ثيوذوروس تيرزوبولوس عودة ذيونيسوس

Page 1

‫ثيوذوروس تريزوبولوس‬

‫عودة ذيونيسوس‬ ‫مع مق ّدمة بقلم إيريكا فيرش‪-‬ليخته‬


‫ثيوذوروس تريزوبولوس‪ُ ،‬ولد يف ماكريالوس يف شامل‬ ‫اليونان عام ‪ ،1947‬درس التمثيل يف أثينا‪ .‬بني عامي‬ ‫‪ 1972‬و ‪ 1976‬كان طالباً يف املاجستري ومساعدا ً يف‬ ‫‪ .Berliner Ensemble‬عاد إىل اليونان‪ ،‬وعمل مديرا ً‬ ‫ملعهد التمثيل يف ثيسالونييك‪ .‬ويف عام ‪ّ 1985‬أسس فرقة‬ ‫آتيس املرسحيّة التي يقودها منذ ذلك الحني‪ .‬ويف الفرتة‬ ‫من عام ‪ 1985‬إىل عام ‪ ،1988‬كان أيضاً مديرا ً ف ّن ّياً للّقاء‬ ‫الدويل للمرسح اليونا ّين القديم يف دلفي‪ ،‬والذي شارك‬ ‫فيه هايرن مولر‪ ،‬وماريان ماكدونالد‪ ،‬وتادايش سوزويك‪،‬‬ ‫وروبرت ويلسون‪ ،‬وأندريه رسبان‪ ،‬ووويل سوينكا‪،‬‬ ‫ومني تاناكا‪ ،‬ويوري ليوبيموف‪ ،‬وأناتويل فاسيلييف‪ .‬كان‬ ‫طي‪ ،‬وكان‬ ‫مؤسيس املعهد الدو ّيل للمرسح‬ ‫أحد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتوس ّ‬ ‫رئيسا للجنته اليونانيّة منذ عام ‪ ،1991‬ورئيس اللجنة‬ ‫الدول ّية األوملب ّية للمرسح منذ عام ‪ ،1993‬التي نظّم لها‬ ‫(‪ )1995‬وشيزوكا واليابان (‪)1999‬‬ ‫فعال ّيات يف دلفي‬ ‫وموسكو (‪ )2001‬وإسطنبول (‪ )2006‬وسيول (‪)2010‬‬ ‫وبكني (‪ )2019‬وفروكالف يف بولندا (‪ ،)2016‬ويف ‪22‬‬ ‫مدينة يف جميع أنحاء الهند (‪ )2018‬وتوغا يف اليابان‬ ‫وسانت بطرسربغ (‪ .)2019‬منذ أواخر السبعينيات‪ ،‬بدأ‬ ‫يط ّور لغة مرسح ّية فرديّة ومقننة بكثافة وعابرة للثقافات‪.‬‬ ‫لقد متّت استضافة عروض مرسح آتيس وإقامة ورش‬ ‫عمل حول أساليب عمل تريزوبولوس يف جميع أنحاء‬ ‫العامل‪ .‬وقام بصفة مخرج ضيف‪ ،‬بإخراج الرتاجيديا القدمية‬ ‫منها أعامل إيسخيلوس وسوفوكليس وإيفريبيذيس‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل األوبرا وأعامل كتّاب أوروبيني معارصين‬ ‫مه ّمني‪ ،‬يف عدد من املسارح يف روسيا والواليات‬ ‫املتّحدة والصني وإيطاليا وتايوان وأملانيا وغريها‪.‬‬ ‫«‪»the return of Dionysus‬‬


‫عودة ذيونيسوس‬


‫‪powered by‬‬

‫النارش‬ ‫ثيوذوروس تريزوبولوس‬ ‫عودة ذيونيسوس‬ ‫© ‪Theater der Zeit 2020‬‬

‫النص وموا ّد الفيديو‪ © :‬ثيوذوروس تريزوبولوس‬ ‫ّ‬

‫أي جزء من هذا املنشور أو تخزينه يف نظام استخراج أو‬ ‫ّ‬ ‫كل الحقوق محفوظة‪ .‬ال يجوز نسخ ّ‬ ‫بأي وسيلة إلكرتونية أو آليّة أو مص ّورة أو مس ّجلة أو غري ذلك‪ ،‬دون إذن مسبق‬ ‫بأي شكل أو ّ‬ ‫نقله ّ‬ ‫من النارش‪.‬‬ ‫‪Verlag Theater der Zeit‬‬ ‫‪Publisher Harald Müller‬‬ ‫‪Winsstraße 72 | 10405 Berlin | Germany‬‬

‫‪www.theaterderzeit.de‬‬

‫ترجمة من اليونانيّة الحديثة إىل العربيّة‪ :‬روين بوسابا‬ ‫تصميم‪Sibyll Wahrig :‬‬ ‫صورة الغالف‪Johanna Weber :‬‬ ‫طُبِع يف أملانيا‬ ‫‪978-3-95749-305-7 ISBN‬‬

‫‪2‬‬


‫ثيوذوروس تريزوبولوس‬

‫عودة ذيونيسوس‬ ‫مع مق ّدمة بقلم إيريكا فيرش‪-‬ليخته‬ ‫الرتجمة من اليونانيّة الحديثة إىل العربيّة‪ :‬روين بوسابا‬

‫‪3‬‬


4


‫‪7‬‬

‫إعادة والدة املرسح من روح ذيونيسوس‬

‫‪17‬‬

‫عودة ذيونيسوس‬

‫إيريكا فيرش‪-‬ليخته‬

‫ثيوذوروس تريزوبولوس‬

‫‪18‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪63‬‬

‫‪78‬‬

‫الجسم‬ ‫التنفُّس‬ ‫الطاقة‬ ‫التفكيك‬ ‫اإليقاع‬ ‫إرتجال دائم‬ ‫الكلمة‬ ‫اإلحساس‬ ‫الزمن‬ ‫الحزن‬ ‫الجاذبيّة‬ ‫املمثّل‬ ‫التمرين‬

‫ذيونيسوس إله الح ّريّة‬ ‫تورسنت إرسائيل يف حوار‬ ‫مع ثيوذوروس تريزوبولوس‬

‫‪5‬‬


6


‫إعادة والدة املرسح من روح‬ ‫ذيونيسوس‬ ‫إيريكا فيرش‪-‬ليخته‬

‫عنوان هذا الكتاب‪ ،‬الذي يقدّم كتابات املخرج اليونا ّين ثيوذوروس تريزوبولوس املنهجيّة‬ ‫يبش بعودة ذيونيسوس‪ .‬ماذا يعني هذا؟ هل عاد إله املرسح القديم أخريا ً‬ ‫واألساسيّة لق ّراء أوسع‪ّ ،‬‬ ‫إىل مجال أجداده‪ ،‬أعني املرسح‪ ،‬ويف نفس الوقت دخل عاملنا املفرِط يف الحداثة والرقميّة؟ هل‬ ‫جذري؟‬ ‫تهدف هذه العودة إىل استعادة حالة سابقة أو إىل تجديد‬ ‫ّ‬ ‫طوال القرن العرشين‪ ،‬إدّعى ف ّنانو املرسح مرارا ً وتكرارا ً أنّهم يعيدون تعريف املرسح‪،‬‬ ‫ويغيونه من أُ ُسسه‪ .‬امل ُ َجدِّدون يف املرسح نحو نهاية القرن التاسع عرش وحتّى القرن التايل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومختلف الحركات الطليعيّة يف الثلث األ ّول من القرن العرشين‪ ،‬وممثّلو ما يُس ّمى بالرياديّة الجديدة‬ ‫واملبشون بأشكال جديدة ومختلفة للغاية من املرسح واألداء منذ‬ ‫أو ما بعد الحداثة منذ الستينيّات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة‬ ‫التسعينيّات‪ -‬هؤالء كلّهم يجمعهم هدف إنشاء مرسح جديد قادر عىل عكس الظروف‬ ‫ّ‬ ‫بزمنهم‪ .‬يف بعض الحاالت‪ ،‬سعوا إىل تحقيق هذا الهدف من خالل نقل املمثّل إىل املركز‪ ،‬من‬ ‫خالل تطوير ف ّن جديد يف التمثيل‪ .‬ينطبق هذا عىل مايرهولد وامليكانيكيّة الحيويّة التي ابتكرها‪،‬‬ ‫وكذلك عىل غروتوفسيك و «ممثلّيه املقدّسني»‪ -‬وإن بطريقة مختلفة متاماً‪ .‬ولك ّن أحدا ً مل يستحرض‬ ‫ذيونيسوس بشكل قاطع كام يفعل تريزوبولوس‪.‬‬ ‫أي نوع من اآللهة كان ‪ /‬هو ذيونيسوس؟ هو ابن زفس وسيمييل‪ .‬بحسب األسطورة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ح ّرضت هريا الجبابرةَ‪ -‬بسبب غريتها‪ -‬عىل قتل الطفل‪ .‬م ّزقوا ذيونيسوس إىل قطع‪ ،‬وطَ َهوه‬ ‫‪7‬‬


‫يبق ّإل قلبه فقط‪ .‬من هذا القلب أعاد زفس خلق ذيونيسوس‪.‬‬ ‫وأكلوه‪ ،‬ومل َ‬ ‫بالنسبة إىل تريزوبولوس‪ ،‬فإ ّن متزيق ذيونيسوس وإعادة تكوينه كامالً‪ ،‬أي والدته الجديدة‪،‬‬ ‫هو املبدأ الذي يو ّجه عمل املمثّلني عىل أنفسهم‪ .‬يجب عليهم‪ ،‬مرارا ً وتكرارا ً‪ ،‬تدمري يشء من‬ ‫ذاتهم ‪ /‬يف ذاتهم لالندماج يف كلّيّة جديدة‪ -‬كلّيّة تتيح رحلة إىل «مطارح الذاكرة العميقة» املنسيّة‬ ‫واملدفونة عميقاً‪ .‬املمثّلون هم خلفاء لذيونيسوس‪ .‬وكتالميذ له‪ ،‬يواصلون التم ّزق وتجميع األجزاء‬ ‫يف كلّيّة جديدة‪ .‬هذه هي «وظيفة» التمثيل الفعليّة‪ ،‬والرشط الذي ال غنى عنه للعمل الناجح‪ ،‬وهي‬ ‫الوظيفة التي تستم ّر أبدا ً يف ارتجال ال يبدو أ ّن له نهاية‪.‬‬ ‫يتجل ذيونيسوس كإله ثَ ِل ومس ِكر‪ ،‬وليس فقط من خالل النبيذ بل ألنّه إله نشيط بطبيعته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يتعدّى جميع الحدود‪ .‬يف مقابلة مع عالِمة اآلداب الكالسيكيّة ماريان ماكدونالد‪ ،‬تكلّم تريزوبولوس‬ ‫نص من القرن السابع عرش عن علم النبات وجده يف مكتبة يف اليبزيغ يصف طقوساً يف‬ ‫عن ّ‬ ‫مخصص ِلسكليبيوس يف أتيكا‪:‬‬ ‫مستشفى يف موقع ّ‬ ‫عند غروب الشمس‪ ،‬ت ّم إجبار جميع املرىض عىل امليش عراة يف دائرة عىل رمال رطبة‬ ‫وأرض مبلّلة‪ .‬بعد ساعة كان عليهم امليش أرسع‪ ،‬وأرسع بعد الساعة الثانية‪ .‬بعد الثالثة‪،‬‬ ‫كان عليهم أن يثنوا ركبهم كام يفعلون يف مرسح الكابويك‪ .‬بعد الرابعة‪ ،‬كان عليهم أن‬ ‫يثنوا َمرافقهم‪ ،‬وعندما أصبحت هذه الحركات أطول وأرسع مع ثني أطرافهم‪ ،‬بدأ أملهم‬ ‫تنحل‪ .‬كان أحدهم يعاين من آالم يف القلب‪ ،‬وآخر من آالم‬ ‫الجسدي يزول ببطء واملفاصل ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف البطن‪ -‬واختفت فجأة‪ .‬بعد القيام بذلك ملدّة مثاين ساعات‪ ،‬بدأ املرىض يشعرون‬ ‫تدريجيّاً بطاقة ال تُصدَّق يف داخلهم‪ .‬ذاب األمل واختفى تدريجيّاً‪... .‬‬ ‫أولئك الذين كانت ُستجرى لهم عمليّة جراحيّة يف صباح اليوم التايل كانوا يف حالة من‬ ‫النشوة والفرح‪ ،‬تحت تأثري ذيونيسوس‪ ،‬كام هو الحال يف الباخوسيّات‪ ،‬ولكن ليس من خالل النبيذ‬ ‫أو الكلامت‪ ،‬ولكن من خالل نبيذ أجسامهم‪ ،‬من خالل دمهم‪ .‬بدوران دمهم بهذه الطريقة دخلوا‬ ‫مهمً ج ّدا ً‬ ‫رس كان ّ‬ ‫إىل غرفة العمليّات‪ ،‬وأجريت العمليّة بدون مخدّر‪ ،‬سوى عشبة مخدِّرة بسيطة‪ .‬هذا ال ّ‬ ‫بالنسبة يل‪.1‬‬ ‫‪Reise mit Dionysos. Das Theater des Theodoros Terzopoulos, ed. Frank M. Raddatz, 1‬‬ ‫‪Berlin: Theater der Zeit 2006, p. 13 et seq.‬‬

‫‪8‬‬


‫يتعي عىل املمثلّني أن يضعوا نفسهم يف حالة من النشوة‪ -‬متاماً كام أولئك املرىض‪ -‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫حالة مييّزها تريزوبولوس بشكل أسايس عن حالة الغيبوبة‪« .‬للوصول إىل حالة النشوة هذه‪ ،‬يجب‬ ‫عىل الجسم أن يعي األقدام‪ .‬يف الغيبوبة ليس لديك وعي بقدميك» ‪ .22‬يف النشوة‪ ،‬وعرب النشوة‪ ،‬يقرتب‬ ‫املمثّل من ذيونيسوس‪ -‬ويجد نفسه أيضاً تلميذه يف هذا الصدد‪.‬‬ ‫ذيونيسوس هو إله التح ّول الالنها ّيئ‪ .‬يظهر كرجل وامرأة‪ ،‬كإله ووحش ‪ -‬أسد أو ثعبان أو‬ ‫ثور‪ ،‬يتخطّى باستمرار الحدود بني الجنون والعقل والنظام والفوىض‪ ،‬األنا والالأنا‪ .‬هو إله التحرير‬ ‫كل الحدود‪ .‬يف هذا الصدد‪ ،‬أيضاً‪ ،‬يجب أن يتبعه املمثّل‪.‬‬ ‫الذي يذيب ّ‬ ‫عتب‬ ‫تجا ُو ُز الحدود يعني تجاوز الح ّد األقىص حتّى‪ -‬ذلك الذي يفصل الحياة عن املوت‪ .‬يُ َ‬ ‫رس هذه العبادة كان االعتقاد بأ ّن التم ّزق يليه ترميم كامل‬ ‫ذيونيسوس أيضاً إله عبادة غامضة‪ّ .‬‬ ‫يل‪ ،‬لك ّنه يضمن رفاهية ُمريديه الذين‬ ‫وإحياء بالفعل‪ .‬قد ال يكون ذيونيسوس حاكامً للعامل السف ّ‬ ‫يسكنون هناك‪ .‬إنّه يح ّررهم يف مواجهة املوت‪ -‬وهي إحدى الحاالت التي يظهر فيها ذيونيسوس‬ ‫رسيّة‪ ،‬والذي‬ ‫كمح ِّرر‪ .‬هنا‪ ،‬يحدث ذلك من خالل النبيذ‪ ،‬الذي يت ّم االستمتاع به بوفرة يف العبادة ال ّ‬ ‫يل مثبَت يف كثري من‬ ‫يل‪ .‬إرتباط ذيونيسوس الوثيق بالعامل السف ّ‬ ‫يشكّل منوذجاً مسبقاً عن العامل السف ّ‬ ‫النصوص‪ .‬يف املقطع ‪ ،DK 22 [12] B 15‬يقول هرياقليطس‪:‬‬ ‫فإنّه لو مل يكن قيامهم مبوكب وغناؤهم ترنيمة قضيبيّة مخزية من أجل ذيونيسوس‪ ،‬لكان‬ ‫سلوكهم قد ّ‬ ‫دل عىل عدم حيائهم‪ .‬لكن اإلله هاذيس هو نفسه ذيونيسوس الذي يُصابون‬ ‫‪33‬‬ ‫بالجنون والهذيان عىل رشفه!‬ ‫ال يقتبس تريزوبولوس هذا املقطع فقط (أنظر أدناه)‪ ،‬بل يشري تحديدا ً إىل مرسحه عىل‬ ‫أنه مرسح «يت ّم عرضه يف مرحلة ما قبل املوت‪ ،‬يف حجرة انتظار هاذيس‪ ... .‬يخلق مرسحي‬ ‫أبعادا ً لهذا املسار [حياتنا كطريق إىل هاذيس]‪ ،‬لحجرة انتظار املوت هذه‪ ،‬ملا قبل املوت»‪.4‬‬ ‫مرسح تريزوبولوس بهذا املعنى األعمق يجب أن يُف َهم فعالً عىل أنّه مرسح لذيونيسوس‪ ،‬باعتباره‬ ‫‪ 2‬م‪ .‬ن‪ .‬ص‪158 .‬‬

‫‪  Herakleitos von Ephesos. Greek and German, ed. by Hermann Diels, 2nd edition. Berlin: 3‬‬ ‫‪Weidmannsche Buchhandlung 1909, Fragment 15, p. 21.‬‬ ‫‪  Reise mit Dionysos, p. 160. 4‬‬

‫‪9‬‬


‫مخصصاً لإلله‪.‬‬ ‫مرسحاً ّ‬ ‫لكن ذيونيسوس ليس إلهاً يونانيّاً فقط‪ .‬يف سوريا‪ ،‬كان يُك َّرم باسم أدونيس‪ ،‬يف مرص باسم‬ ‫أوزيريس‪ ،‬يف فريجيا باسم آتيس‪ .‬تفرتض رواية أخرى أنّه جاء إىل اليونان من الهند‪ .‬عالوة عىل‬ ‫ذلك‪ ،‬ميكنك العثور عىل آلهة تشبه ذيونيسوس يف الثقافات األخرى‪ Wole Soyinka .‬ساواه مع‬ ‫أُغون إله اليوروبا‪ ،‬و تريزوبولوس نفسه يشري إىل ‪ ،Yurupari‬إله ثقافة ما قبل كولومبوس يف‬ ‫أمريكا الالتينيّة‪ .‬عىل هذا النحو ميكنك أن ترى ذيونيسوس نوعاً ما كإله العوملة‪.5‬‬ ‫يف مرسح تريزوبولوس‪ ،‬يسمح جسد املمثل لرحلة ذيونيسوس عرب الثقافات املختلفة بأن‬ ‫َمي‪ .‬طبعاً إ ّن مقال مارسيل‬ ‫تتحقّق‪ ،‬إذ يتم ّزق ويعاد تجميعه‪ .‬يرى تريزوبولوس أ ّن هذا األمر عال ّ‬ ‫ماوس الرائد «تقنيّات الجسد» مه ّم هنا‪ .6‬يف هذا املقال يناقش ماوس فكرة عدم وجود تقنيّات جسديّة‬ ‫طبيعيّة‪ ،‬بل هناك فقط تلك التي يت ّم تحديدها ثقافيّاً‪ .‬إ ّن بنية جسم اإلنسان متكّننا جميعاً من امليش‬ ‫والركض والرقص والسباحة واإلمياء وما إىل ذلك؛ لك ّن الطريقة التي يت ّم بها ذلك تحدّدها الثقافة‬ ‫وبالتايل فهي تبدو مختلفة من ثقافة إىل أخرى‪ -‬ويف بعض األحيان تكون االختالفات جوهريّة‪.‬‬ ‫معي من األداء قابل للتغيري‪ -‬ميكن إدخال تقنيّات جديدة أو‬ ‫ولك ّن هذا يعني أيضاً أ ّن أي نوع ّ‬ ‫اعتامدها ويف غضون جيل أو جيلني تَستَ ِبدل متاماً ما كان معتادا ً يف السابق‪.‬‬ ‫كل ثقافة ميكن محوها واستبدالها بأخرى‪ ،‬األمر الذي يفتح‬ ‫إ ّن تقنيات الجسم التي تحدّدها ّ‬ ‫املجال لبلوغ أبعاد للجسم غري معروفة بعد‪ .‬هذا هو السبب يف أ ّن تريزوبولوس يعترب التامرين‬ ‫كل ثقافة‪ -‬وهي قناعة عززها عملُه مع ممثلني من مجموعة ثقافات‬ ‫التي ط ّورها قابلة للتحويل إىل ّ‬ ‫عاملي أيضاً‪ ،‬إذ ميكن العثور يف الثقافات املختلفة عىل‬ ‫يفس فهم جسم اإلنسان كيشء‬ ‫كبرية‪ .‬هذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫وضعيّات معيّنة تهدف إىل إنتاج الطاقة بطريقة معيّنة‪ .‬عندما واجه االتّهام بأ ّن ثني الركب يف‬ ‫إخراجه ملرسحيّة الباخوسيّات هو حركة «يابانيّة»‪ ،‬أشار تريزوبولوس إىل الطقوس يف حرم‬ ‫أسكليبيوس املوصوفة يف الكتاب املذكور أعاله‪ ،‬حيث تَرِد رصاح ًة وضعيّة ثني الركب‪ .‬ميكن‬ ‫‪ 5‬أنظر ‪Erika Fischer-Lichte: Dionysus Resurrected. Performances of Euripides’ “The Bacchae” in a‬‬ ‫‪Globalizing World, Oxford: Wiley-Blackwell 2014.‬‬ ‫‪Marcel Mauss: “The techniques of the body”, presented to the Société de Psychologie 6‬‬ ‫‪on 17 May 1934, first published in the Journal de Psychologie Normale et Pathologique,‬‬ ‫‪Vol. 32, Issue 3 – 4, 1935, p. 271 – 293.‬‬

‫‪10‬‬


‫فهم هذه الوضعيّة عىل أنّها يونانيّة أو يابانيّة أو من الحقبة السابقة لكولومبوس‪ ،‬عىل السواء‪ .‬وميكن‬ ‫أي ثقافة إذا نجح املمثلّون يف محو تقنيّات امليش والوقوف التي مارسوها سابقاً‪.‬‬ ‫مبدئيّاً تعلّمها يف ّ‬ ‫أي ثقافة إذا ت ّم تحديد‬ ‫وبالتايل فهي ال متثّل تقنيّات الجسم شبه الطبيعيّة‪ ،‬ولكن ميكن تطويرها يف ّ‬ ‫األولويّات واألهداف الصحيحة‪ .‬ال يجب أن يُساء تفسري «الجسم البديئ» املز َمع اكتشافه أو الكشف‬ ‫«طبيعي»‪ .‬وبدالً من ذلك‪ ،‬فإ ّن الهدف هو إلغاء الفصل الديكاريتّ بني الجسد‬ ‫عنه عىل أنّه جسم‬ ‫ّ‬ ‫والعقل والهيمنة املرتبطة بالعقل وقمعه للجسد‪ ،‬بحيث ميكن للممثّل أن يظهر كعقل وجسد يف آن‪.‬‬ ‫ويهدف هذا إىل إتاحة الوصول إىل الذكريات املدفونة عميقاً يف الجسم بعد أن كان ذلك متع ّذرا ً يف‬ ‫النفيس؛ يتعلّق األمر أكرث بالتحليل الفيزيايئ‪ -‬أي‬ ‫السابق‪ .‬لكن ال يجب فهم هذا مبعنى التحليل‬ ‫ّ‬ ‫«مت ّزق» الجسم واستعادة وحدته‪ .‬يف هذا الصدد أيضاً‪ ،‬يثبت ذيونيسوس أنّه إله متنقّل‪ ،‬إله حارض‬ ‫أي ثقافة‪.‬‬ ‫يف ّ‬ ‫كل مكان‪ ،‬إله قادر أن يُلهِم املحاكاة يف ّ‬ ‫ذيونييس بهذا املعنى‪.‬‬ ‫يف هذا الكتاب يع ّرف تريزوبولوس مرسحه ويصفه بأنّه مرسح‬ ‫ّ‬ ‫بالكاد يناقش إنتاجاته السابقة‪ ،‬عىل الرغم من أنّه يذكر يف بعض األحيان مرسحيّة الباخوسيّات‬ ‫(‪ .)1986‬وبدالً من ذلك‪ ،‬تركّز مالحظاته عىل ُ‬ ‫األسس التي يقوم عليها ف ّن التمثيل الجديد هذا‪،‬‬ ‫كل منها بدوره والرتكيز‬ ‫وبالتايل مرسحه‪ ،‬واملبادئ األساسيّة التي تو ّجه هذه العمليّات‪ .‬يت ّم تناول ّ‬ ‫كل هذه األساسيّات واملبادئ تشري إىل‬ ‫كل فصل عنوانه‪ .‬ولكن مبا أ ّن ّ‬ ‫عىل الجانب الذي يعطي َّ‬ ‫كل جانب يُناقَش دامئاً يف عالقة متبادلة مع‬ ‫أي منها يف عزلة تا ّمة‪ ،‬فإ ّن ّ‬ ‫بعضها البعض وال يعمل ّ‬ ‫الجوانب األخرى‪.‬‬ ‫تخصيص الفصل األ ّول للجسم له أه ّميّة منهجيّة‪ .‬أل ّن الجسم رشط ال ب ّد منه للتمثيل‪ .‬ميكن‬ ‫أن يظهر املمثّل فقط كجسد‪ .‬هذه هي املادة الذيونيسيّة املعطاة للممثّل‪ ،‬والتي يت ّم من خاللها تجربة‬ ‫وتطوير تقنيّات الجسم الجديدة ويف نفس الوقت استكشاف «الطبيعة اإلنسانيّة والعامل»‪ 77‬باملعنى‬ ‫الواسع وليس فقط ف ّن املرسح‪ .‬مبعنى آخر‪ ،‬نحن نتعامل مع الوجود املزدوج للبرشيّة الذي يتحدّث‬ ‫عنه الفيلسوف هيلموث بليسرن‪ :‬كبرش نحن الجسم‪ ،‬الجسم‪-‬املوضوع‪ .‬يف الوقت نفسه‪ ،‬لدينا جسم‬ ‫ميكننا استخدامه ك َزميل‪ ،‬كأداة أو كعالمة‪ .‬نحن البرش نتميّز بازدواجيّة كوننا جسامً وامتالكنا جسامً‪.‬‬ ‫‪ 7‬الفصل األ ّول ص ‪19‬‬

