Manbar altawhid issue 56

Page 1

‫سوريا ‪:‬‬ ‫اإلستقرار‬ ‫العدد ‪ 56‬ــ أيلول ‪ - 2011‬السنة الخامسة‬

‫واإلصالح‬

‫محمد نور الدين‪:‬‬ ‫«عثمانية جديدة»‬ ‫ذات بعد مذهبي‬

‫أوروبا الفاشية‬ ‫‪1‬‬

‫األجور األدنى‬ ‫لمعيشة أغلى‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫العدد‬

‫‪56‬‬

‫أيلول ‪ 2011‬السنة الخامسة‬

‫‪11‬‬

‫‪ 06‬لبنانيات‬

‫علي الشعيبي‪:‬‬ ‫‪ 44‬مرسوماً إصالحياً‬ ‫صدر حتى اآلن في سوريا‬

‫سـوريـا بخيـر‬

‫‪ 1‬حزب التوحيد العريب‬ ‫‪ 6‬‬

‫‪ 26‬اقتصاد‬

‫‪40‬‬ ‫صالح ال ّدباغ‪:‬‬ ‫ال حياة وكرامة للعرب‬ ‫إالّ باحتضانهم للقضية الفلسطينية‬

‫‪74‬‬

‫‪ 36‬فلسطينيات‬ ‫‪ 42‬عربيات‬ ‫‪ 46‬دوليات‬ ‫‪ 59‬ثقافة‬ ‫‪ 64‬فن‬

‫محمد باقر فضل هللا ‪:‬‬ ‫جمعية المبرات مؤسسة‬ ‫تراعي مصلحة اإلنسان‬

‫‪ 69‬صحة‬ ‫‪ 74‬اجتامعيات‬

‫‪78‬‬ ‫سهى بشارة‪:‬‬ ‫المقاومة‬ ‫حاجة لنا‬ ‫منرب التوحيد‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪2‬‬

‫نرشة شهرية داخلية‬ ‫تصدر عن امانة االعالم‬ ‫يف حزب التوحيد العريب‬

‫‪ 78‬مرأة‬ ‫‪ 80‬رياضة‬

‫سكرترية التحرير ‪ :‬ليديا ابو درغم ــ املدير االداري ‪ :‬مهيبة العرساوي ــ املدير املايل ‪ :‬ماهر وهاب‬ ‫تلفاكس ‪01/ 705777 :‬‬ ‫العنوان ‪ :‬بريوت ــ وطى املصيطبة ــ قرب الضامن االجتامعي‬ ‫مكتب دمشق ـ عبد السالم األحمد تلفون ‪0966600099 :‬‬

‫‪3‬‬

‫‪EmaiL:manbar_altawhid@yahoo.com‬‬ ‫الطباعة ‪ :‬دار بالل للنرش والطباعة‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫كلمة‬ ‫املنرب‬

‫ثورات‬ ‫عربية‬ ‫أم‬ ‫مشاريع‬ ‫خارجية؟‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عندما أحرق املواطن التونيس محمد بو عزيزي نفسه‪ ،‬وانطلقت‬ ‫رشارة التغيري يف العامل العريب‪ ،‬الذي ه ّبت شعوبه‪ ،‬تدعو لإلصالح‬ ‫وإسقاط األنظمة الدكتاتورية‪ ،‬وتطالب بالحرية والعدالة االجتامعية‪،‬‬ ‫وتداول السلطة باألساليب الدميقراطية‪ ،‬وقد ع ّمت الفرحة الدول‬ ‫العربية‪ ،‬أن ربيع العرب قد بدأ‪ ،‬وال ب ّد للقيد أن ينكرس‪.‬‬ ‫وسجلت تونس أول‬ ‫بدأت الثورات العربية مع مطلع العام الحايل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫انتصار للحركة الشعبية‪ ،‬بخلع الرئيس السابق زين العابدين بن عيل‬ ‫وتم إلقاء القبض عىل بعض من عائلته وأقاربه‬ ‫الذي ف ّر اىل السعودية‪ّ ،‬‬ ‫الذين عاثوا فساداً يف تونس‪ ،‬وأثروا عىل حساب الشعب املحروم من لقمة‬ ‫العيش‪ ،‬وفرصة العمل‪ ،‬والكرامة اإلنسانية‪.‬‬ ‫وكان رمز االحتجاجات الشعبية املواطن بو عزيزي‪ ،‬الذي مل يطق‬ ‫الذل وال العيش مبهانة‪ ،‬فأحرق نفسه محتجاً ومعرتضاً‪ ،‬وش ّكل منوذجاً‬ ‫لإلنسان الثائر‪ ،‬الذي ح ّرك الشارع العريب‪ ،‬فكانت مرص الدولة الثانية‬ ‫التي يسقط فيها النظام الذي أفقر شعبه‪ ،‬ورهن إرادته للخارج‪ ،‬وأقام‬ ‫معاهدة استسالم مع العدو اإلرسائييل‪.‬‬ ‫لقد كانت ثوريت تونس ومرص مؤثرتني يف العامل العريب‪ ،‬لكن ّمتت‬ ‫مصادرتهام من قبل الدول الخارجية‪ ،‬ووضع خارطة طريق لهام‪ ،‬أفقدهام‬ ‫بريقهام‪ ،‬وبدأ السؤال‪ ،‬عن مح ّرك الثورات ومن هو املستفيد منها‪ ،‬وهل‬ ‫ستكون لصالح الشعوب الثائرة لحقوقها وحريتها؟‬ ‫فالعامل العريب‪ ،‬بحاجة اىل إحداث تغيري‪ ،‬واألنظمة ال ميكن أن تكون‬ ‫أبدية‪ ،‬والحكام ال يستطيعون أن يبقوا يف مواقعهم مدى الحياة‪ ،‬كام أن‬ ‫للشعوب حقها يف الدميقراطية وبناء دولة العدالة واملساواة‪ ،‬ال الدولة‬ ‫األمنية‪ ،‬التي اصطبغت بها كل األنظمة العربية‪ ،‬وآثرت الدور األمني‬ ‫عىل العمل السيايس والحزيب‪ ،‬فنتج عن ذلك‪ ،‬قمع واضطهاد ومصادرة‬ ‫الرأي وحرية التعبري‪ ،‬وافتتاح السجون‪.‬‬ ‫لقد تشكلت الثورات العربية من تراكم فكري وسيايس ونضايل‪،‬‬ ‫وبفعل دور االتصاالت وانتقال املعلومات التي كانت محركة لالحتجاجات‪،‬‬ ‫وهذه مسائل مل تدركها األنظمة الحاكمة‪ ،‬أن مثة عاملاً من حولها‬ ‫يتغيرّ ‪ ،‬وال ب ّد من أن تواكب ما يجري‪ ،‬ومل يكن قد مىض عىل سقوط‬ ‫االتحاد السوفيايت ومنظومته االشرتاكية‪ ،‬أكرث من عقدين‪ ،‬إذ حصل‬ ‫تحول يف العامل‪ ،‬نزع عنه رصاع القطبني الشيوعي والرأساميل‪ ،‬وأنهى‬ ‫حرباً باردة بني أمريكا وروسيا‪ ،‬دارت عىل كل شعوب العامل‪ ،‬كام ك ّرس‬ ‫أحادية قطبية مل تدم للواليات املتحدة‪ ،‬التي تعيش اآلن زمن التعددية‬ ‫القطبية‪ ،‬وقد بدأ النظام الرأساميل العاملي يرتنح‪ ،‬وتعيش دولته أمريكا‬ ‫أسوأ أزمة مالية واقتصادية قد تس ّبب بانهيار االمرباطورية األمريكية‪.‬‬ ‫هذه التحوالت الدولية‪ ،‬مل يتن ّبه لها العامل العريب الذي تلقى‬ ‫مشاريع اآلخرين‪ ،‬فكانت حرب العراق األوىل‪ ،‬التي حاولت إدارة الرئيس‬ ‫جورج بوش األب‪ ،‬االنطالق منها اىل رسم خارطة جديدة للمنطقة‪،‬‬ ‫حيث أطلق شيمون برييز رئيس الكيان الصهيوين الحايل‪ ،‬مرشوعه‬ ‫“للرشق األوسط الجديد”‪ ،‬الذي تزامن مع انعقاد مؤمتر مدريد للسالم‪،‬‬ ‫الذي أنهى القضية الفلسطينية‪ ،‬وحرص فلسطني بإقامة حكم ذايت‬ ‫تم التعامل معهم عىل أنهم جالية يف “أرض‬ ‫للفلسطينيني الذين ّ‬ ‫إرسائيل” التي يرفض اليهود التنازل عنها‪ ،‬ألنها وعد الله لشعبه املختار‬ ‫يف التوراة‪ ،‬وهي مقدسة‪ ،‬ال ميكن التفريط بها‪ ،‬وقد قتل رئيس وزراء‬ ‫العدو السابق اسحق رابني عىل يد مستوطن يهودي متط ّرف‪ ،‬عندما‬ ‫وافق عىل أن تعاد الضفة الغربية اىل الفلسطينيني‪ ،‬وهو كان بذلك‬ ‫يقدم يهوذا والسامرة التي هي أرض يهودية وليست فلسطينية وفق‬ ‫زعم التوراتيني‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫فالشعوب العربية التواقة اىل التغيري‪ ،‬كانت دامئاً مسنودة اىل‬ ‫دعم خارجي‪ ،‬واستخدام لها من قبل دول لها أطامع ومصالح‪ ،‬ففي‬ ‫إعالن “الثورة العربية الكربى” ضد الترتيك‪ ،‬واستنهاض الحالة القومية‬ ‫والوحدوية‪ ،‬حرضت الدول األوروبية‪ ،‬فيام يسمى الحلفاء يف مطلع‬ ‫القرن املايض لتعلن دعمها لحركة االستقالل عن السلطنة العثامنية‪،‬‬ ‫وتأييدها لوحدة “سوريا الكربى” و”بالد الشام”‪ ،‬حيث أقيم حلف بني‬ ‫الشعوب العربية الثائرة نحو التحرر من الحكم العثامين‪ ،‬ودول الحلفاء‬ ‫التي ما إن انترصت يف الحرب العاملية األوىل‪ ،‬حتى كان رسم جديد‬ ‫قسمت املرشق العريب‪ ،‬اىل‬ ‫للمنطقة عرب اتفاقية “سايس بيكو”‪ ،‬التي ّ‬ ‫كيانات سياسية بعد أن كان املرشوع إقامة دويالت طائفية ومذهبية‪،‬‬ ‫لكن املد القومي الوحدوي‪ ،‬وحركة النهوض للشعوب العربية‪ ،‬أوقف‬ ‫مشاريع التفتيت املذهبية‪ ،‬لصالح مشاريع كيانات سياسية تخدم‬ ‫قيام الكيان الصهيوين الذي وعد بإنشائه آرثر بلفور وزير خارجية‬ ‫بريطانيا العظمى يف العام ‪.1917‬‬ ‫استُغل تح ّرك الشعوب العربية نحو االستقالل والحرية‪ ،‬وقامت‬ ‫الدول االستعامرية وتحت عنوان مساعدة الشعوب الخارجة من النري‬ ‫العثامين‪ ،‬اىل انتداب نفسها عليها‪ ،‬وإقامة أنظمة تابعة لها‪ ،‬وتنصيب‬ ‫ح ّكام ين ّفذون أوامرها‪ ،‬وبناء جيوش تحت إمرتها‪ ،‬اىل أن جاءت الحرب‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬لتعود الشعوب وتنتفض للتحرر من الدول املنتدبة‪،‬‬ ‫فكان استغالل جديد لها‪ ،‬وفق لعبة مصالح األمم‪ ،‬باجتذاب أحزاب‬ ‫وسياسيني وطوائف يدورون يف فلك هذه الدولة وتلك‪ ،‬وهكذا كان‬ ‫تم التحرر من االستعامر‪،‬‬ ‫االستقالل شكلياً يف أكرث من دولة عربية‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ومل تتخلص الشعوب من أدواته‪ ،‬وقد حاولت االنتفاض‪ ،‬فكان التعويض‬ ‫عنها باالنقالبات العسكرية التي كانت تحركها سفارات أجنبية‪،‬‬ ‫ُفأدخلت الدول تحت الحكم العسكري‪ ،‬الذي مل يساعد عىل انتقال‬ ‫الشعوب اىل مامرسة الدميقراطية‪ ،‬كام كانت قضية فلسطني هي‬ ‫عنوان االنقالبات وباسمها قامت قوانني الطوارئ الستعادتها‪ ،‬ثم رفع‬ ‫شعار “ال صوت يعلو فوق صوت املعركة” ُ‬ ‫فك ّمت األفواه‪ ،‬و ُز ّج مبفكرين‬ ‫ومثقفني وأصحاب رأي يف السجون‪ ،‬ما إن اعرتضوا عىل الفساد‪ ،‬أو‬ ‫تصدوا للقمع أو فضحوا مامرسة السلطة واستغاللها للنفوذ‪.‬‬ ‫فمنذ قرن والعامل العريب يف حالة ثورة دامئة للتحرر والحرية‪ ،‬لكنها‬ ‫كانت تصادر من الخارج والداخل املتعامل مع الخارج‪ ،‬ومل يكن البديل‬ ‫الدميقراطي مؤمناً‪ ،‬إذ مل يحصل أن الدول العربية مارست الدميقراطية‪،‬‬ ‫وإن حصلت‪ ،‬فبإسم الطائفية واملذهبية والقبلية والعشائرية‬ ‫واإلقطاعية‪ ،‬ومنوذجها األوحد يف لبنان‪ ،‬الذي غرق يف حروب أهلية‬ ‫بسبب نظامه الطائفي‪ ،‬وعندما حاولت أن تقوم ثورات أو تحركات‬ ‫إلسقاطه‪ ،‬كان يجهضها “املجتمع الطائفي”‪ ،‬الذي يرفض التحول اىل‬ ‫مجتمع مدين‪ ،‬فكان يجري حرف أي ثورة عن أهدافها الوطنية‪ ،‬ويجري‬ ‫تقزميها اىل حرب طائفية‪.‬‬ ‫فهل معنى ذلك‪ ،‬أن الشعوب غري مه ّيأة للتحرر واالنتقال اىل‬ ‫التغيري‪ ،‬ومامرسة الدميقراطية؟‬ ‫ليس هذا املقصود‪ ،‬بل أن ما جرى‪ ،‬أن بعض الثورات كانت متتطي‬ ‫مصالح الدول الخارجية‪ ،‬لتصل اىل السلطة وإسقاط األنظمة‪،‬‬ ‫وكان التربير لها‪ ،‬التقاء املصالح‪ ،‬وأن ما حصل يف العراق مل يكن‬ ‫إسقاطاً لنظام صدام حسني من قبل املعارضة املوجودة ضده‪ ،‬والتي‬ ‫لها مطالب محقة‪ ،‬وقد مارس ضدها شتى أنواع اإلقصاء والنفي‬ ‫والطرد والسجن والقهر‪ ،‬وأن بعض شعاراتها كان محقاً‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫الثورة انتظرت االحتالل األمرييك للعراق ودخلت معه‪ ،‬وهو ما يشبه‬

‫ما جرى يف لبنان أثناء االجتياح اإلرسائييل الذي أوصل بشري الجميل‬ ‫اىل رئاسة الجمهورية‪.‬‬ ‫فالثورة التي تصل عىل دبابة األجنبي‪ ،‬بالتأكيد ليست وطنية‪ ،‬وأن‬ ‫تحريكها من الخارج يك ّبلها يف مصالح خارجية‪ ،‬وهذه هي املصادرة‬ ‫للثورات التي تفقد صدقيتها‪ ،‬كام هي حال بعضها‪ ،‬التي أثبتت أنها ال‬ ‫تريد اإلصالح‪ ،‬بل السلطة‪ ،‬وقد أظهرت ثوريت تونس ومرص أن التغيري‬ ‫يصب يف اتجاه إقامة نظام حكم ديني ال مدين‪ ،‬وقد وقع الخالف بني‬ ‫جناحي الثورة يف كال البلدين‪ ،‬وحصل فرز بني االتجاه الليربايل املدين‬ ‫التعددي للحكم‪ ،‬وبني اتجاه ديني يقوده “اإلخوان املسلمني” وحركات‬ ‫إسالمية أخرى‪ ،‬وهذا يكشف أن البديل الدميقراطي مل يتوفر بعد‪ ،‬وهو‬ ‫ما أربك “الثوار” الذين خرجوا اىل امليدان فاتفقوا عىل إسقاط النظام‬ ‫واختلفوا عىل بديله‪ ،‬وهذه أزمة جديدة‪ ،‬تفتح الباب أمام تسلل جديد‬ ‫للقوى الخارجية‪ ،‬وتعطي الدور لحكم عسكري‪.‬‬ ‫وما حصل يف ليبيا‪ ،‬هو نسخة عن ما حصل يف العراق‪ ،‬لكن الفرق‬ ‫هو أنه يف الوضع الليبي جرى تحريك الداخل عىل وقع رضبات “القوات‬ ‫األطلسية” حلف الناتو ملواقع العقيد معمر القذايف‪ ،‬فسقطت‬ ‫الجامهريية يف قبضة وصاية أجنبية‪ ،‬كام هو االحتالل األمرييك يف‬ ‫العراق‪ ،‬وسيدخل الشعب الليبي يف فوىض سياسية وأمنية‪ ،‬يف‬ ‫وقت يخرج النفط من األرض الليبية اىل الرشكات األجنبية‪ ،‬وتوضع‬ ‫اليد عىل الرثوة الوطنية‪.‬‬ ‫أما يف سوريا‪ ،‬فإن ما سمي “ثورة”‪ ،‬ليس سوى عملية رضب‬ ‫لإلصالح الذي بورش به‪ ،‬وملنع حصوله ألن هدف املتحركني يف الشارع‬ ‫هو السلطة‪ ،‬وأن التطورات التي شهدتها الساحة السورية‪ ،‬باتت‬ ‫مكشوفة أن املطلوب ليس اإلصالح‪ ،‬بل رأس النظام‪ ،‬وأن إسقاطه يخدم‬ ‫أهدافاً خارجية أمريكية وأوروبية وإرسائيلية‪ ،‬ألن من يطالب بتعددية‬ ‫سياسية وحزبية‪ ،‬ويدعو اىل إعالم حر‪ ،‬ومن يسعى اىل انتخابات‬ ‫وتداول للسلطة‪ ،‬وال يرتك فرصة لتطبيق القوانني التي صدرت بها‪،‬‬ ‫فإمنا يعمل لتقويض االستقرار وزرع الفتنة‪ ،‬وإضعاف موقف وموقع‬ ‫سوريا القومي‪ ،‬التي متكنت من اجتياز قطوع التخريب األمني املناقض‬ ‫لإلصالح الذي أق ّر به النظام وتبنّاه الرئيس بشار األسد‪ ،‬وأقام حوارات‬ ‫حوله هو شخصياً‪ ،‬ليخلص اىل أن التطور هو سنة الحياة‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يؤمن به الرئيس السوري‪ ،‬الذي كشف لشعبه أن ما يجري يف سوريا‪،‬‬ ‫هو عودة لالستعامر من جديد‪ ،‬ألن القرار الوطني السوري‪ ،‬أزعج الغرب‪،‬‬ ‫الذي يريد لدمشق‪ ،‬أن تكون خارج محور املامنعة واملقاومة‪ ،‬وهذا هو‬ ‫عنوان الرصاع عليها‪ ،‬ملوقعها االسرتاتيجي يف الرصاع مع العدو‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬فأصبح دور َمن مازالوا يتحركون يف الشارع‪ ،‬هو التخريب‬ ‫عىل اإلصالح واالستقرار‪ ،‬وقد تن ّبه السوريون للمؤامرة التي تحاك ضد‬ ‫بلدهم‪ ،‬فانحازوا اىل مسرية األسد اإلصالحية‪ ،‬ملنع اخرتاق سوريا من‬ ‫الداخل لتشكيل حصان طروادة للخارج‪ ،‬الذي طالب عبد الحليم خدام‬ ‫وآخرين مثله أمريكا وتركيا‪ ،‬للتحرك عسكرياً إلسقاط النظام يف‬ ‫سوريا‪ ،‬الستنساخ تجربتي العراق وليبيا‪ ،‬بعد أن فشلت محاوالت شق‬ ‫الجيش والعمل عىل انقسامه‪ ،‬واللعب عىل الوتر املذهبي‪ ،‬واستنزافه‬ ‫هب املواطنون‬ ‫يف معارك داخلية‪ ،‬بدأت تؤثر عىل الوضع االقتصادي الذي ّ‬ ‫السوريون يحمون عملتهم الوطنية كام وحدتهم‪ ،‬ألن البديل هو‬ ‫“عرقنة سوريا”‪ ،‬وهو املرشوع الذي فشل يف األعوام السابقة‪ ،‬ولن‬ ‫ينجح يف األسابيع واألشهر املقبلة‪.‬‬

‫«منرب التوحيد»‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬

‫«تيار المستقبل» يتو ّرط في تغيير النظام‬ ‫تخريب سوريا من لبنان‪...‬‬ ‫يف العام ‪ 2006‬ويف غمرة التصعيد العدايئ‬ ‫َ‬ ‫يتوان سعد الحريري‬ ‫ضد سوريا وقيادتها‪ ،‬مل‬ ‫من القول للسفري األمرييك يف لبنان آنذاك‬ ‫جيفري فيلتامن‪ ،‬ملاذا تتأخرون يف إسقاط‬ ‫نظام الرئيس بشار األسد‪ ،‬فر ّد الدبلومايس‬ ‫األمرييك‪ ،‬إننا نبحث عن البديل‪ ،‬وإذا مل يتو ّفر‪،‬‬ ‫فسنضغط عىل النظام السوري لتغيري‬ ‫سلوكه‪ ،‬فأجابه الحريري أن البديل موجود وهو‬ ‫“اإلخوان املسلمون”‪ ،‬وهؤالء جاهزون لتس ّلم‬ ‫الحكم‪ ،‬وال تخشون أنتم و”إرسائيل” منهم‪،‬‬ ‫فسيحافظون عىل أمن الكيان الصهيوين‪.‬‬ ‫كالم الحريري قبل خمس سنوات‪ ،‬يرتجمه مع‬ ‫اندالع حركات التم ّرد عىل النظام والذي اتخذ‬ ‫طابعاً مسلحاً‪ ،‬حيث أشارت تقارير أمنية‪ ،‬اىل‬ ‫أن أسلحة يتم تهريبها من لبنان اىل جامعات‬ ‫سورية ليس بعيداً عنها مسؤولون يف “تيار‬ ‫املستقبل” أو قريبون منه‪ ،‬مام يكشف عن‬ ‫تو ّرط مبارش يف دعم الشعب السوري وفق‬ ‫توصيفهم‪ ،‬ولكنهم يف واقع األمر يقفون مع‬ ‫املعارضني للنظام يف سوريا‪ ،‬ومل يعد يخفون‬ ‫ذلك سواء يف وسائل اإلعالم التابعة لهم‪ ،‬أو‬ ‫يف مواقفهم‪ ،‬وكان آخرها ما أعلنه الرئيس‬ ‫سعد الحريري بعد صمت‪ ،‬عن وقوفه اىل جانب‬ ‫مدينة حامة وما تتعرض له من “مذبحة”‬ ‫وفق وصفه عىل يد النظام‪ ،‬مستذكراً أحداث‬ ‫حامة يف العام ‪ ،1982‬وهو ينكأ الجراح‪ ،‬وأن‬ ‫وقوفه مع حامة ألنها ترمز اىل وجود “اإلخوان‬ ‫املسلمني” يف هذه املدينة السورية التي تعيش‬ ‫عىل ضفاف نهر العايص‪ ،‬وبدا تعاطف رئيس‬ ‫الحكومة السابق مع اإلخوان‪ ،‬ألنه يعتربهم‬ ‫البديل للنظام الحايل‪.‬‬ ‫فالدعم الذي يقدّ مه “تيار املستقبل” ملا‬ ‫يسمى “املعارضة السورية” يتصاعد يوماً بعد‬ ‫يوم‪ ،‬إذ يؤ ّكد مسؤولون فيه‪ ،‬أن سقوط النظام‬ ‫بات مسألة أسابيع‪ ،‬وأن الرئيس الحريري أبلغ‬ ‫مساعديه وحلفائه‪ ،‬بأنه سيعود اىل لبنان عن‬ ‫طريق مطار دمشق التي سيع ّرج عليها لتهنئة‬ ‫القيادة الجديدة مع انهيار حكم الرئيس األسد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ستتمكن قوى ‪ 14‬آذار من العودة‬ ‫الذي برحيله‪،‬‬ ‫اىل السلطة‪ ،‬التي انتُزعت منها‪ ،‬بقرار سوري‬ ‫ن ّفذه “حزب الله” يف لبنان‪.‬‬ ‫ويراهن “تيار املستقبل” عىل أن سقوط‬ ‫الحكم السوري‪ ،‬هو فاتحة ليتح ّرر لبنان‪ ،‬الذي‬ ‫مازال يخضع للوصاية السورية‪ ،‬وإن خرجت من‬ ‫لبنان‪ ،‬فإمنا بواسطة سالح “حزب الله”‪ ،‬الذي‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫رفع الحريري شعار إسقاطه‪ ،‬ألنه أخرجه من‬ ‫رئاسة الحكومة‪.‬‬ ‫لقد وضع الحريري كل ثقله إلنهاء وجود األسد‬ ‫يف الحكم‪ ،‬والذي ص ّوب عليه يف مقابلته‬ ‫وحمله مسؤولية إخراجه‬ ‫التلفزيونية األخرية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من السلطة‪ ،‬وهو يثأر لذلك‪ ،‬كام عاد اىل‬ ‫اتهاماته السياسية السابقة‪ ،‬بتحميل النظام‬ ‫السوري مقتل والده‪ ،‬حيث رأى أن الفرصة‬ ‫سانحة لرضب هذا النظام الذي كان اعتذر منه‬ ‫قبل أكرث من سنتني‪ ،‬وذهب اىل دمشق وأقام‬ ‫عالقات وصفها هو بالحميمية واألخوية مع‬ ‫الرئيس السوري‪ ،‬الذي بات يدرك أن الحريري كان‬ ‫يناور‪.‬‬ ‫فالصمت الذي اتبعه الحريري منذ بداية‬ ‫األحداث يف سوريا‪ ،‬تخىل عنه بعد أن تب ّلغ من‬ ‫مراجع عربية وسعودية تحديداً‪ ،‬وأخرى إقليمية‬ ‫ودولية‪ ،‬أن النظام لن يصمد‪ ،‬وهو يف آخر‬ ‫أيامه‪ ،‬كام أعلن السفري السابق جوين عبده‬ ‫الذي له تأثري كبري عىل آل الحريري‪ ،‬الذين بدأوا‬ ‫يعدون األيام التي سيقضيها األسد يف قرص‬ ‫املهاجرين‪ ،‬وأن خروجه منه سيعيد الحريري اىل‬ ‫الرساي الكبري‪ ،‬وأنه من دون ذلك فإن الوضع يف‬ ‫لبنان لن يرتاح ويهدأ‪.‬‬ ‫ويبدو أن حسابات الحريري مل تنطبق عىل‬ ‫بيدر الوضع يف سوريا التي يواجه رئيسها حرباً‬ ‫دولية وإقليمية وعربية عليه‪ ،‬استخدمت فئات‬ ‫سياسية وحزبية ودينية‪ ،‬لإلطاحة بالنظام‪،‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫متكن من أن يربح املعركة‪ ،‬باملبادرة اىل‬ ‫إطالق حوار داخيل‪ ،‬وتحقيق إصالحات فورية عىل‬ ‫مستوى قوانني األحزاب واالنتخابات واإلعالم‪،‬‬ ‫ورفع حالة الطوارئ وإلغاء قانونها‪ ،‬واالتجاه‬ ‫اىل تعديل املادة الثامنة من الدستور التي‬ ‫تشري اىل أن حزب البعث هو قائد يف الدولة‬ ‫واملجتمع‪ ،‬والتي استجاب معها الشعب السوري‬ ‫وأ ّيدها وخرج اىل الشوارع يتظاهر متضامناً‬ ‫مع النظام الذي أق ّر اإلصالحات‪ ،‬ويف الوقت‬ ‫نفسه‪ ،‬فتح النار عىل املخربني واملستهدفني‬ ‫أمن واستقرار سوريا‪ ،‬إذ خرج االحتجاج عن‬ ‫سلميته اىل استخدام السالح‪ ،‬وإحراق املقرات‬ ‫الرسمية والحزبية‪ ،‬واالعتداء عىل أمن املواطنني‬ ‫وسالمتهم‪ ،‬ومحاولة رضب االقتصاد‪.‬‬ ‫فالرهان عىل أن النظام يف سوريا سيسقط‪،‬‬ ‫كان خارساً‪ ،‬ألن املعركة خرجت عن كونها‬ ‫مطالب إصالحية يطرحها إصالحيون حقيقيون‪،‬‬ ‫اىل محاولة لقلب النظام من قبل جامعات‬

‫‪6‬‬

‫إسالمية أصولية تكفريية‪ ،‬تقوم بأعامل‬ ‫إجرامية‪ ،‬وتتلقى الدعم من دول ومنظامت‪،‬‬ ‫لتخريب االستقرار يف سوريا‪.‬‬ ‫ومع مواقف “تيار املستقبل” املؤ ّيدة لوصول‬ ‫“اإلخوان املسلمني”‪ ،‬وإطالق دعوات إلسقاط‬ ‫النظام‪ ،‬تحت الفتة دعم الشعب السوري وإدانة‬ ‫ما يتعرض له‪ ،‬فإن هذا الفريق السيايس‪ ،‬فتح‬ ‫من لبنان معركة التدخل املبارش يف سوريا‪،‬‬ ‫وتحريض جامعات مسلحة مبا ميس األمن‬ ‫السوري‪ ،‬وهو ما يناقض شعار أمن سوريا من‬ ‫أمن لبنان‪ ،‬والعكس صحيح‪ ،‬كام يسقط‬ ‫مقولة يرددها “الحريريون” من أن لبنان ال ُيحكم‬ ‫من سوريا‪ ،‬وسوريا ال ُتحكم من لبنان‪ ،‬إذ أصبح‬ ‫الشعار أن سوريا تخ ّرب من لبنان‪ ،‬عرب إرسال‬ ‫األسلحة إليها‪ ،‬ودعم املسلحني داخلها‪ ،‬وتأمني‬ ‫التمويل لهم‪ ،‬وهو ما كشفته تقارير أمنية‬ ‫وإعالمية‪ ،‬عن دور لجامعات يف لبنان‪ ،‬تدين‬ ‫بالوالء لقوى ‪ 14‬آذار‪.‬‬ ‫وهذا التدخل من قبل أطراف لبنانية يف‬ ‫سوريا‪ ،‬سيكون له تأثري سلبي عىل الوضع‬ ‫الداخيل اللبناين‪ ،‬الذي ينقسم حول ما يجري‬ ‫يف سوريا‪ ،‬إذ أن تحريك الشارع من قبل تيارات‬ ‫سياسية ودينية مناوئة لسوريا‪ ،‬بدأ يقابله‬ ‫تحرك مضاد مؤ ّيد للنظام يف سوريا‪ ،‬ويعترب‬ ‫هذا الفريق أن ما تتعرض له سوريا‪ ،‬يدخل يف‬ ‫إطار إسقاط دورها يف معادلة الرصاع املقاوم‬ ‫واملامنع ضد العدو اإلرسائييل‪.‬‬ ‫فهذا التحريك يخىش أن يتح ّول اىل صدامات‬ ‫داخلية بني فريقني‪ ،‬ألن الوضع يف سوريا‪ ،‬سيؤ ّثر‬ ‫عىل السياسة اللبنانية الخارجية‪ ،‬فاملقاومة‬ ‫التي استندت اىل عمق اسرتاتيجي و ّفرها‬ ‫لها الدعم اللوجستي السيايس واملعنوي‪ ،‬لن‬ ‫يكون تغيري النظام يف سوريا‪ ،‬مريحاً لها‪ ،‬ألن ما‬ ‫يتع ّرض له النظام هو من أحد أسبابه الرئيسية‪،‬‬ ‫هو دعمه ومساندته للمقاومة‪ ،‬ورفضه الخضوع‬ ‫للضغوط األمريكية واإلرسائيلية‪ ،‬للتخيل عن‬ ‫املقاومة‪ ،‬ولو فعل الرئيس األسد‪ ،‬لكان نظامه‬ ‫مستقراً‪ ،‬وال يتع ّرض لكل هذه الضغوط التي‬ ‫فشلت خارجياً‪ ،‬فسعى املترضرون من موقف‬ ‫سوريا القومي‪ ،‬اىل إشعال الفتنة من الداخل‪،‬‬ ‫ولكن تح ّرك القوات األمنية والعسكرية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫متكنت من محارصة مثريي الفتنة‪ ،‬ونجحت يف‬ ‫محارصة البؤر األمنية‪.‬‬

‫زهري العياش‬

‫القرار اإلتهامي للمحكمة الدولية يالقي ما طلبه أشكنازي قبل عام‬ ‫يف صيف العام املايض‪ ،‬أطلق رئيس أركان جيش العدو اإلرسائييل آنذاك غايب‬ ‫أشكنازي‪ ،‬موقفاً كان الفتاً يف مضمونه وتوقيته‪ ،‬إذ توعّد اللبنانيني بأيلول أسود‪،‬‬ ‫مع صدور القرار االتهامي يف قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬والذي سيتّهم‬ ‫“حزب الله” فيها‪ ،‬وهو ما سيشعل فتنة سنية – شيعية‪ ،‬ستؤدي اىل إغراق لبنان‬ ‫يف بحر من الدماء‪.‬‬ ‫وما كشفه أشكنازي‪ ،‬يستند اىل ما تناقلته قبل أعوام مجالت وصحف‬ ‫ووسائل إعالم‪ ،‬من تقارير تشري اىل معلومات تفيد أن عنارص من “حزب الله”‬ ‫متورطة يف اغتيال الحريري‪ ،‬وقد س ّمت عدداً من قياديي املقاومة من أبرزهم‬ ‫الشهيد عامد مغنية ومصطفى بدر الدين وعبد املجيد غملوش‪ ،‬وقد بدأ ترسيب‬ ‫هذه التقاريرمنذ العام ‪ 2006‬من قبل جهات لبنانية يف ‪ 14‬آذار‪ ،‬بأن فرع املعلومات‬ ‫يف قوى األمن الداخيل مت ّكن من التقاط اتصاالت هاتفية‪ ،‬تعود اىل عنارص من‬ ‫“حزب الله”‪ ،‬تكشف عن صلة لهؤالء بالجرمية‪ ،‬وقد جرى نقل هذه املعلومات اىل‬ ‫أطراف لبنانية حليفة لـ “حزب الله” لتبليغها اىل قيادة الحزب‪ ،‬التي نفت أية‬ ‫عالقة لها بهذا املوضوع‪ ،‬ثم نقلت جريدة “لوفيغارو”الفرنسية يف ذلك العام‬ ‫هذه املعلومات‪ ،‬ومن ّثم نقلتها يف العام ‪ 2007‬جريدة “لوموند”‪ ،‬ويف العام ‪2008‬‬ ‫مجلة “دير شبيغل” األملانية‪ ،‬ويف العام ‪ 2010‬التلفزيون الكندي ‪ ،C.B.C‬وكلها‬ ‫تعلن عن مسؤولية “حزب الله” عن الجرمية التي تبنّت سيناريو واحد وفرضية‬ ‫فجر موكب الحريري وقبل انتهاء التحقيق الدويل‬ ‫واحدة‪ ،‬وهي أن الحزب هو الذي ّ‬ ‫وصدور القرار رسمياً مبا يؤ ّكد تسييسه‪ ،‬بعد أن كان االتهام بعد ساعات من‬ ‫وقوع عملية التفجري‪ ،‬توجه اىل النظام األمني اللبناين – السوري املشرتك‪،‬‬ ‫وتم اعتقال الضباط األربعة‪ ،‬واستجواب ضباطاً سوريني‪ ،‬بعد أن نجح مس ّيسو‬ ‫ّ‬ ‫التحقيق من تركيب شهود ثبت أن شهاداتهم مزورة‪ ،‬وقد انفضحت بعد شهر‬ ‫عىل اعتقال الضباط جميل السيد وعيل الحاج ورميون عازار ومصطفى حمدان‪،‬‬ ‫وظهر محمد زهري الصديق الذي نعتوه بـ “الشاهد امللك” عىل حقيقته‪ ،‬أنه‬ ‫مدفوع من شخصيات لبنانية سياسية وإعالمية وأمنية لإلدالء بشهادة عن‬ ‫تو ّرط هؤالء الضباط يف التخطيط والتحضري وتنفيذ الجرمية‪ ،‬وأنه هو شخصياً‬ ‫كان من املشاركني يف اجتامعات ُعقدت يف شقة يف منطقة برئ العبد يف‬ ‫الضاحية الجنوبية‪ ،‬ويف القرص الجمهوري يف سوريا ويف الزبداين إلخ‪...‬‬ ‫هذه الفضيحة‪ ،‬التي هزّت لبنان والعامل‪ّ ،‬تم تجاوزها من قبل سعد الحريري الذي‬ ‫اعرتف بها‪ ،‬لكنه مل يحولها اىل القضاء اللبناين ألنها تطاله هو كرشيك مع‬ ‫زهري الصديق يف تلفيق االتهامات‪ ،‬وسيطال التحقيق كل فريقه السيايس‬ ‫واألمني والقضايئ واإلعالمي وصوالً اىل الرئيس الفرنيس السابق جاك شرياك‬ ‫وشخصيات سورية منها عبد الحليم خدام ورفعت األسد وآخرين‪.‬‬ ‫فمع طي صفحة اتهام ضباط سوريني ولبنانيني‪ّ ،‬تم الرتكيز عىل “حزب الله”‪،‬‬ ‫وهو األساس يف االتهام السيايس‪ ،‬ألنه هو املحور كطرف مقاوم هزم “إرسائيل”‬ ‫يف العام ‪ 2000‬و‪ ،2006‬وغيرّ معادالت يف املنطقة‪ ،‬وأخرج لبنان من حالة الضعف‬ ‫اىل القوة‪ ،‬وبات يش ّكل قوة رادعة للعدو الصهيوين‪ ،‬الذي أحرجته املقاومة يف‬ ‫لبنان‪ ،‬وبات يفتش عن سيناريو لرضبها وتصفيتها‪ ،‬بعدما فشل يف كل حروبه‬ ‫ضدها‪ ،‬فلم يعد أمامه سوى أن يزجها يف رصاع لبناين داخيل‪ ،‬يكون عنوانها‬ ‫سالحها الذي تح ّول اىل الداخل‪ ،‬وهو ليس سالحاً مقاوماً‪ ،‬بل سالحاً يقتل‬ ‫اللبنانيني‪ ،‬وأن إلباسه جرمية الحريري‪ ،‬سيكون املدخل يف محارصته وعزله لبنانياً‬ ‫وتشويه صورته أمام الرأي العام اللبناين والعريب واإلسالمي والدويل‪.‬‬ ‫ولقد تب ّلغ أمني عام “حزب الله” السيد حسن نرص الله مبارشة من سعد‬ ‫الحريري‪ ،‬أن االتهام سيطال عنارص من الحزب‪ ،‬وحاول أن يتفاهم معه عىل وصفهم‬ ‫بالعنارص غري املنضبطة التي تو ّلت تنفيذ الجرمية‪ ،‬لكن السيد نرص الله رفض‬ ‫الوقوع يف هذا الفخ املنصوب‪ ،‬وذهب اىل تقديم وقائع وأدلة تدين “إرسائيل”‬ ‫يف تورطها باالغتيال وهي صاحبة السوابق يف تنفيذ مثل هذه الجرائم‪ ،‬لكن‬ ‫أرص عىل استهداف املقاومة‪ ،‬وصدر القرار االتهامي يتض ّمن‬ ‫التحقيق الدويل‪،‬‬ ‫ّ‬

‫أربعة أسامء من قيادييها وعنارصها‪ ،‬مل تتن ّكر لهم قيادتهم‪ ،‬ورفضت أن يلصق‬ ‫باملجاهدين صفة املجرمني وباملقاومني وصف اإلرهابيني‪ ،‬ورفض “حزب الله” التعاون‬ ‫مع املحكمة ألنها أداة بيد “إرسائيل” وأمريكا‪ ،‬وردّت الحكومة اللبنانية عرب القضاء‬ ‫اللبناين‪ ،‬أنها مل تعرث عىل املتهمني مصطفى بدر الدين وأسد صربا وسليم‬ ‫عياش وحسن عنييس‪ ،‬فكان أن فتحت املحكمة ملفات اغتيال جورج حاوي‬ ‫ومحاولتي اغتيال مروان حامدة والياس املر‪ ،‬وربطتهام بعملية اغتيال الحريري‪ ،‬مام‬ ‫يدل عىل أن توسيع مروحة تو ّرط “حزب الله” باالغتياالت‪ ،‬محاولة ملحارصته داخلياً‪،‬‬ ‫وزجه يف رصاع مع أطراف لبنانية‪ .‬فاملحكمة الدولية‪ ،‬باتت لها مهمة واضحة‬ ‫ّ‬ ‫وهي استهداف املقاومة‪ ،‬وأن أيلول الذي بشرّ أشكنازي أنه سيكون دموياً العام‬ ‫املايض فإنه سيحصل هذا العام‪ ،‬مع صدور القرار االتهامي‪ ،‬الذي بدأت التعبئة‬ ‫السياسية واإلعالمية والشعبية من قبل قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬ضد سالح املقاومة‪،‬‬ ‫وربطه بكل حادث أمني يحصل يف لبنان‪ ،‬وكانت حادثة أنطلياس الفردية والخالف‬ ‫الشخيص بني مواطنني عىل موضوع مايل‪ ،‬وانفجار قنبلة يدوية كان أحدهام‬ ‫يحملها‪ ،‬فجرى تكبري هذه الحادثة اىل عمل إرهايب‪ ،‬واستغاللها سياسياً‪،‬‬ ‫واستخدام وسائل إعالم لتضليل الرأي العام وتوجيهه عىل أن سالح “حزب الله”‪،‬‬ ‫بات يش ّكل خطراً عىل أمن اللبنانيني‪ ،‬كام جرت محاولة إعالمية‪ ،‬العتبار الحادثة‬ ‫الفردية تستهدف منطقة ذات كثافة مسيحية‪ ،‬كام حصل مع حوادث أخرى‪.‬‬ ‫فكل ما يجري يف لبنان‪ ،‬هو تهيئة املناخ السيايس والشعبي‪ ،‬النفجار‬ ‫داخيل بوجه “حزب الله”‪ ،‬بعد ضخ مزيد من املعلومات املشبوهة حول مسؤولية‬ ‫هذا السالح عن عدم استقرار لبنان‪ ،‬الذي يتجه فريق ‪ 14‬آذار‪ ،‬اىل التجاوب مع‬ ‫دعوة أشكنازي اىل أن اللبنانيني سيقتتلون فيام بينهم‪ ،‬وقد حاولوا قبل ثالث‬ ‫سنوات زج املقاومة يف الرصاع الداخيل‪ ،‬من خالل طلب الحكومة برئاسة فؤاد‬ ‫السنيورة نزع شبكة اتصاالت املقاومة التي قامت بالدفاع عن نفسها‪ ،‬ونفذت‬ ‫عملية أمنية لردع من ين ّفذ أوامر أمريكية وإرسائيلية‪ ،‬ومازال هذا الفريق‪،‬‬ ‫ويزجه يف املسائل الداخلية‪ ،‬ويحاول تخويف اللبنانيني‬ ‫يشوه سالح املقاومة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منه‪ ،‬فيضعه يف خالف عقاري مزمن يف السا‪ ،‬ويضفي عليه طابعاً طائفياً‪ّ ،‬ثم‬ ‫يحمله مسؤولية تفجري قارورة غاز يف شقة سكنية‪ ،‬تحصل يف أي منزل‪ّ ،‬ثم يف‬ ‫موضوع مخالفات البناء‪ ،‬وهي ظاهرة يشهدها لبنان منذ عقود ويف كل املناطق‪،‬‬ ‫وأن الغاية من تكبري هذه القضايا‪ ،‬هو لتحريض املواطنني عىل املقاومة‪ ،‬التي‬ ‫بحسب زعمهم تقيم دويلة داخل الدولة‪ ،‬وهي تقلب املعادالت الداخلية بتحويل‬ ‫أقلية نيابية اىل أكرثية‪ ،‬وإرهاب النواب لتكليف رئيس حكومة غري سعد الحريري‪،‬‬ ‫الذي فقد أعصابه بعد أن استقال ثلث أعضاء حكومته‪ ،‬فرأى أن خروجه من‬ ‫السلطة‪ ،‬سيفقده القرار يف الداخل‪ ،‬كام سيؤثر عىل مرشوعه املايل‪ ،‬وهذا ما‬ ‫فرض عليه أن يلجأ اىل الخارج‪ ،‬للتحريض عىل املقاومة‪ ،‬واستخدام قرار املحكمة‬ ‫ضدها‪ ،‬السيام وأن الحريري يراهن عىل أن النظام السوري لن يستطيع الصمود‪،‬‬ ‫وهو آيل اىل السقوط‪ ،‬معه ملن هو للمقاومة سند‪ ،‬التي ستلحق بالنظام‪،‬‬ ‫وستكون الساحة خالية للحريري وحلفائه‪ ،‬وهذا ما وعده به َمن يتلقى أوامرهم‬ ‫ونصائحهم‪ ،‬وقد يقيض سنوات يف الخارج قبل أن يتحقق رهانه‪.‬‬

‫أنطوان خري الله‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب لبناين‬

‫ربط عودته بسقوط النظام في سوريا وسالح المقاومة‬ ‫ّ‬ ‫يتحقق َشرط ْيه‬ ‫السياسة إذا لم‬ ‫الحريري قد يعتزل ّ‬ ‫مل يتعلم الرئيس سعد الحريري من درس شهود‬ ‫الزور الذي كان رشيكاً يف فربكتهم‪ ،‬فعاد ليدخل‬ ‫يف لعبة شاهد زور من جديد‪ ،‬عرب تبنّيه مقابلة‬ ‫أجرتها مجلة “التايم” األمريكية‪ ،‬ونسبت اىل‬ ‫مراسلها يف بريوت نيكوالس بالنفورد‪ ،‬أنه قابل‬ ‫أحد املتهمني يف اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪،‬‬ ‫وقد نفى علمه بها‪ ،‬وهو ما أبلغه اىل مدعي عام‬ ‫التمييز سعيد مريزا‪ ،‬الذي استدعاه ملعرفة صحة‬ ‫ما ورد يف املقابلة التي جاء فيها‪ ،‬أن املراسل‬ ‫بالنفورد قابل أحد املتهمني األربعة يف اغتيال‬ ‫الحريري‪ ،‬دون أن يسميه‪ ،‬وقد التقاه بالصدفة يف‬ ‫أثناء وجوده عند أحد مسؤويل “حزب الله”‪ ،‬وإنه‬ ‫أبلغه أن السلطة اللبنانية تعرف مكان تواجده‬ ‫ولكنها ال تستطيع اعتقاله‪.‬‬ ‫وقد جاء نرش املقابلة‪ ،‬ليتم استغاللها فوراً‬ ‫من قبل “تيار املستقبل” وحلفائه يف ‪ 14‬آذار‬ ‫لتسجيل موقف ضد الحكومة بأنها ال تتعاون مع‬ ‫املحكمة الدولية يف إلقاء القبض عىل املتهمني‪،‬‬ ‫وأن “حزب الله” هو الذي يسيرّ الحكومة ال رئيسها‬ ‫نجيب ميقايت وفق ما جاء يف بيان للحريري الذي‬ ‫متض ساعات عىل صدور املجلة وفيها الحديث‬ ‫مل ِ‬ ‫املزعوم‪ ،‬حتى شنّ حملة قاسية عىل رئييس‬ ‫الجمهورية والحكومة‪ ،‬وإظهارهام أمام الرأي العام‬ ‫اللبناين والعريب واملجتمع الدويل أنهام يحميان‬ ‫املتهمني‪ ،‬وأن الرئيس ميقايت ما هو إ ّال أداة يف‬ ‫يد “حزب الله” الذي برفضه االعرتاف باملحكمة‬ ‫الدولية وقرارها‪ُ ،‬يحرج الحكومة ورئيسها‪ ،‬وهذا‬ ‫ما قصده َمن د ّبر وفربك املقابلة‪ ،‬من أجل دفع‬ ‫ميقايت اىل االستقالة‪ ،‬أو تحريضه عىل إقالة وزراء‬ ‫“حزب الله” كام طالب الوزير بطرس حرب‪ ،‬وآخرين‬ ‫من قوى ‪ 14‬آذار‪ ،‬وكل ذلك إلسقاط الحكومة‪.‬‬ ‫فالحريري يعمل كل ما يف وسعه من أجل‬ ‫العودة اىل رئاسة الحكومة‪ ،‬ومل يتح ّمل بعد أن‬ ‫يكون خارج السلطة‪ ،‬وهو الذي لديه أكرب كتلة‬ ‫يسجل رق ًام قياسياً‬ ‫نيابية‪ ،‬وكان يسعى اىل أن‬ ‫ّ‬ ‫يف البقاء بالرساي‪ ،‬لكن مل تدم له الرئاسة‬ ‫الثالثة‪ ،‬التي آلت اىل ميقايت الذي يسعى اىل‬ ‫تكوين حالة سياسية‪ ،‬تتعدى الشامل وعاصمته‬ ‫طرابلس لتمتد اىل كل لبنان‪ ،‬وأن يبقى يف رئاسة‬ ‫الحكومة حتى االنتخابات النيابية عام ‪ ،2013‬وأن‬ ‫يعود مع حلفائه بأكرثية تعيده إليها‪.‬‬ ‫ويبدو أن الحريري الذي نفى نفسه سياسياً‪،‬‬ ‫وأخذ وضع الالجئ السيايس املتنقل بني باريس‬ ‫والرياض‪ ،‬تحت زعم أنه مهدد أمنياً‪ ،‬دون أن يعلن‬ ‫عن الجهة التي هددته أو الجهة التي بلغته عن‬ ‫التهديد‪ ،‬بل أن ما رشح من معلومات مؤ ّكدة‪،‬‬ ‫فإن أزمة الحريري مالية وليست أمنية‪ ،‬وهو‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫موجود يف الخارج ملتابعة مؤسساته املتعرثة‬ ‫بسبب الفوىض اإلدارية واملالية التي تعصف‬ ‫بها‪ ،‬والفساد الذي يسودها‪ ،‬وتوقيف عدد من‬ ‫كبار املسؤولني يف رشكة “أوجيه سعودي”‪ ،‬يف‬ ‫الرياض من قبل سلطات اململكة بتهم الفساد‬ ‫تم تنفيذها‪ ،‬كام جرى طرد عدد البأس‬ ‫يف مشاريع ّ‬ ‫به من املوظفني‪ ،‬مام خلق حالة من اإلرباك الذي‬ ‫أدّى اىل ما يشبه حالة من التعرث املايل وتراكم‬ ‫الديون وعدم دفع املستحقات مبا فيها الرواتب‬ ‫واألجور‪ ،‬وهو ما خ ّلف بلبلة يف مؤسسات الحريري‬ ‫اإلعالمية والخدماتية و “تيار املستقبل”‪ ،‬حيث‬ ‫أضيفت الضائقة املالية اىل إفالس سيايس‪،‬‬ ‫تر ّتب عىل ذلك أن تراجع االلتفاف الشعبي حول‬ ‫هذا التيار الذي أنفق املال السيايس لتجميع‬ ‫قاعدته الشعبية‪ ،‬وعندما شح املال‪ ،‬ابتعد‬ ‫املنارصون وتفرقوا‪ ،‬كام تأ ّثر الوضع التنظيمي‬ ‫لتيار استهلك رصيده السيايس والشعبي‬ ‫رسيعاً‪ ،‬نتيجة مامرسات رئيسه الذي ترك لبنان‬ ‫ّ‬ ‫مطلعة‬ ‫متذ ّرعاً بوضعه األمني‪ ،‬ولكن مصادر‬ ‫كشفت عن أنه ال يرغب يف أن يكون سياسياً‪،‬‬ ‫ويريد أن يعود اىل إدارة أعامله‪ ،‬وليس مبقدوره أن‬ ‫يتابع قضايا املواطنني‪ ،‬وهو يريد أن يعيش حياته‬ ‫الخاصة‪ ،‬مع أصدقائه وعائلته‪ ،‬وقد يعلن تخ ّليه‬ ‫عن العمل السيايس‪ ،‬وال ميانع إذا كان أحد من‬ ‫أشقائه يرغب يف ذلك‪ ،‬وهو يخىش أن يهدر‬ ‫رصيده املايل يف السياسة‪ ،‬إذا مل يسرتدّه يف‬ ‫مشاريع كبرية‪.‬‬ ‫وينقل الذين يجالسون الحريري من خ ّالنه‬ ‫وحاشيته‪ ،‬أنه مير يف حالة من اإلحباط واليأس‪،‬‬

‫‪8‬‬

‫وهو ليس بوارد العودة اىل لبنان‪ ،‬إذا مل يتغيرّ‬ ‫النظام يف سوريا‪ ،‬وتتم محارصة “حزب الله”‬ ‫وإسقاط سالحه‪ ،‬ألنهام هام كانا وراء إخراجه من‬ ‫رئاسة الحكومة‪ ،‬وتس ّببا بإبعاده عن لبنان‪ ،‬وعندما‬ ‫أعلن أنه سيعود يف شهر رمضان‪ ،‬فكان يأمل بأن‬ ‫النظام السوري يكون قد سقط‪ ،‬وأصبح الرئيس‬ ‫يشجعه أن‬ ‫بشار األسد خارج الحكم‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫ميسك الوضع يف لبنان‪ ،‬بعد أن يكون “حزب الله”‬ ‫مع حلفائه قد فقدوا نظاماً مسانداً لهم‪ ،‬ميدهم‬ ‫بالسالح والدعم املايل واللوجستي‪ ،‬إ ّال أن ما جرى‬ ‫وهو أن النظام السوري صمد ومت ّكن من أن يحارص‬ ‫معارضيه الذين انتقلوا من التحرك السلمي اىل‬ ‫العمل املسلح‪ ،‬وهو ما أجرب السلطة السورية‪،‬‬ ‫عىل أن تتعامل معهم تحت عنوان واحد‪ ،‬وهو‬ ‫فرض األمن واالستقرار‪ ،‬ومنع التخريب واالعتداء‬ ‫عىل املواطنني‪ ،‬بعد أن استغ ّلت عنارص إرهابية‬ ‫ومتطرفة تحرك مواطنني يطرحون قضايا‬ ‫إصالحية أ ّكد عليها النظام وأعلن الرئيس األسد‬ ‫أنه أخذ بها وقد صدرت بقوانني‪.‬‬ ‫ولقد ربط الحريري عودته اىل لبنان بسقوط‬ ‫النظام السوري‪ ،‬بعد أن تو ّرط يف دعم املتمردين‬ ‫عىل النظام‪ ،‬تحت عنوان تأييد الشعب السوري‬ ‫إنسانياً‪ ،‬والوقوف اىل جانبه فيام يتع ّرض له من‬ ‫قمع وفق ما قال الحريري يف بيان له‪ ،‬وهو بذلك‬ ‫كشف عن تدخل يف الشأن السوري‪ ،‬وتغيري‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫ويعمل الحريري عىل خطني‪ :‬األول هو السعي‬ ‫اىل إسقاط النظام السوري والتخريب عليه‬ ‫من الخارصة اللبنانية‪ ،‬والثاين هو إسقاط سالح‬ ‫“حزب الله” من خالل القرار االتهامي‪ ،‬الذي سمى‬ ‫عنارص من الحزب‪ ،‬وقد بدأ رئيس “تيار املستقبل”‬ ‫الضغط باتجاه تنفيذ القرار والوصول به اىل‬ ‫قيادات الصف األول يف الحزب‪ ،‬لتفرغ الساحة‬ ‫السياسية له ولحلفائه‪ ،‬ألن من مينع استئثاره‬ ‫يف السلطة بلبنان هام األسد و “حزب الله”‪ ،‬وال‬ ‫ميكن العودة إليها إ ّال من خالل إنهاء وجودهام‪،‬‬ ‫وهو أبلغ مساعديه ومستشاريه أنه من دون‬ ‫هذين الرشطني وتحقيقهام فلن يكون له الحكم‬ ‫يف لبنان‪ ،‬وإذا بقي األسد يف السلطة‪ ،‬و”حزب‬ ‫الله” يؤ ّلف الحكومة يف لبنان‪ ،‬كام يقول الحريري‪،‬‬ ‫فهو باقٍ يف الخارج حتى يحني الفرج‪ ،‬وإذا رأى أن‬ ‫املسألة قد يكون حلها بعيداً‪ ،‬فاألفضل له‪ ،‬أن‬ ‫يعتزل السياسة‪ ،‬وال ميانع أن يتوىل الرئيس فؤاد‬ ‫السنيورة رئاسة “تيار املستقبل”‪ ،‬ولديه من املال‬ ‫ما يساعده عىل رصفه‪ ،‬إال إذا تقدّم أحد من‬ ‫أشقائه ليكون هو الوريث السيايس للحريرية‪،‬‬ ‫بعد أن أخفق سعد‪.‬‬

‫يوسف زين الدين‬

‫هل اعتماد «النسبية» يح ّرر األقليات‬ ‫السياسية؟‬ ‫من المحادل ّ‬ ‫حظي قانون االنتخاب باهتامم واسع يف كافة‬ ‫العهود التي مرت منذ إنشاء الجمهورية‪ .‬ففي‬ ‫كل عهد‪ ،‬اجري تعديل أو أكرث لهذا القانون تبعاً‬ ‫للظروف التي كانت تحيط بالحقبة السياسية‬ ‫وتأثريها وانعكاسها عىل الوضع السيايس‬ ‫اإلقليمي املرتنح تحت وطأة الرصاع العريب‬ ‫اإلرسائييل‪.‬‬ ‫لطاملا كان هذا القانون موضع اهتامم الحكام‬ ‫يف لبنان‪ ،‬فهو وسيلتهم الوحيدة الختيار نواب‬ ‫األمة الذين ينفذون رغبات ذلك الحاكم أو ذاك‬ ‫يف إطار ما يسمى “انتخاب الشعب ملمثليه”‬ ‫“املرسحية الهزلية املتكررة “تلك األضحوكة”‪،‬‬ ‫التي سوف نأيت عىل تفصيلها الحقاً‪ ،‬أدت اىل‬ ‫تقلبات كبرية يف الحياة السياسية يف لبنان يف‬ ‫كافة جوانبها‪ ،‬ود ّلت عىل مدى أهمية موقع لبنان‬ ‫االسرتاتيجي يف العمق العريب ومدى تأثريه عىل‬ ‫مجريات السياسة العامة للدول الكربى التي مل‬ ‫ترتك حقبة إال وتدخلت بها من أجل مصالحها‪.‬‬

‫ما هي عملية االنتخاب؟‬ ‫إنها بكل بساطة اختيار املواطن ألحد‬ ‫األشخاص املتابعني للشأن العام عن طريق‬ ‫تسميته واالقرتاع له يف صندوق االنتخاب‬ ‫كل اربع سنوات ليكون ممثله يف مجلس األمة‬ ‫طلباته ومعاناته‪ ،‬عىل‬ ‫ويتكلم باسمه وينقل‬ ‫أن يساهم هذا النائب يف تطوير الحياة الربملانية‬ ‫واملشاركة يف إعداد وصياغة القوانني التي تخدم‬ ‫الشعب ال املسؤولني ورؤوس األموال حيث من‬ ‫املفرتض أن تكون هذه القوانني مستمدة من‬ ‫رشعة حقوق اإلنسان والدراسات والنظريات التي‬ ‫قدمها أهم الفالسفة واملؤرخون والقانونيون عرب‬ ‫التاريخ وأصحاب الخربة واالختصاص‪.‬‬ ‫مجلس النواب‪ ،‬املسؤول تجاه األمة عن حامية‬ ‫وصون الدستور‪ ،‬يحميه النواب املنتخبون من‬ ‫الشعب لذلك فإن من أوىل واجبات هذا املجلس‬ ‫اإلتيان بتمثيل صحيح للشعب لنقل واقع الحياة‬ ‫االجتامعية وصعوباتها وحاجاتها بغية الوصول‬ ‫اىل تطوير القوانني وتوفري مستلزمات الحياة‬ ‫الرضورية وحامية الحقوق الفردية والجامعية‬ ‫للمواطنني‪.‬‬ ‫إال أن الظروف التي م ّر بها لبنان منذ االستقالل‬ ‫مل تعكس أي واقع ملموس عىل الحياة السياسية‬ ‫وأن إرادة الشعب مل تؤخذ يوماً بعني االعتبار‪.‬‬

‫فمنذ االستقالل عام ‪ ،1943‬انتخب اللبنانيون‬ ‫يف كل دورة انتخابية تحت ظل قانون انتخاب‬ ‫مختلف عن اآلخر حتى صدور ما عرف بقانون‬ ‫‪ 1960‬يف عهد الرئيس فؤاد شهاب الذي أجريت‬ ‫اربع دورات انتخابية عىل أساسه‪ ،‬ثم مدد املجلس‬ ‫لنفسه عدة مرات إ ّبان الحرب اللبنانية لغاية‬ ‫وتم تعديله أربع مرات بعد الطائف ويف‬ ‫الطائف ّ‬ ‫كل مرة شهد تجاذباً سياسياً كبرياً تدخلت به‬ ‫كافة املرجعيات واألجهزة والدول لدرجة أن قانون‬ ‫االنتخاب يف بالدنا ذاع صيته عاملياً واصبح محط‬ ‫اهتامم الدول‪ ،‬اصحاب املصالح بشكل غري‬ ‫مسبوق حتى يف أرقى الدول وأكرثها تطوراً يف‬ ‫العامل‪.‬‬

‫تاريخ من التدخالت األجنبية‬ ‫والظروف الضاغطة‬ ‫ال شك أن التجاذب السيايس يلعب دوراً يف‬ ‫الحياة السياسية يف جميع الدول يف العامل إال‬ ‫ان التعددية الطائفية يف لبنان جعلت من النظام‬

‫‪9‬‬

‫الدميقراطي نظاماً توافقياً بشكل مطلق‪.‬‬ ‫واستعمل قانون االنتخاب لتثبيت الزعامات‬ ‫هم كل الزعامء التوريث العائيل‬ ‫املحلية واصبح ّ‬ ‫مستخدمني كافة اإلدارات واملؤسسات العامة‬ ‫والخاصة بشكل يتالءم مع مصالحهم حتى‬ ‫وصلت األمور يف بعض األحيان اىل تحالف‬ ‫وتصادم طائفي خصوصاً يف ظل قوانني ال تعطي‬ ‫التمثيل الصحيح للمجتمع‪ ،‬فعىل سبيل املثال‬ ‫غالبية املسيحيني بنتخبون بواسطة املسلمني‬ ‫وهذا ال يعطي متثي ًال صحيحاً إلرادة الشعب‪،‬‬ ‫كام أن متثيل األقليات يخضع ملشيئة الزعامء‬ ‫دون مراعاة ألحد‪ .‬لذلك فإن ما سمي باملعارك‬ ‫االنتنخابية حرصت لدى املسيحيني يف حني أن‬ ‫باقي الطوائف متفقة فيام بينها ومتحالفة مع‬ ‫بعضها‪.‬‬

‫الخالف عىل تقسيم الدوائر‬ ‫فرزت نتائج االنتخابات واقعاً جديداً وهو‬ ‫تراجع رجال الدولة الكبار واملفكرين السياسيني‬ ‫لصالح منافسيهم الطائفيني لدرجة أن تحول‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫‪ 44‬مرسوماً إصالحياً صدر حتى اآلن وبعض المتظاهرين يخجلون على أنفسهم‬

‫الباحث علي الشعيبي لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫السفير األميركي الذي ذهب الى حماه أمر بحل الجيش العراقي‬

‫مجلس النواب اىل مجلس محاصصة طائفية‪.‬‬ ‫أما قانون االنتخاب‪ ،‬فلم يكن يوماً محط اهتامم‬ ‫الطبقة السياسية بل إن تقسيم الدوائر‬ ‫الهم األكرب وال يزال‪ ،‬فالكل يريد‬ ‫االنتخابية كان‬ ‫ّ‬ ‫الحفاظ عىل مكتسباته ال بل توسيعها ويسعى‬ ‫اىل تحالفات جغرافية تختلف يف كل مرحلة‬ ‫عن غريها بحسب الحاجة‪ .‬فتارة يعتمد القضاء‬ ‫وتارة املحافظة وتارة يدخل مقص الرقيب لريسم‬ ‫خارطة جغرافية عىل قياسه فيجمع الجرد مع‬ ‫الساحل ويف ّرق الساحل عن الجبل لقطع الطريق‬ ‫أمام رشيحة من أصحاب الرأي من الوصول‬ ‫اىل الندوة الربملانية غري آبهني أن لبنان ال ميكن‬ ‫حكمه من قبل طرف واحد‪ .‬فالحروب التي مرت‬ ‫عىل لبنان أثبتت أن لبنان ال يحكم إال مبشاركة‬ ‫كافة أطراف املجتمع وأن اي إقصاء ألحد يؤدي اىل‬ ‫فشل الحكم فال أكرثية قادرة عىل الحكم مبفردها‬ ‫ألن املعارضة تصبح قوية ورشسة وذلك نتيجة‬ ‫األداء السيايس والفساد والرتهل يف اإلدارات‬ ‫وعدم اإلنتاجية‪.‬‬ ‫فالسؤال املطروح ملاذا ال نذهب اىل قانون عرصي‬ ‫لالنتخابات يشارك املجتمع املدين يف إعداده بدالً‬ ‫من االعتامد عىل بعض النواب “ليسلقوا لنا‬ ‫طبخة” يف الربع الساعة األخرية كام جرت‬ ‫العادة؟ ملاذا ال نفكر يف القوانني املرتبطة بقانون‬ ‫االنتخاب مث ًال تعديل الدستور لجهة إدخال‬ ‫تاريخ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫االستفتاء الشعبي كامدة اساسية للتصديق‬ ‫عىل أي تعديل للدستور أو بعض القوانني الهامة‬ ‫عىل غرار الدول املتقدمة؟ ملاذا ال نفكر يف إعداد‬ ‫قانون جديد لألحزاب تراعى فيه كافة األصول‬ ‫املتبعة والربامج االنتخابية لنستطيع أن نوصل‬ ‫اىل الندوة الربملانية خرية شبابنا‪.‬‬ ‫أمل يحن الوقت لتعديل رشوط الرتشح لتكون‬ ‫الكفاءة العلمية والشهادات العالية رشطاً‬ ‫رضورياً للوصول اىل الربملان؟‬ ‫أال يتناىس املرشعون وواضعو القوانني أن‬ ‫وصول أشخاص ال ميلكون الكفاءة وشبه اميينّ‬ ‫يعيق العمل واالنتاجية ليتحول اىل املصالح‬ ‫الشخصية الضيقة؟‬ ‫اليس من الرضوري ان يكون مجلس نوابنا يضم‬ ‫اهم املفكرين والقضاة واألطباء واملهندسني‬ ‫وخرباء القانون واملال واإلدارة واالقتصاد؟‬

‫قانون انتخاب جديد‬ ‫يف ظل هذه األجواء يطرح السؤال ملاذا انطلق‬ ‫النقاش حول قانون االنتخاب النيايب الجديد‬ ‫اليوم حيث تواجه الحكومة امليقاتية الكثري من‬ ‫االستحقاقات املهمة؟‬ ‫يعترب البعض أن فتح النقاش حول قانون‬ ‫«النسبية» الذي أعدّه الوزير زياد بارود عىل الرغم‬

‫قوانني االنتخاب‬

‫المرجع‬

‫‪1943‬‬

‫سفير فرنسا‬

‫‪1950‬‬

‫مجلس النواب‬

‫‪1953‬‬

‫رئيس الجمهورية‬

‫‪1957‬‬

‫رئيس الجمهورية‬

‫‪1960‬‬

‫مجلس النواب‬

‫‪1992‬‬

‫مجلس النواب‬

‫‪1996‬‬

‫مجلس النواب‬

‫‪2000‬‬

‫مجلس النواب‬

‫عدد النواب‬ ‫‪ 55‬نائباً‬

‫‪ 4‬دوائر‬

‫‪ 44‬نائباً‬

‫‪ 9‬دوائر انتخابية‬ ‫‪ 33‬نائباً‬

‫‪ 77‬نائباً‬

‫‪ 66‬نائباً‬

‫‪ 99‬نائباً‬

‫‪ 128‬نائباً‬

‫‪ 128‬نائباً‬ ‫‪ 128‬نائباً‬

‫عدد الدوائر‬

‫‪ 27‬دائرة‬ ‫‪ 26‬دائرة‬ ‫‪ 12‬دائرة‬ ‫‪ 10‬دوائر‬ ‫‪ 13‬دائرة‬

‫‪10‬‬

‫من وروده يف البيان الوزاري للحكومة يهدف اىل‬ ‫إسقاط هذا الطرح «الذي الشك أنه يف حال‬ ‫اعتامده سيؤمن ضامنة للتمثيل الشعبي العام‬ ‫ويحرر األقليات من إضطهاد املحادل السياسية‬ ‫واملناطقية واملالية‪ ،‬ويسمح لكل تيارات الشعب‬ ‫أن تعبرّ عن نفسها‪ ،‬كام سيؤدي اعتامد‬ ‫«النسبية» اىل تحديد الخريطة السياسية املقبلة‪،‬‬ ‫واملجلس النيايب املنتخب للعام ‪ .2013‬لكن طاملا‬ ‫أن القوى السياسية اللبنانية ليست يف وارد‬ ‫التخليّ عن محادلها االنتخابية‪ ،‬فإن مرشوع‬ ‫النسبية سيبقى حلم الطامحني اىل التغيري‪.‬‬ ‫وهل صحيح أن النائب وليد جنبالط عندما رفض‬ ‫«النسبية» كان أصدق من عبرّ عن موقفه من‬ ‫هذا القانون بعكس قيادات سياسية أخرى تنادي‬ ‫«بالنسبية» وتتمنى اإلبقاء عىل القانون الحايل‬ ‫ألنه يك ّرس هيمنتها عىل اللوائح االنتخابية‪.‬‬ ‫ومن املعلوم أن جنبالط برفضه للنسبية‬ ‫يسعى للحفاظ عىل مكاسب طائفته ومكاسب‬ ‫األقليات الطائفية األخرى وما قوله “إنني أفضل‬ ‫ألف مرة يف السياسة وغري السياسة أن اسقط‬ ‫او انجح بني أهيل يف اإلقليم خاصة والشوف‪،‬‬ ‫عىل أن أذوب يف املساحات الكربى”‪ ،‬إال تأكيداً‬ ‫عىل ذلك‪.‬‬

‫حان وقت التغيري‬ ‫لقد آن األوان ليك يواكب لبنان متطلبات‬ ‫العرص الحديث وأن تكون قوانيننا اكرث تطوراً‬ ‫ومالمئة إلرادة الشعوب وليس إرادة الزعيم‪ .‬لدينا‬ ‫الكثري من حملة الشهادات العالية الراغبة‬ ‫يف خدمة هذا الوطن ولكن هناك من ال يرغب‬ ‫يف ترك كريس السلطة لغريه متناسياَ القول‬ ‫الشهري «لو دامت لغريك ملا آلت إليك»‪ .‬حان وقت‬ ‫التغيري وحان وقت النهضة فمن املعيب أن يكون‬ ‫هناك قوانني يف لبنان ال تزال منذ أيام العثامنيني‬ ‫ومنذ ايام الفرنسيينّ‬

‫إعداد‪ :‬لور عقل‬

‫بعد خمسة أشهر من التحرك امليداين‬ ‫املتناقض األهداف واملضامني‪ ،‬باتت صورة‬ ‫املواقف يف سوريا واحتامالت نجاح هذا الحل‬ ‫أو ذاك أكرث وضوحاً ويقيناً حيث أن أغلبية‬ ‫الشعب السوري مل تستجب لدعوات أطلقت‬ ‫يف مدن وساحات أخرى تدعو للنزول اىل‬ ‫الشارع واستمرت عىل تأييدها للنظام القائم‬ ‫ورئيسه‪ ،‬واثقة بأنه جاد يف قيادة عملية‬ ‫إصالحية واسعة بدأ بتنفيذها عىل أكرث من‬ ‫صعيد‪ ،‬و تعلم أن العملية يلزمها بعض الوقت‬ ‫لإلنجاز‪.‬‬ ‫ويف املقابل نجد فئة تؤمن بالنهج الدميقراطي‬ ‫والعمل السلمي لالعرتاض واالحتجاج وتطالب‬ ‫بالتغيري بوترية أرسع وتعتمد سياسة الضغط‬ ‫السلمي املتواصل حتى اإلنجاز الكيل متجنبة‬ ‫املس باألمن واالستقرار الوطني كام يبدو من‬ ‫مواقف العديد من ممثليها‪ ،‬لكن معضلة هؤالء‬ ‫ورغم أنهم التقوا يف أكرث من مؤمتر ولقاء يف‬ ‫داخل سوريا وخارجها‪ ،‬معضلتهم أنهم ال‬ ‫ميلكون أو مل يطرحوا رؤية واضحة وثابتة ملا‬ ‫يجب أن تكون عليه سوريا مستقب ًال وكيف‬ ‫يكون التحول السلمي‪.‬‬ ‫أما الفئة الثالثة فإنها تعبرّ عن وجودها‬ ‫بالحركة املسلحة التي متارسها عرب ما يوصف‬ ‫بعلم القانون بأنه عصيان مسلح والخروج‬ ‫عن الدولة القامئة‪ .‬وقد تنقلت فعاليات‬ ‫هذه الجامعات من درعا اىل دوما فحمص‬ ‫بأجهزتها‬ ‫الدولة‬ ‫متكنت‬ ‫حيث‬ ‫وتلكلخ‬ ‫األمنية والعسكرية أن متنع نجاح هؤالء يف‬ ‫مسعاهم‪ ،‬وأن تعيد النظام اىل املناطق الذي‬ ‫أخرجه اإلرهاب منها‪ .‬وأخرياً انحرص العصيان‬ ‫التخريبي يف حامه ودير الزور‪ ،‬بعد أن متكنت‬ ‫تلك التنظيامت من وضع اليد عليهام وفرضت‬ ‫عىل الدولة التحرك للمعالجة كام يجب ‪.‬‬ ‫أسقطت “موقعة جرس الشغور” األقنعة‬ ‫عن وجوه من شاركوا يف الحرب الكونية ضد‬ ‫سوريا‪ ،‬وأظهرت حقيقة املواقف من صداقة‬ ‫حقيقية أو خصومة أو عداوة‪ ،‬وأدت نتائجها‬ ‫اىل تكريس واقع نسجت خيوطه بعد نجاح‬ ‫األمنية‬ ‫–‬ ‫العسكرية‬ ‫مبنظومتها‬ ‫سوريا‬ ‫وإدارتها السياسية يف استيعاب الهجوم‬ ‫ما م ّكنها من االنتقال اىل الهجوم املعاكس‬ ‫الذي يحصن االنتصار يف الحرب الدفاعية التي‬ ‫تخوضها‪ ،‬والدخول يف مرحلة النقاهة األمنية‬

‫التي تفرتض صيانة النجاح بعد أن تبث فشل‬ ‫املرشوع السلفي باإلطاحة بالنظام القائم يف‬ ‫سوريا رغم القدرات واإلمكانات التي سخرها‬ ‫من مال وإعالم ونار‪ ،‬فشل يضاف اىل عجزه‬ ‫عن االحتفاظ بالفضاء االسرتاتيجي الذي‬ ‫حلم به بعد الرضبات التي تلقاها يف العراق‬ ‫وأفغانستان و أخرياً يف لبنان بعد إخراجه من‬ ‫الحكم‪.‬‬ ‫كام ثبت فشل “املرشوع األخواين” يف السيطرة عىل‬ ‫امليدان أو اقتطاع منطقة عازلة عىل الحدود الرتكية‪ ،‬وكان يف‬ ‫سقوط حالة “جرس الشغور” وما لحقها من متثيلية “مخيامت‬ ‫الالجئني السوريني” ثم تجاوز التهويل بتدخل عسكري تريك‬ ‫ورسالة واضحة بأن سوريا لن ترتاجع يف مامرستها لحقها‬ ‫بالقرار املستقل الذي يحقق للمواطن أمنه وحريته وللدولة‬ ‫سيادتها ومكانتها الدولية ‪..‬‬ ‫وكذلك فشل الغرب يف استصدار قرار من مجلس األمن‬ ‫إلدانة سوريا‪ ،‬ما أدى اىل تعطيل هذه األداة الغربية التي‬ ‫تستعملها أمريكا ضد الدول والشعوب التي ال تنصاع‬ ‫إلرادتها‪ ،‬أضف اىل أن اإلعالم املعادي لسوريا فشل يف تشويه‬ ‫صورتها‪.‬‬ ‫واآلن نستطيع القول بأن الحرب عىل سوريا وصلت اىل‬ ‫مراحلها األخرية ما ميكن سوريا من متابعة مجرياتها‬ ‫النهائية وإلعادة الوضع اىل طبيعته مستفيدة من إنجازات‬ ‫ووقائع داخلية باتت أوراقها يف مصلحتها وذلك يعود لتمسك‬

‫‪11‬‬

‫الشعب بوحدته الوطنية ومتاسك الجيش والقوات املسلحة‬ ‫وانضباطها وقدراتها العمالنية يف معالجة العمليات اإلرهابية‬ ‫وبالحد األدىن من الخسائر‪ ،‬واملجاهرة رصاحة باملوقف الجدي‬ ‫ألطراف جبهة املقاومة واملامنعة يف دعم سوريا والدفاع عنها‪،‬‬ ‫ما جعل اآلخر يقتنع بأن فكرة الحرب الشاملة لحامية هذه‬ ‫الجبهة وأطرافها ليست عم ًال إعالمياً أو حرباً نفسية‪ ،‬بل إنها‬ ‫قرار جدي سيلجأ إليه لدى تعرض سوريا لعدوان فعيل من أي‬ ‫دولة أىت‪ .‬وكانت الرسالة اإليرانية اىل الغرب عرب تركيا واضحة‬ ‫لكل من يعنيه األمر إقليمياً و دولياً‪ ،‬كام أن ظهور السد‬ ‫الرويس ‪ -‬الصيني يف مجلس األمن بشكل يحدث الطأمنينة‬ ‫بأن هذه الدائرة الدولية لن تستعمل ضد سوريا بوجود دعم‬ ‫دويل من دولتني ميلكان حق الفيتو يف مجلس األمن‪ ،‬ما أظهر‬ ‫مالمح العجز حتى اليأس الغريب من االنتصار يف الحرب عىل‬ ‫سوريا‪ ،‬ما أدى اىل تثاقل الخطى يف الهجوم‪.‬‬ ‫لقد شكلت نتائج املواجهة حتى اآلن نرصاً للمرشوع‬ ‫السيادي اإلقليمي يف وجه املرشوعي الغريب‬ ‫االحتاليل‪ .‬وأدخلت املنطقة يف مرحلة جديدة‬ ‫ستفرض عىل املعنيني تقييم الوضع العتامد‬ ‫الخطط املستقبلية‪.‬‬ ‫املشهد الحايل يف سوريا من حيث‬ ‫القوى املحركة واألدوات املستعملة وغريها‬ ‫من األمور كانت محور لقائنا مع الدكتور‬ ‫والباحث عيل الشعيبي‪ ،‬يف حوار هنا‬ ‫نصه‪:‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫ما هي قراءتك للمشهد الحايل الذي تشهده‬ ‫الساحة السورية من حيث القوى املحركة‬ ‫واألدوات املستعملة؟‬ ‫سوريا تتعرض لحرب عاملية ثانية بكل ما‬ ‫للكلمة من معنى‪ .‬الحرب األوىل كانت عام‬ ‫‪ 2005‬ونحن نعيش اليوم الحرب الثانية‪ .‬ونعرف‬ ‫أن أمريكا خرست يف العراق حوايل ‪ 40‬ألف‬ ‫قتيل وليس ‪ 4‬آالف كام تدعي وهذا ما نرشته‬ ‫«ويكيليكس» أيضاً ما يدل عىل أنها خرست يف‬ ‫العراق وأفغانستان‪ .‬أما يف سوريا فلم تغامر يف‬ ‫وضع جيشها بل استعاضت عن ذلك مبا يسمى‬ ‫باالسرتاتيجية البديلة‪ ،‬هذه االسرتاتيجية ذات‬ ‫أسلوبني خارجي وداخيل‪ ،‬وعملوا عىل الصعيد‬ ‫ُ‬ ‫زعمت أنها حرب عاملية‪ ،‬عنيت‬ ‫الخارجي‪ .‬وعندما‬ ‫ذلك‪ ،‬إذ هناك ‪ 39‬فضائية عاملية وأكرث من‬ ‫‪ 1270‬موقع عىل االنرتنت تهاجم سوريا وتش ّوه‬ ‫صورتها‪.‬‬ ‫يف املايض عندما كانت تقوم الحرب‪ ،‬كانوا‬ ‫يجهزون أرض املعركة من خنادق وسواتر وطرق‬ ‫جانبية أي ما يخدم القضايا اللوجستية وغريها‪،‬‬ ‫أما اآلن اتجهوا إىل قضايا الكرتونية وفضائيات‬ ‫وراديو والصحافة اإلعالمية العاملية مج ّيشة‬ ‫ضدنا أص ًال‪ ،‬عىل مبدأ «مبغوضة وجابت بنت»‬ ‫وإذا أضئنا لهم العرشة شموع فهم ال يريدون‬ ‫إصالحاً‪ ،‬عبرّ وا عن ذلك علناً يف الشعارات األخرية‬ ‫«ال نريد إصالحاً»‪ .‬فامذا يريدون؟ تخريب البلد‬ ‫وقتل الناس وحرب طائفية؟‬ ‫أحد العلامء املجاهدين يف قديم الزمان ذهب‬ ‫يقاتل عىل الحدود فوجد أثراً بأهل الداخل مع‬ ‫العدو الخارجي فرجع من الحدود إىل الداخل‪.‬‬ ‫وعندما سألوه ملا عدت يا شيخنا إن روم الداخل‬ ‫ألعن علينا من روم الخارج‪ ،‬أما َمن يصنفون‬ ‫أنفسهم من املسلمني فأقول مسكني هذا‬ ‫اإلسالم لوخري اإلسالم فام اختاره ملا اختار إال‬ ‫ًمن يعيش ويسلم كل فرتة تخرج علينا فئة‬ ‫من املسلمني تدعي أنها هي صاحبة الراية وهي‬ ‫عىل حق وبقية املسلمني كفرة وما عليهم إال‬ ‫أن ينظفوا الساحة من الكفرة وهكذا يصدرون‬ ‫الفتاوى وهذه القضية قدمية حديثة‪.‬‬ ‫وأتوجه ملن يتبعون العرعور وأمثاله أن يعودوا‬ ‫إىل جادة الصواب ويعودوا للكتاب والسنة ويروا‬ ‫مصداق ما يقوله هذا العرعور وما ميثله عىل‬ ‫األرض فهل يأمر القرآن وتأمر السنة بسفك‬ ‫الدماء وقتل الناس؟‬ ‫وجاء يف القرآن الكريم‪ :‬قال تعاىل((وال تقولوا‬ ‫ملن ألقى إليكم السالم لست مؤمناً‪ ،‬تبتغون‬ ‫عرض الحياة الدنيا))‪.‬‬ ‫ولقد بغى هو وأخذ وشبع من عرض الحياة‬ ‫والدنيا‪ ،‬فأول صفقة كانت ‪ 100‬مليون دوالر‬ ‫وشبكة املاس يف يد زوجته وهو قبل ثالثة أشهر‬ ‫كان يقول إياكم أن تخرجوا يف سوريا بلد األمن‬ ‫واألمان‪ ،‬ثم بعد ذلك يعود فيخرج ويحرض الناس‬ ‫عىل الخروج‪ ،‬وسبب ذلك أن هناك إحدى عرش‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الله عليه وسلم حني و ّقع مع اليهود‬ ‫واملسيحيني وثيقة جاء فيها أن أهل هذه‬ ‫الوثيقة أمة عىل من سواهم يذودون عن‬ ‫حياض املدينة أمام عدوها القادم هذه أول‬ ‫وثيقة دينية توحد بني ديانات البلد الواحد‬ ‫وهذا يشبه ما نقوله اليوم إن الدين لله‬

‫والوطن للجميع‪.‬‬

‫عاملاً سعودياً طالبوا برتحيله وكشفوه وفضحوه‬ ‫فوقع بأحضان بندر بن سلطان ثم قبض املال ‪...‬‬ ‫وما أدراك ما املال !!!‬ ‫من هنا ال يسعنا القول إال أن سوريا تخضع‬ ‫اليوم لحركة تكفريية‪ ،‬فهؤالء يريدون أن يكفروا‬ ‫الناس وهذا مستحيل ألن مساحة الدين سهلة‬ ‫وواضحة جداً‪.‬‬ ‫ونحن نجد التضييق والتشديد واألصولية غري‬ ‫املستقيمة وغري الصحيحة ماذا أفرزت‪ ،‬فل َرن‬ ‫ماذا حدث يف الدامنارك وباألمس يف هولندا‬ ‫هذا التفجري الذي قىض خالله حوايل مئة‬ ‫إنسان وهذا كله من مدرسة واحدة هي مدرسة‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫من املعروف عن الدكتور عيل الشعيبي‬ ‫تع ّمقه يف الدراسات اإلسالمية ورؤيته املتطورة‬ ‫والشمولية لإلسالم‪ .‬ما مدى صحة الطروحات‬ ‫التي يقال عنها إسالمية وما األهداف الحقيقية‬ ‫التي تختبئ وراء هذه الشعارات؟‬ ‫األمر واضح للعيان‪ ،‬ففي واقع الحال يدعون‬ ‫وصاالً أنهم أهل اإلسالم‪ ،‬واإلسالم أسهل وأيرس‬ ‫من ذلك بكثري‪.‬‬ ‫فاإلسالم دين الفطرة وهو آخر دين ساموي ونحن‬ ‫نزعم أن كل الطوائف اإلسالمية عىل الدين الحق‪،‬‬ ‫فكلها تؤمن بالله رباً ومبحمد نبياً وبالقرآن كتاباً‬ ‫و باإلسالم ديناً وكل طائفة من هذه الطوائف لها‬ ‫اجتهادات غري أن الجميع يسريون يف مسار واحد‬ ‫وهو الطريق إىل الله ‪.‬‬ ‫وذكرت يف أكرث من محارضة يل هذا القول‪:‬‬ ‫حج‬ ‫يأيت حيناً من الدهر عىل أمتي فام يدلنا ما ٌ‬ ‫حج وما صالة فيقولون ماذا نفعل‬ ‫وما زكاة وما ٌ‬ ‫قالوا سمعنا أكابرنا (أي سلفنا) يقولون ال إله إال‬ ‫الله وأن محمداً رسول الله قال يتمسكون بها‬ ‫فيدخلون الجنة املهم أن اإلنسان خرج من عبادة‬

‫‪12‬‬

‫اإلنسان واألصنام والرشك إىل عبادة الله الواحد‬ ‫األحد ‪.‬‬

‫هل ترى أن هذا الحراك الحاصل قد‬ ‫كشف حقيقة ما كانت تختبئ ورائه‬ ‫قوى داخلية ارتبطت بأجندات خارجية‪.‬‬ ‫وهل برأيك إن هذا الشعور قد عزز من‬ ‫قبل رفض البعض لدعوة الحوار تحت‬ ‫سقف الوطن؟‬ ‫يف بداية األمر كنت أحرتم الذين‬ ‫يقولون بسحب الجيش لكننا نرى اليوم‬ ‫بأم العني أن التدمري واضح والسالح‬ ‫بجميع أشكاله وأنواعه سالح أمرييك‪،‬‬ ‫وأصبحت أستهجن من ينادي بسحب‬ ‫السالح‪ .‬ونرى أنه أحد أمرين إما أن يكون‬ ‫عاملاً مبا يجري ومع ذلك يريد سحب‬ ‫السالح‪ ،‬وإما أنه جاهل وهنا ليس عليه‬ ‫إال أن يتحقق بعينه وأذنه‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬اإلسالم ميأل البلد فسوريا أكرث‬ ‫بلد متدين يف العامل كله اإلسالمي‬ ‫واليهودي‬ ‫والكريشني‬ ‫واملسيحي‬ ‫والبوذي‪ ،‬سوريا يعطى فيها ‪ 400‬ألف‬ ‫درس ديني يف الشهر الواحد‪ ،‬وتضم‬ ‫أكرب عدد مساجد يف الوطن العريب‪.‬‬ ‫وهذا الفسيفساء الديني يف سوريا‬ ‫ال نجده يف أي بلد أخر‪ ،‬وحينام نقول أن‬ ‫سوريا تختلف نعني ما نقول‪ .‬ففي تونس‬ ‫جرى ما جرى ونعلم أنهم عىل دين واحد‬ ‫ومذهب واحد‪ ،‬املاليك‪ .‬ويف مرص خليط‬ ‫كبري من مسلمني ومسيحيني وأقباط‬ ‫وشيعة‪ ،‬أما يف سوريا فلم نفكر يوماً‬ ‫بشكل طائفي ومل يخطر يف بالنا يف‬ ‫يوم من األيام هذه النربة الطائفية‪ ،‬هذا‬ ‫ٍ‬ ‫عىل خالف ما جاء به رسول الله صىل‬

‫برأيك دكتور إىل أين يسري الوضع‬ ‫يف خضم عمليات التجييش اإلعالمي‬ ‫املنظمة والكاذبة بعد أن انكشفت‬ ‫حقيقة نوايا القوى املعادية لسوريا؟‬ ‫نحن يجب أن نكون واقعيني ونتحدث‬ ‫عىل أرض الواقع‪ ،‬ونرى أنهم حاولوا أن‬ ‫يوجدوا لهم بنغازي ثانية يف سوريا‬ ‫ودرعا وحمص وتلكلخ وجرس الشغور‬ ‫والبوكامل وحامه ‪.‬‬ ‫وأود أن أشري إن السفري األمرييك الذي‬ ‫ذهب إىل حامه هو الذي أمر بحل الجيش‬ ‫العراقي وجاء السفري األمرييك ومعه‬ ‫ليصليا‪،‬‬ ‫للكنيسة‬ ‫الفرنيس‬ ‫السفري‬ ‫فرفض األب لوقا استقباله وطرده‬ ‫ثم انكفأ لسفراته ومع ذلك رصحت‬ ‫كلينتون إن الضغط عىل سوريا من‬ ‫الخارج مستحيل‪ ،‬وروسيا والصني وماليزيا‬ ‫والهند يعرفون اللعبة متاماً ‪.‬‬ ‫هل مجمل املراسيم اإلصالحية التي‬ ‫ُأعلن عنها و ُبوشرِ بالعمل عىل إطالقها‬ ‫كافية لرأب هذا الصدى داخل املجتمع؟‬ ‫‪ 44‬مرسوماً صدر حتى اآلن وبعض‬ ‫املتظاهرين بدأوا يخجلون عىل أنفسهم‪،‬‬ ‫وجاءهم فيضاً من املراسيم أكرث مام‬ ‫حلموا‪ .‬كنا نتصور إنها مسبحة الشباب‬ ‫الشيوخ‪،‬‬ ‫مسبحة‬ ‫أصبحت‬ ‫لكنها‬ ‫فالحكومة تتبع أين الخلل والنقص وتصدر‬ ‫مرسوم وال ضري يف هذا وأتوقع أن بعض‬ ‫املراسيم التي صدرت ستتغري مرة واثنني‬ ‫وثالث وال ضري يف هذا‪ .‬ففي أحد البالد‬ ‫العربية مرسوم واحد تغري ‪ 200‬مرة خالل‬ ‫أسبوع واحد‪.‬‬ ‫والسيد الرئيس يف خطابه األخري قال‬ ‫إن املادة الثامنة ليست مشكلة بل إن‬ ‫الدستور مر عليه الكثري من الزمن وميكن‬ ‫أن يتغري برمته‪.‬‬ ‫فنحن نسري نحو اإلصالح املتكامل‬ ‫واملظاهرات هي مبثابة العيص التي‬ ‫يضعونها يف عجلة اإلصالح والعجلة‬ ‫ستسري ولن تقف ‪.‬‬ ‫هل ترى أن سقف مطالب املعارضة‬ ‫يرتفع كلام أقدم النظام عىل مزيد من‬ ‫معينة‬ ‫اإلصالح لوضع رشوط تعجيزية‬ ‫‪ ..‬وإن كان هذا فمن يخدم؟‬ ‫يف واقع الحال حني تقتنع الدولة‬ ‫واملعارض األول الذي هو السيد الرئيس‬

‫سوريا تتعرض لحرب عاملية ثانية بكل ما للكلمة‬ ‫من معنى‬ ‫أتوجه ملن يتبعون العرعور وأمثاله أن يعودوا‬ ‫إىل الصواب وللكتاب والسنة‪ ،‬فهل يأمر القرآن‬ ‫وتأمر السنة بسفك الدماء وقتل الناس؟‬ ‫أول صفقة للعرعور كانت ‪ 100‬مليون دوالر‬ ‫وشبكة املاس يف يد زوجته‬ ‫إحدى عرش عاملاً سعودياً طالبوا برتحيل العرعور‬ ‫وكشفوه وفضحوه فوقع بأحضان بندر بن سلطان‬ ‫ثم قبض املال‬ ‫سوريا تخضع اليوم لحركة تكفريية‬ ‫حاولوا أن يوجدوا لهم بنغازي ثانية يف سوريا ودرعا‬ ‫وحمص وتلكلخ وجرس الشغور والبوكامل وحامه‬ ‫واملعارضون الرشفاء الذين معه ومع‬ ‫كاف‬ ‫أنفسهم ومع الوطن أن ما جرى هو‬ ‫ٍ‬ ‫لهذه املرحلة الزمنية والتي ستدفع‬ ‫سوريا ربع قرن إىل األمام ستقف‬ ‫املراسيم والقرارات وبشكل ذايت وبعد‬ ‫ذلك فليقولوا ما يقولون وليفعلوا ما‬ ‫يشاؤون فهم ال يريدون أن تصدر هذه‬ ‫اإلصالحات عىل األرض‪.‬‬ ‫لقد انكشفت حقيقة دعم الدول‬ ‫الغربية وعىل رأسها الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية لبعض القوى الدينية يف‬ ‫سوريا‪ ..‬ومن املعروف عن هذه الدول‬ ‫أنها فصلت الدين عن الدولة‪ .‬وهنا‬ ‫تدعم قيام إمارات إسالمية‪ .‬هل لديك‬ ‫من تفسري لهذا؟‬ ‫هذا واضح جداً‪ ،‬فالبالد العربية تعيش‬ ‫يف القرن الخامس عرش بالنسبة للدول‬ ‫األوروبية وحني نفصل الدين عن الدولة‬ ‫تنهض األمم‪ ،‬وكنت ال أدعو لفصل الدين‬ ‫عن الدولة معترباً هذه النظرية ماسونية‬

