العدد | 10كانون األول | 10th Issue | December
بيانُ الهو ّية:
ْ فريق مجلّة الهويّة إلى تسليط الضوء على بعض الحقائق التاريخيّة الفلسطينيّة. يسعى كما يعمل على كتابة الواقع الفلسطينيّ ثقاف ّيا ً وفنياً .آخذاً بعين ملؤها االعتبا ُر القضية الفلسطينية بين األرض وبين ال ّ شتات .كما ويُوثق النضا ُل ٍ ُ الماضي والحاضر بأصوا ٍ وحق العودة. ت طالبيّة من أجل فلسطين
فريق الهو ّية: الفرا رئيس التحرير :شهيد ّ مدقق اللّغة العربية :جورج يونس الكتاب المساهمون :شهيد الفرّ ا نور صادق عالء كيّالي ريما جودة علي فوّ از غ.م محمود درويش هبه دهشة محمد زيان الفرا تصميم :شهيد ّ إصدار النادي الثقافي الفلسطيني في الجامعة األمريكية في بيروت. برعاية يوليب.
تواصلوا معنا: تريد/ين المساهمة في المجلة بأي نوع من المساهمة؟ أو أيّة آراء؟ اتّصل/ي بنا على pcc.alhawiyya@gmail.com
3
إلى فلسطين خذوني معكم شهيد الفرّا الخامس عشر من أيّار :2011 ،في هذا اليوم تجسّدت روح المقاومة وشعلة الجهاد ض ّد الكيان الصّهيوني واإلشتياق اآلسر ألرض اآلباء ً واألجداد الّتي يتوارثها األبناء غضبا ً وحماسا ً وشجاعة وإيماناً .كانت نقطة اللّقاء في بيروت السّاعة السّادسة صباحاً ،كما روى لي صاحب الحدث ،ووجهة الرّ حلة هي بوّ ابة فاطمة الّتي تقع على حدود لبنان مع فلسطين في يوم األرض .كان الهدف من الرّ حلة رؤية وتأمّل جمال األراضي الفلسطينيّة وال ّتجمّع قرب الحدود لسماع بعض الخطابات ّ المؤثرة والّتي تهدف لنشر الوعي في ال ّ شبابِ. السّاعة ال ّتاسعة صباحاً :وصل العدد حوالي ما يفوق األلف شا ّبا ً عند نقطة ال ّتجمّع التي تقع على تلّة ُ تط ُّل على الحدود (مارون الراس) وكانت تشتعل دماء ال ّ شباب بمشاعر متضاربة من الحزن والغضب ً قريبة ج ّداً وبنفس الوقت أبع ُد واإلشتياق واإلحباط ،فها هي فلسطين ما يمكن .وعلى إثر ذلك ثار ال ّ شباب ولم يعد باإلمكان السّيطرة عليهم وبلمح البصر اندفع جزء منهم ومن ضمنهم الرّ اوي للحدث إلى السّور ال ّ شايك الفاصل بين لبنان وفلسطين ،أرض أجدادهم الّتي رضعوا حبّها من حليب أمّهاتهم وربّوا وشبّوا يحلمون بالعودة وأن يكونوا أحرارا ال نازحين في مخيّمات اللّجوء .ولم يتم ّكن الجيش اللّبناني من إيقاف ما يقارب المئتين ثائر .ومن ضمن الحشود كان هناك شابّان جامعيّان وزميالن في الدّراسة أصرّ ا أن يبقيا سو ّيا ً كما هما سو ّيا ً على مقاعد ّ الخط األوّ ل من الفوج األوّ ل الّذي اندفع إلى ال ّدراسة .وكانا على ال ّ شريط الفاصل.
السّاعة الحادية عشر صباحاً :سقط أول شهيد .ع .م .يبلغ 16سنة، شهيد يقف أمامي محاوالً أوّ ل دفعة لم تتجاوز ال 30شخصا ً وكان ال ّ شائك لتطأ قدماه أرضه ّ تجاوز السّياج ال ّ الطاهرة .بدا كأسير رأى نور ّ والعزة فاندفع غير آبه إلاّ ليرى حلمه يتح ّقق ولو لثانية يخطفها الكرامة من ّ الزمان .وما لبث الجنديّ اإلسرائيليّ أن أطلق عليه ال ّنار وأصابه ً إصابة مباشرة بقلبه فسقط شهيداً .ويتابع الرّ اوي فيقول وهنا جمدت بأرضي فاقداً اإلحساس بما يدور من حولي ينبض دمي بثارات ال ّ شهيد. وثم وضع زميلي يده على كتفي وبيده ّ الثانية حجراً .وقام ال ّ شباب
كانون األول December 2015 |2015 بحمل ال ّ شهيد ووضعوه في سيّارة اإلسعاف واشتعلت نار الغضب ٌ دفعات أخرى من أعلى ال ّتلِّ. ونزلت السّاعة ّ الثالثة مساءاً :إستمرّ ت جموع ال ّ شباب الغاضبة بإلقاء الحجر ّ والطرف الّذي كان خائفا ً هم جنود اإلحتالل مختبئين، على العدوّ ، وتستطيع رؤية الخوف في عيونهم .ويتابع الرّ اوي :هنا انفصلنا زميلي ب وأنا عن باقي المجموعة وانفردنا بجنديّ كان مختبئا ً بين العش ِ حامالً ق ّناصا ً بيديه .قال لي صديقي« :تعال في واحد هون خايف متخبّي ،تعال نخوّ فُ بلكي بنقلعو من بالدنا» .ولمحت الجنديّ مسدّداً بدم بار ٍد على العزل جمدت بأرضي بندقيته تجاه أحدنا وأطلق النار ٍ ّ أتف ّقد جسدي أليّ إصابة وامتألت جسمي ويداي بالدماء ،ولكنها لم تكن دمائي .رفعت نظري واذ برفيقي يسقط على بُرك ٍة من دمائه .ويتابع الرّ اوي :كانت األمور تتسارع وعقلي كأ ّنه في حالة صدمة ولم يكن أي ُ وهرولت صاعداً أصرخ من فرق اإلسعاف قريبا ً فحملته على كتفي طالبا ً المساعدة .أسرع لنجدتنا مجموعة من ال ّ شباب ح ّتى وصلنا إلى سيّارة األسعاف .وفي الدّاخل لن أنسى ما قاله صديقي لي «:بشرفك إمسك إيدي ...أنا مش حاسس بإجري اإلثنين ...أنا عطشان ...التفلت إيدي.»...ث ّم طلب م ّني رجال اإلسعاف ترك السّيارة لملئها بالجرحى وت ّم نقلهم إلى المشفى. ت من رمي الحجارة وساعا ٍ السّاعة السّابعة مساءاً :بعد ساعا ٍ ت أخرى من مساعدة المسعفين لنقل الجرحى وإصابة زميلي ،بقيت بعدها مدّة ساعتين جريح أبحث عن طريق العودة .وعندما وجدت الحافلة، رويت للجميع ما حدث وا ّتصلنا بالمستشفى وقالوا لنا اضطرّ وا إدخاله غرفة العمليّات ومن بعدها صباحا ً ت ّم نقله جوّ اً إلى مستشفى الجامعة األمريكيّة في بيروت .أمّا أنا ،فوصلت بيروت حوالي الساعة 12 صباحا ً وذهبت إلى المنزل ولم أقدر على ال ّنوم بسبب ال ّ شعو ٌر باألرق والقلق حيال زميلي المصاب .ولم تغادر صورته عقلي وهو يقع على األرض ومازلت أرى الجندي وهو موجّ ه بندقيّته تجاهنا متغطرساً. وكيف كان من الممكن أن يكون أيّ م ّنا الضّحيّة وإ ّنما هي األقدار وإرادة هللا. بعد مرور ما يقارب األسبوع على الحادثة ،ا ّتصلت بزميلي المصاب وا ّتفقت معه أن أزوره في المستشفى ذهبت إلى مستشفى الجامعة وعندما وصلت إلى طابق زميلي تفاجأت بعد ٍد كبير جالس في غرفة اإلنتظار وقامت من بينهم امرأة تبكي وجاءت بالقرب م ّني تسألني«: ْ وأجهشت ت والدته؟» ولم ترد بل أنت ؟» فرددت قائالً «:نعم ،وأظنّ ان ِ بالبكاء وشكرتني ،وعرفتني إلى سائر أقرباء وأصدقاء ابنها .وسردت ّ الخط الفاصل كأ ّني مازلت أعيش لحظاتها عليهم ما حدث معنا على ً ومن بعدها التقيت بصديقي .دخلت عليه وكان ممدّدا ال يستطيع الحراك وكان يخرج من وإلى جسده العديد من األنابيب إلبقاءه على الحياة. قامت الرّ صاصة الّتي أطلقها الجنديّ بإحداث شلل نصفي مع تدمير إحدى كليتيه وكذلك نشِ رت السّموم في دمه كونها فور دخولها جسمه تفجّ رت بالدّاخل وقسم منها (شظاياها) بقي وآخر اخترق جسده .فور رؤيتي له وحالته ،دخلت حالة صدمة ،ولكن هو القضاء والحمد هلل وبقيت متماسك .وتحدّثنا وعند نهاية الحديث طلب أن نستمرّ في زيارته قبل أن يسافر ليلقى عالجا ً أفضل بأمريكا. ترك هذا اليوم ندبا ً في قلبي ال يمكن أن يشفى كما تابع لي الرّ اوي يقول «:رأيت في زميلي من ال ّ شجاعة واإلخالص وال ّتفاني ما جعلني
4 أف ّكر كثيراً.اسمعني يا شهيد نحن نملك ال ّ شجاعة واإليمان واإلرادة ولكن ال يكفي ال ب ّد من توجيه وتخطيط ح ّتى ال تضيع األرواح سدى ببندقية محت ّل جبان يغتال العزل» ،ويتابع: ّ الخط الفاصل سأح ّقق شيئاً ،وبالفعل ح ّققت .ال ّتضامن ظننت بذهابي إلى مع فلسطين اليكون بإلقاء الرّ وح كيف ما كانت وال بالمظاهرات «السّلميّة» فوقتها سقط 12شهيد ومئة جريح .ال ّتضامن يكون بال ّتوعية ،بالعلم وباالستعداد بك ّل أنواع القوّ ة وأخيراً بالمقاطعة والّتي هي أصغر أنواع ال ّتضامن .ولكن لألسف شعوبنا اليوم متضامنة مع العدوّ وليس مع إخوانها .كونهم ساكتين وغافلين عن الّذي يحدث هذا ال يعني أ ّنهم غير متضامون مع أحد ،بل هم موافقون على الّذي يجري وواقفون مع العدوّ . وأخيراً ,أريد من أهلي مسامحتي كوني لم أشاركهم الحدث وبأن ال يلموني ألنّ ك ّل ما أردته من الرّ حلة هو أن يأخذوني إلى فلسطين مخفي دمعة تقول ال أبالي الموت معهم .وكانت آخر القصّة التي رواها ًّ ّ واشتقت لل ّ شهادة ولكن ال ب ّد أن يدفع العدوّ الثمن عال.
