت قائد احلملة‬ ‫غير مستعد وهو مايزال نائما ً في فراشه‪ ،‬ثم‬ ‫أبلغني ان رئيس اجلمهورية الياس الهراوي اتصل‬ ‫به ليالً وطلب منه عدم الذهاب خوفا ً من التصادم‬ ‫مع الفلسطينني‪ ،‬فأصدرت االمر بفصله وعينت‬ ‫مكانه العقيد رامز منصور‪ ،‬فاتصل بي الرئيس‬ ‫الهراوي فأبلغته بانني أنفذ قرار مجلس الوزراء‬ ‫وأطبق بالتالي الدستور‪ ،‬فاستمهلني ساعة‪.‬‬ ‫وبعد ساعة لم يأت األمر فبدأت احلملة‪ .‬خُ طف‬ ‫عسكري‪ ،‬فأصدرت أمرا ً بالهجوم على من كل‬ ‫يطلق النار على اجليش‪ .‬انتهت املعركة خالل‬ ‫أربعة أيام ‪.‬ولم يكن احلريري رئيسا ً للوزراء في‬ ‫تلك املرحلة فأرسل لي ضابطا ً اسمه العقيد‬ ‫محمد فرشوخ ليبلغني بأن الشيخ رفيق احلريري‪،‬‬ ‫ولم أكن أعرفه في تلك الفترة يقول لك “بكفي”‬ ‫وليس من الضرورة أن تذهب الى اخمليمات فلقد‬ ‫ربحت املعركة‪ ،‬فأجبت بأنني سأصل الى اخمليمات‬ ‫وبالفعل أوصلت اجليش الى باب اخمليمات وقلت‬ ‫للضباط والعناصر “أنتم اجليش الوطني الذي‬

‫‪7‬‬

‫سيستلم األمن ويحمي الوطن”‪ ،‬فسألني أحد‬ ‫الضباط “ماذا نفعل باملسلحني الذين كنا‬ ‫نعتقلهم في السابق ونسلمهم الى اخملابرات؟‬ ‫فسألت من هم املسلحون؟ هل هم فلسطينيون؟‬ ‫فأجابني بأنهم لبنانيون يريدون العودة الى‬ ‫قراهم‪ .‬عندئذ تعرفت الى املقاومة فقلت له أنت‬ ‫ستكون دعما ً لهم وظهيرا لهم حيث يتواجدون‪،‬‬ ‫وال يتواجدون حيث تتواجد‪ ،‬ألن قوتكم من قوتهم‬ ‫وقوتهم من قوتكم‪ ،‬ذلك أنكم ابناء الشعب الواحد‬ ‫ولستم كما ليسوا من املرتزقة‪ ،‬وعدوكم واحد‪ ،‬ووجهة‬ ‫بنادقكم واحدة‪ ،‬واالنتصار بانتظاركم فال تفوتوا‬ ‫الفرصة على أنفسكم بتقاتل داخلي فتنوي يخدم‬ ‫مصالح العدو ويقوض دعائم وطنكم‪ .‬منذ ذلك احلني‪،‬‬ ‫ظهرت الى حيز الوجود االستراتيجية الدفاعية التي‬ ‫ال يزالون يبحثون فيها اليوم أو يفتشون عنها‪ ،‬في‬ ‫حني انها ماثلة امام أعينهم وقائمة على ارض الواقع‬ ‫وامليدان‪ ،‬وبفضلها حتقق االنتصار تلو االنتصار على‬ ‫العدو اإلسرائيلي‪ .‬في هذه اللحظة بالذات من ذلك‬ ‫الزمن‪ ،‬ولدت معادلة “الشعب واجليش واملقاومة”‪.‬‬ ‫رفضتم تنفيذ قرار مجلس الوزراء القاضي‬ ‫مبالحقة ما سمي بـ “املسلحني” على طول الشريط‬ ‫احلدودي واعتبرمت املقاومة ضرورية ومساندة للجيش‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫استطعتم الصمود والبقاء في‬ ‫والوطن وتابعتم فترة توليكم‬ ‫القصر؟‬ ‫قيادة اجليش والرئاسة دعمكم‬ ‫الصمود يحفزّني‪ ،‬وهم لو‬ ‫للمقاومة‪ ،‬وقد سبب لكم‬ ‫عرفوا أن التحدي يزيدني قوة‬ ‫ذلك مبشاكل كبيرة طيلة فترة‬ ‫ومتسكا باقتناعاتي وثوابتي‪ ،‬ملا‬ ‫توليكم الرئاسة‪ ،‬هل ميكن‬ ‫ّ‬ ‫أقدموا على تهديدي مبا أسموه‬ ‫احلديث عن تلك املرحلة؟‬ ‫“زحفا شعبيا”‪ ،‬لم يحصل أصال‪،‬‬ ‫نعم دعمت املقاومة وساهمت‬ ‫إلخراجي من القصر‪ .‬ال يهمني‬ ‫مساهمة حاسمة في حتصينها‬ ‫من تخ ّلى عنّي‪ ،‬ذلك أنني تعودت‬ ‫وأبعدت عنها تآمر الداخل‬ ‫أن أكون رهينة نفسي فقط‬ ‫وأوجدت لها بيئة حاضنة ركنها‬ ‫في األوقات الصعبة أو احلرجة‪.‬‬ ‫الدولة‪ ،‬فاستكان اجملاهدون الى‬ ‫بالفعل‪ ،‬قلت جلورج خوري مدير‬ ‫احليثية الوطنية اخللفية‪ .‬تعلمت‬ ‫اخملابرات الذي بقي وفيا ً حتى‬ ‫في الغرب أن كل مقاومة كالهواء‬ ‫النهاية‪ ،‬أن يبلغ قائد اجليش‬ ‫ال ميكن رصدها وأن قوتها بسرية‬ ‫والبطريريك صفير “أنا طلعت‬ ‫حتركها وسرعتها‪ ،‬وأن اجليش هو‬ ‫عالدبابة ورجعت قائد جيش‬ ‫من األهداف السهلة لالعتداء في‬ ‫والذي سيواجه رئيس اجلمهورية‬ ‫ثكناته ومواقعه ومراكز انتشاره‪،‬‬ ‫لن أرحمه”‪ .‬كنت أقصد من ذلك‬ ‫وأن استبسال قادته وضباطه‬ ‫أن موقع الرئاسة ال ميس‪ ،‬ما لم‬ ‫وعناصره ضد األعداء قد ال يكون‬ ‫يكن الرئيس مرتكبا أو متآمرا‬ ‫كافيا ً إذا كان ميزان القوى مييل‬ ‫أو خارقا ً الدستور أو امليثاق أو‬ ‫الى األعداء‪ .‬صحيح ان الرجل‬ ‫خائنا ً لوطنه‪ .‬على أثر ذلك‪ ،‬تراجع‬ ‫املصمم واملؤمن بحق وطنه‬ ‫هناك أمل وفترة سماح ومهادنة لتمكني احلكومة املنبثقة‬ ‫املغامرون من أصحاب هوايات‬ ‫وصوابية قضيته قد يساوي أعتى‬ ‫من أغلبية متنوعة أن تقوم بعملها املأمول منها‬ ‫تضليل األبرياء وسفك دمائهم‬ ‫األسلحة‪ ،‬إال ان املقاومة ترفد‬ ‫في سبيل أغراضهم السياسية‬ ‫اجليش املهني بالقوة وتنهك‬ ‫وحساباتهم الشخصية الضيقة‬ ‫األعداء‪ .‬عندما رفضت ضرب‬ ‫كنت أول من أرسل مالحظات رئاسية على دفعتني‪ ،‬على‬ ‫بعد أن تيقّ نوا من تصميمي على‬ ‫املقاومة‪ ،‬تذرع أهل الشأن العام‬ ‫الدفاع عن املوقع‪ .‬ما علمته الحقاً‪،‬‬ ‫في حينه أن القرار هو قرار سوري‪،‬‬ ‫مسودة االتفاق والنظام األساسي في احملكمة الدولية‬ ‫وكان موضع استهجاني‪ ،‬أن وزيرا ً‬ ‫فبقيت على رفضي ولم أذعن‬ ‫سابقاً‪ ،‬وقد كان مرشحا ً للرئاسة‪،‬‬ ‫لهذا النوع من الترهيب‪ ،‬وهذا‬ ‫طلب من السفير الفرنسي في‬ ‫ما دفع الرئيس الراحل حافظ‬ ‫الرئاسة عادوا ليعرضوا علي املبلغ مجددا ً بوسطاء جدد‪،‬‬ ‫األسد عندما التقاني للمرة األولى كقائد للجيش الى ولم يفقهوا أنني متحصن جينيا ً ضد املال احلرام وشراء حينه الدخول الى القصر عنوة‪ ،‬فأجاب السفير أن‬ ‫االستفسار مني عن ما قيل له في هذا اخلصوص‪ ،‬فقلت الضمائر‪ ،‬فعادوا الى أوكارهم خائبني‪ .‬لم يفهموا أنني الرئيس “مجنون” وأنه مستعد للقتال دفاعا ً عن املوقع‪،‬‬ ‫له‪ :‬عملت بوحي ضمير الوطن ولم اصدق ساعة واحدة أصدرت قراراتي وفق اقتناعاتي ومبادئي‪ ،‬كما هي حال وأن فرنسا ال تريد اقتحام القصر الشرعي‪ ،‬فقال الوزير‬ ‫أن بإمكان قائد مسيرة املقاومة واملمانعة واملواجهة أن القرار بحماية املقاومة‪ .‬كانوا يعتقدون بأن سوريا متلي “فلتسفك الدماء وليتحول الى صدام ويحاكم وتعلق‬ ‫يطلب من لبنان مثل هذا املوقف العدائي جتاه املقاومة‪ ،‬علي قراراتي‪ ،‬ولكن في الواقع كنت اتخذ القرار الذي له املشنقة”‪ .‬فهل يعقل أن يصدر كالم من هذا النوع‬ ‫فما كان منه إال أن توجه مني بالتهنئة مؤكدا ً أن ما ميليه علي ضميري وأالقي الدعم املطلق من الرئيس من رجل يدعي املسؤولية ويطمح الى مسؤولية وطنية‬ ‫قمت به يعبر عن موقفه خير تعبير من حتصني املقاومة الراحل حافظ األسد ومن ثم من الدكتور الرئيس بشار وهو دونها عتبات؟ أيقن اجملتمع الدولي أن موقع الرئاسة‬ ‫األسد أدامه اهلل‪ ،‬وذلك من جو الثقة والتفاهم الذي خط أحمر وأن الرئيس سيكمل واليته الى آخر حلظة‬ ‫بوجه العدو اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫محصنا دور الرئاسة والسلم األهلي‪.‬‬ ‫عرف الرجل الكبير في حينه أن ثمة قائدا ً عسكريا ً مت إرساؤه بني البلدين السياديني‪ .‬عندما حصل اغتيال‬ ‫ّ‬ ‫كيف تقيّمون دور اجليش في “عناقيد الغضب”؟‬ ‫وطنيا ً يعمل من وحي الضمير الوطني واملسلمات الرئيس احلريري كانوا يريدون النيل مني ومن الرئيس‬ ‫دور بطولي‪ ،‬سند فيه اجليش املقاومة في أبهى صور‬ ‫والثوابت وال يحيد عنها‪ .‬كانت املرة األولى التي زرت الدكتور بشار األسد ومن املقاومة التي كانوا يصفوها‬ ‫فيها سوريا‪ ،‬وكانت املرة األولى أيضا التي أتعرف فيها باإلرهابية‪ ،‬وعندما تيقنوا بأنني لن أترك القصر بدأوا التكامل العسكري‪ .‬كما أصدرنا أوامر لم تصدر في تاريخ‬ ‫على الرئيس الراحل حافظ االسد‪ .‬تعرضت كقائد بحملة “فل” مع إرسال تهديدات بقتلي وقلت شرف لبنان إذ نصبنا في وزارة الدفاع مدافع ونحن نعلم بأنهم قد‬ ‫للجيش ألنواع من الترغيب‪ ،‬قد تكون أسوأ من الترهيب لي أن أموت في القصر ورأسي مرفوع‪ .‬وفي العام ‪ 2006‬يردون علينا في أي وقت من األوقات وطلبنا من اجليش إطالق‬ ‫الذي وصفت‪ ،‬أي املال الذي ال اثر له وال رائحة‪ ،‬وإليك هدد العدو بضرب املقرات الرسمية وأتى من يقول لي النار على أية طائرة إسرائيلية وهذا ال يفيد عسكريا ً ولكنه‬ ‫هذه احلادثة‪ :‬كان الرئيس الهراوي يخاف أن يسكن في نقالً عن لسان السفير الفرنسي في حينه أنه سيتم يعطي املعنويات‪.‬‬ ‫ألم يكن من املمكن تسليح اجليش مبعدات حديثة‬ ‫بيروت بعد اغتيال الرئيس رينيه معوض فاستقر في قصف القصر‪ ،‬إال أنني بقيت في القصر اجلمهوري‪ ،‬وقد‬ ‫ابلح وقد أقمت في الرياق بطلب منه وبعد أسبوع مت قصف طريق رئيسية في هذه الليلة في بلدة بعبدا‪ .‬ومتطورة وهذا ال يتعارض مع مبدأ املقاومة بل يساندها‬ ‫أُرسل بطلبي فوجدت جوني عبدو في مكتب الرئيس ال يوجد أقوى من اإلنسان الذي ال يخاف شيئا مبا في بقوة في مواجهة العدو اإلسرائيلي؟‬ ‫لقد سئلت كيف ترضى بوجود جيش رديف وأنت قائد‬ ‫حيث عرض علي مبلغ ‪ 500‬ألف دوالر اميركي وأخبرني ذلك املوت‪ ،‬ال سيما اذا كان في موقع ريادي ومؤمتن على‬ ‫جيش؟ ال ميكن التغلب على املقاومة ألنها مثل الهواء إذ ال‬ ‫بأن كل قائد جيش كان يقبضه شهرياً‪ .‬قلت له “عيب أمة ووطن وشعب‪.‬‬ ‫فخامة الرئيس‪ ،‬اجلميع تخلى عنكم‪ ،‬كيف ميكن التقاطها‪ .‬املوضوع ليس موضوع سالح مع العلم‬ ‫عليك” ورفضت املبلغ وخرجت غاضباً‪ .‬وعندما تسلمت‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪8‬‬


‫أنهم ال يعطونا سالحا ً ضد “إسرائيل” وال منلك املال‬ ‫لكي نشتريه‪ ،‬كنا نطالب بالهبات ولم يعطنا أحد‬ ‫هبة‪ .‬في املقابل كنا نؤمن بأن اجليش النظامي هو الذي‬ ‫يدعم املقاومة وسنربح في النهاية‪ .‬وأعلنت ذلك في‬ ‫العام ‪ ،2006‬عندما بدأ العدوان اإلسرائيلي على لبنان‬ ‫وطلبت اجتماع مجلس الوزراء حيث اعتبر الوزير مروان‬ ‫حمادة أن االسرائيليني سيصلون الى بيروت بفضل‬ ‫دعمي للمقاومة‪ ،‬فأكدت له بأننا سنربح وسيندثر‬ ‫العدو وهكذا حصل‪.‬‬ ‫باستثناء إيران وسوريا‪ ،‬لم يرغب أحد في تزويد اجليش‬ ‫على أقله ملواجهة “إسرائيل” وطيرانها احلربي الذي‬ ‫يشن غارات مد ّمرة على لبنان‪ .‬العبرة هي التالية‪ :‬ماذا‬ ‫ّ‬ ‫يريح “إسرائيل” وماذا يطمئنها؟ لذلك قلت إن اإلنسان‬ ‫املقاتل في لبنان سواء في صفوف اجليش أو املقاومة‪،‬‬ ‫هو ضمانة حماية لبنان وانتصاره على العدوان‪ ،‬ذلك‬ ‫أن تصميمه‪ ،‬وهو صاحب احلق‪ ،‬يفوق أضعاف أضعاف‬ ‫العسكري اإلسرائيلي ومعنوياته املتهاوية مع الزمن‪ .‬ال‬ ‫ميوت حق وراءه مطالب‪.‬‬ ‫متيزت فترة قيادتكم للجيش بالقبضة اخملابراتية‬

‫احلديدية‪ ،‬وقد عاونكم ضباط المعون جداً‪ ،‬هل هذه‬ ‫القبضة كانت لتحمي اجليش من السياسة‪ ،‬أم‬ ‫ليتدخل اجليش في السياسة؟ وهل ساعدكم ذلك‬ ‫في وصولكم الى الرئاسة؟‬ ‫قبل اغتيال احلريري كان لبنان يحتل الرقم واحد وفق‬ ‫تصنيف االنتربول من حيث االستقرار واألمن‪ ،‬وذلك‬ ‫قبل النمسا وسويسرا‪ ،‬ما يفيد أن األمن كان ممسوكا‬ ‫ومتماسكا معاً‪ ،‬وكانت “إسرائيل” منزعجة من ذلك‪.‬‬ ‫فعندما يكون هناك أمن وقوة ال ميكنهم العبث في‬ ‫الداخل اللبناني لذلك كنا نهتم مبصلحة الوطن وال‬ ‫نسمح ألحد بأن يعبث به كائنا ً من يكن‪ .‬االغتيال‬ ‫قلب الوضع رأسا على عقب‪ ،‬وكان القادة األمنيون أول‬ ‫املستهدفني‪ ،‬وإذ بهم يدخلون السجن ألربع سنوات‬ ‫اعتباطياً‪ ،‬ويطلقون ألن ال عالقة لهم على اإلطالق‬ ‫بتلك اجلرمية التي استهدفت أمن لبنان واستقراره الذي‬ ‫كان بعهدتهم‪ .‬هذه أمور يجب أن تعرف‪ .‬استهداف‬ ‫األمن عنى في حينه استهداف الوطن في مقومات‬ ‫استقراره بحجة جرمية اغتيال احلريري‪ .‬وباملناسبة‬ ‫األمن واالستقرار و ّفرا النهوض االقتصادي وإقرار قوانني‬

‫لم أعر في حينه أذنا صاغية للمسؤولني السياسيني‬ ‫أو للتدخالت السياسية‬ ‫ذهبت الى توحيد اجليش ودمجه بتصميم وإصرار‬ ‫وبادرت الى حتصينه ضد االستمالة السياسية‬ ‫مشروع خدمة العلم مشروع انصهار وطني بامتياز‬ ‫يبعد شبح التقوقع واجلفاء عن أطياف الشعب اللبناني‬ ‫منطق امليليشيا يأبى خدمة العلم‬ ‫امليل األول في رحلة إلغاء الطائفية السياسية إمنا يبدأ في خدمة العلم‬ ‫اغتيال احلريري استهدف الوطن بأكمله‪ ،‬باستقراره وأمنه ووحدته‬ ‫دعمت املقاومة وساهمت في حتصينها وأبعدت عنها تآمر الداخل‬ ‫وأوجدت لها بيئة حاضنة ركنها الدولة‬ ‫قوة املقاومة بسرية حتركها وسرعتها‬ ‫أنصح كل قائد جيش أن ينظر الى مصلحة جيشه وشعبه ووطنه‬ ‫كي ينجح في قيادته‬

‫‪9‬‬

‫تتعلق بحاجات الشعب كقانون الشيخوخة ووسيط‬ ‫اجلمهورية واخلطة العشرية للمياه التي حال الكيد‬ ‫دون استكمال تنفيذها مبراسيم أو إجراءات تطبيقية‪.‬‬ ‫ماذا تنصحون الرؤساء من بعدكم ؟‬ ‫أنصح كل رئيس أن يقوم مبا ميليه عليه ضميره‬ ‫الوطني وأن يخلص لقسمه وأن يحافظ على الدستور‬ ‫وامليثاق وسالمة األرض والشعب وأن يكون نظيف‬ ‫الكف ويرى غده في هناء شعبه وليس في مجد زائل‬ ‫ومال باطل ورهانات سياسية واهية‪ .‬رئيس مقدام‪ ،‬ال‬ ‫يخاف من قول احلق‪ ،‬ويرفض الظلم‪ ،‬ويقف مع شعبه‬ ‫في املعاناة أو االنتصار‪ ،‬وال ينظر الى ذاته إال من باب‬ ‫أنّه في خدمة وطنه وشعبه الذي سيعود الى صفوفه‬ ‫يوما ً مواطنا ً عاديا ً ينظر اليه بإعجاب وتقدير أو بازدراء‬ ‫وحتقير‪.‬‬ ‫ملاذا برأيكم كل قائد جيش ماروني يجلس في‬ ‫اليرزة وعينه على الرئاسة في بعبدا؟‬

‫لم أصل الى الرئاسة ألني كنت قائدا للجيش أو ألني‬ ‫سعيت اليها بل ألن مواقفي في قيادة اجليش دلت بصورة‬ ‫طبيعية على مكامن القوة والتصميم في شخصي املمانع‬ ‫فطريا ً لكل حاالت االستقواء والظلم‪ .‬لذلك أنصح كل قائد‬ ‫جيش أن ينظر الى مصلحة جيشه وشعبه ووطنه كي‬ ‫ينجح في قيادته‪ .‬ال أخفي أن قيادة اجليش استهوتني أكثر‬ ‫من الرئاسة بفعل عوامل االنضباط وتر ّفع املأمورعن املنافع‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫فخامة الرئيس ألم تفكرون في الرئاسة وأنتم في‬ ‫قيادة اجليش؟‬ ‫أبدا‪ ً ،‬وأكبر برهان أنني خاصمت األميركيني وغازي كنعان‬ ‫واحلريري فكيف أخاصم اجلميع وأفكر في الرئاسة؟ فالذي‬ ‫يفكر في الوصول الى سدة احلكم عليه أن يساير اجلميع‪.‬‬ ‫كيف ترون الوضع السياسي بعد تشكيل احلكومة؟‬ ‫هناك أمل‪ ،‬وفترة سماح ومهادنة لتمكني هذه احلكومة‬ ‫املنبثقة من أغلبية متنوعة أن تقوم بعملها املأمول منها‪،‬‬ ‫على أن تكون األولوية للقضايا االجتماعية من ضمان‬ ‫الشيخوخة وتنزيه اإلدارة من الشوائب وحل مشاكل املياه‬ ‫والكهرباء وما شابه من أمور من شأنها تخفيف العبء عن‬ ‫كاهل املواطنني‪ ،‬هذا العبء الذي يرهق الشعب القلق‬ ‫أصالً في ضوء التجاذبات السياسية احلادة‪ .‬إضافة‬ ‫الى ذلك‪ ،‬أنه من املفيد جدا ً أن تطمئن املقاومة الى‬ ‫مسلك هذه احلكومة وسياستها‪.‬‬ ‫ماذا عن احملكمة الدولية؟‬ ‫كنت أول من أرسل مالحظات رئاسية على دفعتني‪ ،‬على‬ ‫مسودة االتفاق والنظام األساسي‪ ،‬واذا بالظروف املعروفة‬ ‫التي جرى فيها التحقيق الدولي امللتبس وصوال ً الى إصدار‬ ‫القرار االتهامي السري تثبت ما استشرفته في مالحظاتي‬ ‫أعاله من تسييس حتمي للمحكمة‪.‬‬ ‫كلمة أخيرة للجيش في عيده؟‬

‫اجليش عماد الوطن‪ .‬هو الصامد األكبر وشعاره‬ ‫يجسد معاني التضحية والشرف‬ ‫يليق به‪ ،‬إذ أنه‬ ‫ّ‬ ‫والوفاء‪ .‬لوال اجليش ملا كان لبنان‪ .‬حتية إليه من‬ ‫يحن إليه ويفخر به‪.‬‬ ‫قائد ّ‬

‫حوار‪ :‬لور عقل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫احتضان شعبي مقاوم له‬

‫الجيش اللبناني في عيده السادس والستين‬ ‫تحية الى دماء شهدائه وصمود أبطاله‬ ‫ما إن سكتت أفواه املدافع‪ ،‬بعد اتفاق‬ ‫األفرقاء اللبنانيني برعاية عربية في مؤمتر‬ ‫الوفاق الوطني في الطائف‪ ،‬حتى بدأت‬ ‫ورشة إعادة بناء جيشنا الوطني‪.‬‬ ‫فاحلرب األهلية العبثية جعلت من‬ ‫اجليش مشرذماً الى أقسام موالية ألمراء‬ ‫احلرب اللبنانية حيث وضع كل زعيم لواء‬ ‫أو كتيبة بتصرفه حلمايته وحماية منطقة‬ ‫زعامته‪ ،‬متناسني بطوالت هذا اجليش في‬ ‫الدفاع عن األرض ضد العدوان واألطماع‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬فال يغيب عن أذهاننا معركة‬ ‫كوكبا في العام ‪ 1978‬عندما اجتاح‬ ‫العدو اإلسرائيلي اجلنوب اللبناني وصوالً‬ ‫الى نهر الليطاني (وهو أحد أهم أطماع‬ ‫“إسرائيل” لناحية سحب وجر مياهها‬ ‫لري صحرائها القاحلة من مياهنا العذبة)‪.‬‬ ‫فتصدى له اجليش اللبناني متسلحاً‬ ‫بشجاعة أبطاله وسواعدهم وجتهيزاته‬ ‫املتواضعة وتسليحه البسيط مقارنة مع‬ ‫قوة اآللة العسكرية الصهيونية من جهة‪،‬‬ ‫ومتسلحاً بقرار مجلس األمن الدولي رقم‬ ‫‪ 425‬القاضي باالنسحاب غير املشروط‬ ‫ّ‬ ‫فسطر جيشنا البطوالت‬ ‫لقوات االحتالل‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقدم الشهداء دفاعا عن أرضنا الغالية‪،‬‬ ‫واستطاع وقف تقدم العدو وبقي مرابضاً‬ ‫له في العام ‪.1982‬‬ ‫فقد كانت املرة األولى التي تسمح‬ ‫الظروف السياسية اإلقليمية للجيش‬ ‫اللبناني بالقيام بدوره الوطني والدفاع عن‬ ‫أرضه بعدما مت حتييده عن مواجهة العدو‬ ‫في حرب اكتوبر‪ /‬تشرين األول ‪ 1969‬و ‪1973‬‬ ‫وتشريع العمل الفلسطيني املقاوم من‬ ‫األراضي اللبنانية مبوجب اتفاق القاهرة‪.‬‬ ‫اجليش اللبناني هو جيش نظامي حديث‬ ‫النشأة يحتفل هذا العام بعيده السادس‬ ‫والستون‪.‬‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫استقرت األوضاع األمنية بعد اتفاق الطائف‬ ‫ولعب اجليش دورا ً رياديا ً في فرض األمن واستعادة‬ ‫هيبة الدولة وضبط أي عمل مخل باألمن بالتعاون‬ ‫مع اجليش العربي السوري املنتشر على األرض ومن‬ ‫أولى مهامه كانت مواجهة االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫ودعم صمود املواطنني والدفاع عن الوطن واحلفاظ‬ ‫على األمن الداخلي واالستقرار‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫على صعيد آخر اهتم اجليش بالعمل اإلمنائي‪،‬‬ ‫فاجليش ابن هذا الوطن‪ ،‬شارك في عملية‬ ‫النهوض وإعادة إعمار ما تهدم‪ ،‬فتشابكت سواعد‬ ‫العسكريني مع سواعد املواطنني في ورشة البناء‪،‬‬ ‫وساهم اجليش في تأهيل البنى التحتية من‬ ‫شبكات مياه وكهرباء وشق طرقات في مناطق‬ ‫عودة املهجرين عبر فوج األشغال املستقل الذي‬


‫اُنشأ لهده الغاية وساهم في تأهيل املرافق‬ ‫السياحية واملواقع األثرية وحمالت تنظيف‬ ‫الشاطئ اللبناني‪ ،‬وأعمال تشجير وعمليات إخالء‬ ‫وإنقاذ وإطفاء احلرائق بشكل خاص‪ ،‬باإلضافة الى‬ ‫تقدمي املساعدات الالزمة ملؤسسات اجملتمع املدني‬ ‫والهيئات الفنية والثقافية واالجتماعية‪ ،‬وكان‬ ‫الدور األبرز في هذه املساهمات دور مجندي خدمة‬ ‫العلم من أصحاب اخلبرة واالختصاص في كافة‬ ‫اجملاالت ما أعطى اجليش زخما ً من حيث النوعية‬ ‫واألعداد الكافية للقيام باملهمات املنوط بها‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى اهتم اجليش بشكل خاص‬ ‫بعملية نزع األلغام ومخلفات احلرب التي شكلت‬ ‫تأثيرا ً على حياة املواطنني وخطرا ً على سالمتهم‪،‬‬ ‫وباشر بحملة نزع االلغام والتزال مستمرة وقد‬ ‫قدم عددا ً كبيرا ً من الشهداء في سبيل ذلك‬ ‫ناهيك‪ ،‬عن اإلصابات البالغة التي تعرض لها‬ ‫عناصره‪.‬‬

‫اجليش واملقاومة‬ ‫تقر املواثيق وإعالنات احلقوق الدولية جلميع‬ ‫الشعوب حقها في مقاومة االحتالل والعدوان‬ ‫والدفاع عن النفس بكل الوسائل واإلمكانيات‬ ‫التي تتيح لها البقاء‪ .‬وفي هذا السياق تعتبر‬ ‫مقاومة اللبناننني لالحتالل اإلسرائيلي في‬ ‫األراضي اللبنانية احملتلة حقا ً مشروعا ً الى أن يتم‬ ‫زوال االحتالل‪ .‬وقد أدت املقاومة التي لقيت دعما ً‬ ‫من الدولة واجليش واملواطنني الى انسحاب اجليش‬ ‫اإلسرائيلي مهزوما ً في ‪ 25‬ايار ‪ 2000‬على عهد‬ ‫الرئيس إميل حلود رئيس اجلمهورية وقائد اجليش‬ ‫السابق‪.‬‬

‫اجليش والسلطة السياسية‬ ‫ظلت عالقة اجليش بالسلطة السياسية ذات‬ ‫أخذ ورد طوال الفترات السابقة‪ ،‬فاحلكومات‬ ‫املتعاقبة دعمت اجليش في بياناتها الوزارية‬ ‫ووضعت السياسة العامة للبالد‪ ،‬وبسبب‬ ‫التراكمات املالية السابقة وعدم قدرة الدولة‬ ‫على صرف األموال على تسليح اجليش وتطويره‬ ‫كانت تسوء العالقة بني قيادة اجليش والسلطة‬ ‫السياسية عند التقدم بطلبات او احلصول على‬ ‫موافقات لشراء بعض املستلزمات الضرورية‬ ‫أو التطويع‪ ،‬وكان احلل دائما ً يكون على حساب‬ ‫اجليش‪ ،‬ومطلب احلكومة هو التريث حلني توفر‬ ‫االعتمادات إال أن التسليح استمر ولو بوتيرة‬ ‫خفيفة كون بعض التجهيزات الضرورية وامللحة‬ ‫ال ميكن االستغناء عنها‪ ،‬باإلضافة الى التطويع‬ ‫وضخ دم جديد للمؤسسة العسكرية بغية تأمني‬ ‫استمراريتها‪ .‬كما مت تأجيل عدة مرات املستحقات‬ ‫املالية العائدة الى حقوق العسكريني بحجة عدم‬ ‫توفر االعتمادات املالية الالزمة لذلك‪ .‬ولم يتجاوز‬

‫االنفاق العسكري ‪ 600‬مليون دوالر سنويا ً مما‬ ‫نسبته ‪ % 5‬من الدخل القومي يصرف أكثر من‬ ‫‪ % 90‬منه على رواتب وتعويضات العسكريني‬ ‫والطبابة العسكرية والتدريب و‪ % 10‬على‬ ‫التجهيز والتسلح‪.‬‬

‫حلود واآلمال املعقودة‬ ‫بعد الطائف أوكل الى العماد إميل حلود قيادة‬ ‫اجليش وأعطي الصالحيات الواسعة لتوحيده‪،‬‬ ‫فكان على قدر اآلمال وشرع في إعادة بنائه‬ ‫تقريبا ً من الصفر‪ .‬فأول مهمة كلف بها اجليش‬ ‫هو إزالة آثار احلرب اللبنانية وفتح املعابر على‬ ‫كافة األراضي اللبنانية وإزالة الدشم واملتاريس‬ ‫والسواتر الترابية التي كانت متأل شوارع بيروت‬ ‫وجبل لبنان بالتوازي مع إزالة الردميات واملباني‬ ‫املتصدعة والتي تشكل خطرا ً على السالمة‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫وعلى خط آخر باشر العماد قائد اجليش بناء‬ ‫وتوحيد األلوية العسكرية بعدما أزال عنها‬ ‫الصبغة الطائفية التي كانت تسودها من خالل‬

‫‪11‬‬

‫إصدار مذكرة تشكيالت عامة في اجليش متّ‬ ‫فيها دمج العسكريني على مختلف انتماءاتهم‬ ‫احلزبية والطائفية واملذهبية دون األخذ بعني‬ ‫االعتبار سوى حاجة اجليش وكفاءة العناصر‬ ‫ومواقع استخدامهم‪.‬‬ ‫وفي أولى جلسات احلكومة االولى بعد‬ ‫الطائف‪ ،‬اوكل الى اجليش اللبناني مهمة مؤازرة‬ ‫قوى األمن الداخلي في عمليات حفظ األمن‬ ‫والنظام‪ ،‬وهنا برزت احلاجة الى تطوير أداء اجليش‬ ‫ومعداته فباشر العماد حلود قائد اجليش بإنشاء‬ ‫أفواج التدخل السريع التي وصل عددها الى‬ ‫خمسة‪ ،‬وقد متيزت بسرعة احلركة وحيوتها وذلك‬ ‫بعد تزويدها بآليات خفيفة قادرة على التحرك‬ ‫في األحياء والشوارع الداخلية على عكس األلوية‬ ‫اجملهزة بالدبابات واألسلحة الثقيلة‪ .‬كما متيزت‬ ‫هذه األفواج بتطويع وانضمام النخبة الشابة‬ ‫إليها إلعطائها املرونة الالزمة والقدرة على تنفيذ‬ ‫املهام بشكل يليق باآلمال املوضوعة عليها‪ .‬ثم‬ ‫تتابعت اإلجنازات وإنشاء القطعات وتفعيل دور‬ ‫األفواج اخلاصة كاملغاوير وإنشاء فوج اجملوقل ثم‬ ‫مغاوير البحر ويعتبر هؤالء النخبة املقاتلة في‬ ‫اجليش‪ .‬ومتّ إنشاء األفواج اللوجستية الالزمة‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫لدعم اجليش في املهمات املوكولة إليه‪.‬‬

‫الرجل املناسب في املكان‬ ‫املناسب‬ ‫وانطالقا ً من مبدأ الرجل املناسب في املكان‬ ‫املناسب‪ ،‬فقد أولى العماد حلود اهتماما ً بالغا ً‬ ‫للبحرية في اجليش اللبناني كونه ضابط مهندس‬ ‫بحري ومتّ تفعيل دورها بشكل ملحوظ في‬ ‫خدمة لبنان‪ ،‬بدءا ً من محاربة العدو اإلسرائيلي‬ ‫ومكافحة تهريب اخملدرات والهجرة غير املشروعة‪،‬‬ ‫حيث متّ توقيف عدد من عصابات تهريب املهاجرين‬ ‫غير الشرعيني من لبنان الى اوروبا والعمل على‬ ‫القضاء على االجتار بالبشر عبر لبنان‪ .‬وقد القت‬ ‫هذه اخلطوة تقديرا ً كبيرا ً من االحتاد األوروبي لدور‬ ‫اجليش وقدرته على مكافحة هذه الظاهرة التي‬ ‫يعاني منها دول املتوسط‪ .‬كما متت مكافحة‬ ‫الصيد غير املشروع ومشاكل التلوث البحري‬ ‫ومراقبة السفن في مياهنا اإلقليمية وعمليات‬ ‫البحث واإلنقاذ وأمن املرافىء‪ .‬وقد أنشأ فوج‬ ‫مغاوير البحر وهي وحدات خاصة مهمتها دعم‬ ‫القوات البحرية وتنفيذ العمليات اخلاصة بحرا ً‬ ‫وبرا ً وهي إحدى قطعات النخبة في اجليش والقت‬ ‫دعما ً الفتا ً في قيادة اجليش ومؤخرا ً أوكل الى‬ ‫القوات البحرية مواكبة عمل قوات األمم املتحدة‬ ‫‪ UNIFIL‬في املهام القائمة بها في املياه اإلقليمية‬ ‫إنفاذا ً للقرار ‪ 1701‬الصادر عن األمم املتحدة‪.‬‬

‫تفاهم نيسان‬

‫منازع‪.‬‬

‫املقاومة تالقي اجليش‬ ‫من هنا أعاد العماد حلود نظرية علم املقاتل‬ ‫الفردي الى التطبيق مجددا ً ومتّ وضع اخلطط‬ ‫والتدريبات الالزمة للدفاع عن الوطن بكل ما ميلك‬ ‫اجليش من أسلحة وقدرات وقد القته املقاومة في‬ ‫نفس النظرية وبدأت مواجهة العدو بالصدور‬ ‫العارية واألسلحة املتواضعة‪ ،‬ومتيزت املقاومة‬ ‫بالعمليات الصغيرة واملباغتة على طول ما كان‬ ‫يعرف بالشريط احلدودي‪ .‬وقدمت مئات الشهداء‬ ‫دفاعا ً عن لبنان الى أن أجبر العدو اإلسرائيلي على‬ ‫االنسحاب من األراضي اللبنانية تاركا ً حلفائه‬ ‫وراءه في مشهد اجليش املكسور الهارب من النار‬ ‫للنجاة بحياته‪.‬‬

‫أداء محايد نال ثقة اجلميع‬ ‫على صعيد آخر‪ ،‬متّ التركيز على رفع قدرات‬ ‫اجليش وكفاءته وحتضيره لكافة الصعوبات‬ ‫واخملاطر وتكليفه في كافة املهمات على األرض‬ ‫حلفظ األمن والنظام‪ ،‬وقد أكسبته احترام‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬فتميز أداءه باحملايدة وغير املتعاطف‬ ‫مع أية فئة ونال ثقة اجلميع وأصبح مطلبا ً لكل‬ ‫قرية وبلدة وجزء ال يتجزأ من كل قرار للسلطة‬ ‫التنفيذية‪ .‬فقد واكب خمسة مرات االنتخابات‬ ‫النيابية وثالث مرات االنتخابات البلدية في ظل‬ ‫النقاش احلاد والصراع على السلطة في كل دورة‬ ‫انتخابية‪.‬‬

‫وفي ظل هذه الورشة الكبيرة في العمل‪،‬‬ ‫حصل أول عدوان إسرائيلي على لبنان بعد‬ ‫الطائف عام ‪ 1993‬وتصدى له اجليش بكل ما ميلك‬ ‫من قدرات عسكرية ولوجستية‪ ،‬ثم تكررالعدوان‬ ‫على نطاق أوسع في العام ‪ 1996‬حيث وسعت‬ ‫“إسرائيل” عدوانها وعزلت اجلنوب اللبناني بدءا ً‬ ‫من جسر األولي في صيدا بواسطة البوارج‬ ‫احلربية والطائرات وانتهى بتفاهم نيسان الذي‬ ‫أوقف إطالق النار‪.‬‬ ‫وخالل هذه الفترة زادت عالقة الترابط بني‬ ‫اجليش واملقاومة وسعى العماد إميل حلود الى‬ ‫دعم عمل املقاومة ومساعدته إميانا ً منه بقدرة‬ ‫املقاومة على حتقيق النصر واسترجاع األراضي‬ ‫احملتلة انطالقا من مبدأ محاربة القوة اإلسرائيلية‬ ‫اجلبارة والتي تعد أهم جيوش املنطقة تسليحا ً‬ ‫وكفاءة وخبرة ودعم مالي ودولي وعلى رأسهم‬ ‫الواليات املتحدة‪ .‬فلبنان ال تسمح له إمكانيات‬ ‫الدولة الناهضة حديثا ً من أتون احلرب األهلية‬ ‫على تسليح اجليش مبا يوازي اجليش اإلسرائيلي أو‬ ‫حتى جتهيز اجليش بالدفاعات اجلوية الرادعة لقوة‬ ‫سالح اجلو اإلسرائيلي املسيطر على األجواء دون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اجليش واإلرهاب‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬لم يتردد اجليش في مكافحة‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ففي العام ‪ 2000‬شهدت منطقة الضنية‬ ‫أحداثا ً أمنية استطاع اجليش القضاء على معقل‬ ‫اإلرهابيني ومالحقتهم وسوقهم الى احملاكم‪ ،‬كما‬ ‫تكرر السيناريو نفسه في نهر البارد في العام‬ ‫‪ 2007‬على صعيد أوسع وأكبر واستطاع القضاء‬ ‫على تنظيم فتح اإلسالم بعد معارك ضارية‬ ‫استمرت ألكثر من ثالثة أشهر قدم فيها اجليش‬ ‫حوالي مئتي شهيد ومئات اجلرحى ليحفظ أمن‬ ‫لبنان ويصون كرامته ومينع أيادي الغدر من العبث‬ ‫بأمن البالد وترويع املواطنني‪.‬‬

‫حماية املظاهرات املليونية‬ ‫أما بعد اغتيال الرئيس رفيق احلريري فقد لعب‬ ‫اجليش دور البطولة في احلفاظ على األمن‪ ،‬ففي‬ ‫ظل االغتياالت السياسية واألعمال اإلرهابية وما‬ ‫رافقها من عمليات تفجير استطاع اجليش تأمني‬ ‫حماية املظاهرات املليونية للفرقاء ووقف بني‬ ‫الطرفني في وسط البلد ملنع االحتكاك مظهرأ‬ ‫كفاءة عالية في االنضباط والنزاهة والترفع عن‬ ‫جميع املغريات التي حاول البعض تقدميها اليه‪.‬‬ ‫وال بد من اإلشارة الى بطوالت اجليش في‬ ‫التصدي للعدوان اإلسرائيلي في العام ‪2006‬‬ ‫وتقدميه مئات الشهداء بعدما خرقت “إسرائيل”‬ ‫األعراف الدولية وقصفت بوحشية املراكز‬ ‫اللوجستية للجيش في بعبدا واللويزة‪ ،‬ودمرت‬ ‫فوج األشغال املستقل‪ ،‬إضافة الى تأمني سالمة‬ ‫النازحني من جراء احلرب وحماية املمتلكات العامة‬ ‫واخلاصة في احلرب‪.‬‬ ‫فال توجد كلمات لوصف هذا الدور احليوي في‬ ‫تاريخ لبنان وال بد من الوقوف جليا ً أمام تضحيات‬ ‫جيشنا الباسل ودماء شهدائه وعرق أبطاله‬ ‫لنعطيه دعمنا بكل ما أوتينا من قوة وعزم‪.‬‬ ‫حتية لك في عيدك السادس والستون أيها‬ ‫اجليش الوطني‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬لور عقل‬

‫‪12‬‬


‫ميقاتي الى الجنوب ُدر‪ ...‬سلك الطريق الصحيح‬ ‫حكومته قد تواجه معارضتين حريرية ومن داخل البيت‬ ‫انتظر اللبنانيون والدة حكومة جنيب ميقاتي الثانية‪،‬‬ ‫بعد مخاض عسير‪ ،‬وانتهت الى بيان وزاري مقتضب‬ ‫وقليل الوعود على عكس احلكومات احلريرية السابقة‪،‬‬ ‫التي بدأت مع الرئيس رفيق احلريري “بوعد الربيع”‬ ‫وانتهت الى ديون أثقلت اللبنانيني بفوائد‪ ،‬تصل الى أن‬ ‫يدفع كل لبناني عشرة آالف دوالر سنويا ً على دين لم‬ ‫يشهد تطورا ً إمنائيا ً وعمرانياً‪ ،‬وال ضمانات اجتماعية‬ ‫أو استثمارات سوى في قطاعات خدماتية بعيدة عن‬ ‫اإلنتاج‪.‬‬ ‫فاحلكومة اجلديدة‪ ،‬التي هي ائتالف سياسي بني‬ ‫املعارضة السابقة‪ ،‬ومن هم في املوقع الوسطي‪،‬‬ ‫سيكون عليها أن تثبت أنها قادرة إحداث نقلة نوعية‪،‬‬ ‫فيما يتع ّلق بأوضاع اللبنانني االقتصادية واالجتماعية‬ ‫واخلدماتية‪.‬‬ ‫تتحسن األوضاع في “كبسة زر”‪ ،‬لكن ال بد‬ ‫وقد ال‬ ‫ّ‬ ‫من أن تثبت هذه احلكومة أنها مختلفة في أدائها عن‬ ‫سابقاتها‪ ،‬ال سيما وأنها تنتظر من سيعارضها من‬ ‫احللفاء لها قبل اخلصوم‪ ،‬وهو ما ع ّبر عنه رئيس حزب‬ ‫“التوحيد العربي” وئام وهاب‪ ،‬الذي ّ‬ ‫أكد أنه لن يعطي‬ ‫تراع التمثيل السياسي‬ ‫فترة سماح طويلة حلكومة لم ِ‬ ‫السليم‪ ،‬ولم تخرج الوزارات السيادية من ُعرف‬ ‫افتعل بعد اتفاق الطائف‪ ،‬وباتت تسند الى طوائف‬ ‫فئة أولى‪ ،‬وهي سابقة لم حتصل في مرحلة ما قبل‬ ‫الطائف ودستوره‪ ،‬الذي ركز على ضرورة االنتقال من‬ ‫احلالة الطائفية‪ ،‬فإذا بالواقع السياسي يك ّرس ليس‬ ‫الطائفية السياسية بل املذهبية السياسية‪ ،‬وهذه‬ ‫نكسة أصابت قوى األكثرية اجلديدة‪ ،‬التي كان عليها أن‬ ‫تخرج من لعبة احملاصصة الطائفية‪ ،‬وأن تؤسس ملرحلة‬ ‫جديدة بأن ال حتصر ما اصطلح على تسميتها بالوزارات‬ ‫السيادية وهي الداخلية واملالية والدفاع واخلارجية‬ ‫باملوارنة والسنّة والشيعة واألرثوذوكس‪ ،‬ومنعوا على‬ ‫طوائف أخرى أن يتبوأ منها هذه الوزارات التي سبق‬ ‫وأسندت اليهم في مرحلة ما قبل احلرب األهلية‪.‬‬ ‫فهذه احلكومة التي رُ ّكبت بطريقة فسيفسائية‬ ‫غابت عنها قوى وتيارات وشخصيات حتت عناوين وهمية‬ ‫مثل “وجوه استفزازية” وشخصيات “مشاكسة” أو‬ ‫عدم رضى آل احلريري عن بعض األسماء الخ ‪ ...‬بالرغم‬ ‫من أن الرئيس ميقاتي يعتبر أول استفزازي لقوى ‪ 14‬آذار‬ ‫ولتيار املستقبل ورئيسه سعد احلريري‪ ،‬ألنه قبل بترؤس‬ ‫حكومة‪ ،‬فاتهم من سلفه سعد احلريري باخليانة هو‬ ‫والوزير محمد الصفدي‪.‬‬ ‫فتشكيل احلكومة الذي واجه عقبات وعثرات وعقد‪،‬‬ ‫انتهى الى أن تتوزع املقاعد الوزارية‪ ،‬وفق األحجام‬ ‫النيابية‪ ،‬وقد نال حصة األسد فيها من شكلوا األكثرية‬ ‫اجلديدة وهما الرئيس ميقاتي ومعه الوزير الصفدي‬ ‫والنائب وليد جنبالط‪ ،‬وخرج منها املعارضون السنّة‪،‬‬ ‫باستثناء فيصل كرامي الذي مت توزيره على مضض من‬ ‫قبل ميقاتي الذي قايض عليه بتوزير حليفه النائب‬ ‫أحمد كرامي‪ ،‬كما أن جنبالط حصد ثالثة مقاعد‬ ‫يعط طالل ارسالن حقيبة‪ ،‬بل‬ ‫ممتلئة باحلقائب‪ ،‬ولم‬ ‫ِ‬ ‫وزارة دولة فرفضها مع عدم االشتراك في احلكومة‪ ،‬عبر‬ ‫ردة فعل سلبية وعنيفة‪ ،‬انتهت به أن يقبل بتسوية أن‬

‫يكون مروان خير الدين وزيرا ً للدولة‪ ،‬وهو اقتراح قدمه‬ ‫وهاب‪ ،‬مع البدء بتشكيل احلكومة‪ ،‬ألنه كان يدرك أن‬ ‫وزارة سيادية لن تُعطى للدروز‪ ،‬والذي فتح باب املطالبة‬ ‫بها‪ ،‬ودعا الى كسر االحتكار من قبل بعض الطوائف‪،‬‬ ‫وقد تبعه في ذلك النائب ارسالن‪ ،‬الذي رفع الشعار‬ ‫نفسه‪ ،‬ألنه كان يطمح الى ان تسند اليه وزارة الدفاع‬ ‫الستعادة حقيبة أحبها والده األمير مجيد ارسالن‪،‬‬ ‫ويريد أن تعود الى دار خلدة‪ ،‬فلم يستجب معه حلفاؤه‬ ‫فكانت ردة فعله بهجوم شنه على الرئيس ميقاتي‪،‬‬ ‫الذي ال يتمكن أن يعطيه ما ال ميلكه‪ ،‬ألن من سيتنازل‬ ‫عن حقيبة من حصة الدروز‪ ،‬هو النائب جنبالط الذي‬ ‫لم يقبل أن يعطيه من حصته‪ ،‬فكان اخملرج أن يستقيل‬ ‫ارسالن ويسمى خير الدين وزير دولة بديالً عنه‪ ،‬لتبدأ‬ ‫معركة التعيينات التي يبدو أن احلكومة بدأتها في أول‬ ‫جلسة لها‪ ،‬لسد الشواغر في مراكز أساسية ولها‬ ‫تأثير على الوضع النقدي واملصرفي‪ ،‬فكان التجديد‬ ‫حلاكم مصرف لبنان رياض سالمة‪ ،‬وتعيني رئيس األركان‬ ‫اللواء وليد سلمان ومدير عام لألمن العام اللواء عباس‬ ‫ابراهيم‪.‬‬ ‫إال أن الالفت كان‪ ،‬هو أن وزير الداخلية مروان شربل‪،‬‬ ‫وهو القادم الى الوزارة كضابط متقاعد في قوى‬ ‫األمن الداخلي‪ ،‬ابتعد عن األصول القانونية‪ ،‬وجلأ الى‬ ‫السياسة‪ ،‬فقبل بأن يستبعد العميد منير شعبان‬ ‫وهو األقدم رتبة من بني الضباط الدروز في قوى األمن‪،‬‬ ‫عن منصب قائد الشرطة القضائية‪ ،‬ولو بالوكالة في‬ ‫املرحلة األولى‪ ،‬بعد أن شغر هذا املنصب بإحالة العميد‬ ‫صالح عيد الى التقاعد والذي كان يشغله بالوكالة‪،‬‬ ‫بعد أن حل مكان العميد األصيل أنور يحي الذي تقاعد‬ ‫أيضا ً بسبب السن القانونية‪.‬‬ ‫ولقد أثار هذا املوضوع‪ ،‬ردود فعل سياسية‪ ،‬وحتى‬ ‫داخل مؤسسة قوى األمن‪ ،‬بتعيني ضابط أدنى رتبة‪،‬‬ ‫ليصبح أعلى من ‪ 12‬ضابطا ً هم أعلى رتبة منه‪،‬‬ ‫بعدم اعتماد املعيار القانوني‪ ،‬بل إدخال السياسة الى‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬وكان للوزير وهاب‪ ،‬اعتراضات ليس‬ ‫على الشخص‪ ،‬بل على األسلوب واألداء للوزير شربل‪،‬‬ ‫الذي يعرف بأوضاع قوى األمن‪ ،‬وكان عليه أن ال يو ّقع‬ ‫مرسوما ً يخدم السياسة ال القانون‪ ،‬وأن اإلصالح يبدأ‬ ‫من هنا‪ ،‬وأن احلكومة منذ انطالقتها تع ّثرت باحملسوبية‬

‫‪13‬‬

‫والفئوية‪ ،‬في وقت يُطرح بناء الدولة ومؤسساتها‬ ‫واعتماد الكفاءة إال أن املمارسة كانت عكس ذلك متاماً‪.‬‬ ‫فاحلكومة ليست بعيدة عن االنتقاد ومن موقع من‬ ‫ال يريد لها أن تفشل‪ ،‬وفق ما يؤكد َمن أعلنوا أنهم‬ ‫لن يوفروا احلكومة إذا ما أخطأت وابتعدت عن اإلصالح‪،‬‬ ‫وهؤالء يصنفون “مبعارضة من داخل البيت”‪ ،‬لتمييزهم‬ ‫عن معارضة قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬التي تقف بوجه احلكومة‪،‬‬ ‫ألنها قررت حماية املقاومة‪ ،‬ومنع انزالق لبنان نحو حرب‬ ‫أهلية‪ ،‬وعدم استخدام احملكمة الدولية أداة تسييس‬ ‫في يد أميركا و”إسرائيل”‪ ،‬لتصل الى املقاومة‪ ،‬وإلقامة‬ ‫أميز العالقات مع سوريا والوقوف مع قيادتها وشعبها‬ ‫في وجه مؤامرة ضربتها من الداخل‪ ،‬وشلت اقتصادها‪،‬‬ ‫ودفعتها نحو االقتتال األهلي‪ ،‬ودست التفرقة والتعبئة‬ ‫الطائفية واملذهبية‪.‬‬ ‫فاملعارضة احلريرية‪ ،‬هي ملشروع احلكومة الوطني‬ ‫واإلصالحي واملقاوم‪ ،‬واملعارضة األخرى التي قد تنشأ‬ ‫ضمن البيت الواحد وأهله من أجل تصويب األداء‪،‬‬ ‫وهو ما ع ّبر عنه وهاب الذي ّ‬ ‫حذر حلفاءه من أن تضيع‬ ‫فرصة اإلصالح‪ ،‬وأن يذهب هدر النضال إللغاء “احلريرية‬ ‫السياسية واالقتصادية”‪ ،‬الى إعادتها الى السلطة‪ ،‬إذا‬ ‫ما كان أداء احلكومة امليقاتية فئوياً‪ ،‬وقد جرى تنبيه‬ ‫الرئيس ميقاتي الى أن عليه أن ال يلعب لعبة تقوية‬ ‫قوى على أخرى‪ ،‬وتلبية طلبات ألطراف سياسية على‬ ‫حساب آخرين لهم حضورهم السياسي والشعبي‪.‬‬ ‫إن احلكومة امليقاتية‪ ،‬هي أمام فرصة تأكيد‬ ‫فعاليتها‪ ،‬وتنفيذ بيانها الوزاري‪ ،‬واخلروج من الوعود‬ ‫الى األفعال‪ ،‬ومن االنتظار الى املبادرة‪ ،‬وأن زيارة الرئيس‬ ‫ميقاتي الى اجلنوب‪ ،‬وفي أول نشاط له بعد نيل الثقة‪،‬‬ ‫أعطت نتائج إيجابية‪ّ ،‬‬ ‫وأكدت على متسك احلكومة‬ ‫باملقولة الثالثية اجليش والشعب واملقاومة على أرض‬ ‫واحدة في الدفاع عن لبنان‪.‬‬ ‫لقد دخل الرئيس ميقاتي اجلنوب‪ ،‬إلرسال رسالة أنه‬ ‫جاء حلماية املقاومة بتناغمها مع اجليش الذي أعلن‬ ‫ميقاتي أنه سيدعم تسليحه وجتهيزه‪ ،‬كما زار مقر‬ ‫قيادة القوات الدولية‪ ،‬كرسالة تطمني وتأكيد على‬ ‫متسك لبنان بالقرارات الدولية‪.‬‬

‫سامر الشوفي‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫«إسرائيل» ُتصدر لوائح االتهام باغتيال الحريري‬ ‫عدوان جديد على المقاومة بسالح المحكمة الدولية‬ ‫كانت قضية اغتيال الرئيس رفيق احلريري‬ ‫هي الكمني الذي نُصب الصطياد «حزب اهلل»‬ ‫واالنقضاض عليه من خالل قرارات مجلس األمن‬ ‫واحملكمة الدولية‪ ،‬وكانت الوسيلة التي اتبعت‬ ‫في ذلك هي محاولة إثبات ضلوع قيادات احلزب‬ ‫(مثل الشهيد عماد مغنية وأربعة آخرين ترددت‬ ‫أسماؤهم) في ترتيب عملية القتل التي متت عام‬ ‫‪ُ ،2005‬‬ ‫وش ّكلت على إثرها جلنة دولية للتحقيق‬ ‫متهيدا ً لنظر املوضوع أمام محكمة دولية ملعاقبة‬ ‫الفاعلني‪.‬‬ ‫ما أثار االنتباه في هذا الصدد أن احملكمة التي‬ ‫ّ‬ ‫شكلتها األمم املتحدة حملاسبة املسؤولني عن قتلة‬ ‫احلريري متّت حتت الفصل السابع من ميثاقها الذي‬ ‫جتيز بنوده استخدام القوة املسلحة لتنفيذ ما‬ ‫تقضي به‪ ،‬كما أنها تسمح مبقاطعة الدولة التي‬ ‫متتنع عن تنفيذ احلكم‪.‬‬ ‫خالل السنوات الست التي مرت لم تتوقف‬ ‫التحقيقات التي أثارت لغطا ً كبيراً‪ ،‬سواء في‬ ‫اجتاهها نحو سوريا التي كانت أول من ات ُهم في‬ ‫العملية‪ ،‬أو في اعتمادها على إفادات شهود‬ ‫زور تسببت شهاداتهم في توقيف أربعة من‬ ‫كبار الضباط اللبنانيني ثبتت براءتهم الحقاً‪.‬‬ ‫وتضاعف اللغط مؤخرا ً حينما صدر القرار‬ ‫االتهامي موجها ً االتهام الى عناصر قيادية في‬ ‫«حزب اهلل»‪.‬‬ ‫كل ذلك يصور حقيقة البركان الذي أصبح يقف‬ ‫فوقه لبنان‪ ،‬فالواليات املتحدة ومعها “إسرائيل”‬ ‫ومن واالها في لبنان يدفعون بشدة لتأييد قرار‬ ‫االتهام‪ ،‬واستدراج قيادات “حزب اهلل” إلى قفص‬ ‫االتهام متهيدا ً لالنقضاض عليه‪ ،‬واألمني العام لـ‬ ‫“حزب اهلل” يهدد بقطع يد من يقترب من قيادات‬ ‫احلزب وأعضائه‪ ،‬فرفض القرار االتهامي للمحكمة‬ ‫الدولية مؤكدا ً أن ما ينتج عن احملكمة هو أميركي‬ ‫إسرائيلي ورفض ما يصدر عنها من أحكام باطلة‬ ‫ويعتبرها عدوانا ً على املقاومة‪.‬‬ ‫وليس هناك ما يدعو الى القلق بوجود حكومة‬ ‫مسؤولة وموثوقة وجاهزة للتعامل بروح وطنية‪.‬‬ ‫ويرفض تسليم الذين صدر القرار االتهامي‬ ‫بحقهم‪ ،‬وهذه املواقف املتعاكسة تعني أن‬ ‫املوقف في لبنان أصبح على وشك االنفجار‪ ،‬وأن‬ ‫شبح احلرب األهلية يلوح في األفق‪ ،‬بتآمر غربي‬ ‫مكشوف هذه املرة‪ ،‬بعد الفشل الذي ُمني به‬ ‫املشروع األميركي الصهيوني في لبنان‪ ،‬في إثارة‬ ‫حرب أهلية كانت متوقعة لوال استيعاب القادة‬ ‫اللبنانيني والشعب اللبناني ملا يحاك له من‬ ‫مؤامرة جديدة وبعد جناح الرئيس جنيب ميقاتي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫في تأليف حكومته‪ ،‬وخصوصا ً بعد زيارته‬ ‫ّ‬ ‫ليؤكد اعتراف حكومته وتأييده‬ ‫للجنوب اللبناني‬ ‫ملقولة اجليش واملقاومة والشعب‪ ،‬وبعد تأكيد‬ ‫السيد نصر اهلل للناس بالقول إنه بعد صدور‬ ‫القرار االتهامي لن تكون هناك فتنة في لبنان وال‬ ‫حرب أهلية وال فتنة بني السنة والشيعة‪.‬‬

‫«إسرائيل» وملف اغتيال احلريري‬ ‫األعني في “إسرائيل” متجهة إلى بيروت‪ ،‬واآلذان‬ ‫تتلمس بصورة يومية أخبار احملكمة الدولية‪ ..‬يقول‬ ‫ّ‬ ‫املدير السابق لوحدة التخطيط االستراتيجي في‬ ‫هيئة أركان اجليش اإلسرائيلي شلومو بروم إن‬ ‫األوضاع احلالية في لبنان حتتّم على “إسرائيل” أن‬ ‫تكون مستعدة ألي طارئ‪ ،‬في حال إعالن عريضة‬ ‫اتهام “حزب اهلل” بالضلوع في قتل احلريري‪.‬‬ ‫ولم يستبعد أن يلجأ احلزب إلى االستيالء على‬ ‫السلطة في لبنان لقطع الطريق على احملاكمة‪.‬‬ ‫واعتبر ذلك وضعا ً أفضل لـ “إسرائيل”‪ ،‬وحتى‬ ‫اآلن‪ ،‬اقتصر موقف إسرائيل الرسمي من القرار‬ ‫االتهامي الصادر عن احملكمة الدولية اخلاصة‬ ‫بجرمية اغتيال الرئيس رفيق احلريري‪ ،‬على ما أدلى‬ ‫به وزير دفاعها‪ ،‬إيهود باراك الذي رأى أن القرار عامل‬ ‫سيسبب هزة غير بسيطة في لبنان‪ ،‬قد تصل‬ ‫إلى سوريا أيضا ً ألنه في هذه احلالة سيكون هناك‬ ‫عنوان واضح تخاطبه ومتارس ضده الضغوط‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫وهناك اتفاق بني القيادات األمنية والعسكرية‬ ‫على أن تطورات األحداث في لبنان ستكون لها‬ ‫انعكاسات عديدة على «إسرائيل» وخططها‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منظرو احلرية والسيادة‬ ‫وفيما انتظر‬ ‫واالستقالل‪ ،‬القرار الظني الصادر عن احملكمة‬ ‫الدولية اخلاصة باغتيال رئيس احلكومة األسبق‬ ‫رفيق احلريري‪ ،‬باعتباره ثمرة «ثورة األرز» املزعومة‪.‬‬ ‫كانت وسائل اإلعالم العبرية‪ ،‬املكتوبة واملرئية‬ ‫وحتى املسموعة تتسابق وقبل صدور القرار‪ ،‬على‬ ‫كشف تفاصيله‪ ،‬وإغراق صفحات الصحف بعدد‬ ‫كبير من أسماء قياديني في املقاومة‪ ،‬اتهمهم‬ ‫القرار االتهامي‪ ،‬مستندة الى مصادرها اخلاصة‬ ‫من داخل مكتب املدعي العام للمحكمة دانيال‬ ‫بلمار تارة‪ ،‬ومن داخل مقر احملكمة الرئيسي في‬ ‫الهاي تارة أخرى‪ ،‬فضالً عن بعض املعلومات التي‬ ‫تسربها أجهزة االستخبارات اإلسرائيلية وتتمنى‬ ‫على وسائل اإلعالم‪ ،‬الرسمية واخلاصة في دولة‬ ‫االحتالل‪ ،‬نشرها والتسويق لها‪ ،‬خدمة للهدف‬ ‫األسمى بالنسبة لها وهو وضع «حزب اهلل» في‬ ‫كرسي االتهام‪.‬‬ ‫والالفت كان العدد الكبير من األسماء التي‬ ‫تسابقت وسائل اإلعالم العبرية الى نشره باعتبار‬ ‫أصحابه متورطني بعملية االغتيال‪ ،‬وفيما تن ّوعت‬ ‫األسماء بني رؤساء دول وأجهزة استخبارات‬ ‫وناشطني في قوى املقاومة املتعددة‪ .‬أجمعت‬


‫كل اجلهات املس ّربة على اسم القائد اجلهادي‬ ‫في «حزب اهلل» الشهيد عماد مغنية‪ ،‬على أنه‬ ‫يفسر بعض‬ ‫أحد أبرز املتهمني املفترضني‪ ،‬ما‬ ‫ّ‬ ‫التسريبات التي قالت إن القرار الظني سيتهم‬ ‫أفرادا ً من «حزب اهلل» وليس احلزب ككيان‪.‬‬ ‫في هذا السياق‪ ،‬ذكرت إذاعة جيش االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي في التاسع من تشرين الثاني‬ ‫املنصرم‪ ،‬أن “اثنني حتى ستة من رجال “حزب اهلل”‬ ‫متورطون في قتل رفيق احلريري‪ ،‬بينهم الشهيد‬ ‫عماد مغنية‪ ،‬والقرار االتهامي الذي صدر وجه‬ ‫االتهام الى أربعة منهم‪ ،‬ما يعني أن احملكمة‬ ‫هي محكمة إسرائيلية ومس ّيسة هدفها‬ ‫القضاء على “حزب اهلل” أقوى أذرع املقاومة في‬ ‫املنطقة‪ ،‬الذي احلق الهزائم اجلسيمة بالكيان‬ ‫الصهيوني‪.‬‬ ‫الى ذلك‪ ،‬ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت‪ ،‬في‬ ‫اليوم نفسه‪ ،‬أن “اللواء آصف شوكت صهر الرئيس‬ ‫السوري بشار األسد ضالع في جرمية اغتيال‬ ‫رفيق احلريري ويتوقع أن يستدعى للمحاكمة في‬ ‫احملكمة الدولية في الهاي”‪.‬‬

‫«إسرائيل» تتهم كباراً في «حزب‬ ‫اهلل» وسوريا‬ ‫وفي السياق نفسه‪ ،‬نقل موقع تيك دبكا‬ ‫العبري‪ ،‬في العاشر من تشرين الثاني ‪ ،2010‬عن‬ ‫مصادر قال إنها “مصادر استخبارية ومحاربة‬ ‫لإلرهاب”‪ ،‬ما مفاده‪ :‬أن “احملكمة الدولية التابعة‬ ‫لألمم املتحدة ستصدر على ما يبدو في شهر‬ ‫كانون أول أو بداية كانون الثاني عام ‪ ،2011‬لوائح‬ ‫اتهام ضد أربع شخصيات تتألف منها القيادة‬ ‫األمنية والعسكرية الرفيعة لـ “حزب اهلل”‪،‬‬

‫بتهمة اغتيال رئيس احلكومة اللبنانية األسبق‬ ‫رفيق احلريري‪ ،‬قبل خمس سنوات في ‪ 14‬شباط‬ ‫من العام ‪.2005‬‬ ‫وفيما لفت الى أن صحيفة “وول ستريت جورنال”‬ ‫أفادت أن احملكمة الدولية ستصدر لوائح اتهام ضد‬ ‫مصطفى بدر الدين الذي يعمل اليوم كمساعد‬ ‫لألمني العام لـ “حزب اهلل” الس ّيد حسن نصر‬ ‫شدد املوقع على أن‬ ‫اهلل للشؤون األمنية اخلاصة‪ّ ،‬‬ ‫“مصادر تيك دبكا تفيد بأنه سيصدر على األقل‬ ‫ثالث لوائح اتهام ضد شخصيات كبيرة في “حزب‬ ‫اهلل” هي‪ :‬وفيق صفا الذي يعمل اليوم كرئيس‬ ‫جهاز االمن واالستخبارات اخلاص بـ “حزب اهلل”‬ ‫على حد الزعم اإلسرائيلي‪ ،‬وطالل حمية املساعد‬ ‫العملياتي لعماد مغنية‪ ،‬وابراهيم محمد عقيل‬ ‫القائد العسكري جلنوب لبنان‪ ،‬أي قائد اجلبهة مع‬ ‫“إسرائيل”‪.‬‬ ‫بعد التدرج في عملية االتهام‪ ،‬وصل األمر الى‬ ‫ذروته في السادس والعشرين من تشرين الثاني‬ ‫املاضي‪ ،‬عندما اتهم عاموس هرئيب من صحيفة‬ ‫هآرتس العبرية الرئيس السوري بشار األسد‬ ‫مباشرة بالتورط في عملية اغتيال احلريري‪.‬‬ ‫ونقل هرئيب عما أسماه “دوائر استخبارية‬ ‫غربية”‪ ،‬أن “سوريا هي أحد املتورطني األساسيني‬ ‫في اغتيال رئيس احلكومة اللبناني األسبق‪ ،‬رفيق‬ ‫احلريري‪ ،‬وهو استنتاج دوائر استخبارية غربية‪،‬‬ ‫مرتبطة بالتحقيق بالقضية”‪.‬‬

‫خيبة األمل اإلسرائيلية‬ ‫وادعاءاتها بتقدمي املساعدة‬ ‫للجنة التحقيق الدولية‬ ‫رغم أن التحقيق الكندي لم يقل بوضوح‬

‫‪15‬‬

‫من هي اجلهات التي ساعدت في التحقيق‪،‬‬ ‫لكن مت التأكيد في التحقيق أنه متت االستعانة‬ ‫بتعاون دولي ألجهزة غربية‪ ،‬ما دفع “إسرائيل”‪،‬‬ ‫مع حلول كانون األول‪ ،‬وشعور الدوائر اإلعالمية‬ ‫اإلسرائيلية بأن القرار الظني الذي عملوا شهورا ً‬ ‫على تصويبه نحو املقاومة في لبنان‪ ،‬بتوجيه من‬ ‫أجهزة االستخبارات املتعددة داخل دولة االحتالل‪،‬‬ ‫ظهر القرار االتهامي الى العلن‪ .‬تسابقت وسائل‬ ‫اإلعالم العبرية الى كشف حجم املساعدة التي‬ ‫قدمتها سلطات االحتالل الى جلنة التحقيق‬ ‫ّ‬ ‫التجسس على لبنان وباخلصوص على قوى‬ ‫عبر‬ ‫ّ‬ ‫املقاومة فيه‪.‬‬ ‫ولفت محلل شؤون األمن واالستخبارات في‬ ‫صحيفة هآرتس‪ ،‬يوسي ميلمان‪ ،‬في الثالث‬ ‫والعشرين من تشرين الثاني‪ ،‬معلقا ً على تقرير‬ ‫محطة التلفزة الكندية “‪ ،”C.B.C‬التي ا ّدعت‬ ‫أن “حزب اهلل” متورط في اغتيال احلريري‪ ،‬الى‬ ‫أن عمل جلنة التحقيق الدولية‪ ،‬وأيضا ً الضابط‬ ‫الشهيد وسام عيد‪ ،‬ما كان ليصل الى ما‬ ‫وصل إليه من وقائع وأدلة‪ ،‬من دون مساعدة من‬ ‫جهات استخبارية كبيرة‪ ،‬مثل الوحدة ‪ 8200‬في‬ ‫االستخبارات اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫وقال في تقرير له‪“ :‬جنح اخلبراء التابعون للجنة‬ ‫التحقيق الدولية ـ وهم من شركة بريطانية‬ ‫متخصصة في االستخبارات الفنية ـ في جمع‬ ‫واستعادة املكاملات الهاتفية التي جرت في لبنان‬ ‫يوم االغتيال في العام ‪ ،2005‬وبعد ذلك عزل‬ ‫احملادثات التي جرت بالقرب من مكان اإلنفجار‪.‬‬ ‫وبهذه الطريقة جنح اخلبراء في تقليص مخزون‬ ‫املعلومات الى حد الوصول الى جوهر احملادثات‪،‬‬ ‫وأرقام الهواتف اخللوية املشبوهة”‪.‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬ما كان هذا ليحصل لوال عمل ضابط‬ ‫الشرطة اللبناني وسام عيد‪ ،‬الذي كان صاحب‬ ‫خبرة واسعة في مجال احلاسوب‪ .‬وهو الذي‬ ‫جنح في تعقب أجهزة الهواتف املشبوهة التي‬ ‫انطلقت منها احملادثات‪ ،‬وركب فسيفساء دوائر‬ ‫الشبكات التي حتدثت مع بعضها‪ ،‬وبعد ذلك مع‬ ‫شبكات أخرى‪ .‬وبسبب هذا العمل‪ ،‬دفع عيد في‬ ‫نهاية األمر حياته و ُقتل”‪.‬‬ ‫وأشار ميلمان الى أنه “من الصعب تصديق‬ ‫أن قدرة ضابط في الشرطة اللبنانية‪ ،‬مهما‬ ‫كانت كفاءته‪ ،‬وحتقيقا ً مكثفا ً من قبل‬ ‫الشركة البريطانية‪ ،‬أوصال الى فك لغز عملية‬ ‫القتل”‪.‬‬ ‫وأوضح أن “لدى هذه األجهزة االستخبارية‬ ‫قدرات تغطية استخبارية‪ ،‬وتكنولوجية‪ ،‬من‬ ‫قبيل التنصت وإعتراض البث في لبنان‪ .‬وعدد هذه‬ ‫األجهزة ليس كبيراً‪ ،‬وميكن االفتراض بأن قائمة هذه‬ ‫األجهزة موجودة لدى وكالة األمن القومي التابعة‬ ‫للواليات املتحدة األميركية (‪ )NSA‬واالستخبارات‬ ‫البريطانية‪ ،‬واالستخبارات الفرنسية‪ ،‬وأيضا ً من‬ ‫دون شك االستخبارات اإلسرائيلية‪ ،‬وحتديدا ً وحدة‬ ‫اجلمع املركزية في أمان ‪.“ 8200‬‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬ ‫في «إسرائيل» يتابعون التطورات‬ ‫بحذر كبير‬ ‫على الرغم من عملية التحريض غير‬ ‫املسبوقة التي قادتها أجهزة االستخبارات‬ ‫اإلسرائيلية املتعددة ووسائل اإلعالم العبرية‪،‬‬ ‫ضد “حزب اهلل” واملقاومة في لبنان ودول‬ ‫املمانعة‪ ،‬واستغالل عملية اغتيال الرئيس‬ ‫رفيق احلريري لتصفية حسابات أعوام ‪1982‬‬ ‫و‪ 1993‬و‪ 1996‬و‪ 2000‬و‪ .2006‬غير أن القلق‬ ‫عارم في كيان االحتالل‪ ،‬من ردة فعل املقاومة‬ ‫حضر لها‪ .‬ويسيطر‬ ‫إزاء االعتداء اجلديد الذي ي ُ ّ‬ ‫اخلوف من اعتبار قيادة املقاومة أن أي اتهام لها‬ ‫باغتيال احلريري سوف يعامل على أنه اعتداء‬ ‫إسرائيلي جديد‪ ،‬وبالتالي فإنه حتما ً سيالقي‬ ‫مصير االعتداءات السابقة‪.‬‬

‫ملاذا لم يضع ميليس «إسرائيل»‬ ‫في خانة املشتبه فيها رغم‬ ‫رفضها تزويد اللجنة بالصور‬ ‫كشفت صحيفة “األخبار” اللبنانية في‬ ‫عددها الصادر السبت ‪ 4‬كانون األول ‪ 2010‬عن‬ ‫أن “إسرائيل” وأميركا رفضتا مد جلنة التحقيق‬ ‫الدولية في اغتيال احلريري بصور أقمارها‬ ‫الصناعية التجسـسية التي تكشف أسرار‬ ‫عملية اغتيال رئيس احلكومة اللبنانية األسبق‬ ‫رفيق احلريري‪ ،‬وزعمتا أن أقمارهما تعطلت في هذا‬ ‫اليوم وهو ما يثير شكوك لدى جلنة التحقيق في‬ ‫إخفاءهما معلومات هامة‪.‬‬ ‫وقالت الصحيفة إن االستخبارات اإلسرائيلية‬ ‫أبلغت جلنة التحقيق الدولية خالل فترة عمل‬ ‫احملقق الدولي ديتليف ميليس‪ ،‬عن اختفاء‬ ‫طن من املادة املتفجرة “سي فور” من مخزن‬ ‫للجيش السوري قبل ‪ 6‬أسابيع من اغتيال‬ ‫رئيس احلكومة اللبنانية األسبق رفيق احلريري‪،‬‬ ‫ونسبت إلى مدير حتقيق ميداني سابق في‬ ‫جلنة التحقيق الدولية قوله إن اللجنة طلبت‬ ‫مساعدة “إسرائيل” لتزويدها بصور التقطتها‬ ‫طائرات التجسس اإلسرائيلية يوم اغتيال‬ ‫احلريري‪ ،‬لكن “إسرائيل” زودتها بصور قبل ثالثة‬ ‫أيام من عملية االغتيال وا ّدعت أن عطال ً تقنيا ً‬ ‫طرأ على كاميرات طائرات التجسس قبل يومني‬ ‫من عملية االغتيال واستمر ذلك العطل يومني‬ ‫إضافيني بعد العملية!‬ ‫وقال مدير التحقيق ـ الذي عمل مع “ميليس”‬ ‫لفترة تسعة أشهر في جلنة التحقيق الدولية‬ ‫ـ “لم نقتنع مبا قاله اإلسرائيليون‪ ،‬إذ أن أجهزة‬ ‫االستخبارات لها أجندة خاصة بها ال تبوح‬ ‫مبضمونها”‪ ،‬وأضاف أنه بعدما رفضت “إسرائيل”‬ ‫تسليم جلنة التحقيق صورا ً جتسسية لعملية‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االغتيال‪ ،‬توجهت اللجنة بالطلب نفسه إلى‬ ‫الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬والغريب أن األميركيني‬ ‫كرروا االدعاء اإلسرائيلي أن عطالً تقنيا ً طرأ‬ ‫على أجهزة تصوير طائرات التجسس في يوم‬ ‫االغتيال‪.‬‬ ‫وأشار احملقق الدولي إلى أن جلنة التحقيق‬ ‫بقيادة ميليس لم جتد – برغم هذا ‪ -‬أي رابط بني‬ ‫رفض تزويد “إسرائيل” اللجنة بالصور ووضعها‬ ‫في خانة املشتبه فيها‪ ،‬مؤكدا أن “إسرائيل”‬ ‫ساعدت اللجنة بتزويدها مبعلومات مهمة عن‬ ‫عبد الباسط بني عودة‪ ،‬عميل املوساد الذي‬ ‫هرب إلى السويد بعدما اعتمدته جلنة التحقيق‬ ‫الدولية شاهداً‪ ،‬إذ اتهم كال من سوريا و”حزب‬ ‫اهلل” بالوقوف وراء عملية االغتيال‪ ،‬إال أنه استبعد‬ ‫من الئحة الشهود بعد انتهاء عمل ميليس في‬ ‫لبنان‪.‬‬ ‫وأوضح احملقق أن جلنة التحقيق صادرت كل‬ ‫كاميرات املراقبة املنصوبة في منطقة سان‬ ‫جورج‪ ،‬وفي ساحة النجمة في وسط بيروت‪ ،‬إال‬ ‫أنها كانت خالية من أي صور‪ ،‬مؤك ًدا أنه ليس‬ ‫لدى جلنة التحقيق سوى الصور التي التقطتها‬ ‫كاميرا مصرف “إتش إس بي سي”‪.‬‬ ‫وأكد احملقق ما قاله املدير العام لألمن العام‬ ‫السابق اللواء جميل السيد‪ ،‬من أن جلنة‬ ‫التحقيق حاولت إبرام صفقة معه إليجاد‬ ‫“كبش محرقة” واتهامه باغتيال احلريري‪..‬‬ ‫مشيرا ً إلى أن هذا العرض تلقاه السيد من‬ ‫احملقق األملاني جيرهارد ليمان الذي قال له إن‬ ‫بإمكانه اختيار أي شخصية سياسية من‬ ‫الصف األول واتهامه بتدبير اغتيال احلريري ثم‬ ‫تصفيته الحقاً‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫اختراق العدو لقطاع االتصاالت‬ ‫اللبناني‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬وبعودة بسيطة الى الوراء‬ ‫ّ‬ ‫تكشف مؤخرا ً على صعيد‬ ‫يتضح لنا أن ما‬ ‫اختراق العدو لقطاع االتصاالت اللبناني‪ ،‬لم يكن‬ ‫سابقة بتاريخ عمل «املوساد» الصهيوني‪ ،‬بل‬ ‫أن هذا العدو دأب على استخدام هذه الوسيلة‬ ‫بأكثر من جرمية ارتكبها‪ ،‬ومنها ما ظهر بقضية‬ ‫مقهى «البيل» في برلني والتي تولى التحقيق‬ ‫فيها وللمفارقة عام ‪ 1986‬احملقق الدولي األول‬ ‫في قضية اغتيال احلريري ديتليف ميليس‪ ،‬حيث‬ ‫جلأ هذا األخير حينها الى االعتماد على رسائل‬ ‫ّ‬ ‫مشفرة بني طرابلس والليبيني املشتبه بهم‪،‬‬ ‫وذلك بناء على معلومات من إحدى إدارات اخملابرات‬ ‫األملانية‪ ،‬لكن تبينّ فيما بعد كما أكد عميل‬ ‫«املوساد» السابق «فكتور أوستوفسكي» أن هذه‬ ‫ّ‬ ‫املشفرة هي إشارات «تيليكس» مز ّورة‬ ‫الرسائل‬ ‫كانت ترسل من قبل املوساد نفسه‪ .‬ورغم ذلك‬ ‫اعتبر ميليس هذه الرسائل املز ّورة دليالً قاطعا ً‬ ‫على تورط ليبيا بالتفجير‪.‬‬ ‫القضية ذاتها تتك ّرر اليوم في قضية اغتيال‬ ‫الرئيس احلريري حيث كشف مؤخرا ً أن «إسرائيل»‬ ‫متارس قرصنة تامة على قطاع االتصاالت في‬ ‫لبنان‪ ،‬ليتبينّ الحقا ً أنها استطاعت السيطرة‬ ‫بشكل تام على هذا القطاع‪ ،‬فضالً عن قيامها‬ ‫من خالل البرمجيات املتطورة بزرع خطوط سرية‬ ‫كان يشتريها لها عمالؤها داخل خطوط ملقاومني‪.‬‬ ‫ما يطرح تساؤال ً حول ما إذا كان بلمار سيك ّرر‬ ‫نفس اخلطأ الذي ارتكبه ميليس في قضية‬ ‫«البيل» ويعتمد على االتصاالت في قراره الظني‬


