داعشلوجيا

Page 1





‫داعشلوجيــا‬ ‫تأليف‪ :‬عبدالواحد حركات أبوبكر‬ ‫© جميع الحقوق محفوظة‬ ‫مجلة‬ ‫أسبوعية سياسية شاملة‬ ‫طبع في مايو ‪2015‬‬ ‫مطابع األهرام‬ ‫جمهورية مصر العربية‬ ‫المدير الفني وتصميم الغالف‪ :‬سامح الكاشف‬ ‫اإلخراج الفني والتنفيذ‪ :‬أحمد نجدي‬


‫روح أخي‬

‫وإلى أبي وأمي وأخوتي وبناتي‬



‫المحتويات‬ ‫اللعبة القديمة ‪9.................................................................................‬‬

‫حقائق السهو والسقوط األمريكي‪11.................................... .!!!....‬‬

‫بيع الرؤوس‪15............................................................................... !..‬‬

‫أجندة سالم‪19.............................................................................. !...‬‬ ‫حلي قديمة‪23........................................................................ .!!!....‬‬

‫خارج النص‪25.............................................................................. !..‬‬ ‫ما وراء النخبة‪29.............................................................................!..‬‬

‫رؤى اعتقاد‪33................................................................................ !..‬‬

‫طرقنا المسدودة‪37....................................................................... !!..‬‬ ‫سيرك سلطوي ومراهقو السياسة يقامرون بالوطن والمواطنين‪41....‬‬ ‫تيكت الليبيين «صنع في مصر»‪45................................................. !..‬‬

‫الفساد ما زال األكتر شعبية! ‪49...........................................................‬‬

‫كالكيت «المشهد األخير»‪51.........................................................!..‬‬ ‫المصيبة ليست في ظلم األشرار بل في صمت األخيار!‪55...............‬‬ ‫مزمور ليبي‪ ..‬مالح « غ»‪59.............................................................!..‬‬


‫دباسيس‪ ..‬البد منها‪63............................................................... !!...‬‬ ‫التجارة بليبيا غاية للجميع‪ ..‬بال استثناء‪67.................................... !..‬‬ ‫صافرة هزيلة‪71.............................................................................. !..‬‬

‫مصر أمريكا العرب‪ ..‬نسب ًيا‪75....................................................... !..‬‬ ‫التدخل األجنبي في ليبيا مرفوض‪« ...‬صباح الخير يا‪..‬؟!»‪79.... !..‬‬

‫سوليتير عروبي « بال منازع « ‪83.........................................................‬‬

‫ودمارا‬ ‫رصاص البنادق ليس أشد فتكًا وشراس ًة‬ ‫ً‬ ‫من الكلمة «الملوثة»‪87........................................................ !! ...‬‬ ‫ال ال ال‪ ..‬لهولوكوست ليبيا‪91.................................................... !!..‬‬ ‫الحرب الليبية ـ الليبية ليست نهاية الطريق بل أو لها‪97............ !!...‬‬ ‫هويات سقيفة « طورابورا»‪101.................................................... !!...‬‬ ‫أيان ‪ -‬طارق ‪ -‬بارناردينو‪ ..‬ثالثي األمل والخيبة‪!!...‬؟؟ ‪105...........‬‬ ‫إمالءات الشارع الليبي على البرلمان‪109....................................... !..‬‬ ‫محرك الصراع‪ ..‬السالح والهوية والزمن القديم‪115................ !!!...‬‬ ‫فايروس الزير‪121.......................................................................... !!...‬‬ ‫تفاصيل عبث وأزمة ‪125.......................................................................‬‬ ‫أزمة الهوية‪ ..‬خلفاء «بن الدن» والرايات السود‪129................... !!..‬‬ ‫جذور الـ«داعشلوجيا»‪ ..‬معتقدات وأسس تطور اإلرتكاس‪137........ !!..‬‬ ‫داعشلوجيو اليهود حاكموا المسيح‪ ..‬باسم الشريعة‬ ‫وبمباركة روما‪147....................................................................... !!!...‬‬ ‫الداعشلوجيا في محاكم التفتيش ‪155..................................................‬‬ ‫الجيل الداعشلوجي الثالث‪ ...‬واألخير‪163................................ !!...‬‬


‫اللعبة القديمة‬ ‫األزمات في ليبيا تولد لغايات سياسية‪ ..‬فال تلتهموا الطعم‪!..‬‬

‫المراهقات السياسية التي تعايشها ليبيا تسكب مئات الماليين‬ ‫في وحل العبث والالمباالة‪ ....‬والتبعثر المقرف للسلطة وتنصل‬ ‫المؤتمر الوطني من مسئولياته‪ ..‬واعتدائه الواضح على سلطات‬ ‫الحكومة‪ ..‬وسطوه الفاضح على مصدر التشريع الحقيقي المتمثل‬ ‫في «الشعب»‪ ..‬وعدم حزمه ومحاسبته لخروقات أعضائه القانونية‪..‬‬ ‫هذه الكومة من الخيبات أدخلتنا في «دار غولة» لم ولن تنتهي‬ ‫دهاليز الترويع فيها حتى تتلف أعصابنا وأموالنا والبقية الباقية من‬ ‫أخالقنا‪! ..‬‬ ‫ليبيا رغم انتشار السالح آمن‪ ..‬مقارنة بتونس ومصر‪ ..‬ولكن‪!..‬‬

‫ضمان األمان ليس السلطات الضبطية وليست كتائب الثوار‬ ‫أو قوات الجيش‪ ..‬بل ضمان األمان الحقيقي األخالق وتفاصيل‬ ‫وطقوس البيئة االجتماعية‪ ..‬فلم ترتكب جرائم مروعة ولكننا لسنا‬ ‫‪9‬‬


‫بأمان من حدوثها وانتشارها إذا أسرفنا المزيد من الوقت وأهدرنا‬ ‫المزيد من قيمة اإلنسان الليبي وكينونته‪!..‬‬

‫لسنا بأمان إذا‪ ..‬لم نوقف جرائم ذوي الياقات بالمؤتمر الوطني‬ ‫أساسا للحساب والعقاب‪ ..‬ولم نتوقف عن‬ ‫ونعتمد الشفافية والوعي ً‬ ‫كرنفاالت القبائلية والمناطقية وتقديس األشخاص‪ ..‬ولم نتوقف عن‬ ‫شخصنة القرارات ونجوعية الوزارات واإلدارات‪ ..‬ولم نتوقف عن‬ ‫وطنية الشعارات والقداسات والثأرات‪ ..‬ولم نتوقف عن إعادة الروح‬ ‫إلى من كفرنا بوجوده‪!..‬‬

‫أزمة البنزين‪ ..‬تكتيك مدبر لجمع العملة وتأمين فائض منها بخزانة‬ ‫الدولة لتغطية مصروفات منحة األلف دينار‪ ..‬وأكل مريب للوقت‬ ‫ولحنق الشارع الليبي على آداء المؤتمر الوطني والكم الكبير من‬ ‫المليارات المتطايرة بسبب الفساد اإلداري المفتضح في المجلس‬ ‫االنتقإلى والحكومة المؤقتة والمؤتمر الوطني‪ ..‬وشماعة هشة لتعليق‬ ‫إخفاق المؤتمر الوطني في الوفاء بمهامه باتجاه إعداد الدستور‬ ‫واالستفتاء عليه‪ ..‬رغم‪!...‬‬ ‫اليقين قائم‪ ..‬باستيرادنا لدستور أنيق معلب ومعطر من وراء البحار‬ ‫وعلى مقاسات حضارية ال تمت لنا بصلة عدا كونها حلم عسير علينا‬

‫‪10‬‬


‫حقائق ال�سهو وال�سقوط الأمريكي‪.!!!....‬‬ ‫ظني سيئ بالسياسات الـ« أو رو ـ أمريك « ية على طول الخط‪!...‬‬ ‫التراتيل الشجية والموشحات العذبة الـ« أنجلوساكسون»ية التي‬

‫المسيسين تقض‬ ‫يرددها ساسة أمريكا على مسامع‬ ‫إسالمي العرب ُ‬ ‫ّ‬

‫مضجعي‪ ..‬فقد رقصت هذه الـ« أمريكا» على «الوحدة ونص» فور‬

‫اغتيال الشيخ «أسامة بن الدن» في « أبوت آباد « الباكستانية‪ ..‬وجهزت‬

‫« سبع قالل « لتكسرها على أعتاب «طورابورا» بإثر تنظيم القاعدة‬

‫بعدما يضمحل «حسب أمانيها»‪!...‬‬

‫ذات الـ«أمريكا»‪ ..‬التي كشرت عن أنيابها بوجه حركة حماس‬

‫الفلسطينية وناصبتها العداء وباركت استباحة األقصى الشريف‬

‫مؤخرا بابتسامتها الصفراء العريضة‬ ‫مرارا‪ ..‬فاجئتنا‬ ‫ً‬ ‫بأقدام الصهاينة ً‬

‫لطوائف اإلسالميين في مصر وليبيا‪ ..‬وأربكنا حبورها السخي‬

‫بثورات العرب التي لم تضع « ماسك « لتخفي به نفورها من الهيمنة‬

‫األمريكية على المدى القريب و البعيد‪ ..‬ولم يتورط مقترفوها‬ ‫‪11‬‬


‫العرب « حتى اآلن « في وصلة عناق حميمي مع أمريكا‪ ،‬رغم‬ ‫شيوع وذيوع هيامهم الشديد ب «شبوبية « باراك أوباما‪ ..‬وهذيانهم‬ ‫بطلة «هيالري كلينتون» البهية على ساللم «راحلتها» بعواصمهم‬ ‫المضمخة بالنار والدم والبارود‪!..‬‬ ‫العرب هم العرب‪ ...‬واألسماء ال تُعني شيء‪ ..‬وإن أطلقنا على‬ ‫زهرة الكاميليا اسم « غولدا مائير « فستظل رائحتها زكية رغم بشاعة‬ ‫قسرا»‪! ..‬‬ ‫ما ُح ِم ْ‬ ‫لت « ً‬

‫وكذلك العرب‪ ..‬لن يستطيعوا اإلقالع عن إدمانهم للحقد على‬ ‫أمريكا ولو ساقوا الـ«نيويوركيات» سبايا في غزوة «سبتمبرية» جديدة‪..‬‬ ‫فجينات الوصال العربية مختومة بالشمع األحمر أمام «جوليت» ية‬ ‫أمريكا أو «ديمونيتها»‪ ..‬وإن حدث المحظور «ولطالما كان» فيظل‬ ‫ٌ‬ ‫«ترك وطهور»‪!..‬‬ ‫ثم مساكنة غير مشروعة ال أكثر كفارته‬ ‫وصالها َأ َ‬

‫ً‬ ‫شمول‪ ..‬السياسة العربية «أيدولوج ًيا ولوجست ًيا وإستراتيج ًيا»‬ ‫مركب عضوي دفين ومخبوء كصندوق أسود بقاطرة الـ«‪»DNA‬‬ ‫العربي‪ ..‬وأن «تملين ـ أصبحوا ماليين» أصحاب الشخصية‬ ‫الـ«برادعية» فلن يقنعوا الجموع العربية األصيلة بترقيتهم شعب ًيا‬ ‫لرتبة الـ« زعيم ـ شيخ « ووضعهم على الرقاب حتى الـ« تفرعن»‪،‬‬ ‫ألنهم مهجنون أكثر من الالزم‪ ..‬ومفلسون عروب ًيا حد الفضيحة‪..‬‬ ‫فجذورهم مكتنزة باالغتراب وهاماتهم الـ« إيفلية» ال يمكنها طرح‬ ‫الثمار المشتهاة عرب ًيا‪ ،‬وإن كانت ثمارهم الملقاة «همبورغرية»‬ ‫وزاللها «مايونيزي» السالسة‪ ..‬فالشهوات العربية‬ ‫التكوين ُ‬ ‫‪12‬‬


‫«الفكرية والمعوية» تهتف بدفء بدوي أنيق آناء الليل والنهار‬ ‫«أحن إلى خبز أمي»‪!!...‬‬ ‫بالمطلق‪ ...‬أفئدة العرب ِ‬ ‫تح ُّن إلى «خبز محمد ـ عليه السالم»‬ ‫الروحي والفكري‪ ..‬فالماليين تهفو إلى دفء العقيدة بعدما اعتصرها‬ ‫الضياع وآلمتها سنوات التشرد في قفار الشيوعية الباردة والرأسمالية‬ ‫المحرقة‪ ..‬وأضناها الركض وراء سراب الحضارة والتشظي بعواصم‬ ‫الفرنجة وسط زحام مثل ِّييهم وغانياتهم البائسات‪ ..‬وقد طفق الجميع‬ ‫يخسفون ب « دشداشات»هم ليواروا سوءات اغترابهم األثير‪..‬‬ ‫ويشدوا الرحال عائدين إلى مكة التي هجروها معلنيين توبتهم من‬ ‫الـ«تأمرك» و الـ«تفرنس» وانتمائهم إلى «مطلب ـ نسبة لعبدالمطلب‬ ‫هاشم» الطبع والطابع والضمير‪!..‬‬

‫أحجارا‬ ‫التالل والرمال والرجال‪ ..‬الشرق أو سطيون سيظلون‬ ‫ً‬ ‫ناتئة بالدرب السيزيفي األمريكي مهما حدث من تغيير‪ ،‬وسيكون‬ ‫لهم األثر الكبير في تدهور أحوال أمريكا واهتراؤها‪ ..‬فهم الوقود‬ ‫الحقيقي لنمو القوى واضمحاللها‪ ..‬وبرغم ما يعتريهم من ضعف‬ ‫ال تكاد تكتمل معركة حضارية بدونهم‪ ..‬وستفعل دراهمهم المتدفقة‬ ‫في الخزائن الصينية فعلتها‪ ،‬وتبعث الدفء بأو صال التنين ليضع حدً ا‬ ‫لحكاية الفيل والحمار‪!...‬‬

‫‪13‬‬



‫بيع الر�ؤو�س‪!..‬‬ ‫نشرت ‪ 2‬مايو ‪2013‬‬

‫الوشاية فعلت فعلتها‪ ..‬كالعادة‪!..‬‬ ‫بيع الرؤوس وشراؤها مهنة سياسية تتقنها اإلدارة األمريكية‪..‬‬

‫كما يتقن ساسة العرب سبك الكالم وبيعه وتوزيعه على المنابر‬ ‫الثلجية التي لم ولن تصمد أمام أزمات بلدان العرب المتتالية‪ ..‬فقد‬

‫أظهر فيلم «زيرو دارك ثيرتي » للمخرجة األمريكية «كاثرين بيغيلو»‬ ‫َّ‬ ‫أن وكالة االستخبارات األمريكية الـ«‪ »CIA‬استخدمت التعذيب‬ ‫كوسيلة أساسية للوصول إلى مكان زعيم تنظيم القاعدة الشيخ‬

‫«أسامة بن الدن» رحمه الله‪!..‬‬

‫ما لم يشغل بال المسلمين عامة والعرب خاصة شغل‬

‫بال األمريكان‪ ..‬فقد وضع أعضاء من الكونغرس األمريكي‬

‫«مايكل موريل» مدير وكالة «‪ »CIA‬في ورطة كبرى‪ ،‬بسبب‬

‫المعلومات التي أظهرتها «بيغيلو» في مشاهد الفيلم بعد التقائها‬ ‫‪15‬‬


‫وفريقها بـ«موريل»‪ ..‬وتنامت شكوك الكونغرس حول حيثيات‬ ‫اغتيال الشيخ «بن الدن» والوسائل التي اتبعتها «‪ »CIA‬للوصول‬ ‫إليه ومعرفة مكانه‪ ..‬وازدادت الورطة بظهور جبهة « جون ماكين‬ ‫وديان فينشتاين « المناهضة للتعذيب والمطالبة بمعرفة حقائق عملية‬ ‫االغتيال والمستندات التي دعمت بها « بيغيلو « سيناريو فيلمها‬ ‫المرشح لنيل جائزة األوسكار‪،‬والذي افتتح عرضه بصاالت السينما‬ ‫األمريكية في «‪ 11‬يناير» ملقيا أمام المواطن األمريكي حقائق مشتتة‬ ‫ومؤدلجة عن تنظيم القاعدة الذي نفذ عملية « ‪ 11‬سبتمبر « وأدى‬ ‫وحول األمريكيين إلى فرائس‬ ‫إلى سقوط برجي التجارة العالمية‬ ‫َّ‬ ‫للرعب وفرائس للساستهم‪!! ..‬‬ ‫«بن الدن» لم يمس مادة سينمائية في أمريكا‪ ..‬بل الزال قضية‬ ‫سياسية تهدد مصائر الساسة األمريكيين في الحزب الديمقراطي‬ ‫وتشدد الخناق على «أوباما» يو ًما بعد يوم‪ ..‬والزالت قضية‬ ‫السفير “ كريستوفر ستيفنز “ ساخنة وسط األدراج وقوافل مكتب‬ ‫التحقيقات الفيدرإلىة “ ‪ “ FBI‬تتقاطر على طرابلس وبنغازي‬ ‫وتبحث عن خيط رفيع يوصلها إلى خفايا مقتل « ستيفنز « بعد‬ ‫ظهور شكوك حول تستر الرئيس «براك أوباما» والجنرال « ديفيد‬ ‫بترايوس « المنهار في هوة الغراميات النسائية عن معلومات‬ ‫تؤكد وجود استهداف مدبر للسفارة األمريكية ببنغازي‪ ،‬إال أن‬ ‫«أوباما» و « بترايوس « تكتموا لتمرير االنتخابات الرئاسية بدون‬ ‫هزات سياسية من النوع الثقيل‪ ..‬بعدما لطفت “ هيالري كلينتون‬ ‫‪16‬‬


