ثورة 25يناير الواقع وآفاق المستقبل الحزب الشتراكى
دكتور محمد حسن خليل المصرى
1
مقدمة يمثثل هثذا الكتثاب حصثاد مشثاركة بثالقول والفعثل والدراسثة لثثورة 25يناير فى شهورها الستة الولى .وأعتبر من ملمح سعادتى وسعادة جيلى أنه قد حظى بشرف أن يعيش الثورة فى بلدنا وأن ينعم بالمشاركة فيها ،فلحظات التغير التاريخى الثورى ليست كثيرة ،وهى لحظات خلق تعيثد الجمثاهير ،قثوى الثثورة الساسثية ،تعيثد خلثق نفسثها وتنفثض عنهثا كثل خثوف وتثبرز وعيهثا بمصثالحها وبأعثدائها وتنتفثض لتعيثد خلثق واقعهثا علثى مثالهثا الثثورى الثذى تتمنثاه .وإذا كثانت الثثورة هى أرقى أشكال الفعل الجماهيرى الواسع الذى يعيد تشكيل التاريخ فإن جنينها هو نمو وعى هذا الشعب وتطور أشكال احتجاجه وتنظيمه لقواة وصول للحظة التى ترفض فيها الجماهير أن تعيش كما فى السابق ،ول يستطيع حكامها استمرار ممارساتهم السابقة ،ول يكون هناك من حل لتلك الزمة الثورية سوى بالتغيير الجذرى للمجتمع. والثثورة المصثرية بحكثم طبيعتهثا وبحكثم ميثزان القثوى ومسثتوى وعثى جماهيرهثا وطبيعثة الشثعارات الثتى رفعتهثا هثى ثثورة سياسثية تسثتهدف التخلثص مثن نظثام القهثر والسثتبداد وإقامثة نظام ديمقراطى ،وهو ما لخصته الجماهير فى شعارات "تغيير ،حرية ،عدالة اجتماعية .والبرنامج الثديمقراطى الواسثع يضثع بثالطبع فثى القلثب منثه مطثالب الجمثاهير فثى الديمقراطيثة الثتى ل تسثتهدف فقثط البرلمانيثة وإمكانيثة تبثادل السثلطة ،ولكنهثا تسثتهدف الديمقراطيثة للجمثاهير بمثا تشثمله مثن حقثوق الجتمثاع والعتصثام والتظثاهر والضثراب ،وحقثوق التعثبير والنشثر والعلم، وأيضا البرامج المطلبية للعمال والفلحين ومختلف الفئات .ويتسع البرنامج أيضا ليشمل مقاومة أشكال التبعية الفجة وفرض القيود عليها ،كما يشمل مقاومة أشكال التبديد الستهلكى المسف، وتوجيه القتصاد للنتاج الموجه لشباع مطالب الجماهير والحد من التبعية السياسية والقتصادية الحالية .إن مثل هذا البرنامج هو ما يعبر عن الوضع الحالى لنضج الوعى الجماهيرى وهو ما يفتح الباب أمام التطور نحو مستقبل عادل لبناء مصر ينفى كل استبداد وكل استغلل وكل تبعية. ت فى كتابتها بعد الثورة مباشرة والفصل الول فى هذا الكتاب هو أول الفصول التى بدأ ُ ثم توقفت عن الكتابة لمشاغل كثيرة حتى رجعت إليه وأتممته فى يوليو عام .2011وحاولت فى هثذا الفصثل )المعنثون مصثر فثى ثلثيثن عامثا :مثن مبثارك إلثى الثثورة( أن أتتبثع تطثور جنيثن الثثورة والتناقضثات السياسثية والقتصثادية فثى النظثام المصثرى فثى أواخثر عهثد السثادات وخلل عهثد الرئيس المخلوع .وكان أول ما نشر هو الفصل الثانى المعنون "مستقبل الثورة :قراءة فى ميزان القوى الراهن " الذى ك ُِتب ونشر بعد شهر من الثورة ،بعد مليونيتى الجمعتين ،4و 11مارس حيث أدتثا إلثى عثزل وزارة أحمثد شثفيق وإسثناد تشثكيل الثوزارة إلثى الثدكتور عصثام شثرف .أمثا الفصثل الثالث "الثورة والهدم والبناء" فكتب ونشر فى أعقاب مليونيتى الجمعتين 8 ،1إبريل الذين شهدتا القبثض علثى أبنثاء الرئيثس المخلثوع مبثارك وكبثار قثادة نظثامه )زكريثا عزمثى ،وصثفوت الشثريف، وفتحثى سثرور( مثع تحديثد إقامثة الرئيثس .وآخثر فصثول الكتثاب الربعثة المعنثون "مسثار الثثورة المصثرية :يوليثو والسثتقطاب الثثورى فثى مصثر" فيشثير إلثى الحثداث الكثثيرة وبالغثة الثثر لشثهر صثر علثى اسثتكمال مهثام الثثورة وبيثن يوليثو مثن حيثث تبلثور السثتقطاب بيثن القطثب الثثورى ال ٌ م ّ المعسكر المحافظ الذى يرفع شعار الستقرار أول ويؤيد ترك المور للمجلس العسكرى والوزارة اكتفاء بما تم وثقة فى أن النظام القائم سوف يستكمل وحده ما يجب استكماله. والخيط الواضح فى الكتاب هو النظر دائما إلى المستقبل ،مما يفرض أن يكون الغرض من تحليل ميزان القوى الجتماعى والسياسى والطبقى هو تحديد ملمح الطريق إلى المساهمة فى صنع المستقبل الثورى لبلدنا .إن التكتيك لبد وأن ُيبنى على فهم دقيق وواقعى لميزان القوى هذا وإل وقع فى أسر تكتيك محافظ أو تكتيك مغامر .ويهمنى هنا أن ألفت النتباه إلى خطأ شائع الحدوث بين الثوريين وبالذات بين بعض شباب الثورة ،وهو خطأ اعتبار أن شيئا لم يحدث ومازلنا نقبع تحت نفس النظام ولم يتغير شيئ يذكر .بل وردد البعض ما كان يقال أيام عهد مبارك من أن النظثام يثترك لنثا حريثة الكلم ،أو حريثة النبثاح كمثا ردد البعثض ،بينمثا ظثل هثو ينفثرد بعمثل مثا يريثده. ومثن الغريثب أن يسثتمر البعثض بعثد الثثورة يرددون هثذا فثى وصثف وضثعنا السثابق علثى الثورة ول يثدركون أن "النبثاح" الثذى يتحثدثون عنثه هثو الثذى سثاهم فثى إيقثاظ النثاس وفثى قيثام الثثورة! وأن 2
النظام يفضل بالطبع أل يتكلم أحد كما كان فى فترة ما ،ولم يسمح بحريات متزايدة فى التعبير إل بتغير ميزان القوى وانتزاع تلك الحقوق .ويبدو للبعض أن الموقف الكثر ثورية هو الستهانة بكل تغيرات حدثت والدعوة إلى التغيير الجذى لوضع ل يفرق عن الوضع السابق .من المهم بالطبع أن نعى حدود التغير الحادث وأل نبالغ فيه ،وأن نكون على يقظة وانتباه دائمين لمهامنا فى استكمال إنجاز التغيرات الثورية ولكن هذا ل يعنى تجاهل ما تم تحقيقه ول تجاهل طبيعة ميزان القوى الذى حققه وإل كنا ننشر مناخا من الحباط بين بعض القطاعات الجماهيرية والهم أننا ل نستطيع تحديد مهامنا بدقة مادمنا ل نأخذ الدروس من كل نجاح تم أو كل إخفاق فى تحقيق الهداف .إن واجبنا يتمثل فى تتبع ميزان القوى ليس فقط من خلل التغيرات الكبرى التى تبدو لكل مراقب من بعيد، ولكثن تتبثع حثتى التغيثرات البسثيطة فثى ذلثك الميثزان لفهثم مثا أدى إليهثا ومثا تأثيرهثا علثى التكتيثك وكيف نساهم فى صنع المستقبل ،بينما التعميمات تقع دائما فى تطرف إسقاط أمانينا على الواقع والشثادة بمثا يحثدث وكثأن كثل الهثداف قثد تحققثت ،أو بثالتطرف المضثاد وكثأنه ليثس هنثاك جديثد. وتلثك النظثرة هثى ثنائيثة البيثض والسثود الشثهيرة ،فمثادامت أقصثى شثعاراتنا وأهثدافنا لثم تتحقثق فالصثورة لثم يحثدث فيهثا تغيثر .تحمثل تلثك النظثرة الخيثرة ،رغثم الحمثاس الثثورى لقائليهثا ،ملمثح عدم النضج استلهاما لنموذج البيض واِلسود ومادام الثوب ليس أبيضا فهو أسود ل شك! وأنثا بثالطبع انتمثى إلثى الحثزب الشثتراكى المصثرى والكتثاب يعثبر بشثكل عثام عثن تيثار الحزب ومواقفه ،وإن كان الحزب بالطبع ليس مسئول عن أى تقدير شخصى قد أكون قد أخطأت فيه ،فالكتاب لم يقر كوثيقة حزبية بتفاصيله وصياغته. وأخيرا فإننى أدرك جيدا أن الحقيقة ل يحتكرها أحد بعينه ،وأهدف من هذا الكتاب إلى فتح حوار حقيقى بين كل الثوريين وكل المهتمين بالشأن العام فى بلدنا من أجل فهم واقعنا ومهامنا فى إنجاز التغيير الثورى فيه. محمد حسن خليل أغسطس 2011
3
القثثثثثثثاهرة فثثثثثثثى
مصر فى ثلثين عاما :من مبارك إلى الثورة مقدمة مثا أجمثل أن تتحقثق أجمثل أحلمنثا ويتثاح لنثا أن نعيثش الثثورة! مثا أروع أن نشثاهد الشثعب المصثرى يعيثد خلثق نفسثه ويسثتجمع كثل طاقثاته ويسثترجع أقثوى وأروع مثا فيثه ليعيثد خلثق واقعثه علثى مثثاله الجديثد طثوال ثمانيثة عشثر يومثا ينهيهثا باحتفثاله بسثقوط رؤوس ورمثوز النظثام القثديم والعلن المهيب عن دخول السد الجبار إلى الساحة ليستعد لستكمال مهام ثورته بالقضاء على كامل النظام القديم ،ويستعد ،وهذا هو الهم ،لخلق نظامه الجديد المطبوع بطابعه الثورى الحر! وقد أ سقطت ثورة الشعب أيضا كل أوهام اليائسين الذين أدعوا أن الشعب ل أمل فيه، وأن النظام الحاكم الكلى الجبروت والمتصرف فى كل شيئ قد اختار أن يترك للمعارضين مهمة الكلم وحرية النباح بينما ترك لنفسه حرية الفعل كأنما للبد! وصارت تتردد فى أقاويل المعارضة اليائسة من شعبها كلمات من نوع لو لم أكن مصريا لوددت أل أكون مصريا ،أو مصر ليست أمى ولكنهثا زوج أبثى! فقثط النظثرة السثطحية والطفوليثة واليائسثة هثى الثتى تثرى الشثياء إمثا أبيثض أو أسود ،وحتى عشية الثورة فمادام اللون ليس أبيضا إذن فهو أسود! ولكثن التاريثخ ل يسثير على هذا النحثو .فقثط الدراسثة المتأملثة والتفصثيلية للتاريثخ تسثلحنا برؤية علمية ضد اليأس وتسلحنا أيضا بالتكتيك السليم الذى يجب أن يبنى على الحساب الدقيق لميزان القوى الجتماعية والطبقية فى كل لحظة وليس إلى تطرف البيض والسود .إذن علينا أن ندرس نظام مبارك منذ مجيئه وحتى سقوطه حتى نتمكن من فهم كيف قامت الثورة وكيف ومتى بدأ النظام القديم فى التداعى ،وما هو ميزان القوى الن وإلى أى اتجاه يجب أن نصوب من أجل تطوير الثورة لتحقيق أهدافها .إن هذا يعنى محاولة أن نفهم الظروف والقوانين التى حكمت نظام مبارك خلل العوام الثلثين الماضية ،وكيف تفاعل مع ظروفه الداخلية والخارجية ،وما المراحل التى مر بها حتى تداعى وتخلى عن رئيسه بهذا الشكل فى ثمانية عشر يوما .لقد جاء تولى مبارك للحكم فى غمار أزمة طاحنه ذروتها اغتيال الرئيس السادات .ونذكر هنا أن مبارك أدعى وقتها أنه لن يبقى فى الحكم سوى فترة واحدة ولكنه استمر ثلثين عاما يمكن تقسيمها لثلث مراحل شبه متسثاوية زمنيثا لتنتهثى بسثقوطه هثو وبعثض رمثوز نظثامه .بينمثا يثدور صثراع شثديد بيثن مؤسسثات النظام القديم التى تحاول إعادة بناء نفسها مع بعض التنازلت الجزئية وبوجوه جديدة ،وبين قوى الثثورة السثاعية لسثتكمال تنفيثذ مهمتهثا الثتى أخثذتها علثى عاتقهثا مثن أول لحظثة" :الشثعب يريثد أسقاط النظام" كله ل الكتفاء ببعض الترميم!
الزمة التى صاحبت تولى مبارك للسلطة بالطبع ليس كل رئيس جديد يعتبر مؤشرا لمرحلة جديدة ،فكثير من الرؤساء هم مجرد تغييثر فثى الشثخاص علثى نفثس السثس .حقثا إن كثل جديثد يثأتى أيضثا اسثتمرارا للقثديم فثى بعثض جثوانبه ،ولكثن مثدى السثتمرارية بيثن النظثامين فثى مقابثل حثدود الجديثد هثو مثا يوضثح مثا إذا كثان التغير مجرد تغيير بسيط فى الشخاص أم أنه مرحلة جديدة لها سماتها الخاصة .وإذا كان مجيئ مبارك إلى الرئاسة من موقع نائب الرئيس قد تحقق باغتيال الرئيس القديم فإن هذا وحده يوضح مدى الستمرارية ،إذن فما هو الجديد؟ لم تكن المشكلة فى عام 1981هى مجرد اغتيال رئيس الجمهورية ،فقد حدث هذا مرارا فثى بلثدان مختلفثة دون أن يثؤدى إلثى نظثام جديثد .ولكثن الملفثت للنظثر هنثا هثو الرتيثاح الشثعبى الواسع لختفاء الرئيس السادات الذى عبر على جسد آلف الشهداء ليعقد الصلح مع أعداء مصر التثاريخيين أمريكثا وإسثرائيل .كمثا جسثد الزمثة أيضثا نجثاح الجماعثات السثلمية الجهاديثة فثى السيطرة على مدينة أسيوط واحتلل مديرية المن بها لمدة ثلثة أيام .وهناك بعد هام للزمة هو واقثع انتقثال مصثر مثن الموقثع القيثادى داخثل الثوطن العربثى إلثى وضثع العزلثة عثن الثدول العربيثة المنقسثمة إلثى معسثكر الصثمود والتصثدى ومعسثكر العتثدال وكلهمثا يقثاطع مصثر بعثد معاهثدة السلم مع إسرائيل ،كما وتم نقل جامعة الدول العربية من مصر إلى تونس! 4
ومثن ملمثح تلثك الزمثة النقثاش الثذى جثرى وقتهثا فيمثا سثمى بثالمكتب السياسثى للحثزب الوطنى الحاكم فى أعقاب اغتيال السادات ،حيث بدا استقطاب حاد أحد طرفيه هو وزير الداخلية وقتها النبوى اسماعيل يسانده عثمان أحمد عثمان الذين رأوا أن اغتيال السادات فى 6أكتوبر بعد شهر من حملة القمع الشهيرة فى 5سبتمبر التى طالت حوالى 1500من رموز المعارضة اليمينية واليسثارية والدينيثة السثلمية والمسثيحية تثبثت أن هثذا القمثع لثم يكثن كافيثا ،وأنثه يجثب البطثش بمزيد من القوة بالمعارضة .ولكن كان هنثاك رأى مختلثف للطرف الخر وساندته أمريكا ،إذ رأت فيثه فرصثة لمنثاورة ضثرورية لتغييثر التكتيثك حفاظثا علثى النظثام .والمثر يتعلثق هنثا بثالموقف مثن المعارضثة فثى ظثروف الحتقثان البثالغ فثى المجتمثع ،أى محاولثة الوصثول إلثى معادلثة مسثتوى حريثات التعثبير المتثاح أمثام الجمهثور فثى ظثل الحتقثان الثداخلى والمعارضثة المتناميثة بمثا ل يهثدد أسس النظام .وكل نظام طبقى يعرف طبعا أنه ل يمكن أن يستمر بدون أجهزة قمع تحميه من بوليس ومباحث ومخابرات وجيش عند اللزوم .ولكن كل نظام يدرك أيضا أن النظم يستحيل أن تحيثا علثى القمع وحثده دون درجثة من القبثول الشثعبى ،وأن أى نظام يحيثا مرفوضثا مثن شثعبه ،أى يحيا على القمع وحده تصبح أيامه معدودة. لقثد وعى نظثام السادات جيثدا درس النفجثارات الجتماعيثة المتزايدة سثنويا الثتى حثدثت بعد نكسة 1967خلل العوام 1973 ،1972 ،1968ورأى أن استمرار نظام الرأى الواحد الستبدادى مثع انفجثارات سثنوية ل يصثلح للحفثاظ علثى النظثام ذاتثه .لقثد اسثتطاع النظثام الناصثرى "تثأميم الصراع الطبقى" كما قيل بين 1954و 1967استنادا إلى تبنى مطامح الشعب فى العداء للستعمار مثع درجثة مثن تحثديث البنثى القتصثادية والنجثازات الجتماعيثة فثى خلثق فثرص العمثل وتطثوير وتوسيع نطاق خدمات التعليم والصحة .ولكن تغير الوضع بعد هزيمة 1967بما ل يسمح باستمرار نظثام الحثزب الواحثد والثرأى الواحثد .وبقثدر مثا كثانت الحركثات الحتجاجيثة الجتماعيثة والسياسثية المعارضة أحد أسباب تبنى الحكم لتكتيك خوض حرب 1973بقدر ما كانت سببا فى تخلى النظام بعدها مباشرة فى ورقة أكتوبر 1974عن نظام الحزب الواحد والرأى الواحد والنتقال إلى المنابر ثثم الحثزاب فثى الفثترة بيثن 1974و .1977ويسمى الفقهاء الدستوريون ذلك التغيير بالتعددية المقيثثدة )وليثثس الديمقراطيثثة( تمييثثزا لثثه عثثن الثثرأى الواحثثد والحثثزب الواحثثد مثثن ناحيثثة وعثثن الديمقراطية بمفهومها المعروف من جهة أخرى .فهذا النظام ل يستحق تسمية الديمقراطية فى عرف الفقهاء الدستوريين لنه ل يتيح تداول السلطة بين الحزاب إذ تبقى ،بحكم التزوير وبحكم حثدود حريثات التعثبير ،تبقثى السثلطة فثى يثد الحثزب الحثاكم .لكننثا نثرى أن تلثك التفرقثة تغفثل بعثدا هاما فى التمييثز بين تلك التعدديثة المقيدة والديمقراطيثة الحقيقية.ففى التعدديثة المقيثدة تقتصر الحريثات فثى تلثك النظثم علثى توسثيع حثدود حريثة الصثحافة والنثدوات المحثدودة والمثؤتمرات الجماهيرية النادرة ،وقت النتخابات بشكل رئيسى ،مع خلوها من حريات التعبير الجماهيرية مثل حق الجتماع والتظاهر السلمى وحق الضراب وحريات النشر والصحافة الكاملة وغيرها. لقد ترافق دور السادات فى تغيير وضع الحريات السياسية من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعددية المقيدة مع تغيير النظام القتصادى للتوجه نحو اقتصاد مفتوح للسوق فيما عرف بسياسة النفتاح القتصادى بما اشتملت عليه من حريات أربع لرأس المال :تحرير التجارة ،وحرية الستثمار ،وحرية تحويل العملة ،وأخيرا "تحرير" استغلل القوى العاملة من خلل تخفيف قوانين العمالثة مثن ضثمانات العمثال .وقثد منحثت تلثك الحريثات بثالطبع لثرأس المثال المحلثى والعربثى والجنثبى علثى حثد سثواء .ودفثع هثذا البعثض إلثى القثول أن جثذر النتقثال إلثى التعدديثة المقيثدة فثى السياسة هو النتقال القتصادى الحادث .إل أن التاريخ يعلمنا أن النتقال للحرية القتصادية يمكن أن يكثون فثى ظثل حريثات نسثبية كمثا يمكنثه أن يثترافق مثع أشثد النظمثة ديكتاتوريثة كمثا نثرى فثى مثثال شثيلى بينوشثيه والمملكثة العربيثة السثعودية ،ول توجثد علقثة ميكانيكيثة بيثن حريثات التعثبير السياسية وبين الخذ بالقتصاد الحر .فالدافع الرئيسى لتخفيف القيود على حريات التعبير فى عهد السادات فى الفترة بين 1974و 1977هو سبب سياسى لمتصاص السخط الجتماعى الذى تجسد فثى النفجثارات السثنوية خصوصثا فثى ظثل ثقثة السثادات فثى قثدرة إنجثاز العبثور علثى ضثمان تأييثد الشعب له.
5
إل أن تلثك الموازنثة لثم تثدم بعثدما أدت سياسثات التحريثر القتصثادى والعلج بالصثدمة بالجراءات القتصادية ورفع السعار فى يناير 1977إلى تفجر انتفاضة 18و 19يناير الشهيرة حيث قدم الشعب ما يزيد عن 300شهيد ،وحيث لم يمكن السيطرة على السخط الجماهيرى إل بنزول الجيش وفرض حظر التجول مع التراجع عن القرارات القتصادية التى تسببت فى انفجار السخط. ثثم أتثت مبثادرة السثادات بزيثارة القثدس فثى نوفمثبر 1977وما صاحبها من سخط بالذات بين المثقفيثن لتثدعم الثتراجع عثن التعدديثة المقيثدة .واتسثمت السثنوات الخمثس الخيثرة مثن حكثم السثثادات )ينثثاير -1977أكتوبر (1981بالقمع الشديد والملحقات لمختلف القوى السياسية المعارضثة وإجبثار حثزب الوفثد علثى تجميثد نفسثه وإجبثار حثزب التجمثع علثى وقثف إصثدار جريثدة الهالى بعد المصادرات المتتالية لعدادها ،انتهاء بالقبض على 1500من قادة المعارضة من أحزاب وقوى دينية إسلمية ومسيحية ووزراء ورجال نظام سابقين شملوا وزراء وحتى مستشار سياسى سثابق للرئيثس مثثل محمثد حسثنين هيكثل! كمثا تثم نقثل المئات مثن أسثاتذة الجامعثات والصثحفيين إلى المؤسسات الحكومية وشركات القطاع العام .وهكذا انتهت عمليا التجربة القصيرة فى عمر التعددية المقيدة الساداتية التى لم تتجاوز ثلث سنوات ) .(1977-1974وأصبح السؤال أمام الحاكم الجديثد حسثنى مبثارك هثو إمثا زيثادة القمثع الثذى كلثف النظثام حيثاة رئيسثه ومحاولثة الجماعثات السلمية عمل انقلب ،أو اللجوء لتغيير التكتيك!
المباركية والمناورة الضرورية لطبقة مأزومة :المرحلة الولى )الثمانينات( هكثذا وجثدت السثلطة الجديثدة نفسثها فثى خضثم أزمثة داخليثة وخارجيثة مثع رفثض إقليمثى عربثى وسثخط داخلثى مكبثوت وقثوى سياسثية فثى السثجن مثع رئيثس قثديم اغتيثل ورئيثس جديثد مفتقثد لشثرعية المسثاهمة فثى مجلثس قيثادة ثثورة 1952ولى شرعية أخرى حيث كان عليه فى الظروف الجديدة خلق شرعية مستقلة له .وبالطبع لم يكن الرئيس وحده فى مواجهة كل هذا فقد كان معة الوصياء الناصحون المريكان كما لم يتخل عنه معسكر الرجعية العربية بقيادة السعودية الثذى ل يفقثد اهتمثامه بمصثر عنصثر الثقثل الهثام فثى النظثام العربثى كلثه سثواء كثانت فثى معسثكر التقدم أيام عبد الناصر أم فى معسكر الرجعية! وكثانت المباركيثة هثى التكتيثك الثذى قررتثه طبقثة مأزومثة ،والثذى تضثمن جثوانب متعثددة: ففثى المجال العربى أتثت بثوزيرى خارجيثة بثارزين :عصثمت عبثد المجيد ثثم عمثرو موسثى وبدعايثة مؤداهثا أن معاهثدة السثلم مفروضثة وانتهثت وأنثه مثن غيثر المناسثب إلغاءهثا بعثد اسثترداد سثيناء. واكتسثى كثل هثذا بقنثاع شثبه ناصثرى :فمبثارك يتجاهثل السثادات فثى أحاديثثة فثى الفثترة الولثى ويتجاهل زيارة قبره فى أول ذكرى له .وبعد هذا يحرص على زيارة قبر عبد الناصر ثم زيارة قبر السثادات .وعمثرو موسثى يتقثن الرطانثة الناصثرية مثن حيثث الشثكل ويعلثى الصثوت تجثاه إسثرائيل دون المساس بالطبع بالوضاع القانونية التى فرضتها معاهدة السلم .والسرائيليون الساخطون بثالطبع ينحصثر نقثدهم فثى اعتراضثهم علثى السثلم البثارد مطثالبين بتطثوير التطثبيع ،ول يتورعثون، كما فعل رئيس الوزراء بيجن فى أعقاب غزو إسرائيل للبنان عام ،1982عن التهديد بإعادة احتلل سيناء عندما قامت مصر باستدعاء السفير المصرى فى تل أبيب للتشاور! أمثا علثى السثاحة الداخليثة فقثد اسثتأنف مبثارك تجربثة التعدديثة المقيثدة ،وبثدأ بالحركثة المسثرحية بثالفراج عثن قثادة المعارضثة لكثى ينتقلثوا مثن السثجن إلثى القصثر الجمهثورى لمقابلثة الرئيس الجديد! وتدريجيا عادت تجربة التعددية المقيدة إلى الزدهار واستأنف حزب التجمع إصدار جريثدته وتخلثى حثزب الوفثد عثن التجميثد وأعلثن اسثتئناف نشثاطه وأصثدر جريثدته اليوميثة ،ونشثط حثزب العمثل مثع خثروج قثادته مثن السثجون .وتميثزت تجربثة التعدديثة المقيثدة المباركيثة عثن الساداتية بطول فترتها .وسعت قوى جماهيرية حية إلى استغلل ذلك المستوى من الحريات فى تأسيس العديد من الجمعيات الهلية والتنظيمات جماهيرية فى مجال حقوق النسان والدفاع عن الحريثات العماليثة وعثن المثرأة والصثحة وغيرهثا ،ولجثأ بعضثها فثى مواجهثة القيثود علثى نشثاط الجمعيثات الهليثة التابعثة للشثئون الجتماعيثة –لجثأت إلثى شثكل الشثركات التجاريثة غيثر الربحيثة ككيان قانونى واتسعت بدرجة مهمة حريات التعبير المنتزعة. 6
ورفع مبارك نفسه فى بداية عهده شعارات طهارة اليد )!( واعتقل عددا من رموز الفساد فى عهد السادات بدءا بعصمت السادات ورشاد عثمان وغيرهم بل وتمت محاكمتهم الحكم على بعضهم بالحبس. وأتثت تلثك السياسثة الثتى اسثتمرت طثوال السثنوات العشثر الولثى مثن حكثم مبثارك -أتثت بنجاحات للنظام متمثلة فى نجاحه فى كسر المقاطعة العربية واستعادة الجامعة العربية للقاهرة وتعيين عصمت عبد المجيد أمينا عاما فى نهاية عام .1990وبهذا استعادت مصر الدور القيادى على السثاحة الرسثمية العربيثة )بالمشثاركة مثع المملكثة العربيثة السثعودية( ،كمثا نجثح نظثام مبثارك فثى اكتسثاب درجثة مثن التأييثد الشثعبى للحكثم الجديثد واسثتطاع تكثوين قاعثدة لثه وتحقيثق فثترة مثن الهدوء الداخلى .وترافق هذا مع تركيز القمع الوحشى على التيار الدينى الجهادى الذى اغتال رأس النظام السابق وحاول منافسته على الحكم! ول يكتمل الحديث عن تلك الفترة إل بالشارة للحركة الجماهيرية .فهناك أزمة اقتصادية طاحنة ألمت بمصر فى عهد السادات والتى بلغت ذروتها بالعلن السرى عن إفلس مصر عشية حرب أكتوبر على لسان السادات )قوله أن الميزانية قد وصلت إلى الصفر قبيل حرب أكتوبر( فى محثاولته إقنثاع رجثال الطبقثة بخثوض حثرب أكتثوبر كخلص وحيثد .ولكثن فتثح أبثواب تصثدير العمالثة للخثارج وطثرق الصثعود الفثردى وحثل المشثاكل الحياتيثة أمثام القثوى العاملثة المصثرية عثن طريثق الهجرة المؤقتة للعمل ،خصوصا فى ظل تصاعد الطلب عليها فى السعودية والخليج بعد الطفرة النفطيثثة واتجثاه تلثثك الثثدول لبنثاء بنيثثة تحتيثثة متطثثورة ،سثثاهم فثى تخفيثثف وطثثأة الزمثثة علثثى المصريين .لقد كان تصدير العمالة هو بديل فشل التنمية ،وأثر فتح مجال الحل الفردى للزمات القتصثادية أثثر سثلبا علثى تطثور النضثال الجمثاعى مثن أجثل تحسثين الحثوال فثى الثداخل .ول يعنثى هذا بالطبع غياب الحتجاجات الجماهيرية ،ولكنه بالطبع أثر سلبا على قوتها .وكان أبرز التحركات العمالية فى تلك الفترة )الثمانينات( هو إضراب عمال السكك الحديدية عام 1986وعمال الحديد والصثلب عثام .1989وفى أعقاب قيام الحكومة باغتيال الجندى سليمان خاطر فى السجن ،وهو الجنثدى الثذى أطلثق النثار فثى سثيناء علثى سثياح إسثرائيليين لثم يمتثلثوا لمثر التوقثف عثن اجتيثاز منطقثة عسثكرية ،خرجثت مظاهرات مصثرية عارمثة شملت معظثم الجامعثات ومعظثم المثدن فى تعثبير عثن عجثز الحكومثة عثن تجثاوز حثاجز الرفثض الجمثاهيرى للعثدو الصثهيونى .وبثرزت كثذلك انتفاضة جنود المن المركزى عام .1986وبالطبع أثار كل ذلك قلق النظام خصوصا وقد تضامنت مثع تلثك الحركثات منظمثات حقثوق إنسثان ونقابثات ومنظمثات أهليثة متعثددة .كمثا بثرزت حركثات جماهيريثة مختلفثة تفضثح الفسثاد الثذى بثدأ فثى التنثامى وتظهثر رائحتثه ،وتفضثح كثذلك التعثذيب الوحشى للجماعات السلمية فى السجون وتوحش جهاز الشرطة فى التعامل مع المدنيين فى أقسثام البثوليس وغيثر ذلثك مثن المظثاهر الثتى بثدأت تثثير السثخط الجمثاهيرى .ولكثن الحركثة الجماهيرية ككل اتخذت شكل النفجارات المتباعدة وتنامى حركات احتجاج المثقفين أساسا مع ضثعف الحركثة العماليثة الضثرابية والحركثات الحتجاجيثة الجماهيريثة بشثكل عثام ،وابتعثدت تلثك الحركات عن أن تصبح نمطا للحياة اليومية ،وهو ما حدث بعد ذلك فى اللفية الثالثة.