‫كدليل إثبات مع كل ما يحيط بهذا الدليل من‬ ‫شكوك‪ .‬دون أن ننسى في هذا السياق أيضا ً أن‬ ‫ميليس نفسه اعتمد على وسيلة اإلثبات هذه‬ ‫(االتصاالت) في قضية اغتيال احلريري وذلك في‬ ‫أساس اتهامه لألخوين أحمد ومحمود عبد‬ ‫العال عام ‪ 2005‬بعد ربطه عدة اتصاالت أجراها‬ ‫األخوان بقائد احلرس اجلمهوري العميد مصطفى‬ ‫حمدان آنذاك من محيط مسرح اجلرمية في الفترة‬ ‫التي سبقت وحلقت تنفيذ جرمية اغتيال الرئيس‬ ‫احلريري‪ ،‬ليتبينّ الحقا ً براءة األخوين عبد العال‬ ‫واإلفراج عن الضباط األربعة‪.‬‬ ‫تتحدث «إسرائيل» باسم احملكمة الدولية‪،‬‬ ‫وتسارع إلى تسريب معلوماتها‪ .‬مسؤولوها‬ ‫يقومون بالنيابة عن املدعي العام‪ ،‬بإصدار اللوائح‬ ‫االتهامية‪ ،‬يسمون األمني العام لـ «حزب اهلل»‪،‬‬ ‫وكبار املسؤولني فيه‪ ،‬بينما تصمت احملكمة وجلان‬ ‫التحقيق الدولية‪ ،‬وال تقدم على حراك‪.‬‬ ‫اإلشارات الصادرة عن “إسرائيل”‪ ،‬ومنذ اليوم‬ ‫األول الغتيال الرئيس الشهيد رفيق احلريري‪ ،‬كانت‬ ‫واضحة جداً‪ .‬االستخبارات اإلسرائيلية‪ ،‬هي‬ ‫شريكة للجنة التحقيق‪ ،‬والضباط اإلسرائيليون‬ ‫يلتقون احملققني ويزودونهم باملعلومات‪ ،‬بينما‬ ‫مواعيد القرارات ومضمونها معلوم مسبقا ً لدى‬ ‫“إسرائيل”‪.‬‬ ‫من يُرِد التمعن أكثر مبا يصدر عن تل أبيب من‬ ‫مواقف وتصريحات و”نبؤات”‪ ،‬ميكنه أن ّ‬ ‫يطلع على‬ ‫ّ‬ ‫ونذكر أن قرار اتهام “حزب‬ ‫بعض ما يصدر عنها‪..‬‬ ‫ً‬ ‫اهلل باغتيال احلريري‪ ،‬إسرائيليا‪ ،‬جاء من اليوم األول‬ ‫لالغتيال‪.‬‬ ‫وبغض النظر عمن قتل رفيق احلريري‪ ،‬فإن‬ ‫“حزب اهلل” لن يقبل بأن حتقق “إسرائيل” من خالل‬ ‫احملكمة الدولية‪ ،‬ما عجزت عنه في احلروب التي‬ ‫شنتها على لبنان بهدف ضرب املقاومة فيه‬ ‫باعتبارها “مخربة” مشاريعها “للتسوية” في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫فاملطلوب بحسب “حزب اهلل”‪ ،‬هو رأسه‬ ‫وسالحه‪ ،‬وليس معرفة من قتل الرئيس احلريري‬ ‫عام ‪ 2005‬ألنه معروف جيدا ً بالنسبة إليهم‪،‬‬ ‫فهم من أرادوا هذه اجلرمية‪ ،‬مدخالً الى زرع الفنت‬ ‫في لبنان واملنطقة إلجهاض االنتصارات التي‬ ‫حققتها املقاومة ضد “إسرائيل”‪.‬‬ ‫ما يرتكز إليه “حزب اهلل” في ارتياحه هو‬ ‫مجموعة من املعطيات احلقيقية‪ ،‬كما ع ّود‬ ‫اجلهات التي تعاملت معه في العمل السياسي‬ ‫وامليدانني األمني والعسكري‪ ،‬وهي معطيات‪،‬‬ ‫بحسب مصادره تشارَك في جتميعها مع دول‬ ‫معنية وغير معنية بهذه القضية في املنطقة‬ ‫والعالم‪ ،‬بدأت مبلف شهود الزور‪ ،‬ولن تقف عند‬ ‫حدود ما نشر في وسائل إعالم عاملية‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫حول فرضية االغتيال من اجلو بصاروخ أملاني‬ ‫معدل‪ ،‬وهو اخليط الذي متّ تسريبه بعد مرور األيام‬ ‫األولى أو رمبا الساعات األولى على وقوع االغتيال‪،‬‬ ‫ومتسك به “حزب اهلل” وما زال يتتبع “أطواله” في‬

‫اجتاهات متعددة‪ ،‬األمر الذي كشف صيغته األولى‬ ‫األمني العام السيد نصر اهلل‪ ،‬من خالل القرائن‬ ‫واملعطيات التي قدمها في مؤمتره الصحافي‬ ‫الشهير واملدوي‪ ،‬في آب املاضي‪ ،‬وفي خطابه في‬ ‫متوز املنصرم أن االنعكاسات السياسية واألمنية‬ ‫لدى الدوائر املعنية على القرائن‪ ،‬التي رصدتها‬ ‫أجهزة احلزب ووثقتها في لبنان واخلارج‪ ،‬ال تزال أيضا ً‬ ‫طي الكتمان‪ ،‬وسيتم اإلفصاح عنها في الوقت‬ ‫املناسب‪ ،‬وهي أيضا ً تتضمن قرائن على القرائن‪،‬‬ ‫ميكن االستناد إليها‪ ،‬ألن بعض اجلهات قد تدخلت‬ ‫بعدها لتصويب عمل التحقيق الدولي‪ ،‬لتجنب‬ ‫إثبات بعض ما كشفه السيد من معلومات‪.‬‬ ‫القول إن احملكمة الدولية ال جترؤ على اإليحاء‬ ‫باجتاه “إسرائيل” كمستفيد من اجلرمية‪ ،‬رغم‬ ‫أن كل املعطيات التي بني يدينا والتي رأيناها‬ ‫خالل اخلمس سنوات املاضية تبينّ أن املستفيد‬ ‫األول واألخير من جرمية اغتيال احلريري هو العدو‬ ‫اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫قرائن عديدة تشير إلى أن «إسرائيل» تقف‬ ‫وراء عملية اغتيال الرئيس األسبق رفيق احلريري‪،‬‬ ‫ذلك أن املشروع األميركي ‪ -‬اإلسرائيلي بعد‬ ‫احتالل العراق وإسقاط نظام الرئيس صدام‬ ‫حسني‪ ،‬كان يحاول تركيع النظام الوطني في‬ ‫سوريا كي يستجيب للشروط التي تريدها إدارة‬ ‫احملافظني اجلدد‪ ،‬من أجل فرض هيمنتها على‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬وتأمني املطالب اإلسرائيلية‬ ‫بإنهاء قاعدة الثورة واملقاومة العربية السورية‪.‬‬ ‫وكما استخدمت إدارة الرئيس األميركي‬ ‫السابق بوش االبن حادثة احلادي عشر من أيلول‬ ‫‪ 2001‬لفرض خطط ما أطلق عليه «محاربة‬ ‫اإلرهاب» باملفهوم األميركي القائل «إما أن‬ ‫تكون معي أو أنت عدوي»‪ ،‬واستثمرت ذلك في‬ ‫احتالل أفغانستان والعراق‪ ،‬فإن عملية اغتيال‬

‫‪17‬‬

‫الرئيس رفيق احلريري كانت املبرر إلخراج سوريا‬ ‫من لبنان‪ ،‬وممارسة ضغوط عليها‪ ،‬كما ع ّبر عن‬ ‫ذلك كولن باول؛ رئيس هيئة األركان األميركية‬ ‫ووزير اخلارجية األسبق‪ ،‬عند زيارته لدمشق‬ ‫عقب عملية االغتيال‪ ،‬مطالبا ً بإغالق مقرات‬ ‫«اإلرهاب» في دمشق بحسب أقواله‪ ،‬والتخلي‬ ‫عن برنامج أسلحة الدمار الشامل‪ ،‬ووقف دعم‬ ‫املقاومة العراقية‪ ،‬وااللتزام بالتفاوض مع العدو‬ ‫اإلسرائيلي باملفهوم األميركي‪ ،‬كما ّ‬ ‫أكده اليوم‬ ‫زيارة السفير األميركي في سوريا روبرت فورد الى‬ ‫حماة لدعم املعارضة السورية في محاولة لعزل‬ ‫النظام السوري عن محور املمانعة واملقاومة في‬ ‫إيران ولبنان‪.‬‬ ‫توصلت إليه نتائج التحقيقات فيما‬ ‫إن ما‬ ‫ّ‬ ‫يخص عملية اغتيال احلريري‪ ،‬بعد تعقب خلية‬ ‫حاملي الهواتف الستة اخللوية‪ ،‬واعتبارهم‬ ‫شبكة صغيرة كانت تأمتر بأوامر شبكة خارجية‬ ‫دولية أكبر‪ ،‬وأنهم كانوا يراقبون احلريري على مدى‬ ‫أسابيع عديدة قبل عملية االغتيال‪ ،‬ويحددون‬ ‫مسار تنقالته بدقة‪ ،‬وأخطر القرائن كان في‬ ‫ردم احلفرة الناجتة عن التفجير‪ ،‬كل ذلك يؤكد‬ ‫تورط جهات غير لبنانية في ارتكاب اجلرمية‪،‬‬ ‫حيث من البديهي أن عمالء «إسرائيل»‪ ،‬والذين‬ ‫ال بأس بأعدادهم داخل لبنان‪ ،‬وآخرهم جاسوس‬ ‫االتصاالت‪ ،‬لعبوا دورا ً كبيرا ً في العملية‪ ،‬وخطط‬ ‫التمويه عنها‪.‬‬ ‫وأخيرا ً واألهم هو ما يكشف عن أن جميع‬ ‫احملققني الدوليني ومساعديهم هم على عالقة‬ ‫باملوساد اإلسرائيلي‪ ،‬واملصادر التي تذيع دائما ً‬ ‫عن التحقيق‪ ،‬مباشرة أو بواسطة صحف غربية‬ ‫وعربية‪ ،‬على صلة وثيقة بالعدو اإلسرائيلي‪.‬‬

‫إعداد ليديا أبو درغم‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر لبناني‬

‫المقاومة ضاعفت قوتها بعد خمس سنوات من حرب تموز‬

‫«إسرائيل» أوقفت حروبها التوسعية واألمنية‬ ‫وتختبئ وراء جدار من إسمنت‬ ‫لم تنشغل “إسرائيل” في تاريخ حروبها‪،‬‬ ‫كما هي في حربها مع لبنان‪ ،‬الذي خرجت منه‬ ‫منهزمة‪ ،‬منذ أن احتلت أرضه في العام ‪1978‬‬ ‫وفي اجتياحها في العام ‪ ،1982‬واندحارها منه في‬ ‫العام ‪ ،2000‬وإصابتها بنكسة في العام ‪،2006‬‬ ‫الذي كان عام التحول الكبير‪ ،‬إذ للمرة األولى‬ ‫يعترف العدو اإلسرائيلي عبر تقرير رسمي استند‬ ‫إلى حتقيق جلنة من قضاة وخبراء سميت باسم‬ ‫رئيسها “جلنة فينوغراد” بأن اجليش اإلسرائيلي‬ ‫انهزم أمام مئات من املقاومني‪ ،‬خالل ‪ 33‬يوما ً من‬ ‫احلرب‪ ،‬التي لم يحقق فيها أي انتصار‪ ،‬بل خسر‬ ‫في البر والبحر‪ ،‬وبقي له اجلو‪ ،‬حتلق فيه طائراته‬ ‫احلربية‪ ،‬دون أن حتقق من بنك أهدافها سوى ضرب‬ ‫البنى التحتية املدنية‪.‬‬ ‫فـ “إسرائيل” أجرت منذ وقف األعمال‬ ‫العسكرية في ‪ 14‬آب ‪ ،2006‬خمس مناورات‪،‬‬ ‫كان آخرها “حتول ‪ ”5‬وفيها متّ التركيز على‬ ‫اجلبهة الداخلية‪ ،‬التي تزعزعت أثناء حرب متوز‪،‬‬ ‫ومتكنت املقاومة من حتقيق إصابات مباشرة في‬ ‫عمق الكيان الصهيوني‪ ،‬الذي انكشف أنه غير‬ ‫محضر حلرب صواريخ تطلق على مستوطناته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتصيب مراكز اجليش وجتمعات املستوطنني‪،‬‬ ‫وتصل إلى أماكن لم يكن يحسب لها العدو‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫حسابا ً في إستراتيجيته العسكرية‪ ،‬إذ كان‬ ‫لبنان بالنسبة إليه‪ ،‬هو نزهة تقوم بها دورية‬ ‫من اجملندات اإلسرائيلية على دراجات هوائية‪،‬‬ ‫وإن اللبنانيني غير مهيئني للصمود والقتال‪ ،‬بل‬

‫‪18‬‬

‫سيتركون أرضهم‪ ،‬إال أن هذه املعادلة انقلبت‬ ‫على مروجيها الصهاينة‪ ،‬ألن املقاومة‪ ،‬هزت األمن‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬ووضعت الداخل اإلسرائيلي كله‬ ‫حتت مرمى نيرانها وصواريخها‪ ،‬فتهجر أكثر من‬ ‫مليون ونصف مليون يهودي من شمال فلسطني‬ ‫في اجلليل‪ ،‬وبدأت هجرة معاكسة ليهود أتوا من‬ ‫أوروبا وأميركا‪ ،‬وباتت “أرض التوراة”‪ ،‬أرض احلرائق‬ ‫وليست اجلنة املوعودة لليهود الذين رأوا دولتهم‬ ‫تخوض حرب وجود ال حرب حدود‪ ،‬ولم تعد الثكنة‬ ‫العسكرية التي حتمي الدولة‪ ،‬قادرة على أن توفر‬ ‫األمان واالستقرار ملاليني املستوطنني القادمني‬ ‫واملستقدمني من أربع رياح األرض‪ ،‬إذ تقوم‬ ‫“الوكالة اليهودية” من العالم بنقلهم من كل‬ ‫الدول التي يتواجد فيها يهود‪ ،‬لتحقيق وعد اهلل‬ ‫لهم بأحقية “أرض امليعاد لشعب اهلل اخملتار”‪.‬‬ ‫فاخلوف اإلسرائيلي على الوجود‪ ،‬بات حقيقة‪،‬‬ ‫وأن املناورات اخلمس التي حصلت منذ انتهاء‬ ‫احلرب‪ ،‬تصب كلها في تطمني اليهود للبقاء في‬ ‫أرضهم املزعومة‪ ،‬ألن خروجهم منها سيقوض‬ ‫“الدولة اإللهية” حسب زعمهم‪ ،‬والتي عليها‬ ‫أن تقوم من “الفرات إلى النيل” متهيدا ً للعودة‬ ‫الثانية للمسيح‪ ،‬أو ظهوره الثاني كما ير ّوج‬ ‫اليهود ومسيحيوهم امله ّودون واملتصهينون‪،‬‬


‫الذين ينكرون مجيء املسيح‪ ،‬ويتنبأون بعودته‬ ‫احلقيقية‪.‬‬ ‫هذا الربط الديني للصراع هو ما يبني عليه‬ ‫اليهود عقيدتهم القتالية واستراتيجيتهم‬ ‫العسكرية‪ ،‬وهو ما يكشف أن احلرب معهم هي‬ ‫حرب وجود وليست حرب حدود‪ ،‬وهذا ما أكدته‬ ‫الوقائع منذ زرع الكيان الصهيوني العام ‪،1948‬‬ ‫على أنه كيان مصطنع ومولود غير طبيعي‬ ‫قائم على الهجرة اليهودية‪ ،‬فإذا ما توقفت‬ ‫هذه الهجرة‪ ،‬وبدأت أخرى معاكسة من الدولة‬ ‫العبرية‪ ،‬فإن أسس وجودها لن تستمر‪ ،‬وأن قادة‬ ‫العدو قد تنبهوا لهذه املسألة‪ ،‬فانكفأوا عن‬ ‫مشروعهم األصلي‪ ،‬وهو “إسرائيل الكبرى” إلى‬ ‫“الدولة اليهودية” الصافية‪ ،‬التي ال وجود فيها‬ ‫للفلسطينيني‪ ،‬وهذا ما يتم العمل عليه في أروقة‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬حتت شعار الدولتني الفلسطينية‬ ‫واليهودية‪.‬‬ ‫فكل املناورات التي أجرتها “إسرائيل” هي من‬ ‫أجل الداخل اإلسرائيلي‪ ،‬أكثر منها لشن حرب‬ ‫جديدة‪ ،‬رغم وجود احتمال حصولها في أي‬ ‫وقت للطبيعة العدوانية لهذه الدولة‪ ،‬إال أن ما‬ ‫سيمنع جلوئها إلى احلرب احملدودة أو الشاملة‪ ،‬أن‬ ‫فكرة التوسع اإلسرائيلي قد سقطت‪ ،‬وأن “أمن‬ ‫إسرائيل”‪ ،‬الذي كان يصل إلى حدود باكستان بات‬ ‫محصورا ً في دولة تقيم وراء جدار من اإلسمنت‪،‬‬ ‫ال يضمن األمن للمستوطنني الذين‪ ،‬كل ما‬ ‫تقدمه لهم دولتهم‪ ،‬هو بناء وجتهيز املالجئ‪،‬‬ ‫وقد أقامت أكثر من مناورة بشأنهم‪ ،‬من أجل‬ ‫إدخال األمان إلى نفوسهم‪ ،‬وقد أصيب سكان‬ ‫مستوطنات الشمال ووسط “إسرائيل”‪ ،‬بأزمات‬ ‫نفسية وعصبية‪ ،‬في حرب متوز‪ ،‬بعد أن تساقطت‬ ‫الصواريخ على مستوطناتهم‪ ،‬وهم باتوا أكثر‬ ‫قلقاً‪ ،‬بعد أن تسربت معلومات عن امتالك‬ ‫املقاومة في لبنان لصواريخ يصل مداها إلى ‪350‬‬ ‫كلم‪ ،‬ال بل أن بعضها يصل إلى املفاعل النووي‬ ‫اإلسرائيلي في دميونا‪ ،‬في جنوب فلسطني احملتلة‪،‬‬ ‫وقد س ّربت وسائل اإلعالم اإلسرائيلية معلومات‬ ‫تفيد أن “حزب اهلل” ومع تطورات األحداث في‬ ‫سوريا‪ ،‬نقل أسلحة متطورة جدا ً من مخازن فيها‪،‬‬

‫ومنها صواريخ “سكود” يصل مداها إلى ‪700‬‬ ‫كلم وتصل إلى “إسرائيل” واألردن وتركيا‪ ،‬وحتمل‬ ‫رؤوسا ً بزنة أكثر من طن واحد‪ ،‬كما أن صواريخ‬ ‫من نوع (أ – ‪ ،)60‬ويتحمل رؤوسا ً بزنة ‪ 500‬كلغ‪،‬‬ ‫ويصل مداها إلى ‪ 450‬كلم‪ ،‬إضافة إلى تسلم‬ ‫“حزب اهلل” لصواريخ “أرض – أرض”‪ ،‬مصنوعة‬ ‫في إيران من نوع شهاب ‪ 1‬و ‪ 2‬و‪ ،3‬وفاحت‪ ،‬إلى أنواع‬ ‫أخرى‪ ،‬إال أن أكثر ما يتوقف عنده قادة العدو‪ ،‬هو‬ ‫وصول صواريخ “أرض – جو” مضادة للطائرات‬ ‫إلى “حزب اهلل”‪ ،‬وهذا السالح هو املفاجأة التي‬ ‫ينتظرها اإلسرائيليون في أية حرب قد يغامرون‬ ‫توعد أمينه‬ ‫بها‪ ،‬واستعد لها “حزب اهلل” الذي ّ‬ ‫العام السيد حسن نصر اهلل‪ ،‬أن املعركة املقبلة‬ ‫لن تكون كسابقاتها‪ ،‬ألن املفاجآت فيها كثيرة‪،‬‬ ‫أعدت املقاومة للجيش اإلسرائيلي‪ ،‬العناصر‬ ‫وقد ّ‬ ‫البشرية املد ّربة واألعتدة املناسبة خلوض حرب‬ ‫قد تكون األخيرة مع هذا الكيان املزروع بالقوة‬ ‫العسكرية‪ ،‬والذي لن يزول إال بالقوة ذاتها‪ ،‬إذ‬ ‫يؤكد قادة املقاومة‪ ،‬أن مشروع إزالة “إسرائيل”‬ ‫من الوجود ليس كالما ً نظرياً‪ ،‬بل سيطبق في‬ ‫امليدان‪ ،‬بعد أن متكنت املقاومة ومن خالل صراعها‬ ‫مع العدو اإلسرائيلي على مدى عقود‪ ،‬من كشف‬ ‫نقاط قوته وضعفه‪ ،‬وأن حرب متوز قد بينت هذه‬ ‫النقاط‪ ،‬وحاول العدو سد ثغرات ضعفه‪ ،‬وكذلك‬ ‫فعلت املقاومة‪ ،‬التي متكنت من بناء قوتها‪ ،‬وهي‬ ‫ستخوض حربا ً فاصلة‪ ،‬إذا ما وقعت احلرب‪ ،‬ولن‬ ‫تكون أرض فلسطني بعيدة عن املواجهة‪ ،‬إذ نقل‬ ‫املعركة إلى املستوطنات‪ ،‬هو ما قد يحصل‪ ،‬وقد‬ ‫أظهرت جتربة الوصول إلى األسالك الشائكة‬ ‫في ذكرى تقسيم فلسطني في ‪ 15‬أيار النكبة‪،‬‬ ‫وذكرى ‪ 5‬حزيران النكسة‪ ،‬إن الفلسطينيني‬ ‫قادرون أن يفككوا هذا السياج والعبور إلى داخل‬ ‫فلسطني‪ ،‬وأن الوصول إلى املستوطنات ستكون‬ ‫بداية حرب حترير فلسطني من االحتالل اليهودي‪،‬‬ ‫وهذا ما يفسر احلديث عن إزالة “إسرائيل”‪ ،‬أي‬ ‫عودة فلسطني إلى أبنائها الفلسطينيني وهم‬

‫‪19‬‬

‫موجودون في أراضيهم‪ ،‬لكن يبقى وضع خطة‬ ‫لتحقيق هدف التحرير‪.‬‬ ‫فبعد مرور خمس سنوات على العدوان‬ ‫الصهيوني على لبنان‪ ،‬فإن املقاومة قويت أضعافا ً‬ ‫بشهادات تقارير عسكرية إسرائيلية‪ ،‬إذ حتدثت‬ ‫املعلومات عن امتالك املقاومة لصاروخ مضاد‬ ‫للدبابات من نوع (‪ )Sogger – AT‬وهو نوع جديد‬ ‫قد يدخل املعركة بعد أن استخدمت املقاومة‬ ‫قاذف ‪ cornet‬الذي كان له فعالية بتدمير دبابة‬ ‫امليركافا من اجليل الرابع اإلسرائيلي املتط ّور‪ ،‬وأن‬ ‫الصاروخ اجلديد‪ ،‬سيكون له فعالية أكثر‪ ،‬بعد أن‬ ‫مت إجراء تطويرات على “امليركافا”‪ ،‬حيث بدأ القلق‬ ‫يساور قادة العدو عن أنواع األسلحة التي وصلت‬ ‫إلى املقاومة‪ ،‬إذ تتحدث “إسرائيل” عن امتالكها‬ ‫لصواريخ من نوع (‪ )spigot AT -4‬وهي موجهة‬ ‫إلى الدبابات على مسافة ثالثة كيلومترات‪.‬‬ ‫وال يكتفي قادة العدو باإلشارة إلى السالح‬ ‫اجلديد الذي امتلكته املقاومة‪ ،‬بل يتحدثون عن‬ ‫صواريخ “أرض – جو” من نوع (‪ )IRstRella‬لردع‬ ‫الطيران اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫فقدرة املقاومة الردعية‪ ،‬باتت أضعافا ً مضاعفة‪،‬‬ ‫يقدر وزير الدفاع اإلسرائيلي إيهود باراك عدد‬ ‫إذ ّ‬ ‫الصواريخ بأكثر من ‪ 40‬ألف‪ ،‬ويرد السيد نصر اهلل‬ ‫بابتسامة على ما يتناقله قادة العدو‪ ،‬وهو ّ‬ ‫بشر‬ ‫بأن االختراق اخملابراتي األميركي لعناصر من “حزب‬ ‫اهلل”‪ ،‬لم يصل إلى معرفة القدرة الصاروخية‬ ‫وطمن أن‬ ‫للمقاومة‪ ،‬وال أماكن وجود مخازنها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أسرار املقاومة‪ ،‬لن تصل إلى العدو اإلسرائيلي‬ ‫الذي لم يستطع خالل احلرب املاضية من أن يدمر‬ ‫البنى التحتية العسكرية للمقاومة‪ ،‬ال بل أن‬ ‫باراك يؤكد أن املقاومة تستطيع أن تقصف يوميا ً‬ ‫بحوالي ‪ 400‬صاروخ تصل زنتها إلى ‪ 50‬طناً‪ ،‬بينما‬ ‫“إسرائيل” لديها اإلمكانية ان تقصف بقوة ‪1500‬‬ ‫طن‪ ،‬في اإلشارة إلى أن حربها التدميرية أكبر‪ ،‬من‬ ‫اجل ردع املقاومة‪ ،‬ومنع وقوع احلرب‪.‬‬

‫زهير العياش‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫اختطاف الدبلوماسيين اإليرانيين على حاجز للقوات ُسجّ ل رسمياً في األمم المتحدة‬

‫السفير اإليراني في لبنان أبادي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫ر ُّدنا سيكون قاسياً إذا استهدفتنا «إسرائيل» وحلفاء أميركا‬ ‫الثورة اإليرانية هي من أعظم الثورات‬ ‫الشعبية التي شهدها العصر احلديث‪ ،‬وأن‬ ‫قائدها البطل آية اهلل اخلميني (قده) قد‬ ‫نزل في التاريخ كواحد من أعظم القادة‪،‬‬ ‫وهو الذي أنقذ شعبه من النفوذ األجنبي‬ ‫والفساد واالستغالل ليقيم جمهورية‬ ‫إسالمية حديثة‪ ،‬أصبحت منوذجاً مشرقاً‬ ‫عن التعاليم اإلسالمية األصيلة السمحاء‪.‬‬ ‫لقد أعلن اإلمام اخلميني بعد انتصار‬ ‫الثورة اإلسالمية في إيران‪ ،‬قطع كامل‬ ‫لكل العالقات السياسية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية بني طهران والكيان الصهيوني‪،‬‬ ‫وانتقل بإيران من حال الى آخر مغاير‪ ،‬فوقفت‬ ‫بحزم الى جانب القضايا احملقة للشعوب‬ ‫وفي مواجهة قوى االستكبار والظلم‬ ‫في العالم أجمع‪ ،‬وكانت الرؤية واضحة‪،‬‬ ‫الكيان الصهيوني غدة سرطانية يجب‬ ‫إزالتها‪ ،‬ووضعت إيران كافة إمكانياتها‬ ‫وطاقاتها في خدمة الهدف األسمى‪ ،‬ورأت أن‬ ‫اختالل األمن واالستقرار في املنطقة ناشئ‬ ‫منذ البداية بسبب السياسة األميركية‬ ‫الظاملة والالأخالقية املتمثلة في زرع‬ ‫الكيان الصهيوني في املنطقة ومساندته‬ ‫باملال والسالح ليكون حارساً ملصالح‬ ‫قوى االستكبار في العالم ومعول هدم‬ ‫في املنطقة يبقي التخلف لربط شعوب‬ ‫املنطقة بعجلة االستعمار‪.‬‬ ‫لكن اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪،‬‬ ‫كانت دائماً باملرصاد لتحركات القوى‬ ‫الظاملة واملتسلطة‪ ،‬واستطاعت إفشال كل‬ ‫محاوالت األعداء للنيل منها‪ّ ،‬‬ ‫ومتكنت خالل‬ ‫وقت قياسي الى اختصار املسافات‪ّ ،‬‬ ‫ومتكنت‬ ‫من بناء قدراتها االقتصادية واالجتماعية‬ ‫باالعتماد على إمكانياتها الذاتية وتضحيات‬ ‫الشعب اإليراني العظيم‪ ،‬بحيث غدت إيران‬ ‫اليوم قوة إقليمية وعاملية يحسب لها‬ ‫األعداء ألف حساب‪.‬‬ ‫وفي هذه األيام بالتحديد تبدو عظمة‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اإلجناز وصحة الرؤيا اإليرانية وهي التي‬ ‫أعدت العدة وبكل اقتدار ومفخرة‪ ،‬وحتوّلت‬ ‫الى حارسة لكل القيم النبيلة في‬ ‫أمتنا‪ ،‬عنوانها حفظ املقاومة وحمايتها‬ ‫وصيانتها ومواجهة تهديدات األعداء‬ ‫ومؤامراتهم‪.‬‬ ‫وعندما نتح ّدث عن إيران‪ ،‬إمنا نتح ّدث‬ ‫عن مستقبل هذه األمة في مواجهة قوى‬ ‫االستكبار في العالم‪ ،‬كما نتح ّدث عن‬ ‫عمقنا املقاوم ونصير احلق في مواجهة‬ ‫الباطل‪.‬‬ ‫ولنقل موقف اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية ورؤيتها من األحداث والتطورات في‬ ‫املنطقة كان لـ “منبر التوحيد” لقاء مع‬ ‫سفير اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية في‬ ‫لبنان غضنفر ركن أبادي في حوار هنا نصه‪:‬‬

‫‪20‬‬

‫قضية الدبلوماسيني اإليرانيني األربعة منذ‬ ‫عام ‪ ،1982‬هذه القضية الشاهد على اجلرمية‬ ‫الصهيونية والتي استهدفت املس بإيران وهي‬ ‫في مرحلة النهوض والثورة بعد التخلص من‬ ‫نظام الشاه املوالي لـ “إسرائيل”‪ ،‬ما مصير‬ ‫الدبلوماسيني اإليرانيني األربعة؟ وهل من‬ ‫إجراءات على املستوى الدولي ومعاهدة جنيف؟‬ ‫بالنسبة لهؤالء الدبلوماسيني األربعة نحن‬ ‫منذ اللحظة األولى بدأنا باملتابعة مع كل‬ ‫احلكومات التي تعاقبت منذ العام ‪ 1982‬حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬ومتابعتنا لهذه القضية شملت شقني‬ ‫ذلك املتعلق بلبنان والشق الدولي‪ ،‬حيث تابعنا‬ ‫القضية مع جهات دولية وعلى رأسها منظمة‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬ففي سنة ‪ 2009‬أرسلنا رسالة‬ ‫الى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة من وزارة‬ ‫اخلارجية اإليرانية وبدوره أرسل هذه الرسالة‬ ‫وس ّجلت كوثيقة رسمية في‬ ‫الى األمم املتحدة ُ‬ ‫األمم املتحدة بأن الدبلوماسيني اإليرانيني األربعة‬ ‫اختطفوا في لبنان‪ ،‬وهذا أمر محسوم على حاجز‬ ‫للقوات اللبنانية‪ ،‬ومبتابعتنا لم نحصل حتى اليوم‬ ‫على شيء يثبت أنهم ُقتلوا بل على العكس ال‬ ‫يوجد حتى وثيقة واحدة أو مؤشر واحد يدل على‬ ‫أنهم قتلوا في لبنان أو خارجه أو أي مكان آخر‪،‬‬ ‫واملؤشرات واملعلومات جميعها تؤكد أنهم أحياء‬ ‫وس ّلموا الى الكيان الصهيوني ومسجونون في‬ ‫ُ‬ ‫السجون اإلسرائيلية‪ ،‬لذلك ركزنا على الدور‬ ‫الدولي وباألخص األمم املتحدة في هذا اجملال‪ ،‬وهنا‬ ‫في لبنان نتابع املوضوع مع مكتب األمم املتحدة‬ ‫في بيروت وأيضا ً مع مكتب الصليب األحمر في‬ ‫بيروت‪ ،‬وفي طهران تتابع القضية مع ممثلية األمم‬ ‫املتحدة في طهران والصليب األحمر الدولي‬ ‫ومنظمات حقوق اإلنسان في األمم املتحدة وخاصة‬ ‫في جنيف‪.‬‬ ‫وفي الشق اللبناني هذه السنة‪ ،‬زارت عائالت‬ ‫الدبلوماسيني األربعة فخامة رئيس اجلمهورية‬


‫هذه هي قدرات إيران‬ ‫ّ‬ ‫متكنت من إطالق صواريخ من األمكنة التي ال ميكن للجانب‬ ‫اآلخر معرفة مكانها‬ ‫تصنيع طائرات مدنية وحربية وسفنا حربية وغواصات‬ ‫تصنيع مليون ونصف مليون سيارة في السنة يستوردها‬ ‫‪ 16‬بلدا ً في العالم إضافة الى الباصات التي تنافس الباصات‬ ‫األوروبية‬ ‫احتالل املرتبة الثانية عامليا ً على صعيد النفط والغاز‬ ‫املرتبة األولى إقليميا ً في مجال التكنولوجيا والطاقة النووية‬ ‫وإطالق رادارات فضائية‬ ‫وصلت الى مستوى الـ ‪ % 20‬على صعيد تخصيب‬ ‫اليورانيوم‪.‬‬ ‫على الصعيد الزراعي كالقمح وصلت إيران الى االكتفاء‬ ‫الذاتي وتصدر القمح الى خارج البالد‬ ‫ميشال سليمان ومعالي وزير اخلارجية عدنان‬ ‫منصور واتفقنا على صيغة ملتابعة هذا املوضوع‬ ‫بشكل أكثر جدية من السابق ونأمل أن نصل الى‬ ‫نتائج إيجابية في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املؤكد أن قوة إيران وموقعها وتأثيراتها‬ ‫من‬ ‫على املنطقة بشكل عام هي محط اهتمام‬ ‫كبير‪ ،‬حيث األنظار متجهة صوب إيران‪ ،‬ومن‬ ‫هنا فإن موقف إيران من قضايا املنطقة أصبح‬ ‫يحظى بأهمية استثنائية في هذا الوقت‪،‬‬ ‫السؤال‪ ،‬ملاذا تزداد الضغوط األميركية والغربية‬ ‫عموماً على إيران؟‬ ‫تلك الضغوط هي أمر طبيعي‪ ،‬منذ انتصار‬ ‫الثورة اإلسالمية في إيران حتى يومنا هذا‪ ،‬ألن‬ ‫إيران هي البلد الوحيد في العالم الذي ّ‬ ‫يؤكد على‬ ‫حقوق كل البلدان في العالم‪ ،‬وعلى إحقاق حقوق‬ ‫كل الشعوب‪ ،‬وتدعم القضايا احملقة والعادلة‬ ‫وتقف في وجه أكبر معت ِد وغاصب في العالم‬ ‫هو الكيان الصهيوني‪ ،‬وهي أول بلد قام بإغالق‬ ‫السفارة اإلسرائيلية وسلمها الى ممثل منظمة‬ ‫التحرير الفلسطينية‪.‬‬ ‫وبدلنا إيران الشاه الذي كان حليفا ً لـ “إسرائيل”‬ ‫ّ‬ ‫وأميركا الى إيران الثورة التي أصبحت حليفة لكل‬ ‫صاحب حق‪ ،‬بغض النظر عن دينه ومذهبه وانتمائه‬ ‫السياسي ألننا ّ‬ ‫نؤكد أن صاحب احلق هو صاحب ال‬ ‫ينبغي أن يهدر أو يرغم في أي نقطة من جوانب‬ ‫املعمورة وهذا واجب يترتب على عاتق إيران وكل‬ ‫اإليرانيني لدعم قضايا املظلومني واملستضعفني‬ ‫في كل أرجاء هذه املعمورة‪ ،‬على هذا األساس‬ ‫من الطبيعي أن تكون هذه الضغوط بأشكالها‬ ‫اخملتلفة ممن حاولوا إسقاط الثورة اإلسالمية منذ‬ ‫بدايتها‪ ،‬وإسقاط النظام عبر التوصل الى انقالبات‬ ‫مختلفة أو توقيف هذا النظام أو فرض سياسة‬ ‫احلصار املفروضة منذ ‪ 8‬سنوات على إيران‪.‬‬

‫هم متسكوا بكل الطرق من أجل إسقاط هذا‬ ‫النظام أو تغيير سلوكه ولكن بعد ‪ 32‬سنة‬ ‫وبالرغم من قوة هذه الضغوطات متكنا من‬ ‫الوصول الى االكتفاء الذاتي في أغلبية اجملاالت‪،‬‬ ‫وحتى ذلك اليوم لم يتمكنوا من إسقاط النظام‬ ‫ألنه في بداية الثورة اإلسالمية في إيران لم يكن‬ ‫لدينا أي شيء واستطعنا أن نقف ونصمد ونستمر‬ ‫فماذا بعد ‪ 32‬سنة بعدما حصلنا على كل شيء‪،‬‬ ‫اقتصاديا ً وسياسيا ً ما يكفل لنا حماية سيادتنا‬ ‫ومواجهة سياسة العقوبات الغربية عليها عبر‬ ‫االكتفاء الذاتي في معظم اجملاالت‪ ،‬مدنية كانت‬ ‫أو تكنولوجية أو نووية أو عسكرية إذ استطعنا‬ ‫التوصل مؤخرا ً الى إطالق صواريخ من األمكنة‬ ‫التي ال ميكن للجانب اآلخر معرفة مكانها‪ ،‬وبتنا‬ ‫نصنع طائرات مدنية وحربية وسفنا حربية‬ ‫وغواصات وبتنا نصنع مليونا ً ونصف مليون سيارة‬ ‫في السنة يستوردها ‪ 16‬بلدا ً في العالم إضافة‬ ‫الى الباصات التي تنافس الباصات األوروبية‪،‬‬ ‫ونستطيع أن نقول كل هذه الضغوطات كانت‬ ‫بركة للجمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬اذ بتنا على‬ ‫صعيد النفط والغاز نحتل املرتبة الثانية عاملياً‪،‬‬ ‫وفي مجال التكنولوجيا والطاقة النووية املرتبة‬ ‫األولى إقليميا ً وأطلقنا رادارات فضائية‪ ،‬ووصلنا الى‬ ‫مستوى الـ ‪ % 20‬على صعيد تخصيب اليورانيوم‬ ‫كما على الصعيد الزراعي كالقمح مثالً‪.‬‬ ‫لذلك فهم لن يصلوا الى أي نتيجة في هذا‬ ‫اإلطار إال أن يخضعوا لكلمة احلق‪.‬‬ ‫جنحت إيران في إفشال سياسة العقوبات‬ ‫الغربية عليها عبر االكتفاء الذاتي في معظم‬ ‫اجملاالت‪ ،‬السؤال‪ ،‬ما هي الرسائل املباشرة وغير‬ ‫املباشرة ملناورات “الرسول األعظم” األخيرة‪،‬‬ ‫وما هو اجلديد في قدرات إيران العسكرية‬ ‫والتكنولوجية؟‬

‫‪21‬‬

‫لتلك املناورات رسالة واحدة هي تأكيد على‬ ‫نتحدى‬ ‫املواقف التي أعلناها سابقاً‪ ،‬نحن حتى اآلن‬ ‫ّ‬ ‫كل من يقول أننا قمنا باالعتداء على أي بلد في‬ ‫العالم‪ ،‬فهم دائما ً يقومون بتخويف البلدان‬ ‫من إيران‪ ،‬من هنا رسالتنا الى كل العالم‪ ،‬هي‬ ‫رسالة سالم ومحبة ومودة ورسالة إحقاق حقوق‬ ‫الشعوب‪ ،‬ال ميكن أن نتحمل سياسة الظلم على‬ ‫الشعوب‪ ،‬إذ يجب حتقيق حقوق الشعوب‪ ،‬وال‬ ‫ميكن أن يكون هناك دميقراطية جيدة إذا كانت‬ ‫هذه الدميقراطية في إطار املصالح األميركية‬ ‫واإلسرائيلية‪.‬‬ ‫لذلك لن نرضى بسياسة الكيل مبكيالني‪،‬‬ ‫لذلك قمنا هذه السنة في إيران بعقد مؤمتر دولي‬ ‫ملكافحة اإلرهاب بحضور شخصيات ورؤساء من‬ ‫دول العالم حتى يتم االتفاق على تعريف دقيق‬ ‫ملصطلح اإلرهاب واإلرهابي والفرق األساسي بني‬ ‫اإلرهاب واملقاومة في العالم‪.‬‬ ‫على هذا األساس نحن أوال ً ندين أي اعتداء على‬ ‫أي بلد في العالم‪ ،‬و ثانيا ً نترجم عمليا ً ما قلناه إذا‬ ‫استهدفنا من جانب “إسرائيل” وحلفاء أميركا في‬ ‫العالم ونعلن أن لدينا القوة للقيام بالرد بشكل‬ ‫قاس كي نثبت ما نقوله قمنا بهذه املناورات‪ ،‬لكن‬ ‫ِ‬ ‫إذا أرادوا أن يواجهونا بالقوة فسنواجههم بقوة‬ ‫أشد قسوة وأشد لهجة منهم‪.‬‬ ‫هناك أموال أميركية وصهيونية تضخ في‬ ‫املنطقة تترافق مع إشاعة موجات العداء‬ ‫للجمهورية اإلسالمية اإليرانية بهدف بث‬ ‫الفرقة وإثارة الفتنة املذهبية في املنطقة‪ ،‬وما‬ ‫هدف هذه املشاريع؟ وكيفية الرد عليها؟‬ ‫هذا الشيئ ليس أمرا ً جديداً‪ ،‬فموضوع إثارة‬ ‫الفنت والفرقة ليست بني مذاهب معينة‪ ،‬ما‬ ‫يهمهم هو إثارة الفرقة والفنت أينما ُوجدت‬ ‫أرضية مناسبة لذلك ليوجدوا خالفا بني املسلمني‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫أنفسهم وبني املسيحيني أنفهسم وبني املسلمني‬ ‫واملسيحيني وبني األديان نفسها واملذاهب‪ ،‬فما‬ ‫يهمهم هو أن يكون هذا اخلالف وهذه التفرقة‬ ‫موجودة ولو بأي شكل من األشكال ألنهم ال‬ ‫يعترفون ال بالشيعة وال بالسنّة وال باملسيحية‬ ‫وال بأي دين من األديان السماوية‪ ،‬سياستهم‬ ‫يقولون الصهاينة نحن الشعب اخملتار حتى أنهم‬ ‫ال يعترفون باليهودية‪ ،‬فعلى هذا األساس سيكون‬ ‫من الطبيعي أن يبحثوا دائما ً عن أرضيات مناسبة‬ ‫ليستغلونها ألجل إثارة الفنت والفرقة‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫األساس دائما ً ميولون مشاريع كبيرة ألجل الوصول‬ ‫الى هذا الهدف ولكن حتى اآلن لم يصلوا الى‬ ‫أي نتيجة إلجناح هذه السياسة‪ ،‬وخير دليل على‬ ‫ذلك إصدار القرار االتهامي إلثارة الفتنة والفرقة‪،‬‬ ‫ولكن شهدنا كيف واجه الشعب اللبناني بكل‬ ‫طوائفه وشرائحه واستوعب هذا املوضوع بكل‬ ‫وعي وحكمة ودراية وكذلك الرأي العام العاملي‬ ‫أيضا ً استوعب أن كل ذلك ليس إال أداة ألجل إثارة‬ ‫الفنت والفرقة‪ ،‬وهم فشلوا في الوصول الى هذا‬ ‫الهدف‪.‬‬ ‫ورمبا غدا ً يقومون بشيء آخر إذ هذا مشروعهم‬ ‫منذ فجر التاريخ أي منذ تأسيس هذا الكيان‬ ‫الغاشم اإلسرائيلي والواليات املتحدة األميركية‬ ‫إذ دائما ً يبحثون عن أرضيات مناسبة إلثارة الفنت‬ ‫وميولون املشاريع التي تخدم مصاحلهم‪ ،‬ولكنهم‬ ‫لم ولن يصلوا الى حتقيق مآربهم‪.‬‬

‫املبدأ ال يتغيّر‬ ‫ما جرى ويجري في البحرين‪ ،‬كان محاولة‬ ‫الستفزاز إيران وااللتفاف على “الثورات” في‬ ‫مصر أو تونس وغيرها‪ ،‬جنحت إيران في عدم‬ ‫االجنرار ولكنها حافظت على ثوابتها‪ ،‬ماذا تقول‬ ‫للشعب العربي في اخلليج واملنطقة؟‬ ‫إليران موقف مبدئي وال ميكن أن يتغ ّير في أي بلد‬ ‫من العالم‪ ،‬وهو دعم القضايا احملقة للشعوب‪ ،‬وال‬ ‫نرضى بسياسة الكيل مبكيالني‪ ،‬إزاء ما يحدث في‬ ‫البحرين حيث كانوا يريدون جرنا الى حرب فيها‬ ‫بعد إدخال القوات اخلليجية “درع اجلزيرة” إليها‪،‬‬ ‫وهم لذلك في مأزق حقيقي ويريدون نقل األزمة‬ ‫الى مكان آخر لكي تعتبر إيران هي العدو بدال ً عن‬ ‫“إسرائيل”‪ .‬كنا واعني لهذه املؤامرة‪ ،‬ونحن نسعى‬ ‫باستمرار لطمأنة اجلميع‪ .‬فكما كان موقفنا‬ ‫في البحرين كذلك أعلنا موقفنا في سوريا بأن‬ ‫ثمة مطالب محقة باإلصالحات في سوريا كما‬ ‫في دول كثيرة في العالم كأميركا وفرنسا‪ ،‬وقد‬ ‫بدأ الرئيس بشار األسد بها قبل تلك املطالبات‪،‬‬ ‫ولكن أسلوب تعاطي النظام السوري مع الشعب‬ ‫السوري مختلف متاما ً ألنه الى جانب املطالب‬ ‫احملقة للشعب هناك مجموعات مخربة إرهابية‬ ‫مدعومة من اخلارج وخير دليل زيارة سفير الواليات‬ ‫املتحدة األميركية لدعم مجموعة احملرضني ضد‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫النظام‪ ،‬لذا الوضع هناك مختلف ذلك أن دور سوريا‬ ‫مستهدف ألنها تدعم املقاومة وتتحالف مع إيران‪،‬‬ ‫ونحن ندعم الثورات الشعبية التي تكون مبواجهة‬ ‫املشروع الصهيوني املدعوم أميركياً‪ ،‬كما أننا‬ ‫لسنا مع أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية‬ ‫للبلدان ألي مؤامرة مخططة من اخلارج‪ ،‬فعلى‬ ‫هذا األساس في موضوع البحرين أعلنا مواقف‬ ‫وأعلنا عن دعمنا للمطالب احملقة للشعوب‪ ،‬وهذه‬ ‫األمور ستُحل باالتفاق بني املطالب الشعبية في‬ ‫البحرين وبني املسؤولني في النظام البحريني لكن‬ ‫املهم أن يفسحوا اجملال أمام الشعب البحريني‬ ‫ليعلن مطالبه اإلصالحية وليس مطالبه في‬ ‫إسقاط النظام‪ ،‬وسيكون من الطبيعي أن تلبى‬ ‫تلك املطالب اإلصالحية والشعبية في البحرين‪.‬‬ ‫كيف تقرأون الوضع في سوريا في ضوء‬ ‫األحداث األخيرة؟‬ ‫بحسب آخر املطالعات من الساحة السورية‪،‬‬ ‫نحن نعتبر أن اجللوس على طاولة احلوار ونقل‬ ‫االحتجاجات من الشارع الى صاالت احلوار‪ ،‬هي‬ ‫خطوة إيجابية بناءة للوصول الى األهداف املرجوة‬ ‫إن كان من جانب الشعب في سوريا أو من جانب‬ ‫املسؤولني في النظام السوري‪ ،‬لذلك نحن نعتبر أن‬ ‫بهذه اخلطوة تستطيع سوريا أن حتل مشاكلها‪.‬‬ ‫ما يقال عن استحقاق أيلول في األمم املتحدة‬ ‫واحلديث عن إعالن دولة فلسطينية‪ ،‬هو محاولة‬ ‫للبحث في الشكليات التي ال تقدم وال تؤخر‬ ‫في موضوع الصراع في املنطقة ولصرف األنظار‬ ‫عن املشروع الذي يستهدف املنطقة‪ ،‬ما رأيك؟‬ ‫(املفاوضات الهزيلة)‪.‬‬ ‫احلديث عن إقامة دولتني ليس إال حديث‪،‬‬ ‫ونعتقد أن الكيان اإلسرائيلي ال ميكن أن يقبل‬ ‫مبثل هذا الشعار‪ ،‬ونحن لسنا مع قيام دولتني في‬ ‫فلسطني إذ نعتبر أن الكيان الصهيوني غاصب‬ ‫ومعتد ومحتل‪ ،‬من هنا نحن مع حترير كل أراضي‬ ‫فلسطني التي احتلت سنة ‪ 1948‬و ‪ 1967‬ولكن‬ ‫حتى القرارات الدولية التي ّ‬ ‫تؤكد حق الشعب‬ ‫الفلسطيني ال تُنفذ ألن الكيان الصهيوني ال يريد‬ ‫ذلك‪ ،‬وألن أميركا ّ‬ ‫تؤكد دوما ً أن أمن “إسرائيل” من‬ ‫أمنها والعكس‪ ،‬على هذا األساس كل ذلك حديث‬ ‫يتم‪ ،‬إال باالستعانة بالشعب واملقاومة‬ ‫وال ميكن أن ّ‬

‫‪22‬‬

‫وخير مثال على ذلك أن َمن قام بتنفيذ القرار ‪425‬‬ ‫في لبنان هما املقاومة والشعب اللبناني‪ .‬فنحن‬ ‫وصلنا الى عصر نحتاج فيه لتنفيذ القرارات‬ ‫الدولية بالشعب واملقاومة‪ ،‬وال يوجد أي لغة إال‬ ‫لغة املقاومة والصمود والقوة ألن ما أُخذ بالقوة ال‬ ‫ميكن أن يسترد إال بالقوة‪.‬‬ ‫كان لكم موقفاً من مسألة احملكمة الدولية‬ ‫والقرار االتهامي الذي يستهدف لبنان حول‬ ‫التسييس املرافق لهما والتوقيت أيضاً‪ ،‬ما‬ ‫رأيك؟‬ ‫موقفنا واضح منذ البداية‪ ،‬ونحن ننظر إلى‬ ‫األمور من منظار أوسع وأشمل بكثير من موضوع‬ ‫احملكمة وغير احملكمة‪ ،‬وإيران أول بلد يريد معرفة‬ ‫احلقيقة‪ ،‬وكشف اجملرمني اجلناة حملاكمتهم‬ ‫ومعاقبتهم بأشد العقوبة‪ ،‬ولكن كل هذه‬ ‫األمور يجب أن تتم بعيدا ً عن التسييس كل‬ ‫البعد‪ ،‬والقرار بذلك يعود الى لبنان وبالتحديد‬ ‫الى احلكومة اجلديدة برئاسة جنيب ميقاتي التي‬ ‫نتمنى لها النجاح في تلبية املطالب الشعبية‬ ‫وتنفيذ املشاريع اإلمنائية واالقتصادية واملعيشية‬ ‫وتعويض لبنان ما فاته من أجل متتني وحدة‬ ‫الشعب اللبناني وتقدمه وازدهاره‪.‬‬ ‫من هنا أعلنا موقفنا جتاه احملكمة والقرار‬ ‫االتهامي وأكدنا أننا مع العدالة غير املس ّيسة‪.‬‬ ‫أين أصبحت االتفاقيات اإليرانية اللبنانية‬ ‫التي وُقعت خالل زيارة الرئيس محمود أحمدي‬ ‫جناد الى لبنان؟ هل سيستمر التعاون مع‬ ‫احلكومة اجلديدة فيما يتعلق بتلك االتفاقيات؟‬ ‫ّ‬ ‫ونؤكد أن إيران حاضرة‬ ‫في هذا اإلطار نعود‬ ‫على الدوام ملساعدة لبنان في مختلف القضايا‬ ‫االقتصادية واإلمنائية وتنفيذ ما اتُفق عليه بني‬ ‫اجلانبني اللبناني واإليراني من اتفاقيات وتفاهمات‬ ‫(‪ 16‬اتفاقية خالل زيارة الرئيس محمود أحمدي‬ ‫جناد الى لبنان‪ ،‬و‪ 9‬اتفاقية خالل زيارة الرئيس سعد‬ ‫احلريري الى طهران) تخدم املصلحة املشتركة‬ ‫للبلدين‪ ،‬ونأمل تنفيذ هذه االتفاقيات خالل هذه‬ ‫السنة خاصة بعد والدة احلكومة اجلديدة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫محمود صالح‬


‫في محاضرة بجامعة دمشق‬ ‫وهاب‪ :‬سوريا بحاجة لكفاءاتها لتطوير إصالحاتها‬ ‫أشار رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب إلى‬ ‫“أ ّن البعض يقول بأ ّن النظام في سوريا يخترع ما‬ ‫يسمى باملؤامرة ويحاول تخويف الناس من ذلك”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫معتبرا ً “أ ّن النظام ال يفتعل وجود مؤامرة‪ ،‬بل إ ّن‬ ‫سوريا بالفعل تتعرض لذلك‪ ،‬لكننا لم ندرك خطورة‬ ‫ما كان يحصل منذ البداية‪ ،‬أما اآلن وبعد أشهر من‬ ‫األحداث‪ ،‬أدركنا بالفعل بأ ّن سوريا تتعرض ملؤامرة‬ ‫كبيرة إلسقاطها‪ ،‬ألنها رقم صعب‪ ،‬واملطلوب إزالته‪،‬‬ ‫ودور إقليمي يجب تدميره‪ ،‬وألنها ممر إجباري إلى‬ ‫العراق وفلسطني ولبنان‪ ،‬واملطلوب إلغاؤه»‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء خالل محاضرة بعنوان “سوريا‬ ‫بني اإلصالح واملؤامرة”‪ ،‬ألقاها في قاعة املؤمترات‬ ‫في كلية طب األسنان في جامعة دمشق بحضور‬ ‫رئاسة اجلامعة واألقسام‪ ،‬نقابتَي الطب البشري‬ ‫وأطباء األسنان‪ ،‬واإلحتاد الوطني لطلبة سوريا‪،‬‬ ‫بحيث قال وهاب‪“ :‬عندما دعم بشار األسد املقاومة‬ ‫في فلسطني والعراق ولبنان‪ ،‬كان يفكر بحماية‬ ‫األمة كلها‪ ،‬ولكن ليس املطلوب ‪ -‬وفقا ً للحسابات‬ ‫األميركية ‪ -‬إنسحاب سوريا من لبنان‪ ،‬بل إلغاء‬ ‫ولكن وجود املقاومة هي جزء‬ ‫دور “حزب اهلل” فيه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من ضمير األمة وموجودة بقرار الشعب اللبناني‪،‬‬ ‫وهذه املقاومة حققت من إجنازات وانتصارات ما‬ ‫عجزت أموال ونفط احلكام العرب عن حتقيقه‪ ،‬ومن‬ ‫املمنوع هزميتها حتى لو حصلت حربا ً إقليمية‪ ،‬وال‬ ‫هزمية سوريا حتى لو حصلت حرباً‪ ،‬وهذا األمر تبلغه‬ ‫اجلميع حتى أولئك الذين حاولوا إعطاء الدروس في‬ ‫األيام األولى لألحداث‪ ،‬وكأنهم سالطني ونحن رعايا‬ ‫في تلك السلطنة”‪ ،‬مثنيا ً على موقف اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية اإليرانية في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫تصدقون بأ ّن سوريا التي‬ ‫وتساءل وهاب‪“ :‬هل‬ ‫ّ‬ ‫دُفع الدم واجلهد إلعمارها‪ ،‬ميكن أن يتم إسقاطها‬ ‫واإلستيالء عليها بهذه السهولة؟ َمن يعتقد بأنه‬ ‫ميكنه ‪ -‬وكما قلنا سابقا ً – أن يسقط هذه القلعة‬ ‫الصامدة‪ ،‬وهو موجود في باريس بدعم من اخملابرات‬ ‫العربية أو األميركية‪ ،‬فهو مخطىء‪ ،‬و َمن يريد أن‬ ‫يستلم السلطة ويقيم اإلصالح‪ ،‬فلذلك أصول على‬ ‫اجلميع احترامها‪ ،‬وعليهم التن ّبه إلى أنه ال ميكن‬ ‫إصالح الفساد ومعاجلته بهذه السرعة‪ .‬أعتقد‬ ‫بأ ّن هناك قرار حقيقي لدى الرئيس األسد لإلصالح‬ ‫واحلوار الوطني‪ ،‬و َمن يتجاوب مع ذلك ويأتي لنقاش‬ ‫عقالني ومنطقي يؤدي إلى تطوير سوريا‪ ،‬سيكون‬ ‫مرحب به‪ ،‬أل ّن سوريا بحاجة جلهود كل أبنائها أكانوا‬ ‫َّ‬ ‫داخلها أو خارجها‪ ،‬وهي بحاجة لكل كفاءاتها‬ ‫لتطوير أنظمتها السياسية‪ ،‬ولكن َمن يعتبر‬ ‫بأ ّن الفوضى أو التخريب هو وسيلة لوصوله إلى‬ ‫السلطة‪ ،‬يكون قد أخطأ العنوان‪ ،‬أل ّن سوريا وكل‬ ‫حلفاءها في املنطقة‪ ،‬لن يسمحوا بأن يمُ َس أمنها أو‬ ‫أن يتم اإلعتداء عليها»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬إ ّن الهجمة اخلارجية على سوريا‬

‫حدا ً لنفسها‪ ،‬أل ّن األميركي وبعد أن ركب‬ ‫بدأت تضع ّ‬ ‫موجات بعض الثورات العربية‪ ،‬ووصل إلى سوريا‪،‬‬ ‫وجد بأ ّن الشعب السوري يقرأ جيدا ً النماذج املوجودة‬ ‫في املنطقة العربية إن في السودان أو مصر أو ليبيا‬ ‫أو اليمن أو تونس أو غيرها‪ ،‬ويرفض أن تصبح سوريا‬ ‫مثيلة لتلك الدول‪ ،‬كما وجدوا بأ ّن اجليش العربي‬ ‫السوري قوي‪ ،‬وهنا على الدولة في سوريا تعزيز‬ ‫وتقوية وضع هذا اجليش ألنه أنقذ سوريا واألمة‬ ‫أجمع من أزمة كان من اخملطط أن تقع بها‪ ،‬أما اآلن‬ ‫فاألميركي ال يريد سوى متديد سنتني له في العراق‪،‬‬ ‫وهو مستعد للتنازل للجميع خاصة سوريا وإيران”‪،‬‬ ‫مخاطبا ً اجلانب الفرنسي‪“ :‬أيها الغبي‪ ،‬سوريا هي‬ ‫الدولة العلمانية الوحيدة املتبق ّية في هذه املنطقة‪،‬‬ ‫والتي التزال تتم فيها ممارسة كل الشعائر الدينية‬ ‫اخملتلفة بكل حرية»‪.‬‬ ‫وخاطب وهاب الشعب السوري‪“ :‬إ ّن جز ًءا من‬ ‫املعادلة اخلارجية قد سقط‪ ،‬لكن عليكم اإلكمال‬

‫‪23‬‬

‫في إسقاط املعادلة الداخلية والتي كادت أن تسبب‬ ‫فوضى كبيرة‪ ،‬فهو اليوم صراع على حياة أو موت‪،‬‬ ‫ألنه صراع على مصالح األمة‪ ،‬وما يبقينا إلى جانب‬ ‫سوريا هو موقفها القومي العروبي‪ ،‬لذلك سنقاتل‬ ‫معها دائماً‪ .‬من هنا‪ ،‬إياكم التفكير بأ ّن هناك ق ّوة في‬ ‫العالم ميكن لها هزميتكم إذا كنتم أقوياء‪ ،‬ويكفي‬ ‫تهويالً‪ ،‬فعندما يتدخل األطلسي‪ ،‬سيسقط مئة‬ ‫ألف صاروخ على “إسرائيل”‪ ،‬مما يعني بأنها أصبحت‬ ‫أكثر في دائرة اخلطر‪ .‬أما في الداخل السوري‪ ،‬فقرار‬ ‫الرئيس األسد هو أ ّن األمر ال يُعالج بالعنف‪ ،‬بل باحلوار‬ ‫والنقاش واإلصالح‪ ،‬حتى لو توقفت املطالبة بذلك‪.‬‬ ‫لذلك أقول لكم‪ :‬سوريا أمانة في أعناقنا جميعاً»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬إذا كنتم تريدون سوريا ساحة كما‬ ‫يحاول البعض جعلها اليوم‪ ،‬األمر ميكن أن يحصل‪،‬‬ ‫ولكن له نتائج خطيرة‪ ،‬أما إذا كنتم تريدونها العبا ً‬ ‫أساسيا ً على مستوى املنطقة‪ ،‬فلذلك أيضا ً شروطا ً‬ ‫أخرى»‪.‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫‪ ...‬ومك ّرماً في السويداء‪ :‬شاركنا في‬ ‫قوة سوريا ولن نقبل بإسقاطها‬ ‫صنع ّ‬

‫بدعوة من السيّد نضال الزرعوني‪ ،‬أقيم مهرجان تكرميي لرئيس‬ ‫حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب في بلدة َ‬ ‫الط ْيبَة في محافظة‬ ‫السويداء السورية‪ ،‬حضره محافظ السويداء الدكتور مالك محمد‬ ‫علي‪ ،‬أمني فرع حزب البعث العربي اإلشتراكي شبلي جنُّود‪ ،‬وحشود‬ ‫شعبية من أهالي املنطقة‪ ،‬إضافة لعدد من أعضاء املكتب السياسي‬ ‫في حزب “التوحيد العربي”‪ ،‬ومسؤول احلزب في املنطقة اجلنوبية في‬ ‫سوريا تيسير حاطوم‪.‬‬

‫الزرعوني‪ :‬نعاهد الرئيس األسد السير خلف قيادته‬ ‫ولقاء وطني وعربي‪ ،‬يخ ّلد آيات الوطن‪ .‬فأهالً بكم قادة أصدقاء أوفياء‪ ،‬ممثلني‬ ‫لطموحات شعبنا على الصعد كافة في معقل من معاقل القائد العام‬ ‫للثورة السورية الكبرى في جبل العرب األشم‪ ،‬في وطنكم احلبيب سوريا‬ ‫وطن كل الشرفاء وعلى رأسهم القائد بشار األسد قائد مسيرة شعبنا‬ ‫وباني أمجادنا ورافعا ً راية العروبة خفاقة عالية‪ ،‬وباسمكم نعاهده ونرفع له‬ ‫أسمى آيات الشكر والتقدير واحملبة واإلجالل‪ ،‬سائرين خلف قيادته احلكيمة‬ ‫لتحقيق وحدة الوطن وحترير كل شبر من أراضينا العربية احملتلة على امتداد‬ ‫وطننا العربي الكبير من احمليط الى اخلليج”‪.‬‬

‫أبو حمدان‪ :‬سيبقى الوطن حراً أبياً‬ ‫في ظل قيادة الرئيس األسد‬ ‫الزرعوني مكرما ً وهاب‬

‫وألقى الزرعوني كلمة ترحيبية بوهاب‪ ،‬جاء فيها‪“ :‬يعجز اللسان عندما‬ ‫يرى هذه اللحمة الوطنية بكافة أطيافها في وطننا الكبير ويعجز عن‬ ‫صياغة احلروف واملصطلحات‪ ،‬خاصة عندما يكون اللقاء‪ ،‬لقاء أهل وأح ّبة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪24‬‬

‫بعدها كانت كلمة لعضو املكتب التنفيذي في احتاد فالحي السويداء‬ ‫طالل فهد أبو حمدان‪ ،‬قال فيها‪:‬‬ ‫رض ُع ّ‬ ‫َ‬ ‫الشمما‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫صدرك‬ ‫م‬ ‫دا‬ ‫ما‬ ‫نظما‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ًّ ِ‬ ‫اجمل ُد يا ُج ّل َع َد األمجادِ وا ُ ِ‬ ‫الشام ما ن ُِظما‬ ‫ه‬ ‫لوج‬ ‫إال‬ ‫ر‬ ‫والشع‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫غ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الشام ما ُ ِ‬ ‫والكبريا ُء بغيرِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫جعلت وريدي خافقي َكلِما‬ ‫إذ ْن‬ ‫يا ُجلَّ َعد اجمل ِد لو و َّفى الكال ُم هو ًى‬ ‫ُ‬


‫الهم ال تثني ِه نازل ٌة‬ ‫للحامل‬ ‫ِّ‬ ‫ينب في يده‬ ‫مرحى أبا حافظ لم ُ‬ ‫ما ُّ‬ ‫كل َمن س َّن نبالً راش ُه ور َمى‬ ‫قولي عن الشام أ ٌم للوغى وب ِه‬ ‫قد أضحت الشا ُم أ ُ ًّما للوغى وأ ّبا‬ ‫كما توجه لوهاب مرحباً‬ ‫به وبالوفد املرافق‪ ،‬قائالً‪:‬‬ ‫“أهال بكم وأنتم تعبرون من‬ ‫بوابات الوطن الغالي‪ ،‬الى‬ ‫ّ‬ ‫لتؤكدون عمق‬ ‫عرين األسد‬ ‫الروابط القومية والوطنية بني‬ ‫القطرين الشقيقني والشعبني‬ ‫املتآخني في سوريا ولبنان والتي‬ ‫تُظهرها املواقف القومية‬ ‫الصادقة واملشاعر النبيلة التي‬ ‫تبثونها في أهلكم ومحبيكم‬ ‫في جبل العرب األشم‪ ،‬جبل‬ ‫البطولة والفداء ومعقل الثورة‬ ‫السورية الكبرى‪ ،‬مثمنني عاليا ً‬ ‫مواقفكم النبيلة الى جانب أخوتكم وشعبكم في سوريا األبية وهي‬ ‫تتصدى ألشرس مؤامرة تستهدف أمنها واستقرارها وثباتها على املواقف‬ ‫القومية والوطنية في دعم املقاومة وإحباط كافة املؤامرات التي حتاك ضد‬ ‫هذا البلد”‪.‬‬ ‫وختم حمدان‪“ :‬سيبقى الوطن حرا ً أبيا ً صامدا ً مرفوع الراية في ظل‬ ‫القيادة احلكيمة لقائد الوطن الرفيق الدكتور بشار األسد”‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬ال نخاف املوت ألنه بالنسبة لنا حياة ثانية‬

‫ضما‬ ‫من‬ ‫النوازل عن حقّ لنا ُه ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ساح اجلهادِ َكبا‬ ‫في‬ ‫هو‬ ‫وال‬ ‫سيف‬ ‫ِ‬ ‫أو ُّ‬ ‫كل َمن َّ‬ ‫سل سيفا ً صارما ً ضربا‬

‫الشيخ ابراهيم آبو عسلي مستقبالً وهاب‬

‫األطرش‪ :‬لن ن َدع قافلة الشهداء تتوقف‬ ‫محمد‬ ‫أبو‬ ‫وألقى‬ ‫اسماعيل األطرش كلمة‬ ‫“نرحب‬ ‫أيضاً‪ ،‬بحيث قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫بكم أجمل ترحيب في‬ ‫بلدكم وبني أخوة لكم “بني‬ ‫معروف” أحفاد سلطان باشا‬ ‫األطرش وجميع أخوانه‪،‬‬ ‫قادة الثورة السورية الكبرى‬ ‫الذين حققوا االستقالل‬ ‫وقد خلدتهم تضحياتهم‪،‬‬ ‫وجهادهم”‪.‬‬ ‫وتابع األطرش‪“ :‬جندد‬ ‫العهد لشهداء الثورة‬ ‫السورية الكبرى وجلميع‬ ‫شهداء الوطن الذي طهّ روا‬ ‫هذه األرض بدمائهم الزكية‪ ،‬بأننا نستمر بالسير على خطاهم‪ ،‬ولن ندع‬ ‫قافلة الشهادة في سبيل الوطن تتوقف‪ ،‬فالتاريخ يشهد بأ ّن محافظة‬ ‫الهم‬ ‫السويداء لم تكن أبدا ً خارج الركب الوطني‪ ،‬ولن تكون بعيدة عن‬ ‫ّ‬ ‫العام الذي يجمع السوريني كافة”‪.‬‬ ‫وختم‪“ :‬أما املطالبة باإلصالح‪ ،‬فهي مطلب شعبي ّ‬ ‫أكده الس ّيد‬ ‫الرئيس بشار األسد‪ ،‬ومحافظة السويداء تتميز بشعبها املثقف‬ ‫الواعي الذي حافظ على االستقرار والهدوء في احملافظة بفضل قناعته‬ ‫بضغط من‬ ‫وحسه الوطني الصادق‪ ،‬ولم يكن ذلك جبانة أو تذاكي أو‬ ‫ّ‬ ‫ٍِ‬ ‫أحد”‪.‬‬

‫الشيخ حسني جربوع مستقبالً وهاب‬

‫كلمة ألقاها‪ ،‬فقال‪“ :‬هنا جبل كل‬ ‫ثم حيّا وهاب أهالي جبل العرب في‬ ‫ٍ‬ ‫األمة‪ ،‬هنا ُهزِ َم العثمان ّيون القدماء ويُهزَم العثمان ّيون اجلدد‪ ،‬هنا ُهزِم إبراهيم‬ ‫ّ‬ ‫باشا‪ ،‬وانتصرت سوريا على فرنسا‪ ،‬هنا بدأت املقاومة وبدأ استقالل سوريا‪،‬‬ ‫حني أهدى سلطان باشا األطرش انتصار اجلبل إلى كل سوريا‪ .‬هنا أبناء‬ ‫اجلبل الذين لم يكونوا يوما ً أنانيني‪ ،‬ولم يفكروا باجلبل فقط بل بكل سوريا‪،‬‬ ‫وعندما انتصروا أهدوا انتصارهم إلى سوريا بالكامل‪ .‬نعم هذا اجلبل‪ ،‬كان‬ ‫أنانيا ً فقط بالتضحية‪ ،‬وبذل الدماء‪ ،‬والتسابق على املوت‪ ،‬ولكن لم يكن‬ ‫يوما ً أنانيا ً في املفاسد”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬أعلم بأ ّن كثر اليوم يه ّولون على موقف هذا اجلبل‪ ،‬ومن هنا‬ ‫من جبل العرب أسأل كل الذين ينتقدون هذا املوقف الشريف الصامد ألبناء‬ ‫جبل العرب‪ :‬تخيفون َمن أنتم‪ ،‬وته ّولون على َمن؟ هل تعتقدون أننا نخاف‬ ‫املوت‪ ،‬واملوت بالنسبة لنا حياة جديدة؟ هل تعتقدون بأننا نخاف من بعض‬ ‫الذين يتآمرون على سوريا ووحدتها ومنعتها وق ّوتها؟ سنبقى إلى جانب‬ ‫سوريا القو ّية املمان ِ َعة‪ ،‬سوريا املرفوعة اجلبني‪ ،‬التي شاركنا في صنع ق ّوتها‬ ‫وعزّتها وفي حتريرها‪ ،‬وحتما ً لن نشارك في ضربها أو إضعافها أو تفتيتها‪،‬‬ ‫يد إلسقاطها أو إضعافها”‪.‬‬ ‫ولن نقبل بأن متتد أي ّ‬ ‫وتوجه وهاب للسوريني‪“ :‬ال تخافوا على سوريا‪ ،‬فقد قطعت مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫كبيرة وصعبة‪ ،‬ذهب الكثير ولم يبقَ سوى القليل‪ .‬ال زالت متلك الكثير من‬ ‫قريب وال بعيد‪ .‬أنسوا التدخل‬ ‫أوراق ق ّوتها ولن يتمكن أحد من إسقاطها ال‬ ‫ٌ‬ ‫األجنبي والتهويل اخلارجي‪ ،‬فأنتم تق ّررون شرعية بشار األسد وليس اخلارج‪،‬‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫وموقفكم هذا يؤكد بأ ّن الغالبية الساحقة من الشعب السوري هي التي‬ ‫تقول ن َعم لبشار األسد‪ ،‬ون َعم لعزّة سوريا ومنعتها‪ ،‬فأنتم الشرعية وليست‬ ‫وزارات خارجية‪ ،‬ألنكم أنتم تق ّررون شرعية النظام أو‬ ‫البيانات الصادرة من‬ ‫ٍ‬ ‫عد ِمها‪ ،‬بحناجركم وقبضاتكم وقلوبكم تق ّررون َمن سيقود سوريا ويدافع‬ ‫عنها ويحميها‪ ،‬أنتم الذين ق ّررمت منذ مئات السنوات أن تدفعوا ثمن هذه‬ ‫تراب فيها قطرة من الدماء”‪.‬‬ ‫األرض ودفعتم ثمن كل ح ّبة ٍ‬ ‫صمام األمان لكل سوريا‪ ،‬أل ّن هذا‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬إ ّن موقف جبل العرب هو ّ‬ ‫اجلبل بأهله ‪ -‬أبناء معروف ‪ -‬لم يعتَد يوما ً إال على الصدق والوفاء والكرامة‪،‬‬ ‫تقدير في‬ ‫ألنهم أهل الكرامة والصدق والشرف‪ .‬هذا املوقف سيكون موضع‬ ‫ٍ‬ ‫كل سوريا‪ ،‬وحتما ً كما وقف جبل العرب في كل األوقات الصعبة إلى جانب‬ ‫سوريا‪ ،‬يقف اليوم‪ ،‬وحتما ً سوريا ستر ّد اجلميل له بكل أبنائها وقيادتها‬ ‫ورئيسها أل ّن أهل جبل العرب يستحقون الوفاء والكرامة”‪.‬‬ ‫وكان وهاب قد زار شيخ عقل طائفة املوحدين الدروز الشيخ حسني‬ ‫وقت سابق وجهاء ومشايخ‬ ‫جربوع والشيخ إبراهيم أبو عسلي‪ ،‬والتقى في ٍ‬ ‫محافظة السويداء وبحثَ معهم شؤون احملافظة واألوضاع في سوريا‪.‬‬ ‫كما ألقى الشاعر فيصل جهاد األشقر‪ ،‬قصيدة قال فيها‪:‬‬ ‫والدم بيرخص كرمالك‬ ‫ ‬ ‫يا بشار الروح فداك‬ ‫واجلمهور من اشبالك‬ ‫ ‬ ‫جيشك ما بدو سواك‬ ‫اشياء جديدي منشوف‬ ‫ ‬ ‫يا بشار كل عهد تزيد‬ ‫نصرك واضح من لسيوف‬ ‫ ‬ ‫تشرين يطل علينا زيد‬ ‫ونطمن عن أحوالك‬ ‫ ‬ ‫منتمنا ً يعيد عليك العيد‬ ‫واجلمهور من أشبالك‬ ‫ازهار احللوي تعطينا‬ ‫كل عيد بيمرق تشرين‪ ‬األول ‬ ‫بأفكارك بتغذينا‬ ‫اجمل ريشي من تلوين ‬ ‫من عطفك بتهدينا‬ ‫انت القائد واألمني ‬ ‫يفدي روحو قدامك‬ ‫ ‬ ‫شعبك من اهلل التهوين ‬ ‫واجلمهور من أشبالك‬ ‫مثل البراعم للتفتيح‬ ‫ ‬ ‫وطفل الطليعي السوري‬ ‫ويبارك بعيد التصحيح‬ ‫ ‬ ‫حامل الراية املقبولي‬ ‫تهتف وتنادي وتصيح‬ ‫ ‬ ‫حتى املرأة مسؤولي‬ ‫بعمرك وبعمر أطفالك‬ ‫ ‬ ‫وتدعي بالعمر الطولي‬ ‫واجلمهور من أشبالك‬ ‫تنادي هبوا يا أحرار‬ ‫ ‬ ‫فلسطني تنادينا‬ ‫األحرار تالقي الثوار‬ ‫ ‬ ‫جينا يا حلوي جينا‬

‫زفاف حاطوم ـ حاتم‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب مجتمعا ً مع وفد من وجهاء السويداء‬

‫وصلنا على خطوط النار‬ ‫ ‬ ‫يا شهادي صلينا‬ ‫نحارب ومنسك أحبالك‬ ‫ ‬ ‫يا علم النصر علينا‬ ‫واجلمهور من أشبالك‬ ‫لو مهما خسرنا أحرار‬ ‫ ‬ ‫نحنا بالدم نعاهد‬ ‫واقف حد خطوط النار‬ ‫ ‬ ‫وحدك عاجلبهة صامد‬ ‫كل ما طل علينا نهار‬ ‫إنت بشار القائد‬ ‫عن اهلك وعرضك واموالك‬ ‫حارب يا شعب الصامد ‬ ‫واجلمهور من أشبالك‬ ‫لو الحت الراية بإيدك‬ ‫ ‬ ‫بأمرك نحنا منستنا‬ ‫اهلل ميدك ويزيدك‬ ‫ ‬ ‫الشهادة عنا سنا‬ ‫كل العالم بتريدك‬ ‫خواني ما في عنا ‬ ‫ونصر مبني على جالك‬ ‫ ‬ ‫قائدنا من موطنا‬ ‫واجلمهور من اشبالك‬ ‫كل هلي جاي بأسمو‬ ‫ ‬ ‫ومنحيي السيد وئام‬ ‫العالم كال بتشهدلو‬ ‫ ‬ ‫السوري ولبناني اخوان‬ ‫لو عبى االرض بسمو‬ ‫ ‬ ‫الغرب بيحلم بل منام‬ ‫وعم منستنا مرسالك‬ ‫راح ترجع ارض اجلوالن‬ ‫ولدم بيرخص كرمالك‬ ‫ ‬ ‫يا بشار الروح فداك‬ ‫واجلمهور من أشبالك‬ ‫ ‬ ‫جيشك ما بدو سواك‬

‫احتفل مسؤول املنطقة اجلنوبية في حزب “التوحيد العربي” في محافظة السويداء في سوريا‪،‬‬ ‫الرفيق تيسير حاطوم بعقد قران ابنته لبنى حاطوم على يوسف فوزات حامت بحضور رئيس حزب‬ ‫“التوحيد العربي” وئام وهاب وأعضاء املكتب السياسي في احلزب‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫شارك في ندوة حول «سوريا بالد الحضارة والتالقي اإلنساني»‬

‫وهاب للسوريين من صيدنايا‪ :‬أنتم شرعية الرئيس األسد‬ ‫وليس التصريحات التلفزيونية‬ ‫برعاية وزارة الثقافة السورية‪ ،‬أقيمت ندوة‬ ‫بعنوان “سوريا بالد احلضارة والتالقي اإلنساني”‪،‬‬ ‫في دير التج ّلي في مدينة صيدنايا‪ ،‬بحضور‬ ‫الشيخ د‪ .‬عالء الزعتري ممثالُ مفتي اجلمهورية‬ ‫العربية السورية الشيخ د‪ .‬أحمد بدر الدين‬ ‫حسون‪ ،‬د‪ .‬نبيل سليمان مستشار وزير األوقاف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املهندس ماهر عازار‪ ،‬معاون وزير الثقافة د‪.‬‬ ‫محمد رياض عصمت‪ ،‬املطران جوزيف عبسي‬ ‫واملطران ماتياس نايش‪ ،‬الشيخ كميل نصر‬ ‫رئيس جلنة حماية الوطن‪ ،‬رئيس احتاد الصحافيني‬ ‫العرب الياس مراد‪ ،‬وشخصيات دينية وثقافية‬ ‫وسياسية وإعالمية وشعبية‪ ،‬حيث ألقى رئيس‬ ‫حزب «التوحيد العربي» الوزير وئام وهاب كلمة‬ ‫قال فيها‪« :‬سأبقى مزروعا ً في تراب هذه األمة‪،‬‬ ‫وحني يقتضي الواجب‪ ،‬ال فرق عندي أين أموت‪ ،‬في‬ ‫سوريا أو العراق أو فلسطني‪ ،‬املهم عندي أن أكون‬ ‫في تراب هذه األمة‪ ،‬فأنا مثلكم ومثل رئيسكم‬ ‫بشار األسد‪ ،‬فكما هو ال مذهب له‪ ،‬بل األمة هي‬ ‫مذهبه ودينيه‪ ،‬هذه األمة هي مذهبي وديني”‪.‬‬ ‫وتساءل وهاب‪« :‬عندما دعم الرئيس األسد‬ ‫املقاومة في العراق‪ ،‬هل كانت علوية أم وطنية‬ ‫عربية؟ وعندما دعم املقاومة في فلسطني‪ ،‬هل‬ ‫كانت علوية أم إسالمية – مسيحية حتررية؟ إذاً‪،‬‬ ‫رئيس فوق كل األوطان‪ ،‬هو‬ ‫الرئيس األسد هو‬ ‫ٌ‬ ‫رئيس لكل شرفاء هذه األمة وليس لشرفاء سوريا‬ ‫ٌ‬ ‫فقط”‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب للحضور‪“ :‬ملَن يتطاولون ويقولون‬ ‫ّ‬ ‫بأ ّن الرئيس األسد فقد شرع ّيته‪ ،‬نقول‪“ :‬أنتم‬ ‫شرع ّيته‪ ،‬وليس التصريحات التلفزيونية‪ ،‬أنتم‬ ‫الذين وقفتم معه‪ ،‬بكم يقوى وتقوى سوريا‪،‬‬ ‫وإذا سقطتم تسقط سوريا طاملا أنتم فيها‪،‬‬ ‫مستمدة من مح ّبتكم ومن موقف‬ ‫فشرع ّيتها‬ ‫ّ‬ ‫رئيسكم وموقعه وحمايته لوحدتها وتأكيده‬ ‫على ق ّوتها ومنعتها وكرامتها‪ .‬لذلك‪ ،‬قفوا مع‬ ‫بلدكم ورئيسكم‪ ،‬ال تساوموا على هذه الوطن‪،‬‬ ‫فسوريا هي حياة األمة وقلبها‪ ،‬وهي بكل أبنائها‬ ‫فخ ُر هذه األمة‪ ،‬وإذا سقطت انتهت األخيرة‪ ،‬أما‬ ‫إذا بقيت سوريا‪ ،‬فنستطيع استعادة القدس‬ ‫والصالة في املسجد األقصى وفي كنيسة‬ ‫القيامة”‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪“ :‬يه ّولون لسقوط سوريا‪ ،‬لكن‬ ‫إذا حصل ذلك‪َ ،‬من سيدافع عن األمة العربية؟‬ ‫هؤالء األمراء‪ ،‬أمراء النفط الذين استسلموا‬ ‫منذ اللحظة األولى التي دخل بها األميركي إلى‬