الهوية نور صادق ويستمرّ العراك في األرض المقدّسة! في ال ّتاريخ ،لك ّل شيء نقطة تحوّ ل إلاّ فلسطين! منذ األزل ح ّتى اآلن والمعارك مستمرّ ة بين أسوار القدس وأكنافها ،فك ّل األمم والحضارات طمعت بالقدس :هذه المدينة تر السّالم يوماً! الّتي جمعت ك ّل األديان وخلقت للسّالم لك ّنها لم َ في أيّامنا ،حدث ما هو أسوأ من أشرس المعارك التي تعرّ ضت لها األرض المقدّسة؛ مؤامرة صهيونيّة عالميّة جعلت فلسطين إلى ما هي عليه اآلن :ش ّتتت شعبها ،جعلت القتل وال ّد ّم عادة ح ّتى أصبح ّ الظلم كلمة ال يمكنها ال ّتعبير على ما ح ّل بفلسطين! لذا فإنّ ال ّتضامن مع حق هذا ال ّ ال ّ شعب الفلسطينيّ هو أق ّل ما يمكن القيام به لنصرة ّ شعب وهذه األرض التي شبعت حروبا ً ومعارك .السّؤال المه ّم الّذي يجب أن يطرح بمفهوم كلمة «ال ّتضامن» :هل ما تزال فلسطين القضيّة األساسيّة في الوطن العربي؟ إنّ هذا السّؤال طرح وسيظ ّل يطرح في عدّة مفاهيم ومراحل تعلن أنّ ما هو قائم اآلن هو ال ّتناقض خاصّة في الدّول العربيّة شقيقة» .كانت مركزيّة القضيّة الفلسطينيّة ّ «ال ّ تتمثل باألنظمة واألحزاب القوميّة الّتي ينصّ دستورها على ال ّتعامل مع القضيّة الفلسطينيّة على أ ّنها قضيّة أساسيّة لمواجهة اإلستعمار واإلمبرياليّة عبر رفض وجود أيّ كيان إسرائيليّ صهيونيّ في األراضي العربيّة .فلم يكن تحرير فلسطين خياراً تطوع ّيا ً إنسان ّيا ً بل كان مهمّة يجب تنفيذها ألنّ وجود إسرائيل في فلسطين هو استعمار بح ّد ذاته للدّول العربيّة .ولكن هذا اإلستعمار لم يكن عسكر ّيا ً بل إعالم ّياً ،إذ قام اإلعالم في الوطن العربّي على ّ بث األيدوليجيّة الصّهيونيّة ونشر األفكار السّامّة بين عقول ال ّ شباب لتوجيه أفكارهم ألبعد ما يكون عن القوميّة العربيّة وأهميّة مشاركتهم في طرد الكيان الصّهيونيّ بك ّل الوسائل المتاحة لهم. عند ال ّتح ّد ث إذ ا ُ عن تضامن العرب مع القضيّة الفلسطينيّة ومع الفلسطينيّين يمكن ال ّتكلّم عن الخيانة! والحديث عن الخيانة حديث عتيق
كانون األول December 2015 |2015 بدأ منذ أن وضع اليهود أقدامهم على أرض فلسطين في بداية القرن الماضي تمهيداً إلحتالل فلسطين .لكن رغم قدم هذا الحديث ،ذكره مليئ باألسى وال ّتحسّر إل ّنه لمؤلم أن تسبّب خيانة من تحدّث بلساننا العربيّ سفك دماء بريئة وضياع األراضي المق ّدسة في أيد أنجاس أذكياء برعوا في استخدام سالح الخيانة! استعمله العدوّ عن طريق تجنيد أفراد من العرب غيّروا انتمائهم لدينهم أو لوطنهم أو لمعتقداتهم ّ مخططاته بنجاح وإحباط ال ّتحرّ كات المعادية .ليس ليسهّل عليه تنفيذ غريبا ُ إذاً أن يعلو صوت الخيانة في الوطن العربيّ بعد ك ّل األحداث المشرفة الّتي صدرت من الدّول العربيّة ال ّ شقيقة! فقبل حرب 1973بساعات هبط حاكم عربيّ مطار بن جوردن ليبلّغ جولدا مائير بقرار الحرب ض ّد إسرائيل ،ورحّ بت قضيّة فلسطين بمجازر دمويّة من أش ّقائها في لبنان واألردن بتصفية الفلسطينيين في صبرا وشتيال وأيلول األسود وت ّل ّ الزعتر .وكانت عالقة تونس والمغرب بدولة اإلحتالل سرّ اً ح ّتى جاء السّادات وأزال جدار ال ّتعمية واالستيحاء بتالوته لكامب ديفيد ،فانقسم الرّ أي ما بين صوت يصرخ بالخيانة وما بين تبرير بعض الجبناء للواقع واإلعتراف بحالة الضّعف واإلستسالم ،أناس تخشى الموت ففضّلوا رفاهيّة ّ الذ ّل على ال ّ شهادة والموت بكرامة! والمؤسف أيضا ً أنّ كثير ممّن كانت رايات ّ الثورة والمقاومة تعلوا طريقهم قد انحرفوا عنها بدون استحياء ،فسلكوا طريق المفاوضات وتخلّوا عن مبادئهم ح ّتى وصلوا إلى أوسلو ودخلوا األراضي الفلسطينيّة بإسم السّلطة الفلسطينيّة ،ولكن قووم واعتقل ك ّل من ينادي ّ بحق استرجاع أمالك أجداده وح ّقه الّذي سلب منه مرّ تين! وهكذا بعد أن كانت القضيّة الفلسطينيّة على سلّم أوليّات القضايا اإلقليميّة ،أضحت في أدنى هذا ال ّسلّم أل ّنه اعتقد الكثير أن تج ّنبها سيجلب األمان واإلستقرار .إ ّنهم يفلسفون الخيانة بالمصالح والحنكة السّياسيّة الّتي لم تجلب سوى الهالك والفتن والحروب للدّول العربية كما هو الحال اآلن! وأخيراً ّ يتلخص الحديث بمعرفة أنّ من خان فلسطين هو ك ّل من له مصلحة في بقاء إسرائيل وقتل المجاهدين ووقف المقاومة والحرص على شغل العرب بالفتن والحروب لحفظ السّلم واألمان للعدوّ .لقد باع األقصى وتخلّى عن القدس الّتي تصارعت عليها أعظم األمم الّتي شهد لها ال ّتاريخ بثمن بخيس ،ووقف كصنم بال حراك يشاهد القدس وهي تغتصب ...فما أشرفه!
5
«عِ ْل ُم ال َّن ْك َبة » َ ١٩٤٨وال َّث ْو ُ رات العرب َّية ٢٠١٠ كيالي عالء ّ
كانون األول December 2015 |2015 زريق إلى ا ِّتخاذ ال ِّنضال سبيلاً للوصول إلى هذا «االستحقاق» ال ِّنضال في السُّبل العلميَّة وال َّتقنيَّة لكي ال يكون العلم قي ًدا للمجتمع العربي يفرِّ قه عن غيره من المجتمعات المتطوِّ رة .وليكون ال ِّنضال سبي َل الوحدة العربيَّة وتقديم مصلحة المجتمع على مصلحة الفرد ومصلحة اإلنسان الغير على المصلحة ال َّشخصيَّة. َّس ْ ت علمًا كاملاً يدور حول القضيِّة قد يكون زريق من القلَّة الَّتي أس َ الفلسطينيَّة ليسمِّيه «علم ال َّنكبة» كما أوردَ ذلك في إحدى مقاالته قائلاً : «كيف نطالب بالمعالجة العلميَّة ألدنى شؤؤننا أه ِّمي ًَّة ،وال نشعر بمثل هذه الحاجة عندما نتص َّدى ألعظم ال ُّشؤون والقضايا وأبلغها أثرً ا في 4 حاضرنا ومستقبلنا». كما ويكتب المجذوب نقلاً عن زريق: «أليس من العجيب أ َّننا نو ِّفر لشبابانا الوسائل العلميَّة للتخصُّص ِّ بالطب أو العمارة أو ِّ الزراعة أو الصِّناعة ،وال نشعر بضرورة هذا 5 االختصاص في قضيَّة تمسُّ جوهر وجودنا ومصيرنا كأمَّة؟» أعلى زريق من أهميَّة ال ِّدراسة العلميَّة لألسباب وال َّتداعيات وق َّدم البحث العلمي الموضوعي وال َّدقيق لل َّنكبة على جميع األصوات ال َّتحرُّ ريَّة األخرى. َّ محطة اإلذاعة بعد إعالن قيام إسرائيل بأسبوعين ،خرج زريق على اللُّبنانيَّة بكلمة بعنوان «لماذا نجاهد في فلسطين؟» وأجاب:
يكتبُ قسطنطين زريق 1في صحيفة الحياة في الخامس والعشرين الثاني 1991وبعد اندالع حرب الخليج َّ من كانون َّ الثانية بتسعة أيَّام« :في األيَّام األولى بعد حرب 1948م وقيام إسرائيل وتهجير العرب الفلسطينيِّين والعجز الَّذي بدا من ال ُّدول العربيَّة وجيوشها، ن َّف ْث ُ ت عمَّا كان يجو ُل في نفسي من خواطر مقلقة بكت ِّي ٍ ب دعوت ُه «معنى ُ حاولت فيه أنْ أحلِّ َل األسباب البعيدة والقريبة لتلك الواقعة ال َّنكبة»... َّ في ضوء االمتحان ال َّداخلي وال َّنقد الذاتي ،وأنْ أتلمَّس ُس ُب َل الخالص من الضَّعف الَّذي ك َّنا نعانيه ،وأتبيَّن الوسائل الَّتي يتح َّتم علينا ال َّتجهُّز بها للظفر بالمعارك المقبلة ،أو على األقل لصون أنفسنا من أخطار ُ فوجدت هذه المعارك وأضراراها .ث َّم وقعت نكبة 1967م ال َّتالية... نفسي مدفوعًا إلى إعداد كتيِّب آخر دعوته «معنى ال َّنكبة مج َّد ًدا»، ُ جريت فيه على مثال الكتيِّب األوَّ ل في محاولة تحليل األسباب وتقويم ت اآلن هذه الحرب المشتعلة لتثير ال َّنتائج واستخالص العبر .وقد جاء ِ في نفسي ال َّتساؤل عمَّا إذا كان يجب متابعة الجهدين السَّابقين بتحليل مشابه لهما يُدعى «معنى ال َّنكبة مثلَّ ًثا» .والواقع أنَّ هذه ال َّنوائب ليست محصورة في الحروب وهزائمها وخسائرها ،بل تمتد إلى غيرها من 2 نواحي الحياة». ليقف أما َم لقد كان زريق على درجة من الوعي بالقضيِّة الفلسطينيَّة َ أكثر المواضيع محوريَّة محلِّلاً وشارحً ا ومف ِّ صلاً ليفرِّ ق مثلاً بين الحق واالستحقاق .ليقول أنَّ الحق العربي ال يُستعاد من المغتصب ،على تع ُّدد المغتصبين ،إلاَّ «بقدر ما يُسْ َت َحق» وبال َّتالي بقدر ما يعمل صاحب هذا الحق ،الفرد والمجتمع العربي ،في سبيل استرداده وحمايته 3.فدعا
«لنر َّد عن أنفسنا االعتداء ولنحمي كياننا من ال َّتح ُّكم واالستعمار. فالقوى ا لَّتي تملكها الصُّهيونيَّة كفيلة ،إذا تس َّنى لها االستقرار في فلسطين ،بتهديد استقالل جميع البالد العرب ًّية وش ِّل حيويَّتها وقدرتها على ال َّتق ُّدم وال َّتطوُّ ر .ونحن ال نجاهد من أجل ح ِّقنا فحسب ،بل كذلك ألجل مبادئ تهم كل شعب يقيم في أرضه وأرض أجداده ،ويحق له 6 البقاء فيها واستثمارها وتطبيق ال ِّنظام الَّذي يالئمه فيها». درس واقع القضيَّة الفلسطينيَّة منذ بداياتها تم َّتع زريق بفكر نقديٍّ َ ٍ األولى وطرح سبل عالجها وقرأ المستقبل في حال فشل المجتمع العربي في خوض هذه المعركة الحتميَّة مع الصُّهيونيَّة العالميَّة .واليوم سبع وس ِّتين سنة على ال َّنكبة بل ال َّنكبات المتتابعة على المجتمع وبعد ٍ الذريع الَّذي َّ العربي ،وبعد الفشل َّ تمثل به العربي في صراعه مع المشروع الصُّهيوني ،نرى أنَّ تو ُّقعات زريق قد تح َّققت وأنَّ المشروع الصُّهيوني َ بات العقبة األولى واألخطر في سبيل أيِّ مشروع تحرُّ ري، ال من نير الصُّهيونيَّة فحسب بل من نير االستبداد العربي أيضًا. 7 يصف زريق إسرائيل بأ َّنها« :أقوى شوكة في جسم األمَّة العربيَّة» ويدعو كذلك إلى تغيير مركزي في قضيَّة الوحدة العربيَّة ألنَّ جس ًدا غريبًا بات يقطن في قلب البالد العربيَّة 8.وبذلك يربط زريق بين وجود الكيان الصُّهيوني وأوضاع المجتمع العربي .ويكون ذلك الرَّ بط على مبدأ ال َّت ُّأثر وال َّتأثير المتبادلين وأنَّ السَّبيل األوَّ ل واألنجع في خوض هذه المعركة هو القضاء على ال َّتخلُّف في البالد العربيَّة .وي َّتخذ معركة القضاء على ال َّتخلُّف المعركة الكبرى ،على عكس بعض المف ِّكرين اآلخرين ممَّن يعتبر الصِّراع اإلسرائيلي المَّا ِّدي واآلني هو القضيَّة األهم. يق ِّدم زريق الوسيلة على الهدف األساس ،الوسيلة هنا هي ال َّتق ُّدم والعلم والحضارة ومن ث َّم يأتي الهدف وهو القضاء على الكيان الصُّهيوني وتحقيق الوحدة العربيَّة ،كما يرى زريق .ويدعو الستعمال
ق بالجامعة األمريكيَّة في بيروت ليدرس الرِّ ياضيَّات ومن ث َّم درسَ التَّاريخ .نا َل درجة البكلوريوس في اآلداب سنة 1928م .عاصر في فترة دراسته في الجامعة األمريكيَّة عددًا من المف ِّكرين القوميِّين مثل ُ 1ولِ َد زريق في حي القيمريَّة في دمشق يوم .1909\4\18هاجر إلى لبنان ليلتح َ أنطون سعادة وميشيل عفلق وغسَّان تويني وساطع الحصري وغيرهم .حص َل على درجة الماجستير في اآلداب من جامعة شيكاغو سنة 1929ثُ َّم الدُّكتوراه في الفلسفة سنة 1930م من جامعة برنستون .أقام في بيروت وعلَّم في الجامعة األمريكيَّة حتَّى 1945م .عمل رئيسًا للجامعة السُّوريَّة في دمشق ما بين 1949م و1952م ونائبًا لرَئيس الجامعة األمريكيَّة في بيروت بين 1947م و1949م .وتوفِّ َي سنة 2000م. مقال له بعنوان «الدكتور قسطنطين زريق الباحث في القضيَّة الفلسطينيَّة» من كتاب «قسطنطين زريق 65عا ًما من العطاء» الصَّادر عن مكتبة بيسان للنشر والتَّوزيع واإلعالم .بيروت ،لبنان1996 .م .ص .91 2صحيفة الحياة في .1991\1\25وقد أورده مح َّمد المجذوب في ٍ
6 العقل والموضوعيَّة في دراسة القضيَّة ومن ث َّم العمل والَّذي يرتكز في الثورة أوَّ لاً على َّ الذات .فتجب َّ مبدأه على العمل على َّ الذات الكتشاف َّ الطاقات الكامنة في الفرد العربي ووضعها في ال َّتطبيق سبيلاً للوصول إلى المجتمع المثالي القادر على العمل بما يؤمن به أوَّ لاً ومن ُث َّم تحقيقه وال َّنجاح بذلك نجاحً ا تا ًّما. األزمة العربيَّة
كانون األول December 2015 |2015 معظم المف ِّكرين آنذاك مع القضيَّة الفلسطينيَّة كقضيَّة عربيَّة وإسْ الميَّة ولك َّنهم ل ْم يوضحوا أنَّ ال َّنكبة هي عربيَّة ال فلسطينيَّة بال َّتحديد .ففي أعار العرب األهميَّة األكبر ،منطل ًقا من إيمانه فهم زريق للقضيَّة َ أنَّ القضيَّة سبيلها العروبة في دراستها والقيام على تحليلها وخوض معركتها وأنَّ سبب هذه ال َّنكبة وأ َث َرها هما ال َّتش ُّتت العربي الَّذي حوَّ ل العرب َّ جثة هامدة أمام الحركة الصُّهيونيَّة الفتيَّة.