‫‪13‬‬

‫ونوع من الكفر‪ ،‬لكن اآلن ال نستطيع‪.‬‬ ‫فأمريكا وأوروبا من وقت لجنة برتومان‬ ‫عام ‪1907‬التي أصدرت قرارات مهّدت‬ ‫لقرار وزير خارجية بريطانية الذي دعا فيه‬ ‫إلنشاء دولة لليهود يف فلسطني إىل‬ ‫معاهدة سايكس بيكو‪ ،‬ومنذ ذلك الحني‬ ‫وهم يضعون أعينهم علينا فالدول التي‬ ‫تحيط بالكيان الصهيوين يجب أن تبقى‬ ‫ضعيفة دامئاً وأن ال تقوى بنظرهم حتى‬ ‫يتمكنوا ترك “إرسائيل” قوية‪.‬‬ ‫وهنا ومن عىل هذا املنرب أتوجه ملن‬ ‫يقرأ ويستمع القول فليتبعوا أحسنه‪،‬‬ ‫وأقول لهم عىل كل واحد منا أمانة وهي‬ ‫توعية اآلخرين‪ ،‬وتلك العملية هي عملية‬ ‫متتالية‪ ،‬كل واحد منا يقوم بتوعية‬ ‫وتحرير من حوله فنحن نقاتل اإلستعامر‬ ‫الظالمي‪ ،‬استعامر الجهل‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫هؤالء الذين يخرجون لو أنهم يقرأون‬ ‫ولديهم الوعي ملا خرجوا‪.‬‬ ‫دمشق ‪ -‬سامح عبد السالم‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫ورشة اإلصالح تق ّدمت وأدوات التخريب تراجعت‬ ‫سوريا تواجه حرباً عالمية على موقعها المقاوم ودورها الممانع‬ ‫من خالل القراءة الدقيقة لخريطة “األحداث” يف‬ ‫سوريا‪ ،‬ميكن التوقف عند األسباب واالستهدافات‪،‬‬ ‫وهو أمر بات مكشوفاً وال يحتاج اىل رشح‬ ‫وتفصيل‪ ،‬هناك حالة من الخوف عىل سوريا‬ ‫املجتمع والدولة والسياسة والقضية‪ ،‬وخوف من‬ ‫أن يصل االستهداف اىل إقالة سوريا من دورها‬ ‫القومي يف دعم املقاومة يف فلسطني ولبنان‪،‬‬ ‫وخوف من الخارج الذي يبيع الحرية ويشرتيها‪،‬‬ ‫لكنه ال يساوم عىل مصالحه ومصالح الكيان‬ ‫الصهيوين االسرتاتيجية‪.‬‬ ‫ومنذ أزمنة قدمية كانت دمشق عاصمة‬ ‫العروبة قبل أن تكون عاصمة سوريا‪ ،‬اليوم‬ ‫نشاهد الخارجي املرتبص واإلقليمي املحتال‪ ،‬وبعض‬ ‫من دعاة العروبة واإلسالم وهم ينفخون يف بوق‬ ‫واحد‪ ،‬وهم متفقون متاماً عىل استهداف املقاومة‬ ‫املامنعة يف أمتنا‪ ،‬وبعد رؤية الدول الغربية‬ ‫الكارسة ومن يدور يف فلكها وقد أجمعت عىل‬ ‫دعم “إرسائيل” وسياستها االستيطانية الالغية‬ ‫لفلسطني‪ ،‬بينام يتم توجيه السهام نحو دمشق‬ ‫إلغراقها يف نزاع داخيل يفيض اىل تقسيم أهيل‪،‬‬ ‫واملستفيد الوحيد الكيان الصهيوين ومصالح‬ ‫الغرب االستعامري‪.‬‬ ‫سوريا ليست دولة هامشية يف اإلقليم‪،‬‬ ‫إنها يف قلب العامل العريب‪ ،‬وموقعها معروف‬ ‫يف تاريخ العرب‪ ،‬ودورها معروف يف حارضهم‪،‬‬ ‫ومصريها يعنيهم ويؤثر فيهم‪ ،‬والعريب يريد‬ ‫سوريا دولة قوية مستقرة وبعيدة عن املخاطر‬ ‫املحدقة بها‪ ،‬وال يريد تدخل أجنبي فيها‪ ،‬وال‬ ‫تصدعاً يف تركيبتها الداخلية‪ ،‬ويريدها أن تعيش‬ ‫بسالم مع مكوناتها‪ ،‬وأن يتاح لدعاة التغيري أن‬ ‫يعربوا عن تطلعاتهم عرب صناديق االقرتاع‪ ،‬ويريد‬ ‫أن تعيش يف ظل الدميقراطية والتعددية الحزبية‬ ‫ضمن ثوابت وطنية وقومية ال تفرط بالحقوق‬ ‫العربية‪ ،‬ويريدها قوية ومنيعة تعكس سياساتها‬ ‫من خالل تطلعات مواطنيها‪.‬‬ ‫إن ما تتعرض له سوريا من تدخالت خارجية‬ ‫وتحريض إعالمي واسع يهدف للضغط عىل‬ ‫قرارها السيايس املستقل الذي يقف حائ ًال يف‬ ‫تحقيق أجندات خارجية‪.‬‬ ‫ال يحق ألحد أن يسمح لنفسه بإعطاء دروس‬ ‫يف الدميقراطية تجاه اإلصالحات يف سوريا كام‬ ‫فعل امللك السعودي عبد الله بن عبد العزيز‪ ،‬هذه‬ ‫الرسالة تبعث عىل السخرية وأكرث‪ ،‬فاللهجة‬ ‫السعودية واضحة املعامل يوم فتحت الرياض‬ ‫أبوابها الستقبال “زين العابدين بن عيل” املخلوع‪،‬‬ ‫وبدت الحكومة السعودية مستاءة متاماً لرؤية‬ ‫الرئيس املرصي حسني مبارك يف قفص املحاكمة‪،‬‬ ‫ورأينا املخطط املليك يتجىل أمامنا بوضوح يف آذار‬ ‫املايض عندما دخلت القوات السعودية البحرين‬ ‫تحت راية الذراع العسكرية لدول مجلس التعاون‬ ‫الخليجي “درع الجزيرة” أو يف دعوة مجلس التعاون‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التهديدات األمريكية والغربية‬ ‫فارغة املضمون‬

‫الخليجي الذي تسيطر عليه السعودية‪ ،‬لضم‬ ‫كل من األردن واملغرب إليه يف وقت ال ميت البلدان‬ ‫للخليج بصلة جغرافية أو نفطية‪.‬‬ ‫والسؤال أيضاً‪ ،‬ما الذي يعنيه قرار امللك‬ ‫السعودي سحب سفريه من دمشق‪ ،‬أليس هو‬ ‫املرادف إلعالن أمريكا وأوروبا الغربية موقفها‬ ‫تجاه سوريا وقائدها‪ ،‬أو لعله الرتجمة العملية‬ ‫لتوجه أولئك ومامرسة الحد األقىص من الضغط‬ ‫السيايس عىل سوريا‪.‬‬ ‫ونسأل أيضاً‪ ،‬ما طبيعة البيان الذي أصدره‬ ‫مجلس األمن الدويل وما هي أبعاده؟ هناك حالة‬ ‫من التباين داخل األرسة الدولية يف التعامل مع‬ ‫“األحداث” يف سوريا لجهة التعميم والتعمية‪،‬‬ ‫واملفردات التي تحمل من املعاين املزدوجة الكثري‪.‬‬ ‫وأوساط سورية مراقبة قالت‪ ،‬إن االنتقادات‬ ‫التي صدرت ضد السلطات السورية يف أعقاب‬ ‫صدور البيان‪ ،‬ال تنسجم مع روحه ومضامينه‪ ،‬ألن‬ ‫البيان طالب أطراف الرصاع بالعمل عىل إنهاء‬ ‫العنف ومل يركز عىل طرف دون غريه‪ ،‬والبيان‬ ‫تضمن تكليفاً شخصياً لألمني العام بان يك‬ ‫مون بتقديم تقرير لجهة تقييم املوقف‪ ،‬رغم تحيز‬ ‫املذكور يف ترصيحاته األخرية‪.‬‬ ‫وتالحظ األوساط السورية‪ ،‬إن إصدار قوانني‬ ‫األحزاب واإلعالم واالنتخابات يؤسس للورشة‬ ‫اإلصالحية املفتوحة‪ ،‬ورغم ذلك‪ ،‬فهناك من يعمل‬ ‫من أجل تصعيد املوقف دون أخذ اإلنجازات يف‬ ‫االعتبار‪ ،‬ما يوحي بأن مثلث واشنطن – باريس ‪-‬‬ ‫لندن‪ ،‬يعمل عىل تدويل الحدث بخطوات تدريجية‪.‬‬ ‫ويف هذا الشأن يقول املندوب الدائم لروسيا لدى‬ ‫حلف شامل األطليس دميرتي روغوزين‪“ :‬إن الحلف‬ ‫يعمل عىل وضع خطط للقيام بعملية عسكرية‬ ‫ضد سوريا‪ ،‬إنها قراءات خاطئة ألي قرار من‬ ‫مجلس األمن وموسكو تعارض هذا السيناريو”‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫ال يشء يشبع الغرور األمرييك وغطرسة‬ ‫القوة املتحكمة يف عقلية حكام البيت األبيض‬ ‫وغريزة االستقواء واالستعالء عىل اآلخرين‪ ،‬رغم‬ ‫أن االمرياطورية األمريكية يف مرحلة انحدار مل‬ ‫يسبق لها مثيل يف تاريخها‪.‬‬ ‫ومنذ أيام الحرب الباردة كانت أمريكا ترعى‬ ‫انقالبات وتنفذ اغتياالت وتحول حمالت من أجل‬ ‫إلحاق الهزمية باألعداء‪ ،‬أو عندما كانت تنتج‬ ‫تنظيامت “إسالمية” ثم تختلف معها وتحاربها‪،‬‬ ‫وتساهم يف تشكيل وهم سيايس بأنها دولة‬ ‫خارقة‪ ،‬ال ميكن أن يحدث يشء يف العامل إال‬ ‫بعلمها أو بأمرها‪.‬‬ ‫ولكن تغريت املعادالت تلك وتجاوزها الزمن‪،‬‬ ‫أمريكا اليوم مل تعد قادرة عىل حكم العراق‬ ‫أو عىل البقاء يف أفغانستان‪ ،‬أو عىل مواصلة‬ ‫الحرب عىل أكرث من جبهة‪ ،‬ألن مجتمعها أرهقته‬ ‫الحروب وجيشها مثقل ومستنزف واقتصادها‬ ‫يسري عىل حافة اإلفالس‪.‬‬ ‫وهذا ال يعني أن أمريكا فقدت القدرة عىل‬ ‫تدمري العامل بأسلحتها النووية والتقليدية‪،‬‬ ‫وتخريب اقتصاده بديونها القياسية‪ ،‬وإفقار قارات‬ ‫وشعوب مبضاربتها يف األسواق‪ ،‬والتسبب بحروب‬ ‫وأزمات جراء نفوذها يف املؤسسة الدولية‪ ،‬لكن‬ ‫هذا السلوك ال يحبذه األمريكيون‪ ،‬ومثل هذه‬ ‫الخيارات تقود مسرية اإلمرباطورية األمريكية‬ ‫نحو الزوال ومعها الكيان الصهيوين أداتها يف‬ ‫املنطقة وحارس مصالحها‪.‬‬ ‫علينا أن نعي‪ ،‬أن أمريكا مل تعد مؤهلة‬ ‫للتحكم مبصائر األمم والشعوب مبا فيها تلك التي‬ ‫ترص عىل أن تظل مسلوبة اإلرادة وال تزال تعتقد‪،‬‬ ‫أن واشنطن هي مصدر القرار‪ ،‬وهناك دول تحدّت‬ ‫األمريكيني وفرضت رأيها عليهم‪ ،‬وحرمتهم من‬ ‫متعة االدعاء بأنهم مازالوا الدولة األعظم يف‬ ‫العامل‪ ،‬ولكن وحدهم دول “االعتدال” العربية‬ ‫مازالوا يرهنون أنفسهم وثرواتهم إلرضاء سيدهم‬ ‫األمرييك‪ ،‬وثرواتهم منهوبة ومستباحة‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة مل تعد قادرة عىل شن الحروب‪،‬‬ ‫ودفع األمثان وهي يف حالة االنحدار‪ ،‬وأوكلت األمر‬ ‫لغريها بضامن مصالحها يف املنطقة اىل حني‪.‬‬ ‫من هنا يسعى حزب العدالة والتنمية يف‬ ‫تركيا منذ أن بدأت “األحداث” يف سوريا اىل فرض‬ ‫“منطقة عازلة”‪ ،‬أو أمر واقع عند الحدود املشرتكة‪،‬‬ ‫وكبرّ كثرياً مشكلة “الالجئني” السوريني‪ ،‬وحاول‬ ‫تحويلها اىل ورقة ابتزاز عىل املستوى اإلقليمي‬ ‫والدويل‪ ،‬ووضع أوراق اعتامده عند حلف شامل‬ ‫األطليس (الناتو) ليلعب دوره كرأس الحربة يف‬ ‫أي عمل عسكري يضعف سيطرة سوريا عىل‬

‫أراضيها يف املنطقة الحدودية مع تركيا‪ ،‬ويحاول‬ ‫النظام الرتيك رفع وترية ترصيحاته باتجاه سوريا‬ ‫للنيل من هيبتها ومحاولة كرس شكوتها‬ ‫معنوياً بهدف إعطاء نفس جديد ملا يسمى بـ‬ ‫“املعارضة السورية” ودعم معنوي وسيايس‬ ‫وإعالمي ال حدود له ليك يتمكن من اقتطاع‬ ‫رقعة جغرافية تفرض سلطتها عليها‪ ،‬وتشكل‬ ‫منطلقاً القتطاع املزيد من املساحات واألرايض‬ ‫الخاضعة لنفوذ السلطة املركزية يف دمشق‪.‬‬ ‫وتجمعت معظم األوراق وذهب رجب طيب‬ ‫أردوغان رئيس الحكومة الرتكية بعيداً يف انتقاده‬ ‫لسوريا وقيادتها‪ ،‬وأعلن عن إيفاد وزير خارجيته‬ ‫“أحمد داوود أوغلو” اىل دمشق حام ًال اىل‬ ‫السلطات الرسمية ما سمي بـ “اإلنذار األخري”‪،‬‬ ‫وأعقب هذا اإلعالن اجتامع حكومي مع هيئة‬ ‫أركان الجيش يف أنقرة لبحث كل االحتامالت‬ ‫والتطورات ثم اجتامع استكاميل مع أوغلو‬ ‫لصياغة اإلنذار الذي كان سيحمله اىل دمشق‪.‬‬ ‫ولكن فجأة يحل السفري األمرييك ضيفاً غري‬ ‫مدعو اىل االجتامع‪ ،‬وفجأة أيضاً‪ ،‬تهمد األصوات‬ ‫املرتفعة‪ ،‬وتحل محلها لغة االعتدال‪ ،‬خصوصاً‬ ‫بعدما تب ّلغت العاصمة الرتكية ترصيح السيدة‬ ‫بثينة شعبان الشديد اللهجة من زيارة أوغلو وما‬ ‫قد يحمله اىل العاصمة دمشق‪ ،‬وبذلك تكون قد‬ ‫ردت عىل الصاع بصاعني كام يقول املثل‪.‬‬ ‫وكان الرد الحاسم من الرئيس بشار األسد‬ ‫الذي أبلغه اىل وزير الخارجية الرتيك أوغلو‪“ :‬إذا‬ ‫كانت لديكم الرغبة يف عدوان عسكري بدعم‬ ‫من حلف الناتو‪ ،‬فإين أريد أن أؤكد لك بأن حرباً‬ ‫إقليمية ستنشب يف املنطقة‪ ،‬لن تكون بالدكم‬ ‫مبعزل عن تداعياتها‪ ...‬بعد دخول إيران القوي عىل‬ ‫الخط”‪.‬‬

‫زيارة أوغلو‪ ..‬التهدئة أم‬ ‫استحضار لغة الحرب‬ ‫جلسة املباحثات بني الرئيس بشار األسد ووزير‬ ‫الخارجية الرتيك أحمد داوود أوغلو‪ ،‬كانت فرصة‬ ‫كافية لعودة لغة الدبلوماسية الرتكية اىل ما‬ ‫كانت عليه قبل أشهر عند بدء األزمة يف سوريا‪،‬‬ ‫وهدف الزيارة التي سبقها الكثري من الضجيج‪،‬‬ ‫ليس التوصل اىل نتيجة عملية ورسيعة بل ال‬ ‫تعدو كونها متابعة للجهود الرتكية ومحاولة‬ ‫إقناع وليس فرض‪ ،‬تأخذ يف االعتبار عاميل‬ ‫االستقرار والسالم يف املنطقة وترسيع وترية‬ ‫اإلصالحات يف سوريا‪ ،‬هذا يف مضمون الزيارة‪.‬‬ ‫أما من يرى ويسمع املحللني األتراك‪ ،‬سيقرأ‬ ‫الكثري من العبارات التي وصفت الزيارة بـ‬ ‫“املنعطف” و”سياسة العصا والجزرة” الرتكية‪،‬‬ ‫ويف دراسة نرشها معهد واشنطن للدراسات “إذا‬ ‫مل تحصل إصالحات ومل يتوقف العنف‪ ،‬فإن حزب‬ ‫العدالة والتنمية‪ ،‬قد يقود املجتمع الدويل اىل‬ ‫اتخاذ إجراءات أقىس”‪ ،‬وهذا املوقف مل يبلغ اىل‬ ‫السوريني الذين استقبلوا أوغلو بحذر شديد‪ ،‬غري‬ ‫أن السؤال األبرز هو ماذا فعل أوغلو يف اللقاءات‬

‫تم التفاهم حولها؟‬ ‫املغلقة وما هي األمور التي ّ‬ ‫والواضح أن األتراك استمدوا املزيد من طول‬ ‫األناة قبل الزيارة من تشاورهم مع عدد من الدول‬ ‫املؤثرة‪ ،‬ويبدو أنهم يرغبون بالوصول اىل لغة‬ ‫دولية وإقليمية واحدة عوضاً عن اللغات املتعددة‬ ‫السائدة‪ ،‬وهم يأملون أن تقوم سوريا بخطوات‬ ‫إصالحية نوعية‪ ،‬ويقول األتراك‪“ :‬إنهم يتقاسمون‬ ‫الهم السوري مع املجتمع الدويل برمته‪ ،‬ومثة‬ ‫تقارب يف املواقف إزاء ما يحصل”‪.‬‬ ‫ويعترب األتراك أن الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫مل تقم بعزل النظام يف سوريا والتزال تنظر‬ ‫اىل الرئيس بشار األسد عىل أنه قادر أن يقود‬ ‫اإلصالحات يف بلده‪ ،‬وباختصار “األمريكيون‬ ‫مربكون وال سيناريو جاهز لديهم للتعامل مع‬ ‫امللف السوري”‪ ،‬كام أن أية دعوة اىل التدخل‬ ‫العسكري ليست واردة يف حساباتهم حتى اآلن‪،‬‬ ‫وكذلك ليس من سيناريو تريك يف األفق حالياً‪،‬‬ ‫وعىل سوريا إيجاد حل للمشكلة الداخلية‬ ‫وانتظار تركيا الجديد هو وسط متنيها بأن ترى‬ ‫النظام يف سوريا يتخذ تدابري هادفة ووافية‬ ‫والقيام بالتغيري بشكل واقعي‪.‬‬ ‫ويف صحيفة “ميللييت” رفض الكاتب الرتيك‬ ‫املعروف ديريا سازاك مقولة أردوغان إن “املسألة‬ ‫السورية شأن داخيل تريك وإنه ال ميكن البقاء‬ ‫ساكتني عىل ما يحدث وإن صربنا بلغ لحظاته‬ ‫األخرية”‪ ،‬وقال سازاك “إن هذه الترصيحات‬ ‫تحمل من حدة مل تحملها ترصيحات أردوغان‬ ‫ضد “إرسائيل”‪ ،‬وهي ترصيحات تستحرض لغة‬ ‫الحرب التي استخدمت ضد سوريا يف خريف‬ ‫(‪“ )1998‬عندما طالبت تركيا طرد زعيم حزب‬ ‫العامل الكردستاين عبد الله أوجالن من األرايض‬ ‫السورية”‪ ،‬ويسأل سازاك هل ترصفات النظام‬ ‫داخل بالده تستدعي تدخ ًال دولياً مربراً لتكون‬ ‫املسألة السورية شأنا داخلياً تركياً؟ “وإذا كنا‬ ‫نريد حل مشكلة داخلية فيجب أن تكون األولوية‬ ‫للمسألة الكردية‪ ،‬سوريا تعيش مأساة إنسانية‬ ‫لكنها بالنسبة لرتكيا مسألة خارجية”‪.‬‬ ‫وهناك من يرى بأن فكرة التدخل العسكري‬ ‫الغريب أو األطليس يف سوريا والذي يرتدد الكالم‬ ‫عنه بني الحني واآلخر‪ ،‬هو أشبه بفكرة خيالية‬ ‫ال سند لها عىل أرض الواقع حيث مل يعد لدى‬ ‫الغرب القدرة البرشية وال االقتصادية لفتح‬ ‫جبهة عسكرية جديدة يف سوريا‪ ،‬واإلحجام‬ ‫األمرييك عن املشاركة يف القتال عىل الجبهة‬ ‫الليبية أقوى دليل عىل أن سوريا لن تكون عرضة‬ ‫ألي تدخل عسكري‪ ،‬وبعض املصادر الرتكية‪ ،‬تنفي‬ ‫أن تكون لرتكيا هي القوة األطلسية املكلفة‬ ‫مبثل هذا التدخل‪ ،‬فالجيش الرتيك الذي حشد‬

‫‪15‬‬

‫قواته عىل الحدود مع سوريا ألسباب وقائية من أي‬ ‫تسلل أمني كردي‪.‬‬ ‫ولكن ما الذي يعنيه تدخل الواليات املتحدة‬ ‫والتي متيض تصاعدياً يف مواقفها من األزمة‬ ‫القامئة يف سوريا؟ وكيف ميكن ألكرب دولة‬ ‫يف العامل من حيث النفوذ السيايس والتورط‬ ‫امليداين يف آسيا وأفريقيا وأوروبا والرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬يف قارات العامل‪ ،‬أن ترسل سفريها‬ ‫اىل مدينة حامه لالتصال باملسلمني ومعرفة‬ ‫أي نوع من العملية السياسية ومستقبل البالد‬ ‫يتطلعون؟ وهنا أيضاً ويف مثل هذه الحالة‪ ،‬ما‬ ‫الذي مينع أن تكون سوريا أفغانستان الثانية‪،‬‬ ‫بحيث يتحقق مرشوع ليفي أشكول يف أن‬ ‫يكون الرشق األوسط متعدد القوميات واإلثنيات‬ ‫وتتحقق رضورة إقامة الدويالت اإلثنية والعرقية‬ ‫التي تتصارع فيام بينها؟‬ ‫والسؤال‪ ،‬أمل تشكل نتائج االنتخابات الرتكية‬ ‫عند قراءة مؤرشاتها إنذاراً أولياً (موقف العلويني‬ ‫واألكراد) لخطط رئيس الحكومة الرتكية رجب‬ ‫طيب أردوغان‪ ،‬بأن سياسة الواليات املتحدة‬ ‫انتقلت من الوحدة اىل التجزئة‪ ،‬وهذا يؤذن‬ ‫باالضطرابات والنزاعات والحروب سنوات‪ ،‬بل‬ ‫يكشف هذا االنتقال تراجع السياسة األمريكية‪،‬‬ ‫كام رسمها عظامؤها اىل تبني سياسة تل‬ ‫أبيب يف التفتيت والتجزئة التي لن يخرج منها‬ ‫منترصاً سوى تجار السالح يف العامل‪ ،‬فيام تحكم‬ ‫الواليات املتحدة عىل نفسها بالرتاجع السيايس‬ ‫واألخالقي بعد االقتصادي‪.‬‬ ‫سوريا اليوم تؤ ّكد كام قال الرئيس بشار األسد‬ ‫أثناء لقائه أعضاء اللجنة املركزية لحزب البعث‬ ‫العريب االشرتايك‪“ :‬إن اإلصالح نابع من قناعة‬ ‫ونبض السوريني وليس استجابة ألي ضغوط‬ ‫خارجية‪ ،‬وسوريا ستبقى قوية مقاومة‪ ،‬ومل ولن‬ ‫تتنازل عن كرامتها وسيادتها‪ ،‬وإن استهداف‬ ‫سوريا هو محاولة إلضعاف دورها العرويب املقاوم‬ ‫واملدافع عن الحقوق املرشوعة‪ ،‬وإن الشعب‬ ‫السوري بثوابته القومية والوطنية مت ّكن عرب‬ ‫السنني من الحفاظ عىل موقع سوريا وتحصينها‬ ‫وحاميتها‪ ،‬وسيبقى كذلك دامئاً مهام تصاعدت‬ ‫الضغوط الخارجية‪.‬‬ ‫والرئيس األسد كان حازماً يف توجيه رسالة‬ ‫لكل من يعنيه األمر‪ ،‬أن أي عمل عسكري ضد‬ ‫سوريا ستكون تداعياته أكرب مام يتحملون ولن‬ ‫“نسمح ألي دولة يف العامل بأن تتدخل يف قرارنا”‪،‬‬ ‫ولفت اىل أن احتامالت العمل العسكري ضد‬ ‫سوريا صعبة بسبب جغرافيتها أوالً‪ ،‬وإمكانات‬ ‫سوريا التي يعرفونها وال يعرفونها‪.‬‬

‫محمود صالح‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫شارك في احتفال بعيد الجيش العربي السوري في ْر َساس‬

‫وهاب‪َ :‬من وضعَ نفسه بتص ّرف السفراء‬ ‫سيبقى خارج مشروع اإلصالح في سوريا‬

‫تأييداً ملسرية اإلصالح والتطوير التي يقودها‬ ‫الرئيس السوري الدكتور بشار األسد‪ ،‬وتأكيداً‬ ‫عىل الدعم املستمر للشعب السوري األيب‬ ‫الذي أدرك حجم املؤامرة التي أرادوها لوطنه‪ ،‬ل ّبى‬ ‫رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام وهاب‬ ‫حسان البحري‪ ،‬الحتفالٍ أقيم يف‬ ‫دعوة الس ّيد‬ ‫ّ‬ ‫بلدة ْر َساس يف محافظة السويداء السورية‬ ‫مبناسبة عيد الجيش العريب السوري‪ ،‬حرضه‬ ‫محافظ السويداء د‪ .‬مالك محمد عيل‪ ،‬أمني‬ ‫فرع حزب البعث العريب اإلشرتايك يف مدينة‬ ‫السويداء شبيل جنّود‪ ،‬عدد من ض ّباط الجيش‬ ‫العريب السوري‪ ،‬وجهاء جبل الدروز‪ ،‬رجال دين‬ ‫مسلمني ومسيحيني‪ ،‬أعضاء لجنة حامية الوطن‪،‬‬ ‫إضافة ملجموعة من الفنانني والشعراء واملغرتبني‬ ‫والحشود الشعبية‪.‬‬

‫البحري‪ :‬الغيمة بدأت باإلنقشاع‬ ‫بحكمة رئيسنا‬ ‫وبعد تقديم من رئيس وفد الوفاء والوالء‪ ،‬عضو‬ ‫الرابطة العربية للثقافة والفكر واآلداب‪ ،‬الشاعر‬ ‫حسان البحري‬ ‫رفيق فلحان‪ ،‬تحدث صاحب الدعوة ّ‬ ‫يف كلمة قال فيها مخاطباً وهاب‪« :‬مرحباً َ‬ ‫بك‬ ‫َ‬ ‫معك أشواق الشوف‬ ‫أيها القادم إلينا حام ًال‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الحبيب سوريا ولقائد الوطن الرفيق الرمز بشار‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬قائد مسرية اإلصالح والتطوير‬ ‫ومحاربة الفساد‪ .‬وال يسعنا إال أن ننحني إجالالً‬ ‫وإكباراً أمام أرواح شهدائنا األبرار وتضحيات‬ ‫جيشنا العقائدي يف يوم عيده‪ ،‬وأن نقدّس كل‬ ‫قطرة دماء سالت عىل ثرى هذا الوطن الغايل‬ ‫خاصة وأننا نقف من خالل لقائنا هذا‪ ،‬وقفة‬ ‫الع ّز واإلباء خلف قائد الوطن وقيادته الحكيمة‪،‬‬ ‫حتى تزول هذه الغيمة التي بدأت باإلنقشاع‬ ‫بفضل حكمته وشجاعته‪ ،‬ووعي شعبنا وإدراكه‬ ‫لحجم املؤامرات التي تد ّبر له يف عواصم الدول‬ ‫الكربى»‪.‬‬

‫ومزارعه ونسامت صنني والباروك لتعانق ذرى‬ ‫لرشف عظيم‬ ‫القليب وجبال الشيخ والحرمون‪ .‬إنه‬ ‫ٍ‬ ‫أن تحتضن قريتنا (قرية رساس املجاهدة) فوق ثراها‬ ‫ّ‬ ‫امللطخ بدماء شهدائنا األبرار‪ ،‬فعال ّيات‬ ‫الطاهر‬ ‫هذا اللقاء الوطني الكبري الذي ندعم من خالله‬ ‫مسرية اإلصالح والتطوير التي تشهدها بلدنا‬ ‫يف كل مجاالت الحياة السياسية واالجتامعية‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬لنعبرّ عن والئنا املطلق لبلدنا‬

‫‪16‬‬

‫شبيل األطرش‪ :‬عيدي الجيشني‬ ‫السوري واللبناين معاً يؤكدان‬ ‫وحدة املصري‬ ‫وألقى كلمة أهايل ْر َساس‪ ،‬الشيخ أبو طالل‬ ‫شبيل األطرش‪ ،‬قائ ًال‪« :‬رشف كبري لقريتنا الوادعة‬ ‫أن تضم هذا الحضور الطيب‪ ،‬ونرحب بكم يف‬ ‫هذا اليوم األ ّغر‪ ،‬يوم عيد الجيش العريب السوري‬ ‫الذي يتزامن مع عيد الجيش اللبناين ليؤكد وحدة‬ ‫املصري بني هذين البلدين الشقيقني‪ .‬ال يسعنا إال‬ ‫استعادة بعض مآثر هذه القرية‪ ،‬ففيها وقعت‬ ‫ثالثة معارك يف الثورة السورية الكربى وهي بلدة‬

‫الشهداء واملناضلني‪ ،‬ولطاملا كانت شوكة يف‬ ‫قلوب األعداء بجهاد أهلها ونضالهم وعملهم‬ ‫الصالح وفدائهم للوطن‪ .‬نرجو من الله تعاىل ّأن‬ ‫يسدّد خطى رئيسنا املفدّى وينري دربه ويحيطه‬ ‫بعنايته ليك يقف وقفة العز التي اعتدناها منه‬ ‫ويحفظ هذا الوطن ويجمع شتاته»‪.‬‬

‫وهاب‪ :‬نحن منحازون إىل جانب‬ ‫رئيس سوريا ألنه منحاز إىل‬ ‫جانب املقاومات العربية‬ ‫ثم كانت كلمة لوهاب‪ ،‬ح ّيا فيها الجيشني‬ ‫«أحيي‬ ‫العربيني اللبناين والسوري بحيث قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫رجل مقاوم هو‬ ‫الجيش اللبناين الذي أعاد بناءه‬ ‫العامد إميل لحود‪ ،‬هذا الجيش الذي مازال إىل جانب‬ ‫الجيش العريب السوري‪ ،‬وهام الجيشان الوحيدان‬ ‫الصامدان يف هذه األمة بوجه الغطرسة‬ ‫اإلرسائيلية‪ ،‬لذلك ليس غريباً أن يتزامن العيدان‬ ‫معاً‪ ،‬وأن تكون امله ّمة واحدة لكالهام”‪.‬‬ ‫وقال وهاب‪« :‬انتظرنا أسابيع وأشهر وكنا‬ ‫نقول ّ‬ ‫بأن اإلصالح والتطوير رضور ّيني‪ ،‬وهذا كان‬ ‫موقف الرئيس بشار األسد‪ ،‬لكنّ األمور اآلن مل‬ ‫تعد ال إصالحاً وال تطويراً للنظام بل أصبحت‬ ‫تخريباً للبلد‪ .‬أما البعض الذي تحدّث شك ًال عن‬ ‫اإلصالح ويف املضمون كان مع املؤامرة‪ ،‬فهو‬ ‫َمن وضع نفسه خارج مرشوع اإلصالح‪ ،‬الذي‬ ‫س ُيك ّمل مع الرئيس األسد الذي سيقود مرشوع‬ ‫التصحيح والتطوير يف سوريا‪ ،‬ولكن َمن وضع‬ ‫بترصف الخارج والعمل ملصلحة بعض‬ ‫نفسه‬ ‫ّ‬ ‫السفراء‪ ،‬سيبقى خارج مرشوع اإلصالح وحت ًام‬ ‫خارج سوريا”‪.‬‬ ‫وتابع‪“ :‬ال أعرف يف ْر َساس من أين أبدأ مع الجيش‬ ‫العريب السوري‪ ،‬أأبدأ من كامل نرص الذي كان‬ ‫يف طليعة االستشهاديني والذي قصف بطائرته‬ ‫ميناء حيفا يف العام ‪ ،1973‬أو مع نايف العاقل‬ ‫بطل معركة جبل الشيخ‪ ،‬أو مع مجيد الزغبي‬ ‫بطل الجمهورية‪ ،‬أو مع كل أبطال هذه املعركة‬ ‫يف السويداء؟ ال أعرف من أين أبدأ مع هذا الجيش‬ ‫البطل الذي مل يرتك موقعاً يف هذه األمة إال‬ ‫وخاض املعركة فيه‪ ،‬من الجوالن إىل لبنان‪ ،‬وها هو‬ ‫اليوم يخوض معركة وحدة سوريا وحامية ق ّوتها‬ ‫ومنعتها وكرامتها”‪.‬‬ ‫آت ألع ّلم أحداً كيف‬ ‫وتوجه للحضور‪“ :‬مل ِ‬ ‫ّ‬ ‫قومي‪ ،‬فمنكم تع ّلمنا‬ ‫وطني أو‬ ‫موقع‬ ‫يكون يف‬ ‫ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍ‬ ‫منذ مئات السنوات‪ ،‬ابتدا ًء من أبو عيل الحناوي‬ ‫إىل الشيخ إبراهيم الهجري‪ ،‬إىل سلطان باشا‬ ‫األطرش‪ ،‬وأنتم كنتم الوحيدون يف هذه األمة‬ ‫الذين مل تساوموا يوماً ال احتالل وال قهر وال‬ ‫استعامر‪ ،‬فمن هنا ُولِدت املقاومة منذ مئات‬ ‫السنوات‪ ،‬وال زالت”‪.‬‬ ‫وأ ّكد عىل البقاء إىل جانب سوريا بالقول‪:‬‬ ‫“نعم‪ ،‬نحن بنو معروف منحازون إىل جانب سوريا‬

‫وق ّوتها ووحدتها‪ ،‬ورئيسها بشار األسد الذي‬ ‫يقف اليوم وحيداً يف هذه األمة‪ ،‬ألنه منحا ٌز‬ ‫إىل جانب كل املقاومات العربية من العراق إىل‬ ‫فلسطني مروراً بلبنان الذي أركعت مقاومته‬ ‫رشيف يف هذه‬ ‫املحتل اإلرسائييل بقيادة رجلٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األمة هو السيد حسن نرص الله”‪ ،‬مؤكداً أهمية‬ ‫الوقوف إىل جانب “هذا الجيش العريب السوري‬ ‫الذي يخوض اليوم معركة وحدة سوريا وق ّوتها‪،‬‬ ‫لذلك علينا جميعاً أن نكون جنوداً يف صفوفه‪،‬‬ ‫وأقول لكم أننا ننتظر هذا الجيش قريباً جداً عىل‬ ‫ثرى الجوالن لنعود إىل مجدل شمس ومسعدة‬ ‫وعني قنية ‪ -‬هذه األرض الطيبة الطاهرة ‪ -‬لنق ّبل‬ ‫ترابها وعامئم شيوخها الذين ما ساوموا يوماً‬ ‫عىل سوريا رغم وقوعهم تحت االحتالل منذ أكرث‬ ‫من اثنني وأربعني عاماً‪ ،‬وها هم حتى اآلن ُيجاهرون‬ ‫بوالئهم لسوريا‪ ،‬هكذا يع ّلمون الناس كيف‬ ‫يترصف ويصمد ويقاوم بني معروف”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬نحن منحازون لسوريا ألننا دفعنا‬ ‫ستة آالف شهي ٍد مثناً الستقاللها وكرامتها‬ ‫بقيادة القائد سلطان باشا األطرش‪ ،‬ودفعنا دماً‬ ‫مثن وحدة هذا البلد‪ .‬مل نقبل بكل العروض التي‬ ‫ُقدِّمت لنا‪ ،‬ومل نلتفت إال إىل هذا البلد وهذه‬ ‫األمة‪ ،‬لذلك نحن إىل جانب سوريا وجيشها‬ ‫ّ‬ ‫وألن الث ّوار الذين قاتلوا يف فرتة‬ ‫ألنه ُولِد هنا‪،‬‬ ‫اإلستعامر هم ال ُلبنَة األوىل للجيش العريب‬ ‫السوري‪ .‬من هنا‪ّ ،‬‬ ‫فإن مرحلة الخوف عىل سوريا‬ ‫انتهت‪ ،‬ولكنها مازالت بحاجة ملزيد من جهودكم‬ ‫وتضامنكم ووقفتكم الرائعة التي تقفونها منذ‬ ‫أربعة أشهر‪ ،‬وعىس أن نحتفل يف العيد املقبل‬ ‫وسوريا ورئيسها وجيشها بألف خري”‪.‬‬

‫األطرش‪ :‬لنقف جميعاً خلف‬ ‫مسرية اإلصالح والتطوير‬ ‫كام تحدّث رئيس لجنة حامية الوطن ممدوح‬

‫‪17‬‬

‫األطرش‪ ،‬باسم أعضاء اللجنة‪ ،‬فقال‪« :‬من‬ ‫منطلق إمياننا بالله والوطن‪ ،‬نعمل معاً يف هذه‬ ‫الظروف الصعبة التي مت ّر بها سوريا الغالية عىل‬ ‫كل السوريني الرشفاء‪ ،‬يك نحافظ عىل وحدتنا‬ ‫الوطنية السورية‪ ،‬وحدتنا اإلسالمية واملسيحية‪.‬‬ ‫فلنسع معا لنتجاوز هذه املحنة التي مير‬ ‫لذلك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫بها الوطن ونتعاىل عىل الجراح ونعمل معاً يداً‬ ‫بيد ألجل مجتمع سوري حضاري‪ ،‬محافظني عىل‬ ‫وحدة صفنا‪ ،‬ومتجاوزين جميع الفنت واملؤامرات‬ ‫التي تحاول النيل من وحدتنا الوطنية السورية التي‬ ‫عهدناها عىل م ّر العصور‪ .‬ومن أرض جبل العرب‬ ‫األشم نناشد جميع السوريني الرشفاء األحرار‪،‬‬ ‫ترك خالفاتنا جانباً وفتح املجال أمام أ ّمنا سوريا‬ ‫للعمل عىل ّمل الشمل وتوحيد الصف‪ .‬ونذكر‬ ‫واشنطن وحلفاؤها ّأن َمن يهتم بحقوق اإلنسان‬ ‫يجب أال ينىس أطفال غزة والعراق وأفغانستان‬ ‫والصومال والسودان ولبنان وفلسطني وليبيا‪.‬‬ ‫والحرية ال تأيت من خالل الرصاخ واإلستجداء‬ ‫ّ‬ ‫ألن الوطن هو هوية حضارية‬ ‫والتخريب‪،‬‬ ‫ترسمونها أنتم بريشة العمل البنّاء عىل جدار‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫الزمن لنخلد أنفسنا بني األمم‪ ،‬كام خ ّلد سلطان‬ ‫باشا األطرش الثورة السورية عندما أطلق شعار‪:‬‬ ‫«الدين لله والوطن للجميع»‪ .‬فلنكن جميعاً‬ ‫اليوم سلطان باشا األطرش‪ ،‬ولتكن صلواتنا هي‬ ‫الوطنية‪ ،‬وقبلتنا هي سوريا املقدسة ولنقف‬ ‫بكل قوانا خلف مسرية اإلصالح والتغيري التي‬ ‫يقودها الوطني الشاب املخلص لوطنه وشعبه‬ ‫الدكتور بشار األسد»‪.‬‬

‫جنّود‪ :‬سوريا ستصبح أقوى وأقدر‬ ‫عىل الدفاع عن قضايا األ ّمة‬

‫أما أمني عام فرع حزب البعث العريب‬ ‫االشرتايك يف محافظة السويداء‪ ،‬شبيل جنّود‪،‬‬ ‫فقال‪« :‬نحن اليوم يف عيد الجيش العريب السوري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سطر‬ ‫الجيش الباسل البطل‪ ،‬هذا الجيش الذي‬ ‫أروع سطور البطولة يف كل املعارك التي خاضها‬ ‫عرب التاريخ‪ .‬واليوم‪ ،‬يخوض معركة الحفاظ عىل‬ ‫وحدة سوريا‪ .‬لذلك‪ ،‬لجيشنا العريب السوري‪ ،‬كل‬ ‫التحية واالحرتام‪ ،‬للبواسل وحامة الديار املحبة‬ ‫والتقدير»‪ .‬وتابع‪« :‬إننا يف رساس‪ ،‬بلدة الشهداء‪،‬‬ ‫هذه القرية التي سقط تحت لوائها خمسة‬ ‫ضحوا بدمائهم‬ ‫أشقاء وهم يحملون بريق الثورة‪ّ ،‬‬ ‫حتى ال يسقط البريق‪ .‬وإنني عىل يقني ّأن هذا‬ ‫أقل استعداداً‬ ‫الجيل من أبناء شعبنا‪ ،‬لن يكون ّ‬ ‫للتضحية بالدماء يف سبيل الوطن‪ ،‬والدليل‬ ‫عىل ذلك أننا يف هذه املحافظة حينام استقبلنا‬ ‫شهداء وحدة الوطن وعزّته‪ ،‬أقمنا أعراساً وطنية‪،‬‬ ‫وسمعنا الكثري من ذوي الشهداء استعدادهم‬ ‫للتضحية بأبنائهم الباقون عىل قيد الحياة يف‬ ‫سبيل الوطن»‪.‬‬ ‫وختم جنّود‪« :‬كلنا ُيدرك ما يتع ّرض له وطننا‬ ‫الغايل‪ ،‬من مؤامرة خسيسة دنيئة أع َّد لها منذ‬ ‫زمن‪ ،‬و ُترصف لها كل الوسائل املادية واملعنوية‬ ‫واإلعالمية‪ ،‬الستهداف وحدة الوطن وأمنه‬ ‫واستقراره‪ ،‬وبالنتيجة هم يراهنون عىل وحدتنا‬ ‫وسيادتنا ومصرينا‪ ،‬لكنهم خرسوا‪ ،‬فوعي هذا‬ ‫ٌ‬ ‫كفيل بوأ ِد الفتنة‪،‬‬ ‫الشعب وتاريخه ونضاله‪،‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫وإسقاط املؤامرات‪ ،‬وهي قد سقطت بالفعل‪.‬‬ ‫نحن نراهن عىل وعي الشعب الذي أثبت يف‬ ‫كل املواقف أنه شعب بطل‪ ،‬حريص عىل سيادة‬ ‫بلده وأمنه واستقراره‪ .‬فقافلة اإلصالح التي‬ ‫يقودها الرئيس األسد‪ ،‬مستمرة ومتواصلة‪،‬‬ ‫وسوريا مقبلة عىل مرحلة جديدة لتبقى دولة‬ ‫دميقراطية حضارية آمنة مستقرة‪ ،‬وستنتقل من‬ ‫هذه األزمة لتصبح أقوى وأقدر عىل الدفاع عن‬ ‫قضايا األ ّمة»‪.‬‬

‫عمرو لوهّ اب‪ :‬يف الحرب ستكون‬ ‫أرواحنا أمامكم‬

‫زيارة نرص الله‬ ‫زار رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب يرافقه مستشاره السيايس يارس‬ ‫الصفدي األمني العام لـ “حزب الله” سامحة‬ ‫السيد حسن نرص الله‪ ،‬وعقد معه لقاء مط ّوالً‬ ‫بحضور عضو املكتب السيايس الحاج محمود‬ ‫القامطي‪ ،‬جرى خالله البحث يف األوضاع عىل‬ ‫الساحتني اللبنانية والعربية‪.‬‬

‫شيخو‪ :‬حامية الرئيس األسد هي‬ ‫حامية ألعراضنا‬

‫وقال الشيخ أحمد شيخو يف كلمته‪« :‬أتينا‬ ‫إىل بني معروف ُمعزّزين يف بيتهم الكبري‪ ،‬هؤالء‬ ‫األبطال الذين ّ‬ ‫سطروا املجد بد ًءا من سلطان باشا‬ ‫األطرش‪ ،‬وإبراهيم هنانو وأحمد مريود ومحمد‬ ‫األشمر‪ ،‬الذين جعلونا نحتفل بعيد الجيش العريب‬ ‫السوري البطل‪ ،‬الذي يذود عن كرامة األمة»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬من أ ّول واجباتنا يف شهر الطاعة‬ ‫«رمضان»‪ ،‬أن نصطلح مع أنفسنا حتى نصطلح‬ ‫مع ر ّبنا‪ ،‬فنصطلح مع وطننا ونكون يداً واحدة‬ ‫عىل سوانا‪ ،‬كام قال تعاىل‪« :‬واعتصموا بحبل‬ ‫الله جميعاً وال تف ّرقوا»‪ ،‬فال فرق بني صليبكم‬ ‫وهاللكم‪ ،‬وال فرق بني أي من معتقداتكم‪ .‬اليوم‪،‬‬ ‫وطننا بحاجتنا‪ ،‬فيا أيها الشباب‪ّ ،‬إن حامية‬ ‫النظام وحامية الدكتور بشار األسد وقيادته‪ ،‬هي‬ ‫حامية ألعراضنا واقتصادنا ولكل مجاالتنا يف‬ ‫بلدنا املعطاء»‪.‬‬ ‫ووجه شيخو تحية «للفريق األول القائد د‪ .‬بشار‬ ‫ّ‬ ‫األسد‪ ،‬القائد العام للجيش العريب السوري‪،‬‬ ‫ولكل الرشفاء يف كافة املحافظات السورية‪،‬‬ ‫وكلهم أصحاب نخوة وشهامة»‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫رئيس حزب «التوحيد العربي» زار أمين عام «حزب هللا» ولحود‬ ‫السياسية في لبنان والمنطقة‬ ‫عرض آلخر المستجدات والتطورات ّ‬

‫وألقى أمري شعراء الشباب العرب باسم‬ ‫عمرو قصيدة بعد ترحيبه بوهّ اب قائ ًال‪ :‬أمامي‬ ‫هذه القامات‪ ،‬وأقول اليوم الشعر وأنا خلف هذه‬ ‫القامات‪ ،‬ألنكم إىل جانبنا يف الحرب والسلم‪،‬‬ ‫وحت ًام يف الحرب ستكون أرواحنا أمامكم‪.‬‬ ‫ثم كانت قصيدته‪:‬‬ ‫سوريا يا نجم الكرامي ما أفل‬ ‫دار العروبة ّ‬ ‫عات بوابها‬ ‫مرش ِ‬ ‫فييك الحضارة والسيوف بتنصقل‬ ‫ليوث بارزات نيابها‬ ‫فييك ٍ‬ ‫فييك حلب منبت هنانو اليل ش َعل‬ ‫غصابها‬ ‫نار الحرايب وانكوى َّ‬ ‫والالذقية يا عروس بتنغسل‬ ‫مبيا ْه بح ٍر للمعزّة جا َبها‬ ‫إ ّم البطويل ومنبت السيف ال َر َحل‬ ‫والشيخ صالح َمن كتبال كتابها‬ ‫طرطوس يا ع ّز األهل إنتي األهل‬ ‫جنّة عدن من بابها ملَحرابها‬ ‫إدلب خضار سهولك بيمحي الوجل‬ ‫وأهلك بياض قلوبهم َيغوا بها‬ ‫وحمص وحام وإبن الوليد املا َ‬ ‫بخل‬ ‫يوم عىل الريموك كزّو حرابها‬ ‫ٍ‬ ‫يا شام فييك الدير والر ّقة م َثل‬ ‫رمز الكفاح ّ‬ ‫وذل كل َمن عا َبها‬ ‫وفييك القامشيل والحسيك مثار األمل‬ ‫مع صرْ ْ بة شالش العظيمة ْن َسابها‬ ‫درعا الطبيعة الساحرة بدر اكتمل‬ ‫وبُصرْ َ ى ّ‬ ‫تنشد عن موايض ْص َحابها‬ ‫وس ْهل‬ ‫وقنيطرة األبطال واديها َ‬ ‫الجوالن يا دمعة فخر نغوا َبها‬ ‫يا شام فييك الشام فخر من األزل‬ ‫قلعة صمود وداميات حرابها‬ ‫وفييك السويدا أحفاد سلطان البطل‬ ‫د ّم القلب ج َّدي َر َوى برتا َبها‬

‫‪ ...‬وعند لحود‪ :‬الدعوة لتشكيل‬ ‫مظلة حامية للبنان والسعودية‬ ‫جزء منها‬ ‫إنتقد رئيس حزب “التوحيد العريب” وئام وهاب‬ ‫“بعض املحاوالت اللبنانية إلدخال لبنان‪ ،‬يف ما‬ ‫يجري داخل سوريا حالياً‪ ،‬وهذه املحاوالت التي‬ ‫ميكن مراهنتها وكأن الوضع يف سوريا يتجه نحو‬ ‫تطورات دراماتيكية معينة‪ ،‬ناصحاً الجميع بعدم‬ ‫الرهان عىل الوضع يف سوريا‪ ،‬وعدم التعاطي يف‬ ‫امللفات اللبنانية والسورية وكأن األمور ذاهبة يف‬ ‫سوريا يف اتجاه تطورات كبرية‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬ال أعتقد أنه من املصلحة اللبنانية‬ ‫أن يتدخل بعض األطراف اللبنانيني بالشكل‬ ‫الذي يتدخلون فيه يف املوضوع السوري”‪ ،‬الفتاً‬ ‫اىل “أن هناك مصلحة لبنانية بأن تكون هناك‬ ‫أفضل العالقات مع سوريا‪ ،‬مع النظام املوجود يف‬ ‫سوريا‪ ،‬ونرتك الشأن الداخيل للسوريني”‪ ،‬معترباً‬ ‫أن “محاولة البعض وحديثه عن استدعاء السفري‬ ‫السوري وما اىل ذلك من مواقف هاميونية‪ ،‬ال قيمة‬ ‫لها‪ ،‬وهذا األمر ليس فيه أية مصلحة لبنانية‪،‬‬ ‫ألن هؤالء الناس شاهدنا كيف ترصفوا خالل‬ ‫السنوات املاضية منذ ‪ 7‬سنوات وحتى اليوم‪ ،‬مل‬ ‫نسمع يوماً أحداً منهم يقول استدعاء السفري‬ ‫األمرييك مثال أو بسؤال السفري األمرييك عام‬ ‫يفعله يف تجوله يف املناطق والتدخل يف كل‬ ‫التفاصيل اللبنانية‪ ،‬يأتون اليوم ليتحدثوا عن‬ ‫السفريالسوري‪ ،‬طبعاً هذا أمر لن يحصل وهو‬ ‫مرفوض وهو كالم فقط لالستهالك ال قيمة له‬ ‫كائنا من صدر عنه هذا الكالم”‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء أثناء زيارته للرئيس إميل لحود‬ ‫يف دارته يف الريزة‪ ،‬وأضاف‪“ :‬بدأنا نسمع عن‬ ‫قانون االنتخابات الجديد يف لبنان‪ ،‬ولذلك فأية‬ ‫محاولة لتمرير قانون غري قانون النسبية هي‬ ‫محاولة لإلكامل يف النظام السيايس كام هو‬ ‫اليوم‪ ،‬نظام فاشل‪ ،‬نظام مل يتمكن من جلب‬

‫االستقرار‪ ،‬نظام قائم عىل دفع األموال والرشاوى‬ ‫االنتخابية‪ ،‬يجب أن يعرف الجميع أن قانون‬ ‫النسبية يحمي الجميع ويدخل الجميع اىل داخل‬ ‫الربملان اللبناين ومينع استعامل األموال‪ ،‬وقانون‬ ‫النسبية هو الذي يشكل ضامنة لكل اللبنانيني‬ ‫ولكل األطراف اللبنانية‪ ،‬أما محاوالت البعض‬ ‫للتمسك بالنظام األكرثي فليس إال محاوالت‬ ‫لتأمني استمرار هيمنة رؤوس األموال وتأمني‬ ‫استمرار األغنياء عىل الحياة السياسية اللبنانية‪،‬‬ ‫وهذا أمر مرفوض بالكامل”‪.‬‬ ‫ورداً عىل سؤال حول الوضع يف سوريا‪ ،‬وموقف‬ ‫لبنان يف مجلس األمن أوالً‪ ،‬وبيان الرئيس سعد‬ ‫الحريري‪ ،‬أجاب وهاب‪“ :‬موقف لبنان يف مجلس‬ ‫األمن جيد‪ ،‬أما موقف الرئيس الحريري فهو غري‬ ‫مفهوم‪ ،‬وأعتقد أنه موقف ال يخدم ال الرئيس‬ ‫الحريري وال لبنان‪ ،‬يف كل الحاالت من يراهن عىل‬ ‫موضوع مجلس األمن والتدخل الدويل يف سوريا‬ ‫ينتظر طويال‪ ،‬أعتقد أن األزمة ستنتهي خالل‬ ‫األشهر املقبلة‪ ،‬الرئيس األسد سيعالج املسألة‬ ‫بحكمة وحزم‪ ،‬مرشوع اإلصالح سيستمر‪ ،‬لكن‬ ‫مرشوع الفوىض بدأ وضع حد له‪ ،‬واملطلوب وضع‬ ‫حد له بالتزامن مع مرشوع إصالحي حقيقي”‪.‬‬ ‫وحول موضوع انتقاد املعادلة النفطية التي‬

‫‪19‬‬

‫أطلقها السيد حسن نرص الله واالعتداء‬ ‫اإلرسائييل عىل الجيش اللبناين يف الوزاين أوضح‬ ‫وهاب‪“ :‬أن الـ ‪ 850‬كلم‪ 2‬مينع عىل اإلرسائييل أن‬ ‫يعمل فيها‪ ،‬من يعرتض يف لبنان ومن ال يعرتض‬ ‫ال فرق عندنا‪ ،‬وهذه املساحة قبل أن يحسم األمر‬ ‫حول هذا النزاع والخالف عىل اإلرسائييل أال يعمل‬ ‫فيها‪ ،‬وإذا عمل فيها يعترب هذا اعتداء عىل‬ ‫السيادة اللبنانية ويتم التعاطي معه عىل هذا‬ ‫األساس‪ ،‬ألن تلك املساحة معتدى عليها”‪.‬‬ ‫وحول ما نرشته صحيفة “األخبار” عن‬ ‫أن السعودية نصحت الرئيس الحريري بعدم‬ ‫العودة اىل بريوت حالياً لعدم إحراج حكومة‬ ‫الرئيس نجيب ميقايت‪ ،‬لفت وهاب اىل أن‬ ‫املوقف السعودي هو موقف عاقل من‬ ‫مختلف التطورات الحاصلة إن كان يف لبنان أو‬ ‫سوريا‪ ،‬ونحن نرحب بأي موقف من هذا النوع‬ ‫والسعودية تثبت بأن ال أحد يستطيع احتكار‬ ‫الطائفة السنية أو احتكار التمثيل السني‬ ‫يف لبنان‪ ،‬لذلك مطلوب من الكل ومبن فيهم‬ ‫اململكة دعم حكومة الرئيس ميقايت ألن‬ ‫الوقت اآلن هو وقت صعب وحساس واملطلوب‬ ‫تشكيل مظلة حامية للبنان والسعودية جزء‬ ‫من هذه املظلة”‪.‬‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫إستقبل سفير الجمهورية اإلسالمية اإليرانية في لبنان‬

‫وهاب‪ :‬نجاح الحكومة يتوقف على مدى اهتمامها بقضايا المواطنين‬ ‫أبادي‪َ :‬من يقف مع المقاومة مستهدف باستمرار‬ ‫متنى رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير‬ ‫وئام وهاب “أن تعالج الحكومة اللبنانية‬ ‫الحياتية‬ ‫القضايا‬ ‫املطلوبة‬ ‫وبالرسعة‬ ‫للمواطنني‪ ،‬فموضوع الكهرباء هو موضوع‬ ‫ّ‬ ‫البث به‪ ،‬عىس أال تكون‬ ‫أسايس يجب‬ ‫هذه املشكلة مج ّرد تقاسم لـ”الجبنة”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ألن‬ ‫يك ال يكون األمر فضيحة حقيقية‪،‬‬ ‫نجاح الحكومة الجديدة وإنجازاتها يتوقف‬ ‫عىل اهتاممها بقضايا الناس‪ .‬حت ً‬ ‫ام ال‬ ‫أحد منا ينتظر منها إنجازات عىل الصعيد‬ ‫العاملي والكوين‪ ،‬بل كل ما هو مطلوب‬ ‫منها االهتامم بهذه القضايا التي تعني‬ ‫املواطنني‪ ،‬إذ سيحصل مشكلة كربى إذا‬ ‫أرادت ربط هذه القضايا بأزمات املنطقة‪،‬‬ ‫بأن العامد ميشال عون كان محقاً‬ ‫لذلك نرى ّ‬ ‫يف رفع الصوت وطرح األمور بالطريقة التي‬ ‫بأن القرار الذي ا ُت ّ‬ ‫ّمتت فيها‪ ،‬إذ يبدو ّ‬ ‫خذ منذ‬ ‫عرشين عاماً بعدم معالجة ملف الكهرباء‬ ‫كام يجب‪ ،‬وبإلغاء سياسة دعم “املافيات”‬ ‫التي تعمل فيه‪ ،‬ال يزال مستمراً»‪.‬‬ ‫كالم وهاب جاء بعد استقباله سفري‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية يف لبنان‬ ‫غضنفر ركن أبادي‪ ،‬فقال‪“ :‬تلقينا الدعوة التي‬ ‫نقلها سعادة السفري للمشاركة يف املؤمتر‬ ‫الخامس لدعم القضية الفلسطينية‪ ،‬وحت ًام‬ ‫سنكون مشاركني يف هذا املؤمتر ّ‬ ‫ألن قضية‬ ‫فلسطني هي القضية املركزية لكل األمة‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬ولألسف بقدَر ما ُيفرحنا أن تكون‬ ‫الجمهورية اإلسالمية اإليرانية حارضة يف‬ ‫كل لحظة يف هذه القضية‪ ،‬بقدر ما يؤسفنا‬ ‫بعض الغياب والتلهّي العريب عن القضية‬ ‫الفلسطينية وكأنها أصبحت قضية ثانوية‪،‬‬ ‫إذ يجب أن تكون فلسطني قضيتنا األساسية‬ ‫واملركزية اليوم كعرب ومسلمني‪ ،‬وكل ما‬ ‫يحصل أحياناً يهدف إىل حرف األنظار عنها‬ ‫خدم ًة للعدو اإلرسائييل‪ ،‬لذلك نرى باستمرار‬ ‫منذ انتصار الثورة اإلسالمية اإليرانية‪ ،‬وإعالن‬ ‫اإلمام الخميني ليوم “القدس العاملي”‪ّ ،‬أن‬ ‫الجمهورية اإلسالمية بقيادة الس ّيد القائد‬ ‫عيل الخامنئي‪ ،‬ال ترتك مناسبة إال وتكون‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫لقاء أحزاب في عاليه بدعوة من حزب «التوحيد العربي»‪:‬‬ ‫تشديد على إلغاء الطائفية والوقوف الى جانب سوريا بتص ّديها للمؤامرة‬ ‫بدعوة من مفوضية عاليه يف حزب‬ ‫“التوحيد العريب”‪ ،‬جرى لقاء تنسيقي‬ ‫ألحزاب الجبل الحليفة يف مركز الحزب يف‬ ‫عاليه حرضه نائب رئيس املكتب السيايس‬ ‫يف الحزب شفيق باز‪ ،‬وأعضاء من املكتب‬ ‫السيايس عصمت العرييض‪ ،‬جواد زرقطة‪،‬‬ ‫وحافظ أيب املنى‪ ،‬ومفوض عاليه سعد‬ ‫شهيب‪.‬‬ ‫وحرض اللقاء ممثلني عن‪“ :‬حزب الله”‬ ‫الحاج محمد الحكيم‪ ،‬والحزب السوري‬ ‫القومي االجتامعي برئاسة عيل حيدر‪،‬‬

‫منفذ عام الغرب أمني العرييض‪ ،‬الحزب‬ ‫عصام‬ ‫الدكتور‬ ‫اللبناين‬ ‫الدميقراطي‬ ‫رشف الدين‪ ،‬تيار املجتمع املدين السادة د‪.‬‬ ‫رضوان شيا‪ ،‬د‪ .‬خليل حداد‪ ،‬املهندس فارس‬ ‫مالعب‪ ،‬واملهندس مازن يحي‪ ،‬واألسري املحرر‬ ‫أديب مالعب‪.‬‬ ‫وقد أ ّكد الحضور عىل رضورة استمرار‬ ‫مثل هذه اللقاءات منوهني بجهود حزب‬ ‫“التوحيد العريب” يف كرس هيمنة الخوف‬ ‫يف الجبل‪ ،‬ورضورة استمرار مثل هذه‬ ‫اللقاءات بني مختلف األحزاب الداعية‬

‫لرفض الطائفية السياسية والعمل عىل‬ ‫تكاتف كل الجهود للوقوف اىل جانب‬ ‫الشقيقة سوريا والتصدي ملؤامرة الصهيو‬ ‫ أمريكية الهادفة اىل تقويض مجتمعها‬‫األهيل وتفتيته خدمة لـ “إرسائيل” التي‬ ‫هزمتها املقاومة يف لبنان‪ ،‬وتعمل بعض‬ ‫األطراف السياسية يف ‪ 14‬آذار لنزع‬ ‫سالحها وإضعاف قوة لبنان باستغالل قرار‬ ‫اتهامي صادر عن محكمة دولية مس ّيسة‬ ‫تخدم أمريكا و”إرسائيل” يف مرشوعهام‬ ‫لرضب املقاومة يف مجتمعنا‪.‬‬

‫رئيس حزب «التوحيد العربي» يرعى عشاءين للرابطة الخيرية‬ ‫في الهاللية ومفوضية المناصف في الحزب‬ ‫حارضة فيها يف قضية فلسطني ليس‬ ‫بالكالم فقط‪ ،‬بل بالكالم وبالفعل‪ ،‬وعندما‬ ‫تخلىّ الجميع عن املقاومات يف منطقتنا‪ ،‬مل‬ ‫نجد سوى الجمهورية اإلسالمية حارضة يف‬ ‫كل ذلك»‪.‬‬ ‫وختم وهاب‪“ :‬استغ ّليت هذه املناسبة‬ ‫ألتوجه بالشكر من سعادة السفري لكل‬ ‫ّ‬ ‫الجهود التي بذلها من أجل مرشوعنا لبناء‬ ‫الفاريس”‪،‬‬ ‫سلامن‬ ‫“الصحايب‬ ‫مستشفى‬ ‫خاصة وأنه بذل جهوداً ج ّبارة يف فرتة‬ ‫قياسية إلطالق هذا املرشوع املهم‪ ،‬والذي‬ ‫سيكون مكاناً لكل فقري ومحتاج‪ ،‬ولكل‬ ‫َمن يريد تل ّقي املساعدة من منطقة الجبل أو‬ ‫خارجها»‪.‬‬

‫أبادي‬ ‫كام‬ ‫بتسليم‬ ‫مجلس‬ ‫وهي‬

‫كانت كلمة ألبادي‪ ،‬قال فيها‪“ :‬قمنا‬ ‫معايل الوزير وهاب رسالة من رئيس‬ ‫الشورى اإلسالمي د‪ .‬عيل الريجاين‬ ‫دعوة للمشاركة يف املؤمتر الدويل‬

‫‪20‬‬

‫بشأن القضية الفلسطينية‪ ،‬الذي ُيعقد‬ ‫يف إيران يو َمي األول والثاين من شهر ترشين‬ ‫األول ‪ ،2011‬مبشاركة رؤساء الربملانات من‬ ‫مختلف أنحاء العامل‪ ،‬إضافة إىل قيادات‬ ‫وثقافية‬ ‫سياسية‬ ‫وشخصيات‬ ‫فلسطينية‬ ‫وقيادات روحية‪ .‬وقد تحدّثنا خالل اللقاء حول‬ ‫آخر التطورات الدولية واإلقليمية واللبنانية‪،‬‬ ‫وكام أكدنا سابقاً حول ما يجري يف سوريا‪،‬‬ ‫نؤكد ّأن َمن يقف مع املقاومة ُمستهدف‬ ‫باستمرار‪ ،‬فمنذ انتصار الثورة اإلسالمية‬ ‫يف إيران‪ ،‬وخاصة مع العالقات اإليرانية –‬ ‫السورية‪ ،‬ش َعر الجميع باستهداف أي بلد‬ ‫وأي حركة تحريرية تتحالف مع املقاومة يف‬ ‫مواجهة االحتالل‪ ،‬وعىل هذا األساس أكدنا‬ ‫ّ‬ ‫بأن مستقبل املنطقة ملَن يقف إىل جانب‬ ‫موقف الحق والعدالة»‪.‬‬

‫برعاية رئيس حزب “التوحيد العريب” الوزير وئام‬ ‫وهاب‪ ،‬أقامت الرابطة الخريية يف بلدة الهاللية‬ ‫عشاءها السنوي‪ ،‬يف قاعة آل زيتوين‪ ،‬بحضور‬ ‫رؤوساء البلديات والروابط والنوادي والجمعيات‬ ‫واملخاتري وحشد من أهايل املنطقة‪ ،‬بحيث ألقى‬ ‫رئيس الرابطة الرفيق كريم زيتوين كلمة قال‬ ‫فيها‪ :‬يف حرضة الرابطة الخريية يف الهاللية‬ ‫يعجز اللسان ويجف حرب القلم عن وصف‬ ‫فرحتنا وسعادتنا بهذا العشاء الجامع لقاء الذين‬ ‫مازالوا عىل عهد الوفاء والوالء‪ ،‬هو عشاء األحبة‪،‬‬ ‫يف حرضة الرابطة الخريية ترتاقص الجدران فرحاً‬ ‫بقدومكم ويكرب القلب لرؤية وجوه بنيت عليها‬ ‫اآلمال‪ ،‬فكانت ومازالت محط أنظار األجيال‬ ‫العاقدة العزم يف الرهان عىل صفوة الرجال‬ ‫الرجال‪.‬‬

‫وتابع زيتوين‪ :‬تأسست الرابطة الخريية يف‬ ‫الهاللية عام ‪ 1966‬وهدفها القيام باألعامل‬ ‫الخريية‪ ،‬تعاقب عىل إدارة الرابطة خرية أبناء بلدتنا‬ ‫الذين استطاعوا اإلنتقال بها من إنجاز إىل آخر يف‬ ‫ظل أوقات صعبة وعصيبة رافقت مسريتهم‪،‬‬ ‫واليوم نحن نكمل ما بدأوه عىل أمل أن نكون عىل‬ ‫قدر اآلمال امللقاة عىل عاتقنا‪ ،‬كلمة حق تقال‬ ‫أن هذه الرابطة ومن خالل استقبالها ألخوتنا‬ ‫النازحني من الجنوب أثناء عدوان متوز وبلسمة‬ ‫جراحهم مكنتنا أن نكون رشكاء يف النرص الذي‬ ‫صنعته املقاومة هذه الرابطة لها حق علينا‪ ،‬هذه‬ ‫الرابطة هي حجر الزاوية وهي التي نرتكن إليها‬ ‫ونجتمع تحت سقفها جميعاً‪ ،‬ومبناسبة الحديث‬ ‫عن ذكرى انتصار متوز ال بد وأن نستذكر تضحيات‬ ‫الجيش اللبناين ضباطاً ورتباء وأفراد‪ ،‬فألف تحية‬

‫يف‬

‫عيدها‬

‫فهي‬

‫للمؤسسة العسكرية‬ ‫وستبقى صامم أمان البالد‪.‬‬ ‫أيها الحضور الكريم يا من رشفتمونا عشاءنا‬ ‫هذا نرحب اليوم بكم أه ًال لبلدتنا وأخوة وأحباء‬ ‫شكراً لتواجدكم معنا ودعمكم املستمر لنا‬ ‫نسأل الله أن نتمكن من الوقوف إىل جانبكم‬ ‫ساعة تحتـاجون إلينا‪ ،‬وإىل أعضاء الرابطة‬ ‫الذين عملوا لي ًال نهاراً من أجل إنجاح هذا‬ ‫العشاء أقول‪ :‬إذا متسك املرء مبكانه وبقي صامداً‬ ‫متحدياً كل النزاعات كونوا متأكدين أن العامل‬ ‫كله ســــيأيت إليه كونوا متيقنني أننا اجتزنا‬ ‫املرحلة الصعبة وبالتايل نحن أمام مرحلة‬ ‫جديدة تتطلب مزيداً من الحكمة والوعي والعقل‬ ‫شكراً لكل ما أنجزمتوه شكرأ لثباتكم عىل أمل‬ ‫اللــقاء مجددأ‪.‬‬

‫كام رعى وهاب حفل العشاء‬ ‫الذي أقامته مفوضية املناصف‬ ‫يف مطعم الجزيرة‪ ،‬يف نبع الصفا‬ ‫رئيـــس املكتب السيايس الدكتور‬ ‫باز‪ ،‬وأمني الداخلية محمد الصايغ‪،‬‬ ‫التعبئة لؤي أبوذياب ومفويض‬ ‫وممثيل البلديات واملخاتري وحشد من‬ ‫واملنارصين‪.‬‬

‫زار وهاب رئيس جبهة النضال‬ ‫الوطني النائب وليد جنبالط يف‬ ‫منزله يف كليمنصو‪ ،‬وتناول البحث‬ ‫مجمل األوضاع املحلية واإلقليمية‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫كانت‬

‫السنوي‬ ‫العامة‪،‬‬ ‫بحضور‬ ‫شفيق‬ ‫وأمني‬ ‫املناطق‬ ‫الرفاق‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫خرسون أصوات التخريب وير ّدون‪:‬‬ ‫مشايخ ووجهاء محافظة السويداء ُي ِ‬ ‫وهاب ش ّدد دائماً على اللحمة الوطنية وتجاوز الشعب السوري للمؤامرة‬ ‫أفشلت محافظة السويداء‪ ،‬خطة املتآمرين‬ ‫واملخربني‪ ،‬باستدراج أبنائها اىل التحرك يف‬ ‫الشارع‪ ،‬تحت عناوين إصالحية‪ ،‬التي أقرها‬ ‫النظام يف سوريا‪ ،‬وهي من صلب ورشة اإلصالح‬ ‫السيايس واإلعالمي واإلداري واألمني واالقتصادي‬ ‫التي أطلقها الرئيس السوري بشار األسد‪،‬‬ ‫وبدأها منذ أن وصل اىل الحكم باستفتاء شعبي‪،‬‬ ‫وإرادة وطنية‪ ،‬ملتابعة مسرية الصمود واملامنعة‪،‬‬ ‫واستكامل بناء سوريا الحديثة واملعارصة‪.‬‬ ‫فمحافظة السويداء‪ ،‬أ ّيدت اإلصالحات‪ ،‬ووقفت‬ ‫ضد العبث باألمن واالستقرار‪ ،‬وح ّيدت جبل العرب‬ ‫عن الفنت التي سعى إليها اإلرهابيون‪ ،‬وهم غري‬ ‫دعاة اإلصالح الحقيقيون‪ ،‬والثائرون نحو التغيري‪.‬‬ ‫لقد لعب رئيس حزب “التوحيد العريب” وئام‬ ‫ّ‬ ‫يحض السوريني عىل عدم الوقوع‬ ‫وهاب دوراً يف أن‬ ‫يف فخ املؤامرة‪ ،‬والوقوف اىل جانب اإلصالحات‬ ‫التي هي يف مصلحة سوريا‪ ،‬وكانت له سلسلة‬ ‫من اللقاءات والندوات السياسية واإلعالمية‬ ‫والحلقات الشعبية‪ ،‬التي صدت املتآمرين عن‬ ‫تنفيذ مؤامرتهم ضد وحدة سوريا واستقرارها‬ ‫والعمل وفق مشاريع خارجية مرتبطة بأهداف‬ ‫أمريكية وأوروبية‪.‬‬ ‫وأزعج دور وهاب صديق الشعب السوري‪،‬‬ ‫املخربني‪ ،‬فكان ال ب ّد من إطالق الشائعات ضده‪،‬‬ ‫وفربكة أخبار كاذبة‪ ،‬منها أنه يوزع السالح‪ ،‬وقد‬ ‫هالهم أن رئيس حزب “التوحيد العريب” قد كشف‬ ‫كيف ُيه ّرب السالح اىل سوريا من جهات لبنانية‬ ‫وغري لبنانية‪ ،‬فحاولوا أن يزجوا باسمه‪ ،‬بعد أن‬ ‫نجح حزب “التوحيد العريب” يف توزيع مواد غذائية‬ ‫عىل بعض املواطنني‪ ،‬فاستغلوا هذا املوضوع‬ ‫اإلنساين ليحولوه اىل شق سيايس‪ ،‬وخلق رشخ‬ ‫داخيل‪ ،‬تحت عنوان نشاط لحزب لبناين يف سوريا‪.‬‬ ‫وألن أهايل محافظة السويداء يعرفون وهاب‬ ‫منذ سنوات‪ ،‬وهو معهم دامئاً‪ ،‬ويشهدون عىل‬ ‫وقوفه مع سوريا نظاماً وشعباً‪ ،‬ألنها دولة‬ ‫احتضنت املقاومة ورئيسها رفض االستسالم‬

‫أمام املشاريع األمريكية – اإلرسائيلية‪ ،‬كان الرد‬ ‫عىل املزاعم وأكاذيب َمن انتحلوا صفة املعارضة‬ ‫وهم منها براء‪ ،‬ألن هناك معارضة رشيفة وطنية‬ ‫إصالحية تريد لسوريا الخري واالستقرار‪ ،‬وهي تحاور‬ ‫النظام للخروج من األزمة‪.‬‬ ‫فكان رد مشايخ ووجهاء محافظة السويداء‬ ‫إلخراس أصوات الردّة يف بيان مو ّقع هنا نصه‪:‬‬ ‫تناولت َمن تطلق عىل نفسها “املعارضة”‬ ‫شخص الوزير وئام وهاب وعالقته الطيبة‬ ‫بالسويداء لذلك يهم مشايخ ووجهاء وفعاليات‬ ‫الجبل توضيح ما ييل‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬تش ّكل العادات األصلية ويف مقدمتها‬ ‫حسن الضيافة وإكرام الضيف عنواناً عن كرامة‬ ‫وطنه األم سوريا‪ ،‬وأمن ضيفه الثائر املجاهد أدهم‬ ‫خنجر وبالتايل فإن الوزير وئام وهاب ابن الجبل البار‬ ‫مرحب به بني أهله وعشريته ملا مي ّثله من قيم‬ ‫وطنية وقومية صادقة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬مل يتناول الوزير وئام وهاب موضوع أمن‬ ‫الجبل مبعزل عن أمن سوريا حيث شدّد دامئاً عىل‬ ‫اللحمة الوطنية وقدرة الشعب السوري الواحد‬ ‫عىل تجاوز املؤامرة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬تطلق مجموعة املرتزقة املعارضة‬ ‫شعارات التعددية السياسية والحرية وتهاجم‬ ‫بذات الوقت نشاط حزب “التوحيد العريب” الذي‬ ‫يعمل وفق القوانني واألنظمة يف الجمهورية‬ ‫العربية السورية‪ ،‬وهذا ما يؤ ّكد أن مرشوع هذه‬ ‫الفتنة تحمل حقيقة واحدة هي استهداف سوريا‬ ‫أرضاً وشعباً وقيادة‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬إن مشايخ ووجهاء وفعاليات الجبل‬ ‫يجددون عهد الوفاء بالدم للقائد الدكتور بشار‬ ‫األسد ويعاهدونه عىل امليض قدماً يف مسريته‬ ‫اإلصالحية واملامنعة ويؤ ّكدون أنهم ليسوا‬ ‫بحاجة اىل سالح ألنهم ميلكون سالح العقيدة‬ ‫واإلميان‪ ،‬و َمن أراد أن يعرف رس هذا السالح فعليه‬ ‫أن يسأل الغزاة الطامعني الذين هُ ِزموا عىل‬ ‫أسواره املكللة بعامئم الطهارة‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪22‬‬

‫معارضتكم ليست من أجل اإلصالح‬

‫أصدر مفوض عام املنطقة الجنوبية لحزب‬ ‫“التوحيد العريب” يف السويداء تيسري ابراهيم‬ ‫حاطوم بياناً ر ّد فيه عىل بيان من انتحلوا صفة‬ ‫املعارضة وتهجموا عىل الحزب ورئيسه وئام وهاب‪،‬‬ ‫فأ ّكد أن هؤالء َمن سموا أنفسهم “ناشطون‬ ‫سوريون” ال يريدون حزباً قومياً مامنعاً وهنا نص‬ ‫البيان‪:‬‬ ‫يا من تقولون عن أنفسكم ناشطون سوريون‬ ‫وقد تناولتم الوزير وئام وهاب ذلك الرجل اليعريب‬ ‫القومي الذي كرس حياته من أجل املصلحة‬ ‫القومية‪ ،‬إنكم يف بيانكم‪ ،‬يا من تسمون‬ ‫أنفسكم بإسم تنسيقية السويداء فرع شهبا‬ ‫تتهمونه بأنه يقوم بعمليات تحريضية وقد‬ ‫نسيتم أنكم أنتم من رسخ الطائفية بالبيان‬ ‫عندما سميتم الشعب العريب الذي يسكن يف‬ ‫جبل العرب والذي هو جزء ال يتجزأ من مكون كبري‬ ‫هو الوطن العريب لقد سميتموه بإسم طائفة‬ ‫نسيتم أننا يف سوريا أبناء وطن واحد ويعيش‬ ‫ضمن وحده وطنية قل نظريها يف العامل‪.‬‬ ‫لقد نسيتم أم تجاهلتم مناضلو ثورة ‪1925‬‬ ‫عندما تعاهدوا من جنوب سوريا إىل شاملها‪،‬‬ ‫ومن رشقها إىل غربها‪ ،‬ومن بحرها إىل برها‪ ،‬وقد‬ ‫تعاهدوا عىل شعار الدين لله والوطن للجميع‪.‬‬ ‫وأنتم يا أصحاب البيان تسمون ذلك بالتسمية‬ ‫الطائفية املكانية‪ ،‬إذاً من يحرض ويذكر روح‬

‫خامساً‪ :‬ال مت ّثل هذه الفئة الصغرية جبل‬ ‫سلطان باشا األطرش وال يحق لها تناول الرشفاء‬ ‫واألوفياء أو الحديث باسم الجبل ونتّخذ حق الرد‬ ‫واالدعاء عىل َمن تناول كرامات الناس ويتهمهم‬ ‫جزافاً ويشهّر بهم‪.‬‬ ‫عاشت سوريا‪ ،‬عاش القائد بشار األسد‬ ‫مشايخ ووجهاء محافظة السويداء‬

‫حزب «التوحيد العربي» ينفي اتهامات المعارضة السورية لوهاب بتسليح شباب في السويداء‬ ‫يف إطار األكاذيب التي تمُ ارس عىل الشعب السوري‪ ،‬أصدرت ما تس ّمى‬ ‫بـ «املعارضة» يف منطقة شهباء – السويداء بياناً اتهمت فيه رئيس حزب‬ ‫«التوحيد العريب» وئام وهاب بأنه يقوم بتسليح شباب يف املحافظة ملواجهة‬ ‫املعارضني السوريني‪ ،‬لذا يهمنا توضيح اآليت‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إن زيارات الوزير وئام وهاب اىل السويداء ليست بجديدة‪ ،‬وعندما‬ ‫يزورها يزور أهله وأح ّبته ومنازله الكثرية يف املحافظة‪.‬‬ ‫ثانيا‪:‬إن سالحنا ال ميكن أن نستعمله يف يوم من األيام إال ضد العدو‪،‬‬ ‫وليس لنا عدو يف السويداء أكان معارضاً أم موالياً‪ ،‬كام ميكن أن نستعمله‬ ‫فقط دفاعاً عن كرامة جبل العرب كام عن كرامة جبل لبنان‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬مل نلمس يوماً أن هناك معارضة يف جبل العرب بالحجم الذي‬ ‫يظهره البيان املنصوص من خارج الجبل‪.‬‬

‫مفوض السويداء في حزب «التوحيد العربي» تيسير حاطوم لـ «ناشطين سوريين»‪:‬‬ ‫ّ‬

‫رابعاً‪ :‬إن من مل يقم وزناً يف يوم لقوى أكرب وأخطر من بعض املع ّقدين‬ ‫الذين ليس لهم عمل إال بيانات الـ”فايسبوك”‪ ،‬فهو حت ًام لن يقيم وزناً‬ ‫لتهديدات جوفاء كالتي أطلقها البيان‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬إن جبل العرب كان وسيبقى قلعة صامدة يف سوريا‪ ،‬يدافع‬ ‫عن وحدتها وق ّوتها وعزّتها‪ ،‬ولن يكون أداة بيد إمارات عربية سخيفة‬ ‫ودول خارجية رأينا دميقراط ّيتها العراقية‪ .‬أ ّما هؤالء العمالء الذين يصدرون‬ ‫البيانات فحسابهم قريب‪ ،‬وستلفظهم الناس كام لفظت قبلهم الذين‬ ‫مهّدوا لإلحتالل األمرييك للعراق‪.‬‬ ‫ويف إطار آخر يهنئ حزب “التوحيد العريب” املقاومة بانتصار متوز ويدعو‬ ‫الحكومة اىل ترتيب اإلدارة وأجهزتها األمنية والقضائية‪.‬‬

‫الطائفية هو الوزير وئام وهاب أم البيان الذي‬ ‫يحرض سيكولوجيا عرب تسميات مقيتة‪.‬‬ ‫إن تسميتكم التي وردت هي تسمية إرسائيلية‬ ‫بامتياز‪ ،‬فإن كنتم تدرون فتلك مصيبة وأن كنتم‬ ‫ال تدرون فاملصيبة أعظم‪.‬‬ ‫أنسيتم يا أصحاب البيان أن هذه املنطقة‬ ‫هي جزء غايل من وطن عريب كبري غالٍ جداً عىل‬ ‫اليعربيني من أبناء أمتنا العربية والتسميات‬ ‫إرسائيلية‬ ‫أمريكية‬ ‫صناعة‬ ‫هي‬ ‫الطائفية‬ ‫استعامرية قدمياً وحديثاً‪.‬‬ ‫يا أصحاب البيان إن كنتم تريدون الخري للوطن‪،‬‬ ‫فالخري اّ ٍت ونحن مع كل الطلبات املحقة‪ ،‬وإن كنتم‬ ‫تريدون النيل من النظام الحايل فقط‪ ،‬فأنتم وبدون‬ ‫شك تتامهون مع أعداء األمة‪ ،‬واسمحوا يل أن‬ ‫أقول لكم عندما يشك يف ظنيتكم قطعاً إن‬ ‫كان من تتهمونه بأنه ُموالٍ للنظام يف سوريا‬ ‫فهذا رشف عظيم له ال يعيبه وال ينقص من‬ ‫كرامته‪ ،‬إنه عريب قوي مامنع أراد الكرامة واإلباء‬ ‫لسوريا واألمة العربية جمعاء‪.‬‬ ‫يا أصحاب البيان عتباً عليكم معارضتكم‬ ‫ضد التوجه الصحيح‪ ،‬ولستم من أجل الصح‬ ‫واإلصالح لقد تناولتم إضافة الوزير وئام وهاب‬ ‫يف مضافات جبل العرب‪ ،‬واعلموا أنكم جافيتم‬ ‫هذه الحقيقة ألن هذه املضافات كانت والتزال‬ ‫بيوت ومدارس لتعليم الحالة الوطنية والقومية‬

‫اليعربية‪ ،‬ولقد ربت عظامء األمة عىل النضال‬ ‫وهاهي تستقبل املناضل العريب وئام وهاب‬ ‫باستمرار ذلك الوطني اليعريب بامتياز شاء من‬ ‫شاء وخسئ من مل يشاء‪.‬‬ ‫تنبيه‪ ،‬إن هذا الجبل طاهر مطهر كأي جزء من‬ ‫الوطن العريب ال تلوثه أصوات ناشدة من هنا‬ ‫وهناك‪ ،‬وإن من يريد العبث به ستقطع يده وال‬ ‫مكان له يف هذا الوطن العزيز‪.‬‬ ‫يا أصحاب البيان لقد تناولتم مسألة تنسيب‬ ‫حزب الوزير وئام وهاب بيشء من التجني بعيداً‬ ‫عن الحقيقة أنه وباعتزاز يقوم مبساعدة الفقراء‬ ‫واملحتاجني بشكل ج ّ‬ ‫يل وواضح لكبار السن‬ ‫والعجزة واملعوقني وليسوا هؤالء من يريد‬ ‫تنسيبهم لحزبه‪.‬‬ ‫من سخرية القدر يا أصحاب البيان أنكم‬ ‫نسيتم بأنه عندما يرخص إلقامة حزب أي حزب‬ ‫يف القطر العريب السوري يحق له دعوة الجامهري‬ ‫لتنسيبها ضمن قومي عريب مامنع ممنهج‪،‬‬ ‫وبالتايل للوزير وهاب الحق القانوين ألعضاء جدد‬ ‫وال يحتاج ملوافقة أحد بعد ذلك لكن لألسف‬ ‫يا أصحاب البيان ال تريدون حزباً قومياً مامنعاً‪ ،‬إذاً‬ ‫ماذا تريدون؟؟؟ التامهي مع من سعى لتقسيم‬ ‫السودان أم تريدون التامهي ملن احتل العراق وقتل‬ ‫شعبه أم تريدون التامهي مع تقسيم املقسم‬ ‫وتجزيء املجزّأ‪ ،‬أين أنتم من القضايا العربية؟‬

‫وهاب ّ‬ ‫تمنى في كتاب إلى رئيس الجمهورية‬ ‫وقف اإلعتداء عليه من قبل اإلدارة األميركية‬ ‫وجه رئيس حزب “التوحيد العريب” وئام وهاب كتاباً اىل رئيس الجمهورية العامد‬ ‫ّ‬ ‫ميشال سليامن‪ ،‬للتح ّرك بشأن قرار الرئيس األمرييك باراك أوباما‪ ،‬الذي ورثه عن‬ ‫سلفه الرئيس جورج بوش‪ ،‬مبنع وهاب من السفر اىل أمريكا وحجز أمواله‪ ،‬وهو‬ ‫اعتداء عىل كرامة مواطن لبناين ميارس حقه الدميقراطي يف املعارضة‪ ،‬ومتنّى وهاب‬ ‫يف كتابه عىل الرئيس سليامن التحرك مبوجب الدستور املؤمتن عليه لوقف هذه‬ ‫املهزلة‪ ،‬وهنا نص الكتاب‪:‬‬ ‫فخامة رئيس الجمهورية العامد ميشال سليامن حفظ الله‬ ‫تحية احرتام وبعد‪،‬‬ ‫أتوجه إليكم كمؤمتن عىل الدستور اللبناين ومؤمتن عىل كرامة اللبنانيني‬ ‫وحرياتهم التي كفلها هذا الدستور وكمعني بأي إعتداء قد يتعرض له أي لبناين‬ ‫من أية دولة أو جهة خارجية‪ .‬وأنا اليوم ضحية اعتداء بقدر ما أضحكتني مربراته‪،‬‬ ‫بقدر ما استهولتها ورحت أفتش عن مصادر القوة التي أمتتع بها ألهدد أمن أمريكا‬ ‫ومصالحها‪ .‬وأعمل لتزويد “حزب الله” برتسانة أسلحة متطورة وأنا أكاد غري قادر‬ ‫عىل الحصول عىل سالح فردي لحاميتي الشخصية‪.‬‬ ‫فخامة الرئيس‬ ‫إن معارضتي لحكومة السنيورة ومامرستي حقي الدميقراطي عىل اعرتاض أية‬ ‫حكومة يف لبنان هو ما كفله يل الدستور اللبناين وسأستمر يف مامرسته اليوم‬

‫‪23‬‬

‫وغدا ويف كل وقت‪ ،‬وال أعتقد بأن معارضة الحكومة أية حكومة جرمية يعاقب‬ ‫عليها القانون إال يف جمهوريات بالد املوز‪ .‬لذا يا فخامة الرئيس أنتظر منذ أربع‬ ‫سنوات ماذا ستفعل دولتي التي أنتمي اليها والتي أنا جزء منها ملعالجة هذه‬ ‫القرصنة األمريكية املستمرة بحقي منذ أربع سنوات والدولة حتى اآلن مل تحرك‬ ‫ساكناً فال وزارة الخارجية سألت سعادة السفرية األمريكية بأي حق تتدخل هي يف‬ ‫الشؤون الداخلية وما هو القانون الدويل أو اللبناين الذي مينعني من التدخل‪ .‬ومل‬ ‫أرى مسؤوالً يسأل السفري جيفري فيلتامن ملك القرصنة يف الرشق األوسط بأي‬ ‫حق تستمر حكومة يف اتخاذ مثل هذه اإلجراءات‪ .‬إذا كان هناك من جرمية ارتكبتها‬ ‫فأنا مستعد للمثول أمام القضاء اللبناين ألحاسب عىل هذه الجرمية‪ ،‬أما إذا كانت‬ ‫جرميتي أنني اىل جانب املقاومة فأنت يا فخامة الرئيس ومنذ سنوات طويلة‬ ‫تقف اىل جانب املقاومة واذا كانت جرميتي أنني مع العالقات اللبنانية – السورية‬ ‫املميزة فأنت يا فخامة الرئيس من أوائل الذين نادوا بهذه العالقات لذا أمتنى عىل‬ ‫فخامتكم أن توعزوا اىل الوزارات املعنية استناداً ملا إمتنكم عليه الدستور لتتحرك‬ ‫لوقف هذه املهزلة التي أورثها جورج بوش لباراك أوباما ومازالت مستمرة‪.‬‬

‫مع محبتي وتقديري‬ ‫وئام وهاب‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫هيئة العمل التوحيدي‬ ‫هنأت األ ّمة اإلسالمية والعربية بالفطر السعيد‬ ‫األمرييك اإلرسائييل وحلفائه‪ ،‬وبقي الشعب‬ ‫عىل ثوابته الوطنية العربية القومية‪ ،‬وحدة‬ ‫ال يتجزأ‪ ،‬واعياً ملا يحاك من مؤامرات ضد‬ ‫قلعة العروبة الصامدة‪.‬‬ ‫وستخرج سوريا بإذن الله أقوى وأقوى‪،‬‬ ‫ونهجها الحوار الوطني واإلصالح وتكون‬ ‫أكرث أمناً واستقراراً وازدهاراً وأكرث صموداً‬ ‫ومامنعة ومقاومة بكل أبنائها‪ ،‬وقوة واحدة‬ ‫مبا متتلك من الوعي والحكمة والحضارة‬ ‫الصادقة‬ ‫والوطنية‬ ‫العريق‪،‬‬ ‫والتاريخ‬ ‫املعهودة التي طردت الغزاة مراراً ورفضت‬ ‫السيطرة والتقسيم عرب تاريخها النضايل‬ ‫وعربياً‬ ‫وطنياً‬ ‫الطويل‬ ‫واالستشهادي‬

‫هنأت هيئة العمل التوحيدي األمة‬ ‫اإلسالمية والعربية بعيد الفطر السعيد‬ ‫ومتنت أن يعود بالخري والربكة وتحقيق اآلمال‬ ‫واألمن واالستقرار وتحرير املقدسات الدينية‪،‬‬ ‫وأن يسود العدل والحوار والتعايش مبا فيه خري‬ ‫الشعوب ورفع الظلم وحلول السعادة ونزع‬ ‫فتيل الرش وأسبابه وأعوانه والسيطرة عىل‬ ‫حقوق الشعوب وسلب خريات بالدهم باسم‬ ‫مخططات خدّ اعة‪.‬‬ ‫وباملناسبة تبارك صمود الشعب العريب‬ ‫موحدة‪ ،‬شعباً وقياد ًة‬ ‫السوري قوة واحدة‬ ‫ّ‬ ‫ورئيساً‪ ،‬بوجه الفتنة التي برزت حيالها‬ ‫سوريا عص ّية عىل املؤامرات واالستهداف‬

‫وإسالمياً وحوارياً عاملياً إنسانياً يجعل من‬ ‫شعوب األديان شعباً واحداً وأرسة واحدة‬ ‫ذات مصري مشرتك‪ ،‬وال يظننّ أوباما وغريه‬ ‫أن سوريا سمكة يف شباك مؤامراتهم‪،‬‬ ‫بل هي عظيمة وقلعة شامء وشعب يقرأ‬ ‫تاريخه جيداً ويدرك حارضه ومستقبله‬ ‫الذي ينشده‪.‬‬ ‫فبارك الله سوريا موحدة عص ّية عىل‬ ‫األعداء والفنت‪ ،‬وعىس أن تكون صالتنا يف‬ ‫العيد القادم يف القدس الرشيف عبوراً من‬ ‫الجوالن والله عىل كل يشء قدير‪.‬‬ ‫وكل عام واألمة العربية واإلسالمية بخري‬ ‫وسوريا بخري‪.‬‬

‫ً‬ ‫وحدة وصموداً‬ ‫سوريا أنت العص ّية‬

‫أنت العص ّية وحدة وصموداً‬ ‫ ‬ ‫ِ‬

‫والعيد‬

‫رش ُ‬ ‫والب ُ‬ ‫ ‬ ‫يرشق يف وجوه أ ِعزّة‬

‫نوراً تألأل يف البالد عهودا‬

‫غ ّرا ٌء يف التاريخ وجهك مرشق ‬

‫دار‬

‫ ‬ ‫الوحدة الغ ّراء روح حياتها‬

‫جاء‬

‫أيقظ غفاة الشعب قبل وقوعهم ‬

‫ال‬

‫بشباكها‬

‫تأمننّ‬

‫لدودا‬

‫ ‬

‫يف ّ‬ ‫كل أرض يزرعون حقودا‬

‫وجنودا‬

‫واأل ّم أمريكا ّ‬ ‫ ‬ ‫تغطرس‬ ‫لكل‬ ‫ٍ‬

‫ونرى‬

‫فتنة‬

‫وشهودا‬

‫يا أرسة تلقى الهنا والجودا‬

‫ ‬ ‫أهدافهم مكشوفة ومسارها‬

‫با ٍد‬

‫بالدنا‬

‫مرصودا‬

‫وبوحدة األديان زادت عيدا‬

‫ ‬ ‫فلتخرس (الفيتو) وتبقى دولة‬

‫ال أن ُتق ّرر وجرمها وتسودا‬

‫وردودا‬

‫ ‬ ‫األممي قد نادوا به‬ ‫فاملجلس ّ‬

‫يقيض مبا ُيعطي اليهود وجودا‬

‫العروبة‬

‫يا أ ّمة لن تستحيل فصائ ًال ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مهنئاً‬

‫وسعيدا‬

‫تابعت أمانة اإلعالم يف «حزب التوحيد العريب» التطورات السياسية واألمنية‬ ‫واإلجتامعية‪ ،‬يف لبنان والعامل العريب وأصدرت بيانات تعكس موقف التيار السيايس‬ ‫منها‪ ،‬وجاءت عىل الشكل اآليت‪:‬‬