التسعينات وتغيير ضرورى فى التكتيك :المرحلة الثانية إذن فقد أتت التسعينات والنظام قد نجح فى تجاوز العزلة العربية ورجع لمحيطه الطبيعى مقبثول منثه رغثم اسثتمرار كثامب دافيثد ومعاهثدة السثلم مثع إسثرائيل ،كمثا نجثح فثى خلثق شثرعيته الخاصة من خلل المعادلة التى نجح فى تطبيقها وأدت إلى فترة طويلة نسبيا من التعددية المقيدة سمحت بتجاوز وضع الصوت الواحد والحزب الواحد ناصرى الطابع الذى انتهى وقته .إل أن ضريبة الوضع الجديد التى بدأت فى التضاح هى تراكم السخط وتزايد المعارضة الشعبية بالذات فى عدد مثن المنثابر الهامثة .فقثد أبثرزت الحركثة العماليثة المتصثاعدة وحركثة منظمثات حقثوق النسثان ومختلثثف منظمثثات المجتمثثع المثثدنى المتعاطفثثة معهثثا ضثثرورة تصثثدى النظثثام لهثثا خوفثثا مثثن اسثتفحالها .كمثا سثاهمت عثودة قسثم مهثم مثن العمالثة المصثرية مثن العثراق والكثويت فثى أعقثاب غزو العراق للكويت عام 1990فى تفاقم البطالة والغلء كمصادر للسخط .وصدر قانون اليجارات الزراعية رقم 96لسنة 1992لطلق قيمة اليجارات الزراعية بدون حد أقصى مع إلغاء أبدية عقود اليجارات –بل وإلغاء أى حد أدنى لمدة العلقة اليجارية التى تؤمن المنتج الحقيقى مما جعل الحد 7
الدنثى لليجثار أقثل مثن سثنة ،أى اليجثار بالزرعثة -ممثا أدى إلثى نثزع الراضثى المثؤجرة وتسثليمها للملك "الغثائبين عثادة" علثى حسثاب المنتجيثن الحقيقييثن .وبعثد انتهثاء مهلثة الفثترة النتقاليثة عثام 1997وعند التطبيق الفعلى للقانون تمسك معظم الفلحين بالرض وتدخل المن المركزى لتسثليمها لملكهثا بثالقوة فقثدمت الحركثة الفلحيثة حثوالى 130شهيدا فى تلك المعارك .كما أن مشثاركة القثوات المصثرية بجثانب القثوات المريكيثة والدوليثة فيمثا سثمى بحثرب تحريثر الكثويت دفعثت بأقسثام مثن المعارضثة للنثزول للشثارع فثى اعثتراض علثى النحيثاز العسثكرى المصثرى للقوات الغربية ومساهمته فى إنجاح مخططها لرسم خريطة الشرق الوسط المريكى. لكثل هثذا بثدأ نظثام مبثارك فثى خطثة منظمثة لتقليثص حريثات التعثبير واسثتعادة مزيثد مثن تحكمه فى المور .وبدا هذا واضحا فى التسعينات فى مسلسل القوانين المقيدة للحريات .فقد بدأ النظام بالنقابات المهنية مع إقرار القانون رقم 100لسنة 1993لتقليص قدرتها على التحرك التى وصلت إلى حد شللها الكامل ،وشهدت النقابات الكثر نشاطا أبرز تنكيل تمثل فى فرض الحراسة علثى نقثابتى المحثامين والمهندسثين وتعطيثل النتخابثات فثى نقابثات الطبثاء والصثيادلة وأطبثاء السنان والتجاريين منذ منتصف التسعينات وحتى سقوط نظام مبارك. تل هثذا تعثديل قثانون النقابثات العماليثة بالقثانون رقثم 12لسنة 1995لمد مدة الدورة النتخابيثة )مثن أربثع إلثى خمثس سثنوات( لتقليثل الزعثاج الثذى تسثببه النتخابثات للحكومثة علثى يثد المعارضين ،مع زيادة قدرة الحكومة على التدخل الدارى لتقييد نشاطها وتشويه البنيان النقابى بالصثرار علثى إلغثاء الجمعيثة العموميثة كتجمثع لكثل العمثال العثاملين بالمنشثأة الصثناعية وقصثرها على الممثلين المنتخبين من كل مصنع فى الجمعية العمومية للنقابة العامة. ثثم أتثى تعثديل قثانون الجمعيثات الهليثة نحثو قثانون أكثثر اسثتبدادا بكثثير بواسثطة القثانون رقم 153لسنة 1999حيث زادت مدة الدورة بين النتخابات كما فى النقابات العمالية مع منح وزارة الشئون الجتماعية سلطات مطلقة –ليس فقط فى الموافقة على تأسيس الجمعيات بل فى حلها وتغيير مجالس إدارتها والعتراض على قرارات جمعياتها العمومية. وارتبطثت تلك التعديلت كلهثا بمعارضة واسعة فى صفوف جماهير تلك المنظمات ،وتثم خثوض معثارك جماهيريثة علثى سثاحة البيانثات والتجمعثات والمظثاهرات والعثتراض فثى مجلثس الشثعب وكذلك تم خوض معارك قانونيثة ضثد تلك القثوانين لتعارضثها مع الدستور ومع التفاقيات الدولية الضامنة للحريات المدنية والسياسية ولحقوق النسان ،والتى وقعت عليها مصر.
بين القتصاد والسياسة :أمريكا ،العرب ،المستثمرون لمثا كثان العثرض التثالى سياسثيا فثى طثابعه ،ويهثدف أساسثا إلثى رؤيثة منطثق تطثور حكثم النظام المصرى فى عهد مبارك وكيف قادت تناقضاته الساسية إلى تشكل وتطور جنين الثورة داخلثه حثتى أطيثح بثه فثى 11فبراير ،2011فثإن هثذا بالضثرورة يسثتبعد التنثاول التفصثيلى لتطثورات الوضثاع القتصثادية خلل ذلثك العهثد .إل أن التضثافر الوثيثق بيثن القتصثاد والسياسثة ،والعلقثة الوثيقة بين آثار السياسة النيوليبرالية بالذات فى مجال الخصخصة وبين قيام الثورة يقتضى حديثا موجزا عن مصر فى عهد النفتاح القتصادى. تمثلت النعطافة القتصادية فى مصر منذ عام 1974فى الخذ بسياسة النفتاح القتصادى بمثا تعنيثه مثن فتثح البثواب ،أو الدق الفتثح التثدريجى لبثواب تحريثر التجثارة الداخليثة والخارجيثة، واتخاذ السياسات الملئمة لجذب وتشجيع رءوس الموال المحلية والعربية والدولية على القدوم للستثمار فى مصر ،مع ما يستلزمه ذلك من تحرير متزايد للعملة المحلية من أجل توفير إمكانيات التحريثر الحقيقثى للتجثارة الخارجيثة وتحويثل عثائد السثتثمارات للخثارج .لقثد بثادرت مصثر إلثى تلثك السياسثات مدفوعثة بأزماتهثا القتصثادية حثتى مثن قبثل حثرب أكتثوبر عثام ) 1973أنظر مثل قانون السوق الموازية وتخفيض الدولر فى وعائها من 40إلى 55قرشا فى صيف ،(1973ثم أتى تدخل مؤسسات التمويل الدولية فى أعقاب حرب أكتوبر وتدعيم العلقات مع الغرب لكى يساهم بدور رئيسثى فثى رسثم ملمثح تلثك السياسثات ولكثى يربثط بهثا المعونثات الغربيثة ،ولكثى يسثتخدم عنثد الضرورة مختلف أدوات الضغط من أجل تنفيذها. 8
وتميثز عقثد الثمانينثات بالتوسثع الشثديد فثى السثتيراد بالثذات فثى السثلع الكماليثة لشثباع النهم الستهلكى لطبقات سائدة محرومة فى فترة السيطرة على التجارة الخارجية وعلى تحويل العملت الجنبيثة فثى العهثد الناصثرى ،.كمثا تميثز بالتوسثع فثى السثماح بحيثازة العملثة الجنبيثة وبالتحرير المتزايد لحقوق حيازة وتحويل هذه العملت .كما تميزت السياسات النقدية والمالية فى التوسع فى التمويل بالعجز ونتج عن ذلك وجود عجز شديد فى الموازنة العامة للدولة وفى ميزان التعامل مع الخارج .وبالنسبة للجمهور كانت السمة البارزة هى التضخم الشديد الذى انعكس على انخفاض الجور الحقيقية وتدهور مستوى معيشة العمال والموظفين وذوى الدخول الثابتة .وظهر التباين بين مسثتوى العاملين فى الحكومثة من جهثة والقطاع العام من جهثة أخرى ،فقد اسثتطاع القطثاع العثام الحتفثاظ بقسثم أساسثى مثن عمثالته والسثتمرار فثى النتثاج بفضثل اللجثوء إلثى البدلت التى تساوى مثل إلى مثلى المرتب ،وبقيت المرتبات فى معظم وحدات الجهاز الحكومى علثى محثدوديتها .وفثى المقابثل انتعشثت دخثول القطاعثات المرتبطثة بالتجثارة وبالثذات فثى السثلع المسثتوردة .وفتحثت ضثغوط السثعار تلثك بثاب الهجثرة المؤقتثة للعمثل بالخليثج الثذى فتثح أبثوابه واسعة بعد الطفرة فى أسعار البترول للعمالة الوافدة من أجل بناء بنية تحتية حديثة وتطوير جهاز الدولثة الدارى والمثالى والخثدمى .وقثدرت دورة العمالثة المصثرية فثى دول الخليثج بحثوالى ثلثثة ملييثن ونصثف مليثون مصثرى فثى الثوقت الواحثد .وكثانت محصثلة كثل ذلثك هثى فتثح أبثواب الحثل الفثثردى واسثثعا أمثثام المصثثريين ،علثثى حسثثاب تطثثور النضثثال الثثديمقراطى لتحسثثين أوضثثاع المثواطنين كمثا سثبق القثول .أمثا القطثاع الثذى ظثل بمصثر مثن العثاملين فقثد أصثبح يثوم العمثل المثزدوج هثو القاعثدة ،بالعمثل فثى مهنثتين أو ثلثثة ،أو العمثل فثى مؤسسثات خاصثة تثدفع مرتبثات جيدة ولكن بدون حدود لساعات العمل. ومنذ بداية النفتاح القتصادى دخلت مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها هيئة المعونة المريكية والبنك الدولى لكى تكون لها مكاتب فى معظم الوزارات ،و لكى تعين بمكافآت سخية وكلء الثوزارات المحثالين للمعثاش وبعثض العثاملين كمستشثارين الثذين شثكلوا فيمثا بعثد لجثان السياسثات بثالوزارات .وتلخصثت مهمثة تلثك المؤسسثات فثى :تقثديم بعثض المنثح والمسثاعدات لمشاريع مختلفة ،والقيام بجهد دءوب فى دراسة الواقع للخروج بمقترحات متكاملة لعادة هيكلته وفق نموذج القتصاد الحر لتمكين المستثمرين الجانب والعرب والمحليين من تبوء الدور القيادى فى القتصاد والمجتمع .وشمل هذا وزارات الصحة والتعليم والصناعة والزراعة وعمليا كافة أوجه النشاط فى مصر .هذا وقد اشتملت كل اتفاقية على جانب تشريعى لتقنين المزايا التى يرغب فيها رأس المال الدولى بدءا من خصخصة القطاع العام وحتى خصخصة التعليم والصحة! وقد أعطى تراكم الديون مؤسسات التمويل الدولية يدا طولى فى رسم السياسات الماليثة والنقديثة والسثتثمارية فثى مصثر .وقثام صثندوق النقثد الثدولى بعقثد أربثع اتفاقيثات )برامثج التثبيت( مع مصر فى أعوام ،98-96 ،96-93 ،93-91 ،88-87ساهمت جميعا فى تخفيض قيمة الجنية المصثرى تثدريجيا وتخفيثف القيثود علثى حيثازة وتثداول العملت الجنبيثة ،مثع التوسثيع المتزايثد لحريثات التجثارة والسثتثمار .وقثد أعطثت تلثك التفاقيثات مصثر الحثق فثى الحصثول علثى قثروض إجمالية بمبلغ حوالى 1.8بليون دولر لم تسحب منها مصر سوى الربع تقريبا ،ولكنها كانت بحاجة إلى تلك الشهادات حتى يمكن إسقاط %50من ديونها ) 29مليار دولر( الذى تقرر كمكافأة لها على مشثاركتها فيمثا سثمى حثرب تحريثر الكثويت مثن الحتلل العراقثى ،وكثان إسثقاط الثديون علثى مراحل على مدى سنوات فى مقابل اللتزام بالسياسات التى فرضت على مصر .وشارك البنك الدولى أيضا باتفاقات عدة أشهرها اتفاق التكيف الهيكلى عام .1991 ومثا عثرف كليثا باتفاقيثات التثثبيت والتكيثف الهيكلثى مثع البنثك والصثندوق عثام 1991ساهم بشكل حاسم فى التغيرات القتصادية التى حدثت فى السنين التالية مما يقتضى نظرة تفصيلية نوعا ما لبنوده .لقد نص التفاق على تبنى السياسات التالية: -1الصثثلح المثثالي بتبنثثى سياسثثات زيثثادة اليثثرادات الحكوميثثة مثثن خلل الضثثرائب غيثثر المباشثرة أساسثا مثثل الضثرائب المفروضثة علثى الوقثود وضثريبة المبيعثات فيمثا بعثد، وتقليثل النفثاق الحكثومى بتقليثص الثدعم وتقليثص النفثاق علثى الخثدمات مثثل التعليثم والصحة )أعنى هنا تقليص الدعم وميزانية الخدمات كنسبة من النفاق العام(. 9
-2 -3 -4
-5
الصلح النقدي من خلل تبنى سياسات انكماشية بتخفيض سعر صرف الجنية المصرى أمام الدولر وزيادة سعر الفائدة. تحرير التجارة الخارجية بحيث أصبح بالتدريج مسموحا بالتجارة الخارجية فى كل السلع ماعدا عدد ضئيل بقى تقييدة. تحفيثز السثتثمار المحلثي والجنثبي مثن خلل التوسثع فثى العفثاءات الضثريبية وإعطثاء الضمانات لرأس المال الوافد مع حقه فى نزح أرباحه للخارج ،مع تشريعات عمالية تقلص من الحقوق والضمانات الممنوحة للعمالة. اصثلح القطثاع العثام وبثدء برنامثج الخصخصثة ،وهثو مثا أسثفر عثن إصثدار القثانون رقثم 203 لسثنة 1991المعروف بقانون قطاع العمال العام .وهو ما استهدف تخلى الدولة عن أى دور فثثى السثثتثمار النتثثاجى المباشثثر ،وعمثثل علثثى نقثثل تلثثك الصثثول بثثالبخس إلثثى المستثمرين المصريين والعرب والجانب.
لقثد كثان هثذا القثانون هثو حجثر الزاويثة فثى سياسثات الخصخصثة ،فهثو الثذى حثول هيئات القطاع العام إلى شركات قابضة يسمح لها بالتصرف فى شركاتها )التى تحولت إلى شركات تابعة للشركات القابضة( بالبيع والمشاركة مع مستثمرين مصريين وعرب وأجانب ،وطرح أسهمها فى البورصة وإدارة محافظها المالية .لقد أسفر هذا عن بدء بيع تلك الشركات بشكل بطئ نسبيا فى التسثعينات لكثى يكتسثح فثى العقثد التثالى ،وبهثذا اتضثحت حقيقثة النفتثاح الثذى بثدأ علثى حثد قثول السثادات بثأنه )مثن أجثل البحثث عثن رأس المثال والتكنولوجيثا( لكثى يصثبح فثى المحثل الول نقل للصثول النتاجيثة الموجثودة بالفعثل إلثى الملك الجثانب وجزئيثا العثرب والمصثريين وليثس خلثق أصثول جديثدة .كما أن الخصخصثة الثتى بدأ تبريرهثا بثالتخلص مثن الشثركات الخاسثرة نتيجثة لفشثل القطاع العام فى إدارتها تحول إلى بيع الشركات الرابحة من أجل استغلل عائد أموال بيعها كما قيل فى إصلح أوضاع الشركات الخاسرة حتى تتحول إلى شركات رابحة فيتم بيعها! كما كان من نتثائج اتفثاق برنامثج التثثبيت والتكيثف الهيكلثى القانونيثة صثدور القثانون رقثم 95لسنة 1992الخاص بتدعيم وتنشيط بورصة الوراق المالية حتى تكون أداة فعالة تسهل انتقال ملكية الصول بالذات إلى أيدى الجانب. تميزت فترة التسعينات اقتصاديا بغياب التضخم الذى كان سمة الثمانينات نتيجة لتطبيق برنامثج التثثبيت والتكيثف الهيكلثى ،وتثم وضثع قيثود علثى التوسثع فثى الصثدار النقثدى ولكثن لجثأت الحكومة فى تغطية العجز المالى إلى طرح سندات خزانة .واستمرت الحكومة فى تغطية العجز أيضا من خلل اقتراض فائض صناديق التأمينات والمعاشات بفائدة تقل عن سعر الفائدة السائد فى سوق الئتمان .وبالطبع قاد تخفيض قيمة العملة فى بداية البرنامج إلى غلء مواز فى أسعار السلع المستوردة وهى تشمل قسما هاما من سلع الستهلك الساسية ,إل أن معدل التضخم ظل ثابتا نسبيا فى ظل الستقرار المالى بين عامى 1991و .1998 إل أن القتصاد المصرى عانى من أزمة كساد واضحة بين عامى 1999و 2003ساهم فيها أحداث متعددة :فقد أثرت السياسات النكماشية التى بدأت ببرنامج التثبيت والتكيف الهيكلى عام 1991على تقليص النفاق العام الخدمى ،ناهيك عن غياب أى استثمار عام إنتاجى واقتصار ما يسمى بالخطة الحكومية الستثمارية على بعض الترميم وقليل جدا من الستثمارات الجديدة فى مجال التعليم والرعاية الصحية والمرافق .ونظرا لنكشاف القتصاد المصرى على الخارج وللطابع الريعثى للقتصثاد المصثرى الخثذ فثى التزايثد باعتمثاده علثى مثوارد ريعيثة فثى معظثم مثوارده مثن العملة الصعبة )عائد المرور فى قناة السويس ،وريع البترول ،وريع الموقع والتاريخ المتمثل فى السياحة ،وتحويلت المصريين العاملين بالخارج( تأثر القتصاد المصرى بشدة بانعكاسات الزمة القتصادية العالمية فى أعقاب النهيار المالى فى البورصات السيوية نهاية عام 1997وعام ,1998 نتيجثة لتثأثر معثدل العبثور فثى قنثاة السثويس وانخفثاض أسثعار البثترول وركثود السثياحة .ول ننسثى أيضا أن أحداث اغتيال السياح فى القصر فى نوفمبر عام 1997ساهم أيضا فى تقلص السياحة. وبالطبع استمرت الضغوط المريكية وضغوط مؤسسات التمويل الدولية على مصر من أجل مزيد من إعادة هيكلة القتصاد المصرى لمزيد من التبعية .وكانت محاور هذا الضغط تتلخص فى أن سعر الجنية المصرى مقوم بأكثر من قيمته الحقيقية ولبد من خفض قيمته أمام الدولر، مثع مزيثد مثن تعثويم العملثة .كمثا انتقثدت تلثك المؤسسثات تبثاطؤ معثدلت الخصخصثة فثى مختلثف 10
المجالت .ومن الملفت للنظر الهدف النهائى لمؤسسات التمويل الدولية حيث صدر تقرير للبنك الدولى فى أواخر التسعينات يقول أن القتصاد المصرى ليس اقتصادا حرا ولكنه اقتصاد حكومى مثن حيثث السثاس )!( ،حيثث مثا زالثت الحكومثة تمتلثك السثد العثالى وقنثاة السثويس والسثكك الحديدية ومرافق الخدمات من كهرباء ومياه غير الكثير من المصانع النتاجية )!!!!!!!!(
مرحلة مبارك الثالثة :المحافظون المصريون الجدد فى لجنة السياسات يبيعون مصر لقثثد كثثان رد الفعثثل المصثثرى عثثادة علثثى دعثثوة مؤسسثثات التمويثثل الدوليثثة للصثثلح القتصادى الذى ل يعنى من وجهة نظرهم غير المزيد من لبرلة القتصاد هو أنهم يتفهمون ضرورة " الصلح" ) بما يعنى السير فى طريق مزيد من الحرية القتصادية( ولكنهم يراعون التوفيق بين ضثرورات الصثلح ودواعثى السثتقرار السياسثى ،ضثاربين المثثل بسياسثات الصثلح القتصثادى المتسرعة بطريقة الصدمة فى يناير عام 1977وما رافقها من اضطراب اجتماعى كبير! ولهذا كانوا ينفذون الصلحات أحيانا ويرفضون أحيانا أخرى ،ويوافقون فى أحيان ثالثة ولكنهم يماطلون فى التنفيذ أو ينفذون أجزاء ويتلكأون فى أجزاء أخرى ،وفى كل الحوال يستمر القتصاد فى الحركة تجاه مزيد من السياسات الليبرالية. ولم يعدم المر ممارسة الضغوط من الحكومة المريكية على الحكومة المصرية من أجل مزيثثد مثثن "تحريثثر" القتصثثاد .وكثثان مثثن أهثثم أدوات الضثثغط هثثو الحثثديث عثثن الفسثثاد وقصثثور الديمقراطيثة وقضثايا حقثوق النسثان فثى ظثل نظثام حسثنى مبثارك .كمثا كثان تسثريب الخبثار للصحف العالمية حول أرصدته هو وأولدة ضغطا سياسيا عليه من أجل مزيد من التنازلت .وفى الواقثع كثانت السياسثة المريكيثة تبثالغ فثى امتثداح مبثارك وحكمتثه فثى إدارة الدولثة والزمثات فثى المنطقثة العربيثة حينمثا تحتثاج إليثه السياسثة المريكيثة مثلمثا احتثاجت إليثه أثنثاء مثا سثمى بحثرب الوقات لممارسة الضغوط على ياسر عرفات تحرير الكويت أو عندما احتاجت إليه فى بعض لبداء مرونة فى التسوية مع إسرائيل ،أما حين يتباطأ فى إجراء التغيرات القتصادية التى تطالب بها فى ظل غياب دواع للحتياج السياسى إليه فتنطلق موجات النقد ،دون أن يغير هذا من تقديرها الستراتيجى لهمية مصر ونظام مبارك كمركز ثقل –مع المملكة العربية السعودية -فى المنطقة لتمرير نفوذها السياسى والقتصادى. ولكثن طثرأ تعثديل هثام علثى هثذا المسثار فثى تلثك الفثترة الثتى نتحثدث عنهثا :ففثى عثامى 2000-1999كان هناك حديث عن اعتزام مبارك تعيين نائب له ،وتردد اسما عمر سليمان رئيس المخابرات العامة والمشير حسين طنطاوى وزير الدفاع .حتى لقد بدأت حرب خفية بين الثنين على شكل تسريبات للجرائد من كل منهما للتقليل من شأن الخر .ولكن حول بداية اللفية الثالثة نشأ اقتراح التوريث لجمال مبارك .لقد بدا هذا التوريث ضروريا فى نظرقيادة مبارك ،ليس فقط لنه يلبى طموح الوريث الذى يرضى المورث ،ولكنه أيضا الضمان لستقرار ثروة مبارك وأولده الضثخمة حثتى ل يثأتى مثن بعثده مثن يحاسثبه عليهثا أو يعيثدها للدولثة كمثا فعثل هثو بأسثرة السثادات! وبالطبع ل يمكن إجراء تغيير سياسى ذو وزن مثل هذا الثوريث دون استشارة الشريك المريكى، وهذا ما تردد أنه قد حدث أثناء الزيارة السنوية لمبارك إلى الوليات المتحدة المريكية فى يوليو عام .2002وبالطبع من السهل توقع الرد المريكى ،فهى ل تهتم حقيقة بالديمقراطية وإنما تهتم فقثط بمصثالحها ،وبالتثالى مثن المنطقثى أن تنتهثز تلثك المناسثبة للحثديث عثن مطالبهثا المتكثررة للصثلح القتصثادى بحيثث يمكنهثا أن تقبثل مثن يسثاهم فثى دفثع عجلثة الصثلح للسثراع بعثد فثترة إبطاء. عاد مبارك من الوليات المتحدة فى يوليو ،2002حاصل على ضوء أخضر منها ،لكى يشرع فى أكبر عملية تغيير فى مطبخ صنع السياسات شهدها حكمة ،أعنى تلك التى جرت فى المؤتمر الثثامن للحثزب الثوطنى الحثاكم فثى سثبتمبر ) 2002والذى سمى بعد ذلك بالمؤتمر السنوى الول للحزب بعد أن صار يعقد سنويا بعد هذا التاريخ( .لقد شهدت فترة ذلك المؤتمر الصراع السياسى بين من سموا بالحرس القديم )يوسف والى ،صفوت الشريف ،كمال الشاذلى( وبين جمال مبارك ومجموعته .وساهمت المخابرات فى حرب الوريث ضد الحرس القديم الرافض لخلفته لبيه فقد 11
