مجلة المحجة البيضاء العدد الثاني عشر

Page 1

‫العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫كما تقرأ فى هذا العدد‬ ‫• من معا‬

‫ني احلج ‪...................‬صفحة ‪12‬‬

‫صفحة ‪54‬‬

‫• قرأت ل‬ ‫ك‪ :‬كتاب إظهار احلق على اخللق‬ ‫•م‬ ‫نهجية طلب العلم‪ :‬ضرورة الربان‬ ‫ية‬ ‫ل‬ ‫طا‬ ‫لب‬ ‫الع‬ ‫لم‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫صف‬ ‫حة‬ ‫‪32‬‬ ‫•ق‬ ‫صة العدد‪ :‬هاتف من بالد الهند‬ ‫‬‫املأ‬ ‫ساة‬ ‫(ا‬ ‫حلل‬ ‫قة‬ ‫األو‬ ‫لى)‬ ‫‪.....‬‬ ‫‪.......‬‬ ‫‪.......‬صفحة ‪38‬‬ ‫• سير و تراجم نبالء العصر‪ :‬الش‬ ‫يخ‬ ‫الد‬ ‫كت‬ ‫ور‪/‬‬ ‫مح‬ ‫مد‬ ‫خل‬ ‫يل‬ ‫هرا‬ ‫س‬ ‫رح‬‫مه اهلل‪................... -‬صفحة ‪44‬‬ ‫‪...................‬صفحة ‪24‬‬


‫فهرس العدد‬

‫صفحة‬

‫• إفتتاحية العدد‬

‫‪3‬‬

‫• ملاذا الدعوة السلفية‬

‫‪4‬‬

‫• قراءة في األحداث‪:‬‬ ‫ومضة قلب ملتاع في يوم العيد‬

‫‪10‬‬

‫• من معاني احلج‬

‫‪12‬‬

‫• هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬املنصرون (احللقة الثانية)‬

‫‪14‬‬

‫• قرأت لك‪:‬‬ ‫كتاب إظهار احلق على اخللق‬ ‫• البدائل الصحيحة‪:‬‬ ‫من األحاديث النبوية التي تغني عن األحاديث‬ ‫املوضوعة والضعيفة املشتهرة (باب العيد)‬ ‫• منهجية طلب العلم‪:‬‬ ‫ضرورة الربانية لطالب العلم‬ ‫• األسرة ودورها في تربية املراهقني‬ ‫التراكم اإلمياني املتعدد وآثره في املراهقة‬ ‫• قصة العدد‪:‬‬ ‫هاتف من بالد الهند ‪ -‬املأساة (احللقة األولى)‬ ‫• سير و تراجم نبالء العصر‪:‬‬ ‫الشيخ الدكتور‪ /‬محمد خليل هراس ‪-‬رحمه اهلل‪-‬‬

‫‪24‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪44‬‬

‫العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫تصدر عن الهيئة العلمية للدراسات‬ ‫الشرعية و اإلستراتيجية‬ ‫املشرف العام على اجمللة‬ ‫فضيلة الدكتور‬

‫أحـمـد الـنـقـيـب‬ ‫رئـيـس الـتـحـريـر‬ ‫مـحـمـود الـصـاوي‬ ‫املـديـر الـفـنـي‬ ‫تـامـر األنـصـاري‬

‫• من ذخائر اخملطوطات‪ :‬نفائس دار طابه‬

‫‪46‬‬

‫• صحتك‪ :‬العيد واللحوم‬

‫‪48‬‬

‫• واحـــة الـمـحـجـة‬

‫‪50‬‬

‫• بـاب الــفـتـاوى‬

‫‪52‬‬

‫للتواصل معنا‬ ‫بريد القراء‪malmhgh@yahoo.com :‬‬ ‫بريد األسئلة والفتاوى‪falmhgh@yahoo.com :‬‬

‫• حـصـاد عــام‬

‫‪54‬‬

‫• نهيب بالقراء الكرام إلى أهمية التواصل معنا عبر‬ ‫بريد القراء للنصح و النقد البناء و اإلقتراحات النافعة‪،‬‬ ‫وكذلك أيضا ً نحيطهم علما ً أن مجلتنا الغراء تفتح‬ ‫ذراعيها للبحوث العلمية املعتبرة فى كافة امليادين‬ ‫الشرعية لنشرها عبر صفحاتها املباركة ‪-‬بإذن اهلل‪-‬‬ ‫على أننا سنقوم بتحكيم هذه البحوث وإعتمادها ثم‬ ‫نشرها عبر فريق من أهل العلم والباحثني النابهني ثم‬ ‫التواصل مع أصحابها لإلفادة و اإلستفاده‪.‬‬ ‫• كما نرحب مبن أراد شيئا ً من اخملطوطات املنشوره عبر‬ ‫مجلتنا‪ ،‬فليتواصل معنا عبر بريد القراء إلمداده بها‪.‬‬ ‫• من أراد نشر اجملله أو طبعها ‪-‬كما هـي بـدون حـذف‬ ‫أو إضافة أو تعديل‪ -‬أو توزيعها بأي صوره فالباب مفتوح‬ ‫لنشر اخلير‪ ،‬وليتواصل معنا عبر بريد القراء أيضا ً‬ ‫لإلستفسار أو الدعم الفنى‪.‬‬


‫إفتتاحية العدد‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫إن احلمد هلل تعالى نحمده ونستعني به ونستغفره ونعوذ‬ ‫باهلل تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪...‬‬ ‫م��ن يهده اهلل تعال��ى فال مضل له وم��ن يضلل فال هادي‬ ‫له وأش��هد أن ال إله إال اهلل وحده ال ش��ريك له وأشهد أن‬ ‫محمدا عبده وسوله صلوات اهلل وتسليماته عليه وعلى‬ ‫آله وأصحابه وبــعـــد‪...‬‬ ‫فه��ذا إص��دار جدي��د جمللة كل املس��لمني مجل��ة خاصة‬ ‫حملبي املنهج الس��لفي الرباني وه��ذا العدد الذي هو العدد‬ ‫األخير لهذا العام يأتي واملس��لمون يؤمون بيت اهلل احلرام‪،‬‬ ‫ويخرج إليكم ‪-‬أحبابي‪ -‬وقد فاض الناس من عرفات ليتموا‬ ‫مناس��كهم ثم ليعودوا إلى أوطانهم بذنب مغفور وجتارة‬ ‫لن تبور ‪-‬بإذن اهلل‪ .-‬في هذه االجواء املباركة املفعمة باخلير‬ ‫والصالح يأتي هذا العدد مطال على محبيه أيضا بالقشيب‬ ‫املب��ارك وقد تنوعت موضوعات الع��دد كنظيره من إخوته‬ ‫األعداد الس��ابقة فالقلب امللتاع احملت��رق على أبناء الدعوة‬ ‫كان له��م حظ عظيم من توجيه��ات وهدايات هذا العدد‬ ‫«املقال التحليل��ي» أو في مقال «ملاذا الدعوة الس��لفية»‬ ‫الذي جس��د بعمق موقف الدعوة الس��لفية الربانية من‬ ‫مسألة احلكم ونظامه وأجاب عن غير واحد من إشكاليات‬ ‫هذا املوضوع الش��ائك وتأتي دراس��ة «هؤالء أعداؤك» لنري‬ ‫فيه خط��ورة مواالة غي��ر املؤمنني وإداخالهم مجالس��نا‬ ‫وأحزابنا وإقرارهم على إظهار ش��عائرهم بل ومساواتهم‬ ‫باملس��لمني وفي ضوء هذه املعطيات كان مقال «التراكم‬ ‫اإلميان��ي ودوره ف��ي التربية األس��رية واملراهق�ين» ليعطي‬ ‫النموذج األمثل في كيفية معاجلة مش��اكل شباب وأبناء‬ ‫األمة وفق منظور عقائدي محكم وهذا يقوم على الربانية‬ ‫الت��ي تتلقي وتتعل��م على ي��د الربانيني ول��ذا كان مقال‬ ‫«الربانية ودورها في طلب العلم» مفيدا في هذا االطار وملا‬ ‫كان اجلانب العقائدي هو اجلانب احملكم في املنهج فإن بقية‬ ‫املقاالت و املواضيع تعكس ه��ذا االهتمام العقائدي فتري‬ ‫مق��ال الرد على النصاري وكت��اب «إظهار احلق على اخللق»‬ ‫لرحم��ة اهلل الهن��دي ومبناس��بة «الهن��دي» كانت قصة‬ ‫الع��دد ‪-‬احللقة األولى من‪« -‬هاتف من الهند» حيث تعالج‬ ‫القصة مشاكل املسلمني في بالد شرق اسيا وجنوبها في‬ ‫إطار سياس��ي واجتماعي عقائدي ثم كانت الترجمة متثل‬ ‫إضافة لهذا اجلانب العقائدي احملكم من خالل تقدمي ّ‬ ‫مركز‬ ‫لترجمة العالم��ة «الدكتور محمد خليل هراس» أبرز دعاة‬ ‫الدعوة السلفية مبصر والعالم االسالمي‪،‬‬

‫وأت��ت اخملطوط��ات لتزك��ي ه��ذا اجلان��ب العقائ��دي م��ن‬ ‫خ�لال هذه اخملتارات الن��ادرة من دار طابة للدراس��ات وهي‬ ‫مخطوطات «الصارم احلديد» للسويدي رحمه اهلل في الرد‬ ‫عل��ى الرافضه ومخطوطة الكافي الش��افية البن القيم‬ ‫رحمه اهلل‪ ،‬ومخطوطة «الرسالة املدنية في بيان العقيدة‬ ‫الس��نية» للش��يخ حمد بن ناصر رحمه اهلل ومخطوطة‬ ‫االنتص��ار حلزب اهلل املوحدين والرد اجملادل على املش��ركني»‬ ‫للشيخ عبد اهلل أبا بطني رحمه اهلل‪...‬‬ ‫وال زال الناس في ذكرى احلج وطيفه فكانت مقاالت «البدائل‬ ‫الصحيحة» ملعاجلة بعض األحاديث واالثار غير الصحيحة‬ ‫في مسألة احلج‪ .‬وأيضا هذا املقال الشيق الذي تناول فيه‬ ‫بعض أس��رار احلج الظاهرة والباطنة وأيضا تناول مسألة‬ ‫حلوم األضاحي وهدي اإلسالم في هذا الباب مع اإلرشادات‬ ‫الطبية املناسبة كل هذا تعلم سيال وفكرة اختلج فيها‬ ‫التصور الطبي بالهدي الشرعي ولم تنس إدارة اجمللة الغراء‬ ‫القاء أن متتعهم بشئ من اللطائف والطرائف فكانت هذه‬ ‫الواح��ة الغناء التي جمعت أقاصي العل��وم وأزاهير أقوال‬ ‫األعراب واألمراء بل احلمقى واملغفلني في جتسيد رائع ماتع‬ ‫واختتمت اجمللة كعادتها أبوابها وأبحاثها ومقاالتها ببعض‬ ‫الفتاوي ردا على ما تيسر من أسئلة القراء الكرام‪...‬‬ ‫وفي النهاية أود االش��ارة إلى أن هذا العدد ميثل نهاية عام‬ ‫من اجلد والتعب والسهر املتواصل في ظل االحداث واجملريات‬ ‫الدائ��رة محلي��ا وإقليميا وأيض��ا الضغ��وط االجتماعية‬ ‫والعلمية والدعوية مما يس��توجب ش��كر اهلل على نعمة‬ ‫امتام هذا العمل على مدار العام ولذا كان من املناسب لهذا‬ ‫مق��ال التحرير بعنوان «حصاد عام» ليصور بكلية مقاالت‬ ‫ودراسات اجمللة‪.‬‬ ‫وفي ختام هذا العدد وختام هذه السنة اهلل أسال أن يغفر‬ ‫لنا ذنوبنا فيما مضى ويعنا على طاعته فيما بقي وأن ميكنا‬ ‫بالرش��اد والهدى وأن يرزقنا العفاف والتقى وآخر دعوانا أن‬ ‫احلمد هلل رب العاملني وصلى اهلل وس��لم وبارك على النبي‬ ‫محمد وعلى اله وصحبه وأزواجه وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬ ‫محبكم في اهلل‪ /‬أحمد النقيب‪.‬‬ ‫ ‬


‫ف‪ :‬لماذا الدعوة السلفية‬

‫مع السل‬

‫يبيب‬ ‫نقنق‬ ‫مدمدال ال‬ ‫لملمد‪ .‬د‪.‬أحأح‬ ‫بقبق‬

‫الدعوة السلفية والثبات الفكري ‪ -‬املقال الثالث‬ ‫املوقف من احلكم ونظامه‬ ‫بداي��ة‪ :‬يظ�� ُّن البع��ض أن الدع��وة الس��لفية ال عالقة لها‬ ‫بالسياس��ة؛ نظ��را ملُقاطعة أبناء الدع��وة املُباركني ملظاهر‬ ‫الدميقراطي��ة من‪ :‬األحزاب‪ ،‬واالنتخ��اب‪ ،‬وغيرها‪ ...‬وحكمهم‬ ‫ّ‬ ‫أن ه��ذه املظاهر ُمخالفة لش��رع اهلل‪ ،‬وأن ال مصلحة فيها‪،‬‬ ‫وأن اخلي��ر كلّه واملصلحة كلها إمنا هو حتت ظالل الش��ريعة‬ ‫وحياض الدين‪.‬‬

‫المقال الثالث‬

‫‪4‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫واحلاص��لُ في عال��م أح��زاب اليوم ‪-‬ف��ي احلقيق��ة‪ -‬ال يمُ ثّلُ‬ ‫والظن والتأويل؛ وبذا‬ ‫ش��رعا ُم ّتبعا‪ ،‬وإنمّ ا هو من باب اخلب��ط ّ‬ ‫ش��رعية ف��ي ص��در أو ورد‪ ،‬وهلل درّه اإلمام‬ ‫ال يُع�� ُّد سياس��ة‬ ‫ّ‬ ‫الش��افعي عندما قال‪« :‬ال سياس��ة إلاّ ما وافق الش��رع»(‪،)1‬‬ ‫القي��م ‪-‬رحم��ه اهلل‪ -‬أن السياس��ة نوعان‪:‬‬ ‫وق��د ذكر اب��ن ّ‬ ‫سياسة عادلة؛ فهي جزء من الش��ريعة‪ ...‬وسياسة باطلة‬ ‫ُمضادّة للشريعة‪ ...‬أهـ(‪.)2‬‬ ‫الش��رعية احلكمية» في اإلسالم‬ ‫وملا كان رأس «السياس��ة‬ ‫ّ‬ ‫ه��و‪ :‬احلاكم أو اإلمام أو اخلليفة أو األمير‪ ،‬فإننا نبني املوضوع‬ ‫وجنليه ببيان بعض املس��ائل‪ ،‬حتى نرفع م��ا ميكن رفعه من‬ ‫اجلهل بهذه اجلمل‪ ،‬وهذه املسائل هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬التأصيل لكلمة (إمام) وما في معناه‪.‬‬ ‫‪ -2‬وجوب نصب اإلمام‪.‬‬ ‫‪ -3‬طرق ثبوت اإلمامة‪.‬‬ ‫‪ -4‬خصائص وصفات اإلمام‪.‬‬ ‫‪ -5‬عمل اإلمام ووظائفه‪.‬‬ ‫‪ -6‬خطورة االس��تدالل بأحاديث السفر على أمراء اجلماعات‬ ‫الدعوية املعاصرة‪.‬‬ ‫‪ -7‬أسباب اخلروج على األئمة‪.‬‬ ‫‪ -8‬هل ميكن أن تكون الدميقراطية للتغلب؟‬ ‫‪ -9‬هل الش��ورى في اإلس�لام ه��ي االنتخابات ف��ي النظام‬ ‫الدميقراطي؟‬ ‫‪ -10‬من مفاسد الدميقراطية‪.‬‬ ‫‪ -11‬ال ميكن اجلمع بني النقيضني (اإلسالم والكفر)‪.‬‬ ‫‪ -12‬موقف الدعوة السلفية من هذه القضية‪.‬‬


‫تابع‪ :‬مع السلف‪ :‬لماذا الدعوة السلفية‬

‫‪ -1‬التأصيل لكلمة (إمام) وما في معناها‪:‬‬ ‫كلمات كثيرة ميكن أن تدل على املقصود‪ ،‬مثل‪ :‬أمير ‪ -‬رئيس‬ ‫ خليف��ة ‪ -‬ملك‪ ...‬ث��م املصطلحات الواف��دة على احلضارة‬‫مثل‪ :‬الس��لطان ‪ -‬األتابك‪ ،...‬ولع��ل أفضل الكلمات في هذا‬ ‫الصدد (إمام ‪ -‬خليفة ‪ -‬أمير)‪ ،‬ومياثلها في املصطلح املعاصر‬ ‫اجلاري كلمة (رئيس)‪ ،‬واملصطلح الدوار في كتب السياس��ة‬ ‫الش��رعية عن��د املتقدم�ين كاجلوين��ي وامل��اوردي وغيرهما‬ ‫ه��و (اإلم��ام)‪ ،‬ولكن ف��ارق بني (اإلمام��ة) عند أهل الس��نة‪،‬‬ ‫و(اإلمام��ة) عند أرباب الدين الرافضي الفارس��ي؛ فإمام أهل‬ ‫الس��نة‪ :‬بش��ر ل��ه خصائص ووظائ��ف وهو غي��ر معصوم‪،‬‬ ‫وال يدخ��ل درس ه��ذه املس��ألة دائ��رةَ االعتقاد إال بحس��ب‪،‬‬ ‫أما (اإلم��ام) عند الرافض��ة فهو‪ :‬معصوم‪ ،‬ل��ه تأثير كوني‪،‬‬ ‫واإلميان بعصمته كاإلميان باهلل واليوم اآلخر!!‬ ‫وبع ُد‪ ،‬فإليك شيئا من التأصيل مما يناسب هذه املقالة‪...‬‬ ‫يـقـ��ول الـفيروزابـ��ادي‪ :‬اإلمـ��ام‪ :‬كـل مـا ائْ ُتـ��م بـه مـن‬ ‫رئـيـ��س أو غـيـ��ره‪ ..‬أهـ‪ ،‬وأصـلـ��ه‪ :‬الـطـريق الـواس��ـع؛‬ ‫َّ‬ ‫(‪ِ ...‬إَون ُه َما بَلإ َمام ُّ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫كقوله تعالى‬ ‫ني ‪ )79‬احلجر‪.‬‬ ‫ِ​ِ ٖ ِ ٖ‬ ‫تعريفات أهل العلم لإلمامة‪:‬‬ ‫• يقول املاوردي‪« :‬اإلمامة موضوعة خلالفة النبوة في حراسة‬ ‫الدين وسياسة الدنيا به»‪( .‬األحكام السلطانية)‪.‬‬ ‫• وقال النسفي في عقائده‪« :‬أن اإلمامة نيابة عن الرسول عليه‬ ‫السالم في إقامة الدين بحيث يجب على كافة األمم االتباع»‪.‬‬ ‫• ويقول ابن خلدون‪« :‬هي حمل الكافة على مقتضى النظر‬ ‫الشرعي في مصاحلهم األخروية والدنيوية الراجعة إليها‪...‬‬ ‫فه��ي في احلقيقة خالفة عن صاحب الش��رع في حراس��ة‬ ‫الدين وسياسة الدنيا به»‪.‬‬ ‫وبه��ذا ف��إن اإلم��ام س��لطاته مقي��ده مبوافقة الش��ريعة‬ ‫اإلسالمية ال مبوافقة األمة‪.‬‬ ‫‪ -2‬وجوب نصب اإلمام‪:‬‬ ‫اتف��ق أه��ل العل��م عل��ى وج��وب نص��ب اإلم��ام‪ ،‬وجعلوه‬ ‫م��ن مهم��ات الدي��ن‪ ،‬واس��تدلوا على ذل��ك بأدل��ة كثيرة‪،‬‬

‫لعله��ا ‪-‬عمليا‪ -‬ما فعله الصحابة من تقدمي خالفة من يلي‬ ‫أمر املس��لمني بعد وفاة النبي‪ j ‬على إمتام غسل وتكفني‬ ‫رسول‪ ‬اهلل‪ ،j ‬وليس ذلك حبا في الزعامــة كمــا يهمــز‬ ‫من ال خالق له‪ ،‬بل هذا دليل على أهمية عـدم ش��غـور هذا‬ ‫املنص��ب‪ ،‬وهـ��ذا االجـمـاع لم يش��ـذ عـنـ��ه إال بـعـض‬ ‫اخلوارج واملعتزلة‪.‬‬ ‫وق��د حكى هذا االجماع غي��ر واحد من محققي أهل العلم‬ ‫مث��ل‪ :‬ابن ح��زم ف��ي «الفص��ل»‪ ،‬والقرطبي في تفس��يره‪،‬‬ ‫ب��ل قال الهيتمي ف��ي «الصواعق احملرقة ف��ي الرد على أهل‬ ‫الب��دع والزنادقة»‪ :‬اعلم أن الصحاب��ة ‪-‬رضوان اهلل عليهم‪-‬‬ ‫أجمعوا على أن نصب اإلمام بعد انقراض زمن النبوة واجب‪،‬‬ ‫ب��ل جعل��وه أه��م الواجب��ات‪ ،‬حيث اش��تغلوا به ع��ن دفن‬ ‫رسول‪ ‬اهلل‪ j ‬أهـ‪.‬‬ ‫كـمـا نـقـل اإلجـمـ��اع عـلـى هـذا‪ :‬الـمـاوردي والـنـووي‬ ‫وابـن تـيـمـيـة وغـيـرهـم‪.‬‬ ‫‪ -3‬طرق ثبوت اإلمامة‪:‬‬ ‫ذك��ر أه��ل العلم كاإلم��ام أحم��د وابن ح��زم واب��ن تيمية‬ ‫واجلويني وامل��اوردي والفراء والش��افعي والقرطبي وغيرهم‬ ‫مستدلني بالنصوص الصحيحة الصريحة‪ -‬أن طرق ثبوت‬‫اإلمامة ثالث هي‪:‬‬ ‫• أوال ً‪ :‬اختي��ار أه��ل احل��لّ والعق��د‪ ،‬وه��م‪ :‬فض�لاء رجال‬ ‫املس��لمني وعلماؤهم الربّانيون ورؤساؤهم‪ ،‬وهم امل ّتصفون‬ ‫مبا يل��ي‪ :‬اإلس�لام ‪ -‬الذك��ورة ‪ -‬العدالة ‪ -‬اجتن��اب الكبائر‪،‬‬ ‫س��مى بيعتهم‪ :‬ببيع��ة االنعقاد‪،‬‬ ‫حيث يُبايع��ون اإلمام‪ ،‬وت ُ‬ ‫ّ‬ ‫العام��ة‪ ،‬وه��ي بيع��ة الطاع��ة‪،‬‬ ‫ث��م م��ن بعده��ا البيع��ة‬ ‫ّ‬ ‫ومثالُ ذلك‪ :‬ما حدث من بيعة أبي بكر الص ّديق ‪.d‬‬ ‫اإلمام م��ن يخلُفُ ُه‬ ‫• ثانيا‪ :‬االس��تخالف‪ ،‬ب��أن يس��تخلف‬ ‫ُ‬ ‫بع��د موته أو ف��ي مغيبه‪ ،‬ث��م يُبايع�� ُه أهل احل��لّ والعقد‪،‬‬ ‫وه��ذه البيعة تكون‪ :‬باملُصافحة وال��كالم‪ ،‬أو بالكالم فقط‪،‬‬ ‫أو بالكتابة‪ ،‬ومثالُ ذلك‪ :‬ما وقع من استخالف أبي بكر لعمر‬ ‫رضي اهلل عنهم أجمعني‪.-‬‬‫‪5‬‬


‫تابع‪ :‬مع السلف‪ :‬لماذا الدعوة السلفية‬

‫مش��روعيته‪،‬‬ ‫• ثالث��ا‪ :‬القه��ر والغلب��ة‪ ،‬وفي��ه ن��زا ٌع ف��ي‬ ‫ّ‬ ‫لك��ن جمه��ور أه��ل الس��نّة عل��ى انعق��اد اإلمام��ة ب��ه‪،‬‬ ‫وق��د بايع اب�� ُن عمر ‪-‬رضي اهلل عن��ه‪ -‬عب َد امللك ب��ن مروان‪،‬‬ ‫نظ َم ش��أن وشمل املسلمني‪ ،‬وأن يقوم بوظائف‬ ‫والعلّة‪ :‬أن ي ُ ّ‬ ‫اإلمام في سياسة الدنيا بالدين ولو غلبا‪،‬‬ ‫تيمية‪،‬‬ ‫مذهب الصحابة‪ ،‬وم��ن املُتأ ّخرين‪ :‬النووي‪ ،‬واب ُن‬ ‫وهذا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫واب ُن عبد الوهاب‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫وش��رطه‪ :‬أن يحكم بش��رع اهلل‪ ،‬يدلُّ عليه ما روا ُه مس��لم‬ ‫والترم��ذي وغيرهم��ا من قول��ه ‪-‬صلى اهلل عليه وس��لم‪: -‬‬ ‫«ي��ا أيُّها الناس‪ :‬اس��معوا وأطيع��وا‪ ،‬وإن أ ُ ِّم��ر َ عليكم عبد‬ ‫أقام فيكم كتاب اهلل»‪.‬‬ ‫حبشي ُمج ّدع ما َ‬ ‫‪ -4‬خصائص وصفات اإلمام‪:‬‬ ‫ذك��رت أس��ماءهم قبلُ‬ ‫ُمجم��لُ ما ذك��ره أه��ل العلم ممن‬ ‫ُ‬ ‫ش��ترط فيه ‪-‬مع اخت�لاف في بعض‬ ‫ُ‬ ‫وغيره��م‪ -‬أ ّن اإلمام ي ُ‬‫الش��روط األخيرة‪ : -‬الذكورة ‪ -‬اإلس�لام ‪ -‬العدل والعدالة ‪-‬‬ ‫القرشية‪.‬‬ ‫القوة ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إم��ام املس��لمني ام��رأةً!‬ ‫وعلي��ه‪ :‬فإنّ��ه ال يج��وز ُ أن يك��و َن‬ ‫ُ‬ ‫أو كافرا‪ ،‬أو فاسقا‪ ،‬أو ُمرتكبا لكبيرة ُمعلنا بها (هذا ابتدا ًء)‪،‬‬ ‫كم��ا ال يج��وز ُ أن يكون جاه�لا‪ ،‬أو عاجزا في بدن��ه (أعمى ‪-‬‬ ‫عوض مبن‬ ‫كسيحا ‪-‬‬ ‫أصم ‪ ،)... -‬والعجز ُ في العلم يمُ كن أن ي ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫يُع ِل ُم ُه من أهل العلم املأمونني‪.‬‬ ‫رش��ية‪ ،‬لك��ن ال يجوز ُ تولّ��ي كاف ٍر‬ ‫��ف في ش��رط القُ‬ ‫واخ ُت ِل َ‬ ‫ّ‬ ‫أو ام��رأة ه��ذا املنص��ب؛ لقوله ‪-‬صل��ى اهلل عليه وس��لم‪-‬‬ ‫قوم ولّوا أمرهم امرأة»‪،‬‬ ‫في الصحيح‪« :‬ما أفلح ٌ‬ ‫هم الذ ّمي‪ -‬فال يجوز تولّيه‬ ‫ّ‬ ‫أما الكافر ‪-‬أيّا كان كف��ره وأخفُّ ُ‬ ‫الذمي حق ّ االنتخاب بالنسبة لهذه‬ ‫ميلك‬ ‫هذا املنصب؛ إذ «ال ُ‬ ‫ُّ‬ ‫وخاصة منصب اخلليفة الذي‬ ‫الديني‪،‬‬ ‫الوظائف ذات الطابع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ه��و نيابة عن الرس��ول ‪-‬صلى اهلل عليه وس��لم‪ -‬في إقامة‬ ‫الدين وسياسة الدنيا به‪ ،‬فال يُعقلُ أن يكون لغير املُسلمني‬ ‫تأثير في مثل هذا املنصب اإلسالمي الكبير»(‪.)3‬‬ ‫‪6‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫‪ -5‬عمل اإلمام ووظائفه‪:‬‬ ‫أهم أعمال اإلمام املسلم‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫حفظ ُه‪ ،‬وتنفيذ ُ شرائعه‪.‬‬ ‫• أوال‪ :‬إقامة الدين‪ ،‬وهذا بأمرين وهما‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫حفظ الدين‪ :‬وذلك بنشره والدعوة إليه‪ ،‬وبذل اجلهد في ذلك‪.‬‬ ‫أ‌‪-‬‬ ‫ُ‬ ‫ دفع الشبه العلمية؛ وذلك إلبراز محاسنه ومتامه واكتماله‬‫وصالحيته لكل زمان ومكان‪ ،‬وكونه خيرا لكل العباد والبالد‪.‬‬ ‫ حماية حدود دولة اإلسالم‪ ،‬وحتصني القالع والثغور‪ ،‬وتنظيم‬‫اجليوش واالهتم��ام بتحديث تس��ليحه‪ ،‬والتركيز على اليد‬ ‫املسلمة في هذا اإلجراء‪ ،‬والعمل على تنمية هذه القوة‪.‬‬ ‫ب‌‪ -‬تنفيذشرائعه‪،‬وذلك‪:‬بصبغاجملتمعبشعائراإلسالمالظاهرة‪.‬‬ ‫ ربط كل أنظمة اجملتمع وصوراحلياة فيه بشرع اهلل‪.‬‬‫ إقامة احلدود‪.‬‬‫وهن��اك تداخل كبير في هذي��ن املقصدين؛ لذلك جند بعض‬ ‫املطال��ب له صالحية في احلفظ والتنفيذ مثل قتال احملاربني‬ ‫واملعاندين واخلارجني ونحو ذل��ك‪ ،‬وهذا كله داخل في جملة‬ ‫واحدة «إصالح دين اخللق»‪.‬‬ ‫إصالح حياة الناس‪ ،‬من إقامة مرافق‪ ،‬وتيسير ُسبل‬ ‫• ثانيا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫العيش من األمن والغذاء والكساء والعالج والتعليم وتعبيد‬ ‫الط��رق‪ ،‬وإقامة ش��تى ‪ ......‬التي بها تنم��و حياتهم‪ ،‬ويرغد‬ ‫عيشهم؛ كاالهتمام بالزراعة وجتويد احملاصيل والتركيز على‬ ‫الزراع��ات االس��تراتيجية‪ ،‬واالهتمام بالصناع��ات الصغيرة‬ ‫وتطويرها‪ ،‬واالهتمام بالثروة الس��مكية وحس��ن استغالل‬ ‫الس��واحل ‪-‬مب��ا ال يخال��ف ش��رع اهلل عزوج��ل‪ ،-‬وكذل��ك‬ ‫حس��ن اس��تغالل ما أودعه اهلل في باطن األرض من ش��تى‬ ‫أنواع الذخائر واملعادن‪ ،‬ونح��و هذا مما به تصلح حياة الناس‪،‬‬ ‫ويش��عرون بعظم وأهمية احملافظة على رس��الية اإلسالم‪،‬‬ ‫ودوره في إمناء اجملتمع‪ ،‬ورفعة اإلنسان‪ ،‬وعز املسلم‪...‬‬ ‫واملتأم��ل في قصة (ذي القرنني) يرى أن احلاكم املس��لم كان‬ ‫من أهم أهدافه‪:‬‬ ‫أ‪ -‬القض��اء على مظاهر االنحراف عن الدين‪ ،‬أيًّا كانت صورة‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫هذا االنحراف‪ ،‬وهذا في قوله تعالى (قال أ َّما َمن ظل َم ف َس ۡوف‬ ‫ُّ ىَ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُّ ۡ‬ ‫ن َعذِبُ ُهۥ ث َّم يُ َرد إ ِ ٰل َر ّبِهِۦ ف ُي َعذِبُ ُهۥ عذ ٗابا نك ٗرا ‪ )٨٧‬الكهف‪.‬‬


‫تابع‪ :‬مع السلف‪ :‬لماذا الدعوة السلفية‬

‫ب‪ -‬إص�لاح حي��اة الناس مب��ا يحقق لهم س��عادتهم؛ وذلك‬ ‫الس��د‪ ،‬وما أجمل ما ذكره ش��يخ اإلس�لام ابن تيمية‪:‬‬ ‫بناء َّ‬ ‫«املقصود والواج��ب بالواليات؛ اصالح دي��ن اخللق الذي متى‬ ‫فاتهم َخ ِس��روا خس��رانا مبينا‪ ،‬ولم ينفعه��م ما نعموا به‬ ‫في الدنيا‪ ،‬واصالح ما ال يقوم الدين إال به من أمر دنياهم»(‪.)4‬‬ ‫أۡ َ‬ ‫ذَّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫(ٱل َ‬ ‫ِين إِن َّمكنٰ ُه ۡم فيِ ٱل ِ‬ ‫ۡرض‬ ‫ويستدل ملا سبق بقوله تعالى‬ ‫َ َ ُ ْ َّ َ َ َ َ ْ َّ َ َ َ َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ َ​َ ْۡ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫��وة وأم ُروا بٱلمع ُ‬ ‫��وة و َءات ُوا ٱلزك ٰ‬ ‫أقام��وا ٱلصل ٰ‬ ‫وف ونهوا ع ِن‬ ‫��ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أۡ‬ ‫ذَّ‬ ‫ُۡ َ‬ ‫(و َع َد هَّ ُ‬ ‫نك��ر َوللِهَّ ِ َعٰقِ َب ُة ٱل ُمور ‪ )٤١‬احل��ج‪ ،‬وقوله َ‬ ‫ٱلل ٱل َ‬ ‫ِين‬ ‫ۗ‬ ‫ِ‬ ‫ٱلم ْ ِ‬ ‫أۡ َ‬ ‫ُ ۡ َ َ ُ ْ َّ ٰ َ ٰ َ َ ۡ َ ۡ َ‬ ‫َّ‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ت ليس��تخل ِفنهم فيِ ٱل ِ‬ ‫ۡرض‬ ‫َءامنوا مِنك��م وع ِملوا ٱلصل ِح ِ‬ ‫َ ۡ ۡ َ يَ ُ َ ّ نَ َّ َ ُ ۡ َ ذَّ‬ ‫ٱس َ‬ ‫َك َما ۡ‬ ‫��ت ۡخلَ َف ذَّٱل َ‬ ‫ِين ُه ُم ٱلِي‬ ‫ك�َن� لهم د‬ ‫ِين مِن قبل ِ ِهم ولم ِ‬ ‫َ‬ ‫يَ لنَ‬ ‫ۡ َ ىَ َ‬ ‫َ‬ ‫ٱرت ٰ‬ ‫ض ل ُه ۡم َولُ َب ّ ِد َّ ُهم ّ ِم ۢن َب ۡع ِد خ ۡوف ِ ِه ۡم أ ۡم ٗنا ۚ‪ )55 ...‬انلور‪.‬‬ ‫‪ -6‬خط��ورة االس��تدالل بأحادي��ث الس��فر عل��ى أم��راء‬ ‫اجلماعات الدعوية املعاصرة‪:‬‬ ‫َح َدث خل��ط كبير بني «مش��روعية العم��ل اجلماعي» وبني‬ ‫ظاهرة (تأمير) أحد الش��باب أو غيره��م على مجموعة من‬ ‫صغار الش��باب‪ ،‬قياس��ا على أمي��ر أحاديث الس��فر‪ ،‬وكالم‬ ‫ش��يخ اإلس�لام ابن تيمية الذي ص��ار عمدة ف��ي املوضوع‪،‬‬ ‫ونذكر نصوص األخبار‪ ،‬وأيضا كالم ش��يخ اإلسالم ثم تكون‬ ‫لنا وقفة يسيرة بحسب مقام املقالة ‪-‬واهلل املوفق‪.-‬‬ ‫‪ .1‬عن أبي سعيد اخلدري ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬أن رسول‪ ‬اهلل‪j ‬‬ ‫قال‪« :‬إذا خرج ثالثة في س��فر‪ ،‬فليؤمروا أحدهم»‪ .‬ذكره أبي‬ ‫داود بإسناد رجاله ثقات‪.‬‬ ‫‪ .2‬عن نافع عن أبي س��لمة عن أبي هريرة أن رسول اهلل‪j ‬‬ ‫قال‪« :‬إذا كان ثالثة في س��فر‪ ،‬فليؤم��روا أحدهم»‪ ،‬قال نافع‪:‬‬ ‫فقلنا ألبي سلمة‪ :‬فأنت أميرنا‪ .‬ذكره أبي داود بإسناد رجاله ثقات‪.‬‬ ‫‪ .3‬عن عبد اهلل بن عمرو ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬أن رسول اهلل‪j ‬‬ ‫قال «‪ ...‬وال يحل لثالثة نفر يكونون بأرض فالة إال أمروا عليهم‬ ‫أحده��م»‪ .‬اإلمام أحمد بإس��ناد في��ه كالم لكن يعضده ما‬ ‫قبله وما بعده‪.‬‬ ‫‪ .4‬ع��ن عمر بن اخلطاب ‪-‬رض��ي اهلل عنه‪ -‬أنه قال «إذا كنتم‬ ‫ثالثة في س��فر فأمروا عليكم أحدكم‪ ،‬ذاك أمير أمره رسول‬ ‫اهلل‪ .»j ‬قال ابن كثير‪ :‬هذا اسناد جيد‪.‬‬

‫واس��تدل شيخ اإلس�لام بهذه النصوص على وجوب نصب‬ ‫إم��ام‪ ،‬من جه��ة أنه أوجب عل��ى الثالثة تأمي��ر أحدهم في‬ ‫السفر مع قلة العدد وقصر مدة البقاء‪ ،‬فكان نصب اإلمامة‬ ‫في احلضر أولى(‪.)5‬‬ ‫واملتأمل متام كالم ش��يخ اإلس�لام في املوضوع املش��ار إليه‬ ‫(ص‪ )82-81/‬يجد أن الس��ياق في األمير املمكن واالس��تدالل‬ ‫عل��ى مش��روعية إقامت��ه؛ إذ إن بني آدم ال تت��م مصاحلهم‬ ‫إال باالجتماع‪ ،‬والبد عند االجتماع من رأس‪ ،‬وكذلك في سائر‬ ‫أن��واع االجتماع‪ ،‬ثم هذا الرأس يقوم مع هذا اجملموع بس��ائر‬ ‫م��ا أوجب اهلل من األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬واجلهاد‪،‬‬ ‫والع��دل‪ ،‬وإقام��ة احلج‪ ،‬واجلم��ع واألعي��اد‪ ،‬ونص��ر املظلوم‪،‬‬ ‫وإقامة احلدود‪ ...‬وهذا ما ال يتم إال بالقوة واإلمارة‪ ...‬ولهذا كان‬ ‫الس��لف كالفضيل بن عياض‪ ،‬وأحمد ب��ن حنبل‪ ،‬وغيرهما‬ ‫يقول��ون‪ :‬لو كان لنا دع��وة مجابة لدعونا بها للس��لطان‪...‬‬ ‫فالواجب اتخاذ «اإلمارة» قربة يتقرب بها إلى اهلل‪...‬‬ ‫وهنا وقفات‪:‬‬ ‫• أن السياق مفهوم‪ ،‬ال سيما أن رسالة «السياسة الشرعية‬ ‫ف��ي اصالح الراعي والرعية» ألفها اب��ن تيمية ‪-‬رحمه اهلل‪-‬‬ ‫بطلب ملك مصر والشام آنذاك «الناصر محمد بن قالوون»‬ ‫(ت ‪741‬هـ)‪ ،‬وكان رجال دَيِّنا متسننا مستقيما ُم ِجال ًّ لشيخ‬ ‫اإلس�لام ابن تيمية‪ ،‬لكن ملا اضطربت األمور مبصر والش��ام‪،‬‬ ‫وفي سنة (‪708‬هـ) خلع السلطان الناصر قالوون نفسه من‬ ‫ك‪ ،‬وخلفه في ملك مصر والشام‬ ‫ملك مصر‪ ،‬وأقام في الكَر َ‬ ‫«رك��ن الدين بيبرس اجلاش��نكيه»‪ ،‬وكان صوفيا هالكا على‬ ‫مذه��ب ابن عربي ف��ي عقيدة االحت��اد واحلل��ول‪ ،‬ناقما على‬ ‫طريق��ة أهل احلديث متبعا في ذلك ش��يخه نصر املنبجى؛‬ ‫ولذلك كان أول قرار لبيبرس (ت ‪709‬هـ) حبس شيخ اإلسالم‬ ‫اب��ن تيمي��ة‪ ،‬ولكن ق�لاوون أعاد نفس��ه في ع��ام (‪709‬هـ)‬ ‫في شهر ش��عبان إلى ملك الشام ثم ملك مصر‪ ،‬ثم أطلق‬ ‫ومك َّ��ن له‪ ...‬وف��ي ظل هذه‬ ‫ش��يخ اإلس�لام من محبس��ه‪َ ،‬‬ ‫األح��داث املضطربة التي تقضي عل��ى اجلماعة‪ ،‬ومتزق األمة‬ ‫وتدابر بني متوليها كانت هذه الرسالة(‪.)6‬‬ ‫‪7‬‬


