ثورة 25 يناير- الواقع وآفاق المستقبل

Page 1

‫ثورة ‪ 25‬يناير‬ ‫الواقع وآفاق المستقبل‬ ‫الحزب الشتراكى‬

‫دكتور محمد حسن خليل‬ ‫المصرى‬

‫‪1‬‬


‫مقدمة‬ ‫يمثثل هثذا الكتثاب حصثاد مشثاركة بثالقول والفعثل والدراسثة لثثورة ‪ 25‬يناير فى شهورها‬ ‫الستة الولى‪ .‬وأعتبر من ملمح سعادتى وسعادة جيلى أنه قد حظى بشرف أن يعيش الثورة فى‬ ‫بلدنا وأن ينعم بالمشاركة فيها‪ ،‬فلحظات التغير التاريخى الثورى ليست كثيرة‪ ،‬وهى لحظات خلق‬ ‫تعيثد الجمثاهير‪ ،‬قثوى الثثورة الساسثية‪ ،‬تعيثد خلثق نفسثها وتنفثض عنهثا كثل خثوف وتثبرز وعيهثا‬ ‫بمصثالحها وبأعثدائها وتنتفثض لتعيثد خلثق واقعهثا علثى مثالهثا الثثورى الثذى تتمنثاه‪ .‬وإذا كثانت الثثورة‬ ‫هى أرقى أشكال الفعل الجماهيرى الواسع الذى يعيد تشكيل التاريخ فإن جنينها هو نمو وعى هذا‬ ‫الشعب وتطور أشكال احتجاجه وتنظيمه لقواة وصول للحظة التى ترفض فيها الجماهير أن تعيش‬ ‫كما فى السابق‪ ،‬ول يستطيع حكامها استمرار ممارساتهم السابقة‪ ،‬ول يكون هناك من حل لتلك‬ ‫الزمة الثورية سوى بالتغيير الجذرى للمجتمع‪.‬‬ ‫والثثورة المصثرية بحكثم طبيعتهثا وبحكثم ميثزان القثوى ومسثتوى وعثى جماهيرهثا وطبيعثة‬ ‫الشثعارات الثتى رفعتهثا هثى ثثورة سياسثية تسثتهدف التخلثص مثن نظثام القهثر والسثتبداد وإقامثة‬ ‫نظام ديمقراطى‪ ،‬وهو ما لخصته الجماهير فى شعارات "تغيير‪ ،‬حرية‪ ،‬عدالة اجتماعية‪ .‬والبرنامج‬ ‫الثديمقراطى الواسثع يضثع بثالطبع فثى القلثب منثه مطثالب الجمثاهير فثى الديمقراطيثة الثتى ل‬ ‫تسثتهدف فقثط البرلمانيثة وإمكانيثة تبثادل السثلطة‪ ،‬ولكنهثا تسثتهدف الديمقراطيثة للجمثاهير بمثا‬ ‫تشثمله مثن حقثوق الجتمثاع والعتصثام والتظثاهر والضثراب‪ ،‬وحقثوق التعثبير والنشثر والعلم‪،‬‬ ‫وأيضا البرامج المطلبية للعمال والفلحين ومختلف الفئات‪ .‬ويتسع البرنامج أيضا ليشمل مقاومة‬ ‫أشكال التبعية الفجة وفرض القيود عليها‪ ،‬كما يشمل مقاومة أشكال التبديد الستهلكى المسف‪،‬‬ ‫وتوجيه القتصاد للنتاج الموجه لشباع مطالب الجماهير والحد من التبعية السياسية والقتصادية‬ ‫الحالية‪ .‬إن مثل هذا البرنامج هو ما يعبر عن الوضع الحالى لنضج الوعى الجماهيرى وهو ما يفتح‬ ‫الباب أمام التطور نحو مستقبل عادل لبناء مصر ينفى كل استبداد وكل استغلل وكل تبعية‪.‬‬ ‫ت فى كتابتها بعد الثورة مباشرة‬ ‫والفصل الول فى هذا الكتاب هو أول الفصول التى بدأ ُ‬ ‫ثم توقفت عن الكتابة لمشاغل كثيرة حتى رجعت إليه وأتممته فى يوليو عام ‪ .2011‬وحاولت فى‬ ‫هثذا الفصثل )المعنثون مصثر فثى ثلثيثن عامثا‪ :‬مثن مبثارك إلثى الثثورة( أن أتتبثع تطثور جنيثن الثثورة‬ ‫والتناقضثات السياسثية والقتصثادية فثى النظثام المصثرى فثى أواخثر عهثد السثادات وخلل عهثد‬ ‫الرئيس المخلوع‪ .‬وكان أول ما نشر هو الفصل الثانى المعنون "مستقبل الثورة‪ :‬قراءة فى ميزان‬ ‫القوى الراهن " الذى ك ُِتب ونشر بعد شهر من الثورة‪ ،‬بعد مليونيتى الجمعتين ‪ ،4‬و ‪ 11‬مارس حيث‬ ‫أدتثا إلثى عثزل وزارة أحمثد شثفيق وإسثناد تشثكيل الثوزارة إلثى الثدكتور عصثام شثرف‪ .‬أمثا الفصثل‬ ‫الثالث "الثورة والهدم والبناء" فكتب ونشر فى أعقاب مليونيتى الجمعتين ‪ 8 ،1‬إبريل الذين شهدتا‬ ‫القبثض علثى أبنثاء الرئيثس المخلثوع مبثارك وكبثار قثادة نظثامه )زكريثا عزمثى‪ ،‬وصثفوت الشثريف‪،‬‬ ‫وفتحثى سثرور( مثع تحديثد إقامثة الرئيثس‪ .‬وآخثر فصثول الكتثاب الربعثة المعنثون "مسثار الثثورة‬ ‫المصثرية‪ :‬يوليثو والسثتقطاب الثثورى فثى مصثر" فيشثير إلثى الحثداث الكثثيرة وبالغثة الثثر لشثهر‬ ‫صثر علثى اسثتكمال مهثام الثثورة وبيثن‬ ‫يوليثو مثن حيثث تبلثور السثتقطاب بيثن القطثب الثثورى ال ٌ‬ ‫م ّ‬ ‫المعسكر المحافظ الذى يرفع شعار الستقرار أول ويؤيد ترك المور للمجلس العسكرى والوزارة‬ ‫اكتفاء بما تم وثقة فى أن النظام القائم سوف يستكمل وحده ما يجب استكماله‪.‬‬ ‫والخيط الواضح فى الكتاب هو النظر دائما إلى المستقبل‪ ،‬مما يفرض أن يكون الغرض‬ ‫من تحليل ميزان القوى الجتماعى والسياسى والطبقى هو تحديد ملمح الطريق إلى المساهمة‬ ‫فى صنع المستقبل الثورى لبلدنا‪ .‬إن التكتيك لبد وأن ُيبنى على فهم دقيق وواقعى لميزان القوى‬ ‫هذا وإل وقع فى أسر تكتيك محافظ أو تكتيك مغامر‪ .‬ويهمنى هنا أن ألفت النتباه إلى خطأ شائع‬ ‫الحدوث بين الثوريين وبالذات بين بعض شباب الثورة‪ ،‬وهو خطأ اعتبار أن شيئا لم يحدث ومازلنا‬ ‫نقبع تحت نفس النظام ولم يتغير شيئ يذكر‪ .‬بل وردد البعض ما كان يقال أيام عهد مبارك من أن‬ ‫النظثام يثترك لنثا حريثة الكلم‪ ،‬أو حريثة النبثاح كمثا ردد البعثض‪ ،‬بينمثا ظثل هثو ينفثرد بعمثل مثا يريثده‪.‬‬ ‫ومثن الغريثب أن يسثتمر البعثض بعثد الثثورة يرددون هثذا فثى وصثف وضثعنا السثابق علثى الثورة ول‬ ‫يثدركون أن "النبثاح" الثذى يتحثدثون عنثه هثو الثذى سثاهم فثى إيقثاظ النثاس وفثى قيثام الثثورة! وأن‬ ‫‪2‬‬


‫النظام يفضل بالطبع أل يتكلم أحد كما كان فى فترة ما‪ ،‬ولم يسمح بحريات متزايدة فى التعبير إل‬ ‫بتغير ميزان القوى وانتزاع تلك الحقوق‪ .‬ويبدو للبعض أن الموقف الكثر ثورية هو الستهانة بكل‬ ‫تغيرات حدثت والدعوة إلى التغيير الجذى لوضع ل يفرق عن الوضع السابق‪ .‬من المهم بالطبع أن‬ ‫نعى حدود التغير الحادث وأل نبالغ فيه‪ ،‬وأن نكون على يقظة وانتباه دائمين لمهامنا فى استكمال‬ ‫إنجاز التغيرات الثورية ولكن هذا ل يعنى تجاهل ما تم تحقيقه ول تجاهل طبيعة ميزان القوى الذى‬ ‫حققه وإل كنا ننشر مناخا من الحباط بين بعض القطاعات الجماهيرية والهم أننا ل نستطيع تحديد‬ ‫مهامنا بدقة مادمنا ل نأخذ الدروس من كل نجاح تم أو كل إخفاق فى تحقيق الهداف‪ .‬إن واجبنا‬ ‫يتمثل فى تتبع ميزان القوى ليس فقط من خلل التغيرات الكبرى التى تبدو لكل مراقب من بعيد‪،‬‬ ‫ولكثن تتبثع حثتى التغيثرات البسثيطة فثى ذلثك الميثزان لفهثم مثا أدى إليهثا ومثا تأثيرهثا علثى التكتيثك‬ ‫وكيف نساهم فى صنع المستقبل‪ ،‬بينما التعميمات تقع دائما فى تطرف إسقاط أمانينا على الواقع‬ ‫والشثادة بمثا يحثدث وكثأن كثل الهثداف قثد تحققثت‪ ،‬أو بثالتطرف المضثاد وكثأنه ليثس هنثاك جديثد‪.‬‬ ‫وتلثك النظثرة هثى ثنائيثة البيثض والسثود الشثهيرة‪ ،‬فمثادامت أقصثى شثعاراتنا وأهثدافنا لثم تتحقثق‬ ‫فالصثورة لثم يحثدث فيهثا تغيثر‪ .‬تحمثل تلثك النظثرة الخيثرة‪ ،‬رغثم الحمثاس الثثورى لقائليهثا‪ ،‬ملمثح‬ ‫عدم النضج استلهاما لنموذج البيض واِلسود ومادام الثوب ليس أبيضا فهو أسود ل شك!‬ ‫وأنثا بثالطبع انتمثى إلثى الحثزب الشثتراكى المصثرى والكتثاب يعثبر بشثكل عثام عثن تيثار‬ ‫الحزب ومواقفه‪ ،‬وإن كان الحزب بالطبع ليس مسئول عن أى تقدير شخصى قد أكون قد أخطأت‬ ‫فيه‪ ،‬فالكتاب لم يقر كوثيقة حزبية بتفاصيله وصياغته‪.‬‬ ‫وأخيرا فإننى أدرك جيدا أن الحقيقة ل يحتكرها أحد بعينه‪ ،‬وأهدف من هذا الكتاب إلى فتح‬ ‫حوار حقيقى بين كل الثوريين وكل المهتمين بالشأن العام فى بلدنا من أجل فهم واقعنا ومهامنا‬ ‫فى إنجاز التغيير الثورى فيه‪.‬‬ ‫محمد حسن خليل‬ ‫أغسطس ‪2011‬‬

‫‪3‬‬

‫القثثثثثثثاهرة فثثثثثثثى‬


‫مصر فى ثلثين عاما‪ :‬من مبارك إلى الثورة‬ ‫مقدمة‬ ‫مثا أجمثل أن تتحقثق أجمثل أحلمنثا ويتثاح لنثا أن نعيثش الثثورة! مثا أروع أن نشثاهد الشثعب‬ ‫المصثرى يعيثد خلثق نفسثه ويسثتجمع كثل طاقثاته ويسثترجع أقثوى وأروع مثا فيثه ليعيثد خلثق واقعثه‬ ‫علثى مثثاله الجديثد طثوال ثمانيثة عشثر يومثا ينهيهثا باحتفثاله بسثقوط رؤوس ورمثوز النظثام القثديم‬ ‫والعلن المهيب عن دخول السد الجبار إلى الساحة ليستعد لستكمال مهام ثورته بالقضاء على‬ ‫كامل النظام القديم‪ ،‬ويستعد‪ ،‬وهذا هو الهم‪ ،‬لخلق نظامه الجديد المطبوع بطابعه الثورى الحر!‬ ‫وقد أ سقطت ثورة الشعب أيضا كل أوهام اليائسين الذين أدعوا أن الشعب ل أمل فيه‪،‬‬ ‫وأن النظام الحاكم الكلى الجبروت والمتصرف فى كل شيئ قد اختار أن يترك للمعارضين مهمة‬ ‫الكلم وحرية النباح بينما ترك لنفسه حرية الفعل كأنما للبد! وصارت تتردد فى أقاويل المعارضة‬ ‫اليائسة من شعبها كلمات من نوع لو لم أكن مصريا لوددت أل أكون مصريا‪ ،‬أو مصر ليست أمى‬ ‫ولكنهثا زوج أبثى! فقثط النظثرة السثطحية والطفوليثة واليائسثة هثى الثتى تثرى الشثياء إمثا أبيثض أو‬ ‫أسود‪ ،‬وحتى عشية الثورة فمادام اللون ليس أبيضا إذن فهو أسود!‬ ‫ولكثن التاريثخ ل يسثير على هذا النحثو‪ .‬فقثط الدراسثة المتأملثة والتفصثيلية للتاريثخ تسثلحنا‬ ‫برؤية علمية ضد اليأس وتسلحنا أيضا بالتكتيك السليم الذى يجب أن يبنى على الحساب الدقيق‬ ‫لميزان القوى الجتماعية والطبقية فى كل لحظة وليس إلى تطرف البيض والسود‪ .‬إذن علينا أن‬ ‫ندرس نظام مبارك منذ مجيئه وحتى سقوطه حتى نتمكن من فهم كيف قامت الثورة وكيف ومتى‬ ‫بدأ النظام القديم فى التداعى‪ ،‬وما هو ميزان القوى الن وإلى أى اتجاه يجب أن نصوب من أجل‬ ‫تطوير الثورة لتحقيق أهدافها‪ .‬إن هذا يعنى محاولة أن نفهم الظروف والقوانين التى حكمت نظام‬ ‫مبارك خلل العوام الثلثين الماضية‪ ،‬وكيف تفاعل مع ظروفه الداخلية والخارجية‪ ،‬وما المراحل‬ ‫التى مر بها حتى تداعى وتخلى عن رئيسه بهذا الشكل فى ثمانية عشر يوما‪ .‬لقد جاء تولى مبارك‬ ‫للحكم فى غمار أزمة طاحنه ذروتها اغتيال الرئيس السادات‪ .‬ونذكر هنا أن مبارك أدعى وقتها أنه‬ ‫لن يبقى فى الحكم سوى فترة واحدة ولكنه استمر ثلثين عاما يمكن تقسيمها لثلث مراحل شبه‬ ‫متسثاوية زمنيثا لتنتهثى بسثقوطه هثو وبعثض رمثوز نظثامه‪ .‬بينمثا يثدور صثراع شثديد بيثن مؤسسثات‬ ‫النظام القديم التى تحاول إعادة بناء نفسها مع بعض التنازلت الجزئية وبوجوه جديدة‪ ،‬وبين قوى‬ ‫الثثورة السثاعية لسثتكمال تنفيثذ مهمتهثا الثتى أخثذتها علثى عاتقهثا مثن أول لحظثة‪" :‬الشثعب يريثد‬ ‫أسقاط النظام" كله ل الكتفاء ببعض الترميم!‬

‫الزمة التى صاحبت تولى مبارك للسلطة‬ ‫بالطبع ليس كل رئيس جديد يعتبر مؤشرا لمرحلة جديدة‪ ،‬فكثير من الرؤساء هم مجرد‬ ‫تغييثر فثى الشثخاص علثى نفثس السثس‪ .‬حقثا إن كثل جديثد يثأتى أيضثا اسثتمرارا للقثديم فثى بعثض‬ ‫جثوانبه‪ ،‬ولكثن مثدى السثتمرارية بيثن النظثامين فثى مقابثل حثدود الجديثد هثو مثا يوضثح مثا إذا كثان‬ ‫التغير مجرد تغيير بسيط فى الشخاص أم أنه مرحلة جديدة لها سماتها الخاصة‪ .‬وإذا كان مجيئ‬ ‫مبارك إلى الرئاسة من موقع نائب الرئيس قد تحقق باغتيال الرئيس القديم فإن هذا وحده يوضح‬ ‫مدى الستمرارية‪ ،‬إذن فما هو الجديد؟‬ ‫لم تكن المشكلة فى عام ‪ 1981‬هى مجرد اغتيال رئيس الجمهورية‪ ،‬فقد حدث هذا مرارا‬ ‫فثى بلثدان مختلفثة دون أن يثؤدى إلثى نظثام جديثد‪ .‬ولكثن الملفثت للنظثر هنثا هثو الرتيثاح الشثعبى‬ ‫الواسع لختفاء الرئيس السادات الذى عبر على جسد آلف الشهداء ليعقد الصلح مع أعداء مصر‬ ‫التثاريخيين أمريكثا وإسثرائيل‪ .‬كمثا جسثد الزمثة أيضثا نجثاح الجماعثات السثلمية الجهاديثة فثى‬ ‫السيطرة على مدينة أسيوط واحتلل مديرية المن بها لمدة ثلثة أيام‪ .‬وهناك بعد هام للزمة هو‬ ‫واقثع انتقثال مصثر مثن الموقثع القيثادى داخثل الثوطن العربثى إلثى وضثع العزلثة عثن الثدول العربيثة‬ ‫المنقسثمة إلثى معسثكر الصثمود والتصثدى ومعسثكر العتثدال وكلهمثا يقثاطع مصثر بعثد معاهثدة‬ ‫السلم مع إسرائيل‪ ،‬كما وتم نقل جامعة الدول العربية من مصر إلى تونس!‬ ‫‪4‬‬


‫ومثن ملمثح تلثك الزمثة النقثاش الثذى جثرى وقتهثا فيمثا سثمى بثالمكتب السياسثى للحثزب‬ ‫الوطنى الحاكم فى أعقاب اغتيال السادات‪ ،‬حيث بدا استقطاب حاد أحد طرفيه هو وزير الداخلية‬ ‫وقتها النبوى اسماعيل يسانده عثمان أحمد عثمان الذين رأوا أن اغتيال السادات فى ‪ 6‬أكتوبر بعد‬ ‫شهر من حملة القمع الشهيرة فى ‪ 5‬سبتمبر التى طالت حوالى ‪ 1500‬من رموز المعارضة اليمينية‬ ‫واليسثارية والدينيثة السثلمية والمسثيحية تثبثت أن هثذا القمثع لثم يكثن كافيثا‪ ،‬وأنثه يجثب البطثش‬ ‫بمزيد من القوة بالمعارضة‪ .‬ولكن كان هنثاك رأى مختلثف للطرف الخر وساندته أمريكا‪ ،‬إذ رأت‬ ‫فيثه فرصثة لمنثاورة ضثرورية لتغييثر التكتيثك حفاظثا علثى النظثام‪ .‬والمثر يتعلثق هنثا بثالموقف مثن‬ ‫المعارضثة فثى ظثروف الحتقثان البثالغ فثى المجتمثع‪ ،‬أى محاولثة الوصثول إلثى معادلثة مسثتوى‬ ‫حريثات التعثبير المتثاح أمثام الجمهثور فثى ظثل الحتقثان الثداخلى والمعارضثة المتناميثة بمثا ل يهثدد‬ ‫أسس النظام‪ .‬وكل نظام طبقى يعرف طبعا أنه ل يمكن أن يستمر بدون أجهزة قمع تحميه من‬ ‫بوليس ومباحث ومخابرات وجيش عند اللزوم‪ .‬ولكن كل نظام يدرك أيضا أن النظم يستحيل أن‬ ‫تحيثا علثى القمع وحثده دون درجثة من القبثول الشثعبى‪ ،‬وأن أى نظام يحيثا مرفوضثا مثن شثعبه‪ ،‬أى‬ ‫يحيا على القمع وحده تصبح أيامه معدودة‪.‬‬ ‫لقثد وعى نظثام السادات جيثدا درس النفجثارات الجتماعيثة المتزايدة سثنويا الثتى حثدثت‬ ‫بعد نكسة ‪ 1967‬خلل العوام ‪ 1973 ،1972 ،1968‬ورأى أن استمرار نظام الرأى الواحد الستبدادى‬ ‫مثع انفجثارات سثنوية ل يصثلح للحفثاظ علثى النظثام ذاتثه‪ .‬لقثد اسثتطاع النظثام الناصثرى "تثأميم‬ ‫الصراع الطبقى" كما قيل بين ‪ 1954‬و ‪ 1967‬استنادا إلى تبنى مطامح الشعب فى العداء للستعمار‬ ‫مثع درجثة مثن تحثديث البنثى القتصثادية والنجثازات الجتماعيثة فثى خلثق فثرص العمثل وتطثوير‬ ‫وتوسيع نطاق خدمات التعليم والصحة‪ .‬ولكن تغير الوضع بعد هزيمة ‪ 1967‬بما ل يسمح باستمرار‬ ‫نظثام الحثزب الواحثد والثرأى الواحثد‪ .‬وبقثدر مثا كثانت الحركثات الحتجاجيثة الجتماعيثة والسياسثية‬ ‫المعارضة أحد أسباب تبنى الحكم لتكتيك خوض حرب ‪ 1973‬بقدر ما كانت سببا فى تخلى النظام‬ ‫بعدها مباشرة فى ورقة أكتوبر ‪ 1974‬عن نظام الحزب الواحد والرأى الواحد والنتقال إلى المنابر‬ ‫ثثم الحثزاب فثى الفثترة بيثن ‪ 1974‬و ‪ .1977‬ويسمى الفقهاء الدستوريون ذلك التغيير بالتعددية‬ ‫المقيثثدة )وليثثس الديمقراطيثثة( تمييثثزا لثثه عثثن الثثرأى الواحثثد والحثثزب الواحثثد مثثن ناحيثثة وعثثن‬ ‫الديمقراطية بمفهومها المعروف من جهة أخرى‪ .‬فهذا النظام ل يستحق تسمية الديمقراطية فى‬ ‫عرف الفقهاء الدستوريين لنه ل يتيح تداول السلطة بين الحزاب إذ تبقى‪ ،‬بحكم التزوير وبحكم‬ ‫حثدود حريثات التعثبير‪ ،‬تبقثى السثلطة فثى يثد الحثزب الحثاكم‪ .‬لكننثا نثرى أن تلثك التفرقثة تغفثل بعثدا‬ ‫هاما فى التمييثز بين تلك التعدديثة المقيدة والديمقراطيثة الحقيقية‪.‬ففى التعدديثة المقيثدة تقتصر‬ ‫الحريثات فثى تلثك النظثم علثى توسثيع حثدود حريثة الصثحافة والنثدوات المحثدودة والمثؤتمرات‬ ‫الجماهيرية النادرة‪ ،‬وقت النتخابات بشكل رئيسى‪ ،‬مع خلوها من حريات التعبير الجماهيرية مثل‬ ‫حق الجتماع والتظاهر السلمى وحق الضراب وحريات النشر والصحافة الكاملة وغيرها‪.‬‬ ‫لقد ترافق دور السادات فى تغيير وضع الحريات السياسية من نظام الحزب الواحد إلى‬ ‫نظام التعددية المقيدة مع تغيير النظام القتصادى للتوجه نحو اقتصاد مفتوح للسوق فيما عرف‬ ‫بسياسة النفتاح القتصادى بما اشتملت عليه من حريات أربع لرأس المال‪ :‬تحرير التجارة‪ ،‬وحرية‬ ‫الستثمار‪ ،‬وحرية تحويل العملة‪ ،‬وأخيرا "تحرير" استغلل القوى العاملة من خلل تخفيف قوانين‬ ‫العمالثة مثن ضثمانات العمثال‪ .‬وقثد منحثت تلثك الحريثات بثالطبع لثرأس المثال المحلثى والعربثى‬ ‫والجنثبى علثى حثد سثواء‪ .‬ودفثع هثذا البعثض إلثى القثول أن جثذر النتقثال إلثى التعدديثة المقيثدة فثى‬ ‫السياسة هو النتقال القتصادى الحادث‪ .‬إل أن التاريخ يعلمنا أن النتقال للحرية القتصادية يمكن‬ ‫أن يكثون فثى ظثل حريثات نسثبية كمثا يمكنثه أن يثترافق مثع أشثد النظمثة ديكتاتوريثة كمثا نثرى فثى‬ ‫مثثال شثيلى بينوشثيه والمملكثة العربيثة السثعودية‪ ،‬ول توجثد علقثة ميكانيكيثة بيثن حريثات التعثبير‬ ‫السياسية وبين الخذ بالقتصاد الحر‪ .‬فالدافع الرئيسى لتخفيف القيود على حريات التعبير فى عهد‬ ‫السادات فى الفترة بين ‪ 1974‬و‪ 1977‬هو سبب سياسى لمتصاص السخط الجتماعى الذى تجسد‬ ‫فثى النفجثارات السثنوية خصوصثا فثى ظثل ثقثة السثادات فثى قثدرة إنجثاز العبثور علثى ضثمان تأييثد‬ ‫الشعب له‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫إل أن تلثك الموازنثة لثم تثدم بعثدما أدت سياسثات التحريثر القتصثادى والعلج بالصثدمة‬ ‫بالجراءات القتصادية ورفع السعار فى يناير ‪ 1977‬إلى تفجر انتفاضة ‪ 18‬و ‪ 19‬يناير الشهيرة حيث‬ ‫قدم الشعب ما يزيد عن ‪ 300‬شهيد‪ ،‬وحيث لم يمكن السيطرة على السخط الجماهيرى إل بنزول‬ ‫الجيش وفرض حظر التجول مع التراجع عن القرارات القتصادية التى تسببت فى انفجار السخط‪.‬‬ ‫ثثم أتثت مبثادرة السثادات بزيثارة القثدس فثى نوفمثبر ‪ 1977‬وما صاحبها من سخط بالذات بين‬ ‫المثقفيثن لتثدعم الثتراجع عثن التعدديثة المقيثدة‪ .‬واتسثمت السثنوات الخمثس الخيثرة مثن حكثم‬ ‫السثثادات )ينثثاير ‪ -1977‬أكتوبر ‪ (1981‬بالقمع الشديد والملحقات لمختلف القوى السياسية‬ ‫المعارضثة وإجبثار حثزب الوفثد علثى تجميثد نفسثه وإجبثار حثزب التجمثع علثى وقثف إصثدار جريثدة‬ ‫الهالى بعد المصادرات المتتالية لعدادها‪ ،‬انتهاء بالقبض على ‪ 1500‬من قادة المعارضة من أحزاب‬ ‫وقوى دينية إسلمية ومسيحية ووزراء ورجال نظام سابقين شملوا وزراء وحتى مستشار سياسى‬ ‫سثابق للرئيثس مثثل محمثد حسثنين هيكثل! كمثا تثم نقثل المئات مثن أسثاتذة الجامعثات والصثحفيين‬ ‫إلى المؤسسات الحكومية وشركات القطاع العام‪ .‬وهكذا انتهت عمليا التجربة القصيرة فى عمر‬ ‫التعددية المقيدة الساداتية التى لم تتجاوز ثلث سنوات )‪ .(1977-1974‬وأصبح السؤال أمام الحاكم‬ ‫الجديثد حسثنى مبثارك هثو إمثا زيثادة القمثع الثذى كلثف النظثام حيثاة رئيسثه ومحاولثة الجماعثات‬ ‫السلمية عمل انقلب‪ ،‬أو اللجوء لتغيير التكتيك!‬

‫المباركية والمناورة الضرورية لطبقة مأزومة‪ :‬المرحلة الولى‬ ‫)الثمانينات(‬ ‫هكثذا وجثدت السثلطة الجديثدة نفسثها فثى خضثم أزمثة داخليثة وخارجيثة مثع رفثض إقليمثى‬ ‫عربثى وسثخط داخلثى مكبثوت وقثوى سياسثية فثى السثجن مثع رئيثس قثديم اغتيثل ورئيثس جديثد‬ ‫مفتقثد لشثرعية المسثاهمة فثى مجلثس قيثادة ثثورة ‪ 1952‬ولى شرعية أخرى حيث كان عليه فى‬ ‫الظروف الجديدة خلق شرعية مستقلة له‪ .‬وبالطبع لم يكن الرئيس وحده فى مواجهة كل هذا فقد‬ ‫كان معة الوصياء الناصحون المريكان كما لم يتخل عنه معسكر الرجعية العربية بقيادة السعودية‬ ‫الثذى ل يفقثد اهتمثامه بمصثر عنصثر الثقثل الهثام فثى النظثام العربثى كلثه سثواء كثانت فثى معسثكر‬ ‫التقدم أيام عبد الناصر أم فى معسكر الرجعية!‬ ‫وكثانت المباركيثة هثى التكتيثك الثذى قررتثه طبقثة مأزومثة‪ ،‬والثذى تضثمن جثوانب متعثددة‪:‬‬ ‫ففثى المجال العربى أتثت بثوزيرى خارجيثة بثارزين‪ :‬عصثمت عبثد المجيد ثثم عمثرو موسثى وبدعايثة‬ ‫مؤداهثا أن معاهثدة السثلم مفروضثة وانتهثت وأنثه مثن غيثر المناسثب إلغاءهثا بعثد اسثترداد سثيناء‪.‬‬ ‫واكتسثى كثل هثذا بقنثاع شثبه ناصثرى‪ :‬فمبثارك يتجاهثل السثادات فثى أحاديثثة فثى الفثترة الولثى‬ ‫ويتجاهل زيارة قبره فى أول ذكرى له‪ .‬وبعد هذا يحرص على زيارة قبر عبد الناصر ثم زيارة قبر‬ ‫السثادات‪ .‬وعمثرو موسثى يتقثن الرطانثة الناصثرية مثن حيثث الشثكل ويعلثى الصثوت تجثاه إسثرائيل‬ ‫دون المساس بالطبع بالوضاع القانونية التى فرضتها معاهدة السلم‪ .‬والسرائيليون الساخطون‬ ‫بثالطبع ينحصثر نقثدهم فثى اعتراضثهم علثى السثلم البثارد مطثالبين بتطثوير التطثبيع‪ ،‬ول يتورعثون‪،‬‬ ‫كما فعل رئيس الوزراء بيجن فى أعقاب غزو إسرائيل للبنان عام ‪ ،1982‬عن التهديد بإعادة احتلل‬ ‫سيناء عندما قامت مصر باستدعاء السفير المصرى فى تل أبيب للتشاور!‬ ‫أمثا علثى السثاحة الداخليثة فقثد اسثتأنف مبثارك تجربثة التعدديثة المقيثدة‪ ،‬وبثدأ بالحركثة‬ ‫المسثرحية بثالفراج عثن قثادة المعارضثة لكثى ينتقلثوا مثن السثجن إلثى القصثر الجمهثورى لمقابلثة‬ ‫الرئيس الجديد! وتدريجيا عادت تجربة التعددية المقيدة إلى الزدهار واستأنف حزب التجمع إصدار‬ ‫جريثدته وتخلثى حثزب الوفثد عثن التجميثد وأعلثن اسثتئناف نشثاطه وأصثدر جريثدته اليوميثة‪ ،‬ونشثط‬ ‫حثزب العمثل مثع خثروج قثادته مثن السثجون‪ .‬وتميثزت تجربثة التعدديثة المقيثدة المباركيثة عثن‬ ‫الساداتية بطول فترتها‪ .‬وسعت قوى جماهيرية حية إلى استغلل ذلك المستوى من الحريات فى‬ ‫تأسيس العديد من الجمعيات الهلية والتنظيمات جماهيرية فى مجال حقوق النسان والدفاع عن‬ ‫الحريثات العماليثة وعثن المثرأة والصثحة وغيرهثا‪ ،‬ولجثأ بعضثها فثى مواجهثة القيثود علثى نشثاط‬ ‫الجمعيثات الهليثة التابعثة للشثئون الجتماعيثة –لجثأت إلثى شثكل الشثركات التجاريثة غيثر الربحيثة‬ ‫ككيان قانونى واتسعت بدرجة مهمة حريات التعبير المنتزعة‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫ورفع مبارك نفسه فى بداية عهده شعارات طهارة اليد )!( واعتقل عددا من رموز الفساد‬ ‫فى عهد السادات بدءا بعصمت السادات ورشاد عثمان وغيرهم بل وتمت محاكمتهم الحكم على‬ ‫بعضهم بالحبس‪.‬‬ ‫وأتثت تلثك السياسثة الثتى اسثتمرت طثوال السثنوات العشثر الولثى مثن حكثم مبثارك‪ -‬أتثت‬ ‫بنجاحات للنظام متمثلة فى نجاحه فى كسر المقاطعة العربية واستعادة الجامعة العربية للقاهرة‬ ‫وتعيين عصمت عبد المجيد أمينا عاما فى نهاية عام ‪ .1990‬وبهذا استعادت مصر الدور القيادى على‬ ‫السثاحة الرسثمية العربيثة )بالمشثاركة مثع المملكثة العربيثة السثعودية(‪ ،‬كمثا نجثح نظثام مبثارك فثى‬ ‫اكتسثاب درجثة مثن التأييثد الشثعبى للحكثم الجديثد واسثتطاع تكثوين قاعثدة لثه وتحقيثق فثترة مثن‬ ‫الهدوء الداخلى‪ .‬وترافق هذا مع تركيز القمع الوحشى على التيار الدينى الجهادى الذى اغتال رأس‬ ‫النظام السابق وحاول منافسته على الحكم!‬ ‫ول يكتمل الحديث عن تلك الفترة إل بالشارة للحركة الجماهيرية‪ .‬فهناك أزمة اقتصادية‬ ‫طاحنة ألمت بمصر فى عهد السادات والتى بلغت ذروتها بالعلن السرى عن إفلس مصر عشية‬ ‫حرب أكتوبر على لسان السادات )قوله أن الميزانية قد وصلت إلى الصفر قبيل حرب أكتوبر( فى‬ ‫محثاولته إقنثاع رجثال الطبقثة بخثوض حثرب أكتثوبر كخلص وحيثد‪ .‬ولكثن فتثح أبثواب تصثدير العمالثة‬ ‫للخثارج وطثرق الصثعود الفثردى وحثل المشثاكل الحياتيثة أمثام القثوى العاملثة المصثرية عثن طريثق‬ ‫الهجرة المؤقتة للعمل‪ ،‬خصوصا فى ظل تصاعد الطلب عليها فى السعودية والخليج بعد الطفرة‬ ‫النفطيثثة واتجثاه تلثثك الثثدول لبنثاء بنيثثة تحتيثثة متطثثورة‪ ،‬سثثاهم فثى تخفيثثف وطثثأة الزمثثة علثثى‬ ‫المصريين‪ .‬لقد كان تصدير العمالة هو بديل فشل التنمية‪ ،‬وأثر فتح مجال الحل الفردى للزمات‬ ‫القتصثادية أثثر سثلبا علثى تطثور النضثال الجمثاعى مثن أجثل تحسثين الحثوال فثى الثداخل‪ .‬ول يعنثى‬ ‫هذا بالطبع غياب الحتجاجات الجماهيرية‪ ،‬ولكنه بالطبع أثر سلبا على قوتها‪ .‬وكان أبرز التحركات‬ ‫العمالية فى تلك الفترة )الثمانينات( هو إضراب عمال السكك الحديدية عام ‪ 1986‬وعمال الحديد‬ ‫والصثلب عثام ‪ .1989‬وفى أعقاب قيام الحكومة باغتيال الجندى سليمان خاطر فى السجن‪ ،‬وهو‬ ‫الجنثدى الثذى أطلثق النثار فثى سثيناء علثى سثياح إسثرائيليين لثم يمتثلثوا لمثر التوقثف عثن اجتيثاز‬ ‫منطقثة عسثكرية‪ ،‬خرجثت مظاهرات مصثرية عارمثة شملت معظثم الجامعثات ومعظثم المثدن فى‬ ‫تعثبير عثن عجثز الحكومثة عثن تجثاوز حثاجز الرفثض الجمثاهيرى للعثدو الصثهيونى‪ .‬وبثرزت كثذلك‬ ‫انتفاضة جنود المن المركزى عام ‪ .1986‬وبالطبع أثار كل ذلك قلق النظام خصوصا وقد تضامنت‬ ‫مثع تلثك الحركثات منظمثات حقثوق إنسثان ونقابثات ومنظمثات أهليثة متعثددة‪ .‬كمثا بثرزت حركثات‬ ‫جماهيريثة مختلفثة تفضثح الفسثاد الثذى بثدأ فثى التنثامى وتظهثر رائحتثه‪ ،‬وتفضثح كثذلك التعثذيب‬ ‫الوحشى للجماعات السلمية فى السجون وتوحش جهاز الشرطة فى التعامل مع المدنيين فى‬ ‫أقسثام البثوليس وغيثر ذلثك مثن المظثاهر الثتى بثدأت تثثير السثخط الجمثاهيرى‪ .‬ولكثن الحركثة‬ ‫الجماهيرية ككل اتخذت شكل النفجارات المتباعدة وتنامى حركات احتجاج المثقفين أساسا مع‬ ‫ضثعف الحركثة العماليثة الضثرابية والحركثات الحتجاجيثة الجماهيريثة بشثكل عثام‪ ،‬وابتعثدت تلثك‬ ‫الحركات عن أن تصبح نمطا للحياة اليومية‪ ،‬وهو ما حدث بعد ذلك فى اللفية الثالثة‪.‬‬

