SCIENTIFIC AMERICAN ARABIC مجلة العلوم النسخة العربية - المجلد_29 - العددان 01\02

Page 1

‫املجلد ‪ 29‬ـــ العددان ‪2/1‬‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪January / February 2013‬‬

‫ما وراء حدود ال ِعلم‬

‫جتربة املناخ الكبرى‬

‫العددان ‪ 298/ 297‬ــــ السعر‪ 1.500 :‬دينار كويتي‬

‫بشرية فائقة‬

‫أبحاث هادفة إلى إطالة‬ ‫العمر ليبلغ مئة عام أو أكثر‬

‫أسئلة للمليون سنة القادمة‬

‫إلى ما بعد األفق الكمومي‬

‫مشاريع تتخطى حدود العا َلم الهندسي‬

‫املوت العصبي‬ ‫بني النوم واليقظة‬


‫صدر حديثا عن‬

‫( )‬

‫إدارة الثقافة العلمية‬ ‫أساسيات التدريس‬ ‫في اجلامعات والكليات‬

‫‪Essentials of College and‬‬ ‫‪University Teaching‬‬

‫تأليف ‪:‬‬

‫الكتب التالية ‪:‬‬

‫دليل الطقس‬

‫‪Guide to Weather‬‬

‫استخدام اإلحصاء‬ ‫لفهم البيئة‬

‫‪Using Statistics to‬‬ ‫‪Understand the Environment‬‬

‫‪Prof. Eleanor Boyle‬‬

‫&‬ ‫‪Prof. Harley Rothstein‬‬

‫ترجمة‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬عبدالعزيز الغامن‬ ‫&‬

‫د‪ .‬طارق فخر الدين‬ ‫هذا الكتاب موجه إلى املدرس� �ي��ن في سعيهم إلى تدريس متميز‬ ‫ف ّع� � ��ال‪ .‬ويتضمن حتليال وتلخيصا للمبادئ التي يس� � ��تند إليها هذا‬ ‫التدريس مهما كان موضوع تخصصه ومستواه األكادميي‪.‬‬ ‫ويؤك� � ��د الكتاب عل� � ��ى حقيقة أن املعرفة الدقيق� � ��ة وحدها ألية مادة‬ ‫ليست املتطلب الوحيد كي يصبح املرء مدرسا متميزا‪ ،‬فمهنة التدريس‬ ‫تستوجب التعلم من اخلبرة الشخصية وخبرات الزمالء في هذه املهنة‬ ‫التي تتطلب باستمرار تطوير الطرائق واالستراتيجيات التعليمية‪.‬‬ ‫وفيما يلي عرض لعناوين بعض فصول الكتاب األربعني‪:‬‬ ‫ف‪ :3‬أساسيات التدريس اجليد‪.‬‬ ‫ف‪ :6‬الكتاب واملقرر أمران مختلفان‪.‬‬ ‫ف‪ :7‬مساعدة الطلبة في التفكير والكتابة‪.‬‬ ‫ف‪ :11‬التدوين املفصل خلطة احملاضرة‪.‬‬ ‫ف‪ :14‬التعلم املبني على دراسة احلاالت واملشاكل‪.‬‬ ‫ف‪ :15‬املشاركات الطالبية في العروض التقدميية‪.‬‬ ‫ف‪ :21‬تشجيع الطلبة على طرح األسئلة‪.‬‬ ‫ف‪ :27‬منع السلوك املشاكس‪.‬‬ ‫ف‪ :29‬مساعدة الطلبة لالستفادة التامة‪ :‬تدوين املالحظات‪.‬‬ ‫ف‪ :31‬استخدام احلاسوب في التدريس‪.‬‬ ‫ف‪ :36‬اتخاذ اإلجراءات حيال انعدام األمانة األكادميية‪.‬‬ ‫ف‪ :38‬حتفيز الطلبة‪.‬‬ ‫ملحق‪ :‬أسئلة املدرسني الشائعة‪.‬‬ ‫وس� � ��يجد القارئ أن هذا الكتاب املليء باألفكار العملية يشكل‬ ‫مصدرا ثريا لألس� � ��اتذة وطلبة الدراس� � ��ات العلي� � ��ا لكل من يثمن‬ ‫التعليم املبني على مقومات اجلودة‪.‬‬

‫تأليف ‪:‬‬

‫تأليف ‪:‬‬ ‫ترجمة‪ :‬د‪ .‬عماد دره‬

‫‪Prof. Ross Reynolds‬‬

‫‪C. Philip Wheater‬‬ ‫&‬ ‫‪Penny A. Cook‬‬

‫ترجمة‪ :‬د‪ .‬رمي عبدالله اجلارالله‬

‫يقدم ه� � ��ذا الكتاب معلوم� � ��ات موثوقة‬ ‫وشاملة للمهتمني بالطقس‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫عرض ش� � ��يق للموضوع على املس� � ��تويني‬ ‫احمللي والعاملي‪ ،‬مدعم بالكثير من الصور‬ ‫الضوئي� � ��ة امللونة وصور األقمار الصنعية‬ ‫واخلرائط والرسوم البيانية‪.‬‬ ‫ويتضمن الكتاب‪:‬‬ ‫ عرضا شامال ألمناط الطقس في العالم‪.‬‬‫ تغطية حديثة للقضايا البيئية الرئيسية‪.‬‬‫ أدل� � ��ة طق� � ��س وإحصاءات ع� � ��ن الوجهات‬‫السياحية الرئيسية في العالم توفر معلومات‬ ‫مفيدة للمسافرين‪.‬‬ ‫وتضمنت فصول الكتاب العناوين التالية‪:‬‬ ‫ الغالف اجلوي واحمليطات‪.‬‬‫ األحوال اجلوية في العالم‪.‬‬‫ تفسير الطقس ورصده والتنبؤ به‪.‬‬‫ قضايا بيئية‪.‬‬‫ الطقس اخلطر‪.‬‬‫ طقس العطالت‪.‬‬‫ويهدف الكتاب إلى حتسني فهم قارئه‬ ‫لتعقي� � ��دات الغالف اجلوي‪ ،‬ومس� � ��اعدته‬ ‫عل� � ��ى تطوير تنبؤاته للطق� � ��س‪ ،‬كما تهدف‬ ‫األرقام الواردة فيه إلى توضيح بعض من‬ ‫اجتاهات علم األرصاد اجلوية احلديث‪.‬‬

‫إن اس� � ��تخدام اإلحصاء لفهم البيئة يش� � ��مل جميع‬ ‫االختبارات األساسية الالزمة للمشاريع البيئية‪.‬‬ ‫وتعتب� � ��ر األس� � ��اليب اإلحصائية تقني� � ��ات مهمة في‬ ‫تفسير نتائج أي مشروع من هذه املشاريع‪.‬‬ ‫يعرض الكتاب أمثلة عملية تغطي مجموعة واس� � ��عة‬ ‫م� � ��ن املواضي� � ��ع البيئي� � ��ة‪ ،‬كمقدمة ال غن� � ��ى عنها في‬ ‫الدراس� � ��ات البيئية‪ ،‬وما ش� � ��هدته في السنوات القليلة‬ ‫املاضية من تغييرات في مناهجها‪ ،‬تلك التغييرات التي‬ ‫تعكس االهتمام املتزايد بقضايا البيئة‪.‬‬ ‫يحتوي الكتاب على الفصول السبعة التالية‪:‬‬ ‫ف‪ :1‬تصميم املشروع‪.‬‬ ‫ف‪ :2‬وصف البيانات‪.‬‬ ‫ف‪ :3‬استخدام اإلحصاء لإلجابة عن األسئلة‪.‬‬ ‫ف‪ :4‬الفروق بني عينتني‪.‬‬ ‫ف‪ :5‬العالقات بني املتغيرات‪.‬‬ ‫ف‪ :6‬حتليل البيانات التكرارية‪.‬‬ ‫ف‪ :7‬الفروق بني أكثر من عينتني‪.‬‬ ‫ويذيل باملالحق اخلمسة التالية‪:‬‬ ‫م‪ :1‬العمليات احلسابية األساسية ورموزها‪.‬‬ ‫م‪ :2‬استخدام البرامج اإلحصائية‪.‬‬ ‫م‪ :3‬قراءات أخرى‪.‬‬ ‫م‪ :4‬اجلداول اإلحصائية‪.‬‬ ‫م‪ :5‬اإلجابات عن األسئلة والتدريبات‪.‬‬

‫(٭) ص‪.‬ب‪ 36252 :‬الصفاة ‪ 31131‬ــــ دولة الكويت‬ ‫بدالة املؤسسة‪ )569+( 00187222 :‬ــــ هاتف البرنامج‪:‬‬ ‫فاكس‪ )569+( 15187222 :‬ــــ البريد اإللكتروني‪wk.gro.safk@rohtua :‬‬ ‫املوقع اإللكتروني‪gro.safk.www :‬‬

‫‪)569+( 55187222‬‬


‫املجلد ‪ 29‬ـــ العددان‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪298/297‬‬

‫الهيئة االستشارية‬

‫عدنان أحمد شهاب الدين‬ ‫ ‬

‫رئــيـس الهيـئــــة‬

‫عبداللطيف البدر‬ ‫نائب رئيس الهيئة‬

‫عدنان احلموي‬

‫مراسالت التحرير توجه إلى‪ :‬رئيس حترير‬ ‫مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬ ‫شارع أحمد اجلابر‪ ،‬الشرق ‪ -‬الكويت‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 20856 :‬الصفاة‪ ،‬الكويت ‪13069‬‬ ‫عنوان البريد اإللكتروني‪ - oloom@kfas.org.kw :‬موقع الوِ ب‪www.oloommagazine.com :‬‬ ‫هاتف‪ - )+965(22428186 :‬فاكس ‪)+965(22403895 :‬‬ ‫اإلعالنات في الوطن العربي يتفق عليها مع قسم اإلعالنات باملجلة‪.‬‬

‫‪Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed to‬‬ ‫‪SCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111‬‬ ‫‪Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O.Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895‬‬

‫ ‬

‫عضو الهيئة ــ رئيس التحرير‬

‫شارك في هذا العدد‬ ‫مين أتاسي‬ ‫خضر األحمد‬ ‫عدنان جرجس‬ ‫عدنان احلموي‬ ‫بشر دعبول‬ ‫أميمة الدكاك‬ ‫سليم الذكي‬ ‫غيداء ربداوي‬ ‫قاسم سارة‬ ‫عبدالقادر عابد‬ ‫إيهاب عبدالرحيم‬ ‫فؤاد العجل‬ ‫ندى غنيم‬ ‫عمران قوبا‬ ‫خالد املصري‬ ‫حامت النجدي‬ ‫شادن يافي‬

‫سعر العدد‬ ‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫البحرين‬ ‫تونس‬ ‫اجلزائر‬ ‫جيبوتي‬ ‫السعودية‬ ‫>‬

‫‪1.800‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪1.800‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪206‬‬ ‫‪20‬‬

‫دينار‬ ‫درهم‬ ‫دينار‬ ‫دينار‬ ‫دينار‬ ‫فرنك‬ ‫ريال‬

‫مراكز توزيع‬

‫‪5.4‬‬

‫السودان‬ ‫سوريا‬ ‫الصومال ‪1497‬‬ ‫العراق ‪1964‬‬ ‫ُعمان‬ ‫‪2‬‬ ‫فلسطني ‪U.S $ 1.25‬‬ ‫ريال‬ ‫قطر‬ ‫‪20‬‬ ‫‪100‬‬

‫جنيه‬ ‫ليرة‬ ‫شلن‬ ‫دينار‬ ‫ريال‬

‫الكويت‬ ‫لبنان‬ ‫ليبيا‬ ‫مصر‬ ‫املغرب‬ ‫موريتانيا‬ ‫اليمن‬

‫‪1.500‬‬ ‫‪2765‬‬ ‫‪1.7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪889‬‬ ‫‪250‬‬

‫دينار‬ ‫ليرة‬ ‫دينار‬ ‫جنيه‬ ‫درهم‬ ‫أوقية‬ ‫ريال‬

‫‪4‬‬ ‫‪2.5‬‬

‫‪₤‬‬ ‫‪CI‬‬

‫‪Britain‬‬ ‫‪Cyprus‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪Greece‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪Italy‬‬

‫‪6‬‬

‫‪$‬‬

‫‪U.S.A.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪€‬‬

‫‪France‬‬

‫‪Germany‬‬

‫في األقطار العربية (انظر الصفحة ‪.)78‬‬

‫االشتراكات‬ ‫ترسل الطلبات إلى قسم االشتراكات باملجلة‪.‬‬ ‫ للطلبة وللعاملني في سلك‬ ‫التدريس و‪/‬أو البحث العلمي‬ ‫ لألفراد‬ ‫ للمؤسسات‬

‫بالدينار الكويتي‬

‫بالدوالر األمريكي‬

‫‪12‬‬

‫‪45‬‬

‫‪16‬‬

‫‪56‬‬

‫‪32‬‬

‫‪112‬‬

‫مالحظة‪ :‬حتول قيمة االشتراك بشيك مسحوب على أحد البنوك في دولة الكويت‪.‬‬

‫بزيارة موقع املجلة ‪ www.oloommagazine.com‬ميكن االطالع على مقاالت اإلصدارات املختلفة اعتبارا من العدد ‪.1995/1‬‬

‫كما ميكن االطالع على قاموس مصطلحات‬

‫باتباع التعليمات الواردة على الصفحة الرئيسية للموقع‪.‬‬

‫بنسـخة مجـانية من قرص ‪ CD‬يتضمن خالصات مقاالت هذه املجلة منذ نشأتها‬ ‫ميكـن تزويــد املشـتركني في‬ ‫عام ‪ 1986‬والكلمات الدالة عليها‪ .‬ولتشغيل هذا القرص في جهاز ُمدعم بالعربية‪ ،‬يرجى اتباع اخلطوات التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬اختر ‪ Settings‬من ‪ start‬ثم اختر ‪Control Panel‬‬ ‫‪ -2‬اختر ‪Regional and Language Options‬‬ ‫‪ -3‬اختر ‪ Arabic‬من قائمة ‪ Standards and Formats‬ثم اضغط ‪OK‬‬ ‫حقوق الطبع والنشر محفوظة ملؤسسة الكويت للتقدم العلمي‪ ،‬ويسمح باستعمال ما يرد في‬

‫شريطة اإلشارة إلى مصدره في هذه املجلة‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫‪4‬‬

‫ما وراء احلدود‪:‬‬

‫من نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬ ‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫‪6‬‬

‫تطور‬

‫بشرية فائقة‬

‫>‪ .M .R‬ساپولسكي<‬

‫حامت النجدي ــ عدنان احلموي‬

‫إن دوافعنا إلى جتاوز حدودنا التط ُّورية هي ما مي ِّيزنا من احليوانات األخرى‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫ذكاء‬

‫ندى غنيم ــ حامت النجدي‬

‫هل ميكن لذكائنا االستمرار في تزايده؟‬

‫&‬

‫التحرير‬

‫>‪ .T‬فولگر<‬

‫توحي درجات معدل الذكاء املستمرة بالتزايد أن أجيال املستقبل سوف جتعلنا‬ ‫نبدو أغبياء أمامها‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫الوعي‬

‫قضية القاتل النائم‬ ‫>‪ .J‬ڤالهوس<‬

‫غيداء ربداوي ــ حامت النجدي‬

‫في حالة املوت العصبي فيما بني النوم واليقظة‪ ،‬قد ينقلب الهذيان الذهني إلى حقيقة مأساوية‪.‬‬ ‫‪22‬‬

‫االكتهال‬

‫كيف سيعيش كل منا حتى يبلغ مئة عام‬

‫بشر دعبول ــ عدنان احلموي‬

‫>‪ .K‬هارمون<‬

‫ما هي أفضل طريقة لنطيل أعمارنا‪ :‬هل يكون ذلك بعالج املرض أم بإبطاء االكتهال?‬ ‫ما الذي ميكن أن نفعله‬ ‫‪26‬‬

‫هندسة النورو‬

‫عقل في حركة‬

‫>‪ .L .A .M‬نيكولليس<‬

‫أميمة الدكاك ــ عدنان احلموي‬

‫أبحاث علمية جارية لتمكني املشلول من التحكم في أطرافه مبجرد التفكير‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫تقانة‬

‫حد الطموح‬ ‫>‪ .D‬موشر<‬

‫عدنان جرجس ــ عدنان احلموي‬

‫وتوسع آفاقه‪.‬‬ ‫عشرة مشاريع تتخطى حدود العالَم الهندسي‬ ‫ِّ‬ ‫‪34‬‬

‫تع ّقد‬

‫آالت الالنهاية‬ ‫>‪ .J‬پاڤلوس<‬

‫عمران قوبا ــ خالد املصري‬ ‫&‬

‫التحرير‬

‫إن قدرة اآلالت على اإلجابة السريعة عن أسئلة نعم‪ -‬أو‪-‬ال ميكن أن تؤثر في كل‬ ‫شيء‪ ،‬بدءا من األمن القومي إلى حدود املعرفة البشرية‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫إلى أين نتوجه‬

‫علوم أساسية‬

‫‪40‬‬

‫أسئلة للمليون سنة القادمة‬

‫مين أتاسي ــ فؤاد العجل‬

‫>‪ .D‬كاستلڤتشي<‬

‫مباذا سيبحث كبار العلماء لو متكنوا من العيش ملئات أو آلالف السنني ‪ -‬أو أكثر‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫علم التبيؤ‬

‫جتربة املناخ الكبرى‬ ‫>‪ .K‬كالديرا<‬

‫عبدالقادر عابد ــ سليم الذكي‬

‫إلى أي مدى ميكننا أن نستحث كوكبنا؟‬ ‫‪54‬‬

‫فيزياء‬

‫إلى ما بعد األفق الكمومي‬

‫خالد املصري ــ عمران قوبا‬ ‫&‬

‫التحرير‬

‫>‪ .D‬دويتش< ‪ .A> -‬إيكرت<‬

‫تعمل النظرية الكمومية اآلن على توسيع قدرات احلواسيب وكذلك آفاق اإلمكانات العقلية‪،‬‬ ‫بعد أن كان ينظر إلى هذه النظرية على أنها تفرض حدودا مطلقة على املعرفة والتقانة‪.‬‬ ‫‪60‬‬

‫علم األعصاب‬

‫الباحثة في نظرية الدماغ‪:‬‬ ‫>ربيكا ساكس<‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫شادن يافي ــ عدنان احلموي‬

‫<‪ .G‬كووك>‬

‫>ربيكا ساكس< الباحثة في علم األعصاب تحُ ملق في الدماغ بحثا عن دالالت حلل‬ ‫نزاعات سياسية واجتماعية تبدو عصية على احلل‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫علم التشخيص‬

‫البوليس السري الطبي‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫>‪ .B‬بوريل<‬

‫إيهاب عبدالرحيم ــ قاسم سارة‬

‫يقوم >‪ .A .W‬گال<‪ ،‬وهو باحث في املعاهد الوطنية للصحة‪ ،‬بسبر أسباب‬ ‫األمراض التي حيرت غيره من األطباء‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫تربية‬

‫إعداد معلم علوم أفضل‬ ‫>‪ .P‬وينگرت<‬

‫خضر األحمد ــ عدنان احلموي‬

‫ستُحدث بضعة تغييرات أساسية في تدريب املعلمني حتسنا مشهودا في حب األطفال للعلوم‪.‬‬ ‫‪ 77‬تقدمات‬ ‫>‬ ‫>‬

‫هل تعوم الزرافة؟‬ ‫ملاذا يعد النوم مفيدا لك‬ ‫‪(2012) 12/11‬‬

‫‪3‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما وراء‬ ‫‪4‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫منذ زمن ليس بالبعيد‪،‬‬ ‫برزنا نحن البشر من‬ ‫َم ْح َددة التطور كحيوان‬ ‫ماهر مالئم للصيد‬ ‫والتحويش‪ ،‬مع مواهب‬ ‫فكرية لم تعرف لها‬ ‫حدودا‪ .‬ورحلتنا‬ ‫منذ‪ ...‬أخذتنا إلى‬ ‫عتبة أعمق غرائب‬ ‫الطبيعة‪ .‬فمن نحن‪،‬‬ ‫وما ميكننا أن نفعل‬ ‫وإلى أين نتوجه؟‬ ‫(‪)1‬‬

‫احلدود‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪forge‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪5‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫بشرية فائقة‬

‫( )‬

‫إن دوافعنا إلى جتاوز حدودنا التط ُّورية هي ما مي ِّيزنا من احليوانات األخرى‪.‬‬ ‫>‪ .M .R‬ساپولسكي<‬

‫�ت مع عال� � ��م باجلنس‬ ‫إذا جلس� � � َ‬ ‫البش� � ��ري للتح ُّدث عن طبيعة البشر‪،‬‬ ‫فعلى األرجح ستسمع املقولة التالية‬ ‫الكثي� � ��رة التكرار‪« :‬حس� � ��نا‪ ،‬عليك أن‬ ‫تتذك� � ��ر أن ‪ 99‬في املئة م� � ��ن التاريخ‬ ‫َّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫البش� � ��ري انقضى في الس���اڤا َّنا ‪،‬‬ ‫حيث عاشت مجموعات بدائية صغيرة‬ ‫الش���وارين(‪ .»)2‬إنها‬ ‫من الصيادين و َّ‬ ‫مقولة عفا عليه� � ��ا الزمن من مقوالت‬ ‫العل� � ��م‪ ،‬ولكنها صحيح� � ��ة‪ .‬وبالفعل‪،‬‬ ‫فقد أنتجت تلك املاليني من الس� � ��نني‬ ‫املميزة‪ ،‬ومنها مشينا‬ ‫السالفة سماتنا َّ‬ ‫منتصبي القامة‪ ،‬وأدمغتنا الكبيرة على‬ ‫سبيل املثال‪ .‬ولم تكن تلك اإلبداعات‬ ‫التطوري� � ��ة ذات الفائدة العظيمة طبعا‬ ‫ُّ‬ ‫من دون ثمن‪ :‬آالم في الظهر بس� � ��بب‬ ‫(‪)3‬‬ ‫وقوفنا على رجلني‪ ،‬ويأس وجودي‬ ‫والتأم� � ��ل الذاتيني‬ ‫ناجم ع� � ��ن التفكُّ ر‬ ‫ُّ‬ ‫بس� � ��بب قش� � ��رتنا الدماغية الكبيرة‪.‬‬ ‫فكما هي احل� � ��ال غالبا‪ ،‬ليس ثمة من‬ ‫شيء من دون مقابل‪.‬‬

‫التطور علينا‪،‬‬ ‫احلدود التي فرضه� � ��ا‬ ‫ُّ‬ ‫وذلك من خالل ابتكار أدوات جتعلنا‬ ‫أسرع وأذكى وأطول عمرا‪ .‬والعِ لم هو‬ ‫واحدة من تلك األدوات‪ ،‬وهو اختراع‬ ‫يتطلَّب منا اخلروج من ذهنية العصر‬ ‫احلجري القائلة «بعدم تصديق إال ما‬ ‫ُيرى مباش� � ��رة»‪ ،‬كي نستطيع التغلب‬ ‫عل� � ��ى العقبة التالية الت� � ��ي تعترضنا‪،‬‬ ‫تغيرا‬ ‫س� � ��واء أكانت مرضا وبائيا أو ُّ‬ ‫مناخي� � ��ا‪ .‬وميكنك وص� � ��ف تلك األداة‬ ‫بأنه� � ��ا أفض� � ��ل تعبي� � ��ر ع� � ��ن احلافز‬ ‫البشري االستثنائي إلى االرتقاء إلى‬ ‫ما هو أفضل مما نحن عليه‪.‬‬

‫وبتراك� � ��م التحدي� � ��ات الناجم� � ��ة‬ ‫عن تل� � ��ك املقايضات‪ ،‬أصب� � ��ح العالم‬ ‫الذي اخترعن� � ��اه‪ ،‬وخاصة في ضوء‬ ‫املس� � ��تجدات العظيم� � ��ة ف� � ��ي اآلون� � ��ة‬ ‫األخيرة‪ ،‬ش� � ��ديد االخت� �ل��اف عن ذاك‬ ‫الذي تك َّيفت معه أجس� � ��امنا وعقولنا‪.‬‬ ‫فطعام العشاء يأتي إليك (بفضل عمال‬ ‫توصيل البيتزا) بدال من أن تس� � ��عى‬ ‫إليه على قدميك‪ ،‬وتدخل الفيس� � ��بوك‬ ‫للتواصل مع محبي� � ��ك واملقربني منك‬ ‫بدال من صرف ج� � ��زء كبير من يومك‬ ‫معهم طوال حيات� � ��ك‪ .‬وعند هذا احلد‬ ‫ينتهي مفع� � ��ول املقولة التي عفا عليها‬ ‫الزمن لعالِم اجلنس البشري من أجل‬ ‫( )‬ ‫شذوذات بشرية‬ ‫تفسير احلالة البشرية(‪.)4‬‬ ‫إن س� � ��بب عدم التواف� � ��ق هذا بني لفهم الكيفية التي صنع بها االنتقاء‬ ‫احملي� � ��ط ال� � ��ذي تط َّورنا لنعي� � ��ش فيه‪ ،‬الطبيعي(‪ )5‬الرئيس� � ��ات الفريدة التي‬ ‫واحلاالت الت� � ��ي نواجهها في حقبتنا‬ ‫( ) ‪SUPER HUMANITY‬‬ ‫احلديثة يأتي من س� � ��مة مم ِّيزة أخرى‬ ‫( ) ‪HUMAN ODDITIES‬‬ ‫لنوعن� � ��ا‪ ،‬لعلها أهم س� � ��ماتنا‪ :‬رغبتنا (‪ :Savanna )1‬الس� � ��اڤا َّنا هي السهول االستوائية وشبه‬ ‫االستوائية العشبية الواسعة‪.‬‬ ‫الش� � ��ديدة في االنط� �ل��اق إلى ما وراء‬

‫باختصار‬ ‫إن كثيرا من التح ِّديات التي نواجهها اليوم‪ ،‬نحن البش� � ��ر‪ ،‬هي نتيجة لعدم التوافق بني البيئة‬ ‫التي تك َّيف أسالفنا معها عبر ماليني السنني‪ ،‬وبني العالم الذي نعيش فيه اليوم‪.‬‬ ‫إال أن حالة عدم التوافق هذه هي نفس� � ��ها نتيجة خلاصية بش� � ��رية فريدة‪ :‬رغبتنا في توسيع‬ ‫التطور لنا‪.‬‬ ‫أنفسنا إلى ما وراء احلدود التي وضعها‬ ‫ُّ‬ ‫والعلم هو واحدة من األدوات التي يس� � ��تعملها البش� � ��ر لتحقيق ذلك الهدف املتمثِّل بتوس� � ��يع‬ ‫قدراتنا املادية والذهنية‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪(2012) 12/11‬‬

‫(‪َّ :gatherer )2‬‬ ‫الش � � � َّوار هو ال� � ��ذي يلتقط أو يجني الثمار‬ ‫واحلبوب والعس� � ��ل من هنا وهناك؛ و«الشوارة» هي‬ ‫الثمار التي تلتقط مما يسقط على أرض احلقل‪.‬‬ ‫(‪ :existential despair )3‬يأس التس� � ��اؤل احمل ِّير عن معنى‬ ‫احلياة والغرض منها‪.‬‬ ‫(‪ .human condition )4‬تتضمن احلالة البشرية اجلوانب‬ ‫الفريدة ذات الصلة بوجود اإلنس� � ��ان ضمن السياق‬ ‫متأصلة في‬ ‫االجتماعي والثقافي والشخصي‪ .‬وهي‬ ‫ِّ‬ ‫الوجود البشري وال ميكن اجتزاؤها منه‪ ،‬وال تعتمد‬ ‫على اجلنس أو العرق أو الطبقة أو املكانة‪.‬‬ ‫(‪ natural selection )5‬أو االنتخاب الطبيعي‪.‬‬


‫املؤلف‬ ‫‪Robert M. Sapolsky‬‬

‫أس� � ��تاذ علم األحياء وعلم األعصاب لدى جامعة‬ ‫س� � ��تانفورد‪ .‬وتتر َّك� � ��ز أبحاث� � ��ه ف� � ��ي التو ُّتر عند‬ ‫الس� � ��عادين البرية‪ ،‬وقد كتب ع� � ��ددا من املقاالت‬ ‫والكتب الشهيرة عن احلالة البشرية‪.‬‬

‫ه� � ��ي نحن‪ ،‬س� � ��وف نع� � ��ود إلى‬ ‫أيام الس� � ��اڤا َّنا الغاب� � ��رة‪ .‬كانت‬ ‫تل� � ��ك األرض املكش� � ��وفة مختلفة‬ ‫كثيرا عن الغابات التي س� � � َّ�ماها‬ ‫أس� �ل��افنا القردة م� � ��أوى‪ .‬فأوال‪،‬‬ ‫كان� � ��ت ش� � ��مس الس� � ��اڤانَّا أحر‬ ‫وأش� � ��د س� � ��طوعا‪ ،‬وثاني� � ��ا‪ ،‬كان‬ ‫الطع� � ��ام النباتي املغ� � ��ذي أكثر‬ ‫ندرة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬ف َق َد أسالفنا‬ ‫ش� � ��عر أجس� � ��امهم الكثيف كي‬ ‫تب� � ��رد‪ .‬وتضاءلت أضراس� � ��هم‬ ‫بع� � ��د تخليهم عن الطعام النباتي‬ ‫وحتولهم إل� � ��ى طعام‬ ‫القاس� � ��ي‬ ‫ُّ‬ ‫ترك� � ��ز جزئيا في حل� � ��وم آكالت‬ ‫َّ‬ ‫العشب‪ ،‬وصارت تلك األضراس‬ ‫اآلن عدمية الفائدة وذات سطوح‬ ‫تكاد ال تطحن‪.‬‬ ‫وف� � ��ي الوق� � ��ت نفس� � ��ه‪ ،‬جعل‬ ‫التناول االنتقائي للغذاء‪ ،‬بسبب‬ ‫ندرته‪ ،‬أجس� � ��ام أس� �ل��افنا قليلة‬ ‫اس� � ��تهالك الطاقة وجيدة اخلزن‬ ‫للكالوري����ات ‪ .calories‬أما اآلن‪،‬‬ ‫وق� � ��د ورثن� � ��ا آلية االس� � ��تقالب‬ ‫نفس� � ��ها‪ ،‬فقد أصبحنا نس� � ��عى‬ ‫الهامبرگ� � ��ر على‬ ‫وراء سندويش� � ��ات‬ ‫ُ‬ ‫حتول داء السكري إلى داء‬ ‫الرغم من ُّ‬ ‫عامل� � ��ي‪ .‬أو انظر إلى كيف أن جهازنا‬ ‫املناعي قد تط � � � َّور في عالم كاد يخلو‬

‫مرِ ضات‬ ‫من أش� � ��خاص يحمل� � ��ون مُ ْ‬ ‫(عوامل مُمرضة) ‪ pathogens‬حقيقية‪،‬‬

‫عطست اآلن بالقرب‬ ‫في حني أنك إذا‬ ‫َ‬ ‫من شخص في مطار‪ ،‬فإن ڤيروسات‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أنفك س� � ��وف تكون طليقة حرة في‬ ‫منطقة زمنية في اليوم التالي‪.‬‬ ‫وش� � ��ذوذاتنا البش� � ��رية وفيرة في‬ ‫اجلوان� � ��ب الس� � ��لوكية أيض� � ��ا‪ .‬فوفق‬

‫‪12‬‬

‫‪7‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫معايير تصنيف الرئيسات‪ ،‬نحن لسنا‬ ‫أس� � ��ماكا وال طيورا من ن� � ��واح كثيرة‪.‬‬ ‫وثمة مثال الفت هنا‪ُ .‬تص َّنف الرئيسات‬ ‫عموم� � ��ا في منطني مختلفني‪ :‬األول هو‬ ‫منط األجناس القائم� � ��ة على التزاوج‪،‬‬ ‫مبعن� � ��ى أن اإلناث والذك� � ��ور يك ِّونون‬ ‫أزواجا مس� � ��تقرة ذات دميومة طويلة‪،‬‬ ‫ومتارس الزواج االجتماعي واجلنسي‬ ‫مع قرين واحد فقط‪ .‬ويقوم الذكور في‬ ‫هذا الت� � ��زاوج ببعض‪ ،‬أو حتى مبعظم‬ ‫أعمال العناية باألطفال‪ ،‬ويتصف إناث‬ ‫وذكور ه� � ��ذه األنواع باحلجم نفس� � ��ه‬ ‫وي ْبدون متشابهني جدا‪ .‬ويبدو‬ ‫تقريبا َ‬ ‫أن كثيرا من القردة الصغيرة النحيفة‬ ‫وقردة أمري� � ��كا اجلنوبية هي من هذا‬ ‫(‪)1‬‬ ‫النمط‪ .‬واألجناس االس���تعراضية‬ ‫التي ت َّتخ� � ��ذ املنحى املعاك� � ��س‪ :‬تقوم‬ ‫اإلناث بجميع ش� � ��ؤون رعاية األطفال‬ ‫وتتص� � ��ف الذكور بأنه� � ��ا أكبر حجما‬ ‫بكثير م� � ��ن اإلناث وتقوم بجميع أنواع‬ ‫االس� � ��تعراضات الطاووس� � ��ية املثيرة‬ ‫املبتذل� � ��ة‪ ،‬بوجوهها املل َّون� � ��ة وظهورها‬ ‫الفضي� � ��ة‪ .‬وتقض� � ��ي ه� � ��ذه الذك� � ��ور‬ ‫االستعراضية نسبة كبيرة من أوقاتها‬ ‫منغمس� � ��ة في طق� � ��وس عدوانية‪ .‬وإلى‬ ‫جانب هذي� � ��ن النوعني‪ ،‬هناك البش� � ��ر‬ ‫الذين ال ينتمون إلى أي منهما بجميع‬ ‫املعايير التشريحية والوظيفية احليوية‬ ‫وحت� � ��ى اجلينية‪ ،‬بل يقع� � ��ون في موقع‬ ‫مح ِّير فيما بينهما‪.‬‬ ‫ومن ناحية سلوكية أخرى‪ُ ،‬يعتبر‬ ‫البش� � ��ر مثاال منوذجيا للرئيس� � ��ات‪:‬‬ ‫فنحن اجتماعيون جدا‪ ،‬وأجمل أنواع‬ ‫الذكاء لدينا هو األنواع االجتماعية‪.‬‬ ‫وقد نوجد‪ ،‬نحن الرئيسات‪ ،‬في ظروف‬ ‫ُيربكنا فيها مثال رياضياتي جتريدي‬ ‫للتعدِّي(‪ ،)2‬مع أنه من الس� � ��هل علينا‬ ‫أن نس� � ��تنتج أنه إذا هيمن شخص ‪A‬‬ ‫على ش� � ��خص آخر ‪ ،B‬وهيمن ‪ B‬على‬ ‫‪8‬‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫‪ ،C‬ف� � ��إن من األفضل ل � � �ـ ‪ C‬أن ينحني‬ ‫بخضوع عندما يرى ‪ .A‬وميكننا اتباع‬ ‫سيناريوهات معقدة جدا من التأثيرات‬ ‫إن كان‬ ‫االجتماعية املتبادلة واستنتاج ْ‬ ‫عق ٌد اجتماعي قد ان ُتهك (ونحن أمهر‬ ‫في كشف املخادع من كشف املغالي‬ ‫ف� � ��ي كرمه‪ ).‬يضاف إلى ذلك أنه ليس‬ ‫لنا نظير ف� � ��ي متييز الوجوه‪ ،‬حتى إنه‬ ‫توجد ف� � ��ي منطقة من حل� � ��اء أدمغتنا‬ ‫متخصصة بذلك‪.‬‬ ‫تالفيف مغزلية‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫إن املزايا االنتقائية لنشوء الدماغ‬ ‫االجتماع����ي(‪ )3‬جلي� � ��ة وواضحة‪ .‬وقد‬ ‫ع َّبدت الطريق أمامنا لتطوير مقدرتنا‬ ‫على قراءة ح� � ��االت اآلخرين الذهنية‪،‬‬ ‫والتمي� � ��ز في مناوراتن� � ��ا االجتماعية‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫وخ� � ��داع اآلخرين ببراع� � ��ة‪ ،‬واجتذاب‬ ‫األق� � ��ران واملناصري� � ��ن‪ .‬وق� � ��د أصبح‬ ‫مس� � ��توى الذكاء االجتماع����ي(‪ )4‬لدى‬ ‫مؤشرا على‬ ‫الشبان األمريكيني ميثِّل‬ ‫ِّ‬ ‫النجاح في عال� � ��م األعمال أفضل من‬ ‫نتائج اختبار القبول اجلامعي(‪.)5‬‬ ‫وبالفع� � ��ل‪ ،‬عندما يأت� � ��ي األمر إلى‬ ‫ال� � ��ذكاء االجتماعي عند الرئيس� � ��ات‪،‬‬ ‫يحتل البشر مركز الصدارة‪ .‬وفرضية‬ ‫الدماغ االجتماعي املطروحة في علم‬ ‫تطور الرئيسات مبنية على حقيقة أن‬ ‫ُّ‬ ‫(‪)6‬‬ ‫نسبة الدماغ املك َّرسة للِّحاء اجلديد‬ ‫لدى اجلنس الرئيس مترابطة باحلجم‬ ‫الوسطي للمجموعة االجتماعية لذلك‬ ‫اجلنس‪ .‬وهذا الترابط أش� � ��د وضوحا‬ ‫(وفقا حلجوم املجموع� � ��ات املوجودة‬ ‫في املجتمعات املعهودة) لدى البش� � ��ر‬ ‫منه لدى الرئيسات األخرى‪ .‬وبكلمات‬ ‫أخ� � ��رى‪ ،‬فق� � ��د تط � � � َّور ج� � ��زء الدماغ‬ ‫متيزا لدى الرئيسات‬ ‫البشري األكثر ُّ‬ ‫م� � ��ع احلاجة إلى االس� � ��تمرار مبعرفة‬ ‫أولئك الذين ليسوا على وفاق‪ ،‬والذين‬ ‫ُيخفق� � ��ون كلي� � ��ا في هرم الس� � ��يطرة‪،‬‬ ‫واألزواج الذي� � ��ن يعبثون خلس� � ��ة هنا‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫وهن� � ��اك ف� � ��ي الوقت ال� � ��ذي يجب أال‬ ‫يفعلوا ذلك فيه‪.‬‬ ‫وعلى غرار أجس� � ��امنا‪ ،‬فإن أدمغتنا‬ ‫وتصرفاتن� � ��ا‪ ،‬التي ُنحت� � ��ت في ماضينا‬ ‫الغابر‪ ،‬أي� � ��ام الصيادين والش � � � َّوارين‪،‬‬ ‫يجب أن تتسع أيضا حلاضرنا الشديد‬ ‫االخت� �ل��اف‪ .‬فنح� � ��ن نس� � ��تطيع العيش‬ ‫آالف األميال بعي� � ��دا عن أمكنة والدتنا‪،‬‬ ‫وميكننا قتل ش� � ��خص من دون أن نكون‬ ‫ق� � ��د رأينا وجهه من قب� � ��ل‪ .‬ونحن نلتقي‬ ‫بأن� � ��اس ينتظ� � ��رون الدخول إل� � ��ى مدينة‬ ‫ألعاب ديزن� � ��ي يفوق عددهم عدد الناس‬ ‫الذين التقى بهم أسالفنا طوال حياتهم‪.‬‬ ‫يا إلهي‪ ،‬ميكننا حتى النظر إلى صورة‬ ‫شخص ما والشعور بالرغبة في ممارسة‬ ‫اجلنس عل� � ��ى الرغم من ع� � ��دم معرفتنا‬ ‫بالرائح� � ��ة التي تنطلق م� � ��ن صاحب أو‬ ‫صاحبة الصورة ‪ -‬ك� � ��م هو غريب ذلك‬ ‫على عالَم الثدييات؟‬ ‫ما وراء احلدود‬

‫( )‬

‫إن حقيق� � ��ة أننا أوجدنا ه� � ��ذا العالم‬ ‫املختل� � ��ف كليا عن العالم القدمي وأننا‬ ‫نزدهر في� � ��ه‪ُ ،‬تث ِبت نقطة مهمة هي أن‬ ‫م� � ��ن طبيعتن� � ��ا أ ّال نك� � ��ون مق َّيدين من‬ ‫قبل طبيعتنا‪ .‬فتجاوزنا للحدود ليس‬ ‫مستغربا‪ .‬والعلم هو واحد من أغرب‬ ‫( ) ‪BEYOND LIMITS‬‬ ‫(‪tournament species )1‬‬

‫(‪ :transitivity )2‬تنطوي خاصية التعدِّي على أنه إذا كان‬ ‫‪ a>b‬فإن ‪ ،b>c‬كان ‪.a>c‬‬ ‫(‪social brain )3‬‬

‫(‪ :social intelligence )4‬خالفا للذكاء الفردي‪.‬‬ ‫(‪ :Scholastic Assessment Test (SAT) )5‬اختبار يخضع‬ ‫له الطلبة بغرض االنتساب إلى اجلامعات األمريكية‪،‬‬ ‫ويتضم� � ��ن ثالث� � ��ة مواضي� � ��ع ه� � ��ي الق� � ��راءة النقدية‬ ‫والرياضيات والكتابة‪ .‬وهو مص َّمم لتحديد مستوى‬ ‫التفكير النقدي ومهارات حل املش� � ��كالت الضرورية‬ ‫للنجاح في اجلامعة‪.‬‬ ‫مخصص‬ ‫(‪ :neocortex )6‬ج� � ��زء م� � ��ن اللح� � ��اء الدماغي‬ ‫َّ‬ ‫للبصر والس� � ��مع لدى الثديي� � ��ات‪ ،‬وهو أحدث أجزاء‬ ‫(التحرير)‬ ‫اللحاء تط ُّورا‪.‬‬


‫وأحدث املجاالت الت� � ��ي نتحدى فيها‬ ‫حدود الرئيس����ات البش����رية(‪ .)1‬ومن‬ ‫للتغير‬ ‫بع� � ��ض أكثر األوجه جوهري� � ��ة‬ ‫ُّ‬ ‫جت العلم املباش� � ��رة التي‬ ‫في عاملنا نوا ُ‬ ‫يتجلَّى فيه� � ��ا التحدي بوضوح‪ .‬انظر‬ ‫فقط إل� � ��ى أولئك األوائل من أش����باه‬ ‫االختصاصيني بعلم الوراثة(‪ )2‬الذين‬ ‫جنحوا في ترويض احليوانات البرية‬ ‫وفي اس� � ��تنبات احلبوب واملزروعات‪،‬‬ ‫ذلك االبت� � ��كار الذي و َّف� � ��ر كثيرا من‬ ‫الغ� � ��ذاء‪ ،‬ولكنه اليوم يه� � � ِّ�دد بالقضاء‬ ‫على موارد كوكبنا الطبيعية‪.‬‬ ‫وفي مستوى أكثر جتريدا‪ ،‬يختبر‬ ‫العلم إحساس� � ��نا مبا هو املعهود(‪،)3‬‬ ‫ومبا نعتب� � ��ره أفضل مم� � ��ا هو جيد‪.‬‬ ‫إنه يتحدى إحساس� � ��نا مب� � ��ن نكون‪.‬‬ ‫وبفضل العلم‪ ،‬يستمر العمر الوسطي‬ ‫لإلنس� � ��ان بالتزايد‪ ،‬ويس� � ��تمر طوله‬ ‫وتتحسن درجاتنا‬ ‫الوس� � ��طي بالنمو‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫في اختبارات الذكاء‪ .‬وبفضل العلم‪،‬‬ ‫فإن كل رقم قياس� � ��ي عاملي ملناس� � ��بة‬ ‫رياضية معرض للتجاوز‪.‬‬ ‫وبدفع العلم آلف� � ��اق تلك املجاالت‬ ‫بعي� � ��دا إلى األمام‪ ،‬م� � ��ن املدهش حقا‬ ‫هو ضآلة التغيير ال� � ��ذي أحدثته تلك‬ ‫التغي� � ��رات فين� � ��ا‪ .‬فمهم� � ��ا كان طول‬ ‫ُّ‬ ‫العمر الذي نتو َّقع أن نعيش� � ��ه‪ ،‬فإننا‬ ‫س� � ��وف منوت‪ ،‬وس� � ��وف يبق� � ��ى ثمة‬ ‫سبب رئيسي للموت‪ ،‬وسوف نستمر‬ ‫بالش� � ��عور بأن أعزاءنا قد رحلوا عنا‬ ‫إلى اآلخرة باكرا‪ .‬ولكن عندما يتعلق‬ ‫األمر بازدياد متوس� � ��ط ذكاء البش� � ��ر‬ ‫وأطواله� � ��م ونتائجهم الرياضية‪ ،‬فثمة‬ ‫مش� � ��كلة‪َ :‬من يهتم باملتوس� � ��ط؟ فنحن‬ ‫كأفراد‪ ،‬يريد كل منا أن يكون أفضل‬ ‫من اآلخري� � ��ن‪ .‬ودماغنا اس� � ��تفزازي‬ ‫�ارن وأكثر اهتمام� � ��ا بالتباينات‬ ‫و ُمق� � � ِ‬ ‫من املطْ لَقات ‪ .contrasts‬وتنش� � ��أ تلك‬ ‫احلالة من منظومة حواس� � ��نا التي ال‬

‫ُتخ ِبرن� � ��ا عادة عن جودة مح ِّرضاتها‪،‬‬ ‫بل عن جودة تلك احمل ِّرضات بالنسبة‬ ‫إل� � ��ى مح ِّرضات أخ� � ��رى حتيط بها‪.‬‬ ‫وعلى س� � ��بيل املثال‪ ،‬حتتوي ش� � ��بكية‬ ‫الع� �ي��ن على خالي� � ��ا ال تنفعل بلون ما‬ ‫كانفعاله� � ��ا بلون بالقرب م� � ��ن اللون‬ ‫«املناق� � ��ض» ل� � ��ه (األحمر ف� � ��ي مقابل‬ ‫األخض� � ��ر‪ ،‬مثال)‪ .‬ومع أنن� � ��ا جميعا‬ ‫نرغ� � ��ب في أن نكون أذكى‪ ،‬فإننا على‬ ‫األرج� � ��ح نري� � ��د أن نك� � ��ون أذكى من‬ ‫جيراننا‪ .‬والشيء نفسه بالنسبة إلى‬ ‫الرياضيني؛ وهذا ما يطرح تس� � ��اؤال‬ ‫طاملا شغل الرئيس� � ��ات البشرية‪ :‬كم‬ ‫يجب أن تكون سرعتك وأنت تعدو كي‬ ‫تهرب من أس� � ��د؟ واجلواب هو دائما‪:‬‬ ‫أسرع من الشخص الذي بجانبك‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن العلم يتط َّل� � ��ب منا غالبا أن‬ ‫نوس� � ��ع آفاقن� � ��ا حينما يتعل� � ��ق األمر‬ ‫ِّ‬ ‫بأنواع األس� � ��ئلة التي نطرحها‪ .‬إنني‬ ‫أرى ثمة أربعة أنواع خاصة من تلك‬ ‫األس� � ��ئلة‪ .‬يتعل� � ��ق األول بطبيعة العلم‬ ‫غير االجتماعي����ة ‪ asocial‬غالبا‪ .‬وأنا‬ ‫ال أقصد بذلك األعم� � ��ال املنعزلة في‬ ‫بعض أنواع االس� � ��تقصاءات العلمية‬ ‫التي يعم� � ��ل بها العا ِل� � ��م وحيدا عند‬ ‫الس� � ��اعة الثالثة صباح� � ��ا‪ .‬بل أعني‬ ‫أن العل� � ��م غالب� � ��ا ما يتط َّل� � ��ب منا أن‬ ‫نهتم فعال بأش� � ��ياء جامدة‪ .‬وبال ريب‬ ‫ثم� � ��ة كثير من االس� � ��تثناءات من هذه‬ ‫القاعدة‪ ،‬فعلماء الرئيس� � ��ات يجلسون‬ ‫ويثرث� � ��رون في الليل عن نقاط ضعف‬ ‫قِ َردته� � ��م وهفواتها‪ .‬وق� � ��د اعتاد عالم‬ ‫األحافي� � ��ر >‪ .L‬ليك� � ��ي< عل� � ��ى وصف‬ ‫اجلمجم� � ��ة األحفورية املفضلة لديه بـ‬ ‫«االبن العزي� � ��ز»‪ .‬ومع ذلك فإن بعض‬ ‫مج� � ��االت العلم تهتم بأش� � ��ياء جامدة‬ ‫جدا‪ ،‬ومن أمثلة ذلك أن علماء الفيزياء‬ ‫الفلكية يحاولون اكتشاف كواكب في‬ ‫منظومات شمس� � ��ية أخ� � ��رى‪ .‬والعلم‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫يتطلَّب غالبا م� � ��ن دماغنا االجتماعي‬ ‫البش� � ��ري أن يكون شغوفا مبواضيع‬ ‫ضئيلة االحتمال‪.‬‬ ‫يوس� � ��ع آفاقن� � ��ا بطريقة‬ ‫والعل� � ��م ّ‬ ‫أخ� � ��رى عندما ننظر إلى أش� � ��ياء من‬ ‫قبي� � ��ل امليكاني� � ��ك الكموم� � ��ي والتقانة‬ ‫النانوي� � ��ة وفيزي����اء اجلس����يمات(‪،)4‬‬ ‫التي تتط َّل� � ��ب منا أن نعتقد بأش� � ��ياء‬ ‫ال نس� � ��تطيع رؤيته� � ��ا‪ .‬وق� � ��د أمضيت‬ ‫س� � ��نواتي اجلامعية وأنا أنقل سوائل‬ ‫من أنبوب اختبار إل� � ��ى آخر وأقيس‬ ‫مستويات أشياء من قبيل الهرمونات‬ ‫واملرسالت العصبونية(‪ .)5‬ولو توقفت‬ ‫وفكرت بذلك‪ ،‬لوجدت أن أشياء‬ ‫حينئذ َّ‬ ‫من هذا القبيل هي فعال أش� � ��ياء غير‬ ‫معقولة‪ .‬وعدم املعقولية تلك هي سبب‬ ‫أن كثيرا منا ‪ -‬نحن العلماء ‪ -‬الذين‬ ‫يعملون في املختبرات ويقيس� � ��ون أو‬ ‫يستنس� � ��خون أو يحقنون أشياء غير‬ ‫مرئية‪ُ ،‬يستثار جدا عندما ينكب على‬ ‫اللعب باجلليد اجلاف(‪.)6‬‬ ‫يوس� � ��ع بطريقة‬ ‫وميك� � ��ن للعلم أن َّ‬ ‫ثالث� � ��ة آف� � ��اق قبولن� � ��ا‪ ،‬بوصفن� � ��ا من‬ ‫الرئيس� � ��ات البش� � ��رية‪ ،‬باألم� � ��ور من‬ ‫دون تس� � ��اؤل‪ ،‬وذلك من خالل طبيعة‬ ‫األسئلة التي ميكن أن يطرحها‪ .‬ليس‬ ‫لنا نظير في مملكة احليوانات عندما‬ ‫يتعلق األمر بتذكُّ � � ��ر املاضي البعيد‪،‬‬ ‫أو عندم� � ��ا يتعلق األمر باإلحس� � ��اس‬ ‫باملس� � ��تقبل‪ .‬إال أن ثم� � ��ة حدودا لتلك‬ ‫(‪beyond the limits )1‬‬

‫(‪ :hominid )2‬فصيلة البشر وأسالفهم املنقرضني‪ ،‬وتتميز‬ ‫بانتصاب القامة وحجم الدماغ الكبير والذكاء‪.‬‬ ‫(‪ the norm )3‬أو العادي‪.‬‬ ‫(‪particle physics )4‬‬

‫(‪ neurotransmitters )5‬أو املرسالت‪.‬‬ ‫(‪ :dry ice )6‬اجلليد اجلاف هو ثنائي أكسيد الكربون‬ ‫املتجمد (يتجمد عند درجة حرارة تساوي ‪78.5‬‬ ‫درج������ة مئوية حت������ت الصفر)‪ .‬وله اس������تعماالت‬ ‫عديدة من أش������هرها تكوين طبق������ة من الضباب‬ ‫األبيض حني إضافة املاء إليه على خشبة املسرح‬ ‫(التحرير)‬ ‫بغرض اإلثارة‪.‬‬

‫التتمة في‬

‫الصفحة ‪21‬‬

‫‪9‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫هل ميكن لذكائنا‬ ‫االستمرار في تزايده؟‬

‫( )‬

‫توحي «درجات معدل الذكاء» املستمرة بالتزايد أن‬ ‫أجيال املستقبل سوف جتعلنا نبدو أغبياء أمامها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫>‪ .T‬فولگر<‬

‫قبل ثمانية وعشرين عاما‪ ،‬اكتشف‬ ‫ن<‪[ ،‬الباح� � ��ث لدى جامعة‬ ‫>‪ .R .J‬فل� �ي � ّ‬ ‫أوتاگو بنيوزيالن� � ��دا] ظاهرة ما زال‬ ‫علماء االجتماع يجهدون لتفسيرها‪:‬‬ ‫ترتفع درج����ات معدل ال����ذكاء(‪( )1‬أو‬ ‫درج����ات ‪ )IQ‬بثبات منذ بداية القرن‬ ‫ن< فحص‬ ‫العش� � ��رين‪ .‬وواصل >فل� �ي � ّ‬ ‫بيانات اختب� � ��ارات ال� � ��ذكاء الواردة‬ ‫م� � ��ن أكثر من أربعة وعش� � ��رين بلدا‪،‬‬ ‫ووج� � ��د أن الدرج� � ��ات تتزايد مبعدل‬ ‫‪ 0.3‬نقطة ف� � ��ي العام‪ ،‬أي بثالث نقاط‬ ‫كاملة في العقد‪ .‬وأكدت الدراس� � ��ات‬ ‫الالحقة‪ ،‬التي اس� � ��تمرت نحو ثالثني‬ ‫عام� � ��ا‪ ،‬احلقيق� � ��ة اإلحصائي� � ��ة لهذا‬ ‫التنامي على مس� � ��توى العالم‪ ،‬والذي‬ ‫ني(‪ .)2‬ومازالت‬ ‫يعرف اآلن مبفعول فل ّ‬ ‫الدرجات تتصاعد‪.‬‬ ‫ني<‪ ،‬الذي نش� � ��ر أحدث‬ ‫يقول >فل ّ‬ ‫كتاب له في الش� � ��هر ‪ 2012/9‬عن هذا‬

‫املوض� � ��وع بعنوان هل ن� � ��زداد ذكاء؟‪:‬‬ ‫«ما يثير دهش� � ��تي ه� � ��و أن الزيادات‬ ‫ما زالت مس� � ��تمرة في القرن احلادي‬ ‫والعش� � ��رين‪ .‬وتبينّ أح� � ��دث البيانات‬ ‫أن الزيادات ف� � ��ي أمريكا حتوم حول‬ ‫املعدل الق� � ��دمي نفس� � ��ه املتمثل بثالثة‬ ‫أعشار النقطة في العام‪».‬‬ ‫ني<‬ ‫وأحد أغرب جوانب مفعول >فل ّ‬ ‫هي رتابته الش� � ��ديدة‪ ،‬فه� � ��و ال يتباطأ‬ ‫وال يتوق� � ��ف كي يبدأ م� � ��ن جديد‪ .‬إنه‬ ‫ي� � ��زداد باس� � ��تمرار فق� � ��ط‪« ،‬وكأن يدا‬ ‫ني<‪ .‬لقد‬ ‫خفية تق� � ��وده‪ »،‬وفقا لقول >فل ّ‬ ‫عاين >‪ .J‬رودجرز< [عالم النفس لدى‬ ‫جامعة أوكالهوما] نتائج اختبار نحو‬ ‫‪ 13000‬طال� � ��ب أمريك� � ��ي ف� � ��ي محاولة‬ ‫ن< ضمن مدد‬ ‫لكش� � ��ف مفعول >فل� �ي � ّ‬ ‫زمني� � ��ة أقص� � ��ر‪ .‬ويق� � ��ول >رودجرز<‪:‬‬ ‫«تس� � ��اءلنا ع ّم� � ��ا إن كان� � ��ت درج� � ��ات‬ ‫الطلبة ستتحس� � ��ن خالل مدة تتراوح‬

‫باختصار‬ ‫طوال ق� � ��رن مضى‪ ،‬ارتفعت باس� � ��تمرار درجات معدل الذكاء‪ ،‬وه� � ��ي ظاهرة تعرف اآلن‬ ‫ني<‪.‬‬ ‫مبفعول >فل ّ‬ ‫واالزدي� � ��اد امللحوظ بهذه الدرجات في اختبارات الذكاء ُير ُّد إلى ما يفترض أن نتائج هذه‬ ‫االختبارات مستقلة عن تأثير الثقافة ‪ ،culture-free‬كاختبار مطابقة أشكال‪.‬‬ ‫يعتقد الباحثون أن هذا املفعول متج ّذر في طبيعة احلياة العصرية املتزايدة التجريد‪.‬‬ ‫حتس� � ��ن بدوره� � ��ا من الذكاء على نحو متزايد‪ ،‬مك ّونة‬ ‫والعقول األكثر تطورا تبتكر تقانات ّ‬ ‫حلقة تأثير متبادل ال تبدي أي ّ‬ ‫مؤشر إلى التراجع‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫بني خمسة أو عش� � ��رة أعوام‪ ،‬ولكننا‬ ‫وجدن� � ��ا أنها قد حتس� � ��نت خالل عام‬ ‫واحد فق� � ��ط‪ .‬فالزيادة موجودة دائما‪،‬‬ ‫عاما بعد ع� � ��ام‪ ،‬وكانت نتائج األطفال‬ ‫املولودي� � ��ن عام ‪ 1989‬أفضل قليال من‬ ‫نتائج األطفال املولودين عام ‪».1988‬‬ ‫ني< يعني أن األطفال‬ ‫ومفعول >فل ّ‬ ‫سوف يحققون في اختبارات الذكاء‬ ‫زيادة تساوي نحو عشر نقاط وسطيا‬ ‫مقارن������ة مبا ح ّقق������ه آباؤه������م‪ .‬وإذا‬ ‫ني<‪ ،‬فسوف يكون‬ ‫استمر مفعول >فل ّ‬ ‫أحفادنا في نهاية هذا القرن أفضل‬ ‫منا بنحو ثالثني نقط������ة‪ ،‬وهو الفرق‬ ‫نفسه بني مس������توى الذكاء الوسطي‬ ‫ومستوى ذكاء أفضل اثنني في املئة‬ ‫م������ن الن������اس‪ .‬ولكن هل ميك������ن لهذا‬ ‫املفعول أن يس������تمر؟ هل سيتواصل‬ ‫ه������ذا التوجه إلى م������ا النهاية مؤديا‬ ‫إلى مستقبل يعج بأشخاص ُيع ّدون‬ ‫عباق������رة وفقا ملعاييرن������ا احلالية؟ أم‬ ‫ني<‬ ‫أن هن������اك حدا طبيعيا ملفعول >فل ّ‬ ‫ولذكاء اإلنسان؟‬ ‫( ) ?‪CAN WE KEEP GETTING SMARTER‬‬

‫(‪ Intelligence Quotient (IQ) Scores )1‬أو‪ :‬عالمات نسبة الذكاء‪.‬‬ ‫ومعدل الذكاء ‪ IQ‬هو نس� � ��بة العمر العقلي للش� � ��خص‬ ‫تعبر‬ ‫إلى عمره الزمني‪ .‬أما العم���ر العقلي فهو درجة ّ‬ ‫ع� � ��ن تط ّور إدراك هذا الش� � ��خص وتتح � � � ّدد من خالل‬ ‫اختبارات ذكاء معتمدة‪.‬‬

‫(‪Flynn effect )2‬‬


‫املؤلف‬ ‫‪Tim Folger‬‬

‫حائز على جائزة أفضل كاتب علوم‪ ،‬وهو مح ّرر‬ ‫سلس� � ��لة الكت� � ��ب‪« :‬أفضل الكت� � ��ب األمريكية في‬ ‫العلوم والطبيعة ‪The Best American Science and‬‬ ‫‪.»Nature Writing‬‬

‫العقل احلديث‬

‫( )‬

‫ني<‪،‬‬ ‫حامل� � ��ا أدرك الباحثون مفع� � ��ول >فل ّ‬ ‫رأوا أن الدرج� � ��ات املتصاع� � ��دة ملع� � ��دل‬ ‫الذكاء كانت جميعها تقريبا نتيجة لألداء‬ ‫احملس� � ��ن في أج� � ��زاء مح � � � ّددة من أكثر‬ ‫ّ‬ ‫اختبارات الذكاء اس� � ��تعماال‪ .‬ويتضمن‬ ‫أحد هذه االختبارات‪ ،‬وهو سلّم >وكسلر<‬ ‫للذكاء عن���د األطفال(‪ ،)1‬عدة مقاطع‪ّ ،‬‬ ‫كل‬ ‫منه� � ��ا يختبر مه� � ��ارات مختلفة‪ .‬قد يبدو‬ ‫أن من الطبيعي أن نتوقع حتسينات في‬ ‫الذكاء املتبلور(‪ ،)2‬أي املعرفة املكتس� � ��بة‬ ‫ف� � ��ي املدرس� � ��ة‪ .‬إال أن ذلك ل� � ��م يحصل‪.‬‬ ‫فمس� � ��تويات الدرجات في املقاطع التي‬ ‫تقيس املهارات في احلس� � ��اب واملفردات‬ ‫بقيت ثابتة عموما مع مرور الزمن‪.‬‬ ‫ولكن أغل� � ��ب زيادات مع� � ��دل الذكاء‬ ‫حتص� � ��ل ف� � ��ي اختبارين جزئي� �ي��ن فقط‬ ‫مخصصني للمحاكمة التجريدية [انظر‬ ‫ّ‬ ‫املؤطر في الصفح� � ��ة ‪ .]12‬يتعامل أحد‬ ‫هذي� � ��ن االختباري� � ��ن مع «التش� � ��ابهات»‬ ‫ويطرح أس� � ��ئلة من مثل‪« :‬ما وجه الشبه‬ ‫بني التفاحة والبرتقالة؟» ومن اإلجابات‬ ‫ع� � ��ن هذا الس� � ��ؤال الت� � ��ي حتصل على‬ ‫درج� � ��ات قليلة‪« :‬كلتاهما ت� � ��ؤكل»‪ .‬ومن‬ ‫اإلجاب� � ��ات التي حتصل عل� � ��ى درجات‬ ‫أعل� � ��ى‪« :‬كلتاهما فاكه� � ��ة»‪ ،‬ألنها إجابة‬ ‫تتج� � ��اوز اخل� � ��واص املادية البس� � ��يطة‪.‬‬ ‫ويتك� � ��ون االختبار اجلزئ� � ��ي اآلخر من‬ ‫سلس� � ��لة أشكال هندس� � ��ية مرتبطة فيما‬

‫بينها بطريقة جتريدية‪ ،‬وعلى املش� � ��ارك‬ ‫ف� � ��ي االختب� � ��ار أن يح� � ��دد العالقة بني‬ ‫األشكال بصورة صحيحة‪.‬‬ ‫ني<‬ ‫ولكن م� � ��ن مفارقات مفع� � ��ول >فل ّ‬ ‫أن االختب� � ��ارات التي هي من هذا القبيل‬ ‫ص ّممت بحيث تكون قياسات عدمية‬ ‫قد ُ‬ ‫التواصل الش� � ��فهي واملكتوب‪ ،‬ومج ّردة‬ ‫ع� � ��ن الثقاف� � ��ة كليا‪ ،‬مل� � ��ا يس� � ��ميه علماء‬ ‫النف� � ��س ال���ذكاء الطل���ق(‪ ،)3‬وهو املقدرة‬ ‫الفطرية على حل مشكالت غير مألوفة‪.‬‬ ‫ني< بوضوح‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬يبينّ مفع� � ��ول >فل ّ‬ ‫أن ش� � ��يئا ما في احملي� � ��ط يؤثر بصورة‬ ‫ملحوظة في مك ّونات الذكاء التي يفترض‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أنها مج ّردة عن الثقافة لدى البش� � ��ر في‬ ‫جميع أنحاء العالم‪ .‬إال أن >‪ .A‬ميتشم<‬ ‫و>‪ .M‬فوك� � ��س< [عاملا النفس في جامعة‬ ‫والي� � ��ة فلوري� � ��دا] اللذين قام� � ��ا بأبحاث‬ ‫مفصلة في الفروق بني أداء األجيال في‬ ‫ّ‬ ‫حتسن‬ ‫اختبارات الذكاء‪ ،‬يش ّكان في أن ّ‬ ‫قدرتنا على التفكير التجريدي قد يكون‬ ‫( ) ‪THE MODERN MIND‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪ .Wechsler Intelligence Scale for Children‬اختب� � ��ار‬ ‫ذكاء لألطف� � ��ال الذين هم في عمر املدرس� � ��ة‪ ،‬يختبر‬ ‫املعرف� � ��ة واملقدرات ذات الطبيع� � ��ة اللفظية (مفردات‪،‬‬ ‫استيعاب‪ ،‬تعليل حسابي شفهي)‪ .‬وكان عالم النفس‬ ‫األمريكي >‪ .D‬وكس� � ��لر< قد اقترح صيغة أولية لذلك‬ ‫االختبار عام ‪.1939‬‬

‫(‪crystallized intelligence )2‬‬ ‫(‪fluid intelligence )3‬‬

‫‪11‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫أساسيات‬

‫نوع خاص من الذكاء‬

‫( )‬

‫‪130‬‬

‫درجات معدل الذكاء وفق اختبارات >وكسلر< اجلزئية‬

‫كي����ف نقيس معدل ال����ذكاء؟ يعتبر اختبار س��� ّلم >وكس���لر< للذكاء‬ ‫عن���د األطفال من االختبارات الش���ائعة‪ ،‬ويتألف من عدة اختبارات جزئية‪،‬‬ ‫بعضه���ا يختب���ر مف���ردات الطف���ل اللغوي���ة أو مهاراته احلس���ابية أو‬ ‫إملام���ه باملعلومات العامة‪ ،‬أي ما يس���ميه البالغون املس��� ّلمات‪.‬‬ ‫ويختب���ر بعضه���ا اآلخر ق���درات الطف���ل املفاهيمية‪ .‬وفي‬ ‫تشابهات‬ ‫اختبار التش���ابهات مثال‪ ،‬يطل���ب إلى األطفال النظر‬ ‫إلى التش���ابهات املج���ردة بني الكلم���ات (ثعلب‬ ‫وأرنب‪ ،‬على س���بيل املثال)‪ .‬وفقط في هذه‬ ‫األصناف املفاهيمي���ة من االختبارات‪،‬‬ ‫ازدادت الدرج���ات كثي���را‪ .‬ويب�ّي�نّ‬ ‫مفع���ول > ّ‬ ‫فل�ي�ن< أنن���ا نصب���ح‬ ‫أكثر ارتياحا مع التجريد‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫‪110‬‬

‫مفردات‬ ‫حساب‬ ‫‪100‬‬ ‫‪2002‬‬

‫‪1989‬‬

‫مرتبطا مبرونة جديدة في طريقة إدراكنا‬ ‫لألشياء في العالم‪.‬‬ ‫ويقول >ميتشم<‪« :‬إنّ «ز ّر» البدء في‬ ‫شاشة احلاسوب مألوف للجميع‪ ،‬ولكنه‬ ‫ليس «زرا» باملعنى احلرفي للكلمة‪ .‬لقد‬ ‫حاولت أن أش� � ��رح جلدت� � ��ي كيف تطفئ‬ ‫حاس� � ��وبها‪ ،‬فقلت‪' :‬حسنا‪ ،‬اضغطي ز ّر‬ ‫البدء واختاري إيقاف التش� � ��غيل‪ ،' ‬فإذا‬ ‫بها تطرق بالفأرة على الشاشة‪».‬‬ ‫ويضيف >ميتش� � ��م< أنّ ج ّدته ليست‬ ‫غير ذكية‪ ،‬ولكنها نشأت في عالم كانت‬ ‫فيه األزرار أزرارا‪ ،‬ولم تكن فيه الهواتف‬ ‫كاميرات تصوير بالتأكيد‪ .‬ويجادل عدد‬ ‫ني<‪ ،‬بأن درجات‬ ‫من الباحثني‪ ،‬ومنهم >فل ّ‬ ‫معدل الذكاء املتزايد ال تعكس زيادة في‬ ‫قدرات أدمغتنا األصلية‪ .‬بل إن مفعول‬ ‫ن< ُيظهر مدى احلداثة التي طرأت‬ ‫>فل� �ي � ّ‬ ‫على عقولنا‪ .‬وه� � ��ذه االختبارات تتطلب‬ ‫براع� � ��ة في متيي� � ��ز األصن� � ��اف املجردة‬ ‫ني<‬ ‫وتكوين روابط فيما بينها‪ .‬ويقول >فل ّ‬ ‫إن تل� � ��ك البراعة أصبح� � ��ت أكثر فائدة‬ ‫خ� �ل��ال القرن املاضي منها في أي وقت‬ ‫آخر من تاريخ البشرية‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪1972‬‬

‫‪1948‬‬

‫ني<‪« :‬إذا كنت ال تصنّف‬ ‫ويضيف >فل ّ‬ ‫األف� � ��كار املجردة‪ ،‬وإذا ل� � ��م تكن معتادا‬ ‫على استعمال املنطق‪ ،‬فإنك لن تستطيع‬ ‫الس� � ��يطرة على العال� � ��م املعاصر فعال‪».‬‬ ‫نفس‬ ‫«فق� � ��د أجرى >‪ .A‬لوريا< [وهو عالم ٍ‬ ‫س� � ��وڤييتي] مقابالت رائعة مع فالحني‬ ‫في روس� � ��يا القروية في عشرينات القرن‬ ‫العش� � ��رين‪ .‬وقال لهم‪" :‬حيثما وجد ثلج‬ ‫دائما‪ ،‬وجدت دبب� � ��ة بيضاء‪ .‬وهناك ثلج‬ ‫دائم� � ��ا ف� � ��ي القطب الش� � ��مالي‪ ،‬فما لون‬ ‫الدببة هناك؟" وكان جوابهم أنهم لم يروا‬ ‫أبدا إال دببة بنية‪ .‬إنهم لم يروا مغزى في‬ ‫السؤال االفتراضي‪».‬‬ ‫لم يكن الفالحون أغبياء‪ ،‬بل إن عاملهم‬ ‫ني<‪:‬‬ ‫تط ّلب مهارات مختلفة فقط‪ .‬ويقول >فل ّ‬ ‫«أعتق� � ��د أن أكثر اجلوانب إثارة في ذلك‪،‬‬ ‫لي� � ��س حصولنا على نتائ� � ��ج أفضل في‬ ‫اختبارات معدل ال� � ��ذكاء‪ ،‬بل هو الضوء‬ ‫اجلدي� � ��د الذي يس� � ��لطه على ما أس � � � ّميه‬ ‫تاريخ العقل في القرن العشرين‪».‬‬ ‫وسريعا يؤدي تفسير ساذج ملفعول‬ ‫ني< إلى بعض االستنتاجات الغريبة‪.‬‬ ‫>فل ّ‬ ‫فمث� �ل��ا‪ ،‬إن مجرد إجراء اس� � ��تقراء من‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫املاض� � ��ي لهذا املفعول يوحي ببس� � ��اطة‬ ‫أن مع� � ��دل ذكاء الش� � ��خص العادي في‬ ‫بريطانيا عام ‪ 1900‬كان يقارب ‪ 70‬وفقا‬ ‫ملقاييس عام ‪ .1990‬ويقول >‪ .D‬هامبريك<‬ ‫[وهو عال� � ��م النفس االس� � ��تعرافي لدى‬ ‫جامع� � ��ة والية ميتش� � ��يگان]‪« :‬هذا يعني‬ ‫أنّ البريطان� � ��ي العادي كان على حدود‬ ‫التخل� � ��ف العقلي‪ ،‬ولم يك� � ��ن قادرا على‬ ‫متابع� � ��ة قوانني لعب� � ��ة الكريكيت‪ .‬وهذا‬ ‫طبعا غير معقول‪».‬‬ ‫ورُبمّ ا ال نكون أكثر ذكاء من أسالفنا‪،‬‬ ‫ولكن ليس هناك من ش� � ��ك في أن عقولنا‬ ‫ني< أن التغ ّير بدأ‬ ‫قد تغيرت‪ .‬ويعتقد >فل ّ‬ ‫مع الث� � ��ورة الصناعية الت� � ��ي جنم عنها‬ ‫تعلي� � ��م للجميع وعائالت أصغر ومجتمع‬ ‫اس� � ��تعيض فيه ع� � ��ن األعم� � ��ال الزراعية‬ ‫باألعم� � ��ال التقني� � ��ة واإلداري� � ��ة‪ .‬وظهرت‬ ‫فئات حرفية جديدة‪ :‬مهندس� � ��ون وتقنيو‬ ‫كهرب� � ��اء وصناعي� � ��ون‪ ،‬وتطلبت وظائفهم‬ ‫التم ّكن م� � ��ن املب� � ��ادىء التجريدية‪ .‬وقد‬ ‫صار التعليم بدوره دافعا إلى مزيد من‬ ‫مؤسس� � ��ا‬ ‫اإلبداع والتغيير االجتماعي‪ّ ،‬‬ ‫بذلك حلقة من التأثير اإليجابي املستمر‬ ‫املتب� � ��ادل بني عقولنا وثقاف� � ��ة مبنية على‬ ‫التقانة تبدو أنها لن تنتهي قريبا‪.‬‬ ‫ويتف� � ��ق معظ� � ��م الباحثني م� � ��ع تقدير‬ ‫ني< العام بأنّ الثورة الصناعية والتقدم‬ ‫>فل ّ‬ ‫التقاني هما املسؤوالن عن املفعول الذي‬ ‫س � � � ّمي باس� � ��مه‪ .‬إال أن حتديد األسباب‬ ‫الدقيق� � ��ة‪ ،‬التي ميك� � ��ن أن تدفع تصميم‬ ‫السياس� � ��ات التعليمية واالجتماعية إلى‬ ‫زي� � ��ادة ذلك املفع� � ��ول‪ ،‬كان صعبا‪ .‬ولكن‬ ‫تفسر بالتأكيد جزءا‬ ‫حتس� � ��ينات التعليم ّ‬ ‫من التقدم‪ .‬فحتى بداية القرن العشرين‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يقض أغلب األمريكيني أكثر من سبع‬ ‫لم‬ ‫س� � ��نوات في املدرس� � ��ة‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فقد‬ ‫حص� � ��ل نحو نصف ع� � ��دد البالغني على‬ ‫شيء من التعليم العالي على األقل‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال ميكن للتعليم الرسمي أن‬ ‫( ) ‪A Certain Kind of Smart‬‬