‫العراق‪ ،‬والذين يستسلمون ملوظف صغير في‬ ‫وزارة اخلارجية األميركية؟ عليهم أن يعلموا‪ ،‬أنه ال‬ ‫كلينتون وال أوباما وال آالن جو ّبييه‪ ،‬وال ساركوزي‪،‬‬ ‫يستطيعون ه ّز سوريا وق ّوتها‪ ،‬فطاملا أنتم بهذه‬ ‫الروحية الوطنية‪ ،‬سوريا ستبقى قو ّية ومنتصرة‬ ‫نوجه له ألف‬ ‫بكم وبرئيسكم وبجيشكم الذي ّ‬ ‫حتية”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬كل مقاوم شريف في هذه األمة‪،‬‬ ‫سيموت إلى جانب سوريا‪ ،‬ولن يستطيع أحد‬ ‫النيل منكم أو منّا‪ ،‬فاطمئنّوا أل ّن كل التهويل لن‬ ‫يُسقط القلعة السورية‪ ،‬وستبقى سوريا عالية‬ ‫اجلبني من اآلن وإلى يوم الدين”‪.‬‬

‫األب ح ّنا‪ :‬على كل فرد سوري أن‬ ‫يشهد على وحدتنا الوطنية‬ ‫وكانت كلمة لألب جان حنّا‪ ،‬رئيس دير‬ ‫القديس مار توما البطريركي‪ ،‬جاء فيها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫املقدس‪ ،‬على مختلف‬ ‫“جنتمع في هذا البيت‬ ‫ّ‬ ‫أطيافنا ومعتقداتنا‪ ،‬سوريني مؤمنني أوفياء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫صفنا وموقفنا‪،‬‬ ‫لنعلن للعالم بأسره‪ ،‬وحدة‬ ‫رج ٍل واح ٍد‪ ،‬خلف قيادتنا احلكيمة‪،‬‬ ‫على قلب ُ‬ ‫وعلى رأسها قائدنا بشار األسد‪ ،‬مبواجهة‬

‫‪27‬‬

‫جميع الفنت واملؤامرات التي حتاول النيل من‬ ‫بلدنا‪ ،‬وزعزعة أمنه واستقراره‪ .‬جنتمع لنعلن‬ ‫انتصار اإلرادة السورية مبواجهة الفتنة‪ ،‬وجناح‬ ‫الشعب السوري في امتحان الوطنية والشرف‪،‬‬ ‫امتحان الوفاء والوالء‪ ،‬لوطنه وقائده‪ ،‬ذلك‬ ‫زجه فيه أعداء الوطن‪ ،‬أعداء‬ ‫االمتحان الذي ّ‬ ‫احملبة والسالم‪ ،‬أعداء اهلل‪ ،‬حلفاء الشيطان‬ ‫وأعوانه”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬إ ّن وحدتنا الوطنية هي رسالة‪ ،‬على كل‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫فردٍ سوري أن يشهد لها‪ .‬وواجبنا اليوم‪ ،‬كسوريني‬ ‫جتاه وحدتنا الوطنية‪ ،‬أن نشبك أيدينا بيد قائدنا‬ ‫داعمني مسيرته في التطوير والتحديث‪ ،‬وفي‬ ‫إرساء أسس الوحدة الوطنية السورية‪ ،‬وعلينا‬ ‫أن نتمثل اإلميان الذي نحمله بسلوكنا وحياتنا‬ ‫ٍ‬ ‫وإدراك ملا‬ ‫ووعي‬ ‫تام‬ ‫ٍ‬ ‫متثالً كامالً‪ ،‬وأن نكون على ٍ‬ ‫علم ٍ‬ ‫يُحاك لنا من ِق َبل أعداء اهلل‪ ،‬ومن ِق َبل الصهيونية‬ ‫احلاقدة على املسيحية واإلسالم‪ ،‬وأن نكون يدا ً‬ ‫واحدة وقلبا ً واحداً”‪.‬‬ ‫وختم حنّا‪“ :‬إ ّن َمن يراهن على وحدتنا الوطنية‪،‬‬ ‫خاس ٌر ال محالة‪ .‬فاألزمة املفتعلة لن تزيدنا إال‬ ‫برمته‬ ‫حلمة ومحبة وصالبة‪ ،‬ألن الشعب السوري ّ‬ ‫متمسك بقول القائد اخلالد حافظ األسد‪ ،‬أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫غال‪ ،‬والوطن عزيز‪ ،‬والوطن شامخ‪ ،‬أل ّن‬ ‫الوطن‬ ‫ٍ‬ ‫الوطن هو ذاتنا”‪.‬‬

‫الشيخ نصر‪ :‬نعمل سوياً على‬ ‫واع‬ ‫تربية جيل شاب ٍ‬ ‫كما كانت كلمة لرئيس جلنة حماية الوطن‬ ‫الشيخ كميل نصر‪ ،‬جاء فيها‪« :‬نختلف بالرأي‪،‬‬ ‫ولكن ال نختلف على اإلجتاه‪ ،‬فما حققناه‬ ‫نحافظ عليه‪ ،‬وما لم ندركه نناضل دون هوادة‬ ‫لتحقيقه‪ ،‬وص ّبه في هدف واحد هو بناء‬ ‫الوطن وحمايته ضمن دائرة الدين والوطن‪،‬‬ ‫جتسده جلنة حماية الوطن املشاركة‬ ‫هذا ما ّ‬ ‫في هذا اللقاء اإلنساني للعمل سوية على‬ ‫واع من الشباب ملتزم قيم هذه‬ ‫تربية‬ ‫ٍ‬ ‫جيل ٍ‬ ‫األمة وشمائلها‪ ،‬وإزالة كل الفوارق واحلواجز‬ ‫واألنانيات‪ ،‬ومحاربة الفتنة أينما ُو ِج َدت ألننا‬ ‫نخوض معركة السالم كما نخوض معركة‬ ‫احلرب‪ ،‬وهذا يتطلب التعاون فيما اتفقنا عليه‪،‬‬ ‫وليعذر بعضنا بعضاً‪ ،‬فيما اختلفنا فيه‪ ،‬املهم‬ ‫أال يطغى اختالفنا في اجلزئيات على اتفاقنا‬ ‫في الكل ّيات‪ ،‬وحتى يبقى عيشنا املشترك‬ ‫ساملا ً ألنه موضوع عبادة نعيشه في جوارحنا‪،‬‬ ‫وعواطفنا وأفكارنا‪ ،‬مؤمنني بأ ّن اهلل مح ّبة‪،‬‬ ‫الدين محبة‪ ،‬الوطن محبة‪ ،‬وال يجيد الصالة‬ ‫َمن ال يجيد احملبة»‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سوريا لن تسقط‪ .‬يستطيعون القتل والتخريب‬ ‫والتدمير‪ ،‬لكنهم لن يستطيعوا أخذ سوريا‬ ‫من موقعها‪ ،‬ألنها في هذا املوقع ستبقى كما‬ ‫كانت منذ آالف السنني‪ ،‬وإلى السنني القادمة‪،‬‬ ‫وسيبقى قائدها الرئيس بشار األسد هو الوارث‬ ‫احلقيقي للرئيس الراحل حافظ األسد‪ ،‬والذي‬ ‫أخذ عنه الشهامة والكرامة والعنفوان العربي‪،‬‬ ‫ورفض االحتالل واإلستعمار‪ ،‬وكل ما يفعل هؤالء‬ ‫من أميركا وفرنسا وغيرهما‪ ،‬لن يه ّز سوريا وال‬ ‫السوريني‪.‬‬

‫عازار‪ :‬سوريا منوذج يُحتذى به‬ ‫مراد‪ :‬ما يفعله الغرب لن يه ّز‬ ‫سوريا‬

‫أما رئيس احتاد الصحافيني العرب الياس مراد‪،‬‬ ‫فقال في كلمة له‪“ :‬في هذه الفترة بالذات تتجلى‬ ‫محبتكم للوطن‪ ،‬في وجودكم في هذا املكان‬ ‫الذي هو كنيسة ومسجد‪ ،‬وساحة وطنية لكل‬ ‫الشرفاء في هذا البلد الذين أعلنوا إميانهم بأ ّن‬

‫‪28‬‬

‫وكانت كلمة لوزير الثقافة السوري د‪ .‬محمد‬ ‫رياض عصمت‪ ،‬ألقاها معاونه ماهرعازار‪ ،‬جاء‬ ‫فيها‪« :‬لطاملا تفاعلت سوريا مع أبنائها ومع‬ ‫احلضارات األخرى‪ ،‬وجمعت كل العقائد والثقافات‪،‬‬ ‫واحلفاظ على التراث اإلنساني والقيم املعرفية‪،‬‬ ‫لبناء احلضارة احلديثة‪ ،‬ألن سوريا قيادة وشعباً‪،‬‬ ‫بتالحم أبنائها‪ ،‬ق َّدمت منوذجا ً يُحتذى عبر التاريخ‪،‬‬ ‫مستقبل مش ّرف لوطننا»‪.‬‬ ‫في الصمود وبناء‬ ‫ٍ‬ ‫وبعد انتهاء اإلحتفال‪ ،‬متّ نشر العلم السوري‬ ‫على طول الطريق املواجه للدير‪.‬‬


‫‪ ...‬وحاضر في الالذقية بدعوة من نقابتي المهندسين واألطباء‬ ‫وهاب‪ :‬سوريا أمام ثورة تغييرية بقيادة الرئيس األسد‬ ‫بدعوة من نقابَتَي املهندسني واألطباء في‬ ‫سوريا‪ ،‬أقيمت ندوة في دار األسد للثقافة‬ ‫حتدث خاللها رئيس حزب‬ ‫في مدينة الالذقية ّ‬ ‫“التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب بحضور‬ ‫أمني فرع حزب البعث العربي اإلشتراكي في‬ ‫الالذقية د‪ .‬محمد شريتح مع أعضاء قيادة‬ ‫الفرع‪ ،‬أمني فرع حزب البعث العربي اإلشتراكي‬ ‫في جامعة تشرين د‪ .‬غالب شحادة مع أعضاء‬ ‫قيادة الفرع‪ ،‬محافظ الالذقية اللواء عبد القادر‬ ‫محمد الشيخ‪ ،‬ممثل قائد املنطقة الساحلية‬ ‫اللواء جنم إبراهيم العيسى‪ ،‬نقيب األطباء د‪.‬‬ ‫غسان فندي‪ ،‬نقيب املهندسني د‪ .‬عمار األسد‪،‬‬ ‫رئيس جامعة تشرين د‪ .‬محمد معال‪ ،‬أمناء‬ ‫أحزاب اجلبهة الوطنية التقدمية‪ ،‬أعضاء‬ ‫القيادتني السياسية واإلدارية ورؤساء املنظمات‬ ‫الشعبية والنقابات املهنية في الالذقية‪ ،‬مدير‬ ‫الثقافة في الالذقية اسكندر ميا‪ ،‬وشخصيات‬ ‫سياسية وحزبية ونقابية وجامعية وحشود‬ ‫شعبية من أبناء املدينة‪ ،‬بحيث أكد وهاب على‬ ‫تقسم‪،‬‬ ‫أن «سوريا لن تسقط ولن تستلم ولن‬ ‫َّ‬ ‫ولن تصبح دولة ضعيفة‪ ،‬ومهما سقط من‬ ‫شهداء‪ ،‬الكثير من الشرفاء في هذه األمة مع‬ ‫الشعب السوري»‪ ،‬مشددا ً «بأ ّن سوريا بقيادة‬ ‫الرئيس بشار األسد‪ ،‬اتّخذت قرارين ال رجوع‬ ‫عنهما‪ :‬قرار اإلصالح والتطوير حتى النهاية‪،‬‬ ‫مد اليد‬ ‫واحلسم مع كل َمن تس ّول له نفسه ّ‬ ‫إلى سوريا أكان في الداخل أو في اخلارج‪ ،‬إذ ليس‬ ‫هناك أحدا ً مكان السلطان عبد احلميد وال َمن‬

‫هو في الباب العالي‪ ،‬ولسنا حتت االستعمار‪ ،‬بل‬ ‫نحن أحرار‪ ،‬وكل التهويل الذي يمُ ارس سيذهب‬ ‫إلى غير رجعة»‪.‬‬ ‫وتوجه وهاب للحضور‪« :‬الرهان األساسي‬ ‫ّ‬ ‫كان بأنكم ستستسلمون خالل أيام‪ ،‬وبأنكم‬ ‫لن تقفوا على جانب سوريا‪ ،‬وستتركون بشار‬ ‫األسد في األيام األولى‪ ،‬ولكن عندما سقط‬ ‫هذا الرهان‪ ،‬سقط جزء كبير من املؤامرة‪ ،‬وكلما‬ ‫وقفتم إلى جانب بلدكم ورئيسكم‪ ،‬تقهقرت‬

‫‪29‬‬

‫هذه املؤامرة أكثر في اخلارج‪ .‬وكأنني بالتاريخ‬ ‫اليوم يعيد نفسه بعد أكثر من أربعني عاماً‪،‬‬ ‫فها هم شبابكم اليوم يخرجون إلى كل سوريا‪،‬‬ ‫وموحدة‪ ،‬وذات شأن‬ ‫ليحموها‪ ،‬كي تبقى قوية‬ ‫ّ‬ ‫في هذه املنطقة‪.‬‬ ‫وتابع وهاب‪« :‬حاولوا تشويه كل احلقائق‪،‬‬ ‫وقلب كل شيء‪ ،‬فتخ ّيلوا أ ّن بعض السفلة‪،‬‬ ‫الذين تناولوا الس ّيد حسن نصر اهلل واملقاومة‬ ‫في لبنان‪ ،‬هذا الرمز الكبير من أهم الرموز‬ ‫في هذه األمة الذي غ ّير مع آالف اجملاهدين كل‬ ‫القناعات في هذه األمة‪ ،‬حاولوا إطالق بعض‬ ‫الشعارات الصغيرة لتشويه كل شيء جميل‬ ‫في تاريخنا‪ ،‬وحاولوا أن يقولوا في رئيس سوريا‬ ‫الكثير‪ ،‬ولكن أسألهم‪ :‬عندما استسلم اجلميع‬ ‫منذ عشر سنوات‪ ،‬وعندما قالوا «بأمرك أيها‬ ‫األميركي»‪ ،‬وعندما ّ‬ ‫نفذوا دفاتر الشروط‪ ،‬وقف‬ ‫بشار األسد وحيدا ً في هذه األمة كالرمح‪،‬‬ ‫واليوم يتحدث البعض عن املذهبية في سوريا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن بشار األسد فوق احلدود في الوطن العربي‬ ‫ويؤمن باألمة ال بالطائفة واملذهب‪ ،‬أما أولئك‪،‬‬ ‫فال عالقة لهم بأهل السنّة»‪.‬‬ ‫أضاف وهاب‪« :‬كان اخملطط أن تسقط سوريا‬ ‫بعد أسابيع من سقوط العراق‪ ،‬ولكن بق ّوة‬ ‫رئيسكم وحكمته وبالتفافكم إلى جانب‬ ‫بلدكم‪ ،‬صمدت سوريا كل هذه السنوات‪،‬‬ ‫واستمرت كدولة ال يستطيعوا تطويعها وال‬ ‫تستمع للنصائح األميركية واألوروبية‪ ،‬إلى أن‬ ‫وصل األميركي إلى مرحلة طلب الدعم من‬ ‫سوريا واجلمهورية اإلسالمية اإليرانية كي يخرج‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫من العراق‪ ،‬ولكن طبعا ً لم يكن مقبوال ً بالنسبة‬ ‫لهم أن تصبح سوريا دولة قوية بهذا احلجم‪،‬‬ ‫لذلك حت ّولوا إلى لبنان الستهداف املقاومة‪ ،‬ومن‬ ‫ثم استهداف الداخل السوري اليوم»‪.‬‬ ‫ولفت وهاب بأ ّن «أخبار أردوغان وبيريز كانت‬ ‫كلها أخبار مدروسة لتقوية املوقف التركي‪،‬‬ ‫أل ّن وظيفته كانت مختلفة وبدأنا نراها واضحة‬ ‫اليوم»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬يبدو أنه قد سقط من حسابهم أنّه‬ ‫لن يكون هناك بنغازي جديدة في سوريا‪« ،‬زعلوا‬ ‫األتراك واألميركان والفرنسيني فليزعلوا»‪ ،‬وأي‬ ‫بنغازي جديدة في سوريا سيتعامل معها اجليش‬ ‫العربي السوري كخطوة انفصالية وانقالبية‬ ‫وتآمرية‪ ،‬وأي دولة ستدعم هذه اخلطوات‬ ‫ستصبح املواجهة معها‪ .،‬لن نسمح ألحد‬ ‫بإسقاط سوريا‪ ،‬فهي لن تض ّيع يوما ً بوصلتها‬ ‫أي فلسطني وإذا خُ ِّيرنا بني معارك هامشية‬ ‫ومعركة أساسية‪ ،‬فتأكدوا بأن املعركة األساس‬ ‫ستكون في اجلوالن وليس في مكان آخر»‪.‬‬ ‫وتابع وهاب حول املوقف التركي‪« :‬األتراك‬ ‫عاجزون عن أي تدخل في سوريا‪ ،‬وتب ّلغوا من كل‬ ‫حلفائنا في احملور املمانع‪ ،‬أ ّن أي اختراق لألراضي‬ ‫السورية‪ ،‬س ُيقابل بر ّد عنيف»‪.‬‬ ‫وتوجه للشعب السوري‪« :‬سوريا ستبقى‬ ‫ّ‬ ‫قوية بكم وبجيشكم القوي‪ ،‬وإذا وقفتم أنتم‬ ‫إلى جانب بلدكم يسقط كل ما يُحاك ضده‪،‬‬ ‫إذ نالحظ تغ ّير مزاج اخلارج وهذه طبعا ً ليست‬ ‫صحوة ضمير‪ ،‬ولكنهم وجدوا أن املعركة‬ ‫مع سوريا طويلة‪ ،‬وبأ ّن بشار األسد ليس زين‬ ‫العابدين بن علي ليهرب وعائلته‪ ،‬بل سيبقى مع‬ ‫شعبه وسيموت إلى جانب جيشه‪ .‬لذلك فإ ّن‬ ‫مهمتكم‪ ،‬وإذا سقطت تسقط‬ ‫حماية سوريا‬ ‫ّ‬ ‫آخر القالع في هذه األمة‪ ،‬لذلك سنحمي سوريا‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وهاب أمام ضريح الراحل حافظ األسد‬

‫وسنقاتل دفاعا ً عنها وعن هذه األمة‪ ،‬وأقول‬ ‫لكم‪ :‬لن يستطيع احد انتزاع سوريا من أهلها‬ ‫وشرفائها وجيشها ومح ّبيها إال اهلل‪ ،‬ولكن‬ ‫يجب أن نناضل من اجلها كي نستحقها‪،‬‬ ‫وما نشاهده في هذه احلملة الدولية الظاملة‬ ‫خير دليل‪ ،‬فاإلسرائيلي ينتظر سقوط سوريا‪،‬‬ ‫غبي وال أدري‬ ‫والعرب يعملون لذلك‪ ،‬والفرنسي ّ‬ ‫كيف يحاول السماح بإسقاط الدولة العلمانية‬ ‫الوحيدة التي حتمي احلريات الدينية في املنطقة‪،‬‬ ‫غير متن ّبها ً بأ ّن األميركي يقيم الصفقة على‬ ‫حسابه»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬قطعنا جز ًءا ال بأس به من مرحلة اخلطر‪،‬‬ ‫ولكن أطلب منكم أال تخلوا الساحات ألحد وأال‬ ‫تتركوا أحد يخرج متآمرا ً على سوريا‪ ،‬ألن الرئيس‬

‫‪30‬‬

‫األسد أعلن حركة تصحيحية جديدة من إلغاء‬ ‫قانون الطوارىء إلى إلغاء محكمة أمن الدولة‪،‬‬ ‫إلى موضوع األحزاب واإلعالم وغيرها‪ ،‬وبتقديري‬ ‫نحن أمام ثورة تغييرية بقيادة الرئيس األسد‪،‬‬ ‫فقد تبينّ بأن املعارضة في سوريا منقسمة‬ ‫إلى قسمني‪ :‬األولى لديها نوايا جدية لإلصالح‬ ‫مهمتها محددة وهي‬ ‫ولكنها قلة‪ ،‬والثانية‬ ‫ّ‬ ‫إسقاط سوريا وتدميرها‪ .‬ولكن لقد بدأت عملية‬ ‫الفرز في سوريا‪ ،‬و َمن يريدها أن تتطور وتتقدم‬ ‫وتصبح أفضل‪ ،‬حتما ً سيتعاون مع الرئيس األسد‬ ‫ومع النظام‪ .‬أما الفريق اآلخر‪ ،‬فموقفه معروف‬ ‫وواضح‪ ،‬وأقول له‪ :‬مهما حصل في سوريا‪ ،‬و»لو‬ ‫نزلت السماء إلى األرض»‪ ،‬لن يكون هناك حكم‬ ‫ديني أو سلفي‪ ،‬بل إنها ستبقى لكل ابنائها‬ ‫وطوائفها ولكل مواطن فيها‪ .‬ولكن َمن يعتقد‬ ‫بأنه ميكنه أخذ سوريا إلى حكم فئوي أو مذهبي‬ ‫أو ديني فهو مخطئ‪ ،‬و َمن يعتقد بأنه يستطيع‬ ‫الضغط على سوريا أو على الرئيس األسد‪ ،‬كي‬ ‫تساوم على رأس املقاومة في لبنان‪ ،‬أو على‬ ‫مترير تسوية فلسطينية ما‪ ،‬فهو أيضا ً مخطئ‪،‬‬ ‫وأي حرب قادمة على أي طرف من أطراف محور‬ ‫معني بها‪ ،‬و َمن‬ ‫املقاومة‪ ،‬سيكون كل هذا احملور‬ ‫ّ‬ ‫يعتقد بأن الضغط على سوريا سيمنعها من‬ ‫التحالف مع اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية فهو‬ ‫مخطئ جداً»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪« :‬إ ّن دفتر شروطكم على سوريا‪،‬‬ ‫مرفوض‪ ،‬وقد اختارت خيارين للمواجهة‪ :‬اإلكمال‬ ‫في عملية اإلصالح السياسي واإلداري واإلعالمي‬ ‫حتى النهاية‪ ،‬واملواجهة مع أية عملية إعتداء أو‬ ‫تخريب أكانت من الداخل أو اخلارج»‪.‬‬ ‫وبعد الندوة‪ ،‬زار وهاب بلدة القرداحة‪ ،‬ووضع‬ ‫إكليالً من الزهر على ضريح الرئيس الراحل‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬وقرأ الفاحتة على روحه‪.‬‬


‫‪ ...‬وبعد لقائه عون‪ :‬الحكومة أمام امتحان وال يمكن أن تصبح سنيورية‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب‬ ‫العماد ميشال عون‪ ،‬تناول اللقاء األوضاع احمللية‬ ‫والتعيينات اإلدارية‪.‬‬ ‫وبعد اللقاء قال وهاب‪“ :‬حتدثنا مع دولة الرئيس‬ ‫في موضوع واحد هو التعيينات‪ .‬أخاف من أن ينصب‬ ‫كمني أو كمائن عدة للحكومة تورطها في تعيينات‬ ‫غير عادلة في القضاء‪ ،‬واألمن‪ ،‬والتعيينات‪ .‬لذلك‬ ‫نريد لهذه احلكومة التي ننتمي اليها جميعا ً أن‬ ‫تعطي منوذجا ً فريدا ً ورائعا ً في التعيينات اإلدارية‬ ‫يعتمد على أساس الكفاءة والتراتبية في املراكز‬ ‫األمنية والعسكرية»‪.‬‬ ‫ورأى وهاب “أن هناك شيئا ً يحصل في‬ ‫التعيينات”‪ ،‬مشيرا ً الى ما قاله النائب وليد جنبالط‬ ‫بأنه “يرفض الكيدية في حق موظفني إذا انتموا‬ ‫الى خط سياسي آخر”‪ .‬وقال‪“ :‬نحن نؤيده في هذا‬ ‫األمر ولكن من الطبيعي إذا كنا نرفض الكيدية‬ ‫في الطوائف األخرى‪ ،‬فأيضا ً علينا أن نرفضها في‬ ‫الطائفة الدرزية‪ .‬إني واثق أن وليد بك لن يسمح‬ ‫بتمرير تعيينات كيدية وهذا أساسي للحفاظ‬ ‫على صدقية احلكومة حتى ال تضرب احلكومة في‬ ‫انطالقتها»‪.‬‬ ‫أضاف‪“ :‬األمر اآلخر هو النقص في التمثيل الدرزي‬ ‫في احلكومة‪ ،‬الوزير طالل ارسالن استقال ولم يعني‬ ‫البديل‪ .‬نتمنى على رئيسي اجلمهورية واحلكومة أن‬ ‫يصدرا مرسوما بتعيني البديل‪ .‬فهذا يتعلق بالتمثيل‬ ‫الدرزي وهذا املنصب للطائفة الدرزية وليس ملكا ً‬ ‫ألحد آخر لكي يتم تأخير إصدار املرسوم‪ .‬هذا أمر‬ ‫ال ميكن السكوت عنه‪ .‬أعتقد بأن البدائل املطروحة‬ ‫هي ممتازة وجيدة وال شيء مينع تعيينها»‪.‬‬

‫وأكد وهاب أننا “ال نريد الكيدية على أساس‬ ‫االنتماء السياسي‪ ،‬ولكن نصر على احملاسبة‪.‬‬ ‫هناك فرق بني الكيدية واحملاسبة‪ .‬وإذا كان هناك‬ ‫من موظف مرتكب فيجب محاسبته وإال تصبح‬ ‫شراكة مع االرتكاب»‪.‬‬ ‫واعتبر وهاب “أن احلكومة اليوم أمام امتحان‪،‬‬ ‫ونحن نعرف بأنها ال ميكن أن تصبح حكومة‬ ‫سنيورية جديدة ترتكب اخملالفات‪ ،‬ولكن من يريد‬ ‫توريط احلكومة في اخملالفات لن نسكت عنه»‪.‬‬ ‫وحول تأثير اخلالفات الداخلية على املواقف جتاه‬ ‫احلكومة‪ّ ،‬‬ ‫أكد وهاب أن وحدة الطائفة الدرزية خط‬ ‫أحمر‪ ،‬ونحن ملتزمون بالطائفة‪ ،‬وإن هناك موظفني‬ ‫دروزاً‪ ،‬فليأت األكفأ ومن له حق‪.‬‬ ‫وحول سؤاله عن مقابلة الرئيس األسبق‬ ‫للحكومة سعد احلريري أجاب وهاب‪“ :‬بدا واضحا ً‬

‫أن فقدان الرئيس احلريري للسلطة أفقده توازنه‪.‬‬ ‫هذا األمر يجب أن يتعايش معه‪ ،‬وفقدان السلطة‬ ‫يجب أال يجر البالد الى مواجهات سياسية غير‬ ‫محسومة أو مواجهات أكبر منا‪ ،‬إن على صعيد‬ ‫لبنان أو املنطقة‪ .‬ألن التوقيت غير مناسب الفتا ً‬ ‫الى هناك تهويل في املوضوع املالي واالقتصادي‬ ‫وهذا يطال جميع اللبنانيني وهو من األشخاص‬ ‫الذين يطالهم‪ ،‬مستبعدا ً أن يكون اجملتمع الدولي‬ ‫جاهزا ً لتلقي أوامر ‪ 14‬آذار وتدفيع لبنان الثمن على‬ ‫الصعيدين املالي واالقتصادي‪ ،‬خصوصا ً وأن األمر‬ ‫يصبح مكشوفا ً بشكل كبير‪ .‬فهذا له آلياته‬ ‫املعنية‪ .‬وهناك مبالغة في هذا املوضوع‪ .‬وال أرى‬ ‫أن على اللبنانيني أن يقلقوا من هذا املوضوع‪،‬‬ ‫فاملسؤولون في لبنان سيتحاشون مثل هذه‬ ‫االحتماالت»‪.‬‬

‫أين أصبح إبحار وئام وهاب‬ ‫بني ضفتني متالصقتني‪ ،‬ضفة متوج مبحاوالت اإللغاء واإلستئثار بالرأي‬ ‫وضفة تتالطم فيها أمواج احملاصصة والصفقات‪ ،‬بني هاتني يقبع رئيس‬ ‫حزب “التوحيد العربي” الوزير وئام وهاب‪ ،‬الذي له قصة طويلة ضاربة في‬ ‫القدم مع اإللغاء واإلستئثار بالرأي واحملاصصة والصفقات‪.‬‬ ‫وهاب بني حقب السنوات لم يضل ولم يفقد الطريق‪ ،‬هو كما هو عروبي‬ ‫الهوى‪ ،‬ومواقفه اجلريئة هي التي كانت ترسم خارطة الطرق‪ ،‬وهو الذي‬ ‫وقف شامخا ً يكتب تاريخه بيده رغم كل محاوالت الترهيب‪ ،‬هو الذي خرج‬ ‫من األزمة التي عصفت بلبنان على أثر إغتيال احلريري عام ‪ 2005‬متسلحا ً‬ ‫بسداد رأيه وقدرته على جتاوز احملن‪ ،‬وهو أيضا ً الذي أدرك باكرا ً أن محددات‬ ‫النظام الطائفي‪ ،‬وتدخل زعمائه وسطوتهم‪ ،‬لن تترك خيارا ً أمام اللبنانني‬ ‫في عملية التغيير من ضمن خاصية احلرية وبناء كرامة اإلنسان‪ ،‬ليسقطوا‬ ‫جميعا ً في اختبار الطائفية واملذهبية التي تعود اليوم قوية وراسخة مثلما‬ ‫أراد لها موزعي احلصص والوظائف في إدارات الدولة ومقسموها في إطار‬ ‫احلكومة امليقاتية‪.‬‬ ‫رمبا كان يعتقد وئام وهاب أنه في بحر فرصة األكثرية اجلديدة بعد فوز‬ ‫احلكومة احلالية بالثقة‪ ،‬ستعلو الصيحات والنداءات التي تطالب بطرد‬

‫الفاسدين وسارقي األموال العامة‪ ،‬والتوجه إلى بناء الدولة من جديد‪،‬‬ ‫ونبذ الطائفية والعصبية‪ ،‬ووضع الرجل املناسب في املكان املناسب‬ ‫وفق معايير الكفاءة واألقدمية‪ ،‬واملطالبة بتعزيز القضاء اللبناني وعدم‬ ‫استغالله وتطويعه لتحقيق مصالح احملكمة الدولية‪ ،‬واحلفاظ على‬ ‫ّ‬ ‫سطره عدد كبير من رواد‬ ‫كرامة لبنان واللبنانيني وكرامة تاريخ طويل‬ ‫السياسة في مواجهة دمى حركتهم وحتركهم أصابع خارجية ومصالح‬ ‫ذاتية‪.‬‬ ‫في أحياء اجلبل وقراه‪ ،‬يقرأ في عيون األطفال والنساء والشباب والرجال‬ ‫والشيوخ والعقالء مستقبل آخر للبنان‪ ،‬وإذا كانت البيوتات التقليدية‬ ‫وتوابعها قد أفسدت جل مناطق اجلبل‪ ،‬فإن كل اجلبل لم يفسد‪ ،‬وفي‬ ‫قراه وضيعه اجلميلة ال يزال املوحد الدرزي يعرف الطريق ويرفع راية النصر‬ ‫للجبل الذي لن ميوت‪ ،‬ولن تسرق منه الفرصة بالتغيير مهما قوي اإلقطاع‬ ‫السياسي ومتدد بعطشه‪ ،‬وستظل احلناجر تصدح مع الشاعر‪“ :‬جايي بطلة‬ ‫خيالي جايي من بعيد”‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫مفوضية املنت األعلى‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫وهاب ك ّرم السفير الروسي في دارته في الجاهلية‪:‬‬ ‫موقف روسيا والصين يؤكد حتمية توقف القرصنة الدولية‬ ‫ك ّرم رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب سفير جمهورية روسيا اإلحتادية‬ ‫في لبنان ألكسندر زاسيبكني يرافقه‬ ‫الوزير املف َّوض للسفارة الروسية الكسندر‬ ‫تشيفيكوف‪ ،‬تقديرا ً على موقف بالده في‬ ‫مجلس األمن جلهة األحداث احلاصلة في‬ ‫غداء تكرميي أقامه‬ ‫املنطقة خاصة سوريا‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫على شرفه في دارته في اجلاهلية‪ ،‬بحضور‬ ‫السفير اإليراني غضنفر ركن أبادي‪ ،‬مستشار‬ ‫السفارة الصينية تشاو لينغ‪ ،‬النائب مروان‬ ‫فارس ممثال ً الرئيس جنيب ميقاتي‪ ،‬د‪ .‬أحمد‬ ‫جمعة ممثال ً الرئيس نبيه بري‪ ،‬الرائد يوسف‬ ‫جنم ممثال ً لقائد اجليش العماد جون قهوجي‪،‬‬ ‫العقيد مجدي بو ضرغم ممثال ً مدير عام أمن‬ ‫الدولة‪ ،‬احلاج محمود قماطي ممثال ً لـ “حزب‬ ‫اهلل” يرافقه د‪ .‬علي ظاهر‪ ،‬د‪ .‬ماريو عون ممثال ً‬ ‫العماد ميشال عون‪ ،‬د‪ .‬ناصر زيدان ممثال ً النائب‬ ‫وليد جنبالط‪ ،‬الشيخ محمود البضن ممثال ً‬ ‫جلبهة العمل اإلسالمي‪ ،‬أحمد مرعي ممثال ً‬ ‫الوزير عبد الرحيم مراد‪ ،‬مصباح الزين ممثال ً‬ ‫د‪ .‬أسامة سعد‪ ،‬مقرر لقاء األحزاب الوطنية‬ ‫خالد الر ّواس‪ ،‬اللواء علي احلاج‪ ،‬النواب‪ :‬سليم‬ ‫عون‪ ،‬زاهر اخلطيب‪ ،‬زياد أسود‪ ،‬عدنان عرقجي‪،‬‬ ‫عبد اجمليد صالح‪ ،‬ووفد من هيئة العمل‬ ‫التوحيدي برئاسة الشيخ فوزي الكوكاش‪،‬‬ ‫وأعضاء املكتب السياسي ومجلس األمناء‬ ‫في حزب “التوحيد العربي”‪.‬‬

‫وهاب‬ ‫وألقى وهاب خالل التكرمي كلمة أكد فيها‬ ‫أ ّن “هذا اللقاء دليل على الصداقة التي‬ ‫جتمع الشعب الروسي مع شعبنا اللبناني‬ ‫والشعب العربي”‪ ،‬مشددا ً أ ّن “روسيا التي‬ ‫وقفت باستمرار إلى جانب القضايا احملقة لها‬ ‫في القلوب كل احملبة والتقدير”‪ ،‬الفتا ً إلى أ ّن‬ ‫“تس ّيد الواليات املتحدة األميركية للزعامة‬ ‫العاملية ونحن نعاني فقدان العدالة الدولية‪،‬‬ ‫وقد اتخذت أميركا من هذه الزعامة مبررا ً‬ ‫لتقود أبشع عملية ظلم شهدها التاريخ‪،‬‬ ‫احتلت العراق وسببت بقتل مئات اآلالف‬ ‫وغزت أفغانستان‪ ،‬وها هي اليوم تساهم‬ ‫في تدمير ليبيا وحتاول دعم الفوضى في‬ ‫سوريا‪ ،‬وال ننسى بأنها وقفت منذ عشرات‬ ‫السنني مع الظلم اإلسرائيلي بحق شعبنا‬ ‫الفلسطيني”‪.‬‬ ‫وأثنى وهاب على أ ّن “املوقفني الروسي‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫والصيني من سوريا‪ ،‬يأتيان اليوم ليؤكدا أ ّن هذه‬ ‫القرصنة الدولية عبر مؤسسات األمم املتحدة‬ ‫يجب أن تتوقف وبأ ّن اتخاذ مجلس األمن غطاء‬ ‫حلروب هدفها سياسي واقتصادي يجب أال مي ّر‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وبأ ّن إعادة التوازن إلى الساحة الدولية أفضل‬ ‫للعالم وأكثر أمانا ً لإلنسان”‪.‬‬ ‫وأشار وهاب إلى أ ّن “عبء التوازن في املنطقة‬ ‫تتحمله اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية التي‬

‫‪32‬‬

‫تقف إلى جانب الشعوب املطالبة بحقها‪،‬‬ ‫وال شك بأن سوريا هي الدولة الوحيدة التي‬ ‫تتعايش فيها األديان بأمان وسالم وهي الوحيدة‬ ‫القادرة على املساهمة في أمن بالد الشام‪،‬‬ ‫وبالتالي فإ ّن استهدافها سيع ّرض املنطقة‬ ‫متوجها ً للسفير‬ ‫ألخطار كبيرة ومنها لبنان”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نحيي موقفكم ونقول‬ ‫الروسي بالقول‪“ :‬لذلك‬ ‫ّ‬ ‫لكم بأنه آن األوان جلعل املؤسسات الدولية‬


‫مكانا ً للعدالة احلقيقية وحماية أمن الشعوب‬ ‫ال لتغطية احلروب عليها”‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬إنني وبإسم الكثير من‬ ‫اللبنانيني والعرب أدعوكم لنقل تقديري‬ ‫للرئيس الروسي ولرئيس احلكومة على‬ ‫مواقف روسيا ملا يجري في سوريا‪ ،‬أل ّن املوقفني‬ ‫الروسي والصيني سيساهمان في إبعاد‬ ‫الفوضى عن منطقة الشرق األوسط‪ ،‬خاصة‬ ‫وأننا اليوم في لبنان نتعرض حملاوالت استخدام‬ ‫ضدنا إلثارة الفتنة ودفعنا‬ ‫املؤسسات الدولية ّ‬ ‫إلى اقتتال داخلي عبر محكمة دولية لم‬ ‫تثبت منذ ست سنوات حياديتها ومهن ّيتها‪،‬‬ ‫بل ظلمت ضباطا ً كبارا ً وها هي تستمر في‬ ‫ظلم مقاومني شرفاء حرروا أرضنا‪ ،‬وأعتقد‬ ‫بأ ّن روسيا بإمكانها أن تفعل الكثير ملساعدة‬ ‫شعوب املنطقة”‪.‬‬

‫زاسيبكني‬ ‫من جهته‪ ،‬قال السفير الروسي زاسيبكني‪:‬‬ ‫“اعتبر أن تكرميي هو تكرمي لروسيا‪ ،‬وبالفعل‬ ‫فإن العالقات الروسية ‪ -‬اللبنانية هي عالقات‬ ‫تاريخية تقليدية وقد عملنا معا ً في كل‬ ‫املراحل‪ ،‬وكنا والنزال نتعامل سياسيا ً واقتصاديا ً‬ ‫وثقافياً‪ ،‬ونحن في هذه املرحلة الصعبة نتمنى‬ ‫للبنان الصديق أن يبقى في وضع آمن ومستقل‪،‬‬ ‫ولذلك علينا جتاوز هذه املرحلة معاً‪ ،‬أل ّن روسيا‬ ‫تؤيد تطلعات الشعوب نحو احلرية‪ ،‬ونؤكد بأنّنا‬ ‫نؤ ّيد إجراء اإلصالحات السياسية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية في سوريا‪ ،‬البلد الصديق للبنان‬ ‫وروسيا‪ ،‬وفقا ً للبرنامج الذي أعلن عنه الرئيس‬ ‫السوري بشار األسد‪ ،‬والرئيس ميدفيديف يؤ ّيد‬ ‫ذلك‪ ،‬ونحن سنشجع كل هذه اخلطوات نحو‬ ‫اإلصالحات‪ ،‬وندعم دعوة السلطات السورية‬ ‫للحوار واالتفاق بني كل الفئات التي تقف إلى‬ ‫جانب التحول السلمي”‪.‬‬

‫‪33‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫‪ ...‬ورعى حفل تخريج طالب معهد المسار‬ ‫وهاب‪ :‬على الحكومة بناء دولة للخروج من المزرعة التي نعيش فيها‬

‫رعى رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير‬ ‫وئام وهاب يرافقه مستشاره السياسي ياسر‬ ‫الصفدي‪ ،‬حفل تخريج طالب “معهد املسار‬ ‫للعلوم واملهن” في مطعم الساحة في الضاحية‬ ‫اجلنوبية لبيروت‪ ،‬بحضور النائب علي خريس‪ ،‬مدير‬ ‫املعهد علي ناصر‪ ،‬مدير فرع الغازية أمين شعيب‪،‬‬ ‫الهيئة اإلدارية والتعليمية وأهالي الطالب‬ ‫املتخ ّرجني‪.‬‬ ‫وكانت كلمة لوهاب‪ ،‬قال فيها‪“ :‬قبل أيام من‬ ‫نيل احلكومة للثقة على أساس بيانها الوزاري‪،‬‬ ‫نؤكد بأننا نرفض أي محاولة للتشفي‪ ،‬ونص ّر‬ ‫على اإلصالح واحملاسبة‪ ،‬فعلى هذه احلكومة‬ ‫االنطالق في األسابيع املقبلة بتعيينات إدارية‬ ‫ال تراعي احملسوب ّيات بل الكفاءات‪ ،‬وإ ّيانا أن نقع‬ ‫في اخلطأ الذي وقع فيه غيرنا بإعطاء األفضلية‬ ‫للمحسوبية والوقوف على األبواب‪ ،‬على حساب‬ ‫الكفاءات‪ ،‬فطالبنا الذين يتخ ّرجون اليوم‪ ،‬يجب‬ ‫أن يعملوا في بلدهم ال أن يذهبوا إلى أبواب‬ ‫السفارات النتظار تأشيرات ذهاب إلى بعض‬ ‫الدول‪ .‬لذلك‪ ،‬أمام هذه احلكومة فترة متتد لستة‬ ‫أو ثمانية أشهر لتثبت أنها مختلفة‪ ،‬وبأ ّن لديها‬ ‫مشروعا ً إصالحيا ً وأنها فعالً تريد بناء دولة‬ ‫للخروج من املزرعة التي نعيش فيها منذ عشرات‬ ‫السنوات»‪.‬‬ ‫وأكد وهاب بأ ّن “حجم املؤامرة التي تتعرض لها‬ ‫أمتنا اليوم كبير جداً‪ ،‬وأ ّن االستهداف احلقيقي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يكمن في إلغاء هذا احملور املقاوم للدفاع عن األرض‬ ‫واملقدسات بد ًءا من جنوب لبنان مرورا ً بفلسطني‬ ‫والعراق وصوال ً إلى اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية”‪،‬‬ ‫مشددا ً أنهم “يلعبون الورقة الكبيرة في ضرب‬ ‫األمة وصمودها‪ ،‬بعد أن فشلوا في‬ ‫مق ّومات ّ‬ ‫ضربها إ ّبان عدوان متوز ‪ ،2006‬وحرب غزة ‪.»2008‬‬ ‫وأضاف‪“ :‬بعد أن باتت السلطة والقرار في‬ ‫لبنان‪ ،‬بأيدي فريقنا الوطني‪ ،‬ها هم يشعلون‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫نيران الفنت املذهبية‪ ،‬واألحقاد الطائفية‪ ،‬وبعث‬ ‫الروح العنصرية في سبيل تدمير مجتمعنا من‬ ‫الداخل‪ ،‬بعد أن فشلوا في ضربه من اخلارج‪ ،‬وها‬ ‫يحضرون لقرارٍ ظني‪،‬‬ ‫هم خالل األيام املقبلة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن كل‬ ‫كنا نعرف منذ سنوات ماذا يحوي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫احملاوالت التي فشلت خالل السنوات املاضية‬ ‫الستهداف املقاومة‪ ،‬ها هم اليوم يقومون‬ ‫مبحاولة جديدة‪ ،‬وقبل أن يأتينا قرارهم الظني‪،‬‬ ‫سنقول لهم بأنه مرجتع مع الشكر‪ ،‬وبأ ّن هذا‬ ‫القرار لن مي ّر في لبنان‪ ،‬وبأ ّن أي سلطة مهما‬ ‫كانت لن تستطيع تسويق هذا القرار‪ ،‬فهو‬ ‫مرفوض ألنه قرار كاذب مثل الذين صنعوه‪،‬‬ ‫ومثل الذين أرسلوه إلينا‪ ،‬ومثل الذين يحاولون‬ ‫تسويقه اليوم في لبنان‪ ،‬ومشروعهم هذا‬ ‫لن مي ّر‪ ،‬وإال ستتحول املنطقة بأكملها الى‬

‫‪34‬‬

‫بركان يغلي وينفجر في وجه أولئك اجملرمني‬ ‫واحلاقدين”‪ ،‬مؤكدا ً بأ ّن “القوة التي غ ّيرت وجه‬ ‫التاريخ بتحرير لبنان ومواجهة العدوان‪ ،‬مازالت‬ ‫متلك الكثير من األدوات واألوراق القادرة من‬ ‫خاللها على استعادة اإلمساك بالوضع‪ ،‬وقلب‬ ‫الطاولة على رؤوس هؤالء جميعاً»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬إ ّن أمة فيها هذا اخملزون الثوري‬ ‫املقدس باحلقوق‪ ،‬وهذه اإلرادة‬ ‫الكبير‪ ،‬وهذا اإلميان‬ ‫ّ‬ ‫الواعية والقادرة واملمسكة بزمام األمور‪ ،‬هي‬ ‫أمة سوف تستعيد أوراقها من أيدي الطامعني‪،‬‬ ‫وسوف تكتب بأحرف ذهبية أنها تستحق احلياة‪،‬‬ ‫وشرف الوجود‪ ،‬والدخول في ما أراده اهلل من عز ٍة‬ ‫ألبنائها املؤمنني»‪.‬‬ ‫ووزّع وهاب وإدارة املعهد في نهاية احلفل‬ ‫الشهادات على الطالب املتخ ّرجني‪.‬‬


‫حزب «التوحيد العربي» يشارك في الذكرى المئوية الثانية‬ ‫لتوقيع استقالل الجمهورية البوليفارية الفنزويلية‬ ‫مبناسبة الذكرى املئوية الثانية لتوقيع استقالل‬ ‫اجلمهورية البوليفارية الفنزويلية‪ ،‬وبدعوة من سفارة‬ ‫اجلمهورية البوليفارية الفنزويلية في لبنان ومجلس‬ ‫بلدية الغبيري وجتمع رجال األعمال الفنزويلي اللبناني‪،‬‬ ‫شاركت أمنية العالقات اخلارجية في حزب “التوحيد‬ ‫العربي” فريال أبوذياب في حفل إزالة الستار عن نصب‬ ‫احملرر سيمون بوليفار في اجلناح‪.‬‬ ‫وباملناسبة ألقت سفيرة فنزويال في لبنان سعاد‬ ‫كرم كلمة ّ‬ ‫أكدت فيها أن استقالل فنزويال رمز النتصار‬ ‫الشعب على االمبراطوريات ووالدة لقارة بأكملها التي‬ ‫ال تزال تناضل من أجل حريتها واستقاللها النهائي‪،‬‬

‫مشيرة الى أن ساحة بالزا بوليفار ليست فقط رمز‬ ‫الوحدة والتضامن بني الشعوب من فنزويال ولبنان‪ ،‬ولكن‬ ‫ستكون واحة لالجتماع مع دول أميركا الالتينية وإشارة‬ ‫إلى النبالء من هذا البلد الشقيق‪ ،‬وأيضا ً شجاعة تكافح‬ ‫باستمرار كشعب يستحق ومنتصر في بناء مصيرها‪.‬‬ ‫هذا وأعرب ممثلو مختلف القطاعات اللبنانية عن‬ ‫تضامنهم مع القائد الرئيس هوغو شافيز‪ ،‬ونذروا من أجل‬ ‫شفائه الكامل‪.‬‬ ‫كما شاركت أبوذياب في احلفل املوسيقي الذي أقيم‬ ‫باملناسبة في فندق كورال بيتش أحييته فرقة انسامبلي‬ ‫من األوركيسترا السيمفونية لوالية أنزواتيغي‪.‬‬

‫هيئة العمل التوحيدي تبارك الحوار الوطني في سوريا وتستنكر أي تدخل أجنبي في شؤونها‬ ‫تبارك هيئة العمل التوحيدي في لبنان احلوار‬ ‫الوطني ومسيرة اإلصالح اّملة أن يصل الى‬ ‫أهدافه الوطنية في احلفاظ على وحدة سوريا‬ ‫وشعبها وأمنها واستقرارها وثباتها على ثوابتها‬ ‫العربية والقومية النضالية في وجه اخملططات‬ ‫االستعمارية الهادفة الى زعزعة األمن واالستقرار‬ ‫في قلعة العروبة وقلبها النابض‪.‬‬ ‫سوريا الصامدة بإذن اهلل ونصره ووعي الشعب‬ ‫الذي ضرب مثالً للعالم وهو يف ّوت كل الفرص‬ ‫العاملة على مترير احملنة والفتنة لتحقيق أهدافها‬ ‫العدوانية األميركية اإلسرائيلية استكماال ً‬ ‫ملا فعلته في العراق الشقيق ضمن خطوات‬ ‫منهجها الشرق أوسطي الذي يخدم أهدافها‬ ‫وها هو يتحطم اآلن على صخرة الصمود العربي‬ ‫“سوريا”‪:‬حكومة وشعبا ً وقياد ًة وقائدا ً في مواجهة‬ ‫احملنة احلقيقية املعقدة‪.‬‬ ‫إذ هي تنحل وتتحلحل باحلوار والتفاهم‬ ‫واحللم واحلكمة والوعي الوطني ومنهج اإلصالح‬ ‫والعدالة صونا ً لسوريا وأخاء ومحب ًة بني أبنائها‬ ‫ووفا ًء لتاريخها العربي في النضال وطرد الغزاة‬ ‫وإفشال خدعهم ومؤامراتهم واألساليب‬ ‫الرخيصة األبليسية الشيطانية املتعاونة مع من‬ ‫يجانسها وينج ّر معها مبغرياتها اخلادعة التي ال‬ ‫تخدم إال أهدافها ومطامعها في ثرواتنا وهدم‬ ‫كياننا حفاظا ً على طفلها املدلل “إسرائيل” الولد‬ ‫ال ّالشرعي لبلفور املشؤوم‪.‬‬ ‫إن هيئة العمل التوحيدي تناصر وتؤازر سوريا‬ ‫فوق كل ذرة من ترابها املقدس الذي منه عبير دم‬ ‫شهدائها في كل مالحمها البطولية التاريخية‬ ‫ويعلو في آفاقها صوت القائد الراحل حافظ‬ ‫األسد (الوطن عزيز الوطن غال) وميزّق دياجي‬ ‫الفتنة صوت قائد الثورة السورية الكبرى سلطان‬ ‫باشا األطرش ورفاقه األحرار “الدين هلل والوطن‬ ‫للجميع” ‪.‬‬ ‫إن الشعب العربي السوري الذي ت ّوحد في وجه‬

‫كل غزو ومحنة وفتنة في تاريخ نضاله الطويل‬ ‫هو أكبر وأقوى من أن تنال منه هذه الفتنة وأكبر‬ ‫من أن يسمع إال صوت الوطن ضمير األجداد‬ ‫ومستقبل األبناء واألحفاد‪.‬‬ ‫أي‬ ‫وان هيئة العمل التوحيدي تستنكر بشدة ّ‬ ‫تدخل خارجي في شؤون سوريا‪ .‬فسوريا قادرة‬ ‫بإذن اهلل على ّ‬ ‫حل مشاكلها‪ ،‬ولن تصغي الى‬ ‫هذا االستهتار بالوعي والعقل العربي السوري‬ ‫والتبصر‬ ‫الذي يفوق سياسات العالم في اإلدراك‬ ‫ّ‬ ‫واحلدس واستشراق املستقبل وقراءة الواقع‬ ‫والنفاذ الى طياته وخباياه محليا ً ودوليا ً إضافة‬ ‫الى الرؤية واملعرفة والتحليل واالستنتاج ومعرفة‬ ‫املقاصد االستعمارية مهما تغلفت باخلدع‬ ‫واألكاذيب وليعلم السفير األميركي وغيره أنه‬ ‫لن يكون (املفوض السامي) حلكومته لتخطط‬ ‫له وتأمره مبا تريد ألنه يدخل في نفق مسدود‬ ‫في وجهه ووجه ساداته ال ولن يكون لهم هذا‬ ‫احللم ألن في سوريا شعب يتسامى على اجلراح‬ ‫بسم األعداء الذي يقدم‬ ‫الوطنية وال يقتل نفسه ّ‬ ‫باسم الدواء‪.‬‬ ‫فسوريا اليوم‪ :‬تضع الوطن على قواعد النهضة‬ ‫اجلدي واحلوار‬ ‫احلديثة انطالقا ً من منهج الصالح ّ‬ ‫العادل ليكون ذلك خير منوذج لألجيال‪ ،‬يعتز به‬ ‫ّ‬ ‫ويقطع نياط قلوب األعداء التي تتمزق‬ ‫التاريخ‬ ‫يأسا ً من السيطرة على العقلية والوجدان‬ ‫والوعي العربي في سوريا الصامدة‪.‬‬ ‫قلوبنا مع أنفاسك في كل كلمة في مسارات‬ ‫احلوار الوطني وأنت تعبرين جسر احملنة والفتنة‪،‬‬ ‫وأرواحنا فداء وحدة شعبك ودماؤنا هدية‬ ‫لصمودك ولفجر التحرير الزاحف من سوريا الى‬ ‫اجلوالن وفلسطني‪.‬‬ ‫لك النصر‪ ،‬ولك الصمود بإذن اهلل‪ ،‬ولك النهضة‬ ‫التي تضع قواعدها على منهج العدل والوحدة‬ ‫والصمود واملقاومة بعون اهلل‪ .‬ولك التحية شعبا ً‬ ‫ووطنا ً وقائدا ً بشارا ً باخلير واحملبة للوطن‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫أنسام الحوار الوطني‬ ‫تعزف األنسام احلان احلوار‬ ‫في أغاني النصر من دار لدار‬ ‫وطني‬ ‫واألغاريد بعرس‬ ‫ّ‬ ‫فاق بالوعي على كل اعتبار‬ ‫يا شآم اجملد فالشعب عريق‬ ‫همه الوحدة في كل قرار‬ ‫يستحق العيش عزا” وهناء”‬ ‫أسرة واحدة فيها افتخاري‬ ‫يا نسيم الشام طيبت الفيافي‬ ‫ونسيم األرز نحو الشام جاري‬ ‫ومنى بغداد في أجفان شام‬ ‫كبر يق الفجر في ليل الصحاري‬ ‫وسؤال القدس عن أبطال زحف‬ ‫قد أجابت صرخة األسد الضواري‬ ‫تأخذ اجلوالن دربا”لنداها‬ ‫ّ‬ ‫ويهل الغيث في كل البراري‬ ‫عندها األهرام تشدو عن مناها‬ ‫وسماء القدس عزف االنتصار‬ ‫أبشري يا شام عافاك الهي‬ ‫ّ‬ ‫بحوار طل وجها” كاملنار‬ ‫أنت أقوى باقتدار بعد ألي‬ ‫فحباك اهلل ع ّز االقتدار‬ ‫أنت عز الشرق دوما” لن تهوني‬ ‫شعبك املقدام والبشار ضاري‬

‫الشيخ راتب نصر اهلل‬ ‫هيئة العمل التوحيدي‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫إضعاف النظام في سوريا لفك التحالف االستراتيجي مع مبدأ المقاومة‬

‫عمران الزعبي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫المادة الثامنة للدستور قد تس ّببت بأضرار لحزب البعث‬ ‫خمسة أشهر على أحداث سوريا قد‬ ‫مرت‪ ،‬حركة مكثفة للموفدين‪ ،‬محاوالت في‬ ‫مجلس األمن الدولي للتصعيد‪ ،‬تصريحات‬ ‫غربية وأميركية تعلو تارة وتخفت أحياناً‪،‬‬ ‫تظاهرات الزالت تتنقل بني املناطق لكنها‬ ‫لم تستطع بعد التحول الى ثورة وماليني‬ ‫في الشارع‪ ،‬ألن املاليني أخذت خيارها‬ ‫مع مسيرة إصالح يقودها الرئيس بشار‬ ‫األسد‪ ،‬وغالبية ساحقة ترفض الفوضى‬ ‫واجلزر الطائفية التي حتاول اجملموعات‬ ‫املسلحة فرضها على أرض لم تعرف يوماً‬ ‫سوى الوحدة الوطنية‪ ،‬التي شدد عليها‬ ‫اللقاء التشاوري للحوار الوطني الذي امتاز‬ ‫بسقفه املرتفع وجتاوز محرمات العقود‬ ‫املاضية فكل شيء قابل للنقاش والتغيير‬ ‫حتى الدستور‪ ،‬لكن التغيير واإلصالح وكل‬ ‫اخلطوات املتخذة ال تكفي لتتراجع فرنسا‬ ‫ومعها الدول األوروبية عن لهاثها احملموم‬ ‫محاولة لتستقل عربة في قطار أميركي‬ ‫قرر أنه آن أوان شرق أوسطهم اجلديد أن‬ ‫تفرضه ثورات شعوب هدها ظلم حكامها‪،‬‬ ‫فلم تعد تستبني الطريق‪ ،‬وأضاعت‬ ‫البوصلة‪ ،‬ورمت بنفسها للشارع وفاتها‬ ‫أن مهندس ثوراتها هو رئيس قادم للكيان‬ ‫“اإلسرائيلي” صحفي يهودي يدعى “برنارد‬ ‫هنري ليفي”‪.‬‬ ‫وحدها سوريا تستشرف القادم‪ ،‬وتقف‬ ‫دولة ذات سيادة وتقرر أن تنسى أن أوروبا‬ ‫على اخلريطة‪ ،‬وحتدد للسفير األميركي‬ ‫املعتمد لديها روبرت فورد‪ ،‬الذي ظن نفسه‬ ‫أنه في لبنان أو مصر أو أية منطقة أخرى‬ ‫آخر همها السيادة الوطنية‪ ،‬فكان الرد‬ ‫السوري عليه” حدود حركتك “‪ ”25‬كم‪،‬‬ ‫ولكن الرد األقسى كان من السوريني‬ ‫أنفسهم فهنا دمشق‪ ،‬ملن ال يعرف ماذا‬ ‫تعني دمشق‪ ،‬التي اعتادت على أن تكون‬ ‫وحيدة في امللمات‪ ،‬فها هم القوميون‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫العرب يعتبون على اعترافها بدولة حدودها‬ ‫الـ ‪ ،67‬لكنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء‬ ‫زيارتها وإعالن الدعم لها وباألصح إعالن‬ ‫الدعم واملؤازرة لقلعة القومية العربية‪،‬‬ ‫متناسني أنها حملت راية اجلهاد نيابة عن‬ ‫كل العرب الذين خذلوها في متوز‪ ،‬وتآمروا‬ ‫على غزة‪ ،‬التي بقدرة قادر ارتضت قياداتها‬ ‫وجميع القوى الفلسطينية بدولة حدودها‬ ‫النكسة‪ ،‬ويعتبون على دمشق وهم الذين‬ ‫باعوها لإلسالميني الطيبني حسب وصف‬ ‫وزيرة اخلارجية األميركية هيالري كلينتون‪،‬‬ ‫وباالتفاق مع الزعيم اإلسالمي الكبير‬ ‫“رجب طيب أردوغان”‪ ...‬واجلميع ينتظر ما‬ ‫بعد ‪ 30‬آب‪ ،‬واملناورة اإلسرائيلية “حتول ‪”5‬‬ ‫انتهت‪ ،‬وطبول احلرب تقرع‪ ،‬ويعتبون على‬ ‫دمشق‪....‬‬ ‫هي مقدمة تختصر الوضع العربي‬ ‫والسوري ندخل في تفاصيلها عبر حوار مع‬ ‫احملامي والكاتب واحمللل السياسي عمران‬ ‫الزعبي‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫ما يقارب خمس شهور على األزمة في سوريا‬ ‫كيف تصف الوضع اليوم؟‬ ‫أهم ما حدث في سوريا أن الدولة والشعب‬ ‫قد اتفقا على توصيف األزمة‪ ،‬وبالتالي اجلميع‬ ‫وعلى أعلى املستويات وفي كل شرائح الرأي العام‬ ‫اتفقوا على أن األزمة مركبة مبعنى أن لها حاملَني‪:‬‬ ‫حامل املطالب املشروعة‪ ،‬وحامل آخر هو املؤامرة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬وبالتالي ميكن القول هناك مشروع‬ ‫خارجي امتطى صهوة املطالب املشروعة عن طريق‬ ‫أدواته التي ميلكها في الداخل‪ ،‬وذلك جلر البالد‬ ‫إلى الفوضى‪ ،‬وبالتالي إضعاف النظام السياسي‬ ‫في سوريا متهيدا ً لتفكيك الدولة السورية‪ .‬هذا‬ ‫التشخيص الصحيح لألزمة استطاع أن يفضي‬ ‫لعالج صحيح‪ ،‬لذلك الدولة مبعنى السلطة‬ ‫واألحزاب واملنظمات الشعبية واألهلية التي خافت‬ ‫من الفوضى‪ ،‬وهالها أن ثمة أدوات داخلية تشتغل‬ ‫عليها‪ ،‬ذهبت في املعاجلة باجتاهني املعاجلة األمنية‬ ‫واملعاجلة السياسية‪.‬‬ ‫طاملا أن هناك تطابقاً في التشخيص وثمة‬ ‫معاجلات وخطوات تتخذ تباعاً‪ ،‬هذا اآلخر‬ ‫الشريك بالوطن والذي ال زال يخرج إلى الساحات‬ ‫إلى أين ميضي أال يصله الصوت؟‬ ‫املتظاهرون ليسوا كتلة واحدة والدليل على‬


‫ما هي األهداف األساسية لهذا‬ ‫ذلك على أن الكثير من املناطق التي‬ ‫املشروع؟‬ ‫كان فيها تظاهرات لم تعد تخرج‬ ‫حسب تقديري هي إضعاف النظام في‬ ‫بعد تلبية مطالبها‪ ،‬وهناك مناطق‬ ‫سوريا متهيدا ً إلمالء الشروط املطلوبة‬ ‫لُ ّبيت املطالب فيها والزالت تخرج‪،‬‬ ‫علينا والتي هي أوال تفكيك التحالف‬ ‫مما يعني أن القضية ليست فقط‬ ‫االستراتيجي مع مبدأ املقاومة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫مطالب مشروعة بل هي في مكان‬ ‫أدوات املقاومة اخملتلفة‪ ،‬والذهاب للتفاوض‬ ‫آخر‪ ،‬وهناك توظيف للغرائز الدينية‬ ‫مع “إسرائيل” وفق الشروط اإلسرائيلية‪.‬‬ ‫والتحريض السياسي والطائفي فيما‬ ‫حركة موفدين شهدتها دمشق خالل‬ ‫يجري‪ ،‬كما أن هناك توظيفات مالية‬ ‫فترة األحداث ونعلم أن ثمة مطالب‬ ‫وغوغائية‪ .‬املسألة إذا مركبة وال ميكن‬ ‫تقدموا بها للقيادة السياسية في‬ ‫عالجها بطريقة واحدة‪ ،‬وبالتالي ومن‬ ‫سوريا‪ ،‬ملاذا ال يفصح عن هذه املطالب‬ ‫خالل مقاربة موضوعية لألحداث جند‬ ‫إعالمياً الستقطاب من ال يريد أن يصدق‬ ‫أن الدولة تعالج املسألة بكثير من‬ ‫أن مؤامرة حيكت على سوريا وهذا هو‬ ‫احلكمة والصبر واإلصرار على أن ال‬ ‫املطلوب؟‬ ‫يكون هناك قوة مفرطة‪.‬‬ ‫ما حدث في سوريا أن الدولة والشعب‬ ‫السوريون بطبيعتهم والنظام‬ ‫هناك حكمة وصبر وهناك حلول‬ ‫السياسي في سوريا يرفض اإلمالء‪،‬‬ ‫أمنية أين ميكن أن تصرف احلكمة‬ ‫قد اتفقا على توصيف األزمة‬ ‫واملطالب املوجهة إلى سوريا معروفة‬ ‫والصبر في احلل األمني الذي يأخذ‬ ‫وصريحة ومن تقدم بهذه املطالب هو‬ ‫واجهة احلدث؟‬ ‫ال يخفي نفسه وغير خجل منها ال من‬ ‫ليس صحيحا ً أن احلل األمني أكبر‬ ‫تركيا دولة عضو في حلف «الناتو»‬ ‫العرب وال من غير العرب‪ ،‬املطالب واضحة‬ ‫من احلل السياسي‪ ،‬لكن احلل األمني‬ ‫وفي أعلى السلم تسليم رأس املقاومة‬ ‫عليه تركيز إعالمي يتعمد إغفال‬ ‫وهي ملزمة بتنفيذ سياسته‬ ‫في لبنان والتخلي عن التحالفات‬ ‫مشروع وبرنامج اإلصالح السياسي‬ ‫اإلقليمية املؤيدة للمشروع القومي‬ ‫ما نفذ وما لم ينفذ‪ ،‬لصالح التركيز‬ ‫والتخلي عن القضية الفلسطينية‪ ،‬وفي‬ ‫والتغطية الواسعة النطاق من أجهزة‬ ‫ليس صحيحاً أن احلل األمني أكبر‬ ‫سوريا ال يوجد نظام سياسي ال اآلن وال‬ ‫إعالمية مختلفة لصالح احللول‬ ‫النظام السياسي بعد اإلصالح قادر على‬ ‫األمنية‪ ،‬بينما واقع احلال أن العمل‬ ‫من احلل السياسي‬ ‫أن يقدم هذه التنازالت‪ ،‬وهم يعرفون ذلك‪،‬‬ ‫بالشأن السياسي قائم على الذهاب‬ ‫لهذا دخلوا من بوابة إضعاف هذا النظام‬ ‫إلى جملة إصالحات سياسية وبالتالي‬ ‫إلمالء الشروط‪.‬‬ ‫الدولة والرئيس مصران على أن احلل‬ ‫يحيره أن يرى من مت تصويرهم على أنهم إرهابيون‬ ‫أعود لصياغة السؤال وأقول هذه الشروط عندما‬ ‫تقتضي‬ ‫األمنية‬ ‫باملعاجلة السياسية‪ ،‬وأن املواجهة‬ ‫ورجال مسلحني ينفذون مشروعاً ما‪ ،‬هم اليوم‬ ‫فقط منع حدوث الفوضى واالعتداء على األمالك خارج قضبان السجن بعد تسجيل اعترافاتهم تأتي من القطري والبحريني وغيره‪ ،‬ملاذا ال يتم اإلعالن‬ ‫اخلاصة والعامة واستخدام السالح كأداة إلحداث ومثال ذلك الشاب املصري ذو اجلنسية األميركية‪ ،‬عنها عبر إعالمنا الرسمي لفضح املؤامرة بالوثائق‪،‬‬ ‫طاملا اللعب أصبح “عاملكشوف”؟‬ ‫الفوضى‪ ،‬وبالتالي إلضعاف النظام وبالتالي كيف نبرر أو نوضح مثل هذا األمر؟‬ ‫هناك ما يسمى األعراف الدبلوماسية التي لها‬ ‫تفكيك الدولة‪.‬‬ ‫هذه دولة ولها سياستها‪ ،‬وبالتالي هناك‬ ‫هناك شريحة ال يصلها هذا اخلطاب‪ ،‬وأخرى أشخاص كثر أوقفوا وخرجوا إعماال ً لقرارات القضاء قواعد وأصول‪ ،‬ومن ثم ليس من عادة سوريا قول‬ ‫تسمع اخلطاب لكنها ترفض االستجابة‪ ،‬وليس عمالً لقرارات األمن‪ ،‬وهذا سؤال يوجه إلى األشياء بالتفصيل‪ ،‬لكن اإلعالم السوري قال ما هو‬ ‫املطلوب بصراحة وهذا يعكس وجهة نظر الدولة‪،‬‬ ‫والشريحة األهم تلك التي تسمع وتريد التصديق القضاء السوري الذ ي يخلي سبيل املوقوفني؟‬ ‫سوريا دولة يفترض أن تكون من أهم الدول لذلك قلت عندما جنمع هذه املطالب اخلارجية على‬ ‫لكن حالها يقول ما يقدم لي من معطيات ال‬ ‫أمنياً‪ ،‬وأي دولة معرضة لالختراق لكن هل ميكن املطالب املشروعة ونعكسها على الصورة امليدانية‬ ‫يكفي ألقتنع مبا يجري؟‬ ‫أعتقد أن هذا شأن طبيعي جدا ألن احلل األمني أن يكون اختراق بهذا املستوى الذي رأيناه وعلى نستنتج كيف أن أصحاب املطالب اخلارجية استغلوا‬ ‫أصحاب املطالب املشروعة وكانوا قد هيئوا لها بيئة‬ ‫هو حل آني بطبيعة احلال‪ ،‬واحلل السياسي حل هذا النطاق الواسع؟‬ ‫أميركا أقوى دولة أمنية في العالم وحصل فيها التنظيمات املسلحة‪.‬‬ ‫طويل األمد مبعنى لو صدر قانون األحزاب غدا في‬ ‫كيف نقرأ املوقف التركي في ظل هذه التحوالت؟‬ ‫سوريا فكم سيستغرق من الزمن ليتحول هذا اختراق أمني بتفجير “أكالهوما” وأحداث أيلول‪ ،‬ال‬ ‫أنا أسمي تركيا دولة “كرستالية” ال تتحمل التجريح‬ ‫القانون إلى واقع‪ ،‬وبالتالي كيف ميكن أن نشرح يوجد دولة ال ميكن اختراقها‪ ،‬وعندما يكون هناك‬ ‫ملاذا تأخر قانون األحزاب ملن ال يريد أن يصدق؟ احلل على حدودنا دولة محتلة كالعراق و‪ 800‬كم مع في بنيتها وتكوينها وجغرافيتها البشرية والسياسية‪،‬‬ ‫السياسي ال يعطي ثماره خالل ساعات‪ ،‬بينما احلل تركيا وحدود ملتهبة بالتهريب مع لبنان‪ ،‬وعندما وهي دولة عضو في حلف “الناتو” قبل أن تكون بأي‬ ‫األمني في حال وجود تظاهرة وإطالق نار وقوة أمنية يكون هناك مشروع خارجي مشغول عليه بطريقة اعتبار آخر‪ ،‬وبالتالي هي ملزمة بتنفيذ سياسة هذا‬ ‫ستكون هناك مشكلة وتركيز إعالمي‪ ،‬وسينسى هائلة من قنوات فضائية إلى متويل وتسليح احللف املقدمة على كل اتفاقياتها‪ ،‬وهناك بند في‬ ‫وأجهزة استخبارات‪ ،‬يكون السؤال من يستطيع احللف يقول أي اتفاق تعقده دولة عضو في احللف ال‬ ‫الناس أن املسألة األخرى ستستغرق وقتاً‪.‬‬ ‫اإلعالم املوضوعي يقتضي أن يكون لسان حال الصمود بوجه هكذا وضع‪ ،‬ومع ذلك أعتقد أن يجوز أن يكون متقدما ً على بنود حلف “الناتو”‪ ،‬لذلك‬ ‫أعتقد أن األتراك أصحاب طموحات إقليمية واسعة‬ ‫جميع األطراف وبالتالي من حقه أن يسأل على املشروع بأهدافه السياسية قد سقط‪.‬‬ ‫لم تكن معلنة أو حاضرة كما هي اآلن‪ ،‬فهي لم تكن‬ ‫لسان الطرف اآلخر الشريك في الوطن الذي‬

‫‪37‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫اإلصالح السياسي‪ ،‬وبالتالي هذا املؤمتر‬ ‫معلنة عندما كان هناك نظام في العراق‬ ‫كان يعكس نية السلطة في سوريا‬ ‫ومصر متارس دورها القومي‪ ،‬ولم تكن‬ ‫كما املعارضة بالذهاب إلى خطوات‬ ‫كذلك حاضرة عندما كانت العالقات‬ ‫جدية باجتاه اإلصالح‪ ،‬وكان مؤشرا ً على‬ ‫السورية السعودية املصرية تشكل‬ ‫أن إرادة الدولة في الدميقراطية ليست‬ ‫مثلثا ذهبيا ً في العالقات العربية‪ ،‬بغياب‬ ‫مجرد خطاب سياسي‪ .‬كما أنني أفهم‬ ‫كل تلك املعطيات وإلى جانب االحتالل‬ ‫موقف املعارضة على أنه موقف سياسي‬ ‫األميركي للعراق برز الدور التركي‪ ،‬فتركيا‬ ‫ودميقراطي‪ ،‬لكن احلوار ليس بني السلطة‬ ‫لم تضف إلى اآلن أي إضافة حقيقية‪،‬‬ ‫واملعارضة بل بني كل أطياف الشعب‬ ‫ولم تستطع أن تضغط على “إسرائيل”‬ ‫السوري‪ ،‬وبالتالي أعتبر أن املعارضة‬ ‫ولم حتل حتى مشكلة قبرص “وال أي من‬ ‫احلالية في الداخل ال متثل كل الشعب‬ ‫مشاكلها اإلقليمية األخرى ببساطة‬ ‫السوري بأطيافه اخملتلفة‪ ،‬فهناك الكثير‬ ‫يوجد في املنطقة مجموعة من اجلبال‬ ‫من املستقلني الذين ال متثلهم املعارضة‪،‬‬ ‫عندما انحسر دورها ظهر اجلبل التركي‬ ‫وكذلك مستقلون يدعمون النظام‬ ‫ليس ألنه اشتغل بل ألن أطرافا ً أخرى قد‬ ‫وآخرون يعارضونه‪ .‬احلوار مع قوى املعارضة‬ ‫غابت‪.‬‬ ‫املنظمة ال يعني جتاوز املعارضة غير‬ ‫هل شهر العسل الذي عاشته تركيا‬ ‫املواجهة األمنية تقتضي فقط‬ ‫املنظمة‪ ،‬ومن األفضل أن يذهب اجلميع‬ ‫وسوريا كان سبباً مباشراً في عدم تنبه‬ ‫واالعتداء‬ ‫الفوضى‬ ‫حدوث‬ ‫منع‬ ‫للحوار الوطني‪.‬‬ ‫القيادة السورية لهذه الطموحات؟‬ ‫ما هي مفاعيل اللقاء الوطني‬ ‫سوريا دولة لها ثقل نوعي وهذا الثقل‬ ‫على األمالك اخلاصة والعامة‬ ‫التشاوري الذي جرى في سوريا؟‬ ‫له عناصره وليس على مبدأ األوراق‬ ‫رغم مشاركة شخصيات معارضة‬ ‫السياسية كما يحلو للبعض أن يحلل‪،‬‬ ‫ومستقلة وأحزاب اجلبهة في اللقاء لكنه‬ ‫بل بحكم اجلغرافيا السياسية والبشرية‬ ‫احلل األمني هو حل آني بطبيعة احلال‪،‬‬ ‫أُخذ عليه أن هناك ممن دعي إليه وهو ال‬ ‫واملواقف السياسية الذاتية مبعزل عن‬ ‫ميثل إال نفسه‪ ،‬وغابت عنه بعض األطراف‬ ‫األوراق‪ ،‬لذا ال ميكن ألحد أن يتجاهلها ال‬ ‫واحلل السياسي حل طويل األمد‬ ‫املعارضة‪ ،‬ولكن مضمون احلوار وسقفه‬ ‫سلما ً وال حرباً‪ ،‬األمور الكبرى في املنطقة‬ ‫كانت أعلى بكثير مما طرحته وتطرحه‬ ‫ال ميكن أن يتم جتاوز وجود الدولة السورية‬ ‫املعارضة وكان جديا ً وعميقاً‪ ،‬وهو بكل‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫األحوال لقاء تشاوري وغير مطلوب منه أن‬ ‫نراهن‬ ‫أن‬ ‫ميكن‬ ‫ال‬ ‫تقدم‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫بناء‬ ‫املرحلة األخطر من األزمة مت جتاوزها‪،‬‬ ‫يصل إلى قرارات‪ ،‬والبيان اخلتامي عبر عما‬ ‫اليوم على عودة تركية وقراءة املوقف‬ ‫بسبب الوعي العام الشعبي‬ ‫حدث بشكل مقبول‪ ،‬من حيث أنه لقاء‬ ‫من منظور انتخابي عبرته تركيا وانتهى‬ ‫متهيدي للقاء وطني ستتم الدعوة إليه‬ ‫األمر؟‬ ‫خملاطر ما يحدث‬ ‫أعتقد أن القيادة السورية تدرك جيدا ً‬ ‫عندما تكون صورة املشهد السياسي‬ ‫مكتملة وتكون هناك إمكانية ملشاركة‬ ‫ومبكرا ً أن أهمية أدوار اآلخرين تنبع من‬ ‫اجلميع‪.‬‬ ‫خالل قدرة السوريني على جتاوز أزمتهم‬ ‫الدستور‪ ،‬وأنا أعتقد أن هاجس املعارضة احلقيقي ال‬ ‫هل استطاع هذا اللقاء بسقفه العالي أن يخفف‬ ‫أدوار‬ ‫تكبر‬ ‫أزمتهم‬ ‫الذاتية‪ ،‬إذا عجز السوريون عن جتاوز‬ ‫يتعلق باملادة الثامنة للدستور ألنها قد تسببت بأضرار‬ ‫حلزب البعث‪ ،‬وأنا أسميها دائما مادة كاشفة وليست من االحتقان السائد في الشارع؟‬ ‫اآلخرين‪ ،‬والعكس صحيح إذا مت جتاوز األزمة‪.‬‬ ‫أعتقد أنه خفف من طبيعة املتظاهرين مبعنى هناك‬ ‫أين تقف سوريا اليوم وهل استطاعت جتاوز منشئة‪ ،‬مبعنى أنها عندما وضعت عام ‪ 1973‬كان‬ ‫احلزب الذي يقود الدولة واجملتمع‪ ،‬هذه املادة كشفت الكثير من املثقفني واملتعلمني انكفأوا عن التظاهر‬ ‫األزمة؟‬ ‫املرحلة األخطر من األزمة مت جتاوزها‪ ،‬أوال بسبب هذا الدور ولم تنشئه وتؤسس له‪ ،‬وبالتالي إذا ألغيت ال إلدراكهم أن احلوار جدي واملسألة جدية‪ ،‬وبقي البعض‬ ‫الوعي العام الشعبي خملاطر ما يحدث‪ ،‬ثانيا ً ألن يعني أننا ألغينا عمالنيا ً على األرض قيادة احلزب للدولة في الشارع وازداد عدد املسلحني والفوضويني‪.‬‬ ‫على ماذا يؤشر هذا االزدياد في أعداد املسلحني؟‬ ‫األغلبية الساحقة من الناس ليست مع الفوضى بل واجملتمع‪ .‬فمنذ تولى الرئيس األسد للسلطة لم تعد‬ ‫املؤشر احلقيقي يؤكد على أن األزمة في بعدها‬ ‫مع االستقرار‪ ،‬والناس في سوريا حتديدا ً تعي أن اخملاطر القيادة القطرية تعني مدراء عامني‪ ،‬ولم تعد تتدخل في‬ ‫احملتملة تشبه منوذجني على مييننا ويسارنا العراق التشكيلة احلكومية والتعيينات الرسمية وبالتالي الداخلي في طريقها لالنحسار واحلل أما خارجيا ً لم‬ ‫ولبنان‪ ،‬وبالتالي هم عايشوا وشاهدوا هذا النوع من هذا الدور أصبح حكوميا ً يعود جمللس الوزراء‪ ،‬كما أن حتل‪.‬‬ ‫كيف نفسر مشاركة السفير األميركي في‬ ‫اخملاطر‪ ،‬وبالطبع هناك جزء كبير من هذه األغلبية هم املادة الثامنة حجمت كثيرا ً باملمارسة العملية‪ ،‬إلغاء‬ ‫مع النظام السياسي بالقدر الذي هم فيه مع اإلصالح النص ال يؤثر على حزب البعث في الشارع أو في عالقته تظاهرة حماة وكيف وصلها خاصة وأن ما تناقل عبر‬ ‫باجلماهير أو دوره القومي والوطني‪ ،‬فهذه املادة تسببت وسائل اإلعالم أن هذه احملافظة أو املدينة مطوقة من‬ ‫لهذا النظام‪.‬‬ ‫اجليش؟‬ ‫األرض‬ ‫على‬ ‫ومتواتر‪،‬‬ ‫كثير‬ ‫اإلصالحات‬ ‫عن‬ ‫احلديث‬ ‫في تراخي وتكاسل احلزب‪.‬‬ ‫بالنسبة لوصوله املسألة ليست معقدة لوجستيا‪،‬‬ ‫فيما‬ ‫خاصة‬ ‫احلديث‬ ‫لهذا‬ ‫انعكاسات‬ ‫نرى‬ ‫أن‬ ‫هل ميكن‬ ‫كيف تنظر للمؤمتر الذي عقدته املعارضة السورية‬ ‫فالطرق ليست مقطوعة بالشكل الذي يتخيله‬ ‫بأسره؟‬ ‫العالم‬ ‫تقلق‬ ‫التي‬ ‫الثامنة‬ ‫باملادة‬ ‫يتعلق‬ ‫في قلب دمشق؟‬ ‫أعتقد أن انعقاد هذا املؤمتر كان يعني انتصارا ً ملبدأ البعض حيث من املمكن أن تنتقلي إلى أي منطقة‬ ‫أعتقد أن أكبر دعاة اإلصالح وأكبر تيار إصالحي هو‬ ‫التيار الذي يقوده الرئيس بشار األسد‪ ،‬وسوريا ذاهبة اإلصالح في سوريا‪ ،‬ألن الدميقراطية هدف من أهداف في سوريا دون املرور عبر حاجز عسكري أو أمني إذا‬ ‫كان موجودا ً على الطريق فهناك طرق التفافية كثيرة‪.‬‬ ‫إلى إصالحات عميقة وجدية ونوعية مبا في ذلك‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪38‬‬