9 يقول زريق أنَّ ال َّنظر إلى المجتمع العربي بشكل تحليلي يوصلنا إلى ويرى زريق أنْ ال سبيل إلى خوض الحرب مع الكيان الصُّهيوني دون توضيح أزمته عن طريق أسباب ثالث: «تدخل القوى ال َّشعبية في ساحة ال ِّنضال»12.وإ َّن ُه ليس من الممكن أنْ ِّ *األوَّ ل :الوضع العالمي المتأزم والَّذي يش ِّكل العربي جزءًا منه بسبب يقتصر الجهاد على الحكومات والجيوش ال ِّنظاميَّة وإ َّنما يجب أنْ يمت َّد ت ال َّشعب .وإنَّ القوى ال َّشعبيَّة تشابك المجتمعات في بوتقة عالميَّة واحدة .فيعاني المجتمع العربي من إلى جميع طبقا ِ المشكالت واألزمات العالميَّة كما يعاني العالم من األزمات العربيَّة. «إذا أحسن تنظيمها ،تستطيع أنْ تكون سن ًدا قو ًّيا ،بل أنْ تأتي في بعض َّ َّ *الثاني :ال َّتخلُّف الَّذي يضعنا تحت تسمية «العالم الثالث» أي المتخلِّف األحيان بالضَّربة الفاصلة .هذا ما أثبته ال ِّنضال ال َّشعبي في بولونيا ِّ َّ ً 13 تمييزا عن «العالم األوَّ ل» والمتمثل بأوربا وأمريكا و»العالم الثاني» وروسيا والبلقان وفرنسا وغيرها من ال ُّدول الكبرى والصُّغرى». ِّ المتمثل باال ِّتحاد السوفييتي بعد تشرذمه ،بانهيار ال ُّشيوعيَّة ،إلى دول ِّ ويحذر زريق من خطورة قمع القوى ال َّشعبيَّة في ميادين ال ِّنضال قائلاً : وكيانات صغيرة تسعى ألنْ تكون جزءًا من «العالم األوَّ ل» مع انتماء عب ويعرضون عن ال ِّنضال «أال فليحذر أولئك ا لَّذين ي َّتهمون ال َّش َ بعضها إلى «العالم َّ الثالث». ً ال َّشعبي .فهم بذلك يخسرون عنصرً ا أساس ّيا من عناصر الجهاد ،بل َّ *الثالث :أحوال مجتمعاتنا ال َّد اخليَّة بما فيها من الموقع الجُّ غرافي الطبيعيَّة والبشريَّة وال َّتاريخ الموروث .ويقول زريق أنَّ يكبتون روح ال ِّنضال في صميمها .على أنَّ هذه الرُّ وح ،وإنْ ضعفت والموارد َّ تتمثل بعجز المجتمع العربي على الوقوف أمام المطامع حي ًنا ،فال ب َّد لها يومًا من أنْ تهُبَّ ،وقد تثور على قامعيها أوَّ لاً ُ ،ث َّم هذه األزمة َّ «الثاني» .فإنَّ عجز المجتمع العربي تنطلق في جوانب األمَّة جميعًا ،لتجعل الجهاد لحفظ الكيان وحماية الغربيَّة «العالم األوَّ ل» وأحيا ًنا َّ 14 لاً على مواجهة حركات ال َّتوسُّع واالستعمار وحركة الصُّهيوي َّنة العالميَّة الوطن جها ًدا شام بالمعنى الصَّحيح». ْ الَّتي احتلَّت ب وال َّدمار .وإنَّ ت على المجْ تمعات إلاَّ بالحر ِ واستوطنت في قلب الوطن العربي لتقيم فيه جس ًدا غريبًا .إنَّ ق ْم َع ال ُّشعوب ال يأ ِ ً واألخطر أ َّنها تنبني مجتمعًا حديثا قائمًا على القدرات العسكر يَّة األنظمَّة العربيَّة ممَّن ع ِم َل على توطيد حكم ِه وحكم ولده هي ْ َّأت المنطقة تهميش القوى ال َّشعبيَّة وإبعادها عن القضايا المصيريَّة والعلميَّة وال ِّتقنيَّة مستم َّد ًة مواردها أوَّ لاً من موارد المنطقة العربيَّة لذلك ال َّدمار .فإنَّ َ وثانيًا من ال َّدعم العالمي لها. وكان ذلك اال ْنفجا ُر عبث ًّيا في االنفجار في وجه مسْ تب ِّديها. أوص َلها إلى َ ِ َّ ومنظمًا في بعضه. فإنَّ فعل ال َّتحرُّ ر ،بمعناه المطلق وبوجوهه المختلفة ،واجبٌ للخروج بعض ِه على تح ُّكم اآلخرين ،األجانب المستعمرين والمواطنين المتن ِّفذين .وال ْ ت العربيَّة أنْ أتاحت للقوى الغربيَّة وكان لغباء واسْ تغباء الحكوما ِ َ لاَّ ِّ َّ عمل َّ منظ ٍم يفت ُ ت يكونُ ذلك إ عن طريق النضال الشعبي والجهد الواعي الصَّابر وبناء تحوي َل هذه العبثيَّة إلى اخل العربي .فصار ِ ٍ ك في ال َّد ِ َّ المجتمع العلمي وال ِّتقني الخالي من ال َّشوائب والمصالح الذاتيَّة لينتقل ال ُّشعوبُ بين خيارين كالهما أقب ُح من األخر ،إمَّا أنْ َيسْ تمرَّ ُّ الطغاةُ إلى المصلحة العليا. في حكم البالد وإمَّا أنْ تكون هذه القوى َّ ً تابعة لجها ٍ ت أجنبيَّة. الث ْوريَّة ِ «لقد تحوَّ ل ال َّتش ُّتت وال َّتشرُّ د من اليهود إلى العرب .فبعد أنْ كان العرب المثال ال رفض البعض اال ْنقيادَ إلى هذين الخيارين فكان ،على سبيل َ ِ ال يعترفون للمشرَّ دين اليهود بحق ...إذ بال ُّد ول العربيَّة تستعطف وكان معاذ الخطيب في سوريا. الحصْ ر ،الرَّ ئيس مرسي في مصر َ َ َّ المنظمات ال ُّدوليَّة إلعادة مشرَّ دي العرب إلى بالدهم الواقعة تحت الحكم تلك القوى ال َّشعبيَّة على ما ْ ه ْل يُمكنُ ألت إلي ِه خيارا ُتها لعاقل أنْ يلو َم َ ٍ 10 ً شرطا لتحويل «وقف القتال» إلى هدنة». الصُّهيوني وتجعل ذلك ت العربيَّة هي الَّتي هي ْ َّأت وأع َّدت ال َّتحرُّ ريَّة والمصيريَّة! أ ْم أنَّ الحكوما ِ بقسم سمَّاه «فداحة ال َّنكبة» ومن ث َّم افت َتح زريق كتابه «معنى ال َّنكبة» ٍ ُّ ُ َ تمع العربيَّ لذاك االنفجار العبثي بعد أنْ والكبت بالظل ُم ضاق المُجْ َ تح َّد َ ث عن الوضع الَّذي آلت إليه البالد العربيَّة في خضم الكارثة من ُّ والطغيان. ال َّتش ُّتت وضياع السَّبيل على الرَّ غم من جميع طاقاتها وإمكاناتها الماديِّة حواضن لك ِّل ما الماضية َّنوات س ال خالل كانت َّة ي العرب ت الحكوما والطاقات إنَّ َّ الطبيعيَّة واألعداد البشريَّة َّ القائمة على الموارد َّ ِ َ والثروات ُّ َّ نراهُ اليوم من القتل والتشريد والحرب .ألنَّ الظل َم سببٌ رئيس لك ِّل ما المعنويَّة القائمة على الحق وال ُّشعور القومي .ليقول: ُّ «ولعمري! إنَّ هذا االنتكاس المعنوي الرُّ وحي ألهم من الخسارة يدو ُر في هذه المنطقة من األرض .وإنَّ ظلم الطغا ِة العرب واسْ تهانته ْم ت عزمه وخسر ثقته بنفسه ،بشعوبهم أودى ببعضهم إلى الهالك وما مصي ُر البقيَّة إلاَّ كسابقيهم. الماد َية مهما عظمت ،ألنَّ ال َّشعب إذا تف َّت َ ِّ فقد أضاع خير ما يملك وعجز عن أن ينهض بعد كبوة ،أو أنْ ينفض السُّؤال األن ،وإنْ متأخرً ا ج ُّدا بعد مضيِّ نحو سبعين سنة على كان َ َ 11 غبار ُّ الذ ِّل والخذالن». عن نفسه َ ال َّنكبة ،هل يستطيع العرب تحرير فلسطين المحتلَّة وهم أنفسهم يعيشون أدرك زريق ال َّنكبة على خالف بعض الف ِّكرين ممَّن درسوها كحالة في ظ ِّل أنظم ٍة عرب َّي ٍة طاغية ومُسْ تب َّد ة؟ حسب المنطق العقلي أوَّ لاً ْ لقد َ ً َّ فلسطينيَّة تنحصر في الحدود الجغرافيَّة والتسميات ال ُّدوليَّةْ . لقد تعامل ونظريَّة زريق ثانيًا ،يكون الجواب بديه ّيا باالسْ تحالة .كما وال أ َّدعي 3األعمال الفكريَّة الكاملة .المجلَّد األوَّل .ص .28 4مقال عن «علم النَّكبة» األعمال الفكريَّة الكاملة ،المجلَّد الرَّابع .ص .1670 -1667 مقال له بعنوان «الدكتور قسطنطين زريق الباحث في القضيَّة الفلسطينيَّة» من كتاب «قسطنطين زريق 65عا ًما من العطاء» الصَّادر عن مكتبة بيسان للنشر والتَّوزيع واإلعالم .بيروت ،لبنان1996 .م .ص .96 5مح َّمد المجذوب في ٍ مقال له بعنوان «الدكتور قسطنطين زريق الباحث في القضيَّة الفلسطينيَّة» من كتاب «قسطنطين زريق 65عا ًما من العطاء» الصَّادر عن مكتبة بيسان للنشر والتَّوزيع واإلعالم .بيروت ،لبنان1996 .م .ص .95 6مح َّمد المجذوب في ٍ
7
كانون األول December 2015 |2015