‫يفسر ما يحدث كليا‪ .‬لقد افترض بعض‬ ‫ّ‬ ‫الباحثني أن أغل� � ��ب زيادات معدل الذكاء‬ ‫امللحوظة خالل القرن العشرين قد تكون‬ ‫حصيلة الزيادات في الطرف األيسر من‬ ‫املنحن���ي اجلرس���ي لل���ذكاء(‪ )1‬بني أولئك‬ ‫محصلة‬ ‫م� � ��ن ذوي الدرجات الدنيا‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫قد تك� � ��ون نتيجة لف� � ��رص تعليمية أفضل‬ ‫على األرجح‪ .‬إال أن دراسة حديثة راجع‬ ‫فيه� � ��ا >‪ .J‬واي< و>‪ .M‬بوتاالز< [من جامعة‬ ‫ديوك] بيانات عش� � ��رين عام� � ��ا تضمنت‬ ‫نتائ� � ��ج اختب� � ��ار ‪ 1.7‬ملي� � ��ون طال� � ��ب من‬ ‫الصفوف اخلامس والسادس والسابع‪،‬‬ ‫ب ّينت أن درجات أفضل خمس� � ��ة في املئة‬ ‫م� � ��ن الطلبة كانت تتزاي� � ��د بتوافق تام مع‬ ‫ني<‪ .‬ويقول >واي<‪« :‬لقد أصبح‬ ‫مفعول >فل ّ‬ ‫لدين� � ��ا أول دليل عل� � ��ى أن منحني الذكاء‬ ‫(‪)2‬‬ ‫في تصاعد بكامل� � ��ه ‪ ».‬إن نتائج >واي<‬ ‫و>بوت� � ��االز< توحي أنه نظ� � ��را إلى انزياح‬ ‫املنحني بأكمله‪ ،‬فإن� � ��ه ال بد من أن تكون‬ ‫الق� � ��وى الثقافية الكامنة وراء هذه الزيادة‬ ‫مؤ ّثرة في اجلميع بالتس� � ��اوي‪ .‬وفي مقال‬ ‫قي� � ��د النش� � ��ر اآلن(‪ ،)3‬ي� � ��رى الباحثان أن‬ ‫انتش� � ��ار ألعاب الڤيدي� � ��و املعقدة‪ ،‬وحتى‬ ‫بعض البرامج التلفازية‪ ،‬قد يتيح أرضية‬ ‫تدريبية تعزّز مهارات حل املسائل الالزمة‬ ‫الختبارات معدل الذكاء‪.‬‬ ‫إال أن >رودج� � ��رز<‪ ،‬يرى أن ش� � ��مولية‬ ‫ني< تثبت عدم جدوى البحث عن‬ ‫مفعول >فل ّ‬ ‫س� � ��بب وحيد‪« :‬يجب أن تكون هناك أربعة‬ ‫أو خمسة أسباب مهيمنة‪ ،‬وميكن ألي منها‬ ‫أن يواجه تقلبات األسباب األخرى‪ ».‬ويع ّد‬ ‫حتس� � ��ن تغذية األطفال‪ ،‬وتعميم التعليم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتق ّل� � ��ص ع� � ��دد أف� � ��راد األس� � ��رة‪ ،‬وتأثير‬ ‫األمهات املتعلمات في أطفالهن‪ ،‬من أكثر‬ ‫األس� � ��باب احملتملة‪ .‬ويق� � ��ول >رودجرز<‪:‬‬ ‫«نظرا إلى بقاء س� � ��ببني موجودين‪ ،‬حتى‬ ‫حينما طرأ ش� � ��يء كاحلرب العاملية الثانية‬ ‫التي أدت إلى اختفاء الس� � ��ببني اآلخرين‪،‬‬ ‫فقد ّ‬ ‫ني< قائما‪».‬‬ ‫ظل مفعول >فل ّ‬

‫تطور ذهني‬

‫( )‬

‫ماذا سيحمل املس� � ��تقبل؟ هل ستستمر‬ ‫درجات معدل ال� � ��ذكاء باالزدياد؟ هناك‬ ‫شيء أكيد واحد هو أن العالم من حولنا‬ ‫س� � ��وف يس� � ��تمر بالتغ ّير نتيجة ألفعالنا‬ ‫نحن في املقام األول‪.‬‬ ‫ني< أن يس� � ��تعمل تش� � ��بيها‬ ‫يحب >فل ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقانيا لوصف التأثي� � ��ر املتبادل الطويل‬ ‫األم� � ��د بني العقل والثقاف� � ��ة‪ .‬فهو يقول‪:‬‬ ‫«كانت سرعات السيارات في عام ‪1900‬‬ ‫بطيئة جدا ألن الطرقات كانت سيئة جدا‪،‬‬ ‫وكانت السيارات تهتز حتى تكاد تتجزّأ‬ ‫إلى قطع‪ ».‬ولكن الطرقات والس� � ��يارات‬ ‫حتسنت الطرقات‪،‬‬ ‫تطورت معا‪ .‬وعندما ّ‬ ‫حتس� � ��نت الس� � ��يارات أيض� � ��ا‪ ،‬ودفعت‬ ‫ّ‬ ‫احملس� � ��نة املهندس� �ي��ن إلى‬ ‫�ات‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫�‬ ‫ق‬ ‫الطر‬ ‫ّ‬ ‫تصميم سيارات أسرع‪.‬‬ ‫إن عقولنا ترتبط بالثقافة بحلقة تأثير‬ ‫متبادل مشابهة‪ .‬فنحن نك ّون عاملا تأخذ‬ ‫فيه املعلومات صيغا وتتحرك بسرعات‬ ‫لم يكن باإلم� � ��كان تصورها قبل بضعة‬ ‫عقود فق� � ��ط‪ .‬وكلّ إجن� � � ٍ�از تقاني يتطلب‬ ‫عقوال قادرة على استيعاب هذا التغ ّير‪،‬‬ ‫ويعيد العقل الذي يتغ ّير تش� � ��كيل العالم‬ ‫عل� � ��ى نحو أكبر‪ .‬ومن غي� � ��ر احملتمل أن‬ ‫ني< خالل هذا القرن‪،‬‬ ‫ينته� � ��ي مفعول >فل ّ‬ ‫وهذا ما ينب� � ��ئ بعالم قادم ُنعتبر فيه أنا‬ ‫وأنت تعيسني وغير عصر ّيني ومحدودي‬ ‫التفكير‪.‬‬ ‫طبعا‪ ،‬ال تتغ ّير عقولنا بطرائق ميكن‬ ‫كش� � ��فها باختبارات معدل الذكاء فقط‪.‬‬ ‫يقول >هامبري� � ��ك<‪« :‬إن الناس يزدادون‬ ‫س� � ��رعة‪ ،‬وأن� � ��ا متي ّقن من ذل� � ��ك‪ .‬وهناك‬ ‫ممارس� � ��ة ش� � ��ائعة في األبحاث املتعلقة‬ ‫مب� � ��دة رد الفعل‪ ،‬وهي جتاهل اإلجابات‬ ‫الت� � ��ي تقل مدته� � ��ا عن نح� � ��و ‪ 200‬ميلّي‬ ‫ثانية‪ .‬فقد كان االعتقاد السائد أن مدة‬ ‫الـ‪ 200‬ميلي ثانية هي أقصر مدة ممكنة‬ ‫الستجابة الش� � ��خص‪ .‬ولكن إذا سألت‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫شخصا أس� � ��هم في مثل هذه األبحاث‪،‬‬ ‫وجدت أن على الباحثني جتاهل إجابات‬ ‫أكثر‪ ،‬ألن الناس يزدادون س� � ��رعة‪ .‬إننا‬ ‫نرس� � ��ل رس� � ��ائل نصية ونلع� � ��ب ألعاب‬ ‫الڤيديو ونقوم بأشياء كثيرة أخرى تتطلب‬ ‫ردود أفعال سريعة حقا‪ .‬وأنا أعتقد أنه‬ ‫حاملا نحصل على بيانات كافية‪ ،‬سوف‬ ‫ني< في‬ ‫يك� � ��ون مبقدورنا رؤية مفعول >فل ّ‬ ‫قياسات سرعة اإلدراك احلسي‪».‬‬ ‫ق� � ��د يك� � ��ون علينا أ ّال نتفاج� � ��أ كثيرا‬ ‫ني<‪،‬‬ ‫بوجود ش� � ��يء من قبيل مفعول >فل ّ‬ ‫فغيابه ميكن أن يكون مدعاة للدهش� � ��ة‪،‬‬ ‫ألن ذل� � ��ك س� � ��وف يعن� � ��ي أننا ل� � ��م نعد‬ ‫نستجيب للعالم الذي نصنعه‪ .‬ومفعول‬ ‫ني< ذاته ليس شيئا جيدا أو سيئا ‪-‬‬ ‫>فل ّ‬ ‫فهو دليل من دالئ� � ��ل تأقلمنا‪ ،‬والقدرات‬ ‫التي يعكس� � ��ها تس� � ��مح لن� � ��ا بالتدمير‬ ‫بقدر ما تس� � ��مح لنا باإلبداع‪ .‬فإذا كنا‬ ‫محظوظني‪ ،‬رمبا سنستمر في بناء عالم‬ ‫يجعلن� � ��ا أذكى فأذكى‪ ،‬عالم تتعجب فيه‬ ‫>‬ ‫ذ ّريتنا من بساطتنا‪.‬‬ ‫( ) ‪Mental Evolution‬‬

‫(‪ :the intelligence bell curve )1‬منحني الذكاء اجلرسي هو‬ ‫منحن له ش� � ��كل اجلرس (منحني التوزّع اإلحصائي‬ ‫ٍ‬ ‫الطبيع� � ��ي)‪ ،‬ومي ّثل مح� � ��ور اإلحداثي� � ��ات األفقي فيه‬ ‫درج� � ��ات معدل الذكاء الذي يأخ� � ��ذ قيما بني الصفر‬ ‫و ‪ 165‬درجة‪ ،‬ومي ّثل محور اإلحداثيات العمودي فيه‬ ‫النس� � ��بة املئوية من عدد الناس‪ .‬وحول قمة املنحني‪،‬‬ ‫حيث يس� � ��اوي معدل الذكاء ‪ 100-90‬درجة‪ ،‬تقع أكبر‬ ‫نسبة مئوية من الناس وتساوي نحو ‪ .%25‬وتتناقص‬ ‫تلك النس� � ��بة على طرفي املنحني‪ ،‬حيث تقع درجات‬ ‫مع� � ��دل الذكاء العالية في اليمني‪ ،‬وتقع درجات معدل‬ ‫الذكاء املنخفضة في اليس� � ��ار‪ .‬وفي أقصى اليمني‪،‬‬ ‫حي� � ��ث يزي� � ��د معدل ال� � ��ذكاء على ‪ 130‬درج� � ��ة‪ ،‬ويقع‬ ‫العباقرة‪ ،‬ونس� � ��بتهم تساوي أقل من ‪ %5‬من الناس‪.‬‬ ‫وفي أقصى اليس� � ��ار‪ ،‬حيث يقل معدل الذكاء عن ‪20‬‬ ‫درجة‪ ،‬يقع أولئ� � ��ك الذين يعانون صعوبات بالغة في‬ ‫التع ّلم‪ ،‬ونسبتهم تقل عن ‪ %1‬من الناس‪.‬‬ ‫(‪ )2‬املقصود هو انزياح املنحني برمته إلى اليمني‪.‬‬ ‫(التحرير)‬ ‫(‪ )3‬أي في الشهر ‪.2012/11‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪­ lynn’s Effect. Marguerite Holloway in Scientific American,‬‬ ‫‪F‬‬ ‫‪Vol. 280, No. 1, pages 37–38; January 1999.‬‬ ‫‪Solving the IQ Puzzle. James R. Flynn‬‬ ‫­­‬ ‫‪in Scientific American‬‬ ‫‪Mind, Vol. 18, No. 5, pages 24–31; October 2007.‬‬ ‫‪Are We Getting Smarter? Rising IQ in the Twenty-First‬‬ ‫‪Century. James R. ­Flynn. Cambridge University Press, 2012.‬‬

‫‪13‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫قضية القاتل النائم‬

‫( )‬

‫في حالة املوت العصبي فيما بني النوم واليقظة‪،‬‬ ‫قد ينقلب الهذيان الذهني إلى حقيقة مأساوية‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫>‪ .J‬ڤالهوس<‬

‫ل� � ��م يكن هناك أي ش� � ��يء غير عادي‬ ‫ظاهري� � ��ا ف� � ��ي الرجل ال� � ��ذي حضر إلى‬ ‫املركز احملل� � ��ي الضطراب� � ��ات النوم في‬ ‫مينيسوتا(‪ )2‬في الس� � ��ابع والعشرين من‬ ‫الش� � ��هر ‪ .2005/6‬لق� � ��د كان >‪ .B‬آدوي� � ��و<‬ ‫(ليس هذا اس� � ��مه احلقيقي) يس� � ��ير في‬ ‫أثناء نومه‪ ،‬ش� � ��أنه ش� � ��أن آالف املرضى‬ ‫اآلخري� � ��ن الذين يأتون إلى العيادة‪ .‬فمنذ‬ ‫الطفولة‪ ،‬كان هذا الطالب اجلامعي الذي‬ ‫يبلغ السادس� � ��ة والعش� � ��رين م� � ��ن عمره‬ ‫وينحدر م� � ��ن أصل كين� � ��ي‪ ،‬يتجول ليال‬ ‫وهو نائ� � ��م‪ ،‬غير أن س� � ��لوكه أخذ يزداد‬ ‫سوءا في اآلونة األخيرة‪ .‬تزوج >آدويو<‬ ‫في الش� � ��هر ‪ ،2005/2‬وفي إحدى الليالي‬ ‫استيقظت زوجته وهو يهزها وينظر إليها‬ ‫من فوق سريرهما ويهمهم همهمة مبهمة‪.‬‬ ‫وفعلت ما بوسعها إليقاظه وهي مذعورة‪.‬‬ ‫أما هو فلم يذكر ش� � ��يئا بعد استيقاظه‪.‬‬ ‫كانا يسكنان ش� � ��قة تتألف من غرفة نوم‬ ‫واحدة‪ ،‬في پالمي� � ��وث‪ ،‬إحدى ضواحي‬ ‫مينياپوليس‪ ،‬وكان س� � ��يره في أثناء نومه‬

‫يعكر صفو زواجهما احلديث العهد‪ .‬وقد‬ ‫س� � ��جل طبيب الرعاية األولية‪ ،‬الذي كان‬ ‫يعالج >آدويو<‪ ،‬في االس� � ��تمارة املرجعية‬ ‫اخلاصة به أن زوجت� � ��ه كانت «تفزع من‬ ‫سلوكه أحيانا‪ ،‬ولكنه لم يكن مؤذيا‪».‬‬ ‫بعد تقيي� � ��م حالة >آدوي� � ��و<‪ ،‬طلب إليه‬ ‫أطباء مركز النوم أن يعود في العاشر من‬ ‫الش� � ��هر ‪ 2005/8‬إلجراء تخطيط كهربائي‬ ‫لدماغه ليال‪ ،‬ودراسة املوجات الكهربائية‬ ‫الصادرة عنه في أثناء نومه‪ .‬وفي منتصف‬ ‫تل� � ��ك الليلة‪ ،‬أخذ >آدويو< يضرب ما حوله‬ ‫بعنف ونزع األس� �ل��اك املتصلة باألقطاب‬ ‫الكهربائي� � ��ة ونت� � ��ف خصال من ش� � ��عره؛‬ ‫ولكنه لم يس� � ��تيقظ‪ .‬وفــي صبيـحــة اليــوم‬ ‫الــتــــالــ� � ��ي‪ ،‬أخـبـــر >‪ .C .M‬بورمنان< [مدير‬ ‫مركز اضطراب� � ��ات الن� � ��وم] >آدويو< بأن‬ ‫الدراسة تعزز تشخيصا ألحد اضطرابات‬ ‫النوم يع� � ��رف بخطل الن���وم(‪non-REM )3‬‬ ‫‪ .parasomnic‬ومستذكرا كيف أن >آدويو<‬ ‫نزع احملسات عن رأسه‪ ،‬سأله‪« :‬هل تتذكر‬

‫باختصار‬ ‫ليس كون الدماغ نائما أو مستيقظا مسألة إما‪-‬أو‪ ،‬وفقا لرأي بعض العلماء‪.‬‬ ‫توحي أبحاث العلماء أن ما نعتبره نوما‪ ،‬أي العيون املغلقة وس� � ��كون اجلس� � ��د وغياب‬ ‫الوعي‪ ،‬يحدث فقط بعد دخول عدد من أجزاء الدماغ املختلفة في حالة النوم‪.‬‬ ‫إذا كان� � ��ت فرضية النوم اجلزئي ه� � ��ذه صحيحة‪ ،‬أمكن لبعض أجزاء الدماغ أن تكون‬ ‫نائمة في الوقت الذي نبدو فيه مستيقظني فعال‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬ ‫ميكن لهذه النظرة اجلديدة أن تفس� � ��ر س� � ��بب إمكان ارتكاب بعض األش� � ��خاص‪ ،‬في‬ ‫حاالت نادرة جدا‪ ،‬جرائم خطيرة في أثناء النوم‪ ،‬منها القتل‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أي شعور باأللم أو اإلجهاد؟»‬ ‫فأجاب >آدويو< فورا ومن دون تردد‪:‬‬ ‫«كال»‪.‬‬ ‫حصلت زيارة >آدويو< التالية ملركز‬ ‫النوم في الس� � ��ابع عش� � ��ر من الش� � ��هر‬ ‫‪ ،2005/10‬وقد قال في أثنائها إن مضاد‬ ‫االكتئاب ال� � ��ذي وصفه ل� � ��ه >بورمنان<‬ ‫لعالج الس� � ��ير في أثن� � ��اء النوم لم يفده‪.‬‬ ‫ل� � ��ذا‪ ،‬رف� � ��ع >بورمنان< مق� � ��دار اجلرعة‬ ‫من ميلي غرام واح� � ��د إلى اثنني‪ .‬وأمل‬ ‫الطبيب بأن يكون قد استطاع مساعدة‬ ‫مريضه‪ .‬ويستذكر >بورمنان<‪« :‬لقد كان‬ ‫ألطف ش� � ��خص عرفت� � ��ه‪ ،‬وودودا ومحبا‬ ‫للمشاركة‪ .‬ولم يخاجلني أدنى شك في‬ ‫أن ه� � ��ذا الرجل ميكن أن يحمل في قلبه‬ ‫ذرة شر واحدة‪».‬‬ ‫ول� � ��م يعد >آدوي� � ��و< إل� � ��ى املركز قط‪،‬‬ ‫واكتش� � ��ف أطباء النوم الس� � ��بب بعد عدة‬ ‫أش� � ��هر عندما تلقوا رس� � ��الة م� � ��ن مكتب‬ ‫احملامي العام في مينيسوتا يخبرهم فيها‬ ‫بأنه في التاسع عشر من الشهر ‪،2005/10‬‬ ‫أي بعد يوم� �ي��ن فقط من زي� � ��ارة >آدويو<‬ ‫األخيرة للعيادة‪ ،‬اعتقل بسبب قتله زوجتَه‪،‬‬ ‫وهو اآلن متهم به� � ��ذه اجلرمية‪ .‬وجاء في‬ ‫الرس� � ��الة‪« :‬نبحث عمن ميكننا استشارته‬ ‫بخص� � ��وص إمكان وج� � ��ود أي عالقة بني‬ ‫( ) ‪THE CASE OF SLEEPING SLAYER‬‬ ‫(‪neurological netherworld )1‬‬

‫(‪Minnesota Regional Sleep Disorders Center )2‬‬

‫(‪ :non-rapid eyes movements parasomnia )3‬واخلط� � ��ل‬ ‫هو اخلفة والسرعة والكالم الكثير املضطرب‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫املؤلف‬ ‫‪James Vlahos‬‬

‫صحفي مستقل كتب ملجلة‬ ‫‪ Adventure‬وصحيف� � ��ة نيوي� � ��ورك تامي� � ��ز ومجل� � ��ة‬ ‫‪National Geographic‬‬

‫‪.Popular Science‬‬

‫اضطراب النوم هذا وجرميته‪».‬‬ ‫لعله كان ُحلما‬

‫( )‬

‫من حقائق النوم األساسية وغير القابلة‬ ‫للنق� � ��اش على ما يب� � ��دو‪ ،‬أن املرء إما أن‬ ‫يك� � ��ون نائما أو مس� � ��تيقظا‪ .‬ومن املؤكد‬ ‫أن العلماء يقس� � ��مون حالة الالوعي إلى‬ ‫دورات نوم ذات حركات عينية س� � ��ريعة‬ ‫وأخ� � ��رى ذات ح� � ��ركات غير س� � ��ريعة‪،‬‬ ‫ويقس� � ��مون األخيرة إلى ث� �ل��اث مراحل‬ ‫جزئي� � ��ة‪ .‬إال أن معظ� � ��م العلم� � ��اء‪ ،‬الذين‬ ‫درسوا س� � ��كينة اإلنسان مدة تزيد على‬ ‫قرن‪ ،‬يدعمون إجماال املفهوم القائل إن‬ ‫الن� � ��وم واليقظة هما حالت� � ��ان متمايزتان‬ ‫تفصل بينهما حدود ُمع َّرفة متاما‪.‬‬ ‫ولكن القضاة واحمللفني يش� � ��ككون‬ ‫في ه� � ��ذه احلدود الصارم� � ��ة املفترضة‬ ‫عند تفس� � ��ير جرمية كجرمي� � ��ة >آدويو<‬ ‫استنادا إلى اضطرابات النوم‪ .‬فاحلجة‬ ‫«كنت نائما عندما فعلت ذلك» تبدو حجة‬ ‫دفاع واهية يلوى بها عنق العلم إلخالء‬ ‫املسؤولية الش� � ��خصية‪ .‬فكيف ميكن أال‬ ‫يك� � ��ون الش� � ��خص مس� � ��تيقظا متاما إن‬ ‫كان قادرا على االعتداء على ش� � ��خص‬ ‫آخر وإيذائ� � ��ه أو قتله؟ إال أنه حدثت في‬ ‫العقدين األخيرين ث� � ��ورة في علم النوم‬ ‫بظهور نظرية جديدة تساعد على شرح‬ ‫كل شيء‪ ،‬من جرائم النوم إلى الطبيعة‬ ‫األساس� � ��ية للن� � ��وم نفس� � ��ه‪ .‬ووفقا لقول‬ ‫>بورمنان<‪« :‬ليست حالتا النوم واليقظة‬ ‫ظاهرتي اس� � ��ترخاء عصب� � ��ي كامل أو‬ ‫عدمه‪ ،‬أو ظاهرة أبيض وأسود‪ .‬إن النوم‬

‫ميتد على طيف واسع من احلاالت‪».‬‬ ‫إن فكرة أن يكون الش� � ��خص نشطا‬ ‫جسديا وغير واع ذهنيا هي فكرة راسخة‬ ‫في الثقافة الشعبية ‪ -‬تذ ّكر َس ْير الليدي‬ ‫ماكبث ف���ي أثناء النوم في مس���رحية‬ ‫شكس���بير(‪ - )1‬وف� � ��ي قاع� � ��ات احملكمة‪.‬‬

‫الس ْير في أثناء النوم أول‬ ‫لقد اس � � �تُعمل َّ‬ ‫م� � ��رة في تاريخ القض� � ��اء األمريكي عام‬ ‫‪ 1846‬للدف� � ��اع عن >‪ .J .A‬تيرل< الذي قتل‬ ‫مومس� � ��ا بقطع رأس� � ��ها مبوسى حالقة‪.‬‬ ‫وقبل مدة ليس� � ��ت طويلة‪ ،‬عام ‪ ،1987‬قام‬ ‫رجل عمره ‪ 23‬عاما واسمه >‪ .K‬پاركس<‬ ‫في تورونتو بكندا بقيادة سيارته مسافة‬ ‫‪ 14‬مي� �ل��ا وقتل حماته‪ ،‬و ُزعِ م أن كل ذلك‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫قد جرى الشعوريا في أثناء سيره وهو‬ ‫نائم‪ .‬وبناء على ذلك حصلت تبرئته‪.‬‬ ‫وحتتل قصص القتل في أثناء النوم‬ ‫العناوين الرئيسة في الصحف‪ ،‬ولكنها‪،‬‬ ‫حلسن الطالع‪ ،‬تبقى نادرة‪ .‬ففي دراسة‬ ‫ُن ِشرت عام ‪ 2010‬في مجلة علم األعصاب‪:‬‬ ‫الدماغ(‪ُ ،)2‬س ِردت ‪ 21‬حالة‪ُ ،‬ب ِّرئَ املتهمون‬ ‫في ثل� � ��ث عددها تقريب� � ��ا‪ .‬ولكن العنف‬ ‫غير القاتل والس� � ��لوك اجلنس� � ��ي وغيره‬ ‫( ) ‪PERCHANCE TO DREAM‬‬ ‫(‪the sleepwaking of shakespeare's Lady Macbeth )1‬‬

‫بطلة مس� � ��رحية شكس� � ��بير «ماكبث» التي حرضت‬ ‫زوجها النبيل على قتل ملك اس� � ��كوتالندا وأصبحت‬ ‫هي امللك� � ��ة‪ ،‬وماتت فيما بعد منتحرة بس� � ��بب عقدة‬ ‫الذنب التي عانتها نتيجة لذلك‪.‬‬

‫(‪journal Brain )2‬‬

‫‪15‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬ ‫قشرة التلفيف‬ ‫احلزامي األمامي‬

‫الوصاد‬ ‫اجلداري‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫علم األعصاب‬

‫كيف ترتاح‬ ‫األدمغة النائمة‬

‫قشرة الفص‬ ‫اجلبهي الظهراني‬ ‫اجلانبي‬

‫( )‬

‫طاملا اعتق���د احملققون أن الدماغ البش���ري‬ ‫يتق���دم عبر مراحل الوع���ي املعقدة بطريقة‬ ‫جيدة التنسيق (في اليمني) وذلك باعتراف‬ ‫اجلمي���ع‪ .‬غي���ر أن الدراس���ات احلديث���ة‬ ‫(األس���فل) تش���ير إل���ى أن أمن���اط األنش���طة‬ ‫العصبي���ة في أثن���اء النوم أكثر عش���وائية‬ ‫مما ظنه الباحثون سابقا‪.‬‬

‫قشرة‬ ‫التلفيف‬ ‫احلزامي‬ ‫اخللفي‬

‫املادة البيضاء‬ ‫اجلبهية العميقة‬

‫سقيفة جسرية‬

‫اللوزة‬ ‫القشرة املجاورة‬ ‫للحصني‬

‫دورات عادية‬

‫ألسباب مجهولة‪ ،‬تصبح أجزاء الدماغ التي تساعد على‬ ‫كشف األخطاء والتعارضات (التلفيف احلزامي األمامي(‪))1‬‬ ‫وعلى تطور الذاكرة الطويلة األمد (القشرة املجاورة‬ ‫للحصني(‪ ))2‬أكثر نشاطا عادة في أثناء النوم ذي حركات‬ ‫العينني السريعة‪ ،‬في حني أن املنطقة التي تيسر اإلحساس‬ ‫باأللم (التلفيف احلزامي اخللفي(‪ ))3‬تصبح أقل نشاطا‪.‬‬ ‫وبالنتيجة‪ ،‬يكون األلم اجلسدي نادرا في األحالم التي‬ ‫حتدث في أثناء النوم ذي حركات العينني السريعة‪.‬‬ ‫أكثر نشاطا‬

‫أقل نشاطا‬

‫نشاط شاذ‬

‫تبني مخططات إشارات الدماغ الكهربائية أن النصفني األيسر واألمين من أجزاء الدماغ نفسها يعانيان زيادة فجائية‬ ‫في األنشطة في أوقات مختلفة من النوم ذي حركات العينني غير السريعة‪ .‬ويعزز هذا الدليل الفرضية القائلة إن املناطق‬ ‫املختلفة من الدماغ ال تخلد إلى النوم معا في حلظة واحدة أو تتقدم عبر مراحل النوم املتعددة بخطى متزامنة‪.‬‬ ‫قشرة التلفيف احلزامي اخللفي‬

‫قشرة التلفيف احلزامي األمامي‬

‫نصف الكرة األيسر‬

‫نصف الكرة األمين‬ ‫منوذج لفعالية متزايدة‬

‫من السلوكيات الالمش� � ��روعة في أثناء‬ ‫النوم هي أكثر مما يتوقعه الناس‪ .‬فنحو‬ ‫‪ 40‬مليون أمريك� � ��ي يعانون اضطرابات‬ ‫الن� � ��وم‪ ،‬وقد تبني في اس� � ��تطالع أجري‬ ‫هاتفيا ف� � ��ي الواليات املتحدة في أواخر‬ ‫تسعينات القرن العشرين أن شخصني‬ ‫من كل مئة شخص قاما بإيذاء نفسيهما‬ ‫أو غيرهما في أثناء النوم‪.‬‬ ‫ويعد >بورمنان< وزمياله >‪ .M‬ماهوالد<‬ ‫و>‪ .C‬شينك< من اخلبراء البارزين عامليا‬ ‫‪16‬‬

‫في مج� � ��ال خطل النوم‪ ،‬وه� � ��و مصطلح‬ ‫تنضوي حتته الس� � ��لوكيات غير املرغوب‬ ‫فيه� � ��ا ف� � ��ي أثناء الن� � ��وم‪ .‬وه� � ��م غالبا ما‬ ‫يتلقون طلبات مس� � ��اعدة م� � ��ن احملامني‪.‬‬ ‫وللتميي� � ��ز بني عملهم الطب� � ��ي والقانوني‪،‬‬ ‫أسس� � ��وا كيان� � ��ا مس� � ��تقال ع� � ��ام ‪2006‬‬ ‫يقوده >بورمن� � ��ان< ويعمل فيه >ماهوالد<‬ ‫و>شينك< مستش� � ��ار ْين‪ ،‬وس ّموه رابط���ة‬ ‫طب النوم اجلنائي(‪( )4‬الشرعي)‪.‬‬ ‫وتعمل رابط� � ��ة طب الن� � ��وم اجلنائي‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫بوصفها مكت� � ��ب حتريات جنائية علمية‪.‬‬ ‫وقد قسمت احلاالت التي تعاملت معها‪،‬‬ ‫والت� � ��ي جتاوزت ‪ 250‬حال� � ��ة حتى اآلن‪،‬‬ ‫بالتس� � ��اوي بني العمل ملصلحة االدعاء‬ ‫والعمل ملصلحة الدفاع‪ .‬وبصرف النظر‬ ‫عم� � ��ن يدفع التكاليف‪ ،‬ف� � ��إن نهج املكتب‬ ‫ليس مجرد تقدمي رأي طبي يدعم حكما‬ ‫( ) ‪How Sleeping Brains Lie‬‬ ‫(‪Anterior cingulate )1‬‬ ‫(‪parahippocampal cortex )2‬‬ ‫(‪posterior cingulate )3‬‬ ‫(‪Sleep Forensics Associates )4‬‬


‫منشودا‪ ،‬بل إن األطباء الثالثة يحاولون‬ ‫كش� � ��ف احلقيقة‪ .‬لقد لق� � ��ب >بورمنان<‬ ‫نفس� � ��ه بـ‪« ‬كبير احملقق� �ي��ن»‪ ،‬وهو يقول‪:‬‬ ‫«إنن� � ��ي‪ ،‬من عدة أوجه‪ ،‬محلل جرائم من‬ ‫الناحية العلمية العصبية‪».‬‬ ‫وال ميكن التكهن بنتائج التحقيقات‪.‬‬ ‫يقول >بورمنان<‪« :‬إذا متكنت من دحض‬ ‫دفاع مرتبط بخطل النوم‪ ،‬أمكن حملامي‬ ‫االدعاء أن يق� � ��ول‪ :‬اآلن‪ ،‬امتلك إمكانية‬ ‫ ‬ ‫اإلدان� � ��ة »‪ .‬غي� � ��ر أن عم� � ��ل >بورمنان<‬ ‫يعطي فرصة للغفران أيضا‪ .‬فهو يقول‪:‬‬ ‫«حتصل سلوكيات خطل النوم احلقيقية‬ ‫من دون وعي أو قص� � ��د أو دافع‪ . ‬لذا‪،‬‬ ‫ومن وجهة نظر محام� � ��ي الدفاع‪ ،‬لديك‬ ‫أساس للتبرئة الكاملة»‪ .‬إال أنه يعلم أن‬ ‫القضاة واحمللف� �ي��ن يجدون صعوبة في‬ ‫قبول فك� � ��رة أن للنوم طيفا من احلاالت‪.‬‬ ‫ولذا فإن املتهم ليس وحده الذي يحاكم‬ ‫ف� � ��ي قاعة احملكم� � ��ة‪ ،‬ب� � ��ل أيضا جتري‬ ‫محاكمة تعريف الوعي ذاته‪.‬‬ ‫مستيقظ وغير واع؟‬

‫( )‬

‫إن جوه� � ��ر م� � ��ا يع� � ��رف بنظري���ة النوم‬ ‫املوضع���ي(‪ )1‬واضح من اس� � ��مها‪ :‬ميكن‬

‫ألجزاء من الدم� � ��اغ أن تكون نائمة‪ ،‬في‬ ‫حني تظل أجزاء أخرى منه منتبهة‪ .‬فإذا‬ ‫كانت هذه النظرية صحيحة‪ ،‬فإنها تساعد‬ ‫على تفسير قيادة الناس لسياراتهم على‬ ‫نحو أقل أمانا عندم� � ��ا يكونون متعبني‪،‬‬ ‫وس� � ��بب أكل الذين يس� � ��يرون في أثناء‬ ‫النوم مقادير كبي� � ��رة من البوظة (اآليس‬ ‫ك� � ��رمي) بش� � ��راهة‪ .‬وهي تفس� � ��ر أيضا‬ ‫التهيج اجلنس� � ��ي في أثن� � ��اء النوم لدى‬ ‫الذين يداعبون أزواجهم أو أوالدهم وهم‬ ‫غير واعني‪ .‬وقد اس� � ��تعمل مفهوم النوم‬ ‫املوضع� � ��ي في علم األعص� � ��اب أول مرة‬ ‫في مقال صدر عام ‪ 1993‬وش � � �ـــارك في‬ ‫كتــابتـــ� � ��ه >‪ .J‬كرويگر< [من جامعة والية‬ ‫واشنطن في س� � ��پوكني]‪ .‬وكانت الفكرة‬ ‫حينئذ بدعة بالنس� � ��بة إلى كبار الباحثني‬

‫ف� � ��ي النوم‪ .‬ويقول >كرويگر<‪« :‬وما زالت‬ ‫بدعة»‪ ،‬مع أن القائلني باملوضعية يشكلون‬ ‫اآلن مجموعة مهمة حس� � ��نة السمعة من‬ ‫علماء النوم في العالم‪.‬‬ ‫ومن املتعارف عليه أن النوم قد فهم‬ ‫بوصف� � ��ه ظاهرة دماغية ش� � ��املة‪ ،‬وأكثر‬ ‫من ذلك هو أنه حالة تتحكم فيها دارات‬ ‫تنظيم من األعلى إل� � ��ى األدنى‪ .‬غير أن‬ ‫هذه النظرة ل� � ��م تعن الكثير لـ>كرويگر<‪.‬‬ ‫فقد أش� � ��ار إلى وجود دليل واقعي لدى‬ ‫العلم� � ��اء عل� � ��ى نوم الدم� � ��اغ جزئيا عند‬ ‫الثدييات األخرى‪ .‬فالدالفني مثال‪ ،‬تغفو‬ ‫بنصف دماغها فقط‪ ،‬وتس� � ��بح وإحدى‬ ‫عينيها مفتوحة‪ .‬وق� � ��د راجع >كرويگر<‬ ‫أيضا األبح� � ��اث العلمية اخلاصة بآفات‬ ‫الدماغ عند البش� � ��ر فوجد أن اإلنسان‬ ‫يس� � ��تطيع الن� � ��وم مهم� � ��ا كان اجلزء أو‬ ‫احلجم املتضرر م� � ��ن دماغه أو املفقود‬ ‫منه‪ .‬ويعد هذا حجة تنفي وجود منطقة‬ ‫مركزية ألوامر النوم في الدماغ‪.‬‬ ‫وفي مقال كتبه >كرويگر< عام ‪2011‬‬ ‫بعن� � ��وان «النوم املوضع� � ��ي املعتمد على‬ ‫االس� � ��تعمال(‪ ،»)2‬يلخص فك� � ��رة أخرى‬ ‫تخص إجرائية ن� � ��وم مبعثرة من األدنى‬ ‫إلى األعلى‪ .‬فقد كت� � ��ب‪« :‬ينظر النموذج‬ ‫اجلديد إلى النوم على أنه خاصية تنبثق‬ ‫من تضافر مخرجات وح� � ��دات وظيفية‬ ‫صغيرة ضمن الدماغ»‪ .‬ويرى >كرويگر<‬ ‫وبعض الباحثني الذين يفكرون مثله أن‬ ‫أجزاء الدماغ املختلفة‪ ،‬ومنها الشبكات‬ ‫العصبوني� � ��ة‪ ،‬ورمبا حت� � ��ى العصبونات‬ ‫اإلفرادي� � ��ة‪ ،‬تخلد إلى الن� � ��وم في أوقات‬ ‫مختلفة على مدار الس� � ��اعة‪ ،‬تبعا لشدة‬ ‫اإلره� � ��اق ال� � ��ذي تكون ق� � ��د تعرضت له‬ ‫حديثا‪( .‬لهذا الس� � ��بب يصف الباحثون‬ ‫الن� � ��وم بأنه موضعي ألن� � ��ه يحصل فقط‬ ‫في أج� � ��زاء معينة من الدماغ في أوقات‬ ‫مختلف� � ��ة‪ ،‬ويعتمد على االس� � ��تعمال ألنه‬ ‫يحدث فقط بعد أن تصل املنطقة الدماغية‬ ‫إلى مس� � ��توى معني من اإلجهاد)‪ .‬وبعد‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أن تصبح معظم عصبونات الدماغ في‬ ‫حالة نوم‪ ،‬تبدأ احلالة السلوكية املميزة‬ ‫للن� � ��وم بالظهور؛ أي الس� � ��كون والعيون‬ ‫املغلقة وارتخ� � ��اء العضالت‪ .‬ولكن وقبل‬ ‫بلوغ هذه املرحلة‪ ،‬تكون أجزاء صغيرة‬ ‫من الدماغ قد غفت فعال‪.‬‬ ‫وج� � ��اء بع� � ��ض أكثر األدل� � ��ة صراحة‬ ‫عل� � ��ى النظرية م� � ��ن مختب� � ��ر >‪ .D‬ركتور<‬ ‫[أحد زمالء >كرويگ� � ��ر< في جامعة والية‬ ‫واش� � ��نطن]‪ .‬يجري >ركتور< جتارب على‬ ‫اجلرذان‪ ،‬حيث يش� � ��د ش� � ��عيراتها فجأة‬ ‫بطريق� � ��ة دقيق� � ��ة ومتحكم فيه� � ��ا‪ .‬وترتبط‬ ‫كل ش� � ��عيرة بعم� � ��ود معني من القش� � ��رة‬ ‫الدماغي� � ��ة‪ ،‬ويتألف العم� � ��ود من مجموعة‬ ‫من مئات العصبون� � ��ات املترابطة بإحكام‬ ‫واملتموضعة على القشرة‪ .‬ويدخل >ركتور<‬ ‫مجس� � ��ات عبر جمجمة اجل� � ��رذ إلى تلك‬ ‫األعمدة القش� � ��رية‪ ،‬وبذلك يستطيع قياس‬ ‫استجابتها الكهربائية لشد الشعيرات‪.‬‬ ‫ف� � ��ي البداية‪ ،‬حص� � ��ل >ركتور< على‬ ‫ش� � ��كل االس� � ��تجابة الكهربائي� � ��ة لش� � ��د‬ ‫الش� � ��عيرات عندم� � ��ا كان كامل احليوان‬ ‫مس� � ��تيقظا س� � ��لوكيا‪ ،‬وعندما كان نائما‬ ‫سلوكيا‪ .‬ومن ثم اكتشف شذوذات عن‬ ‫القاعدة مثيرة متام� � ��ا‪ ».‬وكتب >ركتور<‬ ‫و>كرويگر< في مقال لهما عام ‪« :2008‬إن‬ ‫اكتشاف أنه ميكن لألعمدة الدماغية أن‬ ‫تكون في حالة شبه نوم في أثناء فترات‬ ‫يقظة احليوان بالكام� � ��ل‪ ،‬وأنه ميكن أن‬ ‫تكون في حاالت ش� � ��به يقظ� � ��ة في أثناء‬ ‫نوم احليوان بالكام� � ��ل‪ ،‬يوحي أن النوم‬ ‫خاصي� � ��ة من خ� � ��واص أعمدة القش� � ��رة‬ ‫الدماغية اإلفرادية‪».‬‬ ‫أما فيما يخص األش� � ��خاص الذين‬ ‫تجُ رى عليهم الدراس� � ��ة ف� � ��ي املختبرات‬ ‫البش� � ��رية‪ ،‬فغني ع� � ��ن الق� � ��ول‪ ،‬إنهم ال‬ ‫يحب� � ��ون إدخ� � ��ال مجس� � ��ات معدنية في‬ ‫أدمغتهم‪ ،‬ولذا ابتكر الباحثون مقاييس‬ ‫( ) ?‪A WAKE AND UNAWARE‬‬ ‫(‪local sleep theory )1‬‬ ‫(‪Local Use-Dependent Sleep )2‬‬

‫‪17‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫ليست حالتا النوم واليقظة ظاهرة ثنائية األوجه‪ ،‬بل‬ ‫حتصالن ضمن طيف من احلاالت‪.‬‬ ‫جتريبية غير مباش� � ��رة‪ .‬فف� � ��ي التجارب‬ ‫الت� � ��ي قام بها >‪ .H‬دونگ� � ��ن< [وهو باحث‬ ‫آخر يعمل في جامعة والية واش� � ��نطن]‬ ‫ينظر األش� � ��خاص الذي� � ��ن جترى عليهم‬ ‫الدراس� � ��ة إلى شاشة حاسوب‪ ،‬وعليهم‬ ‫أن يضغطوا زرا فور ظهور عداد يعطي‬ ‫حلظة رد الفع� � ��ل‪ .‬و ُيطلب إلى املختبرين‬ ‫أن يكرروا هذه العملية مدة عشر دقائق‪.‬‬ ‫وقد لوحظ أن ردود أفعالهم كانت تتباطأ‬ ‫مع تقدم االختب� � ��ار‪ .‬ويقول >دونگن< إن‬ ‫اختبارات التنبيه الشبيهة بهذا االختبار‬ ‫ترهق املس� � ��ارات العصبية نفسها على‬ ‫نحو متكرر‪ ،‬ويجبرها االستعمال املبالغ‬ ‫فيه في أثن� � ��اء التجربة على الدخول في‬ ‫حالة النوم‪ .‬وهو يرى في هذا دليال على‬ ‫النوم املوضعي‪ ،‬ال على التعب الش� � ��امل‬ ‫أو امللل‪ ،‬ألن أداء األشخاص املختبرين‬ ‫يتحس� � ��ن مباش� � ��رة عندما يس� � ��مح لهم‬ ‫باالنتق� � ��ال إلى مهمة مختلفة تس� � ��تدعي‬ ‫استعمال جزء آخر من الدماغ‪.‬‬ ‫إذا كان من املمكن لألش� � ��خاص أن‬ ‫يكونوا نائمني جزئيا وهم‪ ،‬خالفا لذلك‪،‬‬ ‫مس� � ��تيقظون ظاهريا‪ ،‬وجب أيضا أخذ‬ ‫الفرضية املعاكس� � ��ة في احلسبان؛ أي‬ ‫إنهم ميكن أن يكونوا مستيقظني جزئيا‬ ‫في الوقت الذي يكونون فيه نائمني فعال‪.‬‬ ‫وهذه اإلمكانية تساعد على تفسير أمر‬ ‫طاملا ح ّير علماء الن� � ��وم‪ :‬حالة املؤ َّرقني‬ ‫الذين يعلنون بع� � ��د ليلة من املراقبة في‬ ‫املختبر بأنهم «لم يناموا حلظة واحدة»‬ ‫مع أن التخطيط الكهربائي للدماغ يبني‬ ‫بوضوح أمناط� � ��ا للموج� � ��ات الدماغية‬ ‫ممي� � ��زة للنوم‪ .‬وبحثا عن تفس� � ��ير لهذا‬ ‫التناق� � ��ض‪ ،‬أج� � ��رى >‪ .D‬باي� � ��س< [من‬ ‫معهد طب النوم في جامعة بتسبورگ]‬ ‫سلسلة من دراس� � ��ات تصوير الدماغ‬ ‫‪18‬‬

‫ألش� � ��خاص يأرقون لي� �ل��ا‪ .‬وخلص إلى‬ ‫أنه بينم� � ��ا كان املختبرون نائمني‪ ،‬وفقا‬ ‫ملا تبينه مخططات الدماغ الكهربائية‬ ‫واملراقب���ة ‪ EEG‬الس� � ��لوكية املج� � ��راة‬ ‫له� � ��ذه الغاية‪ ،‬بقيت القش� � ��رة اجلدارية‬ ‫ألدمغته� � ��م‪ ،‬حي� � ��ث يتكون اإلحس� � ��اس‬ ‫باليقظة‪ ،‬نش� � ��طة ليال‪ .‬وبه� � ��ذا املعنى‪،‬‬ ‫فإن ما أعلن� � ��ه املؤرقون عن أنهم كانوا‬ ‫مستيقظني صحيح متاما‪.‬‬ ‫تقصي األدلة‬

‫( )‬

‫يسأل عامل هاتف خدمة الطوارئ‪« :‬ما‬ ‫الذي يجري؟»‬ ‫فيجيب الرجل املوجود في الطرف الثاني‬ ‫من اخلط باقتضاب‪« :‬تعال إلى هنا فقط»‬ ‫فيلح عامل الهاتف‪« :‬يجب أن تخبرني‬ ‫بالذي يجري»‬ ‫فيقول الرجل‪« :‬ثمة شخص ميت»‬ ‫«شخص ميت؟»‬ ‫«نعم»‬ ‫«أين حصل ذلك؟»‬ ‫«في منزلهم‪ .‬ثمة شخص ميت‪ .‬تعال‬ ‫إلى هنا»‬ ‫أج� � ��رى >آدوي� � ��و< ه� � ��ذا االتص� � ��ال‬ ‫الهاتفي مع مركز اتص� � ��االت الطوارئ‬ ‫التاب� � ��ع ملقاطع� � ��ة هنب� �ي��ن بإلينويس في‬ ‫الساعة ‪ 3:41‬صباحا من التاسع عشر‬ ‫من الشهر ‪ .2005/10‬وقد استعمل هاتف‬ ‫زوجت� � ��ه الن ّقال (اخللوي) التي كانت في‬ ‫تل� � ��ك اللحظة ممدة عل� � ��ى أرض احلمام‬ ‫غارقة في دمها‪.‬‬ ‫وعندما نقل محام� � ��ي >آدويو< خبر‬ ‫اجلرمية إلى رابطة طب النوم اجلنائي‪،‬‬ ‫قرر >بورمنان< دراس� � ��ة كل من املجرم‬ ‫واجلرمي� � ��ة املزعومني‪ .‬وبع� � ��د أن أطلعه‬ ‫النائب العام عل� � ��ى القضية‪ ،‬قرأ تقارير‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫الش� � ��رطة ومحاضر استجواب >آدويو‬ ‫في ساعات السحر بعد وقوع اجلرمية‪،‬‬ ‫حت� � ��ى إن� � ��ه زار الش� � ��قة وحص� � ��ل على‬ ‫فيلم ڤيديو يتضمن محاكاة حاس� � ��وبية‬ ‫ملس� � ��اعدته على إعادة تركيب األحداث‬ ‫التي أدت إلى القتل‪.‬‬ ‫كانت الصيغ� � ��ة الغريب� � ��ة لالتصال‬ ‫الهاتف� � ��ي مبرك� � ��ز الط� � ��وارئ أول م� � ��ا‬ ‫اس� � ��ترعى انتباه >بورمنان<‪ .‬فقد الحظ‬ ‫أن >آدويو< لم يقل‪« :‬زوجتي ماتت»‪ ،‬بل‬ ‫قال‪« :‬ثمة شخص ميت»‪ .‬ولم يقل‪« :‬في‬ ‫منزلنا»‪ ،‬بل قال‪« :‬في منزلهم»‪ .‬بكلمات‬ ‫أخ� � ��رى‪ ،‬بدا >آدويو< وكأنه ش� � ��خص ال‬ ‫يعرف م� � ��ن هو‪ ،‬ومن هي امل� � ��رأة امليتة‪،‬‬ ‫وماذا حدث‪ .‬لقد بدا ش� � ��خصا استيقظ‬ ‫في تلك اللحظة‪.‬‬ ‫بالتأكيد‪ ،‬ثمة عدة تفسيرات للواقعة‪.‬‬ ‫فرمبا كان >آدوي� � ��و< مذنبا‪ ،‬وهو يعرف‬ ‫ذلك‪ ،‬وأراد أن يكشف أقل ما ميكن من‬ ‫املعلومات عند اتصاله مبركز الطوارئ‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن عندما ق� � ��رأ >بورمن� � ��ان< تقارير‬ ‫الش� � ��رطة‪ ،‬لم يجد أي دليل على إخفاء‬ ‫معلوم� � ��ات أو مراوغ� � ��ة‪ .‬فعندم� � ��ا وصل‬ ‫موظفو قسم شرطة پالميوث إلى مسرح‬ ‫اجلرمي� � ��ة‪ ،‬كان >آدوي� � ��و< ينتظرهم على‬ ‫درج املدخل‪ .‬وفي مخفر الشرطة‪ ،‬وبعد‬ ‫أن تليت على >آدويو< حقوق ميراندا(‪،)1‬‬ ‫اعترف من دون تردد بأنه هاجم زوجته‪،‬‬ ‫مع أنه بدا غامضا من حيث التفاصيل‪.‬‬ ‫حتى إنه س� � ��أل أحد الضب� � ��اط في أثناء‬ ‫استجوابه‪« :‬كيف حالها؟»‬ ‫لقد أوح� � ��ت ه� � ��ذه النتائ� � ��ج األولية‬ ‫لـ>بورمن� � ��ان<‪ ،‬واملتمثل� � ��ة ف� � ��ي انفصال‬ ‫>آدوي� � ��و< ع� � ��ن الواق� � ��ع ف� � ��ي االتصال‬ ‫الهاتف� � ��ي بالط� � ��وارئ‪ ،‬وع� � ��دم إخفائ� � ��ه‬

‫<‬

‫( ) ‪FOLLOWING THE CLUES‬‬

‫(‪ :Miranda rights )1‬حقوق يجب أن تتلى على املتهم‬ ‫عن� � ��د إلقاء القبض عليه منه� � ��ا‪( :‬التزام الصمت‪،‬‬ ‫وتوكيل محام‪ ،‬وتعيني املدعي العام محام للمتهم‬ ‫إذا كان ال يستطيع حتمل تكاليف محام خاص‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫للمعلومات‪ ،‬وفقدان� � ��ه اجلزئي للذاكرة‪،‬‬ ‫بأن من املمكن على األقل أنه كان يسير‬ ‫ف� � ��ي نومه ح� �ي��ن قتله لزوجت� � ��ه‪ .‬غير أن‬ ‫القاضي أو احمللفني قد يش� � ��ككون في‬ ‫العل� � ��م الكامن وراء هذا التفس� � ��ير حني‬ ‫النظر ف� � ��ي التبرئة من حيث املبدأ‪ .‬فهل‬ ‫ميكن أن يقوم شخص بالقتل فعال وهو‬ ‫نائم دون أن يعلم؟ وإذا كان هذا ممكنا‪،‬‬ ‫فكيف يفعل ذلك؟‬ ‫لإلجابة عن هذا السؤال‪ ،‬انظر أوال‬ ‫ف� � ��ي آلية عمل النوم لدى األش� � ��خاص‬ ‫الذي� � ��ن ال يعانون خطل النوم‪ .‬يش� � ��ير‬ ‫>ماهوال� � ��د< [زميل >بورمن� � ��ان<] إلى‬ ‫أن االنتق� � ��ال بني حال� � ��ة اليقظة التامة‪،‬‬ ‫وح� � ��االت النوم ذي ح� � ��ركات العينني‬ ‫الس� � ��ريعة والنوم ذي احل� � ��ركات غير‬ ‫الس� � ��ريعة‪ ،‬يتحق� � ��ق بواس� � ��طة مئات‬ ‫م� � ��ن املتحوالت الهرموني� � ��ة والعصبية‬ ‫واحلس� � ��ية والعضلي� � ��ة وغيره� � ��ا من‬ ‫املتغيرات الوظيفية اجلسدية‪ .‬ويقول‪:‬‬ ‫«من املدهش أن هذه املتغيرات حتصل‬ ‫مع� � ��ا عادة‪ ،‬ول� � ��ذا جت� � ��د الباليني من‬ ‫البشر في العالم ميرون بدورة اليقظة‬ ‫والنوم ذي حركات العينني الس� � ��ريعة‬ ‫والنوم ذي احلركات غير السريعة عدة‬ ‫مرات كل ‪ 24‬س� � ��اعة»‪ .‬ومن املؤكد أنه‬ ‫سوف تكون هناك جيوب من الشبكات‬ ‫العصبوني� � ��ة «املس� � ��تيقظة» عندم� � ��ا‬ ‫تكون بقي� � ��ة الدماغ نائم� � ��ة‪ ،‬والعكس‬ ‫صحي� � ��ح‪ ،‬وهذا ما تخبرن� � ��ا به نظرية‬ ‫الن� � ��وم املوضعي‪ .‬ولكن االنتقاالت بني‬ ‫احلالتني تكون واضحة عموما‪.‬‬ ‫أم� � ��ا عن� � ��د األش� � ��خاص املصابني‬ ‫بخطل النوم‪ ،‬فيفقد ه� � ��ذا العدد الهائل‬ ‫م� � ��ن املتغي� � ��رات التنظيمي� � ��ة تزامن� � ��ه‪،‬‬ ‫ويصب� � ��ح االنتق� � ��ال بني ح� � ��االت اليقظة‬ ‫والنوم مضطرب� � ��ا‪ .‬والنتيجة‪ ،‬وفقا لقول‬ ‫>ماهوال� � ��د<‪ ،‬ه� � ��ي صيغ� � ��ة مفرطة من‬ ‫ظاهرة النوم املوضعي‪ ،‬وهذا ما يعرف‬ ‫بانفص���ام احلال���ة(‪ ،)1‬الذي تتراكب فيه‬

‫اخلصائص اجلس� � ��دية والعقلية لليقظة‬ ‫والن� � ��وم العمي� � ��ق ورؤية األح� �ل��ام‪ .‬وفي‬ ‫غياب‬ ‫احملصلة‪ ،‬يعاني أولئك األشخاص‬ ‫َ‬ ‫الوعي عن أجزاء كبي� � ��رة من أدمغتهم‪،‬‬ ‫في حني أن أجسادهم تكون نشطة‪.‬‬ ‫ويبني كثير م� � ��ن قضايا طب النوم‬ ‫اجلنائ� � ��ي كيف أن انفص� � ��ام احلاالت‬ ‫يؤدي إلى سلوك إجرامي‪ .‬ففي الشهر‬ ‫‪ ،2012/4‬مث� �ل��ا‪ ،‬كان >بورمنان< يحقق‬ ‫في حالة جن� � ��دي أمريكي نائم ضرب‬ ‫زوجت� � ��ه مبسدس� � ��ه بوحش� � ��ية عندما‬ ‫حاولت إيقاظه‪ .‬وبع� � ��د الواقعة‪ ،‬ادعى‬ ‫أن� � ��ه لم يقصد مهاجمتها‪ ،‬وأنه ال يذكر‬ ‫ذلك البت� � ��ة‪ ،‬وأن كل ما يتذكره هو أنه‬ ‫كان يحلم بأنه يس� � ��تعمل سكينا لصد‬ ‫جاس� � ��وس نازي يهاجمه‪ .‬وبالنس� � ��بة‬ ‫إلى >بورمنان<‪ ،‬يبدو ذلك مثاال ممكنا‬ ‫لالضطراب السلوكي في مرحلة النوم‬ ‫ذي حركات العينني السريعة‪ ،‬وحينئذ‬ ‫يفتقر املصاب به� � ��ذا االضطراب إلى‬ ‫ارتخاء العضالت الذي يرافق األحالم‬ ‫ع� � ��ادة‪ ،‬ويصبح قادرا عل� � ��ى النهوض‬ ‫والتنفي� � ��ذ الفعلي للمش� � ��اهد اخليالية‬ ‫التي تدور في رأسه‪.‬‬ ‫وحق� � ��ق >بورمنان< في قضية أخرى‬ ‫أيضا في الش� � ��هر ‪ 2012/4‬تخص رجل‬ ‫أعمال ثريا في يوتا‪ .‬ففي إحدى الليالي‪،‬‬ ‫كان هذا الرجل نائما عندما اندست ابنته‬ ‫ذات األعوام التسعة في سريره‪ ،‬وكانت‬ ‫تفع� � ��ل ذلك عادة عندما جتد صعوبة في‬ ‫النوم‪ .‬واستيقظ األب فيما بعد واكتشف‬ ‫مذعورا أن� � ��ه كان يحرك حوضه بطريقة‬ ‫جنسية جتاه ابنته وأن يده كانت تالمس‬ ‫عضوها التناسلي‪.‬‬ ‫لم تك� � ��ن لرجل األعم� � ��ال هذا أي‬ ‫س� � ��وابق في اجلرائم اجلنسية‪ .‬وبعد‬ ‫احلادث� � ��ة‪ ،‬قام طبيب نفس� � ��اني بتقييم‬ ‫حالت� � ��ه‪ ،‬وأُخض� � ��ع الختبار بواس� � ��طة‬ ‫جهاز كش� � ��ف الكذب‪ ،‬حتى إنه جرى‬ ‫قياس النتصاب عضوه التناسلي في‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أثن� � ��اء عرض صور غي� � ��ر الئقة ألطفال‬ ‫أمام� � ��ه‪ .‬ولم يدل أي من هذه الفحوص‬ ‫عل� � ��ى أن الرج� � ��ل يح� � ��ب ممارس� � ��ة‬ ‫اجلنس مع األطف� � ��ال‪ .‬أما >بورمنان<‪،‬‬ ‫فق� � ��د رأى أن س� � ��لوك الرجل قد يكون‬ ‫ناجما عن اضطراب االستيقاظ‪ ،‬وهو‬ ‫أحد األصناف الفرعي� � ��ة من انفصام‬ ‫احلال� � ��ة الذي يتضمن الس� � ��ير واألكل‬ ‫واملمارس���ات اجلنس���ية(‪ )2‬ف� � ��ي أثناء‬ ‫النوم‪ .‬والش� � ��يء املش� � ��ترك بني جميع‬ ‫ه� � ��ذه االضطراب� � ��ات هو أنه� � ��ا تظهر‬ ‫عندما تتداخ� � ��ل اخلصائص العصبية‬ ‫والوظيفية اجلسدية للنوم ذي حركات‬ ‫العينني غير السريعة ‪ NREM sleep‬مع‬ ‫قدرات اليقظة احلركية املعقدة‪.‬‬ ‫وتس� � ��اعد املعرف� � ��ة الدقيقة ألجزاء‬ ‫الدم� � ��اغ العامل� � ��ة وتل� � ��ك النائمة على‬ ‫تفس� � ��ير املشاكس� � ��ة والعن� � ��ف اللذين‬ ‫يتصف بهما املصاب� � ��ون بخطل النوم‬ ‫أحيانا‪ .‬فدراس� � ��ات الص� � ��ور الدماغية‬ ‫تكشف أن القش� � ��رة ما قبل اجلبهية‪،‬‬ ‫وهي قس� � ��م من الدماغ يقع مباش� � ��رة‬ ‫خلف اجلب� �ي��ن وتصاغ في� � ��ه األحكام‬ ‫األخالقي� � ��ة واملنطق‪ ،‬تكون ف� � ��ي أثناء‬ ‫النوم ذي حركات العينني غير السريعة‬ ‫َّ‬ ‫أقل نش� � ��اطا بكثير منه� � ��ا عندما يكون‬ ‫املرء مس� � ��تيقظا‪ .‬وفي غض� � ��ون ذلك‪،‬‬ ‫يكون الدماغ األوس� � ��ط نشطا وقادرا‬ ‫عل� � ��ى توليد تصرفات بس� � ��يطة تعرف‬ ‫باسم أمناط األفعال الثابتة(‪ .)3‬ويقول‬ ‫>بورمن� � ��ان<‪« :‬تتص� � ��ف ه� � ��ذه األفعال‬ ‫بكونها بدائية جدا من حيث طبيعتها‪،‬‬ ‫ومنه� � ��ا الوق� � ��وف واملش� � ��ي والهجوم‬ ‫الوحش� � ��ي واألكل والش� � ��رب والعناية‬ ‫(‪state dissociation )1‬‬

‫(‪ :sexsomnia )2‬تتضمن املمارس� � ��ات اجلنسية في أثناء‬ ‫النوم جميع أنواع املمارس� � ��ات اجلنس� � ��ية في أثناء‬ ‫اليقظة‪ ،‬وهي نوع من خطل النوم‪.‬‬ ‫(‪ :fixed-action patterns )3‬ه� � ��ي أمناط س� � ��لوكية فطرية‬ ‫تلقائية متأصلة جينيا مستقلة عن التعلم وال تخضع‬ ‫(التحرير)‬ ‫ألي حتكم فيها‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫بالنظافة واملظهر والتصرفات اجلنسية‬ ‫واألمومي� � ��ة»‪ .‬وتكبح القش���رة ما قبل‬ ‫اجلبهية(‪ )1‬هذه األمناط عادة عندما ال‬ ‫تكون مالئمة للظروف‪ ،‬أما خالل النوم‬ ‫ذي حركات العينني غير السريعة‪ ،‬فال‬ ‫يقوم ه� � ��ذا اجلزء من الدماغ بوظيفته‪،‬‬ ‫ويصبح األشخاص أشبه باحليوانات‬ ‫البرية التي حتكمها الدوافع الغريزية‬ ‫وردود األفعال التلقائية‪.‬‬ ‫إصدار احلكم‬

‫( )‬

‫ُيع� � ��د اس� � ��تجواب >بورمن� � ��ان< للمتهم‬ ‫اجلزء األعوص من حتقيقات طب النوم‬ ‫اجلنائي‪ ،‬ويستحس� � ��ن أن يحصل هذا‬ ‫االس� � ��تجواب وجها لوجه‪ .‬ويجب على‬ ‫املته� � ��م حينئذ أن يجيب عن س� � ��ؤالني‪،‬‬ ‫أحدهم� � ��ا يتعل� � ��ق بكون� � ��ه حق� � ��ا يعاني‬ ‫اضطراب� � ��ات النوم‪ ،‬ويتعلق اآلخر بكون‬ ‫ذلك االضطراب قائما في وقت اقتراف‬ ‫اجلرمية‪ ،‬بعد أخذ جميع األدلة األخرى‬ ‫في احلسبان‪.‬‬ ‫وفي حالة >آدويو<‪ ،‬كان >بورمنان<‬ ‫في وضع اس� � ��تثنائي نادر من حيث إنه‬ ‫كان قد عالج املتهم بوصفه مريضا‪ ،‬ولذا‬ ‫فإنه يعلم أن هذا الشاب ليس مخادعا‪.‬‬ ‫وش� � ��هد أفراد العائلة أيضا بحقيقة أن‬ ‫>آدوي� � ��و< كان يعاني الس� � ��ير في أثناء‬ ‫النوم منذ كان صبي� � ��ا‪ .‬أما اإلجابة عن‬ ‫الس� � ��ؤال الثان� � ��ي فقد كان� � ��ت أصعب‪:‬‬ ‫ه� � ��ل كان اضطراب الن� � ��وم الذي يعانيه‬ ‫>آدويو< الس� � ��بب في ارتكابه اجلرمية؟‬ ‫ل� � ��م يكن م� � ��ن املمكن اإلجاب� � ��ة عن هذا‬ ‫االستفس� � ��ار بيقني ت� � ��ام ألن >بورمنان<‬ ‫ال يس� � ��تطيع أن يسافر إلى املاضي عبر‬ ‫الزمن ويدخل في عقل >آدويو< ليرى ما‬ ‫كان يفكر به في أثناء ارتكابه اجلرمية‪.‬‬ ‫وهذا يعني أنه ليس من الس� � ��هل تزوير‬ ‫دفاع مبني على الس� � ��ير في أثناء النوم‪.‬‬ ‫ويقول >بورمنان<‪« :‬لدى اجلمهور العام‬ ‫انطباع بأن أي ش� � ��يء ميكن أن يحدث‬ ‫‪20‬‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫خالل الس� � ��ير ف� � ��ي أثناء الن� � ��وم‪ ،‬إال أن‬ ‫سلوكيات محددة فقط ميكن أن حتصل‬ ‫خالل مدة محددة عموما‪».‬‬ ‫فمثال‪ ،‬يقول >بورمنان<‪« :‬القرب هو‬ ‫عامل جوهري في األغلبية الساحقة من‬ ‫أعمال العنف املرتكبة خالل الس� � ��ير في‬ ‫أثناء النوم»‪ .‬فالضحاي� � ��ا يكونون غالبا‬ ‫مستلقني بجوار املصاب بخطل النوم‪ ،‬أو‬ ‫أنه يقوم مبهاجمتهم في أثناء محاولتهم‬ ‫إيقاظه م� � ��ن الن� � ��وم‪ .‬واحلال� � ��ة األخيرة‬ ‫ه� � ��ي حال� � ��ة اجلن� � ��دي ال� � ��ذي كان يحلم‬ ‫باجلاس� � ��وس الن� � ��ازي‪ ،‬وحالة >پاركس<‬ ‫الذي قاد سيارته وهو نائم وهاجم أفراد‬ ‫عائلت� � ��ه عندما حاولوا إيقاظه‪ .‬وليس� � ��ت‬ ‫جرائم النوم قابلة للتفسير عادة أيضا‪،‬‬ ‫ألنه ليس لها من دافع‪ ،‬وألنها ال تتفق مع‬ ‫شخصية النائم‪ ،‬ومن أمثلتها حالة رجل‬ ‫أعمال يوتا الذي داعب ابنته جنسيا‪.‬‬ ‫وفي أثن� � ��اء التحقيق م� � ��ع >آدويو<‪،‬‬ ‫عل� � ��م >بورمن� � ��ان< أن مريضه الس� � ��ابق‬ ‫ل� � ��م يكن قريب� � ��ا مكانيا م� � ��ن زوجته قبل‬ ‫مهاجمتها‪ .‬فقد استغرق في النوم على‬ ‫األريك� � ��ة عندما كان� � ��ت زوجته نائمة في‬ ‫غرف� � ��ة النوم‪ .‬والح� � ��ظ >بورمنان< أيضا‬ ‫أن هيجان� � ��ه العني� � ��ف ل� � ��م يك� � ��ن وجيزا‬ ‫وعش� � ��وائيا على غرار الهيجانات التي‬ ‫حتصل في أثناء النوم‪ ،‬بل اس� � ��تمر مدة‬ ‫طويلة و«كان منهجي� � ��ا»‪ ،‬وهذا يعني أن‬ ‫عدة س� � ��لوكيات معقدة قد شاركت فيه‪.‬‬ ‫فقد دخل >آدويو< إلى غرفة نوم زوجته‬ ‫أوال وضربه� � ��ا مبطرقة‪ ،‬ثم طاردها عبر‬ ‫املمر إلى خارج الشقة‪ ،‬ثم عاد مطاردا‬ ‫إياها داخل الش� � ��قة حتى احلمام‪ ،‬إلى‬ ‫أن طعنه� � ��ا في النهاي� � ��ة وخنقها‪ .‬ويقول‬ ‫>بورمنان<‪« :‬م� � ��ن الغريب جدا أن نرى‬ ‫ثالثة من آليات العنف حتدث معا خالل‬ ‫السير في أثناء النوم‪».‬‬ ‫وزالت جميع الشكوك املتبقية عندما‬ ‫أقر >آدويو< بالقصة التي قرأها >آدويو<‬ ‫ف� � ��ي دفتر يومي� � ��ات املرأة امليت� � ��ة‪ ،‬والتي‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫تفيد بأن الزوجني كانا على خالف حاد‬ ‫في اليوم األخير م� � ��ن حياتها‪ .‬فقد اتهم‬ ‫>آدويو< زوجت� � ��ه‪ ،‬قبل أن تذهب غاضبة‬ ‫إل� � ��ى س� � ��ريرها‪ ،‬بخيانت� � ��ه وجابهها مبا‬ ‫اعتقد أنه دليل‪ ،‬وهو واق جنسي ذكري‬ ‫وجده في مالبسها املغسولة‪ .‬باختصار‪،‬‬ ‫لم تكن اجلرمية متوافقة مع ش� � ��خصية‬ ‫>آدويو<‪ ،‬لكنها لم تكن بال دافع‪ ،‬وقد أبلغ‬ ‫>بورمنان< احملام� � ��ي العام بكل هذا مع‬ ‫جميع استنتاجاته األخرى‪ .‬وفي النهاية‪،‬‬ ‫أقر >آدويو< بذنبه وبارتكابه جرمية قتل‬ ‫من الدرجة الثانية(‪ ،)2‬وهو يقضي حاليا‬ ‫حكما بالسجن مدة ‪ 37‬سنة‪.‬‬ ‫أم� � ��ا فيما يخص >بورمن� � ��ان<‪ ،‬فهو‬ ‫يقول إنه لم يكن منغمسا شخصيا في‬ ‫إثب� � ��ات براءة األش� � ��خاص الذين يحقق‬ ‫معهم أو إثبات ضلوعهم في اجلرمية‪.‬‬ ‫فم� � ��ا يوفره له عمله ه� � ��و فرصة إلجراء‬ ‫أبحاث س� � ��لوكية في اضطرابات النوم‬ ‫املتطرف� � ��ة التي ال ميك� � ��ن تكرارها في‬ ‫املختب� � ��ر‪ .‬والهدف هو جم� � ��ع ما يكفي‬ ‫من األدلة للمساعدة على تغيير مواقف‬ ‫احمللف� �ي��ن والقضاة واجلمه� � ��ور العام‬ ‫الذي� � ��ن تس� � ��يطر عليهم املفاهي� � ��م التي‬ ‫تنط� � ��وي على أن الوعي إم� � ��ا أن يكون‬ ‫موجودا بالكامل أو غير موجود نهائيا‪.‬‬ ‫ويق� � ��ول >بورمنان<‪« :‬لقد س� � ��بق التقد ُم‬ ‫النماذج التي‬ ‫الكبير في علم األعصاب‬ ‫َ‬ ‫حتت� � ��ذى من قبل املجتم� � ��ع القضائي‪»،‬‬ ‫وعلى هذا املجتمع مواكبة ما حققه علم‬ ‫>‬ ‫األعصاب في هذا املضمار‪.‬‬ ‫( ) ‪THE VERDICT‬‬ ‫(‪the prefrontal cortex )1‬‬

‫(‪ .second degree murder )2‬جرمي� � ��ة القت� � ��ل من الدرجة‬ ‫الثاني� � ��ة هي جرمي� � ��ة قتل عن قصد ولك� � ��ن من دون‬ ‫(التحرير)‬ ‫تخطيط مسبق‪.‬‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪Violence in Sleep. Francesca Siclari et al. in Brain, Vol.‬‬ ‫ ‪133, No. 12, pages 3494–3509; December 2010.‬‬ ‫‪http://brain.oxfordjournals.org/content/133/12/3494.long‬‬ ‫‪ Sleep Forensics Associates:‬‬ ‫‪ http://sleepforensicsassociates.com/aboutSfa‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 9‬بشرية فائقة)‬

‫امله� � ��ارات‪ .‬ففيما مض� � ��ى‪ ،‬قد يكون‬ ‫والشوارين‬ ‫أس� �ل��افنا من الصيادين‬ ‫َّ‬ ‫تذكروا أش� � ��ياء قالتها لهم ج َّدتهم‬ ‫قد َّ‬ ‫وكان� � ��ت ج َّدتها ق� � ��د قالته� � ��ا لها‪ ،‬أو‬ ‫رمب� � ��ا يكونون قد تخ َّيلوا حياة اجليل‬ ‫أو اجليلني اللذين عاش� � ��ا قبلهم‪ .‬إال‬ ‫أن العل� � ��م يدفعنا الي� � ��وم أحيانا نحو‬ ‫التفكير في سيرورات تستغرق مددا‬ ‫زمنية غير مسبوقة‪ .‬متى سوف يأتي‬ ‫العصر اجلليدي التالي؟ هل س� � ��وف‬

‫جتريدي� � ��ة مذهلة‪ :‬هل ثمة إرادة حرة؟‬ ‫ما هي آلية الوعي؟ هل ثمة أشياء من‬ ‫املستحيل معرفتها؟‬ ‫وإن� � ��ه مل� � ��ن املغ� � ��ري أن ننزلق إلى‬ ‫الفكرة البس� � ��يطة الت� � ��ي تنطوي على‬ ‫أن عقولن� � ��ا التي تع� � ��ود إلى العصر‬ ‫احلجري تستس� � ��لم أمام حتديات من‬ ‫هذا الن� � ��وع وتتركها لآلله� � ��ة للتفكُّ ر‬ ‫فيها‪ .‬وتكمن هذه املشكلة في النزعة‬ ‫البشرية نحو تصور آلهة على هيئتنا‬

‫إن سيرورة العلم بعينها هي التي تتح َّدى حدودنا‬ ‫األساسية‪ ،‬نحن الرئيسات البشرية‪.‬‬ ‫تتوحد گوندوان���ا(‪ )1‬مرة أخرى؟ هل‬ ‫َّ‬ ‫س� � ��وف حتكُ من� � ��ا الصراصي� � ��ر بعد‬ ‫مليون سنة؟‬ ‫إن كل ش� � ��يء يخ� � ��ص أدمغ� � ��ة‬ ‫الرئيسات البشرية‪ ،‬التي نحن منها‪،‬‬ ‫يعترض على فكرة أن ثمة سيرورات‬ ‫تس� � ��تغرق تلك املدد الطويل� � ��ة‪ ،‬أو أن‬ ‫س� � ��يرورات من ذلك القبيل ميكن أن‬ ‫تكون ذات أهمية‪ .‬فنحن نتصف‪ ،‬مع‬ ‫الرئيسات األخرى‪ ،‬بالرضا الظرفي‬ ‫اآلني الش� � ��ديد(‪ :)2‬إن احلصول على‬ ‫عش� � ��رة دوالرات أو عشر حبات من‬ ‫طعام القردة‪ ،‬ه� � ��و اآلن أفضل كثيرا‬ ‫م� � ��ن احلصول على أحد عش� � ��ر منها‬ ‫(‪)3‬‬ ‫غدا‪ .‬ومس����ارات ج����زاء الدوبامني‬ ‫في أدمغتنا‪ ،‬تومِ � � ��ض أثناء التصوير‬ ‫الدماغ� � ��ي عندما نحصل على مكافأة‬ ‫فورية مفاجئ� � ��ة‪ .‬ويب� � ��دو أن معظمنا‬ ‫فضل احلصول عل� � ��ى نصف قطعة‬ ‫ُي ِّ‬ ‫م� � ��ن احلل� � ��وى البائتة في األس� � ��بوع‬ ‫املقبل على االنتظار ألف س� � ��نة لربح‬ ‫رهان عل� � ��ى فرضية مفتاحية في علم‬ ‫صفائح القشرة األرضية(‪.)4‬‬ ‫توسع آفاقنا‬ ‫لذا‪ ،‬ثمة أسئلة علمية ِّ‬ ‫بطرائق جوهرية أيض� � ��ا‪ ،‬وهي ألغاز‬