‫“ الجو بتحملها مسئولية التقصير األمني في حماية القنصلية‪،‬‬ ‫ومازالت تحأو ل تفادي االتهامات الموجهة إليها بخصوص‬ ‫مقتل «ستيفنز»‪!! ....‬‬

‫فيلم «زيرو دارك ثيرتي» يبدأ بمشهد تعذيب المساجين أثناء‬ ‫استجوابهم‪ ..‬في حين تذهب المعلومات االستخبارتية إلى قيام‬ ‫قوات المارينز بتعذيب رسول « بن الدن « الذي كشف عن مكانه‬ ‫وبعد الرصد والتحقق قامت باغتيال الشيخ «أسامة» في منزله‪ ..‬وقد‬ ‫احتفل «أوباما» بهذا االنتصار‪ ،‬الذي ضمن له والية رئاسية جديدة‪،‬‬ ‫رغم إخفاقه في تنمية االقتصاد األمريكي ورفع مستوى الدخل‬ ‫وتحسين المعيشة ومعالجة أزمة االقراض المصرفي‪ ..‬ولكن اغتيال‬ ‫« بن الدن « كان الورقة الرابحة بيد «أوباما»‪!..‬‬ ‫«أسامة بن الدن» لم يكن صيدً ا ً‬ ‫سهل ل «‪ ..»CIA‬بل كان ضحية‬ ‫وشاية‪!..‬‬

‫المدهش‪ ..‬هو تناسي العرب جمي ًعا أن الشيخ «أسامة بن‬ ‫الدن» مواطن عربي‪ ..‬وأن القضية لها أبعاد عقائدية تفوق حجمها‬ ‫ِ‬ ‫االصطيئد التي قام بها االمريكان في ادغال‬ ‫الموهوم‪ ..‬وان عمليات‬ ‫افريقيا منذ قرون الزالت تحدث بطريقة حديثة في األقطار العربية‬ ‫وغايتها األولى الزالت تحقيق األرباح لألمريكان على حساب‬ ‫غيرهم من البشر‪!..‬‬ ‫أمركة العالم وسكب الثروات بالجيوب األمريكية الزال الهدف‬ ‫األساسي لكل ساسة أمريكا جمهوريين كانوا أو ديمقراطيين‪ ..‬وتعميم‬ ‫‪17‬‬


‫النمط الديمقراطي األمريكي خطة عملية دأبت اإلدارات األمريكية‬ ‫المتتالية منذ الحرب العالمية الثانية على تنفيذها‪ ،‬وجعلها هد ًفا أو‬ ‫نموذجا ُيحتذى به لكل الشعوب بأي طريقة‪ ..‬فأمريكا ال تعيش بدون‬ ‫ً‬ ‫حرب‪ ..‬ألنها موردها وقوت أبنائها‪!..‬‬

‫‪18‬‬


‫�أجندة �سالم‪!...‬‬ ‫البشاعة ثوب‪ ..‬ال نريده لوطننا‪!!!..‬‬ ‫حوار البنادق والرصاص مشئوم‪ ..‬وكيمياء الترهيب والسجن‬

‫والتعذيب والقتل مقيتة وفاشلة تسمنا بالبدائية والنكوص وتعدنا‬

‫بالتشرد واالنحطاط والفرقة‪ ..‬ولكن‪!!...‬‬

‫سطوة السالح وسلطة المال مبررها تكاسل رواد الفكر والمثقفين‬

‫عن استكمال دورهم برصانة واجتهاد وتشردهم في قفار الصمت‬

‫وتنازلهم عن حقهم في ريادة الثورة التي كانوا شعلتها األولى قبل‬

‫أن تقوى األيدي على امتشاق السالح عنوة‪ ..‬وامتالكنا للبذرة الطيبة‬ ‫واألصيلة التي طمرها الطمع والثأر والجشع والتكبر والتقليد والعداء‬

‫لدى أغلب شركاء السلطة ومصارعيها في ليبيا يهبنا األمل في تغيير‬

‫حال الشارع الليبي ومنع نزيف الدم فيه بأسلوب إنساني مستمد‬

‫من خصال أكرم خلق الله « محمد « عليه السالم‪ ..‬وألننا طيبون‬ ‫وعتادنا الكلمة الطيبة أدعو كل الكتاب والصحفيين واإلعالميين‬ ‫‪19‬‬


‫في ليبيا إلى تخصيص نتاجهم الفكري والموضوعي لنصرة السالم‬ ‫والتبشير باأللفة والصلح والتسامح وإعالن هذه األيام أيا ًما للسالم‬ ‫الوطني وتمهيدً ا لسالم أعظم وأكثر روعة مستبشرين بالطيبة التي‬ ‫أودعها الله في قلوب عباده وبشهر رمضان الكريم‪ ..‬وبكلمات النور‬ ‫وآيات الرحمة‪!..‬‬

‫لنكن دعاة سالم أليام أن لم نستطع أن نكون كذلك طوال الوقت‪..‬‬ ‫ولتكن أقالمنا وكلماتنا ومقاالتنا ما ًء يسكب على لهيب الجهل‬ ‫وبلسما لجراح الوطن والمواطن‪ ..‬ولنشعل شمو ًعا تنير‬ ‫والتكبر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫سبيل أهلنا وتدفعهم إلى تعميم السالم وتناقله‪ ،‬وليكن شعارنا «السالم‬ ‫للوطن واإلنسان»‪ ..‬فواجبنا أن نثري حوار الكلم والقلم لنبعد حوار‬ ‫الظلم واأللم وندعو إلى إحياء سنة أنبياء الله ورسله وتقاة األئمة‬ ‫والطيبين‪ ..‬ولنرهن أنفسنا ونوظف طاقاتنا لخدمة السالم ونشره‬ ‫ولنتكاتف ونعلن وحدة الكلمة لدى جموع مبدعي ليبيا ولنجعلها‬ ‫هي السالم وللسالم‪!!..‬‬

‫الوطن دفء‪ ..‬وعلينا أن نعمم هذا الدفء وندسه في العيون‬ ‫والقلوب والنفوس من خالل حملة سالم وطني شاسعة تحتل‬ ‫الصحف وقنوات التلفزة ومواقع التواصل االجتماعي ولنجعل صدى‬ ‫كلماتنا يبلغ مسامع من صموا عن سماع صوت اإلنسانية الحبيس‬ ‫في صدور الطيبين‪ ..‬ولنهدي سالم الكلمات ألطفالنا ونسائنا ممن‬ ‫نكتسحهم بالرعب البصري والسمعي‪ ..‬ونحيطهم باإلرهاب والعنف‬ ‫البصري والبنادق تخز عيونهم حتى في المستشفيات والمساجد‪..‬‬ ‫‪20‬‬


‫ونقتحمهم باإلرهاب والعنف السمعي وهم بأحضان دورهم وفي‬ ‫بطون أمهاتهم قبل أن يولدوا‪!..‬‬ ‫البشاعة تصطادنا وتتقمصنا حتى بألوان وأنماط مالبسنا وبلعب‬ ‫أطفالنا وبنكاتنا ومزاحنا وبأفراحنا المدرعة بعتاد الحرب وصمتنا‬ ‫البرئ تجاهها سيدفع ثمنه الوطن وأجيال المستقبل الذين نسقيهم‬ ‫ثقافة العنف ورؤاه صباح مساء‪ ..‬وألننا من أشعل النيران علينا إطفاؤها‬ ‫قبل أن تحرقنا وتحرق وطننا‪!..‬‬

‫الدعوة لمن ولدوا مصابين بحب وعشق ليبيا‪ ..‬ولمن تحمل‬ ‫جيناتهم البراءة وورثوا الصفح والسماحة والطيب عن مهدي األمة‬ ‫وشفيعها‪ ..‬ومن تورطوا في تعاطي الكلمات وأقلعوا عن الصمت‬ ‫بنبل وأشعلوا الصراخ عن سبق إصرار وترصد ليقولوا ويعبروا ويعبروا‬ ‫بأمانيهم مفازات االفتراس البدائية ويحققوا الرقي بالفكر‪ ..‬إلى هؤالء‬ ‫أو جه الدعوة ليوطنوا السالم بكلماتهم وليكونوا مع الوطن وفي‬ ‫الوطن كلمات وتعابير وصور سالم‪!!..‬‬

‫باجتماعنا وتناصرنا وتكتلنا سنضع لبنة السالم وسنحقق بنعمة‬ ‫الله وبقدس الكلمات ونورها ما يمنع السقوط ويسكت البارود‪،‬‬ ‫وما يؤهلنا ويمكننا من صيام آمن ال تشوبه شائبة لغو أو يقتحم‬ ‫أصوات التالوة والتسابيح فيه أزيز رصاص أو دوي مدافع ونزيف‬ ‫دماء وبكاء‪!!...‬‬ ‫أدعوكم لنصرة السالم حتى رمضان‪ ..‬والسالم هو الله‪!!!..‬‬ ‫‪21‬‬



‫حلي قديمة‪.!!!....‬‬ ‫أنظر كم من األشياء المستحيلة يمكنك أن تؤمن بها قبل تناو ل‬

‫طعام اإلفطار‪!..‬‬

‫تعود الواقع أن يكون قاسيا على بعض أبناء آدم‪ ..‬أولئك الفقراء‬

‫والمحرومين‪ ..‬أو لئك المرضى والمكلومين‪ ..‬أو لئك الضعفاء‬ ‫والتائهين‪ ..‬أو لئك العشاق والحالمين‪ ..‬لم يكن الواقع يو ًما متعاط ًفا‬ ‫مع كل أولئك‪ ..‬وال مع من يقفون في المستويات المادية الدنيا‪..‬‬

‫عالمنا مذ كان يكن التقدير فقط للسالطين والملوك واألغنياء‪..‬‬

‫أما الباقون فيظلون مجرد بيادق عليها أن تنال الفناء وتغيب في‬

‫النسيان‪!..‬‬

‫في ليبيا الحال شبيه وإن تغيرت المالمح ً‬ ‫قليل‪ ..‬دائما هنالك من‬

‫يئن تحت وطأة األيام ويبكي أمام قسوتها‪ ..‬هنالك اآلالف ممن يقاسون‬

‫ويطالهم الجوع وتضيع حقوقهم‪ ..‬هنالك من تعودوا خسارة كرامتهم‬ ‫وإنسانيتهم ألجل الحاجة‪ ..‬في كل بالد الدنيا هنالك حقيقة مجتمعية‬ ‫‪23‬‬


‫جلية‪ ..‬رسختها روما القديمة‪ ..‬والزالت مستمرة بذات األسلوب‪..‬‬ ‫في كل بالد الدنيا هنالك مواطنون من الدرجة األولي وبرابرة‪ ..‬هذه‬ ‫هي الحقيقة‪! ..‬‬

‫مواطنون يمثلون الدولة وينالون احترامهم فيها ويأخذون كامل‬ ‫حقوقهم وزيادة‪ ..‬وبرابرة تطالهم المخالب أكثر مما تطالهم الفوائد‪..‬‬ ‫ليس الجميع على السواء‪ ..‬وهذا ما ال يمكن نكرانه‪ ..‬في أي مكان‬ ‫داخل أي مؤسسة أو شركة أو حاجز أمني بصاالت المطارات وداخل‬ ‫الطائرات‪ ..‬أمام األطباء وأمام القضاة‪ ..‬دائما هنالك الفرق وهنالك‬ ‫التفريق‪ ..‬هنالك األعلى واألدنى‪ ..‬ومهما حاولنا أن نشيح بوجوهنا‬ ‫عن هذه الحقيقة فستظل قائمة وشاخصة أمامنا بوضوح‪!..‬‬

‫دائما سعر افتراضي لإلنسان‪ ..‬لقيمته للمصالح المرجوة‬ ‫هنالك ً‬ ‫منه والنتمائه‪!..‬‬

‫الحلقة الزالت تتسع‪ ..‬والفساد الزال األكثر شعبية واألحب لألنفس‪..‬‬ ‫وما كنا نحتاجه باألمس‪ ..‬الزلنا نحتاجه اليوم‪ ..‬وهو الوعي والتقليل قدر‬ ‫اإلمكان من سلطة األفراد‪ ..‬والكف عن تحويل المؤسسات إلى نجوع‪..‬‬ ‫ووضع دستور يحترم الجميع‪ ..‬وضمان استقاللية القضاء عن السلطات‬ ‫السياسية‪ ..‬والمحافظة على القيم اإلنسانية‪!....‬‬ ‫لنتذكر‪ ..‬كلنا قد خرجنا من مخرج البول مرتين‪ ..‬وسوف نكون‬ ‫ذات يوم غذا ًء لدود األرض‪ ..‬ومن يستطع أن يكون غير هذا‪ .‬فليتجبر‪!..‬‬ ‫كرم الله وجه « علي بن أبي طالب « ورضي عنه‪!..‬‬ ‫‪24‬‬


‫خارج الن�ص‪!..‬‬ ‫‪ 4‬أغسطس ‪.2013‬‬

‫الخطأ الذي ارتكبه المجلس االنتقالي ال يمكن الرجوع عنه‬

‫اليوم‪ ..‬فقد تحولت ليبيا إلى لبنان إعالم ًيا‪ ..‬وأصبح الكالم أقصى‬ ‫حدود حريتنا‪ ..‬فالعزلة اإلعالمية انتهت قبل ثورة فبراير وتحولت‬

‫العزلة إلى عزلة أخالقية ومهنية‪ ..‬وصارت حرية إعالمنا إباحية‬ ‫وتهكمية أكثر مما ينبغي‪ ..‬ولكن‪!...‬‬

‫الخلل في ليبيا خلل مرجعي وأخالقي وقانوني قبل كل شيء‪ ..‬فقد‬

‫تجردت ليبيا من المنطق القانوني في تكوينها للعديد من المؤسسات‬ ‫الفاعلة‪ ،‬وجاوزت كل حد بإسهال تأسيس االحزاب غير المقنع وغير‬

‫المنتمي لواقع ليبيا السياسي والثقافي واالجتماعي‪ ..‬وغير المتجانس‬

‫مع الكتلة السكانية‪! ..‬‬

‫خطأ المجلس االنتقالي في تكوين إعالم خارج سلطته‪ ،‬وفتح‬

‫الباب على مصراعيه لإلعالم الخاص المقروء والمسموع والمرئي‬ ‫‪25‬‬


‫بدون ضوابط قانونية أو مهنية‪ ،‬مما شكل عب ًئا إضاف ًيا على كاهل‬ ‫المواطن الليبي وعلى فكره ومواقفه تجاه األحداث والقضايا‪ ،‬وشكل‬ ‫وسيلة للقهر واالستغالل والصراع ولتشتيت الجموع وتفتيت الوطن‬ ‫أكثر مما ينبغي‪!..‬‬

‫حرية اإلعالم مطاطية‪ ..‬والكوادر اإلعالمية في ليبيا غير مثقفة‬ ‫مهن ًيا بالشكل الذي يؤهلها للعمل وفق قوانين اإلعالم والصحافة‬ ‫الدوليين‪ ..‬وهشاشة الدولة وعدم انضباطيتها جعل مطابخها‬ ‫السياسية مفتوحة للجميع حسب األهواء وليس حسب المنطق‬ ‫والواجب‪ ..‬ووسائل الحصول على المعلومات والتعامل معها‬ ‫ونشرها بعيدة عن حقيقة مهنة اإلعالم‪ ..‬ويبدو الخطاب اإلعالمي‬ ‫بعيدً ا عن ضوابط مهن اإلعالم وأخالقها لغياب السلطة الرقابية‬ ‫القادرة على محاسبة المخالفين والمتجاوزين لمسئولياتهم وحدود‬ ‫صالحياتهم ومهنهم‪!..‬‬ ‫ضرورات واقع السلطة والشارع في ليبيا تحتم الحد من حرية‬ ‫اإلعالم الالمسئولة‪ ،‬وتوجب على السلطات ِ‬ ‫تقييد اإلعالم وتقنينه‬ ‫والمحاسبة السريعة والحازمة للمتجاوزين‪ ،‬ووضع ضوابط مهنية‬ ‫لمنح التراخيص واشتراط علنية العنوان داخل ليبيا للحد من تكوين‬ ‫مؤسسات إعالمية غير وطنية ومعادية لمصالح الشعب الليبي‬ ‫والستقرار ليبيا‪ ..‬فالضرر الحالى من اإلعالم يجعله وسيلة هدم‬ ‫وهدر يفترض تقليص ضررها وضمان فاعليتها للصالح العام‪!..‬‬ ‫حرية اإلعالم ليست وسيلة يستغلها العابثون بالرأي العام‬ ‫‪26‬‬


‫والمتطاولون على السلطات والمناطقيون والمسئولون العاجزون‬ ‫وأصحاب األجندات الفاسدة والعداو ات والثأرات االجتماعية‬ ‫والمهنية والقادمون من الخلف والمتسلقون والمدججون بالخراب‪..‬‬ ‫إنها قبل كل شيء التزام مهني وأخالقي باتجاه الوطن وأهله‪ ..‬فالحرية‬ ‫مسئولية إنسانية تجاه اآلخرين غايتها تحقيق الخير وجلبه‪!..‬‬