‫قلعة‬

‫الرثاء‬

‫مباحثاً‬

‫ ‬ ‫إن املذاهب واجتهادات لها‬

‫فيها‬

‫دعت الرشائع للعدالة والوفا ‬

‫فأىت الحوار لرشعها تخليدا‬

‫ ‬ ‫فمناهج اإلصالح أقبل فجرها‬

‫وتصاعدت‬

‫تأكيدا‬

‫ ‬ ‫وتوحدت رؤيا املطالب ك ّلها‬ ‫ّ‬

‫برؤى القيادة واقعاً منشودا‬

‫فامسح ضباب الدّرب ُ‬ ‫وانظر جيداً‬

‫واحكم فام الربهان عنك بعيدا‬

‫ّ‬ ‫ضل العدا فيام رأوه بأرضنا ‬

‫من رشق أوسط أن يصون يهودا‬

‫أنوارها‬

‫فاجعل ضياء العقل عندك كاشفاً‬

‫خطط ال ِعدا وارفض ظنوناً سودا‬

‫ ‬ ‫بالوعي ُتدرك ما يحاك و ُيرتجى‬

‫مجهودا‬

‫ملخططات‬

‫ّجنّدت‬

‫‪24‬‬

‫صهيون أمريكا هام رش الورى ‬

‫لذلك‬ ‫ّ‬ ‫بكل‬

‫وكم ادّعوا اإلنصاف والعدل لنا بل‬

‫ق ّوموا‬

‫ ‬ ‫هل صار “أوباما” علينا حاك ًام‬

‫ليق ّر‬

‫ماسح لظالمهم ‬ ‫بشار بد ٌر ٌ‬

‫ونجومه شعب مىش التّوحيدا‬

‫ ‬ ‫يص كقاسيون بج َّل ٍق‬ ‫وهو الع ّ‬

‫وهو املح ّقق للحوار وعودا‬

‫ستصون سوريا بوحدتها املنى ‬

‫فهي‬

‫أبشرِ بنرص الله يف حلك الدّجا ‬

‫فزوال‬

‫العص ّية‬ ‫محنتنا‬

‫اإلجرام‬ ‫أحكاماً‬

‫بل‬

‫واملطرودا‬ ‫لنا‬

‫وبنودا‬

‫تزيد‬

‫صمودا‬

‫نراه‬

‫أكيدا‬

‫راتب نرص الله‬

‫شجب لقرار أوباما بحق الوزير وهاب‬ ‫صدرت ردود فعل شاجبة لقرار الرئيس االمرييك باراك اوباما الذي دعا فيه‬ ‫اىل تجديد العقوبات املفروضة منذ آب ‪ 2007‬عىل سوريا وعىل أرصدة وودائع‬ ‫أربع شخصيات لبنانية وسورية‪ ،‬ومن بني هؤالء رئيس حزب “التوحيد العريب”‬ ‫الوزير وئام وهاب الذي اتهمه أوباما مجدداً بأنه “يستمر يف تشكيل تهديد غري‬ ‫اعتيادي وضخم لألمن القومي والسياسة الخارجية للواليات املتحدة “‪ .‬وفيام‬ ‫ييل أبرز تلك الردود التي وردت اىل مكتب أمانة اإلعالم‬ ‫رأى القيادي يف الحزب السوري القومي االجتامعي النائب مروان فارس أن‬ ‫مسألة تجديد العقوبات األمريكية هي مبثابة موقف سيايس أكرث منه قرار مايل‬ ‫خاصة وأن الوزير وهاب ال ميلك أرصدة مالية يف الواليات املتحدة‪ ،‬وأدرج فارس‬ ‫هذه العقوبات يف خانة استكامل مرشوع استهداف املقاومة يف لبنان بعد‬ ‫صدور القرارات االتهامية عن املحكمة الدولية بحق العديد من رجال املقاومة‪.‬‬ ‫أما عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الوليد سكرية فاعترب أن الواليات‬ ‫املتحدة هي الحليف األول لـ “إرسائيل”‪ ،‬والضامن األول ألمن الكيان الغاصب‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬ورأى سكرية أنه وبعد فشل االحتالل األمرييك للعراق جاء القرار‬ ‫الدويل ‪ 1559‬الذي تحول اىل منصة أمريكية إلطالق النار عىل الرئيس السوري‬ ‫بشار األسد والضغط عليه إلجبار سوريا عىل التعاون مع األمريكيني يف العراق‪.‬‬ ‫من هنا جاءت العقوبات املفروضة منذ ‪ 2007‬والتي استكملت اليوم بحق عدد‬ ‫من السياسيني ومن بينهم الوزير وئام وهاب الذي يعتربه أوباما حليف سوريا‬ ‫عىل الساحة اللبنانية‪ ،‬فيام قلل سكرية من أهمية هذه العقوبات وأعترب بأن ال‬ ‫قيمة لها كونها صدرت عن جهات فردية وليس مجلس االمن لذلك فهي مجرد‬ ‫عقوبات معنوية ال أكرث وال أقل‪.‬‬ ‫بدوره وصف وزير الدولة سليم كرم قرار تجديد العقوبات األمريكية بحق الوزير‬ ‫وئام وهاب بأنها تدخ ًال سافراً يف شؤون لبنان الداخلية ‪.‬‬ ‫ويف موقف متهكم من هذا القرار األمرييك قال عضو تكتل التغيري واإلصالح‬ ‫النائب نبيل نقوال إن قرار العقوبات الذي طاول الوزير وهاب “يروحوا يبلوا ويرشبوا‬ ‫مايتو”‪ ،‬محم ًال الدولة اللبنانية مسؤولية خرق قانون الرسية املرصفية وتساءل‬ ‫نقوال‪ :‬أين هو وزير الخارجية اللبناين من كل ما يحصل من خروقات للقوانني‬ ‫األمريكية‪ ،‬وما هو رأيه مام يصدر عىل لسان السفرية األمريكية كونيليل التي‬ ‫تزعم أن حكومة ميقايت متنع الدميقراطية يف لبنان وتسبب املشاكل داخله‪.‬‬ ‫ودعا نقوال وزير الخارجية اىل اتخاذ موقف من هذا الترصف األمرييك الذي وصفه‬ ‫بـ “غري املقبول” واعتبار كونيليل شخص غري مرغوب به يف حال استمر أداؤها‬ ‫عىل هذا النحو‪.‬‬ ‫من جهته رأى األمني القطري لحزب البعث العريب االشرتايك الوزير فايز شكر‬ ‫أن القرار األمرييك ليس بجديد وهو استمرار ملرشوع قديم جديد‪ ،‬الهدف منه‬ ‫النيل من قوى املامنعة واملقاومة التي ميثلها بشار األسد‪.‬‬ ‫وعقد املكتب السيايس يف حزب «التوحيد العريب» اجتامعاً برئاسة رئيس‬ ‫الحزب الوزير وئام وهاب‪ ،‬وقد جرى خالله التداول بالشؤون واألوضاع الراهنة وأصدر‬ ‫البيان التايل‪:‬‬ ‫اوالً‪ :‬يهنئ حزب “التوحيد العريب” اللبنانيني باالنتصار الذي حققته املقاومة‬ ‫يف مثل هذه األيام من العام ‪ 2006‬والذي ش ّكل نقلة نوعية يف تاريخ الرصاع‬ ‫ونخص بالتهنئة قائد املقاومة السيد حسن نرص الله الذي‬ ‫العريب اإلرسائييل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تحول اىل رمز تاريخي عىل مستوى األمة وليس الوطن فقط وهو حت ًام سيبقى‬ ‫رمزاً لهذه األمة رغم حمالت الصغار التي تشن عليه من هنا وهناك‪.‬‬ ‫كام ح ّيا املكتب السيايس مجاهدي املقاومة وعىل رأسهم الحاج مصطفى‬

‫بدر الدين الذي يستهدف لدوره الكبري يف املقاومة ضد العدو اإلرسائييل‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬يستنكر املكتب السيايس الحملة الظاملة التي شنت بعد متفجرة‬ ‫انطلياس ومحاولة إلهاء الناس وتحويل اهتاممها اىل هذه املسألة التفصيلية‬ ‫التي هي من اختصاص األجهزة األمنية والقضائية‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬يتمنى املكتب السيايس يف حزب “التوحيد العريب” عىل الحكومة‬ ‫أن تبارش بشكل جديّ يف انطالقتها يف اتجاه ترتيب اإلدارة واألجهزة األمنية‬ ‫والقضائية‪ ،‬كام يتمنى عىل وزير العدل إعداد مرشوع تشكيالت قضائية يريح‬ ‫اللبنانيني من القضاة املرتكبني والذين أساءوا كثرياً يف مواقعهم‪.‬‬ ‫رابعاً‪ :‬يؤكد املكتب السيايس متسكه بقانون انتخابات عىل أساس النسبية‬ ‫ألنه القانون األعدل ويك ال نبقى يف الرشانق الطائفية واملذهبية واالمرباطوريات‬ ‫املالية‪.‬‬

‫استنكار التهجم عىل مؤسسة الجيش اللبناين‬ ‫يستمر بعض نواب عكار يف التهجم عىل مؤسسة الجيش اللبناين‪ ،‬هذه‬ ‫املؤسسة التي أعطاها أبناء عكار خرية شبابهم وكانوا جز ًءا ال يتجزأ منها‪،‬‬ ‫إال أن بعض هؤالء النواب وألسباب سياسية رخيصة يتهجمون عىل املؤسسة‬ ‫وقائدها مستفيدين من حصانة نيابية وهدفهم األسايس هو رضب هذه‬ ‫املؤسسة التي مازالت متثل نقطة إجامع اللبنانيني‪.‬‬ ‫إن الحصانة النيابية ألعضاء املجلس النيايب ال تجوز يف كل الحاالت خاصة إذا‬ ‫كان النائب يسعى لتخريب السلم األهيل ورضب املؤسسة الوحيدة الحامية‬ ‫لهذا السلم بعد أن انهارت كل املؤسسات األخرى‪.‬‬ ‫لذا ندعو معايل وزير الدفاع اىل تحريك النيابة العامة العسكرية الستدعاء‬ ‫هؤالء النواب الذين ولدوا عىل يد مخابرات النظام األمني املشرتك سابقاً وجدّدوا‬ ‫ألنفسهم يف غفلة من الزمن لدورهم التحرييض الذي مارسوه يف السنوات‬ ‫املاضية‪.‬‬ ‫لذا نرى أن املطلوب من النيابة العامة العسكرية استدعاء نواب الفتنة ألن‬ ‫من يرضب عرض الحائط بهيبة املؤسسة العسكرية ال تحميه هذه الحصانة‪.‬‬

‫‪...‬وتحذير من إنقطاع المياه عن الشحّ ار‬

‫منذ أسابيع ومنطقة الشحار الغريب وبعض قرى الغرب تعاين من انقطاع‬ ‫املياه ما يضطر الناس يف ّ‬ ‫ظل الوضع االقتصادي الخانق اىل رشاء خزانات املياه‪.‬‬ ‫وبعد عدة استفسارات علمنا أن هناك إرادة ما أمرت مصلحة مياه بريوت‬ ‫وجبل لبنان بتحويل جزء من مياه الباروك اىل قناة بيت الدين لتغذية القرص‬ ‫الرئايس الصيفي‪.‬‬ ‫أمام هذا الوضع نؤكد عىل اآليت‪:‬‬ ‫اوالً‪ :‬نطالب السيد جوزيف نصري بوقف هذه املهزلة وإعطاء املياه للقرى‬ ‫والبلدات يف منطقة عاليه ألنه موجود يف وظيفته لتأمني املياه للناس وليس‬ ‫للعمل يك يستمتع البعض يف منظر املياه املتدفقة يف قرصه‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬إننا مقتنعون بأن فخامة الرئيس ميشال سليامن ال يعرف هذه الحقيقة‬ ‫ألنه لن يقبل بأن تتدفق املياه يف القرص الرئايس ونحرم منها عرشات القرى‪.‬‬ ‫لذا فإن مل تتحرك مصلحة مياه بريوت وجبل لبنان التي أصبحت بوجود‬ ‫نصري مخالفاتها ال تعد وال تحىص‪ ،‬فإننا سندعو األهايل اىل التحرك يف كل‬ ‫القرى املترضرة من هذه املهزلة كام ندعو مجلس الوزراء اىل اإلرساع يف إقالة‬ ‫نصري وتعيني شخص جديد يف هذا املوقع ألن هذا املوظف مل يعد صالحاً منذ‬ ‫فرتة طويلة لهذا املوقع وهو يستغله لغايات خاصة‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫«العمالي» يتحرك لرفع الحد األدنى لألجور الى مليون و‪ 250‬ألف ليرة‬

‫غصن‪ :‬تصحيح األجور هو المطلب األكثر‬ ‫إلحاحاً لطرحه في مجلس الوزراء‬ ‫تعترب مسألة األجور من األمور األساسية‬ ‫التي تؤثر يف تركيبة أي مجتمع‪ .‬واألجور يف‬ ‫لبنان مل ُينظر بها منذ حوايل ‪ 12‬سنة رغم‬ ‫كل التغريات التي طرأت عىل الوضع اإلقتصادي‬ ‫واإلجتامعي يف البالد‪.‬‬ ‫وال ميكن مناقشة تصحيح األجور من دون‬ ‫النظر إىل جميع املسائل املتعلقة مبارشة بها‬ ‫من مستوى التقدميات اإلجتامعية والصحية‬ ‫والخدماتية إىل معضلة التضخم وتأثريات‬ ‫مستوى األجور عىل القطاع العام وسوق‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫كام وأن الوضع السيايس حالياً يفتك يف‬ ‫الجسم النقايب ويؤثر سلباً عىل التضامن‬ ‫العاميل‪ ،‬ما ُيضعف قدرة املعنيني عىل فتح‬ ‫مناقشة وحوار موضوعيني عىل الساحة‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫بنا ًء عىل ذلك‪ ،‬ومبا أن هذه املسألة مطروحة‬ ‫بشكل جدّي‪ ،‬صارت معركة تصحيح األجور‬ ‫أكرث جد ّية بعدما نقلها وزير العمل رشبل‬ ‫نحاس من السجاالت اإلعالمية إىل لجنة املؤرش‬ ‫حيث سيكون النقاش حامياً بني أطراف اإلنتاج‬ ‫الثالثة‪ :‬العامل‪ ،‬أصحاب العمل‪ ،‬الدولة‪.‬‬ ‫إذ هناك وجهتان تقليديتان للبحث‪ :‬األوىل‬ ‫يحملها العماّ ل‪ ،‬مطالبني بتعويض أجورهم‬ ‫ّ‬ ‫تضخم‬ ‫عن تآكل القدرة الرشائية بسبب‬ ‫األسعار‪ .‬والثانية يس ّوق لها أصحاب العمل‪،‬‬ ‫مؤ ّكدين عدم قدرة املؤسسات عىل تح ّمل أي‬ ‫زيادة عىل األجور‪ ،‬رافضني تدخل الدولة يف هذا‬ ‫املجال‪.‬‬ ‫يف الواقع‪ ،‬إن آخر تصحيح لألجور تحقق يف‬ ‫عام ‪ ،1996‬ولجأت الحكومة يف عام ‪ 2008‬إىل‬ ‫إقرار زيادة مقطوعة بقيمة ‪ 200‬ألف لرية عىل‬ ‫كل األجور‪ ،‬وزيد الح ّد األدىن بقيمة مامثلة من ‪300‬‬ ‫ألف لرية إىل ‪ 500‬ألف‪ .‬يف وقتها‪ ،‬مل مت ّثل هذه‬ ‫الزيادة املقطوعة سوى نقطة يف بحر تراكم‬ ‫ّ‬ ‫تضخم األسعار‪ ،‬أما اليوم‪ ،‬فإن معدل‬ ‫معدالت‬ ‫ّ‬ ‫التضخم تجاوز ‪ ،%100‬بحيث ارتفع نسبة ‪% 6‬‬ ‫خالل حزيران ‪ ،2011‬مقارنة مع حزيران ‪،2010‬‬ ‫بحسب دائرة اإلحصاء املركزي‪ .‬وأبرز االرتفاعات‬ ‫مت ّثلت يف األلبسة واألحذية بنسبة ‪ ،%21.1‬ثم‬ ‫املواد الغذائية واملرشوبات بنسبة ‪ ،%7.6‬واملاء‬ ‫والغاز واملحروقات بنسبة ‪ ،%13.1‬والصحة ‪،%5.9‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫والنقل ‪ %5.8‬والتعليم ‪.%6.7‬‬ ‫ووضع الحد األدىن لألجور عام ‪ 1996‬مبقدار‬ ‫‪ 300‬الف لرية لبنانية يف الشهر (‪ 200‬دوالر)‬ ‫رفع الحقاً إىل ‪ 500‬الف (‪ 333‬دوالراً) وهو الرقم‬ ‫الذي يعادل ‪ %37‬من حصة الفرد من الناتج املحيل‬ ‫االجاميل مقاساً مبعادل القوة الرشائية‪ ،‬والذي‬ ‫يتم تطبيقه نظرياً عىل جميع العاملني الذين‬ ‫تتجاوز أعامرهم الـ ‪ 20‬عاما باستثناء الخدم‬ ‫والعاملني يف الرشكات الزراعية غري املرتبطة‬ ‫بالتجارة والصناعة والعاملني املؤقتني لدى‬ ‫القطاع العام‪ ،‬إال أن هذا الحد مل يعد كافياً‬ ‫واالحتياجات‬ ‫االسعار‪،‬‬ ‫ارتفاع‬ ‫ملواجهة‬ ‫الغذائية لألرسة بناء عىل الحجم والتكوين‬ ‫العمري والنوع واملوقع بعد مراعاة التباينات‬ ‫يف األسعار النسبية وأمناط اإلنفاق والحجم‬ ‫والتكوين العمري لألرس‪ ،‬والذي يؤدي اىل‬ ‫التباين يف خطوط الفقر وفقاً ملوقع كل أرسة‬ ‫وتكوينها‪ ،‬فالحد األدىن لألجر يجب أن يؤمن‬ ‫الحد األدىن الرضوري من العيش‪ .‬من هنا أي رقم‬ ‫لتصحيح األجور من بني املطروح للتفاوض يف‬ ‫وسعه تغطية حاجات األجري وعائلته‪ ،‬يف وضع‬ ‫باتت فيه فاتورة الكهرباء والتدفئة تساوي الحد‬ ‫األدىن لألجور‪.‬‬ ‫كام أن هنالك فئات واسعة مل يشملها‬ ‫تصحيح األجور السابق‪ ،‬كونها غري مرتبطة‬

‫‪26‬‬

‫العموميني‪،‬‬ ‫كالسائقني‬ ‫العمل‪،‬‬ ‫بصاحب‬ ‫وصغار املزارعني‪ ،‬وعامل الزراعة والحرفيني يف‬ ‫مهن عدة‪ ،‬خصوصاً أن أنظمة حامية األجر‬ ‫وسوق العمل يف لبنان ضعيفة أساساً‪ ،‬يف‬ ‫ظل سلطات الدولة واملؤسسات املعنية وأعداد‬ ‫كبرية من املؤسسات التجارية والخدماتية‪،‬‬ ‫ومؤسسات صناعية كبرية تستخدم عاملها‬ ‫ومستخدميها بعقود مياومة‪ .‬وهم محرومون‬ ‫من االنتساب اىل الصندوق الوطني للضامن‬ ‫االجتامعي‪ ،‬ومن تقدميات الضامن الصحية‬ ‫والعائلية وخالفها‪.‬‬ ‫من الطبيعي أن تصحح أجور العامل من‬ ‫فرتة إىل أخرى تبعاً لتطور مستوى اإلنتاجية‬ ‫ولزيادة التكلفة املعيشية‪ ،‬إال أن أي تصحيح‬ ‫يجب أن يلحظ وجوب رفع الحد األدىن لألجور‬ ‫إىل مليون و‪ 250‬ألف لرية لبنانية عىل األقل‬ ‫وفقاً ملا هو محدد بدراسة االتحاد العاميل العام‬ ‫واألخذ يف االعتبار الفئات التي مل يشملها‬ ‫رفع الحد األدىن يف األعوام السابقة‪ ،‬وتصحيح‬ ‫األجور وفقاً الرتفاع نسب التضخم الرتاكمي‬ ‫منذ عام ‪ ،1996‬وإصدار القرار الفوري بإعادة‬ ‫التوازن لألجور واألسعار وفقاً للسلم املتحرك‪.‬‬ ‫فتصحيح األجور يف لبنان مل يتم بشكل‬ ‫عام منذ سنة ‪ ،1996‬فهذه مشكلة للعامل‬ ‫وللرشكات واملؤسسات التي تتأثر سلباً يف‬

‫إنتاجيتها‪ .‬فالدولة ال تستطيع تصحيح أجور‬ ‫موظفيها قبل أن تقوم باإلصالح اإلداري أو أقله‬ ‫تبدأ به‪ .‬ال شك أن الرشكات واملؤسسات الخاصة‬ ‫القادرة واملسؤولة قامت بواجباتها كاملة عىل‬ ‫صعيد تصحيح األجور وتطوير املنافع‪ .‬أما‬ ‫التي تعجز عن تقديم الحقوق لعاملها‪ ،‬فيجب‬ ‫التعاون معها يك تستمر يف اإلنتاج ملصلحة‬ ‫الجميع‪.‬‬ ‫مجدداً الفارق كبري بني ما يقدمه العامل‬ ‫وأرباب العمل بشأن مؤرشات التضخم منذ‬ ‫سنة ‪ 1997‬وحتى نهاية السنة املاضية‪.‬‬ ‫فالعامل يطالبون ب ‪ %26‬وأرباب العمل يقرون‬ ‫بحوايل ‪ % 4‬فقط‪ ،‬أما الدولة فتقر بـ ‪%8,6‬‬ ‫لفرتة ‪ .2003-1998‬من الطبيعي أن تؤدي هذه‬ ‫الخالفات اإلحصائية إىل حوارات ملبدة واىل‬ ‫تأزم يف العالقات‪ .‬تكمن الحلول ملشكلة األجور‬ ‫يف لبنان يف تنفيذ األمور التالية مجتمعة‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬السامح لالقتصاد اللبناين بالنمو‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬يجب رفع اإلنتاجية االقتصادية‬ ‫يف القطاعني العام والخاص عرب التدريب‬ ‫والتعليم والتطوير والتجديد‪ ،‬كام عرب إدخال‬ ‫التكنولوجيا املتطورة دامئا وتعزيز املنافسة‬ ‫يف القطاعات عرب تطبيق قوانني حديثة تحارب‬ ‫االحتكار وتحرتم حقوق املستهلك واملواطن‪.‬‬ ‫معركة األجور بني العماّ ل وأصحاب العمل‬ ‫والدولة انطلقت‪ ،‬ورئيس االتحاد العاميل العام‬ ‫زاد من وترية مطالبته بتصحيح األجور‪ ،‬ورفع‬ ‫الح ّد األدىن إىل مليون و ‪ 250‬ألف لرية وفقاً‬ ‫للدراسة التي قام بها اإلتحاد لتتناسب مع‬ ‫القدرة الرشائية للمواطن‪.‬‬ ‫من هنا أضحى تصحيح األجور واجباً‬ ‫وحاجة اجتامعيني ألن حقيقة الغالء تفرض‬ ‫رفع مستوى معيشة الفئات الفقرية أساسا‬ ‫وحديثا‪ ،‬كام ميثل حاجة اقتصادية لتقوية‬ ‫الطلب االستهاليك والنمو االقتصادي‪ .‬هذه‬ ‫هي حقيقة تصحيح األجر يف لبنان‪ ،‬يبقى أن‬ ‫ننظر اىل واقع هذه املسألة الحيوية واملفصلية‬ ‫اجتامعياً واقتصادياً‪.‬‬ ‫إذ يتطلب تصحيح الحد األدىن لألجور وجود‬ ‫منو اقتصادي يستتبع التنمية ودعم القطاعات‬ ‫اإلنتاجية وزيادة اإلنتاج وخفض عجز املوازنة‬ ‫وسياسة رواتب وأجور عادلة ومتحركة توفق‬ ‫بني متطلبات النمو االقتصادي من ناحية‪،‬‬ ‫وموارد الدولة املحدودة من ناحية أخرى وسياسة‬ ‫رضيبية عادلة تخفف العبء عن ذوي املداخيل‬ ‫مشكلة‬ ‫ومعالجة‬ ‫واملتوسطة‬ ‫املنخفضة‬ ‫التضخم عرب زيادة الطلب بالنسبة اىل العرض‬ ‫وتحديد األسعار‪ ،‬وكذلك معالجة مشكالت‬ ‫الفساد املايل واإلداري والهدر والتضخم‬ ‫الوظيفي يف القطاع العام الذي يستوعب ثلث‬ ‫القوى العاملة يف لبنان‪ ،‬أي ما يزيد عىل ‪250‬‬ ‫اىل ‪ 270‬ألف عامل وموظف ومتعاقد ومتقاعد‬ ‫بني القوى العسكرية واملدنية يف الوزارات‬

‫واإلدارات واملؤسسات العامة التي تستهلك‬ ‫أكرث من ‪ % 40‬من نفقات املوازنة العامة التي‬ ‫تقارب نفقاتها للعام ‪ 2011‬أكرث من ‪ 18‬ألف‬ ‫مليار لرية دون السلفات واالستثناءات‪.‬‬ ‫االتحاد العاميل العام لطاملا رفع مطالب‬ ‫يتصدرها رضورة رفع الحد األدىن لألجور ال‬ ‫سيام أنه يرى بتصحيحها السبيل الوحيد‬ ‫إلعادة الحد األدىن من حقوق العامل واستعادة‬ ‫الدورة االقتصادية‪ ،‬والحكومات كلها بحكم‬ ‫اطالع كامل عىل هذا‬ ‫االستمرارية عىل‬ ‫ٍ‬ ‫امللف‪ ،‬لذلك أكد االتحاد خالل لقائه رئيس‬ ‫الحكومة املكلف نجيب ميقايت عىل رضورة‬ ‫معالجة القضايا األكرث إلحاحاً يف هذا امللف‬ ‫من دون تباطؤ أو استمهال‪ ،‬ويف هذا السياق‬ ‫شدد عىل مسألة تصحيح األجور كمسألة‬ ‫أساسية ال ميكن تجاوزها يف أيّ مقاربة‬ ‫ّأن األجور خرست‬ ‫لألزمة االجتامعية‪ ،‬ذلك‬ ‫يف السنوات األربع املاضية أكرث من ‪ % 60‬من‬ ‫ّ‬ ‫التضخم‪ ،‬وبالتايل‬ ‫قدرتها الرشائية بسبب‬ ‫ّ‬ ‫فإن التصحيح الفوري لألجور من شأنه إطالق‬ ‫الدورة االقتصادية والح ّد من االنكامش الحاصل‪.‬‬ ‫كام رأى االتحاد أنه بات من واجب الحكومة وضع‬ ‫ّ‬ ‫التضخم‬ ‫الس ّلم املتح ّرك لألجور يف مواجهة‬ ‫والغالء موضع التنفيذ بحيث يؤدّي هذا الربط‬ ‫إىل ضبط األسعار ومنعها من الفلتان من‬ ‫خالل تطبيق قرار رفع سقف لتحديد نسب‬ ‫األرباح التجارية‪.‬‬ ‫خالل السنوات الثالث األخرية‪ ،‬دعا االتحاد‬ ‫اقتصادية‬ ‫بعناوين‬ ‫تحركات‬ ‫سلسلة‬ ‫اىل‬ ‫واجتامعية‪ ،‬إال أن غالبيتها اتسمت بالضعف‬ ‫وعدم التأثري‪ ،‬بسبب تقاطع وتشابك وتزامن‬ ‫تلك الدعوات مع تأجيج الرصاعات السياسية‪،‬‬ ‫وهذا ما نقل تداعيات الخالفات السياسية اىل‬ ‫صفوف الحركة النقابية‪ ،‬ورفع من حدة الخالفات‬ ‫واالنقسام ودفع خصومها اىل تجاهلها‪ ،‬يف‬

‫‪27‬‬

‫وقت كان يقترص العمل التعبوي باتجاه واحد‪.‬‬ ‫مجدداً‬ ‫األجور‬ ‫تصحيح‬ ‫قضية‬ ‫الواجهة‪...‬‬ ‫العامل يضغطون لزيادتها ورفع الحد األدىن‪،‬‬ ‫يرفض‬ ‫بعضها‬ ‫االقتصادية‬ ‫الهيئات‬ ‫فيام‬ ‫وبعضها يطالب بالرتوي‪.‬‬ ‫يف الواقع‪ ،‬الجميع متفقون عىل أن هذه‬ ‫متس األمن املعييش يف الصميم‪،‬‬ ‫القضية التي‬ ‫ّ‬ ‫تتخذ يف لبنان‪ ،‬كام غالبية القضايا‪ ،‬طابع‬ ‫املامطلة غري املقبولة وغري امل ّربرة‪ .‬ففي وقت‬ ‫ّ‬ ‫تضخم األسعار عرب السنوات‬ ‫تراكمت معدالت‬ ‫بنسب كبرية‪ ،‬مل تشهد األجور تصحيحاً منذ‬ ‫العام ‪ ،1996‬فيام لجأت الحكومة يف العام‬ ‫‪ 2008‬إىل إقرار زيادة مقطوعة بقيمة مئتي‬ ‫ألف لرية عىل األجور‪ ،‬ورفع الحد األدىن من ‪300‬‬ ‫ألف لرية إىل ‪ 500‬ألف‪ ،‬وحينذاك مل تكن هذه‬ ‫الزيادة عىل قدر طموحات العامل ومطالبهم‬ ‫واألهم أنها مل تكن عىل قدر الحاجات الفعلية‪.‬‬ ‫يف اآلونة األخرية‪ ،‬أعاد العامل طرح قضيتهم‬ ‫الدامئة هذه‪ ،‬والتي تفاعلت مع تشكيل‬ ‫الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقايت‪،‬‬ ‫فرفع االتحاد العاميل العام من وترية املطالبة‬ ‫بوضع هذا امللف يف صدارة األولويات التي مل‬ ‫تعد تحتمل التأجيل‪ ،‬وهذا ما أ ّكده رئيس االتحاد‬ ‫العاميل العام غسان غصن لـ “منرب التوحيد”‬ ‫يف حوار هنا نصه‪:‬‬ ‫لِ َم املطالبة اليوم برفع الحد االدىن لالجور؟‬ ‫مل نتوقف عن املطالبة برفع األجور يك‬ ‫تتالءم مع ارتفاع معدل التضخم الرتاكمي الذي‬ ‫بلغ نحو ‪ %120‬منذ ‪ ،1996‬وخصوصاً يف ظل‬ ‫االحتكارات السائدة بد ًءا من الدواء وصوالً اىل‬ ‫الحليب والقمح والنفط‪ .‬لكننا مل نغفل أبداً‬ ‫شق التقدميات االجتامعية‪ ،‬وزيادة الـ ‪ 200‬ألف‬ ‫لرية يف العام ‪ 2008‬مل نعتربها تصحيحاً لألجور‬ ‫ألنهم حاولوا من خاللها خداع املواطن اللبناين‬ ‫إىل‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫عرب إعطائه هذه الزيادة عىل قاعدة “العطية”‪،‬‬ ‫والقصد منها خدعة اقتصادية قدمتها حكومة‬ ‫الرئيس السنيورة المتصاص أزمة سياسية‪ ،‬أدّت‬ ‫إىل ارتفاع األسعار من دون أي رقابة‪ ،‬فاستهلكت‬ ‫تلك الزيادة فوراً يف السوق ألنها ليست مرفقة‬ ‫مبستلزمات استقرار األسواق‪ ،‬ما انعكس عىل‬ ‫أسعار السلع التي لحقها ارتفاعاً بنفس الوترية‬ ‫حينها‪.‬‬ ‫عىل أي أساس حددتم سقف املليون و‪250‬‬ ‫ألف لرية؟‬ ‫لقد اعتمدنا معيارين‪ :‬السلة االستهالكية‬ ‫املرتبطة بارتفاع األسعار ومعدالت التضخم‬ ‫وارتفاعها وانعكاس التضخم العاملي عىل‬ ‫التضخم الداخيل من خالل مامرسة سياسات‬ ‫االحتكار خصوصاً للسلع األساسية‪ ،‬ودراسة‬ ‫الـ‪ UNDP‬عن كلفة املعيشة يف الـ ‪ 2004‬التي‬ ‫خلصت اىل تحديد ‪ 1200‬دوالر حداً أدىن‪ .‬حاولت‬ ‫الحكومات السابقة إخفاءها رغم أهميتها يف‬ ‫تحديد نسبة الفقر يف لبنان بـ ‪( % 48‬بينهم ‪%8‬‬ ‫يعجزون عن توفري الغذاء)‪ .‬كذلك‪ ،‬حددت الفقر‬ ‫لدى األرس قياساً باملداخيل‪ ،‬فأظهرت أن من هم‬ ‫تحت الحد األدىن للفقر يتقاضون بني ‪ 2‬و‪ 4‬دوالرات‬ ‫يومياً‪ ،‬بينام يتقاىض من هم تحت الحد األقىص‬ ‫للفقر بني ‪ 4‬و‪ 8‬دوالرات‪.‬‬ ‫هل من قدرة عىل تحقيق مطلب زيادة األجور‪،‬‬ ‫أال تعتقد أن هذا طرح غري واقعي قياساً عىل‬ ‫وضع املالية العامة؟‬ ‫املواطن ليس مسؤوالً عن ضبط األسعار‬ ‫بل الدولة‪ ،‬ألنها هي َمن ميلك اإلجراءات‪ .‬عليها‬ ‫أن تحدد املخالفات وتقمع املخالفني وتحدد هوامش‬ ‫األرباح عىل السلع االستهالكية‪ .‬فال نعلم لِ َم‬ ‫يرتفع السكر مثال ‪ 20‬و‪ %30‬بني أسبوع وآخر‪ .‬هذا‬ ‫عمل احتكاري عىل غرار احتكار القمح والتحكم‬ ‫تالياً برغيف الخبز‪ .‬نطالب برفع الحد األدىن وزيادة‬ ‫التقدميات االجتامعية‪ ،‬ومنها بدل النقل (من ‪8‬‬ ‫اىل ‪ %16‬اي اىل ‪ 10‬دوالرات) وزيادة منح التعليم‪،‬‬ ‫يف انتظار إقرار خطة للنقل العام ليعتمدوا‬ ‫مناذج عاملية يك ال يزيد انتظارنا‪.‬‬ ‫من هنا الحل يجب أن يكون شام ًال يف إطار‬ ‫إعادة الدورة االقتصادية الفعلية‪ .‬وهذا يستلزم‬ ‫تحفيز قطاعات اإلنتاج (صناعة‪ ،‬زراعة‪ ،‬خدمات‬ ‫سياحية‪ ،‬عقار‪ .)...‬فاألسهل هو القطاع الريعي‬ ‫الذي يدفع النمو الريعي وليس الشامل اىل ‪ 6‬و‪7‬‬ ‫‪ ،%‬وهو ليس منواً حقيقياً ألنه ال يقيس النسبة‬ ‫الكلية التي ال تتعدى وفق تقديراتنا الـ ‪( % 4‬منو‬ ‫فعيل)‪ .‬عل ًام أن منو القطاع الريعي غري كاف لدفع‬ ‫االقتصاد نحو التقدم والفاعلية‪.‬‬ ‫هل يجب أن تزيد الدولة نسبة األجور بنفس‬ ‫نسبة زيادة التضخم؟ وإذا تجاوبت الحكومة‪،‬‬ ‫يدرك املواطن أن األسعار سرتتفع الحقا لتأكل‬ ‫الزيادة‪ ...‬أ ّين االتحاد العاميل العام من رصخة‬ ‫هؤالء الناس‪ ،‬اال تعتقد انكم يف وادي وبأن‬ ‫العامل واملواطنني يف وادي آخر؟‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫إن تصحيح األجور التي وصل إليها املعدل‬ ‫الرتاكمي للتضخم والبالغ ‪ % 120‬هو السبيل‬ ‫الوحيد اليوم أمام الحكومة ليس فقط إلعادة‬ ‫الحد األدىن من الحقوق للعامل وذوي الدخل املحدود‪،‬‬ ‫بل وكذلك من أجل استعادة الدورة االقتصادية‬ ‫يف البالد حيويتها وقدرتها عىل االستمرار‪،‬‬ ‫كام أن املبارشة مبعالجة الوضع القائم والخطري‬ ‫يف الصندوق الوطني للضامن االجتامعي يقع‬ ‫يف نفس سلم األولوية‪ .‬فمن املهني أن يصبح‬ ‫مطلب الشعب اللبناين الدائم الحق بالحصول‬ ‫عىل كهرباء عىل مدار الساعة‪ ،‬واالنتهاء من‬ ‫عبء كلفة أسعار املولدات الخاصة والفواتري‬ ‫املضاعفة من مياه إىل االتصاالت والنقل مع‬ ‫أسعار املحروقات الباهظة التي أكلت الحد األدىن‬ ‫لألجور ويف غياب تطبيق خطة النقل الوطنية‬ ‫الشاملة التي تعزز النقل املشرتك وتؤمن نقل‬ ‫املواطنني من أماكن سكنهم إىل موقع عملهم‪،‬‬ ‫وذلك ينطبق عىل السياسات الصحية والرتبوية‬ ‫وحامية القطاعات اإلنتاجية ودعمها وتخصيص‬ ‫ما يكفي من األموال من أجل املشاريع اإلنتاجية‬ ‫وتحقيق النمو الحقيقي والتنمية املستدامة التي‬ ‫تستوعب آالف من الشبان الوافدين إىل سوق‬ ‫العمل‪.‬‬ ‫من هنا ال يكفي أن تنظر الحكومة اىل األمور‬ ‫من خالل محارض ضبط‪ ،‬ويبقى من حررت‬ ‫فيهم هذه املحارض مجهولني‪ ،‬يجب أن يعلن‬ ‫عمن يضبط مبخالفة خاصة إن كانت متعلقة‬ ‫بالغذاء أو املعايري أو األوزان أو بفساد املواد‪ ،‬ألن كل‬ ‫هذه املواضيع تصب يف كيفية تحفيز االقتصاد‬ ‫اللبناين ليضطلع بدور تنافيس‪.‬‬ ‫إن بدعة اقتصاد السوق ليست مطلقة‪ ،‬وأي‬ ‫نظام اقتصادي يخضع اىل ضوابط‪ ،‬بد ًءا من‬ ‫الضابط األخالقي وصوالً اىل الضابط القانوين‬ ‫اللذين يحميان املواطن اللبناين من االحتكار‪.‬‬ ‫ماذا عن البنزين وموضوع دعم السائقني‬ ‫العموميني؟‬ ‫موضوع البنزين ال يرتبط فقط بالسائق‬ ‫العمومي بل أيضاً مرتبط مبادة اسرتاتيجية يف‬ ‫حياة املواطن‪ ،‬وتنعكس حركتها التصاعدية عىل‬ ‫السلع‪ ،‬وبالتايل هو موضوع ُينظر إليه ليس من‬ ‫باب وارد خزينة كام فعلت وزيرة املال السابقة‬ ‫ريا الحسن بقدر ما هو محفز مهم لالقتصاد‪،‬‬ ‫لذلك املطلب الوحيد يف موضوع البنزين يبقى‬ ‫يف وقف تحميل املواطن عبء الرضيبة‪ ،‬ال سيام‬

‫‪28‬‬

‫رضيبة املحروقات التي هي مزدوجة أي الرضيبة‬ ‫عىل القيمة املضافة ورضيبة رسم االستهالك‬ ‫الداخيل والتي تتعدى اليوم تسعة آالف لرية‪،‬‬ ‫وإعفاء املواطن محدود الدخل من هذه الرضيبة‬ ‫املرتفعة من شأنه تخفيف العبء عنه‪ ،‬ووضع‬ ‫سقف ألسعار املحروقات‪ ،‬والحل املرحيل هو اإلبقاء‬ ‫عىل سعر ‪ 25000‬لرية عىل البنزين‪ ،‬ريثام يصبح‬ ‫هناك نقل مشرتك‪ ،‬يحل مشكلة السائقني يف‬ ‫لبنان خاصة وأن ‪ %80‬من املواطنني يتنقلون يف‬ ‫سياراتهم الخاصة الصغرية الحجم وذات املرصوف‬ ‫القليل للبنزين والكبرية الفائدة للبنوك حتى‬ ‫يتمكنوا من الوصول اىل وظائفهم ألن سياسات‬ ‫حكوماتنا املتعاقبة مل تفكر يوماً بالنقل العام‬ ‫الذي مرشوعه مشلوح يف غياهب أدراج مجلس‬ ‫الوزراء الذي أول ما يشتمل عليه هو خطة نقل‬ ‫شاملة من العاصمة اىل املناطق واملحافظات‬ ‫والقرى بالكلفة األدىن يف النقل والسعر األقل‪،‬‬ ‫هذه هي سياسة الحل الجزيئ املطلوبة حالياً‪ ،‬ال‬ ‫النتائج واملردود اإلقتصادي أو االجتامعي أو غريه‪.‬‬ ‫ولكن خطة النقل العام تصل دامئاً اىل‬ ‫طريق مسدود جراء املحسوبيات السياسية‬ ‫التي تدعم النقل الخاص‪ ،‬كيف سيتم العمل‬ ‫يف هذا املوضوع؟‬ ‫إذا أصبح السياسيون تجاراً‪ ،‬البلد يصبح يف‬ ‫خطر بحيث يصبح النظام نظاماً «أوليغارشياً»‬ ‫يقوم عىل حكم التجار‪ ،‬ولكن أعتقد أن االتجاه‬ ‫ال يصب يف ذلك األمر‪ ،‬الذي باء بالفشل عندما‬ ‫حاول الرأسامليون أن يتحكموا باالقتصاد وأدى‬ ‫اىل ما أدى إليه من خضات‪.‬‬ ‫لذلك األمنان االقتصادي واالجتامعي يوازيان‬ ‫األمنان السيايس والعسكري‪ ،‬والسالم الداخيل‬ ‫مبني عىل مقومات تحسني الوضع املعييش‬ ‫وتأمني سياسة عامة وبناء وطن يحتضن أبناءه‬ ‫ويوفر لهم فرص العمل‪.‬‬ ‫أما يف موضوع النقل العام‪ ،‬فإننا نتابع هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬وإذا كان هناك نية وإرادة يف التحسني‬ ‫والتطوير فال تنعدم الوسيلة‪ ،‬وتجارب الناس‬ ‫تعلم بعضها البعض‪ ،‬ولكن اإلرادة هي األهم يف‬ ‫إنشاء الدولة أو اإلبقاء عىل املزرعة‪ .‬ففي جميع‬ ‫دول العامل ال يوجد نقل عام يغطي كل النقل‪،‬‬ ‫هناك نقل عام يغطي خطوط الطول والعرض‬ ‫واملرتكزات وهو مستكمل بالنقل الخاص‪ ،‬والدليل‬ ‫عىل ذلك ما عرضناه يف خطتنا للنقل من تأمني‬ ‫مواقف ومراكز للنقل الخاص بحيث يأيت املواطن‬ ‫بسيارته إليه ومنه ينطلق بالنقل العام اىل‬ ‫العاصمة‪ ،‬وبذلك نحل مشكلة ازدحام السري‬ ‫ومرصوف البنزين‪.‬‬ ‫إذا خفضت الحكومة أسعار البنزين والخليوي‬ ‫والسلع الغذائية‪ .‬هل يبقى مربر لرفع الحد‬ ‫االدىن؟‬ ‫األجور قيمة لسد حاجات الناس‪ .‬ال نبحث‬ ‫عن أرقام بل عن قيمة‪ .‬تحفيز االقتصاد يبدأ من‬ ‫األجور التي ترتكز قيمتها عىل أنها منتجة أي‬

‫تتيح فرص عمل‪ ،‬ومستهلكة يف الوقت عينه‪.‬‬ ‫إذا مل تشأ الحكومة رفع األجور‪ ،‬فعليها أن تجمد‬ ‫الرضائب‪ ،‬مثل رسوم امليكانيك والرسم البلدي‬ ‫ورسم االستهالك الذي ندفعه مرتني (مع رضيبة‬ ‫القيمة املضافة) يف مخالفة للقانون‪ ،‬وتأمني‬ ‫تقدميات اجتامعية وصحية مالمئة للمواطن‬ ‫اللبناين‪.‬‬ ‫ماذا يف محصلة املطالبة برفع األجور؟ وهل‬ ‫من مطالب أخرى؟‬ ‫مطلب تصحيح األجور يبقى املطلب األكرث‬ ‫إلحاحاً أمام الوزراء لطرحه يف مجلس الوزراء‪ ،‬من‬ ‫هذا القسم يأيت أوال االتحاد العاميل العام الذي‬ ‫لديه سلة من املطالب األساسية من أبرزها‪:‬‬ ‫‪ -1‬تصحيح الحد األدىن لألجور ليصل اىل ‪1.2‬‬ ‫مليون لرية‪.‬‬ ‫‪ -2‬تصحيح الوضع املايل واإلداري للصندوق‬ ‫الوطني للضامن االجتامعي وتنفيذ قانون التقاعد‬ ‫والحامية االجتامعية (قانون الشيخوخة)‪.‬‬ ‫‪ -3‬إرساء سياسة اجتامعية واضحة املعامل‬ ‫تؤدي اىل تأمني فرص عمل‪ ،‬الحد من البطالة‬ ‫ومعالجة أسباب ومسببات الفقر (عقد آمان‬ ‫اجتامعي)‪.‬‬ ‫‪ -4‬تصويب السياسات االقتصادية واملالية‬ ‫والرضيبية‪.‬‬ ‫‪ -5‬إطالق املجلس االقتصادي واالجتامعي‪.‬‬ ‫تم البحث فيها ليكون االقتصاد‬ ‫كل هذه األمور ّ‬ ‫يف خدمة املجتمع وليس العكس‪.‬‬ ‫كيف تقيمون جولتكم للجهات الرسمية‪،‬‬ ‫هل من تجاوب؟ ومباذا تربرون رفض جمع ّية‬ ‫الصناعيني خطوة املطالبة برفع الحد األدىن‬ ‫لألجور إىل مليون و‪ 250‬ألف لرية؟‬ ‫عىل مستوى املسؤولني بد ًءا من زيارتنا لرئيس‬ ‫الجمهورية ميشال سليامن ورئيس الحكومة نجيب‬ ‫ميقايت وكافة الوزراء املعنيني كان للجميع قراءة‬ ‫عميقة وحقيقية لألوضاع املعيشية املرتدية‬ ‫وتداعيات نسب التضخم املرتفعة‪ ،‬واعرتفوا ال بل‬ ‫أ ّيدوا االتحاد العاميل العام يف مطالبته ملعالجة‬ ‫أزمة الغالء املعييش يف موازاة تصحيح األجور‬ ‫مبسؤولية واملطالبة ستُستكمل بحوار يجمع‬ ‫وزير العمل مبمثيل العامل وأصحاب العمل‬ ‫والنقابات والجمعيات والتجار لدراسة اإلنفاق‬ ‫ولزوم اإلمكانية‪.‬‬ ‫أما عىل مستوى أصحاب العمل بشكل عام‬ ‫فام قالوه بأن رفع الحد األدىن سيفلس نحو‬ ‫‪ %60‬من املؤسسات‪ ...‬جاء قبل أن نضغط من‬ ‫أجل الزيادة‪ ،‬ألنهم شكوا من اقتصاد “مكربج”‬ ‫ألسباب سياسية‪ ،‬ويحاولون اليوم إلقاء الالمئة‬ ‫عىل األجور‪ ،‬وبالرغم من رفضهم إال أن موقفهم‬ ‫هذه املرة أقل حدة بكثري باستثناء ما صدر عن‬ ‫رئيس غرفة التجارة يف جبل لبنان وبريوت نقوال‬ ‫شامس حيث كان كالمه إيجابياً والمس املوضوع‬ ‫من وجهة علمية‪.‬‬ ‫كام ّأن شكوى الصناعيني من األزمة االقتصادية‬

‫التي يعانونها‪ ،‬إضافة إىل تراجع إمكان ترصيف‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬ناتج من انعدام القدرة الرشائية للمواطن‪،‬‬ ‫وتردي الصناعة اللبنانية وعدم قدرتها عىل‬ ‫املنافسة ما جعلنا نتطلع اىل الجانب االقتصادي‬ ‫من املوضوع وليس االجتامعي فحسب‪ .‬ونعترب‬ ‫أن انعدام القدرة الرشائية هي معرقل لقطاعات‬ ‫اإلنتاج وتالياً للكساد يف األسواق واستطراداً‬ ‫البطالة‪ ،‬التي تصل اىل ‪ %25‬وتشمل الذين فقدوا‬ ‫وظائفهم والخريجني الوافدين اىل سوق العمل‪.‬‬ ‫ورمبا ستزيد يف ظل األزمة األمريكية واألوروبية‬ ‫التي تهز العامل حالياً‪.‬‬ ‫فال حامية حقيقية لقطاعاتنا اإلنتاجية‬ ‫يف مقابل سياسة اإلغراق التي تتعرض لها‬ ‫منتجاتنا الوطنية‪ .‬لقد أزلنا الحواجز‪ ،‬وركضنا‬ ‫نحو الرشاكات واتفاقات التجارة الحرة قبل نضوج‬ ‫قدرتنا التنافسية‪ ،‬بينام تعتمد الدول صاحبة‬ ‫القرار حواجز عدة ملنع إغراق أسواقها‪ .‬فإذا أردنا‬ ‫تعزيز النمو‪ ،‬علينا تلبية متطلباته لنصل اىل‬ ‫خفض كلفة اإلنتاج حيث تأيت اليد العاملة‬ ‫يف املرتبة السابعة أو الثامنة قياساً لغريها من‬ ‫األكالف اإلنتاجية ومنها كلفة الفوائد والطاقة‬ ‫واالتصاالت‪ ،‬لذلك فاملقاربة يف هذا املوضوع‬ ‫مفتوحة‪ ،‬والحوار بدأ‪ ،‬واألمر مرتوك للنقاش‬ ‫الذي عىل ضوئه سيجتمع املجلس التنفيذي‬ ‫لالتحاد العاميل العام ليتخذ القرارات املالمئة‬ ‫واملناسبة‪.‬‬ ‫الكالم عن تصحيح الحد األدىن يحتاج إىل‬ ‫ّ‬ ‫واالطالع عىل تفاصيله‪ ،‬ولكن‬ ‫صدور املرسوم‬ ‫حتى اآلن مل يتم إعادة النظر به‪ ،‬فهل ينفع‬ ‫النقاش بعد صدور املرسوم؟‬ ‫عادة وتاريخياً عشية إصدار املرسوم يكون‬ ‫حام جداً بني أطراف النقاش ويف‬ ‫هناك نقاش‬ ‫ٍ‬

‫‪29‬‬

‫النهاية يصدر املرسوم ويكون أقل من الطموح‬ ‫الذي لدينا‪ ،‬وأكرث من رغبات أصحاب العمل‬ ‫ويؤمن مصلحة عامة ما‪ ،‬وبالرغم من إصدار‬ ‫املرسوم ورفع الحد األدىن لألجور أو تصحيحها‬ ‫فإن دور االتحاد العاميل العام يستوجب االستمرار‬ ‫باملطالبة بحقوق العامل إلعادة التوازن االجتامعي‬ ‫واالقتصادي بحيث نر ّكز بشكل ملح عىل األجور‬ ‫مرة‪ ،‬وعىل موضوع التقدميات مرة أخرى أو نذهب‬ ‫باتجاه الرضائب لتخفيض العبء الرضيبي‪ ،‬ويف‬ ‫ظل هذه املطالبة نؤمن مطلباً من سلة املطالب‬ ‫التي طرحناها‪.‬‬ ‫هل سيتكرر سيناريو العام ‪ 2008‬إذا مل‬ ‫تن ّفذ املطالب؟‬ ‫ّإن زيادة الـ ‪ 200‬ألف لرية آنذاك‪ ،‬كانت خدعة‬ ‫المتصاص أزمة سياسية‪ ،‬أدّت إىل ارتفاع األسعار‬ ‫من دون أي رقابة‪ ،‬ومنع تكرار هذا الوضع اليوم‬ ‫هو من مسؤولية الحكومة‪ ،‬وحت ًام سنلجأ اىل‬ ‫اإلرضاب إذا مل تن ّفذ مطالبنا وبدون فرتة سامح‬ ‫لهذه الحكومة إذا مل تبدأ فوراً مبعالجة املسائل‬ ‫والتعليمية‬ ‫والصحية‬ ‫واالقتصادية‬ ‫املعيشية‬ ‫املسؤولة عنها تجاه مواطنيها‪ ،‬وإذا مل تتمكن‬ ‫هذه الحكومة من ترجمة شعارها «كلنا للوطن‬ ‫كلنا للعمل» فإننا سنعلن اإلرضاب والتظاهر‬ ‫عرب استعامل كافة الوسائل السلمية التي‬ ‫ينص عليها الدستور ويعطينا الحق فيها‪.‬‬ ‫االتحاد متهم بالتسييس‪ .‬هل موقفكم اليوم‬ ‫ينفي هذه الصبغة؟‬ ‫أهمية االتحاد العاميل العام أنه اتحاد‬ ‫كونفدرايل‪ ،‬وإذا كانت كلمة سياسة تعني «إدارة‬ ‫شؤون الناس»‪ ،‬فاالتحاد مس ّيس ومنحاز اىل الفئة‬ ‫التي ميثل‪ ،‬وهي املرتوكة ممن يديرون الشأن العام‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬يقوم االتحاد بهذا الدور يف معزل عمن هم‬ ‫يف السلطة‪.‬‬ ‫أخريا‪ ،‬مثة أسئلة كثرية تطرح منها‪ :‬كيف‬ ‫ميكن أكرث من ‪ % 65‬من الشعب اللبناين‪،‬‬ ‫الذي يقبع عند خط الفقر أن يكون قادراً عىل‬ ‫تأمني لقمة عيشه ولقمة عيش أوالده بعدما‬ ‫شهدت املواد الغذائية ارتفاعا جنونياً لألسعار‬ ‫بلغ أكرث من ‪% 50‬؟ وكيف ألبناء هذه الطبقة‬ ‫أن يتحملوا تكاليف السكن التي أصبحت‬ ‫مشابهة لتكاليف السكن يف بلدان يبلغ الحد‬ ‫األدىن لألجور فيها أكرث من ضعفي الحد األدىن‬ ‫لألجور يف لبنان؟ وكيف لهؤالء أن يتنقلوا من‬ ‫مكان إىل آخر‪ ،‬أقله إىل مكان عملهم‪ ،‬بعدما‬ ‫أصبح سعر صفيحة البنزين حواىل ‪ 36‬ألف‬ ‫لرية‪.‬‬ ‫ال شك أن الوقت حان لتستوي «طبخة»‬ ‫تصحيح األجور‪ ،‬ولكن أيضاً ال ب ّد أن يكون ذلك‬ ‫عىل نار هادئة يك ال تحرتق هذه «الطبخة»‪،‬‬ ‫فتحرق العامل وأصحاب العمل وبالتايل‬ ‫االقتصاد‪...‬‬

‫إعداد وحوار ليديا أبودرغم‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬

‫ذهب لبنان األسود معادلة جيوسياسية جديدة في المنطقة‬ ‫مرسمة وفق القانون ولن نسمح باإلعتداء عليها‬ ‫أبو خليل‪ :‬حدودنا البحرية‬ ‫ّ‬ ‫الحكومة التزمت إصدارها بمراسيم قبل نهاية ‪2011‬‬ ‫القصة تبدأ يف خمسينيات القرن الفائت‪،‬‬ ‫والدراسة األوىل حول احتامل وجود النفط‬ ‫والغاز يف لبنان تعود اىل مطلع القرن الفائت‬ ‫عندما نفذ العاملان دوموفل وبالكنهورن‬ ‫دراسة جيولوجية مل تكتمل‪ ،‬وتالهام العامل‬ ‫الفرنيس لويس دوبورتريه الذي أكمل املهمة‬ ‫من دون إنجاز دراسة جيوفيزيائية تسمح بحفر‬ ‫آبار تجريبية تحدد كمية املخزون‪ .‬وأول عملية‬ ‫تنقيب فعلية عن النفط يف لبنان حققتها‬ ‫“رشكة نفط العراق” يف العام ‪ 1948‬يف جبل‬ ‫تربل (شامل لبنان) وقد اكتشفت الرشكة‬ ‫مواد برتولية‪ ،‬وظهرت بعدها البرئ الواقعة عند‬ ‫سفح الجبل من دون أن تعرف األسباب‪.‬‬ ‫ويف أكرث من مقابلة صحفية أ ّكد العامل‬ ‫اللبناين الراحل الدكتور غسان قانصوه أن‬ ‫تجارب حفر الحقة ن ّفذتها رشكة “غيتي‬ ‫أويل” التي كانت متلك نصف “رشكة الزيوت‬ ‫اللبنانية”‪ .‬وقد جرى حفر آبار تجريبية يف لبنان‬ ‫يف العام ‪ ،1953‬وثبت بالدليل القاطع‪ ،‬أن األرض‬ ‫اللبنانية تزخر بالبرتول والرثوات املعدنية‬ ‫تفجر الغاز من البرئ التي حفرت يف‬ ‫والغاز‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ُيحمر بطاقة ‪ 50‬مرتاً مكعباً يف اليوم‪ ،‬تحت‬ ‫ضغط ‪ 50‬جوية (‪ ،)Atmosphère‬ومن ثم ُطمرت‬ ‫البرئ‪ .‬كام حفرت إحدى الرشكات األملانية يف‬ ‫العام ‪ 1960‬لحساب الرشكة اللبنانية للزيوت‬ ‫برئاً يف منطقة القاع اىل عمق ‪ 2557‬مرتاً‪،‬‬ ‫وحفرت الرشكة عينها يف العام ‪ 1963‬برئاً‬ ‫تفجر منها الغاز عىل عمق‬ ‫يف بلدة ُسحمر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ 180‬مرتاً تحت األرض عىل الطبقة الجيولوجية‬ ‫نفسها‪ ،‬املوازية لآلبار الغازية يف سوريا وتركيا‬ ‫والعراق‪ .‬كام حفرت برئاً يف منطقة عدلون‬ ‫جنوب مدينة صيدا‪.‬‬ ‫يف هذا اإلطار قامت رشكة إيطالية هذه‬ ‫املرة لحساب الرشكة اللبنانية للزيوت يف‬ ‫العام ‪ 1963‬بحفر برئين إحداهام يف منطقة‬ ‫تل ذنوب واألخرى يف منطقة ُسحمر البقاعية‪،‬‬ ‫كام جرت محاوالت فردية يف منطقة عربين‬ ‫(رشق بلدة البرتون) من قبل رشكة ريشارد‬ ‫شاهني بواسطة متعهد محيل‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬أجرت رشكات أملانية‬ ‫دراسات جيوفيزيائية يف الهرمل يف منتصف‬ ‫القرن املايض‪ ،‬وتبينّ وجود نفط وغاز‪ .‬وعاودت‬ ‫رشكة بلغارية التنقيب قرب قاموع الهرمل‬ ‫يف العام ‪ ،1982‬وأكدت أنه عُ رث عىل النفط‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الخام عىل عمق ‪ 380‬مرتاً‪.‬‬ ‫ويف الفرتة املمتدة من العام ‪ 1953‬اىل العام‬ ‫‪ ،1966‬نشطت عمليات البحث والتنقيب يف‬ ‫عدة مناطق لبنانية‪ ،‬لكن النتائج مل تأت عىل‬ ‫مستوى التوقعات‪ ،‬وبالتايل مل ترث شهية‬ ‫الرشكات العاملية‪ ،‬فرتاجع االهتامم باملوضوع‬ ‫يف حينه‪ ،‬لكنه مل يتوقف‪ ،‬إذ ّ‬ ‫ظل مثار جدل‬ ‫بني الحني واآلخر‪.‬‬ ‫وقد أعيد طرح ملف البرتول والغاز يف‬ ‫وتم تكليف رشكة “سبكرتوم”‬ ‫العام ‪،2003‬‬ ‫ّ‬ ‫إجراء املسح الزلزايل الثنايئ البعد‪ ،‬ثم ك ّلف‬ ‫املكتب االستشاري “دوي باألنتني” باقرتاح‬ ‫من مجلس الخصخصة بإعداد مرشوع قانون‬ ‫التنقيب عن النفط والتعاقد مع اختصاصيني‬ ‫الستكامل مراحل العمل وصوالً اىل التنقيب‪،‬‬ ‫ورىس االختيار عىل رشكة “أي يت إنرجي”‪،‬‬ ‫التي أشارت اىل أن املطلوب السري يف اتجاهني‪:‬‬ ‫تم‬ ‫إجراء املسح وترسيم الحدود البحرية‪ ،‬الذي ّ‬ ‫عن طريق التعاقد مع املعهد العاملي لدراسة‬

‫‪30‬‬

‫البحار “ساوث هامبتون”‪ .‬املعهد أجرى بدوره‬ ‫تحديداً للمواقع انطالقاً من نتائج املسح‬ ‫الزلزايل للمياه اإلقليمية فض ًال عن تحديد‬ ‫املناطق االقتصادية وتقسيمها اىل مقاطع‪،‬‬ ‫تم‬ ‫ودعا اىل وضع قانون للتنقيب‪ .‬بعد ذلك ّ‬ ‫التعاقد مع رشكة “‪ ”ECL‬لتقدير حجم املخزون‪،‬‬ ‫وجاءت النتيجة‪ :‬توافر الغاز والنفط‪ .‬وملزيد من‬ ‫التأكد استعني برئيس مركز البحوث العلمي‬ ‫الذي توافرت لديه يف ذلك الوقت منحة‬ ‫فرنسية ضمن مرشوع “شاليامر”‪ ،‬أجري‬ ‫مبوجبه مسح جديد للساحل لهدف مزودج‪:‬‬ ‫دراسة الزالزل واملسح الجيولوجي‪ ،‬وقد جاءت‬ ‫النتيجة مزدوجة‪ :‬وجود البرتول والزالزل‪ ،‬وكانت‬ ‫متطابقة مع نتائج املسوحات السابقة‪.‬‬ ‫إقرار مجلس النواب قانون التنقيب عن النفط‬ ‫(‪ )2010/8/17‬شكل حدثاً سياسياً واقتصادياً‬ ‫يف آن‪ ،‬ومرشوع مواجهة مع “إرسائيل” التي‬ ‫سبقت لبنان اىل التنقيب يف مياه املتوسط‬ ‫بهدف حرمانه حقوقه النفطية‪ .‬ورغم أن‬

‫لبنان قطع شوطاً يف عملية الرتسيم‪ ،‬فإنه‬ ‫ال يزال يحتاج اىل تسجيل هذا الرتسيم لدى‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬من أجل تكريس حقوقه ومنع‬ ‫“إرسائيل” من نهبها‪.‬‬ ‫ويف دراسة نرشتها مجلة الجيش اللبناين‬ ‫تأكيد عىل توافر الغاز والنفط عىل السواء يف‬ ‫املياه اللبنانية استناداً اىل مجموعة تقارير‬ ‫آخرها الصادر عن رشكة ‪ ECL‬اإلنكليزية الذي‬ ‫تم تحديد‬ ‫أ ّكد وجود املادتني‪ .‬ويشري التقرير اىل أنه ّ‬ ‫‪ 87‬برئاً ويربز العمل عىل ‪ 12‬منها وجود كميات‬ ‫ال تقل عن ‪ 18‬مليار برميل‪ .‬ووفق تقديرات خرباء‬ ‫النفط‪ ،‬إن مردود ‪ 18‬مليار برميل لن يقل عن‬ ‫‪ 54‬مليار دوالر حداً أدىن (عىل أساس احتفاظ‬ ‫الدولة مبا يعادل ‪ 30‬دوالراً بعد حسم تكاليف‬ ‫كل برميل)‪ .‬إ ّال أن لبنان لن يتم ّكن من اإلفادة‬ ‫من ثروته هذه قبل ‪ 8‬سنوات عىل األقل من‬ ‫إقرار القانون وبدء استدراج العروض للرشكات‬ ‫املهتمة بالتنقيب‪ .‬الخطوات املقبلة لن تكون‬ ‫صعبة باعتبار أن املواقع موجودة ومحددة‪ ،‬إمنا‬ ‫املطلوب ربطها بعضها ببعض‪ ،‬عىل قاعدة‬ ‫توزيع عادل فيام بينها وإجراء استدراج العروض‬ ‫لعمليات التنقيب‪ ،‬وتحضري البنى التحتية‬ ‫للحفر والتخزين‪ ،‬وأخرياً االستخراج وتحديد‬ ‫األرباح وتوزيعها‪.‬‬ ‫والنتيجة األوىل‪ ،‬كام هو معروف‪ ،‬كانت‬ ‫تصاعد حدة التوتر بني لبنان و”إرسائيل”‬ ‫نتيجة الخالف عىل الحدود البحرية‪ .‬والخالف بدأ‬ ‫بعدما قدمت الحكومة اإلرسائيلية خريطة اىل‬ ‫األمم املتحدة مختلفة عن الخريطة التي أعدها‬ ‫لبنان استناداً اىل اتفاقية الهدنة املوقعة‬ ‫يف العام ‪ .1949‬والخريطة اإلرسائيلية تنطلق‬ ‫من االتفاق املوقع بني “إرسائيل” وقربص يف‬ ‫العام ‪ 2010‬لرتسيم الحدود البحرية‪ ،‬وهو بدوره‬ ‫يختلف عن االتفاق املوقع بني لبنان وقربص يف‬ ‫العام ‪.2007‬‬ ‫من هذه النقطة بالذات دخل “حزب الله”‬ ‫عىل الخط محذراً “إرسائيل” من التنقيب يف‬ ‫املنطقة املتنازع عليها‪.‬‬ ‫التجاذب اللبناين ـ اإلرسائييل بأبعاده‬ ‫األمنية واالقتصادية طبيعي يف الظروف التي‬ ‫طبيعي أيضاً التجاذب‬ ‫تعيشها املنطقة‪.‬‬ ‫اآلخر بني دول املنطقة والرشكات العاملية عىل‬ ‫استثامر حقول الغاز والنفط اللبنانية بعدما‬ ‫أظهر بحث للمعهد الجيولوجي األمرييك‬ ‫أن الحوض الرشقي للمتوسط (لبنان ضمناً)‬ ‫يحوي مخزوناً هائ ًال من الغاز ميكن مقارنته‬ ‫بأكرب مناطق الغاز يف العامل (روسيا وقطر‬ ‫وإيران مثال) يقدر بحواىل ‪ 122‬تريليون قدم‬ ‫مكعب من الغاز و‪ 1,7‬مليار برميل نفط‪.‬‬ ‫ويتعلق الخالف البحري اللبناين ‪ -‬اإلرسائييل‬ ‫بالطرف الغريب الجنويب من الحدود مع قربص‪،‬‬ ‫حيث يؤكد لبنان أن “إرسائيل” دفعت نقطة‬ ‫العالم الحدودية البحرية ‪ 15‬كيلومرتاً شامالً‪،‬‬

‫مام جعلها تقضم ما يزيد عىل ‪ 850‬كيلومرتاً‬ ‫مربعاً‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫البحرية‬ ‫املنطقة‬ ‫من‬ ‫ويقول املسؤولون اللبنانيون إن لبنان خطط‬ ‫منطقته بحسب اتفاقية األمم املتحدة لقانون‬ ‫البحار‪ ،‬وهي االتفاقية التي مل توقع عليها‬ ‫“إرسائيل”‪.‬‬ ‫فالحدود البحرية بني لبنان و”إرسائيل”‬ ‫تنقسم اىل قسمني‪ :‬أحدهام الخط الذي يبعد‬ ‫عن شواطئ البلدين مبسافة ‪ 12‬مي ًال‪ ،‬وللبنان‬ ‫و”إرسائيل” مطلق السيطرة عىل جانبي‬ ‫هذا الخط‪ ،‬أما الخط الثاين الذي يزيد طوله‬ ‫عن ‪ 100‬ميل تقريباً‪ ،‬واملعروف بـ “املنطقة‬ ‫االقتصادية الخاصة”‪ ،‬أو “املياه االقتصادية”‪،‬‬ ‫فيشمل املنطقة التي تنفرد بها كل دولة عىل‬ ‫حدة بحقوقها االقتصادية فيها‪ ،‬مثل الرثوات‬ ‫الطبيعية كالبرتول والغاز وحقها يف الصيد‬ ‫وغريه‪.‬‬ ‫ويف كانون الثاين من العام ذاته قدم لبنان‬ ‫إخطاراً آخر يتضمن ترسي ًام للخط الغريب‬ ‫من مياهه االقتصادية‪ ،‬أو بعبارة أخرى حدوده‬ ‫البحرية مع قربص‪ ،‬ومل يشمل الخط اللبناين‬ ‫مناطق استخراج الغاز الضخمة “تامار”‪ ،‬و‬ ‫“ليفتنان”‪ ،‬التي متارس نشاط استخراج الغاز‬ ‫منهام رشكات طاقة أرسائيلية‪.‬‬ ‫ببساطة‪ ،‬أخطأ لبنان يف ترسيم الحدود‬ ‫االقتصادية البحرية الخالصة بينه وبني قربص‪،‬‬ ‫حيث نفذت “إرسائيل” عرب هذا الخطأ برسعة‪،‬‬ ‫وو ّقعت اتفاقية مع قربص تقضم فيها نحو‬ ‫‪ 5‬كيلومرتات من الحقوق اللبنانية‪ .‬مساحة‬ ‫يف البحر ليست بسيطة أبداً‪ ،‬بل ُتعترب يف‬ ‫مجاالت استكشاف حقول املوارد النفطية‬ ‫شاسعة ج ّداً‪ ...‬كلفة هذا الخطأ تقدّر مبليارات‬ ‫سجل الرصاع مع‬ ‫الدوالرات‪ ،‬وأكرث من ذلك يف ّ‬ ‫“إرسائيل”‪.‬‬ ‫وما يزيد من التوتر مع «إرسائيل»‪ ،‬أنها تتوقع‬ ‫أن يبدأ إنتاج الغاز من برئ «تامار» – يف املنطقة‬ ‫البحرية قبالة حيفا – العام املقبل ‪ ،2012‬ومن‬ ‫برئ «ليفيثان» – يف املنطقة نفسها يف العام‬ ‫‪ .2015‬يف حني ال يتوقع أن يبدأ اإلنتاج يف املياه‬ ‫اللبنانية قبل سبع سنوات‪ .‬وتشري التوقعات‬ ‫إىل أن االستثامر يف املياه اللبنانية‪ ،‬سيبدأ يف‬ ‫املنطقة املحاذية لساحل «ما بني عكار وشكا»‬ ‫– أي القسم الشاميل من لبنان‪ ،‬حيث تشري‬ ‫التقديرات إىل وجود كميات كبرية جدا من‬ ‫الغاز‪.‬‬ ‫لبنان يستطيع حامية حدوده النفطية‬ ‫واإلفادة من الخربات الدولية يف توظيف‬ ‫ثروته الجديدة‪ ،‬وهي فرصة تاريخية للنهوض‬ ‫االقتصادي‪ ،‬إذا ما متت إدارة العملية بشفافية‪،‬‬ ‫ألن نفط لبنان وغازه ثروة لألجيال الطالعة‬ ‫واملقبلة‪.‬‬ ‫والكميات‬ ‫البحرية‬ ‫الحدود‬ ‫فموضوع‬ ‫النفطية املتوقعة للبنان ومراسيم التطبيق‬

‫‪31‬‬

‫وأسباب التأخري يف التنقيب وغريها من األمور‬ ‫كانت محور لقائنا مع مستشار وزير الطاقة‬ ‫واملياه سيزار أيب خليل الذي لفت يف ملف‬ ‫قانون النفط‪ ،‬اىل أنه «التزمنا يف آخر أيلول رفع‬ ‫املراسيم اىل مجلس الوزراء والحكومة التزمت‬ ‫بإصدارها قبل نهاية العام ‪.»2011‬‬ ‫وحول إقرار قانون النفط وترسيم الحدود‬ ‫البحرية يف املجلس النيايب أوضح أن “املراسيم‬ ‫هي ذات طابع مايل وذات طابع قانوين بحت وذات‬ ‫طابع تقني”‪.‬‬ ‫ويف موضوع النفط والغاز يف رشقي‬ ‫املتوسط أشار أبو خليل‪ ،‬اىل أن «الخرائط التي‬ ‫عرضت هي خرائط تقريبية ود ّون عليها املنطقة‬ ‫املتنازع عليها‪ ،‬وأقول إن هذه املنطقة ليس‬ ‫متنازعاً عليها بل هي منطقة معتدى عليها»‪،‬‬ ‫الفتاً اىل «أننا رسمنا حدودنا البحرية حسب‬ ‫معاهدة األمم املتحدة لقانون البحار‪ ،‬ومنذ متوز‬ ‫‪ 2010‬أبلغنا اىل األمم املتحدة حدودنا الجنوبية‬ ‫ونرشت عىل املوقع االلكرتوين لألمم املتحدة وكان‬ ‫لنا األسبقية بالنرش واالعتداء حصل بعد هذا‬ ‫التاريخ»‪.‬‬ ‫وأوضح أن “االعتداء علينا حصل عندما قرر‬ ‫مجلس الوزراء اإلرسائييل حدوده البحرية يف‬ ‫الشهر املنرصم وعندها تم االعتداء‪ ،‬ويف السابق‬ ‫كانوا ملتزمني بالحدود التي قررها لبنان”‪.‬‬ ‫وتابع‪ :‬إن “املقاربة هي مسألة سيادية وإنها‬ ‫مياه لبنانية بغض النظر إذا كانت تحوي نفطاً‬ ‫أم ال ولدينا الحق باستغالل كل ثرواتها أي الصيد‬ ‫واملعادن أو النباتات‪ ،‬وهذه املنطقة فيها حرية‬ ‫املالحة‪ ،‬ولكن ثرواتها تعود اىل لبنان والقيمة‬ ‫ليست فقط نفطية بل سيادية وإنها مياه لبنانية‬ ‫تم‬ ‫معتدى عليها”‪ ،‬موضحاً أن االعتداء اإلرسائييل ّ‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب اقتصادي‬ ‫عىل الورق وستدافع الدولة اللبنانية عن مياهها‬ ‫البحرية كام دافعت عن النفط‪ ،‬وبالتايل هذا‬ ‫اعتداء يحصل عىل الورق ولن يرتجم بأكرث من‬ ‫اعتداء عىل الورق والدولة مصممة عىل منع‬ ‫استمراره”‪.‬‬ ‫ويف موضوع الحدود أوضح أبو خليل أن‬ ‫مرسمة وفق القانون الدويل‬ ‫«حدودنا البحرية‬ ‫ّ‬ ‫للبحار»‪ ،‬معلناً «أننا سندافع برشاسة عن‬ ‫حقوقنا ولن نسمح ألحد بالتعدي عىل حدودنا‬ ‫البحرية»‪ ،‬الفتاً اىل أن الحكومة الجديدة تعهدت‬ ‫ببيانها الوزاري أن تصدر املراسيم التطبيقية‬ ‫لقانون النفط خالل سنة ‪ 2011‬وصوالً اىل إطالق‬ ‫دورة الرتاخيص يف الفصل األول من العام ‪،2012‬‬ ‫مؤ ّكداً أن «عرشات الرشكات تشرتي املعلومات‬ ‫الجيوفيزيائية ومستعدة للتنقيب عن النفط»‪.‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة للربنامج التفصييل‬ ‫تم إرساله إىل مجلس الوزراء يف‬ ‫التنفيذي الذي ّ‬ ‫‪ ١٩‬و‪ ٢٠‬ترشين الثاين الفائت‪ ،‬بعد ورشة عمل‬ ‫عقدتها وزارة الطاقة وضمت خمسني رشكة‬ ‫نفط عاملية ووطنية‪.‬‬ ‫وشدد أبو خليل عىل أن «هذا الربنامج‬ ‫التفصييل الذي أرسله الوزير إىل مجلس الوزراء‬ ‫يلحظ كل الخطوات التنفيذية التي يجب أن تقوم‬ ‫بها الوزارة أو مجلس الوزراء من اليوم وحتى إطالق‬ ‫دورة الرتاخيص‪.‬‬ ‫ويف ما خص موضوع النفط‪ ،‬أشار اىل «أن‬ ‫ما صدر يحمل مغالطات كبرية جداً»‪ ،‬مبدياً‬ ‫املتالزمة‬ ‫املفرطة‬ ‫«للحساسية‬ ‫استغرابه‬ ‫واملتوازية مع الحساسية اإلرسائيلية يف‬ ‫موضوع إستغالل مواردنا النفطية يف املنطقة‬ ‫اإلقتصادية الخالصة»‪ ،‬مؤ ّكداً أن «الحدود البحرية‬ ‫للبنان التي أرسلها اىل األمم املتحدة مندرجة يف‬ ‫إطار قانون البحار وتحت مندرجاته»‪ ،‬الفتاً اىل أنه‬ ‫«إذا احرتمت «إرسائيل» هذا القانون فال يكون‬ ‫هناك مشكلة‪ ،‬ولكن إذا مل تحرتمه فتكون هي‬ ‫من اعتدت عىل لبنان وال يجب السكوت عن‬ ‫هذا املوضوع»‪ ،‬مؤ ّكداً أن «ال تهاون بهذا املوضوع‬ ‫ونعمل عليه بأسس صحيحة»‪ ،‬مشرياً اىل أن‬ ‫لبنان ال يعتدي عىل أحد ولن يقبل أن ُيعتدى عىل‬ ‫حقوقه‪ ،‬مضيفاً «ال يكفي أن تطالب «إرسائيل»‬ ‫بيشء يك يكون حقاً لها والحق يعطيه القانون‬ ‫الدويل»‪ ،‬الفتاً اىل أن «ا ُملطالب باحرتام الرشعية‬ ‫الدولية هي «إرسائيل» ال لبنان ألن لبنان يقوم‬ ‫بكل واجباته دولياً»‪.‬‬ ‫وحول قانونية اإلتفاق القربيص ‪ -‬اإلرسائييل‬ ‫بي أبو خليل أن ال مانع من إبرام أي اتفاق ثنايئ‬ ‫بني الجانبني «رشط عدم املس بحقوق الطرف‬ ‫الثالث‪ ،‬أي لبنان‪ ،‬وإال فال مانع من أن يحدد كل‬ ‫طرف منطقته اإلقتصادية الخاصة به»‪ ،‬معترباً‬ ‫أنه كان عىل لبنان أن يتالىف الخطأ الذي وقع به‪،‬‬ ‫وهو ما يستفيد منه الجانب اإلرسائييل اليوم أثناء‬ ‫تحديدهم لحدود املنطقة اإلقتصادية يف اإلتفاق‬ ‫الودي الذي أقر بني الجانب اللبناين والقربيص‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تحقيق‬

‫ما مدى مصداقية شركات الدراسات واإلحصاء في لبنان؟‬

‫عدره‪ :‬معظمها تعمل في فترة االنتخابات‬ ‫فضل هللا‪ :‬ارتباطها بخط سياسي يؤدي الى زيادة الدقة‬

‫والذي وقع عام ‪».2007‬‬ ‫وحول التأخري يف التنقيب عن النفط‪،‬‬ ‫لفت أبو خليل‪ ،‬اىل أنه ابتدا ًء من آذار ‪2010‬‬ ‫كان قانون التنقيب عن النفط‪ ،‬قد انتهى ولكن‬ ‫التأخري كان يف مجلس وزراء الحكومات السابقة‬ ‫حيث مل يتم تحويله اىل مجلس النواب‪ ،‬وذلك‬ ‫يعود ملصالح سياسية خارجية وليس ملصلحة‬ ‫لبنان‪ ،‬موضحاً أنه تم التوقيع عىل االتفاقية مع‬ ‫قربص عام ‪ 2007‬ومل ترسل بدورها اىل مجلس‬ ‫النواب إلقرارها‪ ،‬أضف اىل عدم مقدرة لبنان‬ ‫التقنية عىل التنقيب‪ ،‬ما سيجعل لبنان غري‬ ‫قادر من اإلفادة من ثروته هذه قبل ‪ 8‬سنوات عىل‬ ‫األقل من إقرار القانون وبدء استدراج العروض‬ ‫للرشكات املهتمة بالتنقيب‪ .‬الخطوات املقبلة لن‬ ‫تكون صعبة باعتبار أن املواقع موجودة ومحددة‪،‬‬ ‫إمنا املطلوب ربطها بعضها ببعض‪ ،‬عىل قاعدة‬ ‫توزيع عادل فيام بينها وإجراء استدراج العروض‬ ‫لعمليات التنقيب‪ ،‬وتحضري البنى التحتية للحفر‬ ‫والتخزين‪ ،‬وأخرياً االستخراج وتحديد األرباح‬ ‫وتوزيعها‪ ،‬مؤ ّكداً أن الحكومة لن تقدم عىل أي‬ ‫عمل لن يؤدي اىل مصلحة اللبنانيني يف ما‬ ‫يتعلق بالرثوة النفطية‪ ،‬يف وقت تهتم جميع‬ ‫الدول اإلقليمية والدولية مبوضوع التنقيب عن‬ ‫النفط يف لبنان ومصلحة لبنان هي العرض‬ ‫األفضل‪ ،‬مشدداً عىل أن «منطقة النزاع التي هي‬

‫‪32‬‬

‫حواىل ‪ 850‬كلم مربع يف املياه االقتصادية والتي‬ ‫خلقت «إرسائيل» املشكلة بشأنها‪ ،‬سيقابلها‬ ‫لبنان بخلق مشكلة حول مساحة مامثلة يف‬ ‫املنطقة االقتصادية املائية لـ «إرسائيل»‪.‬‬ ‫وعن الجديد حالياً يف هذا املوضوع‪ ،‬أشار أبو‬ ‫خليل إىل أ ّنه يف ما يتع ّلق مبوضوع التنقيب عن‬ ‫النفط والغاز‪ ،‬وقد أطلقنا سابقاً املسح البحري‬ ‫الذي أدى إىل االكتشاف أن لدينا إمكانات واعدة‬ ‫وعالية‪ ،‬واستتبع ذلك بصدور قانون النفط يف ‪17‬‬ ‫آب املايض وهو إنجاز وطني كبري ّ‬ ‫تأخر تحقيقه إمنا‬ ‫تم»‪ ،‬موضحاً ّأن «لدينا قانوناً شفافاً ويستقطب‬ ‫ّ‬ ‫بطبيعته الكثري من الرشكات العاملية الكربى‪،‬‬ ‫ويبقى علينا أن نرتجم هذا األمر فعلياً»‪ ،‬مشدّداً‬ ‫عىل ّأن «التأخر يف هذا املوضوع مل يعد مسموحاً‬ ‫ّ‬ ‫وأن أي إعاقة لتأخري العمل يجب أن تكون‬ ‫مرفوضة باإلجامع»‪ ،‬فهذا املوضوع يسمح للبنان‬ ‫أن يأخذ نفسه بجدية أكرث‪ ،‬وعىل األقل بالجدية‬ ‫التي تأخذها دول أخرى وهي ال تتوقف عند الكالم‬ ‫يف برملاناتها ورشكاتها وقطاعاتها الخاصة عن‬ ‫اإلمكانية املتوافرة يف البحر املتوسط وخصوصاً‬ ‫يف لبنان إلستخراج الغاز»‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير عدنان عبد الله‬

‫عند الحديث عن األرقام ال مجال للتف ّوه بعبارة “حوايل” أو النيابية وتغيب ألربع سنوات‪ ،‬ورغم عدم مصداقيتها يستعني‬ ‫“نحو”‪ ،‬فالرقم رقم‪ ،‬وليس وجهة نظر‪ ،‬وهو بالتايل ال يحتمل بها السياسيون مجدداً؟ يؤكد بعض االقتصاديني وأصحاب‬ ‫التناقض‪ ...‬إال يف لبنان فاألرقام ليست دقيقة وهي تقريبية‪.‬‬ ‫رشكات الدراسات يف لبنان‪ ،‬بأن السلطة املسيطرة منذ عرشات‬ ‫ال تزال الثقة مفقودة بني مراكز الدراسات واألبحاث والرأي العام السنني عىل مقاليد الحكم تجهد إلخفاء عدد من املؤرشات‬ ‫يف لبنان‪ ،‬عىل عكس ما هو موجود يف أوروبا والواليات املتحدة واألرقام املصريية‪ ،‬وذلك وفق مصالحها االقتصادية أو السياسية‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫يشكل الرقم وطريقة الحصول عليه‬ ‫أو االجتامعية الض ّيقة‪.‬‬ ‫أما األسباب فهي متعددة‪ ،‬أبرزها‪ :‬عدم إدراك املسؤولني يف والتعامل معه مشكلة يف كل دول العامل‪ ،‬فتتناقض األرقام حتى‬ ‫لبنان أهمية استطالع الرأي‪ ،‬وعدم صدق املواطن يف اإلدالء برأيه تغيب اإلحصاءات الرسمية املوثوق بها‪ .‬ال يشذ لبنان عن هذه‬ ‫وحقيقة موقفه‪ ،‬وعدم الثقة بالجهة التي تقوم باالستطالع ووالء القاعدة حيث يصبح الرقم معضلة وتتبنى كل جهة رق ًام يوافق‬ ‫بعض الرشكات اىل تيارات أو أحزاب فتأيت النتائج وفقاً ملصلحة وجهة نظرها يف موضوع معني‪.‬‬ ‫الجهة التي متثلها‪.‬‬ ‫ميكن أن يكون امليل نحو املبالغة يف األرقام طبيعياً‪ ،‬ولكن‬ ‫ما مدى مهنية ودقة وموضوعية رشكات الدراسات والغحصاء ما هو غري طبيعي اإلرصار عىل املبالغة حتى لو تو ّفرت املعطيات‬ ‫يف لبنان؟‬ ‫املوضوعية‪ .‬وهذا ما يؤدي‪ ،‬ليس فقط اىل إرساء معطيات خاطئة‪،‬‬ ‫ما مدى ثقة املواطن بها؟‬ ‫بل اىل خلق قناعات عىل أساس واهية وتغييب املعنى الحقيقي‬ ‫ما هو تأثريها عىل الرأي العام؟‬ ‫لرقم ما‪ .‬ويصبح النقاش مث ًال‪ ،‬هل الدين العام ‪ 30‬أو ‪ 40‬ملياراً‪،‬‬ ‫هل صحيح أن بعض الرشكات تعمل فقط يف فرتة االنتخابات وكأن ‪ 30‬ملياراً رقم مقبول‪.‬‬

‫عدره‪ :‬الفصل بني رشكات‬ ‫الدراسات واستطالعات الرأي‬ ‫يف إطار الحديث عن مهنية رشكات الدراسات‬ ‫واإلحصاء يف لبنان التقت “منرب التوحيد”‬ ‫رئيس رشكة الدولية للمعلومات األستاذ جواد‬ ‫عدره الذي أكد أنه يجب الفصل بني االبحاث‬ ‫والدراسات وبني استطالعات الرأي‪ ،‬فاألبحاث‬ ‫والدراسات يجب ان تستند اىل ارقام رسمية‬ ‫موثقة ال مجال لالختالف عليها‪ .‬أما استطالعات‬ ‫الرأي فقد يحصل فيها اختالفات تبعاً للعينات‬ ‫يتم اختيارها‪ .‬لذلك يف موضوع األبحاث‬ ‫التي‬ ‫ّ‬ ‫والدراسات نستند اىل األرقام الرسمية املتوفرة‬ ‫يعني يف ما يخص عدد السكان‪ ،‬كل أربع سنوات‬ ‫تجرى انتخابات نيابية يصدرعنها لوائح شطب‪،‬‬ ‫ميكن القول إن عدد الناخبني اللبنانيني ‪3,100000‬‬ ‫ناخب‪ ،‬يرضب عدد الناخبني بـ ‪ 1.5‬يعني يف لبنان‬ ‫عدد السكان ‪ 4,700000‬ألف نسمة‪ .‬صحيح أنه‬ ‫مل يجر إحصاء رسمي للسكان ولكن هناك رق ًام‬ ‫صحيحاً للناخبني وعىل ضوئه ميكن التقدير‪ .‬قد‬

‫يقول البعض أن هناك أخطاء يف لوائح الشطب‬ ‫وهناك أمواتاً ما زالوا احياء وهناك تكراراً ولكن‬ ‫األخطاء محدودة‪ .‬ومبا أن يف لبنان ال يوجد إحصاء‬

‫‪33‬‬

‫فيصبح عدد السكان ‪ 4,700,000‬نسمة عدداً‬ ‫صحيحاً بنسبة ‪.% 95‬‬ ‫وأضاف عدره أن أول إحصاء للسكان (وكان‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫تحقيق‬ ‫إحصاء يتي ًام ووحيداً) حصل يف العام ‪ 1932‬حني‬ ‫بلغ عدد اللبنانيني ‪ 800‬ألف نسمة‪ .‬وقدر عددهم‬ ‫يف العام ‪ 1965‬بنحو ‪ 2,367,141‬نسمة‪ .‬ويقال‬ ‫اليوم أن عيوباً كثرية شابت ذلك اإلحصاء‪.‬‬ ‫واعترب أن عدم وجود إحصاء‪ ،‬سببه املشكلة‬ ‫الطائفية يف لبنان فنمو املسلمني أكرث من منو‬ ‫املسيحيني وبالتايل يف آخر إحصاء أجري كان‬ ‫عدد املسيحيني ‪ % 60‬واملسلمني ‪ % 40‬أما الوضع‬ ‫فتغري اآلن‪ ،‬فقد أصبح عدد املسلمني ‪ %62‬وعدد‬ ‫املسيحيني ‪ . % 38‬بسبب هذا التغيري ال يوجد‬ ‫إحصاء رسمي‪ .‬ولكن عدم إجرائه ال يحجب‬ ‫الحقيقة وهي معروفة‪.‬‬ ‫وأكد عدره بأن اإلحصاء بحاجة اىل قرار من‬ ‫الدولة عرب وزير الداخلية وهذا القرار ال يريد أحد‬ ‫اتخاذه ابتدا ًء من رئيس الجمهورية وصوالً اىل‬ ‫املرجعيات الدينية لذلك ال يصدر وبالتايل ال‬ ‫ينفذ‪ .‬ولكن املوضوع يجب أن يعالج بوعي وإدراك‬ ‫كبريين فليس املهم العدد أو من ميثل الـ ‪% 60‬‬ ‫يقسم السلطة بالتفاهم‬ ‫بل وجود ميثاق وطني‬ ‫ّ‬ ‫والتساوي بغض النظر عن األحجام فيصبح‬ ‫العدد غري مهم‪ .‬لذلك من املعيب أن يكون يف‬ ‫لبنان آخر إحصاء رسمي للسكان منذ العام‬ ‫‪ 1932‬ولغاية اليوم‪.‬‬

‫‪“ 2004‬مليون” يف ساحة الشهداء‪ ،‬رفضاً للقرار‬ ‫‪ ،1559‬واحتشد “مليون آخر يف ‪ 8‬آذار‪ ،‬كام احنشد‬ ‫مليون آخر يف ‪ 14‬آذار ‪ ،2005‬ويف ‪ 14‬شباط ‪،2006‬‬ ‫حتى يخيل للمرء أن لبنان قد اصبح “صيناً” أخرى‬ ‫تسكنه املليارات من البرش‪.‬‬ ‫وأوضح أنه استناداً اىل األرقام املتوفرة عن‬ ‫إدارة اإلحصاء والعائدة للعام ‪ ،2004‬يبلغ عدد‬ ‫اللبنانيني املقيمني يف لبنان ‪ 3,753,785‬نسمة‪.‬‬ ‫ويتوزع هؤالء اىل فئات عمرية مختلفة‪ .‬ويبلغ‬ ‫حجم الفئة العمرية ما بني ‪ 15‬و ‪ 70‬سنة (التي‬ ‫يفرتض أن تشارك يف التجمعات واملظاهرات)‬ ‫نحو ‪ 2,561,478‬نسمة‪ ،‬نحو ‪ 1,315,350‬منهم‬ ‫من النساء وال يشاركن بنسبة مشاركة الرجال‬ ‫(تظهر صور التجمعات ذلك)‪ .‬لو افرتضنا مشاركة‬ ‫نصف النساء‪ ،‬لوصل العدد اىل نحو ‪1,903,803‬‬ ‫نسمة‪ ،‬أي أن مشاركة مليون نسمة يف أي تجمع‬ ‫أو تظاهرة تعني أكرث من نصف البالغني‪ ،‬أو نحو‬ ‫‪ %30‬من غجاميل الشعب اللبناين املقيم‪ .‬ويوازي‬ ‫هذا نحو ‪ 100‬مليون متظاهر يف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬أو ‪ 20‬مليون يف إيران عىل سبيل‬ ‫املثال‪.‬‬

‫عدد املهاجرين‪ 300 :‬ألف أم‬ ‫مليون؟‬

‫مساحة لبنان‪ 10,452 :‬كلم‪، 2‬أم‬ ‫‪ 10,200‬أم ‪10,415‬؟‬

‫وتساءل عدره كم هو عدد املهاجرين قبل العام‬ ‫‪1975‬؟ وبني األعوام ‪ 1975-1990‬وصوالً اىل اليوم؟‬ ‫هل هو ‪ 300‬ألف نسمة أم مليون؟‬ ‫كام تختلف اآلراء حول أرقام الحسابات‬ ‫الوطنية املعلنة وحول الدين العام وفقاً آللية‬ ‫االحتساب‪ .‬فقد يصل الناتج املحيل اىل ‪ 18‬مليار‬ ‫دوالر لدى البعض‪ ،‬واىل ‪ 20‬ملياراً لدى أخرين‪ ،‬وقد‬ ‫ينخفض اىل ‪ 15‬مليار دوالر‪ ،‬عىل الرغم من وجود‬ ‫أرقام رسمية معلنة‪.‬‬

‫وعن مساحة لبنان أشار عدره قبل العام ‪1978‬‬ ‫كانت مساحة لبنان املعتمدة يف الكتب واملراجع‬ ‫‪ 10,200‬كلم‪ ،2‬وأحياناً كانت ترد مساحة ‪10,215‬‬ ‫كلم‪ .2‬بعد العام ‪ 1978‬تبنى الرئيس بشري الجميل‬ ‫(وكان حينها قائد القوات اللبنانية) عبارة ‪10,452‬‬ ‫بأنها مساحة لبنان واتخذ من الرقم شعاره‪.‬‬ ‫وانقسم اللبنانيون بني من يتبنى هذا الرقم ألنه‬ ‫مع بشري الجميل ومن يتبنى ‪ 10,200‬كلم‪ 2‬ألنه‬ ‫يعارضهم‪.‬‬ ‫تم تبني هذه العبارة وأصبحت هي‬ ‫وهكذا ّ‬ ‫مساحة لبنان املعتمدة‪ ،‬حتى أن الذين كانوا‬ ‫عىل خالف مع الرئيس بشري الجميل حينها‪ ،‬أو‬ ‫مل يعارصوه لكنهم يف موقع معادي له‪ ،‬تبنوا‬ ‫هذه العبارة عن مساحة لبنان (من هؤالء السيد‬ ‫حسن نرص الله األمني العام لـ “حزب الله” الذي‬ ‫يقال إنه تبنى هذا الرقم حول مساحة لبنان‬ ‫كونه يشمل مزارع شبعا وتالل كفرشوبا)‪،‬‬ ‫وأصبح هناك إجامع بني اللبنانيني أن مساحة‬ ‫لبنان ‪ 10,452‬كلم‪.2‬‬ ‫وتابع عدره لقد عمد االختصاصيون يف الجيش‬ ‫الفرنيس باإلستناد اىل خرائط قدمية تعود اىل‬ ‫العام ‪ 1860‬اىل ترسيم الحدود بني لبنان وسوريا‬ ‫ولكن األعامل مل تكن كاملة ما أدى اىل وجود‬ ‫مشكلة منذ ذلك الوقت برغم استمرار أعامل‬ ‫التحديد لسنوات طويلة‪ .‬وهكذا وجدت مسألة‬

‫املليون ليس مليوناً‬ ‫وتساءل عدره عن حقيقة األرقام الني يتم‬ ‫تداولها عن التجمعات البرشية التي حصلت يف‬ ‫لبنان سابقاً‪ ،‬والتي تحصل منذ ‪ 14‬شباط ‪2005‬‬ ‫وحتى اليوم؟ تقيم حركة أمل منذ اختفاء موىس‬ ‫الصدر يف العام ‪ 1978‬احتقاالً سنوياً يحرضه‬ ‫يف بعض السنوات “مليون”‪ .‬كام يقال إن بعض‬ ‫احتفاالت “حزب الله”‪ ،‬خاصة يف يوم القدس‪ ،‬ضم‬ ‫“مليوناً”‪ .‬وينطبق هذا التضخيم يف األرقام عىل‬ ‫االحتفاالت واملناسبات السياسية واالنتخابية‪،‬‬ ‫ونشهد منذ العام املايض وحتى اليوم استمراراً‬ ‫لهذه الظاهرة‪ .‬فقد احتشد يف نهاية العام‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪34‬‬

‫مزارع شبعا وهل هي لبنانية أم سورية؟ فالرتسيم‬ ‫جاء مناقضاً للقرار ‪ 318‬حيث تم استبعاد منطقة‬ ‫بطول ‪ 20 -15‬كلم وبعرض ‪ 10 - 5‬كلم وكذلك‬ ‫يف الجانب اآلخر مع “إرسائيل” التي ضمت القرى‬ ‫السبع اللبنانية واعتربتها جز ًءا من أراضيها‪،‬‬ ‫بينام لبنان يعتربها جز ًءا من أراضيه يف حال‬ ‫اعتبار شبعا والقرى السبع من األرايض اللبنانية‬ ‫قد تصبح مساحة لبنان ‪ 10,415‬كلم‪ 2‬ومن دونه‬ ‫تصبح ‪ 10,250‬كلم‪ .2‬وبالتايل ال وجود ملساحة‬ ‫‪ 10,452‬كلم‪ 2‬إال قي املفهوم والشعار السياسيني‬ ‫اللذين استندا رمبا حينها اىل معلومات جغرافية‬ ‫مل نتبينها‪.‬‬

‫قرار بعدم املعرفة‬ ‫وأكد عدره أن هناك قرار بعدم املعرفة ألن‬ ‫املجتمع ال يتحمل ذلك إذ ليس هناك جدية يف بناء‬ ‫دولة أو وطن‪ .‬كام أن بعض الرشكات األجنبية‬ ‫عملت يف لبنان وأصبحت تعمل عىل الطريقة‬ ‫اللبنانية‪ .‬باإلضافة اىل أن محطات التلفزيون‬ ‫ملتزمة سياسياً‬ ‫والصحف واملجالت ملتزمة‬ ‫بخط معني وهي تربز اليشء الذي يناسب خطها‪.‬‬ ‫اإلنسان يبحث دامئاً عن يشء يدعم قناعاته‪.‬‬

‫رشكات تعمل يف االنتخابات‬ ‫فقط‬ ‫وأشار اىل أن معظم رشكات األبحاث واإلحصاء‬ ‫تعمل يف فرتة االنتخابات وتنتظر املردود الذي‬ ‫يأيت عن طريق االنتخابات‪ .‬بعض هؤالء ُيسمع‬ ‫السيايس ما يريد أن يسمعه والسياسيون‬ ‫أنفسهم يلجأون اىل نفس األشخاص الذين مل‬ ‫يعطونهم نتائج دقيقة‪ .‬ال يوجد مساءلة‪ ،‬فلامذا‬ ‫نلوم الشخص الذي يبحث عن لقمة عيشه‬ ‫وال نلوم السيايس؟ إن األرقام تؤثر عىل نفسية‬ ‫الناخب من الناحيتني اإليجابية والسلبية فإذا‬ ‫ذكرنا بأن استطالعات الرأي تؤكد فوز فريق معني‬ ‫قد ال يتم اإلقبال بكثافة عىل التصويت لهذا‬ ‫الفريق بحجة أن نجاحه مؤكد وال حاجة له اىل‬ ‫مزيد من أصوات مؤيديه أو إذا قلنا إنه سيسقط‬ ‫قد ال يالقي إقباالً أيضاً بحجة أن ال حظ لديه‬ ‫بالنجاح فال داعي للمشاركة‪ .‬من املفروض أن ال‬ ‫تلتزم رشكات اإلحصاء بخط سيايس معني‪.‬‬ ‫وختم عدره قائ ًال بأن الرشكات مسيسة‬ ‫واألفراد مسيسون ولنفرتض أنهم ليسوا كذلك‬ ‫ماذا يتغري؟ من يفتش عن الصحيح؟ هذا املجتمع‬ ‫يبحث كيف يستمر من يوم اىل آخر وال ميوت عىل‬ ‫أبواب املستشفيات وأن ال يقلق عىل مستقبله‬ ‫ومستقبل أوالده وبالتايل يلجأ اىل السياسة‬ ‫ليك توفر له نوعاً من الطأمنينة والحامية‪.‬‬