استخدمت الملفات التى تراكمها النيابة الدارية وغيرها من الجهزة الرقابية ضد كل المسئولين وتخثرج بعضثها عنثد وجثود خلفثات سياسثية تسثتدعى لثى الثذراع .لقثد تثم إخثراج قضثية المبيثدات المسرطنة وغيرها من المخالفات فى مجال الزراعة ليوسف عبد الرحمن الذراع اليمنى ليوسف والثى ،وأيضثا قضثايا الفضثائح فثى جهثاز العلم لصثفوت الشثريف ،وقضثايا أخثرى للشثاذلى .وانتهثى المثؤتمر بإنشثاء لجنثة السياسثات بثالحزب ويرأسثها جمثال مبثارك الثذى أصثبح أيضثا نائبثا لرئيثس الحثزب ،وضثمت تلثك اللجنثة كثل رجثال جمثال مبثارك وأصثدقائه وشثركائه مثن المسثتثمرين لكثى تصثبح مطبثخ صثنع السياسثات الجديثد بينمثا تثم تنحيثة يوسثف والثى بالكامثل وتقليثص نفثوذ كثل مثن صثفوت الشثريف وكمثال الشثاذلى .ونلحثظ مغثزى تثرك كمثال الشثاذلى منصثب أميثن التنظيثم فثى الحزب الوطنى وما كان يتيحه له من التحكم فى المرشحين لمجلس الشعب والشورى ،لصالح أحمد عز رجل جمال مبارك المقرب! وانطلقثت لجنثة السياسثات فثى تنفيثذ "الصثلحات" ودفثع عجلثة الخصخصثة بمنتهثى القثوة منثذ بثدايتها .وكثان بثاكورة إنتاجهثا تعثويم الجنيثة المصثرى مثع تخفيثض قيمتثه %25فى 30يناير عام 2003بعد أربعة أشهر فقط من تأسيسها .ونلحظ أن التخفيض الكلى الذى جرى على قيمة الجنية المصثرى خلل فثترة قصثيرة قثد وصثل إلثى %60بينما ظل قبلها ثابتا نسبيا لسنوات طويلة منذ التخفيض الذى بدأ به برنامج التثبيت فى .1991كما تسارعت بشدة برامج الخصخصة فى ظل حكم لجنة السياسات .لقد تم بيع نصيب القطاع العام فى شركات مختلطة كثيرة كما تسارعت وتيرة بيثع بثاقى الشثركات .وانتقثل الحثديث بعثد ذلثك إلثى خصخصثة المرافثق العامثة ،وهثى دعثوة للبنثك الدولى منذ قبل ذلك بفترة ،فالمكاسب التى تحصل عليها الستثمارات الجنبية من تملك المرافق الضثرورية للشثعب )الكهربثاء والطثرق والميثاة والصثرف الصثحى...الثخ( هثى مكاسثب مضثمونة مادامت تلك الحتياجات أساسية للشعب ول يمكن الستغناء عنها. وقد بدأت خصخصة المرافق قبيل لجنة السياسات بتحويل هيئة كهرباء مصر إلى الشركة القابضثة للكهربثاء عثام ،2000وبثدأ طثرح إنشثاء شثركات توليثد الطاقثة وإنشثاء الطثرق الخاصثة ن ،تملك ،أِدر ،ثم انقل الملكية إلى الحكومة بعد والمطثارات ومختلثف المرافثق بنظثام ) BOOTاب ِ فثترة السثتغلل 20 ،عاما عادة( .ولكن بعد إنشاء لجنة السياسات انطلق قطار الخصخصة فى اقتحام مجالت جديدة :ففى سنة 2004تم تحويل الهيئة العامة لمياة الشرب والصرف الصحى إلى شركة قابضة )وقد سبق أن رأينا أن الشركات القابضة ككيان قانونى قد دخل مصر من باب قانون قطاع العمال العام رقم 203لسنة 1991ولكنه فى حالة المرافق هنا فهو يغير من طبيعتها حيث يغيثر هدف المنشثأة مثن هيئة خدميثة تقدم سلعا بتكلفتها )المياة والكهرباء مثل( إلى شثركة ربحية هدفها حسب القانون "معاظمة العائد" أى شركة تهدف للربح ،فضل عن إمكانية بيعها والمشاركة عليها مثل الشركات التابعة للشركات القابضة بقطاع العمال العام. ثثم تثم النتقثال إلثى خصخصثة البنثوك وشثركات التثأمين ،وتمثت خصخصثة بنثك السثكندرية عام ، 2006وشرع فى خصخصة بنك القاهرة ،ولكن المعارضة الشديدة للمجتمع المدنى من ناحية وانفجثار الزمثة القتصثادية العالميثة الثتى بثدأت بانفجثار مثا عثرف بفقاعثة الرهثن العقثارى فثى الوليثات المتحثدة المريكيثة عثام 2008وما نتج عنها من كساد دفع الحكومة للتريث والتأجيل. ودخلثت الخصخصثة إلثى مجثال شثركات التثأمين بإنشثاء شثركة مصثر القابضثة للتثأمين عثام 2006 بإعثادة هيكثة قطثاع التثأمين الحكثومى )شثركات مصثر للتثأمين ،الشثرق للتثأمين ،الهليثة للتثأمين، المصرية لعادة التأمين( تمهيدا لبيع أسهمها والخصخصة فى مجالها. وكانت آخر محطات الخصخصة هى خصخصة التعليم والصحة :ففى المنظور الرأسمالى على الطريقة المريكية يجب أن يكون كل احتياج إنسانى سلعة حتى لو حرم هذا من ل يملك ثمنها مثن الحصثول عليهثا .ويختلثف المنظثور هنثا بيثن أمريكثا وأوروبثا الغربيثة ،حيثث يعتثبر القتصثاديون الرأسماليون الوروبيون كل شيئ سلعة ماعدا التعليم والصحة التى تسمى بالسلعة العامة والتى يجب أن يؤمن حق حصول المواطن عليها مجانا أو من خلل نظام تأمينى متاح لكل مواطن مهما كثان دخلثة .وكثان التصثور السثائد فثى مصثر سثابقا أقثرب للنمثوذج الوروبثى حيثث ارتبثط صثعود الرأسمالية سواء فى عهدها الليبرالى )الوفد( أو فى عهدها الناصرى بتوفير تلك الخدمات للشعب 12
مجانا ،وإن تميز العهد الناصرى بتوسيع نطاق تلك الخدمات بشدة .وبالطبع ارتبط هذا فى المحل الول باحتياجات التنمية والتصنيع وتحديث البلد سواء فى أعقاب 1919أو فى أعقاب .1952إل أن ما عرف ببرنامج الصلح الصحى الموقع عام ،1998كذلك برامج إصلح التعليم الجامعى وما قبل الجامعى قد ارتبطت بخصخصة تلك الخدمات بما فيها مشاريع تحويل المستشفيات إلى شركات والهيئات الخدميثة إلثى شثركات قابضثة ،واضثطرار المثواطنين لثدفع مقابثل للخثدمات التعليميثة والصثحية بشثكل يجعلهثا غيثر متاحثة للغلبيثة .لهثذا اسثتثارت تلثك المشثاريع معارضثات جماهيريثة واسثثعة وحملت إعلميثثة بالصثثحف ووسثثائل العلم المختلفثثة ووقفثثات احتجاجيثثة أمثثام مجلثثس الشعب ،واستطاعت المعارضة عرقلة تلك المخططات بشكل مؤثر كما ساهمت فى استنهاض الشعب ضد تلك الحكومة ول ننسثى بثالطبع أن أول تغييثر وزارى تثم بعثد تشثكيل لجنثة السياسثات هثو تشثكيل وزارة نظيثف الولثى عثام 2004ثم الثانية عام 2005والتى استمرت حتى سقوط نظام مبارك ،وهى الثوزارة الثتى عرفثت بثوزارة رجثال العمثال ،أعضثاء لجنثة السياسثات وصثناع القثرار الجثدد ورجثال الثوريث جمثال مبثارك .لقثد شثكلت تلثك الثوزارة مثل ربمثا كثان فريثدا عالميثا علثى الحكثم المباشثر للمسثتثمرين حيثث وزيثر الصثحة هثو صثاحب مستشثفيات خاصثة كثبرى وشثريك فثى شثركات تثأمين صحى عربية ،وزير السياحة صاحب شركة سياحة وهكذا. وإذا كان الحديث قد كثر عن علقة الخصخصة بالفساد ،وتربح ممثلوا جهاز الدولة من تلك العمليات فإننا نود هنا أن نوضح نقطة حاكمة .لقد ارتبط القطاع العام الناصرى بطبقة برجوازية بيروقراطية تمتلك بشكل جماعى جهاز الدولة ويعود إليها عائد أرباحه فى صورة مرتبات ومزايا مرتفعة .ول مجال هنا بالطبع لعرض كيف حدث هذا التطور النوعى تاريخيا ،إل أن فترة النفتاح قد ارتبطت بميول تلك الطبقة للعودة للملكية الخاصة القابلة للتوريث والمطلقة العنان لحريتها فى الستهلك .وفى ظل التحولت الحادثة للقتصاد الحربعد عام ،1974وبالذات فى العقد الول من القرن الحادى والعشرين ،وفى ظل نظام استبدادى ،ظهرت نتائج تزاوج اللبرلة مع الستبداد فى شثكل اسثتفادة القطثاع مثن الطبقثة المرتبثط بجهثاز الدولثة مثن مزايثا شثراء القطثاع العثام بثالبخس عثن طريثق الرشثاوى ،كمثا بثرز اسثتخدام جهثاز الدولثة فثى حفثز الثتراكم الرأسثمالى وضثخه لطبقثة القطثاع الخثاص ،فثى إطثار مثن الثتزاوج بيثن كبثار المثوظفين القثادمين مثن جهثاز الدولثة مثع رمثوز الطبقة الجديدة .ويظهر تركيب لجنة السياسات بالحزب الوطنى وغلبة رجال العمال عليها طابع ذلك التزاوج .وعلى هذا فإن ما سمى بالفساد فى عمليات الخصخصة وفساد جهاز الدولة لم يكن مجرد الفساد المرتبط بأى نظام اجتماعى كنسبة تتواجد دائما ،ولكنه كان فسادا مؤسسيا ووسيلة ضرورية لتشكيل الطبقة الجديدة بالستيلء على التراكم السابق إنجازه فى جهاز الدولة ،وكل هذا بثالطبع فثى إطثار دخثول رأس المثال العربثى والعثالمى مشثاركا فثى تملثك الصثول النتاجيثة مثن أراضى وشركات ومصانع بتراب الفلوس. وقثد أطلثق علثى هثذا التجثاه وهثؤلء الرجثال القثادمين مثن مجثال الثبزنس لثدفع عجلثة الخصخصثة بسثرعة ،أطلثق عليثه قثدوم المحثافظين المصثريين الجثدد ،أعضثاء لجنثة السياسثات، لخصخصثة وبيثع مصثر .وربمثا مثن المفارقثات الشثكلية أن وصثول المحثافظين الجثدد بسياسثاتهم النيوليبرالية المغرقة فى رجعيتها فى الوليات المتحدة على يد بوش وحكمهم لمدة 8سنوات من عثام 2000إلى عام 2008هو ما نتج عنه انفجار أزمة الرهن العقارى وإفلس العديد من البنوك والمؤسسثات القتصثادية ،بينمثا كثان وصثول المحثافظين المصثريين الجثدد فثى لجنثة السياسثات – بنفس السياسات النيوليبرالية -إلى الحكم لمدة 8سنوات منذ تشكيل لجنة السياسات عام 2002 وحتى نهاية حكم مبارك هو ما ساهم فى انفجار الثورة المصرية فى 25يناير التى يمكن اعتبارها من أحد أوجهها الرئيسية انفجارا ضد سياسات النيوليبرالية!
تصاعد الستغلل والفساد يساوى تصاعد النقيض :نمو قوى الثورة ولعثل مثن أهثم دلئل التحثول فثى المثزاج الجمثاهيرى هثو الفثرق بيثن رد فعثل الجمهثور المصرى للنتفاضة الفلسطينية الولى ) (1991-1987ورد فعله للنتفاضة الثانية ) .(2003-2000ففى النتفاضة الولى اقتصر رد الفعل المتعاطف على أعداد محدودة من المثقفين ،وساد فى الشارع 13
رأى بأن " الفلسطينيين قد باعوا أرضهم" وخل الشارع السياسى من أى مظاهرات أو أشكال تأييد جمثاهيرى لتلثك النتفاضثة .أما فثى النتفاضثة الثانيثة عنثد تفجرهثا أواخثر سثبتمبر 2000فقد انفجرت المظثاهرات الواسثعة للتضثامن معهثا حثتى شثملت كثل جامعثات مصثر ومثدنا كثثيرة بثل والكثثير جثدا من المدارس الثانوية والعدادية وحتى البتدائية .وانتشر جمع التبرعات الغذائية والطبية وإرسالها إلثى غثزة فثى قوافثل تبرعثات وصثلت إلثى 3قوافل فى أول ستة أشهر .هل يعقل أن الشعب قد تراجع عام 2000عن قناعته عام 1987بأن الفلسطينيين لم يبيعوا أرضهم؟! فى الحقيقة كان لسان حثال المثزاج الجمثاهيرى فثى الثمانينثات يقثول "رغثم معانثاتى مثن مشثاكل معيشثية فثى بلثدى فقثد قررت انتهاز الفرصة المتاحة لتحسين وضعى عن طريق الحل الفردى بالسفر للعمل فى الخليج بثدل مثن النضثال مثن أجثل تحسثين وضثعى فثى بلثدى ،فهثل تتوقثع منثى التضثامن مثع نضثال أشثقائى الفلسطينيين لتحسين أوضاعهم فى بلدهم؟" أما فى عام 2000فكان تصاعد معاناة المصريين مع تقلص فرص العمل فى الخليج ونقص الجور وعودة الكثيرين للوطن مقدمة هامة لتقلص فرص الحثل الفثردى ونمثو النقيثض المتمثثل فثى الحثل الجمثاعى ،وبثدأ تصثاعد وتيثرة النضثال داخثل مصثر. ولهذا عندما أتت النتفاضة المصرية الثانية وجدت هذا الصدى الهائل من التعاطف النضالى وظهر معدن الشعب المصرى وميوله الحقيقية. تحددت تواريخ كثيرة كمقدمات للثورة ،وفى رأيى أن الحتجاجات الجماهيرية التى بدأت فى أواخر سثنة 2003تمثل المقدمة الحقيقية للثورة ،ويستند هذا التقدير إلى عدة أسباب :فهذه الثثثورة كمثثا سثثبق التنثثويه هثثى فثثى أحثثد جوانبهثثا رد فعثثل رافثثض لسياسثثات الليبراليثثة الجديثثدة والخصخصة وما نتج عنها من بطالة واسعة وإفقار للجماهير .وتبرز دراسات الحزب الوطنى نفسه أن تعويم الجنية وتخفيض قيمته فى 30يناير عام 2003تسبب خلل عشرة أشهر فى زيادة نسبة المواطنين الواقعين تحت خط الفقر بنسبة %7من السكان ،ربما أعلى معدل للزيادة خلل أقل من سنة .وربما يفسر هذا لماذا كانت شعارات مظاهرات ديسمبر من نفس العام ) (2003هى أول مظثاهرات تطثرح بقثوة وجثرأة وبشثكل متواصثل فيمثا بعثد شثعار "يسثقط يسثقط حسثنى مبثارك" و"يامبثارك ياجبثان ياعميثل المريكثان" .وكثان الفضثل للحركثة المصثرية للتغييثر المعروفثة بحركثة كفاية ،كان لها الفضل فى التقاط هذا المزاج الساخن والتعبير عنه فى شعار تأسيسها وشعارها ل للتوريث ،ل للتمديد" .ونجحت حركة كفاية فى فثى أول مظاهراتهثا فثى 12ديسمبر عام " 2004 تحقيق التفاف واسع من الشارع حول ذلك الشعار ،كما نجحت فى عمل جبهة واسعة حول ذلك الشعار شملت جميع الحزاب ،بل وحتى الخوان المسلمين فى البداية قبل أن ينجح مبارك فى جذبهم بعيدا عن تلك الجبهة فى إطار صفقة معهم كما سبق الشارة .وأشر كل هذا لمستوى غير مسبوق من انفصال الشعب عن السلطة ،فقط كان بمثابة إسقاط معنوى لشرعية مد فترة حكم الرئيس عند انتهاء وليته فى 2005ولمشروع التوريث من أساسه .ورغم انتهاء انتخابات الرئاسة وانتخابثات مجلثس الشثعب صثيف 2005بالتزوير فقد حققت الدعاية المعارضة الغرض منها فى فضح تآكل شرعية النظام وتعميق النفصال بين الشعب وبينه. ومنثذ ذلثك الحيثن اسثتمرت الحركثات الجماهيريثة المعارضثة فثى النمثو والتزايثد .واتسثعت المعارضثة العماليثة ونمثت تنظيمثات عماليثة مسثتقلة تلعثب دور النقابثات فثى الثدفاع عثن مصثالح العمال فى الوقت الذى استمرت فيه النقابات واتحاد العمال الصفر فى الدفاع عن الحكم .ومن أبرز تلك المنظمات الجماهيرية التى لعبت دورا قياديا فى المعارك النقابية العمالية دار الخدمات النقابيثة والعماليثة واللجنثة التنسثيقية للثدفاع عثن الحقثوق والحريثات النقابيثة والعماليثة .وممثا يعثد مؤشثرا هامثا علثى ميثزان القثوى الجتماعيثة فثى تلثك الفثترة فشثل الحكومثة فثى حربهثا ضثد دار الخدمات النقابية حيث أغلقتها لفترة حولى السنة ثم اضطرت للعدول تحت الضغوط الجماهيرية والعالمية. وتطثورت الحركثة الحتجاجيثة الجماهيريثة والعماليثة بحيثث صثارت نمطثا للحيثاة اليوميثة، وعثرف سثور مجلثس الشثعب اعتصثامات متكثررة ،غيثر اعتصثامات أخثرى أمثام مجلثس الثوزراء ووزارة الزراعة وغيرها بحيث صار هذا نمط للحياة اليومية .وامتد أجل بعض تلك العتصامات إلى شثهور ،وبثالطبع كثانت تلثك العتصثامات مدرسثة للجمهثور يتعلثم خللهثا مثن خلل ممارسثته ومثن 14
خلل كثل القثوى السياسثية الشثعبية الثتى أبثدت مختلثف مظثاهر التأييثد لثه الكثثير عثن الشثأن العثام وجذور مشاكله. وانعكثس تطثور الحركثة الجماهيريثة فثى خلثق مختلثف أشثكال التنظيثم المسثتقل المعثبرة عنهثا ،وعرفثت السثاحة تنظيمثات ديمقراطيثة مسثتقلة تطثالب بحقثوق فئات أو قطاعثات معينثة فشهدنا مولد منظمات من نوع اتحاد أصحاب المعاشات ،والنقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية ،ومعلمين بل نقابة ،وأطباء بل حقوق ،ولجنة الدفاع عن الحق فى الصحة وغيرها وغيرها من منظمات ديمقراطية جماهيرية استطاعت بنضالها إحراز العديد من النتصارات وتعلمت فى مدرسة النضال كيف تعبئ قواها لنيل أهدافها. ولعثل قثدوم محمثد الثبرادعى لمصثر ومثا صثاحبه مثن تصثاعد للمعارضثة السياسثية لهثو ذو دللة شديدة على تطور جنين الثورة فى مصر .لقد بدا تفسخ النظام من إحساس أقطاب الطبقة السثائدة ،أو أكثثرهم عقلنيثة بثالطبع ،بثالخطر ممثا يثدفعهم إلثى النشثقاق عثن النظثام ،وإطلق صيحات التحذير من سقوطه ،والبحث عن مخرج. بدأ هذا مثل فى الجبهة التى شكلها عزيز صدقى ،رئيس الوزراء السبق عام 2005باسم التجمثثع الثثوطنى للتحثثول الثثديمقراطى ورسثثالته الحتجثثاج علثثى الفسثثاد والسثثتبداد والمطالبثثة بالديمقراطيثثة والعدالثثة ،واسثثتمر عزيثثز صثثدقى كرمثثز تثثاريخى ورئيثثس وزراء ومسثثاعد رئيثثس جمهورية أسبق فى الدعوة الجماعية من خلل تجمعه إلى تلك المبادئ حتى وفاته فى يناير .2008 كما بدا أيضا فى دعوات محمد حسنين هيكل إلى مخرج آمن للرئيس ،بالطبع توقيا لعزل عنيف يأتى عن طريق ثورة كالتى حدثت. وكان هذا السياق هو الذى أتى منه البرادعى ،فهو أحد الرجال البارزين محليا ودوليا حتى ولثو لثم يكثن النظثام المصثرى قثد سثاند ترشثيحه لرئاسثة الوكالثة الدوليثة للطاقثة الذريثة فثى بدايثة ترشثيحه .وقثد اختثار الثبرادعى ،بثدل مثن الطريثق السثهل للتقاعثد المريثح بعثد مناصثب كثثيرة بثارزة وثروات تكونت معها بالضرورة وتقلد أعلى الجوائز العالمية والمحلية )جائزة نوبل وقلدة النيل( اختثثار طريثثق التحثثدى العلنثثى لنظثثام مبثثارك وتثثوجيه النتقثثادات للفسثثاد والسثثتبداد وغيثثاب الديمقراطيثة وحقثوق النسثان ،بثل وطثالب باشثتراكية ديمقراطيثة علثى غثرار بعثض دول أمريكثا اللتينية ،رغم تصريحاته بالطبع بانتمائه إلى المعسكر الليبرالى. وقثد اقتصثر الكثثيرون عنثد التعليثق علثى ظثاهرة الثبرادعى علثى مناقشثة مثدى صثلحيته للرئاسة ،أو على فرصه فى النجاح فى انتخابات رئاسية ،بينما نرى أن المغزى اليجابى الساسى لدخول البرادعى لساحة المعارضة السياسية هو تدعيم معسكر المعارضة الديمقراطية وإكسابه لنصار جددا و تقويته فى مواجهة المعارضة الدينية. ولعثل مثن أهثم الثثار الثتى تركهثا الثبرادعى فضثل عثن تثدعيم معسثكر المنتقثدين للنظثام والمطالبين بتغييره ،وإن عن طريق انتخابات الرئاسة ،هو التغير الذى بدت أوضح آثاره ،ربما ،فيما صرح به بعض القادة المسيحيين من أن على البرادعى العلن بوضوح عن مدنية الدولة وسوف يكسثب أصثوات 5مليين قبطى .ويقودنا ذلك إلى سوق بضع كلمات عن وضع الحتجاجات بين القباط وكيف أدى تصاعدها قبيل سقوط النظام إلى المساهمة فى إشعال شرارة الثورة. فقد استمر القباط طويل يعانون من التمييز السلبى ضدهم .وفى سياق الستبداد القائم من ناحية ،وضعف الحركة المعارضة من ناحية أخرى أدى هذا إلى توجههم إلى الكنيسة لحمايتهم. وأصثبح المعتثاد أن تطثالب الكنيسثة بحقهثا فثى التمثيثل السياسثى للقبثاط والثدفاع عثن حقثوقهم. وبالطبع لم تؤد تلك الطريقة إل إلى استخدام الكنيسة لتوتر المسيحيين فى مطالبة النظام ببعض التنازلت لهم فى حدود معينة ،مع تقديم الدعم السياسى للنظام فى كل المناسبات الكبرى .وكان هثذا محصثلة ليثس فقثط لسثتخدام أسثلوب السثتجداء مثع توفير تأييد سياسى للنظام ،ولكن أيضثا نتيجة الخوف من أن أقوى البدائل المعارضة هم الخوان المسلمون ،إذن فالبديل الفعال هو تأييد حسثنى مبثارك وحثتى ابنثه خوفثا مثن سثيطرة الخثوان علثى الحكثم .وفثى ظثل تصثاعد التناقضثات 15
وتطثور الضثطهاد الطثائفى بثدأ القبثاط فثى التمثرد علثى الكنيسثة .وبثدا هثذا ظثاهرا فثى رد القبثاط على حادث قتل ستة من القباط بالضافة إلى جندى مسلم عند خروجهم من كنيسة نجع حمادى فثى قثداس عيثد الميلد فثى ينثاير عثام .2010إذ بينما أشارت أصابع التهام إلى عبد الرحيم الغول عضثو الحثزب الثوطنى ودوره فثى تثدبير المذبحثة وتطثور سثخط القبثاط لهثذا السثبب كثان الموقثف الرسثمى للكنيسثة رغثم معارضثتها ،بعيثدا عثن مهاجمثة الحثزب الثوطنى صثراحة ناهيثك عثن الهجثوم علثى النظثام .وأثثار هثذا سثخط القبثاط الثداعين إلثى تعليثة سثقف المطثالب .وبعثد هثذا بعثام ،وفثى مطلع يناير عام 2011أتى حادث تفجير كنسية القديسين بالسكندرية إلى اشتعال غضب القباط بشثدة ،وتضثامن معهثم كثل القثوى الديمقراطيثة فثى مصثر .وشثهدت تلثك الفثترة أكثبر مؤشثر علثى خروج شباب القباط من تحت مظلة مناشدة السلطات عن طريق القيادات الكنسية إلى التحدى العلنى للسلطات فى الشوارع بالمظاهرات والعتصامات. شثهدت العثوام الثلثثة الخيثرة مثن حكثم مبثارك أكثثر مثن ثلثثة آلف إضثراب وحركثة جماهيرية ،وتطورت عبر الزمن أخلق وسلوكيات المقاومة .وبعد أن سادت منذ عقد من الزمان كافثة أشثكال الغثتراب بالثذات بيثن الشثباب ومنهثا الدمثان والتطثرف وغيرهثا انضثم الشثباب مثع غيرهم إلى الكتائب المكافحة لمقاومة النظام ،فشهدنا شباب 6إبريل وإضرابات المحلة وغيرها. وشثهد العثام الخيثر العديثد مثن الوقثائع الثتى بشثرت بقثدوم الثثورة ،وفثى الحقيقثة إن كثل أحثداث الثورة شهدت جنينا لها فى العام السابق عليها. وكثانت السثتجابة لتزوير انتخابات مجلسثى الشثعب والشثورى منتصثف عام 2010مناسبة لتعبئة مزاج السخط على النظام .وكانت الستجابة لوفاة الشاب خالد سعيد تحت وطأة الضرب الوحشثى مثن مخثبرى قسثم شثرطة سثيدى جثابر بالسثكندرية مناسثبة لتظثاهرات بثاللف وأشثكال متعددة للتضامن .وعندما أدى عنف اثنين من أمناء الشرطة لمقتل سائق سيارة أجرة فى أواخر عام 2010سارع أهله وأصدقاؤه ،عندما تسلموا جثته من مشرحة زينهم وفى طريقهم إلى دفنه بقريته فى مدخل طريق القاهرة السكندرية الزراعى ،سارعوا بالتعبير عن سخطهم أثناء رحلتهم بتحطيم قسم الساحل وحرق 6عربات شرطة عندما مروا عليه فى طريقهم ،كما حرقوا سيارتين للشرطة عند نقطة مرور مدخل الطريق الزراعى .واضطرت الحكومة ،ليس فقط إلى التغاضى عن المحاسبة على تلك الحداث ،ولكن أيضا لتحويل أمناء الشرطة الثنين إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد .ويوضح هذا كيف أصبح حرق أقسام الشرطة هدفا للحتجاجات .وهكذا تنامى السخط الشعبى وبدا للجميع أن البلد لن تستطيع البقاء هكذا طويل .إن سلوك الطبقة الحاكمة قد بلغ حدودا قصوى من الفساد والفساد .وبلغت آثاره المدى من بطالة وفقر شمل أكثر من نصف المجتمثع ،واسثتبداد وفسثاد ،كمثا استشثرى السثخط الجمثاهيرى فثى كثل القطاعثات .وأصثبح تراكثم السخط يقترب تدريجيا من الكتلة الحرجة اللزمة لحداث الثورة. فالثورة فعل شعبى واسع يحدث عندما ترفض الجماهير أن تعيش كما فى السابق ،وتعجز الطبقة الحاكمة عن الستمرار فى الحياة بنفس الطريقة ،ويأتى أى حدث مفجر فى ذلك المناخ ليشعل فتيل الثورة .الثورة هى المزاج الجماهيرى أو السيكولوجيا الجتماعية عندما يصل الرفض الجماهيرى والستعداد للتضحية إلى المستوى الذى يتقدم ويكسر كل العوائق لكى يسقط النظام القديم مهما كانت التضحيات .وكان موعد مصر مع تفجر تلك الثورة بدءا من الخامس والعشرين مثن ينثاير .ويلحثظ كثثرة الحثديث عثن دور وسثائل التصثال الحديثثة فثى صثنع الثثورة حثتى سثماها البعض ثورة الفيسبوك .ولكن الثورة فعل جماهيرى اجتماعى بالساس ،وتعود أسبابها إلى تطور أعمق التناقضات الجتماعية .ومع ذلك فالمجتمع يتأثر بالضروة بالتطورات التكنولوجية ذات الثر الجتمثاعى البثارز ممثا يسثتدعى بضثع كلمثات عثن أثثر وسثائل التصثال الحديثثة ودورهثا فثى ثثورات القرن الواحد والعشرين.