‫الكذب والتضليل الذي وسم بهما « المقريف وحميدان « سمات‬ ‫أساسية في بعض وسائل إعالمنا‪ ..‬فهل‪!!!....‬‬

‫‪27‬‬



‫ما وراء النخبة‪!..‬‬ ‫الليبيون شعب يقتات القيل والقال‪ ..‬ألنهم بسطاء طيبون‪!..‬‬

‫ضربت لي القيادات الشعبية موعدين متتاليين مع أعواد المشانق‬ ‫فأخلفت موعدي واختبأت‪ ..‬والزالت ذات األعواد بانتظاري فالدعوة‬ ‫ُ‬ ‫مشرعة ومتجددة كل يوم‪ ..‬فأحبائي كثر‪ ..‬صدقوا‪!..‬‬

‫الفراغ اإليديولوجي لثورة فبراير وعداء نخبة المفكرين والمثقفين‬ ‫لها‪ ،‬وأدمناهم على تعاطي المبادئ الشيوعية المعربة‪ ،‬وانغراسهم‬ ‫الساذج في أديم القبائلية ومكافحتهم الشرسة لحقيقة التحرر‪ ،‬واستالمهم‬ ‫الطفولي للقيود الفكروية البدائية جعلنا ندفع ثمن التغيير غال ًيا‪!..‬‬

‫فالثورة لم تجد من ينقلها من فوهة البندقية إلى األدمغة ويحدث‬ ‫بها التغيير الفكروي المرتجى ويحد من تشظيها وتغلغلها في العنف‬ ‫ويصحح أخطاءها‪ ..‬ويسكبها في قوالب المبادئ الثورية النبيلة‬ ‫ويحولها إلى منظومة اجتماعية بديلة لما كان بيسر وسالسة وسالم‪..‬‬ ‫وهذا ألن‪!..‬‬ ‫‪29‬‬


‫مائدة الثقافة والفكر محاطة بفرسان التطبيل‪ ،‬الذين عشقوا كوميديا‬ ‫« دولة الحقراء « وانتشوا ب « رحلة ‪ 4000‬يوم»‪ ،‬واستمتعوا بأبر‬ ‫«البسباسي» وترهات « قزقيزة « وفرسنة « الكور « مقبوضة الثمن‪..‬‬ ‫الجميع كانوا بيادق على رقعة « بودبوس وشالبي وأمبيرش»‪،‬‬ ‫وكانت بوصلة قرائحهم وإبداعاتهم مفتونة بالتوجيهات والتعليمات‬ ‫ومهووسة بالدراهم الممزوجة باإلهان واإلقامات الفندقية المعدة‬ ‫للرقابة وقنص الزالت من سكر وعهر وفجور‪ ..‬لم يكن لإلبداع إال‬ ‫طريق الرق والعبودية‪ ،‬وقد أدمنه البعض وظلوا يمارسونه حتى باغثهم‬ ‫التغيير وصدمهم‪!...‬‬ ‫ذات يوم‪ ..‬هاتفتني « هدى عبداللطيف « لتعبر عن عشقها للقذافي‬ ‫وكرهها للكالب الضالة أمثالي‪ ..‬وتخلت « سالمة الشعاب « عن كل‬ ‫مثلها ومبادئها عندما لجئت لرابطة الصحفيين حينها‪! ..‬‬

‫اليوم‪ ..‬يتشدق الجميع بعشق ثورة فبراير ومالئكيتها كما تشدقوا‬ ‫بعشق سواها من قبل‪ ..‬ويعقد الجميع ندواتهم ويشكلون مجالسهم‬ ‫وجمعياتهم ليقطفوا ثمار الحرية ويفرغوا معاناتهم ومراهقاتهم عبر‬ ‫القنوات والصحف‪ ،‬ويمارسوا ذات طقوس عبوديتهم بنكهة جديدة‪..‬‬ ‫ليقولوا لليبيين أننا سلعة صالحة لالستهالك في كل زمان‪ ،‬وأننا نمتلك‬ ‫الصالفة والالنتماء مما يؤهلنا لالمتزاج مع الهواء‪!...‬‬

‫إن الفراغ اإليديولوجي لثورة فبراير جعلها تعكف على استخدام‬ ‫أدوات النظام السابق الفكرية وتتلقف عتاده اإلعالمي وتجدد‬ ‫أيدلوجياته وتمكنهم من نقضها والشروع في إجهاضها وتضخيم‬ ‫‪30‬‬


‫أخطائها ألحداث النكوص والعودة إلى الوراء‪ ..‬فما يحدث بقنوات‬ ‫تلفزيونية عدة يعد دس للسم في العسل‪ ..‬وتسريب ذكي لدوافع رفض‬ ‫وعداء لثورة فبراير وتجريم لشبابها‪!...‬‬

‫الشفاه التي أدمنت االبتسام لسخريات « الكيالني « استطاعت‬ ‫صنع ابتسامة صفراء مبتكرة لثورة فبراير‪ ..‬وسيناريوهات غزل األمس‬ ‫استبدلت فيها كلمة « الفاتح « ب « فبراير « وتلتها ذات اآلالفواه‪..‬‬ ‫وهذه مصيبة‪!..‬‬

‫ثورة الشارع لم تصل اإلعالم ولن تصله‪ ،‬فالالمنتمون استطاعوا‬ ‫التسلق وبعدما اختبئوا ألشهر‪ ،‬خرجوا من جديد ليواصلوا ما بدأوه‬ ‫بعدما ارتدوا أقنعتهم الجديدة‪ ،‬وصاروا أعداء للطاغية ً‬ ‫وأهل لفبراير‪..‬‬ ‫وأنهم لغأو ون‪!!..‬‬

‫باكرا‬ ‫اإلعالم وسيلة لتوطين الثورة وتعميمها‪ ..‬والوقت الزال ً‬ ‫على تعاطي الحرية غير المقننة في وسائل اإلعالم‪ ..‬فما يحدث‬ ‫اليوم جريمة بحق ليبيا وإسهال اإلعالم غير المنضبط ليس في صالح‬ ‫الليبيين‪ٌ ..‬‬ ‫فكل يغني على لياله‪ ،‬ويرى الحق ما يوافق هواه ويرضى‬ ‫ذائقته‪ ،‬ويقتات مشاعر المواطن وأعصابه ويفجر بالوطن‪!...‬‬

‫وضع قانون لإلعالم وسياسة ومنهج واضحين للخطاب اإلعالمي‬ ‫ُ‬ ‫وضبطه مهم ٌة عاجلة على المؤتمر الوطني الضلوع بها وإنجازها‪،‬‬ ‫فأهميتها تفوق أهمية وجود حكومة « زيدان « الكرتونية‪!..‬‬

‫‪31‬‬



‫ر�ؤى اعتقاد‪!..‬‬ ‫كل يوم تأخير يعمق صراعات السلطة « الباردة والساخنة»‪!..‬‬

‫معركتنا الحقيقية هي معركة تعميم السالم والتوجه للمستقبل‪..‬‬ ‫ولن يخوضها المسلحون بل سيخوضها نخبة المجتمع من اقتصاديين‬ ‫ورجال أعمال ومثقفين وإعالميين وفقهاء دين‪!..‬‬

‫أعتقدُ أن‪ ..‬االمتناع عن تعاطي حكومة « زيدان « واإلقالع كل ًيا عن‬ ‫هضم مخرجات المؤتمر الوطني‪ ..‬ضرورة ملحة تستوجبها األحداث‬ ‫وكم التغييرات التي تزيد من عمق التمزق في النسيج االجتماعي وتمد‬ ‫الهوة بين المؤتمر والشارع‪ ..‬والتي جعلت من الفساد حدث يومي‬ ‫مفترض ومجدول‪ ،‬والجريمة المنظمة واق ًعا ً‬ ‫معاشا وطريقة تقليدية‬ ‫لجمع الثروات وتحقيق المكاسب وبسط النفوذ أو اغتصاب األمالك‬ ‫وغيرها‪ ..‬وكذلك أمسى الفساد رائحة طبيعية في ردهات « ريكسوس‬ ‫« وبثياب رواده الدائمين‪!..‬‬ ‫أعتقدُ أن‪ ..‬ليبيا ناقلة بترول عمالقة عاجزة كل ًيا عن تدوير بوصلتها‬ ‫‪33‬‬


‫السياسية لتحقيق النمو الحضاري‪ ..‬وعاجزة عن االحتفاظ بما تمتلكه‬ ‫كما هي عاجزة عن إدارته‪ ..‬وما نفتقر إليه هو الحد من تركيز السلطة‬ ‫والمال والقرارات‪ ،‬واستيعاب الواقع االنقسامي الذي نعيشه ونؤكد‬ ‫على استمراره رغم حالة إدمان الكذب التي يمتهنها بعضنا لمآرب‬ ‫خفية‪! ..‬‬

‫ستارا جيدً ا لستر عورات مفردات‬ ‫أعتقدُ أن‪ ..‬الشرعية لم تعد ً‬ ‫السلطة المناقضة لمفاهيم السلطة أعداء الشفافية مذ ولدوا‪ ..‬وغياب‬ ‫الجموع وصمتها لم يعد يجدي أمام تغول تلك المفردات المهيضة‬ ‫المبددة ألرادة الشعب وثروته‪ ،‬فالشعب وإن اعتاد الصمت لم يعتد‬ ‫المذلة‪ ،‬ولم يعد يألف سلطة ديكتاتوري جديد أو قلة مستبدة‪ ..‬وقد‬ ‫بدأت أجراس السأم تدق معلنة نهاية صبر الجموع‪!..‬‬

‫أعتقدُ أننا‪ ..‬محافظون أو توماتيك ًيا وعودتنا إلى دستور « ‪« 1951‬‬ ‫وارجاع السلطة إلى وارثها « محمد الحسن الرضا السنوسي «ستكفينا‬ ‫عناء ومشتقة صراعات دامية وشتات اجتماعي وخسارات اقتصادية‬ ‫وسياسية‪ ،‬وستعفينا من صبر مهدور على من تسلقوا أكتاف الثوار‬ ‫وركلوهم عنوة‪ ،‬وأحكموا عليهم الخناق بقرارات وقوانين لم تكن‬ ‫من صالحياتهم ولن تكون لصالحهم‪!...‬‬ ‫أعتقدُ أن‪ ..‬وصول حماة مستأجرين بأموال الليبيين وبدعوة‬ ‫«زيدانية» بات وشيكًا‪ ..‬فالصمت الرهيب الذي أتقنته حكومة‬ ‫«الكيب» والفساد الذي أتقنته حكومة « زيدان « وسلسلة االنفجارات‬ ‫واالغتياالت المجهولة جزء من مخطط مرسوم لتوطين الشركات‬ ‫‪34‬‬


‫األمنية وتحقيق الغايات األممية لمحاربة اإلرهاب المزعوم على‬ ‫أرضه واالنتقام ل « كريستوفر ستفنز»‪ ،‬وإلعاقة وطمس الحراك‬ ‫اإلسالمي قبل وصوله ألو روبا‪!..‬‬

‫أعتقدُ أن‪ ..‬السباحة في وحل الوعود واألماني واألحالم طويلة‬ ‫األجل‪ ،‬والغرق بالمشروعات السياسية اإلقليمية أو األممية تمثل‬ ‫خيانة عظمى بحق الوطن المكلوم بعشرات اآلالف من أبنائه‪،‬‬ ‫الحالم باألمن والعدل والمستتر بأو راق التوت عفة ً‬ ‫ونبل وحيا ًء‬ ‫من تاريخ مجيد وحاضر فاخر‪ ..‬فالوالء للوطن واألولوية لترتيبه‬ ‫وحل مشاكله‪!..‬‬

‫أعتقدُ أن‪ ..‬إيقاف حالة الدوار السياسي ومشروعات السرقة‬ ‫والنهب والركون إلحياء دستور «‪ »1951‬أسلم وأقصر طريق‬ ‫للمستقبل‪!!! ..‬‬

‫‪35‬‬



‫طرقنا الم�سدودة‪!!..‬‬

‫طرق الله ليست طرق البشر‪!..‬‬ ‫لوال كيمياء شتات ووهن السلطة التي استنها المجلس االنتقالي‬ ‫وتفاضالت الصدف والسبق والتكتل الالمتجانس‪ ..‬ولوال سلبية «‬ ‫الكيب « وصفريته المحبطة وتوطينه المفجع للالشفافية والفساد‪.‬‬ ‫وافتتاحه لموسم الـ« دبل شفرة»‪ ،‬ووطنية الكسب والمصالح‪،‬‬ ‫واإلقامة السياحية في السلطة ورفع كلفة المغادرة فال دعاء‬ ‫وال حمد‪ ..‬ولوال صمتنا وطيبتنا ما أصبحنا ولبنان سواء‪ ..‬وقد‬ ‫كان أمامنا‪!!...‬‬

‫دعوة ولي العهد « محمد الحسن « لتمثيل السلطة كملك وارث‬ ‫وتشكيل برلمان مصغر وإدارة الدولة وفق دستور «‪ »1951‬وتهذيب‬ ‫السلطات وتكوين الجيش وأجهزة األمن بمراسيم ملكية ذات شرعية‬ ‫موروثة تحد من الشقاق وتوطن السالم وتؤمن تعامل مسئول مع‬ ‫الدول وتحد من تشرذم الوالءات وتقلل من حمامات الدم المتتالية‬ ‫على تراب ليبيا‪ ..‬والزلت أعتقدُ أن مسئولية « محمد الحسن « تجاه‬ ‫‪37‬‬


‫ما يحدث في ليبيا قائمة‪ ،‬وصمته ترخيص لهدر قيمة الوطن ومقدراته‬ ‫وأنفس أبنائه بصفته ول ًيا للعهد ما لم يتنازل‪!..‬‬

‫وكان أمامنا‪ ..‬إبقاء « مصطفى عبدالجليل « رئيسا للدولة لمدة‬ ‫رئاسية واحدة بدستور « ‪ ،»1951‬واستمرار المكتب التنفيذي في‬ ‫إدارة البالد‪ ،‬ويكلف القضاة بوضع مسودة دستور خالل السنة األولى‪،‬‬ ‫ليتم االستفتاء إلقرار دستور جديد‪ ،‬ونبدأ بتكوين النسيج السياسي‬ ‫بأسلوب مقنن وبترتيب منطقي لتأسيس دولة ديمقراطية مناسبة‬ ‫أليدلوجيات الحاضر ومفرداته‪!..‬‬ ‫وكان أمامنا‪ ..‬البقاء تحت الوصاية الدولية‪ ،‬وإطالق يد األمم‬ ‫المتحدة في تشكيل إدارات البالد لتسيير مصالح العامة وتوطين‬ ‫السالم برعاية أممية‪ ،‬واستنساخ عصري ل « أدريان بلت « جديد‪،‬‬ ‫ليشرف على هيكلة الدولة وجمع شتاتها كما حدث خالل سنة «‬ ‫‪ ..»1950‬وتكون الوصاية الدولية مشروطة ولمدة محددة لتحقيق‬ ‫أهداف التغيير‪ ،‬ومنع الصراعات وتجاذبات المصالح والوالءات‬ ‫المفرغة من قيم الوطنية وتحقيق السالم والعدالة االجتماعية‪!..‬‬

‫كل ما كان أمامنا‪ ..‬شرطه األساسي إصدار قانون عفو عام‪ ،‬ومنح‬ ‫الجميع حق التقاضي العادل وفق قانون معلن وبسلطات مختصة‬ ‫أو بإشراف أممي داخل أطر القانون الدولي وبما يوافق الشريعة‬ ‫اإلسالمية وال يناقضها‪!..‬‬

‫للحرية والديمقراطية أسس اجتماعية ومدنية وثقافية نفتقدها في‬ ‫ليبيا بسبب ما لحقنا من حقبة التجهيل وإعالء العشائرية وتقديس البداو‬ ‫‪38‬‬


‫ة‪ ،‬وما عايشناه من إسقاط ممنهج لقيمة اإلنسان والتسطيح لمقدراته‬ ‫ومميزاته الذاتية‪ ،‬وإغراق السلطة في وحل الدونية وجعلها هبة‬ ‫ووسيلة ارتزاق‪ ..‬وتعميم ثقافة ومبادئ الكم بدل الكيف‪ ،‬واإلغفال‬ ‫الصريح للجودة والشفافية وتوارث الالمسئولية والنفعية وغلبة المال‬ ‫والمحاباة على المنطق والحق‪!..‬‬ ‫انتهكت حقوق اإلنسان في ليبيا مرات عديدة أمام أنظار « طارق‬ ‫متري»‪ ،‬وانتشر التثاؤب بأروقة األمم المتحدة بسببه‪ ،‬و ُأصيبت‬ ‫منطمة العفو الدولية والهيومن رايتس ووتش بالصمم والعمى‬ ‫أمام االعتداءات المتكررة على المدنيين وعلى مؤسسات الدولة‬ ‫والسفارات والبعثات الدبلوماسية‪ ..‬وأضعنا السبيل لغرقنا في‬ ‫العشائرية ومراهقاتنا الحزبية السابقة ألو انها‪!..‬‬ ‫أخشى أن نعيد إنتاج ديكتاتور جديد أو أن ندمن السير إلى الوراء‬ ‫ونمتهن البدائية ونغرق بتقديس رؤانا‪!!..‬‬