هدف هذه َّ الثورات ،والَّتي حُوِّ ْ كان الوصو َل إلى أنَّ لت حروبًا أهليَّةَ ، َ تحرير فلسطين من االحتالل الصُّهيوني .فال يُمكنُ أنْ نطلب ممَّن َ لاً َّ وُ ضِ َع السِّكينُ على رقبته حماي َة رقب ِة جاره أو أخيه .ل ُه أوَّ أنْ يتخلص ليكون قادرً ا على مواجهة ُّ دارهُ الطغا ِة اآلخرين. َ من طاغيته الَّذي يسكنُ َ عوب العربيَّة اليوم تسي ُر على َّ الطريق الصَّحيح كذلك ال أقو ُل أنَّ ال ُّش َ َ َ المنطق العقلي يقول أيضًا إلى سيوصلها الَّذي تحرير فلسطين .ولكنَّ ِ بأنَّ هذه المجتمعات ستج ُد ،وإنْ َّ تأخ ْ رت ،ضالَّتها لتتحرَّ َر أوَّ لاً من ً فوعة بالضَّرورة السْ تكمال أنظمتها االسْ تبداديَّة ومن ث َّم ستكونُ َم ْد َّ الطريق في اسْ المرض العربي. تئصال ِ ِ إنَّ َّ ت العربيَّة ل ْم ُتب ِّد ْل «القضيَّة الفلسطينيَّة األم» بقضايا الثورا ِ هي في سبيلهاَ .وإنَّ في تحرير ال ُّشعوب ال َّتحرُّ ر العربيَّة الوليدةَ .ب ْل َ العربيَّة إعاد َة إحيا ٍء للقض َّي ِة الفلسطينيَّة الَّتي ملَّ ْ ت خيانة طغا ِة العرب لها .ويكونُ ال َّتحرُّ ُر بال ُّسب ُِل العلميَّة واألكاديميَّة .ويكون بتثقيف الجيل العربي وتجهيرزه لمعركة الع ِْلم أوَّ لاً قب َل معارك َّ ت وال َّد ِم الطائرا ِ وال َّنار .يجب على العقل العربي أنْ يلدَ ف ْكرً ا َتحرُّ ر ًّيا جدي ًدا يتماهى مع ومن هناك ,فإن الرئيسي الفنزولي الراحل «هوجو شافيز» الذي العقل أنْ يكون جسد نموذجا ً رائعا ً للتضامن مع قضية فلسطين ,لم يكن منقطع الجذور قضاياه االجتماعيَّة والسِّياسيَّة واالقتصاديَّة .وإنَّ لذلك ِ و الصلة بمن سبقه ,و لن يكون ذلك مع من سيعقبه في هذا المجال. كفيلاً بإعادة إحياء الجسد العربي. و ثمة العديد من العناصر التي جعلت من نموذج «شافيز» هذا في التضامن مع القضية الفلسطينية موضع تأمل و تقدير استثنائيين .و أول هذه العوامل هي شخصية شافيز ال ّتواقة الى الحرية و التحرر ,المؤمنة بمادئ الثورة البوليفارية -نسبة الى سيمون بوليفار بطل استقالل المستعمرات اإلسبانية السابقة في اميركا الالتينية في القرن التاسع عشر -فهو بذلك المس جوهر القضية الفلسطينية ,و توحد معها في الجوهر حيث أكد في تصريحات متعاقبة بأن «قضية فلسطين قضية بوليفارية» و «أن فلسطين هي فنزويال ,و فنزويال هي فلسطين». ث ّم أكد موقفه بتصريح له في أعقاب زيارته لدمشق في ديسمبر من العام 2013حيث قال فيه« :اسرائيل تحولت الى دولة قاتلة في خدمة االمبريالية».
من نير االستعمار و استقالل أوطانها .كما أن اإلرهاب الصهيوني المستمر طوال العقود الستة الماضية ,و بأبشع صوره ظل العامل المؤجج لمشاعر تعاطف و تضامن أحرار العالم مع القضية الفلسطينية المحقة .و ما حمالت التضامن الواسعة مع القضية الفلسطينية في أربع جهات الكرة األرضية حتى أيامنا هذه إلاّ دليالً ساطعا ً على هذه الحقيقة ,خصوصا ً أنها تتوازى في نفس الوقت مع حمالت متزايدة في اتساعها لمقاطعة «إسرائيل» في األوساط الشعبية و اإلقتصادية و اإلجتماعية و حتى األكاديمية في مختلف قارات العالم و دوله .و لع ّل قارة أمريكا الجنوبية تشكل نموذجا ً بارزاً لدراسة مستوى تضامن الشعوب و النخب مع القضية الفلسطينية على إمتداد العقود الماضية وصوالً إلى أيامنا هذه .و يمكن للباحث في صفحات التاريخ الحديث أن يجد العديد من نماذج التضامن و أشكاله المتنوعة التي تعكس روح التضامن الصادق مع القضية الفلسطينية لدى هذه الشعوب و نخبها و رموزها.
ال ّتضامن مع القض ّية الفلسطين ّية «هوجو شافيز» نموذجا ً
رميا جودة منذ تبلور القضية الفلسطينية في أوائل القرن العشرين وصوالً الى إعالن قيام «إسرائيل» في العام ,1948إكتسبت تلك القضية تعاطفا ً بل و تضامنا ً دوليا ً في مختلف أرجاء العالم كقضية إنسانية تحررية ُّ يعتز بحريته ,في هذا العالم أن يتضامن معها تفرض على كل حرّ , إنساجما ً مع ذاته و قناعاته .إذ أنّ القضية الفلسطينية بأبعادها النظرية و الواقعية تختزن الكثير من العوامل التي تضعها موضع ذلك التعاطف و التضامن الدولي الواسع .كيف ال و هي قضية شع ٍ ب شرد من أرضه التي أغتصبت لتعطى لمجموعات يهودية متناثرة في مختلف أرجاء العالم لتستوطن تلك األرض المغتصبة في اطار المخطط الصهيوني, وفقا ً لوعد «بلفور»-وزير خارجية بريطانيا العظمى انذاك التي كانت فلسطين تحت سلطة انتدابها -في مفارقة صارخة ,إذ تجسدت مقولة «وعد من ال يملك لمن ال يستحق» .إن تلك المفارقة-الجريمة بحق االنسانية و التي استندت في جوهرها الى تحالف عضوي بين القوى االستعمارية ممثلة وقتها ببرطانيا و بين المخطط الصهيوني ,أعطت القضية الفلسطينية جوهرها كقضية تحرر انسانية لشعب يواجه أعتى قوى الظلم و العدوان في تلك الحقبة التي كانت تشهد تحرر الشعوب
-1مواقف سياسية تضامنية وصلت الى حد قطع العالقات الدبلوماسية مع «اسرائيل» رداً على العدوانية ضد قطاع غزة في األعوام 2008 و .2012كما فعل من قبل إثر حربها العدوانة ضد لبنان العام .2006
7األعمال الفكريَّة الكاملة ،المجلَّد الرَّابع .ص .1651 8األعمال الفكريَّة الكاملة ،المجلَّد الرَّابع .ص .1653 9مقدمة األعمال الفكريَّة العامة للدكتور قسطنطين زريق. 10قسطنطين زريق .معنى النَّكبة .بيروت ،لبنان .دار العلم للماليين .الطَّبعة األولى ،آب .1948ص .6
11قسطنطين زريق .معنى النَّكبة .بيروت ،لبنان .دار العلم للماليين .الطَّبعة األولى ،آب .1948ص .7 12قسطنطين زريق .معنى النَّكبة .بيروت ،لبنان .دار العلم للماليين .الطَّبعة األولى ،آب .1948ص .31 13قسطنطين زريق .معنى النَّكبة .بيروت ،لبنان .دار العلم للماليين .الطَّبعة األولى ،آب .1948ص .32 14قسطنطين زريق .معنى النَّكبة .بيروت ،لبنان .دار العلم للماليين .الطَّبعة األولى ،آب .1948ص .34
إن هذا الموقف المبدئي في التضامن مع فلسطين و قضيتها تحوّ ل الى برنامج عمل رسمي و حكومي إستمر طوال سنوات حكم الرئيس شافيز ,بل و أسس له ليكون برنامج عمل َخ َلفِه الرئيس الحالي نيكوالس مادورو .و من أبرز شواهد هذا البرنامج التضامني «التشافيزي»:
8
كانون األول December 2015 |2015
فس األخير من أجلها وهوما لم تفعله العديد من دول العالم ,بما في ذلك بعض الدول العربية .لألجيال القادمة من باع فلسطين ومن قاتل ح َّتى ال َّن ِ وفي أعقاب العدوان على غزة عام 2009أطلق تصريحات قال فيها :وحريَّتها .حدثتني ج َّدتي عن الشهيد القائد عبد القادر موسى كاظم بن «ينبغي جرالرئيسي اإلسرائيلي الى محكمة دولية و معه الرئيس سليم الحسيني. االميركي لو كان لهذا العالم ضمير حي». وُ لد الشهيد في ربيع عام 1908في اسطنبول في كنفِ عائل ٍة امتازت -2برنامج دعم و اسناد للشعب الفلسطيني كبناء مستشفيين ,واحد في بالنضال والتضحية .وُ لد من رحم أ ٍّم فلسطينيَّة تو ِّف َيت بعد عام ونصف غزة و بلغت تكاليفه 8مليون دوالر و أخر مماثل في رام هللا ,و العام من والدته .والده موسى كاظم الحسيني ،هو شيخ المجاهدين حمالت التبرع التي وصلت احداها الى عشرة ماليين دوالر دعما ً لغزة .في فلسطين .هو الذي رصَّع حياته بالمواقف البطولية ابتدا ًء من رفع -3توقيع « 14إتفاقية تعاون» بين فلسطين و فنزويال في مختلف الصَّوت في وجه االنتداب البريطاني ودعوة الشعب إلى التظاهر القطاعات و خاصة اإلقتصادية و الزراعية و الصحية و اإلعالمية ,والسخط في وجه االحتالل وانتها ًء بالمظاهرة الكبيرة في يافا والموافقة فضالً عن إتفاقية تزويد فلسطين بالبنزين و المازوت الفنزويلي بأسعار لتاريخ .1933/10/27والتي أصيب فيها بإصابات بالغة جعلته طريح الفراش وأدت إلى وفاته عام .1934نشأ يتيم األم وأشرفت جدته مخفضّة جداً. -4تقديم 1000منحة للطلبة الفلسطينين للدراسة مجانا ً في فنزويال في نزهة ،بنت علي النقيب الحسيني ،على تربيته هو وأخوته األربعة تخصصات الهندسة المعمارية و الكهربائية و المدنية و الميكانيكية و وأخواته الثالث. البترول و الغذاء و الطب .و قد وصلت أول دفعة من الطلبة الفلسطينين عبر طائرة فنزويلية في تشرين الثاني ,2014و أعقبتها دفعة أخرى أوائل العام .2015 -5قيام فنزويال بإلغاء التأشيرة لكل مواطن يحمل الجواز الفلسطيني (جوازات السلطة) ,و تمكينه الدخول الى فنزويال فوراً و العيش فيها لمدة 3أشهر فقط.