الثورات فى عهد ثورة المعلوماتية أشثرت الثمانينثات لثولدة عصثر جديثد هثو عصثر المعلومثات الثذى تلثى عصثر الثذرة )-1945 (1957ثم عصر الفضاء ) .(1980-1957ونتجت ثورة المعلومات عن اتحاد ثورة الكمبيوتر وثورة وسثائل التصثال .لقثد تبثدى هثذا فثى اختراعثات ثلثثة فثى الثمانينثات :اخثتراع الكمثبيوتر الشخصثى 16
وسماحه بإتاحة النترنت أو شبكة المعلومات الدولية باعتبارها أجهزة كمبيوتر تتصل ببعضها عبر العالم عبر خطوط التليفون وتتيح تبادل المعلومات ،واختراع التليفون المحمول ،واختراع الرسال التليفزيثونى عثبر القمثر الصثناعى .واتضثح فثورا أثثر تلثك الثثورة فثى احتجاجثات سثياتل ضثد العولمثة عثام 1999وثورة الفلبين التى أطاحت بماركوس عام .1986ولقد بدأت تلك الثورة فى العالم المتقدم واتسعت تدريجيا ،وعندما وصلنا إلى العقد الول من اللفية الثالثة كانت تلك الوسائل قد اتسثع نطاقهثا ورخثص ثمنهثا كثثيرا حثتى أصثبحت متاحثة لغلبيثة الشثعب حيثث الغلبيثة تملثك تليفونثا محمول ،عادة مزودا بكاميرا ،وتستقبل فى منازلها إرسال القنوات الجنبية على القمار الصناعية، كما تملك المليين من أفراد الشعب مهارة استخدام كمبيوتر والدخول على النترنت. وبثالطبع انعكثس ذلثك علثى زيثادة وعثى أغلبيثة أفثراد المجتمثع بمثا يحثدث فثى العثالم وهثم يرونه بالصوت والصورة فى لحظة حدوثه .كما أدى ذلك إلى زيادة قوة وإمكانيات الفراد بتملكهم لوسائل اتصال شخصية تخترق قيودا حكومية سابقة للتواصل والعلم ولهم دور هام فى الترتيب ل وصثنع الثثورة .وليثس أدل علثى هثذا مثن لجثوء النظمثة السثتبدادية -بمثا فيهثا النظثام المصثرى- لجوئها إلى قطع التصالت التلفونية المحمولة أو قطع النترنت فى غمار اشتعال أحداث الثورة. التكنولوجيثا دائما سلح تسثتخدمه كثل القثوى الجتماعيثة ،وتجيثد اسثتخدامه القوى القوى الممثلثة فى الدولة ،ويتمثل هذا فى مجال الثورة بقدرة القوى الدولية والمحلية على المساهمة فى صنع الثرأى العثام مثن خلل العلم الثذكى والمثوجه .ولكثن الثوجه الخثر للتقثدم التكنولثوجى هثو زيثادة قدرات الفراد أيضا على اختراق جدران الصمت والقدرة على التواصل وصنع العلم البديل أيضا باسثتخدام تلثك الوسثائل .وقثد أدى اسثتخدام تلثك الوسثائل فثى الثثورة المصثرية بالثذات مثن قبثل الشباب قبيل وأثناء الثورة إلى الستعانة بالفضاء اللكترونى للحوار وبلورة الراء وتجميع السخط ممثا وفر بديل عثوض إلى حثد مثا غياب حقوق الجتمثاع والمناقشثة وحريثة الصثحافة .كمثا أدى أيضا إلى دعم القدرة على الحشد وتنظيم حركة الجموع .وساهم كل هذا فى السراع بإنضاج التحركات الجتماعية وتقصير فترات بلوغها لهدافها .وهكذا يتفاعل كل من العامل الجتماعى التاريخى فى صثنع الثثورات )تراكثم مسثتوى السثخط نتيجثة لتطثور التناقضثات التاريخيثة فثى المصثالح بيثن فئات وطبقات المجتمع حتى يصل إلى مستوى الكتلة الحرجة الكافية لصنع الثورة( مع تطور التكنولوجيا ومثثا تثثتيحه مثثن وعثثى وقثثوة للجمهثثور وللفثثراد بحيثثث يسثثاهم فثثى السثثراع بإنضثثاج التناقضثثات الجتماعيثة .ويعلمنثا التاريثخ مثن دروس الثثورة التونسثية والمصثرية دور تلثك التكنولوجيثا المتنثامى، كما يعلمنا أن الثوار هم أول من يحاول تعلم لغة العصر والستفادة منها بدل من تركها سلحا فى يد الحكام يستخدمونه فقط فى تزييف الوعى واستمرار القمع وتأجيل الثورة.
...وليس هناك خاتمة حركثة الشثعوب ل تعثرف نقطثة نهايثة فهثى صثيرورة تاريخيثة .إنهثا تعثرف بثالطبع محطثات تاريخية بارزة تؤشر لمرحلة جديدة ذات أثر حاكم فى حياة البشر ،ولكن تلك اللحظات فى الوقت الذى تمثل فيه انقطاعا فى التواصل فى جوانب تمثثل استمرار التواصثل فى جوانب أخرى .وقد حاولت من خلل العرض السابق عمل استعراض سريع وموجز لتاريخ تطور النظام المصرى فى عهثد مبثارك مثن أجثل تلمثس تطثورات التناقضثات داخلثة ،والثتى أدت إلثى قيثام ثثورة الخثامس والعشثرين مثن ينثاير .ولثم تكثن فثترة اليثام الثمانيثة عشثرة الثتى صثنعت الثثورة بيثن 25يناير و 11 فبراير هى كل القصة ،بل بالحرى مقدمتها فقط .والمستقبل ملئ بالحتمالت والخطار وبصراع القوى الجتماعية المختلفة على صنع مستقبل هذا البلد .ولكن هذا لن ينفى بالقطع واقع حدوث ثثورة فثى مصثر ول ينفثى روعثة الثثورة وأصثالتها .إنثه بثالحرى يسثلحنا بالحمثاس والمثل والثقثة فثى قدرة الشعب الذى صنع تلك الثورة على مواجهة تحديات المستقبل والنتصار فيها. محمد حسن خليل
الحزب الشتراكى المصرى يوليو 2011
17
مستقبل الثورة :قراءة فى ميزان القوى الراهن بعد مرور سبعة أسابيع على بداية الثورة تبدو هناك حاجة ملحة لتحديد التكتيثك الملئم فثى تلثك اللحظثة .والتكتيثك بثالطبع ينبنثى علثى قثراءة ميثزان القثوى الراهثن ،ولكثن يبثدو أن مقدمثة حثول الثثورة سثوف تكثون ضثرورية لستكمال النقاش.
الثورة الثورة فى الساس فعل جماهيرى واسع ،حركة جماهيرية تصمم على تحطيثم النظثام القثديم ،وتجثترح فثى سثبيل ذلثك البطثولت ،وتضثحى بالثدم والشثهداء فثى سثبيل ذلثك الهثدف .وإذا كثان الثوريثون يعملثون دائمثا مثن أجثل الثورة بالدعاية والتحريض حول أفكارهم فإن أيا من كان ل يستطيع أن يحدد موعد الثثورة .ولعل أبلغ دليثل على هذا هثو أن الشباب الثذى نظم مظاهرات يوم الثلثثاء 25يناير ودعا لها على الفيسبوك حدد شعاراتها فى " تغيير حرية عدالة اجتماعية" أو " خبز حرية كرامة إنسانية" مع وضع بنود عديدة تحت كل منهم تشمل حدا أدنى للجور وإلغاء حالة الطوارئ وحرية الحزاب والضراب وغيرهثا ،ولكثن الشثباب حثذر بشثدة مثن رفثع آيثة شثعارات ضثد مبثارك أو مثع إسثقاط النظثام .ولثم يكثن هثذا بثالطبع حبثا فثى مبثارك أو عثدم ثوريثة مثن الشثباب ،بثل كثان موقفثا صثائبا ،إذ كثان المقصثود هثو توسثيع نطثاق الحركثة الحتجاجيثثة لتشثثمل منثثاطق كثثثيرة داخثثل العاصثثمة ومثثدنا عديثثدة داخثثل الجمهوريثة حثول تلثك المطثالب ،وكثانت نيثة الثداعين عثدم وضثع حثاجز مرتفثع أمام الجمهور المحتج مثل تعلية سقف المطالب لتشمل تغيير النظام .إل أن الواقع قد تجاوز هذا عندما رفعت المظاهرات جميعا من أول صدام مع المن شعار " يسثقط يسقط حسثنى مبثارك" وشعار الثورة التونسثية "الشثعب يريد إسثقاط النظثام" .لقثد تحقثق هثدف توسثيع نطثاق النضثال بشثدة إذ انطلقثت المظاهرات من خمسة أماكن فى القاهرة ،كما انطلقت أيضا فى ثمانى مدن مختلفة )كل هذ فى اليوم الول فقط 25 ،يناير ،ثم اتسع النطاق أكثر فأكثر مع اسثتمرار الثثورة( .ولكثن تحقثق أيضثا ارتفثاع سثقف المطثالب إلثى المطالبثة بإسثقاط النظثام بسثبب ل يعثود إلثى تخطيثط المنظميثن ولكثن إلثى مسثتوى السثثخط الجمثثاهيرى المثثتراكم ،إلثثى المثثزاج الجمثثاهيرى الثثثورى ،إلثثى السثثيكولوجيا الجتماعيثثة لجمهثثور معبثثأ مثثن تفثثاقم السثثتغلل والسثثتبداد والفسثثاد ،ويحمثثل سثثمات كثثل النضثثالت الثثتى تفضثثح الفسثثاد والسثثتغلل والستبداد خلل السنوات الخيرة .لم يكن خطأ أحد عدم التنبؤ باللحظة التى يصل فيها مخزون الغضب إلى الكتلة الحرجة الضرورية للثورة ،ولكن النضج 18
تمثثل فثى سثرعة إدراك تلثك اللحظثة الثوريثة وتبنثى مطالبهثا الجذريثة فثى الطاحة بالنظام. إن اسثتمرارية الحركثة رغثم القمثع الشثديد ،واتسثاعها جغرافيثا وفئويثا لتشثمل معظثثم الشثعب ،وارتفثاع سثثقف المطثالب للطاحثة بالنظثام كلثثه، والسثتعداد الهثائل للتضثحية بثالرواح وتقثديم مئات الشثهداء وآلف الجرحثى، إن كثل ذلثك هثو مثا حثدد ملمثح تلثك الحركثة فثى أنهثا ثثورة علثى نظثام مبثارك وليثس مجثرد انتفاضثة جماهيريثة قثد تنثتزع أو ل تنثتزع بعثض المكاسثب .وتنبثع الهميثة الشثديدة فثى تحديثد مثا سثبق مثن أن أى تحليثل لميثزان القثوى فثى اللحظثة الراهنثة لبثد وأن يعطثى مكانثا بثارزا لطرفثى التنثاقض الرئيسثيين: الشثعب الثثائر مثن ناحيثة ،و الثثورة المضثادة الثتى يقودهثا النظثام القثديم مثن ناحية أخرى. ورغثم إقرار الجميثع بأن تصثاعد الحتجاجات الجماهيريثة فى السثنوات الخيثرة هثو مثا شثكل المقدمثة الضثرورية للثثورة فثإن علثى السثاحة تقثديرات متعددة لتاريخ البداية لتلك الحتجاجات الجماهيرية ،بدءا بمظاهرات التضامن مثع النتفاضثة الفلسثطينية عثام 2000وانتهاء بإضراب المحلة فى عام .2008 واعتقثد أن التاريثخ القثرب لتلثك الموجثة المتصثاعدة الثتى انتهثت بثالثورة قثد بثثدأت منثثذ أواخثثر عثثام 2003كنتيجة مباشرة لتغير مطبخ صنع القرارات السياسثية فثى مصثر الثذى وقثع فثى المثؤتمر الثثامن للحثزب الثوطنى فثى سبتمبر ) 2002والذى عرف فيما بعد بالمؤتمر السنوى الول عندما صار منذ ذلثك التاريثخ يعقثد سثنويا( .فثى ذلثك المثؤتمر تثم تنحيثة أو إضثعاف نفثوذ مثن عرفثوا بثالحرس القثديم )يوسثف والثى ،صثفوت الشثريف ،الشثاذلى( وبثرزت مجموعثة صثنع القثرار الجديثدة الممثلثة فثى جمثال مبثارك الثذى تبثوأ منصثب أمين لجنة السياسات وأمين مساعد الحزب ،ولجنة السياسات بقيادة رجالة وأقربهثم يوسثف بطثرس غثالى وأحمثد عثز أميثن التنظيثم الجديثد فثى الحثزب ورشثيد محمثد رشثيد وغيرهثم .وكثانت بثاكورة أعمثالهم قثرار تعثويم الجنيثة المصرى مع تخفيض قيمته أمام الدولر حوالى .%60وأدى هذا إلى رفع أسعار الواردات بنفس النسبة ،وتدل دراسات الحزب الوطنى نفسه أن تلك نسبة السكان الواقعين تحت خط الفقر فى مصر قد زادت بنسبة %7خلل الشهر العشثرة التاليثة لثذلك القثرار .كمثا أسثرعت اللجنثة منثذ تأسيسثها بمعثدلت خصخصة الهيكل النتاجى )القطاع العام( ،ثم انتقلت لخصخصة الخدمات ببيع بنك السكندرية ) (2006و تحويل الهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحى إلى شركة قابضة ) (2004ثم انتقلوا إلى خصخصة التعليم والصحة .وبالطبع لم يكن الفرق بين مطبخ صنع القرارات الجديد والقديم هو وطنية الول وعدم وطنيثة الخيثر ،لكنثه كثان تحديثدا أنثه بينمثا كثانت الوليثات المتحثدة المريكيثة ومؤسسثات التمويثل الدوليثة )البنثك الثدولى وصثندوق النقثد الثدولى وهيئة المعونثة المريكيثة( يضثغطون مثن أجثل تخفيثض قيمثة الجنيثة الثذى تثم تثثبيت 19
سثعره منثذ عثام 1992وزيادة معدلت الخصخصة فقد كان موقف الحرس القديم هو ضرورة التوفيق بين ماسموه ضرورات الصلح القتصادى )لبرلة القتصاد أو خصخصته( وبين مقومات الستقرار الجتماعى .ويقولون أن هذا هثو درس انتفاضثة ينثاير 1977عندما أدت الزيادة المفاجئة فى السعار إلى اضطرابات سياسية جماهيرية واسعة. لقد استحقت مصر الرسمية وقتها احتفاء وتهليل كل منظمات التمويل الدولية على المضى قدما فى طريق "الصلح القتصادى" بحيث اعتبرها كل مثثن البنثثك الثثدولى وصثثندوق النقثثد الثثدولى نموذجثثا يحتثثذى فثثى الصثثلح القتصادى والدولة الولى عالميا ،والدولة الولى أفريقيا فى سنوات مختلفة مثثن تلثثك الفثثترة .لكثثن نتيجثثة كثثل ذلثثك كثثانت غلء متزايثثدا فثثاقم المشثثاكل المعيشية للشعب مما انعكس على تزايد وتيرة الحتجاجات الجتماعية .ومما له دللة وثيقة بكل هذا هو أن مظاهرات شهر ديسمبر عام 2003قد شهدت لول مرة شعارات تطول رأس النظام ،فارتفعت شعارات "يامبارك ياجبان يا عميل المريكان" و"ياجمال قل لبوك كل الشعب بيكرهوك". ومثن العلمثات الفارقثة أن مثن نجثح فثى التقثاط تلثك اللحظثة السثاخنة وتطويرها هو الحركة المصرية من أجل التغيير المعروفة بحركة كفاية التى أعلنثت عثن تأسيسثها فثى مظاهرتهثا الصثامتة الولثى فثى ديسثمبر عثام 2004 ل للتمديثد ل للتثوريث" .وتصثاعدت الحركثات الفئويثة والحتجاجيثة وهثدفها " والديمقراطية بمعدلت متسارعة حتى صارت الضرابات العمالية فى أعوام 2009و 2010نمطا للحياة السياسية اليومية ،وحتى أضحى رصيف مجلس الشثثثعب موقعثثثا دائمثثثا للحركثثثة الحتجاجيثثثة لمختلثثثف الفئات .وانتشثثثرت التنظيمثات المناضثلة مثن أجثل مختلثف المطثالب وبيثن كثل الفئات فشثهدنا مولثد أول نقابثة مسثتقلة لمثوظفى الضثرائب العقاريثة ،وحركثة معلمثون بل نقابثة مثن أجثل كثادر لجثور المعلميثن ،واتحثاد أصثحاب المعاشثات ونضثالته والقضثايا الثتى رفعهثا مثن أجثل مطثالبهم الفئويثة ،وحركثة أطبثاء بل حقثوق المطالبثة بكثادر للطبثاء وتحسثين الخثدمات الطبيثة ،ولجنثة الثدفاع عثن الحثق فثى الصثحة الثتى تقثف ضثد خصخصثة التثأمين الصثحى وغيرهثا وغيرهثا .كمثا شهدنا حركة مراكز حقوق النسان ضد التعذيب ،وشهدنا الحركة الجماهيرية ضثد قتثل خالثد سثعيد ،وتفجثر السثخط ضثد تزويثر انتخابثات مجلسثى الشثعب والشثورى ،والهجثوم علثى قسثم السثاحل وإحثراق عربثات الشثرطة فيثه وعنثد نقطثة مثدخل طريثق القثاهرة الزراعثى احتجاجثا علثى قيثام اثنيثن مثن أمنثاء الشرطة بقتل أحد السائقين .وكان كل هذا هو المقدمة الضرورية التى تنبئ بمستوى السخط والوعى الذى تفجر فى ثورة الخامس والعشرين من يناير.
20
الثورة المضادة وإذا أردنثا أن نفهثم الثثورة المضثادة الثتى نواجههثا الن حثق الفهثم فلبثد وأن نثدرس أبثرز تجلياتهثا فثى الكفثاح ضثد الثثورة قبثل الطاحثة بمبثارك ،أى دورهثا يثوم جمعثة الغضثب 28يناير وأربعاء موقعة الجمل 2فبراير .فالثورة المضثادة لهثا فكرهثا ،وقادتهثا ،ومؤسسثاتها ،وأسثلوبها ،وتمويلهثا ،وآلياتهثا ،وأى خطثأ فثى حسثاب مقثدار قوتهثا –سثواء قبثل الطاحثة بمبثارك أو بعثده -سثوف تكون له عواقب وخيمة فى سياق المعركة الدائرة الن على قدم وساق بين طرفى التناقض الرئيسيين. وفكر وأدبيات الثورة المضادة ،مثلها مثل كل فكر الطبقات السائدة، مسثتورد بالكامثل ،حيثث إن أبثرز مثن درسثه وقننثه هثو المخثابرات المركزيثة المريكيثة .وقثد بلثوروا نظريثا خطثط التعامثل مثع وضثع جمثاهيرى ثثورى مثن طثول خثبرتهم فثى التعامثل مثع تلثك الوضثاع بثدءا مثن ثثورة مصثدق ضثد شثاة إيران وحتى خثبرات التعامل مع ثورات أمريكا اللتينيثة .وبالطبع درس وزراء الداخلية العرب تلك الخطط وتدارسوها سويا فقد كان أنجح مثال على تعاون النظمثة العربيثة المشثترك هثو المثؤتمرات الدوريثة لثوزراء الداخليثة العثرب والتى حضرتها مصر حتى فى سنوات مقاطعتها بسبب كامب دافيد .والدليل علثى هثذا التماثثل بيثن خطثة الثثورة المضثادة فثى تثونس ومصثر .وتعتمثد تلثك الخطثط علثى مواجهثة الثثورة بثالتفريغ المنثى ،وترويثع المثواطنين بواسثطة الشرطة ،أو الشرطة بملبس مدنية ،أو الجهزة السرية التابعة للشرطة ،مع إطلق يثد عصثابات المجرميثن ورواد الجريمثة المنظمثة ،والبلطجيثة مثن كثل النواع ،وإثارة المعارك الجانبية والفتن والقلقل بين فئات الشعب المختلفة. والمثال الملموس فى مصر هو انسحاب الشرطة فى مساء الجمعة الثامن والعشرين من يناير ،وتآمر الشرطة لحرق العديد من القسام )غير القسام الثتى حرقهثا المتظثاهرون( وإطلق سثراح البلطجيثة المحتجزيثن بالقسثام، وفتثح السثجون وإجبثار المسثاجين علثى الخثروج وحضثهم علثى ترويثع المنيثن ونشثر الرعثب ،وتنفيثذ خطثة التفريثغ المنثى بعثدم السثتجابة ليثة اسثتغاثة مثع دفثثع عملء للتصثثال بثالعلم ونشثثر الشثثائعات للمبالغثثة حثثتى فثى مسثثتوى أحثداث المشثاكل المنيثة المثثارة .ويضثاف لكثل هثذا دور العلم فثى تشثويه الثورة والتشكيك فى أهدافها وقادتها وحجمها ومستقبلها .إل أن كل ما سبق ليس سوى التمهيد ،فلبد من التخطيط لمعركة حاسمة للقضاء على الثورة، وهثو مثا تحثدد لثه يثوم الربعثاء 2فبراير بعد التمهيد له بإثارة الرتباك فى صثفوف الشثعب نتيجثة لخطثاب مبثارك الثذى يعثد بالصثلح وبالتثالى فل داعثى لسثتمرار الثثورة .وفثى الحقيقثة إن دراسثة تفاصثيل العثداد لموقعثة الجمثل ل تكتسب فقط أهمية من زاوية التأريخ للثورة ،فالغلبية الساحقة لتلك الليات مثازالت فاعلثة ومسثتخدمة حثتى الن .ومثن أهثم تلثك الليثات الثدور القيثادى لرموز وقيادات الحزب الوطنى فى مجلس الشعب .فإذا كان الحزب الوطنى 21
فاشثل كحثزب لثه فكثره المسثتقل يمثثل بوتقثة لصثياغة فكثر الطبقثة الثتى يعثبر عنها ،فهو ناجح جدا كتجمع للمنتفعين أصحاب المصلحة المباشرة فى التربح مثن الدولثة وفثى التخطيثط لسثتهداف أعثداء النظثام .ولجميثع أعضثاء مجلثس الشثثعب المزمنيثثن مثثن الحثثزب الثثوطنى علقثثة مؤسسثثية منتظمثثة لشثثلل ومجموعثات البلطجيثة فثى دوائرهثم :فالمنثافع متبادلثة :فهثم يثوفرون آليثات تزوير النتخابات ،وجمهور الهتيفة فى مظاهرات التأييد ،ومهاجمة سرادقات الخصثوم أحيانثا وإفشثال دعثايتهم النتخابيثة .ويحصثلون فثى مقابثل ذلثك علثى تسهيلت أمنية من الشرطة ،وحماية من بعض المخالفات الخفيفة ،ومساندة من جهاز الدولة .وفى يوم واقعة الجمل لم يدرك الكثيرون سوى أنها محاولة لضثرب المحتجيثن ،لكنهثا كثانت معركثة يقصثد بهثا الجهثاز علثى الثثورة .لقثد تثم التخطيط لها فيما سمى اجتماع فندق سوفيتل ليلتها بين كبار رجال الحزب الوطنى :صفوت الشريف وأمثاله مع متابعة فتحى سرور لهم تليفونيا .وكان قادة أركان التنفيذ فى كل دائرة هم من أشرفوا على تسيير الفيلق الخاص بهم :فقد ركب بلطجية الزيتون )دائرة زكريا عزمى( من محطة متروالنفاق مجانثا لكثى يقثف المثترو وتفتثح لهثم محطثة التحريثر المغلقثة لكثى ينزلثوا منهثا ويخرجوا وسط العتصام الذى أمن المعتصمون مداخله ،ونفس الشيئ من محطة السيدة زينب )دائرة فتحى سرور( ،ومن دائرة دار السلم ،وغيرها .أما دائرة الهثثرم فأمرهثثا معثثروف ،فقثثد نقثثل النائبثثان عنهثثا الخيثثول والجمثثال بسثيارات النقثل إلثى جثامع مصثطفى محمثود حيثث بثدأت مثن عنثده مسثيرة القثوات الراكبثة للثدواب إلثى ميثدان التحريثر .واسثتمرت المعركثة لمثدة مثا يقرب من 24ساعة بالذات وقد اشتدت ليل مع ضخ أعداد ضخمة من رجال الشرطة بملبس مدنية وروافد من مختلف أنواع البلطجية مع توريد الذخيرة )أشولة محملة بكسر الرخام من شق الثعبان حيث يمتلك أحد أعضاء مجلس الشثعب ورشثا للرخثام الثذى يثؤدى لصثابات وجثروح بليغثة( ،ومثع درجثة مثن معرفة الجيش تسمح بأن يقف مترو النفاق فى محطة التحرير التى لم يقف بهثا منثذ بثدء العتصثام وبثأن تسثمح الثدبابات بثدخول الخيثول والجمثال ،وبثأن يبقثثى الجيثثش لفثثترة طويلثثة علثثى حيثثاد مصثثطنع بيثثن شثثباب المعتصثثمين والبلطجية .وشارك اتحاد العمال ،ومن خلل مقره ومن خلل علقاته الوثيقة بالبلطجية ،فى تأجير مجموعات البلطجية والترتيب للموقعة من خلل الدور القيادى لكل من حسين مجاور رئيس اتحاد العمال وعائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة .كما شارك كبار رجال أعمال الحزب الوطنى بالتمويل دفاعا عن مصثالحهم وتربحهثم السثابق من جهاز الدولثة ،والثذين يخشثون مثن نظثام جديثد يحاسثبهم علثى مثا سثرقوه ويمنثع المزيثد مثن التربثح .وبثرزت أسثماء أبثو العينيثن وفريثد خميثس وكامثل بينهثم .وأشثرف أمثن الدولثة علثى كثل تلثك المؤامرات ولعب دوره المرسوم فيها بما فيها المداد برجال المن السريين المدربين على القتال ضد الجمهور. 22
وإذا كنثا نعثدد أشثكال الثثورة المضثادة وعيننثا علثى الوضثع الراهثن فمثن الواضثح أن كثل تلثك الشثكال لثم تفقثد فعاليتهثا ومثازال كثل القثادة يعملثون بنفس السلوب ،لم يتغير سوى ما فرض عند حل جهاز أمن الدولة .لقد قيل أن كثل عضثو مجلثس شثعب قثد طلثب منثه أن يرتثب تحثت إمرتثه خمسثة آلف من البلطجية بدفع مقدمات )قيل أنها من 50إلى مائة جنية يوميا لكل بلطجى غيثر خمسثة آلف لكثل زعيثم مجموعثة ،قثد تبلثغ خمسثين أو مثائة( لكثى يكونثوا جاهزين للدفع بهم فى اللحظات الصفرية سواء فى مظاهرة تأييد عند جامع مصطفى محمود أو فى معركة ضد اعتصام فى التحرير أو غيره. ول يكتمثل الحثديث إل بثذكر أحثد أنجثع أسثاليب الثثورة المضثادة :إثثارة الفتنة بين صفوف الشعب .لقد بدأ هذا قبل سقوط مبارك وبعد بداية خطة التفريغ المنى فى أعقاب جمعة الغضب 28يناير .وبدأ تحديدا فى السكندرية والهرم عن طريق إثارة السلفيين بحجة أن المتظاهرين ينوون تغيير المادة الثانية من الدستور وإقصاء الشريعة السلمية عن أسس التشريع ،وهذا قبل أن يطرح أحد الموضوع ،مما دفعهم للتظاهر دفاعا عن "السلم" .وشمل هذا أحثداث كنيسثة الصثول فثى أطفيثح ،وقيثام البلطجيثة بثترويع القبثاط فثى قثرى مختلفة بدمنهور والصعيد .وهنا لبد من وقفة للحديث عن تلك القوة الجديدة علثى السثاحة السياسثية أل وهثى السثلفيين .السثلفيون لهثم جماعثات متعثددة مثثل الثدعوة والتبليثغ ،وأنصثار السثنة المحمديثة ،والجمعيثة الشثرعية وغيرهثم. وهثم يعثدون بثالمليين .وهثم يعلنثون أنهثم ل علقثة لهثم بالسياسثة ،وهثم علثى علقثة وثيقثة بثالمن حيثث يسثمح لهثم المثن بثأنواع مثن النشثطة الجماهيريثة مثل توزيع الزكاة ورعاية فقراء وأنشطة خيرية متنوعة ل يوافق على أى منها للخوان المسلمين نظرا لدراكه لهدافهم السياسية من ورائها .ولكن المن يعدهم احتياطيا استراتيجيا يمكن تجنيده عند استثارتهم بتهديد مزعوم للدين وشرع الله :حينئذ ينطلقون فى أعمال عنف ضد "الكفار"! وما ارتكبوه مؤخرا فى أثناء الستفتاء على تعديل مواد بالدستور وفى غيره لم يكن أول مشاركة لهم ،وإن كان البرز أثناء تلك الموجة من الثورة المضادة.