‫‪11‬‬


‫الحي‪ ،‬كام يك ّرر تريزوبولوس‬ ‫بهذا املعنى‪ ،‬ميكنك اعتبار الفصل األ ّول للجسم‪-‬الكيان‪ ،‬الكائن ّ‬ ‫مخصصة لتطوير تقنيّات محدّدة للجسم‪ -‬وبهذا املعنى‪ ،‬للجسم ‪-‬امل ُلكيّة‪ ،‬تُ كِّن‬ ‫مؤكّدا ً‪ .‬األقسام التالية ّ‬ ‫النص هو هيكل معقّد‪ ،‬حيث ترجع جميع جوانبه باستمرار‬ ‫الجسم من التعبري عن نفسه‪ .‬إذن هذا ّ‬ ‫إىل مر ّد واحد‪ :‬إ ّن الجسم كحقيقة عامليّة يجب التنقيب عنها وإعادة اكتشافها بني طبقات أكرث‬ ‫الوسائل تن ّوعاً واملحدَّدة ثقافيّاً‪ ،‬طبقات الجسم‪-‬امل ُلكيّة‪ ،‬طبقات تقنيّات الجسم‪ .‬تتمثّل مه ّمة املمثّلني‬ ‫ونتائج عملهم عىل نفسهم يف جعل مظهر الجسم‪-‬الكيان «نقيّاً»‪ ،‬ليس عىل األغلب عرب تقنيّات معيّنة‬ ‫للجسم‪ ،‬وإنّ ا عرب دفع الجسد‪-‬امللكيّة إىل الخَلفيّة‪ .‬أو بعبارة أخرى‪ :‬تحويل الجسد‪-‬امللكيّة إىل‬ ‫الجسد‪-‬الكيان وبالتايل القضاء عىل التباين بينهام‪.‬‬ ‫فرعي‪ .‬بعد‬ ‫كل فصل من الكتاب مبقطع أو جزء من هرياقليطس كعنوان‬ ‫يُخ ََّصص ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحتل الفيلسوف هرياقليطس (نحو ‪ 520‬ق‪ .‬م‪ .‬إىل ‪ 460‬ق‪ .‬م‪ ).‬مكانة الرمز الثاين يف‬ ‫ذيونيسوس‪ّ ،‬‬ ‫مرسح تريزوبولوس‪ .‬مل يُحفَظ عمله بشكل كامل وغالباً ما تُعتَ َب األجزاء التي ت ّم الحصول عليها‬ ‫األبدي واالنحالل‪ ،‬م ّرة تلو األخرى‪،‬‬ ‫األسايس للنم ّو‬ ‫أي حال‪ ،‬تستند إىل املفهوم‬ ‫ّ‬ ‫«مظلمة»‪ .‬عىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫عب عنه بشكل فاقع يف الجزء ‪:DK 22 [12] B 12‬‬ ‫إىل مفهوم التح ّول املتواصل‪ ،‬وهو أمر يُ َّ‬ ‫نفس األن ُهر‪ ،‬تسيل دامئاً مياه مختلفة»‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فإ ّن‬ ‫«عىل أجسامِ أولئك الذين يدخلون َ‬ ‫خاص‪ ،‬ويقوم عليها عىل سبيل املثال الجزء ‪DK‬‬ ‫مفهوم ات ّحاد األضداد هو سمة مميّزة بشكل ّ‬ ‫‪ 22 ]12[ B 84 a‬الذي يتكلّم عىل النار الساموية‪« :‬بعد أن يتبدّل يستكني»‪ ،‬أو الجزء ‪DK 22‬‬ ‫يجف‪ ،‬وما هو ّ‬ ‫جاف يرطُب»‪.‬‬ ‫‪« :12[ B 126‬ما هو بارد يسخن وما هو حا ّر يربد‪ .‬ما هو رطب ّ‬ ‫يف سياق هذا الكتاب‪ ،‬ميكن فهم األجزاء املختارة كعناوين ثانويّة عىل أنّها األفق الذي‬ ‫يجب أن يوضع الفصل يف إطاره‪ ،‬وليس كتفسري للناحية التي يركّز عليها‪ .‬عنوان الفصل األ ّول‬ ‫الفرعي اقتباس من الجزء املذكور أعاله ‪« :DK 22 [12] B 15‬هاذيس هو نفسه ذيونيسوس»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫إ ّن ذيونيسوس إله العبادة الرسيّة هو الذي يذكّرنا بأ ّن الجسد‪ ،‬الذي نساويه بالحياة‪ ،‬كان ميوت منذ‬ ‫البداية‪ .‬الحياة واملوت‪ ،‬شكْال الجسم‪ ،‬يتّحدان يف ذيونيسوس‪ ،‬متاماً مثل «العشق واملوت»‪ .‬هكذا‬ ‫تصبح التناقضات واحدة‪.‬‬ ‫ذيونييس‪ .‬يحدث يف بهو هاذيس‪ ،‬يف ما قبل‬ ‫بهذا املعنى أيضاً‪ ،‬مرسح تريزوبولوس‬ ‫ّ‬ ‫حي‪ ،‬فهو يصبح قادرا ً عىل‬ ‫املوت‪ .‬يف اللحظة التي ينجح فيها املمثّل يف إظهار الجسد ككائن ّ‬ ‫‪12‬‬


‫اخرتاق مشاهد الذكريات املدفونة عميقا ويف نفس الوقت عىل تحويلها إىل مشاهد مستقبليّة‬ ‫أي شخص‬ ‫وعرضها يف الحارض‪ .‬يف الجسم‪ ،‬يتّحد املايض واملستقبل بالحارض‪ ،‬والحياة باملوت‪ّ .‬‬ ‫واقعي‬ ‫ير ّوج ملثل هذا املرسح ويسعى إىل إدراكه بالكاد سيكون يتعامل مع مرسح مج َّهز بشكل‬ ‫ّ‬ ‫وشخصيّات متحفّزة نفسيّاً‪ .‬يبدو هذا وكأنّه مرسح من ماض بعيد‪ -‬من القرنني الثامن عرش والتاسع‬ ‫وخاصة مرسح القرن الحادي والعرشين‪ ،‬مرسحا مختلفاً‪،‬‬ ‫عرش‪ .‬يتطلّب مرسح أواخر القرن العرشين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مرسحا يتَّبع مبادئ ذيونيسيّة‪.‬‬ ‫يقدّم تريزوبولوس أكرث من مج ّرد تعليقات عىل املبادئ العا ّمة التي يجب أن يتّبعها املرسح‬ ‫ٍ‬ ‫يف القرن الحادي والعرشين‪ .‬ويذكر أيضاً‬ ‫متطلبات وطُرقاً ملموسة للغاية ينبغي أن يتحقّق بها أو‬ ‫الثانوي « َعرض الشمس بحجم رِجل اإلنسان» (‪)DK 22 [12] B 3‬‬ ‫يف ظلّها‪ .‬تحت العنوان‬ ‫ّ‬ ‫مخصصة للممثلّني إلجرائها يف ساعة‬ ‫يصف بالتفصيل أربعني «متريناً»‪ -‬وهو عنوان الفصل‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫دائري‪ ،‬يف نفس الوقت وبنفس اإليقاع‪ .‬ال يهدف هذا‬ ‫واحدة متهيدا ً لالستعداد أو العرض‪ ،‬يف شكل‬ ‫ّ‬ ‫يتجل‬ ‫فقط إىل تعزيز إحساسهم بالعمل املشرتك‪ ،‬ولكن أيضاً إىل تهيئة الظروف التي ميكن أن ّ‬ ‫الذيونييس‪ .‬يت ّم استكامل تفاصيل وصف التامرين بتسجيالت الفيديو عىل ‪Vimeo‬‬ ‫فيها املرسح‬ ‫ّ‬ ‫يل‪ ).‬يقوم أحد ممثّيل الفرقة‪ ،‬سابا سرتومبوس‪،‬‬ ‫(أنظر الرابط املوجود عىل غالف الكتاب الداخ ّ‬ ‫بعرض جميع هذه التامرين وتطبيقها‪ ،‬ويظهرها بطريقة ملموسة للغاية حتّى يتمكّن الق ّراء من‬ ‫الحصول عىل صورة دقيقة ومشهودة‪.‬‬ ‫هنا ميكن فهم املرسح الذي يحتوي عىل املبادئ واألسس واملتطلّبات األساسيّة التي يتب ّناها‬ ‫تريزوبولوس ليس عىل أنّه مرسح ال يتحقّق ّإل يف املستقبل‪ ،‬بل إ ّن تريزوبولوس قام بالفعل بتنفيذ‬ ‫مثل هذا املرسح بنفسه‪ .‬ميكن اعتبار إخراج مرسحيّة الباخوسيّات بالتأكيد أ ّول إنتاج يسرتشد‬ ‫باملبادئ الرئيسيّة التي يتناولها هذا الكتاب‪ .‬بينام كان تريزوبولوس يج ّرب بالفعل مبادئ منفردة‬ ‫يف مرسحيّة ‪ ،8)1981( Yerma‬فإ ّن التفاعل بني جميع املبادئ يبدو كامالً‪ .‬وقد أزعج هذا األمر‬ ‫العديد من ال ُنقّاد اليونانيّني‪ ،‬الذين كانوا يرغبون يف الثامنينيّات برؤية صورة محدّدة لليونان القدمية‬ ‫يف أداء مأساة يونانيّة‪ ،‬ويف الوقت نفسه‪ ،‬بهويّة ثقافيّة يونانيّة ظلّت دون تغيري منذ العصور القدمية‪.‬‬ ‫ ‪Helene Varopoulou in: Reise mit Dionysos, pp. 80 – 87. 8‬‬

‫‪13‬‬


‫يف رأيهم‪ ،‬فإنّه مل يكن للموا ّد اليونانيّة التي وضعها تريزوبولوس لهذا االستخدام املحدَّد عالقة‬ ‫بذلك‪ .‬إشتملت هذه املوا ّد عىل الركبة املنثنية ووضعيّة القرفصاء‪ ،‬حيث كان املمثلّون ميشون يف‬ ‫دوائر (أنظر أعاله)‪ ،‬أو رقصة منطقة البُنطُس‪» ،‬حيث ترفرف اليدان يف تحريك خفيف‪ ،‬بينام‬ ‫تسري القدمان بثبات عىل االرض»‪.9‬‬ ‫يجب أيضاً ذكر العودة إىل طقوس «أناستيناريا» هنا‪ .‬إنّها طقوس تكريم للقدّيس قسطنطني‬ ‫يف ‪ 21‬أيّار‪ /‬مايو يف شامل رشق ثراقي‪« .‬إ ّن أعضاء املجموعة املقدَّسة ميشون حفاة يف الجبال‬ ‫ويستعدّون للجري عرب النار‪ .‬بعد النزول‪ ،‬يرقص «املمثّلون» الذين تط ّهروا عىل الفحم املحرتق‬ ‫القدّيس بيدهم‪ ،‬دون أن يحرقوا أنفسهم»‪.10‬إ ّن أشكال الحركة التي يت ّم الحصول عليها‬ ‫من هذه املوا ّد متكّن املمثّلني من أن يدخلوا يف حالة النشوة‪.‬‬ ‫يف حني ت ّم رفض هذا من قبل العديد من النقّاد اليونانيّني باعتباره «غري يونا ّين» أو‬ ‫«آسيويّاً»‪ ،‬فإ ّن العديد من النقّاد يف دول أوروبيّة أخرى أدركوا يف الجولة الالحقة ملرسح «آتيس»‬ ‫والواقعي‬ ‫النفيس‬ ‫أنّهم أمام نشأة شكل جديد متاماً من املرسح‪ ،‬مرسح ال عالقة له مبرسح األوهام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السيايس التي نشأت يف أواخر الستينيّات‪ ،‬وال بأشكال‬ ‫واملد ّين‪ ،‬وال باألشكال الجديدة للمرسح‬ ‫ّ‬ ‫امي‪.‬‬ ‫املرسح‬ ‫التجريبي التي ت ّم تلخيصها يف ما بعد تحت مفهوم املرسح ما بعد الدر ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف هذه األثناء‪ ،‬ط ّور تريزوبولوس مرسحه بشكل أكرب‪ ،‬ويف العمل مع ممثّلني من ثقافات‬ ‫أخرى أظهر كيف ميكن أن يكون جسم اإلنسان يف الواقع نوعا من العنارص العامليّة‪ ،‬حتّى ولو‬ ‫كانت تقنيّات الجسم اليوميّة محدَّدة ثقافيّاً‪ .‬قد يكون ذيونيسوس إلهاً يونانيّاً‪ -‬لك ّنه أيضا إله تدّعيه‬ ‫لِنفسها ثقافاتٌ أخرى‪ -‬مبس ّميات مختلفة (أنظر أعاله)‪ .‬بل وأكرث من ذلك‪ ،‬إنّه إله ألهم الف ّنانني‬ ‫خاص‬ ‫والفالسفة لقرون‪ ،‬وليس آخرهم نيتشه‪ .‬بسبب خصائصه املحدّدة‪ ،‬يبدو هذا اإلله مناسباً بشكل ّ‬ ‫لدور «راعي» مرسح تريزوبولوس‪ .‬وكونه إلهاً يتنقّل باستمرار‪ ،‬فمن املؤكّد أن هناك احتامالً ما‪،‬‬ ‫كام يشري عنوان هذا الكتاب‪ ،‬بأنّه قد عاد فعليّا لتب ّني مرسح القرن الحادي والعرشين‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬يبدو أ ّن املؤلّف نفسه لديه بعض الشكوك حول هذا املوضوع‪ .‬يف نهاية فصله‬ ‫ ‪Georgios Sampatakakis in: Reise mit Dionysos, p. 96. 9‬‬ ‫‪  Sampatakakis: ibid., P. 102, note 14. 10‬‬

‫‪14‬‬


‫منفي [‪ ]...‬لن يقول املرسح كلمته األخرية أبدا ً‪ .‬هل‬ ‫عن املمثّل‪ ،‬كتب‪» :‬ذيونيسوس غائب‪ ،‬إنّه‬ ‫ّ‬ ‫سيعود ذيونيسوس؟»‪ 11‬أو سيبقى هارباً‪ ،‬إلهاً خفيّاً؟ من غري أن يظهر اإلله‪ -‬الذي‪ ،‬كام ميكننا أن‬ ‫ذيونييس‬ ‫نرى من مرسحيّة الباخوسيّات‪ ،‬قد يتّضح أيضاً أنّه مد ِّمر للغاية‪ -‬ال ميكن أبدا ً تحقيق مرسح‬ ‫ّ‬ ‫بالكامل‪ .‬يستطيع جسم اإلنسان أن يقرتب من أن يكون ذيونيسيّاً إال أنّه لن يبدو أبدا ً ذيونيسيّاً بالكامل‪-‬‬ ‫إال إذا كان اإلله بالفعل قد عاد ليهب املمثل قواه‪ .‬حتى يوم ظهوره‪ ،‬ميكن اعتبار مرسح‬ ‫تريزوبولوس بالتأكيد أقرب ما لدينا إىل مرسح ذيونيسوس‪.‬‬ ‫النظري لجامليّات األداء‪ .‬تعيش‬ ‫إريكا فيرش‪-‬ليخته‪ ،‬باحثة يف املرسح األملا ّين‪ ،‬تشتهر بتأسيسها‬ ‫ّ‬ ‫يف برلني‪.‬‬

‫‪ 11‬فصل املمثّل ص ‪62‬‬

‫‪15‬‬


16


‫عودة ذيونيسوس‬

‫ثيوذوروس تريزوبولوس‬

‫يعب دامئاً عن هاجسه‪ :‬أ ّن املرسح‬ ‫تغي العامل‪ ،‬وعىل املمثّل أن ين ّمي نقدا ً ب ّناء لألمور وأن ّ‬ ‫لقد ّ‬ ‫عم نعرفه حتّى اليوم وأنّه يجب أن ينمو يف وجهة أخرى‪ .‬يجب أن نرى املرسح بشكل‬ ‫يختلف ّ‬ ‫أشمل من خالل ف ّن املمثّل‪ .‬هذه درب املرسح يف القرن الحادي والعرشين‪ ،‬القرن الذي وسمته‬ ‫الصدامي ضاعت‪،‬‬ ‫منفي‪ ،‬فكرة اإلنسان‬ ‫عمليّات إعادة تحديد االت ّجاهات‪ .‬ذيونيسوس غائب‪ ،‬إنّه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واختفت الطريق إىل االعتدال‪ ،‬والتناغم‪ ،‬وإيثايك‪ .‬أتُرى سيُ َ‬ ‫عث عليها من جديد؟ لن يقول املرسح‬ ‫كلمته األخرية أبدا ً‪ .‬هل سيعود ذيونيسوس؟‬

‫‪17‬‬


‫الجسم‬ ‫‪ὡυτὸς δὲ Ἀίδης καὶ Διόνυσος121‬‬

‫هاذيس هو نفسه ذيونيسوس‬

‫‪Herakl., DK 22 [12] B 15 1‬‬

‫املقتطفات من هرياقليطس بناء عىل النسخة املذكورة يف الحاشية ‪ 3‬أعاله‪.‬‬ ‫‪18‬‬


‫املمثّل يف وسط املرسح‪ ،‬أمامه إله املرسح املنتيش‪ ،‬ذيونيسوس‪ ،‬املولود من والدتني‬ ‫املعب عن ال َهويّات املتناقضة والسلِسة‪ ،‬املرأة والرجل‪ ،‬الغاضب والوديع‪ ،‬اإلله‬ ‫لزفس وسيمييل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والحيوان‪ ،‬عىل الح ّد بني الجنون والعقل‪ ،‬بني النظام والفوىض‪ .‬جسمه‪ ،‬مفتوحاً عىل مح ّفزات‬ ‫داخليّة وخارجيّة‪ ،‬متح ّوالً باستمرار‪ ،‬يتأرجح بني الحياة واملوت‪ .‬جسد ذيونيسوس يتفكّك ليتحلّل‪،‬‬ ‫ليولَد من جديد‪ .‬يف رحلة األسطورة‪ ،‬يظهر ذيونيسوس كأدونيس يف سوريا وأوزيريس يف مرص‬ ‫وآتيس يف فريجية‪ .‬هرياقليطس‪ ،‬يف أحد مقتطفاته الغامضة مياهي هاذيس بذيونيسوس‪» :‬هو نفسه‬ ‫هاذيس وذيونيسوس»‪.‬‬ ‫ُخصب املمث َّل إىل البحث عن الجسم البَ ْد ّيئ الكامن يف قعر بنيته‪ ،‬الذي‬ ‫يدعو ذيونيسوس امل ِّ‬ ‫يكبته العقل ويُبْ ِعده‪ .‬هذا الجسد ذو منابع الطاقة الجسديّة ‪ -‬النفسيّة الفريدة‪ ،‬هو مادّة املمثّل‪ ،‬وحدوده‬ ‫الطبيعي‪ .‬يتشكّل باستمرار بتأثري الذكريات املحفورة يف بنيته‪.‬‬ ‫تتجاوز حدود الجسد‬ ‫ّ‬ ‫املمثّل مدع ّو أن يح ّرر أبعا َد ما ّدتِ ِه الداخليّ ِة املتعدّد َة وأن ين ّمي بشكل مثمر اإلحساس‬ ‫والغرائز والخيال و «فكرة النواة»‪ .‬يقاو ُم الرنجسيّة‪ ،‬التي تعطي صورة مش ّوهة لجسمه‪ .‬يتجاو ُز‬ ‫ُ‬ ‫يوسع حدو َد قدرة تح ّمله النفسيّ َة والجسديّة‪ .‬ين ّمي قدرة التجاوب مع‬ ‫حاجز التعب‬ ‫ويحاول أن ّ‬ ‫كل خوف ومن آالف الضوابط التي تفرضها‬ ‫مح ّفزات خارجيّة وداخليّة‪ ،‬ويحاول أن يتخلّص من ّ‬ ‫الحياة‪.‬‬ ‫إ ّن التمرين صوتاً وجسدا ً يُبْ ِع ُد املمثّل عن حدود الوعي الخط ّ​ّي للمكان والزمان‪ .‬الزمان‬ ‫االجتامعي‪ ،‬يتمدّد وينكمش‪ ،‬يَبطؤ أو يتط ّور متوث ّباً‪ ،‬يصمت‪ ،‬يلقي بنفسه‬ ‫يفقد خطّيّة االصطالح‬ ‫ّ‬ ‫عىل املكان ويُن ِتج صدوعا يف صورة اإلنسان املتامسكة عن العامل‪.‬‬ ‫املمثّل يبحث يف موا ّد ال ت ُعنى فقط بف ّن املرسح‪ ،‬بل بالطبيعة اإلنسانيّة والعامل عموماً‪.‬‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬من لحظة البحث وإىل‬ ‫كل املدى‬ ‫املطلوب باستمرار هو تحرير الطاقة السجينة يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫املرسحيّة‪.‬‬ ‫اليومي إىل اإلتيان بنتائج أدائيّة‪ ،‬تجرب الخيال عىل نظام‬ ‫ال يجب أن يهدف مترين املمثّل‬ ‫ّ‬ ‫مغلق من قوانني تقنيّة ال ت ُ ْنتَ َهك‪ .‬إنّه يحفّز وظائف اليقظة وتك ّون جسد «الطاقة»‪.‬‬ ‫خاصيّات الجسد الداخليّة املنشأ وهي‬ ‫يف الفيزياء املعارصة تشكّل الطاقة معيارا ً إلحدى‬ ‫ّ‬ ‫الحركة‪ .‬الطاقة إذا ً هي الحركة‪ ،‬تبدّل الجسد باستمرار يف املكان والزمان‪ ،‬وهي أيضاً الحركة‬ ‫‪19‬‬


‫الداخليّة‪ ،‬التوازي يف الحركة‪ -‬التفاعل‪ .‬الطاقة ليست فكرة مج ّردة‪ ،‬ال ت ُفرض عىل املمثّل من‬ ‫الخارج كأمر‪ ،‬بل يت ّم استيعابها كعيش وذاكرة جسديّة‪ .‬يُط َرح السؤال‪ :‬كيف يصبح جسد املمثّل‬ ‫وعاء للامدّة التي يعمل بها؟ كيف ين ّمى الصوت والجسد؟‬

‫‪20‬‬


‫التنفُّس‬ ψυχῆς ἐστι λόγος ἑωυτὸν αὔξων132

‫يف النفْس عقل ينمو وحده‬

DK 22 [12] B 115. 2

21


‫املثلثات‬

‫الرأس‬

‫رسة‬ ‫ال ّ‬

‫العجز‬ ‫األعضاء التناسلية‬ ‫الرشج‬ ‫الشبكة الحوضية‬

‫‪22‬‬


‫ُركبَتا املمثّل مرتخيتان ومنثنيتان قليالً‪ ،‬وقدماه راسختان يف األرض‪ .‬عرب ثني الركبتني‬ ‫الخفيف تت ّم تنمية االت ّحاد الف ّعال بني مركز الحوض ومركز القدم‪ ،‬ويُخلَق ج ّو من الصحوة األُهْبة‪.‬‬ ‫وضعيّة الجسم بالركبتني املنثنيتني واإلحساس الشديد مبركز الحوض يشري إىل وضعيّة جسديّة‬ ‫وتختص مبحاربني ورياضيّني وراقصني وتشمل‬ ‫بدئيّة يصادفها املرء عند حضارات قدمية كثرية‬ ‫ّ‬ ‫البرشي إىل حدود قصوى‪ .‬عرب الرتكيز وضبط التنفّس‪،‬‬ ‫كل حاالت األهبة وتفعيل الجسم‬ ‫عموماً ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفقري‪ -‬فقرة فقرة‪ ،‬والحجاب الحاجز ومحاور الجسم‪.‬‬ ‫ين ّمي املمثّل اإلحساس باملثلَّث‪ ،‬والعمود‬ ‫ّ‬ ‫املمثّل‪ ،‬يف حالة جمود مف َّعل‪ ،‬ميدّد نظره إىل األمام ويركّز عىل نقطة معيّنة‪ .‬بحسب حركة‬ ‫الجسم أو أحد أعضائه‪ ،‬ميكن أن تتنقّل نقطة الرتكيز يسارا ً‪ -‬مييناً‪ ،‬فوق ‪-‬تحت‪ ،‬ميكن أن تكون َجمعاً‬ ‫لنقطتني أو أكرث‪ .‬عرب ضبط التنفّس والرتكيز يف نقطة معيّنة يتوقّف العقل عن التشتّت إىل أفكار‬ ‫ويوسع الهدوء الروحي الرؤية املحيطيّة ويفتح‬ ‫كثرية‪ .‬تهدأ موجات أفكار الحياة اليوميّة تدريجيّاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إمكانيّات الرؤية الباطنيّة للمكان والزمان‪.‬‬ ‫التنفّس وظيفة حيويّة للجسم‪ .‬عندما يبدأ املمثّل بالتحكّم بها‪ ،‬يتعلّم أن يستنشق بإيقاعات‬ ‫كل استنشاق يُف ّعل ع موم منطقة الحجاب الحاجز من املستقيمة البطنيّة‬ ‫مختلفة يف أعامق رئتيه‪ .‬عند ّ‬ ‫حتّى األعضاء التناسليّة واملنطقة ال َقطَنيّة‪ .‬يف املنطقة ال َقطَنيّة يُ َخ ّز ُن دامئاً ك ٌّم من الهواء‪ .‬عندما‬ ‫ينتهي الهواء ينهله املمثل من املنطقة ال َقطَنيّة‪.‬‬ ‫يف النشاطات والوضعيّات الجسديّة الصعبة يكون هناك حاجة إىل إيقاع تنفّس مختلف‬ ‫واستخدام مختلف أيضاً للحاجِب الحاجِز‪ .‬عرب هذه العمليّة يكتسب املمثّل تدريجيّاً إحساساً باملركز‬ ‫كل األعضاء‬ ‫تصب يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجسدي‪ .‬نتكلّم هنا عىل الشبكة الحوضيّة التي تتك ّون من مجموعة أعصاب ّ‬ ‫الحيويّة يف املنطقة‪ .‬الشبكة الحوضيّة تقع يف أسفل البطن‪ ،‬تقريباً يف وسط الحوض‪.‬‬ ‫مترين التنفّس من منطقة الحجاب الحاجز يح ّرر ثالثة مثلّثات طاقة‪ ،‬تتقاطع وتلتقي‬ ‫يف الشبكة الحوضيّة‪:‬‬ ‫الشج‪ /‬األعضاء التناسليّة‪ /‬ال َع ُجز‪.‬‬ ‫• ال َع ُجز‪َ /‬‬ ‫السة‪.‬‬ ‫السة ‪ /‬األعضاء التناسليّة ‪َ /‬‬ ‫الشج ‪ّ ُ /‬‬ ‫• ُّ‬ ‫الشج ‪ /‬األعضاء التناسليّة ‪ /‬الرأس‪.‬‬ ‫• الرأس ‪َ /‬‬ ‫‪23‬‬


‫بالتمرين تقوى منطقة الحوض ومتنح املمثل نقطة ارتكاز قوية تعطيه إمكانية أخذ‬ ‫إنتاج الصوت وعمليّ َة التنفّس‪ .‬عرب اسرتخاء الحوض يجري الهواء‬ ‫وضعيات جسديّة صعبة وتدعم َ‬ ‫بال أي عائق يف كل الجسم إذ أن الحجاب الحاجز ينفتح ويعمل باتجاه كل أبعاده‪.‬‬ ‫اليومي يوسع قدرة التنفّس‪ .‬إ ّن متدّد الرئتني يكشف يف الجسم مصادر إنتاج‬ ‫إ ّن التمرين‬ ‫ّ‬ ‫ويوسع مجال اإلمكانيّات الصوتيّة‪ .‬يبدأ املمثّل بوعي مناطق ترديد الصوت يف الجسم‪ .‬لهذه‬ ‫هواء‬ ‫ّ‬ ‫دورها يف تعزيز الصوت طبيعياً أثناء إنتاج الصوت‪ .‬توجد يف الجسم مناطق كثرية لرتديد الصوت‬ ‫يتوقّف تفعيلها عىل درجة السيطرة التي ميارسها املمثل عىل جسده وتنفسه‪ .‬مناطق ترديد الصوت‬ ‫الرئيسة هي منطقة الرأس والصدر واألنف والحنجرة والقَذال‪ .‬كذلك فإ ّن وسط العمود الفقري‬ ‫وأسفله هام نقطتان لرتديد الصوت‪ .‬إ ّن التمرين سيجعل املمثّل يدرك مع مرور الوقت أ ّن جسمه‬ ‫كلّه مردّد صوت ويتفاعل بشكل طبيعي بحسب املح ّفزات والدوافع‪.‬‬ ‫بأي نشاط بال‬ ‫حني يتحكّم املمثّل بوظيفة التنفّس‪ ،‬عندئذ يرصف الجسم الطاقة الكافية للقيام ّ‬ ‫يل ال طائل فيه‪ .‬باالنتظام يف التمرين يت ّم اكتساب اإلحساس باالرتخاء أثناء الجهد‬ ‫قلق أو تش ّنج عض ّ‬ ‫تتوسع يف نفس الوقت حدود تحمله الجسدي والنفيس يك يستمر البحث بال عوائق‪.‬‬ ‫وبالعكس‪ ،‬بينام ّ‬ ‫ينكرس حاجز التعب‪ ،‬يسكن دفاع العقل ومخاوفه‪ ،‬وتتح ّرر باطّراد أبعاد خيال الجسد الكثرية وغري‬ ‫املعتادة‪.‬‬ ‫كل التامرين إىل تعزيز القدرات الجسديّة والروحيّة‪ ،‬من غري أن تخضع عمليّة‬ ‫تهدف ّ‬ ‫التنفّس يف نفس الوقت لضبط تا ّم بحيث تتح ّول إىل عمليّة ذهنيّة تأرس إبداع املمثّل بدل أن تح ّرره‪.‬‬ ‫االنفصام الديكاريتّ بني العقل والجسد والذي مييّز العامل الغر ّيب ينكفئ تدريجيّاً‪ ،‬فيصبح الجسد كلّه‬ ‫عيون‪ ،‬يفكّر ويشعر ويستشعر‪ ،‬مستوعباً وظائف كثرية من وظائف العقل‪.‬‬ ‫كلمة إلهام يف اللغة اليونانية ترتبط بح ّريّة حركة الهواء يف الجسم‪ ،‬وهو ما يحيلنا إىل‬ ‫أه ّميّة التحكّم بالتنفّس‪ .‬وكذلك كلمة نَفْس(‪ )ψυχή‬التي ت ُشتَ ّق باليونانيّة من التنفّس (=‪ψυχείν‬‬ ‫‪.)αναπνέω‬‬