‫فضل الله‪ :‬يف لبنان ‪ ...‬ال يوجد‬ ‫ثقافة اإلحصاءات‬ ‫وملزيد من التفاصيل حول هذا املوضوع أكد‬ ‫رئيس املركز االستشاري للدراسات والتوثيق‬ ‫األستاذ عبد الحليم فضل الله أن مراكز الدراسات‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‬ ‫اإلحصائية يف مختلف دول العامل‬ ‫بطريقة جيدة ومراقبة وهي تخضع لضوابط‬ ‫ومعايري محددة‪ .‬يف لبنان ويف العامل العريب ال‬ ‫يوجد ثقافة اإلحصاءات‪ ،‬ومصداقيتها تعود اىل‬ ‫الثقة باملؤسسة التي ُتصدرها‪.‬‬ ‫ليك ُيجرى استطالع رأي هناك إطار إحصايئ‬ ‫وطني يكون متوفراً يف معظم األحيان‪ ،‬إما‬ ‫تعده مؤسسات كبرية الحجم أو تعده الدولة أي‬ ‫مراكز اإلحصاء الحكومية‪ .‬يف لبنان هذا املوضوع‬ ‫غري متوفر‪ .‬ميكن القول إنه لدينا مراكز دراسات‬ ‫محرتمة وباحثني إحصائيني من الطراز الرفيع‬ ‫لكن لألسف هذا القطاع تنقصه الجهوزية‬ ‫واملوضوعية‪.‬‬ ‫أما عن موضوع التوزيع الطائفي الذي مينع‬ ‫حصول إحصاءات دقيقة أكد فضل الله أنه يف‬ ‫لبنان يوجد توزيعات طائفية‪ ،‬ولكن يف جميع‬ ‫بلدان العامل هناك توزيعات مناطقية واقتصادية‬ ‫وعمرية وتوزيعات حسب الكنتونات يف دولة مثل‬ ‫سويرسا و توزيعات بحسب الواليات يف دولة‬ ‫مثل أمريكا‪ .‬يف نهاية املطاف هناك توزيعات‬ ‫مختلفة فالدراسات التي ُتجرى ال تعتمد عىل‬ ‫مجتمع متجانس‪ .‬يف لبنان يوجد مشكلة‬ ‫يف السياسة بسبب التوزيعات واالنقسامات‬ ‫الطائفية وغريها ولكن إحصائياً ال يوجد إشكال‬ ‫ألن هذا التقسيم يشبه التقسيامت األخرى‬ ‫من التقسيامت االجتامعية واالقتصادية التي‬ ‫يتعرض لها كل مستوى وتنقسم عىل أساسها‬ ‫كل عينة‪ .‬وهو له عالجه فكلام كان املجتمع أكرث‬ ‫توزيعاً سياسياً واجتامعياً واقتصادياً ومناطقياً‬ ‫كلام يجب أن تكون العينة أكرب‪.‬‬

‫ليك تخدم قرارها السيايس وأن تزيد من جودة‬ ‫القرار الذي نأخذه‪ .‬فالقوة السياسية التي تبني‬ ‫قرارها السيايس عىل أساس علمي هي بحاجة‬ ‫اىل إحصاءات دقيقة ودقيقة جداً ألنها سترضر‬ ‫فيام لو استعانت أو أنتجت إحصاءات غري‬ ‫قانونية وغري دقيقة‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى ال ميكن استعامل اإلحصاء‬ ‫للدعاية السياسية‪ ،‬قد ينجح ذلك عىل املدى‬ ‫القصري أما عىل املدى الطويل فسيتم اكتشاف‬ ‫املراكز واملؤسسات أو حتى األفراد الذين ينتجون‬ ‫إحصاءات منحازة سياسياً ألن ذلك سهل‬ ‫كشفه فاألشخاص يف لبنان لديهم القدرة أن‬ ‫مييزوا بني اإلحصاءات املنحازة والغري موضوعية‬ ‫واإلحصاءات املوضوعية‪ .‬املؤسسات اإلحصائية‬ ‫التي أثبتت حضورها خالل فرتة زمنية طويلة هي‬ ‫باإلجامل مراكز إحصائية تتوخى الدقة وإال ملا‬ ‫صمدت يف هذا املجال‪ .‬وإذا عدنا اىل الوراء فهناك‬ ‫مؤسسات خرجت من املنافسة ألنها مل تتوخ‬ ‫الدقة واملهنية‪.‬‬

‫اإلحصاءات لتحسني جودة القرار‬ ‫السيايس‬ ‫وعن ارتباط التيارات السياسية برشكات‬ ‫الدراسات واإلحصاء تابع فضل الله “نحن مركز‬ ‫أبحاث ودراسات ولكن عندنا قسم إحصايئ‪ ،‬ومن‬ ‫خالل تجربتنا وتجربة اآلخرين فإن التيارات والقوى‬ ‫السياسية تستعني باإلحصاءات من أجل تحسني‬ ‫جودة القرار السيايس املتخذ والوصول اىل‬ ‫خيارات دقيقة قدر املستطاع بهدف التعرف عىل‬ ‫املجتمع املوجودة فيه‪ .‬وباالستناد اىل تجربتنا فإن‬ ‫االرتباط بحزب سيايس يؤدي اىل زيادة يف الدقة‬ ‫وليس اىل التقليل منها‪ ،‬ألن التيارات السياسية‬ ‫لها هدف موضوعي وواقعي تريد الوصول اليه‬

‫الحكومة تبالغ ليك تغطي‬ ‫تقصريها‬ ‫أما عن عدم إجراء إحصاء للسكان يك ال‬ ‫ُتكشف التوزيعات الدميغرافية فاعترب فضل الله‬ ‫أن هذا املوضوع صحيح اىل حد ما فيام يخص‬ ‫اإلحصاءات الرسمية ألنه ال يجب أن يصدر رقم‬ ‫رسمي يبينّ التوزيعات الدميوغرافية يف هذا‬ ‫البلد‪ ،‬ولكن هذا األمر مبالغ فيه ألنه معروف اىل‬ ‫حد كبري بالعودة اىل االنتخابات النيابية واىل‬ ‫لوائح الشطب‪ .‬املؤسسات الحكومية تبالغ يف‬ ‫هذا املوضوع يك تغطي تقصريها‪ .‬ميكن أن تجرى‬ ‫إحصاءات رسمية شاملة دون ذكر املذهب‪ ،‬ال‬ ‫أحد يلزمنا عىل ذكره‪ .‬كام أن هناك من يضع يف‬ ‫أذهان العديد من اللبنانيني يف كل االتجاهات أن‬ ‫الهاجس الدميغرايف هو الحاجز‪ ،‬هذا غري صحيح‬ ‫ألن اللبنانيني اتفقوا عىل الفصل بني نوعية‬ ‫نظامهم السيايس والتقسيم الدميغرايف إذ ال‬ ‫أحد يريد أن يصيغ النظام السيايس يف لبنان‬ ‫عىل قاعدة التوزيعات الدميغرافية‪ ،‬بأن مذهباً‬ ‫أو طائفة أصبح لديها أرجحية فلنغري النظام‬ ‫السيايس‪ .‬هذا غري صحيح كلنا تفاهمنا يف‬ ‫العام ‪ 1943‬ويف الطائف ومازلنا متفاهمني‬ ‫بأننا نريد نظاماً سياسياً يريض كل املذاهب‬ ‫والطوائف واألطراف ويتغلب عىل هواجسهم‪.‬‬ ‫ندعو الدولة ليك تقوم بإحصاءات دميغرافية‬ ‫واقتصادية واجتامعية شاملة وليس بالرضورة أن‬ ‫يكون هذا اإلحصاء ذريعة إلشعال الجدال املذهبي‬ ‫نستطيع أن ال نذكر املذاهب وهي موجودة يف كل‬ ‫دول العامل يف فرنسا تجرى إحصاءات وال تذكر‬ ‫املذاهب وال الطوائف الدينية‪.‬‬

‫تحقيق لور عقل‬ ‫تصوير عدنان عبدالله‬

‫‪35‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب فلسطيني‬

‫تراجع عن الحقوق تحت كنف األمم المتحدة‬ ‫جزء من فلسطين في دولة محدودة‬ ‫تتجه األنظار نحو األمم املتحدة‪ ،‬موعد‬ ‫االستحقاق الذي أعلنته السلطة الفلسطينية‬ ‫استناداً اىل وعود الرئيس األمرييك باراك أوباما‬ ‫يف االجتامع السنوي لدورة األمم املتحدة عام‬ ‫‪ 2010‬ورؤيته لحل الرصاع يف املنطقة وفق حل‬ ‫الدولتني وهو ما أ ّكدت عليه فيام بعد اجتامعات‬ ‫اللجنة الرباعية الدولية واالتحاد األورويب‪ .‬وما بني‬ ‫ايلول ‪ 2010‬وأيلول ‪ 2011‬من املساحة ما يكفي‬ ‫للمناورة والتكتيك ما بني الوعود وما أكرثها وما‬ ‫بني الوقائع التي تفتضح السياسات التي اتبعت‬ ‫حتى اآلن وكلها تتحدث عن استعادة الحقوق‬ ‫والتغني بعملية السالم‪ ،‬بينام يستمر االحتالل‬ ‫والعربية‪،‬‬ ‫الفلسطينية‬ ‫لألرايض‬ ‫الصهيوين‬ ‫ويتوسع االستيطان بوتائر رسيعة ليلتهم ما‬ ‫تبقى من األرض وفارضاً وقائع جديدة يكون‬ ‫معها إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات‬ ‫سيادة كرضب من الخيال‪ ،‬ويضاف اىل ذلك الدعم‬ ‫األمرييك للكيان الصهيوين وهيمنته عىل األمم‬ ‫املتحدة ذاتها‪.‬‬ ‫لقد ُخ ّيل للبعض بأن الحل آت عن طريق‬ ‫الواليات املتحدة راعية املفاوضات الثنائية‪ ،‬هذا‬ ‫الراعي الذي مل يتمكن من فرض إرادته أو أنه ال‬ ‫يريد وقف االستيطان ألن هذا يعطل املرشوع‬ ‫الصهيوين أو يؤخر إنجازاته‪.‬‬ ‫وعلينا نحن العرب أن نصدق بأن الدولة‬ ‫الفلسطينية قادمة ال محالة‪ ،‬وهذا األمر سيأيت‬ ‫اآلن عن طريق األمم املتحدة‪ ،‬بينام الفيتو األمرييك‬ ‫جاهز وعند الطلب اإلرسائييل‪.‬‬ ‫الحركة السياسية أمر رضوري لكل نضال‬ ‫وطني‪ ،‬وأي عمل يفتقد االسرتاتيجية التي‬ ‫تتكامل مع العمل السيايس وبكافة أشكال‬ ‫املقاومة‪ ،‬سيكون مبثابة دوران يف حلقة مفرغة‪،‬‬ ‫فهل يتوفر هذا العامل؟‬ ‫الكونغرس األمرييك اتخذ قراراً من أجل‬ ‫استخدام حق “النقض” أو “الفيتو” ضد اعرتاف‬ ‫االمم املتحدة بالدولة الفلسطينية وسيجري‬ ‫قطع الدعم املايل عن املنظمة الدولية إذا حصل‬ ‫هذا االعرتاف وليس عن السلطة الفلسطينية‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرحه الشعب الفلسطيني‬ ‫يف كل مكان‪:‬‬ ‫ما جدية اإلرصار عىل الذهاب اىل األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬أم اىل املفاوضات؟ وهذا الرتدد واالرتباك‬ ‫يضعف مواقف الدول الداعمة لقضية الشعب‬ ‫الفلسطيني؟‬ ‫والسؤال أيضاً‪ ،‬ما رس التوجه اىل األمم املتحدة؟‬ ‫وهذا التوجه يأيت والوضع العريب يف أسوأ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫حاالته‪ ،‬وبعض الدول العربية تتعرض ملؤامرة‬ ‫غربية وتدخل أمرييك واستعامري غريب يف‬ ‫شؤون معظم الدول العربية‪ ،‬واالحتالل األمرييك‬ ‫مل يخرج من العراق؟‬ ‫وماذا عن الوضع الفلسطيني ووحدة املوقف‬ ‫وموضوع املصالحة وما الذي تحقق منها وعىل أي‬ ‫أساس؟‬ ‫وإذا كنا ال نعارض العمل السيايس وال الحركة‬ ‫السياسية باتجاه األمم املتحدة ولكن يحق لنا أن‬ ‫نسأل “اىل أين نحن ذاهبون؟” اىل األمم املتحدة‬ ‫ليك نخوض معركة االعرتاف أم اىل مفاوضات‬ ‫جديدة؟‬ ‫رغم الكوارث املاضية وما كلفته أوسلو‬ ‫وأخواتها من إهدار بحقوقنا ومتزيق لوحدتنا‬ ‫ومعاناة باهظة دفع مثنها الشعب الفلسطيني‬ ‫من خالل “فاتورة” طويلة وأعباء إضافية ومازال؟‬ ‫والسؤال؟ هل إرصار السلطة الفلسطينية‬ ‫عىل الذهاب اىل األمم املتحدة‪ ،‬ومن خارج املسار‬ ‫التفاويض‪ ،‬النتزاع االعرتاف بدولة فلسطينية‬ ‫يف حدود األرايض املحتلة عام ‪ 1967‬باعتباره مبثابة‬ ‫مت ّرد عىل اتفاق اوسلو ‪ ،1993‬أو كنوع من ر ّد الفعل‬ ‫عىل االنتهاكات اإلرسائيلية لعملية “التسوية”‬ ‫ولحقوق الفلسطينيني‪ ،‬وهل األمر صحوة متأخرة‬ ‫عىل الثغرات واإلجحافات والكوارث الكامنة يف‬ ‫االتفاق املذكور يسء الصيت؟‬ ‫حاول الصهاينة يف كامب ديفيد (‪)2000‬‬ ‫فرض إمالءاتهم ومل تنجح ألسباب فلسطينية‬ ‫وبسبب الظروف الدولية والعربية التي كانت يف‬ ‫وضع أفضل نسبياً عام هي عليه اليوم من تفرقة‬ ‫وتردي ال مثيل له‪.‬‬ ‫واملفارقة‪ ،‬أيضاً‪ ،‬أن العدو الصهيوين يحاول‬

‫‪36‬‬

‫اليوم أن يهدد بالغاء اتفاقيات أوسلو (السياسة‬ ‫واألمنية واالقتصادية) بدعوى الرد عىل الخطوات‬ ‫األحادية التي تتخذها السلطة الفلسطينية‬ ‫يف اليوم التايل لالعرتاف الدويل بالدولة‬ ‫الفلسطينية يف األمم املتحدة‪ ،‬فهل هناك أسوأ‬ ‫من أوسلو يحضرّ ؟‬

‫الوقائع واإلستنتاجات‬ ‫وعملياً ميكن القول‪ ،‬إن اتفاقات أوسلو انتهت‬ ‫منذ زمن بعيد‪ ،‬والوقائع التي فرضها االحتالل‬ ‫عىل األرض ال تسمح بقيام دولة فلسطينية‪،‬‬ ‫فالدولة املوعودة التي كان يفرتض قيامها عىل‬ ‫أرايض الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة‪ ،‬مل‬ ‫تعد هذه املقولة صالحة‪ ،‬أو باتت خارج املنظور من‬ ‫الناحية العملية‪ ،‬بسبب التوسع االستيطاين‬ ‫الصهيوين يف قلب الضفة الغربية ويف القدس‬ ‫ومحيطها وصوالً اىل غور االردن‪( ،‬الضفة‬ ‫‪2‬‬ ‫الغربية وغزة تشكل ما مساحته ‪ 6‬آالف كلم‬ ‫من إجاميل مساحة فلسطني التاريخية ‪27‬‬ ‫ألف كلم‪ )2‬والكيان الصهيوين يسيطر عملياً‬ ‫عىل أكرث من ثلثي مساحة الضفة الغربية‬ ‫واملستوطنات اإلرسائيلية منترشة كالرسطان‬ ‫يف الجسد‪ ،‬وغور األردن املنطقة املحاذية للحدود‬ ‫األردنية تحت السيطرة اإلرسائيلية‪ ،‬بحيث‬ ‫أراض متنازع عليها‪،‬‬ ‫باتت الضفة الغربية مبثابة‬ ‫ٍ‬ ‫والوثائق األمريكية – اإلرسائيلية تؤكد استمرار‬ ‫بقاء الكتل االستيطانية اإلرسائيلية يف قلب‬ ‫الضفة يف إطار أي اتفاق و”إرسائيل” مستمرة‬ ‫يف التوسع االستيطاين‪ ،‬وتحاول اللعب عىل‬

‫عامل الزمن لفرض وقائع جديدة‪.‬‬

‫هل نحن أمام صحوة‬ ‫فلسطينية؟‬ ‫يف واقع األمر‪ ،‬املعطيات اإلقليمية والدولية‬ ‫املؤثرة وحتى العربية تغيرّ ت كثرياً ألكرث من‬ ‫سبب‪ ،‬وهذا الواقع فرض نفسه‪ ،‬فلم تعد القضية‬ ‫الفلسطينية يف أولويات املجتمع الدويل بسبب‬ ‫الهيمنة األمريكية واالستعامرية الغربية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يفرس سعي العدو للتملص من التزاماته‬ ‫السابقة‪ ،‬وهي التزامات عىل الورق‪ ،‬وتأجيل كل‬ ‫يشء‪ ،‬مبا يف ذلك تجنب أي مواجهة يف األمم‬ ‫املتحدة يف انتظار انكشاف األحوال يف البلدان‬ ‫العربية وذلك طمعاً يف تحقيق إنجازات جديدة‪،‬‬ ‫ومن هنا يتم ترسيع وترية االستيطان‪ ،‬ولكن‬ ‫وسط حرية وقلق ينتاب “إرسائيل” يف كيفية‬ ‫تحديد شكل تعاطيها مع التداعيات الناجمة يف‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫نحن أمام صحوة فلسطينية وقراءة سليمة‬ ‫لألحداث‪ ،‬ولكن ال يتم ترجمة ذلك عىل واقع‬ ‫األحداث بالشكل الذي يخدم القضية الوطنية‪،‬‬ ‫والتي هي قضية حق وعدل تحتاج اىل تفعيل كل‬ ‫أوراق القوة الكامنة‪ ،‬فام الذي مينع من إعادة تقييم‬ ‫املرحلة السابقة بكل موضوعية ومحاولة تقييم‬ ‫شاملة‪ :‬أين أصبنا؟ وأين االخرتاقات؟ وأين الرهان‬ ‫الخارس؟ وما الذي أوصلنا اىل هذه الحالة البائسة‪،‬‬ ‫إال عقم “التسوية” التي ف ّرطت بالثوابت الوطنية‬ ‫عىل حساب شكل زائف ومن أجل سلطة فاقدة‬ ‫ألي كيانية أو استقاللية‪ ،‬حيث التح ّول املرحيل‬ ‫الذي نادوا به اىل دائم‪ ،‬وهذا ما قاد اىل متزيق وحدة‬ ‫الصف الفلسطينية‪ ،‬وحتى عملية املصالحة‬ ‫األخرية‪ ،‬فهي تراوح يف مكانها ألنها محكومة‬ ‫بقيود مفروضة والتزامات املجتمع الدويل الذي‬ ‫يزعمون وإذا بقيت الحال عىل هذا املنوال‪ ،‬ستكون‬ ‫نتائجه كارثية عىل مجمل القضية الوطنية‪،‬‬

‫وأخطر ما ميكن أن يحصل أن تتحول النزاعات اىل‬ ‫رصاعات يف إطار السعي نحو املغانم الشكلية‪.‬‬ ‫إذا مل يتم إعادة بناء ما تهدم يف املؤسسة‬ ‫الوطنية منظمة التحرير الفلسطينية وعىل‬ ‫أساس الثوابت والتمسك بالحقوق دون تفريط‬ ‫لن يحرتمنا العامل وستظل قضيتنا مجرد كرة‬ ‫تتقاذفها أرجل الالعبني الدوليني‪ ،‬وإال ملاذا قدّم‬ ‫شعبنا التضحيات‪ ،‬هل من أجل سلطة شكلية‬ ‫بينام يعيش شعبنا يف انتظار يوم عودته اىل‬ ‫أرضه ودياره؟ وهذا يتأىت فقط يف حال تعدد‬ ‫الخيارات السياسية وعدم االرتهان لخيار وحيد‪،‬‬ ‫واملفارقة أيضاً‪ ،‬عندما نسمع “إرسائيل” تهدد‬ ‫بإلغاء اتفاقات أوسلو يف حني تواصل السلطة‬ ‫الفلسطينية التمسك بالتزاماتها يف هذا‬ ‫االتفاق الذي بات ال يعني شيئاً بالنسبة للشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وكان من األجدى أن يتم فتح أفق‬ ‫سيايس إلمكان استعادة املرشوع الوطني يف‬ ‫التحرير والعودة‪.‬‬ ‫هناك مخاوف حقيقية لدى الشعب‬ ‫الفلسطيني يف كل مكان وهو ال يتغنى بالحديث‬ ‫عن الدولة املوعودة يف األمم املتحدة ونأمل أال‬ ‫تكون الدولة رقم ‪ 194‬يف قامئة دول العامل‪،‬‬

‫‪37‬‬

‫يف تعارض مع القرار ‪ 194‬لعام ‪ ،1949‬الصادر‬ ‫عن األمم املتحدة والقايض بوجوب حق العودة‬ ‫لالجئني الفلسطينيني هذا مع العلم بأن معظم‬ ‫الشعب الفلسطيني ينظر اىل القرار املذكور‬ ‫أيضاً بأنه مجحف بحقوقه وال يلبي طموحاته‬ ‫ولكن دهاليز السياسة التي اتبعت حتى اآلن هي‬ ‫التي قادت اىل هذه النتائج الكارثية‪.‬‬

‫تحديد األهداف قبل وضع‬ ‫االسرتاتيجيات‬ ‫منذ نهاية الثامنينات‪ُ ،‬ص ّور لنا بأن املستقبل‬ ‫املرسوم امامنا بأنه وردي‪ ،‬واستقرت االهداف‬ ‫الفلسطينية آنذاك حسب “القيادة املتنفذة”‬ ‫يف‬ ‫الصادرة‬ ‫االستقالل‬ ‫وثيقة‬ ‫متضمنة‬ ‫‪ ،1988/11/15‬وهي إنجاز حق تقرير املصري مبا‬ ‫يشمل إقامة دولة فلسطينية بعد إنهاء االحتالل‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬وإنجاز حقوق الالجئني الفلسطينيني‬ ‫مبوجب قرارات األمم املتحدة والقانون الدويل مبا‬ ‫يضمن تحقيق العودة والتعويض‪ ،‬وتحقيق املساواة‬ ‫للفلسطينيني املوجودين يف الداخل (فلسطني‬ ‫املحتلة) وضمن حقوقهم الفردية والجامعية ورفع‬ ‫الحصار عن غزة‪.‬‬ ‫ولكن ما قام به العدو من احتالل واستيطان‬ ‫ومصادرة األرايض قطع الطريق نهائياً عىل إقامة‬ ‫دولة فلسطينية ضمن املواصفات املذكورة‪،‬‬ ‫وحاول البعض طرح خيارات أخرى‪ُ ،‬‬ ‫وخ ّيل له أنه‬ ‫يرى الحل يف طريقه اىل النهاية‪ ،‬واستمرت حالة‬ ‫الرهان عىل الحلول األمريكية‪ ،‬وتعرضت األهداف‬ ‫مبرور الزمن‪ ،‬اىل املزيد من التنازالت والتآكل‬ ‫عرب مسرية املفاوضات الثنائية كام يظهر يف‬ ‫املوافقة عىل تبادل األرايض (الذي يشمل ضم‬ ‫الكتل االستيطانية لـ “إرسائيل”) وعىل حل‬ ‫متفق عليه لقضية الالجئني‪ ،‬واالستعداد لفصل‬ ‫قضايا الحل النهايئ عن بعضها البعض وعن وحدة‬ ‫الشعب الفلسطيني وقضيته عرب الرتكيز عىل‬ ‫إقامة الدولة وإهامل حق العودة‪ ،‬والوصول أحياناً‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب فلسطيني‬ ‫اىل القبول مببدأ املقايضة بينهام‪ ،‬والتفاوض‬ ‫عىل الحدود واألمن أوالً‪ ،‬وغريه من السياسات‬ ‫التي اعتمدت خالل عملية املفاوضات وأدت اىل‬ ‫الكارثة التي نحن فيها والتي من معاملها تطبيق‬ ‫االلتزامات من جانب السلطة الفلسطينية دون‬ ‫تحقيق مبدأ التبادلية‪.‬‬ ‫لقد ثبت عملياً‪ ،‬بأن خيار املفاوضات الثنائية‬ ‫كان فاش ًال بامتياز‪ ،‬بعد أن أفشلته “إرسائيل”‬ ‫ألنها ال تريد أن تعطي أي يشء بالتفاوض ألن‬ ‫الطرف اآلخر الذي يفاوض ال ميلك أي خيار آخر‪،‬‬ ‫فلامذا تعطيه إذا كان بإمكانها ابتزازه وتحصيل‬ ‫املزيد من التنازالت؟‬ ‫ويحاول البعض اليوم طرح اسرتاتيجيات‬ ‫واالستفادة من األخطاء التي وقعت‪،‬‬ ‫جديدة‬ ‫وهي تدعو للتفاوض من أجل تحقيق قرارات األمم‬ ‫املتحدة وليس للتفاوض عليها أو حولها وأن‬ ‫تكون املفاوضات يف إطار دويل كامل الصالحيات‬ ‫وفاعل ضمن جدول زمني قصري وآلية تطبيق‬ ‫ملزمة؟ إن مثل هذه املفاوضات ال ميكن أن تتم‬ ‫دون أن ميلك الفلسطينيون أوراق القوة والضغط‪،‬‬ ‫ويدعو هؤالء اىل إعادة النظربشكل ووظائف‬ ‫السلطة‪ ،‬بحيث تخدم االسرتاتيجية الجديدة‬ ‫فيام بعد الذهاب اىل األمم املتحدة‪ ،‬وإذا مل تتمكن‬ ‫السلطة من القيام بوظائفها كأداة بيد منظمة‬ ‫التحرير وبرنامجها الوطني فعليها أال تواصل‬ ‫العمل كرهينة للمساعدات واالتفاقات ورشوط‬ ‫الرباعية وخصوصاً التنسيق األمني ونبذ العنف‬ ‫واالعرتاف بـ “إرسائيل” والخضوع التفاقية باريس‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وإذا انهارت السلطة فعىل االحتالل‬ ‫أن يتحمل املسؤولية عن احتالله‪ ،‬والهدف من‬ ‫هذه االسرتاتيجية أو خطوة كهذه‪ ،‬ستعيد‬ ‫الرصاع اىل مجراه الطبيعي والحقيقي وتكشف‬ ‫بطالن وزيف عملية التفاوض الثنائية التي‬ ‫استغلها العدو لتعزيز وتكريس احتالله وقطع‬ ‫الطريق عىل أي حل “عادل” أو “متوازن” للقضية‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫إن مثل هذه االسرتاتيجيات تحاول إعادة إنتاج‬ ‫جولة جديدة من املفاوضات وهذه املرة عن طريق‬ ‫األمم املتحدة‪ ،‬وهي تعني العودة اىل رشوط‬ ‫تفاوضية أفضل‪ ،‬والسؤال إذا كان العدو قد رفض‬ ‫مجرد وقف االستيطان ملدة محدودة‪ ،‬فام الذي‬ ‫يدفعه للقبول مبثل هذه االسرتاتيجية املتفائلة‬ ‫واملوجهة تحديداً اىل الشعب الفلسطيني الذي‬ ‫مل االنتظار‪ ،‬أوليس أفضل الطرق وأقلها كلفة‬ ‫تأيت عن طريق املقاومة ألنها تعني الكرامة وألن‬ ‫العدو ال يفهم إال هذه اللغة؟‬ ‫إن أبرز التحديات التي تواجه الشعب‬ ‫الفلسطيني تتمثل يف أهمية التأكيد عىل‬ ‫وحدته الوطنية ووضع حد لالنقسام من خالل‬ ‫االتفاق عىل وضع اسرتاتيجية واقعية ملواجهة‬ ‫املخاطر املحدقة‪ ،‬وال يكفي توصيف الحالة الراهنة‬ ‫فقط وإمنا إنتاج الحلول الواقعية الكفيلة‬ ‫بتحقيق نتائج إيجابية تبدأ بالتوافق الوطني‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الشامل ووضع سلم األولويات‪ ،‬بحيث تكون‬ ‫عملية املصالحة الوطنية فرصة حقيقية إلعادة‬ ‫تقييم شاملة تأخذ يف االعتبار جميع الفصائل‬ ‫والقوى الفلسطينية دون استثناء‪ ،‬دون الدخول‬ ‫يف عملية محاصصة ثنائية وغريها‪ ،‬ألن مرحلة‬ ‫التحرر الوطني تتطلب جمع وتوحيد جميع‬ ‫طاقات املجتمع الفلسطيني وعدم الركون اىل أي‬ ‫حل أو تسوية شكلية والدخول يف عملية سباق‬ ‫لنيل املكاسب واملغانم كام حصل إبان مرحلة‬ ‫أوسلو وما بعدها‪.‬‬ ‫إن قيام دولة فلسطينية يف الظروف الحالية‬ ‫بات حل ًام غري قابل للتحقيق أو يكاد يتبخر‬ ‫نهائياً‪ ،‬فلو جمعنا األرايض القامئة ما بني‬ ‫الجدار العازل وما بني حدود عام ‪ ،1967‬وهيمنة‬ ‫املستوطنات وما يتبعها من الطرق املخصصة‬ ‫للمستوطنني وأضيف اىل ذلك نهر األردن الذي‬ ‫ترغب “إرسائيل” يف االحتفاظ به تحت مراقبتها‬ ‫كام تدعي ألسباب أمنية‪ ،‬فلن متتلك هذه الدولة‬ ‫يف النهائة سوى إقليم محصور مبساحة ال تزيد‬ ‫عن ‪ 2500‬كلم‪ 2‬من أصل ‪ 27000‬كلم‪ 2‬مساحة‬ ‫فلسطني‪ ،‬كل فلسطني‪.‬‬ ‫والكيان الصهيوين مازال يتفادى الدخول‬ ‫يف مفاوضات حقيقية‪ ،‬وخطاب نتنياهو أمام‬ ‫الكونغرس األمرييك كان واضحاً‪ ،‬وقد طرح‬ ‫أسساً غري مقبولة لدى السلطة الفلسطينية‪،‬‬ ‫وهي أطروحة قامئة من الالءات‪ :‬رفض لحدود ‪1967‬‬ ‫ورفض لحق العودة‪ ،‬ورفض لوقف بناء املستوطنات‪،‬‬ ‫ورفض لتقسيم القدس كعاصمة‪ ،‬ونتنياهو‬ ‫يقول إنه يوافق عىل قيام الدولة الفلسطينية‪،‬‬ ‫ولكن الرشوط التي يضعها تجعل من هذه الدولة‬ ‫أقرب املعازل التي ال يربطها رابط‪.‬‬ ‫ورغم احتامل استخدام أمريكا حق النقض‬ ‫(الفيتو) يف رفض االعرتاف بالدولة الفلسطينية‪،‬‬ ‫إال أن إجامعاً تحصل عليه هذه الدولة يف‬ ‫الجمعية العامة لألمم املتحدة والذي يضم عىل‬ ‫الخصوص دوالً أوروبية‪ ،‬سيكون اإلنجاز الوحيد‬

‫‪38‬‬

‫الذي سوف يظهر بشكل فاضح حجم انعزال‬ ‫الديبلوماسية اإلرسائيلية‪ ،‬ولكن هذا لن يغيرّ من‬ ‫واقع الحال أيضاً‪ ،‬فاالحتالل الصهيوين مازال قامئاً‬ ‫واالستيطان يتوسع و”إرسائيل” ترفض التنازل‬ ‫وال يشء يردعها حتى اآلن‪ ،‬فالدعم األمرييك‬ ‫متواصل رغم األزمة املالية العاصفة التي تواجه‬ ‫الواليات املتحدة‪.‬‬

‫األزمة الراهنة يف «إرسائيل»‬ ‫انطلقت موجة من التظاهرات التي اجتاحت‬ ‫عدداً من املدن الكبرية داخل الكيان‪ ،‬وهناك شعور‬ ‫متزايد لدى اإلرسائيليني بتل ّبد حس الحكومة‬ ‫أيضاً تجاه القضايا السياسية واألمنية إضافة‬ ‫اىل االجتامعية‪ ،‬واحتامالت الصدام السيايس‬ ‫مع العامل ورمبا األمني مع الفلسطينيني بعد‬ ‫عرض مطلب االعرتاف بالدولة عىل األمم املتحدة‪،‬‬ ‫وميكن تلمس آثار هذا التلبد كام أشارت أوساط‬ ‫متزايدة من اإلرسائيليني الحتامل إقدام نتنياهو‬ ‫عىل الخالص من األزمة الداخلية باللجوء اىل‬ ‫مغامرة عسكرية يف الخارج ومحاولته خلط‬ ‫األوراق يف املنطقة من جديد‪.‬‬ ‫ومن املؤكد أنه ال ميكن قراءة األزمة االجتامعية‬ ‫الراهنة يف “إرسائيل” من دون األخذ بالحسبان‬ ‫السياق العام العاملي واإلقليمي‪ ،‬وتكفي اإلشارة‬ ‫اىل التوتر االجتامعي (أزمة السكن والتكاليف‬ ‫املعيشية الخاصة باملستوطنني) وانطالق ما‬ ‫سمي بـ “ثورة الخيام”‪ ،‬كل هذه الظواهر سيكون‬ ‫لها تأثرياتها املبارشة عىل استعداد االستثامرات‬ ‫األجنبية عىل القدوم اىل “إرسائيل”‪ ،‬كام أن األزمة‬ ‫االقتصادية يف أمريكا تلقي بظالل كثيفة عىل‬ ‫هذا الكيان ألنه الدولة األكرث متتعاً باملساعدات‬ ‫األمريكية‪ ،‬وبالتايل إن تخفيض درجة ائتامن‬ ‫السندات األمريكية أثر بشكل مبارش عىل‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬كام أن امريكا ضامن لديون إرسائيلية‬

‫التي ال تقل قيمتها عن ‪ 12‬مليار دوالر مام يزيد من‬ ‫خدمة الدين‪.‬‬ ‫كام أن “خطوة واستحقاق أيلول” التي سبق‬ ‫لوزير الدفاع إيهود باراك تسميتها “تسونامي‬ ‫سيايس” باتت عىل األبواب من دون أن توفر‬ ‫“إرسائيل” يف مقابلها سوى الحل األمني‪ ،‬ورغم‬ ‫أن هذا الحل مطلوب يف “إرسائيل” إال أنه مكلف‬ ‫سياسياً يف العامل وباهظ التكلفة اقتصادياً يف‬ ‫هذا الوقت بالذات‪ ،‬ومن الجائز أيضاً أن عدم خروج‬ ‫أمريكا من األزمة االقتصادية وازدياد حاجتها اىل‬ ‫تقليص ديونها ومصاريفها ميكن أن يزيد يف كبح‬ ‫امليل اإلرسائييل للخروج من األزمة االقتصادية‬ ‫بتفجري أمني‪.‬‬ ‫لكن جاء الـ “تسونامي” مبكراً واستبق أيلول‪،‬‬ ‫موجات االحتجاج الواسعة املوجهة ضد سياسة‬ ‫نتنياهو‪ ،‬وهو قد اعرتف بأن بعض مفاهيمه‬ ‫االقتصادية تحتاج اىل تغيري جذري بسبب الفوارق‬ ‫االجتامعية االقتصادية القامئة يف املجتمع‬ ‫اإلرسائييل‪.‬‬ ‫وليس صدفة أن أوىل ضحايا االحتجاجات حتى‬ ‫اآلن هو املؤسسة العسكرية التي صار مطلب‬ ‫وزارة املالية األول تلبية بعض مطالب املحتجني‬ ‫وتقليص ميزانيتها بـ “أكرث من نصف مليار دوالر”‪،‬‬ ‫كام أن الضحية الثانية لالحتجاجات تتمثل يف‬ ‫كبار الرأسامليني االحتكاريني يف “إرسائيل”‬ ‫الذين أنشأوا صالت شبه علنية مع قادة األحزاب‬ ‫السياسية بحيث بات التعبري عن الرثاء أحد‬ ‫مظاهر السطوة السياسية‪.‬‬ ‫لقد شكلت الحكومة “لجنة ترختنربغ” لوضع‬ ‫توصيات لحل األزمة االجتامعية‪ ،‬فتشكلت‬ ‫باملقابل لجنة “حكامء” من كبار الخرباء االقتصاديني‬ ‫وعلامء االجتامع لتقديم النصح للمحتجني ويبدو‬ ‫جلياً أن املحتجني يرون يف اللجنة املذكورة نوعاً‬ ‫من محاولة احتواء املوقف ومنع التصعيد‪ ،‬وهم‬ ‫يرصون عىل تغيري بنيته السياسية االقتصادية‬ ‫لتغدو أكرث مي ًال لتحقيق العدالة االجتامعية‬ ‫وهذا يعني تغيري البنية السياسية والحزبية يف‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬ما ذكر يشري اىل األزمة التي يعاين‬ ‫منها الكيان الصهيوين‪.‬‬

‫عملية إيالت أول الغيث‬ ‫ويف ضوء التقارير اإلرسائيلية املرتبكة إزاء‬ ‫مواجهة تداعيات اعرتاف األمم املتحدة بدولة‬ ‫فلسطينية‪ ،‬أعدت لجنة الخارجية واألمن الربملانية‬ ‫اإلرسائيلية تقريراً‪ ،‬أ ّكدت فيه ‪”:‬أن “إرسائيل” ال‬ ‫متلك اسرتاتيجية واضحة‪ ،‬ملواجهة تبعات قرار‬ ‫تتخده األمم املتحدة يف أيلول املقبل لالعرتاف‬ ‫بدولة مستقلة عىل حدود عام ‪ ،1967‬وأن‬ ‫اإلعداد اإلرسائييل عىل املستوى السيايس‬ ‫يشوبه الخلل الذي قد يؤدي اىل تدهور األوضاع‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬وأن املشكلة الرئيسية التي متكن‬

‫يف “إرسائيل” تتحدث بصوتني‬ ‫متناقضني‪ :‬صوت ليربمان (وزير‬ ‫الخارجية) الذي يقول برضورة‬ ‫مامرسة ضغوط عىل السلطة‬ ‫من‬ ‫ملنعها‬ ‫الفلسطينية‬ ‫التوجه اىل األمم املتحدة‪ ،‬وأنه ال‬ ‫مكان ألي مبادرة سياسية يف‬ ‫الوقت الحايل‪ ،‬بينام يرى وزير‬ ‫الدفاع إيهود باراك أن املبادرة‬ ‫الفلسطينية تشكل تهديداً لـ‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬ما يستوجب برأيه‪،‬‬ ‫أخذ زمام املبادرة السياسية‬ ‫واستئناف املفاوضات مع القيادة الفلسطينية‪.‬‬ ‫ويشري استنتاج آخر‪ ،‬اىل أن الوضع الراهن‬ ‫ينطوي عىل مخاطر كثرية بالنسبة لـ “إرسائيل”‬ ‫ومكانتها يف الساحة الدولية‪ ،‬وأن خطر التصعيد‬ ‫يف مواجهة الفلسطينيني عىل نحو ما سيكون‬ ‫له تأثري يف عالقة “إرسائيل” مع مرص واألردن‬ ‫إضافة اىل أرضار متعددة عىل الصعد املختلفة‪،‬‬ ‫الدبلوماسية واالقتصادية واألمنية‪ ،‬ولذلك فإن‬ ‫قيادة الجيش استعدت جيداً ملواجهة األحداث‬ ‫املتوقعة يف أيلول وقامت بامتالك وسائل خاصة‬ ‫لتفريق التظاهرات‪.‬‬ ‫ووسط حالة الرتقب والقلق واإلرباك‬ ‫اإلرسائييل جاءت عملية إيالت التي نفذت يف‬ ‫املنطقة الواقعة عىل بعد ‪ 20‬كلم من مدينة‬ ‫إيالت وشامالً منها‪ ،‬حيث نفذت عملية جريئة‬ ‫ونوعية قام بها أبطال املقاومة‪ ،‬وشارك فيها أكرث‬ ‫من ‪ 20‬مقاوم واشرتكت فيها طائرات هيليكوبرت‬ ‫املعركة‪ ،‬واستخدم‬ ‫مقاتلة يف‬ ‫إرسائيلية‬ ‫املقاومون أسلحة مختلفة من مدافع رشاشة‬ ‫وعبوات وإطالق صواريخ‪ ،‬وأسفرت العملية عن‬ ‫مقتل ‪ 7‬جنود صهاينة وإصابة العرشات بجروح‪،‬‬ ‫والعملية أحدثت حالة من الهلع يف صفوف‬ ‫الجنود اإلرسائيليني‪ ،‬ودعت قيادة الجيش اىل إلغاء‬ ‫اإلجازات الصيفية يف منتجعات سيناء‪ ،‬وأشارت‬ ‫أن مثة خطراً كبرياً من تنفيذ عمليات عديدة‬ ‫ضد اإلرسائيليني‪ ،‬وأصدر نتنياهو بياناً قال فيه‪:‬‬ ‫“هذه االعتداءات التي ارتكبت يف جنوب البالد‬ ‫هي أحداث خطرية قتل فيها إرسائيليني وخرقت‬ ‫فيها سيادة “إرسائيل” وسرند عليها”‪.‬‬ ‫ويذكر أن العمليات التي نفذت يف منطقة‬ ‫إيالت بدأت ظهر يوم ‪ /8/18‬واستمرت حتى الليل‪،‬‬ ‫ودمرت خاللها حافلة صهيونية متاماً وأصيبت‬ ‫أخرى وتم اشتباك مبارش بني املقاومني والقوات‬ ‫اإلرسائيلية‪ ،‬وتم تفجري عبوات ناسفة قتلت عدداً‬ ‫من الجنود اإلرسائيليني‪ ،‬وكانت إدارة العملية‬ ‫ناجحة متاماً من حيث األساليب والتكتيكات‬ ‫العسكرية التي اتبعت ما يؤرش لبداية مرحلة‬ ‫جديدة من املقاومة يف مواجهة املحتل‪.‬‬ ‫وأثارت هذه العمليات ردود فعل يف “إرسائيل”‬ ‫التي كانت مشغولة بحملة االحتجاج الشعبي‬ ‫الضخمة ضد سياسة الحكومة يف النواحي‬

‫‪39‬‬

‫االقتصادية واالجتامعية‪ ،‬وقيل‪“ :‬هناك ربط بني‬ ‫العمليات واألزمة التي يعانيها الكيان الصهيوين‬ ‫والتنظيامت املسلحة التي استهدفت “إرسائيل”‬ ‫تشعر بأن “إرسائيل” تعيش حالة من القلق‬ ‫والتوتر بسبب االحتجاجات الداخلية‪ ،‬فقررت أن‬ ‫تضيف لها توتراً جديداً”‪.‬‬ ‫األزمة االقتصادية االجتامعية التي تعانيها‬ ‫“إرسائيل” وتزامنها مع العمليات الجريئة يف‬ ‫إيالت‪ ،‬دفعت نتنياهو اللتقاط الفرصة ومحاولة‬ ‫الهرب من أزماته‪ ،‬وكان سقوط حكومته أقرب‬ ‫وأسهل من حل األزمة‪ ،‬ولذلك استغل الحدث‪،‬‬ ‫وا ّتهم غزة وبدأ فوراً سلسلة اغتياالت‪.‬‬ ‫ويتفق املحللون واملراقبون‪ ،‬أن عملية إيالت والرد‬ ‫اإلرسائييل عليها‪ ،‬يشكل فرصة للحكومة‬ ‫اإلرضابات‬ ‫انتفاضة‬ ‫لوقف‬ ‫اإلرسائيلية‬ ‫واالحتجاجات ضد نتنياهو أوالً باإلضافة اىل جلب‬ ‫االنتباه اىل حدود مرص ودورها‪ ،‬وأطلقت أصوات‬ ‫يف “إرسائيل” تدعو ألن يكون الرد قاسياً وشديداً‬ ‫عىل أي عمل يستهدف “إرسائيل”‪ ،‬ويجب مطاردة‬ ‫“اإلرهابيني” يف قلب سيناء‪ ،‬ودعوات للضغط‬ ‫عىل مرص يف املجال السيايس االسرتاتيجي‪.‬‬ ‫نتائج عملية إيالت أصابت اإلرسائيبلني‬ ‫وقيادتهم بالذعر الشديد مع رؤية القتىل‬ ‫والجرحى يف صفوفهم ومعظمهم من الجنود‪،‬‬ ‫وارتفعت أصوات‪ ،‬توجه أصابع االتهام نحو الجيش‬ ‫وتحمله مسؤولية التقصري وتطالب رئيس األركان‬ ‫بأن يرسل قواته اىل شبه جزيرة سيناء ملواجهة‬ ‫“الفلتان األمني هناك”‪.‬‬ ‫“إرسائيل” تتخ ّبط اليوم‪ ،‬ويبدو أن األحداث‬ ‫القادمة ستفوق كل التوقعات‪ ،‬املنطقة تغيل‪،‬‬ ‫وما عملية إيالت سوى أول الغيث ليس إ ّال‪ ،‬القادم‬ ‫أعظم مهام اشتدت الهجمة‪ ،‬إنه زمن املقاومة‬ ‫يف هذه األمة‪.‬‬ ‫ولعل ما يحصل هو السيناريو املصغر‪ ،‬ملا‬ ‫سيأيت الحقاً‪ ،‬املقاومة أثبت نجاعتها يف كل‬ ‫مكان من العامل واجه االحتالل‪ ،‬وهي صمدت‬ ‫وقاومت وانترصت‪ ،‬إنه الطريق الوحيد الذي يعيد‬ ‫الحقوق بدالً من املرسحية “امللهاة يف أيلول”‬ ‫والعودة اىل املفاوضات من جديد؟!‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫الدكتور صالح الدباغ لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫ال حياة وكرامة للعرب اإل باحتضانهم قضية فلسطين‬ ‫انطلقت الثورة الفلسطينية املعارصة عام‬ ‫‪ ،1965‬وحددت جملة من األهداف الوطنية‬ ‫تتلخص يف تحرير األرض وعودة الشعب‬ ‫الفلسطيني اىل دياره‪ ،‬وإقامة دولة فلسطينية‬ ‫عىل كامل ترابه الوطني‪ ،‬إال أن الرهانات عىل‬ ‫التسوية من قبل القيادات املتنفذة ملنظمة‬ ‫التحرير خالل مرحلة السبعينات وما بعدها‬ ‫قادت اىل سلسلة ال تنتهي من التنازالت بدأت‬ ‫يف أوسلو ‪ 1993‬وصوالً اىل خارطة الطريق‬ ‫ثم املفاوضات‬ ‫ومبادرة جنيف ومؤمتر أنابوليس‪ّ ،‬‬ ‫الثنائية املبارشة عام ‪ 2010‬التي انتهت اىل‬ ‫فشل مؤ ّكد‪ ،‬رغم الرهانات عىل دور الواليات‬ ‫املتحدة والرباعية الدولية‪.‬‬ ‫وكانت وثيقة االستقالل الصادرة يف‬ ‫‪ 1988/11/15‬قد تضمنت جملة من األهداف‬ ‫املرحلية‪ ،‬والتي استقرت عىل إنجاز حق تقرير‬ ‫املصري مبا يشمل إقامة دولة فلسطينية‬ ‫بعد إنهاء االحتالل اإلرسائييل‪ ،‬وإنجاز حقوق‬ ‫الالجئني الفلسطينيني مبوجب قرارات األمم‬ ‫املتحدة والقانون الدويل مبا يضمن تحقيق العودة‬ ‫والتعويض وغريه من األهداف‪ ،‬التي تعرضت‬ ‫للتنازالت والتآكل وبشكل تدريجي عرب مسرية‬ ‫املفاوضات الثنائية‪ ،‬من خالل موافقة السلطة‬ ‫الفلسطينية عىل مبدأ تبادل األرايض الذي‬ ‫يشمل ضم الكتل االستيطانية لـ “إرسائيل”‬ ‫وعىل حل متفق عليه لقضية الالجئني‪،‬‬ ‫واالستعداد لفصل قضايا الحل النهايئ عن‬ ‫بعضها البعض وهي الحدود واألمن والقدس‬ ‫تم الرتكيز عىل إقامة‬ ‫والالجئني واملياه‪ ،‬وعملياً ّ‬ ‫الدولة وإهامل حق العودة‪ ،‬وأحياناً وصل األمر‬ ‫اىل حد املقايضة بينهام‪ ،‬والحديث عن التفاوض‬ ‫عىل الحدود واألمن‪ ،‬وجميعها فشلت وسببت‬ ‫كارثة عندما تبينّ وهم املفاوضات‪.‬‬ ‫ففي تلك األوقات الهامة من تاريخ القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬قضية األمة بأكملها‪ ،‬التقت‬ ‫“منرب التوحيد” عضو اللجنة القيادية للهيئة‬ ‫الوطنية لحامية الثوابت الفلسطينية الدكتور‬ ‫صالح الدباغ لرشح تطورات القضية خاصة‬ ‫يف ما يتع ّلق باستحقاق أيلول‪ ،‬يف حوار هذا‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫ما الذي يعنيه الذهاب اىل األمم املتحدة‪ ،‬وما‬ ‫سمي استحقاق أيلول؟ وهل ستقام الدولة‬ ‫يف ظل االحتالل والحصار املفروض؟ أم أن‬ ‫الذهاب اىل األمم املتحدة يعني العودة اىل‬ ‫املفاوضات من جديد من خالل التفاوض من‬ ‫دولة اىل دولة؟‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املسار الذي اتبعته السلطة الفلسطينية‬ ‫يف معالجة املوضوع الفلسطيني هو مسار‬ ‫خاطئ‪ .‬فهذا املسار هو بدون أفق اسرتاتيجي إذ‬ ‫هو يقوم عىل أساس املفاوضات أوال وثانياً وثالثاً‬ ‫وأخرياً‪ .‬وكثرية هي الترصيحات للمسؤولني‬ ‫الفلسطينيني يف السلطة الذين يرددون ان ال‬ ‫بديل عن املفاوضات إال املفاوضات‪.‬‬ ‫وهذا خطأ اسرتاتيجي حول فهم املفاوضات‪.‬‬ ‫فاملفاوضات هي نتيجة توازن قوى‪ .‬وإذ مل يكن‬ ‫لديك أي قوة‪ ،‬فمن الخطأ الذهاب اىل املفاوضات‪.‬‬ ‫منحى‬ ‫باتخاذها‬ ‫الفلسطينية‪،‬‬ ‫والسلطة‬ ‫املفاوضات دون أي خيار آخر لديها‪ ،‬ترتكب خطأ‬ ‫اسرتاتجيا فادحاً‪ .‬فنتائج هذه املفاوضات هي‬ ‫محسومة سلفا لصالح من ميلك القوة‪ .‬هي‬ ‫مفاوضات بني الذئب والحمل‪.‬‬ ‫إن عدم استخدام وسائل أخرى غري املفاوضات‬ ‫هو كالذهاب اىل الهيجاء (الحرب) بدون أي سالح‪،‬‬ ‫بل األدهى من ذلك أن السلطة ترصح املرة تلو‬ ‫املرة‪ ،‬مام أضحى ذلك ممجوجاً‪ ،‬أنها ال متلك أي سالح‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫مسلك املفاوضات وأنت مج ّرد من أي سالح‬ ‫يعني االستسالم للعدو‪.‬‬ ‫ماذا عن الفيتو األمرييك يف مجلس األمن‬ ‫الجاهز لخدمة “إرسائيل” ومنع إقامة الدولة؟‬ ‫توهّ مت السلطة أنها تستطيع االعتامد‬ ‫عىل املجتمع الدويل‪ ،‬وعىل ما يس ّمى اصطالح‬ ‫الرشعية الدولية وهذا خطأ فادح آخر يبينّ انعدام‬ ‫الرؤية لديها وقصورها الشديد عن فهم حقائق‬ ‫السياسة الدولية‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫الرشعية الدولية تعبري خاطئ ألنه يقوم‬ ‫عىل قوة الدول التي تفرض‪ ،‬مبا لها من سلطة‬ ‫وقوة وسالح إرهاب‪ ،‬ما تشاء‪ .‬فليس هناك من‬ ‫رشعية دولية‪ ،‬بل هناك سياسة قوى دولية‬ ‫ّ‬ ‫تتغطى بتعبري الرشعية الدولية لفرض ما يخدم‬ ‫مصالحها‪ .‬ومن الخطأ الفادح ان نك ّرر استعامل‬ ‫هذا التعبري‪.‬‬ ‫فهل الرشعية الدولية قد ُن ّفذت بتنفيذ عودة‬ ‫الالجئني الفلسطينيني والتعويض عليهم‪ ،‬وفقا‬ ‫للقرار رقم ‪ 194‬تاريخ ‪1948/12/11‬؟‬ ‫وهل الرشعية الدولية قد ُن ّفذت باالنسحاب‬ ‫من الجوالن واألرايض الفلسطينية املحتلة‪ ،‬وفقاً‬ ‫لقرار مجلس األمن رقم ‪ 242‬تاريخ ‪1967/11/22‬؟‬ ‫وهل الرشعية الدولية قد حاسبت الغزو‬ ‫األمرييك عىل العراق؟‬ ‫وهل الرشعية الدولية قد نفذت باالنسحاب‬ ‫من لبنان‪ ،‬وفقاً لقرار مجلس األمن رقم ‪425‬؟‬ ‫وهل الرشعية الدولية قد حاسبت الواليات‬ ‫املتحدة عىل ارتكابها أشد املجازر اإلرهابية‬ ‫بإلقائها القنابل الذرية عىل مدينتي نغازايك‬ ‫وهريوشيام؟‬ ‫اإلرتكاز عىل الرشعية الدولية واالستناد اليها‬ ‫هو وهم وتوهم‪ .‬ومن يرتكز عىل األوهام ينتهي‬ ‫به األمر اىل ما انتهت اليه السلطة يف الضفة‬ ‫الغربية‪ .‬فاملهم هو مصالح الدول ومتى نؤثر يف‬ ‫املصالح نستطيع ان نؤثر يف املواقف‪.‬‬ ‫ماذا سيحصل بعد ذلك يف الجمعية العامة‬ ‫لألمم املتحدة؟ هل ستكون هناك دولة بصفة‬ ‫مراقب يف األمم املتحدة؟ وما هي مزايا مثل‬ ‫هذه النتيجة ما دامت األرض محتلة والشعب‬ ‫محارص؟‬ ‫أمام هذا املأزق الذي انتهت اليه السلطة يف‬ ‫الضفة‪ ،‬حاولت أن تهرب منه باللجوء اىل األمم‬ ‫املتحدة لالعرتاف بالدولة الفلسطينية‪ .‬وبرأينا‬ ‫إن هذا األمر سيواجه يف مجلس األمن بالفيتو‬ ‫األمرييك عىل األقل‪ ،‬وإذا ما ذهبنا بعد ذلك اىل‬ ‫الجمعية العامة فإن ذلك يتطلب وجود أكرثية قد‬ ‫ال نحصل عليها‪.‬‬ ‫هل كان التوجه نحو األمم املتحدة للتغطية‬ ‫عىل فشل املفاوضات الثنائية؟‬ ‫ومهام يكن من أمر‪ ،‬فإن االعرتاف بدولة‬ ‫فلسطني هو أمر معنوي ورمزي وفائدته تنحرص‬ ‫يف ذلك‪ ،‬وال ينبغي أن نع ّول عليه كثرياً‪ ،‬فقرار‬ ‫التقسيم الصادر بتاريخ ‪ 1947/11/29‬رقم ‪181‬‬ ‫أق ّر بوجود دولة يهودية وبدولة عربية عىل أن‬ ‫تبقى القدس منطقة دولية ومع ذلك فال أثر‬

‫لهذا القرار‪.‬‬ ‫األهم من كل ذلك هي الوقائع عىل‬ ‫األرض‪ .‬وهذه الوقائع ال تتأثر إال مبيزان‬ ‫القوى العسكري والسيايس‪.‬‬ ‫احتامل االعرتاف يف األمم املتحدة‬ ‫“بدولة فلسطني” أمر وارد من باب‬ ‫االفرتاض‪ ،‬وعندها ماذا عن األرض وهي‬ ‫محتلة؟ وكيف ستقوم الدولة‪ ،‬وما هي‬ ‫حدودها يف ظل االستيطان والوجود‬ ‫اإلرسائييل يف غور األردن والقدس‬ ‫الرشقية؟ وماذا عن حق عودة الالجئني‬ ‫اىل ديارهم؟‬ ‫وما هو موقف حركة “حامس” التي‬ ‫تصالحت مع حركة فتح من االعرتاف‬ ‫“بدولة مبواصفات األمر الواقع؟‬ ‫إن السلطة الفلسطينية يف واقعها‬ ‫الراهن أو يف أي واقع آخر‪ ،‬ولو كان اسمها‬ ‫دولة تضم قطاع غزة‪ ،‬هي دولة غري‬ ‫قابلة للحياة‪ .‬فليست لهذه الدولة أية‬ ‫مقومات اقتصادية تعينها عىل البقاء‬ ‫بحيث توفر الكرامة ألبنائها‪ .‬وألنها‬ ‫كذلك‪ ،‬فهي ستبقى عالة عىل تلقي‬ ‫الهبات واملعونات من الدول األوروبية‬ ‫ومن الواليات املتحدة األمريكية‪ .‬والدول‬ ‫ال تعطى املعونات إال إذا ضمنت بذلك‬ ‫مرتبطة‬ ‫مصالحها‪ .‬فالهبات واملعونات‬ ‫مبصالح الدول التي تعطيها‪ .‬وهذا يعني‬ ‫أن السلطة‪ ،‬ولو أصبحت تسميتها‬ ‫بالسياسة‬ ‫مرتبطة‬ ‫ستبقى‬ ‫دولة‪،‬‬ ‫الخارجية للدول املانحة ولن يكون لها‪،‬‬ ‫بالتايل‪ ،‬أي موقف سيايس مستقل أو‬ ‫يعرب عن سيادتها‪.‬‬ ‫من هنا فإننا نرى أن هدف إقامة دولة‬ ‫والقطاع‬ ‫الضفة‬ ‫تضم‬ ‫فلسطينية‬ ‫هو يف أساسه هدف خاطئ‪ .‬وهذا‬ ‫الهدف أىت نتيجة فصل القضية‬ ‫العريب‬ ‫محيطها‬ ‫عن‬ ‫الفلسطينية‬ ‫واملناداة بالقرار املستقل الفلسطيني‪.‬‬ ‫وهذا الهدف رعته بصورة رئيسية حركة‬ ‫فتح منذ زمن طويل‪ ،‬وجارتها فيه سائر‬ ‫هدف إقامة‬ ‫الفصائل الفلسطينية‪.‬‬ ‫دولة مستقلة فلسطينية عىل الضفة‬ ‫والقطاع يخالف األهداف الفلسطينية‬ ‫منذ قبل نشوء فتح‪ .‬ففلسطني كانت‬ ‫دوما جزءا من األمة العربية وال حياة‬ ‫للفلسطينيني إال بعودتهم اىل العرب‪،‬‬ ‫وال حياة أو كرامة للعرب إال باحتضانهم‬ ‫قضية فلسطني عىل أساس أنها‬ ‫قضيتهم األوىل‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا أبودرغم‬ ‫تصوير عدنان عبد الله‬

‫األزمة تعصف بـ «إسرائيل»‬ ‫خيام احتجاج‪ ،‬تظاهرات‪ ،‬وتظاهرة ضخمة أمام‬ ‫الكنيست‪ ،‬انتقال هذه االحتجاجات من تل أبيب إىل‬ ‫مدن إرسائيلية أخرى‪....‬بسبب أزمة ارتفاع أسعار وغالء‬ ‫أجور الشقق السكنية‪ ...‬باألمس كانت اعتصامات‬ ‫العامل واألطباء‪ ،‬بهدف رفع األجور‪ ،‬ومقاطعة لبعض‬ ‫السلع التي ازداد مثنها‪ ،‬بتشجيع من جمعية حامية‬ ‫املستهلك‪ .‬كل هذه املظاهر وأخرى شبيهة غريها‬ ‫تعصف بالشارع اإلرسائييل‪ ،‬وتتزايد وفقاً للتقارير‬ ‫االقتصادية بوتائر متسارعة‪ ،‬األمر الذي تفوح منه‬ ‫رائحة تعميق األزمة االقتصادية التي تعيشها الدولة‬ ‫الصهيونية‪ ،‬وانعكاسات ذلك اجتامعياً من خالل‬ ‫تعميق هذه األزمات‪ ،‬وطبقياً بازدياد الفوارق الطبقية‬ ‫بني الفقراء واألغنياء‪ ،‬وما يعنيه ذلك من‪ :‬اضمحالل‬ ‫تدريجي للطبقة الوسطى‪ ،‬وما يستتبع ذلك من مظاهر‬ ‫اقتصادية واجتامعية أخرى‪ ،‬حصيلتها األساسية‪ :‬أزمة‬ ‫سياسية‪ ،‬فالسياسة وفقاً للتعريف الفلسفي‪ :‬هي‬ ‫اقتصاد مكثف‪ ،‬األمر الذي ييش بتأثرياته الكبرية عىل‬ ‫شكل االئتالف الحكومي الحايل يف الدولة الصهيونية‬ ‫بزعامة نتنياهو‪.‬‬ ‫“إرسائيل” تنزعج من وصفها بأنها إحدى دول العامل‬ ‫الثالث‪ ،‬هي تطرح نفسها باعتبارها إحدى القوى‬ ‫الكربى عىل الصعيد الدويل‪ .‬بالتايل فاألزمة التي‬ ‫تعصف بها حالياً هي تكرار لسيناريو األزمات يف هذه‬ ‫البلدان العاملثالثية‪ .‬بالطبع قد يقول قائل‪ :‬إن األزمات‬ ‫االقتصادية تعصف بدول كربى‪ ،‬لكن الدول الكربى قادرة‬ ‫مبيزانياتها الضخمة وأدواتها اإلنتاجية عىل حل جزء من‬ ‫أزماتها‪ ،‬لكن الدول النامية تفتقد للعنارص االقتصادية‬ ‫الكافية بإخراجها من أزماتها‪.‬‬ ‫“إرسائيل” حتى اللحظة ومن أجل سد االحتياجات‬ ‫يف ميزانيتها تتلقى دع ًام أمريكياً مبا يقارب ‪ 3‬مليارات‬ ‫دوالراً سنوياً‪ ،‬وكذلك دع ًام اقتصادياً أوروبياً‪.‬‬ ‫ستانيل فيرش محافظ املرصف املركزي اإلرسائييل‪،‬‬ ‫يحاول التخفيف من حدة األزمة من خالل القول‪:‬‬ ‫بأن “إرسائيل” مت ّكنت من تجاوز املرحلة األصعب يف‬ ‫األزمة املالية العاملية‪ ،‬ووفقاً له أيضاً‪ :‬فإن نسب النمو‬ ‫والتصدير فيها عادت إىل النمو بشكل مريح‪ .‬الخرباء‬ ‫االقتصاديون يف “إرسائيل” يك ّذبون محافظ املرصف‬ ‫املركزي‪ ،‬من خالل ارتفاع أسعار السلع وارتفاع أسعار‬ ‫اإلسكان بنسبة ‪ %40‬خالل العامني املاضيني‪ .‬وخوفاً‬ ‫من انهيار قطاع اإلسكان (وهذا وارد) وهو الذي سيهز‬ ‫االقتصاد الصهيوين‪ ،‬شدد البنك املركزي من إجراءات‬ ‫الرهن العقاري بالبنوك ورفع نسبة الفائدة األساسية‬ ‫عرش مرات لتصل إىل ‪ %3.25‬يف محاولة لزيادة تكلفة‬ ‫ائتامن اإلسكان‪ .‬ليس متوقعاً أن يؤدي ذلك إىل منع‬ ‫انهيار هذا القطاع‪ ،‬وتعميق األزمة‪ ،‬حتى ولو من خالل‬ ‫(الخطوات املركزة) عىل املدى القصري التي وعد نتنياهو‬ ‫باتخاذها‪ ،‬ملساعدة الشباب اإلرسائيليني عىل استئجار‬ ‫أو رشاء الوحدات السكنية‪ ،‬وبتشجيع االستيطان يف‬ ‫الضفة الغربية فكثريون من اإلرسائيليني ال يحبذون‬ ‫السكن يف املستوطنات العتبارات كثرية‪.‬‬ ‫صحيفة هآرتس اإلرسائيلية ويف عددها الصادر‬ ‫األحد املايض‪ ،‬عكست املخاوف بشأن أزمة اقتصادية يف‬ ‫“إرسائيل” ألسباب عديدة منها‪ :‬إمكانية إعالن دولة‬ ‫فلسطينية يف األمم املتحدة‪ ،‬ومنها أيضاً‪ :‬انخفاض‬ ‫مؤرشات التداول يف البورصة خالل األشهر األخرية‪،‬‬

‫‪41‬‬

‫أيضاً منها‪ :‬أن “إرسائيل” تعتمد عىل الصادرات‪،‬‬ ‫ومؤرشات الدول املستوردة منها ومث ًال الواليات املتحدة‬ ‫يف تناقص‪ ،‬فمؤرش البورصة األمريكية (وول سرتيت)‬ ‫يشهد انخفاضاً ملحوظاً بسبب قلق املستثمرين‬ ‫من بيانات اقتصادية غري مشجعة‪ ،‬إضافة إىل العجز‬ ‫الحكومي االقتصادي الضخم‪ ،‬وارتفاع نسبة البطالة‪.‬‬ ‫ومن األسباب أيضاً‪ :‬تصاعد أزمة الديون اليونانية‬ ‫ومخاوف من امتداد ذلك إىل باقي دول االتحاد األورويب‪.‬‬ ‫الحصيلة انخفاض االسترياد يف هذه الدول‪ ،‬من‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬نتيجة للركود االقتصادي الذي تتعرض له‪،‬‬ ‫وهو ما يؤثر سلباً عىل الرشكات املصنعة اإلرسائيلية‪.‬‬ ‫أيضاً‪ :‬علينا أن نأخذ بعني االعتبار ما ييل‪ :‬االحتياجات‬ ‫املالية الضخمة للتسليح اإلرسائييل‪ ،‬وكذلك لألمن‪.‬‬ ‫العدوان واالحتالل لألرايض الفلسطينية املحتلة‪ ،‬وهذا‬ ‫أيضاً يلقي بثقله الكبري عىل االقتصاد اإلرسائييل‪ ،‬ثم‬ ‫الثمن الذي تدفعه الحكومة لألحزاب الدينية واليمينية‬ ‫األخرى من أجل مشاركتها يف االئتالف الحكومي‪ ،‬وهذا‬ ‫يكلف االقتصاد اإلرسائييل مبالغ باهظة‪ ،‬فاشرتاطات‬ ‫هذه األحزاب عىل الحكومة كثرية وغالية الثمن‪.‬‬ ‫“إرسائيل”‪ ،‬ويف السنوات األخرية لجأت إىل اقتطاع‬ ‫مبالغ ضخمة من قطاعات‪ :‬التأمني‪ ،‬الطبابة والصحة‪،‬‬ ‫والتدريس وغريها من أجل سد بعض العجز يف‬ ‫ميزانيتها‪ ،‬أيضاً ميزانية االستيطان اإلرسائييل‪ .‬لقد‬ ‫لجأت الحكومات اإلرسائيلية املتعاقبة يف العرش سنوات‬ ‫األخرية إىل دعم الخصخصة عىل حساب القطاع‬ ‫العام‪.‬‬ ‫ما الحصيلة‪ :‬أن أزمة اقتصادية تعصف بـ “إرسائيل”‪،‬‬ ‫وهي أزمة من منط جديد‪ ،‬بالرضورة‪ ،‬للكثري من العوامل‬ ‫كان ال بد لألزمة من االنفجار‪.‬‬ ‫ما نشهده حالياً وعىل األغلب‪ ،‬هو بداية املشهد‬ ‫األزموي القابل لالنتقال إىل قطاعات أخرى‪ ،‬يف ظل عجز‬ ‫إرسائييل حقيقي عن إمكانية إيجاد الحلول‪ ،‬حتى لو‬ ‫تضاعف حجم املساعدات األمريكية ‪ -‬األوروبية للكيان‬ ‫الصهيوين‪ ،‬فلن يساعد ذلك عىل حل األزمة البنيوية‬ ‫التي تعصف باالقتصاد اإلرسائييل‪.‬‬ ‫لقد تغنت أحزاب ما يسمى بـ (اليسار) يف “إرسائيل”‬ ‫بيساريتها‪ ،‬لكن ومع مرور الزمن تبي‪ :‬أن خطوطاً رفيعة‬ ‫تفصل ما بني توجه األحزاب يف “إرسائيل” بيسارها‬ ‫وميينها‪ ،‬هذا مع استحالة الجمع بني الصهيونية‬ ‫واليسارية‪ ،‬وكلمة اليسار الصهيوين‪ ،‬هي افتئات عىل‬ ‫األيديولوجيا والتاريخ‪ .‬الحركة اليسارية اإلرسائيلية‬ ‫الوحيدة هي الجبهة الدميوقراطية للسالم واملساواة وهي‬ ‫يف غالبيتها من العرب‪ ،‬وهي امتداد للحزب الشيوعي‬ ‫اإلرسائييل باالئتالف مع بعض القوى وبعض التجمعات‬ ‫التقدمية الدميوقراطية‪.‬‬ ‫وألن األزمة االقتصادية يف “إرسائيل” بهذه الدرجة‬ ‫سيكون لها مظاهرها السياسية‪ ،‬التي قد تطيح‬ ‫بحكومة االئتالف الحايل بزعامة نتنياهو‪ ،‬وقد تؤدي‬ ‫إىل انتخابات جديدة‪ ،‬وإىل إعادة يف حجم قوة األحزاب‬ ‫يف الكنيست‪ .‬باملعنى االجتامعي ستتفاقم األزمات‬ ‫االجتامعية نحو املزيد من الفقر والعازة للقطاع األكرب‬ ‫يف الشارع اإلرسائييل‪ ،‬إضافة إىل تسارع وترية النمو‬ ‫باتجاه اليمينية الدينية‪ ،‬والفاشية يف “إرسائيل” عىل‬ ‫املدى القريب املنظور‪.‬‬ ‫د‪ .‬فايز رشيد‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬

‫ثورة ‪ 25‬يناير في مصر تواجه استحقاقاً مصيرياً‬ ‫والمرحلة اإلنتقالية مثقلة باألخطار‬

‫ما الذي تغيرّ يف مرص وما الذي مل يتغيرّ ‪ ،‬ومن‬ ‫هي القوى التي وقفت وراء التغيري؟‬ ‫لقد بدأت ثورة ‪ 25‬يناير يف مرص عىل مراحل‬ ‫وتراكامت نوعية‪ ،‬يف البدء كانت هناك حركات‬ ‫مثل «كفاية» الرافضة للتوريث والتمديد عام‬ ‫ثم من خالل التحالفات األخرى يف شباط‬ ‫‪ّ 2004‬‬ ‫‪ 2010‬من أجل التغيري واإلصالح‪ ،‬ثم مقتل خالد‬ ‫سعيد عىل يد األجهزة األمنية يف االسكندرية‬ ‫يف حزيران ‪ ،2010‬وحملة كلنا «خالد سعيد»‪ ،‬ثم‬ ‫تزوير انتخابات ‪ 2010‬متهيداً لتوريث الحكم لجامل‬ ‫مبارك‪ ،‬وقد اقرتن كل هذا بتزايد كبري يف القمع‪.‬‬ ‫بدأت الثورة يف عقول املرصيني انطالقاً من أنهم‬ ‫يستحقون أفضل من هذا‪ ،‬يوماً تقع عامرة ويوماً‬ ‫تغرق ع ّبارة‪ ،‬ويوماً تختفي قطعة من متحف‪،‬‬ ‫ويوماً ُتحرق مبانٍ تاريخية يف القاهرة‪ ،‬وكانت البالد‬ ‫يف ظل حكم حسني مبارك سائرة نحو هاوية‬ ‫اجتامعية وسياسية واقتصادية‪ ،‬وعزل «مبارك»‬ ‫نفسه عن السياسة الداخلية منذ عرش سنوات‪،‬‬ ‫وأطلق يد ابنه جامل يف شؤون البالد الداخلية‪،‬‬ ‫وفكرة التوريث يف نظام جمهوري تحولت اىل‬ ‫مقتل النظام‪ ،‬واستطاع خرباء دهاليز السياسة‬ ‫من املقربني واملحيطني باالبن تحويل التوريث باالتجاه‬ ‫الذي يخدم مصالحهم وانتفاعهم من النظام‪،‬‬ ‫وبرزت مشكلة الخصخصة وتوزيع األرايض‬ ‫للمقربني وسط انتشار الفساد‪ ،‬وليك ينجح‬ ‫مرشوع التوريث كان ال ب ّد من إطالق يد األجهزة‬ ‫األمنية بقيادة وزير الداخلية حبيب العاديل عىل‬ ‫أوسع نطاق‪.‬‬ ‫ويسجل أن الثورة كان يجب أن تنطلق من‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫مرص‪ ،‬وانطلقت من تونس‪ ،‬ونجاح الثورة يف‬ ‫تونس ألهب حامس املرصيني وأعطاهم األمل‪،‬‬ ‫عجلت الثورة التي كان الشعب املرصي‬ ‫تونس ّ‬ ‫يف طريقه إليها‪ ،‬ونزلت الجامهري اىل امليدان‬ ‫اىل الساحة السياسية وكرست حاجز الخوف‪،‬‬ ‫وكانت موقعة الجمل التي حركها عنارص يف‬ ‫قيادة «الحزب الوطني» وبعض املحسوبني عىل‬ ‫أجهزة الفساد‪ ،‬وساهمت يف تأجيج الثورة‬ ‫إلسقاط النظام‪ ،‬وأفرزت الثورة رشيحة كبرية‬ ‫من شبان مرص الذين يؤمنون بقيم الدميقراطية‬ ‫وبالرأي والرأي اآلخر وتداول السلطة‪ ،‬عادت مرص‬ ‫لشعبها لكل املرصيني‪.‬‬ ‫ومبا أن مرص يف مرحلة الثورة الدميقراطية‪،‬‬ ‫ومبا أن الثوار مل يصلوا اىل السلطة‪ ،‬فهناك‬ ‫توتر وحوار مع املجلس العسكري الذي يحكم‬ ‫مرص اآلن والذي يؤكد أنه ال يطمح للبقاء يف‬ ‫السياسة إال لفرتة قصرية‪ ،‬وهو يعلن أنه يريد‬ ‫تسليم البالد لسياسيني منتخبني‪ ،‬والشبان‬ ‫الثوريون أخذوا عىل عاتقهم أن يتحولوا اىل‬ ‫قوة ضغط أساسية ملصلحة تنمية الثورة‬ ‫واستكاملها‪ ،‬ولهذا ستكون انتخابات مرص‬ ‫القادمة ملجلس الشعب يف أواخر العام مفصلية‪،‬‬ ‫كام أن انتخابات الرئاسة يف النصف األول من‬ ‫‪ 2012‬ستحسم الكثري من التوجهات‪ ،‬ومرشوع‬ ‫كتابة الدستور الجديد الذي يجب أن يعرب عن كل‬ ‫أطياف الشعب املرصي بال استثناء سيكون بحد‬ ‫ذاته حدثاً كبرياً‪ ،‬يف التاريخ العريب الحديث‪ ،‬حيث‬ ‫غيرّ ت مرص نفسها يف البداية‪ ،‬وما سيقع يف‬ ‫مرص سيغري وجه العامل العريب ومساراته ومن‬

‫‪42‬‬

‫هنا تتوجه األنظار نحو مرص وإعادة دورها العريب‬ ‫رغم التحديات والصعاب واملوروثات الباقية من‬ ‫العهد البائد‪.‬‬

‫تحالفات مرحلية‬ ‫والهدف اإلسالم السيايس‬ ‫شكل «التحالف الدميقراطي من أجل مرص»‬ ‫الذي يضم ‪ 28‬حزباً سياسياً بينهم جامعة‬ ‫اإلخوان املسلمني‪ ،‬لجنة موسعة لوضع أسس‬ ‫اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور‬ ‫الجديد‪ ،‬بحيث تكون عملية االختيار غري مرتبطة‬ ‫باألغلبية الربملانية وستكون ممثلة لكل أطياف‬ ‫الشعب‪ ،‬وهناك من ينادي اىل رضورة توحيد‬ ‫الصف والرؤية خالل املرحلة االنتقالية‪.‬‬ ‫وأكد حزب “الحرية والعدالة” الذراع السياسية‬ ‫لجامعة “اإلخوان” أن اإلطار الوحيد الذي يعمل‬ ‫الحزب من خالله لتحقيق التوافق الوطني وبناء‬ ‫مستقبل مرص هو “التحالف الدميقراطي من‬ ‫أجل مرص”‪ ،‬وأعلن املجلس العسكري يف بيان‪،‬‬ ‫إعداد وثيقة مبادئ “حاكمة” الختيار الجمعية‬ ‫التأسيسية إلعداد دستور جديد للبالد‪ ،‬وإصدارها‬ ‫يف إعالن دستوري بعد اتفاق القوى واألحزاب‬ ‫السياسية عليها‪ ،‬وهذا يتطابق مع ما أعلنه‬ ‫التحالف أيضاً‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي ك ّثفت فيه القوى السياسية‬ ‫يف مرص اتصاالتها لتشكيل جبهة “الدولة‬ ‫املدنية”‪ ،‬وبالتوازي مع محاوالت رأب الصدع بني‬

‫التيار الديني واألحزاب والقوى السياسية التي‬ ‫اعرتضت عىل مليونية “اإلرصار والوحدة”‪ ،‬التي‬ ‫رفع فيها اإلسالميون شعارات دينية ترفض‬ ‫املبادئ الحاكمة للدستور‪ ،‬حدثت انشقاقات‬ ‫يف التحالف الدميقراطي‪ ،‬وأعلن حزب التجمع‬ ‫اليساري انسحابه‪ ،‬وقال السكرتري العام لحزب‬ ‫الوفد فؤاد بدراوي‪“ :‬ليست املشكلة يف اختيار‬ ‫التحالف الذي سينضم إليه حزب “الوفد” سواء‬ ‫الدميقراطي أو املدين‪ ،‬األهم هو تعديل قانون‬ ‫االنتخابات الربملانية ألنه يرضب فكرة التحالف‬ ‫بني األحزاب ذاتها‪ ،‬ويحجم فكرة التنسيق يف‬ ‫إطار ضيق من األحزاب‪.‬‬ ‫وشهد اجتامع “التحالف الدميقراطي” أول حال‬ ‫انشقاق رسمية عنه من جانب حزب التجمع‬ ‫وجامعة “اإلخوان املسلمني”‪ ،‬وقالت مصادر‬ ‫التجمع‪“ :‬ال بد أن يطالب اإلخوان باالعتذار رسمياً‬ ‫عام صدر منهم يف مليونية “الوحدة واإلرصار”‬ ‫التي رفعوا فيها شعارات دينية عىل عكس ما تم‬ ‫االتفاق عليه داخل التحالف‪.‬‬ ‫وبذلك يحاول “املتأسلمون” خطف االنتفاضة‬ ‫املرصية‪ ،‬بعد أن تهاوى لديهم الكالم عن الحرية‬ ‫والدميقراطية‪ ،‬فقد وضعوا مرص والعامل العريب‬ ‫أمام واقع سيايس جديد‪( :‬احتامل اإلمساك‬ ‫بالسلطة والحكم‪ ،‬وذلك الحكم الذي راودهم‬ ‫منذ سبعينات القرن املايض)‪ ،‬ويبدو أن موقف‬ ‫اإلسالميني املرصيني مرصي بحت‪ ،‬لكن ال شك‬ ‫بأن هذا سيؤثر يف العامل العريب برمته وحيث‬ ‫تتواجد التيارات اإلسالمية‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬إن التيار الذي يستطيع أن يشحن‬ ‫‪ 1,5‬مليون مرصي اىل ميدان التحرير‪ ،‬مقتنع اىل‬ ‫حد االطمئنان بأنه قادر عىل أن يضمن أغلبية‬ ‫كافية يف االنتخابات املقبلة‪ ،‬أغلبية تفرض‬ ‫بصامت اإلسالم السيايس عىل لجنة وضع‬ ‫الدستور‪ ،‬بل رمبا تفرض رئيساً إخوانياً‪ ،‬أو سلفياً‬ ‫مسايراً لإلخوان‪ ،‬ومن هنا حرص اإلسالميني عىل‬ ‫إجراء االنتخابات النيابية أوالً‪ ،‬ثم االنتخابات‬ ‫الرئاسية ثانياً‪ ،‬ثم سن الدستور ثالثاً‪ ،‬وتكييفه‬ ‫وفق مفاهيمهم‪ .‬واملجلس العسكري الحاكم هو‬ ‫الذي وضع هذا الرتتيب التنفيذي لنقل السلطة‬ ‫خالفاً ملوقف قادة االنتفاضة الشبابية الذين‬ ‫طالبوا بسن الدستور أوالً‪ ،‬ويؤيدهم يف ذلك رئيس‬ ‫الحكومة عصام رشف عىل الرغم من أن حكومته‬ ‫خاضعة لتوجهات املجلس العسكري‪ ،‬ومن هنا‬ ‫كان اتهام قادة االنتفاضة الشبابية للمجلس‬ ‫العسكري باالنحياز ضمناً اىل اإلسالميني‪ ،‬اىل‬ ‫درجة تصورهم بأن هناك صفقة رسية‪ ،‬يس ّلم‬ ‫العسكر مبوجبها السلطة اىل اإلخوان املسلمني‬ ‫والسلفيني ولذلك‪ ،‬كانت حملة هؤالء الشباب‬ ‫صارخة ضد املشري حسني طنطاوي رئيساً‬ ‫للمجلس الذي رد باتهامهم “بعدم الفهم”‪.‬‬ ‫وقلق الرأي العام املرصي ناجم أيضاً عن‬ ‫االنقسام داخل تيار األسلمة‪ ،‬األمر الذي لن‬ ‫يضمن استقراراً ملرص يف ظل نظام متأسلم‪،‬‬

‫اإلخوان يعانون فيه من انشقاقات وخالفات بني‬ ‫شبابهم‪ ،‬وعجائز مكتب اإلرشاد‪ ،‬فيام تعرتض‬ ‫“الجامعة اإلسالمية” عىل هيمنة السلفيني عىل‬ ‫التظاهرة يف جمعة “أسلمة االنتفاضة)‪.‬‬ ‫والحركة السلفية التي طغى وجودها‪ ،‬يف‬ ‫ميدان التحرير‪ ،‬عىل وجود اإلخوان‪( ،‬هذه الحركة‬ ‫نشأت يف مرص‪ ،‬منذ عرشينيات القرن املايض‬ ‫ملتزمة بعدم احرتاف السياسة ألنها ُت َس ّلم‬ ‫بعدم معارضتها الحاكم‪ ،‬وتؤمن بتطهري اإلسالم‪،‬‬ ‫من كل ما علق به‪ ،‬من أدران البدع‪ ،‬والعودة به اىل‬ ‫إسالم السلف الصالح‪ .‬إسالم القرآن والرشيعة‬ ‫والحديث النبوي الصحيح)‪ ،‬فاالنتفاضة التي‬ ‫اجتذبت عرشات ماليني املرصيني‪ ،‬عادت فاجتذبت‬ ‫الحركة السلفية التي كانت عىل عالقة طبيعية‬ ‫مع نظام مبارك‪ ،‬فاالمتحان الكبري لحركات اإلسالم‬ ‫السيايس ليس اإلجراءات اآللية للدميقراطية‪،‬‬ ‫مثل اإلميان بالتعددية وتناوب السلطة‪ ،‬وإمنا يف‬ ‫قدرتها عىل مصالحة الدين مع العرص‪.‬‬

‫أخطاء املرحلة اإلنتقالية‬ ‫يف التشكيل الحكومي تجسد احد تناقضات‬ ‫الثورة املرصية‪ ،‬وأخطاء املرحلة االنتقالية‪،‬‬ ‫فسلطة الحكم بعد ثورة ‪ 25‬يناير املايض هي يف‬ ‫يد املجلس العسكري‪ ،‬لكنه ميارس تلك السلطة‬ ‫من خالل وزارة مدنية منزوعة الصالحيات‪ ،‬لذلك‬ ‫اعتذر الكثري من املرشحني عن عدم املشاركة يف‬ ‫حكومة رشف‪ ،‬بعضهم من األحزاب و «اإلخوان»‬ ‫ألسباب كثرية أهمها‪ :‬عدم وضوح اختصاصات‬ ‫وصالحيات الحكومة‪ ،‬وعدم تحديد مهامها‬ ‫وأولوياتها‪ ،‬ويكشف هذا التناقض عن مفارقة‬ ‫أن النخبة التي فجرت وقادت الثورة غالبيتها من‬ ‫الشباب‪ ،‬مل تصل اىل السلطة وإمنا انفرد بها‬ ‫الجيش‪ ،‬صحيح أن الجيش حمى الثورة وشارك يف‬

‫‪43‬‬

‫وضع نهاية مبارك إال أن املجلس العسكري الذي‬ ‫توىل الحكم بتفويض غري دستوري من «مبارك»‬ ‫لذلك يعتربه البعض انقالباً‪ ،‬مل يستوعب‬ ‫متطلبات الثورة ورشعيتها‪.‬‬ ‫وميكن القول‪ ،‬إن التناقضات بني السلطة‬ ‫للحكومة‬ ‫الشكلية‬ ‫والسلطة‬ ‫الحقيقية‬ ‫وتطلعات الثوار لتحقيق أهداف الثورة فجرت‬ ‫كثرياً من األزمات وخلقت حالة شبه دامئة من‬ ‫عدم االستقرار عىل رغم كرثة الحديث عن رضورة‬ ‫استعادة األمن واالستقرار‪ ،‬فمنذ ثورة ‪ 25‬يناير‬ ‫تشكلت ‪ 4‬حكومات اثنتان برئاسة أحمد شفيق‪،‬‬ ‫واثنتان برئاسة عصام رشف‪ ،‬وأن الحكومات األربع‬ ‫مل تضم وزيراً شاباً ورجل الشارع البسيط‪،‬‬ ‫ال يجد من ميثله يف الرصاع السيايس عىل‬ ‫الثورة والسلطة‪ ،‬فالثورة مل تحسن من أوضاعه‬ ‫املعيشية أو تحقق الحد األدىن من تطلعاته‬ ‫املرشوعة‪ ،‬بل عىل العكس ارتفعت األسعار ومل‬ ‫يرتفع الحد األدىن لألجور‪.‬‬ ‫ما حدث يف مرص وتونس‪ ،‬هي بزور ثورة يف طور‬ ‫التكوين‪ ،‬فقد سقط الرأس وبقي النظام بكامل‬ ‫هيكليته يف السياسة واالقتصاد واملواقع املدنية‬ ‫والدينية ويف اإلدارة العامة والجيش‪ ،‬فالثورة‬ ‫تحتاج اىل انقالب كامل وشامل يف كل املوازين‬ ‫وامليادين‪ ،‬ويف الوضعني االجتامعي والسيايس‪،‬‬ ‫والحقاً يف إعادة هندسة الطبقات االقتصادية‬ ‫والقيم واملفاهيم‪.‬‬ ‫مرص اليوم بني ضعف السياسة وسياسة‬ ‫االستفزاز‪ ،‬تترصف القوى عىل أساس االستحقاق‬ ‫هو املعركة الفصل “يف االنتخابات القادمة”‪،‬‬ ‫والحراك السيايس يخترص بأنه رصاع مفتوح‬ ‫بني العلامنيني واإلسالميني‪ ،‬واملرصيون أمام‬ ‫محظورين‪ :‬أن تؤدي مغاالة بعضهم اىل فتح‬ ‫معركة مع املؤسسة العسكرية‪.‬‬ ‫وأليس من األفضل بناء عالقات تفاهم معه قد‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب عريب‬ ‫يساعدها عىل موازنة كفتها يف مواجهة كافة‬ ‫السلفيني وكل القوى اإلسالمية املنادية بالدولة‬ ‫الدينية‪ ،‬وهناك احتامل أن يخفق املرصيون يف‬ ‫مترير املرحلة االنتقالية يف سالم‪ ،‬وأن يتطور‬ ‫االستقطاب اىل صدام بني األطراف السياسية‬ ‫مبا يؤدي اىل إضعافها‪ ،‬فتكون فرصة ليستعيد‬ ‫الجيش املبادرة من الجميع‪ ،‬ويطلق يده يف إعادة‬ ‫تشكيل النظام الذي يرتئيه‪.‬‬

‫التوافق بني املؤسسة العسكرية‬ ‫والتيار اإلسالمي لقي دع ًام‬ ‫أمريكياً‬ ‫الوضع الجديد غري املسبوق منذ زهاء ستة‬ ‫عقود ينطوي‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬عىل إيجابية أساسية‬ ‫وهي إمكان أن يختار الناخبون مبلء حريتهم‬ ‫ممثليهم يف الربملان ورئيس الدولة‪ ،‬لكنه ينطوي‬ ‫عىل احتامل أال يتكرر يف انتخابات تالية‪ ،‬بسبب‬ ‫ما قد تحمله االنتخابات املقبلة من تحالفات تحدد‬ ‫املستقبل بعدها‪ ،‬لكن التخلص من النظام‬ ‫السابق ومامرساته ومحاكمة رموزه‪ ،‬ومن ثم‬ ‫التوجه سل ًام اىل خيار دميقراطي مل يكن ليتم‬ ‫لوال توافق املصالح بني القوى األساسية يف‬ ‫مرص‪ ،‬خصوصاً بني املؤسسة العسكرية والتيار‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬هذا التوافق يشكل الثقل األقوى‬ ‫واألكرب يف البالد هو الذي ضمن االنتقال السلس‬ ‫للسلطة وأيضاً التعديالت الدستورية‪ ،‬وهذا‬ ‫التوافق هو الذي لقي دع ًام أمريكياً استثنائياً‬ ‫ورمبا عملت واشنطن عىل إرسائه‪ ،‬انطالقاً من‬ ‫نظرية الرئيس باراك أوباما التي تعرب أن االستقرار‬ ‫تضمنه القوى املعربة عن التيارات الوسطية يف‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وتدعمه املؤسسة العسكرية‪ ،‬وإدارة‬ ‫واشنطن استغلت عالقاتها التاريخية التي كانت‬ ‫توصف باالسرتاتيجية مع املؤسسة العسكرية‬ ‫وتتصالح مع التيار اإلسالمي مبا يضمن لها‬ ‫استمرار هذه العالقة‪.‬‬ ‫يخف أوباما إعجابه بالنموذج الرتيك الذي‬ ‫ومل‬ ‫ِ‬ ‫يقدم تجربة ناجحة لنظريته‪ ،‬وهذا ما يضع شباب‬ ‫الثورة املرصية والقوى الحديثة فيها ليس فقط يف‬ ‫تعارض مع املجلس األعىل للقوات املسلحة الذي‬ ‫يرشف عملياً عىل تطبيق النظرية األمريكية‪.‬‬ ‫وهنا يكمن التحدي الكبري أمام الشعب‬ ‫املرصي الذي يحاول التغيري يف الواقع القائم‪،‬‬ ‫لكنه يقع يف مواجهة قوى أساسية مستندة‬ ‫اىل التشجيع والدعم من الواليات املتحدة التي‬ ‫تهتم أكرث بكثري بضامن استقرار مصالحها‬ ‫وأهدافها من االهتامم مبعاناة الشعب املرصي‬ ‫التواق للتخلص من االستبداد السيايس وإرساء‬ ‫دميقراطية مدنية ودولة قانون‪.‬‬ ‫ويف الواقع يرى أعضاء جناح معتدل وشاب‬ ‫يف جامعة “اإلخوان املسلمني” الكثري من‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫القواسم املشرتكة مع املؤيدين للدميقراطية‬ ‫والعلامنيني الذين اشرتكوا معهم يف الثورة‪،‬‬ ‫وهم يتصورون قيام دميقراطية تعددية شاملة‬ ‫ميكنهم أن يشاركوا فيها كإسالميني‪ ،‬اىل‬ ‫جانب األحزاب األخرى لطرح أفكارهم‪ ،‬إنهم‬ ‫يتطلعون اىل النموذج الرتيك‪ ،‬ويتمنون أن‬ ‫تصبح جامعة “اإلخوان املسلمني” أشبه بحزب‬ ‫“العدالة والتنمية” ومثة اتجاه آخر أكرث تحفظاً‬ ‫داخل “جامعة اإلخوان املسلمني” يقبل التعددية‬ ‫الحزبية‪ ،‬لكنه يعتقد بقوة أن الدستور والقوانني‬ ‫يجب أن تتبع الرشيعة اإلسالمية برصامة‪ ،‬أما‬ ‫الجامعات األكرث تطرفاً بني السلفيني والجهاديني‬ ‫فرتفض الدميقراطية املتعددة األحزاب وتريد‬ ‫إقامة دولة إسالمية كاملة‪ ،‬وليس واضحاً كيف‬ ‫سيتعاطى التيار اإلسالمي يف مرص مع هذه‬ ‫االتجاهات الدينية يف االنتخابات املقبلة‪.‬‬

‫األخطار التي تهدّد الثورة املرصية‬ ‫والسؤال الذي يطرح اليوم‪ ،‬هل انترصت الثورة‬ ‫املرصية؟‬ ‫إذا كانت الثورات تفيض اىل إسقاط النظام‬ ‫وفرض سلطة بديلة ممن قاد التظاهرات‬ ‫واالحتجاجات‪ ،‬فإن ما جرى يف مرص مل يصل‬ ‫اىل هذا الحد‪ ،‬لقد هزت الثورة النظام وتوقفت‬ ‫عند هذا الحد‪ ،‬األمر الذي جعل الحل يأيت من‬ ‫داخل السلطة ذاتها عرب قيادة الجيش‪ ،‬واملسألة‬ ‫التي ال بد من التشديد عليها هي أن الثورة مل‬ ‫تفرض سلطتها‪ ،‬لقد كانت املراهنة عىل املجلس‬ ‫العسكري كبرية‪ ،‬وكانت صدمة اكتشاف أنه ال‬ ‫يحقق أهداف الثورة‪ ،‬رغم أن املجلس العسكري‬ ‫هو الذي رتب وضع املرحلة االنتقالية‪ ،‬أي انتخاب‬ ‫قوى تحافظ عىل النظام الحايل‪ ،‬يف املستويني‬ ‫االقتصادي والسيايس‪ ،‬من خالل قوى من بقايا‬ ‫النظام السابق ومن اإلخوان املسلمني‪ ،‬وبنية‬