المجلس العسكرى إذا كثان شثعار "الشثعب يريثد إسثقاط النظثام" هثو أفضثل شثعار يوضثح هثثدف الثثثورة الرئيسثثى بإسثثقاط نظثثام فاسثثد مسثثتبد ظثثالم وبنثثاء نظثثام ديمقراطثى على أنقاضثه ،فإن هثذا الشعار يوضثح أيضثا الثدور الحاسثم لهميثة بنثثاء مؤسسثثات جديثثدة علثثى أنقثثاض مؤسسثثات النظثثام القثثديم .والجيثثش ومجلسه العسكرى ليس طبعا من مؤسسات الثورة أو النظام الجديد! ولذلك تظهر فيه كل عيوب النظام القديم على صورة علقات غير ديمقراطية داخله ووجود أشكال التربح والفساد " الشرعى" عبر التمايز الشديد فى المرتبات والمتيازات ،وكذلك غير الشرعى من التربح من المناصب ،فضل عن الضرار بالطثابع العسثكرى للجيثش مثن خلل دخثوله مجثال السثتثمار وتكثوين وشثراء 23
الشركات على نطاق واسع .إل أن المأثرة الضخمة للجيش هى تحديدا رفضه المشثاركة فثى ذبثح الثثورة! لقثد كان قانون الثثورات حثتى نهايثة القثرن التاسثع عشثر هثو أن الطبقثة السثائدة تحمثى نفسثها مثن الثثورة باسثتخدام البثوليس، وأساسا الجيش ،وكان انتصار الثورة يتحقق فقط عندما يؤدى صمود الثوار وبسثالتهم إلثى تفكثك الجيثش وانقسثامه وانضثمام أقسثام منثه للثثورة .وفثى عصثرنا الحثديث حيثث جيثوش بلدنثا والبلد المماثلثة الثتى تربثت علثى عقيثدة وطنيثة هثدفها حمايثة الثوطن مثن العثداء وليسثت جيوشثا اسثتعمارية أوروبيثة تربثت علثى الظلثم والقهثر أصثبح بالمكثان أن يسثلك الجيثش مسثلكا مختلفثا. ونرى فى المثلة القريبة المحيطة بنا رفض الجيش فى مصر وتونس المتثال للوامثر بقمثع الثثورة ،بينمثا نثرى المثلثة المعاكسثة الثتى اسثتخدم فيهثا النظثام الجيش فى معركته الخيرة ضد الثوار فى إيران 1979وفى ليبيا حاليا. وبثثرز طثثابع المجلثثس العسثثكرى كمؤسسثثة محافظثثة مباشثثرة بعثثد الطاحة بمبارك ،رغم قوله أنه يتبنى أهداف الثورة ،بأنه عمليا ما مؤداه أنه ل يثرى ضثرورة لتحقيثق أى مثن الهثداف الخثرى حثتى حثل مجلسثى الشثعب والشثورى حيثث أعلثن فثى 12فبراير أنه فقط سوف يقتصر على إسقاط العضثاء الثذين تصثدر أحكثام بإبطثال عضثويتهم .إل أن المجلثس قثام بتحقيثق هثذا الهثدف الثثانى للثثورة ،حثل مجلسثى الشثعب والشثورى ،فثى اليثوم التثالى ) الحد 12فبراير( .وبالمثل رفض المجلس العسكرى تحقيق الهدف الثالث بإقالة وزارة أحمد شفيق التى حلفت اليمين أمام حسنى مبارك حتى تصاعد الضغط ووصل إلى التهديد بجمعة مليونية تنتهى باعتصام فى ميدان التحرير فاسثتبق المجلثس المليونيثة بيثوم واحثد وأعلثن يثوم الخميثس 3مارس إقالة وزارة شفيق. أما المطلب الرابع للثورة ،حل جهاز مباحث أمن الدولة فقد استغرق أربعثة أسثابيع وأحثداث جسثيمة حثتى تحقثق :فقثد دأبثت قثوى الثثورة منثذ اليثوم الول لنجاحها من التحذير من الثورة المضادة بينما أنكر المجلس العسكرى تماما حتى وجودها! وفى الممارسة الفعلية اتضحت خطورة الثورة المضادة عندما استمر وزير الداخلية فى وزارة أحمد شفيق ،محمود وجدي ،فى تكتيك التفريثغ المنثى الثذى اتبعثه سثلفه حثبيب العثادلى ورفثض نثزول الشثرطة رغثم تثدهور الحالثة المنيثة .وتثرددت أنبثاء عثن محاولثة انقلب بقيثادة قثائد الحثرس الجمهورى لعادة النظام القديم .ساعتها فقط أعلن رئيس الوزراء والمجلس العسثكرى عثن وجثود ثثورة مضثادة ،وعثن نثزول الشثرطة للشثارع فثورا ،وعثن حل جهاز مباحث أمن الدولة ووضع مقراته تحت سيطرة الجيش مؤقتا. إل أن أهثم السثمات المحافظثة لقيثادة المجلثس العسثكرى للبلد هثى خطته السريعة لما يسمى بعودة الجيش إلى مهامه بعد استعادة النظام عن طريثق عمثل تعثديلت دسثتورية خلل عشثرة أيثام ،وإقرارهثا فثورا عثن طريثق 24
اسثتفتاء شثعبى ،ثثم عمثل انتخابثات مجلسثى شثعب وشثورى جديثدين خلل شهرين )تم مدهم إلى ستة أشهر حتى سبتمبر القادم( وانتخاب مائة من بين أعضثثائهم للعمثثل كجمعيثثة تأسيسثثية تضثثع دسثثتورا جديثثدا ،وانتخثثاب رئيثثس للجمهوريثة قثالوا أخيثرا أنثه لثن يتثم إل بعثد إقثرار الدسثتور الجديثد .إن السثراع الشثديد بالخطثة علثى هثذا النحثو ل يمكثن أن تكثون لثه مثن نتيجثة سثوى سثيادة القثوى المحافظثة الجثاهزة علثى مجلثس الشثعب الجديثد وبثروز طابعهثا فثى الدستور الجديد ،وحرمان القوى الثورية الجديدة من الحصول على التمثيل اللئق لحداثثثة عهثثدها خصوصثثا ولثثم يتثثم بعثثد تقنيثثن الحريثثات الديمقراطيثثة الضرورية لبروز وازدهار تلك القوى الجديدة من حرية أحزاب حقيقية وحقوق التعبير والتنظيم .وأهم تلك القوى المحافظة المستفيدة من تكتيك السراع باستعادة النظام بأسرع ما يمكن هى فلول الحزب الوطنى كقيادات تقليدية وذات عصبيات ونفوذ فى دوائرها ،وكذلك الخوان المسلمين. ويهمنثا هنثا أن نثبرز منطثق المثر الواقثع الثذى ينتصثر حثتى علثى خطثط المحثافظين :فقثد تجمعثت القثوى المحافظثة فثى السثتفتاء علثى الدسثتور للتصثثويت بنعثثم ،ونجحثثت فثثى حشثثد الشثثعب وراءهثثا بثثالبتزاز بالسثثتقرار، وبثالخطر علثى السثلم مثن خلل المثادة الثانيثة فثى الدسثتور ،وبخطثر الفثراغ الدسثتورى وأهميثة عثودة البلثد للحالثة الطبيعيثة بسثرعة .وصثوتت كثل قثوى التغيير الثورى بل بناء على رفض ترقيع الدستور وإعطاء شرعية لبقية مواده الثتى تعطثى لرئيثس الجمهوريثة سثلطات ملثك ،وأهميثة العمثل علثى تحقيثق مطلب الثورة فى دستور جديد يمثل نظاما جديدا لمجتمع جديد بعد الثورة. ورغثم أن الجابثة بنعثم حظيثت بأغلبيثة ثلثثة أربثاع المصثوتين تقريبثا ،إل أن التصثويت بل هثو الثذى نجثح! فقثد وجثد المجلثس العسثكرى نفسثة فثى مثأزق دسثتورى بعثد التصثويت الثذى أقثر الدسثتور بعثد التعثديل حيثث يصثبح وضثع المجلس غير دستورى والمفروض أن يرأس البلد رئيس المحكمة الدستورية العليا! وتصحيحا لهذا الخطأ لم يجد المجلس العسكرى غضاضة فى أنه رغم لجوئه للشعب فى تعديل 9مواد إل أنه ألغى دستورا كامل من أكثر من مائتى مادة وأقر دستورا جديدا مؤقتا دون استفتاء! وفثى سثياق محاولثة المجلثس العسثكرى لسثتعادة السثتقرار بأسثرع وقثت أخثذ فثى تصثعيد إجثراءات "النضثباط" حيثث أقثر قثوانين منثع العتصثام والتظاهر وقانون البلطجة الذى أعلن فى الصحف أنه سوف يطبقه على من يخترقون حظر التجول أو النضباط بمحاكمتهم أمام محاكم عسكرية ل تقبل السثتئناف وتعطثى أحكامثا مشثددة بثالحبس )وهثو مثالم يجثرؤ مبثارك نفسثه علثى إعلنثه!( .وتبثع هثذا بالفعثل بتطثبيقه علثى طلب جامعثة أخثذوا أحكامثا بالسثجن باعتبثارهم بلطجيثة ،كمثا قثامت الشثرطة العسثكرية فثى غيثر حالثة أبرزهثا عنثد فثض اعتصثام ميثدان التحريثر بثالقوة بتعثذيب المعتقليثن وانتهثاك المعتقلت. 25
إن التعامل مع المجلس العسكرى ل يمكن أن يكون بالصمت على تلك النتهاكثات ول بثالقبول بهثذا التكتيثك الثذى يجهثض الثثورة .ولكثن ليثس البثديل التعامثل مثع المجلثس العسثكرى كعثدو –ليثس فقثط لثدوره فثى إنجثاح الثثورة بثدون ضثريبة كثالتى تثدفع الن فثى ليبيثا ،ولكثن أيضثا لن الشثعارات لبثد وأن تضثع فثى حسثابها وزن الشثارع ومثوقفه .والسثتمرار فثى موقثف الضثغط مثن أجل تحقيق مطالب الثورة ورفض أشكال الستبداد وتقييد الحرية ،مع نقد – وليس تخوين أو إسقاط -المجلس العسكرى هو العلقة المعقدة المطلوبة، بثثالطبع مثثع الحثثرص علثثى بنثثاء قاعثثدة ذلثثك الضثثغط جماهيريثثا وتوسثثيعها باستمرار ،والمثال الناجح على ذلك هو مظاهرات مليونية جمعة إنقاذ الثورة فى أول إبريل الحالى.
الخوان المسلمون يشكل الموقف من الخوان المسلمين ركنا هاما فى التكتيك الخاص بالمرحلثة الراهنثة .ول يجثب أن يغيثب عثن أذهاننثا أن الخثوان المسثلمين هثم جثثزء مثثن طبقثثة الرأسثثمالية الكثثبيرة ،وأنهثثم بعثثد أن انضثثموا فثثى البدايثثة لشعارات حركة كفاية التى جبهت كل المعارضة الحزبية معها عام 2005-2004 تحت شعار ل للتمديد ل للتوريث نجح نظام مبارك المأزوم وقتها فى تفكيك جبهثثة المعارضثثة وكسثثب الخثثوان لعثثدم معارضثثة التمديثثد لثثه ،بثثل ولعثثدم المعارضة لترشيح ابنه لو أراد فى مقابل صفقة تضمنت منحهم 88عضوا فى مجلس شعب .2010-2005ول يجب الخلط بين نفوذ الخوان فى الشارع وبين مثا حصثلوا عليثه مثن مقاعثد والثذى لثم يحصثلوا عليثه انتزاعثا مثن النظثام بثل بمثوافقته فثى إطثار الصثفقة .ولعثل أحثد أطثرف الدلثة علثى هثذا هثو رد مهثدى عثاكف وقتهثا فثى مثؤتمر صثحفى علثى أحثد الصثحفيين عنثدما سثأله كيثف نجثح فثى النتخابثات فثى دائرة فاراسثكور عضثوان أحثدهما عثن الحثزب الثوطنى ب 26ألف صوت والثانى عن الخوان بعشرة آلف صوت ،بينما تدل كل نتائج المراقثبين المحايثدين أن كثل مثن صثوتوا لثم يصثلوا إلثى مثائة صثوت ،فأجثاب مرشد الخوان " الملئكة صوتوا لنا"؟! وقد اعترف الخوان أنفسهم بالصفقة فيما بعد فى إطار نقد ذاتى أثناء النتخابات التالية عام .2010ولكن التحالف بين الخوان والحزب الوطنى انهار بعد شهور قلئل بسبب العرض العسكرى فى جامعة الزهر ،والذى غاب مغزاه عن الكثيرين .لقد استهدف الخوان من هذا العرض ،وفى ميزان القوى الجديد الذى بالغوا من تقديره حينما حصلوا على كل تلك المقاعد فى مجلس الشعب ،استهدفوا انتزاع العلنية وشرعية المر الواقع لتشكيلتهم شبه العسكرية وحريتهم فى استعراض لفنون القتال فثى الجامعثة .ولكثن النظثام الثذى عثانى مثن اغتيثال رئيسثه السثابق مثا كثان ليسمح بمثل هذا فأظهر لهم الجانب الخر من الصورة :بداية بملحقات أمنية عنيفثة واعتقثالت لزعمثاء الخثوان ومحاكمثات وأحكثام طويلثة بالسثجن أمثام محثاكم عسثكرية ومصثادرة لمثوال وشثركات خاصثة بهثم ،وتضثييق فثى كثل 26
المجثالت .ومثن المثثير للدهشثة كيثف اسثتجاب الخثوان لكثل ذلثك ،فقثد ظلثوا لكثثر مثن ثلث سثنوات يحثاولون خطثب ود النظثام مثن أجثل اسثتعادة جثو الصثفقة ثانيثة مثع النظثام .إل أن إصثرار النظثام علثى رفثض تلثك المحثاولت واستمرار الضطهاد والملحقات المنية والعتقالت دفع الخوان فى النهاية إلثى انتهثاج تكتيثك التجثبيه مثع المعارضثة والنفتثاح الواسثع عليهثا والمشثاركة معهثا فثى كثل النشثطة ضثد النظثام .حثدث هثذا قبثل مثا يقثرب مثن عثام مثن انتخابات مجلس الشعب عام .2010 وهكثذا أتثت ثثورة 25يناير فى مناخ تحالف الخوان مع المعارضة. ورفض الخوان المشاركة فى مظاهرات يوم 25يناير ،ثم فوجئوا بضخامتها وتأثيرهثا والثثر السثلبى لعثدم مشثاركتهم .ثثم قثرروا المشثاركة فثى مظثاهرة جمعثة الغضثب يثوم 28يناير ولكن بشعارات ل تصل إلى إسقاط النظام ،بل ورفضه ممثلوهم فى المظاهرات .ولكنهم أدركوا بنهاية ذلك اليوم أنهم أمام ثثثورة كاملثثة سثثقف مطالبهثثا هثثو الطاحثثة بالنظثثام ولثثديها الفرصثثة الفعليثثة لتحقيقثه فشثاركوا فيهثا مشثاركة كاملثة .حقثا إنهثم قبيثل انتصثار الثثورة بقليثل انفثردوا بالتكتيثك اليمينثى الموافثق علثى بثدء الحثوار مثع عمثر سثليمان نثائب الرئيثثس وبالتثثالى قبلثثوا أوليثثا بتخفيثثض سثثقف المطثثالب عثن جميثثع القثثوى الخثرى المشثاركة فثى الثثورة الثتى طثالبت برحيثل مبثارك ونثائبه ووزارتثه الخيرة ،إل أن كل ذلك فشل فى كسر تضامن الثورة ،واستمر الخوان فى العلن عن تمسكهم بمطالب الثورة كما استمروا فى الشتراك بدور قيادى فثى اعتصثام التحريثر .وانتهثت تلثك المرحلثة بتحقيثق مطلثب الثثورة المباشثر وسثقط الرئيثس ونثائبه .ومنثذ تحقيثق الهثدف المباشثر الول للثثورة والخثوان يلعبثون تكثتيكهم الخثاص علثى الثوجهين :فهثم يعلنثون عثدم انفصثالهم عثن المعارضثة ،بينمثا يواصثلون التنسثيق مثع المجلثس العسثكرى ويناصثرونه فثى تكتيك السراع " بإعادة الستقرار" فهم قوة جاهزة ومستفيدة من ذلك فضل عثثن أنهثثم بحكثثم انتمثثائهم الطبقثثى ليسثثوا مسثثتفيدين مثثن جثثوانب العدالثثة الجتماعية فى التجربة الديمقراطية بتحقيق حد أدنى آدمى للجور وتحقيق أسثثس ديمقراطيثثة حقيقيثثة .وهكثثذا تضثثامنوا مثثع المجلثثس العسثثكرى فثثى التصويت بنعم على الستفتاء ضد إجماع المعارضة ،بل وشاركوا فى عدد من المناسبات غير القليلة مع السلفيين فى قمع رموز الداعين للتصويت بل ،مع استخدام الدين لتبشير المصوتين بل بأنهم من حزب النار! والموقف من الخوان لبد وأن يكون موقفا مركبا ،بقدر ما من التماثل مع الموقف من المجلس العسكرى ،فمع القرار بطبيعتهم الطبقية وما تمليه مثن حثدود لحركتهثم فثإن انتقثاد سثلوكياتهم المنحثازة لتحجيثم الثثورة والضثغط المتواصل سوف تكون له نتائج إيجابية ليس أقلها أن تلك الفترة قد شهدت انقسثاما عميقثا بينهثم بتأسثيس حثزب منهثم ضثد توجهثاتهم اليمينيثة واتجثاه شثباب الخثوان للنفصثال عنهثم .وقثد أوضثح نجثاح مظثاهرة يثوم جمعثة إنقثاذ 27
الثثورة رغثم رفثض الخثوان المشثاركة فيهثا حثدود حجمهثم الحقيقثى ،ممثا دفثع ممثلهثم لسثتباق القثول بثأنهم متواجثدون فثى الجمعثة التاليثة لتحقيثق بثاقى أهداف الثورة باعتبارهم من المشاركين فيها منذ البداية والمتبنين لهدافها!
المستقبل عند النظر إلى المستقبل لبد وأن نرى فى القلب أهداف الثورة التى لم تتحقق بعد .وأهداف الثورة تشمل الهدم والبناء ،هدم النظام القديم وبناء النظثام الجديثد .وهثدم النظثام القثديم لم يتحقثق فيثه عناصثر هامثة تتعلثق بحثل الحزب الوطنى ومحاكمة قادة ورموز الفساد مثل رئيس الجمهورية وأسرته وطثاقم الحثزب الثوطنى القيثادى والمشثترك فثى التربثح مثن فسثاد الفثترة السابقة )سرور وعزمى والشريف وغيرهم( .كذلك لم يتحقق حل المحليات وحثل اتحثاد العمثال وغيثره مثن أجهثزة الثثورة المضثادة .أمثا جثانب البنثاء فلثم يتحقق فيه شيى باستثناء عزل بعض القيادات الفاسدة مع بقاء الكثير منها! إن إبثراز المطثالب الحاكمثة للثثورة فثى الفثترة الراهنثة يحتثل أهميثة شديدة ،وعلى رأس تلك المطالب هيكل جديد للجور يحقق حدا أدنى آدميا للجثور ،وحثدا أقصثى ل يزيثد عثن 15أو 20ضعفا للحد الدنى ،وتقليص الجور المتغيرة إلى مال يزيد عن %20من الجور مع وقف المتيازات العينية المبالغ فيهثا لمناصثب الدارة العليثا مثن سثيارات وخلفثه .كمثا وأن زيثادة المثوارد مثن أجثل تحقيثق تلثك المطثالب لبثد وأن تتضثمن إقثرار قثانون الضثريبة التصثاعدية على الدخل. كمثا أن أهثم المطثالب العاجلثة هثى تحقيثق حريثات التعثبير مثن حثق الجتمثاع والتظثاهر السثلمى وحريثة إصثدار الصثحف والمطبوعثات .أمثا حثق التنظيم فيجب أن يلقى عناية خاصة :فحرية التنظيم الحزبى والنقابى المهنى والعمثالى والهلثى )الجمعيثات( فيجثب أن تتحقثق بثإقرار التأسثيس بالخطثار وليس بالذن المسبق )وبالقطع ليس مثل قانون الحزاب الجديد الذى يدعى أنثه بالخطثار بينمثا هثو فثى الحقيقثة بثالذن المسثبق( مثع تيسثير بعثض شثروط القثثرار وتعسثثير بعضثثها الخثثر مثثثل شثثرط الخمسثثة آلف عضثثو مثثع نشثثر اسمائهم جميعا فى جريدتين يوميتين بما يساوى مليون جنية!!( .ول يجب أن نقتصثثر علثثى المطالبثثة بحثثق التنظيثثم ،بثثل يجثثب أول ممارسثثته بالتواصثثل المتواصل مع الجماهير وثانيا انتزاعه فى الواقع مع استمرار النضال من أجل تقنينه بقوانين أو بمراسيم بقوانين. أما بالنسبة لمستقبل النظام السياسى فلبد من المطالبة بعدم وضع العربثة أمثام الحصثان فثى مسثألة النتخابثات البرلمانيثة والرئاسثية وتعثديل الدستور :فإن مطالبة الثورة بإسقاط النظام القديم وإنشاء نظام جديد تعنى دسثثتورا جديثثدا قبثثل أى انتخابثثات فمثثا الدسثثتور سثثوى النظثثام الساسثثى للمجتمثع ،وأى انتخابثات تصثبح عديمثة المعنثى حينمثا ل تملثك دسثتورا يحثدد 28
تفصثيليا مثا هثى حقثوق الشثعب وحريثاته ،ودور الرئيثس وهثل هثو مجثرد دور شرفى فى دولة برلمانية أم إنه هو رأس السلطة التنفيذية فى دولة رئاسية، كمثا ل تملثك معنثى إل بعثد أن يحثدد الدسثتور هثل نريثد سثلطة تشثريعية مثن مجلس واحد أم من مجلسين )وهى حاليا أقرب لواحد ونصف حيث مجلس الشورى يمارس بعض السلطات التشريعية ولكنه ل يرقى لمجلس تشريعى كامثل!( .فثالمطلب الساسثى هثو تأجيثل انتخابثات مجلثس الشثعب وانتخثاب جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا يتم على أساسه انتخابات لمجس شعب ورئيثثس جمهوريثثة ذوى صثثلحيات متفثثق عليهثثا سثثلفا ،مثثع إعطثثاء الثثوقت والفرصثة والمجثال لتبلثور قثوى الثثورة وقثوى التغييثر الجديثدة وليثس السثراع بتولى القوى القديمة الجاهزة لمقاليد المور حتى تستقر فى يد فلول الحزب الوطنى والقيادات التقليدية والخوان المسلمين! إن الركيثثزة الساسثثية الثثتى يجثثب الرتكثثاز عليهثثا هثى رصثثيد المثثزاج الثثورى للجمثاهير الثتى ترفثض أن تعثود للظلثم والسثتعباد كمثا فثى السثابق شثرط اسثتمرار التواصثل معهثا وتعميثق ذلثك التواصثل وتنظيمهثا مثن أجثل تحقيق أهدافها.