‫‪24‬‬


‫الطاقة‬ ἀλλ’ ἦν ἀεὶ καὶ ἔστιν καὶ ἔσται πῦρ ἀείζων143

‫كان وهو كائن وسيكون أبداً ناراً ح ّية‬

DK 22 [12] B 30. 3

25


‫أنطلق يف عميل من أ ّن الجسم يتألّف من سبع مناطق طاقة ومن أنّه يجب توحيدها يك‬ ‫يعمل الجسم ككيان واحد (الجسم‪ ،‬الغريزة‪ ،‬الخيال‪ ،‬العقل)‪ .‬فكرة مناطق الطاقة يف الجسم تذكّر‬ ‫مبامرسات اليوغا والفنون القتاليّة‪ .‬لكن يف عميل تنبع من دراسة سلوك الجسم عرب املادّة‬ ‫الذيونيسيّة‪.‬‬ ‫الشج ‪ -‬قاعدة العمود الفقري (ال َع ُجز)‪ .‬مترين منطقة املثلّث عموماً له دور حاسم‬ ‫املنطقة األوىل َ‬ ‫يف وضعيّة الجسم الصحيحة‪ .‬التوازن يف جسم اإلنسان مرتبط دامئاً بالجاذبيّة‪ ،‬أ ّما موقع الجسم يف‬ ‫كل املواقع املحتملة‪ .‬إذا كانت وضعيّة الجسم‬ ‫كل القوى الرضوريّة للتوازن يف ّ‬ ‫مركز الثقل فيحدّد ّ‬ ‫خطأ‪ ،‬فالنتيجة ستكون املبالغة يف استعامل العضالت وتالياً هدر الطاقة‪ .‬من الواضح أنه عندما‬ ‫وطبيعي‪ .‬الهيكل العظمي‬ ‫العظمي يف وضعيّة صحيحة يعمل كل الجسم بشكل منتظم‬ ‫يكون الهيكل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتغي‬ ‫يل ويوفّر الطاقة‪ .‬والحوض بدوره يدعم ويق ّوم البدن‪ .‬عندما ّ‬ ‫املستقيم جيّدا ً يخفّف النشاط العض ّ‬ ‫كل الجسم حتّى الرأس‪.‬‬ ‫الفقري األمر الذي يؤثر يف توازن ّ‬ ‫تتغي استقامة العمود‬ ‫ّ‬ ‫موقع الحوض ّ‬ ‫وبالتايل‪ ،‬فإ ّن توازن القسم األعىل من الجسم يتطلّب إحساساً صحيحاً مبوقع الحوض‪ .‬تحرير منطقة‬ ‫املثلث الذي يحتوي مناطق الطاقة األساسية الثالث (العجز مع الرشج‪ ،‬األعضاء التناسلية‪ ،‬أسفل‬ ‫رسة) مه ّم ج ّدا ً ألنه يرتبط بإعتاق الطاقة الحيوانيّة‪.‬‬ ‫املستقيمة البطنية أو أسفل الحجاب الحاجز مع ال ّ‬ ‫وخاصة يف التقاليد األفريقيّة‪-‬الكارايبيّة والهنديّة يعتقدون بوجود أحد‬ ‫يف تقاليد قدمية كثرية‬ ‫ّ‬ ‫الفقري يرمز إىل جسم الذاكرة القديم الذي يختبئ داخل جسم‬ ‫الزواحف نامئاً يف أسفل العمود‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان ويجب إيقاظه‪.‬‬ ‫املنطقة الثانية األعضاء التناسلية‪ .‬وعي منطقة األعضاء التناسليّة يساعد املمثّل عىل أن يستوعب‬ ‫أ ّن جسمه مجرى طاقة مفتوح‪ .‬تدريجيّاً‪ ،‬تزول املوانع املتعلقة بالذكورة واألنوثة‪ ،‬ك ُعق َِد الذنب‬ ‫والخوف الذي ينجم عنها‪ .‬الجسم املتح ّرر من الخوف يصبح أنبوباً مفتوحاً للطاقة‪ ،‬ينتج ذبذبات‬ ‫ويك ّون رموزا ً ويضطرب ويرقص رقصة األضداد‪.‬‬ ‫رسة)‪ .‬املنطقة الثالثة تلعب دورا ً‬ ‫املنطقة الثالثة أسفل املستقيمة البطنية (أسفل الحجاب الحاجز‪ -‬ال ّ‬ ‫مهمً يف دعم مركز الثقل‪ .‬تقوية املنطقة متنح املمثّل القدرة عىل أن يط ّور وضعيّات جسديّة صعبة‬ ‫ّ‬ ‫يل يف الوضعيّات الصعبة يسمح لهواء‬ ‫وغري معتادة بثقة وثبات بال قلق أو تخ ّوف‪ .‬االسرتخاء الداخ ّ‬ ‫كل الجسم‪ .‬وهذا بدوره مينح الطاقة الرضوريّة إلخراج الصوت‬ ‫التنفّس أن يجري بسالسة يف ّ‬ ‫‪26‬‬


‫وتطوير وضعيّة جسديّة تالية‪ .‬تس ّمى املنطقة رمزيّاً بأسفل «الحجاب الحاجز»‪ .‬عندما يتنفّس املمثّل‬ ‫عميقا يف منطقة الحجاب الحاجز يكتسب اإلحساس بتح ّرك املستقيمة البطنيّة حتّى األعضاء‬ ‫التناسليّة‪ ،‬وهي حركة تحصل تلقائيّاً مع نزول الهواء إىل أسفل الرئتني‪.‬‬ ‫رسة ‪ -‬أعىل املستقيمة البطنيّة (الشبكة الشمسيّة ‪ -‬أعىل الحجاب الحاجز)‪ .‬املنطقة‬ ‫املنطقة الرابعة ال ّ‬ ‫كل طبقات الجسم‪،‬‬ ‫الرابعة هي معرب الهواء املتنشَّ ق الذي يتح ّرك نحو األعضاء التناسليّة‪ ،‬قاطعا ّ‬ ‫مسبّبا ذبذبات غري معتادة‪ .‬خالل االستعداد يحتاج املمثّل أن يكتسب اإلحساس باملنطقة وأن يعمل‬ ‫يف الوقت نفسه عىل اسرتخائها وتقويتها‪ .‬الهدف هو أن ينفتح هذا املعرب وأن تتف ّعل عضالت هذه‬ ‫الخاصة عىل مستوى التنفّس والصوت‪.‬‬ ‫املنطقة‪ ،‬بحيث تؤازر الوضعيّات الجسديّة ذات املتطلّبات‬ ‫ّ‬ ‫املنطقة الخامسة الصدر‪ .‬ظلّت منطقة الصدر لعقود أحد أبرز وسائل التعبري يف املرسح امل َ َد ّين‪.‬‬ ‫كان املمثلّون يف عصور سابقة يربزون صدورهم تعبريا ً عن «شغف» الشخصيّات التي يتقمصونها‬ ‫وعن «البطولة»‪ .‬ويف املرسح املعارص‪ ،‬حيث أ ّن الكثري من املمثّلني مل ين ّموا التنفّس من الحجاب‬ ‫الحاجز‪ ،‬فإنّهم يتنفّسون من الصدر‪ ،‬عالياً‪ .‬هذه العملية تح ّد من حركيّة استعامل الهواء املتنشَّ ق‪.‬‬ ‫توس َع الرئتني واألوتار الصوتيّة وتقلّصها أثناء‬ ‫هذه املنطقة ليست قويّة عضليّاً حتّى تؤازِر ُّ‬ ‫مم يؤدّي إىل التسبّب بضغط عىل األوتار الصوتيّة‪ ،‬وهدر طاقة بال جدوى‪ ،‬وإرهاق‬ ‫املرسحيّة‪ّ ،‬‬ ‫عاطفي‬ ‫كل الجسم‪ .‬يف الوقت نفسه‪ ،‬فإ ّن الضغط الذي ُيا َرس عىل الصدر إلنتاج شَ حن‬ ‫يل يف ّ‬ ‫عض ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطبيعي للتأث ّر‪ ،‬كيفام وحينام يكون هذا‬ ‫ال يؤدّي سوى إىل خنق عامل املمثّل النفيس وإعاقة التط ّور‬ ‫ّ‬ ‫رضوريّاً يف العمليّة اإلبداعيّة‪ .‬عالوة عىل ذلك‪ ،‬يف الصدر يتكدّس قلق وطاقة عصبيّة تسبّب‬ ‫مشاكل يف الحياة اليوميّة‪ .‬عىل املمثّل أن يعمل بانتظام لرتخية املنطقة‪ ،‬يك تكتسب الرئتان‬ ‫مرونتهام وحركيّتهام الطبيعيّتني‪ .‬التنفّس العميق من الحجاب الحاجز يصبح ممكناً تدريجيّاً‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يح ّرر مصادر الصوت يف الصدر‪ ،‬والبطن والجانبني‪ .‬ستزداد إمكانيّة الرتكيز حدّة‪ ،‬بينام‬ ‫يخفّف االسرتخاء‪ ،‬مبوازاة عمليّة التنفّس الصحيح‪ ،‬تدريجيّاً من تكدّس القلق والطاقة العصبيّة‪.‬‬ ‫وفيام يدرك املمثّل املنطقة الرابعة والخامسة يبدأ بوعي جسده كأنبوب للطاقة فين ّمي اإلحساس‬ ‫املزدوج بالتفعيل واالسرتخاء‪.‬‬ ‫املنطقة السادسة الوجه‪ .‬التمرين الذي يت ّم للوجه‪ ،‬أيضاً مزدوج‪ :‬املمثّل يرخي عضالت وجهه‪،‬‬ ‫‪27‬‬


‫بهدف إفراغها من توتّرات الحياة اليوميّة‪ ،‬ويف ّعلها يك تنفرج وتنقبض مع ما يتطلّبه الدور‪ .‬عضالت‬ ‫الوجه تنفرج بسبب هواء الشهيق والطاقة التي تنبعث من الحجاب الحاجز واملثلّث‪ .‬تفعيل الوجه‬ ‫إبداعي ملادّته‪.‬‬ ‫الكل بجسمه كمطرح تعبري وعرض‬ ‫خطوة مه ّمة للممثّل يف سبيل اإلحساس ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫املنطقة السابعة القرشة امل ّخيّة‪ .‬قرشة امل ّخ هي املكان الذي تقطن فيه معلومات مفيدة وأخرى عدمية‬ ‫الفائدة‪ ،‬والخوف‪ ،‬و ُعقَد الذنب التي تزرع اله ّوة بني الجسم والروح‪ .‬تضع عوائق دامئاً أمام والدة‬ ‫االندفاعات الجسديّة‪ ،‬وانعتاق املشاعر والغرائز والخيال‪ .‬عرب تقنيّة الرتكيز والتحكُّم بالتنفّس‪،‬‬ ‫كل حني‪ .‬ال يعود العقل‬ ‫حيث يتّحد العقل والجسم بفعاليّة‪ ،‬يتم ّرن املمثّل عىل أن يكون حارضا ً يف ّ‬ ‫الطبيعي للممثّل‪.‬‬ ‫ذلك املفتّش الذي يقمع االندفاعات بل يصبح رشيكاً وصديقاً‪ ،‬مع ّززا ً التحكّم‬ ‫ّ‬

‫‪28‬‬


‫التفكيك‬ το μεταβάλλον αναπαύεται154

‫بعد أن يتبدّ ل يستكني‬

DK 22 [12] B 84. 4

29


‫ُولِدَت فكرة التفكيك‪ ،‬وكذلك مراحل تط ّورها‪ ،‬أثناء التحضريات ملرسحيّة الباخوسيّات‬ ‫إلفريبيذيس‪ ،‬املرسحيّة األوىل ملرسح آتيس‪ .‬هذه املرسحيّة شكّلت األرض الخصبة إلنشاء نظام‬ ‫طُبِّق بشكل عابر للثقافات يف أماكن عدّة ومبشاركة ممثلّني من تقاليد ثقافيّة مختلفة‪.‬‬ ‫بداعي مرسحيّة الباخوسيّات‪ ،‬بدأت مع مجموع ِتي من املمثلّني من شامل اليونان بالبحث‬ ‫عن مخلَّفات الوقائع الذيونيسيّة‪ ،‬ساعياً بإرصار إىل مصادر الطاقة الجسديّة الخفيّة‪ .‬كان بحثاً شاقّاً‬ ‫ومثريا ً‪ .‬إكتشفنا يف جسمنا مصادر إنتاج صوت منسيّة وحاولنا أن نقع عرب البحث عىل آثار ذاكرتنا‬ ‫العميقة أيضاً‪.‬‬ ‫ك ّنا نرتجل ساعات ال تنتهي‪ ،‬محاولني أن نف ّعل جسمنا بكلّيّته‪ ،‬راغبني يف أن نتع ّرف تقليده‬ ‫ولولبي‪ ،‬محاولني أن نعيد‬ ‫رس ّي‪ ،‬راقصني م ّرات كثرية بشكل غري منتظم‪ ،‬ومضطرب‬ ‫املظلم وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫موسعني حدود جسمنا‪ ،‬الذي ال يعرف أن ينضج‪ .‬ك ّنا‬ ‫رؤية العامل‪ ،‬تاركني عيون جسمنا مفتوحة‪ّ ،‬‬ ‫لكل املح ّفزات‪ ،‬لالرتجال بال توقّف واملحافظة‬ ‫نفهم أ ّن الجسم يجب أن يكون جاهزا ً للتبدّل‪ ،‬مع َّرضا ّ‬ ‫عىل عالقة عشق مع التقليد‪ .‬أن يحاول أن يجمع األضداد وأن يرقص رقصة صدام األضداد‬ ‫ِ‬ ‫مطرح تبدّل موا ّد خام‪ .‬ك ّنا‬ ‫قنوات طاق ٍة مفتوحة‪،‬‬ ‫املجنونة‪ .‬إنّه مذهل أن ترى حدو َد جسمك نفّاذة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫كل م ّرة أن يولَد‪ .‬ك ّنا‬ ‫نتقدّم مؤمنني بأ ّن جسمنا ال يجب أن ينضج‪ ،‬وكأنّه مل يولد ق ّط وكأنّه يحاول ّ‬ ‫ُخرج إىل‬ ‫نحاول أن نح ّرض عىل ثورة قوى باطنيّة‪ ،‬لِنهدم الجدران التي ت ُبقينا غرقى ذواتنا؛ أن ن َ‬ ‫السطح صورا ً من مجال الالوعي‪ ،‬ونحلّق خارج حدودنا املعروفة‪ .‬أدركنا أ ّن من واجبنا أن نو ّرط‬ ‫الناس ونجعلهم رشكاءنا يف السفر الكبري إىل بلد الذاكرة‪ ،‬تلك التي ت ُخفي الجسم األ ّو ّيل واللغة‬ ‫األوىل‪ .‬وسيلة هذا السفر هي «مترين التفكيك» الذي ُولِد ونشأ يف االستعدادات ملرسحيّة‬ ‫الباخوسيّات‪.‬‬ ‫مترين تفكيك املثلّث يشكّل الحجر األساس يف طريقة عميل‪ ،‬ألنّه يخلق فكرة املجموعة‪.‬‬ ‫حيادي‪ .‬يحافظون عىل‬ ‫طبيعي‪،‬‬ ‫جامعي‪ ،‬يف حلقة‪ .‬مسريهم‬ ‫يسري املمثلّون ملدّة ساعة‪ ،‬يف إيقاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلحساس باملثلّث مف ّعلني التنفّس عرب الحجاب الحاجز‪ ،‬ساندين العمود الفقري‪ ،‬بدون توتّرات‬ ‫عقيمة‪ .‬الجسم مرت ٍخ قدر اإلمكان‪ .‬املِرفقان منثنيان والركبتان كذلك‪ ،‬حتّى يكون هناك إحساس كامل‬ ‫تتغي وضعيّة اليدين‪ .‬ترتفعان إىل مستوى الكتفني وهام منثنيتان‪ ،‬بحيث تبدو‬ ‫بالجسم‪ .‬تدريجيّاً ّ‬ ‫زواياهام‪ ،‬وث ّم أعىل من الرأس‪ .‬املعصامن والكفّان مرتخيان‪ .‬الخطو يف البداية بطيء ث ّم يرسع‬ ‫‪30‬‬


‫كل خطوة يرتكّز أخمص القدم يف األرض‪.‬‬ ‫تدريجيّا بال عجلة‪ .‬عند ّ‬ ‫البرشي‪.‬‬ ‫كل الجسم‬ ‫أهميّة احتكاك القدم باألرض كبرية‪ ،‬أل ّن القدم صورة مصغرة عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل خطوة‬ ‫الخاص اللذَين ينجامن عن ّ‬ ‫يف القدم ‪ ٧٢٠٠‬نهاية عصبيّة‪ ،‬وبالتايل فإ ّن الضغط والتمسيد‬ ‫ّ‬ ‫العصبي‪ ،‬إضافة إىل سيالن الدم‪.‬‬ ‫مم يحفّز الجهاز‬ ‫يُن ِتجان مح ّفزا ً استجابيّاً ّ‬ ‫لكل من أعضاء الجسم‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫أثناء الدورة القلبيّة‪ ،‬يحتاج الدم إىل دفع عندما يصعد مجدّدا ً من الرجلني إىل القلب‪ .‬لهذه الغاية‪،‬‬ ‫ميلك الجسم آليّتني مناسبتني‪ .‬اآلليّة األوىل هي الشبكة الوريديّة يف القدم‪ :‬بسبب الضغط الذي تتلقّاه‬ ‫كل خطوة من وزن الجسم‪ ،‬فإنّها تعمل «كاإلسفنجة» التي يُضغَط عليها وتدفع الدم إىل‬ ‫القدم عند ّ‬ ‫رسع هذه سيال َن الدم وترفع الحرارة‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تستلم‬ ‫فوق‪ .‬يبلغ الدم إىل أطراف األعصاب‪ ،‬فت ّ‬ ‫الدفّة اآلليّة الثانية‪ ،‬وهي مضخّة الظُنبوب العضليّة التي تعمل بنفس الطريقة عندما تتقلّص‪ .‬هذه‬ ‫اآلليّة تتف ّعل عرب امليش واألوعية الدمويّة يف األطراف السفىل كأنابيب تنقل الدم من الرجلني إىل‬ ‫القلب‪.‬‬ ‫خالل التمرين‪ ،‬يتسارع إيقاع املجموعة‪ .‬مييش املمثّلون برسعة متد ّرجة‪ .‬أشارك أحياناً كثرية‬ ‫يف هذه العمليّة يك أساعد عىل حفظ اإليقاع‪ .‬ترسيخ القدم يف األرض يستم ّر طوال امليش‪.‬‬ ‫الفقري والرأس يبقيان مسرتخيني‪ .‬تدريجيّاً مييل الجسم إىل االنحناء‪ .‬تحفيز سيالن الدم يرفع‬ ‫العمود‬ ‫ّ‬ ‫حرارة الجسم ويسبّب التع ّرق‪.‬‬ ‫مترين القدم‪ ،‬والذبذبات التي يسبّبها‪ ،‬وارتفاع الحرارة جميعها معاً تنشّ ط الجسم وتهدّئ‬ ‫يوسع حدود‬ ‫دفق األفكار‪ .‬التوت ّر املتزايد الناتج عن تسارع اإليقاع‬ ‫الجامعي واإلحساس بالتعب ّ‬ ‫ّ‬ ‫يل الذي يسمح للجسم رغم ازدياد‬ ‫التح ّمل النفسيّة والجسديّة‪ .‬مه ّم ج ّدا ً املحافظة عىل االسرتخاء الداخ ّ‬ ‫التوت ّر بأن يرصف الطاقة العضليّة املطلوبة ويبقى منفتحا لتقبّل املح ّفزات الداخليّة والخارجيّة‪.‬‬ ‫الطبيعي مف َّعل‪.‬‬ ‫الجامعي يفقد املمثّلون ا إلحساس باملكان قليالً‪ ،‬إنّ ا التحكّم‬ ‫يف أوج ازدياد اإليقاع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يف ما بعد‪ ،‬وبانتباه شديد‪ ،‬يستلقون عىل األرض‪ ،‬عىل ظهورهم‪ .‬يحافظون لوقت قليل عىل‬ ‫الطبيعي ويدفعون الهواء إىل عمق الرئتني يك يتف ّعل الحجاب الحاجز والكليتان واملستقيمة‬ ‫لُهاثهم‬ ‫ّ‬ ‫البطنيّة‪ .‬عندما يسود االسرتخاء‪ ،‬يتحكّم املمثّلون من جديد بالدورة التنفّسيّة‪ .‬يثنون الركبتني‬ ‫الفقري والظهر بشكل مالصق لألرض‪ ،‬لكن هذه امل ّرة يزفرون بشكل متقطّع‬ ‫ويضعون العمود‬ ‫ّ‬ ‫الفظني املقطع الصويتّ «ها» عرب عدد من النبضات التي يسبّبونها يف الحجاب الحاجز‪ .‬من امله ّم‬ ‫‪31‬‬


‫اإلحساس بعدم العجلة يف إخراج هذا املقطع الصويتّ من الحجاب الحاجز‪ ،‬بحيث ال يت ّم الضغط‬ ‫مطلقاً عىل الحنجرة ومنطقة الصدر‪ .‬عندما يعي املمثّلون شكل الزفري الجديد يتنفّسون بنفس‬ ‫الطريقة‪ .‬التنفّس املتقطّع من الحجاب الحاجز يتواصل بوترية متسارعة بحيث «يتداخل» الشهيق‬ ‫بالزفري وتت ّم عمليّة التنفّس برسعة وبال ضغط عرب األنف والفم مبسافات وإيقاعات غري منتظمة‪،‬‬ ‫وتلي الحجاب الحاجز‪.‬‬ ‫بشكل يذكّر بتنفّس الكلب عندما يلهث‪ .‬طريقة التنفّس هذه تق ّوي ِّ‬ ‫الفقري واملثلّث‪ ،‬وهيمناطق يسبّب لها‬ ‫بعد ذلك يركّز املمثّلون إحساسهم عىل العمود‬ ‫ّ‬ ‫هواء التنفّس املتقطّع الناجم من نبضات الحجاب الحاجز ذبذبات كثرية صغرية‪ .‬يتقبّل املثلّث هذه‬ ‫الذبذبات‪ ،‬يراكم الطاقة التي تبثّها بحيث يتح ّول من ُمقتَبِل لها إىل ِ‬ ‫مرسل لها‪ .‬من اآلن وصاعدا ً‬ ‫يرتبط إيقاع الشهيق والزفري املتقطّ َعني بحركات نبض املثلّث املتك ّررة من األمام إىل الخلف‪،‬‬ ‫والذي يبدأ بالتح ّرك باستقالل‪ ،‬إىل حني اسرتخاء الخرزات السفىل بالكلّيّة‪ .‬يعيش املمثّلون منطقة‬ ‫أسايس لطاقة الجسم‪.‬‬ ‫الحوض هذه عىل أنّها مرشد ومصدر‬ ‫ّ‬ ‫يل‪ .‬وأثناء‬ ‫عرب تفعيل املثلّث‪ ،‬الذي متت ّد ذبذباته إىل ّ‬ ‫كل الجسم ينمو اإلحساس بالهدوء الداخ ّ‬ ‫يغيون مع الوقت وضعيّة الجسم‪ ،‬ويكتشفون ويعون‬ ‫اعتياد املمثّلني هذه العمليّة املذكورة أعاله‪ّ ،‬‬ ‫عمل نقاط مختلفة أثناء االنتقال من وضعيّة إىل أخرى‪.‬‬ ‫تط ّور الحركة من النقطة أ إىل النقطة ب ينقسم باستمرار إىل أبعاد كثرية صغرية تولّد‬ ‫ليوسعوا سلوك جسمهم فيها‪ .‬ببطء شديد‪ ،‬ومن‬ ‫نقاطها‬ ‫ّ‬ ‫الخاصة‪ .‬يختار املمثّلون وضعيّات صعبة ّ‬ ‫دون أن يتوقّف عمل املثلّث عىل اإلطالق يعودون إىل االنتصاب‪ .‬التنفُّس ح ّر‪ .‬الهواء يدخل ويخرج‬ ‫بال تكلُّف‪ .‬الركبتان منثنيتان قليالً‪ ،‬بحيث ت َُس َّهل حركة الحوض‪ .‬عضالت الوجه والكتفني والصدر‬ ‫والظهر مسرتخية متاماً‪ .‬يعرث املمثّلون عىل نقاط مسدودة يف الجسم يفتحونها تدريجيّاً‪ .‬يتح ّركون‬ ‫كل الجسم فيح ّرر خرزات الرقبة ويبلغ الرأس الذي‬ ‫رويدا ً رويدا ً يف املكان‪ .‬يتمدّد عمل املثلّث يف ّ‬ ‫متقصياً‪ ،‬من غري حركات عشوائيّة وفُجائيّة‪ .‬مي ّد املثلّث‪ ،‬عرب ذبذباته‬ ‫ينشغل به املمثّل منتبها‬ ‫ّ‬ ‫كل الجسم بالطاقة‪ ،‬من ِتجاً وضعيّات جديدة وإيقاعات مختلفة‪ .‬تتف ّعل قوى متعارضة‪،‬‬ ‫ونبض حركاته‪ّ ،‬‬ ‫« ُمتَصالِبات» الجسم‪ ،‬امل َحاو ُر املائلة واملتعاكسة‪ ،‬وتتولّد إيقاعات مضادّة جديدة‪ .‬يعطي املمثّل‬ ‫األمر إلحدى نقاط الجسم‪ ،‬مثالً إلحدى أصابع اليد‪ ،‬فيبدأ بالتح ّرك منقطعاً‪ ،‬منفصالً عن بقيّة الجسم‪.‬‬ ‫تعاون نقطة الجسم مع العقل مفيد ج ّدا ً‪ .‬الحركة تنتقل من األصبع إىل املعصم ومن هناك إىل باقي‬ ‫‪32‬‬


‫يستقل وأن‬ ‫ّ‬ ‫اليد‪ ،‬يف حني أ ّن املرفق من ٍنث لتنتقل الطاقة بشكل أفضل‪ .‬أحد أجزاء الجسم ميكن أن‬ ‫يكتسب حركيّة املركز‪ ،‬مثالً الكتف‪ ،‬أو األصبع‪ ،‬أو املرفق‪ .‬هكذا تقوى املنطقة حول املركز‪،‬‬ ‫َت اآلن فهو ال يفقد حركيّته‪ .‬مبوازاة عمل أحد‬ ‫وكمركز طاقة جديد يتعاون مع سابقه الذي وإن َخف َ‬ ‫أعضاء الجسم‪ ،‬يتف ّعل عضو آخر يف إطار الجواب مولِّدا ً بدوره إيقاعاً مختلفاً‪.‬‬ ‫األسايس‪ ،‬بل يتكثّف ويصبح أكرث باطنيّة‪ .‬محاور‬ ‫عمل املثلّث‬ ‫يف مترين التفكيك ال يتوقّف ُ‬ ‫ُّ‬ ‫أجسام املمثّلني تسرتخي‪ ،‬وتصبح سيّالة؛ وعرب مجاري متناقضة وانفجارات طاقة غري متوقّعة‬ ‫تستقل وتصبح محاو َر طاقة‪ُ ،‬مك ِّو ِ‬ ‫نات ذبذبات للمثلّث واالندفاعات التي تنجم عنه‪ ،‬مولّدة قواعد‬ ‫ّ‬ ‫تعبري مجهولة إىل ذلك الحني‪ ،‬وكاشفة عن مصادر إخراج صوت مل تستعمل سابقاً‪ .‬محاور الطاقة‬ ‫تتكاثر برسعة فائقة‪ ،‬ويف نقطة إلتقائها تتولّد محاور طاقة جديدة‪ ،‬لها وقتها وإيقاعها‪ ،‬بحركة ِمغ َزليّة‬ ‫المتناهية‪ .‬تنفرج عضالت الوجه‪ ،‬ويكرب الفم والعينان‪ ،‬والنشوة التي يبدأ املمثّلون باإلحساس بها‬ ‫تضاعف الطاقة وتق ّوي التح ّمل‪.‬‬ ‫الوقفات يف عمل املثلّث تساعدهم عىل أن يستوعبوا ماذا يحدث يف الجسم‪ ،‬أعني انفتاح‬ ‫حي للذبذبات‬ ‫املكان و الزمن الباطنيّني‪ .‬يتع ّمق الوقت ويتفاجأ املمثّلون‪ .‬يتح ّول الجسم إىل مردّد ّ‬ ‫أي قيد عرب التصويت والتنفّس‬ ‫الصوتيّة‪ .‬يبحث املمثّلون عن إمكانيّات متعدّدة إلنتاج الصوت بدون ّ‬ ‫الشخيص‪.‬‬ ‫وإنشاد ألحان منسيّة من تراثهم‬ ‫ّ‬ ‫كل أنواع املقاومة‪ .‬تتع ّرض أجسام املمثّلني املنتشية‪ ،‬الواقفة عىل الح ّد بني النظام‬ ‫تسكن ّ‬ ‫لكل أنواع املح ّفزات‪ .‬تدريجيّاً‪ ،‬يُعا ُد تركيبها‪ ،‬تُخلَق من جديد أجسادا ً‬ ‫والفوىض‪ ،‬منفتحة ومخرتَقة‪ّ ،‬‬ ‫كل هذه اآلليّة يكثّف املمثّلون الطاقة الداخليّة ويكتسبون‬ ‫مليئة بالطاقة‪ ،‬أجسادا ً مادّة خاماً‪ .‬عرب ّ‬ ‫إحساساً دامئاً بها‪ .‬الجسم يُ ْبِز أجساماً أخرى جديدة والالوعي‪-‬النواة يصبح منهالً للطاقة ومصدرا ً‬ ‫عظيامً للف ّن‪ .‬يصبح الجسم ساحة حرب واختام ٍر وتعبري ف ّن ّي‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫اإليقاع‬ καὶ ὁ κυκεὼν διίσταται (μὴ) κινούμενος165