‫‪44‬‬

‫السلطة التي كانت ُتنجح الحزب الوطني ما زالت‬ ‫كام هي‪ ،‬وألن املرحلة االنتقالية ليست كافية‬ ‫إلعادة ترتيب البيئة السياسية ليك تؤسس قوى‬ ‫جديدة‪ ،‬تعرب عن القوى االجتامعية التي قامت‬ ‫الثورة عىل أكتافها‪ ،‬من هنا ميكن القول‪ ،‬النتيجة‬ ‫الراهنة هي أمر طبيعي‪ ،‬وهي ال تعني الفشل‬ ‫بل تعني أن ميزان القوى فرض هذه النتيجة‪ ،‬وال‬ ‫ميكن إعادة إنتاج النظام الراهن‪ ،‬ألن األساس الذي‬ ‫حرك الشارع هو الوضع املجتمعي الذي مل يعد‬ ‫قادراً عىل تحمل البنية التي أسسها نظام ريعي‬ ‫ناهب‪ ،‬وبالتايل ال ميكن التوقف عن الحراك من دون‬ ‫تحقيق تغيري جذري‪ ،‬يطاول االقتصاد والسياسة‬ ‫ويؤسس لدولة مدنية حديثة مرتابطة مع‬ ‫البيئة العربية‪ ،‬وتلتزم مبعادلة مقاومة السيطرة‬ ‫االستعامرية واملسألة أن تنهض مرص وتفرض‬ ‫التغيري العميق‪.‬‬ ‫وضع الشعب مل يعد يسمح باستمرار ما هو‬ ‫قائم بل سيفرض تحقيق أهداف الثورة‪.‬‬ ‫ويف الجانب االقتصادي‪ ،‬كتبت صحيفة‬ ‫“نيويورك تاميز”‪ ،‬نق ًال عن أحد مساعدي الرئيس‬ ‫أوباما‪ ،‬أن املساعدات املالية التي وعد بها الرئيس‬ ‫أوباما ملرص يف لقائه العريض مع رئيس الوزراء‬ ‫املرصي عصام رشف يف دوفيل الفرنسية‪:‬‬ ‫“ليست شيكاً عىل بياض‪ ،‬إمنا هي مرهونة‬ ‫بامليض يف اإلصالح»‪.‬‬ ‫لقد استفادت الواليات املتحدة‪ ،‬من إجراءات‬ ‫عهد “مبارك” خاصة منذ بداية التسعينات من‬ ‫القرن العرشين‪ ،‬التي منحت تخفيضات هائلة‬ ‫يف بيع الرشكات واملؤسسات املرصية التي كانت‬ ‫تابعة للقطاع العام وتقرر آنذاك خصخصتها‪.‬‬ ‫الوعود الخارجية بتقديم املساعدات ملرص كثرية‪،‬‬ ‫واألرجح أن تجد مرص نفسها يف مرحلة حرجة‬ ‫إذا سلمت بأن ما وعدت به قابل للتنفيذ‪( ،‬وعود‬ ‫الرئيس األمرييك باراك أوباما بحذف مليار دوالر‬ ‫من قيمة الديون املستحقة عىل مرص ألمريكا‪،‬‬ ‫ووعود مجموعة دول الثامين األغنى يف العامل‪،‬‬ ‫بتزويد مرص وتونس مبا ال يقل عن عرشين مليار‬ ‫دوالر لدعم تحولهام الدميقراطي‪ ،‬هذا فض ًال عن‬ ‫العروض السعودية التي تجاوزت أربعة مليارات‬ ‫دوالر والوعود القطرية التي فاقت ستة مليارات‬ ‫يف صورة استثامرات ملرص ‪ ...‬مرص “الثورة”)‪.‬‬ ‫إن أحداً ممن وعد مرص من دول الغرب مبساعدات‬ ‫تعينها عىل تجاوز املصاعب الراهنة‪ ،‬مل يقدم‬ ‫أبداً عىل القول بأن هذه املساعدات ستكون‬ ‫غري مقيدة برشوط سياسية أو اقتصادية أو‬ ‫رمبا اسرتاتيجية‪ ،‬وهل نعي حقيقة أن مفهوم‬ ‫الدميقراطية مبعناه السائد يف الغرب يعني‬ ‫أول ما يعني سيطرة السوق الحرة عىل األوضاع‬ ‫االقتصادية‪.‬‬ ‫حتى اآلن هناك وضوح للرؤية عىل الرغم‬ ‫من االختالفات العقائدية والحزبية وصعود قوى‬ ‫جديدة عىل مرسح السياسة الدميقراطية يف‬ ‫مرص‪ ،‬إمنا ما ميكن أن تكسبه مرص من دميقراطية‬

‫يف الداخل‪ ،‬ميكن أن تخرسه لنفوذ الخارج‪ ،‬حيث‬ ‫عيون الخارج مرتبصة بالثورة املرصية‪ ،‬يف ظل‬ ‫عامل يسوده الرصاع عىل الرثوات بعد أن خال‬ ‫املرسح العاملي الواسع من النظام اآلخر املنافس‬ ‫الذي كان وجوده يحد من غلواء الهيمنة الغربية‪،‬‬ ‫ولكن ميكن القول أيضاً‪ :‬إن الثورة التي استطاعت‬ ‫أن تفاجئ العامل‪ ،‬مبا فيها أمريكا والغرب كله‪،‬‬ ‫هذه الثورة قادرة عىل تحدي الضغوط الخارجية‪،‬‬ ‫وستدخل مرحلة بعد مرحلة وستنجح يف تحقيق‬ ‫أهدافها‪ ،‬ولكن مثة أخطار داخلية تشهدها‪،‬‬ ‫منها استمرار الحكم العسكري‪ ،‬وتحول الثورة‬ ‫اىل انقالب‪ ،‬واألخطار الخارجية‪ ،‬أهمها الحصار‬ ‫الدويل والضغط اإلقليمي واستمرار السياسة‬ ‫الخارجية السابقة كام هي‪ ،‬وهناك أخطار أخرى‪،‬‬ ‫مثل عامل الزمن إذ يصعب يف زمن محدد تحقيق‬ ‫أهداف الثورة يف إقامة نظام دميقراطي يحقق‬ ‫دولة القانون واستقالل القضاء واحرتام حقوق‬ ‫اإلنسان والكرامة اإلنسانية ويحافظ عىل‬ ‫متاسك املجتمع بكافة مكوناته‪ ،‬وكذلك الفلتان‬ ‫األمني ومخاطر االنهيار االقتصادي‪ ،‬وكذلك‬ ‫انقسام النخبة السياسية والوطنية الفكرية‬ ‫حول املرحلة االنتقالية وكيفية إدارتها وتذبذب‬ ‫السياسة الخارجية املرصية‪ ،‬وهناك محاوالت‬ ‫أمريكية مستمرة الحتواء الثورة مستغلة مجمل‬ ‫األوضاع وخاصة قضية املساعدات األمريكية‪.‬‬ ‫تحولت الدولة يف مرص يف حقبة ما بعد ثورة‬ ‫يناير اىل ما يشبه الدولة الرخوة‪ ،‬وبالتحديد‬ ‫لجهة هشاشة السياسات والقرارات والقدرات‪،‬‬ ‫صحيح أن الرتكة املوروثة ثقيلة ومرعبة‪ ،‬لكن‬ ‫محصلة حكومة تسيري األعامل متواضعة‬ ‫وذلك بتداخل عمليتي الهدم والبناء‪ ،‬وحيث‬ ‫تحتل املسألة االقتصادية األولوية يليها املسألة‬ ‫األمنية‪ ،‬والوصف األدق لحكومة عصام رشف قبل‬ ‫التعديل‪ ،‬هو أن رئيسها من “ميدان التحرير”‪،‬‬ ‫بينام أعضاؤها من ميدان مصطفى محمود “وهو‬ ‫امليدان الذي يجتمع فيه أنصار الرئيس املخلوع”‪،‬‬ ‫ومن هنا ميكن القول‪ ،‬عندما تصبح الشكوك‬ ‫واالستجابة‬ ‫املبتورة‬ ‫واألسئلة‬ ‫والشائعات‬ ‫الكسيحة والتوقيت الخاطئ عنواناً للمرحلة يقع‬ ‫املشهد الثوري يف مدار الثورة الضبايب‪ ،‬الثورة‬ ‫الرخوة التي تباطأت يف الحسم والحزم والتطهري‪،‬‬ ‫رمبا خانها الوقت‪ ،‬وحيث يقف أهايل الشهداء‬ ‫يتس ّولون اعرتافاً وتعويضاً رسمياً من الحكومة‪.‬‬ ‫من هنا نجد أن األولوية خالل املرحلة الحالية‪،‬‬ ‫تتمثل يف تحقيق إصالح داخيل يشعر من خالله‬ ‫املواطن املرصي بأن هناك تغيرياً حقيقياً انعكس‬ ‫عىل ظروفه االقتصادية واالجتامعية ولعل‬ ‫الدليل عىل أن األوضاع االقتصادية واملشكالت‬ ‫التي ترتبت عليها كالبطالة والفقر‪ ،‬إضافة‬ ‫اىل موجة التزوير التي شهدتها إرادة الشعب‬ ‫خالل االنتخابات الربملانية األخرية كانت العوامل‬ ‫األهم التي أشعلت االنتفاضة املرصية التي بدأت‬ ‫يف كانون الثاين املايض‪ ،‬وهناك حديث متواتر‬

‫حول الدور اإلقليمي املرصي‪ ،‬والذي توارى خالل‬ ‫العرص السابق‪ ،‬تجاه مختلف القضايا الدولية‬ ‫واإلقليمية‪ ،‬ويدور التساؤل حول ماهية السياسة‬ ‫الخارجية املرصية خالل املرحلة املقبلة‪.‬‬

‫العالقات املرصية – األمريكية‬ ‫اىل أين بعد ثورة يناير؟‬ ‫بعد أن التقى املشري حسني طنطاوي‪ ،‬القائد‬ ‫العام ورئيس املجلس األعىل للقوات املسلحة‬ ‫بالفريق أول‪ ،‬جيمي ماتيس قائد القيادة املركزية‬ ‫األمريكية والوفد املرافق له الذي زار القاهرة مؤخراً‪،‬‬ ‫وتناول اللقاء تطورات األوضاع باملنطقة واملتغريات‬ ‫عىل الساحتني اإلقليمية والدولية خالل املرحلة‬ ‫الراهنة‪ ،‬ومناقشة عدد من املوضوعات والقضايا‬ ‫ذات االهتامم املشرتك يف ضوء التعاون والعالقات‬ ‫العسكرية املتميزة التي تربط البلدين واملوروثة‬ ‫من العهد البائد‪ ،‬طرح السؤال الطبيعي‪ ،‬ما‬ ‫مصري هذه العالقات بعد ثورة يناير‪ ،‬وهل ميكن‬ ‫القول‪ ،‬إن زيارة قائد املنطقة املركزية األمريكية‬ ‫ملرص‪ ،‬واجتامعاته بقمة السلطة العسكرية يف‬ ‫مرص تأيت يف إطار مساعدة أمريكية ملرص الثورة‬ ‫يف إطار التعاون بجوانبه العسكرية وما لها من‬ ‫انعكاسات سياسية وليس بجوانبه االقتصادية؟‬ ‫وملاذا مل نسمع تعليقات رسمية مرصية حول‬ ‫اللقاء؟‬ ‫إن اهتامم الواليات املتحدة بالثورة املرصية‬ ‫يفوق كل اهتامماتها األخرى‪ ،‬ليس فقط مبعايري‬ ‫حجم مرص السكاين والسيايس واالقتصادي‪،‬‬ ‫إمنا بالدرجة األوىل من ناحية أهمية مرص‬ ‫االسرتاتيجية يف املنطقة والعامل‪ ،‬وتقع زيارة‬ ‫الجرنال ماتيس تحديداً يف هذا اإلطار‪ ،‬ليس يف‬ ‫ظروف عادية تسودها أوضاع هادئة‪ ،‬إمنا يف ظروف‬ ‫ثورية تسودها تحركات ثورية‪ ،‬فالثورة أطاحت‬ ‫بنظام اعتربته الواليات املتحدة حليفاً وثيقاً لها‪،‬‬

‫‪45‬‬

‫واعتربته «إرسائيل» وهذا ال يقل‪ ،‬يف املنظور‬ ‫األمرييك‪ ،‬أهمية كنز اسرتاتيجي لـ «إرسائيل»‪.‬‬ ‫فهل نفرتض أن الواليات املتحدة متلك اطمئناناً‬ ‫سياسياً اىل أن الثورة املرصية ال تعنى إ ّال‬ ‫بالشؤون الداخلية من نوع القضاء عىل الفساد‬ ‫وتأكيد التحول اىل الدميقراطية؟ وهل متلك‬ ‫الواليات املتحدة يقيناً بأن مرص الثورة تعتمد‬ ‫عىل العالقات الوثيقة مع أمريكا مبا يف ذلك‬ ‫العالقات العسكرية؟‬ ‫وميكن القول‪ ،‬من املستحيل فصل السياسات‬ ‫الداخلية والخارجية يف بلد مثل مرص إمنا ألن‬ ‫ثورة يناير مل تعتمد سياسة الصمت فيام‬ ‫يتعلق بدور مرص القومي واإلقليمي والعاملي‪،‬‬ ‫لقد أعلنت بوضوح أنها ضد الهيمنة األميكرية‬ ‫وضد‬ ‫االقتصادية‪،‬‬ ‫والسياسة‬ ‫االسرتاتيجية‬ ‫العالقات والصفقات الخاصة مع «إرسائيل» مبا‬ ‫فيها اتفاق تصدير الغاز املرصي لـ «إرسائيل»‪،‬‬ ‫ولن تنقيض الفرتة االنتقالية يف مرص إ ّال بعد‬ ‫أن تكون ثورة يناير قد حققت قراراتها وستكون‬ ‫الثورة قد أصبحت يف السلطة‪ ،‬وستكون عندها‬ ‫عالقات مرص بالواليات املتحدة‪ ،‬حتى يف جوانبها‬ ‫العسكرية شأناً مطروحاً للمناقشة‪ ،‬ما مل تقرر‬ ‫الواليات املتحدة عند نقطة ما من التطورات‬ ‫التدخل عسكرياً لهدم الثورة املرصية‪.‬‬ ‫ما يجري يف مرص اليوم من شد وجذب بني‬ ‫ائتالف شباب الثورة من جهة واملجلس األعىل‬ ‫للقوات املسلحة من جهة ثانية هو رصاع عىل‬ ‫تقرير املرجع املسؤول أوالً وأخرياً عن صناعة‬ ‫التاريخ الحديث ملرص واملنطقة العربية‪ ،‬هل‬ ‫هو اإلرادة الحرة لشعوب املنطقة وقواها الحية‪،‬‬ ‫املقاومة واملامنعة أم إرادة الحلف األمرييك‬ ‫الصهيوين وحلفائه؟‬ ‫اإلجابة برسم الثورة املرصية واالنتصار حتمي‬ ‫ألنها إرادة الحياة‪.‬‬

‫نبيل مرعي‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫الغالف‬

‫األحزاب اليمينية والعنصرية والدينية‬ ‫تغزو أوروبا وتعيدها الى القرون الوسطى‬ ‫الرصاع يف العامل مستمر‪ ،‬بني الخري والرش‪،‬‬ ‫بني الحق والباطل‪ ،‬بني ا ُملستع ِمر وا ُملستع َمر‪ ،‬وهو‬ ‫يأخذ أوجهاً متعددة‪ ،‬ولكن مضمونها واحد‪ ،‬وهي‬ ‫تتمحور حول عملية النهب االستعامري املربمج‬ ‫يف تلك األنظمة الطامعة برثوات العامل‪ ،‬تلك‬ ‫العملية التي يجري التفنن بأساليبها اىل درجة‬ ‫تخفيض تكاليفها اىل أدىن حدود‪ ،‬والعودة بأعىل‬ ‫مردود لصالح القوى املتحكمة واملتسلطة التي‬ ‫تحكم قبضتها عىل كل املوارد والرثوات‪.‬‬ ‫أما الدول األخرى فهي تعاين من حالة العوز‬ ‫وانخفاض املردود وصوالً للتبعية واإلذعان أو‬ ‫املواجهة لتغيري الواقع مهام غلت التضحيات‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬فإن الشعارات الرباقة واملدافعة عن‬ ‫حقوق اإلنسان يف الدول األوروبية‪ ،‬هي مج ّرد وسيلة‬ ‫للتسرت عىل ما يجري هناك‪ ،‬واملدخل املناسب‬ ‫للتدخل يف شؤون البلدان األخرى‪ ،‬شأنها شأن‬ ‫االستعامر القديم الذي نادى بفكرة اإلعامر‪ ،‬وتحت‬ ‫هذا الشعار ّتم نهب ثروات البلدان الواقعة تحت‬ ‫النفوذ االستعامري وهيمنته‪ ،‬ومازال االستعامر‬ ‫بشكله الحديث يعمل عىل تحقيق الغاية‪ ،‬ولكن‬ ‫بطرق وأساليب حديثة وصوالً لألمتتة وما أنتجته‬ ‫العوملة التي أتاحت فرصاً بالجملة لعمليات النهب‬ ‫االستعامري‪ ،‬بينام هي تبحث يف الشكل عن‬ ‫حقوق اإلنسان وتنادي بالحرية والعدالة واملساواة‪.‬‬ ‫والعنرصية‪،‬‬ ‫املتطرفة‬ ‫اليمينية‬ ‫واألحزاب‬ ‫أطلقت شعارات أكرث وضوحاً‪ ،‬يف عنرصيتها‬ ‫ومحاوالتها تنفي حقوق اآلخرين والتن ّكر الواضح‬ ‫لحقوق اإلنسان وتجزئة هذا الحق‪ ،‬الذي ميلكه البعض‬ ‫والبعض اآلخر ينظر إليه عىل أنه عابر وال تنطبق‬ ‫عليه املعايري املطبقة يف املجتمعات األوروبية‪.‬‬ ‫إن ما نشهده من نتوءات بارزة وظواهر جديدة‬ ‫يف تلك املجتمعات تعطي مؤرشاً ودلي ًال عىل إفالس‬ ‫أخالقي لتلك الحضارة‪ ،‬وهي تعلن الحروب‪ ،‬وتسكت‬ ‫عىل الظلم يف أكرث من مكان‪ ،‬وتتعامل باملعايري‬ ‫املزدوجة‪ ،‬وتخطط ملشاريع جديدة من الهيمنة‬ ‫والتحالفات املشبوهة‪ ،‬واالستعامر مل يتغيرّ أبداً‪،‬‬ ‫أنه يف أطوار جديدة‪.‬‬ ‫ولكن الجديد هو ظهور األحزاب اليمينية‬ ‫املتطرفة واملتصهينة يف املجتمعات األوروبية‬ ‫وصعودها املستمر‪ ،‬وهي تعادي الحضارات األخرى‬ ‫والقيم اإلنسانية الحقيقية‪ ،‬وأهدافها ال تتقاطع مع‬ ‫تطلعات الشعوب نحو الحرية والعدالة واملساواة‪،‬‬ ‫ومثل هذه الشعارات تكشف عن زيفها يف أول‬ ‫مواجهة مع الوقائع واالحتكاك عىل األرض‪.‬‬ ‫هذه األحزاب بدأت يف تجديد قدراتها وبنيتها‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫متهيداً ملرحلة جديدة الستغالل الشعوب منذ الحرب‬ ‫العاملية الثانية‪ ،‬مل تواجه األنظمة الدميقراطية‬ ‫يف أوروبا الغربية تحدياً كبرياً يف العمق مثل الذي‬ ‫يجري يف وقتنا الحارض‪ ،‬وهذا يجعلها أمام اختبار‬ ‫حقيقي ملدى صالبة بنياتها التحتية وقدراتها يف‬ ‫املحافظة عىل ماهيتها الجديدة التي صيغت بعد‬ ‫مؤمتر يالطا‪ ،‬وبقائها ضمن سفينة التاريخ البرشي‬ ‫التقدمي املرتبط مبواثيق حقوق اإلنسان الدولية‬ ‫وااللتزامات املحلية واإلقليمية والعاملية تجاه الحريات‬ ‫العامة والخاصة والتعددية السياسية والفكرية‬ ‫والدينية والثقافية‪.‬‬ ‫ومنذ أحداث ‪ 11‬أيلول ‪ ،2001‬بدأت ظاهرة‬ ‫«اإلسالمفوبيا» أو ظاهرة «الخوف من املسلمني» يف‬ ‫تنام مضطرد‪ ،‬دافعة إىل واجهة الحياة السياسية‬ ‫ٍ‬ ‫يف عدد من الدميقراطيات األوروبية العريقة‪ ،‬بأحزاب‬ ‫اليمني املتطرف الجديد‪ ،‬أو ما ميكن تسميته أيضا‬ ‫مبوجة «الحركات الفاشية والنازية» الجديدة‪ ،‬التي‬ ‫اعتمدت وسائل عمل متباينة بحسب ظروفها‬ ‫املحلية‪ ،‬لكنها توحدت يف شعارها العام القائل بأن‬ ‫الوجود اإلسالمي يف الغرب يشكل تهديداً جدياً‬ ‫لرفاهية وحضارة أوروبا‪ ،‬وأن السياسة األوروبية‬ ‫يجب أن تصب من هنا فصاعداً إىل تحجيم هذا‬ ‫الوجود مرحلياً‪ ،‬ورمبا القضاء عليه اسرتاتيجياً‪،‬‬ ‫وهذا هو املدخل أو الذريعة للتدخل يف شؤون‬ ‫عاملنا العريب‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫وما يزيد الطني ب ّلة كام يشري إىل ذلك بعض‬ ‫الدميقراطيني األوروبيني‪ ،‬هو التقارب املمكن‬ ‫بني شقي اليمني‪ ،‬أي املحافظ واملتطرف‪ ،‬بحجة‬ ‫املساعدة عىل تخفيف غلواء املتطرفني بحسب‬ ‫الشق األول‪ ،‬ومن منطلق براغاميت ومرحيل‬ ‫بالنسبة للشق الثاين‪ ،‬مام سيفتح الشهية أمام‬ ‫األحزاب اليمينية املتطرفة إىل مزيد من خوض‬ ‫مغامرة الحكم‪ ،‬وبالتايل تحويل ما كان نفسياً ينظر‬ ‫إليه مبثابة كارثة‪ ،‬إىل حالة عادية ميكن التعاطي‬ ‫معها وتطويق تأثرياتها الجانبية واألرضار التي ميكن‬ ‫أن تلحقها باملصالح الوطنية‪ ،‬ليس عىل الصعيد‬ ‫املحيل فقط‪ ،‬إمنا عىل الصعيد الدويل خاصة‪.‬‬ ‫قد يتساءل البعض ما مصدر هذه الكلمة التي‬ ‫تعني الخوف غري امل ّربر من اإلسالم واملسلمني يف‬ ‫البلدان الغربية‪ ،‬أصحاب النظريات الدميقراطية‬ ‫وحرية األديان واالعتقادات كام يدّعون يف وسائل‬ ‫اإلعالم‪ .‬لإلجابة عن هذه التساؤالت‪ ،‬نستطيع أن‬ ‫نقول أن اإلسالموفوبيا‪ ،‬هذا املصطلح االنجليزي‬ ‫الغريب الذي ظهر يف الثامنينات وانتقل إيل جميع‬ ‫اللغات يف التسعينات واتسع استعامله بعد‬ ‫أحداث الحادي عرش من أيلول ‪ 2001‬يف الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية “يرتبط بتنامي املشاعر السلبية‬ ‫ضد اإلسالم واملسلمني يف املجتمعات الغربية‬ ‫وتشكيل هذه املشاعر أساساً النطالق سلوكيات‬ ‫غربية مجحفة بحقوق األطراف املسلمة»‪.‬‬ ‫وأول من قام بتعريف هذا املصطلح هو‬ ‫الربيطاين رونيميد تروست وأول من استعمل‬ ‫اللفظ عند الكتّاب الفرنس ّيني ماليه إميل يف‬ ‫مقال بعنوان “ثقافة ووحشية” نرشه يف جريدة‬ ‫لوموند الفرنسية عام ‪. 1994‬‬ ‫باإلضافة اىل استغالل الصهيونية العاملية‬ ‫ألفكارها الحاقدة عىل العرب واملسلمني واستثامرها‬ ‫يف كل زمان ومكان مع خلفيات مب ّينة‪ ،‬ال سيام‬ ‫يف تأثريها عىل املجتمع األمرييك وبالخصوص‬ ‫عىل املحافظني الجدد الذين انصاعوا وانقادوا ألفكار‬ ‫املسيحية املتطرفة والتيار الصهيوين منذ أحداث‬ ‫أيلول ‪ 2001‬التي يعتقد أنها مفربكة لرضب‬ ‫اإلسالم وتعاليمه الحنيفة‪..‬‬ ‫كل ما يف األمر أن اإلعالم الغريب املتطرف‪ ،‬و‬ ‫عىل رأسه اإلعالم الصهيوين املؤثر هو املسؤول‬ ‫األول واملحرك األسايس لهذه الكراهية ضد اإلسالم‪،‬‬ ‫وهو الذي يغ ّذي بحقده املسموم هذه الكراهية‬ ‫والعنرصية‪ .‬فمبارشة إثر تفجريات ‪ 11‬أيلول ‪2001‬‬ ‫قام بإلصاق تهمة اإلرهاب إيل اإلسالم واملسلمني‬ ‫قبل أن تجرى أي تحر ّيات أمنية تجاه املتس ّببني‬

‫الحقيقيني يف هذه العمليات اإلرهابية بالرغم‬ ‫من أن الكثري من املسلمني لقوا حتفهم يف‬ ‫هذه األحداث‪ .‬والغريب يف األمر والذي يطرح عدة‬ ‫تساؤالت هو أنه ما يسمى باإلرهاب صار يحصد‬ ‫من الضحايا املسلمني ما ال يعد وال يحىص‪ ،‬وكأن‬ ‫يد العد ّو صارت تختار أهدافها لتكيد أكرث فأكرث‬ ‫لإلسالم أينام ُوجد أثره‪.‬‬ ‫وها هو اآلن يجدد ترويج املصطلح بانحياز كامل‬ ‫للمعارضة املسيحية املتطرفة واملتأثرة بنفوذ‬ ‫اللويب الصهيوين الذي يبذل كل ما أويت من قوة‬ ‫لتكريس مخططاتها الشيطانية من أجل عرقلة‬ ‫أي إنجاز لصالح املسلمني‪ .‬نشهد من خالله اليوم‬ ‫رفض بناء مركز إسالمي يف منطقة “الغراوند‬ ‫زيرو” بنيويورك بالرغم من موافقة عميد بلدية‬ ‫نيويورك ورضا الرئيس األمرييك باراك أوباما الذي‬ ‫يريد من خالل ذلك ربط أوارص العالقات بني األديان‬ ‫وتشجيع حوار الحضارات‪ ،‬بل وذهب هذا الحقد‬ ‫إىل درجة تعطيل أي مرشوع علمي من شأنه أن‬ ‫يساهم يف التطوير التكنولوجي والنووي السلمي‬ ‫للدول اإلسالمية‪ .‬وما يكيدون به لباكستان‬ ‫وبالخصوص إليران يف شأن برنامجه النووي (الذي‬ ‫ما فتئ ينادي بأنه سلمي) لخري دليل عىل درجة‬ ‫الكراهية للمسلمني بحيث حاول املغرضون من‬ ‫خالل هذا كله اغتيال العامل الجليل الباكستاين‪،‬‬ ‫صانع القنبلة النووية الباكستانية‪ ،‬كام اغتالت‬ ‫أيادي الغدر الصهيونية عاملاً فيزيائياً وعضواً يف‬ ‫الجمعية النووية اإليرانية يف تفجري منفصل وقع‬ ‫يف طهران‪ ،‬ناهيك عن العراقيل واملضايقات التي‬ ‫يتعرض لها هذا الربنامج النووي السلمي الذي هو‬ ‫حق رشعي لجميع الدول‪ ،‬سواء بصفة عالنية مبا‬ ‫يسمى مفاوضات مجموعة “خمسة زائد واحد”‪،‬‬ ‫أو خفية عرب التشويش اإللكرتوين الذي تقوم به‬ ‫األيادي الصهيونية من داخل “إرسائيل”‪ .‬أضف إىل‬ ‫ذلك ما يقوم به التيار اليميني املتطرف يف فرنسا‬ ‫تحت قيادة حزب جان ماري لوبان وابنته يف شن‬ ‫حملة عنرصية ضد املسلمني القاطنني يف فرنسا‬ ‫سواء فيام يخص الحجاب‪ ،‬أو تسويق مأكوالت‬ ‫الحالل‪ ،‬أو الصالة يف الشوارع املجاورة للمساجد‬ ‫باعتبارها كلها مبثابة “احتالل للحضارة الالئكية‬ ‫الفرنسية»‪...‬‬ ‫كام أن ما يتعرض له املسيحيون العرب مؤخراً‬ ‫ألشكال متعددة من الرتهيب‪ ،‬وخاصة يف العراق‬ ‫ومرص والسودان بات يستدعي طرح الكثري من‬ ‫عالمات االستفهام حول خلفية هذه العمليات‬ ‫اإلرهابية‪ ،‬والجهات التي تقف وراءها‪ .‬وما مخطط‬ ‫تفكيك السودان األخري وفصل الشامل العريب‬ ‫املسلم عن جنوبه الذي يقطنه املسيحيون‬ ‫والوثنيون لخري دليل عىل ما يحاك عىل األمة‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬ما يجعل‪ ،‬يف آخراألمر‪ ،‬املواطن‬ ‫العريب واإلسالمي تتبادر إيل أذهانه تساؤالت حول‬ ‫موحدة وخطة إعالمية شاملة للدول‬ ‫اسرتاتيجية‬ ‫ّ‬ ‫العربية واإلسالمية تجاه هذه الحمالت الغربية‬ ‫والصهيونية املغرضة سواء أكان ذلك ضمن‬

‫جامعة الدول العربية أو ضمن منظمة املؤمتر‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬أو ضمن جمعيات ومنظامت ومجتمع‬ ‫مدين غيور عىل قيمه ومعتقداته الغالية‪.‬‬

‫الفاشية الجديدة‪« :‬أحزاب اليمني‬ ‫املتطرف»‬ ‫تراجعت الفاشية التقليدية يف الدول‬ ‫بشكل‬ ‫الدميقراطية‬ ‫الصناعية‬ ‫الرأساملية‬ ‫ملحوظ‪ .‬ولكن هذا الرتاجع ترافق مع صعود رضب‬ ‫من الفاشية الجديدة ما بعد الحداثية التي ترتكز‬ ‫عىل التنوع املحيل الهائل والنجاح السيايس‬ ‫املتصاعد‪ .‬تختلف الفاشية الجديدة يف الظاهر‬ ‫عن الفاشية التقليدية‪ ،‬األمر الذي دعا كثري من‬ ‫النقاد الليرباليني إىل تسميتها باليمني املتطرف‬ ‫وقرص مصطلح الفاشية عىل تلك األحزاب التي‬ ‫تعترب نفسها امتداداً لألحزاب الفاشية التي‬ ‫سادت يف ثالثينيات القرن املايض‪ .‬ولكن دراسة‬

‫معمقة لهذه األحزاب اليمينية املتطرفة الجديدة‬ ‫وتفجرها الراديكايل يف الثامنينيات من القرن‬ ‫املايض ال يستبعد فكرة كونها صورة ما بعد‬ ‫حداثية للفاشية التقليدية‪.‬‬ ‫تشري التطورات الحديثة يف فهم الفاشية إىل‬ ‫أن الفاشية شك ًال ثورياً من القومية املتطرفة‬ ‫تهدف إىل تعبئة عامة لطاقات األمة الجامعية‬ ‫ألجل إعادة التأهيل والتجديد والبعث الوطني‪.‬‬ ‫وتشكل الفاشية رداً عىل هشاشة الروح الوطنية‬ ‫يف بيئة دولية تنافسية غري عادلة يف جوهرها‪،‬‬ ‫وعىل فشل النخبة الوطنية يف تعزيز قاعدة‬ ‫السلطة املحلية‪ .‬ومن هنا فإن الفاشية تدعو كام‬ ‫يراها روجر غريفني ـ يف كتابه (طبيعة الفاشية) ـ‬ ‫إىل مناهضة الدميقراطية الليربالية‪ ،‬وإيديولوجية‬ ‫جمعية واقتصاد تعاوين‪ ،‬ومعاداة التعددية‬ ‫الثقافية والتقسيم االجتامعي‪ .‬وميثل اليمني‬ ‫املتطرف اليوم شعبوية سلطوية داخل هياكل‬ ‫دميقراطية متثيلية‪ ،‬تدعو إىل شكل من (األفضلية‬

‫‪47‬‬

‫الوطنية) مقرتناً باعتناق اقتصاد السوق الحرة‬ ‫فض ًال عن دعمه لنظرية التعددية اإلثنية عىل‬ ‫أساس التجانس الثقايف واستحالة متازج الكتل‬ ‫الحضارية‪.‬‬ ‫والتعددية اإلثنية هي مصطلح نحته اليمني‬ ‫املتطرف للدعوة إىل احرتام االختالفات الثقافية‬ ‫والعرقية مع التأكيد عىل أن أفضل إسرتاتيجية‬ ‫لحاميتها هي تجنب االختالط والتامزج بينها‪.‬‬ ‫ويوظف اليمني املتطرف الجديد املصطلح ليشري‬ ‫إىل تخليه عن اإلشارة إىل التفوق العنرصي أو‬ ‫العرقي ويفرتض وجود خطاب ما بعد عنرصي‬ ‫جديد يرتكز عىل أساس الحفاظ عىل الهوية‬ ‫والثقافة الوطنية‪ .‬وبذلك فإن اليمني املتطرف‬ ‫يكون قد خصخص وحول تعريف (االختالف) الذي‬ ‫وظف تقليدياً من قبل اليسار لتعزيز التعددية‬ ‫الثقافية واحرتام التنوع‪ .‬يقول بيار أندريه تاغيياف‬ ‫يف كتابه (العنرصية الثقافية يف فرنسا)‪“ :‬يدعي‬ ‫اليمني الجديد أن العنرصية الحقيقية هي محاولة‬ ‫لفرض منوذجاً عاماً وفريداً بوصفه األفضل‪ ،‬مام‬ ‫يعني القضاء عىل االختالفات… وبناء عليه‪ ،‬فإن‬ ‫املناهضة الحقيقة للعنرصية تقوم عىل االحرتام‬ ‫املطلق لالختالفات بني املجموعات املتجانسة عرقيا‬ ‫وثقافيا”‪.‬‬ ‫وميكن القول أن تقبل اليمني املتطرف لنظام‬ ‫السوق الرأساميل‪ ،‬ميثل واحدة من نقاط ضعفه‬ ‫األساسية‪ ،‬إذ يعني ذلك أنه يفتقد إىل برنامج‬ ‫اقتصادي بديل لربنامج األحزاب السياسية‬ ‫الرئيسية‪ .‬استبدلت أحزاب اليمني املتطرف‬ ‫عداء الفاشية التقليدية للربجوازية بعدائها‬ ‫للمهاجرين‪ ،‬وطالبي اللجوء‪ ،‬والالجئني‪ ،‬سيام إذا‬ ‫كانوا من غري البيض والغربيني‪.‬‬ ‫فقبل سنوات الثامنينيات كان اليمني املتطرف‬ ‫األورويب مهمشاً سياسياً ألنه حافظ عىل خط‬ ‫فاشية ما بني الحربني‪ .‬ومع نهاية التسعينيات‬ ‫ارتفع التصويت لصالح أحزاب اليمني املتطرف‪.‬‬ ‫وسبب هذا التحول هو أن حقبة الثامنينيات مثلت‬ ‫انفصاالً جذريا بني أسلوب الفاشية الثالثينية‬ ‫والفاشية الجديدة املعارصة‪ .‬وبسبب هذه القطيعة‬ ‫حصلت الفاشية الجديدة عىل مصداقية انتخابية‬ ‫عالية ساعدها يف ذلك عامالن أساسيان‬ ‫يوضحهام باوترش‪:‬‬ ‫‪ -1‬إنكار الصلة بالفاشية القدمية الذي متثل يف‬ ‫رفض اإلطاحة بالدولة الدميقراطية‪ ،‬ورفض سلطة‬ ‫الدولة عىل التجديد القومي‪ ،‬والتخيل عن البنى‬ ‫التعاونية االستبدادية االقتصادية واالجتامعية‪،‬‬ ‫ونبذ العنف السيايس‪.‬‬ ‫‪ -2‬واالحتفاظ‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬مبفاهيم الالمساواة‪،‬‬ ‫ومكافحة التعددية‪ ،‬ومناهضة الليربالية‪ ،‬حني‬ ‫تنادي مبجتمعات عضوية ترتكز جذرياً عىل‬ ‫مفهوم األمة والسياسات السلطوية والتحيز ضد‬ ‫الليربالية‪.‬‬ ‫ومن األمثلة عىل أحزاب الفاشية التقليدية مثل‬ ‫الحزب الربيطاين القومي ‪ BNP‬الذي أحيا الدعوة‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫العنرصية مبعارضة السامح باستقبال املهاجرين‬ ‫من آسيا للعمل يف بريطانيا‪ ،‬أو للجوء السيايس‬ ‫يف مثانينيات وتسعينيات القرن العرشين‪ ،‬والحزب‬ ‫الوطني الدميقراطي األملاين والتحالف الوطني‬ ‫تأسس يف سنة ‪ 1995‬ويتزعمه‬ ‫اإليطايل الذي‬ ‫ّ‬ ‫جيان فرانسكو فيني والذي حصد ‪ % 12‬من أصوات‬ ‫الناخبني يف انتخابات ‪ ،2006‬ويفتخر هذا الحزب‬ ‫بأبيه الروحي بينيتو موسيليني‪ .‬أما يف روسيا‬ ‫فقد هبت جامعات تدعو للقومية الروسية بعد‬ ‫سقوط الحكم الشيوعي‪ ،‬وقد تبنى هذا املوقف‬ ‫األيديولوجي الحزب الليربايل الدميقراطي بزعامة‬ ‫فالدميري زيرينوفيسيك‪ .‬أما فاشية ما بعد‬ ‫الصناعة فيمثلها حزب الحريات النمساوي وحزب‬ ‫تأسس يف‬ ‫ليغا نورد اإليطايل (‪ )Italy-LN‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫سنة ‪ 1994‬ويرتأسه أومربتو بويس والذي حصد ‪4‬‬ ‫‪ %‬من أصوات الناخبني يف انتخابات ‪ ،2006‬ويتبنى‬ ‫الحزب سياسة عدائية من املهاجرين‪ ،‬بل وطالب‬ ‫رئيسه يف حوار صحفي بالقيام بإطالق النار عىل‬ ‫املقيمني بطريقة غري رشعية يف إيطاليا‪ ،‬وقريب‬ ‫من هذا الحزب حزب الجبهة الوطنية الفرنيس الذي‬ ‫يتزع ّمه جون ماري لوبان والذي تأسس سنة ‪،1972‬‬ ‫ويف السياق نفسه يتحرك حزب من أجل فرنسا‬ ‫وترأسه فيليب‬ ‫تأسس يف سنة ‪1994‬‬ ‫(‪ )MPF‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دوفلييه‪.‬‬ ‫فليس من قبيل املصادفة أن الربوز املتصاعد‬ ‫األخري لليمني املتطرف يف الدميقراطيات‬ ‫الرأساملية املتقدمة قد حدث يف وقت اضطرابات‬ ‫هائلة وتغيري عميق أ ّثر تقريباً يف جميع جوانب‬ ‫الحياة الفردية‪ .‬لقد استغلت األحزاب والحركات‬ ‫اليمينية املتطرفة الفرصة لتقديم نفسها بدائل‬ ‫عن القوى التقليدية‪ ،‬وملء الفراغ الناجم عن تآكل‬ ‫وانهيار الهياكل القامئة‪ .‬ويف السنوات األخرية‬ ‫ارتبطت هذه التطورات يف املقام األول بالعوملة وما‬ ‫بعد التحديث‪.‬‬ ‫وتكمن املفارقة هنا أنه ويف محاولة لتأكيد‬ ‫قربها من الجامهري ورفضها للوضع القائم‪ ،‬فإن‬ ‫أحزاب اليمني املتطرف الجديدة تفضل تعريف‬ ‫نفسها عىل أنها حركة عرب الحدود الوطنية‪،‬‬ ‫لها ممثلني يف أوروبا الغربية والواليات املتحدة‬ ‫وأسرتاليا‪ ،‬مام يوحي بأنها تتجاوز نطاق األحزاب‬ ‫السياسية الرئيسية‪ .‬وميكن القول أنه وعىل الرغم‬ ‫من تبني هذه األحزاب موقفاً واضحاً مناهضاً‬ ‫للعوملة‪ ،‬إال أنها ال تجد حرجاً يف توظيف الوسائل‬ ‫التكنولوجية املتقدمة يف صميم العوملة من أجل‬ ‫الرتويج لصورتها ليس فقط داخل بلدانها وإمنا عرب‬ ‫الحدود الوطنية أيضاً‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من تبني كال من الفاشية الجديدة‬ ‫واتجاه املحافظني سياسات دميقراطية زائفة‬ ‫وإيديولوجيات شعبوية استبدادية إال أن الفاشية‬ ‫الجديدة ـ التي تعد ضمن الطيف الدميقراطي‬ ‫ـ تذهب أبعد من سياسات املحافظني يف جوانب‬ ‫عدة‪.‬‬ ‫ففي حني تبطن الفاشية الجديدة مناهضة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫الدميقراطية إال أنها تظهر بوصفها أحزاب ثورية‬ ‫عىل عكس أحزاب املحافظني يف ما بعد الحداثة‬ ‫التي تظهر تأييدها للدميقراطية وتخفي ثوريتها‪.‬‬ ‫إن ما مييز اليمني املتطرف عن غريه من األحزاب‬ ‫السياسية يف املنافسات الدميقراطية هو اعتناقه‬ ‫موقفاً رصيحاً جذرياً لصالح املواطنني (ضد‬ ‫املهجرين أو املقيمني) يتجسد يف مفهومه عن‬ ‫التعددية العرقية والحامية الثقافية‪ ،‬استناداً إىل‬ ‫فكرة أن الثقافات واألعراق غري قابلة لالمتزاج‪.‬‬ ‫والنتيجة بالطبع هي الشعبوية اإلقصائية‪.‬‬

‫أحزاب اليمني املتطرف املتنوعة‬ ‫تغزو أوروبا ويجمعها «رفض‬ ‫التعدد ّية»‬ ‫أضحى الخوض يف اليمني املتطرف شك ًال من‬ ‫أشكال الحديث عن “العنرصية الثقافية”‪ .‬والحديث‬ ‫عن اليمني املتطرف األورويب ارتبط بجزء كبري منه‪،‬‬ ‫عىل نحو تلقايئ‪ ،‬بفكرة رفض “املسلمني” يف‬ ‫أوروبا والعمل عىل منع “األسلمة”‪ .‬هذا الخوف‬ ‫الذي يعيشه طرفان وما يبنى عليه من فعل‬ ‫وردود فعل‪ ،‬يلغي بعض الحقائق التاريخية ويبعد‬ ‫الحديث عن تأريخ مسار هذه الحركات يف أوروبا‪.‬‬ ‫االنفجار الذي وقع يف أوسلو أخرياً دليل واضح‬ ‫عىل هسترييا استطاعت أن تربر لنفسها القتل‬ ‫مبجرد القول‪“ :‬إنني أفعل هذا ألوقظ الجامهري”‬ ‫من خط ٍر ما‪ .‬هذه الوقائع تع ّقد التعريف باليمني‬ ‫املتطرف‪ ،‬بحيث ال ميكن جمع العديد من هذه‬ ‫الحركات يف خانة واحدة‪.‬‬ ‫تالقي الحركات اليمينية‪ ،‬الشعبوية تحديداً‪،‬‬ ‫يف أوروبا الغربية والبالد االسكندينافية نجاحات‬ ‫ملحوظة‪ ،‬أكان من خالل االنتخابات الربملانية أم‬ ‫انتخابات الربملان األورويب‪ .‬هذه الحركات جددت‬ ‫يف خطاب اليمني املتطرف وتنظيامته‪ ،‬وهي‬ ‫اليوم تشارك يف العمل السيايس ويف السلطة‬ ‫وال مشكلة لديها مع األنظمة االقتصادية‬ ‫الليربالية‪ .‬وعىل اختالفاتها‪ ،‬فهي تجتمع تحت‬ ‫سقف واحد هو عدم القبول بالتعددية الثقافية‬ ‫يف بلدانها‪ ،‬وبالتايل شن حرب رضوس للحد من‬ ‫الهجرة وما إىل ذلك‪.‬‬ ‫و ُي َع ّد الرنوجي أندرس براييفك (من ّفذ جرمية‬ ‫الرنوج) مقرباً من رابطة الدفاع اإلنكليزية‬ ‫(تأسست عام ‪ ،)2009‬وهي رابطة تجمع عدداً‬ ‫من اإلنكليز الذين يناهضون “اإلسالم املتطرف”‪،‬‬ ‫بحسب قولهم‪ ،‬يف بريطانيا وغريها من الدول‬ ‫األوروبية‪ .‬تع ّرف هذه الرابطة عن نفسها بأنها‬ ‫ضد العنرصية مبختلف أشكالها‪ ،‬وهي تسعى‬ ‫إىل املحافظة عىل الثقافة اإلنكليزية الخالصة‪.‬‬ ‫وفيام نفت أي عالقة برباييفك‪ ،‬فهي ترتبط بعدد‬ ‫من الروابط يف أوروبا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬وهولندا‪ ،‬وتسعى‬ ‫إىل إقامة رابطة الدفاع األوروبية‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫ويف بريطانيا‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬هناك أيضاً‬ ‫الحزب الوطني الربيطاين‪ ،‬بزعامة نيك غريفني‪،‬‬ ‫الذي استطاع أن يفوز مبقعدين يف الربملان‬ ‫األورويب يف عام ‪ .2009‬ويرى هذا الحزب ّ‬ ‫أن‬ ‫“الربيطانيني ُيتعامل معهم اليوم كمواطنني‬ ‫من الدرجة الثانية يف بلدهم‪ ،‬فيام ُيد َفع‬ ‫باملنفيني واملهاجرين إىل الصفوف األوىل”‪ .‬ويرى‬ ‫هذا الحزب أن األجانب عىل األرايض الربيطانية‬ ‫هم “ضيوف دامئون”‪ ،‬رغم أن العام املايض‬ ‫استطاع راجيندر سينغ‪ ،‬وهو من “السيخ”‪ ،‬أن‬ ‫يصبح عضواً يف الحزب‪ ،‬ولكن هذه العضوية‬ ‫جاءت نتيجة قرار إحدى املحاكم‪ ،‬باعتبار أن منع‬ ‫شخص من االنتامء إىل حزب ما بسبب أصوله‬ ‫هو عمل غري قانوين‪.‬‬ ‫هذا الحزب له مثيل يف الرنوج‪ ،‬هو حزب‬ ‫“التقدّم”‪ ،‬الذي يع ّد ثاين أكرب حزب يف البالد‪،‬‬ ‫بحسب مشاركاته األخرية يف االنتخابات‪.‬‬ ‫يتجه حزب “التقدم” أكرث نحو الليربالية‪ ،‬تحرير‬ ‫التبادالت التجارية‪ ،‬خفض الرضائب‪ ،‬إال أن‬ ‫سياساته وخطاباته املتعلقة مبوضوع الهجرة‬ ‫هي التي تؤثر عىل تصنيفه‪.‬‬ ‫أما يف السويد‪ ،‬فهناك حزب “الدميوقراطيني”‪،‬‬ ‫الذي ال ميلك حج ًام كبرياً يف البالد‪ ،‬إال أنه حقق‬ ‫نجاحات انتخابية أخرياً‪ ،‬وهو أيضاً حزب مييني‬ ‫نشأ يف الثامنينيات من رحم حركة “حافظوا‬ ‫عىل السويد سويدية”‪.‬‬ ‫وإىل الجنوب من السويد‪ ،‬هناك “حزب الشعب‬ ‫الدامناريك”‪ ،‬بزعامة بيا كيارسغارد‪ ،‬الذي يحظى‬ ‫بأهم ّية أكرب‪ .‬واستفاد الحزب من عجز الحكومات‬ ‫الدامناركية املتعاقبة عن إيجاد حل مناسب‬ ‫ملشكلة دمج املهاجرين املنحدرين من أصول‬ ‫تركية‪ ،‬باكستانية‪ ،‬دول يوغوسالفيا السابقة‪،‬‬ ‫ومن دول عربية‪ ،‬الذين مي ّثلون ‪ % 7.4‬من نسبة‬ ‫السكان‪ .‬هذا الواقع‪ ،‬دفع الحزب إىل احتالل‬ ‫املركز الثالث بني القوى السياسية يف البالد‪،‬‬ ‫مستفيداً من الشعبوية التي تلجأ إليها عادة‬ ‫مثل هذه األحزاب‪.‬‬ ‫ويف فرنسا‪ ،‬تتبنى “الجبهة الوطنية” الخطاب‬ ‫نفسه يف ما له عالقة مبوضوع الهجرة وإن‬ ‫بطريقة أقىس‪ ،‬نظراً إىل حساسية القضية‬ ‫هناك ولدور فرنسا‪ .‬ويذكر هنا أن رئيسة الجبهة‪،‬‬ ‫مارين لوبن‪ ،‬انتقدت أخرياً تسمية “اليمني‬ ‫املتطرف”‪ ،‬مشرية إىل أنها تخفي أحكاماً‬ ‫سياسية وراءها‪ ،‬واقرتحت تسمية “اليمني‬ ‫الوطني”‪ .‬وكان والدها جان ماري لوبن ينتقد هو‬ ‫أيضاً هذه التسمية عندما يقول‪“ :‬اقتصادياً نحن‬ ‫يف اليمني‪ ،‬اجتامعياً نحن يف اليسار‪ ،‬ووطنياً‬ ‫نحن فرنسيون”‪ .‬هذا الحزب‪ ،‬فعلياً‪ ،‬هو األهم‬ ‫بني كل ما سبق؛ ألنه الوحيد الذي استطاع‬ ‫منذ الثامنينيات أن يعطي دفعاً لخطابه باتجاه‬ ‫الرتكيز عىل عدم قدرة الوافدين‪ ،‬أو باألحرى‬ ‫املهاجرين‪ ،‬عىل التأقلم واالندماج يف مجتمع‬ ‫بني عىل قيم محددة‪.‬‬

‫وترى “الجبهة الوطنية” أن أساس العلل التي‬ ‫تعانيها فرنسا هو سياسة الهجرة املتبعة منذ‬ ‫ثالثني عاماً‪ .‬وتسعى الجبهة إىل سياسة واقعية‬ ‫إليقاف هذا “املد” واعتامد سياسة استيعاب لـ‬ ‫“كل من يحرتم قوانيننا وأعرافنا‪ ،‬ويقبل الفروض‬ ‫القامئة عىل أساس الحقوق املعطاة له‪ ،‬ويع ّد‬ ‫فرنسا وطنه‪ ،‬بدون أي انتامء آخر”‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬يتخطى الحزب الوطني‬ ‫ــ الدميوقراطي األملاين‪ ،‬يف “تطرفه” الحاالت‬ ‫السابقة‪ .‬هو وإن تكمن قوته أكرث يف رشق‬ ‫أملانيا‪ ،‬فإنه حقق تقدماً ملحوظاً بني عامي‬ ‫‪ 2006‬و‪ 2008‬عىل صعيد االنتخابات‪ ،‬عل ًام‬ ‫بأنه حزب يتميز بأعالمه وشعاراته القريبة إىل‬ ‫النازية‪ ،‬وهو اليوم يحقق نتائج جيدة يف بعض‬ ‫املقاطعات األملانية‪ .‬ومت ّثل األحزاب املامثلة يف‬ ‫أملانيا وسويرسا والنمسا حالة خاصة أكرث‬ ‫ارتباطاً بتاريخ املنطقة‪.‬‬ ‫عرض حال هذه “الحركات” يف باقي الدول‬ ‫األوروبية ُيظهر أنها ذات أهمية كبرية يف بلد‬ ‫كهولندا‪ ،‬والنمسا (يورغ هايدر)‪ ،‬وسويرسا‬ ‫(كريستوف بلوشري)‪ ،‬وإيطاليا أيضاً (رابطة‬ ‫الشامل)‪ ،‬أما يف بلدان كإسبانيا‪ ،‬والربتغال‪،‬‬ ‫واليونان‪ ،‬فإن األحزاب “اليمينية املتطرفة” ال تكاد‬ ‫تحصد شيئاً يذكر يف االنتخابات الربملانية‪ .‬هذا‬ ‫التقديم لهذه األحزاب ال يستوي إذا مل ُيشرَ إىل‬ ‫أنها نشأت قبل الطرح الفعيل ملشكلة “أسلمة‬ ‫أوروبا”‪ ،‬وهي بالتايل يف بداياتها نشأت يف ظروف‬ ‫خاصة بكل بلد‪ .‬رغم ذلك‪ ،‬تلتقي هذه الحركات‪،‬‬ ‫عموماً‪ ،‬حول نقطتني‪ :‬أوالً‪ ،‬هي تريد املحافظة عىل‬ ‫القيم التاريخية والتقليدية ملجتمعاتها‪ ،‬وبالتايل‬ ‫تويل أهمية كربى لسياسات االندماج وترفض‬ ‫الدمج العضوي‪ .‬ويف املقلب اآلخر‪ ،‬هي تحافظ‬ ‫أساساً عىل مظاهر سيادة الدولة‪ ،‬ما مل يعد‬ ‫رفضاً للتعددية‪ ،‬بل يعكس حالة من الرهاب‪ ،‬بكل‬ ‫ما للكلمة من معنى‪ ،‬وهي تندرج يف ما يسمى‬ ‫“رصاع الحضارات”‪ ،‬ال منع “أسلمة” أوروبا‪.‬‬

‫تطرف األحزاب اليمينية يف أوروبا‬ ‫وعالقتها بـ «إرسائيل»‬

‫من الدقة أن نستخدم كلمة حمالت عدائية‬ ‫عنرصية بدل كلمة رصاعات ألن مصطلح رصاعات‬ ‫إمنا يفهم منه وجود قوى متكافئة متيل الكفة‬ ‫لصالح إحداها تارة ولصالح األخرى تارة أخرى ‪.‬‬ ‫لكل منها أساليبها وأدواتها لكن يف حالنا هنا‬ ‫القوة واألساليب هي كلها يف يد الغرب الطامع‬ ‫باملرشق العريب وثرواته والالفت اليوم ظهور عدة‬ ‫قوى سياسية أوروبية تتدرج من اليمني املتطرف إىل‬ ‫اليمني التقليدي وكلها تنظر للرصاع الفلسطيني‬ ‫ اإلرسائييل أو العريب ‪ -‬اإلرسائييل كإحدى حلقات‬‫تلك الحرب العنرصية الحاقدة ضد العامل العريب أو‬ ‫ما يطلقون عليه اليوم رصاع الحضارات‪ .‬لقد قامت‬ ‫عدة قوى وأحزاب ميينية أوروبية بإعالن تأييدها‬

‫األعمى واملتصلب لـ «إرسائيل»‪ ،‬ففي هولندا‬ ‫جاء ترصيح رئيس حزب الشعب اليميني ليصب‬ ‫يف ذات املعنى فقد أكد أن القدس إن سقطت‬ ‫وأصبحت بيد العرب فالخطر سيهدد أثينا وروما‬ ‫وستسقطان بيد العرب أيضاً واألغرب هو دعوته‬ ‫األردن إىل أن يغيرّ اسمه إىل فلسطني ليكون وطناً‬ ‫بدي ًال للفلسطينيني وبهذا تنتهي مشكلة الرصاع‬ ‫العريب اإلرسائييل‪ .‬إن فكرة الوصول إىل تسوية‬ ‫إقليمية للفلسطينيني هي فكرة قدمية قامت بعد‬ ‫عدوان ‪ 1967‬سوقتها «إرسائيل» وتقوم عىل جعل‬ ‫األردن وطناً بدي ًال لالجئني الفلسطينيني ‪ ..‬ويقوم‬ ‫وقتها األردن بتسيري شؤون سكان الضفة الغربية‬ ‫وترعى مصالحهم هكذا يرى املتطرف العنرصي‬ ‫الهولندي الحل لقضية الشعب الفلسطيني وهو‬ ‫ليس مستغرباً منه وهو الذي يرى أن القدس هي‬ ‫خط الدفاع األول للغرب ويقر بأن الرصاع هو ليس‬ ‫رصاع مكاسب وأرض لكنه معركة ايديولوجية‬ ‫بني الغرب املتحرر واملرشق العريب الرببري حسب‬ ‫زعمه‪ .‬ويف سويرسا كان اليمني السويرسي عىل‬ ‫شاكلة أحزاب اليمني األوروبية األخرى فقد دافع‬ ‫زعيمه عن «إرسائيل» قائ ًال ‪ :‬إننا ندرك جيداً أنه‬ ‫إذا هزم العرب «إرسائيل» فسنفقد خط دفاعنا‬ ‫املتقدم وسيمتد خطر العرب نحو أوروبا ومن هنا‬ ‫كان القرار السويرسي يف العام املايض مبنع إقامة‬ ‫مآذن للمساجد يف سويرسا ويف إسبانيا رصح‬ ‫رئيس الوزراء االسباين األسبق خوسيه ماريا أزنار‬ ‫إن «إرسائيل» والغرب قدر واحد مرتابط وأضاف أن‬ ‫«إرسائيل» متثل خط الغرب األول يف هذه املنطقة‬ ‫الصاخبة منطقة مهددة بالغرق يف ظالم الفوىض‬ ‫التي يسببها العرب وهذه املنطقة حيوية جداً‬ ‫ألمن أوروبا فهي خط الجبهة املتقدم يف رصاعنا‬ ‫ضد التطرف والظالم وإذا هزمت «إرسائيل»‬ ‫سنهزم كلنا‪ .‬ويضيف قائ ًال‪ :‬إن «إرسائيل» دولة‬ ‫غربية توجد يف منطقة الرشق األوسط وإنها‬ ‫واحة الدميقراطية وعندما نقاتل من أجل إرسائييل‬ ‫فنحن نقاتل من أجل مصالحنا‪ .‬ويف أملانيا نجد‬

‫‪49‬‬

‫تطرف اليمني العنرصي مبواقفه وترصيحاته التي‬ ‫تعرب عن الحقد والكراهية ضد العرب واالنحياز‬ ‫األعمى لـ «إرسائيل» ودعمها بكافة املجاالت‬ ‫السياسية واالقتصادية والعسكرية‪ .‬إن ارتباط‬ ‫مصالح اليمني األورويب مبصالح الكيان اإلرسائييل‬ ‫إمنا هو أمر ليس بالغريب ذلك أن قادة األحزاب‬ ‫اليمينية األوروبية هم صهاينة عنرصيون يلتقون‬ ‫مع اإلرسائيليني بأصول مشرتكة مبادؤهم واحدة‬ ‫وأفكارهم واحدة وأهدافهم واحدة أال وهي تفكيك‬ ‫وإنهاك العامل العريب لذلك نجدهم ال يتأخرون‬ ‫لحظة واحدة بوصف العرب بالربابرة املتخلفني‬ ‫وبأنهم معادون للحضارة والدميقراطية ‪ .‬لكن ال‬ ‫بد لنا أن نقول وبكل موضوعية وصدق أن العرب‬ ‫عىل امتداد تاريخهم العريق هم أصحاب حضارة‬ ‫ورسالة سامية امتدت عرب قرون طويلة وساهمت‬ ‫يف إغناء البرشية بشتى أنواع العلوم واملعارف‪.‬‬ ‫وقد شهد املشهد السيايس األورويب صعود‬ ‫رسيع للكثري من القوى السياسية اليمينية‬ ‫املتطرفة والتي متكنت من دخول الربملانات األوروبية‬ ‫وبدأت متيل وبصوت مرتفع أجدنتها السياسية‬ ‫التي ال تخلو من التمييز العنرصي الفاضح ضد‬ ‫املهاجرين عموماً والعرب واملسلمني خصوصاً‪،‬‬ ‫وقد نجح اليمني األورويب املتطرف من إحداث‬ ‫إخرتاق حتى يف البلدان التي تدعّي األنسنة‬ ‫والدميوقراطية كالسويد والرنويج والدامنارك التي‬ ‫نجحت فيها أحزاب اليمني املتطرف من الوصول إىل‬ ‫الربملان‪ ،‬واملالحظة األبرز لدى ترشيح هذه التيارات‬ ‫اليمينية املتطرفة أ ّنها أجمعت عىل كراهية‬ ‫اإلسالم وتحميله مسؤولية اإلنكسارات الخطرية‬ ‫يف الداخل األورويب و خارجه‪.‬‬ ‫والحزب الدميوقراطي السويدي الذي وبعد أن‬ ‫بدأت ترتفع أسهمه السياسية نتيجة تداعيات‬ ‫الحادي عرش من أيلول و نتيجة تنامي ظاهرة‬ ‫اإلسالم فوبيا يف الغرب و كراهية املهاجرين يف‬ ‫كل أوروبا بات يطالب بطرد املهاجرين من السويد‬ ‫ومنع أبناء املهاجرين بالقوة من التوجه إىل املدارس‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫الغالف‬ ‫القرآنية داخل السويد أو خارجها بل ّإن زعيمه‬ ‫جيمي أوكيسون الذي يآمل أن يتحول حزبه إىل‬ ‫رقم صعب يف املعادلة السياسية السويدية‬ ‫وخصوصاً بعد أن فاز حزبه يف ‪ 130‬بلدية سويدية و‬ ‫صعد أتباعه إىل دوائر القرار يف البلديات التي متلك‬ ‫سلطة ال مركزية تخولها إتخاذ القرار وخصوصاً‬ ‫لجهة التعاطي مع سكان البلديات والذين منهم‬ ‫الكثري من العرب واملسلمني‪.‬‬ ‫وبعد أن كان الحزب الدميوقراطي السويدي يخفي‬ ‫الكثري من مفردات خطابه السيايس املعادي‬ ‫للعرب واملسلمني أصبح اليوم يجاهر بهذا الخطاب‬ ‫العنرصي يف الساحات العامة ويف وسائل اإلعالم‬ ‫و يف موقعه عىل اإلنرتنت ‪...‬‬ ‫وعىل شاكلة الحزب الدميوقراطي السويدي‬ ‫تأسس يف‬ ‫يتحرك حزب الشعب الدامناريك الذي‬ ‫ّ‬ ‫سنة ‪ 1995‬وتقوده بيا كيارسغرد و الذي متكنّ‬ ‫وبسبب خطابه العنرصي أن يصبح القوة الثالثة‬ ‫يف املشهد السيايس الدامناريك‪ ،‬ففي إنتخابات‬ ‫‪ 2005‬حصد ‪ % 13‬من املقاعد الربملانية‪ ،‬وال يختلف‬ ‫هذا الحزب عن الحزب الدميوقراطي السويدي يف‬ ‫تبنّي سياسة عدائية ض ّد العرب واملسلمني يف‬ ‫الدامنارك وهو يساوم املسلمني عىل رضورة ترك‬ ‫دينهم كسبيل أوحد للبقاء يف الجنّة الدامناركية‪.‬‬ ‫وشعار حزب الشعب الدامناريك ّأن الدامنارك‬ ‫للدامناركيني ّ‬ ‫وأن الدامنارك ال ميكن أن تكون دولة‬ ‫مهاجرين يف إشارة إىل تنامي عدد الالجئني فيها‪.‬‬ ‫ويف الرنويج ينهج حزب فرميسكريت بارتيت‬ ‫نفس نهج األحزاب العنرصية السابقة‪ ،‬وهو األقدم‬ ‫من حيث التأسيس حيث تأسس يف سنة ‪1973‬‬ ‫وحصد ‪ % 21‬من أصوات الناخبني يف اإلنتخابات‬ ‫األخرية يف الدامنارك‪ ،‬ويعترب هذا الحزب ّأن الهوية‬ ‫الرنويجية مهددة وأن ال سبيل للحفاظ عليها إ ّال‬ ‫بذوبان املهاجرين فيها وله موقف عدايئ من ثقافة‬ ‫الرشق الوافدة واملهددة والخطرية‪.‬‬ ‫ويف هولندا صعدّت ما يعرف بقامئة بيم فورتني‬ ‫لهجتها ض ّد اإلسالم خصوصاً الذي أعتربه هذا‬ ‫التيار اليميني الذي تأسس يف سنة ‪ 2002‬أبرز‬ ‫مهدد للكيان الهولندي‪ ،‬وكان زعيم هذا التيار‬ ‫مات هربن من أشد أعداء الحضارة اإلسالمية بكل‬ ‫تفاصيلها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فإن األحزاب اليمينية املتطرفة‬ ‫ويف بلجيكا‬ ‫ال يحىص عدّها لكن أبرزها حزب فامس بيلنغ‬ ‫ويرتأسه فرانك‬ ‫‪ VB‬الذي تأسس يف سنة ‪2004‬‬ ‫ّ‬ ‫فانهييك‪ ،‬وحصد ‪ % 11‬من أصوات الناخبني يف‬ ‫اإلنتخابات األخرية يف بلجيكا وعىل الرغم من ّأن‬ ‫املحكمة البلجيكية العليا صن ّفت الحزب يف خانة‬ ‫األحزاب العنرصية املعادية للمهاجرين إ ّال أ ّنه مازال‬ ‫يواصل نشاطه السيايس بعنوان جديد‪.‬‬ ‫أ ّما حزب الجبهة الوطنية البلجيكية اليمينية‬ ‫التي تأسست يف سنة ‪ 1985‬ويرتأسها دانييل‬ ‫فريار فهي تدعو بإستمرار إىل التحريض ض ّد‬ ‫املهاجرين واملسلمني منهم عىل وجه الخصوص‬ ‫وتحملهم كل املآيس التي ح ّلت ببلجيكا‪.‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫ورومانيا والنمسا عرشات األحزاب والتيارات‬ ‫السياسية اليمينية التي تحمل عىل اإلسالم‬ ‫بحجة الحفاظ عىل الهوية الوطنية املهددة‬ ‫والثقافة املحلية اآليلة إىل اإلنقراض‪ ،‬وعىل الرغم‬ ‫من الغارة الثقافية األمريكية الكربى عىل الواقع‬ ‫األورويب فلم نسمع من يشري إىل تهديد الثقافة‬ ‫األمريكية عىل أوروبا إال بعض التيارات اليسارية‬ ‫األوروبية التي ترى أن أمريكا نجحت يف إخرتاق‬ ‫أوروبا ثقافياً وإجتامعياً وحضارياً بعد أن اخرتقتها‬ ‫سياسياً وأمنياً وإقتصادياً‪.‬‬

‫اعتداء الرنويج دليل خـطر اليمني‬ ‫املتطرف يف أوروبا‬

‫ويف بريطانيا فامزال الحزب الوطني الربيطاين‬ ‫تأسس سنة ‪ 1980‬وتزعمه نيك غريفن‬ ‫‪ BNP‬والذي‬ ‫ّ‬ ‫يطالب رصاحة بطرد املهاجرين ووضع ح ّد لظاهرة‬ ‫الهجرة يف بريطانيا ‪..‬‬ ‫وحتى سويرسا الحيادية مل تسلم من تنامي‬ ‫ظاهرة األحزاب العنرصية ممثلة يف حزب الشعب‬ ‫السويرسي الذي تأسس سنة ‪ 1971‬ويتزعمه‬ ‫كريستوف بلورش والذي بات يتحامل بقوة عىل‬ ‫الوجود العريب واإلسالمي منسج ًام مع طروحات‬ ‫اليمني املتطرف الذي بات لها سوق كبري يف‬ ‫أوروبا‪.‬‬ ‫وقريب من هذا الحزب حزب الجبهة الوطينة‬ ‫الفرنيس الذي يتزع ّمه جون ماري لوبان والذي‬ ‫تأسس سنة ‪ 1972‬والذي بنى سياسته عىل‬ ‫كراهية العرب واملسلمني والذين ساهموا بقسط‬ ‫وافر ليس يف بناء النهضة الفرنسية املعارصة‬ ‫بل يف مقاومة اإلحتالل األملاين بإعرتاف الجرنال‬ ‫الفرنيس شارل ديغول الذي إستعان بالجنود‬ ‫املغاربة يف إنزال البروفونس ومتكن بفضلهم من‬ ‫إلحاق الهزمية بالجيش األملاين‪ ،‬ويف السياق نفسه‬ ‫تأسس يف‬ ‫يتحرك حزب من أجل فرنسا ‪ Mpf‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫وترأسه فيليب دوفلييه‪.‬‬ ‫سنة ‪1994‬‬ ‫ّ‬ ‫وتزخر إيطاليا بعرشات األحزاب اليمينية‬ ‫املتطرفة وعىل رأسها التحالف الوطني اإليطايل‬ ‫تأسس يف سنة ‪ 1995‬ويتزعمه جيان‬ ‫الذي‬ ‫ّ‬ ‫فرانسكو فيني والذي حصد ‪ % 12‬من أصوات‬ ‫الناخبني يف إنتخابات ‪ ،2006‬و يفتخر هذا الحزب‬ ‫بأبيه الروحي بينيتو موسيليني‪.‬‬ ‫تأسس يف سنة ‪1994‬‬ ‫الذي‬ ‫أماّ حزب ليغا نورد‬ ‫ّ‬

‫‪50‬‬

‫ويرتأسه أومربتو بويس والذي حصد عىل ‪ % 4‬من‬ ‫أصوات الناخبني يف إنتخابات ‪ 2006‬فهو يتبنى‬ ‫سياسة عدائية من املهاجرين بل طالب رئيسه يف‬ ‫حوار صحفي إىل إطالق النار عىل املقيمني بطريقة‬ ‫غري رشعية يف إيطاليا ‪..‬‬ ‫وليس بعيدا عن هذا الحزب‪ ،‬الحزب الفايش‬ ‫اإليطايل املعروف بإسم فياما تريكولور الذي‬ ‫تأسس سنة ‪ 1993‬والذي يتزعمه لوسا رامينويل‬ ‫والذي يجاهر بفاشيته‪ ،‬متاماً كام تجاهر أليسندار‬ ‫موسيليني حفيدة موسيليني والتي تتزعم حزب‬ ‫أزيون سوسيال الذي تأسس سنة ‪ 2003‬وتفتخر‬ ‫بأنها حفيدة موسيلني رائد الفاشية يف إيطاليا‬ ‫‪...‬‬ ‫ومل تسلم الدول األوروبية التي انض ّمت حديثاً‬ ‫لإلتحاد األورويب واملنظومة األوروبية من لوثة األحزاب‬ ‫اليمينية ففي كرواتيا بدأ حزب ‪ HKD‬أو الحزب‬ ‫تأسس سنة ‪1989‬‬ ‫الدميوقراطي الكروايت الذي‬ ‫ّ‬ ‫ويرتأسه إيفو سنادر يردد أطروحات اليمني األورويب‬ ‫ّ‬ ‫املتطرف وعكس هذا الحزب توجهاته اليمينية عىل‬ ‫مسلكية الحكومة التي نجح يف تسيريها‪ ،‬وبات‬ ‫يطالب بشعار كرواتيا للكرواتيني‪.‬‬ ‫ويف اليونان بدأ حزب ليكوس أورتوكودوس الذي‬ ‫تأسس سنة ‪ 200‬ويرتأسه غرغوريوس كازافريس‬ ‫ّ‬ ‫يف تبنى الشعارات املعادية للمهاجرين‪ ،‬والتحذير‬ ‫من ظاهرة توطني اإلسالم يف أوروبا‪.‬‬ ‫ويف أملانيا تجاوزت األحزاب اليمينية املتطرفة كل‬ ‫الخطوط الحمراء وباتت تجاهر رصاحة مبا يتعارض مع‬ ‫القانون األملاين‪.‬‬ ‫ويف بولونيا ورصبيا وسلوفاكيا وروسيا وليتوانيا‬

‫خالل السنوات الخمس املاضية‪ ،‬ويف معاقل‬ ‫أوروبا املتحرضة‪ ،‬بدأ ينشط اليمني املتطرف بقوة‪،‬‬ ‫وحققت األحزاب السياسية اليمينية نجاحات‬ ‫انتخابية غري مسبوقة يف عدد من الدول األوروبية‪،‬‬ ‫مبا فيها النمسا وفرنسا وهولندا والسويد‪ ،‬وبدأت‬ ‫الحركات اليمينية املتطرفة للشبان الساخطني‬ ‫التي كان من النادر مشاهدتها‪ ،‬بالظهور عىل نحو‬ ‫متزايد يف الشوارع والساحات‪ .‬وكانت الحكومات‬ ‫واملنظامت األمنية تنظر اىل هؤالء املتطرفني عىل‬ ‫اعتبارهم نزعة مثرية للقلق‪ ،‬لكنها من النوع الذي‬ ‫ميكن احتواءه‪ ،‬غري أن الهجوم املرعب والكاريث الذي‬ ‫وقع يف الرنويج‪ ،‬غيرّ وجهة النظر السابقة‪ ،‬إذ أن‬ ‫وكاالت املخابرات التي كانت مهووسة بالقلق من‬ ‫“القاعدة” منذ عقد من الزمن‪ ،‬انتبهت‪ ،‬عىل حني‬ ‫غرة‪ ،‬إىل تهديد جديد قاتل‪.‬‬ ‫وباتت العالقة بني اليمني املتطرف الصاعد‬ ‫والعنف السيايس تشكل قلقاً سياسياً وأمنياً‬ ‫من الطراز األول‪ ،‬وأصبحت جامعات اليمني املتطرف‬ ‫تحت التمحيص والتدقيق‪ ،‬كام أن الحكومات أخذت‬ ‫ترجح إمكانية إعادة النظر لحظر بعضها‪ ،‬لكن هل‬ ‫يتوجب القيام بذلك من قبل هذه الحكومات؟ خالل‬ ‫األشهر الستة املاضية كان هذا السؤال مطروحاً‬ ‫من خالل إحصاءات عىل نطاق واسع للناشطني‬ ‫السياسيني من اليمني املتطرف واملتعاطفني‬ ‫معهم يف شتى أنحاء أوروبا‪.‬‬ ‫وأصبح اليمني املتطرف يف أوروبا خالل العقد‬ ‫املنرصم‪ ،‬مستساغاً عىل نحو أكرب‪ ،‬يف حني أن‬ ‫العنرصية العلنية والتعصب القومي الذي كان‬ ‫سائداً يف السنوات السابقة أصبحا “موضة‬ ‫بالية”‪.‬‬ ‫وكانت األحداث األخرية مثل عمليات اإلنقاذ‬ ‫البنكية يف العامل‪ ،‬وأزمة منطقة اليورو‪،‬‬ ‫وفضيحة التنصت عىل الهواتف التي قامت بها‬ ‫صحيفة “نيوز انرتناشيونال”‪ ،‬قد منحت الصدقية‬ ‫لوجهة النظر التي مفادها أن السياسيني هم يف‬ ‫الواقع بعيدين جداً عن الشعب العادي‪.‬‬ ‫وكان هذا الخليط من املبادئ الشعبية العامة‪،‬‬ ‫وأفكار اليمني املتطرف‪ ،‬يعني أن تشكيل تحالفات‬

‫جديدة وحدوث تحوالت ضبابية بني الخطوط‬ ‫الفاصلة بني اليسار واليمني‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن جز ًءا مه ًام من الناخبني‬ ‫األوروبيني يعجب باليمني الجديد‪ ،‬ويعترب لوبان‬ ‫حالياً الثالث يف ترتيب املرشحني النتخابات ‪2012‬‬ ‫الرئاسية‪ ،‬وكذلك حزب ويلدر “الحرية”‪ ،‬فإنه يعترب‬ ‫ثالث أكرب حزب يف هولندا‪ .‬ويف شبه جزيرة‬ ‫اسكندنافيا حققت األحزاب اليمينية أفضل‬ ‫نجاحاتها االنتخابية‪ .‬ويف أملانيا والنمسا أثارت‬ ‫األحزاب اليمينية مخاوف الكثري من األوروبيني‪.‬‬ ‫ويف هنغاريا يعترب حزب جوبك ثالث أضخم حزب‬ ‫سيايس فيها‪ ،‬بعد أن ضاعف مقاعده يف الربملان‬ ‫عام كان عليه يف االنتخابات املاضية‪.‬‬ ‫واألمر املثري لألهمية أن تعاظم شأن األحزاب‬ ‫اليمينة أثر يف مواقف األحزاب العادية‪ ،‬وأعلن رئيس‬ ‫حكومة بريطانيا ديفيد كامريون‪ ،‬ومستشارة أملانيا‬ ‫انجيال مريكل وفاة التعددية الثقافية‪ ،‬يف حني أن‬ ‫قيام الرئيس الفرنيس ساركوزي بحظر الربقع‬ ‫منحه مكاسب انتخابية يف فرنسا‪.‬‬ ‫وتحت هذا الرصاع السيايس تكمن جامعات‬ ‫من اليمني املتطرف واملتعصبني القوميني الذين‬ ‫يعتمدون عىل الشارع‪ ،‬وهم يف حالة ثقة وزهو‬ ‫متزايدة‪.‬‬ ‫ويف بريطانيا نرش حزب رابطة الدفاع الربيطاين‬ ‫خليطاً مشابهاً من اليمني املتطرف واألفكار‬ ‫السائدة يف املجتمع‪ .‬واندفع هذا الحزب لالحتجاج‬ ‫ضد ما اعتربه زحفاً إسالمياً عىل املجتمع‬

‫‪51‬‬

‫الربيطاين‪.‬‬ ‫من هنا مثة موجة يف أوروبا معارضة لإلسالم‬ ‫تعتربه “ديناً خطراً” عىل املجتمعات املسيحية‪،‬‬ ‫حقيقة ال يجادل فيها أحد‪ .‬والرنوج ليست ذلك‬ ‫“اليشء اآلخر” يف القارة العجوز‪ ،‬إنها جزء حميم‬ ‫من القارة‪ ،‬تتفاعل معها عىل كل األصعدة‪ ،‬وتتأثر‬ ‫بطبيعة الحال بـ “اإلسالموفوبيا” التي يعانيها‬ ‫املسلمون يف أوروبا كام يف أمريكا‪ ،‬خالل السنوات‬ ‫العرش األخرية‪.‬‬ ‫وما كانت هجامت ‪ 11‬سبتمرب اإلرهابية‬ ‫الشهرية و تفجريات القطارات يف مدريد يف‬ ‫‪ 11‬آذار وتفجريات لندن يف متوز ‪ 2005‬اال أمثلة‬ ‫واضحة عىل حجم مخاطر التطرف واالرهاب الذي‬ ‫متارسه هذه التنظيامت والتي راح ضحيتها اكرث‬ ‫‪ 5000‬مابني قتيل وجريح‪ ،‬وتبنى تنظيم “القاعدة”‬ ‫اإلرهايب املسؤولية عنها‪ ،‬وهذا كان مبثابة اإلنذار‬ ‫الكبري للواليات املتحدة األمريكية وللعامل‪،‬‬ ‫عن املخاطر التي يتعرض لها عاملنا املعارص‪ ،‬وأن‬ ‫هذه الهجامت أدت إىل استنفار جميع الدول بال‬ ‫استثناء‪ ،‬للوقوف صفا واحدا للرد عىل املسؤولني‬ ‫عنه‪ ،‬ومواجهة آثاره وتداعياته‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬مليس داغر‬

‫(يف العدد القادم‪ :‬األصولية املسيحية‬ ‫األمريكية)‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬

‫تسعى إلضعاف دور سوريا وموقعها الممانع‬

‫نور الدين لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬

‫تركيا تلعب دوراً سلبياً ضد نهضة الشعوب العربية‬ ‫روابط (الناتو) ورؤية اسرتاتيجية‬ ‫يف غضون أقل من شهرين‬ ‫أمريكية ترى يف أنقرة حاجزاً أمام‬ ‫انتقلت العالقات السورية الرتكية‬ ‫الروس واإليرانيني مللء الفراغ الجديد‬ ‫من التحالف االسرتاتيجي املطلق‬ ‫يف املنطقة‪ ،‬التي تطورت مع فشل‬ ‫اىل شبه قطيعة‪ ،‬والسبب يف ذلك‬ ‫واشنطن يف أفغانستان والعراق‪ ،‬مام‬ ‫التناقض الواضح يف نظرة القيادة‬ ‫دفعها إىل تلمس “منوذج إسالمي‬ ‫يف البلدين اىل االنتفاضة الشعبية‬ ‫اعتدايل” كان أردوغان مثاله املتبلور‪،‬‬ ‫املندلعة حالياً يف العديد من املدن‬ ‫عرب الدور اإلقليمي الذي لعبته أنقرة‪،‬‬ ‫باإلصالحات‬ ‫للمطالبة‬ ‫السورية‬ ‫يف امللف العراقي وملف الرصاع‬ ‫منها‬ ‫والسياسية‬ ‫الدميقراطية‬ ‫العريب – اإلرسائييل عامة والقضية‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫هي‬ ‫التي‬ ‫خاصة‬ ‫الفلسطينية‬ ‫قبل االنتفاضة‪ ،‬كانت العالقات‬ ‫جوهر الرصاع‪ ،‬ويف تحركات الشارع‬ ‫الرتكية السورية متر بشهر عسل‬ ‫العريب خالل هذا العام بدا التناغم‬ ‫طويل‪ ،‬حتى بات الرئيس رجب‬ ‫األمرييك – الرتيك واضحاً من خالل‬ ‫طيب أردوغان الشخصية األكرث‬ ‫املصالحة بني واشنطن والتنظيم‬ ‫شعبية‪ ،‬ليس يف سوريا فقط‬ ‫العاملي لجامعة اإلخوان املسلمني‬ ‫وإمنا يف جارتها لبنان‪ ،‬لدرجة أن‬ ‫عندما طالب أردوغان الرئيس املرصي‬ ‫زياراته ووزير خارجيته داوود أوغلو‬ ‫بالتنحي قبل أن يقوم أوباما بذلك‪،‬‬ ‫للعاصمة السورية دمشق كانت‬ ‫ثم ظهرت ترجمتها مرصياً عرب اتجاه‬ ‫شبه شهرية‪ ،‬بل أكرث من زياراته‬ ‫إلسطنبول نفسها‪.‬‬ ‫القاهرة إىل منوذج أنقرة بني العسكر‬ ‫فام الذي نقل العالقات من‬ ‫الغضب الرسمي السوري ذروته عندما واإلسالميني تحت الخيمة األمريكية‪ ،‬وهذا‬ ‫مرحلة فتح الحدود وإقامة مناطق حرة استضافت انقرة مؤمتراً للمعارضة السورية يعني أن الدور اإلقليمي الرتيك يكاد يتوافق‬ ‫عىل جانبيها‪ ،‬والسامح ملواطني البلدين يف اسطنبول يف ‪ 2‬نيسان ‪ ،2011‬ثم رعت مع واشنطن متاماً وهو النموذج الذي يسعى‬ ‫أوساط قريبة من هذا الحزب‪ ،‬مؤمترين يف‬ ‫الشخصية‪،‬‬ ‫بالبطاقة‬ ‫بالتنقل‬ ‫وزيادة اسطنبول وإنطاليا‪ ،‬وعندما رأى أردوغان إليه حكام البيت األبيض األمرييك وينفذه‬ ‫حجم التبادل التجاري بأرقام قياسية‪،‬‬ ‫اىل توتر غري مسبوق مصحوب بحمالت أن ال خيار أمامه غري الوقوف اىل جانب أردوغان “الطامح” إىل تحويل تركيا إىل‬ ‫السيايس‪ ،‬جمهورية بنظام رئايس‪ ،‬بدالً من جمهورية‬ ‫باإلصالح‬ ‫الشعبية‬ ‫إعالمية رشسة من الجانب السوري عىل املطالب‬ ‫وكشف يف أكرث من مقابلة صحافية أنه نصف برملانية‪ ،‬وهو يسعى إىل أن يكون‬ ‫األقل؟‬ ‫السلطات السورية تريد من تركيا‪ ،‬عرض عىل الرئيس بشار استضافة كوادر أول رئيس للجمهورية الرتكية بدستورها‬ ‫والرئيس أردوغان عىل وجه التحديد‪ ،‬سورية لتدريبها عىل كيفية االنتقال اىل الجديد‪ ،‬الذي يشبه نظام الحكم الرئايس‬ ‫الوقوف اىل جانبها يف مواجهة االنتفاضة الحكم الدميقراطي‪ ،‬وإدخال اإلصالحات يف الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫الشعبية‪ ،‬ألن املشاركني فيها ينفذون السياسية‪ ،‬ما يعني أن الرئيس أردوغان‬ ‫العالقات الرتكية – األمريكية‪ ،‬ونتائج‬ ‫أجندات خارجية تريد هز استقرار البالد ينظر اىل األوضاع يف سوريا من منظور ما بعد االنتخابات الترشيعية الرتكية‪،‬‬ ‫تحت عناوين اإلصالح السيايس‪ ،‬ولذلك نظرته لألوضاع الداخلية الرتكية ويذهب‬ ‫واملوقف الرتيك من سوريا‪ ،‬واستقالة القادة‬ ‫اىل درجة القول بأن األوضاع يف سوريا‬ ‫شعرت بالحنق الشديد من جراء وقوف هي شأن داخيل تريك تقريباً‪ ،‬ما يشري اىل العسكريني األتراك‪ ،‬وغريها من األمور‬ ‫أردوغان اىل جانب االنتفاضة‪ ،‬ومساندته‬ ‫تحذير ال يجب االستهانة به من قبل القيادة كانت محور لقائنا مع الباحث والكاتب يف‬ ‫لإلصالحات‪ ،‬بل وانتقاده للرئيس بشار‬ ‫األسد لعدم اإلقدام عىل تنفيذها مبكراً السورية‪ ،‬وكل ذلك خدمة للعالقات الرتكية الشؤون الرتكية الدكتور محمد نور الدين‬ ‫لتجنب االنفجار االحتجاجي الحايل‪ ،‬وبلغ ‪ -‬األمريكية املتينة التي تحكمها أولويات‪ ،‬يف حوار هذا نصه‪:‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪52‬‬

‫العالقات الرتكية ‪ -‬األمريكية متينة وتحكمها‬ ‫أولويات عدة‪ ،‬ورؤية اسرتاتيجية أمريكية ترى‬ ‫يف أنقرة حاجزاً أمام الروس واإليرانيني مللء‬ ‫الفراغ الجديد يف املنطقة‪ ،‬وتط ّورت الرؤية‬ ‫األمريكية مع فشل واشنطن يف أفغانستان‬ ‫والعراق‪ ،‬مام دفعها إىل تلمس “منوذج إسالمي‬ ‫اعتدايل” كان أردوغان مثاله املتبلور‪ ،‬عرب الدور‬ ‫اإلقليمي الذي لعبته أنقرة‪ ،‬يف امللف العراقي‬ ‫وملف الرصاع العريب – اإلرسائييل عامة‬ ‫والقضية الفلسطينية خاصة التي هي جوهر‬ ‫الرصاع‪ ،‬ويف تحركات الشارع العريب خالل هذا‬ ‫العام‪ ...‬وفيام بعد استضافت إحدى املنظامت‬ ‫القريبة من حزب أردوغان يف اسطنبول املراقب‬ ‫العام لجامعة األخوان املسلمني يف سوريا يف‬ ‫‪ 2‬نيسان ‪ ،2011‬ثم رعت أوساط قريبة من هذا‬ ‫الحزب‪ ،‬مؤمترين يف اسطنبول وإنطاليا‪ ،‬السؤال‪،‬‬ ‫هل تلك العالقة هي التي أدت اىل فوز حزب‬ ‫“العدالة والتنمية” يف االنتخابات الترشيعية‬ ‫الرتكية األخرية وللمرة الثالثة عىل التوايل؟‬ ‫اإلجابة عىل هذا السؤال تندرج تحت أكرث من‬ ‫عنوان‪ :‬األول أن التحسن يف العالقات الرتكية‬ ‫– األمريكية وخاصة العالقة بني حزب «العدالة‬ ‫والتنمية» واإلدارة األمريكية هي عالقة إجامالً‬ ‫إيجابية منذ لحظة وصول الحزب اىل السلطة‬ ‫عام ‪ ،2002‬انطالقاً من أن واشنطن أرادت أن تظهر‬ ‫للعامل اإلسالمي أن حربها عىل ما تسميه‬ ‫اإلرهاب اإلسالمي ليس حرباً عىل اإلسالم‪ ،‬والدليل‬ ‫عىل ذلك أنها تدعم وتحتضن التجربة الجديدة يف‬ ‫تركيا تحت عنوان اإلسالم املعتدل‪.‬‬ ‫ثانياً تركيا عضو يف حلف شاميل األطليس‬ ‫وتتطلع اىل االنضامم اىل االتحاد األورويب‪ ،‬والحلف‬ ‫األطليس كام االتحاد األورويب هام مؤسستان‬ ‫غربيتان وبطبيعة الحال هذا العامل يفرض وجود‬ ‫واستمرار العالقات الجيدة بني تركيا والواليات‬ ‫املتحدة ومهام ساءت تبقى يف حدها األدىن‬ ‫ممتازة‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬إن بعض التوترات التي حصلت بني البلدين‬ ‫بسبب بعض التطلعات الرتكية يف املنطقة‬ ‫التي أدت يف جزء منها اىل توتر العالقات مع‬ ‫«إرسائيل»‪ ،‬وأعتقد أن هذه التطلعات ومحاولة‬ ‫تركيا لعب دور اىل حد ما مستقل ومركزي يف‬ ‫محيطاتها اإلقليمية عن السياسات الغربية‬ ‫األمريكية – األوروبية كان عامل توتر بني البلدين‬ ‫(تركيا والواليات املتحدة)‪ ،‬وبالتايل كان الهجوم‬ ‫اإلرسائييل عىل أسطول الحرية يف نهاية أيار‬ ‫‪ 2010‬هو محطة فاصلة يف اتجاه إدراك تركيا‬ ‫أنه ال ميكن أن تستمر يف اتباع سياسة شبه‬ ‫مستقلة عن الغرب‪ ،‬وأن تقوم بأدوار إقليمية‬ ‫يف جانب كبري منها أقامت عالقات جيدة مع‬ ‫محيطها العريب اإلسالمي كسوريا والعراق‬ ‫وإيران وأدركت تركيا أنه ال ميكنها االستمرار‬ ‫بالقيام مبثل هذه السياسات من دون غطاء أو‬ ‫الضوء األخرض األمرييك‪ ،‬لذلك االعتداء عىل‬ ‫أسطول الحرية هو اعتداء غريب بأداة إرسائيلية‬ ‫استهدف الدور الرتيك يف املنطقة‪.‬‬ ‫منذ تلك اللحظة وحتى اآلن‪ ،‬نجد تراجعاً‬ ‫متدرجاً مستمراً يف السياسة الرتكية يف‬ ‫املنطقة يف اتجاه أن تحافظ عىل عالقات جيدة‬

‫مع أمريكا وتقرتب أكرث فأكرث منها وتندرج يف‬ ‫إطار سياساتها يف املنطقة‪ ،‬وهذا يفرس املوقف‬ ‫الرتيك مث ًال من األحداث يف سوريا‪ ،‬ومحاولة‬ ‫التقرب من «إرسائيل» اىل درجة التملق من أجل‬ ‫الحفاظ عىل هذا الدور‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لدور هذه العالقات الرتكية –‬ ‫األمريكية يف فوز حزب «العدالة والتنمية»‪،‬‬ ‫أعتقد أن هذه املسألة مستقلة متاماً عن هذه‬ ‫العالقات وحتى عن عالقات تركيا مع «إرسائيل»‬ ‫والعامل العريب واإلسالمي‪ ،‬العامل األكرب الذي‬ ‫ساهم عام ‪ 2002‬و‪ 2007‬واآلن يف استمرار حزب‬ ‫«العدالة والتنمية» يف السلطة ويف زيادة نسبة‬ ‫األصوات يف كل مرة تحدث فيها انتخابات عن املرة‬ ‫التي تسبقها‪ ،‬وذلك يعود اىل أن حزب «العدالة‬ ‫والتنمية» مارس سياسة املشاريع والخدمات‬ ‫وتقديم البدائل لحاجات املواطنني يف حال أنه‬ ‫كسب رىض حتى املعارضني له الذين صوتوا‬ ‫ألحزاب معارضة‪ ،‬لكن الجميع أجمعوا عىل أن‬ ‫حزب «العدالة والتنمية» متكن من أن يحدث ما‬ ‫يشبه املعجزة االقتصادية يف تركيا ووفر نسبة‬ ‫رفاهية أعىل بكثري من قبل لهذا الباطن الرتيك‪،‬‬ ‫وبالتايل كان للعوامل الداخلية الدور األكرب يف‬ ‫وصول حزب «العدالة والتنمية» مجدداً وللمرة‬ ‫الثالثة عىل التوايل اىل الحكم أكرث بكثري من‬ ‫العوامل الخارجية‪.‬‬ ‫أردوغان اليوم أمام امتحانني مهمني‪ ،‬كتابة‬ ‫دستور جديد وحل القضية الكردية‪ ،‬هل‬ ‫سينجح فيهام ال سيام أنه ال يضمن الحال‬ ‫التي سيكون عليها حزبه يف ضوء املؤرشات‬ ‫الجديدة لنتائج االنتخابات الترشيعية؟‬ ‫ال شك أن إعداد دستور جديد هو من أهم‬ ‫املهامت التي تنتظر الرئيس أردوغان بعد فوزه‬ ‫باالنتخابات وهو أعطى وعداً بذلك خالل الحملة‬ ‫االنتخابية‪ ،‬لكن الفوز الشعبي ألردوغان مل‬ ‫يقابله الفوز مبا يناسبه من عدد نواب يف الربملان‬

‫مشكلة تركيا الرئيسية‬ ‫رفض أردوغان االعرتاف بالهوية‬ ‫الكردية يف الدستور‬ ‫تركيا تحو ّلت من العب إقليمي‬ ‫خارج املنطقة اىل العب‬ ‫إقليمي داخلها‬ ‫ال يخفى عىل األتراك أن يف‬ ‫جانب من حركات االحتجاج‬ ‫يف سوريا استهدافاً للموقع‬ ‫والدور السوريني املتمثل يف‬ ‫مواجهة «إرسائيل»‬