‫التسعينات وتغيير ضرورى فى التكتيك‪ :‬المرحلة الثانية‬ ‫إذن فقد أتت التسعينات والنظام قد نجح فى تجاوز العزلة العربية ورجع لمحيطه الطبيعى‬ ‫مقبثول منثه رغثم اسثتمرار كثامب دافيثد ومعاهثدة السثلم مثع إسثرائيل‪ ،‬كمثا نجثح فثى خلثق شثرعيته‬ ‫الخاصة من خلل المعادلة التى نجح فى تطبيقها وأدت إلى فترة طويلة نسبيا من التعددية المقيدة‬ ‫سمحت بتجاوز وضع الصوت الواحد والحزب الواحد ناصرى الطابع الذى انتهى وقته‪ .‬إل أن ضريبة‬ ‫الوضع الجديد التى بدأت فى التضاح هى تراكم السخط وتزايد المعارضة الشعبية بالذات فى عدد‬ ‫مثن المنثابر الهامثة‪ .‬فقثد أبثرزت الحركثة العماليثة المتصثاعدة وحركثة منظمثات حقثوق النسثان‬ ‫ومختلثثف منظمثثات المجتمثثع المثثدنى المتعاطفثثة معهثثا ضثثرورة تصثثدى النظثثام لهثثا خوفثثا مثثن‬ ‫اسثتفحالها‪ .‬كمثا سثاهمت عثودة قسثم مهثم مثن العمالثة المصثرية مثن العثراق والكثويت فثى أعقثاب‬ ‫غزو العراق للكويت عام ‪1990‬فى تفاقم البطالة والغلء كمصادر للسخط‪ .‬وصدر قانون اليجارات‬ ‫الزراعية رقم ‪ 96‬لسنة ‪ 1992‬لطلق قيمة اليجارات الزراعية بدون حد أقصى مع إلغاء أبدية عقود‬ ‫اليجارات –بل وإلغاء أى حد أدنى لمدة العلقة اليجارية التى تؤمن المنتج الحقيقى مما جعل الحد‬ ‫‪7‬‬


‫الدنثى لليجثار أقثل مثن سثنة‪ ،‬أى اليجثار بالزرعثة‪ -‬ممثا أدى إلثى نثزع الراضثى المثؤجرة وتسثليمها‬ ‫للملك "الغثائبين عثادة" علثى حسثاب المنتجيثن الحقيقييثن‪ .‬وبعثد انتهثاء مهلثة الفثترة النتقاليثة عثام‬ ‫‪ 1997‬وعند التطبيق الفعلى للقانون تمسك معظم الفلحين بالرض وتدخل المن المركزى‬ ‫لتسثليمها لملكهثا بثالقوة فقثدمت الحركثة الفلحيثة حثوالى ‪ 130‬شهيدا فى تلك المعارك‪ .‬كما أن‬ ‫مشثاركة القثوات المصثرية بجثانب القثوات المريكيثة والدوليثة فيمثا سثمى بحثرب تحريثر الكثويت‬ ‫دفعثت بأقسثام مثن المعارضثة للنثزول للشثارع فثى اعثتراض علثى النحيثاز العسثكرى المصثرى‬ ‫للقوات الغربية ومساهمته فى إنجاح مخططها لرسم خريطة الشرق الوسط المريكى‪.‬‬ ‫لكثل هثذا بثدأ نظثام مبثارك فثى خطثة منظمثة لتقليثص حريثات التعثبير واسثتعادة مزيثد مثن‬ ‫تحكمه فى المور‪ .‬وبدا هذا واضحا فى التسعينات فى مسلسل القوانين المقيدة للحريات‪ .‬فقد بدأ‬ ‫النظام بالنقابات المهنية مع إقرار القانون رقم ‪ 100‬لسنة ‪ 1993‬لتقليص قدرتها على التحرك التى‬ ‫وصلت إلى حد شللها الكامل‪ ،‬وشهدت النقابات الكثر نشاطا أبرز تنكيل تمثل فى فرض الحراسة‬ ‫علثى نقثابتى المحثامين والمهندسثين وتعطيثل النتخابثات فثى نقابثات الطبثاء والصثيادلة وأطبثاء‬ ‫السنان والتجاريين منذ منتصف التسعينات وحتى سقوط نظام مبارك‪.‬‬ ‫تل هثذا تعثديل قثانون النقابثات العماليثة بالقثانون رقثم ‪ 12‬لسنة ‪ 1995‬لمد مدة الدورة‬ ‫النتخابيثة )مثن أربثع إلثى خمثس سثنوات( لتقليثل الزعثاج الثذى تسثببه النتخابثات للحكومثة علثى يثد‬ ‫المعارضين‪ ،‬مع زيادة قدرة الحكومة على التدخل الدارى لتقييد نشاطها وتشويه البنيان النقابى‬ ‫بالصثرار علثى إلغثاء الجمعيثة العموميثة كتجمثع لكثل العمثال العثاملين بالمنشثأة الصثناعية وقصثرها‬ ‫على الممثلين المنتخبين من كل مصنع فى الجمعية العمومية للنقابة العامة‪.‬‬ ‫ثثم أتثى تعثديل قثانون الجمعيثات الهليثة نحثو قثانون أكثثر اسثتبدادا بكثثير بواسثطة القثانون‬ ‫رقم ‪ 153‬لسنة ‪ 1999‬حيث زادت مدة الدورة بين النتخابات كما فى النقابات العمالية مع منح وزارة‬ ‫الشئون الجتماعية سلطات مطلقة –ليس فقط فى الموافقة على تأسيس الجمعيات بل فى حلها‬ ‫وتغيير مجالس إدارتها والعتراض على قرارات جمعياتها العمومية‪.‬‬ ‫وارتبطثت تلك التعديلت كلهثا بمعارضة واسعة فى صفوف جماهير تلك المنظمات‪ ،‬وتثم‬ ‫خثوض معثارك جماهيريثة علثى سثاحة البيانثات والتجمعثات والمظثاهرات والعثتراض فثى مجلثس‬ ‫الشثعب وكذلك تم خوض معارك قانونيثة ضثد تلك القثوانين لتعارضثها مع الدستور ومع التفاقيات‬ ‫الدولية الضامنة للحريات المدنية والسياسية ولحقوق النسان‪ ،‬والتى وقعت عليها مصر‪.‬‬

‫بين القتصاد والسياسة‪ :‬أمريكا‪ ،‬العرب‪ ،‬المستثمرون‬ ‫لمثا كثان العثرض التثالى سياسثيا فثى طثابعه‪ ،‬ويهثدف أساسثا إلثى رؤيثة منطثق تطثور حكثم‬ ‫النظام المصرى فى عهد مبارك وكيف قادت تناقضاته الساسية إلى تشكل وتطور جنين الثورة‬ ‫داخلثه حثتى أطيثح بثه فثى ‪ 11‬فبراير ‪ ،2011‬فثإن هثذا بالضثرورة يسثتبعد التنثاول التفصثيلى لتطثورات‬ ‫الوضثاع القتصثادية خلل ذلثك العهثد‪ .‬إل أن التضثافر الوثيثق بيثن القتصثاد والسياسثة‪ ،‬والعلقثة‬ ‫الوثيقة بين آثار السياسة النيوليبرالية بالذات فى مجال الخصخصة وبين قيام الثورة يقتضى حديثا‬ ‫موجزا عن مصر فى عهد النفتاح القتصادى‪.‬‬ ‫تمثلت النعطافة القتصادية فى مصر منذ عام ‪ 1974‬فى الخذ بسياسة النفتاح القتصادى‬ ‫بمثا تعنيثه مثن فتثح البثواب‪ ،‬أو الدق الفتثح التثدريجى لبثواب تحريثر التجثارة الداخليثة والخارجيثة‪،‬‬ ‫واتخاذ السياسات الملئمة لجذب وتشجيع رءوس الموال المحلية والعربية والدولية على القدوم‬ ‫للستثمار فى مصر‪ ،‬مع ما يستلزمه ذلك من تحرير متزايد للعملة المحلية من أجل توفير إمكانيات‬ ‫التحريثر الحقيقثى للتجثارة الخارجيثة وتحويثل عثائد السثتثمارات للخثارج‪ .‬لقثد بثادرت مصثر إلثى تلثك‬ ‫السياسثات مدفوعثة بأزماتهثا القتصثادية حثتى مثن قبثل حثرب أكتثوبر عثام ‪ ) 1973‬أنظر مثل قانون‬ ‫السوق الموازية وتخفيض الدولر فى وعائها من ‪ 40‬إلى ‪ 55‬قرشا فى صيف ‪ ،(1973‬ثم أتى تدخل‬ ‫مؤسسات التمويل الدولية فى أعقاب حرب أكتوبر وتدعيم العلقات مع الغرب لكى يساهم بدور‬ ‫رئيسثى فثى رسثم ملمثح تلثك السياسثات ولكثى يربثط بهثا المعونثات الغربيثة‪ ،‬ولكثى يسثتخدم عنثد‬ ‫الضرورة مختلف أدوات الضغط من أجل تنفيذها‪.‬‬ ‫‪8‬‬


‫وتميثز عقثد الثمانينثات بالتوسثع الشثديد فثى السثتيراد بالثذات فثى السثلع الكماليثة لشثباع‬ ‫النهم الستهلكى لطبقات سائدة محرومة فى فترة السيطرة على التجارة الخارجية وعلى تحويل‬ ‫العملت الجنبيثة فثى العهثد الناصثرى‪ ،.‬كمثا تميثز بالتوسثع فثى السثماح بحيثازة العملثة الجنبيثة‬ ‫وبالتحرير المتزايد لحقوق حيازة وتحويل هذه العملت‪ .‬كما تميزت السياسات النقدية والمالية فى‬ ‫التوسع فى التمويل بالعجز ونتج عن ذلك وجود عجز شديد فى الموازنة العامة للدولة وفى ميزان‬ ‫التعامل مع الخارج‪ .‬وبالنسبة للجمهور كانت السمة البارزة هى التضخم الشديد الذى انعكس على‬ ‫انخفاض الجور الحقيقية وتدهور مستوى معيشة العمال والموظفين وذوى الدخول الثابتة‪ .‬وظهر‬ ‫التباين بين مسثتوى العاملين فى الحكومثة من جهثة والقطاع العام من جهثة أخرى‪ ،‬فقد اسثتطاع‬ ‫القطثاع العثام الحتفثاظ بقسثم أساسثى مثن عمثالته والسثتمرار فثى النتثاج بفضثل اللجثوء إلثى‬ ‫البدلت التى تساوى مثل إلى مثلى المرتب‪ ،‬وبقيت المرتبات فى معظم وحدات الجهاز الحكومى‬ ‫علثى محثدوديتها‪ .‬وفثى المقابثل انتعشثت دخثول القطاعثات المرتبطثة بالتجثارة وبالثذات فثى السثلع‬ ‫المسثتوردة‪ .‬وفتحثت ضثغوط السثعار تلثك بثاب الهجثرة المؤقتثة للعمثل بالخليثج الثذى فتثح أبثوابه‬ ‫واسعة بعد الطفرة فى أسعار البترول للعمالة الوافدة من أجل بناء بنية تحتية حديثة وتطوير جهاز‬ ‫الدولثة الدارى والمثالى والخثدمى‪ .‬وقثدرت دورة العمالثة المصثرية فثى دول الخليثج بحثوالى ثلثثة‬ ‫ملييثن ونصثف مليثون مصثرى فثى الثوقت الواحثد‪ .‬وكثانت محصثلة كثل ذلثك هثى فتثح أبثواب الحثل‬ ‫الفثثردى واسثثعا أمثثام المصثثريين‪ ،‬علثثى حسثثاب تطثثور النضثثال الثثديمقراطى لتحسثثين أوضثثاع‬ ‫المثواطنين كمثا سثبق القثول‪ .‬أمثا القطثاع الثذى ظثل بمصثر مثن العثاملين فقثد أصثبح يثوم العمثل‬ ‫المثزدوج هثو القاعثدة‪ ،‬بالعمثل فثى مهنثتين أو ثلثثة‪ ،‬أو العمثل فثى مؤسسثات خاصثة تثدفع مرتبثات‬ ‫جيدة ولكن بدون حدود لساعات العمل‪.‬‬ ‫ومنذ بداية النفتاح القتصادى دخلت مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها هيئة المعونة‬ ‫المريكية والبنك الدولى لكى تكون لها مكاتب فى معظم الوزارات‪ ،‬و لكى تعين بمكافآت سخية‬ ‫وكلء الثوزارات المحثالين للمعثاش وبعثض العثاملين كمستشثارين الثذين شثكلوا فيمثا بعثد لجثان‬ ‫السياسثات بثالوزارات‪ .‬وتلخصثت مهمثة تلثك المؤسسثات فثى‪ :‬تقثديم بعثض المنثح والمسثاعدات‬ ‫لمشاريع مختلفة‪ ،‬والقيام بجهد دءوب فى دراسة الواقع للخروج بمقترحات متكاملة لعادة هيكلته‬ ‫وفق نموذج القتصاد الحر لتمكين المستثمرين الجانب والعرب والمحليين من تبوء الدور القيادى‬ ‫فى القتصاد والمجتمع‪ .‬وشمل هذا وزارات الصحة والتعليم والصناعة والزراعة وعمليا كافة أوجه‬ ‫النشاط فى مصر‪ .‬هذا وقد اشتملت كل اتفاقية على جانب تشريعى لتقنين المزايا التى يرغب فيها‬ ‫رأس المال الدولى بدءا من خصخصة القطاع العام وحتى خصخصة التعليم والصحة!‬ ‫وقد أعطى تراكم الديون مؤسسات التمويل الدولية يدا طولى فى رسم السياسات‬ ‫الماليثة والنقديثة والسثتثمارية فثى مصثر‪ .‬وقثام صثندوق النقثد الثدولى بعقثد أربثع اتفاقيثات )برامثج‬ ‫التثبيت( مع مصر فى أعوام ‪ ،98-96 ،96-93 ،93-91 ،88-87‬ساهمت جميعا فى تخفيض قيمة الجنية‬ ‫المصثرى تثدريجيا وتخفيثف القيثود علثى حيثازة وتثداول العملت الجنبيثة‪ ،‬مثع التوسثيع المتزايثد‬ ‫لحريثات التجثارة والسثتثمار‪ .‬وقثد أعطثت تلثك التفاقيثات مصثر الحثق فثى الحصثول علثى قثروض‬ ‫إجمالية بمبلغ حوالى ‪ 1.8‬بليون دولر لم تسحب منها مصر سوى الربع تقريبا‪ ،‬ولكنها كانت بحاجة‬ ‫إلى تلك الشهادات حتى يمكن إسقاط ‪ %50‬من ديونها )‪ 29‬مليار دولر( الذى تقرر كمكافأة لها على‬ ‫مشثاركتها فيمثا سثمى حثرب تحريثر الكثويت مثن الحتلل العراقثى‪ ،‬وكثان إسثقاط الثديون علثى‬ ‫مراحل على مدى سنوات فى مقابل اللتزام بالسياسات التى فرضت على مصر‪ .‬وشارك البنك‬ ‫الدولى أيضا باتفاقات عدة أشهرها اتفاق التكيف الهيكلى عام ‪.1991‬‬ ‫ومثا عثرف كليثا باتفاقيثات التثثبيت والتكيثف الهيكلثى مثع البنثك والصثندوق عثام ‪ 1991‬ساهم‬ ‫بشكل حاسم فى التغيرات القتصادية التى حدثت فى السنين التالية مما يقتضى نظرة تفصيلية‬ ‫نوعا ما لبنوده‪ .‬لقد نص التفاق على تبنى السياسات التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬الصثثلح المثثالي بتبنثثى سياسثثات زيثثادة اليثثرادات الحكوميثثة مثثن خلل الضثثرائب غيثثر‬ ‫المباشثرة أساسثا مثثل الضثرائب المفروضثة علثى الوقثود وضثريبة المبيعثات فيمثا بعثد‪،‬‬ ‫وتقليثل النفثاق الحكثومى بتقليثص الثدعم وتقليثص النفثاق علثى الخثدمات مثثل التعليثم‬ ‫والصحة )أعنى هنا تقليص الدعم وميزانية الخدمات كنسبة من النفاق العام(‪.‬‬ ‫‪9‬‬


‫‪-2‬‬ ‫‪-3‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪-5‬‬

‫الصلح النقدي من خلل تبنى سياسات انكماشية بتخفيض سعر صرف الجنية المصرى‬ ‫أمام الدولر وزيادة سعر الفائدة‪.‬‬ ‫تحرير التجارة الخارجية بحيث أصبح بالتدريج مسموحا بالتجارة الخارجية فى كل السلع‬ ‫ماعدا عدد ضئيل بقى تقييدة‪.‬‬ ‫تحفيثز السثتثمار المحلثي والجنثبي مثن خلل التوسثع فثى العفثاءات الضثريبية وإعطثاء‬ ‫الضمانات لرأس المال الوافد مع حقه فى نزح أرباحه للخارج‪ ،‬مع تشريعات عمالية تقلص‬ ‫من الحقوق والضمانات الممنوحة للعمالة‪.‬‬ ‫اصثلح القطثاع العثام وبثدء برنامثج الخصخصثة‪ ،‬وهثو مثا أسثفر عثن إصثدار القثانون رقثم ‪203‬‬ ‫لسثنة ‪ 1991‬المعروف بقانون قطاع العمال العام‪ .‬وهو ما استهدف تخلى الدولة عن أى‬ ‫دور فثثى السثثتثمار النتثثاجى المباشثثر‪ ،‬وعمثثل علثثى نقثثل تلثثك الصثثول بثثالبخس إلثثى‬ ‫المستثمرين المصريين والعرب والجانب‪.‬‬

‫لقثد كثان هثذا القثانون هثو حجثر الزاويثة فثى سياسثات الخصخصثة‪ ،‬فهثو الثذى حثول هيئات‬ ‫القطاع العام إلى شركات قابضة يسمح لها بالتصرف فى شركاتها )التى تحولت إلى شركات تابعة‬ ‫للشركات القابضة( بالبيع والمشاركة مع مستثمرين مصريين وعرب وأجانب‪ ،‬وطرح أسهمها فى‬ ‫البورصة وإدارة محافظها المالية‪ .‬لقد أسفر هذا عن بدء بيع تلك الشركات بشكل بطئ نسبيا فى‬ ‫التسثعينات لكثى يكتسثح فثى العقثد التثالى‪ ،‬وبهثذا اتضثحت حقيقثة النفتثاح الثذى بثدأ علثى حثد قثول‬ ‫السثادات بثأنه )مثن أجثل البحثث عثن رأس المثال والتكنولوجيثا( لكثى يصثبح فثى المحثل الول نقل‬ ‫للصثول النتاجيثة الموجثودة بالفعثل إلثى الملك الجثانب وجزئيثا العثرب والمصثريين وليثس خلثق‬ ‫أصثول جديثدة‪ .‬كما أن الخصخصثة الثتى بدأ تبريرهثا بثالتخلص مثن الشثركات الخاسثرة نتيجثة لفشثل‬ ‫القطاع العام فى إدارتها تحول إلى بيع الشركات الرابحة من أجل استغلل عائد أموال بيعها كما‬ ‫قيل فى إصلح أوضاع الشركات الخاسرة حتى تتحول إلى شركات رابحة فيتم بيعها! كما كان من‬ ‫نتثائج اتفثاق برنامثج التثثبيت والتكيثف الهيكلثى القانونيثة صثدور القثانون رقثم ‪ 95‬لسنة ‪ 1992‬الخاص‬ ‫بتدعيم وتنشيط بورصة الوراق المالية حتى تكون أداة فعالة تسهل انتقال ملكية الصول بالذات‬ ‫إلى أيدى الجانب‪.‬‬ ‫تميزت فترة التسعينات اقتصاديا بغياب التضخم الذى كان سمة الثمانينات نتيجة لتطبيق‬ ‫برنامثج التثثبيت والتكيثف الهيكلثى‪ ،‬وتثم وضثع قيثود علثى التوسثع فثى الصثدار النقثدى ولكثن لجثأت‬ ‫الحكومة فى تغطية العجز المالى إلى طرح سندات خزانة‪ .‬واستمرت الحكومة فى تغطية العجز‬ ‫أيضا من خلل اقتراض فائض صناديق التأمينات والمعاشات بفائدة تقل عن سعر الفائدة السائد‬ ‫فى سوق الئتمان‪ .‬وبالطبع قاد تخفيض قيمة العملة فى بداية البرنامج إلى غلء مواز فى أسعار‬ ‫السلع المستوردة وهى تشمل قسما هاما من سلع الستهلك الساسية‪ ,‬إل أن معدل التضخم ظل‬ ‫ثابتا نسبيا فى ظل الستقرار المالى بين عامى ‪ 1991‬و ‪.1998‬‬ ‫إل أن القتصاد المصرى عانى من أزمة كساد واضحة بين عامى ‪ 1999‬و ‪ 2003‬ساهم فيها‬ ‫أحداث متعددة‪ :‬فقد أثرت السياسات النكماشية التى بدأت ببرنامج التثبيت والتكيف الهيكلى عام‬ ‫‪ 1991‬على تقليص النفاق العام الخدمى‪ ،‬ناهيك عن غياب أى استثمار عام إنتاجى واقتصار ما‬ ‫يسمى بالخطة الحكومية الستثمارية على بعض الترميم وقليل جدا من الستثمارات الجديدة فى‬ ‫مجال التعليم والرعاية الصحية والمرافق‪ .‬ونظرا لنكشاف القتصاد المصرى على الخارج وللطابع‬ ‫الريعثى للقتصثاد المصثرى الخثذ فثى التزايثد باعتمثاده علثى مثوارد ريعيثة فثى معظثم مثوارده مثن‬ ‫العملة الصعبة )عائد المرور فى قناة السويس‪ ،‬وريع البترول‪ ،‬وريع الموقع والتاريخ المتمثل فى‬ ‫السياحة‪ ،‬وتحويلت المصريين العاملين بالخارج( تأثر القتصاد المصرى بشدة بانعكاسات الزمة‬ ‫القتصادية العالمية فى أعقاب النهيار المالى فى البورصات السيوية نهاية عام ‪ 1997‬وعام ‪,1998‬‬ ‫نتيجثة لتثأثر معثدل العبثور فثى قنثاة السثويس وانخفثاض أسثعار البثترول وركثود السثياحة‪ .‬ول ننسثى‬ ‫أيضا أن أحداث اغتيال السياح فى القصر فى نوفمبر عام ‪ 1997‬ساهم أيضا فى تقلص السياحة‪.‬‬ ‫وبالطبع استمرت الضغوط المريكية وضغوط مؤسسات التمويل الدولية على مصر من‬ ‫أجل مزيد من إعادة هيكلة القتصاد المصرى لمزيد من التبعية‪ .‬وكانت محاور هذا الضغط تتلخص‬ ‫فى أن سعر الجنية المصرى مقوم بأكثر من قيمته الحقيقية ولبد من خفض قيمته أمام الدولر‪،‬‬ ‫مثع مزيثد مثن تعثويم العملثة‪ .‬كمثا انتقثدت تلثك المؤسسثات تبثاطؤ معثدلت الخصخصثة فثى مختلثف‬ ‫‪10‬‬


‫المجالت‪ .‬ومن الملفت للنظر الهدف النهائى لمؤسسات التمويل الدولية حيث صدر تقرير للبنك‬ ‫الدولى فى أواخر التسعينات يقول أن القتصاد المصرى ليس اقتصادا حرا ولكنه اقتصاد حكومى‬ ‫مثن حيثث السثاس )!(‪ ،‬حيثث مثا زالثت الحكومثة تمتلثك السثد العثالى وقنثاة السثويس والسثكك‬ ‫الحديدية ومرافق الخدمات من كهرباء ومياه غير الكثير من المصانع النتاجية )!!!!!!!!(‬

‫مرحلة مبارك الثالثة‪ :‬المحافظون المصريون الجدد فى لجنة‬ ‫السياسات يبيعون مصر‬ ‫لقثثد كثثان رد الفعثثل المصثثرى عثثادة علثثى دعثثوة مؤسسثثات التمويثثل الدوليثثة للصثثلح‬ ‫القتصادى الذى ل يعنى من وجهة نظرهم غير المزيد من لبرلة القتصاد هو أنهم يتفهمون ضرورة‬ ‫" الصلح" ) بما يعنى السير فى طريق مزيد من الحرية القتصادية( ولكنهم يراعون التوفيق بين‬ ‫ضثرورات الصثلح ودواعثى السثتقرار السياسثى‪ ،‬ضثاربين المثثل بسياسثات الصثلح القتصثادى‬ ‫المتسرعة بطريقة الصدمة فى يناير عام ‪ 1977‬وما رافقها من اضطراب اجتماعى كبير! ولهذا كانوا‬ ‫ينفذون الصلحات أحيانا ويرفضون أحيانا أخرى‪ ،‬ويوافقون فى أحيان ثالثة ولكنهم يماطلون فى‬ ‫التنفيذ أو ينفذون أجزاء ويتلكأون فى أجزاء أخرى‪ ،‬وفى كل الحوال يستمر القتصاد فى الحركة‬ ‫تجاه مزيد من السياسات الليبرالية‪.‬‬ ‫ولم يعدم المر ممارسة الضغوط من الحكومة المريكية على الحكومة المصرية من أجل‬ ‫مزيثثد مثثن "تحريثثر" القتصثثاد‪ .‬وكثثان مثثن أهثثم أدوات الضثثغط هثثو الحثثديث عثثن الفسثثاد وقصثثور‬ ‫الديمقراطيثة وقضثايا حقثوق النسثان فثى ظثل نظثام حسثنى مبثارك‪ .‬كمثا كثان تسثريب الخبثار‬ ‫للصحف العالمية حول أرصدته هو وأولدة ضغطا سياسيا عليه من أجل مزيد من التنازلت‪ .‬وفى‬ ‫الواقثع كثانت السياسثة المريكيثة تبثالغ فثى امتثداح مبثارك وحكمتثه فثى إدارة الدولثة والزمثات فثى‬ ‫المنطقثة العربيثة حينمثا تحتثاج إليثه السياسثة المريكيثة مثلمثا احتثاجت إليثه أثنثاء مثا سثمى بحثرب‬ ‫الوقات لممارسة الضغوط على ياسر عرفات‬ ‫تحرير الكويت أو عندما احتاجت إليه فى بعض‬ ‫لبداء مرونة فى التسوية مع إسرائيل‪ ،‬أما حين يتباطأ فى إجراء التغيرات القتصادية التى تطالب‬ ‫بها فى ظل غياب دواع للحتياج السياسى إليه فتنطلق موجات النقد‪ ،‬دون أن يغير هذا من تقديرها‬ ‫الستراتيجى لهمية مصر ونظام مبارك كمركز ثقل –مع المملكة العربية السعودية‪ -‬فى المنطقة‬ ‫لتمرير نفوذها السياسى والقتصادى‪.‬‬ ‫ولكثن طثرأ تعثديل هثام علثى هثذا المسثار فثى تلثك الفثترة الثتى نتحثدث عنهثا‪ :‬ففثى عثامى‬ ‫‪ 2000-1999‬كان هناك حديث عن اعتزام مبارك تعيين نائب له‪ ،‬وتردد اسما عمر سليمان رئيس‬ ‫المخابرات العامة والمشير حسين طنطاوى وزير الدفاع‪ .‬حتى لقد بدأت حرب خفية بين الثنين‬ ‫على شكل تسريبات للجرائد من كل منهما للتقليل من شأن الخر‪ .‬ولكن حول بداية اللفية الثالثة‬ ‫نشأ اقتراح التوريث لجمال مبارك‪ .‬لقد بدا هذا التوريث ضروريا فى نظرقيادة مبارك‪ ،‬ليس فقط‬ ‫لنه يلبى طموح الوريث الذى يرضى المورث‪ ،‬ولكنه أيضا الضمان لستقرار ثروة مبارك وأولده‬ ‫الضثخمة حثتى ل يثأتى مثن بعثده مثن يحاسثبه عليهثا أو يعيثدها للدولثة كمثا فعثل هثو بأسثرة السثادات!‬ ‫وبالطبع ل يمكن إجراء تغيير سياسى ذو وزن مثل هذا الثوريث دون استشارة الشريك المريكى‪،‬‬ ‫وهذا ما تردد أنه قد حدث أثناء الزيارة السنوية لمبارك إلى الوليات المتحدة المريكية فى يوليو‬ ‫عام ‪ .2002‬وبالطبع من السهل توقع الرد المريكى‪ ،‬فهى ل تهتم حقيقة بالديمقراطية وإنما تهتم‬ ‫فقثط بمصثالحها‪ ،‬وبالتثالى مثن المنطقثى أن تنتهثز تلثك المناسثبة للحثديث عثن مطالبهثا المتكثررة‬ ‫للصثلح القتصثادى بحيثث يمكنهثا أن تقبثل مثن يسثاهم فثى دفثع عجلثة الصثلح للسثراع بعثد فثترة‬ ‫إبطاء‪.‬‬ ‫عاد مبارك من الوليات المتحدة فى يوليو ‪ ،2002‬حاصل على ضوء أخضر منها‪ ،‬لكى يشرع‬ ‫فى أكبر عملية تغيير فى مطبخ صنع السياسات شهدها حكمة‪ ،‬أعنى تلك التى جرت فى المؤتمر‬ ‫الثثامن للحثزب الثوطنى الحثاكم فثى سثبتمبر ‪ ) 2002‬والذى سمى بعد ذلك بالمؤتمر السنوى الول‬ ‫للحزب بعد أن صار يعقد سنويا بعد هذا التاريخ(‪ .‬لقد شهدت فترة ذلك المؤتمر الصراع السياسى‬ ‫بين من سموا بالحرس القديم )يوسف والى‪ ،‬صفوت الشريف‪ ،‬كمال الشاذلى( وبين جمال مبارك‬ ‫ومجموعته‪ .‬وساهمت المخابرات فى حرب الوريث ضد الحرس القديم الرافض لخلفته لبيه فقد‬ ‫‪11‬‬