‫تنحل عندما ال تت َح َّرك‬ ّ ‫ح ّتى الزوبعة‬

DK 22 [12] B 125. 5

34


‫اإليقاع يولّد الهيئة‪ .‬وحتّى الشكل األكرث تجريدا ً‪ ،‬والحركة األكرث عجالة التي تتولّد من‬ ‫منطقي‪ .‬إذا استطعت أن تجد اإليقاع النواة يف سطرين‪ ،‬فعندها‬ ‫باطني‬ ‫اإليقاع تستند إىل قانون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص يتألّف من وحدات ايقاعيّة‬ ‫كل الوحدة‪ ،‬وتالياً ّ‬ ‫سينكشف اإليقاع الذي مييّز ّ‬ ‫النص‪ .‬أؤمن بأن ّ‬ ‫كل ّ‬ ‫وخصوصاً يف الرتاجيديا اليونانيّة القدمية‪ .‬أحياناً كثرية أقف مذهوالً‪ ،‬ألنّني ومن غري أن أهيّئ‬ ‫اجي مسطَّرا ً عىل الورق‪ ،‬تتولّد من‬ ‫اإليقاع مسبقاً عرب املعالجة املرسحيّة أو عرب اإلعداد اإلخر ّ‬ ‫اإليقاع آليّة تفكيك املادّة وتحليلها وإعادة تركيبها‪.‬‬ ‫أثناء التمرينات ملرسحيّة الباخوسيّات كانت مادّة البحث جملة » '‪Κάματον τ‬‬ ‫افقات ذيونيسوس ومغ ّن ٍ‬ ‫‪ .»ευκάματον‬الباخوسيّات يأتني إىل اليونان من آسيا مر ٍ‬ ‫يات‬ ‫ُ‬ ‫«‪ »Κάματον τ' ευκάματον‬أي «ت َ ِعبْنا‪ ،‬نِ ْع َم التَ َعب»‪ .‬هذه الجملة أ ِّديَت عدّة م ّرات تعبرييّاً‬ ‫باملطلق‪ ،‬حيث تأيت الباخوسيّات إىل املرسح متعبات ويستندن إىل بعض حجارة املسارح القدمية‬ ‫وكأنّه ّن يرِدن ِ‬ ‫االستاحة‪ .‬نحن ببحثنا يف جملة «‪ »Κάματον τ' ευκάματον‬عرثنا يف إيقاعها‬ ‫‪176‬‬ ‫عىل أجزاء الرقص امل َُس ّمى «برييخيوس» ‪ .‬تأيت الباخوسيّات وه ّن يرقصن رقصة النار‪،‬‬ ‫أي رقصة رشقيّة رديفة‪ .‬كان‬ ‫ويرضبن بأقدامه ّن األرض‪ ،‬كام هي رقصة «برييخيوس» البُ ْنطيّة أو ّ‬ ‫املمثّلون يف مرسحيّة الباخوسيّات‪ ،‬ينقادون يف حالة نشوة إىل فورة طاقة غري متوقَّعة‪ ،‬وينتجون‬ ‫عرب شقوق الجسم املتفكِّك موا َّد عصيّة جاهز ة إل عادة جبلها‪.‬‬ ‫أعتقد أنّه ليس يف املرسح عالمات وقف‪ .‬ال توجد نقطة وفاصلة وعالمة تع ُّجب و ِهالالن‪.‬‬ ‫كل هذه‪ ،‬وهي التي يستعملها بامتياز املرسح املد ّين عىل أنّها عنارص ق ّوة لغته التعبرييّة‪.‬‬ ‫ال توجد ّ‬ ‫هناك دامئاً حرارة خلف الكالم‪ ،‬ومت ّوجات كثرية لألصوات الباطنيّة‪ .‬عادة أتبع اإليقاع وال ألجأ إىل‬ ‫ُص َور معيّنة راغباً يف أن أمسك طرف الخيط‪ .‬أتبع اإليقاع مص ّوباً عىل نقطة يف هذه املادّة املج َّردة‬ ‫والعاصية‪ ،‬مفتّشاً عن حدودها‪ .‬أتبع اإليقاع كأنّني أحد مك ّوناته‪ ،‬وغالباً ما أنقاد إىل مكان مل أ َر له‬ ‫مثيالً‪ ،‬حيث ال يكون الكالم تفصيليّاً بل طبيعيّاً‪ .‬م ّر ٍ‬ ‫ات كثرية يكون كالماً‪-‬أملاً‪ .‬الكالم بالنسبة يل‬ ‫الباطني‪ .‬وهنا أميّز عالقتي عن‬ ‫ليس رشح معناه أو وصفه‪ ،‬لك ّنه صورة بنية الكلمة‪ ،‬أي سببها‬ ‫ّ‬ ‫دائري حاملني رماحهم وأتراسهم ومعتمرين الخوذ‪.‬‬ ‫‪ 6‬إنّها رقصة يونان ّية حرب ّية قدمية‪ ،‬يرد ذكرها عند هومريوس‪ .‬كان الجنود يرقصونها بشكل‬ ‫ّ‬ ‫حافظ عليها يونانيّو منطقة البُ ْنط‪.‬‬ ‫‪35‬‬


‫يفس أحد جملة‪ ،‬أن يكتشف حتّى املصدر الذي ينبع منه صوتها‪،‬‬ ‫املرسح‬ ‫ّ‬ ‫املعنوي‪ .‬يه ّمني‪ ،‬حني ّ‬ ‫النووي‪.‬‬ ‫إيقاعها‬ ‫ّ‬

‫‪36‬‬


‫إرتجال دائم‬ ψυχῇσιν θάνατος ὕδωρ γενέσθαι, ὕδατι δὲ θάνατος γῆν γενέσθαι, ἐκ γῆς δὲ ὕδωρ γίνεται, ἐξ ὕδατος δὲ ψυχή187

‫ إنّ ا املاء يصري‬،ً‫ للامء املوت هو أن يُصبِح أرضا‬،‫للنفوس املوت هو أن تصبح ماء‬ ‫من األرض ومن املاء النفْس‬

DK 22 [12] B 36. 7

37


‫الطبيعي لتفكيك املثلَّث‪ .‬املمثّل جاهز اآلن للمبارشة بالسفر يف‬ ‫االرتجال الدائم هو التط ّور‬ ‫ّ‬ ‫عمق ذاكرة الجسد‪ .‬هذا الغوص يتطلّب مشاركة الجسد والروح بالكلّيّة مبا هو أبعد من الظروف‬ ‫عاطفي‪ ،‬وتشديد عىل املعاين وصيغ األداء‬ ‫التي تقدّمها األعامل املرسحيّة وما فيها من مت ّوج‬ ‫ّ‬ ‫الواقعي‪.‬‬ ‫املعلَّبة يف املنحى‬ ‫ّ‬ ‫يُ ِ‬ ‫حدثُ املمثّل‪ ،‬بواسطة االرتجال الدائم‪ ،‬قطيعة مع املقاربات الواقعيّة للمرسح‪ .‬ال يسعى‬ ‫خلف أحد أشكال التقليد‪ ،‬أو إعادة إنتاج الحياة اليوميّة عرب السلوكيّات املعروفة وأوراق املرسح‬ ‫تقليدي معيدا ً إنتاج إمياءات يوميّة‪ ،‬ال ينشغل‬ ‫رصف املمثّل بشكل‬ ‫ّ‬ ‫املد ّين املكشوفة واملستورة‪ .‬ال يت ّ‬ ‫النفيس للدور‪.‬‬ ‫باألداء‬ ‫ّ‬ ‫يُجادل ويصارع اللغة «العاديّة»‪ ،‬ويسعى إىل سلوكيّات موارِبة‪ ،‬يخلق مامرسات رديفة‬ ‫ومستويات غري مألوفة‪ .‬ينحرف عن اللغة املصطلَحة الرسميّة‪ ،‬التي هي أسرية قوان ِني نُطقها‪.‬‬ ‫يبحث يف اإلمكانيّات التعبرييّة للهج ٍة موازية‪ ،‬للغ ٍة تنشأ يف شقوق الحاالت من رشارات صوتيّة‪،‬‬ ‫منقادا ً أحياناً إىل حاالت غيبوبة إىل ح ّد انعدام اللغة‪.198‬‬ ‫الرصاع مع الواقعيّة‪ ،‬عدا عن امتداداته الجامليّة‪ ،‬ينتج عن رضورة القطيعة مع إعادة إنتاج‬ ‫الحياة اليوميّة‪ ،‬التي تغطي وتُبْ ِعد وتصغِّر األبعاد الحركيّة يف الوجود اإلنسا ّين برغباته الشديدة‬ ‫وفلسفي‬ ‫عقائدي‬ ‫وأهوائه الصاخبة وكوابيسه وهواجسه ومخاوفه املكنونة‪ .‬القطيعة الواقعيّة لها بُعد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسيايس‪ ،‬ليس فقط جامليّاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جسدي شاقّة‪ ،‬يح ّرر املمثّل من خاللها املادّة‬ ‫نفيس‬ ‫يف االرتجال الدائم عندنا عمليّة بحث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األوليّة‪ .‬تتشكّل شعريّة بنيويّة ينمو معها حيّز من السلوكيّ ِ‬ ‫ات إنسا ٌّين بعمق‪ ،‬حيث يحمل الجسم املادّة‬ ‫األ ّوليّة بدون ارتباطات نفسيّة وذهنيّة‪ .‬إذ يكون الجسم مف َّعالً إىل حدوده القصوى‪ ،‬بدون مامنعة‪،‬‬ ‫فإنّه ينطلق من النقطة ِ‬ ‫الصفر ليعرب كل الدرب الصعبة لكن الغنيّة نحو معرفة الذات‪ ،‬معرفة أكرث‬ ‫عمقاً بالوجود وإمكانيّاته‪.‬‬ ‫هذا األسلوب يف االرتجال يُ ْن َع ُت بالدائم‪ ،‬ألنّه ال يسعى إىل أن يعطي شكالً للامدّة مبارشةً‪،‬‬ ‫املرسحي‪ .‬املمثّل ال يستعجل ليخلق رقصة علنيّة‪ ،‬لكن يحاول‬ ‫ال يهدف إىل تشكيل أ ّو ّيل للفضاء‬ ‫ّ‬ ‫‪8‬‬

‫النفيس‪.‬‬ ‫والطب‬ ‫علمي يُستَع َمل يف العلوم العصبيّة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مصطلح ّ‬ ‫‪38‬‬


‫الجسدي العميق‪ .‬يتعلّق األمر بعمليّة‬ ‫أن ين ّمي إمكانيّات النزول إىل نواة البُنية‪ ،‬إىل جذر تقليده‬ ‫ّ‬ ‫بتحسن مستم ّر‪ ،‬حيث أ ّن الجسم‬ ‫مستم ّرة للوالدة‪ -‬والتشكيل اآلين‪ -‬والتحلُّل‪ -‬وإعادة تشكيل املادّة‬ ‫ّ‬ ‫رقص أشكال الذاكرة الساح َر‪ ،‬حيث تخرتق حركيّاتُ املادّة املختلف ُة الجس َم عرب رصاع‬ ‫يرقص َ‬ ‫القوى املتساوية‪ ،‬ق ّوة الغريزة وق ّوة الوعي‪ ،‬ق ّوة النظام وق ّوة الفوىض‪ .‬يصبح املمثّل شخصاً فا ِعالً‪،‬‬ ‫حامالً ومك ّوناً الندفاعات الجسم األ ّوليّة‪ ،‬عىل استعداد دائم ل َقلْب ما يفعله‪ ،‬لنقض اللحظة ونقض‬ ‫نفسه‪ ،‬فاتحاً مجاالت جديدة للبحث‪.‬‬ ‫كل الجسم يعيش املمثّل إحساساً جديدا ً بالتح ّرر‬ ‫عرب تفعيل املثلّث والذبذبات التي يسبّبها يف ّ‬ ‫موسعاً وسائل‬ ‫من ّ‬ ‫كل معارضة جسميّة وذهنيّة‪ .‬من أجل أن ينمو بحثه تدريجيّاً يف املكان والزمان‪ِّ ،‬‬ ‫كل م ّرة عىل نقطة يف جسمه‪ ،‬أن يتع ّمق يف‬ ‫التعبري ومحاور طاقاته‪ ،‬عىل املمثّل أن يشدّد ّ‬ ‫اإلمكانيّات الكثرية لتطوير وتشفري املادّة التي تقدّمها هذه النقطة‪ ،‬بحيث يعيش رضورة االنتقال‬ ‫طبيعي‪ .‬ميكن أن تستم ّر هذه العمليّة بال توقّف‪ ،‬إىل حني تشكيل مجا ٍل متكامل‬ ‫إىل نقطة تالية بشكل‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أخص عالقة‬ ‫من األفعال الجسديّة‪-‬النفسيّة واإليقاعات الزمنيّة‬ ‫وانعكاسات تأث ُّر مختلفة‪ .‬فَلْرنَ بشكل ّ‬ ‫النقطة الجسديّة باالرتجال املستم ّر‪.‬‬ ‫الباطني بالزمان واملكان‬ ‫يبدأ املمثّل التمرين ببطء وبرتكيز كامل‪ .‬يحافظ عىل إحساسه‬ ‫ّ‬ ‫ذهني‪ ،‬وعرب اإلحساس باملثلّث‪ ،‬يركّز املمثّل عىل نقطة معيّنة يف‬ ‫أي أمر‬ ‫توسط ّ‬ ‫منفتحاً‪ .‬بدون ّ‬ ‫ّ‬ ‫الجسم وهي التي ستصبح مركزه‪ ،‬فيدرس االندفاعات الجسديّة التي تولّدها‪.‬‬ ‫املتوسطة املتولّدة برهافة‪ .‬يتعلّق األمر بذلك‬ ‫يستخدم طاقته مبهارة ويستوعب األزمنة‬ ‫ِّ‬ ‫كل أرضيّة اإلبداع والذي يجب أن يشدّد‬ ‫املتوسط االنتقا ّيل‪ ،‬امللتبس واملظلِم‪ ،‬حيث تكمن ّ‬ ‫الزمن‬ ‫ّ‬ ‫املمثّل عليه بدون دفاع ومقاومة‪ ،‬ليك يذوق صمته املميّز والذبذبات التي يع ِتقُها واإلمكانيّات‬ ‫التعبرييّة التي يحملها داخله‪ .‬الرتكيز عىل هذه النقطة املحدّدة ومراكَمة الطاقة التي تولّدها‪ ،‬تسبّب‬ ‫ر َّد فعلِ َمحاور الجسم وتحفي َز مصادر إنتاج الصوت التي تقابِلها‪ .‬يشدّد املمثّل عىل الحركات‬ ‫الصغرية أو عىل أش ّد األصوات صغرا ً الناتجة من عمق الجسم‪ ،‬يتبع تط ّور طاقته بصفاء ذهن لكن‬ ‫ببَذ ِل ذاته بالكلّيّة؛ يصبح جزءا ً من جسمه نفسه‪ ،‬يسري عىل الدرب التي يشقّها مجرى الطاقة‪ ،‬ويعي‬ ‫حدوده ومحاوره يف كلّيّتها‪.‬‬ ‫يثابر املمثّل عىل مترين نقطة واحدة‪ ،‬كالرأس مثالً‪ ،‬لك ّن باقي الجسم ال يجمد‪ .‬إذا مل تتح ّرر‬ ‫‪39‬‬


‫النقطة فمن األكيد أنّها ال ميكن أن تعطي ّ‬ ‫أي أمر‪ .‬يجب أن تكون النقطة قادرة عىل التعبري الذايتّ‬ ‫حي‪ ،‬أن تستنفد حدودها يف إطار االرتجال الدائم‪ .‬يح ّرر املمثّل أ ّوالً الطاقة املكبوتة ويف ما‬ ‫ككيان ّ‬ ‫بعد بقيّة الجسم‪ .‬بعد االسرتخاء‪ ،‬يحدّد نقطة سبق مترينها ويالحظ إذا كانت قد انحلّت كفاية‪.‬‬ ‫أثناء انحالل الجسم نقطة نقطة‪ ،‬تتولّد أصوات مفاجئة متعدّدة اإليقاع‪ .‬بعد التفكيك ينظّم‬ ‫الجسم نفسه ويضبط نفسه‪ .‬املمثّل‪ ،‬كالبهلوا ّين فوق الحبال‪ ،‬لديه إحساس دائم بسيل الطاقة‪ ،‬منتبه‬ ‫وتنحل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أي نقطّة تتفاعل أ ّوالً‬ ‫أي محور يولد‪ ،‬ما هي وجهة الجسم‪ّ ،‬‬ ‫وعىل أهبة االستعداد‪ .‬يتابع دامئاً َّ‬ ‫كل الجسم‪ ،‬من ّمياً الخيال‪ ،‬وتنويعات اإليقاع‪ ،‬والفراغ والاليشء‪ .‬ال يجب‬ ‫وهكذا دواليك إىل انحالل ّ‬ ‫عقائدي‪ ،‬ألنّنا عندها نوقف تط ّور الحركة‪ ،‬ومن ّوها‪،‬‬ ‫أن نخدم محورا ً واحدا ً مس َّمرين وبشكل‬ ‫ّ‬ ‫ووجهتها الطبيعيّة‪ .‬يتوقّف الجسم بطريقة طبيعيّة‪ ،‬ويعاود البدء بطريقة طبيعيّة‪ ،‬خالقاً باستمرار‬ ‫محاور طبيعيّة‪.‬‬ ‫أي عمليّة باطنيّة‬ ‫الرتكيز رشط‬ ‫أسايس لبدء مترين النقطة‪ .‬بدون الرتكيز ال ميكن تنمية ّ‬ ‫ّ‬ ‫وال إطالق الطاقة‪ .‬لذلك فإ ّن الرتكيز يطول إىل حني أن تبدأ النقطة بالتح ّرك‪ .‬بهذا املعنى‪ ،‬ليس‬ ‫هدفنا أن تُخلَق َمحاور ُمد ِهشة‪ ،‬بل أن تتح ّرر الطاقة ويت ّم إنتاج محور طاق ٍة وإيقاع‪.‬‬ ‫بكل غناه‬ ‫بكل نواحيه‪ّ ،‬‬ ‫يستطيع املمثّل أن يخلق شخصاً متكامالً من البداية إىل النهاية‪ّ ،‬‬ ‫الواقعي يجب عىل املمثّل أن‬ ‫يل‪ ،‬بدون الحاجة إىل دعائم خارجيّة‪ .‬عىل العكس‪ ،‬يف املنحى‬ ‫الداخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬بدون أن ينجم هذا عن حاجة جسديّة‪ .‬بهذا املعنى نذهب عميقاً مع ِّمقني‬ ‫يزخرف مادّة ّ‬ ‫وكل ما ال يَع ُمق طبيعيّاً يصبح لَحدا ً‪.‬‬ ‫كل ما يَع ُمق طبيعيّاً يَفتح‪ّ ،‬‬ ‫وفاتحني‪ُّ .‬‬ ‫يأيت املمثّل من قعر ويذهب إىل قعر‪ ،‬يعيش هنا ويف نفس الوقت يف مكان وزمان آ َخ َرين‪.‬‬ ‫من خالل الرتكيز وتكثيف الوقت يق ّوي جذر القعر‪ .‬يريد أن يقابل التقاليد العميقة وأن يصبح حامالً‬ ‫للهوى‪ ،‬والجاذبيّة والحزن‪ .‬يتجذّر هنا‪ ،‬يجتاز الحارض‪ ،‬يسري إىل املستقبل ليعود إىل الوراء‪ ،‬لكن‬ ‫تأصل‪ ،‬هذا‬ ‫ألي حارض‪ .‬الحارض ُم ْس َ‬ ‫من غري أن يُ ْجتَثَّ ؛ الجذر ال يصري جذر الحارض‪ .‬ال جذر ّ‬ ‫الجاري اآلن‪ ،‬هذه الحالة الحارضة‪ ،‬هذا الواقع‪ .‬لِذا فإ ّن املمثّل حارض وغائب باملوازاة‪ ،‬يلعب بني‬ ‫الحضور والغياب‪ ،‬بني ال ُهنا وال ُهناك‪ ،‬بني الكينونة وعدمها‪ .‬الغياب يخلق الحنني‪ ،‬املوجود داخل‬ ‫البعد األليم لف ّن املرسح‪ ،‬يف اآلنيّة والعابر‪ .‬مفهوم العبور حارض دامئاً‪ :‬أنا هنا وأعرب إىل مكان‬ ‫كل يشء هنا ويبقى هنا‪ ،‬ورغم كرثة الحركات يبقى جامدا ً‪،‬‬ ‫آخر‪ .‬نرى أحياناً كثرية مرسحيّات حيث ّ‬ ‫‪40‬‬


‫ألنّه يبقى يف الحالة اآلنيّة‪ ،‬يف الوضع الحا ّيل‪ ،‬بال تط ّور‪ .‬ما يعطي قيمة لألشياء هو معرفة مدّة‬ ‫الوقت والدقّة والثقة بالتجريد‪.‬‬ ‫الكف فإنّها تستطيع أن تخلق أشياء فريدة‪ .‬ال ينفع‬ ‫فَلْ َن ُعد إىل مترين النقطة‪ ،‬إذا ثابرنا عىل ّ‬ ‫أن نركض من نقطة إىل أخرى‪ .‬األمر باالنتقال نتلقّاه من النقطة ذاتها‪ .‬أ ّما نحن فعلينا أن نرى دامئاً‬ ‫أي سلوكيّات وأصوات تولّد‪ .‬ال ته ّمنا حدود الدَور؛ بل‬ ‫أي محاور تخلفها ال نقطة‪ ،‬أين تأخذنا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ونصاً يُقال هام‬ ‫الالدور‪ ،‬القابليّات‪ .‬األدوار ستُخلَق عندما يحني الوقت‪ .‬إ ّن يدا ً واحدة تتح ّرك ِب َخطَلٍ ّ‬ ‫وحدهام خربة مه ّمة‪.‬‬ ‫رص أرس ذايتّ يخلقان الدهليز‪ ،‬هذا املكان الخطري الذي‬ ‫إ ّن جمود املمثّل إضافة إىل عن ٍ‬ ‫يقدر أن يبتلعه‪ .‬عىل املمثّل أن يصارع يف الدهليز‪ ،‬أن يؤلّف مع إحساسه املستم ّر بالفخّ‪ ،‬بالسجن‪،‬‬ ‫يوسع حدوده‪ .‬يؤلّف املمثّل استشهاده‪ ،‬يقود جسمه إىل أفق مسدود ويصارع مع هذا‬ ‫ويحاول أن ّ‬ ‫الطبيعي ومحاول َة املمثّل أن‬ ‫طبيعي وامل ُشا ِهد يتابع مجرى الطاقة‬ ‫األفق‪ .‬املمثّل يصارع بشكل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يخرج من السجن‪.‬‬ ‫نرجيس وتبطُل‪ .‬ه ّمنا أن نباغت‬ ‫ال يجب أن نهت ّم باملهارة ألجل املهارة‪ ،‬التي تُستهلَك بشكل‬ ‫ّ‬ ‫تستقل‬ ‫ّ‬ ‫قصتها‪ .‬كالقصيدة التي‬ ‫ّ‬ ‫املتف ّرج‪ .‬ميكن لنقطة يف الجسم‪ ،‬الكتف مثالً‪ ،‬أن‬ ‫تستقل وتروي ّ‬ ‫وت ُكتَب وحدها‪ ،‬والشاعر يرحل معها‪ .‬إذا كانت اليد مك ِّونا واملمثّل يثابر‪ ،‬فستصبح هذه النقطة هي‬ ‫النتيجة‪ ،‬أي املركز‪ .‬أطراف األصابع‪ ،‬واملَرافق‪ ،‬واألقدام ميكنها أن تصبح مركزا ً‪ .‬إذا رقص‬ ‫صدر املمثّل أو كتفاه تانغو وامت ّد إىل مرفقَيه‪ ،‬عندها سيعي املمثّل أهميّة تحرير املركز‪ .‬يتابع‬ ‫املمثّل املحاور واألصوات التي ت ِ‬ ‫ُنشئها النقطة الجسديّة أثناء تط ّورها‪ .‬ال حاجة ألوامر من الرأس‬ ‫كل نقطة‪ ،‬إذا ثابرنا‪ ،‬ميكن أن ت ِ‬ ‫ُنشئ أصواتاً غري متوقَّعة‪ ،‬مج ّردة من العقل‪،‬‬ ‫«إفعل هذا أو ذلك»‪ّ .‬‬ ‫ككل‪ ،‬من غري حاجة إىل أن تتكا َمل‪ ،‬كام يف‬ ‫متشظّية‪ .‬والشظيّة‪ ،‬عندما تُ ْنط َُق بشكل صحيح‪ ،‬تعمل ّ‬ ‫ٍ‬ ‫حركات متزاوي ًة تولّد بدورها حركات‬ ‫الشعر السوريا ّيل‪ .‬جسم املمثّل املركِّ ِز يط ّور كر ّد فعل‬ ‫وأصوات غري متوقَّعة‪.‬‬ ‫يصبح املمثّل حامالً للزمن‪-‬اإليقاع‪ ،‬الذي يحمل مدى غنيّاً من املامرسات الجسميّة‬ ‫والصوتيّة النابعة من تقليده العميق‪ .‬تنفتح ينابيع الذاكرة‪ ،‬والزمن‪-‬اإليقاع الذي تولّده البنية ينحت‬ ‫الجسم‪ ،‬مولّدا ً رموز تعبري جديدة ومطارح تح ُّرك‪ .‬تراكم الطاقة يف إحدى النقاط والبحث عميقاً يف‬ ‫‪41‬‬


‫طبيعي للنقطة‬ ‫طبيعي إىل النقطة التالية‪ ،‬التي هي امتداد طاقة‬ ‫إمكانيّاتها املتعدّدة أمر يقود بشكل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتوسع باستمرار‪ .‬الجسم يخلق مطارح تعبري جديدة‪ ،‬عرب تف ّجرات الطاقة‬ ‫السابقة‪ .‬زمن البحث َّ‬ ‫ووقفاتها وفراغاتها وقفزاتها وتراكامتها وتفريغاتها‪.‬‬ ‫ال يهت ّم املمثّل ببلوغ نتائج رسيعة‪ ،‬لكن ال ينىس العمل الذي قد سبق‪ .‬كلّام ثابر عىل بحثه‪،‬‬ ‫والنفيس‪ ،‬ازدادت إمكانيّاته التي يواظب بواسطتها عىل التم ّرن‬ ‫الجسدي‬ ‫من غري أن يُذ ِعن لإلرهاق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل التعب‪ ،‬يتابع املمثّل بشحنة الطاقة الصافية‪ ،‬مبخزون الطاقة‪.‬‬ ‫عميقاً‪ .‬رغم ّ‬ ‫يعالج املمثّل املعطيات التي استجدّت‪ ،‬ينقّيها ويخلق قُطارة االرتجال املستم ّر‪ .‬يخلق شبكة‬ ‫املوسيقي مع الفروق‬ ‫متعدّدة اإليقاعات من األفعال الجسديّة والصوتيّة‪ ،‬األمر الذي يذكّر بنوتة‬ ‫ّ‬ ‫املوازية من حيث نوعيّة الطاقة‪ ،‬التم ّوجات‪ ،‬نقاط متدّد الوقت وانكامشه‪ ،‬حدّة شحنة التأث ُّر‬ ‫وسكونها‪ ،‬أوقات الصمت‪ ،‬ناهيك عن تف ّجرات آنيّة من العفويّة‪ ،‬ومخرج الطاقة وسلوك النشوة‪.‬‬ ‫إن تركيبة األفعال النفسيّة‪-‬الجسديّة يف حركة وتبدّل داخليّني‪ .‬يك ّرر املمثّل العمليّة بأداء‬ ‫بطيء من دون أن يفقد أبدا ً صحوة امل ّر ِة األوىل‪.‬‬ ‫يبدو الجسم جامدا ً‪ ،‬رغم رسعته الباطنيّة الهائلة وكأنّه ُد ّوامة‪ .‬إيقاعاته عىل أت ّم األهبة‪،‬‬ ‫فتسافر إىل مطارح الذاكرة العميقة‪ ،‬هذه املطارح التي تصبح مطارح املستقبل وتُع َر ُض يف‬ ‫والسيايس‪.‬‬ ‫الحارض‪ .‬إ ّن الجسم الثائر واملحارب يعطي الكيان اإلنسا ّين بُعدها الكيا ّين‬ ‫ّ‬