‫تابع‪ :‬مع السلف‪ :‬لماذا الدعوة السلفية‬

‫• أن��ه من خالل تتبع الرس��الة فإنها موجه��ة إلى أصحاب‬ ‫الواليات التي يتولونها بحس��ب األصل��ح‪ ،‬وهذه الصلحية‬ ‫تعتم��د عل��ى الق��وة واألمانة(‪ ،)7‬وه��ذه الواليات ف��ي أحوال‬ ‫املمكنني‪ ،‬وهو ما أش��ارت إليه آنف��ا‪ ،‬وهو ما ي َ ُد ّل عليه لفظ‬ ‫«األمي��ر»‪ ،‬حي��ث إذا ورد مطلق��ا فإنه يحمل عل��ى (املقيد)‪،‬‬ ‫وهو أمير رس��ول‪ ‬اهلل‪ j ‬أو من كان في مقامه من والة األمر‬ ‫املمكن�ين؛ يدل على هذا املعنى قوله‪« :j ‬من أطاعني فقد‬ ‫أطاع اهلل‪ ،‬ومن أطاع األمير (أميري) فقد أطاعني‪ ،‬ومن عصاني‬ ‫فقد عصى اهلل‪ ،‬ومن عصى األمير (أميري) فقد عصاني»(‪.)8‬‬ ‫ويقص��د باملمكن�ين أنه��م ق��ادرون عل��ى إقام��ة الدي��ن‪،‬‬ ‫وصالح الرعية (باملعنى املذكور سابقا)‪ ،‬ويترتب على السابق‬ ‫النقطة التالية‪:‬‬ ‫• أن طاع��ة والة األم��ور مالم تخالف ش��رع اهلل س��بحانه؛‬ ‫َ َ ُّ َ ذَّ َ َ َ ُ ٓ ْ َ ُ ْ هَّ َ َ َ ُ ْ‬ ‫لقوله ‪-‬س��بحانه‪ٰٓ -‬‬ ‫(يأيها ٱلِين ءامنوا أطِيعوا ٱلل وأطِيعوا‬ ‫ُ َ َ ُ ْ أۡ َ‬ ‫ُ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َّ‬ ‫م‬ ‫ِنك‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ۖ‪ )59... ‬احلجر‪ .‬فهي مقيدة‪ ،‬لكن‬ ‫ٱلرس��ول وأوليِ ٱل ِ‬ ‫هي أع��م من طاعة غيرهم؛ إذ طاعته��م في األمور اجملتمع‬ ‫عليها دون ذلك‪ ،‬وبهذا حتصل لنا‪:‬‬ ‫ •طاع��ة مقي��دة (عام��ة)‪ ،‬وه��ي لألم��راء املمكن�ين‬ ‫دون َمنْ سواهم‪.‬‬ ‫ •طاعة مقيدة (مقيدة)‪ ،‬وهي لكل مس��ئول (أمير) على‬ ‫س��ب مس��ئوليته الش��رعية أو العرفي��ة‪ ،‬فطاع��ة‬ ‫َح ْ‬ ‫الوالدي��ن‪ :‬طاع��ة ش��رعية لكن ف��ي مج��ال العالقات‬ ‫األسرية‪ ،‬دون متاس بطاعة مدير العمل‪ ،‬وطاعة مسئول‬ ‫العم��ل أو مديره‪ :‬طاعة عرفية في نطاق العمل‪ ،‬دون ما‬ ‫سواه من سائر عالقات االنسان‪.‬‬ ‫وعلي��ه فإن طاعة أمير الس��فر‪ ،‬هي طاع��ة مقيدة مقيدة‪،‬‬ ‫ف��ي نط��اق الس��فر دون م��ا س��واه‪ ،‬ف��إذا انقضى الس��فر‬ ‫ضت هذه اإلمرة‪ ،‬ولم ي َ ُعدْ للمسئول أية مسئولية على‬ ‫انْقَ َّ‬ ‫املسافرين؛ وبهذا يتبني أن االستدالل بإمارة السفر للتوسع‬ ‫في االس��تدالل على (إمارة دعوية عامة) ميتد سلطانها في‬ ‫كل شأن‪ ،‬وينعقد الوالء والبراء من أجلها‪ ،‬ويتمخض الشأن‬ ‫عن تعصب شخصي ذميم‪ ،‬هذا كله ُم َجانف ملدلول الدليل‪،‬‬ ‫مخالف للواقع والتاريخ!‬ ‫‪8‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫إن العم��ل اجلماع��ي مش��روع ولك��ن بضواب��ط ش��رعية‪،‬‬ ‫به��ذه الضواب��ط يتح��دد دور املس��ئول واملس��ئولية وأفراد‬ ‫العم��ل‪ ،‬وهذا كله ف��ي منظومة إس�لامية أخالقية‪ ،‬تقوم‬ ‫على التواضع والتجرد والصبر واجللد وإمتام املقاصد(‪...)9‬‬ ‫ويبق��ى مصطل��ح «األمير»؛ ليدل على أن��ه مصطلح عرفي‬ ‫ليس مصطلحا شرعيا؛ بدليل تنوع مصطلحات متولى أمور‪.‬‬ ‫‪ -7‬أسباب اخلروج على األئمة‪:‬‬ ‫ال يج��وز أن يكون حاكم املس��لمني من الكف��ار‪ ،‬أو من أهل‬ ‫الكتاب ‪-‬كما س��بق وذكرنا‪ -‬لكن هناك أس��باب جتيز اخلروج‬ ‫على احلاكم‪ ،‬وهذه األسباب‪:‬‬ ‫أوال ً‪ :‬الكف��ر والردة بعد اإلس�لام‪ ،‬وهذا مس��تفاد من قوله‬ ‫صلى اهلل عليه وس��لم‪« : -‬إال أن تروا كفرا بواحا لكم فيه‬‫من اهلل برهان» واحلديث في الصحيح‪ ،‬و«البواح» و«البرهان»‬ ‫دلي��ل على ظه��ور الكفر وانتش��اره‪ ،‬وه��ذا مذهب اخلطاب‬ ‫واب��ن حجر والن��ووي والقاضي عي��اض‪ ،‬وقال السفاقس��ي‬ ‫«أجمعوا على أن اخلليفة إذا دعا إلى كفر أو بدعة يثار عليه»‪.‬‬ ‫ثاني��ا‪ :‬الدع��وة إلى ت��رك الص�لاة أوتركها‪ ،‬وفي مس��لم‪،‬‬ ‫«أال ننابذهم بالس��يف؟ ق��ال ‪-‬صلى اهلل عليه وس��لم‪ -‬ال‪،‬‬ ‫ما أقاموا فيكم الصالة»‪.‬‬ ‫أم��ا الفج��ور واملعالنة بالفس��ق وإتيان الكبائ��ر‪ ،‬فال يخرج‬ ‫عليه بس��بب ذلك؛ إال إذا مَت َّ ذلك دون مفسدة‪ ،‬والصبر أولى‪،‬‬ ‫ال سيما إن كان قويا في نصرة الدين وإقامته‪ ،‬وفي الصحيحني‬ ‫«إن اهلل يؤي��د هذا الدين بأقوام ال خ�لاق لهم»‪ ،‬فيفهم من‬ ‫ذلك أن ه��ؤالء القوم مع فجورهم فعندهم من القوة ما به‬ ‫يقيم��ون الدين‪ ،‬كش��أن احلجاج بن يوس��ف الثقفي وغيره‪،‬‬ ‫واهلل أعلم‪.‬‬ ‫‪ -8‬هل ميكن أن تكون الدميقراطية طريقا ً للتغلب؟‬ ‫ال يصلح أبدا أن تكون الدميقراطية طريقا للتغلب السيادي‪،‬‬ ‫فيصي��ر احلاك��م الدميقراط��ي حاكم��ا ش��رعيا‪ ،‬ووليا ألمر‬ ‫املسلمني‪ ،‬وانتفاء الصحة ألسباب هي‪:‬‬


‫تابع‪ :‬مع السلف‪ :‬لماذا الدعوة السلفية‬

‫أوال ً‪ :‬أن الدميقراطي��ة ال ق َْه��ر فيه��ا‪ ،‬بل هي ج��ذب الناس‬ ‫باألموال والرغائب؛ لتأييد أحد املتنافسني دون اآلخر‪ ،‬فالناجح‬ ‫ه��و الرئيس أو النائب‪ ،‬واملهزوم ميكن أن ينجح في دورة ثانية‬ ‫أو ثالث��ة‪ ...‬أما التغل��ب وهو القهر‪ ،‬ليس فيه��ا هذا املعنى‪،‬‬ ‫سجن أو ينعدم أمله فى الرئاسة‬ ‫بل فيه أن املهزوم يُقْ تل أو ي ُ ْ‬ ‫ما دام الرئيس موجودا؛ يدل على هذا الدليل التاريخي(‪ )10‬ثم‬ ‫م��ا يش��ير إليه املعنى اللغ��وي‪ ،‬يقال‪ :‬ت َ َغلَّب ف�لا ٌن على بلد‬ ‫كذا‪ :‬اس��تولى عليه قهرا(‪ ،)11‬ويدل علي أيضا أثر بن مسعود‬ ‫«ما اجتمع حالل وحرام إال غلب احلرام احلالل‪.)12(»...‬‬ ‫ثانيا‪ :‬أن املتغلب الذي يقبل وليا ألمر املس��لمني هو الذي‬ ‫حك ِّم فيهم كتاب اهلل ‪-‬سبحانه‪ ،-‬يدل عليه طائفة من‬ ‫يُ َ‬ ‫النصوص‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• ع��ن أم احلص�ين ‪-‬رض��ى اهلل عنه��ا‪ -‬أنها س��معت النبي‬ ‫صلى‪ ‬اهلل‪ ‬عليه‪ ‬وسلم‪ -‬يخطب في حجة الوداع وهو يقول‬‫«ولو اس��تعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب اهلل اس��معوا‬ ‫له وأطيعوا»(‪.)13‬‬ ‫• ع��ن أنس ب��ن مالك ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رس��ول اهلل‬ ‫صلى‪ ‬اهلل‪ ‬عليه‪ ‬وسلم‪« -‬اس��معوا وأطيعوا وإن استعمل‬‫عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة»(‪ ،)14‬انظر حمل املطلق‬ ‫على املقيد (وهذا مبني في مسألة إمارة السفر) وانظر أيضا‬ ‫لفظ (أمير)‪.‬‬ ‫• عن عبد اهلل بن عباس ‪-‬رضى اهلل عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول‪ ‬اهلل‬ ‫صلى‪ ‬اهلل‪ ‬عليه‪ ‬وس��لم‪« -‬من رأى من أميره ش��يئا يكرهه‬‫فليصبر‪ ،‬فإنه ليس أحد يفارق اجلماعة شبرا فيموت إال مات‬ ‫ميتة جاهلية»(‪.)15‬‬ ‫هذا ه��و احلاكم املتغلب‪ ،‬كس��ائر حكام الدول اإلس�لامية‬ ‫بع��د حك��م الراش��دين‪ ،‬م��ن الدولة األموي��ة إل��ى الدولة‬ ‫التركية العثمانية‪ ،‬والدول التي انفصلت عنها كاخلوارزمية‬ ‫واألخش��يدية ونح��و ذل��ك‪ ...‬ف��كل ح��كام ه��ذه ال��دول‬ ‫م��ع فس��ق بعضهم وفج��وره‪ -‬إال أنه مقيما عل��ى الدين‪،‬‬‫حافظ��ا له!! واس��تمر هذا اخلي��ر موجودا حت��ى ألغى اجملرم‬ ‫العلماني مصطفى كمال اخلالفة العثمانية س��نة ‪1924‬م‪،‬‬

‫وعندها بزغ جنم العلمانية في ديار اإلسالم برعاية االحتالل‪،‬‬ ‫وانتش��رت األف��كار الدميقراطي��ة التي اسس��ت لدس��اتير‬ ‫ما أنزل اهلل بها من سلطان؛ وبذا صارت الدميقراطية طاغوتا‬ ‫ال يصح إسالم مسلم حتى يكفر به(‪.)16‬‬ ‫إن احلاك��م الدميقراطي ال يحكم مب��ا أنزل اهلل‪ ،‬بل يعادي من‬ ‫ينادي بحكم اهلل‪ ،‬فكيف تكون الدميقراطية صورة للتغلب؟‬ ‫ويصير صاحبها وليا ألمر املسلمني جتب طاعته شرعا(‪.!!)17‬‬ ‫ومن ثم وجب علينا أن نشير إلي ماهية هذا النظام الدميقراطي‬ ‫والفرق بينه وبني الش��ورى في اإلسالم ثم جنلي للقارئ بعض‬ ‫مفاسده ونوضح أيضا موقف الدعوةالسلفية املباركة منه‬ ‫‪،‬هذا مانتعرف عليه العدد املقبل إن شاء اهلل تعالى‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على نبينا احلبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫الشافعي‪ :‬ابن عقيل‪ ،‬انظرفي هذا البن الق ّيم‪" :‬بدائع الفوائد" (‪.)152/3‬‬ ‫(‪ )1‬نقلها عن اإلمام‬ ‫ّ‬ ‫(‪ )2‬ابن الق ّيم‪" :‬بدائع الفوائد" (‪.)155/3‬‬ ‫ملحُ‬ ‫(‪ )3‬جمال املراكبي‪" :‬اخلالفة اإلسالمية بني نُظم احلكم املُعاصرة" (ص‪ )169/‬جماعة أنصار السنّة ا ّمدية‪،‬‬ ‫القاهرة‪1414-‬هـ‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ابن تيمية‪ :‬مجموع الفتاوى (‪.)262/28‬‬ ‫(‪ )5‬ابن تيمية‪ :‬السياسة الشرعية (ص‪ 82/‬ط‪1387-1‬هـ‪ ،‬املطبعة السلفية)‪.‬‬ ‫(‪ )6‬حول هذه األحداث ومالبسات األمور‪ ،‬راجع البن كثير‪ :‬البداية والنهاية (‪.)93-83 ،81-78/18‬‬ ‫(‪ )7‬انظر‪ :‬السياسة الشرعية (‪.)12-10‬‬ ‫(‪ )8‬أخرجه البخاري بلفظ (أميري) في كتاب األحكام‪ ،‬وأخرجه مس��لم بلفظ (األمير)‪ ،‬وكالهما من حديث‬ ‫أبي هريرة – رضي اهلل عنه – مرفوعا‪.‬‬ ‫(‪ )9‬وهذه املس��ألة حتتاج إلى بس��ط و وافر عناية ال س��يما في ضوء التحول الدعوي الس��لفي إلى العمل‬ ‫احلزبي‪ ،‬و ظهور ما يس��مى بااللتزام احلزبي‪ ،‬ومحاوالت التقنني العلمي لوضعية "تعصبية حزبية ودعوية"‬ ‫جديدة!! و إلى اهلل املشتكى!!‪.‬‬ ‫(‪ )10‬انظر للصفدي مثالً‪ :‬نكت الهميان في نكت العميان‪.‬‬ ‫(‪ )11‬املعجم الوسيط (‪.)682/2‬‬ ‫(‪ )12‬انظره عند ابن منظور (‪ – 3279/5‬لسان العرب)‪ ،‬ولم أحقق صحته و لكن نظرت إلى معناه!!‬ ‫(‪ )13‬اخرجه مسلم (‪ )1838‬كتاب اإلمارة‪.‬‬ ‫(‪ )14‬اخرجه البخاري (‪ -7142‬األحكام)‪ ،‬و مسلم (‪ -1837‬امارة)‪.‬‬ ‫(‪ )15‬اخرجه البخاري (‪-7054‬فنت)‪ ،‬و مسلم (‪-1849‬فنت)‪.‬‬ ‫(‪ )16‬انظر هنا كالم الشيخ‪ /‬أحمد شاكر في عمدة التفسير‪ ،‬والشيخ‪ /‬محمد إبراهيم في حتكيم القوانني‪.‬‬ ‫(‪ )17‬وبسط ذلك – مختصرا – عند احلديث في بعض النقاط التالية‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫قراءة في األحداث‪ :‬ومضة‬

‫قلب ملتاع في يوم العيد‬

‫وضع األقليات‬ ‫‪-‬فــى مـــصـــر‪-‬‬

‫محاولة نزع‬

‫المكاسب‬ ‫بقلم د‪ .‬أحمد النقيب‬

‫يدي‪ ،‬ويكاد الذهن أن يكون عاجزا‬ ‫يكاد القلم أن يسقط من ّ‬ ‫ّ‬ ‫يخط ُه إلخوان��ه من عموم األمة‬ ‫ف��ي حتديد ما يريد امل��ر ُء أن‬ ‫كل س��اعة‪ُّ ،‬‬ ‫وخاصته��م‪ ،‬فاألح��داثُ متالحق��ة ّ‬ ‫وكل حدث‬ ‫ّ‬ ‫متخض عند النظر‬ ‫ث��م كتابة ما ّ‬ ‫ُ‬ ‫يحتاج إلى ّ‬ ‫تأمل ودراس��ة‪ّ ...‬‬ ‫والتفكير‪ ،‬في ضوء منظومة معرف ّية مشدودة بأوتاد املنهج‬ ‫السلفي الذي ال يلني وال يخور وال ينمحي!!‬ ‫أم��ام ه��ذا الطوف��ان احلدثي اجل��ارف ال��ذي يُس��ابق الزمن‬ ‫في س��رعته‪ُ :‬‬ ‫يقف املر ُء عاجزا عن تخ ُّي��رِ املوضوع الذي يري ُد‬ ‫س��يما ونح ُن في مناس��بة فرحة املسلمني‬ ‫احلديث فيه؛ ال ّ‬ ‫بعي��د األضح��ى املُب��ارك‪ ،‬ما ه��ذا اله��درُ الهائ��ل؟ وما هذا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫األمة؟ وكيف جت ّرأ العلمان ّيون‬ ‫اجلهل‬ ‫الصارخ بالدي��ن وبواقع ّ‬ ‫ف��ي بـالدنـ��ا ‪-‬فـي ّ‬ ‫ظـل حـكـ��م اإلس�لامـيـيـن وتـحـت‬ ‫ظـالل الس��لفيني الدميقراطيني‪ -‬أن يجـهـروا مبا لم يقدروا‬ ‫أن يجهروا به من قبل؟‬ ‫‪10‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫طالب فورا أن ينس��حب‬ ‫إن االجت��اه الدميقراطي الس��لفي ُم‬ ‫ٌ‬ ‫من هذه الس��احة العفنة؛ ألنه عج��ز أن يُغ ّير دون أن يتغ ّير‪،‬‬ ‫وخس��ر ‪-‬بال مكس��ب‪ -‬دون أن يُحققَ برنامج��ه في اجلوالت‬ ‫الس��ابقة‪ ،‬وي��ا هلل العجب!! تراه��م فرح�ين بال ُفتات الذي‬ ‫يجت ُّرونه وال يكادُ يُسيغ مطعم كل خبير ذ ّواقة!!!‬ ‫إن الفش��ل بداية النجاح‪ ،‬وجناحنا في منهجنا‪ :‬إقام ُة الدين‬ ‫باحل��ق‪ ،‬ال س��رابا ُم ّدعى‪ ،‬وال كالم��ا ال رصيد له ف��ي الواقع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫(صكا عل��ى بياض) إلاّ مل��ن كان على‬ ‫نقدم‬ ‫إنن��ا ال يمُ ك�� ُن أن ّ‬ ‫منهجنا‪ ،‬وهنا اإلشكال!!‬ ‫إن دينام ّي��ة العم��ل احل��قّ ودميومت��ه في اجملتمع اإلس�لامي‬ ‫يج��ب أن يكون وفق‬ ‫عم��ا‬ ‫وإن تغ ّي��رت وجوه��ه‪ : -‬أن يُع ِّب��رَ ّ‬‫ُ‬ ‫��خ أو انه��زام‪ ،‬ال أن يك��ون‬ ‫الش��ريعة اإلس�لامية‪ ،‬دون ُّ‬ ‫تفس ٍ‬ ‫وفقا ملا عليه املجُ تم��ع؛ وذلك أن ضغط الواقع ال يُجي ُز النزوغ‬


‫تابع‪ :‬قراءة في األحداث‪ :‬وضع األقليات ‪ -‬فى مصر ‪ -‬محاولة نزع المكاسب‬

‫التجاوزي لثوابت وأصول املنهج الس��لفي وقيمه اجلوهر ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الش��رعي لمِ َا كان عليه‬ ‫املنهج الذي يُع ُد ‪-‬بحق‪ -‬الوريث‬ ‫هذا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الكرا ُم ‪-‬رضي اهلل عنهم‪.-‬‬ ‫السلف األ ّو ُل ِ‬ ‫إن ما يحدثُ ‪ٌ :‬‬ ‫التاريخي في «الدعوة السلفية»‬ ‫فك لالرتباط‬ ‫ّ‬ ‫ب�ين العلم والعم��ل‪ ،‬والتّص��ور ِ والواق��ع‪ ،‬واألم��ل واملأمول‪،‬‬ ‫والذه��ن والع�ين‪ ...‬بني اليق�ين وحيو ّية العم��ل‪ ،‬وأخيرا‪ :‬بني‬ ‫التاريخي هو عني احلقيقة‪،‬‬ ‫العقيدة والطموح‪ ،‬هذا االرتباط‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ب��ذاك الزغل الذي ض ّل��ل كثيرا من ال ُبس��طاء‪ ،‬وأغرى‬ ‫ليس‬ ‫رهط من الغيورين‪..‬‬ ‫طائفة من املُنتفعني‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأضج مضاجع ٍ‬ ‫ال ينبغي أن نسقط في وحل السراب الزائف‪ ،‬أو أن ن ُطامن قلوبنا‬ ‫ملُس��تَورَدٍ ضاغط‪ ،‬يحلو له أن يقتلنا ع��ن طريقنا ودعوة نب ّينا‬ ‫الكرَام ‪-‬رضي اهلل عنهم‪.-‬‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬وأسالفنا ِ‬‫إن واحدة م��ن عوامل قوة الدعوة الس��لفية‪ :‬ص��د ُق الوعد‬ ‫اإلس�لامي عند التغيير‪ ،‬لقد كنّا نخب ُر الناس أننا ُ‬ ‫أهل دعوة‪،‬‬ ‫هب لصالح اإلسالم‪ :‬ستجدون اخلير ك ّله في‬ ‫وأن التغيير إذا َّ‬ ‫فلما ه ّبت‬ ‫ه��ذا الدين ومش��روعه الكامل ونظامه الت��ا ّم!! ّ‬ ‫املنهج��ي والفكري الذي‬ ‫االنبطاح‬ ‫ري��اح التغيير‪ :‬كان ه��ذا‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫ترتّب عليه س��قطات ف��ي األداء واملُمارس��ة‪ ،‬د ّل َل على مدى‬ ‫س��طح ّية الطرح وهشاش��ته‪ ،‬وأن القوم ال زال��وا في طور‬ ‫ص َي ِغ االنحراف عن املنه��ج‪ ،‬ال أنهم في صدد تعديل‬ ‫جتري��ب ِ‬ ‫الطريق لصالح أصول املنهج‪ ،‬وأن ما متّ كس��به في السنني‪:‬‬ ‫يتم حرقه ثم درس�� ُه ث��م ذر ُو ُه ليذهب أدراج الرياح!! وعندها‬ ‫ُّ‬ ‫س��تكون األجيا ُل الصاعدة ُمفلس��ة عن الق ّي��م العلم ّية‪،‬‬ ‫السلفي ‪-‬إلاّ ما ن َ ُدرَ‪،‬‬ ‫املنهج‬ ‫واحلقائق العين ّية‪ ،‬التي تع ِّب ُر عن‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫وهو مهموزٌ به عند أرباب الدميقراط ّية السلف ّية!!‪.-‬‬ ‫ري��اح التغيير ‪-‬باإلضافة إلى ما س��بق داخل ّيا‪-‬‬ ‫عندما ه ّبت‬ ‫ُ‬ ‫األمة س��وف‬ ‫ّ‬ ‫ظن كثي ٌر من الناس أن وقت الوعد قد حان‪ ،‬وأن ّ‬ ‫اإلس�لامي األكيد!! وسارع ٌ‬ ‫رهط من‬ ‫جتني ثمرات هذا الوعد‬ ‫ّ‬ ‫جن��ي الغنائ��م قبل فوات‬ ‫الس��لفيني ‪-‬مدفوع�ين بهاجس‬ ‫ّ‬ ‫الوقت – إلى حلبة الوغى‪ ،‬تاركني جبل ال ُّرماة!! و ُم ْدبِرين لثغور‬ ‫األم��ة!! وظنُّوا أنهم بنزولهم (امليدان)‬ ‫العلم والدعوة ونفع ّ‬ ‫ّ‬ ‫س��يتحققُ الوع ُد! وأن واجب الوقت يقتضي بعض التجاوز‬

‫واملنهجي جلب��ا ً للمصلحة ودفعا ً للمفس��دة!!!‬ ‫العق��دي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وظنُّوا ‪-‬واهمني‪ -‬أنهم بذلك س ُيحافظون على ثوابت الدين‬ ‫وهو ّية البالد‪ ،‬وأنّهم س ُيط ّبقون الشريعة اإلسالمية!!!!‬ ‫‪ ...‬فأقاموا األحزاب وشاركوا الناس دنياهم وزاحموهم فيها‪،‬‬ ‫وجت��اوزوا ع��ن كثي��ر م��ن أخالق ّي��ات الدع��وة ومنهجه��ا‪،‬‬ ‫وظنّ��وا أنهم بقبوله��م ‪-‬بالفع��ل وبالق�� ّوة‪ -‬الدميقراط ّية‪:‬‬ ‫أنهم على طريق التمكني!!!!‬ ‫بعدم‬ ‫السياس��ية املوجودة‪:‬‬ ‫الناس على االجتاهات‬ ‫لقد حكم‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الناس‬ ‫الصالح ّي��ة‪ ،‬وتر ّقبوا اخليرَ في هذا االجت��اه الصاعد!! أرادَ‬ ‫ُ‬ ‫هذا العتيق بصورته اجلميلة وثيابه النظيفة‪ ،‬فأبى بعض أرباب‬ ‫هذا االجتاه إلاّ أن يخلعوا هذه الثياب اجلميلة ل ُيبرِزوا عضالتهم‬ ‫أمام األعداء‪ ،‬ظانّني أنّهم بذلك يُدافعون عن اإلسالم!!‬ ‫إن وقت��ا ً ال زا َل معن��ا لن ّ‬ ‫ولنراج�� َع مواقفنا كاملة‬ ‫ُفكرَ مل ّيا‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ال أقول‪ :‬من ُذ س��نتني‪ ،‬ولكن‪ :‬من ُذ عش��ري َن سنة؛ أل ّن شباب‬ ‫اليوم هو حصيلة هذه السنني‪ ،‬وهؤالء الشباب غلَ َب عليهم‬ ‫احلزبي‬ ‫التعص ُب‪ ،‬واحلزب ّية‪ ،‬واالندفا ُع ‪-‬بق ّوة الطاعة وااللتزام‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫خالف احلقّ ويُصاد ُم‬ ‫ت��ارة والدعوي تارة أخرى‪ -‬لتحقيق م��ا ي ُ‬ ‫احلقيقة؛ ولذا لن يح ُدث اجتما ٌع أو ائتالف حتى تُعادَ صياغة‬ ‫حطب‬ ‫فكرِ وتص ُّور ِ هذه الش��ريحة الط ّيبة‪ ،‬التي صارت اآلن‬ ‫َ‬ ‫السلفي (أ ّيا كان اسمه)‪ ،‬هذه الشريحة ‪-‬كأساتذتها‬ ‫احلزب‬ ‫ّ‬ ‫و ُمر ّبيه��ا‪ -‬خُ لِ َ‬ ‫��ط عنده��م الدي�� ُن بالدميقراط ّي��ة‪ ،‬واليقني‬ ‫بالوه��م‪ ،‬وامل��واالة اإلميان ّي��ة باملُزاحمات الدنيو ّي��ة الوهم ّية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالتنطع‪ ،‬والدعوة باحلزب‪...‬‬ ‫والعلم‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫تغشاك الهموم؟!! وإلى لقاء‪ُّ ،‬‬ ‫كل عام وأنتم‬ ‫قلب‬ ‫فإلى متى يا ُ‬ ‫بخير مبناسبة عيد األضحى املُبارك‪ ،‬وتق ّبل اهلل منّا ومنكم‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫من معاني الحج‬

‫وضع األقليات‬ ‫‪-‬فــى مـــصـــر‪-‬‬

‫محاولة نزع‬

‫المكاسب‬ ‫بقلم أ‪ .‬تامر األنصاري‬

‫احلمد هلل الذى مأل شرعه حكما وآيات‪ ،‬تفيض على القلوب‬ ‫بالعل��وم النافعات‪ ،‬وصالة وس�لاما على خي��ر البريات‪ ،‬وآله‬ ‫وصحبه وسلم‪ ،‬أما بعد‪...‬‬ ‫ف��إن كثي��را من الن��اس ال يلتفت إل��ى املعاني الت��ى حتويها‬ ‫العبادات‪ ،‬وم��ا ينعكس على النفس والقلب من آثارها‪ ،‬ومن‬ ‫أج��ل العبادات الت��ى ينبغى للمس��لم أن ينش��غل بآثارها‬ ‫ومعانيه��ا‪ ...‬احلج‪ ،‬فه��ى عبادة ال تطلب ف��ي العمر إال مرة‪،‬‬ ‫وفى هذا املقال نناقش ‪-‬بإذن اهلل‪ -‬شيئا من معاني احلج‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬التوحيد‬ ‫ف��أول تل��ك املعان��ي وأجلها‪ :‬التوحي��د‪ ،‬ويظهر ابت��داء عند‬ ‫مفارقة األهل واألوالد ابتغاء مرضات اهلل‪،‬‬ ‫ث��م عن��د االغتس��ال واإلمس��اك ع��ن محظ��ورات اإلحرام‬ ‫ابتغ��اء مرضات اهلل‪ ،‬ث��م عند الطواف والذب��ح ورمى اجلمار‬ ‫‪12‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫‪ ‬‬ ‫يتذكر إمام احلنفاء وه��و يرفع القواعد من البيت ويرجو من‬ ‫َ ُۡۡ َ‬ ‫يِ و َب َّ‬ ‫ن‬ ‫رب��ه‬ ‫القبول‪ َ ،‬وحني دعى رب��ه له ولذريت��ه (‪ ...‬وٱجنبن يِ‬ ‫أۡ‬ ‫ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫��د ٱلص َن َ‬ ‫أَن َّنع ُب َ‬ ‫��ام ‪ )٣٥‬إبراهي��م‪ ،‬وحني استس��لم لذبح ابنه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫��هۥ ل ِۡل َ‬ ‫ق��ال تعالى‪( :‬فَلَ َّم��ا ٓ أَ ۡس��لَ َما َوتَ َّل ُ‬ ‫�ين ‪َ ١٠٣‬ونٰ َديۡ َنٰ ُه أن‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ِ ِ‬ ‫ۡ‬ ‫َ ٰٓ ۡ َ ٰ ُ َ ۡ َ َّ ۡ َ ُّ ٓ َّ َ َ َ جَ ۡ‬ ‫ۡ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يإِبرهِيم ‪ ١٠٤‬قد صدقت‬ ‫سنِني ‪١٠٥‬‬ ‫ٱلر ۡءيَا ۚ إِنا كذٰل ِك ن ِزي ٱلمح ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َۡ ُ ۡ‬ ‫إ َّن َهٰ َذا ل َ ُه َو بۡٱلَ َ ٰٓ ُ ْ ۡ ُ ُ‬ ‫يم ‪ )١٠٧‬الصافات‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫لؤا ٱلمبِني ‪ ١٠٦‬وفدينٰه بِذِب ٍح ع ِظ ٖ‬ ‫ويظهر التوحيد جليا في التلبية كما قال صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫ف��ي تلبيته‪« :‬لبيك اللهم لبيك‪ ...‬لبيك ال ش��ريك لك لبيك‪...‬‬ ‫إن احلمد والنعمة لك وامللك ال شريك لك»‪.‬‬ ‫يقولها وهو مستش��عر ملا دلت عليه من إفراد اهلل بالعبادة‬ ‫وأنه وحده الذي يخص بها دون ما سواه‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬االنتماء وإظهار الهوية االسالمية‬ ‫تلك ه��ى هوية التوحيد ‪-‬ولو اختلفت األزمنة والش��خوص‬ ‫والبلدان‪ ،-‬فالرب واحد ‪-‬ال ش��ريك له‪ ،-‬والدي��ن فإن انتمائنا‬


‫تابع‪ :‬من معاني الحج‬

‫من ي��وم أذن اخلليل في الناس‬ ‫ميت��د ضاربا ف��ي جذور التاريخ‬ ‫ۡ‬ ‫لَىَ‬ ‫ّ‬ ‫لُ‬ ‫َ​َّ‬ ‫َ‬ ‫اس بٱلحۡ َ ّج يَأتُ َ‬ ‫وك ر َج��ال َ‬ ‫َّ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ك ضام ِٖر‬ ‫ع‬ ‫اٗ و‬ ‫يِ ٱنل‬ ‫ف‬ ‫ِن‬ ‫ذ‬ ‫باحل��ج (وأ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫لُ‬ ‫َ‬ ‫ِني مِن ك ف ّج َ‬ ‫يَأۡت َ‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫يق ‪ )٢٧‬احلج‪.‬‬ ‫ِ ٍ ِ ٖ‬ ‫فصلة املس��لم ببيت اهلل احلرام صلة وثيقة تنشأ منذ بدء‬ ‫انتمائ��ه لدين اإلس�لام وتس��تمر معه ما بقي��ت روحه في‬ ‫جسده‪ .‬فالصبي الذي يولد في اإلسالم أول ما يطرق سمعه‬ ‫من فرائض اإلس�لام أركانه اخلمس��ة التي أحدها حج بيت‬ ‫اهلل احل��رام‪ ،‬وأول أركان اإلس�لام بعد الش��هادتني الصلوات‬ ‫اخلم��س الت��ي افترضه��ا اهلل على املس��لمني ف��ي كل يوم‬ ‫وليلة وجعل اس��تقبال بيت اهلل احلرام شرطا ً من شروطها‪،‬‬ ‫فصلة املس��لم ببيت اهلل احلرام مستمرة في كل يوم وليلة‬ ‫يس��تقبله مع القدرة في كل ص�لاة يصليها فريضة كانت‬ ‫أو نافلة‪ .‬كما يستقبله في الدعاء‪.‬‬ ‫وه��ذه الصل��ة الوثيق��ة الت��ي حص��ل به��ا االرتب��اط بني‬ ‫قلب املس��لم وبي��ت ربه بصفة مس��تمرة تدفع باملس��لم‬ ‫وال ب��د‪ -‬إل��ى الرغب��ة امللحة ف��ي التوجه إلى ذل��ك البيت‬‫ۡ ۡ‬ ‫العتي��ق ليتمتع بصره بالنظر إليه‪ ،‬ق��ال تعالى‪ِ( :‬إَوذ َج َعل َنا‬ ‫ت َم َثابَ ٗة ّل َّ‬ ‫بۡٱلَ ۡي َ‬ ‫ِلن ِ‬ ‫اس‪ )125 ...‬ابلقرة‪.‬‬ ‫ۡ َ َ ۡ َ بۡ َ ۡ َ َ ٗ‬ ‫ت َمثابَة‬ ‫‪ ‬ق��ال احلافظ ابن كثير‪ :‬قال ابن زي��د‪ِ( :‬إَوذ جعلنا ٱلي‬ ‫ّل َّ‬ ‫ِلن ِ‬ ‫��اس‪ )125 ...‬ق��ال‪ :‬يثوبون إليه من ال ُبلْ��دان كلها ويأتونه‪،‬‬ ‫وما أحسن ما قال الشاعر في هذا املعنى‪ ،‬أورده القرطبي‪:‬‬ ‫الـبـيـت مـثـابًـا لهم‬ ‫جـعـل‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ليس منه الدهر يقضون ال َو َطرْ‪.‬‬ ‫ ‬ ‫ثالثا‪ :‬االفتقار والتذلل واالنكسار هلل تعالى‬ ‫ال��كل يلب��س إزارا ورداء‪ ،‬ال ف��رق ب�ين غن��ى وفقي��ر‪ ،‬وال‬ ‫ف��رق بني ق��وي وضعيف‪ ،‬ال��كل يرج��و العف��و واملغفرة‪،‬‬ ‫ث��م يتجل��ى ذل��ك التذلل في ي��وم عرفة‪ ،‬فف��ى احلديث‪:‬‬ ‫ع��ن عم��رو بن ش��عيب ع��ن أبي��ه ع��ن ج��ده‪ :‬أن النبي‬ ‫صل��ى اهلل علي��ه و س��لم ق��ال خي��ر الدع��اء دع��اء‬ ‫ي��وم عرف��ة وخي��ر م��ا قل��ت أن��ا والنبي��ون م��ن قبل��ي‬ ‫ال إله إال اهلل وحده ال ش��ريك له له امللك وله احلمد وهو‬ ‫على كل ش��يء قدير‪ .‬رواه الترمذي وحس��نه األلباني‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬االستسالم واالنقياد هلل‬ ‫وهذا ظاهر في كل املناسك‪ ،‬لقد أمرنا اهلل باالحرام فأحرمنا‪،‬‬ ‫وبالط��واف فطفن��ا‪ ،‬وبالرم��ى فرمين��ا‪ ،‬وبالذب��ح فذبحن��ا‪،‬‬ ‫فلبيك ربنا لبيك‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬تربية النفس على األخالق الفاضلة‬ ‫َ‬ ‫لحۡ َ ُّ َ ۡ ُ ‪َ ٞ ٰ َ ُ ۡ َّ ٞ‬‬ ‫َ‬ ‫ت ف َم��ن ف َرض فِي ِه َّن‬ ‫ق��ال اهلل تعالى‪ ( :‬ٱ ج أش��هر معلوم ۚ‬ ‫لحۡ‬ ‫َ‬ ‫لحۡ َّ َ َ َ َ َ ُ ُ َ َ‬ ‫ج َدال فيِ ٱ َ ِ ّجۗ‪ )197 ...‬ابلقرة‪.‬‬ ‫ٱ َج فلاَ رفث ولاَ فسوق ولاَ ِ‬ ‫واملعنى‪ :‬وقت احلج أشهر معلومات‪ ،‬وهي‪ :‬شوال‪ ،‬وذو القعدة‪،‬‬ ‫وعش��ر م��ن ذي احلجة‪ .‬فمن أوجب احلج على نفس��ه فيهن‬ ‫باإلحرام‪ ،‬فيحرم عليه اجلماع ومقدماته القولية والفعلية‪،‬‬ ‫ويح��رم عليه اخلروج عن طاعة اهلل تعال��ى بفعل املعاصي‪،‬‬ ‫واجلدال في احلج الذي يؤدي إلى الغضب والكراهية‪.‬‬ ‫حج فلم يرفث‪ ،‬ولم يفسق رجع من‬ ‫وقال رسول اهلل‪« :j ‬من ّ‬ ‫ذنوبه كي��وم ولدته أمه»‪ .‬فإنه إن فعل ذلك كان حجه مبرورا‪،‬‬ ‫ورسول اهلل‪ j ‬يقول‪« :‬احلج املبرور ليس له جزاء إال اجلنة»‪.‬‬ ‫وفي احل��ج معانى غزيرة اقتصرت على بعضها س��ائال اهلل‬ ‫القبول والرشاد‪ ،‬واحلمد هلل رب العاملني‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫تفسير ابن كثير‪.‬‬ ‫التفسير امليسر‪.‬‬ ‫احلج منافعه وآثاره للعالَّمة‪ :‬عبد اللهَّ‬ ‫بن ِج ْبرِي ْ ٍن‪.‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫بن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫التوحيد في احلج لفضيلة الشيخ محمد بن محمد اخملتار الشنقيطي‪.‬‬ ‫احلج فضله وفوائده لفضيلة الشيخ عبد احملسن بن حمد العباد البدر‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪:‬‬

‫المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫(الـــحـــلـــقـــة الـــثـــانـــيـــة)‬

‫بقلم أ‪ .‬محمود الصاوي‬ ‫إن احلم��د هلل تعال��ى نحم��ده ونس��تعينه ونس��تغفره ونعوذ‬

‫واألفكار الش��ركية املنتش��رة بني األمم‪ ،‬وهي ‪-‬اليوم‪ -‬ديانة تطلق‬

‫باهلل من ش��رور أنفسنا ومن س��يئات أعمالنا من يهده اهلل فال‬

‫العن��ان لش��هوات أتباعها طاملا يجلس ويعت��رف بني يدي القس‬

‫مضل له ومن يضلل فال هادى له وأش��هد أن ال اله إال اهلل وحده‬

‫أو يؤكد إميانه باإلله املتجسد املصلوب الذي حمل خطاياهم‪.‬‬

‫ال شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله‪ .‬أما بعد‪...‬‬ ‫ولقد أدرك ساس��ة الغرب ورجاالته بعد صراع دام لقرون أن احلرب‬ ‫«إنه��ا حرب صليبية جديدة» هك��ذا تفوه بها الرئيس األمريكي‬

‫مع اإلس�لام تختلف عن باق��ي احلروب‪ ،‬ومواجهت��ه تختلف عن‬

‫الس��ابق (ج��ورج ب��وش) عندم��ا حرك جيوش��ه لض��رب العراق‬

‫عدلوا من أساليبهم وتخلوا‬ ‫مواجهة غيره من األعداء‪ ،‬ولذا فقد ّ‬

‫وأفغانستان قبل أن يتدارك أمره ويقول أنها زلة لسان‪ ،‬ليكشف‬

‫ع��ن كثير من أفكارهم خلوض تلك املعركة‪ .‬فهذه احلرب تختلف‬

‫للعالم أجمع وللمس��لمني ‪-‬خاصة‪ -‬ماهي��ة الصراع بني الغرب‬

‫عن س��ابقاتها كليا‪ ،‬وإن كنا ال نش��ك أن اإلسالم سيخرج منها‬

‫الصليبي والش��رق اإلس�لامي‪ ،‬وليؤكد على حقيقة واحدة وهي‬

‫منتصرًا قويًا؛ ألنه قدر اهلل الغالب على أمره‪.‬‬

‫وال وحدة بينهم وال راية جامعة لهم إال راية الصليب؛ تلك الراية‬

‫فاحلرب تتم دائما على ثالثة جوانب‪:‬‬

‫التي تسع حتتها كل التيارات املعادية لإلسالم واملسلمني‪.‬‬

‫اجلانب الفكري الثقافي‪ ،‬واجلانب السياسي‪ ،‬واجلانب العسكري‪،‬‬

‫أن��ه ال اجتماع لقوى الغرب املتنافرة املتناحرة‪ ،‬إال على اإلس�لام‪،‬‬

‫لكننا نالحظ أن هذه احلرب قد اختفى منها اجلانب السياسي مما‬ ‫وال عجب من هذا االحتاد فالنصرانية اليوم ديانة علمانية تعطي‬

‫يعن��ي أنها حرب إبادة وصراع بقاء ال غير‪ ،‬وأنها لن تهدأ أو تنتهي‬

‫ما لقيص��ر لقيصر وما هلل هلل‪ ،‬جتمع حت��ت لوائها جميع الرموز‬

‫إال بنهاية أحد األطراف‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫وعلين��ا أن ندرك أن ما يتعرض له املس��لمون اليوم ليس��ت حربا‬

‫جملة من املراكز واملعاهد التنصيرية واجلمعيات مثل‪:‬‬

‫عادي��ة‪ ،‬بل هي حرب كوني��ة‪ ،‬مما يعني أن االش��تباك حادث على‬

‫ •معهد صمؤي��ل زومير فى واليه كاليفورنيا مت انش��اؤه بناءا‬

‫كل صعي��د‪ ،‬والقتال في كل اجلبهات‪ ،‬فالكات��ب يحارب بقلمه‪،‬‬

‫على توجيه من قرارات مؤمتر كولورادو‪.‬‬

‫والفن��ان بفن��ه‪ ،‬واملفكر بفك��ره‪ ،‬والتاجر بتجارته‪ ،‬والعس��كري‬

‫ •املركز العاملى لألبحاث والتبشير فى كاليفورنا‪.‬‬

‫بس�لاحه‪ ،‬والسياسي بسياسته‪ ،‬وهكذا من كل موقع ومن كل‬

‫ •اجلامعة األمريكية فى بيروت والقاهرة‪.‬‬

‫صعي��د‪ ،‬وهذا ما نراه اليوم في أرض اإلس�لام؛ حتى أنه ليصعب‬

‫ •الكليه الفرنسية فى الهور ‪.‬‬

‫على املرء أن يحصي سهام الكفر الطائشة بأرضنا‪.‬‬

‫ •جمعيـ��ه التبش��يــر الكنس��يــة االجنليزيــ��ة وهى أهم‬ ‫جمعية بروتستانتية‪.‬‬

‫لكنن��ي أري م��ن خالل ه��ذا الع��رض أن التنصير وه��و الواجهة‬ ‫الفكرية هو األحرى باملواجهة لذلك آثرت من خالل هذه الكلمات‬

‫ •إرس��اليات التبش��يـــر األمريكيــة أهمهـــ��ا اجلمعيــة‬ ‫التبشيرية االمريكية‪.‬‬

‫أن أجلي بعض احلقائق عن هذا العدو املندس حتى ال ينخدع كثير‬

‫ •جمعيات إرس��اليات التبش��ير األملانيه الش��رقية أسس��ها‬

‫من الطيبني من املسلمني إزاء ما ألفه القوم من حيل ميكرون بها‬

‫القسيس لبسيوس سنة‪1895‬م وقد بدأت عملها سنه‪1900‬م‪.‬‬

‫ألهل اإلسالم فتعالوا بنا معاشر القراء نواصل حلقات مسلسل‬

‫ •اجلمعية الكندية لنش��ر النصرانية بني اليهود وبدأ عملها‬

‫التنصير املر حتي يتبني خطورة هذا اخملطط‪.‬‬

‫بأن س��اقت اليه املتنصرين فى شتات األرض من اليهود إلى‬ ‫أرض فلسطني‪.‬‬

‫اجلـمـعـيـ��ات والـمـنـظـمـ��ات والـمـؤتـمــ��رات الـراعـيـة‬

‫ •جمعية لندن التنصيرية‪ ،‬تأسست سنة ‪1765‬م‪.‬‬

‫لـحـركـة الـتـنـصـيـر فـى الـعـالـم‪:‬‬

‫ •جمعية طبع اإلجنيل البريطانية‪ ،‬تأسست سنة ‪1804‬م‪.‬‬

‫لق��د اخ��ذ ارب��اب ه��ذه الدع��وه عل��ى كواهله��م الكيد‬

‫ •جمعية تنصير الشباب اإلفريقي‪ ،‬أنشئت سنة ‪1967‬م‪.‬‬

‫لإلس�لام بكاف��ة الوس��ائل ذلك اخلط��ر املنبع��ث من بالد‬

‫ •مركز البحوث التابع للفاتيكان‪.‬‬

‫الش��رق الذى يهدد ع��روش أولئكم النص��ارى فى أقاصي‬

‫ •املركز املسيحي في نيروبي‪.‬‬

‫األرض لذل��ك اتفق هؤالء مع أرباب املصالح واملتس��لطون‬

‫ •مركز املعلومات املسيحي في نيجيريا‪.‬‬

‫عل��ى رق��اب العب��اد فيم��ا بينه��م على محاربة اإلس�لام‬

‫ •مركز البحوث التابع جمللس الكنائس العاملي‪.‬‬

‫وكون��وا عل��ى إث��ر ذل��ك اجلمعي��ات التنصيري��ة ومراك��ز‬ ‫البح��وث ورص��د اصحاب العروش لذلك االم��وال الطائلة‬