نشأ عبدالقادر بحيِّ الحسينية في القدس وتعلم القرآن الكريم وحفظه في إحدى زوايا القدس .ومن ثم أنهى دراسته األوليَّة في مدرسة «روضة المعارف» .ومن بعدها التحق بالمدرسة العصريَّة وهي مدرسة «صهيون» اإلنكليزية .وحصل على الثانوية بتفوُّ ق .التحق بعد ذلك بكلية اآلداب والعلوم بالجامعة األمريكية في بيروت حيث ُ طرد منها بسبب مواقفه ونشاطاته الوطنية الرافضة للحمالت التبشيرية في الجامعة .فاضطر إلى االلتحاق بالجامعة األمريكية في القاهرة ودرس في قسم الكيمياء .وقام بتأسيس رابطة الطالب الفلسطينيين.لم يُظهر َ نشاطه السياسي آنذاك ،أملاً في الحصول على الشهادة .ولكن هذا لم
إن هذا البرنامج التضامني المبدأي و العملي الصادق الذي أكسب «شافيز» لقب «صديق فلسطين» ,يشكل نموذجا ً فريداً ينبغي أن يُحتذى من كل أحرار العالم ,بقناعة و تضحية ,و بدون أية حسابات يمنعه عن القول في حفل تخرجه وأمام الحاضرين «أن هذه الجامعة مصلحية .و أيضاً ,بدون وصاية أو تنظير على الشعب الفلسطيني حول «األمريكية في مصر» لعنة بك ِّل ما تبثه من أفكار وسموم في عقول ما يجب أن يعمله أو كيف يعمله و بأية أساليب نضالية. الطالب» .ممَّا أ َّدى بإدارة الجامعة لسحب الشهادة منه في اليوم التالي. ولكنَّ الرابطة التي أسَّسها الحسيني قامت بمظاهرة ضخمة نصر ًة له حتى انتهى األمر بحكومة اسماعيل صدقي بطرده من مصر .حيث عاد إلى القدس بعد ذلك. تميَّزت مسيرة الحسيني بالنضال والكفاح المسلَّح والفكري والرفض علي فوَّاز لك ِّل أنواع االستعمار سوا ًء كانت في فلسطين أو في باقي األقطار العربية .فأينما وُ جد الحسيني كان المكان جبهة نضال. عندما عاد إلى القدس كان مؤم ًنا بأن حريَّة فلسطين وشعبها لن تأتي إال بالجهاد .وتأكد هذا الشيء بعد استشهاد الشيخ والبطل عز الدين القسام وهو يدافع عن األرض الفلسطينيَّة سنة 1935في معركة يعبد .ومن هنا كانت البداية حيث قام الشهيد الحسيني بتدريب الشباب الفلسطيني لقتال الصهاينة واالحتالل البريطاني .وبالفعل نجح في ذلك حين قام بأول عمليَّة جهاديَّة عام .1936حيث قام بإلقاء قنبلة على سكرتير عام حكومة فلسطين وتلتها قنبلة ثانية على المندوب السامي البريطاني. وقام أي ً ضا باالشتراك مع الوحدات التي أسَّسها في مهاجمة القطارات اإلنكليزية .كما قام باغتيال مدير شرطة القدس الميجور سيكرست ومساعده .واستمرَّ ت المعارك حتى معركة الخضر الغير متكافئة العدد والع َّدة ض َّد الجَّ يش اإلنكليزي .حيث أُصيب إصابة بالغة كادت أن ح َّد ثتني ج َّد تي عن فارس عربي أصيل كانت القدس بك ِّل معالمها تودي بحياته .عولج وسافر إلى دمشق .وكان له أن يعود إلى القدس وعنفوانها متكرِّ ً هجوم عسكريٍّ على مغتصبة فيغان الصهيونية سة في شخصه ونضاله .جاء في الرَّ بيع مُسرعًا ورح َل عام .1938قام بقيادة ٍ َّ في الربيع مسرعًا. وسطر بدمه أروع البطوالت وال َّتضحيات .وكشف جنوب القدس وانتصر فيه .حيث أُلحقت به إصابة بالغة .قام رفاقه
س في ه ْيئة ُمجاهد القُدْ ُ
9 بإسعافه إلى المشفى اإلنكليزي في الخليل .ومن ثم ت َّم نقلُه إلى دمشق وبعدها إلى لبنان .ومن هنا كانت الجبهة الثانية على الصعيد العربي التي خاضها الحسيني حيث استطاع الدخول إلى العراق بجواز سفر عراقي وعمل مدرِّ ًسا للرياضيات في معسكر الرَّ شيد ثم التحق بدورة عسكرية عام 1940حيث تخرَّ ج برتبة ضابط .وعندما اندلعت ثورة رشيد عالي الكيالني في ربيع عام 1941شارك فيها ضد االحتالل البريطاني حتى وقع في األسر لمدة ثالث سنوات وظ َّل مُعتقلاً حتى تدخل الملك عبدالعزيز آل سعود إلخراجه .أَ َّ ْ فرجت عنه الحكومة العراقيَّة وا َّتجه إلى السعودية مع زوجته وجيهة الحسيني التي تزوجها في القدس عام .1935وظ َّل مقيمًا في السعوديَّة قرابة العامين .حيث ذهب خالل هذه الفترة إلى ألمانيا وتل َّقى فيها دورة تدريبية على صنع المتفجرات وتفكيكها عام .1944 وفي عام 1946بدأ من جديد حيث وضع َّ خط ًة لمحاربة الصهيونيَّة. حيث بدأ بتدريب مجموعات من الشباب المصري للقيام بالعمليات الفدائيَّة .شاركت هذه المجموعات في حرب فلسطين وفي حرب القناة ضد بريطانيا .قام بإنشاء معسكر على الحدود المصرية الليبيَّة بالتعاون مع الوطنيِّين المصر يِّين والليبيِّين .وقام بال َّتنسيق مع ال َّشيخ أمين الحسيني ،قائد الهيئة العربية العليا ومفتي فلسطين ،من أجل تمويله ودعمه على جبهات القتال في فلسطين .كما أنشأ أيضًا َمصنعًا إلعداد َّ ومحطة إذاعيَّة لتشجيع المجاهدين ومحطة السلكيَّة في بير المتفجِّ رات مقرا للقيادة العامَّة .كما أنشأ أيضًا جهاز للمخابرات. زيت الذي اتخذه ًّ بعد قرار ال َّتقسيم في 29تشرين الثاني عام 1947عاد الحسيني إلى فلسطين حيث قام بتجميع جيش الجهاد المقدس .وقاد معارك كثيرة كمعركة مقر القيادة العسكرية اليهوديَّة في حيِّ سانهدريا ومعركة صويريف البطوليَّة في السَّادس عشر من يناير عام 1948والتي قُتل فيها خمسون يهودي كانوا مجهَّزين بأحدث األسلحة الثقيلة ،ومعركة بيت سوريك ومعركة رام هللا -اللطرون ومعركة النبي صموئيل. ً إضافة إلى الهجوم على مغتصبة النيفي يعقوب وال ننسى أيضًا معركة بيت لحم ال ُكبرى. وفي أواخر آذار عام 1948غادر الحسيني القدس ذاهبًا إلى دمشق لالجتماع بقادة الَّلجنة العسكريَّة لفلسطين التابعة لجامعة الدول العربية للحصول على السِّالح من أجل ال ِّدفاع عن فلسطين وتحريرها. تتح َّد ُ دار بين عبد القادر الحسيني ث ُكتبُ ال َّتاريخ عن هذا الِّلقاء الَّذي َ واللجنة العسكرية .يقو ُل الحسيني ،رحمه هللا ،أنَّ الَّلجنة العسكريَّة طالبته بعدم افتعال تصرُّ فات فرديَّة ،وأنَّ جامعة ال ُّدول العربيَّة قد أَ ْ وكلت قضيَّة فلسطين إلى لجنة عربية عسكريَّة عليا .وطالبوه بعدم الذهاب نحو القسطل ،فقال ر ًّدا عليهم : « إ َّنني ذاهب إلى القسطل وسأقتحمها وسأحتلُّها ولو أ َّدى ذلك إلى ُ الموت أحبَّ إلى نفسي من هذه موتي ،وهللا لقد سئِمت الحياة وأصبح المعاملة التي تعاملنا بها الجامعة .إ َّنني أصبحت أتم َّنى الموت قبل أن أرى اليهود يحتلُّون فلسطين ،إنَّ رجال الجامعة والقيادة يخونون فلسطين». عاد إلى القدس مج َّد ًدا َفور علمه بمعركة القسطل ،التي بدأت بشائرها كيس من الرصاص .ولم نصف وهو خارج القدس .حيث كان عتاده َ ٍ تكن ال ُّدول العربيَّة تريد المواجهة مع بريطانيا .ورأت أنَّ أيَّ عمل عسكريٍّ اآلن سيعني مواجهة حتميَّة مع بريطانيا .ولكنَّ الحسيني بدأ
كانون األول December 2015 |2015 بإرسال المتطوِّ عين من الحركات اإلٍسالميَّة في فلسطين ومصر وما حولها .ومن ث َّم قام بتطويق القسطل .وطلب العون مرَّ ة أخرى من القيادة العسكريَّة .وأرسل إليهم أ َّنه وبمساعدتهم سينهي الوجود اليهودي في القسطل .لكنَّ القيادة العسكريَّة للجامعة العربية أصرَّ ت على موقفها. وأثار ذلك التر ُّنح في مواقف الجامعة العربية حفيظة الحسيني ،وثارت ثائرته فأطلق صيحته قائلاً : ُّ أحق بالسِّالح الم َُخ َّز ن من المزابل ،إنَّ ال َّتاريخ سي َّتهمكم «نحن بإضاعة فلسطين .وإ َّنني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم»وهزأ فيه طه الهاشمي وأخبره أنَّ لدى ا لَّلجنة العتاد والسِّالح ،ولك َّنها لن تعطيه لعبد القادر ،وأ َّنها ستنظر باألمر بعد 15 مايو فكان رد الحسيني عليه: «وهللا يا باشا إذا تر َّددتم وتقاعستم عن العمل فإ َّنكم ستحتاجون بعد 15 مايو إلى عشرة أضعاف ما أطلبه منكم اآلن .ومع ذلك فإ َّنكم لن تتم َّكنوا من هؤالء اليهود .إ ِّني أُشهد هللا على ما أقول ،وأحمِّلكم سل ًفا مسؤولية ضياع القدس ويافا وحيفا وطبريَّة ،وأقسام أخرى من فلسطين ».وفي رسالة َّ موثقة كتب القائد عبد القادر فيها إلى األمين العام لجامعة ال ُّدول العربية قائلاً « :إني أُحمِّلكم المسؤولية بعد أن تركتم جنودي في أَوج عون وال سالح». انتصاراتهم بدون ٍ وقام الحسيني باقتحام القسطل ،هو وعدد من المجاهدين ووقعوا في فخ صهيوني حيث قاموا بمحاصرتهم .وصلت األخبار بأنَّ الحسيني تحت حصار الصهاينة ،فهبَّت الناس من كل أرجاء فلسطين لنجدته. وعندما وصلوا إلى القسطل قاموا بقتال الصهاينة وطردهم .وخالل عمليَّة تمشيطهم لشوارع القرية وجدوا القائد الحسيني وقد ارتقى شهي ًدا في َّ الثامن من نيسان .وذاع الخبر بين الناس في حالة من الحزن ال َّشديد لفقدان قائ ٍد ٍّ فذ وسياسيٍّ فلسطينيٍّ مُخضرم .قام ال َّناس بتشييع الحسيني ودفنه في مقبرة باب الحديد بجوار أبيه. ال تستطيع ذكر القدس دون ذكر القائد الحسيني ،فهي مقرونة به وبجهاده .كان يقو ُد شعبًا كاملاً بكا َّفة أطيافه تحت راية المجاهد الفلسطينيِّ األصيل وهذا ما نفتقدهُ في القيادة الفلسطينيَّة اليوم.
10
سداس ّية األ ّيام الس ّتة وثنائية اإلنفصال والوصال في أدب إميل حبيبي غ.م وهي صديقة جديدة أحب أن أحدّثك يا ماما عنها .فهي ليست من عندنا بل من حيفا .يعني عربيّة من إسرائيل... سألتها ماذا يحرّ كك في أغنية «راجعون ،راجعون» وأنت لم تنزحي ولم ترجعي بل بقيت في وطنك؟ أجابتنا’ :وطني؟ إنني أشعر أنني الجئة في بالد غريبة .أنتم تحلمون بالعودة وتعيشون على هذا الحلم. أمّا أنا فإلى أين أعود؟ ...إنّ المستقبل الذي أحلم فيه هو الماضي’... اآلن فهمت يا ماما ...ما ك ّنا نعرف مشاعر إخواننا الذين بقوا وال مأساتهم ..فهل هي أكبر من مأساتنا؟ (سداسيّة األيّام الس ّتة ،قصّة الحب في قلبي ،ص)89 – 86 .