‫استخدمت الملفات التى تراكمها النيابة الدارية وغيرها من الجهزة الرقابية ضد كل المسئولين‬ ‫وتخثرج بعضثها عنثد وجثود خلفثات سياسثية تسثتدعى لثى الثذراع‪ .‬لقثد تثم إخثراج قضثية المبيثدات‬ ‫المسرطنة وغيرها من المخالفات فى مجال الزراعة ليوسف عبد الرحمن الذراع اليمنى ليوسف‬ ‫والثى‪ ،‬وأيضثا قضثايا الفضثائح فثى جهثاز العلم لصثفوت الشثريف‪ ،‬وقضثايا أخثرى للشثاذلى‪ .‬وانتهثى‬ ‫المثؤتمر بإنشثاء لجنثة السياسثات بثالحزب ويرأسثها جمثال مبثارك الثذى أصثبح أيضثا نائبثا لرئيثس‬ ‫الحثزب‪ ،‬وضثمت تلثك اللجنثة كثل رجثال جمثال مبثارك وأصثدقائه وشثركائه مثن المسثتثمرين لكثى‬ ‫تصثبح مطبثخ صثنع السياسثات الجديثد بينمثا تثم تنحيثة يوسثف والثى بالكامثل وتقليثص نفثوذ كثل مثن‬ ‫صثفوت الشثريف وكمثال الشثاذلى‪ .‬ونلحثظ مغثزى تثرك كمثال الشثاذلى منصثب أميثن التنظيثم فثى‬ ‫الحزب الوطنى وما كان يتيحه له من التحكم فى المرشحين لمجلس الشعب والشورى‪ ،‬لصالح‬ ‫أحمد عز رجل جمال مبارك المقرب!‬ ‫وانطلقثت لجنثة السياسثات فثى تنفيثذ "الصثلحات" ودفثع عجلثة الخصخصثة بمنتهثى القثوة‬ ‫منثذ بثدايتها‪ .‬وكثان بثاكورة إنتاجهثا تعثويم الجنيثة المصثرى مثع تخفيثض قيمتثه ‪ %25‬فى ‪ 30‬يناير عام‬ ‫‪ 2003‬بعد أربعة أشهر فقط من تأسيسها‪ .‬ونلحظ أن التخفيض الكلى الذى جرى على قيمة الجنية‬ ‫المصثرى خلل فثترة قصثيرة قثد وصثل إلثى ‪ %60‬بينما ظل قبلها ثابتا نسبيا لسنوات طويلة منذ‬ ‫التخفيض الذى بدأ به برنامج التثبيت فى ‪ .1991‬كما تسارعت بشدة برامج الخصخصة فى ظل حكم‬ ‫لجنة السياسات‪ .‬لقد تم بيع نصيب القطاع العام فى شركات مختلطة كثيرة كما تسارعت وتيرة‬ ‫بيثع بثاقى الشثركات‪ .‬وانتقثل الحثديث بعثد ذلثك إلثى خصخصثة المرافثق العامثة‪ ،‬وهثى دعثوة للبنثك‬ ‫الدولى منذ قبل ذلك بفترة‪ ،‬فالمكاسب التى تحصل عليها الستثمارات الجنبية من تملك المرافق‬ ‫الضثرورية للشثعب )الكهربثاء والطثرق والميثاة والصثرف الصثحى‪...‬الثخ( هثى مكاسثب مضثمونة‬ ‫مادامت تلك الحتياجات أساسية للشعب ول يمكن الستغناء عنها‪.‬‬ ‫وقد بدأت خصخصة المرافق قبيل لجنة السياسات بتحويل هيئة كهرباء مصر إلى الشركة‬ ‫القابضثة للكهربثاء عثام ‪ ،2000‬وبثدأ طثرح إنشثاء شثركات توليثد الطاقثة وإنشثاء الطثرق الخاصثة‬ ‫ن‪ ،‬تملك‪ ،‬أِدر‪ ،‬ثم انقل الملكية إلى الحكومة بعد‬ ‫والمطثارات ومختلثف المرافثق بنظثام‪ ) BOOT‬اب ِ‬ ‫فثترة السثتغلل‪ 20 ،‬عاما عادة(‪ .‬ولكن بعد إنشاء لجنة السياسات انطلق قطار الخصخصة فى‬ ‫اقتحام مجالت جديدة‪ :‬ففى سنة ‪ 2004‬تم تحويل الهيئة العامة لمياة الشرب والصرف الصحى إلى‬ ‫شركة قابضة )وقد سبق أن رأينا أن الشركات القابضة ككيان قانونى قد دخل مصر من باب قانون‬ ‫قطاع العمال العام رقم ‪ 203‬لسنة ‪ 1991‬ولكنه فى حالة المرافق هنا فهو يغير من طبيعتها حيث‬ ‫يغيثر هدف المنشثأة مثن هيئة خدميثة تقدم سلعا بتكلفتها )المياة والكهرباء مثل( إلى شثركة ربحية‬ ‫هدفها حسب القانون "معاظمة العائد" أى شركة تهدف للربح‪ ،‬فضل عن إمكانية بيعها والمشاركة‬ ‫عليها مثل الشركات التابعة للشركات القابضة بقطاع العمال العام‪.‬‬ ‫ثثم تثم النتقثال إلثى خصخصثة البنثوك وشثركات التثأمين‪ ،‬وتمثت خصخصثة بنثك السثكندرية‬ ‫عام ‪ ، 2006‬وشرع فى خصخصة بنك القاهرة‪ ،‬ولكن المعارضة الشديدة للمجتمع المدنى من ناحية‬ ‫وانفجثار الزمثة القتصثادية العالميثة الثتى بثدأت بانفجثار مثا عثرف بفقاعثة الرهثن العقثارى فثى‬ ‫الوليثات المتحثدة المريكيثة عثام ‪ 2008‬وما نتج عنها من كساد دفع الحكومة للتريث والتأجيل‪.‬‬ ‫ودخلثت الخصخصثة إلثى مجثال شثركات التثأمين بإنشثاء شثركة مصثر القابضثة للتثأمين عثام ‪2006‬‬ ‫بإعثادة هيكثة قطثاع التثأمين الحكثومى )شثركات مصثر للتثأمين‪ ،‬الشثرق للتثأمين‪ ،‬الهليثة للتثأمين‪،‬‬ ‫المصرية لعادة التأمين( تمهيدا لبيع أسهمها والخصخصة فى مجالها‪.‬‬ ‫وكانت آخر محطات الخصخصة هى خصخصة التعليم والصحة‪ :‬ففى المنظور الرأسمالى‬ ‫على الطريقة المريكية يجب أن يكون كل احتياج إنسانى سلعة حتى لو حرم هذا من ل يملك ثمنها‬ ‫مثن الحصثول عليهثا‪ .‬ويختلثف المنظثور هنثا بيثن أمريكثا وأوروبثا الغربيثة‪ ،‬حيثث يعتثبر القتصثاديون‬ ‫الرأسماليون الوروبيون كل شيئ سلعة ماعدا التعليم والصحة التى تسمى بالسلعة العامة والتى‬ ‫يجب أن يؤمن حق حصول المواطن عليها مجانا أو من خلل نظام تأمينى متاح لكل مواطن مهما‬ ‫كثان دخلثة‪ .‬وكثان التصثور السثائد فثى مصثر سثابقا أقثرب للنمثوذج الوروبثى حيثث ارتبثط صثعود‬ ‫الرأسمالية سواء فى عهدها الليبرالى )الوفد( أو فى عهدها الناصرى بتوفير تلك الخدمات للشعب‬ ‫‪12‬‬


‫مجانا‪ ،‬وإن تميز العهد الناصرى بتوسيع نطاق تلك الخدمات بشدة‪ .‬وبالطبع ارتبط هذا فى المحل‬ ‫الول باحتياجات التنمية والتصنيع وتحديث البلد سواء فى أعقاب ‪ 1919‬أو فى أعقاب ‪ .1952‬إل أن‬ ‫ما عرف ببرنامج الصلح الصحى الموقع عام ‪ ،1998‬كذلك برامج إصلح التعليم الجامعى وما قبل‬ ‫الجامعى قد ارتبطت بخصخصة تلك الخدمات بما فيها مشاريع تحويل المستشفيات إلى شركات‬ ‫والهيئات الخدميثة إلثى شثركات قابضثة‪ ،‬واضثطرار المثواطنين لثدفع مقابثل للخثدمات التعليميثة‬ ‫والصثحية بشثكل يجعلهثا غيثر متاحثة للغلبيثة‪ .‬لهثذا اسثتثارت تلثك المشثاريع معارضثات جماهيريثة‬ ‫واسثثعة وحملت إعلميثثة بالصثثحف ووسثثائل العلم المختلفثثة ووقفثثات احتجاجيثثة أمثثام مجلثثس‬ ‫الشعب‪ ،‬واستطاعت المعارضة عرقلة تلك المخططات بشكل مؤثر كما ساهمت فى استنهاض‬ ‫الشعب ضد تلك الحكومة‬ ‫ول ننسثى بثالطبع أن أول تغييثر وزارى تثم بعثد تشثكيل لجنثة السياسثات هثو تشثكيل وزارة‬ ‫نظيثف الولثى عثام ‪ 2004‬ثم الثانية عام ‪ 2005‬والتى استمرت حتى سقوط نظام مبارك‪ ،‬وهى‬ ‫الثوزارة الثتى عرفثت بثوزارة رجثال العمثال‪ ،‬أعضثاء لجنثة السياسثات وصثناع القثرار الجثدد ورجثال‬ ‫الثوريث جمثال مبثارك‪ .‬لقثد شثكلت تلثك الثوزارة مثل ربمثا كثان فريثدا عالميثا علثى الحكثم المباشثر‬ ‫للمسثتثمرين حيثث وزيثر الصثحة هثو صثاحب مستشثفيات خاصثة كثبرى وشثريك فثى شثركات تثأمين‬ ‫صحى عربية‪ ،‬وزير السياحة صاحب شركة سياحة وهكذا‪.‬‬ ‫وإذا كان الحديث قد كثر عن علقة الخصخصة بالفساد‪ ،‬وتربح ممثلوا جهاز الدولة من تلك‬ ‫العمليات فإننا نود هنا أن نوضح نقطة حاكمة‪ .‬لقد ارتبط القطاع العام الناصرى بطبقة برجوازية‬ ‫بيروقراطية تمتلك بشكل جماعى جهاز الدولة ويعود إليها عائد أرباحه فى صورة مرتبات ومزايا‬ ‫مرتفعة‪ .‬ول مجال هنا بالطبع لعرض كيف حدث هذا التطور النوعى تاريخيا‪ ،‬إل أن فترة النفتاح قد‬ ‫ارتبطت بميول تلك الطبقة للعودة للملكية الخاصة القابلة للتوريث والمطلقة العنان لحريتها فى‬ ‫الستهلك‪ .‬وفى ظل التحولت الحادثة للقتصاد الحربعد عام ‪ ،1974‬وبالذات فى العقد الول من‬ ‫القرن الحادى والعشرين‪ ،‬وفى ظل نظام استبدادى‪ ،‬ظهرت نتائج تزاوج اللبرلة مع الستبداد فى‬ ‫شثكل اسثتفادة القطثاع مثن الطبقثة المرتبثط بجهثاز الدولثة مثن مزايثا شثراء القطثاع العثام بثالبخس‬ ‫عثن طريثق الرشثاوى‪ ،‬كمثا بثرز اسثتخدام جهثاز الدولثة فثى حفثز الثتراكم الرأسثمالى وضثخه لطبقثة‬ ‫القطثاع الخثاص‪ ،‬فثى إطثار مثن الثتزاوج بيثن كبثار المثوظفين القثادمين مثن جهثاز الدولثة مثع رمثوز‬ ‫الطبقة الجديدة‪ .‬ويظهر تركيب لجنة السياسات بالحزب الوطنى وغلبة رجال العمال عليها طابع‬ ‫ذلك التزاوج‪ .‬وعلى هذا فإن ما سمى بالفساد فى عمليات الخصخصة وفساد جهاز الدولة لم يكن‬ ‫مجرد الفساد المرتبط بأى نظام اجتماعى كنسبة تتواجد دائما‪ ،‬ولكنه كان فسادا مؤسسيا ووسيلة‬ ‫ضرورية لتشكيل الطبقة الجديدة بالستيلء على التراكم السابق إنجازه فى جهاز الدولة‪ ،‬وكل هذا‬ ‫بثالطبع فثى إطثار دخثول رأس المثال العربثى والعثالمى مشثاركا فثى تملثك الصثول النتاجيثة مثن‬ ‫أراضى وشركات ومصانع بتراب الفلوس‪.‬‬ ‫وقثد أطلثق علثى هثذا التجثاه وهثؤلء الرجثال القثادمين مثن مجثال الثبزنس لثدفع عجلثة‬ ‫الخصخصثة بسثرعة‪ ،‬أطلثق عليثه قثدوم المحثافظين المصثريين الجثدد‪ ،‬أعضثاء لجنثة السياسثات‪،‬‬ ‫لخصخصثة وبيثع مصثر‪ .‬وربمثا مثن المفارقثات الشثكلية أن وصثول المحثافظين الجثدد بسياسثاتهم‬ ‫النيوليبرالية المغرقة فى رجعيتها فى الوليات المتحدة على يد بوش وحكمهم لمدة ‪ 8‬سنوات من‬ ‫عثام ‪ 2000‬إلى عام ‪ 2008‬هو ما نتج عنه انفجار أزمة الرهن العقارى وإفلس العديد من البنوك‬ ‫والمؤسسثات القتصثادية‪ ،‬بينمثا كثان وصثول المحثافظين المصثريين الجثدد فثى لجنثة السياسثات –‬ ‫بنفس السياسات النيوليبرالية‪ -‬إلى الحكم لمدة ‪ 8‬سنوات منذ تشكيل لجنة السياسات عام ‪2002‬‬ ‫وحتى نهاية حكم مبارك هو ما ساهم فى انفجار الثورة المصرية فى ‪ 25‬يناير التى يمكن اعتبارها‬ ‫من أحد أوجهها الرئيسية انفجارا ضد سياسات النيوليبرالية!‬

‫تصاعد الستغلل والفساد يساوى تصاعد النقيض‪ :‬نمو قوى الثورة‬ ‫ولعثل مثن أهثم دلئل التحثول فثى المثزاج الجمثاهيرى هثو الفثرق بيثن رد فعثل الجمهثور‬ ‫المصرى للنتفاضة الفلسطينية الولى )‪ (1991-1987‬ورد فعله للنتفاضة الثانية )‪ .(2003-2000‬ففى‬ ‫النتفاضة الولى اقتصر رد الفعل المتعاطف على أعداد محدودة من المثقفين‪ ،‬وساد فى الشارع‬ ‫‪13‬‬


‫رأى بأن " الفلسطينيين قد باعوا أرضهم" وخل الشارع السياسى من أى مظاهرات أو أشكال تأييد‬ ‫جمثاهيرى لتلثك النتفاضثة‪ .‬أما فثى النتفاضثة الثانيثة عنثد تفجرهثا أواخثر سثبتمبر ‪ 2000‬فقد انفجرت‬ ‫المظثاهرات الواسثعة للتضثامن معهثا حثتى شثملت كثل جامعثات مصثر ومثدنا كثثيرة بثل والكثثير جثدا‬ ‫من المدارس الثانوية والعدادية وحتى البتدائية‪ .‬وانتشر جمع التبرعات الغذائية والطبية وإرسالها‬ ‫إلثى غثزة فثى قوافثل تبرعثات وصثلت إلثى ‪ 3‬قوافل فى أول ستة أشهر‪ .‬هل يعقل أن الشعب قد‬ ‫تراجع عام ‪ 2000‬عن قناعته عام ‪ 1987‬بأن الفلسطينيين لم يبيعوا أرضهم؟! فى الحقيقة كان لسان‬ ‫حثال المثزاج الجمثاهيرى فثى الثمانينثات يقثول "رغثم معانثاتى مثن مشثاكل معيشثية فثى بلثدى فقثد‬ ‫قررت انتهاز الفرصة المتاحة لتحسين وضعى عن طريق الحل الفردى بالسفر للعمل فى الخليج‬ ‫بثدل مثن النضثال مثن أجثل تحسثين وضثعى فثى بلثدى‪ ،‬فهثل تتوقثع منثى التضثامن مثع نضثال أشثقائى‬ ‫الفلسطينيين لتحسين أوضاعهم فى بلدهم؟" أما فى عام ‪ 2000‬فكان تصاعد معاناة المصريين مع‬ ‫تقلص فرص العمل فى الخليج ونقص الجور وعودة الكثيرين للوطن مقدمة هامة لتقلص فرص‬ ‫الحثل الفثردى ونمثو النقيثض المتمثثل فثى الحثل الجمثاعى‪ ،‬وبثدأ تصثاعد وتيثرة النضثال داخثل مصثر‪.‬‬ ‫ولهذا عندما أتت النتفاضة المصرية الثانية وجدت هذا الصدى الهائل من التعاطف النضالى وظهر‬ ‫معدن الشعب المصرى وميوله الحقيقية‪.‬‬ ‫تحددت تواريخ كثيرة كمقدمات للثورة‪ ،‬وفى رأيى أن الحتجاجات الجماهيرية التى بدأت‬ ‫فى أواخر سثنة ‪ 2003‬تمثل المقدمة الحقيقية للثورة‪ ،‬ويستند هذا التقدير إلى عدة أسباب‪ :‬فهذه‬ ‫الثثثورة كمثثا سثثبق التنثثويه هثثى فثثى أحثثد جوانبهثثا رد فعثثل رافثثض لسياسثثات الليبراليثثة الجديثثدة‬ ‫والخصخصة وما نتج عنها من بطالة واسعة وإفقار للجماهير ‪ .‬وتبرز دراسات الحزب الوطنى نفسه‬ ‫أن تعويم الجنية وتخفيض قيمته فى ‪ 30‬يناير عام ‪ 2003‬تسبب خلل عشرة أشهر فى زيادة نسبة‬ ‫المواطنين الواقعين تحت خط الفقر بنسبة ‪ %7‬من السكان‪ ،‬ربما أعلى معدل للزيادة خلل أقل‬ ‫من سنة‪ .‬وربما يفسر هذا لماذا كانت شعارات مظاهرات ديسمبر من نفس العام )‪ (2003‬هى أول‬ ‫مظثاهرات تطثرح بقثوة وجثرأة وبشثكل متواصثل فيمثا بعثد شثعار "يسثقط يسثقط حسثنى مبثارك"‬ ‫و"يامبثارك ياجبثان ياعميثل المريكثان"‪ .‬وكثان الفضثل للحركثة المصثرية للتغييثر المعروفثة بحركثة‬ ‫كفاية‪ ،‬كان لها الفضل فى التقاط هذا المزاج الساخن والتعبير عنه فى شعار تأسيسها وشعارها‬ ‫ل للتوريث‪ ،‬ل للتمديد"‪ .‬ونجحت حركة كفاية فى‬ ‫فثى أول مظاهراتهثا فثى ‪ 12‬ديسمبر عام ‪" 2004‬‬ ‫تحقيق التفاف واسع من الشارع حول ذلك الشعار‪ ،‬كما نجحت فى عمل جبهة واسعة حول ذلك‬ ‫الشعار شملت جميع الحزاب‪ ،‬بل وحتى الخوان المسلمين فى البداية قبل أن ينجح مبارك فى‬ ‫جذبهم بعيدا عن تلك الجبهة فى إطار صفقة معهم كما سبق الشارة‪ .‬وأشر كل هذا لمستوى غير‬ ‫مسبوق من انفصال الشعب عن السلطة‪ ،‬فقط كان بمثابة إسقاط معنوى لشرعية مد فترة حكم‬ ‫الرئيس عند انتهاء وليته فى ‪ 2005‬ولمشروع التوريث من أساسه‪ .‬ورغم انتهاء انتخابات الرئاسة‬ ‫وانتخابثات مجلثس الشثعب صثيف ‪ 2005‬بالتزوير فقد حققت الدعاية المعارضة الغرض منها فى‬ ‫فضح تآكل شرعية النظام وتعميق النفصال بين الشعب وبينه‪.‬‬ ‫ومنثذ ذلثك الحيثن اسثتمرت الحركثات الجماهيريثة المعارضثة فثى النمثو والتزايثد‪ .‬واتسثعت‬ ‫المعارضثة العماليثة ونمثت تنظيمثات عماليثة مسثتقلة تلعثب دور النقابثات فثى الثدفاع عثن مصثالح‬ ‫العمال فى الوقت الذى استمرت فيه النقابات واتحاد العمال الصفر فى الدفاع عن الحكم‪ .‬ومن‬ ‫أبرز تلك المنظمات الجماهيرية التى لعبت دورا قياديا فى المعارك النقابية العمالية دار الخدمات‬ ‫النقابيثة والعماليثة واللجنثة التنسثيقية للثدفاع عثن الحقثوق والحريثات النقابيثة والعماليثة‪ .‬وممثا يعثد‬ ‫مؤشثرا هامثا علثى ميثزان القثوى الجتماعيثة فثى تلثك الفثترة فشثل الحكومثة فثى حربهثا ضثد دار‬ ‫الخدمات النقابية حيث أغلقتها لفترة حولى السنة ثم اضطرت للعدول تحت الضغوط الجماهيرية‬ ‫والعالمية‪.‬‬ ‫وتطثورت الحركثة الحتجاجيثة الجماهيريثة والعماليثة بحيثث صثارت نمطثا للحيثاة اليوميثة‪،‬‬ ‫وعثرف سثور مجلثس الشثعب اعتصثامات متكثررة‪ ،‬غيثر اعتصثامات أخثرى أمثام مجلثس الثوزراء‬ ‫ووزارة الزراعة وغيرها بحيث صار هذا نمط للحياة اليومية‪ .‬وامتد أجل بعض تلك العتصامات إلى‬ ‫شثهور‪ ،‬وبثالطبع كثانت تلثك العتصثامات مدرسثة للجمهثور يتعلثم خللهثا مثن خلل ممارسثته ومثن‬ ‫‪14‬‬


‫خلل كثل القثوى السياسثية الشثعبية الثتى أبثدت مختلثف مظثاهر التأييثد لثه الكثثير عثن الشثأن العثام‬ ‫وجذور مشاكله‪.‬‬ ‫وانعكثس تطثور الحركثة الجماهيريثة فثى خلثق مختلثف أشثكال التنظيثم المسثتقل المعثبرة‬ ‫عنهثا‪ ،‬وعرفثت السثاحة تنظيمثات ديمقراطيثة مسثتقلة تطثالب بحقثوق فئات أو قطاعثات معينثة‬ ‫فشهدنا مولد منظمات من نوع اتحاد أصحاب المعاشات‪ ،‬والنقابة المستقلة للعاملين بالضرائب‬ ‫العقارية‪ ،‬ومعلمين بل نقابة‪ ،‬وأطباء بل حقوق‪ ،‬ولجنة الدفاع عن الحق فى الصحة وغيرها وغيرها‬ ‫من منظمات ديمقراطية جماهيرية استطاعت بنضالها إحراز العديد من النتصارات وتعلمت فى‬ ‫مدرسة النضال كيف تعبئ قواها لنيل أهدافها‪.‬‬ ‫ولعثل قثدوم محمثد الثبرادعى لمصثر ومثا صثاحبه مثن تصثاعد للمعارضثة السياسثية لهثو ذو‬ ‫دللة شديدة على تطور جنين الثورة فى مصر‪ .‬لقد بدا تفسخ النظام من إحساس أقطاب الطبقة‬ ‫السثائدة‪ ،‬أو أكثثرهم عقلنيثة بثالطبع‪ ،‬بثالخطر ممثا يثدفعهم إلثى النشثقاق عثن النظثام‪ ،‬وإطلق‬ ‫صيحات التحذير من سقوطه‪ ،‬والبحث عن مخرج‪.‬‬ ‫بدأ هذا مثل فى الجبهة التى شكلها عزيز صدقى‪ ،‬رئيس الوزراء السبق عام ‪ 2005‬باسم‬ ‫التجمثثع الثثوطنى للتحثثول الثثديمقراطى ورسثثالته الحتجثثاج علثثى الفسثثاد والسثثتبداد والمطالبثثة‬ ‫بالديمقراطيثثة والعدالثثة‪ ،‬واسثثتمر عزيثثز صثثدقى كرمثثز تثثاريخى ورئيثثس وزراء ومسثثاعد رئيثثس‬ ‫جمهورية أسبق فى الدعوة الجماعية من خلل تجمعه إلى تلك المبادئ حتى وفاته فى يناير ‪.2008‬‬ ‫كما بدا أيضا فى دعوات محمد حسنين هيكل إلى مخرج آمن للرئيس‪ ،‬بالطبع توقيا لعزل‬ ‫عنيف يأتى عن طريق ثورة كالتى حدثت‪.‬‬ ‫وكان هذا السياق هو الذى أتى منه البرادعى‪ ،‬فهو أحد الرجال البارزين محليا ودوليا حتى‬ ‫ولثو لثم يكثن النظثام المصثرى قثد سثاند ترشثيحه لرئاسثة الوكالثة الدوليثة للطاقثة الذريثة فثى بدايثة‬ ‫ترشثيحه‪ .‬وقثد اختثار الثبرادعى‪ ،‬بثدل مثن الطريثق السثهل للتقاعثد المريثح بعثد مناصثب كثثيرة بثارزة‬ ‫وثروات تكونت معها بالضرورة وتقلد أعلى الجوائز العالمية والمحلية )جائزة نوبل وقلدة النيل(‬ ‫اختثثار طريثثق التحثثدى العلنثثى لنظثثام مبثثارك وتثثوجيه النتقثثادات للفسثثاد والسثثتبداد وغيثثاب‬ ‫الديمقراطيثة وحقثوق النسثان‪ ،‬بثل وطثالب باشثتراكية ديمقراطيثة علثى غثرار بعثض دول أمريكثا‬ ‫اللتينية‪ ،‬رغم تصريحاته بالطبع بانتمائه إلى المعسكر الليبرالى‪.‬‬ ‫وقثد اقتصثر الكثثيرون عنثد التعليثق علثى ظثاهرة الثبرادعى علثى مناقشثة مثدى صثلحيته‬ ‫للرئاسة‪ ،‬أو على فرصه فى النجاح فى انتخابات رئاسية‪ ،‬بينما نرى أن المغزى اليجابى الساسى‬ ‫لدخول البرادعى لساحة المعارضة السياسية هو تدعيم معسكر المعارضة الديمقراطية وإكسابه‬ ‫لنصار جددا و تقويته فى مواجهة المعارضة الدينية‪.‬‬ ‫ولعثل مثن أهثم الثثار الثتى تركهثا الثبرادعى فضثل عثن تثدعيم معسثكر المنتقثدين للنظثام‬ ‫والمطالبين بتغييره‪ ،‬وإن عن طريق انتخابات الرئاسة‪ ،‬هو التغير الذى بدت أوضح آثاره‪ ،‬ربما‪ ،‬فيما‬ ‫صرح به بعض القادة المسيحيين من أن على البرادعى العلن بوضوح عن مدنية الدولة وسوف‬ ‫يكسثب أصثوات ‪ 5‬مليين قبطى‪ .‬ويقودنا ذلك إلى سوق بضع كلمات عن وضع الحتجاجات بين‬ ‫القباط وكيف أدى تصاعدها قبيل سقوط النظام إلى المساهمة فى إشعال شرارة الثورة‪.‬‬ ‫فقد استمر القباط طويل يعانون من التمييز السلبى ضدهم‪ .‬وفى سياق الستبداد القائم‬ ‫من ناحية‪ ،‬وضعف الحركة المعارضة من ناحية أخرى أدى هذا إلى توجههم إلى الكنيسة لحمايتهم‪.‬‬ ‫وأصثبح المعتثاد أن تطثالب الكنيسثة بحقهثا فثى التمثيثل السياسثى للقبثاط والثدفاع عثن حقثوقهم‪.‬‬ ‫وبالطبع لم تؤد تلك الطريقة إل إلى استخدام الكنيسة لتوتر المسيحيين فى مطالبة النظام ببعض‬ ‫التنازلت لهم فى حدود معينة‪ ،‬مع تقديم الدعم السياسى للنظام فى كل المناسبات الكبرى‪ .‬وكان‬ ‫هثذا محصثلة ليثس فقثط لسثتخدام أسثلوب السثتجداء مثع توفير تأييد سياسى للنظام‪ ،‬ولكن أيضثا‬ ‫نتيجة الخوف من أن أقوى البدائل المعارضة هم الخوان المسلمون‪ ،‬إذن فالبديل الفعال هو تأييد‬ ‫حسثنى مبثارك وحثتى ابنثه خوفثا مثن سثيطرة الخثوان علثى الحكثم‪ .‬وفثى ظثل تصثاعد التناقضثات‬ ‫‪15‬‬


‫وتطثور الضثطهاد الطثائفى بثدأ القبثاط فثى التمثرد علثى الكنيسثة‪ .‬وبثدا هثذا ظثاهرا فثى رد القبثاط‬ ‫على حادث قتل ستة من القباط بالضافة إلى جندى مسلم عند خروجهم من كنيسة نجع حمادى‬ ‫فثى قثداس عيثد الميلد فثى ينثاير عثام ‪ .2010‬إذ بينما أشارت أصابع التهام إلى عبد الرحيم الغول‬ ‫عضثو الحثزب الثوطنى ودوره فثى تثدبير المذبحثة وتطثور سثخط القبثاط لهثذا السثبب كثان الموقثف‬ ‫الرسثمى للكنيسثة رغثم معارضثتها‪ ،‬بعيثدا عثن مهاجمثة الحثزب الثوطنى صثراحة ناهيثك عثن الهجثوم‬ ‫علثى النظثام‪ .‬وأثثار هثذا سثخط القبثاط الثداعين إلثى تعليثة سثقف المطثالب‪ .‬وبعثد هثذا بعثام‪ ،‬وفثى‬ ‫مطلع يناير عام ‪ 2011‬أتى حادث تفجير كنسية القديسين بالسكندرية إلى اشتعال غضب القباط‬ ‫بشثدة‪ ،‬وتضثامن معهثم كثل القثوى الديمقراطيثة فثى مصثر‪ .‬وشثهدت تلثك الفثترة أكثبر مؤشثر علثى‬ ‫خروج شباب القباط من تحت مظلة مناشدة السلطات عن طريق القيادات الكنسية إلى التحدى‬ ‫العلنى للسلطات فى الشوارع بالمظاهرات والعتصامات‪.‬‬ ‫شثهدت العثوام الثلثثة الخيثرة مثن حكثم مبثارك أكثثر مثن ثلثثة آلف إضثراب وحركثة‬ ‫جماهيرية‪ ،‬وتطورت عبر الزمن أخلق وسلوكيات المقاومة‪ .‬وبعد أن سادت منذ عقد من الزمان‬ ‫كافثة أشثكال الغثتراب بالثذات بيثن الشثباب ومنهثا الدمثان والتطثرف وغيرهثا انضثم الشثباب مثع‬ ‫غيرهم إلى الكتائب المكافحة لمقاومة النظام‪ ،‬فشهدنا شباب ‪ 6‬إبريل وإضرابات المحلة وغيرها‪.‬‬ ‫وشثهد العثام الخيثر العديثد مثن الوقثائع الثتى بشثرت بقثدوم الثثورة‪ ،‬وفثى الحقيقثة إن كثل أحثداث‬ ‫الثورة شهدت جنينا لها فى العام السابق عليها‪.‬‬ ‫وكثانت السثتجابة لتزوير انتخابات مجلسثى الشثعب والشثورى منتصثف عام ‪ 2010‬مناسبة‬ ‫لتعبئة مزاج السخط على النظام‪ .‬وكانت الستجابة لوفاة الشاب خالد سعيد تحت وطأة الضرب‬ ‫الوحشثى مثن مخثبرى قسثم شثرطة سثيدى جثابر بالسثكندرية مناسثبة لتظثاهرات بثاللف وأشثكال‬ ‫متعددة للتضامن‪ .‬وعندما أدى عنف اثنين من أمناء الشرطة لمقتل سائق سيارة أجرة فى أواخر‬ ‫عام ‪ 2010‬سارع أهله وأصدقاؤه‪ ،‬عندما تسلموا جثته من مشرحة زينهم وفى طريقهم إلى دفنه‬ ‫بقريته فى مدخل طريق القاهرة السكندرية الزراعى‪ ،‬سارعوا بالتعبير عن سخطهم أثناء رحلتهم‬ ‫بتحطيم قسم الساحل وحرق ‪ 6‬عربات شرطة عندما مروا عليه فى طريقهم‪ ،‬كما حرقوا سيارتين‬ ‫للشرطة عند نقطة مرور مدخل الطريق الزراعى‪ .‬واضطرت الحكومة‪ ،‬ليس فقط إلى التغاضى‬ ‫عن المحاسبة على تلك الحداث‪ ،‬ولكن أيضا لتحويل أمناء الشرطة الثنين إلى محكمة الجنايات‬ ‫بتهمة القتل العمد‪ .‬ويوضح هذا كيف أصبح حرق أقسام الشرطة هدفا للحتجاجات‪ .‬وهكذا تنامى‬ ‫السخط الشعبى وبدا للجميع أن البلد لن تستطيع البقاء هكذا طويل‪ .‬إن سلوك الطبقة الحاكمة قد‬ ‫بلغ حدودا قصوى من الفساد والفساد‪ .‬وبلغت آثاره المدى من بطالة وفقر شمل أكثر من نصف‬ ‫المجتمثع‪ ،‬واسثتبداد وفسثاد‪ ،‬كمثا استشثرى السثخط الجمثاهيرى فثى كثل القطاعثات‪ .‬وأصثبح تراكثم‬ ‫السخط يقترب تدريجيا من الكتلة الحرجة اللزمة لحداث الثورة‪.‬‬ ‫فالثورة فعل شعبى واسع يحدث عندما ترفض الجماهير أن تعيش كما فى السابق‪ ،‬وتعجز‬ ‫الطبقة الحاكمة عن الستمرار فى الحياة بنفس الطريقة‪ ،‬ويأتى أى حدث مفجر فى ذلك المناخ‬ ‫ليشعل فتيل الثورة‪ .‬الثورة هى المزاج الجماهيرى أو السيكولوجيا الجتماعية عندما يصل الرفض‬ ‫الجماهيرى والستعداد للتضحية إلى المستوى الذى يتقدم ويكسر كل العوائق لكى يسقط النظام‬ ‫القديم مهما كانت التضحيات‪ .‬وكان موعد مصر مع تفجر تلك الثورة بدءا من الخامس والعشرين‬ ‫مثن ينثاير‪ .‬ويلحثظ كثثرة الحثديث عثن دور وسثائل التصثال الحديثثة فثى صثنع الثثورة حثتى سثماها‬ ‫البعض ثورة الفيسبوك‪ .‬ولكن الثورة فعل جماهيرى اجتماعى بالساس‪ ،‬وتعود أسبابها إلى تطور‬ ‫أعمق التناقضات الجتماعية‪ .‬ومع ذلك فالمجتمع يتأثر بالضروة بالتطورات التكنولوجية ذات الثر‬ ‫الجتمثاعى البثارز ممثا يسثتدعى بضثع كلمثات عثن أثثر وسثائل التصثال الحديثثة ودورهثا فثى ثثورات‬ ‫القرن الواحد والعشرين‪.‬‬