29
الثورة والهدم والبناء بعثد مضثى عشثرة أسثابيع علثى نجثاح الثثورة فثى تحقيثق هثدفها البثارز بالطاحثة بمبثارك فثى الحثادى عشثر مثن فثبراير يهمنثا أن نتتبثع مسثار الثثورة، نجاحاتها وقصوراتها ومنطقها الداخلى حتى نستشرف اتجاه تطويرها ومهامنا فى عملية التطوير. والثثورة ليسثت مجثرد مطالبثة بتغييثر الحثزب الحثاكم أو بإلغثاء القثوانين المقيدة للحريات ،فالثورة بحق هى " إسقاط النظام القديم" بأكمله ،بالطبع مثن أجثل بنثاء نظثام ثثورى جديثد علثى أنقاضثه .وتهثدف الثثورة الحاليثة كثثورة سياسثية إلثى القضثاء علثى النظثام السياسثى السثتبدادى وأشثكال الظلثم الصثارخ وإقامثة نظثام ديمقراطثى علثى أنقاضثه ،حيثث تشثتمل الديمقراطيثة بثالطبع ليثس فقثط علثى أحثزاب رسثمية وتثداول للسثلطة ولكثن أيضثا علثى حريثات التعثبير الشثعبية بمثا فيهثا حقثوق الجتمثاع والتظثاهر والضثراب ،كمثا تشثمل علثى البرامثج المطلبيثة فثى الجثور المنصثفة والخثدمات الجتماعيثة المختلفثة مثن تعليثم وصثحة ومعاشثات وإسثكان ومرافثق وخثدمات .كمثا تفتثح الثثورة البثواب للتطثوير وتحقيثق المطثالب الجذريثة الجماهيريثة فثى العدالثة الجتماعيثة الحقثة وبنثاء أسثس السثتقلل الثوطنى النثاجز وتحقيقثه .إن تراكثم السثخط كالبركثان مثن اسثتبداد النظثام وفسثاده وتبلثور الفقثر المثدقع واسثع النطثاق فثى ناحيثة والثثراء المسثف فثى ناحيثة أخثرى ،والمهانثة الثتى أوصثل النظثام القثديم بلدنثا إليهثا هثى أسثاس النفجثار الثثورى الثذى انطلثق مخزونثه بطثول البلد وعرضثها حثتى لثم يثترك محافظثة واحثدة لثم تنطلثق فيهثا الثثورة حثتى الثوادى الجديثد والبحثر الحمثر وسثيناء ،وخثرج الملييثن للشثارع حثتى بلثغ عثثددها فثثى أكثثبر تظاهراتهثثا مثثا بيثثن 12و 15مليونا من المواطنين ،وظهر المعثدن الصثيل لهثذا الشثعب فثى روح التضثحية و الصثرار علثى تحقيثق هثدفه رغم ما يقرب من ألف شهيد وحوالى ستة آلف وخمسمائة جريح منهم أكثر من ألف ومائتين ممن أصيبوا فى أعينهم وأغلبهم فقدوا بصرهم! والسثمة الساسثية الثتى لحظناهثا سثابقا هثى أن رفثض الجيثش القيثام بذبح الثورة وتخليه عن الرئيس مبارك فى سبيل ذلك هو ما سهل إنجاز هدف الطاحثة الناجحثة بثرأس النظثام .ولكثن هثذا مثن ناحيثة أخثرى هثو مثا أعطثى المجلثس العسثكرى سثلطات واسثعة بينمثا هثو فثى الواقثع جثزء مثن النظثام القثديم .لقثد عمثل المجلثس العسثكرى علثى تكتيثك اسثتعادة النظثام بأسثرع طريقة ممكنة )تكتيك إنجاز التعديلت الدستورية فى عشرة أيام والستفتاء عليهثا وإجثراء النتخابثات التشثريعية خلل شثهرين –تثم مثدهم بعثدها إلثى سثتة أشهر -والنتخابات الرئاسية خلل أقل من ستة أشهر حتى يتمكن الجيش من 30
العثثودة إلثثى الثكنثثات!( وبثثالطبع فهثثذا هثثو تكتيثثك أقثثل التغييثثرات الممكنثثة، وصاحب هذا التكتيك نوع من التفاق غير المعلن مع الخوان المسلمين كقوة محافظة أيضا ومستفيدة من تحجيم المد الثورى لستعادة النظام بعد بعض التحسثثينات الضثثرورية! ولكثثن هنثثاك مشثثكلتان أساسثثيتان لنجثثاز مثثثل هثثذا التكتيك: الوللى أن مقاومة النظام القديم الشرسة والرغبة فى استعادة الوضاع القديمثة بحثذافيرها ورموزهثا وامتيازاتهثا ،وتثأمين الثثروات المنهوبثة مثن خطثر المحاكمثات واسثتعادة مثا نهثب ل يمكثن أن تستسثلم بسثهولة لتحجيمهثا وتثرك المثور تسثير فثى اتجثاه إعثادة السثتقرار علثى حسثاب امتيازاتهثا بثل وعلثى حساب أمانها الشخصى. والثانيللة أن الشعب الثائر ومزاجه الثورى لم يخرج ويقدم كل تلك التضثحيات مثن أجثل مجثرد بعثض التحسثينات فثى النظثام القثديم ،فهثدفه هثو هدم النظام القديم الفاسد المستبد من أجل بناء نظام ديمقراطى جديد ليس فيه كل هذا القدر من الستغلل والتمايز والمهانة. والحقيقثة هثى أن الشثعب الثثائر والنظثام القثديم همثا طرفثا التنثاقض الرئيسثيان ،همثا اللعبثان الساسثيان علثى السثاحة ،ومثا يحثدد المسثتقبل هثو أساسثا ميثزان القثوى بيثن هثذين الطرفيثن .إن بثاقى القثوى مثثل المجلثس العسثكرى ومختلثف القثوى السياسثية سثواء الليبراليثة أو الدينيثة أو التقدميثة، ناهيك عن القوى الخارجية العربية والدولية المتعددة تمتلك بالطبع تأثيرا هاما على الساحة وتشارك فى تحديد ميزان القوى فى المجتمع .إل أن التمييز بين أطراف التناقض الساسية وبين الطراف المؤثرة الخرى ،والحساب الدقيق لميثزان القثوى بينهثا جميعثا هثو مثا يمكننثا مثن التحديثد الثدقيق لوسثائل تطثوير الثورة. وبعد تحقيق هدف الطاحة بمبارك ) 11فبراير( وحل مجلسى الشعب والشورى ) 13فبراير( تلكأ المجلس العسكرى فى تحقيق أى مطالب أخرى وحثثاول اسثثتعادة النظثثام والهثثدوء وناشثثد الشثثعب التخلثثى عثثن "المطثثالب الفئوية" و"التوقف عن الحتجاجات" و"العودة للعمل" ولكن إصرار الشعب على مواصلة طريق الثورة هو ما قاد إلى مليونية الجمعة الثالثة بعد الطاحة بمبثارك والتهديثد بالعتصثام فثى ميثدان التحريثر حثتى ظفثر بتحقيثق مطلثب الطاحثة بحكومثة شثفيق الثتى حلفثت اليميثن أمثام الرئيثس المخلثوع حسثنى مبارك! ورغثم تحثذير الثثوار مثن أول يثوم لنجثاح الثثورة مثن الثثورة المضثادة والمطالبة بحل مؤسساتها مثل الحزب الوطنى ومباحث أمن الدولة وغيرها فقثد أنكثر المجلثس العسثكرى أصثل وجثود مثا يسثمى بثالثورة المضثادة .ولكثن 31
الثورة المضادة الضخمة استمرت فى مؤامراتها من أجل عودة الثورة للوراء واسثتعادة السثلطة :وتمثثل تكتيكهثا فثى مواصثلة وزارة الداخليثة تحثت قيثادة محمثود وجثدى لسياسثة التفريثغ المنثى ورفثض نثزول الشثرطة إلثى الشثارع. كما تمثل تكتيك الثورة المضادة أيضا فى إثارة القوى السلفية والرجعية ضد الثورة بزعم الدفاع عن السلم المتمثل فى الحفاظ على المادة الثانية من الدسثثتور .وهكثثذا اسثثتمرت تكتيكثثات البلطجثثة ،وتعثثبئة قثثوى البلطجيثثة فثثى جماعات منظمة تعد باللف الكثيرة من خلل العضاء القياديين فى مجلس الشثعب ومثن خلل مبثاحث أمثن الدولثة ،ومثن خلل اتحثاد العمثال مثن أجثل الثدفع بهثم كمجموعثات فثى أحثداث عنثف أو فتنثة طائفيثة أو مثن خلل الثدفع الجماعى بهم فى لحظات صفرية لعادة الوضاع إلى قديمها .يضاف إلى هذا مثا أعلثن –رغثم نفيثه لحقثا -عثن محاولثة انقلب عسثكرى مثن خلل حثرس رئاسثثة الجمهوريثثة .وكثثان مثثن الواضثثح أن قيثثادة الثثثورة المضثثادة فثثى يثثد مؤسسات مثل مباحث أمن الدولة والحزب الوطنى واتحاد العمال ،وفى يد كبار رجالت النظام مثل فتحى سرور وزكريا عزمى وصفوت الشريف وكان كبار القادة الممولين هم رموزالحزب الوطنى مثل إبراهيم كامل وأبو العينين وغيرهثم .وبثالطبع ليثس كثل هثذا ببعيثد عثن "القثادة الكبثار" حسثنى وجمثال مبارك! وأتثى الدراك المتثأخر للمجلثس العسثكرى فثى صثورة أحثداث عشثية وصثبيحة الجمعثة الرابعثة للثثورة والمتمثلثة فثى إجبثار الشثرطة علثى النثزول للشثارع لسثتعادة المثن وحثل جهثاز مبثاحث أمثن الدولثة وسثيطرة القثوات المسلحة على مقاره. أمثا المسثاك بناصثية وقيثادات الثثورة المضثادة مثن أجثل تثأمين الثثورة فقثد اقتضثى قثدرا هثائل مثن الجهثد مثن الشثعب الثثائر وكثل قثواه الواعيثة :لقثد أتثت مظثاهرات التحريثر الضثخمة فثى جمعثة التطهيثر ،الجمعثة السثابعة بعثد الطاحثة بمبثارك فثى الول مثن إبريثل كإنثذار قثوى ،ونجحثت نجاحثا بثاهرا رغثم عثثدم مشثثاركة الخثثوان المسثثلمين فيهثثا فثثى صثثفقة واضثثحة مثثع المجلثثس العسكرى لوقف تقدم الثورة والسراع باستعادة "النظام" .وأسس نجاح تلك الجمعة للتحضير للجمعة التالية ،جمعة التطهير الثانية فى الثامن من إبريل، الجمعثة الثامنثة للثثورة مثع التهديثد بإنهائهثا باعتصثام فثى ميثدان التحريثر إذا لثم يتثم القبثض علثى رمثوز وقيثادات الفسثاد الكثبيرة وعلثى رأسثها الرئيثس ونجلثه ورجثاله الكبثار عزمثى وسثرور والشثريف وغيرهثم .وعلثى غثرار كثل مليونيثة كثبيرة تثأتى التنثازلت عشثيتها ،وصثبيحتها وفثى أعقابهثا :فقثد تحقثق أخيثرا بعثد ثمانى أسابيع من الثورة وبعد كل هذا النضال الشعبى الباسل هدف اعتقال القثثادة الكبثثار والمثثؤثرين والتحقيثثق معهثثم :مبثثارك الب والبنثثان وعزمثثى وصفوت وسرور ونظيف والبقية تأتى! 32
إن منطق تطور الحداث يبين أنه رغم عدم وجود قيادة موحدة للثورة أو حثزب يلعثب دورا بثارزا فثى القيثادة إل أن نضثج وارتفثاع الثوعى الجمثاهيرى ) شامل مختلف القيادات الموجودة( يلعب دورا هاما فى تحديد الحلقة الحاكمثة فثى كثل لحظثة مثن أجثل تطثوير النضثال لسثتكمال مهثام الثثورة .وإن نظرة واحدة على المتحقق حتى الن تكفى لرؤية هذا التطور ،كما وتساعد علثى تحديثد مهثام الفثترة القادمثة .إن مهمثة الثثورة الثتى تتلخثص فثى الهثدم والبنثاء ،هثدم النظثام القثديم وإقامثة نظثام ديمقراطثى علثى أنقاضثه لبثد وأن تتجاوز نفسها فى كل لحظة فل يمكن الوقوف ،وعدم التقدم معناه التراجع! والثثورة حثتى الن حققثت القسثم الساسثى مثن مهمثة هثدم هياكثل رئيسثية للنظثام القثديم ممثلثة فثى الموقثف مثن الحثزب الثوطنى ومجلسثى الشثعب والشثورى ومبثاحث أمثن الدولثة وغيرهثا .كمثا حققثت إنجثازا ضثخما باعتقال ومحاكمة القيادات الساسية للنظام القديم فيما عرف بمقر حكومة نظيثف فثى سثجن طثرة .ويثأتى اعتقثال حسثين مجثاور رئيثس اتحثاد العمثال كمكسثب ومقدمة ضرورية لحل اتحاد مبثارك الثذى أتى بالتزوير والذى لعب دورا نشطا فى الثورة المضادة. ومثن هنثا لبثد مثن الحثديث عثن شثق البنثاء! حقثا إن شثق هثدم النظثام القثديم ينتظثر الكثثير :فحركثة المحثافظين الخيثرة لثم تخثرج عثن السياسثة القديمثثة فثثى تحديثثد "كوتثثة" للجهثثات الربثثع الكلسثثيكية فثثى كثثل حركثثة محثافظين ،وهثم الجيثش والشثرطة والقضثاء وعمثداء الجامعثات السثابقين. ومثثازالت المجثثالس المحليثثة الفاسثثدة فثثى معظمهثثا والثثتى تعتثثبر البنثثاء الشرعيين للحزب الوطنى المنحل ،ما تزال فى مكانها .وكل هذا بعيد بالطبع عثثن تحقيثثق مطلثثب ديمقراطثثى هثثام بتغييثثر قثثانون المحليثثات وانتخثثاب المحافظين ورؤساء مجالس المدن وعمد القرى وكل المجالس المحلية! ولكن هذا يوضح تشابك مهام الهدم مع البناء ،فالمر ليس مجرد إقالة محافظ قادم من منصب من مناصب الشرطة وساهم فى قمع الثورة ،ولكن الهام هو فى وضع أساس ديمقراطى لنتخاب كل محافظ وكل قيادة محلية هامة. إل أنثه مثن الهثام جثدا الن الحثديث عثن شثق البنثاء فثى الثثورة ،إقامثة نظثام جديثد يحقثق أهثداف الجمثاهير فثى الثثورة .وبنثاء النظثام الجديثد يشثمل بنلاء النظلام السياسلى على أسس ديمقراطية تبدأ بدستور ديمقراطى تضثثعه جمعيثثة تأسيسثثية منتخبثثة مباشثثرة ،وليثثس علثثى مرحلثثتين مثثن خلل انتخاب مجلس شعب ومجلس شورى ل لزوم له ثم اختيار لجنة من داخلهم لوضع دستور .إن الدستور هو النظام الساسى للمجتمع ،وهو الب الشرعى لكل القوانين ،وأول ما يحدده الدستور هو حقوق الشعب التى يضمنها النظام فثى الديمقراطيثة وفثى الحيثاة الكريمثة شثاملة حثق الشثعب فثى أجثور عادلثة 33
وخثثدمات أساسثثية مثثثل التعليثثم والصثثحة وحقثثوق فثثى السثثكان والمرافثثق والخدمات .كما أن الدستور هو ما يحدد النظام الساسى للمجتمع ،فيقضى علثى الدسثتور السثتبدادى القثديم الثذى اعطثى لرئيثس الجمهوريثة سثلطات ملثك غيثر متثوج ،ويحثدد مثا إذا كثان النظثام الجديثد الثذى سثيتفق عليثه الشثعب نظامثا رئاسثيا يجعثل رئيثس الجمهوريثة رئيسثا للسثلطة التنفيذيثة )ومسثئول بالطبع عن ذلك وفقا لمبدأ التوازن بين مختلف السلطات( أم نظاما برلمانيا يجعل منصب رئيس الجمهورية شرفيا وتتركز السلطة التنفيذية فى يد رئيس الثوزراء المنتخثب والثوزارة الثتى تمثثل الحثزب أو تحثالف الحثزاب الثذى فثاز بأغلبية مقاعد البرلمان .ويحدد الدستور بوضوح مبادئ العلقة بين السلطات، وأسس استقلل السلطة القضائية وعدم رئاسة أو تحكم عضو سلطة تنفيذية فى القضاه سواء كان وزير العدل أم رئيس الجمهورية الذى كان فى النظام السابق رئيس المجلس العلى للقضاء. كما يشمل بناء النظام الجديد أيضا بناء نظام اقتصادى يقوم على أولويثة حقثوق المثواطنين .ومثن أهثم أولويثات النظثام القتصثادى الجديثد بنثاء هيكل جديد للجور بحد أدنى يكفى للمعيشة الكريمة ،وحد أقصى ل يزيد عن عشثرين ضثعفا للحثد الدنثى –ليثس فقثط لتثوفير تمويثل لزيثادة الجثور ولكثن أيضثثا لمقاومثثة الفسثثاد والفسثثاد المتعلثثق بالمرتبثثات والمتيثثازات العينيثثة الخرافية للدارة العليا! ول ننسى بالطبع هدف ربط الجور بالسعار للحتفاظ بالقيمثة الشثرائية الثابتثة للجثور وهثو مثا يضثع علثى الحكومثة عثبئا إضثافيا بثالتحكم فثى السثعار مثن خلل مقاومثة الحتكثار والعثودة أحيانثا للتسثعيرة الجبرية وموازنة السوق ضد التجار المستغلين من خلل العودة لمنافذ توزيع تعاونية للسلع مثل الجمعيات التعاونية الستهلكية .إن تطوير الثورة ل يمكن أن يتثم ونحثن مثازال لثدينا ألثف موظثف عثام فثى الحكومثة يتقاضثى كثل منهثم أكثثر مثن مليثون جنيثة شثهريا ،أى أكثثر مثن أوبامثا شخصثيا الثذى يتقاضثى 400 ألف دولر سنويا ومن وزرائه الذى يتقاضى الفرد منهم 191ألف دولر سنويا )بما يعادل مائة ألف جنية مصرى شهريا!!!!( .وبالطبع لبد وأن نتوقع أن يقابل مثل ذلك المطلب العادل بمقاومة شرسة من بيروقراطية الدارة العليا فى الثثوزارات المسثثتفيدة مثثن تلثثك المكاسثثب! كمثثا يجثثب فثثى النظثثام الجديثثد العتماد على تمويل الدولة من ضرائب تصاعدية تصل فى حدودها القصوى إلى ما فوق %50من الرباح وليس %20كما هو الحال الن! ولعل الفترة الحالية ،فترة إعداد الموازنة العامة للدولة للعام المالى القثادم 2012-2011هى فترة شديدة الهمية لكى نكافح من أجل أن تنعكس الثورة على سياسة المالية العامة :ففى الميزانية السابقة لم تحظ الصحة إل بنصثيب ضثئيل ل يتجثاوز %4.5كما لم يتجاوز نصيب التعليم %9.8من النفاق الحكثومى .وكثان نصثيب السثد فثى الموازنثة مثن أجثل الداخليثة والثدفاع .ولمثا كثانت مقثررات قمثة اللفيثة الثتى ألقاهثا كثوفى عنثان تنثص علثى أن نصثيب 34
الصحة يجب أل يقل عن %15من النفاق الحكومى ،وقد تبنى القادة الفارقة فثثى إعلن أبوجثثا الصثثادر عثثام 2001هذا المطلب .هل ستعكس الميزانية القادمثة مثن ناحيثة أولويثات النفثاق اتجثاه الثثورة فثى مجثال هيكثل الجثور وأولويثة التنميثة وجناحاهثا التعليثم والصثحة أم سثتعكس دفثاع البيروقراطيثة وسثلطات المثن عثن امتيازاتهثا؟ مجثال هثام للنضثال وتطثويره مثن أجثل بنثاء النظام الثورى الجديد 23إبريل 2011
محمد حسن خليل
35
مسار ثورة 25يناير يوليو والستقطاب الثورى فى مصر مّثثل شثهر يوليثو الحثالى 2011تبلورا واستقطابا حادا فى المجتمع بين القثوى الثوريثة الداعيثة لسثتمرار الثثورة حثتى تحقيثق أهثدافها وبيثن القثوى المحافظثثة الداعيثثة للسثثتقرار أول ولثثترك الفرصثثة للمجلثثس العسثثكرى والحكومثة للصلح فى هثدوء .وعثبر تفاعثل القثوى الثوريثة والقثوى المحافظثة فثى المجتمثع طثوال الشثهر ،وهثو تفاعثل جثرى فثى الشثارع والعلم وبيثن الجمهثور والسثلطات والمسثئولين فى الحكومثة والمجلس العسثكرى ،تخطثو الثثورة خطثوتين للمثام وخطثوة للخلثف ،ولكثن قثوى الثثورة تملثك المسثتقبل بحكثم عدالثة قضثيتها وبحكثم أحقيتهثا التاريخيثة وبحكثم سثهر أبنائهثا وتفثانيهم الذى استمر طوال أيام الثورة ومازال متواصل حتى الن. الستقطاب بين القوى الثورية والمحافظة لقد رأت القوى الثورية أن مسار الحداث ل يحمل تفاؤل كبيرا بتحقيق مطالب الثورة :فمحاكمات المسئولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية تسير ببطء السلحفاة ،وأحيانا ل تسير على الطلق حيث لم يتم بعد التعرف على القناصة الذين قتلوا المتظاهرين ولم يتم تقديم قادة موقعة الجمل للقضاء أصثثل .وقثثوانين المجلثثس العسثثكرى تجثثرم الضثثرابات وأشثثكال الفعثثل الجمثاهيرى الثتى صثنعت الثثورة منثذ البداية ،بثل وتأتى بعقوبثات أكثر من تلك الثثتى كثثانت مفروضثثة فثثى عهثثد مبثثارك ومثالهثثا التوسثثع فثثى المحاكمثثات العسثكرية للمثدنيين .وأتثى مشثروع الموازنثة العامثة للدولثة فثى العثام المثالى الجديثد ) (2012-2011نسخة منقحة من موازنة ما قبل الثورة بكل سمات موازنثات يوسثف بطثرس غثالى مثن حيثث رفثض المسثاس بمميثزات الغنيثاء ) رفض الضرائب التصاعدية ،الرفض العملى لوضع حد أدنى لئق للجور، ورفثثض وضثثع حثثد أقصثثى للثثدخول ،أو لوقثثف الفسثثاد المثثالى المتمثثثل فثثى الصثناديق الخاصثة( مثع تحميثل الفقثراء كثل العبثاء وعثدم زيثادة الجثور إطلقثا والكتفثاء بزيثادة البثدلت للوصثول بالحثد الدنثى للجثر الشثامل إلثى مثا يثدور حول 700جنية ،أى ما يعادل نصف حد الفقر ،مع زيادات تافهة فى ميزانيات التعليم والصحة ورفض إعادة هيكلة الموازنة فى صالح الشعب وصالح ثورة حقيقية فى ميزانية الخدمات الساسية على حساب ميزانيات الشرطة مثل! ويوصم النضال من أجل الحقوق القتصادية والجتماعية بأنه "مطالب فئوية" متهمة بالنانية وقصر النظر وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة! لكثل هثذا قثررت قثوى الثثورة بعثد الكثثير مثن الثدعوات والبروفثات الحتجاجيثة ) كما فى احتجاجات 27مايو( الخروج إلى ميادين التحرير فى مظاهرات مليونيثة يثوم الجمعثة 8يوليو .تمثل هذا فى موقف ائتلفات شباب الثورة، 36
ومختلثف اتجاهثات القثوى العماليثة الشثعبية )وبثالطبع ليثس منهثا اتحثاد العمثال الرسمى الصفر( ومختلف القوى التقدمية ،ومعها الحزاب الليبرالية. أمثا القثوى المحافظثة فثى المجتمثع فقثد رأت أهميثة " السثتقرار أول" رافضثثة احتجاجثثات الثثوريين ودعثوتهم لسثتمرار النضثال مثن أجثل تحقيثثق أهثداف الثثورة .وصثورت الموضثوع وكثأنه خثروج علثى شثرعية اسثتفتاء 19 مثارس ،وأن واجبهثا هثو التصثويت لصثالح لمجلثس العسثكرى ضثد المنتقثدين، ووصمت الثوار بأنهم خارجون على إرادة الشعب وعلى الستفتاء .وصورت موضوع وضع مبادئ فوق دستورية وكأنه خروج على الشرعية .وقد بدا فى وقثت مثا أن التوافثق علثى إقثرار مبثادئ فثوق دسثتورية يمثثل حل وسثطا بيثن المنثادين بالدسثتور أول باعتبثاره النظثام الساسثى للمجتمثع الثذى يجثب أن يحثدد حقثوق الشثعب ونظثام الحكثم والعلقثة بيثن السثلطات ،وبيثن المنثادين بالنتخابات أول وبسرعة ،وهو ما يعطى الفرصة لتمكين القوى التقليدية بدءا مثن قثوى السثلم السياسثى وحثتى فلثول الحثزب الثوطنى مثن إحثراز أغلبيثة مقاعثد التمثيثل فثى البرلمثان القثادم ،وانعكثاس تلثك التركيبثة للبرلمثان علثى صثثياغة الدسثثتور الجديثثد .كمثثا ركثثزت تلثثك القثثوى المحافظثثة علثثى إبثثراز الفزاعثات القتصثادية والمنيثة ونشثر الشثائعات عثن قثرب النهيثار القتصثادى بسثثبب الحتجاجثثات ونشثثرت دعثثوات الثثتركيز علثثى أن مشثثاكلنا الن هثثى استمرار النتاج من أجل تحقيق مطالب الفئات المحتجة )فى المستقبل غير المعلوم عن طريق زيادة النتاج( بدل من الضراب والعتصام ،فى ترديد لما كثان يقثوله النظثام السثابق .كثأنهم ل يثدرون أن عجلثة النتثاج الثتى دارت قبثل الثورة ومازالت تدور بعدها من أجل طحن المنتجين الحقيقيين فى ظل أجور ل تصل إلى حد الفقر فى مقابل منح المتيازات الضخمة لموظفين بدون حد أقصى للجور الفلكية ومستثمرين بحد بالغ التواضع للضرائب على أرباحهم الخرافية. إل أن الحثثوار بيثثن الطرفيثثن لثثم يقتصثثر علثثى المنثثاظرة بيثثن رأييثثن سياسثيين ،إذ لجثأ بعثض أبثرز أنصثار التجثاه المحثافظ فثى المجتمثع ،أعنثى تيثارات السثلم السياسثى المختلفثة ،إلثى أسثلحة "محرمثة ديمقراطيثا" :فقثط اتهموا خصومهم من أنصار استمرار الثورة بأنهم خارجون عن الدين والملة! وصرح الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب العدالة والحرية )ما يسمى بالذراع السياسى لحركة الخوان المسلمين( بأن تلك الجمعة )جمعة 8يوليو( هثى جمعثة "الفثك"! بينمثا أطلثق محمثد سثليم العثوا ،مرشثح التيثار السثلمى لرئاسثثة الجمهوريثثة ،أطلثثق علثثى الثثثوار لقثثب "المثثارقين"! وهثثذا السثثلوك الفاشثى هثو مثا سثبق اللجثوء إليثه فثى السثتفتاء علثى المثواد المعدلثة فثى الدسثتور فثى 19مارس الماضى حينما لجأت دعاية الخوان والسلفيين إلى القثول بثأن مثن يصثوت بنعثم سثوف يثذهب للجنثة بينمثا مثن يصثوت بل سثوف يذهب إلى النار فى طبعة باهتة رديئة من بيع صكوك الغفران! 37
