١
ﻣﻦ ﺑﻼﻏﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻛﺘـﺐ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ ﻫﻮﺍﺭﻱ ﻃﺎﻟﺒﻲ 12ﻳﻨﺎﻳﺮ ٢٠٠٩ ﺇﻥّ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻻ ﻳﺘﺄﺗّﻰ ﺇﻻ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﺘﺄﻣﻞ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺫﻟﻚ ﺟﺎﺀ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻟﻴﻜﺸﻒَ ﻟﻠﺪﺍﺭﺳﻴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﻼﻏﻴﺔِ ﺍﻟﻤﻤﻴﱢﺰﺓ ﻟﻠﻜﻼﻡ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ ،ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻛﻼﻡٌ ﺃﺑﻠﻎُ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ؛ ﺇﺫ ﻻ ﻛﺮِ ﻟَﻤﱠﺎ ﺟَﺎﺀَﻫُﻢْ ﻭَﺇِﻧﱠﻪُ ﻧﻈﻢَ ﻳﺪﺍﻧﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ .ﻗﺎﻝَ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﺇِﻥﱠ ﺍﻟﱠﺬِﻳﻦَ ﻛَ َﻔﺮُﻭﺍ ﺑِﺎﻟ ﱢﺬ ْ َﻟﻜِﺘَﺎﺏٌ َﻋﺰِﻳﺰٌ ) (٤١ﻻ َﻳﺄْﺗِﻴﻪِ ﺍﻟْﺒَﺎﻃِﻞُ ﻣِﻦْ ﺑَﻴْﻦِ ﻳَﺪَﻳْﻪِ ﻭَﻻ ﻣِﻦْ ﺧَﻠْﻔِﻪِ ﺗَ ْﻨﺰِﻳﻞٌ ﻣِﻦْ ﺣَﻜِﻴﻢٍ ﺣَﻤِﻴﺪٍ ﴾ ﻓﺼﻠﺖ ،٤٢ - ٤١ :ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ ﴿ : ﻗُﻞْ ﻟَﺌِﻦِ ﺍﺟْﺘَﻤَﻌَﺖِ ﺍﻟْﺈِﻧْﺲُ ﻭَﺍ ْﻟﺠِﻦﱡ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻥْ َﻳﺄْﺗُﻮﺍ ﺑِﻤِﺜْﻞِ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﻘُ ْﺮﺁَﻥِ ﻻ َ ﻳﺄْﺗُﻮﻥَ ﺑِﻤِﺜْﻠِﻪِ َﻭﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﺑَﻌْﻀُﻬُﻢْ ﻟِﺒَﻌْﺾٍ ﻇَﻬِﻴﺮًﺍ ﴾ ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ ،٨٨ﻭﻋِﻠﻢُ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞُ ﺇﻟﻰ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻔﻮﻕ ﻭﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ﻟﻠﻨﻈﻢ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋﺮ ﻣﺎ ﺟﺎﺩﺕ ﺑﻪ ﻗﺮﺍﺋﺢُ ﺍﻟﻔﻄﺎﺣﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺒﺎﺀِ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀِ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻭﻗﺪ ﺍﻫﺘﻢ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻗﺪﻳﻤﺎً ﻭﺣﺪﻳﺜﺎً ﺑﺪﺭﺍﺳﺔ ﺑﻼﻏﺔِ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،ﻭﺍﻟﻜﺸﻒِ ﻋﻦ ﺃﻭﺟﻪِ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺃﻥ ﺗﻈﻬﺮَ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ؛ ﻓﺘﻘﻮﻡ ﺍﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ ،ﻭﺗﺰﻭﻝ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺒﻄﻞ ،ﻭﻳﻄﻤﺌﻦ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ. ﺇﻥ ﺇﻋﺠﺎﺯَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻳﺘﻤﺜﻞُ ﻓﻲ ﻗﻮﺓ ﻧﻈﻤﻪ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ،ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺫﻫﺐَ ﺇﻟﻴﻪ ﻈﺮُ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡُ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮ ﺍﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻲ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ) :ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻨﻈﻢَ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎَ ﻫﻮ ﻣﻨ ﱢ ﺃﻥ ﻳﻮﺿﻊَ ﺍﻟﻜﻼﻡُ ﻭﺿْﻌَﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺘﻀﻴﻪ ﻋﻠﻢُ ﺍﻟﻨﺤﻮ ،ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻓﻖ ﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻪ ﻭﺃﺻﻮﻟﻪ ،ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻨﺎﻫﺠﻪ ﻓﻼ ﻳُﺰﺍﻍ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻭﻻ ُﻳﺨَﻞﱠ ﺑﺮﺳﻮﻣﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺭُﺳﻤﺖ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﻩ ﻛﻞ ﺑﺎﺏ ﻭﻓﺮﻭﻗﻪ ،ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺮﺩ ﻓﻴﻌﺮﻑ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻮﺻﻞ ،ﻭﻳﻌﺮﻑ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻘﻪ ﺍﻟﻮﺻﻞ ،ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻮﺍﻭ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ www.facebook.com/asrar.alquran
٢ ﺍﻟﻔﺎﺀ ،ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ "ﺛﻢ" ،ﻭﻣﻮﺿﻊ "ﻟﻜﻦ" ﻣﻦ ﻣﻮﺿﻊ "ﺑﻞ"، ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﺮّﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻭﺍﻟﺘﻨﻜﻴﺮ ،ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻭﺍﻟﺘﺄﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺬﻑ ﻭﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻭﺍﻹﺿﻤﺎﺭ ،ﻓﻴﻮﺿﻊ ﻛﻼ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﻜﺎﻧَﻪ ،ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ( ،ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﺹ .٩٥،٩٤ :ﻭﻻﺷﻚ ﺃﻥ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐَ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻣﺘﻌﺪﺩﺓ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻥ ﺻﻮﺭَ ﺑﻼﻏﺘﻪ ﺗﺘﻌﺪﺩُ ﺑﺘﻌﺪﺩ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﻭﺗﻨﻮﻋﻬﺎ ،ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﺮﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﺳﻠﻮﺏَ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡّ ﻷﺳﺘﺠﻠﻲَ ﺑﻌﺾَ ﺃﻭﺟﻪ ﺑﻼﻏﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ. ﺇﻥ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐَ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ،ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺻﺮﻳﺢ ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺿﻤﻨﻲ ،ﻭﻟﻴﺲَ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﺿﻤﻨﻴﺎً ﺑﺄﺑﻠﻎَ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﺻﺮﻳﺢ ،ﺑﻞ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮُ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﻣﺪﻯ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻜﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﺗُﺜﺒَﺖ ﻟﻪ ﻭﻳُﺨﺒَﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﻪ. ﻭﺑﺎﻟﺘﺘﺒﻊ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔِ ﺑﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ،ﻭﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺃﻗﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻔﺴﺮﻳﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺠﺪُ ﺃﻥ ﻣﻨﺎﻁَ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺒﺮﺍﻋﺔ ﺑﻬﺎ ﺭﺍﺟﻊٌ ﺇﻟﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺗﺘﻤﺜﻞُ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻠﻲ: -١ﺗﻜﺮﺍﺭُ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﺬﻡّ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﻓَﻨِﻌْﻢَ ﺍﻟْﻤَ ْﻮﻟَﻰ ﻭَﻧِﻌْﻢَ ﺍﻟﻨﱠﺼِﻴﺮُ ﴾ ﺍﻟﺤﺞ .٧٨ :ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ :ﻧﻌﻢ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻭﺍﻟﻨﺼﻴﺮ ،ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﻳﺠﺎﺯ ،ﻭﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ ﺇﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻭﺍﻹﻃﻨﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺰﻳﺎﺩﺓ ﻓﻴﻪ ﻭﺗﻘﻮﻳﺘﻪ ،ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻡّ، ﻓﺤﻴﻦ ﺫﻡ ﺍﷲ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩَ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﴿ : ﺇِﻥﱠ ﺍﻟﱠﺬِﻳﻦَ َﻳﻜْ ُﻔﺮُﻭﻥَ ﺑِﺂَﻳَﺎﺕِ ﺍﻟﻠﱠﻪِ ﻭَﻳَﻘْﺘُﻠُﻮﻥَ ﺍﻟﻨﱠﺒِﻴﱢﻴﻦَ ﺑِﻐَ ْﻴﺮِ ﺸﺮْﻫُﻢْ ﺑِﻌَﺬَﺍﺏٍ َﺃﻟِﻴﻢٍ ﴾ ﺁﻝ ﺴﻂِ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻨﱠﺎﺱِ ﻓَﺒَ ﱢ ﺣَﻖﱟ ﻭَﻳَﻘْﺘُﻠُﻮﻥَ ﺍﻟﱠﺬِﻳﻦَ َﻳﺄْ ُﻣﺮُﻭﻥَ ﺑِﺎ ﻟْﻘِ ْ ﻋﻤﺮﺍﻥ .٢١ :ﻛﺮﺭ ﻟﻔﻆ ﴿ ﻳﻘﺘﻠﻮﻥ ﴾ ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻨﻴﻊ ﺍﻟﺠﺮﻡ www.facebook.com/asrar.alquran
٣ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺭﺗﻜﺒﻮﻩ ،ﻭﺍﺳﺘﻔﻈﺎﻉ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻛﺘﺴﺒﻮﻩ ،ﻭﻹﺷﻌﺎﺭ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩَ ﻗﻤﻢ ﻫﻤﺞ ،ﻣﺴﺘﻜﺒﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻻ ﻳﺤﺒﻮﻥ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﻘﺴﻂ .ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺔ ﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻟﻠﺘﻮﺑﻴﺦ ،ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﻳَﺎ ﺃَﻳﱡﻬَﺎ ﺍﻟﱠﺬِﻳﻦَ ﺁَﻣَﻨُﻮﺍ ﻟِﻢَ ﺗَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﺗَﻔْﻌَﻠُﻮﻥَ ) (٢ﻛَﺒُﺮَ ﻣَﻘْﺘًﺎ ﻋِﻨْﺪَ ﺍﻟﻠﱠﻪِ ﺃَﻥْ ﺗَﻘُﻮﻟُﻮﺍ ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﺗَﻔْﻌَﻠُﻮﻥَ ﴾ ﺍﻟﺼﻒ ،٣ – ٢ :ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻓﻲ ﺫﻡّ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻗﻮﻟُﻬﻢ ﻓﻌﻠَﻬﻢ ﻭﻓﻌﻠُﻬﻢ ﻗﻮﻟَﻬﻢ ،ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺒﻴﺢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ ﻏﻀﺐ ﺍﷲ ﻭﻣﻘﺘﻪ ﻛﺮﺭ ﻗﻮﻟﻪ ﴿ : ﻣﺎ ﻻ ﺗﻔﻌﻠﻮﻥ ،﴾ ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻨﻴﱢﺮ..." :ﻭﺯﺍﺋﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻭﺟﻪٌ ﺧﺎﻣﺲ ،ﻭﻫﻮ ﺗﻜﺮﺍﺭُ ﻗﻮﻟﻪ ﴿ : ﻣﺎ ﻻ ﺗﻔﻌﻠﻮﻥ ،﴾ ﻭﻫﻮ ﻟﻔﻆٌ ﻭﺍﺣﺪٌ ﻓﻲ ﻛﻼﻡ ﻭﺍﺣﺪ ،ﻭﻣﻦ ﻓﻮﺍﺋﺪِ ﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ :ﺍﻟﺘﻬﻮﻳﻞ ﻭﺍﻹﻋﻈﺎﻡ ،ﻭﺇﻻ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎً ﻟﻮ ﻗﻴﻞ:ﻛﺒﺮ ﻣﻘﺘﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﷲ ﺫﻟﻚ ،ﻓﻤﺎ ﺇﻋﺎﺩﺗﻪ ﻫﻨﺎ ﺇﻻ ﻟﻤﻜﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﷲ ﺃﻋﻠﻢ" ﺣﺎﺷﻴﺔ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻤﻨﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ ،ﻣﺞ ،٤ﺹ.٥٢٣ : -٢ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﺬﻡ ﻳﺴﺘﺨﺪﻡ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻮﻛﻴﺪ -ﻏﺎﻟﺒﺎً -ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ﻣﻨﻜﺮﺍً ،ﺃﻭ ﻣﻨﺰﻻً ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ،ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻤﺪﺡ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺒﻴﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻘﻮﻟﻪ َ ﴿ ﻭﺇِﻧﱠﻚَ ﻟَﻌَﻠﻰ ﺧُﻠُﻖٍ َ ﻋﻈِﻴﻢٍ ﴾ ﺍﻟﻘﻠﻢ ،٤ :ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﴿ : ﻭَﺇِﻥﱠ ِﺇﻟْﻴَﺎﺱَ ﻟَﻤِﻦَ ﺍﻟْﻤُ ْﺮﺳَﻠِﻴﻦَ ﴾ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ .١٢٣ :ﻭﻗﻮﻟﻪَ ﴿ : ﻭﺇِﻥﱠ ﻟُﻮﻃًﺎ ﻟَﻤِﻦَ ﺍﻟْ ُﻤ ْﺮﺳَﻠِﻴﻦَ ﴾ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ .١٣٣ :ﺃﻭ ﻳﺬﻡّ ﺑﻌﺾ ﺃﻋﺪﺍﺋﻪ ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺫﻡّ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﻐﻴﺮﺓ ﴿ : ﻛَﻠﱠﺎ ﺇِﻧﱠﻪُ ﻛَﺎﻥَ ﻵ ﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻋَﻨِﻴﺪًﺍ ﴾ ﺍﻟﻤﺪﺛﺮ ،١٦ :ﻓﺎﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﻨﻜﺮﻭﻥ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﺮﺳﻠﻮﻥ ﺃﻭ ﺃﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﺎﻧﺪ ﻟﻠﺤﻖ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺗﺒﻴﻦ ،ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ :ﺟﻲﺀ ﺑﺎﻟﺘﻮﻛﻴﺪ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﺬﻡ ﻭﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺨﺎﻃﺐ ،ﻭﻟﻌﻞّ ﺍﻟﺴّﺮ ﻓﻲ www.facebook.com/asrar.alquran
٤ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺪﺡَ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺤﺴﻦ ﺇﺫﺍ ﺯﺍﻝ ﺍﻟﺸﻚﱡ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﺪﺡُ ﺑﻪ ﺃﻭ ﻳﺬﻡ .ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻲ" :ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺡ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﻊَ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻚ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻤﺪﺡ ﺑﻪ ،ﻭﻳﺒﺎﻋﺪﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻔﺘﺨﺮ ".ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ ،ﺹ.١٣٨ : -٣ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﺬﻡ ﺃﺿْﻔﺖْ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻗﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ،ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ﴿ : ﻟَﺒِﺌْﺲَ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﺼْﻨَﻌُﻮﻥَ ﴾ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ،٦٣ :ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ..." :ﻷﻥ ﻛﻞ ﻋﺎﻣﻞ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺻﺎﻧﻌﺎً، ﻭﻻ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ ﻳﺴﻤﻰ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻤﻜﻦَ ﻓﻴﻪ ﻭﻳﺘﺪﺭﺏ ﻭﻳﻨﺴﺐ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻣُﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻮﻩ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺗﺤﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﻜﺎﺑﻬﺎ ،ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻬﺎﻩ ﻓﻼ ﺷﻬﻮﺓ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮﻩ ،ﻓﺈﺫﺍ ﻓﺮﻁ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻛﺎﻥ ﺃﺷﺪ ﺣﺎﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻊ" ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ ،ﻣﺞ ،١ﺹ .٦٥٤:ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺗﺬﻡّ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﻬﺎﻭﻧﻮﻥ ﻓﻲ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﺫﻣﺎ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﺫﻡ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻌﻴﻦ ﻟﻪ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ،ﺣﻴﺚ ﻋﺒﺮ ﻓﻲ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺫﻡ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻌﻴﻦ ﻟﻠﻤﻨﻜﺮ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻘﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﻟﺒﺌﺲ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﴾ ﺍﻟﻤﺎﺋﺪﺓ ،٦٢ :ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻋﺒﺮ ﺑﻠﻔﻆ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ،ﻓﺠﻌﻞ ﺗﺮﻙ ﺍﻹﻧﻜﺎﺭ ﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮﺩَ ﻋﻤﻞ ،ﺑﻞ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻤﻜﻨﻮﺍ ﻓﻲ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺗﺪﺭﺑﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺘﻰ ﺻﺎﺭَ ﻭﺻﻔﺎً ﻟﻬﻢ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺷﺪ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺫﻣﺎً ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺘﺎﺭﻛﻴﻦ ﻟﻸﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺮ.
www.facebook.com/asrar.alquran
٥ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ" :ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀُ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ :ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺁﻳﺔ ﺃﺷﺪ ﺗﻮﺑﻴﺨﺎً ﻟﻠﻌﻠﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻭﻻ ﺃﺧﻮﻑَ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ".ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ ،ﻣﺞ ،٤ﺝ ،٢ﺹ .٩٣ :ﻻ ﺟﺮﻡ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻘُﺬّ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﻳﻨﻌﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺗﻮﺍﻧﻴﻬﻢ .ﻭﺍﻧﻈﺮ -ﺭﺣﻤﻚ ﺍﷲ- ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻡ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺸﻨﻌﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﻮّﻩ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻘﺪﺭ ﺍﷲ ﺣﻖ ﻗﺪﺭﻩ ﺑﺄﻥ ﺍﷲ ﺍﺗﺨﺬ ﻭﻟﺪﺍً -ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﷲ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻮﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً -ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﻛَﺒُﺮَﺕْ ﺨﺮُ ﺝُ ﻣِﻦْ ﺃَﻓْﻮَﺍﻫِﻬِﻢْ ﺇِﻥْ ﻳَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ ِﺇﻟﱠﺎ ﻛَﺬِﺑًﺎ ﴾ ﺍﻟﻜﻬﻒ ،٥ :ﻓﻮﺻﻒ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻛَﻠِﻤَﺔً َﺗ ْ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ﻭﻓﻴﻪ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺣﻴﺚ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻛﺎﻟﺸﻲﺀ ﻟﻪ ﺟﺮﻡ ﻳﺨﺮﺝ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﺳﺘﻌﻈﺎﻡ ﻟﻘﺒﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻈﻤﻬﺎ ﻭﻫَﻮﻟِﻬﺎ ﻓﺎﺭﻗﺖ ﺟﻨﺲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﻣﻦ ﺟﻨﺲ ﺍﻷﺟﺴﺎﻡ .ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ﴿ ": ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺃﻓﻮﺍﻫﻬﻢ ﴾ ﺻﻠﺔ ﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﻔﻴﺪُ ﺍﺳﺘﻌﻈﺎﻣﺎً ﻻﺟﺘﺮﺍﺋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻄﻖ ﺑﻬﺎ ﻭﺇﺧﺮﺍﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻓﻮﺍﻫﻬﻢ ".ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ ،ﻣﺞ ،٣ﺹ.٣٥٤ : -٤ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﺼﺮ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﺃﻭ ﺍﻟﺬﻡ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺘﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﺴﻮﺓ ﺍﻟﻼﺗﻲ ﺧﺮﺝ ﻋﻠﻴﻬﻦ ﻳﻮﺳﻒ )ﻋﻠﻴﻪ ﻜﺮِﻫِﻦﱠ ﺃَﺭْﺳَﻠَﺖْ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻓﺎﻧﺒﻬﺮﻥ ﺑﺠﻤﺎﻟﻪ ﻓﻘﻠﻦ ﻓﻲ ﻋﺠﺐ ﴿ : ﻓَﻠَﻤﱠﺎ ﺳَﻤِﻌَﺖْ ﺑِ َﻤ ْ ﺧ ُﺮﺝْ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻦﱠ ﺳﻜﱢﻴﻨًﺎ ﻭَﻗَﺎﻟَﺖِ ﺍ ْ ﻜﺄً َﻭﺁَﺗَﺖْ ﻛُﻞﱠ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻣِﻨْﻬُﻦﱠ ِ ِﺇﻟَﻴْﻬِﻦﱠ َﻭَﺃﻋْﺘَﺪَﺕْ ﻟَﻬُﻦﱠ ﻣُ ﱠﺘ َ ﻓَﻠَﻤﱠﺎ َﺭﺃَﻳْﻨَﻪُ َﺃﻛْ َﺒﺮْﻧَﻪُ ﻭَ َﻗﻄﱠﻌْﻦَ ﺃَﻳْﺪِﻳَﻬُﻦﱠ ﻭَﻗُﻠْﻦَ ﺣَﺎﺵَ ﻟِﻠﱠﻪِ ﻣَﺎ ﻫَﺬَﺍ ﺑَﺸَﺮًﺍ ﺇِﻥْ ﻫَﺬَﺍ ﺇِﻻ ﻣَﻠَﻚٌ ﻛﺮِﻳﻢٌ ﴾ ﻳﻮﺳﻒ ،٣١ :ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻠﻦ :ﻫﺬﺍ ﻣﻠﻚ ﻛﺮﻳﻢ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ، َ ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻧﻬﻦ ﺃﻭﻫﻤﻦ ﺍﻟﺴﺎﻣﻊَ ﺃﻥ ﻳﻮﺳﻒَ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻣﻠﻚٌ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ،ﻓﻬﺬﻩ ﻫﻲ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺤﺼﺮ ﻫﻨﺎ ،ﻓﻴﻮﺳﻒ )ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻣﻠﻜﺎ ﻛﺮﻳﻤﺎً ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺷﻴﺌﺎً ﺁﺧﺮ ،ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺧﻠﺼﺖ ﻟﻪ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﻦ www.facebook.com/asrar.alquran
٦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺷﻲﺀ ،ﻭﻫﺬﻩ -ﺑﻼ ﺷﻚ -ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﺣﻪ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻄﻬﺮ ﻭﺍﻟﻌﻔﺎﻑ. -٥ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﺮ ﻟﻠﺘﻔﺨﻴﻢ ﺇﻥ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﺮَ ﻧﻮﻉٌ ﻣﻦ ﺍﻹﺑﻬﺎﻡ ﻳﻜﺴﺐ ﺍﻟﻤﺪﺡَ ﻭﺍﻟﺬﻡ ﻗﻮﺓ ﻭﻓﺨﺎﻣﺔ ،ﻭﻣﻦ ﺃﻣﺜﻠﺘﻪ ﻗﻮﻟُﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻋَﻠَﻰ ﻫُﺪًﻯ ﻣِﻦْ ﺭَﺑﱢﻬِﻢْ َﻭﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﻫُﻢُ ﺍﻟْﻤُﻔْ ِﻠﺤُﻮﻥَ ﴾ ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ،٥ : ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻘﻨﻮﺟﻲ " :ﻭﺍﻹﺑﻬﺎﻡ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﻜﻴﺮ ﻓﻲ ﴿ ﻫﺪﻯ ﴾ ﻟﻜﻤﺎﻝ ﺗﻔﺨﻴﻤﻪ، ﺃﻱ :ﻋﻠﻰ ﻫﺪﻯ ﺃﻱّ ﻫﺪﻯ ،ﻻ ﻳﺒﻠﻎ ﻛﻨﻬﻪ ﻭﻻ ﻳﻘﺎﺩﺭ ﻗﺪﺭﻩ ".ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ :ﻣﺞ ،١ﺹ: ،٨٥ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﻫَﺬَﺍ ﻫُﺪًﻯ ﻭَﺍﻟﱠﺬِﻳﻦَ ﻛَ َﻔﺮُﻭﺍ ﺑِﺂَﻳَﺎﺕِ ﺭَﺑﱢﻬِﻢْ ﻟَﻬُﻢْ ﺟﺰٍ َﺃﻟِﻴﻢٌ ﴾ ﺍﻟﺠﺎﺛﻴﺔ.١١ : ﻋَﺬَﺍﺏٌ ﻣِﻦْ ﺭِ ْ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ ﴿ " :ﻫﺬﺍ ﴾ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ،...ﺃﻱ :ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ :ﺯﻳﺪ ﺭﺟﻞ ،ﺗﺮﻳﺪ :ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﻴﺔ ،ﻭﺃّﻳﻤﺎ ﺭﺟﻞ". ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ ،ﻣﺞ ،٤ﺹ.٢٨٧ : -٦ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻭﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﻭَﺍﺗْﻞُ ﻋَﻠَﻴْﻬِﻢْ ﻧَ َﺒﺄَ ﺍﻟﱠﺬِﻱ ﺁَﺗَﻴْﻨَﺎﻩُ ﺁَﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻓَﺎﻧْﺴَﻠَﺦَ ﻣِﻨْﻬَﺎ َﻓﺄَﺗْﺒَﻌَﻪُ ﺍﻟﺸﱠﻴْﻄَﺎﻥُ َﻓﻜَﺎﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻐَﺎﻭِﻳﻦَ )َ (١٧٥ﻭﻟَﻮْ ﺷِﺌْﻨَﺎ َﻟﺮَﻓَﻌْﻨَﺎﻩُ ﺑِﻬَﺎ َﻭَﻟﻜِﻨﱠﻪُ ﺃَﺧْﻠَﺪَ ِﺇﻟَﻰ ﺍ ْﻟﺄَﺭْﺽِ ﻭَﺍﺗﱠﺒَﻊَ ﻫَﻮَﺍﻩُ ﻓَﻤَﺜَﻠُﻪُ ﻛَﻤَﺜَﻞِ ﺍﻟْﻜَﻠْﺐِ ﺇِﻥْ َﺗﺤْﻤِﻞْ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻳَﻠْﻬَﺚْ ﺃَﻭْ ﺗَ ْﺘ ُﺮﻛْﻪُ ﻳَﻠْﻬَﺚْ ﻜﺮُﻭﻥَ ﴾ َﺫﻟِﻚَ ﻣَﺜَﻞُ ﺍﻟْﻘَﻮْﻡِ ﺍﻟﱠﺬِﻳﻦَ ﻛَﺬﱠﺑُﻮﺍ ﺑِﺂَﻳَﺎﺗِﻨَﺎ ﻓَﺎﻗْﺼُﺺِ ﺍﻟْﻘَﺼَﺺَ ﻟَﻌَﻠﱠﻬُﻢْ ﻳَﺘَﻔَ ﱠ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ .١٧٦ - ١٧٥ :ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﻏﻲ" :ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺬﻡ ﻛﺎﻥ ﻭﻗﻌﻪ ﺃﺷﺪ ﻭﺣﺪﻩ ﺃﺣﺪ ".ﻛﺘﺎﺏ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ،ﺹ ،٢٠٨ :ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ www.facebook.com/asrar.alquran
٧ ﻣﺜّﻞ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺒﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺁﺗﺎﻩ ﺍﷲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﺒﺪﻝَ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪَ ﻣﻨﻪ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺑﻪ ﺗﺮﻛﻪ ﻭﺍﻧﺴﻠﺦ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﻫﻮﺍﻩ ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﻨﻔﻊُ ﻓﻴﻪ ﻭﻋﻆ ﺃﻭ ﻧﺼﺢ، ﻓﺼﺎﺭَ ﻛﺎﻟﻜﻠﺐ ﺍﻟﻼﻫﺚ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻟﻸﻋﻠﻰ ﺑﺎﻷﺩﻧﻰ ،ﻭﻫﻮ ﺟﻴّﺪ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺬﻡّ. ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺣﺠّﺔ ﺍﻟﺤﻤﻮﻱ" :ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﺍﻟﻼﺯﻣﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺸﺒﱢﻪ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﺍﻷﺩﻭﻥ ﺑﺎﻷﻋﻠﻰ ﺇﺫﺍ ﺍﻟﻤﺪﺡ ،ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻬﺠﻮ ﻓﺎﻟﺒﻼﻏﺔ ﺃﻥ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺑﺎﻷﺩﻧﻰ .ﺧﺰﺍﻧﺔ ﺍﻷﺩﺏ ،ﻣﺞ ،١ﺹ ،٣٨٣ :ﻭﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﺧِﺘَﺎﻣُﻪُ ﻣِﺴْﻚٌ ﻭَﻓِﻲ َﺫﻟِﻚَ ﻓَﻠْﻴَﺘَﻨَﺎﻓَﺲِ ﺍﻟْﻤُﺘَﻨَﺎﻓِﺴُﻮﻥَ ﴾ ﺍﻟﻤﻄﻔﻔﻴﻦ .٢٦ :ﻓﺈﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳُﺴﻘﻮﻥ ﻣﻦ ﺭﺣﻴﻖ ﻣﺨﺘﻮﻡ ،ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﻟﺬ ﺍﻷﺷﺮﺑﺔ ،ﻭﻣﻌﻨﻰ ﺧﺘﺎﻣﻪ ﻣﺴﻚ ،ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺘﻢ ﺑﻪ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺍﺧﻠﻪ ﺷﻲﺀ ﻳﻔﺴﺪ ﻟﺬﺗﻪ ﺃﻭ ﻃﻌﻤﻪ ،ﺃﻭ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﻫﻮ ﺁﺧﺮ ﺍﻟﺮﺣﻴﻖ ﻭﺣﺜﺎﻟﺘﻪ،ﻭﺃﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻓﻠﻔﻆ ﺍﻟﻤﺴﻚ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﻌﻤﻼً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ،ﺃﻭ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ ،ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﺧﺘﺎﻣﻪ ﻃﻴﺐ ﻛﻄﻴﺐ ﺍﻟﻤﺴﻚ ،ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺡ ﻣﻊ ﺍﻹﻳﺠﺎﺯ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ،ﻭﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﺑﺎﻟﻤﺴﻚ. ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺠﺮﺟﺎﻧﻲ" :ﻭﺇﺫﺍ ﻭﺻﻔﻮﺍ ﺑﻐﺎﻳﺔ ﺍﻟﻄﻴﺐ ﻗﺎﻟﻮﺍ :ﻫﻮ ﻣﺴﻚ ".ﺩﻻﺋﻞ ﺍﻹﻋﺠﺎﺯ،ﺹ ،٣٨٩:ﻭﻣﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﻞ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﺑﺎﻟﻤﺠﻬﻮﻝ، ﺠﺮَﺓُ ﺍﻟﺰﱠﻗﱡﻮﻡِ ) (٦٢ﺇِﻧﱠﺎ ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎﻫَﺎ ﻓِﺘْﻨَﺔً ﺷَ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﺃَ َﺫﻟِﻚَ ﺧَ ْﻴﺮٌ ﻧُ ُﺰﻟًﺎ ﺃَﻡْ َ ﺠﺤِﻴﻢِ ) (٦٤ﻃَﻠْﻌُﻬَﺎ ﻛَﺄَﻧﱠﻪُ ﺭُﺀُﻭﺱُ ﺠﺮَﺓٌ َﺗﺨْ ُﺮﺝُ ﻓِﻲ ﺃَﺻْﻞِ ﺍﻟْ َ ﻟِﻠﻈﱠﺎﻟِﻤِﻴﻦَ ) (٦٣ﺇِﻧﱠﻬَﺎ ﺷَ َ ﺍﻟﺸﱠﻴَﺎﻃِﻴﻦِ ﴾ ﺍﻟﺼﺎﻓﺎﺕ .٦٥ - ٦٢ :ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺰﻗﻮﻡ ﺷﺠﺮﺓ ﺗﻨﺒﺖُ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻫﻲ ﻏﻴﺐٌ ﻋﻨﺎ ،ﻭﻃﻠﻌﻬﺎ ﻛﺄﻧﻪ ﺭﺅﻭﺱُ ﺷﻴﺎﻃﻴﻦ ،ﻭﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻏﻴﺐٌ ﺃﻳﻀﺎً ،ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ www.facebook.com/asrar.alquran
٨ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻹﻳﻀﺎﺡ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝَ ﺑﺎﻟﻤﺠﻬﻮﻝ؟، ﻭﺍﻟﻐﻴﺐَ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ؟! ،ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻧﻘﺺٌ ﻭﻋﻴﺐ .ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻨﻪ ﻳﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺳﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻋﺠﻴﺐ ،ﻭﻻ ﻳﺪﻉ ﻣﺠﺎﻻً ﻟﺮﻳﺐ ﻣﺮﻳﺐ .ﺇﻥ ﺍﷲ ﺷﺒﻪ ﻃﻠﻊ ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺰﻗﻮﻡ ﺑﺮﺅﻭﺱ ﺍﻟﺸﻴﺎﻃﻴﻦ ﻭﻫﻮ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻣﺒﻬﻢ ﺑﻤﺒﻬﻢ ،ﻭﻫﻞ ﻳﻔﺴﺮ ﺍﻹﺑﻬﺎﻡَ ﺍﻹﺑﻬﺎﻡُ؟! ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﺑﻬﺎﻡ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ؛ ﻷﻥ ﺍﷲ ﻟﻢ ﻳﺸﺄ ﺃﻥ ﻳﺤﺪﺩ ﺍﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻧﻌﺮﻓﻪ ،ﻭﻣﻌﻠﻮﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﺢَ ﻭﺍﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﻣﻤﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒُ ﻓﻴﻪ ﺍﻷﻧﻈﺎﺭ ،ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻗﺒﻴﺤﺎً ﻋﻨﺪ ﺯﻳﺪ ﻏﻴﺮ ﻗﺒﻴﺢ ﻋﻨﺪ ﻋﻤﺮﻭ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ : ﺭُﺀُﻭﺱُ ﺍﻟﺸَﻴﺎﻃِﻴﻦٍ ﴾ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺳﻴﺘﻮﻫﻤﻮﻧﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﻣﺬﺍﻫﺒﻬﻢ، ﻛﻞّ ﺳﻴﺘﻮﻫﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺰﻋﻪ ،ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺳﺘﺘﻌﺪﺩ ﺃﻟﻮﺍﻥ ﺍﻟﺒﺸﺎﻋﺔ ،ﻭﻫﺬﺍ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ،ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺰﻣﺨﺸﺮﻱ" :ﻓﻴﻘﻮﻟﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻛﺄﻧﻪ ﻭﺟﻪ ﺷﻴﻄﺎﻥ ،ﻛﺄﻧﻪ ﺭﺃﺱ ﺷﻴﻄﺎﻥ ،ﻭﺇﺫﺍ ﺻَﻮّﺭﻩ ﺍﻟﻤﺼﻮﺭﻭﻥ ﺟﺎﺅﻭﺍ ﺑﺼﻮﺭﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻗﺒﺢ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﺭ ﻭﺃﻫﻮﻟﻪ ".ﺍﻟﻜﺸﺎﻑ ،ﻣﺞ ،٤ﺹ.٤٧،٤٦ : ﻫﺬﺍ ﻏﻴﺾ ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﻭﻗﻄﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﻄﺮﺓ ،ﻭﻟﻌﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺫﻛﺮ ﻏُﻨﻴﺔ ﻋﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ ،ﻭﺣﺴﺒﻨﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﺪ ﻣﺎ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﺎﻟﻌﻨﻖ ﻭﺑﺎﻟﺴﻮﺍﺭ ﻣﺎ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻢ ،ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻩ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺃﺳﺎﻟﻴﺒﻪ ﻣﺘﻤﻴﺰ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺍﻹﺗﻴﺎﻥ ﺑﻤﺜﻠﻪ ﺇﻧﺲ ﺃﻭ ﺟﺎﻥّ ،ﻟﻘﺪ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﻣﻀﺎﻫﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﺒﻠﻐﺎﺀ ﻭﺍﻟﺠﻬﺎﺑﺬﺓ ﺍﻟﻔﺼﺤﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺍﻟﺨﻄﺒﺎﺀ ،ﻓﻘﺪ ﺃﺩﻫﺸَﻬﻢ ﻧﻈﻤُﻪ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ،ﻭﺃﺧﺮﺱ ﺃﻟﺴﻨﺘَﻬﻢ ﺃﺳﻠﻮﺑُﻪ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ،ﺣﻴﺚ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﺤﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻌﻪ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭﺍً ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻟﻪ ﻓﺘﺮﺓ ﻭﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ،ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻧﻘﺺ ﻓﻴﻪ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ،ﻭﻻﻏﺮﻭ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ،ﻓﺎﻟﻜﻤﺎﻝ ﷲ ﻭﺣﺪﻩ ،ﻟﻘﺪ ﺻﺎﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻗﺼﻰ ﻏﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ،ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺎﺕ www.facebook.com/asrar.alquran
٩ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻼﺣﺔ ،ﺗﺮﻯ ﺍﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺑﻴﻦ ﻷﻟﻔﺎﻇﻪ ﻭﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ،ﻭﷲ ﺩﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ ﻓﻴﻪ: ﺗﺰﻳﻦ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﺃﻟﻔﺎﻇَﻪ -ﻭﺃﻟﻔﺎﻇُﻪ ﺯﺍﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ .ﺇﻥ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﻫﺬﺍ ﺷﺄﻧﻪ ﻟﺤﺮﻱّ ﺑﺎﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﺮ ﻭﺍﻟﻐﻮﺹ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻪ ﻭﺍﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﺍﻟﺪﺭﺭ ،ﻭﻣﻦ ﺣﻖ ﻟﻐﺘﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﺳَﻬﺎ ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻪ ﻭﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺘﻪ .ﻭﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻭﺳﻠّﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍً.
www.facebook.com/asrar.alquran