‫‪42‬‬


‫الكلمة‬ ‫‪τοῦ λόγου άκούσαντας ὁμολογεῖν σοφὸν ἐστίν ἕν‬‬ ‫‪πάντα εἶναι920‬‬

‫كل األشياء إنّ ا هي واحد‬ ‫إذا سمعتم الكلمة فمن الحكمة أن تشهدوا أنّ ّ‬

‫‪DK 22 [12] B 50. 9‬‬

‫‪43‬‬


‫النص يكتسب جسدا ً‪ ،‬يصبح خريطة‬ ‫النص‪ ،‬كذلك‪ ،‬بأحكام االرتجال املستم ّر‪ّ .‬‬ ‫تت ّم مقاربة تفسري ّ‬ ‫أفعال وسلوكيّات متعدّدة‪ ،‬يذوب‪ ،‬ينعتق من العقالنيّة ويعاد تكوينه‪ ،‬ليعطي معنى من جديد لسلوك‬ ‫النفيس‪ ،‬هذه امل ّرة عن طريق الطاقة وليس بالرضورة عن طريق العقل‪ .‬نُخرج‬‫الجسدي‬ ‫املمثّل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليومي‪ ،‬و يبدأ البحث عن إيقاعه‪-‬النواة‪ ،‬الذي تخرتق ذبذباته الجسم فاتحة إمكانيّات‬ ‫الكالم من سياقه‬ ‫ّ‬ ‫كثرية يف األداء‪ .‬ترتاجع األفكا ُر الصغرية‪ ،‬وتبتعد املعلومات النظريّة عن دائرة املرجعيّة‪ ،‬تصبح‬ ‫يل‪ ،‬تتحقّق وتستنري بقدر ما تتطلّبه العمليّة‪ ،‬من خالل طاقة الجسم واملطارح‬ ‫جزءا ً من التحليل الفع ّ‬ ‫واألزمنة التي تخلقها‪.‬‬ ‫ترتاجع إعادة إنتاج الكليشيهات املعروفة واملستخ َرجة من املحيط الضيّق لسرية املمثّل الذاتيّة‬ ‫ومشاعره اآلنيّة ويبتعد األداء بثبات عن التقليد األد ّيب للمرسح‪.‬‬ ‫املواجهة مع موا ّد الدور األساسيّة والرضوريّة تتح ّول بالنسبة للممثّل إىل معركة انفعاليّة بات ّجاه‬ ‫كل أبعاد عالقته مع ذاته‪ ،‬ومع اآلخرين‪ ،‬ومع العامل‪ ،‬يف سعيه أخريا ً‬ ‫معرفة الذات‪ ،‬يبحث خاللها ّ‬ ‫إىل أكمل أداء‪.‬‬ ‫النفيس‪ ،‬أن ين ّميه ويح ّوله إىل عمل ف ّن ّي‬ ‫كل عامله‬ ‫أريد أن أشدّد عىل أ ّن واجب املمثّل أن يف ّعل ّ‬ ‫ّ‬ ‫رفيع‪ .‬ميكنه تحقيق الكثري إذا أدخل إىل طريقة عمله تنمية التنفّس والرتكيز والتحكّم بهام‪ ،‬عالوة‬ ‫الفقري ومجرى الطاقة والرموز النفسيّة الجسديّة التي تخلقها‪ .‬ليس عىل‬ ‫عىل تفعيل املثلّث والعمود‬ ‫ّ‬ ‫النص‪ ،‬تاركاً الجسم ها ِمدا ً‬ ‫النفيس‬ ‫املمثّل أن يستند إىل التحليل‬ ‫والذهني لدوافع الدور ومعاين ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وسجني عاداته اليوميّة‪.‬‬ ‫الخاصة‪ ،‬يك ّون ِقناعاً ولغة‬ ‫الخاصان‪ ،‬وعالماته‬ ‫متأصل يف عمق بنيته‪ ،‬له زمنه وإيقاعه‬ ‫تأثّر املمثّل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل حالة انفعاليّة‪ ،‬ويف‬ ‫جسديّة‪ ،‬طريقة تنفّس ونُطق‪ ،‬ك ّميّة ونوعيّة الطاقة‪ .‬جسم املمثّل ت ْن َحتُه ّ‬ ‫الوقت ذاته ينحت حالته االنفعاليّة ويرتّبها‪ .‬إ ّن تطوير عالمات األفعال الجسديّة يح ّول جسم املمثّل‬ ‫تدريجيّاً إىل خريطة مطارح انفعاليّة متعدّدة‪ .‬ال يعود املمثّل ينشغل موضوع التامهي أو عدمه مع‬ ‫كل يوم يف نفس املطارح النفسيّة‪ .‬تتس ّجل الحاالت االنفعاليّة يف الجسم ويت ّم‬ ‫الدور وكيف «يدخل» ّ‬ ‫استحضارها عندما يتّخذ املمثّل الحركة الجسديّة املوازية‪.‬‬ ‫هذا املسار الذي اجتزناه‪ ،‬منذ استعداد املمثّل وانشغاله بالدور حتّى تكوين املجال األدا ّيئ‪ ،‬يدعو‬ ‫املمثّل واملشاهد إىل سفر يف عمق البنية‪ ،‬إىل مجاهل الذاكرة‪ ،‬حيث تجري محاولة شاملة إلعادة‬ ‫‪44‬‬


‫تحديد الكيان اإلنسا ّين‪ .‬يدعونا ألن نفتح نافذة عىل فوىض اللغز اإلنسا ّين ونطرح مبحبّة وجرأة‬ ‫الوجودي « ِب َم يتعلَّق األمر»؟‬ ‫السؤال‬ ‫ّ‬

‫‪45‬‬


‫اإلحساس‬ ἄνθρωπος ἐν εὐφρόνῃ φάος ἅπτεται ἑαυτῷ   άποσβεσθεὶς ὄψεις2110

‫ييض ُء اإلنسان يف الليل نوراً يف داخله عندما ينطفئ برصه‬

DK 22 [12] B 26. 10

46


‫الطبيعي محفَّزة يك يكون لديه إحساس مطلَق باللحظة‪.‬‬ ‫عىل املمثّل أن يُبقي وظيفة التحكّم‬ ‫ّ‬ ‫بكل عمليّة‬ ‫الحواس التي تتحكّم وتشارك ّ‬ ‫كل‬ ‫شلل طاقة‪ ،‬عندها تتف ّعل ّ‬ ‫عندما يتولّد من جسم املمثّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫تح ّول املادّة االنفعاليّة إىل ف ّن‪ .‬وهكذا تولّد املادّة االنفعاليّة تأثُّرا ً انفعاليّاً‪.‬‬ ‫الحواس‪ .‬يف‬ ‫يتح ّول املمثّل يف سكونه‪ ،‬ويخلق يف تح ّوله دُوارا ً يبقى تحت إرشاف‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ويواصل شيئا مل يولَد بعد‪.‬‬ ‫االستعدادات يج ّرب أمورا ً كثرية‪ ،‬ويتقلّب‪ ،‬وليس عليه أن يحرتم‬ ‫الطبيعي‪ .‬عرب حاالت‬ ‫ميكن أن يصبح الجسم قنا ًة لحاالت فوضويّة‪ ،‬ولذلك يف ّعل آليّة التحكّم‬ ‫ّ‬ ‫جسميّة متط ّرفة تنمو بشكل أكرب وأرسع عمليّة التحكّم والقدرة عىل اإلحساس‪ .‬يتأرجح املمثّل عىل‬ ‫كل الشحن االنفعا ّيل‪ ،‬ال يسقط‪ ،‬أل نّه ق ّوى قدرة التحكّم‪.‬‬ ‫حبل مشدود‪ ،‬ورغم ّ‬ ‫يتوسع مجال النظر بقدر‬ ‫عندما يتع ّمق املمثّل أكرث‪ ،‬يجب أن تزداد السيطر ُة ح ّدةً‪ .‬بقدر ما ّ‬ ‫ما يتمدّد العمق الذي يزيد ويولّد صورا ً وإيقاعات من الحلم ومن األمناط البدئيّة‪ .‬ميكنني القول إ ّن‬ ‫يفس ذاته وبقدر ما ينفتح يصري عالَامً بذاته‪ .‬عندما يتوقّف عن تفسري ذاته أدا ًء‪ ،‬ونضيف‬ ‫العمق ّ‬ ‫عليه عنرصا ً خارجيّاً‪ ،‬عندها تكون قد متّت خيانة العمق‪.‬‬ ‫اإلحساس يرى الطقوس‪ ،‬والتبدُّالت‪ ،‬والكوارث‪ ،‬إنّه ميزان لدرجة الحرارة طيلة الوقت‪.‬‬ ‫يشعر ويحدّد النواحي املظلمة يف كياننا‪ ،‬تلك التي رفضت أن «تتمدّن» ويحاول إبرازها من جديد‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫الزمن‬ ψυχρὰ θέρεται, θερμὰ ψύχεται, ὑγρὰ αὐαίνεται, καρφαλέα νοτίζεται2211

‫جاف يرطُب‬ ّ ‫ وما هو‬،‫يجف‬ ّ ‫ ما هو رطب‬.‫ما هو بارد يسخن وما هو حا ّر يربد‬

DK 22 [12] B 126. 11

48


‫يتقدّم املمثّل من نقطة إىل نقطة‪ ،‬كالالجئ‪ .‬وحني يحقّق شيئاً يُخلَق فراغ‪ ،‬يُخلق صدع‪ .‬يفتحه ويغلقه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫عندئذ‪ ،‬سينفجر‬ ‫ويعاود فتحه من أجل إغالقه ِب َو َرع‪ .‬عليه أن يفتح الصدع ببطء وتركيز واحرتام‪.‬‬ ‫الصدع وهو يتع ّمق وينفتح‪ِ ،‬‬ ‫كاشفاً عن مادّة عمقه الجاهزة للبحث‪.‬‬ ‫يوسع مادّته التي متيل عادة إىل االنغالق‪ ،‬إىل االقتصار عىل فقرة‬ ‫عندما يفتح املمثّل الزمن‪ّ ،‬‬ ‫واحدة‪ ،‬وتكوين فكرة صغرية عن الدور‪ .‬أقول غالباً‪« :‬للزمن البطيء غاية»‪ ،‬وأريد بذلك أن أشدّد‬ ‫عىل أ ّن مثابرة املمثّل عىل الزمن البطيء تولّد تف ّجرات متعدّدة ومتداخلة‪ ،‬وأزمنة غري منتظَرة من‬ ‫الطاقة املكثّفة‪ .‬جسمه يولّد الزمن والزمن يحمل املعاين واملشاعر والصور‪ .‬الزمن يضع الجسم‬ ‫يف اإليقاع‪ ،‬وبذلك يولّد أصواتاً غري متوقّعة‪َ ،‬محاو َر لغوية موازية للحركة‪ ،‬كلامت كالرصاص‪،‬‬ ‫كامل التفكيك قادرا ً عىل خلق معنى جديد‪ ،‬عىل قطع ٍ‬ ‫وعد جديد‪ .‬ألنّه‬ ‫أغنية بطيئة اإليقاع‪ ،‬مونولوج َ‬ ‫النص والحالة‪ .‬يتّسع الزمن‪ ،‬ويعظم ويزدهر‪.‬‬ ‫بقدر ما يكرب الوعد بنفس املقدار تكرب قيمة ّ‬ ‫يف املرسح‪ ،‬الجسم والكلامت واألفكار كلّها زمن‪ .‬بقدر ما ت ُوسع الزمن يَتَّسع املكان‪ .‬وبقدر ما‬ ‫ت ُوسع املكان يَتَّسع الزمن‪ .‬ما هو املكان‪-‬الزمن؟ بحسب رأيي‪ ،‬اإلفصاح عن الطاقة والحاجة‬ ‫الباطنيّتني‪ .‬يف كثري من األحيان‪ ،‬يلغي املمثّل املكان‪-‬الزمن الوسيط يف محاولته أن يبلغ نتيجة ما‪،‬‬ ‫أي مكان‪ .‬أحياناً أخرى يدخل املكان‪-‬الزمن الوسيط وينام‪ ،‬ت ُلغى نباهته ووعيه‪ .‬يُخبّئ‬ ‫وهكذا ال يبلغ ّ‬ ‫كل فكرة من ّو التعبري الف ّن ّي‪ .‬يخطو املمثّل‬ ‫الزمن الوسيط من أ إىل ب‪ ،‬من غري أن نَط ْول ب أبدا ً‪َّ ،‬‬ ‫نحو األفق الذي يستم ّر يف االبتعاد‪ .‬إذا التغت فكرة تضخيم املكان‪-‬الزمن الوسيط يلتغي البحث‬ ‫تلقائيّاً‪.‬‬ ‫هدف املمثّل عند البحث ليس محدّدا ً دامئاً‪ ،‬بل «يتج َّرد» ليصبح محدّدا ً ويعود فيتج ّرد‪ .‬ال يشء‬ ‫متوقَّع وليس األدا ُء هو الهدف يف هذه املرحلة الباكرة ج ّدا ً‪ .‬م ّرات كثرية اإلحاالت املستم ّرة إىل‬ ‫املجتمع‪ ،‬وإىل الشخصيّات‪ ،‬وإىل الكتّاب ال تسمح للممثّل أن يتج ّول يف الزمن الوسيط‪ ،‬يف مكان‬ ‫النص ف ّخاً‪ ،‬أل ّن له منطقاً‪ ،‬له موقفاً إديولوجيّاً‬ ‫الاليشء‪ ،‬كام يقول بيكيت‪ .‬أحياناً كثرية يصري ّ‬ ‫النص فال ميكن أن يتط ّور‪ ،‬ألنّنا عادة‪ ،‬وحتّى يف بعض‬ ‫نصيّة‪ .‬إذا مل يتفكّك ّ‬ ‫محدَّدا ً‪ ،‬له فكرة ّ‬ ‫النصوص الكبرية‪ ،‬نقف عند البديهيّات‪.‬‬ ‫عرب التأ ّمل يف العمق يجد املمثّل ح ّريّته‪ .‬يتعلّم إذ يحيا ويسعى إىل غري املعتاد‪ ،‬هذا الذي ال يفهمه‬ ‫والذي يحاول فهمه‪ .‬يسعى إىل غري املتوقَّع‪ ،‬إىل غري املعتاد‪ ،‬إىل الغريب‪ .‬يف الزمن الوسيط يخلق‬ ‫‪49‬‬


‫صورا ً غري معتادة‪ ،‬حاالت متعارضة‪ ،‬طرقاً متوازية ومتقاطعة‪ ،‬يخلق لقاء ويزعزعه؛ أي يزعزع‬ ‫الطاقة واإليقاع وما يربط بني األشخاص‪ .‬هذه الزعزعة ضفّة تنقل من مكان إىل مكان آخر‪ ،‬لك ّنك‬ ‫أي مكان أل ّن الضفّة ال تنتهي أبدا ً‪ ،‬وال ال ُعبور‪ .‬يجب أن يثق املمثّل بوظيفة تضخيم‬ ‫ال تصل إىل ّ‬ ‫الزمن‪ .‬أن يق ِّر َب جسمه عىل مذبح البديع‪ ،‬طارحاً أسئلة باستمرار واضعاً نصب عينيه معضالت‬ ‫كثرية‪ .‬عندها سيتط ّور املمثّل‪.‬‬ ‫ألعب عن مجرى األمور املتضادّ‪« :‬نقول أشياء‪ ،‬يُلَ َّم ُح‬ ‫خالل االستعدادات‪ ،‬أك ّرر عادة هذه الجملة ّ‬ ‫إىل أشياء أخرى‪ ،‬تولَد ردّات فعل أخرى هنا وغريها هناك‪ ،‬ونحن يف غري مكان‪ ،‬أ ّما أنت ففي‬ ‫نفس املكان ال تتح ّرك‪ ،‬كربكان قابل لالنفجار»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذكريات أمور كثرية‪ ،‬يصبح عابرا ً‬ ‫أثناء ات ّساع زمن املمثّل‪ ،‬يبدو أ ّن جسمه إذ يعمل بكلّيّته‪ ،‬يولّد‬ ‫الحواس‪ ،‬واألفكار‪ ،‬واملشاعر‪ ،‬والصور‪.‬‬ ‫للزمن‪ ،‬أداة متعدّدة االستعامالت عىل السواء من حيث‬ ‫ّ‬ ‫ميكن أن تخلق املثابرة عىل الزمن زمناً آخر‪ ،‬تنويعاً عىل األ ّول‪ ،‬يصل إىل األبعد‪ ،‬إىل حيث ميكن‬ ‫أن يبلغ‪ .‬الزمن البطيء يحبل بالتف ّجرات ومبسائل غري متوقّعة‪ ،‬يحدّد النهاية التي ال تنتهي أبدا ً‪.‬‬ ‫تدريجيّاً‪ ،‬يخلق صدع الوقت ف ّخاً يقودك إىل الفراغ‪ ،‬إىل مكان بيكيت ذي الهواء القارس‪ ،‬حيث‬ ‫تتح ّرك حتام ببطء‪ ،‬وبيقظة داخليّة‪ ،‬محاوالً أن تنظّم الفوىض‪.‬‬ ‫نرحل بالزمن ويرحل بنا‪ ،‬يتّسع بقدر ما يريد‪ ،‬يصبح سجناً وعىل املمثّل أن يفتح حدود هذا السجن‪،‬‬ ‫مصارعاً الصعوبة دامئاً‪ .‬املشاهد يتابع عمليّة املمثّل اإلبداعيّة وهو يحاول‪ ،‬عرب نحت الزمن أن‬ ‫يو ّحد الجسم مع الكلمة‪ .‬رغبة املمثّل هي أن يقصف الجمهور إلغراقه‪ .‬عليه أن يكون مصيباً وشاعرا ً‬ ‫باملواجهة املبارشة‪ .‬يصبح املرسح ساحة حرب‪.‬‬ ‫جامليّة املرسحيّة تنشأ من حركيّة عالقة الجسم بالزمن والذاكرة‪ .‬من خالل هذه العالقة يُط َرح‬ ‫األسايس « ِب َم يتعلَّق األمر»‪ ،‬وهو سؤال ال يحتمل طبعاً أجوبة حتميّة‪ ،‬بل يحفّز‬ ‫الوجودي‬ ‫السؤال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املمثّل باستمرار إىل بحث أعمق حول أصل الصوت‪ ،‬والكلمة‪ ،‬وأبعاد اللغز اإلنسا ّين املتعدّدة‪.‬‬ ‫يكشف الزمن أشكال الذاكرة‪ ،‬أي تلك البَدئيّة‪ ،‬يلقي الضوء عىل البنية ويو ّحد الجسم بالروح‪ .‬ينفجر‬ ‫الزمن‪ ،‬واملمثّل يشعر يف العمق أنّه يشارك يف هذا االنفجار‪ ،‬لك ّنه وبعد االنفجار يبقى أحد مك ّونات‬ ‫والنص واملمثّل‬ ‫الزمن‪ .‬سلوك الجسم املتع ّد ُد اإليقاع واملتسامي تبطل عقالنيّة العالقة بني املكان‬ ‫ّ‬ ‫حواسه وخياله‪.‬‬ ‫وامل ُتف ِّرج‪ .‬املتف ّرج مدع ّو للتواصل مع املمثّل عرب ّ‬ ‫‪50‬‬


‫الحزن‬ τῷ οὖν τόξῳ ὄνομα βίος, ἔργον δὲ θάνατος1223

ُ ‫َوس هو ال َع‬ ‫يش لكن فعلَه هو املوت‬ ِ ‫رديف الق‬ ُ

DK 22 [12] B 48. 12

51


‫رسة‪ ،‬ويجد نفسه‬ ‫ف ّن املمثّل هو ف ّن امل ُن َهزِم‪ .‬عندما يخرج الطفل من الرحم يبيك‪ ،‬ينقطع عن حبل ال ّ‬ ‫بعد دفء األ ّم يف الجليد‪ ،‬فيبيك؛ هذه هي الهزمية األوىل‪ ،‬صدمة كبرية‪ ،‬أ ّول خربة‪ .‬من اللحظة‬ ‫األوىل يتس ّجل األمل‪ ،‬ومن األمل يولد الحزن عىل الفقدان‪ ،‬ألنّه يفقد عامله ويحزن‪ .‬من اليوتوبيا‬ ‫الوجودي‪ .‬ليس هذا أىس ذا أسباب‬ ‫يخرج بش َجن‪ .‬وحتّى بسمته األوىل تولَد من الحزن‪ .‬تحمل األىس‬ ‫ّ‬ ‫اجتامعيّة‪ ،‬بل أىس عىل هول فقدان الكيان‪.‬‬ ‫يريد اإلنسان أن ينتصب‪ ،‬أن ينترص‪ ،‬يريد أن يص َري إلهاً‪ ،‬أن يرتقي سلّامً محاوالً أن ينظر يف‬ ‫عيني الله‪ ،‬فيطر ُحه الله إىل األسفل‪ ،‬وإذ يهوي منهزماً يف الفراغ ينوح ويحزن‪ .‬يُ َع َّب عن األمل‬ ‫بالنواح‪ ،‬يتس ّجل ُحزناً ويتع ّمق أىس وجوديّاً‪ .‬الكائن اإلنسا ّين كائ ُن حزن‪ ،‬وحزنه هو حزن الهزمية‬ ‫الكربى‪ .‬الحزن يغذّي االرتِجال املستم ّر خالل البحث عن إيثايك‪ -‬إيثايك البعيدة التي تخلق حالة‬ ‫الوجودي‪.‬‬ ‫ال متناهية من إعادة التصويب‬ ‫ّ‬ ‫العالقة مع املوت موجودة منذ الطفولة‪ ،‬التعايش والتعانق معه‪ .‬بدون هذه املصالحة‪ ،‬يحدّد الحيا َة‬ ‫الهرب من األمل واملوت‪ .‬عندها ينتظرك موت ِ‬ ‫ساخر‪ .‬اإلنسان بطبيعته حزين‪ .‬يحزن وكشخصيّة‬ ‫ُ‬ ‫والعشقي مع املوت‪ ،‬وهو ِصنو‬ ‫تراجيديّة يتابع إىل األبد مسريته الحزينة‪ .‬عناق املمثّل العميق‬ ‫ّ‬ ‫الجاذبيّة‪ ،‬يحدّد قيمة وأه ّميّة الف ّن‪ .‬املمثّل املتألّم يحزن ويجذب‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫الجاذب ّية‬ ἐδιζησάμην ἐμεωυτόν2413

‫سعيت يف طلب نفيس‬

DK 22 [12] B 101. 13

53


‫الجاذبيّة‪ ،‬التي تخبّئ يف داخلها هوى محرتِقاً‪ ،‬هي بنت املوت‪ ،‬وتحزن عىل الفقدان والهباء‪.‬‬ ‫الجاذبيّة املنتشية تحمل يف داخلها املوت اللذيذ‪ .‬إذ تسعى إىل الحياة تعانق املوت بشدّة‪ ،‬وإذ تالقي‬ ‫املوت تذهب إىل حياة أخرى‪ ،‬تخبّئ نواة الحزن‪ .‬عرب الحزن تصبح الجاذبيّة الوسي َط بني الحياة‬ ‫واملوت‪ ،‬كالعصافري التي تو ّحد العالَ َمني‪ .‬هذه الجاذبيّة امل ُ ّرة اآلتية من البعيد‪ ،‬من العامل اآلخر هي‬ ‫حارضة دامئاً يف عميل‪.‬‬ ‫إذا الحظتم متثال أفروذيت من جزيرة ميلوس‪ ،‬فستجدون أ ّن يف وضعيّتها جاذبيّة‪ ،‬لك ّنها إيحائيّة‪،‬‬ ‫توسع الزمن‪ ،‬تد ّور زواياه‪،‬‬ ‫كأ ّن ق ّوة أخرى اجتاحتها‪ ،‬وما بقي لها صار نشيجاً‪ .‬جاذبيّة أفروذيت ّ‬ ‫الحب‪ .‬الجاذبيّة تخبّئ شوقاً محرتقاً‪ ،‬هي كأغنية يصدح بها‬ ‫ليجرحه بشكل مبارش رأس سهم إله‬ ‫ّ‬ ‫ألف صوت ساحر‪ ،‬وإذا كانت الجاذبيّة بنت املوت فهي أخت الحزن‪.‬‬ ‫املمثّل املنتيش يجذب‪ ،‬الجاذبيّة تَح َزن‪ ،‬والحزن يجذب‪ .‬يكرب خوفه البدا ّيئ من الفراغ‪ ،‬ألنّه يف‬ ‫يحس الفرا َغ‬ ‫الفراغ تحدث ّ‬ ‫كل األمور التي ال تُف ََّس‪ .‬يخاف الفرا َغ ويشعر بجاذبيّته يف نفس الوقت‪ّ .‬‬ ‫كبحر ميت‪ ،‬راكد‪ .‬يخاف النوا َة الفارغة‪ ،‬ألنّها تحوي الاليشء‪ ،‬غري أ ّن املمثّل الذي يجذب يسري‬ ‫عىل الفراغ‪ ،‬عىل الاليشء‪.‬‬ ‫الفراغ‪ .‬ما هو الفراغ؟ ماذا يحصل يف هذه املنطقة الغاية يف األه ّميّة؟ يف املرسح عادةً‪ ،‬يُ َع ّد الفراغ‬ ‫من املح َّرمات‪ .‬يرى املمثّل الفراغ كه ّوة تشكّل له خطر السقوط والفناء فيها‪ .‬كأنّ ا املوت يَظ َهر‬ ‫ُ‬ ‫والخوف من العامل اآلخر‪ .‬الفراغ يهدّد املمثّل‪ ،‬يُقلقه‪،‬‬ ‫للحظة‪ ،‬يَظ َهر زم ُن الفراغ‪ ،‬زم ُن املوت‪،‬‬ ‫لذلك يحاول عىل عجلة أن يحجبه‪ .‬يستعجل إلغالق اله ّوة‪ ،‬لطردها‪ ،‬ألنّها تُسبّب له الخوف‪ .‬إنّه‬ ‫الخوف من الفراغ‪ ،‬ألنّنا من خالل الخوف نعرب إىل الكابوس‪ ،‬وهو ما نخشاه ونُبْ ِعدُه‪.‬‬ ‫الفراغ‪ ،‬البحر الراكد‪ ،‬مطرح اختامر جو ّيف‪ ،‬لغز سفنكس‪ .2514‬الف ّنان يج ّن لغياب مركز النواة‪ .‬يريد‬ ‫أن يغطّي الفراغ باملوت‪ ،‬بالجنون‪ ،‬وباألحرى بالف ّن‪ .‬يشعر بجاذبيّة نواة الجسم امليت الفارغة‪.‬‬ ‫صورة الجاذبيّة تصبح لغزا ً‪ .‬الفراغ مرادف للجنون‪ ،‬واملوت والحزن والجاذبيّة‪ .‬يفكّر بالفراغ بني‬ ‫خطَّني‪ ،‬باملسافة الكبرية‪ ،‬بالوقفة الفارغة‪ ،‬يج ّن‪ .‬يحاول أن يرى الفراغ من جهة املوت‪ ،‬من جهة‬ ‫األسطوري عىل املا ّرة يف مدينة طيبة اليونان ّية التايل‪« :‬ما هو الكائن الذي يسري عىل أربعة‬ ‫‪ 14‬إنّه اللغز الذي كان يطرحه مخلوق السفنكس‬ ‫ّ‬ ‫يدب فيميش ث ّم يتعكّز‪ .‬فهوى املخلوق‬ ‫كل َمن مل يجِد ّ‬ ‫فاثنني فثالثة؟»‪ّ .‬‬ ‫حلً لقي حتفه إلّ أوديب الذي فاجأ السفنكس بجوابه‪« :‬اإلنسان»‪ ،‬إذ ّ‬ ‫عن صخرته وقىض‪ .‬هذا اللغز طُر َِح عىل الناس ليفتكروا يف مسريتهم‪ ،‬ليواجهوا مآلَهم‪ ،‬ويعوا نفسهم‪.‬‬ ‫‪54‬‬