‫ولكن اجليش عندما يقطع طرقات ال يقطعها تقييدا ً‬ ‫للناس ومنعا ً للهواء‪ ،‬إمنا للحفاظ على الطرق العامة‬ ‫وسالمة االنتقال‪ .‬استطاع السفير الوصول بالتنسيق‬ ‫مع بعض األطراف في املدينة وهي زيارة قد أثارت غضب‬ ‫أهل حماه أنفسهم‪ ،‬حتى أولئك اخملتلفني مع النظام‬ ‫في سوريا‪ ،‬ميكن ألميركا أن تعبر عن موقف سياسي‬ ‫لكن نزول السفير على الشارع أمر مستفز‪.‬‬ ‫هل كان لزيارة السفير األميركي تأثيراً عكسياً‬ ‫على املتظاهرين في الشارع‪ ،‬مبعنى هل أثار لديهم‬ ‫التساؤل عن معنى وجوده بينهم؟‬ ‫يجب أن نعترف أن بعض الذين يحرضون ويقودون‬ ‫التظاهرات ليسوا مثقفني مبا فيه الكفاية وهذا‬ ‫مؤسف‪ ،‬حيث تفوتهم األبعاد السياسية لألحداث‬ ‫في الداخل واخلارج‪ ،‬وبالتالي ال يتصرفون بردود أفعال‬ ‫مالئمة ومعبرة وطنيا ً وسياسيا ً وهذا ال يعني أنهم‬ ‫غير وطنيني وال ميكن التشكيك بهم‪ ،‬لكن هناك ما‬ ‫يسمى التكتيك في العمل السياسي ومن الواضح أن‬ ‫هذا البعد غائب لديهم‪.‬‬ ‫ذلك يعني أن ليس لدهم مرجعية ويردنا بالتالي‬ ‫إلى مسألة القوة التمثيلية احلقيقية للمعارضة‬ ‫في الشارع وهل لها قوة تأثير على هذا الشارع؟‬ ‫قوى املعارضة التي حضرت والتي غابت ليس لها‬ ‫تأثير في الشارع‪.‬‬ ‫إذا من يستطيع السيطرة على الشارع السوري‬ ‫والتأثير عليه؟‬ ‫أعتقد لدينا اآلن ما ميكن اعتباره اجتماع الفوضى‪،‬‬ ‫وهذا االجتماع ال يقوم باألساس على وحدة املرجعية‬ ‫والقيادة والسلطة‪ ،‬بالعكس هو يقوم على خالف ذلك‬ ‫ويشتغلون على مقولة رمبا في وقت ما يكون هناك‬ ‫مرجعية‪ .‬هذه املرجعية غير متوفرة ألسباب منها‬ ‫غياب املشروع السياسي لدى الناس لعدم وجود قوة‬ ‫حزبية منظمة‪ ،‬ثانيا ألن أعمال الفوضى فعل ال ميكن‬ ‫أن يبنى على أكتاف املثقفني وبالتالي احلرق والتدمير‬ ‫واالعتداء على البنية التنظيمية للدولة ال ميكن أن‬ ‫يقوم به مثقفون‪ ،‬وبالتالي هذه الشريحة ال ميكن أن‬ ‫تولد مرجعيات ذاتية‪.‬‬ ‫ماذا عن تصريحات وزير اخلارجية وليد املعلم‬ ‫التي اعتبرها البعض متناقضة أو هي عكست على‬ ‫األقل موقفني متباينني للقيادة في سوريا جتاه أوروبا‬ ‫وأميركا‪ ،‬ففي الوقت الذي قال فيه سننسى أن أوروبا‬ ‫موجودة على اخلريطة كان املوقف ليّنا ورمبا فيه غض‬ ‫نظر وضعف في املوقف السوري جتاه ما أقدم عليه‬ ‫السفير األميركي؟‬ ‫وليد املعلم في جامعة دمشق في ندوته احلوارية‬ ‫صرح بأن ليس للسفير األميركي أن يتجاوز دائرة‬ ‫قطرها ‪ 25‬كم وإال فإنه يعتبر مخالفا ً للقانون السوري‬ ‫وليس فقط للعرف الدبلوماسي واتفاقية “فيينا”‪ ،‬ثانيا ً‬ ‫من الثابت أن األوروبيني بتصريحاتهم العلنية يريدون‬ ‫شطب سوريا من اخلارطة وحتويلها إلى دويالت والرد‬ ‫السوري كان معادال ً للسلوك األوروبي‪ ،‬بينما األميركي‬ ‫يتعامل بطريقة أذكى من األوروبي الذي ال زال يعيش‬ ‫أحالم املاضي القدمي في املنطقة‪ ،‬فالفرنسي غير موجود‬ ‫في العراق باملعنى العسكري وال في املنطقة ويريد‬

‫العودة بأي طريقة‪ ،‬أعتقد أن هناك تقدير للمواقف‬ ‫املعبر عنها بطرق مختلفة‪.‬‬ ‫وماذا عن تصريح جهات رسمية بأنها تعترف‬ ‫بدولة فلسطينية حدودها ‪ 67‬أال يعتبر ذلك تنازالً عن‬ ‫ثوابتنا الوطنية والقضية الفلسطينية والكثير من‬ ‫القوميني العرب قد عتبوا على سوريا لهذا االعتراف‬ ‫كونها البيت واملوئل واحلامل لقضايا قوميتنا‬ ‫العربية؟‬ ‫نحن اعترفنا ألن األطراف الفلسطينية املعنية‬ ‫جميعها وافقت على هذه القضية ونحن كنا األكثر‬ ‫تشددا ً في هذه املسألة‪ ،‬فإذا كان أصحاب البيت قد‬ ‫وافقوا على ذلك فال معنى لتشددنا‪ .‬ثانيا ً هذا التصرف‬ ‫فيه الكثير من الواقعية السياسية‪ .‬أما بالنسبة‬ ‫للقوميني الذين عتبوا على سوريا فجزء منهم لم‬ ‫يعد ميارس من العمل القومي إال العتب‪ ،‬وجزء كبير‬ ‫منهم لم يكلف نفسه عناء الوصول إلى دمشق‬ ‫قلعة القومية العربية في هذه األزمة‪ ،‬باخملتصر املفيد‬ ‫“شاطرين بالعتب” وعندما تقع سوريا يدير القوميون‬ ‫ظهورهم‪ ،‬ومع ذلك املسألة ليست بهذا املعنى فعل‬ ‫ورد فعل بل هي عقالنية سياسية‪ ،‬وسوريا قلعة‬ ‫قومية ولكن املوقف من املقاومة و”إسرائيل” فرض عني‬ ‫وليس فرض كفاية‪ ،‬وسوريا حاملة فرض الكفاية عن‬ ‫األمة العربية كلها‪.‬‬ ‫ماذا عن سيناريوهات احلرب التي تطالعنا بها‬ ‫التحليالت السياسية واالفتتاحيات الصحفية؟‬ ‫أعتقد أن املسألة بالنسبة للسوريني كنظام‬ ‫وشعب وأحزاب تتعلق بفكرة ومبدأ حترير اجلوالن‪،‬‬ ‫سوريا ليست بصدد تفجير حرب في املنطقة لكن إذا‬ ‫فرضت عليها احلرب من خالل عدوان “إسرائيلي” األمر‬ ‫الطبيعي والتلقائي هو التصدي شعبا ً وجيشاً‪ .‬ولكن‬ ‫أنا شخصيا ً في مناورات “حتول ‪ ”5‬التي افترضت حربا ً‬ ‫على أربع جهات كانوا يوجهون رسالة غير سياسية‬ ‫بالدبابات والطائرات إلى عموم املنطقة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫على قاعدة أن احلذر يقي الضرر‪ ،‬وعلى مبدأ أن من‬ ‫يريد السلم عليه أن يستعد للحرب علينا أن نكون‬ ‫مستعدين بسبب طبيعة “اإلسرائيلي” الذي اتصف‬ ‫بالغدر‪ ،‬وثانيا ً نحن لدينا حق نريد أن نسترده وبالتالي‬ ‫علينا أن نستعد السترداد هذا احلق‪.‬‬ ‫على ذكر اجلوالن وحقنا باستعادته ملاذا اآلن‬ ‫ومنذ حرب الـ ‪ 67‬يسمح ألبناء اجلوالن التوجه إلى‬ ‫الشريط احلدودي أم أن حقنا في العودة هي مسألة‬ ‫تصدير أزمة أم هي رسالة ما وملن؟‬ ‫أعتقد أن املنطقة تغيرت ومحاولة القول أن سوريا‬ ‫تريد أن تستخدم ورقة اجلوالن باملعنى السياسي‬ ‫فيه استخفاف بعقول الناس‪ ،‬واستخفاف بحجم‬ ‫املتغيرات في املنطقة‪ ،‬الشرق األوسط بعد ‪ 2006‬ال‬ ‫يشبه نفسه قبل ‪ ،2006‬وكما يظن البعض أن بوسعه‬ ‫استخدام آليات مختلفة في املواجهة مع دول املنطقة‪،‬‬ ‫أيضا لشعوب املنطقة ودولها احلق في أن تستخدم‬ ‫أدواتها اخملتلفة‪ .‬الشعب جزء من الصراع واملواجهة مع‬ ‫“إسرائيل” ليست فقط مواجهة عسكرية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫إذا كان القول أن سوريا تستخدم الورقة مبعنى أنها‬ ‫تستخدم كل قواها السياسية فهو قول يختلف عن‬

‫‪39‬‬

‫أنها تصدر أزمتها الداخلية‪.‬‬ ‫ماذا عن “الثورات” التي جتتاح الوطن العربي ماذا‬ ‫عن الربيع العربي؟‬ ‫ما جرى في تونس والبحرين ومصر واليمن وما يحدث‬ ‫اليوم في سوريا ال يشبه بعضه بعضاً‪ ،‬وهذه ليست‬ ‫حمى وال عدوى‪ ،‬لكن هذا ال يعني أن هناك قطيعة‬ ‫كاملة بني هذه النماذج‪ ،‬ال ميكن على اإلطالق تعريف‬ ‫ما يجري بشكل واحد حيث ال ميكن اعتبار كل ما يجري‬ ‫ثورة أو انتفاضة‪ ،‬وليست كلها مبتغيرات إيجابية‪ ،‬إذا‬ ‫كان لكل حادث يجري وظيفة سياسية فأنا أفهم أن‬ ‫الوظيفة السياسية ملا يجري في مصر كان يجب أن‬ ‫تكون إعادة مصر ألبنائها وألمتها العربية فهل ميكن‬ ‫القول أن مصر عادت إلى أمتها؟ جسر عبور مصر في‬ ‫العودة إلى أمتها ولو شكليا ً طرد السفارة اإلسرائيلية‬ ‫وفعليا ً إلغاء التزاماتها املذلة مع “إسرائيل”‪ ،‬هل ميكن‬ ‫القول أن ما يجري في اليمن محض ثورة أم أنه نزاع قبلي‬ ‫عشائري وتناحرات حزبية داخلية ضمن التكتالت؟!‪ ،‬هل‬ ‫ميكن القول أن ما يجري في البحرين هو ثورة باملعنى‬ ‫االصطالحي للكلمة أم أنها قضايا مطلبية وسياسية‪،‬‬ ‫هل ميكن أن نطلق وصف ثورة على ما يجري في سوريا‬ ‫وجهاد في سبيل اهلل؟ وإذا كان جهادا ً فجهاد ضد من؟‬ ‫ضد من يجاهد ضد “اإلسرائيلي”؟ هل ميكن إعالن اجلهاد‬ ‫ضد املقاومة الفلسطينية جهاد؟ وأنا هنا أتساءل وال‬ ‫أطلق تعريفات وال أجوبة؟‬ ‫كيف نقرأ القرار الظني الذي صدر بحق مجموعة‬ ‫من أفراد “حزب اهلل” وفي هذا التوقيت حتديداً؟‬ ‫سابقا كنا قد قيمنا القرار الظني واحملكمة‪،‬‬ ‫واعتبرنا أن كل ما يجري بني على خلفيات‬ ‫سياسية وأن احملكمة وكل ما فيها مسيس‪ ،‬لكن‬ ‫توقيت القرار الظني له عالقة مباشرة بالضغط‬ ‫على املنطقة‪ ،‬والضغط على األطراف التي ترفض‬ ‫االنصياع ألوامر الواليات املتحدة األميركية وفي‬ ‫مقدمتها سوريا وإيران واملقاومة‪ ،‬هذا يعني‬ ‫بالضرورة أن هذا القرار قيمته الوحيدة أنه‬ ‫سيضمن استمرار التوظيف السياسي ألطول‬ ‫فترة ممكنة‪ ،‬وهم ينتظرون فترة مرور ثالثني يوما ً‬ ‫ليبدأوا بالتوظيف السياسي على القرار الظني‪.‬‬ ‫في أي اجتاه سيكون هذا التوظيف؟‬ ‫سيستثمرونه على شكل ضغوطات أو‬ ‫قرارات في مجلس األمن ورمبا تهديدات‪ ،‬أو قرارات‬ ‫اقتصادية أو عقوبات‪ ،‬هناك حزمة من اإلجراءات‬ ‫عادة ما يلجأون إليها عندما ال تنفذ طلباتهم‪.‬‬ ‫إنهم يتهمون حزباً‪ ،‬أين تصرف هذه العقوبات‬ ‫جتاه حزب؟‬ ‫هذا احلزب في احملصلة موجود في دولة‪ ،‬وهذه‬ ‫الدولة لها حكومة بنظرهم ولو ضمن ًيا هي‬ ‫جزء من املقاومة وهم يريدون الضغط على‬ ‫املقاومة واحلكومة والشعب اللبناني‪ ،‬مبعنى آخر‬ ‫محاولة لتأليب الداخل على املقاومة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫قد يستخدمون أي إجراء من أجل التوظيف‬ ‫واالستثمار السياسي للقرار‪.‬‬

‫دمشق‪ -‬هدى مطر‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫إيران ّ‬ ‫تحذر تركيا من استنساخ األنموذج الليبي في سوريا‬ ‫خدام و «إخوانه» يصهينون المعارضة السورية‬ ‫منذ عودة مصر الى محيطها العربي وتواصلها‬ ‫مع جغرافيتها السياسية ومع أولويات الدولة‬ ‫املصرية وإعادة التموضع في امللفات الساخنة‬ ‫في املنطقة وخاصة امللف الفلسطيني‪ ،‬وبروز‬ ‫خطاب جديد يعكس سياسة مختلفة وناشطة‬ ‫في الصراع العربي اإلسرائيلي واإلعالن عن‬ ‫االنخراط اإليجابي مع إيران كبديل عن الصدام‬ ‫أو القطيعة والنظر في املصالح املتبادلة لكال‬ ‫البلدين‪ ،‬هنا توجهت األنظار صوب سوريا‪ ،‬ذات‬ ‫املوقع االستراتيجي والتركيبة اجملتمعية والدور‬ ‫الناشط والفاعل في املنطقة وامللتزم بالقضايا‬ ‫القومية واملتحالفة مع اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬ومن شأن عودة مصر الى عروبتها‬ ‫وبعدها اإلقليمي بعد ثورة يناير‪ ،‬أن تخلق معادالت‬ ‫جديدة في املنطقة‪.‬‬ ‫إن موقع سوريا في معادلة الصراع في املنطقة‬ ‫يتيح لها دورا ً مركزيا ً هاماً‪ ،‬وفي ظل التحوالت‬ ‫اجلارية في العالم العربي يصبح دور سوريا‬ ‫مستهدفا ً أكثر من ذي قبل‪ ،‬وهناك عناصر جاذبة‬ ‫حملاوالت التأثير في سياستها‪ ،‬وأمام نظام إقليمي‬ ‫جديد يتشكل في الشرق األوسط ستكون سوريا‬ ‫صاحبة القرار واملتمسكة بكل ثوابتها ومن هنا‬ ‫يتم استهدافها‪ ،‬واملشهد الراهن في املنطقة‬ ‫يحمل بداية خالف مازال مضبوطا ً ولكنه قد‬ ‫يزداد مع الوقت‪.‬‬ ‫تركيا ترى في سوريا بوابتها املشرقية والعربية‬ ‫وتدفع باجتاه التغيير ضمن النظام واستمراره‬ ‫عبر التغيير‪ ،‬وإيران التي متثل سوريا حليفها‬ ‫األساسي واملهم جدا ً في املنطقة ومدخلها الى‬ ‫املشرق واملتوسط تتخوف من أي‬ ‫تغيير قد يؤدي الى إضعاف أو‬ ‫إرباك سوريا‪.‬‬ ‫احلركات‬ ‫دخول‬ ‫ومع‬ ‫اإلسالمية اخملتلفة وباألخص‬ ‫حركة اإلخوان املسلمني في‬ ‫العملية السياسية الوطنية‬ ‫في مصر وتونس كجزء بشكل‬ ‫أو آخر في صنع القرار أو كجزء‬ ‫من السلطة التي ستقوم‬ ‫الحقاً‪ ،‬مع التحوالت احلاصلة‬ ‫وصعود هذا الدور حيث هناك‬ ‫أوضاع تغييرية وحتول أميركي‬ ‫وغربي في تكريس االتصال‬ ‫كبديل للقطيعة مع هذه‬ ‫احلركات والقبول بها‪ ،‬بحيث‬ ‫صارت هذه احلالة منتشرة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫التأثير نسبيا ً أو سيتم فرضها ضمن املنظومة‬ ‫اإلقليمية اجلديدة املفترضة‪.‬‬

‫هم يستهدفون سوريا‬ ‫وفي ظل األحداث والتطورات التي جتري‬ ‫في املنطقة‪ ،‬هناك دالالت سياسية وأخرى‬ ‫استراتيجية تتصل بالدور التركي في التعامل‬ ‫مع اخلضات القريبة والبعيدة‪ ،‬وما يسميه‬ ‫“العثمانيون اجلدد” ملء الفراغ اإلقليمي على‬ ‫امتداد العمق االستراتيجي التركي‪ ،‬واحلراك‬

‫‪40‬‬

‫التركي يدل على أن هناك تفويضأ أميركيا ً –‬ ‫أوروبيا ً لتركيا‪ ،‬ال ينحصر في استفزاز سوريا‬ ‫وتوظيف ورقة الالجئني وإسداء النصائح باجلملة‬ ‫واملفرق‪ ،‬وإمنا البدء بترتيبات معينة يقررها تطور‬ ‫األحداث‪.‬‬ ‫وتقيم اإلدارة األميركية خالل األشهر القليلة‬ ‫املاضية‪ ،‬اتصاالت مع احلكومة التركية‪ ،‬هدفت‬ ‫الى دفع األتراك الى حتسني العالقات مع تل أبيب‬ ‫وإحباط توجه أسطول تركي جديد الى قطاع غزة‪،‬‬ ‫والتقت وزيرة اخلارجية األميركية هيالري كلينتون‬ ‫نظيرها التركي أحمد داوود أوغلو وأعربت عن‬ ‫“رضاها” من عدم املشاركة التركية في األسطول‬ ‫اجلديد‪.‬‬ ‫في موازاة ذلك اتخذت وزارة دفاع حلف‬ ‫األطلسي في اجتماعها األخير في بروكسل‪،‬‬ ‫قرارا ً بتحويل قاعدة إزمير في تركيا الى قاعدة‬ ‫لقيادة القوات البرية للحلف‪ ،‬وأُسند اليها دورا ً‬ ‫مركزيا ً في عمليات احللف ومهامه في آسيا‬ ‫وحوض املتوسط‪.‬‬ ‫والسؤال ما عالقة سوريا بكل هذه التطورات؟‬ ‫الباحث في الشؤون العربية ديفيد شنيكر‬ ‫نشر في صحيفة “كريستيان سانيس مونيتور”‪،‬‬ ‫أن املوقف احلالي على احلدود السورية – التركية‬ ‫يسلط الضوء على العالقات املتدهورة بني‬ ‫البلدين‪ ،‬والتوتر يتفاقم ويدفع أنقرة الى اتخاذ‬ ‫موقف أكثر تشددا ً على أمل أن التحول في‬ ‫سياسة تركيا ينبغي أن يز ّود واشنطن والغرب‬ ‫بصورة عامة باحلوافز الالزمة لتبني موقف أكثر‬ ‫حزما ً في شأن سوريا‪.‬‬ ‫وفي تقرير ملدير برنامج‬ ‫األبحاث التركية في معهد‬ ‫واشنطن سونر جاغابتاي‬ ‫نشرته “فورين بوليسي” في‬ ‫مقال مفاده “أن كيفية تعامل‬ ‫تركيا مع االنتفاضات في‬ ‫العالم العربي ستلعب دورا ً‬ ‫مهما ً في حتديد هوية هذه‬ ‫االنتفاضات للسنوات املقبلة”‪.‬‬ ‫والتقرير يقول‪“ :‬إن الشراكة‬ ‫االستراتيجية بني تركيا وسوريا‬ ‫سقطت مرحليا ً على األقل‪،‬‬ ‫ملصلحة خيارات استراتيجية‬ ‫أخرى تتحول تركيا الى وسيط‬ ‫قوي في السياسة السورية‬ ‫الداخلية وتلعب فيها دورا ً‬ ‫جوهريا ً وتستخدم نفوذها‬


‫نشاطا ً من الدول األعضاء األخرى‪ ،‬كذلك فإن‬ ‫االحتاد األوروبي مي ّثل اليوم ‪ % 75‬من االستثمار‬ ‫األجنبي في تركيا‪ ،‬وما يقارب من نصف صادراتها‬ ‫وسياحتها الداخلية‪ ،‬وهو يتالقى مع تطلعات‬ ‫“حزب العدالة والتنمية” الى دور أكثر فعالية في‬ ‫دول اجلوار التركي‪.‬‬ ‫إن التناسق التركي اآلخذ في االتساع مع‬ ‫السياسات األميركية – اإلسرائيلية في مجملها‪،‬‬ ‫تناسق قائم ينعكس توترا ً واضحا ً في العالقات‬ ‫التركية ‪ -‬السورية‪ ،‬وأي حل إقليمي ملشاكل‬ ‫املنطقة مير عبر البوابة التركية سيكون ملصلحة‬ ‫هذا التناسق‪ ،‬ومثل هذا األمر ال ينسجم مع‬ ‫الثوابت السورية الوطنية والقومية والتحالفات‬ ‫االستراتيجية‪.‬‬ ‫وبدأ احلرص األميركي على دور تركيا يزداد‬ ‫أهمية في هذه املرحلة‪ ،‬باعتبار أنقرة مفتاح‬ ‫التعامل مع تطورات الداخل السوري مع تأكيد‬

‫االقتصادي والعسكري‪ ،‬وحتى حتكمها في مصادر‬ ‫املياه من أجل الضغط على سوريا‪ ،‬وهذا قد‬ ‫يعطي تركيا “القوة الناعمة” التي تتطلع اليها‬ ‫في العالم العربي‪.‬‬ ‫وكشف املراقبون أن تركيا تقوم بإعادة تقييم‬ ‫تأت بالنتائج‬ ‫لسياسات “صفر مشاكل” التي لم ِ‬ ‫املتوقعة‪ ،‬وبالتالي فشلت الواليات املتحدة في‬ ‫ترسيخ نظام جديد في الشرق األوسط وتسوية‬ ‫الصراع العربي – اإلسرائيلي‪ ،‬وكالهما أبرز فعالية‬ ‫تركيا وانفتاح الساحة اإلقليمية أمامها للعب‬ ‫دور متعاظم في املنطقة‪ ،‬وعندما انفجر غضب‬ ‫أردوغان في دافوس أثناء البحث في موضوع‬ ‫العدوان اإلسرائيلي على غزة‪ ،‬توهم الكثيرون‬ ‫بأن تركيا سوف تلعب دورا ً محوريا ً في تسوية‬ ‫الصراع‪ ،‬ولكن مواقفها األخيرة في ليبيا وسوريا‬ ‫بصورة خاصة هي مواقف تقسيمية تندرج في‬ ‫مشروع تفتيت املنطقة الى دويالت تتقاطع فيها‬ ‫مصالح ثالثة أطراف متحالفة‬ ‫هي األميركية والتركية اللقاء الوطني السوري‬ ‫واإلسرائيلية‪.‬‬ ‫الدبلوماسية‬ ‫إنها‬ ‫العثمانية اجلديدة التي‬ ‫تتعامل مع اجليران العرب على‬ ‫وقع التناغم املتواصل مع‬ ‫“إسرائيل” واالستراتيجيات‬ ‫الغربية‪ ،‬بد ًءا باستراتيجية‬ ‫األطلسي‪ ،‬على امتداد‬ ‫الساحة العربية ‪ ،‬وتركيا تريد‬ ‫نفسها في هذه املرحلة‪ ،‬احملور‬ ‫الذي تدور حوله وقع “األحداث”‬ ‫والتطورات في العالم العربي‬ ‫لتحقيق مزيد من الوصل‬ ‫بني املشهد اإلقليمي اجلديد‬ ‫والسياسات األميركية –‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬وفي دفع هذه‬ ‫الدبلوماسية‪ ،‬ثوب إسالمي مبوضة عصرية‪ ،‬وليس البنتاغون أن ما يحصل على احلدود التركية –‬ ‫صدفة أن أهدى أردوغان “انتصاره” في االنتخابات السورية مسألة تعني احللف األطلسي (الناتو)‪،‬‬ ‫البرملانية األخيرة‪“ ،‬القدس وغزة وبيروت ودمشق” لكن املوقف التركي اليزال مترثيا ً أو رميا حائراً‪،‬‬ ‫في الوقت الذي يعمل فيه جاهدا ً على ربط وخالل مؤمتر حول تركيا في معهد الشرق األوسط‬ ‫حلقات “األحداث في العالم العربي”‪ ،‬باخلطة في واشنطن‪ ،‬أشاد مساعد وزير الدفاع األميركي‬ ‫األميركية – الصهيونية إلعادة تشكيل الشرق لشؤون األمن الدولي الكسندر فيرشباو بدور‬ ‫األوسط‪.‬‬ ‫تركيا القيادي في الشرق األوسط وأفغانستان‬ ‫السنوات‬ ‫خالل‬ ‫كثيرة‬ ‫معادالت‬ ‫تغيرت‬ ‫لقد‬ ‫واحللف األطلسي‪ ،‬متحدثا ً عن تطابق البلدين‬ ‫عالقات‬ ‫في‬ ‫منشغلة‬ ‫كانت‬ ‫تركيا‬ ‫وألن‬ ‫املاضية‬ ‫في النظرة الى العالم‪ ،‬ومن جهته اعتبر السفير‬ ‫وشراكة دفاعية مع الغرب فإن سياستها التركي لدى واشنطن فاميك تان‪ ،‬أن الشراكة‬ ‫اخلارجية بقيت مقيدة خالل تلك الفترة‪ ،‬ولكن التركية – األميركية “أساسية ليتمتع الشعب‬ ‫ً‬ ‫تراجع انشغال تركيا بسالمة أراضيها كان سببا العربي بفوائد الديقمراطية”‪.‬‬ ‫في تضاؤل نفوذ الغرب عليها‪ ،‬ولكنها مازالت‬ ‫عضوا ً فاعالً ومؤثرا ً في حلف شمال األطلسي‬ ‫إيران موقف وإرادة ومقاومة‬ ‫وهي تأمل باإلفادة بأكبر قدر ممكن‪ ،‬وميزانيتها‬ ‫العسكرية تفي مبعايير اإلنفاق الدفاعي التي‬ ‫هناك موقف إيراني حازم في الذود عن احللفاء‬ ‫أقرها احللف‪( ،‬وهي ‪ %2‬من الناجت احمللي اإلجمالي)‪،‬‬ ‫والدور الذي تلعبه تركيا في التحالف أصبح أكثر في محور املقاومة واملمانعة‪ ،‬وما تفيد به مصادر‬

‫‪41‬‬

‫إيرانية قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران‬ ‫ترى أن “كتف املقاومة “ايران” ثابتة كالصخر‪،‬‬ ‫وقبضتها “حزب اهلل” فوالذية‪ ،‬لذلك يتركز‬ ‫االستهداف على سوريا‪ ،‬الكوع الطري للمقاومة‪،‬‬ ‫وما يجري عمليا ً هو محاولة توظيف “األحداث”‬ ‫في ثورة مضادة تكون زمام املبادرة فيها للخارج‬ ‫وليس للداخل‪ ،‬بدأت من حلظة الشروع بالسيناريو‬ ‫الليبي‪ ،‬وتؤكد هذه املصادر “أننا لن نسمح بكسر‬ ‫كوع سيد املقاومة‪ ،‬بالنسبة إلينا الدفاع عن‬ ‫أسوار دمشق هو دفاع عن أسوار بيروت وطهران”‪،‬‬ ‫ومشددة في الوقت نفسه على أن “ما يحصل‬ ‫من أحداث ال عالقة له بعملية اإلصالح واحلراك‬ ‫الداخلي السوري‪ ،‬عملية كهذه شأن داخلي‬ ‫محض تقرر آلياته القوى السورية مجتمعة في‬ ‫الدولة واجملتمع”‪ ،‬من هنا “فاننا لن نتدخل أبدا ً في‬ ‫ما يجري بني املعارضة واملواالة‪ ،‬لكننا سنتدخل‬ ‫بحزم ضد من يريد أن يوظف احلراك السوري باجتاه‬ ‫قرصنة ربيع الثورات العربية”‪.‬‬ ‫وتتحدث مصادر إيرانية عن‬ ‫الدور التركي في هذا السياق‬ ‫كاشفة عن أن طهران هددت‬ ‫تركيا بأنها “إذا جعلت أراضيها‬ ‫مقرا ً الستنساخ السيناريو‬ ‫الليبي على احلالة السورية‪،‬‬ ‫فإن القوات املسلحة اإليرانية‬ ‫ستقصف القواعد األميركية‪،‬‬ ‫وأي وجود أطلسي على األراضي‬ ‫التركية”‪.‬‬ ‫والرسائل اإليرانية لتركيا لم‬ ‫تكن أقل حزما ً على مستويي‬ ‫اخلارجية واألمن‪ ،‬والتحذير‬ ‫واضح‪”:‬إياكم والوقوع في الفخ‬ ‫الغربي في سوريا” وتصريحات‬ ‫القادة في إيران‪“ :‬حامالت‬ ‫الطائرات األميركية أهداف‬ ‫متحركة إذا هددنا العدو نستهدفها”‪ ،‬تهديدات‬ ‫بلغت أوجها مع معركة جسر الشغور في‬ ‫الشمال السوري “من هنا كبح األتراك اندفاعهم‬ ‫في السيناريو الذي كان معدا ً للحالة السورية”‪،‬‬ ‫وبينه منطقة عازلة وتدخل أطلسي‪.‬‬ ‫وتشير هذه املصادر‪ ،‬أن األتراك منزعجون‬ ‫جدا ً من الضغط اإليراني عليهم‪ ،‬وتوضح في‬ ‫تفسيرها حلراك انقرة حيال امللف السوري‪ ،‬أن‬ ‫“التركي مستعجل يطمح الى أن يؤدي دورا ً‬ ‫إقليميا ً كبيرا ً من دون أن ينتبه للثمن واملثابرة‬ ‫على املوقف لعقود”‪.‬‬ ‫ورغم شدة الهجمة على سوريا‪ ،‬فإنها صمدت‬ ‫ورصيد األرباح على رصيد اخلسائر في حساباتها‬ ‫االستراتيجية‪ ،‬في األمم املتحدة‪ ،‬حتظى سوريا‬ ‫بدعم واضح من روسيا التي ترى أن األزمة السورية‬ ‫ّ‬ ‫تشكل أي تهديد للسالم واألمن الدوليني‪ ،‬كما‬ ‫ال‬ ‫أن الصني والهند وجنوب إفريقيا والبرازيل تقف‬ ‫جميعها الى جانب سوريا‪ ،‬وفي الداخل سوريا‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬ ‫بخير وهي لن تواجه موجة جوع كما يخطط‬ ‫األعداء‪ ،‬وتقدر محاصيل القمح هذه السنة بنحو‬ ‫‪ 3.6‬مليون طن ولم يتأثرب تصدير النفط والغاز‪،‬‬ ‫بل زاد الدعم املادي واملعنوي الذي يقدم الى سوريا‬ ‫بعد أن شعر شرفاء أمتنا مبدى حجم التحديات‬ ‫املاثلة واالستهدافات التي يقف خلفها أكثر من‬ ‫طرف إقليمي ودولي في محاولة الستهداف دورها‬ ‫وإرغامها على تقدمي تنازالت استراتيجية في أكثر‬ ‫من ملف هام في املنطقة‪ ،‬وهذا من شأنه أن يؤثر‬ ‫على مستقبل األجيال في أمتنا وعلى قضاياها‬ ‫املصيرية‪.‬‬ ‫وليس مفاجئا ً أن أكبر دعم تلقته سوريا‬ ‫من األشقاء العرب هو من حكومة العراق التي‬ ‫حاول األميركي أن يجعل من العراق مستعمرة‬ ‫أميركية ولكنه فشل بفضل تضحيات العراقيني‬ ‫من املقاومني وبفضل الدعم املباشر وغير املباشر‬ ‫الذي تلقاه العراق من محور‬ ‫املقاومة واملمانعة في هذه‬ ‫األمة‪ .‬العراق اليوم وفي‬ ‫هذه الظروف التي متر بها‬ ‫سوريا يقدم يومياً‪150 ،‬‬ ‫ألف برميل من النفط دعما ً‬ ‫لصمود سوريا في مواجهة‬ ‫األزمة التي تستهدفها‬ ‫وهذا رقم له معناه‬ ‫السياسي واالقتصادي‬ ‫الهام في احلسابات‬ ‫االستراتيجية وهذا ما‬ ‫يعادل ‪ 5‬مليار دوالر سنويا ً‬ ‫‪،‬هذا رغم أنف األميركي‪،‬‬ ‫باإلضافة الى ذلك فتحت‬ ‫احلكومة العراقية كل‬ ‫أشكال التعاون السياسي‬ ‫والتجاري بني العراق وإيران‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫وهذا معناه‪ ،‬أن العراق‬ ‫اليوم هو أكبر الداعمني‬ ‫لسوريا‪ ،‬وهذا أكثر خسارة‬ ‫للواليات املتحدة في املنطقة‪ ،‬وبالتالي فإن سوريا‬ ‫والعراق وإيران ميكن أن يلعبوا دورا ً في عملية صنع‬ ‫القرار اإلقليمي والدولي في املنطقة‪ ،‬بينما تركيا‬ ‫فإنها تورطت في استراتيجية خاطئة ستؤدي‬ ‫الى زيادة مشاكلها الداخلية عاجالً أم آجالً‪ ،‬وال‬ ‫ميكن احلكم على النوايا التركية‪ ،‬من خالل القول‪،‬‬ ‫بأن نوايا أردوغان طيبة‪ ،‬في الوقت الذي تطرح فيه‬ ‫عالقاته مع (الناتو) أكثر من عالمة استفهام؟‬

‫مؤمتر باريس الصهيوني‬ ‫لم تكن تركيا أردوغان من يساهم في احلملة‬ ‫ضد سوريا وشعبها‪ ،‬وكان جنم باريس الرئيس‬ ‫الفرنسي نيكوال ساركوزي المعا ً من خالل‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫االحتفال الفرنسي األوسع منذ انطالق (األحداث)‬ ‫في سوريا‪ ،‬وفي سينما السان جرمان الباريسية‪،‬‬ ‫كان صاحب الدعوة منتدى (قواعد اللعبة)‪،‬‬ ‫الذي يقوده الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي‪،‬‬ ‫وجمعيته (جندة سوريا) التي أسسها وتترأسها‬ ‫ملا األتاسي‪ ،‬واألسماء الفرنسية أقل ما يقال‬ ‫عنها‪ ،‬إنها صديقة “إسرائيل” واملدافع األول عن‬ ‫مصاحلها في فرنسا ومن بينهم وزير اخلارجية‬ ‫الفرنسية األسبق برنار كوشنير‪.‬‬ ‫واجلنرال ليفي هذا ليس عسكرياً‪ ،‬لكنه جنرال‬ ‫إسرائيلي يتصرف في احلروب اإلسرائيلية كواحد‬ ‫من قادة اجلبهة او كأحد اخلبراء االستراتيجيني‪،‬‬ ‫هذا اجلنرال املفكر‪ ،‬يعتبر أن ال دولة في العالم‪،‬‬ ‫تفوق فيها نظافة السالح‪ ،‬دولة “إسرائيل”‬ ‫فسالحها مالئكي‪ ،‬وهو يتحدث عن “السالم”‬ ‫من باب املناورة‪ ،‬ويبحث عنه من خالل “سادات‬

‫فلسطني” أي املطلوب برأيه قائد فلسطيني‬ ‫عميل بالتبني‪ ،‬هذا هو اجلنرال اإلسرائيلي الذي‬ ‫دعا الى مؤمتر باريس لدعم “املعارضة السورية”‪،‬‬ ‫هذا هو ليفي الذي سارع “بصفة إنسانية” الى أن‬ ‫يكون أول زائر الى بنغازي‪ ،‬حامالً معه رسالة من‬ ‫بنيامني نتنياهو هذا هو الذي ينتفض على كل‬ ‫شيء جميل كاملفترس‪.‬‬ ‫لقد كان بعض أطراف “املعارضة السورية”‬ ‫فريسته‪ ،‬لكن العجيب أن الضحية‪ ،‬التي‬ ‫حضرت مؤمتر باريس‪ ،‬كانت مسرورة جداً‪ ،‬بسفك‬ ‫سمعتها وهي بذلك تسيء الى شرف املوقف‬ ‫املقاوم الذي تبثه سوريا في تاريخها منذ اندالع‬ ‫فلسطني كقضية وطنية وقومية وإنسانية‪.‬‬ ‫أما احلاخام برنار كوشنير‪ ،‬الالعب املاهر‬ ‫بالقضايا اإلنسانية‪ ،‬فهو انتهازي من الدرجة‬

‫‪42‬‬

‫املمتازة‪ ،‬أعلن إبان زيارته “دولته األم اسرائيل”‬ ‫بالقول‪“ :‬اإلسرائيليون أهلي‪ ،‬وأنا ال أريد أكثر من‬ ‫مساعدتهم”‪.‬‬ ‫هذا الصهيوني األعظم‪ ،‬يدعم “املعارضة‬ ‫السورية” إلسقاط سوريا املقاومة واملمانعة‪ ،‬آخر‬ ‫همه الدميقراطية‪ ،‬وهو األب الروحي الثاني ملؤمتر‬ ‫باريس الصهيوني‪ ،‬وهو الذي تلقى الدكتوراه‬ ‫الفخرية من اجلامعة العبرية في “إسرائيل”‬ ‫ويومها نزل نبأ تسليم كوشنير وزارة اخلارجية‬ ‫الفرنسية في قلوب اإلسرائيليني بردا ً وسالماً‪.‬‬ ‫لقد اعتدنا على وقاحة ونذالة مثقفني غربيني‪،‬‬ ‫يتبارون مبساحيق حقوق اإلنسان‪ ،‬في كل مكان‪،‬‬ ‫وعندما يطلون على فلسطني‪ ،‬يرفعون حجة‬ ‫“اإلرهاب” وفي الصفوف األولى في مؤمتر باريس‬ ‫أعضاء يقفون الى ميني شارون وشامير وباراك‬ ‫ومرتكبي مجازر بيروت والقاهرة وسوريا وفلسطني‬ ‫أمثال غلوكسمان وبونيا‬ ‫وفابيوس‪،‬‬ ‫توفسكي‬ ‫وهؤالء كانوا يقتدمون في‬ ‫صفوف بعض “املعارضة‬ ‫السورية” في باريس‪ ،‬ومن‬ ‫بني احلاضرين ممثل “اإلخوان‬ ‫املسلمني” أمثال ملهم‬ ‫الدروبي املكلف بالعالقات‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫في فلسطينية لبنان‬ ‫وسوريا أصبح لبنان أقوى‬ ‫دولة‪ ،‬بسبب مقاومته‬ ‫التي توجت نضالها بتحرير‬ ‫وصمود ودعم‪ ،‬وألن لبنان‬ ‫فلسطيني في مقاومته‬ ‫صار أقوى وهذا انطالقا ً‬ ‫من عمق وجداني وطني‬ ‫وقومي‪ ،‬وأيضا ً لم يستطع‬ ‫لبنان بلوغ هذه املرتبة‪ ،‬لوال‬ ‫فلسطينية سوريا‪.‬‬ ‫توأمان توحدا بفلسطني‪،‬‬ ‫دفعا أثمانا ً وغير مجانية‪.‬‬ ‫والسؤال أين فلسطني في سوريا “الغد‬ ‫املوعود”؟ بعد الذي جرى في مؤمتر باريس‬ ‫الصهيوني‪ ،‬هل نعلق اآلمال على منطق‬ ‫“االخوان الباريسي”‪ ،‬فعلها السادات من قبل‪،‬‬ ‫عندما وقف على منبر الكنيست والى يساره‬ ‫غولدا مائير‪ ،‬وفعلها في باريس دعاة “التغيير‬ ‫واحلرية والديقمراطية”‪.‬‬ ‫مازالت الدميقراطية واحلرية مبفهومها حرية‬ ‫املواطن وحرية الوطن جز ًءا أساسيا ً مكونا ً‬ ‫لثقافتنا وحياتنا ونضاالت أمتنا خالل مسيرة‬ ‫كفاحها الطويل‪ ،‬لكننا اليوم نخاف دميقراطية‪،‬‬ ‫نبتت فيها نزعات مذهبية وطائفية وأقوامية‪،‬‬ ‫ونخاف دميقراطية لها أنياب دولية‪ ،‬وهي تتربص‬ ‫وتتحني الفرص املناسبة للقضاء على منجزاتنا‬ ‫ومصادرة حاضرنا ومستقبل أجيالنا‪.‬‬


‫أحد أوجه العمالة للخارج‬ ‫حتت عنوان “املعارضة” يسوق البعض آلفة‬ ‫اخليانة فيعتبرها وجهة نظر‪ ،‬ومن باع نفسه‬ ‫للشيطان األكبر‪ ،‬ال يحق له أن يدلي بدلوه في‬ ‫القضايا الوطنية‪ ،‬وسوريا بحاجة الى جهود‬ ‫الشرفاء في األمة وهي تتجاوز قطوع املؤامرة‬ ‫القذرة‪ ،‬في هذا الوقت يخرج عبد احلليم خدام‬ ‫رئيس ما يسمى “جبهة اخلالص الوطني املعارضة”‬ ‫يدعو ما يسمى اجملتمع الدولي الى زيادة الضغط‬ ‫على النظام السوري وفي وسيلة إعالمية‬ ‫أميركية هي إذاعة “سوا”‪ ،‬وكذلك بث التلفزيون‬ ‫الصهيوني القناة الثانية لقاء موسعا ً مع خدام‪،‬‬ ‫وكان اللقاء حصريا ً حول سوريا وأجرى اللقاء‬ ‫اإلسرائيلي هنريكا تسيمرمان‪ ،‬وفي اللقاء أفصح‬ ‫خدام عما يجول في داخله من حقد ووصلت به‬ ‫الوقاحة‪ ،‬لكي يدعو الواليات املتحدة األميركية‪،‬‬ ‫أن تقوم بترجمة تصريحاتها السياسية الى‬ ‫مواقف عملية من خالل املزيد من الضغط الذي‬ ‫يواجه نحو النظام في سوريا‪ ،‬وهو يحاول أن‬ ‫يسابق الزمن في احالمه السوداء وآماله الضائعة‬ ‫وتفاؤله اخلبيث‪ ،‬وهو الذي يعتقد أن النظام قد‬ ‫أصبح على خطوات قليلة من السقوط‪ ،‬وعن‬ ‫رأيه في احلكومة اللبنانية اجلديدة‪ ،‬قال خدام‪ ،‬إنه‬ ‫يعتقد أنه ليست حكومة في لبنان‪ ،‬وأن “لبنان‬ ‫دولة محتلة وفقدت سيادتها وشرعيتها”‪.‬‬ ‫واملدقق في هذه األقوال يلحظ كيف تنقلب‬ ‫املفاهيم عند أمثال هؤالء وهو بذلك احد‬ ‫أوجه العمالة للخارج‪ ،‬وال يرى إال ما يراه سيده‬ ‫الصهيوني واألميركي‪ ،‬أما املقاومة ومواجهة‬ ‫الصهاينة فليس لها مكان في قاموسهم بعد‬ ‫أن باعوا أنفسهم للشيطان األكبر‪ ،‬وباتوا مجرد‬ ‫سلعة رخيصة في منابر العدو يستخدمهم‬ ‫وقت احلاجة ويرمي بهم في مزبلة التاريخ وهذا‬ ‫مصير كل عميل للخارج‪.‬‬ ‫وأمثال هؤالء يعبثون في موسم الهجمة‬ ‫األميركية – الصهيونية وبأدواتها اإلقليمية‬ ‫واحمللية‪ ،‬علهم بذلك ينالون الرضى من قبل‬ ‫أسيادهم‪ ،‬ولكن أمثال هؤالء ال يعون بأن األوطان‬ ‫تبنى بالتضحيات واجلهد والعرق والكد وهم‬ ‫تعودوا االنتظار القتناص البالد‪ ،‬بعد أن ربطوا‬ ‫مصيرهم بالفتنة واملؤامرة‪ ،‬ولكنها لن جتد سبيالً‬ ‫وال طريقاً‪ ،‬ألن األوطان حتتاج الى صيانتها واحلفاظ‬ ‫على كرامتها وهم فقدوا مثل هذه الصفات منذ‬ ‫زمن بعيد‪ ،‬ومن هنا فأي رجاء وأمل في ما يسمى‬ ‫“معارضة” وأمثالها خدام وغيره تصهينوا ولم‬ ‫يجدوا إال في الفتنة وسيلة لتحقيق أحقادهم‬ ‫وخزيهم بعد أن حتولوا الى أدوات ليس إال‪.‬‬

‫وماذا عن قطر وأخوانها؟‬ ‫في “األحداث” واالنتفاضات وتداعيات احلركات‬

‫املطالبة بالدميقراطية في العالم العربي‪ ،‬ال‬ ‫توجد سياسة واحدة حتكم رؤية هؤالء وكل‬ ‫قضية تعالج من وجهة نظر مختلفة‪ ،‬هم عملوا‬ ‫بتنسيق متقن مع كاتب السيناريو األميركي‬ ‫ومخرجه ملنع االضطرابات من الوصول الى منطقة‬ ‫اخلليج وحصل ذلك ولكن ليس من أجلهم‪ ،‬وإمنا‬ ‫حماية للمصالح األميركية والغربية في تلك‬ ‫املنطقة‪ ،‬وهم جربوا شيئا ً وفشل في البحرين‬ ‫التي ماتزال تغلي‪ ،‬والورقة الوحيدة بيد هؤالء هي‬ ‫دفع املليارات لألميركي مقابل حصولهم على‬ ‫السالح شراء ألمنهم واستقرارهم املزيف‪ ،‬وفي‬ ‫إشارة الى تقارير أفادت أن مشتريات السعودية‬ ‫السالح من الواليات املتحدة سترتفع من (‪ 60‬الى‬ ‫‪ 90‬مليار دوالر)‪.‬‬ ‫العالقات السعودية مع سوريا متوترة‪ ،‬وتتهم‬ ‫الرياض سوريا مبساعدة إيران على توسيع نفوذها‬ ‫في املنطقة وخصوصا ً بالتحالف مع “حزب اهلل”‬ ‫وبينما تركز قناة “اجلزيرة” بشدة على جهود‬ ‫دمشق إلعادة األمن واالستقرار بطريقة فيها‬ ‫الكثير من املبالغة وذرائع استخدام العنف‪.‬‬ ‫في الوقت ذاته‪ ،‬تزعمت فرنسا وتركيا والواليات‬ ‫املتحدة ما يسمى رد الفعل الدولي على “األحداث‬ ‫في سوريا”‪ .‬والسعودية ترى أن أي تغيير مفاجئ‬ ‫في املنطقة سيكون خطرا ً وقد يكون معديا ً في‬ ‫حلظة ما‪.‬‬ ‫أما الوقائع على األرض فهي تؤكد‪ ،‬أن القرار‬ ‫يصدر من واشنطن بشأن أي موقف يصدر عن‬ ‫مجموعة قطر وأخوانها‪ ،‬وأن املوقف املثالي‬ ‫لدى حكام السعودية في هذه احلال اللجوء الى‬ ‫الصمت كوسيلة ومن ثم انتظار الزمن فهو‬ ‫الكفيل بإيجاد اخملارج املناسبة‪.‬‬ ‫ومع “زيارة” السفير األميركي في سوريا روبرت‬ ‫فورد الى مدينة حماه السورية حتقق شرخ في‬ ‫العالقات األميركية – السورية بعد أن كان‬ ‫الرئيس األميركي باراك أوباما قد بدأ واليته‬ ‫الرئاسية على أمل فتح صفحة جديدة مع‬ ‫سوريا‪ ،‬إال أن التغييرات في املنطقة منذ بداية‬ ‫العام‪ ،‬خلقت فرصا ً لإلدارة األميركية لتكشف‬ ‫عن وجهها احلقيقي ورؤيتها ملستقبل املنطقة‬ ‫فقررت االنخراط في خطة كانت معدة بشكل‬ ‫مسبق‪ ،‬وهذا ما دفع اخلبير األميركي في شؤون‬ ‫الشرق األوسط مارك لينتش الى القول‪“ :‬ال‬ ‫توجد خيارات جيدة لدى واشنطن في دمشق”‪،‬‬ ‫والواليات املتحدة ال تدعم النظام ولكن مصادر‬ ‫نفوذها عليه قليلة ولذلك تتعامل بحذر”‪.‬‬

‫املوقف اإلقليمي الدولي حول‬ ‫سوريا‬ ‫هناك قوى مؤثرة في املنطقة لها عالقة‬ ‫مبا يدور من إحداث في سوريا‪ ،‬سواء أكان ذلك‬ ‫بشكل مباشر او غير مباشر‪ ،‬فهناك الكيان‬

‫‪43‬‬

‫الصهيوني احملتل لهضبة اجلوالن منذ عام ‪1967‬‬ ‫وحيث ال معاهدة بني الطرفني‪ ،‬وهناك حالة‬ ‫حرب و”إسرائيل” بذلك تترقب الوضع بقلق‪ ،‬وهي‬ ‫تخشى اجملهول وأسوأ االحتماالت في أي حلظة‪،‬‬ ‫وهي بذلك تدفع باجتاه إضعاف سوريا من خالل‬ ‫تأُثيراتها وعالقاتها بالدولة الغربية‪ ،‬وباألخص‬ ‫الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬وهي تتمنى إضعاف‬ ‫سوريا الى درجة تستطيع الرضوخ لشروطها في‬ ‫“السالم” على املقاس واملواصفات اإلسرائيلية‪،‬‬ ‫وهنا تركيا التي ربطتها بسوريا عالقات‬ ‫صداقة واقتصاد في السنوات األخيرة‪ ،‬لكن‬ ‫خالل األحداث األخيرة تأرجح املوقف التركي‪،‬‬ ‫من الصديق الناصح الى الصديق املهدد‪ ،‬من‬ ‫احتمال حدوث فوضى على حدوده‪ ،‬وهناك‬ ‫شكوك سوريا حول املوقف التركي بسبب‬ ‫عالقات تركيا باحللف األطلسي واالحتاد األوروبي‬ ‫وإرث االستعمار العثماني للدول العربية‪.‬‬ ‫أما إيران‪ ،‬التي ترتبط بعالقات استراتيجية مع‬ ‫سوريا‪ ،‬سياسية واقتصادية فهي تتقدم كقوة‬ ‫إقليمية تنافس تركيا في املنطقة‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫بعد استعراض قوتها الصاروخية والبحرية‪.‬‬ ‫فاملوقف اإليراني داعم لسوريا وبشكل قوي‬ ‫وميكن الرهان عليه في جميع األحوال وهو‬ ‫موقف مبدئي ينم عن رؤية استراتيجية واضحة‬ ‫وموقف ثابت وحازم وداعم للمقاومة في‬ ‫مواجهة املشاريع األميركية – الصهيونية في‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫املوقف الدولي حول سوريا يحكمه عدد‬ ‫من العوامل واملتغيرات والعالقات مع سوريا‪.‬‬ ‫فبالنسبة الى فرنسا لم تكن العالقات بينها‬ ‫وبني سوريا على ما يرام من الناحية التاريخية‪،‬‬ ‫وهناك حالة من عدم الثقة‪ ،‬فالعالقة في شد‬ ‫وجذب‪ .‬أما الواليات املتحدة وبريطانيا فعالقاتهما‬ ‫مع سوريا دائما ً فاترة ومتوترة بسبب الدعم‬ ‫األميركي والبريطاني لـ “إسرائيل”‪ ،‬ولذلك جند أن‬ ‫املوقف الغربي بالنسبة الى سوريا هو محاولة‬ ‫لكسب النظام‪ ،‬من خالل الضغط عليه‪ ،‬لتغيير‬ ‫مواقفه من عدد من القضايا‪.‬‬ ‫املوقف الروسي‪ ،‬هو املوقف احلليف‪ ،‬وقف‬ ‫موقفا ً رافضا ً جداً‪ ،‬لتدخل مجلس األمن الدولي‬ ‫في “األحداث” وبدعم من الصني والبرازيل‬ ‫وجنوب افريقيا‪ ،‬فاملوقف الروسي املتشدد أصبح‬ ‫الى جانب سوريا‪ ،‬وهنا لم يستطع مجلس‬ ‫األمن الدولي التحرك رغم التنديدات الغربية‬ ‫املتواصلة‪.‬‬ ‫يبقى أن سوريا بخير رغم أنف األعداء‬ ‫واملتربصني بها‪ ،‬وهي متمسكة بثوابتها‬ ‫الوطنية وملتزمة بقضايا أمتها‪ ،‬وهي ستظل‬ ‫بلد املقاومة ورافعة راية األمة من أجل أن نعيش‬ ‫بحرية وكرامة‪.‬‬ ‫النصر آت‪ ،‬والهزمية للمعتدين وأعوانهم‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر عربي‬

‫النفط استولد دولة في جنوب السودان‬ ‫التاسع من متوز ‪ 2011‬شكل حتديا ً جديدا ً‬ ‫للسودان‪ ،‬دولة وشعباً‪ ،‬بعدما قال االستفتاء‬ ‫األخير في كانون األول املاضي كلمته االنفصالية‪،‬‬ ‫فانقسم الوطن على نفسه ليصبح اثنني‪ ،‬ومنذ‬ ‫ذلك الوقت وحتى اليوم ورمبا متتد املرحلة الزمنية‪،‬‬ ‫هناك حالة من عدم االستقرار تتعرض لها األمة‬ ‫العربية‪ ،‬بعضها صحي واعد‪ ،‬وبعضها اآلخر ينذر‬ ‫بالكثير من اخلسائر واملآسي‪ ،‬وبني هذا وذاك جند‬ ‫من يحاول خلط األوراق لتضيع اإلجنازات املتراكمة‬ ‫خالل عقود‪ ،‬في رياح التغيير واألحداث املستمرة‪،‬‬ ‫بعد أن ركب الغرب االستعماري ومعه الواليات‬ ‫املتحدة املوجة‪ ،‬ويحاولون تغيير اجتاه البوصلة‬ ‫ورمبا اجتاه الريح في منطقتنا العربية‪ ،‬بعد أن‬ ‫زينوا مغامن االنفصال واالنقسام والتقسيم ضمن‬ ‫فلسفة خادعة‪ ،‬هم جعلوا من الدميقراطية‬ ‫ستارأ ً إلثارة جميع الغرائز الهدامة والنعرات‬ ‫بني الشعوب وهم يستهدفون الدول العامرة‬ ‫واقتصادها وثرواتها الباطنة وعقول البشر باجتاه‬ ‫تنفيذ مآربهم ومصاحلهم على حساب الشعوب‬ ‫وكدها‪.‬‬ ‫في ‪ 9‬متوز ‪ 2011‬مت اإلعالن رسميا ً عن “دولة‬ ‫جنوب السودان” املستقلة عن شماله‪ ،‬لتفتح‬ ‫األبواب على أسئلة مصيرية وسياسية وسيادية‬ ‫وإنسانية واقتصادية ال تنتهي‪.‬‬ ‫والسؤال هل ستصمد وثائق الصالت اإلنسانية‬ ‫واالجتماعية والتاريخية ووحدة املصير ألبناء‬ ‫الوطن الواحد‪ ،‬أم سيغشاها الوهن هي األخرى‬ ‫فتتمزق كما متزقت وحدة التراب واملصير‪ ،‬من خالل‬ ‫رغبة “اجملتمع الدولي” الذي تقوده الواليات املتحدة‬ ‫والغرب االستعماري خدمة للمصالح والغايات‬ ‫التي تخدم املشروع الذي يستهدف أمتنا‪.‬‬ ‫البعض يحتفل في هذه املناسبة والبعض‬ ‫اآلخر يحتفل أيضا ً ولكنه “ال يرقص طرباً”‪ ،‬فهو‬ ‫مجبر لإلذعان واملوافقة وإال فاخلسائر ستكون‬ ‫أعظم‪ ،‬وذيول االنفصال ستالحق كل سوداني‬ ‫والتعقيدات االجتماعية والسياسية ستفعل‬ ‫فعلها في هذه الظروف املثقلة باألعباء الناجتة عن‬ ‫معاناة أكثر من عقدين من الزمن وصوال ً إلتفاقية‬ ‫السالم في العام ‪ 2005‬التي شكلت بداية املسار‬ ‫لهذه اللحظة التاريخية التي ستكون لها ما‬ ‫بعدها‪.‬‬

‫أبرز التحديات التي تواجه الكيان‬ ‫اجلديد‬ ‫التحديات التي تواجه “دولة السودان اجلنوبي”‬ ‫كبيرة وهي من كل نوع وشكل‪ :‬أمنية واجتماعية‬ ‫وتنموية وبيئية وتعليمية وقبلية والسلسلة‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تطول‪ ،‬وكل من هذه العقبات كفيل أن يُقعد‬ ‫الدولة اجلديدة التي قالها عنها بان كي مون “في‬ ‫يوم ميالدها في ذيل قائمة الدول بحسب جميع‬ ‫املؤشرات”‪ ،‬وحيث يعيش أكثر من نصف السكان‬ ‫بأقل من دوالر واحد في اليوم‪ ،‬وفي دولة مساحتها‬ ‫‪ 620‬ألف كلم‪ 2‬مربع وهي تعادل ربع مساحة‬ ‫السودان البالغة ‪ 2.5‬مليون كلم‪ ،2‬ويبلغ طول‬ ‫الطرق املمهدة فيها أقل من ‪ 100‬كلم ‪.‬‬ ‫وسبق أن حذرت منظمة اإلغاثة اخليرية‬ ‫البريطانية “اوكسفام” من حتديات ضخمة تنتظر‬ ‫الدولة رقم ‪ 193‬في األمم املتحدة والتي حتتاج‬ ‫لدعم على املدى الطويل من بقية دول العالم‪،‬‬ ‫حيث يتم البناء من الصفر تقريباً‪ ،‬وفي بلد يعاني‬ ‫ثالثة أرباعه من األمية‪.‬‬ ‫وتشكل قضية ترسيم احلدود واحدة من‬ ‫القضايا العالقة‪ ،‬حيث ال يزال الشمال واجلنوب‬ ‫مختلفني حول عدد من املناطق مثل حفرة‬ ‫النحاس واملقينص وكاكا التجارية‪ ،‬باإلضافة الى‬ ‫أبيي الغنية بالنفط ويبلغ عدد واليات اجلنوب (‪)10‬‬ ‫واليات‪.‬‬ ‫وفي الوقت الذي يتمتع فيه اجلنوب بإمكانات‬ ‫وموارد هائلة‪ ،‬حيث يحتوي على موارد نفطية‬ ‫ومساحة كبيرة من األرض الزراعية‪ ،‬ومير نهر النيل‬ ‫في قلبه‪ ،‬مما يؤشر الى إمكانية أن يصبح دولة‬ ‫قابلة للحياة وتتمتع بالرخاء قادرة على توفير‬ ‫األمن واخلدمات وفرص العمل‪ ،‬ولكن ال ميكن‬ ‫لوحدها أن تواجه هذه التحديات‪ ،‬ومن هنا وهناك‬ ‫مطامع “إسرائيلية” الستغالل األوضاع وهي بدأت‬ ‫في التحضير للقيام بدور كبير ملا له من مكاسب‬ ‫استراتيجية هامة‪.‬‬ ‫ويعتمد اجلنوب على النفط بنسبة ‪% 98‬‬ ‫مبوازنته العامة‪ ،‬وهو أمر خطير للغاية‪ ،‬على الرغم‬ ‫من أن ‪ % 40‬من مساحات اجلنوب هي أرض زراعية‬ ‫خصبة و‪ % 30‬هي عبارة عن مراع غنية‪ ،‬إال أن‬

‫‪44‬‬

‫اجلنوب مازال يستورد كل احتياجاته من دول اجلوار‬ ‫اإلفريقي أو الشمال وال سيما املواد الغذائية‪ .‬وفي‬ ‫قضية النفط هناك تعاون اقتصادي إجباري مع‬ ‫الشمال‪ ،‬والنفط ورقة رابحة بيد اجلنوب‪ ،‬الذي يدر‬ ‫عليه سنويا ً مبلغا ً قيمته ملياري دوالر أميركي‪،‬‬ ‫ويقدر االقتصاديون أن يقفز املبلغ الى ‪ 3‬مليارات‬ ‫دوالر بعد التوصل الى قسمة جديدة حول عائدات‬ ‫النفط مع الشمال‪ ،‬فإن النفط ذاته رهني بصيغة‬ ‫االتفاق مع الشمال الذي يسيطر على األنابيب‬ ‫ومعامل التكرير وموانئ التصدير‪ ،‬ويعتبر هذا‬ ‫جز ًءا من ملفات املرحلة احلالية‪ ،‬وأن طريقة حل‬ ‫هذه القضايا ستلقي بظاللها على العالقة بني‬ ‫اجلنوب والشمال‪ ،‬وهي أكبر التحديات التي تواجه‬ ‫الطرفني‪ ،‬مع حتديات داخلية لكل دولة‪ ،‬وهذا األمر‬ ‫دعا اجلنوبني للتصريح بأن االستقالل عن الشمال‬ ‫هو “استقالل سياسي” مع بقاء الروابط القدمية‬ ‫وبينهما االسم‪.‬‬

‫وماذا عن التداعيات في الشمال؟‬ ‫بدوره مستشار الرئيس السوداني مصطفى‬ ‫عثمان‪ ،‬أكد احلرص على عالقات يسودها حسن‬ ‫اجلوار والتفاهم والتعاون مع دولة اجلنوب‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫“إن عليهم أن يسلكوا أحد الطريقني حلحلة‬ ‫مشكالت اجلنوب وحتقيق االستقرار مع الشمال‬ ‫ومع دول اجلوار‪ ،‬وكلما تقدموا خطوة باجتاه‬ ‫الشمال سنتقدم نحوهم بأكثر من خطوة‪ ،‬أما‬ ‫إذا أرادوا حتويل اجلنوب لبلد يتبنى قضايا عدائية‬ ‫نيابة عن جهات داخلية وخارجية واحتضان حملة‬ ‫السالح الدارفوريني ومعارضي احلكومة والتسبب‬ ‫في زعزعة األمن واالستقرار مع الشمال ومع دول‬ ‫اجلوار‪ ،‬عندئذ لن يجدوا منا إال املعاملة باملثل‪،‬‬ ‫وحتدثنا مع أصدقائنا األوروبيني واإلفريقيني إلسداء‬


‫النصيحة لهم”‪.‬‬ ‫وقال عثمان‪“ :‬إن احلكومة والقيادة تعرف معاناة‬ ‫املواطنني التي تنجم عن تداعيات انفصال اجلنوب‬ ‫وتعمل على معاجلتها‪ ،‬وإن قوى حزبية ستحاول‬ ‫استغالل الوضع لتخدم أجندة خاصة‪“ ،‬تغيير‬ ‫النظام”‪ ،‬ولكن نحن لن نقف مكتوفي األيدي إذا‬ ‫وجدنا أن لغة احلوار ال تصلح مع الطرف اآلخر”‪.‬‬ ‫وبعد انفصال اجلنوب من املتوقع أن تبدأ‬ ‫مشاورات حوار سياسي كانت عناوينها قد‬ ‫وضعت قبل فترة مع احلزبني التاريخيني االحتاد‬ ‫الدميقراطي واألمة حول برنامج وطني ووضع‬ ‫دستور دائم للبالد‪ ،‬وتشكيل جلنة قومية تشارك‬ ‫فيها كل األحزاب‪ ،‬وتشكل حكومة ذات قاعدة‬ ‫عريضة تضم أيضا ً كل االحزاب‪.‬‬

‫إتفاق سالم دارفور‬ ‫وتزامن احتفال جمهورية جنوب السودان‬ ‫باالنضمام الى اجلمعية العامة لألمم املتحدة (يوم‬ ‫‪ )2011/7/14‬مع احتفال مماثل في الدوحة بتوقيع‬ ‫اتفاق سالم دارفور بني حكومة الرئيس عمر‬ ‫البشير ومتمردي حركة التحرير والعدالة بزعامة‬ ‫التيجاني السيسي ولكن في غياب متمردي‬ ‫حركة العدل واملساواة التي تعتبر أكبر الفصائل‬ ‫املسلحة غرب السودان وهي احلركة املتحالفة‬ ‫مع العقيد الليبي معمر القذافي ووجود زعيمها‬ ‫خليل ابراهيم في طرابلس‪.‬‬ ‫وقال ناشط سياسي دارفوري معارض التفاق‬ ‫الدوحة في لندن‪“ :‬إن االتفاق يفتح الباب أمام‬ ‫احتمال انفاصل دارفور على غرار ما حصل مع‬

‫جنوب السودان‪ ،‬مؤكدا ً أن أغلبية سكان اإلقليم‬ ‫ترفض هذا االتفاق‪ ،‬وأن اجملموعه التي وقعته هي‬ ‫مجموعة صغيرة على األرض في دارفور‪.‬‬ ‫ومينح االتفاق الذي مت بني احلكومة السودانية‬ ‫وحركة التحرير والعدالة مينح احلركة منصب‬ ‫وزير‪ ،‬احتادي ووزيري دولة وللواليات اجلديدة في‬ ‫دارفور وزراء ومعتمدين بواليات دارفور‪.‬‬ ‫وكانت حكومة الشمال قد ساهمت في‬ ‫توقيع اتفاق حول منطقة “أبيي” املتنازع عليها‬ ‫وحتويلها وحتويلها الى منطقة منزوعة السالح‪،‬‬ ‫ووقع االتفاق قبل إعالن ميالد دولة جنوب السودان‬ ‫بأسابيع بني جيشي الشمال واجلنوب‪ ،‬ومضمون‬ ‫االتفاق استصدار مجلس األمن لنشر قوة فصل‬ ‫دولية من جنود أثيوبيني سريعاً‪.‬‬

‫دولة السودان والتحديات‬ ‫بني جوبا واخلرطوم‬ ‫إن من أبرز التحديات أمام دولة‬ ‫جنوب السودان واحلكومة السودانية‬ ‫في الشمال‪ ،‬عدم االتفاق على موضوع‬ ‫إدارة قطاع النفط وتقسيم الديون‬

‫اخلارجية باإلضافة الى منطقة أبيي املتنازع عليها‬ ‫و(التي يوجد فيها كمية ضخمة من النفط)‪،‬‬ ‫ويأتي ثالثة أرباع إنتاج السودان البالغ ‪ 470‬ألف‬ ‫برميل يوميا ً من جنوب السودان‪ ،‬ويقسم الطرفان‬ ‫اإليرادات بالنصف‪ ،‬ويقدر االحتياطي السوداني‬ ‫الراهن من النفط ‪ 6.7‬مليار برميل‪.‬‬ ‫ويقدر محللون أن حكومة اجلنوب رمبا تكون‬ ‫قادرة على إضافة مليار دوالر الى ميزانيتها‬ ‫السنوية التي تبلغ ملياري دوالر واحلصول على‬ ‫املزيد من اإليرادات من النفط بعد االنفصال‪ ،‬وكان‬ ‫الرئيس السوداني عمر حسن البشير قد هدد‬ ‫في ‪ 21‬حزيران املاضي بإغالق خطوط األنابيب‬ ‫إذا رفض اجلنوب دفع رسوم النقل عبر أنابيب متر‬ ‫في الشمال أو ضمان تقاسم إيرادت النفط بعد‬ ‫انفصاله‪ ،‬واملعروف أن ‪ %75‬من النفط في اجلنوب‬ ‫واألنابيب في الشمال‪.‬‬ ‫وبعد إعالن دولة جنوب السودان‪ ،‬فإن األنظار‬ ‫متجهة صوب هذه الدولة الوليدة‪ ،‬وهناك َمن‬ ‫يتربص في اجلوار من أجل حتقيق مصالح الدول‬ ‫التي كانت وراء التقسيم‪.‬‬ ‫التحديات مائلة واألمور مفتوحة على كثير من‬ ‫االحتماالت‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫استقلت جهمورية السودان عام ‪ ،1956‬وشهد ما بني ‪ 1972 – 1955‬حربا ً أهلية بني‬ ‫احلكومات املتعاقبة في اخلرطوم واملتمردين في اجلنوب‪ ،‬وانتهى ذاك الصراع بالتوقيع على‬ ‫معاهدة ‪ 1972‬ومنح اجلنوب مبقتضاها حكما ً ذاتيا ً وجزئياً‪ ،‬وفي عام ‪ 1983‬اشتعلت احلرب‬ ‫األهلية من جديد بني الشمال واجلنوب‪ ،‬خ ّلفت وراءها ماليني القتلى واجلرحى واملشردين‪.‬‬ ‫وفي ‪ 9‬كانون الثاني ‪ 2005‬انتهت أطول حرب تشهدها القارة اإلفريقية بتوقيع جون‬ ‫غارانغ اتفاق سالم مع اخلرطوم أعطى مبقتضاه اجلنوب من الشريعة اإلسالمية وأتيحت‬ ‫لهم فترة من احلكم الذاتي متهيدا ً الستفتاء ص ّوت فيه اجلنوبيون على حق تقرير املصير‬ ‫بني البقاء ضمن سودان موحد او االنفصال عن اخلرطوم‪.‬‬ ‫وفي مجال عمل املؤسسات السياسية دخل اجلنوبيون السابقون من اجليش الشعبي‬ ‫لتحرير السودان في شراكة مع خصوم األمس في اخلرطوم لتشكيل حكومة وحدة‬ ‫وطنية عام ‪ 2005‬إلدارة البالد وفق دستور جديد‪ ،‬ومددت االنتخابات التي جرت في نيسان‬ ‫‪ 2010‬التفويض املمنوع لسلفاكير الذي خلق غارانغ في رئاسة اجلنوب كما مت إنشاء برملان‬ ‫منفصل للجنوب‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬

‫الرهان على «التسوية» لن يعيد فلسطين‬ ‫ال جدوى من األمم المتحدة إلعالن الدولة الفلسطينية تحت االحتالل؟‬

‫عرفات كلينتون ورابني في اتفاق آوسلو‬

‫منذ عقد مؤمتر مدريد عام ‪ 1991‬وحتى اآلن‪،‬‬ ‫كان اتفاق أوسلو عنوان مرحلة وكان هناك توافق‬ ‫دولي على إجناز “تسوية” جاءت بعد حرب اخلليج‬ ‫الثانية أسماها الرئيس جورج بوش األب “نافذة‬ ‫فرص”‪ ،‬ورغم أن شروط التفاوض وموازين القوى‬ ‫التي كانت سائدة آنذاك جميعها قدمت خدمة‬ ‫لالحتالل الصهيوني لم يكن ليتوقعها‪ ،‬فمازالت‬ ‫لعبة “التسوية” هي املفضلة لدى اجملتمع الدولي‬ ‫اخلاضع متاما ً للنفوذ األميركي مع قبول رسمي‬ ‫عربي بها‪.‬‬ ‫وهذا ما زاد في صلف العدو وغروره‪ ،‬وكان اتفاق‬ ‫أوسلو ‪ 1993‬مبثابة كارثة حلت على القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬حيث هبطت بسقف التفاوض‪.‬‬ ‫وكانت بداية مت خاللها فصل جميع مسارات‬ ‫التفاوض عن بعضها‪ ،‬وتهيأت الفرصة املناسبة‬ ‫للكيان الصهيوني ومن يدعمه لالنفراد مبسار‬ ‫التفاوض مع السلطة الفلسطينية الناشئة‬ ‫آنذاك والدخول في مساومة لم تنت ِه فصولها‪.‬‬ ‫بعد اتفاق أوسلو أصبحت مرجعيته مؤمتر‬ ‫مدريد مع إشارة شكلية لقرارات الشرعية‬ ‫الدولية‪ ،‬وخالل انتفاضة األقصى وبعد مجزرة‬ ‫جنني واحتالل العراق بقوات أميركية وغربية عام‬ ‫‪ ،2003‬سوقوا لنا خطة خارطة الطريق وما سمي‬ ‫بـ “اللجنة الرباعية الدولية” والتي جاءت لتلتف‬ ‫على املؤسسات الدولية وتهبط مبرجعيتها أيضاً‪،‬‬ ‫فلم يعد للقانون الدولي وميثاق األمم املتحدة‬ ‫وقراراتها أي اعتبار‪ ،‬علم ّا بأن تلك املرجعيات‬ ‫خضعت فيما بعد إلرادة القوة األحادية في‬ ‫العالم للواليات املتحدة األميركية بعد تفكك‬ ‫االحتاد السوفيتي‪ ،‬واستمر الطرف الفلسطيني‬ ‫ممثالً بقيادة منظمة التحرير يراهن على احلل‬ ‫األميركي في املنطقة‪ ،‬بينما يرى العالم أجمع‬ ‫مدى التحالف االستراتيجي القائم بني الكيان‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أوملرت وبوش وعباس‬

‫الصهيوني والواليات املتحدة التي وقفت إلى‬ ‫جانبه في جميع الظروف‪ ،‬وقدمت له كل أشكال‬ ‫الدعم العسكري واملادي والسياسي‪ ،‬وشرعت‬ ‫“الفيتو” األميركي خدمة لـ “إسرائيل” عشرات‬ ‫املرات ملنع إدانة الكيان على جرائمه التي ارتكبت‬ ‫منذ قيامه على أرض فلسطني العربية‪.‬‬ ‫واخترعت له إدارة الرئيس جورج بوش ما سمي‬ ‫مبؤمتر “أنابوليس” في محاولة خلداع العالم‪ ،‬بأنها‬ ‫تسعى لتحقيق السالم‪ ،‬وفي حقيقة األمر‬ ‫كانت اإلدارة األميركية تبغي االستفادة من‬ ‫عامل الوقت وإتاحته لـ “إسرائيل” التي استمرت‬ ‫في توسيع رقعة مصادرة األراضي في الضفة‬ ‫الغربية والقدس وإقامة املستوطنات اليهودية‬ ‫عليها بهدف فرض سياسة األمر الواقع على‬ ‫القيادة الفلسطينية وباعت الوهم لها مرات‬ ‫عديدة‪ ،‬ولكن دون جدوى‪ .‬وعندما كانت تصل‬ ‫عملية املفاوضات إلى طريق مسدود كانت‬ ‫اإلدارة األميركية تتدخل مببادرة جديدة‪ ،‬بينما‬ ‫تقدم القيادة الفلسطينية ممثلة بقيادة منظمة‬ ‫التحرير التنازل تلو اآلخر‪ ،‬ولكن دون جدوى‪ ،‬وكانت‬ ‫تصطدم دائما ً بالفيتو األميركي والذي رفض‬ ‫أخيرا ً إدانة أعمال االستيطان اإلسرائيلية وتبرئة‬ ‫“إسرائيل” من عرقلة عملية التفاوض‪.‬‬ ‫انتهت هذه املرحلة بالفشل‪ ،‬ولم تكن‬ ‫املفاوضات الثنائية برعاية أميركية انفرادية ودور‬ ‫دولي مشبوه إالّ وسيلة للضغط على الطرف‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫لقد قدمت هيالري كلينتون مشروع بيان‬ ‫يتراجع حتى عما جاء في خطاب اوباما من خالل‬ ‫اإلشارة إلى ضرورة ضم الكتل االستيطانية‬ ‫والتركيز على األرض واألمن وإسقاط القدس‬ ‫والالجئني منها‪ ،‬والنص إلى عدم العودة إلى حدود‬ ‫الرابع من حزيران ‪ ،1967‬والى “إسرائيل بوصفها‬

‫‪46‬‬

‫دولة يهودية ورفض اإلشارة إلى القرار الدولي‪181‬‬ ‫املتع ّلق بتقسيم فلسطني‪.‬‬

‫أوسلو كانت فرصة الكيان‬ ‫لتسريع االستيطان‬ ‫وفرض الوقائع وأنابوليس مجرد‬ ‫محطة لوضع يهودية «إسرائيل»‬ ‫على األجندة‬ ‫لقد أثبتت األحداث أن اتفاق أوسلو ‪ 1993‬سيء‬ ‫الصيت لم يحقق حتى االنسحاب اإلسرائيلي‬ ‫وإقامة الدولة‪ ،‬بل كان فرصة استفاد منها‬ ‫الكيان إلى أبعد احلدود بترسيخ سيطرته على‬ ‫األرض وإقامة املستوطنات وبناء اجلدار‪ ،‬وشن حرب‬ ‫ال هوادة فيها ضد الفلسطينيني في الضفة‬ ‫الغربية وقطاع غزة بعد تعثر قمة كامب ديفيد‬ ‫عام ‪ 2000‬وانهيار املآرب الصهيونية منها‪ ،‬وأعيد‬ ‫احتالل الضفة وحصار غزة‪ ،‬ورفض العدو تقرير‬ ‫ميتشل وحتى خطة خارطة ومبادرة السالم‬ ‫العربية‪ ،‬وكانت خطة فك االرتباط عن غزة مجرد‬ ‫تكتيك من أجل شن حرب شاملة ضد املقاومة‬ ‫املتنامية هناك لتصفية القضية‪.‬‬ ‫لقد أراد العدو من مؤمتر انابوليس نهاية‬ ‫‪ 2007‬مجرد محطة لوضع يهودية “إسرائيل”‬ ‫على أجندة املفاوضات‪ ،‬وجعل املفاوضات هي‬ ‫املرجعية الوحيدة للمفاوضات‪ ،‬وهذا ما كرره‬ ‫رئيس السلطة الفلسطينية “بأن ال بديل عن‬ ‫املفاوضات إال املفاوضات”‪.‬‬ ‫ثم جاءت حكومة بنيامني نتنياهو الثانية‬ ‫لتجعل ما كان موقفا ً إسرائيليا ً يطرحه‬