‫(وم� � ��ن األمثلة اجليدة عل� � ��ى ذلك أن‬ ‫بالتوحد‬ ‫األفراد املتد ِّين� �ي��ن املصابني‬ ‫ُّ‬ ‫غالبا ما تكون لديهم صورة إلله غير‬ ‫اجتماعي ال ه َّم له سوى منع الذرات‬ ‫من التطاي� � ��ر واالبتعاد عن بعضها‪).‬‬ ‫وعب� � ��ر تاري� � ��خ اختراع البش� � ��ر آللهة‬ ‫لهم‪ ،‬امتلكت قلة من تلك اآللهة مقدرة‬ ‫كبيرة عل� � ��ى التجريد‪ .‬وبدال من ذلك‪،‬‬ ‫امتلكت الشهية املعهودة‪ .‬فلم يكن من‬ ‫بني تل� � ��ك اآللهة من هو مهتم باجترار‬ ‫مقولة >گودِ ل<(‪ )5‬عن معنى املعرفة‪ ،‬أو‬ ‫(‪)6‬‬ ‫برمي أحجار النرد مع >أينشتاين<‬ ‫(أو بعدم رميها‪ ،‬وهو ما حصل‪ ).‬بل‬ ‫تركز في تقدمي أكبر ثور‬ ‫إن اهتمامها َّ‬ ‫أضحي� � ��ة إليها‪ ،‬وفي مضاجعة أجمل‬ ‫حوريات الغابة‪.‬‬ ‫إن الس� � ��يرورة العلمي� � ��ة نفس� � ��ها‬ ‫هي التي تتح ّدى حدودنا األساس� � ��ية‬ ‫بوصفنا رئيسات بشرية‪ .‬إنها تتطلَّب‬ ‫منا العناية الشديدة بأشياء صغيرة‪،‬‬ ‫وحتى غير مرئية‪ ،‬أشياء ال تتنفس وال‬ ‫تتحرك‪ ،‬وبعي� � ��دة جدا عنا في الزمان‬ ‫واملكان‪ .‬وتش� � � ِّ�جعنا أيضا السيرورة‬ ‫خرج اإللهني‬ ‫العلمي� � ��ة على مواضيع ُت ِ‬ ‫ثور وبع� � ��ل عن أطوارهم� � ��ا‪ .‬إنها من‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أكث� � ��ر األش� � ��ياء الت� � ��ي خرجن� � ��ا بها‬ ‫حتدي� � ��ا لنا‪ .‬وال عجب ف� � ��ي أن جميع‬ ‫إنذارات كش� � ��ف الغباء ق� � ��د انطفأت‬ ‫ضبطن� � ��ا ونحن نقرأ مجلة من‬ ‫عندما ُ‬ ‫قبي� � ��ل مجلة العلوم األمريكية في أيام‬ ‫املدرس� � ��ة اإلعدادية‪ .‬إن هذه املغامرة‬ ‫في القراءة والتفكير واالهتمام بالعلم‬ ‫ليس� � ��ت ألولئك من ضع� � ��اف القلوب‪،‬‬ ‫فنحن ق� � ��د تك َّيفنا عل� � ��ى نحو أفضل‬ ‫ملواجه� � ��ة القط� � ��ط احلادة األس� � ��نان‪،‬‬ ‫ونح� � ��ن هنا اآلن لنعيد اختراع العالم‬ ‫وجنتهد لتحس� �ي��ن أحوالنا املعيشية‬ ‫بطرح س� � ��ؤال علمي تل� � ��و آخر‪ .‬إنها‬ ‫>‬ ‫طبيعتنا البشرية‪.‬‬ ‫(‪ :Gondwana )1‬منطقة قارية واس� � ��عة ُيعتقد أنها كانت‬ ‫موجودة في النصف اجلنوب� � ��ي من الكرة األرضية‬ ‫وأنها تش � � �كَّلت بع� � ��د انفصال پانگيا ف� � ��ي العصر‬ ‫الوس� � ��يط‪ ،‬وكان� � ��ت تضم ش� � ��به اجلزي� � ��رة العربية‬ ‫وأفريقيا وجنوب أمري� � ��كا والقارة القطبية اجلنوبية‬ ‫وأس� � ��تراليا وش� � ��به جزيرة الهند‪ .‬أم� � ��ا پانگيا فهي‬ ‫القارة العظمى التي تألفت من قشرة الكرة األرضية‬ ‫والتي ُيعتق� � ��د أنها ُوجدت في آواخر العصر القدمي‬ ‫والعصر الوسيط‪.‬‬ ‫(‪ )2‬مبدأ «عصفور باليد خير من عشرة على الشجرة‪».‬‬ ‫(‪ :dopamine reward pathways )3‬الدوبام� �ي��ن مر َّك� � ��ب‬ ‫كيميائ� � ��ي عضوي بس� � ��يط يؤدي عددا م� � ��ن األدوار‬ ‫الوظيفية املهمة في أجسام احليوانات‪ ،‬وهو مسؤول‬ ‫ع� � ��ن التعلُّم احمل َّفز باملكافأة‪ .‬ومس� � ��ارات اجلزاء هي‬ ‫ش� � ��بكة عصبونات دماغية تُنتِج وت ِّ‬ ‫ُنظم املتعة املقترنة‬ ‫باألكل والشرب واجلنس‪.‬‬ ‫(‪plate tectonics )4‬‬

‫(‪ ،Kurt Gödel )5‬رياضياتي منس� � ��اوي من أهم إجنازاته‬ ‫في املنطق الرياضياتي نظرية عدم االكتمال العصية‬ ‫على الفهم والت� � ��ي ميكن تقريبها بالقول إنه ال ميكن‬ ‫إثب� � ��ات صح� � ��ة املق� � ��والت الرياضياتية م� � ��ن داخل‬ ‫الرياضيات نفسها‪.‬‬ ‫(‪ )6‬إش� � ��ارة إلى مقولة أينش� � ��تاين الشهيرة‪« :‬إن اإلله ال‬ ‫يلعب الن� � ��رد‪ »،‬التي رددها في اعتراضه على نظرية‬ ‫امليكانيك الكمومي التي تقول بحدوث األش� � ��ياء وفقا‬ ‫(التحرير)‬ ‫لقوانني االحتماالت ومبدأ االرتياب‪.‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪Monkeyluv: And Other Essays on Our Lives as‬‬ ‫‪Animals. M. Sapolsky. Scribner, 2006.‬‬ ‫‪Are Humans Just Another Primate? Video‬‬ ‫‪lecture by Robert M. Sapolsky. http://fora.‬‬ ‫_‪tv/2011/02/15/Robert_Sapolsky_Are_Humans‬‬ ‫‪Just_Another_Primate‬‬

‫‪21‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫كيف سيعيش كل‬ ‫منا حتى يبلغ املئة عام‬

‫( )‬

‫ثمة مقاربتان لألبحاث الهادفة إلى إطالة املعدل الوسطي للعمر ليصل إلى مئة عام أو أكثر‪.‬‬ ‫>‪ .K‬هارمون<‬

‫كان يتوقع لألمريكي املولود قبل مئة‬ ‫سنة أن يعيش‪ ،‬وسطيا‪ 54 ،‬سنة فقط‪ .‬وقد‬ ‫مات العديد من األطفال صغارا‪ ،‬فالوالدة‬ ‫كان� � ��ت واحدة من أخطر م� � ��ا تتعرض له‬ ‫امل� � ��رأة‪ .‬ولكن اآلن‪ ،‬وبفض� � ��ل اللقاحات‬ ‫والصادات(‪ antibiotic )1‬وصيانة الصحة‬ ‫العامة وحتسن العناية باألمومة‪ ،‬صرنا‬ ‫منوت على األغلب‪ ،‬في س� � ��ن الشيخوخة‬ ‫أكثر منه في س� � ��ن الش� � ��باب‪ .‬فالرضيع‬ ‫ال� � ��ذي يولد الي� � ��وم س� � ��يعيش ليرى عيد‬ ‫ميالده الثامن والسبعني‪.‬‬ ‫لقد جرى حتصيل املكاسب السهلة‬ ‫مقابل احلصاد الضار‪ .‬فحاليا‪ ،‬ملا كان‬ ‫الناس يعيش� � ��ون‪ ،‬أعمارا أطول‪ ،‬فإنهم‬ ‫يواجه� � ��ون مجموعت� �ي��ن عريضت� �ي��ن من‬ ‫القوى التي تتواطأ لتفرض احلد البشري‬ ‫املطلق‪ .‬أوال‪ ،‬إن كل سنة إضافية نعيشها‬ ‫تعني س� � ��نة إضافية من التلف املتراكم‬ ‫خلاليا اجلسم وأعضائه – التلف الذي‬ ‫ال تس� � ��تطيع أجهزة الترمي� � ��م اخللوي‪،‬‬ ‫الت� � ��ي غدت بطيئ� � ��ة‪ ،‬إصالح� � ��ه كامال‪.‬‬ ‫إضاف� � ��ة إلى ذلك‪ ،‬ف� � ��ان العمر هو أكبر‬

‫عامل خطورة للعلل القاتلة الشائعة التي‬ ‫وقف الباحثون عاجزين نس� � ��بيا أمامها‪،‬‬ ‫كالسرطان وأمراض القلب وألزهامير‪.‬‬ ‫لذلك فإن الباحث� �ي��ن الذين يحاولون‬ ‫دفع حدود حياة اإلنس� � ��ان يسألون‪ :‬في‬ ‫أي م� � ��ن هاتني القوت� �ي��ن علينا أن نضع‬ ‫أموال البحث؟ أي االستراتيجيتني أكثر‬ ‫فاعلية؟ هل نحاول إبطاء عملية االكتهال‪،‬‬ ‫أم نحارب أمراضا مخصصة؟ ومبعنى‬ ‫آخر‪ ،‬ه� � ��ل ميوت معظمنا ألننا نتقدم في‬ ‫العمر أم ألننا منرض؟‬ ‫والعلماء الذين يدعمون سبيل مقاومة‬ ‫األم� � ��راض يحاج� � ��ون ف� � ��ي أن املقارب� � ��ة‬ ‫التدريجي� � ��ة ه� � ��ي أوفر حظ� � ��ا لدفع مدة‬ ‫احلياة كي تتجاوز مئة س� � ��نة‪ .‬وتقول >‪.S‬‬ ‫هاربر< [املتخصصة في االكتهال مبعهد‬ ‫أكس� � ��فورد الكته� � ��ال الس� � ��كان(‪« :])2‬إذا‬ ‫متكنا من التركيز على األسباب الرئيسية‬ ‫للموت ‪ -‬الس� � ��رطان واألم� � ��راض القلبية‬ ‫الوعائي� � ��ة ‪ -‬إذا أمكنن� � ��ا فعال أن ننتصر‬ ‫على هذه األمراض وأن نستبدل أعضاء‬ ‫اجلس� � ��م التالفة‪ ،‬فإننا س� � ��نحصل على‬

‫باختصار‬ ‫يستكشف الباحثون مقاربتني رئيسيتني إلطالة مدة حياة صحية لإلنسان‪.‬‬ ‫يعتقد املعسكر األول أن علينا أن نركز على شفاء اإلنسان من املرض‪ ،‬وعلى إعاضة‬ ‫أعضاء اجلسم التالفة بأعضاء سليمة‪ ،‬وذلك عن طريق معاجلات باخلاليا اجلذعية(‪.)6‬‬ ‫ويعتقد املعس� � ��كر الثاني أن علين� � ��ا أن نبطئ عملية االكتهال ‪ aging‬على املس� � ��تويني‬ ‫اخللوي واجلزيئي‪.‬‬

‫(‪)5‬‬

‫‪22‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أفضل نتيجة ممكنة‪ ».‬وهي تتوقع أنه إذا‬ ‫متكنا من االس� � ��تمرار في قهر السرطان‬ ‫وأمراض القلب وحتسني تقنيات اخلاليا‬ ‫اجلذعية‪ ،‬مثل إضفاء الطابع الشخصي‬ ‫إلى النسج النامية في املختبر‪ ،‬فإنه ميكننا‬ ‫أن نتوقع منطقيا أن نعيش حياة صحية‬ ‫نسبيا حتى مئة سنة ‪ -‬ورمبا حتى ‪120‬‬ ‫سنة ‪ -‬في املستقبل غير البعيد‪.‬‬ ‫إن إطال� � ��ة مدة احلي� � ��اة الفعالة بهذه‬ ‫الطريق� � ��ة تتطلب أن ن� � ��درك كيف ميكن‬ ‫إصالح عملية االكته� � ��ال التي يقوم بها‬ ‫اجلسم بطريقة طبيعية‪ .‬لقد جنح العلماء‬ ‫في اس� � ��تخدام اخلالي� � ��ا اجلذعية لبناء‬ ‫رغامى(‪ )3‬وعظام الفك(‪ .)4‬وإذا اس� � ��تمر‬ ‫البحث بس� � ��رعة‪ ،‬كما تتوق� � ��ع >هاربر<‬ ‫وآخرون يعملون في املجال نفس� � ��ه‪ ،‬فلن‬ ‫تبقى إعاضة النسج واألعضاء والعظام‬ ‫بدال م� � ��ن التال� � ��ف منها خي� � ��اال علميا‪.‬‬ ‫وتق� � ��ول >هارب� � ��ر<‪« :‬إن م� � ��ا نحققه من‬ ‫تقدمات تقنية صغي� � ��رة ‪ -‬في اجلينات‬ ‫وفي أبحاث اخلاليا اجلذعية ‪ -‬هو نوع‬ ‫التقدمات الذي يؤدي إلى إطالة العمر‪».‬‬ ‫وباحث� � ��ون آخرون يحاج� � ��ون في أن‬ ‫( ) ‪HOW WE ALL WILL LIVE TO BE 100‬‬

‫(‪ )1‬أو املضادات احليوية‪.‬‬

‫)‪Oxford Institute of Population Aging (2‬‬

‫(‪ُ = trachea )3‬رغَا َم� � ��ى أنبوب غضروفي غش� � ��ائي مير‬ ‫من خالله الهواء من احملي� � ��ط اخلارجي إلى الرئتني‬ ‫وبالعكس‪.‬‬ ‫(‪jauibones )4‬‬ ‫(‪replacing )5‬‬ ‫(‪stem cell therapies )6‬‬


‫علين� � ��ا محاربة عملية االكتهال نفس� � ��ها‪.‬‬ ‫فحتى لو كان بإمكاننا ش� � ��فاء السرطان‪،‬‬ ‫كما يقول >‪ .J .S‬أولشنسكي< [الباحث في‬ ‫مدرسة ش� � ��يكاغو للصحة العامة التابعة‬ ‫جلامع� � ��ة إلين� � ��وي] فإننا س� � ��نظل نواجه‬ ‫مشكالت قلبية أو ألزهامير أو على األقل‬ ‫تنكس اللطخة الصفراء(‪ .)1‬وباملثل‪ ،‬فإن‬

‫ط���ب األمراض التنكس���ية ‪regenerative‬‬

‫‪ medicine‬سيحل مشكالت عضو واحد‬ ‫فقط كل مرة‪ .‬ويقول أيضا‪« :‬إن احلصول‬ ‫على مريء(‪ )2‬جديد أمر جيد‪ ،‬إال أن ذلك‬ ‫لم يؤثر في أي شيء آخر‪».‬‬ ‫وهذه األمور لن تكون على هذا النحو‬ ‫إذا متكن� � ��ا م� � ��ن إعاقة عملي� � ��ة االكتهال‬ ‫عل� � ��ى املس� � ��توى اجلزيئي»‪ ،‬كم� � ��ا يقول‬ ‫>أولشنس� � ��كي<‪ .‬ومقاربته ال تس� � ��تهدف‬ ‫عضوا أو جهازا واحدا‪ ،‬إمنا تستهدف‬ ‫الدم� � ��اغ واجلس� � ��م ككل‪ .‬ويق� � ��وم‪ ،‬ه� � ��و‬ ‫وزمالؤه‪ ،‬بإطالق ما يس� � ��ميه‪« :‬مشروع‬ ‫منوذج منهاتان ‪ Manhattan-style‬إلبطاء‬ ‫االكتهال»‪ .‬إنهم يتطلعون إلى إطالة حياة‬ ‫صحية لسبع سنوات‪ ،‬وهذه‪ ،‬كما يقول‪،‬‬ ‫ميكن حتقيقها بس� � ��هولة خ� �ل��ال عقد أو‬ ‫عقدين قادمني‪ .‬وملا كانت خطورة املرض‬ ‫تتضاعف كل س� � ��بع سنوات تقريبا‪ ،‬فإن‬ ‫>أولشنس� � ��كي< يفكر أنه ميكننا إنقاص‬ ‫خطورة املرض إلى م� � ��ا يقارب النصف‬ ‫بإبطاء االكتهال لسبع سنوات‪.‬‬ ‫ومل� � ��دة طويل� � ��ة‪ ،‬بق� � ��ي >أولشنس� � ��كي<‬ ‫متمس� � ��كا برأيه في أن االنته� � ��اء الطبيعي‬ ‫واحليوي جلسم اإلنسان يحدث حني يبلغ‬ ‫من العمر ‪ 85‬س� � ��نة‪ .‬عنده� � ��ا تكون خاليانا‬ ‫قد عانت على نح� � ��و منطي مقدارا ال يقهر‬ ‫من الش� � ��دة ‪ -‬التلف التأكس� � ��دي الناجم‬ ‫ع� � ��ن إنتاج ج� � ��ذور األكس� � ��جني احلرة‬ ‫الت� � ��ي ت� � ��ؤذي الدن���ا ‪ DNA‬والبروتينات‬ ‫واملكون� � ��ات اخللوي� � ��ة املهم� � ��ة األخرى‪.‬‬ ‫ويقوم >أولشنس� � ��كي< وزمالؤه بدراسة‬ ‫األشخاص النادرين الذين عاشوا مدة‬ ‫تتراوح بني مئة س� � ��نة و ‪ 110‬س� � ��نوات‬

‫أو أكث� � ��ر وهم في حال� � ��ة صحية جيدة‪،‬‬ ‫جس� � ��ديا وعقليا‪ .‬وقد الح� � ��ظ أن هؤالء‬ ‫األش� � ��خاص رمب� � ��ا مي� � ��رون باالكتهال‬ ‫اخللوي بس� � ��رعة أبطأ‪ .‬رمبا يكون ذلك‬ ‫ألن خالياهم أقدر على مقاومة الش� � ��دة‬ ‫التأكسدية‪ .‬وحتديد الرابط اجليني لهذا‬ ‫اإلبطاء قد ي� � ��ؤدي إلى تطوير عالجات‬ ‫جهازية ضد االكتهال(‪.)3‬‬ ‫إن «عالج� � ��ا» لالكته� � ��ال‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫احلمية الصحية العادية والقيام بالتمارين‬ ‫الرياضية‪ ،‬قد يأتي أخيرا عن طريق حبة‬ ‫دواء‪ .‬وتطوير مثل ه� � ��ذا «العالج» املعقد‬ ‫جدا‪ ،‬بوصفه مركبا يس� � ��اعد على إعاقة‬ ‫عملية اكتهال اجلسم‪ ،‬يتطلب جهدا علميا‬ ‫خاصا‪ .‬وهذا يعني عادة العودة إلى العمل‬ ‫على املس� � ��توى اجلزيئي وعلى مس� � ��توى‬ ‫الفئران‪ .‬واملش� � ��روع ‪ ،Mprize‬املدعوم من‬ ‫املؤسس� � ��ة ‪ ،Methuselah‬يق� � ��دم مكاف� � ��آت‬ ‫للباحثني الذين يحققون رقما قياسيا ألكثر‬ ‫الفئران تعميرا‪ .‬وأحد املركبات املرشحة‬ ‫حالي� � ��ا ه� � ��و الراباميس�ي�ن ‪،rapamycin‬‬ ‫الذي يعمل على الس� � ��بيل اخللوي نفسه‬ ‫الذي يسلكه حتديد السعرات احلرارية‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫(احلري���رات) ‪ .calories‬لق� � ��د مت تبيان أن‬ ‫الراباميسني وحتديد السعرات احلرارية‬ ‫يعمالن على إطالة عمر الفئران‪ .‬وكما هو‬ ‫احلال في العديد من األدوية احلاس� � ��مة‬ ‫املفترضة األخ� � ��رى‪ ،‬فإن الراباميس� �ي��ن‬ ‫اليخلو من العلل‪ .‬فال� � ��دواء يثبط اجلهاز‬ ‫املناعي‪ .‬وهذا ما يجعل إطالقه قريبا على‬ ‫نطاق واسع أمرا غير مرغوب فيه‪ .‬وتزداد‬ ‫األخب� � ��ار التحذيرية التي تش� � ��ير إلى أن‬ ‫الريزفيراترول ‪ ،resveratrol‬دواء «اخلمر‬ ‫األحم� � ��ر»‪ ،‬الذي كان فيم� � ��ا مضى األمل‬ ‫األكب� � ��ر كمضاد لالكته� � ��ال‪ ،‬قد تعثر في‬ ‫الدراس� � ��ات احلديثة‪ .‬وال يجمع العاملون‬ ‫في حقل إطالة العمر على توقع أن يعمل‬ ‫الراباميس� �ي��ن بالنمط نفسه في اإلنسان‬ ‫كما بدا أنه يعمل في القوارض‪.‬‬ ‫في احلقيقة‪ ،‬بقيت أبحاث إطالة العمر‬ ‫ملدة طويلة في مس� � ��تنقع العل� � ��وم الكاذبة‪،‬‬ ‫مغم� � ��ورة بزيت األفاعي واآلمال القصيرة‪،‬‬ ‫ويتحفظ كل من >أولشنس� � ��كي< و>هاربر<‬ ‫(‪macular degeneration )1‬‬ ‫(‪esophagus )2‬‬ ‫(‪systemic antiaging therapies )3‬‬

‫‪23‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫املصدر‪ :‬منظمة التعاون االقتصادي وبيانات التطور الصحي‪.2011 ،‬‬

‫مدة احلياة املتوقعة‬ ‫الدول األعضاء في‬

‫‪OECD‬‬

‫‪ 88.7‬سنة‬

‫مدة‬

‫‪ 83.5‬سنة‬ ‫‪ 83.1‬سنة‬

‫احلياة املتوقعة في عُ مْر ‪80‬‬

‫عمر ‪65‬‬

‫‪ 80.9‬سنة‬

‫عمر ‪60‬‬

‫‪ 79.2‬سنة‬

‫عمر ‪40‬‬

‫والدة‬

‫أسباب الوفيات‬

‫الوفيات لكل ‪( 100 000‬الواليات املتحدة األمريكية)‬ ‫األذيات واألسباب اخلارجية األخرى‪.‬‬ ‫األسباب غير املشخصة أو غير املعروفة‪.‬‬ ‫العيوب الوالدية والتشوهات اخللقية األخرى‪.‬‬ ‫حاالت ما حول الوالدة للولدان واألجنة‪.‬‬ ‫احلمل والوالدة واالختالطات التوليدية‪.‬‬ ‫الكلى والتناسل وأمراض اجلهاز البولي والتكاثري األخرى‪.‬‬ ‫العظام والعضالت وأمراض النسيج الضام‪.‬‬ ‫إنتانات اجللد واحلروق وأمراض النسج املجاورة‪.‬‬ ‫املعدة والكبد والبنكرياس وأمراض اجلهاز الهضمي األخرى‪.‬‬ ‫ذات الرئة واإلنفلونزا (احلمى الوافدة)‪،‬‬ ‫واألمراض التنفسية األخرى‪.‬‬ ‫أمراض القلب وفرط ضغط الدم (التوتر الشرياني)‪ ،‬وأمراض‬ ‫جهاز الدوران ‪ circulatory system‬األخرى‪.‬‬ ‫أمراض اجلهاز العصبي‪.‬‬ ‫االضطرابات السلوكية والعقلية‪.‬‬ ‫الداء السكري والبدانة واألمراض االستقالبية األخرى املرتبطة‬ ‫بالغدد الصماء‪.‬‬ ‫أمراض الدم‪.‬‬ ‫األورام اخلبيثة‪.‬‬ ‫اإلنتانات املنتقلة باملمارسة اجلنسية‪ ،‬واألمراض الطفيلية‬ ‫واإلنتانية األخرى‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫‪85.8‬‬ ‫‪85‬‬

‫‪78.7‬‬ ‫‪77.3‬‬ ‫‪74.1‬‬

‫‪900‬‬

‫‪68.1‬‬

‫متى منوت؟ وملاذا؟‬

‫‪600‬‬

‫‪300‬‬

‫كم تتوقع أن تعيش؟ هذا يعتمد على عمرك اآلن‪ .‬فاملعدل‬ ‫الوسطي للعمر املتوقع لشخص بلغ الثمانني أطول من‬ ‫العمر املتوقع لطفل رضيع ما زال معرضا لعقود من‬ ‫األمراض واحلوادث احملتملة‪ .‬إ ّال أن الفرق بني االثنني لم‬ ‫يعد كبيرا مع حتسن معايير العيش والعناية الطبية إبان‬ ‫نصف القرن املاضي‪ ،‬ذلك أن عددا أقل من الناس صار‬ ‫ميوت من األمراض اإلنتانية أو اختالطات الوالدة؛ ثم إن‬ ‫النظر إلى امتداد احلياة املتوقعة على أنه تابع للعمر قد‬ ‫ضاق كثيرا‪ .‬وقد انخفضت وفيات الرضع مبعدل ‪ %75‬منذ‬ ‫عام ‪ ،1960‬وزادت األعمار املتوقعة حلديثي الوالدة مبعدل‬ ‫‪ 11‬سنة‪ .‬وباملقابل‪ ،‬فإن األشخاص في الثمانينات من العمر‬ ‫يعيشون اآلن قريبا من ثالث سنوات أكثر من السابق‪.‬‬ ‫ومع الوقت‪ ،‬فإن هناك ما سيرتد علينا لينال منا‪،‬‬ ‫وغالبا ما سيكون هذا مرتبطا بأمراض القلب (مع أن نسبة‬ ‫الوفيات الناجمة عن األمراض القلبية الوعائية هي اآلن‬ ‫أقل من ثلث ما كانت عليه قبل ‪ 50‬عاما‪ ).‬ونسب الوفيات من‬ ‫القاتل الثاني والثالث ‪ -‬السرطان واألمراض التنفسية ‪-‬‬ ‫لم تتزحزح كثيرا‪ ،‬في حني صارت األسباب األخرى أكثر‬ ‫انتشارا إلى حد بعيد‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن نسبة الوفيات‬ ‫من أمراض اجلهاز العصبي‪ ،‬مثل باركنسون ‪Parkinson’s‬‬ ‫وألزهامير‪ ،‬قد زادت بنسبة تفوق ‪ ،%300‬وازدادت أعداد‬ ‫احلاالت التنكسية بنسبة تقارب ‪ .%900‬ولعل هذه التغيرات‬ ‫أمر ال مفر منه‪ :‬مبا أننا اآلن نعيش مدة أطول‪ ،‬فإننا‬ ‫سنخضع بسرعة متزايدة إلى أمراض الشيخوخة‪.‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫عل� � ��ى الدعاوى القائلة إننا س� � ��نكون‬ ‫قريب� � ��ا قادرين عل� � ��ى أن نعيش ‪150‬‬ ‫عام� � ��ا أو أكثر‪ .‬وأخي� � ��را إن أفضل‬ ‫طريقة لزيادة مدة احلياة ملعظم الناس‬ ‫س� � ��تكون غالبا استراتيجية أعلى من‬ ‫كل ما س� � ��بق‪ .‬س� � ��نكون بحاجة إلى‬ ‫عالجات أفض� � ��ل لألمراض‪ ،‬وتقدما‬ ‫عل� � ��ى املس� � ��توى اجلزيئ� � ��ي وط� � ��ب‬ ‫األمراض التنكسية والعيش بالطريقة‬ ‫الصحية اجليدة العتيقة‪.‬‬ ‫وحتى م� � ��ن دون أي اختراقات‬ ‫علمية اس� � ��تثنائية في إطالة العمر‬ ‫وأبح� � ��اث األمراض‪ ،‬ف� � ��إن تطورنا‬ ‫العلمي املتثاق� � ��ل ‪ -‬بصرف النظر‬ ‫عن التقدم ف� � ��ي الصيانة الصحية‬ ‫وصيانة الصحة العامة ‪ -‬سيستمر‬ ‫في إطالة أعمارن� � ��ا‪ .‬ويزداد املعدل‬ ‫الوس� � ��طي للحياة املتوقع� � ��ة عامليا‬ ‫مبعدل ‪ 3‬أش� � ��هر كل س� � ��نة‪ .‬وهذا‬ ‫ال يعد إجنازا س� � ��يئا‪ .‬ومن ثم فإن‬ ‫املناط� � ��ق املتقدم� � ��ة‪ ،‬مث� � ��ل أوروبا‪،‬‬ ‫تكسب س� � ��نتني تقريبا في كل عقد‬ ‫من الزمن‪ .‬ونتيج� � ��ة للحظ والكثير‬ ‫من العمل الدؤوب‪ ،‬فإن من سيعيش‬ ‫بعد مئة سنة من اآلن‪ ،‬سيعتبر مدة‬ ‫حياتنا املتوقعة هذه األيام قصيرة‬ ‫>‬ ‫إلى حد يرثى له‪.‬‬ ‫>‪ .K‬هارمون<‪ ,‬هي مساعد محرر في‬ ‫ساينتفيك أمريكان‪ ،‬وستنشر كتابها‬ ‫األول عام ‪ 2013‬من قبل املجموعة‬ ‫‪Current/Penguin Group.‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪Can Human Aging Be ­Postponed? Michael R.‬‬ ‫‪Rose in Scientific American, Vol. 281, No. 6,‬‬ ‫‪pages 106–111; December 1999.‬‬ ‫‪Unlocking the Secrets of Longevity Genes.‬‬ ‫‪ David A. Sinclair and Lenny Guarente in‬‬ ‫‪Scientific American, Vol. 294, No. 3, pages‬‬ ‫‪48–57; March 2006.‬‬ ‫‪Why Can’t We Live Forever? Thomas‬‬ ‫‪Kirkwood in Scientific American, Vol. 303, No.‬‬ ‫‪3, 42–49; September 2010.‬‬ ‫‪A New Path to Longevity. David Stipp in‬‬ ‫;‪Scientific American, Vol. 306, No. 1, 32–39‬‬ ‫‪January 2012.‬‬

‫‪25‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫عقل في حركة‬

‫( )‬

‫إن فكرة أن األشخاص املشلولني قد يتمكنون يوما من األيام‬ ‫هوليودي الطراز‪.‬‬ ‫من التحكم في أطرافهم مبجرد التفكير‪ ،‬لم تعد خياال‬ ‫ّ‬ ‫>‪ .L .A .M‬نيكولليس<‬

‫إن بالي� �ي��ن املش� � ��اهدين ف� � ��ي جميع‬ ‫أنحاء العالم قد يتذكرون مباراة افتتاح‬ ‫كأس العال� � ��م عام ‪ 2014‬ف� � ��ي البرازيل‪,‬‬ ‫ألكثر م� � ��ن مجرد عدد األه� � ��داف التي‬ ‫س� � ��جلها املنتخ� � ��ب الوطن� � ��ي البرازيلي‬ ‫وعدد البطاقات احلمراء املعطاة للفريق‬ ‫اخلصم‪ .‬ففي ذلك اليوم‪ ،‬كان مختبري‬ ‫في جامعة ‪ - Duke‬املتخصص بتطوير‬ ‫التقني� � ��ات الت� � ��ي تس� � ��مح لإلش� � ��ارات‬ ‫الكهربائية املنبعثة من الدماغ بأن تتحكم‬ ‫في أطراف إنسالة(‪ - )1‬يخطط لتسجيل‬ ‫مَ عْ لَم(‪ )2‬في التغلب على الشلل‪.‬‬ ‫فإذا جنحن� � ��ا في مواجهة التحديات‬ ‫باختصار‬ ‫ميكن للموجات الدماغية اآلن أن تتحكم‬ ‫في عمل مؤشرات احلاسوب(‪ ،)3‬واألذرع‬ ‫اإلنس� � ��الية‪ ،‬وقريبا‪ ،‬في طقم كامل‪ :‬هيكل‬ ‫خارجي سيسمح للمشلول باملشي ورمبا‬ ‫بطريقة أكثر رشاقة‪.‬‬ ‫إن إرس� � ��ال إش� � ��ارات م� � ��ن القش� � ��رة‬ ‫الدماغية اخلارجية الس� � ��تهالل حركة في‬ ‫الهيكل اخلارج� � ��ي‪ ،‬ميثل آخر ما توصل‬ ‫إليه العلم لعدد م� � ��ن التقانات التي جرى‬ ‫استكمالها في السنوات األخيرة‪.‬‬ ‫وسيكون كأس العالم ‪ 2014‬في البرازيل‬ ‫كمجال الختبار الهيكل اخلارجي املُ َتحكم‬ ‫فيه دماغيا‪ ،‬إذا مت ّك� � ��ن يافع عاجز‪ ،‬كما‬ ‫هو متوقع‪ ،‬م� � ��ن القيام بركلة اإلطالق في‬ ‫بداية اللعب‪.‬‬ ‫‪26‬‬

‫الت� � ��ي ال تزال هائلة‪ ،‬فقد تكون أول ركلة‬ ‫احتفالية ف� � ��ي مب� � ��اراة كأس العالم من‬ ‫يافع مش� � ��لول‪ ،‬محاط بفريقي كرة القدم‬ ‫املتباريني‪ ،‬ميش� � ��ي الهوينى على أرض‬ ‫امللعب مرتدي� � ��ا بدلة إنس���الية ‪.robotic‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫وه� � ��ذه البدلة ‪ -‬أو الهي���كل اخلارجي‬ ‫كما نس� � ��ميها ‪ -‬س� � ��وف تُغلِّف س� � ��اقي‬ ‫ه� � ��ذا اليافع‪ .‬وس� � ��يتحكم ف� � ��ي خطواته‬ ‫إشارات حركية منشؤها دماغه‬ ‫األولى‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫واملنقولة الس� � ��لكيا إلى وحدة حاسوبية‬ ‫بحجم حاس� � ��وب محمول موضوعة في‬ ‫حقيبة يحملها ه� � ��ذا اليافع على ظهره‪.‬‬ ‫وس� � ��يكون هذا احلاس� � ��وب مسؤوال عن‬ ‫ترجمة إش� � ��ارات الدماغ الكهربائية إلى‬ ‫أوام� � ��ر حركية رقمية‪ ،‬بحيث يس� � ��تطيع‬ ‫الهيكل اخلارجي بداية أن يحفظ توازن‬ ‫ثقل جس� � ��م الالعب‪ ،‬ثم يحث الس� � ��اقني‬ ‫اإلنساليتني لتبدآ حركات املشي املنسقة‬ ‫جيئة وذهابا على العشب املشذب‪ .‬وعند‬ ‫االقت� � ��راب من الكرة‪ ،‬س� � ��يتخيل الالعب‬ ‫وض� � ��ع قدمه عل� � ��ى متاس معه� � ��ا‪ .‬وبعد‬ ‫�ارات‬ ‫ثالثمئة ميلّي ثانية‪ ،‬س� � ��تأمر إش� � � ُ‬ ‫الدماغ قد َم الهيكل اخلارجي اإلنسالية‬ ‫لتنعقف حتت الكرة اجللدية‪ ،‬على النمط‬ ‫البرازيلي‪ ،‬وتركلها عاليا‪.‬‬ ‫وهذا االس� � ��تعراض العلم� � ��ي لتقنية‬ ‫جديدة جذريا‪ ،‬تجُ ْ � � ��رى بتعاون أوروبي‬ ‫برازيلي‪ ،‬س� � ��ينقل جلمهور عاملي تعداده‬ ‫الباليني‪ ،‬فكرة قد تغدو حقيقة‪ ،‬وهي أن‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫حت ّكم الدماغ ف� � ��ي اآلالت قد حت ّول من‬ ‫كونه مجرد جتارب مختبرية ومن تخمني‬ ‫مستقبلي إلى عصر جديد أصبحت فيه‬ ‫األدوات قادرة عل� � ��ى جلب احلركة إلى‬ ‫مرضى مقعدين بس� � ��بب أذى أو مرض‪.‬‬ ‫وإننا على طريقنا‪ ،‬رمبا في العقد املقبل‪،‬‬ ‫إلى تقانة تربط الدماغ بآالت ميكانيكية‬ ‫أو إلكتروني� � ��ة أو افتراضي���ة ‪.virtual‬‬ ‫وسيستعيد هذا التطور احلرك َة ليس فقط‬ ‫لضحايا احلوادث واحلروب وإمنا أيضا‬ ‫(‪)5‬‬ ‫ملرضى التصلب اجلانبي الضموري‬ ‫‪( ALS‬ال� � ��ذي ُي ْع� � ��رف أيض� � ��ا مب� � ��رض‬ ‫‪ ،)Lou Gehrigʼs‬ومرض� � ��ى پاركنس� � ��ون‬ ‫واالضطراب� � ��ات األخرى التي تؤدي إلى‬ ‫تعطيل التصرف� � ��ات احلركية التي تعيق‬ ‫وصول الذراع واإلمساك باليد والتنقل‬ ‫والتكلم‪ .‬وستم ّكن التجهيزات العصبية‬ ‫الصنعية ‪ -‬أو واجه���ات دماغ‪-‬آلة(‪- )6‬‬ ‫العلما َء أيضا من القيام بأعمال أكثر من‬ ‫مجرد مساعدة املعوقني‪ .‬وستجعل من‬ ‫(‪MIND IN MOTION )1‬‬

‫(‪ = robot )1‬إنس� � ��الة‪ ،‬وهذه نحت من إنس� � ��ان‪-‬آلي ومنها‬ ‫نشتق إنسالية = ‪ ،robotic‬أو روبوطية‪.‬‬ ‫الص َّوة‪.‬‬ ‫(‪ ،milestone )2‬أو‪ُ :‬‬ ‫(‪computer cursors )3‬‬ ‫(‪exoskeleton )4‬‬

‫(‪ )5‬ه� � ��ذا امل� � ��رض‬ ‫ه� � ��و مرض تدهور عصبي مت� � ��درج يؤثر في اخلاليا‬ ‫العصبية للدماغ والنخاع الشوكي ويؤدي إلى موت‬ ‫األعصاب احلركية التي تنقل اإلش� � ��ارات من الدماغ‬ ‫إل� � ��ى النخاع الش� � ��وكي ومن النخاع الش� � ��وكي إلى‬ ‫عض� �ل��ات اجلس� � ��م‪http://www.alsa.org/about-als/ .‬‬ ‫‪.what-is-als.html‬‬ ‫)‪Amyotrophic lateral sclerosis (ALS‬‬

‫(‪brain-machine interfaces )6‬‬


‫املؤلف‬ ‫‪Miguel A. L. Nicolelis‬‬

‫رائد في حقل العصب الصنعي‪ .‬وهو أستاذ علوم‬ ‫األعصاب في مدرس� � ��ة دوك للطب واملدير املساعد‬ ‫ملركز جامعة ‪ Duke‬للهندسة العصبية‪.‬‬

‫املمكن أيضا استكش� � ��اف العالم بطرق‬ ‫ثوري� � ��ة من خ� �ل��ال متكني األش� � ��خاص‬ ‫األصحاء من زيادة مهاراتهم احلس� � ��ية‬ ‫واحلركية‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫في هذا املشهد املستقبلي‪ ،‬موجات‬ ‫دماغية كهربائي� � ��ة إرادية‪ ،‬هي األبجدية‬ ‫احليوية التي تكمن وراء تفكير البش� � ��ر‪،‬‬ ‫س� � ��تحرك من ُبع� � ��د إنس� � ��االت صغيرة‬ ‫وكبي� � ��رة‪ ،‬وتتحك� � ��م أيضا م� � ��ن بعد في‬ ‫الس� � ��فن الفضائية‪ ،‬ورمبا تسمح أيضا‬ ‫بالتشارك في األفكار واألحاسيس بني‬ ‫األفراد عبر ما ستصبح مستقبال شبكة‬ ‫دماغية جماعية قائمة على الدماغ‪.‬‬ ‫آالت الفِ كر‬

‫( )‬

‫مازال� � ��ت بذلة اجلس� � ��م اخلفيفة الوزن‬ ‫املع � � � ّدة لالع� � ��ب ال� � ��ذي لم يج� � ��ر بعد‬ ‫اختياره‪ ،‬قيد التطوير‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يجري‬ ‫اآلن بن� � ��اء منوذج ف� � ��ي مختبر صديقي‬ ‫الش� � ��هير ومعاوني >‪ .G‬ش� � ��ينـگ< [من‬ ‫اجلامعة التقنية في ميونيخ] وهو أحد‬ ‫امش مجددا(‪،)2‬‬ ‫ِ‬ ‫املؤسس� �ي��ن ملش���روع‬ ‫وهو مش� � ��روع تعاون مشترك الربحي‬ ‫ما ب� �ي��ن مركز جامعة ‪ Duke‬للهندس� � ��ة‬ ‫العصبية في ميون� � ��خ ومعهد التقانات‬ ‫الفيدرالي السويسري في لوزان ومعهد‬ ‫>‪ .E‬و ‪ <safra .L‬الدولي للعلوم العصبية‬ ‫الوالدي� � ��ة ف� � ��ي البرازيل(‪ .)3‬وس� � ��ينضم‬ ‫بعض األعضاء اجلدد إلى هذا الفريق‬ ‫الدولي خالل الشهور القليلة القادمة‪،‬‬ ‫ومنهم معاهد أبحاث وجامعات رئيسية‬

‫حول العالم‪.‬‬ ‫ف� � ��ي جامع� � ��ة ‪،Duke‬‬ ‫اعتم� � ��د املش� � ��روع على‬ ‫م� � ��دى عقدي� � ��ن تقريب� � ��ا‬ ‫م� � ��ن العم� � ��ل الرائد على‬ ‫واجه� � ��ات دماغ‪-‬آلة وقد‬ ‫انبث� � ��ق البح� � ��ث نفس� � ��ه‬ ‫عن دراس� � ��ات تعود إلى‬ ‫س� � ��تينات القرن املاضي‬ ‫حني حاول العلماء بداية‬ ‫التنص� � ��ت عل� � ��ى دم� � ��اغ‬ ‫احليوان لي� � ��روا إذا كان‬ ‫باإلمكان إدخال إش� � ��ارة‬ ‫عصبية إلى احلاس� � ��وب‬ ‫بحي� � ��ث تعط� � ��ي أم� � ��را‬ ‫يستهل حركة في جهاز‬ ‫ميكانيكي‪ .‬وبالعودة إلى‬ ‫ع� � ��ام ‪ 1990‬وطوال العقد‬ ‫األول م� � ��ن ه� � ��ذا القرن‪،‬‬ ‫قمت مع زمالئي في تلك‬ ‫اجلامعة بري� � ��ادة طريقة‬ ‫اس� � ��تطعنا م� � ��ن خاللها‬ ‫أن ن� � ��زرع ف� � ��ي أدمغ� � ��ة‬ ‫اجلرذان والقردة املئات‬ ‫من احملس� � ��ات الش� � ��عرية اللينة املعروفة‬ ‫باألس� �ل��اك امليكروية‪ .‬وخ� �ل��ال العقدين‬ ‫املاضيني‪ ،‬ب ّينّا أنه بعد زرع هذه الشوكة‬ ‫الكهربائية ميكنها كش� � ��ف اإلش� � ��ارات‬ ‫الكهربائية الدقيقة‪ ،‬أو كمونات الفعل(‪،)4‬‬ ‫التي تولدها مئ� � ��ات العصبونات املفردة‬ ‫املوزع� � ��ة على ط� � ��ول القش� � ��رة اجلبهية‬ ‫واجلداري� � ��ة‪ ،‬وهي املناط� � ��ق التي تع ّرف‬ ‫دارة دماغية واس� � ��عة مسؤولة عن توليد‬ ‫احلركات اإلرادية(‪.)5‬‬ ‫وعلى م� � ��دى عقد كامل م� � ��ن الزمن‪،‬‬ ‫اس� � ��تخدمت ه� � ��ذه الواجه� � ��ة إش� � ��ارات‬ ‫مشتقة من الدماغ لتوليد حركات أذرع‪،‬‬ ‫وأيد وأرجل إنس� � ��الية ف� � ��ي جتارب على‬ ‫احليوانات‪ .‬وقد حدث اختراق حاسم في‬ ‫ع� � ��ام ‪ 2011‬حني تعلم قردان في مختبرنا‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أن ميارس� � ��ا حتكما عصبيا في حركات‬ ‫مجسدة(‪ )6‬ملست‬ ‫ّ‬ ‫مولدة حاسوبيا لذراع‬ ‫أشياء في العالم االفتراضي لكنها بعثت‬ ‫أيضا عن طريق تغذية راجعة بإش� � ��ارة‬ ‫«مل���س صنعي(‪ »)7‬مباش� � ��رة إلى دماغي‬ ‫القردين‪ .‬وق� � ��د م ّكنتن� � ��ا البرمجيات من‬ ‫تدريب احليوانات على الشعور بإحساس‬ ‫ملس شيء ما‪ ،‬بأصابع افتراضية يتحكم‬ ‫فيها مباشرة أدمغتها‪.‬‬ ‫امش مجددا» ‪-‬‬ ‫لقد بدأت جمعية « ِ‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫‪THOUGHT MACHINES‬‬ ‫‪ scenario‬أو‪ :‬سيناريو‬ ‫‪Walk again project‬‬ ‫‪Edmond and Lily Safra International Institute of‬‬ ‫‪Neuroscience of Natal in Brazil‬‬ ‫‪action potentials‬‬ ‫‪voluntary movements‬‬ ‫‪avatar arm‬‬ ‫‪artificial tactile‬‬

‫‪27‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫مبس� � ��اعدة الفريق الدول� � ��ي من علماء‬ ‫األعص� � ��اب وعلماء اإلنس� � ��الية وعلماء‬ ‫احلاس� � ��وب وج ّراح� � ��ي األعص� � ��اب‬ ‫واختصاصي� � ��ي إع� � ��ادة التاهي� � ��ل ‪-‬‬ ‫باالس� � ��تفادة من نتائ� � ��ج األبحاث على‬ ‫احليوان� � ��ات البت� � ��كار طريق� � ��ة جديدة‬ ‫لتدري� � ��ب وإع� � ��ادة تأهي� � ��ل املرض� � ��ى‬ ‫املش� � ��لولني بحدة على كيفية استخدام‬ ‫تقنيات الواجهات دماغ‪-‬آلة الستعادة‬ ‫حرك ّية كامل اجلسم‪ .‬وفعليا‪ ،‬ستحدث‬ ‫اخلط� � ��وات الطفولي� � ��ة األول� � ��ى لالعبنا‬ ‫االحتفالي املستقبلي داخل غرفة واقع‬ ‫افتراضي(‪ )1‬متط� � ��ورة‪ُ ،‬تعرف بالبيئة‬ ‫االفتراضي����ة اآللية الكهفي����ة(‪ ،)2‬وهي‬ ‫غرفة مزودة بشاش� � ��ات ُمس � � � َقطة على‬ ‫جميع اجلدران والسقف واألرض‪ .‬وبعد‬ ‫ارتداء نظ� � ��ارات ثالثية األبعاد وخوذة‬ ‫تكش� � ��ف ‪ -‬من دون جراحة ‪ -‬موجات‬ ‫الدم� � ��اغ (عبر تقنيات تعرف بالتخطيط‬ ‫الدماغي الكهربائ� � ��ي ‪ EEG‬والتصوير‬ ‫الدماغي املغنطيس� � ��ي)‪ ،‬سيكون العبنا‬ ‫املرشح ‪ -‬والذي س� � ��يكون بالضرورة‬ ‫يافع� � ��ا خفي� � ��ف الوزن للجول� � ��ة األولى‬ ‫من ه� � ��ذه التقانة ‪ -‬مغم� � ��ورا في بيئة‬ ‫افتراضية متتد في جميع االجتاهات‪.‬‬ ‫وهنالك س� � ��يتعلم الش� � ��اب التحكم في‬ ‫ش����خصية جتس����يدية برمجي����ة‬

‫(‪)3‬‬

‫باألفكار فقط‪ .‬وتدريجيا‪ ،‬سيزداد تعقيد‬ ‫احلركات الناجتة في هذه الشخصية‬ ‫وس� � ��تنتهي أخيرا بحركات دقيقة مثل‬ ‫املشي على أرضية متغيرة أو فك غطاء‬ ‫جرة هالمية افتراضية‪.‬‬ ‫اقتحام العصبونات‬

‫( )‬

‫ال ميكن معاجلة احل� � ��ركات امليكانيكية‬ ‫للهي� � ��كل اخلارجي باجلهوزية نفس� � ��ها‬ ‫الت� � ��ي نعال� � ��ج فيه� � ��ا الش� � ��خصيات‬ ‫التجس� � ��يدية البرمجية‪ ،‬لذلك س� � ��تكون‬ ‫التقانة والتدريب أكثر تعقيدا‪ .‬وسيكون‬ ‫‪28‬‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫من الضروري زرع مجسات في الدماغ‬ ‫مباش� � ��رة ملعاجلة األطراف اإلنس� � ��الية‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ولن نحتاج فقط إلى وضع املجس���ات‬ ‫حتت اجلمجمة في الدماغ‪ ،‬وإمنا نحتاج‬ ‫أيض� � ��ا إلى زيادة عدد العصبونات التي‬ ‫يج� � ��ب قراءة خرجها ف� � ��ي آن واحد عبر‬ ‫القشرة الدماغية‪ .‬وسيجري زرع العديد‬ ‫من احملس� � ��ات ف� � ��ي القش� � ��رة احلركية‪،‬‬ ‫وهي املنطقة ف� � ��ي الفص اجلبهي األكثر‬ ‫جهوزية ملرافقة توليد البرنامج احلركي‬ ‫حمل عادة إلى النخاع الشوكي‪،‬‬ ‫الذي ُي َّ‬ ‫وال� � ��ذي تتحكم األعصاب منه مباش� � ��رة‬ ‫في عمل عضالتنا وتنس� � ��ق فيما بينها‪.‬‬ ‫(يعتقد بعض علماء األعصاب أنه ميكن‬ ‫إجناز هذا التفاعل بني العقل والعضالت‬ ‫بطريق� � ��ة ال حتتاج إل� � ��ى مداخلة ضمن‬ ‫اجلسم عبر تسجيل فعالية الدماغ مثل‬ ‫التخطيط الكهربائ���ي الدماغي ‪،EEG‬‬ ‫إال أنه يجب حتقيق هذا الهدف عمليا‪).‬‬ ‫لقد ابتكر >‪ .G‬ليهو< [من مجموعتي‬ ‫ف� � ��ي جامع� � ��ة ‪ ]Duke‬نوع� � ��ا جديدا من‬ ‫احملسات‪ :‬مكعب تسجيل بإمكانه‪ ،‬عند‬ ‫زرعه‪ ،‬التقاط إش� � ��ارات عبر كامل حجم‬ ‫القشرة الدماغية الثالثي األبعاد‪ .‬وخالفا‬ ‫للمحسات الدماغية السابقة‪ ،‬التي كانت‬ ‫تتك� � ��ون من صفيف���ات(‪ )5‬مس� � ��طحة من‬ ‫املجسات امليكروية التي تسجل أطرا ُفها‬ ‫اإلش� � ��ارات الكهربائي� � ��ة العصبية‪ ،‬فإن‬ ‫مكعب >ليهو< يوس� � ��ع أسالك احملسات‬ ‫امليكروي� � ��ة إلى األعلى واألس� � ��فل وعلى‬ ‫اجلوانب على طول محور مركزي‪.‬‬ ‫يتضم� � ��ن اإلصدار احلال� � ��ي ملكعب‬ ‫التس� � ��جيل الذي بحوزتنا‪ ،‬ما يصل إلى‬ ‫‪ 1000‬سلك تسجيل ميكروي فعال‪ .‬وألنه‬ ‫ميكننا تس� � ��جيل أربع إش� � ��ارات وحتى‬ ‫ست إش� � ��ارات على األقل من كل سلك‬ ‫ميك� � ��روي‪ ،‬فيمك� � ��ن لكل مكع� � ��ب التقاط‬ ‫فعاليات كهربائي� � ��ة ملا بني ‪ 4000‬و ‪6000‬‬ ‫عصب� � ��ون‪ .‬ولنفت� � ��رض أن بإمكاننا زرع‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫العديد من هذه املكعبات في القش� � ��رات‬ ‫اجلبهية واجلانبية للدماغ ‪ -‬وهي املناطق‬ ‫املسؤولة عن التحكم العالي املستوى في‬ ‫احلركات واتخاذ القرار ‪ -‬عندها ميكننا‬ ‫احلصول على عينات من عشرات اآلالف‬ ‫من العصبونات في آن معا‪ .‬وبحس� � ��ب‬ ‫منذجتنا البرمجي� � ��ة النظرية‪ ،‬ميكن لهذا‬ ‫التصمي� � ��م أن يكفي للتحك� � ��م في مرونة‬ ‫احلركات التي نتطلبها لتشغيل الهيكل‬ ‫اخلارجي بس� � ��اقني‪ ،‬واستعادة التحرك‬ ‫الذاتي ملرضانا‪.‬‬ ‫وملعاجلة البيان� � ��ات املنهمرة من هذه‬ ‫احملسات‪ ،‬فإننا نتوجه إلى تصنيع جيل‬ ‫جديد من اجلذاذات العصبية املصممة‬ ‫حسب الطلب‪ .‬وعند زرعها في جمجمة‬ ‫املري� � ��ض جنبا إلى جنب مع املجس� � ��ات‬ ‫امليكروي� � ��ة‪ ،‬فإنها ستس� � ��تخرج األوامر‬ ‫احلركية األولية التي نحتاج إليها ملعاجلة‬ ‫كامل الهيكل اخلارجي للجسم‪.‬‬ ‫وبالطب� � ��ع‪ ،‬نحت� � ��اج بعده� � ��ا إلى بث‬ ‫اإلش� � ��ارات املكتش � � � َفة من الدماغ إلى‬ ‫األط� � ��راف الصنعيـــة‪ .‬وحــديثــ� � ��ا‪ ،‬قــــام‬ ‫>‪ .T‬هانس� � ��ون< [طال� � ��ب الدكت� � ��وراه في‬ ‫جامعة ‪ Duke‬املتخرج حديثا] ببناء نظام‬ ‫تس� � ��جيل الس� � ��لكي بـ ‪ 128‬قناة‪ ،‬مجهز‬ ‫مبحسات وشيبات ‪ chips‬ميكن وضعها‬ ‫داخ� � ��ل اجلمجمة وهي ق� � ��ادرة على بث‬ ‫موجات الدماغ املس� � ��جلة إلى مستق ِبل‬ ‫بعي� � ��د‪ .‬وق� � ��د ج� � ��رى اختب� � ��ار اإلصدار‬ ‫(‪)6‬‬ ‫األول من ه� � ��ذه الش���يبات العصبية‬ ‫بنج� � ��اح على القرود‪ .‬وبالفعل‪ ،‬ش� � ��هدنا‬ ‫مؤخ� � ��را أول قرد يش � � � ّغل الواجهة بني‬ ‫اآلل� � ��ة واألعصاب‪ ،‬على مدى الس� � ��اعة‪،‬‬ ‫( ) ‪PLUGGING INTO NEURONS‬‬

‫(‪ = virtual-reality )1‬واقع افتراضي‪ :‬بيئة محاكات ثالثية‬ ‫األبعاد تمُ كن املستخدم من جتربتها والتعامل معها‬ ‫كأنها عالَم طبيعي حقيقي‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫‪Cave Automatic Virtual Environment‬‬ ‫‪the movements of a software body avatar‬‬ ‫‪sensors‬‬ ‫‪ = arrays‬ج‪ = array :‬صفيف‬ ‫‪neurochips‬‬


‫باس� � ��تخدام إرسال الس� � ��لكي إلشارات‬ ‫الدماغ‪ .‬وف� � ��ي الش� � ��هر ‪ 2012/7‬تقدمنا‬ ‫بطلب إلى احلكومة البرازيلية للس� � ��ماح‬ ‫لنا باستخدام هذه التقانة على البشر‪.‬‬ ‫وبالنس� � ��بة إل� � ��ى العب ك� � ��رة القدم‬ ‫املستقبلي‪ ،‬سيجري ترحيل البيانات من‬ ‫نظم التسجيل السلكيا إلى وحدة معاجلة‬ ‫حاس� � ��وبية صغيرة‪ ،‬موجودة في حقيبة‬ ‫حتم� � ��ل على الظهر‪ .‬وس� � ��تنفذ معاجلات‬ ‫رقمي� � ��ة متع� � ��ددة خوارزمي� � ��ات برمجية‬ ‫متنوعة تترجم اإلش� � ��ارات احلركية إلى‬ ‫أوام� � ��ر رقمي� � ��ة قادرة عل� � ��ى التحكم في‬ ‫األج� � ��زاء املتحرك� � ��ة أو املف ّعالت املوزعة‬ ‫على جميع مفاصل بدلة اإلنسالة‪ ،‬وهي‬ ‫عناص� � ��ر عتادية تضب� � ��ط موقع األرجل‬ ‫الصنعية للهيكل اخلارجي‪.‬‬ ‫قوة الطاقة الدماغية‬

‫( )‬

‫ستس� � ��مح األوام� � ��ر ملرت� � ��دي الهي� � ��كل‬ ‫اخلارج� � ��ي باملش� � ��ي خطوة ث� � ��م أخرى‪،‬‬ ‫كم� � ��ا ستس� � ��مح بخف� � ��ض س� � ��رعته أو‬ ‫رفعها‪ ،‬وباالنحن� � ��اء أو بصعود الدرج‪.‬‬ ‫وستجري مباشرة معاجلة بعض حاالت‬ ‫الضبط من املس� � ��توى األدنى لتموضع‬ ‫العتاديات الصنعية بواس� � ��طة الدارات‬ ‫اإللكتروميكانيكي� � ��ة للهي� � ��كل اخلارجي‪،‬‬ ‫من دون أي دخل عصبي ‪.neural input‬‬ ‫وس� � ��تبقى املالبس التي تش� � ��به البدالت‬ ‫الفضائية مرنة ولكنها تس� � ��تمر بتزويد‬ ‫مرتديها بدعم هيكلي‪ ،‬ينوب عن النخاع‬ ‫الشوكي البشري‪ .‬وباالستفادة الكاملة‬ ‫م� � ��ن هذا التفاعل بني إش� � ��ارات التحكم‬ ‫املنبثق� � ��ة ع� � ��ن الدم� � ��اغ وردود األفعال‬ ‫( ) ‪FORCE OF BRAINPOWER‬‬ ‫( ) ‪The Long Road to Brain-Controlled Prosthetics‬‬ ‫(‪CHRONOLOGY )1‬‬ ‫(‪FIRST HISTORICAL REFERENCE )2‬‬ ‫(‪Vishpala )3‬‬ ‫(‪ANCIENT ARTIFACT )4‬‬ ‫(‪GUNS AND AMPUTATIONS )5‬‬ ‫(‪CIVIL WAR )6‬‬ ‫(‪PRIMITIVE BRAIN INTERFACE )7‬‬ ‫(‪PIONEERING EXPERIMENTS )8‬‬

‫التسلسل الزمني‬

‫(‪)1‬‬

‫الطريق الطويلة إلى أطراف‬ ‫اصطناعية يتحكم فيها الدماغ‬

‫( )‬

‫لق���د وج���دت األطراف البديلة منذ آالف الس���نني ‪ -‬اس���تجابة عقالنية للحاج���ة إلى معاجلة‬ ‫جرح���ى احل���روب أو األن���واع األخرى م���ن األذيات والتش���وهات منذ ال���والدة‪ .‬وحاليا‪ ،‬فإن‬ ‫التقان���ة متقدم���ة جدا بحي���ث متكن من التحكم في األرجل االصطناعية بواس���طة إش���ارات‬ ‫ُوجه مباشرة من الدماغ‪.‬‬ ‫كهربائية ت َّ‬

‫‪ 1000-1500‬ق‪.‬م‪ .‬أول مرجع تاريخي‬

‫(‪)2‬‬

‫ذكر كتاب هندوسي مقدس ُكتب خالل هذه الفترة‪،‬‬ ‫>ڤيشباال<(‪ ,)3‬التي كانت لديها ساق مبتورة بعد‬ ‫تعرضها خالل معركة حربية جلرح طال بقاؤه‪ .‬وقد‬ ‫استعاضت عن ساقها هذه بنسخة حديدية سمحت‬ ‫لها باملشي والعودة إلى قواتها‪.‬‬

‫القرن الرابع قبل امليالد مصنوع قدمي‬

‫(‪)4‬‬

‫أحد أقدم األطراف االصطناعية املُك َتشفة ‪ -‬نبينّ‬ ‫صورة لها هنا ‪ -‬كان مدفونا في جنوب إيطاليا عام‬ ‫‪ .1858‬وقد جرى صنعه نحو عام ‪ 300‬ق‪ .‬م‪ .‬وكان‬ ‫مصنوعا من النحاس واخلشب‪ ،‬وكان مصمما ‪ -‬على‬ ‫ما يبدو ‪ -‬لبتر حتت الركبة‪.‬‬

‫القرن الرابع عشر‬ ‫(‪)5‬‬ ‫البنادق والبتور (حاالت البتر)‬

‫ّ‬ ‫ضخم‬ ‫إن وصول البارود إلى االقتتال األوروبي قد‬ ‫كثيرا عدد اإلصابات التي تكبدها اجلنود‪ .‬واستجابة‬ ‫طور >‪ .A‬پاريه<‬ ‫لذلك‪ ،‬وفي القرن السادس عشر‪ّ ،‬‬ ‫[اجلراح امللكي لعدة ملوك فرنسيني] تقنيات لتركيب‬ ‫األطراف العلوية والسفلية للمرضى‪ ،‬وأعاد استخدام‬ ‫الضمادات لربط األوعية الدموية‪.‬‬

‫‪ 1861-1865‬حرب أهلية‬

‫(‪)6‬‬

‫أنتجت احلرب بني الواليات عدة حاالت بتر‪ .‬وكان‬ ‫أحد األشخاص الذين تأثروا بذلك‪ ،‬قائد اللواء >‪.J .S‬‬ ‫ماك چرورتي< الذي فقد ذراعه‪ .‬وقد أدّى تد ّفق التمويل‬ ‫احلكومي وتوفر التخدير‪ ،‬الذي سمح بالقيام بعمليات‬ ‫حتسن تقانة األعضاء االصطناعية‬ ‫مدتها أطول‪ ،‬إلى‬ ‫ّ‬ ‫خالل هذه الفترة‪.‬‬

‫‪ 1963‬واجهة دماغية بدائية‬

‫(‪)7‬‬

‫غرس >‪ .R .M .J‬ديلچانو< مجسا راديويا ُم َّ‬ ‫تحكما فيه‬ ‫في عمق النواة املُ َذنَّبة في دماغ ثور وجعل احليوان‬ ‫يتوقف ساكنا كامليت في احللبة‪ ،‬بالضغط على زر‬ ‫حتكم موجود على مرسل بعيد؛ و ُي َع ّد هذا اجلهاز سلفا‬ ‫للواجهات دماغ‪-‬آلة املعاصرة‪.‬‬

‫‪ 1969‬جتارب رائدة‬

‫(‪)8‬‬

‫أجنز >‪ .E‬فيتس< [من جامعة واشنطن] دراسة د ّرب‬ ‫فيها قرودا على تفعيل إشارات كهربائية في أدمغتها‬ ‫للتحكم في قدح عصبون وحيد‪ ،‬وهذه اإلشارات‬ ‫مسجلة بشكل واف مبجس ميكروي معدني‪.‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪29‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫التسلسل الزمني‬ ‫الثمانينات إصغاء إلى موجات دماغية‬

‫(‪)1‬‬

‫اكتشف >‪ .A‬جورگوبولس< [من جامعة جون‬ ‫هوپكنز] منوذج قدح كهربائي في األعصاب احلركية‬ ‫لقرود املكاك الهندية‪ ،‬يحدث حني تقوم بتدوير‬ ‫أذرعها باجتاه معني‪.‬‬

‫اقتحام العصبونات(‪ )2‬في بداية التسعينات‬

‫قدم >‪ .J‬شاپني<‪ ،‬الذي هو اآلن في جامعة داون ستيت‪،‬‬ ‫مع >‪ .L .M‬نيكوليلِس< تقنية سمحت بتسجيل دستات‬ ‫من األعصاب املنتشرة انتشارا واسعا‪ ،‬تسجيال‬ ‫متزامنا‪ ،‬وذلك باستخدام مجسات مغروسة بشكل دائم‪،‬‬ ‫مما مهد الطريق أمام البحث في واجهات دماغ‪-‬آلة‪.‬‬

‫‪ 1997‬إجراءات أفضل‬

‫(‪)3‬‬

‫جرى َطرح الطرف االصطناعي ‪ C-LEG‬املتحكم فيه‬ ‫مبعالج ميكروي (ميكروبروسسر)‪ ،‬والذي يسمح في‬ ‫نسخته احلالية ملرتديه بتشغيل إعدادات ‪settings‬‬ ‫حسب الطلب ميكن استخدامها ألنشطة كركوب دراجة‪.‬‬

‫‪ 2000-1999‬تغذية راجعة جيدة‬

‫(‪)4‬‬

‫نشرت مختبرات ‪ Chapin and Nicolelis‬أول وصف‬ ‫ّ‬ ‫مشغلة بنشاط من أدمغة اجلرذان‪،‬‬ ‫لواجهة دماغ‪-‬آلة‬ ‫حيث تتحسس احليوانات بواسطتها احلركة عبر إشارة‬ ‫تغذية راجعة مرئية‪ .‬وفي العام التالي نشرت مختبرات‬ ‫‪ Nicolelis‬أول دراسة يتحكم فيها قرد في حركات ذراع‬ ‫إنسالية وذلك باستخدام نشاط دماغي فقط‪.‬‬

‫‪َ 2011-2008‬شفرة عدّاء‬

‫(‪)5‬‬

‫بعد فشله في التأهل لأللعاب األوملبية في صيف ‪،2008‬‬ ‫أجرى >‪ .O‬ريستوريوس< مسحا أللعاب صيف ‪2008‬‬ ‫الباراملبية (للمعوقني) وذهب إلى نصف نهائي ‪ 400‬متر‬ ‫في بطولة العالم للرابطة الدولية الحتادات األلعاب‬ ‫الرياضية في كوريا اجلنوبية‪.‬‬

‫‪ 2011‬قرد يفكر وأڤاتار‬ ‫(إنسالة على شكل إنسان) يعمل‬

‫(‪)6‬‬

‫بينّ فريق ‪ Nicolelis‬في مركز جامعة ‪ Duke‬للهندسة‬ ‫العصبية أن بإمكان قرد أن يستخدم أفكاره للتحكم‬ ‫في حركات أڤاتار برمجي‪.‬‬

‫‪ 2012‬من دماغي إلى ذراعي اإلنسالة‬

‫(‪)7‬‬

‫بينّ >‪ .J‬دونگو< وزمالؤه [من جامعة براون] أن بإمكان‬ ‫شخص بغرسة دماغية ‪ brain implant‬أن يحرك ذراعا‬ ‫إنسالية ليلتقط شرابه باستخدام نظام واجهة عصبية‬ ‫لبوابة الدماغ ‪.Brain Gate‬‬

‫‪ 2014‬ركلة االفتتاح لسيبروگ‬

‫(‪)8‬‬

‫ينوي مختبر ‪ Nicolelis‬تزويد هيكل خارجي ليافع‬ ‫معوق ليقوم بأول ركلة في افتتاح كأس العالم في‬ ‫ّ‬ ‫البرازيل عام ‪.2014‬‬

‫‪30‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫اإللكترونية التي تطلقها املف ّعالت‪ ،‬نأمل‬ ‫ب� � ��أن تتمكن واجهتن� � ��ا دماغ‪-‬آلة من أن‬ ‫يتحلى فعلي� � ��ا ال� � ��راكل األول في كأس‬ ‫العالم بقوة اإلرادة‪.‬‬ ‫وهذا ال� � ��راكل لن يتحرك فحس� � ��ب‬ ‫وإمنا سيتحس� � ��س أيضا األرض حتته‪.‬‬ ‫وس� � ��يولد الهي� � ��كل اخلارجي الش� � ��عور‬ ‫باللم� � ��س والتوازن بتضمني محس� � ��ات‬ ‫ميكروية تكش� � ��ف مق� � ��دار القوة الناجتة‬ ‫من حركة معينة‪ ،‬ويرس� � ��ل معلومات من‬ ‫البدلة إلى الدماغ‪ .‬وسيكون مبقدور هذا‬ ‫الراكل األول أن يشعر بأن إصبع قدمه‬ ‫قد المست الكرة‪.‬‬ ‫وتقترح جتاربنا املمتدة على مدى عقد‬ ‫من الزمن على الواجهات بني دماغ‪-‬آلة أنه‬ ‫حاملا يبدأ بالتفاعل مع هيكله اخلارجي‪،‬‬ ‫يبدأ الدماغ بإدماج هذا اجلسم اإلنسالي‬ ‫كامتداد حقيقي لصورة جس� � ��ده الفعلي‪.‬‬ ‫ومن خالل التدريب‪ ،‬فإن اخلبرة املتراكمة‬ ‫من هذا الش� � ��عور املس� � ��تمر من التماس‬ ‫م� � ��ع األرض وموضع األرجل اإلنس� � ��الية‬ ‫س� � ��تم ّكن من احلركة بخطى رشيقة على‬ ‫ملعب ك� � ��رة القدم أو النزول عن رصيف‪.‬‬ ‫وجمي� � � ُ�ع مراح� � ��ل هذا املش� � ��روع تتطلب‬ ‫اختبارات مستمرة ودقيقة على احليوان‬ ‫قبل أن نبدأ بالتجريب على البشر‪ .‬إضافة‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬يجب أن جتتاز جميع إجراءات‬ ‫وكاالت التقييس ف� � ��ي البرازيل والواليات‬ ‫املتحدة وأوروبا لضم� � ��ان مراجعة علمية‬ ‫وأخالقية صحيحة‪ .‬ومع جميع الشكوك‬ ‫التي ينط� � ��وي عليها اس� � ��تكمال العرض‬ ‫العلني األول لهذا العمل والوقت القصير‬ ‫املتبق� � ��ي له‪ ،‬ف� � ��إن الفكرة البس� � ��يطة التي‬ ‫ينطوي عليها مثل ه� � ��ذا املَعلَم العظيم قد‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫‪LISTENING TO BRAIN WAVES‬‬ ‫‪PLUGGING IN‬‬ ‫‪BETTER MOVES‬‬ ‫‪GOOD FEEDBACK‬‬ ‫‪BLADE RUNNER‬‬ ‫‪MONKEY THINK, AVATAR DO‬‬ ‫‪FROM MY BRAIN TO MY ROBOT ARM‬‬ ‫‪CYBORG OPENING KICK‬‬


‫أثارت اهتمام املجتم� � ��ع البرازيلي بالعلم‬ ‫قلما لوحظت من قبل‪.‬‬ ‫حتكم من ُبعد‬

‫( )‬

‫إن ركل� � ��ة االفتت� � ��اح ل� � ��كأس العال� � ��م ‪ -‬أو‬ ‫حل� � ��دث مش� � ��ابه‪ ،‬ولن ُقل األلع� � ��اب األوملبية‬ ‫أو الباراملبي���ة(‪ )1‬ف� � ��ي ري� � ��و بالبرازيل في‬ ‫ع� � ��ام ‪ 2016‬إذا فاتن� � ��ا املوع� � ��د األول ألي‬ ‫س� � ��بب كان ‪ -‬س� � ��تكون أكثر م� � ��ن مجرد‬ ‫عم� � ��ل مثير ملرة واحدة‪ .‬وميكن اكتش� � ��اف‬ ‫تلمي� � ��ح ملا ميكن القيام ب� � ��ه مع هذه التقانة‬ ‫م� � ��ن جترب� � ��ة بجزأي� � ��ن اس � � � ُتكملت على‬ ‫الق� � ��رود‪ .‬وكمقدم� � ��ة ‪ -‬وبالعودة إلى عام‬ ‫‪ - 2007‬د ّرب فريقن� � ��ا البحثي في جامعة‬ ‫‪ Duke‬قرودا هندية على املش� � ��ي منتصبة‬ ‫على جهاز تدوي� � ��س‪ ،‬في حني كان يجري‬ ‫تس� � ��جيل النش� � ��اط الكهربائ� � ��ي ألكثر من‬ ‫‪ 200‬عصب���ون حلائ���ي(‪ )2‬ف� � ��ي آن مع� � ��ا‪.‬‬ ‫وفي غضون ذلك‪ ،‬بنى >‪ .G‬ش� � ��ينگ< [في‬ ‫مختبرات االتصاالت واإلنس� � ��الية الذكية‬ ‫‪ ART‬في كيوتو] بروتوك� � ��ول إنترنت بالغ‬ ‫السرعة‪ ،‬سمح لنا بإرسال هذا الدفق من‬ ‫البيانات العصبونية إلى كيوتو مباش� � ��رة‪،‬‬ ‫حيث غذت املتحكمات اإللكترونية إلنسالة‬ ‫ش���به بش���رية(‪ .CB1 )3‬وف� � ��ي اجلزء األول‬ ‫م� � ��ن هذه التجرب� � ��ة عبر الك� � ��رة األرضية‪،‬‬ ‫بينّ >ش� � ��ينگ< مع مجموعت� � ��ي العاملة في‬ ‫جامعة ‪ Duke‬أن اخلوارزميات التي ُط ِّورت‬ ‫سابقا لترجمة األفكار إلى حتكم في أذرع‬ ‫إنسالية ميكنها أيضا حتويل أمناط نشاط‬ ‫عصب� � ��ي متعلق بالتنقل على قدمني‪ ،‬جلعل‬ ‫رجلني ميكانيكيتني متشيان‪.‬‬ ‫لقد أعطى اجلزء الثاني من التجربة‬ ‫مفاج� � ��أة أكبر بكثير‪ .‬فحني كانت إحدى‬ ‫قرودن� � ��ا (إيدويا) متش� � ��ي عل� � ��ى جهاز‬ ‫التدوي� � ��س ف� � ��ي ‪ ،Durham, N.C.‬كان� � ��ت‬ ‫واجهتن� � ��ا دماغ‪-‬آلة تب� � ��ث دفقا ثابتا من‬ ‫فعالية كهربائية لدماغها إلى كيوتو عبر‬ ‫وصلة تشينگ لإلنترنت‪ .‬وهنالك‪ ،‬كشفت‬

‫اإلنس� � ��الة ‪ CB1‬هذه األوام� � ��ر احلركية‬ ‫وبدأت باملشي أيضا على الفور تقريبا‪.‬‬ ‫وقد احتاجت اإلنسالة ‪ CB1‬في البداية‬ ‫إلى بع� � ��ض الدعم عند اخلاصرة؛ ولكن‬ ‫ف� � ��ي التجارب الالحقة ب� � ��دأت بالتحرك‬ ‫ذاتيا كاس� � ��تجابة لألوام� � ��ر املنبعثة من‬ ‫الدماغ‪ ،‬التي يولدها القرد على الطرف‬ ‫اآلخر من الكرة األرضية‪.‬‬ ‫واألكثر م� � ��ن ذلك‪ ،‬فحتى حني توقف‬ ‫جهاز التدويس في جامعة ‪ ،Duke‬وتوقفت‬ ‫ظل بإمكانها‬ ‫القردة إيدويا عن املش� � ��ي‪ّ ،‬‬ ‫أن تتحكم في حركات أرجل اإلنس� � ��الة‬ ‫‪ CB1‬ف� � ��ي كيوتا مبج� � ��رد مراقبة أرجل‬ ‫اإلنسالة تتحرك وفق فيديو حي وتخ ّيل‬ ‫كل خط� � ��وة يجب أن تتخذها اإلنس� � ��الة‬ ‫‪ .CB1‬وتابع� � ��ت الق� � ��ردة إيدوي� � ��ا إنتاج‬ ‫النماذج الدماغية الالزمة جلعل اإلنسالة‬ ‫‪ CB1‬متش� � ��ي حتى وإن لم يعد جسدها‬ ‫مش� � ��اركا في هذه املهمة احلركية‪ .‬وهذا‬ ‫البرهان العملي لواجهة دماغ‪-‬آلة عابرة‬ ‫للقارات أظهر أن بإمكان أي إنس� � ��ان أو‬ ‫قرد أن يتجاوز بس� � ��هولة الفضاء والقوة‬ ‫والزمن بإص� � ��دار أوامر من الدماغ من‬ ‫احلدود الفيزيائية للجسم احليوي الذي‬ ‫يح� � ��وي الدم� � ��اغ ويبثها إل� � ��ى جهاز من‬ ‫صنع اإلنسان موجود بعيدا عن الفكرة‬ ‫األصلية التي ولّدت الفعل‪.‬‬ ‫وتقتضي ه� � ��ذه التجارب أن بإمكان‬ ‫واجهات دماغ‪-‬آلة أن مت ّكننا من التحكم‬ ‫رسلة إلى بيئات ال ميكن‬ ‫في إنساالت ُم َ‬ ‫مطلقا للبش� � ��ر اختراقها مباشرة‪ :‬ميكن‬ ‫ألفكارنا أن تش ّغل أداة جراحة ميكروية‬ ‫توج� � ��ه‬ ‫داخ� � ��ل اجلس� � ��م‪ ،‬أو لن ُق� � ��ل‪ ،‬أن ّ‬ ‫نشاطات إنسالة شبه بشرية حتاول أن‬ ‫تصلح تس ّربا في منشأة نووية‪.‬‬ ‫وميكن للواجهة أيضا أن تتحكم في‬ ‫أدوات تؤم� � ��ن قوى أق� � ��وى أو أخف من‬ ‫القوى التي تستطيع أجسامنا تأمينها‪،‬‬ ‫متحررة بذلك من القي� � ��ود العادية على‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫مقدار القوة التي ميكن للفرد أن يبذلها‪.‬‬ ‫وإن ربط دماغ القرد بإنسالة شبه بشرية‬ ‫قد تخلص م� � ��ن القيود الت� � ��ي تفرضها‬ ‫الس� � ��اعة‪ :‬فقد اس� � ��تغرقت رحلة القردة‬ ‫إيدويا الدماغية حول الكرة األرضية ‪20‬‬ ‫ميلي ثاني� � ��ة ‪ -‬وهي مدة أقل مما تتطلبه‬ ‫لتحريك رجلها‪.‬‬ ‫ومع اس� � ��تلهام رؤى من املس� � ��تقبل‬ ‫البعيد‪ ،‬فإن ما قمن� � ��ا بعمله على القرود‬ ‫أعطان� � ��ا ثقة بأن خطتن� � ��ا ميكن أن تكون‬ ‫قابلة للتطبيق‪ .‬وعن� � ��د كتابة هذا املقال‪،‬‬ ‫كن� � ��ا ننتظر معرفة م� � ��ا إذا كان االحتاد‬ ‫الدولي لك� � ��رة القدم (فيف� � ��ا)‪ ،‬الذي يقع‬ ‫على عاتقه تنظيم االحتفالية‪ ،‬س� � ��يوافق‬ ‫على مقترحنا مبشاركة يافع مشلول في‬ ‫احتفالية افتتاح كأس العالم عام ‪.2014‬‬ ‫واحلكومة البرازيلية ‪ -‬التي تنتظر إقرار‬ ‫الفيفا ‪ -‬تدعم مقترحنا هذا‪.‬‬ ‫وقب� � ��ل أن تتحق� � ��ق رؤيتن� � ��ا تكث� � ��ر‬ ‫الصعوب� � ��ات البيروقراطية والش� � ��كوك‬ ‫العلمي� � ��ة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال ميكنني التوقف‬ ‫عن تخ ّيل ما ميكن أن يكون عليه األمر‬ ‫أثناء التمشي الوجيز ولكنه التاريخي‬ ‫عل� � ��ى أرض ك� � ��رة الق� � ��دم اخلضراء‬ ‫االس� � ��توائية لثالثة باليني من البش� � ��ر‬ ‫ليش� � ��اهدوا ش� � ��ابا برازيليا مش� � ��لوال‬ ‫ينهض وميش� � ��ي من جدي� � ��د مبحض‬ ‫إرادته‪ ،‬وأخيرا يركل الكرة ليس� � ��جل‬ ‫هدفا ِ‬ ‫للعلم ال ينسى‪ ،‬في األرض نفسها‬ ‫>‬ ‫الت� � ��ي أتقنت هذه اللعبة اجلميلة‪.‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪REMOTE CONTROL‬‬ ‫‪Paralympic‬‬ ‫‪ ،cortical neuron‬حلائي‬ ‫‪humanoid robot‬‬