‫العامل اآلخر‪ ،‬من جهة القتل‪ .‬القتل‪ ،‬عمل ف ّن ّي‪ِ ،‬عشقيّة صافية‪ .‬يعي املمثّل أ ّن يف الفراغ يقطن‬ ‫العشق واملوت‪ .‬يحزن‪ .‬الحزن مرتبط بكونه مائت‪ ،‬فيحاول أن ينتقل من حياة أعمق إىل حياة‬ ‫أُخرى‪ ،‬إىل الخَلق‪ .‬متوت األدوار‪ ،‬الواحد تلو اآلخر‪ ،‬وتصبح أطيافاً وموىت‪ .‬يكرب الفراغ ويقطن‬ ‫فيه الجنون واملوت والحزن والجاذبيّة‪ .‬تصبح خشبة املرسح مرآة لهذه كلّها‪.‬‬ ‫يوسع الزمن‪ ،‬يرى نفسه يف املرآة حتى يصبح هو نفسه مرآة‬ ‫مرآة املمثّل واملتف ّرجني‪ .‬املمثّل‪ ،‬إذ ِّ‬ ‫تشمل املتف ّرجني أيضاً‪.‬‬ ‫يتكس إىل ألف قطعة‪ .‬الشظايا ترقص ويف نفس‬ ‫يتمدّد النظر حتّى ينفجر انعكاسه يف املرآة‪ ،‬حتّى ّ‬ ‫الوقت تعيد خلق صورته‪ ،‬صورة جديدة‪ ،‬صورة ذاته األخرى التي تنعكس فيها هيئة ذيونيسوس‪.‬‬ ‫وهو إله املرسح‪ .‬ينظر يف عمق عي َني ذيونيسوس‪ ،‬يسافر يف الدهليز وتكتنفه طاقته‪ .‬ومبعيّة لَ ْه و‬ ‫ذيونيسوس امل ِ‬ ‫ُخصب يسا ِف ُر إىل التَسامي‪.‬‬ ‫رصف باستقالل عنه‪ .‬اآلخر‪ ،‬بصفته إسقاطاً لجسم‬ ‫خالل ّ‬ ‫كل هذا السفر تظهر ذاته األخرى‪ ،‬التي تت ّ‬ ‫يستقل املزاج بحيث يكون‬ ‫ّ‬ ‫مفسا ً‪ .‬كام يف الحياة‪ ،‬م ّرات كثرية‬ ‫فس َّ‬ ‫رسد مرسودا ً‪ ،‬يُ ِّ‬ ‫املمثّل‪ ،‬يَ ُ‬ ‫املرسحي‪ ،‬نقول شيئاً ونقصد شيئاً‬ ‫الشخص يف مكان ومزاجه يف مكان آخر‪ .‬التَورية هي املبتغى يف الف ّن‬ ‫ّ‬ ‫آخر‪ ،‬نقول شيئاً وإذ نقوم بعمل أ نل ّمح إىل الطريق نحو ب‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫املمثّل‬ πάντα χωρεῖ καὶ οὐδὲν μένει1526

‫كل يشء يتح ّرك وال يشء يبقى‬ ّ

DK 22 [12] A 6. 15

56


‫يريد املمثّل منذ عقود أن يخرج من إطار الطبيعيّة ويكشف نفسه عىل مستويات أخرى‪ ،‬أن يصبح‬ ‫آلة قادرة عىل التأليف من غري أن يربز هذه القدرة عىل أنّها مهارة من الطراز األ ّول‪ .‬املمثّل كائن‬ ‫حي ابن زمننا‪ ،‬له هموم اجتامعيّة وسياسيّة وعقائديّة‪ ،‬لك ّنه ال يعيشها بإطناب وتربير وهوس‪ .‬يريد‬ ‫ّ‬ ‫أن يتكلّم عىل الدراما املعارصة‪ ،‬وأن يعيد تحديد مبادئ حياته وف ّنه األساسيّة‪.‬‬ ‫ال يجب أن يل ّوث املمثّل نفس املتف ّرج‪ ،‬بل أن يهذّبها‪ .‬إذا كان عاجزا ً أن يقول ما يريده بطريقة‬ ‫شعريّة‪ ،‬بحيث يهذّب ويرفع ويسمو باآلخَر الذي أمامه‪ ،‬فمن األفضل ألّ يقول له شيئاً‪.‬‬ ‫عىل املمثّل أن يتعامل من خالل ف ّنه مع اإلنسان املعارص‪ ،‬أل ّن الخوف‪ ،‬واالنسالخ عن الذات‬ ‫وسوء استعامل التكنولوجيا جعلته بال جسد‪ ،‬وح ّولته بالنهاية إىل سلعة‪ ،‬إىل كائن أدىن من اإلنسان‪.‬‬ ‫اإلنسان املعارص يصغر‪ ،‬يخرس جسمه‪ ،‬ونفسه‪ ،‬وطاقته‪ ،‬يصبح متلقّيا ومنقادا ً‪ .‬أسلوب الحياة‬ ‫املعارص ال يفعل شيئاً آخر سوى إعادة إنتاج الجسم اآل ّين الصغري‪ ،‬سوى االستمرار يف تقليص‬ ‫مم نظ ّن‪ .‬الجسم كعالَم ذي مجا ٍر مفتوحة هو املبتغى‪ .‬الفكرة‬ ‫اإلنسان‬ ‫العادي‪ .‬لك ّن فكرة الجسم أكرب ّ‬ ‫ّ‬ ‫العظمى عن الجسم‪ -‬الجسم كملحمة‪ -‬الفكرة العظمى عن الف ّن والحياة‪ ،‬هذا هو املبتغى‪ .‬الفكرة عن‬ ‫الجسم أكرب من الجسم‪ ،‬والفكرة عن الف ّن أكرب من الف ّن‪.‬‬ ‫كل ما يف العامل املعارص يَتألَّم‪ ،‬ال يشء يَف َرح‪ .‬عندما ترى ناساً‬ ‫املدينة املعارصة جعلتنا بال جسم‪ّ .‬‬ ‫يف الطريق‪ ،‬ترى وجوهاً جامدة‪ ،‬حزينة‪ ،‬بُكا ًء أبكم‪ ،‬حزناً ال حزن عليه‪ .‬ما هو اإلنسان؟ هل غايته‬ ‫هي أن يَهيم و يُن ِتج؟ ال يبيك الناس هذه األيّام‪ ،‬وال يضحكون‪ ،‬إنّهم بُك ٌم‪ ،‬ال يرقصون‪ ،‬وال يغ ّنون‪.‬‬ ‫أحادي البعد وانطوائيّاً‪ ،‬غرضاً ال قدرة له عىل أن يتبدّل‪ .‬أصبح هناك فكرة‬ ‫اإلنسان بات رقامً‪ ،‬بات‬ ‫ّ‬ ‫ُمتَضَ ْع ِضعة عن الحياة والف ّن واملوت‪.‬‬ ‫نحن‪ ،‬مبدعي املرسح‪ ،‬نريد أن نعيد تحديد قيمة اإلنسان‪ .‬عرب الجسم والروح والكلامت والطاقة‬ ‫والتسامي‪ .‬إ ّن ما أقوله هو مناشدة‪ ،‬هو رصخة بوجه ما يجري فقدانه‪ ،‬لك ّنه مل يُفقَد إىل غري رجعة‬ ‫أل ّن الجسم يحمل األمل‪ .‬الله مل يعد موجودا ً اليوم‪ ،‬وصار اإلله هو امل َْصِف‪ ،‬والبورصة التي‬ ‫تهدّدنا‪ .‬فكرة اإلله متيل إىل الزوال‪ ،‬وهي فكرة الق ّوة التي تتخطّانا‪ ،‬التي تحفّزنا؛ ونحن بدورنا‪ ،‬إذ‬ ‫صدامي ليك يكون مجا ِهدا ً‪.‬‬ ‫نسعى إىل أن نتملّكها ونتخطّاها‪ ،‬تحفّزنا ونصري صداميّني‪ .‬املمثّل‬ ‫ّ‬ ‫يهدّد أل ّن الطاقة الذيونيسيّة هدّامة أيضاً‪ .‬جسمه حامل لطاقة ذات وجهني‪ ،‬العشق واملوت‪.‬‬ ‫عرب املوا ّد التي منلكها‪ ،‬وهي موا ّد اإلنسان‪ ،‬واإلنسانيّة‪ ،‬نصارع لنخلق عمالً له طابع املناشدة‪،‬‬ ‫‪57‬‬


‫ثيوذوروس تريزوبولوس مع فرقته أثناء االستعدادات‪.‬‬ ‫تصوير‪Johanna Weber :‬‬





‫ليكون عرضاً من املستقبل‪ ،‬كأنّه مناشدة من املستقبل‪ .‬لك ّن لِام نقوم به معنى فقط عندما نصارع‬ ‫لتوسيع األفق‪ .‬ندخل يف العمق‪ ،‬وهناك‪ ،‬يف الداخل نقوم باملعركة‪ .‬وعندما نريد أن نستنفد املادّة‬ ‫الطبيعي وعىل‬ ‫فهناك عدّة مسائل‪ :‬يجب أن نأخذ بعني االعتبار إيقاعات الزمن الطبيعيّة‪ ،‬وخيالها‬ ‫ّ‬ ‫وجه العموم حالتها الطبيعيّة واملكان الذي ت ُخلَق فيه‪ .‬بهذا املعنى‪ ،‬نسرب مجاالً أعمق وأوسع‪،‬‬ ‫وكل ما هو أسفل‬ ‫كل ما يعلو إىل السامء هو يف عمق نواة األرض‪ّ ،‬‬ ‫محاولني أن نخلق أفقاً جديدا ً‪ّ .‬‬ ‫هو أعىل‪ ،‬هذه طاقة نواة الوقت العظمى التي تجتاز الكون‪.‬‬ ‫كل يشء ليُعاد تشكيل األشياء‬ ‫ما هي الحداثة؟ هي انفجار نواة الكالسيكيّة‪ .‬إنّها هذه العمليّة التي تهدم ّ‬ ‫إبداعيّاً‪ .‬لهذا نحلّل الجسم‪ ،‬ألنّنا بالجسم املنغلق املتامسك ال ميكننا أن نعي عمليّة تضخيم الزمن‪.‬‬ ‫الجسم يف حالته الطبيعيّة يولّد املشاعر فقط‪ ،‬وعادة يقودنا هذا إىل مرجعيّة الذات‪ ،‬إىل السرية‬ ‫الذاتيّة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫لغي‬ ‫إ ّن املمثّل‪ ،‬من أيّام املرسح القديم‪ ،‬هو تعريف الجسم‪ ،‬هو مرادف الجسم‪ .‬يف العامل املعارص أ َ‬ ‫الجسم وأصبح اإلنسان دمية للرأسامليّة‪ ،‬يو َجد لخدمة الرأسامليّة‪ .‬عىل املرسح اليوم أن يعيد‬ ‫الكل وأن ين ّميها ِب ُخلُق‪ .‬يجب أن يكون املمثّل مركز العمليّة املرسحيّة‬ ‫استحضار فكرة الجسم ّ ّ‬ ‫والحواس‪ ،‬هي دعوة متح ِّرقة يف‬ ‫بوعي ومعرفة وجهاد‪ .‬تنمية الجسم‪ ،‬هيكل الحاالت والغرائز‬ ‫ّ‬ ‫زمننا الذي تهدّده الهمجيّة باستمرار‪.‬‬ ‫يعب دامئاً عن هاجسه‪ :‬أ ّن املرسح‬ ‫تغي العامل‪ ،‬وعىل املمثّل أن ين ّمي نقدا ً ب ّناء لألمور وأن ّ‬ ‫لقد ّ‬ ‫عم نعرفه حتّى اليوم وأنّه يجب أن ينمو يف وجهة أخرى‪ .‬يجب أن نرى املرسح بشكل‬ ‫يختلف ّ‬ ‫أشمل من خالل ف ّن املمثّل‪ .‬هذه درب املرسح يف القرن الحادي والعرشين‪ ،‬القرن الذي وسمته‬ ‫الصدامي ضاعت‪،‬‬ ‫منفي‪ ،‬فكرة اإلنسان‬ ‫عمليّات إعادة تحديد االت ّجاهات‪ .‬ذيونيسوس غائب‪ ،‬إنّه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واختفت الطريق إىل االعتدال‪ ،‬والتناغم‪ ،‬وإيثايك‪ .‬أتُرى سيُ َ‬ ‫عث عليها من جديد؟ لن يقول املرسح‬ ‫كلمته األخرية أبدا ً‪ .‬هل سيعود ذيونيسوس؟‬

‫‪62‬‬


‫التمرين‬ Περὶ μεγέθους ἡλίου εὖρος ποδὸς  νθρωπείου271

‫عرض الشمس بحجم رجل اإلنسان‬

DK 22 [12] B 3. 1

63


‫يتحض املمثّلون‪ ،‬قبل مترين التفكيك‪ ،‬واالستعدادات واملرسحيّة‪ ،‬ملدّة ساعة تقريباً عرب حلقة‬ ‫ّ‬ ‫التامرين هذه‪ .‬أثناء التامرين‪ ،‬يح ّمي املمثّلون‪ ،‬وهُم يف حال تركيز‪ ،‬جسمهم وصوتهم‪ ،‬مي ّرنون‬ ‫الحجاب الحاجز وتنف َّسهم‪ .‬يشهقون ويزفرون جميعهم معاً‪ .‬هذا يساعدهم عىل التواصل والتنسيق‬ ‫أثناء التامرين التي تت ّم يف حلقة‪ ،‬يف نفس الوقت من ِقبل املجموعة‪ .‬تن ّمي التامرين اإلحساس‬ ‫التطبيقي يف االستعدادات والعرض‪.‬‬ ‫باملجموعة وهو ما ينسحب عىل البُعد‬ ‫ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫يقف املمثّل منتصباً وقدماه متالصقتان‪ ،‬الركبتان مرتخيتان ومنثنيتان قليالً‪ .‬يركّز عىل نقطة قبالته‪.‬‬ ‫الفقري مستقيمة بالنسبة إىل‬ ‫الكتفان‪ -‬كام اليدان‪ -‬مرتخيتان‪ ،‬ال ُعص ُعص ينغلق إىل الداخل‪ .‬العمود‬ ‫ّ‬ ‫كل الجسم‬ ‫املثلّث لترتك املجال مفتوحا للرئتني والحجاب الحاجز يك ينتقل هواء التنفّس بح ّريّة يف ّ‬ ‫املحيطي يف املكان‪ .‬يتنفّس‬ ‫يوسع نظره‬ ‫طوال التمرين‪ .‬من خالل النقطة التي يركّز عليها املمثّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫من األنف والفم ويدفع الهواء إىل قعر الرئتني مف ِّعالً الحجاب الحاجز وحتّى األعضاء التناسليّة‬ ‫واملنطقة ال َقطَنيّة‪ .‬الزفري مع نطق حرف «السني» الذي يستم ّر طوال التمرين مي ّرن عضالت الفم‬ ‫كل م ّرة‪ .‬يف هذا املقام‪ ،‬كل‬ ‫الرضوري إلخراج الصوت ّ‬ ‫والشفتني واللسان بحيث تستهلك الهواء‬ ‫ّ‬ ‫كل زفري تا ٍل يجب أن تكون أطول قليالً ليك يتمدّد‬ ‫املجموعة تشهق وتزفر يف نفس الوقت‪ .‬مدّة ّ‬ ‫مجال الرئتني تدريجيّاً‪ .‬يتك ّرر هذا التمرين لثالث أو خمس دورات تنفّس بصمت‪.‬‬ ‫‪2‬‬ ‫يتّخذ املمثّل الوضعيّة األوىل‪ .‬مع هواء الزفري يح ّرك رأسه وعينيه إىل اليسار‪ .‬يتناسق الرأس‬ ‫والعينان للتح ّرك معاً‪ .‬يف نهاية الزفري ينظر املمثّل إىل يساره بالضبط‪ .‬يتح ّرك بزمن بطيء بقدر‬ ‫دَوام هواء الزفري‪ .‬مع انتهاء الزفري يشهق املمثّل بالحجاب الحاجز‪ ،‬وأثناء الزفري التايل يح ّرك‬ ‫الفقري مستقيامً بالنسبة إىل العمود املثلّث‪ .‬يكتمل‬ ‫رأسه إىل اليمني‪ .‬تبقى الركبتان منثنيتني والعمود‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫التمرين بعد تحريك الرأس ثالث م ّرات إىل اليسار وثالثاً أ َخ َر إىل اليمني‪ .‬يف النهاية تعود‬ ‫املجموعة إىل الوضعيّة األوىل‪.‬‬ ‫‪64‬‬


‫‪3‬‬ ‫ينقل املمثّل رأسه وعينيه إىل األعىل ببطء‪ .‬تدوم الحركة دوام هواء الزفري‪ .‬مع انتهاء الزفري‪،‬‬ ‫يتنفّس املمثّل بالحجاب الحاجز وأثناء الزفري التايل يح ّرك رأسه وعينيه إىل األسفل‪ .‬ال يجب أن‬ ‫الرأس لدرجة أن ينكرس العنق وال أن ينحني فينغلق‪ .‬يكتمل التمرين بعد تحريك الرأس ثالث‬ ‫يعلو ُ‬ ‫ُ‬ ‫م ّرات إىل األعىل‪ ،‬وثالثاً أخ َر إىل األسفل‪ .‬يف النهاية تعود املجموعة إىل الوضعيّة األوىل‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫كل استدارة تت ّم بزمن‬ ‫مع الزفري‪ ،‬يرسم املمثّل برأسه وعينيه دائرة كاملة من اليسار إىل اليمني‪ّ .‬‬ ‫بطيء وتدوم مدّة هواء الزفري‪ .‬بعد إمتام ثالث استدارات من اليسار إىل اليمني‪ ،‬توازي ثالث م ّرات‬ ‫كل‬ ‫زفري‪ ،‬يك ّرر املمثّل العمليّة نفسها من اليمني إىل اليسار هذه امل ّرة‪ .‬من الالزم أن تنتظم ّ‬ ‫املجموعة يف التنفّس واستدارة الرأس‪.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫املمثّل يف الوضعيّة األ ّوليّة؛ يتنفّس عميقاً من خالل الحجاب الحاجز‪ .‬بعد الشهيق األ ّول يركّز عىل‬ ‫الزفري يف التمرين‪ ،‬ويرتك الهواء ينساب بح ّريّة يف الجسم‪ .‬مع الزفري‪ ،‬وبإيقاع رسيع يح ّرك الرأس‬ ‫يسارا ً ومييناً‪ّ .‬‬ ‫كل حركة يسارا ً أو مييناً يُقابِلها زفري‪ .‬األمر الرئيس‬ ‫الفك والشفتان بحال ارتخاء‪ّ .‬‬ ‫بكل حركة‪.‬‬ ‫لكل حركة للرأس يصدر دامئاً عن املثلّث‪ ،‬وهكذا يتولّد اإلحساس بأ ّن الجسم يشارك ّ‬ ‫ّ‬ ‫نقطة الرتكيز التي كانت يف البداية قبالة املمثّل مبارشة‪ ،‬تتح ّرك اآلن تارة مييناً وطورا ً يسارا ً‪ ،‬وفق‬ ‫كل املجموعة التمرين بنفس اإليقاع‪.‬‬ ‫حركة الرأس والعينني‪ .‬تطبّق ّ‬ ‫‪6‬‬ ‫كل العمليّة التي ت ّم توسيعها أعاله تك ّرر مع تحريك املمثّل رأسه صعود ا ً ونزوالً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪7‬‬ ‫املمثّل يف الوضعيّة األ ّوليّة؛ أثناء الزفري مع نطق «السني» يُدير كتفه اليُمنى من األمام إىل الخلف‪.‬‬ ‫‪65‬‬


‫عندما يعود إىل الوضعيّة األوىل‪ ،‬يشهق الهواء‪ .‬وعند الزفري التايل يك ّرر الدورة‪ .‬يكتمل التمرين‬ ‫بثالث استدارات لكال الكتفني من األمام إىل الوراء‪ .‬بعد ذلك يتك ّرر التمرين من الوراء إىل األمام‬ ‫لثالث استدارات للكتف اليمنى وثالث لليرسى‪ .‬يجب أن يجد املمثّل‪ ،‬أثناء التمرين‪ ،‬أقىص نقطة‬ ‫حركة يك يتمكّن من القيام بدورة كاملة‪.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫إكامالً لِلتمرين السابق‪ ،‬يقوم املمثّل‪ ،‬من الوضعيّة األ ّوليّة وملدّة الزفري‪ ،‬بإدارة الكتفني معاً من‬ ‫األمام إىل الوراء‪ .‬عندما يصل إىل الوضعيّة األ ّوليّة يشهق الهواء‪ ،‬ويف الزفري التايل يك ّرر الدورة‪.‬‬ ‫يكتمل التمرين بثالث استدارات للكتفني من األمام إىل الوراء مع تكرار التمرين بثالث استدارات‬ ‫معكوسة‪ ،‬من الوراء إىل األمام‪.‬‬ ‫‪9‬‬ ‫املمثّل يف الوضعيّة األ ّوليّة؛ يتنفّس عرب الحجاب الحاجز‪ .‬بعد الشهيق األ ّول يركّز عىل الزفري يف‬ ‫كل زفري يوازي إحدى‬ ‫التمرين‪ .‬مع الزفري يح ّرك الكتفني معا إىل األعىل واألسفل بإيقاع رسيع‪ّ .‬‬ ‫كل الجسم‬ ‫حركات الكتفني‪ .‬األمر الرئيس للحركة يصدر دامئا عن املثلّث‪ .‬تف ّعل الركبتان املنثنيتان ّ‬ ‫كل املجموعة التمرين بنفس اإليقاع‪.‬‬ ‫من الوسط وما دونه‪ .‬تطبّق ّ‬ ‫‪10‬‬ ‫من الوضعيّة األوىل‪ ،‬ومع هواء الزفري‪ ،‬يرفع املمثّل يديه إىل األعىل ببطء‪ ،‬كأنّهام امتداد لعموده‬ ‫الفقري‪ .‬يتبعهام الرأس‪ .‬هذه امل ّرة تنتقل نقطة الرتكيز إىل األعىل‪ .‬تحريك اليدين والرأس مبوازاة‬ ‫ّ‬ ‫كل املجموعة يف نفس الوقت‪ .‬يف هذه الوضعيّة ال يتمدّد املثلّث إىل الخلف‪ ،‬بل‬ ‫الزفري تقوم به ّ‬ ‫الفقري ليك يسند الجسم ويف ّعله‪ .‬مع هواء الزفري‪ ،‬وبإيقاع رسيع‪ ،‬يرفع‬ ‫يبقى عىل تقاطع مع العمود‬ ‫ّ‬ ‫املمثّل يديه بالتواتر‪ ،‬كأنّه يريد أن يالمس السقف‪ .‬كام يف ما سبق من التامرين املامثلة‪ ،‬يأخذ‬ ‫الرئييس من الحجاب الحاجز ويركّز يف باقي التمرين عىل الزفري‪ .‬مع أ ّن التمرين‬ ‫املمثّل نفسه‬ ‫ّ‬ ‫كل حركة يصدر من املثلّث‪.‬‬ ‫مقترص عىل الجزء األعىل من الجسم‪ ،‬إال أ ّن أمر ّ‬ ‫‪66‬‬


‫‪11‬‬ ‫املمثّل منتصب ورجاله متالصقتان‪ ،‬الركبتان منثنيتان قليالً‪ .‬يداه تبقيان مرفوعتني مبوازاة‬ ‫الفقري‪ .‬يتنفّس املمثّل عميقاً‪ .‬بعد أربعة أزمنة‪ ،‬تساوي أربع م ّرات‬ ‫بعضهام‪ ،‬وكأنّهام امتداد لعموده‬ ‫ّ‬ ‫زفريا ً‪ ،‬مييل الجسم إىل اليسار بقدر ما يلزم لينفتح الجانب األمين‪ .‬اليد اليرسى مبوازاة الرجل‬ ‫اليرسى يف حني أ ّن اليد اليمنى تعلو فوق الرأس ليساعد عىل فتح األضلع‪ .‬يف األزمنة الرابعة‬ ‫التالية‪ ،‬مييل الجسم إىل الجانب األمين‪ .‬اآلن اليد اليمنى موازية للساق اليمنى‪ ،‬بينام ترتفع اليد‬ ‫اليرسى فوق رأسه‪ ،‬لتسهيل فتح الجانب األيرس‪ .‬يت ّم تكرار التمرين بالتناوب إىل اليسار واليمني‬ ‫برسعة متزايدة‪ .‬يف نهاية التمرين‪ ،‬يعود الجميع إىل الوضع األو ّيل مع رفع اليدين‪ ،‬الواحدة مبوازاة‬ ‫الفقري‪.‬‬ ‫األخرى‪ ،‬كامتداد للعمود‬ ‫ّ‬ ‫‪12‬‬ ‫إنطالقاُ من الوضعيّة أعاله‪ ،‬يلتقط املمثّل الرسغ األمين بكفّه اليرسى‪ .‬مع الزفري وبإيقاع بطيء‪،‬‬ ‫مييل الجسم إىل اليسار مبا يكفي لفتح الجانب األمين‪ .‬يف هذه الوضعيّة‪ ،‬يتنفّس املمثّل بعمق وببطء‪.‬‬ ‫أثناء زفري واحد‪ ،‬يح ّرك جسمه إىل اليمني مبا يكفي لفتح الجانب األيرس‪ .‬أثناء االنتقال من الجانب‬ ‫بالكف اليمنى‪ .‬يكتمل التمرين بعد تكراره‬ ‫األيرس إىل الجانب األمين‪ ،‬ميسك املمثّل الرسغ األيرس‬ ‫ّ‬ ‫الرضوري الحفاظ عىل‬ ‫كل منها‪ ،‬من‬ ‫ثالث م ّرات من جهة اليسار وثالث من جهة اليمني‪ .‬خالل ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفقري واستقامته بالنسبة إىل املثلّث‪ ،‬بحيث تبقى منطقة الرئتني مفتوحة‬ ‫اإلحساس بتفعيل العمود‬ ‫ّ‬ ‫وال تضغط الحجاب الحاجز‪.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫يف نهاية التمرين أعاله‪ ،‬يعود املمثّل إىل االنتصاب وقدماه متالصقتان‪ ،‬وركبتاه مرتخيتان‬ ‫تظل اليدان ممدودتَني‪ ،‬الواحدة مبوازاة األخرى‪ ،‬كأنّها‬ ‫ومنثنيتان قليالً‪ .‬نقطة الرتكيز أمامه مبارشة‪ّ .‬‬ ‫امتداد للعمود الفقري‪ .‬مع الزفري تنزل اليدان إىل الجانبني‪ ،‬إىل مستوى الكتفني‪ .‬الكتفان مسرتخيتان‬ ‫الفقري يتقاطع مع املثلّث‪ .‬خالل الزفري التايل‪ ،‬يرفع املمثّل أصابعه وكفّيه إىل أعىل‪.‬‬ ‫والعمود‬ ‫ّ‬ ‫األصابع مشدودة ومتالصقة‪ .‬يف الزفري التايل تنخفض الكفّني واألصابع إىل أسفل‪ .‬أثناء التمرين‬ ‫‪67‬‬


‫يحافظ املمثّل باستمرار عىل صلته باملثلّث‪ .‬يكتمل التمرين يف ثالث حركات للكفني واألصابع‬ ‫صعودا ً وهبوطاً‪.‬‬ ‫‪14‬‬ ‫بعد التمرين السابق‪ ،‬يكون املمثّل منتصباً ويداه ممدودت َني عىل مستوى الكتفني‪ .‬تبقى األصابع‬ ‫متالصقة‪ ،‬ولكن هذه املرة يف خ ّط اليدَين‪ .‬أثناء الزفري‪ ،‬يقوم املمثّل بتحريك يديه إىل األمام عىل‬ ‫الكف‬ ‫ارتفاع الصدر‪ .‬تبقى األصابع متالصقة باستقامة إىل األمام‪ .‬خالل الزفري التايل‪ ،‬يُدير املمثّل ّ‬ ‫الكف اليمنى باتجاه اليمني واليرسى باتجاه‬ ‫الكف ‪ -‬الرسغ‪ .‬تدور ّ‬ ‫بأكملها بالتسلسل التايل‪ :‬األصابع ‪ّ -‬‬ ‫الكف ثالث م ّرات‪ .‬يعود املمثّل إىل‬ ‫اليسار‪ .‬تستدير الكفّان يف وقت واحد‪ .‬يكتمل التمرين باستدارة ّ‬ ‫‪15‬‬ ‫املمثّل يف الوضعيّة املذكورة أعاله‪ ،‬يركّز مبارشة أمامه‪ .‬تبقى الركبتان مرتخيتني ومنثنيتني‬ ‫الفقري يتقاطع مع املثلّث‪ .‬يشهق من خالل األنف والفم بعمق يف الحجاب الحاجز‪.‬‬ ‫قليالً‪ .‬العمود‬ ‫ّ‬ ‫كل زفري‪ ،‬ولثالثة أزمنة‪ ،‬مرتبطة بثالث‬ ‫يركّز بعد الشهيق األ ّول عىل الزفري يف التمرين‪ .‬مع ّ‬ ‫م ّرات زفري‪ ،‬تتقاطع اليدان املمدودتان إىل األمام مبارشة بالتناوب‪ .‬يف الزمن الرابع (املرتبط‬ ‫بالزفري الرابع) متت ّد اليدان إىل الجانبني‪ ،‬مام يؤدّي إىل توسيع منطقة الق َّص إىل حدودها القصوى‪.‬‬ ‫تتك ّرر دورة الزفري أربع م ّرات برسعة متزايدة‪ .‬أثناء التمرين‪ ،‬يحافظ املمثّل عىل إحساس جيّد‬ ‫يظل الجسم مستقرا ً‪ ،‬عىل الرغم من التوتّرات التي‬ ‫الفقري‪ ،‬بينام ّ‬ ‫ج ّدا ً باملثلّث بالنسبة إىل العمود‬ ‫ّ‬ ‫متا َرس عليه‪.‬‬ ‫كل املجموعة بالتمرين يف نفس اإليقاع‪ ،‬وينتهي باليدين متتدّان إىل الجانبني عىل مستوى‬ ‫تقوم ّ‬ ‫يخف اللهاث ويعود‬ ‫ارتفاع الكتفني‪ .‬تبقى املجموعة بأكملها يف نفس الوضعيّة بصمت‪ ،‬حتّى ّ‬ ‫االتّصال بالحجاب الحاجز‪.‬‬