‫املتطرفون واألكثر تطرفا ً في “إسرائيل” برنامج‬ ‫احلكومة‪.‬‬ ‫وبعد خطابات نتنياهو في جامعة بار إيالن‬ ‫والكنيست وأمام مؤمتر االيباك‪ ،‬التي أكد فيها أن‬ ‫حكومته ال تبحث عن تسوية وال عن حتقيق األمن‬ ‫اإلسرائيلي كما كانت تدعي سابقاتها‪ ،‬وإمنا تصر‬ ‫على أن الضفة الغربية هي “يهودا والسامرة و”جزء‬ ‫هام من أرض “إسرائيل” التي حررها االستعماريون‬ ‫والصهاينة”‪ ،‬وإنه مستعد في أحسن االحتماالت‬ ‫للتنازل عن جزء منها‪ ،‬مقابل تصفية القضية‬ ‫الفلسطينية من مختلف جوانبها مبا يشمل‬ ‫إسقاط حق العودة والقدس واحلدود واألمن واملياه‪،‬‬ ‫ويُبقي على معظم الضفة الغربية حتت سيطرة‬ ‫“إسرائيل” ألنها تضم مستوطنات‪ ،‬وهي ضرورية‬ ‫لدواع أمنية وعسكرية‪ ،‬وإيديولوجية كما يدعي‪.‬‬ ‫لقد انطلقت الثورة الفلسطينية املعاصرة‬ ‫عام ‪ 1965‬من أجل حترير فلسطني‪ ،‬وفي ضوء‬ ‫موازين القوى اخملتلة لصالح العدو‪ ،‬وبعد اتفاقية‬ ‫كامب ديفيد‪ ،‬مت رفع شعار إنهاء االحتالل وإقامة‬ ‫الدولة على حدود عام ‪ ،1967‬واستمر التراجع‬ ‫وتقدمي التنازالت بعد أوسلو وخارطة الطريق‬ ‫وانابوليس وغيرها‪ ،‬ومت طرح حل الدولتني لشعبني‬ ‫كطريق إلنهاء االحتالل‪ ،‬حسب الرئيس أوباما‪.‬‬ ‫لقد انتهى هذا املسار إلى وهم وهو أن الدولة‬ ‫ميكن أن تقام حتت االحتالل‪ ،‬وهذا لم يتحقق بل‬ ‫تعمق االحتالل‪ ،‬وثبت أن التركيز على هدف الدولة‬ ‫أدى إلى سلسلة ال تنتهي من التنازالت من دون‬ ‫أن يفضي إلى شيء‪ ،‬ال بد من تغيير املسار وليكن‬ ‫الهدف األول إنهاء االحتالل‪.‬‬ ‫إن عملية التنازل من قبل “أولي األمر” في‬ ‫القيادة الفلسطينية لم تأت دفعة واحدة‪،‬‬ ‫وإمنا هي عملية انسيابية جاءت على مراحل‬ ‫متتالية استطاع العدو بفضل الدعم األميركي‬ ‫والتواطؤ الدولي والعجز الرسمي العربي من‬ ‫مترير تلك التنازالت‪ ،‬ومنذ ُطرح البرنامج املرحلي‬ ‫الفلسطيني في السبعينات الذي قام على‬ ‫الدولة وحق العودة‪ ،‬مت التراجع خطوات إلى الوراء‪،‬‬ ‫وبعدها أصبح هناك استعداد للمقايضة ما بني‬ ‫الدولة وحق العودة‪ ،‬كما ظهر ذلك واضحا ً من‬ ‫خالل املوافقة على حل عادل متفق عليه لقضية‬ ‫الالجئني‪ ،‬ما جعله امرا ً ميكن التفاوض حوله‪،‬‬ ‫وليس حقا ً غير قابل للتفاوض‪.‬‬ ‫ومن خالل املوافقة على “مبدأ تبادل األراضي”‬ ‫وقبل أن تبدي “إسرائيل” استعدادها لالنسحاب‬ ‫من األراضي احملتلة عام ‪ ،1967‬ومن أجل إجناح‬ ‫مسار املفاوضات الثنائية متت املوافقة أيضا على‬ ‫معايير كلينتون حلل مشكلتي القدس والالجئني‬ ‫التي تعني املوافقة على تقاسم القدس‬ ‫الشرقية احملتلة‪ ،‬والقبول بعودة رمزية إلى أراضي‬ ‫فلسطيني ‪ ،1948‬وعلى ترتيبات أمنية واسعة‬ ‫واملوافقة على ضم بعض الكتل االستيطانية‪.‬‬ ‫لقد وصلت السياسة الفلسطينية إلى حد‬ ‫املطالبة مببدأ التفاوض حول احلدود واألمن‪ ،‬وهذا‬

‫عباس باراك ونتنياهو‬

‫يعني جتزئة القضية إلى قضايا‪ ،‬وهذا ما يؤدي إلى‬ ‫القضاء على أهم عناصر القضية الفلسطينية‬ ‫وهي قضية حترير وطني لشعب موحد وقضية‬ ‫عادلة متفوقة أخالقياً‪.‬‬ ‫لقد أثبتت التجربة القاسية وبعد دفع الثمن‬ ‫أضعافا ً مضاعفة وعلى حساب التضحيات‬ ‫التي قدمت‪ ،‬أن التسوية ال ميكن أن تتحقق إذا‬ ‫لم يكن باإلمكان فرضها‪ ،‬وحتى تُفرض ال بد من‬ ‫تغيير املوازين النوعية التي يعبر عنها في فسح‬ ‫اجملال خليار املقاومة وبكافة أشكالها وإنهاء حالة‬ ‫االنقسام واستعادة الوحدة على أساس برنامج‬ ‫سياسي وطني وشراكة حقيقية والتمسك‬ ‫بالثوابت الوطنية وعدم التنازل وإعادة بناء‬ ‫منظمة التحرير على أسس وطنية وكفاحية‬ ‫تعيد االعتبار خليار املقاومة‪.‬‬

‫ما جدوى الذهاب إلى األمم‬ ‫املتحدة؟‬ ‫التساؤالت مشروعة‪ ،‬هل األمم املتحدة هي‬ ‫احلصن الذي تلجأ له الشعوب عندما تتعرض‬ ‫أوطانها لالحتالل؟ أو أنها هي املرجع واحلكم‬ ‫العادل الذي حتتكم له األطراف املتصارعة‪،‬‬ ‫سواء كان الصراع بني دول أو بني حركات حترر‬ ‫ومستعمري أوطانها؟ وهل اللجوء لألمم املتحدة‬ ‫هو أحد محاور الصراع مع األعداء؟ وأن الذهاب‬ ‫إلى هناك هو السبيل إلى كسب األصدقاء‪ ،‬أو أن‬ ‫التمسك بالشرعية الدولية هو الطريق لفضح‬ ‫من ال يتمسك بها‪ ،‬فيجري بذلك إحراج العدو؟‬ ‫لقد اختبر شعبنا الفلسطيني األمم املتحدة‬ ‫بقرارات ظاملة‪ ،‬وبقرارات أخرى مؤيدة متضامنة‬

‫‪47‬‬

‫ورمبا تكون قد أثرت معنوياً‪ ،‬لكنها لم تتحول‬ ‫حقائق على األرض‪ ،‬ولم تر النور في مجال‬ ‫التنفيذ والتطبيق‪ .‬فهذا اجملال‪ ،‬هو مجال موازين‬ ‫القوى‪ ،‬ومجال مصالح دولية‪ ،‬ومجال ملناورات‬ ‫ترسم خطوطها‪“ ،‬لعبة األمم” وليس مجال إقرار‬ ‫احلق والعدل‪.‬‬ ‫لقد اختُبرت األمم املتحدة يوم أعلنت صك‬ ‫االنتداب على فلسطني متضمنا ً تنفيذ وعد‬ ‫بلفور‪ ،‬واختُبرت وهي تقرر تقسيم فلسطني‬ ‫وتصدر القرار ‪ 181‬القاضي بالتقسيم‪ ،‬ووظيفته‬ ‫حينها لم تكن سوى تشريع إقامة “دولة‬ ‫إسرائيل” وليس دولة فلسطني‪ ،‬وشطب اسم‬ ‫فلسطني يومها من اخلارطة ومت تغييب أو طمس‬ ‫الهوية الوطنية الفلسطينية‪ ،‬األمر الذي عاشه‬ ‫شعبنا منذ عام ‪.1948‬‬ ‫والسؤال‪ :‬أين قرارات األمم املتحدة املتعلقة‬ ‫بعدم شرعية االستيطان وبشأن حق العودة وحق‬ ‫تقرير املصير للشعب الفلسطيني‪ ،‬وبشأن اجلدار‬ ‫في الضفة الغربية‪ ،‬وبشأن اجلرائم واجملازر التي‬ ‫ارتكبها العدو بحق شعبنا الفلسطيني؟‬ ‫أين كل هذا حتى يكون اللجوء إلى األمم‬ ‫املتحدة هو البديل‪ ،‬وهو اخليار املتاح؟ فهو بديل‬ ‫وخيار وتفاوضي تسووي في الشكل‪ ،‬ولن يغير‬ ‫في املضمون شيء يذكر‪.‬‬ ‫منذ فترة‪ ،‬لوح رئيس السلطة الفلسطينية‬ ‫بخطوة اللجوء إلى األمم املتحدة النتزاع قرار‬ ‫لالعتراف بالدولة‪ ،‬حديث نوايا وتلويح والقرار‬ ‫بشأنه ليس محسوماً‪ ،‬فهو ينتظر مبادرة أو‬ ‫مشروع جديد يذلل عقبة املفاوضات من أجل‬ ‫استئنافها وفي حال حصول ذلك لن تلجأ‬ ‫السلطة إلى األمم املتحدة‪.‬‬ ‫إن هذه اخلطوة التي يجري التلويح بها ال تندرج‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫في إطار رؤية وطنية شاملة وال إستراتيجية‬ ‫وطنية مدروسة وال تندرج في إطار تقييم‬ ‫مرجعية كل املراحل السابقة‪.‬‬ ‫لقد تأكدنا مراراًَ‪ ،‬أن املفاوضات والتعويل‬ ‫عليها‪ ،‬وما أنتجته من كوارث‪ ،‬هي مجرد مناورات‬ ‫تكتيكية‪ ،‬وصراخ وتوسل‪ ،‬وردود فعل‪ ،‬بعيدا ً عن‬ ‫امتالك برنامج وطني فاعل ينتج أفعاال ويرسم‬ ‫سياسات واضحة‪ ،‬وألنها كذلك فهي ال تخيف‬ ‫العدو‪ ،‬وال تفض مضاجعه‪ ،‬وال تربك مخططاته‪،‬‬ ‫وال جتعله يتوقف عن أي نشاط استيطاني أو‬ ‫تقدمي تنازل حتى لو كان زحزحة حاجز عسكري‬ ‫من مكانه ليسهل عبور األفراد دون إهانة أو‬ ‫تعذيب‪.‬‬ ‫في أيلول‪ ،‬استحقاق الذهاب إلى األمم املتحدة‬ ‫لن يسمع ممثلو دول العالم في اجلمعية العامة‬ ‫لألمم املتحدة في دورة انعقادها ألـ ‪ 61‬في نيويورك‬ ‫صوت من يدعي متثيل الشعب الفلسطيني‬ ‫يقول باسم شعبه‪ ،‬إما أن تفرضوا على العدو‬ ‫االنسحاب الكامل دون قيد أو شرط‪ ،‬واإلقرار‬ ‫بكامل حقوق الفلسطينيني وفي مقدمتها حق‬ ‫العودة‪ ،‬واالنسحاب الكامل من القدس‪ ،‬وتفكيك‬ ‫املستوطنات ورحيل املستوطنني‪ ،‬وعكس ذلك‬ ‫فإن الصراع سيحتدم والغضب سيشتعل وأن‬ ‫دول العالم ومؤسساته ستكون مسؤولة عن‬ ‫النتائج على هذه الغطرسة والعدوان‪.‬‬ ‫وألن األمر ليس كذلك‪ ،‬فالذهاب إلى األمم املتحدة‬ ‫هو مناورة ومحاولة حتسني شروط‪ ،‬واخلطوة ضارة‬ ‫بكل املقاييس وخطيرة‪ ،‬ألن ما سيترتب عليها‬ ‫في حال اإلقرار بطلب السلطة الفلسطينية‬ ‫يحمل مخاطرة عديدة‪ ،‬ألن التوجه يأتي ومرحلة‬ ‫التحرر الوطني لم تتحقق غاياتها‪ ،‬وأن الدولة‬ ‫لن تقوم مبجرد االعتراف بها‪ ،‬واالنسحاب لن‬ ‫يتحقق مبجرد االعتراف به‪ ،‬وكل شيء سيخضع‬ ‫للتفاوض‪ ،‬وعندها سيكون التفاوض بني دولتني‬ ‫حول قضايا متنازع عليها‪ ،‬وهذا ال ينهي االحتالل‪،‬‬ ‫بل يكرسه ويعطي العدو الفرصة للمزيد من‬ ‫االقتطاع والضم والتوسع‪.‬‬ ‫وهذا سيعطي “إسرائيل” الشرعية السياسية‬ ‫والقانونية الكاملة على مساحة ‪ %78‬من‬ ‫مساحة فلسطني‪ ،‬وهو أمر لم يحصل عليه‬ ‫طبقا ً لقرار التقسيم رقم ‪ ،181‬بل حصلت على‬ ‫هذه املساحة بالتوسع والضم‪.‬‬ ‫وكذلك سيسقط أي حق باملطالبة بحق‬ ‫العودة‪ ،‬فما دام للفلسطينيني (دولتهم) فيكون‬ ‫مقر إقامة اجلميع في دولته‪ ،‬وليس في دولة‬ ‫الغير‪ ،‬وستدعي “إسرائيل”‪ ،‬أن وجود ‪ 1.5‬مليون‬ ‫نسمة من أهلنا املرابطني في فلسطني احملتلة‬ ‫عام ‪ 1948‬سيهددها وستلجأ الى تهجيرهم إلى‬ ‫حيث دولة فلسطني املزعومة‪.‬‬ ‫من املؤكد أن احلصول على قرار معنوي من األمم‬ ‫املتحدة لن يغير واقع احلال‪ ،‬ولن يقنع شعبنا الذي‬ ‫يتحفز وقد أدرك املعادلة وكشف احلقيقة وفهم‬ ‫أن اخلطر على مصيره وحقوقه داهم وكبير‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫املفاوضات أوال‬ ‫وثانياً وثالثاً تعني‬ ‫الذهاب إلى األمم‬ ‫املتحدة من أجل‬ ‫التفاوض‬ ‫في خضم احلديث‬ ‫الدولة‬ ‫إعالن‬ ‫عن‬ ‫الفلسطينية وحشد‬ ‫التأييد لها‪ ،‬يقول رئيس‬ ‫السلطة الفلسطينية”‪:‬‬ ‫“أنا مع املفاوضات أوال‬ ‫وثانيا ً وثالثاُ‪ ،‬والذهاب‬ ‫إلى األمم املتحدة ليس‬ ‫هو اخليار‪ ،‬فإذا كانت‬ ‫املفاوضات هي اخليار‬ ‫احلتمي الوحيد ملاذا كل‬ ‫هذا التحشيد من أجل‬ ‫الدولة العتيدة املزمع‬ ‫طرحها في أيلول على‬ ‫منابر األمم املتحدة‪ ،‬وإذا‬ ‫كان املهم فقط اعتراف‬ ‫بنيامني نتنياهو الوكيل احلصري واملعتمد‬ ‫أميركيا ً مبنح تلك الدولة الصيغة الشرعية‪،‬‬ ‫ملاذا كل هذا اإلحلاح على دول أميركا الالتينية‬ ‫واألسيوية واألفريقية لالعتراف بهذه الدولة؟‬ ‫وإذا كانت “املبادرة العربية هي اخليار العربي‬ ‫األكثر حكمة” في تاريخ الصراع العربي –‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وهذا تأكيد واضح على إسقاط‬ ‫حق العودة التي فرطت به تلك املبادرة‬ ‫املشؤومة ورفضها شعبنا على امتداد ساحة‬ ‫الوطن وخارجه‪ ،‬تلك املبادرة التي لم يعيرها‬ ‫الكيان الصهيوني أي انتباه‪ ،‬بل قال عنها ارئيل‬ ‫شارون‪“ :‬إن تلك املبادرة ال تساوي ثمن احلبر‬ ‫الذي كتبت به”‪.‬‬ ‫املوقف األميركي مازال داعما ً لـ “إسرائيل”‪،‬‬ ‫وهو موقف منحاز بالكامل وال ميكن الرهان‬ ‫عليه ومواقفه تتطابق متاما ً مع الرغبات‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬ودوره ينحصر في تقدمي احلماية‬ ‫للكيان الصهيوني من خالل تقدميه غطا ًء‬ ‫كامال ً في احملافل السياسية‪ ،‬وهو يدعو‬ ‫إلى أخذ التغييرات التي جرت على األرض‬ ‫خالل ألـ ‪ 44‬عاما ً املاضية بعني االعتبار في‬ ‫إشارة إلى املستوطنات املقامة على األراضي‬ ‫الفلسطينية في الضفة الغربية وضمها‬ ‫لـ “إسرائيل” في أي تسوية قادمة‪ ،‬وال‬ ‫تكتفي اإلدارة األميركية وهي تطالب القيادة‬ ‫الفلسطينية باالعتراف بالدولة اليهودية‬ ‫كواحد من شروط العودة إلى املفاوضات‪،‬‬ ‫أما االحتاد األوروبي‪ ،‬فإنه يحاول أن يتميز في‬ ‫طروحاته قليالً‪ ،‬ويحاول أن يترك الباب مفتوحا ً‬

‫‪48‬‬

‫أمام عملية التفاوض ودعا إلى إقامة دولة‬ ‫فلسطينية مستقلة على األراضي احملتلة عام‬ ‫‪ 1967‬وضمنها القدس الشرقية‪.‬‬ ‫وذكرت مصادر غربية‪ ،‬أن االحتاد األوروبي لعب‬ ‫الدور األهم في إحباط مشروع بيان قدمته‬ ‫الواليات املتحدة إلى االجتماع األخير للرباعية‬ ‫الدولية في واشنطن وكذلك عارضت املشروع‬ ‫األمم املتحدة وروسيا وهذا املشروع بدا منحازا ً لـ‬ ‫“إسرائيل”‪ ،‬وتضمن مطالبة اجلانب الفلسطيني‬ ‫باالعتراف بالدولة اليهودية‪ ،‬واإلقرار باملستوطنات‬ ‫اإلسرائيلية كأمر واقع وتضم لـ “إسرائيل”‪ ،‬ورفض‬ ‫جلوء الفلسطينيني إلى األمم املتحدة لطلب‬ ‫العضوية واالعتراف بالدولة وتأجيل التفاوض‬ ‫على القدس إلى مرحلة تالية بعد التفاوض على‬ ‫احلدود واألمن‪.‬‬ ‫االحتاد األوروبي ّ‬ ‫حذر من مأزق أيلول املقبل‬ ‫إذا استمر اجلمود في عملية السالم‪ ،‬وحتاول‬ ‫الدبلوماسية األوروبية بلورة أفكار جديدة من‬ ‫أجل عرضها على اللجنة الرباعية الدولية قبل‬ ‫افتتاح الدورة املقبلة للجمعية العامة في ‪20‬‬ ‫أيلول ‪.2011‬‬ ‫والسؤال هل الذهاب الى األمم املتحدة هو‬ ‫اخليار الوحيد‪ ،‬فإذا كان كذلك‪ ،‬فهذا سيؤدي‬ ‫الى تأجيج الصراع من جديد‪ ،‬ألن شعبنا‬ ‫قدم التضحيات‬ ‫الفلسطيني والعربي الذي ّ‬ ‫على مدى عقود‪ ،‬لن يقبل باستمرار احلالة‬ ‫الراهنة‪.‬‬

‫محمود صالح‬


‫«األونروا» الشاهد الحي على مأساة الشعب الفلسطيني‬ ‫تقلص خدماتها والمجتمع الدولي يتنصل من التزاماته‬ ‫التعريف باألونروا‪ :‬هي منظمة تابعة‬ ‫لهيئة األمم املتحدة يرمز إليها ‪UNRWA‬‬ ‫وتنحصر مهمتها في حماية ورعاية‬ ‫وتوفير فرص عمل لالجئني الفلسطينيني‬ ‫الذين ُه ِّجروا من فلسطني بعد نكبة‬ ‫‪ ،1948‬واألونروا تختلف عن باقي املنظمات‬ ‫الدولية التابعة لألمم املتحدة في أنها‬ ‫نشأت حصريا ً للتعامل مع تداعيات‬ ‫النكبة الفلسطينية‪ ،‬وهي غير اللجنة‬ ‫العليا لالجئني التابعة لألمم املتحدة والتي‬ ‫يرمز بها بـ ‪ UNHCR‬وتعنى بالالجئني في‬ ‫كل أنحاء العالم وحتديدا ً جلهة حمايتهم‬ ‫وتقدمي العون لهم وإعادة توطينهم في‬ ‫أماكن جلوء جديدة في حال ّ‬ ‫تعذر عودتهم‬ ‫إلى بيوتهم وممتلكاتهم األصلية ألسباب‬ ‫أمنية أو ما شابه‪ ،‬وأقرب األمثلة على دور‬ ‫هذه الوكالة قيامها بعد الغزو األميركي‬ ‫للعراق بترحيل اآلالف من العراقيني الذين‬ ‫جلأوا إلى لبنان‪ ،‬إلى الدول االسكندينافية‬ ‫والعشرات من العائالت الفلسطينية‬ ‫التي هجرت العراق إلى أميركا الالتينية‬ ‫كالبرازيل وتشيلي وغيرها‪ ،‬كون تلك العائالت‬ ‫الفلسطينية لم تكن حتظى في العراق‬ ‫بتغطية إنسانية من األونروا كباقي الالجئني‬ ‫الفلسطينيني بسبب رفض العراق الدائم‬ ‫ألي دور لألنروا على أراضيه وقيام احلكومات‬ ‫العراقية املتعاقبة بتولي هذا الدور اإلنساني‬ ‫منذ اخلمسينات من القرن املاضي‪.‬‬ ‫نشأتها‪ :‬تأسست منظمة األونروا في‬ ‫‪ 1949/12/8‬مبوجب القرار ‪ 302‬الصادر عن‬ ‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬وبدأت عملها عام‬ ‫‪ 1950‬بإعادة إسكان الالجئني الفلسطينيني في‬ ‫الدول املضيفة مثل لبنان وسوريا واألردن إضافة‬ ‫للضفة الغربية وغزة اللتان بقيتا خارج سلطة‬ ‫االحتالل حتى نكسة حزيران عام ‪.1967‬‬ ‫املهام املنوط بها‪ :‬حسب تعريف األونروا‬ ‫فإن كل الالجئني املسجلني لديها يحتاجون‬ ‫للمساعدة وهم أهل لها‪ ،‬وحسب أغلب‬ ‫اإلحصائيات فإن هناك أكثر من ‪ 4,7‬مليون‬ ‫فلسطيني تؤمن لهم األونروا التعليم والرعاية‬ ‫الصحية واخلدمات االجتماعية واملساعدات‬ ‫الطارئة ويقطنون في مخيمات موزعة على‬ ‫الدول املضيفة وعددها تسعة وخمسون‬ ‫مخيما ً معترفا ً به‪...‬‬ ‫واألونروا حسب مصادرها لم تتوا َن في املاضي‬ ‫عن تقدمي املساعدات ملن هجروا قراهم بفعل‬ ‫الضغط الصهيوني عليهم داخل فلسطني‬

‫‪ ،1948‬وقد استمرت األونروا القيام بهذا‬ ‫الدور حتى عام ‪ ،1952‬عندما تكفل الكيان‬ ‫الصهيوني هذه املسؤولية عن األونروا‪ ،‬وعليه‬ ‫فإن األونروا تعتبر أن املستفيدين من خدماتها‬ ‫هم من عاشوا في فلسطني خالل فترة االنتداب‬ ‫البريطاني على األقل لسنتني قبل النكبة‬ ‫وخسروا بيوتهم وأرزاقهم نتيجة احلرب ‪،1948‬‬ ‫أو أنهم أبناء أو أحفاد َمن كانوا هناك‪.‬‬ ‫أما أغلب املساعدات التي تقدمها األونروا‬ ‫لالجئني الفلسطينيني فتاتي من الدول األوروبية‬ ‫الغربية والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫وألن احلديث يطول عن عمليات األونروا في‬ ‫مناطق تواجدها اخلمس‪ ،‬فإننا سنقتصر احلديث‬ ‫على خدمات األونروا في لبنان حيث املعاناة‬ ‫تتجاوز الوصف‪..‬‬ ‫ففي لبنان الذي استضاف قرابة إلى ‪125‬ألف‬ ‫الجئ قبل اثنني وستني عاما ً ثم إلى ما يربوا‬ ‫على ‪ 5‬آالف نازح بعد عام ‪ ،1967‬تتفاقم املأساة‪.‬‬ ‫فاملسجلون اليوم على كشوفات األونروا يزيد‬ ‫عددهم عن ‪ 450‬ألف الجئ عدا عن بضعة آالف‬ ‫من النازحني بعد نكسة حزيران ‪ 1967‬وآخرين‬ ‫من غير املسجلني لدى األونروا‪ ،‬ويُر َمز إليهم‬ ‫بفئة إلـ ‪ NR‬وهم الذين لم يجرِ إحصاءهم‬ ‫منذ اخلمسينات من القرن املاضي بسبب‬ ‫تغيبهم وقت عملية اإلحصاء لسبب أو آلخر‬ ‫ما دفع األونروا الستثنائهم من أعداد املسجلني‬ ‫لديها‪ ،‬األمر الذي حمل الدولة اللبنانية على‬

‫‪49‬‬

‫اعتمادهم في مديرية شؤون الالجئني‬ ‫الفلسطينيني في لبنان‪ ،‬لتسهيل‬ ‫أمورهم احلياتية ومنحهم ما يلزم من‬ ‫بطاقات هوية خاصة بالفلسطينيني‬ ‫وكل ما يتبع ذلك من أوراق ثبوتية أسوة‬ ‫بغيرهم من الالجئني‪ ،‬أما النازحني بعد‬ ‫عام ‪1967‬ف ُيعاملون معاملة الـ ‪NR‬‬ ‫جلهة اخلدمات التي تقدمها األونروا‪.‬‬ ‫وتتولى مديرية األمن العام متابعتهم‬ ‫من خالل إصدار بطاقات إقامة مؤقتة‬ ‫لهم‪ ...‬وغالبا ً ما تعتمد املديرية في هذا‬ ‫الشأن على ما يحمله النازح من بطاقة‬ ‫تعريف من مكتب منظمة التحرير في‬ ‫لبنان ليتسنى لها تشريع إقامته‪...‬‬ ‫مؤخراً‪ ،‬ص ّرح احد املسؤولني البارزين‬ ‫في األونروا معلقا ً على أوضاع اخمليمات‬ ‫الفلسطينية في لبنان‪“ :‬ان أحوال‬ ‫الفلسطينيني داخل وخارج مخيمات‬ ‫لبنان االثنا عشر (‪ )12‬هي موازية أو أسوأ‬ ‫من تلك اخمليمات املوجودة في غزة‪”...‬‬ ‫هذا الكالم يختصر معاناة مئات‬ ‫اآلالف من الالجئني الفلسطينيني في لبنان‬ ‫الذين أوصلتهم القوانني اإلنسانية التي‬ ‫اجترحتها احلكومات اللبنانية املتعاقبة منذ‬ ‫نهاية اخلمسينات من القرن العشرين‪ ،‬الى ما‬ ‫دون خط الفقر بحيث جتاوزت نسبة البطالة‬ ‫بني الفلسطينيني هامش الـ ‪ . %60‬ففي مؤمتر‬ ‫عن دور األونروا ُعقد في ‪ 9‬تشرين أول‪ ،‬في بيروت‪،‬‬ ‫في قاعة عصام فارس للمؤمترات في اجلامعة‬ ‫األميركية‪ ،‬أق ّرت السيدة مايا مجذوب رئيسة‪،‬‬ ‫جلنة احلوار اللبناني – الفلسطيني‪ ،‬بالظلم الذي‬ ‫حلق بالفلسطينيني على مدى أكثر من ستة‬ ‫عقود في لبنان‪ ،‬وعل ّلت ذلك بالقول‪”:‬إن اخملاوف‬ ‫السابقة من التوطني هي التي حالت دون وجود‬ ‫أرضية واضحة وصلبة لعالقة الفلسطينيني مع‬ ‫الدولة اللبنانية‪ ”!!...‬وغاب عن السيدة اجملذوب‬ ‫أن الدولة اللبنانية حتى نهاية اخلمسينات هي‬ ‫من أفسحت اجملال للتوطني‪ ،‬وش ّرعت األبواب‬ ‫أمام االالف من الفلسطينيني للحصول على‬ ‫اجلنسية اللبنانية‪ ،‬ولوال متسك الفلسطينيني‬ ‫بحقهم في العودة لكان واقع الفلسطينيني‬ ‫في لبنان اليوم ال يختلف عن واقع إخوتهم‬ ‫املقيمني في األردن واحلاملني للجنسية األردنية‪.‬‬ ‫الدكتور ساري حنفي‪ ،‬وفي معرض مداخلته‬ ‫في املؤمتر املذكور محاوال ً التخفيف من وطأة‬ ‫تقصير األونروا بحق الالجئني‪ ،‬قال‪“ :‬في غياب‬ ‫الدولة عن اخمليمات فقد أُعطيت األونروا صفة‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫السيادة من قبل العديد من مقيمي اخمليمات‬ ‫والذين أناطوا باألونروا دورا ً خارج الدور املنوط‬ ‫بانتدابها لتحكم اخمليمات رغم أنها لم تكن‬ ‫تريد ذلك‪ ،‬ومع التحديات املتزايدة الناجمة عن‬ ‫انخفاض التمويل وزيادة عدد الالجئني تأكد‬ ‫أن األونروا وحدها ال ميكن أن تقوم بهذا الدور‬ ‫الواسع الذي أنيط بها من الناس‪”...‬‬ ‫إن دور األونروا كان منذ انتدابها دورا ً واسعا ً‬ ‫لإلحاطة بكل ما جنم عن النكبة الفلسطينية‬ ‫من نتائج كارثية‪ ،‬ولم تكن األونروا وليدة انتداب‬ ‫أميركي أو بريطاني فقط‪ ،‬بل كانت نتاج توافق‬ ‫عاملي إلغاثة وتشغيل آالف الالجئني‪ ،‬لذلك فإن‬ ‫تذ ّرع األونروا بتعدد املهام املوكلة اليها داخل‬ ‫اخمليمات لتبرير عجزها عن الوفاء بالتزاماتها‬ ‫ال يتوافق وحقيقة دورها جتاه الالجئني الذين‬ ‫ينتظرون من الدول التي ساهمت في انتداب‬ ‫األونروا‪ ،‬والدعم الالمحدود لهذه املنظمة‬ ‫الدولية طاملا بقي الالجئ الفلسطيني محروما ً‬ ‫سلبت‬ ‫من عودته الى أرضه وممتلكاته‪ ....‬التي ُ‬ ‫منه‪ ...‬واملشكلة عند األونروا ومن أوجدها‪،‬‬ ‫وليست عند الفلسطيني الذي يراه البعض‪،‬‬ ‫مساهما ً ولو جزئيا ً في إرباك األونروا وصوال ً جلعله‬ ‫مسؤوال ً عن تبعات عجزها بسبب ما قيل عن‬ ‫حتميله لألونروا اكثر مما تطيق من أعمال أو أدوار‬ ‫داخل اخمليمات ‪ ...‬والفلسطيني عندما يطالب‬ ‫األونروا باملزيد من اإلصالحات‪ ،‬فإمنا يطالب‬ ‫اجملتمع الدولي من خاللها‪ ،‬لتذكيره بالتزاماته‬ ‫األخالقية واإلنسانية جتاه واقع مأساوي ساهم‬ ‫في خلقه وتوانى عن البحث اجلاد عن احللول‬ ‫الناجعة له منذ أكثر من ستة عقود‪...‬‬ ‫تقدمه األونروا اليوم من‬ ‫ونظرة على ما‬ ‫ّ‬ ‫خدمات للفلسطينني املقيمني في لبنان‪ ،‬وهل‬ ‫هذه اخلدمات تفي بحاجات الالجئني أم أنها دون‬ ‫املستوى املطلوب‪ ،‬كفيلة بتوضيح الصورة أو‬ ‫تقريبها‪ ،‬لكل من يهتم مبتابعة أوضاع الالجئني‬ ‫الفلسطينيني في هذا البلد‪.‬‬

‫في ميدان التربية والتعليم‬ ‫ففي ميدان التربية والتعليم‪ ،‬جتهد األونروا‬ ‫ملواكبة التطورات احلاصلة في هذا اجملال خاصة‬ ‫بعد التدني امللحوظ في املستوى التحصيلي‬ ‫للتالميذ واالندفاع الكبير لنسبة غير عادية‬ ‫من الطالب صوب اجملال املهني بسبب العجز‬ ‫عن متابعة دراستهم االكادميية جراء الغالء‬ ‫املستفحل وارتفاع االقساط املدرسية‬ ‫واجلامعية في لبنان‪ ،‬والشيء املثير في هذا‬ ‫التحليل أنه حتى الذين يتوجهون الى التعليم‬ ‫املهني من الطالب‪ ،‬يصطدمون بعقدة القوانني‬ ‫اللبنانية التي حترم الفلسطينني من مزاولة‬ ‫أكثر من اثنني وسبعني مهنة بحجة أن السوق‬ ‫اللبنانية ال تستيطع استيعاب أعداد أكبر من‬ ‫العاملني‪ ،‬األمر الذي يدحضه على الفور وجود‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أكثر من مليوني عامل أجنبي في لبنان بني عرب‬ ‫وأجانب يحظون بالرعاية وبفرص العمل متاما ً‬ ‫كاللبنانيني دون أن نسمع ولو تذمرا ً ملرة واحدة‬ ‫من السلطات اللبنانية كما هو احلال معها‬ ‫عندما يتعلق األمر بالعمالة الفلسطينية!!‪..‬‬ ‫أما عن حملة الشهادات األكادميية‬ ‫والتعليمية من الفلسطينيني فاألمر ال يختلف‬ ‫كثيرا ً إذ أكثر من ‪ %70‬من خريجي اجلامعات‬ ‫اللبنانية من الفلسطينني بني عاطل عن‬ ‫العمل أو باحث عنه في اخلارج بسبب استحالة‬ ‫توظيفهم في الشركات واملؤسسات اللبنانية‬ ‫الرسمية أو اخلاصة‪ ،‬وحصر هذه الوظائف‬ ‫باللبنانيني أو برعايا الدول التي يرتبط لبنان‬ ‫معها باتفاقات تفترض املعاملة باملثل‪ ،‬واملثير‬ ‫للدهشة أن الدولة اللبنانية كانت تخضع‬ ‫الفلسطينيني حتى وقت قريب ملبدأ املعاملة‬ ‫باملثل لتبرير حرمانهم من العمل رغم إدراكها‬ ‫أن هذا املبدأ معمول به بني الدول وتطبيقه‬ ‫على الفلسطينني ال مس ّوغ قانوني أو منطقي‬ ‫له‪!!...‬‬ ‫واألونروا في لبنان تقوم برعاية أكثر من ‪33‬‬ ‫ألف طالب موزعني على ‪ 74‬مدرسة من املرحلة‬ ‫االبتدائية لدينا حتى املرحلة الثانوية‪ ،‬إضافة‬ ‫الى كلية “سبلني” للتدريب املهني ويعمل‬ ‫في املؤسسات التابعة لألونروا في لبنان بني‬ ‫مدارس ومكاتب وعيادات ودوائر مختلفة ‪ 3‬آالف‬ ‫موظف‪.‬‬ ‫ولقد شهد قطاع التعليم في األونروا تراجعا ً‬ ‫ملموسا ً في العقدين األخيرين جتلى بتدني‬ ‫املستوى العام للطالب وبتراجع نسب النجاح‬ ‫في الشهادات الرسمية‪ ،‬وزيادة نسب التسرب‬ ‫في أعمار مبكرة بني الطالب‪ ،‬األمر الذي بات يقلق‬ ‫كل العاملني في احلقل التربوي واالجتماعي من‬ ‫فلسطينيني وغير فلسطينيني‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫ورغم ما قامت وتقوم به األونروا ودائرة التربية‬ ‫والتعليم فيها من خطوات على مستوى‬ ‫الكادر التعليمي والكتب املعتمدة والتجهيزات‬ ‫املدرسية إالّ أن األمور لم تتغير كثيرا ً واألسباب‬ ‫في ذلك متعددة وميكن حصرها باآلتي‪:‬‬ ‫إن السياسة التعليمية املعتمدة في األونروا‬ ‫منذ أكثر من عقدين من الزمن تخضع ملبدأ توفر‬ ‫األموال الالزمة أو عدم توفرها‪ ،‬لذلك القول عن‬ ‫استراتيجية تعليمية في األونروا يظل في إطار‬ ‫من النظريات التي ال ترقى الى احللول العملية‬ ‫املطلوبة للنهوض بالشأن التعليمي‪.‬‬ ‫فبذريعة العجز في موازنة األونروا تلجأ‬ ‫هذه املؤسسة الى التقليل من التوظيفات في‬ ‫احلقل التعليمي والى زيادة العبء التدريسي‬ ‫على املعلمني ما يح ّول املعلم الفلسطيني الى‬ ‫معلم متعب ومرهق ال يقوى على القيام بأي‬ ‫نشاط‪ ...‬خارج املنهاج املق ّرر واملرسوم له‪ ،‬وما‬ ‫يزيد األمور تفاقما ً هو متسك األونروا باألحجام‬ ‫الكبيرة للصفوف وباألربعني طالبا ً في الصف‬ ‫الواحد‪ ،‬في الوقت الذي تسعى فيه كل البرامج‬ ‫التعليمية احلديثة الى التقليل من عدد الطالب‬ ‫في الصف الواحد إلتاحة اجملال لهم ملزيد من‬ ‫التعلم والتحصيل ثم لتمكني املعلمني من‬ ‫تطبيق ما يتعلمونه نظريا ً من مبادئ كالتعليم‬ ‫من خالل اجملموعات أو تعلم األقران او‪...‬او‪ ...‬مبا‬ ‫يتناسب مع مبدأ الوحدات الصغيرة التي باتت‬ ‫هي املعتمدة في أكثر دول العالم والتي ّ‬ ‫متكن‬ ‫التلميذ من أخذ حقه املهدور في اجملموعات‬ ‫الصفية الكبيرة كما يحصل اليوم في مدارس‬ ‫ّ‬ ‫‪...‬ولعل أبرز ما يض ّر بكل ما تقوم به من‬ ‫األونروا‬ ‫محاوالت لتطوير مدارسها في لبنان‪ ،‬هو ما‬ ‫يرتبط بسياسة الترفيع اآللي في هذه املدارس‪،‬‬ ‫فبالنسبة للدولة اللبنانية فإن هذا األمر خاضع‬ ‫لقدرات التلميذ ومدى حتصيله على مدار عام‬


‫دراسي كامل‪ ،‬أما بالنسبة لألونروا فالترفيع‬ ‫والترسيب يخضع لنسبة محددة سلفا ً وغير‬ ‫مسموح جتاوزها وهي نسبة تضرب بعرض‬ ‫احلائط بكل نتائج االمتحانات واالختبارات‬ ‫الفصلية أو النهائية في املدارس‪ .‬فما قيمة أي‬ ‫امتحان إذا كانت النسبة التي ستعتمد بعد‬ ‫االمتحان فيما يخص الترفيع والترسيب تأتي‬ ‫محنّطة من األونروا وعلى اإلدارات املدرسية‬ ‫املعنية تكييف نتائجها وفقا ً لهذه النسبة ال‬ ‫وفقا ً للنسب احلقيقية المتحاناتها‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يتطلب ترفيع أكثر الراسبني في املدارس واإلبقاء‬ ‫على أعداد محدودة جدا ً منهم للوصول الى‬ ‫مقاربة نسبية ترضي األونروا وتسمح باعتماد‬ ‫اللوائح املرفوعة لها من املناطق التربوية‬ ‫اخلمسة‪.‬‬ ‫وعند املراجعة فجواب األونروا على كل ما تقدم‬ ‫واحد ال يتغير منذ سنوات طويلة‪ ،‬إنه العجز‬ ‫املالي املتراكم والذي يفرض على املؤسسة منطا ً‬ ‫مختلفا ً عن الدولة املضيفة بشأن آلية الترفيع‬ ‫والترسيب‪ ...‬وعندما تشعر املؤسسة بالضيق‬ ‫من كثرة املراجعات تبدأ باعتماد إجراءات‬ ‫جتميلية لهذه السياسة كالسماح برفع نسبة‬ ‫الرسوب‪ ،‬وهي في كل ذلك ال تخرج عن سياسة‬ ‫الغش واخملادعة التي أوصلت املدارس الى هذا‬ ‫املستوى املتدني‪ ،‬والتي الزالت األونروا تتمسك‬ ‫بها رغم معرفتها أنه ما لم يتم اإلقالع عن‬ ‫السياسة التعليمية املعتمدة فإن كل ما تقوم‬ ‫به دائرة التربية والتعليم على أهميته يبقى‬ ‫دون مالمسة الواقع التعليمي الكارثي الذي‬ ‫يُنتظر من جميع املؤسسات األهلية والقوى‬ ‫السياسية ووزارة التربية أن تبادر إليجاد احللول‬ ‫املناسبة واحلاسمة مع األونروا مبعزل عن العجر‬ ‫املالي أو ما شابه الذي تندرع به‪ ،‬ويعيق أي تقدم‬ ‫حقيقي في جتاوز محنة مدارسنا املزمنة‪ ،‬لذلك‬ ‫فاملعلم الفلسطيني هو الوحيد في العالم‬ ‫الذي يضع أسئلة امتحاناته لكنه ال يستيطع‬ ‫التحكم بنتائجها كون السياسة التعليمية‬ ‫املعتمدة تتالعب بهذه النتائج لتوائمها مع‬ ‫النسب املقدرة سلفا ً عندها‪ ،‬وال يخفى أن حت ّري‬ ‫الدقة في النتائج هو ما يتوخاه املعلم من وراء‬ ‫أي امتحان او اختبار لقياس مدى تقدمه في‬ ‫مادته ومدى استيعاب التالميذ لها‪ ،‬وأي قياس‬ ‫هذا الذي غالبا ً ما حتوله األونروا الى قياس‬ ‫وهمي تنقصه الدقة املطلوبة ويجعل من‬ ‫املعلم أول املشككني بنتائجه املدرسية طاملا‬ ‫أنها لن تكون املعيار الوحيد املعتمد في ترفيع‬ ‫من يستحق وترسيب من ال يستحق النجاح!!‬ ‫ويكفي أن نشير فقط لبعض األرقام‬ ‫اإلحصائية العائدة ملسح أجرته األونروا‬ ‫بالتشارك مع فريق متخصص من اجلامعة‬ ‫األميركية أواخر عام ‪ 2010‬لنلمس جسامة‬ ‫اخملاطر التي تهدد اجملتمع الفلسطيني‪ ،‬وتنذر‬ ‫بتفشي األم ّية بني صفوفه‪.‬‬

‫إذ ‪ % 50‬فقط من الشباب بني أعمار ‪ 16‬و‬ ‫‪ 18‬سنة يرتادون املدارس ونحو ‪ % 13‬فقط من‬ ‫اجملتمع الفلسطيني في لبنان يحملون شهادة‬ ‫البكالوريا‪ ،‬فيما نسبة الذين يحملون شهادة‬ ‫البروفيه ال تزيد عن ‪.% 44‬‬ ‫وإذا س ّلمنا أن أكثر من ‪ % 66‬من العائالت‬ ‫الفلسطينية حتت خط الفقر‪ ،‬وأن هذه النسبة‬ ‫تنخفض بحدود الـ ‪ % 60‬عندما يكون رب األسرة‬ ‫متعلماً‪ ،‬فإننا ندرك ساعتئ ٍذ أن ورشة عاجلة‬ ‫للنهوض بالعملية التعليمية وفق استراتيجية‬ ‫واضحة املعالم أمر لم يعد ينتظر التأجيل‪.‬‬

‫في ميدان الرعاية الصحية‬ ‫وفي ميدان الرعاية الصحية‪ ،‬التي تقدمها‬ ‫األونروا لالجئني الفلسطينيني في لبنان‪ ،‬فإن‬ ‫املعاناة في هذا اجلانب ال تختلف كثيرا ً عن تلك‬ ‫املوجودة في احلقل التعليمي وغيره‪ ،‬واحلديث‬ ‫عن اخلدمات الصحية يتط ّلب حملة موجزة عن‬ ‫آلية تقدمي هذه اخلدمات‪ .‬ففي كل مخ ّيم من‬ ‫اخمليمات االثنا عشرة املعتمدة رسميا ً في‬ ‫لبنان يوجد عيادة طبية يعمل فيها طبيب أو‬ ‫أكثر وفقا ً ألعداد الالجئني املقيمني في اخمل ّيم‪،‬‬ ‫وفي التجمعات الفلسطينية خارج اخمليمات‪،‬‬ ‫فالرعاية الصحية التي تو ّفرها األونروا لهم تتم‬ ‫من خالل عيادات ج ّوالة (سيارة) تتنقل على‬ ‫مدار األسبوع بني هذه التجمعات وفق برنامج‬ ‫التجمع‬ ‫جتمع‪ ،‬وحيث يكون‬ ‫ّ‬ ‫معد سلفا ً لكل ّ‬ ‫كبيرا ً كما هو احلال في مدينة صيدا‪ ،‬فوجود‬ ‫عيادة ثابتة يصبح أمرا ً طبيعيا ً كما هو قائم‬ ‫فعالً‪.‬‬ ‫أما عن طريقة االستشفاء املعتمدة لدى‬ ‫األونروا فتتم عبر نظام تعاقدي مع مستشفيات‬ ‫الهالل األحمر الفلسطيني إضافة لعدد من‬ ‫املستشفيات اخلاصة واحلكومية في املناطق‬ ‫اللبنانية حيث التواجد الفلسطيني‪.‬‬ ‫من حيث الشكل فالرعاية الصحية وفق‬ ‫اآللية املذكورة أعاله مؤمنة للفسلطينيني‪،‬‬ ‫أما من حيث الواقع القائم على األرض‪،‬‬ ‫فاألمر مختلف متاما ً والشكوى تتصاعد من‬ ‫فقدان األدوية وخاصة تلك اخملصصة لألمراض‬ ‫املزمنة واملستعصية‪ ،‬ومن آلية التحويل الى‬ ‫املستشفيات‪ ،‬فالروتني املعمول به حاليا ً يحتاج‬ ‫للمراجعة والتدقيق‪ ،‬فعلى الرغم من أن دائرة‬ ‫تتم‬ ‫الصحة في األونروا تقول أن التحويالت ّ‬ ‫حسب حالة املريض ومدى االستعجال الذي‬ ‫تقتضيه إالّ أن الواقع هو عكس ذلك‪ ،‬فالتباطؤ‬ ‫في إقرار تلك التحويالت وتنفيذها يع ّرض‬ ‫أصحابها للكثير من اإلذالل واإلرهاق نتيجة‬ ‫املراجعات التي تستنزفهم جهدا ً وماالً‪ .‬وال‬ ‫يتوقف األمر عند هذا احلد‪ ،‬بل إن اإلفراج عن‬ ‫التحويل غالبا ً ما يكون سببا ً ملعاناة جديدة‬

‫‪51‬‬

‫لدى املريض الذي ما إن يصل الى املستشفى‬ ‫احمل ّول إليه حتى يجد نفسه في دوامة البحث‬ ‫عن السرير‪ ،‬وهل هو متوفر أم ال‪ ،‬وقصص من‬ ‫ماتوا وهم يتنقلون بني املستشفيات بحثا ً عن‬ ‫سرير يحتضنهم ماثلة للعيان ومعروفة لدى‬ ‫املعنيني في قسم الصحة‪.‬‬ ‫وتظل اخلدمات داخل املستشفيات من‬ ‫املشاكل التي يعاني منها أكثر النزالء‬ ‫الفلسطينيني‪ ،‬وإذا كان املستشفى هو املكان‬ ‫األنسب لراحة املريض نتيجة ما هو متوفر فيه‬ ‫تقدم‬ ‫من وسائل مساعدة‪ ،‬فإن اخلدمات التي ّ‬ ‫للمريض الفلسطيني غالبا ً ما تقاس بالفاتورة‬ ‫املتفق عليها مع األونروا‪ ،‬ف ُيحرم املريض على‬ ‫سبيل املثال ال احلصر من التنعم بهواء مك ّيف‬ ‫الغرفة بذريعة أن املك ّيف غير وارد في العقد ما‬ ‫يضطر املريض إلحضار مروحته الكهربائية معه‬ ‫ليخفف من حرارة غرفته! أما األكثر إيالما ً في‬ ‫موضوع االستشفاء فيرتبط بالفاتورة عينها‪،‬‬ ‫فاألونروا تصنّف احلاالت املرضية بني حاالت باردة‬ ‫وأخرى كبيرة أو ساخنة‪ ،‬ففي احلاالت الباردة‬ ‫التي غالبا ً ما تكون فاتورتها قليلة تتولى‬ ‫األونروا التغطية الكاملة‪ ،‬أما احلاالت األخرى‬ ‫أي الساخنة فاألونروا تعتمد نظاما ً مجحفا ً‬ ‫بحق املرضى الفلسطينيني وهي ال تغطي أكثر‬ ‫من نسبة ‪ ،% 40‬فيما تظل نسبة الـ ‪ % 80‬من‬ ‫نصيب املريض الذي عليه تأمينها قبل خروجه‬ ‫من املستشفى وال يهم األونروا إن وقف ذووه‬ ‫متسولني أمام املؤسسات أو متنقلني من مركز‬ ‫خيري الى آخر‪ ،‬املهم تغطية املبلغ املتبقي والذي‬ ‫غالبا ً ما يصل الى اآلالف العديدة من الدوالرات‪.‬‬ ‫فضلوا‬ ‫واحلكايات التي ت ُروى عن املرضى الذين ّ‬ ‫البقاء في بيوتهم يعانون بسبب عدم توفر‬ ‫املال الالزم قبل أن يتوفاهم اهلل‪ ..‬وعن آخرين‬ ‫ف ّروا من املستشفيات بعد إجراء العمليات‬ ‫لهم “رغم حاجتهم للرعاية الصحية” خوفا ً‬ ‫يتأمن املال املطلوب منهم‪،‬‬ ‫من احتجازهم حتى ّ‬ ‫فاحلكايات كثيرة ومؤملة‪!..‬‬ ‫إذا كانت هذه بعض مالمح الصورة‬ ‫عن اخلدمات الصحية املقدمة لالجئني‬ ‫الفلسطينيني في لبنان‪ ،‬وإذا كانت األونروا تتذ ّرع‬ ‫لتبرير تقصيرها بعجز مالي يتك ّرر كل عام‪،‬‬ ‫وتقول مصادرها أنه بحدود الـ ‪ 145‬مليون دوالر‪،‬‬ ‫وإذا كانت الدولة اللبنانية تتجنّب املساهمة‬ ‫في تقدمي خدمات مجانية للفلسطينيني في‬ ‫املستشفيات احلكومية بحجة أنها ال تريد أن‬ ‫تأخذ دور األونروا في اجملال الصحي!! وإذا كانت‬ ‫تدعي املسؤولية عن‬ ‫السلطة في رام اهلل التي ّ‬ ‫الشعب الفلسطيني ال ترى من هذا الشتات‬ ‫إال بضع مئات من احملسوبني عليها لتو ّفر لهم‬ ‫سيتحمل عبء‬ ‫الرعاية الصحية‪ ،‬فمن ذا الذي‬ ‫ّ‬ ‫هذا امللف الشائك وينقل صرخات املرضى‬ ‫الفلسطينيني الى حيث يجب أن تصل؟ إنها‬ ‫مسؤولية كل القوى السياسية الفلسطينية‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر فلسطيني‬ ‫واللبنانية وكل الهيئات اإلنسانية واالجتماعية‬ ‫من محلية ودولية‪.‬‬ ‫فالتقصير في تلبية احلاجات األساسية‬ ‫للفلسطينيني والرعاية الصحية لهم أمر‬ ‫يجب أن تتصدى له كل مؤسسات اجملتمع‬ ‫املدني‪ ،‬واألونروا معنية قبل غيرها بالبحث‬ ‫عن املصادر املالية الكفيلة برفع مستوى ما‬ ‫تقدمه من خدمات صحية للفلسطينيني‬ ‫وال يشفع لها ادعاؤها بالعجز املالي لتبرير‬ ‫حتميل الفلسطيني البائس والفقير ثالثة‬ ‫أرباع فاتورة عالجه في الوقت الذي نشهد‬ ‫جميعا ً الهدر الكبير في املصروفات على‬ ‫مرافق ميكن تأجيلها أو حتى االستغناء‬ ‫مسميات التحسني والتطوير‬ ‫عنها حتت‬ ‫ّ‬ ‫والتجميل وهي في حقيقتها ليست أكثر‬ ‫من “كليشيهات” ميكن االستفادة مما يُنفق‬ ‫عليها إلغاثة وإنقاذ املرضى من شعبنا بدل‬ ‫حتميلهم ما ال يطيقون حمله‪.‬‬ ‫وفي نظرة أخيرة على األرقام التي أفرجت عنها‬ ‫األونروا بشأن الرعاية الصحية الفلسطينية في‬ ‫لبنان تظهر حجم املأساة اإلنسانية التي يرزح‬ ‫حتتها الفلسطينيون‪ ،‬إذ أن أكثر من ‪ % 95‬من‬ ‫الفلسطينيني يعتمدون على ما تقدمه لهم‬ ‫األونروا من خدمات صحية كونهم ال يحظون‬ ‫بتأمني صحي‪ ،‬وبأن فئة املوظفني العاملني‬ ‫لدى األونروا فقط هم الذين يحظون بالرعاية‬ ‫الصحية الكاملة من خالل نظام التأمني‬ ‫الصحي املعتمد في األونروا واملنوط بشركة‬ ‫التأمني التي يقع عليها اختيار اللجنة املعنية‬ ‫بهذا املوضوع‪.‬‬ ‫وفي مراجعة بسيطة لألرقام التالية‬ ‫املعتمدة من األونروا تبي احلاجة امللحة‬ ‫للفلسطينيني برعاية صحية كاملة والئقة‬ ‫تتحمل فيها األونروا القسم األكبر من الفاتورة‬ ‫ّ‬ ‫االستشفائية أسوة مبا هو قائم مع اللبنانيني‬ ‫الذين تتولى الدولة اللبنانية أمر عالجهم وفق‬ ‫يحمل املريض‬ ‫نظام الضمان االجتماعي الذي ال ّ‬ ‫أكثر من ‪ % 20‬من فاتورة عالجه‪.‬‬ ‫فنسبة الذين يعانون من أمراض مزمنة بني‬ ‫الفلسطينيني في لبنان تزيد عن ‪ % 31‬أي أن ‪72‬‬ ‫‪ %‬من األسر الفلسطينية لدى كل منها فرد‬ ‫مصاب مبرض مزمن وأن نسبة ‪ % 15‬من األسر‬ ‫لديها فرد معاق‪ ،‬فيما ‪ % 31‬من األسر لدى كل‬ ‫منها فرد يعاني من مرض عقلي‪ ،‬هذا عدا عن‬ ‫حاالت االكتئاب التي ترتفع الى نسبة ‪ % 21‬بني‬ ‫الالجئني في لبنان‪.‬‬

‫في اجملال االجتماعي‬

‫وفي اجملال االجتماعي‪ ،‬ترعى األونروا برنامجا ً‬ ‫للخدمات االجتماعية داخل اخمليمات تقوم من‬ ‫خالله ببرامج لتعليم الفتيات بعض املهن‬ ‫كاخلياطة والتجميل والطباعة على الكمبيوتر‪..‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫إلخ‪.‬‬ ‫ومنذ عام ‪ 1984‬تقوم مؤسسة الشؤون‬ ‫االجتماعية في األونروا بإدارة مشروع إلعالة‬ ‫األسر الفقيرة حتت اسم ‪ -‬حاالت اجتماعية‬ ‫خاصة ‪ -‬ورغم أهمية هذا املشروع بشقيه‬ ‫التمويني واإلسكاني‪ ،‬إال أنه لم ير َق بعد الى‬ ‫مستوى تغطية احلاجات امللحة واملتصاعدة‬ ‫لشعبنا بسبب الغالء املستشري واألزمة‬ ‫املعيشية اخلانقة في لبنان‪.‬‬ ‫ففي الشق التمويني تقوم الشؤون‬ ‫االجتماعية في األونروا بتحديد حصص‬ ‫غذائية وأحيانا ً نقدية حلوالي ‪ 5‬آالف حالة‬ ‫اجتماعية موزّعة على كل اخمليمات والتجمعات‬ ‫الفلسطينية في لبنان‪ ،‬ورغم ضآلة ما يُوزّع‬ ‫إال أنه يحظى باالهتمام واملتابعة جراء األزمة‬ ‫االقتصادية والبطالة املتفشية في مخيماتنا‪.‬‬ ‫وبدل أن تعمل األونروا على زيادة أعداد‬ ‫املستفيدين من هذا البرنامج االجتماعي‬ ‫فإنها تسعى جاهدة لشطب ما أمكن من‬ ‫هؤالء متلطية وراء عجزها املالي تارة‪ ،‬وطورا ً‬ ‫وراء تقارير عن حتسن أوضاع بعض األسر أو‬ ‫عدم أهلية البعض اآلخر لالستمرار في تلقي‬ ‫اخلدمات االجتماعية ألسباب مدرجة في جداول‬ ‫تتم مراجعتها كل ثالثة أشهر‬ ‫اعتماد األسر ّ‬ ‫ّ‬ ‫للتأكد من مدى مالءمة احلالة‬ ‫أو أكثر بقليل‪،‬‬ ‫االجتماعية للشروط املوضوعة‪ ،‬ومؤخرا ً قامت‬ ‫مؤسسة الشؤون االجتماعية في األونروا‬ ‫بشطب حوالي ‪ 1500‬حالة اجتماعية بقرار من‬ ‫املدير العام‪ ،‬بذريعة عدم توفر الشروط واستمرار‬ ‫العجز املالي لدى األونروا‪.‬‬ ‫ولإلحاطة بهذا امللف ندرج األرقام التالية‬ ‫للداللة على حجم املعاناة التي يعيشها‬ ‫الفلسطينيون في لبنان‪.‬‬ ‫فوفق التقارير الصادرة عن األونروا فإن ‪%66,4‬‬

‫‪52‬‬

‫من الالجئني هم فقراء ال يستطيعون تلبية‬ ‫حاجاتهم الغذائية اليومية فيما ‪ % 15‬من‬ ‫الالجئني يعانون فقدانا ً حادا ً في األمن الغذائي‪.‬‬ ‫وتبينّ اإلحصاءات أيضا ً أن ‪ % 56‬من الالجئني‬ ‫عاطلون عن العمل‪.‬‬

‫في الشق اإلسكاني‬ ‫وفي الشق اإلسكاني‪ ،‬تقوم األونروا بترميم‬ ‫أو بناء مساكن لألسر الفقيرة‪ ،‬ورغم أن هذا‬ ‫املشروع املدعوم من االحتاد األوروبي ودول غنية‬ ‫أخرى‪ ،‬قائم في كل اخمليمات الفلسطينية إال‬ ‫أن املستفيدين منه الزالوا دون العدد املطلوب‪،‬‬ ‫إذ هناك املئات من األسر الفلسطينية التي‬ ‫حتتاج مساكنها للترميم أو إعادة البناء إالّ أن‬ ‫النظام املعمول به في هذا الشأن يحرمها من‬ ‫حقّ ها الطبيعي في مسكن الئق بذريعة أنها‬ ‫مسجلة في خانة احلاالت االجتماعية‬ ‫غير‬ ‫ّ‬ ‫اخلاصة‪ ،‬األمر الذي يحملنا على املطالبة‬ ‫بإعادة النظر في النظم املعتمدة لدى الشؤون‬ ‫االجتماعية في األونروا حيث االستثناء غالبا ً‬ ‫ما يأتي مغايرا ً للحقيقة املفترض مراعاتها‬ ‫في مؤسسة إنسانية كاألونروا‪ ،‬فاحلكم‬ ‫بأهلية هذه األسرة أو تلك للمساعدة ال‬ ‫يحسمه تقرير عامل في الشؤون جملرد زيارته‬ ‫لصاحب الطلب أو السؤال عنه‪ ،‬بل األمر‬ ‫يتط ّلب تفاعال ً أكبر ومرونة في الشروط‬ ‫املوضوعة التي ال تنسجم في كثير منها مع‬ ‫الدور املنوط بدائرة الشؤون االجتماعية في‬ ‫األونروا والتي حتولت بفعل تلك الشروط الى‬ ‫ما يشبه دائرة تفتيش أو إحصاء‪.‬‬ ‫تقدم فإن اإلحصاءات التالية‬ ‫وزيادة على ما ّ‬ ‫ميكن أن تساهم في إبراز اجلانب املؤلم من‬


‫لالجئني‬

‫اإلسكانية‬ ‫الصورة‬ ‫الفلسطينيني في لبنان‪.‬‬ ‫ومن املعلوم أن ‪ % 62‬من األسر‬ ‫الفلسطينية تقطن داخل اخمليمات‬ ‫فيما ‪ % 38‬منها تعيش في املدن وفي‬ ‫املناطق اجملاورة للمخيمات بسبب عدم‬ ‫وجود منازل كافية لهم‪ ،‬وتبينّ األرقام أن‬ ‫‪ % 66‬من البيوت في اخمليمات تعاني من‬ ‫الرطوبة والنش فيما التزال ‪ % 8‬من البيوت‬ ‫مسقوفة بالزينكو‪.‬‬ ‫ما يجدر ذكره في هذا السياق هو‬ ‫أن اخمليمات املعتمدة رسميا ً في لبنان‬ ‫بقيت على حالها من حيث املساحة منذ‬ ‫إنشائها قبل أكثر من ستني عاماً‪ ،‬ورغم‬ ‫املناشدات التي لم تنقطع يوما ً لتوسيع‬ ‫تلك املساحات متاشيا ً مع األعداد املتزايدة‬ ‫والطبيعية للفلسطينيني في لبنان‪ ،‬فقد‬ ‫بقيت سياسة صم اآلذان هي املعتمدة‬ ‫من السلطات اللبنانية التي بدل أن تبحث‬ ‫عن احللول لتسهيل حياة الفلسطينيني‬ ‫في مخيماتهم راحت تضيق عليهم من‬ ‫خالل منع إدخال مواد البناء الى اخمليمات‪ ،‬ما‬ ‫دفع باآلالف من الالجئني الى الهجرة للخارج‬ ‫بحثا ً عن حياة أفضل وظروف معيشية أكثر‬ ‫عدال ً وأيسر مناالً‪.‬‬ ‫وفي اخلتام تظل األونروا رغم ما قيل‬ ‫ويقال بحقها‪ ،‬ورغم تقدمياتها احملدودة‬ ‫لالجئني الفلسطينيني‪ ،‬عنوانا ً‬ ‫يتمسك به‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينيون ألنه مي ّثل بالنسبة لهم كلمة‬ ‫سر اللجوء التي احتضنت معاناتهم على‬ ‫مدى أكثر من ستني عاماً‪.‬‬ ‫وإذا كانت محاوالت شطب هذه املؤسسة‬ ‫قد تك ّررت في مراحل متعددة‪ ،‬فما ذاك‬ ‫إالّ إللغاء الذاكرة اجلماعية للشعب‬ ‫الفلسطيني‪.‬‬ ‫يتمسكون باألونروا ال‬ ‫فالفلسطينيون‬ ‫ّ‬ ‫ألنها “بقرة حلوب” ال ينضب ضرعها بل‬ ‫لرمزيتها السياسية كدليل حي على أبشع‬ ‫مجزرة بحق شعب كامل ا ُقتلِع من أرضه‬ ‫ليعيش بعيدا ً عن أحالمه وطموحاته‪ ،‬ويعاني‬ ‫مرارة اللجوء وقساوة االقتالع من الهوية‬ ‫والوطن‪.‬‬ ‫والصهاينة‪ ،‬وكما يتبدى من طروحاتهم‬ ‫القدمية واجلديدة يبذلون أقصى ما في‬ ‫وسعهم لوضع حد لعمل األونروا وصوال ً الى‬ ‫إنهاء واقع اخمليمات وتوزيع ساكنيها على‬ ‫لدواع إنسانية كما‬ ‫الدول القريبة والبعيدة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫سجل‬ ‫يزعمون!! واألونروا بالنسبة للصهاينة‬ ‫مفتوح يقرأون فيه أخبار جرائمهم وحقدهم‬ ‫وعنصريتهم‪ ،‬ويشاهدون فيه صور ضحاياهم‬ ‫من أطفال وشيوخ ونساء فلسطني‪.‬‬ ‫وإلخفاء كل معالم هذا السجل يعمل‬ ‫الصهاينة و َمن وراءهم إلسدال الستار‬

‫نهائيا ً على عمل مؤسسة األونروا بدعوة‬ ‫أنها استنفذت املهمة التي قامت من أجلها‪،‬‬ ‫والفلسطينيون يص ّرون على بقائها كشاهد‬ ‫على جرمية العصر التي ستظل مفاعيلها‬ ‫تالحق مرتكبيها الى أن تتح ّرر كل فلسطني‪،‬‬ ‫ويعود احلق الى أصحابه األصليني‪.‬‬ ‫وإذا كان الالجئون الفلسطينيون على‬ ‫مختلف انتماءاتهم يتشبثون مبؤسسة‬ ‫األونروا ويطالبونها اليوم بتحسني وزيادة‬ ‫خدماتها‪ ،‬فما ذلك إال من باب احلرص على‬ ‫بقائها وهي التي لم تنشأ إال من أجل‬ ‫رعاية وتشغيل الفلسطينيني ريثما تتأمن‬ ‫عودتهم الى ديارهم التي هجروا منها عام‬ ‫‪.1948‬‬ ‫واألونروا كمؤسسة دولية قادرة على‬ ‫إيجاد مصادر متويلية بديلة حلل العجز‬ ‫القائم في موازنتها وهي معنية بذلك‬ ‫وغير مقبول لها التذرع باألسباب أيا ًّ كانت‬ ‫وجيهة أو واهية‪ ،‬فالشعب الفلسطيني‬ ‫الذي ُحرِم من وطنه بقرار أممي أجاز قيام‬ ‫كيان غاصب على أرضه وأسهم في تهجير‬ ‫اآلالف من أصحاب األرض األصليني الى‬ ‫يحمل‬ ‫البلدان العربية اجملاورة لفلسطني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اجملتمع الدولي بأسره مسؤولية معاناته‬ ‫جدية هذا اجملتمع في البحث‬ ‫جراء عدم ّ‬ ‫عن احللول العادلة واملنصفة لقضيته‬ ‫وتراخيه أمام ما ميارسه احملتل اإلسرائيلي‬ ‫من بطش وإرهاب بحق أهلنا في فلسطني‬ ‫حلملهم على الرحيل‪ ،‬وإعالن يهودية كيانه‬ ‫العنصري‪.‬‬ ‫والشعب الفلسطيني في لبنان خصوصا ً‬ ‫يصدق أن هذا اجملتمع الدولي‬ ‫ال يستطيع أن‬ ‫ّ‬ ‫املتواطئ بأكثريته مع العدوان اإلسرائيلي‬

‫‪53‬‬

‫عاجز عن تأمني بعض ماليني الدوالرات لألونروا‬ ‫لتحسني خدماتها لالجئني في امليادين كافة‪،‬‬ ‫في حني أن هذا اجملتمع الدولي نفسه يُغدق‬ ‫األموال بال حساب دعما ً وانتصارا ً للشعوب‬ ‫العربية التي تطالب بالتغيير واحلرية‬ ‫والدميقراطية (وفق تعبيراته اجلديدة)‪.‬‬ ‫والشعب الفلسطيني‪ ،‬ختاماً‪ ،‬الذي يتحرك‬ ‫اليوم ملواجهة سياسة األونروا الرامية الى‬ ‫تقليص خدماتها‪ ،‬يتط ّلع الى الدولة اللبنانية‬ ‫املضيفة التي بدل أن تنخرط بكل أجهزتها‬ ‫في متابعة نشاطات األونروا وخدماتها نراها‬ ‫تتنصل من هذا الواجب األساسي وتترك أمر‬ ‫ّ‬ ‫متابعته للفلسطينيني فقط بذريعة أنها ال‬ ‫تريد أن تكون بديال ً عن مؤسسات األونروا أو‬ ‫تتدخل في شؤونها‪.‬‬ ‫فالدولة اللبنانية في موقفها القدمي‬ ‫اجلديد هذا تعفي نفسها من مسؤوليتها‬ ‫اإلنسانية جتاه الفلسطينيني‪ ،‬فهي عدا‬ ‫يحسن أوضاعهم‬ ‫تقدم لهم ما‬ ‫عن أنها ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويسهّ ل سبل حياتهم حتجم عن الضغط‬ ‫على األونروا للوفاء بالتزاماتها جتاه الالجئني‬ ‫الفلسطينيني في لبنان!‬ ‫والفلسطينيون أمام هذا الواقع املأساوي‬ ‫ّ‬ ‫يؤكدون يوميا ً ومن خالل حتركاتهم في كل‬ ‫مخيماتهم إصرارهم على بقاء األونروا‬ ‫كشاهد على جرمية لم ينجح بعد اجملتمع‬ ‫الدولي رغم مرور أكثر من ستة عقود عليها‬ ‫في معاقبة اجملرم الصهيوني وإنصاف ضحايا‬ ‫هذه اجلرمية الذين اكتووا بنار النكبة ويكتوون‬ ‫اليوم بنيران تقليص اخلدمات األساسية التي‬ ‫تقدمها األونروا لهم‪.‬‬ ‫وبتجاهل غير مفهوم وال مبرر حلقوقهم‬ ‫اإلنسانية واالجتماعية من الدولة اللبنانية‬ ‫املضيفة‪ ،‬وهم في قراءتهم لسياسة‬ ‫التقليص هذه والتجاهل تلك‪ ،‬يرون خيطا ً‬ ‫رفيعا ً يربط بينهما مجلال ً بعبارة “أحرجوهم‬ ‫وضيقوا عليهم تخرجوهم الى حيث ال عودة‬ ‫وال حق يرجتى‪.”...‬‬ ‫فهل يعاقب الفلسطيني التواق للعودة‬ ‫الى وطنه والرافض لكل أشكال التوطني‬ ‫والتهجير‪ ،‬باستمرار حرمانه من أبسط‬ ‫احلقوق اإلنسانية واالجتماعية من الدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬والتضييق عليه في التقدميات‬ ‫اخلدماتية واالجتماعية من األونروا؟‬ ‫سؤال قد ال جند جوابا ً شافيا ً عليه عند من‬ ‫يعنيهم األمر‪ ،‬لكننا قطعا ً نلمس اجلواب في‬ ‫كل ما تترجمه الدولة اللبنانية من سياسات‬ ‫اجتماعية مجحفة‪ ،‬وفي كل ما تعمد إليه‬ ‫وتدن في مستوى‬ ‫األونروا من تقليص خلدماتها‬ ‫ٍ‬ ‫وجودة تقدمياتها لالجئني الفلسطينيني في‬ ‫لبنان‪.‬‬

‫حسن زيدان‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬

‫تركيا وكيل أميركي في المنطقة‬ ‫وأردوغان يتكلّم لغة العثمانيين‬ ‫اعتقد البعض‪ ،‬أن تركيا “الرجل املريض”‬ ‫هي شيء من املاضي البعيد‪ ،‬وعلق الكثيرون‬ ‫اآلمال على ما سموه “تركيا العربية” التي‬ ‫عادت الى محيطها العربي واإلسالمي‬ ‫حاملة كل القيم األصيلة والتي تعبر عن‬ ‫تطلعات شعوب املنطقة ومنها أمتنا‪.‬‬ ‫وفرض من باب اجلدل‪ ،‬بأن “تركيا اجلديدة”‬ ‫قد نفضت غبار املاضي األليم وسلبياته‬ ‫املاثلة‪ ،‬وتاريخ تركيا إضافة الى موقعها‬ ‫اجليوسياسي وتشابك هذا التاريخ مع‬ ‫التاريخ العربي‪ ،‬وتأثير الترابط الديني وغير‬ ‫ذلك‪ ،‬كلها أمور جتعل تركيا دولة مؤثرة‬ ‫في الوضع السياسي واإلقليمي في رسم‬ ‫سياسة املنطقة ملا بات لتركيا من نفوذ‬ ‫وقوة اقتصادية وعسكرية‪.‬‬ ‫واتسمت العالقات التركية – العربية‬ ‫بالتوتر منذ أيام حكم االمبراطورية‬ ‫العثمانية ملعظم البالد العربية‪ ،‬وحاولت أردوغان وكلينتون‬ ‫تركيا منذ نشأة اجلمهورية التركية عام‬ ‫وخاصة‬ ‫‪ 1923‬الى تركيز عالقاتها مع الغرب‬ ‫الكيان بأحدث ما انتجته آلة القتل األميركية‬ ‫اوروبا والواليات املتحدة‪.‬‬ ‫والغربية عموماً‪ ،‬وادعوا بأن “اسرائيل” هذه هي‬ ‫املعتدلة‬ ‫اإلسالمية‬ ‫األحزاب‬ ‫ولكن منذ وصول‬ ‫قمة الدميقراطية الغربية وحتمل ذات القيم‪،‬‬ ‫األخيرة‪،‬‬ ‫السنوات‬ ‫خالل‬ ‫تركيا‬ ‫سدة احلكم في‬ ‫وكلفت في تنفيذ أجندة معدة سلفاً‪ ،‬كحامية‬ ‫آخر‪،‬‬ ‫مسار‬ ‫في‬ ‫العربية‪،‬‬ ‫–‬ ‫التركية‬ ‫سارت العالقات‬ ‫للمصالح االستعمارية في املنطقة واملانع‬ ‫سياسة‬ ‫على‬ ‫احتجاجها‬ ‫إعالن‬ ‫الى‬ ‫وعمدت تركيا‬ ‫والكابح لتطلعات الشعب العربي في العيش‬ ‫الوسيط‬ ‫بدور‬ ‫فقامت‬ ‫االستيطانية‪،‬‬ ‫“إسرائيل”‬ ‫بحرية وكرامة‪.‬‬ ‫عبر املفاوضات إليجاد تسوية في املنطقة‪،‬‬ ‫وشهدت العالقات السورية – التركية تطورا ً‬ ‫تركيا اجلديدة ودورها‬ ‫مهما ً على أصعدة عديدة وال سيما السياسية‬ ‫منها واالقتصادية والسياحية‪ ،‬وكان لتركيا‬ ‫وخالل آتون الصراع املستمر‪ ،‬تعود املهزلة من‬ ‫موقفا ً مشرفا ً جتاه العدوان اإلسرائيلي على قطاع‬ ‫غزة إذ علت نبرة اإلدانة واالستنكار ضد “إسرائيل” جديد “تركيا اجلديدة” تنبش املاضي وتستحضر‬ ‫عهد االمبراطوية العثمانية‪ ،‬والهدف هذه‬ ‫وممارساتها وخاصة في مؤمتر “دافوس”‪.‬‬ ‫لبست االمبراطورية العثمانية لبوس الدين املرة سوريا املقاومة واملمانعة في هذه األمة‪،‬‬ ‫والقيم األخالقية واملبادئ السامية‪ ،‬خالل قرون وبداية أطلق رئيس الوزراء التركي رجب طيب‬ ‫عديدة‪ ،‬وكانت هناك عبودية ال مثيل لها في أردوغان النصائح املبطنة وصوال ً الى التصريحات‬ ‫تاريخ البشرية‪ ،‬وفي انتهاء هذه احلقبة السوداء‪ ،‬الواضحة دون مقدمات‪ ،‬وتركيا مازالت تتحني‬ ‫ابتليت املنطقة باستعمار غربي‪ ،‬ادعى بأنه جاء الفرص للتدخل في قضايا املنطقة حتت ذرائع‬ ‫ليعمر ما أفسده “العثمانيون” وخاضت شعوب واهية‪ ،‬وهي تعطي نفسها صفة املدافع عن‬ ‫املنطقة نضاال ً طويالً وقدمت التضحيات لتنال قضايا الشعوب في احلرية والدميقراطية وحقوق‬ ‫جزءا من حريتها واستقاللها وهي حتاول االعتماد اإلنسان وما الى هناك من شعارات مضللة‪ ،‬وهذا‬ ‫ً‬ ‫على قدراتها الذاتية‪ ،‬إال أنها فوجئت مبا أعد لها يدلل على حجم الدور الذي أوكل الى هذا البلد‪،‬‬ ‫عام ‪ 1948‬وبتواطؤ غربي‪ ،‬زرع الكيان الصهيوني ولم ميض وقت طويل حتى بدت احلقيقة واضحة‪،‬‬ ‫في جسد األمة وعلى أرض فلسطني كرأس األدوار تتكامل وتتناسق في لعبة واحدة هدفها‬ ‫حربة لالستعمار بقدميه وحديثه‪ ،‬وزود هذا إرضاء سيدهم األميركي الذي أرهقته حروبه في‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪54‬‬

‫أفغانستان والعراق وهو غارق في أزماته‪.‬‬ ‫ونعود الى التاريخ القريب في أفغانستان‬ ‫والدور األميركي آنذاك‪ ،‬وفي إطار لعبة‬ ‫األمم وصراع املصالح‪ ،‬اعتمدت الواليات‬ ‫املتحدة على قوى “إسالمية” لتحقيق‬ ‫مكاسب استراتيجية على حساب “االحتاد‬ ‫السوفياتي” خالل حقبة احلرب الباردة‪ ،‬ثم‬ ‫ما لبث الواليات املتحدة أن تخلصت من‬ ‫حلفاء األمس‪ ،‬وشنت عليهم حروبا ً ال‬ ‫هوادة فيها‪.‬‬ ‫واليوم ما أشبه احلاضر املاثل باملاضي‬ ‫القريب‪“ ،‬تركيا العلمانية” بزعامة أردوغان‬ ‫تلبس لبوس “اإلسالم” وتعقد الصفقات‬ ‫وتقوم بتنفيذ األدوار املرسومة لها‪ ،‬وهي‬ ‫تتحالف مع “اإلخوان املسلمني” في كل‬ ‫مكان‪ ،‬وتقوم باملساعدة في إجناز مصاحلة‬ ‫فلسطينية شكلية‪ ،‬وتركيا مت اختيارها‬ ‫لزعزعة االستقرار في سوريا إلضعافها‬ ‫في محاولة لفرض الشروط األميركية –‬ ‫والصهيونية عليها‪ ،‬وهي تستعني باألدوات‬ ‫احمللية مستفيدة من الدعم األميركي والغربي‬ ‫وحتلم بالعودة الى أمجاد االمبراطورية العثمانية‬ ‫وهي تستفيد الى أقصى حدود من غبار أو تواطئ‬ ‫ما يسمى بدول االعتدال العربي‪ ،‬وهذا هو الدور‬ ‫التركي اجلديد في املنطقة‪.‬‬ ‫ما جاء في خطاب رئيس الوزراء التركي رجب‬ ‫طيب أردوغان األخير بعد فوزه في انتخابات اجمللس‬ ‫التشريعي إشارات الى دالئل وطموحات تركيا‬ ‫واعتبار نفسها مرجعية العاملني العربي واإلسالمي‬ ‫قال‪“ :‬هذا النصر هو نصر السطنبول والقدس‬ ‫وألنقرة والشام وألزمير وبيروت وبغداد لديار بكر‬ ‫ورام اهلل‪ ،‬وجنني وبيت حلم وغزة والبوسنة وجميع‬ ‫هذه الدول القريبة منا”‪ ،‬والسؤال الذي يتردد هل‬ ‫ستكون هذه التأُثيرات من نواحيها اإليجابية‬ ‫على هذه العالقة مع بعض البلدان العربية‪ ،‬ام‬ ‫تركيا ستحاول استعادة مجدها الذهبي لتصبح‬ ‫زعيمة العاملني العربي واإلسالمي‪ ،‬لرغبة دفينة‬ ‫في الالوعي السياسي التركي بعودة أمجاد‬ ‫االمبراطورية العثمانية القدمية‪ ،‬هناك مخاوف‬ ‫وقلق مشروع في هذا الشأن في جوار تركيا‪.‬‬ ‫وهناك مؤشرات واضحة تدل‪ ،‬بأن تركيا‬ ‫هي حاضنة “املعارضة السورية” املدعومة من‬ ‫الغرب‪ ،‬وللمرة الثالثة يعقد مؤمترات للمعارضة‬ ‫السورية في اسطنبول وانطاليا وتطرح الكثير‬ ‫من التساؤالت حول دور أنقرة في “أحداث سوريا”‪،‬‬


‫والسؤال هل نحن أمام والدة شرق أوسط إسالمي‬ ‫جديد‪ ،‬وهل تعامل العالم العربي بشكل رومانسي‬ ‫مع اخلطاب التركي‪ ،‬وهل مت تعمية احلقيقة وهناك‬ ‫فرق كبير بني دعم حتركات الشعوب العربية‬ ‫لتحقيق تطلعاتها املشروعة وبني التدخل في‬ ‫الشؤون الداخلية للدول؟‬