‫خاص بلحاء الدماغ =‬

‫‪cortex‬‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪Controlling Robots with the Mind. Miguel A. L. Nicolelis‬‬ ‫‪and John K. Chapin in Scientific American, Vol. 287, No.‬‬ ‫‪4, pages 46–53; October 2002.‬‬ ‫‪Cortical Control of a Prosthetic Arm for Self Feeding.‬‬ ‫;‪ Meel Velliste et al. in Nature, Vol. 453, pages 1098–1101‬‬ ‫‪June 19, 2008.‬‬ ‫‪Beyond Boundaries: The New Neuroscience of Connect‬‬‫‪ing Brains with Machines—and How It Will Change Our‬‬ ‫‪Lives. M‬‬ ‫‪ iguel Nicolelis. St. Martin’s Griffin, 2012.‬‬

‫‪31‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫حد الطموح‬

‫( )‬

‫وتوسع آفاقه‪.‬‬ ‫عشرة مشاريع تتخطى حدود العالم الهندسي‬ ‫ِّ‬ ‫>‪ .D‬موشر<‬

‫َح ْجز آمن جديد‬

‫( )‬

‫إن أكبر ناووس(‪ )2‬في العالم منذ بناء الهرم‬ ‫العظيم في اجليزة سنة ‪ 2560‬قبل امليالد سيكون‬ ‫مثوى لرفات محطة تشيرنوبيل للطاقة‬ ‫عما قريب‬ ‫ً‬ ‫النووية‪ .‬وللتقليل من تعرض العمال لإلشعاع‬ ‫سيجري جتميع املدخل املقنطر الذي يبلغ ارتفاعه‬ ‫‪ 360‬قدما واملصنوع من ‪ 32 000‬طن من الفوالذ‬ ‫على بعد ‪ 900‬قدم من املفاعل النووي‪ ،‬ومن ثم‬ ‫(‪)3‬‬ ‫سيجري زلقه داخل املكان على محامل تفلون ‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2015‬عند االنتهاء من هذا الناووس‬ ‫سيكون أكبر هيكل متحرك في العالم‪.‬‬

‫أعمال الدلتا‬

‫( )‬

‫إن أكبر هيكل ملقاومة املياه في العالم ليس سدا ‪ -‬وإمنا‬ ‫شبكة‪ .‬يجتمع أكثر من عشرة أميال من احلواجز‬ ‫واجلدران والسدود حلماية هولندا من بحر الشمال‪.‬‬ ‫استغرق املشروع نصف قرن لبنائه‪ ،‬ولكن ارتفاع منسوب‬ ‫املياه على سطح البحر الناجم عن تغير املناخ يعني أن‬ ‫املهندسني الهولنديني سوف يعملون إلى األبد على ترقية‬ ‫أشغال الدلتا من أجل احلفاظ على البلد جافا‪.‬‬

‫محاور املعاجلة العصبية‬

‫( )‬

‫غواصة تريتون‬

‫( )‬

‫‪36000/3‬‬

‫لم يكن لدى املخرج السينمائي >‪ .J‬كاميرون<‬ ‫سوى كوة صغيرة فقط يرى من خاللها أعماق‬ ‫احمليطات عندما وصل إلى أعمق نقطة في‬ ‫غرب احمليط الهادي‪ ،‬وهي خندق ماريانا‪,‬‬ ‫في وقت سابق من عام ‪ .2012‬ولكن الشركة‬ ‫اخلاصة تريتون املص ِّنعة للغواصات تعمل‬ ‫بحرفية عالية على تصنيع غواصة ميكنها‬ ‫الوصول إلى ذات النقطة في أعماق احمليط‬ ‫ولكن مبجال رؤية يصل إلى ‪ 360‬درجة‪ .‬وسوف‬ ‫يسمح محيط الدلو احملاري(‪ )1‬املصنوع بالكامل‬ ‫من الزجاج العالي الضغط لغاية ثالثة من‬ ‫املستكشفني باملناورة في العمق باستخدام‬ ‫أدوات حتكم األلياف الضوئية العابرة للزجاج‪.‬‬

‫تتوقف شيپات(‪ )4‬احلاسوب عن العمل اليوم عندما ُتك َّلف‬ ‫مبهمة القيام بعمليات املطابقة للنماذج‪ ،‬مثل عمليات‬ ‫تعرف وجه ما‪ .‬وتعمل الشركة ‪ IBM‬على تطوير وحدات‬ ‫معاجلة مركزية ذات محور عصبي(‪ )5‬حتاكي الترتيب املرن‬ ‫للعصبونات في دماغ احليوان‪ .‬فبدال من وجود معاجلة‬ ‫دمج هاتان الشيپتان معا بحيث‬ ‫منفصلة ووحدات ذاكرة‪ُ ،‬ت َ‬ ‫ُ‬ ‫املعاجلات التعل َم من البيانات الواردة‪ .‬وقد متكنت‬ ‫تستطيع‬ ‫الشيپة األولى من تعلم كيفية لعب كرة املضرب (التنس)‪.‬‬

‫(‪ = sarcophagus )2‬ناووس = َحجر َمنْقور توضع فيه جثة امليت؛ ويطلق هذا‬ ‫االسم أيضا على صندوق من خشب أو غيره توضع فيه ُجثة امليت‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫( ) ‪THE EDGE OF AMBITION‬‬ ‫( ) ‪DELTA WORKS‬‬ ‫( ) ‪NEW SAFE CONFINEMENT‬‬ ‫(‪Teflon )3‬‬ ‫( ) ‪TRITON 36000/3 SUBMARINE‬‬ ‫( ) ‪CORES‬‬ ‫‪chips )4( (2013)NEURAL-PROCESSING‬‬ ‫‪2/1‬‬ ‫(‪clamshell sphere )1‬‬ ‫(‪neural core )5‬‬


‫جواسيس إنسالية(‪ )2‬دقيقة‬

‫محطة فضاء دولية‬

‫( )‬

‫( )‬

‫يشير النقاد إلى أن هذا املختبر الفضائي في‬ ‫السماء الذي تبلغ قيمته ‪ 100‬بليون دوالر لم يقدم من‬ ‫العِ لم ما يدنو في قيمته من هذا املبلغ‪ .‬بيد أن هذا‬ ‫املختبر يعتبر معجزة هندسية ال مثيل لها‪ .‬فقد قام‬ ‫رواد فضاء بتجميع ‪ 40‬قطعة من املكونات الهيكلية‬ ‫الرئيسية‪ ،‬على منوذج لعبة السمكري ‪،Tinkertoy‬‬ ‫في قصر خارج األرض مؤلف من ‪ 15‬غرفة يتألأل في‬ ‫السماء بسرعة ‪ 17 000‬ميل في الساعة‪.‬‬

‫لقد استغرقت وزارة الدفاع‬ ‫األمريكية خمس سنوات في إنتاج‬ ‫إنسالة صغيرة شبيهة بالطائر‬ ‫الطنان وهو يضرب بجناحيه لكي‬ ‫يطير‪ .‬وتستطيع هذه اإلنسالة‬ ‫الطائرة‪ ،‬التي جرى الكشف عنها‬ ‫عام ‪ ،2011‬التقاط صور فيديو‬ ‫وربطها عبر األقمار الصناعية‪،‬‬ ‫بقواعد التجسس التي أرسلتها عبر‬ ‫القارات‪ .‬وقد قام باحثون آخرون‬ ‫بابتداع إنسالة السلكية صغيرة‬ ‫بحجم قطعة السنت األمريكي تشبه‬ ‫في شكلها سربا من النحل‪.‬‬

‫خاليا جذعية قابلة للبرمجة‬

‫( )‬

‫لقد صنع البشر األوائل أدوات من احلجر ومن ثم من‬ ‫الفوالذ والسيليكون‪ .‬أما ما هو قادم من صنع البشر‬ ‫فهو‪ :‬اخلاليا‪ .‬فقد أجريت آالف التجارب البحثية على‬ ‫استكشاف إمكان هندسة اخلاليا اجلذعية(‪ ،)1‬أي برمجة‬ ‫اخلاليا البشرية لتنفيذ وظيفة معينة من اختيارنا‪.‬‬ ‫ولتقدمي مثال واحد فقط مما مت إجنازه في بداية عام‬ ‫‪ :2012‬قام مهندسون بيولوجيون ببرمجة خاليا جذعية‬ ‫دموية لكي تتحول إلى خاليا مناعية تسعى إلى قتل‬ ‫اخلاليا املصابة بڤيروس عوز املناعة البشري )‪.(HIV‬‬

‫منجم الذهب‬

‫إنترنت‬

‫( )‬

‫تعتبر شبكة اإلنترنت العاملية‬ ‫غير املرئية والتي صارت‬ ‫ضرورية كالهواء الذي‬ ‫نستنشقه‪ ،‬أهم إجناز هندسي‬ ‫في التاريخ احلديث‪.‬‬

‫( )‬

‫‪Mponeng‬‬

‫لقد نفد الذهب من تالل الوعل ‪،thar‬‬ ‫ولكنه ال يزال وفيرا في أعماق‬ ‫جوف األرض‪ .‬وللوصول إليه قامت‬ ‫شركة التعدين ‪AngloGold Ashanti‬‬ ‫في جنوب إفريقيا بحفر ما يزيد‬ ‫عمقه على ميلني في جوف األرض‪،‬‬ ‫مما يجعل منجم الذهب ‪Mponeng‬‬ ‫أعمق منجم في العالم‪ .‬وفي مثل‬ ‫هذا العمق‪ ،‬تصل درجات احلرارة‬ ‫إلى ‪ 140‬درجة فهرنهايت‪ .‬ولتحافظ‬ ‫الشركة على درجات احلرارة احمليطة‬ ‫حتت الدرجة ‪ 85‬فهرنهايت حتى‬ ‫ال يفقد العمال وعيهم‪ ،‬فإنها تقوم‬ ‫بضخ مِ الط من اجلليد عبر أنابيب‬ ‫معدنية داخل املنجم‪.‬‬

‫حتمل وثبات‬ ‫إنسالة ُّ‬

‫( )‬

‫ساعدت وكالة الفضاء ناسا‬ ‫على تصميم هذا الس ّباح الذاتي‬ ‫التحكم الستكشاف البحيرات‬ ‫الشاسعة املدفونة حتت طبقات‬ ‫اجلليد في القطب املتجمد‬ ‫اجلنوبي‪ .‬وهذه اآللة هي النسخة‬ ‫األولى من اإلنساالت التي ستقوم‬ ‫ذات يوم بسبر أغوار احمليطات‬ ‫البعيدة واحملفوفة باملخاطر‬ ‫والتي يعتقد أنها تقبع حتت‬ ‫القشرة اجلليدية لقمر كوكب‬ ‫املشتري يوروبا ‪.Europa‬‬

‫( ) ‪INTERNATIONAL SPACE STATION‬‬ ‫( ) ‪MICROROBOTIC SPIES‬‬ ‫) ( ‪PROGRAMMABLE STEM CELLS‬‬ ‫( ) ‪INTERNET‬‬ ‫( ) ‪MPONENG GOLD MINE‬‬ ‫( ) ‪ENDURANCE ROBOT‬‬ ‫(‪engineered stem cells )1‬‬

‫‪ = robot )2((2013) 2/1‬إنسالة‪ ،‬وهذه نحت من إنسان‪-‬آلي‪ ،‬ومنها‬ ‫(التحرير)‬ ‫اشتقت‪ :‬إنسالية = ‪robotic‬‬

‫‪33‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫آالت الالنهاية‬

‫( )‬

‫إن قدرة اآلالت على اإلجابة السريعة عن أسئلة نعم‪-‬أو‪-‬ال ميكن أن‬ ‫تؤثر في كل شيء‪ ،‬من األمن القومي إلى حدود املعرفة البشرية‪.‬‬ ‫>‪ .J‬پاڤلوس<‬

‫في يوم ثلجي من الش� � ��هر ‪،1956/3‬‬ ‫في پرينس � � �تـون بنيـــوجــرس� � ��ي‪ ،‬كـتـب‬ ‫رجــل قصيـــر بــومي الش � � �ـكـل يســمى‬ ‫>‪ِ .K‬‬ ‫گودل< آخر رسائله إلى صديق على‬ ‫ش� � ��فير املوت‪ .‬خاطب > ِ‬ ‫گودل< صديقه‬ ‫>‪ .J‬ڤون نيومان< بأس� � ��لوب رسمي‪ ،‬مع‬ ‫أن الرجل� �ي��ن كان� � ��ا قد عرف� � ��ا بعضهما‬ ‫لعق� � ��ود بصفتهم� � ��ا زميلني ف� � ��ي معهد‬ ‫الدراس� � ��ات املتقدمة في پرينس� � ��تون(‪.)1‬‬ ‫كان الرجالن عبقريني في الرياضيات‪،‬‬ ‫وأدي� � ��ا دورا مؤثرا ف� � ��ي حتقيق التفوق‬ ‫العلمي والعس� � ��كري للوالي� � ��ات املتحدة‬ ‫في الس� � ��نوات التي تلت احلرب العاملية‬ ‫الثاني� � ��ة‪ .‬ولكن >ڤ� � ��ون نيومان< مصاب‬ ‫اآلن بالس� � ��رطان‪ ،‬وال يستطيع > ِ‬ ‫گودل<‬ ‫باختصار‬ ‫إن «‪ P‬مقابل ‪ »NP‬هو الس� � ��ؤال عما‬ ‫إذا كانت املس� � ��ائل الصعبة‪ ،‬التي ميكن‬ ‫التحقق من صحة حلولها سريعا (مثل‬ ‫أحجي� � ��ة الصور املتقطع� � ��ة)‪ ،‬قابلة للحل‬ ‫بسهولة أيضا‪.‬‬ ‫مرت عقود من التحري ولم يتمكن أحد‬ ‫من إثبات أن هذين الصنفني من املسائل‬ ‫مختلف� � ��ان‪ .‬وإذا كانا غي� � ��ر مختلفني فإن‬ ‫ذلك سيعطي اآلالت قوة هائلة‪.‬‬ ‫وال تؤث� � ��ر املس� � ��ألة فق� � ��ط في كس� � ��ر‬ ‫الك���ودات ‪ codes‬وعملي� � ��ات البحث على‬ ‫الوِ ب‪ ،‬بل تقت� � ��رح أيضا حدودا جوهرية‬ ‫على التطور احليوي والقوانني الفيزيائية‬ ‫وطبيعة املعرفة‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫وإن كان عبقري� � ��ا أن يفعل ش� � ��يئا حيال‬ ‫ذلك‪ ،‬سوى س� � ��رد بعض النكات املغرقة‬ ‫في التفاؤل ثم تغيير املوضوع‪:‬‬

‫عزيزي السيد >ڤون نيومان<‪:‬‬ ‫بأعم� � ��ق احل� � ��زن وصلني‬ ‫نبأ مرضك‪ ....‬وكما سمعت‪ ،‬فقد‬ ‫خضعت في األشهر املاضية لعالج‬ ‫جذري وأنا س� � ��عيد ملعرفة أن هذا‬ ‫العالج قد جنح كما هو منش� � ��ود‪،‬‬ ‫وأن صحتك أفضل اآلن‪....‬‬ ‫ومل� � ��ا كن� � ��ت اآلن‪ ،‬كم� � ��ا‬ ‫سمعت‪ ،‬تشعر بأنك أقوى‪ ،‬فإنني‬ ‫أسمح لنفسي بالكتابة إليك حول‬ ‫مس� � ��ألة رياضياتية‪ ،‬يهمني جدا‬ ‫معرفة رأيك بها‪....‬‬ ‫إن وصف > ِ‬ ‫گودل< لهذه املسألة غير‬ ‫مفهوم إطالق� � ��ا لغير الرياضياتيني‪( .‬في‬ ‫احلقيقة‪ ،‬رمبا كان يحاول ببس� � ��اطة أن‬ ‫يصرف تفكير >ڤون نيومان< عن مرضه‬ ‫بع� � ��رض نس� � ��خة متخصصة ج� � ��دا من‬ ‫محاضرة قصيرة‪ ).‬لقد تساءل عن الزمن‬ ‫الذي ستحتاج إليه آلة افتراضية لتعطي‬ ‫إجابات عن مسألة ما‪ .‬ويبدو ما استنتجه‬ ‫وكأنه شيء من اخليال العلمي‪:‬‬

‫ل� � ��و كانت هن� � ��اك فعال آلة‬ ‫[كهذه]‪ ...‬لكان لهذا األمر نتائج‬ ‫بالغة األهمية‪ .‬وحتديدا‪ ،‬سيعني‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫هذا وضوحا‪ ...‬أن العمل الذهني‬ ‫الذي يقوم ب� � ��ه الرياضياتي فيما‬ ‫يتعل� � ��ق باألس� � ��ئلة نع� � ��م‪-‬أو‪-‬ال‪،‬‬ ‫س ُيستعاض عنه متاما‪.‬‬ ‫لم يقص� � ��د >گ� � � ِ‬ ‫�ودل< بقول� � ��ه «عمل‬ ‫ذهني» إجراء حسابات عادية مثل جمع‬ ‫‪ 2‬و‪ .2‬لق� � ��د كان يتح� � ��دث ع� � ��ن القفزات‬ ‫احلدس� � ��ية التي يقوم بها الرياضياتيون‬ ‫لتس� � ��ليط الضوء على مج� � ��االت جديدة‬ ‫متاما من املعرفة‪ .‬فقبل خمسة وعشرين‬ ‫(‪)2‬‬ ‫عام� � ��ا‪ ،‬حولت مبرهنات ع���دم التمام‬ ‫لـ> ِ‬ ‫گودل<‪ ،‬الش� � ��هيرة حاليا‪ ،‬الرياضيات‬ ‫إلى األبد‪ .‬وهل ميك� � ��ن صنع آلة تعطي‬ ‫عند الطلب رؤى مشابهة تغير العالم؟‬ ‫بعد مرور أس� � ��ابيع قليلة على إرس� � ��ال‬ ‫> ِ‬ ‫گودل< رس� � ��الته‪ ،‬أُدخل >ڤون نيومان< إلى‬ ‫مركز وولت� � ��ر ريد الطبي العس� � ��كري(‪ )3‬في‬ ‫واشنطن‪ ،‬حيث توفي بعد أقل من عام‪ ،‬دون‬ ‫أن يجيب صديقه‪ .‬ولكن املسألة بقيت إلى ما‬ ‫بعد رحيل الرجلني‪ .‬وهي تعرف اآلن باس� � ��م‬ ‫«‪ P‬مقابل ‪ ،)4(»NP‬وقد أصبح سؤال > ِ‬ ‫گودل<‬ ‫مب� � ��دأ منظِّ ما لعلم احلاس� � ��وب احلديث‪ .‬كما‬ ‫و َّلد مجاال بحثيا جديدا متاما يسمى نظرية‬ ‫التعقيد احلسابي(‪ )5‬وهو دمج‪ ،‬للرياضيات‬ ‫والعلوم والهندس� � ��ة يسعى إلى إثبات تام ملا‬ ‫) (‬ ‫)‪(1‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫)‪(3‬‬ ‫)‪(4‬‬ ‫)‪(5‬‬

‫‪MACHINES OF THE INFINITE‬‬ ‫‪the Institute for Advanced Study in Princeton‬‬ ‫‪incompleteness theorems‬‬ ‫‪Walter Reed Army Medical Center‬‬ ‫‪P versus NP‬‬ ‫‪computational complexity theory‬‬


‫املؤلفان‬ ‫‪John Pavlus‬‬

‫كات� � ��ب ومخرج أف� �ل��ام يركز عل� � ��ى موضوعات‬ ‫العلوم والتقانة والتصميم‪ُ .‬نش� � ��رت أعماله في‬ ‫املجالت ‪ Nature‬و ‪ Wired‬و ‪Technology Review‬‬ ‫وغيرها من املنابر‪.‬‬

‫تس� � ��تطيع‪ ،‬وما ال تستطيع‪ ،‬احلواسيب فعله‬ ‫في شروط واقعية‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن مس� � ��ألة «‪ P‬مقاب� � ��ل ‪ »NP‬هي‬ ‫أكثر بكثير من تل� � ��ك اآللة الغريبة املكونة‬ ‫من لدائن وس� � ��يليكونات والتي نس� � ��ميها‬ ‫حواسيب‪ .‬فللمسألة متض َّمنات عملية في‬ ‫الفيزياء والبيولوجيا اجلزيئية(‪ ،)1‬وعلم‬ ‫التعمي���ة(‪ ،)2‬واألمن القوم� � ��ي‪ ،‬والتطور‪،‬‬ ‫وح� � ��دود الرياضيات بل ورمبا أيضا في‬ ‫طبيعة الواقع‪ .‬ويضع هذا السؤال وحده‬ ‫احل� � ��دود ملا ميكننا نظريا حس� � ��ابه‪ .‬وفي‬ ‫الق� � ��رن احلادي والعش� � ��رين تبدو حدود‬ ‫القدرة احلس� � ��ابية مش� � ��ابهة أكثر فأكثر‬ ‫حلدود املعرفة البشرية نفسها‪.‬‬ ‫الرهان‬

‫( )‬

‫كان >‪ .M‬سيپزر< مجرد طالب دراسات‬ ‫علي� � ��ا‪ ،‬ولكن� � ��ه كان يع� � ��رف أن أحدا ما‬ ‫سوف يحل مسألة «‪ P‬مقابل ‪ »NP‬قريبا‪.‬‬ ‫بل إن� � ��ه اعتقد أنه قد يكون الش� � ��خص‬ ‫الذي س� � ��يفعل ذلك‪ .‬كان هذا في خريف‬ ‫عام ‪ ،1975‬وكان حينها يناقش املس� � ��ألة‬ ‫مع >‪ .L‬آدمل� � ��ان<‪ ،‬وهو طالب دراس� � ��ات‬ ‫عليا زميل له في قس� � ��م علوم احلاسوب‬ ‫بجامع� � ��ة كاليفورنيا‪ ،‬في بــ ِركــلي‪« .‬لقــــد‬ ‫كنـــت مــأخـــوذا مبسألة «‪ P‬مقابل ‪،»NP‬‬ ‫وكان عندي ش� � ��عور بأنن� � ��ي‪ ،‬على نحو‬ ‫ما‪ ،‬ق� � ��ادر على فهمها فهم� � ��ا أعمق من‬ ‫الفهم الذي ميكن ألي ش� � ��خص آخر أن‬ ‫يقاربها به‪ »،‬هذا ما قاله >سيپزر<‪ ،‬الذي‬

‫يرأس اآلن قس� � ��م الرياضيات في معهد‬ ‫ماساشوس� � ��تس للتقانة )‪ .(MIT‬لقد كان‬ ‫واثقا جدا من نفس� � ��ه إلى درجة أنه في‬ ‫حل مسألة‬ ‫ذلك اليوم راهن >آدملان<‪ :‬س ُت ُّ‬ ‫«‪ P‬مقابل ‪ »NP‬مع نهاية القرن العشرين‪،‬‬ ‫ه� � ��ذا إذا لم حتل قبل ذلك‪ .‬وكان الرهان‬ ‫على أونصة واحدة من الذهب اخلالص‪.‬‬ ‫لقــد كـــ� � ��ان لرهــان >س� � ��يپزر< نــوع‬ ‫مـــن املعـنــى الش� � ��اعــــري‪ ،‬ألن مسألـــــــة‬ ‫«‪ P‬مقابل ‪ »NP‬هي نفس� � ��ها مسألة ُتعنى‬ ‫بالس� � ��رعة التي ميكن بها حل املس� � ��ائل‬ ‫األخرى‪ .‬وأحيان� � ��ا‪ ،‬يوصلك اتباع قائمة‬ ‫من اخلط� � ��وات إل� � ��ى النتيج� � ��ة النهائية‬ ‫بترتي� � ��ب قصير نس� � ��بيا‪ .‬فكر بتس� � ��وق‬ ‫البقالة‪ :‬تش� � ��طب البنود التي تتس� � ��وقها‬ ‫واحدا إث� � ��ر اآلخر حتى تصل إلى نهاية‬ ‫القائمة‪ .‬يصن� � ��ف نظري� � ��و التعقيد هذه‬ ‫املس� � ��ائل حتت الصنف ‪ ،P‬حيث تعني ‪p‬‬ ‫زمنا حدوديا ‪( polynomial time‬أي من‬ ‫رتبة كثير حدود)‪ ،‬وهذا أس� � ��لوب دقيق‬ ‫رياضياتي� � ��ا للقول إن� � ��ه مهما أصبحت‬ ‫قائمة البقالة طويل� � ��ة‪ ،‬فإن الزمن الالزم‬ ‫لش� � ��طب جمي� � ��ع بنودها لن يكب� � ��ر أبدا‬ ‫مبعدل غير متحكم فيه‪.‬‬ ‫وف� � ��ي املقابل‪ ،‬هناك مس� � ��ائل عديدة‬ ‫قد يك� � ��ون‪ ،‬أو رمبا ال يكون‪ ،‬عمليا حلُّها‬ ‫بأس� � ��لوب ش� � ��طب البنود في قائمة على‬ ‫التتالي‪ ،‬ولك� � ��ن التحقق من صحة احلل‬ ‫أمر يس� � ��ير‪ .‬وأحجية الص���ور املقطعة‬ ‫(لعب���ة تركي���ب قط���ع)(‪ )3‬مثال جيد على‬ ‫ذلك‪ :‬فمع أنها تتطلب جهدا لتجميع قطعها‬ ‫في أماكنها‪ ،‬فإنك تتعرف احلل الصحيح‬ ‫مباش� � ��رة عند النظر إليه‪ .‬ويسمي نظريو‬ ‫التعقيد هذه املسائل التي يسهل التحقق‬ ‫من صحة حلولها‪ ،‬والش� � ��بيهة بأحجيات‬ ‫الصور املقطعة من هذه الناحية‪ ،‬باس� � ��م‬ ‫«مسائل الصنف ‪.»NP‬‬ ‫قبل أربع سنوات من رهان >سيپزر<‪،‬‬ ‫أثبت عالم رياضيات اس� � ��مه >‪ .S‬كوك< أن‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫هذي� � ��ن النوع� �ي��ن من املس� � ��ائل مرتبطان‪:‬‬ ‫فكل مس� � ��ألة س� � ��ريعة احلل من النمط ‪P‬‬ ‫هي أيضا مس� � ��ألة ميكن بسرعة التحقق‬ ‫من صح� � ��ة حــلـولهـا‪ ،‬أي من النمــط ‪.NP‬‬ ‫فــالســؤال «‪ P‬مقابل ‪ »NP‬الــذي انبثق من‬ ‫رؤية >كوك< ‪ -‬والذي ظل يلقي بظالله على‬ ‫هذا املجال منذئذ ‪ -‬يسأل‪ :‬أيكون العكس‬ ‫صحيحا أيضا‪ :‬هل جميع املسائل التي‬ ‫ميكن التحقق بسرعة من صحة حلولها‪،‬‬ ‫هي أيض� � ��ا قابلة للحل بس� � ��رعة؟ بداهة‬ ‫يبدو أن اجلواب ه� � ��و ال‪ .‬فتعرف أحجية‬ ‫صور مقطوعة أنها محلولة («أحس� � ��نت‪،‬‬ ‫لقد وجدتها») مختلف� � ��ا متاما عن القيام‬ ‫بالعمل ال� �ل��ازم إليجاد احل� � ��ل‪ .‬وبعبارة‬ ‫أخرى‪ ،‬ال يبدو أن ‪ P‬تساوي ‪.NP‬‬ ‫إن األمر الذي جذب >سيپزر< هو أنه‬ ‫لم يتمكن أحد أن يبرهن رياضياتيا هذه‬ ‫املالحظة التي تب� � ��دو واضحة‪ .‬ومن دون‬ ‫بره� � ��ان‪ ،‬ال زالت هن� � ��اك فرصة‪ ،‬مع عدم‬ ‫معقوليته� � ��ا أو غرابته� � ��ا‪ ،‬أن تكون جميع‬ ‫املسائل من الصنف ‪ NP‬هي في احلقيقة‬ ‫) (‬

‫‪THE BET‬‬

‫)‪(2‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫‪cryptography‬‬ ‫‪jigsaw puzzle‬‬

‫)‪ molecular biology (1‬أو علم احلياة اجلزيئي‬

‫‪35‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫كون حسابي‬

‫أساسيات التعقيد‬

‫( )‬

‫ك����م م����ن الوقت يل����زم حلل مس����ألة ما؟ هذا هو الس����ؤال ال����ذي طرح����ه الباحثون عند‬ ‫تصنيفهم املس����ائل في صفوف حس����ابية‪ .‬تأمل مثال مهمة ترتيب بسيطة‪ :‬ر ّتب الئحة‬ ‫م����ن األع����داد العش����وائية ترتيبا تصاعدي����ا من األصغر إل����ى األكبر‪ .‬م����ع ازدياد طول‬ ‫الالئح����ة‪ ،‬ي����زداد الزم����ن ال��ل�ازم لترتيبها ولك����ن مبع����دّل ُم َت َح ّكم فيه ‪ -‬رمبا يتناس����ب‬ ‫م����ع مرب����ع ط����ول الالئحة‪ .‬وهذا يضع مس����ألة الترتي����ب في الصف «‪ »P‬ألن����ه باإلمكان‬ ‫حلها بزمن حدودي ‪ .polynomial time‬وتتطلب األس����ئلة األصعب‪ ،‬مثل مس����ألة «البائع‬ ‫أسي مع ازدياد‬ ‫املتجول» [انظر اإلطار في الصفحة ‪ ،]38‬حللها زمنا يتزايد على نحو‬ ‫ّ‬ ‫تعقيدها‪ .‬وتصبح هذه املسائل املصنفة «‪-NP‬تام» بسرعة من الثقل والضخامة بحيث‬ ‫ّ‬ ‫الـمعالجِ ات العاملة لباليني من السنني من كسرها‪.‬‬ ‫ال‬ ‫تتمكن باليني من ُ‬

‫أي نوع من املسائل هذه؟‬ ‫أكثر صعوبة على احلل‬

‫‪-NP‬تام‬

‫تعمل هذه املجموعة اجلزئية من‬ ‫مسائل الصنف ‪ NP‬الصعبة احلل بصفتها‬ ‫مفتاحا عموميا‪ :‬ميكن ترجمة كل مسألة‬ ‫من الصنف ‪ NP‬إلى أي مسألة من الصنف‬ ‫‪-NP‬تام‪ .‬وعليه إذا وجد أحدهم حال سريعا‬ ‫ملسألة واحدة من الصنف ‪-NP‬تام فسيكون‬ ‫قادرا على حل جميع مسائل الصنف‬ ‫‪ .NP‬وسيكون ‪ P‬مساويا ‪.NP‬‬

‫‪P‬‬

‫ميكن حل هذه‬ ‫املسائل بسرعة‪ .‬الحظ أن‬ ‫جميع املسائل التي ميكن حلها‬ ‫بسرعة ميكن أيضا بسرعة التحقق‬ ‫من صحة حلها‪ ،‬إذن جميع مسائل‬ ‫الصنف ‪ P‬هي من الصنف ‪NP‬‬ ‫أيضا؛ لكن العكس هو من شبه‬ ‫املؤكد غير صحيح‪.‬‬

‫مسائل من الصنف ‪ P‬متخفية‪ .‬وميكن أن‬ ‫تكون ‪ P‬مس� � ��اوية ل � � �ـ‪ - NP‬وألنــه بإمكان‬ ‫احلواس� � ��يب أداء العمل القصير املطلوب‬ ‫حلل أي مسألة في ‪ ،P‬فإن املساواة بني ‪P‬‬ ‫و‪ NP‬تقتضي أن تكون قدرات احلواسيب‬ ‫على حل املس� � ��ائل أكب� � ��ر بكثير مما كنا‬ ‫نتخيله‪ .‬ستكون احلواس� � ��يب متاما كما‬ ‫وصفها > ِ‬ ‫گودل< في رس� � ��الته إلى >ڤون‬ ‫نيومان<‪ :‬ع ّرافات ميكانيكية(‪ )1‬تستطيع‬ ‫‪36‬‬

‫‪NP‬‬

‫لهذه املسائل‬ ‫خاصة جوهرية‪:‬‬ ‫إذا أعطيت‬ ‫جوابا ملسألة من‬ ‫هذا الصنف‪ ،‬كان‬ ‫باستطاعتك التحقق‬ ‫بسرعة من صحة‬ ‫اجلواب أو خطئه‪.‬‬

‫اإلجابة عن أي سؤال يطرح عليها بفعالية‪،‬‬ ‫وذلك مبجرد القدرة على برمجتها للتحقق‬ ‫من صحة احلل‪.‬‬ ‫وكان >س� � ��يپزر< يع� � ��رف أن ه� � ��ذه‬ ‫النتيجة غير محتملة إلى حد بعيد‪ .‬ومع‬ ‫ذلك يبدو أن إثبات العكس‪ ،‬وهو األكثر‬ ‫احتماال ‪ -‬أي إن ‪ P‬ال تساوي ‪ - NP‬قد‬ ‫يكون اكتشافا مذهال‪.‬‬ ‫وعلى غ� � ��رار مبرهنات ع� � ��دم التمام‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫لـ> ِ‬ ‫گودل<‪ ،‬التي كشفت عن وجوب احتواء‬ ‫الرياضيات على قضايا صحيحة ولكنها‬ ‫غير قابلة لإلثبات‪ ،‬فبرهان أن ‪ P‬ال تساوي‬ ‫‪ NP‬ق� � ��د يعرض حقيقة موضوعية تتعلق‬ ‫مبحدودية املعرفة‪ .‬فحل أحجية الصور‬ ‫املقطعة واإلقرار ب� � ��أن هذه األحجية قد‬ ‫ُحلّت‪ ،‬هم� � ��ا أمران مختلف� � ��ان جوهريا‪،‬‬ ‫وليس� � ��ت هناك طرق مختصرة للمعرفة‪،‬‬ ‫مهما بلغت قدرة حواسيبنا‪.‬‬ ‫إن إثبات نتيجة س� � ��لبية أمر صعب‬ ‫دوم� � ��ا‪ ،‬ولكن >گ� � � ِ‬ ‫�ودل< فعل� � ��ه‪ .‬لذلك بدا‬ ‫لـ>سيپزر< عندما راهن >آدملان< أن مدة‬ ‫خمسة وعش� � ��رين عاما‪ ،‬أكثر من كافية‬ ‫إلجناز العمل‪ .‬وإذا لم يتمكن بنفسه من‬ ‫إثبات أن ‪ P‬ال تس� � ��اوي ‪ ،NP‬فس� � ��يتمكن‬ ‫ش� � ��خص آخر من القيام بذلك‪ .‬وسيكون‬ ‫هذا الش� � ��خص قد أضاف إل� � ��ى ثروته‬ ‫أونصة من الذهب اخلالص‪.‬‬ ‫سريعة التعقيد‬

‫( )‬

‫لقد ش� � ��ارك >آدملان< >سيپزر< اجنذابه‬ ‫نحو املسألة‪ ،‬وإن لم يشاركه ثقته‪ ،‬بسبب‬ ‫دلي� � ��ل رياضياتي معم���ى(‪ .)2‬وفي مقالته‬ ‫التي أثبت فيها أن املسائل من الصنف‬ ‫‪ P‬ه� � ��ي جميعها ‪ ،NP‬أثبت >كوك< أيضا‬ ‫وج� � ��ود نوع خ� � ��اص من املس� � ��ائل التي‬ ‫ميكن بس� � ��رعة اختبار حلولها أس� � ��ماه‬ ‫‪ -NP‬تام(‪ .)3‬وهذه املس� � ��ائل تعمل وكأنها‬ ‫مجموعة من املفاتيح الس� � ��حرية ‪ :‬فإذا‬ ‫وجدت خوارزمية س� � ��ريعة حلل واحدة‬ ‫منه� � ��ا‪ ،‬فإن ه� � ��ذه اخلوارزمية س� � ��تفتح‬ ‫الباب أمام حل أي مس� � ��ألة من الصنف‬ ‫‪ NP‬وستثبت أن ‪ P‬تساوي ‪.NP‬‬ ‫ولكن هن� � ��اك قيدا واحدا فحس� � ��ب‪:‬‬ ‫فاملس� � ��ائل من النمط ‪ -NP‬ت� � ��ام هي من‬ ‫أصعب املس� � ��ائل الت� � ��ي واجهها أي من‬ ‫) (‬

‫‪The Basics of Complexity‬‬

‫) ( ‪COMPLICATED FAST‬‬ ‫)‪mechanical oracles (1‬‬ ‫)‪cryptic (2‬‬ ‫)‪NP-complete (3‬‬


‫العامل� �ي��ن في مجال علوم احلاس� � ��وب‪.‬‬ ‫وم� � ��ا أن اكت ُِش� � ��ف ه� � ��ذا الصنف حتى‬ ‫صارت تظهر مس� � ��ائله ف� � ��ي كل مكان‪.‬‬ ‫وبعد مدة قصيرة من نشر مقالة >كوك<‬ ‫[وهو أحد املش� � ��رفني على >آدملان< في‬ ‫بيركلي] نش� � ��ر >‪ .M .R‬كراپ< دراس� � ��ة‬ ‫اعت ِبرت َم ْعلما تبني أن واحدة وعشرين‬ ‫من املس� � ��ائل احلس� � ��ابية التقليدية هي‬ ‫جميعها من الصنف ‪ -NP‬تام‪ .‬وسرعان‬ ‫ما ت ِبع ذلك عشرات ومئات من املسائل‪.‬‬ ‫يق� � ��ول >آدمل� � ��ان< ‪« :‬لق� � ��د كان هذا مثل‬ ‫فت� � ��ح ثقب في س� � ��د‪ ».‬فجدولة الرحالت‬ ‫اجلوي� � ��ة‪ ،‬وتوضيب صنادي� � ��ق النقل في‬ ‫شاحنة‪ ،‬وحل أحجية سودوكو ‪،Sudoku‬‬ ‫وتصميم شيپة ‪ chip‬حاسوبية‪ ،‬وإجالس‬ ‫الضي� � ��وف في حفل زواج‪ ،‬واللعب بلعبة‬ ‫تتري� � ��س ‪ Tetris‬كلها مس� � ��ائل ُأث ِبت أنها‬ ‫تنتمي إلى الصنف ‪ -NP‬تام‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫آالف املسائل العملية الواقعية األخرى‪.‬‬ ‫كي� � ��ف ميكن له� � ��ذا املفت� � ��اح احملير‬ ‫حل� � ��ل مس� � ��ألة «‪ P‬مقاب� � ��ل ‪ »NP‬أن يبدو‬ ‫في الوقت نفس� � ��ه مألوفا جدا وغير قابل‬ ‫للكسر على اإلطالق؟ «لهذا كنت مهتما‬ ‫بدراسة مس� � ��ألة ‪ P‬مقابل ‪ ،»NP‬هذا ما‬ ‫قاله >آدملان< الذي أصبح اآلن أس� � ��تاذا‬ ‫في جامعة ساوث كاليفورنيا(‪ ،)1‬ويتابع‪:‬‬ ‫«لقد بدت قوة هذه األس� � ��ئلة احلس� � ��ابية‬ ‫واتس� � ��اعها مثي� � ��رة للرهب� � ��ة‪ .‬ولكن كنا‬ ‫بالتأكيد ال نفهمها‪ .‬ولم يبد أننا سنفهمها‬ ‫في وقت قريب‪( ».‬لقد قاد تشاؤم >آدملان<‬ ‫حول مس� � ��ألة «‪ P‬مقابل ‪ »NP‬إلى اختراع‬ ‫غ ّي� � ��ر العالم‪ :‬فبعد مرور بضع س� � ��نوات‬ ‫على الرهان‪ ،‬اس� � ��تعمل >آدملان< وزمياله‬ ‫>‪ .R‬رايڤست< و>‪ .A‬شامير< عدم التكافؤ‬ ‫الظاهري بني ‪ P‬و‪ NP‬الختراع خوارزمية‬ ‫التعمية(‪ )2‬املس� � ��ماة باحلروف األولى من‬ ‫أس� � ��مائهم ‪ ،RSA‬وهي ماتزال مستعملة‬ ‫على نطاق واس� � ��ع في األعمال املصرفية‬ ‫على اخلط ‪ ،online‬وتطبيقات االتصاالت‬ ‫واألمن القومي‪).‬‬

‫تعد املس� � ��ائل من الصنف ‪ -NP‬تام‬ ‫صعبة ألنها س� � ��رعان ما تصبح معقدة‪.‬‬ ‫تخي� � ��ل أن� � ��ك رحالة تخط� � ��ط لرحلة عبر‬ ‫ع� � ��دد من املدن في أوروب� � ��ا‪ ،‬وأنك تريد‬ ‫طريقا مير بجميع هذه املدن وتكون فيه‬ ‫املس� � ��افة الكلية املقطوعة هي الصغرى‪.‬‬ ‫فكيف جتد الطريق األفضل؟ إن أبسط‬ ‫طريق� � ��ة هي أن جترب جميع اإلمكانات‪.‬‬ ‫في حالة زيارة خم� � ��س مدن عليك فقط‬ ‫أن تفحص اثنتي عش� � ��رة إمكانية‪ .‬وفي‬ ‫حالة عشر مدن‪ ،‬يتضاعف عدد الطرق‬ ‫املمكنة ملا يزيد على ‪ 180 000‬طريق‪ .‬وفي‬ ‫حالة س� � ��تني مدينة يتجاوز عدد الطرق‬ ‫عدد الذرات في الكون املعروف‪ .‬يعرف‬ ‫هذا الكابوس احلس� � ��ابي باسم مسألة‬ ‫البائع املتجول(‪ ،)3‬وعلى مدى أكثر من‬ ‫ثمانني عام� � ��ا من الدراس� � ��ة املكثفة‪ ،‬لم‬ ‫يتمكن أحد من إيجاد طريقة عامة حلل‬ ‫تلك املس� � ��ألة أفضل من طريقة جتريب‬ ‫جميع اإلمكانات‪.‬‬ ‫هذا هو جوهر االختالف بني مسألة‬ ‫‪ -NP‬تام ومسألة ‪ P‬مقابل ‪ :NP‬ليس فقط‬ ‫أن جميع املسائل من الصنف ‪ -NP‬تام‬ ‫متتلك القدر نفس� � ��ه من االستحالة على‬ ‫احلل إال في احلاالت البس� � ��يطة ‪ -‬وإن‬ ‫كان حاسوبك مزودا بذاكرة فائقة الكبر‬ ‫وكان لدي� � ��ه من الوق� � ��ت ليعمل ما يفوق‬ ‫عمر الكون ‪ -‬بل يبدو أنها تظهر في كل‬ ‫مكان‪ .‬في احلقيقة‪ ،‬ال حتبط املسائل من‬ ‫النمط ‪ -NP‬تام علماء احلاسوب فحسب‪،‬‬ ‫ب� � ��ل يبدو أنه� � ��ا تضع ح� � ��دودا لقدرات‬ ‫الطبيعة نفسها‪.‬‬ ‫كود الطبيعة‬

‫( )‬

‫لقــد فهـم املبــرمــ� � ��ج الهــولنــدي الـرائــد‬ ‫> ‪ .E‬ديكس� � ��ترا< أن لألس� � ��ئلة احلسابية‬ ‫ُمتضمن� � ��ات أبعد م� � ��ن الرياضيات‪ .‬وقد‬ ‫الحظ مرة أن «علم احلاسوب ال يتعلق‬

‫باحلواس���يب بأكث���ر مم���ا يتعلق علم‬ ‫الفل���ك بالتلس���كوبات(‪ ».)4‬وبكلم� � ��ات‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أخرى‪ ،‬فإن احلس� � ��اب هو س� � ��لوك تبديه‬ ‫العدي� � ��د من النظ� � ��م مبا فيه� � ��ا تلك التي‬ ‫تصنعه� � ��ا ش� � ��ركتا گ� � ��وگل ‪ Google‬أو‬ ‫إنت� � ��ل ‪ .Intel‬وفي الواق� � ��ع‪ ،‬فإن كل نظام‬ ‫يحول امل ْدخالت إلى مخْ رجات بواس� � ��طة‬ ‫مجموعة متقطعة من القواعد ‪ -‬مبا فيها‬ ‫تلك النظم التي يدرس� � ��ها علماء األحياء‬ ‫والفيزيائيون ‪ -‬ميكن أن تسمى حسابا‪.‬‬ ‫فــي عـــام ‪ 1994‬أثبـــــت الـريــاضـيــاتي‬ ‫>‪ .P‬ش� � ��ور< أنه بإمكان جسيمات دون‬ ‫ذري���ة ‪ subatomic‬مرتبة بذكاء أن تكسر‬ ‫نظم التعمية احلديث� � ��ة‪ .‬وفي عام ‪2002‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫اس� � ��تعمل >آدمل� � ��ان< جدائ���ل الدن���ا‬ ‫إليجاد حل أمثلي(‪ )6‬ملثال من مس� � ��ألة‬ ‫البائع املتجول‪ .‬وفي عام ‪ 2005‬استعمل‬ ‫>‪ .S‬آرونس� � ��ون< [اخلبير في احلس���اب‬ ‫الكموم���ي(‪ )7‬ويعمل حالي� � ��ا في مختبر‬ ‫علم احلاس� � ��وب وال� � ��ذكاء الصنعي في‬ ‫املعهد ‪ ]M.I.T‬فقاع� � ��ات الصابون‪ ،‬من‬ ‫بني جميع األش� � ��ياء‪ ،‬حلس� � ��اب احللول‬ ‫األمثلية ملس� � ��ألة معروفة باسم شجرة‬ ‫>ش���تاينر<(‪.)8‬وهذه هي متاما املسائل‬ ‫م� � ��ن الن� � ��وع ‪ NP‬التي يج� � ��ب أن تغص‬ ‫بها لوحات دارات احلواسيب‪ .‬أتعرف‬ ‫ه� � ��ذه النظ� � ��م الطبيعية ش� � ��يئا ال تعرفه‬ ‫احلواسيب عن مسألة ‪ P‬مقابل ‪NP‬؟‬ ‫يجي� � ��ب >آرونس� � ��ون<‪« :‬بالطبع ال»‪.‬‬ ‫فتجربة فقاعات الصابون التي أجراها‬ ‫(‪)9‬‬ ‫كانت نوعا من اإلثبات بنقض الفرْض‬ ‫لالدعاء القائل إنه بإمكان نظم فيزيائية‬ ‫بسيطة أن تتجاوز بطريقة ما الفروق بني‬ ‫املس� � ��ائل من النمط ‪ P‬والنمط ‪ .NP‬فمع‬ ‫) (‬ ‫)‪(1‬‬ ‫)‪(2‬‬ ‫)‪(3‬‬

‫‪NATURE'S CODE‬‬ ‫‪University of Southern California‬‬ ‫‪encryption algorithm‬‬ ‫‪the traveling salesman problem‬‬

‫مس� � ��ألة البائ� � ��ع‬ ‫املتجول‪ :‬معضلة رياضياتية تس� � ��تهدف البحث عن‬ ‫أقصر الطرق لعبور كل مدينة من مجموعة مدن مرة‬ ‫واحدة‪ ،‬وواحدة فقط‪.‬‬

‫(‪‟computer science is no more about computers )4‬‬ ‫‪than astronomy is about telescopesˮ‬‬ ‫(‪strands of DNA )5‬‬ ‫(‪optimal solution )6‬‬ ‫(‪quantum computing )7‬‬ ‫)‪the Steiner tree (8‬‬ ‫)‪a reductio ad absurdum (9‬‬

‫‪37‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫تطبيقات‬

‫البائع املتجول السويدي‬

‫( )‬

‫إذا كن���ت تش���عر بالطم���وح ف���ي رحلت���ك القادمة‬ ‫إل���ى الس���ويد‪ّ ،‬‬ ‫فكر في زيارتها كامل���ة‪ .‬لقد أثبت‬ ‫الباحث���ون أن الطري���ق املرس���وم هن���ا هو أقصر‬ ‫طريق مير بجميع مدن وبلدات وقرى البلد التي‬ ‫عدده���ا ‪ .24 978‬وال يتوق���ع الباحث���ون أن يق���وم‬ ‫أحدهم فعليا بهذه الزيارة‪ ،‬ولكن تقنيات البحث‬ ‫طوره���ا الباحث���ون حل���ل هذه املس���ألة‬ ‫الت���ي ّ‬ ‫سوف تساعد في حاالت أخرى حيث يحتاج‬ ‫الباحثون إلى إيجاد مس���ار أم َثلي ‪optimal‬‬ ‫عبر مش���هد معقد ‪ -‬في تصميم الشيپات‬ ‫امليكروية ‪ microchips‬أو َسلْ َسلة اجلينوم‬ ‫‪ genome sequencing‬مثال‪.‬‬

‫قادري� � ��ن على إثبات ذلك إثباتا محكما ال‬ ‫شك فيه‪ .‬ولكن لو كنا فيزيائيني بدال من‬ ‫كونن� � ��ا باحثني في نظرية التعقيد‪ ،‬لكانت‬ ‫املقولة «‪ P‬ال تساوي ‪ »NP‬قد أعلنت قانونا‬ ‫م� � ��ن قوان� �ي��ن الطبيعة منذ زم� � ��ن بعيد ‪-‬‬ ‫متام� � ��ا مثل حقيقة أال ش� � ��يء يس� � ��تطيع‬ ‫الس� � ��ير بأسرع من الضوء‪ ».‬في الواقع‪،‬‬ ‫تقتضي بعض النظريات الفيزيائية حول‬ ‫الطبيعة األساس� � ��ية للكون ‪ -‬مثل املبدأ‬ ‫الهولوغراف���ي ‪،holographic principle‬‬ ‫الــذي اقترحــــ� � ��ه > ‪ .S‬هوكينگ< في بحثه‬ ‫اخل� � ��اص بالثقوب الس� � ��وداء ‪ -‬أن يكون‬ ‫نسيج الواقع بحد ذاته ليس مستمرا بل‬ ‫مكونا من بتات ‪ bits‬منقطعة‪ ،‬متاما مثل‬ ‫احلاس� � ��وب(‪ .)5‬لذلك‪ ،‬فقد تكون الصعوبة‬ ‫الظاهرية ملس� � ��ائل ‪ - NP‬وما يضعه هذا‬ ‫من ح� � ��دود على املعرفة ‪ -‬من أصل بنية‬ ‫الكون في املستوى األساسي‪.‬‬ ‫آلة الدماغ‬

‫( )‬

‫مسار أمثلي (خط)‬

‫مراكز سكانية (نقط)‬

‫«ح ِس � � � َبت» حلوال‬ ‫أن فقاعات الصابون ُ‬ ‫كاملة لش���جرة >شتاينر< األصغرية‬ ‫في بضع حاالت‪ ،‬إال أنها س� � ��رعان ما‬ ‫فش� � ��لت في إيجاد احلل� � ��ول مع ازدياد‬ ‫حجم املس� � ��ألة‪ ،‬متاما كما كان سيفعل‬ ‫احلاسوب‪ .‬وقد اصطدمت جتربة جديلة‬ ‫الدنا لـ>آدملان<(‪ )2‬باحلائط نفس� � ��ه‪ .‬أما‬ ‫خوارزمي���ة >ش���ور< الكمومية(‪ )3‬فهي‬ ‫تعمل ف� � ��ي جميع احل� � ��االت‪ ،‬ولكن من‬ ‫شبه املؤكد أن مس���ألة تفريق األعداد‬

‫(‪)1‬‬

‫‪38‬‬

‫إل���ى عوامل(‪ )4‬التي حتلها ليس� � ��ت من‬ ‫الصنف ‪ -NP‬تام‪ .‬وعلي� � ��ه‪ ،‬ال توفر هذه‬ ‫اخلوارزمي� � ��ة املفتاح حلل أي مس� � ��ألة‬ ‫أخ� � ��رى من النم� � ��ط ‪ .NP‬ويدعم كل من‬ ‫علم احلي� � ��اة والفيزياء التقليدية والنظم‬ ‫الكمومي� � ��ة فك� � ��رة أنه ال توج� � ��د طرائق‬ ‫مختص� � ��رة حلـــ� � ��ل مس� � ��ائل الصنف‬ ‫‪ -NP‬تام‪ .‬ولن يكون هذا صحيحا إال في‬ ‫حالة كون الصنف ‪ P‬ال يساوي ‪.NP‬‬ ‫يقول >آرونسون<‪« :‬بالطبع مازلنا غير‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫وهك� � ��ذا‪ ،‬إذا كان الكون بحد ذاته مدينا‬ ‫للحدود احلسابية التي تفرضها مسألة‬ ‫‪ P‬مقابل ‪ ،NP‬فكيف نظن أنه من املمكن‬ ‫أن جتد املس� � ��ائل م� � ��ن الصنف ‪ -NP‬تام‬ ‫حل� � ��وال في جميع احل� � ��االت ‪ -‬حتى في‬ ‫األمثلة الت� � ��ي يتطلب فيه� � ��ا إيجاد هذه‬ ‫احللول تريليونات من السنني أو أكثر؟‬ ‫فمثال‪ ،‬أثناء وجود اجلنني البش� � ��ري‬ ‫في الرح� � ��م‪ ،‬يقوم دماغ� � ��ه بربط باليني‬ ‫العصبون� � ��ات املنفردة‪ .‬إن إيجاد أفضل‬ ‫ترتي� � ��ب لهذه اخلاليا مس� � ��ألة من النمط‬ ‫‪ -NP‬ت� � ��ام ‪ -‬وه� � ��ي مس� � ��ألــة يبـــ� � ��دو أن‬ ‫االرتقاء قد حلها‪ .‬يقول العالم في تطور‬ ‫األعص� � ��اب > ‪ .M‬ش� � ��انگيزي<‪« :‬عندم� � ��ا‬ ‫) (‬ ‫) (‬ ‫)‪the minimum Steiner tree (1‬‬ ‫)‪Adleman's DNA-strand (2‬‬ ‫)‪shor's quantum algorithm (3‬‬ ‫)‪the factoring problem (4‬‬ ‫(‪ )5‬انظر‪"Is Space Digital?" :‬‬ ‫‪The Swedish Salesman‬‬ ‫‪BRAIN MACHINE‬‬

‫;‪by Michael Moyer‬‬ ‫‪Scientific American, February 2012‬‬


‫يتط� � ��اول عصب���ون ‪ neuron‬من نقطة ما‬ ‫ليص� � ��ل إل� � ��ى مجموعة كامل� � ��ة من نقاط‬ ‫التشابك ‪ synapse‬األخرى‪ ،‬فهذه املسألة‬ ‫هي أساس� � ��ا مس���ألة أمْثل���ة بيانية(‪،)1‬‬ ‫وه� � ��ي من الصن� � ��ف ‪ - NP‬صعب‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬ال يحل الدماغ فعال املس� � ��ألة ‪ -‬بل‬ ‫يقوم بتقريب حلها تقريبا جيدا‪( .‬عمليا‪،‬‬ ‫تصل العصبونات عل� � ��ى الدوام بترتيب‬ ‫يبعد أقل م� � ��ن ‪ %3‬عن الترتيب األمثل‪).‬‬ ‫وكذلك ح� � ��ال دودة س���ينورهابديتيس‬ ‫إلِگان���س ‪ ،Caenorhabditis elegans‬التي‬ ‫لديها فقط ‪ 302‬عصبون‪ ،‬ومع ذلك فهي‬ ‫ال متتلك مخطط تش� � ��بيك عصبي أمثليا‬ ‫أمثل� � ��ة كاملة‪ ،‬عل� � ��ى الرغم م� � ��ن باليني‬ ‫الباليني من أجيال االنتق���اء الطبيعي‬ ‫‪ natural selection‬الت� � ��ي عمل� � ��ت عل� � ��ى‬ ‫املسألة‪ .‬يقول >شانگيزي<‪« :‬إن التطور‬ ‫مقيد مبس� � ��ألة «‪ P‬مقابل ‪ ،»NP‬ولكنه مع‬ ‫ذلك يقوم ب� � ��دوره كما ينبغي ألن احلياة‬ ‫ال تتطلب دوما الكم� � ��ال لتؤدي وظيفتها‬ ‫أداء جيدا‪».‬‬ ‫ويظهر أن احلواسيب ال تتطلب ذلك‬ ‫أيضا‪ .‬وحقيقة قدرة احلواسيب احلديثة‬ ‫على القيام بأش� � ��ياء مفي� � ��دة ‪ -‬عدا عن‬ ‫إجن� � ��از تلك األعمال الرائعة التي اعتدنا‬ ‫عل� � ��ى وجودها عل� � ��ى شاش� � ��ات ألعاب‬ ‫الفيدي� � ��و وهواتفنا الذكية ‪ -‬هي البرهان‬ ‫على أن املس� � ��ائل من الصنف ‪ P‬تشمل‬ ‫عددا كبي� � ��را من حاجاتنا احلس� � ��ابية‪.‬‬ ‫أم� � ��ا في بقية املس� � ��ائل‪ ،‬فغالبا ما تكون‬ ‫خوارزمي� � ��ة تقري� � ��ب غير كامل� � ��ة جيدة‬ ‫بق� � ��در كاف‪ .‬وفي احلقيق� � ��ة‪ ،‬ميكن لهذه‬ ‫اخلوارزميات «اجلي� � ��دة بالقدر الكافي»‬ ‫أن حتل مسائل بحث ومطابقـــــــة أمناط‬ ‫بالغ� � ��ة التعقي� � ��د‪ ،‬وينتم� � ��ي العديد منها‬ ‫تقنيا إلى الصنف ‪ -NP‬تام‪ .‬وليست هذه‬ ‫احللول دوم� � ��ا أمثلية في جميع احلاالت‬ ‫من الناحي� � ��ة الرياضياتية‪ ،‬ولكن هذا ال‬ ‫يعني أنها غير مفيدة‪.‬‬ ‫تأم� � ��ل گ� � ��وگل‪ ،‬مث� �ل��ا‪ .‬إن العديد من‬

‫الباحث� �ي��ن في مجال التعقيد ينظرون في‬ ‫مسائل الصنف ‪ ،NP‬باألساس‪ ،‬كمسائل‬ ‫بحثي� � ��ة‪ .‬ولكــن اس � � �ــتنادا إل� � ��ى مــديــر‬ ‫األبحـــ� � ��اث >‪ .P‬نورڤي� � ��گ< ل� � ��دى گوگل‪،‬‬ ‫تعاني الشركة كثيرا لتفادي التعامل مع‬ ‫املس� � ��ائل من الصنف ‪ .NP‬ويقول‪« :‬يهتم‬ ‫مستخدمونا بالسرعة أكثر من الكمال‪».‬‬ ‫وب� � ��دال من ذل� � ��ك يس� � ��عى الباحثون لدى‬ ‫گوگل إلى أ ْمثلة خوارزمياتهم للحصول‬ ‫على صنف ذي تعقيد حس� � ��ابي أسرع‬ ‫حتى من الصنف ‪( P‬يش� � ��ار إليه بصفة‬ ‫الزمن اخلطي ‪ )linear time‬بحيث تظهر‬ ‫نتائج البحث آنيا تقريبا‪ .‬وماذا إن ظهرت‬ ‫مس� � ��ألة ال ميكن حلها بهذا األس� � ��لوب؟‬ ‫يقول >نورڤيگ<‪« :‬إما أن نعيد صياغتها‬ ‫لتصبح أسهل‪ ،‬أو ببساطة‪ ،‬ال نهتم‪».‬‬ ‫هذا هو إرث مس� � ��ألة «‪ P‬مقابل ‪»NP‬‬ ‫وس� � ��خريتها‪ .‬وعندما كتب > ِ‬ ‫گودل< إلى‬ ‫>ڤ� � ��ون نيومان< ع� � ��ام ‪ ،1956‬كان يعتقد‬ ‫أن املس� � ��ألة تبشر مبستقبل مليء بآالت‬ ‫قادرة على احملاكمة املنطقية‪ ،‬ومعصومة‬ ‫عن اخلطأ‪ ،‬تستطيع القيام مقام «العمل‬ ‫الذهني لعالم الرياضيات» وتولد حقائق‬ ‫جديدة جريئة بضغطة زر واحدة‪ .‬وبدال‬ ‫من ذلــك‪ ،‬س � � �ــاعـــدت عقـود من دراسة‬ ‫وس� � ��ع‬ ‫«‪ P‬مقاب� � ��ل ‪ »NP‬على بناء عالم ُن ّ‬ ‫فيه قدرات حل املس� � ��ائل آلالتنا بتطويق‬ ‫نقاط قصوره� � ��ا‪ .‬فباس� � ��تعمال تقريب‬ ‫ممث���ل للحي���اة بدق���ة(‪ ،)2‬وليس الكمال‬ ‫الرياضيات� � ��ي‪ ،‬تق� � ��ود س� � ��يارات گوگل‬ ‫الذاتية القيادة نفسها على طرقات الس‬ ‫ڤيگاس املزدحمة‪ ،‬ويستطيع احلاسوب‬ ‫واتسون من ‪ IBM‬أن يخمن طري َق ُه نحو‬ ‫االنتصار في برنامج اخلطر ‪.Jeopardy‬‬ ‫حمى البحث عن الذهب‬

‫( )‬

‫ج� � ��اء ع� � ��ام ‪ 2000‬ومض� � ��ى‪ ،‬وأرس� � ��ل‬ ‫>سيپزر< إلى >آدملان< أونصة الذهب‪.‬‬ ‫يقول >سيپزر<‪« :‬أعتقد أنه كان يريدها‬ ‫مغلفة مبكعب من اللوسيت(‪،Lucite )3‬‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫ليتمك� � ��ن م� � ��ن وضعها عل� � ��ى مكتبه أو‬ ‫شيء من هذا القبيل‪ ،‬ولكنني لم أفعل‬ ‫ذلك‪ ».‬في ذلك العام نفسه‪ ،‬أعلن معهد‬ ‫كالي للرياضي���ات(‪ )4‬ف� � ��ي كامبريدج‬ ‫مباساشوس� � ��يتس‪ ،‬عن جائزة جديدة‬ ‫حل� � ��ل مس� � ��ألة ‪ P‬مقاب� � ��ل ‪ :NP‬مليون‬ ‫دوالر أمريكي‪ .‬رفعت اجلائزة من قدر‬ ‫املس� � ��ألة‪ ،‬ولكنها جذب� � ��ت أيضا انتباه‬ ‫الهواة واملهووس� �ي��ن؛ وفي أيامنا هذه‪،‬‬ ‫يقول >س� � ��يپزر<‪ ،‬مثله كمثلِ العديد من‬ ‫علماء نظرية التعقيد‪ ،‬إنه يتلقى بانتظام‬ ‫رسائل إلكترونية غير مرغوب بها تطلب‬ ‫إليه مراجعة بعض احملاوالت اجلديدة‬ ‫إلثبات أن ‪ P‬ال يساوي ‪ - NP‬أو أسوأ‬ ‫من ذلك‪ ،‬إثبات العكس‪.‬‬ ‫مع أن مس� � ��ألة ‪ P‬مقابل ‪ NP‬تبقى غير‬ ‫محلولة‪ ،‬فإن العديد من الباحثني في مجال‬ ‫التعقيد ما زالوا يعتقدون أنها ستحل يوما‬ ‫ما‪ .‬ويقول >سيپزر<‪« :‬في احلقيقة إنني لم‬ ‫أكف عن التفكير فيها‪ ».‬وي ّدعي أنه ال يزال‬ ‫من وقت آلخر يس� � ��حب ورقة وقلما ويعمل‬ ‫عليها في الغالب للتسلية‪ ،‬مثل كلب يعلك‬ ‫عظمته املفضلة‪ .‬إن مسألة «‪ P‬مقابل ‪»NP‬‬ ‫هي نفسها مس� � ��ألة من الصنف ‪ :NP‬ألن‬ ‫الطريق� � ��ة الوحيدة لإلجاب� � ��ة عنها هي في‬ ‫اس� � ��تمرار البحث‪ .‬وم� � ��ع أن ذلك اجلواب‬ ‫رمبا ال يأتي أبدا‪ ،‬فإنه إذا أتى فسنعرف‬ ‫>‬ ‫ذلك عندما نراه‪.‬‬ ‫) (‬ ‫)‪(1‬‬ ‫(‪lifelike-approximation )2‬‬ ‫(‪ )3‬بالستيك صلب ش� � ��فاف‬

‫‪GOLD RUSH‬‬ ‫‪a graph-optimization problem‬‬

‫)‪(4‬‬

‫ميتاكريالت‪.‬‬

‫مصنوع من البولي ميثيل‬

‫‪Clay Mathematics Institute‬‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪The Efficiency of Algorithms. Harry R. Lewis and Chris‬‬‫‪tos H. Papadimitriou in Scientific American, Vol. 238,‬‬ ‫‪No. 1, pages 96–109; January 1978.‬‬ ‫‪The History and Status of the P versus NP Question. Michael‬‬ ‫‪Sipser in Proceedings of the Twenty-Fourth Annual ACM‬‬ ‫‪Symposium on Theory of Computing, pages 603–618; 1992.‬‬ ‫‪The Limits of Reason. Gregory Chaitin in Scientific American,‬‬ ‫‪Vol. 294, No. 3, pages 74–81; March 2006.‬‬ ‫‪The Limits of Quantum Computers. Scott Aaronson in Scien‬‬‫‪tific American, Vol. 298, No. 3, pages 62–69; March 2008.‬‬

‫‪39‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫أسئلة للمليون سنة القادمة‬

‫( )‬

‫ماذا سيكتشف العلماء لو مت ّكنوا من إجراء أبحاث‬ ‫كانت ستستمر ملئات أو آلالف من السنني أو رمبا أكثر؟‬ ‫>‪ .D‬كاستلڤتشي<‬

‫ُيعت َبر عمر اإلنسان طويال جدا بالنسبة إلى البيكوثانية ‪( picosecond‬واحد من‬ ‫تريليون من الثانية)‪ ،‬وهي الفترة الالزمة لذرتني لتش� � ��كيل جزيء ‪ ،molecule‬ولكنها‬ ‫مج ّرد رفة عني إذا ما قورنت بالعديد من الظواهر الطبيعية من نش� � ��وء السالس� � ��ل‬ ‫اجلبلي� � ��ة إلى تصادم املجرات‪ .‬ولإلجابة عن األس� � ��ئلة التي تس� � ��تغرق اإلجابة عنها‬ ‫زمنا يفوق عمر اإلنس� � ��ان‪ ،‬يس � � �لِّم العلماء جهودهم من جيل إلى اجليل التالي‪ .‬ففي‬ ‫العلوم الطبية مثال‪ ،‬غالبا ما تس� � ��تمر األبح���اث املتكررة عبر الزم���ن ‪longitudinal‬‬ ‫وأن بعض األبحاث التي ال تزال قائمة‬ ‫‪ studies‬إلى ما بعد موت الباحثني األصليني؛ ّ‬ ‫حاليا تعود إلى العشرينات من القرن املاضي‪ .‬وميكن أن يعود أشمل سجل ملتتالية‬ ‫غير منقطعة من البيانات ‪ُ data‬جمعت في س� � ��جل األحداث التاريخية إلى املذ ّكرات‬ ‫الفلكي� � ��ة للبابليني القدماء‪ ،‬وهي تضم ما يعادل س� � ��تة ق� � ��رون على األقل من الرصد‬ ‫في األلفية األولى قبل امليالد؛ وقد كش� � ��فت هذه الس� � ��جالت أمناطا متكررة في هذه‬ ‫األحداث مثل كسوف الشمس وخسوف القمر‪.‬‬ ‫ففي معظم مجاالت األبحاث العلمية‪ ،‬ال تزال مع ذلك بعض األسئلة األكثر إثارة‬ ‫ألن العلماء ببس� � ��اطة لم يكن لديهم الوقت الكافي‬ ‫لالهتمام واألساس� � ��ية تبقى متاحة ّ‬ ‫ملتابعتها‪ .‬ولكن ماذا لو لم يش � � � ّكل الزمن الس� � ��بب؟ لقد حت ّد ْث� � � ُ�ت مؤخرا إلى باحثني‬ ‫مرموقني في مجاالت مختلفة حول املسائل التي كانوا يو ّدون مواجهتها لو كان لديهم‬ ‫ألف سنة ‪ -‬أو عشرة آالف سنة أو حتى مليون سنة ‪ -‬ليقوموا بالرصد واملراقبة أو‬ ‫لينجزوا جتارب‪( .‬وإلبقاء التركيز على العلم بدال من التنبؤ باملستقبل ‪،futurology‬‬ ‫أن بإمكانهم فقط استعمال التقانات التي هي آخر مبتكرات‬ ‫طلبت إليهم أن يفترضوا ّ‬ ‫العلم اليوم‪ ).‬وفيما يلي نسخ مقتضبة من إجاباتهم املثيرة لالهتمام‪.‬‬ ‫>‪ .D‬كاستلڤتشي<‪ ،‬محرر مشارك في ساينتفيك أمريكان‪.‬‬ ‫) ( ‪QUESTIONS FOR THE NEXT MILLION YEARS‬‬

‫باختصار‬

‫تصع� � ��ب مراقبة الكثي� � ��ر من الظواهر الطبيعية أو رصدها ألنها حتص� � ��ل على فترات زمنية أطول‬ ‫بكثير من عمر اإلنسان‪.‬‬ ‫س� � ��أل املؤلف باحث� �ي��ن مرموقني عن أي من التج� � ��ارب التي ميكن أن يصب� � ��ح إجراؤها ممكنا لو‬ ‫استطاعوا العيش آالفا من السنني‪.‬‬ ‫هي التجارب التي كانت تعتمد على التقانة احلالية وكانت حتاول التعامل حلل مسألة أساسية ال‬ ‫ميكن اإلجابة عنها في زمن أقصر‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫‪ 10 000‬سنة‬

‫كيف بدأت احلياة؟‬

‫( )‬

‫>‪ .R‬هازن<‪ ،‬عالم األرض (جيولوجي) في جامعة جورج ماسون‪.‬‬

‫لقد أثبت >‪ .S‬ميلر< و >‪ .H‬أوري< [من‬ ‫جامعة ش� � ��يكاغو] في بداية اخلمسينات‬ ‫م� � ��ن القرن املاضي في جتربة ش� � ��هيرة‪،‬‬ ‫أن بع� � ��ض الكت� � ��ل البنائية األساس� � ��ية‬ ‫ّ‬ ‫للحياة‪ ،‬مثل احلم� � ��وض األمينية‪ ،‬تتك ّون‬ ‫تلقائيا عند توفر الش� � ��روط املناسبة‪ .‬لقد‬ ‫حل لغز نش� � ��وء احلياة هو مجرد‬ ‫أن ّ‬ ‫بدا ّ‬ ‫مسألة جتميع للمواد الكيميائية املناسبة‬ ‫واالنتظار وقتا طويال بالقدر الكافي‪ .‬ومن‬ ‫أن األمر لي� � ��س على هذا القدر‬ ‫ث � � � ّم تبينّ ّ‬ ‫من البس� � ��اطة‪ ،‬ولكن عل� � ��ى مدى ‪10 000‬‬ ‫س� � ��نة أو نحو ذلك ميكن لنس� � ��خة حديثة‬ ‫من جترب� � ��ة أوري‪ -‬ميل� � ��ر أن تنتج جزيئا‬ ‫(‪)1‬‬ ‫بدائيا يستنسخ نفسه ل ُيطلق باالنتقاء‬ ‫الطبيع���ي ‪ - natural selection‬بزم� � ��ن‬ ‫قصير‪ ،‬احلياة‪.‬‬ ‫يجب أن تجُ رى جتربة حملاكاة نشوء‬ ‫احلياة في بيئة معقولة جيوكيميائيا وأن‬ ‫تنطلق م� � ��ن مكونات بدائي� � ��ة‪ .‬رمبا كان‬ ‫يضم مالي� �ي��ن األنواع‬ ‫احلس� � ��اء األولي‬ ‫ّ‬ ‫املختلف� � ��ة من اجلزيئ� � ��ات الصغيرة التي‬ ‫ميك� � ��ن أن تتح� � ��د وتتفاع� � ��ل وف� � ��ق عدد‬ ‫هائل من الطرائ� � ��ق املمكنة‪ .‬ولكنها‪ ،‬في‬ ‫احمليطات‪ ،‬تكون ممددة إلى درجة جتعل‬ ‫أن‬ ‫فرص اصط� � ��دام جزيئني‪ ،‬ناهيك عن ّ‬ ‫درجة تفاعلهم� � ��ا الكيميائي األقل‪ ،‬كانت‬ ‫ضئيلة جدا‪ .‬والتفسير األكثر احتماال هو‬ ‫أن اجلزيئات القادرة على االستنس� � ��اخ‬ ‫ّ‬ ‫جتمعت في البداية على س� � ��طح‬ ‫ذاتيا قد ّ‬ ‫الصخور‪ .‬ومن املمكن أن تكون السطوح‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫الرطبة للكرة األرضية البدائية قد ك ّونت‬ ‫مختبرا طبيعيا شاسعا‪ُ ،‬ين ِّفذ نحو ‪1030‬‬ ‫جتربة صغيرة في كل حلظة وعلى مدى‬ ‫فترة زمنية ربمّ � � ��ا دامت ‪ 100‬مليون إلى‬ ‫‪ 500‬مليون سنة‪.‬‬ ‫وميكن جلهد مختبري ميتد على مدى‬ ‫‪ 10 000‬سنة أن يكرر ظروف هذه احلالة‬ ‫بإجراء عدد هائل من التجارب الصغيرة‬ ‫في الوقت ذاته‪ .‬تب� � ��دو هذه احلاضنات‬ ‫اجلزيئي� � ��ة من اخلارج مث� � ��ل غرف مليئة‬ ‫برفوف من املخ ّدمات احلاسوبية‪ ،‬ولكن‬ ‫توج� � ��د داخله� � ��ا “مختب���رات منمنمة”‬ ‫‪ labs-on-chips‬كيميائي� � ��ة تض� � � ّ�م املئات‬ ‫كل منها‬ ‫من األوعي� � ��ة امليكروية‪ ،‬وف� � ��ي ّ‬ ‫تراكيب مختلفة م� � ��ن املركبات املتفاعلة‬ ‫على س� � ��طوح معدنية (فلزي� � ��ة) متنوعة‪.‬‬ ‫واملختبرات املنمنمة تراقب باستمرار ‪-‬‬ ‫وعلى نحو مس� � ��تقل ‪ -‬التفاعالت بحثا‬ ‫أن جزيئا ما قد‬ ‫عن إش� � ��ارات ّ‬ ‫تدل على ّ‬ ‫أخذ طريقه إلى االستنساخ الذاتي‪.‬‬ ‫وميك� � ��ن للباحث� �ي��ن (للمختبرين) أن‬ ‫يق ّلص� � ��وا الزمن ال� �ل��ازم من ماليني إلى‬ ‫آالف الس� � ��نني بالتركيز عل� � ��ى التراكيب‬ ‫الكيميائية التي تؤدي ‪ -‬على األرجح ‪-‬‬ ‫إلى ش� � ��يء مثير لالهتمام‪ .‬وإذا حالفنا‬ ‫احلظ س� � ��نتعلم في النهاية ما يكفي عن‬ ‫كيفي� � ��ة عمل الطبيعة لتقليص هذا الزمن‬ ‫إلى عدة عقود‪.‬‬ ‫( )‬