‫‪53‬‬

‫من جهة إعداد دستور جديد يف الربملان دون‬ ‫اللجوء اىل استفتاء شعبي أو إحالة أي تعديل‬ ‫دستوري اىل استفتاء شعبي يتط ّلب إما نسبة‬ ‫الثلثني أو نسبة ‪ 330‬مقعداً من أصل ‪ 505‬وهي‬ ‫نسبة مل يحصل عليها حزب «العدالة والتنمية»‬ ‫يف الربملان‪ ،‬لذلك فهو محكوم بالتعاون مع‬ ‫أحزاب املعارضة وهم بالتحديد حزب الشعب‬ ‫الجمهوري وحزب الحركة القومية وكتلة النواب‬ ‫األكراد‪ ،‬فأردوغان بحاجة اىل عدد محدود من‬ ‫النواب يكفي أي كتلة من هذه الكتل الثالث أو‬ ‫أي انشقاق لبعض النواب من هذه الكتل الثالث‬ ‫واالنضامم اىل حزب «العدالة والتنمية» ليك‬ ‫ميرر أردوغان الدستور الذي يريده‪ ،‬لكن املسألة‬ ‫ليست عددية وذلك لوجود تيارات مختلفة يف‬ ‫الداخل سياسية كانت أو مذهبية أو عرقية إثنية‬ ‫وبالتايل إعداد دستور جديد يتطلب حداً أدىن من‬ ‫التوافق بني كل هذه املكونات‪.‬‬ ‫كام أعتقد أن التحدي األسايس الذي سيواجه‬ ‫أردوغان يف إعداد دستور جديد ليس الحركة‬ ‫القومية وال حزب الشعب الجمهوري‪ ،‬بل التوصل‬ ‫اىل التفاهم مع األكراد يف تركيا ألن مشكلة‬ ‫تركيا الرئيسية تكمن يف كيفية تلبية بعض‬ ‫مطالب األكراد وأولها االعرتاف بالهوية الكردية‬ ‫يف الدستور‪ ،‬وهو ما يرفضه أردوغان حتى اآلن‪،‬‬ ‫لذلك أعترب أن اإلعداد لدستور جديد الذي ستبدأ‬ ‫مناقشاته يف نهاية الصيف الحايل ليست باألمر‬ ‫السهل عىل األقل يف شقه الكردي أي االعرتاف‬ ‫بالهويات األخرى املوجودة يف تركيا‪.‬‬ ‫يفرتض أن تدفع نتائج االنتخابات بحزب‬ ‫«العدالة والتنمية» إىل وقفة جدية ومراجعة‬ ‫جذرية لكل سياساته تجاه املسألة الكردية‬ ‫وكل األقليات الدينية املسلمة وغري املسلمة‪،‬‬ ‫كون التحدي الداخيل صار أكرب‪ ،‬ومرة أخرى‬ ‫سيكون الخارج الذي خاطبه باألمس وسيلته‬ ‫الرئيسية للدفاع عن منجزاته السياسية‬ ‫واالقتصادية‪ .‬هل سيتمكن أردوغان من النجاح‬ ‫مرة أخرى يف الخارج‪ ،‬بعد أن انكشف القناع‬ ‫وظهر مدى اندفاعه من أجل أن ينال الرىض‬ ‫األمرييك‪ ،‬وقد ظهر ذلك جلياً يف مدى املؤامرة‬ ‫التي استهدفت سوريا يف استقرارها وهي‬ ‫التي فتحت أبواب التعاون واملشاركة يف هذه‬ ‫املنطقة خدمة لألهداف املشرتكة وتطلعات‬ ‫الشعبني يف تركيا وسوريا؟‬ ‫تركيا سواء يف املراحل السابقة أو يف هذه‬ ‫املرحلة‪ ،‬كان لها دور نافذ يف املنطقة‪ ،‬من خالل‬ ‫التحالفات واألحالف التي نسجتها مع إيران‬ ‫الشاه‪ ،‬وبغداد أيام نوري السعيد‪ ،‬مع «إرسائيل»‬ ‫ومع الغرب ضد التيارات القومية والتحررية‬ ‫العربية‪ ،‬لكن اليوم تركيا تلعب دوراً سلبياً ضد‬ ‫نهضة الشعوب العربية‪ ،‬لكن هذا الدور يقف‬ ‫عند حدود عدم التدخل يف الشأن الداخيل‬ ‫لهذه الدول وشعوب املنطقة‪ ،‬اآلن اختلف الوضع‬ ‫فرتكيا تحو ّلت من العب إقليمي خارج املنطقة‬ ‫اىل العب إقليمي داخلها‪ ،‬وبدأت تأخذ مواقف‬ ‫مع دولة ضد أخرى‪ ،‬أو طرف داخل دولة ضد طرف‬ ‫آخر داخل الدولة ذاتها‪ ،‬وبالتايل تحولت اىل طرف‬ ‫داخيل يف التطورات التي تحصل يف املنطقة‪ ،‬ما‬ ‫عكس سلباً عىل صورة تركيا يف املنطقة ألن‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫مقابلة‬ ‫االتجاه الذي سلكته السياسة الخارجية الرتكية‬ ‫يف اآلونة األخرية خصوص ُا يف ما يتعلق بسوريا‬ ‫قد عكس لألسف سياسة مخالفة للسياسة‬ ‫التي كانت عليها تركيا يف السنوات القليلة‬ ‫املاضية‪ ،‬ويف الحالة السورية ال يخفى عىل األتراك‬ ‫أن يف جانب من حركات االحتجاج يف سوريا‬ ‫استهدافاً للموقع والدور السوريني املتمثل يف‬ ‫مواجهة «إرسائيل» والداعم لحركات املقاومة يف‬ ‫لبنان وحامس واملتحالف مع ايران يف املنطقة‬ ‫واملعارض لسياسات الهيمنة والتدخالت الخارجية‬ ‫وال سيام الواليات املتحدة‪ .‬وبالتايل فإن املواقف‬ ‫الرتكية السلبية واملنتقدة لألسد‪ ،‬والحاضنة‬ ‫لحركة اإلخوان املسلمني‪ ،‬واملهددة باتخاذ مواقف‬ ‫إذا تع ّذر اإلصالح يف سوريا‪ ،‬تصب كلها يف اتجاه‬ ‫إضعاف الدور السوري وموقع سوريا املامنع‪،‬‬ ‫خصوصاً أن قس ًام من أراضيها ال يزال تحت‬ ‫االحتالل‪ ،‬من دون أن يعني هذا الكالم تشكيكاً‬ ‫بوطنية أي جهة سورية مهام كانت انتامءاتها‬ ‫اإلثنية أو املذهبية أو السياسية‪.‬‬ ‫والخطورة الكربى األخرى‪ ،‬هنا‪ ،‬عىل تركيا‪ ،‬أنها‬ ‫تع ّرض عالقاتها وكل اسرتاتيجيتها “العميقة”‬ ‫لالنكسار‪ ،‬وعىل كل األصعدة‪ ،‬ليس فقط مع‬ ‫سوريا بل مع كل املحور املذكور من طهران اىل‬ ‫بريوت مروراً ببغداد‪ ،‬وبالتايل تركيا اليوم تتبع‬ ‫سياسة الهروب اىل األمام بعدما فشلت يف‬ ‫رهانها حتى اآلن عىل إسقاط النظام السوري‬ ‫وبالتايل إضعاف كل املنظمة التي تشكل سوريا‬ ‫جز ًءا هاماً منها‪.‬‬ ‫تواجه تركيا يف الحالة السورية امتحاناً‬ ‫دقيقاً يف سياستها الخارجية يختلف عن كل‬ ‫امتحاناتها السابقة مع الدول العربية األخرى‪.‬‬ ‫وتطرح املواقف الرتكية امللتبسة من سوريا‬ ‫تساؤالت عن دوافع هذه املواقف‪ ،‬ما هي برأيكم‬ ‫تلك الدوافع؟‬ ‫تواجه تركيا يف الحالة السورية امتحاناً‬ ‫دقيقاً يف سياستها الخارجية يختلف عن‬ ‫كل امتحاناتها السابقة مع الدول العربية‬ ‫األخرى‪ .‬وتطرح املواقف الرتكية امللتبسة من‬ ‫سوريا تساؤالت عن دوافع هذه املواقف‪ .‬وتتعدد‬ ‫التفسريات ومنها‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن تركيا تخىش بالفعل من تفاقم الوضع‬ ‫يف سوريا وتحوله اىل حرب أهلية ومذهبية وإتنية‬ ‫ما يفتح باب تركيا عىل “جهنم” جديدة‪ .‬لذلك‬ ‫هي تسعى اىل نزع فتيل االنفجار الكبري يف‬ ‫سوريا من خالل اإلصالح بقيادة األسد ضامنة‬ ‫الستمرار االستقرار ومنعاً لتأثري ذلك عىل الوضع‬ ‫يف تركيا‪ .‬ومن هذه الزاوية ترى تركيا أن تكرار‬ ‫مواقفها وتحذيراتها وإمالءاتها بل حتى استضافة‬ ‫املعارضة السورية يأيت من باب الضغوط عىل‬ ‫النظام السوري للمبارشة الجدية يف اإلصالح‪،‬‬ ‫وهو األمر الذي مل يحدث حتى اآلن‪ .‬ولكن هنا‬ ‫نشري اىل أن أوساطاً يف حزب العدالة والتنمية‬ ‫أعادت التعاطف مع اإلخوان املسلمني وانتقاد‬ ‫تصدي النظام يف سوريا بالقوة للمتظاهرين إىل‬ ‫حسابات داخلية تتعلق برغبة الحزب كسب املزيد‬ ‫من أصوات التيارات اإلسالمية املعادية لسوريا‬ ‫واملتحالفة مع اإلخوان املسلمني يف االنتخابات‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫تركيا يف دعمها املعارضة‬ ‫السورية تع ّرض عالقاتها‬ ‫وكل اسرتاتيجيتها‬ ‫«العميقة» لالنكسار‬ ‫وتواجه امتحاناً‬ ‫دقيقاً يف سياستها‬ ‫الخارجية‬ ‫النيابية التي ستجري يف ‪ 12‬حزيران املقبل‪ .‬وإذا‬ ‫كان يف ذلك جانب من الصحة‪ ،‬وال ميكن أن نفكر‬ ‫لحظة أنه كذلك‪ ،‬فإنه يعكس ال شك “خ ّفة” يف‬ ‫مقاربة قضية حساسة مثل العالقة مع سوريا‬ ‫وتعريضها للخطر من أجل حفنة أصوات من‬ ‫الناخبني‪.‬‬ ‫‪ -2‬التفسري الثاين‪ ،‬أن تركيا يف مواقفها‬ ‫املتتابعة والضاغطة‪ ،‬وال سيام مواقف اإلعالم‬ ‫اإلسالمي فيها‪ ،‬ليست منغلقة عىل التعاون مع‬ ‫أي نظام بديل قد ينشأ يف سوريا يف حال سقوط‬ ‫النظام الحايل‪ .‬واحتضان تركيا حركة اإلخوان‬ ‫املسلمني والتشهري اليومي لوسائل اإلعالم‬ ‫اإلسالمية املقربة من حزب العدالة والتنمية بـ‬ ‫“السلوك الدموي” للنظام السوري قد يفيض اىل‬ ‫االعتقاد باستعداد تركيا بل دعمها لنظام بديل‬ ‫يكون اإلخوان املسلمون فيه الركيزة األساسية‪.‬‬ ‫وهذا برأينا يشكل خطراً عىل مجمل سياسة‬ ‫تركيا يف املنطقة والعامل اإلسالمي‪ ،‬إذ سواء‬ ‫سقط النظام السوري أم ال‪ ،‬فإن صورة تركيا‬ ‫الحيادية من كل األطراف السياسية واملذهبية يف‬ ‫العامل العريب واإلسالمي ستنكرس‪ ،‬بل ستفتح‬ ‫التفسريات عىل وجود “أجندة رسية” لدى حزب‬ ‫العدالة والتنمية أساسها “عثامنية جديدة” ذات‬ ‫بعد مذهبي عكسه سلوك تريك ملتبس يف‬ ‫العراق واآلن تجاه سوريا‪ .‬وهذا ينعكس سلباً عىل‬ ‫مجمل الحضور والدور الرتيك الذي كانت الحيادية‬ ‫أساس قوته‪ .‬أما يف حال سقوط النظام السوري‬ ‫وعدم قدرة املعارضة السورية عىل إقامة نظام‬ ‫بديل ودخول سوريا يف مرحلة الفوىض والفتنة‬ ‫فإن مصالح تركيا ودورها وحضورها سيصبح يف‬ ‫خرب كان‪ .‬ويف جميع الحاالت فإن تركيا‪ ،‬وخالفاً‬ ‫ملا يتوهّ م بعض الرؤوس الحامية فيها‪ ،‬ستكون‬ ‫الخارسة‪.‬‬ ‫‪ -3‬أما التفسري الثالث‪ ،‬وقد ال يكون األخري‪،‬‬ ‫من وراء املواقف الرتكية السلبية من سوريا‬ ‫راس ِمي السياسة الخارجية يف تركيا‬ ‫فهو وقوع‬ ‫ِ‬ ‫يف “حسابات ورهانات غري دقيقة” يف كيفية‬ ‫التعاطي مع األحداث العربية عموماً‪ ،‬والسورية‬ ‫خصوصاً‪ .‬ولعل وهم فائض القوة هو واحد من‬ ‫السلوكيات غري الواقعية التي ال ميكن ألحد‬ ‫أن يتوقع أن يسقط فيها مهندسو السياسة‬

‫‪54‬‬

‫الخارجية الرتكية‪.‬‬ ‫إن أخطر ما ميكن أن تسفر عنه هذه “األخطاء‬ ‫العميقة” هو هذا االنكسار يف العالقة‬ ‫االسرتاتيجية بني أنقرة ودمشق (وحلفائها) والتي‬ ‫استغرقت جهوداً استثنائية لبنائها‪ ،‬واحتامالت‬ ‫العودة اىل مرحلة الشكوك وانعدام الثقة‬ ‫والتوترات التي كانت سائدة قبل عرش سنوات‪.‬‬ ‫ال ميكن التجاهل أو التعامي عن أن صورة تركيا‬ ‫السابقة التي كانت يف خط تصاعدي وإيجايب‬ ‫منذ مثاين سنوات وحتى اآلن قد أصابتها‬ ‫تش ّوهات وندوب‪ .‬كام أن هذه األخطاء العميقة‬ ‫قد نهشت من قوة الدور الرتيك وحضوره‪ .‬وما عاد‬ ‫ممكناً القول إن قواعد اللعبة بني تركيا واملنطقة‬ ‫ستبقى عىل حالها‪ ،‬ومل تعد األسس التي‬ ‫قامت عليها الرشاكة الرتكية ‪ -‬السورية صالحة‬ ‫للمرحلة املقبلة مهام كانت نتائج التطورات يف‬ ‫سوريا‪ ،‬ألن الرهان الرتيك فشل حتى اآلن‪.‬‬ ‫بعد احتضان أنقرة لسلسة من مؤمترات‬ ‫املعارضة السورية ‪ ..‬مؤمتر أنطاليا‪ ،‬مؤمتر علامء‬ ‫املسلمني‪ ،‬مؤمتر اإلنقاذ الوطني‪ ،‬انتقلت تركيا‬ ‫إىل مرحلة جدُ خطرية وهي الدخول مبارشة‬ ‫كطرف يف األزمة يف سوريا عرب اإلعالن عن دورة‬ ‫متطورة لتدريب ناشطني سوريني من الداخل‬ ‫والخارج عىل أجهزة اتصال حديثة ترتبط‬ ‫باألقامر الصناعية مبارشة بانتظار إدخالها‬ ‫إىل سوريا واستعاملها خالل الفرتة القادمة‪،‬‬ ‫كيف تقيمون هذا األمر؟‬ ‫شكل االحتضان الرتيك للمعارضة السورية‬ ‫مساً بحساسية سورية‬ ‫وحركة االخوان املسلمني ّ‬ ‫داخلية عميقة‪ ،‬وتدخ ًال مبارشاً بالشأن السوري‬ ‫الداخيل‪ ،‬متاماً كام لو تبادر سوريا مثال اىل‬ ‫استضافة مسؤويل حزب العامل الكردستاين‬ ‫يف دمشق ليعلنوا مواقف معادية لرتكيا‪ ،‬فام‬ ‫الذي كان سيكون عليه املوقف الرتيك؟ لسنا‬ ‫بحاجة إىل إجابة ففي‪ ،‬العام ‪ 1998‬كادت تركيا‬ ‫تشن حرباً عىل سوريا بسبب وجود عبد الله‬ ‫أوجالن فيها‪.‬‬ ‫بالتوازنات‬ ‫الرتيك‬ ‫“التالعب”‬ ‫وتعدى‬ ‫والحساسيات السورية الداخلية من خالل الغمز‬ ‫العلني من قناة التاميز السني العلوي يف‬ ‫سوريا‪ ،‬كام أن املسؤولني األتراك يكررون كثرياً‪،‬‬ ‫ويومياً الخشية من الفتنة السنية – العلوية‪،‬‬ ‫ومن تقسيم سوريا وتفتيتها‪ ،‬كام ورد مراراً يف‬ ‫ترصيحات أردوغان بحيث بدت التحذيرات اليومية‬ ‫من وقوع الفنت والتقسيم كام لو أنها ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحض‬ ‫حث‬ ‫عىل وقوعها‪ ،‬يف حني أن األمور ليست مطروحة‬ ‫بهذا الشكل يف سوريا ال من قبل النظام وال من‬ ‫قبل املعارضة‪.‬‬ ‫كذلك كانت اإلثارات اإلعالمية الرتكية عن‬ ‫استكامل االستعدادات عىل الحدود الرتكية‬ ‫السورية‪ ،‬وال سيام يف انطاكية وماردين‪،‬‬ ‫ملواجهة موجات نازحني محتملة من سوريا‪ ،‬ومل‬ ‫تكن هناك بعد أية مظاهر ملثل هذا االحتامل‪،‬‬ ‫كام لو أنها تحريض للسوريني عىل النزوح‬ ‫واستخدام النازحني ورقة ضد النظام يف سوريا‪،‬‬ ‫وإظهار النظام أنه ال يكتفي بقتل املواطنني‬ ‫يهجرهم‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬وبرغم ميض أكرث من‬ ‫بل ّ‬

‫شهر ونصف عىل بدء االضطرابات يف سوريا‪،‬‬ ‫التزال الخيم التي أعدّها الهالل األحمر الرتيك‬ ‫فارغة تنتظر من يرتادها‪ .‬ال شك يف أن هناك‬ ‫مشكلة كبرية يف سوريا تتعلق برضوة اإلصالح‪،‬‬ ‫تخص السوريني‪،‬‬ ‫لكن هذه املشكلة يف النهاية‬ ‫ّ‬ ‫وهي شأن داخيل مهام كانت الظروف‪ ،‬ألن الخوف‬ ‫مربر ومرشوع من أن يكون اعتبار أردوغان األزمة‬ ‫يف سوريا “شأناً داخلياً تركياً” ذريعة للتدخل‬ ‫الفعيل يف الشأن الداخيل السوري وليس‬ ‫املساعدة عىل إيجاد حل موضوعي لألزمة‪،‬‬ ‫وهذا يفتح بدعة جديدة‪ ،‬بل قواعد جديدة‪ ،‬يف‬ ‫العالقات بني الدول بحيث ال ميكن لرتكيا أيضاً‬ ‫أن تعفي نفسها من تدخل اآلخرين يف شؤونها‬ ‫عىل اعتبار أن ما يجري يف تركيا ميكن اعتباره‬ ‫أيضاً “شأناً داخلياً” لسوريا والعراق وحكومة‬ ‫كردستان العراق واليونان وروسيا وإيران وبلغاريا‬ ‫وأرمينيا وجورجيا وقربص اليونانية وهلم جرا‪.‬‬ ‫ويف النهاية فإن الذي يقرر مستقبل الشعب‬ ‫السوري هم السوريون أنفسهم وليس السفراء‬ ‫والقناصل وال العواصم القريبة او البعيدة‪ ،‬وهنا‬ ‫إذا اتفقت سوريا والواليات املتحدة عىل تسوية‬ ‫ما يف اليوم التايل تقف هذه التظاهرات يف‬ ‫سوريا ألنه يف النهاية الخالف ليس عىل مدى‬ ‫اإلصالح يف الداخل السوري ألن هناك إصالحات‬ ‫وإن كانت غري كافية لكن أيضاً هذا الكم من‬ ‫االحتجاج واالستمرار بهذه الطريقة والقول‬ ‫أن كل خطوة إصالحية يف الداخل غري كافية‬ ‫ونطالب بإسقاط النظام هذا يعكس سيناريو‬ ‫إقليمي دويل وليس مجرد شأن داخيل بني النظام‬ ‫واملعارضة يف الداخل السوري‪.‬‬ ‫هدّدت تركيا يف مرحلة باستخدام القوة‬ ‫ضد سوريا‪ ،‬فهل تلجأ اىل عملية عسكرية‪،‬‬ ‫ال سيام بعد وصول القوات السورية اىل بعد‬ ‫أمتار من حدودها‪ ،‬وهل من رادع مينعها من‬ ‫تنفيذ تهديدها‪ ،‬وهل العامل اإليراين ما مينع‬ ‫ذلك‪ ،‬أم الوجود العلوي يف تركيا‪ ،‬والخوف من‬ ‫تحرك كردي؟‬ ‫ال شك أن املوقف اإليراين كان حاس ًام بالنسبة‬ ‫للموقف الرتيك من سوريا مبعنى أن إيران أبلغت‬ ‫تركيا بأن سوريا خط أحمر‪ ،‬وبالتايل كان هذا األمر‬ ‫أحد عوامل الضغط عىل تركيا رمبا ملنع تصعيد‬ ‫مواقفها يف اتجاه أعىل‪.‬‬ ‫لكن أي مشاركة تركية يف أي عمل عسكري‬ ‫مهام كان نوعه سواء مبفرده أو يف ظل األمم‬ ‫املتحدة يتعلق باألرايض السورية مبعزل عن‬ ‫النظام القائم يف دمشق إن كان النظام الحايل أو‬ ‫غريه هو عمل يحمل من األخطار والتداعيات مبا‬ ‫ال تحمد عقباه والنتائج السلبية املادية واملعنوية‬ ‫عىل العالقات ليس فقط بني سوريا وتركيا بل‬ ‫بني الشعبني العريب والرتيك‪ ،‬ألن املسألة ليست‬ ‫فقط مسألة مادية عىل األرض أو احتالل أو‬ ‫سيطرة بل هي تذكري و نكئ الجراح التي بقيت‬ ‫مفتوحة عىل مدى قرن كامل منذ انتهاء الحرب‬ ‫العاملية األوىل‪ ،‬ومنذ ثورة الرشيف حسني وحتى‬ ‫اآلن‪ ،‬وهذا األمر يجب أن يؤخذ بعني االعتبار كام‬ ‫يجب أن ين ّبه األتراك ذلك‪.‬‬ ‫هذا من جهة ومن جهة أخرى عىل صعيد‬ ‫حسابات الدول‪ ،‬أعتقد أن تركيا عىل استعداد‬

‫لالنفالت العسكري ضد سوريا من خالل خيارين‪:‬‬ ‫األول يف حال ظهور سيناريو ليبي عرب قرارات‬ ‫مجلس األمن وتخويل الدول بفرض حظر طريان‬ ‫مث ًال عىل سوريا أو تدخل عسكري وما اىل ذلك‪،‬‬ ‫ممكن لرتكيا أن تكون رشيكة يف هذه القوات‬ ‫ألن الضغوط األمريكية كبرية عىل تركيا وهي‬ ‫مقتنعة بهذا السياق ولكن هذا مل يحدث حتى‬ ‫اآلن‪ .‬الخيار الثالث هو أن تتدخل تركيا يف سوريا‬ ‫مبعزل عن قرارات مجلس األمن‪ ،‬لكن ذلك األمر‬ ‫مرشوط بعامل رئييس وهو حصول فوىض يف‬ ‫سوريا اىل درجة التس ّيب ويف هذه الحال تركيا‬ ‫تتخ ّوف من ظهور رشيط كردي يف شامل‬ ‫سوريا قد ميتد اىل البحر املتوسط وهو لن يكون‬ ‫معزوالً أو مبهم عىل املواقف الكردية األخرى‬ ‫يف تركيا ويف شامل عراق وبالتايل هذا املمر‬ ‫الكردي الذي يبدأ يف شامل العراق ومير يف جنوب‬ ‫تركيا ويف شامل سوريا سيش ّكل خطراً ليس‬ ‫عىل وحدة األرايض الرتكية فقط بل أيضاً عىل‬ ‫مجمل الجغرافيا السياسية لرتكيا ألن مثل هذا‬ ‫الرشيط الكردي إذا أضفنا إليه أيضاً الرشيط‬ ‫الكردي يف إيران هذا يعني أن تركيا ستنعزل‬ ‫كلياً عن العامل العريب وحتى العامل اإلسالمي‬ ‫وهذا يرسم خريطة جديدة ليس فقط جغرافياً‬ ‫بل حضارياً‪ ،‬بحيث هناك هوية كردية تعزل بني‬ ‫الهوية الرتكية وتلك العربية واإليرانية‪ ،‬ويف‬ ‫حال حصول بوادر عىل اقرتاب مثل هذه الفوىض‬ ‫أعتقد بأن تركيا ستقوم بالتدخل العسكري من‬ ‫طرف واحد ملنع حصول مثل هذا املمر الكردي‬ ‫وهذا يتطلب مبدئياً احتالل شامل سوريا ملنع‬ ‫نشوء هذا الرشيط الكردي‪.‬‬

‫تركيا‪ :‬دميوقراطية العسكر‬

‫ ‬ ‫كيف تنظرون اىل االستقالة الجامعية لقادة‬ ‫القوات املسلحة يف تركيا؟ وهل ميكن القول‬ ‫إن السلطة العسكرية استسلمت لحزب‬

‫اإلحتضان الرتيك للمعارضة‬ ‫السورية وحركة اإلخوان‬ ‫مس بحساسية‬ ‫املسلمني ّ‬ ‫سورية داخلية عميقة‪ ،‬وتدخ ًال‬ ‫مبارشاً بالشأن السوري‬ ‫الداخيل‬ ‫َمن يق ّرر مستقبل الشعب‬ ‫السوري هم السوريون‬ ‫أنفسهم وليس السفراء‬ ‫والقناصل وال العواصم‬ ‫القريبة أو البعيدة‬

‫‪55‬‬

‫“العدالة والتنمية” الحاكم؟ وهل ميكن اعتبار‬ ‫تركيا يف أزمة بعد استقالة هؤالء القادة‪ ،‬ما‬ ‫يؤدي اىل انقالب عسكري ما يف تركيا‪ ،‬أم عىل‬ ‫العكس هذا األمر يعزز املوقف الرتيك ما يجعل‬ ‫تركيا تتغلغل أكرث فأكرث يف االتحاد األورويب؟‬ ‫مل تكن االستقالة الجامعية لقادة القوات‬ ‫املسلحة يف تركيا مفاجئة‪ ،‬برغم كل ما أحيط‬ ‫بها من هالة‪ ،‬كام لو أن هناك حدثاً جلال قد‬ ‫حصل‪.‬‬ ‫بل أكرث من ذلك‪ ،‬فإن انسحاب الجرناالت بهذه‬ ‫الطريقة يؤكد أن الدميوقراطية التي ترتسخ‬ ‫شيئاً فشيئاً يف تركيا قد طاولت بعدواها‬ ‫الطبقة العسكرية أيضاً‪ ،‬وهذا أهم من مامرستها‬ ‫حتى بني الطبقة السياسية نفسها‪.‬‬ ‫بهذه االستقالة تخ ّلصت حكومة حزب‬ ‫العدالة والتنمية من حيث مل تتوقع من جيل‬ ‫من الحرس العسكري القديم‪ .‬وهو ما يوفر فرصة‬ ‫ذهبية ليك تعني الحكومة عرب اجتامعات الشورى‬ ‫العسكرية قادة جدداً “ميزتهم” األساسية أنهم‬ ‫أكرث والء و”طاعة” للسلطة السياسية‪.‬‬ ‫من الواضح أن السلطة السياسية كانت‬ ‫مصممة عىل أن متارس دورها يف أنها هي ممثلة‬ ‫لإلرادة الشعبية‪ .‬وحني يكون هناك جرناالت‬ ‫متهمون بالعمل عىل انقالبات ومؤامرات وتجاوز‬ ‫القانون فال ميكن التساهل يف ذلك‪.‬‬ ‫بني اإلرادتني الشعبية والعسكرية فإن الغلبة‬ ‫لألوىل‪ .‬لذلك كان أمام رئيس األركان ايشيك‬ ‫كوشانري ورفاقه إما االنصياع لإلرادة السياسية‬ ‫وإبقاء الجرناالت املعتقلني يف السجن وعدم‬ ‫ترقيتهم‪ ،‬وعددهم ‪ 44‬جرناالً وأمرياالً وما يزيد‬ ‫عىل ‪ 60‬من رتب أقل‪ ،‬وإما االستقالة صوناً‬ ‫لقناعات يحملونها‪.‬‬ ‫مل تكن االستقاالت مفاجئة ألن نظام الوصاية‬ ‫العسكرية انتهى يف ‪ 12‬أيلول املايض‪ ،‬عندما‬ ‫طرح عىل استفتاء شعبي ما ميكن اعتباره أهم‬ ‫حدث يف العقود املاضية‪ ،‬وهو إمكانية محاكمة‬ ‫عسكريني أمام محاكم مدنية‪ .‬وبذلك أمكن‬ ‫اعتقال العرشات من الضباط‪ ،‬وهم يف الخدمة‬ ‫العسكرية بعد ثبوت قرائن عىل تورطهم‬ ‫بعمليات تآمر عىل الحكومة والتحريض عىل‬ ‫القتل وما شابه‪.‬‬ ‫ومع أنه توجد يف الدستور والقوانني مواد‬ ‫تعطي الجيش مهام سياسية خطرية‪ ،‬غري‬ ‫أنها أصبحت بحكم املعطلة بفعل تعديالت‬ ‫‪ 12‬أيلول وبفعل اإلرادة الشعبية‪ .‬ال تزال هناك‬ ‫املادة ‪ 35‬واملادة ‪ 85‬من نظام الخدمات الداخلية‬ ‫للجيش‪ ،‬التي تعطي الجيش حق التدخل وبالقوة‬ ‫العسكرية لحامية الجمهورية والعلامنية من أي‬ ‫خطر‪ .‬ومبوجب هاتني املادتني أعطى الجيش لنفسه‬ ‫مربراً ثالثة انقالبات عسكرية سابقة‪ .‬إلغاء هاتني‬ ‫املادتني مسألة وقت وينتظر إعداد دستور جديد‪.‬‬ ‫بهذه االستقاالت أعلنت السلطة العسكرية‬ ‫استسالمها أمام السلطة السياسية‪ ،‬وهذا يعزز‬ ‫صورة تركيا الدميوقراطية الباحثة عن طريق إىل‬ ‫االتحاد األورويب الذي عبرّ مسؤولوه عن ترحيبهم‬ ‫بالخطوة العسكرية الرتكية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬ليديا ابودرغم‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب دويل‬

‫الدور التركي الجديد إلعادة تصميم الشرق األوسط!‬ ‫التوافق مع السياسات األميركية في المنطقة‬ ‫تعد تركيا أكرث الدول اإلقليمية الالعبة عىل‬ ‫مرسح األحداث يف املنطقة واألسباب التي‬ ‫تدعوها للتحرك كثرية وأحياناً تبدو متناقضة‪،‬‬ ‫ومن خالل التعاون الوثيق مع الواليات املتحدة‪،‬‬ ‫وكونها عضواً يف حلف شامل األطليس (الناتو)‪،‬‬ ‫وهي الرغبة يف اإلنضامم اىل االتحاد األورويب‪،‬‬ ‫وبذلت جهودها الحثيثة من أجل تلبية رشوط‬ ‫اإلنضامم خالل املرحلة الزمنية السابقة‪.‬‬ ‫ويف اللحظة املناسبة التقطت تركيا فرصتها‬ ‫االقتصادية‬ ‫إمكانياتها‬ ‫وعرضت‬ ‫السانحة‬ ‫والعسكرية يف خدمة الدور التي أعدته‬ ‫بالتخطيط والتنسيق الوثيق مع الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية ومساعدة بعض الدول الغربية‪ ،‬وتدّعي‬ ‫أنها جاهزة لتعبئة الفراغ الناشئ يف املنطقة‬ ‫بعد تشتّت القوة العسكرية األمريكية يف أماكن‬ ‫عديدة من العامل‪ ،‬يف أفغانستان والعراق وليبيا‬ ‫ويف قواعد ثابتة ومتحركة يف الخليج والبحر‬ ‫املتوسط ويف تركيا ذاتها‪ ،‬بحيث باتت إدارة الحروب‬ ‫مكلفة مادياً وبرشياً‪ ،‬ويف ظل التحديات املاثلة‬ ‫يف املنطقة والتحوالت الجارية يف عاملنا العريب‪،‬‬ ‫كان ال بد من إعادة التموضع من جديد واللجوء‬ ‫اىل القوى االحتياطية للرأساملية العاملية‪.‬‬ ‫واختريت تركيا للقيام بدور ما يف املنطقة‬ ‫بسبب االرتباط الجغرايف والتاريخي والبعد‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬وهو ما يسمح لها للقيام بدور يحفظ‬ ‫املصالح األمريكية يف املنطقة ويؤهلها لتكون‬ ‫القوة اإلقليمية املرشعنة بالدعم األمرييك‬ ‫والغريب عموماً‪.‬‬ ‫من هنا لجأت القيادة السياسية يف تركيا‬ ‫بزعامة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان اىل‬ ‫جملة من التحضريات الداخلية والخارجية‬ ‫بدأتها بعد نتائج االنتخابات الربملانية األخرية‪،‬‬ ‫واستطاعت خالل وقت قصري نسبياً تهيئة‬ ‫الساحة الداخلية والتخلص من بعض رموز‬ ‫النظام السابق التي شهدت سيطرة الجيش‬ ‫الرتيك عىل مركز القرار خالل الحقبة املاضية‪.‬‬ ‫ويف ضوء األحداث والتحوالت أيضاً‪ ،‬أصبحت‬ ‫تركيا املر ّوج األول “لإلصالح” يف املنطقة وفق‬ ‫منوذجها الخاص‪ ،‬حيث مت ّكنت من احتواء من سموا‬ ‫وتم إخضاعهم‬ ‫أنفسهم بـ “املعارضة السورية”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لألجندة الرتكية املعدة سلفاً‪ ،‬وبدأت يف اختالق‬ ‫الذرائع والحجج الواهية لتعظيم دورها اإلقليمي‬ ‫يف املنطقة وركوب موجة األحداث التي حصلت‬ ‫يف سوريا وعدد من البلدان العربية‪ ،‬وهي ترص‬ ‫عىل طرح منوذجها الخاص كقوة إقليمية مقررة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بزي إسالمي وعقل استعامري متغطرس يحلم‬ ‫بالعودة اىل املايض العثامين بنسخة معدلة‪.‬‬ ‫وتبدو تركيا اليوم‪ ،‬وكأنها تجيد اللعب عىل‬ ‫التناقضات أو غدت العباً انتهازياً بعد أن كانت‬ ‫تفضل األوضاع الراهنة وأطلقت نظرية “صفر‬ ‫املشاكل” يك تتم ّكن من غرس أنيابها يف الجسد‬ ‫العريب باسم “اإلسالم” واإلصالح والدميقراطية‪،‬‬ ‫وهي تندفع اليوم بقوة وغطرسة غري معهودة‪،‬‬ ‫بعد أن رأت فراغاً ناشئاً عن فشل الحروب األمريكية‬ ‫واألزمة املالية املتفاقمة بنتيجتها‪ ،‬وأمام ضعف‬ ‫النظام الرسمي العريب يف معظمه وخاصة لدى‬ ‫عرب “االعتدال” تأمل تركيا يف أن متأل الفراغ مبزيج‬ ‫من الدبلوماسية والتجارة والقوة العسكرية‬ ‫واإلعالم‪.‬‬

‫مرشوع العثامنية الجديدة‬ ‫ومنذ مجيء حزب “العدالة والتنمية” اىل‬ ‫سدة الحكم‪ ،‬كانت هناك توقعات بأن لدى رجب‬ ‫طيب أردوغان الذي قاد اإلسالميني يف تركيا‪،‬‬ ‫أجندة رسية تهدف اىل إيجاد دولة دينية بقبعة‬ ‫بدالً من العاممة‪ ،‬ومن املفرتض أن يساعد تاريخ‬ ‫أردوغان اإلسالمي عىل إعادة إحياء االمرباطورية‬ ‫العثامنية‪ ،‬وبالتايل فإن الظهور كإسالمي جديد‬ ‫ال يزيد عن كونه وجهاً لإلديولوجية العثامنية‬

‫‪56‬‬

‫الجديدة‪ ،‬وقد ظهرت ملحة عن ذلك يف الخطاب الذي‬ ‫ألقاه أردوغان بعد فوز حزبه يف االنتخابات‪ ،‬وزعم‬ ‫أن فوز حزب “العدالة والتنمية” يحتفى به يف‬ ‫جميع أنحاء شامل إفريقيا ودول البلقان والرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬أي يف جميع املناطق التي كانت جز ًءا‬ ‫من االمرباطورية العثامنية‪.‬‬ ‫وتقوم تركيا بتعزيز وجودها االقتصادي يف‬ ‫معظم هذه املناطق‪ ،‬حيث يقدر حجم االستثامر‬ ‫الرتيك يف الرشق األوسط ودول البلقان وشامل‬ ‫إفريقيا بنحو ‪ 100‬مليار دوالر‪ ،‬وتعد تركيا املستثمر‬ ‫األجنبي األول يف الدول املذكورة واملنطقة‪ ،‬وقد‬ ‫نشطت البنوك الرتكية واملتعهدون األتراك يف‬ ‫جميع أنحاء املنطقة ملدة تزيد عن عرشين عاماً‪.‬‬ ‫وسوف يلبي مرشوع العثامنية الجديدة‬ ‫احتياجات تركية يف بعض املجاالت‪ ،‬ومع تحطم‬ ‫آمالها يف االنضامم اىل االتحاد األورويب‪ ،‬فقد‬ ‫وجدت أنقرة مجاالً جديداً لسياساتها الخارجية‬ ‫يف الرشق األوسط ودول البلقان‪ ،‬ومن املمكن أن‬ ‫متتص املنطقة تلك الفائض الدميغرايف الرتيك‬ ‫الذي ذهب بصورة تقليدية اىل غرب أوروبا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويخطط أردوغان من أجل ضامن بقائه يف‬ ‫السلطة ملدة ال تقل عن عرش سنوات‪ ،‬وهو‬ ‫يحاول التأكد من تحقيق ذلك من خالل تغيري‬ ‫الدستور الرتيك إلنشاء نظام رئايس بدالً من‬ ‫النظام االنتخايب القائم‪ ،‬ويف هذا النظام ميكن‬

‫ألردوغان أن يشغل منصب الرئيس ملدة ال تقل عن‬ ‫فرتتني ومدة كل فرتة خمس سنوات وبإضافة‬ ‫فرتة رئاسته للوزراء الحالية‪ ،‬فإنه رمبا يرتبع أردوغان‬ ‫عىل قمة تركيا حتى عام ‪.2026‬‬ ‫ويهدف أردوغان اىل إضعاف املؤسسة‬ ‫العسكرية‪ ،‬وهي آخر مؤسسة مازالت قادرة‬ ‫عىل تحدي سيطرة الرئيس عىل السلطة يف‬ ‫املستقبل‪ ،‬وقد حدثت خطوة هامة يف هذا‬ ‫االتجاه عندما قام رئيس األركان الرتيك الجرنال‬ ‫أسيك كوسانري وقائد القوات الربية الجرنال إردال‬ ‫جيالن أوغلو وقائد القوات البحرية أرشف أوغور‬ ‫يغيت وقائد القوات الجوية حسن أكساي بتقديم‬ ‫استقاالتهم‪ ،‬ومن خالل هذه الخطوة متكن أردوغان‬ ‫من تشكيل قيادة عليا جديدة يرأسها الجرنال‬ ‫نجدت أوزال قائد الرشطة العسكرية السابق‪،‬‬ ‫وهؤالء الضباط من املتعاطفني مع مرشوع‬ ‫العثامنية الجديدة‪.‬‬ ‫ويف ظل النظام العلامين الذي تتبعه تركيا‪،‬‬ ‫تسيطر الحكومة عىل املساجد وغريها من‬ ‫املؤسسات الدينية‪ ،‬وسيعمل هذا عىل تسهيل‬ ‫عملية إحياء النظام العثامين الذي يكون فيه‬ ‫الحاكم هو السلطان والخليفة يف الوقت نفسه‪.‬‬ ‫املشكلة الرئيسية أمام أردوغان يف أن مرشوع‬ ‫العثامنية الجديدة ال يروق ألغلب األتراك‪ ،‬وقد‬ ‫فشل حزب “العدالة والتنمية” عىل مدى ثالث‬ ‫دورات انتخابية متتابعة يف أن يضمن لنفسه‬ ‫نصف عدد الناخبني‪ ،‬ويف جميع الحاالت يرجح‬ ‫فوزه بصورة جزئية نتيجة لقوانني االنتخابات‬ ‫الغامضة‪.‬‬ ‫طموحات أردوغان كبرية وهي ال تتناسب مع‬ ‫القدرات الحقيقية لبالده وتطلعات شعبه‪ ،‬فال‬ ‫ميكن لرتكيا أن تتحول اىل امرباطورية بأي شكل‬ ‫من األشكال وال يرغب أغلب األتراك بذلك ألنه‬ ‫يعني ظهور نظام استبدادي‪ ،‬وال ميكن للوكيل‬ ‫أن ينجح يف تحقيق ما فشل يف إنجازه “األصيل”‪،‬‬ ‫والرتاجع األمرييك مستمر يف أكرث من مكان‬ ‫يف العامل‪ ،‬واألزمات املالية هي مؤرش واضح‬ ‫ملدى الخسارة التي قادت اليها حروب االمرباطورية‬ ‫األمريكية‪.‬‬

‫املؤسسة العسكرية تستسلم‬ ‫أمام املؤسسة السياسية‬ ‫قدم أعضاء القيادة العسكرية للجيش‬ ‫الرتيك استقاالتهم (يوم ‪ )2011/7/29‬يف‬ ‫خطوة غري مسبوقة عكست حجم التوتر بني‬ ‫املؤسستني العسكرية والسياسية‪ ،‬وسط خالف‬ ‫مع الحكومة حول ترقية جرناالت معتقلني بتهم‬ ‫التآمر‪ ،‬وكانت السلطات الرتكية قد اعتقلت ‪42‬‬ ‫جرناالً يف إطار التحقيق مبؤامرة يشتبه يف أنها‬ ‫كانت تهدف اىل إطاحة حكومة أردوغان‪.‬‬ ‫وبهذه االستقاالت تكون السلطة العسكرية‬

‫كام لو أنها اعلنت استسالمها أمام السلطة‬ ‫السياسية‪ ،‬وهذا يعزز صورة تركيا الدميقراطية‬ ‫الباحثة عن طريق اىل االتحاد األورويب‪ ،‬الذي عبرّ‬ ‫مسؤولوه عن ترحيبهم بالخطوة الرتكية‪.‬‬ ‫وحسب مراقبني فقد حسم مشهد ترؤس‬ ‫رجب طيب أردوغان اجتامع املجلس العسكري‬ ‫األعىل (‪ )2011/8/1‬للمرة األوىل من دون رشيك‬ ‫عسكري‪ ،‬مستقبل العالقة بني الحكومة‬ ‫والجيش الرتكيني‪ ،‬وصورة أردوغان واىل ميينه قائد‬ ‫القوات الربية الجديد الجرنال نجدت أوزال والرئيس‬ ‫الجديد لألركان‪ ،‬واىل يساره وزير الدفاع عصمت‬ ‫يلامز‪ ،‬عكست بدء عهد جديد من العالقة بني‬ ‫املؤسستني العسكرية واملدنية‪.‬‬ ‫ويرى املراقبون أن سيطرة أردوغان عىل الجيش‬ ‫ووضع أوزال يف رئاسة األركان من شأنه أن يدعم‬ ‫ويسهل عىل الحكومة مناقشة صوغ دستور‬ ‫جديد لرتكيا‪ ،‬عىل نحو أكرث حرية خالل الفرتة‬ ‫املقبلة‪ ،‬حيث ينوي رئيس الوزراء تحجيم دور الجيش‬ ‫مؤسساتياً من خالل الدستور الجديد‪ ،‬وتحديد‬ ‫مهامته يف الدفاع عن الوطن ومنعه من التدخل‬ ‫يف الشؤون السياسية‪ ،‬إضافة اىل تحويله جيشاً‬ ‫محرتفاً‪.‬‬ ‫ومثة من يرى بأن استقاالت الجرناالت مل‬ ‫تكن مفاجئة ألن سيطرة املؤسسة العسكرية‬ ‫انتهت تقريباً منذ أيلول املايض ‪ ،2010‬عندما تم‬ ‫طرح التعديالت الدستورية يف استفتاء شعبي‬ ‫عام‪ ،‬وهو ما م ّكن من محاكمة عسكريني أمام‬ ‫محاكم مدنية‪ ،‬وبذلك أمكن اعتقال العرشات‬ ‫من الضباط وهم يف الخدمة العسكرية بعد‬ ‫ثبوت قرائن عىل تورطهم بعمليات تآمر عىل‬ ‫الحكومة‪.‬‬ ‫أما املواد التي مازالت موجودة يف الدستور والتي‬ ‫تعطي الجيش حق التدخل وبالقوة العسكرية‬ ‫لحامية الجمهورية والعلامنية من أي خطر‪ ،‬فريى‬ ‫مراقبون أن إلغاء مثل هذه املواد هو مسألة وقت‬ ‫يف انتظار إعداد دستور جديد للبالد‪.‬‬ ‫خالصة الجولة األخرية من معركة الجيش مع‬ ‫السلطة السياسية هي أن من ميلك اليد العليا‬ ‫يف هذه البالد هو من يفوز يف صناديق االقرتاع‪،‬‬ ‫إنه انتصار للدميقراطية يف بلد ك ّرس الجيش‬ ‫نفسه عىل أنه ليس حامي األمة‪ ،‬بل حامي‬ ‫إيديولوجية قومية متطرفة‪ ،‬ويف “تركيا الجديدة”‬ ‫الجيش سقط بالرضبة القاضية أمام السلطة‬

‫‪57‬‬

‫املنتخبة دميوقراطياً‪.‬‬ ‫وتعهد أردوغان بامليض قدماً يف خطط وضع‬ ‫دستور جديد للبالد‪ ،‬دميقراطي وليربايل من دون‬ ‫عيوب ويلبي احتياجات اليوم‪ ،‬وقال‪“ ،‬تركيا ال‬ ‫تستطيع امليض قدماً يف مسارها بدستور أعد‬ ‫يف ظروف استثنائية يف وقت كانت الدميقراطية‬ ‫مهمشة‪ ،‬وحقق أردوغان نرصاً أكيداً عىل‬ ‫املؤسسة العسكرية عرب دفع قادتها األتاتوركيني‬ ‫اىل االستقالة ونقل البالد اىل مرحلة جديدة‬ ‫بدأت مالمحها تتضح‪ ،‬رغم أن الجدل مازال يتناول‬ ‫هدف زعيم حزب “العدالة والتنمية”‪.‬‬ ‫والحجة السياسية التي يقدمها أردوغان وحزبه‬ ‫إلخضاع املؤسسة العسكرية بعد القضائية‬ ‫للسلطة السياسية تتصل مبعنى املامرسة‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬وبامللف الرتيك للتأهل لدخول‬ ‫االتحاد األورويب‪ ،‬وتنظر واشنطن يف ظل إدارتها‬ ‫الحالية بارتياح كبري اىل نجاح التجربة اإلسالمية‬ ‫الرتكية وتعتربها منوذجاً يف البلدان اإلسالمية‬ ‫من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى تعترب واشنطن من‬ ‫أشد املتحمسني لنيل تركيا عضوية االتحاد‬ ‫األورويب‪ ،‬وهي تدعم كل خطوات أردوغان املسهلة‬ ‫لهذه العملية‪ ،‬ومنها كبح طموحات املؤسسة‬ ‫العسكرية الرتكية‪.‬‬ ‫ويطرح السؤال عن النيات الفعلية ألردوغان؟‬ ‫الذي مل يتطرق خطابه العلني إال اىل إصالحات‬ ‫وتعديالت دستورية وقوانني‪ ،‬من أجل تثبيت‬ ‫الدميقراطية‪ ،‬وإخضاع الجمهورية اىل إدارة‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫ويعتقد بأن أردوغان يراوح بني مرشوعني‬ ‫شخيص وإسالمي‪ :‬املرشوع الشخيص يصب‬ ‫يف تحويل نظام الحكم اىل جمهوري بحيث‬ ‫يتوىل رئيس الجمهورية‪ ،‬بعد توسيع صالحياته‬ ‫مهامت الحكومة وقيادة الدولة‪ ،‬عىل غرار النظام‬ ‫األمرييك‪ ،‬ويشتبه كرث بأن طموح أردوغان هو‬ ‫الفوز بغالبية الثلثني يف االنتخابات الربملانية‬ ‫املقبلة فيعدل الدستور يف هذا االتجاه‪ ،‬ويتوىل‬ ‫بعدها رئاسة الجمهورية ليصبح الرئيس الثاين‬ ‫بعد أتاتورك‪ ،‬تسمح له بصالحيات واسعة تتيح‬ ‫التخلص من الوطأة التاريخية ملؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫لكن آخرون يشتبهون بأن هذا املسار الذي‬ ‫يسعى إليه أردوغان هدفه‪ ،‬عندما يصبح رئيساً‬ ‫واسع الصالحيات‪ ،‬نزع الطابع العلامين عن‬ ‫الدولة وإعادة اسلمة قوانينها‪ ،‬مبا يتوافق مع‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫منرب دويل‬ ‫الحلم والجذور التي استقاها من والده الروحي‬ ‫“اإلخواين” زعيم حزب “الرفاه” املنحل نجم الدين‬ ‫أربكان‪.‬‬ ‫ويقول إرسني كااليسيوغلو‪ ،‬أستاذ العلوم‬ ‫السياسية يف جامعة سابانجي‪“ :‬من يعتقدوا‬ ‫أن حزب العدالة والتنمية له أجندة دميقراطية‬ ‫يصفقوا له ويعتقدوا أننا نتحرك تجاه الدميقراطية‪،‬‬ ‫ويعتقد آخرون أن حزب “العدالة والتنمية” حزب‬ ‫محافظ آخر له أجندة محافظة ويحاول تعزيز‬ ‫السلطة يف شكل جديد للسلطوية أو حتى‬ ‫ديكتاتورية الفرد‪ ،‬يوجد انقسام يف اآلراء‪ ،‬بكل ما‬ ‫يف الكلمة من معانٍ ”‪.‬‬ ‫إن التحوالت التي تشهدها تركيا ال تعود فقط‬ ‫اىل وجود شخصية سياسية عىل غرار أردوغان‬ ‫مدعومة من حزب قوي وشعبية كاسحة‪ ،‬بل‬ ‫تعود اىل تبدل الظروف واملعطيات اإلقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬وأهمها تردي عالقة العسكر مع‬ ‫الواليات املتحدة التي كانت الراعية الرسمية له‪،‬‬ ‫إثر احتالل العراق والبدء مبحاولة تطبيق مرشوع‬ ‫الرشق األوسط الجديد الذي يتطلب أدوات جديدة‬ ‫وسياسات مختلفة متصلة بقوى سياسية‬ ‫محددة يف تركيا ويف املنطقة‪.‬‬

‫الدور الرتيك الجديد يف املنطقة‬ ‫يف تركيا ُسجلت مواقف وضعت الحراك‬ ‫الرتيك إزاء األزمة السورية‪ ،‬يف خانة اإلعداد‬ ‫الرتيك الستهداف دمشق‪ ،‬خدمة للسياسة‬ ‫“السالم‬ ‫حزب‬ ‫رئيس‬ ‫واتهم‬ ‫االمريكية‪،‬‬ ‫والدميقراطية” يف تركيا صالح الدين دميريتاش‬ ‫حكومة رجب طيب أردوغان بـ “أخذ تركيا نحو‬ ‫حرب مع سوريا”‪ ،‬واصفاً زيارة وزير الخارجية الرتيك‬ ‫أحمد داوود أوغلو اىل دمشف بأنه “اتجه اىل هناك‬ ‫بصفته سفرياً للواليات املتحدة ال لرتكيا”‪ ،‬وتوقع‬ ‫دميريتاش أن تفتح أنقرة مواجهة جديدة مع‬ ‫طهران فور االنتهاء من األزمة السورية‪.‬‬ ‫ورأى القائد العسكري لحزب العامل‬ ‫الكردستاين‪ ،‬مراد كرايالن‪“ :‬أن كالم أردوغان عن‬ ‫أن األحداث يف سوريا شأن داخيل تريك‪ ،‬هو‬ ‫خطاب تهديدي ويعطي إشارات اىل احتامل‬ ‫تدخل عسكري تريك يف سوريا”‪ ،‬وأن أردوغان‬ ‫الذي ينتقد النظام السوري‪ ،‬هو نفسه الذي قال‪:‬‬ ‫“إن القوات الرتكية ستفعل كل ما هو رضوري‬ ‫ضد املتظاهرين يف كردستان‪ ،‬حتى ولو كانوا‬ ‫من األطفال أو النساء”‪ ،‬وأن حديث أردوغان حول‬ ‫األوضاع يف سوريا يأيت يف إطار االتفاق األمرييك‬ ‫ الرتيك يف املنطقة‪ ،‬ألن حزب العدالة والتنمية‬‫يؤدي دوراً متوافقاً مع السياسات األمريكية يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬ويف هذا اإلطار يأيت التلميح بالتدخل‬ ‫العسكري‪.‬‬ ‫ويفضل كرايالن ما يسميه “االتفاق األمرييك‬ ‫– الرتيك” بالتأكيد إن “املشكلة ليست فقط‬ ‫سوريا‪ ،‬إذ أن الواليات املتحدة تريد إعادة تصميم‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫عىل‬

‫الرشق األوسط‬ ‫السيايس املعتدل”‪.‬‬ ‫ويرى كرايالن أن أنقرة تحاول “اإليحاء بأنها تدافع‬ ‫عن الحريات‪ ،‬وأنها ترفض العنف‪ ،‬وأنها تقف اىل‬ ‫جانب الشعب‪ ،‬لكن الالفت أن أردوغان هو نفسه‬ ‫الذي يقمع الشعب الكردي‪ ،‬وعندما يتعلق األمر‬ ‫بسوريا فلديهم خطط وحسابات أخرى‪ ،‬ورجح‬ ‫أن تكون شعوب املنطقة “قد بدأت تعي األهداف‬ ‫الحقيقية ألردوغان وحزب “العدالة والتنمية”‪،‬‬ ‫فهم يتبعون سياسة تصفري املشاكل مع الدول‬ ‫املجاورة‪ ،‬ولكن ماذا حصل اليوم لنجد هذا النوع‬ ‫من املشاكل مع سوريا؟”‪.‬‬ ‫زيارة وزير الخارجية الرتيك داوود أوغلو لدمشق‬ ‫شكلت عالمة فارقة يف األزمة الناشئة والعالقات‬ ‫املعقدة بني البلدين عىل خلفية “األحداث” يف‬ ‫سوريا‪ ،‬وخالل التمهيد لتلك الزيارة تم إطالق جمل‬ ‫لغوية تعني تصعيداً يف اللهجة الرتكية‪ ،‬من‬ ‫نوع “نفاذ الصرب” و”الفرصة األخرية” و”الحسم”‬ ‫ورسائل “أطلسية – تركية” ومغادرة تركيا دور‬ ‫الوسيط وصوالً اىل التهديد املبطن بالتدخل‬ ‫العسكري إذا لزم األمر‪ ،‬وتزامنت هذه الزيارة مع‬ ‫إطالق جوقة البالغات واملواقف الخليجية الرسمية‬ ‫من خالل “بيان” مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬وما‬ ‫تبعه من استدعاء السفري السعودي والبحريني‬ ‫والكويتي لدى دمشق‪ ،‬ويرى املراقبون‪ ،‬أن اإلفصاح‬ ‫النفطي العريب يف هذا التوقيت جعل املواقف‬ ‫الرسمية العربية أقرب اىل لعب دور “الكومبارس”‬ ‫السيايس والدبلومايس للدور الرتيك وما يعرب‬ ‫عنه من مواقف دولية‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من انشغال السلطة السياسية‬ ‫يف تركيا يف معركتها لكرس نفوذ املؤسسة‬ ‫العسكرية‪ ،‬فإن تغيري القيادة العسكرية القدمية‬ ‫بأخرى جديدة سيكون مناسبة ملراجعة القيادة‬ ‫الرتكية السياسية لسياستها تجاه سوريا‪ ،‬عىل‬ ‫قاعدة أن القيادة العسكرية الجديدة قد تكون‬ ‫أكرث انصياعاً للمخططات الرتكية تجاه سوريا‪،‬‬ ‫وتنقل صحيفة “ميللييت” يف مقالة كتبها‬

‫‪58‬‬

‫أساس‬

‫حكم‬

‫اإلسالم‬

‫الكاتب املعروف فكرت بيال‪ ،‬إن سوريا ستكون‬ ‫يف رأس املوضوعات التي ستبحثها الحكومة‬ ‫الرتكية مع رئاسة األركان الجديدة‪ ،‬ويذكر أن رئيس‬ ‫الحكومة رجب طيب أردوغان أعلن أن سوريا هي‬ ‫مسألة داخلية تركية سواء لجهة تداخل عالقات‬ ‫القرىب بني جانبي الحدود أو العالقات االقتصادية‬ ‫واالجتامعية الوثيقة بني البلدين‪ ،‬غري أن البعد‬ ‫األمني يبقى هو األساس يف االهتامم الرتيك‬ ‫بالوضع يف دمشق‪ ،‬حيث تشكل سوريا أهمية‬ ‫“مصريية” لرتكيا‪ ،‬وكام كانت تركيا حساسة‬ ‫جداً ملسألة وحدة أرايض العراق فهي عىل‬ ‫الدرجة نفسها بل أكرث بالنسبة لوحدة سوريا‪،‬‬ ‫وأن القلق الرتيك هو أن تتحول سوريا اىل عراق‬ ‫ثان‪ ،‬وأن القلق الرتيك األكرب هو أن يحصل تدخل‬ ‫دويل يفقد سيطرة دمشق عىل شامل سوريا‪،‬‬ ‫ويفتح الطريق أمام إقامة ممر كردي يبدأ من‬ ‫شامل العراق ومير عرب جنوب تركيا وشامل سوريا‬ ‫ويصل اىل البحر املتوسط‪ ،‬وهو ما سيمهد رسم‬ ‫خريطة املنطقة ويش ّكل خطورة بالغة عىل‬ ‫الجغرافيا السياسية لرتكيا‪.‬‬ ‫بدت تركيا خالل الشهر املنرصم عىل أهبة‬ ‫املبادرة اىل عمل نوعي يف عالقاتها مع سوريا‪،‬‬ ‫يف ضوء املواقف الحادة غري املسبوقة التي عرب‬ ‫عنها رئيس وزراء تركيا أردوغان‪ ،‬واعتربت يف نظر‬ ‫املقربني من حزب “العدالة والتنمية” بأنها “اإلنذار‬ ‫األخري” وأن “تركيا يتحتم عليها أن تقوم مبا يجب‬ ‫القيام به”‪ ،‬وكان الهدف من زيارة وزير الخارجية‬ ‫الرتيك أحمد داوود أوغلو اىل دمشق مبثابة القراءة‬ ‫األخرية التي سيبني عليها األتراك موقفهم‪،‬‬ ‫واعتربت حسب ترصيحات األتراك أنفسهم بأنها‬ ‫“رسالة حازمة”‪ ،‬ولكنه يف املقابل لقي رداً أكرث‬ ‫حزماً من جانب القيادة السورية كام يبدو‪ ،‬وكان‬ ‫لزيارة أوغلو وقعها‪ ،‬وقراءة ما بعدها يوحي مبا‬ ‫دار خالل مباحثاته يف دمشق التي رحبت دامئاً‬ ‫بالتشاور مع األصدقاء‪ ،‬ولكنها رفضت رفضاً‬ ‫قاطعاً طوال تاريخها محاوالت التدخل بشؤونها‬ ‫الداخلية من أي قوى إقليمية أو دولية كانت‪.‬‬ ‫الخطاب الذي يتبناه رئيس الحكومة الرتكية‬ ‫رجب طيب أردوغان هو استفزازي قياساً بكافة‬ ‫املعايري السياسية والدبلوماسية‪ ،‬وهو أيضاً‬ ‫حامل أوجه‪ ،‬وهو أيضاً خطاب تسويقي يحاول من‬ ‫خالله تلميع صورته يف العامل العريب واإلسالمي‪،‬‬ ‫وما قوله‪“ :‬إنه يقف دامئاً ضد الظلم أينام كان‪،‬‬ ‫وكفى أن تعيش منطقتنا مآيس”‪ ،‬سوى محاولة‬ ‫لخلط األمور يف األحداث التي تجري يف املنطقة‪.‬‬ ‫ونيس أردوغان أنه حليف اسرتاتيجي للكيان‬ ‫الصهيوين منذ عرشات السنوات‪ ،‬وكان األجدر به‬ ‫أن ينطق بكلمة حق عند سلطان جائر كحليفه‬ ‫الصهيوين أو سيده يف البيت األبيض األمرييك‬ ‫الذي أوكل إليه باملهمة الجديدة يف املنطقة بعد‬ ‫أن أعيته حروبه يف أفغانستان والعراق وليبيا‬ ‫وغريها وتركته أسرياً ملا فعلت يداه من حروب‪.‬‬

‫محمود صالح‬

‫حب ّ‬ ‫اإلطالع على األدب العربي‬ ‫د‪ .‬سرجون كرم ‪ :‬األلمان لديهم ّ‬ ‫الجامعة م ّمن هم يف السبعينات من عمرهم‪،‬‬ ‫إنها تلك البالد‪ ،‬التي تأخذ األدمغة‬ ‫ميلكون حب املعرفة واالطالع عىل األدب‬ ‫والعقول النيرّ ة من جهة‪ ،‬وهي بالدنا من‬ ‫العريب والعادات الرشقية بعدما يسمعونه –‬ ‫ّ‬ ‫تبث بسمومها وعدم‬ ‫جهة أخرى التي‬ ‫خطأ – عن إرهاب العرب خاصة مع حرشيتهم‬ ‫ومبدعيها‪.‬‬ ‫مثقفيها‬ ‫مستقبل‬ ‫مباالتها يف‬ ‫للتعرف عىل الدين اإلسالمي بعد أحداث ‪11‬‬ ‫هي إذاً ظروف أوجدتها األنظمة الجائرة –‬ ‫سبتمرب‪.‬‬ ‫الطائفية‪ ،‬فجعلت منهم عقوالً فاعلة‬ ‫تحضرّ ون لتأسيس ملتقى أديب يف أملانيا‪،‬‬ ‫ماذا عنه؟‬ ‫مجتمعات احتضنتهم ونهلت من‬ ‫يف‬ ‫ٍ‬ ‫بالفعل‪ ،‬نؤسس لصالون أديب يف مدينة‬ ‫ثقافتهم وحامسهم‪.‬‬ ‫من هنا‪ ،‬وأثناء زيارته لبلده األم‪ ،‬آتياً لشغور وظيفة ألستاذ “مسلم” كونني مسيحي بون‪ ،‬مع الشاعر السوري فؤاد الع ّواد‪ ،‬وهو‬ ‫– لألسف حتى العلم والتعليم يخضع للتوازن يكتب باللغة األملانية‪ ،‬إضافة لشاعرين‬ ‫من مدينة بون األملانية التي يحارض يف الطائفي‪ ،‬لذلك اضطررت – كغريي – اىل الهجرة أملان ّيني‪ .‬إنه مرشوع ُمكلف‪ ،‬لكننا سنتقدّم‬ ‫جامعتها كأستاذ ملادة اللغة واألدب العريب‪ ،‬مجدداً إىل أملانيا والتعليم يف جامعاتها‪ ،‬ألنني بطلبات مساعدة من مؤسسات ثقافية‬ ‫التقيناه لالطالع عىل كافة الجوانب التي ال أستطيع أن أخضع لهذا التقسيم الطائفي هناك‪ ،‬لنتمكن من تأمني تكاليف سفر‬ ‫الشعراء العرب واألجانب إىل أملانيا‪ ،‬إلقامة‬ ‫قد تشغل الرأي العام حول‬ ‫ٍ‬ ‫مجتمع غريب بدون النظر إىل شهادايت العلمية‪.‬‬ ‫ندواتهم الشعرية واألدبية‪ ،‬يف حني نرتجم‬ ‫يعلم‬ ‫ال‬ ‫عربية‬ ‫متحضرّ ‪ ،‬ينهل من ثقافة‬ ‫الرتجمة‬ ‫يف‬ ‫بون‬ ‫جامعة‬ ‫يف‬ ‫محارض‬ ‫كأستاذ‬ ‫للحضور بني اللغتني العربية واألملانية‪.‬‬ ‫اللغتني‬ ‫بني‬ ‫الرتجمة‬ ‫أهمية‬ ‫ما‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫واللغة‬ ‫أصحابها مدى أهم ّيتها‪.‬‬ ‫ماذا عن ترجمتك لكتاب الشاعر نعيم‬ ‫“منرب التوحيد”‪ ،‬حاورت الشاعر والكاتب العربية واألملانية‪ ،‬وهل تساعد عىل تعزيز حوار تلحوق “يغني بوحاً” ل ّلغة األملانية؟‬ ‫الحضارات؟‬ ‫عادة ما نأخذ الدراسات واملقاالت‬ ‫الدكتور رسجون كرم‪ ،‬وكان النص اآليت‪:‬‬ ‫معهد‬ ‫أي‬ ‫–‬ ‫فيه‬ ‫أحارض‬ ‫الذي‬ ‫القسم‬ ‫تأسس‬ ‫العربية ‪ -‬خاصة حركة الحداثة التي‬ ‫ماذا عن اللبنانيني يف أملانيا‪ ،‬وملاذا ق ّرر‬ ‫الدراسات الرشقية واإلسالمية‪ ،‬يف القرن التاسع انطلقت من بريوت‪ ،‬ونقوم برتجمة هذه‬ ‫رسجون كرم االستقرار فيها؟‬ ‫منذ شهرين‪ ،‬صدر تقرير يف مجلة شعبية عرش عندما أىت امللك فيلهلم إىل تركيا‪ ،‬فأصدر النصوص الشعرية العربية إىل اللغة‬ ‫يف أملانيا‪ ،‬يقول ّأن تكاليف ما نسبته ‪ %93‬من قراراً ملكياً بوجوب تأسيس معهد لتدريس األملانية ونستمذج آراء الطالب بها‪ .‬من‬ ‫ُ‬ ‫اخرتت ترجمة ديوان الشاعر نعيم‬ ‫اللبنانيني يف أملانيا تقع عىل عاتق الدولة األملانية‪ ،‬اللغات الرشقية‪ ،‬ألنه مل يفهمها‪ ،‬وبالتايل هنا‪،‬‬ ‫ولكن حت ًام لديهم تجارتهم الخاصة‪ .‬أما نسبة أصبحت الرتجمة عام ًال أساسياً يف التفاعل تلحوق ملا ميلك من قدرة عىل امتالك‬ ‫الـ ‪ %7‬املتبقية‪ ،‬ففيهم أسامء كثرية مج ّلية‪ ،‬الحضاري والثقايف واالجتامعي‪.‬‬ ‫الصورة الشعرية الصحيحة‪.‬‬ ‫الثقافية‬ ‫الساحة‬ ‫يف‬ ‫كيف ينظر األملان‬ ‫هل تحصل “خيانة” يف ترجمة النص‬ ‫كـ”رالف غضبان” يف جامعة برلني‪ ،‬وعادل‬ ‫ّ‬ ‫ينعتنا‬ ‫ال‬ ‫الغرب‬ ‫وأن‬ ‫خاصة‬ ‫ثيودور خوري الذي استلم سابقاً مركز الدراسات للمثقفني العرب‪،‬‬ ‫األصيل عادة؟ وهل يتحتّم عىل َمن‬ ‫املسيحية يف جامعة مونسرت‪ ،‬والربوفسور إال بـ”اإلرهابني”؟‬ ‫يرتجم الشعر أن يكون شاعراً؟‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ا‬ ‫سابق‬ ‫قمت‬ ‫للرشقيني‪:‬‬ ‫الغرب‬ ‫لنبدأ بنظرة‬ ‫أسميها خيانة مبعناها األساس‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫جورج رئيف خوري املحارض يف جامعة هايدلربج‪،‬‬ ‫وغريهم من األسامء الالمعة‪ ،‬عل ًام ّأن اللبناين برتجمة تراجيديا كتبها شاعر أملاين عن األندلس‪ ،‬ولكنني حينام أقوم بالرتجمة‪ ،‬أفكر‪ :‬مباذا‬ ‫مام يؤكد اهتاممهم بالرشق منذ دخول نابليون أترجم‪ ،‬ولِ َمن؟ وبالتايل فالرتجمة الحرفية‬ ‫معتاد عىل الهجرة إما إىل أمريكا أو ّ كندا أو إىل مرص‪ ،‬الذي فتح الرشق عىل الغرب‪ ،‬الذي أحياناً ال تصلح يف مجتمع مختلف ولغة‬ ‫اسرتاليا أو فرنسا‪ ،‬إذ ال يشء مغ ٍر للبناين يف بدأ يعترب العامل العريب عامل السحر والغرابة مختلفة‪ ،‬حتى أننا قمنا بتغيري العنوان‬ ‫أملانيا سوى تجارة السيارات‪ .‬أما سبب اختياري‬ ‫وأن هناك أحد الفالسفة األملان قال ليتناسب مع اللغة األملانية بحيث أصبح‬ ‫ّ‬ ‫خاصة‬ ‫ألملانيا‪ ،‬فكان مصادفة‪ ،‬بعد نييل شها َدتيَ يوماً‪“ :‬يجب أن نفتّش عن ق ّمة الرومنطيقية “غناء وبوح” ليصبح أكرث وقعاً وتق ّب ًال لدى‬ ‫الليسانس واملاجستري يف األدب العريب من‬ ‫األملان‪ .‬وبالتايل‪ ،‬فالرتجمة ليست خيانة‬ ‫ُ‬ ‫جامعة البلمند‪ ،‬بعدها‬ ‫قمت بالتعليم يف معهد يف الرشق”‪ ،‬بعد أن كان الرشقي إنسان بربري للنص األصيل بقدر ما هي محاولة نقله‬ ‫الغرب‬ ‫من‬ ‫استفاد‬ ‫الرشق‬ ‫وبالتايل‬ ‫همجي‪،‬‬ ‫الالهوت األرثوذكيس يف الجامعة نفسها (‪-1992‬‬ ‫إىل لغة أخرى بحسب قواعدها‪.‬‬ ‫‪ ،)1999‬ومن ثم انتقلت إىل أملانيا بناء عىل منحة فأخذ املؤسسة األكادميية وما يس ّمى بالطريقة‬ ‫ماذا عن تحضرياتك الشعرية؟‬ ‫ً‬ ‫جامعية من الهيئة األكادميية الكاثوليكية العقالنية‪ .‬من هنا‪ ،‬اهتم الشعراء األملان بالرشق‬ ‫سيصدر يل قريباً يف أملانيا ديوان “أبو‬ ‫(‪ )KAAD‬يف معهد الدراسات الرشقية يف عىل أنه‬ ‫عامل التنوع والتعدّدية‪ ،‬فأصبح االهتامم فراس الهذياين” ضمن قسمني‪ :‬العريب‬ ‫ً‬ ‫اهتامماً‬ ‫يفكرون‬ ‫األملان‬ ‫الزال‬ ‫اليوم‪،‬‬ ‫وحتى‬ ‫‪.‬‬ ‫ا‬ ‫علمي‬ ‫بريوت لنيل شهادة الدكتوراه‪ ،‬وقد ُ‬ ‫واألملاين‪ ،‬بعد ديواين األول “تقاسيم شا ّذة‬ ‫ّمت دراسة‬ ‫ون‬ ‫ي‬ ‫عقالن‬ ‫ألنهم‬ ‫الرشق‪،‬‬ ‫لناحية‬ ‫الطريقة‬ ‫بهذه‬ ‫ّ‬ ‫عىل مزاهر عبد القادر الجيالين”‪ ،‬الذي كان‬ ‫الدكتوراه حول “صورة الس ّيد املسيح يف الشعر‬ ‫العريب الحديث”‪ ،‬إىل جانب ذلك‪ُ ،‬‬ ‫كنت ُملزم عىل مسترشقون يدرسون الشعب وعاداته وطريقة – أي الجيالين ‪ -‬أحد أقطاب الصوفية الذي‬ ‫دراسة اختصاص آخر‪ ،‬فتخصصت يف األدب تفكريه وإمكانية التعاون معه‪ ،‬إضافة ملا لديهم‬ ‫ّ‬ ‫نظمها وجعلها أكرث ترتيبا‪ً.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫عدت إىل لبنان يف العام ‪،2004‬‬ ‫واللغة األملانية‪.‬‬ ‫وتقدّمت للتعليم يف الجامعة اللبنانية‪ ،‬لكنني‬ ‫مل أكن أملك ما طلبوه أي “الواسطة” واالنتظار‬

‫من نزعة التعلم من كل شخص يلتقونه‪ ،‬أي‬ ‫حب االستطالع فاألملاين عادة ميلك الحب للغريب‬ ‫ّ‬ ‫والتق ّرب منه‪ ،‬لذلك أجد العديد من طاليب يف‬

‫‪59‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫عروش العرب اهت َّزت فكانت «عروش الصمت» في ديوانه الجديد‬

‫د‪ .‬عبد الحافظ شمص‪ :‬هدف التكفيريين من ثورتهم‬ ‫تسليم األمة العربية لـ «إسرائيل»‬ ‫إنها تح ّركات الشعوب العربية‪ ،‬التي ح ّركت‬ ‫قلمه لتنسكب أفكاره بيوتاً من الشعر فتك ّون‬ ‫ديوانه الجديد “عروش الصمت”‪ ،‬بحيث يؤكد‬ ‫ّأن قصيدته التي كتبها بعد تحرير الجنوب يف‬ ‫العام ‪ ،2000‬تنطبق اليوم عىل العمالء الذين‬ ‫ال ميتلكون الضمري الوطني العريب‪ ،‬بحيث قال‬ ‫يف قصيدته‪:‬‬ ‫تحررت أرضنا من رجسهم‪ ،‬رحلوا‬ ‫عاد الجنوب إلينا‪ ،‬بعد أن خ ِذلوا‬ ‫الجنوب بهم‪ ،‬قامت قيامتهم‬ ‫رج‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫والفشل‬ ‫والخزيُ ك َّللهم والعا ُر‬ ‫من غضبة الله‪ ،‬من أسياف حيدر ٍة‬ ‫يف كل زاوية تاهوا‪ ،‬بها عُ ِزلوا‬ ‫يلبسهم‬ ‫و َّلت ركائبهم والعا ُر َ‬ ‫ُ‬ ‫خلف الحدو ِد نأوا‪ ،‬ف ُّروا وقد ذ ِهلوا‬ ‫وأحنَت الرأس “إرسائيل” واندحرت‬ ‫ُ‬ ‫تجرج ُر ال ّذ َ‬ ‫وترتحل‪...‬‬ ‫يل خيبات‪،‬‬ ‫ماذا ُي ُ‬ ‫قال ملَن خان البالد‪ ،‬وما‬ ‫َ‬ ‫جزا ُء َمن ق َّوضوا األركان وانعتلوا‬ ‫استغرب األحكام يف وطني‬ ‫و َمن قد‬ ‫َ‬ ‫عىل بقايا “رجالٍ ” ح َّفها َ‬ ‫الوش ُل؟‬ ‫نسوا َّ‬ ‫بأن بالد األرز منبتُهم‬ ‫َ‬ ‫البيت‪ ،‬ال يثنيهم الخجل!ُ‬ ‫فأفسدوا َ‬ ‫ُّ‬ ‫فكل ما قد جرى‬ ‫باألمس من ح َيلٍ‬ ‫ِ‬ ‫كانت مثابة تربي ٍر ملا فعلوا‪...‬‬ ‫حكم عميلٍ ‪َ ،‬‬ ‫خان أ ّمت ُه‬ ‫شهران‪ُ ،‬‬ ‫بئس الحكم وا ُمل ُثلُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأحرق األرض‪َ ،‬‬ ‫عام‪ ،‬مدىً أقىص ملَن هربوا‬ ‫وسجنُ ٍ‬ ‫وثوب العا ِر قد غزلوا‬ ‫و َمن توا ُروا‪َ ،‬‬ ‫و َمن يطالب بعف ٍو‪ ،‬عن جرامئهم‬ ‫بنا ِر جهلٍ ‪ ،‬ويف أفخاخهم نزلوا‪...‬‬ ‫فام علينا‪ ،‬ونا ُر الجهلِ تحرقنا‬ ‫للخصم ُ‬ ‫ميتثل‬ ‫سوى التصدّي ملَن‬ ‫ِ‬ ‫األحكام‪ ،‬يصدرها‬ ‫عا ٌر علينا‪ ،‬عىل‬ ‫ِ‬ ‫قضا ُة عدلٍ ‪ِّّ ،‬‬ ‫بحق العدلِ ما عدلوا!‬ ‫إنه إبن الهرمل‪ ،‬عريب اإلنتامء‪ ،‬يرفض‬ ‫اإلنقسام الديني الحاصل ويواجه رجال الدين‬ ‫بقسوة ع ّلهم يعلمون ما ال يعلمون‪“ .‬منرب‬ ‫التوحيد” زارته يف منزله يف الضاحية‬ ‫الجنوبية‪ ،‬وهو الذي أنهى وظيفته يف املجلس‬ ‫النيايب منذ العام ‪ ،2004‬وتف ّرغ للشعر واألدب‬ ‫والثقافة‪ ،‬فكان حواراً غنياً‪ ،‬مبنياً عىل أسس‬ ‫نصه‪:‬‬ ‫وقواعد اللغة العربية الصحيحة‪ ،‬وهنا ّ‬ ‫بداية‪ ،‬تعترب أن الشعر هو عالقة فلسفية‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫بني الله والعامل‪ ،‬ما رس تع ّلقك بالشعر‪ ،‬وما‬ ‫رس هذه العالقة عالقة القصيدة بالقارىء؟‬ ‫ّ‬ ‫أقول دامئاً ّأن الشعر هو إبن النور والعالمة‬ ‫الفلسفية بني الله والعامل‪ ،‬إذ ال يوجد أوثق من‬ ‫العالقة والعالمة بني الله الذي أوحي للشاعر‬ ‫ويهيء له الجو املناسب منذ صغره يك تتمكن‬ ‫ّ‬ ‫ملكة الشعر وحب الكلمة والتأليف من ذاكرته‬ ‫وأفكاره‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬الصلة بني الشاعر والله سبحانه‬ ‫وتعاىل تكون قوية‪ ،‬و َمن يبدأ بقراءة القرآن الكريم‬ ‫منذ الصغر يصبح أكرث متكناً من اللغة العربية‪،‬‬ ‫لذلك نرى فرقاً بني أديباً وآخر‪ ،‬بحيث َمن يطلع‬ ‫عىل القرآن الكريم يصبح أكرث مت ّكناً من غريه‪،‬‬ ‫خاصة عام نجده اليوم من أساليب للتعليم‪،‬‬ ‫بحيث مل يعد هناك أسلوب يعطي اإلنسان‬ ‫دفعاً وق ّوة ليك يتم ّكن من اللغة وينتج فيام لو‬ ‫أوهبه الله موهبة أن يكون شاعراً أو أديباً أو فناناً‬ ‫أو غريه‪.‬‬ ‫تس ّمي حالة الشعر اليوم التي وصلنا‬ ‫إليها اليوم بالكسوف الحراري؟ ما سبب هذا‬ ‫اإلنحطاط الثقايف؟‬ ‫يسمون “مدّعي الشعر”‬ ‫بالفعل‪ ،‬ألن هناك َمن‬ ‫َّ‬ ‫الذين يكتبون النرث‪ ،‬ويس ّمونه قصيدة‪ ،‬فهناك‬ ‫صحيفتني مث ًال (كالنهار والسفري) تنرشان‬

‫‪60‬‬

‫القصيدة الكالسيكية املوزونة التي ترسلينها‬ ‫منك‪ ،‬وبعد تجذيب‬ ‫إىل إحداهام‪ ،‬ف ُتنشرَ بعد خجل ِ‬ ‫بحيث تصبح أبيات معدودة‪ ،‬يف حني ترسلني‬ ‫لهام ولغريهام أيضاً كالماً منثوراً ‪ -‬يستطيع أي‬ ‫إنسان كتابته‪ ،‬فيأخذونها برسعة فائقة‪.‬‬ ‫لكنهم يس ّمون ذلك بالشعر الحديث؟‬ ‫هذا ليس بشعر‪ ،‬بل أىت مع الرتجامت التي‬ ‫أرسلتها الرابطة القلمية وغريها يف السابق‪،‬‬ ‫فجربان خليل جربان مث ًال ساهم بذلك‪ .‬هذا ليس‬ ‫بشعر‪ ،‬فالشعر ذو شكلٍ واحد ال يتغري‪ :‬بحر ووزن‬ ‫وعجز‪ ،‬عروض ورضب وروي‪ .‬من هنا‪ ،‬ال‬ ‫وقافية‪ ،‬صدر ُ‬ ‫أس ّمي هؤالء بـ”الشعراء”‪ ،‬وال أعرتف بهم‪ .‬فمث ُال‪،‬‬ ‫الشاعر محمد عيل شمس الدين‪ ،‬شاعر كبري‬ ‫يكتب قصائد كالسيكية تلفت قارءها‪ ،‬ومثله‬ ‫الشاعر شوقي بزيع‪ ،‬املتمكن من اللغة‪ ،‬والذي‬ ‫نصفق له عندما يكتب القصيدة الكالسيكية‪،‬‬ ‫عل ًام أن لديهم نرث كثري أقوى من الشعر‪ .‬إذاً‪ ،‬هذا‬ ‫هو الفرق بني الشعر والنرث‪.‬‬ ‫ماذا عن عبد الحافظ شمص؟‬ ‫أكتب القصائد لتسع برامج يف إذاعة لبنان‪،‬‬ ‫منها‪ :‬خواطر‪ ،‬أضواء يف كلامت‪ ،‬همسة حنان‪،‬‬ ‫حقول األدب‪ُ ،‬سماَّ ر الليل‪ ...‬وكلها قصائد عبارة‬ ‫عن شعر كالسييك‪ ،‬يقرأها حبيب األطرش‬ ‫وألفريا يونس‪ ،‬ويف بعض األحيان‪ ،‬وحيد جالل أو‬

‫سمري شمص وغريهم‪.‬‬ ‫أقدّر الشاعر الذي يعرف قيمة الشعر‪ ،‬لذلك‬ ‫ّ‬ ‫بأن مهام تشاءمنا ومهام نظرنا للقضايا‬ ‫أقول‬ ‫األدبية بطريقة سلبية‪ ،‬يبقى الشعر بألف‬ ‫خري وال خطر عليه‪ ،‬إذ ال يزال هناك شعراء كبار‬ ‫مص ّممني عىل رقي الشعر وتقدّمه وتط ّوره‪،‬‬ ‫وتحديث الكلمة يف الشعر‪ .‬فالشعر يبقى هو‬ ‫ُ‬ ‫قلت‬ ‫نفسه‪ ،‬أما الكلمة فهي التي تتطور‪ ،‬لذلك‬ ‫إنه ال يوجد شعر حديث‪ ،‬عل ًام أن هناك نرث أقوى‬ ‫ّ‬ ‫ونفضله عىل بعض القصائد‪ ،‬لكن‬ ‫من الشعر‪،‬‬ ‫تبقى تسميته “نرثاً” وليس “شعراً”‪.‬‬ ‫تشغل عضوية عدد من الجمعيات والنوادي‪.‬‬ ‫هل تؤدي دورها الالزم ثقافياً؟‬ ‫إنضاممي لبعض هذه الجمعيات جاء‬ ‫بالصدفة‪ ،‬وأخرى منها أساسية‪ ،‬كـ “إتحاد‬ ‫الكتاب اللبنانيني‪ ،‬وجمعية املؤلفني وامللحنني‪،‬‬ ‫نقابة الفنانني املحرتفني‪ ،‬نقابة شعراء الزجل”‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نشأت ككاتب لألغنية وأملك ‪ 400‬نص‬ ‫كوين‬ ‫يف اإلذاعة اللبنانية‪ ،‬بعضها كالماً‪ ،‬وأخرى كالماً‬ ‫وألحاناً‪ .‬ففي العام ‪ ،1985‬توقفت اإلذاعة عن‬ ‫اإلنتاج فتوقفنا عن كتابة األغاين لها‪ ،‬بعد أن‬ ‫استولت القوات اللبنانية عىل محطة عمشيت‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وض َعف ّ‬ ‫يغط سوى ‪10‬‬ ‫بث اإلذاعة‪ ،‬بحيث مل‬ ‫كلم يف منطقة رأس بريوت‪ ،‬وحتى اآلن‪ ،‬أمتنى أن‬ ‫يرتاح لبنان من هذه امليليشيات‪.‬‬ ‫بالعودة إىل الجمعيات‪ ،‬أشغل عضوية جمعية‬ ‫املؤلفني وامللحنني‪ ،‬ونقابة شعراء الزجل‪ ،‬مبا أنني‬ ‫أكتب الشعر العامي‪ ،‬ولديّ كتابني صدرا بالشعر‬ ‫ُ‬ ‫كنت أقدّمها يف إذاعة لبنان عرب‬ ‫العامي‪ ،‬لقصائد‬ ‫برنامج “شو ّية شعر”‪ ،‬فجمعتها ضمن كتابني‬ ‫الحب”‪ .‬وجاء‬ ‫“سالمتك يا لبنان”‪ ،‬و”تغ َّرب زمان‬ ‫ّ‬ ‫الكتاب األول يف العام ‪ 1976‬بعد الحرب اللبنانية‬ ‫بحيث تناولت الواقع ا ُملعاش‪ ،‬حيث كنا نهرب‬ ‫من القذائف التي يرسلها “األشقاء” يف الوطن‪،‬‬ ‫والذين يقولون أنهم “مقاومة”‪ .‬هل املقاومة هي‬ ‫تلك التي تقتل أشقاءها يف الوطن‪ ،‬أم هذه التي‬ ‫نراها اليوم تقاتل وتواجه العدو الغاصب لألرض‬ ‫والعرض؟‬ ‫كذلك أشغل عضوية الحركة الثقافية‪ ،‬ديوان‬ ‫أهل القلم‪ ،‬ملتقى الثالثاء الثقايف‪ ،‬منتدى‬ ‫الضاحية الثقايف‪ ،‬دوحة البقاع الثقافية‪ ،‬ملتقى‬ ‫بعلبك الثقايف‪ ،‬وملتقى أهل الحرف‪.‬‬ ‫تحدّثت يف إحدى كتبك عن النساء بعنوان‬ ‫“أخبار النساء بني الغدر والوفاء‪ ،‬أين املرأة يف‬ ‫حياة الشاعر؟‬ ‫املرأة هي أساس حياة الرجل‪ ،‬وخصوصاً الشاعر‪.‬‬ ‫“حب النسا ِء ُي ُ‬ ‫زيل‬ ‫إنها مصدر وح َيه‪ ،‬بحيث أقول‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫َّ‬ ‫كل تأ ُّل ِم‪ ،”...‬وهنا أتحدث عن كل نساء العامل‪،‬‬ ‫إذ أعترب كل النساء جميالت‪ ،‬فالله خلقها يك‬ ‫تكون خيال الرجل وظله‪ ،‬وتكون حبيبته وزوجته‬ ‫ُ‬ ‫كتبت للمرأة‪ ،‬وكل‬ ‫وأمه وأخته وصديقته‪ .‬لذلك‪،‬‬ ‫إمرأة تقرأ هذا الكتاب ترى نفسها فيه‪ ،‬سلباً‬ ‫أم إيجاباً‪ .‬كام سيصدر يل قريباً كتاب “العلم‬

‫والعلامء” وهو كناية عن حوارات بني مثقفني‬ ‫ومتعلمني وفالسفة يف القرآن والفلك والطب‬ ‫وغريها‪ ،‬بعد ديواين األخري “عروش الصمت”‪.‬‬ ‫ديوانك األخري يحمل عنوان إحدى القصائد‬ ‫التي تتحدث عن الثورات العربية‪ .‬ما رأيك‬ ‫باألخرية؟‬ ‫بدأت هذه التحركات يف تونس‪ ،‬ومن ثم يف‬ ‫مرص التي أخذت دورها الصحيح‪ ،‬ولكن عندما‬ ‫يكون اإلستعامر متدخ ًال يف كل الشؤون‪ ،‬فلن‬ ‫تقوم قامئة للدول العربية‪ ،‬حصلت التحركات‬ ‫يف اليمن والبحرين‪ ،‬فشع َر أهل النجاسة من‬ ‫الحريريني والتكفرييني بالغرية‪ ،‬واعتقدوا أن تغيري‬ ‫الحكم يف سوريا سهل‪ ،‬بعد أن تح ّولت إىل جنّة‬ ‫تستقطب جميع أنواع السائحني‪ .‬يريدون تغيري‬ ‫النظام يف سوريا‪ ،‬ليأتوا بحكام يتم اإلنقالب‬ ‫عليهم كل شهر‪ ،‬هم يحاولون التحريض عىل‬ ‫اللؤم والزندقة بدون التفكري مبستقبل الوطن‬

‫مام كتبه د‪ .‬شمص يف قصيدة‬ ‫“أين الرجال؟”‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫الرجال‪ ،‬وقد أمسوا هنا ِف َرقا‬ ‫أين‬ ‫واألر ُز من َجو ِر ِهم ِّ‬ ‫يق قد غ ِرقا‬ ‫بالض ِ‬ ‫ُ‬ ‫الرجال‪ ،‬فهَل َّ‬ ‫قل الرجال هنا‬ ‫أين‬ ‫وانتاب لبنان دا ٌء كان ُمنط ِلقا‬ ‫ل ِقسمة الناس أو تخريب ِنعم ِتهم‬ ‫ْ‬ ‫ورض ِب َوحد ِتهم‪ ،‬والغاد ُر انزلقا‬ ‫كم‪ ،‬يش َغله‬ ‫خان البالد‪ ،‬و َمن ُ‬ ‫بالح ِ‬ ‫مال الخزينة‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫سُقا‬ ‫مال الشعب قد ِ‬ ‫فالجهل كان َ‬ ‫دليل الحكم‪ ،‬أفقرنا‬ ‫الشعب يف أمصارنا ِمزَقا!‬ ‫ومزَّق‬ ‫َ‬ ‫يا َمن حك ْمتَم‪ ،‬لقد بانت مساو ُئكم‬ ‫جلبتم العا َر لألر ِز الذي احرتقا‬ ‫ُ‬ ‫ن َّوا ُبنا َنهبوا‪ُ ،‬ح َّكامنا رسقوا‬ ‫َ‬ ‫مال البالد‪ ،‬ويف أجوافهم َع ِلقا‪...‬‬

‫‪61‬‬

‫العريب‪ .‬لكنهم مل يفهموا ّ‬ ‫بأن سوريا ال ميكن أن‬ ‫تستقر بدون آل األسد فيها‪ ،‬فالثورات واإلنقالبات‬ ‫بدأت فيها منذ العام ‪ ،1951‬إىل حني تسلم‬ ‫الرئيس الراحل حافظ األسد ملقاليد الحكم‪ ،‬والذي‬ ‫أعلن الحركة التصحيحية وص ّوب مسار الحكم‪،‬‬ ‫بعد أن كان معظم املوجودين عمالء لألمريكيني‬ ‫والربيطانيني بعد جامل عبد النارص الذي كان‬ ‫قائداً عظي ًام ير ّد عىل كل شاعر يكتب عنه وعن‬ ‫إنجازاته‪ ،‬بحيث أرسل برقية ير ّد فيها عىل قصيدة‬ ‫َ‬ ‫كتبتها له‪ ،‬ليقول‪“ :‬أشكر َ‬ ‫قصيدتك التي‬ ‫لك‬ ‫تجلىّ فيها شعورك الط ّيب وثقتك الغالية التي‬ ‫أعت ّز بها‪ ،‬والله أكرب والعزّة للعرب”‪ ،‬لذلك ال زلنا‬ ‫نسري عىل الخط النارصي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كتبت يف ديوانك الجديد أيضاً‪ ،‬قصيدة “هل‬ ‫ّ‬ ‫وكأن لديك لوم عىل الشعب العريب‬ ‫من عرب؟”‬ ‫وح ّكامه؟‬ ‫ُ‬ ‫أمح َل نبتُها‪ ،‬فأين العرب‪،‬‬ ‫نعم‪،‬‬ ‫قلت‪“ :‬األرض َ‬ ‫هل من عرب؟”‪ ،‬عتبي هو عىل الح ّكام والشعب‬ ‫عىل ح ٍّد سواء‪ ،‬لذلك ُ‬ ‫قلت ّأن البعض اعتقد أنه‬ ‫من السهل أن يتجاوب الشعب السوري معه‬ ‫إلسقاط النظام‪ ،‬ومع األسف أمريكا هي َمن‬ ‫تجعل العديدين يحاولون خرق النظام السوري‪،‬‬ ‫عل ًام أنهم لن يستطيعوا ذلك‪ ،‬فهدفهم بقاء‬ ‫“إرسائيل” وانتصارها وتسليمها مقاليد األ ّمة‪.‬‬ ‫وأشدد عىل أن املجموعة السياسية اللبنانية التي‬ ‫ترسل السالح من الشامل ملَن يريدون تخريب‬ ‫سوريا‪ ،‬ليست من أبناء املسلمني بل هم ك َفرة‬ ‫وملحدين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لديك لوم عىل رجال الدين‪ ،‬بحيث‬ ‫نالحظ ّأن‬ ‫تقول‪“ :‬يتشامتون فوق القبب‪ ،‬ويح ّرضون عىل‬ ‫الشغب”‪ ،‬وتصفهم بـ”شيوخ القهر والعهر”‪.‬‬ ‫فع ًال‪ ،‬فهناك رجال دين يعرفون الحقائق ويدركون‬ ‫أصول الدين وفروعه من أهل السنّة‪ ،‬إذ أننا جميعاً‬ ‫يقسموننا عىل‬ ‫السنَّة‪ ،‬وبالتايل ملاذا‬ ‫من أهل‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫وسنَّة؟ هل ّأن رجال الدين ا ُملنتمون‬ ‫أننا شيعة ُ‬ ‫للطائفة السنية الكرمية والذين يتواجدون‬ ‫يف مهرجانات املقاومة‪ ،‬ال يفقهون شيئاً يف‬ ‫الدين‪ ،‬يف حني ّأن النائب خالد الضاهر ومحمد‬ ‫عيل الجوزو يفهامنه أكرث؟ ال أعرتف بعاممة ال‬ ‫يفهم ُمعت ِمرها اإلسالم‪ .‬فلقد س ّببوا لإلسالم‬ ‫حالة “قرف” بحيث أصبح الجميع يكرهون هذه‬ ‫التسميات‪ ،‬وهذا ال يليق بـ “املسلم”‪ .‬لذلك يواجه‬ ‫أهل اإلنعزال‪ ،‬املناضلني األقوياء الرشفاء وكل َمن‬ ‫يدعمهم ألنهم “إرسائيليني” بكل ما للكلمة‬ ‫من معنى‪ ،‬يتعاملون مع الصهاينة ضد أبناء‬ ‫وطنهم وضد عروبتهم ودينهم‪ .‬فنصيحة ألهل‬ ‫اإلنعزال من جميع املذاهب بالعودة إىل رشدهم‬ ‫وضامئرهم وحتى إىل أديانهم طاملا ّأن الطائفية‬ ‫موجودة‪ ،‬بدل أن يكونوا إىل جانب الصهاينة‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبدالله‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب ثقايف‬

‫توفيق رافع حمدان يروي في «سيرة ومسيرة»‬

‫قراءة في مذكرات سعيد موسى مراغه (أبو موسى)‬

‫حياتي ‪ ...‬في الثورة‬

‫املؤلف هو أمني رس حركة فتح االنتفاضة‪ ،‬ع ّرف‬ ‫عن نفسه‪ ،‬بسطور قليلة يف مقدمة الكتاب‪،‬‬ ‫كعادته يخترص املسافات معتمداً القاعدة‬ ‫الرياضية املعروفة أن الخط املستقيم هو أقرص‬ ‫مسافة بني نقطتني‪ .‬ال يحب كثرياً أن يتكلم‬ ‫عن ذاته لكنه يستغرق يف الحديث عن فلسطني‬ ‫والقدس وسلوان حيث مسقط رأسه‪ ،‬عند كل‬ ‫سانحة أو مناسبة‪.‬‬ ‫أبو موىس مبا يختزنه هو دائرة معارف فلسطينية‬ ‫ميكن الركون ملصداقيته‪ ،‬فهو شاهد حي عىل تجربة‬ ‫امتدت ألكرث من مثانية عقود‪ ،‬مناضل فلسطيني‬ ‫عاش طفولته قريباً من البيت واألرض والبيادر‪،‬‬ ‫فاختزن يف قلبه وجوارحه حباً عميقاً لبلده وأهله‬ ‫تجىل الحقاً من خالل مواكبته ألنشطة الثوار‬ ‫واملجاهدين‪ ،‬وهو مل يزل بعد يف ريعان الشباب‪.‬‬ ‫أدرك مبكراً أن خطراً جدياً يحدق بفلسطني‬ ‫وأن االنتداب الربيطاين هو مكمن ذلك الخطر‪ّ ،‬‬ ‫وأن‬ ‫اليهود الذين تدفقوا عىل فلسطني مل يكونوا أكرث‬ ‫من طالئع ملستعمرين جدد ال يبحثون هذه املرة عن‬ ‫ثروات لنهبها فقط‪ ،‬كام شأن كل املستعمرين عرب‬ ‫العصور‪ ،‬بل عن أرض يستوطنونها لتأييد احتاللهم‬ ‫لها بذرائع تلموذية هي أقرب اىل الخرافة منها اىل‬ ‫الحقيقة التاريخية‪.‬‬ ‫يف هذا الكتاب‪ ،‬يحملنا املؤلف عىل أجنحة‬ ‫ذاكرته الرطبة التي مل تزدها األيام إال مضا ًء وحدة‪،‬‬ ‫فنعيش معه القلق الذي ساوره منذ طفولته عىل‬ ‫قريته سلوان‪ ،‬ثم الخوف الذي انتابه عىل القدس‬ ‫وهي تستباح وصوالً اىل غضبه عىل ما آلت إليه‬ ‫أوضاع فلسطني‪ ،‬الوطن‪ ،‬بعد االنهيارات املتالحقة‬ ‫لجحافل الجيوش العربية التي دخلت فلسطني‬ ‫تحت يافطة تحريرها‪ ،‬فإذا بفلسطني تضيع‪ ،‬وإذا‬ ‫الجيوش العربية تقف لتشهد عىل جرمية العرص‬ ‫بعد أن تراجع الزعامء وامللوك آنذاك عن تعهداتهم‬ ‫بالتحرير ليتحولوا اىل أدوات لتمرير أبشع مؤامرة‬ ‫بحق األمة‪.‬‬ ‫هذا الوعي املبكر لدى املؤلف حمله عىل‬ ‫االنخراط يف صفوف املجاهدين متجاوزاً اعتبارات‬ ‫الخوف والرتدد الناجمة عن صغر سنه‪ ،‬إذ كان يعتقد‬ ‫ّأن مسؤولية الدفاع عن األرض هي واجب عينّ عىل‬ ‫كل قادر وغري ذلك فإن لنا مع املجهول الذي يلوح يف‬ ‫األفق مرحلة قد تطول‪.‬‬ ‫مل يرق أليب موىس‪ ،‬وقد ضاع الجزء األكرب من‬ ‫فلسطني‪ ،‬أن يقف مستسل ًام لألمر الواقع بل‬ ‫آثر أن يعمل القتصاص من املحتلني الصهاينة وممن‬ ‫مكنوهم من أرض فلسطني‪ ،‬فكان نجاحه يف دخول‬ ‫الكلية الحربية يف األردن قمة سعادته ألنه أيقن‬ ‫أن لحظة الحقيقة لرتجمة ما يختزنه من غضب‬ ‫وحقد للمحتل قد أ ِزفت‪ .‬وكانت مسريته الجديدة‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املختلفة عن سابقاتها واملحكومة هذه املرة بضوابط‬ ‫عسكرية صارمة ومالحقات أمنية ال تنتهي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتحل باالمة هزمية حزيران ‪ 1967‬وتسقط معها‬ ‫الكثري من الشعارات التي راهن عليها املناضلون‬ ‫القوميون من املحيط اىل الخليج كام تأىب غطرسة‬ ‫العدو إال امليض يف العدوان فيختار هذه املرة هدفاً‬ ‫فلسطينياً لعدوانه متمث ًال يف مخيم الكرامة‬ ‫حيث الفدائيني الفلسطينيني‪ ،‬وتحتدم املعركة‬ ‫صبيحة الحادي والعرشين من آذار ‪ 1968‬بني‬ ‫الفدائيني املدعومني بجنود وضباط الجيش األردين‬ ‫وبني املهاجمني الصهاينة ويسجل التالحم األردين‬ ‫الفلسطيني يف الكرامة أول انتصار تاريخي عىل‬ ‫ميض بعد عىل انتصاره يف حزيران‬ ‫العدو الذي مل ِ‬ ‫‪ 67‬أكرث من عرشة أشهر فقط‪.‬‬ ‫ومن اإلنصاف القول إن مؤلف هذا الكتاب كان‬ ‫الجندي املجهول وراء التنسيق البطويل بني الفدائيني‬ ‫واألردنيني يف ساحة املعركة من خالل موقعه‬ ‫كضابط يف الجيش األردين يف تلك الفرتة‪.‬‬ ‫نجح أبو موىس يف ترجمة ما اختزنه اىل فعل‬ ‫أحرق جنود آليات املهاجمني الصهاينة وكان‬ ‫االنتصار الذي أيقظ يف النفوس جذوة املقاومة‬ ‫والتحدي‪ ..‬لكن صنّاع القرار يف األردن مل يتقبلوا‬ ‫بسهولة تلك املتغريات عىل أرض معركة الكرامة‬ ‫فراحوا يجهدون الستثامر كل خطأ من الفدائيني‬ ‫مهام صغر شأنه لتشويه صورة الفدايئ وتحويله‬ ‫اىل قاطع طريق وخطر يتهدد أمن األردن واستقراره‪.‬‬ ‫فتآمروا عىل املقاومة الفلسطينية يف أيلول ‪1970‬‬ ‫وانزلق النظام األردين يف رصاع دموي مع الفدائيني‬ ‫تال ذلك خروج املقاومة من األردن لتستقر يف مواقع‬ ‫جديدة يف سوريا ولبنان‪.‬‬ ‫أبو موىس‪ ،‬ومنذ أن بدأت خيوط املؤامرة عىل‬ ‫املقاومة تتوضح أمامه‪ ،‬أثر أن ينتقل فوراً إىل‬ ‫موقعه الطبيعي ويلتحق بحركة فتح ليبدأ‬ ‫مسرية كفاحية جديدة مع آالف املقاتلني الذين‬ ‫تركوا الجيش األردين والتحقوا بحركة فتح‪.‬‬ ‫عاش أبو موىس يف فتح حياة القائد العسكري‬ ‫املتنقل عىل الدوام بني قطاعاته العسكرية يف‬ ‫جنوب لبنان‪ ،‬فشكل بشهادة كل عارفيه من‬ ‫لبنانيني وفلسطينيني وعىل اختالف مذاهبهم‬ ‫وأطيافهم صامم أمان‪ ،‬وأ ّمن مناطق الجنوب من‬ ‫العبث والتعديات التي غالباً ما كانت تحصل بفعل‬ ‫واقع التداخل بني الفدائيني واملدنيني اللبنانيني‬ ‫والفلسطينيني‪ ،‬وشهد من موقعه القيادي تجليات‬ ‫الحرب اللبنانية التي بدأت رشارتها من صيدا مع‬ ‫محاولة اغتيال معروف سعد أوائل عام ‪ 1975‬وحاول‬ ‫مع كل املخلصني تدارك التداعيات الخطرية لتلك‬ ‫الجرمية البشعة إ ّال ّأن أصابع التآمر كانت أرسع من‬ ‫كل مساعي التهدئة فانفجر الوضع يف ‪ 13‬نيسان‬