وجد إميل حبيبي في السّياسة مهنة وفي األدب هواية وتذوُّ ق ،وش ّكلت بطابع أعماله القصصيّة مساحة لقاء بين األدب والسّياسة وا ّتسمت ٍ ساخر بامتياز .عن الخلط بين السّياسة واألدب يقول حبيبي في مقدمّة ٍ سداسيّة األيّام الس ّتة: «ا ّني احترف السّياسة وأتذوّ ق األدب ،فأسند الواحد باآلخر .وأكتب القصّة في أوقا ٍ ت متباعدة حين يضيق صدري عن آه ٍة ال يقوى صدري ّ على حبسها .ونحن ،رجال السّياسة ،ندرك أنّ التنهد ،مثله مثل الشتيمة، ال يقدّم وال ّ يؤخر .فعلينا أن نصدر عن الواقع ،مهما يكن مؤلماً ،للسّير به إلى األمام ...ولكن على الرّ غم من كل واقعيّتنا ،هل نستطيع أن نمنع اإلنسان عن ال ّتنهد ،والمظلوم عن ال ّ شتم؟» (السداسية ،ص.)8. تجربة حبيبي الغنيّة وتأصّله ّ بالثقافة الشعبيّة وانخراطه في ال ّنضال الوطني زوّ دوه بنظرة الذعة وساخرة تعبّر عن جوهر القضيّة يتوان عن جمع المتناقضات التي الفلسطينيّة بك ّل حسناتها وعللها ،فلم َ تشكل التجّ ربة الفلسطينيّة من أمل وخيبة ،هزيمة ونضال ،وأهم من هذا كله من وصال وفراق .تتميّز السداسيّة كسائر أعمال حبيبي بأسلوب ساخر والذع .والسّخرية في أدب حبيبي حادّة وهادفة حيث أنها تلعب دورا ًفي حماية ال ّنفس من اليأس ،فتكاد أن تكون المتن ّفس الوحيد للتعبير عن المآسي التي ال يقوى الضّمير على حملها وال تقوى ال ّنفس على إيوائها .يقول حبيبي في مجلة «فلسطين ّ الثورة»:
كانون األول December 2015 |2015 «هدفي أن أثبت من وراء [ال ّته ّكم] للمظلوم أنه أقوى من ظالمه... هدفي أن أثبت أن ّ الظالم سخيف تاريخياً ،سخيف ومضحك .وأوّ جه أسلوبي هذا أيضا ً نحو عيوب شعبي كاشفا ً عن طيبة قلب هذا الشعب حتى السّذاجة! ولكني طبعا ً أحاول أال يكون الهزل هو نهاية المطاف، ّ والطريق لتحقيقه». أحاول أن أشير إلى البديل عن الواقع ال ّتعيس (أنظر مجلة «فلسطينالثورة» ،عدد 254السايق.)58 : ّ يلخص هذا االقتباس قدرة حبيبي على تجسيد الحالة الفلسطينيّة بد ّقة وذكاء ،وهذا ما يفعله في سداسيّة األيّام الس ّتة عبر تجسيد ساخر لواقع ما بعد ال ّنكسة .فال ّته ّكم والسّخرية هي الطريقة الفلسطينيّة لتبسيط الواقع وال ّتخفيف من المأساة وتحويل األلم إلى أمل .بأسلوبه اللاّ ذع يضع إميل حبيبي إصبعه على الجرح فيحرّ ك األوجاع ،ثم يخ ّففها بالسّخرية من ال ّنفس والعدو ليبيّن سخافة الحقيقة التي نعيشها. وير ّكز حبيبي في السداسيّة على ثنائية االنفصال والوصال ،وهي ظاهرة تتكرّ ر في سياق ال ّتاريخ الفلسطيني لتعيد تعريف هذا ال ّ شعب بحكم األحداث التي تجمعه تار ًة وتفرقه طوراً .ففي عام 1948سُلخ الجزء األكبر من ال ّ شعب عن أرضه وكينونته السّياسية ،فال يوجد فلسطيني لم يشعر بالغربة والوحدة في زمان انقلبت فيه حياته رأسا ً على عقب .ومن أمرّ هذه األحاسيس وأكثرها قسوة هو ال ّ شعور بالغربة داخل الوطن ،ذلك ال ّ شعور الذي أحسّ به الفلسطينيون الذين بقوا ما بعد قيام الدولة .أفاق إميل حبيبي ورفاقه صباح الخامس عشر من أيّار عام 1948ليجدوا أنفسهم غرباء في أرضهم ومواطنين في دولة العدو .وبهذا ا ّتسم البحث عن الوصال بطابع آخر ،فكان عليهم أن يثبتوا فلسطينيّتهم للفلسطينيين وللعرب أوالً من دون أن يهددوا وجودهم في دولة العدو .ورغم تش ّتت كافة أبناء ال ّ شعب الفلسطيني عن بعضهم البعض ،إال أن فلسطينيّي الداخل عانوا من عزلة شديدة ّ والطوعي واالنتماء بحكم ال ّتناقض الكامن في ازدواجيّة االنتماء القديم الحديث والقسري. في حين أن الفلسطينيّين دخلوا مرحلة االنفصال ما بعد ال ّنكبة ،فإنّ نكسة عام 1967أعلنت بدء مرحلة الوصال بين س ّكان فلسطين التاريخية. بالرّ غم من الهزيمة التي مني بها العرب في هذه الحرب إال أ ّنها حملت شيئا ً من األمل الممزوج باليأس من خالل توحيد الشعب الفلسطيني تحت االحتالل نفسه .فللمرّ ة األولى استطاع الجئو الضّفة الغربية زيارة مدنهم وقراهم األصليّة التي منعوا من رؤيتها طوال عشرين عاماً ،كما سُمح لفلسطينيّي الداخل بزيارة الضّفة وقطاع غزة وإعادة االتصال بشعبهم .وعن هذا الّلقاء كتب غسّان كنفاني رائعته «عائد إلى حيفا».أمّا «سداسيّة األيّام الس ّتة» فتتناول موضوع هذا اللقاء عبر ست قصص قصيرة تبني على بعضها البعض لتروي ألم االنفصال وأمل الوصال .والملفت في هذا األدب أ ّنه يبدأ من الّلقاء ويعود ّ بالزمن ليف ّتح جروح الماضي ويبيّن اآلالم واألشجان المكبوتة لحوالي عقدين من الزمن .ك ّل شخصيات السداسية (كما شخصيات كنفاني) اضطرّ ت أن تواجه واق ًعا تجاهلته لسنين طوال وأن تعترف باإلهمال واإلخفاق واأللم المكبوت الذي ساد ما بين صدمة ال ّنكبة وواقع النكسة .مع اجتياح ض ّم ال ّنصف اآلخر من ال ّ باقي األراضي الفلسطينية ُ شعب إلى نصفه األول واجتاحت ّ الذكريات المكبوتة الواقع الحالي .جاء الماضي ليُبشر أ ّنه رغم الكبت ما تزال ّ الذاكرة حيّة ورغبة الوصال غير منقطعة. كتب إميل حبيبي السّداسيّة بعد حرب األيام الس ّتة وقال في مقدمتها
كانون األول December 2015 |2015
11 عبارة تلخص أمل الوصال تحت ألم االحتالل:
أيها المارون بين الكلمات العابرة
«فنرى ويروا الوجه اآلخر لمأساة هذه الحرب -السّجين عشرين عاما ً كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن وهو مقطوع عن أهله ،استيقظ يوما ً على لغط في باحة السّجن ،فإذا به ال تمروا بيننا كالحشرات الطائرة يلقى أهله جميعا ً وقد حُشروا معه .فكيف يشعر في هذا اللّقاء بعد طول خلنا في أرضنا ما نعمل القطيعة والوحدة ،أي لقاء؟» (السداسية ،ص)9-8. و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا باإلضافة إلى ازدواجية اللقاء والفراق ،تتسم السّداسية بازدواجيّة ممزقاًبين مكانين و لنا ما ليس يرضيكم هنا ّ الزمان والمكان .ففي كل سطر يجد القارئ نفسه آن واحد ،ويتابع محاولة الشخصيات في لملمة أشالء حجر ..أو خجل وزمانين في ٍ األزمنة واألماكن من أجل صهرها في «اآلن وهنا» جديدين ،أي ،فخذوا الماضي ،إذا شئتم إلى سوق التحف حاضر جديد في جغرافيا قديمة\جديدة تحت واقع غريب يكاد أن يكون و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ،إن شئتم سوريالياً. على صحن خزف يُنهي حبيبي إحدى القصص بجملة ّ تلخص الكثير من معاني السداسيّة: لنا ما ليس يرضيكم ،لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل «وأخيراً نوّ ر اللّوز فالتقيا .وكان الرّ بيع يضحك .وكان القدر يقهقه» (السداسيّة ص .)38.تف ّتح اللّوز ومعه تف ّتحت ّ الذاكرة في ربيع الوصال. أمّا القدر فجلس يقهقه ساخراً من سذاجة الفلسطينيين الّذين توهّموا أن أيها المارون بين الكلمات العابرة بإمكانهم نكران ذاكرتهم ،ومن سخافة االحتالل الذي بعث األمل في كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ،وانصرفوا نفوس شع ٍ ب بجمعه تحت مأسا ٍة واحدة .ويا لها من مأساة مضحكة! وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس أو إلى توقيت موسيقى مسدس
أيها المارون بين الكلمات العابرة محمود درويش أيها المارون بين الكلمات العابرة احملوا أسماءكم وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا ،و انصرفوا وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة و خذوا ما شئتم من صور ،كي تعرفوا انكم لن تعرفوا كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء أيها المارون بين الكلمات العابرة منكم السيف -ومنا دمنا
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ،فانصرفوا ولنا ما ليس فيكم :وطن ينزف شعبا وطن يصلح للنسيان أو للذاكرة أيها المارون بين الكلمات العابرة آن أن تنصرفوا وتقيموا أينما شئتم ولكن ال تقيموا بيننا آن أن تنصرفوا ولتموتوا أينما شئتم ولكن ال تموتوا بيننا فنا في أرضنا ما نعمل ولنا الماضي هنا ولنا صوت الحياة األول ولنا الحاضر ،والحاضر ،والمستقبل
منكم الفوالذ والنار -ومنا لحمنا
ولنا الدنيا هنا ..واآلخرة ْ
منكم دبابة أخرى -ومنا حجر
فاخرجوا من أرضنا
منكم قنبلة الغاز -ومنا المطر
من برنا ..من بحرنا
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
من كل شيء ،واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ
وادخلوا حفل عشاء راقص ..و انصرفوا
أيها المارون بين الكلمات العابرة ْ!
وعلينا ،نحن ،أن نحرس ورد الشهداء وعلينا ،نحن ،أن نحيا كما نحن نشاء
12
هل عاد صالح محمد زيان
كانون األول December 2015 |2015
ُ فيك تأتي تمس ُح ع ّني الجراح كم حلمت َ ُ لحن الكفاح كم حلمت أن تعودَ منشداً َ
قلت :يا أقصى سالما ً ُ ُ غير أني قالها ..ث َّم استراح كم حلمتَ .. قا َل :هل عادَ صالح ُ القدس صالح قلت :يا أقصى تمهَّل إنَّ في ِ ُ منك السماح قلت :ال إ ّني حبيبٌ يرتجي َ درب الفالح القدس رجاالً أبصروا إنَّ في َ ِ قا َل :والدم ُع يفيضُ هد ّني طعنُ الرماح ريش الجناح القدس يتامى أنبتوا إنَّ في َ ِ هد ّني ظل ُم اليهو ِد والثرى أضحى مباح القدس جباالً راسيا ٍ ت ال ُتزاح إنَّ في ِ قدسنا أمست تنادي صوتهاع َّم البطاح سوف يجلوهُ الصباح أيقنوا أنَّ الظال َم َ سوف يأتي حامالً ُ من ُتراهُ هر الوشاح ط َ َ أيام النواح هيَّا أقصى لننسى ك َّل ِ أين رباح والمأذنُ في صداها تشتكيَ : الرسول إ َّن ُه سرُّ النجاح نهج ن َّتبع َ ِ أين ع َّش ُ اق السالح أين هاتيك اللياليَ .. َ ُ صوت صالح. ر َّددَ األقصى بهمس ...كأ َّن ُه
December 2015 |2015 كانون األول
13
I shall carve all my strivings
I shall carve dedications
For the sake of remembrance
To memories threading down to eternity
For the time when I’ll drown them
To the blooded soil of Deir Yasin
In the avalanche of triumph
And Kufur Qassem. I shall carve the sun’s beckoning
I shall carve the serial number
And the moon’s whisperings
Of every stolen piece of land
And what a skylark recalls
The place of my village on the map
At a love deserted well.
And the blown up houses,
For the sake of remembrance,
And the uprooted trees And every bloom that was crushed
I shall continue to carve
And all the names of the experts in torture
All the chapters of my tragedy
The names of the prisons…
And all the stages of Al- Nakbah On the home yard olive tree!