‫?‪HOW DID LIFE BEGIN‬‬

‫)‪ (1‬أو االنتخاب‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫‪ 10 000‬سنة‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫معرضة للتغيير؟‬ ‫هل تكون ثوابت الطبيعة حقا غير ّ‬

‫( )‬

‫>‪ .G‬گابريلز<‪ ،‬فيزيائي في جامعة هارڤارد‪.‬‬

‫تبدو القوانني األساسية في الفيزياء‬ ‫أن‬ ‫ش� � ��املة وأبدي� � ��ة ‪ :‬نعلم حت� � ��ى اآلن ّ‬ ‫جلمي� � ��ع البروتونات الكمي� � ��ة ذاتها من‬ ‫الش� � ��حنة الكهربائية الس� � ��اكنة‪ ،‬وينتقل‬ ‫الضوء دوما بس� � ��رعة ثابتة‪ ،‬وهل ّم ج ّرا‪.‬‬ ‫ومع ذل� � ��ك‪ ،‬فقد اقت� � ��رح بعضهم مناذج‬ ‫للواق� � ��ع تس� � ��مح بتغي� � ��رات‪ ،‬ولقد ادعت‬ ‫بع� � ��ض األبحاث (الدراس� � ��ات) الفلكية‪،‬‬ ‫عل� � ��ى نحو مثير للجدل‪ ،‬أنها عثرت على‬ ‫تغيرات صغيرة‪ .‬وفي غضون هذا الوقت‬ ‫أُبقي� � ��ت جميع البيان���ات ‪ data‬املختبرية‬ ‫ثابتة مستقرة‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ,‬قاس‬ ‫مختبري قوة مغنطيس� � ��ية اإللكترون ‪-‬‬ ‫وه� � ��و على ح ّد علمي القياس األكثر دقة‬ ‫خلاصة ميتلكها جس� � ��يم أساسي‪ .‬وإذا‬ ‫ُك ّررت هذه التجربة آالفا من الس� � ��نني‪،‬‬ ‫أمكنها أن ُتظهِ ر انحرافا‪.‬‬ ‫ولكي نقيس مغنطيس� � ��ية اإللكترون‪،‬‬

‫‪ 10 000‬سنة‬

‫أو بدق� � ��ة أكب� � ��ر «عزمه املغنطيس� � ��ي» ‪-‬‬ ‫ال���ذري ‪subatomic‬‬ ‫وه� � ��و املش���ابه دون‬ ‫ّ‬ ‫لق� � ��وة قضي� � ��ب مغنطيس� � ��ي ‪ -‬نحب� � ��س‬ ‫إلكترونا واحدا في مستو بواسطة حقل‬ ‫كهرس���اكن(‪ )1‬ونستعمل حقال مغنطيسيا‬ ‫لنجب� � ��ر اإللكترون عل� � ��ى أن يتحرك في‬ ‫دوائر‪ .‬ونترك جهازنا عند درجة حرارة‬ ‫تقارب ُعشر الدرجة فوق الصفر املطلق‪،‬‬ ‫بحيث تك� � ��ون حركة اإللكترون في حالته‬ ‫من الطاق� � ��ة املمكنة األخفض‪ .‬ومبوجات‬ ‫راديوي� � ��ة الت� � ��ر ّدد‪ ،‬جنب� � ��ر مغنطي� � ��س‬ ‫اإللكترون أن ينقلب‪ .‬واستجابة اجلسيم‪،‬‬ ‫وبصورة خاص� � ��ة‪ ،‬املعدالت التي ميكننا‬ ‫عندها أن جنعله ينقلب‪ ،‬تعتمد على عزمه‬ ‫املغنطيسي الذي ميكن عندها أن يتحدد‬ ‫بدقة تصل إلى ثالثة أجزاء من ‪.1013‬‬ ‫تغير‬ ‫ولو كان العزم املغنطيس� � ��ي قد ّ‬ ‫مبقدار ج� � ��زء واحد من األلف على مدى‬

‫تتكرر الزالزل الهائلة؟‬ ‫بأية طريقة‬ ‫ّ‬

‫( )‬

‫>‪ .Th‬ليه<‪ ،‬عالم في الهزات األرضية بجامعة كاليفورنيا‪ ،‬سانتا كروز‪.‬‬

‫زلزال توهوكو‪ -‬أوكي ذو‬ ‫لقد أخذ‬ ‫ُ‬ ‫الق� � ��وة ‪ ،9.0‬ومعه التس� � ��ونامي الذي‬ ‫‪42‬‬

‫اجتاح بقوة شمال شرقي اليابان في‬ ‫الش� � ��هر ‪ ،2011/3‬جماعة علم الزالزل‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫التاريخ الكامل للكون ولو كان هذا التغ ّير‬ ‫قد جرى مبع ّدل ثابت‪ ،‬لتسنى لتجربتنا‬ ‫أن تتح ّراه‪ .‬بالطبع ال يستطيع العلم أبدا‬ ‫ثابت متاما‪ ،‬بل يبرهن‬ ‫أن شيئا ما ٌ‬ ‫إثبات ّ‬ ‫فقط على أن مع ّدل التغير صغير للغاية‪.‬‬ ‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬ميكن ملعدل التغير أن‬ ‫مم� � ��ا كان عليه‬ ‫يك� � ��ون اآلن أبطأ بكثير ّ‬ ‫حتري ذلك‬ ‫في بداية الكون‪ ،‬م� � ��ا يجعل ّ‬ ‫صعب� � ��ا ف� � ��ي املختبر‪ .‬ولك� � ��ن إذا ك ّررنا‬ ‫جتربتنا عل� � ��ى مدى ‪ 10 000‬س� � ��نة ولم‬ ‫تغير‪ ،‬لوضع هذا االس� � ��تقرار‬ ‫نلحظ أي ّ‬ ‫قيودا قاس� � ��ية على أي تنب� � ��ؤات نظرية‬ ‫ح� � ��ول تغ ّي� � ��ر الثوابت‪( .‬وق� � ��د يلقي هذا‬ ‫شكوكا حول االدعاءات بأن املشاهدات‬ ‫التجريبية للضوء القادم من األجس� � ��ام‬ ‫الفلكية (الك���وازرات ‪ )quasars‬البعيدة‪،‬‬ ‫تغيرات طفيفة في قوة‬ ‫قد الحظت وجود ُّ‬ ‫التأثيرات الكهرمغنطيسية املتبادلة عند‬ ‫اللحظات األولى من عمر الكون‪).‬‬ ‫أن تتحس� � ��ن تقنياتنا‬ ‫ومن الطبيعي‪ّ ،‬‬ ‫وتلك اخلاصة مبختبرات أخرى حتسنا‬ ‫أن الطرائ� � ��ق املتنامية‬ ‫حتمي� � ��ا‪ .‬وأعتقد ّ‬ ‫ال� � ��ذكاء مع الزم� � ��ن س� � ��وف مت ّكننا من‬ ‫أقل بكثير من‬ ‫حتقيق تقدم أكبر في زمن ّ‬ ‫‪ 10 000‬سنة‪.‬‬

‫يفكر أحد تقريبا‬ ‫عل� � ��ى حني غرة ‪ :‬لم ّ‬ ‫أن الصدع املسؤول كان بإمكانه‬ ‫في ّ‬ ‫أن يح� � � ّ�رر هذا الق� � ��در من الطاقة في‬ ‫ح� � ��دث وحي� � ��د‪ .‬وميكننا إع� � ��ادة بناء‬ ‫تاريخ النشاط الزلزالي بصورة غير‬ ‫( ) ?‪ARE NATUREʼS CONSTANTS TRULY FIXED‬‬ ‫( ) ?‪HOW COMMON ARE MEGAQUAKES‬‬

‫)‪(1‬‬

‫‪electrostatic field‬‬


‫مباشرة عبر فحص اجليولوجيا‬ ‫احمللي� � ��ة‪ ،‬ولك� � ��ن ه� � ��ذا ال ميكن‬ ‫محل الكش� � ��ف‬ ‫يحل مطلقا‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن مسجالت الزالزل‬ ‫املباش� � ��ر‪ّ .‬‬ ‫احلديثة متوف� � ��رة فقط منذ أكثر‬ ‫من قرن بقليل‪ ،‬وهو زمن قصير‬ ‫جدا إلعط� � ��اء فكرة واضحة عن‬ ‫ال� � ��زالزل الضخم� � ��ة التي ميكن‬ ‫أنه� � ��ا كان� � ��ت تض� � ��رب منطقة‬ ‫كل عدة ق� � ��رون أو أكثر‪.‬‬ ‫معينة ّ‬ ‫وإذا كان باستطاعتنا أن نترك‬ ‫ه� � ��ذه التجهي� � ��زات تعمل آلالف‬ ‫الس� � ��نني‪ ،‬ألمكننا م� � ��ع ذلك‪ ،‬أن‬ ‫منسح اخلطر الزلزالي بطريقة‬ ‫أكثر دقة ‪ -‬مبا فيها حتديد أي‬ ‫من املناطق تكون مؤهلة لزالزل‬ ‫بقوة ‪ 9.0‬مع أنها لم تش� � ��هد في‬ ‫التاري� � ��خ املس� � � ّ�جل زالزل تفوق‬ ‫قوتها ‪.8.0‬‬ ‫وميك� � ��ن أيض� � ��ا لس� � ��جالت‬ ‫آالف الس� � ��نني أن جتي� � ��ب ع� � ��ن‬ ‫لغز آخ� � ��ر‪ :‬هل ميكن أن حتدث‬ ‫ال� � ��زالزل الهائل� � ��ة ‪ -‬التي أعني‬ ‫بها هزات بق� � ��وة ‪ 8.5‬أو أكثر ‪-‬‬ ‫على ش� � ��كل جتمع����ات ‪clusters‬‬ ‫في كل م� � ��كان ف� � ��ي العالم في‬ ‫الوقت نفس� � ��ه؟ تشير السجالت‬ ‫أن‬ ‫آلخر مئ� � ��ة عام تقريب� � ��ا إلى ّ‬ ‫هذا ممكن‪ :‬فقد حصلت س� � ��تة‬ ‫زالزل هائلة في العقد املاضي‪،‬‬ ‫أي منها في‬ ‫في حني لم يحصل ّ‬ ‫العقود الثالثة السابقة‪ .‬وميكن‬ ‫لقياس� � ��ات تجُ � � ��رى عل� � ��ى مدى‬ ‫فترة أط� � ��ول أن تخبرنا إذا كان‬ ‫هذا التجم� � ��ع مرتبطا بتفاعالت‬ ‫أرضي� � ��ة (فيزيائية) أو أ ّنها فقط‬ ‫مجرد عارض إحصائي‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫هل سنتطور‬ ‫لنصبح قادرين‬ ‫على مقاومة‬ ‫األمراض‬ ‫( )‬ ‫اخلطيرة؟‬

‫«النظام الغذائي‬ ‫البشري في‬ ‫تغ ّير مستمر‪،‬‬ ‫مسببا آفات‬ ‫جديدة مثل‬ ‫وباء السكري‪.‬‬ ‫فهل ستتك ّيف‬ ‫أجسامنا على‬ ‫مدى عشرات‬ ‫اآلالف من‬ ‫السنني مع هذا‬ ‫التغ ّير؟»‬ ‫>‪ .S‬تيشكوف<‪،‬‬ ‫عاملة متخصصة بعلم‬ ‫الوراثة البشرية في‬ ‫جامعة بنسلڤانيا‪.‬‬

‫إلى أي مقدار‬ ‫من الذكاء‬ ‫ميكنهم أن‬ ‫( )‬ ‫يصلوا؟‬

‫رت‬ ‫«إذا ط ّو ُ‬ ‫مجموعات من‬ ‫الشيمبانزي‬ ‫أو غيرها من‬ ‫الرئيسات‬ ‫غير البشرية‬ ‫نحو املزيد‬ ‫من القدرات‬ ‫املعرفية‬ ‫واإلدراكية‪،‬‬ ‫فإلى أي مدى‬ ‫ميكنها أن‬ ‫تصل؟»‬ ‫>‪ .B‬الن<‪ ،‬عالم‬ ‫متخصص بعلم‬ ‫الوراثة في جامعة‬ ‫شيكاغو‪.‬‬

‫( ) ?‪Will we evolve to resist major diseases‬‬ ‫( ) ?‪How smart can they get‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪43‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫‪ 10 000‬سنة‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫كيف تنفجر النجوم الضخمة؟‬

‫( )‬

‫>‪ .C‬ميلر<‪ ،‬عالم فلك في جامعة ماريالند‪.‬‬

‫ُتع ّد املستعرات الفائقة نادرة‪ ،‬فهي قد‬ ‫حتدث مرة كل بضعة عقود ضمن مجرة‬ ‫حلزونية مثل مجرتنا‪ .‬واملرة األخيرة التي‬ ‫شوهدت فيها (في مجرتنا) كانت عــــام‬ ‫‪ 1604‬بعـــ� � ��د امليالد‪ :‬فقـــ� � ��د وصفهـــا >‪.J‬‬ ‫كپلر< على أنها تفوق س� � ��طوع كل شيء‬ ‫في سماء الليل باستثناء ال ّزهرة‪ .‬وحتدث‬ ‫جميع املستعرات الفائقة املسجلة حديثا‬ ‫في مج� � ��رات أخرى تبعد عنا ماليني إن‬ ‫ل� � ��م نقل باليني من الس� � ��نوات الضوئية‪.‬‬ ‫وعندما نرى أخيرا مستعرا فائقا بالقرب‬ ‫من� � ��ا‪ ،‬فس� � ��نكون قادرين على دراس� � ��ته‬ ‫ليس فق� � ��ط بالتلس� � ��كوبات (ا ِمل ْقرابات)‬ ‫العادية ولكن أيضا بنوعني جديدين من‬ ‫املراصد ‪ -‬يكشف أحدهما النيوترينو‬ ‫‪ neutrino‬ويكش� � ��ف اآلخ� � ��ر املوج���ات‬ ‫التثــاقـليـ���ة ‪- the gravitational waves‬‬

‫‪ 100 000‬سنة‬

‫التي س� � ��وف تخبرنا أيض� � ��ا مبا يحدث‬ ‫فع� �ل��ا داخل النجم املنفج� � ��ر‪ .‬وإذا كان‬ ‫بإمكانك االنتظار ‪ 10 000‬سنة‪ ،‬فسيكون‬ ‫من املؤ ّكد فعليا أن تش� � ��هد ‪ 100‬أو ‪200‬‬ ‫من هذه األحداث – مقدار ٍ‬ ‫كاف لتمييز‬ ‫تغيراتها الطفيفة‪.‬‬ ‫وميكن أن يقع في أي وقت انفجار‬ ‫لنجم في مجرتن� � ��ا‪ .‬وعندما يبدأ هذا‪،‬‬ ‫ستبدأ شاشات احلواسيب في العديد‬ ‫من مراصد موجات تثاقلية حول العالم‬ ‫بالوميض‪ ،‬مشيرة إلى مرور متوجات‬ ‫في بنية الفضاء‪ .‬وهذه املسماة موجات‬ ‫تثاقلية هي تنبؤ حاسم للنظرية النسبية‬ ‫العامة ألينش� � ��تاين ولكنها تفادت حتى‬ ‫اآلن الكشف املباش� � ��ر‪ .‬وسوف تشير‬ ‫أن نواة النجم قد بدأت‬ ‫املوجات إل� � ��ى ّ‬ ‫باالنهي� � ��ار بتأثي� � ��ر جذبه� � ��ا التثاقل� � ��ي‬

‫كيف تتح ّلل املواد؟‬

‫( )‬

‫>‪ .K‬بيرسون<‪ ،‬عاملة في الفيزياء النظرية وفيزياء املواد مبختبر لورنس بيركلي الوطني‪.‬‬

‫نبني األش� � ��ياء طوال الوقت‪ ،‬ولكن‬ ‫كيف نعرف كم سيس� � ��تمر وجودها؟‬ ‫وإذا كن� � ��ا س� � ��نبني مخزن� � ��ا للنفايات‬ ‫‪44‬‬

‫أن‬ ‫النووية‪ ،‬يس� � ��تلزم ذل� � ��ك أن نتوثّق ّ‬ ‫احلاويات س� � ��تدوم إل� � ��ى اللحظة التي‬ ‫تصب� � ��ح فيه� � ��ا امل� � ��ادة بداخله� � ��ا غير‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫اخل� � ��اص‪ .‬وتتحول امل� � ��ادة املضغوطة‬ ‫إلى نترون� � ��ات وحت � � � ّرر نيوترينوات‬ ‫‪ - neutrinos‬وهي جس� � ��يمات بإمكانها‬ ‫عب� � ��ور املادة وم� � ��ن ث ّم اخل� � ��روج عبر‬ ‫الطبقات اخلارجي� � ��ة للنجم ومنها إلى‬ ‫الفضاء (والوصول إلى املراصد على‬ ‫الكرة األرضية)‪ .‬ميكن للطاقة املتحررة‬ ‫من االنهي� � ��ار‪ ،‬واحملمولة مبعظمها من‬ ‫تفجر الطبقات‬ ‫قبل النيوترين� � ��وات أن ّ‬ ‫اخلارجي� � ��ة للنجم‪ ،‬جاعلة إي� � ��اه براقا‬ ‫عل� � ��ى نحو هائ� � ��ل‪ .‬وميك� � ��ن في بعض‬ ‫احل� � ��االت‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬ملوج� � ��ة الصدم أن‬ ‫تفشل ( ُتخفق)‪ ،‬مولّدة موجات تثاقلية‬ ‫ولكن م� � ��ن دون ضوء‪ .‬إنّنا ال نعلم هذا‬ ‫على وج� � ��ه الدقة‪ ،‬أل ّنن� � ��ا حتى اآلن قد‬ ‫ش� � ��اهدنا فقط املرحلة املرئية األخيرة‬ ‫(مع اس� � ��تثناء العديد من النيوترينوات‬ ‫من مستعر فائق عام ‪ .)1987‬ولكن من‬ ‫ش� � ��أن امتالكنا آالف السنني للمراقبة‬ ‫أن يحق� � ��ق فرقا كبي� � ��را‪ .‬وميكن أيضا‬ ‫ألدوات جديدة أن تس� � ��مح لنا باإلجابة‬ ‫عن سؤال مفتوح آخر ‪ -‬وحتديدا‪ ،‬حتت‬ ‫أي ظروف يترك جنم على وشك املوت‬ ‫ّ‬ ‫خلفه ثقبا أسود أو جنما نترونيا‪.‬‬

‫خطرة‪ .‬وإذا كنا ال ننوي ملء الكوكب‬ ‫بالنفايات‪ ،‬ق� � ��د يكون مفيدا معرفة كم‬ ‫يلزم م� � ��ن الوقت للدائ� � ��ن وغيرها من‬ ‫املواد لتتحلّل‪.‬‬ ‫والطري� � ��ق الوحي� � ��د للتأك� � ��د من ذلك‬ ‫هو بوضع هذه امل� � ��واد حتت اختبارات‬ ‫اإلجه� � ��اد ملدة ‪ 100 000‬عام أو نحو ذلك‪،‬‬ ‫( ) ?‪HOW DO MASSIVE STARS BLOW UP‬‬ ‫( ) ?‪HOW DO MATERIALS DECAY‬‬


‫ونراقب كي� � ��ف تصمد؟ بعدئذ ميكننا أن‬ ‫نتعلم بناء األش� � ��ياء الت� � ��ي تدوم فعال أو‬ ‫التي تتحلّل بطريقة “خضراء” تدعو إلى‬ ‫حماية البيئة‪.‬‬ ‫على س� � ��بيل املثال‪ ،‬نستطيع اختبار‬ ‫مواد مث� � ��ل الزجاج بأنواع� � ��ه واخلالئط‬ ‫املعتمدة على النحاس‪ ،‬وهي املستخدمة‬ ‫عادة في تغلي� � ��ف النفايات النووية‪( .‬من‬ ‫املفت� � ��رض أن تك� � ��ون مخ� � ��ازن النفايات‬ ‫ف� � ��ي أعماق األرض وف� � ��ي مواقع منتقاة‬ ‫بعناية‪ .‬ولكن ميكن للظروف اجليولوجية‬ ‫أن تتغير بأساليب ال ميكن التنبؤ بها في‬ ‫غضون عدة آالف من الس� � ��نني)‪ .‬وميكن‬ ‫تعرض املواد إلى‬ ‫ملثل هذه التجارب أن ِّ‬

‫‪‬‬

‫تس� � ��ريع االهتراء والتم ّزق وإلى معاجلة‬ ‫كيميائية سيئة ‪ -‬وبتعبير آخر إلى تغيير‬ ‫رقمها الهدروجيني ‪ .pH‬وميكنها أيضا‬ ‫تعدي� � ��ل درج� � ��ات احل� � ��رارة ارتفاعا أو‬ ‫انخفاضا حملاكاة دورات النهار والليل‬ ‫ودورات الفصول‪.‬‬ ‫وحت� � ��ى املواد الت� � ��ي تب� � ��دو أنها ال‬ ‫تستجيب للشروط األشد قساوة خالل‬ ‫مقاييس الزمن الطويلة ميكن أن تتفكك‬ ‫فعليا بطرائق غير مباشرة أو محسوسة‪:‬‬ ‫إن طرائقنا في التوصيف ليست جيدة‬ ‫إذ ّ‬ ‫مبا يكفي إلدراك ما إذا كنا قد خسرنا‬ ‫بعض ذرات هنا أو هناك‪ .‬ولكن مع مرور‬ ‫آالف السنني ميكن للتلف (للضرر) أن‬

‫يبدأ بالظهور‪ ،‬مما يسمح لنا مبعرفة أي‬ ‫أنواع املواد هي األفضل‪.‬‬ ‫ميك� � ��ن لالختب� � ��ارات الطويل� � ��ة األمد‬ ‫أن تك� � ��ون أيضا مفي� � ��دة للغاية لتطبيقات‬ ‫تقانية أخرى‪ .‬فمثال ال تستطيع التقنيات‬ ‫املختبري� � ��ة وتقنيات احمل� � ��اكاة احلالية أن‬ ‫تتنبأ بكل ثقة كيف ستعمل بطارية سيارة‬ ‫كهربائية جديدة على مدار اخلمس عشرة‬ ‫س� � ��نة القادمة‪ .‬ففي نهاية املطاف‪ ،‬ميكن‬ ‫للمحاكاة احلاس� � ��وبية أن تصبح معقدة‬ ‫حتل مكان التجارب الطويلة‬ ‫مبا يكفي كي ّ‬ ‫األم� � ��د‪ .‬وفي هذه األثن� � ��اء‪ ،‬نحتاج إلى أن‬ ‫نب� � ��دي حذرا كبيرا عندما نبني األش� � ��ياء‬ ‫التي تستلزم أن تدوم (يستمر وجودها)‪.‬‬

‫ّ‬ ‫سنشن في نهاية املطاف حروبا محلية ال نهاية لها؟‬ ‫هل‬

‫( )‬

‫«إذا نضب الوقود األحفوري الرخيص خالل قرون قليلة ولم نستطع إيجاد‬ ‫البديل‪ ،‬ستعود مجتمعاتنا العاملية إلى مجتمعات إقليمية (محلية)‪ .‬فهل‬ ‫سنعود تدريجيا إلى القبلية وإلى احلروب الصغيرة التي ال نهاية لها؟»‬ ‫جغرافي في جامعة كاليفورنيا‪ ،‬لوس أجنلس‪.‬‬ ‫>‪ .L‬سميث<‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪ 100 000‬سنة‬

‫ما الذي يو ّلد أنواعا ‪ Species‬جديدة؟‬

‫( )‬

‫>‪ .J‬كوين<‪ ،‬عالم في البيولوجيا التطورية‪ ،‬بجامعة شيكاغو‪.‬‬

‫تظه� � ��ر معظ� � ��م األن� � ��واع اجلديدة‬ ‫ف� � ��ي الطبيع� � ��ة عندما تصب� � ��ح جماعة‬ ‫من جماعات الكائن� � ��ات احلية معزولة‬ ‫جغرافي� � ��ا ع� � ��ن اجلماع� � ��ات األخرى‪.‬‬

‫فتتك ّي� � ��ف عندئذ م� � ��ع البيئ� � ��ة احمللية‪،‬‬ ‫وعاج� �ل��ا أو آج� �ل��ا تكتس� � ��ب ميزات‬ ‫متنعه� � ��ا من التزاوج بنج� � ��اح باألنواع‬ ‫األصلية أو جتعل الذرية الناجتة عقيمة‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫أو األمرين معا‪ .‬والسؤال املفتوح املهم‬ ‫أي من‬ ‫ف� � ��ي البيولوجيا التطوري� � ��ة هو‪ّ ،‬‬ ‫هذين النمطني من عوائق التكاثر مييل‬ ‫إلى أن ينش� � ��أ أوال ‪ -‬ذلك الذي يجعل‬ ‫التهجني صعبا أم ذلك الذي يقود إلى‬ ‫ذري� � ��ة متعذّرة احلي� � ��اة (غير قادر على‬ ‫االستمرار باحلياة)؟‬ ‫يح� � ��دث تك � � � ّون األنواع عل� � ��ى مدى‬ ‫الفت� � ��رات الزمني� � ��ة اجليولوجي� � ��ة‪ .‬ومع‬ ‫( ) ?‪Will we eventually wage endless local wars‬‬ ‫( ) ?‪WHAT MAKES A NEW SPECIES‬‬

‫‪45‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫أ ّنن� � ��ا نرى دالئل على ذلك في الس� � ��جل‬ ‫األحفوري ( املس� � ��تحاثي) أو في الدنا‬ ‫‪ ،DNA‬إ ّال أنه يلزم مليون س� � ��نة أو أكثر‬ ‫لنراه يص� � ��ل إلى اكتمال� � ��ه‪( .‬لقد جرى‬ ‫توثيق وجود طرق أس� � ��رع بكثير لتك ّون‬ ‫األن� � ��واع‪ ،‬ال تتطلّب انفص� � ��اال (انعزاال)‬ ‫جغرافي� � ��ا‪ ،‬ولكنها اس� � ��تثناء أكثر منها‬ ‫وضعية معت� � ��ادة‪ ).‬ولك� � ��ن بتعبير آخر‪،‬‬ ‫إذا توفر لنا ‪ 100 000‬س� � ��نة‪ ،‬فس� � ��نكون‬ ‫قادرين على إنتاجها في املختبر‪.‬‬ ‫وعادة م� � ��ا يقوم العمل على متعض‬ ‫‪ organism‬يولّد أجياال جديدة بسرعة‪ ،‬مثل‬ ‫ذبابة الفاكهة (دروسوفيال ‪.)Drosophila‬‬ ‫إذ يع� � ��زل الباحثون جماعت� �ي��ن أو أكثر‬ ‫ويعرضونه� � ��ا لنظم غذائية‬ ‫ف� � ��ي املختبر ّ‬ ‫مختلفة وظروف أخرى‪ .‬وهذا سيحتاج‬ ‫بعدئذ إلى أن تخضع دوريا كل جماعة‬ ‫لتحري وجود طف� � ��رات جينية وتغيرات‬ ‫ّ‬

‫مليون سنة‬

‫هل الكون غير متوازن؟‬

‫( )‬

‫>‪ .G‬ستاركمان<‪ ،‬فيزيائي في جامعة‬ ‫كيز وسترن ريزرڤ‪.‬‬ ‫لقد خلّفت حرارة االنفجار األعظم‬

‫‪ the big bang‬وراءها إشعاعات اخترقت‬ ‫الكون منذئذ‪ .‬فقد مس� � ��حت املجسات‬ ‫الفضائي� � ��ة هذه اخللفي� � ��ة من املوجات‬ ‫امليكروي����ة الكوني����ة )‪ ،)1((CMB‬عل� � ��ى‬ ‫كامل الس� � ��ماء ووجدتها مستقرة متاما‬ ‫باس� � ��تثناء تقلبات عش� � ��وائية صغيرة‪،‬‬ ‫متاما كم� � ��ا تنبأت بذلك نظرية االنفجار‬ ‫األعظم‪ .‬ويدل هذا االس� � ��تقرار على أن‬ ‫‪46‬‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ف� � ��ي بني� � ��ة أجس� � ��امها وفيزيولوجيتها‬ ‫ٍ‬ ‫أفراد‬ ‫وسلوكها وبني فترة وأخرى جعل‬ ‫من جماعات مختلفة جتتمع معا ملراقبة‬ ‫ما سيحدث‪.‬‬ ‫وف� � ��ي ح� � ��االت خاصة‪ ،‬كن� � ��ت مع‬ ‫زمالئ� � ��ي قادرا على فهم عوائق التوالد‬ ‫بأس� � ��لوب غي� � ��ر مباش� � ��ر عن� � ��د مراقبة‬ ‫أنواع عديدة مرتبط� � ��ة ببعضها بصلة‬ ‫قراب� � ��ة حميمة في مراح� � ��ل مختلفة من‬ ‫يخص أنواع‬ ‫التباعد التطوري‪ .‬فيم� � ��ا‬ ‫ّ‬ ‫الدروسوفيال املنعزلة جغرافيا‪ ،‬وجدنا‬ ‫أن النمط� �ي��ن من العوائق ‪ -‬مش� � ��كالت‬ ‫ّ‬ ‫التزاوج (التوال� � ��د) والذرية العقيمة ‪-‬‬ ‫يتطوران بالسرعة نفسها تقريبا‪ .‬ولكن‬ ‫�ص األنواع املقيم� � ��ة معا في‬ ‫فيما يخ� � � ّ‬ ‫أن عوائق التهجني‬ ‫املنطقة ذاتها‪ ،‬يبدو ّ‬ ‫تتطور بصورة أس� � ��رع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ليس‬ ‫واضحا ما إذا كانت هذه النتائج تنطبق‬

‫على جميع فئات املتعضيات‪.‬‬ ‫وللحصول على نوع جديد بسرعة‬ ‫أكب� � ��ر ‪ -‬رمبا خالل فترة قصيرة جدا‬ ‫م� � ��ن رتبة ‪ 100‬س� � ��نة ‪ -‬ميكن� � ��ك تقوية‬ ‫ضغوط االنتقاء لتكون أقوى بكثير مما‬ ‫هي عليه عادة في الطبيعة‪ .‬ففي جتربة‬ ‫مهمة ج� � ��دا أُجريت في الثمانينات ولّد‬ ‫الباحثون جماع� � ��ات من ذباب الفاكهة‬ ‫لتتك ّيف مع بيئات مختلفة ‪ -‬باإلضافة‬ ‫إلى تفضيلها التزاوج (االقتران) بأفراد‬ ‫تتش� � ��ارك معها مبوائله� � ��ا املختارة ‪-‬‬ ‫وذلك في خمسة وعشرين جيال فقط‪.‬‬ ‫�إن ظروف تل� � ��ك التجربة‬ ‫وم� � ��ع ذلك ف� � � ّ‬ ‫كانت مصطنعة‪ ،‬ومن املشكوك فيه ما‬ ‫إذا كان باإلم� � ��كان اعتبار اجلماعتني‬ ‫املتولدت� �ي��ن كنوع� �ي��ن مختلفني‪ .‬وميكن‬ ‫لتجرب� � ��ة طويل� � ��ة جدا أن تك� � ��ون أكثر‬ ‫حتديدا إلى أبعد احلدود‪.‬‬

‫الكون املبكر نفس� � ��ه كان منتظما‪ .‬ومع‬ ‫ذلك تش� � ��ير بعض التحاليل‪ ،‬مبا فيها‬ ‫تلك الت� � ��ي أجريتها م� � ��ع زمالئي‪ ،‬إلى‬ ‫وجود زيادة ف� � ��ي التناظر بني الطرفني‬ ‫املتقابلني من السماء وشذوذات أخرى‬ ‫تشمل غياب التذبذبات األضخم‪ ،‬تلك‬ ‫التي يجب أن تدور بسرعة أكثر من ‪60‬‬ ‫درجة في السماء‪.‬‬ ‫ولنكتش� � ��ف فيم� � ��ا إذا كان� � ��ت هذه‬ ‫املالم� � ��ح حقيقي� � ��ة أم مج � � � ّرد عوارض‬ ‫إحصائية‪ ،‬نحتاج فق� � ��ط إلى أن نتابع‬ ‫إن صورة املوجات ‪ CMB‬التي‬ ‫الرصد‪ّ .‬‬ ‫نراها الي� � ��وم هي حدث ع َرضي ملكاننا‬ ‫في الفضاء والزمان‪ .‬لقد اس� � ��تغرقت‬ ‫املوجات ‪ CMB‬نحو ‪ 13.7‬بليون س� � ��نة‬ ‫إن‬ ‫لتص� � ��ل إلينا من جمي� � ��ع اجلهات‪ّ .‬‬ ‫مسحها يعني مسح سطح كروي يحيط‬ ‫بنا بنصف قطر قدره ‪ 13.7‬بليون سنة‬

‫ضوئي� � ��ة ‪ -‬وهي املس� � ��افة التي قطعها‬ ‫الضوء في هذه الفترة‪ .‬إذا انتظرنا مدة‬ ‫فإن هذه الكرة س� � ��وف‬ ‫طويلة مبا يكفي ّ‬ ‫تكب� � ��ر وتكب� � ��ر‪ ،‬وهكذا س� � ��تعبر مناطق‬ ‫إن الشذوذات‬ ‫جديدة من الكون املبكر‪ّ .‬‬ ‫من الضخامة بحيث يلزم لكرة املوجات‬ ‫‪ CMB‬بليون س� � ��نة لتجاوزها ‪ -‬عندما‬ ‫يصل نصف قطر الكرة إلى ‪ 14.7‬بليون‬ ‫س� � ��نة ضوئية‪ .‬وإذا كان باس� � ��تطاعتنا‬ ‫االنتظار «فقط» مليون س� � ��نة‪ ،‬فستبقى‬ ‫معظم الش� � ��ذوذات هن� � ��ا ولكن مع تغير‬ ‫طفي� � ��ف‪ .‬وعندها‪ ،‬سنس� � ��تطيع أن نرى‬ ‫إن كانت في طريقه� � ��ا إلى االختفاء ‪-‬‬ ‫مما يوح� � ��ي بأنها مج � � � ّرد أحداث غير‬ ‫متوقعة ‪ -‬أو إذا استمر بقاؤها يكشف‬ ‫عن وجود بنى كونية أكبر‪.‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫( ) ?‪IS THE UNIVERSE LOPSIDED‬‬ ‫)‪cosmic microwave background (1‬‬


‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫مليون سنة‬

‫هل ستبقى البروتونات‬ ‫إلى األبد؟‬ ‫( )‬

‫>‪ .M .S‬كارول<‪ ،‬عالم في الفيزياء النظرية مبعهد‬ ‫كاليفورنيا التقاني‪.‬‬

‫هل ستصبح‬ ‫رؤوسنا أكبر؟‬

‫( )‬

‫كيف سيغيّر اإلجناب‬ ‫ّ‬ ‫متأخر‬ ‫في ُع ُم ٍر‬ ‫( )‬ ‫بيولوجيتنا؟‬

‫«إن ضيق قناة‬ ‫ّ‬ ‫الوالدة البشرية‬ ‫هو عنق الزجاجة‬ ‫الرئيسي‬ ‫الذي يح ّد من‬ ‫مقاس رؤوسنا‪.‬‬ ‫فهل سيقودنا‬ ‫االستعمال‬ ‫املستمر للعمليات‬ ‫القيصرية‬ ‫ملئات اآلالف‬ ‫من السنني إلى‬ ‫التطور نحو‬ ‫أدمغة أكبر؟»‬

‫«ينجب الناس‬ ‫أوالدهم في‬ ‫أعمار متقدمة‪،‬‬ ‫أي عندما تصبح‬ ‫سرعة الطفرات‬ ‫في النطاف أعلى‬ ‫ويكون منط تربية‬ ‫األطفال مختلفا‪.‬‬ ‫وهل ستؤ ّثر هذه‬ ‫التغ ّيرات الثقافية‬ ‫في بيولوجيتنا بعد‬ ‫عشرات اآلالف من‬ ‫السنني؟»‬

‫>‪ .K‬هارڤاتي<‪ ،‬عاملة‬ ‫اإلنسان القدمي في‬ ‫جامعة توبنگن بأملانيا‪.‬‬

‫>‪ .M‬فيلدمان<‪ ،‬بيولوجي‬ ‫رياضياتي في جامعة‬ ‫ستانفورد‪.‬‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪Life’s Rocky Start. R‬‬ ‫‪ obert M. Hazen in Scientific American, Vol. 284, No. 4, pages‬‬ ‫‪76–85; April 2001.‬‬ ‫‪Ripples in Spacetime. W. Wayt Gibbs in Scientific American, Vol. 286, No. 4, pages‬‬ ‫‪62–71; April 2002.‬‬ ‫‪Inconstant Constants. John D.‬‬ ‫‪Barrow and John K. Webb in Scientific American, Vol. 292, No. 6, pages 56–63; June 2005.‬‬ ‫‪Is the Universe Out of Tune? Glenn D. Starkman and Dominik J. Schwarz in Scientific‬‬ ‫‪American, Vol. 293, No. 2, pages 48–55; August 2005.‬‬ ‫‪What Is a Species? Carl Zimmer‬‬ ‫‪in Scientific American, Vol. 298, No. 6, pages 72–79; June 2008.‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫تتك � � � ّون مادة الك� � ��ون العادي� � ��ة مبعظمها من‬ ‫البروتونات ‪ -‬وهي جسيمات كانت موجودة منذ‬ ‫أن اجلسيمات (دون‬ ‫االنفجار األعظم‪ .‬وفي حني ّ‬ ‫الذري� � ��ة) األصغر من الذرة مب� � ��ا فيها النترونات‬ ‫ميكن أن تتفكك تلقائيا‪ ،‬تبدو البروتونات مستقرة‬ ‫�إن بعض‬ ‫عل� � ��ى نح� � ��و اس� � ��تثنائي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف� � � ّ‬ ‫املوحدة الكب���رى )‪ - )1((GUTs‬وهي‬ ‫النظري���ات‬ ‫ِّ‬ ‫محاوالت لتفسير جميع اجلس� � ��يمات الفيزيائية‬ ‫عل� � ��ى أنها وج� � ��وه مختلفة لقوة وحي� � ��دة ‪ -‬تتنبأ‬ ‫�أن البروتونات يجب أن تتحطم أيضا‪ ،‬مع مدة‬ ‫ب� � � ّ‬ ‫‪43‬‬ ‫حياة وسطية تصل حتى ‪ 10‬سنة‪ ،‬وذلك حسب‬ ‫النظرية‪ .‬فإذا انتظرنا وقتا طويال بقدر ٍ‬ ‫كاف‪ ،‬هل‬ ‫سنستطيع أخيرا مشاهدة حدوث ذلك؟‬ ‫كل م� � ��ا عليك فعله‬ ‫ولرؤي� � ��ة تفكك البروت� � ��ون‪ّ ،‬‬ ‫ه� � ��و ملء خزان حتت أرضي كبي� � ��ر باملاء ومراقبة‬ ‫الومض� � ��ات القليلة م� � ��ن الضوء الت� � ��ي تخرج من‬ ‫البروتونات املتفككة في الذرات املكونة للماء‪ .‬وكلما‬ ‫راقبت املزيد من البروتونات‪ ،‬ازداد احتمال رؤيتك‬ ‫للتفكك‪ .‬وأظهرت الدراسات التي جرت بالكواشف‬ ‫األقل ‪1043‬‬ ‫أن البروتونات تدوم عل� � ��ى‬ ‫ّ‬ ‫املوج� � ��ودة ّ‬ ‫س� � ��نة‪ ،‬وهذه قيم ألغت الكثير من النظريات ‪.GUT‬‬ ‫ولقول الكلمة األخيرة‪ ،‬ق� � ��د نحتاج إلى جعل هذه‬ ‫الكواش� � ��ف تعمل مدة ‪ 100‬مليون س� � ��نة‪ .‬ولكن إذا‬ ‫بنيت كواش� � ��ف أضخم مبئة م� � ��رة ‪ -‬بجعلها ذات‬ ‫مقاس يق� � ��ارب مقاس ملعب كرة ق� � ��دم احترافي‪،‬‬ ‫لتضم خمس� � ��ة ماليني طن من‬ ‫وضخمة مبا يكفي‬ ‫ّ‬ ‫�تحق‬ ‫املاء ‪ -‬تصبح مدة مليون عام كافية‪ .‬قد يس� � � ّ‬ ‫>‬ ‫علم فيزياء اجلسيمات املوحد عناء االنتظار‪.‬‬ ‫( ) ?‪Will our heads get bigger‬‬ ‫( ) ?‪How will giving birth at later ages change our biology‬‬ ‫( ) ?‪ARE PROTONS FOREVER‬‬ ‫)‪grand unified theories (1‬‬

‫‪47‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫جتربة املناخ الكبرى‬

‫( )‬

‫إلى أي مدى ميكننا أن نستحث كوكبنا؟‬ ‫>‪ .K‬كالديرا<‬

‫عادة ال تتجاوز التنبؤات املستقبلية‬ ‫في مجاالت األعم� � ��ال االقتصادية أو‬ ‫البرامج احلكومي� � ��ة أو التقانة خمس‬ ‫أو عش� � ��ر س� � ��نوات‪ ،‬ولكنه� � ��ا ال تزيد‬ ‫على ‪ 50‬س� � ��نة‪ .‬أما ب� �ي��ن علماء املُناخ‬ ‫فهن� � ��اك بع� � ��ض احلديث ال� � ��ذي يدور‬ ‫عما س� � ��يصبح عليه املن� � ��اخ في نهاية‬ ‫ه� � ��ذا القرن‪ .‬وفي حقيق� � ��ة األمر‪ ،‬فإن‬ ‫ثنائي أكسيد الكربون الذي ُيطرح في‬ ‫الغالف اجلوي اآلن سيؤثر في كوكب‬ ‫األرض مئات آالف السنني فيما بعد‪.‬‬ ‫كي� � ��ف س� � ��تغير غ���ازات االحتباس‬ ‫احل���راري(‪ greenhouse gases )1‬مستقبل‬ ‫األرض ف� � ��ي املدى البعيد؟ ال يس� � ��تطيع‬ ‫أحد أن يتحدث بصورة مؤكدة عن كيفية‬ ‫اس� � ��تجابة األرض لذلك‪ ،‬غير أن علماء‬ ‫مناخ ‪ -‬مس� � ��تخدمني مناذج رياضياتية‬ ‫مبنية عل� � ��ى معرفة بنظم مناخ س� � ��ابقة‬ ‫وكذلك على معرفة ش� � ��بكة الوِ ب املعقدة‬ ‫لس� � ��يرورات العمليات التي تُدمج املناخ‬ ‫وقوانني الفيزياء والكيمياء ‪ -‬يستطيعون‬ ‫التنبؤ مبا سيصير عليه شكل كوكبنا‪.‬‬ ‫وبالفع� � ��ل بدأن� � ��ا ن� � ��رى املس� � ��تقبل‬ ‫املُتصور لشكل األرض تبعا للعديد من‬ ‫هذه النم� � ��اذج‪ .‬وكم� � ��ا كان متوقعا فقد‬ ‫ح� � ��دث احترار فوق اليابس� � ��ة أعلى منه‬ ‫فوق احمليطات‪ ،‬وه� � ��و احترار أعلى في‬ ‫القطبني منه قرب خط االس� � ��تواء‪ ،‬وفي‬ ‫الش� � ��تاء أعلى منه ف� � ��ي الصيف‪ ،‬وفي‬ ‫الليل أعلى منه في النهار‪ .‬كما أن هطول‬ ‫‪48‬‬

‫أمطار غزيرة صار ظاهرة أكثر شيوعا‪.‬‬ ‫أم� � ��ا في القط� � ��ب الش� � ��مالي فقد أصبح‬ ‫اجلليد والثلج يغطيان مس� � ��احة أصغر‪،‬‬ ‫وبدأت ترب� � ��ة اجلمد الس� � ��رمدي الغنية‬ ‫بغ� � ��از امليثان بالذوب� � ��ان‪ .‬وصار الطقس‬ ‫غير اعتي� � ��ادي حيث ُتغ� � ��ذى العواصف‬ ‫بتسخني إضافي‪.‬‬ ‫ولك� � ��ن ما هي احل� � ��دود النهائية لهذا‬ ‫التغيير الذي نتس� � ��بب ب� � ��ه؟ يأتي أفضل‬ ‫مثال تاريخي من املناخ الذي س� � ��اد في‬ ‫العص���ر الطباش���يري(‪ )2‬قبل ‪ 100‬مليون‬ ‫سنة‪ ،‬عندما ط ّوق هواء رطب وحار جلود‬ ‫الدينوصورات وكائنات شبيهة بالتماسيح‬ ‫كانت تسبح في املياه القطبية الشمالية‪،‬‬ ‫وازده� � ��رت احلي� � ��اة النباتية في جو غني‬ ‫بثنائ� � ��ي أكس� � ��يد الكرب� � ��ون‪ .‬فاالحتباس‬ ‫احلراري الذي يتش� � ��كل اآلن ستكون له‬ ‫عواقب تدوم مئات آالف السنني أو أكثر‪.‬‬ ‫ولكن سيكون تأثيرها العميق في البداية‬ ‫في معظم أش� � ��كال احلياة على كوكبنا‪،‬‬ ‫والسيما حياتنا نحن‪.‬‬ ‫صحراء في إيطاليا‬

‫( )‬

‫أح� � ��د أكثر األم� � ��ور املش� � ��كوك فيها في‬ ‫مج� � ��ال التنب� � ��ؤ باملناخ هو كمي� � ��ة ثنائي‬ ‫أكسيد الكربون التي ستنطلق في نهاية‬ ‫املطاف إلى الغالف اجلوي‪ .‬وسأفترض‬ ‫في هذا املق� � ��ال أن احلضارة الصناعية‬ ‫ستس� � ��تمر بالنهج نفسه الذي تتبعه منذ‬ ‫‪ 200‬ع� � ��ام‪ ،‬وحتديدا بالنس� � ��بة إلى حرق‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫الوقود األحفوري بشكل متسارع حتى‬ ‫اللحظة التي ال نستطيع فيها استخراج‬ ‫هذا الوقود من األرض‪.‬‬ ‫فكم هي كمية ثنائي أكسيد الكربون‬ ‫الت� � ��ي بإمكاننا أن نطلقه� � ��ا في الغالف‬ ‫اجلوي؟ برأي اجلميع‪ ،‬هناك نحو واحد‬ ‫كوادريليون طن متري (‪ 1021‬غرام) من‬ ‫الكرب� � ��ون العضوي احملتبس بأش� � ��كال‬ ‫مختلف� � ��ة في القش� � ��رة األرضية‪ .‬وحتى‬ ‫اآلن لم نحرق س� � ��وى جزء من عشرين‬ ‫من واح� � ��د في املئة من ه� � ��ذا الكربون‪،‬‬ ‫أو نح� � ��و ‪ 2000‬بليون طن متري من غاز‬ ‫ثنائي أكسيد الكربون‪.‬‬ ‫وم� � ��ع كل هذا الكرب� � ��ون املحُ تبس‬ ‫ف� � ��ي القش� � ��رة األرضي� � ��ة‪ ،‬فإنن� � ��ا لن‬ ‫نفقد أبدا الوق� � ��ود األحفوري‪ .‬فنحن‬ ‫اآلن نس� � ��تخرج البترول م� � ��ن الرمال‬ ‫الطفَل‬ ‫القطرانية‪ ،‬والغاز الطبيعي من َّ‬ ‫الصفحي(‪ shale )3‬املتشقق بقوة املاء‪.‬‬ ‫وكان ُيظ� � ��ن أن هذي� � ��ن املصدرين ال‬ ‫ميكن استغاللهما تقانيا واقتصاديا‪.‬‬ ‫وال يستطيع أحد أن يتنبأ بثقة باملدى‬ ‫الذي سنصل إليه في حتقيق أهدافنا‬ ‫بفضل براعتنا وإبداعنا‪ .‬ومع ذلك فإن‬ ‫( ) ‪THE GREAT CLIMATE EXPERIMENT‬‬ ‫( ) ‪A DESERT IN ITALY‬‬

‫(‪ )1‬أو‪ :‬غازات الدفيئة‪.‬‬ ‫(‪ = Cretaceous Period )2‬العص� � ��ر الطباش� � ��يري‪ ،‬وهو‬ ‫العصر الثالث واألخير من الدهر الوسيط‪.‬‬ ‫(‪َّ = Shale )3‬‬ ‫الطفَل الصفحي‪ :‬صخر متشكل من صلصال‬ ‫أو طني ويتميز بسهولة انفالقه إلى طبقات‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫املؤلف‬

‫‪Ken Caldeira‬‬

‫عال� � ��م مناخ يعمل في معهد كارنيگي العلمي لدائرة التبيؤ‬ ‫العاملي في جامعة ستانفورد‪ .‬وهو ُيحقق في مسائل تتعلق‬ ‫بنظم املناخ والكربون والطاقة‪ .‬أما أدواته األساسية فهي‬ ‫من� � ��اذج دورة املناخ والكربون‪ .‬كما أنه يقوم بعمل ميداني‬ ‫له عالقة بحموضة مياه احمليط‪.‬‬

‫تكاليف االستخراج واملعاجلة ستكون‬ ‫في نهاية املطاف عالية بحيث يصبح‬ ‫سعر الوقود األحفوري أعلى من سعر‬ ‫أي م� � ��ن املصادر البديلة للطاقة‪ .‬وفي‬ ‫هذا الس� � ��يناريو الذي نتصوره هنا‪،‬‬ ‫فإننا س� � ��نحرق في النهاية نحو واحد‬ ‫في املئة من الكربون العضوي املتوفر‬ ‫طيلة الق� � ��رون القليلة القادمة‪ .‬أي في‬ ‫املدى الذي تصبح فيه كمية الكربون‬ ‫العضوي املستخلصة مجدية أكثر في‬ ‫املس� � ��تقبل القريب‪ .‬وفضال عن ذلك‪،‬‬ ‫نحن نفترض أن البشر في املستقبل‬ ‫سيتعلمون كيفية اس� � ��تخراج الوقود‬ ‫األحفوري غي� � ��ر التقلي� � ��دي‪ ،‬ولكنهم‬ ‫سيحرقونه مبعدالت أبطأ‪.‬‬ ‫وم� � ��ن دون أي تغيير ف� � ��ي عاداتنا‪،‬‬ ‫ف� � ��إن الكرة األرضية س� � ��تحتر مبقدار‬ ‫نحو خمس درجات سيلزية بحلول عام‬ ‫‪ ،2100‬وذلك على الرغم من أن االحترار‬ ‫الفعل� � ��ي قد يكون نصف هذا املقدار أو‬ ‫ضعفيه‪ ،‬وذلك يعتمد بش� � ��كل أساسي‪،‬‬ ‫عل� � ��ى كيفية اس� � ��تجابة الغي� � ��وم‪ .‬وهذا‬ ‫التغيي� � ��ر هو تقريبا مبق� � ��دار الفرق بني‬ ‫املناخ الوسطي في بوسطن وهنتسفيل‬ ‫بوالية أالباما‪.‬‬ ‫وفي العروض الش� � ��مالية الوسطى‬ ‫بني خط� � ��ي الع� � ��رض ‪ 30‬ش� � ��ماال و‪60‬‬ ‫شماال ‪ -‬وهو شريط يش� � ��مل الواليات‬ ‫املتحدة وأوروب� � ��ا والصني ومعظم كندا‬

‫املستقبل القريب‪ :‬تستمر احلضارة الصناعية بضخ كميات أكبر وأكبر من غازات االحتباس احلراري‬ ‫كل سنة‪ ،‬مما سيؤدي إلى درجات حرارة أعلى ومحيط حامضي وطقس غير اعتيادي في نهاية هذا القرن‪.‬‬

‫وروس� � ��يا ‪ -‬ينخف� � ��ض متوس� � ��ط درجة‬ ‫احلرارة الس� � ��نوي مبق� � ��دار ثلثي درجة‬ ‫س� � ��يلزية م� � ��ع كل زيادة مبق� � ��دار درجة‬ ‫واحدة في خطوط العرض‪ .‬ويترجم كل‬ ‫احترار مقداره خمس درجات في القرن‬ ‫الواح� � ��د بحركة أحزمة احل� � ��رارة نحو‬ ‫القطب يزيد معدله� � ��ا على ‪ 800‬كيلومتر‬ ‫في تلك الفترة؛ أي مبعدل يزيد على ‪20‬‬ ‫مت� � ��را كل يوم‪ .‬وقد تتمكن الس� � ��ناجيب‬ ‫من مواكبة هذا املعدل‪ ،‬إال أن أش� � ��جار‬ ‫البل� � ��وط ودي� � ��دان األرض يصعب عليها‬ ‫التحرك مبثل هذه السرعة‪.‬‬ ‫وعندئ� � ��ذ س� � ��تكون هن� � ��اك األمطار‪.‬‬ ‫فاألرض ككوكب سيار هي آلة حرارية‪.‬‬ ‫إذ إن الشمس ُتسخن الهواء في مناطق‬ ‫خط االستواء فيرتفع ويبرد‪ .‬ويؤدي هذا‬ ‫التبري� � ��د إلى تكثف بخار املاء في الهواء‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫فيع� � ��ود إلى األرض على ش� � ��كل أمطار‪،‬‬ ‫وهكذا يتش� � ��كل حزام األمطار الغزيرة‬ ‫قرب خط االستواء‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإن تكثف بخار املاء يؤدي‬ ‫أيضا إلى تسخني الهواء املجاور‪ ،‬مسببا‬ ‫رفعه بس� � ��رعة أكبر‪ .‬وهذا الهواء اجلاف‬ ‫والس� � ��اخن يصل كتيار نف� � ��اث‪ ،‬وعندئذ‬ ‫ينتش� � ��ر جانبيا نحو القطب� �ي��ن‪ .‬وعندما‬ ‫يكون ف� � ��ي األعلى‪َ ،‬يش� � � ُّ�ع ح� � ��رارة إلى‬ ‫الفضاء‪ ،‬فيبرد مما يؤدي إلى عودته نحو‬ ‫سطح األرض‪ .‬وتمَ ُ ُّر أشعة الشمس عبر‬ ‫هذا الهواء اجلاف‪ ،‬غير الغائم‪ ،‬فيش� � ��ق‬ ‫طريق� � ��ه نزوال ل ُيس� � � ّ�خن س� � ��طح املناطق‬ ‫القاحل� � ��ة‪ .‬وحاليا فإن هذا الهواء اجلاف‬ ‫يحدث حول خط العرض ‪ 30‬درجة شماال‬ ‫وجنوبا مشكال حزام الصحاري الكبرى‬ ‫الذي يط ّوق الكرة األرضية‪.‬‬ ‫‪49‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫وبس� � ��بب التس� � ��خني الناج� � ��م ع� � ��ن‬ ‫االحتب� � ��اس احل� � ��راري‪ ،‬يصي� � ��ر الهواء‬ ‫اجل� � ��اف أكثر س� � ��خونة‪ .‬ولذل� � ��ك يحتاج‬ ‫إل� � ��ى وقت أطول حتى يب� � ��رد ويهبط نحو‬ ‫سطح األرض‪ .‬وكنتيجة لذلك فإن أحزمة‬ ‫الصحاري هذه ستتحرك نحو القطبني‪.‬‬ ‫وقد يتحرك مناخ الصحراء الكبرى‬ ‫نحو الش� � ��مال‪ .‬وبالفعل‪ ،‬ف� � ��إن جنوب‬ ‫أوروبا يعاني املزيد من حاالت اجلفاف‬ ‫على الرغم من ازدياد الهطوالت الكلية‬ ‫ف� � ��ي العالم مما قد يفق� � ��ده مناخ البحر‬ ‫األبي� � ��ض املتوس� � ��ط ال� � ��ذي كان يعتبر‬ ‫ملدة زمنية طويل� � ��ة أفضل مناخ مرغوب‬ ‫ب� � ��ه في العال� � ��م‪ .‬وقد تق� � ��ول أجيال في‬ ‫املستقبل الش� � ��يء ذاته عن مناخ الدول‬ ‫االسكندنافية باعتباره سيصير أفضل‬ ‫مناخ مرغوب به في العالم‪.‬‬ ‫وفي العروض الش� � ��مالية الوسطى‪،‬‬ ‫أصبحت فص� � ��ول منو النب� � ��ات أطول‪.‬‬ ‫فالربي� � ��ع يبدأ ف� � ��ي وقت مبك� � ��ر فتزهر‬ ‫النباتات ويذوب جليد البحيرات وتعود‬ ‫الطي� � ��ور املهاج� � ��رة قبل الوق� � ��ت الذي‬ ‫اعتادت أن تعود فيه‪.‬‬ ‫ولن يكون ذلك ه� � ��و الفائدة الوحيدة‬ ‫للزراعة في كندا وس� � ��يبيريا‪ .‬فالنباتات‬ ‫تص ّنع الطعام مستخدمة الطاقة املستمدة‬ ‫من أشعة الش� � ��مس لدمج ثنائي أكسيد‬ ‫الكرب� � ��ون وامل� � ��اء‪ .‬وفي معظ� � ��م األحوال‬ ‫متتص النباتات ثنائي أكس� � ��يد الكربون‬ ‫من خالل مس� � ��امات على سطح أوراقها‬ ‫ُتدع� � ��ى ال ُّثغي���رات(‪ .)1‬وعندم� � ��ا تنفت� � ��ح‬ ‫ال ُّثغي� � ��رات على مداها يتمكن النبات من‬ ‫امتصاص الكثير من غاز ثنائي أكسيد‬ ‫الكرب� � ��ون‪ ،‬ولك� � ��ن كمية كبي� � ��رة من املاء‬ ‫تتبخر عبر هذه الفتحات‪ .‬ويعني تركيز‬ ‫غاز ثنائي أكس� � ��يد الكربون في الغالف‬ ‫اجلوي أن بإم� � ��كان نبات ما أن يحصل‬ ‫على ما يحتاج إليه من غاز ثنائي أكسيد‬ ‫الكربون عن طريق فتح مس� � ��ام األوراق‬ ‫‪50‬‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫بشكل ضئيل أو حتى عن طريق بناء عدد‬ ‫أقل من املس� � ��امات في أوراقه‪ .‬وفي عالم‬ ‫يحتوي غالفه اجلوي عل� � ��ى كمية كبيرة‬ ‫من غاز ثنائي أكس� � ��يد الكربون‪ ،‬تتمكن‬ ‫النباتات م� � ��ن زيادة منوها مس� � ��تخدمة‬ ‫الكمية نفس� � ��ها من املاء‪( .‬هذا النقصان‬ ‫في التبخر من النباتات يؤدي أيضا إلى‬ ‫نقص إضافي في الهطوالت‪ .‬ونظرا ألن‬ ‫التبخر ُيس� � ��بب التبري� � ��د فإن النقص في‬ ‫التبخر يؤدي إلى مزيد من االحترار‪).‬‬ ‫لكن ال يجري الشعور بهذه املكاسب‬ ‫في كل مكان‪ .‬ففي املناطق االس� � ��توائية‬ ‫تؤدي درجات احل� � ��رارة املرتفعة بالفعل‬ ‫إل� � ��ى تعري� � ��ض الكثير م� � ��ن احملاصيل‬ ‫الزراعية للخطر‪ .‬ومن احملتمل أن يزداد‬ ‫هذا اإلجهاد احلراري للنباتات س� � ��وءا‬ ‫مع االحترار العامل���ي ‪،global warming‬‬ ‫وميكن أن يكون املش� � ��هد املتوقع عبارة‬ ‫ع� � ��ن زيادة كلي� � ��ة في إنت� � ��اج احملاصيل‬ ‫بحيث تتج� � ��اوز الزيادات في الش� � ��مال‬ ‫نقص اإلنتاج في املناطق القريبة من خط‬ ‫االستواء‪ .‬ومع أن االحترار العاملي رمبا‬ ‫ال ي� � ��ؤدي إلى نقص ف� � ��ي مجمل اإلنتاج‬ ‫العاملي للغ� � ��ذاء إال أنه ق� � ��د يوفر الكثير‬ ‫لألغنياء واألقل للفقراء‪.‬‬ ‫محيطات من التغيير‬

‫( )‬

‫احمليطات الشاسع ُة التغيي َر‪ ،‬غير‬ ‫تقاوم‬ ‫ُ‬ ‫أنها ستتغير‪ .‬فلم يحدث في أي وقت من‬ ‫األوقات في ماضي الك� � ��رة األرضية ‪-‬‬ ‫م� � ��ع احتمال اس� � ��تثناء حادث� � ��ات الفناء‬ ‫اجلماعي ‪ -‬أن تغي� � ��رت كيميائيات مياه‬ ‫احمليطات بالقدر وبالس� � ��رعة التي يتوقع‬ ‫العلماء أن تتغير بها في العقود القادمة‪.‬‬ ‫فعندما يجري امتصاص ثنائي أكس� � ��يد‬ ‫الكربون في مياه احمليطات فإنه يتفاعل‬ ‫مع هذه املياه ليك � � � ّون حمض الكربونيك‬ ‫ال� � ��ذي ميكنه عندما يكون في تركيز عال‬ ‫كفاية أن يتس� � ��بب في ذوب� � ��ان أصداف‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫وهياكل الكثير من املتعضيات البحرية‬

‫‪ ،marine organisms‬والس� � ��يما تلك التي‬ ‫بني� � ��ت بش� � ��كل م� � ��ن أش� � ��كال كربونات‬ ‫الكالس� � ��يوم القابل للذوبان في س� � ��ائل‬ ‫واملعروف باسم األراغونايت(‪.)2‬‬ ‫ويق� � ��در العلم� � ��اء أن أكث� � ��ر من ربع‬ ‫األن���واع البحري���ة‬

‫‪marine species‬‬

‫تقض� � ��ي جزءا من حياته� � ��ا في احليود‬ ‫البحري� � ��ة املرجاني� � ��ة‪ .‬وتتك� � ��ون هياكل‬ ‫املرجان من معدن األراغونايت‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫حتى ولو لم تتدهور األوضاع الكيميائية‬ ‫إلى النقطة التي تذوب فيها هذه الهياكل‬ ‫فإن حتمي� � ��ض مياه احملي� � ��ط ميكن أن‬ ‫يزيد م� � ��ن الصعوبة التي تواجهها هذه‬ ‫املتعضيات في بنائه� � ��ا لهياكلها‪ .‬وفي‬ ‫غضون بضعة عقود من الزمن لن يبقى‬ ‫هناك مكان في احمليط يس� � ��ود فيه ذلك‬ ‫الوضع الكيميائي املناس� � ��ب الذي أتاح‬ ‫منو الش� � ��عاب املرجانية ف� � ��ي املاضي‬ ‫اجليولوجي‪ .‬ولي� � ��س من املعروف عدد‬ ‫ما س� � ��يختفي من هذه األن� � ��واع احلية‬ ‫املعتم� � ��دة عل� � ��ى املرجان م� � ��ع اختفاء‬ ‫احليود البحرية املرجانية‪.‬‬ ‫مثل هذه التغيرات الكيميائية ستؤثر‬ ‫تأثيرا مباش� � ��را جدا في حياة املرجان‪،‬‬ ‫غير أن من احلكمة أن نعتبر أن التغيرات‬ ‫الفيزيائية جتري في مجراها الطبيعي‪.‬‬ ‫فاملاء أساس� � ��ا يتصرف مثل الزئبق في‬ ‫ميزان احلرارة‪ ،‬فكلما ازدادت احلرارة‬ ‫ارتف� � ��ع مس� � ��توى الزئبق ف� � ��ي امليزان‪.‬‬ ‫والبحر بدوره ُيغذَّى باملياه احملتجزة في‬ ‫املسطحات اجلليدية‪.‬‬ ‫وف� � ��ي األزمنة الغاب� � ��رة‪ ،‬عندما كان‬ ‫ثنائ� � ��ي أكس� � ��يد الكرب� � ��ون مرتفعا في‬ ‫اجل� � ��و‪ ،‬ازدادت درج� � ��ة ح� � ��رارة الكرة‬ ‫األرضية مبا يكفي للحيوانات الشبيهة‬ ‫( )‬

‫‪OCEANS OF CHANGE‬‬

‫(‪ stomata )1‬جمع ‪ُ stoma‬ثغير أو فتحة صغيرة في أدمة‬ ‫النبات شبيهة بالفم شكال أو وظيفة‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫عُ جالة سريعة‬

‫املناخ‪ :‬ماضيه كمستقبله‬

‫( )‬

‫على فرض أننا سنس���تمر بحرق الوقود األحف���وري بإرادتنا‪ ،‬مطلقني‬ ‫غ���ازات االحتب���اس احلراري مثل ثنائي أكس���يد الكرب���ون إلى الغالف‬ ‫اجل���وي دون انقط���اع‪ ،‬فعن���د ذلك‪ ،‬س���وف حتدث ف���ي كوكبنا حتوالت‬ ‫مناخي���ة‪ .‬وبالفع���ل فق���د ارتفعت درجات احل���رارة العاملي���ة حتى اآلن‬ ‫مبقدار درجة واحدة سيلزية تقريبا ‪ -‬وأكثر من ضعفي ذلك في القطب‬ ‫الش���مالي‪ .‬وميك���ن أن يرتف���ع معدل درج���ات احلرارة ف���ي آخر املطاف‬ ‫مبقدار ‪ 10‬درجات سيلزية‪ ،‬أي مبا يكفي إلذابة كميات هائلة من املياه‬

‫‪25‬‬

‫احملتج���زة على ش���كل جلي���د في مجل���دات گرينالند والق���ارة املتجمدة‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬وميكن أن تحُ رر كميات كافية من املياه لرفع مستوى سطح‬ ‫البح���ار مبق���دار ‪ 120‬مترا‪ .‬كما أن تركيزات ثنائي أكس���يد الكربون في‬ ‫الغ�ل�اف اجلوي س���وف تصل إلى مس���تويات َخ ِب َر ْتها الك���رة األرضية‬ ‫آخر مرة في العصر الطباش���يري‪ ،‬عندما جابت الدينوصورات األرض‬ ‫وانقس���مت أمريكا الش���مالية إلى قس���مني ببحر داخلي هائل‪ ،‬وسكنت‬ ‫كائنات حية تشبه التماسيح القطبني الشمالي واجلنوبي‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫‪20‬‬

‫‪15‬‬

‫‪14‬‬

‫املستقبل القريب‬

‫اليوم‬

‫احلقبة الصناعية‬

‫مرتفع‬

‫املعدل السنوي‬ ‫لدرجات احلرارة‬ ‫العاملية‪ :‬درجة‬ ‫سيلزية‬ ‫تركيزات ثنائي‬ ‫أكسيد الكربون‬ ‫في الغالف‬ ‫اجلوي‬ ‫مستوى سطح‬ ‫البحر‬ ‫الكتلة احليوية‬

‫(‪)1‬‬

‫منخفض‬

‫املستقبل البعيد‬

‫(‪10 000‬‬

‫سنة من اآلن)‬

‫(‪ 100‬سنة من اآلن)‬

‫بالتماس� � ��يح ألن تعي� � ��ش ف� � ��ي ش� � ��مال‬ ‫الدائ� � ��رة القطبية الش� � ��مالية‪ .‬فقبل نحو‬ ‫‪ 100‬مليون س� � ��نة تقريب� � ��ا وصل معدل‬ ‫درج� � ��ة احلرارة الس� � ��نوي ف� � ��ي القطب‬ ‫إلى ‪ 14‬درجة س� � ��يلزية مع درجة حرارة‬ ‫في فصل الصيف جت� � ��اوزت ‪ 25‬درجة‬ ‫سيلزية‪ .‬وعلى مدى آالف السنني كانت‬ ‫درجة احلرارة على هذا املستوى كافية‬ ‫إلذابة املس� � ��طحات اجلليدية الكبرى في‬ ‫گرينالن� � ��د والقارة املتجم� � ��دة اجلنوبية‬ ‫(انتراكتيكا)‪ .‬وبذوبان هذه املس� � ��طحات‬ ‫بشكل كلي‪ ،‬صار مستوى سطح البحر‬

‫(قبل ‪ 100‬سنة)‬

‫أعلى بـ‪ 120‬مترا‪ ،‬فغمر مناطق شاسعة‬ ‫من اليابس� � ��ة‪ .‬وق� � ��د أدى وزن ذلك املاء‬ ‫فوق املناطق املنخفضة من القارات إلى‬ ‫دفعها أكثر إلى األس� � ��فل مسببا تراكب‬ ‫‪ lap‬املياه حتى إلى مستويات أعلى‪.‬‬ ‫ومن املتوقع أن ترتفع درجة احلرارة‬ ‫في القطبني أس� � ��رع م� � ��ن ارتفاعها في‬ ‫الك� � ��رة األرضي� � ��ة ككل مبرتني ونصف‬ ‫املرة‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد ارتفعت درجة حرارة‬ ‫القطب الشمالي أسرع من ارتفاعها في‬ ‫أي مكان آخر مبقدار درجتني سيلزيتني‪،‬‬ ‫في حني ارتفعت في س� � ��ائر أنحاء الكرة‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫التنوع األحيائي‬

‫العصر الطباشيري‬ ‫(قبل‬

‫‪100‬‬

‫مليون سنة)‬

‫األرضية ‪ 0.8‬درجة س� � ��يلزية‪ .‬وفي نهاية‬ ‫العصر اجلليدي األخي� � ��ر‪ ،‬عندما احتر‬ ‫املناخ قرابة خمس درجات س� � ��يلزية عبر‬ ‫آالف السنني‪ ،‬ذابت املسطحات اجلليدية‬ ‫مبعدل أدى إلى ارتفاع مس� � ��توى سطح‬ ‫البح� � ��ر بنح� � ��و متر واحد ف� � ��ي كل قرن‪.‬‬ ‫ونحن نتمنى ونتوقع أال تذوب املسطحات‬ ‫اجلليدية هذه املرة بسرعة أكبر‪ ،‬غير أننا‬ ‫لسنا متأكدين من ذلك‪.‬‬ ‫( ) ‪Climate: Past as Future‬‬ ‫(‪Biomass )1‬‬

‫‪51‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫املستقبل البعيد‪ :‬إذا استمرت انبعاثات غاز االحتباس احلراري من حرق الوقود األحفوري دون‬ ‫انقطاع فإن مستويات سطح البحر قد ترتفع مبقدار ‪ 120‬مترا‪ ،‬وتصبح املناطق القطبية أكثر دفئا بكثير‪.‬‬ ‫وسيكون على أي حضارة بشرية ‪ -‬إن وجدت في ذلك الزمن ‪ -‬أن تتكيف مع هذه األوضاع‪.‬‬

‫تعقب كوكب ال ُّزهرة‬

‫( )‬

‫عبر ماليني السنني تذبذب مناخ األرض‬ ‫مسببا تقدم املسطحات اجلليدية الكبرى‬ ‫وتراجعها‪ .‬وانبعاثات غازات االحتباس‬ ‫احلراري التي نتس� � ��بب به� � ��ا نحن بني‬ ‫البش� � ��ر‪ ،‬س� � ��تضرب بقوة ه� � ��ذا النظام‬ ‫املعقد‪ .‬وقد عرضت شخصيا سيناريو‬ ‫يتطور فيه مناخنا بشكل لطيف‪ ،‬إلاّ أنه‬ ‫قد حتدث قفزات وبدايات ميكن أن تهز‬ ‫النظم احليوية واالجتماعية والسياسية‬ ‫أبعد من قدرتها على التكيف‪.‬‬ ‫لنعتبر أن االحترار القطبي ‪Arctic‬‬ ‫‪ warming‬قد ميكنه أن يتس� � ��بب بإطالق‬ ‫مئات بالي� �ي��ن األطنان املتري� � ��ة من غاز‬ ‫امليثان إلى الغ� �ل��اف اجلوي من طبقات‬ ‫الرواس� � ��ب البحري� � ��ة والترب� � ��ة القطبية‪.‬‬ ‫وجزيء جلزيء في الفضاء‪ ،‬فإن جزيء‬ ‫امليثان له قدرة عل� � ��ى احتباس احلرارة‬ ‫أكب� � ��ر بـ‪ 37‬مرة من ق� � ��درة جزيء ثنائي‬ ‫‪52‬‬

‫أكسيد الكربون‪ .‬فإذا حترر هذا امليثان‬ ‫فج� � ��أة‪ ،‬كما ميكن أن يك� � ��ون قد حصل‬ ‫ف� � ��ي احترار حدث قبل ‪ 35‬مليون س� � ��نة‬ ‫واملعروف باس� � ��م «احترار الباليوس� �ي��ن‬ ‫أيوس� �ي��ن األعظم» فإننا ميكن أن نعاني‬ ‫حقا احت� � ��رارا كارثيا‪ .‬ولك� � ��ن على أي‬ ‫حال‪ ،‬فهذا اخلطر بعيد االحتمال حسب‬ ‫رأي معظم العلماء‪.‬‬ ‫وي� � ��رى بع� � ��ض العلم� � ��اء أن تأثيرات‬ ‫التغذية الراجعة (املمتدة)‪ ،‬كذوبان اجلليد‬ ‫الس� � ��رمدي‪ ،‬ميكن أن تس� � ��بب انطالقة‬ ‫سريعة لس� � ��يناريو االحتباس احلراري‪،‬‬ ‫وذلك حني تصب� � ��ح احمليطات حارة إلى‬ ‫درج� � ��ة التبخر‪ .‬ونظرا ألن بخار املاء هو‬ ‫في حد ذات� � ��ه غاز من غازات االحتباس‬ ‫احل� � ��راري‪ ،‬ف� � ��إن مثل هذه ال� � ��دورة من‬ ‫التبخر املائي ميكنها أن تس� � ��خن الكرة‬ ‫األرضية إلى درجة يبقى معها بخار املاء‬ ‫في الغ� �ل��اف اجلوي من دون أن يتحول‬ ‫أب� � ��دا إلى مطر‪ ،‬وفي ه� � ��ذه احلالة‪ ،‬فإن‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫غاز ثنائي أكس� � ��يد الكربون املنطلق من‬ ‫البراكني وغيرها من املصادر سيستمر‬ ‫بالتراكم في الغالف اجلوي‪ .‬وس� � ��تقوم‬ ‫األش� � ��عة الكونية بفصل جزيئات بخار‬ ‫املاء على ارتفاعات عالية إلى أكس� � ��جني‬ ‫وهدروجني‪ ،‬وعندها سيفلت الهدروجني‬ ‫إل� � ��ى الفضاء اخلارج� � ��ي ويتحول مناخ‬ ‫الك� � ��رة األرضية إلى حالة تذكرنا مبناخ‬ ‫كوكب ال ُّزهرة‪ ،‬جار كوكبنا‪.‬‬ ‫وحلس� � ��ن احل� � ��ظ‪ ،‬فإن خط� � ��ر تبخر‬ ‫مي� � ��اه احمليط� � ��ات‪ ،‬نتيج� � ��ة لالنبعاثات‬ ‫احلالي� � ��ة لغازات االحتب� � ��اس احلراري‪،‬‬ ‫ليس باخلطر احملتم� � ��ل حدوثه حتى في‬ ‫املدى الزمني البعيد‪ .‬ببساطة‪ ،‬ألن هناك‬ ‫حدودا ملقدار غاز ثنائي أكسيد الكربون‬ ‫الذي يستطيع تسخني كوكب األرض إلى‬ ‫ما يكفي لتبخر تلك املياه‪ .‬فعندما يرتفع‬ ‫تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون وبخار‬ ‫املاء مبا فيه الكفاية‪ ،‬فإن جزيئاتهما تزيد‬ ‫من بعثرة أشعة الشمس‪ ،‬مما يحول دون‬ ‫أي زيادة أخرى في التسخني‪.‬‬ ‫وعلى أي حال‪ ،‬إذا استمرينا بحرق‬ ‫الوق� � ��ود األحفوري‪ ،‬ف� � ��إن تركيز غازات‬ ‫االحتباس احلراري في الغالف اجلوي‬ ‫س� � ��يصل إلى املس� � ��تويات الت� � ��ي كانت‬ ‫عليها ف� � ��ي العصر الطباش� � ��يري‪ .‬ففي‬ ‫ذلك العصر فاضت البحار القارية إلى‬ ‫مناطق شاسعة من القارات فوق كوكب‬ ‫األرض احلار والرطب‪ .‬حينذاك سبحت‬ ‫الزواحف العمالقة في احمليطات وتغذت‬ ‫الدينوص� � ��ورات فوق اليابس� � ��ة بنباتات‬ ‫واف� � ��رة النمو‪ .‬وإذا أحرقن� � ��ا واحدا في‬ ‫املئة فقط من الكربون العضوي املوجود‬ ‫في قش� � ��رة األرض في غضون القرون‬ ‫القليلة القادمة‪ ،‬فس� � ��وف يتنفس البشر‬ ‫نفس تركيزات ثنائي أكس� � ��يد الكربون‬ ‫التي استنش� � ��قتها الدينوصورات‪ ،‬كما‬ ‫سيعانون درجات حرارة مشابهة‪.‬‬ ‫( )‬