‫‪62‬‬

‫كيف حاول إغتيال رياض الصلح؟‬ ‫وإقامة أنطون سعادة في منزله بعين عنوب‬ ‫عام ‪ 1975‬يف حادثة االعتداء عىل الباص يف عني‬ ‫الرمانة ومقتل ركابه الفلسطينيني‪.‬‬ ‫ومل يسلم ابو موىس من االستهداف فكانت‬ ‫محاولة اغتياله يف ‪ 1977/1/17‬إلبعاده عن أرض‬ ‫الجنوب والذي كان يف ذلك الوقت بأمس الحاجة‬ ‫لوجوده وقيادته‪ .‬وما مل يقبله أبو موىس قبل‬ ‫محاولة االغتيال قبله بعدها‪ ،‬فوافق بعد تردد طويل‬ ‫عىل السفر وهذه املرة بقصد العالج من إصابته‪،‬‬ ‫وبعد عودته مخترصاً رحلة عالجه إلتحق بالعمليات‬ ‫املركزية يف بريوت بناء عىل قرار من يارس عرفات‬ ‫الذي رفض عودته مجدداً اىل الجنوب‪ ،‬واستمر أبو‬ ‫موىس يف العمليات املركزية اىل أن كان االجتياح‬ ‫الصهيوين للبنان يف حزيران ‪ ،1982‬فالصمود‬ ‫والفلسطينيني‬ ‫اللبنانيني‬ ‫للمقاومني‬ ‫األسطوري‬ ‫والسوريني‪ ،‬ثم كان اتفاق عرفات وفيليب حبيب‬ ‫عىل انسحاب املقاتلني الفلسطينيني خارج‬ ‫لبنان اىل الجزائر وتونس واليمن والسودان‪ ،‬أما من‬ ‫آثر البقاء يف البقاع ورفض االنتشار يف البلدان‬ ‫البعيدة عن حدود فلسطني‪ ،‬فقد تح ّمل تبعات‬ ‫قراره‪ ،‬وكان أبو موىس وإخوته يف التيار الدميقراطي‬ ‫يف فتح هم من تحملوا عبء مسؤولية هذا القرار‬ ‫الذي تحدوا فيه إرادة أمريكا ممثلة بفيليب حبيب‬ ‫وإرادة كل َمن سقط يف رشك وعودها الوهمية‬ ‫بدولة فلسطينية مقابل الجالء عن لبنان‪ ،‬ووقف ما‬ ‫سمي بأعامل العنف ضد الصهاينة‪ ،‬ونتيجة إرصار‬ ‫عرفات عىل ترحيل من بقي من املقاتلني يف البقاع‬ ‫ورفض أبو موىس ورفاقه هذا القرار احتدم الرصاع‬ ‫املسلح بينهام فكانت انتفاضة فتح يف ‪1983/5/9‬‬ ‫إيذاناً بتدشني مرحلة جديدة من العمل املقاوم‪،‬‬ ‫بعد أن كانت غالبية القوى الفلسطينية قد ودّعت‬ ‫(مع الجروح من بريوت) الثورة واىل غري رجعة!!‬ ‫أبو موىس يف هذا الكتاب يؤكد عىل السريورة‬ ‫التاريخية للقضية الفلسطينية التي استعصت‬ ‫عىل كل محاوالت الطمس والشطب والتهميش‬ ‫وبقيت متوقدة ألكرث من مائة عام بفضل صرب‬ ‫وعذابات شعبها ودم شهدائها ودعم والتفاف‬ ‫املناضلني‪ ...‬اىل أن يأذن الله بنرصه ولو بعد حني‪....‬‬

‫حسن زيدان‬

‫“سرية ومسرية” مرويات‬ ‫وشبه مذكرات صدرت‬ ‫رافع‬ ‫لتوفيق‬ ‫بكتاب‬ ‫حمدان “أبو رافع” الذي‬ ‫رحل قبل عامني‪ ،‬وقبل أن‬ ‫يصدر مؤلفه الذي تأخر‬ ‫ألسباب تقنية‪ ،‬وهو يقدم‬ ‫يف صفحاته (‪ ،)200‬أحداثاً‬ ‫كان حمدان يف صلبها أو‬ ‫هو صانعها‪ ،‬مثل محاولة‬ ‫حكومة‬ ‫رئيس‬ ‫اغتيال‬ ‫لبنان رياض الصلح يف‬ ‫‪ 9‬آذار ‪ ،1950‬أي بعد‬ ‫تسعة أشهر من إعدام‬ ‫انطون سعادة مؤسس‬ ‫الحزب السوري القومي‬ ‫االجتامعي زعيمه‪ ،‬الذي‬ ‫صوري‪،‬‬ ‫بشكل‬ ‫حوكم‬ ‫بعد إعالنه الثورة القومية‬ ‫االجتامعية األوىل‪ ،‬يف ‪4‬‬ ‫متوز من العام ‪ 1949‬ضد النظام اللبناين‪.‬‬ ‫وقد ش ّكلت محاولة االغتيال للصلح‪ ،‬رسالة اىل من اغتالوا سعادة‪ ،‬وأن‬ ‫تالمذته ومعتنقي مبادئه وعقيدته‪ ،‬وكان حمدان واحداً منهم‪ ،‬لن يرتكوا‬ ‫دمه يذهب هدراً فقرروا الثأر له‪ ،‬مبن تس ّبب بإعدامه رمياً بالرصاص‪ ،‬عىل‬ ‫الجناح يف بريوت‪ ،‬دون أن يتسنى له الدفاع عن نفسه‪ ،‬ألنه لو حصلت‬ ‫محاكمة عادلة‪ ،‬لكان سعادة أكمل عىل الطبقة السياسية ووضعها هي‬ ‫يف قفص االتهام وأسقطها‪ ،‬بسبب ما ارتكبته من فساد وتس ّلط ورضب‬ ‫للحريات والتآمر مع األنظمة العربية عىل فلسطني‪.‬‬ ‫يروي حمدان كيف حاول اغتيال الصلح‪ ،‬كام يتحدّث عن محاكمته وفرتة‬ ‫السجن وخروجه بعفو‪ ،‬ويتذ ّكر كل تلك املرحلة من األرس التي امتدت نحو‬ ‫سبع سنوات‪.‬‬ ‫ويف مذكراته يتح ّدث توفيق حمدان عن مكوث أنطون سعادة يف منزله‬ ‫يف عني عنوب‪ ،‬يف أثناء مذكرة التوقيف التي أصدرتها الحكومة اللبنانية‬ ‫بحق سعادة يف ‪ 2‬آذار ‪ 1947‬بعد عودته من مغرتبه القرسي‪.‬‬ ‫كام يف الكتاب عرض ملعركة االستقالل يف العام ‪ 1943‬وسقوط القومي‬ ‫االجتامعي سعيد فخر الدين شهيداً أثناء تصديه للقوات الفرنسية لدى‬ ‫وصولها اىل عني عنوب قرب السنديانة متوجهة اىل بشامون حيث مقر‬ ‫الحكومة املؤقتة‪.‬‬ ‫ويضم الكتاب بني صفحاته مرويات عاشها حمدان يف بلدته عني عنوب‪،‬‬ ‫ونشاطه يف الحقل العام اىل مسائل أخرى‪ ،‬وعدد من املقاالت كتبها املؤلف‬ ‫يف مناسبات عدة‪.‬‬ ‫الكتاب من ‪ 200‬صفحة من الحجم الوسط‪.‬‬

‫توفيق رافع حمدان‬ ‫(‪)2009 -1927‬‬ ‫ولد املؤلف بتاريخ ‪ 26‬شباط ‪ 1927‬يف عني عنوب‪.‬‬ ‫تع ّلم يف مدرسة املطران االنكليكانية يف عني عنوب‪.‬‬ ‫ترعرع يف بيت يؤمن بالتحرر والوطنية‪.‬‬ ‫انتمى اىل الحزب السوري القومي االجتامعي سنة ‪.1943‬‬ ‫تع ّرف عىل الزعيم الخالد أنطون سعاده سنة ‪ 1947‬فرتة‬ ‫مذكرة التوقيف بحقه‪ ،‬يف بيته يف عني عنوب‪.‬‬ ‫أثناء إعالن الثورة القومية االجتامعية األوىل كان موظفاً يف‬ ‫املساحة يف مزرعة يشوع – املنت‪.‬‬ ‫بعد إعدام الزعيم أنطون سعاده ورفاقه حاول اغتيال رئيس‬ ‫الحكومة اللبنانية رياض الصلح بتاريخ ‪.1950/3/9‬‬ ‫ُحكم عليه باإلعدام يف ‪ ،1950/5/24‬ويف ‪ 1950/6/2‬استبدل‬ ‫الحكم بالسجن املؤبد‪.‬‬ ‫أسس مع رفاقه يف السجن مدرسة وزاد علومه وثقافته‬ ‫ودرس املحاسبة باملراسلة‪.‬‬ ‫أخيل سبيله مع رفاقه القوميني االجتامعيني يف‬ ‫‪.1957/9/11‬‬ ‫تزوج من الرفيقة عفات نايف شجاع التي كانت تعاهدت وإياه‬ ‫عىل رفقة العمر يف السجن أو خارجه‪.‬‬ ‫بنى أرسة قومية اجتامعية بامتياز من رفيقة و‪ 4‬رفقاء‪.‬‬ ‫تح ّمل مسؤوليات حزبية‪ ،‬فمنحه الحزب وسام الواجب‪.‬‬ ‫من مؤلفاته‪ :‬قصائد شعرية صدرت يف ديوان “قصائد من‬ ‫حيايت” و ّقعه يف آب ‪ ،2005‬وكتاب مذكرات تحت عنوان “سرية‬ ‫ومسرية”‪.‬‬ ‫تويف يف ‪ 3‬آب ‪2009‬وأقيم له مأتم شعبي وحزيب حاشد‬ ‫وألقيت كلامت أشادت مبناقبه ونضاله‪.‬‬

‫تقام ندوة حوله يف ‪ 13‬أيلول الساعة السادسة مسا ًء‬ ‫يف قاعة عني عنوب – قضاء عاليه‪ ،‬ويتحدث فيها كل‬ ‫من‪ :‬نقيب الصحافة محمد البعلبيك‪ ،‬منصور عازار‪،‬‬ ‫الشاعر طليع حمدان‪ ،‬أنطوان زكا‪ ،‬جان داية‪ ،‬الدكتور‬ ‫رياض خليفة وتوفيق رافع حمدان‪.‬‬

‫ ‬

‫‪63‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب فني‬

‫ُرحّ ل «فهمان»‪ ..‬فمتى تصبح الدولة «فهمانة» لحقوق الفنانين؟‬ ‫صالح تيزاني «أبو سليم»‪ :‬مرحلة الستينات كانت العصر الذهبي للفن‬

‫مل يكن الفنان صالح تيزاين املل ّقب بـ”أبو‬ ‫سليم” يعلم ّأن تلك املرحلة املدرسية التي بدأ‬ ‫أيام كهذه‪،‬‬ ‫عربها مبسريته الفنية‪ ،‬ستوصله إىل‬ ‫ٍ‬ ‫ال يجد فيها فنان قدير مثله وأمثاله من الفنانني‪،‬‬ ‫أي معني لهم‪ ،‬وأي دعم رسمي لتقدّمهم يف‬ ‫السنّ ‪.‬‬ ‫ل ِّقب بـ “شيطان املرسح”‪ ،‬وكأنه ُخ َلق له‪ ،‬فكان‬ ‫أن بدأ مبوهبته الفنية يف عمر الخمس سنوات‬ ‫حني كان طالباً يف املدرسة‪ ،‬من ثم كان عمله‬ ‫يف “النجارة” أساساً مادياً لتكاليف أعامله‬ ‫املرسحية‪ ،‬فبمستوىً شعبياً بسيطاً‪ ،‬مت ّكن‬ ‫أبو سليم من كسب محبة الناس وراح وفرقته‬ ‫يجول بني املسارح حتى أصبح فناناً قديراً مناض ًال‬ ‫متعدد املواهب‪ ،‬ومتن ّوع األعامل‪.‬‬ ‫مام ال شك فيه اليوم‪ّ ،‬أن صالح تيزاين ال يحتاج‬ ‫لعناوين إعالمية عريضة ومقدّمات صحافية ممتدة‬ ‫عىل الصفحات ُتع َّرف عنه‪ ،‬وال للتكريم والدروع‬ ‫والكالم املن ّمق‪ .‬كل ما يحتاجه – كغريه من‬ ‫الفنانني – هو الرعاية الصحية من دولة تناست‬ ‫فنانيها وما قدّموا من جهود وتعب لإلرتقاء بثقافة‬ ‫هذا البلد‪ ،‬فأبو سليم اليوم يعاين من تدهور يف‬ ‫صحته‪ ،‬وهذا ما شاهدناه أثناء زيارتنا له يف نقابة‬ ‫ّ‬ ‫فناين اإلذاعة واملرسح والتلفزيون‪ ،‬بعد أن كان‬ ‫يخضع لفحوص طبية أ ّكدت إمكانية خضوعه‬ ‫لـ “ميل للقلب”‪ ،‬نظراً لتعبه خاصة مع تقدّمه‬ ‫يف السنّ ‪ ،‬فامذا عن الدولة؟ وأين هو القانون‬ ‫الذي يحمي فناناً كـ “صالح تيزاين” من “بهدلة”‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫التنقل بني املسارح‪ ،‬ويؤ ّمن له‬ ‫والطبابة‬ ‫اإلجتامعي‬ ‫الضامن‬ ‫وحتى املعاش الشهري كام‬ ‫يف دول أخرى “تحرتم نفسها‬ ‫وفنانيها”؟‬ ‫هي أسئلة‪ ،‬رمبا ستبقى‬ ‫كغريها مرم ّية يف أدراج‬ ‫مجلسيّ النواب والوزراء‪ ،‬بدون‬ ‫حسيب وال رقيب‪ ،‬ولكن يبقى‬ ‫وهج صالح تيزاين أعمق وأكرب من أي تح ّرك رسمي‬ ‫لصالح فنان أعطى للفن أكرث مام أعطى لنفسه‬ ‫وعائلته‪ ،‬ولكن تبقى الوعود وعوداً‪ ،‬وتبقى الدولة‬ ‫اللبنانية “الدولة” األكرث تناسياً لواجباتها تجاه‬ ‫مواطنيها‪ ،‬وتجاه صالح تيزاين واملرحوم محمود‬ ‫مبسوط وغريهام‪ ،‬الذي يستذكره أبو سليم‬ ‫أثناء لقاءنا‪ ،‬فيقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫كنت‬ ‫“كانت بدايايت من الحفالت املدرسية حني‬ ‫طالباً‪ ،‬لذلك كان لأليام األخرية من العام الدرايس‬ ‫خصوصية كبرية لديّ ‪ ،‬خاصة وأنه مل تعد هناك‬ ‫الروح الجامعية التي كنا نراها سابقاً‪ ،‬وأثناء‬ ‫تقدميي إلحدى اإلسكتشات يف حفلة املدرسة‪،‬‬ ‫قال يل أستاذي املرحوم رفيق الرفاعي‪“ :‬ستكون‬ ‫ممث ًال بارعاً”‪ ،‬فأخذت هذا الكالم عىل محمل‬ ‫الجدّ‪ ،‬حتى دخويل يف الكشاف وتأسييس فرقة‬ ‫النفري‪ ،‬ضمن كشاف الج ّراح يف مدينتي طرابلس‪،‬‬ ‫وكان محمود مبسوط “فهامن” ال يزال صبياً يف‬ ‫الرابعة عرش من عمره‪ ،‬حني طلب االنضامم إىل‬

‫‪64‬‬

‫الكشاف‪ ،‬ودعاين لحضوره يف مرسحية تقام يف‬ ‫مدرسته “الفاروق” يف نهاية العام‪ ،‬فكان أن لفت‬ ‫نظري بامتالكه موهبة مهمة‪ ،‬فاملوهبة هي أهم‬ ‫ُ‬ ‫وكنت أن احتضنته بأدوار بسيطة‬ ‫من دراسة الفن‪،‬‬ ‫يف مرسحياتنا‪ ،‬بعد أن تح ّولت فرقة النفري إىل‬ ‫فرقة كوميديا لبنان‪ ،‬ثم فرقة أبو سليم‪ .‬بعدها‪،‬‬ ‫غادر محمود إىل أخيه جميل مبسوط يف غانا‬ ‫ أفريقيا‪ ،‬بحيث بقي حوايل خمسة أعوام‪ .‬ويف‬‫العام ‪ ،1962‬وصلتني رسالة من محمود تقول‬ ‫بأنه قرأ يف إحدى الجرائد اللبنانية أنه أصبح‬ ‫لدينا تلفزيون يف لبنان‪ ،‬متسائ ًال إذا كان بإمكانه‬ ‫فرح ُ‬ ‫بت بذلك‪ ،‬وكان‬ ‫املجيء والعمل مع الفرقة؟‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫رفضت العمل بداية مع تلفزيون‬ ‫أن عاد بعد أن‬ ‫لبنان واملرشق‪ ،‬الذي أخذ عدداً من أعضاء الفرقة‬ ‫للعمل معهم ومنهم محمود مبسوط‪ ،‬وكان‬ ‫لهم برنامج “أنا أمني” الذي مل يدم طوي ًال بسبب‬ ‫عدم نجاحه”‪.‬‬ ‫ويتحدّث أبو سليم عن رحيل فهامن بحرقة‪،‬‬

‫ليقول‪“ :‬محمود كان فناناً يعطي أكرث ما بوسعه‪،‬‬ ‫فإذا ُط ِلب منه ‪ ،%5‬يعطي ‪ %10‬مبجهود ملحوظ‬ ‫واندفاع كبري‪ ،‬فطموحه مل يتوقف عىل العمل‬ ‫يف الفرقة فقط‪ ،‬بل أيضاً تناول أعاملنا مع‬ ‫الرحابنة‪ ،‬إضافة للعديد من املسلسالت‪ ،‬وعمله‬ ‫يف املرسح مع فرقة كركال‪ ،‬بحيث كان الجميع‬ ‫ميدح بأخالقه الحميدة‪ ،‬وبانضباطه يف العمل‪ .‬أما‬ ‫يف الفرتة األخرية‪ ،‬ومع ما ُيقيمه النائب ياسني‬ ‫جابر من حفالت سنوية يف قضاء النبطية خالل‬ ‫شهر متوز‪ ،‬ومشاركة فرقتنا يف العشاء القروي‬ ‫ضمن فعال ّياتها‪ ،‬عرب فصل متثييل كوميدي‬ ‫فكاهي‪ .‬يف آخر عمل مرسحي لنا‪ ،‬كنا نقدّم‬ ‫مرسحية يف بلدة كفرصري الجنوبية‪ ،‬حني شعر‬ ‫فهامن بوعكة صحية‪ ،‬وإذ به ينسحب خلف‬ ‫وتم نقله إىل‬ ‫خشبة املرسح‪ ،‬و ُيصاب بأزمة قلبية‪ّ ،‬‬ ‫مستشفى الشيخ راغب حرب‪ ،‬ولكن مل يتمكنوا‬ ‫من إنقاذ حياته‪ ،‬فتويف يوم االثنني ‪ 25‬متوز ‪،2011‬‬ ‫الساعة ‪ .4:39‬خرسنا فناناً كبرياً عظي ًام‪ ،‬مل‬ ‫يأخذ حقه مادياً‪ ،‬بل أخذ الكثري من محبة الناس‬ ‫وعطاءهم له كان بشكلٍ رهيب‪ ،‬وهذا ما ظهر‬ ‫يوم وفاته‪ .‬أما من الدولة‪ ،‬فليس هو فقط َمن مل‬ ‫يأخذ حقه‪ ،‬بل كل الفنانني اليوم غري حاصلني‬ ‫عىل حقوقهم‪ ،‬إذ ّأن املفروض منها اإلرساع بإقرار‬ ‫القانون املدين‪ ،‬الذي صادق عليه وزير الثقافة‬ ‫وهو اآلن موجود يف مجلس الوزراء‪ ،‬يك يتمكن‬ ‫الفنان من تلقي العالج بكرامته‪ ،‬وليس عىل‬ ‫مزاج وزارة الصحة‪ .‬هذا يشء ُمخ ٍز‪ ،‬ونتمنى أن‬ ‫يتم ذلك ليصبح الفنان اللبناين محرتماً‪ ،‬ويدفع‬ ‫الفنان األجنبي الذي يعمل يف لبنان الجبايات‬ ‫التي ندفعها نحن للنقابات الفنية حني نعمل‬ ‫يف الخارج‪ .‬يجب أن يصبح لدينا صندوق تعاضد‬ ‫ملساعدة الفنان يف معالجاته الصحية‪ ،‬وتأمني‬ ‫معاشه التقاعدي حني يكرب يف العمر‪ ،‬إسو ًة‬ ‫بغري قطاعات‪ ،‬فتص ّوري أنني أحسد سائقي‬ ‫التاكيس ألنهم مضمونون صحياً‪ ،‬بينام الفنان‬ ‫غري مضمون ويتبهدل يف املستشفيات”‪.‬‬ ‫أما عن فرقة أبو سليم‪ ،‬فيقول‪ :‬خرسنا ست‬

‫فنانني من الفرقة‪ :‬عز الدين حامدة‪ ،‬أبو الشباب‪،‬‬ ‫أمني‪ ،‬زهري‪ ،‬رشيف‪ ،‬جميل‪ ،‬واآلن خرسنا فهامن‪،‬‬ ‫ومل يبقَ سوى أبو سليم‪ ،‬أسعد‪ ،‬وشكري‪ ،‬وكلنا‬ ‫الصحي مل يعد يسمح‬ ‫يف عم ٍر متقدّم‪ ،‬ووضعنا‬ ‫ّ‬ ‫لنا بالعمل املرسحي والجهد الكبري‪ .‬أبلغ من‬ ‫العمر ‪ 82‬سنة أعطيت منها ‪ 62‬للفن‪ ،‬وأملك‬ ‫من الشهرة ومحبة الناس ما يكفي ويبقى ملئات‬ ‫السنوات‪ ،‬ومن جهة أخرى ال أملك منزالً خاصاً‬ ‫يب بل أسكن وعائلتي يف اإليجار‪ ،‬وال أملك سيارة‬ ‫ُ‬ ‫كنت أملكه هو غالريي‬ ‫وال أي يشء‪ ،‬كل ما‬ ‫للمفروشات أغطي من خالله ما ينقصني لدعم‬ ‫أعاميل الفنية‪ ،‬ألننا التزمنا بالفن وأخذناه عىل‬ ‫عاتقنا موهبة واحرتافاً‪ ،‬ففي هذا البلد‪ ،‬يصعب‬ ‫عىل الفنان احرتاف الفن‪ ،‬ألنه ال يستطيع العيش‬ ‫فقط من مدخوله‪ ،‬وبالتايل إذا أردنا أرشفة أعامل‬ ‫فهامن‪ ،‬يجب أرشفة أعامل املجموعة بالكامل‬ ‫ألنها كانت واحدة‪ ،‬عل ًام ّأن الفرقة قامت بأرشفة‬ ‫أعاملها عرب مجموعة كبرية من املخطوطات‬ ‫وهي موجودة اليوم يف نقابة اإلذاعة واملرسح‬ ‫والتلفزيون‪ ،‬وسنكمل العمل مبَن تب ّقى من أعضاء‬ ‫هذه الفرقة‪ ،‬حتى ولو أننا مل نعد منلك الشباب‬ ‫والنشاط الذي يتطلبه”‪.‬‬ ‫ويتابع‪“ :‬عملنا مع الرحابنة وهم خري الفنانني‬ ‫الذي أوهبهم الله لهذا البلد‪ ،‬فكانت تلك‬ ‫املرحلة الباهرة املسماّ ة بـ”الرحبانية”‪ ،‬مع الفنانة‬ ‫الكبرية فريوز‪ ،‬وهي مرحلة عرص لبنان الجوهري‬ ‫التي احتوت فيلمون وهبي‪ ،‬نرصي شمس الدين‪،‬‬ ‫ملحم بركات‪ ،‬فرقتَي أبو سليم وابو ملحم‬ ‫ّأن مرحلة الستينات كانت‬ ‫وغريها‪ ،‬أعتقد‬ ‫العرص الذهبي للفن‪ ،‬فربأيي ليس كل َمن يقوم‬ ‫بالتمثيل اليوم هو فنان حقيقي‪ ،‬حتى ولو تع ّلم‬ ‫يف املعاهد الفنية‪ ،‬فاملعهد يعلم تقنية التمثيل‬ ‫ولكن ال يخلق املوهبة”‪.‬‬ ‫وعن الكوميديا يف لبنان اليوم‪ ،‬وما ينقصها‬ ‫لتتميز أكرث‪ ،‬قال أبو سليم‪“ :‬هناك مج ّرد‬ ‫مشاهد كوميدية‪ ،‬إذ يحاولون إيجاد الكوميديا‬ ‫ولكن َمن يلعب األدوار الكوميدية ال ميلك النص‬ ‫الكوميدي‪ ،‬فبني الكوميديا والثقافة شع َرة‬ ‫واحدة‪ ،‬وال يستطيع أي فنان اإلمساك بها ليقوم‬ ‫بدور ُيقال عنه فن كوميدي‪ ،‬بل أصبح اليوم أقرب‬ ‫إىل الفن اإلنتقادي السيايس”‪.‬‬ ‫ويختم أبو سليم وهو يف عقده الثامن اليوم‪:‬‬ ‫“الدولة اللبنانية غائبة كلياً‪ ،‬وكأنها غري موجودة‪،‬‬ ‫إذ ّأن فناناً كأبو سليم و”أرضب وأطرح”‪ ،‬ماذا‬ ‫ينفعني اليوم العمل يف عم ٍر ناهز الثامنينات؟ إذ‬ ‫مل تعد لدي الق ّوة للعمل الفني‪ ،‬ولكنني ُمجرب‬ ‫عىل ذلك ألمتكن من العيش وعائلتي‪ ،‬يف حني أنه‬ ‫من املفروض أن تتوفر الرشوط الالزمة للنقابة‬ ‫ملساعديت ومساعدة أمثايل من الفنانني”‪.‬‬

‫إعداد وحوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبدالله‬

‫‪65‬‬

‫“فهامن”‪ ،‬إنها الشخصية التي بقيت‬ ‫مع الفنان محمود مبسوط حتى ما‬ ‫بعد وفاته‪ ،‬وهو الذي لطاملا زرع بسمة‬ ‫عىل وجوه مح ّبيه مبج ّرد ذكر إسمه‪،‬‬ ‫وتذ ّكر مقالبه بأصداقه ضمن األعامل‬ ‫املرسحية والتلفزيونية واإلذاعية لفرقة‬ ‫“أبو سـليم”‪.‬‬ ‫واحد تلو اآلخر‪ ،‬رحل أعضاء الفرقة‪،‬‬ ‫وكان “فهامن” آخر الراحلني يف ‪ 25‬متوز‬ ‫‪ ،2011‬وهو الذي حت ًام لن ينساه جمهوره‪،‬‬ ‫بل سيتذكر دامئاً “صاحب املقالب” ذي‬ ‫الشخصية اإلنسانية الط ّيبة‪ ،‬والقلب‬ ‫الرقيق‪ ،‬حتى ولو ّأن هذا القلب مل‬ ‫يساعده عىل استكامل ساعاته األخرية‬ ‫عىل خشبة املرسح‪.‬‬ ‫فبمرسحيته األخرية مع أبو سليم يف‬ ‫بلدة كفرصري الجنوبية‪ ،‬اختتم فهامن‬ ‫أعامله املرسحية التي تنقلت بني املرسح‬ ‫والتلفزيون واإلذاعة والسينام‪ ،‬ل ُيخ ّلد‬ ‫أعامالً ال ينساها جمهوره الذي أح ّبه‬ ‫وكان وفياً له يوم تشييعه‪ ،‬وهو الذي ترك‬ ‫خلفه العديد من األعامل الناجحة ومنها‬ ‫مع الرحبنة يف مسلسل “من يوم ليوم”‪،‬‬ ‫وضمن فيل َمي “سفر برلك” و”بنت الحارس”‪،‬‬ ‫إضافة لألعامل املرسحية خاصة مع فرقة‬ ‫أبو سليم‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬أبو سليم خرس فهامن‪ ،‬بعد‬ ‫لإلهتامم‬ ‫اللبنانية‬ ‫الدولة‬ ‫المباالة‬ ‫بفنانيها الذين أصبحوا يف عقودهم‬ ‫السابعة والثامنة والتاسعة‪ ،‬وكأنها غري‬ ‫“فهامنة” لحقوقهم ولواجباتها تجاههم‪.‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب فني‬

‫ّ‬ ‫مسرحي ضخم في العام ‪2012‬‬ ‫لعمل‬ ‫يحضر‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬

‫الفنان وجدي ش ّيا لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫نتم ّتع بكفاءة فنية عالية ُ‬ ‫ونعا َمل وفقاً لطوائفنا‬ ‫ّ‬ ‫تدخل سيايس‪ ،‬أم زحمة‬ ‫أزمة إنتاج‪ ،‬أم‬ ‫فنانني؟ حقوق مسلوبة‪ ،‬أم مواهب مهدورة‪،‬‬ ‫أم رأسامل فني جبان؟ أسئلة حملناها ملَن‬ ‫بأسلوب راقٍ يف التعامل مع النوتة‬ ‫مت ّيز‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫عمأل فنياً‬ ‫املوسيقية لتخرج من أنامله‬ ‫مبنتهى الرقة واألصالة‪.‬‬ ‫سنوات طويلة م ّرت عىل العطاء‬ ‫والصدق يف أعامله الفنية‪ ،‬بعد أن ر ّوض‬ ‫اآللة املوسيقية لتصبح ط ّيعة بني يديه‪،‬‬ ‫معطاءة لألسامع‪ ،‬ذي صدىً يسطع يف‬ ‫األجواء‪ ،‬إذ ال يزال الجميع ومنذ سنوات‬ ‫لحنها “إذا الشعب‬ ‫عديدة يردد األغنية التي ّ‬ ‫يوماً أراد الحياة فال بد أن يستجيب القدر”‪.‬‬ ‫امللحن وجدي ش ّيا‪،‬‬ ‫وكأنه هو‪ ،‬الفنان‬ ‫ّ‬ ‫جعل من اللحن املوسيقي عالجاً للروح‪،‬‬ ‫فكانت أن أمثرت ألحانه يف املرسحيات‬ ‫التي قدّمها‪ ،‬وحتى يف الربامج التي أعدّها‪،‬‬ ‫مشاعر أجمل وحيا ًة أرحب‪.‬‬ ‫ال سقف لطموحاته‪ ،‬وال حدود ألحالمه‪،‬‬ ‫يلحنون‪ ،‬وكرث يغنّون‪ ،‬لكنه رمبا‬ ‫نعم كرث‬ ‫ّ‬ ‫مت ّيز بانتقائه “زبدة” القصائد‪ ،‬لتقديم اللحن‬ ‫البارع لها‪ ،‬بطريقة مميزة‪ ،‬من ّمقة‪ ،‬وراقية‪.‬‬ ‫يصدر اللحن منه ليتكامل مع كلامت‬ ‫النص الشعري‪ ،‬فتصبح أغنية أو مشهداً‬ ‫مرسحياً ال يحتاج للتعريف عنه‪.‬‬ ‫“منرب التوحيد” زارته يف منزله الذي ال‬ ‫يزال يحافظ فيه أيضاً عىل األصالة العربية‬ ‫التاريخية‪ ،‬وكان حوارنا التايل‪:‬‬ ‫عضو يف العديد من النقابات اللبنانية‬ ‫والعربية‪ ،‬ما دور هذه النقابات يف حامية الفن‬ ‫األصيل؟‬ ‫كل نقابة لها عملها الخاص بها‪ ،‬إذ أنني عضو‬ ‫يف لجنة التحكيم يف جامعة الدول العربية‬ ‫مث ًال‪ ،‬الختيار املوسيقى الخاصة باملهرجان التابع‬ ‫للجامعة‪ ،‬بحيث نقوم باختيار األصوات الجميلة‬ ‫ضمن مسابقة تتم كل سنة يف بلد عريب‬ ‫معني‪ ،‬ليتخ ّرج منهم َمن يصبح مشهوراً‪ ،‬بحيث‬ ‫تقوم الجامعة بإنتاج عمل أو اثنني للفائزين‬ ‫إلظهارهم يف اإلعالم‪ُ .‬يطلب منا غالباً القيام‬ ‫بدراسات متعددة حول رأينا بالفن اليوم ومصريه‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املستقبيل‪ ،‬ولكن طبعاً تذهب ُسداً ّ‬ ‫ألن ال أحد‬ ‫يهتم‪.‬‬ ‫كام وأنني عضو يف الهيئة التنفيذية يف‬ ‫جمعية املؤلفني وامللحنني‪ ،‬وحالياً نائب رئيسها‪،‬‬ ‫وهي جمعية تحافظ عىل حقوق امللكية الفكرية‬ ‫وامللحن‪ .‬نسأل‪ :‬هل تؤدي دورها؟‬ ‫واملادية للمؤلف‬ ‫ّ‬ ‫هناك صالحيات كبرية معطاة لها‪ ،‬وفقاً لإلتفاقية‬ ‫ا ُملربمة ما بني جمعية املؤلفني وامللحنني – باريس‪،‬‬ ‫ووزارة الثقافة اللبنانية‪ ،‬إمنا آل ّية تنفيذها ال تتم‬ ‫بالشكل الصحيح‪ ،‬فهناك العديد من شاشات‬ ‫التلفزة ال تدفع بدل استعامل موسيقى وكلامت‬ ‫األغاين التي يسمعها الجمهور‪ ،‬ألنه من املفروض‬ ‫ّ‬ ‫ألن املؤلف وامللحن‬ ‫أن تدفع مثنها ألصحابها‪،‬‬ ‫ممن يتغاضون‬ ‫كرث‬ ‫هناك‬ ‫يعيش من هذه األعامل‪ .‬إذ‬ ‫َّ‬ ‫عن الدفع لحقوق املؤلف وامللحن‪ ،‬عل ًام أن هذا‬ ‫مذكور يف قانون اإلعالم‪ ،‬وهذه مأساة‪ ،‬فإما أنه‬ ‫جهل من الق ّيمني عىل اإلعالم‪ ،‬أو أنه ال مباالة‪ .‬من‬ ‫هنا‪ ،‬نحاول يف الجمعية بكل جهودنا‪ ،‬من خالل‬ ‫زياراتنا لوسائل اإلعالم املريئ واملسموع‪ ،‬املطالبة‬ ‫بحقوقنا الطبيعية‪ ،‬فمنهم َمن يتجاوب ومنهم‬ ‫من ال يبايل‪.‬‬ ‫ومن ثم يتحدثون عن الثورات‪ ،‬وكأننا إذا قمنا‬ ‫بثورة مث ًال من أجل حقوق املؤلفني وامللحنني‪،‬‬ ‫مبني عىل‬ ‫سنحصل عىل حقوقنا‪ .‬إنه بلد‬ ‫ّ‬

‫‪66‬‬

‫بالكفاءة‬ ‫لطوائفنا‪،‬‬

‫متتعنا‬ ‫مهام‬ ‫وبالتايل‬ ‫الطائفية‪،‬‬ ‫ُحسب يف النهاية وفقاً‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫العالية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ومن ثم يقولون‪“ :‬لبنان أوالً”‪.‬‬ ‫ماذا عن القطاع الفني؟‬ ‫أستغرب ما يحصل فيه‪ ،‬والذي أح ّمل‬ ‫مسؤوليته الكربى‪ ،‬للدولة ولوزارة الثقافة‬ ‫بالتحديد ومن ثم لوزارة اإلعالم‪ ،‬نظراً لهذا‬ ‫اإلنفصال واإلنفصام الحاصل‪ّ ،‬‬ ‫بأن اإلبداع اللبناين‬ ‫وكل هذا الفن العظيم الذي نرش ثقافة لبنان‬ ‫يف العامل‪ُ ،‬يدار باستخفاف فظيع‪ ،‬ويعود السبب‬ ‫ٌّ‬ ‫فكل يغني عىل لياله‪،‬‬ ‫كام قلنا للطائفية‪،‬‬ ‫وهذا ما نجده يف اختيار الفنانني الذين يحيون‬ ‫املهرجانات يف املناطق اللبنانية‪ ،‬بحيث يتم‬ ‫اختيار فالن بدالً من فالن ألنه محسوب عىل هذه‬ ‫الطائفة وليس عىل تلك‪ .‬أما املهرجانات األخرى‬ ‫التي تحصل‪ ،‬فمع األسف‪ ،‬هي مجرد مهرجانات‬ ‫تجارية‪ ،‬ال تتيح لإلنسان اللبناين امللتزم أخالقياً أن‬ ‫يتنازل عن الكثري من األمور التي يطلبون التنازل‬ ‫عنها‪ ،‬وبالتايل نجد الفنان الذي يرفض هذه األمور‪،‬‬ ‫يصعب عليه إيجاد الحضور الالزم أثناء املهرجانات‪.‬‬ ‫السبب يف ذلك أن هذه املهرجانات ووسائل‬ ‫اإلعالم تح ّولت لـ “سوبر ماركت”‪ ،‬تسعى إليجاد‬ ‫الفنان األوفر واألقل أجراً‪ ،‬لذلك ما يوجد يف قطاع‬ ‫الزراعة ينطبق كلياً عىل القطاع الفني‪ ،‬فكام‬

‫توجد مواد مل ّوثة يف السوق‪ ،‬كذلك توجد أغاين‬ ‫مل ّوثة‪.‬‬ ‫إذاً كيف يتمكن املؤلف وامللحن من العيش؟‬ ‫أسأل نفس السؤال؟ عىل املستوى الشخيص‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫فصلت نفيس منذ البداية‪ ،‬ما بني وجدي‬ ‫املوسيقي‪ ،‬ووجدي الذي يعمل يف املؤسسات‬ ‫اإلعالمية أو مع رشكات اإلنتاج‪ ،‬بحيث أصبح‬ ‫لدي مؤسسة خاصة تخلق األفكار الفنية‪،‬‬ ‫وتو ّزعها للمحطات التلفزيونية‪ ،‬بعد أن نقوم‬ ‫باإلرشاف عليها‪ ،‬هذا ما يساعدين يف اإلنفاق‬ ‫عىل املوسيقى‪ ،‬أما املوسيقى يف لبنان فال‬ ‫ّ‬ ‫ألن بعض‬ ‫يستطيع الفنان أن يعتاش منها‪،‬‬ ‫َمن ينفقون األموال عىل املوسيقى مصابون‬ ‫بحالة ال وعي وال إهتامم وبحالة “تطويس” – أي‬ ‫يسريون كالطاووس‪ ،‬بحيث نجد شبه مغنّية‬ ‫متلك مق ّومات أخرى غري الصوت الجميل‪ُ ،‬تك َّرم‬ ‫و ُتستق َبل وتستضاف و ُيسمع لها‪ ،‬أكرث من أي‬ ‫مؤلف موسيقي‪ ،‬وبالتايل فوزارة الثقافة مسؤولة‬ ‫عن ِكال الحالتني‪ .‬ال أطالب هنا مبنع أي فنان من‬ ‫الظهور اإلعالمي‪ ،‬بل أطالب بفسح املجال للفنان‬ ‫ا ُملحرتم للعمل الجدي وأخذ حقوقه ألنه لن يقبل‬ ‫بزيارة هذا النائب أو ذاك لطلب املساعدة‪.‬‬ ‫ماذا عن أعاملك الفنية؟‬ ‫ال أريد الحديث عن أعاميل القادمة والتي قد‬ ‫تكون من أضخم األعامل يف الرشق األوسط يف‬ ‫العام ‪ ،2012‬بل أو ّد من خالل هذا املنرب أن ألفت‬ ‫وطن يوجد فيه‬ ‫النظر إىل أنه من ا ُملعيب عىل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الكم الهائل من الشعراء واألدباء واملبدعني‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫وكلهم دون مستوى الفقر‪ ،‬ومن ا ُملعيب أيضاً عىل‬ ‫بلد كلبنان أن يقبل بأن يرتدّى فيه الوضع الصحي‬ ‫للفنان الكبري وديع الصايف‪ ،‬وتعالجه دولة أخرى‪،‬‬ ‫مع احرتامنا لتلك الدولة‪ّ ،‬‬ ‫ألن وديع الصايف هو‬ ‫صحته‪ ،‬لكننا مل ن َر‬ ‫إبن هذا الوطن املسؤول عن ّ‬ ‫أن “لبنان أوالً” هو َمن عالجه‪ .‬وكذلك رأينا أشخاصاً‬ ‫آخرين عالجوا الفنان عايص الرحباين‪ ،‬وغريهم‬ ‫قدّروا فريوز‪ ،‬هؤالء هم َمن صنعوا وطناً‪ ،‬وكذلك‬ ‫زيك ناصيف فلوال مؤسسة تدعى ‪ ،LBC‬التي‬ ‫أ ّمنت له اإلستشفاء يف نهاية حياته‪ ،‬ملا متكن من‬ ‫تلقي معالجته الصحية‪ .‬هناك إهامل ال يوصف وال‬ ‫ُيسمح‪ ،‬لذلك عىل الدولة التي يئسنا منها‪ ،‬وعىل‬ ‫َمن يتكلمون بالشؤون السياسية واالجتامعية‪،‬‬ ‫يوجهوا دقيقة من حديثهم يف كل مقابلة‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫تلفزيونية‪ ،‬لإللتفات إىل هذه الرشيحة الكبرية‬ ‫التي تنتظر دع ًام سياسياً ومادياً لتشييع أحد‬ ‫أعضائها‪ ،‬إذ تنتظر املساعدة من األمري الوليد‬ ‫بن طالل أو غريه يف الخارج لتتمكن من تشييع‬ ‫هذا الفنان أو ذاك‪ .‬هذا أمر غري مسموح والعتب‬ ‫الكبري هو عىل َمن يعارضون‪ ،‬ألنهم ال يعتربون‬ ‫هذا املوضوع أولوية بالنسبة لهم‪ ،‬يف حني أن‬ ‫األولوية طبعاً هي للفن والثقافة اللبنانية‪ ،‬يف‬ ‫غياب البرتول وغريها من القطاعات التي قد ترفع‬ ‫لبنان إىل األعىل‪ ،‬لذلك نرى العديد من الفنانني‬ ‫يدخلون يف أعامل مشبوهة وغري الئقة تحت‬

‫شعار الفن للتمكن من كسب لقمة العيش يف‬ ‫بلد ال يحرتم الفن والفنانني‪.‬‬ ‫َمن املسؤول عن كل ذلك‪ ،‬هل هي الدولة أم‬ ‫وامللحن نفسه؟‬ ‫رشكات اإلنتاج أم املؤلف‬ ‫ّ‬ ‫هناك قانون ينظم هذه العملية‪ ،‬ولكن عندما‬ ‫ال يتم تنفيذه تكون الدولة مسؤولة عن ذلك‪،‬‬ ‫ممن ميلك بضعة آالف من‬ ‫فعندما يقوم أحدهم َّ‬ ‫وجد مغنيات‬ ‫الدوالرات ويؤسس رشكة إنتاج‪ ،‬و ُي ِ‬ ‫جميالت‪ ،‬ومن ثم نرى الوزراء يك ّرمونها‪ ،‬إذ ّأن أي‬ ‫فنان حقيقي ميلك كرامة حقيقية‪ ،‬ال تسمح له‬ ‫بالتنازل أليٍّ كان‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬قدّمنا بعض التنازالت‪،‬‬ ‫يف كثري من األجواء نتيجة العوملة الحاصلة‪،‬‬ ‫ونتيجة اإلنفتاح وعدم التشدّد‪ .‬لكنهم ال زالوا‬ ‫يريدون أن يأخذوا إنتاجاتنا وال يعطوا أي يشء يف‬ ‫املقابل‪.‬‬ ‫تحد َ‬ ‫وامللحن‬ ‫ّثت عن حقوق امللكية للمؤلف‬ ‫ّ‬ ‫عىل ح ّد سواء‪ ،‬ماذا عن األلحان املرسوقة التي‬ ‫تم الحديث عنها؟‬ ‫لطاملا ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ووجدت أن‬ ‫كنت مؤخراً يف زيارة لرتكيا‪،‬‬ ‫العديد من الشعراء اللبنانيني يأخذون املوسيقى‬ ‫الرتكية ويضعون الكالم عليها‪ ،‬ألنها متاشبهة‬ ‫مع موسيقانا‪ ،‬وال يوجد َمن يسأل‪ ،‬وهذه مشكلة‬ ‫ثقافية‪ ،‬فهناك هوية يتم رسقتها‪ ،‬ألن املغني أو‬ ‫الشاعر ال يريد دفع مثن تأليف لحن‪ ،‬واملشكلة‬ ‫األكرب هي يف اإلذاعات التي تبث هذه األلحان‬ ‫املرسوقة بدون أي رقيب‪ .‬هناك رواية قدمية‬ ‫تتحدث عن شخص فرنيس زار مرة لبنان ورأى‬ ‫الفينيقيني يقطعون أشجار األرز عىل شواطىء‬ ‫البحر‪ ،‬فقال‪“ :‬املواطن الذي يقطع شجر أرزه‪ ،‬ال‬ ‫مستقبل له”‪ ،‬لذلك أقول اليوم ّأن البلد الذي ال‬ ‫وملحنيه وأدبائه الذين‬ ‫يحرتم فنانيه ومؤلفيه‬ ‫ّ‬ ‫غزوا العامل كله بدون طائفية‪ ،‬ال مستقبل له‪.‬‬ ‫فلألسف‪ ،‬نحن نجعل من الزعيم السيايس إلهاً‪،‬‬ ‫وليس من املبدع الذي أوجد الحضارة الحقيقية‬ ‫ونرش ثقافة لبنان يف العامل كله‪ ،‬بد ًءا من جربان‬ ‫خليل جربان وصوالً إىل سعيد عقل‪ ،‬وغريهام من‬ ‫األدباء وامللحنني واملؤلفني الذي يؤثرون يف العامل‬

‫‪67‬‬

‫أجمع أكرث من تأثري أي شخص آخر‪.‬‬ ‫بالتايل‪ ،‬لدينا مشكلة حقيقية وعلينا‬ ‫مواجهتها بعنف‪ ،‬بالرغم من ّأن املوسيقى ال‬ ‫تؤمن بالعنف‪ ،‬ولكن ميكننا التغيري عرب جرأة أكرب‬ ‫وإال سنبقى عىل هذا املستوى املتدين للفن‪ .‬فال‬ ‫قيمة لألعامل الفنية إذا مل يتواجد َمن يحميها‬ ‫و ُيظهرها بالكشل الصحيح‪.‬‬ ‫ّإن لقاءنا اليوم هو رصخة ملَن يجب أن نسمع‪،‬‬ ‫وأتص ّور أننا كلنا مسؤولون وليس حزب أو جهة‬ ‫سياسية معينة‪ ،‬فهذا الفن هو كالهواء الذي‬ ‫يتنفسه الجميع عىل هذه األرض‪ .‬لذلك‪ ،‬فهذه‬ ‫مشكلة مشرتكة يجب أن يتفق عليها الجميع‪،‬‬ ‫وخاصة البدء بدون الطائفية يف الفن‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يطالب به الجميع يف الوظائف اإلدارية الرسمية‪،‬‬ ‫وما نطالب به نحن يف الوظائف اإلعالمية لجهة‬ ‫مدراء اإلذاعات والتلفزيونات وغريها‪ ،‬أي عرب‬ ‫الكفاءة‪ .‬فليبدأوا منها‪ ،‬ليثبتوا أن العقل أهم‬ ‫من الطائفة‪ ،‬واإلبداع أهم من محارصة الشخص‬ ‫يف جهة معينة‪ ،‬واإلنسانية أكرب من هذا‬ ‫التقوقع‪ ،‬وإال سيكون كل واحد منا ُمجرب للعودة‬ ‫إىل منطقته وطائفته التي ُولِد فيها منذ الصغر‬ ‫لإلحتامء بها واإلستفادة منها‪.‬‬ ‫ما نسبة الفن الرشقي النقي املوجود‬ ‫اليوم؟‬ ‫أصبحت اإلتجاهات كلها اليوم تجارية‪ ،‬وأصبحت‬ ‫األعامل املبتذلة أهم وأفضل وتحقق أكرث مبيعات‪،‬‬ ‫يف حني تبقى األعامل الجدية أقل مبيعاً‪ ،‬عل ًام أن‬ ‫هناك بعض اإلستثناءات إذ ال تزال أعامل السيدة‬ ‫فريوز وأم كلثوم مث ًال تحقق أكرب نسبة مبيعات‪،‬‬ ‫ولكن العتب فيام يتم عرب األعامل املبتذلة هو‬ ‫ما يتم التسويق له عرب اإلعالم املدسوس‪ ،‬لرضب‬ ‫الثقافة يف العامل العريب كله‪ ،‬وليس فقط يف‬ ‫لبنان‪ .‬إذا مل يتن ّبه العرب لذلك‪ ،‬وإذا مل نجد َمن‬ ‫يحافظ ويقاوم ثقافياً‪ ،‬فلن يبقى يشء نرتكز عليه‬ ‫حضارياً‪ .‬هي حقيقة اكتشفتها طيلة عميل‬ ‫يف القطاع الفني عىل مدى ‪ 25‬سنة‪ ،‬يف كل‬ ‫القطاعات‪ :‬التلفزيون واملرسح واألغاين واملحافل‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب فني‬ ‫العربية والغربية‪ ،‬والحظت ّأن العرب عائدون للوراء‬ ‫باستمرار‪ ،‬فمث ًال الكونرسفاتوار الوطني اللبناين‬ ‫الذي جعله الراحل د‪ .‬وليد غلمية شبه مؤسسة‪،‬‬ ‫ال ميت إىل املقاييس العاملية بصلة‪ ،‬وحتى ّأن‬ ‫معظم عازيف األوركسرتا الوطنية فيه هم من‬ ‫الروس واألملان واألمريكيني وليسوا لبنانيني‪ ،‬بينام‬ ‫نرى أن ‪ %80‬من األوركسرتا الوطنية يف سوريا‬ ‫مث ًال هم سوريون‪ ،‬ولديهم ضامن ومعاش تقاعدي‬ ‫وكل األمور مسهّلة لديهم‪ .‬ما أقوله‪ ،‬هو ّأن وطن‬ ‫بال موسيقى‪ ،‬وطن بال حياة‪ .‬فوطن فيه هذا‬ ‫املستوى من رسقة املوسيقى واإلنهيار الثقايف‬ ‫الحاصل‪ ،‬بدون شك سينهار بالسياسة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫شاركت بإعداد معظم الربامج التلفزيونية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫لديك عتب عىل العديد من املحطات‬ ‫عل ًام ّأن‬ ‫التي تقول أنها أصبحت متجهة للتجارة‪.‬‬ ‫لألسف معظم املحطات تأيت بأسوأ األشخاص‬ ‫ليكونوا ضمن لجان تحكيم برامج املواهب‪،‬‬ ‫ولألسف حتى ولو ُو ِجدت الضخامة يف اإلنتاج‪،‬‬ ‫تبقى معظم أفكار هذه الربامج ذي أساس‬ ‫غريب‪.‬‬ ‫ما هو ّ‬ ‫الحل لهذا الوضع برأيك؟‬ ‫ال نحتاج أكرث من ميزانية نائب يف الربملان‬ ‫لتسيري عجلة اإلنتاج الفني‪ ،‬وال نحتاج إلمكانية‬ ‫أكرب من إمكانية سمسار يف إدارة رسمية لتأمني‬ ‫سبل العيش لقطاع بأكمله من الفنانني إلنتاج‬ ‫أعامل جديدة‪ .‬هذا أمر سهل‪ ،‬إذ عىل وزارة الثقافة‬ ‫تنفيذ القانون الذي يق ّر بأن يكون ‪ 60‬أو ‪%70‬‬ ‫من البث لبنانياً‪ ،‬فام املانع مث ًال من إعادة إنتاج‬ ‫قصص وروايات أمني الريحاين أو يوسف عواد أو‬ ‫مارون عبود ضمن مسلسالت تساهم يف إنتاجها‬ ‫رشكة كـ”سوليدير” أو إحدى رشكات الخليوي‪،‬‬ ‫أي توظيف نسبة بسيطة من رصيدها لإلنتاج‬ ‫املحيل؟ لكنهم ال يريدون ذلك‪ ،‬بل يبقون عىل عرض‬ ‫املسلسالت الرتكية الغربية‪ ،‬بدل اإلنتاج املحيل أو‬ ‫العريب‪ ،‬بينام نجد قراراً مركزياً يف سوريا يقيض‬ ‫بتعزيز الثقافة واإلنتاج املحيل عرب اإلعالم بكافة‬ ‫يهم وسائل إعالمنا يف لبنان‬ ‫جوانبه‪ ،‬يف حني ال ّ‬ ‫سوى رىض اإلخوان العرب‪ ،‬ورىض هذا الشيخ أو‬ ‫ذاك‪ ،‬بحيث نرى رشكة كاملة كناية عن “روتانا”‬ ‫حارصت القطاع املوسيقي وصادرته يف العامل‬ ‫العريب كله بنا ًء عىل مزاج بعض األشخاص‪ ،‬ومن‬ ‫ثم يتحدّثون عن الثورات العربية! هذا ما يجب أن‬ ‫يتم الثورة عليه‪.‬‬ ‫نت سابقاً أغنية‪“ :‬إذا الشعب يوماً‬ ‫لح َ‬ ‫لكنك ّ‬ ‫أراد الحياة”‪ ،‬أال تعترب أنه حان الوقت للثورة؟‬ ‫ال أصدّق ّأن هذا الشعب أو ذاك هو الذي يقوم‬ ‫بهذه التحركات التي يس ّمونها “ثورات”‪ ،‬وأؤكد‬ ‫أن الجميع يتح ّركون عرب “الرميوت” وليس بكامل‬ ‫إرادتهم‪ .‬نعم‪ ،‬أؤكد عىل هذه األغنية‪ ،‬وأؤيد كل‬ ‫ُ‬ ‫قمت بتلحينها فيها‪ ،‬ومع األغنية الثانية‬ ‫كلمة‬ ‫لحنتها للفنانة لطيفة يف حرب متوز ‪،2006‬‬ ‫التي ّ‬ ‫والتي تقول‪“ :‬إميش مشية مارد وقفة ع ّز وقاف‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تناولت يف‬ ‫خليّ الله بقلبك من املوت ال تخاف”‪ .‬وقد‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫منرب صحة‬

‫الصوم يقي من أمراض القلب والسكري‬

‫إحدى الجمل موضوع مهم جداً حني ُ‬ ‫قلت‪“ :‬ارصخ‬ ‫والحدى إما أن يزيل‬ ‫الحدى”‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫بهاملدى‪ ،‬غنّي غناين ِ‬ ‫الحزن أو يزيد الفرح أو يعزز النرص‪ ،‬ألنه فعل إميان‬ ‫صادق وقد يساعد يف هزمية العدو‪ .‬ف َمن يصدّق‬ ‫ّ‬ ‫بأن هذا الشعب الذي انتخب ح ّكامه مبا نسبته‬ ‫‪ ،%99.99‬يطالب اليوم باستقالتهم‪ ،‬واألكرث من‬ ‫ذلك يطالب بأنظمة أسوأ من تلك املوجودة‪ ،‬يجب‬ ‫اليسء باألسوأ‪ .‬فليقنعني أحد‬ ‫أن نتن ّبه أال نبادل‬ ‫ّ‬ ‫علمياً كيف سيتعلم هذا الشعب الذي بقي‬ ‫خمسني سنة ينتخب نفس النظام ويتع ّرض‬ ‫لنفس الصدمة؟ وكيف سيتح ّرر؟‬ ‫أين دور املوسيقى يف ذلك؟‬ ‫الثقافة واملوسيقى هي التي تحرر‪ ،‬ورمبا لذلك ال‬ ‫يدعونها تصل إىل الجمهور العريب‪ ،‬الذي هو حقاً‬ ‫بحاجة للحرية‪ ،‬ونراهم ميتلكون تلك الرشكة‬ ‫اإلنتاجية “روتانا” بضخامة مالية‪ ،‬ملصادرة‬ ‫املوسيقى‪ ،‬والدليل عىل ذلك أنها ال متلك ال‬ ‫أعامل األخوين الرحباين وال السيدة فريوز وال كل‬ ‫َمن غنّى للحرية‪.‬‬ ‫أسأل أكرث من ذلك‪ :‬هل تستطيع هذه‬ ‫الرشكة أن تحمل أعامل كبرية بضخامة أعامل‬ ‫الفنان زياد الرحباين؟ طبعاً ال تستطيع‪ ،‬ألنها‬ ‫مس ّيسة‪ .‬لذلك‪ ،‬أعترب نفيس مناض ًال من‬ ‫املناضلني‪ ،‬والتاريخ يتحدث عني‪ ،‬فبموقعنا‬ ‫وجغرافيتنا وبخطنا القومي العريب‪ ،‬متكنا من‬ ‫تحقيق اإلنجازات والحصول عىل التقدير والجوائز‪،‬‬ ‫ووصلنا إىل مستويات عالية‪ ،‬وهذا ُمشابه لعمل‬ ‫املناضل الذي يحفر يف الصخر‪ ،‬وهذا ما فعلناه‪،‬‬ ‫فقد حفرنا يف الصخر يك نصل إىل ما وصلنا‬ ‫وبقي لدينا جزء يسري من األحالم والكثري‬ ‫إليه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫من النقد والسخط والغضب عىل املسؤولني‬ ‫الذين ادّعوا يوماً من األيام أنهم سيقومون‬ ‫بالتحرير وسيقدّمون الحرية للشعب‪ .‬رأيناهم‬ ‫حني أصبحوا مسؤولني‪ ،‬كيف خرجوا من حلبة‬ ‫النضال‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قمت بتلحني أغنية للفنان وديع الصايف‬ ‫مؤخراً تناولت التوعية البيئية‪ ،‬برأيك هل هذا‬ ‫القطاع من الفن يأيت باإلنتاج الكبري؟‬ ‫عندما اخرتنا الفن‪ ،‬أردنا تقديم يشء مفيد‬

‫‪68‬‬

‫للناس‪ ،‬ومع تقدّم الفنان الكبري وديع الصايف‬ ‫يف السنّ ‪ ،‬أردناها أن تكون وصية منه للجمهور‪،‬‬ ‫فكانت أغنية “وص ّيتكم بيئتكم”‪ ،‬ونحن نرى‬ ‫ّ‬ ‫لحل املشكلة البيئية‬ ‫أن العامل أجمع مستنفر‬ ‫العاملية‪ ،‬وقمنا بتقدميها للمحطات التلفزيونية‬ ‫التي مل تعرضها سوى بشكل بسيط ألنها‬ ‫ليست كاألعامل الفنية املبتذلة والخارجة عن‬ ‫اإلطار الفني الصحيح‪ .‬وهذا ما نجده يف كافة‬ ‫مفصل يف‬ ‫الوظائف‪ ،‬والذي سأتناوله بشكل‬ ‫ّ‬ ‫العمل الضخم الذي أحضرّ له يف العام ‪،2012‬‬ ‫وهو عمل مرسحي غنايئ موسيقي كبري‪ ،‬من‬ ‫كتابتي وألحاين‪ .‬إنه عمل إنساين عاملي يتحدث‬ ‫عن هموم الناس الحقيقية واملشرتكة والقمع‬ ‫السيايس واإلجتامعي والصحي واإلقتصادي‪.‬‬ ‫كرث اعتربوا ّأن نجاح وجدي شيا ارتفع عرب‬ ‫العمل املرسحي “أورنينا”‪.‬‬ ‫لطاملا كانت أحالمي تفوق مج ّرد أغنية‬ ‫صغرية بل بحاجة ملجال أرحب‪ ،‬فكانت “أورنينا”‬ ‫املجال األوسع للتعبري عن أفكاري‪ ،‬ومن ثم قد ُ‬ ‫ّمت‬ ‫مرسحية “أنا رشقية” من كتابة األستاذ جورج‬ ‫جرداق‪ ،‬والتي هي من أصعب األعامل املرسحية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأن العديد من املوسيقيني يف العامل‬ ‫حتى‬ ‫العريب قدّموا أبحاثهم يف الدكتوراه بنا ًء عىل‬ ‫مرسحية “أنا رشقية”‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قمت بأرشفة مجموعة كبرية من أعاملك‬ ‫الفنية واملرسحية ضمن خمس أسطوانات‬ ‫موحدة‪ ،‬هل هذا بدل عماّ ال تقوم به النقابات‬ ‫ّ‬ ‫من أرشفة لألعامل الفنية؟‬ ‫كان يجب أن أحفظ العديد من األعامل وبرأيي‬ ‫تستحق أن يتم اإلستامع إليها‪ ،‬لذلك قدّمتها‬ ‫يف أسطوانات خمس‪ ،‬وال شك أن هناك العديد‬ ‫من األعامل التي أتت الحقاً‪ .‬ولكن لألسف‪،‬‬ ‫يوجد مشكلة كبرية مع املنتجني والرأسامل‬ ‫القوي‪ ،‬ومع الدماغ العريب البعيد عن الثقافة‬ ‫الحقيقية‪.‬‬

‫حوار‪ :‬سايل نوفل‬ ‫تصوير‪ :‬عدنان عبد الله‬

‫تعترب أمراض القلب والرشايني والسكري من‬ ‫أكرث األمراض غري املعدية انتشاراً يف العامل‬ ‫حيث تصل نسبتها إىل أكرث من ‪ % 50‬من أسباب‬ ‫الوفيات‪ ،‬هذا ال يعني أن املرىض الذين يعانون‬ ‫منها ال ميارسون طريقة حياتهم كبقية األفراد‬ ‫يف املجتمع بل عىل العكس‪ ،‬كل ما هنالك هو‬ ‫أن يتبعوا منط نظام غذايئ صحي وسليم‪ ،‬والذي‬ ‫يعترب يف األصل ليس حكراً عليهم بل يشمل‬ ‫جميع األفراد يف املجتمع بغض النظر عن العمر‬ ‫كوقاية أولية من هذه األمراض‪.‬‬ ‫أحد هذه األمور الحياتية هو ما نعيشه يف شهر‬ ‫رمضان‪ ،‬شهر الصيام‪ ،‬وكثرياً ما تكرث األسئلة‬ ‫الطبية عن إمكانية الصوم أم ال‪ ،‬وكيف نتعامل‬ ‫مع األدوية خاص ًة وأنها أدوية أمراض قلب ورشايني‬ ‫وارتفاع ضغط وسكري وارتفاع كولسرتول‬ ‫ودهنيات وهي أمراض مزمنة‪ ،‬وغريها من األسئلة‪،‬‬ ‫فإذا ما اتبعت هذه النصائح واإلرشادات الصحية‬ ‫والتوصيات الغذائية بشكلها الصحيح‪ ،‬فتكون‬ ‫هناك فوائد عديدة‪ ،‬تضاف إىل بقية الفوائد التي‬ ‫يجنيها الصائم‪.‬‬

‫تأثري الصوم عىل القلب‬ ‫من املعروف أن اإلفراط يف األكل وخاصة األكل‬ ‫الغني بالدهنيات الحيوانية يؤدي إىل ارتفاع يف‬ ‫نسبة الكولسرتول والدهون األخرى يف الدم‪،‬‬ ‫وهذا يؤدي إىل ترسبها عىل جدران الرشايني يف‬ ‫جميع الجسم مبا فيها الرشايني التاجية‪ ،‬وهذا‬ ‫يسبب ضيقاً داخل الرشايني ويحدث ما يسمى‬ ‫بتصلب الرشايني وهذا يعني تغيرّ تكوينها من‬ ‫أوعية دموية مرنة إىل أنابيب صلبة وقد يحصل‬ ‫انسداد يف هذه الرشايني بسبب ترسبات‬ ‫الكوليسرتول ومينع وصول الدم إىل عضلة‬ ‫القلب‪ ،‬بعد هذه املقدمة نستطيع أن نستنتج أن‬ ‫اإلفراط يف الطعام خاصة الدسم منه يؤدي إىل‬ ‫مشاكل كثرية يف القلب واإلقالل من الطعام‬ ‫والصوم يؤدي إىل نقص امتصاص املواد الدهنية‬ ‫وبالتايل نقص الكوليسرتول ومينع حدوث تصلب‬ ‫الرشايني‪ ،‬أضف إىل ذلك أن الصوم يعطي راحة‬ ‫للقلب املتعب والضعيف وعدم تحميله زيادة عن‬ ‫طاقته وأخرياً فإن املعدة اململوءة بالطعام تدفع‬ ‫الحاجب الحاجز إىل أعىل وهذا يضيق التجويف‬ ‫الصدري ويقلل من أداء الرئة والقلب‪.‬‬

‫هل ميكن ملريض القلب أن يصوم؟‬ ‫عىل وجه العموم اإلجابة نعم‪ ،‬ولكن يجب‬

‫تحديد كل مرض عىل حدة‪ ،‬كذلك‬ ‫ما ينطبق عىل مريض قد ال‬ ‫ينطبق عىل اآلخر حتى لو تشابه‬ ‫املرض‪ ،‬فمث ًال جميع أمراض القلب‬ ‫الحادة وخاصة يف بدايتها ال ينصح‬ ‫املريض بالصوم حتى تستقر‬ ‫حالته الصحية‪ ،‬فمريض الذبحة‬ ‫الصدرية املستقر الحالة يستطيع‬ ‫الصوم مع ترتيب العالج ليكون‬ ‫يف وقت اإلفطار والسحور‪.‬‬ ‫أما مريض الجلطة القلبية فإن‬ ‫كانت حادة فال يستطيع املريض‬ ‫الصوم ألنه غالباً يكون تحت العناية‬ ‫املركزة ويحتاج إىل أدوية ومغذيات‬ ‫كثرية يف فرتات متقاربة‪ .‬أما بعد‬ ‫استقرار الحالة فينطبق عليه ما‬ ‫ينطبق عىل غريه فإذا كانت األدوية‬ ‫التي يأخذها املريض تؤخذ مرة‬ ‫يف اليوم أو مرتني عىل فرتات متفاوتة وطويلة‬ ‫فيمكن صيامه‪.‬‬ ‫وينطبق هذا املوضوع عىل جميع الحاالت‬ ‫املرضية للقلب‪ .‬فإذا كانت الحالة مستقرة‬ ‫يستطيع املريض الصوم مع أخذ العالج بانتظام‪،‬‬ ‫فذلك أوىل دون شك ويجب عىل املريض أال يخاطر‬ ‫بصحته ويدعي املقدرة مع عجزه عن ذلك‪.‬‬

‫وماذا عن ارتفاع ضغط الدم؟‬ ‫بالنسبة الرتفاع ضغط الدم فأسبابه عديدة‪:‬‬ ‫وأكرثها غري معروف‪ ،‬ولكن من األسباب املعروفة‬ ‫السمنة وتصلب الرشايني نتيجة ترسب‬ ‫الكوليسرتول‪ ،‬بعض أمراض الكىل‪ ،‬أمراض‬ ‫الغدة الجاركلوية كل هذه األسباب وغريها تؤدي‬ ‫إىل ارتفاع ضغط الدم الرشياين‪ ،‬وهذا قد يؤدي‬ ‫إذا ترك دون عالج وخاصة إذا كان االرتفاع شديداً‬ ‫إىل تلف أعضاء كثرية منها الكىل والقلب وقد‬ ‫يؤدي إىل نزيف يف املخ أيضاً‪.‬‬ ‫وعالج ارتفاع الضغط يكون يف البداية عن‬ ‫طريق اإلقالل من األكل لتاليف حدوث السمنة‬ ‫التي تزيد من مشاكل ارتفاع الضغط‪ ،‬كام‬ ‫يويص باإلقالل من امللح ألنه يزيد تجمع السوائل‬ ‫يف األوعية الدموية وبالتايل ارتفاع الضغط‪،‬‬ ‫يتضح مام سبق أن الصوم عامل رئيس لعالج أو‬ ‫عىل األقل تحسني ارتفاع الضغط خاصة إذا ما‬ ‫التزم املريض بتعاليم الصيام الصحيحة وابتعد‬ ‫عن اإلكثار من األكل عند اإلفطار وعند السحور‬ ‫ففي هذه الحالة سوف ينقص وزنه‪ ،‬وتتحسن‬ ‫حالته الصحية تبعاً لذلك‪ ،‬أيضاً الصوم عن‬

‫‪69‬‬

‫السوائل خالل النهار بال شك سوف يقلل من‬ ‫كمية سائل الدم يف األوعية الدموية وبالتايل‬ ‫يخفض الضغط تبعاً لذلك‪.‬‬

‫الصوم يقي من مريض القلب‬ ‫والسكري‬ ‫وأكدت دراسة علمية حديثة أن الصوم يقلل‬ ‫من مخاطر اإلصابة بأمراض الرشايني التاجية‬ ‫والسكري‪ ،‬كام أملحت نتائجها إىل أنه قد يساعد‬ ‫الجسم عىل استهالك الدهون‪.‬‬ ‫وأظهرت الدراسة‪ ،‬التي نفذها فريق بحث من‬ ‫معهد القلب مبركز «إنرتماوننت» الصحي يف والية‬ ‫يوتاه األمريكية‪ ،‬أن الصوم ال يخفض من مخاطر‬ ‫اإلصابة بأمراض الرشايني التاجية فحسب‪ ،‬بل‬ ‫ويعمل عىل تغيري مستويات الكوليسرتول يف‬ ‫الدم‪.‬‬ ‫وكان فريق بحث من املركز نفسه قد كشف‬ ‫يف دراسة أجراها عام ‪ 2007‬عن وجود ارتباط‬ ‫بني الصوم من جهة‪ ،‬وانخفاض مخاطر اإلصابة‬ ‫بأمراض الرشايني التاجية من جهة أخرى‪.‬‬ ‫فيام أظهرت الدراسة األخرية أن الصوم يقلل‬ ‫من عوامل خطورة أخرى مرتبطة بهذا النوع من‬ ‫األمراض وهي زيادة الوزن‪ ،‬ومستوى الغلوكوز يف‬ ‫الدم ومستوى السكريات الثالثية‪.‬‬ ‫واستعرض الباحثون نتائج الدراسة يف‬ ‫اللقاءات العلمية السنوية للكلية األمريكية‬ ‫ألمراض القلب‪ ،‬الذي انعقد يف مدينة نيوأورليانز‬ ‫يف الربيع املايض‪.‬‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫قضية‬

‫«جنسيني حق لي وألسرتي»‬ ‫نعمة هللا أبي نصر‪ :‬البطاقة الخضراء هي الحل‬ ‫يتطور الى حلول جدية‬ ‫غسان مخيبر‪ :‬حراك لم‬ ‫ّ‬ ‫ميرنا زخريا‪ :‬يجب تطمين اللبنانيين حيال هواجسهم‬ ‫قبل ‪ 7‬سنوات انطلقت يف لبنان‬ ‫تطالب‬ ‫التي‬ ‫“جنسيتي”‬ ‫حملة‬ ‫باملساواة بني الرجل واملرأة اللبنانيني‬ ‫بالنسبة اىل حق إعطاء املرأة اللبنانية‬ ‫املتزوجة من أجنبي الجنسية ألوالدها‬ ‫وزوجها حيث يحرص القانون هذا الحق‬ ‫بالرجل فقط‪.‬‬ ‫بعض الهواجس واملخاوف دفعت‬ ‫العديد من السياسيني اىل طرح بعض‬ ‫األسئلة املرشوعة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ماذا لو كان رجال أجنبيا ينتمي اىل‬ ‫دولة سياستها معادية للبنان؟‬ ‫ماذا لو نقل الزوج الجنسية اىل‬ ‫أبنائه من زوجاته األخريات؟‬ ‫ماذا لو كان من أصحاب السوابق‬ ‫واملحكومني بالسجن؟‬ ‫يعترب البعض أن هذه التساؤالت هي‬ ‫أسباب ظاهرة يتمسك بها السياسيون‬ ‫لعدم إعطاء الجنسية‪ ،‬ولكن هناك‬ ‫أسباباً ضمنية وخفية ال يجاهرون‬ ‫الفلسطينيني‬ ‫الالجئني‬ ‫كقضية‬ ‫بها‪،‬‬ ‫وحقهم يف العودة والحرص السيايس‬ ‫عىل الحفاظ عىل التوازنات الدميغرافية‬ ‫بني الطوائف‪.‬‬ ‫كام يؤكد البعض بأن هناك‬ ‫جهات معينة تدعم مادياً هذه‬ ‫الحملة بهدف التالعب الدميغرايف‬ ‫بهذا الوطن الصغري‪.‬‬ ‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫يف السابق بوضع شباك خاص بزوج وأوالد املرأة‬ ‫التي تقرتن بأجنبي يف مديرية األمن العام‪ .‬وتابع‬ ‫قدمنا اقرتاح قانون بإنشاء البطاقة الخرضاء‬ ‫التي تعطي كل الحقوق التي يتمتع بها اللبناين‬ ‫باستثناء الحقوق السياسية ملدة خمس سنوات‪،‬‬ ‫فإذا التزم الزوج بالقوانني اللبنانية خالل هذه املدة‬ ‫وكان مواطناً أو مقي ًام صالحاً يأخذ الهوية‪ ،‬وهذا‬ ‫معتمد يف أمريكا ويف كل دول العامل‪ .‬أما منح‬ ‫الجنسية مبرسوم مثلام حصل يف العام ‪1924‬‬ ‫وقد أعطيت الجنسية اىل أشخاص ال يعرفون‬ ‫لبنان وال يوجد عندهم والء للوطن وبعضهم كان‬ ‫يف السجون فاملرأة ال تريد ذلك‪.‬‬ ‫وتابع أيب نرص ال ميكن إدخال أحد عىل الجسم‬ ‫ثم ملاذا تريد املرأة‬ ‫اللبناين بدون فرتة تجربة‪ّ .‬‬ ‫اللبنانية أن توزع الجنسية كيفام اتفق وأن تتالعب‬ ‫بدميغرافية البلد؟ البعض من زماليئ يشاطرونني‬ ‫الرأي ولكنهم ال يجرأون عىل قول الحقيقة‪.‬‬ ‫وتساءل أيب نرص ملاذا الخوف من البطاقة‬ ‫الخرضاء التي تعطيهم جميع الحقوق؟‬ ‫وطلب من النساء االكتفاء بالبطاقة الخرضاء‬ ‫وليعملوا عىل تطبيقها ألنها املدخل الوحيد‬ ‫واألسايس واملنطقي والقانوين للحصول عىل‬ ‫الجنسية اللبنانية لزوج وأوالد املرأة‪ ،‬فلنختربهم‬ ‫تم تجنيس أناس محكومني‬ ‫يف البداية‪ ،‬لقد ّ‬ ‫بالسجن املؤبد ولن يتك ّرر ذلك‪.‬‬

‫ عدم الحق يف تويل الوظائف العامة واالنتخاب‪،‬‬‫أو الرتشح‪ ،‬أو تأسيس أحزاب أو االنتامء اىل أحزاب‬ ‫أو جمعيات سياسية لبنانية‪.‬‬ ‫ يطبق عىل حامل البطاقة قانون اكتساب‬‫غري اللبنانيني الحقوق العقارية يف لبنان مع مبدأ‬ ‫املعاملة باملثل‪.‬‬

‫غسان مخيرب‪ :‬اإلرادة السياسية‬ ‫مل تتكون بعد‬

‫األحكام إمنا تضمن التزام لبنان تعديل قانون‬ ‫الجنسية وهو فع ًال اإلطار التي يفرتض من‬ ‫خالله أن تعالج هذه املسألة‪.‬‬ ‫الجزء األسايس من الحل هو االتفاق عىل‬ ‫قانون جديد للجنسية يتضمن أحكاماً‬ ‫مفيدة لحل جميع القضايا املرتبطة بالجنسية‬ ‫مبا فيها الهواجس وعدم التكافؤ يف النسب‬ ‫الطائفــية‪ ،‬يجب أن ندخل يف حوار عقالين‬ ‫ورصيح‪.‬‬ ‫وأكد أن هذا املوضوع ليس من صالحية الحكومة‪،‬‬

‫ما هي البطاقة الخرضاء؟‬

‫تم تجنيس محكومني‬ ‫أيب نرص ‪ً :‬‬ ‫ولن يتك ّرر ذلك‬ ‫يف البداية هنأ النائب نعمة الله أيب نرص املرأة‬

‫‪70‬‬

‫اللبنانية عىل إقرار مجلس النواب القايض بإلغاء‬ ‫جرمية الرشف‪ .‬أما بالنسبة اىل منح الجنسية اىل‬ ‫زوج وأوالد املرأة التي تقرتن بأجنبي حتى تتساوى‬ ‫مع اللبناين فأكد بأن الحكومة اللبنانية مل تفعل‬ ‫شيئاً يف هذا املوضوع إال محاوالت وزير الداخلية‬

‫وأوضح أيب نرص أ ّنه يف مرشوع البطاقة‬ ‫الخرضاء يعطى زوج املرأة اللبنانية املتزوجة من‬ ‫أجنبي وأوالدها الحقوق التالية‪:‬‬ ‫ حق اإلقامة عىل األرايض اللبنانية مدّة‬‫خمس سنوات قابلة للتجديد‪.‬‬ ‫ حق العمل يف الحقل الخاص واالستثامر‪.‬‬‫ حق اإلفادة من الضامن االجتامعي‪.‬‬‫ حق اإلفادة من تقدميات وزارة الشؤون‬‫االجتامعية وسائر الوزارات واملدارس والجامعات‬ ‫اللبنانية‪.‬‬ ‫ووضع عىل الزوج الرشوط اآلتية‪:‬‬ ‫ أن تكون زوجته لبنانية وحافظت عىل‬‫جنسيتها األم‪.‬‬ ‫ أن يكون مىض عىل زواجه بها ثالث سنوات‬‫وأقام عىل األرايض اللبنانية‪ ،‬كام أوالده سنتني‬ ‫عىل األقل وإن عىل تقطع‪.‬‬ ‫ أال يكون حام ًال جنسية دولة معادية وأن‬‫تكون الدولة التي يحمل جنسيتها تعامل الرعايا‬ ‫اللبنانيني باملثل‪.‬‬ ‫ أن ال يكون مطلقاً لزوجته اللبنانية ومجرداً‬‫نص املرشوع عىل‬ ‫من حقوقه املدنية‪ .‬كام‬ ‫ّ‬ ‫الضوابط التالية‪:‬‬ ‫ عدم الحق يف مامرسة أي مهنة من املهن‬‫املنظمة بقانون ضمن نقابات مقفلة‪.‬‬

‫أكد النائب غسان مخيرب بأن اإلرادة السياسية‬ ‫مل تتكون بعد لدى أي من مجلس الوزراء ومجلس‬ ‫النواب والطبقة السياسية حول الصيغة التي‬ ‫يجب أن تعتمد إلنصاف اللبنانيات املتزوجات من‬ ‫غري لبنانيني‪ .‬كان هناك حراك من بعض هيئات‬ ‫املجتمع املدين وبعض التجاوب من بعض الوزراء‬ ‫والنواب إمنا مل يتطور ذلك اىل نقاش عميق‬ ‫بشكل جدي يؤدي اىل حلول أو صيغ يجب‬ ‫اعتامدها‪.‬‬ ‫أما عن الهواجس الطائفية والدميغرافية‪،‬‬ ‫فأكد بأنه ال ميكن أن نتساءل عن مدى صحة‬ ‫الهواجس فهي موجودة ومرتبطة مبخاوف‬ ‫وباعتبارات واقعية صحيحة او مفتـــرضة‪،‬‬ ‫إمنا يجب أن تعالج جمـــيعها وال ميكن‬ ‫عمـــلياً أن تعالج إال بحوار جدي إليجاد حلول‬ ‫منصفة‪.‬‬ ‫وعن موضوع أن الطائف ينص عىل أنه‬ ‫يعد لبنانياً من ولد ألب لبناين أو أم لبنانية‪،‬‬ ‫فأكد مخيرب أن الطائف مل يتضمن مثل هذه‬

‫‪71‬‬

‫فعليها أن تضع مرشوع قانون للجنسية وكان‬ ‫وزير الداخلية السابق قدم مرشوعي قانون‪ .‬وأمل‬ ‫من الحكومة الحالية أن تأخذ هذا املوضوع عىل‬ ‫محمل الجد وأن تطرح جميع املسائل مهام كانت‬ ‫صعبة لتجد لها حلوالً ميكن التوافق عليها يف‬ ‫مجلس النواب‪.‬‬

‫مرينا زخريا‪ :‬املردة تؤيد‬ ‫«جنسيتي» إنسانياً وأخالقياً‬ ‫وملعرفة رأي تيار املردة بالنسبة اىل هذا‬ ‫املوضوع التقت “منرب التوحيد” السيدة مرينا‬ ‫زخريا مسؤولة القطاع النسايئ يف التيار وكان‬ ‫الحوار اآليت‪:‬‬ ‫منذ سبع سنوات انطلقت حملة جنس ّيتي‬ ‫التي ُتطالب بإعطاء املرأة اللبنان ّية املتز ّوجة‬ ‫من أجنبي الجنس ّية ألَوالدها ولزوجها‪ .‬ملاذا‬ ‫لغــــاية اليوم مل َيحصل أي تقدّم يف هذا‬ ‫املوضوع؟‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫قضية‬ ‫بداية‪ ،‬أو ّد أن ُأشدِّد عىل أ ّننا يف تيار املردَه ن َؤ ّيد‬ ‫هذا املطلب للمرأة اللبنان ّية‪ ،‬أكان ذلك من الناحية‬ ‫اإلنسان ّية أو من الناحية األخالق ّية‪ .‬أ ّما من الناحية‬ ‫الواقع ّية‪ ،‬فلبنان ليس دَول ًة عاد ّي ًة‪ ،‬بل هو دولة‬ ‫استثنائ ّية‪ .‬بحيث يوجد فيه مجموع ال ُيستهان به‬ ‫السلطة‪.‬‬ ‫من الطوائف‪ ،‬وعن هذه الطوائف تنبثق ُ‬ ‫أضف اىل ذلك‪ ،‬وجود عدوه اللدود عىل حدوده يف‬ ‫الجنوب‪.‬‬ ‫وبعد‪ ،‬ال ب َّد أن َنذكر بأنه وقبل حملة جنس ّيتي‬ ‫بسنوات طويلة ُذ ِك َر موضوع املساواة بني كا َّفة‬ ‫ٍ‬ ‫املواطنني يف الدستور اللبناين الصادر عام ‪،1926‬‬ ‫َ‬ ‫كذلك اإلعالن العاملي لحقوق اإلنسان نادى مببدأ‬ ‫العدالة واملساواة‪ ،‬كام وافق لبنان أيضاً عىل إتفاق ّية‬ ‫حقوق الطفل التي ُتنادي بحقّ أيّ طفل باكتساب‬ ‫الجنس ّية من والدَيه وليس فقط من والده‪ ،‬منْ‬ ‫َّثم كانت اتفاق ّية سيداو املتعلقة بالقضاء عىل‬ ‫جميع أشكال التمييز ض ّد املرأة والتي أبرمها لبنان‬ ‫سنة ‪ ،1996‬أ ّما اللجنة األهل ّية ملتابعة قضايا املرأة‬ ‫فم ُنذ ‪ 1997‬وهي تطالب بحق املرأة اللبنانية يف‬ ‫ُ‬ ‫إعطاء جنسيتها لزوجها وأوالدها‪...‬‬ ‫ولكن يف الجهة املقا ِبلة‪ ،‬الدستور اللبناين أَوضح‬ ‫يف املادّة األوىل بأنه ُيع ّد لبنان ّياً فقط كل شخص‬ ‫نص أيضاً القانون عىل‬ ‫مولود من أب لبناين‪ ،‬كام َي ّ‬ ‫أنه ُيعترب لبنان ّياً كل من ُولد من أب لبناين بحكم‬ ‫َ‬ ‫كذلك تح َّفظ لبنان يف اتفاق ّية سيداو‬ ‫رابطة الد ّم‪،‬‬ ‫عىل املادة التاسعة املتعلقة بتكريس املساواة بني‬ ‫ُ‬ ‫األم واألب لجهة جنسية األوالد‪.‬‬ ‫أ ّما ملاذا مل َيحصل أي تقدّم بالنسبة لهذه‬ ‫املَطالب لغاية اليوم‪ ،‬فلنكن واقع ّيني‪ ،‬ال يكفي‬ ‫الحمالت وال َيكفي التوقيع عىل املعاهدات‪،‬‬ ‫إطالق َ‬ ‫بل السنني أنها تبقى ِحرباً‬ ‫فلقد َبرهنت األيام ال ْ‬ ‫عىل ورق يف حال ْمل تؤخذ باإلعتبار نقطتان‬ ‫ُ‬ ‫األوىل‪َ ،‬وضع اسرتاتيج ّية عمل ملراقبة‬ ‫اثنتان‪:‬‬ ‫مبدأ التنفيذ‪ ،‬والثانية‪ ،‬واجب تطمني كافة‬ ‫اللبنانيني الذين هم رشكاء يف الوطن حيال جميع‬ ‫تساؤالتهم وهواجسهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هناك َتجاذب حاصل‬ ‫حتى يف املجتمعات الغرب ّية‪،‬‬ ‫بني ت ّيا َرين ُمختَل َفني بالنسب ِة ملوضوع التجنيس‪:‬‬ ‫األول ذو َنزعة إنسان ّية تدافع عن حقّ ا ُملقيمني‬ ‫يف اكتساب جنس ّية الدولة التي يعيشون فيها‪،‬‬ ‫والثاين ذو نزعة معارضة للتجنيس وذلك العتبارات‬ ‫اجتامعية واقتصادية وأمنية‪.‬‬ ‫شاسعة‬ ‫تضم مساحات‬ ‫وباستثناء الد َول التي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫أصبح َمعلوماً للعموم‪ ،‬فقد‬ ‫غري مأهولة‪ ،‬وكام‬ ‫َ‬ ‫َوضعت يف السنوات األخرية‪ ،‬الد َول املتط ِّورة‬ ‫جميعها‪ ،‬سياسات ذات رشوطٍ ُمتشدِّد ٍة أكرث من‬ ‫السابق بكثري‪ ،‬بالنسبة آلل ّية اكتساب الجنس ّية‪.‬‬

‫اإلعالم مقصرّ يف اإلضاءة عىل‬ ‫مواضيع املرأة‬ ‫أنك ُمجا َزة يف ماجيستري يف ِعلم النفس‪،‬‬ ‫مبا ِ‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫َ‬ ‫أبسط‬ ‫برأيك‬ ‫ِ‬ ‫كيف تستطيع امرأة َمحرومة من َ‬ ‫حقوقها ْأن ُتنشئ أجياالً و َتنهض مبجتمع ال‬ ‫ُتشارك يف ِصناعته؟‬ ‫الواحد‪ ،‬أ ًّيا يكن‬ ‫َّإن إلغاء التمييز بني أفراد املجتمع‬ ‫ِ‬ ‫أسايس يف بناء ُأسس‬ ‫نوع هذا التمييز‪ ،‬له دو ٌر‬ ‫ٌّ‬ ‫املواطن ّية الحقيق ّية‪ .‬فمنَ املعروف أنه منْ ُمك ّونات‬ ‫الثقافة املواطن ّية‪ :‬العالقة باملكان والعالقة‬ ‫وطن‬ ‫بالسلطة‪ ،‬ولكن يف‬ ‫باألشخاص والعالقة‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مثل وطننا لبنان ذات الواقع الخز ّيف‪ ،‬ا ُملتق ّلب‬ ‫وا ُملتعدِّد وا ُملتن ِّوع‪ ،‬يصبح املك ّون الذهني ذات أهمية‬ ‫ال يستهان بها‪.‬‬ ‫ُيحرضين هنا قول الراحلة لور م َغيزل “أنا َمعني‪،‬‬ ‫أنا مشارك‪ ،‬أنا مسؤول”‪ .‬لي َت ُه يكون هذا واقع الحال‬ ‫يف العامل العريب عام ًة ويف لبنان خاص ًة؛ ف َمع‬ ‫َّأن كل امرأة “ َمعن َّية” مبَوضوع إعطاء الجنس ّية‪،‬‬ ‫كم منْ امرأة هي بالفعل “مشاركة” يف‬ ‫ولكنْ ْ‬ ‫وكم منْ امرأة َتعترب نفسها‬ ‫هذه القض ّية‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫قليل هو عدد‬ ‫“مسؤولة” أق َّل ُه بإيصال َصوتها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫وقليلة هي القضايا الرابحات‪.‬‬ ‫املناضالت املثا ِبرات‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هذا التمييز يف الحقوق بني املرأة والرجل تأثريه‬ ‫شبه معدوم يف العائالت التي ال و ْمل تواجه ع َرب‬ ‫َ‬ ‫هناك‬ ‫السنوات مشاكل من هذا النوع‪ ،‬حتى أنه‬ ‫قريب‪ ،‬كانوا مايزالوان‬ ‫وقت‬ ‫عدد من اللبنانيني‪ ،‬وحتى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َيجهلون واقع وجود هذا التمييز؛ والدليل عىل ذلك‬ ‫َّأن عدداً من الس ّيدات اللبنانيات يف شهاداتهنَّ‬ ‫الح َّية‪ُ ،‬قلنَ بأنهنَّ ببساطة ْمل يكنَّ عىل ِعلم حني‬ ‫تز َّوجنَ من أجنبي‪ ،‬بالنتائج القانون ّية لقرارهنَّ ‪ ،‬مماّ‬ ‫َي ّ‬ ‫دل َّأن اإلعالم هو اآلخر ُمقصرّ ٌ يف اإلضاءة عىل‬ ‫الخاصة باملرأة‪ .‬أضف إىل ما َسبق‪،‬‬ ‫عد ٍد من املواضيع‬ ‫ّ‬ ‫َّأن بعض اللبنان ّيات ببساطة هنَّ راضيات بإعطاء‬ ‫أوالدهنَّ جنس ّية والدهم األجنب ّية‪ ،‬أكانت فرنس ّية‬ ‫أو كند ّية أو غريهام‪ُ ،‬معتبرِ ات َّ‬ ‫بأن هؤالء األطفال‬ ‫َيحملنَ أسامء َ‬ ‫تلك العائالت األجنب ّية وال َيحملنَ‬ ‫أسامء عائالت لبنان ّية‪ ،‬حتى أنهنَّ قد يذه َنب إىل‬ ‫َ‬ ‫َح ّد املطالبة‬ ‫بتلك الجنس ّية األجنب ّية ألهلهنَّ‬ ‫وأخواتهن‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫أ ّما بالنسبة للعائلة التي ُتعاين منْ هذا التمييز‪،‬‬ ‫فهذه ا ُملع ّوقات مبَقدورها َ‬ ‫دون شك ْأن تؤثر َسلباً عىل‬ ‫نواح وهي‪ :‬أوالً‪ ،‬الزَوج‬ ‫االستقرار العائيل منْ ثالثة‬ ‫ٍ‬ ‫قد َي ّ‬ ‫ستغل هكذا َوضع ملصلحته‪ ،‬فيأخذ مواقف‬ ‫كأن ُيهدٍّد ُ‬ ‫غري عادلة بالنسبة لألوالد ْ‬ ‫األم بالسفر‬ ‫وحرمانها من رؤيتهم‪ ،‬أو قد يأخذ مواقف عَدوان َّية‬ ‫َّ‬ ‫وكأن‬ ‫من الزوجة فتَشعر بغياب قيمتها اإلجتامع ّية‬ ‫كل ال َذنب هو َذنبها‪ .‬ثانياً‪ ،‬الحالة تمَ تد مع الوقت‬ ‫لألسف لتَطال األطفال الذين ُيعايشون ال َوضع‪،‬‬ ‫َ‬ ‫فقد َينمو لديهم يف الالوعي نظرة إجتامع ّية حول‬ ‫َعدَم وجود قيمة لصورة هذه املرأة التي ال َح َ‬ ‫ول وال‬ ‫ُقدرة عندها‪ .‬ثالثاً‪ ،‬املرأة نفسها سوف تشعر مبنزلة‬ ‫دون ّية‪ ،‬فإ ّما َتستسلم للقدَر و ُتصبح نا ِقمة عىل‬ ‫املجتمع الذي ْمل ُينصفها‪ ،‬أو تثور لحقوقها و ُتطالب‬ ‫بها بال َعلن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫منظامت‬ ‫هناك توحيد لجهود‬ ‫برأيكم‪ ،‬هل‬ ‫املجتمع املَدين‪ ،‬وخصوصاً النسائ ّية منها؟‬ ‫كلمة َمدَين تنطوي عىل ق َيم َمدَن ّية‪ ،‬أبرزها‬ ‫املشا َركة يف أعامل تكون ذات مصلحة عا ّمة‪ ،‬إذن‬ ‫اإلنسان هو األساس يف تشكيل هكذا جمع ّيات‪.‬‬ ‫وقد بر َز املجتمع املَدين بق ّوة يف لبنان عىل أ َثر‬ ‫َ‬ ‫وذلك ما بني عام ‪1975‬‬ ‫األحداث املؤملة خالل الحرب‬ ‫وحتى عام ‪ ،1990‬ويف بداياته كان املجتمع املَدين‬ ‫اللبناين مك ّوناً من مجموعة من التنظيامت‬ ‫الطوعية‪.‬‬ ‫نحن يف ت ّيار املردَه‪ ،‬وتحديداً يف القطاع النسايئ‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫منظامت املجتمع‬ ‫دائم بالعديد من‬ ‫عىل تواصلٍ‬ ‫ٍ‬ ‫املَدين‪ ،‬وخصوصاً النسائ ّية منها‪َ .‬يدعو َننا إىل‬ ‫العديد من اإلجتامعات معهم ولكن بالطبع كل‬ ‫جمع ّية عىل ِحدا‪ ،‬وهم يتَحاورون مع كا ّفة األحزاب‬ ‫والت ّيارات اللبنان ّية‪ ،‬وهذا دَليل عافية‪ .‬وبع َد العود ِة‬ ‫والتشاور مع قيادة ت ّيار املردَه‪ُ ،‬نعلمهم مبَوقفنا‬ ‫بكل وضوح وشفاف ّية‪ ،‬إ ْذ هذه ببساطة هي ِسامت‬ ‫سليامن فرنج ّية‪ .‬فعىل َسبيل املثال‪ ،‬نحن َندعم‬ ‫حملة العنف ُ‬ ‫األسرَ ي ض ّد املرأة ُ‬ ‫منذ اليوم األول‪،‬‬ ‫ولكنَّنا ال ندعم بالوقت الحارض حملة جنسيتي‪،‬‬ ‫اىل حني تغيرّ الظروف املؤثرة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫عىل ٍّ‬ ‫منذ سنني‬ ‫كل‪ ،‬كافة الجمع ّيات َتعمل‬ ‫طويلة بجه ٍد من أجل َتحسني َوضع اإلنسان عام ًة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ولكن حتى اآلن ال َيبدو لنا َّ‬ ‫هناك مرشوع عمل‬ ‫بأن‬ ‫موحد َيشمل كل َّ‬ ‫منظامت املجتمع املَدين‪ ،‬و ُينادي‬ ‫َّ‬ ‫بصوت واحد بكافة الحقوق املطالب بها يف لبنان‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ولكن مؤخراً‬ ‫َ‬ ‫حرضت أكرث من عرشين جمع ّية‬ ‫من املجتمع املَدين اللبناين‪ ،‬اإلستعراض الدَوري‬ ‫الشامل للبنان يف مجلس حقوق اإلنسان‪ ،‬الذي‬ ‫ُ‬ ‫منذ يضعة أشهر‪ ،‬وتحديداً يف‬ ‫انعق َد يف ُجنيف‬ ‫ُ‬ ‫حيث عَرض الوفد‬ ‫الشهر العارش من سنة ‪،2010‬‬ ‫اللبناين برئاسة األمني العام لوزارة الخارج ّية‪،‬‬ ‫التقرير الرسمي للدولة اللبنان ّية‪ .‬وقد ساهمت‬ ‫َ‬ ‫حول وضع ّية حقوق‬ ‫الجمع ّيات يف كتابة التقارير‬ ‫اإلنسان يف لبنان‪ ،‬وقدمتها اىل مجلس حقوق‬ ‫اإلنسان بعد أن كانت قد وضعت التوصيات‪.‬‬ ‫حال ّياً‬ ‫َ‬ ‫هناك دعوة من املف َّوض ّية األوروب ّية ل َوضع‬