‫‪39‬‬



‫�سيرك �سلطوي ومراهقو ال�سيا�سة‬ ‫يقامرون بالوطن والمواطنين‬ ‫ديسمبر ‪2013 ،27‬‬

‫ينهشنا الجوع‪ ..‬ومن سرقوا نضالنا يهرجون ويسرقون الوطن‬ ‫في وضح النهار‪!..‬‬

‫جوعنا للقمة العيش حقيقة‪ ..‬وجوعنا لألمن والسالم والعدل‬ ‫والحرية حقائق مهربة وشقائق للغول والعنقاء والخل الوفي‪!..‬‬

‫ليبيا تحولت إلى لبنان‪ ..‬وأصبحت دولة افتراضية سلطاتها‬ ‫مهووسة بابتكار األزمات والنهب وموهومة بالنزاهة والشرعية‬ ‫والشعبية وتقديس الوطن «المنتهك» وحقوق اإلنسان المنقرضة‪،‬‬ ‫وديدنها التغني بشعارات مستعارة ومستوردة‪ ..‬يؤمها تالمذة‬ ‫والؤهم ألوطان أخرى امتلكتهم طقوسها ورفاهيتها أو اجتذبتهم‬ ‫بإيديولوجيتها فانحازوا لها‪!..‬‬ ‫الطابور الخامس أمسى طوابير‪ ..‬واأليدي السوداء تقلب البالد‬ ‫‪41‬‬


‫وتخنق العباد وتفض عذرية الوطن ألف مرة باليوم‪ ..‬ومطابخ السياسة‬ ‫مليئة باألقنعة والسم والبارود والنقود والدماء‪ ،‬وروادها مواظبون على‬ ‫رعاية الفساد والخيانة‪ ..‬ومشغولون بالمؤامرة والكذب والتبول على‬ ‫رؤوس الكادحين من شرفات السلطة المفخخة باللعنات المسرجة‬ ‫بآالم المظلومين‪!..‬‬ ‫ثالث سنوات ودرب جلجلتنا لم ينته بل ازداد ً‬ ‫طول وعناء‪! ..‬‬

‫الفشل في ليبيا تجذر وصار الطابع الرسمي للسلطة وأهلها‪..‬‬ ‫وااللتحاق بركب السلطة هو انتماء صريح للفساد‪ ..‬فما فعلته‬ ‫السلطات المتعاقبة موسوم بالشبهات وبعيد كل البعد عن الشفافية‪،‬‬ ‫وإسهال األزمات المزمن وإدمان التستر الرهيب على الحوادث‬ ‫والجرائم دالئل جلية على تورط السلطات ومشاركة زبائن السلطة‬ ‫في جريمة نشر الفساد وإهدار الثروات وإشاعة الجريمة وعرض أكتر‬ ‫من خمسة ماليين ليبي في سوق النخاسة‪!..‬‬

‫إن عملية المتاجرة بالليبيين التي ترتكبها السلطات بوسائل متعددة‬ ‫لن تحقق سوى الضياع‪ ..‬وغياب التخطيط وانعدام اإلدارة طرق‬ ‫ظاهرية مؤدلجة لتطويق البالد بأغالل الديون وموجبات التبعية لعقود‬ ‫مستقبلية تلزم أجيال المستقبل بخوض معاناة مريرة نصنعها لهم بأدينا‬ ‫ونودعها بأرصدتهم مسب ًقا‪ ..‬ويالها من ودائع‪!..‬‬ ‫مراهقو السياسة بال «سيرك» السلطوي الهجين يقامرون بالوطن‬ ‫‪42‬‬


‫وبالمواطنين ويمنون أنفسهم بأرباح ومكاسب سلطوية ومادية‪،‬‬ ‫وتتعملق فيهم عقد الجشع والتكبر كلما امتد زمن حكمهم الموبوء‪..‬‬ ‫ولعل أزمة الوقود في طرابلس من أحدث ابتكاراتهم وأحابيلهم‬ ‫الميكافيلية كي يستطيعوا أن يسيروا انتخابات لجنة الستين إلى مبتغاهم‬ ‫ً‬ ‫مستقبل من صياغة‬ ‫بأسلوب ديمقراطي محشو بالدسائس‪ ،‬ويتمكنوا‬ ‫الدستور على هواهم‪!!..‬‬

‫أمرا معتادا ممن يملكون المطبخ السياسي‬ ‫النوايا السيئة أصبحت ً‬ ‫ويديرونه ويسوقون وجباتهم المليئة بالسموم‪ ..‬لذا لم يعد أمام‬ ‫األخيار والشرفاء سوى مقارعة الفساد وإقصاء المفسدين ووأدهم‪..‬‬ ‫والمجاهرة بالثورة على الفساد ودحره قبل أن يحقق المفسدون‬ ‫أطماعهم ويغرقوا البالد في الديون‪ ،‬ونتحول إلى نزالء داخل‬ ‫وطننا‪!!..‬‬

‫‪43‬‬



‫تيكت الليبيين « �صنع في م�صر»‪!..‬‬ ‫عصيبة جدً ا‪ ..‬الحياة بدون تعاطي الوهم‪!..‬‬ ‫‪ ..‬كي أتلذذ برغيف خبز ساخن بداية صباح كل يوم على « حمادة‬ ‫« المصري أن يصحو في الحادية عشرة ً‬ ‫ليل ويبدأ عمله الشاق بجوار‬

‫فرن ساخن‪ ،‬ويجهز أرغفتنا بعد صالة الفجر « كالعادة»‪ ..‬ويشترط‬

‫عليه أن ينتعل ابتسامة عريضة طوال يومه‪ ،‬وينسى هذا الـ«حمادة»‬

‫أن له أم وأخوة وأخوات في ضواحي قاهرة المعز يقفون بطوابير‬ ‫المخابز كل يوم ليحصلوا على أرغفتهم مثلي‪ ..‬فمجئ «حمادة»‬

‫لليبيا وعبوره لـ«كوكتيل» اآلالم الجلجلي من أجل جمع مهر خطيبته‬

‫«روال» وتأثيث شقته أصبح مع ارتفاع منسوب الضغوط حكاية‬

‫مصير‪ ..‬بعدما كان حكاية شغل وصبر وكفاح مؤقت لبناء مستقبل‪..‬‬ ‫فالمجرمون المسلحون الذين اعتادوا مداهمة سكنه وسلب أمواله‬

‫وهاتفه لم ولن يتيحوا له فرصة تحقيق حلمه‪ ..‬ولن يحظى بمحبوته‬

‫كما يشتهي‪!..‬‬

‫‪45‬‬


‫لماذا التنمر الزائف‪!...‬؟‬

‫الليبيون صناعة مصرية ال ينقصها سوى «استيكر» وقطعة صغير‬ ‫عليها الماركة والمقاس وبزمن استهالكي مفتوح‪ ..‬ورغم صعوبة‬ ‫الفصل تاريخ ًيا بين المصريين والليبيين باعتبارهم شعب واحد‪،‬‬ ‫إال أننا سنتفق كل ًيا في أن هذا الشعب الواحد قد انقسم إلى أنصار‬ ‫للتمدن استقروا قرب النيل‪ ،‬وأنصار للبدوية استقروا بعيدً ا عنه‪..‬‬ ‫فأصبحوا مصريين وليبيين بحكم السكن ومن ثم بحكم الثقافة‬ ‫المدنية‪! ..‬‬

‫لن تنكروا أن وكالء النيابة والقضاة ورئيس االستخبارات‬ ‫وواضع القانون الليبي وأساتذة الجامعات ومدرسي الثانويات‬ ‫واالبتدائيات وأطباء المستشفيات والصناع بالورش كانوا مصريين‬ ‫في عقد ستينيات القرن المنصرم وبداية عقد السبعينيات منه‪..‬‬ ‫واليوم الزال المصريون عتاد مشروعات البناء والتشييد وتجارة‬ ‫الخضروات‪ ..‬وما يكسبه المصريون في ليبيا يوازي ما يصرفه‬ ‫ليبيون يدرسون ويعالجون ويتمتعون والجئون في مصر‪ ..‬فالتكافل‬ ‫اجباري وال محدود‪!..‬‬ ‫ال تنكروا أن‪ ..‬درجات حرارة العالقات الليبية المصرية بدأت‬ ‫في االرتفاع بعد عزل « مرسي « ووسم جماعة اإلخوان « األم « في‬ ‫مصر باإلرهاب‪ ..‬وتكررت حوادث مشبوهة تنذر بوقوع كوراث‬ ‫إنسانية واقتصادية حال تصادم النظامين « المصري والليبي « وحدوث‬ ‫الشقاق أو القطيعة‪ ..‬وبوادر كثيرة للسوء أشعلت المخاوف في‬ ‫‪46‬‬


‫الصدور والعقول ولم يهتم بمعالجتها الساسة‪ ،‬ولم يتخذ حيالها‬ ‫أهل االقتصاد أي حراك‪!..‬‬

‫صفارة اإلنذار انطلقت‪ ..‬ورجال أعمالنا وتجارنا الن َُوم « بضم النون‬ ‫وفتح الواو « عليهم ردم الهوة وحظر مراهقة الساسة في هذه الساحة‬ ‫نظرا لقدسيتها وارتفاع تكاليفها من الناحييتن اإلنسانية والمادية‪ ..‬لذا‬ ‫ً‬ ‫يمنع السهو واللعب بالنار في الشأن «الليبي ‪ /‬المصري»‬

‫‪47‬‬



‫الف�ساد ما زال الأكتر �شعبية!‬ ‫انظر كم من األشياء المستحيلة يمكنك أن تؤمن بها قبل تناول‬

‫طعام اإلفطار‪ !..‬تعود الواقع أن يكون قاسيا على بعض أبناء آدم‪..‬‬

‫أو لئك الفقراء والمحرومون‪ ..‬أو لئك المرضى والمكلومون‪..‬‬

‫أو لئك الضعفاء والتائهون‪ ..‬أو لئك العشاق والحالمون‪ ..‬لم يكن‬ ‫الواقع يو ًما متعاط ًفا مع كل أؤلئك‪ ..‬وال مع من يقفون في المستويات‬ ‫المادية الدنيا‪ ..‬عالمنا مذ كان يكن التقدير فقط للسالطين والملوك‬

‫واألغنياء‪ ..‬أما الباقون فيظلون مجرد بيادق عليها أن تنال الفناء‬ ‫وتغيب في النسيان‪!..‬‬

‫في ليبيا الحال شبيه وإن تغيرت المالمح ً‬ ‫قليل‪ ..‬دائما هنالك‬

‫من يئن تحت وطأة األيام ويبكي أمام قسوتها‪ ..‬هنالك اآلالف ممن‬

‫يقاسون ويطالهم الجوع وتضيع حقوقهم‪ ..‬هنالك من تعودوا خسارة‬

‫كرامتهم وإنسانيتهم ألجل الحاجة‪ ..‬في كل بالد الدنيا هنالك حقيقة‬ ‫مجتمعية جلية‪ ..‬رسختها روما القديمة‪ ..‬والزالت مستمرة بذات‬ ‫‪49‬‬


‫األسلوب‪ ..‬في كل بالد الدنيا هنالك مواطنون من الدرجة األولى‬ ‫وبرابرة‪ ..‬هذه هي الحقيقة‪! ..‬‬

‫مواطنون يمثلون الدولة وينالون احترامهم فيها ويأخذون كامل‬ ‫حقوقهم زيادة‪ ...‬وبرابرة تطالهم المخالب أكتر مما تطالهم الفوائد‪...‬‬ ‫ليس الجميع على السواء‪ ..‬وهذا ما ال يمكن نكرانه‪ ...‬في أي مكان‬ ‫داخل أي مؤسسة أو شركة أو حاجز أمني بصاالت المطارات وداخل‬ ‫الطائرات‪ ...‬أمام األطباء وأمام القضاة‪ ...‬دائما هنالك الفرق وهنالك‬ ‫التفريق‪ ..‬هنالك األعلى واألدنى‪ ..‬ومهما حاولنا أن نشيح بوجوهنا‬ ‫عن هذه الحقيقة فستظل قائمة وشاخصة أمامنا بوضوح‪!..‬‬

‫دائما سعر افتراضي لالنسان‪ ...‬لقيمته للمصالح المرجوة‬ ‫هنالك ً‬ ‫منه والنتمائه‪.‬‬

‫الحلقة ال زالت تتسع‪ ..‬والفساد ال زال األكتر شعبية‪،‬ولكن‬ ‫ما نحتاجه هو الوعي والتقليل قدر اإلمكان من سلطة األفراد‪ ..‬والكف‬ ‫عن تحويل المؤسسات إلى نجوع‪ ..‬ووضع دستور يحترم الجميع‪..‬‬ ‫وضمان استقاللية القضاء عن السلطات السياسية‪ ،‬والمحافظة على‬ ‫القيم اإلنسانية‪!.‬‬ ‫لنتذكر‪ ..‬كلنا متساويين‪ ،‬وسوف نكون ذات يوم غذا ًء لدود‬ ‫األرض‪ ..‬ومن يستطيع أن يكون غير هذا‪ .‬فليتجبر‬

‫‪50‬‬


‫كالكيت « الم�شهد الأخير»‪!..‬‬ ‫األحزاب الليببية « ترامادول « سياسي مهرب‪!..‬‬ ‫غرق «مصطفى عبدالجيل» في وحل الفساد المبكر باإليعاز‪،‬‬

‫جر ليبيا إلى الهاوية وخسف بها‬ ‫وانصياعه لثأثيرات كتل مؤدلجة َّ‬

‫في هذه األتون المحرقة التي تعانيها طرابلس وتدفع ثمنها بنية تحتية‬ ‫ورجال ونساء وتخلف باألنفس « دستة « أمراض وعقد مزمنة‪!..‬‬

‫حين تم اغتيال اللواء « عبدالفتاح « فردت جماعة اإلخوان أجنحتها‬

‫«السياسية والمقاتلة»‪ ،‬وطفت إلى جانبها كتل سياسية مهيضة‪ ..‬وحالما‬

‫وصل «االنتقاليون» إلى طرابلس وضعوا أسس وجودهم كفئات مشبعة‬

‫برغبات السلطة والحكم والمال و الفساد والرشاوى والبغض‪ ..‬وتراجع‬

‫«مصطفى عبدالجليل» عن قرار منع تكوين األحزاب إلى حين صدور‬

‫«مكرها» صفارة بدء معركة السلطة‬ ‫الدستور‪ ..‬وأطلق عامدً ا متعمدً ا‬ ‫ً‬

‫«منزوعة األخالق والرقابة» وسمح بتكوين األحزاب «وميليشياتها‬ ‫الالمنتمية»‪ ..‬ووضع الليبيون البسطاء في مرجل متقد‪!!..‬‬ ‫‪51‬‬


‫جماعة اإلخوان من جهة و « محمود جبريل « ومن ورائه من جهة‬ ‫أخرى‪ ..‬استغلوا « مصطفى عبدالجليل « وحماسة النخب ومريدي‬ ‫السلطة ومقاولي الديمقراطية وأعلنوا بأسلوب فج وبدائي وشاذ والدة‬ ‫أحزاب وسط دولة افتراضية صلعاء قانونًا‪..‬كسيحة إدار ًيا‪ ..‬عقيمة‬ ‫مدن ًيا‪ ..‬مشوهة اجتماع ًيا ومفلسة إلى أبعد حد انتما ًء ووطنية‪!!..‬‬

‫رجع صدى الحس الوطني إجبار ًيا بفئات الجيش‪ ..‬بعدما تحولت‬ ‫قضية أفراد الجيش « الحقيقيون « إلى قضية وجود وحياة وأصبحوا‬ ‫فرائس مطاردة لجماعات مؤدلجة ومدمنة على وأد اآلخر وإفنائه بدل‬ ‫قبوله‪ ..‬أتاح للكتل السياسية الخاملة تنفس الصعداء‪ ،‬فأخذت تلوح‬ ‫بشعارات الوطنية وتنشر بياناتها المفبركة والمحالة بأطنان من الخداع‬ ‫والزيف لتكون بدائل سلطوية لجماعة اإلخوان « المغادرة»‪ ..‬وتنعم‬ ‫بمد أرجلها بمسرح السلطة بعدما ضمنت عفاف الجيش عن موائد‬ ‫السلطة المسممة بعقاقير الفساد التي صرح « مصطفى عبدالجليل «‬ ‫بدخولها وتعاطيها بشرعية ملوثة‪!..‬‬ ‫قناعة الملك « إدريس « بأن األحزاب في ليبيا أجساد « خاوية‬ ‫وطن ًيا « رؤوسها بالخارج دفعته إلى منع تأسيس األحزاب والحد‬ ‫من نشاطها رغم الحراك القومي والشيوعي بتلك الفترة‪!!..‬‬ ‫أحزاب اليوم مرتبطة جين ًيا بالخارج‪ ..‬أو تمثل صور مقلوبة‬ ‫ألحزاب « خارجية « بكامل التجهيزات اإليديولوجي ة‪ ..‬وعلينا‬ ‫أال نتورط في الكذب وندعي أن لدينا نخ ًبا أو قدرات ووع ًيا حقيق ًيا‬ ‫بقوانين وتفاصيل لعبة السياسة‪ ..‬فهذه النخب أدمنت خلع قناعاتها‬ ‫‪52‬‬


‫وأفكارها وقيمها فور ارتفاع درجة حرارة ليبيا سياس ًيا‪ ،‬وال تتعرف‬ ‫على الحق إال بعد مغادرة المجرمين وابتعاد أصوات أسلحتهم‬ ‫وأقدامهم‪!! ..‬؟‬