‫املؤمترات التنصيرية‬

‫كل ذل��ك ف��ى أعق��اب فش��ل احل��روب الصليبي��ة كم��ا‬

‫يعقد املنص��رون املؤمترات اإلقليمية والعاملي��ة‪ ،‬لتنظيم اجلهود‪،‬‬

‫أس��لفنا وكان أول تأس��يس لهذه اجلمعيات فى أس��بانيا‬

‫وشحذ الهمم‪ ،‬واإلطالع على كل جديد‪ ،‬ومن هذه املؤمترات ‪:‬‬

‫عل��ى ي��د (رمي��ون ل��ول) األس��بانى ثم تب��ع ذلك تأس��يس‬

‫‪ .1‬مؤمتر القاهرة عام ‪1906‬م وقد دعا فيه زومير اإلرساليات التبشيرية‬

‫جمل��ة م��ن اجلمعيات التنصيري��ة فى بقية دول أوروبا ثم‬

‫البروتستانتية للبحث في مسألة نشر اإلجنيل بني املسلمني‪ ،‬وقد‬ ‫بلغ عدد املؤمترين ‪ 62‬شخصاً‪ ،‬وكان زومير رئيسا للمؤمتر‪.‬‬

‫أس��ماء مختلف��ة حتم��ل معانى س��امية اتخذته��ا مطية‬

‫‪ .2‬املؤمتر التبش��يري العاملي في أدنبره باس��كوتلنده عام ‪1910‬م‬

‫لتروي��ج تل��ك الس��لع اخلبيث��ة فأحيان��ا تتخ��ذ مس��مى‬

‫وقد حضره مندوبون عن ‪ 159‬جمعية تبشيرية‪.‬‬

‫العل��م او العدل او اإلحس��ان‪ ...‬ه��ذا وق��د انطلق أرباب‬

‫‪ .3‬مؤمتر التبشير في لكهنؤ بالهند عام ‪1911‬م وحضره زومير‪.‬‬

‫ه��ذه االجتاهات م��ن خالل عده قنوات تس��وغ وترعى لهم‬

‫‪ .4‬مؤمتر الكنائس البروتستانتية عام ‪ 1974‬في لوزان بسويسرا‪.‬‬

‫ه��ذه األفكار والوس��ائل ومتثلت هذه القن��وات فى اآلتى‪:‬‬

‫‪ .5‬مؤمتر جاكرتا ‪ 1975‬وقد اشترك فيه ‪ 3000‬مبشر نصراني‪.‬‬

‫قام��ت هذه اجلمعي��ات بالعمل فى البالد اإلس�لامية حتت‬

‫‪15‬‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫بالوالي��ات املتح��دة‪ ،‬وقد ح��ث املؤمتر على ض��رورة زي��ادة البعثات‬

‫وق��د ورد ف��ي إحصائي��ة نش��رت س��نة ‪1995‬م‪ ،‬أن ميزاني��ة‬ ‫التنصير ف��ي العالم س��نويا ً حوالي مائة وأربعة وس��تني مليار‬

‫التنصيرية بني مسلمي الشرق األوسط‪ ،‬خاصة في دول اخلليج‪.‬‬

‫دوالر أمريكي (‪ ،)164،000،000،000‬وقفز ذلك الرقم سنة ‪1992‬م‬

‫‪ .7‬املؤمتر العاملي للتنصير بالسويد عقد عام ‪1981‬م حتت إشراف‬

‫إلى مائة وواحد وثمانني مليار دوالر أمريكي (‪،)181،000،000،000‬‬

‫اجمللس الفيدرالي اللوثراني‪ ،‬والذي خرج بدراسة مستفيضة عن‬

‫والف��ارق الزمني بني الرقمني هو س��نتان‪ ،‬والفرق الرقمي بينهما‬

‫التنصير ملا وراء البحار‪ ،‬بهدف التركيز على دول العالم الثالث‪.‬‬

‫سبعة عشر مليار دوالر أمريكي (‪ ،)17،000،000،000‬وهذه الزيادة‬

‫‪ .6‬املؤمتر السادس جمللس الكنائس العاملي عام ‪1980‬م في كاليفورنيا‬

‫إمكانيات التنصير‬

‫ُوج ُه نس��بة ‪ %37‬م��ن هذه امليزانية‬ ‫في غضون س��نتني فقط‪ ،‬وت ّ‬

‫املالية الضخمة إلى تنصير القارة اإلفريقية‪.‬‬

‫بلغت القدرات املالية التي متلكها الكنيسة أرقاما ً مذهلة‪ ،‬فقد‬ ‫أنفق��ت املس��يحية العاملية املنظمة ف��ي الثمانينات من القرن‬ ‫العشرين ‪ 145‬بليون دوالر سنوياً‪ ،‬ويعمل في أجهزتها ‪ 4،1‬مليون‬ ‫عام��ل متفرغ‪ ،‬وه��ي تدي��ر ‪ 13000‬مكتبة عامة كبرى‪ ،‬وتنش��ر‬

‫آثار التنصير علي العالم سالمي‬ ‫اخفق املنصرون في العالم اإلس�لامي في حتقيق أهم أهدافهم‬ ‫وهو نقل املس��لمني إل��ى النصراني��ة اعتقادا ً وعم�لاً‪ .‬فقد كان‬

‫‪ 22000‬مجل��ة مبختلف اللغات عبر العالم‪ ،‬كما تنش��ر ‪ 4‬باليني‬

‫اإلسالم هو العدو األول للمبشرين كما قال املبشر بلس‪( :‬إن الدين‬

‫نس��خة من الكتب في العام الواحد‪ ،‬وتدير ‪ 1800‬محطة إذاعية‬

‫اإلسالمي هو العقبة القائمة في طريق التبشير بالنصرانية في‬

‫وتليفزيونية في أنحاء العالم‪ ،‬وتس��تخدم املنظمات الكنس��ية‬

‫أفريقيا‪ ،‬واملس��لم فقط هو العدو اللدود لنا‪ ،‬ألن انتش��ار اإلجنيل‬ ‫ال يج��د معارضا ً ال من جهل الس��كان وال من وثنيتهم وخصمنا‬

‫بأنهم جيش مسيحي من نوع جديد‪.‬‬

‫الوحيد هو الشيخ أو الدرويش صاحب النفوذ في افريقيا)‪،‬‬

‫وفي إحصائية أخرى تبني أن عدد املنصرين العاملني في التنصير‬

‫ويقول املفكر األملاني باول ش��متز‪( :‬حينما حل اإلس�لام ضاعت‬

‫في ع��ام ‪1985‬م بلغ ربع مليون منصر غربي في آس��يا وإفريقيا‪،‬‬

‫جهود املبش��رين املس��يحيني وفقدوا األمل في حتويل روح وثنية‬

‫ميثلون ‪ 3500‬منظمة وجمعية تبش��يرية في الغرب‪ ،‬يساعدهم‬

‫إلى املسيحية)‪ ،‬وال ينكر الدارس حلركة التنصير أن املنصرين قد‬

‫‪ 5،3‬مليون مبشر‪.‬‬

‫جنحوا في تنصير بعض املسلمني في سوريا ولبنان‪ ،‬وبعض أفراد‬

‫أجه��زة الكمبيوتر‪ ،‬ويوص��ف أخصائيو الكمبيوتر املس��يحيون‬

‫في دول أخرى من العالم اإلس�لامي‪ ،‬ولك��ن هؤالء الذين تنصروا‬ ‫ثم إن الكنيسة تهي ُء للمنصر كل املساعدات التي جتعله متفرغا ً‬

‫لعمله التنصيري‪ ،‬فهي تهت��م بأهل املنصرين وإجازاتهم وتأثيث‬ ‫بيوتهم‪ ،‬وتقدمي العالج لهم حتى ال ينشغل املنصر عن عمله‪.‬‬

‫باعتراف املنصرين أنفس��هم لم يكونوا مس��لمني حقيقة وإمنا‬ ‫كانوا واحدا ً من ثالثة ‪:‬‬

‫‪1 .1‬إم��ا صغيرا ً لم يكن له من أهله من يعرفه ما هو اإلس�لام؟‬ ‫وهؤالء ه��م الذين تربوا في احلضانة وفي املالجئ النصرانية‬

‫ومن اخلدمات الت��ي تقدم للمنصرين والتي تدل على اإلمكانيات‬ ‫الهائل��ة التي ميتلكها املنصرون أن هناك أكثر من ‪ 600‬مدرس��ة‬ ‫في الواليات املتحد األمريكية تتولى تدريس أبناء املنصرين الذين‬ ‫يعيش��ون ف��ي أفريقيا وآس��يا وغيرها‪ ،‬وهناك ش��ركات لتدريب‬ ‫املنصري��ن عل��ى كيفي��ة التصرف ف��ي األزمات مث��ل االنقالبات‬

‫من أبناء اإلسالم‪.‬‬ ‫‪2 .2‬وإمـا رجل مستخف باألديان ال يبغي غير احلصول على قوت‬ ‫يومه وقد اشتد به الفقر وعزت عليه لقمة العيش‪.‬‬ ‫‪3 .3‬وإمـا صاحب مصلحــة يبغــي الوصـــول إلــى غــايــة‬ ‫مـن الغايـات الشخصية‪.‬‬

‫العس��كرية‪ ،‬واالضطراب��ات األمنية‪ ،‬إضافة إلى املستش��فيات‬ ‫النفسية التي تتكفل بعالج القسس واملنصرون الذين يحتاجون‬

‫إذا فش��ل املنص��رون ف��ي تنصي��ر مس��لم واحد من املس��لمني‬

‫إلى العالج النفسي‪ ،‬وهناك شركات متخصصة في نقل احتياجات‬

‫املتمس��كني بإس�لامهم‪ ،‬ولك��ن التنصير ليس هدف��ه الوحيد‬ ‫تنصي��ر املس��لمني ب��ل ل��ه أه��داف أخ��رى مت ذكره��ا س��ابقاً‪،‬‬

‫القسس واملنصرين إلى أي مكان في العالم بسعر زهيد‪،‬‬

‫‪16‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫كمحاولة إبعاد املسلمني عن دينهم‪ ،‬وطبع اجملتمعات اإلسالمية‬

‫ب��ل يتع��داه إلى اجلهل املرك��ب والناجت عن ظه��ور طبقة جديدة‬

‫بالطاب��ع الغرب��ي‪ ،‬ونحوه��ا مما يضع��ف أمة اإلس�لام وبالفعل‬

‫م��ن الدعاة والوعاظ ‪-‬من غير أه��ل العلم‪ -‬يعتمدون على زخرف‬

‫اس��تطاعوا أن يحدثوا في املس��لمني بع��ض مقاصدهم ويبثوا‬

‫القول في التأثير على مستمعيهم‪ ،‬وال يطرقون سوى القصص‬

‫في أهل اإلسالم بعض س��مومهم يتجلي ذلك في ترويج بعض‬

‫والف��روع الصغيرة؛ ك��ي ال تثق��ل املواعظ على نف��وس العامة‬

‫آثاره��م اخلبيثة عل��ي كافة األصع��دة مبا تثيره اآلل��ة اإلعالمية‬

‫فينصرفون عنهم‪.‬‬

‫اخلبيثة فصرنا نري من يطالب بالدميقراطية والعلمانية ويرفض‬

‫• حملة شهوانية مسعورة‪ ،‬متأل على املسلمني حياتهم‪ ،‬تقعد لهم‬

‫شريعة اإلسالم عيانا بيانا!! بل رأينا هذا الكدر يتسلل رويدا إلى‬

‫بكل صراط وس��بيل؛ تصدهم عن سبيل اهلل‪ ،‬وتزرع في نفوسهم‬

‫أصحاب املناهج اإلسالمية الصافية والحول والقوة إال باهلل‪.‬‬

‫الدياث��ة وحب الفواحش‪ ،‬حتى صار العام��ة ال يبالون إال ببطونهم‬ ‫وفروجهم‪ ،‬وهذه احلملة تس��تخدم كل وس��ائل االتصال البش��ري‬

‫التنصير في مصر منوذجا‬

‫املسموعة واملرئية واملكتوبة‪ ،‬كما أنها في متناول اجلميع وبسهولة‬

‫تعتبر مصر اآلن هي مركز النش��اط التنصيري في الشرق وذلك‬

‫وكثافة وتنوع وتلون ال يترك فرصة ألحد أن ينفصل عن فلكها‪ ،‬حتى‬

‫لعدة أسباب هامة منها‪:‬‬

‫أصبحت ميزانية وزارَت َي اإلعالم والثقافة في مصر من أكبر امليزانيات‬

‫بع��د الداخلية والدف��اع!! وأصبحت مصر ه��ي محط كل املغنني‬

‫• ق��وة الكنيس��ة املصرية السياس��ية والديني��ة واالقتصادية؛‬ ‫فالكنيس��ة القبطية مثلاً تعتبر ثاني أكبر الكنائس في التاريخ‬

‫والراقصني من الدول العربية!!‪.‬‬

‫املسيحي بعد الكنيس��ة الرومانية‪ ،‬وقد متكنت هذه الكنيسة‬

‫• حال��ة الفق��ر املدق��ع والغالء الفاح��ش والبطال��ة التي تخنق‬

‫من ترؤس كنائس الشرق جمي ًعا حتى بدأ النشاط البروتستانتي‬

‫املسلمني في مصر‪ ،‬والتي وصلت إلى ذروتها؛ مما دفع البعض إلى‬

‫في إضعاف دورها‪ ،‬لكنها ما لبثت أن عادت إلى قوتها بعد سيطرة‬

‫االنتحار أو قتل األطفال لعدم القدرة على إطعامهم‪ ،‬أو ش��يوع‬

‫تنظي��م األمة القبطية الذي تزعمه (ش��نودة) ومجموعة رهبان‬

‫البغاء والس��رقة وما يسمى أخالقيات الفقر والعنوسة‪ ،‬وأصبح‬

‫الس��تينات والس��بعينات لها‪ ،‬ووصولها إلى قمة هرم السلطة‬

‫ه��م للعامة س��وى احلصول على املال للبق��اء على قيد احلياة‬ ‫ال َّ‬

‫فيها‪ .‬والكنيسة اإلجنيلية تعمل بنشاط وقوة منذ نشأتها أيام‬

‫بكل وسيلة ممكنة‪ ،‬دون النظر إلى شرعية الوسيلة أو عواقبها‪.‬‬

‫االحتالل األجنبي في القرن الـ ‪ ،19‬وهي املس��ؤولة عن النش��اط‬ ‫التنصيري في جميع دول الشرق األوسط وأفريقيا‪.‬‬

‫كل هذه األس��باب س��واء كانت مت التخطيط لها من قبل أعداء‬

‫• املطاردة األمنية املس��تمرة واملتصاعدة للعلماء والدعاة والتي‬

‫األمة اإلس�لامية‪ ،‬أو وقعت جلهل املسلمني وبعدهم عن دينهم‬

‫امت��دت إلى علماء األزهر‪ ،‬ودعاة األوقاف‪ ،‬وش��ملت كذلك حصار‬

‫أو لكليهما م ًعا‪ ،‬فإن املتيقن منه اآلن أن مصر جتهزت متا ًما لتأخذ‬

‫املس��اجد وتقليص دورها وحتديده في الصالة فقط مبا ال يزيد عن‬

‫نصيبها من مخطط الش��رق األوسط الكبير‪ ،‬وأن التنصير أحد‬

‫ثالث س��اعات يو ًما‪ ،‬وقص��ر اخلطابة واإلمامة عل��ى املعنيني من‬

‫أهم الوسائل اخملصصة لذلك‪.‬‬

‫قبل األجه��زة األمنية ومراقبة جميع املراك��ز اخلدمية والدعوية‬ ‫اإلسالمية والتضيق عليها‪.‬‬

‫استقراء واقع التنصير‬

‫• تش��جيع الدول��ة للتي��ارات العلماني��ة والليبرالي��ة املعادي��ة‬

‫م��ن خالل اس��تقرائنا لواقع التنصير؛ نالحظ أن��ه مت توزيع األدوار‬

‫لإلس�لام‪ ،‬والغريب أن تتوطد عالقة الكنيسة مع هذه التيارات‪،‬‬

‫على الكنائس اخملتلفة‪ ،‬وهذا التوزيع اس��تغل اخلصائص اخملتلفة‬

‫ويس��تفيد كل منه��م من اآلخر في دعم ومس��اندة موقفه في‬

‫للكنائ��س ليوظفه��ا كعناص��ر قوة دافع��ة في برنام��ج واحد‬

‫احلرب على اإلسالم‪.‬‬

‫مبنظومة واحدة؛ هدفها تشويه اإلسالم وزعزعة اليقني في قلوب‬

‫• انتشار اجلهل بني املسلمني بصورة لم حتدث من قبل في تاريخ‬

‫املس��لمني‪ ،‬وتس��خني الوضع الطائفي عن طريق شحن األقباط‬

‫األم��ة‪ ،‬وه��ذا اجله��ل ال يتمثل في صورته البس��يطة الناش��ئة‬

‫بعقدة التفوق واالضطهاد؛ مما يضمن متسكهم‪ ،‬وانعزالهم‪ ،‬وبث‬

‫عن سياس��ة جتفيف املنابع وضرب ال��رؤوس ومحاصرة العلماء‪،‬‬

‫الثقة واليقني فيهم‪ ،‬وإثارة جرأتهم على اإلسالم‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫ولذلك مت تقسيم احلملة التنصيرية إلى قسمني‪:‬‬ ‫القس��م األول‪ :‬السياس��ي‪ ،‬وتت��واله الكنيس��ة األرثوذكس��ية‬ ‫باعتبارها أقلية أصلية‪ ،‬وليس��ت وافدة وهي األكثر عددًا واألكفأ‬ ‫تنظي ًما وإعدادًا‪ ،‬وقد جتهزت الكنيس��ة األرثوذكسية لهذا الدور‬

‫عبر إعداد جيل كامل من الرهبان والكهنة املشبعني بالتعصب‪،‬‬

‫ •تشكيك املسلمني في دينهم وهزميتهم نفسيًّا‪.‬‬ ‫ •اس��تفزاز املس��لمني للقيام بأحداث ثأرية تصب في صالح‬ ‫الشق السياسي وتزيد الضغوط على الدولة‪.‬‬ ‫وتتزع��م هذا القس��م داخل ًيا كنيس��ة (قصر الدوبارة) برئاس��ة‬ ‫القس (منيس عبدالن��ور) والدكتور (داود رياض) وجمعية (خالص‬

‫واملوال�ين لتنظيم األمة القبطي��ة الذي يتزعمه البابا نفس��ه‪.‬‬

‫النف��وس) اإلجنيلي��ة‪ ،‬والقس (عبداملس��يح بس��يط) وهو كاهن‬

‫وكذل��ك إنش��اء التنظي��م الدولي املس��اعد الذي ميثل��ه أقباط‬

‫كنيسة العذراء األرثوذكس��ية‪ ،‬ويتزعمه خارج ًيا القمص (زكريا‬

‫املهجر‪ ،‬وهي ظاهرة صنعها البابا ش��نودة بنفس��ه‪ ،‬وهو يفخر‬

‫بطرس) وتنظيمه‪.‬‬

‫بهذا وقد اس��تطاع هذا التنظيم إنش��اء لوبي ق��وي في أمريكا‬ ‫وكندا واستراليا‪ ،‬ومتكن هذا التنظيم من الوصول إلى دوائر صنع‬ ‫القرار في أمريكا وأوربا‪ ،‬مستغلاًّ العون اليهودي املق َّدم إلضعاف‬ ‫الدولة املصرية‪.‬‬

‫وعتاد هذا القسم هو‪:‬‬ ‫عدد م��ن القن��وات الفضائية مث��ل‪( :‬احلي��اة)‪( ،‬س��ات‪( ،)7‬النور)‪،‬‬ ‫(السريانية)‪( ،‬أغابي)‪( ،‬املعجزة)‪( ،‬الكرامة)‪( ،‬املسيح للجميع)‪.)ct( ،‬‬

‫ويهدف هذا القسم إلى‪:‬‬

‫وأكثر من خمسمائة موقع إلكتروني مثل‪( :‬صوت املسيحي احلر)‪،‬‬

‫ •تدويل قضية نصارى مصر سياس��يًّا على املستوى الدولي‪،‬‬

‫(الكلم��ة)‪( ،‬النور والظلمة)‪( ،‬فازر زكريا)‪( ،‬فازر بس��يط)‪( ،‬األقباط‬

‫وتهيئتهم لالنفصال عن الدولة‪.‬‬

‫متحدون)‪( ،‬مسيح ُّيو الشرق األوسط)‪.‬‬

‫ •انتزاع أكبر قدر ممكن من املكاسب واالمتيازات من احلكومة‪.‬‬

‫وأكثر من عش��ر مجالت متخصصة؛ مث��ل‪( :‬الكتيبة الطيبية)‪،‬‬

‫ •الوقيعة املستمرة بني املسلمني واألقباط؛ ليصبح االنفصال‬ ‫حال ًّ‬ ‫مريحا للجميع‪.‬‬ ‫ً‬

‫(الطريق)‪( ،‬األخبار السارة)‪( ،‬أخبار املشاهير)‪.‬‬ ‫أكث��ر من مائتي غرفة حواري��ة على برامج احملادث��ة اإللكترونية؛‬

‫ •استقطاب الشخصيات العامة عن طريق الرشوة‪ ،‬واملصالح‬

‫مثل‪( :‬البالتوك)‪ ،‬و(املاسنجر)‪ ،‬و(الياهو)‪ ،‬و(سكاي بي)‪.‬‬ ‫إضاف�� ًة إل��ى مجموع��ة كبي��رة م��ن املنصري��ن واملتنصري��ن‬

‫ •حتيي��د املؤسس��ات الديني��ة الرس��مية (األزه��ر ‪ -‬األوقاف)‪،‬‬

‫الذي��ن يقودون احل��رب على اإلس�لام باعتبارهم أصح��اب جتربة‪،‬‬

‫املتبادلة‪ ،‬أو إرهابها وحتيديها‪.‬‬ ‫عن طريق الترهي��ب والترغيب‪ ،‬والتنادي مبس�� َّميات الوحدة‬

‫الوطنية ووئد الفتنة الطائفية ونزع أسباب التوتر‪.‬‬

‫ويتزعم هذه احلملة السياس��ية داخليًّا القم��ص (مرقس عزيز)‬

‫كاهن الكنيس��ة املعلقة‪ ،‬واملستشار (جنيب جبرائيل) املستشار‬ ‫القانوني للبابا شنودة‪ ،‬وخارجيًّا تنظيم (عدلي أبادير)‪.‬‬

‫وهؤالء ينشطون داخل شبكات تنصير منظمة ومم َّولة‪.‬‬ ‫ومن هذه الشبكات التنصيرية‪:‬‬

‫‪ -1‬ش��بكة قم��ح مصر‪ ،‬وهي تنش��ط ف��ي أكثر م��ن محافظة‬ ‫الس��يما القاه��رة واملنيا وبني س��ويف‪ ،‬ويقودها ش��اب متنصر‬ ‫كان اس��مه (محم��د عبداملنع��م)‪ ،‬وأصب��ح (بيت��ر عب��ده)‪،‬‬ ‫أيضا كان‬ ‫م��ن محافظة الدقهلية‪ ،‬ويس��اعده ش��اب متنص��ر ً‬

‫القسم الثاني هو القسم العلمي‪ :‬وتتزعمه باألساس الكنيسة‬

‫اسمه (مصطفى)‪ ،‬وأصبح (جون)‪ ،‬وكالهما تنصر على يد دكتور‬

‫البروتس��تانتية باعتبارها األكثر تعل ًما وثقافة وقدرة على اجلدل‬

‫أمريكي اس��مه (بوب)‪ ،‬وق��د تفوق (محمد عبداملنع��م) أو (بيتر)‬

‫مع املس��لمني‪ ،‬وكذل��ك الرتباطها م��ع املؤسس��ات التنصيرية‬

‫فحصل على منحة لدراس��ة الالهوت باألردن‪ ،‬وهو يتقاضى رات ًبا‬

‫العاملية‪ ،‬وهي في أغلبها مؤسس��ات بروتستانتية تتمتع بسند‬ ‫أمريكي وبريطاني باعتبار رابط املذهب الديني‪.‬‬

‫شهريًا يصل إلى عشرة آالف دوالر‪.‬‬

‫‪ -2‬جمعية أرض الكتاب املقدس‪ ،‬ومقرها الرس��مي (بكينجهام‬

‫ويهدف هذا القسم إلى‪:‬‬

‫ش��اير)‪ ،‬ويرأس��ها ش��خص اس��مه (موبي��ر نلي)‪ ،‬وتنش��ط في‬

‫ •تش��ويه صورة اإلس�لام إلقامة حائط صد مينـع املسيحيني‬

‫الري��ف املصري‪ ،‬ويق��وم عليه��ا مجموعة من املنصري��ن العرب‬

‫من اعتناقه أو حتى التفكير فيه‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫األجان��ب‪ ،‬وتقوم هذه اجلمعية بزي��ارة املناطق الفقيرة واملعدمة‪،‬‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫وتقوم ببن��اء البي��وت‪ ،‬ودفع اش��تراكات التلفون��ات‪ ،‬ومصاريف‬

‫القساوس��ة‪ ،‬وعلى شكر يسوع بعد تناول الطعام‪ ،‬وأنهم تلقوا‬

‫املدارس‪ ،‬وتش��ارك هذه اجلمعية في مش��روع (بناء مصر العليا)‪،‬‬

‫وعودًا بالس��فر والتوظيف إذا اس��تجابوا لتعليمات القساوسة‬

‫وهو مشروع تنصيري مم َّول من جمعيات تنصيرية أوربية‪،‬‬

‫والراهبات القائمني على هذه اجلمعية‪.‬‬

‫وفي آخر رصد لنش��اط جمعية أرض الكتاب املقدس خرج فريق‬ ‫م��ن منصري هذه اجلمعي��ة إلى قرية الك��وم األخضر ‪-‬أحد قري‬

‫ويقــ��در تـقـريــر أمـريـكـي نـش��ـرتـه صـحيفة (املصريون)‬

‫اجليزة‪ -‬وظلوا ملدة عشرة أيام كاملة يساعدون العائالت في بناء‬

‫بتاريخ ‪ 2007-8-15‬أعداد اجلمعيات واملنظمات التنصيرية بقرابة‬

‫بيوته��م وجتديده��ا وإعمارها؛ حيث أنفق الفري��ق أكثر من مائة‬

‫ألف��ي منظمة وجمعية‪ ،‬منه��ا قرابة ثالثمائ��ة تقيم في مصر‬

‫ألف جنية إسترليني هناك‪.‬‬

‫بش��كل رس��مي ودائم‪ ،‬ويعمل بها ما ال يقل عن خمس��ة آالف‬

‫‪ -3‬اجلمعي��ة اإلجنيلية للخدمات اإلنس��انية وهي جمعية تقوم‬

‫مصري وألف وخمس��مائة أجنبي‪ .‬وجميعه��ا تتلقى دعم مالي‬

‫بإقامة مش��روعات صغيرة لفقراء املسلمني عن طريق القروض‬

‫من املؤسسات التنصيرية العاملية مثل‪( :‬مؤسسة ماري تسوري)‪.‬‬

‫امليس��رة‪ ،‬وتنش��ط ف��ي القاهرة الكب��رى بوجه خاص‪ ،‬الس��يما‬

‫ومؤسس��ة (كريتاس) التابعة جمللس الكنائس العاملي‪.‬ومؤسسة‬

‫املناط��ق العش��وائية وه��ي خاضعة لكنيس��ة (قص��ر الدوبارة‬

‫(الكريس��تيان أي��د)‪ .‬ومؤسس��ة (م��ا وراء البح��ار)‪ .‬ومؤسس��ة‬

‫البروتس��تانتية)‪ ،‬وقد تنصر بس��ببها عدد كبي��ر من املتنصرين‪،‬‬

‫(الطفولة األمريكية)‪ .‬وهيئة (سدبا)‪ .‬ومؤسسة (كاتليست)‪.‬‬

‫ومي ِّولها عدد من الشركات املسيحية التجارية‪.‬‬

‫‪ -4‬اجلمعية الصحية املسيحية‪ ،‬وهي جمعية مم َّولة من السفارة‬

‫األمريكي��ة‪ ،‬وتدير ع��دة مدارس ومستش��فيات‪ ،‬وتقدم اخلدمات‬

‫ومن املالحظات التي رصدناها في الفترة األخيرة‪:‬‬ ‫هو انتشار النشاط التنصيري إلى أماكن التوتر العرقي في مصر‪،‬‬

‫اجملانية لعدد كبير من املسلمني‪.‬‬

‫فقد رصدنا عمليات تنصير جتري في النوبة‪ ،‬وهي تقوم باألساس‬

‫‪ -5‬مؤسس��ة (دير مرمي)‪ ،‬وهي مؤسسة قدمية تقدم الدعم املادي‬

‫على اس��تغالل مش��اكل النوبة االقتصادية والسياسة‪ ،‬وتقوم‬

‫والقروض احلسنة‪ ،‬وتعرض خدمات الهجرة والسفر للمتنصرين‪.‬‬

‫جمعي��ات تنصيرية أمريكية مبش��روع يس��مي (الوعي القومي)‬

‫أيضا مؤسس��ة عريقة في التنصير‪،‬‬ ‫‪ -6‬مؤسس��ة (بيالن)‪ ،‬وهي ً‬

‫في هذه املناطق‪ ،‬وهو يهدف إلى عزلهم كمجموعة مس��تقلة‬ ‫لغ��ة وثقافة وعر ًق��ا‪ ،‬وقد جنحت هذه اجملموع��ات التنصيرية في‬

‫األحد‪ ،‬وتدير شبكة مراسلة وتعارف بني الشباب من سن احلادية‬

‫تنصي��ر الكثير من ه��ؤالء‪ ،‬مطبقة بذلك من��وذج (أمازيغ) اجلزائر‪،‬‬

‫عشرة إلى اخلامسة عشرة سنة بني مصر والبالد األوربية‪.‬‬

‫ويس��اعدهم في ذلك أحد كب��ار مثقفيهم وه��و (حجاج أدول)‪،‬‬

‫‪ -7‬مؤسس��ة حماي��ة البيئة‪ ،‬ومقرها األساس��ي في منش��ية‬

‫وقد حصل على عدة جوائز أدبية وشارك في العديد من املؤمترات‬

‫ناص��ر أحد أفقر أحياء القاهرة‪ ،‬ولها فروع في العديد من املناطق‬

‫اخلاصة باألقباط في أمريكا‪.‬‬

‫وبجان��ب ما توفره من دعم مادي تق��وم بإقامة حفالت عامة يوم‬

‫الشعبية‪ ،‬وتقوم بتدريب الشباب والفتيات من كل األعمار على‬ ‫األش��غال اليدوية وإقامة املش��روعات الصغيرة‪ ،‬وتقوم بالتعاون‬

‫كذل��ك رصدن��ا مجموعة من املنصرين تنتش��ر بني بدو س��يناء‪،‬‬

‫مع الس��فارة األمريكية بإعداد مع��ارض ملنتجات املتدربني فيها‪،‬‬

‫مستغلة مشاكلهم االقتصادية واألمنية مع الدولة‪ ،‬وتدير هذه‬

‫وتض��م كذل��ك دور حضان��ة ومدارس بأج��ور رمزية يق��وم فيها‬

‫اجملموعة نشاطها من بعض الفنادق واألديرة‪ ،‬ويشاركها مجموعة‬

‫املسيحيون بالتدريس لصغار املسلمني‪.‬‬

‫من جمعية املعونة األمريكية‪ ،‬وقد حققت جناحات على مستوى‬

‫‪ -8‬جمعية (الكورس��ات) باإلس��كندرية‪ ،‬وه��ي جمعية إجنيلية‬

‫األطفال والنساء‪ ،‬وإقامة عالقات وثيقة مع شيوخ بعض القبائل‪.‬‬

‫تق��وم برعاي��ة أطفال الش��وارع‪ ،‬حي��ث توفر لهم ث�لاث وجبات‬ ‫يومية ومدرس��ة حمل��و األمي��ة وورش لتعليم احل��رف‪ ،‬وقد حتدثنا‬

‫كذلك انتش��ر التنصير في صعيد مصر‪ ،‬الذي يعاني التهميش‬

‫مع بع��ض األطفال الذين عاش��وا فيها لفترة وأك��دوا لنا أنهم‬

‫واإلهم��ال والفقر‪ ،‬وبينما توفر الكنيس��ة للنص��ارى فيه الدعم‬

‫تعرض��وا لعمليات تنصي��ر‪ ،‬وأنهم أجبروا عل��ى أداء صلوات مع‬

‫والسند املالي الكبير؛ والذي جعلهم أقلية منعمة ومرفهة!‪،‬‬

‫‪19‬‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫ويتركز النشاط التنصيري في مصر على عدة جبهات أساسية‬

‫مراكز اإليداع اخلاصة‪ :‬الس��جون ومالجئ األطفال ودور املس��نني‪،‬‬

‫وأهم هذه اجلبهات هي‪:‬‬

‫ومع حساس��ية هذه األماكن وظروفه��ا اخلاصة‪ ،‬إال أننا ال جند أي‬

‫املراك��ز التعليمي��ة‪ :‬اجلامع��ات وامل��دارس وامل��دن الطالبي��ة‪،‬‬

‫اهتمام م��ن اجلمعيات اإلس�لامية الديني��ة أو االجتماعية بها‪،‬‬

‫وقد رصدنا أحاديث تدور داخل الكنيسة عن ضرورة وجود جامعة‬

‫وال عجب بعد هذا أن ينتشر التنصير‪ ،‬وأن يحقق جناحات واسعة‬

‫مس��يحية عل��ى غ��رار جامعة األزه��ر‪ ،‬وذلك بعد رف��ض الدولة‬

‫في بالد املسلمني‪.‬‬

‫انتس��اب املسيحيني لها‪ ،‬ومع صعوبة ذلك من الناحية العملية‬ ‫املنصرين حتويل أحد اجلامعات العامة إلى جامعة مسيحية‬ ‫قرر‬ ‫ِّ‬ ‫بواقع احل��ال‪ ،‬ومت اختيار (جامعة حلوان) بالفع��ل‪ ،‬وبدؤوا اخملطط‬

‫أهم أساليب التنصير في مصر‬ ‫حمالت التنصر العامة‪ :‬وهي نوع آخر من النش��اط التنصيري‪،‬‬

‫بأيديه��م ال بأيدي الدولة‪ ،‬فتم عمل تركيز تنصيري على ش��باب‬

‫لكنه مختلف لكونه غير سري؛ بل يتم على مستوى كبير وفي‬

‫اجلامعة بش��كل مكث��ف‪ ،‬وعمل اتص��االت م��ع وكالء اجلامعة‬

‫وقت واحد‪ ،‬ويس��مى عندهم (حملة إلقاء الب��ذور)‪ ،‬وتقوم فيها‬

‫وكلياتها لش��ؤون البيئ��ة واجملتمع حتى حتل مش��اكل التنصير‬

‫مجموعات كبيرة بنش��ر موضوع تنصي��ري على أكبر عدد ممكن‬

‫وما يض��اده‪ ،‬املوظفون النص��ارى باجلامعة يس��اندون بعضهم‪،‬‬

‫من املس��لمني بصورة علنية‪ ،‬ومن أمثلة ذل��ك‪ :‬قيام مجموعات‬

‫ويجنبون املسلمني املراكز التي يتولها أحد منهم‪ ،‬وال يتسامحون‬

‫تنصيري��ة في أول ش��هر رمضان س��نة ‪ 2005‬بتوزيع اس��طوانة‬

‫في ذلك‪ ،‬ويتخطون اللوائح املنظمة لذلك‪ ،‬وس��ط تخاذل غريب‬

‫مدمجة (‪ )CD‬على ش��باب اجلامعات في القاهرة واإلس��كندرية‬ ‫واملنص��ورة وبنها‪ُ ،‬كت��ب عليها (هدية رمض��ان)‪ ،‬واتضح أن هذه‬

‫املراك��ز االجتماعية‪ :‬النوادي والتجمع��ات الليلية‪ ،‬وأماكن جتمع‬

‫اإلس��كندرية‪ ،‬بعنوان (كن��ت أعمى واآلن أبص��رت)‪ ،‬حتكي قصة‬

‫الش��باب بصف��ة خاص��ة‪ ،‬وقد رصدنا في تس��جيل مص�� َّور مع‬

‫شاب مسيحي أسلم‪ ،‬ثم اكتش��ف أن اإلسالم ديانة شيطانية‬

‫مــن الـمـسـلـمـيـن!!‬

‫أح��د كب��ار املنصرين بكنيس��ة (قصر الدوبارة)‪ ،‬اس��مه (مجدي‬ ‫برس��وم)‪ ،‬يش��رح الكيفية التي يتم بها التحضي��ر لهذا؛ فقال‪:‬‬ ‫إنه��م يجتمعون للصالة في الكنيس��ة حت��ى منتصف الليل‪،‬‬

‫االس��طوانة حت��وي مس��رحية س��افلة ُم ِّثلَ ْت في أح��د كنائس‬

‫عل��ى ح��د قوله‪ -‬فع��اد للمس��يحية‪ ،‬وحاول املس��لمون قتله‪،‬‬‫لكنه جنا ببركة العذراء‪.‬‬

‫ث��م يخرجون ف��ي مجموعات إلى أماكن جتمع الش��باب وأماكن‬

‫قيام الكنائس بتنظيم عرض كبير لفيلم آالم املسيح‪ ،‬ودعوة‬

‫الله��و؛ ليس��تقطبوا الش��باب إل��ى الكنيس��ة‪ ،‬بغ��ض النظر‬

‫الشباب حلضور الفيلم‪ ،‬وتوزيع الهدايا عليهم‪ ،‬والتعارف بينهم‬

‫املنصرين‪،‬‬ ‫ع��ن دينه��م‪ ،‬وهن��اك توط��د العالقات بينه��م وب�ين‬ ‫ِّ‬

‫وبني الفتيات املس��يحيات‪ ،‬ثم تنظيم رح�لات إلى بعض األديرة‬

‫وتستمر الزيارات بينهم‪.‬‬

‫األثرية والش��واطئ اخلاصة‪ ،‬وخالل هذه املدة يتم التأثير عليهم‪،‬‬ ‫واستقطابهم لالنتظام في عظات الكنيسة‪.‬‬

‫املراك��ز الطبي��ة‪ :‬مستش��فيات وجمعي��ات مرض��ى الكل��ي‬ ‫والس��رطان؛ فهناك رحالت تنظمها الكنائس إلى هذه األماكن‪،‬‬ ‫وتق��وم بتوزيع الهدايا واألموال‪ ،‬والتعرف على احتياجات املرضى‪،‬‬ ‫وقيام صداقات بينهم وبني املنصرين‪.‬‬

‫اس��تغالل مواس��م التنصير في مص��ر‪ :‬ومن أخطر مواس��م‬ ‫التنصي��ر إن لم يك��ن أخطرها عل��ى اإلطالق (مع��رض القاهرة‬ ‫الدولي للكت��اب)‪ ،‬والذي يعد أكثر مواس��م التنصي��ر خصوب ًة؛‬ ‫حي��ث يت��م توزي��ع مالي�ين الكت��ب اجملاني��ة‪ ،‬وع��رض األف�لام‬

‫التجمع��ات الفقي��رة‪ :‬مث��ل منطق��ة (الكيلو أربع��ة ونصف)‪،‬‬

‫التنصيري��ة‪ ،‬وإقام��ة احل��وارات م��ع رواد املع��رض‪ ،‬وتب��ادل أرقام‬

‫و(منش��ية ناص��ر)‪ ،‬و(عزبة الهجان��ة)‪ ،‬و(الدويقة)‪ ،‬و(البس��اتني)‪،‬‬

‫الهوات��ف والعناوين والعناوي��ن اإللكترونية‪ ،‬ويتم تس��ريح فرق‬

‫و(مص��ر القدمي��ة)‪ ،‬و(املقط��م)‪ ،‬و(جزي��رة الدهب) ب�ين (املعادي)‬

‫املنصرين بني ش��باب املعرض وأم��ام املكتبات املس��يحية‪،‬‬ ‫م��ن‬ ‫ِّ‬

‫ومنطقة (البحر األعظم)‪( ،‬جزيرة الوراق) امبابة‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫وتباع الكتب املس��يحية بأس��عار رمزية ج ًّدا (خمسة كتب بربع‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫جني��ة فقط )‪ ،‬بينما ت��وزع املاليني منها مجان ًا على املس��لمني‪،‬‬

‫(املتنصرون)‪ ،‬وأنشأ غرفة على برنامج البالتوك‪ ،‬وجنح في تكوين‬

‫ويصل رواد املعرض يوميًّا إلى مائة وعش��رين ألف في املتوس��ط‪،‬‬

‫فريق تابع له في مصر‪ ،‬وهو الس��بب في تنصير عدد من الفتيات‬

‫وتنشط في املعرض ثالثة من أكبر جمعيات التنصير في العالم‪:‬‬

‫املس��لمات‪ ،‬بعد إقامة عالقات معهن عب��ر الهاتف‪ ،‬ووعده لهن‬

‫‪ -1‬جمعية خالص النفوس املسيحية‪.‬‬

‫بالزواج واإلقامة معهم في أمريكا‪.‬‬

‫‪ -2‬جمعية كنيسة اإلخوة اإلجنيلية‪.‬‬

‫وتنصر‬ ‫• (محم��د النج��ار)‪ ،‬وه��و يدعي أنه مس��لم من اجلي��زة‪،‬‬ ‫َّ‬

‫‪ -3‬دار الكتاب املقدس‪.‬‬

‫هو وزوجته‪ ،‬وس��مى نفس��ه (صموئيل عبد املس��يح)‪ ،‬وس��افر‬

‫ويق��ام املع��رض حت��ت رعاي��ة ش��ركة (موبيني��ل) لالتص��االت‪،‬‬

‫إل��ى هولندا‪ ،‬وس��جل عدة حلقات يتحدث فيه��ا عن رحلته إلى‬

‫وهي أحد شركات (جنيب ساويرس)‪ ،‬وهو من أكبر ممولي التنصير في‬

‫املسيحية‪ ،‬كان له أثر بالغ في النشاط التنصيري‪ ،‬وله اآلن موقع‬

‫مصر‪ ،‬مما جعل املعرض مكان ًا خص ًبا وآمنًا جملموعات التنصير‪ ،‬وقد‬

‫على اإلنترنت يبث فيه سموم‪.‬‬

‫املتنصرين حتت تأثير النشاط التنصيري باملعرض‪.‬‬ ‫رصدنا عددًا من‬ ‫ِّ‬

‫• (أسماء محمد اخلولي)‪ ،‬وهي فتاة مسلمة من القاهرة‪ ،‬تنصرت‬ ‫منصر شهير‪ ،‬وسجلت‬ ‫وس��افرت إلى اليونان‪ ،‬وهناك تزوجت من ِّ‬

‫قي��ام اجملموع��ات التنصيري��ة بتوزيع كتب تهاجم اإلس�لام‬

‫تنصرها‪ ،‬ونش��طت عب��ر البالتوك‪،‬‬ ‫حلق��ات تتح��دث فيها ع��ن ُّ‬

‫واس��ع‪ ،‬مثل‪ :‬توزيع كتاب مرقس عزيز (اس��تحالة حتريف الكتاب‬

‫التنصر في مصر‪.‬‬ ‫اإلسالم‪ ،‬وطالبت بحرية‬ ‫ُّ‬

‫أو تدع��وا إلى النصرانية‪ ،‬عن طريق حتريف اإلس�لام على نطاق‬

‫ومؤخ��رًا واجه��ت والده��ا عب��ر فضائي��ة درمي‪ ،2‬وتهجمت على‬

‫املق��دس)‪ ،‬وقد رصدن��ا أكثر من عش��ر فتيات تعرض��وا لعملية‬ ‫تنصير بهذا الكتاب‪ ،‬عن طري��ق توزيعه عليهن كهدايا‪ .‬وكذلك‬

‫كيف نواجه التنصيرفي مصر؟‬

‫قيامهم بتوزيع ونشر محاضرة مرئية ألحد القساوسة‪ ،‬يتحدث‬

‫ف��ي ظل هذا النش��اط الهائ��ل واإلمكانيات الضخم��ة والواقع‬

‫فيها عن إثبات إلوهية املس��يح من القران الكرمي‪ ،‬وقد انتش��رت‬

‫الصع��ب لي��س م��ن الس��هل مواجه��ة النش��اط التنصيري‪،‬‬

‫هذه احملاضرة بني املسلمني‪ ،‬ولألسف لم يُفرد لها أحد من الدعاة‬

‫ال سيما وواقع الدعوة في مصر يتراجع وال يتقدم‪،‬‬

‫ردًّا علميًّا حتى اآلن‪.‬‬

‫اإلعداد العس��كري‪ :‬فمؤخرًا أفرج��ت الدولة عن بعض األدبيات‬ ‫الت��ي تتحدث عن وجود تنظيمات أرثوذكس��ية مس��لحة مبصر‪،‬‬

‫منها ما سمي بـ‪( :‬جماعة اجلهاد النصراني)‪.‬‬ ‫أشهر املتنصرين الذين يديرون ملف التنصير في مصر‬