‫الثورات فى عهد ثورة المعلوماتية‬ ‫أشثرت الثمانينثات لثولدة عصثر جديثد هثو عصثر المعلومثات الثذى تلثى عصثر الثذرة )‪-1945‬‬ ‫‪ (1957‬ثم عصر الفضاء )‪ .(1980-1957‬ونتجت ثورة المعلومات عن اتحاد ثورة الكمبيوتر وثورة‬ ‫وسثائل التصثال‪ .‬لقثد تبثدى هثذا فثى اختراعثات ثلثثة فثى الثمانينثات‪ :‬اخثتراع الكمثبيوتر الشخصثى‬ ‫‪16‬‬


‫وسماحه بإتاحة النترنت أو شبكة المعلومات الدولية باعتبارها أجهزة كمبيوتر تتصل ببعضها عبر‬ ‫العالم عبر خطوط التليفون وتتيح تبادل المعلومات‪ ،‬واختراع التليفون المحمول‪ ،‬واختراع الرسال‬ ‫التليفزيثونى عثبر القمثر الصثناعى‪ .‬واتضثح فثورا أثثر تلثك الثثورة فثى احتجاجثات سثياتل ضثد العولمثة‬ ‫عثام ‪ 1999‬وثورة الفلبين التى أطاحت بماركوس عام ‪ .1986‬ولقد بدأت تلك الثورة فى العالم‬ ‫المتقدم واتسعت تدريجيا‪ ،‬وعندما وصلنا إلى العقد الول من اللفية الثالثة كانت تلك الوسائل قد‬ ‫اتسثع نطاقهثا ورخثص ثمنهثا كثثيرا حثتى أصثبحت متاحثة لغلبيثة الشثعب حيثث الغلبيثة تملثك تليفونثا‬ ‫محمول‪ ،‬عادة مزودا بكاميرا‪ ،‬وتستقبل فى منازلها إرسال القنوات الجنبية على القمار الصناعية‪،‬‬ ‫كما تملك المليين من أفراد الشعب مهارة استخدام كمبيوتر والدخول على النترنت‪.‬‬ ‫وبثالطبع انعكثس ذلثك علثى زيثادة وعثى أغلبيثة أفثراد المجتمثع بمثا يحثدث فثى العثالم وهثم‬ ‫يرونه بالصوت والصورة فى لحظة حدوثه‪ .‬كما أدى ذلك إلى زيادة قوة وإمكانيات الفراد بتملكهم‬ ‫لوسائل اتصال شخصية تخترق قيودا حكومية سابقة للتواصل والعلم ولهم دور هام فى الترتيب‬ ‫ل وصثنع الثثورة‪ .‬وليثس أدل علثى هثذا مثن لجثوء النظمثة السثتبدادية ‪-‬بمثا فيهثا النظثام المصثرى‪-‬‬ ‫لجوئها إلى قطع التصالت التلفونية المحمولة أو قطع النترنت فى غمار اشتعال أحداث الثورة‪.‬‬ ‫التكنولوجيثا دائما سلح تسثتخدمه كثل القثوى الجتماعيثة‪ ،‬وتجيثد اسثتخدامه القوى القوى الممثلثة‬ ‫فى الدولة‪ ،‬ويتمثل هذا فى مجال الثورة بقدرة القوى الدولية والمحلية على المساهمة فى صنع‬ ‫الثرأى العثام مثن خلل العلم الثذكى والمثوجه‪ .‬ولكثن الثوجه الخثر للتقثدم التكنولثوجى هثو زيثادة‬ ‫قدرات الفراد أيضا على اختراق جدران الصمت والقدرة على التواصل وصنع العلم البديل أيضا‬ ‫باسثتخدام تلثك الوسثائل‪ .‬وقثد أدى اسثتخدام تلثك الوسثائل فثى الثثورة المصثرية بالثذات مثن قبثل‬ ‫الشباب قبيل وأثناء الثورة إلى الستعانة بالفضاء اللكترونى للحوار وبلورة الراء وتجميع السخط‬ ‫ممثا وفر بديل عثوض إلى حثد مثا غياب حقوق الجتمثاع والمناقشثة وحريثة الصثحافة‪ .‬كمثا أدى أيضا‬ ‫إلى دعم القدرة على الحشد وتنظيم حركة الجموع‪ .‬وساهم كل هذا فى السراع بإنضاج التحركات‬ ‫الجتماعية وتقصير فترات بلوغها لهدافها‪ .‬وهكذا يتفاعل كل من العامل الجتماعى التاريخى فى‬ ‫صثنع الثثورات )تراكثم مسثتوى السثخط نتيجثة لتطثور التناقضثات التاريخيثة فثى المصثالح بيثن فئات‬ ‫وطبقات المجتمع حتى يصل إلى مستوى الكتلة الحرجة الكافية لصنع الثورة( مع تطور التكنولوجيا‬ ‫ومثثا تثثتيحه مثثن وعثثى وقثثوة للجمهثثور وللفثثراد بحيثثث يسثثاهم فثثى السثثراع بإنضثثاج التناقضثثات‬ ‫الجتماعيثة‪ .‬ويعلمنثا التاريثخ مثن دروس الثثورة التونسثية والمصثرية دور تلثك التكنولوجيثا المتنثامى‪،‬‬ ‫كما يعلمنا أن الثوار هم أول من يحاول تعلم لغة العصر والستفادة منها بدل من تركها سلحا فى‬ ‫يد الحكام يستخدمونه فقط فى تزييف الوعى واستمرار القمع وتأجيل الثورة‪.‬‬

‫‪ ...‬وليس هناك خاتمة‬ ‫حركثة الشثعوب ل تعثرف نقطثة نهايثة فهثى صثيرورة تاريخيثة‪ .‬إنهثا تعثرف بثالطبع محطثات‬ ‫تاريخية بارزة تؤشر لمرحلة جديدة ذات أثر حاكم فى حياة البشر‪ ،‬ولكن تلك اللحظات فى الوقت‬ ‫الذى تمثل فيه انقطاعا فى التواصل فى جوانب تمثثل استمرار التواصثل فى جوانب أخرى‪ .‬وقد‬ ‫حاولت من خلل العرض السابق عمل استعراض سريع وموجز لتاريخ تطور النظام المصرى فى‬ ‫عهثد مبثارك مثن أجثل تلمثس تطثورات التناقضثات داخلثة‪ ،‬والثتى أدت إلثى قيثام ثثورة الخثامس‬ ‫والعشثرين مثن ينثاير‪ .‬ولثم تكثن فثترة اليثام الثمانيثة عشثرة الثتى صثنعت الثثورة بيثن ‪ 25‬يناير و ‪11‬‬ ‫فبراير هى كل القصة‪ ،‬بل بالحرى مقدمتها فقط‪ .‬والمستقبل ملئ بالحتمالت والخطار وبصراع‬ ‫القوى الجتماعية المختلفة على صنع مستقبل هذا البلد‪ .‬ولكن هذا لن ينفى بالقطع واقع حدوث‬ ‫ثثورة فثى مصثر ول ينفثى روعثة الثثورة وأصثالتها‪ .‬إنثه بثالحرى يسثلحنا بالحمثاس والمثل والثقثة فثى‬ ‫قدرة الشعب الذى صنع تلك الثورة على مواجهة تحديات المستقبل والنتصار فيها‪.‬‬ ‫محمد حسن خليل‬

‫الحزب الشتراكى المصرى‬ ‫يوليو ‪2011‬‬

‫‪17‬‬


‫مستقبل الثورة‪ :‬قراءة فى ميزان القوى‬ ‫الراهن‬ ‫بعد مرور سبعة أسابيع على بداية الثورة تبدو هناك حاجة ملحة لتحديد‬ ‫التكتيثك الملئم فثى تلثك اللحظثة‪ .‬والتكتيثك بثالطبع ينبنثى علثى قثراءة ميثزان‬ ‫القثوى الراهثن‪ ،‬ولكثن يبثدو أن مقدمثة حثول الثثورة سثوف تكثون ضثرورية‬ ‫لستكمال النقاش‪.‬‬

‫الثورة‬ ‫الثورة فى الساس فعل جماهيرى واسع‪ ،‬حركة جماهيرية تصمم على‬ ‫تحطيثم النظثام القثديم‪ ،‬وتجثترح فثى سثبيل ذلثك البطثولت‪ ،‬وتضثحى بالثدم‬ ‫والشثهداء فثى سثبيل ذلثك الهثدف‪ .‬وإذا كثان الثوريثون يعملثون دائمثا مثن أجثل‬ ‫الثورة بالدعاية والتحريض حول أفكارهم فإن أيا من كان ل يستطيع أن يحدد‬ ‫موعد الثثورة‪ .‬ولعل أبلغ دليثل على هذا هثو أن الشباب الثذى نظم مظاهرات‬ ‫يوم الثلثثاء ‪ 25‬يناير ودعا لها على الفيسبوك حدد شعاراتها فى " تغيير حرية‬ ‫عدالة اجتماعية" أو " خبز حرية كرامة إنسانية" مع وضع بنود عديدة تحت كل‬ ‫منهم تشمل حدا أدنى للجور وإلغاء حالة الطوارئ وحرية الحزاب والضراب‬ ‫وغيرهثا‪ ،‬ولكثن الشثباب حثذر بشثدة مثن رفثع آيثة شثعارات ضثد مبثارك أو مثع‬ ‫إسثقاط النظثام‪ .‬ولثم يكثن هثذا بثالطبع حبثا فثى مبثارك أو عثدم ثوريثة مثن‬ ‫الشثباب‪ ،‬بثل كثان موقفثا صثائبا‪ ،‬إذ كثان المقصثود هثو توسثيع نطثاق الحركثة‬ ‫الحتجاجيثثة لتشثثمل منثثاطق كثثثيرة داخثثل العاصثثمة ومثثدنا عديثثدة داخثثل‬ ‫الجمهوريثة حثول تلثك المطثالب‪ ،‬وكثانت نيثة الثداعين عثدم وضثع حثاجز مرتفثع‬ ‫أمام الجمهور المحتج مثل تعلية سقف المطالب لتشمل تغيير النظام‪ .‬إل أن‬ ‫الواقع قد تجاوز هذا عندما رفعت المظاهرات جميعا من أول صدام مع المن‬ ‫شعار " يسثقط يسقط حسثنى مبثارك" وشعار الثورة التونسثية "الشثعب يريد‬ ‫إسثقاط النظثام"‪ .‬لقثد تحقثق هثدف توسثيع نطثاق النضثال بشثدة إذ انطلقثت‬ ‫المظاهرات من خمسة أماكن فى القاهرة‪ ،‬كما انطلقت أيضا فى ثمانى مدن‬ ‫مختلفة )كل هذ فى اليوم الول فقط‪ 25 ،‬يناير‪ ،‬ثم اتسع النطاق أكثر فأكثر مع‬ ‫اسثتمرار الثثورة(‪ .‬ولكثن تحقثق أيضثا ارتفثاع سثقف المطثالب إلثى المطالبثة‬ ‫بإسثقاط النظثام بسثبب ل يعثود إلثى تخطيثط المنظميثن ولكثن إلثى مسثتوى‬ ‫السثثخط الجمثثاهيرى المثثتراكم‪ ،‬إلثثى المثثزاج الجمثثاهيرى الثثثورى‪ ،‬إلثثى‬ ‫السثثيكولوجيا الجتماعيثثة لجمهثثور معبثثأ مثثن تفثثاقم السثثتغلل والسثثتبداد‬ ‫والفسثثاد‪ ،‬ويحمثثل سثثمات كثثل النضثثالت الثثتى تفضثثح الفسثثاد والسثثتغلل‬ ‫والستبداد خلل السنوات الخيرة‪ .‬لم يكن خطأ أحد عدم التنبؤ باللحظة التى‬ ‫يصل فيها مخزون الغضب إلى الكتلة الحرجة الضرورية للثورة‪ ،‬ولكن النضج‬ ‫‪18‬‬


‫تمثثل فثى سثرعة إدراك تلثك اللحظثة الثوريثة وتبنثى مطالبهثا الجذريثة فثى‬ ‫الطاحة بالنظام‪.‬‬ ‫إن اسثتمرارية الحركثة رغثم القمثع الشثديد‪ ،‬واتسثاعها جغرافيثا وفئويثا‬ ‫لتشثمل معظثثم الشثعب‪ ،‬وارتفثاع سثثقف المطثالب للطاحثة بالنظثام كلثثه‪،‬‬ ‫والسثتعداد الهثائل للتضثحية بثالرواح وتقثديم مئات الشثهداء وآلف الجرحثى‪،‬‬ ‫إن كثل ذلثك هثو مثا حثدد ملمثح تلثك الحركثة فثى أنهثا ثثورة علثى نظثام مبثارك‬ ‫وليثس مجثرد انتفاضثة جماهيريثة قثد تنثتزع أو ل تنثتزع بعثض المكاسثب‪ .‬وتنبثع‬ ‫الهميثة الشثديدة فثى تحديثد مثا سثبق مثن أن أى تحليثل لميثزان القثوى فثى‬ ‫اللحظثة الراهنثة لبثد وأن يعطثى مكانثا بثارزا لطرفثى التنثاقض الرئيسثيين‪:‬‬ ‫الشثعب الثثائر مثن ناحيثة‪ ،‬و الثثورة المضثادة الثتى يقودهثا النظثام القثديم مثن‬ ‫ناحية أخرى‪.‬‬ ‫ورغثم إقرار الجميثع بأن تصثاعد الحتجاجات الجماهيريثة فى السثنوات‬ ‫الخيثرة هثو مثا شثكل المقدمثة الضثرورية للثثورة فثإن علثى السثاحة تقثديرات‬ ‫متعددة لتاريخ البداية لتلك الحتجاجات الجماهيرية‪ ،‬بدءا بمظاهرات التضامن‬ ‫مثع النتفاضثة الفلسثطينية عثام ‪ 2000‬وانتهاء بإضراب المحلة فى عام ‪.2008‬‬ ‫واعتقثد أن التاريثخ القثرب لتلثك الموجثة المتصثاعدة الثتى انتهثت بثالثورة قثد‬ ‫بثثدأت منثثذ أواخثثر عثثام ‪ 2003‬كنتيجة مباشرة لتغير مطبخ صنع القرارات‬ ‫السياسثية فثى مصثر الثذى وقثع فثى المثؤتمر الثثامن للحثزب الثوطنى فثى‬ ‫سبتمبر ‪ ) 2002‬والذى عرف فيما بعد بالمؤتمر السنوى الول عندما صار منذ‬ ‫ذلثك التاريثخ يعقثد سثنويا(‪ .‬فثى ذلثك المثؤتمر تثم تنحيثة أو إضثعاف نفثوذ مثن‬ ‫عرفثوا بثالحرس القثديم )يوسثف والثى‪ ،‬صثفوت الشثريف‪ ،‬الشثاذلى( وبثرزت‬ ‫مجموعثة صثنع القثرار الجديثدة الممثلثة فثى جمثال مبثارك الثذى تبثوأ منصثب‬ ‫أمين لجنة السياسات وأمين مساعد الحزب‪ ،‬ولجنة السياسات بقيادة رجالة‬ ‫وأقربهثم يوسثف بطثرس غثالى وأحمثد عثز أميثن التنظيثم الجديثد فثى الحثزب‬ ‫ورشثيد محمثد رشثيد وغيرهثم‪ .‬وكثانت بثاكورة أعمثالهم قثرار تعثويم الجنيثة‬ ‫المصرى مع تخفيض قيمته أمام الدولر حوالى ‪ .%60‬وأدى هذا إلى رفع أسعار‬ ‫الواردات بنفس النسبة‪ ،‬وتدل دراسات الحزب الوطنى نفسه أن تلك نسبة‬ ‫السكان الواقعين تحت خط الفقر فى مصر قد زادت بنسبة ‪%7‬خلل الشهر‬ ‫العشثرة التاليثة لثذلك القثرار‪ .‬كمثا أسثرعت اللجنثة منثذ تأسيسثها بمعثدلت‬ ‫خصخصة الهيكل النتاجى )القطاع العام(‪ ،‬ثم انتقلت لخصخصة الخدمات ببيع‬ ‫بنك السكندرية )‪ (2006‬و تحويل الهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحى‬ ‫إلى شركة قابضة )‪ (2004‬ثم انتقلوا إلى خصخصة التعليم والصحة‪ .‬وبالطبع لم‬ ‫يكن الفرق بين مطبخ صنع القرارات الجديد والقديم هو وطنية الول وعدم‬ ‫وطنيثة الخيثر‪ ،‬لكنثه كثان تحديثدا أنثه بينمثا كثانت الوليثات المتحثدة المريكيثة‬ ‫ومؤسسثات التمويثل الدوليثة )البنثك الثدولى وصثندوق النقثد الثدولى وهيئة‬ ‫المعونثة المريكيثة( يضثغطون مثن أجثل تخفيثض قيمثة الجنيثة الثذى تثم تثثبيت‬ ‫‪19‬‬


‫سثعره منثذ عثام ‪ 1992‬وزيادة معدلت الخصخصة فقد كان موقف الحرس‬ ‫القديم هو ضرورة التوفيق بين ماسموه ضرورات الصلح القتصادى )لبرلة‬ ‫القتصاد أو خصخصته( وبين مقومات الستقرار الجتماعى‪ .‬ويقولون أن هذا‬ ‫هثو درس انتفاضثة ينثاير ‪ 1977‬عندما أدت الزيادة المفاجئة فى السعار إلى‬ ‫اضطرابات سياسية جماهيرية واسعة‪.‬‬ ‫لقد استحقت مصر الرسمية وقتها احتفاء وتهليل كل منظمات التمويل‬ ‫الدولية على المضى قدما فى طريق "الصلح القتصادى" بحيث اعتبرها كل‬ ‫مثثن البنثثك الثثدولى وصثثندوق النقثثد الثثدولى نموذجثثا يحتثثذى فثثى الصثثلح‬ ‫القتصادى والدولة الولى عالميا‪ ،‬والدولة الولى أفريقيا فى سنوات مختلفة‬ ‫مثثن تلثثك الفثثترة‪ .‬لكثثن نتيجثثة كثثل ذلثثك كثثانت غلء متزايثثدا فثثاقم المشثثاكل‬ ‫المعيشية للشعب مما انعكس على تزايد وتيرة الحتجاجات الجتماعية‪ .‬ومما‬ ‫له دللة وثيقة بكل هذا هو أن مظاهرات شهر ديسمبر عام ‪ 2003‬قد شهدت‬ ‫لول مرة شعارات تطول رأس النظام‪ ،‬فارتفعت شعارات "يامبارك ياجبان يا‬ ‫عميل المريكان" و"ياجمال قل لبوك كل الشعب بيكرهوك"‪.‬‬ ‫ومثن العلمثات الفارقثة أن مثن نجثح فثى التقثاط تلثك اللحظثة السثاخنة‬ ‫وتطويرها هو الحركة المصرية من أجل التغيير المعروفة بحركة كفاية التى‬ ‫أعلنثت عثن تأسيسثها فثى مظاهرتهثا الصثامتة الولثى فثى ديسثمبر عثام ‪2004‬‬ ‫ل للتمديثد ل للتثوريث"‪ .‬وتصثاعدت الحركثات الفئويثة والحتجاجيثة‬ ‫وهثدفها "‬ ‫والديمقراطية بمعدلت متسارعة حتى صارت الضرابات العمالية فى أعوام‬ ‫‪ 2009‬و‪ 2010‬نمطا للحياة السياسية اليومية‪ ،‬وحتى أضحى رصيف مجلس‬ ‫الشثثثعب موقعثثثا دائمثثثا للحركثثثة الحتجاجيثثثة لمختلثثثف الفئات‪ .‬وانتشثثثرت‬ ‫التنظيمثات المناضثلة مثن أجثل مختلثف المطثالب وبيثن كثل الفئات فشثهدنا‬ ‫مولثد أول نقابثة مسثتقلة لمثوظفى الضثرائب العقاريثة‪ ،‬وحركثة معلمثون بل‬ ‫نقابثة مثن أجثل كثادر لجثور المعلميثن‪ ،‬واتحثاد أصثحاب المعاشثات ونضثالته‬ ‫والقضثايا الثتى رفعهثا مثن أجثل مطثالبهم الفئويثة‪ ،‬وحركثة أطبثاء بل حقثوق‬ ‫المطالبثة بكثادر للطبثاء وتحسثين الخثدمات الطبيثة‪ ،‬ولجنثة الثدفاع عثن الحثق‬ ‫فثى الصثحة الثتى تقثف ضثد خصخصثة التثأمين الصثحى وغيرهثا وغيرهثا‪ .‬كمثا‬ ‫شهدنا حركة مراكز حقوق النسان ضد التعذيب‪ ،‬وشهدنا الحركة الجماهيرية‬ ‫ضثد قتثل خالثد سثعيد‪ ،‬وتفجثر السثخط ضثد تزويثر انتخابثات مجلسثى الشثعب‬ ‫والشثورى‪ ،‬والهجثوم علثى قسثم السثاحل وإحثراق عربثات الشثرطة فيثه وعنثد‬ ‫نقطثة مثدخل طريثق القثاهرة الزراعثى احتجاجثا علثى قيثام اثنيثن مثن أمنثاء‬ ‫الشرطة بقتل أحد السائقين‪ .‬وكان كل هذا هو المقدمة الضرورية التى تنبئ‬ ‫بمستوى السخط والوعى الذى تفجر فى ثورة الخامس والعشرين من يناير‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫الثورة المضادة‬ ‫وإذا أردنثا أن نفهثم الثثورة المضثادة الثتى نواجههثا الن حثق الفهثم فلبثد‬ ‫وأن نثدرس أبثرز تجلياتهثا فثى الكفثاح ضثد الثثورة قبثل الطاحثة بمبثارك‪ ،‬أى‬ ‫دورهثا يثوم جمعثة الغضثب ‪ 28‬يناير وأربعاء موقعة الجمل ‪ 2‬فبراير‪ .‬فالثورة‬ ‫المضثادة لهثا فكرهثا‪ ،‬وقادتهثا‪ ،‬ومؤسسثاتها‪ ،‬وأسثلوبها‪ ،‬وتمويلهثا‪ ،‬وآلياتهثا‪ ،‬وأى‬ ‫خطثأ فثى حسثاب مقثدار قوتهثا –سثواء قبثل الطاحثة بمبثارك أو بعثده‪ -‬سثوف‬ ‫تكون له عواقب وخيمة فى سياق المعركة الدائرة الن على قدم وساق بين‬ ‫طرفى التناقض الرئيسيين‪.‬‬ ‫وفكر وأدبيات الثورة المضادة‪ ،‬مثلها مثل كل فكر الطبقات السائدة‪،‬‬ ‫مسثتورد بالكامثل‪ ،‬حيثث إن أبثرز مثن درسثه وقننثه هثو المخثابرات المركزيثة‬ ‫المريكيثة‪ .‬وقثد بلثوروا نظريثا خطثط التعامثل مثع وضثع جمثاهيرى ثثورى مثن‬ ‫طثول خثبرتهم فثى التعامثل مثع تلثك الوضثاع بثدءا مثن ثثورة مصثدق ضثد شثاة‬ ‫إيران وحتى خثبرات التعامل مع ثورات أمريكا اللتينيثة‪ .‬وبالطبع درس وزراء‬ ‫الداخلية العرب تلك الخطط وتدارسوها سويا فقد كان أنجح مثال على تعاون‬ ‫النظمثة العربيثة المشثترك هثو المثؤتمرات الدوريثة لثوزراء الداخليثة العثرب‬ ‫والتى حضرتها مصر حتى فى سنوات مقاطعتها بسبب كامب دافيد‪ .‬والدليل‬ ‫علثى هثذا التماثثل بيثن خطثة الثثورة المضثادة فثى تثونس ومصثر‪ .‬وتعتمثد تلثك‬ ‫الخطثط علثى مواجهثة الثثورة بثالتفريغ المنثى‪ ،‬وترويثع المثواطنين بواسثطة‬ ‫الشرطة‪ ،‬أو الشرطة بملبس مدنية‪ ،‬أو الجهزة السرية التابعة للشرطة‪ ،‬مع‬ ‫إطلق يثد عصثابات المجرميثن ورواد الجريمثة المنظمثة‪ ،‬والبلطجيثة مثن كثل‬ ‫النواع‪ ،‬وإثارة المعارك الجانبية والفتن والقلقل بين فئات الشعب المختلفة‪.‬‬ ‫والمثال الملموس فى مصر هو انسحاب الشرطة فى مساء الجمعة الثامن‬ ‫والعشرين من يناير‪ ،‬وتآمر الشرطة لحرق العديد من القسام )غير القسام‬ ‫الثتى حرقهثا المتظثاهرون( وإطلق سثراح البلطجيثة المحتجزيثن بالقسثام‪،‬‬ ‫وفتثح السثجون وإجبثار المسثاجين علثى الخثروج وحضثهم علثى ترويثع المنيثن‬ ‫ونشثر الرعثب‪ ،‬وتنفيثذ خطثة التفريثغ المنثى بعثدم السثتجابة ليثة اسثتغاثة مثع‬ ‫دفثثع عملء للتصثثال بثالعلم ونشثثر الشثثائعات للمبالغثثة حثثتى فثى مسثثتوى‬ ‫أحثداث المشثاكل المنيثة المثثارة‪ .‬ويضثاف لكثل هثذا دور العلم فثى تشثويه‬ ‫الثورة والتشكيك فى أهدافها وقادتها وحجمها ومستقبلها‪ .‬إل أن كل ما سبق‬ ‫ليس سوى التمهيد‪ ،‬فلبد من التخطيط لمعركة حاسمة للقضاء على الثورة‪،‬‬ ‫وهثو مثا تحثدد لثه يثوم الربعثاء ‪ 2‬فبراير بعد التمهيد له بإثارة الرتباك فى‬ ‫صثفوف الشثعب نتيجثة لخطثاب مبثارك الثذى يعثد بالصثلح وبالتثالى فل داعثى‬ ‫لسثتمرار الثثورة‪ .‬وفثى الحقيقثة إن دراسثة تفاصثيل العثداد لموقعثة الجمثل ل‬ ‫تكتسب فقط أهمية من زاوية التأريخ للثورة‪ ،‬فالغلبية الساحقة لتلك الليات‬ ‫مثازالت فاعلثة ومسثتخدمة حثتى الن‪ .‬ومثن أهثم تلثك الليثات الثدور القيثادى‬ ‫لرموز وقيادات الحزب الوطنى فى مجلس الشعب‪ .‬فإذا كان الحزب الوطنى‬ ‫‪21‬‬


‫فاشثل كحثزب لثه فكثره المسثتقل يمثثل بوتقثة لصثياغة فكثر الطبقثة الثتى يعثبر‬ ‫عنها‪ ،‬فهو ناجح جدا كتجمع للمنتفعين أصحاب المصلحة المباشرة فى التربح‬ ‫مثن الدولثة وفثى التخطيثط لسثتهداف أعثداء النظثام‪ .‬ولجميثع أعضثاء مجلثس‬ ‫الشثثعب المزمنيثثن مثثن الحثثزب الثثوطنى علقثثة مؤسسثثية منتظمثثة لشثثلل‬ ‫ومجموعثات البلطجيثة فثى دوائرهثم‪ :‬فالمنثافع متبادلثة‪ :‬فهثم يثوفرون آليثات‬ ‫تزوير النتخابات‪ ،‬وجمهور الهتيفة فى مظاهرات التأييد‪ ،‬ومهاجمة سرادقات‬ ‫الخصثوم أحيانثا وإفشثال دعثايتهم النتخابيثة‪ .‬ويحصثلون فثى مقابثل ذلثك علثى‬ ‫تسهيلت أمنية من الشرطة‪ ،‬وحماية من بعض المخالفات الخفيفة‪ ،‬ومساندة‬ ‫من جهاز الدولة‪ .‬وفى يوم واقعة الجمل لم يدرك الكثيرون سوى أنها محاولة‬ ‫لضثرب المحتجيثن‪ ،‬لكنهثا كثانت معركثة يقصثد بهثا الجهثاز علثى الثثورة‪ .‬لقثد تثم‬ ‫التخطيط لها فيما سمى اجتماع فندق سوفيتل ليلتها بين كبار رجال الحزب‬ ‫الوطنى‪ :‬صفوت الشريف وأمثاله مع متابعة فتحى سرور لهم تليفونيا‪ .‬وكان‬ ‫قادة أركان التنفيذ فى كل دائرة هم من أشرفوا على تسيير الفيلق الخاص‬ ‫بهم‪ :‬فقد ركب بلطجية الزيتون )دائرة زكريا عزمى( من محطة متروالنفاق‬ ‫مجانثا لكثى يقثف المثترو وتفتثح لهثم محطثة التحريثر المغلقثة لكثى ينزلثوا منهثا‬ ‫ويخرجوا وسط العتصام الذى أمن المعتصمون مداخله‪ ،‬ونفس الشيئ من‬ ‫محطة السيدة زينب )دائرة فتحى سرور(‪ ،‬ومن دائرة دار السلم‪ ،‬وغيرها‪ .‬أما‬ ‫دائرة الهثثرم فأمرهثثا معثثروف‪ ،‬فقثثد نقثثل النائبثثان عنهثثا الخيثثول والجمثثال‬ ‫بسثيارات النقثل إلثى جثامع مصثطفى محمثود حيثث بثدأت مثن عنثده مسثيرة‬ ‫القثوات الراكبثة للثدواب إلثى ميثدان التحريثر‪ .‬واسثتمرت المعركثة لمثدة مثا‬ ‫يقرب من ‪ 24‬ساعة بالذات وقد اشتدت ليل مع ضخ أعداد ضخمة من رجال‬ ‫الشرطة بملبس مدنية وروافد من مختلف أنواع البلطجية مع توريد الذخيرة‬ ‫)أشولة محملة بكسر الرخام من شق الثعبان حيث يمتلك أحد أعضاء مجلس‬ ‫الشثعب ورشثا للرخثام الثذى يثؤدى لصثابات وجثروح بليغثة(‪ ،‬ومثع درجثة مثن‬ ‫معرفة الجيش تسمح بأن يقف مترو النفاق فى محطة التحرير التى لم يقف‬ ‫بهثا منثذ بثدء العتصثام وبثأن تسثمح الثدبابات بثدخول الخيثول والجمثال‪ ،‬وبثأن‬ ‫يبقثثى الجيثثش لفثثترة طويلثثة علثثى حيثثاد مصثثطنع بيثثن شثثباب المعتصثثمين‬ ‫والبلطجية‪ .‬وشارك اتحاد العمال‪ ،‬ومن خلل مقره ومن خلل علقاته الوثيقة‬ ‫بالبلطجية‪ ،‬فى تأجير مجموعات البلطجية والترتيب للموقعة من خلل الدور‬ ‫القيادى لكل من حسين مجاور رئيس اتحاد العمال وعائشة عبد الهادى وزيرة‬ ‫القوى العاملة‪ .‬كما شارك كبار رجال أعمال الحزب الوطنى بالتمويل دفاعا‬ ‫عن مصثالحهم وتربحهثم السثابق من جهاز الدولثة‪ ،‬والثذين يخشثون مثن نظثام‬ ‫جديثد يحاسثبهم علثى مثا سثرقوه ويمنثع المزيثد مثن التربثح‪ .‬وبثرزت أسثماء أبثو‬ ‫العينيثن وفريثد خميثس وكامثل بينهثم‪ .‬وأشثرف أمثن الدولثة علثى كثل تلثك‬ ‫المؤامرات ولعب دوره المرسوم فيها بما فيها المداد برجال المن السريين‬ ‫المدربين على القتال ضد الجمهور‪.‬‬ ‫‪22‬‬