‫سنوات تيهنا وضياعنا الثالث دليل فقر من يتناولون مشاوي‬ ‫وقضما باألسنان إمعانًا في البدائية‪ ..‬فكلنا‬ ‫السياسية على األرض‬ ‫ً‬ ‫سواء بحاجة إلى وقت ووعي وانتماء وتأهيل مدني لنستطيع أن‬ ‫نعبر عن وجودنا كدولة مدنية‪ ..‬ونلتحق بروضة الديمقراطية ونتعود‬ ‫مصافحة المختلف بدل تمزيقه أو سحله‪!!..‬‬

‫بجرأة‪ ..‬الليبيون المدججون بالكرامة والمدافعون عن بقائهم‬ ‫بصفة « ليبي « عليهم استكمال معركة كرامتهم وتوجيه انتفاضتهم‬ ‫ضد األحزاب الكارتونية وإلغاؤها ليس بدافع مكافحة الديمقراطية‪..‬‬ ‫أو االستحواذ على السلطة وعسكرتها‪ ..‬بل تحقيق للعدل وترسيخ‬ ‫ً‬ ‫وعمل بشرائع النظم‪ ..‬فال يمكن هضم منطق وضع العربة‬ ‫للقانون‬ ‫أمام الحصان‪ ..‬أو وجود األحزاب وفرعنتها قبل وجود الدستور‪..‬‬ ‫وميالدها قبل ميالد الدولة يجعلها « بنات حرام « منطق ًيا‪!!..‬‬ ‫عهر وغباء وسذاجة مفزعة‪ ..‬أن نؤمن بتعليق وإشعال « ثريات‬ ‫« اضاءة مسكن لم توضع أساساته بعد‪ ..‬ونستمتع بها وبنورها وهي‬ ‫معلقة في الفراغ‪ ..‬هذا ما فعلنا بمباركة « مصطفى عبدالجليل « «‬ ‫تستور يا سيدي جليل»‪!!..‬‬

‫ليبيي الكرامة أفيقوا بالكامل‪ ..‬وال تفتحوا عينًا وتغلقوا أخرى‬ ‫فتتحولوا إلى ذئاب‪ ..‬وال تنسوا الله كي ال ينساكم‪ ..‬وتمسكوا بالحق‬ ‫‪53‬‬


‫ليكون إلى جانبكم‪ ..‬وال تماروا وال تهادنوا الفساد‪ ..‬وثقوا أن فساد‬ ‫ألما وشراسة وبقا ًء من أي فساد آخر‪!!...‬‬ ‫الفكر والعبت به أعنف وأشد ً‬

‫أدعو‪ ...‬إلى حل األحزاب وإلغائها إلى حين وضع دستور البالد‪..‬‬ ‫وتحديد مواد دستورية تنص على تكوين األحزاب وتنظيم نشاطها‪..‬‬ ‫فال يمكن أن نقنع بوجود األحزاب وتزاوجها أمام أنظارها بدون‬ ‫شهادات ميالد رسمية بوصفها دستورية المنشأ‪!! ..‬‬

‫أيها الحزبيون‪ ،‬الوطن في الفراغ والدولة وهم‪ ..‬فماذا يعني‬ ‫وجودكم أيها المخادعون‪..‬؟؟؟؟؟؟!!‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫الم�صيبة لي�ست في ظلم الأ�شرار‬ ‫بل في �صمت الأخيار!‬ ‫‪ 27‬مايو ‪2014‬‬

‫حراك الكرامة الذي أعلن بجرأة رفضه لكل احتيال أو تدليس‬

‫على إرادة الشعب‪ ..‬وخسف بأطماع أمراء الحرب ممن جددوا‬

‫تاريخ بارباروسا وبرغل وقامروا بأرواح الليبيين ومستقبل وطنهم‪..‬‬ ‫وأهدروا الثروات والدماء لتحقيق مآربهم الشخصية‪.‬‬

‫قد الذ المؤدلجون بالصمت عندما كشفت األو راق‪ ..‬فاختفى‬

‫مصطفى عبدالجليل ومحمود جبريل وعلي الصالبي ونزار كعوان‬

‫وسواهم‪ ..‬واعتنقوا الصمت ألنهم لم يشاءوا سوى مصالحهم‬ ‫والتسلق على رقاب الضعفاء‪ ،‬والتشدق باالنتماء والوطنية عبر‬ ‫القنوات وانفصلوا عن الشارع وسكنوا بلدان هانئة ليرقبوا رجال‬

‫ليبيا ونساءها يخوضون معارك الوجود ببسالة وصبر ويقاسون المعاناة‬ ‫من أجل مستقبلهم ومصير بالدهم‪.‬‬ ‫‪55‬‬


‫حكايا السلطويين ال تخلو من الخداع‪ ..‬ونواياهم سوداء كوجوههم‪..‬‬ ‫وتنصلهم من واجبهم الوطني تجاه ليبيا‪ ..‬وغيابهم عن الميادين وتقوقعهم‬ ‫وصمتهم المريب حيال معركة الكرامة يفضح كذبهم وأهدافهم في‬ ‫الوصول إلى السلطة وحكم الليبيين دون االنتماء لهم‪.‬‬

‫خدعنا حينما أسلمنا وطننا عندما جاءوا ببطون خاوية وضمائر‬ ‫ميتة وصعدوا بإذننا إلى كراسي السلطة ليحتقروا إرادتنا ويوطنوا‬ ‫لوجودهم ومصالحهم على حساب ليبيا وأهلها‪ ..‬ولن نخدع ثانية‬ ‫بمن شاءوا مراقبتنا نموت ونسرق من بعيد وطفقوا يغازلون آالمنا‬ ‫ويستغلونها لمصارعة خصومهم بنا‪ ..‬وجعلوا من المكائد والبيانات‬ ‫حبرا‬ ‫المحشوة بالخديعة وسيلة للتعبير عن تضامنهم الذي طالما ظل ً‬ ‫على ورق بعد جوالت عقدت تحت الطاوالت لتقسيم السلطة بعيدً ا‬ ‫عن أعين الشعب‪.‬‬

‫الكوميديا السوداء التي اعتدنا سماع فصولها عبر أعضاء المؤتمر‬ ‫الحانقين أو المبعدين أكدت بما ال يدع مجاال للشك‪ ،‬أن الكتل‬ ‫واألحزاب وكافة األعضاء كانوا جز ًءا من المؤامرات التي حاكها‬ ‫المؤتمرون على الشعب‪ ..‬وأنهم قد دسوا رؤوسهم في الرمال للحفاظ‬ ‫على « ‪ 12000‬دينار»‪ ،‬التي لم تكن ح ًقا لهم ولم يؤدوا ما يجعلهم‬ ‫ً‬ ‫أهل لقبضها‪.‬‬ ‫إن جريمة عدم إعالن الالئحة التنظيمية لعمل المؤتمر الوطني‬ ‫ال ينبغي أن تمر دون حساب‪ ..‬وكذلك عدم وجود جهة رقابية على‬ ‫تطبيق هذه الالئحة‪ ،‬وعدم تكليف جسم قضائي مختص بخروقات‬ ‫‪56‬‬


‫أعضاء المؤتمر ومخالفاتهم وتصريحاتهم الكاذبة‪ ..‬وجرائمهم‬ ‫اإلدارية المعلنة والمخفية وكل ما يعد انتهاكًا لحقوق اإلنسان ومخالفا‬ ‫لشرع الله‪.‬‬

‫الشفافية لم تكن من سنن المؤتمر الوطني‪ ..‬والخروج اآلمن‬ ‫لمحمد المقريف ونائبه وأعضاء آخرين وإخالء ذممهم يجب أن‬ ‫يتم تداركه والتحقيق بحيثياته‪ ..‬فمن انتخب من قبل الشعب لتأدية‬ ‫مهمة معينة ويتراجع أو يتخلى عن مسؤوليته حيال منتخبيه يجب‬ ‫أن يمثل لجلسة استماع علنية ويفصح عن كل الحقائق عالنية‪..‬‬ ‫فامتهان الصمت وغياب الشفافية أسسا الفساد التي أوصلتنا إلى‬ ‫هذا الوضع السيئ‪.‬‬ ‫إحالة مقترفي الجرائم بداية من « عمر حميدان « و«نزار كعوان‬ ‫ً‬ ‫حق يجب أن نطالب به ونسعى‬ ‫«‬ ‫ووصول إلى « نوري بوسهمين» ٌ‬ ‫لتحقيقه محل ًيا‪ ..‬وإن تقاعست مؤسسات المجتمع المدني ومن نالهم‬ ‫الظلم والجهات القضائية عن تلبية هذا المطلب‪ ،‬فإن المساعي يجب‬ ‫أن تتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية تحقي ًقا لمبدأ العدالة وصيان ًة‬ ‫لحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫بطريقة ما‪ ...‬يجب أن تكون هنالك محكمة ليبية مختصة بأحداث‬ ‫األعوام الثالثة الدامية‪ ..‬كي يكون بإمكاننا تحقيق المصالحة والمضي‬ ‫إلى األمام بقلوب ونوايا بيضاء‪.‬‬

‫‪57‬‬



‫مزمور ليبي‪ ..‬مالح « غ»‪!..‬‬ ‫«أم كلثوم» أبهة و«طارق متري» نصفها و«الغنوشي» لغم‪ ،‬إال‪!...‬‬

‫إذا كان «فيزو» الحوار الوطني الليبي المزمع إقامته سيستثني‬ ‫األطراف الفاعلة في الخالفات واألحداث والشقاقات وينساق‬ ‫براديكالية مقززة لخلق ثلة جديدة تبحث عن فرصة للطفو على سطح‬ ‫السلطة لتكون شريكة فيها وفي مزايا تصرفها باألموال‪ ..‬فأيقنوا أنه‬ ‫سيكون حوار طرشان‪!..‬‬ ‫«نتحاو ر‪ ..‬نتوافق‪ ..‬نبي»‪ / ..‬وحدي ًثا من أحاديث الهوى‪!....‬‬

‫ال يكفي شعار «كوكاكولي» براق وفضفاض لتحقيق النجاح‬ ‫وبلوغ المآرب‪ ..‬إذا غاب عن ثلة إدارة الحوار حقيقة المأساة‬ ‫الليبية وتفاصيلها‪ ،‬أو انزلقت « الثلة « في عداءات مسبقة‪ ،‬أو في‬ ‫غراميات ممنوعة مع أطراف خارجية أو عملت بأيدلوجيات‬ ‫تشكل جز ًءا من الخالف‪ ..‬وتغافلت أو أغفلت شروخ النسيج‬ ‫االجتماعي وتقلصات الوالدات األنبوبية لكيانات مشوهة‪..‬‬ ‫‪59‬‬


‫أو أبحرت عنوة وراء المطامح الخفية و التهيؤات والرؤى منزوعة‬ ‫اإلجماع‪!..‬‬

‫مايونيز الشبهات والتباغض مضر‪ / ..‬آه من قيدك أدمى معصمي‪!..‬‬

‫لعل غياب الحقائق وقلبها أو ثلوتها أهم مسببات النزاعات الليبية‬ ‫ـ الليبية‪ ..‬وتكاثف الزعامات والفردانية االرتزاقية ودورات المال‬ ‫السياسي المشبوهة كيمياء متكررة خلفت مضاعفات وضحايا‪ ،‬وجعلت‬ ‫من كتل « غيبية « مصادر مغذية ومحدثة للصدوع ومحفزات مبرمجة‬ ‫لرفع وخفض وتوجيه األحداث والعنف واألزمات لغايات مريبة‪!..‬‬ ‫إجمإال بحق ليبيا‪ ..‬كل الليبين مجرمون وضحايا ٍ‬ ‫بآن واحد‪/ ..‬‬

‫ال تسل أين الهوى‪!..‬‬

‫ثورة فبراير تغيير‪ ..‬تفاصيل هذا التغيير يجب أن تعلن بجرأة‬ ‫وتصنف وتؤرشف بمعايير ليبية صرفة‪ ..‬ويعاد رسم خارطة النشوء‬ ‫القبائلي العجيب لكيانات ما بعد فبراير‪ ..‬و تتبع خطوط االنحراف‬ ‫وخروقات المبدأ الذي أهدر دموع « شلقم « على أعتاب « هيالري»‪،‬‬ ‫ومالحقه من تخلي صريح عن الوطن الواحد وحقوق اإلنسان وحماية‬ ‫المدنيين واإلقصاء والعزل والفساد وفتأو ى الشرعية ونواقضها‪ ..‬وما‬ ‫خفي من تكوينات السلطة وجيناتها المتحكمة والمتصرفة بالواقع‬ ‫والوقائع‪!..‬‬

‫اليقين أن‪ ..‬مؤشر نماء الحوار أو فشله األقليات‪ /..‬ظالم الحسن‬ ‫شهي الكبرياء‪!..‬‬ ‫‪60‬‬


‫اإلذعان لمبادئ القوى « جمع قوة « المسيطرة سيوطن آلفات‬ ‫مستقبلية محتمة‪ ،‬فالجئو ليبيا « خارج ًيا وداخل ًيا « والوجود‬ ‫الموضوعي لألمازيغ « الناطقين وغير الناطقين « والتبو ومنمنمات‬ ‫الطوارق‪ ..‬وتأطر تاورغاء كأقلية عرقية وقرح ذي صديد « مخجل‬ ‫« شراك عميقة على ثلة الحوار اإلفالت منها بتسويتها وليس بالقفز‬ ‫فوقها‪ ..‬فأمازيغية « ورفلة وترهونة « ستطفو على السطح بنمو الحراك‬ ‫وانسيابه بالمجاري الحقيقية للديمقراطية‪ ..‬وإن تأخر هذا أو حالت‬ ‫دونه الحوائل‪!..‬‬ ‫يمنع بقاء الشفافية شيطانًا ليب ًيا ملعونًا‪ /..‬وفراش حائر منك دنا‪!..‬‬

‫الشد على أيدي مريدي الحوار نبل ال يبنغي أن يكون ظاهري‬ ‫فقط‪ ..‬فارتداء ثياب النبالة وادعاء القداسة وخفض قيمة الوعي‬ ‫العتالئها اكسسوارات مسرحية ممنوع تداولها‪ ..‬وعدم قبول اآلخر‬ ‫أو قبوله كشريك ثانوي وقزم ضعيف مشاكس لن يذر سوى الفشل‪..‬‬ ‫وستحرق فرصة الحوار ونخسر الرصاصة األخيرة المعدة لقتل‬ ‫الفوضى والظلم والظالميون أهله‪!..‬‬

‫تعاطي هرمونات العشائرية وأفيون األحزاب بقدر‪ /..‬يا حبيبي‬ ‫كل شيء بقضاء‪!...‬‬ ‫تحذير «القراءة المعكوسة متاحة للوثنيين حصر ًيا»‪.‬‬

‫‪61‬‬



‫دبا�سي�س‪ ..‬البد منها‪!!...‬‬ ‫نشر ‪ 25‬يوليو ‪.2014‬‬

‫ّفر « طارق متري» من أتون الجحيم الليبي الذي ظل يطفأه من جهة‬ ‫مثيرا الشبهات حول دوره «الشخصي» وحول‬ ‫ويسعره من جهة أخرى‪ً ،‬‬ ‫خطط األمم المتحدة ومفهوم حماية المدنيين‪ ،‬الذين أمسوا فرائس‬ ‫ضعيفة بغابة مشتعلة يملكها الجشع وتسودها الشراسة المؤدلجة‪..‬‬ ‫وأيقنوا «المدنيون» بعدم جدوى بقاء ليبيا تحت البند السابع بعد‬ ‫تشريد أهلها وتحويلها إلى رماد‪!..‬‬

‫فرار «متري» آخر مشاهد الفصل الثاني من الكوميديا السوداء‬ ‫على الثرى الليبي المشتعل‪ ..‬والظهور الهوليودي ل» ديبورا جونز‬ ‫« كي تصوغ تفاصيل النهاية وتصنف المجرمين وتدينهم وتعتق‬ ‫المظلومين وتنصفهم‪ ..‬وتلوح لمشردي «الداخل والخارج» بأماني‬ ‫العودة والسالم‪ ،‬يدخلنا في حالة حيرة من غايات «متري» وأصدقاء‬ ‫ليبيا‪ ،‬وثمن التساكن مع كل الجرائم اإلنسانية التي مررت بليبيا‬ ‫تحت أنظار المجتمع الدولي « المصاب بعمى األلوان»‪ ..‬والتي كان‬ ‫‪63‬‬


‫ضحيتها اآلالف األبرياء البسطاء‪ ..‬وماذا بعد تحويل ليبيا إلى دولة‬ ‫افتراضية م«لبننة» على المزاج الـ« متري» المنكه‪!..‬‬

‫الوالدات القيصرية للكتائب بعد إعالن التحرير بإمضاءات‬ ‫«عبدالجليل» أو بصمته‪ ،‬جعل من ليبيا مغنم ألمراء حرب وأغوات‬ ‫وصعاليك سلبوا الدولة سالحها وهيبتها وامتهنوا الثورة لالرتزاق‪،‬‬ ‫وبذلوا ما بوسعهم لتمزيق الوطن وتشريد أهله وإهدار ماله لبناء‬ ‫زعامات قبلية وتحقيق غايات ملوثة‪ ،‬وتحولوا إلى خدم لمخططات‬ ‫خارجية وجدت بالثروات الليبية ممول ألحالم السيطرة اإلقليمية‬ ‫ومكافحة هيمنة الشيطان األكبر الذي تمثله « أمريكا»‪ ،‬وإن اتبعوا‬ ‫معها الـ« تقية « حتى حين‪!..‬‬