‫ما هي أولويات احلكومة التركية‬ ‫اجلديدة؟‬ ‫وإذا كان من بني التحديات التي تظهر أمام‬ ‫احلكومة اجلديدة قضايا مرتبطة بالسياسات‬ ‫الداخلية واخلارجية والتي أرجئت قبل االنتخابات‬ ‫وتنتظر حالً حالياً‪ ،‬يأتي الدستور اجلديد‬ ‫واإلصالحات الكردية والعالقات مع االحتاد االوروبي‬ ‫واجلمود في محادثات إعادة توحيد قبرص وبعيدا ً‬ ‫عن هذه القضايا‪ ،‬يأتي موضوع التوتر على احلدود‬ ‫التركية ‪ -‬السورية‪ ،‬واالضطرابات في منطقة‬ ‫الشرق االوسط‪ ،‬ولم يتضح بعد أي من القضايا‬ ‫ستضعها حكومة أردوغان اجلديدة على قائمة‬ ‫أولوياتها‪.‬‬ ‫لقد كان الوعد الرئيسي حلزب العدالة والتنمية‬ ‫في االنتخابات هو دستور جديد‪ ،‬ولكن بـ ‪326‬‬ ‫نائبا ً لن يتمكن احلزب من تأمني األغلبية الالزمة‬ ‫لصياغة الدستور مبفرده أو طرحه لالستفتاء‪.‬‬ ‫وفي هذه الظروف ال يحتمل أن يضغط أردوغان‬ ‫لتحقيق هدفه الواضح باستخدام الدستور‬ ‫اجلديد للوصول الى نظام رئاسي على النمط‬ ‫الفرنسي أو األميركي وهي قضية خالفية‬ ‫بالنسبة لألتراك‪.‬‬ ‫وسيحتاج أردوغان الى دعم املعارضة إلجراء‬ ‫التعديالت التشريعية والدستورية الالزمة لنزع‬ ‫فتيل القضية الكردية‪.‬‬ ‫لقد دخل أردوغان التاريخ التركي بـ “ثالثية‬ ‫نظيفة” ولكن انتصاره ممنوع من الصرف‪ ،‬والرجل‬ ‫الواثق من نفسه دخل من أوسع األبواب وغير‬ ‫وجه بالده‪ ،‬وقد ال يحقق األحالم التي أرادها‪ :‬تركيا‬ ‫أميركا الشرق األوسط‪ ،‬تركيا النظام الرئاسي‪،‬‬ ‫وتركيا اجلديدة قد تتأجل ألن العنوان األساسي‬ ‫للمرحلة هو إعداد دستور جديد يطوي صفحة‬ ‫دستور ‪ ،1982‬الذي رغم تعديله ‪ 27‬مرة يبقى‬ ‫عنوانا ً ملرحلة ماضية من االستبداد والقمع‬ ‫والوصاية العسكرية والقضائية‪.‬‬ ‫وحزب أردوغان أراد بهذه اخلطوة استكمال وضع‬ ‫اليد على الدولة في تركيا مبا يضمن له السيطرة‬ ‫خالل السنني العشرة املقبلة‪ ،‬في عملية‬ ‫إعادة تشكيل احلياة االجتماعية والسياسية‬ ‫واحلقوقية‪ ،‬وهو شرط االحتاد االوروبي لتسريع‬ ‫انضمام تركيا لالحتاد‪.‬‬ ‫أردوغان يجد نفسه اليوم في قفص وهو يحاول‬ ‫أن يقطف اجملد الكبير الذي أحرزه‪ ،‬فاالقتصاد القوي‬ ‫واالزدهار أمر مهم‪ ،‬واحلياة هي خبز وحرية وانتماء‬

‫أردوغان ونوابه األربعة‬

‫واحلرية في مقام املقدسات‪ ،‬ثقة أردوغان املفرطة‬ ‫بالنفس دفعته الى التشهير باالنتماء “العلوي”‬ ‫لزعيم حزب الشعب اجلمهوري النجم الصاعد‬ ‫كمال كليتشدار أوغلو‪ ،‬وموقفه االستعالئي‬ ‫الذي يحمل الكثير من “األستذة” إزاء ما يجري في‬ ‫سوريا‪ ،‬أفقده املاليني من األصوات التي كان بأمس‬ ‫احلاجة اليها ملنع تقليص مقاعده في البرملان‪،‬‬ ‫وكذلك استخفافه بالقضية الكردية وتالعبه‬ ‫باملطالب امللحة لألكراد طوال سنوات حرمته‬ ‫غالبية الثلثني الالزمة لتغيير الدستور وتغيير‬ ‫تركيا وحتقيق ما يصبو اليه‪ ،‬إذ تبني لألكراد أن‬ ‫اإلسالميني في تركيا ال يختلفون عن االيديولوجيا‬ ‫الكمالية في النظر اليهم‪ ،‬ويسود األكراد شعور‬ ‫بأن الدولة التركية‪ ،‬مبختلف اجتاهاتها اإلسالمية‬ ‫والعلمانية والقومية ال تريد تقدمي شيء لألكراد‬ ‫خوفا ً من أن يكون ذلك مقدمة للتقسيم‪.‬‬ ‫وكلما ضعف أمل أنقرة واحلكم فيها في إيجاد‬ ‫حل سياسي عادل للقضية الكردية‪ ،‬كلما استمر‬ ‫احلل األمني واستمر النزف وطلب الدميقراطية‬ ‫التي تتباهى بها أنقرة منقوصة‪ ،‬وسيظل جرح‬ ‫كبير مفتوحا ً في قلب البالد وستبقى الطريق‬ ‫الى أوروبا واحلداثة مقفلة‪ ،‬وستصبح كردستان‬ ‫فلسطني أخرى تقلق تركيا والعالم‪.‬‬ ‫تركيا متر مبرحلة مفصلية في تاريخها وهي‬ ‫تعيش حالة من القلق والترقب‪ ،‬األحداث في‬ ‫العالم العربي وفي جوارها‪ ،‬وأردوغان وبدال ً من‬ ‫تصغير املشاكل في الداخل‪ ،‬قام بتقسيم تركيا‬ ‫حول شخصه قسمني‪ ،‬وقام بتقسيم نظرة أهل‬ ‫اجلوار الى تركيا ايضاً‪ ،‬وبني هذا وذاك سقطت‬ ‫نظرية “صفر مشاكل”‪.‬‬

‫النموذج التركي للشرق األوسط‬ ‫اجلديد‬ ‫تركيا لم تعط حتى اآلن موقفا ً واضحا ً وصريحا ً‬

‫‪55‬‬

‫في رأيها في مشروع الشرق األوسط اجلديد‬ ‫الذي يعاد النظر فيه وتفعيله بعد “االحداث”‬ ‫واالنتفاضات في العالم العربي‪ ،‬وكل الدالئل‬ ‫واملؤشرات تؤكد أن أنقرة تطمح الى دور قيادي‬ ‫فيه‪ ،‬وبدا هذا يتجلى في العمل احلثيث لتسويق‬ ‫منوذجها على أنه النموذج األفضل في مجتمع‬ ‫إسالمي شرقي‪ ،‬وباالنخراط الفاعل في رعاية‬ ‫احلركات االسالمية املعتدلة والقريبة منها مثل‬ ‫“اإلخوان املسلمني” في مصر وتونس وسوريا‬ ‫وتقدميها للغرب وخصوصا ً واشنطن على أنها‬ ‫املؤسسة القادرة على التعبير عن نبض الشارع‬ ‫العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫غير أن هذه األدوار الطموحة ألنقرة‪ ،‬قد تضعها‬ ‫في تصادم مع قوى إقليمية لها حساباتها ودورها‬ ‫ومكانتها في املنطقة مثل اجلمهورية اإلسالمية‬ ‫اإليرانية‪ ،‬التي تعمل بكل قوتها مللء الفراغ الناشئ‬ ‫في املنطقة‪ ،‬وتعديل موازين القوى الفعلية‬ ‫لصالح مشروع املقاومة وهناك سوريا املتمسكة‬ ‫بجميع ثوابتها الوطنية والقومية واملتحالفة مع‬ ‫إيران واملقاومة اإلسالمية والوطنية في لبنان‪.‬‬ ‫وليس مستغربا ً أن تتحول عالقات تركيا مع‬ ‫جوارها الى عالقات تضارب مصالح وحسابات‬ ‫معقدة وخطيرة‪ ،‬ومن احملتمل أيضا ً أن تكون‬ ‫ورقة األمن واألكراد ورقتي ضغط متضادتني في‬ ‫مقابل الضغط التركي على سوريا‪ ،‬علما ً بأن‬ ‫لسوريا أوراقا ً كثيرة لم تستخدم بعد وهي التي‬ ‫استطاعت الصمود واملقاومة وحتقيق االنتصارات‬ ‫في أكثر من منعطف تاريخي وهي لها حساباتها‬ ‫واولوياتها‪.‬‬ ‫من املؤكد أن سياسة تركيا اخلارجية ال حتتاج‬ ‫الى تعديل دستوري كي تبقى وتستمر‪ ،‬لكن‬ ‫سقوط نظرية “صفر مشاكل” عبر االنغماس الى‬ ‫حد العدوانية في شؤون اجليران‪ ،‬تعني أن الفصل‬ ‫الثالث من حكم اردوغان لن يكون عادياً‪ ،‬والتوكيل‬ ‫األميركي اجلديد وإعطاء الدور لتركيا للتدخل‬ ‫في شؤون املنطقة ستكون نتائجه كارثية على‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر دولي‬ ‫السياسة التركية‪ ،‬وإذا كان صاحب املشروع‬ ‫الشرق أوسطي فاشالً اصالً في حتقيق غاياته‬ ‫فماذا ستتوقع من الوكيل سوى الندم واخلسارة‪،‬‬ ‫في وقت ال ينفع فيه الندم‪.‬‬

‫حكومة متعددة الرؤوس‬

‫لقد أعلنت أنقرة والدة حكومتها اجلديدة‪،‬‬ ‫وميكن اعتبارها “حكومة استكمال” مشاريع‬ ‫أردوغان في السياسة الداخلية واخلارجية‬ ‫واالقتصاد والتنمية‪ ،‬عدد الوزراء ‪ 26‬وزيراً‪ ،‬لكن‬ ‫جديدها هو استحداث ‪ 4‬نواب لرئيسها‪ .‬ولدت‬ ‫احلكومة اجلديدة في ظرف استثنائي‪ ،‬مبا أنها ابنة‬ ‫فوز انتخابي وتاريخي للحزب احلاكم وهي تتزامن‬ ‫مع صعود اقتصادي كبير‪ ،‬وفترة ذهبية بالنسبة‬ ‫الى تصاعد نفوذ أنقرة كقوة كبرى في املنطقة‬ ‫والعالم‪ ،‬ورغم أنها حكومة من حزب واحد‪ ،‬فإنها‬ ‫تعكس تنوعا ً في الهويات الفكرية لوزرائها‪ ،‬وهو‬ ‫ترجمة لتنوع التيارات التي يتألف منها “حزب‬ ‫العدالة والتنمية” فرغم طابعها االسالمي العام‪،‬‬ ‫تضم تيارات ورموزا ً يسارية دميوقراطية‪.‬‬ ‫وألن احلكومة اجلديدة وهي حتمل الرقم ‪ 61‬في‬ ‫تاريخ اجلمهورية‪ ،‬تأخذ على عاتقها مهمة مركزية‬ ‫وهي إعداد دستور جديد للبالد‪ ،‬وجميع عناصرها هم‬ ‫من املقربني جدا ً من أردوغان‪ ،‬واملراقبون االتراك وصفوا‬ ‫حكومة اردوغان بأنها حكومة “الرجل الواحد”‪.‬‬ ‫وأراد رئيس احلكومة توزيع املهام التي كان‬ ‫يحتكرها على نوابه ووزرائه حتى بدليل إحداث‬ ‫وزرات جديدة للقيام مبهام كانت من صالحياته‬ ‫احلصرية‪ ،‬وأراد توزيع مهام رئيس الوزراء ليكون‬ ‫رئيس اجلمهورية هو املسؤول الفعلي للسلطة‬ ‫التنفيذية بعد أن يصبح النظام في تركيا رئاسيا ً‬ ‫في وقت الحق‪.‬‬

‫سياسة دعائية واستفزاز‬ ‫سياسة الضغط اإلعالمي التي ينتهجها حزب‬

‫أحمد داوود أوغلو‬

‫العدالة والتنمية التركي جتاه سوريا تهدف الى‬ ‫كسب رأي الشارع العربي واالسالمي مجددا ًُ‪،‬‬ ‫ومن ناحية اخرى خرجت عن احلدود املرسومة‬ ‫مساع‬ ‫لها وجتاوزت املقصود منها‪ ،‬وباتت تغدي‬ ‫ٍ‬ ‫إقليمية ودولية تتوق ألسبابها ومصاحلها اخلاصة‬ ‫الى هدم كل ما بني من تفاهم بني البلدين في‬ ‫السنوات املاضية‪ ،‬وزرع الشك والعداء بينهما‪،‬‬ ‫وهي بالتالي تخدم املساعي الصهيونية في‬ ‫تأجيج اخلالفات واقتناص الفرص‪ ،‬وصرف األنظار‬ ‫عن االحتالل اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫في املقابل هناك بعض التوجهات التركية‬ ‫توحي بالتهدئة بدال ً من انزالق املوقف التركي‬ ‫أكثر‪ ،‬حيث أظهر تخبطا ً في قيادة األزمة‪ ،‬فأردوغان‬ ‫اكتشف فجأة أن ال صداقة بني السياسيني وأن‬ ‫املصلحة وحدها جتمع أهل السياسة وتفرقهم‪،‬‬

‫بينما الرئيس التركي عبد اهلل غل‬ ‫حرص على القول إن احلوار بني دمشق‬ ‫وأنقرة ال يأتي في إطار الوصاية أو حتى‬ ‫إعطاء النصيحة بل هو مشاطرة أفكار‬ ‫بني جارين شقيقني‪.‬‬ ‫يبدو أن املشكالت قد شرعت أبوابها‬ ‫في وجه تركيا والنوم التركي “على‬ ‫حرير” قد يتحمل مسؤوليته داوود أوغلو‬ ‫وسياسته “العثمانية اجلديدة” التي‬ ‫اعتقد أنها ستصل الى أبعد من املنطقة‬ ‫التي حتيط بتركيا القائمة سياستها‬ ‫اخلارجية على “صفر مشكالت”‪ ،‬وليس‬ ‫معروفا ً ما إذا كانت العالقة بني اردوغان‬ ‫واوغلو ستتوتر في املرحلة املقبلة‪ ،‬ألن‬ ‫األحداث في العالم العربي نسفت‬ ‫سياسة أوغلو التي بناها على أن احلدود‬ ‫العربية مفتوحة أمام االستثمارات‬ ‫التركية‪.‬‬ ‫العراق بدوره سيشكل عبئا ً على تركيا‬ ‫عندما ينسحب األميركيون من العراق‪،‬‬ ‫والرؤية اإليرانية تتحقق وتتقدم وجاهزة‬ ‫مللء الفراغ في املنطقة وهي التي أعدت‬ ‫كافة االحتماالت‪ ،‬املعادلة تتغير في غير صالح‬ ‫األتراك كما يبدو‪ ،‬ومن هناك فإن تركيا تفضل‬ ‫سوريا جارا ً ضعيفاً‪ ،‬تستطيع أن تفرض هيمنتها‬ ‫عليه‪ ،‬قبل أن تبرز مشكالت املياه واالستحقاقات‬ ‫القادمة‪ ،‬وقبل أن يصبح التحالف اإليراني السوري‬ ‫في أفضل قوته واستعداده‪ ،‬وهذا يعني أن تركيا‬ ‫دخلت في اجملهول وباتت أبواب الفوضى مشرعة‬ ‫لديها وستعكس أحداث العالم العربي وتطوراته‬ ‫سلبا ً عليها‪ ،‬بينما ستكون أميركا مشغولة‬ ‫بانتخاباتها وأوروبا غارقة في أزمة مالية مخيفة‪.‬‬ ‫إنها عوارض “االمبراطورية” في زمن األزمات‬ ‫املالية‪ ،‬فهل يتعظ أصحاب األمر بدال ً من خوض‬ ‫حروب اآلخرين؟‬

‫نبيل مرعي‬

‫مالمح الحكومة التركية الجديدة‬

‫أهم مالمح احلكومة اجلديدة النواب‬ ‫األربعة لرئيس احلكومة وهم‪ :‬بولنت‬ ‫ارينش وهو أحد مؤسسي حزب العدالة‬ ‫والتنمية‪ ،‬علما ً بأنه ممثل التيار اإلسالمي‬ ‫املتشدد نسبيا ً في احلزب احلاكم وأعطى‬ ‫صالحيات موسعة‪.‬‬ ‫وعلي باباجان‪ ،‬وهو مسؤول امللف‬ ‫االقتصادي ووزير خارجية سابق‪.‬‬ ‫وبكير بوزداغ الذي ظل رئيسا ً للكتلة‬ ‫البرملانية للحزب احلاكم‪ ،‬وهو محام‬ ‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اختاره اردوغان للمهمة األصعب‪ ،‬التوصل‬ ‫الى تسويات مع األحزاب املعارضة حول‬ ‫دستور جديد‪ ،‬وهو من اجليل اجلديد‬ ‫للحزب احلاكم‪.‬‬ ‫بشير اتاالي وهو وزير الداخلية السابق‬ ‫بطل املبادرة الكردية‪ ،‬التي أطلقتها‬ ‫احلكومة عام ‪ ،2009‬ومتكن من التفاوض‬ ‫جيدا ً مع األكراد ويكن له العلمانيون‬ ‫الكماليون كرها ً عميقاً‪.‬‬ ‫وأبرزت املفاوضات في احلكومة‬

‫‪56‬‬

‫التركية اجلديدة‪ ،‬دفع وزير الدفاع السابق‬ ‫وجدي غونول ثمن ما كشفته وثائق‬ ‫ويكيليكس عن أنه كان يكن الكره لوزير‬ ‫اخلارجية أحمد داوود أوغلو‪ ،‬فأتى مكانه‬ ‫عصمت يلماز‪ ،‬وهو ما حصل مع النائب‬ ‫السابق لرئيس احلكومة كميل جيجيك‬ ‫الذي اظهرت ويكيليكس أنه كان يعد‬ ‫لإلطاحة بأردوغان في عام ‪ 2004‬فطار‬ ‫منصبه في احلكومة ليصبح رئيسا ً‬ ‫للبرملان‪.‬‬


‫مقابلة‬

‫إتحاد المحامين العرب ينتخب لبنانياً أميناً عاماً له ألول مرة‬

‫زين لـ «منبر التوحيد»‪ :‬إستقالل القضاء‬ ‫والمحاماة الضامن لقيام دولة القانون‬ ‫ألول مرة في تاريخ احتاد‬ ‫احملامني العرب‪ ،‬ومنذ تأسيسه‬ ‫عام ‪ 1944‬في دمشق‪ ،‬ينتخب‬ ‫محام لبناني أمينا ً عاما ً لالحتاد‪،‬‬ ‫حيث كانت نقاباتا احملامني في‬ ‫طرابلس‪ ،‬وفي بيروت‪ ،‬من بني‬ ‫النقابات السبع املؤسسة‪،‬‬ ‫وجميع هذه النقابات‪ ،‬باستثناء‬ ‫نقابات لبنان وفلسطني‪ ،‬قد‬ ‫شغلت منصب األمني العام‪،‬‬ ‫وبعضها ألكثر من والية‪،‬‬ ‫ولفترات طويلة‪ ،‬كما شغلت‬ ‫هذا املنصب نقابتا السودان‬ ‫واملغرب‪.‬‬ ‫االنتخابات في االحتاد‪ ،‬التي‬ ‫جرت مؤخراً‪ ،‬أفضت إلى اختيار‬ ‫احملامي عمر زين‪ ،‬بالتزكية‬ ‫وبإجماع ‪ 26‬نقابة من نقابات‬ ‫احملامني في الدول العربية‬ ‫املنضوية حتت لواء االحتاد‪ ،‬تقديرا ً‬ ‫ووفاء ألدائه النقابي ونشاطاته على صعيد‬ ‫االحتاد التي كان لها األثر الطيب والفاعل‬ ‫لبنانيا ً عربياً‪.‬‬ ‫االمني العام اجلديد الحتاد احملامني العرب‪،‬‬ ‫وفي حديث لـ “منبر التوحيد” أضاء على‬ ‫جملة عناوين‪ ،‬من شأنها أن تكون بنودا ً في‬ ‫خطة عمل مستقبلية لالحتاد‪.‬‬ ‫يقول زين‪« :‬كنت‪ ،‬ومنذ سنة ‪ 1988‬أعمل‬ ‫في االحتاد في جميع جلانه‪ ،‬وخصوصا ً جلنة‬ ‫احلريات واحلقوق‪ ،‬كما إني ترأستها لفترات‬ ‫عديدة‪ ،‬كما ترأست جلنة استقالل القضاء‬ ‫واحملاماة‪ ،‬وكنت أمينا ً عاما ً مساعدا ً منذ‬ ‫‪ 1988‬عن نقابة بيروت‪.‬‬ ‫ويتابع زين‪ :‬ال شك أن ثمة دورا ً أساسياً‪ ،‬ال‬ ‫بل ضروري لالحتاد في الدعم الفعلي والدائم‬ ‫الستقاللية نقابة احملامني في كل بلد عربي‪،‬‬ ‫وجعلها في منأى عن التجاذبات السياسية‬ ‫واحلزبية‪ ،‬باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز‬ ‫كل بلد‪ ،‬وحارسا ً أمينا ً لتطبيق القوانني‬ ‫واحترام الدستور‪ ،‬كذلك في تقدمي الدراسات‬ ‫الدستورية والقانونية لكل نقابة لتنشيط‬ ‫دورها االستشاري في كل ما يتعلق مبشاريع‬

‫القوانني‪ ،‬وأخذ املبادرة في اقتراح اإلصالحات‬ ‫القانونية‪ ،‬وفي التوجيه لتحديث التشريع‬ ‫وتطويره‪ .‬كل ذلك ضمن رؤية عربية جتمع وال‬ ‫تفرِّق‪ ،‬وإنشاء شبكة معلومات قانونية في‬ ‫مقر احتاد احملامني العرب‪ ،‬وتعزيز التواصل مع‬ ‫احملامني وفي ما بينهم‪ ،‬في مكاتبهم‪.‬‬ ‫ورأى زين أنه “من الضروري أن يبادر احتاد‬ ‫احملامني العرب الى إنشاء معهد احملاماة‪،‬‬ ‫والقيام مبهمة تطوير الدوريات واجملالت‬ ‫واملنشورات التي تصدرها النقابات واالحتاد‪.‬‬

‫أمناء اتحاد المحامين العرب‬ ‫ابراهيم السماللي ‪20011 – 2003‬‬ ‫(املغرب)‬ ‫فاروق أبو عيسى ‪( 2003 – 1983‬السودان)‬ ‫زهير امليداني ‪( 1983 – 1979‬سوريا)‬ ‫شفيق أرشيدات ‪( 1979 – 1964‬األردن)‬ ‫عبد الرازق شبيب ‪( 1963 – 1962‬العراق)‬ ‫عدنان القوتلي ‪( 1961 – 1958‬سوريا)‬ ‫حسني جميل ‪( 1958 – 1956‬العراق)‬

‫‪57‬‬

‫كما أنه من الضروري جدا ً‬ ‫تنظيم املؤمترات العلمية في‬ ‫كل دولة عربية وفق برنامج‬ ‫سنوي‪ ،‬يوضع من أجل هذه‬ ‫الغاية‪ ،‬وتشجيع شركات‬ ‫احملامني الكبرى بني احملامني‬ ‫العرب‪ ،‬وأنه من الضروري أيضا ً‬ ‫أن يدأب احتاد احملامني العرب‬ ‫على تأمني استقالل القضاء‬ ‫واحملاماة‪ ،‬كسلطة منفصلة‬ ‫متاما ً عن السلطتني التنفيذية‬ ‫والتشريعية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد زين أن العمل في االحتاد‬ ‫يتطلب متابعة دائمة‪ ،‬وجهدا ً‬ ‫ونشاطا ً ودرساً‪ ،‬وتنشيطا ً‬ ‫للعالقات مع كل املنظمات‬ ‫والهيئات واجلمعيات احلقوقية‬ ‫واإلنسانية في العالم‪ ،‬في‬ ‫ما يخدم قضايانا‪ ،‬وأمام‬ ‫كل احملاكم واحملافل الدولية‪،‬‬ ‫والعمل على جتهيز امللفات الالزمة للقيام‬ ‫بكل املراجعات والشكاوى واملالحقات‬ ‫التي ترمي إلى إطالق أسرانا ً من السجون‬ ‫الصهيونية واألميركية والفرنسية‪ ،‬وحترير‬ ‫أرضنا وسمائنا ومياهنا‪ ،‬واحلفاظ على‬ ‫ثرواتنا وأمننا القومي‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫التصدي لكل محاولة للنيل من استقالل‬ ‫القضاء واحملاماة أو التعرض حلقوق اإلنسان‬ ‫واحلريات العامة أو املساس باالستقالل‬ ‫والسيادة الوطنية‪.‬‬ ‫وفي اخلتام ّ‬ ‫أكد زين على الدعم الفعلي والدائم‬ ‫الستقاللية نقابة احملامني في كل بلد عربي وجعلها‬ ‫في منأى عن التجاوزات السياسية واحلزبية باعتبارها‬ ‫ركيزة أساسية من ركائز كل بلد وحارسا ً أمينا ً‬ ‫لتطبيق القوانني واحترام الدستور من خالل املبادرة‬ ‫في اقتراح اإلصالحات القانونيةن وفي التوصية‬ ‫بتحديث التشريع وتطويره‪ ،‬كل ذلك من رؤيا عربية‬ ‫جتمع وال تف ّرق‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد اهلل‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬

‫نفط لبنان كيف نح ّرره لنستثمره؟‬ ‫حطيط‪ :‬استعادته بالقانون والدبلوماسية أو بالقوة‬ ‫بدأت مرحلة جديدة من الصراع على آبار النفط‬ ‫والغاز بني لبنان والكيان اإلسرائيلي في املناطق‬ ‫املتنازع عليها ضمن املياه البحرية واالقتصادية‪،‬‬ ‫مع مصادقة احلكومة اإلسرائيلية‪ ،‬من جانب‬ ‫واحد‪ ،‬على نقاط العالم خلط احلدود البحرية مع‬ ‫لبنان‪ ،‬بشكل يتعارض وحقوقه‪.‬‬ ‫وجاءت هذه املصادقة في إطار املعركة‬ ‫الدبلوماسية اجلارية مع لبنان حول خط احلدود‬ ‫البحرية والذي ميتد من رأس الناقورة حتى‬ ‫حدود املياه االقتصادية القبرصية على مسافة‬ ‫‪ 150‬كيلومترا ً تقريبا ً من الشاطئ اللبناني‬ ‫الفلسطيني‪ .‬وبحسب ما أعلن في “إسرائيل”‬ ‫فإن الفارق بني نقطة عالم احلدود اللبنانية على‬ ‫احلدود املائية مع قبرص والنقطة اإلسرائيلية يبلغ‬ ‫حوالى ‪ 15‬كيلومتراً‪ ،‬ما يعني أن مساحة املنطقة‬ ‫اخملتلف عليها تزيد عن ثالثة آالف كيلومتر مربع‬ ‫تقريباً‪ .‬ولكن قيمتها احلقيقية تعود أساسا ً إلى‬ ‫التقديرات باحتواء هذه املنطقة على مكامن غاز‬ ‫ونفط ورمبا مكامن مشتركة على جانبي احلدود‪.‬‬ ‫وكانت “إسرائيل” قد منحت امتيازات تنقيب‬ ‫عن الغاز والنفط لشركات عديدة في املنطقة‬ ‫احلدودية مع لبنان حيث متّ اكتشاف حقل “لفيتان”‬ ‫قبل أن تعلن عن منطقة اقتصادية حصرية‪.‬‬ ‫وسبق لبنان “إسرائيل” إلى تقدمي طلبه إلى األمم‬ ‫املتحدة بإعالن منطقته االقتصادية احلصرية‬ ‫وحتديد نقطة عالمه اجلنوبية‪ .‬ولكن “إسرائيل”‬ ‫اعتبرت أن نقطة العالم هذه تنزل جنوبا ً بحيث‬ ‫تقضم مناطق االمتيازات اإلسرائيلية‪ ،‬األمر الذي‬ ‫جعلها تقدم لألمم املتحدة قرارها بشأن حدودها‬ ‫البحرية ما يعني أنها تفتعل نزاعا ً بوجه الطلب‬ ‫اللبناني‪ ،‬وصوال ً الى استدعاء وساطة دولية أو‬ ‫أميركية‪ ،‬علما ً أن “إسرائيل” ترى في هذه القضية‬ ‫فرصة لفتح باب املفاوضات مع لبنان‪.‬‬ ‫ويرى خبراء أن الفارق في حساب اخلط البحري‬ ‫بني “إسرائيل” ولبنان يعود إلى نقطة االنطالق‪.‬‬ ‫فـ “إسرائيل” ترى أن احلدود البحرية مع لبنان متر‬ ‫مساو للمسافة بني شاطئ الدولتني‪،‬‬ ‫في خط‬ ‫ٍ‬ ‫وهو خط يرسم بالتطابق مع الشاطئ‪ .‬أما لبنان‬ ‫فينطلق من أن احلدود البحرية هي امتداد للحدود‬ ‫البرية‪ ،‬وهذا ما يصنع الفارق في نقطتي االلتقاء‬ ‫بني اخلطني على احلدود البحرية القبرصية‪،‬‬ ‫وبالتحديد في املنطقة البحرية الواقعة بني‬ ‫النقطة ‪ A‬والنقطة ‪ 23‬على اخلريطة‪ ،‬املنطقة‬ ‫املتنازع عليها بني لبنان وقبرص و”إسرائيل”‪.‬‬ ‫فـ “إسرائيل” التي قضمت األرض من غير‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫أحد حقول الغاز اإلسرائيلية‬

‫يصادق عليه)‪ .‬ولكن لبنان ّ‬ ‫يؤكد اآلن أن احلدود تقع‬ ‫إلى اجلنوب أكثر‪.‬‬ ‫وبذلك يجد لبنان نفسه وجها ً لوجه أمام‬ ‫العدوان اإلسرائىلي اجلديد املتمثل بإعالن‬ ‫“إسرائىل” قضم مساحة من مياهنا لسرقة‬ ‫ثروتنا النفطية في ظل صمت أو تواطؤ دولي‬ ‫وجتاهل عربي‪.‬‬ ‫واذا كانت القيادات املعنية قد سارعت اليوم‬ ‫الى التحرك ملواجهة هذا العدوان فإن هناك‬ ‫عالمات استفهام كثيرة تطرح حول أسباب‬ ‫تباطؤ أو مماطلة احلكومتني السابقتني في‬ ‫التعامل مع هذه القضية احليوية التي تشكل‬ ‫رصيدا ً أساسيا ً للبنان ليست على املستوى‬ ‫االقتصادي فحسب بل على مستوى تسديد‬ ‫كل الديون املترتبة عليه وإنعاش اقتصاده وتعزيز‬ ‫مناعته على كل الصعد‪.‬‬

‫املستبعد أن تقضم املياه أيضاً‪ ،‬وهي دائما ً‬ ‫تستند في ما تفعله الى مصاحلها وأطماعها‬ ‫وليس الى القانون الدولي‪ .‬إذ عندما جرى ترسيم‬ ‫احلدود البحرية بني قبرص و”إسرائيل”‪ ،‬عمدت‬ ‫األخيرة الى توسيع حدودها حتى اخلط‪ ،‬موضع‬ ‫اخلالف‪ ،‬ما يعني قضم ‪ 1500‬كلم مربعا ً من‬ ‫املنطقة االقتصادية اللبنانية اخلالصة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإن االتفاق بني قبرص و”إسرائيل” حصل على‬ ‫حساب لبنان‪.‬‬ ‫ومن املعروف أن مجال املياه االقتصادي اخلاص‬ ‫هو املنطقة التي يكون فيها للدولة احلق اخلاص‬ ‫االقتصادي والبحثي‪ ،‬ولكن ليس لديها السيادة‬ ‫عليها‪ ،‬باستثناء املنشآت االصطناعية التي تبنى‬ ‫فيها‪ .‬وتع ّرف املياه االقتصادية وفقا ً للمعاهدة‬ ‫البحرية الدولية بأنها مساحة بحرية متتد حتى‬ ‫مسافة ‪ 200‬ميل عن الشاطئ (‪ 320‬كيلومترا)‪.‬‬ ‫في حال لم يكن هناك ‪ 200‬ميل حتدد احلدود‬ ‫برعاية األمم املتحدة‪.‬‬ ‫ففي كانون األول املاضي وقعت “إسرائيل”‬ ‫وقبرص على اتفاق حدد رسميا ً احلدود البحرية‬ ‫االقتصادية اخلاصة (‪)Zone Economic Exclusive‬‬ ‫بني الدولتني‪ .‬ولكن احلدود احلالية بني “إسرائيل”‬ ‫ولبنان حددت عمليا ً من قبل لبنان‪ ،‬الذي س ّوق في‬ ‫املاضي‪ ،‬ملقاولني مساحات جغرافية للبحث عن‬ ‫املوارد الطبيعية في مناطقه البحرية‪ ،‬بالضبط‬ ‫على طول خط تراخيص البحث البحري التي‬ ‫ُوزِعت في “إسرائيل”‪ .‬وذلك ضمن إطار اتفاق‬ ‫احلدود التي وافقت عليه مع قبرص (حتى لو لم‬

‫خرائط االتفاق اللبناني مع قبرص‬ ‫مغلوطة‪ ...‬ملصلحة «إسرائيل»‬

‫‪58‬‬

‫إن احلدود البحرية بني لبنان و”إسرائيل”‬ ‫تنقسم الى قسمني‪ :‬احدهما اخلط الذي يبعد‬ ‫عن شواطئ البلدين مبسافة ‪ 12‬ميالً‪ ،‬وللبنان‬ ‫و”إسرائيل” مطلق السيطرة على جانبي هذا‬ ‫اخلط‪ ،‬أما اخلط الثاني الذي يزيد طوله عن ‪100‬‬ ‫ميل تقريباً‪ ،‬واملعروف بـ “املنطقة االقتصادية‬ ‫اخلاصة”‪ ،‬أو “املياه االقتصادية”‪ ،‬فيشمل املنطقة‬ ‫التي تنفرد بها كل دولة على حدة بحقوقها‬ ‫االقتصادية فيها‪ ،‬مثل الثروات الطبيعية‬ ‫كالبترول والغاز وحقها في الصيد وغيره‪.‬‬ ‫وفي شهر آب عام ‪ ،2010‬قدم لبنان بشكل‬ ‫أحادي اجلانب إخطارا ً الى األمم املتحدة‪ ،‬يتضمن‬ ‫ترسيما ً حلدود مياهه اجلنوبية مع “إسرائيل”‪ ،‬وفي‬ ‫كانون الثاني من العام ذاته قدم لبنان إخطارا ً‬ ‫آخر يتضمن ترسيما ً للخط الغربي من مياهه‬ ‫االقتصادية‪ ،‬أو بعبارة أخرى حدوده البحرية‬ ‫مع قبرص‪ ،‬ولم يشمل اخلط اللبناني مناطق‬ ‫استخراج الغاز الضخمة “متر”‪ ،‬و “ليفتنان”‪ ،‬التي‬ ‫متارس نشاط استخراج الغاز منهما شركات‬ ‫طاقة أسرائيلية‪.‬‬ ‫ببساطة‪ ،‬أخطأ لبنان في ترسيم احلدود‬ ‫االقتصادية البحرية اخلالصة بينه وبني قبرص‪،‬‬ ‫حيث نفذت “إسرائيل” عبر هذا اخلطأ بسرعة‪،‬‬ ‫وو ّقعت اتفاقية مع قبرص تقضم فيها نحو ‪5‬‬


‫كيلومترات من احلقوق اللبنانية‪ .‬مساحة في‬ ‫البحر ليست بسيطة أبداً‪ ،‬بل تُعتبر في مجاالت‬ ‫استكشاف حقول املوارد النفطية شاسعة‬ ‫تقدر مبليارات الدوالرات‪،‬‬ ‫جداً‪ ...‬كلفة هذا اخلطأ ّ‬ ‫ّ‬ ‫سجل الصراع مع “إسرائيل”‪.‬‬ ‫وأكثر من ذلك في ّ‬ ‫فاخلطأ انطلق عندما رُ ّسمت احلدود البحرية‬ ‫واملنطقة االقتصادية اخلالصة‪ ،‬رُ ّسمت من ناحية‬ ‫اجلنوب كما من ناحية الشمال باعتماد نقطتني‪.‬‬ ‫النقطة النهائية وهي نقطة التالقي الثالثية‬ ‫املتوازية املسافة بني لبنان وقبرص وفلسطني‬ ‫احملتلة هي النقطة رقم ‪ ،23‬وفي نص االتفاقية‬ ‫مع قبرص أشير إلى النقطة رقم واحد‪ ،‬وهذه‬ ‫النقطة هي النقطة املؤقتة التي اعتُمدت قبل‬ ‫أن يحصل االتفاق النهائي على النقطة ‪23‬‬ ‫أعاله‪ .‬وبالتالي‪ ،‬أخطأ لبنان في تسمية النقطة‪.‬‬ ‫فالنقطة املؤقتة وضعت في االتفاقية‪ ،‬وكان‬ ‫يفترض أن توضع النقطة ‪ .23‬وهذا الفرق‪ ،‬بني‬ ‫النقطتني هو مساحة غير قليلة في البحر‪ ،‬وهي‬ ‫من حقوق لبنان‪ ،‬من ثرواته البحرية‪.‬‬

‫حتركات دولية لترسيم احلدود‬ ‫البحرية اللبنانية‬ ‫لم تستكن احلركة الدبلوماسية الدولية‬ ‫وخصوصا ً في شأن حتديد احلدود البحرية للبنان‪،‬‬ ‫إذ عقد في جنيف اجتماع مغلق هو عبارة عن‬ ‫ورشة عمل حول حتديد احلدود البحرية‪ ،‬وحضر‬ ‫هذه الورشة ممثلون عن الوزارات املعنية وخصوصا ً‬ ‫وزارة اخلارجية واملغتربني إلى ممثلني عن الرؤساء‬ ‫نبيه بري وسعد احلريري وجنيب ميقاتي‪.‬‬ ‫وتباحث اجملتمعون في حيثيات حتديد هذه‬ ‫احلدود التي ستشكل مدخالً أساسيا ً للتنقيب‬ ‫عن النفط والغاز املتوقع وجودهما في املنطقة‬ ‫االقتصادية اخلالصة للبنان واملتنازع على حدودها‬ ‫مع “إسرائيل”‪.‬‬ ‫وقد خلص هذا االجتماع إلى عدد من التوصيات‬ ‫أبرزها‪ :‬ضرورة التأكد من صحة إحداثيات‬ ‫احلدود اجلنوبية واجلنوبية ‪ -‬الغربية للمنطقة‬ ‫االقتصادية اخلالصة العائدة للبنان والتي جرى‬ ‫إيداعها جانب األمانة العامة لألمم املتحدة‪ ،‬وضع‬ ‫تشريعات ترعى املنطقة االقتصادية اخلالصة‬ ‫العائدة للبنان مع التأكيد على أن إدارة هذه‬ ‫املنطقة تستند إلى مبادئ القانون الدولي‪ ،‬كما‬ ‫شملت االعتراض على االتفاق املوقع ما بني‬ ‫قبرص و”إسرائيل”‪ ،‬خاصة في ما يتعلق بالنقطة‬ ‫الثالثية التي متثل نقطة احلدود املشتركة ما بني‬ ‫املناطق االقتصادية اخلالصة العائدة لكل من‬ ‫لبنان وقبرص وفلسطني احملتلة والتي متثل اعتداء‬ ‫على حقوق لبنان السيادية‪ ،‬باإلضافة إلبرام‬ ‫البروتوكول البحري لعام ‪ ،1994‬والبدء مبسعى‬ ‫رسمي استباقي يسبق بدء “إسرائيل” باستغالل‬ ‫موارد الغاز والنفط املتواجدة في عرض البحر‪،‬‬

‫خريطة احلدود البحرية بني إسرائيل وقبرص‬

‫وذلك عن طريق االستناد إلى املادتني ‪ 34‬و‪ 35‬من‬ ‫ميثاق األمم املتحدة واللتان تقضيان بإمكانية لفت‬ ‫انتباه مجلس األمن الدولي واجلمعية العامة لألمم‬ ‫املتحدة إلى مسألة خالفية أو إلى وضع يفضي‬ ‫إلى تهديد السلم واألمن الدوليني‪ ،‬والنظر‬ ‫في إمكانية التفاوض مع قبرص حول مسودة‬ ‫اتفاقية لإلدارة املشتركة للموارد الطبيعية التي‬ ‫متتد ضمن املنطقة االقتصادية اخلالصة العائدة‬ ‫على حده ّ‬ ‫لكل من البلدين‪ ،‬وإنشاء جلنة وطنية‬ ‫للتنسيق ما بني اإلدارات املعنية كافة حول‬ ‫املسائل املتعلقة باملنطقة االقتصادية اخلالصة‬ ‫العائدة للبنان‪.‬‬

‫حطيط‪ :‬املعيار الذي يستند إليه‬ ‫في حتديد احلقوق البحرية هو‬ ‫قانون البحار‬ ‫وحول إشكالية موضوع ترسيم احلدود‬ ‫البحرية واالقتصادية اللبنانية‪ ،‬كان لـ‬ ‫“منبر التوحيد” مع اخلبير القانوني والباحث‬ ‫االستراتيجي العميد د‪ .‬أمني حطيط‪ ،‬الذي أوضح‬ ‫أن املعيار الذي يستند إليه في حتديد احلقوق‬ ‫البحرية هو قانون البحار الذي أصبح موضع‬ ‫التنفيذ عام ‪ ،1994‬وو ّقع عليه لبنان عام ‪.1996‬‬ ‫يحدد ثالثة‬ ‫وأشار حطيط الى أن قانون البحار‬ ‫ّ‬ ‫معايير أساسية‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬عمق املنطقة االقتصادية التي تبلغ ‪200‬‬ ‫ميل‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬عمق املنطقة اإلقليمية بـ ‪ 12‬ميالً وهي‬ ‫التي تشملها السيادة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬رسم احلدود البحرية بني الدول‪.‬‬ ‫وفيما ذكرت مصادر متابعة أن احلكومة‬ ‫القبرصية أبدت استعدادها إلعادة النظر‬ ‫باإلتفاقية املوقعة مع لبنان والتي تتعلق باحلدود‬ ‫البحرية‪ ،‬لفت حطيط الى أن االتفاق الذي جرى‬ ‫بني قبرص و”إسرائيل” ال تسري مفاعيله على‬ ‫لبنان وال ميكن فرضه عليه‪ ،‬خصوصا ً أن “إسرائيل”‬

‫‪59‬‬

‫لم توقع أصالً على قانون البحار‪ ،‬موضحا ً أن‬ ‫ادعاءاتها ال تستند إلى أي قانون‪.‬‬ ‫علما ً بأن اتفاقية قانون البحار الصادرة عن‬ ‫األمم املتحدة في العام ‪ ،1982‬والتي تنص على‬ ‫أن “البحر اإلقليمي للبنان هو ‪ 12‬ميالً‪ ،‬أي ‪20‬‬ ‫كيلومترا ً مربعا ً بدءا ً من الشاطئ‪ ،‬ويحق للدولة‬ ‫الساحلية أن تضيف إليها أيضا ً ‪ 12‬ميالً أخرى‪،‬‬ ‫إذا وجدت ضمن هذه املساحة والتي تسمى أيضا ً‬ ‫املنطقة املتاخمة أو املالصقة من البحر ثروات‬ ‫طبيعية كالنفط والغاز”‪.‬‬ ‫واستنادا ً الى هذه االتفاقية‪ ،‬فإن من حق لبنان‬ ‫ممارسة بعض الصالحيات فيها للحفاظ على‬ ‫أمنها واحلفاظ على مصاحله احليوية واالستفادة‬ ‫من الثروات املوجودة فيها‪.‬‬

‫مواجهة قانونية أم عسكرية؟‬ ‫وفي ما يبدو أن مشهد الصراع املستجد بني‬ ‫لبنان كصاحب حق في أرضه ومياهه‪ ،‬و”إسرائيل”‬ ‫التمدد الى قاع‬ ‫احملتلة لألرض والتي تسعى الى‬ ‫ّ‬ ‫البحر‪ ،‬لن يكون له مستق ّر ثابت‪.‬‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬رأى حطيط أن النزاع بني‬ ‫لبنان واالحتالل “اإلسرائيلي” حول آبار الغاز‬ ‫والنفط ميكن أن يتخذ شكالً من اثنني‪:‬‬ ‫األول‪ :‬أن يأخذ النزاع شكالً سياسيا ً‬ ‫ودبلوماسيا وقضائيا ً وقانونياً‪ ،‬معتبرا ً أن في هذا‬ ‫النزاع من املؤكد أن لبنان هو الرابح‪ ،‬خصوصا ً أن‬ ‫األمم املتحدة ستستند الى قانون البحار للحكم‬ ‫في أي نزاع‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬أن ترفض سلطات االحتالل اإلذعان‬ ‫لقانون البحار‪ ،‬وفي هذه احلال يُفتح اجملال أمام‬ ‫ثالث فرضيات‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬أال جتد “إسرائيل” شركات تتعامل معها‬ ‫للتنقيب عن النفط والغاز‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬أن تنجح “إسرائيل” في استقدام شركات‬ ‫للتنقيب ولكن من دون الدخول في منطقة‬ ‫النزاع بني لبنان و”إسرائيل” ومراعاة اجملال البحري‬ ‫اللبناني‪.‬‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫ثالثاً‪ :‬أن تقوم شركات النفط بنصب منصات‬ ‫التنقيب في املنطقة االقتصادية اللبنانية‬ ‫في ظل عجز األمم املتحدة عن إلزام “إسرائيل”‬ ‫التوقيع على قانون البحار‪ .‬وفي هذه احلال يعتبر‬ ‫حطيط أن احتمال االشتباك العسكري يصبح‬ ‫مرجحا ً ألن لبنان لن يسمح باغتصاب حقوقه‬ ‫من جهة‪ ،‬وألن احلكومة اللبنانية ك ّرست ثالثية‬ ‫الدفاع الذهبية الشعب واجليش واملقاومة‪ ،‬ما‬ ‫جعل مواقفها أكثر وضوحاً‪ ،‬أي أنها ستعتمد‬ ‫كل الوسائل املتاحة قانونيا ً وعسكريا ً في سبيل‬ ‫احلفاظ على حقوقها من النفط والغاز‪.‬‬ ‫أما كيف يحمي لبنان ثروته في النمطقة‬ ‫االقتصادية البحرية أوضح حطيط أنه‪ :‬عندما‬ ‫وقع لبنان قانون البحار و انضم لالتفاقية الدولية‬ ‫التي رعتها االمم املتحدة والتي باتت نافذة منذ‬ ‫العام ‪ ،1994‬لم يكن يعلم بأن في املنطقة‬ ‫االقتصادية التي حددها القانون ب ‪ 200‬ميل بحري‬ ‫تلي ال ‪ 12‬ميل بحري املعتبرة مياها ً إقليمية‪،‬‬ ‫ولم يكن يعلم أن في في هذه املنطقة كنوز من‬ ‫نفط وغاز تغير واقع لبنان االقتصادي واملالي ال بل‬ ‫االستراتيجي إن استخرجت واستثمرت لصالح‬ ‫الدولة‪ ،‬لذلك لم يجد لبنان الرسمي كما يبدو‬ ‫حاجة للتحرك ووضع اخلرائط والتشريعات التي‬ ‫حتدد تلك املنطقة‪.‬‬ ‫لكن األمر تغير في العام ‪ 2007‬مع اكتشاف‬ ‫حقول نفط وغاز في مقابل الشاطئ اجلنوبي‬ ‫للبنان املمتد من عدلون الى الناقورة وعلى‬ ‫مسافة تتراوح بني ‪ 40‬ميل و ‪ 80‬ميل بحري وعلى‬ ‫أعماق تراواح بني ‪ 50‬و ‪ 125‬مترا ً ‪ ،‬حيث ظهر أن‬ ‫الشاطئ الشرقي للمتوسط خاصة الشاطئ‬ ‫اللبناني الفلسطنيني واملنطقة االقتصادية‬ ‫للبنان وفلسطني احملتلة حتتوي على ‪ 3‬حقول‬ ‫نفط وغاز قد يصل إنتاجها السنوي الكلي الى‬ ‫ما يقدر بـ ‪ 26‬مليار دوالر وأن ما يقع منها في‬ ‫املنطقة االقتصادية اللبنانية يقدر مردوده املالي‬ ‫مبا يتراوح بني ‪ 5‬الى ‪ 9‬مليارات‪ ،‬هنا نشأت احلاجة‬ ‫الى اإلسراع في القيام مبا يفرضه قانون البحار‬ ‫من وضع للتشريعات الداخلية وورسم خرائط‬ ‫املنطقة االقتصادية وإيداعها األمم املتحدة حسب‬ ‫األصول‪ ،‬مع إمكانية عقد االتفاقيات الثنائية‬ ‫الناظمة للعالقة بني دول اجلوار التي تشارك لبنان‬ ‫في حدود املنطقة االقتصادية تلك‪ ،‬وهنا يكون‬ ‫من البديهي النظر الى سوريا وقبرص و”إسرائيل”‬ ‫التي تغتتصب حاليا ً فلسطني‪.‬‬ ‫لكن لبنان وفي ظل سلطة مهتزة في العام‬ ‫‪ ،2007‬أجرى محادثات مع قبرص توصلت الى‬ ‫اتفاقية لم تراع احلقوق اللبنانية‪ ،‬ولم يعرض األمر‬ ‫مع سوريا نظرا ً لم تسببت به السلطة اللبنانية‬ ‫من إساءة للعالقات معها‪ ،‬أما “إسرائيل” فقد كان‬ ‫طبيعيا ً أن ال يجري لبنان مفاوضات معها طاملا أن‬ ‫العداء هو احلالة التي تتسم العالقة بها‪ .‬لكن‬ ‫األدهى من كل ذلك هو أن تلك السلطة أهملت‬ ‫كليا ً مسألة وضع التشريعات واألنظمة واخلرائط‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الواجب تنظيمها وإيداعها لدى األمم املتحدة حتى‬ ‫كان العام ‪ ،2010‬وكان تبدل في واقع االستئثار في‬ ‫السلطة وقيام مشاركة محدودة فيها جعلت‬ ‫تيارا ً سياسيا َ معارضا ً يصل الى وزارة الطاقة‬ ‫ويقف على مخاطر اإلهمال في ترك املوضوع‪،‬‬ ‫فبادر الى املعاجلة لكنه اصطدم مرة أخرى بعوائق‬ ‫وضعت في طريقه من غير سبب أال وهي عالقات‬ ‫خارجية تربط بعض من في السلطة اللبنانية‬ ‫ببعض الدول اإلقليمية‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬في خالل مرحلة ضبابية قامت اجلهات‬ ‫اللبنانية في معرض تصريف األعمال في ظل‬ ‫حكومة مستقيلة بإيداع األمم املتحدة خرائط‬ ‫للمنطقة االقتصادية اللبنانية بحسب قانون‬ ‫البحار و لم جتب األمم املتحدة على الفعل‬ ‫اللبناني حتى اآلن‪ ،‬وجاء الرد من “إسرائيل” عبر‬ ‫عملني األول اتفاقية ثنائية إسرائيلية قبرصية مت‬ ‫مبوجبها حتديد اجملال االقتصادي للدولتني وبعدها‬ ‫قرار من مجلس الوزراء اإلسرائيلي يحدد املنطقة‬ ‫االقتصادية اإلسرائيلية بشكل يقضم من‬ ‫منطقة لبنان مساحة تتراواح بني ‪ 800‬و ‪1000‬‬ ‫كلم مربع‪ ،‬وجتعل ‪ %90‬من احلقوق اللبنانية في‬ ‫حقول النفط والغاز حتت اليد اإلسرائيلية‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يضع لبنان أمام حتدي احملافظة على حقوقه‬ ‫ويفرض عليه السير فورا ً وفقا ً ملسار نراه كالتالي‬ ‫ املسارعة الى القيام بكل ما يفرضه قانون‬‫البحار الذي التزم لبنان به و وقع عليه منذ‬ ‫عقدين‪ .‬ووضع التشريعات واألنظمة واخلرائط‬ ‫التي حتدد املنطقة االقتصادية اللبنانية‪ ،‬فضالً‬ ‫عن املستلزمات التي تفرضها اتفاقيات وأنظمة‬ ‫حماية البيئة‪.‬‬ ‫ إيداع تلك التشريعات واألنظمة واخلرائط‬‫املكتب اخملتص لدى األمم املتحدة واملشرف على‬

‫‪60‬‬

‫تنفيذ ومواكبة االتفاقيات املعمول بها في ظل‬ ‫قانون البحار الذي لم توقع عليه “إسرائيل حتى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫ مراجعة العالقة اللبنانية القبرصية فيما‬‫خص االتفاقات السابقة‪ ،‬والطلب الى قبرص‬ ‫مبراجعة اتفاقيتها مع “إسرائيل” لتزيل أي تناقض‬ ‫مع حقوق لبنان املكرسة قانوناً‪.‬‬ ‫ االمتناع عن تفويض األمم املتحدة مباشرة أو‬‫تفويض قوات اليونفيل بترسيم حدود املنطقة‬ ‫االقتصادية‪ ،‬حتى ال تتكرر جتربة اخلط األزرق‬ ‫ومحاولة اقتطاع األرض اللنبنانية ثانية‪ ،‬خاصة‬ ‫وأن احملاولة في العام ‪ 2000‬أجهضت في معظمها‬ ‫لكنها تسببت بإشكاالت الزالت عالقة‪.‬‬ ‫ اعتماد املراجعة املتدرجة واملطالبة املستندة‬‫الى قوة احلق اللبناني وقوة الشرعية القانونية‪،‬‬ ‫دون إسقاط حق لبنان باللجوء الى الوسائل‬ ‫املتاحة األخرى من القوة املادية خاصة وأن لبنان‬ ‫اعتمد في منظومته الدفاعية وكرس نهائيا ً‬ ‫املثلث الثابت‪ :‬الشعب واجليش واملقاومة‪.‬‬ ‫ التشدد في مراقبة املواقف الداخلية‬‫اللبنانية والسعي للمحافظة على إجماع‬ ‫ووحدة لبنانية حقيقة لتحصيل احلقوق اللبنانية‬ ‫واعتبار أي موقف من أي طرف لبناني يشوش‬ ‫على عمل احلكومة والقوى اخملتصة بالدفاع عن‬ ‫احلقوق اللبنانية عمالً تخريبيا ً يعرض صاحبه‬ ‫للمساءلة‪.‬‬ ‫ السعي لدى املنظمات الدولية والهيئات‬‫القانونية اخملتصة لتشكيل أكبر حشد ممكن‬ ‫لتأييد املطالب الللبنانية‪ ،‬مع اإلملاح الى أن لبنان‬ ‫لن يدع حقوقه تغتصب ويبقي القوة التي بيديه‬ ‫من غير استعمال حلماية هذه احلقوق‪.‬‬ ‫أما في السناريوهات فإننا نراها واحد من اثنني‬


‫مع تفرعاتهما الثانوية‪:‬‬ ‫ حيث جند في األول مسارا ً قانونيا ً دبلومسيا ً‬‫سياسيا ً قد ينتهي بالتحكيم أو القضاء الدولي‬ ‫الذي يحدد احلدود القانونية للمنطقة االقتصادية‬ ‫لكل من لبنان وقبرص و”إسرائيل”‪ ،‬وتذعن الدول‬ ‫للحل من غير تطوير للنزاع‪ ،‬وهو برأينا احلل‬ ‫األفضل الذي يجب ان يعمل لبنان من أجله دون‬ ‫أن يحصر جهده فيه‪.‬‬ ‫ أما الثاني فهو مسار خالفي عندما متتنع‬‫“إسرائيل” عن اإلذعان للموجبات الدولية وتستمر‬ ‫في وضع يدها على جزء من املنطقة اللبنانية‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وهنا يكون على لبنان السعي أوال ملنع‬ ‫الشركات األجنبية بالدخول الى اجلزء اللبناني‬ ‫الذي تدعي “إسرائيل” حقا فيه‪ ،‬فإن استجابت‬ ‫تلك الشركات فإن لبنان قد ينأى بنفسه عن‬ ‫املواجهة‪ ،‬وإن لم تستجب يكون على لبنان‬ ‫أن يستعد الستعمال ما لديه من قوة لفرض‬ ‫ذلك ومنع اغتصاب حقوقه‪ ،‬كما يكون عليه أن‬ ‫يستعد الستعمال القوة املتوفرة حلماية أعمال‬ ‫التنقيب في املنطقة اللبنانية التي ستحاول‬ ‫“إسرائيل” عرقلة دخول شركات يفوضها لبنان‬ ‫بتلك األعمال‪.‬‬ ‫من هنا نرى في مسالة النفط والغاز املوجود‬ ‫في املنطقة االقتصادية اللبنانية مدخالً هاما ً‬ ‫للبنان‪ ،‬من أجل بناء وحدة و إجماع لبناني‪ ،‬قد‬ ‫يشكل اللبنة األولى التي منها قد نبني إجماعا‬ ‫أوسع وأهم‪ ،‬و أن في جناح لبنان في هذا األمر‬ ‫فائدة ترتد على الوضع اللبناني من الوجوه‬ ‫املالية واالقتصادية واالستراتيجية‪ ،‬ففضالً عن‬ ‫متكني لبنان من سد ديونه املتراكمة والتي تعدت‬ ‫الستني مليار دوالر حتى اآلن‪ ،‬ففيه دفع للبنان‬ ‫الحتالل موقع في نادي لدول املنتجة املنتجة‬ ‫للنفط والغاز واملؤثرة على مادية استراتيجية‬ ‫عاملية ال يخفى ثقلها وشأنها‪ .‬أما أي إهمال‬ ‫أو تقصير فإن من شأنه تضييع الفرص التي‬ ‫إن ضاعت ال تستعاد و ال تتكرر ألن ما تغتصبه‬ ‫“إسرائيل” باألمر الواقع ويسكت عليه تكرسه‬ ‫األمم املتحدة باملصادقة واإلقرار ويصبح املغتصب‪،‬‬ ‫حقا ً مكتسبا ً ونهائيا ً بنظر “اجملتمع الدولي”‬ ‫ملصلحة “إسرائيل”‪.‬‬

‫اجليش اللبناني يؤكد تصديه‬ ‫للمخطط اإلسرائيلي‬ ‫مصادر في قيادة اجليش اللبناني أكدت رفض‬ ‫اجليش احلديث عن موضوع ترسيم احلدود الذي‬ ‫أثارته صحيفة معاريف في وقت بقي الغموض‬ ‫يلف موقف قوات اليونفيل ما يطرح أكثر من‬ ‫عالمة استفهام حول حقيقة ما أقدم عليه‬ ‫جيش العدو اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫فهكذا وبدون مقدمات بدأ جيش العدو‬ ‫اإلسرائيلي واألمم املتحدة بشكل سري حتديد‬

‫وترسيم املنطقة الشرقية من السياج احلدودي‬ ‫مع لبنان حسبما نشرت صحيفة معاريف‬ ‫اإلسرائيلية ما يطرح أكثر من عالمة استفهام‬ ‫عن الدوافع واألهداف والتوقيت‪.‬‬ ‫ويقول في هذا اإلطار العميد املتقاعد أمني‬ ‫حطيط‪ :‬الذي يجري أن النقاط التي استعدناها‬ ‫في العام ‪2000‬على اخلرائط وعلى األرض هي التي‬ ‫تقتطعها األمم املتحدة وتعيدها الى “إسرائيل”‪.‬‬ ‫لذلك تستفيد “إسرائيل” وتستفيد األمم املتحدة‬ ‫من هذه األمور وتعمل بشكل متقن وبطيء‬ ‫إلعادة أكثر من ‪ 17‬مليون متر مربع (‪)17765000‬‬ ‫استعدناها في العام ألفني واآلن تعيدها األمم‬ ‫املتحدة بعيدا ً عن الرقابة اللبنانية الى “إسرائيل”‬ ‫حتت ذريعة إعادة ترسيم خط أو ترسيم حدود وما‬ ‫إليه”‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬في العودة الى خريطة احلدود ما بني‬ ‫لبنان وفلسطني احملتلة والتي حددت عام ‪2000‬‬ ‫تظهر أن مناطق ثالثة إضافة الى مزارع شبعا‬ ‫بقيت موضع التحفظ من قبل احلكومة اللبنانية‬ ‫أراض في رميش وأخرى في‬ ‫وهذه البقع هي‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫املطلة وثالثة من ناحية بلدة العديسة وكلها‬ ‫مساحات اعتبرتها احلكومة اللبنانية ضمن‬ ‫النطاق اجلغرافي للبنان‪.‬‬ ‫وأضاف العميد املتقاعد أمني حطيط‪“ :‬الذي‬ ‫يجري اآلن هو في املنطقة التي مت االتفاق عليها‪،‬‬ ‫املسألة تتعدى املناطق التي مت التحفظ عليها‬ ‫املسألة هي وعود ونكث لالتفاق بيننا وبني األمم‬ ‫املتحدة في العام ‪ 2000‬هو اقتطاع ألرض حررت‬ ‫في العام ‪ .2000‬يكفيني أن أقول إن اللجنة‬ ‫الثالثية ينبغي أن ال تكون‪ ،‬وبوجودها تستطيع‬ ‫“إسرائيل” أن تتذرع أن ما تفعله هو بعلم من‬ ‫اجليش اللبناني‪ .‬ولذلك أدعو اجليش اللبناني‬ ‫والدولة اللبنانية الى وقف أعمال اللجنة‬ ‫الثالثية”‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫من هنا فأي حديث عن ترسيم احلدود يجب أن‬ ‫يقرن بتوضيح من األمم املتحدة خاصة وأن اجليش‬ ‫اللبناني يلتزم موقف احلكومة عام ‪ 2000‬ويؤكد‬ ‫على حتفظها على املناطق الثالثة‪.‬‬

‫لبنان‪ :‬ال ترسيم مع «إسرائيل»‪..‬‬ ‫واليونيفيل غير مفوّضة‬ ‫بحسب املعلومات فإن احلقل الغازي املكتشف‬ ‫يقع مقابل الساحل اجلنوبي للبنان وعلى مسافة‬ ‫تتراوح بني ‪ 45‬و ‪ 70‬كلم عن ساحل صور‪ -‬الناقورة‪،‬‬ ‫يتمدد أيضا ً جنوبا ً ليواجه ساحل فلسطني‬ ‫وهو‬ ‫ّ‬ ‫احملتلة من الناقورة حتى شمالي حيفا‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يعني واقعا ً أن احلقل في جزء منه يقع ضمن املياه‬ ‫البحرية واجملال احليوي االقتصادي اللبناني وفي‬ ‫اجلزء اآلخر هو فلسطيني‪.‬‬ ‫ما يطرح مسألة إيجاد اخلط الفاصل بني‬ ‫القسمني أو بعبارة أخرى رسم احلدود البحرية‬ ‫بني لبنان وفلسطني احملتلة‪ .‬وفي قواعد القانون‬ ‫الدولي العام كرست صالحية رسم احلدود بني‬ ‫الدول للدول ذاتها‪ ،‬ولها إن توافقت أن تستعني‬ ‫بطرف ثالث تف ّوضه باملهمة‪ ،‬وإن تنازعت تلجأ‬ ‫الى حكم أو محكمة دولية تفض النزاع‪ ،‬وإن‬ ‫تطور املوقف مبا يهدد األمن والسالم الدوليني لها‬ ‫أن تلجأ الى مجلس األمن إلعادة الهدوء بوسائله‪.‬‬ ‫وبالنسبة الى احلدود اللبنانية يشرح العميد‬ ‫املتقاعد أمني حطيط أن ترسيم احلدود ليس‬ ‫من واجب اليونيفل موضحا ً واقع تلك احلدود كما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬احلدود البرية‪ :‬متّ ترسيمها في العام ‪1923‬‬ ‫و متّت املصادقة عليها في العام ‪ 1932‬لدى عصبة‬ ‫األمم وباتت حدودا ً دولية معترفا ً بها ال يعاد النظر‬ ‫بها إال باتفاق الطرفني‪ ،‬وعندما احتلت فلسطني‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر اقتصادي‬ ‫وبعد حرب ‪ 1948‬أكدت اتفاقية الهدنة بني لبنان‬ ‫و”إسرائيل” على هذه احلدود واعتبر خط الهدنة‬ ‫مطابقا ً لها‪ .‬أما اخلط األزرق الذي اعتمد في العام‬ ‫‪ ،2000‬فليس له عالقة مبفهوم احلدود وال يؤثر‬ ‫عليها وال ميس بها وسقطت صالحيته في آب‬ ‫‪ 2000‬بعد االنتهاء من التحقق من االنسحاب‪.‬‬ ‫‪ - 2‬في الفترة ما بني ‪ 1949‬و‪ ،1965‬كانت جلنة‬ ‫الهدنة وبإشراف مراقبي الهدنة تتعهد املعالم‬ ‫احلدودية البرية وبشكل متواصل وتتثبت من‬ ‫وجودها في النقاط احملددة إحداثياتها في اتفاقية‬ ‫‪.1923‬‬ ‫يتصد أحد من لبنان أو سواه ملسألة‬ ‫لم‬ ‫‪-3‬‬ ‫ّ‬ ‫احلدود البحرية ألن وضعها في األصل سهل‬ ‫ال يثير خالفاً‪ ،‬فهي معروفة ومحددة بحسب‬ ‫القانون الدولي العام في جزئيها‪ ،‬املياه اإلقليمية‬ ‫وهي على بعد ‪ 20‬كلم من الساحل‪ ،‬واملياه‬ ‫البحرية املشكلة للعمق البحري احليوي للدولة‪،‬‬ ‫وتبعد في البحر الى ما يتعدى الـ ‪ 120‬كلم‪ .‬أما‬ ‫ترسيم اخلط الفاصل بني مجالي دولتني‪ ،‬فإن أمره‬ ‫يقع حتت نفس القواعد التي ترعى احلدود البرية‪،‬‬ ‫وهنا في احلالة اللبنانية‪ ،‬ومبا أن لبنان و”إسرائيل”‬ ‫في حالة حرب وال ميكنهما االتفاق ويحتاجان الى‬ ‫طرف ثالث فإننا نرى احلل كما يلي‪:‬‬ ‫أ ـ ان يبادر لبنان الى رسم حدوده مبفرده ويتق ّيد‬ ‫بقواعد القانون الدولي السالفة الذكر‪ ،‬ويستعني‬ ‫مبراقبي الهدنة فقط للمواكبة‪ ،‬ويضع اخلرائط‬ ‫ويودعها األمم املتحدة إحلاقا ً للخرائط البرية‪.‬‬ ‫وليس لقوات اليونيفل صالحية في الشأن‬ ‫هذا فهي ليست وريثة ملراقبي الهدنة كما أن‬ ‫انتدابها يقع حتت العنوانني العسكري األمني‬ ‫وال يتصل مبسألة رسم احلدود ألن النزاع اللبناني‬ ‫اإلسرائيلي لم يكن نزاعا ً حدوديا ً بل كانت اعتداء‬ ‫من “إسرائيل” على أرض تعترف هي بلبنانيتها‪.‬‬ ‫ب ـ اذا اعترضت “إسرائيل” لبنان بالوسائل‬ ‫القانونية السلمية‪ ،‬يكون للبنان أن يراجع اجلهات‬ ‫القضائية الدولية مبا في ذلك محمكة العدل‬ ‫الدولية‪ ،‬إن اعترضته بالقوة العسكرية هنا ميكن‬ ‫للبنان أن يرفع شكوى جمللس األمن ويطلب قرارا ً‬ ‫منه لبت النزاع وتنظيم األمر‪.‬‬

‫ترسيم حدود املياه االقتصادية‬ ‫من مسؤولية الدولة اللبنانية‬ ‫وحول مسؤولية الدولة اللبنانية بترسيم‬ ‫حدود املياه االقتصادية ّ‬ ‫أكد حطيط ضرورة أن‬ ‫يبدأ لبنان بإعداد العدة الالزمة ملواجهة جديدة‬ ‫مع «إسرائيل»‪ ،‬تختلف هذه املرة عن سابقاتها‪،‬‬ ‫وهي أن «إسرائيل»‪ ،‬بعد سرقة األرض واملياه‪،‬‬ ‫تتحضر للبدء بالتنفيذ لسرقة ثروة جديدة من‬ ‫ثروات لبنان وهي النفط‪ ،‬بعد أن أصدرت وزارتا‬ ‫اخلارجية والعدل اإلسرائيليتان قرارا ً أعلنا مبوجبه‬ ‫املنطقة البحرية احلدودية قبالة الشواطئ‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫اللبنانية ‪ -‬القبرصية واملتصلة بأحد جوانبها‬ ‫مع حدود فلسطني احملتلة البحرية منطقة‬ ‫اقتصادية‪ ،‬وذلك يعني وفقا ً لألحكام القانونية‬ ‫الدولية أنه ال يحق ألي طرف القيام بأي عمل‬ ‫بحري في تلك املنطقة ليس فقط التنقيب عن‬ ‫النفط وإمنا حتى الصيد في تلك الناحية‪.‬‬ ‫وهذا األمر بات يستلزم من احلكومة اللبنانية‬ ‫وفقا ً للخبراء املعنيني اتخاذ إجراءات قانونية‬ ‫سريعة للحفاظ على حقوقها في النفط‬ ‫الواقع قبالة السواحل اللبنانية‪ ،‬فأق ّر البرملان‬ ‫اللبناني قانون الطاقة الذي ينظم عمليات‬ ‫االستطالع واالستكشاف واإلنتاج النفطي‬ ‫والغازي‪ ،‬ويقضي بإنشاء صندوق سيادي إلدارة‬ ‫واستثمار عائدات النفط احملتملة‪ ،‬إذ ذكرت‬ ‫بعض التقارير عن اكتشاف مواقع عدة في‬ ‫محاذاة الساحل اللبناني حتتوي على كميات‬ ‫مؤكدة من الغاز والنفط قد تبلغ بحسب خبراء‬ ‫النفط نحو ‪ 25‬تريليون قدم مكعب من الغاز‬ ‫باحلد األدنى و‪ 80‬تريليون باحلد األقصى‪ ،‬و‪1.5‬‬ ‫مليار برميل من النفط اخلام‪.‬‬ ‫أما كيف يتم تعيني احلدود البحرية؟ أوضح‬ ‫حطيط‪ :‬إذا كانت الدولتان متجاورتني‪ ،‬يأتي‬ ‫احلل نتيجة التفاوض فيما بينهما وإن لم تصل‬ ‫املفاوضات إلى نتيجة أو إذا ّ‬ ‫تعذرت‪ ،‬فهناك بعض‬ ‫روسو‬ ‫شارل‬ ‫ذكر‬ ‫وقد‬ ‫القواعد التي ميكن اتباعها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منها قاعدتني‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫أ‪ -‬متديد خط احلدود البرية داخل البحر‬ ‫إذا كان هذا األمر يبدو احتماال ً مقبوال ً من بني‬ ‫احتماالت أخرى‪ ،‬إال أنه يصبح في بعض احلاالت‬ ‫غير مقبول‪ .‬كأن تكون دولة ما تنتهي حدودها‬ ‫بزاوية حادة فيمتد خط احلدود مقابل الدولة‬ ‫األخرى‪ ،‬كما لو أخذنا خط احلدود البرية بني مصر‬ ‫وفلسطني من خليج العقبة حتى رفح ومددناه‬ ‫في البحر‪ ،‬فإنه ينتهي في وسط قبرص‪.‬‬ ‫ب‪ -‬رسم خط عامودي على االجتاه العام‬ ‫للشاطئ‪ ،‬ويبدو هذا احلل صعب التطبيق عندما‬ ‫ال يشكل اخلطان التقريبيان لساحلي البلدين‪،‬‬ ‫الواحد امتدادا ً مستقيما ً لآلخر‪ ،‬فينتج عن‬ ‫التقائهما عند نقطة احلدود زاوية‪ ،‬فإذا رسمنا‬ ‫اخلط العمودي على خط الساحل التقريبي‬ ‫للدولة األولى واخلط العامودي على خط الساحل‬ ‫التقريبي للدولة الثانية‪ ،‬فقد يفترق اخلطان‬ ‫في البحر وينفرجان عن منطقة ال تتبع أيا ً من‬ ‫الدولتني‪ ،‬أو يحصران منطقة تكون بالنسبة‬ ‫لكل دولة منهما من ضمن مياهها‪.‬‬ ‫مراجعة محكمة العدل الدولية التي اعتمدت‬ ‫أيضا ً طرقا ً أخرى لتعيني احلدود املذكورة‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ج‪ -‬اخلط الوسط (‪)Median‬‬ ‫وهو اخلط الذي يبدأ من نقطة احلدود باجتاه‬ ‫أعالي البحار بحيث تكون كافة نقاطه على‬ ‫مسافة متساوية من نقطتي تعليم (‪)repères‬‬ ‫متناظرتني على كل من ساحلي الدولتني‪ :‬إال أن‬ ‫هذا اخلط يصطدم بثالثة استثناءات‪:‬‬

‫‪62‬‬

‫‪ -1‬أن تكون هناك اتفاقات خاصة ببعض‬ ‫مناطق البحر‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن تكون هناك حقوق تاريخية ألي من‬ ‫الدولتني على مناطق معينة (مصائد أو غيرها)‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يكون الواقع اجلغرافي للشواطئ معقدا ً‬ ‫مما يصعب معه تصور هذا اخلط‪.‬‬ ‫د‪ -‬املعايير املتعددة‬ ‫يجب أن تؤخذ بعني االعتبار معطيات عدة‪،‬‬ ‫بهدف أن تؤدي إلى حل عادل وهذا ما كرسته‬ ‫محكمة العدل الدولية في عدد من قراراتها‬ ‫خصوصا ً في القرارات حول تعيني احلدود‬ ‫البحرية‪.‬‬ ‫املعلومات التي نشرتها الصحافة اإلسرائيلية‬ ‫وتلك التي بثتها أجهزة التلفزة اإلسرائيلية عن‬ ‫حقول الغاز في املتوسط من املياه اللبنانية‪،‬‬ ‫حتى مياه فلسطني و”إسرائيل”‪ ،‬وقبرص وسوريا‬ ‫وجتهيزات التنقيب واالستقصاء األميركية‪،‬‬ ‫إن د ّلت على شيء فإمنا هي تدل على الرهان‬ ‫اإلسرائيلي في املستقبل على استغالل واستثمار‬ ‫هذه الثروة‪ ،‬وعدم مشاركة أصحاب احلقوق‬ ‫مبن فيهم لبنان‪ .‬فحكومة “بنيامني نتنياهو”‬ ‫كما هو معروف‪ ،‬تذرعت أمام موفدين دوليني‬ ‫وديبلوماسيني “بأنها أقدمت على ترسيم احلدود‬ ‫املائية مع قبرص بقطاعها اليوناني‪ ،‬ألن عالقاتها‬ ‫باجلزيرة جيدة جداً‪ .‬ورمبا ساعدتها بالوصول الى‬ ‫هذا االتفاق على ترسيم احلدود حكومة اليونان‬ ‫برئاسة “جورج باندريو” الذي زاره “نتنياهو” عقب‬ ‫أزمة العالقات التي قامت بني تركيا و”إسرائيل”‬ ‫بسبب املوقف التركي من احلرب على قطاع غزة‪،‬‬ ‫واحلرب على لبنان‪ ،‬وعملية “الكوماندوس” على‬ ‫سفن “أسطول احلرية” التركي في املياه الدولية‪.‬‬ ‫لكن حكومة “إسرائيل” مستعدة للدخول‬ ‫في مفاوضات مباشرة مع احلكومة اللبنانية‪،‬‬ ‫بهدف ترسيم احلدود املائية إذا ما قررت حكومة‬ ‫لبنان ذلك‪ ،‬وبذلك اعتبرت حكومة “نتنياهو” ومن‬ ‫يؤازرونها أن الطابة أصبحت في امللعب اللبناني‪،‬‬ ‫فإن قررت حكومة لبنان البحث في موضوع الغاز‬ ‫واستغالل حقوله واإلفادة من هذه الثروة‪ ،‬فما‬ ‫عليها سوى اإلقدام على خطوة تؤدي الى فتح‬ ‫حوار مباشر‪ ،‬أو بواسطة طرف ثالث مع “إسرائيل”‬ ‫وستالقي اليد اإلسرائيلية ممدودة‪ ،‬واستعدادا ً‬ ‫للبحث في موضوع “العالقة مع لبنان” على كل‬ ‫املستويات وفي جميع اجملاالت ومن دون شروط‬ ‫مسبقة‪.‬‬ ‫السؤال الذي يطرح نفسه في هذا اجملال‬ ‫هو‪ :‬هل احلكومة اللبنانية جاهزة‪ ،‬أو هي على‬ ‫استعداد للبحث في ترسيم حدود لبنان في‬ ‫املياه اإلقليمية مع “إسرائيل”؟ وهل ميكن حترير‬ ‫املياه اللبنانية االقتصادية قبل البدء باستخراج‬ ‫النفط؟‬

‫إعداد وحوار ليديا أبودرغم‬


‫منبر فني‬

‫تمسكهم بلواء منصور‬ ‫«دون كيشوت» الرحابنة تؤكد على ّ‬ ‫الفنان أسامة الرحباني‪ :‬ص َدمنا َمن حاول التطاول والمراهنة علينا‬ ‫بوجه رحباني متأ ّمل وهادىء يستقبلك‬ ‫ٍ‬ ‫الفنان أسامة الرحباني‪ ،‬وهو الذي عايش‬ ‫والده الكبير منصور الرحباني‪ ،‬حلظة‬ ‫بلحظة‪ ،‬وكأ ّن األوائل لم يخطأوا مبثلهم‬ ‫القائل‪“ :‬مني ّ‬ ‫خلف ما مات”‪ ،‬فتراه يتحدث‬ ‫بسهولة وثقافة كبيرة مع ما يشتعل في‬ ‫مكنوناته من ثورات وطنية وأفكار قومية‬ ‫جتسدت في بعض املسرحيات واألعمال‬ ‫السابقة وسيتم جتسيد ما ّ‬ ‫تبقى منها في‬ ‫أعمال مستقبلية حتماً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ما وع َد به مراراً وتكرارا‪ ،‬نفذه أبناء‬ ‫ّ‬ ‫جسدوا‬ ‫منصور الرحباني‪ ،‬فكانوا أن‬ ‫وعودهم ملَن علمهم ووضعهم على‬ ‫السكة الفنية الصحيحة‪ ،‬مبسرحية “دون‬ ‫كيشوت” التي أعتبرها اجلميع من “أضخم‬ ‫اإلنتاجات الرحبانية”‪ ،‬وهي مترجمة‬ ‫عن رواية للكاتب اإلسباني ميغيل دي‬ ‫ثيربانتس‪ ،‬التي ‪ -‬وكما قال أسامة الرحباني‬ ‫خالل لقائنا معه – تعكس التهكم على‬ ‫الوضع اإلجتماعي العام‪ .‬هذا العمل الذي‬ ‫فكر أسامة الرحباني بنقله من النص‬ ‫اإلسباني إلى املسرح اللبناني منذ سنوات‬ ‫مع األستاذ منصور الرحباني‪ّ ،‬‬ ‫جسده اليوم‬ ‫بعد رحيل املارد الكبير تاركاً خلفه إرثاً‬ ‫عائلياً فنياً عريقاً‪.‬‬ ‫يكتف أسامة الرحباني مبا حققته‬ ‫ولم‬ ‫ِ‬ ‫العائلة الرحبانية من جناحات مع األستاذ‬ ‫ّ‬ ‫“املعلم‬ ‫منصور‪ ،‬ال بل يؤكد على القول بأ ّن‬ ‫باق‪ ،‬وسنكون على قدر املسؤولية‪ ،‬لنثبت‬ ‫ٍ‬ ‫للجميع بأننا أساتذة عظماء‪ ،‬ولن نضعف‬ ‫أو نتراجع إلى اخللف”‪.‬‬ ‫منبر التوحيد زارت منزل مربّي األجيال‪،‬‬ ‫ومؤسس املسرح الرحباني الذي تخطى‬ ‫احلدود‪ ،‬األستاذ الراحل منصور الرحباني‪،‬‬ ‫والتقت إبنه الفنان أسامة الرحباني الذي‬ ‫أص ّر على التكرار بأ ّن الفن الرحباني لن‬ ‫ينتهي عند رحيل منصور‪ ،‬بل “هو في تق ّدم‬ ‫مستمر مع جناح أكبر ملا تركه األستاذ‬ ‫الكبير”‪ ،‬وهنا نص احلوار‪:‬‬

‫مسرحية “دون كيشوت”‪ ،‬أول عمل مسرحي‬ ‫ألبناء منصور الرحباني بعد رحيله‪ ،‬ما هو‬ ‫تقييمك لذلك؟‬ ‫كانت صدمة إيجابية للكثير من الناس‪ ،‬بجرأتها‬ ‫في طرح املواضيع‪ ،‬كإنتاج كامل من النص إلى‬ ‫املوسيقى إلى الشعر‪ ،‬إلى السينوغرافيا واإلخراج‬ ‫والرقص‪ ،‬وحتى للممثلني املشاركني‪ ،‬كل ذلك‬ ‫وراق وحديث عما‬ ‫تضافر‬ ‫ّ‬ ‫ليقدم شيئا ً متجددا ً ٍ‬ ‫وقدمناه‪ .‬أعتبر “دون كيشوت” من أضخم‬ ‫سبق ّ‬ ‫إنتاجاتنا إذا لم تكن األضخم بينها‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫صعوبتها كقطعة مسرحية‪ .‬لقد كانت‬ ‫أصداؤها رائعة وإيجابية بشكل كبير وعلى جميع‬ ‫نأت من فراغ‪ ،‬فقد‬ ‫األصعدة‪ .‬في النهاية‪ ،‬نحن لم ِ‬ ‫قدمنا حتى اليوم ‪ 15‬مسرحية من أكبر األعمال‬ ‫ّ‬ ‫مع األستاذ الراحل منصور الرحباني‪ ،‬من بينها‬ ‫كنت منتجها وصاحب الفكرة واملوسيقى‬ ‫ما‬ ‫ُ‬ ‫والرؤية الكاملة بتعاون ومتابعة األستاذ الراحل‪،‬‬ ‫وأعمال أخرى كانت تطبيقأ ً ملا يريد ويطلب منا‪،‬‬ ‫أي تنفيذ رؤيته الفنية اخلاصة‪ .‬أعتبر أننا خضنا‬ ‫أهم ‪ 15‬مسرحية غنائية في العالم العربي‪ ،‬فما‬ ‫قدمناه على مدى سنني طويلة على مستوى‬ ‫ّ‬ ‫اإلنتاج ‪ -‬أي األفكار املسرحية الفنية ‪ -‬كان مميزاً‪،‬‬ ‫وال ّ‬ ‫شك أ ّن الثقافة والعلم الكبيرين هو األهم‪،‬‬ ‫خاصة في زمن األخوين الرحباني‪ ،‬وبعدها زمن‬ ‫منصور الرحباني‪ ،‬ومن ثم جهودي ومروان وغدي‬ ‫املشتركة معه‪ ،‬لذلك أعتقد أ ّن منصور كان أهم‬ ‫رجل في العائلة الرحبانية بدون منازع‪ ،‬ومن أهم‬ ‫األساتذة في العالم العربي‪ ،‬كمفكر وموسيقي‬ ‫وشاعر وفنان‪ ،‬وكطليعي صاحب أفكار مسرحية‬