‫وإذا كنثا نعثدد أشثكال الثثورة المضثادة وعيننثا علثى الوضثع الراهثن فمثن‬ ‫الواضثح أن كثل تلثك الشثكال لثم تفقثد فعاليتهثا ومثازال كثل القثادة يعملثون‬ ‫بنفس السلوب‪ ،‬لم يتغير سوى ما فرض عند حل جهاز أمن الدولة‪ .‬لقد قيل‬ ‫أن كثل عضثو مجلثس شثعب قثد طلثب منثه أن يرتثب تحثت إمرتثه خمسثة آلف‬ ‫من البلطجية بدفع مقدمات )قيل أنها من ‪ 50‬إلى مائة جنية يوميا لكل بلطجى‬ ‫غيثر خمسثة آلف لكثل زعيثم مجموعثة‪ ،‬قثد تبلثغ خمسثين أو مثائة( لكثى يكونثوا‬ ‫جاهزين للدفع بهم فى اللحظات الصفرية سواء فى مظاهرة تأييد عند جامع‬ ‫مصطفى محمود أو فى معركة ضد اعتصام فى التحرير أو غيره‪.‬‬ ‫ول يكتمثل الحثديث إل بثذكر أحثد أنجثع أسثاليب الثثورة المضثادة‪ :‬إثثارة‬ ‫الفتنة بين صفوف الشعب‪ .‬لقد بدأ هذا قبل سقوط مبارك وبعد بداية خطة‬ ‫التفريغ المنى فى أعقاب جمعة الغضب ‪ 28‬يناير‪ .‬وبدأ تحديدا فى السكندرية‬ ‫والهرم عن طريق إثارة السلفيين بحجة أن المتظاهرين ينوون تغيير المادة‬ ‫الثانية من الدستور وإقصاء الشريعة السلمية عن أسس التشريع‪ ،‬وهذا قبل‬ ‫أن يطرح أحد الموضوع‪ ،‬مما دفعهم للتظاهر دفاعا عن "السلم"‪ .‬وشمل هذا‬ ‫أحثداث كنيسثة الصثول فثى أطفيثح‪ ،‬وقيثام البلطجيثة بثترويع القبثاط فثى قثرى‬ ‫مختلفة بدمنهور والصعيد‪ .‬وهنا لبد من وقفة للحديث عن تلك القوة الجديدة‬ ‫علثى السثاحة السياسثية أل وهثى السثلفيين‪ .‬السثلفيون لهثم جماعثات متعثددة‬ ‫مثثل الثدعوة والتبليثغ‪ ،‬وأنصثار السثنة المحمديثة‪ ،‬والجمعيثة الشثرعية وغيرهثم‪.‬‬ ‫وهثم يعثدون بثالمليين‪ .‬وهثم يعلنثون أنهثم ل علقثة لهثم بالسياسثة‪ ،‬وهثم علثى‬ ‫علقثة وثيقثة بثالمن حيثث يسثمح لهثم المثن بثأنواع مثن النشثطة الجماهيريثة‬ ‫مثل توزيع الزكاة ورعاية فقراء وأنشطة خيرية متنوعة ل يوافق على أى منها‬ ‫للخوان المسلمين نظرا لدراكه لهدافهم السياسية من ورائها‪ .‬ولكن المن‬ ‫يعدهم احتياطيا استراتيجيا يمكن تجنيده عند استثارتهم بتهديد مزعوم للدين‬ ‫وشرع الله‪ :‬حينئذ ينطلقون فى أعمال عنف ضد "الكفار"! وما ارتكبوه مؤخرا‬ ‫فى أثناء الستفتاء على تعديل مواد بالدستور وفى غيره لم يكن أول مشاركة‬ ‫لهم‪ ،‬وإن كان البرز أثناء تلك الموجة من الثورة المضادة‪.‬‬

‫المجلس العسكرى‬ ‫إذا كثان شثعار "الشثعب يريثد إسثقاط النظثام" هثو أفضثل شثعار يوضثح‬ ‫هثثدف الثثثورة الرئيسثثى بإسثثقاط نظثثام فاسثثد مسثثتبد ظثثالم وبنثثاء نظثثام‬ ‫ديمقراطثى على أنقاضثه‪ ،‬فإن هثذا الشعار يوضثح أيضثا الثدور الحاسثم لهميثة‬ ‫بنثثاء مؤسسثثات جديثثدة علثثى أنقثثاض مؤسسثثات النظثثام القثثديم‪ .‬والجيثثش‬ ‫ومجلسه العسكرى ليس طبعا من مؤسسات الثورة أو النظام الجديد! ولذلك‬ ‫تظهر فيه كل عيوب النظام القديم على صورة علقات غير ديمقراطية داخله‬ ‫ووجود أشكال التربح والفساد " الشرعى" عبر التمايز الشديد فى المرتبات‬ ‫والمتيازات‪ ،‬وكذلك غير الشرعى من التربح من المناصب‪ ،‬فضل عن الضرار‬ ‫بالطثابع العسثكرى للجيثش مثن خلل دخثوله مجثال السثتثمار وتكثوين وشثراء‬ ‫‪23‬‬


‫الشركات على نطاق واسع‪ .‬إل أن المأثرة الضخمة للجيش هى تحديدا رفضه‬ ‫المشثاركة فثى ذبثح الثثورة! لقثد كان قانون الثثورات حثتى نهايثة القثرن التاسثع‬ ‫عشثر هثو أن الطبقثة السثائدة تحمثى نفسثها مثن الثثورة باسثتخدام البثوليس‪،‬‬ ‫وأساسا الجيش‪ ،‬وكان انتصار الثورة يتحقق فقط عندما يؤدى صمود الثوار‬ ‫وبسثالتهم إلثى تفكثك الجيثش وانقسثامه وانضثمام أقسثام منثه للثثورة‪ .‬وفثى‬ ‫عصثرنا الحثديث حيثث جيثوش بلدنثا والبلد المماثلثة الثتى تربثت علثى عقيثدة‬ ‫وطنيثة هثدفها حمايثة الثوطن مثن العثداء وليسثت جيوشثا اسثتعمارية أوروبيثة‬ ‫تربثت علثى الظلثم والقهثر أصثبح بالمكثان أن يسثلك الجيثش مسثلكا مختلفثا‪.‬‬ ‫ونرى فى المثلة القريبة المحيطة بنا رفض الجيش فى مصر وتونس المتثال‬ ‫للوامثر بقمثع الثثورة‪ ،‬بينمثا نثرى المثلثة المعاكسثة الثتى اسثتخدم فيهثا النظثام‬ ‫الجيش فى معركته الخيرة ضد الثوار فى إيران ‪ 1979‬وفى ليبيا حاليا‪.‬‬ ‫وبثثرز طثثابع المجلثثس العسثثكرى كمؤسسثثة محافظثثة مباشثثرة بعثثد‬ ‫الطاحة بمبارك‪ ،‬رغم قوله أنه يتبنى أهداف الثورة‪ ،‬بأنه عمليا ما مؤداه أنه ل‬ ‫يثرى ضثرورة لتحقيثق أى مثن الهثداف الخثرى حثتى حثل مجلسثى الشثعب‬ ‫والشثورى حيثث أعلثن فثى ‪ 12‬فبراير أنه فقط سوف يقتصر على إسقاط‬ ‫العضثاء الثذين تصثدر أحكثام بإبطثال عضثويتهم‪ .‬إل أن المجلثس قثام بتحقيثق‬ ‫هثذا الهثدف الثثانى للثثورة‪ ،‬حثل مجلسثى الشثعب والشثورى‪ ،‬فثى اليثوم التثالى‬ ‫) الحد ‪ 12‬فبراير(‪ .‬وبالمثل رفض المجلس العسكرى تحقيق الهدف الثالث‬ ‫بإقالة وزارة أحمد شفيق التى حلفت اليمين أمام حسنى مبارك حتى تصاعد‬ ‫الضغط ووصل إلى التهديد بجمعة مليونية تنتهى باعتصام فى ميدان التحرير‬ ‫فاسثتبق المجلثس المليونيثة بيثوم واحثد وأعلثن يثوم الخميثس ‪ 3‬مارس إقالة‬ ‫وزارة شفيق‪.‬‬ ‫أما المطلب الرابع للثورة‪ ،‬حل جهاز مباحث أمن الدولة فقد استغرق‬ ‫أربعثة أسثابيع وأحثداث جسثيمة حثتى تحقثق‪ :‬فقثد دأبثت قثوى الثثورة منثذ اليثوم‬ ‫الول لنجاحها من التحذير من الثورة المضادة بينما أنكر المجلس العسكرى‬ ‫تماما حتى وجودها! وفى الممارسة الفعلية اتضحت خطورة الثورة المضادة‬ ‫عندما استمر وزير الداخلية فى وزارة أحمد شفيق‪ ،‬محمود وجدي‪ ،‬فى تكتيك‬ ‫التفريثغ المنثى الثذى اتبعثه سثلفه حثبيب العثادلى ورفثض نثزول الشثرطة رغثم‬ ‫تثدهور الحالثة المنيثة‪ .‬وتثرددت أنبثاء عثن محاولثة انقلب بقيثادة قثائد الحثرس‬ ‫الجمهورى لعادة النظام القديم‪ .‬ساعتها فقط أعلن رئيس الوزراء والمجلس‬ ‫العسثكرى عثن وجثود ثثورة مضثادة‪ ،‬وعثن نثزول الشثرطة للشثارع فثورا‪ ،‬وعثن‬ ‫حل جهاز مباحث أمن الدولة ووضع مقراته تحت سيطرة الجيش مؤقتا‪.‬‬ ‫إل أن أهثم السثمات المحافظثة لقيثادة المجلثس العسثكرى للبلد هثى‬ ‫خطته السريعة لما يسمى بعودة الجيش إلى مهامه بعد استعادة النظام عن‬ ‫طريثق عمثل تعثديلت دسثتورية خلل عشثرة أيثام‪ ،‬وإقرارهثا فثورا عثن طريثق‬ ‫‪24‬‬


‫اسثتفتاء شثعبى‪ ،‬ثثم عمثل انتخابثات مجلسثى شثعب وشثورى جديثدين خلل‬ ‫شهرين )تم مدهم إلى ستة أشهر حتى سبتمبر القادم( وانتخاب مائة من بين‬ ‫أعضثثائهم للعمثثل كجمعيثثة تأسيسثثية تضثثع دسثثتورا جديثثدا‪ ،‬وانتخثثاب رئيثثس‬ ‫للجمهوريثة قثالوا أخيثرا أنثه لثن يتثم إل بعثد إقثرار الدسثتور الجديثد‪ .‬إن السثراع‬ ‫الشثديد بالخطثة علثى هثذا النحثو ل يمكثن أن تكثون لثه مثن نتيجثة سثوى سثيادة‬ ‫القثوى المحافظثة الجثاهزة علثى مجلثس الشثعب الجديثد وبثروز طابعهثا فثى‬ ‫الدستور الجديد‪ ،‬وحرمان القوى الثورية الجديدة من الحصول على التمثيل‬ ‫اللئق لحداثثثة عهثثدها خصوصثثا ولثثم يتثثم بعثثد تقنيثثن الحريثثات الديمقراطيثثة‬ ‫الضرورية لبروز وازدهار تلك القوى الجديدة من حرية أحزاب حقيقية وحقوق‬ ‫التعبير والتنظيم‪ .‬وأهم تلك القوى المحافظة المستفيدة من تكتيك السراع‬ ‫باستعادة النظام بأسرع ما يمكن هى فلول الحزب الوطنى كقيادات تقليدية‬ ‫وذات عصبيات ونفوذ فى دوائرها‪ ،‬وكذلك الخوان المسلمين‪.‬‬ ‫ويهمنثا هنثا أن نثبرز منطثق المثر الواقثع الثذى ينتصثر حثتى علثى خطثط‬ ‫المحثافظين‪ :‬فقثد تجمعثت القثوى المحافظثة فثى السثتفتاء علثى الدسثتور‬ ‫للتصثثويت بنعثثم‪ ،‬ونجحثثت فثثى حشثثد الشثثعب وراءهثثا بثثالبتزاز بالسثثتقرار‪،‬‬ ‫وبثالخطر علثى السثلم مثن خلل المثادة الثانيثة فثى الدسثتور‪ ،‬وبخطثر الفثراغ‬ ‫الدسثتورى وأهميثة عثودة البلثد للحالثة الطبيعيثة بسثرعة‪ .‬وصثوتت كثل قثوى‬ ‫التغيير الثورى بل بناء على رفض ترقيع الدستور وإعطاء شرعية لبقية مواده‬ ‫الثتى تعطثى لرئيثس الجمهوريثة سثلطات ملثك‪ ،‬وأهميثة العمثل علثى تحقيثق‬ ‫مطلب الثورة فى دستور جديد يمثل نظاما جديدا لمجتمع جديد بعد الثورة‪.‬‬ ‫ورغثم أن الجابثة بنعثم حظيثت بأغلبيثة ثلثثة أربثاع المصثوتين تقريبثا‪ ،‬إل أن‬ ‫التصثويت بل هثو الثذى نجثح! فقثد وجثد المجلثس العسثكرى نفسثة فثى مثأزق‬ ‫دسثتورى بعثد التصثويت الثذى أقثر الدسثتور بعثد التعثديل حيثث يصثبح وضثع‬ ‫المجلس غير دستورى والمفروض أن يرأس البلد رئيس المحكمة الدستورية‬ ‫العليا! وتصحيحا لهذا الخطأ لم يجد المجلس العسكرى غضاضة فى أنه رغم‬ ‫لجوئه للشعب فى تعديل ‪ 9‬مواد إل أنه ألغى دستورا كامل من أكثر من مائتى‬ ‫مادة وأقر دستورا جديدا مؤقتا دون استفتاء!‬ ‫وفثى سثياق محاولثة المجلثس العسثكرى لسثتعادة السثتقرار بأسثرع‬ ‫وقثت أخثذ فثى تصثعيد إجثراءات "النضثباط" حيثث أقثر قثوانين منثع العتصثام‬ ‫والتظاهر وقانون البلطجة الذى أعلن فى الصحف أنه سوف يطبقه على من‬ ‫يخترقون حظر التجول أو النضباط بمحاكمتهم أمام محاكم عسكرية ل تقبل‬ ‫السثتئناف وتعطثى أحكامثا مشثددة بثالحبس )وهثو مثالم يجثرؤ مبثارك نفسثه‬ ‫علثى إعلنثه!(‪ .‬وتبثع هثذا بالفعثل بتطثبيقه علثى طلب جامعثة أخثذوا أحكامثا‬ ‫بالسثجن باعتبثارهم بلطجيثة‪ ،‬كمثا قثامت الشثرطة العسثكرية فثى غيثر حالثة‬ ‫أبرزهثا عنثد فثض اعتصثام ميثدان التحريثر بثالقوة بتعثذيب المعتقليثن وانتهثاك‬ ‫المعتقلت‪.‬‬ ‫‪25‬‬


‫إن التعامل مع المجلس العسكرى ل يمكن أن يكون بالصمت على تلك‬ ‫النتهاكثات ول بثالقبول بهثذا التكتيثك الثذى يجهثض الثثورة‪ .‬ولكثن ليثس البثديل‬ ‫التعامثل مثع المجلثس العسثكرى كعثدو –ليثس فقثط لثدوره فثى إنجثاح الثثورة‬ ‫بثدون ضثريبة كثالتى تثدفع الن فثى ليبيثا‪ ،‬ولكثن أيضثا لن الشثعارات لبثد وأن‬ ‫تضثع فثى حسثابها وزن الشثارع ومثوقفه‪ .‬والسثتمرار فثى موقثف الضثغط مثن‬ ‫أجل تحقيق مطالب الثورة ورفض أشكال الستبداد وتقييد الحرية‪ ،‬مع نقد –‬ ‫وليس تخوين أو إسقاط‪ -‬المجلس العسكرى هو العلقة المعقدة المطلوبة‪،‬‬ ‫بثثالطبع مثثع الحثثرص علثثى بنثثاء قاعثثدة ذلثثك الضثثغط جماهيريثثا وتوسثثيعها‬ ‫باستمرار‪ ،‬والمثال الناجح على ذلك هو مظاهرات مليونية جمعة إنقاذ الثورة‬ ‫فى أول إبريل الحالى‪.‬‬

‫الخوان المسلمون‬ ‫يشكل الموقف من الخوان المسلمين ركنا هاما فى التكتيك الخاص‬ ‫بالمرحلثة الراهنثة‪ .‬ول يجثب أن يغيثب عثن أذهاننثا أن الخثوان المسثلمين هثم‬ ‫جثثزء مثثن طبقثثة الرأسثثمالية الكثثبيرة‪ ،‬وأنهثثم بعثثد أن انضثثموا فثثى البدايثثة‬ ‫لشعارات حركة كفاية التى جبهت كل المعارضة الحزبية معها عام ‪2005-2004‬‬ ‫تحت شعار ل للتمديد ل للتوريث نجح نظام مبارك المأزوم وقتها فى تفكيك‬ ‫جبهثثة المعارضثثة وكسثثب الخثثوان لعثثدم معارضثثة التمديثثد لثثه‪ ،‬بثثل ولعثثدم‬ ‫المعارضة لترشيح ابنه لو أراد فى مقابل صفقة تضمنت منحهم ‪ 88‬عضوا فى‬ ‫مجلس شعب ‪ .2010-2005‬ول يجب الخلط بين نفوذ الخوان فى الشارع وبين‬ ‫مثا حصثلوا عليثه مثن مقاعثد والثذى لثم يحصثلوا عليثه انتزاعثا مثن النظثام بثل‬ ‫بمثوافقته فثى إطثار الصثفقة‪ .‬ولعثل أحثد أطثرف الدلثة علثى هثذا هثو رد مهثدى‬ ‫عثاكف وقتهثا فثى مثؤتمر صثحفى علثى أحثد الصثحفيين عنثدما سثأله كيثف نجثح‬ ‫فثى النتخابثات فثى دائرة فاراسثكور عضثوان أحثدهما عثن الحثزب الثوطنى ب‬ ‫‪ 26‬ألف صوت والثانى عن الخوان بعشرة آلف صوت‪ ،‬بينما تدل كل نتائج‬ ‫المراقثبين المحايثدين أن كثل مثن صثوتوا لثم يصثلوا إلثى مثائة صثوت‪ ،‬فأجثاب‬ ‫مرشد الخوان " الملئكة صوتوا لنا"؟! وقد اعترف الخوان أنفسهم بالصفقة‬ ‫فيما بعد فى إطار نقد ذاتى أثناء النتخابات التالية عام ‪ .2010‬ولكن التحالف‬ ‫بين الخوان والحزب الوطنى انهار بعد شهور قلئل بسبب العرض العسكرى‬ ‫فى جامعة الزهر‪ ،‬والذى غاب مغزاه عن الكثيرين‪ .‬لقد استهدف الخوان من‬ ‫هذا العرض‪ ،‬وفى ميزان القوى الجديد الذى بالغوا من تقديره حينما حصلوا‬ ‫على كل تلك المقاعد فى مجلس الشعب‪ ،‬استهدفوا انتزاع العلنية وشرعية‬ ‫المر الواقع لتشكيلتهم شبه العسكرية وحريتهم فى استعراض لفنون القتال‬ ‫فثى الجامعثة‪ .‬ولكثن النظثام الثذى عثانى مثن اغتيثال رئيسثه السثابق مثا كثان‬ ‫ليسمح بمثل هذا فأظهر لهم الجانب الخر من الصورة‪ :‬بداية بملحقات أمنية‬ ‫عنيفثة واعتقثالت لزعمثاء الخثوان ومحاكمثات وأحكثام طويلثة بالسثجن أمثام‬ ‫محثاكم عسثكرية ومصثادرة لمثوال وشثركات خاصثة بهثم‪ ،‬وتضثييق فثى كثل‬ ‫‪26‬‬


‫المجثالت‪ .‬ومثن المثثير للدهشثة كيثف اسثتجاب الخثوان لكثل ذلثك‪ ،‬فقثد ظلثوا‬ ‫لكثثر مثن ثلث سثنوات يحثاولون خطثب ود النظثام مثن أجثل اسثتعادة جثو‬ ‫الصثفقة ثانيثة مثع النظثام‪ .‬إل أن إصثرار النظثام علثى رفثض تلثك المحثاولت‬ ‫واستمرار الضطهاد والملحقات المنية والعتقالت دفع الخوان فى النهاية‬ ‫إلثى انتهثاج تكتيثك التجثبيه مثع المعارضثة والنفتثاح الواسثع عليهثا والمشثاركة‬ ‫معهثا فثى كثل النشثطة ضثد النظثام‪ .‬حثدث هثذا قبثل مثا يقثرب مثن عثام مثن‬ ‫انتخابات مجلس الشعب عام ‪.2010‬‬ ‫وهكثذا أتثت ثثورة ‪ 25‬يناير فى مناخ تحالف الخوان مع المعارضة‪.‬‬ ‫ورفض الخوان المشاركة فى مظاهرات يوم ‪ 25‬يناير‪ ،‬ثم فوجئوا بضخامتها‬ ‫وتأثيرهثا والثثر السثلبى لعثدم مشثاركتهم‪ .‬ثثم قثرروا المشثاركة فثى مظثاهرة‬ ‫جمعثة الغضثب يثوم ‪ 28‬يناير ولكن بشعارات ل تصل إلى إسقاط النظام‪ ،‬بل‬ ‫ورفضه ممثلوهم فى المظاهرات‪ .‬ولكنهم أدركوا بنهاية ذلك اليوم أنهم أمام‬ ‫ثثثورة كاملثثة سثثقف مطالبهثثا هثثو الطاحثثة بالنظثثام ولثثديها الفرصثثة الفعليثثة‬ ‫لتحقيقثه فشثاركوا فيهثا مشثاركة كاملثة‪ .‬حقثا إنهثم قبيثل انتصثار الثثورة بقليثل‬ ‫انفثردوا بالتكتيثك اليمينثى الموافثق علثى بثدء الحثوار مثع عمثر سثليمان نثائب‬ ‫الرئيثثس وبالتثثالى قبلثثوا أوليثثا بتخفيثثض سثثقف المطثثالب عثن جميثثع القثثوى‬ ‫الخثرى المشثاركة فثى الثثورة الثتى طثالبت برحيثل مبثارك ونثائبه ووزارتثه‬ ‫الخيرة‪ ،‬إل أن كل ذلك فشل فى كسر تضامن الثورة‪ ،‬واستمر الخوان فى‬ ‫العلن عن تمسكهم بمطالب الثورة كما استمروا فى الشتراك بدور قيادى‬ ‫فثى اعتصثام التحريثر‪ .‬وانتهثت تلثك المرحلثة بتحقيثق مطلثب الثثورة المباشثر‬ ‫وسثقط الرئيثس ونثائبه‪ .‬ومنثذ تحقيثق الهثدف المباشثر الول للثثورة والخثوان‬ ‫يلعبثون تكثتيكهم الخثاص علثى الثوجهين‪ :‬فهثم يعلنثون عثدم انفصثالهم عثن‬ ‫المعارضثة‪ ،‬بينمثا يواصثلون التنسثيق مثع المجلثس العسثكرى ويناصثرونه فثى‬ ‫تكتيك السراع " بإعادة الستقرار" فهم قوة جاهزة ومستفيدة من ذلك فضل‬ ‫عثثن أنهثثم بحكثثم انتمثثائهم الطبقثثى ليسثثوا مسثثتفيدين مثثن جثثوانب العدالثثة‬ ‫الجتماعية فى التجربة الديمقراطية بتحقيق حد أدنى آدمى للجور وتحقيق‬ ‫أسثثس ديمقراطيثثة حقيقيثثة‪ .‬وهكثثذا تضثثامنوا مثثع المجلثثس العسثثكرى فثثى‬ ‫التصويت بنعم على الستفتاء ضد إجماع المعارضة‪ ،‬بل وشاركوا فى عدد من‬ ‫المناسبات غير القليلة مع السلفيين فى قمع رموز الداعين للتصويت بل‪ ،‬مع‬ ‫استخدام الدين لتبشير المصوتين بل بأنهم من حزب النار!‬ ‫والموقف من الخوان لبد وأن يكون موقفا مركبا‪ ،‬بقدر ما من التماثل‬ ‫مع الموقف من المجلس العسكرى‪ ،‬فمع القرار بطبيعتهم الطبقية وما تمليه‬ ‫مثن حثدود لحركتهثم فثإن انتقثاد سثلوكياتهم المنحثازة لتحجيثم الثثورة والضثغط‬ ‫المتواصل سوف تكون له نتائج إيجابية ليس أقلها أن تلك الفترة قد شهدت‬ ‫انقسثاما عميقثا بينهثم بتأسثيس حثزب منهثم ضثد توجهثاتهم اليمينيثة واتجثاه‬ ‫شثباب الخثوان للنفصثال عنهثم‪ .‬وقثد أوضثح نجثاح مظثاهرة يثوم جمعثة إنقثاذ‬ ‫‪27‬‬


‫الثثورة رغثم رفثض الخثوان المشثاركة فيهثا حثدود حجمهثم الحقيقثى‪ ،‬ممثا دفثع‬ ‫ممثلهثم لسثتباق القثول بثأنهم متواجثدون فثى الجمعثة التاليثة لتحقيثق بثاقى‬ ‫أهداف الثورة باعتبارهم من المشاركين فيها منذ البداية والمتبنين لهدافها!‬

‫المستقبل‬ ‫عند النظر إلى المستقبل لبد وأن نرى فى القلب أهداف الثورة التى‬ ‫لم تتحقق بعد‪ .‬وأهداف الثورة تشمل الهدم والبناء‪ ،‬هدم النظام القديم وبناء‬ ‫النظثام الجديثد‪ .‬وهثدم النظثام القثديم لم يتحقثق فيثه عناصثر هامثة تتعلثق بحثل‬ ‫الحزب الوطنى ومحاكمة قادة ورموز الفساد مثل رئيس الجمهورية وأسرته‬ ‫وطثاقم الحثزب الثوطنى القيثادى والمشثترك فثى التربثح مثن فسثاد الفثترة‬ ‫السابقة )سرور وعزمى والشريف وغيرهم(‪ .‬كذلك لم يتحقق حل المحليات‬ ‫وحثل اتحثاد العمثال وغيثره مثن أجهثزة الثثورة المضثادة‪ .‬أمثا جثانب البنثاء فلثم‬ ‫يتحقق فيه شيى باستثناء عزل بعض القيادات الفاسدة مع بقاء الكثير منها!‬ ‫إن إبثراز المطثالب الحاكمثة للثثورة فثى الفثترة الراهنثة يحتثل أهميثة‬ ‫شديدة‪ ،‬وعلى رأس تلك المطالب هيكل جديد للجور يحقق حدا أدنى آدميا‬ ‫للجثور‪ ،‬وحثدا أقصثى ل يزيثد عثن ‪ 15‬أو ‪ 20‬ضعفا للحد الدنى‪ ،‬وتقليص الجور‬ ‫المتغيرة إلى مال يزيد عن ‪ %20‬من الجور مع وقف المتيازات العينية المبالغ‬ ‫فيهثا لمناصثب الدارة العليثا مثن سثيارات وخلفثه‪ .‬كمثا وأن زيثادة المثوارد مثن‬ ‫أجثل تحقيثق تلثك المطثالب لبثد وأن تتضثمن إقثرار قثانون الضثريبة التصثاعدية‬ ‫على الدخل‪.‬‬ ‫كمثا أن أهثم المطثالب العاجلثة هثى تحقيثق حريثات التعثبير مثن حثق‬ ‫الجتمثاع والتظثاهر السثلمى وحريثة إصثدار الصثحف والمطبوعثات‪ .‬أمثا حثق‬ ‫التنظيم فيجب أن يلقى عناية خاصة‪ :‬فحرية التنظيم الحزبى والنقابى المهنى‬ ‫والعمثالى والهلثى )الجمعيثات( فيجثب أن تتحقثق بثإقرار التأسثيس بالخطثار‬ ‫وليس بالذن المسبق )وبالقطع ليس مثل قانون الحزاب الجديد الذى يدعى‬ ‫أنثه بالخطثار بينمثا هثو فثى الحقيقثة بثالذن المسثبق( مثع تيسثير بعثض شثروط‬ ‫القثثرار وتعسثثير بعضثثها الخثثر مثثثل شثثرط الخمسثثة آلف عضثثو مثثع نشثثر‬ ‫اسمائهم جميعا فى جريدتين يوميتين بما يساوى مليون جنية!!(‪ .‬ول يجب أن‬ ‫نقتصثثر علثثى المطالبثثة بحثثق التنظيثثم‪ ،‬بثثل يجثثب أول ممارسثثته بالتواصثثل‬ ‫المتواصل مع الجماهير وثانيا انتزاعه فى الواقع مع استمرار النضال من أجل‬ ‫تقنينه بقوانين أو بمراسيم بقوانين‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لمستقبل النظام السياسى فلبد من المطالبة بعدم وضع‬ ‫العربثة أمثام الحصثان فثى مسثألة النتخابثات البرلمانيثة والرئاسثية وتعثديل‬ ‫الدستور‪ :‬فإن مطالبة الثورة بإسقاط النظام القديم وإنشاء نظام جديد تعنى‬ ‫دسثثتورا جديثثدا قبثثل أى انتخابثثات فمثثا الدسثثتور سثثوى النظثثام الساسثثى‬ ‫للمجتمثع‪ ،‬وأى انتخابثات تصثبح عديمثة المعنثى حينمثا ل تملثك دسثتورا يحثدد‬ ‫‪28‬‬


‫تفصثيليا مثا هثى حقثوق الشثعب وحريثاته‪ ،‬ودور الرئيثس وهثل هثو مجثرد دور‬ ‫شرفى فى دولة برلمانية أم إنه هو رأس السلطة التنفيذية فى دولة رئاسية‪،‬‬ ‫كمثا ل تملثك معنثى إل بعثد أن يحثدد الدسثتور هثل نريثد سثلطة تشثريعية مثن‬ ‫مجلس واحد أم من مجلسين )وهى حاليا أقرب لواحد ونصف حيث مجلس‬ ‫الشورى يمارس بعض السلطات التشريعية ولكنه ل يرقى لمجلس تشريعى‬ ‫كامثل!(‪ .‬فثالمطلب الساسثى هثو تأجيثل انتخابثات مجلثس الشثعب وانتخثاب‬ ‫جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا يتم على أساسه انتخابات لمجس شعب‬ ‫ورئيثثس جمهوريثثة ذوى صثثلحيات متفثثق عليهثثا سثثلفا‪ ،‬مثثع إعطثثاء الثثوقت‬ ‫والفرصثة والمجثال لتبلثور قثوى الثثورة وقثوى التغييثر الجديثدة وليثس السثراع‬ ‫بتولى القوى القديمة الجاهزة لمقاليد المور حتى تستقر فى يد فلول الحزب‬ ‫الوطنى والقيادات التقليدية والخوان المسلمين!‬ ‫إن الركيثثزة الساسثثية الثثتى يجثثب الرتكثثاز عليهثثا هثى رصثثيد المثثزاج‬ ‫الثثورى للجمثاهير الثتى ترفثض أن تعثود للظلثم والسثتعباد كمثا فثى السثابق‬ ‫شثرط اسثتمرار التواصثل معهثا وتعميثق ذلثك التواصثل وتنظيمهثا مثن أجثل‬ ‫تحقيق أهدافها‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫الثورة والهدم والبناء‬ ‫بعثد مضثى عشثرة أسثابيع علثى نجثاح الثثورة فثى تحقيثق هثدفها البثارز‬ ‫بالطاحثة بمبثارك فثى الحثادى عشثر مثن فثبراير يهمنثا أن نتتبثع مسثار الثثورة‪،‬‬ ‫نجاحاتها وقصوراتها ومنطقها الداخلى حتى نستشرف اتجاه تطويرها ومهامنا‬ ‫فى عملية التطوير‪.‬‬ ‫والثثورة ليسثت مجثرد مطالبثة بتغييثر الحثزب الحثاكم أو بإلغثاء القثوانين‬ ‫المقيدة للحريات‪ ،‬فالثورة بحق هى " إسقاط النظام القديم" بأكمله‪ ،‬بالطبع‬ ‫مثن أجثل بنثاء نظثام ثثورى جديثد علثى أنقاضثه‪ .‬وتهثدف الثثورة الحاليثة كثثورة‬ ‫سياسثية إلثى القضثاء علثى النظثام السياسثى السثتبدادى وأشثكال الظلثم‬ ‫الصثارخ وإقامثة نظثام ديمقراطثى علثى أنقاضثه‪ ،‬حيثث تشثتمل الديمقراطيثة‬ ‫بثالطبع ليثس فقثط علثى أحثزاب رسثمية وتثداول للسثلطة ولكثن أيضثا علثى‬ ‫حريثات التعثبير الشثعبية بمثا فيهثا حقثوق الجتمثاع والتظثاهر والضثراب‪ ،‬كمثا‬ ‫تشثمل علثى البرامثج المطلبيثة فثى الجثور المنصثفة والخثدمات الجتماعيثة‬ ‫المختلفثة مثن تعليثم وصثحة ومعاشثات وإسثكان ومرافثق وخثدمات‪ .‬كمثا تفتثح‬ ‫الثثورة البثواب للتطثوير وتحقيثق المطثالب الجذريثة الجماهيريثة فثى العدالثة‬ ‫الجتماعيثة الحقثة وبنثاء أسثس السثتقلل الثوطنى النثاجز وتحقيقثه‪ .‬إن تراكثم‬ ‫السثخط كالبركثان مثن اسثتبداد النظثام وفسثاده وتبلثور الفقثر المثدقع واسثع‬ ‫النطثاق فثى ناحيثة والثثراء المسثف فثى ناحيثة أخثرى‪ ،‬والمهانثة الثتى أوصثل‬ ‫النظثام القثديم بلدنثا إليهثا هثى أسثاس النفجثار الثثورى الثذى انطلثق مخزونثه‬ ‫بطثول البلد وعرضثها حثتى لثم يثترك محافظثة واحثدة لثم تنطلثق فيهثا الثثورة‬ ‫حثتى الثوادى الجديثد والبحثر الحمثر وسثيناء‪ ،‬وخثرج الملييثن للشثارع حثتى بلثغ‬ ‫عثثددها فثثى أكثثبر تظاهراتهثثا مثثا بيثثن ‪ 12‬و ‪ 15‬مليونا من المواطنين‪ ،‬وظهر‬ ‫المعثدن الصثيل لهثذا الشثعب فثى روح التضثحية و الصثرار علثى تحقيثق هثدفه‬ ‫رغم ما يقرب من ألف شهيد وحوالى ستة آلف وخمسمائة جريح منهم أكثر‬ ‫من ألف ومائتين ممن أصيبوا فى أعينهم وأغلبهم فقدوا بصرهم!‬ ‫والسثمة الساسثية الثتى لحظناهثا سثابقا هثى أن رفثض الجيثش القيثام‬ ‫بذبح الثورة وتخليه عن الرئيس مبارك فى سبيل ذلك هو ما سهل إنجاز هدف‬ ‫الطاحثة الناجحثة بثرأس النظثام‪ .‬ولكثن هثذا مثن ناحيثة أخثرى هثو مثا أعطثى‬ ‫المجلثس العسثكرى سثلطات واسثعة بينمثا هثو فثى الواقثع جثزء مثن النظثام‬ ‫القثديم‪ .‬لقثد عمثل المجلثس العسثكرى علثى تكتيثك اسثتعادة النظثام بأسثرع‬ ‫طريقة ممكنة )تكتيك إنجاز التعديلت الدستورية فى عشرة أيام والستفتاء‬ ‫عليهثا وإجثراء النتخابثات التشثريعية خلل شثهرين –تثم مثدهم بعثدها إلثى سثتة‬ ‫أشهر‪ -‬والنتخابات الرئاسية خلل أقل من ستة أشهر حتى يتمكن الجيش من‬ ‫‪30‬‬


