4 minute read

وفاء باسيوني، مراكش

و ال حتى طريق واحد لروما

فيه قدماها أرضا غير موطنها، يوم تشتم فيه أريج انتصار حلم األمل أبدا! ظلت تنتظر سنين طويلة قدوم ذلك اليوم الذي ستطأ لم تفقد ال ودراسية ال تعد وبرامجطفولتها الذي لم تيأس من تحقيقه ولو لبرهة. ضحت بكل ما لديها، شاركت مرات عديدة في مباريات ألمريكا أو بضعة أيام سياحية في أوروبا. لكن كلما اقتربت من المراتب األولى للفوز بكذا فرصة، تبخر تحصى، عسى أن تفوز برحلة الحلم في ثانية وتاه في سراديب النسيان. لكن ذلك اليوم الذي كرست من أجله كل طاقاتها وجل أحالمها، أضحى اآلن عبئا ثقيال تتحمله في صمت وإذعان. إذعان لقدر يستهزئ اءتها ويتالعب بمشاعرها، استسالم لرحلة مجهولة في ظروف غامضة ودت لو لم تتحقق أبدا. أجل، فبعدما كانت تجري متلهفة من بر وراء حلم من سراب يختفي كلما اقتربت منه، أصبحت اليوم تحاول الفرار من حقيقة قاسية تتجسد أمامها كأسوار إسمنتية تنبني أمامها كلما ابتعدت عنها.

Advertisement

،طريق داكياردي، بيزا، إيطاليا. وحيدة في بالد غريبة، سجينة بين جدران جديدة. ال عائلة حاضرة 39آلن، حبيسة الغرفة ها هي ا لمواساتها، وال صديق قريب لمؤانستها. عزاؤها الوحيد، مذكرة بنية اللون ذبلت أوراقها بمرارة عبراتها، و شحب غالفها آلالم رواية سفريات ومغامرات تجوالها في إيطاليا، لينتهي بها المطاف مجرد سلة مهمالت تدون فيها خلجاتها. مذكرة كان الغرض منها تفاهات بالية تجري أحداثها الرئيسية بين جدران بيت معزول في أزقة بيزا الخالية. " :إغالق جميع جمعيات ومدارس إيطاليا إلى حين بالغ جديد2020مارس 30-"

صرف نقد القتناء لوازم المنزل" يورو108 :2020مارس 05-"

:دقيق، حليب، خبز، خبز،خبز، خخخخخخبززز كثيييير...قبل إقفال المحالت التجارية. يلزم سكرر، سكر 2020مارس 10-" ضروري، للحرشة!!!! :آخر مرة أعمل حرشة!!! اليوم كاااارثة! لن أعيد الكرة مجددا. بيض و زيت يكفيني لإلفطار.. 2020مارس 20-" إذن ذلك الدفتر، كل يوم حكاية عن مصير فلس صغير من ادخاراتها، أو فشل في طبخها، أو تذكير صغير لتاريخ تسليم ذا امتألهك عمل بسيط ألساتذتها. لم تكن لتتخيل أبدا أن سعادتها ستقتصر على إتقان وجبة غذاء شهية، أو حتى مجرد تنظيف و تطهير البيت ن مجرد استيقاظها صباحا بحال جيدة كفيل بأن يجعلها سعيدة لبيقة حياتها. بعدما كان هدفها أن تسافر الجراثيم. من كان ليخال أ من خارج الوطن لتنعم بلذات الحياة، أضحى اليوم رجاؤها الوحيد أن تحيا لتعود ألرض ذويها، أن تحيا لتضم بحرارة تلك الوجوه الوحيدة حدة كل أولئك األشخاص الذين ساهموا في إسعادها و توفير كل سبل الدعم لها. التي أحبتها بصدق، و أن تقابل و لو لمرة وا اقتصرت كل أحالمها على أن تحيا و فقط.

أمي، إنها مجرد سعلة صغيرة، ال تقلقي..- عبر الفيديو.. وسأكلمكأريد أن أرى وجهك، اقفلي - يا أماااه، إنها فقط نزلة برد صغيرة، أرجوك فأنا لم أخرج منذ شهر، كما أن األنترنت ضعيفة.. أمي... -