December 2015 |2015 كانون األول
14
If These Pavements Came Alive
Recite to you eavesdropped phone calls,
Noor Shtayyeh
Tell you poignant stories
If these pavements came alive, They’d lament for your disenfranchised And painfully sunken body Whose mark filled up their cracks. One imperfection atop the other, A coat on their stone veneers. If these pavements came alive, They’d wholeheartedly caress you, And snivel before you leave: “Like an untouched canvas, How devoid it’s going to be.”
Of how others gracefully tread. For maybe one day you’ll gracefully tread too, Stretch your arms into the sky, Dance and dance until your feet quiver, Only to meet the pavement once again.
The Olive Tree Tawfiq Zayyad Because I do not knit wool, Because I am always hunted And my house is always raided.
If these pavements came alive,
Because I cannot own a piece of paper,
They’d cradle you until dawn,
I shall carve my memoirs
And cloak you in dry asphalt,
On the home yard olive tree.
Bury you with compassion –
I shall carve bitter reflections,
A different kind of bombardment.
Scenes of love and yearnings,
If these pavements came alive,
For my stolen orange grove
They’d lullaby you melodic songs,
And the lost tombs of my dead.
December 2015 |2015 كانون األول
15
Hamas appears to support its continuation in the West Bank, but does not want it to reach Gaza since it does not want to engage in a new war with Israel.
A Letter From Prison
There is a clear belief in the Palestinian streets that the revolution in the West Bank and Jerusalem did not get permission from the PA or any other faction, and that there is a Palestinian factor that prevents the existence of a political leadership that unifies these actions. This factor is the internal dispute between Fatah and Hamas – their differences in describing the clashes and the difference in how they view the potential consequences. Therefore, the events in the West Bank and Jerusalem occurred in light of the partisan factional deterioration in the Palestinian territories, and they are occurring outside the control of the PA.
It pains me, Mother
Sameeh Al Qassem
That you burst in tears When my friends come Asking about me But I believe, mother That the splendor of life Is born in my prison And I believe that my last visitor Will not be an eyeless bat
Finally, it seems that the lack of leadership leading the Coming at midnight. current Palestinian events is not spontaneous, as there My last visitor must be daylight.. are those who believe that this popular uprising may stop overnight, and that it can be considered similar to those in the past. There are also those who believe that the introduction of a leadership to the current events may push the Palestinian arena into a state of partisan polarisation that will strip the events of its general national aspect, since there are more differences between the factions than matters that will unite them. There is also a third party, perhaps represented by Hamas, who fears the exposure of its ground leaderships because it may subject them to arrest by the Palestinian and Israeli security forces immediately after the events end.
December 2015 |2015 كانون األول
Intifada without a Leadership: Until When? Dr. Adnan Abu Amer Since the outbreak of the Palestinian-Israeli clashes at the beginning of October, one distinction was highlighted: the absence of a political and field leader. Meanwhile, the Palestinian youth continue to face the Israeli army individually, even when carrying out their armed operations, in addition to the stabbings and the hit-and-runs. This raises many questions regarding the absence of a leader and the ability of the Palestinian youth to continue their intifada without a leader. Almost a month since the outbreak of PalestinianIsraeli clashes in the West Bank and Jerusalem in late September, the Palestinian factions still have not claimed responsibility for the incidents, and it seems that the actions in the arena are being committed spontaneously and randomly with no leadership to guide them.
16 of the Oslo Accords between the PLO and Israel in 1993. The lack of a leadership for the uprising has become the main issue amongst Palestinians, as many have called for a field, rather than a central leadership capable of planning and guiding the confrontation of the provocative Israeli decisions. Others have stressed the need for the intifada to remain spontaneous without a head to move and control it. A third opinion is that the success of the spontaneous popular uprising is irrefutable proof of the Palestinian organisations and their leaderships’ failure in its political performance of the past years. Meanwhile, others believe that rushing into the formation of a political leadership will harm the intifada because the leaderships of the factions are incapable and did not have a role in the outbreak of the uprising.
There are Palestinian demands for the need to quickly form a unified national leadership to lead the intifada in order to coordinate and maintain the national efforts and develop them. These include the restoration of the Palestinian National Authority’s (PA) leadership in Gaza, because if it remains in the West Bank, it will inevitably lead to the thwarting and abortion of the intifada. It is worth noting the Palestinian leaderships’ delay in addressing the clashes, occurring weeks after It is important to point out that the formation of a united they broke out. political leadership is very important if the Palestinian One of the most noticeable indications of the absence factions participating in the events in Palestine agree of a unified Palestinian leadership over the current on a joint national program, even if at the minimal Palestinian events is the fact that until this moment, level, regarding confronting the occupation. There are the Palestinians have not agreed on one name for some factions that have ideas about forming this leadthem, giving them various names such as: Jerusalem ership, but most of those participating in the intifada Intifada, Popular Uprising, Revolutionary Wave, and are not affiliated with political trends, and the agreethe Third Intifada. Therefore, the passing of all this ment over a joint national program requires in-depth time without the emergence of a political field lead- and lengthy discussions. ership raises questions such as: who is leading the popular movement? Is there a clear political vision and specific goals for this popular uprising, or are they emotional reactions to the Israeli storming of Al-Aqsa Mosque? It is worth noting that the average age of those participating in the protests, stabbings, and hitand-runs is under 20, i.e. those born after the signing
Perhaps the Palestinian protestors will remain unable to continue their confrontations with the Israeli army without official backing by the Palestinian leaderships, including the various factions and organisations. It seems that the PA supports this popular uprising but without reaching the stage of armed operations, while
December 2015 |2015 كانون األول
17
“Netanyahu and his rightwing government have incited much of the recent eruption in violence we see today by overlooking settler terrorist attacks and expanding illegal Jewish settlements,” one protester told the Middle East Monitor (MEMO). Marcella Mameli-Badi, an Italian advocate for Palestine who was also protesting said she does not believe that there can be peace in the region without justice. “You have to return to the root cause, because nothing happens Rights Watch as “a recipe for harassment and abuse.” for no reason.” This includes the lockdown of Jerusalem’s Old City and the demolition of the homes of any Palestinians “The success of today’s demonstration is a consequence of the brutal injustice faced by the Palestinsuspected of involvement in violent attacks. ians as a result of Israel’s inhumane actions.” Ziad Among the host of speakers at the rally in London Al-Aloul of the Palestinian Forum in Britain told was former Member of Parliament George Galloway. MEMO, “It shows that Britain no longer believes Condemning the “brutal” Israeli occupation of Palesthe consistent lies of the media, and that the support tine and the suffering endured by Palestinians living towards the Palestinians is becoming increasingly there as a result, Galloway stressed that Palestinstronger.“ ians “have every legal and moral right to fight.” He continued to address the claim that this intifada Is this the Third Intifada? stands in the way of a negotiated solution, slamming Rising tensions in the Occupied Territories have led to the imbalance in power between the two negotiating dozens of deaths and hundreds of clashes. parties: “one party that has all the weapons and the support of governments worldwide, and another party Are we witnessing the Third Intifada? that has only themselves and us on their side.” The death toll now stands at seven Israelis and over Rafeef Ziadah, a Palestinian poet and performer best 40 Palestinians killed across the Gaza Strip, the West known for her poem “We teach Life, Sir,” was also Bank, and East Jerusalem since the beginning of the among the speakers. “A lot of us are angry and I know October. that it is legitimate anger,” she said addressing the crowd, “but I also know that we now have the Boycott Divestment and Sanctions movement and we all need to act. It is not enough to be angry.” She added, “I am not even going to go the history of the Balfour declaration or British colonialism, but the current British governments has open arms trade with Israel. These are arms that have been tested on the bodies of Palestinians that your tax money is going into.”
At the heart of the heightened tensions lies the question of sovereignty over Al-Haram Al-Sharif, referred to by Jewish Israelis as the Temple Mount, which houses the Al-Aqsa Mosque. Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu has been accused of failing to maintain the status quo at the Temple Mount, igniting the anger of Palestinian Jerusalemites. While Israeli police have been preventing Muslim men from entering the Al-Aqsa Mosque to pray in recent weeks, The crowd of protesters chanted slogans of solidarity particularly during Jewish religious holidays, Israeli and support throughout the demonstration, carrying forces conduct regular raids citing the need to protect Palestinians flags and signs demanding an end to the Jewish sightseers. occupation and calling for an independent Palestine. However, the demonstrators today iterated that the Faris Al-Mahjoub, a demonstrator, expressed his continuation of the Israeli occupation, the “discrimisupport for Palestinian resistance. “I think it will be natory” policies of Israel in the treatment of Palestinextremely difficult to find a solution that keeps both ians, the siege of Gaza, as well as the expansion of sides happy, so we must keep pressing and we’ll find illegal settlements in the West Bank remain to be the a middle ground eventually.” backbone of Palestinian mass uprisings.
December 2015 |2015 كانون األول
18
show a nation that its suffering is recognized; that it a project of development is launched within Palestine, is not alone in its fight against occupation, apartheid, whenever a global figure cuts ties with Israel, whenever the Boycott Divestment and Sanctions movement and injustice. But how? Sixty seven years have proven that the Palestinians advances, there is hope. need much more than just moral support. They have developed a sufficient spirit of resistance, and by now I don’t think they owe that much of it to all the people telling them “we are here, with you in mind and at heart, watching you struggle,” or some other similar cliché that stands insufficient on its own. In my opinion, what the Palestinians would be more grateful for are the people saying “we not only acknowledge your pain, but are actually working to make it end”. We have reached a point in our global theatre where the Palestinian cause is in need of more actors than audience. Hence, the term solidarity needs to materialize, and it has to do so much differently.
Perhaps one day the effective, efficient, true form of solidarity will dominate and manage to overgrow the overused, useless one. Perhaps one day when I hear the word “solidarity,” I won’t see the mental image that I do now, and I won’t feel like my cringing at it is some abnormally unromantic act. When you truly understand the Palestinian cause, you will see that it is very dynamic; so if you want to “stand with Palestine,” you’d better not stand too still. In fact, you’d better start moving!
I can’t disagree with the importance of “raising awareness” about the cause; I’m simply expressing that it’s nowhere near enough. Attempting (regardless of the degree of success) to try to educate the world about Palestine is of course better than not attempting at all and having the cause be underappreciated. I just hope that nobody ever thinks it is enough; that nobody ever thinks they are in solidarity just because London’s solidarity with Palesthey wore a Kufiya and held a candle for an hour. I tine hope nobody believes they have fulfilled their moral obligation just by tweeting #VivaPalestine or sharing Jehan Al Farra a Facebook photo of Al-Aqsa (assuming this person Thousands of protesters rallied outside the Israeli does not confuse it with the dome of the rock of embassy in London on Saturday, October 17, in protest course!). of the decades-long Israeli occupation of Palestine and Solidarity is not a one time thing, it is not some- in solidarity with the current wave of popular resisthing you do or say (or pretend to) every once in a tance in the Palestinian Territories, dubbed by many while. Rather, it is a way of life. If it’s an act then as a Third Intifada. it’s a continuous one, and if it’s a form of knowledge/ The London demonstration, one of over 60 pro-Palesawareness then it should be a deep, genuine one. tinian actions planned this week all over the world, Before you claim to be standing in solidarity with was organised by the Palestine Solidarity Campaign, Palestine, think twice. Make sure you are not just a Friends of Al-Aqsa, Stop the War Coalition, Muslim wanna-be activist, and be careful about what classi- Association of Britain, Palestinian Forum in Britain, fies as pro-Palestine and what seems to be but actually and FOSIS. isn’t. The protests come amid reports of three more PalesOn the bright side, classic solidarity is managing to tinian youths shot dead, and following the Israeli evolve, and there are times when I truly think there is government’s enforcement of a series of harsh policies hope; whenever an Israeli embassy closes, whenever in occupied East Jerusalem, condemned by Human
December 2015 |2015 كانون األول
19
I am not the daring Fady Alloun, shot in cold blood while bravely defending my honor. I am not Ahmad Manasra, striving for my breath while rats surround me and call my honorable blood washing their dirty deeds all sorts of vicious names as I still stand up. I still stand up. I am not Hadil Hashlamoun, surrounded by armed soldiers ready to defend themselves from my transparent knife. I am not one of the countless fearless children from Ramallah, who, although running in front of the armed occupant chasing them, they appear to be the actual chasers and are determinedly turning around to fling rocks at the occupants who cover their pathetic faces and change course because those young heroes will simply not stop. I am not all those people but I identify with them. I try to feel their struggle. I stand with their fight against the oppression. And as I admit that I realize that it is only normal that I refuse to be a helping hand in whatever exacerbates their whole life in terms of living conditions, health environment, and psychological content.
Don’t “Stand” with Palestine!