‫العثثودة إلثثى الثكنثثات!( وبثثالطبع فهثثذا هثثو تكتيثثك أقثثل التغييثثرات الممكنثثة‪،‬‬ ‫وصاحب هذا التكتيك نوع من التفاق غير المعلن مع الخوان المسلمين كقوة‬ ‫محافظة أيضا ومستفيدة من تحجيم المد الثورى لستعادة النظام بعد بعض‬ ‫التحسثثينات الضثثرورية! ولكثثن هنثثاك مشثثكلتان أساسثثيتان لنجثثاز مثثثل هثثذا‬ ‫التكتيك‪:‬‬ ‫الوللى أن مقاومة النظام القديم الشرسة والرغبة فى استعادة الوضاع‬ ‫القديمثة بحثذافيرها ورموزهثا وامتيازاتهثا‪ ،‬وتثأمين الثثروات المنهوبثة مثن خطثر‬ ‫المحاكمثات واسثتعادة مثا نهثب ل يمكثن أن تستسثلم بسثهولة لتحجيمهثا وتثرك‬ ‫المثور تسثير فثى اتجثاه إعثادة السثتقرار علثى حسثاب امتيازاتهثا بثل وعلثى‬ ‫حساب أمانها الشخصى‪.‬‬ ‫والثانيللة أن الشعب الثائر ومزاجه الثورى لم يخرج ويقدم كل تلك‬ ‫التضثحيات مثن أجثل مجثرد بعثض التحسثينات فثى النظثام القثديم‪ ،‬فهثدفه هثو‬ ‫هدم النظام القديم الفاسد المستبد من أجل بناء نظام ديمقراطى جديد ليس‬ ‫فيه كل هذا القدر من الستغلل والتمايز والمهانة‪.‬‬ ‫والحقيقثة هثى أن الشثعب الثثائر والنظثام القثديم همثا طرفثا التنثاقض‬ ‫الرئيسثيان‪ ،‬همثا اللعبثان الساسثيان علثى السثاحة‪ ،‬ومثا يحثدد المسثتقبل هثو‬ ‫أساسثا ميثزان القثوى بيثن هثذين الطرفيثن‪ .‬إن بثاقى القثوى مثثل المجلثس‬ ‫العسثكرى ومختلثف القثوى السياسثية سثواء الليبراليثة أو الدينيثة أو التقدميثة‪،‬‬ ‫ناهيك عن القوى الخارجية العربية والدولية المتعددة تمتلك بالطبع تأثيرا هاما‬ ‫على الساحة وتشارك فى تحديد ميزان القوى فى المجتمع‪ .‬إل أن التمييز بين‬ ‫أطراف التناقض الساسية وبين الطراف المؤثرة الخرى‪ ،‬والحساب الدقيق‬ ‫لميثزان القثوى بينهثا جميعثا هثو مثا يمكننثا مثن التحديثد الثدقيق لوسثائل تطثوير‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫وبعد تحقيق هدف الطاحة بمبارك )‪ 11‬فبراير( وحل مجلسى الشعب‬ ‫والشورى )‪ 13‬فبراير( تلكأ المجلس العسكرى فى تحقيق أى مطالب أخرى‬ ‫وحثثاول اسثثتعادة النظثثام والهثثدوء وناشثثد الشثثعب التخلثثى عثثن "المطثثالب‬ ‫الفئوية" و"التوقف عن الحتجاجات" و"العودة للعمل" ولكن إصرار الشعب‬ ‫على مواصلة طريق الثورة هو ما قاد إلى مليونية الجمعة الثالثة بعد الطاحة‬ ‫بمبثارك والتهديثد بالعتصثام فثى ميثدان التحريثر حثتى ظفثر بتحقيثق مطلثب‬ ‫الطاحثة بحكومثة شثفيق الثتى حلفثت اليميثن أمثام الرئيثس المخلثوع حسثنى‬ ‫مبارك!‬ ‫ورغثم تحثذير الثثوار مثن أول يثوم لنجثاح الثثورة مثن الثثورة المضثادة‬ ‫والمطالبة بحل مؤسساتها مثل الحزب الوطنى ومباحث أمن الدولة وغيرها‬ ‫فقثد أنكثر المجلثس العسثكرى أصثل وجثود مثا يسثمى بثالثورة المضثادة‪ .‬ولكثن‬ ‫‪31‬‬


‫الثورة المضادة الضخمة استمرت فى مؤامراتها من أجل عودة الثورة للوراء‬ ‫واسثتعادة السثلطة‪ :‬وتمثثل تكتيكهثا فثى مواصثلة وزارة الداخليثة تحثت قيثادة‬ ‫محمثود وجثدى لسياسثة التفريثغ المنثى ورفثض نثزول الشثرطة إلثى الشثارع‪.‬‬ ‫كما تمثل تكتيك الثورة المضادة أيضا فى إثارة القوى السلفية والرجعية ضد‬ ‫الثورة بزعم الدفاع عن السلم المتمثل فى الحفاظ على المادة الثانية من‬ ‫الدسثثتور‪ .‬وهكثثذا اسثثتمرت تكتيكثثات البلطجثثة‪ ،‬وتعثثبئة قثثوى البلطجيثثة فثثى‬ ‫جماعات منظمة تعد باللف الكثيرة من خلل العضاء القياديين فى مجلس‬ ‫الشثعب ومثن خلل مبثاحث أمثن الدولثة‪ ،‬ومثن خلل اتحثاد العمثال مثن أجثل‬ ‫الثدفع بهثم كمجموعثات فثى أحثداث عنثف أو فتنثة طائفيثة أو مثن خلل الثدفع‬ ‫الجماعى بهم فى لحظات صفرية لعادة الوضاع إلى قديمها‪ .‬يضاف إلى هذا‬ ‫مثا أعلثن –رغثم نفيثه لحقثا‪ -‬عثن محاولثة انقلب عسثكرى مثن خلل حثرس‬ ‫رئاسثثة الجمهوريثثة‪ .‬وكثثان مثثن الواضثثح أن قيثثادة الثثثورة المضثثادة فثثى يثثد‬ ‫مؤسسات مثل مباحث أمن الدولة والحزب الوطنى واتحاد العمال‪ ،‬وفى يد‬ ‫كبار رجالت النظام مثل فتحى سرور وزكريا عزمى وصفوت الشريف وكان‬ ‫كبار القادة الممولين هم رموزالحزب الوطنى مثل إبراهيم كامل وأبو العينين‬ ‫وغيرهثم‪ .‬وبثالطبع ليثس كثل هثذا ببعيثد عثن "القثادة الكبثار" حسثنى وجمثال‬ ‫مبارك!‬ ‫وأتثى الدراك المتثأخر للمجلثس العسثكرى فثى صثورة أحثداث عشثية‬ ‫وصثبيحة الجمعثة الرابعثة للثثورة والمتمثلثة فثى إجبثار الشثرطة علثى النثزول‬ ‫للشثارع لسثتعادة المثن وحثل جهثاز مبثاحث أمثن الدولثة وسثيطرة القثوات‬ ‫المسلحة على مقاره‪.‬‬ ‫أمثا المسثاك بناصثية وقيثادات الثثورة المضثادة مثن أجثل تثأمين الثثورة‬ ‫فقثد اقتضثى قثدرا هثائل مثن الجهثد مثن الشثعب الثثائر وكثل قثواه الواعيثة‪ :‬لقثد‬ ‫أتثت مظثاهرات التحريثر الضثخمة فثى جمعثة التطهيثر‪ ،‬الجمعثة السثابعة بعثد‬ ‫الطاحثة بمبثارك فثى الول مثن إبريثل كإنثذار قثوى‪ ،‬ونجحثت نجاحثا بثاهرا رغثم‬ ‫عثثدم مشثثاركة الخثثوان المسثثلمين فيهثثا فثثى صثثفقة واضثثحة مثثع المجلثثس‬ ‫العسكرى لوقف تقدم الثورة والسراع باستعادة "النظام"‪ .‬وأسس نجاح تلك‬ ‫الجمعة للتحضير للجمعة التالية‪ ،‬جمعة التطهير الثانية فى الثامن من إبريل‪،‬‬ ‫الجمعثة الثامنثة للثثورة مثع التهديثد بإنهائهثا باعتصثام فثى ميثدان التحريثر إذا لثم‬ ‫يتثم القبثض علثى رمثوز وقيثادات الفسثاد الكثبيرة وعلثى رأسثها الرئيثس ونجلثه‬ ‫ورجثاله الكبثار عزمثى وسثرور والشثريف وغيرهثم‪ .‬وعلثى غثرار كثل مليونيثة‬ ‫كثبيرة تثأتى التنثازلت عشثيتها‪ ،‬وصثبيحتها وفثى أعقابهثا‪ :‬فقثد تحقثق أخيثرا بعثد‬ ‫ثمانى أسابيع من الثورة وبعد كل هذا النضال الشعبى الباسل هدف اعتقال‬ ‫القثثادة الكبثثار والمثثؤثرين والتحقيثثق معهثثم‪ :‬مبثثارك الب والبنثثان وعزمثثى‬ ‫وصفوت وسرور ونظيف والبقية تأتى!‬ ‫‪32‬‬


‫إن منطق تطور الحداث يبين أنه رغم عدم وجود قيادة موحدة للثورة‬ ‫أو حثزب يلعثب دورا بثارزا فثى القيثادة إل أن نضثج وارتفثاع الثوعى الجمثاهيرى‬ ‫) شامل مختلف القيادات الموجودة( يلعب دورا هاما فى تحديد الحلقة‬ ‫الحاكمثة فثى كثل لحظثة مثن أجثل تطثوير النضثال لسثتكمال مهثام الثثورة‪ .‬وإن‬ ‫نظرة واحدة على المتحقق حتى الن تكفى لرؤية هذا التطور‪ ،‬كما وتساعد‬ ‫علثى تحديثد مهثام الفثترة القادمثة‪ .‬إن مهمثة الثثورة الثتى تتلخثص فثى الهثدم‬ ‫والبنثاء‪ ،‬هثدم النظثام القثديم وإقامثة نظثام ديمقراطثى علثى أنقاضثه لبثد وأن‬ ‫تتجاوز نفسها فى كل لحظة فل يمكن الوقوف‪ ،‬وعدم التقدم معناه التراجع!‬ ‫والثثورة حثتى الن حققثت القسثم الساسثى مثن مهمثة هثدم هياكثل‬ ‫رئيسثية للنظثام القثديم ممثلثة فثى الموقثف مثن الحثزب الثوطنى ومجلسثى‬ ‫الشثعب والشثورى ومبثاحث أمثن الدولثة وغيرهثا‪ .‬كمثا حققثت إنجثازا ضثخما‬ ‫باعتقال ومحاكمة القيادات الساسية للنظام القديم فيما عرف بمقر حكومة‬ ‫نظيثف فثى سثجن طثرة‪ .‬ويثأتى اعتقثال حسثين مجثاور رئيثس اتحثاد العمثال‬ ‫كمكسثب ومقدمة ضرورية لحل اتحاد مبثارك الثذى أتى بالتزوير والذى لعب‬ ‫دورا نشطا فى الثورة المضادة‪.‬‬ ‫ومثن هنثا لبثد مثن الحثديث عثن شثق البنثاء! حقثا إن شثق هثدم النظثام‬ ‫القثديم ينتظثر الكثثير‪ :‬فحركثة المحثافظين الخيثرة لثم تخثرج عثن السياسثة‬ ‫القديمثثة فثثى تحديثثد "كوتثثة" للجهثثات الربثثع الكلسثثيكية فثثى كثثل حركثثة‬ ‫محثافظين‪ ،‬وهثم الجيثش والشثرطة والقضثاء وعمثداء الجامعثات السثابقين‪.‬‬ ‫ومثثازالت المجثثالس المحليثثة الفاسثثدة فثثى معظمهثثا والثثتى تعتثثبر البنثثاء‬ ‫الشرعيين للحزب الوطنى المنحل‪ ،‬ما تزال فى مكانها‪ .‬وكل هذا بعيد بالطبع‬ ‫عثثن تحقيثثق مطلثثب ديمقراطثثى هثثام بتغييثثر قثثانون المحليثثات وانتخثثاب‬ ‫المحافظين ورؤساء مجالس المدن وعمد القرى وكل المجالس المحلية!‬ ‫ولكن هذا يوضح تشابك مهام الهدم مع البناء‪ ،‬فالمر ليس مجرد إقالة‬ ‫محافظ قادم من منصب من مناصب الشرطة وساهم فى قمع الثورة‪ ،‬ولكن‬ ‫الهام هو فى وضع أساس ديمقراطى لنتخاب كل محافظ وكل قيادة محلية‬ ‫هامة‪.‬‬ ‫إل أنثه مثن الهثام جثدا الن الحثديث عثن شثق البنثاء فثى الثثورة‪ ،‬إقامثة‬ ‫نظثام جديثد يحقثق أهثداف الجمثاهير فثى الثثورة‪ .‬وبنثاء النظثام الجديثد يشثمل‬ ‫بنلاء النظلام السياسلى على أسس ديمقراطية تبدأ بدستور ديمقراطى‬ ‫تضثثعه جمعيثثة تأسيسثثية منتخبثثة مباشثثرة‪ ،‬وليثثس علثثى مرحلثثتين مثثن خلل‬ ‫انتخاب مجلس شعب ومجلس شورى ل لزوم له ثم اختيار لجنة من داخلهم‬ ‫لوضع دستور‪ .‬إن الدستور هو النظام الساسى للمجتمع‪ ،‬وهو الب الشرعى‬ ‫لكل القوانين‪ ،‬وأول ما يحدده الدستور هو حقوق الشعب التى يضمنها النظام‬ ‫فثى الديمقراطيثة وفثى الحيثاة الكريمثة شثاملة حثق الشثعب فثى أجثور عادلثة‬ ‫‪33‬‬


‫وخثثدمات أساسثثية مثثثل التعليثثم والصثثحة وحقثثوق فثثى السثثكان والمرافثثق‬ ‫والخدمات‪ .‬كما أن الدستور هو ما يحدد النظام الساسى للمجتمع‪ ،‬فيقضى‬ ‫علثى الدسثتور السثتبدادى القثديم الثذى اعطثى لرئيثس الجمهوريثة سثلطات‬ ‫ملثك غيثر متثوج‪ ،‬ويحثدد مثا إذا كثان النظثام الجديثد الثذى سثيتفق عليثه الشثعب‬ ‫نظامثا رئاسثيا يجعثل رئيثس الجمهوريثة رئيسثا للسثلطة التنفيذيثة )ومسثئول‬ ‫بالطبع عن ذلك وفقا لمبدأ التوازن بين مختلف السلطات( أم نظاما برلمانيا‬ ‫يجعل منصب رئيس الجمهورية شرفيا وتتركز السلطة التنفيذية فى يد رئيس‬ ‫الثوزراء المنتخثب والثوزارة الثتى تمثثل الحثزب أو تحثالف الحثزاب الثذى فثاز‬ ‫بأغلبية مقاعد البرلمان‪ .‬ويحدد الدستور بوضوح مبادئ العلقة بين السلطات‪،‬‬ ‫وأسس استقلل السلطة القضائية وعدم رئاسة أو تحكم عضو سلطة تنفيذية‬ ‫فى القضاه سواء كان وزير العدل أم رئيس الجمهورية الذى كان فى النظام‬ ‫السابق رئيس المجلس العلى للقضاء‪.‬‬ ‫كما يشمل بناء النظام الجديد أيضا بناء نظام اقتصادى يقوم على‬ ‫أولويثة حقثوق المثواطنين‪ .‬ومثن أهثم أولويثات النظثام القتصثادى الجديثد بنثاء‬ ‫هيكل جديد للجور بحد أدنى يكفى للمعيشة الكريمة‪ ،‬وحد أقصى ل يزيد عن‬ ‫عشثرين ضثعفا للحثد الدنثى –ليثس فقثط لتثوفير تمويثل لزيثادة الجثور ولكثن‬ ‫أيضثثا لمقاومثثة الفسثثاد والفسثثاد المتعلثثق بالمرتبثثات والمتيثثازات العينيثثة‬ ‫الخرافية للدارة العليا! ول ننسى بالطبع هدف ربط الجور بالسعار للحتفاظ‬ ‫بالقيمثة الشثرائية الثابتثة للجثور وهثو مثا يضثع علثى الحكومثة عثبئا إضثافيا‬ ‫بثالتحكم فثى السثعار مثن خلل مقاومثة الحتكثار والعثودة أحيانثا للتسثعيرة‬ ‫الجبرية وموازنة السوق ضد التجار المستغلين من خلل العودة لمنافذ توزيع‬ ‫تعاونية للسلع مثل الجمعيات التعاونية الستهلكية‪ .‬إن تطوير الثورة ل يمكن‬ ‫أن يتثم ونحثن مثازال لثدينا ألثف موظثف عثام فثى الحكومثة يتقاضثى كثل منهثم‬ ‫أكثثر مثن مليثون جنيثة شثهريا‪ ،‬أى أكثثر مثن أوبامثا شخصثيا الثذى يتقاضثى ‪400‬‬ ‫ألف دولر سنويا ومن وزرائه الذى يتقاضى الفرد منهم ‪ 191‬ألف دولر سنويا‬ ‫)بما يعادل مائة ألف جنية مصرى شهريا!!!!(‪ .‬وبالطبع لبد وأن نتوقع أن يقابل‬ ‫مثل ذلك المطلب العادل بمقاومة شرسة من بيروقراطية الدارة العليا فى‬ ‫الثثوزارات المسثثتفيدة مثثن تلثثك المكاسثثب! كمثثا يجثثب فثثى النظثثام الجديثثد‬ ‫العتماد على تمويل الدولة من ضرائب تصاعدية تصل فى حدودها القصوى‬ ‫إلى ما فوق ‪%50‬من الرباح وليس ‪%20‬كما هو الحال الن!‬ ‫ولعل الفترة الحالية‪ ،‬فترة إعداد الموازنة العامة للدولة للعام المالى‬ ‫القثادم ‪ 2012-2011‬هى فترة شديدة الهمية لكى نكافح من أجل أن تنعكس‬ ‫الثورة على سياسة المالية العامة‪ :‬ففى الميزانية السابقة لم تحظ الصحة إل‬ ‫بنصثيب ضثئيل ل يتجثاوز ‪ %4.5‬كما لم يتجاوز نصيب التعليم ‪ %9.8‬من النفاق‬ ‫الحكثومى‪ .‬وكثان نصثيب السثد فثى الموازنثة مثن أجثل الداخليثة والثدفاع‪ .‬ولمثا‬ ‫كثانت مقثررات قمثة اللفيثة الثتى ألقاهثا كثوفى عنثان تنثص علثى أن نصثيب‬ ‫‪34‬‬


‫الصحة يجب أل يقل عن ‪ %15‬من النفاق الحكومى‪ ،‬وقد تبنى القادة الفارقة‬ ‫فثثى إعلن أبوجثثا الصثثادر عثثام ‪ 2001‬هذا المطلب‪ .‬هل ستعكس الميزانية‬ ‫القادمثة مثن ناحيثة أولويثات النفثاق اتجثاه الثثورة فثى مجثال هيكثل الجثور‬ ‫وأولويثة التنميثة وجناحاهثا التعليثم والصثحة أم سثتعكس دفثاع البيروقراطيثة‬ ‫وسثلطات المثن عثن امتيازاتهثا؟ مجثال هثام للنضثال وتطثويره مثن أجثل بنثاء‬ ‫النظام الثورى الجديد‬ ‫‪ 23‬إبريل ‪2011‬‬

‫محمد حسن خليل‬

‫‪35‬‬


‫مسار ثورة ‪ 25‬يناير‬ ‫يوليو والستقطاب الثورى فى مصر‬ ‫مّثثل شثهر يوليثو الحثالى ‪ 2011‬تبلورا واستقطابا حادا فى المجتمع بين‬ ‫القثوى الثوريثة الداعيثة لسثتمرار الثثورة حثتى تحقيثق أهثدافها وبيثن القثوى‬ ‫المحافظثثة الداعيثثة للسثثتقرار أول ولثثترك الفرصثثة للمجلثثس العسثثكرى‬ ‫والحكومثة للصلح فى هثدوء‪ .‬وعثبر تفاعثل القثوى الثوريثة والقثوى المحافظثة‬ ‫فثى المجتمثع طثوال الشثهر‪ ،‬وهثو تفاعثل جثرى فثى الشثارع والعلم وبيثن‬ ‫الجمهثور والسثلطات والمسثئولين فى الحكومثة والمجلس العسثكرى‪ ،‬تخطثو‬ ‫الثثورة خطثوتين للمثام وخطثوة للخلثف‪ ،‬ولكثن قثوى الثثورة تملثك المسثتقبل‬ ‫بحكثم عدالثة قضثيتها وبحكثم أحقيتهثا التاريخيثة وبحكثم سثهر أبنائهثا وتفثانيهم‬ ‫الذى استمر طوال أيام الثورة ومازال متواصل حتى الن‪.‬‬ ‫الستقطاب بين القوى الثورية والمحافظة‬ ‫لقد رأت القوى الثورية أن مسار الحداث ل يحمل تفاؤل كبيرا بتحقيق‬ ‫مطالب الثورة‪ :‬فمحاكمات المسئولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية تسير‬ ‫ببطء السلحفاة‪ ،‬وأحيانا ل تسير على الطلق حيث لم يتم بعد التعرف على‬ ‫القناصة الذين قتلوا المتظاهرين ولم يتم تقديم قادة موقعة الجمل للقضاء‬ ‫أصثثل‪ .‬وقثثوانين المجلثثس العسثثكرى تجثثرم الضثثرابات وأشثثكال الفعثثل‬ ‫الجمثاهيرى الثتى صثنعت الثثورة منثذ البداية‪ ،‬بثل وتأتى بعقوبثات أكثر من تلك‬ ‫الثثتى كثثانت مفروضثثة فثثى عهثثد مبثثارك ومثالهثثا التوسثثع فثثى المحاكمثثات‬ ‫العسثكرية للمثدنيين‪ .‬وأتثى مشثروع الموازنثة العامثة للدولثة فثى العثام المثالى‬ ‫الجديثد )‪ (2012-2011‬نسخة منقحة من موازنة ما قبل الثورة بكل سمات‬ ‫موازنثات يوسثف بطثرس غثالى مثن حيثث رفثض المسثاس بمميثزات الغنيثاء‬ ‫) رفض الضرائب التصاعدية‪ ،‬الرفض العملى لوضع حد أدنى لئق للجور‪،‬‬ ‫ورفثثض وضثثع حثثد أقصثثى للثثدخول‪ ،‬أو لوقثثف الفسثثاد المثثالى المتمثثثل فثثى‬ ‫الصثناديق الخاصثة( مثع تحميثل الفقثراء كثل العبثاء وعثدم زيثادة الجثور إطلقثا‬ ‫والكتفثاء بزيثادة البثدلت للوصثول بالحثد الدنثى للجثر الشثامل إلثى مثا يثدور‬ ‫حول ‪ 700‬جنية‪ ،‬أى ما يعادل نصف حد الفقر‪ ،‬مع زيادات تافهة فى ميزانيات‬ ‫التعليم والصحة ورفض إعادة هيكلة الموازنة فى صالح الشعب وصالح ثورة‬ ‫حقيقية فى ميزانية الخدمات الساسية على حساب ميزانيات الشرطة مثل!‬ ‫ويوصم النضال من أجل الحقوق القتصادية والجتماعية بأنه "مطالب فئوية"‬ ‫متهمة بالنانية وقصر النظر وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة!‬ ‫لكثل هثذا قثررت قثوى الثثورة بعثد الكثثير مثن الثدعوات والبروفثات الحتجاجيثة‬ ‫) كما فى احتجاجات ‪ 27‬مايو( الخروج إلى ميادين التحرير فى مظاهرات‬ ‫مليونيثة يثوم الجمعثة ‪ 8‬يوليو‪ .‬تمثل هذا فى موقف ائتلفات شباب الثورة‪،‬‬ ‫‪36‬‬


‫ومختلثف اتجاهثات القثوى العماليثة الشثعبية )وبثالطبع ليثس منهثا اتحثاد العمثال‬ ‫الرسمى الصفر( ومختلف القوى التقدمية‪ ،‬ومعها الحزاب الليبرالية‪.‬‬ ‫أمثا القثوى المحافظثة فثى المجتمثع فقثد رأت أهميثة " السثتقرار أول"‬ ‫رافضثثة احتجاجثثات الثثوريين ودعثوتهم لسثتمرار النضثال مثن أجثل تحقيثثق‬ ‫أهثداف الثثورة‪ .‬وصثورت الموضثوع وكثأنه خثروج علثى شثرعية اسثتفتاء ‪19‬‬ ‫مثارس‪ ،‬وأن واجبهثا هثو التصثويت لصثالح لمجلثس العسثكرى ضثد المنتقثدين‪،‬‬ ‫ووصمت الثوار بأنهم خارجون على إرادة الشعب وعلى الستفتاء‪ .‬وصورت‬ ‫موضوع وضع مبادئ فوق دستورية وكأنه خروج على الشرعية‪ .‬وقد بدا فى‬ ‫وقثت مثا أن التوافثق علثى إقثرار مبثادئ فثوق دسثتورية يمثثل حل وسثطا بيثن‬ ‫المنثادين بالدسثتور أول باعتبثاره النظثام الساسثى للمجتمثع الثذى يجثب أن‬ ‫يحثدد حقثوق الشثعب ونظثام الحكثم والعلقثة بيثن السثلطات‪ ،‬وبيثن المنثادين‬ ‫بالنتخابات أول وبسرعة‪ ،‬وهو ما يعطى الفرصة لتمكين القوى التقليدية بدءا‬ ‫مثن قثوى السثلم السياسثى وحثتى فلثول الحثزب الثوطنى مثن إحثراز أغلبيثة‬ ‫مقاعثد التمثيثل فثى البرلمثان القثادم‪ ،‬وانعكثاس تلثك التركيبثة للبرلمثان علثى‬ ‫صثثياغة الدسثثتور الجديثثد‪ .‬كمثثا ركثثزت تلثثك القثثوى المحافظثثة علثثى إبثثراز‬ ‫الفزاعثات القتصثادية والمنيثة ونشثر الشثائعات عثن قثرب النهيثار القتصثادى‬ ‫بسثثبب الحتجاجثثات ونشثثرت دعثثوات الثثتركيز علثثى أن مشثثاكلنا الن هثثى‬ ‫استمرار النتاج من أجل تحقيق مطالب الفئات المحتجة )فى المستقبل غير‬ ‫المعلوم عن طريق زيادة النتاج( بدل من الضراب والعتصام‪ ،‬فى ترديد لما‬ ‫كثان يقثوله النظثام السثابق‪ .‬كثأنهم ل يثدرون أن عجلثة النتثاج الثتى دارت قبثل‬ ‫الثورة ومازالت تدور بعدها من أجل طحن المنتجين الحقيقيين فى ظل أجور‬ ‫ل تصل إلى حد الفقر فى مقابل منح المتيازات الضخمة لموظفين بدون حد‬ ‫أقصى للجور الفلكية ومستثمرين بحد بالغ التواضع للضرائب على أرباحهم‬ ‫الخرافية‪.‬‬ ‫إل أن الحثثوار بيثثن الطرفيثثن لثثم يقتصثثر علثثى المنثثاظرة بيثثن رأييثثن‬ ‫سياسثيين‪ ،‬إذ لجثأ بعثض أبثرز أنصثار التجثاه المحثافظ فثى المجتمثع‪ ،‬أعنثى‬ ‫تيثارات السثلم السياسثى المختلفثة‪ ،‬إلثى أسثلحة "محرمثة ديمقراطيثا"‪ :‬فقثط‬ ‫اتهموا خصومهم من أنصار استمرار الثورة بأنهم خارجون عن الدين والملة!‬ ‫وصرح الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب العدالة والحرية )ما يسمى‬ ‫بالذراع السياسى لحركة الخوان المسلمين( بأن تلك الجمعة )جمعة ‪ 8‬يوليو(‬ ‫هثى جمعثة "الفثك"! بينمثا أطلثق محمثد سثليم العثوا‪ ،‬مرشثح التيثار السثلمى‬ ‫لرئاسثثة الجمهوريثثة‪ ،‬أطلثثق علثثى الثثثوار لقثثب "المثثارقين"! وهثثذا السثثلوك‬ ‫الفاشثى هثو مثا سثبق اللجثوء إليثه فثى السثتفتاء علثى المثواد المعدلثة فثى‬ ‫الدسثتور فثى ‪ 19‬مارس الماضى حينما لجأت دعاية الخوان والسلفيين إلى‬ ‫القثول بثأن مثن يصثوت بنعثم سثوف يثذهب للجنثة بينمثا مثن يصثوت بل سثوف‬ ‫يذهب إلى النار فى طبعة باهتة رديئة من بيع صكوك الغفران!‬ ‫‪37‬‬


‫ولكثن التيثارات الدينيثة أيضثا تعلمثت كيثف تسثتفيد مثن أخطائهثا وتعثدل‬ ‫تكتيكاتها‪ .‬لقد كانت البروفة الحقيقية لجمعة ‪ 8‬يوليو هى جمعة الغضب الثانية‬ ‫فى ‪ 27‬مايو‪ .‬وطالب الثوريون وقتها بجمعة تستكمل مطالب الثورة وتطالب‬ ‫بمحاكمة علنية لرموز النظام وعلى رأسهم الرئيس المخلوع وعائلته‪ ،‬ووضع‬ ‫دستور جديد‪ ،‬وحل المحليات وانتخاب المحافظين‪ ،‬وإقالة القيادات الرجعية‬ ‫ومنهثا نثائب رئيثس الثوزراء يحيثى الجمثل والثوزراء المحسثوبين علثى الحثزب‬ ‫الوطنى والعهد البائد مثل وزير المالية‪ .‬وقاطع الخوان تلك الجمعة وسموها‬ ‫جمعثة القطيعثة‪ .‬وصثرح اللثواء شثاهين عضثو المجلثس العسثكرى تعليقثا علثى‬ ‫المطثالب الثتى رفعثت بثأن "المطثالب ليثس فيهثا جديثد"؟! كمثا استشثرت‬ ‫التهديثدات والشثاعات قبيثل تلثك الجمعثة تتوعثد مثن ينثزل فيهثا بالويثل والثبثور‬ ‫وعظثائم المثور‪ .‬إل أن هثذا لثم يمنثع مثن نجثاح الجمعثة وخثروج المحتجيثن فثى‬ ‫احتجاجثثات ضثثخمة فثثى ميثثدان التحريثثر بالقثثاهرة وكثثذلك فثثى السثثكندرية‬ ‫والسويس والمنصورة ودمياط والسماعيلية وبور سعيد وغيرها‪ .‬وهذا ما دفع‬ ‫الخثوان للتصثريح بثأنهم مثع أهثداف تلثك الجمعثة وأنهثم سثوف يخرجثون مثع‬ ‫المتظاهرين فى الجمعة التالية‪ ،‬وبأن عدم خروجهم فى تلك الجمعة )‪ 27‬مايو(‬ ‫ناتج عن "غياب التنسيق"؟!‬ ‫لهثذا عنثدما رأى الخثوان وكافثة التيثارات السثلفية المحافظثة أن كثل‬ ‫المؤشرات تشير إلى الحتمال الكبر هو نجاح جمعة ‪ 8‬يوليو سارعوا بإعلن‬ ‫أنهم سينضمون إليها قبل أقل من ‪ 48‬ساعة من تلك الجمعة ) مدعين أن هذا‬ ‫ناتثج فقثط عثن تغييثر اسثمها مثن جمعثة الدسثتور أول إلثى جمعثة الثثورة أول!(‪.‬‬ ‫وامتنع الخوان عن المشاركة فى العتصام الذى تل تلك الجمعة‪ ،‬كما امتنعوا‬ ‫عثن المشثاركة فثى معظثم النشثطة التاليثة‪ .‬ولكثن أحثداث الجمعثة القويثة ومثا‬ ‫تلها من اعتصام فى الميدان حتى تحقيق المطالب شكل ضغطا عنيفا على‬ ‫المجلثس العسثكرى قثرر أمثامه أنثه ل مفثر مثن تقثديم تنثازلت هامثة للثثوار‪،‬‬ ‫ولكثن لبثد مثن محاصثرة ميثولهم لزيثادة الضثغط مثن أجثل تحقيثق المزيثد مثن‬ ‫المطالب‪ .‬وفى ظل هذا عاد العلم من تلفزيون وصحافة حكومية إلى نفس‬ ‫صثيغة العلم المثوجه حكوميثا أيثام مبثارك فثى تشثويه الثثوار والمعتصثمين‪،‬‬ ‫وتكرار الحديث عن أهمية الستقرار وغير هذا من حجج معسكر المحافظين‪.‬‬ ‫سلوك المجلس العسكرى‬ ‫لم يثر المجلس العسكرى على نظام مبارك بل كان أحد أركان النظام‬ ‫القثديم‪ ،‬لكنثه وصثل إلثى السثلطة بفضثل امتنثاعه عثن التثدخل الواسثع لقمثع‬ ‫الثورة بالعنف‪ .‬لهذا تبنى المجلس العسكرى الطاحة برموز وقيادات النظام‬ ‫القثديم مع الحفاظ على أكثثر قثدر ممكثن ذلثك النظثام‪ .‬وكان تكتيثك المجلثس‬ ‫العسكرى هو تشكيل لجنة لتعديل الدستور خلل ‪ 10‬أيام‪ ،‬وإجراء النتخابات‬ ‫لمجلثس الشثعب والشثورى خلل شثهرين بحيثث يتثم خلل سثتة أشثهر كحثد‬ ‫‪38‬‬