‫إقرتاحات من أجل مساعدة املجتمع املَدين يف‬ ‫َ‬ ‫وذلك لتمويل‬ ‫لبنان‪ ،‬وهي بقيمة ‪ 1.2‬مليون يورو‪،‬‬ ‫مشاريع تهدف إىل “دَعم دَور املجتمع املَدين يف‬ ‫مجال تعزيز حقوق اإلنسان واإلصالح الدميقراطي‬ ‫يف لبنان”‪ .‬وترتاوح ا ُملنح التي تقدَّم بني ‪ 50‬ألف يورو‬ ‫كح ٍّد أدىن و‪ 250‬ألف يورو كح ٍّد أقىص‪ ،‬والرشاكة‬ ‫إلزام ّية أي يجب ْأن يكون تنظيم واحد عىل األقل‬ ‫من الجنس ّية اللبنان ّية‪ .‬أ ّما آخر مهلة لتقديم‬ ‫اإلقرتاحات للمف ّوض ّية فهي ‪ 16‬أيلول ‪.2011‬‬

‫مشكلة املرأة العربية هو جهلها‬ ‫لحقوقها‬ ‫هل صحيح َّأن الجهل يف املجتمع اللبناين‬ ‫ُينتج نساء صا ِمتات عن ح ّقهنَّ ؟‬ ‫ال ْ‬ ‫بل َّأن الجهل يف املجتمع اللبناين‪ ،‬أو أي مجتمع‬ ‫آخر‪ُ ،‬ينتج نساء صامتات ورجاالً صامتني‪ .‬عىل ٍّ‬ ‫كل‪،‬‬ ‫يف معظم األحيان‪ ،‬الصمت أفضل من الكالم‬ ‫عندما يكون الجهل سيد املوقف‪.‬‬ ‫يكمن‬ ‫َّإن جز ًء كبرياً من مشاكل املرأة العرب ّية ُ‬ ‫بسبب َجهلها لحقوقها القانون ّية‪ ،‬وهذا أم ٌر‬ ‫ٌ‬ ‫مؤسف جداً‪َّ ،‬‬ ‫ألن املرأة الجاهلة حقوقها ال ميكنها‬ ‫حامية نفسها‪ ،‬مماّ قد يؤدّي إىل َضياع هذه الحقوق‬ ‫وبالتايل إىل َتزايد حياتها تعقيداً وليس تسهي ًال‪.‬‬ ‫برصاحة هنا‪ ،‬ال َمجال إال ْأن َنضع بعض ال َّلوم‬ ‫َ‬ ‫مازال َمسموحاً يف‬ ‫عىل النساء أنفسهنَّ ‪ ،‬فهل‬ ‫القرن الواحد والعرشين أن تقول س ّيدة بأنها ْمل‬ ‫تكن تعلم أنها ال تستطيع إعطاء جنس ّيتها‬ ‫لزوجها وأوالدها؟ منْ واجبنا أن نتس ّلح بالتوعية‬ ‫عىل حقوقنا املَدن ّية وعىل اإلتفاقات الدول ّية؛‬ ‫الترصف يف‬ ‫فنترصف عىل ضو ِء املعرفة بدالً من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ظل عتمة الجهل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هناك َفرق بني الرتبية الوطن ّية والرتبية املَدن ّية‪.‬‬ ‫ما َنفتقد ُه يف لبنان هو أيضاً الرتبية الوطن ّية‪،‬‬ ‫التي ترتكز عىل عالقة املواطن بالوطن‪ .‬أ ّماَّ الرتبية‬ ‫املَدن ّية فترَ تكز عىل القوانني‪ ،‬أي أنها َتستند إىل‬ ‫مبدأ الحقوق والواجبات‪ .‬وهنا نلحظ الفرق بني‬ ‫اإلنسان واملواطن‪.‬‬ ‫َمعنى ك ْون املرء مواطناً‪ ،‬هو أن َيشعر مبسؤول ّية‬ ‫للمؤسسات التي َتخدم حقوق‬ ‫عن األداء الج ّيد‬ ‫َّ‬ ‫اإلنسان و َتسمح بتمثيل كافة اآلراء واملصالح‪ .‬أ ّما‬ ‫الهدف من الرتبية املواطن ّية‪ ،‬فهو تأمني الرشوط‬ ‫الترصف‬ ‫الكافية لتكوين مواطن مسؤول‪ ،‬ذايت‬ ‫ّ‬ ‫والسلوك عندما تدعو الحاجة‪.‬‬ ‫ففي أغلب األحيان‪ ،‬ال ُتطالب بالجنس َّية سوى‬ ‫ماس ٍة إليها‪ ،‬أ ّما‬ ‫املرأة اللبنان ّية التي هي بحاج ٍة َّ‬ ‫فيترصفنَ يف أحيانٍ كثري ٍة‬ ‫الس ّيدات الباقيات‬ ‫َّ‬ ‫وكأنهنَّ غري َمعن ّيات باألمر‪ْ ،‬‬ ‫فهل هنَّ غري ُمبالِيات‬ ‫أو يا ترى غري ُموا ِفقات؟ مماّ َينعكس بالنتيجة َسلباً‬ ‫عىل تح ُّركات املجتمع املدين؛ الذي ال َي َسعنا سوى ْأن‬ ‫نحرت َم ونق ِّد َر جهوده الصادقة والوا ِعدة‪ ،‬يف عد ٍد ال‬ ‫ُي ُ‬ ‫ليس فقط النسائ ّية ال‬ ‫ستهان به من املواضيع‬ ‫َ‬

‫بل اإلنسان ّية‪ ،‬فالشكر الكبري بالتايل هو لكل َ‬ ‫ْ‬ ‫تلك‬ ‫الجمع ّيات املَعن ّية‪ ،‬التي ُتساعد الدولة من خالل‬ ‫ا ُملتابعة الها ِدفة كام وتساعد النساء من خالل‬ ‫التوعية الدامئة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أكان رجل أو امرأة‪،‬‬ ‫وهنا قد يتسا َءل الباحث‪،‬‬ ‫عن دَور النائبات والوزيرات‪ ،‬السابقات والحال ّيات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خص املرأة اللبنان ّية‪،‬‬ ‫بالنسبة‬ ‫لكل املواضيع التي َت ُّ‬ ‫إ ْذ ُمعظمهنَّ صا ِمتات‪ ،‬ونادراً ما ُيشاركنَ إال يف‬ ‫حال كنَّ ُمك َّرمات‪ .‬كام أنهنَّ جميعهنَّ وافقنَ ْ‬ ‫بأن‬ ‫يكون اإلبن هو ال َوريث الوحيد ملَراكزهنَّ السياس ّية‪،‬‬ ‫فهل يكون املجتمع ُ‬ ‫فمغ َّيبة! ْ‬ ‫الذكوري من‬ ‫أ ّما اإلبنة‪ُ ،‬‬ ‫صناعة املرأة؟‬ ‫هل التوازن الطائفي هو ما يمَ نع إعطاء املرأة‬ ‫الجنس ّية لزوجها وأوالدها‪ ،‬أ ْم هو املجتمع الذكوري‬ ‫بإمتياز؟‬ ‫َّإن تغيري واقع املرأة اللبنان ّية عام ًة يجب أن‬ ‫ينطلق من خالل تغيريالذهن ّية السائدة يف املجتمع‪،‬‬ ‫ذهن ّية املرأة وذهن ّية الرجل عىل َح ِّد سواء‪ ،‬فحقوق‬ ‫املرأة هي جزء ال يتجزّأ من حقوق اإلنسان‪ .‬لق ْد قام‬ ‫برنامج ُ‬ ‫األمم املتّحدة اإلمنايئ خالل العام املايض ‪2010‬‬ ‫للقيام‬ ‫تخصصني‬ ‫بتكليف‬ ‫فريق من الباحثني ا ُمل ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫بدراس ٍة عن عدد النساء اللبنان ّيات املتز ّوجات من‬ ‫مس ٍح َميداين‬ ‫غري لبنان ّيني‪ ،‬وقد اعتمدوا عىل‬ ‫ْ‬ ‫مؤسسة‪ ،‬أبر َزها كانت وزارة الداخل ّية‬ ‫َشمل ‪31‬‬ ‫َّ‬ ‫والبلد ّيات‪ ،‬املحاكم الرشع ّية اإلسالم ّية‪ ،‬املطران ّيات‬ ‫واألبرش ّيات والكنائس‪ ،‬وكالة األنوروا وغريهم‪.‬‬ ‫والنتيجة كانت‪ %8.2 :‬من املسلامت تز ّوجنَ من‬ ‫غري لبنان ّيني‪ ،‬و‪ % 2‬من املسيح ّيات تز َّوجنَ من غري‬ ‫َ‬ ‫كذلك تبينَّ َ َّأن ‪ 87.5%‬من عقود الزيجات‬ ‫لبنانيني‪.‬‬ ‫سجلة لدى ا ُملسلمني‬ ‫بني لبنان ّيات وغري لبنان ّيني ُم َّ‬ ‫سجلة لدى املسيح ّيني‪.‬‬ ‫فيام ‪ُ % 12.5‬م َّ‬ ‫إذا أضفنا هذه األرقام إىل واقع الحال الدميُغرايف‬ ‫يف لبنان‪ ،‬فلنْ تكون النتيجة ذات اتجاه تفاؤيل‪،‬‬ ‫أق َّله بالنسبة لهواجس اللبنانيني املسيحيني‪.‬‬ ‫َ‬ ‫كذلك د َّقة املوضوع الفلسطيني تساعد‬ ‫يف تعقيد ُ‬ ‫األمور‪ ،‬إ ْذ َّأن إعطاء الجنس ّية للزوج‬ ‫العائلة‬ ‫هذه‬ ‫َتوطني‬ ‫َيعني‬ ‫الفلسطيني‬ ‫الفلسطينية يف لبنان‪ ،‬مام يتضارب مع حق‬ ‫العودة‪.‬‬ ‫كام َّأن الذهن ّية الذكور ّية املوجودة ب ِن َس ٍب‬ ‫مخت ِلفة يف مجتمعات العامل أجمع‪ ،‬هي أيضاً‬ ‫موجودة يف لبنان ويف الدول العربية ب ِن َسب غري‬ ‫مشجعة بتاتاً‪.‬‬ ‫وأخرياً املرأة نفسها التي ال تريد ْأن ُتح ِّرك ساكناً‪،‬‬ ‫أو التي تريد ْأن َتصل إىل ُمبتغاها دون جه ٍد كب ٍري‪،‬‬ ‫أو الفئة التي تناضل وتطالب وتسعى من أجل‬ ‫النساء كافة‪.‬‬ ‫ما ُيقال عن لبنان يف هذه الحالة‪ُ ،‬يقال ايضاً يف‬ ‫أغلب ّية الد َول العرب ّية بحيث ال تستطيع املرأة َمنح‬ ‫جنس َّيتها لعائلتها‪ ،‬ف َبع ّد تونس‪ ،‬حصلت ٍّ‬ ‫كل من‬ ‫مرص والبح َرين واملَغرب والجزائر ُ‬ ‫أعوام قليل ٍة‬ ‫منذ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫حيث َّتم تعديل قوانني الجنس ّية‬ ‫عىل هذا الحقّ ‪،‬‬ ‫بشكلٍ ُيجيز للمرأة املتز ّوجة من أجنبي َمنح‬

‫‪73‬‬

‫جنس َّيتها ألطفالها‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫وإن ضمنَ رشوط‪.‬‬

‫ويف‬

‫بعضها‬

‫للزوج‬

‫نفسه‬

‫“إقامة املجاملة” تجدد مجانياً كل‬ ‫ثالث سنوات‬ ‫ما هو دَور القطاع النسايئ يف ت ّيار املردَه‪،‬‬ ‫الحملة؟‬ ‫بهذه َ‬

‫الحساس وكأنه‬ ‫ال َتجوز ُمقا َربة هذا املوضوع‬ ‫ّ‬ ‫صرِ اعٌ بني جهتَني اثنتَني‪ ،‬جهة مع إعطاء‬ ‫جنس ّية املرأة اللبنان ّية لعائلتها‪ ،‬وجهة‬ ‫بل املطلوب هو ُم ٌ‬ ‫ْ‬ ‫قاربة موضوع ّي ٌة‬ ‫ضدّ‪.‬‬ ‫تتناول قض ّية الجنس ّية من كافة جوانبها‬ ‫دون استثناء‪ :‬اإلنسان ّية واألمن ّية والحقوق ّية‬ ‫والطائف ّية والقانون ّيةواإلجتامع ّية واإلقتصاد ّية‬ ‫والدميغرافية والسياسية‪.‬‬ ‫املرأة اللبنان ّية هي رشيكة الرجل يف كل‬ ‫ما َيدور يف حياتهام‪ ،‬فهي باإلضاف ِة ل َكونها‬ ‫األم ُ‬ ‫ُ‬ ‫واألخت والزوجة واإلبنة‪ ،‬هي أيضاً العا ِملة‬ ‫واملناضلة واملف ِّكرة‪ .‬وهي التي ملْ‬ ‫ُ‬ ‫واملث َّقفة‬ ‫ِ‬ ‫تتو َّقف يوماً عن إعطا ِء مجتمعها أكرث مماّ‬ ‫ُيعطيها‪ ،‬ومع هذا َبق َيت مؤمنة بكل القضايا‬ ‫التي من أجلها ُتبنى األوطان‪َّ .‬إن هذه املسألة‬ ‫ونقاش‬ ‫هادئ‬ ‫تحتاج عىل د َّقتها إىل حوا ٍر‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اف‪ ،‬يحرتم مبدأ ا ُملساواة بني املرأة والرجل‪،‬‬ ‫ش ّف ٍ‬ ‫كام يحرتم الواقع اللبناين الفريد‪ .‬فلبنان‬ ‫ومع صغر مساحت ِه الجغراف ّية التي ال تتعدّى‬ ‫‪10.452‬كلم‪ ،2‬يحتوي عىل ‪ 19‬طائفة ومذهب‬ ‫وعىل ‪ 15‬قانون أحوال شخصية!‬ ‫ألقطاع النسايئ يف ت ّيار املردَه‪ ،‬ال دَور له‬ ‫بحملة جنس ّيتي يف الوقت الحاض‪ .‬لكنَّ‬ ‫املوحد» َموجودة يف املجلس‬ ‫«كتلة لبنان الح ّر‬ ‫ّ‬ ‫أصدرت‬ ‫النيايب ويف الحكومة اللبنان ّية‪ ،‬التي ْ‬ ‫يف السنة املاضية ‪ 2010‬املرسوم رقم ‪،4186‬‬ ‫الخاص مبَنح «إقامة ا ُملجا َملة» ُألرسة كل امرأ ٍة‬ ‫لبنان ّي ٍة متز ّوج ٍة من غري لبناين‪ ،‬وهو « َيشمل‬ ‫َ‬ ‫وكذلك الراشدين‪،‬‬ ‫الزوج واألوالد القارصين‬ ‫واألهم أنه ال َيشرتط تقدميهم تعهُّداً لدى‬ ‫ّ‬ ‫كاتب العدل بعدَم ُمزاولة أي عمل يف لبنان‪».‬‬ ‫املجان ّية التي وافقَ و َو َّقع عليها‬ ‫هذه اإلقامة ّ‬ ‫مجان ّياً كل‬ ‫رئيس الجمهور ّية اللبنان ّية‪ُ ،‬تجدَّد ّ‬ ‫ثالث سنوات ‪.‬‬ ‫وبالنهاية‪ ،‬نأ َمل أن تتك َّون قريباً لدى الرأي‬ ‫تؤسس لنظر ٍة‬ ‫العام اللبناين‪ :‬دراس ًة ُمتكامل ًة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫األساس لرؤي ٍة‬ ‫موضوع ّي ٍة‪ ،‬تكون مبثاب ِة حج ِر‬ ‫ِ‬ ‫موحد ٍة ُتريض رشكاء الوطن (نسا ًء ورجال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُمقيم َ‬ ‫ني و ُمغرتبني)‪،‬‬ ‫َمسيحيينّ َ و ُمسلمني‪،‬‬ ‫السلطة السياس ّية من إتخاذ‬ ‫فتم ِّكن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫القرارات املصري ّية‪.‬‬

‫تحقيق‪ :‬لور عقل‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب اجتامعي‬

‫جمعية المبرات الخيرية إرث مستمر للعالمة محمد حسين فضل هللا‬

‫المدير العام السيد محمد باقر فضل هللا لـ «منبر التوحيد»‪:‬‬ ‫مؤسسة تراعي مصلحة اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫بتحنن البعض عليه‬ ‫ال نريد لليتيم أن يشعر‬ ‫بناء اإلنسان هو الهدف األسمى الذي تط ّلع‬ ‫إليه العالمة املرجع السيد محمد حسني فضل‬ ‫الله‪ ،‬فرفع شعار الرب وهو يضع الحجر األساس يف‬ ‫تشييد رصوح الخري والعطاء‪ ،‬واشتقّ منه عنواناً‬ ‫ملسريتها‪ ،‬فكانت جمعية املربات الخريية‪.‬‬ ‫وإذا كان ُج ّل اهتامم الجمعية قد تر ّكز عىل‬ ‫األيتام‪ ،‬إال أن ذلك مل مينعها من االنطالق يف‬ ‫مجاالت أخرى كان للرب فيها نداء‪ ،‬ولإلنسان معها‬ ‫لقاء وقض ّية‪.‬‬ ‫جمعية امل ّربات تسعى لرعاية األيتام والحاالت‬ ‫اإلجتامعية الصعبة‪ ،‬ولبناء شخصية اليتيم‬ ‫واملحتاج بناء متكام ًال من النواحي الجسدية‬ ‫والفكرية والروحية واالجتامعية‪ ،‬لتمكينه من‬ ‫تحقيق ذاته وتح ّمل املسؤولية وااللتزام األخالقي‬ ‫والتفاعل مع اآلخرين‪ ،‬بروح املسؤولية واملشاركة‬ ‫اإلنسانية‪ .‬ولتعزيز ثقافة األيتام ومساعدتهم‬ ‫عىل فهم حياة املجتمع اليومية يط ّبق يف‬ ‫املؤسسات الرعائية برنامج تربوي يشتمل عىل‬ ‫مجموعة مفاهيم أو محاور اهتامم (فكرية‪،‬‬ ‫ثقافية‪ ،‬اجتامعية‪ ،‬أخالقية) يقدمها املرشفون‬ ‫الرعائيون يف األقسام الداخلية بأساليب‬ ‫مختلفة ومتنوعة‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1397‬هـ ‪ 1978‬ميالدية‪ ،‬أضاء الع ّالمة‬ ‫املرجع السيد محمد حسني فضل الله أوىل‬ ‫منارات جمعية امل ّربات الخريية‪ ،‬م ّربة اإلمام الخويئ‪،‬‬ ‫وبفضل الله وجهود الخيرّ ين تتالت العطاءات‬ ‫وامتدت أنوار هذه املنارات لتيضء مساحات‬ ‫مظلمة شاسعة عىل امتداد الوطن من بريوت‬ ‫العاصمة إىل البقاع إىل الشامل إىل الجنوب‪.‬‬ ‫«منرب التوحيد» التقت املدير العام لجمعية‬ ‫املربات الخريية الدكتور محمد باقر فضل الله‪ ،‬يف‬ ‫حوار شمل كل ما من شأنه دعم املربات كون هذا‬ ‫السعي جز ًءا هاماً من عملية متواصلة هدفها‬ ‫حامية إنسانية اإلنسان وصيانتها من كل ما‬ ‫يعيق تقدمها ونهوضها وقيامها باملسؤوليات‬ ‫املرتتبة عليها‪ ،‬فاإلنسان هو اللبنة األساسية‬ ‫يف بناء املجتمع وحفظ الوطن‪ ،‬ولذا فنحن نسلط‬ ‫الضوء عىل جزء أسايس من مشوار طويل خطه‬ ‫من عملوا عىل فعل الخري منذ زمن بعيد‪ ،‬وما هذا‬ ‫الرصح الكبري «جمعية املربات الخريية» إال شاهد‬ ‫عىل عظمة اإلنجاز وصوالً اىل حال من التكافل‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫االجتامعي املوصوف مبستوى األداء العايل ومثرة‬ ‫ذاك العطاء الكبري‪ ،‬وهنا نص الحوار‪:‬‬ ‫متى تأسست جمعية املربات الخريية والتي‬ ‫هي مرشوع يتعلق بالتنمية اإلنسانية‪ ،‬وملاذا‬ ‫سميت باملربات‪ ،‬ماذا عن البدايات وطبيعة‬ ‫املشاركني يف هذا العمل الكريم؟ وعن أهداف‬ ‫الجمعية‪ ،‬وماذا عن النتائج التي تحققت خالل‬ ‫أعوام‪ ،‬وهل هناك من عوائق وما هي؟‬ ‫تاسست جمعية املربات منذ ‪ 30‬عاماً‪،‬‬ ‫البدايات كانت من الحرب اللبنانية التي أفرزت‬ ‫آالف األيتام الذين وجدوا بعضهم من دون معيل‬ ‫أو مأوى‪ ،‬فلذلك بادرت مجموعة من العلامء‬ ‫العاملني يف لبنان اىل إيجاد مربة سميت باسم‬ ‫املرجع اإلسالمي آنذاك السيد أبو القاسم الخويئ‬ ‫وسميت «مربة اإلمام الخويئ»‪ ،‬واستأجر لها مبنى‬ ‫يف منطقة الصفري يف الضاحية الجنوبية‪ ،‬بعد‬ ‫ذلك توىل مسؤولية هذه املؤسسة املرجع الراحل‬ ‫السيد محمد حسني فضل الله (رض) الذي توىل‬ ‫مسؤوليتها الكاملة منذ عام ‪ 1978‬حيث بادر اىل‬ ‫بناء مربة مستقلة يف منطقة الدوحة جنوب‬ ‫بريوت مؤلفة من خمسة مبانٍ ‪ ،‬تستوعب األيتام‬

‫‪74‬‬

‫يف األقسام الداخلية والتعليمية واألنشطة وما‬ ‫يتفرع عنها‪.‬‬ ‫وأما ملاذا أطلق عليها اسم املربات‪ ،‬فاملربات‬ ‫من الرب ووردت آية قرآنية تقول‪ :‬ليس الرب أن تولوا‬ ‫وجوهكم قبل املرشق واملغرب ولكن الرب من آمن‬ ‫بالله وباليوم اآلخر والبنني وأعطى املال عىل حبه‬ ‫ذوي القربة واليتامى واملساكني ‪ ....‬وكذلك وردت‬ ‫يف قول السيد املسيح عليه السالم‪« :‬توىب‬ ‫للجياع والعطاىش اىل الرب ألنهم ال يشبعون»‪،‬‬ ‫فالرب هو عمل خري وجمعية املربات الخريية هي‬ ‫التي تصدت لعمل الخري‪ ،‬الذي ال يقترص عىل أحد‬ ‫معني‪ ،‬فنظرت اىل اإلنسان عىل أنه إنسان‪ ،‬حتى‬ ‫إذا أردنا أن ننطلق من عمل رسايل إسالمي يؤمن‬ ‫بكل الديانات األخرى‪ ،‬فهذا العمل لكل الناس‬ ‫والخطاب القرآين كان للناس‪« ،‬يا ايها الناس‪ ،‬خري‬ ‫الناس أنفعهم الناس»‪ ،‬لذلك الجمعية ال تقترص‬ ‫عىل طائفة معينة أو عىل دين معني بل أن ابواب‬ ‫املربات مفتوحة لكل من يطرقها‪ ،‬هكذا أراد‬ ‫مؤسسها ألنه كان يعترب أن عمل الخري يجب أن‬ ‫يعم اإلنسان ككل وأن ال يقترص عىل جهة أو‬ ‫طائفة أو قضية معينة‪ ،‬ونحن عىل هذا الدرب‬

‫سائرون‪ ،‬هكذا كانت بدايات جمعية املربات‪ ،‬وبعد‬ ‫ذلك انطلقت الجمعيات خالل األعوام التي تلت‪.‬‬ ‫وتتنوع احتياجات هذه الجمعية بتنوع الحاجات‬ ‫املوجودة يف املجتمع من احتياجات رعائية وأيتام‬ ‫وحاالت اجتامعية صعبة الحتياجات تعليمية‬ ‫ومدارس واكادميية ومدارس مهنية‪ ،‬اىل احتياجات‬ ‫صحية من مستشفى ومراكز صحية متنوعة‬ ‫ورعاية املعوقني واملسنني واحتياجات ثقافية‬ ‫ورسالية‪ ،‬فقد عملت الجمعية عملها ضمن‬ ‫مجاالتها خالل هذه األعوام التي زادت عن الثالثني‬ ‫عاماً‪.‬‬ ‫أما العوائق التي تأثرت بها الجمعية يف البداية‪،‬‬ ‫ال نستطيع أن ننكر أن الوضع املادي كان صعباً‪،‬‬ ‫وأيضاً التجربة‪ ،‬كانت جديدة بحيث مل يكن لنا‬ ‫تجارب سابقة كتجربة بناء املؤسسات الرعائية‬ ‫لأليتام وخاصة األقسام الداخلية‪ ،‬فقد كانت‬ ‫تجربة منطية جديدة فيام يتعلق بالرعاية األرسية‬ ‫مبا له من تفاصيل كثرية‪ ،‬فاملعوقات أوالً كانت‬ ‫من تجاربنا األوىل‪ ،‬والعوائق املادية كانت موجودة‬ ‫ألن الناس مل تكن تثق بالكثريين الذين يتصدون‬ ‫لبناء املؤسسات‪ ،‬كان البعض يذهب اىل بلدان‬ ‫االغرتاب ليك يدعو اىل بناء مؤسسة معينة‬ ‫ومتر السنوات واملؤسسة ال تقوم‪ ،‬وإذا قامت تكون‬ ‫بشكل هيكل بناء فقط‪ ،‬ولذلك كان السيد‬ ‫املرجع املؤسس لجمعية املربات الخريية يؤكد دوماً‬ ‫عىل أن تبنى املؤسسة يف فرتة زمنية قياسية‪،‬‬ ‫ويدعي الناس لالطالع عىل املؤسسة وهي تعمل‬ ‫واملعاقني يستفيدون من خدمات املؤسسات‪.‬‬ ‫أيضاً كانت من أهم الصعوبات التي واجهتنا‬ ‫هي استعادة ثقة الناس لبناء مؤسسات الخري‬ ‫فقد عانينا الكثري ليك نتخطى هذا الصعوبات‪،‬‬ ‫إضافة اىل التعاقد مع مؤسسات الدولة الذي‬ ‫كان اليشء الجديد عىل املربات‪ ،‬الوضع التعليمي‬ ‫املرتدي الذي عانيناه خالل سنوات الحرب حيث‬ ‫تردّي وضع مستوى املدارس الرسمية بشكل غري‬ ‫عادي‪ ،‬فتصدينا لبناء مدارس للمعوقني من الصم‬ ‫واملكفوفني وذوي اإلعاقة النطقية‪ ،‬واستطعنا‬ ‫أن ننال ثقة الكثريين وأن نبني تجربتنا استناداً‬ ‫لتجربة اآلخرين وهذه من الصعوبات التي‬

‫واجهتنا واستطعنا أن نتخطاها‪.‬‬ ‫اىل من يعود الفضل يف دعم هذه الجمعية‪،‬‬ ‫وهل هناك أكرث من جهة داعمة؟‬ ‫الفضل يف دعم الجمعية أوالً لله عز وجل‪،‬‬ ‫وكذلك السيد فضل الله الذي أسس املربات‬ ‫وتح ّمل مسؤوليتها وأوالها كل اهتاممه وعنايته‪،‬‬ ‫حتى يف التفاصيل أحياناً ألنه ال يريد لأليتام أن‬ ‫يصبحوا مشاريع مرشدين أو محرومني‪ ،‬فكان‬ ‫ينادي املجتمع أن ال ميارس عمله يف الضياع يف‬ ‫متاهات الحياة‪ ،‬وهو كان يخطط وينقد ويوجه‪،‬‬ ‫فالجهات الداعمة هي الناس الخيرّ ون الذين أحبوا‬ ‫السيد ووثقوا به وآمنوا بنهجه املؤسسايت‬ ‫ومسريته فعملوا عىل بناء املؤسسات ودعمها‪،‬‬ ‫ألنهم رآوا هذه التجربة ماثلة أمام أنظارهم‪،‬‬ ‫ومل يكن يف بناء املربات أي جهة سياسية وال‬ ‫ألية دولة فضل عليها‪ ،‬نقولها وبالصوت العايل‪،‬‬ ‫املربات بنيت من أموال املحسنني أموال الخموس‬ ‫والزكاة والتربعات من لبنانيني مغرتبني ومقيمني‬ ‫وكذلك أشخاص من دول الخليج بنوا كل هذه‬ ‫املؤسسات التي زادت عدد مساحات بنائها عن‬ ‫‪ 350‬ألف م‪ 2‬كبناء‪ ،‬ويف فرتة زمنية قياسية لبناء‬ ‫املؤسسات‪.‬‬ ‫ماذا عن النتائج التي تحققت يف مجال‬ ‫الرعاية والرتبية وتعليم ذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة‪ ،‬والتعليم املهني والرعاية الصحية‬ ‫ورعاية املسنني وغري ذلك من نتائج هامة؟‬ ‫ما دور الثقافة يف عملية التنمية اإلنسانية‬ ‫وخاصة يف مجال عمل الجمعية‪ ،‬خاصة أن‬ ‫هناك مسنني وذوي االحتياجات الخاصة وغري‬ ‫ذلك؟‬

‫‪75‬‬

‫أما عن النتائج التي حققتها الجمعية‪ ،‬فإنها‬ ‫أنتجت تجربتها‪ ،‬تأصلت عىل قاعدة مؤسسة‬ ‫تراعي مصلحة اإلنسان وهذا ما رفع من مكانة‬ ‫املؤسسات يف عقل ووجدان املجتمع‪ ،‬هذه‬ ‫املؤسسات حققت نتائج مهمة عىل صعيد‬ ‫بناء اإلنسان‪ ،‬ألن بناء اإلنسان يعترب صناعة‬ ‫املستقبل‪ ،‬فلذلك بدأنا من مؤسسات األيتام‪،‬‬ ‫ولدينا حوايل ‪ 9‬مربات لأليتام تستوعب ‪ 4‬آالف‬ ‫يتيم ويتيمة‪ ،‬عىل صعيد املدارس هناك ‪ 21‬ألف‬ ‫طالب‪ ،‬و‪ 15‬مدرسة أكادميية و‪ 6‬مدارس مهنية‪،‬‬ ‫مع دار للمعلمني واملعلامت‪.‬‬ ‫أما عىل صعيد املدارس فهناك موضوع الدمج‬ ‫الرتبوي للطالب املتأخرين دراسياً عىل أقرانهم مبا‬ ‫يسمى بالرتبية املختصة‪.‬‬ ‫وكذلك الدمج الرتبوي للمتفوقني‪ ،‬هناك‬ ‫برامج خاصة للمتفوقني داخل مدارس املربات‪،‬‬ ‫ومدارسنا تعتمد بشكل أسايس عىل موضوع‬ ‫اإلرشاد الصحي واالجتامعي داخل املؤسسات‬ ‫لكل تالميذتها‪ .‬نؤسس لبناء شخصية التلميذ‬ ‫ال نعتمد فقط عن املوضوع التعليمي والنتائج‬ ‫املدرسية والشهادات الرسمية التي للمربات‬ ‫فضل كبري فيها‪ ،‬بحيث كانوا من األوائل يف‬ ‫لبنان‪ ،‬عىل صعيد مدارس املربات‪ ،‬هذا العام كان‬ ‫هناك ثالمثئة طالب وطالبة الذين نجحوا يف‬ ‫الشهادات الثانوية‪ ،‬كانت األوىل يف لبنان عىل‬ ‫صعيد العلوم العامة‪ ،‬والخامسة يف االجتامع‬ ‫واالقتصاد يف ثانوية الكوثر‪ ،‬والخامس يف لبنان‬ ‫عىل صعيد العلوم العامة يف مدرسة الجواد‪،‬‬ ‫إضافة اىل التقديرات العديدة‪ ،‬وكذلك ‪1500‬‬ ‫طالب يف الشهادة املتوسطة نالوا التقدير‪،‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب اجتامعي‬

‫وأيضاً يف الشهادات املهنية‪ ،‬وكانت األوىل يف‬ ‫التمريض من مدارس املربات وهذا كله عىل‬ ‫صعيد املدارس وكذلك تقوم املربات بأنشطة‬ ‫متعددة‪.‬‬ ‫أما موضوع املعوقني من املكفوفني والصم‬ ‫وذوي اإلعاقة النطقية‪ ،‬كنا أول من ّأسس مدرسة‬ ‫لإلعاقة النطقية‪ ،‬بدأت عام ‪ 1988‬وحتى اليوم‬ ‫كانت تجربة ناجحة‪ ،‬هناك الكثري من مراكز‬ ‫لتعليم النطق ولكن كنا أول مدرسة تعتني‬ ‫وتهتم باإلعاقة النطقية‪ ،‬وأولها كانت مدرسة‬ ‫يف مؤسسة الهادي لإلعاقة السمعية والبرصية‬ ‫والنطقية‪ ،‬مدرسة «البيان»‪ ،‬هذه املدرسة التي‬ ‫بنيت بالتعاون مع املركز الثقايف الربيطاين‪،‬‬ ‫وكانت تجربة جديدة لنا فتم إرسال مدربني من‬ ‫بريطانيا لتأسيس هذه املؤسسة التي تعمل‬ ‫وتسد حاجة ملحة ملجتمعنا‪ ،‬هذا مبوضوع نتائج‬ ‫املعوقني‪.‬‬ ‫وتوجهت مؤسسة املعوقني ذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة‪ ،‬بإنشاء مكتب للتوظيف‪ ،‬جميعنا‬

‫نعلم أن قانون تشغيل املعوقني‬ ‫حتى اآلن مل يزل حرباً عىل ورق سمعنا أن وزير‬ ‫الشؤون االجتامعية الحايل أطلق هذا املرشوع‬ ‫واآلن مجلس الخدمة املدنية بدأ يعد ملباريات من‬ ‫أجل تشغيل املعوقني خاصة أن ‪ % 3‬من املفرتض‬ ‫أن يعملوا يف مؤسسات الدولة وليس املؤسسات‬ ‫الخاصة‪ ،‬فبادرنا منذ سنوات اىل إنشاء مكتب‬ ‫لتوظيف املعوقني يف مؤسساتنا بحيث نجد‬ ‫شخصاً معوقاً أو أكرث يعملون يف املؤسسات‪،‬‬ ‫وكذلك دعونا املؤسسات التجارية املوجودة يف‬ ‫املنطقة املحيطة ألن يساهموا مساهمة البعض‬ ‫يف ذلك‪.‬‬ ‫عىل صعيد الصحة هناك مستشفى «بهمن»‬ ‫التي بلغ عدد أرستها حوايل ‪ 200‬رسير‪ ،‬والذي‬ ‫يؤدي دوراً ال بأس به يف منطقة الضاحية ومراكز‬ ‫صحية موجودة يف مناطق الجنوب والبقاع‪ ،‬أما‬ ‫عىل صعيد املسنني فكانت تجربة فريدة للمربات‬ ‫بإنشاء مؤسسة لرعاية املسنني يف العباسية‬ ‫يف جنوب لبنان‪ ،‬هذه التجربة التي تعمل عىل‬

‫المبرات باألرقام للعام ‪2011 / 2010‬‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫رعاية ‪ 3800‬يتيم ويتيمة في المبرات‬

‫‪ 9‬مبرات لأليتام والمعوقين‬

‫تعليم ‪ 21500‬تلميذ في المدارس‬ ‫األكاديمية والمهنية‬

‫‪ 15‬مدرسة أكاديمية‬ ‫‪ 9‬معاهد مهنية وفنية‬ ‫دار للمعلمين والمعلمات‬

‫تعليم ‪ 450‬تلميذا ً​ًمن ذوي اإلعاقات‬ ‫البصرية والسمعية والنطقية في مؤسسة‬ ‫الهادي)ع(‬

‫مركز للتشخيص التربوي‬ ‫‪ 40‬مركزاً ثقافياً ودينياً‬

‫دمج ‪ 350‬تلميذأ من ذوي االحتياجات‬ ‫الخاصة في مدارس المبرات األكاديمية‬

‫‪ 4‬مراكز صحية واستشفائية‬ ‫دار للمسنين‬

‫‪76‬‬

‫رعاية املسنني‪ ،‬داخل املؤسسة ورعاية املسن‬ ‫خارجها‪ ،‬يضاف اىل كل ذلك املؤسسات الثقافية‪،‬‬ ‫املركز الثقايف اإلسالمي الذي يصدر منشورات‬ ‫متنوعة واملدارس القرآنية واملساجد واملراكز‬ ‫العبادية التي تؤكد كام أراد لها مؤسسها‪ ،‬عىل‬ ‫البعد عن العصبية‪ ،‬البعد عن الغلو‪ ،‬البعد عن‬ ‫الخرافة‪ ،‬والتي ينفتح فيها اإلميان عىل كل املجتمع‬ ‫وينفتح عىل كل األديان األخرى‪ ،‬وكل العامل‬ ‫ونحاول أن يكون للمربات جامعة تستكمل‬ ‫مسريتها التعليمة‪ ،‬ولكن لألسف مازال هناك‬ ‫صعوبات للحصول عىل الرتخيص‪.‬‬ ‫اما عن دار املعلمني واملعلامت‪ ،‬فاسمها دار‬ ‫الصادق للرتبية والتعليم تعمل عىل إعداد‬ ‫معلمني ومعلامت ملؤسسات املربات وتعمل عىل‬ ‫التأهيل املستمر للمعلمني ومعلامت للمدارس‪،‬‬ ‫كام تعمل عىل إعداد املعلم الجديد‪ ،‬كذلك‬ ‫تعطي شهادت يف الرتبية الحضانية شهادات‬ ‫ثانوية وأيضاً ‪.TS‬‬ ‫هل من خطط جديدة لتطوير عمل الجمعية‬ ‫وما هي؟‬ ‫الجمعية تواكب كل املتغريات عىل صعيد‬ ‫العرص وكل ما يتعلق بالتطور التكنولوجي‪،‬‬ ‫وتسعى الجمعية للعمل عىل إدخاله يف صلب‬ ‫أعاملها‪ ،‬اللوح التفاعيل أيضاً اآلن يف كل‬ ‫مؤسسات الجمعيات هناك اللوح ‪ACTIVE‬‬ ‫‪ ،BOARD‬اللوح التفاعيل الذي من خالله وسائل‬ ‫اإليضاح تصبح بشكل أفضل وتجعل الطالب‬ ‫يتأقلم بشكل أفضل مع التغري التكنولوجي‬ ‫الجديد‪ ،‬حتى الكتب اآلن وبعض الدروس التي‬ ‫ترشح وتعطى هي دروس الكرتونية تعطى من‬ ‫خالل اللوح التفاعيل‪ ،‬كذلك خطط الجمعية هي‬ ‫استكامل لبعض املؤسسات الرعائية التي سوف‬ ‫تفتح يف بنت جبيل يف جنوب لبنان‪ ،‬واملؤسسة‬ ‫الرعائية يف منطقة البقاع‪.‬‬ ‫هل هناك دعم رسمي من الدولة اللبنانية‬ ‫للجمعية وما هو؟‬ ‫ليس هناك أي دعم مادي رسمي من الدولة‬ ‫اللبنانية‪ ،‬الدولة تقوم بتقديم املساعدات‬ ‫للمؤسسات املامثلة‪ ،‬ولكن ليس للمربات‪،‬‬ ‫ويهمنا يف جمعية املربات أن يكون الدعم‬

‫معنوياً وأيضاً نأمل من الوزارة الجديدة أن تأخذ‬ ‫كلفة اليتيم والنظر اىل وضعه الطبيعي‪ ،‬ووزارة‬ ‫الصحة تساهم يف دعم املؤسسات الصحية‬ ‫كام تدعم املؤسسات املامثلة‪ ،‬ونأمل أن تنظر‬ ‫اىل املؤسسات حسب الخدمة التي تقدمها هذه‬ ‫املؤسسات‪ ،‬أن يكون هناك اعتامد للمؤسسات‬ ‫الرعائية من خالله ميكن أن تعطي املؤسسات‬ ‫الرعائية بحجم التقدميات التي تقدمها‪.‬‬ ‫التقدير معنوي لدور املربات مبا يتعلق‬ ‫مبؤسسات العمل الرعايئ والعمل الصحي وحتى‬ ‫العمل التعليمي ولذلك نرى أنه عندما تأيت‬ ‫الوفود من خارج لبنان فإن املربات عىل استعداد‬ ‫تام ملساعدتها عىل االستفادة من تجربة املربات‪،‬‬ ‫وإن املؤسسات الرسمية يف النهاية تعمل من‬ ‫أجل الشعب والوطن‪.‬‬ ‫أما عن الذين تستقبلهم كل املؤسسات‬ ‫التابعة للمربات‪ ،‬وخاصة مبا يتعلق باأليتام‬ ‫واملعوقني فالتقدميات مجانية‪ ،‬تقدم وزارة‬ ‫وكذلك‬ ‫مساعدات‪،‬‬ ‫االجتامعية‬ ‫الشؤون‬ ‫مورد كفالة اليتيم‪ ،‬التي تتم من خالل بعض‬ ‫الناس‪ ،‬أما مدارس األيتام فيتم تسجيلهم‬ ‫عرب املدارس الرعائية يف مدارس املربات فتدفع‬ ‫لهم أقساطهم املدرسية كلها‪ ،‬أما اآلخرون‬ ‫فهناك مدارس مدعومة من املربات ويكون الدفع‬ ‫فيها شيئاً رمزياً والقيمة قليلة جداً بالنسبة‬ ‫للمدارس األخرى‪ .‬وأقساطها مقبولة تزيد بيشء‬ ‫قليل عن سعر الكلفة‪.‬‬ ‫مدارس املربات ال تعطي منحاً بل تتبنى كل‬ ‫الحاالت االجتامعية الصعبة مع األيتام‪ ،‬املؤسسة‬ ‫ال نريد لليتيم أن يشعر أن البعض يتحنن عليه أو‬ ‫يشفق عليه من املؤسسة الرعاية اىل املدرسة‬ ‫كأي طالب آخر‪ .‬يدفع قسط الدروس وحسب‬ ‫اعتقادنا إن املربات كرست معادلة األغنياء‬ ‫والفقراء عىل مقعد درايس واحد‪.‬‬ ‫كام كرست معادلة الريف واملدينة ألن املدارس‬ ‫املوجودة يف الريف بنفس مستوى التعليمي‬ ‫للمدارس املوجودة يف املدينة‪.‬‬ ‫هل من رسالة عرب «منرب التوحيد» اىل‬ ‫الجهات الرسمية واألهلية‪ ،‬وما هي؟‬ ‫من عىل «منرب التوحيد»‪ ،‬املنرب االعالمي‬ ‫الهادف الذي يساهم بالخري والكلمة الطيبة‪،‬‬ ‫ليوصل اىل أعامق الخري‪ ،‬ستبقى مؤسسات‬ ‫املربات يف ركبها اإلنساين‪ ،‬لن تبدلها األيام‬ ‫مع غياب مؤسسها رغم عمق اللوعة‪ ،‬حضوره‬ ‫يف غيابه سيبقى كحضوره يف حياته‪ ،‬الحضور‬ ‫اإلنساين الحميم‪ ،‬فكره وكلامته ستبقى تصوب‬ ‫املسار لكل مؤسسات الخري‪ ،‬وكان يؤكد أن كل‬ ‫مؤسسات الخري هي مؤسساتنا‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫تصوير عدنان عبد الله‬

‫المؤسسات الرعائية‬ ‫مربة اإلمام الخويئ (بريوت – الدوحة‪1977 :‬م)‬ ‫مربة اإلمام زين العابدين(ع) (البقاع – الهرمل‪)1989 :‬‬ ‫مربة اإلمام عيل(ع) (الجنوب – معروب‪ 1991 :‬م)‬ ‫مربة السيدة مريم (الجنوب – جويا‪1994 :‬م)‬ ‫مربة السيدة خديجة الكربى (بريوت – برئ حسن‪1996 :‬م)‬ ‫مربة النبي ابراهيم(ع) (الجنوب – الخيام‪2005 :‬م)‬ ‫مربة اإلمام الرضا(ع) (الجنوب – النبطية‪2007 :‬م)‬ ‫مربة النبي يوسف(ع) (بريوت – الدوحة‪2008 :‬م)‬ ‫مربة اإلمام الهادي لرعاية املع ّوقني‬ ‫مربة الخري يف بنت جبيل ‪ -‬مجمع آية الله السيد عبد الرؤوف فضل الله (قيد اإلنشاء)‬ ‫يرشف عل هذه املؤسسات مجلس املؤسسات الرعائية ومديرية الشؤون الرعائية‬

‫المؤسسات التعليمية‬ ‫‪ -1‬ثانوية الكوثر (بريوت – طريق املطار الجديد‪)1996 :‬‬ ‫‪ -2‬ثانوية اإلمام الحسن(ع) (بريوت – الرويس‪)1992 :‬‬ ‫‪ -3‬ثانوية املجتبى(ع) (بريوت – حي السلم‪)1991 :‬‬ ‫‪ -4‬مدرسة األبرار – (بريوت – الدوحة‪ ،‬خلدة‪) :‬‬ ‫‪ -5‬مدرسة اإلمام جعفر الصادق(ع) (الجنوب – جويا‪)1995:‬‬ ‫‪ -6‬مدرسة اإلمام عيل(ع) (الجنوب – معروب‪)1991 :‬‬ ‫‪ -7‬ثانوية الرحمة (الجنوب – النبطية‪)2001:‬‬ ‫‪ -8‬مدرسة اإلرشاق (الجنوب – بنت جبيل‪)2002:‬‬ ‫‪ -9‬مدرسة عيىس بن مريم(ع) (الجنوب – الخيام‪)2002:‬‬ ‫‪ -10‬ثانوية اإلمام الجواد(ع) (البقاع – عيل النهري‪)1999:‬‬ ‫‪ -11‬مدرسة اإلمام الكاظم(ع) (البقاع – عيل النهري‪)1999 :‬‬ ‫‪ -12‬ثانوية البشائر (البقاع – دورس‪)1999:‬‬ ‫‪ -13‬ثانوية اإلمام الباقر(ع) (البقاع – الهرمل‪)1988:‬‬ ‫‪ -14‬مدرسة اإلمام الحسني(ع) (البقاع الغريب – سحمر‪)1999 :‬‬ ‫‪ -15‬مدرسة رسول املحبة (جبل لبنان – جبيل‪)2008 :‬‬

‫مؤسسات التربية المختصة‬ ‫مؤسسة اإلمام الهادي (بريوت‪ ،‬طريق املطار‪)1988 :‬‬ ‫‪ -1‬مدرسة النور للمكفوفني‬ ‫‪ -2‬مدرسة الرجاء للصم‬ ‫‪ -3‬مدرسة البيان إلضطرابات اللغة والتواصل‬ ‫مؤسسات التعليم املهني‬ ‫‪ -1‬دار الصادق للرتبية والتعليم (بريوت‪ ،‬برئ حسن‪)1995 :‬‬ ‫‪ -2‬معهد عيل األكرب املهني والتقني (بريوت – خلدة‪)1992 :‬‬ ‫‪ -3‬مهنية الهادي (بريوت‪ ،‬برئ حسن‪)1988 :‬‬ ‫‪ -4‬معهد السيدة سكينة الفني (بريوت‪ ،‬برئ حسن‪)1996 :‬‬ ‫‪ -5‬معهد املربات للعلوم الصحية (بريوت‪ ،‬حارة حريك‪)1995 :‬‬ ‫‪ -6‬معهد القاسم املهني (بريوت – خلدة‪)2004 :‬‬ ‫(ع)‬

‫مؤسسات الرعاية الصحية‬

‫مستشفى بهمن (بريوت – حارة حريك‪)1999 :‬‬ ‫مركز العباس الصحي اإلجتامعي (الجنوب – ياطر‪)2003 :‬‬ ‫مستوصف اإلمام الحسني الطبي(ع) (البقاع – جالال‪)2004 :‬‬ ‫مركز السيدة الزهراء الصحي اإلجتامعي (دار األمان لرعاية املسنّني) (الجنوب – العباسية ‪)2007‬‬

‫‪77‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب مرأة‬

‫ال حقوق للمرأة في وطن ال يحكمه قانون مدني‬

‫المناضلة سهى بشارة لـ «منبر التوحيد»‪ :‬المقاومة حاجة لنا ألن الجيش‬ ‫لن يحقق نصر ‪ 2006‬الذي حمى التحرير‬ ‫يوماً بعد يوم تتوضح صورة الرصاع يف‬ ‫املنطقة‪ ،‬املقاومة يف مواجهة االحتالل وصوت‬ ‫كرامة اإلنسان وحامية ألرضه‪ ،‬الجميع يشارك‬ ‫يف املسؤولية وكل حسب استطاعته ومقدرته‬ ‫ووعيه والتزامه وبالشكل الذي يرونه‪.‬‬ ‫البعض تحرك مبكراً ألنه آمن بحب الوطن‬ ‫واالنتامء لألمة‪ ،‬فقدم التضحيات‪ ،‬وهنا ما‬ ‫أجمل صورة الوطن التي تزداد بها ًء من خالل‬ ‫العمل املقاوم‪.‬‬ ‫ويف تاريخنا الحديث الكثري من املحطات‬ ‫الهامة التي تستدعي التوقف عندها وقراءة‬ ‫مجريات األحداث خالل مرحلة زمنية هامة من‬ ‫تاريخ بالدنا كان لها ما بعدها‪ ،‬ونحن هنا‪ ،‬نرصد‬ ‫دور املرأة العربية ومكانتها‪ ،‬من ناحية صناعة‬ ‫األحداث وتحقيق اإلنجازات واألثر الكبري الذي‬ ‫خطته لألجيال الالحقة يف مسرية العمل‬ ‫الكفاحي والجهادي عىل طريق تحرير األرض‬ ‫وصون كرامة اإلنسان يف وطن حر سيد‪.‬‬ ‫وكثرية هي اإلنجازات والبطوالت‪ ،‬فاملرأة‬ ‫العربية ساهمت بدور أسايس وفاعل يف‬ ‫مسرية بناء الوطن بعدما حاولت آلة الحرب‬ ‫الصهيونية تدمريه مادياً وهزمية املواطن‬ ‫معنوياً‪.‬‬ ‫ويف إطار العمل النوعي املميز ملسرية املرأة‪،‬‬ ‫كان السجل حاف ًال‪ ،‬من خالل التضحيات التي‬ ‫قدمت‪ ،‬والقامئة تطول بأسامء الشهيدات‬ ‫واألسريات واملجاهدات اللوايت تحملن الصعاب‬ ‫هنا يف لبنان املقاومة وعىل مدى ساحة الرصاع‬ ‫يف املنطقة وملواجهة العدو الصهيوين‪ ،‬الهدف‬ ‫األسمى حب الوطن والتضحية يف سبيله من‬ ‫خالل عمل هادف مقاوم وإرصار ال يلني لرفع راية‬ ‫األمة عالياً‪.‬‬ ‫ولكن اس ًام عل ًام يف تاريخنا الحديث مازال‬ ‫محفوراً يف وجدان كل الغيارى الذين يحذوهم‬ ‫األمل يف مستقبل أفضل لهذا البلد املقاوم‪،‬‬ ‫حيث تتوضح صورة املرأة العربية وإرصارها‬ ‫عىل القيام بالدور والهدف األسمى‪ ،‬ويف‬ ‫تجربتها النضالية ما يغني األجيال التواقة‬ ‫إللقاء الضوء عىل أهم املفاصل األساسية يف‬ ‫حياة سهى بشارة‪.‬‬ ‫سهى بشارة علم يف الوطنية والنضال ال‬ ‫جدال فيه‪ ،‬شخصية وطنية هامة كانت وما‬ ‫تزال نرباساً لألجيال وكان لـ “منرب التوحيد”‬ ‫حوار معمق حول تجربتها النضالية وآفاق‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫املستقبل‪ ،‬علنا نصل اىل الغاية من اللقاء‪:‬‬ ‫أرجو أن نعود اىل البدايات وااللتزام يف العمل‬ ‫الوطني‪ ،‬وما هي الظروف الني نشأت يف ظلها‬ ‫املناضلة سهى بشارة‪ ،‬البيئة االجتامعية‬ ‫والظروف املحيطة حيث الرصاع يف مواجهة‬ ‫العدو الصهيوين؟‬ ‫بداية ال بد من التوقف عند العائلة التي نشأت‬ ‫يف كنفها‪ ،‬والتي واكبت قيام الدولة الصهيونية‬ ‫عىل تراب فلسطني‪ .‬أنتمي إىل آل بشارة‪ ،‬تلك‬ ‫العائلة التي عاشت يف الجنوب اللبناين يف قرية‬ ‫ديرميامس والتي تبعد حوايل خمسة كيلومرتات‬ ‫عن الحدود الفلسطينية‪ .‬هذا الجرح الفلسطيني‪،‬‬ ‫اللبناين العريب الذي أخذ يكرب يوماً بعد يوم‪،‬‬ ‫عايشناه عن قرب وخاصة أن مستعمرة املطلة‬ ‫أوىل املستعمرات الصهيونية قامت عىل خراج‬ ‫بلدتنا ديرميامس‪.‬‬ ‫فمن هنا كانت الروايات عن هذا العدو الغاصب‬ ‫حارض يف قصص كبار أهايل الضيعة والتي أخذ‬ ‫الصغار بتداولها‪ .‬وعندما حلت النكبة بالشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬وأصبح الجئاً يف أرضه ويف األردن‬ ‫ومرص وسوريا ولبنان ودول العامل‪ ...‬تردد صداها‬ ‫يف لبنان ولكن كان الصدى أكرب يف القرى‬ ‫الحدودية ‪ ...‬جاء االحتالل عام ‪ ،1978‬وأخذ هذا‬ ‫العدو الصهيوين بصورة املحتل الغاصب املهيمن‬

‫‪78‬‬

‫تع قبل ذلك حجم‬ ‫يتضح أكرث يل كطفلة مل ِ‬ ‫هذا العدو‪ ،‬كان حتى ذلك التاريخ اسم ال يتعدى‬ ‫“إرسائيل” وجرح اسمه فلسطني مرتافقة‬ ‫بأصوات م ّيزت هذا العدو مبا يعرف خرق جدار‬ ‫الصوت‪.‬‬ ‫مع اجتياح ‪ 1978‬واحتالل الجنوب وحرماننا أقله‬ ‫كيسار بشكل عام وكشيوعيني بشكل خاص‬ ‫من البقاء أو العودة أو الذهاب إىل الجنوب املحتل‪.‬‬ ‫مع هذا االحتالل حرمت من الرتدد إىل قريتي ومن‬ ‫رؤية جديت وجدي باإلضافة إىل أحالمي كطفلة‬ ‫كانت تكرب تحت شجر الزيتون وتوقفت تلك‬ ‫األحالم مع االحتالل‪.‬‬ ‫ولكن حتى ذلك التاريخ ويف سني الثانية‬ ‫عرشة بقي هذا الجرح دون وعي ألمله إىل أن كان‬ ‫االجتياح عام ‪ .1982‬خالل تلك السنوات كانت‬ ‫الحرب األهلية تنهش بهذا الوطن حرباً أبعدتني‬ ‫عن هذا الجرح‪.‬‬ ‫ومع االجتياح واحتالل العاصمة بريوت وارتكاب‬ ‫املجازر لتصبح مجازر صربا وشاتيال هي محور‬ ‫القرار‪ ،‬قراري برضورة مواجهة االحتالل اإلرسائييل‬ ‫يك ال نجعل من لبنان فلسطيناً ثاني ًة‪ ...‬مع هذا‬ ‫االجتياح أصبح الجرح قضية وال بد للدفاع عن‬ ‫هذه القضية ‪...‬‬ ‫تراكامت العمل الوطني كثرية‪ ،‬ما هو اإلنجاز‬

‫األبرز يف تجربتك وما هو الجهد املبذول للوصول‬ ‫اىل الغاية والهدف؟‬ ‫اإلنجاز األبرز هو متكني من االنخراط بصفوف‬ ‫جبهة املقاومة الوطنية اللبنانية والسري يف‬ ‫صفوفها ومواكبتها إىل أن كان تحرير الجنوب‬ ‫اللبناين باستثناء مزارع شبعا‪ .‬باإلضافة إىل‬ ‫انتاميئ الفكري للحزب الشيوعي اللبناين‬ ‫حزب الفالحني والطبقة العاملية‪ .‬واعترب البقاء‬ ‫بالرغم من طبيعية مسار األمور عىل املستوى‬ ‫الشخيص‪ ،‬ولكن بقايئ ضمن هذا الخط يف وطن‬ ‫ننقسم فيه عىل كل يشء انطالقاً من طوائفنا‪،‬‬ ‫هو إنجاز بحد ذاته‪ .‬الجهد عىل هذا املستوى هو‬ ‫أن ال أنىس بأننا منذ بداية البدايات كان وما زال‬ ‫هدفنا بناء وطن للجميع وطن نكون فيه مواطنني‬ ‫أوال ونتمتع فيه باملواطنية وباملساواة االجتامعية‬ ‫بعيداً عن العنرصية‪ ،‬وطن ال تهان فيه كراماتنا‬ ‫وحيث الحرية حرية التفكري والتنقل هو عنواننا‪،‬‬ ‫يف وطن املؤسسات واملساواة أمام القانون‪.‬‬ ‫بالنسبة لالنخراط يف درب املقاومة طبعاً مل‬ ‫تكن مكللة بالورود‪ ،‬وكان عيل أن أكون مستعدة‬ ‫ملواجهة املوت يف سبيل تحرير الوطن من العدو‬ ‫الصهيوين‪ .‬وكانت ومازالت هذه حال كل‬ ‫مقاوم يسري يف هذه الطريق املكللة باألسالك‬ ‫الشائكة‪.‬‬ ‫العالقة بني الفكر واملامرسة‪ ،‬هي عالقة‬ ‫تكاملية‪ ،‬ما هي األسس الفكرية التي تم‬ ‫االعتامد عليها لصياغة املامرسة النضالية‬ ‫املميزة يف حياتك؟‬ ‫بالطبع فكر الحزب الشيوعي الطليعي يف‬ ‫رضورة مواجهة االحتالل اإلرسائييل من جهة‬ ‫وبأنه ممر لتحقيق بناء وطن للجميع نتساوى فيه‬ ‫جميعا أمام القانون‪ ،‬نحمي فيه حقنا الطبيعي‬ ‫بالعلم وبالطبابة والعمل واألمان‪ ....‬هذا الفكر‬ ‫هو الذي يغذي ويؤثر عىل جميع مامرسايت الحياتية‬ ‫اليومية‪.‬‬ ‫عندما تم دحر العدو الصهيوين عن جنوب‬ ‫لبنان يف أيار ‪ ،2000‬أين كنت وهل توقعت هذا‬ ‫اإلنجاز يف حينه‪ ،‬وما هي مشاعرك وقتها‪ ،‬وما‬ ‫الذي يعينه لك النرص الذي تحقق عام ‪2006‬‬ ‫بفعل املقاومة اللبنانية وتكامل األدوار بني‬ ‫الجيش والشعب املقاوم؟‬ ‫عندما كان التحرير كنت يف باريس يف ذلك‬ ‫التاريخ‪ .‬كانت ومازالت ثقتي باملقاومة وبالشعب‬ ‫وبأهل الجنوب عىل قدرهم‪ ...‬مل أتوقع يوماً وأنا‬ ‫يف االعتقال بأن “إرسائيل” سوف تبقى يف‬ ‫لبنان‪ ...‬هذه القناعة كانت ومازالت نابعة انطالقا‬ ‫من هذه الثقة‪ .‬مشاعري كانت حينها مع كل‬ ‫الشهداء مع قربصيل وقصري مع سناء محيديل‬ ‫ولوال عبود‪ ...‬كانت مع الشهداء وأهاليهم‪..‬‬ ‫عهدنا كان بأن نحرر هذا الوطن وكان التحرير‪..‬‬ ‫كانت مشاعر فخر واعتزاز وتفكر بكل شهداء‬ ‫املقاومة‪.‬‬ ‫إن النرص الذي تحقق يف ‪ 2006‬أكد بأننا‬

‫بإمكاننا حامية التحرير وبأن العدو الصهيوين‬ ‫هو عدو للوطن وليس عدو لطائفة‪ .‬واملقاومة هي‬ ‫حاجة لنا ألن الجيش عاجز عن تحقيق هذا النرص‪.‬‬ ‫هل قيمت تجربتك يف العمل النضايل خالل‬ ‫املراحل السابقة‪ ،‬وما هي برامجك الحالية‬ ‫وتطلعاتك املستقبلية؟‬ ‫نعيش يف وطن نتخبط فيه جميعاً‪ ،‬أينام كنا‬ ‫وإىل أي حزب أو منظمة أو حركة انتمينا‪ ،‬بعيدا‬ ‫عن االهتامم ببناء الوطن وصيانته والدفاع عنه‬ ‫كهوية وطنية بعيد ُاً عن الطائفية‪ .‬تطلعاتنا‬ ‫للمستقبل تبقى ذاتها هو أن نتمكن من أن‬ ‫نبني وطنا للجميع دون أي متييز طائفي ومذهبي‬ ‫وطبقي وعنرصي‪.‬‬ ‫ما رأيك بدور املرأة العربية يف عملية البناء‬ ‫وهل‬ ‫واالقتصادي‪،‬‬ ‫والسيايس‬ ‫االجتامعي‬ ‫تحققت اإلنجازات التي كنت تعولني عليها دامئاً‬ ‫وملاذا؟‬ ‫مازالت املرأة متخلفة عن القيام بهذا الدور‪...‬‬ ‫وال يقف ذلك عليها كامرأة فاملشكلة قامئة‬ ‫يف كل فئات املجتمعات العربية بغض النظر عن‬ ‫الجنس‪ .‬بالطبع هنا ال يسعني التعميم عىل‬ ‫الدول العربية إذ لكل منها خصوصيتها‪.‬‬ ‫بناء وطن للجميع نتمتع فيه باملساواة‬ ‫االجتامعية ونتساوى فيه بالحقوق مهام كان‬ ‫جنسنا‪ ،‬هو نضال طويل األمد خاصة يف بلد عىل‬ ‫صورة لبنان ال نتفق فيه سوى عىل أال نتفق‪...‬‬ ‫تعشعش فيه الطائفية واملذهبية والتبعية‬ ‫وضياع األطر القانونية وتبعية املؤسسات‪...‬‬ ‫يف إطار العمل املنظم واملؤسسايت‪ ،‬أين‬ ‫تجدين نفسك‪ ،‬يف مجال العمل والتطلعات؟‬ ‫وماذا تفعل سهى بشارة يف هذه املرحلة وأين‬ ‫تناضلني؟‬ ‫عىل الصعيد الشخيص ال أجد نفيس‬ ‫خارج إطار فكر الحزب الشيوعي عىل املستوى‬ ‫اللبناين يف حال كنت موجودة يف لبنان‪ .‬هو‬ ‫الحزب الوحيد الذي بإمكانه التعبري عن صويت‬ ‫والذي بإمكانه بناء وطن للجميع دون الدخول‬ ‫يف الدهاليز التقسيمية والفئوية والطائفية‬ ‫واملذهبية‪ .‬وكوين حالياً موجودة يف أوروبا‪ ،‬اعترب‬

‫‪79‬‬

‫بأن القضية املحورية التي عيل أن أناضل من أجلها‬ ‫هي القضية الفلسطينية وهذا ما أسعى إليه‪.‬‬ ‫هل من رسالة تودين توجيهها للجهات‬ ‫الرسمية أو الشعبية أو للمرأة العربية‪ ،‬وما‬ ‫هي؟‬ ‫بداية عىل املستوى اللبناين‪ ،‬ال ميكننا السري‬ ‫بهذا الوطن إىل األمام بقوانني ترشيعية وتنفيذية‬ ‫عنرصية وعىل رأسها تلك القوانني املتعلقة‬ ‫بالفلسطينيني‪ .‬كام ال ميكننا السري قدماً ونحن‬ ‫نسعى إىل خصخصة قطاعاتنا الحيوية دون أية‬ ‫رؤية مستقبلية شاملة تحمي املواطن من الوقوف‬ ‫عىل أبواب املستشفيات واملدارس وإذالله بلقمة‬ ‫عيشه‪ .‬كذلك ال ميكننا السري قدماً دون التفكري‬ ‫جدياً بدولة املؤسسات بعيداً عن املحاصصة عىل‬ ‫اختالف عناوينها وباسم التوزيع الطائفي‪ .‬عىل‬ ‫الشعب أن ال يرىض وعليه االنتفاض بوجه كل‬ ‫سياسات هذا الوطن املهينة واملذلة لشعبه‪.‬‬ ‫عىل كل مواطن أن يلعب دورا يف ورشة البناء‬ ‫وعىل املرأة التي هي نصف هذا املجتمع أن تكون‬ ‫فعالة يف هذا اإلطار وأن ال تسمح تحت أي عنوان‬ ‫بأن تهمش ويخترص حضورها يف مفاصل الحياة‬ ‫فقط كونها زوجة فالن أو ابنة فالن‪...‬‬ ‫كان لك موقف مؤيد لحملة جنسيتي‪،‬‬ ‫وأنت متزوجة من أجنبي‪ ،‬ملاذا برأيك تحرم املرأة‬ ‫اللبنانية من إعطاء جنسيتها ألوالدها‪ ،‬وما هي‬ ‫وسائل التحرك؟‬ ‫لبنان تحكمه مصالح أفراد تحتمي وتسلح ذاتها‬ ‫بالطوائف‪ .‬وهنا بحجة التوازن الطائفي باإلضافة‬ ‫إىل كل ما ميكن تصوره من حجج نقحمها يك‬ ‫تعزز ما يسمونه هذا التوازن‪ ،‬قيادات هذا الوطن‬ ‫مستعدة أن تدوس بأقدامها عىل حقوق الفرد‬ ‫الطبيعية وهو حقه بأن يحمل جنسية والداه‬ ‫انطالقا من مبدأ املساواة بني الرجل واملرأة ‪ .‬وهم‬ ‫أولئك املسؤولني‪ ،‬حتى غري مستعدين حتى عىل‬ ‫مستوى القضاء بأن يسلموا بحق هذا الطفل‬ ‫بأن ينال جنسية والدته حتى بعد وفاة والده‪ .‬وهنا‬ ‫ال أريد الخوض باملأساة التي يعيشها عدداً من‬ ‫النساء وأوالدها من خالل حرمانهم من االنتامء‬ ‫إىل وطن ولدوا ونشأوا فيه‪ .‬وأما عن وسائل‬ ‫التحرك فيجب أن تكون عىل املستوى القانوين‬ ‫والشعبي واملؤسسايت‪.‬‬ ‫هل تعتربين أن حقوق املرأة اللبنانية قد‬ ‫تحققت وأين هي النواقص؟‬ ‫كيف لحقوق املرأة أن تتحقق وهي تعيش يف‬ ‫وطن ال يحكمه القانون املدين بل الديني؟ حتى‬ ‫عىل املستوى العنف األرسي القوانني الدينية‬ ‫هي املرجع‪.‬‬ ‫نحن بحاجة إىل وطن علامين أي نفصل فيه‬ ‫بني الدين والدولة‪ ،‬وقانون مدين ال يفرق بني املرأة‬ ‫والرجل‪ ،‬هذا القانون هو الذي يحمي العالقات‬ ‫فيام بينهام‪.‬‬

‫حوار‪ :‬مهيبة العرساوي‬ ‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب ريايض‬

‫البرازيل بطلة كأس العالم للشباب‬ ‫في كرة القدم‬

‫أحرز منتخب الربازيل لقب بطل كأس العامل للشباب يف كرة القدم‬ ‫للمرة الخامسة يف تاريخه بفوزه عىل نظريه الربتغايل ‪ 2-3‬بعد التمديد‬ ‫(الوقت األصيل ‪ )2-2‬يف بوغوتا أمام ‪ 36‬ألف متفرج‪.‬‬ ‫وسجل أوسكار اهداف الربازيل الثالثة يف الدقائق ‪ 5‬و‪ 78‬و‪ ،111‬يف حني‬ ‫سجل هديف الربتغال أليكس (‪ )9‬ونيلسون أوليفيريا (‪.)59‬‬ ‫وحلت املكسيك ثالثة بفوزها عىل فرنسا بثالثة أهداف لدافيال (‪)12‬‬ ‫وانريكيز (‪ )49‬وريفريا (‪ )71‬مقابل هداف لالكازيت (‪.)8‬‬ ‫وعادل منتخب الربازيل للشباب رقم املنتخب األول املتوج بط ًال للعامل‬ ‫خمس مرات‪ ،‬إذ كان فاز باللقب أعوام ‪ 1983‬و‪ 1985‬و‪ 1993‬و‪ ،2003‬وعوض‬ ‫إخفاقه يف نهايئ النسخة السابقة قبل عامني حني خرس امام غانا‬ ‫بركالت الرتجيح‪.‬‬ ‫يذكر أن املنتخبني الربازييل والربتغايل التقيا يف نهايئ نسخة ‪1991‬‬ ‫عندما فاز األخري بقيادة النجم السابق لويس فيغو بركالت الرتجيح ‪2-4‬‬ ‫بعد تعادلهام صفر‪-‬صفر‪.‬‬

‫مارسيلو العب ريال مدريد‬ ‫قبل أن يتعرض األملاين‬ ‫واألسباين‬ ‫أوزيل‬ ‫مسعود‬ ‫دافيد فيا للطرد وهام عىل‬ ‫مقاعد البدالء‪.‬‬ ‫وانتهت مباراة الذهاب‬ ‫بني الفريقني بالتعادل ‪2-2‬‬ ‫املايض عىل ستاد “سانتياغو‬ ‫برنابيو” بالعاصمة مدريد‪،‬‬ ‫وتوج برشلونة بلقب الدوري‬ ‫األسباين يف املوسم املايض‬ ‫للمرة الثالثة عىل التوايل‬ ‫بينام جاء لقب كأس ملك‬ ‫أسبانيا ليحفظ ماء وجه‬ ‫ريال مدريد يف املوسم‬ ‫املايض عل ًام بأنه توج به بعد‬ ‫الفوز عىل برشلونة ‪ 0-1‬يف‬ ‫املباراة النهائية‪.‬‬ ‫والتقى الفريقان أربع مرات يف غضون ‪ 18‬يوماً بشهري نيسان أيار املاضيني‪،‬‬ ‫حيث كانت هذه املباريات بواقع مباراة يف نهايئ كأس ملك أسبانيا وأخرى‬ ‫يف الدوري األسباين ومباراتني يف الدور قبل النهايئ لدوري األبطال األورويب‬ ‫يف املوسم املايض‪ .‬وكانت مباراتهام يف ذهاب كأس السوبر هي السادسة‬ ‫بينهام يف ‪ ،2011‬كام سيشهد كانون أول من العام الجاري املواجهة األوىل‬ ‫بني الفريقني بالدور األول يف الدوري األسباين للموسم الجديد‪.‬‬

‫منتخب لبنان يستعيد بعضاً من عافيته‬

‫تفوقه على لاير مدريد‬ ‫برشلونة يج ّدد ّ‬ ‫ً‬ ‫بطال لكأس السوبر اإلسبانية‬ ‫ويتوج‬ ‫ّ‬ ‫ُت ّوج فريق برشلونة بلقب كأس السوبر األسباين للمرة العارشة يف‬ ‫تاريخه بعد فوزه املثري عىل ضيفه وغرميه التاريخي ريال مدريد ‪ 2-3‬يف‬ ‫املباراة التي جمعت بينهام يف إياب البطولة‪.‬‬ ‫وكانت مباراة الذهاب يف مدريد انتهت بالتعادل (‪.)2-2‬‬ ‫ونجح برشلونة يف حسم مباراة الكالسيكو السابعة بني الفريقني يف‬ ‫عام ‪ 2011‬لصالحه بفضل تألق نجمه األرجنتيني الفذ ليونيل مييس ليحقق‬ ‫أول فوز له عىل ريال مدريد يف تاريخ مواجهات الفريقني بكأس السوبر‬ ‫األسبانية‪.‬‬ ‫وتقدم أندريس إنييستا بهدف لربشلونة بعد مرور ربع ساعة ثم تعادل‬ ‫الربتغايل كريستيانو رونالدو لريال مدريد يف الدقيقة ‪ ،20‬ويف الدقيقة‬ ‫األخرية من الشوط األول أضاف مييس الهدف الثاين لربشلونة لينتهي‬ ‫الشوط األول بتقدم النادي الكاتالوين ‪.1-2‬‬ ‫وقبل تسع دقائق عىل نهاية الشوط الثاين أدرك كريم بهزمية التعادل‬ ‫للريال ولكن قبل ثالث دقائق عىل النهاية أحرز الساحر مييس الهدف‬ ‫الثاين له والثالث لفريقه‪.‬‬ ‫وحدثت مشادات بني العبي الفريقني قبل نهاية اللقاء طرد عىل أثرها‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪80‬‬

‫استعاد منتخب لبنان يف كرة القدم بعضاً من عافيته بعد الهزميتني‬ ‫الوديتني املدويتني أمام الكويت (‪ )6-0‬واإلمارات (‪ ،)6-2‬ونجح يف بلوغ الدور‬ ‫الثاين من تصفيات آسيا لكأس العامل يف الربازيل عام ‪ ،2014‬بفوزه عىل‬ ‫بنغالدش (‪ )0-4‬ذهاباً‪ ،‬وخسارته أمامها (‪ )2-0‬إياباً‪.‬‬ ‫واىل جانب تأهله تقدم منتخب لبنان اىل املركز ‪ 159‬يف التصنيف العاملي‬ ‫الشهري للفيفا بعدما كان يف املركز ‪ 177‬يف حزيران املايض‪.‬‬ ‫وبعد التأهل اىل الدور الثاين قدم املدرب الوطني إميل رستم استقالته‬ ‫من تدريب منتخب لبنان‪ ،‬ليعني االتحاد األملاين ثيو بوكري مكانه‪.‬‬ ‫وقد اعتمدت اللجنة العليا لالتحاد برئاسة نائب رئيسها األول رميون‬ ‫سمعان‪ ،‬ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية الستضافة مباريات لبنان‬ ‫عىل أرضه يف املجموعة الثانية للتصفيات التي تضمه اىل جانب كوريا‬ ‫الجنوبية والكويت واإلمارات‪،‬‬

‫لبنان – بنغالدش‬ ‫خطا منتخب لبنان خطوة كبرية لبلوغ الدور الثالث من التصفيات‬ ‫اآلسيوية املؤهلة إىل نهائيات مونديال ‪ 2014‬يف الربازيل بعدما اكتسح‬ ‫ضيفه نظريه البنغايل ‪ 0 - 4‬عىل ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية‬ ‫يف بريوت يف ذهاب الدور الثاين‪ .‬وسجل حسن معتوق (‪ )16‬ومحمود العيل‬ ‫(‪ )28‬وعيل السعدي (‪ )56‬وطارق العيل (‪ )65‬األهداف‪ .‬وجاء الفوز اللبناين‬ ‫لينهي سلسلة من النتائج املخيبة عىل صعيد املباريات الودية والتي وصفت‬ ‫بالكارثية‪ ،‬ويف ظل غياب عدد من الالعبني األساسيني ال سيام املحرتفني رضا‬ ‫عنرت العب شاندونغ لياونينغ الصيني الذي تابع املباراة من املدرجات ويوسف‬ ‫محمد العب كولن األملاين‪ .‬وتسيد اللبنانيون املباراة عىل مدار الشوطني إذ‬ ‫لعب املدير الفني إميل رستم بتشكيلة هجومية‪ ،‬حيث وضع حسن معتوق‬ ‫ومحمود العيل وأكرم املغريب يف خط املقدمة ومن خلفهم صانع األلعاب‬ ‫عباس عيل عطوي الذي لعب متحام ًال عىل إصابته‪ ،‬وإىل جانبه زكريا رشارة‬ ‫يف الجهة اليمنى‪ ،‬وحمزة عبود ووليد اسامعيل يف اليرسى ويف الدفاع‬ ‫عيل السعدي ورامز ديوب‪ ،‬فيام اعتمد املدرب املقدوين نيكوال ايلييفسيك‬ ‫عىل التكتل الدفاعي واالنطالق بالهجامت املرتدة الرسيعة عرب رأس الحربة‬ ‫الوحيد محمد جاهد عاميل‪.‬‬ ‫وكانت أوىل الفرص لعطوي الذي سدد كرة بعيدة بذل الحارس البنغايل‬ ‫مأمون خان مجهوداً لصدها (‪ ،)4‬وقام حسن معتوق مبجهود فردي من الجهة‬ ‫اليمنى ومرر كرة خلفية سددها رامز ديوب قوية المست العارضة (‪،)11‬‬ ‫وافتتح معتوق التسجيل عندما استخلص الكرة يف وسط امللعب من‬ ‫املدافع سوجان وسددها من بعيد قوية يف الزاوية العليا اليمنى ملرمى‬ ‫الحارس خان (‪ .)16‬وتابع املنتخب اللبناين سيطرته وانفرد محمود العيل‬ ‫وسدد كرة قوية يف جسم الحارس لرتتد إىل أكرم املغريب الذي سددها‬ ‫زاحفة أبعدها خان إىل ركنية (‪ ،)24‬وضاعف اللبنانيون النتيجة عندما مرر‬ ‫حسن معتوق كرة بينية إىل أكرم املغريب الذي توغل ومررها بالعرض إىل‬ ‫محمود العيل فأسكنها الشباك الخالية (‪ .)28‬وسنحت الفرصة البنغالية‬ ‫األوىل عندما سدد عاميل الكرة خادعة ارتطمت بالقائم األيرس قبل أن‬ ‫يلتقطها الحارس إييل فريجة (‪ )45‬أنقذ بعدها املدافع البنغايل محمد وايل‬ ‫فريقه من الهدف الثالث بابعاده تسديدة معتوق املنفرد‪.‬‬ ‫وتابع اللبنانيون سيطرتهم مع إنطالق الشوط الثاين عىل الرغم من‬ ‫تبديالت ايلييفسيك الذي أرشك العب الوسط محمد روبن واملهاجم‬ ‫ميتون شودوري‪ ،‬فيام نشط رستم صفوفه فأراح عطوي ورشارة وأدخل بدال‬ ‫منهام طارق العيل وحسني دقيق لتتنشط الصفوف اللبنانية‪ ،‬ورفع معتوق‬ ‫الكرة من ركلة حرة من الجهة اليرسى إىل داخل املنطقة اقتنصها املدافع‬ ‫عيل السعدي يف الزاوية اليمنى ملرمى بنغالدش (‪.)56‬‬ ‫وإثر هجمة لبنانية منسقة‪ ،‬مرر دقيق كرة عرضية إىل داخل املنطقة‬ ‫قابلها طارق العيل بتسدية رائعة يف الزاوية اليمنى (‪ )65‬هدفا رابعا‪.‬‬

‫الشوط األول جاء متوسطاً يف مستواه الفني‪ ،‬سيطر املنتخب اللبناين‬ ‫عىل ثلثه األول مستغلني غياب التجانس بني العبي الوسط السوريني‬ ‫نهاد الحاج مصطفى ومحمود اآلمنة من جهة وضعف الجهة اليرسى التي‬ ‫شغلها املرصي والعوض من جهة أخرى فجاء اإلنذار األول بعد ‪ 10‬دقائق من‬ ‫البداية بصاروخية عباس عطوي من متريرة ذكية من املتألق حسن معتوق‬ ‫علت عارضة العثامن بقليل رد عليها ماهر السيد بتسديدة قوية ارتدت‬ ‫من جسم املدافع اللبناين عباس كنعان‪ .‬وعاد العطوي ليهدد مرة أخرى‬ ‫بتسديدة قوية من حافة الجزاء مرت بجوار القائم األيرس للمرمى السوري‪.‬‬ ‫وترجم حسن معتوق أفضلية لبنان يف اإلستحواذ والسيطرة عىل وسط‬ ‫امليدان وسجل هدف التقدم من جزاء صحيحة إثر عرقلة الظهري حمدي‬ ‫املرصي للمهاجم محمود العيل داخل املنطقة املحرمة سددها عن ميني‬ ‫الحجي عثامن يف الدقيقة (‪.)17‬‬ ‫منتخب سوريا استعاد توازنه نسبياً بعد الهدف وحارص مضيفه يف‬ ‫منطقته ألكرث من خمس دقائق متكن خاللها برهان صهيوين من العودة‬ ‫بالنتيجة بتسجيله هدفاً (رائعاً) بعدما تلقى كرة يف العمق من املهاجم‬ ‫املرتاجع رجا رافع فدخل منطقة الجزاء من الجهة اليمنى وراوغ خصمه وسدد‬ ‫بقوة يف الشباك يف الزاوية البعيدة عن متناول الحارس اللبناين زياد الصمد‬ ‫يف الدقيقة (‪ .)23‬بعد الهدفني عادت األمور للتوازن بني املنتخبني وسادت‬ ‫حالة من الهدوء النسبي يف منطقتي عمليات املنتخبني مل يكرسها‬ ‫سوى تسديدة املدافع اللبناين عيل السعدي القوية فوق العارضة بقليل‬ ‫وأخرى لرجا رافع أواخر زمن الشوط بعد فاصل مهاري راوغ خالله أكرث من‬ ‫العب وسدد فوق املرمى اللبناين‪.‬‬ ‫الشوط الثاين جاء مم ًال وفقرياً باللمحات الفنية مر نصفه األول دون‬ ‫فرصة تذكر حتى فاجئ البديل محمد غدار املنتخب السوري بالهدف الثاين‬ ‫من تسديدة قوية داخل الجزاء فشل العثامن يف ردها (د‪ )71‬لكن الرد السوري‬ ‫جاء مرتني وبنفس الطريقة من مبارشتني سجل األوىل ماهر السيد عن ميني‬ ‫الصمد (د‪ )79‬وسجل الثانية نديم صباغ عن يساره (د‪ )83‬وفيام عدا ذلك فال‬ ‫يشء ُيذكر لينتهي اللقاء بفوز (متوقع) للمنتخب السوري بثالثة أهداف‬ ‫لهدفني‪ .‬قاد اللقاء طاقم تحكيم لبناين بقيادة رضوان غندور وكل من عيل‬ ‫عيد وزياد برياق مساعدين وعيل صباغ حك ًام رابعاً‪.‬‬ ‫أجواء اللقاء كانت إيجابية للغاية وأرضية امللعب العشبية (جيدة) وهو‬ ‫ذات امللعب الذي فازت فيه سوريا عىل لبنان (‪ )0-2‬يف تصفيات كأس أمم‬ ‫آسيا األخرية عام ‪ 2008‬بقيادة املدرب األسبق فجر إبراهيم‪.‬‬ ‫وقد حرض املباراة جمهور قليل جداً مل يتجاوز الثالمثائة مشجع مل‬ ‫ُتسمع أصواتهم إال عند تسجيل األهداف‪.‬‬ ‫التبديل يف املباراة كان مفتوحاً وشهد تبديل تسعة العبني من منتخب‬ ‫لبنان منهم سبعة دفعة واحدة مع بداية الشوط الثاين فيام بدل منتخبنا‬ ‫خمسة العبني فقط‪.‬‬

‫بنغالدش – لبنان‬ ‫يف مباراة اإلياب‪ ،‬كانت بنغالدش يف طريقها إىل تحقيق مفاجأة عىل حساب‬ ‫لبنان لكنها اكتفت بالفوز بهدفني سجلهام ميتهوم شودهوري وزاهد حسن‬ ‫امييل يف الشوط الثاين‪ .‬وقد أثبتت هذه الخسارة أن العبي املنتخب اللبناين‬ ‫بحاجة اىل متارين مكثفة عرب معسكرات تدريبية جدية ومحرتفة‪.‬‬

‫نادي التوحيد الرياضي ّ‬ ‫حقق فوزاً‬ ‫على شباب السعديات‬ ‫وكفرفاقود – دميت في كرة القدم‬ ‫لبى نادي التوحيد الريايض دعوة شباب السعديات يف مباراة ودّية‬ ‫جرت عىل ملعب نادي الجية الريايض‪ ،‬أسفرت عن فوز نادي التوحيد‬ ‫العريب بنتيجة ‪.6/3‬‬ ‫سجل للفائز‪ :‬مالك العياص هدف‪ ،‬جاد العياص هدفني‪ ،‬مكرم العياص‬ ‫هدف‪ ،‬عالء العياش هدف‪ ،‬مرسل العياص هدف‪.‬‬ ‫كام فاز نادي التوحيد الريايض عىل شباب كفرفاقود – دميت بنتيجة‬ ‫‪ ،7/3‬وذلك عىل ملعب الجاهلية الريايض‪.‬‬ ‫وقد سجل الفائز‪ :‬مالك العياص هدفني‪ ،‬بالل ابو ذياب هدف‪ ،‬مكرم‬ ‫العياص هدفني‪ ،‬جاد العياص هدفني‪.‬‬ ‫قاد املباريات الحكم وليد العياص‪.‬‬

‫لبنان يخرس أمام سوريا ودياً‬ ‫وعىل صعيد املباريات الودية خرس منتخب لبنان أمام نظريه السوري‬ ‫(‪ )3-2‬يف أول اختبار له بقيادة مدربه الجديد األملاين ثيو بوكري يف املباراة التي‬ ‫جرت عىل ملعب رفيق الحريري يف صيدا‪.‬‬ ‫اللقاء جاء فرصة ملعظم الالعبني البدالء يف املنتخبني إلثبات جدارتهم‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫منرب حر‬

‫سوريا‬ ‫قدر‬ ‫الجغرافيا‬ ‫والتاريخ‬ ‫* الدكتور‬ ‫حسني عيل يتيم‬

‫* نائب سابق‬ ‫ومدير موسسات املعهد‬ ‫العريب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫أن ترى الجغرافيا يعني أن تستنطق التاريخ فتستولد الحقيقة وتؤمن بالقدر‪ .‬فسوريا قدر‬ ‫وحقيقة‪ .‬ولطاملا كانت سوريا شعباً وسلطة معني ًة بلبنان كله شعباً وسلطة‪ .‬وال غرابة يف‬ ‫األمر فلبنان بدوره كان وال يزال معنياً اىل حد بعيد بكل ما يحصل يف سوريا عىل كل الصعد‪،‬‬ ‫سياسية كانت أم إقتصادية أم أمنية‪ .‬والغرابة أن ال يحصل هذا اإلهتامم بني دولتني جارتني‬ ‫توأمني لشعب واحد‪ ،‬عىل ما قاله املغفور له الرئيس حافظ األسد‪ .‬إن قدرهام واحد‪ ،‬فمذ‬ ‫جمعت بينهام الجغرافيا جمعهام التاريخ‪ .‬وما جمعه الله ال يفرقه إنسان عىل ما قاله أيضاً‬ ‫األسد األب‪ .‬ففي الجغرافيا‪ ،‬منذ اليونان والرومان والفرس والفراعنة‪ ،‬أن سوريا الطبيعية هي‬ ‫فلسطني واألردن ولبنان واملجاري العليا لدجلة والفرات‪ .‬وسوريا السياسية اليوم هي األرض األم‬ ‫لسوريا الطبيعية وقد شاءتها هكذا معاهدة سايكس بيكو التي مزقت األمة العربية اىل أقطار‬ ‫متعددة‪ .‬وبالد الشام ما هي إال سوريا الطبيعية‪ .‬وإذا كانت دمشق الشام هي عاصمة سوريا‬ ‫السياسية‪ ،‬فهي العاصمة الطبيعية لبالد الشام‪ .‬هكذا يقول التاريخ الحضاري واإلجتامعي‬ ‫لهذه األرض الطيبة‪ .‬ورغم تقطيع األرض اىل كيانات سياسية كتب لها أن تتعارض وتتناقض‪،‬‬ ‫ظلت دمشق الشام رغم العاديات هي األم الحانية عىل األرض والتاريخ‪ .‬فكم من مرة كانت بريوت‬ ‫جزءاً من والية الشام‪ ،‬وكذلك طرابلس وبعلبك وجبيل وصيدا وصور‪ .‬وجميع اإلمرباطوريات التي‬ ‫وطأت أقدامها بالد الشام‪ ،‬كانت ترى هذه األرض سجادة جغرافية تعرب عليها أو متكث فيها‬ ‫حيناً من الزمن‪ ،‬ولكن لتفارقها بفعل إرادة واحدة هي إرادة أهل األرض من جبال لبنان الرشقية‬ ‫والغربية اىل جبل قاسيون فجبال األناضول‪ .‬وانطالقاً من هذه الحقيقة تكلم السفري السوري‬ ‫يف لبنان عيل عبد الكريم وهو الديبلومايس املثقف موضحاً أن أمن سوريا من أمن لبنان والعكس‬ ‫صحيح‪ .‬ومبقدار ما تكون سوريا آمنة مستقرة يتأمن اإلستقرار واألمان للبنان‪ .‬وحتى ال يصبح‬ ‫لبنان خارصة رخوة لسوريا ينفذ منها األعداء قال رياض الصلح رجل االستقالل األول‪ ”:‬لن يكون‬ ‫لبنان لإلستعامر مقراً وال ممراً”‪.‬ونحن نعتقد جازمني كلبنانيني‪ ،‬إن سوريا كحقيقة سياسية‬ ‫وتاريخية هي التي منعت تقسيم لبنان وهي التي وضعت حداً لحروب اآلخرين عىل أرضه‪ ،‬وهي‬ ‫التي أوقفت التذابح‪ ،‬وهي التي منعت وال تزال أطامع إرسائيل بأرضه ومياهه ووحدته‪ .‬كل ذلك‬ ‫من خالل جيشها العريب وموقعها السيايس والدويل‪ ،‬ودعمها للمقاومة يف لبنان‪ ،‬وموقف‬ ‫املامنعة والصمود الذي تقفه بثبات إزاء كل محاوالت اإلذعان الصهيونية‪ ،‬بوجوهها الدولية‬ ‫واألمريكية واألوروبية والعسكرية‪ .‬ولطاملا دفعت سوريا من جيشها واقتصادها غالياً من أجل‬ ‫استقرار لبنان واستمراره‪ .‬وما يجري يف سوريا اآلن من محاوالت اصطناع للفوىض واختالق‬ ‫لألحداث األمنية‪ ،‬ما هو إال ضغوط كبرية يف اإلكراه من أجل يل الذراع السورية‪ ،‬وجلب القرار‬ ‫السوري اىل بيت الطاعة الصهيوين يف واشنطن أو نيويورك أو سيان يف تل أبيب أو باريس‪ ،‬أو‬ ‫يف بعض عواصم العرب‪...‬‬ ‫ما مناسبة هذا الكالم اآلن؟ املناسبة هي األحداث الدامية غري املنتظرة يف سوريا التي‬ ‫تجري تحت عناوين اإلصالح وطلب الحريات العامة‪ .‬وإنه من نافل القول أن يستجاب رسيعاً ملطالب‬ ‫اإلصالح يف سوريا بل يف العامل العريب كله‪ .‬وعملية اإلصالح حان أوانها ألنها أصبحت من‬ ‫رضورات العمل السيايس املعارص ذلك أن يقظة الشعوب العربية اليوم أخذت طريقها اىل‬ ‫املستقبل‪ .‬فاملعركة مع العدو الصهيوين أو اإلمربيايل ال ُتصنع إ ّال بقيم العرص املتسارعة وعىل‬ ‫رأسها الحريات‪ ،‬ال بأدوات املايض‪ ،‬بل مبقتضيات تطلعات األجيال الناشئة التي أخذتها األفكار‬ ‫املتقدمة والعلوم املتطورة اىل آفاق تتجاوز النظم اآلحادية التي كانت وراء تخلف الشعوب‬ ‫العربية‪ .‬وبديهي القول‪ ،‬إن سوريا وهي الشقيقة التوأم للبنان‪ ،‬والقلب النابض للقضية‬ ‫الفلسطينية وكل القضايا العربية‪ ،‬مطالبة اليوم أكرث من أي يوم مىض بترسيع االستجابة‬ ‫ملطالب األجيال السورية‪ .‬ألن يف ذلك قوة لسوريا الشعب والدولة والنظام يف مرحلة يكرث‬ ‫فيها التآمر عىل القضايا العربية السيام فلسطني‪ .‬ومبا أن سوريا قدر تاريخي لألمة العربية‬ ‫فهي بذلك قوة للبنان ولفلسطني ولكل الشعوب العربية‪ .‬وما نقد املخلصني لألحداث الدامية‬ ‫يف سوريا إ ّال من باب الحرص عىل سوريا القدر والتاريخ‪ ،‬والحفاظ عليها كدولة وحيدة للمامنعة‬ ‫ورفض االذعان‪ .‬لقد جاء بشار األسد ليبني الدولة الحديثة يف سوريا‪ ،‬فاستبرشت األجيال‬ ‫العربية الشا ّبة مبجيئ حاكم شاب مستنري‪ ،‬إذ أشار هو بنفسه اىل وجوب إزاحة ركام املايض‬ ‫وتصحيحه‪ ،‬ألن دمشق الشام هي بوابة املرشق‪ ،‬ذلك ألن بوابة املغرب هي القاهرة ومن املرشق‬ ‫ترشق الشمس‪ .‬واملرتبصون بسوريا اليوم يجهلون أو يتجاهلون‪ ،‬أنه بسوريا الخارسة هم خارسون‬ ‫ومهزومون ومأكولون‪ ،‬وقدمياً قيل‪ ”:‬أكلت يوم أكل الثور األبيض”‪ .‬والحكمة تقيض أن ندخل مع‬ ‫سوريا مدخل الغيارى عىل أهل البيت الواحد غري متفرجني‪ ،‬وال أن نرتك الشامتني او املتدخلني‬ ‫يتآمرون أو يعبثون‪ .‬لقد حفظت سوريا وحدة لبنان يوم صار التقسيم حقيقة‪ ،‬فليكن بعضنا‬ ‫أكرث عق ًال وحكمة لنحفظ سوريا‪ ،‬فبعض الحقد يوصل اىل الجنون وفيه اإلنتحار‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫الموقع الرسمي لحزب التوحيد العربي‬ ‫‪www.tayyar- tawhid.com‬‬

‫‪83‬‬

‫العدد ‪ -56‬أيلول ‪2011‬‬


‫ح‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫وحيد ب‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫يب‬

‫منرب‬ ‫التوحيد‬

‫‪84‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.