‫وم��ن هنا نضع م��ا يجب علينا فعله جتاه ه��ذه احلرب الصليبية‬ ‫الفكرية على أمة اإلسالم‪ ،‬وحني ننطلق ملواجهة التنصير؛ فالبد‬ ‫أن نرتكز على مسلَّمات هامة في هذا األمر‪:‬‬ ‫ •مواجهة التنصي��ر ينبغي أن تكون مواجهة علمية عملية‪،‬‬ ‫وال ميكن أن تقوم بأحدهما فقط‪.‬‬ ‫ •املواجهة تستلزم الدفاع والهجوم م ًعا‪ ،‬ولن تنجح بغير ذلك‪.‬‬

‫املتنصرين ه��م الذين يديرون احلرب على اإلس�لام‪،‬‬ ‫فاألغلبي��ة من‬ ‫ِّ‬

‫ •ل��ن تنج��ح أي مواجه��ة م��ع التنصي��ر س��وى املواجهة‬ ‫القائمة على االلتزام مبنهج الس��لف في ال َف ْهم والتص ُّور‬

‫• (ناهد محمود متولي)‪ ،‬وهي مدرس��ة س��ابقة‪ ،‬تنصرت وس َّمت‬

‫ •أن نفه��م جي ًدا أن ه��دف املنصرين األساس��ي ليس إدخال‬

‫املنصرين اليوم كانوا مسلمني يو ًما ما ثم تنصروا‪ ،‬ومن هؤالء‪:‬‬ ‫وكبار ِّ‬

‫نفس��ها (أدويت عبد املسيح)‪ ،‬وسافرت إلى هولندا ثم بريطانيا‪،‬‬

‫واالعتقاد واحلركة‪.‬‬

‫املسلمني في النصرانية‪ ،‬ولكن إخراجهم عن اإلسالم‪.‬‬

‫ثم استقر بها املقام في أمريكا‪ ،‬وتعتبر (ناهد)الشخصية الثانية‬

‫ •أن العالق��ة ب�ين معركة التنصي��ر واملعارك األخ��رى الدائرة‬

‫في معس��كر تنصير املس��لمني بعد القمص (زكريا بطرس)؛ بل‬

‫بني اإلس�لام وأعدائه عالقة وثيقة ومترابطة‪ ،‬باعتبار وحدة‬

‫إنها هي التي شهرت هذا القس بعد سلسلة لقاءات معها‪.‬‬

‫الص��راع ووحدة القيادة في معس��كر الكف��ر‪ ،‬وبغياب هذا‬

‫• (أحمد أباظة)‪ ،‬وهو مس��لم مصري من الشرقية‪ ،‬تنصر وسافر‬

‫املفهوم يصبح التنصير ثق ًبا أس��ود يبتلع جهود املسلمني‬

‫إل��ى أمري��كا‪ ،‬ومن هن��اك انش��أ موق ًعا عل��ى اإلنترنت اس��مه‬

‫وأموالهم؛ ليشغلهم عن املعركة الكبرى في ديارهم‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫اخلطة العامة ملواجهة التنصير‬

‫املنصرين‬ ‫ثانيًا‪ :‬الوس��ائل‪ :‬وهنا ينبغي لنا أن نرصد أس��اليب‬ ‫ِّ‬

‫تق��وم الفك��رة الرئيس��ة له��ذه اخلطة عل��ى عنص��ر املواجهة‬

‫ووس��ائلهم؛ فالتنصير يس��تخدم جميع الوس��ائل اإلعالمية‬

‫الش��املة‪ ،‬وذلك ألن أقوى أس��لحة الدعاة في ه��ذه املعركة هو‬

‫لنشر سمومه‪ ،‬وال يصح لنا إال أن نستخدم الوسائل اإلعالمية‬

‫احلق الذي تخضع له النفوس وتطمئن إليه القلوب‪.‬‬

‫نفس��ها «مرئي��ة ومس��موعة ومق��روءة» ف��ي نش��ر جهودنا‪،‬‬

‫وحتتاج املواجهة إلى ثالثة عناصر أساسية؛ هي‪:‬‬

‫وبص��ورة تناس��ب جمي��ع املس��تويات الثقافي��ة‪ ،‬وذل��ك خللق‬

‫«الكوادر»‪ ،‬و«الوسائل»‪ ،‬و«اإلمكانيات»‪.‬‬

‫ثقاف��ة عامة لدي جميع املس��لمني حول حقيق��ة النصرانية‪،‬‬

‫أوالً‪ :‬الك��وادر‪ :‬ونقصد بها األفراد الذي��ن ميلكون من اإلمكانيات‬

‫وتناقضاتها وحتريفها‪.‬‬

‫ما يؤهلهم خل��وض هذا الصراع‪ ،‬وهذه املؤه�لات تتركز في ثالث‬

‫ونقترح هنا عدة اقتراحات‪:‬‬

‫جهات أساسية؛ هي‪:‬‬

‫ •نش��ر الدراس��ات املتخصص��ة ف��ي نق��د املس��يحية ب�ين‬

‫‪ -1‬العلم الشرعي السلفي‪.‬‬

‫املس��لمني‪ ،‬وبكل الوس��ائل‪ ،‬وفي كل األماكن‪ ،‬وهذا اجلانب‬

‫‪ -2‬العلم بالنصرانية من مصادرها وكتبها‪.‬‬

‫نقصا خطيرًا‪ ،‬على النقي��ض متا ًما من اجلانب اآلخر؛‬ ‫يعان��ي ً‬

‫‪ -3‬القدرة على التواصل مع العامة‪ ،‬واحلوار مع اآلخرين‪.‬‬ ‫والطريقة املُثلى لتوفير هذه الكوادر هو إقامة محاضرات ودورات‬

‫حي��ث توجد غزارة ش��ديدة ف��ي الكتاب��ات النصرانية التي‬

‫تتناول الرد على اإلسالم‪.‬‬ ‫واملنصري��ن بني العام��ة؛ لتكوين‬ ‫ •نش��ر فضائح الكنيس��ة‬ ‫ِّ‬

‫تعليمي��ة وتبصيري��ة بالتنصي��ر وخط��ره‪ ،‬وكيفي��ة مواجهته‪،‬‬

‫حائط س��د نفس��ي جتاه االجتماع بهم‪ ،‬أو االستماع لهم‪،‬‬

‫املنصرين‪.‬‬ ‫والتدريب على إدارة احلوار مع‬ ‫ِّ‬

‫املنصرين‪.‬‬ ‫أو التعاون مع‬ ‫ِّ‬

‫ويُقترح في هذا السياق‪:‬‬

‫العلمي في القرآن والسنة‪ ،‬على نطاق واسع بني املسلمني‪.‬‬

‫ •إنـشـاء مـراكـز تـدريـبـيـة وتـأهيـلـيـة لتدريب الشباب‬ ‫للمنصرين‪.‬‬ ‫على التصدي‬ ‫ِّ‬

‫ •اس��ـتـغـالل مـراكـ��ز الـدعـ��وة إلدخـ��ال مـقـاومـ��ة‬ ‫الـتـنـصـيـر كـمـادة دراسـيـة أسـاسـيـة‪.‬‬ ‫ •إعط��اء دورات علمي��ة للخطب��اء وطلب��ة العلم وش��باب‬ ‫اجلامع��ات وش��باب املناط��ق املنكوبة بالتنصي��ر حول نقد‬ ‫املسيحية وكيفية مواجهة التنصير‪.‬‬ ‫ •استنفار الشباب املسلم لالهتمام بهذه القضية‪ ،‬عبر جميع‬ ‫وس��ائل االتصال ومراكز التجمع وحتفيز الدعاة والعلماء على‬ ‫للمنصرين وش��بهاتهم‬ ‫اس��تنفار طلبة العل��م للتص��دي‬ ‫ِّ‬ ‫للمنصرين‪،‬‬ ‫وكذلك اس��تنفار الكتاب والصحفيني للتصدي‬ ‫ِّ‬

‫وكشف خطرهم‪.‬‬

‫ •نش��ر الدراسات اإلس�لامية اخلاصة بدالئل النبوة‪ ،‬واإلعجاز‬ ‫ •إنش��اء جمعيات ومراكز ملتابعة التنصير‪ ،‬والتص ِّدي له على‬ ‫أن يك��ون مقرَّها األساس��ي في الدول األوربية؛ لنتحاش��ى‬ ‫اإلغالق واملصادرة الداخلية‪.‬‬

‫ •تخصي��ص باب بكل جريدة أو مجلة أو موقع إس�لامي للرد‬ ‫املنصرين‪.‬‬ ‫على‬ ‫ِّ‬

‫املنصرين‪،‬‬ ‫ •توجيه القنوات الفضائية اإلسالمية إلى الرد على‬ ‫ِّ‬ ‫ولو بطريقة غير مباشرة‪.‬‬

‫املنصرين‪.‬‬ ‫ •توجيه الدعاة وأصحاب املنابر الدعوة إلى الرد على‬ ‫ِّ‬ ‫ •خ��روج قواف��ل دعوي��ة إل��ى املناط��ق املنكوب��ة بالتنصير‪،‬‬ ‫والبد من جتهيزها بقافلة طبية واجتماعية‪.‬‬ ‫ •مراس��لة اجلمعي��ات الطالبية وش��باب اجلامع��ة في خطر‬ ‫التنصير‪ ،‬وإمدادهم بوسائل مجابهته‪.‬‬

‫ •توجيه الش��باب إلى املنتديات ومواقع الـتـصـدي للتنصير‬

‫ •مـراس��ـلـة الـجـامـعـات الـعـلـمـيـة اإلس��ـالمـيـــة؛‬

‫اإللكترونية؛ لـلـتـعـلـم والـتـثـقـف‪ ،‬والـتـدريـب عـلـى‬

‫لـتـخـصـص مـنـح دراسـيـة لـدراسـة مـقـارنـة األديان‪،‬‬

‫مـقـاومـة الـتـنـصـيـر‪.‬‬

‫ألهل البالد املنكوبة بالتنصير‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬هؤالء أعداؤك فاعرفهم‪ :‬المنصرون (الحلقة الثانية)‬

‫ •دعم األبحاث واإلصدارات التي ترد على النصرانية‪ ،‬وتكشف‬ ‫حتريفه��ا‪ ،‬وتوزيعه��ا على أكثر عدد ممكن م��ن املكتبات ودور‬ ‫العرض‪ ،‬وجعلها في متناول اجلميع‬ ‫املنصرين في أماكن انتش��ارهم؛ كمعرض الكتاب‪،‬‬ ‫ •مزاحمة‬ ‫ِّ‬ ‫والتجمعات الشبابية‪.‬‬

‫ً‬ ‫ثالث��ا‪ :‬اإلمكاني��ات‪ :‬تتض��ح حاجتنا إلى اإلمكاني��ات من خالل‬ ‫إمكاني��ات اخلص��م‪ ،‬وم��ن خالل الواق��ع عل��ى األرض‪ ،‬ومن خالل‬ ‫احتياجاتنا التي س��ردناها من قبل‪ ،‬ولك��ن عدم توفر اإلمكانيات‬ ‫كلها ال يعن��ي أن نهمل األمر برمته‪ ،‬فعلين��ا العمل مبا هو حتت‬ ‫أيدين��ا‪ ،‬ومحاولة االس��تفادة منه��ا إلى احلد األقص��ى؛ فإن اهلل‬ ‫س��بحانه تع َّبدنا باالس��تطاعة‪ ،‬وأن ما نحتاجه بالدرجة األولى‬ ‫ومضحي‪ ،‬ومستعد لل َب ْذل والتضحية‪ ،‬وللدفاع‬ ‫هو شباب مؤمن‬ ‫ِّ‬ ‫عن هذا الدين‪.‬‬

‫وأخيرًا‪ :‬لم يكن أح ٌد من املس��لمني يتص��ور يو ًما أن تصبح أكبر‬ ‫دولة إس�لامية ‪-‬إندونيسيا‪ -‬هي أول دولة يُقام على أرضها دويلة‬

‫املتنصرين من املس��لمني ‪-‬تيمور الش��رقية‪ -‬متا ًما كما لم‬ ‫جتمع‬ ‫ِّ‬

‫يكن أحد يتصور يو ًما ما أن تصبح األندلس بعد ثمانية قرون دولة‬

‫نصرانية خالية من اإلسالم‪ ،‬ومن قبل األندلس كانت «أمان‪ ‬اهلل»‪،‬‬ ‫الت��ي أصبح��ت فيم��ا بع��د «الفلب�ين»‪ ،‬وكذل��ك «منش��وريا»‬ ‫و«منغولي��ا» و«تركس��تان»‪ ،‬وغي��ر ذل��ك م��ن أرض اإلس�لام‪،‬‬ ‫الت��ي خرجت أو خرج منها اإلس�لام‪ .‬ونحن الي��وم إذ نطلق هذه‬ ‫الصيح��ة عن خطر التنصير وانتش��اره في مص��ر ‪-‬قلب العالم‬ ‫اإلسالمي‪ -‬نن ِّبه أن األمر خطير‪ ،‬ويستدعي تدخُّ ل فوري‪ ،‬واهتمام‬

‫بالغ م��ن كل غيور على هذا الدين‪ ،‬الس��يما واألمر كله يدور في‬ ‫نطاق معركة اإلسالم الكبرى‪{ :‬واللهَّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َغالِ ٌب َعلَى أ َ ْمرِ ِه وَلَ ِك َّن أ َ ْك َثرَ‬ ‫َّاس ال ي َ ْعلَ ُمو َن} [يوسف‪.21 :‬‬ ‫الن ِ‬

‫أهم املراجع‬ ‫• أجنحةاملكر الثالثة للشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة امليداني‪.‬‬ ‫• التعصب الصليبي دعمر عبد العزيز قريشي‪.‬‬ ‫• املوسوعة امليسرة في األديان واملذاهب املعاصرة‪.‬‬ ‫• موقع املسلم‪.‬‬ ‫• شبكة املرصداإلسالمي‪.‬‬ ‫• إظهار احلق لرحمة اهلل الهندي‪.‬‬ ‫• اجلواب الصحيح لشيخ االسالم بن تيمية‪.‬‬ ‫• مقال لعصام مديرمن "مدونة التنصير علي صفيح ساخن‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫قرأت لك‪ :‬كتاب‬

‫«إظهار الحق على الخلق»‬

‫كتاب‬

‫إظهار الحق على الخلق‬ ‫لمؤلف‪ /‬رحمت اهلل بن خليل‬

‫ا‬

‫الحمن الكيرانوي العثماني‬

‫الهندي ‪-‬رحمه اهلل تعالى‪-‬‬

‫بقلم أ‪ .‬محمود الصاوي‬

‫بس��م اهلل الرحمن الرحي��م‪ ...‬إن احلم��د هلل تعالى نحمده‬

‫والذي له جهد متميز مشكور في هذا الباب بل له حظ وافر‬

‫ونس��تعينه ونس��تغفره ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن‬

‫في البحث والتأليف في مجال الرد على النصاري واملنصرين‬

‫س��يئات أعمالنا من يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال‬

‫وكش��ف حيلهم ومكره��م وأباطيله��م وباجلملة فاملؤلف‬

‫هادى له وأش��هد أن ال اله إال اهلل وحده ال شريك له وأشهد‬

‫حفظ��ه اهلل تعالي أصاب س��هما وافرا ف��ي مقارنة األديان‬

‫أن محمد عبده ورسوله‪ .‬أما بعد‪...‬‬

‫وخدمة التراث اإلسالمي ال سيما في هذا املوضوع‪.‬‬

‫نق��دم لإلخواننا القراء ف��ي هذا العدد اجلدي��د كتابا جديدا‬

‫الـمـؤلــف‬

‫وصال للباب الس��ابق (ه��ؤالء أعداؤك) لتجلي��ة مالمح هذا‬

‫هو محم��د رحمت اهلل ويعرف بخلي��ل الرحمن الكيرانوي‬

‫العدو املترصد ألهل اإلس�لام أعن��ي «املنصرين» وقد اخترت‬

‫العثماني وينتهي نسبه عند اجلد الرابع والثالثني إلى عثمان‬

‫للس��ادة الق��راء كتابا ف��ي غاي��ة األهمية جدي��ر بالعرض‬

‫بن عفان رضي اهلل عنه‪،‬‬

‫والتحلي��ل يس��تطيع القارئ من خ�لال مطالعته أن يجمع‬

‫ول��د رحمه اهلل في قرية دربار كالن في قرية ركانه مبحافظة‬

‫مادة خصبة بهذا الصدد‪ ،‬هذا الكتاب هو «إظهار احلق على‬

‫جنار في دلهى في العاصمة الهندية ‪1223‬هـ‪1818 ،‬م‪.‬‬

‫اخللق» للعالمة الش��يخ «رحمة اهلل الهندي» ‪-‬رحمه اهلل‪-‬‬

‫نش��أ الش��يخ ف��ي كن��ف أس��رة واس��عة الث��راء واجل��اه‬

‫‪24‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬قرأت لك‪ :‬كتاب «إظهار الحق على الخلق»‬

‫ب��دأ تعلم��ه على والده ثم أمت حفظ الق��رآن الكرمي وأتقن‬

‫بدأ تأليف��ه رحمه اهلل مبقدمته وأبوابه دون أن يس��ميه وملا‬

‫اللغة الفارس��ية واألردية والعربية‪ ،‬وقرأ كتب الشريعــة‬

‫إنتهى منه هداه اهلل ألن يسميه «إظهار احلق»‪.‬‬

‫واللغة على يد آبائه‪.‬‬ ‫طبعات الكتاب‬ ‫جهوده في مواجهة التنصير‬

‫طبع هذا الكتاب طبعات عديدة باللغة الفارس��ية واألردية‬

‫ل��م يقتصر الش��يخ رحم��ت اهلل على التأليف بل أس��س‬

‫والعربي��ة ب��ل طب��ع باللغة العربي��ة فقط أكثر من عش��ر‬

‫العديد من مراك��ز التدريب لتدريب الدعاة املس��لمني على‬

‫طبعات قدمية وحديثة أش��هرها تلك الطبعة املتداولة في‬

‫مقاومة التنصير وكذلك س��لك أسلوب املناظرات مع كبار‬

‫كثير من األوساط اإلسالمية التي قام على طبعها ونشرها‬

‫املنصرين الوافدين إلى الهند ومن أش��هر مناظراته املناظرة‬

‫رئاس��ة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء وقامت بنش��رها في‬

‫الصغرى مع القسيسني كئى وفرجن منذ ‪1270‬هـ‪.‬‬

‫كثير من بقاع العالم االس�لامي ومتتاز هذه الطبعة بوجود‬ ‫أربع رسائل في حواشيها‪:‬‬

‫مؤلفات الشيخ‬

‫‪-1‬مناظ��رة الش��يخ رحمت اهلل للقس��يس من��در بترجمة‬

‫للش��يخ رحم��ت اهلل العدي��د م��ن املؤلفات في ال��رد على‬

‫رفاعي اخلوالي إلى العربية‪.‬‬

‫املنصرين والدفاع عن عقائد اإلسالم منها‪:‬‬

‫‪-2‬كتاب الش��يخ رحمت اهلل‪ :‬التنبيهات في إثبات اإلحتياج‬

‫‪-1‬إزال��ة األوه��ام وهو أول مؤلفات��ه رحمه اهلل ف��ي الرد على‬

‫إلى البعث واحلشر‪.‬‬

‫املنصرين وقد ألفه باللغة الفارسية ثم ترجمه أيضا إلى األردية‪.‬‬

‫‪-3‬رسالة الترجيح للدين الصحيح‪ .‬للمهتدى الشيخ زيادة‪.‬‬

‫‪-2‬إزالة الش��كوك أجاب فيها على تس��عة وعشرين سؤال‬

‫‪-4‬رس��الة مختص��ر األجوب��ة اجللية ف��ي دح��ض الدعوات‬

‫أوردها املنصرون يسمى أسئلة الكرجني‪.‬‬

‫النصرانية احملمدية على بن على الطيبي‪.‬‬

‫‪-3‬اإلعجاز العيسوى ويسمى اإلعجاز املسيحي‪.‬‬ ‫‪-4‬أحس��ن األحادي��ث في كت��اب التثليث حي��ث أبطل فيه‬

‫وهناك أيضا العديد من الطبعات األخرى مثل‪:‬‬

‫عقيدة التثليث باألدلة العقلية والنقلية‪.‬‬

‫• نس��خة إظه��ار احل��ق املطبوع��ة ف��ي عه��د الس��لطان‬

‫‪-5‬البروق الالمعة‪.‬‬

‫عبد‪ ‬العزيز خان في تركيا في املطبعة العامرة الس��لطانية‬

‫‪-6‬معدل إعوجاج امليزان‪.‬‬

‫باستانبول ‪1284‬هـ مطبوعة في جزأين مبجلد واحد‪.‬‬

‫‪ -7‬تقليب املطاعن رد على كتاب القسيس اسميث املسمى‬

‫• والنس��خة املطبوعة في عهد السلطان عبد احلميد خان‬

‫(حتقيق الدين احلق)‪.‬‬

‫بـمـطـبـعـ��ة الـحـجـ��ر الـفـاخـ��رة بـالـقاهـرة وهـى‬ ‫أيـضـا فـي جزأين مبجلد واحد‪.‬‬

‫كتابنا «إظهار احلق»‬

‫• النس��خة املطبوع��ة باملطبعة اخليرية بإدرة الس��يد عمر‬

‫هذا الكت��اب العظيم «إظهار احلق» ثمرة مناظرة الش��يخ‬

‫حس�ين اخلش��اب ‪1309‬هـ وهى مطبوعة في جزأين مبجلد‬

‫رحم��ت اهلل مع القس��يس املنصر فندر حيث بدأ الش��يخ‬

‫واحد مع الرسائل األربع السابقة‪.‬‬

‫تأليف��ه ف��ي األس��تانة بتركيا عل��ى أعقاب ه��ذه املناظرة‬

‫• ونس��خةإظهار احلق إخراج الدكتور أحمد حجازي الس��قا‬

‫عام‪1280‬هـ وأنتهى منه في أواخر ذي احلجة ‪1280‬هـ‪.‬‬

‫نشر دار التراث العربي‪.‬‬ ‫‪25‬‬


‫تابع‪ :‬قرأت لك‪ :‬كتاب «إظهار الحق على الخلق»‬

‫عرض ألهم محتويات الكتاب‬

‫ثم ذكر بعد ذلك خمس مغالطات يحاول النصارى واملنصرون‬

‫أوال‪ :‬املقدم��ة وهى مقدمة طويلة وقيمة تقع في نحو (‪)50-40‬‬

‫تغليط علماء املس��لمني فيها مثل ش��هادة املس��يح بحق‬

‫صفحة حس��ب طبعات الكت��اب حوت الكثير من املس��ائل‬

‫كت��ب العهد القدمي‪ ،‬وصعوبة التحري��ف والتي ردها جميعا‬

‫والبح��وث اخملتص��رة حيث رد فيه��ا بإيجاز على بع��ض أقوال‬

‫بردود واضحة بينة‪.‬‬

‫القسيس فندر في كتابه ميزان احلق وذكر مغالطاته في النقل‬ ‫عن الكتب اإلسالمية وذكر شواهد على حتريف اإلجنيل كما أورد‬

‫الباب الثالث‪ :‬في إثبات النسخ‬

‫في هذه املقدمة بعض ال��ردود اخملتصرة على بذاءات املنصرين‬

‫تناول فيه تعريف النس��خ ووضح جوازه عقال ووقوعه فعال‬

‫مبنهج علمي رصني من بيان مجمل من القرآن واللغة العربية‪.‬‬

‫في الشرائع السابقة وجاء فيه بواحد وعشرين شاهد على‬ ‫وقوعه فيما بني الشرائع السابقة‪ .‬وكذلك جاء باثنى عشر‬

‫ثم قسم كتابه إلى عدة أبواب‬

‫شاهد على وقوعه في الشريعة الواحدة من هذه الشرائع‪.‬‬

‫الباب األول‪ :‬في بيان كتب العهدين العتيق واجلديد‬ ‫قسمه كذلك لعدة فصول‬

‫الفصل األول‪ :‬فيه أس��فار العهدين الق��دمي واجلديد املتفق‬

‫عليه واخملتلف فيه‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬فيه بيان أن أهل الكتاب ليس عندهم سند‬

‫متصل للكتب العهدين القدمي واجلديد‪.‬‬

‫الباب الرابع‪ :‬في إبطال التثليث‬ ‫وقسمه إلى مقدمة وثالث فصول‬

‫أما املقدمة‪ :‬فقد ذكر فيها إثنى عشر دليال تتعلق بعقيدة‬

‫التثليث وألوهية املسيح ثم ساق على إثر ذلك ثالثة فصول‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬في إبطال التثليث بالبراهني العقلية‪.‬‬

‫الفص��ل الثالث‪ :‬في بيان أن هذه الكتب مملوءة باإلختالفات‬

‫الفصل الثاني‪ :‬فـي إبـطـــال الـتـثـلـيـث بـأقــــــوال‬

‫واألغ�لاط ولذلك قس��م هذا الفصل إلى قس��مني قس��م‬

‫الـمـسـيـح عـلـيـه الـسـالم‪.‬‬

‫«االختالفات» وقسم «األغالط»‪.‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في بي��ان أنه ال مجال ألهل الكتاب أن يدعو‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في مناقش��ة النصارى ف��ي دعوى ألوهية‬

‫املسيح بأيات الكتاب‪.‬‬

‫أن كل سفر من أسفار العهد العتيق واجلديد كتبت باإلهام‬ ‫حيث أبطل هذه اإللهامية من سبعة عشر وجها‪.‬‬

‫الب��اب اخلامس‪ :‬فـ��ي كـون إثـبـ��ات الـقـ��رآن كـالم اهلل‬ ‫ومعجـزا ورفع شبهـات القسيسني وجاء في أربعة فصول‬

‫الباب الثاني‪ :‬في إثـبـات الـتـحـريـف‬

‫األول‪ :‬ف��ي األمــور التي تــدل عل��ى أن القــرآن كـالم اهلل‬

‫وقـد قـسـمـه إلـى عـدة مقاصد‬

‫وقد أقام على ذلك إثنى عشر دليال‪.‬‬

‫املقصد االول‪ :‬في إثبات التحريف اللفظي بالتبديل وقد ذكر‬

‫الثاني‪ :‬فـى دحـض شـبـهـات الـقـسـاوسـة والـمنصرين‬

‫فيه ‪ 35‬شاهدا على حتريف كتب العهدين بالتبديل‪ ،‬منها ‪31‬‬

‫حول القرآن الكرمي‪.‬‬

‫شاهدا في كتب العهد القدمي والباقي في كتب العهد اجلديد‪.‬‬

‫الثالث‪ :‬ف��ي إثبات صحة وحجية األحاديث الواردة في كتب‬

‫املقص��د الثاني‪ :‬في إثبات التحريف اللفظ��ي بالزيادة وقد‬

‫الصح��اح ثم أعق��ب على ذلك بي��ان ميزة املس��لمني على‬

‫ذكر فيه ‪ 45‬شاهدا على حتريف كتب العهدين بالزيادة‪.‬‬

‫غيرهم من األمم في باب اإلسناد‪.‬‬

‫املقصد الثالث‪ :‬في إثبات التحريف اللفظي بالنقصان وقد‬

‫الرابع‪ :‬أتى فيه بجملة من الردود على شبهات القساوسة التى‬

‫ذكر فيه ‪ 20‬شاهدا على حتريف كتب العهدين بالنقصان‪.‬‬

‫أوردها على األحاديث النبوية وقام بردها رحمه اهلل ببراعة فائقة‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬قرأت لك‪ :‬كتاب «إظهار الحق على الخلق»‬

‫الب��اب الس��ادس واألخي��ر‪ :‬ف��ي إثب��ات نب��وة محمد‪j ‬‬

‫على منهج علمي رصني إس��تطاع به الشيخ رحمه اهلل أن‬

‫ودفع مطامع القساوسة واملنصرين‬

‫يكشف أستار الباطل وأن يهتك حرمة التثليث دون أن يجرؤ‬

‫وقسمه إلى فصلني‬

‫النصارى على تكذيب ما فيه‪.‬‬

‫الفص��ل األول ف��ي إثب��ات نبوته صل��ى اهلل عليه وس��لم‬

‫واستدل لذلك بخمسة مسالك رئيسية هى‬

‫وباجلملة فإن أهم ما مييز هذا الكتاب مايلي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬ظهور معجزاته عليه السالم على يديه‪.‬‬

‫‪-1‬اتخذ املؤلف من منهج الهجوم دون الدفاع فش��ن حملة‬

‫الثاني‪ :‬أخالقه النبيلة وصفاته احملموده ومحاس��نه اخلاصة‬

‫ضارية إلت�لاف دينهم وعقائدهم الفاس��دة من خالل كتب‬

‫عليه الصالة والسالم‪.‬‬

‫العهدين‪.‬‬

‫الثال��ث‪ :‬ما تش��تمل عليه ش��ريعته الغراء م��ن خصائص‬

‫‪-2‬وضوح األدلة ومنطقية الع��رض أضفى على كتابه ميزة‬

‫ومحاسن دون غيرها من الشرائع‪.‬‬

‫هامة قل أن جتدها في كتب نقد النصرانية عموما‪.‬‬

‫الربع‪ :‬أنه عليه الصالة والسالم بعث إلى قوم ال كتاب لهم‪.‬‬

‫‪-3‬تدف��ق األدلة والش��واهد ف��ي القضية الواح��دة تدعيما‬

‫اخلامس‪ :‬ظهوره صلى اهلل عليه وسلم في وقت كان الناس‬

‫للقضية التي يستدل بها وكبحا جلماح خصومه‪.‬‬

‫أحوج فيه إلى نبي‪.‬‬

‫‪-4‬اعتمد على قوة املقارنة حيث أثبت التحريف بأنواع في جميع‬

‫الس��ادس‪ :‬إخبار األنبياء املتقدمني عليه بنبوته وتبشيرهم‬

‫النس��خ اإلجنيلية سواء كانت النسخة العبرانية أو اليونانية‬

‫ببعثته صلى اهلل عليه وسلم السيما عيسى عليه السالم‬

‫أو‪ ‬السامرية واستشهاده على ذلك مبئات الشواهد واملفارقات‪.‬‬

‫ثم أتى بعد ذلك بثماني عشرة بشارة من كتب العهدين دال‬

‫‪-5‬كش��ف الش��يخ عوار خصمه (القسيس فندر) من خالل‬

‫على نبوة محمد صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬

‫تناقضات��ه وحتريفات��ه ف��ي النق��ول ع��ن علماء املس��لمني‬

‫وأما الفصل الثاني‪ :‬في دفع املطامع‬

‫وتدليسه الواضح عليهم‪.‬‬

‫حيث بني ثالث��ة وثالثني مطعنا من مطاعن أهل الكتاب في‬

‫‪ -6‬كان أبرز ما اتكأ عليه الش��يخ في اإلس��تدالل هى كتب‬

‫األنبي��اء الس��ابقني ووصفهم إياهم بأقب��ح الصفات وردها‬

‫العهدين ولم يجنح إلى األدلة من الكتاب والسنة أو األدلة‬

‫جميعا السيما تلك املطاعن عل نبينا محمد عليه السالم‬

‫العقلية إال قليال‪.‬‬ ‫‪-7‬اشتمل هذا السفر على أمهات املسائل املتنازع فيها بني‬

‫أهمية كتاب إظهار احلق‬

‫املسلمني وأهل الكتاب‪.‬‬

‫يعد كت��اب إظهار احل��ق من خي��رة الكتب الت��ي ألفت في‬

‫‪-8‬جاءت ردود الش��يخ في قالب التحدي وركونه إلى مصدر‬

‫الرد على النصارى وكش��ف مزاع��م املنصرين ومطاعنهم‬

‫القوة مما كان له أعظم األثر في دحر خصمه‪.‬‬

‫م��ع خل��وه من الش��تائم واللغ��و وتقريره احلقائ��ق الدينية‬ ‫والتاريخية بأسهل الطرق وأقربها واعتماده في ذلك على ما‬

‫وانطالقا مما س��بق عرضه وبيانه فإنا نوص��ي إخواننا بقراءة‬

‫في كتب العهدي��ن القدمي واجلديد ولذلك العجب أن يحدث‬

‫هذا الس��فر العظيم ونشره وإخضاعه للدراسة والتحليل‬

‫هذا الكتاب صدى واسعا في أوساط النصارى الذين غاظهم‬

‫من لدن املتخصصني والعاملني في حقل مقارنة األديان‪.‬‬

‫ظهور ه��ذا الكتاب بعدة لغات حتى تلقفوه من األوس��اط‬ ‫وقام��وا بحرق��ه وأما في األوس��اط اإلس�لامية فقد تلقفه‬ ‫العلماء والباحثون لدراسته واإلستفادة منه ذلك الشتماله‬ ‫‪27‬‬


‫وعة والضعيفة المشتهرة‬

‫تي تغني عن األحاديث الموض‬

‫ة‪ :‬من األحاديث النبوية ال‬

‫البدائل الصحيح‬

‫البدائل الصحيحة‬

‫من األحاديث النبوية‬

‫التي تغني عن‬

‫وعة والضعيفة المشتهرة‬

‫األحاديث الموض‬

‫بقلم أ‪ .‬تامر األنصاري‬

‫باب العيد‬ ‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والس�لام على س��يد األولني‬ ‫واآلخري��ن محمد بن عب��داهلل وعلى آله وصحب��ه ومن اتبع‬ ‫سنته إلى يوم الدين‪ .‬أما بعد‪...‬‬ ‫أحاديث هذه احللقة ع��ن العيدين وماورد فيهما من أحاديث‬ ‫ضعيف��ة وموضوعة مش��تهرة بني الن��اس والوعاظ وميكن‬ ‫االستغناء عنها باألحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي‪.j ‬‬ ‫نس��أل اهلل ‪-‬عز وجل‪ -‬أن يجعل أيام املس��لمني كلها أعياد؛‬ ‫بلزوم طاعته واتباع شريعته‪.‬‬ ‫احلديث األول‪:‬‬ ‫«يوم صومكم يوم نحركم»‪.‬‬ ‫يتحدث بعض الناس ويش��كك في صحة ثب��وت رؤية هالل‬ ‫ذي احلج��ة في بعض األعوام ويس��تدلون عل��ى ذلك مبا يُروى‬ ‫عن النبي‪j ‬أنه قال (ي��وم صومكم يوم نحركم) وأن دخول‬ ‫رمض��ان ليس موافقا ليوم األضحى مما يدل على عدم صحة‬ ‫رؤية أحدهما وهذا األثر يُك ِثر العامة نقله وروايته‪ ،‬وال جند له‬ ‫أصال في دواوين السنة من صحاح وسنن ومسانيد ومعاجم‬ ‫وغيرها ولن جتد له ذكرا إال في كتب املوضوعات وقد بني َمن‬ ‫‪28‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫ذكره من العلماء أنه ال تصح نسبته إلى النبي‪j ‬ومنهم‪:‬‬ ‫السيوطي حيث قال‪ :‬باطل ال أصل له‪ .‬تدريب الراوي ‪.176/2‬‬ ‫وقال ابن تيمية رحمه اهلل تعالى‪« :‬ومنهم من يروي عن النبي‪j ‬‬ ‫حديثا ً ال يعرف في شيء من كتب اإلسالم‪ ،‬وال رواه عالم قط أنه‬ ‫قال‪( :‬يوم صومكم يوم نحركم)»‪ .‬ا‪.‬هـ الفتاوى ‪.179/25‬‬ ‫البدائل الصحيحة‪:‬‬ ‫فاملعتب��ر بدخول الش��هر أم��ران ال ثالث لهم��ا رؤية الهالل‬ ‫أو إمتام العدة ثالثني‪.‬‬ ‫للهَّ‬ ‫ُ‬ ‫َعن ُْه َما ي َ ُقو ُل‪َ :‬قا َل الن َِّبي‪:j ‬‬ ‫ض َي ا‬ ‫فعن اب ْ َن ُع َمرَ ر َ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ��س اإلِب ْ َه��ا َم ِف��ي ال َّثالِ َث�� ِة»‪.‬‬ ‫«الش ْ‬ ‫��ه ُر َه َك�� َذا وَ َه َك�� َذا وَخَ ن َ‬ ‫رواه البخاري في صحيحه (ج ‪ / 6‬ص ‪ )480‬برقم ‪1775‬‬ ‫للهّ‬ ‫وع��ن اب��ن عمر رض��ي اللهّ ُ‬ ‫َعن ُْه َم��ا أ َ َّن ر َ ُ‬ ‫س��و َل ا ِ‪ j ‬ذَ َكرَ‬ ‫َ ِ ْ ِ ُ َ َ َ ِ َ‬ ‫هك َذا وَ َ‬ ‫هك َذا وَ َ‬ ‫«الش��ه ُر َ‬ ‫هك َذا‬ ‫ضرَ َب ب ِ َي َدي ْ ِه َف َقا َل‪:‬‬ ‫ضا َن‪َ .‬ف َ‬ ‫ر َ َم َ‬ ‫ْ‬ ‫ط ُروا لِ ُرؤْي َ ِت ِه‪.‬‬ ‫ثُم َع َق َد إِب ْ َها َم ُه ِفي ال َّثالِ َث ِة َف ُ‬ ‫صو ُموا لِ ُرؤْي َ ِت ِه‪ .‬وَأ َ ْف ِ‬ ‫ني»‪ .‬رواه مسلم (‪.)1796‬‬ ‫َفإ ِ ْن أ ُ ْغ ِم َي َعلَ ْي ُك ْم َفا ْق ِدرُوا لَ ُه ثَالَث ِ َ‬ ‫ويستنبط من ذلك أن األصل والغالب في عدد أيام الشهر تسعة‬ ‫وعشرون يوما وإن غم على املسلمني يكملونه ثالثون يوما‪.‬‬ ‫وج��اء في صحيح البخاري أيضا (ج ‪ / 6‬ص ‪ )485‬برقم ‪1779‬‬


‫تابع‪ :‬البدائل الصحيحة‪ :‬من األحاديث النبوية التي تغني عن األحاديث الموضوعة والضعيفة المشتهرة‬

‫��ن ب ْ ِن أَبِي ب َ ْكرَ َة َع ْن أَبِي ِه َع�� ْن الن َِّب ِّي‪َ j ‬قا َل‪:‬‬ ‫َع�� ْن َع ْب ِد الرَّ ْح َم ِ‬ ‫ان َ‬ ‫َ‬ ‫ضا ُن وَذُو الحْ َ َّج ِة»‪.‬‬ ‫ش ْهرَا ِعي ٍد ر َ َم َ‬ ‫ان ال ي َ ْن ُق َ‬ ‫ص ِ‬ ‫«ش ْهرَ ِ‬ ‫وف��ي ش��رحه في فتح الب��اري البن حج��ر ‪( -‬ج ‪ / 6‬ص ‪:)154‬‬ ‫ان‬ ‫��حاق بْن رَا ْه َوي ْ ِه ي َ ُقو ُل‪ :‬ال ي َ ْن ُق َ‬ ‫س��ن َكا َن إ ِ ْ‬ ‫"وَ َقا َل أَبُو الحْ َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ص ِ‬ ‫س َعة وَ ِع ْ‬ ‫ني‪ .‬اِنْت َ​َهى‪ .‬وَ ِق َ‬ ‫يل‬ ‫شرِي َن أَوْ ثَالث ِ َ‬ ‫ضيلَ ِة إ ِ ْن َكان َا ت ِ ْ‬ ‫ِفي الْ َف ِ‬ ‫س ً��عا وَ ِع ْ‬ ‫ش��رِي َن َجا َء اآلخَ ر‬ ‫ال ي َ ْن ُق َ‬ ‫ان َم ًعا‪ ،‬إ ِ َّن َجا َء أ َ َحده َما ت ِ ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ني وَال بُ َّد‪ .‬وَ ِق َ‬ ‫يه َما‪ ،‬وَ َه َذا َن‬ ‫ثَالث ِ َ‬ ‫يل ال ي َ ْن ُق َ‬ ‫ان ِفي ث َ َو ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫اب الْ َع َم ِل ِف ِ‬ ‫َ‬ ‫الن َم ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ف وَ َق ْد ث َ َبتَا َم ْن ُقولِ َ‬ ‫ان َع ْن َّ‬ ‫الس��لَ ِ‬ ‫��هور َ ِ‬ ‫الْ َق ْو ِ‬ ‫ني ِفي أ ْك َثرِ‬ ‫س�� َق َ‬ ‫ط ذَلِ َ‬ ‫��ك ِفي رِوَاي َ ِة أَبِ��ي ذَر ٍّ وَ ِفي‬ ‫��ات ِفي الْ ُبخَ ار ِ ِّي‪ ،‬وَ َ‬ ‫الرِّوَاي َ ِ‬ ‫يث‪َ .‬قا َل‬ ‫رِوَايَة الن َ‬ ‫َّس ِف ِّي وَ َغ ْيره َع ِق َب ال َّترْ َج َم ِة َق ْب َل ِ‬ ‫اق الحْ َ ِد ِ‬ ‫س َي ِ‬ ‫ان‬ ‫��حاق‪ :‬وَإ ِ ْن َكا َن ن َا ِق ً‬ ‫إِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫صا َف ُه َو تمَ َام‪ .‬وَ َقا َل ُم َح َّمد‪ :‬ال ي َ ْجت َِم َع ِ‬ ‫ِكال ُه َما ن َا ِقص" أ‪.‬هـ ‪.‬‬ ‫لكن هناك حديثان صحيحان قريبا اللفظ من حديث الباب‬ ‫(الضعي��ف) واألول ع��ن أبي هري��رة عن النب��ي‪ j ‬أنه قال‪:‬‬ ‫«صومك��م يوم تصومون‪ ،‬وفطركم يوم تفطرون‪ ،‬وأضحاكم‬ ‫يوم تضحون»‪ .‬أخرجه أبو داود‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬والترمذي وصححه‪.‬‬ ‫والثان��ي ع��ن عائش��ة رض��ي اهلل عنه��ا أنه��ا قال��ت‪ :‬قال‬ ‫رس��ول‪ ‬اهلل‪« :j ‬الفطر ي��وم يفطر الن��اس‪ ،‬واألضحى يوم‬ ‫يضح الناس» رواه الترمذي وصحح��ه األلباني ‪-‬رحمه اهلل‪-‬‬ ‫وج��اء موقوفا عنه��ا رضي اهلل عليها‪ ،‬أخرج��ه البيهقي من‬ ‫طريق أبي حنيفة قال‪ :‬حدثني علي بن األقمر عن مسروق قال‪:‬‬ ‫«دخلت على عائشة يوم عرفة فقالت‪ :‬اسقوا مسروقا سويقا‪،‬‬ ‫وأكث��روا حل��واه‪ ،‬قال‪ :‬فقل��ت‪ :‬إني لم مينعن��ي أن أصوم اليوم‬ ‫إال أني خفت أن يكون يوم النحر‪ ،‬فقالت عائشة‪ :‬النحر يوم ينحر‬ ‫الن��اس‪ ،‬والفطر يوم يفطر الناس»‪ .‬ق��ال األلباني ‪-‬رحمه اهلل‪-‬‬ ‫في السلسلة الصحيحة ‪( -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ )223‬وهذا سند جيد‪.‬‬ ‫فقه احلديث‪ :‬قال الترمذي عقب احلديث‪« :‬وفس��ر بعض أهل‬ ‫العلم هذا احلديث‪ ،‬فق��ال‪ :‬إمنا معنى هذا الصوم والفطر مع‬ ‫اجلماعة وعظم الناس»‪ .‬وقال الصنعاني في (س��بل السالم)‬ ‫(‪« :) 72 / 2‬في��ه دليل على أنه يعتبر في ثبوت العيد املوافقة‬ ‫للناس‪ ،‬وأن املتفرد مبعرفة يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة‬ ‫غيره‪ ،‬ويلزمه حكمهم في الصالة واإلفطار واألضحية»‪.‬‬ ‫وقال أبو احلس��ن السندي في (حاشيته على ابن ماجه) بعد‬ ‫أن ذك��ر حديث أبي هريرة عن��د الترمذي‪« :‬والظاهر أن معناه‬ ‫أن ه��ذه األمور ليس لآلح��اد فيها دخل‪ ،‬ولي��س لهم التفرد‬ ‫فيه��ا‪ ،‬بل األمر فيها إلى اإلمام واجلماعة‪ ،‬ويجب على اآلحاد‬