‫أقصى تسليم البلد لنظام جديد ويعود الجيش للثكنات‪ .‬ولكن تكتيك السراع‬ ‫باسثتعادة النظثام هثذا كثان يهثدف لسثتعادة القثوى التقليديثة الجثاهزة لتثولى‬ ‫السلطة وتقليص نفوذ القوى الثورية الجديدة وأثرها فى طبع النظام الجديد‬ ‫بطابعها‪ .‬ومن المثلة الواضحة إصرار المجلس على عمل انتخابات لمجلس‬ ‫الشثورى رغثم رفثض الشثعب لثه‪ ،‬ورغثم عثدم تحديثد موقثع ذلثك المجلثس‬ ‫الحقيقى من الكيان السياسى بين دعوة منشئة‪ ،‬أنور السادات‪ ،‬إلى تشكيله‬ ‫كمجلثس للعائلثة‪ ،‬وحثتى إضثافة صثلحيات تشثريعية لثه فيمثا بعثد رغثم ضثخامة‬ ‫نسثبة التعييثن فيثه )الثلثث(‪ ،‬وتسثميته –فثى الترجمثات الحكوميثة اِلنجليزيثة‪-‬‬ ‫بمجلثس شثيوخ بثدل مثن مجلثس شثورى الثتى تعنثى مجثرد مجلثس تشثاورى )‬ ‫‪ (Senate instead of consultative council‬ولكن تعرضت تلك الجداول الزمنية‬ ‫للتطويثل وزيثادة الجثال الزمنيثة المعلثن عنهثا أول تحثت ضثغط الشثعب وقثواه‬ ‫الثورية‪ ،‬كما تعرضت خطة المجلس للتعديل بناء على الضغوط الشديدة من‬ ‫الثوار‪ .‬وأصبح قانون الثورة منذ نجاح مرحلتها الولى بالطاحة بمبارك فى ‪11‬‬ ‫فثبراير أنثه ل تحقيثق لمكاسثب جديثدة فثى حثل كيانثات النظثام القثديم وبنثاء‬ ‫نظثام يسثتجيب لمطثالب الثثوار إل بضثغوط شثعبية ضثخمة تتخثذ عثادة شثكل‬ ‫المظاهرات المليونية فى ميادين التحرير فى جميع أنحاء الجمهورية‪ .‬بدا هذا‬ ‫واضثحا فثى مليونيثتى أول وآخثر السثبوع الرابثع للثثورة الثتى أطثاحت بثوزارة‬ ‫شثفيق الثتى ظثل المجلثس العسثكرى متمسثكا بهثا رغثم حلفانهثا اليميثن أمثام‬ ‫مبثارك وتشثكيلها مثن رجثال حزبثه‪ .‬كمثا بثدا فثى مليونيثتى أول وآخثر السثبوع‬ ‫الثامن للثورة التى كسبت القبض على مبارك وأبنائه وكبار رجاله المقربين‬ ‫) زكريا عزمى وصفوت الشريف وفتحى سرور( وتعديل ميزان القوى بين‬ ‫مجلثس الثوزراء وبيثن المجلثس العسثكرى لصثالح حريثات أكثبر فثى الحركثة‬ ‫لمجلس الوزراء القرب للتعبير عن رغبات التغيير‪ .‬أما فيما تل ذلك فقد وقف‬ ‫المجلس بعنف ضد مزيد من التغيير‪ .‬وظهر واضحا من وسائل العلم الحرب‬ ‫الخفيثة مثن قبثل المجلثس العسثكرى ضثد مطثالب التغييثر‪ ،‬ورفثض المجلثس‬ ‫العسكرى لمطالب رئيس الوزراء بتغيير ‪ 7‬وزراء فى حكومته‪.‬‬ ‫وعندما تعرض المجلس العسكرى لصرار الثوار على تحقيق مطالبهم‬ ‫بجمعثة ‪ 8‬يوليو بدأ فى استخدام أسلحة لم يستخدمها من قبل ضد الثوار‪ ،‬و‬ ‫توسع فى استخدام أسلحة وتحالفات أخرى جربها من قبل‪ :‬فقد بدأ بإدانة‪ ،‬بل‬ ‫وتخوين قوى ثورية مثلما اتهم حركة ‪ 6‬إبريل بأنها ممولة ومدربة فى الخارج‪،‬‬ ‫واتهم حركة كفاية بأنها حركة أجنبية منقولة من حركات فى تونس والسودان‬ ‫والغثرب بثدليل تشثابه السثم!! كمثا اتضثح جليثا وحثدة المواقثف والتحثالف فثى‬ ‫المواجهات العملية بين المجلس العسكرى والقوى الدينية المحافظة‪ .‬ووصل‬ ‫المثر أيضثا إلثى البلطجيثة كمثا اتضثح فثى حثديث اللثواء الروينثى إلثى قنثاة‬ ‫الجزيرة مباشر قبيل مذبحة الجمل الثانية فى ‪ 23‬يوليو بساعتين حيث صرح‬ ‫للمثذيع بثأنه وردتثه معلومثات عثن خثروج المتظثاهرين مثن التحريثر متوجهثة‬ ‫للمجلثثس العسثثكرى وأن البلطجيثثة المسثثلحين بزجاجثثات الملوتثثوف فثثى‬ ‫‪39‬‬


‫انتظارهم! وسأله المذيع بالطبع " ولماذا ل تقبضون على البلطجية؟" فارتبك‬ ‫اللواء حيث أفشى دون أن يقصد سر تواطئه معهم وقال أن سياسة المجلس‬ ‫العسكرى هى الوقوف على الحياد حتى ل يتهم باعتقال المواطنين؟!‬ ‫وجثاءت موقعثة الجمثل الثانيثة فثى ‪ 23‬يوليو كأبرز موقف لستخدام‬ ‫العنف ضد قوى الثورة بعد انتصار الثورة‪ :‬فقد تضمنت استعدادات المجلس‬ ‫العسثكرى لهثا كمثا رأينثا اسثتخدام البلطجيثة أو علثى القثل التواطثؤ الواضثح‬ ‫معهم حيث كانوا يعرفون قبل الموقعة بساعات ما سيحدث وتركوا مسلحين‬ ‫بثالملوتوف والسثلحة البيضثاء ينتظثرون ويضثربون مظثاهرة رأى سثلمية‪ .‬كمثا‬ ‫تضثمنت أيضثا تحريثض أهثل العباسثية ضثد المتظثاهرين ونشثر شثائعات عن أن‬ ‫الثوار قادمون فى مظاهرة للهجوم على المحلت والبيوت الخاصة بالسكان‪.‬‬ ‫وعندما قامت الشرطة العسكرية ومن ورائها المن المركزى بسد الطريق‬ ‫عنثثد العباسثثية بثثالقوات والسثثلك الشثثائكة حثثتى قثثدم المتظثثاهرون قثثام‬ ‫البلطجيثة بحصثارهم مثن الخلثف والهجثوم عليهثم بالسثيوف والسثنج والطثوب‬ ‫وزجاجثات الملوتثوف فثى المسثاحة المحصثورة والمحاصثرة بيثن المثن مثن‬ ‫جثانب والبلطجيثة مثن الجثانب الخثر فيمثا يعثرف عسثكريا بسثاحة قتثل‪ .‬ولهثذا‬ ‫سقط أكبر عدد من المصابين وأكبر نسبة منسوبا لعدد المتظاهرين فى أقل‬ ‫مدة من الوقت‪ ،‬وأصيب أكثر من ‪ 300‬شاب توفى أحدهم بعد أيام من نزيف‬ ‫فى المخ نتيجة طوبة فى الرأس‪ ،‬كما عولجت إصابات حرجة بالمستشفيات‬ ‫والرعايثات المركثزة‪ .‬ولثم تتثدخل القثوات المسثلحة إل بعثد اسثتيفاء أركثان‬ ‫المذبحثة وإعطثاء البلطجيثة الثوقت الكثافى "لتثأديب المتظثاهرين" وفرقثوا‬ ‫البلطجيثة بثإطلق النثار فثى الهثواء‪ ،‬وهثو مثا كثان ممكنثا منثذ البدايثة إذا كثانت‬ ‫هنثاك رغبثة فثى إنقثاذ المتظثاهرين مثن البلطجيثة! لقثد أسثفرت موقعثة الجمثل‬ ‫وسثلوك اللثواء حسثن الروينثى وتصثريحاته الثتى تثدينه أكثثر مثن أى شثيئ آخثر‬ ‫عن تحول واسع فى آراء أقسام واسعة من الجمهور ضد المجلس العسكرى‬ ‫واضطرار المجلس العسكرى إلى زيادة تنازلته أمام معسكر الثوار‪ ،‬وهذا ما‬ ‫سيتم تناوله تفصيل لحقا عند تقدير حصاد شهر يوليو فى عمر الثورة‪.‬‬ ‫ولجأ المجلس العسكرى أيضا إلى التلويح بالستخدام الفعلى والفعال‬ ‫للقثوانين الرجعيثة الثتى سثنها ومثن ضثمنها المحاكمثات العسثكرية للمثدنيين‬ ‫بزعثم أنهثم بلطجيثة‪ ،‬وبقثوانين تجريثم الحتجاجثات وما يسثمى بتعطيثل العمثل‬ ‫والنتاج‪ .‬وظهر التكامل فى المواقف الفكرية والسلوك العملى بين الخوان‬ ‫والسثلفيين مثن ناحيثة والمجلثس العسثكرى مثن ناحيثة أخثرى‪ ،‬وانحثاز كلهمثا‬ ‫للقسثم المحثافظ مثن المجتمثع المطثالب بثالتوقف عثن الحتجاجثات وتثرك‬ ‫المثور للمجلثس العسثكرى والثوزارة‪ .‬ولكثن مثاذا وراء تلثك القثوى الدينيثة مثن‬ ‫خلفية تدفعهم لتخاذ تلك المواقف؟‬

‫‪40‬‬


‫الخوان المسلمون وأزمة يوليو ‪2011‬‬ ‫الخثوان المسثلمون هثم قسثم مثن المسثتثمرين والطبقثة السثائدة‪،‬‬ ‫ومطالبهم الثابتة هى المناداة بالليبرالية القتصادية وتحجيم تدخل الدولة‪ .‬بل‬ ‫إنهثم عنثدما بثدأت وزيثرة الخارجيثة المريكيثة كونثدوليزا رايثس فثى التفثاوض‬ ‫معهم عام ‪ 2003‬أعطوها التطمينات اللزمة بولئهم للقتصاد الحر وأنهم‪ ،‬وإن‬ ‫كانوا يعارضون كامب دافيد إل أنهم مع اللتزام بالمعاهدات التى وقعت عليها‬ ‫مصر إذا ما شاركوا فى الحكم أو أتوا إليه‪ ،‬يقصدون بالطبع اللتزام بمعاهدة‬ ‫السلم المصرية السرائيلية‪.‬‬ ‫دائمثا مثا يثدافع الخثوان المسثلمون عثن مثواقفهم المحافظثة الحاليثة‬ ‫ورفثض مشثاركتهم فثى العمثل مثن أجثل اسثتمرار الثثورة بثإبراز ادعثائهم أنهثم‬ ‫مثن قثوى الثثورة وأنهثم شثاركوا بقثوة فثى النضثال الثذى أطثاح بمبثارك‪ ،‬وهثذا‬ ‫صثحيح مثن ناحيثة دورهثم خلل ثثورة اليثام الثمانيثة عشثرة )أو بثالحرى اليثام‬ ‫الربعثة عشثر الخيثرة منهثا(‪ ،‬إل أن المتتبثع لمسثار عملهثم السياسثى طثوال‬ ‫الفترة الخيرة يحصل على صورة أوضح لسلوكهم السياسى ‪.‬ل ننسى بالطبع‬ ‫أن تأسيس حركة كفاية أواخر عام ‪ 2004‬نجح فى جمع كل فصائل المعارضة‬ ‫ل للتمديثد ل للتثوريث"‬ ‫بمثا فيهثم الخثوان المسثلمين فثى البدايثة خلثف شثعار "‬ ‫أثنثاء النتخابثات الرئاسثية عثام ‪ .2005‬إل أنهم استجابوا فور أن عرض عليهم‬ ‫مبثارك صثفقة تتضثمن تخليهثم عثن جبهثة المعارضثة المتحثدة وقتهثا وتأييثدهم‬ ‫الضثمنى لنتخثاب مبثارك‪ ،‬بثل و"حثق ابنثه فثى الترشثيح لرئاسثة الجمهوريثة‬ ‫باعتباره مواطنا مصريا" كما صرح محمد حبيب نائب المرشد العام للخوان‬ ‫المسلمين وقتها‪ .‬وكان نصيب الخوان من تلك الصفقة هو الفوز‪ ،‬دونا عن أى‬ ‫فصيل معارض‪ ،‬بثمانى وثمانين عضوا فى مجلس الشعب‪ .‬وليس المهم هنا‬ ‫هثو هثل إن جماهيريثة الخثوان تثؤهلهم للحصثول علثى مثثل هثذا العثدد مثن‬ ‫المقاعثثد أو أكثثثر أو أقثثل‪ ،‬ولكثثن المهثثم هثثو أنهثثم بتلثثك الصثثفقة المعاديثثة‬ ‫للديمقراطيثة أعطثاهم النظثام تلثك المقاعثد فثى انتخابثات مثزورة! ولقثد بثالغ‬ ‫الخوان أنفسهم فى مدى ثقلهم فى الشارع المصرى عندما حاولوا من خلل‬ ‫اسثتعراض شثبابهم لفنثون القتثال العسثكرية بجامعثة الزهثر‪ ،‬حثاولوا انثتزاع‬ ‫العلنيثة وشثبه الشثرعية لتلثك التشثكيلت شثبه العسثكرية التابعثة لهثم‪ ،‬ولكثن‬ ‫النظام رد بقسوة جديرة بمستوى الستبداد الذى كان موجودا وقتها‪ ،‬وجديرة‬ ‫أيضا بنظام خسر رئيسه السابق عندما اغتيل على يد جماعات إسلمية‪ .‬لقد‬ ‫بثدأ النظثام حملثة عنيفثة عليهثم واعتقثل منهثم الكثثيرين وحثاكمهم بمحاكمثات‬ ‫عسكرية وصادر شركاتهم ونكل بهم أشد تنكيل‪ .‬والمثير هنا ملحظة سلوك‬ ‫الخثوان‪ ،‬إذ ظلثوا طثوال ثلث سثنوات يحثاولون إقنثاع النظثام بثالرجوع لجثو‬ ‫الصثفقة‪ ،‬ونثذكر هنثا مقثالت الثدكتور عصثام العريثان فثى صثحيفة الهثرام‬ ‫ومحثاولته لقنثاع النظثام بفثائدة التحثالف معهثم وينبهثه إلثى أنهثم فثى نقابثة‬ ‫الطبثاء يشثكلون حثاجزا ضثد التيثارات الراديكاليثة مثثل أطبثاء بل حقثوق‪ .‬فقثط‬ ‫بعد أكثر من ثلث سنوات من رفض النظام الستجابة للخوان قرروا ساعتها‬ ‫‪41‬‬


‫النضمام لمحور المعارضة ضد الرئيس والنظام‪ ،‬وكان هذا قبل عام أو أكثر‬ ‫قليل على ثورة ‪ 25‬يناير‪ .‬حينها فقط اعترف الخوان‪ ،‬ردا على لوم المعارضة‬ ‫لهثم علثى سثلوكهم السثابق‪ ،‬اعثترفوا بالصثفقة مثع مبثارك وانتقثدوا أنفسثهم‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫وانفثرد الخثوان أثنثاء أحثداث الثثورة وقبثل نجاحهثا بقبثول التفثاوض مثع‬ ‫عمر سليمان بما يتضمن بالطبع التسليم بقبول صفقة توافق على استمرار‬ ‫ل شفيق ول سليمان‪،‬‬ ‫نائب الرئيس‪ ،‬على عكس موقف الغلبية الذى هتف ‪" :‬‬ ‫دول عمل للمريكثان"‪ .‬ولثم يثؤثر موقثف الخثوان فثى مسثار الحثداث بحكثم‬ ‫تواضثثع وزن التكتيثثك اليمينثثى بقبثثول التفثثاوض مثثع نثثائب الرئيثثس فثثى ظثثل‬ ‫السيادة المطلقة لمزاج الصرار على استمرار الثورة حتى الطاحة بالنظام‬ ‫ورئيسه ونائب رئيسه بل وكل نظامه‪ .‬وبمجرد انتصار الثورة كان التغير الذى‬ ‫أجثثراه المجلثثس العسثثكرى علثثى لجنثثة وضثثع الدسثثتور بتنحيثثة مستشثثارين‬ ‫محسوبين على التيار المدنى فيها لصالح تعيين المستشار طارق البشرى ذو‬ ‫التجاهات السلمية‪ ،‬وتعيين أحد أعضاء الخوان فى اللجنة‪ ،‬كان هذا التغيير‬ ‫مؤشثرا هامثا علثى موقثف المجلثس العسثكرى مثن الخثوان وموقثف الخثوان‬ ‫من المجلس العسكرى‪ ،‬أو بالحرى تلقى الرؤى بينهم كقوى محافظة ترغب‬ ‫فى حصار التغيرات التى تريدها الثورة فى أضيق نطاق والحفاظ على أكبر‬ ‫نسبة من قوى ومؤسسات المجتمع القديم‪.‬‬ ‫لقثد بثدا سثلوك الخثوان تكثرارا تاريخيثا لتحثالف الخثوان المسثلمين مثع‬ ‫جمثال عبثد الناصثر ومسثاعدته فثى التخلثص مثن الحثزاب بيثن عثامى ‪ 1952‬و‬ ‫‪ ،1954‬ثثم النتقثال للتحثالف مثع المعارضثة مثن أجثل الديمقراطيثة وضثد جمثال‬ ‫عبد الناصر خلل أزمة مارس ‪ 1954‬بعد انقلب عبد الناصر عليهم‪ .‬لهذا انحاز‬ ‫الخثوان لتكتيثك المجلثس العسثكرى فثى سثرعة إنجثاز التغييثرات والسثراع‬ ‫بالنتخابات وإعادة بناء المجالس التشريعية بما يضمن سيادة القوى الجاهزة‬ ‫المنتميثة للمجتمثع القثديم )فلثول الثوطنى والخثوان وكافثة قثوى العصثبيات‬ ‫والعثائلت التقليديثة( علثى تكوينهثا ويجهثض نمثو قثوى الثثورة بمثا ينعكثس علثى‬ ‫زيادة نصيبها فى تلك المجالس‪.‬‬ ‫واتضثثح هثثذا فثثى انحيثثاز الخثثوان والسثثلفيين لتكتيثثك تبنثثى مطثثالب‬ ‫الموافقثثة علثثى التعثثديلت الدسثثتورية فثثى ‪ 19‬مارس‪ ،‬واستخدموا هم‬ ‫والسثلفيون كمثا نوهنثا سثابقا تكتيثك البثتزاز بثأن مثن يقثول نعثم فثى السثتفتاء‬ ‫يدخل الجنة ومن يصوت بل سوف يدخل النار! وبعد الستفتاء استمر الخوان‬ ‫كما رأينا فى عدم قطع خيط التواصل مع المعارضة مع الثبات على موقفهم‬ ‫كقوى محافظة مع أقل التغيرات ومحاذية فى الغلبية الساحقة من المواقف‬ ‫مثثع المجلثثس العسثثكرى‪ .‬إل أن الواقثثع أكثثثر عنثثادا ممثثا يمكنهثثم تبسثثيطة‬ ‫وإخضثاعه لمصثالحهم الضثيقة‪ ،‬فمنثاخ الثثورة لبثد وأن يثدعم قثوى التغييثر ضثد‬ ‫‪42‬‬


‫القثوى المحافظثة‪ ،‬وقثد أثثر هثذا حثتى علثى انشثقاق شثباب الخثوان عنهثم‬ ‫وانتمائهم لتلف شباب الثورة‪ ،‬بل وخروج عدد من كبار قادتهم عن تكتيكاتهم‬ ‫الموحدة مثل عبد المنعم أبو الفتوح والزعفرانى‪ .‬وكان رد الخوان على تلك‬ ‫النشثقاقات هثو التحثالف مثع القثوى الثتى علثى يمينهثم مثثل السثلفيين وأحيانثا‬ ‫الصوفيين‪.‬‬ ‫إل أن السير فى حقل اللغام بتغيير المواقف هذا من قبل الخوان لبد‬ ‫وأن يكثون محفوفثا بالتناقضثات والمخثاطر‪ :‬ففثى فثترة تحثالف الخثوان مثع‬ ‫القوى المدنية الحزبية وغير الحزبية كانوا ينادون بالدولة المدنية‪ ،‬وهو مالبد‬ ‫وأن يشثكل عائقثا أمثام تحثالفهم مثع السثلفيين‪ .‬وحثل الخثوان المشثكلة فثى‬ ‫مؤتمرهم الجماهيرى الول بالشتراك مع السلفيين والصوفيين بالعلن بأن‬ ‫هثدف الدولثة الدينيثة هثو الهثدف "عنثد التمكيثن"‪ ،‬وهثم يعلنثون للسثلفيين بهثذا‬ ‫أنهم معهم فى المبدأ مع تحفظ شكلى فى التكتيك! وواضح كيف تؤدى تلك‬ ‫النتهازيثة السياسثية بتغييثر الشثعارات وتغييثر التحالفثات دائمثا إلثى خسثارة‬ ‫الكثثير مثن القثوى والحلفثاء‪ ،‬إل أن الخثوان ل يعتمثدون أساسثا علثى الدعايثة‬ ‫السياسية والبرنامج والسلوك السياسى المتسق بل يعتمدون على مخاطبة‬ ‫وجثثدان القواعثثد الجماهيريثثة غيثثر المثقفثثة والتهييثثج المنفصثثل عثثن اتسثثاق‬ ‫البرنامج واستمرارية المواقف والتحالفات السياسية‪.‬‬ ‫وهكثثذا ل تقتصثثر مشثثكلة الخثثوان المسثثلمين علثثى تبنثثى المواقثثف‬ ‫المحافظثة بانحيثازهم لليبراليثة اليمينيثة فثى القتصثاد‪ ،‬وللمعسثكر المريكثى‪،‬‬ ‫وللتحفثظ بشثأن اسثتمرار الثثورة وتأكيثدهم علثى أولوليثة السثتقرار وتثرك‬ ‫الحكام من مجلس عسكرى ووزارة لكى يحققوا تدريجيا طموحات الشعب‬ ‫دون " تثثدخله"‪ .‬إن المشثثكلة الكثثبيرة أيضثثا مثثع الخثثوان هثثى فثثى النتهازيثثة‬ ‫السياسثية وتبثدل المواقثف الثدائم‪ :‬مثع عبثد الناصثر لكثثر مثن عثام ونصثف بعثد‬ ‫الثورة ثم ضده‪ ،‬مع حسنى مبارك فى صفقة عام ‪ 2005‬للوصول الواسع إلى‬ ‫البرلمثان ثثم ضثده منثذ عثام ‪ ،2009‬مثع المفاوضثات مثع عمثر سثليمان ثثم تأييثد‬ ‫الثثورة والطاحثة بثه عنثدما تحقثق ذلثك‪ ،‬مثع الدولثة المدنيثة إذا تحثدثوا مثع‬ ‫المعارضة المدنية ومع الدولة الدينية عندما يتحدثون مع السلفيين‪ ،‬ضد جمعة‬ ‫‪ 8‬يوليو فى البداية ثم معها فى آخر لحظة بعد بروز مؤشرات نجاحها‪ ،‬ثم مع‬ ‫المجلس العسكرى ضدها وحتى الموقف السافر ضد التغيير ومع الستقرار‬ ‫والتسثليم للمجلثس العسثكرى فثى جمعثة ‪ 29‬يوليو رغم الوعود بعكس ذلك‬ ‫حتى ليلة تلك الجمعة مع باقى القوى السياسية‪.‬‬ ‫السلفيون والحياة السياسية أثناء وبعد حكم مبارك‬ ‫يمثثل السثلفيون تجمعثا هثائل مثن خلل عثدد مثن الجمعيثات الخيريثة‬ ‫الكبرى مثل جمعية أنصار السنة المحمدية وجماعة الدعوة والتبليغ وغيرها‪.‬‬ ‫وهثو تيثار فكثرى و"سياسثى" مجتمعثى مثن نثوع خثاص‪ ،‬رغثم بعثض التنثوع فثى‬ ‫‪43‬‬


‫التجاهثات فيمثا بينثه مثثل كثل التيثارات‪ .‬والسثبب فثى وضثع كلمثة سياسثى بيثن‬ ‫أقواس هو إصرار السلفيين أيام مبارك على نفى علقتهم بالسياسة‪ ،‬وعدم‬ ‫اتخاذهم مواقف فى الحداث السياسية المختلفة‪ ،‬واكتفائهم بالدعوة الدينية‬ ‫والنشثطة الخيريثة‪ .‬وبثالطبع يعثد هثثذا نفسثه موقفثا سياسثثيا ولثو بالسثثلب‪:‬‬ ‫فامتناعهم أيام مبارك عن اتخاذ مواقف ضد الستبداد السياسى وضد إفقار‬ ‫الشثعب وضثد وقثائع الفسثاد الصثارخة مثثل بيثع عمثر أفنثدى وغيثره مثن أصثول‬ ‫القطاع العام بالبخس أو حادثة غرق العبارة أو حريق القطار‪ ،‬إن كل ذلك هو‬ ‫موقثثف سياسثثى بثثالطبع يسثثمح بتمريثثر تلثثك السياسثثات المعاديثثة لمصثثالح‬ ‫الجمثاهير‪ .‬إل أن الخطثر مثن ذلثك هثو مثوقفهم مثن مبثارك أو مثن الحثاكم‪:‬‬ ‫فالحثاكم مثادام مسثلما ينطثق بالشثهادتين فثالخروج عليثه حثرام شثرعا‪ ،‬وإذا‬ ‫أخطأ فحسابه عند الله! بل صرح بعضهم بأن " إمام ظالم جائر يضرب ظهور‬ ‫النثاس ويأخثذ أمثوالهم خيثر مثن فتنثة تثدوم"! وهثم لهثذا يجرمثون الديمقراطيثة‬ ‫والعلمانية والدولة المدنية وكافة " البدع" الفكرية ويدعون إلى حكم الشريعة‬ ‫وكتاب الله‪ .‬ومن آرائهم الصيلة فى الديمقراطية أن تحكيم كلم البشر بدل‬ ‫مثن شثرع اللثه يمكثن أن يثأتى بممثليثن فثى البرلمانثات أو برئيثس جمهوريثة‬ ‫قبطيثا أو علمانيثا أو مثدنيا أو ديمقراطيثا –والعيثاذ بثالله‪ -‬لكثى يحكثم بعكثس مثا‬ ‫أمثر بثه اللثه! ولكثن المثر ليثس مجثرد آراء فقهيثة‪ :‬فل يمكثن لعمثل جمثاهيرى‬ ‫واسثع مثثل عملهثم‪ ،‬حثتى وإن كثان فثى حثدود النشثطة الخيريثة مثن نثوع جمثع‬ ‫الزكاة وتوزيعها على الفقراء أن يتم فى استقلل عن مباحث أمن الدولة‪ .‬لقد‬ ‫كانت المؤسسات المنية على علقة منتظمة بهم‪ ،‬وتقدم لهم خدمات أقلها‬ ‫السثماح لهثم بالنشثطة الخيريثة والدعويثة مثن نثوع جمثع المثوال وقوافثل‬ ‫الثدعوة والنثدوات الدينيثة بينمثا تحاصثر تلثك النشثطة نفسثها إذا مثا قثام بهثا‬ ‫الخوان آخذين فى العتبار الفارق بين الهدف السياسى للخوان باعتبارهم‬ ‫تكوينثا سياسثيا يسثعى للوصثول إلثى السثلطة السياسثية بينمثا ل يسثتهدف‬ ‫السلفيون ذلك‪ ،‬بل ويقدمون بتجاهلهم المطالب الشعبية وتجريمهم أشكال‬ ‫الحتجاجثات الجماهيريثة مثن مظثاهرات واعتصثامات‪ -‬يقثدمون خثدمات جليلثة‬ ‫تسهم فى استقرار نظام الحكم!‬ ‫إل أن علقثة أمثن الدولثة بهثم ل تقتصثر رغثم ذلثك علثى هثذين الجثانبين‪:‬‬ ‫الثثدعم السثثلبى واليجثثابى للنظثثام )بتجريثثم أشثثكال الحتجثثاج( والسثثماح‬ ‫بالنشثطة الخيريثة مثادامت تتثم فثى سثياق غيثر سياسثى‪ .‬فهثم عنثد المثن‬ ‫احتياطى استراتيجى‪ ،‬ينفع فى تحسس أخبار مختلف قوى التيارات السلمية‬ ‫سثثواء بتكتيثثك تسثثقط الخبثثار أو –إذا سثثمحت الظثثروف أحيانثثا‪ -‬بالعمالثثة‬ ‫المباشثرة للمثن! ويظهثر المثثال البثارز علثى كثون التيثار السثلفى احتاطيثا‬ ‫مباشرا للمن أثناء أحداث الثورة نفسها مباشرة فى أعقاب جمعة ‪ 28‬يناير‪،‬‬ ‫عندما طبق المن تكتيكات مواجهة الثورات التى تدرب عليها )خطة أجاكسى‬ ‫للمخثابرات المريكيثة( الثتى اشثتملت مثع التفريثغ المنثى وغيثاب الشثرطة‬ ‫وإخثراج البلطجيثة –واشثتملت أيضثا علثى تفجيثر الخلفثات‪ :‬وكثان المثثل البثرز‬ ‫‪44‬‬


‫هثو اسثتدعاء رجثال المثن للسثلفيين ضثد الثثورة عنثدما زعمثوا لهثم أن مطلثب‬ ‫الثثوار هثو إلغثاء المثادة الثانيثة مثن الدسثتور والعثداء للثدين السثلمى! حينثذاك‬ ‫نزل السلفيون لول مرة فى مظاهرات سياسية فى السكندرية وحى الهرم‬ ‫دفاعا عن المادة الثانية من الدستور التى لم تكن قد طرحت بعد من قبل أى‬ ‫من الثوريين وقبل الطاحة بمبارك!‬ ‫وهكذا بعد فترة من عدم الدخول المباشر على نطاق واسع فى الحياة‬ ‫السياسية )وهو ما يعنى تأييدا سلبيا وأحيانا تأييدا فكريا إيجابيا للوضع القائم‬ ‫أثناء حكم مبارك( أعلن السلفيون عن دخولهم الواسع بشكل منتظم كطرف‬ ‫فى الحياة السياسية بعد الثورة‪ ،‬ولعبوا دورا بارزا فى استفتاء ‪ 19‬مارس على‬ ‫تعديل الدستور مشددين كما أوضحنا على أن نعم تعنى الجنة ول تعنى النار‬ ‫ول وسط‪ ،‬وأصبحوا تيارا سياسيا ثابتا مدعما للقوى المحافظة وأحيانا للقوى‬ ‫شثديدة الرجعيثة! وشثكل هثذا مقدمثة لثدورهم فثى جمعثة "لثم الشثمل ووحثدة‬ ‫الصف" فى ‪ 29‬يوليو!‬ ‫جمعة "لم الشمل ووحدة الصف" فى ‪ 29‬يوليو‬ ‫سثبقت جمعثة ‪ 29‬يوليو الكثير من المفاوضات بين معسكرى التيارات‬ ‫الدينية والقوى المدنية من أحزاب وتيارات شبابية وغيرها‪ ،‬وتم التفاق على‬ ‫جمعة لم الشمل التى أريد بها التركيز على الهداف المشتركة وتأجيل نقاط‬ ‫الخلف سواء من ناحية تطبيق الشريعة والدولة الدينية من قبل السلميين‬ ‫أو نقثاط مدنيثة الدولثة والدسثتور أول و ‪ /‬أو المبثادئ فثوق الدسثتورية مثن قبثل‬ ‫المثدنيين‪ .‬إل أن مثا حثدث كثان شثيئا آخثر‪ .‬لقثد أرادت القثوى السثلمية عمثل‬ ‫اسثتعراض للقثوة مثن ناحيثة وتثوجيه رسثالة للمجلثس العسثكرى والمجتمثع‬ ‫والعثالم مثن جهثة أخثرى‪ .‬وكثانت رسثالتها فثى جوهرهثا ليسثت فقثط الدولثة‬ ‫السثلمية وتطثبيق الشثريعة‪ ،‬ولكنهثا كثانت أيضثا رفثض كثل مثن المبثادئ فثوق‬ ‫الدسثثتورية والدسثثتور نفسثثه والديمقراطيثثة والعلمانيثثة والدولثثة المدنيثثة‬ ‫باعتبارهثا كلهثا كفثرا‪ ،‬مثع طثرح شثعار وحيثد وهثو القثرآن دسثتورنا وتطثبيق‬ ‫الشريعة السلمية‪ .‬وقد أدى ذلك النتهاك للتفاق إلى انسحاب كافة القوى‬ ‫المدنية من التحرير‪ ،‬حيث عقدوا مؤتمرا صحفيا أوضحوا فيه قرار النسحاب‬ ‫ومبرراته‪.‬‬ ‫وبالطبع إذا كان ما سبق هو جوهر الطرح فى مليونية ‪ 29‬يوليو فهناك‬ ‫بعثثض التنوعثثات والختلفثثات الثثتى ل تثثؤثر علثثى هثثذا التقثثدير العثثام لفثثراد‬ ‫وفصثائل‪ .‬بثل ومثن المثثير للنتبثاه تلثك الواقعثة ذات الدللثة حينمثا هثاجمت‬ ‫الجماعات السلفية منصة الخوان المسلمين صباح تلك الجمعة وأوشكت أن‬ ‫تضثثرب الثثدكتور محمثثد البلتثثاجى أحثثد أهثثم قثثادة الخثثوان بسثثبب اقثثترافهم‬ ‫للخطيئة الفظيعثة بإذاعثة أناشثيد وطنيثة فثى إذاعتهثم؟! ولكثن كثل موقثف هثو‬ ‫موقف سياسى فى جوهره حتى لو ادعى غير ذلك‪ ،‬أحيانا بما يصرح به وأحيانا‬ ‫‪45‬‬