‫وجود « مصطفى عبدالجليل « برئاسة المجلس االنتقالي أتاح‬ ‫لجماعات الضغط والمؤدلجين فرصة سرقة الثورة وأدلجتها وتفريغها‬ ‫من مبادئها المطلبية األساسية‪ ..‬وتحويلها إلى انقالب سلطوي فئوي‬ ‫غايته استبدال شكل السلطة وليس تحقيق العدالة االجتماعية ورفع‬ ‫الظلم وترسيخ الديمقراطية وتوطينها‪!..‬‬

‫الفرصة كانت متاحة لـ«مصطفى عبدالجليل ومحمود جبريل«‬ ‫إلقرار عفو عام مشروط‪ ،‬وتكوين محكمة خاصة للمدانين في جرائم‬ ‫سياسية متعلقة بحرب التحرير وتخصيص سجن سياسي تحوطه‬ ‫الرعاية الدولية‪ ،‬بدل تقاسم السجناء مناطق ًيا ومحاكمتهم في ظروف‬ ‫سيئة وأمام قضاء محاصر باإلمالءات وعاجز عن منع انتهاك مؤسسات‬ ‫الدولة وتجريم قتلة ومنتهكي أعراض وسراق مال عام وإرهابيين‬ ‫‪64‬‬


‫وقطاع طرق‪ ،‬وعاجز عن محاسبة من مرغوا هيبة السلطة بوحل‬ ‫المراهقات والشذوذ ووسموا ليبيا بوشم الفضيحة ليسجلوا بأفعالهم‬ ‫تاريخ مهين لشعب وأرض شرفاء‪!...‬‬

‫«حرب المطار» جزء من سيناريو اإلنهاك والتعرية واالستنزاف‬ ‫الذي توقعت االسخبارات األمريكية واألوروبية كل تفاصيله‪،‬‬ ‫ومهدت النسيابه باتجاه نهاية الخروج بدولة هشة مدانة وموبوءة‬ ‫بالثأرات وعوامل الخمول « االقتصادي‪.‬السياسي‪.‬الثقافي»‪ ..‬فقد‬ ‫جاس الساسة األمريكيون وحلفائهم خالل ثالث سنوات الشعب‬ ‫الليبي وتعرفوا على نخبه والقوى المسيطرة والمتحكمة بمستقبل‬ ‫البالد والعباد‪ ..‬وقد ضحكوا « األجانب « ملء أشداقهم حينها قابلهم‬ ‫ساسة « مفرغون « أمجادهم خياالت نضال ضد نظام استبدادي‬ ‫أودعهم الغربة وفرض عليهم الذلة لعقود‪ ،‬وصلوا للسلطة ب «‬ ‫ضربة حظ « أو ب « سذاجة شعب « ولم يتجهزوا لها أو يهتموا‬ ‫بها‪ ..‬ولم يكن الوطن لهم عدا دراهم ومزايا وفصل مسرحي قصير‬ ‫ومثير كرحلة صيف‪!..‬‬ ‫أطراف الصراع في مطار طرابلس يتقاسمون الخسارة‪ ..‬وهما‬ ‫خسارة الوطن األفدح‪ ..‬فهذه الدماء ستزيد الشروخ وتفاقم الشقاق‬ ‫االجتماعي وتباعد سبل الوفاق والمصالحة‪ ..‬فجاهلية العنث التي‬ ‫صارت در ًبا المتالك السلطة خسفت بكل القيم اإلنسانية واإلسالمية‪،‬‬ ‫وأضحى الجميع مجرمين مدانين بحكم القانون ً‬ ‫ً‬ ‫وعمل‪! ..‬‬ ‫قول‬

‫القبلية عدو الدولة‪ ..‬وال يوجد بلسم لجراح طرابلس‪ ..‬وال سبيل‬ ‫‪65‬‬


‫للغفران أو التناسي بعدما أضحى تدمير البنى وتشريد الليبيين في‬ ‫مطارات العالم وتعطيل مصالحهم صنعة يمارسها من لم يكن للوطن‬ ‫مكان في وجدانهم‪ ،‬ولم ينتموا إليه يو ًما‪!..‬‬

‫يجب أن‪ ..‬نركن لدخول (يونيفيل ـ عربي «مصري‪ .‬أردني‪.‬‬ ‫مغربي») يحفظ السالم وينهي سطوة القوى القبائلية ويحد من‬ ‫النجوعية التي اكتسحت الوزارات والسفارات‪ ..‬وأن تقام محكمة‬ ‫دولية خاصة بالقضايا الليبية « منذ مجزرة بوسليم حتى اليوم « على‬ ‫غرار محكمة حادثة اغتيال « رفيق الحريري»‪ ..‬واألفضل أن يسعفنا‬ ‫لبنان ب « نضال األحمدية « ً‬ ‫بديل عن «طارق متري» إذا كان والبد‬ ‫ل « لبناني « أن يضع توقيعه على مآسينا المخجلة‪!...‬‬

‫‪66‬‬


‫التجارة بليبيا غاية للجميع‪ ..‬بال ا�ستثناء‪!..‬‬ ‫القبلية التي يهتف بها الجميع عدو الدولة األول‪ ..‬فالقبلية النقيض‬ ‫الحقيقي للعدالة االجتماعية والقانون‪ ..‬وبراءة الليبيون جعلتهم‬ ‫يحولون عاصمتهم المدنية إلى قبائل وتجمعات والئية أحبطت فرص‬ ‫نجاحها ونجاتهم من مراهقات أمراء الحرب المؤدلجين‪ ،‬والعودة‬ ‫إلى سيناريو القبلية جريمة ستضعنا في مأزق يستمر لعقود وسيدفع‬ ‫ليبيون كثر ثمن ذلك من حياتهم‪ ..‬فاستبدال قبيلة مكان أخرى‪ ..‬أو‬ ‫أمراء حرب مكان آخرين لن يكون ً‬ ‫حل ألزمة ليبيا‪ ..‬فلكل قبيلة حلفاء‬ ‫وغرماء‪ ،‬وحيازة أي قبيلة للسلطة وسطوتها على السلطويين ستجعل‬ ‫من أبنائها ملوك ليبيا وسادتها والمتصرفين بأعمالها وإداراتها دونًا‬ ‫عن اآلخرين‪ ..‬وستغذو القيمة والمعيار هو االنتماء القبلي وليس‬ ‫الكفاءة والجودة‪ ..‬ولن نكون ساذجين لنؤمن أن هنالك «مالئكة‬ ‫ليبيين» سيفضلون سواهم علي أبنائهم وجنودهم القبليين‪ ..‬فال تعودوا‬ ‫للغفلة طائعين أو خائفين‪!..‬‬ ‫تدخل قوات دولية هو الحل األمثل اليوم لكسر شوكة المليشيات‬ ‫‪67‬‬


‫العصابية ونزع أسلحتها وتجريم أفعالها ومحاسبتها على ما تسببت به‬ ‫من أضرار للوطن وأهله بال استثناء‪ ..‬واللجوء إلى الفيدرإلىة سيكون‬ ‫هو الحل الوحيد الستقرار الليبيين إلى جانب تكوين حكومات‬ ‫محلية مدنية تقوم بتسيير متطلبات المواطنين وتوفر احتياجاتهم‬ ‫بشرط االحتكام إلى سلطة قضائية مستقلة ومدعومة بالقوات الدولية‬ ‫لتتمكن من محاسبة المجرمين وتعويض المتضررين واسترجاع‬ ‫حقوق المظلومين والمشردين داخل ليبيا وخارجها‪!..‬‬ ‫بال شك‪ ..‬التوجه إلى المستقبل عبر بوابات القانون وسبله سيكون‬ ‫ً‬ ‫وطويل لكثرة المظالم وتنوعها‪ ..‬وللكم الرهيب من الجرائم‬ ‫عسيرا‬ ‫ً‬ ‫اإلنسانية المرتكبة في كل المدن الليبيية من قبل المليشيات أو من قبل‬ ‫السلطات المحلية « مشبوهة الشرعية « ومن قبل المجلس االنتقالي‬ ‫والمؤتمر الوطني‪ ..‬فالليبيون كلهم ظلمة وكلهم مظلومون في آن‬ ‫واحد‪!!..‬‬

‫لعل السبيل األمثل إلى التقدم نحو المستقبل هو إعالن وفاق‬ ‫وطني شامل يتحقق فيه الرضا‪ ،‬وتوضع له وثيقة تفصيلية تتعرض‬ ‫لجميع األحداث وتبين المذنبين فيها‪ ،‬وتدعم فيها العدالة االجتماعية‬ ‫وتضطهد فيه القبلية المعيقة لبناء ليبيا دولة المساواة والعدل‬ ‫والقانون‪!..‬‬

‫أما‪ ..‬مجلس النواب فملقاة على عاتقه مسئوليات كبيرة ليست‬ ‫له اإلمكانيات أو القدرة على إنجازها‪ ..‬ووجوده كمطبعة لوضع‬ ‫القرارات واستخراج اإلدانات والشجب وصرف األموال على أعضائه‬ ‫‪68‬‬


‫ومنحهم الحصانات لتمرير مصالحهم وتكديس األموال سيكون‬ ‫بمثابة إعادة سيناريو المؤتمر الوطني‪ ..‬فمجلس النواب بدون حكومة‬ ‫قادرة على آداء مهامها ال فائدة منه‪ ..‬وعليه أن يتخذ أهم القرارات‬ ‫في جلساته األولى ويقوم بتشكيل هيئة قضائية دستورية عليا مستقلة‬ ‫مختصة بمراجعة قراراته ومحاسبة أعضائه ونزع الحصانات عنهم‬ ‫في حالة وجود شبهات قانونية حول استغاللهم للسلطة أو أي جرائم‬ ‫أيضا محكمة مختصة بمحاسبة أعضاء المجلس‬ ‫أخرى‪ ،‬ويشكل ً‬ ‫االنتقالي وأعضاء المؤتمر الوطني وإبراء ذممهم أو تجريمهم بشرط‬ ‫نشر تقارير مفصلة مستندة إلى دالئل ووثائق عن كل أعمال المجلس‬ ‫االنتقالي والمؤتمر الوطني وتقوم بإنشاء قانون لعزل المدانين منهم‬ ‫سياس ًيا وادار ًيا‪ ..‬وأن يعلن إلغاء اإلعالن الدستوري وإجراء تعديالت‬ ‫قانونية سريعة على دستور « ‪ « 1963‬واعتباره دستور للبالد إلى حين‬ ‫االستفتاء على دستور جديد‪ ..‬وأن يسعى إلى تدعيم السلطة التشريعية‬ ‫بتأسيس مجلس شيوخ يهتم أعضائه بالمشكالت المحلية ويدعمون‬ ‫سلطة البرلمان ويصححوا اخطائه أن حدثت‪!..‬‬ ‫األجدر أن نستفيذ من فوضى السنوات الثالث‪ ..‬ولنؤمن أن‬ ‫إصالح واستقرار ليبيا مهمتنا‪ ..‬وأن اكتشاف األخطاء وإعالنها بداية‬ ‫الطريقة نحو اإلصالح‪ ..‬ولتكن الشفافية شعار البناء‪ ..‬والصلح جوهر‬ ‫اإلصالح‪!..‬‬

‫‪69‬‬



‫�صافرة هزيلة‪!..‬‬ ‫نشر ‪ 14‬أغسطس ‪.2014‬‬

‫سمعت أن دجاجة عاشت « ‪ « 42‬يوم بعد قطع رأسها‪!!..‬؟؟!!‪.‬‬ ‫العرب ملوك « البارانويا»‪ ..‬وكما كانت خطوات « اإلبراهيمي «‬

‫واهنة على ثرى سوريا المحترق‪ ..‬ظلت خطى «طارق متري» أكتر‬

‫وهنًا وأقل عز ًما وفاعلية على ثرى ليبيا المتشظي‪ ..‬فمذ غادر « أيان‬

‫مارتن « العاصمة الليبية ووطأها «متري» تحولت البعثة األممية إلى‬ ‫مسئول مخازن وثالجة لحفظ األزمات الليبية‪ ..‬وأضحى «متري»‬

‫مزاجا مشاهدين من الطراز الرفيع « جدً ا‬ ‫وحواريوه « المتلبننون «‬ ‫ً‬

‫جدً ا جدً ا « ألضخم وأعنف كوميديا سوداء تعرض على ركح الشمال‬ ‫األفريقي‪! ..‬‬

‫المندوب األسباني « برناردينو ليون « عليه أن يثبت لمن فجعوا‬

‫باألمم المتحدة‪ ،‬وخابت أمانيهم بثورة فبراير‪ ،‬وصاروا يمارسون‬

‫األنين والخوف وبات أملهم الوحيد ومطمحهم العيش بآمان‪،‬‬ ‫‪71‬‬


‫بعدما كانوا يطمعون بالديمقراطية والرفاهية وامتشاق الثراء والعيش‬ ‫المخملي‪ ..‬فوجدوا أنفسهم مساجين وسط بيوتهم أو في طوابير‬ ‫الوقود والخبز‪ ،‬ونزلت عملتهم إلى الحضيض بسبب نزوحهم ونفيهم‬ ‫إلى خارجها وسرق نفظهم ولحقتهم الشماتة‪!..‬‬ ‫المسيو «طارق متري» ماركة فشل أممي مفجعة‪ ..‬لن تمحوها‬ ‫السنون‪!..‬‬

‫لبنان أقام محكمة دولية ألجل اغتيال « رفيق الحريري»‪ ..‬وليبيا‬ ‫أدمنت االغتياالت وفقدت « عبدالفتاح يونس ـ حسن الدروعي ‪-‬‬ ‫عبدالسالم المسماري ـ مفتاح أبو زيد ـ سلوى بو قعيقيص ـ إلخ»‪،‬‬ ‫ولم يتجرأ «متري» على اتخاذ أي تدابير بشأن ما كان يطالع من إرهاب‬ ‫ودمار وتهجير‪ ..‬وكأنه جاء عامل « بالط « واجبه العمل والصمت‬ ‫ويا « مركب الهند يا مركبا»‪!..‬‬

‫أظنه‪ ..‬قد انتشى برؤية الفزع والدمار يتبختر في ليبيا‪ ..‬فله سابقة‬ ‫وتاريخ « شبيه « بهذا‪!..‬‬

‫« برناردينو ليون « مخير بأن يكون «طارق متري ‪ »2‬أو يكون‬ ‫«أدريان بلت ‪ ..»2‬فليبيا اليوم دولة افتراضية «بالمعني العلمي»‬ ‫ومليارات مبعثرة ببنوك العالم يقتنصها قراصنة المال وصعاليك‬ ‫السلطة‪ ..‬فما يوجد بليبيا « أحزاب ـ مؤسسات مجتمع مدني ـ حكومة‬ ‫ووزارات « مجرد أو هام وخياالت ومجموعات غير منظمة وليس‬ ‫لها غاية عدا امتالك السلطة أو المشاركة فيها للوصول إلى المال‪..‬‬ ‫والمال فقط‪!..‬‬ ‫‪72‬‬


‫أزمة ليبيا والليبيون هي الوعي‪ ..‬المعرفة الحقيقية ألصول العمل‬ ‫السياسي والدبلوماسية‪ ..‬وبراءة الليبيين وطيبتهم هما السكين الذي‬ ‫يذبح ليبيا ويرهق كرامتها ودماء أهلها‪ ..‬وهما اليد التي تدمر بنيتها‬ ‫التحتية وموارها وتدفعها إلى هوة الديون والخراب‪ ..‬فليس هنالك‬ ‫ليبيون قادرين على بناء ليبيا‪ ..‬وتقديم « ليبيي أمريكا « وإمامتهم‬ ‫للتغيير دليل فراغ ليبيا من النخب القادرة على ريادة التغيير‪ ..‬ومهازل‬ ‫المجلس االنتقالي والمؤتمر الوطني لم تجد من يفضحها ويتصدى‬ ‫لها في حينها‪ ..‬بل الزالت تقتات أنفس الليبيين وتذبح أبنائهم على‬ ‫حجارة الشوارع ألجل الوهم‪!..‬‬ ‫المؤامرة حقيقة‪ ..‬بعضها خارجي وبعضها داخلي‪!..‬‬

‫والزالت هنالك حفر ومآزق بانتظار الليبيين‪ ..‬والبداية الواهنة‬ ‫وغياب المشروع والشفافية التي الحت بمجلس النواب ال تبشر‬ ‫بخير‪ ..‬وكما تالعب « مصطفى عبدالجليل « ورفاقه بتكوين المؤتمر‬ ‫الوطني‪ ،‬ولم يقبلوا بتكوينه على أساس نسبي بين األقاليم الليبية‬ ‫الثالثة‪ ..‬والمراهنة على مجلس النواب دون وجود حكومة وطنية‬ ‫«صفة ً‬ ‫وفعل» ووجود جيش وطني وشرطة وقضاء عادل ونزيه ستظل‬ ‫«المراهنة» مجرد عبث‪!..‬‬

‫اليوم‪ ..‬مجلس النواب يجب أن يرجع إلى أصول التكوين لكل‬ ‫ما تحتويه ليبيا‪ ..‬ويتخذ القرارات القانونية المناسبة‪ ..‬ويؤصل‬ ‫لهيئات ومؤسسات مركزية تعتمد القانون والشفافية وتمتهن‬ ‫العدالة االجتماعية ومعايير الجودة والكفاءة‪ ..‬ويعمل على حل‬ ‫‪73‬‬