‫‪CHASING VENUS‬‬


‫ومبقارنته بالتسخني التدريجي الذي‬ ‫حدث في املاضي نتيجة ملفعول املستدفأ(‪،)1‬‬ ‫فإن التغيي� � ��رات املناخية احلالية الناجمة‬ ‫عن احلقبة الصناعية حتدث بسرعة‪ .‬ففي‬ ‫التاريخ اجليولوجي‪ ،‬كان االنتقال من جو‬ ‫يحتوي على القليل من غاز ثنائي أكسيد‬ ‫الكربون إل� � ��ى جو يحتوي عل� � ��ى كميات‬ ‫كبيرة من� � ��ه‪ ،‬حدث على نح� � ��و منوذجي‪،‬‬ ‫مبعدل يقل عن ‪ 0.00001‬درجة في السنة‬ ‫الواحدة‪ .‬ولهذا‪ ،‬فإنن� � ��ا نعمل على إعادة‬ ‫تكوين عالم الدينوصورات بس� � ��رعة أكبر‬ ‫بخمسة آالف مرة‪.‬‬ ‫ولكن ما الذي سوف يزدهر في هذا‬ ‫املس� � ��تدفأ؟ بعض املتعضيات كاجلرذان‬ ‫والصراصير س� � ��تتحول إل� � ��ى جحافل‬ ‫اجتياحي� � ��ة متعددة الكف� � ��اءات بإمكانها‬ ‫اس� � ��تغالل هذه البيئات الفوضوية‪ .‬أما‬ ‫بالنسبة إلى متعضيات أخرى كاملرجان‬ ‫والعديد م� � ��ن األنواع الت� � ��ي تعيش في‬ ‫غاب� � ��ات املناطق االس� � ��توائية‪ ،‬فكانت قد‬ ‫تط� � ��ورت لتزده� � ��ر في نط� � ��اق ضيق من‬ ‫األح� � ��وال املناخية‪ .‬ويحتم� � ��ل أن تتغير‬ ‫األن� � ��واع احلية العدواني� � ��ة في مثل هذه‬ ‫البيئ� � ��ة الناجمة عن االحت� � ��رار العاملي‪.‬‬ ‫وقد ُيؤذِ ن التغير املناخي باقتراب حتول‬ ‫العالم إلى عالم أعشاب ضارة‪.‬‬ ‫واحلضارة البش� � ��رية هي في خطر‬ ‫أيضا‪ .‬وكمثال لندخل في اعتبارنا شعب‬ ‫املاي� � ��ا‪ ،‬فقبل وص� � ��ول األوروبيني كانت‬ ‫حضارة املايا قد بدأت باالنهيار بسبب‬ ‫تغيرات طفيفة نس� � ��بيا في املناخ‪ .‬إذ إن‬ ‫شعب املايا لم يكن قد طور ما يكفي من‬ ‫االس� � ��تعدادات للتكيف مع الطقس الذي‬ ‫تناقصت فيه كميات األمطار‪ .‬وش� � ��عب‬ ‫املاي� � ��ا ليس املثال الوحي� � ��د للحضارات‬ ‫التي أخفقت في التأقلم مع تغير املناخ‪.‬‬ ‫ومن احملتم� � ��ل أن تكون األزمات التي‬ ‫يثيره� � ��ا التغير املناخي أزم� � ��ات إقليمية‪.‬‬ ‫الغني غنى والفقير فقرا‪ ،‬فهل‬ ‫فإذا ازداد‬ ‫ُّ‬

‫س� � ��يحرك ذلك هج� � ��رات جماعية تتحدى‬ ‫االستقرار السياسي واالقتصادي؟ كما‬ ‫أن بعض البل� � ��دان التي من املرجح جدا‬ ‫أن تعان� � ��ي التغي� � ��رات التي يتس� � ��بب بها‬ ‫االحترار العاملي هي نفسها التي تفاخر‬ ‫بأس� � ��لحتها النووية‪ .‬فهل بإمكان التغير‬ ‫املناخي أن يفاقم التوترات القائمة ويثير‬ ‫نزاعات نووي� � ��ة أو نزاعات رهيبة أخرى؟‬ ‫فاالس� � ��تجابة االجتماعية لتغير املناخ قد‬ ‫تؤدي إلى حدوث مشكالت كبرى للبشرية‬ ‫أكبر من مشكلة تغير املناخ بحد ذاتها‪.‬‬ ‫عود على بدء‬

‫( )‬

‫لقد مات� � ��ت النبات� � ��ات الش� � ��جرية التي‬ ‫ازده� � ��رت ف� � ��ي العص� � ��ر الطباش� � ��يري‬ ‫وحت� � ��ول بعضها إلى فح� � ��م عبر الزمن‬ ‫اجليولوج� � ��ي‪ .‬وانته� � ��ت العوال���ق‬ ‫البحري���ة(‪ )2‬بأن دفنت في الرس� � ��وبيات‬ ‫وحتول بعضه� � ��ا إلى نفط وغاز طبيعي‪.‬‬ ‫و َب � � � َر َد املناخ عندما احتج� � ��زت األحياء‬ ‫البحرية غاز ثنائي أكسيد الكربون في‬ ‫أصدافها وهياكلها‪.‬‬ ‫وستمتص احمليطات معظم ما نطلقه من‬ ‫غاز ثنائي أكس� � ��يد الكربون مما سيتسبب‬ ‫ف� � ��ي حتمي� � ��ض مياهها‪ ،‬ومن ث� � ��م انحالل‬ ‫املواد الكربونية غير العضوية‪ .‬وستسمح‬ ‫التأثيرات الكيميائي� � ��ة النحالل هذه املواد‬ ‫ملي� � ��اه احمليط� � ��ات بامتص� � ��اص املزيد من‬ ‫ثنائي أكس� � ��يد الكرب� � ��ون‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫ذلك فإن تركي� � ��زات هذا الغاز في الغالف‬ ‫اجلوي ستبقى أعلى بكثير من املستويات‬ ‫الت� � ��ي كانت عليها قب� � ��ل احلقبة الصناعية‬ ‫احلالية والتي تبل� � ��غ ‪ 280‬جزءا في املليون‬ ‫للعديد من عشرات آالف السنني‪ .‬وكنتيجة‬ ‫لذلك سيتوقف انحس� � ��ار وتقدم العصور‬ ‫اجلليدية الذي تُسببه التقلبات الطفيفة في‬ ‫مدار الكرة األرضية‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن انبعاثات‬ ‫غازات االحتباس احلراري التي يتس� � ��بب‬ ‫بها اإلنسان ستحافظ على احتجاز كوكب‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫األرض في مستدفأ ‪.hothouse‬‬ ‫ومع مرور الزمن‪ ،‬س� � ��وف يس� � ��ارع‬ ‫ارتفاع درجات احلرارة وتزايد الهطوالت‬ ‫(‪)3‬‬ ‫املطرية من معدل ذوبان صخر األدمي‬ ‫والترب� � ��ة‪ .‬وس� � ��تقوم اجل� � ��داول واألنهار‬ ‫بنقل ه� � ��ذه الصخور وامل� � ��واد الكربونية‬ ‫غي� � ��ر العضوي� � ��ة املذاب� � ��ة واحملتوية على‬ ‫عناصر مثل الكالسيوم واملغنيزيوم إلى‬ ‫احمليطات‪ .‬ورمبا بعد مئات آالف السنني‬ ‫م� � ��ن الوق� � ��ت احلاض� � ��ر س� � ��تقوم بعض‬ ‫املتعضي� � ��ات البحرية بأخذ الكالس� � ��يوم‬ ‫وثنائي أكسيد الكربون لتكوين أصداف‬ ‫كربوناتية‪ .‬وفي آخ� � ��ر املطاف قد تصير‬ ‫ه� � ��ذه األص� � ��داف البحري� � ��ة ومالي� �ي��ن‬ ‫األصداف األخرى أحجارا جيرية‪ .‬وكما‬ ‫أن اجل���روف البيض���اء(‪White Cliffs )4‬‬ ‫في منطقة دوڤر في إنكلترا هي من بقايا‬ ‫الغ� �ل��اف اجلوي الذي كان س� � ��ائدا في‬ ‫العصر الطباشيري‪ ،‬فإن معظم الكربون‬ ‫املوج� � ��ود ف� � ��ي الوقود األحف� � ��وري الذي‬ ‫يجري إحراقه هذه األيام سيصبح طبقة‬ ‫في مث� � ��ل هذه الصخ� � ��ور‪ ،‬لتكون مبثابة‬ ‫س� � ��جل مكتوب في الصخ� � ��ر لعالم َغ ّيره‬ ‫>‬ ‫نوع واحد من الكائنات احلية‪.‬‬ ‫( )‬

‫‪STARTING OVER‬‬

‫(‪ = hothouse )1‬مس� � ��تنبت زجاج� � ��ي عال� � ��ي احل� � ��رارة‬ ‫وبخاصة إلنتاج النباتات االستوائية‪.‬‬ ‫(‪ :Plankton )2‬العوالق‪ :‬كائنات حيوانية أو نباتية صغيرة‬ ‫معلقة أو طافية في املياه‪.‬‬ ‫(‪ :Bedrock )3‬صخر األدمي‪ :‬الصخر الصلد الواقع حتت‬ ‫التربة‪.‬‬ ‫(‪ )4‬منحدرات صخرية شاهقة وبخاصة عند الشواطئ‪.‬‬ ‫(التحرير)‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪Oceanography: Anthropogenic Carbon and‬‬ ‫‪Ocean pH. Ken Caldeira and Michael E. Wick‬‬‫‪ett in Nature, Vol. 425, page 365; September‬‬ ‫‪25, 2003. Climate Change 2007: The Physical‬‬ ‫‪Science Basis. International‬‬ ‫‪Panel on Climate Change. Cambridge Univer‬‬‫ ‪sity Press, 2007.‬‬ ‫‪www.ipcc.ch/publications_and_data/ar4/wg1/‬‬ ‫‪en/contents.html‬‬ ‫‪The Long Thaw. D‬‬ ‫‪ avid Archer. P‬‬ ‫‪ rinceton Uni‬‬‫‪versity Press, 2010.‬‬

‫‪53‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫إلى ما بعد األفق الكمومي‬

‫( )‬

‫تعمل النظرية الكمومية اآلن على توسيع قدرات احلواسيب وكذلك آفاق اإلمكانات العقلية‪،‬‬ ‫بعد أن كان ينظر إلى هذه النظرية على أنها تفرض حدودا مطلقة على املعرفة والتقانة‪.‬‬ ‫>‪ .D‬دويتش< ‪-‬‬

‫في أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬رسم‬ ‫فنان مغمور مس� � ��افرا يبلغ األفق حيث‬ ‫تلتقي السماء باألرض‪ .‬بدا املسافر راكعا‬ ‫ضمن منظر طبيعي منمنم لألرض‪ ،‬وقد‬ ‫أقحم رأس� � ��ه في القبة السماوية ملعاينة‬ ‫املجهول [انظر الش� � ��كل ف� � ��ي الصفحة‬ ‫وتوضح الصورة‪ ،‬التي ُتع َرف باسم‬ ‫‪.]58‬‬ ‫ِّ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫نقش >فالماريون <‪ ،‬بحثَ اإلنسان عن‬ ‫املعرفة‪ .‬وهناك تفسيران محتمالن لهذه‬ ‫االس� � ��تعارة املرئية‪ ،‬يقاب� �ل��ان تصورين‬ ‫مختلفني متاما للمعرفة‪.‬‬ ‫فهي إ ّما تمُ ّثل حاجزا تخيليا‪ ،‬ميكن‬ ‫للعل� � ��م‪ ،‬في احلقيق� � ��ة‪ ،‬أن يخترقه دوما‪،‬‬ ‫أو إنها تمُ ثل حاج� � ��زا حقيقيا ال ميكننا‬ ‫اختراقه إال ف� � ��ي مخيلتنا‪ .‬ووفق القراءة‬ ‫باختصار‬ ‫لقد جرت الع� � ��ادة على وصف امليكانيك‬ ‫الكموم� � ��ي بأنه نظرية احل� � ��دود‪ ،‬مما يعني‬ ‫أن مالحظاتنا غي� � ��ر موثوق بها حتما‪ ،‬وأن‬ ‫العش� � ��وائية حتكم العالم‪ ،‬وأن النظرية بحد‬ ‫ذاتها غريبة إلى درجة ال ميكنها أن تسود‬ ‫وجتبرنا على التخلي عن فكرة وجود عالم‬ ‫ميكن للعلم أن يصفه‪.‬‬ ‫وقد ضرب� � ��ت تل� � ��ك املفاهي� � ��م اخلاطئة‬ ‫جذورها في املذاهب الفلسفية‪ ،‬مثل الفلسفة‬ ‫الوضعية املنطقية‪ ،‬التي كانت ش� � ��ائعة في‬ ‫الفت� � ��رة التي ط ّور فيها الفيزيائيون النظرية‬ ‫وصقلوها‪.‬‬ ‫وف� � ��ي احلقيق� � ��ة‪ ،‬ال يف� � ��رض امليكاني� � ��ك‬ ‫الكمومي حدودا ذات مغزى‪ .‬وميتلك العالم‬ ‫الكمومي من الغنى والتعقيد ما يتيح تقانات‬ ‫عملية وأنواع معرفة جديدة‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫>‪ .A‬إيكرت<‬

‫األخيرة‪ ،‬يقول الفنان إننا مسجونون داخل‬ ‫فقاعة محدودة مك ّونة من أشياء وأحداث‬ ‫مألوفة‪ .‬قد نتوقع فهم العالم الذي نعاينه‬ ‫ولكن العالم اخلارجي الالنهائي‬ ‫مباشرة‪ّ ،‬‬ ‫عصي على االستكشاف والتفسير‪ .‬فهل‬ ‫ّ‬ ‫يتجاوز العل ُم املألوف باستمرار‪ ،‬ويكشف‬ ‫آفاقا جدي� � ��دة‪ ،‬أم أنه ُيظه� � ��ر لنا أ ّال مفر‬ ‫من س� � ��جننا ‪ -‬فيعلمنا درسا في املعرفة‬ ‫احملدودة والتواضع الالمحدود؟‬ ‫غالب� � ��ا ما ُت� � ��د َّرس النظري� � ��ة الكمومية‬ ‫بصفتها البرهان النهائي على هذه الرؤية‬ ‫األخيرة‪ .‬وفي وقت مبكر‪ ،‬ط ّور علماء هذه‬ ‫النظري� � ��ة تقليدا يقضي بتدري� � ��س الطلبة‬ ‫العقالني� � ��ة مقص� � ��ودة‪« :‬إذا كن� � ��ت تعتقد‬ ‫أنك تفه� � ��م النظرية الكمومية‪ ،‬فأنت إذن ال‬ ‫تفهمها»‪« ،‬ال ُيس َمح لك بطرح هذا السؤال»‪،‬‬ ‫«النظرية غامضة‪ ،‬إذن هكذا يكون العالم»‪،‬‬ ‫«حتدث األشياء دون سبب أو تعليل»‪ ،‬هذا‬ ‫ع� � ��ادة‪ ،‬بعض ما كانت تن� � ��ص عليه الكتب‬ ‫املدرسية وتقوله الروايات الشعبية‪.‬‬ ‫ومع هذا‪ ،‬تُناقض التطورات التي حدثت‬ ‫ف� � ��ي العقدين األخيرين هذه التوصيفات‪.‬‬ ‫فغالبا ما افترض الفيزيائيون‪ ،‬على مدى‬ ‫تاريخ هذا احلق� � ��ل‪ ،‬أن قيودا متنوعة من‬ ‫حق� � ��ل الفيزي� � ��اء الكمومية س� � ��تمنعنا من‬ ‫االستفادة الكاملة من الطبيعة على النحو‬ ‫الذي َع َّو َدنا عليه امليكانيك التقليدي؛ لكن‬ ‫لم يتجس� � ��د يوما أي من ه� � ��ذه العوائق‪.‬‬ ‫وعلى العكس من ذلك‪ ،‬فقد كان امليكانيك‬ ‫مات(‪ )2‬األشياء‬ ‫الكمومي ُمح ّررا‪ .‬لم تب ُد ِس ُ‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫مثل التراكب(‪ )3‬والتشابك(‪ )4‬واالنقطاع‬ ‫والعش���وائية(‪ ،)6‬الت� � ��ي هي في أس� � ��اس‬

‫(‪)5‬‬

‫امليكاني� � ��ك الكمومي‪ ،‬قيودا ب� � ��ل موار َد‪.‬‬ ‫وباستعمالها ش � � � َّكل املخترعون‪ ،‬جميع‬ ‫أن� � ��واع األجهزة الرائع� � ��ة‪ ،‬مثل الليزرات‬ ‫والشيبات امليكروية(‪.)7‬‬ ‫لق� � ��د كانت ه� � ��ذه مج� � ��رد البداية‪ ،‬إذ‬ ‫سنستعمل الظواهر الكمومية استعماال‬ ‫متزايدا في االتصاالت وفي نظم حوسبة‬ ‫ذات قدرات عالية ال ُتد َرك من وجهة نظر‬ ‫تقليدية‪ .‬وسنكتشف طرقا جديدة لتسخير‬ ‫الطبيعة بل ولتوليد املعرفة أيضا‪.‬‬ ‫خارج حدود االرتياب‬

‫( )‬

‫ف� � ��ي ع� � ��ام ‪ ،1965‬تنبأ >‪ .G‬م� � ��ور< [أحد‬ ‫مؤسسي ش� � ��ركة ‪ ]Intel‬بأن املهندسني‬ ‫س� � ��يضاعفون عدد الترانزستورات في‬ ‫الشيبة(‪ )8‬الواحدة كل عامني أو ما يقرب‬ ‫من ذلك‪ .‬وقد بقيت هذه النبوءة‪ ،‬املعروفة‬ ‫حاليا باس� � ��م قانون >مور<(‪ ،)9‬صحيحة‬ ‫أكث� � ��ر من نصف ق� � ��رن‪ .‬ومن� � ��ذ البداية‪،‬‬ ‫دق هذا القانون أج� � ��راس اإلنذار‪ .‬فإذا‬ ‫اس� � ��تمر هذا القانون صاحل� � ��ا‪ ،‬ميكنك‬ ‫( ) ‪BEYOND THE QUANTUM HORIZON‬‬ ‫( ) ‪BEYOND UNCERTAINTY‬‬ ‫(‪Flammarion )1‬‬ ‫(‪attributes )2‬‬ ‫(‪superposition )3‬‬ ‫(‪entanglement )4‬‬ ‫(‪discreteness )5‬‬ ‫(‪randomness )6‬‬ ‫(‪microchips )7‬‬ ‫(‪chip )8‬‬ ‫(‪Moore's Law )9‬‬


‫املؤلفان‬ ‫‪David Deutsch‬‬

‫>دويتش< فيزيائي من جامعة أكسفورد ومخترع مفهوم احلواسيب الكمومية العمومية‪ ،‬يقول إنه‬ ‫بدأ االهتمام بالفيزياء وهو طفل‪ ،‬عندما مترد على االدعاء بأنه ال ميكن ألحد فَهم كل ما ُيفهم‪.‬‬ ‫‪Artur Ekert‬‬

‫>إيكرت< رائد التعمية ‪ cryptography‬املعتمدة على التشابك عندما كان طالب دراسات عليا‪.‬‬ ‫ويش� � ��غل حاليا منصب مدير مركز التقانات الكمومية ‪ Center for Quantum Technologies‬في‬ ‫سنغافورة‪ ،‬وهو أستاذ في معهد أكسفورد للرياضيات ‪.Oxford's Mathematical Institute‬‬

‫التنبؤ مبتى ستصل الترانزستورات إلى‬ ‫حجم ذرات منف� � ��ردة ‪ -‬وماذا بعد ذلك؟‬ ‫سيدخل املهندسون في عالم املجهول‪.‬‬ ‫في الفهم التقليدي للنظرية الكمومية‪،‬‬ ‫يضع مبدأ االرتياب(‪ )1‬حدا ال ميكن أن‬ ‫يتجاوزه أب� � ��دا أي تق� � ��دم تقاني‪ :‬فكلما‬ ‫زادت معرفتنا ببعض اخلواص‪ ،‬موضع‬ ‫جس� � ��يم مثال‪ ،‬قلَّ ما ميكننا معرفته عن‬ ‫خواص أخرى‪ ،‬مثل سرعة ذلك اجلسيم‪.‬‬ ‫وما ال متكن معرفته ال ميكن التحكم فيه‪.‬‬ ‫وتواجه محاوالت التعامل مع األش� � ��ياء‬ ‫الدقيقة عش� � ��وائية هائجة‪ ،‬تتمثّل تقليديا‬ ‫بظهور ارتباطات مستحيلة‪ ،‬وغيرها من‬ ‫خروقات قانون الس���ببية(‪ .)2‬ويتبع ذلك‬ ‫نتيجة ال مفر منه� � ��ا‪ :‬لقد بلغ التقدم في‬ ‫تقانة املعلومات ذروته‪.‬‬ ‫ومع ذل� � ��ك‪ ،‬ففي الوق� � ��ت احلاضر‪،‬‬ ‫يتح ّكم الفيزيائي� � ��ون روتينيا في العالم‬ ‫الكموم� � ��ي م� � ��ن دون مواجه� � ��ة حاجز‬ ‫كهذا‪ .‬فهم يك����ودون ‪ encode‬املعلومات‬ ‫ف� � ��ي ال� � ��ذرات الفردية أو اجلس����يمات‬ ‫األولية(‪ )3‬ويعاجلونها بدقة ممتازة على‬ ‫الرغم م� � ��ن مبدأ االرتي� � ��اب‪ ،‬وغالبا ما‬ ‫يولِّدون وظائ� � ��ف ال ميكن إجنازها بأي‬ ‫طريقة أخرى‪ .‬ولكن كيف؟‬ ‫لننظر من قرب إلى قطعة أساس� � ��ية‬ ‫من املعلومات‪ :‬البِ ت��� ُة ‪ bit‬وفق التصور‬ ‫التقلي� � ��دي‪ .‬للفيزيائ� � ��ي‪ ،‬إن ال ِب ّت� � ��ة هي‬ ‫جمل� � ��ة فيزيائية ميك� � ��ن حتضيرها في‬ ‫إحدى حالتني مختلفتني‪ ،‬متثالن قيمتني‬ ‫مـنطـقـيتـني‪ :‬نعــــم أ ْو ال‪ ،‬صــــح أو خطــــأ‪،‬‬ ‫‪ 1‬أو ‪ .0‬وف� � ��ي احلواس� � ��يب الرقمي� � ��ة‪،‬‬

‫ميك� � ��ن أن ُمُت ِّث� � ��ل ال ِبتّة وج� � ��ود أو غياب‬ ‫ش� � ��حنة على صفيحتي مكثف���ة(‪ .)4‬وعلى‬ ‫املستوى الذري‪ ،‬ميكن استعمال حالتني‬ ‫لإللكترون في ذرة‪ ،‬حي� � ��ث متثل احلالة‬ ‫األرضية ذات الطاق� � ��ة األدنى القيمة ‪،0‬‬ ‫وتمُ ِّثل حالة طاقية أعلى القيمة ‪.1‬‬ ‫وللتعامل م� � ��ع هذه املعلومات‪ُ ،‬ي ِ‬ ‫رس� � ��ل‬ ‫الفيزيائي� � ��ون نبضات ضوئية إل� � ��ى الذرة‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫ترف� � ��ع نبضة ذات تردد وع� � ��رض ومطال‬ ‫مناس� � ��بة ‪ -‬وتعرف بالنبضة ‪ - π‬الذرة من‬ ‫احلالة ‪ 0‬إلى احلالة ‪ ،1‬وبالعكس‪ .‬وميكن أن‬ ‫يضبط الفيزيائيون التردد للتعامل مع ذرتني‬ ‫تؤثر إحداهما في األخ� � ��رى‪ ،‬بحيث تتحكم‬ ‫ذرة منهم� � ��ا فيما يحدث لألخ� � ��رى‪ .‬وهكذا‪،‬‬ ‫يكون لدينا جميع مك ِّونات البوابات املنطقية‬ ‫ذات ال ِبتّة الواحدة وذات البتتني‪ ،‬التي تؤلّف‬ ‫أحجار البناء في احلواسيب التقليدية‪ ،‬من‬ ‫دون أي عائق يفرضه مبدأ االرتياب‪.‬‬ ‫ولفهم ما يجع� � ��ل إجناز هذا التصغير‬ ‫اخلارق ممكنا‪ ،‬يج� � ��ب أن نكون واضحني‬ ‫بخصوص م� � ��ا يقوله مب� � ��دأ االرتياب وما‬ ‫ال يقول� � ��ه‪ .‬وفي أي حلظ� � ��ة‪ ،‬ميكن أن تكون‬ ‫َيوسة(‪ )6‬لذرة أو جلملة‬ ‫بعض اخلواص الق َ‬ ‫أخرى‪ ،‬دقيق ًة ‪ - sharp‬أي لها قيمة واحدة‬ ‫فقط في تل� � ��ك اللحظة‪ .‬وال يس� � ��تبعد مبدأ‬ ‫االرتياب اخلواص ال َقيوسة الدقيقة‪ .‬وينص‬ ‫هذا املب� � ��دأ فقط على أنه ال ميكن أن تكون‬ ‫جميع اخلواص ال َقيوس� � ��ة جلملة فيزيائية‬ ‫دقيقة في اللحظة نفسها‪ .‬ففي مثال الذرة‪،‬‬ ‫الطاق ُة ه� � ��ي اخلاصة القيوس� � ��ة الدقيقة؛‬ ‫إ ْذ يك� � ��ون لإللكترون طاق� � ��ة محددة متاما‬ ‫في كلت� � ��ا احلالت� �ي��ن ‪ 0‬و ‪ .1‬ولكن ال تكون‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫دقيقة تلك اخلواص القيوسة األخرى مثل‬ ‫املوضع والســـرعـــة‪ ،‬فيصبــح اإللكــتـرون‬ ‫ال متموضع���ا(‪ ،)7‬وتأخ� � ��ذ س� � ��رعته مجاال‬ ‫م� � ��ن القيم املختلفة في الوقت نفس� � ��ه‪ .‬ولو‬ ‫حاولنا تخزين البيانات باستعمال املوضع‬ ‫والسرعة‪ ،‬لواجهنا فعال حدا كموميا‪ .‬وال‬ ‫يك� � ��ون الرد بأن نستس� � ��لم لليأس‪ ،‬بل بأن‬ ‫نختار اخلواص القيوسة اختيارا حكيما‬ ‫لتع ّبر عن ِبتات حاسوبية‪.‬‬ ‫تُذكِّرن� � ��ا ه� � ��ذه احلال� � ��ة باملش� � ��هد‬ ‫ُ‬ ‫املريض للطبيب‪:‬‬ ‫الكوميدي حي� � ��ث يقول‬ ‫«أتألم عندما أفعل ذلك»‪ ،‬فيرد الطبيب‪:‬‬ ‫«إذن‪ ،‬ال تفعل� � ��ه»‪ .‬وإذا كان من الصعب‬ ‫جع� � � ُ�ل بعض خ� � ��واص جس� � ��يم دقيقة‪،‬‬ ‫فهناك طريقة بسيطة لاللتفاف على هذه‬ ‫املسألة‪ :‬ال حتاول تخزين املعلومات في‬ ‫خواص‬ ‫هذه اخل� � ��واص‪ ،‬بل اس� � ��تعمل‬ ‫َّ‬ ‫أخرى عوضا عنها‪.‬‬ ‫البتات‬ ‫وراء نطاق ِ‬

‫( )‬

‫إذا كان جمي� � ��ع م� � ��ا نري� � ��د فعل� � ��ه ه� � ��و‬ ‫بن� � ��اء حاس� � ��وب تقلي� � ��دي باس� � ��تعمال‬ ‫ال� � ��ذرات بصفتها أحج� � ��ار ٍ‬ ‫بناء بدال من‬ ‫الترانزس� � ��تورات‪ ،‬لكان جميع ما نحتاج‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪BEYOND BITS‬‬ ‫‪the uncertainty principle‬‬ ‫‪cause law‬‬ ‫‪elementary particles‬‬ ‫‪capacitor‬‬

‫(‪amplitude )5‬‬

‫يوسة (قابلة للقياس)‪:‬‬ ‫(‪ )6‬ال َق َ‬ ‫(‪delocalized )7‬‬

‫‪observables‬‬

‫‪55‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫لم يعد باإلمكان إيقاف العرض‬

‫احلدود املفترضة للحوسبة‬ ‫الكمومية وكيفية كسرها‬

‫( )‬

‫غالبا ما يوصف امليكانيك الكمومي بأنه العائق النهائي للتصغير في اإللكترونيات‪.‬‬ ‫وحلس���ن احل���ظ‪ ،‬ليس األم���ر كذلك‪ .‬فق���د تعلم الفيزيائي���ون التغلب عل���ى احلواجز‬ ‫الت���ي اعتادوا أن يقلقوا منها‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬إنه على املس���توى الكمومي س���تصل‬ ‫احلواس���يب إل���ى إمكاناته���ا احلقيقية‪ُ ،‬محقق���ة بذلك قدرات أكبر إل���ى حد بعيد من‬ ‫قدرات احلواسيب التقليدية‪.‬‬

‫فك الترابط‬

‫مبدأ االرتياب‬

‫( )‬

‫املسألة‪ :‬يح ّد مبدأ االرتياب املشهور‬ ‫لـ>هايزنبرگ< من دقة بعض القياسات‪ .‬فإذا‬ ‫ما ثبت بالضبط موضع جسيم‪ ،‬فإنه سيبدأ‬ ‫بالتحرك ضمن مجال من السرعات املختلفة‬ ‫في وقت واحد؛ وإذا قست سرعته بالضبط‪،‬‬ ‫فإنك باملثل جتبر موضعه على أن يأخذ‬ ‫مجاال من القيم ال ميكن التحكم فيها‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫فإن هذه اخلواص هي وسائل غير موثوق‬ ‫بها لتخزين املعلومات‪.‬‬ ‫السرعة‪:‬‬ ‫غير مع ّرفة بدقة‬

‫املوضع‪:‬‬ ‫مع ّرف بدقة‬

‫السرعة‪:‬‬ ‫مع ّرفة بدقة‬

‫املوضع‪:‬‬ ‫غير مع ّرف بدقة‬

‫( )‬

‫املسألة‪ :‬تتفاعل اجلسيمات التي تصنع‬ ‫احلاسوب مع احمليط‪ ،‬بحيث تنتشر‬ ‫املعلومات‪ ،‬مما يفسد احلسابات الكمومية‪.‬‬ ‫التفاعل يزيح‬ ‫املعلومات من النظام‬

‫‪1‬‬

‫‪0‬‬

‫‪10‬‬

‫احلل‪ :‬ال تخضع جميع القياسات‬ ‫الكمومية لهذا التحديد‪ .‬ففي احلاالت التي‬ ‫يوجد فيها ارتياب في املوضع والسرعة‪،‬‬ ‫توجد خواص أخرى مثل الطاقة ميكن‬ ‫حتديدها متاما‪ .‬وفي احلاالت التي يوجد‬ ‫فيها ارتياب في الطاقة‪ ،‬ميكن أن توجد‬ ‫متحوالت أخرى مالئمة‪.‬‬ ‫ملدار اجلسيم طاقة‬ ‫محددة متاما‬

‫‪11‬‬

‫احلل‪ :‬ميكن إلجرائيات تصحيح اخلطأ‬ ‫تعويض فك الترابط ملدة كافية إلجناز‬ ‫احلسابات‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬ميكن للفيزيائيني‬ ‫أن ينشروا املعلومات الكمومية على عدة‬ ‫جسيمات ‪ a‬أو تكويدها في شكل هندسي يقاوم‬ ‫الضجيج مقاومة طبيعية ‪.b‬‬ ‫يقاوم‬ ‫‪a‬‬ ‫التخزين ‪‬‬ ‫املوزع ضياع‬

‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬

‫البيانات‬

‫‪01‬‬ ‫‪01‬‬

‫( ) ‪Supposed Limits to Quantum Computing and How‬‬ ‫‪to Break Them‬‬ ‫( ) ‪Uncertianty Principle‬‬ ‫( ) ‪ Decoherence‬أو‪ :‬إزالة الترابط‪.‬‬ ‫(‪ = ground state )1‬حالة حضيضية‪.‬‬ ‫(‪ = excited state )2‬حالة محرضة‪.‬‬ ‫(‪quantum bit )3‬‬

‫يحافظ‬ ‫‪b‬‬ ‫التكويد ‪‬‬ ‫الهندسي على‬ ‫البيانات‬

‫‪56‬‬

‫قيوس� � ��ة دقيقة‪.‬‬ ‫إلي� � ��ه عندئذ هو خواص‬ ‫َ‬ ‫غي� � ��ر أن امليكانيك الكموم� � ��ي يو ِّفر أكثر‬ ‫م� � ��ن ذلك بكثير‪ ،‬فه� � ��و يمُ كِّننا أيضا من‬ ‫اس� � ��تعمال اخل� � ��واص القيوس� � ��ة غي� � ��ر‬ ‫الدقيقة اس� � ��تعماال مفي� � ��دا‪ .‬فحقيقة أنه‬ ‫ميكن للخواص القيوسة غير الدقيقة أن‬ ‫تأخذ عدة قيم في الوقت نفس� � ��ه‪ ،‬تُثري‬ ‫اإلمكانيات ‪ possibilities‬كثيرا‪.‬‬ ‫فمثال‪ُ ،‬ت َع ّد الطاقة عادة خاصة قيوسة‬ ‫دقيق� � ��ة‪ ،‬ولكن ميكننا حتويلها إلى خاصة‬ ‫قيوس� � ��ة غير دقيقة‪ .‬فإضاف� � ��ة إلى إمكان‬ ‫وجود اإللكت� � ��رون في ال� � ��ذرة في حالته‬ ‫احلضيضية(‪ )1‬أو في حالته احملرَّضة(‪،)2‬‬ ‫ميكنه أيض� � ��ا أن يحتل حال� � ��ة ناجتة من‬ ‫تراك� � ��ب هاتني احلالتني‪ .‬ويبقى اإللكترون‬ ‫ف� � ��ي حالة ُمح َّددة متاما‪ ،‬ولكن عوضا عن‬ ‫أن تكون ‪ 0‬أو ‪ ،1‬فإنها تكون ‪ 0‬و ‪.1‬‬ ‫وميكن ألي كائ� � ��ن فيزيائي أن يفعل‬ ‫ذل� � ��ك‪ ،‬ولكن ُيس� � ��مى الكائن الذي ميكن‬ ‫حتضير مثل هذه احلاالت فيه وقياسها‬ ‫ومعاجلته� � ��ا عل� � ��ى نح� � ��و موث� � ��وق بِ تّة‬ ‫كمومي���ة(‪ )3‬أو ‪ .qubit‬وميك� � ��ن لنبضات‬ ‫ضوئية أن جتع� � ��ل تغير طاقة اإللكترون‬ ‫ال يقتص� � ��ر على االنتقال من قيمة دقيقة‬ ‫إلى قيمة دقيقة أخرى فحسب‪ ،‬بل تتيح‬ ‫أيضا االنتقال من قيمة دقيقة إلى أخرى‬ ‫تبدل‬ ‫غي� � ��ر دقيق� � ��ة‪ ،‬وبالعكس‪ .‬فبينم� � ��ا ِّ‬ ‫النبضة ‪ π‬بني احلالتني ‪ 0‬و‪ ،1‬فإن نبضة‬ ‫بالتردد نفس� � ��ه ولكن بنصف العرض أو‬ ‫املطال‪ ،‬تُع َرف باسم النبضة ‪ ،π/2‬تُرسل‬ ‫اإللكترون إلى تراكب احلالتني ‪ 0‬و‪. 1‬‬ ‫وإذا حاولنا قياس طاقة اإللكترون في‬ ‫هذا التراكب‪ ،‬فسنجدها تساوي طاقة احلالة‬ ‫احلضيضية أو احلالة احمل َّرضة‪ ،‬وباحتمال‬ ‫متس� � ��او‪ .‬وف� � ��ي تل� � ��ك احلالة‪ ،‬س� � ��نصادف‬ ‫العش� � ��وائية‪ ،‬متاما مثلما يؤكد املُش ّككون‪.‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫ومرة أخ� � ��رى‪ ،‬ميكننا بس� � ��هولة جتنب هذه‬ ‫العقبة الظاه� � ��رة ‪ -‬وبفعل ذلك نولِّد وظائف‬ ‫جديدة جذري� � ��ا‪ .‬فعوضا ع� � ��ن قياس طاقة‬ ‫اإللكترون في هذا التراكب‪ ،‬نتركه وش� � ��أنه‪.‬‬ ‫مثال‪ ،‬نبدأ بإلكترون في احلالة ‪ ،0‬ونرس� � ��ل‬ ‫النبضة ‪ُ ،π/2‬ثم نرس� � ��ل النبضة ‪ π/2‬ثانية‪.‬‬ ‫وحينها‪ ،‬نقيس طاقة اإللكترون‪ .‬سيكون في‬ ‫احلال� � ��ة ‪ 1‬باحتمال ‪[ %100‬انظر اإلطار في‬ ‫هذه الصفحة]‪ .‬وهك� � ��ذا أصبحت اخلاصة‬ ‫القيوسة دقيقة مجددا‪.‬‬ ‫إلدراك أهمية هذا األمر‪ ،‬تأ ّمل أبس� � ��ط‬ ‫بواب� � ��ة منطقي� � ��ة في احلاس� � ��وب وهي بوابة‬ ‫وخ ْر ُج ه� � ��ذه البوابة هو نفي‬ ‫النفي‪َ .NOT ،‬‬ ‫َد ْخله� � ��ا‪ 0 :‬يصبح ‪ 1‬و ‪ 1‬يصبح ‪ .0‬لنفترض‬ ‫أن� � ��ك ُك ِّلف� � � َ�ت باملهمة التالي� � ��ة‪ :‬ص ِّمم اجلذر‬ ‫التـربيـع� � ��ي ل � � �ـ‪ - NOT‬أي‪ ،‬صم� � ��م بــوابــة‬ ‫منطقيــ� � ��ة عندما تؤثر ف� � ��ي َد ْخل مرتني على‬ ‫التتابع تنفيه‪ .‬وباستعمال جتهيزات تقليدية‬ ‫فقط‪ ،‬س� � ��تجد املهمة مستحيلة‪ .‬ولكن ميكن‬ ‫لنبض� � ��ة ‪ π/2‬أن تنجز ه� � ��ذه البوابة املنطقية‬ ‫«املس� � ��تحيلة»‪ .‬إذ تعط� � ��ي نبضتان من هذه‬ ‫النبضات على التتابع األثر املطلوب متاما‪.‬‬ ‫لقد بنى الفيزيائيون التجريبيون هذه البوابة‬ ‫وغيرها م� � ��ن البوابات املس� � ��تحيلة تقليديا‪،‬‬ ‫باستعمال ِبتات كمومية مصنوعة من أشياء‬ ‫تجزَة والذرات‬ ‫مثل الفوتونات واأليونات الحمُ َ‬ ‫والس� � ��بينات النووية(‪ .)1‬وهذه البوابات هي‬ ‫أحجار البناء حلاسوب كمومي‪.‬‬

‫منطق كمومي‬

‫مستحيل ‪ ...‬ال!‬

‫( )‬

‫ال تفع���ل احلواس���يب الكمومي���ة جميع ما تس���تطيع احلواس���يب التقليدية فعله فحس���ب‪،‬‬ ‫ولكنها أيضا تستطيع إجراء عمليات خارج نطاق املنطق التقليدي‪ .‬وفي هذا املثال‪ ،‬تمُ ثل‬ ‫حالت���ا طاق���ة اإللكترون ف���ي الذرة احلالتني ‪ 0‬و ‪ِ 1‬لبتة حاس���وبية‪ .‬وفي احلالتني‪ ،‬ال يكون‬ ‫موض���ع اإللكترون وس���رعته محددّين‪ :‬ينتش���ر اإللكت���رون في مناطق كروي���ة وإهليليجية‬ ‫تس���مى م���دارات‪ ،‬وتأخ���ذ س���رعته مجاال من القي���م املختلفة ف���ي آن واحد‪ .‬وم���ع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫البتة‪.‬‬ ‫للحالتني طاقتني مختلفتني‪ ،‬والطاقة هي التي تحُ دد قيمة ِ‬

‫العملية ‪ NOT‬التقليدية‬ ‫البتة‪ُ ،‬يرسل الفيزيائيون إلى الذرة‬ ‫إلجراء العملية احلسابية األبسط ‪ ،NOT :‬التي تقلب قيمة ِ‬ ‫نبضات ضوئية ذات تردد وعرض ومطال مناسبة‪ ،‬تعرف بالنبضات ‪ .π‬إذا كان اإللكترون بداي ًة‬ ‫في احلالة ‪ ،0‬فإنه ينتقل إلى احلالة ‪ ،1‬والعكس بالعكس‪.‬‬

‫‪0‬‬

‫‪π‬‬

‫‪1‬‬

‫‪π‬‬

‫اجلذر التربيعي‬

‫‪0‬‬

‫للعملية ‪NOT‬‬

‫ميكن تعديل اإلجرائية نفسها إلجراء عملية حسابية تبدو مستحيلة‪ :‬اجلذر التربيعي للعملية‬ ‫‪ .NOT‬إمنا ُيعرف بالنبضة ‪ ،π/2‬وهي نبضات أصغر مطاال من النبضات ‪ ،π‬وأقل عرضا منها‪،‬‬ ‫تنقل اإللكترون من احلالة ‪ 0‬أو احلالة ‪ 1‬إلى تراكب لكلتا احلالتني‪ .‬وبعدئذ تزيح نبضة ‪π/2‬‬ ‫أخرى اإللكترون إلى احلالة ‪( 1‬إذا كان اإللكترون بداي ًة في احلالة ‪ ،)0‬أو إلى احلالة ‪( 0‬إذا كان‬ ‫احلواسيب‬ ‫اإللكترون بداي ًة في احلالة ‪ .)1‬وتعطي هـــذه العملي ُة وغيرها من العمليات اجلديدة‬ ‫َ‬ ‫الكمومية قدرتها الهائلة‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪π‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪0/1‬‬

‫‪π‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪0‬‬

‫خارج حدود احلسابات التقليدية‬

‫( )‬

‫حلل مس� � ��ألة بعينه� � ��ا‪ ،‬تتبع احلواس� � ��يب‬ ‫(التقليدي� � ��ة منها أو الكمومي� � ��ة) مجموعة‬ ‫ُمح � � � َّددة م� � ��ن التعليم� � ��ات أو ما تس� � ��مى‬ ‫خوارزمية‪ُ .‬يح ِّدد علماء احلاس� � ��وب فعال ّية‬ ‫خوارزمية ك ّميا بداللة س� � ��رعة ازدياد زمن‬ ‫تنفيذها مع ازدياد حج� � ��م املُدخالت التي‬ ‫تعمل عليها‪ .‬مثال‪ ،‬باستعمال اخلوارزمية‬ ‫الت� � ��ي تُد َّرس في املدارس االبتدائية‪ ،‬ميكن‬ ‫حس� � ��اب جداء ضرب عددين مكونني من ‪n‬‬

‫خانة (أو مرتبة) بزمن يزداد متناس� � ��با مع‬ ‫مرب� � ��ع عدد اخلان� � ��ات أي ‪ .n2‬وفي املقابل‪،‬‬ ‫تس� � ��تغرق الطريقة األسرع إلجراء العملية‬ ‫املعاكسة‪ ،‬أي حتليل عدد صحيح مك ّون من‬ ‫‪ n‬خانة إلى أعداد أولية‪ ،‬زمنا يزداد أسيا‪،‬‬ ‫‪n‬‬ ‫ويع ّد هذا غير ف ّعال‪.‬‬ ‫تقريبا مثل ‪ُ .2‬‬ ‫وع� � ��ن طريق توفير بواب� � ��ات منطقية‬ ‫جديدة نوعي� � ��ا‪ ،‬يتيح امليكانيك الكمومي‬ ‫إمكانية وضع خوارزميات جديدة‪ .‬ويع ّد‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫التحليل إلى عوام� � ��ل‪ ،‬أحد أكثر األمثلة‬ ‫إث� � ��ارة لإلعجاب‪ .‬وتس� � ��تطيع خوارزمية‬ ‫كمومية اكتش� � ��فها >‪ .P‬شور< عام ‪،1994‬‬ ‫[الذي كان عندئذ يعم� � ��ل في مختبرات‬ ‫ِب� � � ّ�ل ‪ ]Bell Laboratories‬أن تحُ لِّل أعدادا‬ ‫م� � ��ن ‪ n‬خانة (مرتبة) إل� � ��ى عواملها‪ ،‬في‬ ‫( ) ‪BEYOND CLASSICAL COMPUTATION‬‬ ‫( ) !‪Impossible ... NOT‬‬

‫(‪ )1‬انــظــــر‪«Quantum Computing with Ions,»by :‬‬ ‫;‪Christopher R. Monroe - David J. Wineland‬‬ ‫‪Scientific American, August 2008‬‬

‫‪57‬‬


‫مَ ْ‬ ‫ن نحن‬

‫نقش فالماريون‪ :‬يطرح هذا النقش اخلشبي‬ ‫املشهور من القرن التاسع عشر ُ‬ ‫(طبع بداية‬ ‫باألبيض واألسود) السؤال التالي‪:‬‬ ‫هل املعرفة محدودة‪ ،‬أم أننا نستطيع دائما إقحام‬ ‫رؤوسنا خارج حدود املعرفة؟‬

‫سلسلة من اخلطوات تزداد متناسبة مع‬ ‫‪ n2‬فقط‪ .‬وفي مسائل أخرى‪ ،‬مثل البحث‬ ‫في قائم� � ��ة طويل� � ��ة‪ ،‬تُق ِّدم احلواس� � ��يب‬ ‫الكمومية مزايا أقل إبهارا ولكنها تبقى‬ ‫مع ذلك مزايا ملموسة‪ .‬وللتأكيد‪ ،‬ليست‬ ‫جميع اخلوارزميات الكمومية على هذه‬ ‫الدرجة العالية من الفعال ّية‪ ،‬فالعديد منها‬ ‫ليست أسرع من مثيالتها التقليدية(‪.)1‬‬ ‫التحليل إلى‬ ‫وعلى األرجح‪ ،‬لن يكون‬ ‫ُ‬ ‫التطبيق العملي األول للحواسيب‬ ‫عوامل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫الكمومي� � ��ة العمومي� � ��ة االس� � ��تعمال‪ ،‬بل‬ ‫سيكون محاكاة جمل كمومية أخرى ‪-‬‬ ‫وه� � ��ي مهمة تأخذ م� � ��دة طويل� � ��ة تزداد‬ ‫ازديادا أسيا في احلواسيب التقليدية‪.‬‬ ‫وقد يكون للمحاكاة الكمومية تأثير هائل‬ ‫في مجاالت مثل اكتشاف أدوية جديدة‬ ‫أو تطوير مواد جديدة‪.‬‬ ‫ويستش� � ��هد املُش � � �كِّكون في التطبيق‬ ‫العملي للحس� � ��ابات الكمومية‪ ،‬باملس� � ��ألة‬ ‫الش� � ��اقة املتعلقة بربط البواب� � ��ات املنطقية‬ ‫الكمومية ببعضه� � ��ا‪ .‬فعدا عن الصعوبات‬ ‫التقنية اخلاصة بالعمل على مستوى ذرة‬ ‫واح� � ��دة أو فوتون واحد‪ ،‬تكمن املش� � ��كلة‬ ‫الرئيسية في منع البيئة احمليطة من إتالف‬ ‫‪58‬‬

‫إلى أين نتوجه‬

‫ما الذي ميكن أن نفعله‬

‫احلس� � ��ابات‪ .‬وغالبا ما تُق ّدم هذه العملية‬ ‫التي تسمى فك الترابط(‪ )2‬بصفتها النهاية‬ ‫اجلوهري� � ��ة للحس� � ��ابات الكمومية‪ ،‬ولكنها‬ ‫ليست كذلك‪ .‬وتوفر النظرية الكمومية نفسها‬ ‫وسائل تصحيح األخطاء التي يسببها فك‬ ‫الترابط‪ .‬وإذا اس� � ��توفت مص� � ��ادر اخلطأ‬ ‫بعض الفرضي� � ��ات التي ميكن أن يحققها‬ ‫مصممون عباقرة بأس� � ��لوب معقول – مثل‬ ‫فرضي� � ��ة أن األخطاء العش� � ��وائية تصيب‬ ‫على نحو مستقل أ ّيا من ال ِبتات الكمومية‪،‬‬ ‫وأن البواب� � ��ات املنطقية دقيقة بقدر كاف ‪-‬‬ ‫فعندها ميكن جعل احلواس� � ��يب الكمومية‬ ‫متسامحة مع األخطاء(‪ .)3‬وميكنها العمل‬ ‫بوثوقية لفترات طويلة بالقدر الذي نشاء‪.‬‬ ‫خارج حدود املعرفة‬ ‫الرياضياتية التقليدية‬

‫( )‬

‫توض� � ��ح قص� � ��ة البواب� � ��ات املنطقي� � ��ة‬ ‫«املس� � ��تحيلة» حقيقة مذهل� � ��ة عن فيزياء‬ ‫ُحس� � ��ن معرفتنا‬ ‫احلس� � ��ابات‪ .‬عندم� � ��ا ن ِّ‬ ‫ُحس� � ��ن أحيانا معرفتنا‬ ‫بالواقع املادي‪ ،‬ن ِّ‬ ‫بالعوالم املج� � ��ردة للمنطق والرياضيات‬ ‫أيض� � ��ا‪ .‬وس� � ��يغ ِّير امليكاني� � ��ك الكمومي‬ ‫بالتأكيد ه� � ��ذه العوالم متام� � ��ا كما غ َّير‬ ‫سابقا الفيزياء والعلوم الهندسية‪.‬‬ ‫والس� � ��بب هو أننا نكتس� � ��ب املعرفة‬ ‫باحلقائق الرياضياتية بواسطة سيرورات‬ ‫فيزيائي� � ��ة‪ ،‬وذلك مع كونها مس� � ��تقلة عن‬ ‫الفيزياء‪ ،‬ويتعل� � ��ق ما ميكن معرفته منها‬ ‫مباهي� � ��ة القوانني الفيزيائي� � ��ة‪ .‬فالبرهان‬ ‫الرياضيات� � ��ي هو سلس� � ��لة متعاقبة من‬ ‫العمليات املنطقية‪ .‬ومن َث َّم‪ ،‬يتعلق ما ميكن‬ ‫برهان� � ��ه وما ال ميكن برهان� � ��ه بالعمليات‬ ‫املنطقية (مثل النفي ‪ )NOT‬التي تس� � ��مح‬ ‫قوان� �ي��ن الفيزياء بتحقيقه� � ��ا‪ .‬ويجب أن‬ ‫تكون هذه العمليات بسيطة‪ ،‬من الناحية‬ ‫الفيزيائي� � ��ة‪ ،‬إلى درجة أنن� � ��ا نعرف‪ ،‬من‬ ‫دون برهان إضافي‪ ،‬ماذا يعني تنفيذها‪،‬‬ ‫ويتجذَّر هذا احلكم ف� � ��ي معرفتنا للعالم‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫املادي‪ .‬وبتوس� � ��يع مخزوننا من مثل هذه‬ ‫احلسابات األولية بحيث يضم حسابات‬ ‫مث� � ��ل اجلذر التربيعي لـ‪ ،NOT‬س � � � ُتمكِّن‬ ‫الفيزي� � ��اء الكمومي� � ��ة الرياضياتيني من‬ ‫إقحام رؤوس� � ��هم عبر حاجز كان سابقا‬ ‫يفترض وج� � ��وده في عال� � ��م التجريدات‬ ‫البحتة‪ .‬وس� � ��يكونون قادري� � ��ن على رؤية‬ ‫حقائق‪ ،‬كانت ستبقى لوال ذلك محجوبة‬ ‫إلى األبد‪ ،‬والبرهان على صحتها‪.‬‬ ‫لنفترض مثال أن اجلواب عن أحجية‬ ‫رياضياتية غير محلولة يتوقف على معرفة‬ ‫عوام� � ��ل عدد صحيح ضخ� � ��م بعينه ‪- N‬‬ ‫عدد ضخم إلى درجة أننا لو اس� � ��تعملنا‬ ‫كل املادة في الكون لتصنيع حواس� � ��يب‬ ‫تقليدية‪ ،‬وجعلناها تعمل ملدة تساوي عمر‬ ‫الكون‪ ،‬ملا متكنت من حتليله إلى عوامله‪.‬‬ ‫وميكن حلاس� � ��وب كمومي أن يفعل ذلك‬ ‫بس� � ��رعة‪ .‬وعندما ينش� � ��ر الرياضياتيون‬ ‫احللَّ ‪ ،‬عليهم منذ الب� � ��دء أن يذكروا هذه‬ ‫العوامل‪ ،‬كما لو أنهم يسحبونها من قبعة‬ ‫س� � ��احر‪« :‬هذان عددان صحيحان جداء‬ ‫ضربهما يساوي ‪ .»N‬ولن تكفي أي كمية‬ ‫من ال� � ��ورق لكتابة التفاصي� � ��ل التي تبني‬ ‫كيف حصلوا على هذه العوامل‪.‬‬ ‫بهذه الطريقة‪ ،‬يو ِّفر احلاسوب الكمومي‬ ‫املفتاح األساس� � ��ي الذي يح� � ��ل األحجية‬ ‫عرف‬ ‫الرياضياتي� � ��ة‪ .‬وما كان� � ��ت النتيجة ل ُت َ‬ ‫أبدا من دون هذا املفتاح‪ ،‬الذي ال ميكن أن‬ ‫توفره واقعيا أية سيرورة تقليدية‪ .‬ويعتبر‬ ‫بعض الرياضياتيني عل َم الرياضيات علما‬ ‫جتريبيا‪ ،‬ال نحصل على نتائجه باملحُ اكمة‬ ‫املنطقية فحس� � ��ب‪ ،‬بل بالتجرب� � ��ة أيضا(‪.)4‬‬ ‫وتأخذ الفيزي� � ��اء الكمومية هذا النهج إلى‬ ‫مستوى جديد وجتعله إلزاميا‪.‬‬ ‫( )‬

‫‪BEYOND CONVENTIONAL MATHEMATICAL‬‬ ‫‪KNOWLEDGE‬‬

‫(‪ )1‬انظـــر‪:‬‬

‫"‪"The Limits of Quantum Computers,‬‬ ‫;‪by Scott Aaronson‬‬ ‫‪Scientific American, March 2008‬‬

‫(‪ )4‬انظـــر‪:‬‬

‫;‪"The Death of Proof," by John Horgan‬‬ ‫‪Scientific American, October 1993‬‬

‫(‪decoherence )2‬‬ ‫(‪fault-tolerant )3‬‬


‫خارج نطاق الفلسفة السيئة‬

‫( )‬

‫إذا كان امليكاني� � ��ك الكمومي يتيح أنواعا‬ ‫جدي� � ��دة من احلس� � ��ابات‪ ،‬فلم� � ��اذا أبدى‬ ‫الفيزيائيون قلقهم م� � ��ن أن تحَ ُّد النظري ُة‬ ‫الكمومية التق� � ��دم العلمي؟ يعود اجلواب‬ ‫عن ذلك إلى أيام تشكُّل هذه النظرية‪.‬‬ ‫لق� � ��د ح � � �ذَّر >‪ .E‬ش� � ��رودنگر< [ال� � ��ذي‬ ‫اكتشف معادلة تعريف النظرية الكمومية]‬ ‫جمهور إح� � ��دى محاضراته من أنه ميكن‬ ‫اعتبار ما س� � ��يقوله ضرب� � ��ا من اجلنون‪.‬‬ ‫فس� � ��را أنه عندما تصف معادلته‬ ‫وتابع ُم ّ‬ ‫الش� � ��هيرة تواريخ مختلفة م ّر بها جسيم‪،‬‬ ‫فإن هذه «ليست بدائل ولكنها جميعا قد‬ ‫وقعت فع� �ل��ا في آن معا»‪ .‬ومع أن خروج‬ ‫علماء مرموقني عن ج� � ��ادة الصواب أمر‬ ‫وارد‪ ،‬لكن ما كان يفعله هذا العا ِلم‪ ،‬الذي‬ ‫حصل على جائزة نوبل عام ‪ ،1933‬هو أنّه‬ ‫كان يعل� � ��ن بتواضع أن املعادلة التي ُمنِح‬ ‫بس� � ��ببها هذه اجلائزة ليس� � ��ت إ َّال وصفا‬ ‫صحيحا للحقائق‪ .‬لقد شعر >شرودنگر<‬ ‫باحلاجة إلى اتخ� � ��اذ موقع املُدافع‪ ،‬ليس‬ ‫فسر معادلته على نحو غير عقالني‪،‬‬ ‫ألنه َّ‬ ‫بل بالضبط ألنّه لم يفعل ذلك‪.‬‬ ‫كي� � ��ف أمكن اعتبار مث� � ��ل هذا االدعاء‬ ‫احلمي� � ��د ظاهري� � ��ا‪ ،‬غريبا وغي� � ��ر مألوف؟‬ ‫لقد ح� � ��دث ذل� � ��ك ألن معظ� � ��م الفيزيائيني‬ ‫استسلموا خاضعني للفلسفة السيئة‪ :‬أي‬ ‫إلى املذاهب الفلسفية التي أعاقت بفاعلية‬ ‫اكتس� � ��اب معرفة أخرى‪ .‬وترتبط الفلسفة‬ ‫بالفيزياء األساسية ارتباطا قويا ‪ -‬وذلك‬ ‫على الرغم من االدعاءات العديدة الصادرة‬ ‫عن كال املجالني والتي تقول عكس ذلك ‪-‬‬ ‫فهم� � ��ا يرتبطان إلى درجة أنه عندما عانى‬ ‫التيار الفلس� � ��في العام تراجعا حادا في‬ ‫العقود األولى من القرن العش� � ��رين‪ ،‬ج َّر‬ ‫معه في هذه املعاناة أجزاء من الفيزياء‪.‬‬ ‫لق� � ��د كانت املذاهب الفلس� � ��فية املذنبة‬ ‫مثل‪ :‬الفلسفة الوضعية املنطقية(‪«( )1‬إذا‬ ‫لم يكن التح ّقق التجريبي من فكرة ممكنا‬

‫فال معن� � ��ى له� � ��ا»)‪ ،‬والذرائعي���ة(‪«( )2‬إذا‬ ‫صدقت التنب� � ��ؤات حول قضي� � ��ة‪ ،‬فلماذا‬ ‫نشغل أنفسنا مبسبباتها؟)‪ ،‬والنسبوية‬ ‫الفلسفية(‪«( )3‬ال ميكن للمقوالت أن تكون‬ ‫موضوعي� � ��ا صحيح� � ��ة أو خاطئة‪ ،‬ولكنها‬ ‫فقط تكتسب شرعيتها أو ُتن َتزع منها هذه‬ ‫الشرعية من قِ َبل ثقافة محددة»)‪ .‬لقد وقع‬ ‫الضرر بسبب الش� � ��يء املشترك بني تلك‬ ‫الفلس� � ��فات‪ :‬إنّه إنكار الواقعية‪ ،‬التي هي‬ ‫املنطق الفلسفي السليم الذي ينص على‬ ‫أن العالم املادي موجود وأنه ميكن لطرائق‬ ‫العلم أن تلتقط املعرفة املتعلقة به‪.‬‬ ‫وفي ذلك اجلو الفلسفي ط ّور الفيزيائي‬ ‫>‪ .N‬بور< تفسيرا مؤثّرا للنظرية الكمومية‪،‬‬ ‫ينفي إمكان احلديث عن الظواهر بصفتها‬ ‫موج� � ��ودة موضوعيا‪ .‬فلم يكن الس� � ��ؤال‬ ‫ع� � ��ن قيم املتغيرات الفيزيائية مس� � ��موحا‬ ‫به‪ ،‬عندما ال تكون ه� � ��ذه املتغيرات حتت‬ ‫املراقبة بهدف قياس� � ��ها (كما هو احلال‬ ‫في منتصف طريق حساب كمومي)‪ .‬أ ّما‬ ‫الفيزيائيون الذين‪ ،‬بطبيعة تس� � ��ميتهم‪ ،‬لم‬ ‫يس� � ��تطيعوا كبح جماح رغبتهم في طرح‬ ‫الس� � ��ؤال‪ ،‬فحاولوا ألاّ يطرح� � ��وه‪ .‬وراح‬ ‫معظمه� � ��م يدرب طلبته على عدم فعل ذلك‬ ‫أيضا‪ .‬وهك� � ��ذا صارت النظري � � � ُة األكثر‬ ‫تطورا في أكثر العلوم أساسية محكومة‬ ‫ب� � ��أن تك� � ��ون متناقضة بح� � ��دة مع مجرد‬ ‫وجود حقيقة وتعليل وواقع مادي‪.‬‬ ‫لم يتخلَّ كل فيلس� � ��وف ع� � ��ن الواقعية‪.‬‬ ‫وكان >‪ .B‬راس� � ��ل< و>‪ .K‬بوبر< اس� � ��تثنا َءين‬ ‫ملحوظني‪ .‬وكذلك لم يفعل ذلك كل فيزيائي‪.‬‬ ‫فقد قاوم >‪ .A‬أينشتاين< و>‪ .D‬بوم< هذا‬ ‫التوجه‪ ،‬واقترح >‪ .H‬إڤريت< أن املقادير‬ ‫الفيزيائية تأخذ بالفعل أكثر من قيمة في‬ ‫وقت واحد (وجه� � ��ة نظر نحن نؤيدها)‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬لم يكن الفالسفة عموما مهتمني‬ ‫بالواقعية‪ ،‬وم� � ��ع أن الفيزيائيني راحوا‬ ‫يس� � ��تعملون النظرية الكمومية لدراسة‬ ‫مجاالت أخرى في الفيزياء‪ ،‬فإن البحثَ‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫حول طبيعة السيرورات الكمومية نفسها‬ ‫قد ضلَّ طريقه‪.‬‬ ‫لقد حتس� � ��نت األم� � ��ور تدريجيا على‬ ‫مدى عقدين من الزم� � ��ن‪ ،‬والفيزياء هي‬ ‫جتر الفلس� � ��فة إلى الطريق‬ ‫الت� � ��ي كانت ُّ‬ ‫الصحي� � ��ح‪ .‬فالناس يريدون فهم الواقع‪،‬‬ ‫مهما كانت ش� � ��دة إنكاره� � ��م لذلك‪ .‬وقد‬ ‫جتاوزنا أخي� � ��را احلدود املُفترضة التي‬ ‫علمتنا الفلسف ُة السيئ ُة االستسالم لها‪.‬‬ ‫ماذا ل� � ��و ُد ِح َ‬ ‫ض ْت النظري� � ��ة في نهاية‬ ‫املطاف‪ ،‬كأن ُيح ِبط قيد أعمق تلك احملاولة‬ ‫لبناء حاس� � ��وب كمومي قابل للتوسيع(‪)4‬؟‬ ‫سيكون من املثير جدا أن نرى ذلك يحدث‪.‬‬ ‫فمثل هذه النتيجة هي إلى حد بعيد أقصى‬ ‫ما نتمن� � ��اه‪ .‬ولن يؤدي ه� � ��ذا إلى مراجعة‬ ‫معرفتنا األساس� � ��ية بالفيزياء فحسب‪ ،‬بل‬ ‫نتوقع أن يو ِّفر أنواعا من احلس� � ��اب أكثر‬ ‫روع� � ��ة‪ .‬ألن� � ��ه إذا كان هناك م� � ��ا ميكن أن‬ ‫يوقف امليكانيك الكمومي‪ ،‬فنتوقع أن تكون‬ ‫هناك نظرية جدي� � ��دة مثيرة حول ما ميكن‬ ‫أن يوق� � ��ف امليكانيك الكمومي‪ ،‬وأن يتبعها‬ ‫ظهور حواسيب جديدة مثيرة على أساس‬ ‫هذه النظرية‪ .‬وبطريقة أو بأخرى‪ ،‬لن تكون‬ ‫>‬ ‫هناك حدود على املعرفة أو التقدم‪.‬‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪BEYOND BAD PHILOSOPHY‬‬ ‫‪logical positivism‬‬ ‫‪instrumentalism‬‬ ‫‪philosophical relativism‬‬ ‫‪scalable‬‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪The Fabric of Reality: The Science of Parallel‬‬ ‫‪Universes—and Its Implications. David Deutsch.‬‬ ‫‪Penguin, 1998.‬‬ ‫‪The Physics of Quantum Information: Quantum‬‬ ‫‪Cryptography, Quan­tum Teleportation, Quantum‬‬ ‫‪Computation. Dirk Bouwmeester, Artur Ekert and‬‬ ‫‪Anton Zeilinger. Springer, 2000.‬‬ ‫‪Quanta, Ciphers and Computers. Artur Ekert in‬‬ ‫‪The New Physics. Edited by Gordon Fraser. Cam‬‬‫‪bridge Uni­versity Press, 2006.‬‬ ‫‪The Beginning of Infinity: Explanations That Trans‬‬‫‪form the World. D‬‬ ‫‪ avid Deutsch. Penguin, 2011.‬‬ ‫‪The Emergent Multiverse: Quantum Theory ac‬‬‫‪cording to the Everett Interpretation. David Wal‬‬‫‪lace. Oxford University Press, 2012.‬‬

‫‪Scientific American, September 2012‬‬

‫‪59‬‬


‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫الباحثة في نظرية‬ ‫الدماغ‪> :‬ربيكا ساكس<‬

‫( )‬

‫إن معرفة كيف يستطيع الدماغ التنبؤ مبا يفكر فيه اآلخرون تساعد >ربيكا ساكس‬ ‫على ابتكار حلول ممكنة ملا كان يبدو عسيرا من نزاعات سياسية واجتماعية‪.‬‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫هل تأملت ذات ي� � ��وم في أنك قارئ‬ ‫أفكار بارع؟ إذا َش � � � َع َر شخص ما في‬ ‫محيط� � ��ك بخاطرة س� � ��عيدة جتول في‬ ‫فكره أو َم ّر بنوب� � ��ة غضب عارم فليس‬ ‫من الضروري أن يخبرك بذلك بل يبدو‬ ‫أنك س� � ��تعرف ذلك متاما‪ .‬وبالطبع‪ ،‬ال‬ ‫تس� � ��تند هذه القدرة إلى ق� � ��وى خارقة‬ ‫بل إلى ق� � ��راءة دالالت صغيرة‪ :‬التفافة‬ ‫مميزة للش� � ��فتني تنبئ بالس� � ��عادة‪ ،‬أو‬ ‫تش� � ��نج حنك يدل على االمتعاض‪ .‬ف ِّكر‬ ‫كيف تس� � ��تطيع إمياءة من دون كلمات‬ ‫أن تستثير قصة متعددة الشخصيات‪،‬‬ ‫كل منه� � ��ا لها مقاصده� � ��ا واعتقاداتها‬ ‫ورغباته� � ��ا ‪ -‬وكل ذلك ألنن� � ��ا ماهرون‬ ‫(‪)1‬‬ ‫للغاية في تخيل احلي����وات الفكرية‬ ‫لدى اآلخرين‪.‬‬ ‫تنتم� � ��ي >ربيكا س� � ��اكس<‪ ,‬وعمرها‬ ‫‪ 33‬عاما‪ ,‬إلى حرك� � ��ة علمية في املعهد‬ ‫‪ .MIT‬وهذه احلركة حتاول التعمق في‬ ‫فه� � ��م تلك القدرة الت� � ��ي تعرف بنظرية‬ ‫الدم����اغ(‪ .)2‬فق� � ��د أثبتت >س� � ��اكس< أن‬ ‫هناك موقع� � ��ا منفردا ف� � ��ي الدماغ هو‬ ‫الرب� � ��اط الصدغي اجل� � ��داري اليميني‬ ‫ال� � ��ذي يتمركز فيه ه� � ��ذا التفكير‪ .‬هذا‬ ‫االكتش� � ��اف فاجأ علماء األعصاب‪ ،‬إذ‬ ‫إن نظري� � ��ة الدماغ هي ق� � ��درة مجردة‬ ‫ومتشابكة مما دعاهم إلى االعتقاد أنها‬ ‫‪60‬‬

‫<‬

‫<‪ .G‬كووك>‬

‫متتد على مسارات واسعة من القشرة‬ ‫الدماغية‪ .‬ومع ذلك ووفقا لـ>ساكس<‪،‬‬ ‫فإن هذا القس� � ��م الصغير من الدماغ‪,‬‬ ‫الواقع خلف األذن اليمنى متاما‪ ,‬يقود‬ ‫معظم ما يتعلق باألفعال البشرية مثل‬ ‫احملادثة والصداقة واحلب والتعاطف‬ ‫والش� � ��عور األخالق� � ��ي وكذل� � ��ك الفن‪.‬‬ ‫إن نظرية الدماغ هي الس� � ��بب في أن‬ ‫الناس يكتبون الروايات والس� � ��بب في‬ ‫أنهم يقرؤونها‪.‬‬ ‫ومع أن الس� � ��يرة الذاتية لـ>ساكس<‬ ‫تدرج قدراته� � ��ا بصفتها عاملة أعصاب‪،‬‬ ‫إال أنه ميكن بسهولة اعتبارها فيلسوفة‪.‬‬ ‫لقد نش� � ��أت >س� � ��اكس< في أونتاريو ثم‬ ‫التحقت بجامعة أوكس� � ��فورد للدراس� � ��ة‬ ‫من دون أن تتيقن من مس� � ��ارها املهني‪.‬‬ ‫واليوم تشتمل أدواتها على احلواسيب‬ ‫وأجهزة تصوير الدماغ لكن األسئلة ال‬ ‫تنضب‪ .‬ما هي العالقة بني قدرتنا على‬ ‫اس� � ��تنتاج ما يفكر فيه اآلخرون والكتلة‬ ‫الت� � ��ي ت� � ��زن ثالث� � ��ة باون� � ��دات وندعوها‬ ‫الدماغ؟ كيف ترتبط األفكار بالتجربة؟‬ ‫لقد تولى مختبر >س� � ��اكس< أبحاثا‬ ‫واس� � ��عة الطي� � ��ف ف� � ��ي خض� � ��م اللغ� � ��ة‬ ‫والتفكي� � ��ر األخالقي واضطراب التوحد‬ ‫واالستنتاج املنطقي وتطور الدماغ‪ .‬إ ّال‬ ‫أن شغف >س� � ��اكس< اخلاص كان في‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫مجال حل الن� � ��زاع‪ .‬وتأمل هي وزميلها‬ ‫>‪ .E‬برون� � ��و<‪ ،‬بالتوصل إلى اكتش� � ��اف‬ ‫كي� � ��ف تخفق مه� � ��ارات نظري� � ��ة الدماغ‬ ‫عندم� � ��ا نواجه عدوا ما وكيف يس� � ��اعد‬ ‫فهم هذه اإلخفاق� � ��ات على ربط أواصر‬ ‫املجتمع� � ��ات املفككة‪ .‬وتقول >س� � ��اكس<‬ ‫إن العالَم س� � ��يصبح مكان� � ��ا أفضل إن‬ ‫حتسنت فيه مهارات قراءة األفكار‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫تبعها اخلبراء في ذلك‪.‬‬ ‫ساينتفيك أمريكان )‪ :(SA‬كيف قادك‬ ‫شغفك بالعلم إلى دراسة الدماغ؟‬ ‫>س���اكس<‪ :‬بعي� � ��دا بقدر م� � ��ا أتذكر‪،‬‬ ‫استهوتني فكرة أن األشياء األكثر أهمية‬ ‫بالنس� � ��بة إلينا تبنى من أجزاء بس� � ��يطة‬ ‫صغيرة نس� � ��تطيع فهمها‪ .‬وعندما كنت‬ ‫طفلة ش� � ��غفت بالطريقة التي تُك ِّون فيها‬ ‫الذرات واجلزيئات األش� � ��يا َء من حولنا‪.‬‬ ‫وقد أردت أن أصبح عاملة كيمياء‪ .‬ومن‬ ‫ثم أثارت اهتمام� � ��ي األجزاء الكيميائية‬ ‫واخللوية التي ُتك ِّون أجس� � ��امنا‪ ،‬فأردت‬ ‫أن أصبح عاملة أحياء‪.‬‬ ‫وعندم� � ��ا بلغت س� � ��ن السادس� � ��ة أو‬ ‫الس� � ��ابعة عشرة‪ ،‬كان ما يدهشني حقا‬ ‫( ) العنوان األصلي‪:‬‬ ‫(‪the mental lives )1‬‬ ‫(‪theory of mind )2‬‬

‫‪MIND THEORIST‬‬


‫باختصار‬ ‫من هي‬

‫>‪ .R‬ساكس<‬

‫املهنة‬ ‫باحثة في مجال علم األعصاب‬ ‫(‪)1‬‬ ‫االستعرافي‬ ‫مكان العمل‬ ‫معهد ماساشوستس للتقانة )‪(MIT‬‬ ‫مجال البحث‬ ‫فهم كيف تساعد القدرة على‬ ‫استنتاج ما يفكر فيه اآلخرون أو ما‬ ‫يشعرون به في حل النزاعات‬ ‫اإلطار‬ ‫«نظرية الدماغ» جتهّ ز املجتمعات‬ ‫بالوسائل الالزمة لتسوية خالفاتها‬ ‫على نحو سلمي‪.‬‬

‫ه� � ��و الدماغ‪ .‬فمن خلي� � ��ة واحدة تصدر‬ ‫إشارة كهربائية إلى خلية أخرى‪ ،‬فتتكون‬ ‫عقولن� � ��ا وأفكارن� � ��ا وجتاربن� � ��ا الواعية‪.‬‬ ‫وأحيان� � ��ا يق� � ��ول الناس إن املس� � ��ألتني‬ ‫الرئيسيتني في العلم هما أصول الكون‬ ‫وبنية الدماغ‪ .‬وميكن لإلنس� � ��ان أن يقع‬ ‫في حب أي منهما وللسبب نفسه‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬كيف اخترت مجال دراستك‬ ‫احلالي ضمن علم األعصاب؟‬ ‫>ساكس<‪ :‬إنني أستعمل علم األعصاب‬ ‫لدراس� � ��ة ما ميتلك� � ��ه البش� � ��ر وال متتلكه‬ ‫احليوانات األخرى‪ ،‬مثل اللغة واألخالق‪.‬‬ ‫إن األجزاء من الدماغ التي نفهمها‬ ‫أفضل ما ميكن‪ ،‬هي تلك التي نشترك‬ ‫به� � ��ا مع احليوان� � ��ات ويتعلق معظمها‬ ‫باملدخالت واملخرج� � ��ات‪ .‬فمثال‪ ،‬كيف‬ ‫نحلل مشهدا مرئيا إلى أجزاء معتمة‬ ‫وأج� � ��زاء بيض� � ��اء أو إل� � ��ى أرائك أو‬ ‫طاوالت؟ إن جهاز الرؤية لدينا يتشابه‬ ‫كثي� � ��را مع أجهزة الرؤي� � ��ة عند القطط‬ ‫والق� � ��رود‪ .‬ولدينا نظري� � ��ات الئقة عن‬ ‫كيفية عمل هذا اجلهاز‪ .‬وينطبق األمر‬

‫نفس� � ��ه على الس� � ��يطرة احلركية التي‬ ‫درس� � ��ها علماء األعصاب في أواخر‬ ‫القرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫جمي� � ��ع ه� � ��ذه األم� � ��ور مهم� � ��ة جدا‬ ‫وأحيانا يجذبن� � ��ي العمل في مجال من‬ ‫علم األعص� � ��اب يوجد في� � ��ه الكثير من‬ ‫مرض متاما عندما‬ ‫املعرفة‪ .‬هناك شيء‬ ‫ٍ‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫تع� � ��رف الكثير عن جه� � ��از ما وتضيف‬ ‫إليه معلوم� � ��ات على نحو تصاعدي‪ .‬إال‬ ‫أنني اجنذبت إلى الطرف اآلخر باجتاه‬ ‫األجزاء من العقل والدماغ التي نعرف‬ ‫عنها القليل فقط‪.‬‬ ‫(‪ cognitive neuroscientist )1‬أو علم األعصاب اإلدراكي‪.‬‬ ‫(التحرير)‬ ‫‪61‬‬


‫ولكن بعد أن حتدثت إليه استنتجت‬ ‫أن ه� � ��ذه في الواقع مس� � ��ألة مهمة وأنه‬ ‫ش� � ��خص متبصر ولديه رؤية‪ .‬ومنذ ذلك‬ ‫الوقت مضت خمس سنوات ومازلت ال‬ ‫أعرف مدى أهمية علم األعصاب‪ .‬ولكن‬ ‫>برون� � ��و< يفكر في هذه املش� � ��كالت في‬ ‫اليقظة والنوم وعلى مدى أربع وعشرين‬ ‫ساعة في اليوم وعندما يعمل أو اليعمل‪,‬‬ ‫فهذا أكثر ما يريد فعله في العالم ‪ -‬إنه‬ ‫شريك عمل مثالي‪.‬‬ ‫تدرس >ساكس< وفريقها كيف تؤثر أساليب مختلفة من احلوار في حل النزاعات مثل النزاع بني اإلسرائيليني والفلسطينيني‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬أهذا ما جذبك إلى محاولة‬ ‫فهم نظرية الدماغ؟‬ ‫>س���اكس<‪ :‬نعم‪ ,‬إنها مس� � ��ألة عميقة‬ ‫وأساسية وواسعة النطاق‪ ,‬ولكن أيضا‬ ‫ما يجذبني إلى نظرية الدماغ تطبيقاتها‬ ‫املتعددة املمكنة‪ .‬فهناك تطبيقات سريرية‬ ‫لألش� � ��خاص املصاب� �ي��ن باضطراب� � ��ات‬ ‫ف� � ��ي االس���تعراف االجتماع���ي(‪ )1‬مثل‬ ‫التوحد والقلق االجتماعي‪ .‬والكثير من‬ ‫اضطراب���ات التط���ور(‪ )2‬العصبي التي‬ ‫ال نعل� � ��م عنها إ ّال القليل ه� � ��ي تلك التي‬ ‫تنطوي على عوامل اجتماعية‪.‬‬ ‫فعلين� � ��ا أن نفهم طريقة عمل العقول‬ ‫ك� � ��ي يس� � ��ير مجتمعنا عل� � ��ى نحو جيد‪,‬‬ ‫وينبغي أن يفهم بعضنا بعضا وأن نفهم‬ ‫أنفس� � ��نا ونفهم كيف نفكر في اآلخرين‪.‬‬ ‫كما ينبغي أن ننسق املجتمعات(‪ )3‬كي‬ ‫تعمل مع� � ��ا‪ .‬ولن نتمكن م� � ��ن فعل ذلك‬ ‫بصورة جيدة إن كنا نخطئ باستمرار‬ ‫في معرفة كيف يفكر اآلخرون‪.‬‬ ‫فمثال‪ُ ،‬تبذَل جه� � ��ود ضخمة باجتاه‬ ‫حل النزاع في العالم؛ إ ّال أن هذه اجلهود‬ ‫تبنى على نظريات الدماغ احلدسية(‪- )4‬‬ ‫تبنى على أفكار منطقية عامة حول كيفية‬ ‫عمل األش� � ��خاص اآلخرين وما س� � ��يغير‬ ‫‪62‬‬

‫تفكيرهم وتصرفاتهم وما الذي تس� � ��بب‬ ‫بالنزاع وما الذي سيسبب انتشاره‪.‬‬ ‫إن نظري� � ��ة الدماغ احلدس� � ��ية هذه‬ ‫البأس بها‪ ،‬بقدر ما أن الفيزياء احلدسية‬ ‫ال بأس بها‪ .‬فالفيزياء احلدسية متكننا‬ ‫من التق� � ��اط كرة البيس� � ��بول‪ ،‬ولكن في‬ ‫بعض التطبيقات البد من نظريات أفضل‬ ‫من ذل� � ��ك‪ .‬إن� � ��ك‪ ,‬إن أردت الذهاب إلى‬ ‫القمر‪ ,‬لن تنجح باالعتماد على الفيزياء‬ ‫احلدس� � ��ية‪ .‬وفي مجال ح� � ��ل النزاعات‬ ‫أش� � ��عر أحيانا وكأننا نريد الذهاب إلى‬ ‫القمر وال ننجح في ذلك‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬كيف ِصر ِ‬ ‫ت مهتمة في مجال‬ ‫حل النزاع؟‬ ‫>ساكس<‪ :‬عندما بدأت بإنشاء مختبري‬ ‫تلقيت بري� � ��دا إلكترونيا م� � ��ن >برونو<‪،‬‬ ‫وكان طال� � ��ب دراس� � ��ات عليا في جامعة‬ ‫ميتش� � ��يگان‪ .‬أخبرني بأنه كان شغوفا‬ ‫بفهم كيف يغير األشخاص آراءهم حول‬ ‫اآلخري� � ��ن وكيف حت� � ��ل النزاعات‪ .‬وقد‬ ‫ق� � ��ال‪« :‬أعتقد أنها مس� � ��ألة عميقة وأنها‬ ‫بحاجة ماسة إلى علم يشرحها وأعتقد‬ ‫أن عل� � ��م األعصاب قد يس� � ��اعد في هذا‬ ‫الش� � ��أن» وكنت أقول له‪« :‬أنت مجنون‪.‬‬ ‫وما تقترحه رمبا ال يكون ممكنا‪».‬‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫)‪ :(SA‬ما الذي يوفره علم االعصاب‬ ‫من أجل حل النزاعات؟‬ ‫>س���اكس<‪ :‬فكر ف� � ��ي موضوع ما مثل‬ ‫موض� � ��وع االنحياز‪ .‬هن� � ��اك العديد من‬ ‫األس� � ��باب الت� � ��ي تدعو الن� � ��اس إلى أن‬ ‫يخبروك بأنهم ليسوا منحازين‪ .‬إنهم ال‬ ‫يريدون أن يكونوا منحازين إذ يعلمون‬ ‫أن اجلواب الصحي� � ��ح ينبغي أال يكون‬ ‫املرء منحازا‪ .‬وفي الغالب ال يعي الناس‬ ‫مدى انحيازهم‪ .‬إذن هناك مشكلة كبيرة‪:‬‬ ‫كيف لك أن تقيس وتغير ش� � ��يئا ال يعي‬ ‫الن� � ��اس وجوده وال يريدون االعتراف به‬ ‫ولديهم دافع كي يخفوه؟‬ ‫فم� � ��ن األفض� � ��ل أن حت� � ��اول إيجاد‬ ‫طريقة لقياس أمر ما كاالنحياز بشكل‬ ‫مباشر‪ ،‬وهنا يأتي دور علم األعصاب‪.‬‬ ‫ف� � ��إذا أمكنن� � ��ا اكتش� � ��اف ميكانيكي� � ��ة‬ ‫عندئذ‬ ‫االنحياز في الدماغ سنس� � ��تطيع‬ ‫ٍ‬ ‫قي� � ��اس االنحياز مباش� � ��رة عوضا عن‬ ‫أن نس� � ��أل األشخاص أن يقولوا لنا إن‬ ‫كان� � ��وا منحازين أم ال‪ .‬ف� � ��إن متكنا من‬ ‫قياس االنحياز‪ ،‬سنمتلك بالتالي طريقة‬ ‫أكثر دقة الختبار أساليب متعددة حلل‬ ‫النزاعات‪ .‬وميكننا ببس� � ��اطة أن نقيس‬ ‫مس� � ��توى االنحياز عند األشخاص قبل‬ ‫وبع� � ��د أمن� � ��اط مختلفة م� � ��ن املداخالت‬ ‫(‪social cognition )1‬‬ ‫(‪the neurodevelopment disorders )2‬‬ ‫(‪coordinate societies )3‬‬ ‫(‪intuitive theories of mind )4‬‬


‫ونحدد أيها األفضل‪.‬‬ ‫والت� � ��زال ه� � ��ذه األه� � ��داف بعي� � ��دة‬ ‫التحقي� � ��ق‪ ،‬لكنني أظن أن ما يجري في‬ ‫ن� � ��زاع ما هو مجموعة م� � ��ن االنحيازات‬ ‫املعقدة واملتراكمة وتتعلق بكيفية تفكير‬ ‫كل طرف في مش� � ��اعر الط� � ��رف اآلخر‬ ‫ودوافعه‪ .‬كل طرف يظن أن اآلخر تقوده‬ ‫املعتقدات (األيديولوجيا) ال األس� � ��باب‬ ‫واحلج� � ��ج‪ ،‬أو أن الطرف اآلخر ال يفهم‬ ‫إال لغ� � ��ة العنف‪ .‬وعناصر نظرية الدماغ‬ ‫هذه حاسمة إال أنها مهملة نوعا ما‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل ميكن أن تشرحي دراستك‬ ‫عما تسميه «طرح وجهة النظر»؟‬ ‫>س���اكس<‪ :‬كان هدفنا هو اتباع نهج‬ ‫علمي لدراس� � ��ة احلوار‪ :‬ما الذي يحدث‬ ‫عندم� � ��ا تُعط� � ��ى فرصة لش� � ��خصني من‬ ‫طرفني متضادين م� � ��ن النزاع فيعرض‬ ‫فيه� � ��ا كل منهما أمام اآلخر وجهة نظره‬ ‫وجتربته‪ .‬ويعتمد الكثير من برامج حل‬ ‫النزاعات على احلوار‪ ،‬إال أن الدراسات‬ ‫العلمية حول جنوع(‪ )1‬ذلك قليلة جدا‪.‬‬ ‫كن� � ��ا نعتقد أن للحوار وجهني اثنني‪,‬‬ ‫في األول‪ ,‬يجري تلقي وجهة النظر‪ ,‬أنت‬ ‫تس� � ��تمع إلى وجهة نظر ش� � ��خص آخر‬ ‫يتكلم‪ .‬وفي الثاني تكون أنت الشخص‬ ‫الذي يدلي بوجهة نظره و ُيس� � ��مع ‪ -‬وقد‬ ‫سمينا ذلك طرح وجهة النظر‪ .‬وأيضا‪،‬‬ ‫في العدي� � ��د من النزاع� � ��ات‪ ,‬يكون لدى‬ ‫مجموع� � ��ة معين� � ��ة قوة أكبر نس� � ��بيا من‬ ‫املجموعة األخ� � ��رى‪ .‬ونعتقد أن مفعول‬ ‫احل� � ��وار ف� � ��ي مثل هذه احلال� � ��ة رمبا ال‬ ‫يكون متكافئا‪.‬‬ ‫وقد درسنا زوجني من النزاعات ‪-‬‬ ‫األول بني الفلس� � ��طينيني واالسرائيليني‬ ‫والثان� � ��ي ب� �ي��ن املكس� � ��يكيني وس� � ��كان‬ ‫آريزونا البيض‪ .‬لقد أظهر األشخاص‬ ‫في املجموعة األقل قوة نسبيا‪ ,‬حتسنا‬ ‫ف� � ��ي موقفهم ولكن ذل� � ��ك قد حدث فقط‬ ‫عندم� � ��ا كانوا ف� � ��ي دور ط� � ��رح وجهة‬

‫نظرهم‪ .‬فبالنس� � ��بة إليهم ال توجد فائدة‬ ‫م� � ��ن الطلب إليهم بأن يأخ� � ��ذوا بوجهة‬ ‫نظر الط� � ��رف املس� � ��يطر نس� � ��بيا‪ .‬أما‬ ‫بالنس� � ��بة إلى املجموعة املسيطرة‪ ،‬فإن‬ ‫أهم فائدة للحوار تأتي من تلقي وجهة‬ ‫نظر الطرف اآلخر‪.‬‬ ‫نح� � ��ن ال نقت� � ��رح أن تك� � ��ون برامج‬ ‫احلوار غير متكافئة فتتيح لطرف واحد‬ ‫أن يتكلم واآلخر أن يس� � ��تمع‪ .‬ولكن من‬ ‫املهم فهم أن الكالم واالستماع يحققان‬ ‫أمورا مختلف� � ��ة عند مجموعات مختلفة‪.‬‬ ‫سمعت مؤخرا بدراسة لم ُتنشر‬ ‫فمثال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫بع � � � ُد قام بها >‪ .Ph‬ها ّم� � ��اك< [من جامعة‬ ‫كاليفورنيا] حول ما جرى في حوارات‬ ‫متت بني العرب واإلس� � ��رائيليني‪ ,‬وجدوا‬ ‫فيها أن اإلسرائيليني كانوا يتكلمون في‬ ‫هذه احل� � ��وارات أكثر بكثير من العرب‪.‬‬ ‫فإذا كان كل طرف يستفيد عندما يتكلم‬ ‫العرب‪ ،‬فينبغي‪ ,‬عل� � ��ى األقل‪ ,‬أن تكون‬ ‫هناك آلي� � ��ات ميكن وفقها محاولة زيادة‬ ‫إمكان كالمهم‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل ميكن أيضا تطبيق هذه‬ ‫الرؤى في العالقات الشخصية؟‬ ‫>ساكس<‪ :‬نعم‪ ,‬إذا كنت أنت الشخص‬ ‫األقوى في وضع م� � ��ا‪ ،‬فينبغي أن تبذل‬ ‫جهدا إضافيا كي تستمع وحتصل على‬ ‫معلومات جديدة وتفهم موقف الشخص‬ ‫اآلخر‪ .‬أما الش� � ��خص األق� � ��ل قوة‪ ،‬فإن‬ ‫خبرة من اإلدالء بآرائه ميكن أن تساعده‬ ‫على إزالة ما ق� � ��د يعترضه من حواجز‬ ‫و ُتفرج مواقف سيئة قد تواجهه‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل توجد طرق أخرى‬ ‫ميكن فيها تطبيق هذا العمل على‬ ‫مستويات أكثر شخصية؟‬ ‫>ساكس<‪ :‬هناك شيء آخر نعمل عليه‬ ‫وهو فه� � ��م كيف يفكر األش� � ��خاص في‬ ‫احلج� � ��ج التي ال يقبل� � ��ون بها‪ .‬إن هدف‬ ‫حل النزاع ليس بالض� � ��رورة هو تغيير‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫طريق� � ��ة تفكي� � ��ر الناس‪ ،‬فم� � ��ا نريده هو‬ ‫مج� � ��رد أن يرى الن� � ��اس إمكان صواب‬ ‫الطرف اآلخر‪.‬‬ ‫هذا ما نريد فهمه على نحو أفضل ‪-‬‬ ‫الفرق بني رف� � ��ض أمر ما جراء رد فعل‬ ‫ينبئك أنه غير معقول مقابل رفضه بناء‬ ‫على فهم أسبابه ودوافعه‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هذا شأن مهم جدا في‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية؟‬ ‫>س����اكس<‪ :‬نعم‪ ،‬إنه ش� � ��أن نتفحصه‬ ‫حالي� � ��ا‪ .‬لقد وصلت أمري� � ��كا إلى حلظة‬ ‫تاريخي� � ��ة من االنحياز إل� � ��ى األحزاب‪.‬‬ ‫نح� � ��ن نهتم ف� � ��ي كيفية تفكي� � ��ر الناس‬ ‫ف� � ��ي احلجج ‪ -‬والن� � ��اس ‪ -‬في الطرف‬ ‫اآلخر‪ ،‬حول شؤون أساسية مثل البيئة‬ ‫والزواج املثلي‪.‬‬ ‫إنن� � ��ا ال نحاول أن نفه� � ��م ملاذا يؤيد‬ ‫بعض األشخاص الزواج املثلي وال يؤيده‬ ‫بعضه� � ��م اآلخر‪ .‬فنحن نريد أن نرى ما‬ ‫إذا كان بوسعنا أن نغير أفكارهم حول‬ ‫لِم ميك� � ��ن ألي ش� � ��خص أن يتبنى رأيا‬ ‫معاكسا‪ .‬فكثير من األشخاص يقولون‬ ‫إن الس� � ��بب الوحيد المتالك رأي مغاير‬ ‫لرأيهم هو كون صاحب هذا الرأي غير‬ ‫أخالقي أو مجنونا‪ .‬فالشعور بأن كل من‬ ‫يخالفني الرأي مجنون هو ما يس� � ��تحق‬ ‫>‬ ‫محاولة تغييره‪.‬‬ ‫>‪ .G‬كووك<‪ ،‬صحفي حائز جائزة‬ ‫‪ Pulitzer‬ويعمل في صحيفة‬ ‫‪ Globe‬ومحررا لدى ‪.SA Mind‬‬ ‫‪Boston‬‬

‫(التحرير)‬

‫(‪ )1‬جناحه عمليا‬ ‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Looking for Empathy in a Conflict-Ridden World.‬‬ ‫‪ Kristina Bjoran. May 18, 2011. http://blogs.‬‬ ‫‪scientific­american/comguest-blog/2011/05/18/‬‬ ‫‪looking-for-empathy-in-a-conflict-ridden-world‬‬ ‫?‪Live Webcast: Xenophobia—Why Do We Fear Others‬‬ ‫ ‪ Editors of Scientific American. March 31, 2012.‬‬ ‫‪www.scientificamerican.com/article.cfm?id=live‬‬‫‪webcast-xenophobia-‬‬

‫‪Scientific American, December 2012‬‬

‫‪63‬‬


‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫البوليس السري الطبي‬

‫( )‬

‫يعمل >‪ .A .W‬گال< محققا حول األمراض في املعاهد الوطنية‬ ‫للصحة (‪ ،)NIH‬ليكشف النقاب عن أسباب األمراض التي حيرت األطباء‪.‬‬ ‫مقابلة أجراها‬

‫ظلت املريضة >‪ .I‬بينگ< تعاني األلم‬ ‫مدة عش� � ��رين عاما‪ :‬فتحولت ربلتاها‬ ‫‪ calves‬إلى قطعتني من القرميد‪ ،‬وصارت‬ ‫تعاني اآلن صعوبة في املشي‪ .‬وقد فشل‬ ‫عدد كبير من األطباء في عالجها‪ ،‬ناهيك‬ ‫ع� � ��ن تش� � ��خيص حالته� � ��ا املرضية غير‬ ‫املألوف� � ��ة‪ .‬ولذلك عندم� � ��ا وصلت صورة‬ ‫األشعة السينية اخلاصة بها في نهــايــة‬ ‫املطـــ� � ��اف إلى مكتــ� � ��ب >‪ .A .W‬گال< في‬ ‫املعاه� � ��د الوطنية للصحة‪ ،‬أدرك أن عليه‬ ‫قبول حالتها على الفور‪.‬‬ ‫إن >گال< ه� � ��و عالم وطبيب [يترأس‬ ‫برنامج األمراض التي لم يعثر لها على‬ ‫تشخيص]‪ ،‬وهو يحاول كشف األسباب‬ ‫الكامنة لألم� � ��راض الغامضة‪ ،‬وللحاالت‬ ‫املرضية املعروفة ولكنها نادرة‪ ،‬وإيجاد‬ ‫عالجات لها‪ .‬وقد أظهرت صورة األشعة‬ ‫السينية اخلاصة بـ>‪ .L‬بينگ< أن األوعية‬ ‫الدموية في ساقيها وقدميها كانت حتمل‬ ‫غالفا سميكا من الكالسيوم يعوق تدفق‬ ‫ال� � ��دم عبرها‪ .‬وكانت >‪ .P‬ألني< ش� � ��قيقة‬ ‫>بينگ< وكذلك العديد من أفراد أسرتها‬ ‫مصابني أيضا باالضطراب نفسه‪ .‬وعلى‬ ‫األساس‬ ‫مدى عدة أشهر‪ ،‬تعرف >گال<‬ ‫َ‬ ‫اجلين� � ��ي لالضط� � ��راب‪ ،‬وه� � ��و طفرة في‬ ‫اجلني الذي ينظم الكالس� � ��يوم‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تابع عمله فاقترح ع� �ل��اج احلالة بأدوية‬ ‫متوفرة في األس� � ��واق بالفعل‪ ،‬وهو اآلن‬ ‫يواصل تقييم قيمة املعاجلة‪.‬‬ ‫لقد اجنذب >گال<‪ ،‬وعمره ‪ 61‬عاما‪،‬‬

‫(‪)1‬‬

‫‪64‬‬

‫>‪ .B‬بوريل<‬

‫للعمل كمحقق حول األمراض بس� � ��بب‬ ‫ش� � ��غفه في وقت مبكر م� � ��ن حياته بنوع‬ ‫م� � ��ن األلغاز في نظ� � ��ام يختلف عن ذلك‬ ‫اختالف� � ��ا واضحا‪ .‬وق� � ��د كان يحلم بأن‬ ‫يصب� � ��ح ضليع� � ��ا في الرياضي� � ��ات إلى‬ ‫أن انخ� � ��رط ف� � ��ي دورة للكيمياء احليوية‬ ‫عندم� � ��ا كان طالب� � ��ا جامعي� � ��ا في معهد‬ ‫ماساتشوس� � ��تس للتقان� � ��ة‪ .‬وفي الوقت‬ ‫الذي حتولت فيه اهتماماته العلمية‪ ،‬بدأ‬ ‫العلماء يدركون أن مجموعة واسعة من‬ ‫األمراض الوراثية النادرة‪ ،‬واملس� � ��ؤولة‬ ‫عن العديد من التش� � ��وهات اجلس� � ��دية‬ ‫وحاالت التخلف العقلي احملزنة‪ ،‬ميكن‬ ‫أن تنشأ بسبب إنزمي واحد معيب‪.‬‬ ‫راق� � ��ت ل � � �ـ>گال< فكرة الق� � ��درة على‬ ‫حل مثل ه� � ��ذه األلغاز الطبي� � ��ة الصعبة‬ ‫وم� � ��ن ثم مس� � ��اعدة املرض� � ��ى‪ ،‬فواصل‬ ‫اكـتـشــافـــاتـــه الرئـيـس � � �ـــيـة فـي عـــــالج‬ ‫الداء السيستيني ‪ ،cystinosis‬ومتالزمة‬ ‫هيرمانسكي‪ -‬بودالك (الـمهق)‪ ،‬وغيرهما‬ ‫م� � ��ن االضطرابات غي� � ��ر املفهومة جيدا‪،‬‬ ‫قب� � ��ل إط� �ل��اق املعاهد الوطني� � ��ة للصحة‬ ‫برنامج األمراض التي لم يعثر لها على‬ ‫َ‬ ‫تشخيص عام ‪.2008‬‬ ‫ومع أن >گال< يطبق أحدث التقنيات‬ ‫الطبي� � ��ة‪ ،‬وأنه يقف موقف الند مع إدارة‬ ‫الغ� � ��ذاء والدواء األمريكية في حتس� �ي��ن‬ ‫توفر العالجات لذوي األمراض النادرة‪،‬‬ ‫فإنه ال يزال يحمل نظرة فلس� � ��فية حول‬ ‫القيود التي يفرضها على ممارسة الطب‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫َعالَ ٌم تبدو فيه تكاليف الرعاية الصحية‬ ‫وكأنه� � ��ا تتحرك في اجت� � ��اه واحد فقط‪.‬‬ ‫وفي لقاء صحفي أج� � ��ري معه مؤخرا‪،‬‬ ‫ناقش >گال< املش� � ��كالت التي يواجهها‬ ‫بوصفه محقق� � ��ا طبيا ومناصرا ملرضاه‬ ‫ومن على ش� � ��اكلتهم‪ .‬وفيما يلي نورد ‪-‬‬ ‫بتصرف ‪ -‬مقتطفات من هذا اللقاء‪:‬‬ ‫ساينتفيك أمريكان )‪ :(SA‬كيف‬ ‫تقرر أي احلاالت ستقبلها؟‬ ‫>گال<‪ :‬نحن نريد التوصل إلى تشخيص‪،‬‬ ‫ولكننا نس� � ��عى أيضا إلى حتقيق التقدم‬ ‫في الطب والعلوم‪ .‬وم� � ��ن ثم فنحن نأخذ‬ ‫باالعتب� � ��ار م� � ��ا إذا كان املريض مصابا‬ ‫مب� � ��رض جدي� � ��د‪ ،‬وم� � ��ا إذا كان� � ��ت لدينا‬ ‫الفرص� � ��ة الكتش� � ��اف األس� � ��اس اجليني‬ ‫والكيميائ� � ��ي احليوي له� � ��ذا املرض‪ .‬وفي‬ ‫احلقيقة‪ ،‬تتضمن هذه العملية قدرا كبيرا‬ ‫من االجتهاد العقلي‪ ،‬ونحن نعتمد في ذلك‬ ‫على مستش� � ��ارينا‪ ،‬وكثير منهم هم خبراء‬ ‫في مبحث أعراض معينة‪ ،‬فهم يزودونني‬ ‫بآرائهم‪ ،‬وبع� � ��د ذلك أق� � ��وم باتخاذ قرار‬ ‫نهائي بشأن احلاالت التي سأقبلها‪.‬‬ ‫وم� � ��ا أود أن أقوله هو أنه في ‪ 90‬في‬ ‫املئة من احلاالت‪ ،‬يكون واضحا ما إذا‬ ‫كنا س� � ��نقبل احلالة أو ال؛ وهناك حاالت‬ ‫قليل� � ��ة يكون إطالق احلك� � ��م فيها صعبا‬ ‫( ) ‪THE MEDICAL SLEUTH‬‬

‫(‪ )1‬ج‪ = calf :‬ر ْبلَ� � ��ة‪ :‬اجلزء اخللف� � ��ي ذو البنية اللحمية‬ ‫(التحرير)‬ ‫العضلية من الساق حتت الركبة‪.‬‬


‫باختصار‬ ‫من هو‬

‫>‪ .A .W‬گال<‬ ‫املهنة‬

‫يحاول استنباط أسباب األمراض التي‬ ‫يستعصي تشخيصها على األطباء‪.‬‬

‫أين‬

‫برنامج األمراض التي لم يعثر لها على‬ ‫تشخيص في املعاهد الوطنية للصحة ‪.‬‬

‫مجال التخصص‬

‫الربط بني علم الوراثة والباثولوجيا‬ ‫لفهم األمراض الغامضة‪.‬‬

‫املفهوم العام‬

‫يستخدم أكثر التقنيات الطبية تقدما‪،‬‬ ‫ولكنه ميتلك نظرة فلسفية حول حدود ما‬ ‫ميكن للفنون العالجية حتقيقه‪.‬‬

‫للغاي� � ��ة‪ .‬ومن بني ‪ 1700‬مل� � ��ف تلقيناها‪،‬‬ ‫قبلنا نحو ‪ 400‬ملف فقط‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬ولكن كيف يعثر الناس عليك‬ ‫في املقام األول؟‬ ‫>گال<‪ :‬إنهم يس� � ��معون عنا عموما من‬ ‫الصحاف� � ��ة وجماعات املناص� � ��رة‪ .‬لقد‬ ‫س� � ��مع بعض زمالئن� � ��ا ع� � ��ن البرنامج‪،‬‬ ‫ومتث� � ��ل ه� � ��ذه أفضل احل� � ��االت بطبيعة‬ ‫احلال‪ .‬وميكن ألي ش� � ��خص أن يعرض‬ ‫حالته علينا‪ ،‬طاملا أنه يزودنا بس� � ��جالته‬ ‫الطبية‪ ،‬ورسالة من طبيبه املعالج‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬ما هي اخلطوة األولى‬ ‫بعد قبولك لـ>‪ .L‬بينگ< وشقيقتها‬ ‫كمريضتني؟‬ ‫>گال<‪ :‬عن� � ��د ه� � ��ذه النقط� � ��ة‪ ،‬كن� � ��ا قد‬ ‫ش� � ��اهدنا بالفعل صور األشعة السينية‬ ‫والسجالت الطبية األخرى لكل منهما‪،‬‬ ‫وطلبن� � ��ا إليهما احلضور إلى بيثيس� � ��دا‬ ‫مل� � ��دة أس� � ��بوع تقريبا حت� � ��ى نتمكن من‬ ‫إج� � ��راء اختباراتنا واحلص� � ��ول منهما‬ ‫على العين� � ��ات البيولوجية‪ .‬وألن كال من‬

‫والديهما كان بصحة جيدة‪ ،‬كنا نعلم أن‬ ‫مرضهما كان ناجتا من طفرة متنحية‪.‬‬ ‫فالب� � ��د أن كل واحد من الوالدين ميتلك‬ ‫نس� � ��خة واحدة من الطفرة اجلينية‪ ،‬في‬ ‫حني ميتلك األطفال املتضررون نسختني‬ ‫منه� � ��ا‪ .‬تعرفنا في البداية املنطقة العامة‬ ‫من اجلينوم التي توجد فيها تلك الطفرة‪،‬‬ ‫السلْ َسلة املستهدفة‬ ‫ثم استخدمنا تقنية َّ‬ ‫الكتش� � ��اف خطأ في جني محدد‪ ،‬يدعى‬ ‫‪ ،NT5E‬وهو اجلني الذي يسهم في إنتاج‬ ‫النوكليوزيد املعروف باسم األدينوزين‪،‬‬ ‫وهو النكليوزيد الذي يس� � ��هم في طائفة‬ ‫واسعة من العمليات الكيميائية احليوية‪.‬‬ ‫وقد اكتشفنا أيضا عائلتني منفصلتني‬ ‫مصابتني بحالة مماثلة‪ ،‬ومن ثم تعرفنا‬ ‫الطفرات املوجودة لدى أفرادهما‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬بعد أن تعرفتَ الطفرة‪ ،‬هل‬ ‫انتهت مهمتك؟‬ ‫>گال<‪ :‬كال‪ ،‬فاخلط� � ��وة التالي� � ��ة ه� � ��ي‬ ‫الربط ب� �ي��ن علم الوراث� � ��ة والباثولوجيا‪.‬‬ ‫وهكذا فق� � ��د قام� � ��ت >‪ .St .C‬هيلير< [في‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫مختبر مانفري� � ��د بوهم‪ ،‬وهي خبيرة في‬ ‫البيولوجيا اخللوي� � ��ة واجلزيئية للجهاز‬ ‫القلبي الوعائي] بزرع اخلاليا اجللدية‬ ‫للمريضتني من أجل إجراء سلسلة من‬ ‫التجارب ف� � ��ي املختبر‪ .‬وعن طريق دس‬ ‫نس� � ��خة طبيعية من اجل� �ي��ن ‪ NT5E‬في‬ ‫اخلالي� � ��ا‪ ،‬أظهرت >هيلي� � ��ر< أن اخلاليا‬ ‫ميكن أن تعمل بشكل سوي‪ .‬وبعد ذلك‬ ‫أجرت >هيلير< جتربة ثانية‪ ،‬إذ أضافت‬ ‫األدينوزي� � ��ن إلى اخلالي� � ��ا‪ ،‬فوجدت أن‬ ‫نس� � ��بة التكل� � ��س قد انخفض� � ��ت أيضا‪.‬‬ ‫وق� � ��د منحتنا هذه التجارب فهما أفضل‬ ‫للدور الذي يؤديه األدينوزين في تنظيم‬ ‫الكالسيوم‪ .‬وألس� � ��باب مختلفة‪ ،‬فإننا ال‬ ‫نس� � ��تطيع إعطاء األدينوزين للمرضى‪،‬‬ ‫ولكننا نعتق� � ��د أنه من املمكن عالج هذه‬ ‫احلالة بصنف من األدوية التي تستخدم‬ ‫في ع� �ل��اج تخلخل العظ� � ��ام‪ ،‬واملعروفة‬ ‫باسم البايفوس� � ��فونات‪ ،‬وال زلنا ننتظر‬ ‫حتى اآلن لنرى ما إذا كانت هذه األدوية‬ ‫ستعمل بصورة جيدة‪.‬‬ ‫‪65‬‬


‫)‪ :(SA‬لديك مهنتان‪ ،‬فأنت طبيب‬ ‫وعالم‪ .‬فما الفرق بني رؤية مريض‬ ‫وبني العمل العلمي؟‬ ‫>گال<‪ :‬على امل� � ��رء أال يكون مندفعا‬ ‫في العاملني‪ ،‬وعليه أن يكون ش� � ��غوفا‬ ‫أيض� � ��ا بهما‪ .‬إن رؤي� � ��ة املريض أكثر‬ ‫تعقي� � ��دا من إجراء بح� � ��ث علمي‪ ،‬ألن‬

‫أمرا حتميا في بعض احلاالت‪ .‬نحن بحاجة‬ ‫إل� � ��ى حاالت النج� � ��اح ‪ -‬مهم� � ��ا كان عددها‬ ‫قليال ‪ -‬لنصمد بها أمام اكتساح إخفاقاتنا‪.‬‬ ‫أحاول أال أفكر في إخفاقاتنا‪ ،‬وأن أفكر فقط‬ ‫في احلاالت التي متكّنا من حلها بالفعل أو‬ ‫في األشخاص الذين ساعدناهم‪.‬‬

‫إن األمراض النادرة‪ ،‬إذا أ ُِخ َذ كل منها على حدة‪،‬‬ ‫ليست شائعة في الواقع؛ ولكنها ليست كذلك إذا أخذت‬ ‫كمجموعة‪ .‬فكل شخص تقريبا في البالد يعرف قريبا‬ ‫أو صديقا مصابا بأحد هذه األمراض‪.‬‬ ‫اإلنس� � ��ان له جوانب كثي� � ��رة؛ فهناك‬ ‫األس� � ��رة‪ ،‬وعالقة املريض بك‪ ،‬ووجود‬ ‫الثقة أو انعدامها‪ ،‬واألمل‪ ،‬كما تدعو‬ ‫احلاج� � ��ة إلى قدر هائل م� � ��ن املتابعة‬ ‫واملس� � ��ؤولية‪ .‬وفي ح� �ي��ن أن بإمكانك‬ ‫أن تلغي التجارب‪ ،‬فإنك ال تس� � ��تطيع‬ ‫إسقاط املريض من حسبانك‪.‬‬ ‫وم� � ��ن املمك� � ��ن أن ترتب� � ��ط عاطفي� � ��ا‬ ‫باملرضى‪ ،‬ولكن يجب أال تتعلق بهم كثيرا‪،‬‬ ‫ألن العديد من هؤالء املرضى سيموتون‪.‬‬ ‫وهناك حاج� � ��ة بالفعل إلى إقامة نوع من‬ ‫التوازن في العالقة بني املريض والطبيب‪،‬‬ ‫وه� � ��ذا يختل� � ��ف متاما ع� � ��ن العالقة التي‬ ‫تنش� � ��ئها مع مختبرك عند القيام باملزيد‬ ‫م� � ��ن التج� � ��ارب؛ ومع ذلك فأن� � ��ت بحاجة‬ ‫أيضا إلى الش� � ��غف بتجاربك‪ ،‬ألنك فيما‬ ‫عدا ذلك س� � ��تتخلى عن مواصلة جتربتك‬ ‫في مرحلة مبكرة للغاية‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬كيف ميكنك احلفاظ على‬ ‫تعاطفك في مواجهة الكثير من‬ ‫احلاالت الصعبة؟‬ ‫>گال<‪ :‬حس� � ��نا‪ ،‬هذه مشكلة‪ ،‬وهي مشكلة‬ ‫لدى عامة األطباء‪ ،‬ألن األطباء غير معتادين‬ ‫على الفشل‪ .‬لقد بدأت بقبول الفشل باعتباره‬ ‫‪66‬‬

‫)‪ :(SA‬على مدى العامني املاضيني‪،‬‬ ‫سمعنا الكثير عن تزايد تكاليف‬ ‫الرعاية الطبية‪ .‬ما هو التزام املجتمع‬ ‫احملدود املوارد بعالج املرضى الذين‬ ‫يعانون األمراض النادرة؟‬ ‫>گال<‪ :‬إن األم� � ��راض الن� � ��ادرة غي� � ��ر‬ ‫شائعة حقا إذا أ ُِخذ كل منها على حدة‪،‬‬ ‫لكنها شائعة إذا أ ُِخذت كمجموعة‪ .‬وفي‬ ‫هذا الس� � ��ياق‪ ،‬أجرؤ على القول إن كل‬ ‫ش� � ��خص تقريبا في البالد إما أن لديه‬ ‫ضمن عائلته الواس� � ��عة وإما لدى أحد‬ ‫أصدقائه شخص مصاب مبرض نادر‪.‬‬ ‫وأعتق� � ��د أن� � ��ه ميكن قي� � ��اس املجتمع‬ ‫واحلكم علي� � ��ه من خ� �ل��ال الطريقة التي‬ ‫يعامل به� � ��ا ذلك املجتمع أف� � ��راده األقل‬ ‫ثروة‪ .‬إن املرضى الذين يعانون أمراضا‬ ‫نادرة هم أناس منبوذون؛ فقد تخلت عنهم‬ ‫مهنة الطب‪ ،‬كما يتعرضون في كثير من‬ ‫األحيان للعزل واإلقصاء من قبل أقاربهم‬ ‫وأصدقائهم‪ ،‬ألنهم ال يستطيعون حتديد‬ ‫اسم ملرضهم‪ .‬وكثير منهم عندما يذهب‬ ‫إلى عيادات األطباء‪ ،‬فإنه حتى أطباؤهم‬ ‫ال يرغب� � ��ون ف� � ��ي رؤيتهم‪ ،‬ألن� � ��ه من دون‬ ‫التوصل إلى تش� � ��خيص‪ ،‬يشعر الطبيب‬ ‫بانزعاج شديد وبالتقصير‪.‬‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫وهناك حاالت نقوم فيها بتأكيد أسوأ‬ ‫ما يتخوف منه املريض من مآل س� � ��يىء‬ ‫ملرضه‪ ،‬وعندها يش� � ��كرنا املريض على‬ ‫ذلك‪ ،‬ويعانقنا‪ ،‬ألن� � ��ه صارت لديه فكرة‬ ‫عما سيحدث له في املستقبل‪ ،‬فقد زال‬ ‫التش� � ��كك‪ ،‬وصار مبقدوره وضع اسم‬ ‫حلالت� � ��ه‪ .‬وهذا يعني أمرا بالغ الس� � ��وء‬ ‫للناس‪ ،‬أكثر مما كنت أتخيل بكثير‪.‬‬ ‫ومن املهم أيض� � ��ا أن ندرك أن هناك‬ ‫أمثلة ميك� � ��ن أن تنطبق فيها اكتش���افات‬ ‫‪ findings‬مرض نادر على أمراض شائعة‪.‬‬ ‫ومن خالل دراسة حالة >‪ .L‬بينگ<‪ ،‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬تعرفنا سبيال جديدا يبدل‬ ‫التكلس في األوعي� � ��ة الدموية والعظام‪.‬‬ ‫ومن املمكن أن يكون لهذا االكتش� � ��اف‬ ‫آث� � ��ار في أمراض القل� � ��ب‪ ،‬حيث يتراكم‬ ‫الكالس� � ��يوم ف� � ��ي الش� � ��رايني التاجي� � ��ة‬ ‫(اإلكليلية)‪ ،‬ويعيق تدفق الدم‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل سبق أن حاولت تقدير‬ ‫تكلفة تشخيص حالة واحدة ضمن‬ ‫هذا البرنامج؟‬ ‫>گال<‪ :‬ف� � ��ي العام� �ي��ن األول� �ي��ن‪ ،‬عاينت‬ ‫وحدت� � ��ي ‪ 160‬مريضا‪ ،‬وقدم� � ��ت نحو ‪50‬‬ ‫تش� � ��خيصا‪ ،‬مبا في ذل� � ��ك نحو ‪ 15‬مرضا‬ ‫من األمراض املعروفة بأنها بالفعل نادرة‬ ‫للغاي� � ��ة‪ .‬وق� � ��د بلغت التكلفة نحو خمس� � ��ة‬ ‫مالي� �ي��ن دوالر‪ ،‬بواقع نحو ‪ 100 000‬دوالر‬ ‫لكل م� � ��رض منها‪ .‬ولنضع ف� � ��ي االعتبار‬ ‫أن بعض هؤالء املرض� � ��ى قد أجريت لهم‬ ‫فحوصات س� � ��ابقة بتكلف� � ��ة مليون دوالر‪،‬‬ ‫أنفقوها في بعض املستشفيات‪ ،‬مثل مايو‬ ‫كلينيك وكليفالن� � ��د كلينيك وجونز هوپكنز‬ ‫وهارڤارد وستانفورد‪ ،‬قبل أن يأتوا إلينا‪.‬‬ ‫وم� � ��ن ناحي� � ��ة أخرى‪ ،‬ف� � ��إن أبحاثنا‬ ‫توفر فوائد إضافية؛ فها نحن نكتش� � ��ف‬ ‫مرضا جديدا‪ ،‬فقد وفر البرنامج بالفعل‬ ‫أساسا الكتشاف العديد من األمراض‬ ‫اجلديدة‪ .‬وقد وس� � ��عنا معرفتنا بالعديد‬ ‫م� � ��ن االضطراب� � ��ات‪ ،‬مث� � ��ل اضط���راب‬


‫االرتب���اط بالگليكوزي���ل اخللقي(‪ )1‬من‬ ‫الن���وع ‪ ،2B‬واكتشفنا طفرة تسهم في‬ ‫أحد األم���راض العصبية(‪ ،)2‬وتس� � ��بب‬ ‫الرن���ح النخاعي املخيخي(‪ )3‬والش���لل‬ ‫السفلي التشنجي(‪.)4‬‬

‫أما بالنس� � ��بة إلى من لم نتمكن من‬ ‫تشخيص حاالتهم‪ ،‬فقد زودناهم باألمل‬ ‫وعاجلن� � ��ا أعراضهم‪ ،‬ولذل� � ��ك أعتقد أن‬ ‫هذه األموال قد أُنفقت على نحو جيد‪.‬‬

‫)‪ :(SA‬ولكن البد أن ثمة حدودا‬ ‫للتمويل وضعتها مجموعتك؟‬ ‫>گال<‪ :‬لي� � ��س لدين� � ��ا كثير م� � ��ن القيود‬ ‫حول كيفية إنف� � ��اق أموالنا‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫في حوزتنا سوى مبلغ إجمالي محدود‪.‬‬ ‫ولذلك يتعني علينا اتخاذ قرارات الفرز‬ ‫بالطريقة نفس� � ��ها التي يتخذ بها الناس‬ ‫قراراتهم املصيرية على أرض املعركة‪.‬‬ ‫وتتعل� � ��ق ق� � ��رارات الفرز ه� � ��ذه باملوارد‬ ‫املالية‪ ،‬واملوارد املتعلقة بوقت األطباء‪.‬‬ ‫عندما نقوم بقياس قيمة التشخيص‪،‬‬ ‫ينبغ� � ��ي علين� � ��ا قياس� � ��ها مقاب� � ��ل قيمة‬ ‫تش� � ��خيص املريض القادم‪ ،‬أو املرضى‬ ‫العش� � ��رة القادم� �ي��ن‪ .‬وم� � ��ن الناحي� � ��ة‬ ‫اجلوهري� � ��ة‪ ،‬يرغب جمي� � ��ع املرضى في‬ ‫أن نبذل قص� � ��ارى جهدنا للتوصل إلى‬ ‫تشخيص حلاالتهم مهما كلفنا ذلك‪ .‬إال‬ ‫أن علين� � ��ا أن نضع محددات مهمة‪ ،‬فلن‬ ‫نقوم بتع ّرف السالسل الكاملة للجينوم‪،‬‬ ‫بل إنن� � ��ا نقتصر على تع� � ��رف أجزائه‬ ‫املكوّ دة(‪ ،)5‬واملعروفة باس� � ��م اإلكس���وم‬ ‫‪ .exome‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ميكننا أيضا‬ ‫أن نس� � ��تفيد كثيرا م� � ��ن الناحية العلمية‬ ‫إذا أنفقنا املزيد على تعرف السالس� � ��ل‬ ‫الكاملة لألس� � ��رة بأكمله� � ��ا‪ .‬ونحن نقوم‬ ‫باتخاذ القرارات التي تس� � ��تند إلى كل‬ ‫من احتمالية النجاح والتكلفة املالية‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬إذا أراد األطباء البدء‬ ‫بطلب سلسلة اإلكسوم ألغراض‬

‫التشخيص في ممارستهم‪ ،‬فهل‬ ‫سيؤدي ذلك إلى قضايا قانونية؟‬ ‫>گال<‪ :‬إن سلس� � ��لة كام� � ��ل اإلكس� � ��وم‬ ‫غي� � ��ر معتمدة حاليا كفح� � ��ص مختبري‬ ‫سريري‪ ،‬ونحن نس� � ��تخدمها الكتشاف‬ ‫اجلينات املسببة للمرض‪ ،‬بتكلفة تقرب‬ ‫م� � ��ن ‪ 4000‬دوالر؛ بي� � ��د أن ه� � ��ذا الثمن‬ ‫ينخفض بس� � ��رعة‪ .‬ومبج� � ��رد أن نتيقن‬ ‫متاما من اجل� �ي��ن املقصود‪ ،‬نقوم بطلب‬ ‫االختب� � ��ار ال� � ��ذي يحوز على اإلش� � ��هاد‬ ‫بجودت� � ��ه‪ ،‬وندفع ثمنه‪ .‬وبعد ذلك ميكننا‬ ‫أن نخبر املريض بتشخيص حالته‪ .‬وفي‬ ‫الوق� � ��ت احلالي‪ ،‬إذا كان ل� � ��دى األطباء‬ ‫املمارس� �ي��ن مري� � ��ض مص� � ��اب مبرض‬ ‫تنكس� � ��ي مثل الرنح النخاعي املخيخي‪،‬‬ ‫والذي ميكن أن تكون له أس� � ��باب جينية‬ ‫مختلفة كثيرة ومعروفة‪ ،‬فسيتعني عليهم‬ ‫طلب االختبارات التشخيصية اجلزيئية‬ ‫من خالل الشركات التجارية التي لديها‬ ‫ب� � ��راءات اختراع لكل اختب� � ��ار من تلك‬ ‫االختبارات اجلينية على حدة؛ وبالتالي‪،‬‬ ‫فإن من املمكن أن تبلغ التكاليف عشرات‬ ‫اآلالف من الدوالرات‪.‬‬ ‫وفي اعتقادي أن ما س� � ��يحدث هو‬ ‫أن الش� � ��ركات املتخصص� � ��ة في تعرف‬ ‫سالس� � ��ل اجلين� � ��ات س� � ��تبدأ بص� � ��ورة‬ ‫روتينية بتفس� � ��ير اختباراته� � ��ا لألطباء‪،‬‬ ‫وفي ه� � ��ذه احلالة ق� � ��د تب� � ��دأ القضايا‬ ‫القانونية بالظهور على الساحة‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬هل يساورك القلق بشأن‬ ‫القضايا األخرى التي قد تنشأ‬ ‫عندما يصبح تعرف سالسل كامل‬ ‫اجلينوم أوسع انتشارا؟‬ ‫>گال<‪ :‬ماذا ل� � ��و كان هناك عامل خطر‬ ‫لإلعاق� � ��ة‪ ،‬وأن عام� � ��ل اخلطر هذا صار‬ ‫ج� � ��زءا من الس� � ��جل الطب� � ��ي للمريض‪،‬‬ ‫ومتكنت ش� � ��ركات التأمني من الوصول‬ ‫إليه بصورة ما؟ تلك هي األمور التي قد‬ ‫تنتج من تعرف سالسل كامل اجلينوم‪،‬‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬

‫وأعتق� � ��د أن� � ��ه يتعني عل� � ��ى مجتمعنا أن‬ ‫يتعامل م� � ��ع الطريقة الت� � ��ي ميكننا بها‬ ‫حماية املرضى من التمييز ضدهم الذي‬ ‫قد ينشأ عن ذلك‪ .‬وعندما يتقدم الناس‬ ‫أنفس� � ��هم بطلب لتع ّرف سالس� � ��ل كامل‬ ‫اجلينوم‪ ،‬أو كامل اإلكس� � ��وم‪ ،‬فالبد أن‬ ‫متنح لهم الفرص� � ��ة لتقرير الكيفية التي‬ ‫يتم التعامل بها مع هذه البيانات‪.‬‬ ‫)‪ :(SA‬كثيرا ما متت املقارنة بينك‬ ‫وبني الدكتور >‪ .G‬هوس<‪ ،‬وهو‬ ‫بوليس سري من وحي اخليال يظهر‬ ‫في التلفاز على أنه مدمن للفيكودين‪.‬‬ ‫هل اتصل بك القائمون على البرنامج‬ ‫بأي شكل من األشكال؟‬ ‫>گال<‪ :‬ال أعتق� � ��د أنهم يريدون االتصال‬ ‫بي‪ .‬لقد أجرت شبكة ‪ CNN‬مقابلة معي‪،‬‬ ‫وس� � ��ألوني عما إذا كنت أقارن نفس� � ��ي‬ ‫بالدكتور >هوس<‪ ،‬فقلت‪« :‬حس� � ��نا‪ ،‬أنا‬ ‫ال أقارن نفس� � ��ي به‪ ،‬ألنني لست معتال‬ ‫اجتماعيا‪ ،‬من ناحية‪ ،‬كما أنني ال أتعاطى‬ ‫املخ� � ��درات‪ ».‬ولكن الفارق الكبير هو أن‬ ‫مرضان� � ��ا مصابون بأم� � ��راض مزمنة ال‬ ‫ميكن تشخيصها خالل ‪ 60‬دقيقة‪ .‬إنها‬ ‫قصص ذات ملس� � ��ات إنس� � ��انية حقيقية‬ ‫مؤثرة‪ ،‬وليس� � ��ت مختل َقة‪ .‬يكفي أن تروا‬ ‫هؤالء املرضى لكي جتهشوا بالبكاء‪> .‬‬ ‫>‪ .B‬بوريل<‪ ،‬يعيش في مدينة نيويورك‪،‬‬ ‫وكثيرا ما يكتب عن العلوم والبيئة ملجلتي‬ ‫ساينتفيك أمريكان ونيتشر‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪spinocerebellar ataxia )3‬‬ ‫(‪spastic paraplegia )4‬‬ ‫(‪the coding portions )5‬‬

‫‪congenital disorder of glycosylation type 2B‬‬ ‫‪mutation involved in a neurological disease‬‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪NT5E Mutations and Arterial Calcifications. Cynthia St. Hi‬‬‫‪laire et al. in New England Journal of Medicine, Vol. 364,‬‬ ‫‪No. 5, pages 432–442; February 3, 2011.‬‬ ‫‪The NIH Undiagnosed Diseases Program. William A. Gahl‬‬ ‫‪and Cynthia J. Tifft in Journal of American Medical Associ‬‬‫‪ation, Vol. 305, No. 18, pages 1904–1905; May 11, 2011.‬‬ ‫‪Medical Mysteries and Rare Diseases. Wil­liam A. Gahl‬‬ ‫‪gives a talk at TEDxCMU. http://bit.ly/oUsSD4‬‬ ‫‪Scientific American, November 2011‬‬

‫‪67‬‬


‫املجلد ‪ 29‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2013‬‬

‫‪2/1‬‬

‫إعداد معلم علوم أفضل‬

‫( )‬

‫ال ترقى أهمية اخلبرة والدرجات العلمية التي ميتلكها‬ ‫املعلمون إلى مرتبة ت َ‬ ‫َض ُّل ِعهم في الرياضيات والعلوم‪.‬‬ ‫>‪ .P‬وينگرت<‬

‫في مس� � ��تودع مجدد يقع مبنطقة كئيب� � ��ة املنظر في تروي‬

‫‪ Troy‬بوالية نيويورك‪ُ ،‬تولي >‪ .K‬بيلوتش� � ��ي<‪ ،‬البالغة اخلامسة‬ ‫والعش� � ��رين من العمر‪ ،‬اهتماما بالغا بس� � ��بعة وعش� � ��رين من‬ ‫تالم� � ��ذة الصف اخلام� � ��س االبتدائي‪ .‬إنهم يغ ّن� � ��ون ويقفزون‬ ‫ويصفق� � ��ون ويلوحون بأيديهم في اله� � ��واء ‪ -‬وهذا أكثر إثارة‬ ‫بدرجات مما تتوقعه في درس لل ِّنس� � ��ب والكسور‪ .‬كان تالمذة‬ ‫الص� � ��ف يعملون معا على حل مس� � ��ألة ش� � ��فهية تتعلق بفريق‬ ‫تخيلي لكرة السلة‪ ،‬نسبة أرباحه إلى خساراته ‪ ،9:3‬واملطلوب‪:‬‬ ‫ما هي نس� � ��بة اخلسارات إلى مجموع املباريات التي أجريت؟‬ ‫كانت >بيلوتشي< تدفع كال منهم إلى جتزئة العملية (ما الذي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫يجب علينا عمله أوال؟)‪ .‬وحني كان يصل الصف إلى كس���ر‬ ‫(جم� � ��ع األرباح واخلس� � ��ارات‪ ،‬ومن ثم تقس� � ��يم املجموع على‬ ‫عدد اخلسارات‪ ،‬أي ‪ )(9 + 3)/3‬كانت تشجعهم على تخفيض‬ ‫النتيجة وتقول‪« :‬حس� � ��نا‪ ،‬من حصل عل� � ��ى (‪ - )2()GCF‬وتعني‬ ‫بذلك العامل املش� � ��ترك األعظم؟» كانت تندفع بنشاط وحيوية‬ ‫ب� �ي��ن مقاعد التالمي� � ��ذ وهي حتث تلميذا ثم آخ� � ��ر على إجراء‬ ‫خط� � ��وة إضافية في احل� � ��ل‪ .‬وكان التالميذ يتابعون كل حركة‬ ‫تقوم بها‪ ،‬إذ إنهم يعرفون أنها قد تس� � ��ألهم حتى لو لم يرفعوا‬ ‫أياديه� � ��م‪ .‬ومن ثم تق� � ��ول‪« :‬إنني أرى بينك� � ��م الكثير جدا من‬ ‫العقول ال َّن ِّي� � ��رة‪ ،‬والكثي َر جدا من الذين يبذلون جهدهم‪ ».‬فإذا‬ ‫جاء جواب بس� � ��هولة‪ ،‬اقتربت من التلميذ لتستفس� � ��ر منه عما‬

‫فعله وعن أس� � ��باب ذلك‪ .‬وبعد ق� � ��رع اجلرس خلروج التالميذ‬ ‫كي يتناولوا وجبة الغداء اخلفيفة‪ ،‬كان كل واحد منهم يس � � � ّلم‬ ‫>بيلوتش� � ��ي< «تذك� � ��رة اخلروج»‪ ،‬وهي ورقة حتوي مس� � ��ألتني‬ ‫َتس � � � ّلمهما التلميذ من معلمته أثناء احلصة ومتثالن ل ُّب درس‬ ‫اليوم‪ ،‬وذلك لتصحح >بيلوتش� � ��ي< األوراق‪ ،‬ومن َث َّم لتنظر في‬ ‫درجة استيعاب التالميذ ملوضوع درس هذا اليوم‪.‬‬ ‫مدرسة >تروي پريپ<(‪ ،)3‬التي ُتعلِّم >بيلوتشي< فيها‪ ،‬واحدة‬ ‫من أفضل املدارس احلكومية في والية نيويورك‪ ،‬مع أن األغلبية‬ ‫الس� � ��احقة من طلبتها جاءت من عائالت منخفضة الدخل‪ .‬وفي‬ ‫عام ‪ ،2011‬الذي يوافق مرور س� � ��نتني على افتتاح املدرس� � ��ة‪ ،‬بلغ‬ ‫‪ 74‬في املئة من تالمذة الصف اخلامس فيها مستوى التميز في‬ ‫امتحان الرياضيات الذي ُيج َرى بإشراف والية نيويورك‪ ،‬مقارنة‬ ‫ب� � ��ـ ‪ 66‬في املئة فقط من طلبة الصف اخلام� � ��س في الوالية كلها‪.‬‬ ‫واألكثر إثارة لإلعجاب أنه بعد قضاء تالمذة الصف الس� � ��ادس‬ ‫س� � ��نتني في املدرسة‪ ،‬بلغ ‪ %100‬منهم مستوى التميز‪ُ .‬ترى‪ ،‬إالم‬ ‫يعود السبب في جناح هذه امل ْدرسة؟ لإلجابة عن هذا السؤال لم‬ ‫يتردد >‪ .D‬ليموڤ< [رئيس الشبكة املسماة ‪Uncommon Schools‬‬ ‫‪ ،Charter Network‬التي متثل م ْدرس� � ��ة >تروي پريپ< جزءا منها]‬ ‫( ) ‪BUILDING A BETTER SCIENCE TEACHER‬‬ ‫(‪fraction )1‬‬ ‫(‪the greatest common factor )2‬‬ ‫(‪Troy Prep )3‬‬

‫باختصار‬ ‫عملت األزمة االقتصادية األمريكية‪ ،‬واملنافسة الصينية املتنامية‪،‬‬ ‫على إح� � ��داث تركيز جديد على تدريس الرياضي� � ��ات والعلوم‪ ،‬وهذا‬ ‫يتضمن كيفية حتسني الطرائق التي تسلكها البرامج لتدريب معلمي‬ ‫العلوم والرياضيات‪.‬‬ ‫وتب� �ي��ن األبح���اث أن التالم� � ��ذة‪ ،‬الذين يعلمهم معلم� � ��ون يحملون‬ ‫درجات علمية في العلوم والرياضيات‪ ،‬يحصلون على درجات أعلى‬ ‫ف� � ��ي اختبارات هذين املوضوعني‪ ،‬علما ب� � ��أن أقلية من معلمي العلوم‬ ‫‪68‬‬

‫والرياضيات يحملون درجات علمية في هذين املوضوعني‪.‬‬ ‫إن املعلمني الذين يحملون درجات علمية في الرياضيات والعلوم‬ ‫مطلوب� � ��ون جدا‪ ،‬ولكن بعض البرامج واملدارس تعلمت طرائق أفضل‬ ‫جلذب معلمني ماهرين جدا ولالحتفاظ بهم‪.‬‬ ‫بدأ املربون أيضا بفهم أكثر التقنيات جناحا في الصفوف التدريسية‪،‬‬ ‫مث� � ��ل‪ :‬دروس التدريب العملي ‪ hands-on lessons‬واس� � ��تدعاء التالمذة‬ ‫على نحو غير متوقع‪ ،‬وتخفيف شدة اخلوف من ارتكاب أخطاء‪.‬‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬


‫املؤلفة‬

‫‪Pat Wingert‬‬

‫>وينگر< مراسلة صحفية لدى املجلة ‪.Newsweek‬‬ ‫وحديثا أمتت سنة زمالة ‪ spencer‬لصحافة التربية‬ ‫والتعليم في جامعة كولومبيا‪ ،‬وتدرس اإلصالحات‬ ‫التربوي� � ��ة في الرياضيات والعلوم‪ ،‬وهي مقيمة في‬ ‫العاصمة واشنطن‪.‬‬

‫بقوله‪« :‬السبب هو املعلمون املدربون‬ ‫جيدا‪ .‬مثل >بيلوتشي<‪».‬‬ ‫وفي الس� � ��نوات القليلة املاضية‬ ‫أُجري ع� � ��دد كبير جدا من األبحاث‬ ‫الت� � ��ي بين� � ��ت أن املعل� � ��م اجليد هو‬ ‫أهم عامل ف� � ��ي تعزيز أداء التالمذة‬ ‫ف� � ��ي أي موضوع‪ .‬ف� �ل��ا يتأثر أداء‬ ‫املعلم اجليد بعوام� � ��ل مثل الوضع‬ ‫االجتماع� � ��ي االقتص� � ��ادي‪ ،‬وحجم‬ ‫الصف‪ ،‬وتخطيط املناهج الدراسية‪،‬‬ ‫واملستوى التعليمي لآلباء واألمهات‪.‬‬ ‫وقد بينّ >‪ .E‬هانوتش� � ��يك< [األستاذ في جامعة ستانفورد] أن‬ ‫التالمذة‪ ،‬الذين كان معلموهم ذوي مواهب عالية‪ ،‬يحققون من‬ ‫املكاس� � ��ب األكادميية ثالثة أضعاف ما يحققه التالمذة الذين‬ ‫كان يش� � ��رف على تعليمهم معلمون أق� � ��ل موهبة‪ ،‬بغض النظر‬ ‫عن املجموعات الس� � ��كانية التي ينتمي إليه� � ��ا التالمذة‪ .‬وهذه‬ ‫هي بالضبط‪ ،‬مشكلة تدريس الرياضيات والعلوم‪ :‬إنها وجود‬ ‫ع� � ��دد قليل جدا من املعلمني من أمثال >بيلوتش� � ��ي<‪ .‬إن معدل‬ ‫ت� � ��رك املعلمني مهنة التعليم عال‪ ،‬ثم إن النظام التعليمي يكافئ‬ ‫املعلمني فيه ألسباب خاطئة‪.‬‬ ‫لم متر ه� � ��ذه األزمة دون أن يراها أح� � ��د‪ .‬والتركيز اجلاد‬ ‫لصناع السياس� � ��ة واملربني ورجال األعمال األمريكيني‪ ،‬على‬ ‫حتس� �ي��ن تعليم الرياضيات والعل� � ��وم‪ ،‬لم َي ُك � � � ْن(‪ )1‬منذ إطالق‬ ‫الروس الساتل سپوتنك ‪ Sputnik‬عام ‪1957‬؛ فما حفزهم على‬ ‫ذلك هو االنكماش االقتصادي األمريكي‪ ،‬واملنافس� � ��ة املتنامية‬ ‫ألمريكا في الصني‪ ،‬التي تش� � ��مل حص� � ��ول طلبة الصني على‬ ‫أعلى الدرجات في االختبارات الدولية‪ .‬ويرى كبار املسؤولني‬ ‫األمريكيني‪ ،‬من الرئي� � ��س >‪ .B‬أوباما< ومن هم دونه‪ ،‬أن األداء‬ ‫املتل ّك� � ��ئ للواليات املتحدة في تعلي� � ��م الرياضيات والعلوم‪ ،‬هو‬

‫تهديد رهيب ملس� � ��تقبل قدرتها التنافسية‪ .‬ووفقا للنتائج التي‬ ‫أعلنتها في وقت مبكر من هذا العام )‪ ،(2012‬مؤسستان وطنيتان‬ ‫لتقيي� � ��م التالمذة األمريكيني عن طريق االختبارات‪ ،‬تبينَّ أن ‪32‬‬ ‫ف� � ��ي املئة فقط من تالمذة الصف الثامن األمريكيني متضلعون‬ ‫في العل� � ��وم‪ ،‬و‪ 35‬في املئة منهم متضلع� � ��ون في الرياضيات‪.‬‬ ‫وفي حني حصل تالمذة من شنگهاي على أعلى الدرجات في‬ ‫اختب� � ��ارات الرياضيات والعلوم التي أجراها برنامج التقييم‬ ‫الدولي للتالمذة عام ‪ ،)2(2010‬فإن التالمذة األمريكيني ظهروا‬ ‫بكثاف� � ��ة في منتص� � ��ف دورة التقييم‪ ،‬وللمس� � ��اعدة على إغالق‬ ‫هذه الفج� � ��وة‪ ،‬اقترح الرئيس >أوبام� � ��ا< تزويد نظام املدارس‬ ‫األمريكية مبجموعة طازجة من املواهب‪ .‬وكانت وصفاته هي‪:‬‬ ‫منح األولوية إلعداد مئ� � ��ة ألف معلم للرياضيات والعلوم ذوي‬ ‫كف� � ��اءات عالية‪ ،‬وذلك بحلول ع� � ��ام ‪ ،2020‬ورفع معايير التعلم‬ ‫في الواليات اخلمس� �ي��ن جميعها‪ .‬وقد ق� � ��ال الرئيس في كلمة‬ ‫ع� � ��ن وضع االحتاد ‪ State of the Union‬ألقاها في الس� � ��نوات‬ ‫(‪ )1‬خالفا لما قد أشيع في هذا الشأن‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪the 2010 Program for International Student Assessment‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪69‬‬


‫معلمو املستقبل‬

‫إنهم ليسوا مؤهلني‬ ‫جيدا لرفع مستوى تالمذتهم‬

‫( )‬

‫إن األمريكي�ي�ن‪ ،‬الذي���ن أمت���وا تد ّربه���م لتعليم رياضي���ات املدارس‬ ‫املتوس���طة‪ ،‬يعرف���ون من الهندس���ة واجلبر واألع���داد (وهذا مجال‬ ‫يتضمن الكسور العادية والعشرية) أقل بكثير مما يعرفه نظراؤهم‬ ‫ف���ي تايوان وس���نغافورة‪ .‬ومن ثم فإن معرفته���م أقل أيضا في علم‬ ‫أص���ول التدريس ‪ -‬كيف يتعلم الطلبة الرياضيات‪ ،‬وما هي أفضل‬ ‫الطرق لتعليمها‪.‬‬ ‫معرفة محتوى الرياضيات (ملعلمي املدارس املتوسطة في املستقبل)‬ ‫معدل‬

‫مدى‬

‫تايوان‬ ‫االحتاد الروسي‬ ‫سنغافورة‬ ‫بولندا‬ ‫سويسرا‬ ‫أملانيا‬ ‫الواليات املتحدة (اخلاصة)‬ ‫الواليات املتحدة (احلكومية)‬ ‫ماليزيا‬

‫غير مختلف اختالفا‬ ‫جوهريا عن الواليات‬ ‫املتحدة (احلكومية)‬

‫تايلند‬ ‫عُ مان‬ ‫النرويج‬ ‫الفليبني‬ ‫بوتشوانا‬ ‫جورجيا‬ ‫تشيلي‬

‫عالية‬

‫‪700‬‬

‫‪500‬‬

‫‪300‬‬

‫‪700‬‬

‫‪500‬‬

‫‪300‬‬

‫ضعيفة درجات االختبار‬

‫معرفة أصول تدريس الرياضيات (ملعلمي املدارس املتوسطة في املستقبل)‬ ‫تايوان‬ ‫االحتاد الروسي‬ ‫سنغافورة‬ ‫سويسرا‬ ‫أملانيا‬ ‫بولندا‬ ‫الواليات املتحدة (اخلاصة)‬ ‫الواليات املتحدة (احلكومية)‬ ‫تايلند‬ ‫عُ مان‬ ‫ماليزيا‬ ‫النرويج‬ ‫الفليبني‬ ‫جورجيا‬ ‫بوتشوانا‬ ‫عالية‬

‫‪70‬‬

‫‪700‬‬

‫‪500‬‬

‫‪300‬‬

‫تشيلي‬

‫‪700‬‬

‫‪500‬‬

‫‪300‬‬

‫ضعيفة درجة االختبار‬

‫السابقة ما يلي‪« :‬إن احلفاظ على قيادتنا في األبحاث والتقانة‬ ‫أمر جوهري لنجاح أمريكا‪ .‬بيد أننا إذا أردنا ربح املستقبل ‪-‬‬ ‫إذا أردن� � ��ا التجديد إليج� � ��اد فرص عمل ف� � ��ي أمريكا‪ ،‬وليس‬ ‫خارجها ‪ -‬فعلينا‪ ،‬أيضا‪ ،‬ربح السباق لتعليم أطفالنا‪».‬‬ ‫وفي احلقيقة‪ ،‬بتحريض من البيت األبيض‪ ،‬يبدو أن الواليات‬ ‫املتحدة تباشر جتربة وطنية لتشجيع تعليم الرياضيات والعلوم‬ ‫بفاعلية أعل� � ��ى‪ .‬و ُتبني األبحاث‪ ،‬على نح� � ��و متزايد‪ ،‬أن كثيرا‬ ‫مما كنا نظن أننا نعرفه عن طريقة إعداد املعلمني ومكافآتهم‪،‬‬ ‫خاطئ‪ .‬فمثال‪ ،‬يجب أال تكون فعالية >بيلوتشي< سابقا نصف‬ ‫فعاليته� � ��ا اليوم‪ .‬فقبل مجيئها إلى مدرس� � ��ة >تروي پريپ<‪ ،‬لم‬ ‫تكن لديها خبرة في التعليم‪ ،‬ولم حتصل قطُّ على املاجس� � ��تير‬ ‫في التربية‪ .‬وما متلكه فعال‪ ،‬وما ب ّينته األبحاث‪ ،‬أهم بكثير‪ ،‬إنه‬ ‫تضلّع قوي في مجال موضوعها‪ :‬إنها حتمل البكالوريوس في‬ ‫الرياضيات التطبيقية‪ ،‬وتعاملت مع األعداد في شركة هندسية‬ ‫قبل االنتقال إلى عملها احلالي‪.‬‬ ‫غير أنه في معظم م� � ��دارس املقاطعات‪ ،‬نرى أن العالوات‬ ‫وفوائ� � ��د اإلحالة إل� � ��ى التقاعد‪ ،‬التي تمُ ن� � ��ح للمعلمني‪ ،‬مرتبطة‬ ‫باخلب� � ��رة والدرج� � ��ات العلمي� � ��ة الت� � ��ي يحصل� � ��ون عليها بعد‬ ‫بكالوري� � ��وس التربية‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬ف� � ��إن الوقت الذي يقضيه‬ ‫التالم� � ��ذة في صفوفه� � ��م ال ينبئ كثيرا ع� � ��ن أدائهم ‪ -‬هذا ما‬ ‫ي� � ��راه كثير من اخلبراء التربويني‪ .‬فكفاءة املعلمني اجلدد تنمو‬ ‫طوال بضع س� � ��نوات ثم تتراجع‪ .‬فالف� � ��رق بني الدرجات التي‬ ‫حص� � ��ل عليها تالمذة يعلمهم معلم ذو خبرة عالية‪ ،‬ومعلم كان‬ ‫يقض� � ��ي الوقت مع تالمذته في الصف طوال ثالث س� � ��نوات‪،‬‬ ‫مثل >بيلوتشي<‪ ،‬ضئيل‪ .‬والدرجات العلمية ال عالقة لها أيضا‬ ‫باألداء العالي في الصف‪ .‬ويش� � ��ك احملللون في أن السبب في‬ ‫ذل� � ��ك يعود إلى أن ‪ 90‬في املئة م� � ��ن تلك الدرجات العلمية هي‬ ‫املاجس� � ��تير ف� � ��ي التربية العامة‪ ،‬بدال م� � ��ن أن تكون في مجال‬ ‫موضوع محدد‪ .‬وبالعكس‪ ،‬فإن كثيرا من الدراس� � ��ات تش� � ��ير‬ ‫إل� � ��ى إجنازات عالية في الرياضيات ب� �ي��ن الطلبة الذين يحمل‬ ‫مدرسوهم درجات علمية عالية في الرياضيات‪.‬‬ ‫نظام شواشي كليا‬

‫( )‬

‫إن تغيير التش� � ��ريعات ليس باألمر الس� � ��هل‪ .‬فمنذ عام ‪،2001‬‬ ‫الذي أطلق فيه الرئيس الس� � ��ابق >‪ .W .G‬بوش< الش� � ��عار «لن‬ ‫يبق� � ��ى طفل دون تعليم»‪ ،‬جرى تش� � ��جيع الواليات على توظيف‬ ‫معلمني يحملون درج� � ��ات علمية في املواضيع التي يعلمونها‪.‬‬ ‫بيد أنه حتى عام ‪ ،2008‬كان قرابة ‪ 25‬في املئة فقط من معلمي‬ ‫( ) ‪Not So Prepared to Inspire‬‬ ‫( ) ”‪“AN UTTERLY CHAOTIC SYSTEM‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫العل� � ��وم والرياضيات في جميع الصفوف الدراس� � ��ية يحملون‬ ‫درج� � ��ة البكالوريوس‪ ،‬أو أعلى منها‪ ،‬التي منحت لهم من أحد‬ ‫أقس� � ��ام الرياضيات أو العلوم‪ .‬وذلك يعود‪ ،‬جزئيا‪ ،‬إلى القدرة‬ ‫الضعيفة على االحتفاظ باملعلمني في عملهم‪ .‬ففي كل س� � ��نة‪،‬‬ ‫يترك مهنة التعلي� � ��م ‪ 25 000‬مما مجموعه ‪ 477 000‬من معلمي‬ ‫العلوم والرياضيات‪ ،‬ثلثا عددهم‪ ،‬على األقل‪ ،‬بدعوى استيائهم‬ ‫م� � ��ن مهنتهم‪ .‬ومللء الش� � ��واغر‪ ،‬وضعت كل والية تش� � ��ريعات‬ ‫وقوانني خاصة بها لوظائف «بديلة» و«طارئة»‪ ،‬يتطلب بعضها‬ ‫ممن يتق� � ��دم إليها أن يك� � ��ون حاصال على تدري� � ��ب جيد‪ ،‬وال‬ ‫يتطلب بعضها اآلخر ذلك‪ .‬وتقول >‪ُ .K‬ولش< [رئيس� � ��ة املجلس‬ ‫الوطني لتحسني جودة املعلمني ‪National Council on Teacher‬‬ ‫‪« :]Quality‬إنه نظام شواش� � � ٌّ�ي كليا‪ .‬وأفضل طريقة لتلخيص‬ ‫برامج تربية املعلمني األمريكيني هي أي شيء ميشي‪».‬‬ ‫وعموم� � ��ا‪ ،‬مازالت معايير توظيف املعلمني تختلف اختالفا‬ ‫كبيرا ب� �ي��ن والية وأخرى‪ .‬فبعض معلمي امل� � ��دارس االبتدائية‬ ‫املل َهمني في ماستشوس� � ��تس مطالبون بأن يكونوا جنحوا في‬ ‫مق� � ��ررات رياضياتية صعبة ومخصصة للمعلمني‪ ،‬وأن يكونوا‬ ‫حصلوا على درجات (عالمات) جيدة في امتحانات عس� � ��يرة‬ ‫تختبر املضمون العميق ملعرفتهم باملوضوعات التي يمُ تَحنون‬ ‫فيها‪ ،‬وفي واليات أخرى‪ ،‬مثل أركنس� � ��اس ونيڤادا‪ ،‬ال يحتاج‬ ‫املعلمون املستقبليون إلى أكثر من إعادة مقرر دراسي أخذوه‬ ‫في املدرس� � ��ة الثانوية‪ ،‬أو إل� � ��ى مقرر مصمم‪ ،‬في املقام األول‪،‬‬ ‫ليخففوا قلقهم من الرياضيات بدال من زيادة تضلّعهم باحملتوى‪،‬‬ ‫هذا ما يراه املجلس الوطني لتحسني جودة املعلمني‪.‬‬ ‫ه� � ��ذا وإن من� � ��ط التدري� � ��ب يب� � ��دو باهتا إذا م� � ��ا قورن مبا‬ ‫تقدمه البلدان التي لها إجنازات أعلى‪ .‬وفي دراس� � ��ة أُجريت‬ ‫ع� � ��ام ‪ 2007‬عل� � ��ى احملتوى املعرف� � ��ي ملعلم� � ��ي الرياضيات في‬ ‫املرحلتني االبتدائية واملتوس� � ��طة في س� � ��تة عشر بلدا‪ ،‬تبينَّ أن‬ ‫معلمي الرياضيات املس� � ��تقبليني األمريكيني يعرفون قدرا من‬ ‫الرياضي� � ��ات أقل مما يعرف� � ��ه كثير من نظرائه� � ��م في البلدان‬ ‫األخرى‪ .‬وفي حني أخذ قرابة جميع معلمي املرحلة املتوسطة‬ ‫املستقبليني‪ ،‬في س� � ��نغافورة وأملانيا وتايوان وكوريا‪ ،‬مقررات‬ ‫في اجلبر اخلطي وأساسيات احلسبان التفاضلي والتكاملي‪،‬‬ ‫فلم يأخذ هذه املقررات األساس� � ��ية من املعلمني املس� � ��تقبليني‬ ‫األمريكيني س� � ��وى نصف عددهم تقريبا‪ .‬وفيما يتعلق باملعرفة‬ ‫باجلبر‪ ،‬ش� � ��غل املعلمون األمريكيون املرات� � ��ب األخيرة‪ .‬وأحد‬ ‫أسباب ذلك هو عدم وجود اتفاق على مكونات برنامج إلعداد‬ ‫معلمــ� �ي��ن ج ّيديـــن للريــاضــيـات أو ألي موضـوع آخـر‪ .‬ويقـول‬ ‫>‪ .W‬ش� � ��ميت< [من جامعة ميتشيگان احلكومية] الذي أشرف‬ ‫على الفريق األمريكي املش� � ��ارك في عملية املسح‪« :‬إن بعض‬

‫معلم� � ��ي الكليات األمريكيني ينافس� � ��ون أفض� � ��ل املعلمني في‬ ‫العالم‪ ،‬ولكن بعضهم أقرب إلى نظرائهم في بوتشوانا‪ .‬ولدينا‬ ‫ذلك النوع من التفاوت الواسع‪».‬‬ ‫وما ال يقل إزعاجا هو أن عملية املسح‪ ،‬التي توصلت إلى‬ ‫أن برامج إعداد املعلمني األمريكيني التي ش� � ��غلت مرتبة دنيا‬ ‫فيما يتعلق باملعرفة الرياضياتية للمعلمني املستقبليني‪ ،‬أعدتها‬ ‫جامع� � ��ات حكومية كبيرة تخ ّرج أكبر عدد من املعلمني‪ .‬ويقول‬ ‫>ش� � ��ميت<‪« :‬إن الكلي� � ��ات التي ال يعرف طلبته� � ��ا قدرا معقوال‬ ‫م� � ��ن الرياضيات‪ ،‬هي الت� � ��ي تخ ّرج أكثر م� � ��ن نصف معلمي‬ ‫الرياضيات املستقبليني في املدارس املتوسطة‪ ،‬وعلى الواليات‬ ‫إغالق تلك املعاهد ذات األداء السيئ حقا‪».‬‬ ‫الطريق إلى اإلصالح‬

‫( )‬

‫ثمة دواع للتف� � ��اؤل‪ .‬فبعض الواليات تعكف اآلن على وضع‬ ‫برامج إصالحية طموحة‪ ،‬تساعدها في ذلك برامج محترمة‬ ‫لتدريب املعلمني‪ ،‬وهي آخذة في االنتش� � ��ار والتوسع‪ ،‬وذلك‬ ‫بفضل تدفقات مالية من ش� � ��ركات ومؤسسات غير ربحية‪.‬‬ ‫وفي األعوام القليلة املاضية‪ ،‬كان أفضل معلمي الرياضيات‬ ‫ف� � ��ي لويزيان� � ��ا‪ ،‬وهي والي� � ��ة تول� � ��ي اهتماما بالغ� � ��ا ببرامج‬ ‫تدري� � ��ب املعلمني الذين يأتون بعد إنهائه� � ��م البرنامج ‪Teach‬‬ ‫‪ ،for America‬وه� � ��و برنام� � ��ج وطني تنافس� � ��ي يختار أفضل‬ ‫اخلريجني من أحس� � ��ن الكليات األمريكية ليلتزموا بالتعليم‬ ‫س� � ��نتني في مدارس يصعب تزويدها باملعلم� �ي��ن‪ .‬وتقول >‪.J‬‬ ‫بيرنز< [املفوضة املش� � ��اركة ملبادرة تعلي� � ��م الرياضيات في‬ ‫املجل� � ��س ‪« :]Louisiana Board of Regents‬إن األش� � ��خاص‬ ‫الذي� � ��ن ُقبلوا في البرنام� � ��ج ‪ Teach for America‬حصلوا في‬ ‫الرياضي� � ��ات على درج� � ��ات في امتحان القب� � ��ول أعلى مما‬ ‫حص� � ��ل عليه معظم املعلمني‪ ،‬وقد بينت بعض البيانات ‪data‬‬ ‫وجود ارتباط بني الدرج� � ��ات العالية والفعالية العالية‪ ».‬هذا‬ ‫وبينت دراس� � ��ات البرنامج ‪ Teach for America‬التي أُجريت‬ ‫في مدارس واليتي تينيسي ونورث كاروالينا‪ ،‬نتائج إيجابية‬ ‫مش� � ��ابهة في َفالح تالمذة العلوم‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬لم يتخصص‬ ‫س� � ��وى قرابة ثلث أعضاء البرنام� � ��ج ‪ Teach for America‬في‬ ‫العلوم والرياضيات‪ ،‬ولكن هذه النس� � ��بة على وشك التغير‪.‬‬ ‫ففي الش� � ��هر ‪ 2012/2‬التزمت املنظمة بأن يلتحق بها ‪11 000‬‬ ‫معلم جديد في الرياضيات والعلوم بحلول عام ‪ ،2015‬وذلك‬ ‫في الواليات اإلح� � ��دى والثالثني التي تق ّدم املنظمة خدماتها‬ ‫إليه� � ��ا‪ .‬واجلانب غي� � ��ر اإليجابي هو أن كثي� � ��را ممن يلتحق‬ ‫بالبرنام� � ��ج ‪ Teach for America‬يترك� � ��ون التعليم بعد بضع‬ ‫( )‬

‫‪ROAD TO REFORM‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪71‬‬


‫أفكار جديدة‬

‫قيمة إحضار العلوم إلى البيت‬

‫( )‬

‫نعم‪ ،‬التدريس العظيم مهم‪ .‬بيد أن األبوين‪ ،‬اللذين يشجعان أطفالهما على دراسة العلوم‬ ‫والرياضيات‪ ،‬يزيدان من احتمال بلوغ أوالدهما مستوى >‪ .M‬زوكربيرگ<‪ ،‬أو >‪ .M‬جيميسون< خمس مرات‪.‬‬ ‫املجال الذي تخصصوا فيه‪ ،‬سواء‬ ‫األب� � ��وان هم� � ��ا الينبوع� � ��ان‬ ‫أكان الرياضيات أم املوس� � ��يقى ‪-‬‬ ‫األساس� � ��يان للمعرف� � ��ة العلمي� � ��ة‬ ‫على إثارة اهتمام أوالدهم بدراسة‬ ‫ألوالدهم� � ��ا‪ .‬فأولئك الذي� � ��ن يقدرون‬ ‫‪( STEMM‬الصفحة املقابلة)‪.‬‬ ‫العل� � ��م عاليا‪ ،‬ويبرزون ه� � ��ذا التقدير‬ ‫وميكنهم الب� � ��دء بدعم البرامج‬ ‫عن� � ��د اختياره� � ��م ل ُّل َع� � ��ب والكتب في‬ ‫التي حتق� � ��ق ذلك وإيالؤها اهتماما‬ ‫زياراته� � ��م حلدائ� � ��ق احليوان� � ��ات‬ ‫بالغا‪ .‬هذا وإن برنامج الرياضيات‬ ‫واملتاح� � ��ف‪ ،‬وفي حبهم الس� � ��تطالع‬ ‫‪Jon D. Miller‬‬ ‫مدير املركز الدولي‬ ‫العائلية ‪ ،Family Math program‬الذي‬ ‫العالَ� � ��م الذي يعيش� � ��ون فيه‪ .‬وملعرفة‬ ‫العلمية‬ ‫املعرفة‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫لتق‬ ‫ّ‬ ‫األبوي� � ��ن واهتماماتهما أثر بعيد في ‪ Internatioal Center for‬انطل� � ��ق من قاعة لورنس للعلم‬ ‫‪the Advancement of‬‬ ‫‪ Lawrence Hall of Science‬بجامع� � ��ة‬ ‫أوالدهم� � ��ا‪ .‬وق� � ��د أوضح� � ��ت بيانات‬ ‫‪Scientific Literacy‬‬ ‫التابع بيركلي في كاليفورنيا‪ ،‬جرى تعهده‬ ‫حديثة نُشرت في مجلة ‪Longitudinal‬‬ ‫جلامعة ميتشيگان‪.‬‬ ‫من قب� � ��ل متاح� � ��ف وجماعات عبر‬ ‫‪ ،Study of American Youth‬التي أتابع‬ ‫وزمالئ� � ��ي قراءتها منذ ع� � ��ام ‪ ،1987‬أن ‪ 40‬في املئة البالد كلها‪ ،‬وهو يوفر طريقة فعالة إلدخال اآلباء‬ ‫م� � ��ن األوالد الذي� � ��ن كان آباؤهم يش� � ��جعونهم بقوة واألوالد في عملية التعلم خالل سنوات الدراسة‬ ‫عل� � ��ى االهتمام بالرياضيات والعلوم‪ ،‬خططوا لتكون االبتدائية واملتوسطة‪ .‬وهذه البرامج التي جتمع‬ ‫موا ّدهم الدراسية األساسية‪ ،‬التي سيختارونها في العائالت معا حلل مس� � ��ائل ُت َق َّدم عبر املدارس‪،‬‬ ‫دراس� � ��اتهم في الكليات‪ ،‬م� � ��ن املوضوعات ‪ STEMM‬ولها ميزة إضافية في كونها تُشرك أولياء أمور‬ ‫(العل� � ��وم‪ ،‬أو التقانة أو الهندس� � ��ة أو الرياضيات أو التالمذة واملعلمني في العملية نفسها‪.‬‬ ‫وف� � ��ي احلال� � ��ة املثال ّية‪ ،‬يجب أن يش� � ��ترك‬ ‫الطب)‪ ،‬مقارنة بثمانية في املئة فقط من األوالد الذين‬ ‫اآلباء والطلب� � ��ة واملعلمون في هيئة تعاونية بعد‬ ‫لم يحصلوا على املستوى نفسه من التشجيع‪.‬‬ ‫وفي املقاب� � ��ل‪ ،‬ف� � ��إن األوالد‪ ،‬الذين ال يهت ّم االنصراف من املدرس� � ��ة‪ ،‬في املساء‪ ،‬في عطلة‬ ‫آباؤهم وأمهاتهم بالعلوم‪ ،‬محرومون من املزايا نهاية األس� � ��بوع‪ ،‬وفي برامج صيفية لتشجيع‬ ‫التي حتققت ل� �ل��أوالد الذين يش� � ��جعهم أولياء تعلي� � ��م الرياضي� � ��ات والعلوم‪ ،‬وه� � ��ذه البرامج‬ ‫أموره� � ��م على حب العلوم والرياضيات‪ .‬ويتعينّ بحاجة إلى االس� � ��تمرار طوال سنوات ما قبل‬ ‫على القادة التربويني والسياسيني إيجاد طرائق الكلي� � ��ة‪ ،‬بدال من مجرد بضع� � ��ة أيام أو بضعة‬ ‫ملساعدة جميع أولياء األمور ‪ -‬بصرف النظر عن أسابيع‪ .‬وإذا أدخلنا في احلسبان النظم املالية‬

‫سنوات فقط‪.‬‬ ‫وثمة برنام� � ��ج لالحتفاظ باملعلمني اجليدين هو ‪،UTeach‬‬ ‫وهو برنامج مبتكر لتدريب املعلمني أطلقته جامعة تكساس‬ ‫بأوسنت في أواخر التسعينات‪ .‬الغرض منه إعداد مجموعة‬ ‫أكبر بكثير م� � ��ن معلمي العلوم والرياضيات الذين ميتلكون‬ ‫معرفة عميق� � ��ة مبوضوعهم‪ .‬ويحق� � ��ق البرنامج غرضه بأن‬ ‫يقدم ملن أنهوا الس� � ��نة اجلامعية األولى‪ ،‬وكانت مواضيعهم‬ ‫الرئيسية فيها العلوم أو الرياضيات‪ ،‬ورشات عمل مجانية‬ ‫للتدريب على التعليم‪ ،‬مدتها فصالن دراس� � ��يان‪ ،‬ويش� � ��رف‬ ‫عليها متخصصون بارعون‪ .‬وبعد انقضاء خمس س� � ��نوات‪،‬‬ ‫مازال ‪ %82‬من هؤالء املعلمني يعملون في صفوفهم‪ .‬و ُيعزى‬ ‫‪72‬‬

‫القاسية التي تخضع لها املدارس الرسمية في‬ ‫جمي� � ��ع أنحاء البالد‪ ،‬فمن الضروري للمجتمع‬ ‫والهيئ� � ��ات املدنية‪ ،‬والكنائ� � ��س واالحتادات أن‬ ‫تعزز إقامة هذه األنواع من البرامج ومتويلها‪.‬‬ ‫وفي القرن العش� � ��رين‪ ،‬عملت الواليات املتحدة‬ ‫عددا من األش� � ��ياء ولّدت مس� � ��توى قويا من املعرفة‬ ‫العلمية املدنية بني البالغني‪ .‬وفي دراسات أجريتُها‬ ‫�دت أن البالغني م� � ��ن األمريكان‬ ‫عبر الب� �ل��اد‪ ،‬وج� � � ُ‬ ‫تنافس� � ��يون جدا ف� � ��ي العالم فيما يتعل� � ��ق باملعرفة‬ ‫العلمية املدنية‪ :‬فقد َشغلت الواليات املتحدة املرتبة‬ ‫الثاني� � ��ة بعد الس� � ��ويد‪ ،‬وذلك في مقارن� � ��ة بني دول‬ ‫صناعية متطورة‪ .‬وكان س� �ل��اح أمريكا السري في‬ ‫القرن العشرين التزامها بتوسيع النفاذ إلى التعلم‬ ‫في الكليات‪ ،‬وإصرارها على مجموعة من املتطلبات‬ ‫التربوية العامة ‪ -‬من ضمنها دراس� � ��ة معظم الطلبة‬ ‫احلائزين البكالوريا العلو َم سنة كاملة‪ .‬ويجب على‬ ‫األمريكيني أن يفخروا بهذه السياسات واإلجنازات‪،‬‬ ‫ولكن إحدى النتائج غير السارة لنجاحنا هي أنها‬ ‫حجبت األداء الكئيب ملدارس� � ��نا املتوسطة والثانوية‬ ‫في تدريس العلوم والرياضيات‪.‬‬ ‫هذا عجز ميك� � ��ن لآلباء معاجلت� � ��ه جزئيا فقط‪.‬‬ ‫ويتعني على املدارس والعائالت ومديري الش� � ��ركات‬ ‫وصانعي السياس� � ��ات‪ ،‬العمل معا لتحسني التربية‬ ‫والتعليم‪ .‬فال مبرر لكون كل من أنهى املرحلة الثانوية‬ ‫في الواليات املتحدة غير مثقف علميا بالضرورة‪.‬‬ ‫>‪ .D .J‬ميلر<‬

‫الفضل في هذه األعداد الكبيرة من الذين لم يتركوا التعليم‬ ‫إل� � ��ى أن البرنامج يتيح للتالم� � ��ذة أوقاتا طويلة للبقاء داخل‬ ‫صفوفهم‪ .‬وتقول >‪ .A .M‬رانكني< [الرئيس� � ��ة السابقة لقسم‬ ‫العلوم الطبيعية في جامعة تكس� � ��اس بأوسنت التي ساعدت‬ ‫على إطالق البرنام� � ��ج]‪« :‬إن بقاء املعلمني أوقاتا طويلة في‬ ‫صفوفهم يجعلهم يقررون م� � ��ا إذا كانوا يح ّبون التعليم أم‬ ‫ال‪ .‬وبعضه� � ��م يحب هذه املهنة بع� � ��د أن يكون قد وجد فيها‬ ‫ممارس� � ��ة ممتعة حقا‪ ،‬ورأى أنها ميك� � ��ن أن تكون مجزية‪».‬‬ ‫وبعد انتهاء أربع س� � ��نوات‪ ،‬يس� � ��توظف البرنامج خريجني‬ ‫يحملون ش� � ��هادة البكالوريوس ف� � ��ي العلوم أو الرياضيات‪،‬‬ ‫( )‬

‫‪The Value of Bringing Science Home‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫خطوات نحو العلم‬ ‫يتوقع للطالب الذي حصل‬ ‫على درجات عالية في القراءة‬ ‫باملدرسة الثانوية أن يتميز‬ ‫في الرياضيات‪.‬‬

‫تحُ دَّد هذه العوامل الثالثة عند الوالدة‪ ،‬أو في وقت‬ ‫مبكر في النموذج‪ .‬ويُعَ ُّد أحد هذه العوامل‪ ،‬وهو‬ ‫التحصيل العلمي لألبوين‪ ،‬أهم وسيلة تنبئية للفرع‬ ‫العلمي الذي سيختاره ولدهما في املستقبل‪.‬‬

‫اخللفية‬ ‫التربوية‬ ‫للوالدين‬

‫قوة وإقدام‬ ‫الوالدين‬ ‫خالل دراسته‬ ‫في املرحلة‬ ‫الثانوية‬

‫أحب موضوع‬ ‫الرياضيات‬ ‫في املدرسة‬ ‫الثانوية‬

‫قدرة الطالب‬ ‫على القراءة‬ ‫في املدرسة‬ ‫الثانوية‬

‫درجة‬ ‫الرياضيات التي‬ ‫حصل عليها‬ ‫(في الصف‬ ‫الثاني عشر)‬

‫تشجيع معلم‬ ‫الرياضيات‬ ‫في املدرسة‬ ‫الثانوية‬ ‫َش ْغ ُل الوالدين‬ ‫وظيف ًة في مجال‬ ‫العلوم أو التقانة‬ ‫أو الهندسة أو‬ ‫الرياضيات أو‬ ‫الطب‬

‫صف الطالب‬ ‫(الذكر)‬

‫أكمل مقرر‬ ‫احلسبان (التفاضل‬ ‫والتكامل) في‬ ‫املدرسة الثانوية‬

‫مصادر اجلبر‬ ‫في املدرستني‬ ‫املتوسطة‬ ‫والثانوية‬

‫قوة وإقدام‬ ‫الوالدين‬ ‫خالل دراسته‬ ‫للرياضيات‪/‬‬ ‫العلوم في املرحلة‬ ‫الثانوية‬

‫‪ ،path model‬كيف أن بيوت الطلبة وبيئاتهم‬ ‫املدرسية تتفاعل‪ ،‬وهذا يعزز احتمال اختيارهم‬ ‫العلوم أو التقانة أو الهندسة أو الرياضيات أو الطب‬ ‫)‪ (STEMM‬مقررا رئيسيا لهم‪ .‬واألكثر احتماال هو أن‬ ‫يشجع األبوان‪ ،‬احلاصالن على تعليم عال‪ ،‬أوالدهما‬ ‫على تعلم الرياضيات والعلوم‪ ،‬وهذا يزيد من احتمال‬ ‫حسن سير األوالد في الرياضيات‪ ،‬وعلى اختيار‬ ‫احلسبان (التفاضل والتكامل) في الصف الثاني‬ ‫عشر‪ .‬إن إكمال مقرر احلسبان في املدرسة الثانوية‬ ‫يع ّد أحد أهم التنبؤات بأن يختار الطلبة مقرراتهم‬ ‫الرئيسية من املوضوعات ‪ .STEMM‬ويبني املخطط‬ ‫أيضا أن احتمال تشجيع األبوين أبناءهما الذكور‬ ‫على هذا االختيار أعلى قليال من احتمال تشجيع‬ ‫بناتهما‪ ،‬في حني أن احتمال تشجيع املعلمني طلبتهم‬ ‫على هذا االختيار أدنى قليال من احتمال تشجيعهم‬ ‫لطالباتهم‪ .‬ومن املثير للدهشة أن حماس املتخصصني‬ ‫في العلوم والرياضياتيني لزيادة املوضوعات‬ ‫‪ STEMM‬ليس أعلى من حماس غير املتخصصني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫خطط لتكون‬ ‫مقرراته الرئيسية‬ ‫هي املوضوعات‬ ‫‪ STEMM‬في‬ ‫الكلية‬

‫درجة العلوم‬ ‫التي حصل‬ ‫عليها (في الصف‬ ‫الثاني عشر)‬

‫تشجيع‬ ‫معلم العلوم‬ ‫في املدرسة‬ ‫الثانوية‬ ‫مصادر تعلم‬ ‫العلوم في‬ ‫البيت‬

‫يُبني املخطط األمين‪ ،‬الذي يُسمى منوذج املسار‬

‫أحب موضوع‬ ‫العلوم في‬ ‫املدرسة‬ ‫الثانوية‬

‫ُس ِّج َل في‬ ‫الكلية لدراسة‬ ‫املوضوعات‬ ‫‪STEMM‬‬

‫تع ِّلم الدائرة الصفراء املتغيرات‬ ‫التي تتنبأ‪ ،‬بأفضل طريقة ممكنة‪،‬‬ ‫بقرار طالب في اختياره ملقرراته‬ ‫الرئيسية في املوضوعات‬ ‫‪ STEMM‬بالكلية‪.‬‬

‫رابطة قوية‬

‫رابطة ضعيفة‬ ‫رابطة سلبية‬

‫احملور األفقي‪ :‬ترتيب زمني‪ /‬كرونولوجي‬

‫إضافة إلى جميع املقررات الدراسية الالزمة ملنح شهادات‬ ‫أهلية التدريس‪.‬‬ ‫وق� � ��د حصل البرنام� � ��ج ‪ UTeach‬على اعتراف من مجلس‬ ‫األبح����اث الوطني(‪ ،)1‬ومن مجموع� � ��ات كثيرة أخرى‪ ،‬وجذب‬ ‫متويال كافيا من مؤسس� � ��ات غير ربحية وش� � ��ركات ملساعدته‬ ‫على التوس� � ��ع‪ .‬وف� � ��ي الس� � ��نوات الثالث الس� � ��ابقة تضاعف‬ ‫ثالث م� � ��رات عدد املراكز اجلامعية التي تق� � ��دم البرنامج‪ ،‬إذ‬ ‫أصبح ه� � ��ذا العدد ‪ 30‬ف� � ��ي ‪ 14‬والية‪( .‬ومعظم ه� � ��ذه املراكز‬ ‫وضعت تس� � ��ميات خاصة بها؛ فمثال أطل� � ��ق على املركز في‬ ‫جامعة تكس� � ��اس اسم ‪ .)UKan Teach‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬فإن‬ ‫>رانك� �ي��ن< ‪ -‬التي أصبحت في عام ‪ 2011‬الرئيس� � ��ة واملديرة‬

‫التنفيذي� � ��ة للمب����ادرة الوطني����ة للرياضي����ات والعل����وم(‪- )2‬‬ ‫التزمت باالس� � ��تمرار بتنمية التوس� � ��ع‪ ،‬وما تس� � ��عى إليه هو‬ ‫التوصل بحلول ع� � ��ام ‪ 2015‬إلى ‪ 4000‬معلم‪ ،‬أعدهم البرنامج‬ ‫‪ UTeach‬في العلوم أو التقانة أو الهندسة أو الرياضيات‪ ،‬وقد‬ ‫اختصرت أس� � ��ماء هذه املوضوعات‪ :‬باملصطلح ‪ STEM‬الذي‬ ‫يتكون من األحرف االستهاللية ألسماء املوضوعات‪science :‬‬ ‫‪.technology، engineering، mathematics‬‬ ‫وثمة برامج أخ� � ��رى لتدريب املعلمني‪ ،‬جنحت بعد أن ُأ ِ‬ ‫دخل‬ ‫فيها مهنيون ذوو خلفيات متينة في العلوم والرياضيات‪ ،‬وذلك‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪National Research Council‬‬ ‫‪National Math and Science Initiative‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪73‬‬


‫دراسة استطالعية‬

‫ما يقوله العلماء‬

‫( )‬

‫تعاون���ت س���اينتفيك أمريكان م���ع >‪ .A‬مالتيز< [وهو باح���ث في التربية‬ ‫العلمي���ة بجامع���ة إنديان���ا] في دراس���ة هدفها التوصل إل���ى فهم أفضل‬ ‫خب���رات طلب���ة ومعلم���ي العل���وم والرياضيات والهندس���ة‪ .‬وبن���اء على‬ ‫بيانات ُأخذت من عينة عشوائية جلامعات ومتطوعني على اخلط ‪online‬‬ ‫أكمل���وا عملية مس���ح‪ ،‬فإن الرجال والنس���اء‪ ،‬الذي���ن يتابعون احلصول‬ ‫عل���ى درج���ات في املوضوعات ‪ ،STEM‬مييلون إل���ى أن يصبحوا مهتمني‬ ‫بالعلوم في املدرسة االبتدائية‪ .‬وحني ُطلب إليهم ذكر الناس واخلبرات‬ ‫التي س���اعدت على إثارة هذا االهتمام لديهم‪ ،‬تبني أن النس���اء كُنَّ أكثر‬ ‫وصف في مدرس���ة‪ ،‬وحل مس���ائل‬ ‫مب���ادرة م���ن الرجال في اختيار معلم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫رياضياتي���ة‪ ،‬وقض���اء الوق���ت ف���ي الهواء الطل���ق‪ ،‬في ح�ي�ن كان الرجال‬ ‫مييلون إلى شغل أنفسهم بأشياء على غير طائل‪ ،‬وإلى البناء والقراءة‪.‬‬ ‫وح�ي�ن يدخ���ل الرجال والنس���اء الكلية‪ ،‬فإن حب مجال دراس���تهم يرجح‬ ‫كثي���را عل���ى جمي���ع التأثيرات األخرى‪ ،‬وهذا هو الس���بب األساس���ي في‬ ‫مثابرتهم واستمرارهم في عملهم‪.‬‬ ‫متى أصبحت مهتما بـاملوضوعات ‪ STEM‬أول مرة؟‬ ‫قبل املدرسة االبتدائية‬ ‫املدرسة االبتدائية‬ ‫املدرسة املتوسطة‬ ‫املدرسة الثانوية‬ ‫الكلية‬ ‫بعد الكلية‬

‫ما هو منط اخلبرة الذي أثار اهتمامك أول مرة؟‬ ‫ال وجود حلدث محدد (جوهري)‬ ‫الصف في املدرسة‬ ‫البناء‪/‬أشياء على غير طائل‬ ‫الكتب‪/‬املجالت‬ ‫مسائل رياضيات‪/‬ألعاب منطقية‬ ‫قضاء وقت في الهواء الطلق‬

‫ذكور‬ ‫إناث‬

‫من كان املسؤول عن قدح زناد اهتمامك؟‬

‫‪%40‬‬ ‫‪%40‬‬ ‫‪%40‬‬ ‫‪%40‬‬ ‫‪%30‬‬ ‫‪%30‬‬ ‫‪%30‬‬ ‫‪%30‬‬

‫‪%30‬‬ ‫‪%30‬‬ ‫‪%30‬‬ ‫‪%30‬‬

‫‪%20‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%20‬‬

‫‪%10‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%10‬‬

‫ما السبب في إصرارك؟‬

‫‪%20‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%20‬‬

‫حبي للموضوع‬ ‫الدرجات اجليدة‬

‫‪74‬‬

‫والثالثينات من أعمارهم‪ ،‬والذين تقول عنهم >‪ .T‬دالي< [رئيسة‬ ‫املش� � ��روع ‪ ]TNTP‬إنهم حددوا خيارهم املهني الس ِّيئ في وقت‬ ‫مبك� � ��ر‪ ،‬وإنه مازالت لديهم فرصــ� � ��ة ضئيلة غـير مكلفة لالنتقال‬ ‫إلى التعليم‪ .‬هذا البرنامج‪ ،‬الــذي هــو منظمــة تدريبيــة أسستها‬ ‫>‪ .M‬ري< [مديرة املدارس السابقة في العاصمة واشنطن]‪ ،‬يقدم‬ ‫تدريبا مجانيا على التدريس للذين يواصلون تدريبهم بعد ذلك‬ ‫للحصول على املاجس� � ��تير في التربية خالل قيامهم بالتدريس‪.‬‬ ‫ولدى جميع معلميهم في الرياضيات والعلوم خلفيات قوية في‬ ‫موضوعاتهم‪ ،‬مثل >بيلوتشي<‪.‬‬ ‫وتقول >دالي<‪« :‬تعودنا أن نفكر في أنه توجد أعداد كبيرة‬ ‫م� � ��ن الناس الذي� � ��ن يتركون وظائفهم ويعودون إلى املدرس� � ��ة‪،‬‬ ‫حيث يأخذون قروضا لتغطية رس� � ��وم برنامج حصولهم على‬ ‫املاجستير ليصبحوا معلمني‪ ،‬وهذا ميكنهم من إضافة عالوة‬ ‫زهي� � ��دة إلى دخله� � ��م‪ .‬وهذا ال يحدث كثيرا ف� � ��ي الواقع؛ «وقد‬ ‫وجدنا أن العمر املناس� � ��ب اللتحاق الن� � ��اس بالتعليم يقع بني‬ ‫‪ 25‬و ‪ 35‬عام� � ��ا‪ .‬وإذ ذاك‪ ،‬ال يك� � ��ون قد مض� � ��ى على دخولهم‬ ‫في حياتهم الوظيفية س� � ��وى بضع س� � ��نوات‪ ،‬ثم إنهم ميتلكون‬ ‫مجموع� � ��ة من امله� � ��ارات في الرياضيات والعل� � ��وم‪ ،‬ورغبة في‬ ‫التعلي� � ��م بوصفه مهنة بدال من كونه ممارس� � ��ة قصيرة األمد‪.‬‬ ‫وهؤالء أناس جيدون ف� � ��ي هذين املوضوعني‪ ،‬وميتلكون دافعا‬ ‫مس احلاجة إليهم‪».‬‬ ‫قويا ورغبة في التعليم في مدرسة هي ب َأ ّ‬ ‫ومع تعرض املش� � ��روع ‪ - TNTP‬مث� � ��ل البرنامج ‪Teach for‬‬ ‫‪ - America‬لالنتقاد من قبل مدافعني عن معاهد املعلمني بسبب‬ ‫برامج التدري� � ��ب املكثف فيها‪ ،‬فإن البرام� � ��ج البديلة لتوظيف‬ ‫أناس ميتلكون معرفة عميقة احملتوى‪ ،‬هي جزء أساس� � ��ي من‬ ‫حل ‪ .STEM‬وتقول >دالي<‪« :‬إذا لم نقدم شهادات بديلة‪ ،‬فهل‬ ‫يتط� � ��وع أي كان لفعل هذا؟ إنن� � ��ي أحاجج في أن اجلواب هو‬ ‫كال ‪ -‬فال أحد يقب� � ��ل مبعاناة صعوبات مالية نتيجة انخراطه‬ ‫في وظيفة متوسطة حني يكون بيته مرهونا عقاريا ولديه عائلة‪،‬‬ ‫وذلك بعودته إلى املدرس� � ��ة ليصبح معلما‪ .‬وعدد األش� � ��خاص‬ ‫املهتمني بالقيام مبثل هذا العمل يساوي الصفر‪.‬‬

‫تأثير العائلة‬

‫‪%10‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%10‬‬

‫الكلية‬

‫أنا‬ ‫أبواي‪/‬الوصي‬ ‫املعلم‬ ‫قريب آخر‬ ‫صديق‬ ‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬

‫في مراحل متأخرة من حياتهم املهنية‪ .‬هذا وإن مشروع املعلمني‬ ‫اجل���دد )‪ )1((TNTP‬ير ّكز على أولئك الذين هم في العش� � ��رينات‬

‫الصفوف املثيرة لالهتمام‬ ‫تأثير املعلم‬

‫املدرسة الثانوية‬

‫نادي املدرسة‪/‬نشاط‬ ‫االهتمام بالسيرة املهنية‬ ‫اخلبرة في األبحاث‬ ‫الضرورة االقتصادية‬ ‫املدرسة املتوسطة‬

‫التعلم من معلمني «عظماء»‬

‫( )‬

‫ومع تعلّم املرب� �ي��ن والباحثني املزيد من أفضل الطرائق في‬ ‫جذب املعلم� �ي��ن وتدريبهم‪ ،‬فهم يصوغ� � ��ون‪ ،‬أيضا‪ ،‬وصفة‬ ‫( ) ‪What Scientists Say‬‬ ‫( ) ‪LEARNING FROM “SUPERSTAR” TEACHERS‬‬ ‫(‪The New Teacher Project )1‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫أفضل الس� � ��تبقائهم‪ .‬ويقول >‪ .M .G‬س� � ��پرينگز< [األس� � ��تاذ‬ ‫املس� � ��اعد في السياسة العامة والتربية بجامعة ڤاندربلت]‪:‬‬ ‫«رمب� � ��ا ال يكون الرات� � ��ب دافعا واضحا للعم� � ��ل في وظيفة‬ ‫معين� � ��ة كما نظن‪ .‬فال يوجد س� � ��وى بضع دراس� � ��ات دقيقة‬ ‫للبرامج التي تتناول العالقة بني جدارة املعلم واألجر الذي‬ ‫يستحقه‪ .‬وعدد الطرق املختلفة إلعدادها كبير جدا‪ ،‬غير أننا‬ ‫لم نختبر منها س� � ��وى مناذج قليلة فقط‪ .‬ولكن عملية مسح‬ ‫نفذتها الدائرة األمريكية للمدارس التربوية وتوفير املعلمني‬ ‫ب ّينت أن العثور على معلم جيد للعلوم والرياضيات أصعب‬ ‫مبرت� �ي��ن تقريبا من العثور على معل� � ��م للمرحلة االبتدائية‪».‬‬ ‫وم� � ��ا يصبح أكثر وضوحا هو الفك� � ��رة التي تذهب إلى أن‬ ‫التدريب املتميز واالقتناع بالوظيفة متالزمان‪ .‬هذا وإن >‪.J‬‬ ‫توز< [مديرة مدرسة ‪ ]Basis Tucson‬التي يتعلم فيها ‪ 700‬من‬ ‫التالمذة‪ ،‬والتي تصن� � ��ف من بني أعلى مدارس البالد أداء‬ ‫في العلوم والرياضيات‪َ ،‬تس� � ��تعمل األجر العالي والتطوير‬ ‫املستمر والتغذية الراجعة إلبقاء معلميها متحمسني لعملهم‪.‬‬ ‫واملعلمون فيها هم ممن يحملون درجات أكادميية وطلبة ما‬ ‫بعد الدكتوراه‪ ،‬وق� � ��د أفادوا بأنهم يجدون في التعليم متعة‬ ‫أكثر مما يجدونه في األبحاث‪.‬‬ ‫وتس� � ��ارع >توز< إلى القول‪« :‬إن حم� � ��ل أي كان لدرجة‬ ‫عالية في العلوم والرياضيات ال يعني أن الوظيفة مضمونة‬ ‫ل� � ��ه»‪ .‬وهي تقول في هذا الس� � ��ياق‪« :‬يتع� �ي��ن على كل متقدم‬ ‫للعمل معلم� � ��ا أن يثبت أوال أهليته للتعليم‪ ،‬لذا فإنني أختار‬ ‫واحدا من كل خمس� � ��ة متقدمني للوظيفة‪ ».‬وبعد التعاقد مع‬ ‫املتقدم‪ ،‬فإن املدرس� � ��ة تزوده باستمرار مبا يطوره‪ ،‬وتراقب‬ ‫أداءه عل� � ��ى الدوام‪ ،‬وه� � ��ي تدفع له راتبا أعل� � ��ى مما تدفعه‬ ‫املقاطعات احمللية واملدارس اخلاصة‪ .‬وتقول >توز<‪« :‬عندما‬ ‫يحقق املعلم� � ��ون نتائج جيدة‪ ،‬فإنه� � ��م يحصلون على مزيد‬ ‫من الس� � ��لطة واحلرية‪ ،‬ويزداد إبداعهم‪ ،‬فنحن جنعل الناس‬ ‫يرغبون بالبقاء في وظيفتهم‪».‬‬ ‫ويوافق >ليموڤ< [رئيس الش� � ��بكة ‪]Uncommon Schools‬‬ ‫على أن التدريب غير اجليد قد يكون السبب في ترك كثير من‬ ‫املعلمني مهنتهم في وقت مبكر‪ .‬وهو يطرح الس� � ��ؤال التالي‪:‬‬ ‫«م� � ��ن منا ال يعرف كثيرا من الن� � ��اس الذين كانوا معلمني ثم‬ ‫صاروا سماس� � ��رة؟» ثم يقول‪« :‬من دون تدريب س� � ��ليم‪ ،‬لن‬ ‫ينجحوا‪ .‬وحني يقرر ش� � ��خص االنخراط ف� � ��ي التعليم‪ ،‬فهو‬ ‫يعرف أنه رمبا ال يتس� � ��لم أجرا جي� � ��دا‪ ،‬ولكنه يظن أنه رمبا‬ ‫سيتحس� � ��ن‪ .‬وإذا انته� � ��ى األم� � ��ر بتركه‪ ،‬فهذا يعن� � ��ي أنه لم‬ ‫يتحس� � ��ن‪ ،‬فالتعليم هو‪ ،‬بحق‪ ،‬واحد م� � ��ن أصعب املهن في‬ ‫العال� � ��م‪ .‬وعلينا أن مننح الناس الذي� � ��ن يقومون بهذا العمل‬

‫وسائل أفضل‪».‬‬ ‫ُت� � ��رى‪ ،‬ما ه� � ��ي تلك الوس� � ��ائل؟ وبعبارة أخ� � ��رى‪ ،‬هل هي‬ ‫التقنيات احمل� � ��ددة التي وصفها البيت األبي� � ��ض بأنها الطلبة‬ ‫املل َهم� � ��ون الذين جرى إعدادهم؟ ثمة قلي� � ��ل من األبحاث التي‬ ‫تثب� � ��ت ذلك‪ ،‬وبخاصة عندما يتعلق األمر بتدريس العلوم‪ ،‬هذا‬ ‫م� � ��ا يراه مع � � � ّدو تقريرٍ أصدره مجلس األبح� � ��اث الوطنية عام‬ ‫‪ 2010‬بعن� � ��وان إعداد املعلمني(‪ .)1‬ومؤلفو هذا التقرير يوافقون‬ ‫عل� � ��ى أن التالم� � ��ذة بحاجة إلى مزيج من املع� � ��ارف احلقيقية‪،‬‬ ‫وإلى فرص لطرح تساؤالت علمية‪ ،‬وفهم «لطبيعة العلم‪ »،‬الذي‬ ‫يش� � ��ير إلى الطريقة التي يجمع به� � ��ا العلماء معلومات جديدة‬ ‫واس� � ��تيعابها‪ .‬وفيما يتعلق بالرياضي� � ��ات‪ ،‬ثمة بيانات أفضل‪.‬‬ ‫وم� � ��ا يلزم التالمذة هو أن يحفظ� � ��وا عن ظهر قلب حقائق مثل‬ ‫جدول الض� � ��رب‪ ،‬وأن يفكروا من خالل معرفة جيدة للمفاهيم‬ ‫�توى‪ .‬وثمة أيضا‬ ‫قب� � ��ل أن يصلوا إل� � ��ى رياضيات أعلى مس� � � ً‬ ‫بعض الشواهد على ضرورة ممارسة التعلم التعاوني وإجراء‬ ‫تقييم� � ��ات فردي� � ��ة للتعاطي اجليد مع تعلي� � ��م التالمذة‪ .‬بيد أنه‬ ‫يوج� � ��د اتفاق على ما يج� � ��ب تعليمه‪ ،‬أقوى م� � ��ن االتفاق على‬ ‫أفضل الطرائق للتعليم‪.‬‬ ‫إن اجلهود املبذولة لتغيير ذلك ماضية قدما‪ .‬فقد ك ّرس� � ��ت‬ ‫>‪ .L .D‬بول< [عميدة كلية التربية بجامعة ميتش� � ��يگان] نفس� � ��ها‬ ‫طوال أكثر من عقد م� � ��ن الزمن لتعرف املهارات احملددة التي‬ ‫يحتاج إليها املعلمون اجلدد قبل أن يكونوا مس� � ��تعدين لتولي‬ ‫أمر أح� � ��د الصفوف‪ .‬والبرنامج الذي س� � ��اعدت على وضعه‪،‬‬ ‫املس� � ��مى «املعرفة الرياضياتية الالزم� � ��ة للتعليم‪ »،‬يهدف إلى‬ ‫تقدمي تعليمات جديدة للتش� � ��خيص الدقيق للسبب الذي يربك‬ ‫التلميذ‪ ،‬بغية بقاء تركيزه في الصف جيدا‪ ،‬ولتجميع صندوق‬ ‫عدة ‪ tool box‬يحوي مثال‪ ،‬مجموعة متنوعة من االستراتيجيات‬ ‫لشرح موضوع الكسور‪ .‬وتقول >بول<‪« :‬إن جتربتها اخلاصة‬ ‫ف� � ��ي الصف‪ ،‬إضافة إلى الس� � ��نوات الت� � ��ي أمضتها بوصفها‬ ‫باحث� � ��ة‪ ،‬أقنعتها بأن اعتبار التدريس اجليد ش� � ��يئا حدس� � ��يا‬ ‫‪ intuitive‬فكرة مضللة جدا‪».‬‬ ‫إن احتمال جناح تالمذة املعلمني الذين يحصلون على‬ ‫درجات جيدة في مه� � ��ارات «املعرفة الرياضياتية الالزمة‬ ‫للتعلي� � ��م» أعلى م� � ��ن احتمال جناح أولئ� � ��ك املعلمني الذين‬ ‫كان أداؤهم جيدا في امتحانات الرياضيات التي قدموها‬ ‫ف� � ��ي معاهدهم‪ ،‬هذا ما قاله >‪ُ .P‬ك ْب< [من ڤاندربلت] الذي‬ ‫يد ّرس مادة االس� � ��تراتيجيات لطلبت� � ��ه وملعلمني ذوي خبرة‬ ‫في التعليم‪ ،‬ويتطلعون إلى حتس� �ي��ن أدائهم‪ .‬وقد رأى‪ ،‬هو‬ ‫وزميلته >‪ .K‬جاكس� � ��ون< [من جامعة م� � ��اك گيل الكنديــة]‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Preparing Teachers‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪75‬‬


‫مستويات متزايدة بدرجة مثيرة من التالمذة الذين يعلمهم‬ ‫معلمون متمرس� � ��ون على اس� � ��تعمال تلك املهارات‪ .‬ولكنه‬ ‫يعترف بأن ع� � ��دد أفراد مجموعات أولئ� � ��ك التالمذة كان‬ ‫صغيرا ‪ -‬بني ‪ 12‬و ‪ 15‬في وقت واحد ‪ -‬ثم إن هذا اجلهد‬ ‫كان يستغرق أكثر من عام‪ .‬ويكمن التحدي اآلن في حتديد‬ ‫طريق� � ��ة إلخضاع ه� � ��ذا النوع من التدري� � ��ب إلى القياس‪،‬‬ ‫ويقول > ُك ْب<‪« :‬نحن نعلم أن ثمة مدارس استثنائية‪ ،‬ونحن‬ ‫معنيون بإيجاد مناطق استثنائية‪».‬‬ ‫وقد ح� � ��دد >ليموڤ<‪ ،‬أيضا‪ 49 ،‬تقنية يصفها بقوله‪« :‬إنها‬ ‫متي� � ��ز املعلمني ِ‬ ‫العظام من أولئ� � ��ك الذين هم جيدون فقط‪ ».‬لقد‬ ‫أمضى سنوات في مراقبة املعلمني املتميزين‪ ،‬ومعرفة سماتهم‬ ‫املمي� � ��زة التي ميكن إعادة إنتاجها‪ ،‬والتي جتعلهم ذوي فعالية‬ ‫موجها إلى الطريقة‬ ‫عالية‪ .‬وقد كان أول تركيز لفريق >ليموڤ< ّ‬ ‫الت� � ��ي جتعل تعليمات القراءة أكثر فعالية‪ ،‬أما اآلن‪ ،‬فهو يفعل‬ ‫الشيء نفسه في العلوم والرياضيات‪ ،‬بغية إيجاد معلمني من‬ ‫أمثال >بيلوتشي<‪ .‬ومن بني العوامل التي الحظها الفريق حتى‬ ‫اآلن تخليص التالمذة من ورطة(‪ )1‬تقدمي إجابة غير صحيحة‬ ‫(العودة إلى طال� � ��ب ق ّدم إجابة غير صحيحة في املرة األولى‪،‬‬ ‫وذل� � ��ك كي يفهم الطلبة اجلواب الصحيح)‪ ،‬كما الحظ ضرورة‬ ‫(جع���ل ورود إجابة خاطئة أم���را عاديا(‪ )2‬إفهام التالمذة أن‬ ‫التوصل إلى شيء خاطئ قبل تصحيحه أمر طبيعي‪).‬‬ ‫الكفاح لبلوغ القمة‬

‫( )‬

‫ومع اس� � ��تمرار اجلدل املتعلق بأفضل الطرق إلصالح تدريب‬ ‫معلم� � ��ي الرياضي� � ��ات والعلوم‪ ،‬فق� � ��د تعه� � ��دت إدارة الرئيس‬ ‫>أوبام� � ��ا<‪ ،‬باس� � ��تمرار‪ ،‬بتعزي� � ��ز تعليم موضوع� � ��ات العلوم‬ ‫والتقان���ة والهندس���ة والرياضي���ات ‪ .STEM‬وبرنامجه� � ��ا‪،‬‬ ‫املسمى السباق لبلوغ القمة ‪( Race to the Top‬سلسلة وطنية‬ ‫من املنافس� � ��ات التي تكافئ الوالي� � ��ات التي تجُ ري إصالحات‬ ‫طموح� � ��ة في التربي� � ��ة والتعلي� � ��م مبنحها باليني م� � ��ن األموال‬ ‫االحتادية اإلضافية)‪ ،‬حث الواليات على إصالح برامج تقييم‬ ‫معلميها‪ ،‬وس � � � ّهل احلصول على رخص الفتتاح مدارس غير‬ ‫رس� � ��مية‪ ،‬وعلى تخريج معلمني مدرب� �ي��ن (مثل الذين يأتون من‬ ‫البرنامج ‪ Teach for America‬والبرنامج ‪ )TNTP‬الستخدامهم‬ ‫�ات الوالي� � � ِ‬ ‫�ات على فعل املزيد‬ ‫في التعليم‪ .‬وقد حثّت املنافس� � � ُ‬ ‫النخراط معلم� � ��ي ‪ STEM‬املتضلعني مبوضوعات تخصصهم‬ ‫الرئيس� � ��ية‪ ،‬وبرب� � ��ط أداء الطلبة باإلصالح� � ��ات التعليمية في‬ ‫املدارس‪ .‬وق� � ��د ُو ّفرت األم� � ��وال الالزمة للح� � ��ث على حتديث‬ ‫مختبرات هذه املدارس‪ ،‬كما ُرص� � ��دت أموال احتادية لتمويل‬ ‫برامج مث� � ��ل البرنام� � ��ج ‪،Robert Noyce Teacher Scholarship‬‬ ‫‪76‬‬

‫وذلك لدفع تعويض� � ��ات لتدريب معلمني من بني أوائل خريجي‬ ‫الرياضي� � ��ات والعلوم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن اإلدارة تعي أنها بحاجة‬ ‫إلى فعل أكثر من ذلك بكثير‪.‬‬ ‫هذا هو أحد أس� � ��باب عمل املوظفني احلكوميني عن كثب مع‬ ‫الهيئة الالربحي� � ��ة گارنيگي في نيويورك ‪Carnegie Corporation‬‬ ‫‪ of New York‬فيما يس� � ��مونه اجلهد‪ .“100kin10ˮ‬ففي عام ‪،2011‬‬ ‫جن� � ��ح هؤالء املوظفون في ضم أكثر من مئة حكومة ومش� � ��روع‬ ‫عمل ومنظمة غي� � ��ر ربحية إليهم‪ ،‬وجمع� � ��وا أكثر من ‪ 24‬مليون‬ ‫دوالر في جولتهم األولى للحصول على التمويل من مجموعات‬ ‫تضم مؤسس� � ��ة بل وميليندا گيت���س وگوگل ومؤسسة مايكل‬ ‫وس���وزان دِ لْ ‪ .‬وقد وع� � ��دوا املانحني بأن يكون اس� � ��تثمار هذه‬ ‫األم� � ��وال مقصورا على برام� � ��ج تدريب املعلم� �ي��ن‪ ،‬التي أثبتت‬ ‫نظم� � ��ه باحثون من جامعة‬ ‫فعاليته� � ��ا بعد أن خضعت المتحان َّ‬ ‫ش� � ��يكاگو‪( .‬وحتى اآلن‪ ،‬حصل البرنام� � ��ج ‪ UTeach‬والبرنامج‬ ‫‪ Teach for America‬على الضوء األخضر لالستثمار‪ ،‬وذلك من‬ ‫بني عش� � ��رات من البرامج األخ� � ��رى؛ وكان قد حصل على ذلك‪:‬‬ ‫جامعة والية كاليفورني� � ��ا‪ ،‬وجامعة والية أريزونا‪ ،‬وجامعة والية‬ ‫ميتش� � ��يگان‪ ،‬وكلية بوسطن ومؤسس� � ��ة الزمالة الوطنية وودرو‬ ‫ويلسون ‪).Woodrow Wilson National Fellowship Foundation‬‬ ‫ال ش� � ��ك في أن هذه القضية تولد ح� � ��رارة وضوءا يثيران‬ ‫االنتباه‪ ،‬ويصر أنصارها على أننا سنرى في وقت ليس ببعيد‪،‬‬ ‫تقدما حقيقيا لها‪ .‬وتقول >‪ .M .T‬إنكوت< [تدير مبادرات معلمي‬ ‫‪ STEM‬ملصلح� � ��ة كارنيگ� � ��ي]‪« :‬إننا نع� � ��رف أن هذا ضروري‪،‬‬ ‫ونح� � ��ن نعلم أن هذا ممكن‪ ،‬وأن ما حدث غير ٍ‬ ‫كاف للكثير من‬ ‫األوالد‪ .‬وميكنن� � ��ا عمل ذلك بتفعيل ع� � ��دد كاف من الناس في‬ ‫جميع أنحاء البالد ليصدروا قرارا باالنضمام إلينا مبواردهم‬ ‫اخلاصة‪ ،‬وخبرتهم‪ ،‬ومعرفته� � ��م احمللية‪ .‬مبقدورنا العمل معا‬ ‫لبلوغ هذا الهدف‪».‬‬ ‫ومع أنه م� � ��ازال أمامنا طريق طويل‪ ،‬فليس ثمة جدل حول‬ ‫>‬ ‫أهمية هذا اجلهد‪.‬‬ ‫( ) ‪STRIVING FOR THE TOP‬‬ ‫(‪Letting students off the hook )1‬‬ ‫(‪normalizing errors )2‬‬

‫مراجع لالستزادة‬ ‫‪Breaking the Cycle: An International Comparison of U.S. Mathematics Teacher Prepara‬‬‫‪tion. Michigan State University Center for Research in Mathematics and Science Educa‬‬‫‪tion, 2010. http://hub.mspnet.org/index.cfm/20671‬‬ ‫‪Preparing Teachers: Building Evidence for Sound Policy. National Research Council.‬‬ ‫‪National Academies Press, 2010.‬‬ ‫‪Teach Like a Champion: 49 Techniques That Put Students on the Path to College. Doug‬‬ ‫‪Lemov. Jossey-Bass, 2010.‬‬

‫‪Scientific American, August 2012‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬


‫تقدمات‬ ‫احلياة البرية‬

‫هل تعوم الزرافة؟‬ ‫عالمِ ان وحاسوب يق ِّلبون وجوه الرأي في ِّ‬ ‫حل لغز‬ ‫قدمي حول الزرافات‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫أسقطت زرافة في بركة ماء عميقة‪ ،‬فهل تطفح‪ ،‬أم تغرق؟‬ ‫إذا‬ ‫َ‬ ‫وإذا استطاعت الطف ّو‪ ،‬فهل بإمكانها السباحة برشاقة وثقة إلى‬ ‫أقرب نقطة من اليابسة‪ ،‬أم أنها ستتخ َّبط بال جدوى ثم تغرق؟‬ ‫وقد يبدو غريبا أن قدرات العوم والسباحة لدى الزرافة –‬ ‫أو باألح� � ��رى افتقارها املفت َرض إلى هذه القدرات – كثيرا ما‬ ‫َّ‬ ‫محط اهتم� � ��ام اخلبراء وموضوعا لكتاباتهم‪ .‬فقد أ َّكدوا‬ ‫كانت‬ ‫أن الزراف� � ��ات «تغرق كاحلجارة» وتعجز عن الس� � ��باحة‪ ،‬حتى‬ ‫في حالة الضرورة القصوى»‪ ،‬وأن «األنهار ُت َع ُّد بالنسبة إليها‬ ‫حواجز ال تستطيع اجتيازها‪ ».‬ومع أن بعض الصور ومقاطع‬ ‫األفالم النادرة تُظهر أنها رمبا تخ ِّوض في األنهار العميقة إذا‬ ‫أجلأتها الضرور ُة إلى ذلك‪ ،‬إال أنه ال تتوافر مشاهدات موثقة‬ ‫وقاطعة على سباحة الزرافة‪.‬‬ ‫والطريقة الوحيدة املؤكدة‪ ،‬للوقوف على س� � ��لوك الزرافات‬ ‫ف� � ��ي امل� � ��اء هي دف � � � ُع إحداه� � ��ا إلى برك� � ��ة عميق� � ��ة ومالحظة‬ ‫النتائ� � ��ج‪ .‬لكن القيود األخالقية والعملي� � ��ة جتعل هذه التجربة‬ ‫رت في ّ‬ ‫حل آخر‪.‬‬ ‫االفتراضية مس� � ��تحيلة التنفيذ‪ ،‬لذا فق� � ��د ف َّك ُ‬

‫العون في هذا األمر من‬ ‫وبدافع من فضول محض‪ ،‬التمس� � � ُ�ت‬ ‫َ‬ ‫>‪ .D‬هندرس� � ��ون< [من متحف تيريل امللكي للمس� � ��تحاثات في‬ ‫ْد َر ْمهيالر مبقاطعة ألبيرتا] الذي كان قد طور منوذجا حاسوب ّيا‬ ‫ثالثي األبعاد لزرافة في س� � ��ياق مشروع آخر‪ ،‬مختبرا أيضا‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫قابلية العوم ألصناف مختلفة من احليوانات احلية واملنقرضة‬ ‫وتساءلت‪ :‬هل يستطيع‬ ‫باستعمال برمجيات محاكاة ‪ -‬العوم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫>هندرسون< اختبار قابلية العوم لـ «زرافته الرقمية» بالطريقة‬ ‫نفس� � ��ها؟ فإن اس� � ��تطاع‪ ،‬فقد نتمكن من إيجاد ّ‬ ‫حل حاس� � ��م‬ ‫ونهائي لهذه املسألة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وملقارنة سلوك النموذج املصطنَع في املاء بسلوك حيوانات‬ ‫أخ� � ��رى فيه‪ ،‬أجرينا حس� � ��ابات لتحديد مراك� � ��ز الكتلة والطفو‬ ‫لزرافة مغمورة في امل� � ��اء‪ ،‬واملقاوم ِة التي تالقيها عندما حت ِّرك‬ ‫أطرا َفها‪ ،‬واالحتكاكِ احلاصل على كامل سطح جسمها‪ .‬وكان‬ ‫علينا أن نأخذ باحلس� � ��بان ش� � ��ك َل رئتَي الزرافة غير العادي‪،‬‬ ‫وحجمهم� � ��ا الذي كان مثا َر اختالف آراء اخلبراء‪ .‬وبعد إجراء‬ ‫تعديالت على النموذج جلعله مقبوال ظاهر ّيا قدر اإلمكان‪ ،‬صار‬ ‫بإمكاننا معرفة مدى قدرة الزرافة على العوم أو السباحة‪.‬‬ ‫و ُيظهِ ر الشكل اآلتي التحليل الذي أجريناه والنتيجة التي‬ ‫>‬ ‫توصلنا إليها‪.‬‬ ‫>‪.D‬‬

‫وكاتب علمي‬ ‫نايش<‪ ،‬عالِم مستحاثات‬ ‫ٌ‬ ‫من جامعة بورتسموث في إنكلترا‪.‬‬

‫( ) ?‪Will It Float‬‬

‫نتائج احملاكاة‬ ‫خط املاء‬ ‫على احليوان إبقاء رأسه نحو‬ ‫األعلى بزاوية غير مريحة‪،‬‬ ‫وسيكون غير قادر على حتريك‬ ‫عنقه نحو األعلى واألسفل‬ ‫بانسجام مع حركات أطرافه‪.‬‬

‫ساقا الزرافة األماميتان ومنطقة‬ ‫الكتفني جتذب النصف األمامي‬ ‫للزرافة‪ ،‬مجبرة العنق على الدنو‬ ‫من الوضعية األفقية‪.‬‬

‫النتيجة‬ ‫تستطيع الزرافات أن تطفو‪ ،‬لكنها غير رشيقة وغير‬ ‫متوازنة في املاء‪.‬‬

‫املنافسة‬ ‫إن اختبار قدرات زرافة على السباحة يبدو وكأنه‬ ‫ضرب من العبث‪ .‬لكن حتليل املسألة ذو أهمية‬ ‫قصوى ألي مهتم بالبيولوجيا أو بتدبير شؤون‬ ‫احليوانات‪ .‬وقد أظهرت دراستنا أيضا أن العلماء‬ ‫ميكنهم التعويل على احملاكاة احلاسوبية لتقصي‬ ‫مسائل مثيرة في امليكانيكا األحيائية‪.‬‬

‫من شأن الكثافة املرتفعة‬ ‫نسبيا للزرافة‪ ،‬وخاصة في‬ ‫عظام أطرافها‪ ،‬أن جتعلها‬ ‫تغطس منخفضة جدا في املاء‪،‬‬ ‫وستعاني قوة جذب عالية‪.‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪77‬‬


‫علم األعصاب‬

‫ملاذا يعد النوم مفيدا لك‬

‫( )‬

‫تساعد األسماك الشفافة(‪ )1‬علماء األعصاب على حسم اجلدل‬ ‫العلمي بشأن ما إذا كان النوم ُي َح ِّسن أداء الدماغ لوظائفه‪.‬‬ ‫تب� � ��دو فوائد النوم واضحة وجلية‪،‬‬ ‫وم� � ��ع ذل� � ��ك فقد ظ� � ��ل العلم� � ��اء طويال‬ ‫يتناقش� � ��ون ويتجادل� � ��ون ف� � ��ي الكيفية‬ ‫الدقيقة التي ُي َح ِّس� � ��ن به� � ��ا النوم أداء‬ ‫الدم� � ��اغ لوظائف� � ��ه عل� � ��ى املس����توى‬ ‫اخلل����وي(‪ .)2‬وحت� � ��اول مجموع� � ��ة من‬ ‫العلماء أن تبره� � ��ن على أن النوم يقلل‬ ‫الروابط (غير املهمة) بني العصبونات‬ ‫واقيا بذلك الدماغ من األحمال الزائدة‪،‬‬ ‫في حني تؤكد مجموعة أخرى أن النوم‬ ‫يقوي ذكري� � ��ات من النهار الس� � ��ابق‪،‬‬ ‫ويجعلها تتصلب وتتماسك‪.‬‬ ‫ومؤخرا ح� � ��اول فريق من الباحثني‬ ‫تسوية هذا اخلالف عن طريق دراسة‬ ‫يرق� � ��ات حيوان أليف ش� � ��فاف تش� � ��يع‬ ‫تربيته ف� � ��ي أحواض األس� � ��ماك‪ ،‬وهو‬ ‫س����مك ال َّز َرد(‪( )3‬سمك صغير مخطط)‪.‬‬ ‫فأس� � ��ماك ال� � ��زرد مثلها مثل البش� � ��ر‬ ‫تنش� � ��ط أثناء النهار وتنام أثناء الليل‪،‬‬ ‫ولك� � ��ن يرق� � ��ات هذه األس� � ��ماك ‪ -‬على‬ ‫خالف البش� � ��ر ‪ -‬أجس� � ��امها ش� � ��فافة‬ ‫مما أت� � ��اح للعلم� � ��اء مراقب� � ��ة أدمغتها‬ ‫أثناء نومه� � ��ا‪ .‬فقام الباحث� � ��ون بقيادة‬ ‫>‪ .L‬أپلبوم< و >‪ .Ph‬موران< [من جامعة‬ ‫ستانفورد] بتلوين عصبونات اليرقات‬ ‫بصبغ� � ��ة جعلت رواب� � ��ط العصبونات‪،‬‬ ‫أو املش����بكات العصبي����ة ‪،synapses‬‬ ‫الفعال� � ��ة تظهر خضراء اللون‪ ،‬في حني‬ ‫تُظهر املش� � ��بكات العصبي� � ��ة اخلاملة‬ ‫(غير الفعالة) س� � ��وداء الل� � ��ون‪ .‬و ُيظهر‬ ‫تناق� � ��ص فعالية املش� � ��بكات العصبية‬ ‫أن الن� � ��وم يق ّلم(‪ )4‬رواب� � ��ط الذاكرة غير‬ ‫الضرورية‪ ،‬في حني أن تقوية الذاكرة‬ ‫له� � ��ا منط آخر مختلف‪ .‬وقد وجد فريق‬ ‫‪78‬‬

‫الباحث� �ي��ن‪ ،‬بعد متابع� � ��ة تذبذبات هذه‬ ‫املش� � ��بكات العصبية على مدار اليوم‪،‬‬ ‫أنه في أس� � ��ماك ال� � ��زرد كان إجمالي‬ ‫نش� � ��اط املش� � ��بكات العصبية أقل أثناء‬ ‫النوم‪ .‬وقام الباحثون بنش� � ��ر نتائجهم‬ ‫ف� � ��ي مجل� � ��ة ‪ ،Neuron‬فأصبحوا بذلك‬ ‫أول من أظهر تأثي� � ��رات دورات نوم‪/‬‬ ‫يقظ����ة(‪ ،)5‬وأوقات اليوم على املشبكات‬ ‫العصبي� � ��ة في الفقاريات احلية‪ .‬ويقول‬ ‫>م� � ��وران< إن النوم عملي� � ��ة فاعلة تقلل‬ ‫النشاط في الدماغ‪ ،‬وتتيح له الفرصة‬ ‫الستعادة عافيته من التجارب السابقة‪.‬‬ ‫كما أش� � ��ار أيضا إلى أنه لوال تناقص‬ ‫نشاط املشبكات العصبية الذي يحدث‬ ‫أثناء الن� � ��وم ملا كانت للدم� � ��اغ القدرة‬ ‫على االس� � ��تمرار باستيعاب املعلومات‬ ‫اجلديدة وتخزينها‪.‬‬ ‫ْسم بعد‪ ،‬فمن‬ ‫ولكن املس� � ��ألة لم تحُ َ‬ ‫ضمن االكتشافات األخرى للفريق تبني‬ ‫أن الدارات العصبي� � ��ة ال تتأثر جميعها‬ ‫بالن� � ��وم بالطريق� � ��ة نفس� � ��ها‪ ،‬وأن التعلم‬

‫مراكز توزيع‬

‫املشبكات العصبية في سمك ال َّز َرد‬

‫والذاكرة رمبا كانا هما األكثر استفادة‪،‬‬ ‫كما يقول >موران<‪ .‬ولهذا الس� � ��بب يقول‬ ‫عال� � ��م األعصاب >‪ .J‬ب� � ��ورن< [من جامعة‬ ‫لوبك في أملانيا]‪ :‬ربمّ ا ال تستبعد إحدى‬ ‫الفرضيتني حول النوم الفرضية األخرى‪.‬‬ ‫ورمبا ال يكون حل هذه املسألة بعيدا‪ ،‬إذ‬ ‫إن تقنيات التصوير اجلديدة التي وضعها‬ ‫>موران< و >أپلبوم< س� � ��وف تس� � ��مح في‬ ‫الس� � ��نوات القادمة بدراسة أكثر تفصيال‬ ‫>‬ ‫للدماغ أثناء النوم‪.‬‬

‫>‪ .C‬أرنولد<‬

‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪WHY SLEEP IS GOOD FOR YOU‬‬ ‫‪see-through fish‬‬ ‫‪ cellular level‬أو‪ :‬املستوى اخلليوي‪.‬‬ ‫‪zibrafish‬‬ ‫‪ prune‬أو يشذب‪.‬‬ ‫‪sleep / wake cycles‬‬

‫في األقطار العربية‪:‬‬

‫< اإلمارات‪ :‬شركة اإلمارات للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬أبوظبي‪ /‬دار‬ ‫احلكمة ‪ -‬دبي < البحرين‪ :‬الشركة العربية للوكاالت والتوزيع ‪ -‬املنامة‬ ‫< تونس‪ :‬الشركة التونسـية للصحافة ‪ -‬تونس < السعودية‪ :‬تهامـة‬ ‫للتوزيع ‪ -‬جدة ‪ -‬الرياض ‪ -‬الدمام < سوريا‪ :‬املؤسـسة العربية السورية‬ ‫لتوزيع املطبوعات ‪ -‬دمشق < عُ مان‪ :‬محالت الثالث جنوم ‪ -‬مسقط‬ ‫< فلسطني‪ :‬وكالة الشرق األوسط للتوزيع ‪ -‬القدس < قطر‪ :‬دار الثقافة‬ ‫للطباعة والصحافة والنشر والتوزيع ‪ -‬الدوحة < الكويت‪ :‬الشـركة‬ ‫املتحدة لتوزيع الصحف واملطبوعات ‪ -‬الكويت < لبنان‪ :‬الشركة اللبنانية‬ ‫لتوزيع الصحف واملطبوعات ‪ -‬بيروت < مصر‪ :‬األهرام للتوزيع ‪ -‬القاهرة‬ ‫< املغرب‪ :‬الشركة الشريفية للتوزيع والصحافة ‪ -‬الدار البيضاء‬ ‫< اليمن‪ :‬الدار العربية للنشر والتوزيع ‪ -‬صنعاء‪.‬‬ ‫‪(2013) 2/1‬‬


WHERE WE’ER HEADED

40

BASIC SCIENCE

Questions for the Next Million Years By Davide Castelvecchi

What leading scientists would study if they could live for hundreds or thousands of years—or more. ECOLOGY

48

The Great Climate Experiment By Ken Caldeira

How far can we push the planet? PHYSICS

54

Beyond the Quantum Horizon By David Deutsch and Artur Ekert

Once viewed as implying that nothing can be known for certain, quantum theory is now expanding the power of computers and the vistas of the mind.

60

NEUROSCIENCE Interview by Gareth Cook

Neuroscientist Rebecca Saxe peers into the brain for clues to solving seemingly intractable political and social conflict. DIAGNOSTICS

The Medical Sleuth

Interview by Brendan Borrell

NIH investigator William A. Gahl unravels the cause of illnesses that have stumped other doctors.

68

EDUCATION

Building a Better Science Teacher By Pat Wingert

A few key changes in teacher training would vastly improve children’s love of science.

77 Advances > >

ADVISORY BOARD

Adnan A. Shihab-Eldin Abdullatif A. Al-Bader

79

ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello, Larry Greenemeier news Reporter, ONLINE: John Matson ART DIRECTOR, online: Ryan Reid ART DIRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller

COPY and PRODUCTION, nature publishing group: Senior COPY editor, npg: Daniel C. Schlenoff COPY editor, npg: Michael Battaglia editorial assistant, npg: Ann Chin managing pRODUCTION EDITOR, npg:  Richard Hunt senior pRODUCTION EDITOR, npg: Michelle Wright PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch pRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, operations and Administration: Frances Newburg Vice president, finance and BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSINESS MANAGER: Marie Maher

Letters to the Editor Scientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or editors@SciAm.com

Will It Float? Why sleep is good for you.

Chairman

CONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson

Editorial Administrator: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty

Mind Theorist

64

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate Wong

Deputy

Adnan Hamoui

Member - Editor In Chief

(2013) 2/1

Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at

www.ScientificAmerican.com/ sciammag


January / February - 2013

4

BEYOND LIMITS :

Volume 29

Who we are

Number 1/2

What we can do

Where we’er headed

WHO WE ARE

6

EVOLUTION

Super Humanity

By Robert M. Sapolsky

Our drive to exceed our evolutionary limits sets us apart from the other beasts.

10

INTELLIGENCE

Can We Keep Getting Smarter? By Tim Folger

Ever rising IQ scores suggest that future generations will make us seem like dimwits in comparison.

14

CONSCIOUSNESS

The Case of the Sleeping Slayer By James Vlahos

In the neurological netherworld between sleep and wake­­ful­ness, the mind’s delirium can turn tragically real.

22

AGING

How We All Will Live to Be 100 By Katherine Harmon

What is the best way to extend our life span: Cure disease or slow the aging process?

WHAT WE CAN DO

26

NEUROENGINEERING

Mind in Motion

By Miguel A. L. Nicolelis

Work is under way to allow paralyzed people to control their limbs just by thinking.

32

TECHNOLOGY

The Edge of Ambition Research by Dave Mosher

An offering of 10 projects that push the boundaries of engineering.

34

COMPLEXITY

Machines of the Infinite By John Pavlus

Whether or not machines can quickly answer yes-or-no questions could affect everything from national security to the limits of human knowledge. (2013) 2/1

80


‫صدر حديثا عن‬ ‫( )‬

‫املركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق‬ ‫كتاب‬

‫بالتعاون مع‬ ‫املكتب اإلقليمي ملنظمة الصحة العاملية‬

‫كتاب‬

‫الدليل العلمي ملعلمي الطب‬

‫‪A Practical Guide for Medical Teachers‬‬

‫مدخل إلى كيمياء املنتجات الطبية‬ ‫‪Introduction to Natural‬‬ ‫‪Products Chemistry‬‬

‫(٭)‬

‫مؤسسة الكويت للتقدم العلمي‬

‫‪Kuwait Foundation for the‬‬ ‫)‪Advancement of Sciences (KFAS‬‬

‫جُتدد اتفاقيتها‬ ‫املوقعة عام ‪ 1983‬مع‬

‫مركز عبدالسالم الدولي للفيزياء النظرية‬ ‫تريستا (إيطاليا)‬

‫تأليف‬

‫‪J. A. Dent - R. M. Harden‬‬

‫تأليف‬

‫‪R. Xu - Y. Ye - W. Zhao‬‬ ‫‪Profs. :‬‬

‫ترجمة‬

‫أ‪ .‬د‪ : .‬مروان الوزة ـ ـ حسان اليقة ـ ـ‬ ‫يوسف بركات‬ ‫د‪ : .‬ملى اليوسف ـ ـ هناء مسوكر‬ ‫مراجعة علمية‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬هيام بشور‬ ‫ص� � ��درت ترجم� � ��ة الطبعة الثالث� � ��ة من هذا‬ ‫الكتاب لتلبي احلاجة املاس� � ��ة للمكتبة العربية‬ ‫إل� � ��ى كتب متخصصة ف� � ��ي التعليم الطبي من‬ ‫مختلف جوانبه ‪ -‬ويش� � ��مل ذلك‪ :‬انتقاء الهيئة‬ ‫التدريس� � ��ية والطلب� � ��ة ومدربيهم ف� � ��ي الكليات‬ ‫الطبية ‪ -‬بحيث تواك� � ��ب هذه الكتب املتغيرات‬ ‫العاملية املتمثلة بالتنوع الهائل في التخصصات‬ ‫الطبية والرعاية الصحية‪ ،‬ومبا تفرضه الثورة‬ ‫التقانية املعلوماتية بش� � ��كل خاص على عملية‬ ‫التعلّم والتعليم الطبي‪.‬‬ ‫والكتاب ف� � ��ي أبوابه الس� � ��بعة وفصوله الثالثة‬ ‫واخلمسني يوفر دليال قيما‪ ،‬نظريا وعمليا‪ ،‬للمعلمني‬ ‫الطبيني يسد الثغرات في معارفهم وخبراتهم‪ ،‬بدءا‬ ‫م� � ��ن مكونات املنه� � ��اج ومواكبت� � ��ه ملتطلبات مراحل‬ ‫الدراسة والتخصص والتطوير املهني‪.‬‬ ‫كم� � ��ا يبحث الكت� � ��اب في االس� � ��تراتيجيات‬ ‫التعليمية املختلفة‪ ،‬ويتصدى بعد ذلك لقضايا‬ ‫تعليمية مهمة‪ .‬وفي بابه األخير يتناول الكتاب‬ ‫التقدير من مختلف نواحيه‪.‬‬ ‫ويتضمن الكتاب مسردا بأهم مصطلحاته مع‬ ‫ترجمته� � ��ا‪ ,‬وميكن البحث عن هذه املصطلحات‬ ‫وفقا للترتيبها األبجديني العربي واإلنگليزي‪.‬‬

‫‪Prof. :‬‬

‫ترجمة‬

‫أ‪ .‬د‪ : .‬هيفاء العظمة ـ ـ فرانسوا قره بت‬ ‫د‪ : .‬فادي خضر ـ ـ منال داغستاني ـ ـ‬

‫حسام البلتجي ـ ـ أمينة إبراهيم‬ ‫مراجعة علمية‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬نزار الريس‬

‫إشراف عام‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬زيد العساف‬

‫يختص كل فصل م� � ��ن فصول هذا الكتاب‬ ‫الستة عشر بجانب معني من جوانب املنتجات‬ ‫الطبية وأنشطتها احليوية وطرق استخالصها‬ ‫وتنقيتها‪ ،‬حيث صارت هذه املنتجات مصدرا‬ ‫ال ينضب لتوفير العقاقير الطبية‪ .‬ومع ارتفاع‬ ‫وتي� � ��رة الدعوة الس� � ��تخدام النبات� � ��ات الطبية‬ ‫وتضخم دوره� � ��ا العالجي املتعدد‪ ،‬صار من‬ ‫الضروري االهتمام بعزل وفصل وتنقية املواد‬ ‫ذات االستخدام العالجي األمثل‪.‬‬ ‫ويعد ه� � ��ذا الكتاب مرجع� � ��ا قيما لكيمياء‬ ‫املنتج���ات الطبيعي���ة فم� � ��ن خالل� � ��ه ميكن‬ ‫للقارئ تعرف الكثير مما يطلق عليه «صيدلية‬ ‫الطبيعة» التي تش� � ��تمل عل� � ��ى عدد كبير من‬ ‫األعش� � ��اب والنبات� � ��ات والكائن� � ��ات البحرية‪.‬‬ ‫واملعلومات التفصيلية الواردة في هذا الكتاب‬ ‫واخلاصة بكيفية اس� � ��تخالص وتنقية وحتليل‬ ‫ه� � ��ذه املنتجات‪ ،‬تمُ كّن من معرفة املواد الفاعلة‬ ‫فيها ودورها احليوي‪.‬‬ ‫وق� � ��د ج� � ��رى تذييل كل فص� � ��ل من فصول‬ ‫الكتاب بعدد من املراجع واألبحاث املنشورة‪،‬‬ ‫مم� � ��ا يتيح للدارس� �ي��ن إمكان االس� � ��تزادة من‬ ‫املعلومات ذات الصلة‪.‬‬ ‫فاكس‪:‬‬

‫( ) ص‪.‬ب‪ 3752 :‬دمشق (سوريا) ـ ـ هاتف‪ )369+( 678433311 :‬ــ‬ ‫البريد اإللكتروني‪acatapalecso@gmail.com :‬‬

‫‪)369+( 899033311‬‬

‫‪(2013) 2/1‬‬

‫‪The Abdus Salam International‬‬ ‫)٭٭(‬ ‫)‪Centre for Theoretical Physics (ICTP‬‬ ‫‪Trieste - Italy‬‬

‫بدع� � ��م مالي س� � ��نوي قدره مئة أل� � ��ف يورو‪ ،‬مت‬ ‫جتديد هذه االتفاقية ملتابعة إس� � ��هامات املؤسسة‬ ‫في دعمها مشاركة الباحثني العلميني العرب بدولة‬ ‫الكويت والدول العربية األخرى في أنشطة املركز‬ ‫العلمية التالية‪:‬‬ ‫‪: Post-doctoral Fellowship -1‬‬

‫زمالة البحث هذه‪ ،‬مدتها س� � ��نة ومتنح لباحث عربي‬ ‫ش� � ��اب‪ ،‬يعمل في دولة الكوي� � ��ت وحصل حديثا على‬ ‫الدكتوراه في أحد مجاالت تخصص املركز ‪.ICTP‬‬ ‫‪: Diploma Students Programme -2‬‬

‫مِ َن� � � ٌ�ح س� � ��نوية لثالثة طلبة عرب للمش� � ��اركة في‬ ‫‪.ICTP Postgraduate Programme‬‬ ‫‪: Abdus Salam Lectureship -3‬‬

‫سلس� � ��لة محاضرات سنوية مدتها أس� � ��بوع يلقيها‬ ‫باح� � ��ث علمي مع� � ��روف عامليا‪ ،‬ويع� � ��رض فيها أهم‬ ‫التطورات العلمية احلديثة‪.‬‬ ‫‪Supporting Scientists from Arab Countries -4‬‬ ‫‪to participate in the activities announced in‬‬ ‫‪ICTP’s Scientific Calendar:‬‬ ‫دع� � ��م زي� � ��ارة املرك� � ��ز ‪ ICTP‬من قب� � ��ل الباحثني‬

‫العلمي� �ي��ن ف� � ��ي الوط� � ��ن العربي للمش� � ��اركة في‬ ‫األنش� � ��طة العلمية لهذا املركز واملعلن عنها في‬ ‫أجندته العلمية‪.‬‬ ‫ملزيد من املعلومات حول هذه االتفاقية يرجى‬ ‫االتصال باملؤسسة ‪ KFAS‬أو باملركز ‪.ICTP‬‬ ‫)٭( ص‪.‬ب ‪ 36252‬الصفاة ‪ 31131‬الكويت‬ ‫هاتف‪)569+( 41407222 :‬‬ ‫فاكس‪11407222(+965) :‬‬ ‫‪wk.gro.safk@pio:liam-E‬‬ ‫‪gro.safk.www‬‬

‫‪)ylatI ,etseirT 41043 ,11areitsoC adartS‬٭٭(‬ ‫‪361 422 040 93+ xaF ;111 0422 040 93+ .leT‬‬ ‫‪ti.ptci.www ,ti.ptci@ofni_ics‬‬

‫‪81‬‬


(2013) 2/1

82


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.