ولكثن التيثارات الدينيثة أيضثا تعلمثت كيثف تسثتفيد مثن أخطائهثا وتعثدل تكتيكاتها .لقد كانت البروفة الحقيقية لجمعة 8يوليو هى جمعة الغضب الثانية فى 27مايو .وطالب الثوريون وقتها بجمعة تستكمل مطالب الثورة وتطالب بمحاكمة علنية لرموز النظام وعلى رأسهم الرئيس المخلوع وعائلته ،ووضع دستور جديد ،وحل المحليات وانتخاب المحافظين ،وإقالة القيادات الرجعية ومنهثا نثائب رئيثس الثوزراء يحيثى الجمثل والثوزراء المحسثوبين علثى الحثزب الوطنى والعهد البائد مثل وزير المالية .وقاطع الخوان تلك الجمعة وسموها جمعثة القطيعثة .وصثرح اللثواء شثاهين عضثو المجلثس العسثكرى تعليقثا علثى المطثالب الثتى رفعثت بثأن "المطثالب ليثس فيهثا جديثد"؟! كمثا استشثرت التهديثدات والشثاعات قبيثل تلثك الجمعثة تتوعثد مثن ينثزل فيهثا بالويثل والثبثور وعظثائم المثور .إل أن هثذا لثم يمنثع مثن نجثاح الجمعثة وخثروج المحتجيثن فثى احتجاجثثات ضثثخمة فثثى ميثثدان التحريثثر بالقثثاهرة وكثثذلك فثثى السثثكندرية والسويس والمنصورة ودمياط والسماعيلية وبور سعيد وغيرها .وهذا ما دفع الخثوان للتصثريح بثأنهم مثع أهثداف تلثك الجمعثة وأنهثم سثوف يخرجثون مثع المتظاهرين فى الجمعة التالية ،وبأن عدم خروجهم فى تلك الجمعة ) 27مايو( ناتج عن "غياب التنسيق"؟! لهثذا عنثدما رأى الخثوان وكافثة التيثارات السثلفية المحافظثة أن كثل المؤشرات تشير إلى الحتمال الكبر هو نجاح جمعة 8يوليو سارعوا بإعلن أنهم سينضمون إليها قبل أقل من 48ساعة من تلك الجمعة ) مدعين أن هذا ناتثج فقثط عثن تغييثر اسثمها مثن جمعثة الدسثتور أول إلثى جمعثة الثثورة أول!(. وامتنع الخوان عن المشاركة فى العتصام الذى تل تلك الجمعة ،كما امتنعوا عثن المشثاركة فثى معظثم النشثطة التاليثة .ولكثن أحثداث الجمعثة القويثة ومثا تلها من اعتصام فى الميدان حتى تحقيق المطالب شكل ضغطا عنيفا على المجلثس العسثكرى قثرر أمثامه أنثه ل مفثر مثن تقثديم تنثازلت هامثة للثثوار، ولكثن لبثد مثن محاصثرة ميثولهم لزيثادة الضثغط مثن أجثل تحقيثق المزيثد مثن المطالب .وفى ظل هذا عاد العلم من تلفزيون وصحافة حكومية إلى نفس صثيغة العلم المثوجه حكوميثا أيثام مبثارك فثى تشثويه الثثوار والمعتصثمين، وتكرار الحديث عن أهمية الستقرار وغير هذا من حجج معسكر المحافظين. سلوك المجلس العسكرى لم يثر المجلس العسكرى على نظام مبارك بل كان أحد أركان النظام القثديم ،لكنثه وصثل إلثى السثلطة بفضثل امتنثاعه عثن التثدخل الواسثع لقمثع الثورة بالعنف .لهذا تبنى المجلس العسكرى الطاحة برموز وقيادات النظام القثديم مع الحفاظ على أكثثر قثدر ممكثن ذلثك النظثام .وكان تكتيثك المجلثس العسكرى هو تشكيل لجنة لتعديل الدستور خلل 10أيام ،وإجراء النتخابات لمجلثس الشثعب والشثورى خلل شثهرين بحيثث يتثم خلل سثتة أشثهر كحثد 38
أقصى تسليم البلد لنظام جديد ويعود الجيش للثكنات .ولكن تكتيك السراع باسثتعادة النظثام هثذا كثان يهثدف لسثتعادة القثوى التقليديثة الجثاهزة لتثولى السلطة وتقليص نفوذ القوى الثورية الجديدة وأثرها فى طبع النظام الجديد بطابعها .ومن المثلة الواضحة إصرار المجلس على عمل انتخابات لمجلس الشثورى رغثم رفثض الشثعب لثه ،ورغثم عثدم تحديثد موقثع ذلثك المجلثس الحقيقى من الكيان السياسى بين دعوة منشئة ،أنور السادات ،إلى تشكيله كمجلثس للعائلثة ،وحثتى إضثافة صثلحيات تشثريعية لثه فيمثا بعثد رغثم ضثخامة نسثبة التعييثن فيثه )الثلثث( ،وتسثميته –فثى الترجمثات الحكوميثة اِلنجليزيثة- بمجلثس شثيوخ بثدل مثن مجلثس شثورى الثتى تعنثى مجثرد مجلثس تشثاورى ) (Senate instead of consultative councilولكن تعرضت تلك الجداول الزمنية للتطويثل وزيثادة الجثال الزمنيثة المعلثن عنهثا أول تحثت ضثغط الشثعب وقثواه الثورية ،كما تعرضت خطة المجلس للتعديل بناء على الضغوط الشديدة من الثوار .وأصبح قانون الثورة منذ نجاح مرحلتها الولى بالطاحة بمبارك فى 11 فثبراير أنثه ل تحقيثق لمكاسثب جديثدة فثى حثل كيانثات النظثام القثديم وبنثاء نظثام يسثتجيب لمطثالب الثثوار إل بضثغوط شثعبية ضثخمة تتخثذ عثادة شثكل المظاهرات المليونية فى ميادين التحرير فى جميع أنحاء الجمهورية .بدا هذا واضثحا فثى مليونيثتى أول وآخثر السثبوع الرابثع للثثورة الثتى أطثاحت بثوزارة شثفيق الثتى ظثل المجلثس العسثكرى متمسثكا بهثا رغثم حلفانهثا اليميثن أمثام مبثارك وتشثكيلها مثن رجثال حزبثه .كمثا بثدا فثى مليونيثتى أول وآخثر السثبوع الثامن للثورة التى كسبت القبض على مبارك وأبنائه وكبار رجاله المقربين ) زكريا عزمى وصفوت الشريف وفتحى سرور( وتعديل ميزان القوى بين مجلثس الثوزراء وبيثن المجلثس العسثكرى لصثالح حريثات أكثبر فثى الحركثة لمجلس الوزراء القرب للتعبير عن رغبات التغيير .أما فيما تل ذلك فقد وقف المجلس بعنف ضد مزيد من التغيير .وظهر واضحا من وسائل العلم الحرب الخفيثة مثن قبثل المجلثس العسثكرى ضثد مطثالب التغييثر ،ورفثض المجلثس العسكرى لمطالب رئيس الوزراء بتغيير 7وزراء فى حكومته. وعندما تعرض المجلس العسكرى لصرار الثوار على تحقيق مطالبهم بجمعثة 8يوليو بدأ فى استخدام أسلحة لم يستخدمها من قبل ضد الثوار ،و توسع فى استخدام أسلحة وتحالفات أخرى جربها من قبل :فقد بدأ بإدانة ،بل وتخوين قوى ثورية مثلما اتهم حركة 6إبريل بأنها ممولة ومدربة فى الخارج، واتهم حركة كفاية بأنها حركة أجنبية منقولة من حركات فى تونس والسودان والغثرب بثدليل تشثابه السثم!! كمثا اتضثح جليثا وحثدة المواقثف والتحثالف فثى المواجهات العملية بين المجلس العسكرى والقوى الدينية المحافظة .ووصل المثر أيضثا إلثى البلطجيثة كمثا اتضثح فثى حثديث اللثواء الروينثى إلثى قنثاة الجزيرة مباشر قبيل مذبحة الجمل الثانية فى 23يوليو بساعتين حيث صرح للمثذيع بثأنه وردتثه معلومثات عثن خثروج المتظثاهرين مثن التحريثر متوجهثة للمجلثثس العسثثكرى وأن البلطجيثثة المسثثلحين بزجاجثثات الملوتثثوف فثثى 39
انتظارهم! وسأله المذيع بالطبع " ولماذا ل تقبضون على البلطجية؟" فارتبك اللواء حيث أفشى دون أن يقصد سر تواطئه معهم وقال أن سياسة المجلس العسكرى هى الوقوف على الحياد حتى ل يتهم باعتقال المواطنين؟! وجثاءت موقعثة الجمثل الثانيثة فثى 23يوليو كأبرز موقف لستخدام العنف ضد قوى الثورة بعد انتصار الثورة :فقد تضمنت استعدادات المجلس العسثكرى لهثا كمثا رأينثا اسثتخدام البلطجيثة أو علثى القثل التواطثؤ الواضثح معهم حيث كانوا يعرفون قبل الموقعة بساعات ما سيحدث وتركوا مسلحين بثالملوتوف والسثلحة البيضثاء ينتظثرون ويضثربون مظثاهرة رأى سثلمية .كمثا تضثمنت أيضثا تحريثض أهثل العباسثية ضثد المتظثاهرين ونشثر شثائعات عن أن الثوار قادمون فى مظاهرة للهجوم على المحلت والبيوت الخاصة بالسكان. وعندما قامت الشرطة العسكرية ومن ورائها المن المركزى بسد الطريق عنثثد العباسثثية بثثالقوات والسثثلك الشثثائكة حثثتى قثثدم المتظثثاهرون قثثام البلطجيثة بحصثارهم مثن الخلثف والهجثوم عليهثم بالسثيوف والسثنج والطثوب وزجاجثات الملوتثوف فثى المسثاحة المحصثورة والمحاصثرة بيثن المثن مثن جثانب والبلطجيثة مثن الجثانب الخثر فيمثا يعثرف عسثكريا بسثاحة قتثل .ولهثذا سقط أكبر عدد من المصابين وأكبر نسبة منسوبا لعدد المتظاهرين فى أقل مدة من الوقت ،وأصيب أكثر من 300شاب توفى أحدهم بعد أيام من نزيف فى المخ نتيجة طوبة فى الرأس ،كما عولجت إصابات حرجة بالمستشفيات والرعايثات المركثزة .ولثم تتثدخل القثوات المسثلحة إل بعثد اسثتيفاء أركثان المذبحثة وإعطثاء البلطجيثة الثوقت الكثافى "لتثأديب المتظثاهرين" وفرقثوا البلطجيثة بثإطلق النثار فثى الهثواء ،وهثو مثا كثان ممكنثا منثذ البدايثة إذا كثانت هنثاك رغبثة فثى إنقثاذ المتظثاهرين مثن البلطجيثة! لقثد أسثفرت موقعثة الجمثل وسثلوك اللثواء حسثن الروينثى وتصثريحاته الثتى تثدينه أكثثر مثن أى شثيئ آخثر عن تحول واسع فى آراء أقسام واسعة من الجمهور ضد المجلس العسكرى واضطرار المجلس العسكرى إلى زيادة تنازلته أمام معسكر الثوار ،وهذا ما سيتم تناوله تفصيل لحقا عند تقدير حصاد شهر يوليو فى عمر الثورة. ولجأ المجلس العسكرى أيضا إلى التلويح بالستخدام الفعلى والفعال للقثوانين الرجعيثة الثتى سثنها ومثن ضثمنها المحاكمثات العسثكرية للمثدنيين بزعثم أنهثم بلطجيثة ،وبقثوانين تجريثم الحتجاجثات وما يسثمى بتعطيثل العمثل والنتاج .وظهر التكامل فى المواقف الفكرية والسلوك العملى بين الخوان والسثلفيين مثن ناحيثة والمجلثس العسثكرى مثن ناحيثة أخثرى ،وانحثاز كلهمثا للقسثم المحثافظ مثن المجتمثع المطثالب بثالتوقف عثن الحتجاجثات وتثرك المثور للمجلثس العسثكرى والثوزارة .ولكثن مثاذا وراء تلثك القثوى الدينيثة مثن خلفية تدفعهم لتخاذ تلك المواقف؟
40
الخوان المسلمون وأزمة يوليو 2011 الخثوان المسثلمون هثم قسثم مثن المسثتثمرين والطبقثة السثائدة، ومطالبهم الثابتة هى المناداة بالليبرالية القتصادية وتحجيم تدخل الدولة .بل إنهثم عنثدما بثدأت وزيثرة الخارجيثة المريكيثة كونثدوليزا رايثس فثى التفثاوض معهم عام 2003أعطوها التطمينات اللزمة بولئهم للقتصاد الحر وأنهم ،وإن كانوا يعارضون كامب دافيد إل أنهم مع اللتزام بالمعاهدات التى وقعت عليها مصر إذا ما شاركوا فى الحكم أو أتوا إليه ،يقصدون بالطبع اللتزام بمعاهدة السلم المصرية السرائيلية. دائمثا مثا يثدافع الخثوان المسثلمون عثن مثواقفهم المحافظثة الحاليثة ورفثض مشثاركتهم فثى العمثل مثن أجثل اسثتمرار الثثورة بثإبراز ادعثائهم أنهثم مثن قثوى الثثورة وأنهثم شثاركوا بقثوة فثى النضثال الثذى أطثاح بمبثارك ،وهثذا صثحيح مثن ناحيثة دورهثم خلل ثثورة اليثام الثمانيثة عشثرة )أو بثالحرى اليثام الربعثة عشثر الخيثرة منهثا( ،إل أن المتتبثع لمسثار عملهثم السياسثى طثوال الفترة الخيرة يحصل على صورة أوضح لسلوكهم السياسى .ل ننسى بالطبع أن تأسيس حركة كفاية أواخر عام 2004نجح فى جمع كل فصائل المعارضة ل للتمديثد ل للتثوريث" بمثا فيهثم الخثوان المسثلمين فثى البدايثة خلثف شثعار " أثنثاء النتخابثات الرئاسثية عثام .2005إل أنهم استجابوا فور أن عرض عليهم مبثارك صثفقة تتضثمن تخليهثم عثن جبهثة المعارضثة المتحثدة وقتهثا وتأييثدهم الضثمنى لنتخثاب مبثارك ،بثل و"حثق ابنثه فثى الترشثيح لرئاسثة الجمهوريثة باعتباره مواطنا مصريا" كما صرح محمد حبيب نائب المرشد العام للخوان المسلمين وقتها .وكان نصيب الخوان من تلك الصفقة هو الفوز ،دونا عن أى فصيل معارض ،بثمانى وثمانين عضوا فى مجلس الشعب .وليس المهم هنا هثو هثل إن جماهيريثة الخثوان تثؤهلهم للحصثول علثى مثثل هثذا العثدد مثن المقاعثثد أو أكثثثر أو أقثثل ،ولكثثن المهثثم هثثو أنهثثم بتلثثك الصثثفقة المعاديثثة للديمقراطيثة أعطثاهم النظثام تلثك المقاعثد فثى انتخابثات مثزورة! ولقثد بثالغ الخوان أنفسهم فى مدى ثقلهم فى الشارع المصرى عندما حاولوا من خلل اسثتعراض شثبابهم لفنثون القتثال العسثكرية بجامعثة الزهثر ،حثاولوا انثتزاع العلنيثة وشثبه الشثرعية لتلثك التشثكيلت شثبه العسثكرية التابعثة لهثم ،ولكثن النظام رد بقسوة جديرة بمستوى الستبداد الذى كان موجودا وقتها ،وجديرة أيضا بنظام خسر رئيسه السابق عندما اغتيل على يد جماعات إسلمية .لقد بثدأ النظثام حملثة عنيفثة عليهثم واعتقثل منهثم الكثثيرين وحثاكمهم بمحاكمثات عسكرية وصادر شركاتهم ونكل بهم أشد تنكيل .والمثير هنا ملحظة سلوك الخثوان ،إذ ظلثوا طثوال ثلث سثنوات يحثاولون إقنثاع النظثام بثالرجوع لجثو الصثفقة ،ونثذكر هنثا مقثالت الثدكتور عصثام العريثان فثى صثحيفة الهثرام ومحثاولته لقنثاع النظثام بفثائدة التحثالف معهثم وينبهثه إلثى أنهثم فثى نقابثة الطبثاء يشثكلون حثاجزا ضثد التيثارات الراديكاليثة مثثل أطبثاء بل حقثوق .فقثط بعد أكثر من ثلث سنوات من رفض النظام الستجابة للخوان قرروا ساعتها 41
النضمام لمحور المعارضة ضد الرئيس والنظام ،وكان هذا قبل عام أو أكثر قليل على ثورة 25يناير .حينها فقط اعترف الخوان ،ردا على لوم المعارضة لهثم علثى سثلوكهم السثابق ،اعثترفوا بالصثفقة مثع مبثارك وانتقثدوا أنفسثهم عليها. وانفثرد الخثوان أثنثاء أحثداث الثثورة وقبثل نجاحهثا بقبثول التفثاوض مثع عمر سليمان بما يتضمن بالطبع التسليم بقبول صفقة توافق على استمرار ل شفيق ول سليمان، نائب الرئيس ،على عكس موقف الغلبية الذى هتف " : دول عمل للمريكثان" .ولثم يثؤثر موقثف الخثوان فثى مسثار الحثداث بحكثم تواضثثع وزن التكتيثثك اليمينثثى بقبثثول التفثثاوض مثثع نثثائب الرئيثثس فثثى ظثثل السيادة المطلقة لمزاج الصرار على استمرار الثورة حتى الطاحة بالنظام ورئيسه ونائب رئيسه بل وكل نظامه .وبمجرد انتصار الثورة كان التغير الذى أجثثراه المجلثثس العسثثكرى علثثى لجنثثة وضثثع الدسثثتور بتنحيثثة مستشثثارين محسوبين على التيار المدنى فيها لصالح تعيين المستشار طارق البشرى ذو التجاهات السلمية ،وتعيين أحد أعضاء الخوان فى اللجنة ،كان هذا التغيير مؤشثرا هامثا علثى موقثف المجلثس العسثكرى مثن الخثوان وموقثف الخثوان من المجلس العسكرى ،أو بالحرى تلقى الرؤى بينهم كقوى محافظة ترغب فى حصار التغيرات التى تريدها الثورة فى أضيق نطاق والحفاظ على أكبر نسبة من قوى ومؤسسات المجتمع القديم. لقثد بثدا سثلوك الخثوان تكثرارا تاريخيثا لتحثالف الخثوان المسثلمين مثع جمثال عبثد الناصثر ومسثاعدته فثى التخلثص مثن الحثزاب بيثن عثامى 1952و ،1954ثثم النتقثال للتحثالف مثع المعارضثة مثن أجثل الديمقراطيثة وضثد جمثال عبد الناصر خلل أزمة مارس 1954بعد انقلب عبد الناصر عليهم .لهذا انحاز الخثوان لتكتيثك المجلثس العسثكرى فثى سثرعة إنجثاز التغييثرات والسثراع بالنتخابات وإعادة بناء المجالس التشريعية بما يضمن سيادة القوى الجاهزة المنتميثة للمجتمثع القثديم )فلثول الثوطنى والخثوان وكافثة قثوى العصثبيات والعثائلت التقليديثة( علثى تكوينهثا ويجهثض نمثو قثوى الثثورة بمثا ينعكثس علثى زيادة نصيبها فى تلك المجالس. واتضثثح هثثذا فثثى انحيثثاز الخثثوان والسثثلفيين لتكتيثثك تبنثثى مطثثالب الموافقثثة علثثى التعثثديلت الدسثثتورية فثثى 19مارس ،واستخدموا هم والسثلفيون كمثا نوهنثا سثابقا تكتيثك البثتزاز بثأن مثن يقثول نعثم فثى السثتفتاء يدخل الجنة ومن يصوت بل سوف يدخل النار! وبعد الستفتاء استمر الخوان كما رأينا فى عدم قطع خيط التواصل مع المعارضة مع الثبات على موقفهم كقوى محافظة مع أقل التغيرات ومحاذية فى الغلبية الساحقة من المواقف مثثع المجلثثس العسثثكرى .إل أن الواقثثع أكثثثر عنثثادا ممثثا يمكنهثثم تبسثثيطة وإخضثاعه لمصثالحهم الضثيقة ،فمنثاخ الثثورة لبثد وأن يثدعم قثوى التغييثر ضثد 42
القثوى المحافظثة ،وقثد أثثر هثذا حثتى علثى انشثقاق شثباب الخثوان عنهثم وانتمائهم لتلف شباب الثورة ،بل وخروج عدد من كبار قادتهم عن تكتيكاتهم الموحدة مثل عبد المنعم أبو الفتوح والزعفرانى .وكان رد الخوان على تلك النشثقاقات هثو التحثالف مثع القثوى الثتى علثى يمينهثم مثثل السثلفيين وأحيانثا الصوفيين. إل أن السير فى حقل اللغام بتغيير المواقف هذا من قبل الخوان لبد وأن يكثون محفوفثا بالتناقضثات والمخثاطر :ففثى فثترة تحثالف الخثوان مثع القوى المدنية الحزبية وغير الحزبية كانوا ينادون بالدولة المدنية ،وهو مالبد وأن يشثكل عائقثا أمثام تحثالفهم مثع السثلفيين .وحثل الخثوان المشثكلة فثى مؤتمرهم الجماهيرى الول بالشتراك مع السلفيين والصوفيين بالعلن بأن هثدف الدولثة الدينيثة هثو الهثدف "عنثد التمكيثن" ،وهثم يعلنثون للسثلفيين بهثذا أنهم معهم فى المبدأ مع تحفظ شكلى فى التكتيك! وواضح كيف تؤدى تلك النتهازيثة السياسثية بتغييثر الشثعارات وتغييثر التحالفثات دائمثا إلثى خسثارة الكثثير مثن القثوى والحلفثاء ،إل أن الخثوان ل يعتمثدون أساسثا علثى الدعايثة السياسية والبرنامج والسلوك السياسى المتسق بل يعتمدون على مخاطبة وجثثدان القواعثثد الجماهيريثثة غيثثر المثقفثثة والتهييثثج المنفصثثل عثثن اتسثثاق البرنامج واستمرارية المواقف والتحالفات السياسية. وهكثثذا ل تقتصثثر مشثثكلة الخثثوان المسثثلمين علثثى تبنثثى المواقثثف المحافظثة بانحيثازهم لليبراليثة اليمينيثة فثى القتصثاد ،وللمعسثكر المريكثى، وللتحفثظ بشثأن اسثتمرار الثثورة وتأكيثدهم علثى أولوليثة السثتقرار وتثرك الحكام من مجلس عسكرى ووزارة لكى يحققوا تدريجيا طموحات الشعب دون " تثثدخله" .إن المشثثكلة الكثثبيرة أيضثثا مثثع الخثثوان هثثى فثثى النتهازيثثة السياسثية وتبثدل المواقثف الثدائم :مثع عبثد الناصثر لكثثر مثن عثام ونصثف بعثد الثورة ثم ضده ،مع حسنى مبارك فى صفقة عام 2005للوصول الواسع إلى البرلمثان ثثم ضثده منثذ عثام ،2009مثع المفاوضثات مثع عمثر سثليمان ثثم تأييثد الثثورة والطاحثة بثه عنثدما تحقثق ذلثك ،مثع الدولثة المدنيثة إذا تحثدثوا مثع المعارضة المدنية ومع الدولة الدينية عندما يتحدثون مع السلفيين ،ضد جمعة 8يوليو فى البداية ثم معها فى آخر لحظة بعد بروز مؤشرات نجاحها ،ثم مع المجلس العسكرى ضدها وحتى الموقف السافر ضد التغيير ومع الستقرار والتسثليم للمجلثس العسثكرى فثى جمعثة 29يوليو رغم الوعود بعكس ذلك حتى ليلة تلك الجمعة مع باقى القوى السياسية. السلفيون والحياة السياسية أثناء وبعد حكم مبارك يمثثل السثلفيون تجمعثا هثائل مثن خلل عثدد مثن الجمعيثات الخيريثة الكبرى مثل جمعية أنصار السنة المحمدية وجماعة الدعوة والتبليغ وغيرها. وهثو تيثار فكثرى و"سياسثى" مجتمعثى مثن نثوع خثاص ،رغثم بعثض التنثوع فثى 43
التجاهثات فيمثا بينثه مثثل كثل التيثارات .والسثبب فثى وضثع كلمثة سياسثى بيثن أقواس هو إصرار السلفيين أيام مبارك على نفى علقتهم بالسياسة ،وعدم اتخاذهم مواقف فى الحداث السياسية المختلفة ،واكتفائهم بالدعوة الدينية والنشثطة الخيريثة .وبثالطبع يعثد هثثذا نفسثه موقفثا سياسثثيا ولثو بالسثثلب: فامتناعهم أيام مبارك عن اتخاذ مواقف ضد الستبداد السياسى وضد إفقار الشثعب وضثد وقثائع الفسثاد الصثارخة مثثل بيثع عمثر أفنثدى وغيثره مثن أصثول القطاع العام بالبخس أو حادثة غرق العبارة أو حريق القطار ،إن كل ذلك هو موقثثف سياسثثى بثثالطبع يسثثمح بتمريثثر تلثثك السياسثثات المعاديثثة لمصثثالح الجمثاهير .إل أن الخطثر مثن ذلثك هثو مثوقفهم مثن مبثارك أو مثن الحثاكم: فالحثاكم مثادام مسثلما ينطثق بالشثهادتين فثالخروج عليثه حثرام شثرعا ،وإذا أخطأ فحسابه عند الله! بل صرح بعضهم بأن " إمام ظالم جائر يضرب ظهور النثاس ويأخثذ أمثوالهم خيثر مثن فتنثة تثدوم"! وهثم لهثذا يجرمثون الديمقراطيثة والعلمانية والدولة المدنية وكافة " البدع" الفكرية ويدعون إلى حكم الشريعة وكتاب الله .ومن آرائهم الصيلة فى الديمقراطية أن تحكيم كلم البشر بدل مثن شثرع اللثه يمكثن أن يثأتى بممثليثن فثى البرلمانثات أو برئيثس جمهوريثة قبطيثا أو علمانيثا أو مثدنيا أو ديمقراطيثا –والعيثاذ بثالله -لكثى يحكثم بعكثس مثا أمثر بثه اللثه! ولكثن المثر ليثس مجثرد آراء فقهيثة :فل يمكثن لعمثل جمثاهيرى واسثع مثثل عملهثم ،حثتى وإن كثان فثى حثدود النشثطة الخيريثة مثن نثوع جمثع الزكاة وتوزيعها على الفقراء أن يتم فى استقلل عن مباحث أمن الدولة .لقد كانت المؤسسات المنية على علقة منتظمة بهم ،وتقدم لهم خدمات أقلها السثماح لهثم بالنشثطة الخيريثة والدعويثة مثن نثوع جمثع المثوال وقوافثل الثدعوة والنثدوات الدينيثة بينمثا تحاصثر تلثك النشثطة نفسثها إذا مثا قثام بهثا الخوان آخذين فى العتبار الفارق بين الهدف السياسى للخوان باعتبارهم تكوينثا سياسثيا يسثعى للوصثول إلثى السثلطة السياسثية بينمثا ل يسثتهدف السلفيون ذلك ،بل ويقدمون بتجاهلهم المطالب الشعبية وتجريمهم أشكال الحتجاجثات الجماهيريثة مثن مظثاهرات واعتصثامات -يقثدمون خثدمات جليلثة تسهم فى استقرار نظام الحكم! إل أن علقثة أمثن الدولثة بهثم ل تقتصثر رغثم ذلثك علثى هثذين الجثانبين: الثثدعم السثثلبى واليجثثابى للنظثثام )بتجريثثم أشثثكال الحتجثثاج( والسثثماح بالنشثطة الخيريثة مثادامت تتثم فثى سثياق غيثر سياسثى .فهثم عنثد المثن احتياطى استراتيجى ،ينفع فى تحسس أخبار مختلف قوى التيارات السلمية سثثواء بتكتيثثك تسثثقط الخبثثار أو –إذا سثثمحت الظثثروف أحيانثثا -بالعمالثثة المباشثرة للمثن! ويظهثر المثثال البثارز علثى كثون التيثار السثلفى احتاطيثا مباشرا للمن أثناء أحداث الثورة نفسها مباشرة فى أعقاب جمعة 28يناير، عندما طبق المن تكتيكات مواجهة الثورات التى تدرب عليها )خطة أجاكسى للمخثابرات المريكيثة( الثتى اشثتملت مثع التفريثغ المنثى وغيثاب الشثرطة وإخثراج البلطجيثة –واشثتملت أيضثا علثى تفجيثر الخلفثات :وكثان المثثل البثرز 44