‫جميع األحزاب السياسية التي رأيناها اليوم على حقيقتها كدروع‬ ‫ومجموعات مسلحة يتحدث رؤساؤها لغة الحرب ال لغة السياسة‪..‬‬ ‫ويعمل على حل هيئة تطبيق معايير النزاهة ليكون هيئة بديلة مستقلة‬ ‫ذات صبغة قضائية ونظم ثابتة ومعلنة‪ ..‬وقبل كل شيء يجب أن‬ ‫يشرع الحساب والجزاء‪ ..‬ويقاضى من دخلوا حلبة السلطة ونفشوا‬ ‫ريشهم ولعنوا الليبيون وشتموهم وأهانوا ليبيا بمراهقاتهم وأجازوا‬ ‫التهجير والقتل في ليبيا‪! ..‬‬ ‫أعتقدُ أن‪ ..‬اختيار رئيس الدولة من قبل الشعب شرك جديد‪،‬‬ ‫ومأزق كبير في غياب الشفافية واإلعالم المحايد وسطوة المال‬ ‫والقبلية‪ ..‬وكثرة الشبهات وعدم تحديد مفهوم الوطنية بعيدً ا عن‬ ‫االنتماء للقذافي أو فبراير‪!!..‬‬

‫‪74‬‬


‫م�صر �أمريكا العرب‪ ..‬ن�سب ًيا‪!..‬‬ ‫نشر ‪ 26‬أغسطس ‪.2014‬‬

‫ضعف االقتصاد المصري كان «والزال وسيظل» سبب تدني قيمة‬

‫المواطن المصري بنظر سواه من العرب أو األوروبيين «هذا واقع»‪! ..‬‬ ‫الهزة السياسية التي تعرضت لها مصر بعد سقوط «مبارك»‬

‫لم تهدأ بعد‪ ..‬فاستقواء جماعة اإلخوان «المصريين» بتالمذتهم‬

‫وسالحا»‬ ‫اإلخوان «الليبيين» وتلقيهم لدعم صريح ومباشر «ماال‬ ‫ً‬ ‫من إخوان «السلطة» بليبيا‪ ،‬تبعات مخيفة للهزة قد تجعل من‬

‫السلطات المصرية هدف مباشر ألعمال عنف ال تقف عند ما‬

‫العدوان «السلطة واإلخوان» منذ أيام «عبدالناصر‬ ‫تعارف عليه‬ ‫َّ‬ ‫والبنا»‪ ..‬بل تتجاوز لتحوز ما أمكن وتوافر من إمكانات «جديدة»‬

‫لإلخوان‪!..‬‬

‫مصر هدف لإلخوان « المصريين والليبيين»‪ ..‬والتخريب وسيلة‬

‫ل « شحن « الرأي العام‪ ،‬وتنغيص للسلطات المصرية ولـ«السيسي»‬ ‫‪75‬‬


‫رئيسا‪ ،‬ومرحلة تسخين بطيء لالستقطاب مجاهدين من أو‬ ‫باعتباره ً‬ ‫ساط الشباب‪ ،‬وانتظار ممل ل « فشل « مشروع قناة السويس الجديدة‬ ‫كما يتمنون ويدسون في آذان العوام « زاد سعر الوقود والخبز ببطاقة‬ ‫التموين وبحفر قناة « خنق وطبطبة‪!!..‬‬ ‫الحذر ال يمنع القدر‪ ...‬ولكن‪!!!..‬؟‬

‫احتمالية إلقاء‪ ..‬اإلخوان « مصريين وليبيين « آخر أحجارهم‬ ‫« عملية انتحارية « على مصر‪ ..‬ورفع سعير معركتهم إلى أقصى‬ ‫حدودها‪ ،‬ومباغتة مصر ب «‪ 11‬سبتمبر» خاطف «تحت الحزام»‬ ‫وبمواصفات عربية‪ ..‬ليست بعيدة بل متوقعة ومدروسة‪ ،‬وال مجال‬ ‫لتفاديها أو منع وقوعها بأي طريقة‪!!..‬‬

‫مشاهدة تدمير طرابلس وذبح المدنيين فيها‪ ،‬ال يجب أن يكون‬ ‫تسلية لدى مصر « السلطة والشارع « كما هو عند أمريكا وأو روبا‪..‬‬ ‫ألما من عداء مصر‬ ‫وعداء اإلخوان « المدبلج « ألمريكا أبعد وأقل ً‬ ‫« السلطة « األصيل والمتجدد والملتهب‪ ..‬وإن كانت باأليدي‬ ‫«اإلخوانية» بنادق وذبابات أو طائرات تذبح الليبيين فإنها أشد‬ ‫لهفة وشوق لذبح المصريين الذين اقتلعوا « مرسي « من سلطته‬ ‫وأو دعوه « ورفاقه « السجن‪ ،‬وألصقوا بجماعة اإلخوان صفة‬ ‫اإلرهاب‪!!! ..‬‬ ‫الصراع « الليبي ‪ /‬الليبي « تغذيه أطراف خارجية بعيدة‪ ،‬ولها رغبة‬ ‫في إطالة مدته ألسباب سياسية واقتصادية‪ ،‬ولها « األطراف « يقين تام‬ ‫أن انتصار أحد طرفي الصراع « الليبيان ـ مثنى « مستحيل‪ ،‬وأن الليبيين‬ ‫‪76‬‬


‫« الشعب « أصحاب ثقافة بدوية سيعتمدون سياسة « القطيعة « لحل‬ ‫مآزقهم وسيعمقون شتات الوطن بخالفاتهم وتحالفاتهم العشائرية‪،‬‬ ‫بدل اللجوء إلى حلول حضارية مدنية تضمن وحدة الوطن لما تحتاجه‬ ‫هذه الحلول « الحضارية المدنية « من ضرورات تتعارض « كل ًيا «‬ ‫مع مفاهيم وطقوس وتقاليد العشائر‪!!..!!...‬‬

‫‪77‬‬



‫التدخل الأجنبي في ليبيا مرفو�ض‪...‬‬ ‫«�صباح الخير يا‪..‬؟!»‪!..‬‬ ‫الليبيون قبائل « سمعنا وأطعنا»‪ ..‬داخل القبيلة الظلم شريعة وسلطان‬ ‫« أحيانًا»‪ ..‬فالميزان االجتماعي ال يعرف العدل « إذا غابت تقوى الله»‪..‬‬ ‫وللمال والثروة « كالعادة « سلطة تقلب األسود أبيض وتجعل السفيه‬ ‫فارسا‪ ..‬وللتقديس االجتماعي سياط تلسع الجميع وتضطهدهم‪..‬‬ ‫ً‬ ‫وتطالهم في امتحانات المدارس وطابور البنزين والعالج وأمام القضاء‬ ‫وحتى بالمساجد‪ ..‬فالفقه كالقضاء واإلدارة والمقاوالت وربما اغتصاب‬ ‫األراضي وسرقة المال العام « جميعها « وراثة‪!! ..‬‬

‫اعترف « معمر « بشراكة رفاقه‪ ..‬ومنحهم سلطات جلبت لهم‬ ‫المال ورفعهم على رقاب الناس ومن بعدهم أبنائهم « أبناء الرفاق»‪..‬‬ ‫فكانوا خر ًقا استثنائ ًيا لسلطة القبيلة‪ ..‬وظلوا وسيلة سيطرة ويدً ا ضاربة‬ ‫في قبائلهم لصالحه خال ًفا لمصالح قبائلهم‪ ..‬واستمروا طوال الوقت‬ ‫حملة تأييد ووالء وبوابات توصل إلى « القائد « في عظائم األمور‪،‬‬ ‫ووساطات تغفر للقاتل وتتبرأ من الخائن أو تعدمه‪!!..‬‬ ‫‪79‬‬


‫احتكار ثورة فبراير»‪.‬؟؟!! « من قبل قبيلة أو مدينة هو سقوط جديد‬ ‫في حبائل التمييز والتفرقة‪ ..‬وسلب قبيلة أو مدينة للسلطة وحيازتها‬ ‫لمميزات الحكم كما شهدنا خالل سنواتنا الثالث‪،‬وما نشهده اليوم‬ ‫في شخوص الوزراء « بالوزارات السيادية « وذوي السلطة والسفراء‬ ‫والمدراء وضيوف الفضائيات وممثلي األحزاب والكتائب ال يدعو‬ ‫للثقة في « كل « المتشدقين بالوطنية وثيابهم ملطخة بدماء األبرياء‬ ‫ودوي بنادقهم يسقط األجنة من أرحام أمهاتهم‪ ،‬ويسيل مآقي الشيوخ‬ ‫« رجال األمس « آناء عجزهم‪!!..‬‬ ‫القبيلة التي ستنتصر « في طرابلس « وتحكم ستجعل من باقي‬ ‫الليبيين عبيدً ا أو مواطني درجة ثانية على األكتر‪ ..‬لذا أن يكون الليبيون‬ ‫جمي ًعا سواء « عزل من السالح واالدعاء « أمام قوات أجنبية أفضل‬ ‫من أن تستمر سمفونية « ثوار على رؤوسنا « حتى ربيع آخر‪!!!...‬‬

‫أدعياء الثورة‪ ..‬لم تفرقوا بين بيوت « الثوار « وسواهم في بني وليد‬ ‫أو طرابلس أو بنغازي‪ ..‬ولم يحترم أزيز رصاصكم صدق ثورتنا حينما‬ ‫اخترق آذان األطفال وأصابهم ب « التبول الالإرادي « في بنغازي‪!!..‬‬

‫أعتقدُ أن‪ ..‬المجازفة باقتراف الصمت أو « أكل مقلب « التدخل‬ ‫العسكري في ليبيا من قبل السلطات المصرية ستكون له عواقب‬ ‫وخيمة على المدى الطويل‪ ..‬فالصمت الدبلوماسي « ربما « يكلف‬ ‫مصر هيبتها‪ ،‬ويعرضها لصفعة « سبتمبرية « طائشة « بطائرة أو صاروخ‬ ‫« من قبل مليشيات ليبيا‪ ،‬والتدخل العسكري بليبيا سيعرض مصر‬ ‫إلى حرب استنزاف « تشاد ‪ « 2‬طويلة األمد تكسبها عداء شعب ليبيا‬ ‫‪80‬‬


‫مر « يجب‬ ‫إلى األبد « ال أحد يحب مستعمريه»‪ ..‬األمران أحالهما ٌّ‬ ‫البحث عن ثالث»‪!..‬‬

‫النتيجة النهائية « بالتمحيص والتقديق»‪ ..‬نقل « اإلرهاب «‬ ‫اإلسالموي من بقاع أو روبا إلى مدائن العرب تم بنجاح‪ ..‬وغزو‬ ‫مصر « أمريكا العرب « سيكون عالمة تفوق في سجالت المخابرات‬ ‫األمريكية واإلنكليزية « سيصفقون له»‪ ..‬وضمانًا لموسم نزاعات‬ ‫طيران بحجر ـ‬ ‫« طائفي مذهبي « طويل يهز اإلسالم ويناله منه « َ‬ ‫اإلسالم والعرب»‪!!!....‬‬

‫‪81‬‬



‫�سوليتير عروبي « بال منازع «‬ ‫‪ 29‬أغسطس ‪2014‬‬

‫لست بحاجة « إبراهيم الكوني « المحشو بالصمت والمتوشح بصحرائه‬ ‫وسط جليد أو روبا‪ ،‬كما أنا بحاجة بعث « نزار قباني « ليصرخ في وجوهنا‬ ‫« جمي ًعا « بجرأة صرصار أو رستقراطي مصاب بوباء االنتماء ومستبد‬ ‫بعروبيته ولئيم بضعفه وقوته وأصالته‪ ..‬وملتهب ببراءته حتى النخاع‪!..‬‬ ‫ال تنكروا‪ ..‬فزماننا يحن إلى صهيل « قباني « التقاسيم‪ ..‬ويتشوق إلى‬ ‫تصابيه وعنف كبريائه وشراسة انكفائه وسعير صدقه وزيدونيته الطازجة‪!..‬‬

‫حصرا»‪ ..‬في غزة‪ ..‬في لبنان‪ ..‬في‬ ‫اليوم نفتقده « نزار قباني‬ ‫ً‬ ‫سوريا‪ ،،‬في عراق األسى‪ ،،‬وفي ليبيا المآسي‪!!..‬‬

‫كلنا بحاجته‪ ...‬بحاجة لوالدة مستعجلة أللف « قباني « قزحي «‬ ‫نسبة لقوس قزح « المزاج لنصفع كل «صباح ‪ +‬مساء « بشعر أو بنثر‬ ‫يجدد فينا تباكي « أبو عبدالله الصغير « ويدس غرناطة في قهوتنا‬ ‫وفي إبر السكر وحبوب الضغط وحبوب منع الحمل وفي لعنات‬ ‫‪83‬‬


‫الزوجات‪ ..‬وفي كذب الساسة وجشع التجار وبقايا الدفء بأثواب‬

‫أمهاتنا‪ ..‬صفعات تهز عروبتنا وتهيل علينا رماد الوطن المبشور إلى‬

‫وأخيرا‬ ‫أو طان و « بيبي « أو طان و«ميني « أو طان و«ميكرو « أو طان‬ ‫ً‬ ‫« نانو « أو طان‪!! ..‬‬

‫يقولون‪ ..‬طموح العربي أن يمتلك موطأ قدميه ليعلنه وطن‬

‫ويسيجه ويكتب فيه قصيدة ثم يصيح « تعرفون»‪!..‬‬

‫جبنت‪ ..‬ولم أقترف البكاء‪ ..‬وأنا أرقب وطني يحترق واألجراس‬

‫والساعات أسرجت الضجيج واستنفرت لتقتنص زمن النهاية وتكسر‬

‫صمت الضمير بصرخة‪ ..‬بدقة‪ ..‬بأي زفير أخير يحيلك ضمنًا لمعنى‬

‫الـ« نهاية»‪!..‬‬

‫البكاء‪ ..‬والنحيب‪ ..‬والعواء‪ ..‬تخصص « حسب المكان والزمان»‪..‬‬

‫ف « الزمن واآلفات « لها نكهات جديدة لكل ورقة وكأس‪!..‬‬

‫تخصصي ليبيا‪ ..‬حورية وأمازونة األمس‪ ..‬أو «شاورما» اليوم‪ ..‬أو‬

‫«بلقيس» االفتراضية التي سأغنيها قتلوك يا بلقيس‪ ..‬أو الوطن الذي‬

‫ظل خاو ًيا مذ كان‪ ..‬الوطن الذي أهدى األبرار وأولي العلى واحتفظ‬ ‫بالمتهدلين باألطماع والمسترزقين‪ ..‬ليبيا « األبد « عذوبة شعر «‬

‫كاليماتشوس السيريني « القوريني‪ ،‬وليبيا عنفوان « سبارتاكوس « زعيم‬ ‫الرفض والثورة لطغيان روما‪ ،‬وليبيا تغيير «سبتيموس سفيروس» مقرر‬

‫العدالة والديمقراطية اإلمبراطور‪ ،‬وليبيا نضال «مرقس» صاحب اإلنجيل‬ ‫« وسمعان القيرواني « حامل صليب المسيح ورفيق درب الجلجلة‪!...‬‬ ‫‪84‬‬


‫ليبيا المشرذين اليوم‪ ..‬التي لم تستطع إيواء أبنائها بسالمها‬ ‫وعفوها‪ ،‬وشرذتهم في شتى المدائن والقرى يتضورون فيها اغترا ًبا‬ ‫وأسا‪ ..‬ويرقبون ديارهم من أعالي الحزن واألهات‪ ..‬ويشتمون حرائق‬ ‫ً‬ ‫الوطن بداخلهم تستعر وتقتات شغافهم‪ ..‬حيارى تنهش الفضائيات‬ ‫عقولهم وتخز ضمائرهم وتقهر فيهم األمال دون وجل وتنحرهم‬ ‫على أحجار اللوعة‪!..‬‬

‫أرقب وطن‪ ..‬رجال كلهم زعماء‪ ..‬يكسوهم البطش وتستقر فيهم‬ ‫أعتق جينات الـ« شيشنق» ية‪ ..‬ويدفعهم الجوع المنوع‪ ..‬للسلطة‪..‬‬ ‫للمال‪ ..‬للتعالي‪ ..‬أو لألمن‪ ..‬وشوق معانقة الوسادة دون اختراق أزيز‬ ‫الرصاص لستر السكون‪ ..‬يدفعهم « كل هذا « لخوض غمار تجربة‬ ‫اختيار رئيس‪ ..‬تصوروا للمرة األولى بتاريخ هذا الوطن المضرج‬ ‫بالدماء والقهر والعناء سيتم اختيار الحاكم‪ ..‬فكيف سيكون‪!!..‬؟؟؟‬ ‫سيختارون‪ ..‬من‪ ..‬كيف‪ ..‬على أي أساس‪ ..‬وبأي وعي‪!!...‬؟؟‬

‫تراه‪ ..‬الوعي بالحاجة للحرية‪ ..‬أم لالمان‪ ..‬أم للبناء‪ ..‬أم للعدل‪..‬‬ ‫أم للسالم‪ ..‬أم لألمس‪ ..‬أم للخالفة‪ ..‬أم للمدنية‪ ...‬أم‪ ...‬أم‪..‬‬ ‫أأأأمممم‪!!..‬‬ ‫حتى إشعار آخر‪ ..‬سنستبدل لفظ « الحيرة « ب « ليبيا»‪...‬‬