Five years into AUB and I cannot deny the gratitude I have for this institution. I learned so much. By no means am I trying to hold AUB in low esteem. On the contrary, I believe that given the chance to see the world as it is was the deciding moment of where I want to stand in this life and that is how “I will write the name of my country on the sun that never sets”
At first, it might have been the most intuitive thing to do; just form a large crowd, go down the streets, and try to get the message across to the Palestinians – we are with you – and it gives great material for the photographers and reporters; it’s the type of thing that sells newspapers. But, after 67 years, some things ought to change.
And Palestine will shine forever.
Solidarity by definition means unity, sympathy, and support, and it is certainly a very noble concept, to
Ola Al Haj Hasan The case is not that I’ve grown too numb or too realistic, but when it comes to Palestine, some see me as “not romantic enough” and I see them as “too romantic.” I cannot recall my earliest memory of recognizing how different my tone was when I spoke or wrote about the Palestinian cause. By different, I don’t just mean in comparison with all the tones I use for other things, but also in comparison with everybody else’s tones when they speak of the cause. Now I know this may sound like the beginning of some preaching, well it’s not! In fact, I might as well warn you, it is actually very personal and far from objective.
The instant I hear the word “solidarity,” one image comes to my mind: People, many of them, standing, as if in a funeral. Sometimes, they are holding signs, or We have so much to offer as help if we just move. We candles, or flags, or their tears, or, or, or….I imagine cannot keep questioning the gravity of what a deci- the scene and it sends shivers down my spine as I sion to not buy a can of Pepsi actually does. It could remember the lines of a poem: “Do not stand at my have wiped Ahmad’s blood off the ground, or returned grave and weep. I am not there; I do not sleep. Do not Hadil’s insides back to where they belong. It would stand at my grave and cry; I am not there; I did not have drawn bigger smiles on the children’s happy die.” I don’t know why, but it appears to me as if these faces. Most importantly, it would make us more liable people are mourning the death of the cause, instead of as human beings, more driven by a righteous cause, bringing it to life; they are standing at the edge of a nation’s grave, a nation that is very much alive! more human and righteous.
December 2015 |2015 كانون األول AUB Divest is a pressure group consisting of AUB members calling for AUB to pledge its official support for the Boycott, Divestment, and Sanctions (BDS), the global movement that pressures Israel to comply with international law and Palestinian rights. The group’s aim was to educate the AUB community about Nestle’s wrongdoings to the Palestinians, which includes building its factories and research and development centers on ruins of Palestinian towns and villages. Nestle is an enemy not only to Palestine, but also to Lebanon, considering the fact that Israel has always been Lebanon’s rival as well. Upon learning this piece of information, I expected a collective rebellion to the presence of Nestle on our campus. But again, I was in awe. I was scared.
20 or deny that. The change starts with you, though”. What happened at the protest exemplifies the world outside the doors of the American University of Beirut; it is the way that the people in Lebanon and most of the Arab regions surrounding it are carrying themselves in that aspect. Is it fair to say that this is a free world where its inhabitants are free to choose to live the way they want? If it is, then to whom is it fair? And why do some people get to live freely while others are denied the mere option to choose?
I joined the protest and it was the first time that I join any protest of any kind. Since there are two sides to everything in life, it was normal that we gained the support of some students who strongly believed in what we did. However, also normally, we received neglectful and sardonic looks from students, who either did not know, did not care, or both. We came across people who still nonchalantly passed the protesters to make sure they get themselves their chocolate chip oatmeal cookie. I used to have that cookie everyday for a whole year, to be honest, but I was not educated enough back then to stop that, which is definitely shameful considering the fact that I am a Palestinian who would stand up for Falasteen no matter what it takes; which brings us to a very crucial point. The organizers of the protest were not Palestinian. Considering this fact against the one of the people who preferred to savor the taste of apartheid and apparently “democracy” as one protestor to the protest put it, clarifies the definition of solidarity. It is unity. It is the ties that hold people together. In a society, solidarity is shared values.
Back in school we would organize a cultural day where a specific Arabic teacher would make sure that students line up and sing “Belad Al Orbi Awtani” to depict our unity as Arabs regardless the time. Consequently, I concluded that as Arabs, we were supposed to share the same cause. Have the same enemy. Feel the same pain. Our separation has become too prominent that it is threatening the understanding of what is deemed ethical or not. Ethics has become a matter of perspective. The thing is, I am in no place to ask people to suddenly adjust to a new lifestyle where they alter their item choices. But I am in a place to relay the important message of “every choice matters”. And no we don’t do such movements to simply post on social media, not disregarding the significance of social media in our time period nonetheless. Through social media, the cause is spread all over the world and increasing numbers of supporters are paving a better future with less innocent lies and more innocent smiles. And if we consider the fact that Israel boycotted IKEA after Sweden’s decision to support an anti-isreal boycott, we can get a sense of how powerful and effective the BDS campaign is. Regardless of the fact that Sweden supermarkets later backtracked on the boycott, the mere fact that Israel mobilized to reverse the situation serves as enough proof that the movement does work.
In that same sociology class I mentioned earlier, we debated the AUB elections, where some of us refused to support it stating that it is very political in the sense that some students working for it do not consider their responsibilities as councils as much as they work to win seats for their “political sect”. The course instructor then said words that still ring in my ears: “What happens in this institution reflects the environment where it resides and you cannot possibly ignore
Many reasons arise as to why such a cause should be supported. Thos people are a people who know of life more than they know of death. They give birth to children who go looking for their books under the rubble right after their house goes crashing down. They are a people who wait for Eid to spread their happiness to its surrounding regions, which in spite of their completely different security status, still choose to not celebrate because they are “bored of repetitive occasions”.
December 2015 |2015 كانون األول
dialogue aiding in the struggle of the Palestinians? The work being done is definitely vital and much-needed; however, talking about things does not always lead to action, but instead can make progress slow and stagnant. Palestinian citizens are fed up with being treated as less than human, as ‘other,’ as brutes that need to be exterminated, and the third Intifada seems to be knocking on the door of every Israeli that has somehow managed to forget the living conditions that Palestinians under siege endure every day. This Intifada, then, is only the most recent manifestation of people all over the world not taking direct action to help find a resolution to the crisis. Seven generations of Palestinians have resisted Israel, and the tension within the region is only increasing; seven generations have passed on the struggle to their successors, and the situation continuously deteriorates with every breathing moment. There seems to be an unrealistic staging of truth, a mirage of some sorts, when discussing solidarity and support from outside the land where the struggle is taking place. One cannot truly fight when plucked out from the roots of the debacle, and while talking leads to negotiations, which lead to policy making (which, even when adopted by Israel, do not get instated anyway), this talking means nothing to a nation of people that has witnessed countless family members, friends, and fellow citizens being beaten, tear-gassed, detained, threatened with death, shot, slain, beheaded, and disallowed from the simple right of burial, an act shared by other mammals on this earth, as opposed to being a “Muslim tradition” as the New York Times stated. All of this, of course, takes place in clear daylight. Enduring violence and violation is not an ideal way of living, but for the people who cannot afford to escape, whether due to their conscience or their financial state, facing the immediate threat of death is a daily occurrence.
21
We will always stand strong with Palestine, no matter how long its problem lasts, and, hopefully, our supporting stances, though insignificant in real value, will add to the morale and unabated resistance of the Palestinian people.
Move Noor Al Shurafa Life is really so much about learning where you stand amid all the madness that encompasses it, be it beautiful or ugly. We are on a constant quest for knowledge and being the expressive person that I am, I like to seize the chances that I get to share what I have knocking on the walls of my brain constantly asking me for answers. This platform has become my window. Five years into my academic journey at AUB and the education this institution offers has not ceased to put me in awe. Awe because I am exposed to a multitude of cultures and perspectives that teach me new things every day. Nevertheless, awe because I have learned that the world is scary and this scare it holds is what keeps pushing me to wanting to find out more. Very frequently I am impressed. In my first years at AUB, I took a sociology class that defined the terms mechanical and organic solidarity as per Emile Durkheim. Little do I remember from this course, but I do remember perfectly that both definitions involved the sharing concept, be it values or capital, something was shared. I did not know when I was going to apply the teachings of sociology 201 until recently when the AUB Divest organized a protest against the Nestle Tollhouse in AUB’s lower campus.
December 2015 |2015 كانون األول
Standing Strong with Palestine Farah Taha The struggle with Israel has been ongoing for people in the Arab region for more than half a century. The Zionists’ claims for rightfully seizing lands and cleansing whole areas of their indigenous inhabitants have, at various points of the twentieth and twenty-first centuries, stretched beyond Palestine to reach other countries, including Jordan, Syria, and Lebanon. The catastrophe that is the Israeli State, a project of illegal colonial settlement supported, sponsored, and propagated by countries who have themselves committed genocide and what are now claimed to be “crimes of war,” is not an issue of whether or not Palestine can survive, or for how long the Palestinian people can keep up their defences; it is the problem of a world that can only cry on its past atrocities, and shamefully allows present-day state violations and violence to easily and smoothly progress under its watchful eye. Governments’ conflicting and often detrimental allegiances and alliances have for long provoked the citizens and nationals of this region and thrown them into despair. But individuals who keep looking for accurate historical information can very easily get their facts straight, for things aren’t exactly kept secret around here. People generally know about the Jordanian government’s pacts with Israel, certain Lebanese politicians’ involvement in the massacres of Palestinians residing in refugee camps during the 1980s, and the complete and utter obedience of Saudi Arabia officials and politicians to the conditions of the United States, and, therefore, Israel, following the assassination of King Faisal in 1975. However, people’s actions and passions do not necessarily overlap with their governments’ whims. Evidently, this is the case for Palestine. People around the world and throughout the Arab region have remained faithful to the struggle against the occupying forces, and continuously come up with different and creative ways of showing their support and standing in solidarity with those under siege. Although this show of solidarity may not necessarily lessen the widespread violence or death tolls in occupied Palestine, it does put the question of the State of Israel
22 into worldwide discussion and circulation. Keeping this dialogue alive today proves to be as much of a struggle as thwarting the occupying forces from their irredeemable aggression. Perhaps the biggest show of solidarity with Palestine worldwide is currently happening through the internet. From Twitter statuses condemning the Israeli war on Gaza in the summer of 2014 to Facebook pages such as the “Art of Occupied Palestine,” “UNICEF State of Palestine,” and “Hummus for Thought” (which further deals with wider issues concerning the Middle East), a myriad of methods and ideas have come to life through the available technologies of this decade. Stories, photos, live video footage, and countless other snippets from Palestine have been shared and made known to the parts of the world that recurrently insist on ignoring all the blatant truths of the Israeli-Palestinian clash. On October 29, 2015, Yazan Ikhlayel of Beit Lehem posted a video of Israeli forces barging into the Aida camp and threatening to gas and slaughter every single one of its inhabitants if they continued throwing stones at the occupiers. Aside from the outrageous violence with which the militiamen spoke into their megaphones, perhaps the most stunning part of the video was the mock that came from the Palestinians shooting the footage, and their shouting “shut up” and laughing at the Israeli soldiers, which shows, quite sadly, the extent to which Palestinians are used to such violations of humanity and basic rights. Another instance of resistance was shared on social media when Samar Batrawi, a Palestinian student at King’s College London, slammed down the embassy of Israel’s invitation to “come in for a meeting” through an open letter that expressed disgust toward this initiative. Furthermore, October witnessed the first TEDx event in Gaza, significantly titled TEDxShujaiya, a move which hopefully will contribute positively to the well-being of Gazan citizens. These methods of support through online mediums definitely keep the “question” of Palestine an ongoing debate. The Electronic Intifada is particularly noteworthy in its role of presenting the other side of things and revealing the truths behind Israel’s actions and nonconformity to laws and pacts that it had previously agreed on. But how much is this ongoing online
10th Issue | December | | كانون األول10 العدد
Mission Statement: Al-Hawiyya offers current perspectives on the history, culture and conscience of Palestine and the Diaspora, documenting through student voice the past and present struggle for Palestine and our imagined trajectories of return.
The Team: EDITOR IN CHIEF: Shaheed El Farra EDITOR(S): Reem Ghaddar CONTRIBUTING AUTHORS: Farah Taha Noor Al Shurafa Ola Al Haj-Hasan Jehan Al Farra Dr. Adnan Abu Amer Samih Al Qassem Noor Shtayyeh Tawfiiq Zeyad Layout: Shaheed El Farra. A publication by Palestinian Cultural Club at the American University of Beirut. Supported by Unite Lebanese Youth Project
Contact us: If interested in joining the Al-Hawiyya team, or for any comments, email us at pcc.alhawiyya@gmail.com