‫أخرى بما يصمت عمدا عن التصريح به ويكون الصمت أكثر دللة من الكلم‪،‬‬ ‫فمثا هثو الموقثف السياسثى الثذى ارادتثه قثوى السثلم السياسثى تلثك مثن‬ ‫المظثثاهرة؟ أول هنثثاك تأييثثد المجلثثس العسثثكرى‪ ،‬بثثل ووصثثل المثثر ببعثثض‬ ‫الشثعارات العلنيثة إلثى الهتثاف ب"يامشثير يامشثير مثن دلوقثتى أنثت الميثر"!‬ ‫ولكن المشكلة ل تقتصر على ذلك‪ ،‬فوضع تلك المليونية فى مواجهة مليونية‬ ‫استمرار الثورة يعنى أكثر من ذلك بكثير‪ ،‬يعنى رفض مطالب استمرار الثورة‬ ‫والثثدعوة لوضثثع حثثد أدنثثى وأقصثثى للجثثور‪ ،‬وللضثثرائب التصثثاعدية‪ ،‬ولنقثثد‬ ‫المجلثثس العسثثكرى فثثى عثثدم وقثثوفه بحثثزم إزاء جهثثاز الدولثثة البوليسثثية‬ ‫السثابق‪ ،‬بثثل ودعثم العديثد مثن مكونثاته واسثثتمرار المحاكمثات العسثكرية‬ ‫للمثدنيين‪ .‬إنثه يعنى ببسثاطة أنثه ل ضثرورة لسثتمرار الثثورة بثل يجثب التوقثف‬ ‫والتسليم للمجلس العسكرى‪ .‬أما النتقاد الوحيد الموجه للمجلس العسكرى‬ ‫فهو موافقته على وضع وثيقة مبادئ فوق دستورية‪ ،‬والتهديد بمليونية ضدها‪،‬‬ ‫والدعايثة المضثغمة أثنثاء ذلثك بثأن هثذا الرفثض ينبثع مثن رفثض كافثة النظمثة‬ ‫الديمقراطية والعلمانية لصالح القرآن والدستور وتطبيق الشريعة‪ .‬إذن فهذا‬ ‫هثو جثوهر موقثف التيثارات الدينيثة الثتى نعثرف حقيقثة مواقفهثا –ليثس فقثط‬ ‫وليس أساسا من شعاراتها‪ -‬ولكن من مواقفها الحقيقية من السلطة القائمة‬ ‫وممثا تصثمت عنثه صثمت الموافقثة وممثا تصثر علثى تحقيقثه‪ .‬أمثا فثى دعايتهثا‬ ‫فهثى تتبثع التقاليثد الفاشثية الثتى تتثاجر بالشثعارات المجثردة )مثثل السثلم هثو‬ ‫الحثل دون أن تقثول حل لى مشثاكل وكيثف( وتهثرب مثن البرامثج المحثددة‬ ‫واللتزامثات الدقيقثة‪ ،‬الثتى تخثاطب الوجثدان وتهثرب مثن المناقشثات العقليثة‬ ‫المعمقة لى مشكلة ملموسة‪.‬‬ ‫وممثا يسثتدعى الوقثوف أمثامه بقثوة الموقثف مثن القبثاط‪ :‬فموقثف‬ ‫القثوى السثلمية مثن القبثاط الثذى يبثدو متسثامحا هثو أنهثم "ضثيوفنا وعلينثا‬ ‫واجثب حمثايتهم" فهثو موقثف عنصثرى رجعثى‪ ،‬حثتى لثو أضثيف إليثه أننثا دولثة‬ ‫إسثلمية وتطبثق على القبثاط شثريعتهم فثى الحثوال الشخصثية الخاصثة بهثم‪.‬‬ ‫إن هثذا الموقثف الثذى يعتثبرهم ضثيوفا ينثأى بهثم عثن اعتبثارهم شثركاء فثى‬ ‫الثوطن بمثا أنهثم محثض " ضثثيوف"‪ .‬وواجثب حمثايتهم يبثدو باعتبثاره حمايثة‬ ‫" الغرباء" ‪ ،‬بينما يتمثل الموقف الديمقراطى فى النظر إليهم باعتبارهم مكونا‬ ‫أساسيا من نسيج الوطن وإغناًء ثقافيا من ناحية التنوع والثراء‪ ،‬سوف يفقد‬ ‫المحتمثع الكثثير إذا دفثع ببعضثهم إلثى الهجثرة للخثارج تحثت وطثأة التمييثز‬ ‫والنظر إليهم باعتبارهم مجرد ضيوف‪ .‬وهناك نقطة هامة يجب التوقف عندها‬ ‫بصثراحة‪ :‬فالقبثاط فثى مصثر‪ ،‬مثلهثم مثثل كثل القليثات فثى المجتمعثات الثتى‬ ‫توجثد بهثا ومنهثا القليثات المسثلمة فثى الهنثد والقليثات الفلسثطينية فثى أى‬ ‫دولة عربية أو أجنبية‪ ،‬يعرفون بالتمييز ضدهم ويحاولون أن يقووا وضعهم فى‬ ‫مواجهثة ذلثك التمييثز‪ .‬والسثتقواء هنثا يتخثذ شثكل شثائعا بمحاولثة بثذل الجهثد‬ ‫للتفوق فى مختلف المجالت‪ ،‬والقليات عموما ‪-‬فى كل المثلة التى أشرنا‬ ‫إليهثا وليثس القبثاط المصثريين فقثط‪ -‬تتميثز بنسثبة أعلثى مثن انتشثار التعليثم‬ ‫‪46‬‬


‫وزيثادة نسثبة حملثة المثؤهلت العليثا وحثتى فثوق الجامعيثة عثن المتوسثط‬ ‫القومى‪ ،‬وكذلك بزيادة نسبة الثرياء عن المتوسط الوطنى‪ .‬وكل هذا ل يمثل‬ ‫مجال للوم على الطلق طالما أنه فى مجال المنافسة بالساليب المشروعة‬ ‫بثالتفوق‪ ،‬بثل بثالعكس‪ ،‬فثإنه يشثدد علثى أهميثة تلثك المسثاهمات فثى إغنثاء‬ ‫المجتمثع ماديثا فثى كثل المجثالت السياسثية والفكريثة والفنيثة والجتماعيثة‬ ‫والنتاجيثثة‪ .‬وحثثتى الجثثانب الوحيثثد الثثذى يسثثتوجب النقثثد فثى سثثلوك بعثض‬ ‫القليثات ومنهثا القليثة القبطيثة فثى مصثر‪ ،‬أل وهثو التعصثب الثذى يثدفع أحيانثا‬ ‫إلى التمييز لصالح أحد أفراد القلية ضد أحد المنتمين إلى الغلبية المسلمة‬ ‫) كما يبدو مثل فى تمييز طالب مسيحى فى الدرجات حينما يمتحنه أستاذ‬ ‫مسيحى( فهو يستوجب النقد مع تفهم أن هذا التعصب يأتى ردا على تعصب‬ ‫الغلبيثثة‪ ،‬وأن محصثثلة التعصثثب بثثالطبع تصثثب فثثى صثثالح تعصثثب الغلبيثثة‬ ‫باعتبارها القوى! أما الموقف الصحيح بالطبع فهو نبد كل أشكال التمييز لكى‬ ‫تكثثون الكفثثاءة هثثى السثثاس الوحيثثد للنجثثاح فثثى المتحانثثات وفثثى تثثولى‬ ‫المناصب القيادية بمساواة وشفافية كاملة بغض النظر عن الدين أو الجنس‬ ‫أو أى اعتبار آخر‪ .‬ولنا مثل بارز فى تاريخنا القومى من رأى لجنة وضع دستور‬ ‫‪ 1923‬حينما ناقشت فكرة منح القباط المصريين نسبة فى المناصب القيادية‬ ‫بنسبتهم من السكان‪ ،‬ورفضت ذلك المبدأ لن هذا يعد تقنينا للتمييز ضدهم‪،‬‬ ‫وأن كثل المناصثب حثتى رئاسثة الثوزراء يتولهثا الكفثأ سثواء كثان مسثلما أو‬ ‫قبطيثثا أو إسثثرائيليا )يعنثثون يهوديثثا( مثثادام هثثو الكفثثأ‪ .‬إن هثثذا الموقثثف‬ ‫الثديمقراطى المنسثجم هثو وحثده الثذى يسثتطيع استئصثال الميثراث السثلبى‬ ‫السثيئ لزمنثة التعصثب والفرقثة الوطنيثة وليثدة اسثتبداد نظثام مثا قبثل الثثورة‬ ‫الذى بنى على ترابط الستبداد مع الفساد وحرمان المواطنين من حقوقهم‬ ‫المتسثاوية سثواء بسثبب الثدين أو لصثالح أصثحاب الواسثطة أو التحيثز ضثد‬ ‫النساء أو لصالح الغنياء أو أصحاب النفوذ فى جهاز الدولة‪.‬‬ ‫ولكن إذا كان جوهر مليونية ‪ 29‬يوليو هو طرح محافظ مضاد لستمرار‬ ‫الثثثورة وللديمقراطيثثة الحقيقيثثة ولحقثثوق شثثركاء الثثوطن ولقثثرار العدالثثة‬ ‫الجتماعية‪ ،‬فهل ينطبق هذا الوصف على كل المشاركين فى تلك المليونية؟‬ ‫بالطبع ل ينطبق هذا على كل الجمهور‪ ،‬بل إنه أيضا ل يجوز التعميم فى كل‬ ‫المواقثف علثى كثل الطثراف المشثاركة ممثا يسثتدعى تنثاول تفصثيليا لطبيعثة‬ ‫القوى المحافظة فى المجتمع‪.‬‬ ‫تشريح القوى المحافظة فى المجتمع‬ ‫اسثثتعملت عامثثدا فثثى ذلثثك المقثثال مصثثطلح القثثوى المحافظثثة فثثى‬ ‫المجتمثع فثى مواجهثة قثوى اسثتمرار الثثورة‪ ،‬ولثم اسثتخدم مصثطلح الثثورة‬ ‫المضادة‪ .‬والسبب هو قناعتى أن مصطلح القوى المحافظة هو الكثر دقة فى‬ ‫التعثثبير عثن ذلثثك المعسثثكر‪ ،‬رغثثم أن فثثى القلثثب منثثه بثثالطبع قثثوى الثثثورة‬ ‫‪47‬‬


‫المضثادة‪ .‬وتشثمل قثوى الثثورة المضثادة تلثك القثوى الواعيثة بوضثوح بتعثارض‬ ‫مصثالحها مثع الثثورة وتعمثل بكثل قثوة وبمختلثف السثاليب‪ ،‬ومنهثا العلن ليثل‬ ‫نهثار عثن تأييثد الثثورة‪ ،‬علثى تصثفية مكاسثب الثثورة واسثترجاع أكثثر مثا يمكثن‬ ‫مثن أركثان المجتمثع القثديم فثى جهثاز الدولثة المنثى والدارى وفثى السياسثة‬ ‫كمثا فثى العلم والفكثر‪ .‬وتشثمل قثوى الثثورة المضثادة بثالطبع فلثول الحثزب‬ ‫الوطنى‪ ،‬ومنهم بالطبع كبار المستثمرين الذين ارتبطوا بالنظام السابق‪ ،‬وقد‬ ‫رأينثا كيثف بثرزت مواقثف أبرزهثم مثثل أبثو العينيثن وإبراهيثم كامثل ومرتضثى‬ ‫منصثور ودورهثم فثى تمويثل الثثورة المضثادة وقيادتهثا ميثدانيا‪ ،‬بثل ورأينثا رجثل‬ ‫العمثثال السويسثثى وابنثثه‪ ،‬حيثثث قتل بأنفسثثهم ‪ 18‬من شهداء الثورة فى‬ ‫السثويس‪ .‬كمثا تشثمل أهثم القيثادات الواعيثة صثاحبة القثرار فثى الجماعثات‬ ‫الرجعية السلفية والجماعات السلمية الخرى‪.‬‬ ‫إل أنثه حثول هثؤلء أقسثام محافظثة فثى المجتمثع‪ ،‬مفضثلون للسثتقرار‬ ‫ورافضثون لسثتمرار الحتجاجثات ومختلثف مظثاهر الثثورة‪ .‬بعثض هثؤلء ممثن‬ ‫اغتنثثوا وأثثثروا فثثى المجتمثثع السثثابق‪ ،‬سثثواء أكثثانوا مهنييثثن بثثارزين أو تجثثار‬ ‫ومستثمرين‪ ،‬إل من ارتبط بأفكار عن حقوق المجتمع أو تمتع بنظرة تسمح له‬ ‫بأن يدرك أن نظاما ينطوى على القدر من الظلم يستحيل أن يمتلك مقومات‬ ‫البقثاء‪ ،‬وبعضثهم ليسثوا مثن أصثحاب المصثالح المباشثرة فثى النظثام القثديم‪،‬‬ ‫وبعضثهم حثتى فقثراء ولكثن يجمعهثم المثزاج المحثافظ المكتفثى بمثا تغيثر‪ ،‬بثل‬ ‫وبعضثهم يرفثض فكريثا إهانثة الرئيثس السثابق ومحثاكمته وبعضثهم يرفثض‬ ‫الثورة جملة وتفصيل‪.‬‬ ‫ولكن مما يضفى بعض التعقيد على الصورة‪ ،‬وإن كان يمكننا من فهم‬ ‫اللوحة الحية بتعقيدها الحقيقى‪ ،‬أن المشاركين فى مظاهرة ‪ 29‬يوليو ليسوا‬ ‫كلهم من معسكر المحافظين‪ .‬فكما سبق القول فإن عجز القوى السلمية‬ ‫عثن المعارضثة المباشثرة لجمعثة ‪ 8‬يوليو يقودها لتنازل المشاركة مع تبنى‬ ‫بعثض المطثالب‪ ،‬مثثل محاكمثة الرئيثس والقصثاص مثن قتلثة الشثهداء‪ ،‬فثى‬ ‫سياق السعى لحصر التنازلت أمام معسكر الثورة فى تلك الحدود‪ .‬وتوضح‬ ‫اسئلة المحطات التلفزيونية للمشاركين فى جمعة ‪ 29‬يوليو من غير القياديين‬ ‫أن الكثثيرين منهثم حضثروا وشثاركوا لتبنيهثم مطثالب المحاكمثات والقصثاص‬ ‫دون أن يكثون واضثحا فثى أذهثانهم فكثرة العثداء لمعسثكر أنصثار اسثتمرار‬ ‫الثورة‪.‬‬ ‫ولكثثن ل يمكثثن السثثتمرار فثثى تحليثثل قثثوى الثثثورة دون أن نعطثثى‬ ‫لمعسثثكر الرجعيثثة العربيثثة وعلثثى رأسثثها النظثثام السثثعودى حقثثه الثثواجب‪.‬‬ ‫فأنظمة الخليج كلها مرعوبة من ربيع الثورات العربية وفى القلب منها الثورة‬ ‫المصرية‪ ،‬وهى تعمل بكل نشاط للحفاظ على وجودها ذاته من خلل أقصى‬ ‫دعثم ممكثن لقثوى الثثورة المضثادة فثى مصثر‪ .‬وتتحثدث مختلثف التقثارير عثن‬ ‫‪48‬‬


‫مئات المليين والمليارات التى تتدفق على كل أنواع المعارضة السلمية فى‬ ‫مصثر بثدءا مثن الخثوان المسثلمين وصثول للسثلفيين وحثتى العثرب الفغثان‬ ‫والجماعثات السثلمية الجهاديثة ذات العلقثة السثابقة بالنظثام السثعودى مثن‬ ‫ناحيثة التمويثل وتنظيثم التثدريب منثذ أيثام الجهثاد ضثد السثوفييت والنظثام‬ ‫الموالى لهم فى أفغانستان قبل عام ‪ .1989‬لقد اعترف الخوان بأن ميزانيتهم‬ ‫فثى معركثة مجلثس الشثعب عثام ‪ 2005‬كانت ‪ 10‬مليين جنية لكل مرشح‪،‬‬ ‫وقثاموا بترشثيح ‪ 150‬فردا‪ ،‬أى أنهم أنفقوا فى تلك النتخابات مليار ونصف‬ ‫المليثار جنيثة! وفثى يثوم الجمعثة ‪ 29‬يوليو تمكن المنظمون السلميون من‬ ‫تثوفير مئات التوبيسثات المكيفثة مثن مختلثف المحافظثات‪ ،‬عرفتثت أمثلثة لهثا‬ ‫تتمثثل فثى ‪ 25‬أتوبيسا للسكندرية و ‪ 20‬للمنوفية‪ ،‬نقل كل منها مرتين رجال‬ ‫إلثى الميثدان‪ ،‬مثع وجبثات وميثاة وغيرهثا ومثا تثردد عثن ‪ 20‬جنيها لكل فرد‪ ،‬مما‬ ‫يجعل تكلفة حشد مليونين من الرجال تصل إلى مئات المليين‪ ،‬وهى تكلفة ل‬ ‫تقدر عليها وترحب بدفعها غير المملكة العربية السعودية التى رفعت أعلمها‬ ‫فى ذلك اليوم!‬ ‫تكتيك استمرار العتصام والتظاهر لدى المجلس العسكرى‬ ‫ويحمل البعض مسئولية ما حدث فى مذبحة الجمل الثانية فى ‪ 23‬يوليو‬ ‫ومسثئولية جمعثة شثق الصثف فثى ‪ 29‬يوليو‪ ،‬ولو جزئيا‪ ،‬إلى أخطاء بعض‬ ‫الشثباب فثى التكتيثك بإصثرارهم علثى اسثتمرار العتصثام فثى الميثدان‪ ،‬وعلثى‬ ‫توجههم بمظاهرة نحو مقر المجلس العسكرى وما تردد –بشكل غير واقعى‬ ‫بالطبع‪ -‬عن احتلله! ويردونه كذلك إلى ما يقولون أنه تكتيكات مغامرة مثل‬ ‫إغلق مبنى المجمع الدارى ليام قليلة والحديث عن إغلق قناة السويس‪.‬‬ ‫إل أن للموضثوع جانبثان ينبغثى تنثاول كثل منهمثا علثى حثدة‪ .‬فمثن جثانب‬ ‫كثان تكتيثك اسثتمرار العتصثام لثلثثة أسثابيع وأكثثر تكتيكثا غيثر ملئم‪ ،‬ليثس‬ ‫إطلقثا لن المطثالب غيثر مشثروعة‪ ،‬فالمطثالب هثى مطثالب الثثورة الثتى‬ ‫يتقاعس المجلس العسكرى عن الستجابة لها‪ ،‬ول يستجيب إل بشق النفس‬ ‫لبعضثها فقثط تحثت الضثغط الشثعبى الهثائل‪ .‬إل أن الصثرار علثى المطثالب‬ ‫شثيئ والتمسثك بتكتيثك وحيثد لتحقيقهثا شثيئ آخثر‪ .‬إن أسثاليب الكفثاح تتنثوع‬ ‫بشدة مع الحتفاظ بالهدف‪ ،‬وإن التمسك بتكتيك معين )العتصام فى ميدان‬ ‫التحريثر فثى حالتنثا الراهنثة( حثتى رغثم انحسثار اللتفثاف الجمثاهيرى الكثافى‬ ‫حوله هو خطأ لنه يهدد بالجهاز على العتصام بالقوة دون منفعة موازية‪ .‬أما‬ ‫المظاهرة المتوجهة إلى المجلس العسكرى لحمل المطالب )وليس لحتلل‬ ‫المجلس العسكرى الذى ل تستطيعه مثل تلك المظاهرة التى تشمل عشرة‬ ‫آلف‪ ،‬بثثل ل تقثثدر عليثثه ول يجثثب أن تسثثتهدفه حثثتى مظثثاهرة مثثن عشثثرة‬ ‫أضعافها( فهى لم تستطع إقناع حتى القسم العظم من المعتصمين‪ .‬وليس‬ ‫هذا بالطبع لوما لهم بأى حال‪ ،‬ولكن ضمان نجاح تكتيك ما هو فى حجم القوى‬ ‫‪49‬‬


‫الجماهيريثة المشثاركة فيثه ومسثتوى قناعثة وتأييثد المثوطنين الملتفيثن حثوله‬ ‫من غير المشاركين‪ .‬وهذا ما جعل عددا من التكتيكات الجماهيرية المتبعة من‬ ‫الشباب غير ملئمة من تلك الزاوية‪ .‬ولكن من طبيعة واقعنا الثورى الراهن‬ ‫تخلف التنظيم الجماعى‪ ،‬وغياب التنظيمات الجماهيرية المتماسكة والواعية‬ ‫بحكم الستبداد قبل الثورة وحداثة نشأة معظم التنظيمات وغياب التماسك‬ ‫القثوى والتنسثيق بينهثا‪ .‬بثل إنثه ممثا يجثدر بالثذكر ليثس فقثط تخلثف التنظيثم‬ ‫الجمثاهيرى‪ ،‬بثل سثيادة روح معارضثة للتنظيثم حثتى يعثد مثن دواعثى الفخثر‬ ‫السثتقلل عثدم النتمثاء لى حثزب‪ ،‬حيثث ترتبثط الحزبيثة فثى أذهثان مثواطنين‬ ‫كثثيرين بالمصثلحة الخاصثة والنانيثة ممثا يجعثل مثن التجثرد مثن الحزبيثة قيمثة‬ ‫إيجابية!‬ ‫إل أن هثذا ل يعثد مثبررا علثى الطلق للقمثع العسثكرى الثذى تثم لتلثك‬ ‫التحركثات‪ ،‬ففثى التحليثل الخيثر خثرج شثباب متحمثس وخثالص النيثات لثوجه‬ ‫الثثوطن ومطثثالب بمطثثالب عادلثثة وتشثثتعل فيثثه الرغبثثة فثى تحقيقهثا بقثثدر‬ ‫مماطلثة المجلثس العسثكرى فثى السثتجابة وبقثدر تاريثخ عثدم الثقثة وبعثدم‬ ‫النضج الذى يطالب بتحقيق كل الهداف فى خطوة واحدة والتأكد عيانا بيانا‬ ‫من تحقيقها قبل أن يغادر‪ .‬ولم يكن التواطؤ أو على القل التغاضى المشبوه‬ ‫مثع مذبحثة البلطجيثة فثى ميثدان العباسثية فثى موقعثة الجمثل الثانيثة عقابثا‬ ‫للشثباب علثى محدوديثة نضثجهم بقثدر مثا كثان انزعاجثا مثن اسثتمرار مطثالب‬ ‫الثورة وطموحها لتحقيق المزيد وتمسكا بالتقاليد العسكرية الستبدادية فى‬ ‫التعامل مع ثوار شباب أنقياء‪.‬‬ ‫ول شثك أن الحثوار الثواعى هثو القثادر علثى تجثاوز أى تكتيكثات قثافزة‬ ‫علثى الواقثع‪ ،‬وهثذا مثا أثبثت فعثاليته عنثد الثتراجع عثن إغلق مجمثع التحريثر أو‬ ‫الثتراجع عما سمى بتهديد الملحة فى قناة السويس‪ ،‬علما بأن الدانة يجثب‬ ‫أن توجه أول إلى تراجع العسكريين ومفاوضيهم عن المطالب التى سبق وأن‬ ‫أقثروا بهثا للمحتجيثن ثثم تراجعثوا عثن تحقيقيهثا ممثا دفثع البعثض لنتهثاج أو‬ ‫للتصريح بتكتيكات مغامرة‪.‬‬ ‫وسثوف يظثل منثذ الن ولحقا لفثترة طويلثة قثانون الحركثة الجماهيريثة‬ ‫هو غيثاب الجماع‪ ،‬وهثو ظاهرة منطقيثة فى ظل حداثة الديمقراطية وحداثة‬ ‫التنظيم‪ ،‬وأقصى المطلوب هو تحقيق إجماع بين التيار الرئيسى فى الجمهور‬ ‫على مطالب معينة من أجل توحيد الجهود من أجل تحقيقها‪ .‬وهذا ليس بهدف‬ ‫قليل‪ ،‬وهو هدف تحقق عشرات المرات منذ بداية احتجاجات الثورة ومازال‬ ‫يتحقق حتى الن وتتم معظم النجازات بفضله‪ ،‬ول يجب أن ننزعج من وجود‬ ‫بعثض الفصثائل أو الفثراد علثى يمين أو يسثار الغلبيثة‪ .‬وفثى الواقثع فثإننى مما‬ ‫يثثير انتبثاهى فثى تتبثع مسثار الثثورة أنهثا رغثم افتقادهثا لتيثار أو حثزب قيثادى‬ ‫منظم وعريق على غرار حزب المؤتمر الوطنى الفريقى الذى قاد الثورة فى‬ ‫‪50‬‬


‫جنثوب أفريقيثا مثل هثو قثدرة ذلثك الشثعب العظيثم بثوعيه الجمعثى وتيثاراته‬ ‫الرئيسثية علثى تحديثد أهثدافه الناضثجة والسثعى المتواصثل إلثى تحقيقهثا بثل‬ ‫وتحديد الحلقة الرئيسة فى كل لحظة‪ .‬لقد بدا هذا بدءا من شعارات ‪ 25‬يناير‬ ‫فثى الشثعب يريثد إسثقاط النظثام وتغييثر حريثة عدالثة اجتماعيثة أو خثبز حريثة‬ ‫كرامة إنسانية وحتى تحديد الهثدف الحاكم والحلقثة الرئيسية فى كل لحظة‬ ‫مثثل هثدف إقالثة الحكومثة فثى مليونيثة أول شثهر وهثدف القبثض علثى مبثارك‬ ‫ورجاله فى مليونية ثانى شهر ومحاكمة مبارك والمسئولين وتطبيق العدالة‬ ‫الجتماعية فى مليونية ‪ 8‬يوليو‪.‬‬ ‫مكاسب يوليو وميزان القوى الراهن ومهام المستقبل‬ ‫والن مثا هثو حصثاد تلثك الهبثة الثوريثة القويثة الثتى تبثدت منثذ مليونيثة ‪8‬‬ ‫يوليثو فثى ميثدان وميثادين التحريثر فثى العديثد مثن المثدن والعتصثامات الثتى‬ ‫أعقبتها والمسار الطويل للصراع بين القوى الثورية والقوى المحافظة وفى‬ ‫القلب منها قوى الثورة المضادة الواعية بالطبع بأهدافها والكثر وعيا تاريخيا‬ ‫باستخدام أجهزة الدولة البوليسية والبيروقراطية فى تحقيق مطالبها؟‬ ‫لقثد نجحثت قثوى الثثورة فثى تحقيثق عثدد مثن أهثم أهثدافها‪ ،‬تمثلثت فثى‬ ‫حثل البثاقى مثن كيانثات النظثام القثديم مثثل المحليثات واتحثاد العمثال‪ .‬كمثا‬ ‫تمثلثت فثى إحضثار مبثارك مثن شثرم الشثيخ تحثت السثيطرة فثى القثاهرة‬ ‫ومحاكمته علنا وتحقيق علنية المحاكمات لرموز النظام السابق والتخلى عن‬ ‫التلكؤ والتواطؤ فى محاكمتهم‪ ،‬وتغيير الدائرة القضائية المشبوهة التى كانوا‬ ‫يحثاكمون أمامهثا‪ ،‬وهثو مثا كثان يمكثن أن ينتهثى بثبراءة الكثثير منهثم فثى غيثاب‬ ‫الرقابة الشعبية الواعية‪.‬‬ ‫وكثان التغييثر الثوزارى‪ ،‬مثع منثح مجلثس الثوزراء سثلطات فعليثة وليثس‬ ‫مجثرد تنفيثذ أوامثر المجلثس العسثكرى‪ ،‬مثن أهثم المطثالب بعثد وضثوح انتمثاء‬ ‫وزراء بعينهثم عمليثا إلثى المعسثكر المعثادى للثثورة مثثل يحيثى الجمثل نثائب‬ ‫رئيثس الثوزراء وسثمير رضثوان وزيثر الماليثة وعضثو لجنثة سياسثات الحثزب‬ ‫الوطنى وشبيه يوسف بطرس غالى‪ .‬وكذلك كانت حركة المحافظين خطوة‬ ‫فى التجاه الصحيح‪.‬‬ ‫أما المطالب الجتماعية من حيث تحديد حد أدنى وحد أقصى للجور‪،‬‬ ‫والضرائب التصاعدية وغيرها فل توجد غير تعهدات وزير المالية ونائب رئيس‬ ‫الثوزراء الثدكتور حثازم الببلوى بتحقيقهثا‪ .‬إن تلثك المطثالب تشثكل نقلثة هامثة‬ ‫فى مسار تحقيق أهداف الثورة‪ ،‬لكنها بالطبع ل تمثل كل مطالب الثورة ول‬ ‫كثل المطثالب الثتى رفعهثا الثثوار فثى مليونيثة ‪ 8‬يوليو‪ .‬إل أن تلك هى طبيعة‬ ‫الشثياء‪ ،‬فالعمثل الثدءوب لتغييثر ميثزان القثوى والضثغط مثن أجثل تحقيثق‬ ‫المطثالب هثو طريثق الثثورة الوحيثد‪ .‬والفثترة القادمثة هثى فثترة إنجثاز برنامثج‬ ‫‪51‬‬


‫سياسى شامل يضع أسس المجتمع الديمقراطى كما هى فرصة إنجاز برامج‬ ‫نوعيثة لحثل مشثاكل جمثاهير الشثعب المصثرى مثثل برنامثج فلحثى وبرامثج‬ ‫عماليثة وهيكثل أجثور عثادل وضثرائب تصثاعدية وهيكثل موازنثة للدولثة ينحثاز‬ ‫للجمهثور ولمقومثات التنميثة مثن صثحة للجميثع وتعليثم حقيقثى وبحثث علمثى‬ ‫بالضافة إلى خطط تنموية طموحة‪.‬‬ ‫إن ذلك هو المحك الحقيقى لتسييس الشعب المصرى‪ ،‬ولدفعه إلى‬ ‫تنظيللم قللوى التغييللر فيلله فللى تنظيمللات حزبيللة ونقابيللة وأهليللة‪ ،‬وفللى‬ ‫تعاونيلات ديمقراطيلة لتقلديم الخلدمات السلتهلكية ولتطلوير النتلاج كملا‬ ‫فللى التعللاون الزراعللى‪ .‬وإن جللر المناقشللات السياسللية لتحليللل الواقللع‬ ‫الملم وس ومطلالب الش عب ف ى التغييلر ملن خلل مطلالب سياس ية وبرام ج‬ ‫نوعية هو ما يقطع الطريق على الدعوات الفاشية المعادية للديمقراطية‬ ‫ويلف الجماهير حول تطوير ثورتها وتحقيق أهدافها‪.‬‬

‫محمد حسن خليل‬

‫الحزب الشتراكى المصرى‬ ‫أغسطس ‪2011‬‬

‫‪52‬‬


‫فهرس‬ ‫صفحة‬ ‫مقدمة‬

‫‪1‬‬

‫الفصل الول‬ ‫مصر فى ثلثين عاما‪ :‬من مبارك إلى الثورة‬

‫‪3‬‬

‫الفصل الثانى‬ ‫مستقبل الثورة‪ :‬قراءة فى ميزان القوى الراهن‬

‫‪15‬‬

‫الفصل الثالث‬ ‫الثورة والهدم والبناء‬

‫‪25‬‬

‫الفصل الرابع‬ ‫مسار ثورة ‪ 25‬يناير‪ ،‬يوليو شهر الستقطاب الثورى فى مصر‬ ‫‪30‬‬

‫‪53‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.