يا إلهي، وجهك شاحب. ما هي هذه البقع الحمراء في وجهك. هل تعلمين؟ لقد قالوا في اإلذاعة الوطنية أن ظهور بقع حمراء في - أال تخرجي؟ ألم أقل لك؟الوجه من عالمات كورونا؟ قلت لك ؟؟؟ أمي، إن لم تقتلني كورونا سيقتلني الجوع!! هل أموت من الجوع يا أمي- أف من هذا المزاح؟ هل وضعت الكمامة و القفازات على األقل؟ و تذكري، الجهة البيضاء من..- ك في خطر، فقد تفاقمت حاالت اإلصابات عندكم، الداخل!! أجل أعلم. لم أعد صغيرة يا أمي. كفى بربك من هذا الكالم... أنتم كذل - مئة و أربعون في يوم واحد.. .جورخلانماوعنمويحصلارجحلايفاوعضو.ءابولابه َ تلئاعوبيصأدقل،يحلامدقم،دمحايسنيركذتله ،يتنبايلجأ- لدي." آه يا إلهي!! الوضع يدعي للقلق، أرجوكم انتبهوا ألنفسكم جيدا، أنتم كل ما - كل المكالمات الهاتفية هكذا كانت تمضي، أسئلة أكاديمية مبرمجة لتلقى نفس األجوبة المطمئنة، سئمت من كل ذلك و من كل ميوعة الوضع. و مع ذلك كانت دائمة الشرود و القلق. أصبحت الكآبة أنيستها و أضحى التوتر قرين عزلتها. تتمنى كل يوم بل كل ساعة بل شع ستار العزلة ليلم شملها بأهلها من جديد. كل ثانية لو انق كثيرون يشتكون من صعوبة الخروج كل مدة الحجر الصحي خارج بيوتهم، يندبون ليل نهار لعدم تمكنهم من رؤية أصحابهم. لكنهم لم الغير لكن ال يمكنه العيش يذوقوا طعم األلم ولو للحظة، كونهم لم يجربوا قساوة العيش بعيدا عن آباءهم. يستطيع اإلنسان العيش دون أبدا دون روحه و نفسه. فكيف لها أن تعيش دون والديها، كانا و ال يزاالن جزءا ال يتجزء من كيانها. و قد أقسمت بالتمسك بالحياة فقط حتى تستطيع رؤيتهم من جديد. تها. حسناء، طالبة بمثل سنها اغتصب شبابها لكن القدر مرة أخرى أبى إال أن يشقيها. فقد تلقت للتو خبر وفاة واحدة من أعز صديقا بسبب هذا الوحش القناص. ها هي اآلن، منفية في أرض الغربة عاجزة عن حضور مراسم دفن زميلتها. عاجزة حتى عن رؤية وجهها آلخر مرة و الحضور لتعزية والديها الذين طالما اعتبرتهما أفرادا من العائلة.

قبرها ووضع زهر وخل فوق ترابها؟ لماذا يعاقبها القدر بشدة؟ لماذا؟ لماذا أينما ولت ال يكون ثمر ال يسعها حتى الوقوف تحسرا فوق ؟والغموالنكدمن األلم والمزيدصبرها سوى المزيد المطاف كلها مقفلة ألم ونكد ظال حارسيها طيلة فترة معيشتها في إيطاليا. سافرت شوقا لتجوب طرق روما األسطورية لتجدها في نهاية موصدة في وجهها. ال صور تذكارية و ال باستا محلية و ال دراسة مرضية، كل ما جنته من وراء تلك الرحلة ضياع أموال طائلة في مواد التنظيف والتعقيم اليومية ال أقل و ال أكثر. طار اإلسمنتية، محييان تنيرهما البشاشة لتضيء لكنها لن تنس أبدا كيف أحست حينما رأت ذلك الوجهين المالئكيين خلف شبابيك الم بهما كل كربات الماضي المؤلمة. حملت حقيبتها بسرعة و اتجهت مهرولة نحو بوابة المغادرة بعدما وقعت آخر صفحة من جواز سفرها، إمضاء اشترت به سعادتها و ثمن حريتها في تربة وطنها التي فارقتها لستة شهور بالضبط. شم رائحتها ووطن افتقدت دفء شمسه الساطعة. تربة أحبت انطلقت إذن كالصاروخ لتعانق أبويها. دفنت وجهها في حضنيهما و انفردت بحنانهما لدقائق طوال. لم ينبس أي منهم بكلمة فقد عبرت لجروح. دموعهم عن كل شيء و أفصحت عن كل األسرار. عناق واحد فقط، كفيل بأن يحكي آالف القصص و كاف ليضمد كل ا

:أول ابتسامة ارتسمت في وجهي منذ مدة وأول حلم جميل يتحقق بأدق تفاصيله. أظن أن كورونا قد علمتني أن كل 2020غشت 08-'' أخيرا بوركت يا دفتري بأحلى المعجزات و ما حلمت به كان دوما من حولي، عائلة وأهل يحبونني، ماذا عساي أطلب أكثر من هذا؟ أندرها ....''

This article is from: