المؤلفة فى سطور
االسم :منى طالب حسن الصراف مواليد :بغداد المهنة :مهندسة مدني من اعمال الكاتبة :نصوص ال تخبروا الورد وديوان شعر :قلب يتعرق ومجموعة قصصية قصيرة ..وبعض الخواطر والومضات االدبي والمقاالت الثقافية نشر العديد منها في الصحف الورقية والمجالت داخل وخارج العراق نواحى التقدير :حصلت الكاتبة على بعض شهادات الشكر والتقدير من المنديات االدبية .. واالحتفاءات باعمالها في المركز الثقافي العراقي وشعراء المتنبي في بغداد المشاركة في العديد من المهرجانات الثقافية والمدنية نالت العديد من شهادات الشكر والتقدير من :من وزارة الثقافة واالعالم العراقية درع االبداع من منظمة االشقاء العرب الشكر والتقدير واالحتفاء من تجمع المرايا الثقافي احتفاء وشهادة شكر وتقدير من مكتب الطلبة والشباب العراقي شكر وتقدير من الشيخ سعد مشعل رئيس لجنة الحشد الشعبي شكر وتقدير من شعراء المرسى في المتنبي قالدة االبداع من تجمع المرايا الثقافي درع التميز واالبداع من رابطة شعراء وادباء المتنبي شهادة شكر وتقدير من رابطة شعراء وادباء المتنبي عضوة تجمع المرايا الثقافي عضوة رابطة شعراء المرسى في المتنبي عضوة في رابطة شعراء وادباء المتنبي عضوة في منظمة االشقاء العرب الثقافية
للخوف ظل طويل
( الخوف ظله طويل علينا فهمه كي نستطيع التغلب عليه ..هناك شيء اهم من الخوف هو الفشل والوقوع فيه وتبرير الشجاعة لتجاوز الجبن ..واكبر مواجهة للخوف هي الخطوة االولى لتعيش طيلة حياتك وانت تشعر بنشوة االنتصار ) كانت هذه وصايا جدة تقولها بعد كل حكاية من اساطير الخوف والرعب الطفال مشاكسين اليعرفون السكينة والهدوء في نهارهم . طفلة شجاعة ! ترعب القطط السوداء وقت الغروب وال تخشى محاكمة تقام ضدها من القطط وقاضيا وشهودا من البشر ..فهي عرفت اللعبة ! وفهمت الخوف وان حكايات جدتها صندوق دنيا عناوينه الرعب لكنه هو احد دروب الخيال . لم تتجاوز العاشرة من عمرها شعرها اسود كليل خال من ضوء القمر متموج كما هي امواج دجلة الهادىء حين يالمس بيوتاتهم المتراصة على ضفافه ،بيضاء وشفاه وردية حبات كرز في طور النضوج . تحب اللعب كثيرا مع اطفال محلتها البغدادية العتيقة . كانت تكره وقت الغروب وظهور القمر فهذا سبب كافي كي تترك اللعب والعوده الى البيت . نُسجت حكايات كثيرة حول بيت تسكنه االشباح في محلتهم ،من الكبار قبل الصغار .بيت مهجور لم يتجرأ احدٌ ان يسكنه وان فعلها شخص يولي هاربا بليل ظالم . اما اطفال المحلة سكنهم الرعب من هذا البيت ونسجوا حوله الحكايات والقصص وكيف حاول احدهم دخوله في ليلة مع رفاقه وبيده شعلة من نار سمعوا فيه صرخات وقهقهات واواني تقرع وكيف خنق احدهم في محاوله يأس حين رفع راسه الى االعلى لينظر ما حوله زادت وتيرة الخنق وضحكات تلك السعلوة الطويلة وجسدها يمالءه الشعر كما هو القرد حتى ان ظلها كان اطول من قامتها الممشوقة طلبت منهم الخروج من الدار واال سيكون مص دمائم لها شرابا .. ضحكت تلك الطفلة من قصصهم تلك وقالت لهم أال تعلمون ان للخوف ظالً طويالً !؟ت ان السعلوة طويلة وتدخل قبرا وتخرج منه ردوا عليها وكيف ذلك اال تعلمين ان ِ كلبااسودا وتدخل اخر وتخرج على هيئة غراب !؟ اخبرتهم انها خرافات الجدات وحكاياتهن .عليكم مواجهة الخوف وان تقفوا بصمود امام تلك السعلوة ذات الظل الطويل ! ت حقا تمتلكين تلك الشجاعة ضحكوا منها وسخروا قالوا لها واجهي انت الخوف لو كن ِ لوحدك . ادخلي البيت ِ كانت تنظر الى تلك العيون التي احاطتها بالسخرية والضحك على قدرتها وشجاعتها . ردت عليهم بحزم انتم جبناء هل تعلمون اني شجاعة وبشجاعتي أصل الى النجوم والجلوس على سطحالقمر واشرب الشاي واكل الكعك مع جدتي !
زادت وتيرة ضحكاتهم قالوا لها ال نريدك ان تجلسي فوق سطح القمر ! فقط ادخلي هذا البيت وقت الغروبقالت لهم وبكل ثقة اذن لننتظر وقت الغروب ...كان الظالم شديدا تلك الليل والمحلة اصبحت شبه خالية من الحركة والمكان اصبح مخيفا جدا وقف االطفال على مقربة من البيت المهجور ينتظرون دخولها فيه ..حملت شعلة من نار كانوا قد صنعوها لها . شعرت ألول مرة في حياتها انها ليست شجاعة حين وضعت القدم االولى عند عتبة الدار . كانت تخاف الفشل امام اصحابها النها ستكون بعده فريسة الذل طوال حياتها ! بخطى مثقلة دخلت الى باحة الدار كانت تتمتم لنفسها : امامك فجأة ً ليخنقك والذي يظهر احترسي فقط من الذي سيقف خلفك ِ ِ شعرت بقلق حاد وسرعة في التنفس وقد جف الفم من ماء ورده ،اتسعت حدقات عينيها وارتجاف شديد لالطراف ،غصة في الحلق ونوبات من التجشؤ كانت تعتريها حين تواجه الخوف ازدادت ضربات قلبها شعرت انه سيغمى عليها اخذت تردد حروفا مرتجفةً : اياك والفشل البد من الخروج من ت شجاعة اصمدي ان ِ عليك االعتراف بالخوف اوال لكن ِ ِ ت تشعرين بنشوة االنتصار على هوالء االغبياء ..هكذا علمت ِك الجدة . هذا الدار وان ِ سمعت اصوات تقرع وظال اسودا طويال كان واضحا امامها تسمرت منها االقدام لم تشعر بهما وهذا التجشؤ زاد من وتيرته حين شاهدت عيونا تلمع تشق ظلمة المكان ،صمدت للحظات والتفت خلفها شاهدت سعفة لنخلة متكئةً على الجدار عرفت بسرعة ذكائها المتقد انها السعلوة ذات الظل الطويل التي ارعبت االطفال ..قفزت من امامها قطة سوداء اصابتها بالهلع خمنت ان تلك القطة كانت هي من تصدر هذا القرع في االواني لتفتش لها عن بقايا طعام ..خرجت من الدار وبيدها تلك السعفة الطويلة وهي تهش قطة سوداءامامها تموء وابتسامة النصر على الشفاه . السعلوه -:شخصية شيطانية انثوية شكلها غريب ومخيف وجسدها مليء بالشعر
بائعات االماني نساء احترفن القفز فوق اسوار المدن ،ينظرن الى عينيك فيتغير بك الزمان والمكان ، هاربات من اساطير قديمة ،سقطن من مناقير طيور مهاجرة ،يجمعن االمنيات وينثرنها بين المدن والطرقات راحالت دائما هن راحالت يحملن االماني والحكايات وبشارات تفيض بالنشوة تدغدغ االحالم يبعن لك االمال من دخان تعيد لك ذكريات عتيقة من ركام السنين وبصيص امل وسط الظالم ،يرسمن كما يشأن لك االسفار على الغيوم ،يخادن ّ كلماتهن سحر وبعض حظوظ المطر ،سروب لحمائم تحمل البشارة لمن ضاقت به الحياة للشجن ،نبوءات طريقها الفرح . كحل نثرنه في العيون وشوم على جدار الجسد ،تتشاجر االضداد في وجوهن ،عيون واسعة سوداء ،غارقات في المستحيل .انها اشرعة الغجر التي كانت تأسر فتنتهن تلك الطفلة الرقيقة الدافئة كم كانت تتمنى ان تحظى منهن بلقاء ..كانت غارقة بقصصهن والفرح لهن ثوب ..وفي ليلة ظهيرة حارة والناس نيام سمعت وشوشاتهن ونغمات من احجار الودع وكلمات بين التبشير والتحذير لنساء مخدرات غافيات ..وضعن كل احالمهن تحت الجفون ينتظرن غيث المطر . طلبت تلك الطفلة من والدتها بكل محاوالت التوسل ان تفسح لهن الطريق ودخول عتبة الدار رفضت االم هذا الطلب لكن بعد ان رأت اصرار ابنتها المدلَلة وافقت بتملل وهي العالمة بحب ابنتها للفرح المصاحب للغجر ..كن ثالث نساء سمراوات ووجوهن تملؤها الوشوم وشوم خضراء جميلة هكذا كانت تراه تلك البنت الناعمة اتخذن من باحة الدار لهن مجلس فتحت احداهن خريطتها واحجار ملونه رائعة زاهيه فرشتها فوق قطعة من القماش المزركش واتخذت االخرى مكانا اخر بين صاحبتها االولى التي اجلست الطفلة بقربها وبين صاحبة االحجار .طلبت من االم ان تمسك باحدى االحجار وان توشوشها باالمنيات وان ترمي معها بعض النقود لكي تبوح لها االحجار بالذي ذهب والذي آت ..طلبت الغجرية من االم ان التغادر نظرتها لمكان اخر غير عينيها ..تململت تنحنحت اخبرتها حكايات من رماد زمن فات واخرى قادمة تحمل احالم ستتحقق في نهاية المطاف . ذهلت االم من كم المعلومات الحقيقية التي اخبرتها بها تلك القارئة ومن امنيات اخرى ال يعرفها سوى اهل الدار والزوج الذي يشقى ليل نهار من اجل االفضل السرته الكبيرة .. شعرت االم بنشوة االنتصار وافراح تتراقص لها نبضات القلب ..لم تمض سوى لحظات من هذه االفراح حتى انتفضت االم والغضب انفجر بوجهها ونهضت واخبرتهن ان ابليس ّ لكن مدرسة بل باالحرى ما اغباه هو تلميذ ينهل منكن الخداع .صرخت بهن وطالبتهن بمغادرة الدار .اصاب ابنتها الحزن واخذت تبكي قسوة والدتها عليهن في حين منذ لحظات زرعن لها فرحا لم تكن تراه منذ سنوات بوجهها .. مابالك يا امي لماذا هذا الهجوم على جالبات الفرح لك ..كيف تكونين بهذه القسوةوطلبت منهن مغادرة الدار بهذه الطريقة ..لماذا يا امي !!؟ تنهدت االم خرجت مع زفيرها نار تشتعل قالت البنتها :
حبيبتي كل الذي اخبرتني به تلك الغجرية كان بسبب استنطاق االخرى الجالسة معك منمعلومات وامنيات ال يعرفها سوانا ،وتترجمها بلغة ال نفهما نحن ،تلك المخادعة التي تدغدغ امنياتنا واحالمنا ..انه خداع الغجر
الموت االخضر صراع بين الوجود وعدمه وبين المرئي والالمرئي واناس اخرين يلتزمون الصمت بفوضى ازدحمت بها المدينة والكثير ممن فضل ركوب الموج ليتسكع بطرقها الضحلة ، لقتل كل اخضرار فيه الحرية نواتها . بالرغم من االختالف الفكري بينهما كان الغريب هو هذا الوئام الذي يجمعهما واالغرب من هذا ان االثنين كانا مطلوبين من السلطة الحاكمة في بلدهما ،وطريق طويل سارا به معا للوصول الى حدوده الغربية للنجاة بحياتهما ..كان شابا في الخامسة والعشرين من عمره ،وسيما ،انيقا ،مثقفا كانه كتاب يدور في الفضاء اسمه احمد ..واالخر في السابعة والثالثون من عمره طويل القامة اسمر البشرة ولحية بذقن لم تفارق وجهه منذ سبع سنين كان يدعى عليا ،فكره مكتبة متنقلة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب كلما غار في داخله يجد االخرين دائما حاضرين وان غار بهم وجد نفسه ..قليل ماكان يغادر الدار او يطل حتى من نافذة منزله دائم القراءة محب للكتب استطاع ان ينفد الى السماء وعرف في النهاية ان هللا ضوء ساطع ينتشر على الكون لكنه الى االن لم يستطع ان يعرف وليد من هذا السطوع ! . كانت رحلة طويلة في الليل والنهار وحديث وارهاصات فكرية تجمعهما كلما ارادا االستراحة قليال وغذاء من التمر وبعض رقائق الخبز اليابس .قال علي لصديقة احمد : هل تعلم اننا نسير وحياتنا مقدرةابتسم احمد له واشرق وجه لحوار قد يقتل هذا الوقت والخوف الذي كان مصاحبا لهما طوال هذه الرحلة ورد عليه ان قدر هللا افعالي عليه اذن عدم محاسبتي !كان معتادا على فلسفته في الوجود وانغماسه فيها .اجابه ان الحرية تعبير حقيقي عن الوجود الذي يضحي االنسان من اجلها اذن الوجودية هي فلسفة الحرية التامة في التفكير دون قيود رد عليه بحروف خرجتمن بين صرير اسنانه الى االن انت تعتقد اننا نقتات من االوهام ! ال ..لكني مازلت ابحث ،ان الوجود الذي اراه ال يراه غيريمد علي يده على مكان المخ في رأس احمد التنس ان الحلم هو الغطاء الوحيد ..عن الوجود الحقيقة الثابتة هي وجود هللا صديقيَ والعدم ..وبين النفي واالثبات . اجابه بكل ثقة
انا ادافع عن الحياة قبل الدخول في متاهات القيامة ونفيها فهي ال تعنيني وال اريد اثباتها لكن الحكماء استطاعوا الغور والوصول الى االثباتابتسم له وهو يردد :نعم لكن احكم الحكماء لم يستطيعوا الغور في غربتهم واكتشافها ال ابدا انك مخطىء ان الحكيم عالم ويرتدي ردا ًء من قماش خشن يخفي ماهو الثمينداخله وقف على قدميه وطالب صديقة السير من جديد واالخر ال يريد السكوت دون تكملة هذا الجدال لو نتخلص من الحكمة والحكماء والفطنة سيصبح الناس في احسن حال ! وترك الجدالمع اؤلئك الذين يجادلون بدون حكمة .. لم يشعر اال بصفعة على قفى رقبته شقت هدوء المكان اذن اصمت وسر ايها المتحذلق من ذاك الذي يجادل بدون حكمة !؟ضحك احمد منه وقال له هل تعلم انك كمن يحمل االنجيل بيد والفكر اليساري بيد وقلبك ذهب الى االسالم ! وكانهذا سبب كافي لكي يشي جارك المتأسلم حديثا الى رئيس تنطيمه الحزبي وتهدد بالقتل .. رد عليه بغضب ال تبا لهم ان استطاعوا الغور في ذاتي ومعرفة ماهيته ،لكنه انت هو السبب ايها الملحدوتلك الصداقة التي تربطني بك !! ضحك االثنان من تلك السخرية التي جمعتهما معا .. دخال حقل لسنابل حنطة كان الوقت ليال وصمت المكان ال يشقة سوى صوت خطى اقدامهما على سيقان السنابل ولم يتبقَ سوى بضعة عشرات االمتار للوصول الى ضفة االمان .وفي لحظة سرقت من زمنهما قفز ارنب امامهما كان يهرب من شيء ما ،قفزا االثنان من شدة الخوف من مكانهما وكاد نبض قلبيهما يتوقف ..اراد احمد التخفيف على صديقة الكبير وادخاله بجدال اخر ينسيه الذي حدث التخف علي فال شيء يتحرك بدون سبب كما هو هذا االرنب الشيء يتحرك من تلقاءنفسه دائما هناك اسباب .. وهل تعلم انني مت قبل االن قالها علي بأسى كبير وصوت به شجون ..صدقني يا احمدانا مت ولم يكن حلما واالن انا امضي الى ما ال اعرفه ! هه ..وان مت ؟ ستكون كما هي هذه البذور التي تموت لتخضر من جديد ..ففي موتكوالدة نعم حقا ان كل شيء يعود الى اصله الذي صدر عنه وهذا هو النمط االبدي ..العودةالى الهدوء والسكينة ..وأن اختفى الجسد في خضم محيط الوجود سيكون بعيدا عن كل أذى . ما ان اكمل جملته االخيرة حتى اخترق جمجمته طلق ناري لقناص في برج كان يراقب حدودا لم يخرج منها احد يسير على قدميه ،رصاصة كانت قريبة جدا من اذن احمد شعر بحرارتها عند المرور حركت خصالت شعره وطنين في االذن اصابها بالخرم ولحظات سكون وهدوء وسكينة .سقط على االرض امتزجت دماءه بسيقان السنابل وحنطتها
الخضراء .اصابت احمد الصدمة والذهول تسمرت قدماه ..عرف ان القناص لم يشاهده هو بل شاهد صديقه طويل القامة ..حاول ان يهرب من المكان بسرعة ودموع تتساقط اسرع من تلك الرصاصة التي اخترقت رأس صديقه ..عبر الحد الفاصل بين البلدين شعر باالمان ادرك الول مرة في حياته ..ان كل شيء قابل للتغير ،الفكر ،العقائد ، القناعات ،القدوة ،الرموز ..وكلها التستحق ان يضحي االنسان بحياته من اجلها ..فحياة ذلك الصديق كانت عنده أغلى بكثير من كل هذا الهراء ..
إله
الحب في الشرق وجع قلب ،يتوارى خلف جدران المدينة المتهالكة وألم جسد وعيون تتسع حدقاتها ونشاط خيال لعاشقة تشعر بالغيرة .نور لنافذة وحبيب يحب اللعب في الظلمة ويعتبرهاهي اصل كل وجود والكذب اكثر وجوبا من الصدق فيلسوف ساخر بكل ماهو حوله ،إله يسير بين البشر . دائما كانت تلك الخالفات التي تطفو على سطح عالقتهما والسبب الرئيسي كان غيرة تلك العاشقة لحبيب متنقل في الهوى بين البر والبحر ..ومدينة تراقب بشراسة قلوب العشاق لتقتص منهما في اية لحظة . كانت لقاءاتهما سرقة من زمن تلك المدينة اوقات من الخوف اكثر من لحظات عشق تجمعهما وقب ٌل تصل حد النخاع واحضان بحجم الكون يشعرون خاللها بنشوة انتصار العشق على البغض . وفي احدى تلك الخالفات اخبرها : انك تشكين بحبي وهناك فرق بين الشك والغيرة ِردت عليه بانزعاج وهللا كان خطأ ً مني حين عبرت لك عن حبي بهذه الغيرة ،لحظات ضعف ال تستحقهااجابها بتجهم واضح رأسك الجميل وكيف ستعرفين الحقيقة وقد دخلت الغيرةِ وانت ال تشعر ! هو الحبَ كان يحب ان يشعل نار غيرتها التي يراها في عينيها وصوتها وحتى عراكها معه قال لها : ستبقيك دائما مشوشة هل تعلمين ان الغيرة التسمح بالتفكير العقالني ،ِ اجابته والغضب بدأت تزداد وتيرته بينهما اي عقالنية تلك التي تتحدث عنها حتى انها غير موجوده بعالقتنا هذه ايها المتذاكي !اجابها باستهزاء وغضب ت بعفن الشرق وال ت التي ظلم ِ اها اذن التوجد عقالنية بعالقتنا اليس كذلك !؟ وان ِتستطيعين الخالص إال بعشق خلف جدرانه النتنة !! نعم حقا ومع كل هذا تردها لي باللعب من خلف ظهري! فقط النني ال امتلك الشرعيةحتى بغيرتي عليك ! اي منطق هذا اخبرني باهلل عليك !؟ الشرعية !؟ تبا ً لها من منا استطاع امتالكها! واي منطق هذا الذي يكون صحيحا بمكان ويعتبر جريمة بغيره ! ارادت ان تخفف من وطأة هذا الخالف الذي جعل من لقاءهما نزاعا اخبرته هل تعلم حبيبي البارحة سمعت صوتك ،كان عاليا لكني لم افهم منه كلمة !رد عليها بشيء من المزاح لم اسكر منذ ايام ولم تخطو قدماي شارعكم !؟ردت عليه واالبتسامة عادت مشرقة بوجهها الجميل اذن لعله الصوت الذي اسمعه دائما يأتيني من السماء ! -اهو هللا !؟ اتظنينه موجود !؟
نعم حبيبي هو موجود ،سلة بزهور تتدلى فوق رؤوس النساءعاد له جنون المزاح مرة اخرى وارد ان يتدفأ بنار غيرتها ايحب هللا النساء !؟ كان سؤاله غريبا لم تسمعه سابقااجابته بحزم : نعم هللا يحب كل النساء لكنه لم يتخذ له عاشقة كما انا !؟ لن يفعلها حبيبي !دك !؟ لماذا باعتقا ِ كي ال يخنق احدى النساء !اجابها بقوة وحزم اكبر بغيرتك اها اذن ستسمعين اليوم اهات كل النساء ! فال تخنقينيِ ساكون اليوم إله !! بسمات بطعم غربي وحيدا اسير وامي دموعها تالحقني ،عطرك وطني يلدغني في مهجري ،اشمه كلما زاد اغتراب روحي ..ونشيد وطني كان لي سجنا ومنفى مظلما بكياني .وارضا امتلكتها قبل رحيلي بمقبرة ..غريبا منفيا وروحي سجنت مع احبة هناك تركتهم يذوقون الذل الوانا . انتفض بامواجك يا بحر اقذفها بوجهي ستزداد نارا من حرارة دموعي ..امتطيت امواج ْ الموت كما هم اجدادي ! لعل المغامرة تجري في عروقي ! هربت من شظف العيش واستعصت سبل الرزق في دروبك وضع سياسي آسن ،بطش ،قتل ،وال رحمة حتى في اشهر حرماتك .. كان يتمتم ببعض من هذه الكلمات كلما جلس امام البحر يحدث امواجه .شاب مهاجر اسمر اللون نحيف طويل القامة زادت لحيته السوداء طوال ،كانت كفيلة ان تضعة في خانة االرهابين في بالده حتى شعره لم يصل له مقص حالق منذ ان ترك تلك الحارة وحالقها الذي يحب ..برفقتة رجلين من المنظمة التي كلفتهم المنظمة التابعة للهجرة بتنظيم شؤونه في بلد المهجر احدهم من اصول عربية وجنسية امريكية مازال يتحدث اللغة العربية بشكل طليق واالخر امريكي يهمهم ببعض كلمات عربية ،ربطتهم عالقة جيدة فيما بينهم يتسامرون على شاطىء جميل ،امواج البحر تسمع كل همساتهم تثور مرة حزنا وتارة اخرى تصاب بالسكون واحيانا كثيرة كانت تقهقه معهم .. قال له رجل المنظمة عربي االصول كمحاولة للتخفيف عنه : هل تعلم قد يصاب المهاجر بالفصام ! سيكون من الصعب علية ان يلون نفسه بالواناخرى مثل اللغة وعادات وثقافات وتضاريس غير التي ولد فيها وسيبقى حنينه الى ذلك البلد واسير روحه ،وحضن االم وعقدة الذنب التي ستالزمه طوال حياته في المهجر لعدم استطاعته الصمود كما هم ابناء بلده ! ..
:حقا ما تقول صديقي خرجت من بلدي اجر قلبي جرا ..ساعود فانتظر مرجعي !؟ رد عليه : يبقى الغريب حزينا اينما يكون .اجابه بشيء من الحزم وبعض من قوه منحها قلبه له نعم أرض غريبة لكني سابحث هنا عن حلم وارتدي له جناحا ..عادت ابتسامته الىشفتيه وبعض من المرح .قاطعهم الرجل االمريكي اراد ان يجعل من هذه االبتسامات ضحكات تشق امواج البحر الذي امامهم : ما رأيكم لو منحتكم بعض من المزاح كي نخرج من هذه االجواء لقد اوجعتم قلبي !ردوا عليه رجاءا هيا اخبرنا ..قال لهم : هل تعلمون كيف هي اخبار المهاجرين في هذه البلد واحوال اهله ؟قاال له اخبرنا انت كيف هم !؟ قال لهم بكل بساطة هي : ان رأيتم عجوزا اسيوية تسير في الشارع تقبلوها بشكل عادي ! ولكن احذروها ان رأيتموها تقود سيارة ابتعدوا عنها قدر المستطاع النه في النهاية ستدعسكم ال محال !! ضحكا بقوة وقالوا له اكمل .. اما في حال رأيتما رجال اسودا يرتدي بدلة كما هو رئيسنا فال تخافوا منه في حين اذارأيتم رجل اسود يرتدي مالبس فضفاضة عليكم الخوف والحذر منه ! اما في حال رأيتم اربع رجال يتحدثون اللغة العربية في مطعم فال خوف منهم ..وان رأيتم اربعة اخرين يتحدثون العربية وفي طائرة ركاب فخافوا منهم وخذوا حذركم واذهبوا بسرعة الى الرجل االسود ذو المالبس الفضفاضة الذي خفتم منه اول مرة واطلبوا منه المساعدة !!!.. ضحك الجميع بقوة حتى الطيور فزعت من ضحكاتهم وطارت عاليا .. قال له الشاب وهو يضحك حتى مزاحكم ايها الغربيون له طعم ولون غير الذي في بالدي ! نظر اليه الرجل ذو االصول العربية وقال له بشي من السخرية : ذكرتني ببيت شعر مازلت احفظه لكني ال اعرف لمن هو :كم منزل في االرض يألفه الفتى ..وحنينه ابدا ألول منزل اخبره بسرعة البرق انه ألبي تمام الطائي كان من ابرز شعراء العصر العباسي نظره اليه بأعجاب وضحك بشدة ،وها انا اليوم عرفت انك شاعر يا صديقي ... ذهبوا بعد هذه الجلسة لتكملة سهرتهم في احدى المقاهي لتلك الوالية طلبوا العصائر ،وهو دائما ما كان يطلب الشاي لكن كلمات صديقة االمريكي حول العرب ازعجته بالرغم من اعتبارها مزحة استمر حديثهم عن االرهاب الذي اكلت ناره البلدان العربية وهو كان يحاول ان يخبرهم انهم ضحاياه وليس من صنيعتهم اخبرهم هل تعلمون اننا كما هي البحيرة الرقراق صفحة الماء فيها كانها مرآة مصقولة فضة براقة واالرهاب تلك الفقاعة التي تفجرت على سطحها مشوهة ذلك السطح ،فقاعة ماء تحمل ذكورة جسد منخور بتاريخ كتبه سراق تعلموا القتل والسلب ..فقاعة متاعب وارهاب ،كانوا يصغون اليه بعناية وما هي سوى لحظات حتى سمعوا صوت انفجارات قوية لفت المكان بالفوضى والصراخ انقلبت الطاولة بعد اصطدامهم بها وكراسي اصبحت فوق رؤوسهم ،ارتموا ارضا وهم يضعون ايديهم
والكراسي فوق رؤوسهم والناس تنظر اليهم باستغراب ودهشة ،فلم تكن سوى العاب نارية مألت السماء الوانا والناس تصرخ فرحا الستقبال العيد الوطني لهم !! قال الشاب لصديقة االمريكي : أريت ليس كل الذي نسمعه او نشاهده هو حقيقة االشياء ،فاربعة رجال عرب فيطائرة مقابل االلعاب النارية في هذه المناسبة !
ليلة صيف نحن من نصنع االحالم في قلب طفل ونعلمه ان الشيء مستحيل ! ومصباح سحري رغبنا جميعا في امتالكه لنصحوا بعدها ونتعلم الصمود بهذه القسوة . احالم بسيطة جدا قد تبدو للبعض ... :مثل حقيبة مدرسية بعجالت النه كان يشكو من ثقل هذة الحقيبة وطريق مدرسته كان ليس بالقريب طفل لم يتجاوز التاسعة من عمره نحيف رقيق وزن حقيبته تعادل وزنه مرتين .واحيانا اخرى كان يرغب في زي مدرسي جديد كره انتظار ذلك الزي حين يغسل وهو ينظر الى الحبل بتوسل كي يسرع في تنشيف مالبسه . ونظارة طبية تساعد على القراءة والكتابة ..هو الوحيد من بين اقرانه في شعبته يعاني من ضعف البصر ..ولكن مع هذا كله كان يلقب بالعبقري الصغير لشدة ذكائه وحين يسرح باالحالم بعيدا ويدلل نفسه يتمنى ان يمتلك عصافير ملونة وحوض اسماك صغير كما لدى صديقه المدلل الوحيد الهله . كره شرب الشاي المغمس بالخبز ..الشيء الوحيد الذي كان يسد له الجوع وقت العصر النهم لم يكونوا يمتلكون السكر فتضطر والدته ان تعطيه بعض حلوى رخيصة يضعها بفمه ويشرب الشاي . سأل والده يوما : يا ابي كيف اكون غنيا ؟رد عليه والده عندما نستطيع االستغناء عن الكثير من االشياء التي نرغب فيها !استغرب الولد من قول ابيه اذن كيف كنت تقول لي اننا ان فكرنا كثيرا نستطيع ان نصنع المستقبل !؟ وانا العبقريالصغير ! السعادة ال تجلبها كثرة امتالكنا لالشياء ! وان ارخص االشياء يا بني قد تجعلنا سعداء !علينا ان ال ندمن تلك االشياء النه سيكون من الصعب علينا فقدانها ! كان هذا اخر حوار دار بينه وبين والده الذي اعتاد على اقتياده للسجن بين الفينة واالخرى ..النه كان ال يعرف الصمت بزمن كانت حتى كلمة لماذا كفيله ان تدخلك في غيابات السجن سنوات طويلة .
كانت تلك االسرة تعاني انواع المرارات بغياب االب وذل الزوجة لتوفير لقمة عيش الوالدها الصغار ..الفقر نخرهم حتى العظام ولم يمنحهم الرحمة ..الفقر غير رحيم على الفقراء ! . بعد سنه كاملة استقبلت العائلة الوالد العائد من السجن بين دموع واحضان وحديث زوجة واوجاعها بغيابه وتوسالتها ان يترجل من صهوة جواده ويسير كما هم باقي خلق هللا .. هناك فارس وجواد واحد وقائد همام عليك الخضوع له ..الم تتعب من السجون وهذا الغياب اال ترحم بحالي واوالدي ارجوك كفى ..هكذا كانت تتوسله بعد كل عودة من سجن . في احدى ليالي الصيف الحار ايام تموز كانوا يلوذون الى سطح الدار الستجداء نسمة هواء تجعلهم يضعون احالمهم تحت الوسادة ونور قمر يشق عتمة لياليهم ويذهبون بغفوة مع امنيات كل واحدا منهم ،يسرقها منهم او شعاع لنور شمس وهجوم من الذباب !.. في تلك الليلة الصيفية نام العبقري ودموع خبئها بين حنايا وسادته كم كانت تمسح له الدموع تلك الوسادة ..هب نسيم بارد بليلة كان الحر شديد ال يرحم الفقراء ..غفا مع االمنيات حلم ان السماء تمطر نقودا ،عمالت ورقية كثيرة تتطاير في الهواء وتستقر على سطح الدار وبين اسرة اخوته وكل ماكان عليه ان يفعله هو ان يلملم ما سقط من السماء .. اشتد الهواء ورفع عنه الشرشف وطار واحتضن الجدار نهض من نومه متأسفا على حلم طار مع الغطاء ..لكنه اصابه الذهول حين رأى ان النقود قد غطت حقا سطح الدار وتتطاير مع الهواء ! فرك عينيه كبرت حدقاتها لم يصدق ما يراه ركض وهو يلهث اخذ يجمع تلك النقود وهو يصرخ :ابي ،ابي ،انهض ان حلمي اصبح حقيقة انظر لكل هذه النقود كان وهللا حلما يا ابي وصار حقيقة ! نهض االب من نومة عميقة لم يح َ ظ بها منذ اشهر بعد خروجة من السجن ..الليلة التي وضع تحت وسادته الرواتب التي استطاع ان يتقاضاها بعد معانات طويله في المراجعات بين دوائر الدولة ..الحظ ان الهواء اخذ رواتبه من تحت وسادته وطارت على سطح الدار وولده يلملمها وقلبه يكاد يخرج من عظام صدره ..نظر الى زوجته التي صحت هي االخرى مع كل االوالد على صراخ ولدها وهو يجمع بهذه الوريقات وهي تبتسم ،قال له والده : ارأيت يابني اليوجد شيء مستحيل حلمك حقا اصبح حقيقة ! تستطيع االن ان تشتريلك عصافير ملونة وحوض اسماك . رد عليه عليه الصغير بكل فرح : -ابي ونظارة طبية وحقيبة بعجالت .
غفوة حاولت ان ال تخبر احدا بانه ستجرى لها عملية في هذا اليوم لشدة خطورتها .كان يتملكها شعور بانها قد التعود منها ..وهي التي التحب الوداع ..تتوارى خلف جدار وتنظر من بعيد ان اراد احدهم وداعا . حتى ان تعرضت لخداع تضحك من المخادع لظنه بانها التعرف خداعه .
عاشقة مجنونة كثيرة هي خالفاتها مع الحبيب ..لكنها كانت دائما اليه تعود مع كل صراخ وصفقة لباب . اما هو كان يغار حتى من عقدها الذي يالمس رقبتها يغار من القمر ان طل بنوره على عينيها واخترق تلك النافذتين اللتين تشعان حنانا وعشقا ..اخبرته مرة : انك تشعر بالغيرة :ال ..بل ال اريدك منفضة العقاب سكائرهم ! :وها انت جعلت مني منفضة !! :التفهمي كلماتي بالمقلوب ! :وانت دائما تتالعب بالكلمات ت من تلعب ! :لست بها متالعب ..بل ان ِ ردت عليه بحنق شديد :لم اجيد اللعب يوما ! اجابها باستهزاء : اها ! اذن اقتلي وحوشهم :ال اتقن القتل ايضا :سيقتلونك هم :ليكن ! لن أقتل ولن أُقتل تغيرت نبرة صوته اصبحت اكثر رقة وحنان :تعرفين انني احبك بعمق وردت عليه وابتسامة على شفتيها :واعرف ان غيرتك اعمق ! كانت عاشقة ليست كما هن العاشقات ..طلبت من حبيبها يوما في احدى لقاءاتهم باحد المطاعم في مدينتهم التي التنام اال من عيون تتربص بالعاشقين شر .. :حبيبي اطلب منك شيء نفذه لي ارجوك لك قربانا :لو طلبت قلبي سامنحه ِ :ال اريد سوى هذه اللقمة التي تمضغها في فمك تقطعت الكلمات بين شفتيه ،اصبح معزوال عن كل الذين يحيطونه ! :ماذا تريدين !!؟ :نعم اريدها ..ضعها بفمي قبل ان تاخذ مسارها الى جوفك دعني اذوب بها انا ايضا !! ت كيف افعلها والناس من حولي .. :مجنونة ان ِ :افعلها ..اسرق الوقت منهم وافعلها ! :امري الى هللا ايتها المجنونة ..خذيها بسرعة قبل ان يالحظ احد ذلك .. تالمست شفتيهما تناولت ذلك الطعام الممضوغ من فمه ..تدفق الدم ساخنا في عروقها شعرت ان تلك اللقمة تحرق عروقها وتشعلها نارا همهمت بكلمات كلها حزن وشجن : هل تعلم حين اغفو اراك واقعيا ..وحين اصحو تكون حلمي البعيد !
ترقرقت دموع الحزن في عينيه شعر الول مرة ان الحياة ضيقة موحشة لم تمنحه يوما سوى االساءة ولعبة كانت الخسارة هي كفتها االرجح ساعلنك آذانا لحبي ..واتوضأ بنور القمر ،واقيم لك صالة طاهرة من كل دنس :حبيبتي ِ ت ،ولية الروح ان ِ ردت علية بحزم وقوة اكبر :البد ان اجد لي طريقا النفد من حواجزي فليس دائما االسهل هو االجمل ..من المستحيل سانفد ،نعم ارضي محروقة من احتراقها سامنحك الخبز والعسل هل تعلم ان االرض المحروقة تعطي اشهى الثمار ؟ رد عليها رحيقك :نعم حبيبتي اعرف ..وساكون اول من يرتشف ِ الحزن اعتصر حتى الصوت منها وبالكاد سمع حروفها :لكنها احالم واالحالم خلقت كي ال تتحق وانت هو حلمي البعيد . ... دخلت الى صالة العمليات والبسوها ثوب عرس ابيض .حفرت صورته بين احداق العيون واطبقتها باالجفان ..اخذ المخدر منها مأخذه وبقت تتمتم بكلمات غير مفهومة :خذني اليك ربي ..تركتني مع بشر لست منهم هناك ستدعو العشاق للحضور وتعزف لهم موسيقاك الحب معك سيكون باعالن ..خذني اليك ربي . ذهبت بغفوة عميقة ،حلقت عاليا سمعت الريح تغني وذراع الحبيب احتضنتها بقوة اخذها الى غابات وكهوف مسحورة ونجوم تمطر الحان سماوية ..اشجار علقت عليها كل قصائد العاشقين ،خرير ماء يمأل في كؤوس من اقحوان يسكب على قلبيهما المشتعل ..وجن غابات ينشدون لهم اجمل كلمات الحب يحتضن احدهما االخر ..حب تغسله العيون بالدموع ..تحول الجن الى شموع تنير درب العاشقين ..حب كحبهما اليمكن ان يكون بطياته فراق ..كانوا كما هو الرماد حين يشتعل جمرا طائر الفينق يعود مع كل موت بوالدة جديد سمعت اصوات بعيدة لها صدى كأنها اصطدام كؤوس فارغة مع بعضها ..اخرجتها من تلك الغابات وكهوفها المسحورة :هل تسمعين ؟ ما هو اسمك ؟ افتحي فمك ؟ اخرجي اللسان ؟ افتحي عينيك ؟ فتحت عينيها كانت فارغتين إال من دموع تركها الجن في االحداق ..تنظر لشيء واحد تراه لوحدها ،كان هو مالكها خرج من تلك االحالم قبل ان تخرج هي وقف امامها مد لها يده ..نظرت اليه بكل شغف وقالت له ..احبك .. سمعت ضحكات عالية في صالة العمليات ..جس الطبيب لها النبض التفت الى الكادر الطبي الذين اختارهم بعناية فائقة من اجل اجراء هذه العملية الخطرة وقال لهم : لم اسمع يوما في حياتي المهنية مريضا يصحو من غفوة مخدر ويقول ..احبك ...امرأة كبيرة في السن اصابتها الشيخوخة تعاني اختالط االزمنة في حجيرات الذاكرة ضاعت فواصلها ومازال الحب هو الباقي بتلك الحجيرات ..قالها ويده تمسح تلك الدموع التي احبك امي ..لقلبك السالم .. سقطت على خديه ..كم انت رائعة يا امي ِ ِ
ترانيم وسادة كان اكبر لعنة ممكن ان تصيبها هو الخوف حين تلتزم الصمت في ضجيج الزحام وهي تنزوي تحت ظالل عالم االمس ،حتى الشجاعة اصبحت عبئا ثقيال على كاهلها .حياة طويلة مضنية وطريق امتألت بالعثرات ،بحكمتها جعلتها درب نور لعوالم نسجتها مخيلتها . كانت تؤمن ان قلبا واحدا يعشقها يكفيها ان تستمر في العيش ،والدنيا دائمة الدوران فكل شيء في االخر سيعود لها . جسدها قريب من التعفن ،ذهب اخضراره ،وذاكرة قوية مريرة تشعرها انها اشقى من في االرض .وسعادتها الكبرى هو حديثها مع الوسادة . لم يكن من السهل اقناعها ان تترك دارها وتنتقل للعيش مع ابنتها الصغرى .اخذ العمر منها مأخذه ..اصابها الضعف في كل شيء حتى انها اصبحت اقصر في قامتها ، ونظرها اصابه الوهن كما هو جسدها النحيف لدرجة انها بدأت تتلمس االشياء ان ارادت اكتشاف ماهيتها . مالك ياامي حتى الناس بدأت تثرثر يتصورون اننا غير راغبين ان تعيشي معنا ،ارجوك تعالي لداري هناك حيث احفادك الذين يحبونك وتحبينهم . كانت تتحدث الى والدتها بتوسل وبصوت يكاد تشعر معه بسقوط الدموع من العين ااترك ذكرياتي !؟ داري !؟ مازالت صوركم معلقة حفظتها العيون ذكريات تكدست بهذاالدار ،جدرانه تكتب سطورا جميلة رحلت دون عودة ،واخرى تعيسة تشبثت بالذاكرة .. اسرتكم مازالت تحوي دفء حكاياتكم ..وهو بيتي وتاريخي وقدري ومقامي هو امجادي ..هنا كبرتم ومن هنا رحلتم . اه حين كنت صغيرة كم تمنيت ان اكبر ألعرف اكثر عن هذه الحياة ،وحين كبرتتمنيت العودة صغيرة بين جدران هذا الدار ..دخلت سوق الحياة فوجدت اشياء عجيبة ورهيبة ،يا امي حتى ذكرياتي اصبحت تأتي على هيئة وجع ..اصبحت ال اعرف اي الطرق ساسلك لذلك تعالي معي ..اليهمني اي طريق سنسلكة ما دمنا معا .تعالي نفتش عن حنايا ضحكات وسعادة سرقناه معا انا وانت من الزمن ..يا امي ساجعل من صدري لك وسادة في صدرك احالم ليست كما هي احالمي ! وسادتك لن تدعني انام ! اه تذكرت لناخرج من هذا الدار ان لم تكن معي وسادتي ! صدقيني جلبت لك وسادة جميلة وافضل من تلك القديمة التي معكصرخت بصوت عال وسادتي اريدها وال اريد تلك الجديدة ،حين افتقد لالمان خارج داري ساحتضنها .. حاضر ،حاضر هذه هي جلبتها معي ..هل تعلمين يا امي بأحضانك اودعت كلهمومي ،انيستي انت جليستي وسادتي وفراشي ،نسمة بين مدي وجزري واول عشق بحياتي حتى حين انظر الى عينيك اشعر باكتمال انوثتي ،كنت صبرا وايثارا وتسامحا اراك تريدين االن التخلي عني !؟ وقوتي يوم ضعفي ..مالي ِ
ردت عليها بصوت جهوري وغضب من قال ذلك انا كل ما طلبته ان ترافقني وسادتي ! انا ووالدك رحمة هللا كنا نضع عليهارأسينا هل تعلمين يا ابنتي كم من شعر اسود ورمادي واالن ابيض حملت تلك الوسادة .. كم من حكايات التعرفها سواها ،عالم اسراري ،حملتني سنوات طويلة منخورة بالوجع ... حاضر وهللا جلبتها معي تلمسيها جيدا ..هيا فلنذهب حيث عصافيرك ينتظرون بشوقلتعيشي بينهم نعم هم عصافيري التي تغني شيخوختيضحكت البنت بصوت عال وقالت المها مازلت شباب ياحبيبتي هه شباب انا االن في الثمانين من عمري .فرح االحفاد لتواجد جدتهم معهم وحكاياتها التي ال تنتهي رحالت ساحرة لبالد عجائب رحالت بين نور ونار واكثرها سحرا كانت عن الوسادة ! كانت تخبرهم ان الوسائد تحمل رسائل كثيرة وكل الذي ال تستطيعون البوح به اخبروه الى الوسادة فهي كاتمة االسرار ولن تمل منكم ..انها تحكي اجمل الحكايات ،وتحت الوسادة تتنهد االمنيات ..واحالم ال يرويها سوى القمر . كان االحفاد يصغون لجدتهم بشغف كبير لكنهم ايضا كانوا يالحظون ان الجدة التفارق وسادتها اينما ذهبت ! اخذوا ينسجون حولها حكايات كحكايات جدتهم اخبرهم الحفيد االكبر ان في الوسادة سر كبير علينا ان نكتشفه لعل جدتي تضع كنزها هناك ! ماذا لو باغتناها وفتحنا تلك الوساده لنعرف ماهو هذا الكنز ؟ سألوا جدتهم يوما ماهو سر وسادتك جدتي ؟ لم تفهموا هذا السر اال حين تكبرون ..انها يا اوالدي وطني وأمي مع كل حكاية ألموحكاية جديدة الوذ اليها ..كنت بنتا في العشرين من عمري حين احتضنتها الول مرة بنتا تحلم بفارس وفستان ابيض ..كم من اسماء طرزتها على هذه الوساده .. يا احفادي الصبيان هل تشكرون وساداتكم حين تنهضون في الصباح !؟ ال ياجدتي لم نفعل عليكم ان تشكروها فهي تجلب لكم اجمل االحالم وتغني لكم وقت المنام حاضر يا جدتي سنشكرها كل صباحسألها حفيدها االكبر كان رقيقا وسيما ولم يتجاوز الخامسة عشره من عمره ويعشق ابنة الجيران .وبين لحظة واخرى يغادرهم الى سطح الدار لعله يحضى بلقاء من يحب .. جدتي اسألي وسادتك ماهو االصعب في العشق حبيبي ان الصعوبة والشقاء هي الغيرة في العشق جدتي وما هو االصعب ؟ -االصعب ان ال يغار عليك من تعشق ! النه ببساطة ال يعشقك .
خطط االحفاد لخطة محكمة فجدتهم لديها طقوس غريبة حين تريد االستحمام ! تاخذ اغراض حمامها الغريبة اوراق الشجر اليابس وصابون اخضر وليفة غزلتها بيدها وحجر اسود مخرم ومشط من الخشب ومكحلة من الفضة وايقونة عطر من ماء ورد . ما ان دخلت الحمام حتى اقتنصوا فرصتهم وذهبوا مسرعين الى الوسادة جلبوا معهم المقص ليقصوا خيوطها العتيقة ،فتحوها مسرعين ،تطاير الريش منها وهم يغوصون بداخلها فهي كبيرة الحجم ليست كما هي وساداتهم الصغيرة تطاير الريش في ارجاء الغرفة فهم لم يشاهدوا من قبل وسادة بريش قال احدهم كم دجاجة تتصورون في هذة الوسادة ؟ رد عليه اخاه االصغر لعله حقل دواجن ! اخذ الكل يضحك وهم يتلمسون كل ركن من فيها دون جدوى وفي غفلة منهم وجدوا جدتهم فوق رؤوسهم تقف ..تسمر االوالد رعبا حينما شاهدوا الجدة قد اصفر لون بشرتها واصبح كما هو لون التراب وضعت الجدة يدها على منطقة قلبها وهي تتمتم لم اكن اخش الموت يوما لكن سر حياتي كان بهذة الوسادة فهي تاريخي وعنواني .سقطت الجدة على ارض الغرفة اخذ االوالد يتباكون ويصرخون جدتي ارجوك سنلملمها لك سنعيد كل ريشة طائرة لمكانها ارجوك جدتي عودي الينا ... فتحت الجدة عينيها ونظرت اليهم بغضب ان فعلتموها مرة اخرى ضعوها في قبري وبين جسدي وكفني اما االن دعونا نلملمها سويا ونجمع الريشات ونصنع لنا وسادة جديدة بحكايات تجمعنا معا .
جانبان ..وركام عمت الفوضى مدينتها ..جعجعة ،صياح ،زعيق ،حوارات سياسية فارغة ،اغان فجة ،وهللا الذي يوزع النعم والشقاء بالتساوي ،واقع ضيق وعالم بال حدود ،حسن نوايا بأتخاذ الشك عقيدة ،جبناء فوق منابر من بلور ،واخرون يفلسفون الشجاعة ليتجاوزوا جبنهم ،قتلة يبحثون عن االجور ،وبراعة في تفسير الهراء .دائما ما كانت تقول لحكم من نكون نحن !؟ ومن اين جئنا !؟ الفوضى ازدحمت فوق الجسر وهي تحته التزمت الصمت .. تهذي بكلمات لم تجد لها تفسيرا يوما . اخبرها زوجها مرة : ت تعيشين على اصابعك ورأسك !! ان ِحاولي ان تخرجي من تلك الحفرة وان تحفري حفرة حقيقية بدل ظاللها !؟ -:اية حفرة حبيبي انقلبت مدينتي ،التعرف سوى صنع الدمار والحروب ،الخوف سكن دروبها حتى طعم الورد تغير فيها ،هل تصدق ان شرفتي تزاحمت فيها الصور ،وقاتل تنس هناك هللا الغفور الرحيم الذي في وطني ال يراها سوى القمر ونجوم بكماء !! وال َ سيغفر للتائبين .حبيبي اننا نلعب في الحياة ! -:من الذي يلعب بالحياة !؟ اننا ملعوب بنا ..لذلك عليك اطالق النار على الموت ان داهمك الخطر انت واوالدي ! -:انا انا اتدرب على الموت !!؟ -:نعم لتحيطك الخصوبة وتنعمي في الحياة ! استطاع الزوج بعد محاوالت عدة ونقاشات ان يقنع الزوجة في التدريب على السالح ... وكان مشوارهم شبه يومي الى تلك المزرعة التي طالما حلموا ان يبنوا فيها لهم بيتا بعيدا عن صخب المدينة .. امتألت ارضها الخضراء بالرصاص بدل الزهور .. اصبحت بارعة بالتصويب والمواجهة ..اطمإن الزوج عليها ومنح روحه السالم .. وغادرها الى رحالت عمله المضنية لتوفير حياة افضل لهم كان يتركهم احيانا السابيع طويلة ..وتغادر انوثتها معه في انتظار عودة جديدة ..لتتحول بعده الى رجل البيت .. ورجل الصيانة ومشغل مولده الطاقة وطبيب ومعلم وادوارا كثيرة ال عد لها ..كانت بارعة في كل شي ..جميلة ،انيقة ،رقيقة تحرص كثيرا ان تكون بابهى صورة حتى لو كانت في البيت ومعها االوالد فقط . كان صمتها معلقا برائحة الخوف ،وفنجان قهوتها شاخت به االيام ،صمتها كان صراخا وهمسها نحيبا ..كل الكائنات تبوح خلجاتها ،اال هي التزمت الصمت .. واصبح المسدس ال يفارق حقيبتها وسيارتها حين تخرج ..حتى مفارز التفتيش التي تحيط بمدينتها لم يفكر حراسها ان يصادروا منها السالح ،بل كانت تسمع اروع كلمات االطراء -حيا هللا نساءنا الشجاعات ،انتن فخرنا ،وعزنا ......
كم كانت تشعر بالزهو والشموخ حين تسمع كل هذا االطراء منهم وتزداد شجاعة وانامل ال تفارق المسدس وعلى استعداد كامل للمواجهة ان شعرت باي خطر قادم حتى لو مجرد شك .كيف ال تفعل ان كان الدافع هو الشرف هذا هو اكثر ما كان يؤرقها في مدينة كثر فيها العبث والموت . اخبرت زوجها مره في احدى حواراتها التي التنتهي حبيبي لماذا االمام الينتهي !؟ضحك من كالمها وهو العالم بفلسفتها لالمور ودائما ما كانت تبحث عن اجابات حتى لو كانت اسئلتها مبهمة .. حبيبتي ان االمام ال ينتهي ! النه ببساطة غير موجود ! وليس النك لم تصلي اليه ،هناك جانبان وركام ! حقا حبيبي اننا ملعوب بنا ! ولسنا الالعبين في هذه الحياة .عاد زوجها من احد رحالت عمله وطلب منها احضار المسدس كي يعمل له الصيانه حبيبتي اجلبي لي المسدس كي اقوم على ادامته وتزيته حاضر حبيبي خذه ما هذا اين الرصاصات الباقيات لم اجد سوى واحدة !؟ هل اضطررت الستخدامها ايتهاالشجاعة ،اخبريني باهلل عليك ماذا حدث في غيابي !؟ افرغت المسدس من الرصاص وابقيت على واحدة ! اضعها في رأسي في حال تماالعتداء علي ! ال استطيع ان اطلق النار على الموت ! ساطلق النار على الخصوبة ...
اليوتوبيا كان شابا فقير الحال بكل ثنايا حياته المتعبة ،تخرج من الجامعة بعد سنوات مضنية من الدراسة والعمل معا ،تزوج زميلة له احبها كثيرا كما بادلته هي نفس الشعور . سكن بيتا صغيرا واصبح لديه ثالثة اوالد صبية ،كم كان يتمنى ان يرزقه هللا ببنت لتعلم الصبية االدب حسب اعتقاده ..لكنه كان مؤمنا ان هللا جعل هذا نصيبه في الدنيا . استطاع بعد سنوات من العمل المذل والتنقل من مكان الى آخر ان يجمع له مبلغا من المال يكون له مقدمة لشراء مركبة اجرة تنهي سنوات العذاب والتخلص من اصحاب ير منهم خيرا . العمل الذين لم َ كان يجوب شوارع مدينته ليال ونهارا ويسمع قصصهم المتعبة والمملة احيانا كثيرة .. حتى يعود الى البيت منهوك القوى ليستأنف عمله في اليوم الثاني . ينس الباميا التي وفي احدى الليالي اكمل عمله واشترى لبيته الفواكه والخضروات ولم َ يحبها كثيرا استوقفه ثالثة رجال طلبوا منه توصيلهم لمكان بعيدا نسبيا ..كيف ال يوافق ان كانت االجرة ستمنحه اللحم مع الباميا ! وصل معهم الى مكان خال من السكان شعر
بفوهة مسدس توضع خلف راسه صوت يشبه نعيق الغراب يطلب منه الترجل من السيارة ،لم يشعر بعدها اال بضربة افقدته الوعي ..افاق بعدها ولم يجد اللصوص وال سيارته ،اصابته الحسرة وااللم لفقدان مصدر رزقه الوحيد واخذت افكاره تتزاحم كيف سيتمكن من تسديد اقساط تلك السيارة وكيف سيوفر اجرة البيت وامور المعيشة للعائلة .. دموعه تتساقط كشالل نار والحرقه مزقت معدته المصابة بالقرحة اصال ،اخذ يشكي الى هللا وعتابا بكت له مالئكة السماء : يا هللا ..مالي اراك بعيدا ..لماذا تخنقني في ازمنة الضيق ،حتى خبزك منحتني اياهمعجونا بالدموع لماذا كل هذا الشر لدى االنسان !؟ اليس الكل تحت قبضتك سائرون !؟ ي ام اسمعني االن قبل عقابي اليس لديك محكمة تقضي بعد السماع ! اهو عقاب أحللته عل ّ انك غفلت عني وادرت لي ظهرك مالي اراك بعيدا عن الفقراء والمحرومين وجعلت للمجرمين مقاما ووليتهم علينا ! اول مرة في حياته يعاتب هللا بهذه القسوة وهو المؤمن بقضائه وقدره ..ظل يسر بخطواته المثقلة لعله يجد من يقله للبيت ..شاهد من بعيد ضوء ألستراحة او مطعم للمسافرين .. وصل اليه بعد تعب وعناء دخل الحمام ليغسل الدموع التي اختلطت مع التراب واصبح وجهه كبركة وحل رفع راسه الى سقف الحمام واخذ يستغفر ربه : اللهم ياسامع كل نجوى ويا شاهد على كل بلوى ويا كاشف كل بلية يامن يملك حوائجالسائلين ويعلم ضمائر الصامتين ادعوك يا ربي فقد اشتدت فرقتي وقلت حيلتي وضعفت قوتي ..وقبل ان يقول يا ارحم الراحمين شاهد من خالل المرآة اللصوص الثالثة وقد اتخذوا لهم مكانا في المطعم وسيارته تقف في الخارج ،تذكر في لحظة انه دائما ما كان يضع مفتاح احتياطي لسيارته في جيبه ان غفل او فقد مفتاحه االول ..تسلل الى خارج المطعم من الباب الثاني ..فتح باب السيارة ويديه ترتعش شعر انها سرقته االولى في حياته وان كانت سيارته ! ادار محركها وانطلق بها كسرعة الريح دون حتى ان ينظر للمرآة ليعرف من خلفه ..وصل الى البيت وحمد هللا كثيرا على سالمته وسيارته وكيس الباميه التي سياكلها بدون اللحم وهو يقبل وجه هللا شاكرا . ما ان فتح صندق السيارة الخراج اكياس الخضروات والفواكه حتى شاهد حقيبة كبيرة ممتلئه بالنقود اصابته الدهشة والهلع .. تسارعت دقات قلبه واختلطت بنغمات فرح استطاع ان يعيد لنفسه الهدوء في دقائق دخل الى البيت طلب من زوجتة واوالده ان يغادروا الدار مع اوراقهم الرسمية وبمالبس النوم فقط ..نفذت الزوجة االمر بعد ان شاهدت اصرار زوجها بالخروج بسرعة ..صعدت الى جانبه واالوالد معه في الخلف طلبت منه تفسيرا: اخبرني ارجوك باهلل عليك مالذي يحدث !؟قال لها -:حبيبتي لنخرج من كهف االفاعي هذا ..دعينا نرى النور ونبحث عن ارض فيها االشجار مزهرة عالية وثمار تتدلى واطيار تنتقل صاعدة وهابطة تصدح تغرد تصفق باجنحتها تتقلب في الهواء ..حتى دموعنا تشفي ادران القلوب ..هناك سنرى البحر
والميناء وسفنا تحمل ناسا واليعرفوا سوى الفرح ..هناك سيكون لنا جنة على االرض وسنطير مع الطيور المغردة ... نظرت اليه بكل هدوء وسالم في الروح والعيون ..تلك العينان اللتان لطالما عشق سوادهما ووجه كما هو البدر في يوم اكتماله : حبيبي اذن لن اغادر لوحدي مع اوالدي !لتكن الجنة لكل الطيور المعذبة في بالدي !!
كي ال اذل كان شابا متمردا على واقعه المعيشي ..ودائم الشكوى في كل شيء واي شيء ! اما عائلته في احيان كثيرة كانت تطلق عليه الكثير من االلقاب من بينها المنشار او النار او تلك المقبرة التي الترد ميتا ! تعبوا كثيرا من كثرة طلباته التي ال تنتهي واستنزفت مدخوالت كل افراد اسرته بقسوة ! اما اصحابه كانوا من االثرياء وهنا تكمن معاناة هذا الشاب .. اخبره والده يوما : ارجوك يابني اجلس معي لدقائق كي تسمعني واسمعك وليكن بيننا حوارا حضاريا كمايقولون ! انصت الشاب لوالده بتملل وعيناه تحاول ان تجد لها مكانا اخر غير وجه ابيه ! اخذ الوالد يسترسل معه في الحديث : ان المال يابني في احيان كثيرة اليجلب السعادة لالثرياء !ضحك الشاب من قوله هذا واجابه بشيء من السخرية : وكيف ذلك باهلل عليك !؟ -:ان مال االثرياء هو جواز مرور لتجاوز تعاستهم برفاهية ! ودائما تجدهم كلما زادت ثرواتهم زادوا جبنا وحرصا على تلك المكاسب ! اما الفقير هو من يتمتع بالشجاعة واول من يحمل السالح للدفاع عن الوطن ويلبي نداءك ان استنجدت به !! استغرب الشاب من هذا الحديث وقال بشي من الحيرة التي بدت ظاهرة على مالمح وجهه -:لماذ ا يا ابي هو من يلبي تلك النداءات دون غيره !؟ -:النه بكل بساطة اليخاف على شيء يفقده ..فهو ال يملك من الدنيا غير الحب وروحه النقية وثقته بكل الذين من حوله .. في حين تجد االثرياء حتى هذه الثقة زالت فيما بينهم ! والشك هو ديدنهم في الحياة ! استمر الوالد بالحديث بعد ان شاهد ان ولده يصغي له بكل اهتمام .. ياولدي ال تعاشر االغنياء ارجوك ان سايرتهم في االنفاق قد يضرون بك وبنا .. وان انفقوا عليك ستذل وهللا ستذل ! .. وقف الشاب بعد ان سمع منبهات سيارات اصحابه عند الباب ..وقال :
-ارجوك انت يا والدي زد لي مصروفي كي ال اذل !!
حوار في دائرة الضوء وبينما ترمق مريم جسدها بنظرة ملؤها األلم بثت شكواها لمسامع خالد الذي يقف على خارطة اخرى من الوجود كثيرا ما كنت في خاصرتي خنجرا ً ياخالد ؟اجابها من عالمه البعيد ان الخنجر يساعد ! وكيف يساعد وانا للتو بدأت بأزالة غبار انكساراتياريدك أن ت فقط تنتشين بالماء ، لك وردة اغمرك من ندى االطراء وان ِ ِ ِ يا مريم لن اكون ِتظلي بدائرة الظل والضوء معي حتما تقصد دائرة الوحل ! قالتها مريم ومعالم االحتجاج باديه على صوتها الذي ساورهالتشاؤم واجابها : صدقيني هو نفسه المجال الذي يغرق به اغلب المتصوفة بل هي االضداد ياخالد تشبهها بالقوة وتعاكسها في االتجاهبدا عليه شيء من االقتناع وهو يقول لها حسنا ً الذي يسير الى االمام وال يضع خلفه شيء أال يبدو اعمى الجانبين !؟لم تتمالك نفسها وردت عليه بغضب كفى كن انت شيء لتعرف قيمة االشياء وعندئذ تحدث عنهااجابها بثقه تامه : عادي جدا فالذي يملك يساوي الذي يملك والمملوك مسا ٍو للعبد انا بال شيء لذلكيساويني الالشيء طوال حياتي وعطف خالد بقوله : حسنا ً أترين الكلمة سيدة على الفرد ام هو سيدها ؟اجابته : احيانا تكتبني الكلمة واحيانا اخرى اكتبهاهل تعلم ان حواراتنا تصلح ان تبدو نصوصا ثريه !؟ وضحكا ضحكة الواثقين من انفسهم واعقبها خالد بقوله : لهذا افضل ان اكون خنجرا ..قالها تبريرا لوجوده المصاحب لأللم في اعماقها .لم تلبثان ردت عليه : فلسف االمور كما يحلو لك ..انت تحسن ولوج عمق الفالسفة والعوده منها مستنكرااياها بفلسفة دائما ما كانت تسقمني ! فلم يجد هو بدّا من قوله هذا واخبرها ان ذلك العجوز الذي التقاه يوما اخبره : -من السطح قد يبدو الكبير صغيرا وقد يبدو الصغير كبيرا
شيء من االلم اعتصر قلبه وصوته بدا عليه االنكسار هل تعلمين بدأت انسى ان هناك اجزاء افقدها !ادهشها هذا االعتراف وردت عليه : تبدو كأنك تفقد الذاكره بالوقت الذي تتباكى على فقدان اجزاء منها ! .وبينما سوادحدقات خالد كانت تتأمل في كحل مريم اجابها : لك ذاكره .اجابته : لن تكوني مضطره للنسيان حينما ال تكون ِ اذن هو الفقدان التنكر ستكون ذاكرتك كما هي الذبابة ! قالتها في ذروة ابتسامتها حينهارد عليها : حتى القطة عندما تمر او الذبابة حين تطير فبرأسيهما شيء ..استغرقت بصمتها طويالولم تتفوه بكلمة . شعر بنشوه وانتصار ..اخترق هذا الصمت بقوله : ت تفكيك الذاكرة ،فحينها ال يكون هناك شيء محفوظ ! ال تطلقي االحكام ان حاول ِردت عليه واالستغراب يعتليها : هل فككتها انت لدرجة ان تمحيها !؟اجابها بسخريه : نعم لدرجة انني ضحكت على جدي البارحة اخبرني ما به جدك مالذي حدث !؟ البارحة عجائز تبكي ورجال يكظمون غيضهم من الماء ومن هللا !!قطعت حديثه وهل جدك كان من ضمنهم !؟ اجابها بحزن شديد نعم اغرق المطر الزرع وحصادهمتماما ،كنت اقف بمنتصفهم واضحك بحسرة وألم ألنهم قبل شهر كانوا يترجون المطر بالهطول واليوم هم له كارهون !! امتعض جدي من قولي هذا قال لي بصوته االجش : خسارتي بجهة وضحكتك الصفراء هذه بجهة اخرى ! مالذي يجعلك تضحك !؟ اخبرتهي وال عليك ! اقصد الالشيء أن العتب ليس عل ّفقال والدهشه تمأل وجهه واسنانه تصدر صرير .. من اذن !؟ اخبرني من !؟قلت له : على هللا عفوا ً اقصد الماء !! فصرخ بوجهي انت كافر ..كافراجابته مريم وهي تغص من الضحك : وهللا تستحق أن ترمى بحجر ضحكا بشدة وقال لها : ضربني بعقالهصمتت مريم للحظات وعادت من حيث ذاكرته المتعبه قائلة له : هل تعلم بدأت اخشاك واخشى أن امحى من ذاكرتك المفككه يوما !؟ اجابها :انصحك بتبديل السياق والخروج من عقلية النقرة !! ردت عليه هناِ
اذن هو التنازل للبقاء معا ً اليس كذلك !؟ اجابها اسمعيني جيدا وال تقرأيني بالمقلوب الدنياقائمة على التنازل حتى ابسط مخلوقات هذا الكون استطاعت ان تغير مساره واصبح على ما هو عليه االن اذن ياخالد انها حكمة اقوى من اسس االرض .نظر اليها بشجن عميق وفي عينيه دموععلى وشك ان تتطاير كما هي اجنحة الفراشات اجابها بصوت حنون رقيق : -مريم انه الحب ..الحب يا حبيبتي
الواهمون كل صباح يفتح ابواب ذلك المسرح العتيق ،يسمع تصفيق الجمهور بعد ان يقفوا له على االقدام اجالال واكراما ...يعتلي منصة المسرح بجسدة النحيل وخطوط وجهه العميقة اخترقت حتى العظام ..ينحني للجمهور بكل خشوع ويردد -: ايها الواهمون ! الحب بخيل ! والفرح مجرد عنوان !! واحالم ليست كما هي االحالم .. تختلط برائحة التبغ والعفونه !! ...وتلك الحياة التي ما انفكت تنظر الينا بشراسة لتخبرنا اننا هالكون ولم امنحكم سوى االساءة ولعبه بين خسارة وربح ! ...آهات ..اذالالت .. وجميع اسألتكم ستترك بدون اجابات !... من وراء زجاج نوافذنا عرفنا ماهية الوجود حين يلطخ بالبياض !! عزة نفس ..اتزان.. ت عقائد اشياء اصابتنا بالسأم !! ماذا لو تالشينا في الوحل حتى الراس !؟ ونكون كما ان ِ يا حياة ! .ذهب كلكامش السطورة الخلود ..غبي لدرجة النمرود ........... انحنى امام الجمهور مرة اخرى لكنه لم يسمع اي ضجيج وتصفيق غير صوت صاحب العمل االجش ليخبره :اين انت يا حسان اجلب لنا تلك الرزم المرقمه من المالبس المستعمله في الجهة اليسرى من المسرح وانقلها لنا الى الشارع العام ....... نفذ حسان االمر لينتظر فجر صباح جديد يصعد به المسرح وحواره الذي ما انفكت ذاكرته المتعبه من نسيانه منذ ثالثين عاما لتخبره كم كان عظيما وفنانا بوطن لم يعرف غير صنع الموت والدمار .
دعاء ملغى تلك الحقيبة التي وجدها جاري الممتلئة بالنقود ،كانت قد فتحت شهية واحالم الكثيرين ممن سمع بالقصة ..ومن ضمنهم جارتي ..خمسينية العمر الجميلة الفرحة ،المرحة .. النزقة ..تدخل بيتي في اي وقت ترغب بدون استئذان ،كما هو حال القطط .. اعتادت على شرب القهوة الصباحية معي ..وكنا نتجاذب اطراف الحديث حول كل شيء واي شيء راغبة هي الحديث فيه !! ولو حاولت مرة ان احدثها عن أمر يشغلني بكل سهولة تتركني وتذهب !!
قالت لي مرة ؛ لماذا هللا ال يرسل لي حقيبة كتلك التي وجدها جارنا !؟ الحقق بها ما اتمنى لك هللا ..مللت من هذه االمنية شبة المستحيلة ..قلت لها مازحة ؛ ماقولك لو دعوت ِ ِ اياك ! ليمنحها ِ قالت -:اتمنى ادعي لي عزيزتي يقال ان دعوة الغريب مستجابة ! قلت -:حسنآ وكم سيكون نصيبي من تلك الحقيبة التي تجدين !؟ سكتت طويال والتفتت ذات اليمين والشمال نظرت الى سقف المطبخ ونطقت اخيرآ ! نصيبك العشرة بالمائه من محتواها ! سيكون ِ ضحكتُ بشدة وتعمدت الضحك بقوة ..اخبرتها باني لست بدالل عقارات كي تمنحني تلك النسبة ! أنتفضت بوجهي وصرخت وكم تريدين !!؟ قلت -:ال ارضى سوى النصف ! اعرفك جشعة هكذا يا حبيبتي ! استهجنت بشدة طلبي هذا وغضبت وارتفع صوتها ..انا لم ِ بحزم اخبرتها باني ال ارضى بغير النصف !! ان لم توافقي ياعزيزتي لن تجدي تلك لك !فخرج وصفقت الباب خلفها ! الحقيبة النني ببساطة لغيت الدعاء! ..لن ادعو هللا ِ وتركتني اليام ارتشف قهوتي الصباحية لوحدي !!...
الفراشات ايضا شجاعات لم تغادر ذاكرتي تلك الفتاة التي كانت شابة جميلة تملك القلوب ،ذكية تسرق العقول ، شجاعة تخيف القطط السوداء وقت الغروب حين كانت طفلة ،واثقة الخطوة تشعر بالزهو ،من ضمن اسرة مثقفة لم تشعرها يوما بالفرق بينها وبين اخوتها الذكور ..بل كانت في احيانا كثيرة تتصور انها اشجع منهم .. اما االخت الصغرى فكانت رقيقة نحيفة عروق يدها كانها اغصان شجرة رمان بظالل ماء رقراق ،ابتسامتها كالربيع تفتح االزهار وتجعل الدنيا مشرقة جميلة . دائما ما كانت االخت الكبرى تشعر بمسؤولية حيال تلك االخت الصغيرة خلقت لتكون لها أما واختا وصديقةً تخاف عليها من النسيم ان بعثر شعرها االشقر الطويل وتنهال عليها بالنصائح كلما سنحت لها الفرصة بذلك وال تبخل عليها باي حوار او استفسار ..في احدى المرات واثناء عودتهن من المدرسة في ذلك الشارع الطويل المشمس المحاط باالشجار وحدائق الورد االحمر على الجانبين يشبه حمرة خديهما وبوح الحمائم يخترق هدوءه في مدينة يجلس الناس في المقاهي بهواءها الطلق ..كان هذا الشارع الطويل يربط بين المدرسة والبيت ودائما كان الحوار هو المرافق لهن واحيانا اخرى اغنيات يستذكرانها سوية ..كانت االخت الكبرى تشحن من همة اختها الصغرى لتجعل منها امرأة شجاعة كما هي ..اخبرتها :
أن المرأة تريد كل شيء وال تعمل هي على ذلك الشيء الذي تريده فتجدينها حتى حينتتعرض ألساءه او اعتداء وسيلتها الوحيدة هي الصراخ وال تجيد غير ثالث اشياء .. البكاء ،االغراء ،والدهاء في حين تستطيع ان تكون كما هي النحلة تصنع العسل لمن تحب وتلسع بشدة ان تجاوز احدهم حدودها ردت االخت الصغرى -:يا اختي ان دمعة واحدة من امرأة جميلة كفيلة لدحض جميع براهين الرجال وعليك ان -:هه هه ..لكن اذكى امرأة ايضا قد تخدع بسهولة من اغبى رجل اذا احبته .. ِ تعرفي شيء اخر أن المرأة قوية حتى بذراعها ان اصطدمت برجل معتدي تستطيع الدفاع عن نفسها بقوة كقوة عضالته لكنها تعلمت الخنوع وتلقي االهانة والذل وهي ساكنة كالدجاجة ! عليك حبيبتي أن عضالت الرجل اقوى من المرأة بكثير صفعة واحدة على الوجه -:باهلل ِ كفيلة باسقاطها ارضا وفقدان الوعي لساعة ومن الرائع لو افاقت من غيبوبتها دون فقدان للذاكرة ! ظلت االخت الصغرى تضحك اخترقت قوة ضحكاتها هديل الحمائم واصابتهن بالخرس ! اجابتها : هل تعلمين ان تسع اعشار المرأة قوة وشجاعة وذكاء والعشر االخر فتنةت تملكين من الجمال والذكاء بحيث قد ال تكوني بحاجة للتفكير بالعضالت وهل تعلمين ان ِكما هو الرجل زادت وتيرة الخالف بين االختين حول العضالت والجمال والذكاء وبلحظة سرقة من زمنهن الجميل تقدم شابان حاوال التحرش بهن وباسرع من الضوء انهالت قبضة االخت الصغرى الرقيقة على وجه احدهما واوسعته ضربا مزقت قميصة االبيض وازراره تطايرت في الهواء في حين تسمرت قدم االخت الكبرى ارضا وتجمدت دماءها في مطر مع استغاثة الشاب في حين هرب العروق واخذت تصرخ ودموعها تنهمر كقطرات ٍ رفيقه من هول ما شاهده من عنف وردت فعل من تلك الفتاة الرقيقة وصراخ اخت اكبر تستغيث مع المعتدي بكل قوة استحلفك باهلل اختي دعيه يذهب !!! -:اتركيه ..اتركيه انفه ينزف ..كفى ..كفى ِ
(( حوار في دائرة الضوء )) وبينما ترمق مريم جسدها بنظرة ملؤها األلم بثت شكواها لمسامع خالد الذي يقف على خارطة اخرى من الوجود كثيرا ما كنت في خاصرتي خنجرا ً ياخالد ؟اجابها من عالمه البعيد ان الخنجر يساعد ! -وكيف يساعد وانا للتو بدأت بأزالة غبار انكساراتي
اريدك أن ت فقط تنتشين بالماء ، لك وردة اغمرك من ندى االطراء وان ِ ِ ِ يا مريم لن اكون ِتظلي بدائرة الظل والضوء معي حتما تقصد دائرة الوحل ! قالتها مريم ومعالم االحتجاج باديه على صوتها الذي ساورهالتشاؤم واجابها : صدقيني هو نفسه المجال الذي يغرق به اغلب المتصوفة بل هي االضداد ياخالد تشبهها بالقوة وتعاكسها في االتجاهبدا عليه شيء من االقتناع وهو يقول لها حسنا ً الذي يسير الى االمام وال يضع خلفه شيء أال يبدو اعمى الجانبين !؟لم تتمالك نفسها وردت عليه بغضب كفى كن انت شيء لتعرف قيمة االشياء وعندئذ تحدث عنهااجابها بثقة تامة : عادي جدا فالذي يملك يساوي الذي يملك والمملوك مسا ٍو للعبد انا بال شيء لذلكيساويني الالشيء طوال حياتي وعطف خالد بقوله : حسنا ً أترين الكلمة سيدة على الفرد ام هو سيدها ؟اجابته : احيانا تكتبني الكلمة واحيانا اخرى اكتبهاهل تعلم ان حواراتنا تصلح ان تبدو نصوصا ثريه !؟ وضحكا ضحكة الواثقين من انفسهم واعقبها خالد بقوله : لهذا افضل ان اكون خنجرا ..قالها تبريرا لوجوده المصاحب لأللم في اعماقها .لم تلبثان ردت عليه : فلسف االمور كما يحلو لك ..انت تحسن ولوج عمق الفالسفة والعوده منها مستنكرااياها بفلسفة دائما ما كانت تسقمني ! فلم يجد هو بدّا من قوله هذا واخبرها ان ذلك العجوز الذي التقاه يوما اخبره : من السطح قد يبدو الكبير صغيرا وقد يبدو الصغير كبيراشيء من االلم اعتصر قلبه وصوته بدا عليه االنكسار هل تعلمين بدأت انسى ان هناك اجزاء افقدها !ادهشها هذا االعتراف وردت عليه : تبدو كأنك تفقد الذاكرة بالوقت الذي تتباكى على فقدان اجزاء منها ! .وبينما سوادحدقات خالد كانت تتأمل في كحل مريم اجابها : لك ذاكره .اجابته : لن تكوني مضطرة للنسيان حينما ال تكون ِ اذن هو الفقدان التنكر ستكون ذاكرتك كما هي الذبابة ! قالتها في ذروة ابتسامتها حينهارد عليها : حتى القطة عندما تمر او الذبابة حين تطير فبرأسيهما شيء ..استغرقت بصمتها طويالولم تتفوه بكلمة . شعر بنشوة وانتصار ..اخترق هذا الصمت بقوله :
ت تفكيك الذاكرة ،فحينها ال يكون هناك شيء محفوظ ! ال تطلقي االحكام ان حاول ِردت عليه واالستغراب يعتليها : هل فككتها انت لدرجة ان تمحيها !؟اجابها بسخريه : نعم لدرجة انني ضحكت على جدي البارحة اخبرني ما به جدك مالذي حدث !؟ البارحة عجائز تبكي ورجال يكظمون غيضهم من الماء ومن هللا !!قطعت حديثه وهل جدك كان من ضمنهم !؟ اجابها بحزن شديد نعم اغرق المطر الزرع وحصادهمتماما ،كنت اقف بمنتصفهم واضحك بحسرة وألم ألنهم قبل شهر كانوا يترجون المطر بالهطول واليوم هم له كارهون !! امتعض جدي من قولي هذا قال لي بصوته االجش : خسارتي بجهة وضحكتك الصفراء هذه بجهة اخرى ! مالذي يجعلك تضحك !؟ اخبرتهي وال عليك ! اقصد الالشيء أن العتب ليس عل ّفقال والدهشة تمأل وجهه واسنانه تصدر صريرا .. من اذن !؟ اخبرني من !؟قلت له : على هللا عفوا ً اقصد الماء !! فصرخ بوجهي انت كافر ..كافراجابته مريم وهي تغص من الضحك : وهللا تستحق أن ترمى بحجر ضحكا بشدة وقال لها : ضربني بعقالهصمتت مريم للحظات وعادت من حيث ذاكرته المتعبة قائلة له : هل تعلم بدأت اخشاك واخشى أن امحى من ذاكرتك المفككه يوما !؟ اجابها :انصحك بتبديل السياق والخروج من عقلية النقرة !! ردت عليه هناِ اذن هو التنازل للبقاء معا ً اليس كذلك !؟ اجابها اسمعيني جيدا وال تقرأيني بالمقلوب الدنياقائمة على التنازل حتى ابسط مخلوقات هذا الكون استطاعت ان تغير مساره واصبح على ما هو عليه االن اذن ياخالد انها حكمة اقوى من اسس االرض .نظر اليها بشجن عميق وفي عينيه دموععلى وشك ان تتطاير كما هي اجنحة الفراشات اجابها بصوت حنون رقيق : مريم انه الحب ..الحب يا حبيبتيفارس بدون مالمح لم تكن طفولتها وشبابها كما هن قريناتها ولم تحظ يوما بتجربة حب ترجف احساس صباها الندي ..جميلة تزهو كثيرا بفكرها ونضجها ،مغروره ،هي مريم ابنة الثامنة عشر ربيعا ..كانت تقول لصديقاتها
- :ال تقعن بالعشق بسرعة ..لتكتشفن بنهاية االمر انكن ساذجات مع كل تجربة فاشلة وانتن بهذا العمر الصغير فالعشق هنا بخيل ..ومجرد عنوان ..لن يكلل بالزواج دائما .. وانتن هذا الذي تبحثن عنه فقط !... عشقها الكثير ..لكنها كانت على صهوة جواد راية خفاقة ميزان من الذهب ،انحنت لها اشجار باسقات ..اما هي لم تنحن يوما سوى لتلك الكتب التي زخرت بها مكتبة اخاها الكبير . .. طلبت صديقتها سعاد التي تكبرها سنا ان تراسل حبيبها بدل عنها ..بعث لها برسالة غرام لم تفهم منها الكثير ! ....وافقت مريم بشرط ان التلتقي تلك الساذجة بذلك الشاب اال لبضع دقائق النه سيكشف ضعف ثقافتها وبساطتها ..بعد ان اطلعت مريم على عمق فكره برسالته االولى للحبيبة وافقت بعد تملل واصرار منها .تعلقت كثيرا بحروفه وثقافته ..كما بادلها هو نفس هذا الشعور ..ازدادت وتيرة الرسائل بينهما وساعي البريد كانت تلك العاشقة المغفلة ..سعاد .. خالفات ومشاجرات كانت تحدث بين عشاق الحروف حول الكثير من االمور الفكرية والفلسفية ..لكنهما كانا يعودان لزوايا الحب الذي به من المتسع ما يزيد الشوق بينهما .. قال لها خالد -:هذا كان اسمه ..في احد رسائله ان المرأة هي من صنعت التاريخ ! شب خالف كبير بينهما على اثر هذا الموضوع .. قالت له -:خالد ان التاريخ عمل انذال والمرأة بريئة منه وهذة الحياة تاري ٌخ للنذالة ،اف ايها الرجال وحدكم من جعلتمونا ليس بتلك السفالة ..تخاصما لفترة من الزمن لكنها كانت دائما لحبه تعود بعد كل صفقة لباب وصراخ . اخبرها مرة -:ان العشق اصبح له لوعة ويريد ان يكون لها ظال يتبعها او توافق هي ان تكون له ظل .. ردت عليه -:انها ال تريده ظال يتبع ،او ظال تتبعه ،بل اريد التوحد فيك لنسخر من ظل اسود يتبعنا .. قال لها -:اذن لنتزوج ويكون زواجنا هو هذا االوحد الذي سيجمعنا .. اخبرته -:ان الزواج كثيرا ما كان مؤسسة فاشلة ولعبة بين خسارة وربح وسرعان ما يضحمل في تلك الحياة الدائمة االستهزاء بنا !! رد عليها بحنق شديد وغضب .. اسمك على جدرانها العتيقة لك بين ازقة بغداد ،واكتب ِ -:ان لم توافقي ساعلن عن حبي ِ عنك ،وفي ذلك المقهى ..وبين روادها المحبين للثرثرة ،سيكون ،ساحدث نوارس دجلة ِ عبدتك ! سيعلنون الحادي اسم مريم قصيدة لجميع العشاق ،سارمى بالف حجر الني ِ بك !! وارجم ِ اخبرته -:ارجوك يا خالد التحرقني بنار مدينتي ! فالحب بالشرق سر خطير مدفون بين حنايا المدينة ! ..التكن كما هو ( نيرون ) حبيبي !! عرفت سعاد ان مريم رفضت الزواج ..توسلتها ان توافق ..اخيرا وافقت بعد ان اشتعل رمادها جمرا ..اشتعلت بذلك الحبيب الذي لم تلتقي به يوما ! ..وفي نهاية االمر ستكون سعاد هي الزوجة المحظوظة !! وهو الزوج المغفل !!
اعلنت له موافقتها وتزوج هو صديقتها !!..وذهبت هي وابجدياتها الغبية ! الى الجحيم ..نار لم تشعر بها يوما ولكي تطفأها عادت ودست هذا االنف بين تفاهات الكتب !!.... لم تمض سوى بضعة اشهر حتى رأت سعاد تجر خلفها حقيبة كبيرة ودموعها كشالل ينهمر ..احتضنتها بقوة وبالكاد سمعت منها تلك الحروف وهي تجهش بالبكاء ... ت التي عشقتها ت ان ِ انك مجرد قدر فارغ !! لس ِ -:لقد طلقني خالد يامريم طلقني ..قال لي ِ ت !! . ....... ت ان ِ ..لس ِ --------------------نيرون :امبراطور روماني احرق روما وبنى له قصرا بوسط المدينة
وجوه بمحل ٍة صوت الحمائم يشدوا بها ظهرا وتغريد البالبل لم يفارقها صباحا ً كان بيتنا في تلك المدينة التي سأمت من مشاجرات تلك المرأة المجنونة وصراخها النشاز وشجاراتها التي تسقم اآلذان تلك التي كانت تسكن بمعية بناتها الثالث في نفس المحلة التي كان صوتها يشق هدوءها وتفر منه اطيار اشجار البيوت بتلك المحلة كانت منه العصافير تصاب بالذعر والهلع وتفر من اعشاشها ..لم ننعم بالهدوء يوم اال واعقبته عاصفة تقتلع مباني آمالنا وتجرف خيام احالمنا في عراء اليأس ..تدور بنا األيام بكف القدر الذي جعل بيننا تلك المرأة االربعينية دائمة المرض والتي التستطيع السير بدون تلك العكازة التي تبدو اكثر منها سمنا ..اما زوجها فكان رجل ودودا ً هادىء الطباع الكل يكن له الحب واالحترام . سمعنا بعد يوم عاصف من المشاجرات ..انها رقدت بمستشفى وكانت بين الموت والحياة ..قلت في داخلي لتمت تلك المجنونة ولتذهب الى الجحيم آه كم سببت لهذا البيت وللمحلة من ازعاج ونكد ..لكن الغريب باالمر سماعنا بموت زوجها ذلك الذي كان اليشكو من اية علة .مات صاحب الوجه المشرق هادىء الطباع وكم حزنت لمغادرت هذا الرجل الدنيا بدل زوجتة المقيتة .. عاد الهدوء لذلك البيت ولم تغادر بعدها عصافير المحلة اشجار الحدائق ..مرت اشهر على تلك الحادثة ورأيت تلك المرأة وقد اكتست عظامها لحما واشرق وجهها ولم تستند على جدران او عكاز ..وامتأل بيتها بالضيوف في حين كنا نعتقد انهم مقطوعي الشجرة .. حتى قطط المحلة لم يفكروا يوما بالدخول لحديقتها ! ...زاد فضولي يوما وسألت جارتها االقرب لها .. قلت لها :كيف استطاعت هذة المرأة ان تنعم بكل هذا االشراق بعد موت زوجها كان المفروض هي التي تغادرنا ..كم كرهت حتى اشراقتها تلك والتي سادت محياها بعد فراق الزوج ..
قالت لي الجارة :ياابنتي كان زوجها رحمه هللا كحمامة خارج بيته وكالذئب داخله اذاق هذة المرأة وبناتها المر والسم لم يهنئوا يوما بجلسة عائلية دون افتعال المشاكل وبصوت اليكاد يسمع حتى ان قدموا له الشاي يفتعل لهن الشجار ..ان اصبحت مؤمنة كفر وان كفرت اصبح مؤمن ..ان قالت ال يقول نعم وان وافقته بال نعم يقول ال ..كانت له سند طوال حياتة ولها اصبح خنجر ..اذاقها الذل والقهر والخذالن ..جعل منها شبه امرأة تركت عملها وهي صاحبة شهادة جامعية تحولت الى كومة من اغصان جافة تنتظر منه حتى االحسان لتسير امور بيتها وبناتها ..وحبيسة الدار لم تر نورا يوما ومتهمة بالنور ! وملطخة بالبياض !! كانت محبة له ولها كاره كانت ارض ولها باصق كانت خمر ولها ارجوك التحكمي مستفرغ كانت صدق وهو كاذب كانت ..وكانت ..وكانت ..يا ابنتي ِ على ظواهر االمور احيانا موت الظالم رحمة .وكان موته سالم ورحمة لهذة االسرة ....
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ال يجوز طبع هذا الكتاب أو نشر أو تصوير أو تخزين أى جزء منه ،بأية وسيلة ألكترونية أو ميكانيكية أو بالتصوير أو غير ذلك إال بإذن من المؤلفة
إصدار مجلة الضياء
رئيس التحرير /محسن الوردانى