‫‪68‬‬


‫‪16‬‬ ‫املمثّل يف الوضعيّة األوليّة‪ .‬يداه ممدودتان إىل الجانبني عىل مستوى ارتفاع الكتفني‬ ‫كل زفري‪،‬‬ ‫املرتخيتني‪ .‬يركّز مبارشة أمامه‪ .‬بعد الشهيق األ ّول يركز عىل الزفري يف التمرين‪ .‬مع ّ‬ ‫تخلق اليدان دوائر متّحدة املركز تتّجه من األمام إىل الخلف‪ ،‬برسعة متزايدة‪ .‬يستم ّر محيط الدائرة‬ ‫التي ترسمها اليدان باالت ّساع‪ .‬تبقى الكتفان مرتخيتني طوال التمرين‪ ،‬لتسهيل زيادة رسعة اليدين‪.‬‬ ‫الفقري‪ ،‬بحيث يبقى الجسم‬ ‫الرضوري الحفاظ عىل إحساس جيّد ج ّدا ً باملثلّث بالنسبة إىل العمود‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل املجموعة التمرين بنفس اإليقاع‪ .‬تنتظم املجموعة من خالل الزفري‪ .‬يف ذروة‬ ‫ثابتا دامئاً‪ .‬تطبّق ّ‬ ‫كل املجموعة‬ ‫الصعودي والواحدة بإزاء األخرى‪ .‬تك ّرر ّ‬ ‫الرسعة‪ ،‬تتوقف اليدان فجأة يف االتّجاه‬ ‫ّ‬ ‫عكيس‪.‬‬ ‫التمرين بنفس اإليقاع‪ ،‬ولكن بشكل‬ ‫ّ‬ ‫‪17‬‬ ‫يف نهاية التمرين السابق‪ ،‬يكون املمثّل يف الوضع األو ّيل‪ .‬متت ّد يداه إىل الجانبني عىل مستوى‬ ‫ارتفاع الكتفني املرتخيتني‪ .‬مع الزفري‪ ،‬تنزل اليدان إىل الجانبني وتالمسان الرِجلَني‪ .‬املمثّل يف‬ ‫األسايس‪ .‬من هذه الوضعيّة‪ ،‬مع اإلحساس باملثلّث‪ ،‬يفتح املسافة بني الساقني‪ .‬يحافظ‬ ‫الوضع األ ّو ّيل‬ ‫ّ‬ ‫الفقري وإغالق‬ ‫عىل هذه الوضعيّة حتّى اللحظة التي ينزل فيها إىل األرض‪ .‬بتفعيل العمود‬ ‫ّ‬ ‫مم يولّد إحساساً قويّاً باالستعداد‬ ‫العصعص يف الداخل‪ ،‬يخلق املثلّث والقدمان قاعدة صلبة ج ّدا ً للجسم‪ّ ،‬‬ ‫والرسوخ العميق باألرض‪.‬‬ ‫يف هذه الوضعيّة‪ ،‬يتنفّس املمثّل بعمق يف الحجاب الحاجز واملنطقة ال َقطَنيّة‪ .‬بعد الشهيق األ ّول‪،‬‬ ‫يركّز عىل الزفري يف التمرين‪ .‬اليدان مرتخيتان متاماً‪ .‬من خالل االندفاعة التي تولّدانها مع كل‬ ‫الفقري مستقيم قياساً إىل بقيّة‬ ‫زفري‪ ،‬ترسامن دائرة يف محيط الجسم تُذكِّر بوظيفة البندول‪ .‬العمود‬ ‫ّ‬ ‫الجسم‪ .‬نقطة الرتكيز مبارشة لألمام‪ .‬املثلّث ال يزال ثابتاً متاماً وال تج ّره حركة اليدين يسارا ً أو‬ ‫مييناً‪ .‬يت ّم تنفيذ هذا التمرين بفضل رسعة دوران اليدين التي تزداد باستمرار‪ .‬حركيّة التمرين ليست‬ ‫األسايس لحركة اليدين عن‬ ‫يتأت الدفع من هواء الزفري‪ ،‬ويصدر األمر‬ ‫نتيجة للتوتّر العضيل‪ّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫املثلّث‪ .‬يف أقىص نقطة تط ّور لحركة اليدين‪ ،‬تنخفض الرسعة تدريجيّاً‪ ،‬حتّى تتوقّف اليدان عن‬ ‫الحركة وتبقيان مرتخيتني عىل جانبَي الجسم‪.‬‬ ‫‪69‬‬


‫‪18‬‬ ‫يل من املستقيمة البطنيّة‪ .‬يتنفّس من‬ ‫يض ّم املمثّل اإلبهامني والسبابتني ويضع يديه عىل الجزء السف ّ‬ ‫خالل األنف والفم بعمق يف الحجاب الحاجز‪ ،‬ويزفر مع الصوت «ها»‪ .‬مع كل شهيق وزفري‪،‬‬ ‫يل‪.‬‬ ‫ينفرج الوجه تدريجيّاً مع فتح الفم والعينني قدر اإلمكان‪ .‬إن انفراج الوجه ليس نتيجة للتوتّر العض ّ‬ ‫يوسع الوجه من الداخل‪ .‬املجموعة بأكملها تشهق وتزفر بنفس‬ ‫ينتج عن هواء الشهيق والزفري الذي ّ‬ ‫اإليقاع‪.‬‬ ‫‪19‬‬ ‫يل من املستقيمة البطنيّة واليمنى عىل ال ُعصعص‪ .‬أثناء‬ ‫يضع املمثّل اليد اليرسى عىل الجزء السف ّ‬ ‫الفقري متقاطعاً مع‬ ‫الزفري‪ ،‬ينتقل املثلّث إىل اليسار قدر اإلمكان‪ .‬تبقى الركبتان منثنيتَني والعمود‬ ‫ّ‬ ‫الفقري ونقطة الرتكيز اعتامدا ً عىل حركة املثلّث‪.‬‬ ‫تتغي الركبتان والعمود‬ ‫ّ‬ ‫املثلّث‪ ،‬ورغم ذلك‪ّ ،‬‬ ‫كل زفري الحق‪ ،‬يتحول املثلّث من املوضع السابق إىل الخلف‪ ،‬واليمني واألمام‪ .‬يف جميع‬ ‫خالل ّ‬ ‫كل املجموعة‬ ‫املواضع التي يتح ّول إليها املثلّث‪ ،‬يبحث املمثّل عن الح ّد األقىص للحركة‪ .‬تك ّرر ّ‬ ‫كل شهيق‬ ‫العكيس من اليسار إىل اليمني‪ّ .‬‬ ‫التمرين لثالث دورات بنفس اإليقاع‪ .‬ث ّم يت ّم ات ّباع املسار‬ ‫ّ‬ ‫يف ّعل الحجاب الحاجز يف اتّجاهات مختلفة‪ ،‬بحسب حركة املثلّث‪ .‬يف نهاية التمرين‪ ،‬يعود املمثّلون‬ ‫إىل الوضع األ ّو ّيل‪ .‬تبقى أيديهم يف الوضعيّة التي ات ّخذوها يف بداية التمرين‪.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫املمثّل يف الوضعيّة أعاله‪ .‬نقطة الرتكيز مبارشة إىل األمام‪ .‬بعد الشهيق األ ّول يركّز عىل الزفري‬ ‫يظل العمود‬ ‫كل زفري يوافق نقلة رسيعة للمثلّث إىل األمام والوراء‪ّ .‬‬ ‫يف التمرين‪ .‬يف هذا التمرين‪ّ ،‬‬ ‫كل‬ ‫الفقري مف َّعالً ومستقيامً‪ .‬الصدر ثابت وال يتأث ّر بحركات املثلّث إلّ كر ّد فعل فقط‪ .‬تطبّق ّ‬ ‫ّ‬ ‫املجموعة التمرين بنفس اإليقاع‪.‬‬ ‫‪21‬‬ ‫الفقري مستقيم‪ ،‬والعصعص ُمنغلق إىل الداخل‪،‬‬ ‫يجمع املمثّل يديه عىل ارتفاع الوجه‪ .‬العمود‬ ‫ّ‬ ‫‪70‬‬


‫والركبتان مستقيمتان أيضا بالنسبة إىل القدمني‪ ،‬من غري أن تنثنيا إىل الداخل‪ .‬أثناء الزفري‪ ،‬ينزل‬ ‫الفقري‪ .‬يف الزفري التايل‪ ،‬يرتفع ببطء إىل‬ ‫املمثّل ببطء يف وضعيّة القرفصاء‪ ،‬دون ثني العمود‬ ‫ّ‬ ‫كل املجموعة التمرين لخمس دورات تنفس تنتهي إىل وضعيّة القرفصاء‪.‬‬ ‫الوضع األو ّيل‪ .‬تك ّرر ّ‬ ‫‪22‬‬ ‫الفقري والرقبة مفتوحة‪ ،‬وذلك لتسهيل التنفس‪ .‬يتنفّس‬ ‫يف وضعيّة القرفصاء يت ّم تنشيط العمود‬ ‫ّ‬ ‫املمثّل بعمق يف الحجاب الحاجز وحتّى األعضاء التناسليّة‪ .‬يبقى يف هذه الوضعيّة مدّة خمس إىل‬ ‫سبع دورات تنفس‪ .‬وضعيّة القرفصاء هي الوضعيّة األمثل لرتكيز املمثّل قبل املرسحيّة‪ ،‬خاصة‬ ‫عندما ال يكون هناك وقت ٍ‬ ‫كاف لإلحامء‪.‬‬ ‫‪23‬‬ ‫يجلس املمثّل عىل األرض‪ .‬كفّاه وقدماه عىل األرض‪ .‬يداه مفتوحتان امتدادا ً للكتفني‪ ،‬بالقرب من‬ ‫الجسم قدر اإلمكان‪ .‬الرجالن مستقيمتان‪ ،‬منفتحتان عند فتحة الحوض‪ ،‬كام أنّهام قريبتان من الجسم‬ ‫قدر اإلمكان‪ .‬العمود الفقري مستقيم ومف َّعل؛ الكتفان مرتخيتان‪ .‬نقطة الرتكيز إىل األمام مبارشة‪.‬‬ ‫أثناء الزفري‪ ،‬يقوم املمثّل بخفض الركبة اليمنى إىل الداخل حتّى يتمكن من ملس األرض‪ ،‬دون‬ ‫تحريك الساق اليرسى لتسهيل الحركة‪ .‬خالل الزفري التايل‪ ،‬تعود الركبة اليمنى إىل وضعيّته ونقل‬ ‫الركبة اليرسى‪ .‬يتك ّرر التمرين من ثالث إىل خمس دورات تنفس‪.‬‬ ‫‪24‬‬ ‫املمثّل عىل األرض‪ .‬الرجالن مستقيمتان‪ ،‬منفتحتان عند فتحة الحوض واليدان مفتوحتان امتدادا ً‬ ‫للكتفني‪ .‬هذه امل ّرة‪ ،‬تكون مسافة اليدين والرجلني من الجسم أكرب قليالً‪ .‬أثناء الزفري‪ ،‬يقوم املمثّل‬ ‫رسع املمثّل الحركة ويك ّون جسده خطّاً مستقيامً من‬ ‫برفع الجسم ببطء إىل أعىل‪ ،‬بدءا ً من املثلّث‪ .‬ي ّ‬ ‫الركبتني إىل أعىل الرأس‪ .‬خالل الزفري التايل ينزل ببطء‪ ،‬حتّى يصل إىل الوضعيّة األوىل‪ .‬تطبّق‬ ‫كل املجموعة التمرين يف نفس الوقت لثالث أو خمس دورات تنفّس‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪71‬‬


‫‪25‬‬ ‫كل زفري‪ ،‬يرفع‬ ‫املمثّل يف الوضعيّة السابقة‪ .‬بعد التنفّس األ ّول‪ ،‬يركّز عىل الزفري يف التمرين‪ .‬يف ّ‬ ‫الجسم ويخفضه برسعة‪ .‬من أجل تطبيق التمرين بشكل صحيح‪ ،‬يجب أن يكون لدى املمثّل إحساس‬ ‫والكف‪.‬‬ ‫الفقري‪ ،‬ومراكز القدم‬ ‫جيّد باملثلّث‪ ،‬والعمود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪26‬‬ ‫الفقري مستقيم واليدان ممدودتان إىل األمام‪ .‬أثناء‬ ‫املمثّل عىل األرض ورجاله ممدودتان والعمود‬ ‫ّ‬ ‫الفقري عىل األرض‪ .‬يف الزفري التايل‪ ،‬بدءا ً‬ ‫الزفري‪ ،‬يستلقي ببطء‪ ،‬فقرة فقرة‪ ،‬حتّى يستق ّر العمود‬ ‫ّ‬ ‫كل املجموعة التمرين‬ ‫من الرأس‪ ،‬يرتفع ببطء‪ ،‬فقرة فقرة حتّى يعود إىل الوضعيّة األ ّوليّة‪ .‬تك ّرر ّ‬ ‫كل من‬ ‫ملدّة ثالث إىل خمس دورات تنفس بنفس اإليقاع‪ .‬أثناء تطبيق التمرين‪ ،‬يجب أن يكون ّ‬ ‫الرأس والرجلَني واليدَين والجذع مرتخياً متاماً‪ ،‬ومف َّعالً يف نفس الوقت‪ .‬يركّز املمثّل كثريا ً عىل‬ ‫يل من املستقيمة البطنيّة‪ ،‬كر ّد فعل‪،‬‬ ‫املثلّث‪ .‬بينام ينزل أو يصعد ببطء‪ ،‬يت ّم تنشيط الجزء السف ّ‬ ‫ملؤازرة الجسم يف حركته‪.‬‬ ‫‪27‬‬ ‫يف نهاية التمرين السابق‪ ،‬يكون املمثّل ممدّدا ً عىل األرض‪ .‬يثني ركبته اليمنى ويض ّمها‪ .‬أثناء‬ ‫الزفري‪ ،‬يدفع الركبة نحو الصدر‪ ،‬دون أن يدَع رجله اليرسى ترتفع‪ .‬يف التنفّس التايل يريح الركبة‪،‬‬ ‫ويعيدها إىل وضعيتها األ ّوليّة‪ ،‬وذلك لرفعها م ّرة أخرى إىل الصدر‪ .‬يتك ّرر التمرين لثالث دورات‬ ‫تنفّس‪ .‬ث ّم تتبع الركبة اليرسى‪ ،‬وأخريا ً كال الركبتني‪ .‬املرحلة األخرية من التمرين‪ ،‬حيث يتم ش ّد‬ ‫الركبتني إىل الصدر أثناء الزفري‪ ،‬مفيدة للظهر‪ ،‬خاصة يف فرتات اإلجهاد الشديد‪ ،‬ألنّها تريح‬ ‫العضالت املوازية‪ .‬يف هذه الوضعيّة‪ ،‬حيث ال يعود ممكناً أن يتواصل أفراد املجموعة بالنظر‪،‬‬ ‫ينتظم املمثّلون من خالل صوت الشهيق والزفري‪.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫يف نهاية التمرين السابق‪ ،‬يكون املمثّل عىل األرض وركبتاه منثنيتان عند فتحة الحوض‪ .‬أثناء‬ ‫‪72‬‬


‫الزفري‪ ،‬يرفع الحوض إىل أعىل مستوى ممكن ويضع يديه عىل ضلوعه‪ ،‬ملؤازرة صعود الحوض‪.‬‬ ‫هذه الوضعيّة مثاليّة ملامرسة التنفس عن طريق الحجاب الحاجز‪ ،‬ألنّها تجرب املمثّل عىل دفع‬ ‫الهواء عن وعي إىل عمق الرئتني‪ ،‬وتفعيل الحجاب الحاجز حتّى األعضاء التناسليّة والكليتني‪.‬‬ ‫يتك ّرر التمرين ملدّة خمس إىل سبع دورات تنفس‪.‬‬ ‫‪29‬‬ ‫من الوضعية السابقة‪ ،‬يقوم املمثّل برفع الرجل اليرسى قليالً‪ ،‬ومبساعدة أصابع القدم‪ ،‬يعطي زخامً‬ ‫للحوض ليضع قدميه خلف جسمه‪ ،‬عىل األرض‪ .‬يف الوضعيّة الجديدة‪ ،‬يجب أن تكون القدمان‬ ‫تنسق املجموعة االستنشاق‬ ‫متالصقتني وممدّدتني‪ .‬تالمس اليدان األرض يف االت ّجاه املعاكس‪ّ .‬‬ ‫والزفري لنحو خمس إىل سبع دورات تنفس‪ .‬يف نهاية التمرين‪ ،‬يعودون فقرة فقرة‪ ،‬حتّى يستلقوا‬ ‫أخريا ً عىل األرض‪.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫املمثّل ممدّد عىل األرض‪ .‬الرجالن ممدودتان ومتالصقتان‪ .‬يضع يديه تحت ِو ْركيه‪ .‬يرفع رجليه‬ ‫قليالً فوق األرض‪ ،‬وقدماه وأصابعه متّجهة إىل أعىل‪ .‬أثناء الزفري‪ ،‬يرفع رجليه ببطء لتشكيل زاوية‬ ‫قامئة مع الجذع‪ .‬يف الزفري التايل ينزل الرجلني ببطء‪ ،‬حتّى تصال إىل الوضعيّة األ ّوليّة‪ .‬ال تالمس‬ ‫رجاله األرض ّإل يف نهاية التمرين‪ .‬يجب أن تكون القدمان ممدودتني‪ ،‬يف صعودهام و نزولهام‪.‬‬ ‫كل املجموعة التمرين ملدّة سبع دورات تنفس‪.‬‬ ‫الكتفان والرقبة والصدر جميعها مرتخية‪ .‬تك ّرر ّ‬ ‫‪31‬‬ ‫من األرض‪ ،‬حيث يجد املمثّل نفسه يف التمرين السابق‪ ،‬ينهض ببطء من الجانب‪ ،‬حتّى ال ميارس‬ ‫الفقري مستقيم‪ ،‬والعصعص‬ ‫الفقري‪ .‬يقف عىل ركبتيه‪ ،‬وعموده‬ ‫رضوري عىل العمود‬ ‫ضغطاً غري‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منغلق إىل الداخل ونقطة الرتكيز مبارشة إىل األمام‪ .‬أثناء الزفري ينزل ببطء حتى يجلس بني رجليه‪.‬‬ ‫خالل الزفري التايل‪ ،‬يرتفع ببطء إىل أعىل إىل الوضعيّة األ ّوليّة‪ .‬تك ّرر املجموعة التمرين ملدّة‬ ‫خمس دورات تنفس‪ .‬يجب عىل املمثّلني الذين يعانون من مشاكل يف الركبة أن يكونوا حذرين‪.‬‬ ‫‪73‬‬


‫‪32‬‬ ‫بعد التمرين السابق‪ ،‬يجلس املمثّل بني رجليه‪ ،‬ركبتاه متالصقتان وأخمصا القدمني بالقرب من‬ ‫يظل املمثّل يف هذه الوضعيّة ملدّة ثالث إىل خمس‬ ‫الوركني‪ .‬نقطة الرتكيز إىل األمام مبارشة‪ّ .‬‬ ‫كل زفري تا ٍل أكرب قليالً من‬ ‫دورات تنفس‪ .‬املجموعة تشهق وتزفر بنفس اإليقاع‪ ،‬يف حني أ ّن مدّة ّ‬ ‫سابقه‪ .‬أثناء الزفري‪ ،‬يفتح املمثّل املسافة بني الرجلني ويبقي الوركني عىل األرض‪ ،‬ويتقدّم ببطء‬ ‫إىل األمام‪ ،‬كام لو كان يريد التقاط يشء ما‪ .‬ينحني إىل األمام بحيث يالمس صدره األرض‪ .‬يداه‬ ‫أفقي‪ .‬يف هذه الوضعيّة يدفع املمثّل هواء الشهيق إىل‬ ‫الفقري‬ ‫متوازيتان عىل األرض‪ ،‬والعمود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الكليتني‪ .‬تبقى املجموعة يف هذه الوضعيّة ملدة ثالث إىل خمس دورات تنفّس‪.‬‬ ‫يف الخطوة التالية من التمرين‪ ،‬أثناء زفري واحد وبإيقاع بطيء‪ ،‬يقوم املمثّل‪ ،‬مع إبقاء قدميه يف‬ ‫نفس الوضعيّة‪ ،‬ومبساعدة اليدين‪ ،‬برفع الجذع والعودة إىل الوراء حتّى يستلقي عىل ظهره‪ ،‬بني‬ ‫الفقري‪ .‬هذه الوضعيّة تن ّمي‬ ‫رجليه‪ ،‬وتكون اليدان متوازيتني مالمستني األرض كامتداد للعمود‬ ‫ّ‬ ‫الشهيق يف عمق الرئتني وحتّى األعضاء التناسلية‪ .‬تتنفس املجموعة بأكملها بنفس اإليقاع ملدّة‬ ‫ثالث إىل خمس دورات تنفّس‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬أثناء زفري واحد ومبساعدة اليدين‪ ،‬ينهض املمثّل ببطء‬ ‫ويعود إىل الوضعيّة األماميّة ملدّة ثالث إىل خمس دورات تنفس أخرى‪ .‬أخريا ً‪ ،‬يعود إىل الوضعيّة‬ ‫األ ّوليّة للتمرين‪ .‬من هذه الوضعيّة‪ ،‬يتح ّرك ببطء شديد‪ ،‬وينقل رجليه إىل الجانب‪ ،‬وميدّهام مبارشة‬ ‫لألمام لالسرتخاء‪ .‬ت َنفض املجموعة األرجل والركب السرتخائها‪ .‬ث ّم تدير األقدام من الداخل إىل‬ ‫كل دورة تساوي زفريا ً‪.‬‬ ‫الخارج والعكس بوترية رسيعة‪ّ .‬‬ ‫‪33‬‬ ‫إستكامالً للتمرين السابق‪ ،‬يركّز املمثّل إىل األمام‪ ،‬تاركا رجليه ممدودتني إىل األمام‪ ،‬والعمود‬ ‫الفقري مسرتخياً كام الكتفان‪ .‬بعد الشهيق األ ّول يركّز عىل الزفري يف التمرين‪ .‬يف كل زفري وبإيقاع‬ ‫ّ‬ ‫رسيع‪ ،‬يتح ّرك إىل األمام‪ ،‬ويضغط بالتناوب عىل عظْم ال ُجلوس األيرس واألمين (عظم يف أسفل‬ ‫الحوض)‪ ،‬مع امتداد اليدين إىل األمام مبارشة‪ ،‬كام لو أنّهام تريدان أن متسكا بيشء ما‪ .‬يستمر‬ ‫التمرين ملدّة عرش م ّرات زفري‪ .‬ث ّم يعود املمثّل إىل الخلف للزفري عرش م ّرات تالية‪ .‬يت ّم تطبيق‬ ‫التمرين بنفس اإليقاع ويكتمل بعد تكراره ثالث م ّرات إىل األمام وثالث م ّرات إىل الوراء‪.‬‬ ‫‪74‬‬


‫‪34‬‬ ‫الفقري مستقيم‪ .‬تكون الركبتان‬ ‫يركّز املمثّل مبارشة إىل األمام وهو يف وضعيّة القرفصاء والعمود‬ ‫ّ‬ ‫عموديّتني بالنسبة للقدمني‪ ،‬وال تنثنيان إىل الداخل‪ ،‬حتّى ال تتسبّبا يف تلف الرباطات الصليبيّة‪.‬‬ ‫كل زفري ولثالثة أزمنة يساوي‬ ‫يركّز املمثل بعد الشهيق األول عىل الزفري يف التمرين‪ .‬وبهواء ّ‬ ‫كل منها زفري‪ ،‬تتشابك اليدين املمدودتني إىل األمام بالتناوب‪ .‬يف الزمن الرابع (املرتبط بالزفري‬ ‫ّ‬ ‫الرابع)‪ ،‬وبينام متت ّد اليدان بالكامل إىل األمام‪ ،‬تنبسط منطقة الق َّص إىل الح ّد األقىص‪ ،‬ويرتفع‬ ‫الجسم إىل أعىل؛ تستقيم الرجالن ثم ينخفض الجسم مرة أخرى لتتك ّرر دورة الزفري أربع م ّرات‬ ‫تالية‪ .‬يت ّم تطبيق التمرين برسعة متزايدة‪.‬‬ ‫يظل املمثّل يف وضعيّة القرفصاء (انظر التمرين ‪ ،)22‬حتّى يصل معدّل التنفس‬ ‫يف نهاية التمرين‪ّ ،‬‬ ‫إىل املستويات الطبيعيّة‪ .‬يستخدم املمثّلون اللهاث‪ ،‬إلنزال هواء الشهيق أعمق نحو األعضاء‬ ‫التناسليّة ومنطقة أسفل الظهر‪ .‬ث ّم‪ ،‬ينهضون من وضعيّة القرفصاء فقرة فقرة‪ ،‬بدءا ً من العصعص‪،‬‬ ‫حتّى يصلوا إىل وضعيّة االنتصاب‪.‬‬ ‫‪35‬‬ ‫يركع املمثّل ويسند وركيه إىل كعبيه‪ .‬تالمس كفّاه األرض ورأسه فوقهام‪ .‬يستنشق بعمق عرب‬ ‫الحجاب الحاجز وحتّى األعضاء التناسليّة ومنطقة أسفل الظهر‪ .‬زفري مع نطق الحرف «ا»‪ .‬يطلق‬ ‫املمثّل الصوت نحو األرض التي تقوم بدور املِرنان‪ .‬يتم تطبيق التمرين ملدّة ثالث إىل خمس‬ ‫دورات تنفّس‪ .‬يف التامرين الصوتيّة‪ ،‬يجب عىل املمثّلني دامئاً اإلحساس بأنّهم يو ّجهون الصوت‬ ‫إىل نقطة ما‪ .‬ال حاجة ألن يستمعوا إىل صوتهم أل ّن ذلك سيُش ِعرهم بالعزلة عن املجموعة و سيفقدون‬ ‫الفموي‪ ،‬حتّى يتمكن الصوت من العثور‬ ‫االتّصال بها‪ ،‬وال يفتح صوتهم‪ .‬يجب أن يتّسع التجويف‬ ‫ّ‬ ‫الجامعي‪ ،‬دون‬ ‫عىل مم ّرات طبيعية أثناء تط ّوره؛ يجب عىل املمثّلني أن يسمعوا دامئاً إىل الصوت‬ ‫ّ‬ ‫لكل ممثّل‪ ،‬من دون الضغط‬ ‫محاولة تجاوزه‪ .‬تقوم التامرين الصوتيّة عىل نغامت القرار الطبيعيّة ّ‬ ‫الذي يجعل الصوت خاطئاً‪ .‬عندما تت ّم تنمية منطقة نغامت القرار‪ ،‬يقوى الصوت وينمو كامل نطاق‬ ‫لونه ونغميّته‪.‬‬ ‫‪75‬‬