‫‪63‬‬

‫غاب‪ ،‬وكان تأثير هذا‬ ‫حديثة‪ .‬نتكلم عن ماردٍ كبير َ‬ ‫الغياب كبير علينا‪ ،‬إذ فقدنا الكثير من العناصر‬ ‫لكن احلياة تستمر‪ ،‬ونستمر بالنظر‬ ‫األساسية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إلى األمام وإلى مزيد من النجاح‪ ،‬هكذا علمنا‬ ‫األستاذ‪ ،‬بالنظر دائما ً إلى األمام‪ ،‬والتفكير بطريقة‬ ‫متجددين‪ ،‬فاألهم هو احلصول‬ ‫صحيحة والبقاء‬ ‫ّ‬ ‫على حيوية مستمرة للتطور أكثر فأكثر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يحل مكان‬ ‫يتابع الرحباني‪ :‬طبعا ً ال أحد‬ ‫مارد كبير كـ”منصور الرحباني”‪ ،‬ويع ّوض هذا‬ ‫العبقري‪ ،‬الذي ترك لنا الكثير من األعمال من‬ ‫عبقريته وثقافته وإبداعاته‪ ،‬ونحن تر ّبينا على‬ ‫ذلك‪ ،‬فالعبقرية تُصنَع بالعلم والكفاح واجلهاد‬ ‫وباألفكار اجلديدة وبالثقافة والتعب والعمل‬ ‫املستمر‪ ،‬وال تأتي من الالشيء‪.‬‬ ‫َ‬ ‫تباحثت سابقاً بعمل “دون كيشوت” مع‬ ‫الوالد الراحل‪ ،‬هل َ‬ ‫ترك غيابه فراغاً في العمل؟‬ ‫العمل كان مج ّرد فكرة مطروحة‪ ،‬ولطاملا‬ ‫وتباحثت فيه‬ ‫حت عنها منذ العام ‪،2005‬‬ ‫ُ‬ ‫ص ّر ُ‬ ‫نقدمها‬ ‫مع األستاذ‪ ،‬لكن كان لدينا أعمال أخرى ّ‬ ‫كـ”جبران والنبي”‪ ،‬و”زنوبيا”‪ ،‬و”عودة الفينيق”‪،‬‬ ‫ولألسف رحل أثناء تقدمينا لتلك األخيرة‪ ،‬لذلك‬ ‫نحضر لها‪ ،‬علما ً أ ّن ّ‬ ‫كل منا قام ببحثه‪،‬‬ ‫لم‬ ‫ّ‬ ‫وتواعدنا على العمل اجلدي عليها بعد خروجه‬ ‫من املستشفى لكن لألسف لم يتم ذلك‪ ،‬لذلك‬ ‫قمت بقراءاتي وأبحاثي املكثفة حول الكتابات‬ ‫ُ‬ ‫والرسومات واللوحات واملسرح والسينما‪ ،‬وخاصة‬ ‫وقررت تقدميها‪.‬‬ ‫حول شخصية “دون كيشوت”‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫أنتم اجليل الشاب اليوم في العائلة‬ ‫الرحبانية‪ ،‬وحترزون تق ّدماً مميزاً‪ ،‬وقد حت ّد َ‬ ‫ثت عن‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر فني‬ ‫النقد الب ّناء اإليجابي‪ .‬ماذا عن بعض الذين‬ ‫ينتقدون بطريقة سلبية ويعتبرون أ ّن وهج‬ ‫اإلمبراطورية الرحبانية بدأ ّ‬ ‫يخف بعد رحيل‬ ‫األخوين الرحباني؟‬ ‫نحن مستمرون بأعمالنا املميزة‪ ،‬ورأسنا مرفوع‬ ‫ونتطلع لألفضل‪ ،‬و َمن يريد التكلم عنا سلبياً‪،‬‬ ‫فليفعل‪ .‬فهناك َمن ال يزال يعيش بني غياهب‬ ‫املاضي‪ ،‬وال يعرف كيفية النظر إلى األمام‪ ،‬والتطلع‬ ‫متحجرون‪ ،‬وأي شجرة مثمرة‬ ‫للمستقبل‪ ،‬هم‬ ‫ّ‬ ‫يحاولون رشقها باحلجارة‪ ،‬ولكننا ال نأبه لذلك‬ ‫أمام كل هذا النجاح واألصداء‪ ،‬واآلراء الرائعة‪ .‬ال‬ ‫أستطيع منع أحد من كتابة عواطفه أو حقده‬ ‫أو كرهه‪ ،‬لكنني ال أستطيع أيضا ً التعليق على‬ ‫بعض الناس‪ٌّ ،‬‬ ‫فكل لديه رأيه‪ ،‬خاصة وأنني أف ّرق بني‬ ‫والهدامة‬ ‫اآلراء النقدية‪ ،‬وتلك احلاقدة والكارهة‬ ‫ّ‬ ‫والشتّامة‪ ،‬وصاحب هذه األخيرة ال قيمة له‬ ‫إما أن يكون النقد بنّا ًء وواضحاً‪ ،‬وإال‬ ‫باألساس‪ ،‬إذ ّ‬ ‫فبدونه أفضل‪ ،‬خاصة وأننا ال منلك متخصصني‬ ‫في النقد املسرحي الغنائي‪ ،‬كي تبقى اإلستفادة‬ ‫من كل شيء بنّاء وفي موقعه الصحيح‪ ،‬ولكن‬ ‫ال شيء سيجعلنا أقل مستو ًى‪ ،‬فنحن عظماء‬ ‫نقدمه سيبقى للمستقبل وليس‬ ‫في فنّنا‪ ،‬وما ّ‬ ‫لليوم فقط‪ ،‬وكما ان ُت ِقد أهلنا أكثر منا بأضعاف‪،‬‬ ‫واستمروا ولم يأبهوا ألحد‪ ،‬سنسير على خطاهم‬ ‫ونكمل الدرب بدون االلتفات إلى شيء‪.‬‬

‫الشجرة املثمرة تراشق باحلجارة‬ ‫ما سبب اختياراتكم الدائمة للشخصيات‬ ‫التاريخية‪ ،‬خاصة وأنكم استخدمتم‬ ‫مصطلحات وطنية وسياسية في مسرحية‬ ‫“دون كيشوت” متل “الشعب يريد”‪ ،‬و”التغيير”‪،‬‬ ‫و”البلطجية”‪ ،‬وغيرها؟‬ ‫“دون كيشوت” رواية أدبية أصبح لها قيمة كبيرة‬ ‫جدا ً نظرا ً ألهميتها وجمالها‪ ،‬وملا حتتويه من صورة‬ ‫عن اجملتمع ذو الوجهني‪ ،‬وكأنها مرآة للمجتمع‪،‬‬ ‫فهي تتحدث عن التهكم واالنحطاط التي عاشته‬ ‫اسبانيا بعد محاكم التفتيش‪ ،‬وغيرها من أخبار‬ ‫الطبقة االرستقراطية وانحدار الطبقة املتوسطة‬ ‫وسذاجة الطبقة الفالحة العاملة‪ ،‬وفساد رجال‬ ‫الدين والقضاء والفنون وكل ما عاشته اسبانيا‬ ‫من األكاذيب وتضارب األفكار اخملتلفة مع بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬مما أوجد نوعا ً من التهكم والسخرية لدى‬ ‫أولئك الذين عايشوا تلك املرحلة‪ ،‬من هنا أجد‬ ‫أنه مبجرد تفكيرنا بهذه الطريقة‪ ،‬فأل ّن الرواية‬ ‫عظيمة وتعتبر من أشهر الروايات في العالم‪ ،‬مع‬ ‫ما متلكه تلك الشخصية اخليالية من الفانتازيا‪،‬‬ ‫وما “طواحني الهواء” سوى خير دليل على ذلك‪،‬‬ ‫ألنها النمط الغالب الذي يتمكن من اإلنسان في‬ ‫نهاية األمر‪ ،‬ليأتي ذلك املدعو “دون كيشوت” في‬ ‫محاولة منه إلستعادة مبادىء الشهامة والرجولة‬ ‫والفروسية وأعمال البطولة ونصرة احلق واخلير‬ ‫ضد الشر وحماية الطهارة والدفاع عن املظلومني‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫واحملرومني واجلياع‪ ،‬وغيرها من األمور‪ ،‬خاصة وأ ّن‬ ‫الفارس الط ّواف كان سابقا ً يقوم بكل هذه األمور‬ ‫وجدت أننا بحاجة في زمننا هذا‬ ‫دون مقابل‪ ،‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫لشخص مماثل‪ ،‬ألننا كل يوم “دونكيشوت ّيون” ‪ٌّ -‬‬ ‫كل‬ ‫ٍ‬ ‫أصحاء وكل ما حولنا‬ ‫على طريقته اخلاصة‪ ،‬فنرى أننا ّ‬ ‫خطأ وفاسد‪ ،‬لنكتشف اجنرارنا للخطأ الذي ال يتم‬ ‫إصالحه إال بخطأ أكبر‪ .‬الشخصيات التاريخية التي‬ ‫نتناولها في أعمالنا تكون أساسية وحقيقية‪ ،‬أما‬ ‫في مسرحية “دون كيشوت” فشخصياتنا ليست‬ ‫حقيقية‪ ،‬بل هي رواية أدبية لـ”سرفانتس” أخذنا‬ ‫منها الزبدة األساس‪ ،‬وقولبناها في طابعنا اخلاص‪،‬‬ ‫كفنانني ثالث‪ :‬غدي ومروان وانا‪.‬‬ ‫هل استوحيتم املصطلحات الوطنية في‬ ‫مسرحية “دون كيشوت” من الثورات العربية‪،‬‬ ‫خاصة وأ ّن الرواية ُكتبت منذ زمن بعيد؟‬ ‫إذا قمنا بإسقاط ُمعاصر ملنطقتنا‪ ،‬نرى الكثير‬ ‫حتدثنا عنها‪ ،‬وذ ُِكرت في‬ ‫من تلك األشياء التي ّ‬ ‫الرواية موجودة في كل مكان‪ ،‬وبعض الشعارات‬ ‫املضحكة أيضا ً ُو ِجدت في سياق السيناريو ألننا‬ ‫نحن أيضا ً نتهكم من بعض األشياء التي حتصل‬ ‫اليوم‪ ،‬إذ تُضحكنا مثالً قصة أ ّن املواطن التونسي‬ ‫محمد بو عزيزي التي متثلت بحرق نفسه‪ ،‬بدأت‬ ‫تتكرر في باقي الدول ّ‬ ‫تهكما ً ونتيجة قلة وعي‪،‬‬ ‫علما ً أنها نشأت في تونس بعد مرارة وكبت‬ ‫ّ‬ ‫تهكمنا في املسرحية من كل‬ ‫عميقني‪ .‬لذلك‬ ‫هذه األمور‪ ،‬وفي النهاية آلت الثورات العربية‬ ‫إلى فشل‪ .‬نحن معها ونشجعها‪ ،‬ولكننا وجدنا‬ ‫بعدها مشروع محاولة ّ‬ ‫بث أجواء الفوضى في‬ ‫كامل أنحاء العالم العربي‪ ،‬ولكن يبقى لبنان –‬ ‫مع كل س ّيئاته ‪ -‬متميزا ً نظرا ً لوجود زعماء من‬ ‫بغض النظر‬ ‫عدة طوائف‪ ،‬يأتون ويذهبون‬ ‫ويتبدلون ّ‬ ‫ّ‬ ‫عن سلبية ذلك‪ ،‬لكن هذا يؤكد وجود فسحة من‬ ‫الراحة واحلرية والدميقراطية بعكس دول أخرى كما‬ ‫حصل في مصر أو تونس أو غيرها‪ ،‬وهذا ما يؤكد‬ ‫وجود كحت في اجلو السياسي العام واحلركة‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬فنحن ورغم كل س ّيئات النظام في‬

‫‪64‬‬

‫لبنان‪ ،‬ال زلنا أفضل ومنلك أشياء أجمل بكثير‪.‬‬

‫التحركات العربية‪:‬‬ ‫ثورات أم فوضى؟‬ ‫َ‬ ‫قلت “نحن نتهكم على ما حصل في العالم‬ ‫العربي من ثورات”‪ ،‬أال تعتبرها ثورات ضد‬ ‫اإلقطاع ومترّد على األنظمة اجلائرة؟‬ ‫بالطبع بعضها ُمج ٍد‪ ،‬خاصة وأ ّن ذلك يحصل‬ ‫للمرة األولى وهناك مناطق عاشت هذه الثورات‪،‬‬ ‫خاصة ما حصل قدميا ً في سوريا والعراق ونوعا ً‬ ‫العدة التي حصلت‪،‬‬ ‫ما في األردن مع اإلنقالبات‬ ‫ّ‬ ‫لكنها أثرت أكثر في العراق وسوريا‪ ،‬أيضا ً مصر‬ ‫وليبيا عاشتا ثورة واحدة كانت إنقالبا ً على‬ ‫امللكية‪ ،‬في حني أن اخلليج العربي لم يعشها‬ ‫سابقاً‪ ،‬وبالتالي فهي أجواء جديدة عليه‪ .‬أعتقد‬ ‫أ ّن لعبة “الكرتون” التي شهدناها مؤخراً‪ ،‬وما‬ ‫تالها من سقوط ألحجار الدومينو‪ ،‬دليل على‬ ‫وجود خطأ كبير‪ ،‬لكن الثورة يجب أن تبدأ بطريقة‬ ‫مختلفة لتصل إلى نتيجة‪ ،‬في حني أننا لم نرَ أي‬ ‫نتيجة لذلك بل فوضى وتخريب‪ ،‬وهذا ما يُن ِفذ‬ ‫مؤامرة الغرب أي الش ّر‪ ،‬خاصة مع غياب النظام‬ ‫بعد سقوط احلكام‪ ،‬إذ يحاولون نشر الفوضى‬ ‫العارمة في كافة الدول العربية‪ ،‬وأنا ال أوافق هذه‬ ‫السيء وإيجاد‬ ‫الطريقة‪ ،‬فالثورة تأتي لتحسني‬ ‫ّ‬ ‫األفضل‪ ،‬ولكن أن تكون طريقة إليجاد األسوأ‪،‬‬ ‫فهذه كارثة‪.‬‬ ‫ماذا عن الفنانة هبة طوجي‪ ،‬فكثر حت ّدثوا‬ ‫عنها على أنها بدأت على يد أسامة الرحباني‪.‬‬ ‫ملاذا اخترتها دون غيرها‪ ،‬وهل تخاف أن تخرج‬ ‫من مدرستكم كما خرج غيرها سابقاً؟‬ ‫حصل اللقاء األول مع هبة طوجي صدفة‪،‬‬ ‫لكنها كانت مميزة خاصة مع صوتها الرائع الذي‬ ‫ميكنه اإلشراق في األعمال املسرحية‪ ،‬وما يلفت‬ ‫بها هو تو ّقدها لسماع وتطبيق كل مالحظة‬


‫تُعطى لها‪ ،‬إذ متلك ذكا ًء خارقا ً وثقافة مميزة‪ ،‬كما‬ ‫وأنها تدرس فنون املسرح واإلخراج والتمثيل‪،‬‬ ‫فاملسرح يعطي ثقة على اخلشبة‪ ،‬ألنه يفكك‬ ‫اجلسد كأنه قطعة بالستيكية‪ ،‬فيتغير اإلنسان‬ ‫كليا ً ويصبح أكثر راحة مع نفسه‪ .‬ما مي ّيزها هو‬ ‫صوتها الرائع‪ ،‬وقدرتها على آداء أغنيات صعبة‬ ‫خاصة مع عمرها الصغير (‪ 18‬سنة)‪ .‬لقد كانت‬ ‫على قدر املسؤولية في دورها في “عودة الفينيق”‪،‬‬ ‫إذ لم تكن معتادة على الوقوف على أهم مسرح‬ ‫في العالم العربي أي املسرح الرحباني‪ ،‬لهذا‬ ‫سنكمل العمل والتعاون مع هبة طوجي‪،‬‬ ‫وسأعطيها فرصا ً أكثر للنجاح‪ ،‬ولكننا ال جنبر‬ ‫أحد على توقيع عقود معينة معنا‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ميكنها الذهاب الحقا ً للعمل في أي مكان‪.‬‬ ‫ماذا ّ‬ ‫حتضرون لـ”هبة طوجي”‪ ،‬اليوم؟‬ ‫هناك اسطوانة خاصة بها انتهينا منذ حوالي‬ ‫السنة من العمل عليها‪ ،‬وقد رأينا منها فيديو‬ ‫كليب مصور بعنوان “حلم”‪ ،‬لكن تأخر صدورها‬ ‫ألمور انتاجية‪ ،‬ومن املفروض أن تصبح في متناول‬ ‫اجلمهور في الشهر القادم‪ .‬االسطوانة بعنوان‬ ‫“ال بداية وال نهاية”‪ ،‬حتتوي قصيدتني من كالم‬ ‫الراحل الكبير منصور الرحباني‪ ،‬وعشرة قصائد‬ ‫من كالم غدي الرحباني‪ ،‬وامللفت فيها العمل‬ ‫واالتقان املدروس‪ ،‬لذلك ستشكل نقطة مميزة في‬ ‫هذا البحر من اإلنتاج اخملتلف متاماً‪ ،‬وستترافق مع‬ ‫صدور اسطوانة “دون كيشوت”‪.‬‬ ‫ما سبب تعاملكم مع مهرجانات بيبلوس‬ ‫الدولية دون غيرها في املدن األثرية التاريخية‬ ‫كـ”بعلبك” وغيرها؟‬ ‫لطاملا خضنا مع األستاذ الراحل عدة مهرجانات‬ ‫في أماكن مختلفة‪ ،‬وأنا شخصيا ً‬ ‫شاركت في‬ ‫ُ‬ ‫ذلك‪ ،‬فقد لُ ِعبت موسيقاي على أدراج مدينة‬ ‫بعلبك في مسرحية “املتنبي”‪ ،‬إضافة للتعاون‬ ‫فيما بيننا ومروان وغدي الرحباني‪ ،‬وسابقا ً أيضا ً‬ ‫أنتجت بعض املوسيقى في بعض‬ ‫كنت قد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األعمال ملنصور الرحباني والسيدة فيروز‪ ،‬كما أننا‬ ‫عرضنا مثالً “حكم الرعيان” على أدراج بيت الدين‪،‬‬ ‫ونحن في تواصل تام مع املهرجانات املناطقية‪،‬‬ ‫املنصة‪،‬‬ ‫لكن “بيبلوس” ّ‬ ‫أمنت لنا الراحة جلهة وجود ّ‬ ‫إذ أننا نحتاج ملساحة كبيرة ومناظر طبيعية‬ ‫حولها‪ ،‬فالنص يكون سمعي وبصري وموسيقي‬ ‫ومتثيلي‪ ،‬وال بد من تأمني هذه العناصر وإضافات‬ ‫أخرى‪ ،‬كما وأ ّن الراحل الكبير أنطوان شويري‪ ،‬الذي‬ ‫رافقناه في عملية إنتاجنا‪ ،‬طلب مني في العام‬ ‫‪ 2004‬وخالل حتضيري ملسرحية “آخر يوم”‪ ،‬تقدميها‬ ‫محضرة ألن‬ ‫على مسرح بيبلوس‪ ،‬لكنها لم تكن‬ ‫ّ‬ ‫تكون على مسرح كهذا‪ ،‬فكان العرض األول في‬ ‫مهرجانات بيبلوس مع مسرحية “جبران والنبي”‬ ‫في العام ‪ ،2005‬وحقق جناحا ً هائالً‪ ،‬لتك ّر سبحة‬ ‫النجاحات‪ ،‬في العام ‪ 2007‬مع مسرحية “زنوبيا”‪،‬‬ ‫ومن ثم “عودة الفينيق” و”صيف ‪ ،”840‬وكانت‬ ‫حتمل‬ ‫مهرجانات بيبلوس الوحيدة القادرة على ّ‬ ‫ضخامة إنتاجاتنا‪ ،‬خاصة مع وجود روز شويري‬

‫زوجة الراحل أنطوان شويري التي نسير معها‬ ‫على نفس خطوات َمن سبقنا‪.‬‬ ‫هناك ترويج إعالمي ضخم ألعمالكم‪ ،‬ما‬ ‫رأيك باآلداء اإلعالمي في املنطقة العربية‬ ‫عموماً ولبنان خصوصاً؟‬ ‫لألسف‪ ،‬تزايدت األعمال الفنية بشكل غير‬ ‫طبيعي مع تزايد فرص الشهرة السهلة‪ ،‬لكنني‬ ‫ال أوافق ذلك‪ ،‬فاحلياة فيها إضافة للحظ‪ ،‬جهد‬ ‫وتعب ومثابرة‪ ،‬وفيها الطريقة الصحيحة‬ ‫للتسويق اإلعالمي واإلعالني‪ ،‬فال ميكننا تسطيح‬ ‫الرأي العام العربي بنوع معني من املوسيقى‬ ‫املص ّورة وغير املص ّورة‪ ،‬والتسويق لها بشكل هائل‬ ‫وبكل سهولة‪ ،‬كما أنني ضد احلرب اإلخبارية التي‬ ‫تقودها الدول للسيطرة على املنطقة‪ ،‬ال بل إنني‬ ‫مع خطة اقتصادية عربية لنشر الثقافة العربية‬ ‫بشكل أفضل وأجمل في الغرب‪ ،‬وليس البذخ‬ ‫لتجسيد الثقافة البذيئة‪ .‬هل تساءلنا يوما ً‬ ‫سبب سيطرة اليهود على العالم االقتصادي‬ ‫واإلعالمي والسينمائي والفني في العالم؟ ألنهم‬ ‫ميلكون ذكا ًء خارقا ً في كيفية التعامل بالشؤون‬ ‫االجتماعية‪ ،‬وفي نشر فكر وثقافة حضارة معينة‬ ‫خاصة مع ما ميلكونه – وال منلكه نحن – من توجيه‬ ‫صحيح ومتقن‪ ،‬ولذلك يجب أن نتعلم منهم‬ ‫طريقة توجيه ثقافتنا للمكان الصحيح لنتغلب‬ ‫على الغرب‪ ،‬خاصة وأ ّن اليهود لم يتعلموا من‬ ‫أحد سوى أملانيا النازية مع األخطاء التي حصلت‬ ‫بحقهم‪ ،‬لذلك علينا أن نتعلم من أخطائنا‬ ‫لنتمكن من تصحيحها‪ .‬من هنا نرى وجود خطأ‬ ‫كبير جداً‪ ،‬مع كثرة املهرجانات وسخافة بعضها‪،‬‬ ‫بحيث أصبح لدينا تخمة ال طعم لها وال فائدة‪.‬‬

‫اإلنتاج احمللي يطبّق رغبات الغرب‬ ‫ما رأيك باالنتاج احمللي والفن اللبناني؟‬ ‫لقد م ّرت جتارب إنتاجية في كل العصور‪،‬‬ ‫وسيء‪ ،‬خاصة مع كثرة شاشات‬ ‫بشكل جيد‬ ‫ّ‬

‫‪65‬‬

‫التلفزة والفضائيات‪ ،‬وأصبح العمل اإلعالمي‬ ‫مخروقا ً بشكل سهل جداً‪ ،‬بدون “غربلة”‬ ‫َمن هم أجنح وأفضل لتمثيل حضارة معينة‪،‬‬ ‫التوجه اإلعالمي اخلاطىء لكل‬ ‫وسبب ذلك هو‬ ‫ّ‬ ‫البرامج السياسية على كافة احملطات اللبنانية‪،‬‬ ‫واستقبالهم للشخصيات السياسية دون غيرها‪،‬‬ ‫علما ً أن هناك بعض املواطنني ومنهم الفنانني‬ ‫واخملرجني َمن أهم أكثر ثقافة من السياسيني‪.‬‬ ‫التوجه العام لكل هذه األمور هو أن‬ ‫لذلك‪ ،‬فإ ّن‬ ‫ّ‬ ‫الفن أصبح تكنولوجيا سريعة‪ ،‬مع فوضى عارمة‬ ‫وتخمة فاسدة بحيث اختلط املبدع بالفاسد‪.‬‬ ‫توجه إعالمي وطريقة إنتاج خاطئة‬ ‫لألسف‪ ،‬لدينا ّ‬ ‫لدى كل الشركات‪ ،‬تؤدي لتسطيح الفكر العربي‪،‬‬ ‫وهذا ما يُفرح الغرب‪.‬‬ ‫هل ّ‬ ‫حتن للعودة إلى الشاشة الصغيرة؟‬ ‫ال وقت لدي‪ ،‬ولذلك لم أشارك في برنامج‬ ‫صب جهدي‬ ‫وأفضل‬ ‫الهواة “ستار أكادميي”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األكبر على أعمالي اخلاصة الرحبانية‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫الشاشة الصغيرة حتتاج أيضا ً لعمل كبير وجهد‬ ‫أكبر‪ ،‬وهذا ما نراه من سوء السيناريو والتصوير‬ ‫والتمثيل وحتى اإلخراج‪.‬‬ ‫ماذا يقول أسامة الرحباني اليوم بعد رحيل‬ ‫األستاذ الكبير منصور الرحباني؟‬ ‫أقول‪ :‬نحن على العهد‪ ،‬كما ع ّلمتنا ‪ -‬ثالثة فنانني‬ ‫َ‬ ‫معك‪ ،‬ونأمل أن نرفع إسمك إلى‬ ‫متحدين بأفكارنا‬ ‫ّ‬ ‫األعلى أكثر فأكثر‪ ،‬وكل َمن حاول املراهنة علينا‪،‬‬ ‫تلقى صدمة كبيرة‪ ،‬كانت إيجابية ملصلحتنا نحن‪،‬‬ ‫وتأ َّكد بأننا عندما نقول نفعل‪ ،‬وبأننا نستطيع‬ ‫النجاح أكثر‪ ،‬ألننا أساتذة بكل ما للكلمة من‬ ‫ندعي ذلك لكننا تواضعنا مبا فيه الكفاية‬ ‫معنى‪ ،‬ال ّ‬ ‫أمام َمن يحاولون التطاول واملراهنة على جناحاتنا‪.‬‬ ‫أقول له‪ :‬سنبقى حاملني لواءك بالشكل الصحيح‪،‬‬ ‫لتفخر بنا وبـ”احلق الذي ال ميوت”‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبداهلل‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر فني‬

‫معهد «بترا» للثقافة والفنون بعد سنة على تأسيسه‬ ‫تتجسد في إبداعات مميزة‬ ‫مواهب مخ ّبأة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أصبحت‬ ‫الطالبة نهال عوض‪:‬‬ ‫متصاحلة مع ذاتي‬

‫شهد العام املاضي‪ ،‬افتتاح معهد جديد‬ ‫الكتشاف مخزون فني وثقافي لدى الكثير‬ ‫ّ‬ ‫جتسد بإسم “بترا”‬ ‫من أصحاب املواهب‪،‬‬ ‫للثقافة والفنون‪ ،‬حتت رعاية فنية من عدد‬ ‫من الفنانني الذين شاركوا بلوحاتهم في‬ ‫املعرض الدائم ضمن املعهد‪ ،‬وبتكرمي الناقد‬ ‫املسرحي الكبير نزيه خاطر‪ ،‬فكان أن بدأ‬ ‫املعهد باستقطاب عدد قليل من الطالب‬ ‫– كونه فكرة جديدة ‪ -‬تزايد شيئاً فشيئاً‬ ‫ليتضمّ ن اليوم وبعد سنة على تأسيسه‪،‬‬ ‫عدداً من الطالب املوهوبني وتطويرهم حتت‬ ‫إشراف مديرة املعهد الفنانة نيرمني أبو‬ ‫خليل‪ ،‬والتي يثني الطالب على سعيها‬ ‫ّ‬ ‫وبث روح احملبة‬ ‫الدائم لصقل مواهبهم‬ ‫واألخوّة والتعاون فيما بينهم‪.‬‬ ‫معهد “بترا”‪ ،‬يستمر اليوم بالعطاء‪،‬‬ ‫لتخريج طالبه في فن الرسم‪ ،‬والذين‬ ‫بإجنازات تعبّر عن أسس صحيحة‬ ‫يفخرون‬ ‫هذا وتؤكد أبو خليل “أ ّن الثقافة واكتساب‬ ‫ٍ‬ ‫تأت املعرفة الفنية ضرورية‪ ،‬ملوازاتها مع املواد‬ ‫وقواعد فنية مدروسة وموزونة‪ ،‬لم ِ‬ ‫تقول نهال عوض (أم خالد)‪“ :‬لقد غ ّير هذا‬ ‫حتماً من الالشيء‪.‬‬ ‫العملية التطبيقية التي تُدرَّس في املعهد‪ ،‬املعهد كل حياتي‪ ،‬ونقلني بإشراف الفنانة‬

‫أبو خليل‪ :‬نضع طالبنا على‬ ‫ّ‬ ‫للفن‬ ‫السكة الصحيحة‬ ‫“منبر التوحيد” جالت في أنحاء املعهد‪ ،‬والتقت‬ ‫عددا ً من الطالب الذين كانوا يتابعون حصص‬ ‫الدراسة لدى مديرة املعهد الفنانة أبو خليل‪ ،‬والتي‬ ‫قالت‪“ :‬إ ّن أجمل ما م ّر في هذه السنة‪ ،‬هو العالقة‬ ‫الوثيقة التي بنيتها مع طالب املعهد‪ ،‬وأعتقد أ ّن‬ ‫ذلك يعود إلى تأكيدي الدائم لهم أنه بإمكانهم‬ ‫جتسيد كل أفكارهم في اللوحات‪ ،‬وليس فقط ما‬ ‫يُطلب إليهم داخل حصص الدراسة‪ ،‬فتقن ّيات‬ ‫تعلم الرسم هي قواعد وأصول بنسبة ‪،%90‬‬ ‫و ‪ % 10‬فقط من املوهبة‪ ،‬وهذا ما لفت إنتباه‬ ‫العديد من الطالب الذين دخلوا املعهد في البداية‬ ‫للتجربة فقط‪ .‬لألسف‪ ،‬ومع كل ما يحملونه من‬ ‫وجدت لدى كثر منهم عدم ثقة‬ ‫مواهب دفينة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بقدرتهم على الرسم‪ ،‬ولكنني أفرح عند رؤيتهم‬ ‫يتعلمون بالسرعة التي تعلموا بها‪ ،‬مع ما يأتونني‬ ‫به في معظم األحيان من لوحات مدهشة‪ .‬كما‬ ‫أتابع الطالب الذين سبق وتخ ّرجوا من املعهد‪،‬‬ ‫يحضرون ملعارض‬ ‫وأقوم بتوجيههم‪ ،‬وهم اليوم‬ ‫ّ‬ ‫قادمة‪ ،‬كما أن عدد الطالب يزداد خاصة وأ ّن منهم‬ ‫َمن جتاوز األربعني من عمره”‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫كي تكون سنة واحدة من تع ّلم أسس الرسم‪،‬‬ ‫كافية بدل الثالث سنوات التي يتم تدريسها‬ ‫في اجلامعات‪ ،‬من هنا نعمل على وضع طالبنا‬ ‫على السكة الصحيحة لطريق احتراف الفن‪،‬‬ ‫ليبقى عليهم فقط استمرار طموحهم‬ ‫لتحقيق ما يبغون‪ .‬هذا ويحتوي املعهد‪ ،‬على‬ ‫نشاطات متنوعة من تعلم املوسيقى‪ ،‬واليوغا‪،‬‬ ‫ورقص الصالونات‪ ،‬والرسم‪ ،‬والعزف على العود‬ ‫والغيتار”‪.‬‬ ‫وتتابع حول املعرض الدائم الذي افتتح مع‬ ‫افتتاح املعهد في العام املاضي‪“ :‬ال زال الفنانون‬ ‫املشاركون فيه يقومون بتبديل لوحاتهم كل‬ ‫فترة”‪ ،‬مشيرة إلى “افتتاح معرض لفنانني آخرين‬ ‫في األشهر املقبلة‪ ،‬مع معرض سنوي للطالب‬ ‫املتخ ّرجني”‪.‬‬

‫طالب «بترا»‪ :‬من املوهبة إلى‬ ‫التنفيذ‬ ‫كذلك‪ ،‬كان لنا لقاءات مع الطالب الذين كانوا‬ ‫يتابعون دروسهم في فن الرسم مع مديرة املعهد‪،‬‬ ‫التعجب س ّيد املوقف مما وصل بهم التط ّور‬ ‫وكان‬ ‫ّ‬ ‫قدموها أمامنا وأكملوا اللمسات‬ ‫إلى لوحات ّ‬ ‫األخيرة عليها‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫نيرمني أبو خليل إلى مساحة من املصاحلة مع‬ ‫ذاتي‪ ،‬إذ لم أتوقع أن أصبح مبا أنا عليه اليوم في‬ ‫تقنية الرسم‪ .‬لقد اكتشفت طاقة هائلة في‬ ‫داخلي‪ ،‬أشعرتني بإمكانية حتقيق نفسي مع‬ ‫التحدي‪ ،‬ما أوصلني إلى رسم كل‬ ‫إصراري على‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وصلت‬ ‫مبا‬ ‫هلوا‬ ‫ذ‬ ‫ف‬ ‫وأحفادي‪،‬‬ ‫وأوالدي‬ ‫عائلتي‬ ‫أفراد‬ ‫ُ‬ ‫إليه في غضون سنة واحدة‪ ،‬خاصة وأنني لم‬ ‫أكن أعلم شيئا ً عن الريشة واأللوان‪ ،‬فأصبحت‬ ‫الريشة فرحي واللون أغنيتي‪ .‬أنا اليوم بفضل‬ ‫اهلل أمتلك أكثر من عشرين عمالً من رسمي بأقل‬ ‫من سنة”‪.‬‬

‫ُ‬ ‫بدأت من‬ ‫الطالبة هيام علوان‪:‬‬ ‫الصفر‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬التقينا الطالبة هيام علوان‪ ،‬وهي‬ ‫“دخلت‬ ‫موجودة في املعهد منذ تأسيسه‪ ،‬لتقول‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫املعهد منذ حوالي ‪ 11‬شهر‪ ،‬وتد ّرجت من الرسم‬ ‫بالرصاص إلى الفحم إلى الباستيل ثم اإلكريليك‬ ‫حاولت مرارا ً رسم بعض‬ ‫وكنت قد‬ ‫ومن بعده الزيت‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األشياء‪ ،‬طبعا ً‬ ‫جنحت في بعضها وفشلت في‬ ‫ُ‬ ‫أعتقدت‬ ‫األول‪،‬‬ ‫بنجاحي‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫البعض‬ ‫الكثير من‬ ‫ُ‬ ‫وجدت أنه علي‬ ‫ولكنني‬ ‫الرسم‪،‬‬ ‫تقنيات‬ ‫أنني أعلم‬ ‫ُ‬ ‫البدء من الصفر‪ .‬ما أشعرني بالراحة خالل وجودي‬


‫الطالب كمال ّ‬ ‫حسون‪ :‬املعهد‬ ‫ساعدني في تطوير موهبتي‬

‫وبالتالي أشعر ببعدي عن كل املشاكل‪ .‬كما أنه‬ ‫أصبح لدي رغبة بإلتقاط الصور للبحر والورود‬ ‫بدأت‬ ‫واألشجار وغيرها‪ ،‬لتسجيدها في لوحاتي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫باستعمال الرصاص للرسم‪ ،‬ثم حت ّولت إلستعمال‬ ‫الفحم ومن بعدها الباستيل‪ ،‬وسأستمر بالتطور‬ ‫حتماً”‪.‬‬

‫الطالب غسان حمادة‪ :‬وجودي في‬ ‫علي‬ ‫املعهد أثّر بشكل إيجابي ّ‬ ‫في املعهد‪ ،‬هو أ ّن الرسم واملعهد ساعداني كثيرا ً‬ ‫كنت أعانيها‪ ،‬فأصبحت‬ ‫بعد اآلزمة النفسية التي ُ‬ ‫أكثر هدوءا ً وتغ ّيرت حياتي بالكامل”‪.‬‬

‫رجاء خليل‪ :‬مع الرسم أنسى كل‬ ‫القيود‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬تقول رجاء خليل ‪ -‬ر ّبة منزل‪“ :‬‬

‫حسون‪ ،‬صاحب املوهبة الشابة‪،‬‬ ‫أما كمال‬ ‫ّ‬ ‫أحببت دخول معهد تعليم للرسم‬ ‫فقال‪“ :‬لطاملا‬ ‫ُ‬ ‫شعرت بها منذ صغري‪،‬‬ ‫لتنمية موهبتي‪ ،‬التي‬ ‫ُ‬ ‫وقد تط ّورت كثيرا ً منذ إنضمامي للمعهد منذ‬ ‫حوالي الثماني أشهر‪ ،‬من حيث قواعد الرسم‬ ‫أجنزت ما يزيد‬ ‫وكيفية استعمال األلوان‪ ،‬بحيث‬ ‫ُ‬ ‫عن عشر لوحات”‪.‬‬

‫ُ‬ ‫تفاجأت‬ ‫الطالبة ماهي أرناؤوط‪:‬‬ ‫بنفسي وأنا في ّ‬ ‫سن الـ ‪57‬‬

‫دخلت معهد بترا ألنني أحب تعلم أشياء جديدة‬ ‫ولم أكن أعلم ما هو الرسم ولم أحاول ذلك‬ ‫سابقاً‪ ،‬وكنت أعتقد أنني ‪ -‬كما يقولون ‪“ -‬عدم‬ ‫شرعي” في فن الرسم‪ ،‬إذ ال أعرف حتى كيفية‬ ‫رسم خط مستقيم”‪.‬‬ ‫تتابع‪“ :‬لفتني إعالن املعهد الذي يقول‪“ :‬تصبح‬ ‫بنوع من‬ ‫رساما ً في سنة واحدة”‪ ،‬فشعرت‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫بدأت بالتعلم‪ ،‬كان لدي شعور‬ ‫التحدي‪ ،‬وعندما‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أنني سأترك قريباً‪ ،‬لكنني أحببت الرسم وبالطبع‬ ‫َمن ميلك املوهبة هو أفضل مني بكثير‪ ،‬لكنني‬ ‫سعيدة جدا ً ألنني أشعر اليوم وبعد أشهر قليلة‪،‬‬ ‫أنني أصنع شيئا ً جديدا ً بيدي‪ ،‬حتى إبنتي ‪ -‬وهي‬ ‫أصبحت‬ ‫تنظر إلى اللوحات بإمعان ‪ -‬قالت أنني‬ ‫ُ‬ ‫أرى األشياء بشكل كلي ودقيق‪ .‬طبعا ً ال أزال اليوم‬ ‫في مرحلة الرسم بقلم الرصاص‪ ،‬وكل األلوان ما‬ ‫علي رسم الوجوه‬ ‫تزال بـ”الباستيل”‪ ،‬لكن يصعب ّ‬ ‫أحب‬ ‫ألنني ال أزال في املراحل األولى‪ ،‬علما ً أنني‬ ‫ّ‬ ‫رسم األشياء القدمية‪ ،‬خاصة بوجودي لوحدي‬ ‫حيث أشعر بغياب أي قيود”‪.‬‬

‫من جهتها‪ ،‬تقول ماهي أرناؤوط‪ ،‬وهي س ّيدة‬ ‫في عمر الـ ‪ ،57‬أنها كانت ال تعرف كيفية الرسم‬ ‫تطورت كثيرا ً‬ ‫أبدا ً بل تكتب الشعر والنثر‪“ ،‬ولقد‬ ‫ُ‬ ‫وشعرت براحة نفسية‪ .‬لم يخطر ببالي أبدا ً أنني‬ ‫ُ‬ ‫أستطيع تع ّلم هذا الفن‪ ،‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬أتفاجأ‬ ‫بنفسي عندما أرسم أي لوحة إذ أشعر بأ ّن كل‬ ‫حواسي تعمل‪ ،‬حيث أستعمل األلوان وأدمجها‬ ‫للحصول على ألوان جديدة وذلك باستعمال‬ ‫العقل وإبعاد أي شيء ميكن أن يش ّوش عليه‪،‬‬

‫أما غسان حمادة‪ ،‬فيقول‪“ :‬لم أشعر يوما ً‬ ‫حب التصوير‪،‬‬ ‫مبوهبة الرسم‪ ،‬بل كان لدي فقط ّ‬ ‫دخلت املعهد ألرسم لوحة لوجه والدي مأخوذة‬ ‫ُ‬ ‫من صورة التقطتها له أثناء وجودي في أثينا‬ ‫قررت دخول املعهد‬ ‫منذ عشرين عاماً‪ ،‬لذلك‬ ‫ُ‬ ‫وقلت ملديرته الفنانة نيرمني أبو خليل منذ‬ ‫ُ‬ ‫البداية‪ ،‬أنني في املعهد ألتعلم فقط كيفية‬ ‫جتسيد صورة والدي في لوحة‪ ،‬لكن بعدها‬ ‫أحببت كيفية تعليمنا تقنية رسم الوجه عبر‬ ‫(‪ ،)Portrait‬حتى أصبحت أنتظر موعد الصفوف‬ ‫فرسمت‬ ‫وتعلقت بفن الرسم مللء أوقات فراغي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫العديد من اللوحات ولكنني لم أمتكن بعد‬ ‫الزلت في املراحل‬ ‫من رسم صورة والدي‪ ،‬ألنني‬ ‫ُ‬ ‫األولى‪ ،‬وهي حتتاج ملهارة من أجل جتسيدها‬ ‫بالشكل الصحيح”‪.‬‬ ‫وأكد حمادة أنه اختار معهد “بترا”‪“ ،‬بعد‬ ‫تسجيلي في عدة معاهد‪ ،‬لكنني لم أشعر‬ ‫اما هنا فاألمر مختلف”‪.‬‬ ‫باالرتياح‪ّ ،‬‬ ‫أصبحت أكثر‬ ‫أتعجب منه‪ ،‬أنني‬ ‫يتابع‪“ :‬ما‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أصبحت أكثر‬ ‫هدوءاً‪ ،‬إذ أنني بطبعي حا ّد‪ ،‬لكنني‬ ‫ُ‬ ‫صبرا ً وعندما أبدأ بالرسم أصبح في عالم آخر‪.‬‬ ‫لقد تط ّورت كثيراً‪ ،‬حتى أصبحت أعرف كيفية‬ ‫استعمال عدة ألوان في “سنتم” واحد‪ ،‬وكيفية‬ ‫تكثيفها أو تخفيفها لتشرق أكثر‪ ،‬وسأستمر‬ ‫بتعلم الرسم للتطور أكثر خاصة مع األجواء‬ ‫املريحة والصادقة بيننا كطالب‪ ،‬ومع التأثير‬ ‫علي بوجودي في املعهد”‪.‬‬ ‫اإليجابي ّ‬

‫حوار‪ :‬سالي نوفل‬

‫‪67‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫قضية‬

‫مشروع قانون العنف األسري أسير دار الفتوى‬

‫األب عبدو أبو كسم‪ :‬يجب إصداره لحضاريته‬ ‫غادة ابراهيم‪ :‬سلسلة من الخطوات العملية إلقراره‬ ‫تعاني النساء اللبنانيات منذ عقود من ظلم مزدوج‪ ،‬عنف‬ ‫يتعرضن له في املنزل وآخر في اخملافر أو في احملاكم الشرعية إن‬ ‫جترأن على التق ّدم بشكاوى‪ .‬في العام ‪ 2007‬انطلقت محاولة‬ ‫جدية لتصحيح هذا الواقع عبر مشروع قانون حماية النساء‬ ‫من العنف األسري يقضي بتكليف مدعي عام في كل من‬ ‫محافظات لبنان الست بتلقي الشكاوى والتحقيق في قضايا‬ ‫العنف‪ .‬كما أن مشروع القانون ينص على وحدات خاصة‬ ‫للتعامل مع العنف األسري ضمن قوة شرطة لبنان الداخلية‪،‬‬ ‫للتحقيق في الشكاوى‪ .‬كما يحدد العقوبات على اخملالفني‪،‬‬ ‫وتشمل غرامات وأحكاماً بالسجن‪.‬‬ ‫يطالب مشروع القانون مراكز الرعاية الصحية العامة‬ ‫واخلاصة باإلبالغ عن احلاالت التي تُعالج فيها نساء وتدل‬ ‫على وقوع إساءات‪ .‬كما يسمح للنساء وأطفالهن بالسعي‬ ‫الستصدار أوامر عدم تعرض من قبل الشخص املزعوم ارتكابه‬ ‫لإلساءات‪ ،‬ويوجه اإلدعاء بكل محافظة أو محكمة باتخاذ‬ ‫قرار في ظرف ‪ 48‬ساعة من الشكوى‪.‬‬ ‫منذ العام ‪ 2007‬قامت منظمة “كفى” (كفى‬ ‫عنف واستغالل) بالعمل على الصياغة والترويج‬ ‫ملشروع قانون العنف األسري‪ ،‬وراح حتالف من ‪41‬‬ ‫منظمة حقوقية ومنظمات معنية بحقوق املرأة‪،‬‬ ‫بينها كفى‪ ،‬تدفع من أجل فرض تدابير حماية‬ ‫قانونية ضد العنف ضد املرأة‪.‬‬ ‫وفي العام ‪ 2008‬دعت جلنة اتفاقية القضاء‬ ‫على جميع أشكال العنف ضد املرأة – وهي‬ ‫هيئة من خبراء األمم املتحدة تشرف على تنفيذ‬ ‫االتفاقية – دعت لبنان إلى العمل سريعا ً على‬ ‫تفعيل تشريع خاص بالعنف ضد املرأة‪ ،‬على أن‬ ‫يشمل ذلك العنف األسري‪..‬‬

‫دار الفتوى‪ ...‬القانون يفكك‬ ‫األسرة‬ ‫أصدر دار الفتوى بيانا ً في ‪ 28‬حزيران‪ ،‬رفض‬ ‫فيه مشروع القانون‪ ،‬معلنا ً أن الشريعة‬ ‫اإلسالمية تتعامل مع العنف في األسرة على‬ ‫النحو املالئم‪ ،‬عن طريق توجيه اإلرشاد واملشورة‬ ‫وغيرها من اإلجراءات الالزمة للحفاظ على‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫سالمة األسرة‪ .‬كما ترى بأن مشروع القانون‬ ‫سيقلص من سلطة األب في األسرة ومن‬ ‫قدرته على تنشئة األبناء‪ .‬وترفض حتديدا ً تعريف‬ ‫مشروع القانون لألسرة‪ ،‬قائلة بأن هذا سيؤدي‬ ‫إلى “إرباك النظام القانوني اللبناني” وظهور‬ ‫جرائم جديدة مثل “االغتصاب الزوجي”‪ .‬كما يرى‬ ‫الدار بأن مشروع القانون سيؤدي إلى “تفكيك‬ ‫التركيبة االجتماعية لألسرة‪ ...‬وجعلها على‬ ‫الطريقة الغربية التي ال تالئم قواعد وقيم‬ ‫مجتمعاتنا”‪.‬‬ ‫في ‪ 29‬حزيران ‪ ،2011‬دعم اجمللس األعلى‬ ‫للشيعة موقف دار الفتوى‪ ،‬قائالً بأن مشروع‬ ‫القانون ميثل تهديدا ً على العائالت‪.‬‬ ‫ذكر دار الفتوى املادة ‪ 9‬من الدستور اللبناني‬ ‫في بيانه‪ ،‬والتي تدعم حرية املعتقد الديني‬ ‫وتعارض تشريعات الدولة في األمور التي تعتبرها‬ ‫اجملتمعات الدينية تابعة لها‪ .‬وورد في البيان أن‬ ‫على الدول احترام جميع األديان واملعتقدات وأن‬ ‫تضمن وحتمي احلق في ممارسة جميع الشعائر‬ ‫الدينية التي ال تتعرض للنظام العام‪ .‬كما تكفل‬ ‫األحوال الشخصية واملصالح الدينية للسكان‪،‬‬ ‫بغض النظر عن طوائفهم الدينية‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫القانون ال يتعرض للمفاهيم‬ ‫الدينية‬ ‫في ‪ 29‬حزيران‪ ،‬أصدر التحالف الداعم لقانون‬ ‫العنف األسري بيانا ً ردا ً على بيان دار الفتوى‪ ،‬قال‬ ‫فيه إن مشروع القانون‪ ،‬بعيدا ً متاما ً عن كونه‬ ‫مفروض من جهات غربية‪ ،‬يعتبر نتاج بيئتنا احمللية‬ ‫التي نعيش فيها‪ ،‬وال يعارض أي فهم ديني‪.‬‬ ‫أشار التحالف إلى أن احملاكم الدينية – اخملتصة‬ ‫بالنظر في األحوال الشخصية مثل الطالق‬ ‫والوصاية على األطفال واملواريث – غير مكلفة‬ ‫بحماية النساء من العنف‪ .‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫في قضايا الطالق أو االنفصال‪ ،‬قد تنظر احملاكم‬ ‫الدينية إلى أعمال العنف بصفتها دليل داعم‬ ‫لطلب الطالق‪ ،‬لكن هذه احملاكم غير مكلفة من‬ ‫الدولة بفتح قضايا جنائية ومعاقبة املسيئني‪.‬‬ ‫كما يرى أن االعتراضات التي أعلنت مؤخرا ً على‬ ‫مشروع قانون حماية النساء من العنف األسري‬ ‫غير مبررة‪ ،‬ألن هذا املشروع انطلق من البيئة التي‬ ‫نعيش فيها ومن حاجة النساء امللحة للحماية‬ ‫من العنف الذي ميارس ضدهن داخل األسرة من‬


‫رجال ونساء في األسرة‪ .‬إن مشروع القانون ال‬ ‫يتع ّرض أبدا ً للمفاهيم الدينية السامية‪ ،‬فكل‬ ‫األديان مجمعة على رفض العنف‪ ،‬غير أنه ال‬ ‫ميكن للتشريع الديني أن يرعى املسألة العقابية‪،‬‬ ‫فالنقطة هنا هي كيف يحارب العنف داخل‬ ‫األسرة عندما ميارس؟‬ ‫ويقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪:‬‬ ‫“ ما أكرم املرأة اال كرمي وما أهانها إال لئيم”‪ ،‬من‬ ‫يتصدى لهذا اللئيم إذا اعتدى على النساء؟ هل‬ ‫املطالبة بردع كل لئيم جرمية يستحق مطالبيها‬ ‫بأن ينعتوا بأبشع الصفات ويتهموا بالتنكر‬ ‫للمفاهيم الدينية والقيم األخالقية واألعراف‬ ‫والتقاليد الشرقية واإلسالمية؟‬ ‫إن مشروع قانون حماية النساء من العنف‬ ‫األسري يحمي املرأة من كل لئيم يسعى إليذائها‬ ‫سواء كان رجالً أو امرأة‪ .‬هل في ذلك تنكر للمبادئ‬ ‫واألخالق اإلسالمية؟‬

‫من يردع الذي ّ‬ ‫ينكل بزوجته‬ ‫وعائلته؟‬ ‫وأكد التحالف أن األثر النفسي على‬ ‫األطفال املسلمني وغير املسلمني‪ ،‬شهود‬ ‫العنف على أمهاتهم ال يوازي نفسيا ً أي‬ ‫أثر آخر والدراسات النفسية مشبعة لهذه‬ ‫الناحية‪ .‬فإذا جلأت املرأة الى القانون للدفاع‬ ‫عن نفسها من العنف ال تكون بذلك تتحدى‬ ‫السلطة األبوية احملفوظة له شرعا ً وقانونا ً‬ ‫ألنه أصالً‪ ،‬مبمارسته للعنف الذي ينبذه‬ ‫الشرع والقانون‪ ،‬يكون قد أساء استخدام‬ ‫سلطته التي حتولت إلى تسلط‪ .‬أما القول‬ ‫بأن تهديده بالسجن سيؤدي الى كسر هيبة‬ ‫عماد األسرة وإضعاف مكانته املعنوية‪ ،‬فنحن‬ ‫نسأل ماذا يحصل اليوم باألب الذي يتقاعس‬ ‫عن تأدية واجب النفقة ألسرته‪ ،‬أال يسجن إذا‬ ‫ما تخ ّلف عن دفع النفقة املتوجبة بذمته؟‬ ‫إن إضعاف مكانته يأتي من سوء معاملته‬ ‫ألسرته واألفضل أن يتعلم أباء املستقبل‬ ‫أن من يسيئ استخدام السلطة األبوية‬ ‫ّ‬ ‫ويح ّولها إلى تس ّلط وينكل بزوجته وعائلته‬ ‫سيجد له رادعا ً في القانون‪.‬‬

‫اللجوء الى احملاكم الشرعية ال‬ ‫يتعارض مع مشروع القانون‬ ‫واعتبر التحالف إن خيار اللجوء الى احملاكم‬ ‫الشرعية واالحتكام الى أساليبها في‬ ‫التعامل مع االختالفات العائلية ال يتناقض‬ ‫مع مشروع القانون‪ ،‬غير أن النساء اللواتي‬ ‫ال ينتمني الى طائفة تستطيع التصدي‬ ‫للخالفات العائلية من حقها أن جتد لدى‬

‫الدولة مالذا ً حلمايتها‪ .‬إضافة الى أن العنف‬ ‫األسري ال يقتصر على العنف الزوجي بل‬ ‫هو العنف الذي ميارس من كافة أفراد األسرة‬ ‫(رجال ونساء) على النساء في األسرة خارج‬ ‫العالقات الزوجية وهذا ال يدخل ضمن‬ ‫اختصاص احملاكم الشرعية‪.‬‬ ‫وعند وقوع العنف بشكل مؤذٍ ال ميكن‬ ‫معه االستمرار في العيش حتت سقف‬ ‫واحد‪ ،‬ال بد من اتخاذ تدبير يبعد املعنّف عن‬ ‫الضحية ويسمح لها باتخاذ قراراتها بحرية‬ ‫ودون ضغوط سواء باستئناف حياتها مع‬ ‫املعنف أو بانفصالها عنه وبالتالي إن مجال‬ ‫إعادة اللحمة قائم في كل مراحل التحقيق‪،‬‬ ‫لكن ال بد أن يشعر املعنِّف بأن فعله لن مير‬ ‫بدون مساءلة‪.‬‬ ‫إن جرم إكراه الزوجة على‬ ‫واعتبر التجمع ّ‬ ‫اجلماع بالعنف ليس بدعة فحتى الشرع‬ ‫اإلسالمي ال يبيح للزوج استعمال العنف‬ ‫للحصول على حقوقه الشرعية‪ ،‬فالزوجة‬ ‫إذا امتنعت تعسفا ً عن منح زوجها احلقوق‬ ‫الشرعية ت ُعتبر بحسب الشرع احلنيف‬ ‫ناشزا ً وتسقط حقوقها الشرعية لكنه ال‬ ‫يبرر للزوج إحلاق األذى بها باستخدامه العنف‬ ‫لتحصيل حقه الشرعي‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫األب أبو كسم‪ :‬كرامة املرأة مثل‬ ‫كرامة الرجل‬ ‫وإللقاء الضوء على هذا املوضوع وملعرفة رأي‬ ‫الكنيسة حول مشروع قانون العنف األسري‬ ‫كان البد لنا من لقاء األب عبدو أبو كسم‬ ‫رئيس “املركز الكاثوليكي لإلعالم” الذي ّ‬ ‫أكد بأن‬ ‫الكنيسة تنظر الى األسرة كوحدة بيتية تكمل‬ ‫بعضها البعض على مثال عائلة الناصر‪ ،‬اذ أن‬ ‫هناك شروط حلياة األسرة منها االحترام املتبادل‪،‬‬ ‫واحلوار املمزوج بالتفاهم ألن هذه األسرة هي نتاج‬ ‫ثمرة حب‪ ،‬واملساواة بني الرجل واملرأة‪ ،‬ألن املسيح‬ ‫عندما حرر البشرية لم مييز بني الرجال والنساء‬ ‫وبني األغنياء والفقراء وبني السود والبيض وبني‬ ‫األقوياء والضعفاء‪ .‬فإذا كانت هذه العناصر‬ ‫متوفرة ينتفي وجود العنف املنزلي‪.‬‬ ‫أما بالنسبة الى نظرة الكنيسة الى املرأة‬ ‫فأكد أبو كسم بأن كرامة املرأة مثل كرامة‬ ‫الرجل وأكثر من ذلك‪ ،‬فالكنيسة تنظر الى املرأة‬ ‫على كونها على مثال السيدة العذراء والسيدة‬ ‫العذراء ساهمت في خالص البشرية عند قبولها‬ ‫باحلبل االلهي‪ ،‬وبالتالي املرأة بالنسبة الى‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫قضية‬ ‫الشرعية والروحية لم يتم االنتقاص منه في هذا‬ ‫القانون بل جرى إقحامه في املادة ‪ 26‬من املشروع دون أي‬ ‫سبب موجب‪ .‬وحاليا ً إن قضايا الضرب واإليذاء و الضرر‬ ‫اجلسدي هي خارج اختصاص هذه احملاكم ‪.‬‬

‫املسيحيني هي أم على مثال العذراء وتستحق‬ ‫كل احترام وتقدير وكرامة‪.‬‬ ‫وأكد ابو كسم بأن الكنيسة هي ضد العنف‬ ‫بشكل عام وباألخص العنف ضد املرأة ألن املرأة‬ ‫لها كرامة بشرية على مستوى كرامة العذراء‪،‬‬ ‫هي أم وأخت وابنة والكنيسة أمرت باحترامها‬ ‫وبإكرامها‪.‬‬ ‫وتابع بأن احملاكم الروحية ال دور لها في موضوع‬ ‫العنف فهي تنظر بصحة الزواج أو بعدم صحته‪،‬‬ ‫فالنساء تلجأ الى احملاكم املدنية في حاالت‬ ‫العنف‪.‬‬

‫القانون يحمي املرأة من العنف‬ ‫اجلنسي‬

‫كما ّ‬ ‫أكدت ابراهيم بأن هذا القانون يزيل اإلجحاف‬ ‫الالحق بالزوجة في قانون العقوبات احلالي الذي ال يجرم‬ ‫إكراه الزوجة على العالقة اجلنسية وحماية املرأة من‬ ‫هذا النوع من العنف هو ضرورة اجتماعية نظرا ً ملا‬ ‫تتعرض له كثير من النساء من عنف جنسي ال تتم‬ ‫احملاسبة عليه فاملرأة هي إنسان وال يجوز التعامل‬ ‫معها كوسيلة للمتعة وتنفيس الغرائز فقط حتى ولو‬ ‫في إطار الزوجية واآلية الكرمية تقول “وجعلنا بينكم‬ ‫مودة و رحمة “ ‪ .‬ولم تبح التعامل بالعنف والقوة ‪.‬‬

‫الضرب هو أسلوب «حيواني»‬ ‫وأكد أبو كسم بان الكنيسة بشكل عام‬ ‫مع التسامح ألن املسامحة والغفران هما من‬ ‫صميم احلياة املسيحية وعندما تلجأ املرأة الى‬ ‫كاهن الرعية‪ ،‬يسعى الى إصالح الوضع بينها‬ ‫وبني زوجها ويرشدهما الى الطريق الصحيح‪،‬‬ ‫واذا لم يرتدع وتسبب لها األذى والعنف مجدداً‪،‬‬ ‫تلتجىء الى احملاكم املدنية لكي تؤمن لها احلماية‬ ‫الالزمة‪.‬‬ ‫واعتبر أبو كسم بأن الرجل الذي يظهر‬ ‫رجوليته بالضرب يستعمل أسلوب “حيواني”‪،‬‬ ‫فأساليب التربية تغيرت‪ ،‬إذ ميكن التربية‬ ‫بطريقة حضارية من خالل التوجيه واحملادثة‬ ‫واملكاشفة وبالتالي فإن العنف يهشم ويهدد‬ ‫حياة العائلة‪.‬‬

‫ميكن لدار الفتوى أن ال يطبق‬ ‫القانون‬ ‫وعن إمكانية توقف مشروع القانون‬ ‫بسبب معارضة دار الفتوى له‪ ،‬أعلن أبو‬ ‫كسم بأننا نعيش في دولة علمانية مدنية‬ ‫فلماذا سيتوقف القانون؟ إذا كان دار اإلفتاء‬ ‫ال يؤمن به يستطيع أن ال يطبقه‪ ،‬نحن في‬ ‫دولة مدنية ذات نظام دميقراطي ال ميكن ألحد‬ ‫ّ‬ ‫يعطل مشروع‪ ،‬مع احترامي املطلق لدار‬ ‫أن‬ ‫الفتوى‪ ،‬ولكن مشروع حضاري من هذا النوع‬ ‫علينا أن نق ّره‪.‬‬ ‫ودعا أبو كسم كل اآلباء أن يكونوا املثل الصالح‬ ‫ألوالدهم من خالل حسن تصرفهم ومعشرهم‬ ‫وهذه هي التربية الصحيحة‪ ،‬فنحن لسنا في‬ ‫العصور الوسطى وال في العصور احلجرية‪ ،‬املرأة‬ ‫هي جزأ من اجملتمع وكتلة حنان وأخالق وذوق‬ ‫لذلك يجب احلفاظ على كرامتها‪ .‬وقد يقول‬ ‫أحدهم مار بولس قال “أيتها النساء أخضعن‬ ‫ألزواجكن” وفي الوقت نفسه قال “أيها الرجال‬ ‫أحبوا نساءكم” لم يقل لهم استعبدوهم‬ ‫وطلب من املرأة أن تخضع لرجلها مبحبتها‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫وإخالصها له‪ ،‬إنه خضوع مقرون باالحترام‪ .‬وإذا‬ ‫كنا نعتبر أن الرجل رأس املرأة‪ ،‬فاملرأة هي قلب‬ ‫الرجل‪ ،‬وعندما يتزوجان يصبحان شخصا واحداً‪.‬‬ ‫يعني الزوج هو الرأس واملرأة هي القلب في هذا‬ ‫اجلسد الواحد‪ ،‬واالثنان على ذات األهمية وهما‬ ‫ضروريان ويكمالن بعضهما اآلخر‪.‬‬

‫غادة ابراهيم‪ :‬القانون يزيل‬ ‫اإلجحاف الالحق باملرأة‬ ‫وملزيد من التفاصيل عن هذا املشروع كان‬ ‫لنا لقاء مع احملامية غادة ابراهيم رئيسة جتمع‬ ‫حقوقيات وعضو في التحالف الداعم لقانون‬ ‫العنف األسري التي متنت بأن ال يكون مشروع‬ ‫قانون العنف األسري قد توقف‪ ،‬وهو مازال قيد‬ ‫النقاش في اللجنة النيابية املكلفة بذلك والتي‬ ‫تتألف من نواب ميثلون كافة االجتاهات السياسية‬ ‫في الوطن‪ .‬وال بأس أن ينتقل النقاش حول القانون‬ ‫الى كافة املستويات الشعبية واملدنية وخاصة‬ ‫اإلعالمية وهذا يخلق وعيا ً بالقضية ويساهم‬ ‫في النقاش املطلوب في اللجنة املكلفة به‬ ‫ويساعدها على دراسته مع العلم أن املشروع‬ ‫قد نال موافقة مجلس الوزراء مبا ميثل كحكومة‬ ‫وحدة وطنية‪.‬‬ ‫وأصافت ابراهيم بأن القانون يهدف الى‬ ‫وأما وبنتا وشقيقة من‬ ‫حماية املرأة زوجة ّ‬ ‫تعرضها للعنف أيا كان مصدره‪ ،‬وحقوقها لم‬ ‫يتم التعرض لها‪ ،‬والتحاكم الشرعي ال ميكن‬ ‫أن يتعارض مع هذا القانون ألن موضوعه هو‬ ‫حمايتها من الضرب والقتل واإليذاء اجلسدي‬ ‫واملعنوي الذي ميارسه اآلخر عليها‪ .‬واستغربت‬ ‫كيف ميكن ألحد أن يقبل أن تتعرض ابنته‬ ‫للضرب واإلهانة والعنف‪ .‬واختصاص احملاكم‬

‫‪70‬‬

‫الهيبة ال تأتي من العنف‬ ‫وأضافت ابراهيم بأن القانون ال يكسر هيبة عماد‬ ‫األسرة فالهيبة ال تأت من العنف بل تأتي من االحترام‬ ‫والصدق والعطاء واإلحتضان وحتمل املسؤولية‪ .‬ومن‬ ‫يريد فرض مكانته في عائلته بالعنف والقوة اجلسدية‬ ‫هو مخطىء‪ .‬والهيبة املبنية على احملبة واالحترام هي‬ ‫املطلوبة وليس اخلوف من األب ومن قساوته و عنفه هو‬ ‫الذي يصنع هيبته‪.‬‬ ‫وأكدت ابراهيم بأن اجلدل حول هذا القانون سيبقى‬ ‫دائراً‪ ،‬واملطالبة به ستبقى مستمرة حتى يتحقق‬ ‫اقراره والعنف ضد املرأة لن يبقى مباحا ً ومشروعا ً‬ ‫بحجة العادات البالية واملفاهيم اخلاطئة‪ .‬وأضافت ما‬ ‫يعزز التماسك العائلي هو حسن املعاملة ينب أفرادها‬ ‫والعائلة التي تتفكك بسهولة هي التي يتعامل‬ ‫أفرادها بالقسوة والعنف والضرب واإلهانات‪.‬‬ ‫وأعلنت ابراهيم بأن التحالف من أجل إقرار القانون‬ ‫يحضر اآلن لسلسلة من اخلطوات العملية للمطالبة‬ ‫بإقرار هذا القانون‪ ،‬ولبنان قد التزم أمام الشرعية‬ ‫الدولية مبوجب اتفاقية السيدا وبتحديث تشريعاته مبا‬ ‫ينسجم مع أحكام هذه االتفاقية‪.‬‬ ‫كما اسغربت كيف تنادي بعض األصوات املناهضة‬ ‫لهذا املشروع وكأنها تشجع وتشرع ما تتعرض له املرأة‬ ‫من عنف‪ ،‬وقد اختلط على هؤالء األمر‪ ،‬فالقانون يعزز‬ ‫قيم العائلة التي أتت بها الشريعة اإلسالمية والديانة‬ ‫املسيحية‪ ،‬وكل الكتب السماوية وما يعاقب عليه‬ ‫مشروع القانون هو تصرفات األفراد اخملالفة لهذه القيم‬ ‫والتي ال تقيم وزنا ً ال للعائلة وال للدين وال لإلنسانية وال‬ ‫يجوز حتت عنوان التربية وخصوصية العائلة أن ترتكب‬ ‫اجلرائم وأن تستباح املرأة‪ ،‬وإن اجلميع ال سيما‬ ‫املناهضون للمشروع مدعوون إلى االطالع على‬ ‫ما يرتكب من عنف عائلي في مجتمعنا لتقدير‬ ‫حجم هذه الظاهرة ملكافحتها‪.‬‬

‫حتقيق‪ :‬لور عقل‬


‫منبر مناطق‬

‫مهرجان القرى العالمية في عروس المصايف عاليه‬ ‫حسام العريضي‪ :‬مجهود شخصي وتمويل ذاتي فقط لتنمية لبنان‬ ‫إنها عروس املصايف عاليه‪،‬‬ ‫تستقطب للمرة األولى في لبنان‬ ‫بسعة صدرها وترحيب أبنائها وأعضاء‬ ‫مجلسها البلدي بشخص رئيسها‬ ‫األستاذ وجدي مراد‪ ،‬مهرجان القرى‬ ‫العاملية الذي نظمته شركة “صداقة”‬ ‫للمعارض واملؤمترات مبشاركة عشر‬ ‫دول مختلفة وبإشراف ذاتي من رئيس‬ ‫الشركة وعضو مجلس التعاون‬ ‫اخلليجي ومنظم اجلناح اللبناني في‬ ‫مهرجان القرى العاملية في اإلمارات منذ‬ ‫أكثر من ‪ 16‬سنة حسام العريضي الذي‬ ‫أبى إال إقامة هذا احلدث بالرغم من كل‬ ‫األحداث احلاصلة في الدول العربية‪،‬‬ ‫وكالعادة الدولة اللبنانية هي الغائب‬ ‫األوحد لدعم حدث بهذه الضخامة‪.‬‬ ‫والقرية الكونية مؤلفة من مدينة‬ ‫مالهي ضخمة ومطاعم (كرَم جدودنا‬ ‫وحضرمت مَندي) وعدد من املتاجر‬ ‫ً‬ ‫إضافة لقسم خاص باألطفال‬ ‫الصغيرة‪،‬‬ ‫ومسرح للعروض الفلوكلورية من فرقة‬ ‫كينية راقصة وفرقة هياكل اللبنانية‬ ‫بقيادة جمال صلح وأجنحة للدول‬ ‫املشاركة‪ :‬اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪،‬‬ ‫مصر‪ ،‬اليمن‪ ،‬سوريا‪ ،‬األردن‪ ،‬باكستان‪،‬‬ ‫قطر‪ ،‬الكويت‪ ،‬جنوب أفريقيا‪ ،‬الصني‪،‬‬ ‫الهند‪ ،‬تركيا‪ ،‬تايلند‪ ،‬أفغانستان‪ ،‬ولبنان‪،‬‬ ‫بحيث حتتوي هذه األجنحة حرفيات‬ ‫يدوية وألبسة فولكلورية وفضيات‬ ‫ونحاسيات ومفروشات ومجوهرات متثل‬ ‫حضارة وعادات كل دولة مشاركة‪.‬‬ ‫“منبر التوحيد” جالت في أقسام‬ ‫املعرض بحيث التقت ممثلي الدول في‬ ‫األجنحة كافة‪ ،‬وكان لها حديث خاص‬ ‫مع رئيس شركة “صداقة”‪ ،‬واملموّل لهذا‬ ‫احلدث األستاذ حسام العريضي‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه احلوارات‪:‬‬

‫بداية التقينا األستاذ حسام العريضي الذي‬ ‫قال‪ :‬إنطلقت فكرة املعرض منذ ‪ 18‬سنة‪ ،‬في‬ ‫سنغافورة‪ ،‬وكانت البداية مبشاركة ثالث أجنحة‬ ‫فقط‪ ،‬ومن ثم انتقلت إلى الدول العربية‪ .‬أما‬ ‫في لبنان‪ ،‬فهو حدث يحصل للمرة األولى‪ .‬إنه‬ ‫عبارة عن دول مشاركة بصناعات ومنتجات متثل‬ ‫ثقافتها وحضارتها‪ ،‬وكأنها نوع من الثقافة‬ ‫التجارية ألنها تع ّرف عن حضارات وثقافات‬ ‫وعادات وتقاليد شعوب مختلفة وهذا حدث غير‬ ‫موجود في لبنان‪ ،‬وفي الوقت نفسه فكرة جديدة‬ ‫على سوقنا احمللي‪ ،‬خاصة وأ ّن لبنان بلد سياحي‬ ‫بامتياز‪ ،‬ولكن في القرية العاملية نرى جميع الدول‬ ‫في مكان واحد من خالل تقاليدهم وعاداتهم‪ ،‬وما‬ ‫متثله منتجاتهم من تراث فلكلوري”‪.‬‬ ‫اخترت مدينة عاليه موقعا ً للقرية‬ ‫وتابع‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫العاملية‪ ،‬نظرا ً ملوقعها اجلغرافي املميز‪ ،‬ما بني‬ ‫الساحل والريف‪ ،‬وكونها قريبة للخط الدولي الذي‬ ‫مي ّر في سوريا واألردن واخلليج‪ ،‬وهذا ما يساعدنا‬ ‫على استقطاب كافة اللبنانيني واألخوة العرب”‪.‬‬ ‫وعن التنسيق مع اجمللس البلدي في عاليه‪،‬‬ ‫قال العريضي‪ :‬طبعا ً أشكر أعضاء اجمللس‪،‬‬ ‫وأخص بالشكر رئيس بلدية عاليه وجدي مراد‬ ‫ّ‬ ‫على تعاونه معنا ضمن إمكانيات البلدية‬ ‫وصالحياتها‪ ،‬ومتابعتها لنا منذ االفتتاح وحتى‬ ‫ّ‬ ‫شكل حافزا ً أكبر لنا لالستمرار‬ ‫اآلن‪ ،‬وهذا ما‬

‫‪71‬‬

‫بالنجاح‪ ،‬مع سوء احلظ الذي عاكسنا نظرا ً ملا‬ ‫يحصل في الدول اجملاورة وتأثيره على لبنان‪ ،‬خاصة‬ ‫وأننا قمنا باالفتتاح مع الشلل الذي تواجد في‬ ‫ّ‬ ‫ظل غياب احلكومة واملراجع الرسمية‪ ،‬علما ً أ ّن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مشروع كهذا يتطلب دعما رسميا ومتابعة أكبر‪،‬‬ ‫خاص ًة وأ ّن هذه املؤسسات الكبيرة املشاركة في‬ ‫املهرجان ستنقل صورة لبنان إلى دولها‪ ،‬فكل ما‬ ‫رآه الناس على مساحة ‪ 64‬ألف متر‪ ،‬هو مجهود‬ ‫ذاتي‪ ،‬بدون أي تبنّي رسمي باسثناء تنسيقنا مع‬ ‫بلدية عاليه ووزارتي السياحة واالقتصاد‪ ،‬خاصة‬ ‫وأننا بدأنا مشروعنا األول في لبنان مع ‪ 10‬دول‬ ‫مختلفة وهذا ما نعتبره إجنازا ً كبيراً”‪.‬‬ ‫وعن سعيه للتمويل الذاتي للحدث‪ ،‬قال‬ ‫العريضي‪“ :‬كل منا يجب أن يسعى إلعطاء‬ ‫لدي‪ ،‬هو‬ ‫األفضل لبلده‪ ،‬وال شك أ ّن احلس الوطني ّ‬ ‫الذي دفعني لتمويل هذا املهرجان فقط من أجل‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر مناطق‬

‫تنمية بلدنا لبنان‪ ،‬بعيدا ً عن تضارب السياسيني‬ ‫ومشاكلهم التي ال تنتهي وتؤثر سلبا ً على الوضع‬ ‫العام‪ .‬إ ّن كل تنسيقنا متّ بفضل عالقاتنا مع الدول‬ ‫والشركات والسفارات فيها‪ ،‬وليس بتنسيق‬ ‫فضلنا أال نض ّيع‬ ‫الدولة اللبنانية معها‪ ،‬ولكننا ّ‬ ‫لبنان بخالفاته ومشاكله‪ ،‬وقررنا إقامة املهرجان‬ ‫مبجهودنا اخلاص‪ ،‬حتى مع املشاكل املتعددة التي‬ ‫واجهتنا باألخص جلهة عدم تسهيل أمور اجلمارك‬ ‫والتأشيرات التي لم تأخذها الدولة اللبنانية‬ ‫بعني االعتبار وأصبح ّ‬ ‫حل هذه املشاكل يتم وفقا ً‬ ‫لعالقاتنا اخلاصة”‪.‬‬ ‫وختم العريضي‪“ :‬لقد كان املهرجان إيجابيا ً‬ ‫أمنا تنمية ج ّيدة للمنطقة‪ ،‬مع تأمني‬ ‫جداً‪ ،‬وقد ّ‬ ‫فرص عمل للعديد من الشباب‪ ،‬مع ما يتم بناؤه‬ ‫من عالقات متنوعة مع كافة املشاركني في هذا‬ ‫احلدث‪ ،‬خاصة وأن الدولة اللبنانية ال تعمل أبدا ً‬ ‫على تأمني فرص العمل للشباب املتخ ّرجني‪.‬‬

‫بنك البحر املتوسط (‪:)MED‬‬ ‫املصرف الوحيد املشارك في‬ ‫املعرض‬

‫وأننا من املصارف العريقة‪ ،‬ومن أوائل من بدأ‬ ‫مبوضوع االستثمارات والقروض البيئية”‪.‬‬

‫اجلناح اإليراني‬

‫وختم‪“ :‬نحن كجناح خاص ببنك البحر‬ ‫املتوسط (‪ ،)MED‬موجودون إلعطاء أي تفاصيل‬ ‫عن عروضنا وبالتالي لتقدمي النصائح واملعلومات‬ ‫ملَن ال يس َعهم التعرف علينا بشكل دائم‪ ،‬وكي‬ ‫يصلوا إلينا بسهولة من أجل خدمتهم‪ ،‬خاصة‬

‫وكانت لنا وقفة مع موظفني من بنك البحر‬ ‫املتوسط‪ ،‬وهو املصرف الوحيد املُشارك في‬ ‫املعرض‪ ،‬بحيث حتدثنا إلى أحد املتواجدين من‬ ‫موظفي املصرف‪ ،‬والذي قال‪“ :‬شاركنا في القرية‬ ‫الكونية ألنها فكرة جديدة ّ‬ ‫تنفذ للمرة األولى‬ ‫في لبنان وجتمع العديد من الدول واحلضارات‬ ‫والثقافات‪ ،‬خاصة مع فرق الرقص الكينية اآلتية‬ ‫لتقدمي عروض راقصة غريبة‪ ،‬كما وأننا في الوقت‬ ‫نفسه نشجع على كل ما له عالقة باالستثمارات‬ ‫البيئية‪ ،‬لتشجيع َمن يريد االستثمار في هذا‬ ‫القطاع حلماية الطبيعة ومحاولة دعمهم في‬ ‫مسائل القروض املصرفية الشخصية منها‬ ‫واإلسكانية واإليداعات وغيرها‪ .‬الحظنا عددا ً‬ ‫جيدا ً من الزوار خاصة من العاصمة بيروت والدول‬ ‫العربية وبخاصة اخلليجية منها”‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪72‬‬

‫أما احلاج محمد حسني برصا‪ ،‬فتحدث إلينا‬ ‫فت إلى األستاذ‬ ‫بإسم اجلناح اإليراني‪ ،‬وقال‪“ :‬تع ّر ُ‬ ‫حسام العريضي في دبي منذ سنوات‪ ،‬وحني‬ ‫معرفتي بفكرة إنشاء القرية الكونية في لبنان‪،‬‬ ‫وقمت بالتنسيق مع جتار آخرين من‬ ‫تعاونّا معاً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬ملشاركتهم في‬ ‫املعرض‪ ،‬خاصة وأنهم أحضروا أعدادا ً هائلة من‬ ‫السجاد العجمي الراقي جداً‪ ،‬إضافة للـ “سماوا”‬ ‫وهي أنواع من أباريق الشاي ومن التراث اإليراني‪،‬‬ ‫والتحف األصفهانية والفخاريات‪ ،‬وأنواع عديدة‬ ‫من التراثيات‪ .‬أعتقد بأ ّن اجلناح اإليراني كان األجنح‬ ‫في املعرض جلهة املنتوجات املعروضة‪ ،‬واحلركة‬ ‫الشرائية ملنتوجاتنا خاصة مع اإلقبال الكثيف‬ ‫للزائرين”‪.‬‬


‫اجلناح الهندي والباكستاني‬ ‫وقال ممثل اجلناح الهندي غوروف سوري‪:‬‬ ‫“كل السلع املعروضة في جناحنا هندية الصنع‪،‬‬ ‫ولكننا واجهنا مشاكل كثيرة عبر اجلمارك لنقل‬ ‫البضائع من الهند إلى هنا‪ ،‬حتى وأ ّن هناك بعضها‬ ‫قارب على االنتهاء‪.‬‬ ‫لم يصل حتى اآلن واملعرض‬ ‫َ‬ ‫نعتبر هذا احلدث مميز أل ّن القرية الكونية ن ِّفذت‬ ‫مبجهود شخصي من األستاذ حسام العريضي‬ ‫وبدون أي دعم رسمي لها”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬جناحنا يتضمن ألبسة وأحذية‬ ‫ومجوهرات ومعدات ومفروشات منزلية وجلود‬ ‫وحتف هندية الصنع وملبوسات فلكلورية من‬ ‫التراث الهندي‪ ،‬من عدة مؤسسات قارب عددها ‪27‬‬ ‫متجرا ً هنديا‪ ،‬إضافة حلوالي ‪ 11‬متجرا ً باكستانياً‪.‬‬ ‫لقد أحببنا املشاركة في هذا املهرجان‪ ،‬وإذا رأينا‬ ‫إقباال ً أكبر‪ ،‬فإننا حتما ً سنكرر مشاركتنا في‬ ‫السنوات املقبلة”‪.‬‬

‫جناح الصني – تركيا – جنوب‬ ‫أفريقيا‬ ‫كما وح ّدثنا ممثل جناح الصني – تركيا –‬ ‫جنوب فريقيا‪ ،‬السيّد إبراهيم‪ ،‬عن منتجاتهم‪،‬‬ ‫قائالً‪ :‬يحتوي اجلناح على طعام تركي (خاصة‬ ‫الشاورما والبطاطا التركية) ومجوهرات يدوية‬ ‫ومنحوتات وحتف ومصابيح ومفروشات منزلية‬ ‫(أغطية يدوية الصنع) تركية‪ ،‬إضافة للحرف‬ ‫اليدوية اخلشبية واملأكوالت الصينية‪ ،‬وامللبوسات‬ ‫واملتمدنة وبعض الرسومات اليدوية‬ ‫الفلكلورية‬ ‫ّ‬ ‫الصينية الصنع‪ .‬أما اجلناح اإلفريقي فهو بأكمله‬ ‫مليء باحلرف اليدوية اخلشبية‪ .‬ال شك بأ ّن األسعار‬ ‫مدروسة خاصة وأ ّن املعرض شعبي‪.‬‬ ‫قدمه املشرف على‬ ‫بد من اإلشارة إلى ما ّ‬ ‫وال ّ‬ ‫املعرض حسام العريضي من مساعدات لنا‬ ‫بقدر إمكاناته‪ ،‬وقد قام بعمل ج ّبار مع غياب‬ ‫الدعم اللبناني الرسمي له وال مانع لدينا من‬ ‫تكرار مشاركتنا في حدث كهذا خالل السنوات‬ ‫القادمة‪.‬‬