‫اتباعه��م لإلمام واجلماعة‪ ،‬وعلى ه��ذا‪ ،‬فإذا رأى أحد الهالل‪،‬‬ ‫ورد اإلمام شهادته ينبغي أن ال يثبت في حقه شيء من هذه‬ ‫األمور‪ ،‬ويجب عليه أن يتبع اجلماعة في ذلك»‪.‬‬ ‫كم��ا إن الن��اس لو وقف��وا بعرفة ف��ي اليوم العاش��ر خطأ‬ ‫أجزأه��م الوقوف باالتف��اق‪ ،‬وكان ذلك اليوم ي��وم عرفة في‬ ‫حقه��م‪ .‬ولو وقفوا الثامن خطأ فف��ي االجزاء نزاع‪ .‬واألظهر‬ ‫صح��ة الوقوف أيض��اً‪ ،‬وهو أحد القولني ف��ي مذهب مالك‪،‬‬ ‫ومذهب أحمد وغيره‪.‬‬ ‫وهذا املعنى هو املتبادر من احلديث‪ ،‬ويؤيده احتجاج عائشة به‬ ‫على مسروق حني امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون‬ ‫يوم النحر‪ ،‬فبينت له أنه ال عبرة برأيه وأن عليه اتباع اجلماعة‬ ‫فقالت‪« :‬النحر يوم ينحر الناس‪ ،‬والفطر يوم يفطر الناس»‪.‬‬ ‫وه��ذا هو الالئ��ق بالش��ريعة الس��محة التي م��ن غاياتها‬ ‫جتمي��ع الناس وتوحيد صفوفهم‪ ،‬وإبعادهم عن كل ما يفرق‬ ‫جمعه��م م��ن اآلراء الفردية‪ ،‬فال تعتبر الش��ريعة رأي الفرد‬ ‫ولو كان صوابا في وجهة نظره‪ -‬في عبادة جماعية كالصوم‬‫والصالة والعيد‪ .‬فإن يد اهلل مع اجلماعة‪.‬‬ ‫احلديث الثاني‪:‬‬ ‫«زينوا أعيادكم بالتكبير»‪.‬‬ ‫ورواه املن��ذري في الترغيب والترهي��ب عن أبي هريرة مرفوعا‬ ‫إل��ى النبي‪ j ‬وقال عنه األلبان��ي ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬في ضعيف‬ ‫الترغيب والترهيب ‪( -‬ج ‪ / 1‬ص ‪ )335‬رقم ‪( 669‬منكر)‪.‬‬ ‫و خرجه الس��يوطي (طس) عن أنس‪ .‬وحك��م عليه األلباني‬ ‫بالضعف انظر حديث رقم‪ 3182 :‬في ضعيف اجلامع ‪.‬‬ ‫احلديث الثالث‪:‬‬ ‫«زينوا العيدين بالتهليل والتقديس والتحميد والتكبير»‪.‬‬ ‫أخرجه أبو نعيم في (احللية) (‪ ،)288 /2‬وزاهر الش��حامي في‬ ‫(حتفة العيد) (ق‪ 1 /193‬ورقم‪ -19‬منس��وختي)‪ ،‬وأبو احلس��ن‬ ‫النرس��ي في (حديث أبي محمد بن معروف) (‪ )131-130‬عن‬ ‫علي بن احلس��ن الش��امي قال‪ :‬حدثنا س��فيان ابن سعيد‪،‬‬ ‫ع��ن أيوب بن أبي متيمة‪ ،‬عن أبي قالبة‪ .‬وس��فيان‪ ،‬عن حميد‬ ‫الطويل وعاصم األحول‪ ،‬عن أنس مرفوعاً‪.‬‬ ‫قال األلباني في ضعيف اجلامع برقم ‪ 3183‬وفي‪( :‬السلسلة‬ ‫الضعيف��ة واملوضوع��ة) ‪ 151 / 8‬برق��م ‪ :3672‬موض��وع‪،‬‬ ‫‪29‬‬


‫تابع‪ :‬البدائل الصحيحة‪ :‬من األحاديث النبوية التي تغني عن األحاديث الموضوعة والضعيفة المشتهرة‬

‫وقال أبو نعيم‪« :‬غريب من حدي��ث الثوري وأبي قالبة وأيوب؛‬ ‫لم نكتبه إال من حديث علي بن احلسن الشامي نزيل مصر‪،‬‬ ‫تفرد به وبغيره عن الثوري»‪.‬‬ ‫قلت (األلباني)‪ :‬يشير بذلك إلى أنه ضعيف‪ ،‬بل هو أسوأ حاالً‪،‬‬ ‫فق��د قال الدارقطن��ي‪« :‬يكذب‪ ،‬يروي عن الثق��ات بواطيل»‪.‬‬ ‫وقال احلاكم وأبو سعيد النقاش‪« :‬روى أحاديث موضوعة»‪.‬‬ ‫البدائل الصحيحة‪:‬‬ ‫لك��ن قد ثب��ت التكبي��ر ف��ي العيدي��ن بالكتاب والس��نة‬ ‫الصحيحة‪ :‬ففي كتاب اهلل ‪-‬تعالى‪ -‬بشأن التكبير في عيد‬ ‫َ ُ ۡ ُ ْ ۡ َّ َ َ ُ َ‬ ‫بوا ْ هَّ َ‬ ‫كُّ‬ ‫ٱلل لَىَ ٰ‬ ‫ع َما‬ ‫الفطر املبارك قال‪ ...( :‬ولتِ ك ِملوا ٱلعِدة ولتِ رِ‬ ‫ُ َ َّ ُ َ ۡ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ه َدىٰك ۡم َول َعلك ۡم تشك ُرون ‪ )١٨٥‬ابلقرة‪.‬‬ ‫َ ُٓ َ َ‬ ‫ٱلل لحُ ُ ُ‬ ‫وفي عيد األضحى‪( :‬لَن َي َن َال هَّ َ‬ ‫كن‬ ‫وم َها َولاَ دِماؤها َول ٰ ِ‬ ‫ُ ۡ َ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ۡ ُ َ‬ ‫بوا ْ هَّ َ‬ ‫كُّ‬ ‫ال َّ‬ ‫َي َن هُ ُ‬ ‫ٱلل لَىَ ٰ‬ ‫ٱتل ۡق َو ٰ‬ ‫ع‬ ‫ى مِنك ۡ ۚم كذٰل ِك س��خرها لكم لتِ رِ‬ ‫َ َ َ ٰ ُ ۡ َ​َّ‬ ‫ۡ‬ ‫سن َ‬ ‫ني ‪ )٣٧‬احلج‪.‬‬ ‫ش ٱل ُمح ِ ِ‬ ‫ما هدىكمۗ وب رِ ِ‬ ‫وفي السنة الصحيحة‪« :‬كان صلى اهلل عليه وسلم يخرج‬ ‫ي��وم الفطر فيكبر حتى يأتى املصلى‪ ،‬وحتى يقضي الصالة‪،‬‬ ‫فإذا قضى الصالة قطع التكبير»‪.‬‬ ‫أخرجه ابن أبي ش��يبة في (املصنف) (‪ :) 2 / 1 / 2‬حدثنا يزيد‬ ‫بن هارون عن ابن أبي ذئب عن الزهري‪« :‬أن رس��ول اهلل صلى‬ ‫اهلل عليه وسلم كان‪ »...‬احلديث‪.‬‬ ‫قال األلباني في (السلس��لة الصحيحة) ‪ 279 / 1‬برقم ‪:171‬‬ ‫وم��ن هذا الوجه أخرجه احملاملي ف��ي (كتاب صالة العيدين)‬ ‫(‪ ،) 2 / 142 / 2‬وهذا إس��ناد صحيح لوال أنه مرس��ل لكن له‬ ‫ش��اهد موصول يتق��وى به‪ ،‬أخرجه البيهق��ي (‪ )279 / 3‬من‬ ‫طريق عبد اهلل بن عمر عن نافع عن عبد اهلل بن عمر‪:‬‬ ‫«أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم كان يخرج في العيدين‬ ‫مع الفضل ب��ن عباس وعبد اهلل والعب��اس‪ ،‬وعلي‪ ،‬وجعفر‪،‬‬ ‫واحلس��ن‪ ،‬واحلسني‪ ،‬وأس��امة بن زيد وزيد بن حارثة‪ ،‬وأمين بن‬ ‫أم أمين رض��ي اهلل عنهم‪ ،‬رافعا صوت��ه بالتهليل والتكبير‪،‬‬ ‫فيأخذ طريق احلذائ�ين حتى يأتي املصلى‪ ،‬وإذا فرغ رجع على‬ ‫احلذائني حتى يأتي منزله»‪.‬‬ ‫قل��ت (األلبان��ي)‪ :‬ورجاله كلهم ثقات رجال مس��لم‪ ،‬غير أن‬ ‫عب��د اهلل بن عمر وهو العم��ري املكبر‪ ،‬قال الذهبي‪« :‬صدوق‬ ‫ف��ي حفظه ش��يء»‪ .‬فمثل��ه مما يصل��ح لالستش��هاد به‪،‬‬ ‫ألن ضعف��ه لم يأت من تهمة في نفس��ه‪ ،‬ب��ل من حفظه‪،‬‬ ‫فضعفه يسير‪ ،‬فهو شاهد قوي ملرسل الزهري‪ ،‬وبذلك يصير‬ ‫‪30‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫احلديث صحيحا كما تقتضيه قواعد هذا العلم الشريف‪.‬‬ ‫و ق��د صح م��ن طري��ق نافع ع��ن ابن عم��ر موقوف��ا مثله‪.‬‬ ‫وال مناف��اة بينه وبني املرفوع الخت�لاف اخملرج‪ ،‬كما هو ظاهر‪،‬‬ ‫فاحلديث صحيح عندي (األلباني) مرفوعا وموقوفا‪.‬‬ ‫و لف��ظ املوقوف‪« :‬كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى‬ ‫املصلى حتى يخرج اإلمام‪ ،‬فيكبر بتكبيره»‪ .‬أخرجه الفريابي‬ ‫في (كتاب أحكام العيدين) (ق ‪ )1 / 129‬بس��ند صحيح‪ ،‬ورواه‬ ‫الدارقطني (‪ )180‬وغيره بزيادة‪« :‬ويوم األضحى»‪ .‬وسنده جيد‪.‬‬ ‫و ف��ي احلدي��ث دلي��ل على مش��روعية ما ج��رى عليه عمل‬ ‫املسلمني من التكبير جهرا في الطريق إلى املصلى‪ ،‬وإن من‬ ‫املستحب الصدع بالسنة واجلهر بها‪.‬‬ ‫صيغة التكبير‪:‬‬ ‫لم يصح ع��ن النبي‪ j ‬حديث مرفوع ف��ي صيغة التكبير‬ ‫لكن ثبت عن الصحابة عدة صيغ منها‪:‬‬ ‫‪ .1‬عن ابن مسعود أنه كان يقول‪:‬‬ ‫اهلل أكب��ر اهلل أكبر اهلل أكبر‪ ...‬ال إله إال اهلل‪ ،‬اهلل أكبر اهلل‬ ‫أكبر‪ ...‬وهلل احلمد‪ .‬انظر‪( :‬املصنف) البن أبي ش��يبة (‪-165/2‬‬ ‫‪( - )168‬إرواء الغليل) (‪.)125/3‬‬ ‫‪ .2‬وقد ثبت تشفيع التكبير عن ابن مسعود رضي اهلل عنه‪:‬‬ ‫أنه كان يكبر أيام التشريق‪:‬‬ ‫اهلل أكب��ر اهلل أكب��ر ال إله إال اهلل واهلل أكبر اهلل اكبر وهلل‬ ‫احلم��د‪ .‬أخرجه ابن أبي ش��يبة (‪ )2 / 2 / 2‬وإس��ناده صحيح‪.‬‬ ‫ولكنه ذكره في مكان آخر بالس��ند نفسه بتثليث التكبير‬ ‫وكذل��ك رواه البيهق��ي (‪ )315 / 3‬عن يحيى بن س��عيد عن‬ ‫احلكم (وهو ابن فروح أبو بكار) عن عكرمة‪.‬‬ ‫‪ .3‬عن ابن عباس بتثليث التكبير‪ .‬وسنده صحيح أيضا لكن‬ ‫رواه ابن أبي شيبة (‪ 2 / 2 / 2‬و‪ )1 / 3 / 2‬من هذا الوجه بلفظ‪:‬‬ ‫اهلل أكب��ر كبي��را اهلل أكبر كبيرا اهلل أكب��ر وأجل اهلل أكبر‬ ‫وهلل احلم��د‪ .‬ورواه احملاملي في (ص�لاة العيدين) (‪)1 / 143 / 2‬‬ ‫م��ن طريق أخرى عن عكرمة ب��ه لكنه قال‪« :‬اهلل أكبر وأجل‬ ‫اهلل أكبر على ما هدانا» فأخر وزاد وسنده صحيح وصححه‬ ‫األلباني في (إرواء الغليل) (‪.)126/3‬‬ ‫‪ .4‬ق��ال ابن حجر في فتح الباري‪ :‬وأما صيغة التكبير فأصح‬ ‫ما ورد فيه‪ :‬ما أخرجه عبد الرزاق بس��ند صحيح عن سلمان‬ ‫ق��ال‪« :‬كب��روا اهلل‪ :‬اهلل أكب��ر‪ ،‬اهلل أكبر‪ ،‬اهلل أكب��ر كبيرا»‬ ‫فتح الباري (‪. )462/2‬‬


‫تابع‪ :‬البدائل الصحيحة‪ :‬من األحاديث النبوية التي تغني عن األحاديث الموضوعة والضعيفة المشتهرة‬

‫أما ما نسمعه من صيغة فيها زيادة عن ذلك‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫اهلل أكبر كبير واحلمد هلل كثيرا وسبحان اهلل بكرة وأصيال‬ ‫ال إل��ه إال اهلل وحده‪ ...‬صدق وعده‪ ...‬ونصر عبده‪ ...‬وأعز جنده‬ ‫وه��زم األح��زاب وح��ده‪ ...‬ال إل��ه إال اهلل‪ ...‬وال نعب��د إال إياه‪...‬‬ ‫مخلصني له الدي��ن ولو كره الكاف��رون‪ ...‬اللهم صلي على‬ ‫سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا‬ ‫محم��د وعلى أنصار س��يدنا محمد وأزواج س��يدنا محمد‬ ‫وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا‪...‬‬ ‫فقال اإلمام الشافعي رحمه اهلل‪:‬‬ ‫للِهَّ‬ ‫للهَّ ُ‬ ‫س ْ��ب َحا َن‬ ‫«وَإ ِ ْن زَادَ فق��ال‪ :‬ا أ َ ْك َب ُر َك ِبيرًا وَالحْ َ ْم ُد ِ َك ِثيرًا وَ ُ‬ ‫اللهَّ ب ْك��ر ًة وأَصي�لا اللهَّ ُ أ َ ْكبر وال نَعب��د إال اللهَّ َ‬ ‫ني له‬ ‫ص َ‬ ‫َُ َ ْ ُ​ُ‬ ‫ُمخْ لِ ِ‬ ‫ِ ُ َ َ ِ‬ ‫للهَّ‬ ‫ُ‬ ‫ص�� َد َق وَ ْع َد ُه‬ ‫ال َّديْ�� َن وَلَ ْو َك��رِ َه الْ َكا ِف ُرو َن ال إلَ�� َه إال ا وَ ْح َد ُه َ‬ ‫اب وَ ْح َد ُه ال إلَ�� َه إال اللهَّ ُ وَاَللهَّ ُ أ َ ْك َب ُر‪:‬‬ ‫وَن َ‬ ‫َص��رَ َع ْب َد ُه وَ َه��زَ َم األ َ ْحزَ َ‬ ‫س ٌن» انتهى‪" .‬األم" (‪.)241/ 1‬‬ ‫َف َح َ‬ ‫قال أبو إس��حاق الش��يرازي في (املهذب) (‪( :)121/1‬ألن النبي‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم قال ذلك علي الصفا) انتهى‪.‬‬ ‫واألم��ر ف��ي هذا واس��ع‪ ،‬ألن األم��ر ورد مبطل��ق التكبير‪ ،‬ولم‬ ‫يخص الرس��ول صلى اهلل عليه وس��لم صيغ��ة دون أخرى‪،‬‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ ُ‬ ‫بوا ْ هَّ َ‬ ‫كُّ‬ ‫ٱلل لَىَ ٰ‬ ‫ع َما ه َدىٰك ۡم َول َعلك ۡم‬ ‫قال اهلل تعالى‪ ...( :‬ولتِ رِ‬ ‫َۡ ُ َ‬ ‫تشك ُرون ‪ )١٨٥‬ابلقرة‪ ،‬فتحصل السنة بأي صيغة كانت‪.‬‬ ‫ق��ال الصنعان��ي رحم��ه اهلل‪« :‬وفي الش��رح صف��ات كثيرة‬ ‫واستحسانات عن عدة من األئمة‪ ،‬وهو يدل على التوسعة في‬ ‫األمر وإطالق اآلية يقتضي ذلك » انتهى‪( .‬سبل السالم)(‪.)72/ 2‬‬ ‫وااللتزام مبا ورد عن الصحابة رضي اهلل عنهم في ذلك أولى‪.‬‬ ‫واهلل أعلم‪.‬‬ ‫احلديث الرابع‪:‬‬ ‫للِهَّ‬ ‫��ت َقلْ ُب ُه ي َ ْو َم‬ ‫َس�� ًبا ِ لَ ْم يمَ ُ ْ‬ ‫« َمـ�� ْن َقا َم لَ ْيلَت َْي الْ ِعي َدي ْ ِن ُم ْحت ِ‬ ‫ــوب»‪.‬‬ ‫َـم ُ‬ ‫ـوت الْـ ُقـلُ ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫هذا احلديث رواه ابن ماجه (‪ )1782‬عن بقية بن الوليد عن ثور‬ ‫بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا‪.‬‬ ‫وقال احلافظ ابن حجر‪ :‬هذا حديث غريب مضطرب اإلِس��ناد‬ ‫انظر‪( :‬الفتوحات الربانية) (‪)235/4‬‬ ‫وذك��ره األلباني في ضعيف ابن ماجه وقال‪ :‬موضوع وذكره في‬ ‫(سلسلة األحاديث الضعيفة) (‪ )521‬وقال‪ :‬ضعيف جدا‪.‬‬ ‫واحلديث رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت رضي اهلل عنه قال‪:‬‬

‫قال رسول اهلل‪( :j ‬من أحيا ليلة الفطر وليلة األضحى لم‬ ‫ميت قلبه يوم متوت القلوب) وهو ضعيف أيضاً‪.‬‬ ‫ق��ال الهيثم��ي ف��ي (مجم��ع الزوائ��د)‪ :‬رواه الطبران��ي في‬ ‫الكبي��ر واألوس��ط وفي��ه عمر بن ه��ارون البلخ��ي والغالب‬ ‫علي��ه الضعف‪ ،‬وأثنى عليه ابن مهدي وغيره‪ ،‬ولكن ضعفه‬ ‫جماعة كثيرة‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬ ‫وذك��ره األلباني في (سلس��لة األحادي��ث الضعيفة) (‪)520‬‬ ‫وقال‪ :‬موضوع‬ ‫وقال شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ :‬األ َ َحادِيثُ الَّ ِتي تُ ْذ َك ُر ِفي لَ ْيلَ ِة‬ ‫الْ ِعي َدي ْ ِن َك ِذ ٌب َعلَى الن َِّب ِّي صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫البدائل الصحيحة‪:‬‬ ‫إن الثابت عن النبي‪ j ‬أنه لم يقم ليلة املزدلفة (ليلة العيد)‬ ‫فقد قال ابن القيم في زاد املعاد‪« :‬ثم نام حتى أصبح‪ ،‬ولم يحي‬ ‫صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء» أ‪.‬هـ‪.‬‬ ‫تلك الليلة‪ ،‬وال َّ‬ ‫وليس معنى ذل��ك أن ليلة العيد ‪-‬لغير احلاج‪ -‬ال يس��تحب‬ ‫قيامها‪ ،‬بل قيام الليل مشروع كل ليلة‪ ،‬ولهذا اتفق العلماء‬ ‫على اس��تحباب قيام ليلة العيد‪ ،‬كما نقله في املوس��وعة‬ ‫الفقيه��ة (‪ )235/2‬هذا لورود األحاديث الصحيحة التي حتث‬ ‫عل��ى قيام اللي��ل عامة في كل وقت وخاص��ة وقت الغفلة‬ ‫والتي منها‪:‬‬ ‫ما جاء عن عبد اهلل بن سالم رضي اهلل عنه قال‪:‬‬ ‫أول ما قدم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم املدينة اجنفل‬ ‫الناس إليه فكنت فيمن جاءه فلما تأملت وجهه واستبنته‬ ‫عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب‪ ،‬قال فكان أول ما سمعت‬ ‫من كالمه أن قال‪:‬‬ ‫«أيها الناس أفشوا السالم وأطعموا الطعام وصلوا األرحام‬ ‫وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا اجلنة بسالم»‪.‬‬ ‫رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن ماجه واحلاكم وقال‬ ‫صحيح على ش��رط الش��يخني وقال األلباني ‪-‬رحمه اهلل‪ -‬في‬ ‫صحيح الترغيب والترهيب ‪( -‬ج‪ / 1‬ص‪ )150‬برقم‪( - 616‬صحيح)‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫منهجية طلب العلم‬

‫بقلم د‪ .‬أحمد النقيب‬

‫ضرورة الربانية‬ ‫لطالب العلم‬ ‫الربـاني��ة نس��بـة إل��ى الرباني‪ ،‬والرباني نس��بة إل��ى الرب‪،‬‬ ‫وهـو الذي يقصـد ربـه في قـولـه وعـمـلـه‪ ،‬وقبل سمــي‬ ‫العلم��اء بـ(الرباني�ين)‪ ،‬كما قال البخ��اري رحمه اهلل ألنهم‬ ‫يربون الناس بصغار العلم قبل كباره واملراد بصغار العلم ما‬ ‫وضح من مس��ائله‪ ،‬وكباره ما دق من مسائله‪ ،‬وقيل الرباني‬ ‫ال��ذي يعلم الناس جزئي��ات الدين قبل كليات��ه أو يعلمهم‬ ‫فروع��ه قب��ل أصوله أو يعلمه��م مقدماته قب��ل مقاصده‬ ‫وتـفـاصـيـلـه‪...‬‬ ‫وه��ذا فيه فائدة عظيمة يجب أن يعلمها طالب العلم فمن‬ ‫الالزم أن يدرب طالب العلم عن الربانية في التعلم والتعليم‬ ‫إن م��ا يح��دث في دنيا الطلب ف��ي هذه األزمان مأس��اة بكل‬ ‫أوصافها؛ فإن الطالب ال يزال ينطلق بني املش��ايخ الدعاة‪)!!( ‬‬ ‫وبني الكتب صغارها وكبارها متونها وحواشيها وشروحها‪)!!( ‬‬ ‫وبني املكتب��ات واخملطوط��ات‪ )!!( ‬وتراه يحصل نتف��ا من هنا‬ ‫وهن��اك يظن أنه حصل ما عجز األول��ون على حتصيله لكن‬ ‫هيهيات ثم هيهات إنه قد انتفخ مبا يظنه علما‪ ،‬وتزبب قبل‬ ‫أن يتحصرم‪ ،‬ونادى على نفسه قبل أن ينادى عليه‪ ،‬والسبب‬ ‫ف��ي ذلك من جملة األس��باب أن��ه لم يتدرب عل��ى الربانية‬ ‫بتهذيب املعنيني‪:‬‬ ‫‪32‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫أ‌‪ -‬املعن��ى القلب��ي‪ :‬وهو حس��ن القصد وتوج��ه القلب في‬ ‫أقواله وأعماله مما ترتب عليه كثير من مفاس��د القلوب من‬ ‫احلسد والعجب والتنطع وهمز اآلخرين واحتقارهم وضعف‬ ‫الهمة وانقطاع الوصال العلمي والفرح مبا انتهي إلىه!‬ ‫ب‌‪ -‬املعنى املادي احلس��ي‪ :‬وهو حس��ن الصبر على املس��ائل‬ ‫صغارها قبل كبارها مما ترتب عليه كثير من املفاسد العلمية‬ ‫والدعوية الظاهرة‪ ،‬منها‪ :‬عدم حترير املس��ائل ‪ -‬الس��عة في‬ ‫التأويل من غير مس��وغ والهجوم على املسائل العظام دون‬ ‫تريث وش��غل الن��اس مبا ال طائل حتته من سفاس��ف األمور‬ ‫وجمع الناس على املسائل الواهية‪...‬‬ ‫له��ذا كله نق��ول م��ا أصدق ما ق��ال االم��ام اب��ن األعرابي‬ ‫رحم��ه‪ ‬اهلل‪ :‬ال يق��ال للعالم رباني حتي يك��ون عاملا معلما‬ ‫عام�لا!! وله��ذا من أعظ��م املصائ��ب أن يتص��در األحداث‬ ‫الصغار الذين لم يتربوا على أهل العلم الربانيني قال اإلمام‬ ‫الش��افعي ‪-‬رحم��ه اهلل‪ -‬إذا تصدر احلدث فات��ه علم كثير‪،‬‬ ‫وعل��ق البخاري رحم��ه اهلل على قول عم��ر بن اخلطاب‪d‬‬ ‫«تفهموا قبل أن تسودوا» فقال البخاري‪« :‬وبعد أن تسودوا»‬ ‫وقد أخرج هذا األثر ابن أبي ش��يبة رحمه اهلل تعالى باسناد‬ ‫صحيح وفس��ر أبو عبيدة في كتابه غري��ب احلديث أثر عمر‬ ‫رضي اهلل عنه‪ -‬فق��ال‪« :‬تفهموا وأنتم صغار» ويعظم نور‬‫َ‬ ‫ُ ُ ْ َ َّ ّ‬ ‫ِي َۧن ب َما ُك ُ‬ ‫نت ۡم‬ ‫ال��كالم بقوله تعالى (‪َ ...‬ول ٰ ِ‬ ‫كن كون��وا ربٰن ِ ‍ ِ‬ ‫َ‬ ‫َُُّ َ‬ ‫ب َوب َما ُك ُ َ ۡ‬ ‫ون ۡٱلك َِتٰ َ‬ ‫تعل ِم‬ ‫نت ۡم تد ُر ُسون ‪ )٧٩‬آل‪ ‬عمران‪.‬‬ ‫ِ‬


‫تابع‪:‬منهجية طلب العلم‬

‫والربانيون كما ذكرت قيل نس��بته إلى الرباني وذكرت هناك‬ ‫معني�ين ثم هن��اك معني ثالثا ولكنه تابع ملا س��بق نتيجة‬ ‫ملا تق��دم وهو أن‪ :‬املربي القائم عي الن��اس ورعايتهم ‪-‬وهذا‬ ‫الكالم جيد‪.-‬‬ ‫وق��د أجم��ل بع��ض أهل العل��م منه��م االم��ام مجاهد‬ ‫مفه��وم الربانية بأن الربان��ي اجلامع إل��ى العلم والفقه‬ ‫البصي��ر بالسياس��ة والتدبي��ر بالقي��ام وأعم��ال الرعية‬ ‫وم��ا يصلحه��م ف��ي دنياه��م ودينه��م وقد حس��ن هذا‬ ‫ال��كالم وج��وده الش��يخ أحمد ش��اكر علي��ه رحمة اهلل‬ ‫فالربان��ي ه��و طال��ب العلم ث��م العالم ال��ذي ال يعيش‬ ‫لنفس��ه ب��ل هو إم��ام في نفس��ه ق��دوة لغي��ره يحمل‬ ‫ه��م أمته خادم له��ذه األم��ة دون مقابل يرج��وا رفعتها‬ ‫ويتمن��ي رفعته��ا‪ ،‬ال يزاح��م أه��ل الدني��ا دنياه��م وإمن��ا‬ ‫يناف��س أهل اآلخ��رة أخراهم‪ ،‬وهلل در أمي��ر املؤمنني علي‬ ‫اب��ن أبي طالب ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬حيث قال‪« :‬قصم ظهري‬ ‫رجالن عالم متهتك وجاهل متنس��ك»‪.‬‬ ‫إننا وق��د انصرف كثير من طلبة العل��م األفذاذ عن الطلب‬ ‫إلى ممارس��ة احلزبية اآلثمة في حاج��ة إلى إعداد جيل جديد‬ ‫م��ن الطلبة الربانيني لتلتف حوله��م األمة من جديد لكن‬ ‫ينبغي أن نربيهم مبا لم نس��تطع أن نرب��ي عليه هذا اجليل‬ ‫املفقود!! إن هذا اجليل املنشود يجب أن نربيهم على الربانية‬ ‫ومن صورها‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يأخذ من كل علم أجمعه وخالصته وهذا اجملموع ال بد‬ ‫أنت تكون من صفاته‪:‬‬ ‫أ‪ -‬سلفية املصدر فكلما كان املصدر متقدما كان أعظم‬ ‫فائدة وكلما كان صاحبه من املعروفني باملنهج كان ذلك‬ ‫أولي وأسد وأعظم نفعا‪.‬‬ ‫ب‪ -‬كون��ه مختص��را في الف��ن جامعا لألولى ومس��ائله‬ ‫(قدر ما ميكن)‪.‬‬ ‫جـ‪-‬يتولي تدريسه من هو أهل لذلك‪.‬‬ ‫د‪ -‬أن يتم التدرج التدريسي‪.‬‬

‫‪-2‬أن يأخذ م��ن كل علم آلة (كاللغة ‪ -‬األصول ‪ -‬املصطلح)‬ ‫أحس��نه وأجمعه فإن العمر ال يتس��ع لطلب العلوم أجمع‬ ‫ثم يكون التخصص في الفن ال حقا بإذن اهلل سبحانه‪.‬‬ ‫‪ -3‬أال ينش��غل مبا س��بق من العلوم عن أفضل العلوم وهو‬ ‫العلم باهلل سبحانه معرفة ورعاية وتعظيما وحبا وطاعة‬ ‫وانقي��ادا ومراقب��ة وترقبا للم��وت ومالقاة امللك س��بحانه‬ ‫فالعلم عبادة القلوب‪.‬‬ ‫‪ -4‬التدرب على القول احلس��ن‪ ،‬لقوله تعالى (وقولوا للناس‬ ‫(حسنا)‪.‬‬ ‫ُحسنا) وفي قراءة َ‬ ‫‪ -5‬مخاطب��ة الن��اس مب��ا يفهمون من أم��ور الدي��ن والدنيا‬ ‫وأال يحجب��وا الناس عن دين ربهم ففي الصحيح من حديث‬ ‫عل��ي ‪-‬رضي اهلل عنه‪ -‬قال «حدثوا الناس مبا يعرفون أتريدون‬ ‫أن يكذب اهلل ورس��وله»‪ ،‬وفي مس��لم عن ابن مسعود‪d‬‬ ‫«م��ا أنت مبح��دث الناس حديث��ا ال تبلغه عقوله��م إال كان‬ ‫لبعضهم فتنة»‪.‬‬ ‫‪ -6‬أال يصغ��وا إلى اختالف الناس ويقيس��وا األمور بناقليها‬ ‫فإن ذلك يجبر عقول الطالب ويفتر همهتم ويوهن عزائمهم‬ ‫ويضيع أوقاتهم‪ ،‬بل يتدربوا على التجرد واالتباع والدراس��ة‬ ‫والبحث والدعاء واالنكسار هلل‪.‬‬ ‫‪-7‬أال يضيعوا خيرا في وقت فإن األوقات محدودة واخلير كثير‬ ‫ولرمب��ا يأتي وقت ال يق��در الطالب على فع��ل خير كما كان‬ ‫ميكنه قبل ولقد أحسن الشاعرفي قوله‪:‬‬ ‫ليس في كل ساعة وأوان‬ ‫ ‬ ‫تتهيـأ صنائـع اإلحسـان‬ ‫ ‬ ‫وإذا أمكنت فبـادر إلىهـا‬ ‫ ‬ ‫حذرا مـن تعـذر اإلمكـان‬ ‫ ‬ ‫وإلى لقاء‪ ،‬اهلل يوفقكم ويرعاكم‪،‬‬ ‫والسالم عليكم ورحمة اهلل وبركاته‪.‬‬ ‫‪33‬‬


‫األسرة‬

‫ودورها في تربية المراهقين‬

‫ال‬ ‫ت‬ ‫را‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫إل‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫وآثره في المراهقة‬

‫بقلم د‪ .‬أحمد النقيب‬

‫التراكم اإلمياني املتعدد وآثره في املراهقة‬ ‫إن احلمد هلل نحمد ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من شرور‬ ‫أنفس��نا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل له ومن‬ ‫يضلل فال هادى له واش��هد أن ال اله إال اهلل وحده ال ش��ريك له‬ ‫واشهد أن محمدا عبده وسوله‪...‬‬ ‫يظ��ن اآلباء أن عالقته��م بأوالدهم أط��وارا منفصلة وعليه‬ ‫فإن ممارساتهم التربوية تكاد تكون واحدة ال يطورون أدائهم‬ ‫الترب��وي وال يركزون في تقدم راي��ات اإلميان في حياة أوالدهم‬ ‫لتك��ون من��ارات له��ؤالء األوالد على مر الس��نني وكر الزمن‬ ‫وال تعجب عندما نرى أن س��لوكيات كثير من األوالد السيما‬ ‫املراهقني تنعكس بشدة عند أول عاصفة في حياتهم ورمبا‬ ‫اجنل��ت هذه العاصفة عن بقايا إنس��ان قد أس��لم نفس��ه‬ ‫لهواه وجعل ممن يوافقوه على ش��اكلته بطانة‪ ،‬ورتب حياته‬ ‫بطريقة متدابرة مع حياة أس��رته ورمبا يتطور األمر س��ريعا‬ ‫إلى عالقات تعاكسية تنذر باخلطر الوبيل‪.‬‬ ‫إن اإلش��كال ف��ي بع��ض صوره يكم��ن أن األس��رة لم تقم‬ ‫بدوره��ا في تركي��م اإلميان في نف��وس األوالد‪ ،‬إن اإلميان يأخذ‬ ‫‪34‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫صورا جامدة‪ ،‬إن اإلميان لم يدفعه إلى األمام ش��أن الس��لف‬ ‫الصاحلني‪ ،‬إن اإلميان ارتبط بالتوجيهات األسرية فسار املرجو‬ ‫إرضاء األس��رة ال إرضاء الرب س��بحانه فانقلب��ت العالقات‬ ‫األسرية اجلامدة إلى عالقات أسرية بشرية تقوم على اآلمرية‬ ‫والطاعة ومن ثم تقر األس��رة عينا به��ذه العالقة وال حتاول‬ ‫األس��رة املساس بها كعرف إجتماعي ورمبا تدين شرعي ورمبا‬ ‫قناعة ذاتية ورمبا فهم تربوي وال تنظر األس��رة إلى نتاج هذه‬ ‫العالق��ة إال عندما يش��ب الطفل ليدخ��ل مرحلة املراهقة‬ ‫وعندها يحاول كس��ر هذه العالقات الروتينية الهشة كما‬ ‫يتص��ور أو رمبا هي احلقيقة أو جزئها هنا تتفاقم املش��كلة‬ ‫وترى األس��رة أنهم فعلوا كل شئ لس��لوكه ولكنه متمرد‬ ‫وغير مطيع وغير متعاون ومتجاوز ويسير في طريق الغواية‬ ‫والهوى ثم يرتفع س��قف التش��خيص إل��ى أنه عاصى هلل‬ ‫ورس��وله وهكذا ت��زداد الفجوة بني األس��رة وابنه��ا املراهق‬ ‫وال يرض��ى املراه��ق إال اإلنف�لات وال ت��رى األس��رة إال القيود‬ ‫وباس��تمرار الوقت الذي ميضي س��ريعا وفي ضوء املتغيرات‬ ‫النفس��ية والديني��ة والدراس��ية واإلجتماعي��ة والبدني��ة‬


‫تابع‪ :‬األسرة ودورها في تربية المراهقين‬

‫للمراهق تتجه األسرة إلى املواقف اإلنفعالية غير احملسوبة‬ ‫ف��ي معاماالتها لإلبن املراهق لينتهي األمر إلى صور ش��تى‬ ‫م��ن القطيعة اإلجتماعي��ة وال يجد املراه��ق منفذا عندها‬ ‫إال تكريس املد اخلارجي وتكوين العالقات خارج األس��رة على‬ ‫حس��اب األسرة وعندها تس��وء األمو وتس��وء‪ ،‬إننا معنيون‬ ‫بدافع رس��التنا الش��رعية أن نقدم إلى هذه األسرة الكرمية‬ ‫بعض اإلقتراحات العملية نحس��بها نافعة ناجعة نقدمها‬ ‫ليتأم��ل اآلباء ويطل��ع عليها األبن��اء وليتع��اون اجلميع في‬ ‫إجناحها ملا قد يترتب على عدم جناحها من الس��وء والفساد‬ ‫ومن جملة هذه اإلجراءا ت النافعة لتركيم اإلميان في نفوس‬ ‫األوالد منذ الصغر لينفعهم ذلك عند الشباب والكبر‪:‬‬ ‫‪-1‬األصل في طاعة الوالدين أنها طاعة هلل‪ ،‬وهذا باعتبارين‬ ‫اإلعتبار األول أن اهلل س��بحانه أمر بذل��ك فال أحد بعد اهلل‬ ‫ورس��وله أحق بالطاع��ة من الوالدين وهذا م��ا أخبر اهلل به‬ ‫في غي��ر آية كقوله تعال��ى (وقضى ربك أال تعب��دوا إال إياه‬ ‫وبالوالدين إحسانا)‬ ‫وقوله صلى اهلل عليه وس��لم (رغم أنف رغم أنف رغم أنف‬ ‫من أدرك والديه أحدهما أو كليهما ولم يدخل اجلنة)‪.‬‬ ‫االعتبار الثاني أن الوالدين ال يأمران مبعصية فأمرهما إما أن‬ ‫يكون من جنس املطلوب شرعا أو هو من جنس املباح وطاعة‬ ‫الوالدين ‪-‬مع حسن النية‪ -‬جتعل املباح قربة وعبادة(‪ )2‬وعليه‬ ‫فإن تعويد االبن أن طاعة الوالدين عبادة وهذا التمرين يكون‬ ‫منذ الصغر فإن هذا املعنى يتراكم عنده مبرور األيام شريطة‬ ‫عدم املغاالة واتباع القسر في ترسيخ املفهوم وبذلك يكون‬ ‫اإلبن س��عيدا بهذه الطاعة ونك��ون بذلك قد جتاوزنا قنطرة‬ ‫شخصنة العالقات األسرية لنجعلها عالقات شرعية ربانية‬ ‫وهذا عني ما كان يفعله رسول اهلل‪ j ‬مع الصحابة الكرام‬ ‫فكان صلى اهلل عليه وس��لم يربط بني طلبه وبني األهداف‬ ‫الش��رعية والغايات الدينية اليجعل األمر ش��خصيا فتأمل‬ ‫مثال قوله عن كعب بن األش��رف اليهودي (فإنه قد آذى اهلل‬ ‫ورسوله‪ )3( )....‬احلديث‪ .‬وهكذا يكون التدريب على أن الباعث‬ ‫عل��ى العمل مرض��اة اهلل س��بحانه ال األمور الش��خصية‬ ‫النسبية التي قد تختلف من حال إلي آخر‪.‬‬ ‫‪-2‬غرس قيمة الثواب عند اهلل سبحانه وتعالى‪ ،‬فما عند‬ ‫اهلل خير وأبقى وما عند اخللق نافد منتهي ثم إن هذه احلياة‬ ‫الدني��ا قصيرة وأعمالها مهما تعددت فهي قليلة في جنب‬

‫اهلل س��بحانه لقد جبل كثير من األبن��اء على الثواب املادي‬ ‫وه��ذا رمبا يك��ون نافعا لك��ن ليس في كل وق��ت وليس في‬ ‫كل مرحل��ة وليس في كل ح��ال لقد ثبت من خالل نصوص‬ ‫الوحي ومن خالل التطبيق العمل��ي للصحابة مع أبنائهم‬ ‫أن غرس وغرز طلب ماعند اهلل لهو الضمان الوحيد واألكيد‬ ‫في تش��كيل وعي وتوجيه فعل املراهق وهذه آثاره عند أبناء‬ ‫الصحابة نراه جليا في غير موقف فمن قتل فرعون األمة أبا‬ ‫(‪)4‬‬ ‫جهل أليس هم أبناء عفراء األنصاريني؟‬ ‫وملا ال والنبي صلى اهلل عليه وسلم قبل القتال يربط الناس‬ ‫مباعند اهلل سبحانه ففي هذه الغزوة ‪-‬غزوة بدر‪ -‬إن املشركني‬ ‫ملا دنوا؛ قال رسول اهلل‪ j ‬قدموا إلى جنة عرضها السموات‬ ‫واألرض ق��ال آنذاك عمير بن احلمام األنصاري يا رس��ول اهلل‬ ‫جن��ة عرضها الس��موات واألرض قال رس��ول اهلل‪ j ‬نعم‬ ‫قال عمير ب َ ٍخ ب َ ٍخ فقال رس��ول اهلل صلى اهلل عليه وس��لم‪:‬‬ ‫«مايحمل��ك على ق��ول ب َ ٍخ ب َ ٍخ؟» قال‪ :‬ال واهلل يا رس��ول اهلل‬ ‫إال رج��اء أن أك��ون م��ن أهلها‪ ،‬ق��ال النبي صل��ى اهلل عليه‬ ‫وس��لم‪« :‬إنك من أهله��ا» فأخرج عمير مترات م��ن قرنه (أي‬ ‫جعب��ة الس��هام) فجعل يأكل منها ثم ق��ال لئن أنا حييت‬ ‫حتى آكل هذه التمرات إنها حلياة طويلة فرمى بها ثم قاتل‬ ‫املشركني حتى قتل(‪.)5‬‬ ‫ففي األس��رة ميكن ان نربط كل شئ بالثواب األخروي فانظر‬ ‫إل��ى هذا املث��ال‪( :‬األرض به��ا ورق وبقايا قليل��ة من الطعام‬ ‫املبعث��ر فيك��ون التصرف الالئ��ق عن رس��ول اهلل‪ j ‬قال‪:‬‬ ‫«إن اهلل جمي��ل يحب اجلم��ال» وقال تعال��ى‪( :‬وتعاونوا على‬ ‫البر والتقوى) وقال صلى اهلل عليه وس��لم (إن اهلل في عون‬ ‫العب��د ماكان العبد في عون أخيه) وبه��ذا يا أحباب إنه من‬ ‫س��اعد أمه في جمع هذه االشياء نظر اهلل إليه وجزاه ثوابا‬ ‫وحس��نه‪ .‬وال بأس أن يقوم الوالد بش��يء م��ن هده االعمال‬ ‫تشجيعا وقدوة وبهذا تتشارك األسرة كلها في هذا العمل‬ ‫الذي ينتج بالتعاون الصادق الهادف الرفيق‪.‬‬ ‫ق��ارن بني ه��ذا الصنيع وب�ين أن ترفع األم صوته��ا أو الوالد‬ ‫طالبة من االبناء مش��اركتها ومن لم يشارك كان نصيبها‬ ‫الس��باب والدعاء عليه‪ .‬وبالتالي إما أال ينتج األبناء املطلوب‬ ‫وإم��ا أن ينتجوه لكن بصورة س��يئة بخ�لاف الصورة االولى‬ ‫وهكذا كل نظير‪.‬‬ ‫‪35‬‬


‫تابع‪ :‬األسرة ودورها في تربية المراهقين‬

‫‪-3‬الدعم النفسي املنتج وهذا الدعم املتواصل الدافق من‬ ‫أهم وأخطر وأعظم ما ميكن أن يفعل مع األبناء ومن صوره‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬إكث��ار الدع��اء ل�لاوالد ال عليه��م ف��إن الدع��اء لألبناء‬ ‫م��ن جملة اخلير ال��ذي يصل إليهم ومفاتي��ح الرزق إمنا هي‬ ‫الدعاء قال س��بحانه (وق��ال ربكم ادعوني اس��تجب لكم)‬ ‫وقال صلى اهلل عليه وسلم (من لم يدع اهلل يسخط عليه)‬ ‫ونهى صلي اهلل عليه وسلم أن ندعوا على األبناء فعن جابر‬ ‫اب��ن عبد اهلل رضى اهلل عنه أن رس��ول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وس��لم قال (ال تدعوا على أنفسكم وال تدعوا على أوالدكم‬ ‫وال تدعوا على خدمكم والتدع��وا على أموالكم؛ ال توافقوا‬ ‫(‪)6‬‬ ‫من اهلل ساعة أن يسأل فيها عطاؤه فيستجاب لكم"‪.‬‬ ‫بل إن الدعاء لألوالد يورث فيهم التهيؤ للخير واإلقبال عليه‬ ‫واإلستحياء من الشر واإلجتهاد في إجتنابه‪.‬‬ ‫ثاني��ا‪ :‬ف��ي األس��ماء واأللقاب احلس��نة‪ :‬لقد كان معاش��ر‬ ‫الصحاب��ة من أرب��اب هذا الس��ن احلرج (‪ )15:20‬س��نة ومع‬ ‫ه��ذا ف��إن النبي صل��ى اهلل عليه وس��لم كان يس��ميهم‬ ‫بأحسن األسماء ويغير أس��مائهم فإن كان هذا مجديا مع‬ ‫ذوي األس��نان الكبيرة فما بالك مب��ن دونهم لقد لقب النبي‬ ‫صلى اهلل عليه وس��لم بـ(س��يف اهلل) و(أس��د اهلل) وكان‬ ‫هذا س��اريا عند املس��لمني في تاريخهم فهذا عضد الدين‬ ‫وه��ذا نور الدين وهذا عماد الدين وعنها كيف يكون اس��مه‬ ‫أحمد ولقب��ه عماد الدين وكنيته أبو الب��راء أن يوال الكفار‬ ‫ويخاللهم؟ إن هذه املس��ألة ليست هامشية في دنيا تربية‬ ‫(األوالد) ولكنه��ا مركزي��ة ألهميتها الضي��ر أن نقوم بذلك‪.‬‬ ‫وال نتعجل الثمر‪...‬فإن اخليرآت واألمل لن ينقطع إن شاء اهلل‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬طي السيئات ونشر احلسنات‪ :‬فاألبناء لهم حسناتهم‬ ‫وأيض��ا س��يئاتهم‪ ،‬وهن��اك مجامع اجتماعية ومناس��بات‬ ‫أس��رية عديدة ف�لا يجوز إطالق��ا أن يجرح األبن��اء في هذه‬ ‫املناسبات بطي حسناتهم ونشر سيئاتهم إن هذا الصنيع‬ ‫كفيل بنسف كل املضامني احلسنة التى تعد أصوال للعالقة‬ ‫احلميمة األسرية يجب على اآلباء أن يجتهدوا بنشر فضائل‬ ‫األبناء السيما عند اخملالفة من باب التشريع والدعم‪.‬‬ ‫أيضا اليجوز إطالق��ا إحراج األبناء مع بعضهم البعض ظنا‬ ‫أن هذا جائز في نطاق األسرة إن هذا يؤدي إلى جتذر املفاهيم‬ ‫‪36‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫املغلوطة وزيادة الضغط النفسي السلبي للمراهقني الذي‬ ‫ينتج ‪-‬حتم��ا‪ -‬العصبيةواإلنفعاالت غير املنضبطة والعناد‬ ‫الس��لوكي والفعل��ي وعندها نلق��ي بالالئمة عل��ى األبناء‬ ‫وأنهم عاقوون لآلباء‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬إشعار االبن بالدفء والشعور األيجابي فأنت لن تتخلى‬ ‫عن��ه وأنت حتبه مع جت��اوزه وأنت التقصر ف��ي حقه مع أنك‬ ‫تكرهه في اهلل أيضا لتجاوزه وأنت معه إن احتاج إليك وأنت‬ ‫بج��واره عند التخطيط املس��تقبلي وأن��ت تدعمه في كل‬ ‫فكرة صائبة مادامت في نطاق املش��روع ش��رعا وعرفا وأنت‬ ‫تتمني له الرفعة واخلير والرش��د وهكذا املش��اعر الفعلية‬ ‫وبعضها القولية توصل إلى حتقيق املقصود ولو بعد فترة‪.‬‬ ‫خامس��ا‪ :‬املواقف املوحدة من عادة األبناء بل هي س��مة في‬ ‫اإلنس��ان أن يح��دد ردوده وتصرفاته ومش��اعره جتاه اآلخرين‬ ‫وفق قان��ون اإلجتاه الواح��د وعليه فإن العالقات اإلنس��انية‬ ‫هي عالقات تس��ير في إجتاه واحد لت��ؤدي أغراضا إجتماعية‬ ‫صحيح��ة غالب��ا أو فاس��دة أحيان��ا عندم��ا يك��ون اآلب��اء‬ ‫ال يعظم��ون الش��رع وال الدي��ن فإن م��ن املس�� ّلم أن األبناء‬ ‫يتص��ورون م��ن آبائه��م أال ينك��رون عليه��م التدخني مثال‬ ‫أو العالقات اجلنس��ية احملرمة والعكس ف��إن اآلباء املتدينني‬ ‫يتصور األبن��اء منهم أال ينكروا عليه��م الصالة ومصاحبة‬ ‫أصدق��اء اخلير هذا قان��ون منضبط رمبا تك��ون هناك احلاالت‬ ‫النس��بية وه��ذه احلاالت ال متث��ل القاعدة الس��يما في ضوء‬ ‫األح��وال واملتغيرات الدينية واإلجتماعية والثقافية نعم رمبا‬ ‫جند تاجر اخملدرات ينهى ولده عن شرب احلشيش لكن لم جند‬ ‫أبدا والدا ينهى ولده عن الصالة إنه قانون ثابت واحد السيما‬ ‫في اإلجتاه اإليجابي وبهذا البد لآلباء أن يراعوا ما يلي‪:‬‬ ‫‪-1‬ثب��ات القانون في اجتاهه اإليجابي وأن يكونوا قدوة صاحلة‬ ‫في هذا اإلجتاه‪.‬‬ ‫‪-2‬أال يخال��ف هذا القان��ون ولو حدث البد من تفس��ير آلية‬ ‫هذا التخالف حتى اليحدث التعاكس النفسي ويفقد اآلباء‬ ‫مقود القيادة لألبناء‪.‬‬ ‫سادس��ا‪ :‬التدخ��ل املناس��ب في الوق��ت املناس��ب والقول‬ ‫املناس��ب ف��ي املق��ام األنس��ب وه��ذه مهمة جدا ف��ي بذر‬ ‫إكب��ار األبناء اآلب��اء وتعظيم مكانة اآلباء ف��ي قلوب األبناء‬


‫تابع‪ :‬األسرة ودورها في تربية المراهقين‬

‫الب��د أن يطمئ��ن اإلبن أن وال��ده ‪-‬ووالدته‪ -‬كب��ار في الفهم‬ ‫والتص��ور عظام في املعاجلة والتصرف أئمة والهدي حكماء‬ ‫في الرأي والقرار بهذا يعطى راحة نفسية واستقرارا نفسيا‬ ‫في الوعى األبناء األمر الذي يس��توجب معه نتيجة موفقة‬ ‫ف��ي تلقينه وفهم��ه وفعل��ه وتصرفه ولو بع��د حني فالبد‬ ‫لآلباء من منطلق مس��ؤلياتهم وإلجناح مهمتهم العس��رة‬ ‫أن يتحلو بالصبر فإن التحدي خطير والش��يطان يأبى إال أن‬ ‫يفس��د أوالدهم وما الفارق بني العجل��ة والصبر إال هنيهة‬ ‫ومن أمثلة هذا العنوان طريقة اآلباء في حل مشاكل األبناء‬ ‫تصور أن إدارة املدرس��ة طلبت من األب سرعة إتيان املدرسة‬ ‫الثانوي��ة ألن ولده في الصف الثاني مثال أتى بتصرف اليليق‬ ‫فكانت ش��كوى املدرس��ة أن ابنه قد ض��رب زميله وجرحه‬ ‫بالقلم وس��به بألفاظ نابية هنا تكون حكمة الوالد وأبوته‬ ‫مع (صرامته وقيوميته) البد أن يسمع من ولده وزميله على‬ ‫انفراد ثم يس��مع من بعض من ش��هد الواقع��ه فلرمبا كان‬ ‫ولده مظلوما فإن ثبت أن ولده قد فعل وأن أس��بابا أدت إلى‬ ‫ذل��ك فليهدأ من املوقف ويس��توعب إدارة املدرس��ة بكلمة‬ ‫طيبة ووعد حس��ن وكذلك يفعل مع زميل ابنه ولرمبا عنف‬ ‫ابن��ه بكلمة غليظة أمام زميله اجملنى عليه لكن يركز على‬ ‫أنهما أخوان ويج��در بهما أن يتصاحل��ا ويتصاحبا وأن يبدءا‬ ‫عه��دا جديدا ولرمبا أه��دى زميل ولده قلم��ا أو زجاجة عطر‬ ‫وهكذا متر العاصفة في املدرس��ة فإذا رج��ع االبن إلى املنزل‬ ‫عاتبه وعنفه ورمبا لم يطعم معه مبينا أن مايفعله يخالف‬ ‫أخالق اإلس�لام وأن املسلم أخو املس��لم ال يظلمه وأن اهلل‬ ‫تعالى سيحاس��ب الناس يوم القيامة والسعيد من كثرت‬ ‫حسناته وانت هكذا تبدد حسناتك‪.‬‬ ‫إن ه��ذه املواق��ف املتتالية التي تكثر بها حياة اإلنس��ان في‬ ‫املدارس والش��وارع واملنزل واحملل‪ ...‬إدارتها وحس��ن التصرف‬ ‫فيها وربطه��ا مبعاني اإلميان ودر اخلير فيه��ا وإيقاف (األبناء)‬ ‫على حقائق األخالق الدينية الصحيحة واملفاهيم الشرعية‬ ‫السديدة‪ ،‬إن توالي وتتابع هذه املواقف على إدارتها في إجتاه‬ ‫واحد إمياني ّ‬ ‫يكون ويس��اعد في تكوين النفس��ية املستقرة‬ ‫الواعدة لألبناء وهذا ما نرجوه‪.‬‬ ‫س��ابعا‪ :‬التش��جيع اإليجابي للفعل احلس��ن (قوال أو عمال)‬ ‫وهذا التش��جيع ضروري ف��ي بعث الدفء وإيج��اد التواصل‬ ‫احلميم‪ ،‬وبث السعادة في نفوس األبناء مما يترتب عليه مزيد‬

‫من العمل الصالح والقول احلس��ن وهذه النقطة حتتاج إلى‬ ‫مزيد عناية لعل لها موضع آخر‪.‬‬ ‫ثامن��ا‪ :‬تعوي��ده وتدريبه على بذل اجلهد‪ :‬أي��ا كان هذا اجلهد‬ ‫علمي��ا أو بدنيا دينيا أو دنيويا ودعمه معنويا في هذا اإلجتاه‪،‬‬ ‫فإذا قال ال أعلم قلت له هذا حسن لكن اجتهد وتع ّلم حتى‬ ‫تعلم‪ ،‬وإن قال ال أقدر على دراسة هذه املادة قلت حاول وابذل‬ ‫جهدك وستنجح‪ ،‬وهكذا في كل حال‪.‬‬ ‫فإن (اآلباء) من مس��ؤلياتهم أن يدرب��وا أبنائهم على البذل‬ ‫املتواص��ل دون كل��ل وعنده��ا ينتف��ي م��ن قام��وس األبناء‬ ‫(ال أدري إال عند الضرورة) و(ال أفهم) و(ال أقدر) و(ال أحتمل) و(فوق‬ ‫قدرتي) و(لم أعتد هذا) وهكذا‪ ...‬ومتام هذا في التاسعة‪.‬‬ ‫تاس��عا‪ :‬التدري��ب املتواصل على حتمل املس��ؤلية‪ ،‬فإن جيل‬ ‫اآلباء س��يتحرك ال محالة إلى نهايت��ه ليحل محلهم جيل‬ ‫(األبناء) ف��إذا لم يت��درب األبناء على مس��ؤلياتهم الفردية‬ ‫واملسؤليات األسرية واألجتماعية‪ ،‬فأنهم يبقون دائما عالة‬ ‫فكرية وركاما معرفيا وبدنيا اليقدر على شئ وعندها تكون‬ ‫املصيب��ة الالزمة لألس��رة واجملتمع البد من تش��جيع األبناء‬ ‫على هذه املسؤليه وحتفيزهم حلملها‪.‬‬ ‫عاش��را‪ :‬إش��راكهم فى أعمال البر واخلير‪ ،‬وقد كان هذا دأب‬ ‫الس��لف الصالح وألهميه هذه النقطه س��يكون لنا فيها‬ ‫حديث واهلل املوفق‪.‬‬ ‫وصــلــى اهلل وسلــم وبــارك عـلـى الـنـبـى مـحـمـد‬ ‫وعـلـى آلـه وصـحـبـه وسـلــم‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرج نحوه مسلم (‪-615‬كتاب البر والصلة) من حديث أبي هريرة مرفوعا‬ ‫(‪ )2‬انظر في هذا دراستنا الفقهيه‪,‬دراسة فقهية أصولية‪.‬دار طابا والتوعية اإلسالمية‪.‬ط‪.2006-1‬‬ ‫(‪ )3‬واحلدي��ث ف��ي البخاري ومس��لم من حدي��ث عبد اهلل ب��ن عوف‪,‬وفيه"بينما أنا واقف ف��ي الصف بيوم‬ ‫بدر‪,‬نظرت عن مييني وش��مالي‪,‬فإذا أنا بني غالمني من األنصار حديثة أس��نانهما ‪...‬فغمزني‪ :‬أحدهما فقال‬ ‫‪:‬يا عم هل توفى أبا جهل؟ أخبرت أنه سب رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪,‬والذي نفسي بيده إلن رأيته‬ ‫اليفارق سواده سوادي حتى ميوت األعجل منا‪,‬وقال اآلخر مثله‪...‬وفيه أنهما قتاله‪.‬‬ ‫(‪ )4‬بخ بخ (بالتنوين والتسكني) ويقصد بها تفخيم األمر وتعظيمه‪.‬‬ ‫(‪ )5‬أخرجه مسلم(‪-4914‬اإلمارة) من حديث أنس بن مالك مرفوعا‪.‬‬ ‫(‪ )6‬صحيح‪,‬أخرجه أبو داود‪,‬انظر األلباني (ج‪-2511/‬صحيح اجلامع)‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫قصة هاتف من بالد الهند‬

‫‪ -‬المأساة (الحلقة األولى)‬

‫حك��ت أختي قصته��ا‪ ،‬فقالت أخت��ي عنها‪ :‬إنها ل��م تقابلها‬ ‫مبص��ر‪ ،‬وإمنا قابلتها هن��اك‪ ،‬بجوار باب املل��ك عبدالعزيز باحلرم‬ ‫املكى الش��ريف‪ ،‬رأيتها جتلس وسط النس��اء قبل يوم التروية‪،‬‬ ‫وهو الثامن من شهر ذى احلجة‪ ،‬جتلس تعطى دروس الوعظ فى‬ ‫كلمات يس��يرات كأنهن دُرر قد نظم��ت‪ ،‬أو كأنهن قطرات ُمزن‬ ‫قد ن ُ ِثرت‪ ،‬وكان لس��انها لسانا عربيا فصيحا سليما‪ ،‬وإذا زَلَف‬ ‫لسانها إلى لهجة‪ :‬ألفيت لهجتها مصرية خالصة‪ ،‬مع َطرْف‬ ‫غاض ووجه طيب أش��به ما يكون بأهل البنغال هذا الوجه لم‬ ‫ّ‬ ‫تتؤثر في��ه عالمات تباعد األزمان واألمكن��ة‪ ،‬بل وال حتى تقادم‬ ‫الس�� ِّن!!‪ ،‬كل هذا جعل أس��ئلة كثيرة تضط��رب فى خاطرى!‬ ‫أه��ى س��عودية؟ أم مصري��ة؟ أم بنغالي��ة؟ ثم أه��ى هندية أم‬ ‫باكس��تانية أم بنجالشية؟ أم هى من ناحية من تلك النواحى؟‬ ‫أم هى اإلس�لام الذى اليعرف حدا وال لغة‪ ،‬وال شكال وال لهجة!‬ ‫إمنا يعرف قيمة واحدة وقضية واحدة وموضوعا واحدا هو صالح‬ ‫اإلنسان وإصالحه دون امنياع أو ذوبان وسط جليد الفساد!!‬ ‫تقدمت أختى إليها‪ ،‬وهى تَن ُ‬ ‫ْظرها وتنتظرها‪ ،‬تنظر هذه املالمح‪،‬‬ ‫وتنتظر حتى تنهى موعظتها مع النساء‪ ،‬فقد كانت تعلمهن‬ ‫أثر العقي��دة الصحيحة فى احلج!! وكانت تقارن بني مناس��ك‬ ‫احلج عند أهل الس��نة ومناس��كه عند الرافضة! لتنتهى إلى‬ ‫أن هؤالء ال حج لهم‪ ،‬بل هم طائفة من املنسوبني إلى اإلسالم‬ ‫زورا‪ ...‬كانت كلماتها دفقا وصوتها دفئا‪ ،‬تخيلت أختى أنها أمام‬ ‫امرأة سقطت من باطن التاريخ وأرومته منذ السلف الصالح؛‬ ‫لتج��دد م��ا َع ِهن من مبادئ وما انكس��ر من أصول‪ ...‬ال س��يما‬ ‫عن��د طائفة من أخطر وأهم طوائف اجملتمع ‪ -‬أعنى‪ :‬النس��اء‪...‬‬ ‫كل ه��ذه األفكار كانت تضطرم ف��ى ال وعى أختى‪ ،‬فتخرج عن‬ ‫َط ّى ش��رودها بازدراد عينها؛ لتركز مع هذه الفريدة فى دعوتها‬ ‫ودعائها‪ ،‬وخَ لْ ِقها وخُ لقها‪ ،‬وبشرها وتبشيرها‪...‬‬ ‫تقدم��ت أختى أكثر منها‪ ،‬فما إن أنهت هذه (الفريدة) حديثها‪،‬‬ ‫ثم إجابات س��ائالتها‪ ،‬حتى س��ارعت أختى ملصافحتها‪ ،‬قائلة‪:‬‬ ‫الس�لام عليك��م ‪-‬أختى‪ -‬و رحم��ة اهلل وبركاته! رَدَّت الس�لام‬ ‫بأفضل منه‪ ،‬ثم كان هذا احلوار‪:‬‬ ‫أخت��ى‪ :‬إن��ى من مص��ر‪ ،‬جئت ألحج بي��ت اهلل احل��رام! وعندما‬ ‫وج��دت حلق��ة م��ن النس��اء متلكن��ى الفض��ول أن أَن ُْظره��ا‪،‬‬ ‫ف��إذا هى أن��ت وصواحبك! فأعجبنى ما س��معت‪ ،‬وأدهش��نى‬ ‫‪38‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬قصة هاتف من بالد الهند ‪ -‬المأساة (الحلقة األولى)‬

‫فيض��ك ودفق��ك‪ ،‬وأكبرك عن��دى ليس س��نك‪ ،‬وإمنا علمك‬ ‫وأدبك‪ ،‬ثم ازداد عجبى للغتك وش��كلك‪ ،‬فمن أى البالد أنت؟‬ ‫وما هى قصتك؟‬ ‫قالت‪ :‬اسمى (شيرين) وهو بالفارسية والتركية يعنى‪ :‬احللو‬ ‫والعذب واللطيف‪ ،‬وهذا االس��م موجود بكثرة فى بالد مصر‬ ‫وف��ارس وتركيا وبع��ض املناطق من الهند! وم��ن خالل هذا‬ ‫االسم ميكن أن تعرفى موسوعية هذا االسم ومتدده املكانى‪،‬‬ ‫هذا التمدد الذى َج َعل لى منه نصيبا!!‬ ‫أخت��ى‪ :‬لق��د ألهب��ت ش��وقى أن أع��رف عن��ك كل ش��ئ؟‬ ‫ف��إذا كان إخبارك لى بحالك وقصتك فيه خير للمس��لمني‬ ‫فى معرفة دينهم واالستمس��اك بثواب��ت منهجهم الذى‬ ‫إلى‬ ‫ورثوه عن نبيهم وأس�لافهم املباركة األطه��ار – َف َهلُّم ّ‬ ‫بخبرك – يرحمك اهلل‪.-‬‬ ‫قال��ت‪ :‬لق��د ولدت فى ش��هر فبراي��ر س��نة‪1942‬م بدلهى‪،‬‬ ‫وه��ى عاصمة الهن��د‪ ،‬أى كان مولدى قبل اس��تقالل الهند‬ ‫بخمس س��نني‪ ،‬وقد ُطرِدت من الهند فى أحداث مأس��اوية‬ ‫عجيبة! ال ميكن أن تخطر على بال بشر!!‬ ‫أختى ‪-‬معارضة مستنكرة متعجبة‪ :-‬كيف يطردونك وأنت‬ ‫طفل��ة صغيرة؟ بل كيف تطردين م��ن الهند‪ ،‬وكانت الهند‬ ‫آن��ذاك تنع��م باحلرية واالس��تقالل عن االحت�لال االجنليزى‪،‬‬ ‫واس��تطاع غاندى بحركته السلمية الداعية إلى املقاطعة‬ ‫الس��لبية لالجنليز أن يناهض احتاللهم للبالد‪ ،‬ومن ث َ َّم أقام‬ ‫للدميوقراطية ‪-‬كما يزعمون‪ -‬أصوال وقواعد تأسست عليها‬ ‫وحدة ش��عبية وطنية‪ ،‬حتى غ��دت الهند أمة واحدة يعيش‬ ‫حتت ظاللها الهندوس واملس��لمون والس��يخ بهم مشترك‬ ‫وهدف واحد‪!!...‬‬ ‫قالت (شيرين) ‪-‬وهى تأخذ نفسا عميقا ثم ترده زفرة طويلة‬ ‫بأناة وصمت‪ :-‬لقد كنت صغيرة‪ ،‬ولكنى ش��اهدة على فترة‬ ‫من تاريخ الهند احلديث‪ ،‬بعضه رأيته بعينى‪ ،‬وبعضه ُح ِكى‬ ‫ص َّدق كل طريق اآلخر‪ ،‬حتى صارت‬ ‫ل��ى‪ ،‬وبعضه قرأته‪ ،‬ولقد َ‬ ‫اجلمل التى سأقصها عليك هى الواقع املرير واحلقيقة التى‬ ‫تُ ْبلِج زيف الدعوة فتردها خائبة حسيرة!!‬

‫دخل األس�لام الهند قدميا منذ أواخ��ر القرن األول الهجرى‪،‬‬ ‫وكان��ت الهند امبراطورية عظيمة وثني��ة طبقية‪ ،‬فلمارأى‬ ‫الهنود رحمة اإلسالم وعقيدته الوحدانية وعدالته االنسانية‬ ‫وأمته الراشدة املهدية‪ :‬سارعوا فى الدخول فى دين التوحيد‬ ‫والرحمة واملس��اواة واألخالق الفاضل��ة احلميدة ونفع الناس‬ ‫بل والكون‪ ،‬دخلوا مبئات اآلالف‪ ،‬وهكذا كان الوجود اإلسالمى‬ ‫بالهن��د حاكما فى امبراطورية اس�لامية مغولية س��نية‬ ‫مترامي��ة األطراف‪ ،‬حتى انتزعه��ا االجنليز بالغ��در واخليانة‪،‬‬ ‫وكان ذل��ك قريبا فى القرن الثامن عش��ر امليالدى‪ ..‬ومن ذلك‬ ‫التاريخ وكفاح املس��لمني ضد االجنليز لتحري��ر الهند‪ :‬كان‬ ‫محور اهتم��ام التاج البريطانى‪ ..‬ولق��د كادوا كثيرا لتفريق‬ ‫املس��لمني بالهند عن طريق حم�لات التنصير فلم يفلحوا‪،‬‬ ‫ثم عن طريق تنشيط املد الرافضى فلم يفلحوا‪ ،‬وعن طريق‬ ‫الف��رق املنحرفة فل��م يفلحوا‪ ،‬ثم كان الس��هم األخير عن‬ ‫طري��ق النزاع الطائف��ى وحتريك الطوائف الس��اكنة لقرون‬ ‫متطاولة كاألموات!! وهم طوائف الهندوس (ذات األغلبية)‬ ‫والسيخ (وهم األقل عددا من املسلمني)‪.‬‬ ‫س��كتت (ش��يرين) قليال ثم قالت‪ :‬إن أول من نادى مبناهضة‬ ‫االحت�لال االجنلي��زى بالهند هم املس��لمون‪ ،‬ب��ل إن أول ثورة‬ ‫عصي��ان مدنى فى تاري��خ الهند كانت س��نة‪1857‬م بقيادة‬ ‫الك َ‬ ‫املشايخ‪:‬رشيدأحمد َ‬ ‫نكوهى‪،‬وموالنامحمدقاسمنانوتوى‪،‬‬ ‫ب��ل كان طلبة العلم هم أول م��ن جاهد االجنليز بالهند‪ ،‬ثم‬ ‫َط َّور املسلمون كفاحهم من املناهضة السلمية إلى إعالن‬ ‫اجلهاد‪،‬وقاد املش��ايخ هذه احلركة‪ ،‬وكانت مدرسة دار العلوم‬ ‫(ديوبن��د) هى التى تخرج أجيال اجملاهدي��ن‪ ،‬بل إن أول قذيفة‬ ‫أطلق��ت على االجنليز كانت من هذه املدرس��ة‪ ...‬لقد قامت‬ ‫املدارس الس��نية الدينية بالهند مبقاوم��ة االجنليز كما قام‬ ‫األزهر بدوره فى مقاومة احلملة الفرنسية على مصر بقيادة‬ ‫نابليون سنة‪1897‬م‪.‬‬ ‫وم��ع هذا اجله��اد‪ ،‬فإن حرك��ة العصيان املدن��ى واملقاطعة‬ ‫الس��لبية لكل ماهو اجنليزى‪ ،‬كانت هذه احلركة إس�لامية‬ ‫خالص��ة‪ ،‬انطلقت م��ن مبادئ الدين اإلس�لامى الذى يحرم‬ ‫موالة الكفار ويوجب معاداتهم؛ وبذلك أفتى مشايخ الهند‬ ‫آنذاك بعدم جواز التعاون مع احلكومة االجنليزية‪ ،‬وتطور األمر‬ ‫ف��ى االجتهاد الفقهى عند علم��اء الهند‪ -‬فى املؤمتر العام‬‫‪39‬‬


‫تابع‪ :‬قصة هاتف من بالد الهند ‪ -‬المأساة (الحلقة األولى)‬

‫بكراتش��ى فى يوليو س��نة‪1921‬م حني أفت��ى علماء الهند‬ ‫كشيخ اإلس�لام موالنا حسني أحمد مدنى‪ ،‬وموالنا محمد‬ ‫على‪ ،‬وش��وكت على‪ :‬بحرمة مشاركة املسلمني فى جيوش‬ ‫اجنلت��را‪ ...‬ثم تطور حال املس��لمني للمطالبة باالس��تقالل‬ ‫الفورى وغير املشروط وتكوين جمهورية مستقلة عن التاج‬ ‫البريطانى‪...‬‬

‫هذه احملاوالت؛ لقد كان «الس��يد أحم��د» عميالً لـ «اجنلترا»‬ ‫وحرَّم اجلهاد‪ ،‬ودَ َعا‬ ‫وقد دعا إلى التعايش الس��لمى مع احملتل‪َ ،‬‬ ‫إلى تقلي��د أوروبا فى عقيدته��ا ونظامها وآدابه��ا وفنونها‬ ‫وطرائق معيش��تها؛ فل��م تفلح دعوته‪ ،‬ول��م يجد منها إال‬ ‫القدح والسفول عند املس��لمني‪ ،‬ولقب «سير» من أسياده‬ ‫االجنليز! و بذا كان البديل املناس��ب أن يحارب املسلمون من‬ ‫ِق َبل «الهندوس» باس��م الوطنية‪ ،‬وأن يضيق عليهم باسم‬ ‫«الدميوقراطية» ولكن هذا س��وف يس��تغرق لتحقيقه فى‬ ‫أرض الواق��ع زمنا‪ ،‬لكن الب��أس بتطاول أم��د التطبيق عند‬ ‫ً‬ ‫نفس��ا وأبعد غورا ً وأصبر الناس على‬ ‫«االفرجن» فإنهم أطول‬ ‫حتقيق مرادهم!!‬

‫(ش��يرين) ‪-‬وقد عالها أم��ارات احلزن‪ :-‬أَوْه! لم يس��مع صوت‬ ‫للهندوس أو للسيخ‪ ،‬وللعجب لم يكن غاندى يرى مواجهة‬ ‫االجنليز‪ ،‬بل كان ينادى بالتع��اون معهم وعدم مقاطعتهم‪،‬‬ ‫لك��ن حدث تحَ َ�� ُّول مفاجئ ف��ى موقفه (رمب��ا كان تخطيطا‬ ‫إلجه��اض حرك��ة املس��لمني‪ ،‬وهذا ه��و الغال��ب) وذلك فى‬ ‫أغسطس سنة‪ ،1920‬حيث تبني (غاندى) موقف املسلمني‬ ‫الداعى إلى العصيان املدنى‪ ،‬وسرعان ما ذاب وسط املسلمني‪،‬‬ ‫وأحسنوا َ‬ ‫الظ ّن به‪ ،‬ثم جتاوب معه الهندوس وسائر الشعب‪.‬‬

‫لكن ه��ذه احلقبة من تاري��خ الهند‪ ،‬لم يب��رز املؤرخون جهد‬ ‫املسلمني وجهادهم‪ ،‬وهذه هى طبيعة مؤرخى العصر‪ ،‬أنهم‬ ‫يدرسون ويرصدون اللحظة دون النظر إلى بواعثها ومقدماتها‬ ‫وأصوله��ا‪ ،‬دون أن يبرزوا دور الذين أسس��وا الفكرة ونصروها‬ ‫غ��ال ونفيس! إنه التعمد املقيت لطى‬ ‫وبذلوا من أجلها كل‬ ‫ٍ‬ ‫كل تاريخ مش��رف للمسلمني وس��رقة جهدهم وجهادهم‬ ‫املاضى احلديد فى شبه القارة الهندية فى العصر احلديث!‬

‫أخت��ى‪ :‬و أين كان الهندوس بأغلبيته��م املليونية‪ ،‬وأين كان‬ ‫زعيمهم؛ بطل الس�لام الذى رُ ِّ‬ ‫شح جلائزة نوبل ثالث مرات!!‬ ‫وه��ل حق��ا كان غاندى هو مله��م الهند وباع��ث نهضتها‬ ‫ورسول مشروعها احلديث ‪-‬كما يزعمون‪-‬؟‬

‫إن غان��دى ‪-‬مع بعض صفاته الش��خصية التى تبدو طيبة‬ ‫ ميثل جتس��د الفكر التآمرى ضد اإلسالم وأهله‪ ،‬وليس هذا‬‫مجرد صدف��ة‪ ،‬لكن راص��د األحداث يقف عل��ى أنها كانت‬ ‫بالفع��ل مؤامرة؛ أوال‪ :‬صناعة الزعيم‪ ،‬ثم التفاف األمة حول‬ ‫الزعيم‪ ،‬ثم فى احلالة الهندية يبدأ باملبدأ السلبى املناسب‬ ‫ملا عليه الهندوس آنذاك من املس��املة والس��لبية التى رُبُّوا‬ ‫عليه��ا منذ قرون‪ ،‬ث��م يرتفع بهم الزعيم عب��ر موجات من‬ ‫التوجيه��ات العنيف��ة يس��مح به��ا الزعيم املس��الم عبر‬ ‫موجات من معاونيه ومس��اعديه‪ ،‬وم��ن ث َ َّم يتم حتويل األمة‬ ‫الهندية الهندوسية إلى أمة مهووسة بالعظمة مع فقرها‬ ‫وجهلها‪ ،‬متعطش��ة إلى احلرية والتجانس الوطنى الذى لن‬ ‫يتم له��ا إال عن طريق تطهير البالد من «املس��لمني»‪ ،‬وهذا‬ ‫أيضا هدف «االحتالل االجنليزى»‪.‬‬ ‫إن «االجنلي��ز» حاول��وا ضعضع��ة الصف املس��لم الس��نى‬ ‫الهندى فل��م يقدروا‪ ،‬وكانت حركة «الس��يد أحمد» أخطر‬ ‫‪40‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫أختى‪ :‬ولكن كان الهندوس آنذاك ش��عبا مساملا؟ يدعو إلى‬ ‫إقامة دس��تور وطنى ودميوقراطية يعيش اجلميع فى كنفها‬ ‫أح��رار دون قيود؟ ألم يعش الهندوس مع املس��لمني فى ظل‬ ‫الدميوقراطية حرية لم يعيش��وها أيام االجنليز؟ ألم يسمح‬ ‫الهندوس للمسلمني أن ميارسوا حقهم فى تكوين احلركات‬ ‫السياسية كحركة الرابطة اإلسالمية‪ ،‬وكذلك حقهم فى‬ ‫املظاهرات والتعبير الس��لمى عن مطالبهم؟ ألم يتشارك‬ ‫املس��لمون والهندوس فى الهم الوطنى حتى فعلوا ‪-‬مثلما‬ ‫ح��دث فى مصرس��نة‪ -1919‬حيث تالغت الف��روق العقدية‬ ‫وذاب��ت احلواجز الدينية؟ ألم يحدث ه��ذا؟ وإن كان ‪-‬أ َف ُي ْعقل‬ ‫أن تطردين من بلدك وموطنك وأنت ال تزالني طفلة صغيرة؟‬ ‫ه��ذا س��ؤال ملح س��ألته وكررت��ه؛ ألنن��ى أقرأ ف��ى أدبيات‬ ‫الدميوقراطي�ين‪ :‬حق اإلنس��ان فى العيش اآلم��ن فى وطنه‪،‬‬ ‫وحقه فى حري��ة التعبير واالعتقاد‪ ،‬حتى إن مش��ايخنا فى‬ ‫مص��ر ‪-‬ظنوا أن هذه الدميوقراطية ميكن أن تكون س��ببا فى‬ ‫اتساع الدعوة وانتش��ارها‪ ،‬فباتوا يخططون لها‪ ،‬ثم أنشأوا‬ ‫أحزابا سياس��ية وخاض��وا االنتخابات من أجل االس��تفادة‬


‫تابع‪ :‬قصة هاتف من بالد الهند ‪ -‬المأساة (الحلقة األولى)‬

‫بالدميوقراطي��ة فى احملافظ��ة على هوية مصر اإلس�لامية‬ ‫وتطبيق شرع اهلل سبحانه!!‬ ‫(ش��يرين)‪ :‬أخت��اه! الهند عل��ى مدار التاريخ ش��عب طبقى‬ ‫سلْبى‪ ،‬لكن اس��تطاع االجنليز أن يزكوا فيه جذوة الوطنية‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ذكرت لك لن تتقد هذه اجلذوة إال بطرد املس��لمني من‬ ‫وكما‬ ‫ُ‬ ‫الهند‪ ،‬فأسسوا حزب (هندومهاسيا) [أى‪:‬اجلمعية الوطنية‬ ‫العظمى] معتمدي��ن على كتابهم املق��دس (الفيدا) الذى‬ ‫اكتش��فوا مؤخ��را أنه مله��م حركتهم الوطني��ة!! وبعث‬ ‫الهند الهندوسية العظيمة!!‬ ‫��وا ْ إلاَّ ل َِم��ن تَب َ‬ ‫َ ُۡ ُ ٓ‬ ‫��ع‬ ‫أخت��اه!! ق��ال اهلل س��بحانه (ولاَ تؤمِن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِينك ۡم‪ )73 ...‬آل‪ ‬عم��ران‪ .‬وه��ذا مالم يطبقه املس��لمون فى‬ ‫د‬ ‫الهن��د‪ ،‬وكان��وا قبل اس��تقالل الهن��د قوة عددي��ة رهيبة‪،‬‬ ‫ب��ل كان��وا أغلبية فى بع��ض املناطق كالبنج��اب الغربى!!‬ ‫لقد انخدع املس��لمون باس��م احلرية واملكاس��ب للشعب‬ ‫املس��لم‪ ،‬وتنازلوا كثيرا عن مبادئ دينهم وأصول عقيدتهم‪،‬‬ ‫وه��م يظنون أن هذه مصلحة راجحة‪ ،‬وأنه يجوز ترك بعض‬ ‫الشرع حلصول االئتالف ومتكني اإلسالم!! فال بأس عند تزاحم‬ ‫املفاس��د أن ترتكب مفس��دة أقل ليدفع بها مفسدة أعلى‬ ‫(هكذا!!) ومن هنا كان فى الهند ما يسمى بالعصر الذهبى‬ ‫بني املسلمني والهندوس‪.‬‬ ‫أختى ‪-‬مقاطعة‪ :-‬الشك أن هذه بركة من بركات هذا املنهج‬ ‫اإلسالمى املتزن الوس��ط‪ ،‬أن جتتمع األمة على أصول عامة‪،‬‬ ‫تتيح للجميع حرية الدعوة والعمل؛ و بذلك تكون الساحة‬ ‫أفضل لنش��ر اإلس�لام والتمكني له‪ ،‬دون قي��ود أو معوقات‪،‬‬ ‫وهو ما تس��عى إليه احلركة اإلس�لامية فى مص��ر ‪-‬أيضا‪-‬‬ ‫السيما السلفيون‪.‬‬ ‫شيرين‪ :‬أختاه!! إن أشد ما نُكب به املسلمون فى الهند هذه‬ ‫الدميوقراطية؛ الس��يما فى «العص��ر الذهبى» فى العالقات‬ ‫بني املسلمون والهندوس‪ ،‬هذه الفترة الذهبية امتدت تقريبا‬ ‫من(‪ )1927-1920‬أى نحوا من سبع سنني‪ ،‬لدرجة أن املسلمني‬ ‫فى هذه الفترة دخلوا مع الهندوس فى حزبهم اآلخر اجلديد‪،‬‬ ‫وه��و (حزب املؤمت��ر الوطنى) وظنوا أن هذا احل��زب ميثل األمة‬ ‫بأطيافها الدينية والسياس��ية‪ ،‬وتقدم املسلمون فى حزب‬

‫املؤمتر ‪-‬الذى حكم الهند بعد ذلك وقاس��ى املسلمون على‬ ‫يده الويالت‪ -‬حتى صار رئيس��ه مسلما‪ ،‬وهو أبو الكالم آزاد‪،‬‬ ‫ال��ذى قال ف��ى مذكراته «مهمتى بصفت��ى رئيس احلزب‪ :‬أن‬ ‫أقود الهند إلى املعسكر الدميوقراطى بشرط أن تنال الهند‬ ‫حريته��ا! لقد وصل��ت العالقة بني املس��لمني والهندوس –‬ ‫فيم��ا ي ُ َ‬ ‫ظن أن��ه عالمة الوطني��ة والتوحد فى استش��راف‬ ‫آفاق املس��تقبل االجتماعى ‪ -‬أن ر َ َّحب املسلمون بهندوكى‬ ‫يعتلى املسجد اجلامع (بدلهى)‪ ،‬و رحب الهندوس باملسلمني‬ ‫ف��ى معابده��م‪ :‬زائري��ن وخطباء ورمب��ا أحيانا مش��اركني!!‪،‬‬ ‫وعنده��ا زَيَّن الهندوس البقر للمس��لمني فى عيد األضحى‬ ‫ليضح��وا به تثمينا له��ذه العالقة!! مممما دفع املس��لمني‬ ‫إل��ى مجاملته��م بعدم التضحي��ة بالبقر فى ه��ذا العام!‬ ‫إكراما لعواط��ف إخوانهم من الهندوس‪ ،‬وحفاظا على روح‬ ‫املواطنة واإلخاء بني أبناء الوطن الواحد‪ ،‬ومن َ‬ ‫ش ّ��ذ عن ذلك‬ ‫من املسلمني‪ :‬قاطعوه وهاجموه واتهموه بتفكيك الوحدة‬ ‫وإضاعة املكاس��ب واجلهل بالواقع‪ ...‬حتى إن كبار املسلمني‬ ‫أراد التضحية بالبقرة‪ ،‬فاتهم بالتشدد و ُه ِّدد بالذبح!!‬ ‫أختى‪ :‬س��بحان اهلل! ما أش��به ما حص��ل عندكم مبا حدث‬ ‫مبصر س��نة ‪1919‬م‪ ،‬لقد حدث هذا متام��ا مبصر‪ ،‬وقد اعتلى‬ ‫بعض القساوس��ة مبنى األزهر‪ ،‬كما اعتلى بعض املشايخ‬ ‫مكان العظة بالكنيسة‪ ،‬واعتبر املثقفون آنذاك ‪-‬إال من رحم‬ ‫اهلل‪ -‬أن ه��ذا بداية العالقة احلميمة بني عنصرى األمة!! ثم‬ ‫ظه��رت احلقائق املذهلة‪ ،‬أن هؤالء الزعماء من س��عد زغلول‬ ‫وأحمد لطفى و َم ْن بعدهم كانوا يحملون مشروعا تغريبيا‬ ‫تبناه االجنليز وس��اروا على دربه‪ ،‬ثم تبنته األجيال الصاعدة‪،‬‬ ‫ضلَّل!! لكن أخت‬ ‫وها نحن ذا مبصر جننى ثمرة هذا التاريخ امل ُ َ‬ ‫ش��يرين! ما الذى حدث بعد هذه الفترة الذهبية وهى تاريخ‬ ‫العالقة الطيبة الشكلية بني املسلمني والهندوس؟‬ ‫ش��يرين ‪-‬مسترس��لة من غي��ر مهلة‪ :-‬س��رعان م��ا ظهر‬ ‫املتعصبون الهندوس يدعمون إل��ى الهندوكية‪ ،‬وإرجاع َمن‬ ‫دخل اإلس�لام من أه��ل البالد إلى الديان��ة الهندوكية‪ ،‬ومن‬ ‫اعترض فليكن مصيره إما الطرد أو الذبح! نعم‪ ،‬و هكذا بدأت‬ ‫تظهر امليليش��يات الهندوس��ية املس��لحة َ‬ ‫وك َّونوا جماعة‬ ‫(املهاسبها) املسلحة الهندوس��ية الوطنية؛ حيث وجهت‬ ‫عملياتها ليس ضد االجنليز وأعوانهم‪ ،‬وإمنا ضد املس��لمني‪،‬‬ ‫‪41‬‬


‫تابع‪ :‬قصة هاتف من بالد الهند ‪ -‬المأساة (الحلقة األولى)‬

‫وخالل أس��ابيع قليلة كانت املذابح تُ َع ُّد للمسلمني فى كل‬ ‫مدينة وفى كل شارع وفى كل مكان‪ ،‬حتى ذبح عشرات اآلالف‬ ‫من املس��لمني‪ :‬رجاال ونس��اء وأطفاال دون رحمة أو‪ ‬شفقة‪...‬‬ ‫دون ذنب أو جريرة‪ ...‬والذنب أنهم مسلمون!!‬ ‫أختى‪:‬و أين زعماء املسلمني؟و أين غاندى؟‬ ‫ش��يرين‪ :‬لقد بدا املسلمون كطرف ثالث يا أختى‪ :‬الهندوس‬ ‫ومعهم السيخ‪ ،‬و االجنليز‪ ،‬ثم املسلمون! وإن شئت فقولى‪:‬‬ ‫لقد صار املس��لمون طرف��ا ثانيا فى القضي��ة‪ ،‬فالهندوس‬ ‫ٌ‬ ‫ثان‪ ،‬وقد حاول‬ ‫وأعوانهم من االجنليز طرف‪ ،‬واملسلمون‬ ‫طرف ٍ‬ ‫ْ‬ ‫بعض زعماء املس��لمني كمحمد عل��ى جناح وَأد الفتنة فى‬ ‫بدايته��ا‪ ،‬لكن هيهات!! فاألمور ُم َع َّدة‪ ،‬والس��نوات السَّ��بع‬ ‫كشفت للكفار مكان قوة املس��لمني‪ :‬العددية والعقائدية‬ ‫والسياس��ية واالقتصادي��ة‪ ...‬وص��ارت الدميوقراطي��ة ش��را‬ ‫وبي�لا على املس��لمني‪ ...‬وبعد ف��وات األوان أدرك املس��لمون‬ ‫املؤام��رة عليه��م ‪-‬وكان��وا من قب��ل ال يس��معون صوتا وال‬ ‫يبصرون ناصحا‪ ،‬أعماهم حرصهم على املكاسب املظنونة‪-‬‬ ‫فانسحبوا من املؤمتر الوطنى الهندى الهندوسى‪ ،‬و َه َّب زعيم‬ ‫املس��لمني آنذاك ‪-‬موالنا محمد على جوهر‪ -‬مخاطبا زعيم‬ ‫الهندوس (املهامتا غاندى) «إننا نعارض حركتك ألنها ال ترمى‬ ‫إلى اس��تقالل الهن��د‪ ،‬وإمنا يقصد منها أن يظل املس��لمون‬ ‫عالة على جماعة (املهاسبها) املتطرفة التى لطخت أيديها‬ ‫بدماء عش��رات اآلالف من املس��لمني!» هذا كله والتاريخ لم‬ ‫يحفظ أن (غاندى) قام بدور فاعل فى إيقاف هذه اجملازر أو ندد‬ ‫بها أو نأى بنفسه عنها!! نعم‪ ،‬إنه أحد أضالع املؤامرة!!‬ ‫أختى‪ :‬وهل قبل املسلمون هذا الوضع؟‬ ‫ش��يرين‪ :‬أبدا‪ ،‬لك��ن كان وضعهم ف��ى غاية الس��وء‪ ،‬فمن‬ ‫حمل الس�لاح ودافع عن نفسه وعرضه وشرفه وماله اتهم‬ ‫باالره��اب و ُق ِتل ه��و ومن معه من أس��رته وأقاربه‪ ...‬ولذا لم‬ ‫يجد املس��لمون أفضل من الصبر!! ثم تطور احلال س��ريعا‬ ‫للتفكير فى إعالن دولة خاصة بهم السيما فى املناطق ذات‬ ‫األكثرية املس��لمة‪ ،‬وكان أول من نادى بهذه الفكرة ‪-‬وجتاوب‬ ‫معه ماليني الهنود‪ ،‬وتبنته أيضا حركة الرابطة اإلس�لامية‬ ‫بالهند‪ -‬الشاعر الدكتور‪ /‬محمد إقبال‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫أختى‪ :‬نعم‪ ،‬هو شاعر معروف‪ ،‬وترجمت كثير من أدبياته إلى‬ ‫اللغة العربية‪ ،‬وقرأت ش��طر من أش��عاره التى تفيض بروح‬ ‫اإلسالم واإلباء‪.‬‬ ‫ش��يرين‪ :‬إقب��ال حتى ه��ذا التاريخ لم يكن مش��هورا‪ ،‬لكن‬ ‫ُ‬ ‫��هر بعد هذا التاريخ‪ ،‬وهو اجتماع «الهور» س��نة‪1940‬م‪،‬‬ ‫ش ِ‬ ‫حيث عرض الفكرة ونصرها بشدة‪َّ ،‬‬ ‫وأكد على أهمية الدين‬ ‫فى رس��م أى عالق��ة اجتماعية أو إنس��انية أو سياس��ية‪،‬‬ ‫ب��ل كان يرى أن اإلس�لام له أهمي��ة عظمى وأث��ر َف ّعال فى‬ ‫توجيه حياة الفرد واجلماعة على السواء‪.‬‬ ‫وَوَرِث محمد إقبال بعد وفاته‪ :‬اخلطيب والزعيم املسلم‪ ،‬الذى‬ ‫كان يرى أهمية العقيدة فى العالقات االجتماعية‪ ،‬فكان من‬ ‫جملة كالمه ‪-‬ر َ ّدا على من نادى بعدم التقسيم وضرورة جمع‬ ‫األمة على أس��اس املواطنة‪« -‬نحن نأكل البقرة وهم ‪-‬يعنى‬ ‫الهندوس‪ -‬يعبدونها! فكيف نتفق على نظام واحد؟!»‪.‬‬ ‫أختى‪ :‬وهل وافق زعماء الهندوس على فكرة التقسيم؟‬ ‫ش��يرين‪ :‬كان غان��دى وتالمذت��ه ورفقاء دربه م��ن الهندوس‬ ‫والس��يخ‪ ،‬أمثال(جواهر الل نهرو) و(السروار واالس) وغيرهم‬ ‫اليريدون التقسيم‪ ،‬بل كانوا يريدون تطبيق «الدميوقراطية»‬ ‫التى وافق عليها املس��لمون فى ب��ادئ األمر‪ ،‬وكان قصدهم‬ ‫من ذلك أن يبقى املس��لمون دوما حتت حكم الهندوس حتى‬ ‫يذوب��وا ف��ى اجملتمع الهن��دى الوثنى العفن! لق��د قال نهرو‬ ‫الذى صار بعد ذلك حاكم الهند‪ -‬مس��تعطفا املس��لمني‬‫باس��م الوح��دة الوطني��ة البنغال��ى املس��لم والبنغال��ى‬ ‫الهندوس��ى‪ ،‬اللذان يعيشان معا‪ ،‬ويتكلمان اللغة نفسها‪،‬‬ ‫ولهما التقاليد والعادات نفسها تقريبا! ينتميان إلى أمتني‬ ‫مختلفتني! كل هذا كان من العسير علينا فهمه!! إنه يكذب‬ ‫كما كذب غيره‪ ،‬إنه يعلم أن املؤامرة هى إذابة املسلمني فى‬ ‫اجملتمع الهندى‪ ،‬املؤامرة هى القضاء على الفكر اإلس�لامى‬ ‫املستمسك باألصول والثوابت‪ ،‬إن املسلمني لو كانوا أكثرية‪،‬‬ ‫فلن ميكن أيضا الس��ماح للمس��لمني أن يُ َحكموا اإلسالم‪،‬‬ ‫إال ف��ى حال��ة واحدة‪ ،‬لو ص��ارت األمة ‪-‬فى أكثرها‪ -‬جس��دا‬ ‫وق��ال اهلل ع��ز وج��ل‬ ‫واح��دا وعق�لا واح��دا وقلب��ا واح��دا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َّ هَّ َ ُ َ ّ ُ َ َ ۡ َ ىَّ ُ َ ّ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫(‪ ...‬إِن ٱلل لاَ يغ رِي ما بِقو ٍم ح ٰ‬ ‫س ِه ۡمۗ‪ )11 ...‬الرعد‪.‬‬ ‫يوا ما بِأنف ِ‬ ‫ت يغ رِ‬


‫تابع‪ :‬قصة هاتف من بالد الهند ‪ -‬المأساة (الحلقة األولى)‬

‫أختى‪ :‬وف��ى ظل هذا االحتق��ان بني املس��لمني والهندوس‪،‬‬ ‫ثم رفض املس��لمني الدخول فى لعب��ة الدميوقراطية! كيف‬ ‫سارت األمور‪...‬؟‬ ‫ش��يرين‪ :‬كما كانت هناك س��نوات س��بع ذهبي��ات‪ ،‬كانت‬ ‫هن��اك س��نوات س��بع عج��اف رهيبات‪،‬فم��ن س��نة ‪1940‬‬ ‫إل��ى أخري��ات ‪ 1947‬كانت هذه الس��نني الميكن إلنس��ان أن‬ ‫يتص��ور مدى م��ا ارتكب فى حق املس��لمني م��ن مجازر راح‬ ‫ضحيتها مئات اآلالف ُ‬ ‫وشرِّد املاليني‪!!..‬‬ ‫أختى ‪:‬هكذا مرة واحدة؟!‬ ‫ش��يرين‪ :‬أبدا‪ ،‬قدم لهذه اجمل��ازر بإجراءات ترحيل املس��لمني‬ ‫من قراهم ومواطنهم األقل فيها عددا‪ ،‬وكان ذلك بالقس��ر‬ ‫والذب��ح واحلرق‪ ...‬فقابل ذلك ‪-‬طبيعيا‪ -‬نزوح غير املس��لمني‬ ‫م��ن مناط��ق املس��لمني‪ ،‬وح��دث ه��ذا دون أى أذى له��م‪،‬‬ ‫بل رحلوا حاملني معهم كل ما يريدون!! وانتهى األمر بإفراغ‬ ‫مناطق ‪-‬وهى األقل‪ -‬للمس��لمني‪ ،‬وأخرى األكثر ‪-‬للهندوس‬ ‫وأعوانهم‪ -‬فمثال نزح املس��لمون من البنجاب الشرقى إلى‬ ‫البنجاب الغربى الذى ميثل املس��لمون فيه أغلبية‪ ،‬كما نزح‬ ‫الهندوس من الغربى إلى الشرقى‪..‬‬ ‫أختى‪ :‬هل كان التفريغ تاما؟‬ ‫ش��يرين‪:‬أبدا‪ ،‬كانت هناك مئات اآلالف السيما من املسلمني‬ ‫الذي��ن ل��م يرحل��وا؛ ألن ه��ذه أرض اآلب��اء واألج��داد‪ ،‬و فيها‬ ‫أعماله��م وأش��غالهم وأمواله��م‪ ،‬ثم إنهم م��ع جيرانهم‬ ‫من الهندوس كانوا يقيمون عالقات حس��ن جوار! فلم يكن‬ ‫من ال��وارد أن يهاجروا‪،‬ب��ل إن أحداثا تؤك��د أن جيرانهم من‬ ‫الهن��دوس رمبا كان��وا يحبون إبقاء جيرانهم من املس��لمني‪،‬‬ ‫ويحيلون دون هجرتهم!!‬ ‫أخت��ى‪ :‬لكن ما الذى حدث بعد ذلك؟ هل دافع الهندوس عن‬ ‫جيرانهم املسلمني؟ هل استقرت بهم احلياة‪ ،‬وقدموا صورة‬ ‫مثلى للتعايش الس��لمى واملودة وحس��ن اجل��وار فى نطاق‬ ‫(لكم دينكم ولى دين)؟‬

‫شيرين‪ :‬لم يدم هذا الوداد أكثر من شهور‪ ،‬فعلى مدار األيام‬ ‫واألس��ابيع والش��هور كانت اجملازر ضد املس��لمني مع حرب‬ ‫إعالمي��ة قذرة‪ ،‬نع��م‪ ،‬معظم هذه األيام ف��ى بدايتها كانت‬ ‫بيد الس��يخ‪ ،‬لك��ن مبوافق��ة ومبباركة هندوس��ية ‪،‬ثم ّدخّ ل‬ ‫الهندوس بحركاتهم املسلحة‪ ،‬وكانت السلطات االجنليزية‬ ‫من الشرطة واجليش يتفرجون‪ ،‬هجم الكل على املسلمني‪،‬‬ ‫السيما منذ بداية سنة‪.1947‬‬ ‫أختى‪:‬و ملاذا هذه السنة؟‬ ‫ش��يرين‪ :‬لقد كان عمرى آنذاك خمس سنوات تقريبا‪ ،‬وهذه‬ ‫أحداث رأيتها بأم عينى‪ ،‬وحكى بعضها الثقات‪ ،‬املهم أن هذه‬ ‫األخب��ار يقني المرية فيه‪ ،‬أذكر أنه فى (‪14‬إبريل س��نة‪)1947‬‬ ‫نش��بت مذابح عظيمة وبخاصة فى البنجاب الش��رقى ثم‬ ‫اتس��عت لتش��مل مناطق عديدة فى الهند‪ ،‬كانوا يشوون‬ ‫املس��لمني أحياء ويبقرون بطون احلوامل‪ ،‬ويس��لخون فروات‬ ‫رؤوس املس��لمني وجلودهم‪،‬كانوا ينتهكون أعراض النس��اء‬ ‫أم��ام أهليهم ث��م يذبح��ون اجلميع‪ ،‬وكان املس��لمون جترب‬ ‫عليهم هذه املذابح والسلطات مكبولة اليدين (ال حراك!!)‪.‬‬ ‫وفى يوم ‪ 30‬أغس��طس‪ 1947‬وَزَّع أفراد جمعية «املهاسبها»‬ ‫الهندوس��ية املتعصبة منش��ورا على املواطن�ين جاء فيه‬ ‫التالى‪« :‬تذكروا يوم ‪30‬أغس��طس‪ ،‬فهو يوم الشهداء‪ ...‬إنه‬ ‫ي��وم يجب عليكم في��ه أن تقتلوا كافة املس��لمني وكذلك‬ ‫أطفالهم ونس��اءهم‪ ،‬كما يجب عليك��م أن تضعوا نصب‬ ‫أعينكم االس��تيالء على دورهم عنوة‪ ،‬وأش��علوا النيران فى‬ ‫كل مكان‪ ،‬واجعلوها مستعرة حتى تبيد محالت املسلمني‪،‬‬ ‫ولكن حذارٍ! فقد تقرب من أماكن الهندوس والسيخ!!»‬ ‫أختى‪ :‬سبحان اهلل!ما هذا؟ ال ميكن أن يصل العداء إلى هذا‬ ‫احلد! أخت ش��يرين! أظن أنى أطلت علي��ك‪ ،‬هل نأخذ راحة‬ ‫نصف س��اعة لقراءة ما تيس��ر من القرآن؛ نغس��ل أرواحنا‬ ‫ثم نع��اود احلديث معك؛ لتخبرينا ع��ن قصتك؛ ملا فيها من‬ ‫املعانى والعبر‪...‬‬

‫‪43‬‬


‫يل هراس ‪-‬عليه رحمة اهلل‪-‬‬

‫مة الشيخ الدكتور‪ /‬محمد خل‬

‫ير وتراجم نبالء العصر‪ :‬ترج‬ ‫س‬ ‫بقلم د‪ .‬أحمد النقيب‬

‫الشيخ الدكتور‬

‫محمد خليل هراس‬ ‫‪-‬عليه رحمة اهلل‪-‬‬

‫ه��و أحد أعالم الدعوة الس��لفية الرباني��ة مصر والعالم‬ ‫االسالمي أفني حياته في التعليم والتأليف ونشر السنة‬ ‫وعقيدة أهل السنة واجلماعة مما أوجب معه حياة دعوية‬ ‫حافلة وآراء تربوية عميقة رحمه اهلل رحمة واسعة‪.‬‬ ‫اسمه ونشأته وحتوله إلى السلفية‬ ‫ه��و محم��د خليل ه��راس ولد ف��ي بل��دة الش�ين التابعة‬ ‫ملركز (قط��ور) مبحافظ��ة الغربية مبصر ‪1334‬ه��ـ ‪1916 /‬م‪.‬‬ ‫وبدأ الدراسة منذ صغره عام ‪1926‬م ثم التحق بكلية أصول‬ ‫الدين باألزهر وتخرج عام ‪ 1940‬م حاصال على اإلجازة العالية‬ ‫وعمل باملعهد الديني األزهري بالزقازيق واستمر مدرسا في‬ ‫هذا املعهد حتي رس��الة الدكتوراة وبداية حتوله الس��لفية‬ ‫وانش��ائه فرع انصار السنة بالزقازيق حيث كان رئيسا لهذا‬ ‫الفرع فقصة هذا التحول أنه التحق بالدراسات العليا وكان‬ ‫في بداية األمر يك ُّن عداوة البن تيمية واملنهج السلفي فلما‬ ‫أرداد التقدم للحصول على درجة العالية أشار عليه البعض‬ ‫أن يكتب رسالة في الرد على ابن تيمية فصادف هذا هوى في‬ ‫نفس الش��يخ فراح يجمع كل ما وقعت عليه يده من كتب‬ ‫بن تيمية‪ ،‬ثم عكف ش��هورا على دراس��تها ث��م أنهى هذه‬ ‫الدراسة بقوله‪« :‬لم أفهم اإلسالم إال بعد دراسة هذه الكتب»‬ ‫وقام الش��يخ بتحويل موضوع الرس��الة إلى «ابن تيمية ورده‬ ‫على مذاهب املتكلمني» وأجيزت هذه الدكتوراة عام ‪1945‬م‪.‬‬ ‫وظائفه العلمية والدعوية‬ ‫عمل كأستاذ بكلية أصول الدين في جامعة األزهر الشريف‪،‬‬ ‫ثم أُعير للعمل باململكة العربية السعودية بناء على طلب‬ ‫شخصي من الشيخ عبد العزيز بن باز‪ ،‬حيث قام بالتدريس‬ ‫في جامعة اإلمام محمد بن س��عود اإلسالمية في الرياض‪،‬‬ ‫ثم عاد إلى مصر ثم أُعير مرة أخرى‪ ،‬ليش��غل منصب رئيس‬ ‫شعبة العقيدة في قسم الدراسات العليا في كلية الشريعة‬ ‫س��ابقا ً ‪-‬وهي جامع��ة أم الق��رى حالياً‪ -‬في مك��ة املكرمة‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫بعد عودت��ه إلى مصر‪ ،‬ش��غل منصب نائ��ب الرئيس العام‬ ‫جلمعية أنصار السنة احملمدية‪ ،‬ثم الرئيس العام لها‪.‬‬ ‫مكانته العلمية‬ ‫عرف الش��يخ بعلم��ه الدقيق وبحثه العميق في مس��ائل‬ ‫االعتق��اد والب��دع والف��رق واملذاه��ب الفلس��فية القدمية‬ ‫واملعاص��رة الغربي��ة منها والش��رقية وكان رحمه اهلل ميتاز‬ ‫مبوس��وعيته ودقته ف��ي البحث وتفرده في ح��ل املعضالت‬ ‫وإجالء غوامض املس��ائل والنفس الطويل وبيان احلق وعرض‬ ‫األدل��ة وتعمي��ق املفاهي��م مع صب��ر عظيم عل��ى الكتاب‬ ‫ودراسة اخملطوط وقد جتلي هذا في أبحاثه ومقاالته ودراساته‬ ‫وحتقيقاته للمسائل واخملطوطات‪ ،‬هذه اإلمكانيات العلمية‬ ‫الضخمة أفادته كثيرا ً في الدعوة إلى اهلل وصد الش��بهات‬ ‫وإفح��ام اخلصوم وإظه��ار احلق في زمن كث��رت فيه البدعة‬ ‫ومعالم الشرك وكادت السنة ان تندرس وتنمحي‪.‬‬ ‫صلته بأنصار السنة وبعض جهوده الدعوية‬ ‫ذك��رت قبل أن الش��يخ كان من أعداء املنهج الس��لفي ثم‬ ‫ق��رأ كتب ابن تيمية فعرف اإلس�لام ومن هذه اللحظة صار‬ ‫س��لفيا وبدأت صلته بأنصار السنة احملمدية بالزقازيق وكان‬ ‫من دعاة الس��نة والتوحيد بالزقازيق وكان يتنقل في القرى‬ ‫والنج��وع واملدن داعي��ا إلى اهلل مقيما احملاض��رات العلمية‬ ‫مستدال باألدلة السمعية والعقلية ثم تولي رئاسة جمعية‬ ‫أنصار الس��نة بالزقازيق وملا عاد إلى موطنه األول (الش�ين)‬ ‫اجتهد في الدعوة ونشر السنة والتوحيد في هذه املنطقة‬ ‫وكون فرعا للجماعة بطنطا تولى رئاسته عليه رحمة اهلل‪،‬‬ ‫حتى انتقل الي القاهرة يكون نائبا للرئيس العام بعد عودته‬ ‫من الس��عودية ثم رئيس��ا عاما للجماعة‪ ،‬وميكن القول بأن‬ ‫الشيخ رحمه اهلل يعد من أبرز دعاة السلفيني في مصر‪.‬‬ ‫جهوده الدعوية‬ ‫يعد الش��يخ من أبرز دعاة الس��لفية في مص��ر في العصر‬ ‫احلدي��ث واش��تهر بأن��ه كان من أش��د الناس ف��ي التصدي‬ ‫للصوفي��ة ومنك��ري الس��نة‪ ،‬مل��ا ي��راه ف��ي منهجهم من‬ ‫ابت��داع وخ��روج عن تعالي��م الكت��اب والس��نة حتى وصل‬


‫تابع‪ :‬سير وتراجم نبالء العصر‪ :‬ترجمة الشيخ الدكتور‪ /‬محمد خليل هراس ‪-‬عليه رحمة اهلل‪-‬‬

‫األمر ببعض املتش��ددين إل��ى محاولة قتله أكث��ر من مرة‪.‬‬ ‫فيعام‪1973‬مقامباالشتراكمعد‪.‬عبدالفتاحسالمةبتأسيس‬ ‫جماعة الدعوة اإلس�لامية في محافظة الغربية في مصر‪،‬‬ ‫وكان أول رئيس لها‪.‬‬ ‫كما كانت له عناي��ة بالتدريس والتعليم‪ ،‬حيث تتلمذ على‬ ‫يديه العديد من العلماء والدعاة‪ ،‬ومنهم‪:‬‬ ‫• الشيخ محمد أمان اجلامي‪.‬‬ ‫• د‪ .‬عبد الفتاح سالمة‪.‬‬ ‫• الشيخ على بن ناصر الفقيهي‪.‬‬ ‫آراءه‬ ‫كان��ت اراء الش��يخ كله��ا تربوي��ة دعوي��ة ال حزبي��ة فيها‬ ‫وال تعصب‪ ،‬فمن هذه االراء‪:‬‬ ‫‪ -1‬ضرورة احلرص على تخريج جيل من الطلبة يكون متضلعا‬ ‫بعقيدة السلف لتجري منه مجري الدم من العروق فيحمل‬ ‫لواءها ويعلنها في قومه وبني عشيرته ومجتمعه‪.‬‬ ‫‪ -2‬ضروة الدعوة إل��ى اهلل ألنها املظهرة لدين اهلل واملعرفة‬ ‫الـنـاس ديـنـهـم‪.‬‬ ‫‪ -3‬ض��رورة رب��ط العقيدة باجلان��ب الروح��ي ويقصد اجلانب‬ ‫الس��لوكي والتربوي وهذا يهم جدا في تش��كيل املس��لم‬ ‫العقائدي ال سيما في أزمان الفنت وتكاثر البغاث!!‬ ‫‪ -4‬التـركي��ز على العم��ل اجلماعي فالدع��وة الفردية متوت‬ ‫بـمـ��وت أصـحـابـهـا‪ .‬وقد كان الش��يخ رحمه اهلل مؤمنا‬ ‫بالتع��اون عل��ى البر والتق��وي والعمل اجلماعي ش��كل من‬ ‫أش��كاله وله��ذا كان الش��يخ حريص��ا على انش��اء فروعا‬ ‫للجماعة مس��تفيدا من هذه الوضعية في نش��ر الس��نة‬ ‫والتوحيد ومحاربة الشرك والبدعة‪.‬‬ ‫‪ -5‬أهمية صفاء املنهج‪ :‬وهذه قضية عظيمة جدا ال سيما‬ ‫ف��ي أوقات االضط��راب املنهجي واخللل الفك��ري!! لقد كان‬ ‫الش��يخ رحمه اهلل يري أن حركات االصالح الديني املعاصرة‬

‫ل��ه كانت تعم��ل إلحي��اء املفاهي��م الديني��ة الصحيحية‬ ‫في نفوس املس��لمني ولكنهم في س��بيل ذل��ك عمدوا إلى‬ ‫ان��كار كثير من املغيبات التي وردت بها النصوص الصريحة‬ ‫املتواترة من الكتاب والسنة األمر الذي يجعل ثبوتها قطعيا‬ ‫ومعلوما من الدين بالضرورة وال س��ند حل��ق في هذا االنكار‬ ‫إال اجلموح والغرور العقلي‪.‬‬ ‫‪-6‬ضرورة الرجوع إلى املنهج الس��لفي فمذهب السلف في‬ ‫العقائ��د هو احلق ألن الس��لف كانوا على طري��ق واحد ورأي‬ ‫واحد ضد أهل االهواء من املبتدعة وغيرهم‪.‬‬ ‫مصنفاته‬ ‫له مؤلفات عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• «اب��ن تيمية الس��لفي»‪ .‬وه��ي األطروحة الت��ي تقدم بها‬ ‫الشيخ وحصل بها على درجة العاملية (الدكتوراة)‬ ‫• «الصفات اإللهية عند ابن تيمية»‪.‬‬ ‫• «ابن تيمية ونقده ملسالك املتكلمني في مسائل اإللهيات»‪.‬‬ ‫• شرح «العقيدة الواسطية»‪.‬‬ ‫• شرح «القصيدة النونية» البن القيم في مج ّلدين‪.‬‬ ‫كما أنه قام بتحقيق العديد من كتب التراث اإلسالمي‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• حتقيق وتعليق على كتاب «السيرة النبوية» البن هشام‪.‬‬ ‫• حتقيق وتعليق على كتاب «التوحيد» البن خزمية‪.‬‬ ‫• حتقيق ونقد كتاب «اخلصائص الكبرى» للسيوطي‪.‬‬ ‫• حتقيق كتاب «املغني» البن قدامه املقدسي‪.‬‬ ‫• حتقيقوتعليقعلىكتاب«األموال»ألبي ُعبيدالقاسمبنسالم‪.‬‬ ‫وفاته‬ ‫توفي في شهر سبتمبر سنة ‪1975‬م عن عمر يناهز الستني‪.‬‬ ‫كانت آخر خطبة له بعنوان «التوحيد وأهمية العودة إلىه»‪،‬‬ ‫حي��ث توف��ي بعدها مباش��رة‪ ،‬رحم��ه اهلل رحمة واس��عة‬ ‫وأحلقنا به على خير‪،‬‬ ‫وصلي اهلل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫‪45‬‬


‫ذخائر المخطوطات‬

‫ننتق��ي لكم فى هذا الباب من كل عدد من اجمللة‬ ‫بيانات عن النفائس املوجودة فى‪:‬‬

‫وحدة اخملطوطات‬ ‫فى دار طابه للدراسات والنشر‪.‬‬

‫للتواصل معنا ملن أراد نسخة من أحد اخملطوطات املعروضه‪،‬‬ ‫عبر بريد القراء‪malmhgh@yahoo.com :‬‬ ‫تقدمي‪ /‬م‪ .‬محمد عبد العظيم‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫مصدر اخملطوط مكتبة جامعة الرياض رقـم النسـخ بالـدار‬

‫العقيدة‬ ‫‪ 30‬نــوع الـفــن‬ ‫عبد اهلل بن عبد الرحمن أبا بطني‬ ‫االنتصار حلزب اهلل املوحدين والرد على املجُ ادل عن املشركني ‪ ،‬ثم جواب على سؤال في الصفحات األربع األخيرة‬ ‫‪ :‬اخلميس – ‪ – 7‬شعبان – ‪ 1276‬هـ‬ ‫إسـم الناسخ حمد بن فارس احلنبلي‬ ‫‪15‬‬ ‫عــدد األسطر ‪29 - 21‬‬ ‫حـال اخملطوط عشوائي الكتابة ‪ ،‬فوضوي وغير منظم ‪ ،‬ميكن قراءته‬ ‫نسخ رديء‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫بس��م اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬وبه نس��تعني ‪،‬احلمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات‬ ‫أعمالنا ‪ ،‬من يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له ‪ ،‬وأشهد أال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪،‬‬ ‫صلى اهلل عليه وس��لم وعلى آله وس��لم تس��ليما كثيرا ‪ ،‬أما بعد ‪ :‬فق��د قال اهلل – تعالى ‪ " : -‬وما خلقت اجل��ن واإلنس إال ليعبدون "‪،‬‬ ‫فلما أعلمنا اهلل – سبحانه – أمنا خلقنا لعبادته وجب علينا االعتناء مبا خلقنا له علما وعمال ‪...‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬وينبغي أن يُكثر الدعاء بما رواه مس��لم وغيره عن عائش��ة – رضي اهلل عنها – أن النبي – صلى اهلل عليه وس��لم – كان إذا قام يصلي‬ ‫من الليل يقول ‪ " :‬اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ‪ ،‬فاطر السماوات واألرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما‬ ‫كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ‪.‬‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫مصدر اخملطوط مكتبة جامعة الرياض رقـم النسـخ بالـدار‬ ‫العقيدة‬ ‫‪ 29‬نــوع الـفــن‬ ‫محمد بن أبي بكر بن أيوب املعروف بابن قيم اجلوزية‬ ‫الكافية الشافية في االنتصار للفرقة الناجية‬ ‫عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن حسني‬ ‫إسـم الناسخ‬ ‫آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب‬ ‫نهار األحد – ‪ – 16‬رجب – ‪ 1305‬هـ‬ ‫‪135‬‬ ‫عــدد األسطر ‪24 - 23‬‬ ‫حـال اخملطوط ممتاز ‪ ،‬باستثناء خلل في تصوير الصفحة رقم ‪11 :‬‬ ‫نسخ ُمعتاد ‪ ،‬يزينه الناسخ باأللوان‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬وبه أستعني ‪ ،‬وال قوة إال باهلل ‪،‬‬ ‫احلمد هلل الذي ش��هدت بربوبيته جميع مخلوقاته ‪ ،‬وأقرت له بالعبودية جميع مصنوعاته ‪ ،‬وأدت له الش��هادة جميع الكائنات ‪ ،‬أنه اهلل‬ ‫الذي ال إله إال هو ‪ ،‬مبا أودعها من لطيف صنعه وبديع آياته ‪ ،‬وسبحان اهلل وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ‪... ،‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬وعلى رسولك أفضل الصالة و‬ ‫وعلى صحابته جميعـــا واأللـى‬

‫‪46‬‬

‫التسليم منك والحمد والرضـوان‬ ‫تبعوهم من بعــد باإلحســـــان‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬ذخائر المخطوطات‬

‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫العقيدة‬ ‫‪ 28‬نــوع الـفــن‬ ‫حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر‬ ‫مسائل حمد بن ناصر‬ ‫‪ ...... – ...... – ... – ......‬هـ ( القرن الثالث عشر الهجري تقريبا )‬

‫‪13‬‬ ‫نسخ معتاد‬

‫مصدر اخملطوط مكتبة جامعة الرياض رقـم النسـخ بالـدار‬

‫إسـم الناسخ‬ ‫عــدد األسطر‬ ‫حـال اخملطوط‬

‫لم يُذكر‬ ‫‪24‬‬ ‫جيد‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬وبه نستعني ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫املس��ألة األول��ى ‪ :‬م��ا قولك��م فيم��ن دعا نبي��ا أو وليا أو اس��تغاث به في تفري��ج الكربات كقول��ه ‪ :‬يا رس��ول اهلل ‪ ،‬أو ‪ :‬يا اب��ن عباس ‪،‬‬ ‫أو ‪ :‬يا محجوب‪ ،‬أو غيرهم من األولياء والصاحلني ؟ اجلواب ‪ :‬احلمد هلل أحمده وأس��تعينه وأس��تغفره ‪ ،‬وأعوذ باهلل من ش��رور أنفسنا ومن‬ ‫سيئات أعمالنا ‪ ،‬من يه ِد اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له ‪ ،‬وأشهد أال إله إال اهلل وحده ال شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده‬ ‫ورسوله – صلى اهلل عليه وسلم – وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان قفى أثرهم إلى آخر الزمان ‪ ،‬أما بعد ‪...‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬ناقص اآلخر‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫العقيدة‬

‫مصدر اخملطوط مكتبة جامعة الرياض رقـم النسـخ بالـدار‬

‫‪ 27‬نــوع الـفــن‬ ‫محمد أمني السويدي‬ ‫النصف الثاني من كتاب ‪ :‬الصارم احلديد ( رد على الرافضة )‬ ‫‪ 1246 – ...... – ... – ......‬هـ‬ ‫إسـم الناسخ‬ ‫‪232‬‬ ‫عــدد األسطر‬ ‫نسخ رديء في بعض املواضع ‪ ،‬وفارسي في مواضع أخرى حـال اخملطوط‬

‫لم يُذكر‬ ‫‪22 - 19‬‬ ‫جيد ‪ ،‬مع تآكل بعد األوراق ‪ ،‬وخلل في تصوير أوراق أخرى‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫(السدي)‬ ‫ثم ذكر املؤلف مطاعن عثمان فقال ‪ :‬فمنها مايدل على ارتداده عن اإلميان ‪ ،‬وأن اهلل شهد عليه بذلك في محكم القرآن ‪ ،‬فذكر‬ ‫ّ‬ ‫م��ن علماء القوم ومفس��ريهم في تفس��ير قوله – تعال��ى ‪ " : -‬ويقولون آمنا باهلل وبالرس��ول وأطعنا ثم يتولى فري��ق منهم بعد ذلك‬ ‫وما أولئك باملؤمنني " ‪ ،‬قال نزلت في عثمان ملا افتتح رسول اهلل – صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬بني النضير ‪...‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬ناقص اآلخر‪.‬‬ ‫رقم اخملطوطة‬ ‫إســم املؤلف‬ ‫إسـم اخملطوط‬ ‫تاريـخ النسخ‬ ‫عـــدد األوراق‬ ‫نـــوع اخلــط‬

‫العقيدة‬ ‫‪ 26‬نــوع الـفــن‬ ‫حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر‬ ‫الرسالة املدنية في بيان العقيدة السن ّية‬

‫‪ ...... – ...... – ... – ......‬هـ (أواخر القرن الثالث عشر الهجري تقديرا)‬

‫‪28‬‬ ‫نسخ‬

‫مصدر اخملطوط مكتبة جامعة الرياض رقـم النسـخ بالـدار‬

‫إسـم الناسخ‬ ‫عــدد األسطر‬ ‫حـال اخملطوط‬

‫لم يُذكر‬ ‫‪25 - 23‬‬ ‫مقروء ‪ ،‬مع متزق بعض األوراق بوسطها ‪ ،‬وتآكل األطراف‬

‫بداية اخملطوط‬ ‫بسم اهلل الرحمن الرحيم ‪ ،‬وبه نستعني ‪ ،‬وال حول وال قوة إال باهلل‬ ‫احلمد هلل رب العاملني ‪ ،‬والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعني ‪ ،‬ما قولكم ‪ -‬أدام اهلل النفع بعلومكم – في آيات‬ ‫الصفات واألحاديث الواردة في ذلك ‪ ،‬مثل قوله – تعالى ‪ " : -‬الرحمن على العرش استوى " ‪ ،‬وقوله ‪ -‬تعالى ‪ " : -‬يد اهلل فوق أيديهم " ‪...‬‬ ‫نهاية اخملطوط‬ ‫‪ ...‬ناقص اآلخر‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫صحتك‪ :‬العيد واللحوم‬ ‫بقلم‪ /‬د‪ .‬شكري محسن‬

‫احلم��د هلل وكفى‪ ،‬وص�لاة وس�لاما على نبي��ه املصطفى‪،‬‬

‫احلمراء وصدور الدواجن منزوعة اجللد والدهون‪.‬‬

‫وآله وصحبه وسلم‪ ،‬أما بعد‬

‫و بالتال��ي فإن اهم س�لاح حملاربة الدهون ه��و طرق ّ‬ ‫الطهي‪،‬‬

‫ف��إن املس��لم منضبط في كل أحواله بالش��رع الش��ريف‪،‬‬ ‫َ لُ ُ ْ َ رۡ َ ْ‬ ‫ٱش ُبوا َولاَ ‬ ‫فال إف��راط وال تفريط‪ ،‬قال اهلل تعالى‪ ...( :‬وكوا و‬ ‫حُ‬ ‫ُ رۡ ُ ْ َّ‬ ‫ِب ٱل ۡ ُم رۡسف َ‬ ‫اَ ي ُّ‬ ‫ِني ‪ )٣١‬األعراف‪.‬‬ ‫سف ۚ ٓوا إِن ُهۥ ل‬ ‫ِ‬ ‫ت ِ‬

‫حيث ميكننا أن نأكل ما نش��تهي ونستمتع في الوقت ذاته‬ ‫بصحتنا‪.‬‬ ‫مبذاق طيب دون ان نلحق اضرار‬ ‫ّ‬ ‫ويعد ش��رب الش��اى مباش��رة بعد تناول الطع��ام من أكثر‬ ‫العادات الس��يئة التى تسبب عدم االس��تفادة من الطعام‬

‫قال بعض الس��لف‪ :‬جم��ع اهلل الطب كله ف��ي نصف آية‬ ‫َ لُ ُ ْ َ رۡ َ ُ ْ َ ُ رۡ ُ ْ‬ ‫سف ۚ ٓوا)‬ ‫(وكوا وٱشبوا ولاَ ت ِ‬ ‫وقال البخاري‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬كل ما شئت‪ ،‬والبس ما شئت‪،‬‬

‫يكون بعد الوجبة الرئيس��ية بس��اعتني على األقل‪ .‬كذلك‬

‫ما أخطأتك خصلتان‪ :‬سرَف و َم ِخيلة‪.‬‬

‫احلال بالنس��بة للمي��اه الغازية التى يلجأ إليه��ا الكثيرون‬

‫ومن هنا كان ضروريا على املسلم أن يتغلب على كل العادات‬

‫املتناول‪ ...‬لذلك يفضل فى حال الرغبة فى ش��رب الشاى أن‬

‫وسط تناول الطعام وتتسبب فى عسر الهضم واضطرابات‬ ‫فى املعدة‪.‬‬

‫الدسمة‬ ‫السيئة في العيد‪ ،‬خصوصا جتنب ادمان املأكوالت ّ‬

‫والدهون حفاظا ً على بدنه‪ ،‬كما أن أفضل العادات التي ميكن‬ ‫ّ‬

‫في مقال نشر بجريدة الوطن املصرية‬

‫ش��ي (تش��ويح) اللحوم دون س��من وزيت وذلك‬ ‫اتّباعها هي‬ ‫ّ‬

‫ش��رح الدكتور وليد موسى‪ ،‬استش��اري التغذية العالجية‪،‬‬

‫بغ��رض نزول العصارة الدهنية من اللحوم واختزال كمية ال‬

‫أن هناك ثالث��ة أنواع من البروتينات بروت�ين كامل بيولوجيًّا‬ ‫الذي يحتوي على كل اإلنزميات التي يحتاجها جسم اإلنسان‬

‫ومن ضمن اهم العادات الصحيحة‪ ،‬جتنّب الوجبات اللحمية‬

‫بكميات كافية وهذه موج��ودة في اللحوم بأنواعها احلمراء‬

‫اليومية‪ ،‬ومحاول��ة التنويع وموازنة االغذي��ة‪ ،‬كما ان تناول‬

‫والبيضاء واأللبان والبيض وأنواع األجبان اخملتلفة‪.‬‬

‫الطعام بهدوء‪ ،‬واملضغ اجليد يسهل عملية الهضم‪،‬‬

‫و النوع الثاني هو البروتني ش��به الكامل بيولوجيا‪ ،‬واملوجود‬

‫اضاف��ة الى ذل��ك ينص��ح ايضا باللج��وء الى املش��ي بعد‬

‫ف��ي بع��ض‪ ،‬اخلض��روات والبقوليات مث��ل الع��دس‪ ،‬الفول‪،‬‬

‫كل وجبة غذاء وذلك ملدة س��اعة كاملة للمس��اعدة على‬

‫اللوبياء‪ ،‬الفاصولياء‪،‬‬

‫الهضم اجليد‪.‬‬

‫أم��ا النوع الثالث هو البروتني الناق��ص بيولوجيا ويوجد في‬

‫بأس بها من دهون اللحوم‪.‬‬

‫اجلرجير‪ ،‬امللوخية‪ ،‬السبانخ‪.‬‬ ‫يعتب��ر تن��اول اللح��وم املس��لوقة او املش��وية‪ ،‬والتي تفقد‬

‫وقدم بعض النصائ��ح الهامة التي يجب مراعتها للحفاظ‬

‫بطبيعة احلال نسبة كبيرة من الدهون‪ ،‬من احللول الصحية‬

‫على صحة أجسامنا دون احلرمان من تناول اللحم في العيد‪:‬‬

‫الت��ي يجب إعماله��ا في عيد االضحى‪ ،‬وذل��ك للعمل على‬

‫كمية اللحوم‪ :‬يحتاج الشخص البالغ حوالي ‪ 100‬جرام في‬

‫جتن��ب تن��اول اللحوم احملم��رة أو املقلية والت��ي تعتبر األكثر‬

‫اليوم من اللحوم‪ ،‬وهو ما يساوي قطعتني صغيرتني من اللحم‬

‫الدهنية‪ .‬كما يفضل أيضا ً التقليل قدر اإلمكان‬ ‫غنى باملواد ّ‬ ‫ً‬

‫أو قطع��ة كبيرة بحج��م كف اليد‪ ،‬وعلى االس��تثناء ميكن‬

‫من اللحم الضأن الغنى بالدهون واس��تبداله باللحوم التى‬

‫أن يتن��اول الفرد ‪ 200‬جرام خالل العي��د مبا يعادل ثالث قطع‬

‫حتت��وى على قدر ضئيل من الس��عرات احلرارية‪ ،‬مثل اللحوم‬

‫صغيرة من اللحم في اليوم‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬صحتك‪ :‬العيد واللحوم‬

‫مواعيد تناول اللحوم‪ :‬من اخلطأ تناول اللحوم خالل العيد‬

‫وجب��ة اللحوم بطب��ق من الفواكه التي حتتوي على نس��بة‬

‫ف��ي وجبة اإلفط��ار‪ ،‬حيث تكون املعدة غي��ر مؤهلة لهضم‬

‫كبيرة من األلياف لتساعد على الهضم‪ ،‬وال تتسبب في زيادة‬

‫اللحوم التي حتتاج إلى وقت طويل فى الهضم‪ ،‬ومن ثم‪،‬‬

‫الوزن‪ ،‬ويفضل تناول طعام خفيف مثل الزبادي أو البطاطس‬

‫فم��ن األفضل تن��اول وجبة خفيف��ة في اإلفط��ار ثم تناول‬

‫املهروسة مع طبق سلطة خضراء بجانب اللحوم‪.‬‬

‫البروتني في وجبة‪ ،‬الغداء والتي يُفضل أن تكون من الساعة‬

‫وإلح��داث ت��وازن غذائ��ي يج��ب تن��اول اخلض��روات الورقية‬

‫الواح��دة والنصف ظهرًا وحتى الثالثة عصرًا‪ ،‬بهدف إعطاء‬

‫وخصوص��ا البقدون��س والكزب��رة اخلض��راء‪،‬‬ ‫الغامق��ة‪،‬‬ ‫ً‬

‫املع��دة وقتا أطول حت��ى ميعاد الن��وم ألن البروتني احليواني‬

‫التي حتتوي على إنزميات تساعد على هضم الدهون والبروتني‬

‫يحتاج وقتا أطول في هضمه‪.‬‬

‫بش��كل أس��رع‪ ،‬واإلكثار من املطهرات املعوية مثل البصل‬

‫أنواع اللحوم‪ :‬يعتبر اللحم الضأن هو األس��هل هض ًما بني‬

‫والثوم‪ ،‬ويعتبر استخدام الفلفل الرومي بألوانه اخملتلفة في‬

‫اللح��وم‪ ،‬إال أنه األغنى في معدالت الكوليس��ترول ويحتوي‬

‫طبق الس��لطة عنصرا فعاال ملرضى األنيميا ونقص احلديد‬

‫على دهون مخفية‪ ،‬ومن ثم يُفضل أن يتم تناولها مسلوقة‬

‫الذي يس��اعد على امتص��اص احلديد من اللح��وم ومتثيلها‬

‫حتى ت��ذوب معظم الده��ون املوجود خالل عملية الس��لق‬

‫غذائيًّا بشكل أفضل‪.‬‬

‫أو طهيها من خالل الش��وي واألحسن س��لقها ثم شويها‬

‫وتعتب��ر "كوارع اللحوم" الضأن والرأس أو ما يس��مى باملخ‪،‬‬

‫حتى يسهل إذابة الدهون القاسية التي ال تذوب في اجلسم‬

‫من أخطر أجزاء األضحية التي حتتوي على نس��بة عالية من‬

‫بسهولة‪ ،‬ومن ثم يس��هل التخلص منها من خالل عملية‬

‫الده��ون‪ ،‬ومن أفضل الطرق لتناول اللحوم هي الوجبة التي‬

‫اإلخ��راج‪ ،‬بينم��ا يعد حل��م البتلو األفضل عل��ى اإلطالق بني‬

‫حتتوى على اخلضار الس��وتيه أو طبق من سلطة الفاصوليا‬

‫اللحوم ألنه األسهل هض ًما واألقل دهون ًا بني اللحوم‪ ،‬ويجب‬

‫اخلضراء مع قطعة اللحم املشوي‪.‬‬

‫احل��ذر من تن��اول كميات من الكبد التي حتتوي على نس��بة‬ ‫عالي��ة من الكوليس��ترول‪ ،‬مع ضرورة مالحظ��ة الفروق بني‬

‫اإلف��راط في التن��اول وأضراره‪ :‬يس��بب اإلفراط ف��ي تناول‬

‫الكبدة الطازجة اجليدة التي مييل لونها إلى األحمر الداكن‪،‬‬

‫اللح��وم عديدا من األمراض؛ منها‪ :‬النقرس‪( ،‬ارتفاع نس��بة‬

‫وتلك املريضة الفاس��دة التي ميي��ل لونها إلى البني الغامق‬

‫الكوليس��ترول الض��ار ‪ ،)LED‬وتصل��ب الش��رايني‪ ،‬وارتفاع‬

‫وأحيان��ا إل��ى األصف��ر‪ ،‬ويجب التقلي��ل من تن��اول الكالوي‬

‫ضغط الدم والس��كري‪ ،‬إضافة إلى اإلمس��اك املزمن‪ ،‬طفح‬

‫والفش��ة التي ترف��ع مع��دالت اليوريك أس��يد أو "حامض‬

‫جلدي واحلساس��ية اجللدية‪ ،‬أما الذين ال يستطيعون تناول‬

‫الب��ول" الذي ي��ؤدي إلى إلصابة بالنق��رس‪ ،‬وكذلك احللويات‬

‫اللحوم لس��بب مرضى أو ألس��باب أخ��رى فيمكنهم تناول‬

‫التي له��ا تأثيرات ضارة ج ًدا على مريض الس��كري وضغط‬

‫البي��ض وأنواع اجل�بن اخملتلفة ويفضل اجل�بن الفالحي الذي‬

‫الدم املرتفع‪.‬‬

‫يحتوي على البروتينات التي يحتاجها اجلسم‪.‬‬

‫تقليل أض��رار اللحوم‪ :‬وينص��ح بعدم تن��اول "الفتة" مع‬ ‫اللح��وم ألنه��ا حتتوي على نس��بة كبي��رة من النش��ويات‪،‬‬ ‫والتعامل معها على أنه��ا وجبة منفردة نفصل بينها وبني‬ ‫‪49‬‬


‫واحــة الــمــحــجــة‬ ‫من أخبار احلمقي واملغفلني‬ ‫باعه‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫• عن ميمون بن هارون قال‪ :‬قال رجل لصديق له‪ :‬ما فعل فالن بحمارِه؟ قال‪ِ :‬‬ ‫قل باعَ ه قال‪ :‬فلم قلت بحمارِه؟ قال‪ :‬الباء جتر‪ ،‬قال‪ :‬فمن جعل باءك جتر وبائي ترفع؟‬ ‫• االب��ن االحم��ق كان لبعض األدباء ابن احمق وكان ثرثارا يكثر من الكالم فطلب منه‬ ‫أب��وه ذات ي��وم أن يختصر من كالمه لئال يخطىء فاس��تجاب االب��ن فأتى والده يوما‬ ‫فق��ال األب م��ن أين أتيت؟ قال من س��وق قال التختصرها هنا زد أل��ف والم فقال من‬ ‫س��وقال قال له قدم األلف والالم قال من ألف الم س��وق ق��ال األب وما عليك لوقلت‬ ‫السوق فواهلل ما أردت من اختصارك إال تطويال‪.‬‬ ‫• لق��ي أحدهم رجال ً من أهل األدب‪ ،‬وأراد أن يس��أله عن أخيه‪ ،‬وخاف أن يلحن‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫أخاك أخوك أخيك ها هنا؟ فقال ‪":‬ال لي لو؟ ماحضر‪.‬‬

‫إعداد‪ /‬أ‪ .‬محمود الصاوي‬

‫بس��م اهلل واحلمد هلل والصالة والسالم على رسول‬ ‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ...‬أما بعد‪...‬‬ ‫فهذا باب واح��ة احملجة نقدمه إلخوانن��ا القراء فى‬ ‫هذا العدد اجلديد وصال لقصدنا من اجمللة إذ املقصود‬ ‫منه��ا نفع املس��لمني وال ش��ك أن تروي��ح النفس‬ ‫وإجمامها مبواقف املواعظ والطرف ولطائف الشعر‬ ‫واألدب ومواق��ف العلماء الرباني�ين وملح اللغويني‬ ‫والش��عراء على تن��وع ذلك كله مما نرج��و به النفع‬ ‫إلخواننا على اختالف طرائقهم‬

‫حق الطريق‬ ‫مرّت امرأة بقوم من بني نمُ ير جلوس��ا ً على قارعة الطري��ق‪ ،‬فأداموا النّظر إليها وهي‬ ‫ّرت في ثيابها خجالً‪،‬‬ ‫متش��ي‪ ،‬ولم يعطوا الطريق حقّ ها من وجوب‬ ‫غض البصر‪ ،‬فتعث ْ‬ ‫ِّ‬ ‫غــض البصــر‬ ‫فغضب��ت‪ ،‬وقالت لهم‪ :‬واهلل يا بني نمُ ير م��ا أطعتم أمر اهلل بوجوب‬ ‫ّ‬ ‫ْت وال ِكالبا‬ ‫ُض ّ‬ ‫الطر ْ َف‪ ،‬إنك من مُني ٍر فال كعبا ً ب َلغ َ‬ ‫وال أطعتم قول الشاعر جرير‪ :‬فغ ّ‬ ‫فخجل القوم وطأطأوا برؤوسهم‪.‬‬ ‫من طرائف األعراب‬ ‫قال أحدهم‪ :‬س��افرت مرة إلى الش��ام ع��ن طريق البر ومعي أعرابي اس��تأجرت منه‬ ‫مركبي‪ ،‬ومضني طول السفر ‪ ،‬وبطء الدابة ‪ ،‬فأخذت أسلي نفسي بقول القطامي‪:‬‬ ‫وقد يكون مع املستعجل الزلل‬ ‫قد يدرك املتأني بعض حاجته ‬ ‫فقال االعرابي‪ :‬ما زاد قائل هذا الشعر على ان يثبط الناس عن احلزم‬ ‫وكان أولى به أن يزيد ‪:‬‬ ‫وكان خيرا لهم لو انهم عجلوا‬ ‫ورمبا ضر بعض الناس بطؤهم ‬ ‫فقلت‪ :‬اناشدك اهلل ان تقنع حمارك بهذا الرأي لعله يسرع‪.‬‬ ‫بني ابن الرومي والوزيرالقاسم بن عبد اهلل‬ ‫كان اب��ن الرومي مقذعا ً في هجائه‪ ،‬وكان الوزير القاس��م بن عبد اهلل وزير املعتضد‬ ‫يخ��اف هج��وه وفلتات لس��انه‪ ،‬ف��دس عليه م��ن أطعمة خش��كنانة مس��مومة‬ ‫(نوع من كعك الفارسي املعرب)‪ ،‬فلما أكلها أحس بالسم فقام‪.‬‬ ‫فقال له الوزير‪ :‬إلى أين أنت ذاهب ؟‬ ‫قال‪ :‬إلى املوضع الذي بعث بي إليه‪.‬‬ ‫فقال له‪ :‬سلم لي على والدي‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ليس طريقي إلى النار‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫زوجة نادرة الوجود‬ ‫سئل أحدهم عن الصفات التي يجب أن تكون في زوجته فقال ‪:‬‬ ‫اليجب ان تكون غنية فتقول مالي ومال أبي‬ ‫واليجب أن تكون فقيرة فتشقيني في حياتي‬ ‫واليجب أن تكون بدينة فتتعبني‬ ‫واليجب ان تكون نحيفة فال تقدر على حملي‬ ‫واليجب أن تكون جميلة فيطمع فيها غيري‬ ‫وال يجب ان تكون ذميمة فتشمئز منها نفسي‬ ‫وال يجب أن تكون طويلة فتنظر إلي من فوق‬ ‫وال يجب أن تكون قصيرة فأطأطأ رأسي أمامها‬ ‫واليجب ان تكون عاملة فتناقش أوامري‬ ‫وال يجب ان تكون جاهلة فال تفهم ما أقول‬ ‫أعرابي ميدح اخلليفة!!‬ ‫كان علي بن اجلهم شاعرا ً فصيحا ً ‪ ..‬لكنه كان أعرابيا ً جلفا ً ال يعرف من احلياة إال ما‬ ‫يراه في الصحراء ‪ ..‬وكان املتوكل خليفة متمكنا ً ‪ ..‬يُغدى عليه ويراح مبا يشتهي ‪..‬‬ ‫دخل علي بن اجلهم بغداد يوما ً فقيل له ‪ :‬إن من مدح اخلليفة حظي عنده ولقي منه‬ ‫األعطيات ‪..‬فاستبشر علي وميم جهة قصر اخلالفة ‪..‬‬ ‫دخل على املتوكل ‪ ..‬فرأى الشعراء ينشدون ويربحون ‪..‬واملتوكل هو املتوكل ‪ ..‬سطوة‬ ‫وهيبة وجبروت ‪..‬‬ ‫فانطلق مادحا ً اخلليفة بقصيدة مطلعها ‪:‬‬ ‫يا أيها اخلليفة ‪..‬‬ ‫ُطوب !‬ ‫اخل‬ ‫راع‬ ‫ق‬ ‫في‬ ‫يس‬ ‫ت‬ ‫ـال‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ ‬ ‫لو‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫فاظ‬ ‫ح‬ ‫في‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ َ‬ ‫نت كَـالكَلبِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َنـوب‬ ‫لو ال عَ ِدمنــــا َ‬ ‫أَ َ‬ ‫ك دَلوا ِمن ِكبارِ ال ِدال كَثير َ الذ َ ِ‬ ‫نت كَـال َد ِ‬ ‫ومضى يضرب للخليفة األمثلة بالتيس والعنز والبئر والتراب !‬ ‫السياف سيفه وفرش النَّطْ ع وجتهز للقتل ‪..‬‬ ‫فثار اخلليفة ‪ ..‬وانتفض احلراس ‪ ..‬واستل َّ‬ ‫ثم أدرك اخلليفة أن علي بن اجلهم قد غلبت عليه طبيعته ‪ ..‬فأراد أن يغيرها ‪..‬‬ ‫فأمر به فأسكنوه في قصر منيف ‪ ..‬تغدو عليه أجمل اجلواري وتروح مبا يلذ ويطيب ‪..‬‬ ‫ذاق عل��ي ب��ن اجلهم النعم��ة واتكأ على األرائ��ك وجالس أرق الش��عراء وأغزل األدباء‬ ‫ومكث على هذا احلال سبعة أشهر ‪..‬‬ ‫ثم جلس اخلليفة مجلس س��مر ليلة ‪ ..‬فتذكر علي بن اجلهم ‪ ..‬فس��أل عنه ‪ ،‬فدعوه‬ ‫له فلما مثل بني يديه ‪ ..‬قال ‪ :‬أنشدني يا علي بن اجلهم ‪..‬‬ ‫فانطلق منشدا ً قصيدة مطلعها ‪:‬‬ ‫يث أَدري وَال أَدري‬ ‫عُ يو ُن املَها بَني َ الرُصا َف ِة وَاجلِسـ ِ ر‬ ‫الهوى ِمـــن َح ُ‬ ‫َجلَنب َ َ‬ ‫ي َ‬ ‫كن زِد َن َجمرا ً عَ لى َجمـــ ِر‬ ‫الشوقَ القَ دمي َ وَلَم أَكُن ‬ ‫َوت ‪ ،‬وَل ِ‬ ‫َسل ُ‬ ‫أَعَ د َن لِ َ‬ ‫ومضى يحرك املش��اعر بأرق الكلمات ‪ ..‬ثم ش��رع يصف اخلليفة بالش��مس والنجم‬ ‫والسيف ‪..‬‬ ‫الشع ِر‬ ‫عفـــ ٍر ‬ ‫كن َّ ِإحسا َن اخل َليفَ ـــــ ِة َج‬ ‫لت فيهِ ِم َن ِ‬ ‫وَل ِ‬ ‫دَعاني ِإلى ما ق ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫فسار َ َمسير َ َ‬ ‫الريح في ال َبر ِّ وَال َبحـ ِر‬ ‫بوب‬ ‫مس في كُلِّ بَلــ َد ٍ ة‬ ‫الش ِ‬ ‫وَ َه َّ‬ ‫ب ُه َ‬ ‫ِ‬ ‫عـ ِن الشُــكـــ ِر‬ ‫الص َ‬ ‫نيعــ ِة ُم ِ‬ ‫م لجَ َلَّ أَمير ُ امل ُ ِ‬ ‫وَلَو َجلَّ عَ ن ُشك ِر َ‬ ‫نع ٌ‬ ‫ؤمنني َ َ‬ ‫من طرائف األعمش‬ ‫• قال عبد اهلل بن إدريس ‪ ،‬قلت لألعمش ‪ :‬يا أبا محمد ‪ ،‬ما مينعك من أخذ ش��عرك ؟‬ ‫احلجامني [ أي ‪ :‬احلالقني] ‪ .‬قلت ‪ :‬فأنا أجيئك بحجام ال يكلمك حتى‬ ‫قال ‪ :‬كثرة فضول ّ‬ ‫احلجام ‪ ،‬وكان محدثا ً ‪ ،‬فأوصيته ‪ ،‬فقال ‪ :‬نعم ‪ .‬فلما أخذ نصف‬ ‫تفرغ ‪ .‬فأتيت جنيدا ً ّ‬ ‫ش��عره قال ‪ :‬يا أبا محمد ‪ ،‬كيف حديث حبيب بن أبي ثابت في املستحاضة ؟ فصاح‬ ‫صيحة ‪ ،‬وقام يعدو ‪ .‬وبقي نصف شعره بعد شهر غير مجزوز ‪.‬‬ ‫• جاء رجل نبيل كبير اللحية إلى األعمش ‪ ،‬فس��أله عن مسألة خفيفة في الصالة‪،‬‬ ‫فالتف��ت األعمش إلى أصحاب��ه وقال ‪ :‬انظروا إليه ! حليت��ه حتتمل حفظ أربعة آالف‬ ‫حديث‪ ،‬ومسألته مسألة صبيان الكُتاب‪.‬‬


‫تابع‪ :‬واحــة الــمــحــجــة‬ ‫فطنة الغالم الشاعر‬ ‫هارون الرشيد في بستان سمع غالما ً ينشد هذه األبيات ‪:‬‬ ‫قولي لطيفك ينثني عن مضجعي وقت الوسن‬ ‫ ‬ ‫كي أستريح وتنطفي نار تأجج في البـــــــدن‬ ‫ ‬ ‫دنف ٌ تقلبه األكف على بساط من شجــــــــن‬ ‫ ‬ ‫هذا أنا فكما علمت ِ فهل لوصلك من ثمـــــن‬ ‫ ‬ ‫فسأله ‪ :‬هل هذا من نظمك ؟ قال ‪ :‬نعم‬ ‫فقال ‪ :‬إذا كان ذلك حقا فغير القافية وثبت املعنى ! فقال‪:‬‬ ‫قولي لطيفك ينثني عن مضجعي وقت املنام‬ ‫ ‬ ‫كي أستريح وتنطفي نار تأجج في العظــــام‬ ‫ ‬ ‫دنف ٌ تقلبه األكف على بساط من سقـــــــام‬ ‫ ‬ ‫هذا أنا فكما علمت ِ فهل لوصـــــلك من دوام‬ ‫ ‬ ‫فقال اخلليفة ليتك تثبت املعنى وتغير القافية أيضا‪ .‬فقال الغالم ‪:‬‬ ‫قولي لطيفك ينثني عن مضجعي وقت الهجوع‬ ‫ ‬ ‫كي أستريح وتنطفــي نار تأجج في الضلوع‬ ‫ ‬ ‫دنف تقبله األكــف على فراش من دمـــــوع‬ ‫ ‬ ‫أما أنا فكما علمت فهل لوصـــلك من رجوع‬ ‫ ‬ ‫فقال له مرة أخرى مثلما قال أوال ً فقال‪:‬‬ ‫قولي لطيفك ينثني عن مضجعي وقت الرقاد‬ ‫ ‬ ‫كي أستريح وتنطفي نار تأجج في الفــــــؤاد‬ ‫ ‬ ‫دنف ٌ تقلبه األكف على بساط من سهــــــــاد‬ ‫ ‬ ‫هذا أنا فكما علمت ِ فهل لوصلك من معـــاد‬ ‫ ‬ ‫فظهرت على اخلليفة إمارات الرضا وحاول أن يعطي الغالم دينارين‪ ،‬فأبى الغالم قائال‪:‬‬ ‫إعذرني ياس��يدي عن ع��دم قبولهما ألن أبي أمرني أن ال آخذ ش��يئا من أحد والأريده‬ ‫أن يغض��ب‪ .‬فقال اخلليفة‪ :‬ياغالم أن��ا اخلليفة‪ ،‬فقل ألبيك أعطانيهما اخلليفة‪ .‬فقال‬ ‫الغالم‪ :‬لن يصدقني وسيقول هذا العطاء ليس بعطاء خليفة‪ .‬فأهتز اخلليفة وطرب‬ ‫من ذكاء الغالم وتلميحه‪ ،‬فنادى أحد مرافقيه وقال له‪ :‬إصحب هذا الغالم إلى خازننا‬ ‫وقل له أعطه حفنتني من الدنانير‪.‬‬ ‫من أخبار البخالء‬ ‫كان ابن هرمة (ش��اعر غزل من أهل املدينة)‪ ،‬من أبخ��ل الناس على ادَّعائه الكرم في‬ ‫شعره‪ .‬فأتاه يوما ً جماعة فقال‪ :‬ما جاء بكم ؟ فقالوا ‪ :‬شعرك حيث تقول ‪:‬‬ ‫وأحلُّ في قبب الربى وأقيــــم‬ ‫اغشى الطريق بقبتي ورُواقها ‬ ‫طنــبا ً وأنــكر حــقَّه للئــيم‬ ‫إني امرؤ جعل الطريق لبيتــه ‬ ‫فنظر إلينا وقال ‪ :‬ماعلى األرض عُ صبة أسخف منكم عقوال ً !‬ ‫أما سمعتم قول اهلل سبحانه وتعالى‪( :‬وأنهم يقولون ما ال يفعلون) في الشعراء؟‬ ‫واهلل إني ألقولُ ما ال أفعل‪ .‬وأنتم تريدون أن أفعل ما أقول‪ ،‬واهلل ال عصيت ربّي في رضاكم‬ ‫من روائع السلف‬ ‫لب وفطن ٍة أن يحذر عواقب‬ ‫قال ابن اجلوزي في صيد اخلاطر (ص‪« )128/‬ينبغي لكل ذي ٍّ‬ ‫قائم بالقسط‪،‬‬ ‫املعاصي؛ فإنه ليس بني اآلدمي وبني اهلل تعالى قراب ٌة وال رحم‪ ،‬وإمنا هو‬ ‫ٌ‬ ‫حاكم بالعدل‪ .‬وإن كان حلمه يسع الذنوب؛ إال َّ أنه إذا شاء عفا؛ فعفا كلَّ كثيف من‬ ‫ٌ‬ ‫الذنوب‪ ،‬وإذا شاء أخذ‪ ،‬وأخذ باليسير؛ فاحلذر‪ ..‬احلذر‪.‬‬ ‫ولقد رأيت أقواما ًمن املترفني كانوا يتقلَّبون في الظلم واملعاصي الباطنة والظاهرة؛ فتعبوا‬ ‫ض ما ب َ َنوْا من قواعد أحكموها لذراريهم‪.‬‬ ‫من حيث لم يحتسبوا؛ فقلعت أصولهم‪ ،‬ون ُ ِق َ‬ ‫وما كان ذلك إال َّ أنهم أهملوا جانب احلق عزوجل‪ ،‬وظنوا أنَّ ما يفعلونه من خي ٍر يقاوم‬ ‫ما يجري من شرٍّ؛ فمالت سفينة ظنونهم؛ فدخلها من ماء الكيد ما أغرقهم‪.‬‬ ‫ورأيت أقواما ً من املنتس��بني إلى العلم أهملوا نظر احلق عز وجل إليهم في اخللوات؛‬ ‫فمحا محاس��ن ذكرهم في اجللوات؛ فكانوا موجودين كاملعدومني‪ ،‬ال حالوة لرؤيتهم‪،‬‬ ‫وال قلب يح ُّن إلى لقائهم!‬ ‫ف��اهلل‪ ..‬اهلل في مراقبة احلق ِّ عزوجل؛ فإنَّ مي��زان عدله تبني فيه الذرة‪ ،‬وجزاؤه مرصدٌ‬ ‫للمخطيء ولو بعد حني؛ وربمَّ ا ظن َّ أنه العفو‪ ،‬وهو إمهالٌ ! وللذنوب عواقب سيئة‪.‬‬ ‫فاهلل ‪ ..‬اهلل ‪ ..‬اخللوات ‪ ..‬اخللوات ‪ ..‬البواطن ‪ ..‬البواطن‪.‬‬ ‫فإنَّ عليكم من اهلل عينا ً ناظرة!‬ ‫وإياك��م واالغت��رار بحلمه وكرم��ه؛ فكم قد اس��تدرج وكونوا عل��ى مراقبة اخلطايا‬ ‫شيء ينفع كالتضرَّع ن مع احلمية عن اخلطايا؛ فلعلَّه ‪!...‬‬ ‫مجتهدين في محوها‪ ،‬وما‬ ‫ٌ‬ ‫وهذا فصلٌ إذا تأ َّمله املتعامل هلل تعالى نفعه‪.‬‬ ‫ولق��د قال بع��ض املراقبني هلل تعال��ى‪ :‬قدرت على ل��ذ َّ ٍة هي غايةٌ‪ ،‬وليس��ت بكبيرة؛‬ ‫فنازعتني نفسي إليها؛ اعتمادا ً على صغرها‪ ،‬وعظم فضل اهلل تعالى وكرمه‪.‬‬ ‫ت ؟!‪ ،‬وذك َّرتها‬ ‫ت‪ ،‬وإذا أتي��ت هذه فمن أن�� ِ‬ ‫ت ‪ ..‬أن ِ‬ ‫فقل��ت لنفس��ي‪ :‬إن غلبت هذه فأن�� ِ‬ ‫أقوام كانوا يفس��حون ألنفسهم في مسامح ٍة كيف انطوت أذكارهم‪ ،‬ومتك َّن‬ ‫حالة‬ ‫ٍ‬ ‫همت به‪ ،‬واهلل املوفق ِّ »‪.‬‬ ‫اإلعراض عنهم؛ فار ْ َ‬ ‫عما َّ‬ ‫عوت ورجعت َّ‬

‫موعظة وجالء ملا في القلب‬ ‫أخرج البخاري في صحيحه (‪ ، )3819‬من طريق س��عد بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم ‪:‬‬ ‫(( أن عب��د الرحمن بن عوف أتي بطع��ام وكان صائما ً ؛ فقال ‪ :‬قتل مصعب بن عمير ‪،‬‬ ‫وهو خير مني ‪ ،‬كفن في بردة ؛ إن غطي رأسه بدت رجاله ‪ ،‬وإن غطي رجاله بدا رأسه ‪.‬‬ ‫وأراه قال ‪ :‬وقتل حمزة وهو خير مني ‪.‬‬ ‫ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ‪ .‬أو قال ‪ :‬أعطينا من الدنيا ما أعطينا ؟!‬ ‫وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ؟! ثم جعل يبكي‬ ‫فِطْ َنة أبي بكر رضي اهلل عنه‬ ‫• عن ثابت عن أنس‪ ،‬قال‪( :‬ملاَّ هاجر رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬كان رسول اهلل‬ ‫صلى اهلل عليه وس��لم يركب وأبو بكر رَدِيف��ه‪ ،‬وكان أبو بكر يعرف الطَّ ريق الختالفه‬ ‫إلى َّ‬ ‫الش��ام‪ ،‬ف��كان مير ُّ بالق��وم‪ ،‬فيقولون‪َ :‬منْ هذا ب�ين يديك يا أبا بك��ر‪ ،‬فيقول هاد‬ ‫يهديني)‪.‬‬ ‫• وع��ن أبي س��عيد اخل��دري رضي اهلل عنه ق��ال‪ :‬خطب رس��ول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم النَّاس‪ ،‬وقال‪(( :‬إ ّن اهلل خيَّر عبدا ً بني ال ُّدن ْيا وبني ما عنده‪ ،‬فاختار ذلك العبد ما‬ ‫عند اهلل))‪ .‬قال‪ :‬فبكى أبو بكر‪ ،‬فعجبنا لبكائه‪ ،‬أن يخبر رس��ول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وس��لم عن عبد ُخ ِّير‪ ،‬فكان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم هو املخَُيَّر‪ ،‬وكان أبو بكر‬ ‫أعلمن��ا ‪ .‬ق��ال ابن اجلوزي‪( :‬هذا احلديث قد دلَّ على فِطْ َنة أبي بكر‪ ،‬إذ ْ عَ ِلم أنَّ املخَُيَّر هو‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫• ع��ن عب��د اهلل بن عم��ر ‪-‬رضي اهلل عنهما‪ -‬ق��ال‪ :‬قال رس��ول اهلل صلى اهلل عليه‬ ‫وس��لم‪(( :‬إنَّ من َّ‬ ‫الشجر ش��جرة ال يسقط ورقها‪ .‬وإن َّها َمثَل املس��لم‪ .‬فحدِّثوني ما‬ ‫ه��ي؟ فوقع النَّاس في ش��جر البوادي‪ ،‬ق��ال عبد اهلل‪ :‬ووقع في نفس��ي أن َّها النَّخلة‪،‬‬ ‫فاس��تحييت‪ .‬ث��م قالوا‪ :‬حدِّثنا ما هي يا رس��ول اهلل؟‪ .‬قال‪ :‬فقال‪ :‬ه��ي النَّخلة‪ .‬قال‪:‬‬ ‫أحب إلي َّ من كذا وكذا‪.‬‬ ‫فذكرت ذلك لعمر‪ .‬قال‪ :‬ألن تكون قلت‪ :‬هي النَّخلة‪ُّ ،‬‬ ‫من غرائب الشعر‬

‫بيت ال يتحرك اللسان بقراءته‪:‎‬‬ ‫آب همي و هم بي أحبابي‬ ‫ ‬ ‫همهم ما بهم وهمي مابي‬ ‫ ‬ ‫وهذا البيت ال تتحرك بقراءته الشفتان‪:‎‬‬ ‫قطعنا على قطع القطا قطع ليل ‪‎‬ة‬ ‫ ‬ ‫سراعا على اخليل العتاق الالحقي‬ ‫ ‬ ‫هذه ابيات من الشعر لكن فيها العجب العجاب و فيها أحتراف وصناعة للشعر‪:‬‬ ‫ألـــــــــــوم صديقـــــي وهـــــــــذا محـــــــــــال‬ ‫ ‬ ‫صديقـــــــي أحبــــــــه كـــــــــالم يقــــــــــــال‬ ‫ ‬ ‫وهـــــــــــذا كــــــــالم بليـــــــــغ اجلمــــــــــال‬ ‫ ‬ ‫محــــــــــال يــــــــقال اجلمـــــــال خيـــــــــــال‬ ‫ ‬ ‫الغريــــب في هذه األبيات ‪.....‬أنــك تستطيـــع قراءتها ‪.‬أفقيــا ورأسيـــا ً ‪!.‬‬ ‫إقرأ البيت باملقلوب حرفا حرفا واكتشف اإلبداع‪...‬‬ ‫وهل كل مودته تدوم‬ ‫مودته تدوم لكل هول ‬ ‫ ‬ ‫وهذه األبيات تقرا من اجلهتني كلمة كلمة‬ ‫ساءت لهم شيم سمحوا فما ّ‬ ‫شحت لهم منن ُ‬ ‫حلموا فما َ‬ ‫نن‬ ‫سـ‬ ‫لهـم‬ ‫ّت‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫فـال‬ ‫رشدوا‬ ‫م‬ ‫ ‬ ‫قــــد‬ ‫لهم‬ ‫سلموا فال زلّت‬ ‫ُ‬ ‫هذا آخر ماتيسر ذكره وصلى اهلل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪51‬‬


‫باب الفتاوى‬

‫فى هذا الباب جتيب جلنة الفتوى بالهيئة العلمية‬ ‫للبحوث الش��رعية و اإلستراتيجية عن أسئلة‬ ‫قرائنا الكرام الواردة إلينا عبر البريد اإللكتروني‪.‬‬

‫للتواص��ل معنا و إرس��ال س��ؤالك‪ ،‬عب��ر بريد األس��ئلة‬ ‫والفتاوى‪falmhgh@yahoo.com :‬‬ ‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬رأي��ت أن��ي كنت في درس حلضرت��ك (د‪/‬أحمد) وكان احلاضرون قليل ثم ذهبت ملكان ملدة خم��س دقائق ثم عدت مرة أخري وعندما‬ ‫وصل��ت فوجئ��ت بعدد كبير من الناس يلتف حول فضيلتكم وأنت تبكي بكاءا ش��ديدا وهم يقولون اهلل أكبر اهلل أكبر وبعدها‬ ‫خرجت ومعك أحد األخوة يصطحبك إلي املنزل‪ ...‬فما تأويل هذه الرؤيا؟‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪ ...‬هذا توفيق اهلل للدعوة النبوية التي أشرف أن‬ ‫أكون أحد من يحاول احملافظة عليها في هذه الظروف اخلطيرة‪ ،‬ولعل النصر يكون باخلشوع واخلضوع‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬السالم عليكم فضيلة الشيخ أنا شاب عمرى ‪ 25‬سنة وجدت عمل في متجر كمحاسب وهذا املتجر يبيع لوازم األطفال ومواد‬ ‫التنظيف ويبيع أيضا عطور النساء وكثير منهن تستعمله عند اخلروج من املنزل فما حكم عملي في هذا املتجر؟‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بس��م اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والس�لام على الرس��ول ‪ ...j‬وبعد‪ ...‬البأس بهذا العمل‪ ،‬ولو استطعت أن توفر‬ ‫مطويات عن التبرج واالختالط وحكمهما‪ ،‬لتوزيع هذه املطويات عن طريق البائعات لكان هذا خيرا واهلل أعلم‪.‬‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬لقد تعبت نفسي من زوجي الذي يشرب اخلمر ويحضر أصدقاءه يشربون معه بالبيت مما جعلني أترك البيت علما أنه أخبرني أثناء‬ ‫اخلطوبة أنه يصلي واليترك فرض وبعد الزواج اكتشفت أنه اليصلي ودائما يسب الرب والدين عياذا باهلل ولي خمس سنوات أعاني‬ ‫معه وأحاول هدايته بشتى الطرق لكن الجدوي هو يتمادى ويصرف ماله علي الشراب وطلباتي أنا وأطفاله الجتاب؟‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪ ...‬فهذا من جملة البالء والصبر علي البالء من‬ ‫أخالق أرباب العزائم وميكن لك أن تفتحي هذا املوضوع مع بعض خلطائه وأقربائه فإن استمر فلتكن هاك احلجة للحكم بينكما‬ ‫وإلى أن يحدث هذا امتنعي عنه واعتصمي باهلل واستمري في احلقوق املنزلية والدعاء له بالهداية واهلل يتوالك ويرعاك‪.‬‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬أرجو من فضيلتكم اإلفادة‪ :‬أجمعت املش��ايخ علي أن التصويت في االنتخابات واجب ش��رعي بل منهم من قال أنه فرض وتاركه‬ ‫آثم‪ ...‬فهل معني هذا أن على تاركه توبة أو كفارة وهل يحق للمسلم أن يقاطع العملية لبطالنها من األساس وجزاك اهلل خيرا؟‬

‫اإلجابة‪:‬‬ ‫‪52‬‬

‫بس��م اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والس�لام على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪ ...‬فليس هناك إجماع أصال على هذه املسألة‬ ‫بل أحسنت في جملتك األخيرة‪ ،‬ولو طالعت مقاالت مجلة احملجة وأبحاثها وبعض الدروس في ذلك لكان خيرا وجزاكم اهلل خيرا‪.‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬


‫تابع‪ :‬باب الفتوى‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬جزاكم اهلل خيرا شيخنا الفاضل عني وعن أسرتي لقد تعلمت منكم كم كثيرا منذ اندالع ثورة ‪ 25‬يناير‪ .‬دائما كنت أدع اهلل أن أربي‬ ‫أوالدي علي طلب العلم‪ ،‬فأنا أم لغالمني ‪ 11،15‬سنة األول ختم حفظ كتاب اهلل واآلخر في طريقه إن شاء اهلل‪ ،‬لقد سمعت محاضرة‬ ‫الشيخ أبوإسالم عن أن االمة حتتاج إلي رجا ل يحملون هم الدين ويدافعون عن سنة الرسول صلي اهلل عليه وسلم‪،‬أرجو من فضيلتكم‬ ‫توجيهاتكم الثمينة كيف ومن أين أبدأ حتي يكونوا طالب علم‪ .‬جزاكم اهلل خيرا وأسأل اهلل أن يبارك فيكم ويبارك خطاكم‪.‬‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫اهلل أسأل أن يبارك لك أم مرمي في ولديك وأن يربهما تربية صا حلة وإن كان لي من توجيه فاملرجو مراجعة مادة التربية في مجلة‬ ‫احملجة لتري بعض ما ينفعك واهلل تعالى يبارك لك في ذريتك وأحب أن أعلمك أنه خالل ثمانية أشهر إن شاء اهلل سنقوم بإعداد‬ ‫مدرسة علماء املستقبل فيا حبذا لو تابعت موقعنا الفترة بعد الفترة وجزاكم اهلل خيرا‪.‬‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬اشكل علي فضيلة الشيخ ما سمعته من فضيلتكم من الثناء علي اإلخوان مبوقفهم في الثورة وكذلك قولك ودعوتك ملساندة‬ ‫اإلخوان إذا ما احتاجوا إلينا للوصول إلي السلطة وكذلك قولك بأنهم أحب إلينا من العلمانيني وغيره من املارقني‪ ...‬وأشكل علي‬ ‫كذلك موقفك من املشاركة في البرملان وحتي االنتخابات الرئاسية هذا مع ما تقرر من أن ما اليت الواجب إال به فهو واجب ونحن‬ ‫نكون بذلك مشاركني فيما تراه غير جائز بل قصما لظهر املنهج السلفي حفظك اهلل ووفقك ملا فيه رضاه‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫فاحلق حق والباطل باطل ورمبا التبس أحدهما باآلخر وكالمي واضح في أن اإلخوان ليسوا علي منهج السلف في االعتقاد والتصور لكن‬ ‫هم أقرب إلينا من العلمانيني بل إن حذاء اإلخواني عند التزاحم لهو خير من رقبة العلماني بل أمة من العلمانيني وعندما قامت األحداث‬ ‫واشتبه األمر علي بعض منتسبي املنهج السلفي ومنهم مشايخ أفاضل عرضت أن يلتزم السلفيون مواقعهم وال يبرحوها وال يشاركوا‬ ‫أصال في هذه الفتنة ومن أباه تأويله إال املشاركة خوفا من سطوة العلمانيني وحفاظا علي هوية البالد كما يزعمون فقلت من باب التنزل‬ ‫البأس عندئذ أن تعطوا أصواتكم لإلخوان ملن اضطر وملن إذا لم يفعل رمبا مرض ورمبا مات فال تناقض إن شاء اهلل فعندك األصل وعندك‬ ‫التنزل ونحن على األصل إن شاء اهلل وفقنا اهلل وإياك وجزاك اهلل خيرا وصلى اهلل وسلم وبارك علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬عندما أردت أن أختار تخصصي اجلامعي وجدت أنني أحب العلم الش��رعي وخاصة أنني أجهله وأس��رتي إال من رحم اهلل ووجدت‬ ‫أنني أيضا أحب اللغات وخاصة أنه لدينا مش��كل فيها في بلدنا في صفوف التالميذ والطلبة وعامة الناس وأنا أريد املش��اركة‬ ‫في حل هذا املش��كل فنصحني أحدهم أن أتخصص في اللغات وأتكس��ب منها ثم أطلب العلم وأنا أس��أل هل ميكن اجلمع بني‬ ‫اإلثنني وميكن أن أصبح فقيها أستطيع اإلفتاء‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫فال بأس جتمع بني األمرين وتخير الصديق الصالح والشيخ املتفنن واهلل يوفقك‪.‬‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬ما حكم اللجوء للحقن اجملهري كوسيلة لإلجناب للمرة الثانية وقد رزقت بفضل اهلل بولد عن طريق احلقن قبل ذلك؟‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫البأس بهذا احلقن ما كان عند الطبيب املأمون الدين قوي العلم والفن‪ ،‬واهلل أعلم‪.‬‬

‫عنوان الرسالة‪:‬‬ ‫السؤال‪ :‬هل يجوز للمرأة قراءة القرآن في األوقات العادية بلبس القفاز من غير وضوء؟‬

‫اإلجابة‪:‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‪ ...‬احلمد اهلل والصالة والسالم على الرسول ‪ ...j‬وبعد‪...‬‬ ‫البأس بذلك والوضوء أفضل واهلل تعالى أعلم وصلى اهلل علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫حــصــاد عــــام‬

‫بقلم أ‪ .‬محمود الصاوي‬ ‫إن احلم��د هلل تعال��ى نحم��ده ونس��تعينه ونس��تغفره ونعوذ‬

‫حتى تتضح الصورة الصافية لهذا املنهج السلفي املبارك‬ ‫كان��ت مقاالت ه��ذا العام م��ن مجلتنا جول��ة مباركة في‬ ‫حديقة الدعوة الغناء ال نزعم أننا أتينا على جميع قطوفها‬ ‫وثمارها‪ .‬لكننا قدمنا من خاللها بعض أطايب هذا الثمر‪.‬‬

‫فه��ذا خامت��ة هذا الع��ام من أع��داد مجلتنا الغ��راء مجلة‬ ‫«احملج��ة البيض��اء» مجلة كل املس��لمني‪ .‬نختت��م به هذا‬ ‫الع��ام لنضع لبنة جديدة ف��ي صرح هذه الدع��وة املباركة‬ ‫م��ن خالل م��ا ترصده ه��ذه اجملل��ة املباركة ‪-‬ب��إذن اهلل‪ -‬من‬ ‫مقاالت وحتليالت بنّاءة الهدف منها‪ :‬التخلية‪ ،‬أقصد تخلية‬ ‫مس��يرة هذه الدعوة مما قد يشوبها من حزبيات وعصبيات‪،‬‬ ‫وتكون التربي��ة والتزكية على أص��ول املنهج‪ ،‬نقصد بذلك‬ ‫تربية أبناء هذه الدعوة على كتاب اهلل وسنة رسوله‪.j ‬‬

‫فمن الناحية السياسية واإلس��تراتيجية قدمنا مجموعة‬ ‫مق��االت (قراءة في األحداث) نعرض من خاللها حتليال رصينا‬ ‫وقراءة واعية لألحداث التي مرت بها البالد على مدار العام‪.‬‬ ‫ث��م نقوم م��ن خالل هذه املق��االت بتقدمي الرؤي��ة املنطقية‬ ‫للنجاة باملنهج من خضم هذه األحداث دون خسائر‪.‬‬

‫باهلل من ش��رور أنفسنا ومن س��يئات أعمالنا من يهده اهلل فال‬ ‫مضل له ومن يضلل فال هادى له وأش��هد أن ال اله إال اهلل وحده‬ ‫ال شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله‪ .‬أما بعد‪...‬‬

‫اس��تطعنا بفض��ل اهلل تعالى من خ�لال مقاالتنا املتنوعة‬ ‫أن نض��ع النق��اط عل��ى احل��روف وأن جنل��ي بع��ض احلقائق‬ ‫‪54‬‬

‫مجلة احملجة البيضاء ‪ -‬العدد احلادي عشر ‪ -‬ذو احلجة ‪ 1433‬هـ‬

‫وم��ن الناحية التربوية س��لطنا الضوء على حقبة س��نية‬ ‫مهم��ة م��ن حي��اة الفرد ه��ى مرحل��ة املراهق��ة من خالل‬ ‫مجموع��ة من املق��االت التي تعمل على تنمية ش��خصية‬ ‫املراه��ق ومعاجل��ة كثير من اجلوانب في ه��ذه الفترة احلرجة‬ ‫التي يعاني كثير من األفراد من خالل منهج إسالمي واضح‪.‬‬


‫تابع‪ :‬حــصــاد عــــام‬

‫وأم��ا الناحية األدبية فقدمنا جملة من القصص الس��لفي‬ ‫القصي��ر انطالق��ا من ش��مولية هذا املنه��ج وألن القائمني‬ ‫على هذا املنهج َّ‬ ‫قل أن جند لهم عناية بهذا الباب فكان هذا‬ ‫اجلهد نواة لتأسيس أدب سلفي راق من خالل الرواية والقصة‬ ‫القصيرة والقصيدة الس��لفية واملكاتبات واملساجالت التي‬ ‫س��نعرض لها فيما بعد إن ش��اء اهلل وكان قصدنا من هذه‬ ‫اجملموعة القصصية هو بث الروح اإلسالمية من جديد وجتلية‬ ‫أهمية التمسك باملنهج في نصرة األمم واألفراد واجملتمعات‪.‬‬ ‫ومل��ا كان أه��ل العل��م ف��ي كل زمان وم��كان ه��م الركيزة‬ ‫األساس��ية والدعام��ة األصلية وحرس احل��دود لهذا املنهج‬ ‫الس��لفي األصيل‪ .‬كان لزاما علينا أن نقدم على هذه املأدبة‬ ‫جملة من تراجم أعالم الس��لفيني الذين ُعنوا بنشر املنهج‬ ‫ف��ي بالدنا وجاهدوا في س��بيل نش��ره حتى فت��ح اهلل على‬ ‫أيديهم قلوب كثير من شباب مصر والعالم اإلسالمي‪.‬‬ ‫وأم��ا طال��ب العل��م فكان ل��ه حظ واف��ر من قط��وف هذا‬ ‫الثمر الداني من خالل هذه السلس��لة املباركة من مقاالت‬ ‫(منهجي��ة طال��ب العل��م) الت��ي عنيت ف��ي املق��ام األول‬ ‫بتقدمي جملة م��ن األصول واملعاني التي ته��ذب وتربي هذه‬ ‫الشريحةاألصيلة من أبناء الصف السلفي‪.‬‬ ‫كذل��ك ال يخفى ما م��رت به األمة من عواص��ف خالل العام‬ ‫املنصرم أودت بكثير من املعاني السلفية ووفدت علينا كثير من‬ ‫املعاني الغربية على منهجنا ودعوتنا رأينا من الواجب معاجلة‬ ‫هذه املعاني من وجهة نظر السلفية من خالل هذه اإلطالالت‬ ‫املباركة في سلسلة مقاالت «ملاذا الدعوة السلفية؟»‪.‬‬ ‫كذلك من ه��ذه الفنت أطلت علينا رؤوس من ذوى الضالالت‬ ‫وأصحاب األفكار الهدامة وذيول الفرق الباطلة في محاوالت‬ ‫دؤب��ة العت�لاء املناب��ر ون��زع املكاس��ب فأفردن��ا لذل��ك باب‬ ‫«ه��ؤالء أعداؤك» جنلي فيه مكامن هؤالء الش��راذم ونوضح‬ ‫مخططاته اخلفية‪ .‬ثم قمنا بتدعيم هذه املقاالت بسلسلة‬ ‫أخ��رى من مقاالت باب «قرأت ل��ك» لنقف على أهم املصادر‬

‫التي قدمت دراس��ات وافية بخصوص هذه األفكار الهدامة‬ ‫حرص��ا من��ا عل��ى حراس��ة معتقد أه��ل الس��نة وحماية‬ ‫أفكارهم من التطرف الوافد عن هذه الفرق والطوائف‪.‬‬ ‫وبخص��وص مواجه��ة الفكر املنحرف وكش��ف دسائس��ه‬ ‫السيما طبقة الوضاعني والكذابني الذي يروجون املكذوبات‬ ‫واملوضوع��ات عل��ى رس��ول اهلل صل��ى اهلل علي��ه وس��لم‬ ‫مستغلني الضحالة العلمية والفكرية عند عوام املسلمني‬ ‫م��ن أجل ذلك قمنا بإعداد جمل��ة من املقاالت النافعة التي‬ ‫توض��ح زيف ه��ذه اآلثار املوضوع��ة واملكذوبة وف��ي املقابل‬ ‫عرضنا البدائل الصحيحة من خالل «البدائل الصحيحة»‪.‬‬ ‫وم��ع هذا الزخم الهائل من املقاالت لم ننس��ى صحة الفرد‬ ‫املسلم فقمنا بإعداد جملة من املقاالت الطبية التوجيهية‬ ‫للعناية بصحة اجلس��م من األمراض واألوبئة‪ .‬كذلك قدمنا‬ ‫من خاللها جملة من اإلجراءات الوقائية من األمراض املنتشرة‬ ‫في هذه اآلونة من خالل جملة مقاالت باب «صحتك»‪.‬‬ ‫بعد هذا الك��م من املقالت اجلادة قدمن��ا للقارئ جملة من‬ ‫املقاالت التي تهدف إل��ى ترويح النفس وإجمامها من خالل‬ ‫جملة من اللطائف والطرائف وامللح واملواعظ‪.‬‬ ‫وهكذا استطعنا بفضل اهلل أن نطرق فنون متنوعة وأبواب‬ ‫مختلفة في شتى صنوف العلم والسياسة والطب نهدف‬ ‫بذلك إلى ترس��يخ املفاهيم الس��لفية وال��ذب عن حياض‬ ‫الدعوة أن تنالها أيدي املعتدين وأفكار أهل األهواء والبدع‪.‬‬ ‫نسأل اهلل تعالى أن ينفعنا مبا قدمنا وإخواننا القائمني على‬ ‫ه��ذه اجمللة املباركة ف��ي هذا العام املنص��رم وأن يوفقنا في‬ ‫األعوام املقبلة حلس��ن البالغ عنه س��بحانه وتعالى ونش��ر‬ ‫اخلير ونفع املسلمني‪.‬‬ ‫وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪55‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.