‫‪36‬‬ ‫يف نفس الوضعيّة‪ ،‬يتنفس املمثّل بعمق عرب الحجاب الحاجز حتّى املنطقة ال َقطَنية‪ .‬يزفر مع صوت‬ ‫الفقري وتكون نقطة الرتكيز مبارشة‬ ‫«‪ »io‬ويف مدّة زفري واحد يرتفع ببطء إىل أن يستقيم العمود‬ ‫ّ‬ ‫إىل األمام‪ .‬خالل الزفري التايل‪ ،‬ينزل ناطقا بصوت «‪ »io‬ببطء حتّى يصل إىل الوضعيّة األ ّوليّة‪.‬‬ ‫كل املجموعة التمرين يف نفس الوقت‪.‬‬ ‫تطبّق ّ‬ ‫‪37‬‬ ‫املمثّل يف وضعيّة القرفصاء‪ ،‬وعموده الفقري مستقيم‪ ،‬وتركيزه مبارشة لألمام؛ الركبتان عموديّتان‬ ‫بالنسبة للقدم وال تنثنيان إىل الداخل‪ .‬تُ َ َّرر اليدان من بني الركبتني‪ ،‬و تُ َدَّدان إىل األمام مع ات ّجاه‬ ‫الكفّني إىل األعىل‪ .‬يف مدّة زفري‪ ،‬يُصدر املمثّل األصوات «ما ‪ - me -‬مي‪ - mo -‬مو» مو ّجهاً‬ ‫الصوت إىل وسط الدائرة التي أنشأتها املجموعة‪ .‬يطبّق املمثلّون التمرين يف نفس الوقت ملدّة‬ ‫خمس دورات تنفس‪.‬‬ ‫‪38‬‬ ‫يستند املمثّل إىل كفيه املفتوحتني عىل مستوى الكتفني وعىل الركبتني املفتوحتني عىل مستوى‬ ‫أفقي بالنسبة لألرض‪ .‬نقطة الرتكيز أمامه مبارشة عىل األرض‪.‬‬ ‫الفقري‬ ‫فتحة الحوض‪ .‬العمود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يزفر املمثّل ناطقاً بالصوت «ما»‪ .‬يف مدّة زفري واحد وبإيقاع بطيء‪ ،‬يقود نظره إىل األمام ويتبعه‬ ‫الجسم حتّى ينثني الظهر‪ .‬يزفر املمثّل ناطقاً بالصوت «ما» ويعود إىل الوضعيّة األ ّوليّة‪ .‬بعد ذلك‪،‬‬ ‫يزفر ناطقاً بالصوت «‪ .»me‬أثناء الزفري ينقل نظره إىل األسفل والداخل محاوالً النظر إىل بطنه‪.‬‬ ‫الفقري إىل أعىل كام لو أ ّن شخصاً ما يسحبه بحبل‪ .‬يزفر املمثّل ناطقاً‬ ‫يتبع الجسم ويرتفع العمود‬ ‫ّ‬ ‫كل املجموعة التمرين يف نفس الوقت‪ .‬يتناوب‬ ‫بصوت «‪ »me‬ويعود إىل الوضعيّة األ ّوليّة‪ .‬تطبّق ّ‬ ‫املمثّلون عىل الحركة إىل األمام والوراء‪ .‬إىل األمام‪ ،‬يزفرون ناطقني باألصوات «ما‪ -‬مي‪ -‬مو»‬ ‫الفقري بأكمله ك ِمرنان‪.‬‬ ‫وإىل الوراء بالصوتني «‪ .»me - mo‬يف هذا التمرين يت ّم تنشيط العمود‬ ‫ّ‬ ‫منطقة الحجاب الحاجز تسرتخي تدريجيّاً وتقتبل كميّات أكرب من الهواء بشكل متزايد‪.‬‬ ‫‪76‬‬


‫‪39‬‬ ‫الفقري مستقيم ويداه إىل‬ ‫(أنظر التمرين ‪ )26‬املمثّل عىل األرض ورجاله منبسطتان‪ ،‬عموده‬ ‫ّ‬ ‫األمام‪ .‬يزفر ناطقاً بالصوت «ما»‪ .‬أثناء الزفري ينزل املمثّل ببطء‪ ،‬فقرة فقرة‪ ،‬حتّى يالمس العمود‬ ‫الفقري األرض‪ .‬يزفر ناطقاً بالصوت «‪ .»me‬خالل الزفري التايل‪ ،‬وبدءا ً من الرأس‪ ،‬يرتفع ببطء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فقرة فقرة حتّى يبلغ الوضعيّة األ ّوليّة‪ .‬عند النزول يزفر املمثّل ناطقاً باألصوات «ما‪ -‬مي‪ -‬مو»‬ ‫كل من الرأس‬ ‫وعند الصعود بالصوتني «‪ .»me - mo‬أثناء تطبيق التمرين‪ ،‬يجب أن يكون ّ‬ ‫والرجلني واليدين والجذع مسرتخياً متاماً ومف َّعالً يف نفس الوقت‪.‬‬ ‫‪40‬‬ ‫املمثّل مستلق عىل األرض ورجاله منبسطتان ومتالصقتان‪ .‬يضع اليدين تحت وركيه‪ .‬يرفع رجليه‬ ‫قليالً عن األرض وقدماه واألصابع متجهة إىل األعىل‪ .‬أثناء الزفري والنطق بصوت «ما»‪ ،‬يرفع‬ ‫رجليه ببطء لتُشكّال زاوية قامئة بالنسبة إىل الجذع‪ .‬يف الزفري التايل مع النطق بالصوت «‪»me‬‬ ‫يخفض ساقيه ببطء حتّى تصال إىل الوضعيّة األ ّوليّة‪ .‬ال تالمس رجاله األرض حتّى نهاية التمرين‪.‬‬ ‫عند الصعود والنزول يجب أن تكون الرجالن منبسطتني‪ .‬الكتفان والرقبة والصدر جميعها‬ ‫مسرتخية‪ .‬عند الصعود‪ ،‬يزفر املمثّل ناطقاً باألصوات «ما‪ -‬مي‪ -‬مو»‪ ،‬عند والنزول بالصوتني‬ ‫«‪.»me - mo‬‬ ‫يف نهاية دورة التدريبات‪ ،‬ينهض املمثّلون ببطء ويشكّلون خطّاً‪ ،‬الواحد وراء اآلخر‪ .‬مع هواء‬ ‫الزفري وبحساسية تجاه جسم اآلخر‪ ،‬يدلّكون بعضهم بحركات ناعمة وخفيفة‪ .‬يزفرون جميعاً ناطقني‬ ‫العلوي من لوح كتف الرشيك‪ .‬يتوزّع املمثلون‬ ‫بحرف العلة «ا»‪ ،‬وينقرون بخفة عىل الجزء‬ ‫ّ‬ ‫أزواجاً‪ ،‬الواحد مقابل اآلخر‪ .‬يقف الواحد مع نقطة الرتكيز مبارشة إىل األمام ويزفر ناطقاً بالحرف‬ ‫«ا»‪ .‬يضع اآلخر يدا ً عىل صدر رشيكه ويدا ً عىل أعىل لوح كتفه‪ .‬أثناء زفري رشيكه‪ ،‬ينقره نقرا ً‬ ‫خفيفاً عىل ظهره وصدره لتفعيل املِرنانات املقابلة يف كلتا املنطقتني‪ .‬ميت ّد التمرين لزف َريين أو‬ ‫ثالثة‪ .‬ينتهي املمثّلون بعد عكس األدوار‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫ذيونيسوس إله الح ّريّة‬

‫تورسنت إرسائيل يف حوار مع ثيوذوروس تريزوبولوس‬

‫تورسنت إرسائيل‪ :‬ثيوذوروس تريزوبولوس‪ ،‬كيف نشأ هذا الكتاب؟‬ ‫عم ميكن أن‬ ‫ثيودوروس تريزوبولوس‪ :‬إنه نتيجة خمسني عاماً من الخربة يف املرسح‪ ،‬ويكشف ّ‬ ‫لدي فكرة أ ّوالً عن‬ ‫أس ّميه استعاديّاً ُ‬ ‫بصلب عميل‪ .‬يف أواخر الثامنينيّات من القرن املايض‪ ،‬كانت ّ‬ ‫الذيونييس‪ ،‬حول الهوى‪ ،‬والطاقة‪ ،‬والنشوة‪ .‬مل أجرؤ‬ ‫كتابة بعض األفكار حول املرسح‪ -‬من جانبه‬ ‫ّ‬ ‫عىل فعل ذلك يف ذلك الوقت‪ .‬ولكن بعد العديد من اإلنتاجات‪ -‬للرتاجيديا القدمية‪ ،‬ولكن أيضاً‬ ‫للمرسحيّات املدنيّة واملرسحيّات املعارصة‪ -‬تأكّدت متاماً من أ ّن هذه التجربة قيّمة‪ ،‬ليس فقط من‬ ‫املرسحي بأكمله‪ .‬وقد أظهرت يل‬ ‫حيث الكالسيكيّات اليونانيّة القدمية‪ ،‬ولكن بالنسبة للمخزون‬ ‫ّ‬ ‫وعبت يف املرسح يف‬ ‫ورشايت يف مختلف البلدان ذلك‪ .‬يف ما بعد‪ ،‬جاءت جميع أنواع النزعات َ‬ ‫العقو د األخرية‪ .‬عىل النقيض من ذلك‪ ،‬لقد بقيت راسخاً دامئاً مع محاور محدّدة جدا ً‪ -‬مع األجسام‬ ‫تغي عميل أيضاً مبرور الوقت‪ ،‬إنّ ا‬ ‫والطاقة والصوت‪ ،‬وهي بكالم آخر أشياء أ ّوليّة جدا ً‪ .‬بالطبع‪ّ ،‬‬ ‫التوسع باألحرى‪ .‬يف البداية‪ ،‬أكرث ما أثار اهتاممي باملمثّل النشط‪ ،‬عىل سبيل املثال‪ ،‬كان‬ ‫مبعنى‬ ‫ّ‬ ‫نطاق الهوى‪ .‬انتقلنا الحقاً إىل نطاقات أخرى‪ :‬نطاق الحزن‪ ،‬الذي يُ ِ‬ ‫صد ُر ذبذبات قويّة بشكل ال‬ ‫متأصل يف جسم النشوة‪ .‬واآلن آمل وأؤمن يف الواقع أن‬ ‫يُ َصدَّق‪ ،‬أو نطاق الجاذبيّة‪ ،‬الذي أعتقد أنّه ّ‬ ‫خاصة للممثّلني‪ ،‬ألنّهم محور عميل‪.‬‬ ‫هذا الكتاب ميكن أن يكون مفيدا ً‪ّ ،‬‬ ‫نصك يف أحد األماكن‪« ،‬الجسم‪ ،‬تعريف الجسم‪ ،‬أن‬ ‫ت‪ .‬إ‪ :.‬أن تكون ممثّالً يعني‪ ،‬كام تقول يف ّ‬ ‫يكون مرادفه»‪.‬‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬بالضبط‪ .‬ولكن يجب عىل املرء أن يأخذ يف االعتبار أ ّن هذا ليس مجرد بيان وجودي‪،‬‬ ‫أو بيان نظريّة مرسحيّة‪ .‬كام أ ّن له بعدا ً سياسيا‪ ً-‬الجسم يشء خطري للغاية‪ .‬إذا تو ّرطت فيه بالفعل‪،‬‬ ‫‪78‬‬


‫وفهمته‪ ،‬وتع ّهدته‪ ،‬وأعطيته مجاالً‪ ،‬ومنّيته‪ ،‬أعتقد أنه يصبح أداة ال تُقا َوم‪ ،‬سالحاً قوياً ض ّد السلطة‬ ‫كل ثقافة هذا العرص ليست يف الواقع سوى‬ ‫وض ّد اضطهادها‪ ،‬أداة انتفاضة‪ ،‬إن مل يكن ثورة‪ .‬أل ّن ّ‬ ‫بربريّة مق ّنعة‪ ،‬تنجح يف املقام األ ّول يف خلق آليّات تد ّمر جسم اإلنسان‪ .‬إ ّن البرش بال أجسام اليوم‬ ‫أل ّن األنظمة‪ ،‬أل ّن الرأسامليّة والنيوليرباليّة ترغب يف ذلك؛ ترغب يف جسم محدود أمام الشاشة‪،‬‬ ‫فني‪ .‬ولكن عندما تجعل الجسم يختفي‪ ،‬يختفي الشخص أيضاً‪،‬‬ ‫ممتلئ بالسموم‪ ،‬متض ِّجر‪ ،‬ال مبالٍ‪َ ،‬م ّ‬ ‫أي أمل يف االنتفاضة واملقاومة‪ .‬لذلك‪ ،‬يف هذا الصدد‪ ،‬فإ ّن عمل الجسم‪ ،‬كام أفهمه‪،‬‬ ‫إىل جانب ّ‬ ‫ليس مبعنى الرنجسيّة أو التو ّحد‪ ،‬ولك ّنه اندماج يف عمليّات اجتامعية‪ ،‬كجزء منها‪ ،‬إنّه أيضاً عالمة‪.‬‬ ‫ت‪ .‬إ‪ :‬وفقا لنسخة أورفيّة من أسطورة ذيونيسوس‪ ،‬كان اإلله‪ ،‬كام تعلم‪ ،‬مم ّزقاً إىل أشالء‪ ،‬ليقوم‬ ‫ثانية بق ّوة متجدّدة‪ .‬هل توفّر الظروف االجتامعيّة اليوم ال ِجزارة التي اقرتفتها القوى األسطوريّة‬ ‫ذات م ّرة؟‬ ‫ث‪.‬ت‪ :.‬نعم‪ .‬مع الفارق أ ّن الجبابرة م ّزقت ذيونيسوس بالفعل‪ ،‬يف حني أ ّن مجتمع اليوم يَذوب‬ ‫ويتفكّك‪ .‬لكن بالطبع الرتسيمة األصليّة‪ ،‬بأقسامه الثالثة الرئيسيّة‪ -‬الوالدة‪ -‬التفكيك‪ -‬إعادة التكوين‪،‬‬ ‫تبقى هي نفسها‪.‬‬ ‫ت‪.‬إ‪ :.‬بحسب وصفك‪ ،‬يلعب االرتجال دور ا ً حاسامً يف استعادة الجسم أو حتّى إعادة تكوينه‪ ،‬مام‬ ‫يؤدّي إىل إطالق طاقة املمثّل الفردية‪ .‬يف الوقت نفسه‪ ،‬ألعاملك بنية صارمة‪ ،‬والرقص فيها مص ّمم‬ ‫بدقة‪ ،‬ومشحونة معنويّاً إىل ّ‬ ‫أدق التفاصيل‪ .‬كيف ميكن أن يكون املمثّل عفويّاً يف نظام إحداثيات‬ ‫بالغ التحديد كهذا؟‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬ال يجب خلط االرتجال بالعشوائيّة أو عدم التخطيط‪ .‬بالطبع‪ ،‬إنّه مه ّم للغاية‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫باملعنى العا ّم إىل هذه الدرجة‪ ،‬بل يركّز باألحرى عىل موضوع محدّد جدا ً‪ .‬خارج هذه الحالة‪ ،‬ال‬ ‫ميكن للممثّلني إطالق طاقتهم وال تطوير محاور أجسامهم‪ .‬باملناسبة‪ ،‬إنّني أتحدث عن الطاقة‬ ‫كل الضغوط‪ ،‬تلك‬ ‫«القذرة»‪ ،‬أل ّن لهذه العمليّة بشكل عا ّم لها طابع التفريغ الذي يت ّم فيه التخلّص من ّ‬ ‫الطاقة التي تعيقها الحياة اليوميّة‪ .‬غالباً ما أقول للممثّلني عىل سبيل املثال‪« :‬تخيّلوا أنكم يف مساحة‬ ‫توسع‬ ‫ّ‬ ‫توسع هذه املساحة‪ ،‬أن ّ‬ ‫صف خانقة‪ ،‬مرتين يف مرتين‪ ،‬أنّك تعيش يف سجن وعليك اآلن أن ّ‬ ‫حدودها»‪ .‬إذا كنت ترغب يف توسيع مثل هذه املساحة من الداخل‪ ،‬فأنت بالطبع تحتاج إىل منهجيّة‪،‬‬ ‫أي حال‪ ،‬مبج ّرد‬ ‫يجب أن تكون قادرا ً عىل الرتكيز بشكل جيّد وتحتاج إىل القدرة عىل التح ّمل‪ .‬عىل ّ‬ ‫‪79‬‬


‫أن يتخلّص الجسم من هذه الطاقة «القذرة»‪ ،‬يخطو الخطوة التالية نحو التجريد تلقائيّاً‪ .‬هذه هي‬ ‫النقطة التي يبدأ عندها تعاون أوثق بني املمثل وبيني‪ ،‬يبدأ تكوين الحدث املشرتك‪ .‬أقوم هنا بتزويد‬ ‫املمثّل مبعلومات محدَّدة للغاية وأعرض بنية يجب توسيعها تدريجيّاً‪ -‬ولكن بحذر شديد‪ .‬أنا ال أبدأ‬ ‫الفردي الذي‬ ‫االستعدادات للمرسحيّة بدون فكرة واضحة عن املرحلة الكاملة‪ ،‬وليس فقط املشهد‬ ‫ّ‬ ‫أعمل عليه يف ذلك الوقت‪ .‬وهذه البنية ليست يف رأيس فحسب‪ ،‬بل هي أيضاً مد ّونة عىل ورقة‪.‬‬ ‫بغض النظر عن هذا‪ ،‬خالل عمليّة االستعداد تحتاج دامئاً إىل الرغبة يف التجاوز‪ ،‬وكذلك إىل‬ ‫إطالق الوقت نفسه وخلق محاور جديدة للطاقة‪.‬‬ ‫ت‪ .‬إ‪ :.‬يف املرسح الناطق باألملانيّة‪ ،‬يحاول العديد من املخرجني عكس هذه الرغبة أو التشكيك‬ ‫فيها يف نفس الوقت‪.‬‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬لقد كان لدي دامئاً خربا ت جيّدة يف البلدان الناطقة باللغة األملانيّة‪ -‬حينام كنت معيد ا ً وطالب‬ ‫ِ‬ ‫برلين»‪ ،‬وأيضاً يف ما بعد‪ .‬غالباً ما أتيت هنا ضيفاً مع عرويض‪ ،‬ونظمت‬ ‫ماجستري يف «فرقة‬ ‫وقدّمت العديد من ورش العمل‪ ،‬عىل سبيل املثال يف ‪ ،Düsseldorfer Schauspielhaus‬أو‬ ‫يف عام ‪ ،2010‬عندما كانت «إيسن» العاصمة األوروبية للثقافة‪ ،‬مع مرسحيّة بروميثيوس يف منجم‬ ‫خاصة من آسيا‪،‬‬ ‫‪ .Zollverein‬لكن صحيح أنّني أصبحت‬ ‫مهتمً بتقاليد أخرى منذ وقت مبكّر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫التي أصبحت مه ّمة جدا ً ملرسحي‪ ،‬ولكن أيضاً بأمريكا الالتينية وروسيا‪ ،‬بثقافتها املرسحيّة‬ ‫وغني عن القول إنّني لست مبالياً إطالقاً بتيّار ما بعد الحداثة السائد يف مرسح اللغة‬ ‫العظيمة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األملانيّة كام تط ّور يف العقود القليلة املاضية‪ .‬إ ّن مرسحي هو منوذج مضادّ‪ ،‬وليس منوذجاً مطابقاً‪،‬‬ ‫الرئييس هو أ ّن مرسحي يحاول الوصول‬ ‫منوذج مضا ّد يعتمد عىل موقف مختلف جوهريّاً‪ .‬والفرق‬ ‫ّ‬ ‫إىل جوهر األشياء‪ .‬إنّه مرسح ابتدا ّيئ مل يتوقّف أبدا ً عن معالجة واستكشاف مجموعة كاملة من‬ ‫رصفات والظروف البرشيّة‪ :‬املعاناة والرعب والحزن والخوف وما إىل ذلك‪ .‬ال يويل اهتامماً‬ ‫الت ّ‬ ‫الواقعي الجديد‪،‬‬ ‫لالت ّجاهات وليس انتقائيّاً‪ ،‬بل هو قائم بذاته‪ .‬مرسح ما بعد الحداثة وكذلك املرسح‬ ‫ّ‬ ‫ليس لديهام أدىن عالقة باألشكال األصليّة والجذور‪ .‬ليس ما يقدمانّه سوى صورة للواقع الحا ّيل‪.‬‬ ‫إنه آ ّين ورسيع الزوال عىل السواء‪ .‬ولكن إذا كان لديك موقف راسخ‪ ،‬بدءا ً من األمناط األ ّوليّة‪،‬‬ ‫فإنّك تعرب الواقع املعارص وتصل إىل املستقبل‪ ،‬فإنّك تجعل عملك انعكاساً للمستقبل‪.‬‬ ‫ت‪ .‬إ‪ :.‬يف مقتطف «فاتزر» من بريخت يقول‪« :‬كام أ ّن األشباح جاءت ذات مرة من املايض ‪/‬‬ ‫‪80‬‬


‫فإنّها اآلن تأيت من املستقبل أيضاً»‪ .‬غالباً ما اقتبس هايرن مولر هذه العبارة‪.‬‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬ال أكرث وال أقل‪.‬‬ ‫إ ت‪ :‬ال تزال هناك تأثريا ت من عهدك يف ‪ ،Berliner Ensemble‬هل هناك عالقة بني عملك‬ ‫و بريخت؟‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬أه ّم صلة هي التجريد والبساطة‪ .‬إبتكر بريخت مرسحاً بسيطاً وف ّعاالً للغاية وواضحاً بنيويّاً‪.‬‬ ‫بالنسبة يل أيضاً‪ ،‬يتعلّق األمر باالق ِتصار عىل األساسيّات‪ ،‬مع بعض التح ّوالت يف مسألة الرتكيز‬ ‫وجودي للغاية‪ .‬عىل وجه الدقّة‪،‬‬ ‫بالطبع‪ .‬لك ّن مرسح بريخت كان تعليميّاً أيضاً‪ ،‬يف حني أ ّن عميل‬ ‫ٌّ‬ ‫الوجودي الذي تطرحه الرتاجيديا اليونانيّة القدمية‪« :‬ما هو املوضوع؟"‬ ‫متأصل يف السؤال‬ ‫إنّه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫رصف املمثّل يف بعض األحيان مثل حيوان مطا َرد بالنسبة يل‪ ،‬وهو‬ ‫تحت ضغط هذا السؤال‪ ،‬سيت ّ‬ ‫أمر مل يكن من املمكن أن يفكّر فيه بريخت‪ .‬بشكل عا ّم‪ ،‬فإ ّن املمثّل هو الذي يهيمن عىل املرسح‪-‬‬ ‫أي حال‪ ،‬من األكيد أ ّن األشكال املختلفة ملرسح ما بعد الحداثة ال‬ ‫مهدِّدا ً‪ ،‬مثل امل ُصارع‪ .‬عىل ّ‬ ‫تسمح لهذا التهديد الذي ينطلق من املمثّلني بالظهور‪ ،‬بسبب وجود آليّة كاملة من املؤثّرات والوسائل‬ ‫الفنية والوسائط األخرى التي يجب عليهم التفاعل معها بطريقة ما‪.‬‬ ‫الواقعي أو ما بعد‬ ‫وخاصة كممثّل‪ -‬بني مفهومك واملرسح‬ ‫ت‪ .‬إ‪ :.‬يبدو أنّك مضط ّر لالختيار‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحدا ّيث‪ ،‬مبعنى اختيار البديل الذي يُقيص ما عداه‪.‬‬ ‫الواقعي املألوف‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬ال عىل اإلطالق‪ .‬حتّى املمثّلني الذين ال ينشطون إلّ يف مجال املرسح‬ ‫ّ‬ ‫ويوسعوا حدودهم‪،‬‬ ‫أو التيّار السائد يف الوقت الحارض ميكن أن يتعلّموا الكثري من خالل طريقتي‪ّ ،‬‬ ‫تحسناً يف قدرتهم عىل الرتكيز‪ ،‬والت ّحكم‬ ‫ويتط ّوروا‪ .‬إذا مارسوها بشكل‬ ‫منهجي‪ ،‬فسوف يرون ُّ‬ ‫ّ‬ ‫أقل اعتامدا ً عىل‬ ‫بِأجسامهم‪ ،‬وتقنيّاتهم يف التنفّس‪ ،‬وقدرتهم عىل التح ُّمل‪ .‬حتّى أنّهم سيصبحون ّ‬ ‫التقنيّا ت املسا ِعدة‪ ،‬مثل امل َنفَذ الصغري‪ .‬لقد تلقّيت بالفعل الكثري من التعليقات‪ ،‬وهذا يشمل األشخاص‬ ‫الذين مل يحرضوا ورشة يل أو يلتقوا يب شخصيّاً‪ .‬ميكن تنشيط الجسم املحجوب‪ ،‬وهو يف مجال‬ ‫اهتاممي‪ ،‬يف أي وقت‪ .‬يف البداية أردت أن أسمي هذا الكتاب‪« :‬الجسد املحجوب»‪.‬‬ ‫ت‪.‬إ‪ :.‬لك ّن له اآلن عنواناً مختلفاً‪.‬‬ ‫كل فصل تقريباً يتح ّد ث بطريقة أو بأخرى عن الجسد املحجوب‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬سيكون جليّاً للجميع أ ّن ّ‬ ‫املحاصة‪ .‬هذه الفكرة مت ّر عرب النص بأكمله‪ .‬ولكن يف النهاية‪ ،‬كان من امله ّم أن أشدّد‬ ‫وطاقته‬ ‫َ‬ ‫‪81‬‬


‫الذيونييس لعميل ويل‪ .‬نحن بحاجة إىل عودة‬ ‫املركزي لذيونيسوس واملفهوم‬ ‫عىل املعنى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذيونيسوس‪ ،‬وهذا هو إمياين الراسخ‪ ،‬وهويس إذا شئت‪ -‬عودة إله الحياة‪ ،‬إله املرسح‪ ،‬الذي ت ّم‬ ‫بكل غرائزه‪ ،‬وأحاسيسه‪ ،‬ورؤياه وفيضه‪ ،‬ليدخل هذه‬ ‫نفيُه‪ .‬ولكن اآلن حان الوقت ليعود أخريا ً‪ّ ،‬‬ ‫الحقبة املسطّحة التي يقودها العقل‪ .‬كام ترى‪ ،‬ذيونيسوس هو إلهي‪.‬‬ ‫ت‪ .‬إ‪ :.‬وماذا يعني هذا؟‬ ‫كل يشء إله الح ّريّة‪.‬‬ ‫ث‪ .‬ت‪ :.‬إنه إله التن ّوع والتعدّدية اللغويّة والعامليّة وقبل ّ‬

‫تورسنت إرسائيل‪ ،‬مؤلّف ومرتجم‪ .‬يعيش يف أثينا ومانهايم‬ ‫‪.‬‬

‫‪82‬‬




‫ثيوذوروس تريزوبولوس‬

‫عودة ذيونيسوس‬

‫عودة ذيونيسوس‬ vimeo.com ‭‫موقع‬‭ ‬‫عىل‬‭ ‬‫‬فيديو‬ ‭ ‬10 ‫إىل‬‭ ‬1‭ ‬‫من‬‭ ‬‫التامرين‬‭‬ 1 https://vimeo.com/396905900/9e8b823053 ‭ ‬20 ‫إىل‬‭ ‬11‭ ‬‫من‬‭ ‬‫التامرين‬‭‬ 2 https://vimeo.com/397981878/33dbc33feb ‭ 30 ‫إىل‬‭ 21 ‬‫من‬‭ ‬‫التامرين‬‭‬ 3 https://vimeo.com/399119064/92be1c1285 ‭ 40 ‫إىل‬‭ ‬31‭ ‬‫من‬‭ ‬‫التامرين‬‭‬ 4 https://vimeo.com/399191750/47d6093ab1 ‫التفكيك‬‭‬ 5 https://vimeo.com/399815488/2a47b54abl


‫يصف املخرج اليونا ّين الشهري ثيوذوروس تريزوبولوس يف «عودة ذيونيسوس» مبادئ عمله‬ ‫ينصب تركيز هذه الطريقة الفريدة‬ ‫املحتفى به دوليّا‪ ً:‬والدة املرسح الحديث من أساس بنية اإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وفصلها عىل مدى السنوات الثالثني املاضية‪ ،‬عىل تأثري مفاهيم‬ ‫لتدريب املمثلّني‪ ،‬التي ط ّورها ّ‬ ‫املرسحي‬ ‫مركزيّة مثل «التنفس» أو «الطاقة» أو «الوقت» يف عالقتها بالجسد وحضور املمثل‬ ‫ّ‬ ‫نفسه‪ .‬عالوة عىل ذلك‪ ،‬فإ ّن عمله يركّز عىل تقديم الخربة والتطبيق‪ :‬يت ّم رشح ‪ 40‬مترينا للممثلّني‬ ‫بطريقة التعلّم الذايتّ بالتفصيل إضافة إىل تسجيالت فيديو عىل موقع ‪.Vimeo‬‬

‫‪powered by‬‬

‫‪ISBN 978-3-95749-305-7‬‬

‫‪www.theaterderzeit.de‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.