‫مؤسسة فيروز في جناح السوق‬ ‫العربي‬ ‫وحدثنا ممثل مؤسسة فيروز ضمن جناح‬ ‫السوق العربي عن مشاركة مؤسستهم في‬ ‫“يتضمن جناح املؤسسة‬ ‫املعرض‪ ،‬بحيث قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫سلعا ً إيرانية وأفغانية‪ ،‬منها سجاد عجمي إيراني‬

‫وآخر حرير أفغاني‪ ،‬وكريستال ونحاسيات وحتف‬ ‫خشبية وفض ّية إيرانية‪ .‬لم نواجه كغيرنا من‬ ‫األجنحة مشكلة اجلمارك لنقل البضائع ألننا‬ ‫متمركزون أساسا ً في بيروت‪ ،‬كـ”مؤسسة فيروز”‪ ،‬إذ‬ ‫لدينا فروع في اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وأخرى‬ ‫في لبنان في منطقة الش ّياح – الضاحية اجلنوبية‪.‬‬ ‫كما وأ ّن ما يُلفت في املعرض هو احلركة الهائلة‬ ‫للزائرين حتى ولو أن احلركة الشرائية ضعيفة نوعا ً‬ ‫ما‪ ،‬وأعتقد بأ ّن هذا يعود للوضع االقتصادي املتر ّدي‪،‬‬ ‫علما ً أن األسعار متدنية عما هي خارج املعرض‪ ،‬ومع‬ ‫ما قامت به إدارة املعرض من إعالنات هائلة أعتقد‬ ‫أن القرية الكونية أخذت وهجها الصحيح‪ ،‬خاصة‬ ‫وأ ّن اإلدارة جهّ زت كل مستلزماتنا”‪.‬‬

‫التجمع احلرفي اللبناني‬

‫أثناء عودته إلى بلده‪ ،‬خاصة وأننا نسعى للتعبير‬ ‫حتى ولو بقطع صغيرة عن ثقافة لبنان وحضارته‬ ‫وترحيبه بكل الزوار‪ ،‬كيف وإذا كنا متواجدين في‬ ‫مدينة عاليه وهي عروسة املصايف وتستقبل‬ ‫العدد األكبر من األخوة العرب‪ ،‬لذلك نسعى‬ ‫ومن خالل شعارنا املعتمد “وضع األرزة اللبنانية‬ ‫أو كلمة لبنان” على كل منتوجاتنا إلى أن نكون‬ ‫خير مع ّبرين عن تراثنا وعاداتنا”‪.‬‬ ‫جتمعنا يضم جمعيات وتعاونيات من‬ ‫وتابعت‪ّ :‬‬ ‫كل املناطق اللبنانية‪ ،‬هو عائلة لبنانية جميلة‬ ‫تشارك في كل املعارض التي تسعى لتقريب‬ ‫وجهات النظر بني الثقافات املتنوعة”‪.‬‬ ‫وتوجّ هت مكرزل لشركة “صداقة”‪ :‬أهالً بكم‬ ‫في لبنان كأول مشروع لكم‪ ،‬وأعتقد بأ ّن إجنازكم‬ ‫وجناحكم في ظل الظروف الراهنة هو أكبر عمل‬ ‫بطولي‪ ،‬وهذا هو التحدي بذاته للتأكيد على‬ ‫وحدتنا‪.‬‬

‫مطعم حضرموت مندي‬

‫وح ّدثنا صاحب املطعم اخلليجي حضرموت‬ ‫مندي طالل الكردي‪ ،‬فقال‪“ :‬طعامنا وديكور‬ ‫املطعم خليجي باجململ‪ ،‬كما وأن الطبق الرئيسي‬ ‫ميني أل ّن كلمة “مندي” هي طبق رئيسي في اليمن‪،‬‬ ‫وفرعنا األساس موجود في منطقة الروشة –‬ ‫بيروت‪ ،‬ولكن أحببنا املشاركة في املهرجان كونه‬ ‫فكرة جديدة في لبنان ويضم كافة الدول”‪.‬‬

‫قسم األطفال‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬كانت لنا زيارة للجناح‬ ‫اللبناني بحيث ح ّدثتنا رئيسة التجمّ ع احلرفي‬ ‫اللبناني مادلني معلوف مكرزل عن جناح‬ ‫التجمّ ع‪ ،‬فقالت‪“ :‬أحببنا تشجيع هذا املهرجان‬ ‫من خالل املشاركة فيه‪ ،‬خاصة وأننا كنا نقصده‬ ‫في دبي ونرى جناح الفكرة‪ .‬شاركنا لإلشارة إلى‬ ‫مهارة اللبناني في تقدمي تراثه‪ ،‬عبر نوعية السلع‬ ‫التجمع يهتم بتأمني أفكار‬ ‫الفنية املعروضة‪ ،‬أل ّن‬ ‫ّ‬ ‫جديدة للسائح عبر الهدايا التي يأخذها معه‬

‫‪73‬‬

‫وفي اخلتام‪ ،‬قالت راغدة شومان في قسم‬ ‫األطفال‪ :‬نقوم بنشاطات لتسلية األطفال كأن‬ ‫نعلمهم كيفية الرسم بالرمل وتلوينه‪ ،‬وطهي‬ ‫الفطائر أو احللويات الصغيرة‪ ،‬وكل ذلك لتأمني‬ ‫أوقات مسلية لهم‪ ،‬إضافة ملا مت تأمينه من‬ ‫وسائل ترفيه وشخصيات كرتونية مح ّببة‪ ،‬تلعب‬ ‫معهم وتعلمهم أشياء جديدة‪ ،‬وقد أوجدنا هذا‬ ‫اجلناح ليترك األهل أوالدهم هنا‪ ،‬وميتلكوا الراحة‬ ‫والهدوء للتج ّول في أنحاء املعرض‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سالي نوفل‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر اجتماعي‬

‫التحرر اإلنساني يبدأ بحماية ورعاية حقوق المسنين‬ ‫آسيا قاسم‪ :‬نشعر بالفرح عندما نق ّدم خدمة لهم من جمعيتنا‬ ‫بغية احلفاظ على أفق الرؤية أمامنا مفتوحاً‪،‬‬ ‫نرى احلضارة من خالل القوى الفاعلة في‬ ‫عملية االرتقاء اإلنساني‪ ،‬قوة فاعلة في اجتاه‬ ‫التقدم ومن خالل حضور املوقف امللتزم والنظر‬ ‫إلى القوى الفاعلة كطاقات دفع أساسية في‬ ‫مسيرة اإلنسان احلضارية‪ ،‬والنتائج املتوخاة‬ ‫أمر مرتبط بالظروف املوضوعية التي حتيط بنا‬ ‫خالل مرحلة معينة‪ ،‬وإن معيار احلكم على‬ ‫نوعية فعل هذه القوى‪ ،‬هو مدى قدرتها على‬ ‫تغيير الظروف اإلنسانية واإلنسان نفسه‪ ،‬نحو‬ ‫األفضل‪ ،‬والهدف هو التحرر اإلنساني‪ ،‬حترر‬ ‫اإلنسان من الوهم وحترره من العازة‪ ،‬وحترره مما‬ ‫يهدد أمنه ويشل قدرته على اإلبداع‪ ،‬وحترره من‬ ‫حتكم الغير فيه‪.‬‬ ‫إن ميادين العمل اإلنساني هي ميدان رحبة‪،‬‬ ‫والقوة الفاعلة هنا‪ ،‬هي قوة تقدمية تدفع‬ ‫باإلنسان باجتاه السمو وتصون حريته وكرامته‬ ‫في عملية صراع نحو األفضل‪ ،‬وإعطاء األولية‬ ‫في سلم األولويات إلى عملية تكافل اجتماعي‪،‬‬ ‫أما مسار الوصول إلى األهداف فيمر حتماً في‬ ‫حلبة الصراع األساسية هنا‪ ،‬وهي التربية‬ ‫مسرح الصراع العملي والنظري‪.‬‬ ‫واستعمل القرآن الكرمي مفهوم التربية بقوله‬ ‫تعالى‪“ :‬وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً”‪،‬‬ ‫وعرفت التربية من قبل علم االجتماع بأنها أداة‬ ‫من أدوات السيطرة االجتماعية التي ميلكها‬ ‫اجملتمع‪ ،‬وهنا إشارة واضحة ملدى قوة وسلطان‬ ‫التربية في تنشئة األجيال‪.‬‬ ‫والتربية أيضاً هي أداة اجملتمع في حتقيق‬ ‫(الوفاق) االجتماعي‪ ،‬والتربية هنا‪ ،‬مؤسسة‬ ‫اجتماعية عاملة من اجل حتقيق االتفاق‬ ‫والتكامل االجتماعي‪ ،‬وذلك من خالل تنشئة‬ ‫األجيال على السجايا والشمائل الشخصية‪،‬‬ ‫وأمناط السلوك املقبولة من لدن اجلماعة التي‬ ‫ينتسبون إليها‪ ،‬وهنا تبدو عملية ترابط األجيال‬ ‫ومدى هذا الترابط هو الذي يحدد قوة اجملتمع‬ ‫ومستوى األداء االجتماعي‪ ،‬والتربية هي التي‬ ‫تخلد هذا التجانس وتعززه عن طرق غرس‬ ‫التشابهات اجلوهرية وترسيخ القيم النبيلة بني‬ ‫األجيال‪ ،‬التي تتطلبها احلياة اجلماعية‪.‬‬ ‫ومن بني األساليب االجتماعية‪ ،‬ينظر إلى‬ ‫عملية التربية على أنها قطاع عام من الطرق‬ ‫اخلاصة في التأثير في سلوك الفرد اإلنساني‬ ‫ابتغاء جعله ينسجم مع األمناط السلوكية‬ ‫االجتماعية السائدة‪ ،‬أمناط التفاعل والتنظيم‬ ‫داخل اجملتمع‪ ،‬فالتربية عملية تساعد الفرد‬ ‫على اكتشاف السبل املالئمة لالنسجام مع‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫الوضع القائم والتأثير فيه وفهم الفرد ما هو‬ ‫سائد في جماعته‪ ،‬واحترامه والتزامه مبا يحقق‬ ‫التكامل بني الطرفني‪.‬‬ ‫ويتعلم الفرد كيف يتكيّف وفق جماعته عن‬ ‫طريق اكتساب السلوك االجتماعي الذي ترضى‬ ‫عنه اجلماعة‪ ،‬واجلميع يشاركون في التفاعل‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫إن كل تلك الروافد تصب في نهر واحد هو نهر‬ ‫احلماية الواعية للفرد اجلديد ضمن جماعته‬ ‫وبالعكس أيضاً‪ ،‬وهنا يبدو دور التربية كأداة‬ ‫تغيير أساسية وحقيقية عندما يصبح التغيير‬ ‫حاجة اجتماعية ناضجة ترفده قوى التغيير‬ ‫العامة الفاعلة في البناء االجتماعي‪.‬‬ ‫إن عملية التربية هي عملية التحرر اإلنساني‬ ‫بكل ما تعنيه‪ ،‬فهي تعني االلتزام وإال فقدت‬ ‫مضمونها وشكلها‪ ،‬وهي عملية تكافل‬ ‫اجتماعي من الطراز األول‪ ،‬الفرد ينتمي لألسرة‬ ‫التي هي اخللية األساسية في اجملتمع‪ ،‬وهنا‬ ‫يبدو دور الفرد واضحاً كجزء من كل‪ ،‬واجلسد‬ ‫واحد‪ ،‬وعملية التربية امللتزمة هي مبثابة الروح‬ ‫التي تسمو بالنفس اإلنسانية وتدفعها نحو‬ ‫فعل ايجابي‪ ،‬تنعكس نتائجه في الشأن‬ ‫العام واخلاص‪ ،‬إنها عملية تبادلية‪ ،‬أخذ وعطاء‪،‬‬ ‫وعملية إنتاج من نوع خاص‪ ،‬وبناء اإلنسان‬ ‫القادر الواعي وصقل دائم إلرادته ووعيه‪ ،‬عملية‬ ‫ال تنتهي بل متواصلة تتناقلها األجيال‪.‬‬ ‫واملسن هو مبثابة جذر الشجر املغروس في‬ ‫عمق األرض‪ ،‬وهو قاعدة البنيان ومصدر العطاء‪،‬‬

‫‪74‬‬

‫لواله ملا كانت األوراق واألزهار والثمار‪ ،‬إنه حب‬ ‫األرض وأدميها‪ ،‬وهو أصل التواصل بني األصل‬ ‫والفرع‪ ،‬إن عملية التكافل االجتماعي هي عرفان‬ ‫وتقدير وصون لكرامة اإلنسان‪ ،‬وهي حق علينا‬ ‫نحن في الزمن احلاضر وواجب على األجيال في‬ ‫الزمن اآلتي‪ ،‬إنها عملية وصل ال تنقطع ما دامت‬ ‫احلياة‪.‬‬ ‫من هنا إن دور املؤسسات املهتمة بأوضاع‬ ‫املسنني وشؤونهم وحاجاتهم هو دور هام‬ ‫وأساسي ال يقل عن دور وأهمية التربية‬ ‫والتنشئة‪ ،‬بل هو عملية ربط دائم لدورة‬ ‫احلياة‪ ،‬ووفاء وعرفان ودرس تتعلمه األجيال‪،‬‬ ‫وهو عظيم في جميع املقاييس‪ ،‬وهو كذلك‬ ‫مبثابة جرس انذار جملتمعاتنا كافة‪ ،‬وهو عملية‬ ‫تقييم في األساس ومن خاللها ميكن االستنتاج‬ ‫واالتعاظ واحملاسبة والتأكد من سالمة البنيان‪،‬‬ ‫وهي عملية تذكير هامة باحلقوق املستحقة‬ ‫ألصحابها‪ ،‬وهي دستور وقانون لألجيال القادمة‬ ‫تذكرها بواجباتها‪ ،‬وهي مرآة حياتنا في حاضرنا‪،‬‬ ‫علنا نتعظ ونفهم الرسالة‪.‬‬ ‫هذه اجلمعيات واملؤسسات املهتمة بالرعاية‪،‬‬ ‫قرأت الرسالة جيداً وهي تقوم بعمل شريف‬ ‫وعظيم ال يساويه أي عمل‪ ،‬اإلنسان هو األصل‬ ‫وبناء اإلنسان يعني بناء األوطان واملشاركة في‬ ‫صنع احلضارة بأبعادها اإلنسانية‪.‬‬ ‫ونحن في “منبر التوحيد”‪ ،‬رأينا أن واجبنا‪،‬‬ ‫أن نقوم بالدور املتاح وتسليط الضوء باجتاه‬ ‫اجلهود املبذولة في مجال رعاية املسنني‪ ،‬وكان‬ ‫لنا اللقاء التالي مع السيدة أسيا قاسم رئيسة‬ ‫اجلمعية اخليرية لرعاية املسنني‪ ،‬والتي أجابت‬ ‫ّ‬ ‫مؤكدة أن‬ ‫على أبرز القضايا املطروحة للحوار‪،‬‬ ‫اجلمعية اخليرية ملساعدة املسنني جمعية خيرية‬ ‫إنسانية ال تبتغي إال عمل اخلير والوصول إلى رضى‬ ‫اهلل سبحانه وتعالى منذ أكثر من عشر سنوات‬ ‫أسست مجموعة من األصدقاء املنتمني إلى حب‬ ‫اهلل واإلميان بالواجب اإلنساني للمستطيع من أجل‬ ‫أخيه اإلنسان مبعزل عن انتمائه وطائفته وبلده‪.‬‬ ‫وأوضحت أن هذه اجلمعية هي مجموعة مؤلفة‬ ‫من أعضاء من لبنان والعالم العربي رجال ونساء‬ ‫واجملموعة نذرت نفسها منذ‪ ‬البداية ملساعدة‬ ‫املسنني ماديا ً ومعنوياً‪ ،‬فاملسن محتاج إن كان غنيا ً‬ ‫أم فقيرا ً للكلمة الطيبة واحلنان والدفء أحيانا ً‬ ‫أكثر من املال‪ ،‬أما بالنسبة للمناطقية فنحن ال‬ ‫نؤمن باحلدود واجلغرافيا والدنيا كلها لها خالق‬ ‫واحد واألرض أرضه‪ ،‬وأينما‪ ‬نكون نستطيع أن‬ ‫نعبد رب هذه األرض‪،‬‬ ‫وبالنسبة لنشاطات اجلمعية تقول قاسم‪:‬‬


‫هي كثيرة ال تتوقف ‪،‬فباإلضافة إلى املساعدات‬ ‫التي تقدمها اجلمعية للمسنني في كل مكان‬ ‫من طبابة واستشفاء ومساعدات عينية وألبسة‬ ‫ومواد غذائية ومعاشات شهرية‪ ،‬تقوم اجلمعية‬ ‫بإقامة مؤمترات ومحاضرات عن الشيخوخة‬ ‫ومرض االلزهامير وعن كيفية مساعدة املسن وذلك‬ ‫باالستعانة باألطباء املنتسبني للجمعية وباخلبرات‬ ‫العاملية‪ ،‬كما تقوم‪ ‬اجلمعية بحفالت ترفيهية‬ ‫للمسنني الغير عاجزين في الفنادق واملطاعم‬ ‫املعروفة إلشعارهم بأن احلياة حلوة وهم يتأملون‬ ‫وينتظرون هذه األيام بفرح ويسعدون بالهدايا التي‬ ‫نقدمها لهم‪ ‬في املناسبات واألعياد‪ .‬أما بالنسبة‪ ‬‬ ‫للمستفيدين من املسنني فنحن نتبنى مجموعات‬ ‫من املسنني في منازلهم حسب إمكانيات اجلمعية‬ ‫املتوفرة‪ ‬كما تقدم اجلمعية مساعدات ملراكز‬ ‫املسنني في كافة املناطق‪ ،‬أما التمويل فيتم عبر‬ ‫احملسنني واملساهمني واالشتراكات من األعضاء‬ ‫املنتسبني واحلفالت اخليرية التي تقيمها أجلمعيه‪،‬‬

‫أما الدولة فهي بحاجة ملن يساعدها‪ ،‬هي في حالة‬ ‫غيبوبة ونتأمل اخلير بوجود دولة الرئيس جنيب‬ ‫ميقاتي على رأس احلكومة ألنه من املساهمني في‬ ‫جمعيتنا وهو يزرع اخلير في كل مكان بالنسبة‬ ‫لتكرمي الشخصيات في االحتفال السنوي فهذا‬ ‫عرف أخذته اجلمعية على نفسها ألنها تؤمن بأن‬ ‫اإلنسان الفاعل على األرض ماديا ً أو معنويا ً يجب‬ ‫أن يكرم على عمله وهذا حافز ألن يجعل الناس‬ ‫تفكر بأن العمل اجليد لن يذهب سدى وأنه يوجد‬ ‫يقدر عمل اإلنسان الفاعل والناشط في كافة‬ ‫من ّ‬ ‫اجملاالت أما بالنسبة لسوريا فكما قلت نحن ال‬ ‫نؤمن باحلدود وسوريا بلد حبيب على قلبي وخاصة‬ ‫في هذه الظروف الصعبة التي متر بها ويجب أن‬ ‫نقف جميعا ً معها في هذه احملنة لتخرج منها إن‬ ‫شاء اهلل معافاة وأقوى ألن سوريا غالية على قلوب‪ ‬‬ ‫اجلميع والعالم العربي يجب أن يكون جسدا ً واحدا ً‬ ‫وإذا تداعى عضو تداعت له سائر األعضاء ومهما‬ ‫حاول الناس التفريق بينهم فدمهم واحد وأملهم‬

‫واحد والعادات والتقاليد واحدة ولن تستطيع قوة‬ ‫على األرض مهما بلغت أن تنتزع هذه األشياء‬ ‫والفصل بينها‪.‬‬ ‫وفي اخلتام متنّت قاسم أن تعمم أفكار اجلمعية‬ ‫البناءة في كل مكان من هذا العالم رحمة‬ ‫باإلنسان في كل مكان‪ ،‬أما املواقع السياسية‬ ‫فال مأرب لي بها وال طموح عندي‪ ‬ألن السياسة‬ ‫مجاملة ومناورة وأنا صادقه وال أحب اجملامالت وال‬ ‫أستطيع أن أجلس مع إنسان أسبب له اإلزعاج أو‬ ‫يسببه لي‪ ،‬من هنا ال طموح سياسي وال غيره‪،‬‬ ‫فهدفي رضى اهلل عني وأنام مرتاحة الضمير‬ ‫وبالنسبة للمؤسسات االجتماعية في أغلبها‬ ‫حب الظهور أو الوصول إلى مناصب ومواقع ومع‬ ‫هذا فهي مفيدة وأفضل من أن نلعن الظالم وكل‬ ‫فرد في هذا اجملتمع وجد ليؤدي دوره ومشكور‬ ‫عليه‪.‬‬

‫مهيبة العسراوي‬

‫مدرسة الجاهلية الرسمية تك ّرم المربي‬ ‫األستاذ أنطوان موسى لبلوغه السن القانونية‬ ‫مدرسة‬ ‫أقامت‬ ‫اجلاهلية الرسمية حفل‬ ‫تكرمي للمربي األستاذ‬ ‫أنطوان موسى مبناسبة‬ ‫بلوغه السن القانونية‬ ‫وإحالته على التقاعد‪،‬‬ ‫وذلك تقديرا ً آلداءه املميز‬ ‫لسنوات عديدة من‬ ‫العطاء‪.‬‬ ‫حضر احلفل عدد كبير‬ ‫من الفعاليات التربوية‬ ‫والثقافية واالجتماعية‬ ‫وجميع أفراد الهيئة‬ ‫التعليمية في املدرسة‬ ‫وذوي أهل املك ّرم‪.‬‬ ‫بداية ألقى مدير املدرسة‬ ‫األستاذ يوسف أبوذياب كلمة أشاد فيها مبناقبية‬ ‫املربي وعطاءاته ملقيا ً الضوء على مواقفه خالل‬ ‫مسيرته الطويلة في التربية‪ .‬ومما جاء فيها‪:‬‬ ‫يسعدني في هذا اللقاء التكرميي لألستاذ‬ ‫أنطوان موسى الذي يبوح بسر املودة واإلخالص‬ ‫وينشر طي الصداقة والتقدير مبا له من‬ ‫فضل على األجيال التي دربها على طريق احلق‬ ‫ومنحها من إلهام معرفته العلم واملعرفة‪،‬‬ ‫ومن خفقات قلبه العطف واحلنان ومن طيب‬ ‫أخالقه ومشاعره الدفء واملروءة‪ ،‬فتحققت‬ ‫رسالته التي نشأت واستمرت وستبقى أمانة‬

‫في أعناق زمالء اليوم والغد والى زمن ال حدود‬ ‫للعطاء فيه‪.‬‬ ‫إن احملتفى به بتكرميه هو زميل كرمي وأخ عزيز‬ ‫وفي‪ ،‬ورفيق درب عرفته معلما ً مخلصا ً‬ ‫وصديق ّ‬ ‫ميتلك القدرات التعليمية‪ ،‬عرفته مربيا ً رحوما ً‬ ‫يتحلى باألخالق العالية والسمعة الطيبة‪ ،‬عرفته‬ ‫ناشطا ً اجتماعيا ً ظهرت خدماته في روابط‬ ‫إنسانية واجتماعية على مستوى بلدته واجلوار‪،‬‬ ‫وكان ال ينكفىء عن حق وال يتهرب من واجب‪.‬‬ ‫كذلك تكلم األستاذ منير أبو رجيلي بهذه‬ ‫املناسبة وأشاد باملعلم عامة وباألستاذ‬ ‫موسى خاصة‪ ،‬شاكرا ً له تقدمياته اخمللصة‬

‫‪75‬‬

‫للتالميذ وصداقاته املميزة للهيئة التعليمية‬ ‫واألهالي‪.‬‬ ‫و مما قال فيه‪:‬‬ ‫صديقي لقد أديت في العلم واجبا ً‬ ‫تألقت معطا ًء فأنت معلم‬ ‫وأجنزت في صرح الوفاء رسالة‬ ‫فأنت بقلب األوفياء مكرم‬ ‫ور ّد احملتفى به بكلمة حيا فيها إدارة املدرسة‬ ‫والهيئة التعليمية واحلضور معبرا ً عن مشاعره‬ ‫ومحبته ألهالي اجلاهلية عامة‪ ،‬في كلمة جاء فيها‪:‬‬ ‫أنا مك ّرم كلما اجتمعت باألحباب‪ ،‬أنا‬ ‫مكرم كلما جلت وأنى تنقلت في ضيعتي في‬ ‫اجلاهلية احلبيبة‪ ،‬ومن كان زمالؤه هؤالء الناس‬ ‫اخليرين احملبني‪ ،‬فكيف ال تكون حياتهم مجبولة‬ ‫بالفرح‪ ،‬مزينة بالورود؟ فينسى املتاعب ويرى‬ ‫محب‪ ،‬حتلى بالصبر‬ ‫نفسه بني مدير مخلص‬ ‫ٍ‬ ‫وطول األناة‪ ،‬خبر احلياة وعجمها‪ ،‬وكان صلب‬ ‫العود فحول صرحه التربوي الى منتدى لآلخاء‬ ‫واأللفة واحملبة‪ ،‬تعاون مع زمالئه فقدموا فوق‬ ‫طاقاتهم‪ ،‬وبذلوا اجلهود‪ ،‬وسهروا وضحوا‬ ‫ليبقى الصرح التربوي في اجلاهلية مدرسة من‬ ‫املعرفة والعلم واألخالق ويبفى منارة في قلب‬ ‫هذا اجلبل يخ ّرج أجياال ً تفخر بها وتعتز ويرسي‬ ‫أسس التضامن‪.‬‬ ‫وفي نهاية احلفل أقيمت مأدبة غداء على شرف‬ ‫بجو ساده‬ ‫موسى‪ ،‬شارك فيها جميع املدعوين‬ ‫ٍ‬ ‫الود وخيم عليه الشعور باأللفة والفرح‪.‬‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر صحة‬

‫سالمة الغذاء‬

‫إن تناول الغذاء امللوث هو من أكثر األمور‬ ‫املسببة لألمراض وبخاصة حاالت التسمم‬ ‫الغذائي‪ .‬لذلك تغيرت العادات الغذائية كثيرا ً‬ ‫في معظم البلدان خالل العقدين املاضيني‪،‬‬ ‫وواكب ذلك طرق جديدة إلنتاج األغذية وإعدادها‬ ‫و توزيعها‪ .‬وقد أصبحت الرقابة على النظافة‬ ‫أمرا ً ال بد منه‪ .‬ونتيجة ذلك مت صياغة دستور‬ ‫غذائي عاملي لنظافة املنتوجات الغذائية‪.‬‬ ‫ميكن أن تكون امللوثات املسؤولة عن تسمم‬ ‫الغذاء عبارة عن كائنات حية دقيقة أو مواد‬ ‫سامة تصيب املنتوجات الغذائية وتعمل على‬ ‫فسادها وتلوثها‪ .‬وتعتبر ملوثات الغذاء من‬ ‫مسببات األمراض‪.‬‬ ‫إن بعض الكائنات احلية مفيدة لإلنسان‬ ‫وتدخل في تصنيع بعض األغذية مثل اخلبز‬ ‫واألجبان وصناعة األدوية‪ ،‬لكن البعض اآلخر‬ ‫منها ضار جدا ً وميكن في بعض األحيان أن‬ ‫يسبب أمراضا ً خطيرة أو حتى املوت‪.‬‬ ‫تتواجد اجلراثيم في كل مكان‪ .‬ونحن ال‬ ‫نستطيع رؤيتها‪ ،‬وال شمها‪ ،‬وال اإلحساس‬ ‫بطعمها ولكنها موجودة على أجسامنا‪،‬‬ ‫في الهواء‪ ،‬على مسطحات املطبخ‬ ‫وأدواته‪ ،‬وبالتأكيد موجودة في الطعام‪.‬‬ ‫من أهم األحياء الكائنات الفيروسات‪،‬‬ ‫الطفيليات‪ ،‬اخلمائر واألعفان‪ ،‬والبكتيريا‪.‬‬ ‫يصاب الكثير من الناس باألمراض سنويا ً‬ ‫نتيجة لألطعمة التي يتناولونها‪ .‬وقد يصاب‬ ‫هؤالء األشخاص بإسهال‪ ،‬ارتفاع في احلرارة‪،‬‬ ‫تقيؤ أو باضطرابات في اجلهاز الهضمي‪ .‬عند‬ ‫إصابتهم بهذه األعراض يكون السبب احلقيقي‬ ‫هو أمراض العدوى الغذائية والتي تسببها‬ ‫البكتيريا في معظم احلاالت‪ .‬وحلسن احلظ‪،‬‬ ‫معظم األمراض التي تنتقل عن طريق األطعمة‬ ‫ميكن السيطرة عليها إذا مت التعامل مع األغذية‬ ‫بشكل سليم‪.‬‬ ‫إن عدم االلتزام مبعايير درجات احلرارة اآلمنة‬ ‫أثناء حفظ األطعمة هو من أهم األسباب‬ ‫التي ينتج عنها اإلصابة باألمراض التي تنتقل‬ ‫باألغذية‪ .‬يأتي بعد هذا السبب قلة النظافة‬ ‫الشخصية‪ ،‬الطبخ غير املكتمل‪ ،‬استعمال‬ ‫أدوات ملوثة خالل عملية حتضير الطعام‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى تناول الطعام من مصادر غير آمنة‬ ‫صحياً‪.‬‬ ‫إن مصطلح سالمة األغذية يعني توفير‬ ‫غذاء آمن تتوافر فيه الشروط واإلجراءات‬ ‫الواجب اتخاذها خالل إنتاج وجتهيز أو تخزين‬ ‫أو توزيع أو إعداد الغذاء للتأكد من سالمته أو‬ ‫صالحيته لالستهالك البشري‪ .‬أما الغذاء اآلمن‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫فهو الذي يقدم على استهالكه مجموعة من‬ ‫املستهلكني القادرين على التمييز وامللمني‬ ‫مبراحل إنتاجه ويعتبر الغذاء فاسدا ً إذا أعرض‬ ‫ٍ‬ ‫املستهلكون عن تناوله لضرره بالصحة أو‬ ‫نتيجة صفة أو أكثر من صفاته الطبيعية أو‬ ‫الكيماوية‪.‬‬ ‫يجب أن يكون الغذاء اآلمن لالستهالك‬ ‫ناضجا ً بالقدر الكافي واملرغوب من قبل‬ ‫املستهلك‪ ،‬خاليا ً من التلوث الضار بالصحة‬ ‫في جميع مراحل إنتاجه وتداوله‪ ،‬خاليا ً من‬ ‫التغيرات غير املرغوبة سواء كانت ميكروبية أو‬ ‫إنزميية أو كيمائية‪.‬‬

‫التسمم الغذائي‬ ‫يعرف التسمم الغذائي عاد ًة بأنه حالة مرضية‬ ‫مفاجئة تظهر أعراضها خالل فترة زمنية قصيرة‬ ‫على شخص أو عدة أشخاص بعد تناولهم‬ ‫الغذاء امللوث‪ .‬تشمل هذه األعراض غثيان‪،‬‬ ‫قيء‪ ،‬إسهال‪ ،‬تقلصات في املعدة واألمعاء‪ ،‬وفي‬ ‫بعض حاالت التسمم الغذائي تظهر األعراض‬ ‫على هيئة شلل في اجلهاز العصبي بجانب‬ ‫االضطرابات املعوية‪ ،‬وتختلف أعراض اإلصابة‬ ‫وارتفاع احلرارة وشدتها والفترة الزمنية الالزمة‬ ‫لظهور األعراض املرضية حسب مسببات‬ ‫التسمم وكمية الغذاء التي تناولها اإلنسان‪.‬‬ ‫ينتج التسمم الغذائي في أكثر األحيان‬ ‫عن تلوث الطعام ببكتيريا مثل اإلي كوالي‪،‬‬ ‫الساملونيال‪ ،‬كلوستريديوم وغيرها‪ .‬ميكن أن‬ ‫يكون التلوث ناجت عن نشاط اخلمائر التي عادة‬ ‫ما تنمو في العصائر والعجائن احملفوظة حتت‬ ‫ظروف صحية غير آمنة‪ .‬أو ميكن أن ينجم‬ ‫التلوث عن الفطريات التي تنمو عادة على‬ ‫الفاكهة والبقول واملكسرات واألعالف وتفرز‬

‫‪76‬‬

‫السموم اخلاصة بها وهو ما يؤدي إلى إصابة‬ ‫اإلنسان أو احليوان بالتسمم‪.‬‬

‫أمراض العدوى الغذائية‬ ‫ميكن تعريف أمراض العدوى الغذائية بأنها‬ ‫كل مرض ينتقل لإلنسان عن طريق الطعام‪.‬‬ ‫وقد أدى التطور الكبير في طرق تتبع األمراض‬ ‫والكشف عن أسبابها إلى إمكانية الربط‬ ‫بني أمراض معينة ومجموعات خاصة من‬ ‫األطعمة‪ .‬على سبيل املثال‪ :‬مت في أميركا إعداد‬ ‫قائمة باألطعمة التي تسبب حدوث أمراض‬ ‫العدوى الغذائية وسميت هذه القائمة بقائمة‬ ‫األطعمة اخلطرة (‪hazardous Potentially‬‬ ‫‪ .)foods‬تؤدي هذه األغذية إلى حالة التسمم‬ ‫إذا لم يتم التعامل معها بشكل سليم‪،‬‬ ‫وتشمل هذه القائمة األطعمة العالية الرطوبة‬ ‫والبروتني واألطعمة القليلة احلموضة كاحلليب‬ ‫ومنتجاته‪ ،‬إضافة إلى ذلك القشرة اخلارجية‬ ‫للبيض‪ ،‬اللحوم‪ ،‬الدجاج واألسماك‪ ،‬األرز‬ ‫املطبوخ والبطاطا املطبوخة‪.‬‬ ‫يساعد جهاز املناعة على مكافحة األمراض‬ ‫لكنه يكون ضعيفا ً عند بعض الفئات كاألطفال‬ ‫الرضع‪ ،‬املرأة احلامل‪ ،‬كبار السن‪ ،‬واألشخاص‬ ‫املصابني بالسرطان والسيدا واألمراض املزمنة‬ ‫كالسكري‪ ،‬مما يزيد احتمال إصابة هذه الفئات‬ ‫بأمراض العدوى الغذائية‪.‬‬ ‫يصبح الطعام خطرا ً عند تلوثه‪ ،‬وميكن‬ ‫تعريف التلوث بأنه وجود‪ ،‬بشكل مقصود أو‬ ‫غير مقصود‪ ،‬مواد مضرة للصحة‪ ،‬أو جراثيم‬ ‫في الطعام‪ .‬ميكن أن يصبح الطعام ملوثا ً‬ ‫عن طريق مصادر كيميائية كاملواد املنظفة‬ ‫واملعقمة واملبيدات احلشرية‪ ،‬بيولوجية والتي‬ ‫تأتي بالدرجة األولى من البكتيريا‪ ،‬أو فيزيائية‬


‫والتي تشمل وجود مواد غريبة في الطعام مثل‬ ‫الزجاج واحلجارة‪.‬‬ ‫يعتبر التلوث العرضي من أهم األسباب التي‬ ‫تؤدي إلى انتقال اجلراثيم إلى الطعام‪ .‬ميكن‬ ‫تعريف التلوث العرضي بأنه للجراثيم إلى‬ ‫الطعام عن طريق األيدي امللوثة من الطعام‬ ‫النيء كاللحوم‪ ،‬والتي تالمس بعد ذلك طعام‬ ‫لن تتعرض للطبخ بعد ذلك مثل السلطات‪،‬‬ ‫وبالتالي ستتمكن البكتيريا املوجودة من النمو‬ ‫والتسبب في حدوث األمراض‪ ،‬األسطح وفوط‬ ‫التنظيف غير النظيفة أو غير املعقمة‪ ،‬والتي‬ ‫تالمس طعام جاهز لألكل ولن يتعرض للحرارة‬ ‫بعد ذلك للقضاء على البكتيريا املوجودة نتيجة‬ ‫للتلوث‪ ،‬مالمسة طعاما ً نيئا ً (غير مطبوخ) أو‬ ‫معد لألكل‪.‬‬ ‫طعاما ً ملوثا ً لطعام‬ ‫ّ‬ ‫تكثر عوامل تلوث الغذاء كاخلضار والفاكهة‬ ‫مثال ً خالل العمليات الزراعية اخملتلفة‬ ‫كاستخدام املبيدات واألسمدة بشكل مكثف‬ ‫ومفرط‪ ،‬استخدام أدوات حصاد وصناديق تعبئة‬ ‫غير نظيفة‪ ،‬وعدم استخدام لباس خاص أثناء‬ ‫عملية القطف‪ ،‬املمارسات اخلاطئة لنقل‬ ‫الثمار وتخزينها مثل عدم استخدام سيارة نقل‬ ‫مغلقة ومبردة وجافة‪.‬‬ ‫إلى جانب ذلك تتعرض منتجات اخلضار‬ ‫والفاكهة خالل مراحل اإلنتاج اخملتلفة‬ ‫للملوثات عن طريق التربة امللوثة‪ ،‬املاء‬ ‫امللوث‪ ،‬األسمدة العضوية‪ ،‬مياه الصرف‬ ‫الصحي‪ ،‬الهواء امللوث‪ ،‬اإلنسـان واحليوانات‪.‬‬ ‫من بني أنواع اجلراثيم التي ذكرناها تكون‬ ‫البكتيريا في معظم األحيان هي سبب العدوى‬ ‫الغذائية‪ .‬بعض األنواع من البكتيريا ال تسبب‬ ‫مرضا ً بحد ذاتها‪ ،‬ولكن عندما تكون في األغذية‬ ‫تتكاثر بصورة كبيرة‪ ،‬وتقوم بإنتاج السموم‬ ‫التي تؤدي إلى تسمم األشخاص الذين يتناولون‬

‫الطعام عند توفر الظروف املناسبة‪ .‬تضاعف‬ ‫البكتيريا أعدادها كل ‪ 10‬الى ‪ 30‬دقيقة‪.‬‬ ‫فعلى سبيل املثال اخللية الواحدة تنقسم الى‬ ‫خليتني‪ ،‬بعدها تنقسم كل خلية الى اثنتني‬ ‫لينتج أربعة خاليا والتي تنقسم الى ثمان خاليا‬ ‫وهكذا‪ .‬وهذا يدل على أن اخللية الواحدة قد‬ ‫ينتج عنها بليون خلية خالل ‪ 10‬الى ‪ 12‬ساعة‬ ‫إذا توفرت الظروف املناسبة‪.‬‬ ‫وبالنسبة للظروف التي تساعد على منو‬ ‫البكتيريا‪ ،‬فتستطيع بعض أنواع البكتيريا حتمل‬ ‫درجات حرارة منخفضة‪ ،‬وبعضها يستطيع‬ ‫حتمل درجات حرارة عالية‪ ،‬ولكن بشكل عام‬ ‫معظم األنواع تفضل العيش في بيئة دافئة‬ ‫ورطبة‪ ،‬وغنية بالبروتني واألوكسجني‪ ،‬ومعتدلة‬ ‫إلى قليلة احلموضة‪ .‬وبالطبع هناك استثنائات‬ ‫فبعض أنواع البكتيريا تستطيع حتمل ظروف‬ ‫قاسية جدا ً مثل النمو في بيئة عالية احلموضة‬ ‫أو امللوحة وقليلة األوكسجني‪ .‬ولكن ميكن أن‬ ‫نعمم ونقول أن معظم األنواع تستطيع النمو‬ ‫بشكل أسرع ضمن درجات حرارة تتراوح بني ‪5‬‬ ‫الى ‪ 63‬درجة مئوية‪ ،‬وهذه املنطقة من درجات‬ ‫احلرارة تسمى باملنطقة اخلطرة (‪Danger‬‬ ‫‪ .)Zone‬يعني ذلك أنه يجب تخزين الطعام البارد‬ ‫على ‪ 5‬درجات مئوية وما دون والطعام الساخن‬ ‫على ‪ 63‬درجة مئوية وما فوق‪.‬‬ ‫ومبا أن البكتيريا تتواجد على جلد اإلنسان‪،‬‬ ‫شعره‪ ،‬فمه وكذلك حلقه‪ ،‬فمن البديهي أن‬ ‫أفضل طريقة ملنع انتقال األمراض من هؤالء‬ ‫األشخاص الى الغذاء هو االهتمام بالصحة‬ ‫والنظافة الشخصية بشكل كبير‪.‬‬ ‫من هنا يجب أن تضع في ذهنك أنك لن تكون‬ ‫الضحية فقط‪ ،‬وإمنا قد تصبح حامال ً لهذا‬

‫‪77‬‬

‫املرض الذي قد تنقله إلى غيرك من األشخاص‬ ‫وذلك بعدم اتباعك األساليب الصحيحة‬ ‫للتعامل مع األغذية‪ .‬إن العطسة الواحدة‬ ‫قد تنقل معها آالف األحياء الدقيقة‪ ،‬والتي‬ ‫من املمكن أن تتسبب في حدوث األمراض‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬وملنع حدوث التسمم الغذائي‪ ،‬يجب‬ ‫غسل اليدين جيدا ً بالصابون واملاء الفاتر قبل‬ ‫تناول الطعام أو البدء بتحضيره أو عند اإلنتقال‬ ‫من الطعام النيء إلى الطعام اجلاهز لألكل‬ ‫والذي لن يتعرض للحرارة بعد ذلك‪ ،‬خصوصا ً‬ ‫اللحم والسمك والدجاج والبيض‪ .‬أضف إلى‬ ‫ذلك أنه يجب عدم شراء أو استخدام أغذية‬ ‫معبأة في صناديق مفتوحة أو مشروخة ألن‬ ‫احتماالت تلفها كبيرة‪ .‬كما يجب التأكد من‬ ‫نظافة جميع األدوات التي تستخدم في املطبخ‬ ‫قبل إعداد الطعام مثل (املسطحات‪ ،‬ألواح‬ ‫التقطيع ‪ -‬األطباق ‪ -‬السكاكني ‪ -‬املالعق)‪ .‬من‬ ‫الضروري أيضا ً غسل الفاكهة واخلضار بعناية‬ ‫وتعقيمها بأقراص خاصة قبل تناولها‪ .‬ومن‬ ‫املهم جداًعدم ترك األغذية الطازجة في درجة‬ ‫احلرارة العالية بل حفظها في البراد أو في‬ ‫الثالجة‪ .‬ومبا أن احلرارة هي الوسيلة الوحيدة‬ ‫التي ميكن أن تقضي على اجلراثيم‪ ،‬لذلك يجب‬ ‫أن تصل احلرارة الداخلية للطعام عند طبخه‬ ‫‪ 75‬درجة مئوية‪ .‬أخيراً‪ ،‬ننصح بتغطية األغذية‬ ‫بإحكام وحفظها جيدا ً سواء بالثالجة أو البراد‬ ‫والتأكد دائما ً من أن درجة حرارة البراد‬ ‫‪ 5 – 0‬درجات مئوية والثالجة ‪ 18‬درجة مئوية‬ ‫حتت الصفر‪.‬‬

‫أخصائية التغذية ليال رشيد‬ ‫‪Layal-r@hotmail.com‬‬ ‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬

‫فشل ذريع للبرازيل واألرجنتين‬ ‫في «كوبا أميركا»‬

‫امللعب”‪.‬‬ ‫أما صحيفة “جورنا دي برازيليا” فلخصت الوضع‪ ،‬قائلة‪“ :‬لم تتمكن‬ ‫البرازيل من تسجيل اي هدف في الوقت االصلي او في الوقت االضافي‪ ،‬واالمر‬ ‫األسوأ هو أنها لم تتمكن حتى من التسجيل في ركالت الترجيح”‪ ،‬ناشرة‬ ‫صورة للنجم اجلديد نيمار وهو يغطي وجهه وكتبت حتتها‪“ :‬ال ميكنهم‬ ‫ان يخبئوا عارهم‪...‬حققت البرازيل ما لم يكن في احلسبان على االطالق‪،‬‬ ‫حصلوا على أربع ركالت جزاء وأضاعوها جميعها”‪.‬‬ ‫وبدورها كتبت “استادو دي ساو باولو”‪“ :‬كان الهجوم عقيما”‪ ،‬و”خرج فريق‬ ‫مينيزيس من كوبا اميركا بطريقة مزرية جدا”‪.‬‬

‫حزن ودهشة لدى العبي البرازيل‬

‫شنت الصحف البرازيلية حملة شرسة على منتخب بالدها بعد تنازله‬ ‫عن لقب “كوبا اميركا” في كرة القدم بخسارته أمام الباراغواي بركالت‬ ‫الترجيح ‪( 2-0‬الوقتان األصلي واالضافي ‪ )0-0‬في الدور ربع النهائي من‬ ‫البطولة القارية‪.‬‬ ‫وكان املنتخب البرازيلي الذي توج بلقب النسختني األخيرتني‪ ،‬الطرف‬ ‫األفضل في املباراة وحصل على العديد من الفرص لكنه عجز عن ترجمتها‬ ‫الى أهداف ما أضطره لالحتكام الى التمديد ثم الى ركالت الترجيح التي‬ ‫فشل خاللها مبحاوالته األربع‪ ،‬فاحتا ً الباب أمام باراغواي للحصول على‬ ‫بطاقة نصف النهائي حيث ستواجه فنزويال‪.‬‬ ‫وعنونت صحيفة “أو غلوبو” أن منتخب بالدها املتوج بلقب بطل العالم‬ ‫خمس مرات خرج ب”طريقة مخزية” وأنه أظهر “عدم كفاءة تاريخية”‪.‬‬ ‫وذكرت “أو غلوبو” أن املباراة أقيمت في ذكرى اليوم الذي توج فيه منتخب‬ ‫بالدها بلقب مونديال الواليات املتحدة عام ‪ 1994‬حني تغلب على إيطاليا‬ ‫بركالت الترجيح بالذات بعدما انتهى الوقتان األصلي واإلضافي بالتعادل‬ ‫السلبي أيضاً‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أما “كوريو برازيلينشي” فلم تختلف كثيرا في وصفها لـ “سيليساو” عن‬ ‫“أو غلوبو” فتحدثت عن عدم كفاءة املنتخب‪ ،‬متسائلة عن مصير املدرب‬ ‫مانو مينيزيس وعن إمكانية مواصلة مهامه حتى مونديال ‪ 2014‬الذي‬ ‫تستضيفه البرازيل على أرضها للمرة األولى منذ ‪.1950‬‬ ‫وشدد مينيزيس الذي استلم منصبه خلفا ً لكارلوس دونغا بعد خروج‬ ‫البرازيل من ربع نهائي مونديال جنوب افريقيا ‪ 2010‬على يد هولندا‪ ،‬في اكثر‬ ‫من مناسبة على أن األولوية له ستكون نهائيات ‪ 2014‬لكن ذلك لن يعفيه‬ ‫جتاه اجلمهور ووسائل اإلعالم من فشله في امتام املهمة املطلوبة منه في‬ ‫“كوبا اميركا”‪.‬‬ ‫واشارت “كوريو برازيلينشي” الى ان تذمر مينيزيس من الوضع املذري‬ ‫لعشب امللعب وتسببه بخروج املنتخب يعتبر مهزلة‪ ،‬مضيفة “بعد االداء‬ ‫الكارثي للبرازيليني‪ ،‬حاولوا باإلجماع أن يحولوا االنتقادات نحو عشب‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪78‬‬

‫أعرب العبو املنتخب البرازيلي عن حزنهم ودهشتهم البالغة خلروج‬ ‫منتخبهم املفاجئ من بطولة كوبا أميركا إثر سقوطه أمام باراغواي في‬ ‫دور الثمانية رغم أنها املباراة التي شهدت أفضل عروض املنتخب البرازيلي‬ ‫في هذه البطولة‪.‬‬ ‫وقال روبينيو إن فريقه يجب أن يرفع رأسه بعد اخلروج بهذا الشكل وعليه‬ ‫أن يبدأ العمل حملاولة الفوز بلقب كأس العالم ‪ 2014‬بالبرازيل‪.‬‬ ‫وأوضح روبينيو “لسوء احلظ‪ ،‬لم نحقق هدفنا وخرجنا من بطولة‬ ‫كوبا أميركا‪ ،‬لدينا الكثير من األمور التي حتتاج إلى تطوير‪ ،‬واآلن يتعني‬ ‫علينا التفكير في البطوالت املقبلة والعمل على الفوز بلقب كأس‬ ‫العالم”‪.‬‬ ‫وأعرب روبينيو عن شكواه من سوء أرضية امللعب الذي أقيمت عليه‬ ‫املباراة مبدينة ال بالتا مشيرا إلى أنها كانت مضرة لكل من منتخبي البرازيل‬ ‫وباراغواي‪.‬‬ ‫وقال جانسو جنم سانتوس واملنتخب البرازيلي “كان أفضل عرض‬ ‫للمنتخب البرازيلي”‪.‬‬ ‫وأضاف زميله لوكاس “أشعر بحزن عميق‪ ،‬سيطرنا على التسعني دقيقة‬ ‫ولكننا افتقدنا الهدوء في حلظات احلسم‪ ،‬خالل تسديد ضربات الترجيح‬ ‫التي أطاحت بالفريق”‪.‬‬ ‫وفي املقابل قال أندريه سانتوس “يجب علينا أن نرفع رؤوسنا‪ ،‬أدينا بشكل‬ ‫أفضل ولكن احلظ عاندنا في ضربات الترجيح”‪.‬‬

‫مينيزيس ‪ :‬خسارتنا هي درس لنا‬ ‫اعتبر مدرب املنتخب البرازيلي مانو مينيزيس إن خروج البرازيل على يد‬ ‫الباراغواي‪ ،‬يجب أن يكون “درسا تستخلص منه العبر” ملواصلة املشوار نحو‬ ‫مونديال ‪ 2014‬في البرازيل‪.‬‬ ‫وقال مينيزيس “اخلسارة تؤدي دائما إلى االستياء واحلزن‪ ،‬لكننا خلقنا‬ ‫دون كلل او ملل العديد من الفرص وكانت سيطرتنا كبيرة في الشوط‬ ‫الثاني لكن الباراغواي جنحت في املقاومة”‪ ،‬مضيفا “لدي ما يكفي من اخلبرة‬ ‫في كرة القدم ألفهم أننا في حتسن وأن نتيجة اليوم يجب أن تكون درسا‬ ‫بالنسبة الينا لنواصل على نفس املنوال”‪.‬‬ ‫وبخصوص الفرص الكثيرة التي فشل املهاجمون في ترجمتها إلى‬ ‫أهداف‪ ،‬قال مينيزيس “ال أعتقد بانها مشكلة كرة القدم البرازيلية خصوصا‬ ‫ما يتعلق بهز الشباك‪ ،‬إنها مسألة مؤقتة‪ ،‬باعتباري مدربا للمنتخب فأنا‬ ‫مطالب بوضع اخلطة التكتيكية الكفيلة بخلق الفرص التي جتعل الالعبني‬ ‫في أفضل وضع للتسجيل”‪.‬‬ ‫وتابع “األهداف ستأتي سواء مع االندية أو املنتخب‪ ،‬اليوم لم يكن‬ ‫يومنا‪ ،‬انفرد لوسيو وجها لوجه مع احلارس خوستو فيار وسدد الكرة‬ ‫حيث يتواجد األخير‪ ،‬وحصل باتو على فرصة ذهبية لكن الكرة ذهبت‬ ‫حيث يتواجد فيار‪ ،‬اآلن حان وقت القيام بتحليل ملا حصل‪ ،‬وعندما نخسر‬


‫فإننا نعتقد بأن كل شىء سيء‪ ،‬لكننا قمنا بأشياء جيدة وبإمكاننا‬ ‫مواصلة العمل للحصول على النتائج التي نتوخاها وحتى نحقق للناس‬ ‫ما يتمنونه”‪.‬‬ ‫وشدد مينيزيس على الصعوبات التي واجهها العبوه أثناء تسديد ركالت‬ ‫الترجيح‪ ،‬وقال “الظروف لم تكن جيدة في املنطقة التي لعبت فيها ركالت‬ ‫الترجيح خصوصا بالنسبة إلى إيالنو وأندريه سانتوس‪ ،‬وال أعرف كيف‬ ‫كانت حالة املنطقة األخرى‪ ،‬عموما سنرى ما هي األخطاء التي ارتكبت في‬ ‫ركالت الترجيح”‪.‬‬

‫االحتاد البرازيلي يؤكد‬ ‫استمرار مينيزيس في منصبه‬ ‫بعد نحو الساعة من توديع البرازيل البطولة‪ ،‬أكد ريكاردو تيكسيرا رئيس‬ ‫االحتاد البرازيلي أن املدير الفني مانو مينيزيس مستمر في منصبه‪ .‬وبعث‬ ‫تيكسيرا رسالة عبر القسم اإلعالمي لالحتاد‪ ،‬دعم فيها استمرار مينيزيس‬ ‫في منصبه‪.‬‬ ‫وسيبدأ املدير الفني من اآلن عملية إعداد الفريق خلوض مونديال البرازيل‬ ‫‪ ،2014‬التي لن يخوض راقصو السامبا تصفياتها بحكم أنهم الدولة‬ ‫املنظمة‪ .‬ويتوافق قرار رئيس االحتاد بالتجديد ملينيزيس‪ ،‬مع الرؤية املتفائلة‬ ‫للمدرب رغم اخلروج‪.‬‬

‫مدرب األرجنتني ‪ :‬باق في منصبي‬ ‫رغم اخلسارة أمام األوروغواي‬

‫من جهته نفى املدرب سيرخيو باتيستا املدير الفني للمنتخب األرجنتيني‬ ‫ما تردد بشأن تقدمه باالستقالة إثر هزمية فريقه أمام منتخب األوروغواي‬ ‫في دور الثمانية كوبا أميركا وخروجه صفر اليدين من البطولة‪.‬‬ ‫وتغلب منتخب األوروغواي على نظيره األرجنتيني ‪ 4-5‬بضربات الترجيح‬ ‫بعد تعادلهما ‪ 1-1‬في دور الثمانية للبطولة‪.‬‬ ‫واستنكر باتيستا االتهامات بالفشل اثر الهزمية األمام أوروغواي‪ ،‬وقال‬ ‫“ال أسمي هذا فشال‪ .‬فعلنا املستحيل من أجل الفوز ولكننا لم نحققه‪.‬‬ ‫كلمة الفشل قاسية للغاية‪ .‬اجتهدنا من أجل الفوز بلقب البطولة‬ ‫ولكننا لن نحرز الكأس”‪ ،‬وأضاف “نتطلع اآلن إلى حتقيق هدف أكثر أهمية‬ ‫وهو بلوغ نهائيات كأس العالم” مؤكدا أنه سيواصل العمل مع الفريق ولن‬ ‫يستقيل‪.‬‬ ‫وكان املنتخب األرجنتيني بقيادة جنمه الشاب ليونيل ميسي‪ ،‬أفضل‬ ‫العب في العالم‪ ،‬هو املرشح األقوى إلحراز لقب البطولة هذه املرة ولكنه‬ ‫أهدر الفرصة وسقط في فخ الهزمية أمام أوروجواي في “كالسيكو نهر‬ ‫البالتا”‪ ،‬واقتصر سجل املنتخب األرجنتيني في البطولة احلالية على فوز‬ ‫وحيد وتعادلني وهزمية‪.‬‬

‫وأوضح باتيستا “لم يدر بذهني أن أقدم استقالتي‪ ..‬اخلروج من دور‬ ‫الثمانية يؤرقني ويجرحني مثلما يجرح اجلميع ولكن يتعني علينا االستمرار‬ ‫في العمل”‪.‬‬ ‫وقال باتيستا “ال ميكن أن أشعر بالسعادة بالطبع ألن اخلروج من البطولة‬ ‫ال يسعد أحد‪ .‬ولكنني أشعر بالسعادة للمستوى الذي ظهر عليه الالعبون‬ ‫وسأواصل العمل لتحقيق الهدف التالي” في إشارة إلى تصفيات كأس‬ ‫العالم ‪ 2014‬بالبرازيل والتي يرغب باتيستا في قيادة الفريق للمنافسة‬ ‫في نهائياتها‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬رفض باتيستا توجيه أي انتقاد أو لوم لنفسه‬ ‫مشيرا إلى أنه جلأ إلى بعض التغييرات في صفوف الفريق بعد تعادله في‬ ‫أول مباراتني للبطولة مما يعني أنه لم يقصر ولم يفشل في قراءة الفريق‬ ‫والوضع الذي مير به‪.‬‬ ‫وأوضح “سنراجع حساباتنا وننتقد أنفسنا بأنفسنا من خالل األخطاء‬ ‫التي نكتشفها‪ .‬هناك أمور أخطأنا في التعامل معها وأمور أخرى تعاملنا‬ ‫معها بشكل جيد”‪.‬‬ ‫وعن املباراة أمام األوروغواي‪ ،‬قال باتيستا “في الشوط األول‪ ،‬لعبنا بشكل‬ ‫جيد بالدرجة الكافية وكان بإمكاننا حتقيق الفوز‪ ..‬وبعدها أصبح األداء أقوى‬ ‫وأصعب ولكننا لم ننجح في استغالل الفرص التي سنحت لنا”‪.‬‬ ‫واعتمد باتيستا بشكل كبير في مباراته أمام كوستاريكا في الدور األول‬ ‫ثم في مباراته أمام األوروغواي على تشكيلة تقترب من التشكيلة التي قاد‬ ‫بها املنتخب األوملبي من قبل للفوز بامليدالية الذهبية ملسابقة كرة القدم‬ ‫في دورة األلعاب األوملبية عام ‪ 2008‬في بكني‪.‬‬ ‫وأكد باتيستا مجددا على ثقته في املهاجم الشاب ليونيل ميسي‬ ‫مشيرا إلى أن “ميسي قدم مباراة رائعة باستثناء ‪ 30‬دقيقة” حيث أوضح أن‬ ‫ميسي تراجع مثل باقي العبي الفريق في فترة من الشوط الثاني وكذلك‬ ‫في الشوط اإلضافي األول‪.‬‬ ‫ودافع باتيستا عن أسلوب الدفاع الذي يتبعه الفريق رغم نقاط الضعف‬ ‫التي ظهرت في أداء خط الدفاع في جميع مباريات البطولة‪ .‬وقال “يتعني‬ ‫علينا تطوير أداء الفريق ولكنني ال أعتقد أن األداء الدفاعي لفريقي كان‬ ‫سيئا”‪ ،‬كما أبدى باتيستا دهشته من طرد خافيير ماسكيرانو جنم خط‬ ‫وسط وقائد الفريق في الدقيقة ‪ 86‬من املباراة‪.‬‬

‫ميسي يجر أذيال اخليبة مجددا ً‬

‫دخل النجم االرجنتيني ليونيل ميسي الى كأس اميركا اجلنوبية “كوبا‬ ‫اميركا” وهو ميني النفس بان ينجح اخيرا في نقل تألقه مع فريقه برشلونة‬ ‫االسباني الى املستوى الدولي‪ ،‬لكنه اخفق في حتقيق مبتغاه بعدما توقف‬ ‫حلم “ال البيسيليستي” بلقبه االول منذ ‪ 1993‬عند عتبة الدور ربع النهائي‬ ‫بخروجه امام االوروغواي عبر ركالت الترجيح‪.‬‬ ‫امل “ليو” ان يضع خلفه املشاركة اخمليبة في مونديال جنوب افريقيا‪،‬‬ ‫حيث ودع املنتخب االرجنتيني العرس القاري من الدور ربع النهائي ايضا‬ ‫وبهزمية مذلة امام نظيره االملاني (صفر‪ ،)4-‬خصوصا ان بالده حتتضن “كوبا‬ ‫اميركا” على ارضها وبني جماهيرها‪ ،‬لكن يبدو ان اخليبة “الدولية” اصبحت‬ ‫متالزمة مع النجم االرجنتيني الذي ودع البطولة القارية دون ان يجد طريقه‬ ‫الى الشباك‪.‬‬ ‫فبعد احرازه جميع االلقاب املمكنة مع فريقه برشلونة‪ ،‬سعى ميسي‬ ‫الى حتقيق حلمه املتمثل في ترصيع سجله بلقب دولي من خالل الفوز‬ ‫بلقب “كوبا اميركا” والتأكيد على انه بامكانه التألق مع منتخب بالده على‬ ‫غرار فريقه الكاتالوني‪ ،‬لكن انتهى به االمر بالتهديد بترك املنتخب بعد‬ ‫حملة االنتقادات التي واجهها من اجلمهور ووسائل االعالم على حد سواء‬ ‫بعد البداية املتعثرة ملنتخب بالده الذي حجز بطاقته الى ربع النهائي بشق‬ ‫النفس‪.‬‬ ‫اصبحت قصة “ليو”‪ ،‬افضل العب في العالم في العامني االخيرين‪ ،‬مع‬

‫‪79‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر رياضي‬ ‫منتخب “البيسيليستي” مطبوعة مبجموعة من املناسبات اخمليبة‪ ،‬ففي‬ ‫الوقت الذي ال يتوقف فيه عن هز الشباك مع فريقه برشلونة (‪ 53‬هدفا هذا‬ ‫املوسم في مختلف املسابقات واحرازه لقب مسابقة دوري ابطال اوروبا للمرة‬ ‫الثالثة والليغا للمرة اخلامسة)‪ ،‬فان سجله مع املنتخب متواضعا (‪ 60‬مباراة‬ ‫و‪ 16‬هدفا)‪ ،‬وهو ما يثير خيبة امل اجلماهير االرجنتينية ووسائل االعالم في‬ ‫بالده التي ال تزال تلهث وراء لقبها االول منذ تتويجها للمرة الرابعة عشرة‬ ‫بلقب كوبا اميركا عام ‪ 1993‬في االكوادور‪.‬‬ ‫هناك فارق كبير في مستوى ميسي مع ناديه ومنتخب بالده حتى ارتفعت‬ ‫االصوات االرجنتينية مرجعة اسباب ذلك الى ابتعاد الالعب عن بالده جغرافيا‬ ‫وعاطفيا‪ ،‬وهو ما يدافع عنه ميسي دائما مؤكدا حبه للقميص الوطني‪.‬‬ ‫وجد ميسي‪ ،‬الالعب االعلى اجرا في العالم (‪ 31‬مليون يورو مداخيل‬ ‫سنوية بحسب مجلة فرانس فوتبول)‪ ،‬صعوبة على اخلصوص في فرض‬ ‫نفسه في اخلطط التكتيكية للمدرب السابق لالرجنتني االسطورة دييغو‬ ‫ارماندو مارادونا الذي لم يتوقف عن تغيير الالعبني واخلطط التكتيكية‬ ‫طيلة االشهر العشرين التي امضاها على رأس االدارة الفنية لالرجنتني من‬ ‫‪ 2008‬الى ‪.2010‬‬ ‫ولم يتألق ميسي املولود في روزاريو والذي هاجر الى كاتالونيا عن عمر ‪13‬‬ ‫عاما لتتبع فترة عالج النمو على حساب برشلونة‪ ،‬في التصفيات االميركية‬ ‫اجلنوبية املؤهلة الى نهائيات كأس العالم ‪ ،2010‬وهو اذا كان قدم عروضا‬ ‫جيدة في املونديال فانه لم يهز الشباك في املباريات اخلمس التي خاضها‬ ‫ال”البيسيليستي”‪.‬‬ ‫تنفس ميسي الصعداء منذ تعيني سيرخيو باتيستا العاشق لنادي‬ ‫برشلونة مدربا للمنتخب االرجنتيني خلفا لزميله السابق في املنتخب‬ ‫املتوج بلقب كأس العالم عام ‪ ،1986‬حيث وجد طريقه الى الشباك ‪3‬‬ ‫مرات‪ ،‬وساهم في انتصارات مدوية ملنتخب بالده على حساب منتخبات‬ ‫عريقة اسبانيا بطلة العالم (‪ )1-4‬والبرازيل (‪-1‬صفر سجله ميسي نفسه)‬ ‫والبرتغال (‪.)1-2‬‬ ‫لكن النجم االرجنتيني سقط مجددا في االمتحان الفعلي وجر خلفه ذيل‬ ‫اخليبة “الدولية” على غرار ما حصل معه الصيف املاضي في نهائيات جنوب‬ ‫افريقيا التي اثبتت انها بطولة االداء اجلماعي وليس النجوم على االطالق‬ ‫الن ايا من النجوم الكبار الذين توجهت االنظار اليهم قبل انطالق العرس‬ ‫الكروي لم يقدم اي شيء يذكر‪ ،‬واكبر مثال على ذلك ميسي والبرتغالي‬ ‫كريستيانو رونالدو اللذين دونا اسمهما باحلرف العريض في سجل النجوم‬ ‫الكبار الذين اخفقوا في فرض سطوتهم على املسرح العاملي بعدما فشال‬ ‫في اظهار اي من حملاتهما التي قدماها في املالعب االنكليزية واالسبانية‬ ‫واالوروبية‪.‬‬ ‫فشل ميسي في جنوب افريقيا في االرتقاء الى مستوى املسؤولية التي‬ ‫وضعها على عاتقه مارادونا الذي قال علنا بان “ليو” هو خليفته‪ ،‬ولم ينجح‬ ‫النجم امللقب ب”البعوضة” في نقل التألق امللفت الذي قدمه مع فريقه‬ ‫الكاتالوني الى املنتخب الوطني ثم تكرر االمر في “كوبا اميركا”‪ ،‬ما يجعل‬ ‫صفة الالعب الذي تألق على صعيد االندية وفشل على املسرح الدولي‬ ‫مترافقة مع ميسي‪ ...‬حتى اشعار اخر‪.‬‬

‫اليابان قهرت الواليات المتحدة وتربعت‬ ‫على عرش مونديال السيدات‬ ‫تربعت سيدات اليابان على عرش كأس العالم في كرة القدم ألول مرة في‬ ‫التاريخ بفوزهن على سيدات الواليات املتحدة بنتيجة ‪ 1-3‬بضربات الترجيح‬ ‫بعد التعادل (‪ )2-2‬في الوقتني األصلي واالضافي في املباراة النهائية التي‬ ‫جرت في مدينة فرانكفورت األملانية‪.‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪80‬‬

‫وجائت أهداف املباراة عن طريق أليكس مورغان (‪ )69‬وآبي وامباك (‪)108‬‬ ‫للواليات املتحدة األميركية بينما سجلت آيا مياما (‪ )81‬وهوماري ساوا (‪)117‬‬ ‫هدفي اليابان‪ .‬وكانت ركلة التتويج من نصيب املدافعة ساكي كوماجي‬ ‫حيث تفوقت اليابان بنتيجة ‪ 1-3‬في الركالت الترجيحية‪.‬‬ ‫وفشلت شانون بوكس‪ ،‬وكارلي لويد‪ ،‬وتوبني هيث من تسجيل أول ثالثة‬ ‫ضربات ترجيح للواليات املتحدة وبالرغم من أن سولو جنحت في التصدي‬ ‫لضربة يوكي ناغاساتو إال أن الفوز كان من نصيب آسيا ألول مرة في‬ ‫التاريخ‪.‬‬

‫هزيمتان من العيار الثقيل لمنتخب لبنان‬ ‫‪ ...‬من يتحمل المسؤولية؟‬ ‫يبدو أن كرة القدم اللبنانية باتت على شفير الهاوية بعدما شهدنا في‬ ‫متوز املاضي هزميتني كارثيتني من العيار الثقيل ملنتخب لبنان‪ ,‬األولى كانت‬ ‫أمام الكويت (‪ )6-0‬على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في بيروت‬ ‫يوم السبت ‪ 2‬متوز‪ ,‬في مباراة صاخبة انتهت بعراك بني الالعبني واطالق نار‬ ‫لتفريقهم في مشهد معيب‪ ,‬والثانية أمام االمارات (‪ )6-2‬في مدينة العني‬ ‫االماراتية يوم األحد ‪ 17‬متوز‪ ,‬علما أن املنتخب اللبناني خسر في مباراة أخرى‬ ‫أمام عمان (‪ )1-0‬في بيروت‪.‬‬ ‫فمن يتحمل املسؤولية عن تلك الهزائم املدوية ؟ االحتاد اللبناني أم اجلهاز‬ ‫الفني أم الالعبني ؟‬ ‫ال بد من وضع االصبع على اجلرح وحتديد املسؤولية ومعاجلة األمور بروية‬ ‫وبعمق النقاذ سمعة املنتخب اللبناني وكرة القدم اللبنانية‪.‬‬

‫لبنان ‪ -‬الكويت‬

‫املباراة األولى أمام الكويت أقل ما يقال عنها بأنها معيبة‪ ,‬ألنه من اخملجل‬ ‫أن تتحول مباراة رياضية بني منتخبني شقيقني تربطهما صالت أخوية‬ ‫عميقة‪ ,‬الى حلبة للقتال العنيف رغم ان النتيجة كانت مضمونة للكويت‬ ‫وال ميكن التعويض في الوقت الباقي من املباراة قبل توقفها‪.‬‬

‫لبنان – عمان‬

‫تعرض املنتخب اللبناني خلسارته الثانية في ثاني اختباراته أمام نظيره‬ ‫العماني ‪ 1-0‬في املباراة الدولية الودية التي أقيمت على ملعب مدينة كميل‬ ‫شمعون الرياضية في بيروت‪.‬‬ ‫ويستعد املنتخبان خلوض الدور الثاني من التصفيات اآلسيوية املؤهلة‬ ‫إلى نهائيات كأس العالم في البرازيل ‪ ،2014‬حيث يلتقي لبنان مع بنغالدش‬ ‫في ‪ 23‬و‪ 28‬متوز اجلاري‪ ،‬فيما يلتقي العماني مع ميامنار في اليومني عينهما‪.‬‬ ‫واتسمت املباراة بالرتابة من قبل الطرفني‪ ،‬وأرى املدير الفني ملنتخب‬


‫لبنان إميل رستم تغييرات على تشكيلته غداة اخلسارة القاسية األسبوع‬ ‫املاضي أمام الكويت ‪ 6-0‬فأشرك خضر سالمة في وسط امللعب وأكرم‬ ‫املغربي في الهجوم ووليد اسماعيل في الدفاع واحلارس الياس فريجة‪ ،‬فيما‬ ‫أشرك مدرب منتخب عمان الفرنسي بول لوغوين عددا من الالعبني الشباب‬ ‫بغية إكسابهم خبرة االحتكاكات الدولية مع محمد ربيع وفوزي بشير في‬ ‫الوسط واسماعيل العجمي وحسن ربيع في األمام‪.‬‬ ‫ودانت االفضلية للعمانيني لكنهم فشلوا في اختراق احلائط الدفاعي‬ ‫اللبناني‪ ،‬وسدد أحمد مبارك كانو من داخل منطقة اجلزاء كرة قوية أنقذها‬ ‫فريجة ببراعة إلى ركنية (‪.)31‬‬ ‫وأجرى املدربان تغييرات كثيرة على تشكيلتيهما في الشوط الثاني بغية‬ ‫الوقوف على مستوى الالعبني‪ ،‬وانتظر املنتخب العماني الدقائق األخيرة لهز‬ ‫الشباك اللبنانية عبر االحتياطي حمود السعدي الذي انفرد باحلارس فريجة‬ ‫وتخطاه وسدد في الشباك (‪.)86‬‬ ‫وكاد حسن معتوق ينتزع التعادل بتسديدة رأسية تصدى لها احلارس‬ ‫العماني محمد هويدي (‪.)88‬‬

‫االمارات – لبنان‬

‫وفي اللقاء التحضيري الثالث له في متوز خسر منتخب لبنان أمام‬ ‫االمارات (‪ )6-2‬في ملعب خليفة بن زايد في العني في مباراة دولية ودية ضمن‬ ‫استعدادات الطرفني خلوض الدور الثاني من التصفيات االسيوية املؤهلة الى‬ ‫مونديال ‪ 2014‬في البرازيل‪ .‬واكدت االمارات حسن استعدادتها ملباراة الهند‪،‬‬ ‫في حني لم يظهر املنتخب اللبناني بالصورة املطلوبة وعانى كثيرا من‬ ‫ضعف خط دفاعه وحارس مرماه‪ .‬وافتتحت االمارات التسجيل مبكرا بعد‬ ‫كرة طويلة من حمدان الكمالي الى احمد خليل الذي سدد كرة قوية اخطأ‬ ‫احلارس اللبناني حسن مغنية في تقديرها فدخلت مرماه (‪.)9‬‬ ‫وسجل خليل الهدف الثاني له ولالمارات اثر متريرة من عامر مبارك فتالعب‬

‫بالدفاع اللبناني وسدد في مرمى مغنية (‪.)18‬‬ ‫واضافت االمارات الثالث عبر محمد الشحي (‪ ،)22‬وقلص محمود العلي‬ ‫الفارق بتسجيل هدف لبنان االول بعد تلقيه كرة طويلة اخطا وليد عباس‬ ‫في تشتيتها ليستفيد منها االول ويسددها قوية في مرمى احلارس علي‬ ‫خصيف (‪ .)29‬لكن االمارات سرعان ما اعادت الفارق الى سابق عهده بعد‬ ‫توغل لنجم املباراة احمد خليل حاول على اثره التسديد لتصطدم كرته بيد‬ ‫علي السعدي فاحتسب احلكم ركلة جزاء سددها الكمالي بنجاح (‪.)41‬‬ ‫وتابعت االمارات افضليتها في الشوط الثاني واضافت الهدف اخلامس بعد‬ ‫عرضية من يوسف جابر قابلها احمد خليل بتسديدة قوية في مرمى مغنية (‪.)54‬‬ ‫وسجل العلي هدف لبنان الثاني بعد تلقيه كرة طويلة من محمد باقر يونس لينفرد‬ ‫ويسدد في مرمى خصيف الذي خرج ملالقاته دون جدوى (‪ .)67‬وردت االمارات بتسجيل‬ ‫الهدف السادس بعدما عرقل البديل اكرم املغربي البديل االخر ذياب عوانة ليحتسب‬ ‫احلكم ركلة جزاء سددها االخير بنجاح (‪.)79‬‬

‫جورج عون‬

‫مفوضية الجاهلية تفتتح موسمها الصيفي بمباراة‬ ‫بين شبيبة التوحيد وشبيبة بيروت في كرة القدم‬

‫برعاية رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب ومبناسبة افتتاح موسمها‬ ‫الصيفي‪ ،‬أقامت اللجنة الرياضية التابعة ملفوضية اجلاهلية في حزب‬ ‫“التوحيد العربي” مباراة و ّدية بني فريقي شبيبة التوحيد وشبيبة بيروت‬ ‫هداف منتخب‬ ‫في كرة القدم وكان يقود فريق بيروت الالعب فادي علوش‪ّ ،‬‬ ‫لبنان‪.‬‬

‫وانتهت املباراة بنتيجة ‪ 3/5‬لصالح شبيبة بيروت‪،‬‬ ‫وأدار هذه املباراة احلكم وليد العياص وكانت مباراة حماسية‬ ‫طغت عليها الروح الرياضية بني الفرقني وبحضور حشد جماهيري‬ ‫واختتمت املباراة بتكرمي الالعب فادي علوش من قبل رئيس احلزب‬ ‫تقديري‪.‬‬ ‫بدرع‬ ‫ً‬

‫‪81‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫منبر حر‬

‫من‬ ‫نحن‬ ‫ومن‬ ‫هم ؟‬ ‫بقلم أمني اإلعالم‬ ‫هشام األعور‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫تقاس الرسالة التي حملها حزب “التوحيد العربي” في مسيرته السياسية‬ ‫خالل السنوات املاضية من خالل أهميتها وقيمتها وعنف الهزة التي حتدثها‬ ‫في النفوس مبقدار ما تفرضه على حامليها من جهود وتضحيات وما تبعثه في‬ ‫القلوب من تفان وجترد وإخالص‪.‬‬ ‫ولو ألقينا نظرة سريعة على اخلمس سنوات األخيرة التي مرت لتبني لنا أن‬ ‫اجملتمع الذي نعمل فيه وحتديدا ً في اجلبل الذي من ضمنه أبناء الطائفة الدرزية رازح‬ ‫منذ مئات السنني حتت أثقال اإلقطاع واملفاسد والعيوب واألمراض االجتماعية قد‬ ‫أفتقدته العناية االلهية أخيرا ً برسالة من هذا النوع لم ينقطع حتى اليوم سيل‬ ‫اجلهود والتضحيات التي قدمت على مذبحها‪ ،‬بعدما ما نزل بحاملي مشعل‬ ‫“التوحيد العربي” من اضطهاد وما حل بهم من مصائب وما نالهم من مالحقات‬ ‫وتشريد وقمع وما أظهروه في حمل هذه الرسالة من عزم واندفاع ال يعرف الفتور‪،‬‬ ‫وثبات ال يعتريه الوهن‪ ،‬وكرامة ال يخالطها الضعف‪ ،‬وصبر وجلد ومثابرة حتت كل‬ ‫الظروف وفي كل احلاالت ملا لم يعرفه اجملتمع الدرزي مثيله منذ حقب وسنوات‬ ‫طويلة‪.‬‬ ‫فال املطاردات والسجون وال التهميش واإللغاء‪ ،‬وال الفقر واحلرمان والضيق‬ ‫والعوز‪ ،‬وال التهم واالفتراءات واإلهانات‪ ،‬وال سوء الفهم وفساد النية وعقم‬ ‫العقول‪ ،‬وال عداء اآلخرين وأطماعهم استطاعت جميعا ً أن حتد من عزمية هؤالء‬ ‫توحدت فيما بينها على‬ ‫الذين لم يبخلوا يوما ً في مواجهة القوى الرجعية التي ّ‬ ‫سحق ومهاجمة كل من حاول زعزعة طبيعة التقاليد واألنظمة االجتماعية‬ ‫السائدة ال سيما عند طائفة املسلمني املوحدين الدروز وما يالصقها من قوالب‬ ‫فكرية جامدة ال تقبل املناقشة واالنتقاد في صالحية أنظمة البيوتات التقليدية‬ ‫وامتيازاتها املكتسبة والتي أوجدت عوامل الزمن والقدم من حولها هالة من‬ ‫اخلوف والقدسية يجعل انتقادها أو مجرد البحث بشأنها كفرا ً يستحق عقابا ً‬ ‫قاسيا ً ال هوادة فيه‪.‬‬ ‫لذلك أيها التوحيديون اعتبر رئيس حزبكم الوزير وئام وهاب بالكافر مجرد‬ ‫أن قرر وضع مجتمعكم في جو نفسي وفكري يتوافق مع ذهنية العراك الذي‬ ‫لم يزده االضطهاد إال عنادا‪ ،‬ولم يزده العذاب إال رسوخا ً وثباتا ً في اخليار القومي‬ ‫الذي ّ‬ ‫شكل نتاج املوقف السياسي للوزير وهاب الثائرمع الثائرين على اإلقطاع‬ ‫السياسي الظالم والرجعية الهدامة وارتباطاتها اخلارجية‪.‬‬ ‫أما لهؤالء الذين يحاججون اليوم بأن حزبنا مازال فتيا ً وفي مطلع طلته على‬ ‫الرأي العام‪ ،‬ومابرح في الشوط األول من توضيح قضيته بالنسبة للتطورات التي‬ ‫آلت اليها أوضاع املوحدين الدروز خالل الفترات األخيرة‪ ،‬نذكرهم بأن حركة الوزير‬ ‫وهاب يجب أن ال تقاس فقط بالنسبة ملقياس الزمن‪ ،‬بل بالنسبة ملقياس املبادئ‬ ‫والعوامل السياسية املس ّيرة لها‪ ،‬وبالطريقة التي اتبعها في مشوار اخلالص من‬ ‫كوابيس اإلقطاع الذي س ّير لبنان عموما ً واجلبل خصوصا ً لسنوات طويلة‪ ،‬واحلد‬ ‫من االجنرار وراء مشاريع التفتيت والتقسيم التي تعمل لها اإلدارة األميركية‬ ‫عبر مشروع الشرق األوسط الكبير وأهدافه في محاولة سلب األمة هويتها‬ ‫التاريخية‪ ،‬وقضاياها احملقة في فلسطني احملتلة واجلوالن العربي السوري احملتل‪،‬‬ ‫وإجهاض خيارها في املقاومة ونهجها في املمانعة‪.‬‬ ‫ونحن اآلن إذ نذكر هذه اللحمة اخلاطفة من تاريخنا السياسي إمنا للتأكيد بأننا‬ ‫أصحاب مشعل نطوف به في لبنان ودمشق وحمص وحماه وحلب والسويداء ‪...‬‬ ‫للمساهمة في تعطيل رياح التقسيم والتفتيت القادمة الى املنطقة‪ ،‬فيما نرى‬ ‫اآلخرين منشغلني هذه األيام في توزيع غنائم أكثريتهم اجلديدة على مستوى‬ ‫الوظائف في دولة قدر لها أن تكون مع هؤالء مزرعة ال وبل نوعا ً من اإلقطاعية ذات‬ ‫نفوذ له أثره في تقرير مصير البالد والعباد‪.‬‬

‫‪82‬‬


‫وهاب مك ّرماً في السويداء ‪ :‬سنبقى مع سوريا الممانعة‬

‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -55‬آب ‪2011‬‬


‫صدر المجلّدان األول والثاني‬

‫الكلمة الحرة للرأي الشجاع‬

‫‪2010‬‬

‫منبر‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.