هثو اسثتدعاء رجثال المثن للسثلفيين ضثد الثثورة عنثدما زعمثوا لهثم أن مطلثب الثثوار هثو إلغثاء المثادة الثانيثة مثن الدسثتور والعثداء للثدين السثلمى! حينثذاك نزل السلفيون لول مرة فى مظاهرات سياسية فى السكندرية وحى الهرم دفاعا عن المادة الثانية من الدستور التى لم تكن قد طرحت بعد من قبل أى من الثوريين وقبل الطاحة بمبارك! وهكذا بعد فترة من عدم الدخول المباشر على نطاق واسع فى الحياة السياسية )وهو ما يعنى تأييدا سلبيا وأحيانا تأييدا فكريا إيجابيا للوضع القائم أثناء حكم مبارك( أعلن السلفيون عن دخولهم الواسع بشكل منتظم كطرف فى الحياة السياسية بعد الثورة ،ولعبوا دورا بارزا فى استفتاء 19مارس على تعديل الدستور مشددين كما أوضحنا على أن نعم تعنى الجنة ول تعنى النار ول وسط ،وأصبحوا تيارا سياسيا ثابتا مدعما للقوى المحافظة وأحيانا للقوى شثديدة الرجعيثة! وشثكل هثذا مقدمثة لثدورهم فثى جمعثة "لثم الشثمل ووحثدة الصف" فى 29يوليو! جمعة "لم الشمل ووحدة الصف" فى 29يوليو سثبقت جمعثة 29يوليو الكثير من المفاوضات بين معسكرى التيارات الدينية والقوى المدنية من أحزاب وتيارات شبابية وغيرها ،وتم التفاق على جمعة لم الشمل التى أريد بها التركيز على الهداف المشتركة وتأجيل نقاط الخلف سواء من ناحية تطبيق الشريعة والدولة الدينية من قبل السلميين أو نقثاط مدنيثة الدولثة والدسثتور أول و /أو المبثادئ فثوق الدسثتورية مثن قبثل المثدنيين .إل أن مثا حثدث كثان شثيئا آخثر .لقثد أرادت القثوى السثلمية عمثل اسثتعراض للقثوة مثن ناحيثة وتثوجيه رسثالة للمجلثس العسثكرى والمجتمثع والعثالم مثن جهثة أخثرى .وكثانت رسثالتها فثى جوهرهثا ليسثت فقثط الدولثة السثلمية وتطثبيق الشثريعة ،ولكنهثا كثانت أيضثا رفثض كثل مثن المبثادئ فثوق الدسثثتورية والدسثثتور نفسثثه والديمقراطيثثة والعلمانيثثة والدولثثة المدنيثثة باعتبارهثا كلهثا كفثرا ،مثع طثرح شثعار وحيثد وهثو القثرآن دسثتورنا وتطثبيق الشريعة السلمية .وقد أدى ذلك النتهاك للتفاق إلى انسحاب كافة القوى المدنية من التحرير ،حيث عقدوا مؤتمرا صحفيا أوضحوا فيه قرار النسحاب ومبرراته. وبالطبع إذا كان ما سبق هو جوهر الطرح فى مليونية 29يوليو فهناك بعثثض التنوعثثات والختلفثثات الثثتى ل تثثؤثر علثثى هثثذا التقثثدير العثثام لفثثراد وفصثائل .بثل ومثن المثثير للنتبثاه تلثك الواقعثة ذات الدللثة حينمثا هثاجمت الجماعات السلفية منصة الخوان المسلمين صباح تلك الجمعة وأوشكت أن تضثثرب الثثدكتور محمثثد البلتثثاجى أحثثد أهثثم قثثادة الخثثوان بسثثبب اقثثترافهم للخطيئة الفظيعثة بإذاعثة أناشثيد وطنيثة فثى إذاعتهثم؟! ولكثن كثل موقثف هثو موقف سياسى فى جوهره حتى لو ادعى غير ذلك ،أحيانا بما يصرح به وأحيانا 45
أخرى بما يصمت عمدا عن التصريح به ويكون الصمت أكثر دللة من الكلم، فمثا هثو الموقثف السياسثى الثذى ارادتثه قثوى السثلم السياسثى تلثك مثن المظثثاهرة؟ أول هنثثاك تأييثثد المجلثثس العسثثكرى ،بثثل ووصثثل المثثر ببعثثض الشثعارات العلنيثة إلثى الهتثاف ب"يامشثير يامشثير مثن دلوقثتى أنثت الميثر"! ولكن المشكلة ل تقتصر على ذلك ،فوضع تلك المليونية فى مواجهة مليونية استمرار الثورة يعنى أكثر من ذلك بكثير ،يعنى رفض مطالب استمرار الثورة والثثدعوة لوضثثع حثثد أدنثثى وأقصثثى للجثثور ،وللضثثرائب التصثثاعدية ،ولنقثثد المجلثثس العسثثكرى فثثى عثثدم وقثثوفه بحثثزم إزاء جهثثاز الدولثثة البوليسثثية السثابق ،بثثل ودعثم العديثد مثن مكونثاته واسثثتمرار المحاكمثات العسثكرية للمثدنيين .إنثه يعنى ببسثاطة أنثه ل ضثرورة لسثتمرار الثثورة بثل يجثب التوقثف والتسليم للمجلس العسكرى .أما النتقاد الوحيد الموجه للمجلس العسكرى فهو موافقته على وضع وثيقة مبادئ فوق دستورية ،والتهديد بمليونية ضدها، والدعايثة المضثغمة أثنثاء ذلثك بثأن هثذا الرفثض ينبثع مثن رفثض كافثة النظمثة الديمقراطية والعلمانية لصالح القرآن والدستور وتطبيق الشريعة .إذن فهذا هثو جثوهر موقثف التيثارات الدينيثة الثتى نعثرف حقيقثة مواقفهثا –ليثس فقثط وليس أساسا من شعاراتها -ولكن من مواقفها الحقيقية من السلطة القائمة وممثا تصثمت عنثه صثمت الموافقثة وممثا تصثر علثى تحقيقثه .أمثا فثى دعايتهثا فهثى تتبثع التقاليثد الفاشثية الثتى تتثاجر بالشثعارات المجثردة )مثثل السثلم هثو الحثل دون أن تقثول حل لى مشثاكل وكيثف( وتهثرب مثن البرامثج المحثددة واللتزامثات الدقيقثة ،الثتى تخثاطب الوجثدان وتهثرب مثن المناقشثات العقليثة المعمقة لى مشكلة ملموسة. وممثا يسثتدعى الوقثوف أمثامه بقثوة الموقثف مثن القبثاط :فموقثف القثوى السثلمية مثن القبثاط الثذى يبثدو متسثامحا هثو أنهثم "ضثيوفنا وعلينثا واجثب حمثايتهم" فهثو موقثف عنصثرى رجعثى ،حثتى لثو أضثيف إليثه أننثا دولثة إسثلمية وتطبثق على القبثاط شثريعتهم فثى الحثوال الشخصثية الخاصثة بهثم. إن هثذا الموقثف الثذى يعتثبرهم ضثيوفا ينثأى بهثم عثن اعتبثارهم شثركاء فثى الثوطن بمثا أنهثم محثض " ضثثيوف" .وواجثب حمثايتهم يبثدو باعتبثاره حمايثة " الغرباء" ،بينما يتمثل الموقف الديمقراطى فى النظر إليهم باعتبارهم مكونا أساسيا من نسيج الوطن وإغناًء ثقافيا من ناحية التنوع والثراء ،سوف يفقد المحتمثع الكثثير إذا دفثع ببعضثهم إلثى الهجثرة للخثارج تحثت وطثأة التمييثز والنظر إليهم باعتبارهم مجرد ضيوف .وهناك نقطة هامة يجب التوقف عندها بصثراحة :فالقبثاط فثى مصثر ،مثلهثم مثثل كثل القليثات فثى المجتمعثات الثتى توجثد بهثا ومنهثا القليثات المسثلمة فثى الهنثد والقليثات الفلسثطينية فثى أى دولة عربية أو أجنبية ،يعرفون بالتمييز ضدهم ويحاولون أن يقووا وضعهم فى مواجهثة ذلثك التمييثز .والسثتقواء هنثا يتخثذ شثكل شثائعا بمحاولثة بثذل الجهثد للتفوق فى مختلف المجالت ،والقليات عموما -فى كل المثلة التى أشرنا إليهثا وليثس القبثاط المصثريين فقثط -تتميثز بنسثبة أعلثى مثن انتشثار التعليثم 46
وزيثادة نسثبة حملثة المثؤهلت العليثا وحثتى فثوق الجامعيثة عثن المتوسثط القومى ،وكذلك بزيادة نسبة الثرياء عن المتوسط الوطنى .وكل هذا ل يمثل مجال للوم على الطلق طالما أنه فى مجال المنافسة بالساليب المشروعة بثالتفوق ،بثل بثالعكس ،فثإنه يشثدد علثى أهميثة تلثك المسثاهمات فثى إغنثاء المجتمثع ماديثا فثى كثل المجثالت السياسثية والفكريثة والفنيثة والجتماعيثة والنتاجيثثة .وحثثتى الجثثانب الوحيثثد الثثذى يسثثتوجب النقثثد فثى سثثلوك بعثض القليثات ومنهثا القليثة القبطيثة فثى مصثر ،أل وهثو التعصثب الثذى يثدفع أحيانثا إلى التمييز لصالح أحد أفراد القلية ضد أحد المنتمين إلى الغلبية المسلمة ) كما يبدو مثل فى تمييز طالب مسيحى فى الدرجات حينما يمتحنه أستاذ مسيحى( فهو يستوجب النقد مع تفهم أن هذا التعصب يأتى ردا على تعصب الغلبيثثة ،وأن محصثثلة التعصثثب بثثالطبع تصثثب فثثى صثثالح تعصثثب الغلبيثثة باعتبارها القوى! أما الموقف الصحيح بالطبع فهو نبد كل أشكال التمييز لكى تكثثون الكفثثاءة هثثى السثثاس الوحيثثد للنجثثاح فثثى المتحانثثات وفثثى تثثولى المناصب القيادية بمساواة وشفافية كاملة بغض النظر عن الدين أو الجنس أو أى اعتبار آخر .ولنا مثل بارز فى تاريخنا القومى من رأى لجنة وضع دستور 1923حينما ناقشت فكرة منح القباط المصريين نسبة فى المناصب القيادية بنسبتهم من السكان ،ورفضت ذلك المبدأ لن هذا يعد تقنينا للتمييز ضدهم، وأن كثل المناصثب حثتى رئاسثة الثوزراء يتولهثا الكفثأ سثواء كثان مسثلما أو قبطيثثا أو إسثثرائيليا )يعنثثون يهوديثثا( مثثادام هثثو الكفثثأ .إن هثثذا الموقثثف الثديمقراطى المنسثجم هثو وحثده الثذى يسثتطيع استئصثال الميثراث السثلبى السثيئ لزمنثة التعصثب والفرقثة الوطنيثة وليثدة اسثتبداد نظثام مثا قبثل الثثورة الذى بنى على ترابط الستبداد مع الفساد وحرمان المواطنين من حقوقهم المتسثاوية سثواء بسثبب الثدين أو لصثالح أصثحاب الواسثطة أو التحيثز ضثد النساء أو لصالح الغنياء أو أصحاب النفوذ فى جهاز الدولة. ولكن إذا كان جوهر مليونية 29يوليو هو طرح محافظ مضاد لستمرار الثثثورة وللديمقراطيثثة الحقيقيثثة ولحقثثوق شثثركاء الثثوطن ولقثثرار العدالثثة الجتماعية ،فهل ينطبق هذا الوصف على كل المشاركين فى تلك المليونية؟ بالطبع ل ينطبق هذا على كل الجمهور ،بل إنه أيضا ل يجوز التعميم فى كل المواقثف علثى كثل الطثراف المشثاركة ممثا يسثتدعى تنثاول تفصثيليا لطبيعثة القوى المحافظة فى المجتمع. تشريح القوى المحافظة فى المجتمع اسثثتعملت عامثثدا فثثى ذلثثك المقثثال مصثثطلح القثثوى المحافظثثة فثثى المجتمثع فثى مواجهثة قثوى اسثتمرار الثثورة ،ولثم اسثتخدم مصثطلح الثثورة المضادة .والسبب هو قناعتى أن مصطلح القوى المحافظة هو الكثر دقة فى التعثثبير عثن ذلثثك المعسثثكر ،رغثثم أن فثثى القلثثب منثثه بثثالطبع قثثوى الثثثورة 47
المضثادة .وتشثمل قثوى الثثورة المضثادة تلثك القثوى الواعيثة بوضثوح بتعثارض مصثالحها مثع الثثورة وتعمثل بكثل قثوة وبمختلثف السثاليب ،ومنهثا العلن ليثل نهثار عثن تأييثد الثثورة ،علثى تصثفية مكاسثب الثثورة واسثترجاع أكثثر مثا يمكثن مثن أركثان المجتمثع القثديم فثى جهثاز الدولثة المنثى والدارى وفثى السياسثة كمثا فثى العلم والفكثر .وتشثمل قثوى الثثورة المضثادة بثالطبع فلثول الحثزب الوطنى ،ومنهم بالطبع كبار المستثمرين الذين ارتبطوا بالنظام السابق ،وقد رأينثا كيثف بثرزت مواقثف أبرزهثم مثثل أبثو العينيثن وإبراهيثم كامثل ومرتضثى منصثور ودورهثم فثى تمويثل الثثورة المضثادة وقيادتهثا ميثدانيا ،بثل ورأينثا رجثل العمثثال السويسثثى وابنثثه ،حيثثث قتل بأنفسثثهم 18من شهداء الثورة فى السثويس .كمثا تشثمل أهثم القيثادات الواعيثة صثاحبة القثرار فثى الجماعثات الرجعية السلفية والجماعات السلمية الخرى. إل أنثه حثول هثؤلء أقسثام محافظثة فثى المجتمثع ،مفضثلون للسثتقرار ورافضثون لسثتمرار الحتجاجثات ومختلثف مظثاهر الثثورة .بعثض هثؤلء ممثن اغتنثثوا وأثثثروا فثثى المجتمثثع السثثابق ،سثثواء أكثثانوا مهنييثثن بثثارزين أو تجثثار ومستثمرين ،إل من ارتبط بأفكار عن حقوق المجتمع أو تمتع بنظرة تسمح له بأن يدرك أن نظاما ينطوى على القدر من الظلم يستحيل أن يمتلك مقومات البقثاء ،وبعضثهم ليسثوا مثن أصثحاب المصثالح المباشثرة فثى النظثام القثديم، وبعضثهم حثتى فقثراء ولكثن يجمعهثم المثزاج المحثافظ المكتفثى بمثا تغيثر ،بثل وبعضثهم يرفثض فكريثا إهانثة الرئيثس السثابق ومحثاكمته وبعضثهم يرفثض الثورة جملة وتفصيل. ولكن مما يضفى بعض التعقيد على الصورة ،وإن كان يمكننا من فهم اللوحة الحية بتعقيدها الحقيقى ،أن المشاركين فى مظاهرة 29يوليو ليسوا كلهم من معسكر المحافظين .فكما سبق القول فإن عجز القوى السلمية عثن المعارضثة المباشثرة لجمعثة 8يوليو يقودها لتنازل المشاركة مع تبنى بعثض المطثالب ،مثثل محاكمثة الرئيثس والقصثاص مثن قتلثة الشثهداء ،فثى سياق السعى لحصر التنازلت أمام معسكر الثورة فى تلك الحدود .وتوضح اسئلة المحطات التلفزيونية للمشاركين فى جمعة 29يوليو من غير القياديين أن الكثثيرين منهثم حضثروا وشثاركوا لتبنيهثم مطثالب المحاكمثات والقصثاص دون أن يكثون واضثحا فثى أذهثانهم فكثرة العثداء لمعسثكر أنصثار اسثتمرار الثورة. ولكثثن ل يمكثثن السثثتمرار فثثى تحليثثل قثثوى الثثثورة دون أن نعطثثى لمعسثثكر الرجعيثثة العربيثثة وعلثثى رأسثثها النظثثام السثثعودى حقثثه الثثواجب. فأنظمة الخليج كلها مرعوبة من ربيع الثورات العربية وفى القلب منها الثورة المصرية ،وهى تعمل بكل نشاط للحفاظ على وجودها ذاته من خلل أقصى دعثم ممكثن لقثوى الثثورة المضثادة فثى مصثر .وتتحثدث مختلثف التقثارير عثن 48
مئات المليين والمليارات التى تتدفق على كل أنواع المعارضة السلمية فى مصثر بثدءا مثن الخثوان المسثلمين وصثول للسثلفيين وحثتى العثرب الفغثان والجماعثات السثلمية الجهاديثة ذات العلقثة السثابقة بالنظثام السثعودى مثن ناحيثة التمويثل وتنظيثم التثدريب منثذ أيثام الجهثاد ضثد السثوفييت والنظثام الموالى لهم فى أفغانستان قبل عام .1989لقد اعترف الخوان بأن ميزانيتهم فثى معركثة مجلثس الشثعب عثام 2005كانت 10مليين جنية لكل مرشح، وقثاموا بترشثيح 150فردا ،أى أنهم أنفقوا فى تلك النتخابات مليار ونصف المليثار جنيثة! وفثى يثوم الجمعثة 29يوليو تمكن المنظمون السلميون من تثوفير مئات التوبيسثات المكيفثة مثن مختلثف المحافظثات ،عرفتثت أمثلثة لهثا تتمثثل فثى 25أتوبيسا للسكندرية و 20للمنوفية ،نقل كل منها مرتين رجال إلثى الميثدان ،مثع وجبثات وميثاة وغيرهثا ومثا تثردد عثن 20جنيها لكل فرد ،مما يجعل تكلفة حشد مليونين من الرجال تصل إلى مئات المليين ،وهى تكلفة ل تقدر عليها وترحب بدفعها غير المملكة العربية السعودية التى رفعت أعلمها فى ذلك اليوم! تكتيك استمرار العتصام والتظاهر لدى المجلس العسكرى ويحمل البعض مسئولية ما حدث فى مذبحة الجمل الثانية فى 23يوليو ومسثئولية جمعثة شثق الصثف فثى 29يوليو ،ولو جزئيا ،إلى أخطاء بعض الشثباب فثى التكتيثك بإصثرارهم علثى اسثتمرار العتصثام فثى الميثدان ،وعلثى توجههم بمظاهرة نحو مقر المجلس العسكرى وما تردد –بشكل غير واقعى بالطبع -عن احتلله! ويردونه كذلك إلى ما يقولون أنه تكتيكات مغامرة مثل إغلق مبنى المجمع الدارى ليام قليلة والحديث عن إغلق قناة السويس. إل أن للموضثوع جانبثان ينبغثى تنثاول كثل منهمثا علثى حثدة .فمثن جثانب كثان تكتيثك اسثتمرار العتصثام لثلثثة أسثابيع وأكثثر تكتيكثا غيثر ملئم ،ليثس إطلقثا لن المطثالب غيثر مشثروعة ،فالمطثالب هثى مطثالب الثثورة الثتى يتقاعس المجلس العسكرى عن الستجابة لها ،ول يستجيب إل بشق النفس لبعضثها فقثط تحثت الضثغط الشثعبى الهثائل .إل أن الصثرار علثى المطثالب شثيئ والتمسثك بتكتيثك وحيثد لتحقيقهثا شثيئ آخثر .إن أسثاليب الكفثاح تتنثوع بشدة مع الحتفاظ بالهدف ،وإن التمسك بتكتيك معين )العتصام فى ميدان التحريثر فثى حالتنثا الراهنثة( حثتى رغثم انحسثار اللتفثاف الجمثاهيرى الكثافى حوله هو خطأ لنه يهدد بالجهاز على العتصام بالقوة دون منفعة موازية .أما المظاهرة المتوجهة إلى المجلس العسكرى لحمل المطالب )وليس لحتلل المجلس العسكرى الذى ل تستطيعه مثل تلك المظاهرة التى تشمل عشرة آلف ،بثثل ل تقثثدر عليثثه ول يجثثب أن تسثثتهدفه حثثتى مظثثاهرة مثثن عشثثرة أضعافها( فهى لم تستطع إقناع حتى القسم العظم من المعتصمين .وليس هذا بالطبع لوما لهم بأى حال ،ولكن ضمان نجاح تكتيك ما هو فى حجم القوى 49
الجماهيريثة المشثاركة فيثه ومسثتوى قناعثة وتأييثد المثوطنين الملتفيثن حثوله من غير المشاركين .وهذا ما جعل عددا من التكتيكات الجماهيرية المتبعة من الشباب غير ملئمة من تلك الزاوية .ولكن من طبيعة واقعنا الثورى الراهن تخلف التنظيم الجماعى ،وغياب التنظيمات الجماهيرية المتماسكة والواعية بحكم الستبداد قبل الثورة وحداثة نشأة معظم التنظيمات وغياب التماسك القثوى والتنسثيق بينهثا .بثل إنثه ممثا يجثدر بالثذكر ليثس فقثط تخلثف التنظيثم الجمثاهيرى ،بثل سثيادة روح معارضثة للتنظيثم حثتى يعثد مثن دواعثى الفخثر السثتقلل عثدم النتمثاء لى حثزب ،حيثث ترتبثط الحزبيثة فثى أذهثان مثواطنين كثثيرين بالمصثلحة الخاصثة والنانيثة ممثا يجعثل مثن التجثرد مثن الحزبيثة قيمثة إيجابية! إل أن هثذا ل يعثد مثبررا علثى الطلق للقمثع العسثكرى الثذى تثم لتلثك التحركثات ،ففثى التحليثل الخيثر خثرج شثباب متحمثس وخثالص النيثات لثوجه الثثوطن ومطثثالب بمطثثالب عادلثثة وتشثثتعل فيثثه الرغبثثة فثى تحقيقهثا بقثثدر مماطلثة المجلثس العسثكرى فثى السثتجابة وبقثدر تاريثخ عثدم الثقثة وبعثدم النضج الذى يطالب بتحقيق كل الهداف فى خطوة واحدة والتأكد عيانا بيانا من تحقيقها قبل أن يغادر .ولم يكن التواطؤ أو على القل التغاضى المشبوه مثع مذبحثة البلطجيثة فثى ميثدان العباسثية فثى موقعثة الجمثل الثانيثة عقابثا للشثباب علثى محدوديثة نضثجهم بقثدر مثا كثان انزعاجثا مثن اسثتمرار مطثالب الثورة وطموحها لتحقيق المزيد وتمسكا بالتقاليد العسكرية الستبدادية فى التعامل مع ثوار شباب أنقياء. ول شثك أن الحثوار الثواعى هثو القثادر علثى تجثاوز أى تكتيكثات قثافزة علثى الواقثع ،وهثذا مثا أثبثت فعثاليته عنثد الثتراجع عثن إغلق مجمثع التحريثر أو الثتراجع عما سمى بتهديد الملحة فى قناة السويس ،علما بأن الدانة يجثب أن توجه أول إلى تراجع العسكريين ومفاوضيهم عن المطالب التى سبق وأن أقثروا بهثا للمحتجيثن ثثم تراجعثوا عثن تحقيقيهثا ممثا دفثع البعثض لنتهثاج أو للتصريح بتكتيكات مغامرة. وسثوف يظثل منثذ الن ولحقا لفثترة طويلثة قثانون الحركثة الجماهيريثة هو غيثاب الجماع ،وهثو ظاهرة منطقيثة فى ظل حداثة الديمقراطية وحداثة التنظيم ،وأقصى المطلوب هو تحقيق إجماع بين التيار الرئيسى فى الجمهور على مطالب معينة من أجل توحيد الجهود من أجل تحقيقها .وهذا ليس بهدف قليل ،وهو هدف تحقق عشرات المرات منذ بداية احتجاجات الثورة ومازال يتحقق حتى الن وتتم معظم النجازات بفضله ،ول يجب أن ننزعج من وجود بعثض الفصثائل أو الفثراد علثى يمين أو يسثار الغلبيثة .وفثى الواقثع فثإننى مما يثثير انتبثاهى فثى تتبثع مسثار الثثورة أنهثا رغثم افتقادهثا لتيثار أو حثزب قيثادى منظم وعريق على غرار حزب المؤتمر الوطنى الفريقى الذى قاد الثورة فى 50
جنثوب أفريقيثا مثل هثو قثدرة ذلثك الشثعب العظيثم بثوعيه الجمعثى وتيثاراته الرئيسثية علثى تحديثد أهثدافه الناضثجة والسثعى المتواصثل إلثى تحقيقهثا بثل وتحديد الحلقة الرئيسة فى كل لحظة .لقد بدا هذا بدءا من شعارات 25يناير فثى الشثعب يريثد إسثقاط النظثام وتغييثر حريثة عدالثة اجتماعيثة أو خثبز حريثة كرامة إنسانية وحتى تحديد الهثدف الحاكم والحلقثة الرئيسية فى كل لحظة مثثل هثدف إقالثة الحكومثة فثى مليونيثة أول شثهر وهثدف القبثض علثى مبثارك ورجاله فى مليونية ثانى شهر ومحاكمة مبارك والمسئولين وتطبيق العدالة الجتماعية فى مليونية 8يوليو. مكاسب يوليو وميزان القوى الراهن ومهام المستقبل والن مثا هثو حصثاد تلثك الهبثة الثوريثة القويثة الثتى تبثدت منثذ مليونيثة 8 يوليثو فثى ميثدان وميثادين التحريثر فثى العديثد مثن المثدن والعتصثامات الثتى أعقبتها والمسار الطويل للصراع بين القوى الثورية والقوى المحافظة وفى القلب منها قوى الثورة المضادة الواعية بالطبع بأهدافها والكثر وعيا تاريخيا باستخدام أجهزة الدولة البوليسية والبيروقراطية فى تحقيق مطالبها؟ لقثد نجحثت قثوى الثثورة فثى تحقيثق عثدد مثن أهثم أهثدافها ،تمثلثت فثى حثل البثاقى مثن كيانثات النظثام القثديم مثثل المحليثات واتحثاد العمثال .كمثا تمثلثت فثى إحضثار مبثارك مثن شثرم الشثيخ تحثت السثيطرة فثى القثاهرة ومحاكمته علنا وتحقيق علنية المحاكمات لرموز النظام السابق والتخلى عن التلكؤ والتواطؤ فى محاكمتهم ،وتغيير الدائرة القضائية المشبوهة التى كانوا يحثاكمون أمامهثا ،وهثو مثا كثان يمكثن أن ينتهثى بثبراءة الكثثير منهثم فثى غيثاب الرقابة الشعبية الواعية. وكثان التغييثر الثوزارى ،مثع منثح مجلثس الثوزراء سثلطات فعليثة وليثس مجثرد تنفيثذ أوامثر المجلثس العسثكرى ،مثن أهثم المطثالب بعثد وضثوح انتمثاء وزراء بعينهثم عمليثا إلثى المعسثكر المعثادى للثثورة مثثل يحيثى الجمثل نثائب رئيثس الثوزراء وسثمير رضثوان وزيثر الماليثة وعضثو لجنثة سياسثات الحثزب الوطنى وشبيه يوسف بطرس غالى .وكذلك كانت حركة المحافظين خطوة فى التجاه الصحيح. أما المطالب الجتماعية من حيث تحديد حد أدنى وحد أقصى للجور، والضرائب التصاعدية وغيرها فل توجد غير تعهدات وزير المالية ونائب رئيس الثوزراء الثدكتور حثازم الببلوى بتحقيقهثا .إن تلثك المطثالب تشثكل نقلثة هامثة فى مسار تحقيق أهداف الثورة ،لكنها بالطبع ل تمثل كل مطالب الثورة ول كثل المطثالب الثتى رفعهثا الثثوار فثى مليونيثة 8يوليو .إل أن تلك هى طبيعة الشثياء ،فالعمثل الثدءوب لتغييثر ميثزان القثوى والضثغط مثن أجثل تحقيثق المطثالب هثو طريثق الثثورة الوحيثد .والفثترة القادمثة هثى فثترة إنجثاز برنامثج 51
سياسى شامل يضع أسس المجتمع الديمقراطى كما هى فرصة إنجاز برامج نوعيثة لحثل مشثاكل جمثاهير الشثعب المصثرى مثثل برنامثج فلحثى وبرامثج عماليثة وهيكثل أجثور عثادل وضثرائب تصثاعدية وهيكثل موازنثة للدولثة ينحثاز للجمهثور ولمقومثات التنميثة مثن صثحة للجميثع وتعليثم حقيقثى وبحثث علمثى بالضافة إلى خطط تنموية طموحة. إن ذلك هو المحك الحقيقى لتسييس الشعب المصرى ،ولدفعه إلى تنظيللم قللوى التغييللر فيلله فللى تنظيمللات حزبيللة ونقابيللة وأهليللة ،وفللى تعاونيلات ديمقراطيلة لتقلديم الخلدمات السلتهلكية ولتطلوير النتلاج كملا فللى التعللاون الزراعللى .وإن جللر المناقشللات السياسللية لتحليللل الواقللع الملم وس ومطلالب الش عب ف ى التغييلر ملن خلل مطلالب سياس ية وبرام ج نوعية هو ما يقطع الطريق على الدعوات الفاشية المعادية للديمقراطية ويلف الجماهير حول تطوير ثورتها وتحقيق أهدافها.
محمد حسن خليل
الحزب الشتراكى المصرى أغسطس 2011
52
فهرس صفحة مقدمة
1
الفصل الول مصر فى ثلثين عاما :من مبارك إلى الثورة
3
الفصل الثانى مستقبل الثورة :قراءة فى ميزان القوى الراهن
15
الفصل الثالث الثورة والهدم والبناء
25
الفصل الرابع مسار ثورة 25يناير ،يوليو شهر الستقطاب الثورى فى مصر 30
53