‫وسأسبق الجميع برأيي‪ ..‬وأدعو الليبيين النتخاب « العارف‬ ‫رئيسا لليبيا‪!!...‬‬ ‫النايض « ً‬ ‫‪85‬‬



‫ً‬ ‫ر�صا�ص البنادق لي�س �أ�شد ً‬ ‫ودمارا‬ ‫و�شرا�سة‬ ‫فتكا‬ ‫ً‬ ‫من الكلمة « الملوثة»‪!! ...‬‬ ‫نشر ‪ 7‬سبتمبر ‪.2014‬‬

‫المال السياسي « المجرثم « واإلعالم الالمسئول أقسى األسلحة‬ ‫المستخدمة في ليبيا‪ ..‬واتهام « محمود شمام « بارتكاب جرائم حرب‬ ‫ودعم اإلرهاب وإحالته للقضاء مسألة حتمية مناطة بالمتضررين في‬ ‫مجاالت التلفزة والصحافة واإلعالم اإللكتروني‪!..‬‬ ‫بال ريب‪ ..‬توريط ليبيا في تجربة اإلعالم الحر على عجل جريمة‪..‬‬ ‫وفتح الباب على مصراعيه سلب الكلمة طهارتها وقدسيتها‪ ..‬ونزع‬ ‫عن الثقافة ومهن اإلعالم أصولها وأخالقياتها‪ ..‬وأضحت الصحف‬ ‫والفضائيات مشاريع تجارية وأسلحة ذكية تستخدم بأسلوب عبثي‬ ‫لتدمير « الوطن والمواطن « في غياب السلطة الضابطة وغياب الرقابة‬ ‫والوعي والقانون المرجعي‪!..‬‬ ‫ظهور « شمام « كبطل وطني « كلمنجي « وتكليفه بملف اإلعالم‬ ‫‪87‬‬


‫وسط قافلة « المنتمية « من اإلعالميين « المدبلجين « وإطالق‬ ‫فضائيات وصحف‪ ،‬هرج « فاسد « منزوع األخالق ومعدوم « التوجه‬ ‫« ومتدني الجودة والكفاءة جعل من ليبيا دولة منكوبة « إنسان ًيا وفكر ًيا‬ ‫وثقاف ًيا»‪ ..‬وحولها إلى قصاب « ذبح إسالميي ‪ +‬وثني « للمنتمين‬ ‫للفكر « صحفيين ـ إعالميين»‪!..‬‬

‫فالعهر « العهر هو الخروج عن آداب المهنة « اإلعالميي الذي‬ ‫أراده « شمام « ومورس عالنية على شاشات الفضائيات الليبية دفن‬ ‫حقيقة اإلعالم وغايته ومبدعيه تحت أطماع البراغماتيين الم»شوهين‬ ‫« صناع التشويه»‪ ،‬وشراسة وفضاضة وفظاعة « محتكري» الشاشات‬ ‫« بالجملة « نزلت بمستوى الوعي وأدب الحوار وأصول الطرح‬ ‫إلى أسفل السافلين‪ ..‬وساق لليبيين أقذر مثال للديمقراطية وحرية‬ ‫التعبير‪! ..‬‬ ‫إعالم ًيا‪ ...‬جرائم « شمام « ال تعد ال تحصى أكبرها‪ ..‬وجود‬ ‫وتمترس « إدريس المسماري «بهيئة دعم وتشجيع « تشنيج « الصحافة‬ ‫ومساكنته « الرهيبة « للفساد وأنماط السلطة المتعاكسة مما جعل من‬ ‫الصحافة عاهة مستديمة وعطفها على ذوي االحتياجات الخاصة‪..‬‬ ‫فرفض الصحافة « الحكومية « حمل هموم الوطن ومعايشة نكباته‬ ‫وطرحها بمصداقية ووطنية جلية خيانة صريحة‪ ..‬للوطن والكلمة‪!!..‬‬ ‫إعالم « شمام « زرع بنا الحيرة وجعلنا فرائس « ماد ًيا ومعنو ًيا»‪..‬‬ ‫وجعلنا فقهاء « مفتنين « وأصحاب مزاج في كل شيء‪ ..‬فالوطن قزحي‬ ‫« متعدد األطياف « وللحقيقة فيه نكهات‪ ..‬ولممتهني إعالمه شراهة‬ ‫‪88‬‬


‫في امتصاص دماء وأعصاب وهناء العامة من الطيبيين‪ ..‬وبراعة في‬ ‫التلفيق والفتنة واالدعاء والتأو يل والتشويه ولهم آيات من العنطزة‬ ‫والديكتاتورية « تحتاج فرصتها»‪!! ..‬‬

‫إعالم « شمام « جعل ليبيا‪ ..‬دويالت قبائلية إعالم ًيا‪ ..‬ولكل قبيلة‬ ‫مزاج في الوطنية ولها نجوم و«كالب ضالة»‪ ..‬وسياسة وخطاب‬ ‫جهوي ضيق ينظر لليبيا من ثقب بابه ومصالحه‪ ..‬ويراهن على‬ ‫صوابه وخطأ اآلخرين‪ ..‬ويستنفذ العقول بالشتائم والفضائح وإبراز‬ ‫المثالب‪!..‬‬

‫إعالم « شمام « انتهك فينا اإلنسانية‪ ..‬أفظع الصور وأشنعها‬ ‫منظرا اعتياد ًيا ومادة إعالمية‬ ‫عرضت على الفضائيات الليبية وأضحت ً‬ ‫دعائية « بخلفية موسيقية « دون مراعاة « لكرامة ميت أو ألهله»‪..‬‬ ‫وأضحت المعارك التصويرية المفبركة واللحظات المقتنصة مواد‬ ‫وثائقية وتاريخ ال يقبل النقاش‪ ..‬وغذت إكسسوارات ومالبس‬ ‫اإلعالميين والمغنين رموز ميليشاوية أو أسلحة وإيحاءات قتالية‪..‬‬ ‫واغتيلت فينا البراءة عن سبق إصرار وترصد‪!..‬‬

‫إعالم « شمام « جريمة إنسانية بحق العالم أجمع‪ ..‬فمحتواه‬ ‫من البذاءة والفظاعة والتدليس وأسلوبه الفضائحي والتهكمي‬ ‫طال البشر والحجر‪ ..‬وما هدمه هذا اإلعالم « منزوع اإلنسانية «‬ ‫يصعب إعادة ترميمه أو إصالحه‪ ..‬فما تغير هو النفوس والوعي‬ ‫وقيمة اإلنسان‪!!..‬‬ ‫لنتفق‪ ..‬اإلعالم سالح‪ ..‬وإغالق القنوات الليبية الممكن إغالقها‬ ‫‪89‬‬


‫من قبل السلطة « البرلمان « دليل‪ ..‬واستمرار بث قنوات « ميليشياو‬ ‫ية ‪/‬قبائلية «خارج السلطة محملة بعتاد الفتنة واالنتهاك جريمة‪..‬‬ ‫مسئول عنها من ابتدعها وأطلقها‪ ..‬ومن غير « محمود شمام « ابتدعه‬ ‫ورخص له‪!!...‬‬

‫‪90‬‬


‫ال ال ال‪ ..‬لهولوكو�ست ليبيا‪!!..‬‬ ‫نشر ‪ 15‬سبتمبر ‪.2014‬‬

‫«إن ما يفعلونه بالسجناء شيء همجي‪ .‬وفظيع»‬

‫لنجهش بالبكاء جمي ًعا‪ ..‬ألجل أؤلئك الليبيين المودعين في‬ ‫ظلمات السجون السرية‪..‬أؤلئك القابعون في وحدة األلم‪ ،‬وفي‬ ‫برودة العتمة وبين أيدي جالديهم ال مغيث لهم من بني جلدتهم‬ ‫وال من األمم األخرى‪!..‬‬ ‫لنكن معهم بأحاسيسنا لشهر واحد‪ ..‬ولنعلمهم أننا معهم نذكرهم‬ ‫دائما بالدعاء لهم‪!....‬‬ ‫وندعو لتحريرهم و نرفع أكفنا ً‬

‫يا من تجلسون مع عائالتكم وتأكلون معهم‪ ..‬يا من تركضون‬ ‫في األسواق وترتادون المقاهي‪ ..‬وتمارسون أعمالكم وتضحكون‬ ‫ملء أفواهكم‪ ..‬ضعوا أنفسكم بأماكنهم‪ ..‬وال تفرحوا ألنكم خارج‬ ‫جدران السجون وبعيدين عن سياط الجالدين‪ ..‬وأظفاركم الزالت‬ ‫بمكانها وشفاهكم وأعينكم ليست متورمة‪ ..‬وال تفرحوا ألنكم‬ ‫‪91‬‬


‫لم تتعرفوا على فظاعة تيار الكهرباء في أجسادكم‪ ..‬وال تتبجحوا‬ ‫وتتكبروا ألنكم ترتدون الثياب الثمينة وليس بوسع أحد نزعها من‬

‫على أجسادكم وترككم عرايا ليجعلكم مطية للقرود أو ألسوأ منه‬

‫مجازا»‪ ..‬ال تفرحوا وترقصوا وبعض أبناء شعبكم ينالهم‬ ‫من البشر «‬ ‫ً‬ ‫اإلذالل وتسرح السياط والعصي وخراطيم المياه على أجسادهم‪..‬‬

‫ويسكب الملح على جراحهم ويشربون « بولهم « ويعلقون بالحبال‬

‫لساعات طويلة‪ ..‬أو يلقون عرايا تحت الشمس المحرقة‪ ..‬ويجبرون‬

‫على النهيق أو النباح‪ ..‬ويمنعون من النوم أو من الجلوس‪!!...‬‬

‫ما يفعل بالسجون يقتل اإلنسانية ويجعل المعذب « من يقع عليه‬

‫العذاب « حطا ًما نفس ًيا وفكر ًيا‪ ..‬المعذب « ضحية التعذيب « هشيم‬

‫إنسان‪ ..‬كومة ألم وفتافيت انكسار « زجاجي « لكل معاني اإلنسانية‬

‫وصفاتها‪ ..‬إنه هوية مأساة وجسدها‪!..‬‬ ‫ال يوجد مالئكة ليبيون‪!...‬‬

‫تذكروا‪ ...‬ال أحد يدري كم ليبي يعذب على أيدي ليبيين‪ ..‬وكم‬

‫جسد برئ تنهشه السياط في الظالم‪ ..‬وكم فاه مملوء بالصراخ لم‬ ‫يلق مجي ًبا‪ ..‬وكم فتاة تغتصب وتنتهك حرمتها خلسة عن البشر وأمام‬ ‫َ‬

‫الله‪ ..‬وكم وكم وكم وكم‪..‬ال أحد يعلم إال الله‪!!!...‬؟؟؟؟؟‬

‫التعذيب ليس وسيلة طرف واحد‪ ..‬وليس منهج ميليشيا بعينها أو‬ ‫طقسا لقبيلة‪ ..‬أو شذو ًذا النسان‬ ‫مجموعة مسلحة محددة‪ ..‬وليس ً‬ ‫واحد‪ ..‬إنه انهيار حضاري تشهده أنفس الليبيين إال ما نذر‪!..‬‬ ‫‪92‬‬


‫المآسي والجلجليات التي تضمنتها‪ ..‬تقارير « نافي بيالي «‬ ‫وشهادات فرق الهالل األحمر والصليب األحمر‪ ..‬وتقارير « جورج‬ ‫شاربنتيه»‪ ..‬وما وثقته منظمتا الهيومن رايتس ووتش والعفو الدولية‪..‬‬ ‫وما تعرضه وسائل اإلعالم الليبية من مجازر ومشاهد فظيعة لجثث‬ ‫ُم ِّثل بها‪ ..‬وأشالء ألطفال ونساء ومقهورين من ذوي البشرة السوداء‪..‬‬ ‫كلها شواهد ودالئل على وجود ضحايا ليبيين ومجرمين ليبيين‪!!..‬‬

‫ُروعوا أهلهم وتقتحموا‬ ‫اعذرونا‪ ..‬لن نصدق أن من تعتقلونهم وت ِّ‬ ‫بيوتهم وتخربونها يجدون عندكم ووسط سجونكم االحترام والرأفة‪..‬‬ ‫فصراخكم في الشوارع وأزيز رصاصكم األهوج أسقط عن كثير منكم‬ ‫صفات اإلنسان التي كرمه الله بها‪!!..‬‬

‫لن توهموا أحد‪ ..‬أنكم تجلسون ضحاياكم على الكراسي وتقدمون‬ ‫لهم العصائر والرعاية الطبية‪ ..‬وتحدثونهم بالتي هي أحسن « حسب‬ ‫الشرع ـ ادفع بالتي هي أحسن»‪ ..‬و ُت ْع ِلمون أهاليهم بمكان تواجدهم‪،‬‬ ‫وتوفرون لهم شروط التحقيق النزيه والمحاكمة العادلة‪!!!...‬‬

‫الليبيون جمي ًعا‪ ..‬مطالبون بالصراخ عال ًيا ومناهضة التعذيب‬ ‫ومساندة ضحاياه‪ ..‬فيجب إنهاء مأساة المعذبين والمودعين في‬ ‫السجون السرية‪ ..‬وتقديم الجميع لمحاكمة عادلة وعلنية ليستقيم‬ ‫الوطن وتهنأ الجموع‪!!..‬‬ ‫لننادي بالرحمة لكل ضحايا التعذيب والمساجين والمقهورين‪..‬‬ ‫وليشهر القضاء الليبي العدالة ويحارب الظلم‪ ..‬ويكافح القضاة‬ ‫لنصرة الحق وإدانة كل المجموعات التي تعذب الليبيين وتهين‬ ‫‪93‬‬


‫كرامتهم وتهين اإلسالم بتصرفاتها المنافية للشرع ولمبادئ اإلنسانية‪..‬‬ ‫وإن عجر القضاء الوطني عن رفع الظلم عن المعذبين والمساجين‬ ‫والموقوفين عس ًفا وتجن ًيا‪ ،‬فليفسح الطريق للقضاء الدولي ويحيل‬ ‫كل الجرائم واالنتهاكات لحقوق اإلنسان إلى المحكمة الدولية لينال‬ ‫الظلمة والمجرمين جزائهم‪!!..‬‬

‫مفوضية األمم المتحدة السامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومجلس األمن‬ ‫الدولي والمحكمة الجنائية الدولية مطالبون بالتحرك السريع والمباشر‬ ‫لحماية حقوق اإلنسان في ليبيا بالفعل وليس باإلدانات‪ ..‬فالدولة‬ ‫الليبية دولة افتراضية « سراب مؤسساتي»‪ ،‬وجميع المحاكمات‬ ‫التي تتم تحت تهديد السالح وعدم توفر الدفاع والضمانات الكافية‬ ‫لنزاهة التحقيقات أو إتمام التحقيقات باستخدام اإلرهاب وانتزاع‬ ‫االعترافات بوسائل القهر المختلفة تعتبر محاكمات غير عادلة‪..‬‬ ‫وعجز القضاء الليبي عن إدانة مجرمي الحرب والمجموعات‬ ‫المسلحة التي اقتحمت المقرات الحكومية أو قامت باستخدام‬ ‫األسلحة ضد المدنين ومارست اإلرهاب بشكل علني واقتحمت‬ ‫البيوت وساهمت في تهجير مئات اآلالف وتدمير ممتلكاتهم يجعلنا‬ ‫ندعو هذا القضاء إلى إحالة مسألة الصراعات الليبية المتكررة إلى‬ ‫القضاء الدولي‪!!..‬‬ ‫أوجه الدعوة‪ ..‬إلى كل القضاة الليبيين ورجال القانون ومؤسسات‬ ‫المجتمع المدني والناشطين الحقوقيين وإلى كل الليبيين األبرياء‬ ‫والليبيات المقهورات باتخاذ اإلجراءات العملية إليقاف عمليات‬ ‫‪94‬‬


‫التعذيب واالختطاف واالحتجاز التعسفي والبدء في تجميع‬ ‫توقيعات وقوائم تحال إلى سكرتير عام األمم المتحدة والمفوضية‬ ‫السامية لحقوق اإلنسان وإلى المحكمة الجنائية الدولية إليقاف‬ ‫«الهولوكوست» الليبي وما يعانيه المعذبين والمساجين والمختطفين‬ ‫في ليبيا‪!!..‬‬ ‫ولنقلها بكل حزم وصراحة‪ ..‬كلنا مع الوطن وضد الجريمة‪..‬‬ ‫والتعذيب جريمة إنسانية ال يمكن تجأو زها‪!!..‬‬

‫‪95‬‬



‫الحرب الليبية ـ الليبية‬ ‫لي�ست نهاية الطريق بل �أو لها‪!!...‬‬ ‫نشر ‪ 5‬نوفمبر ‪.2014‬‬

‫إن كانت الحرب أمر محتم وضروري وأبغض حالل ممكن‬

‫لتحقيق استقرار الوطن وإرساء العدل وتوطين الديمقراطية‪..‬‬ ‫فأو زار هذه الحرب ستوضع قري ًبا‪ ،‬ورجاالتها سيقفون حماة‬

‫لوطن تبنيه السواعد وتديره الكفاءات‪ ..‬ويهنأ أهله بالسالم‬ ‫واألمان ويتعاطون الحرية وهم يملكون هوية الوطن ويتنسمون‬

‫عبيره ويعرفون وجهتهم‪ ..‬هذا عهد اليوم لما بعد الحرب‪..‬‬ ‫ولكن‪!..‬‬

‫ستعود اإلدارة السياسية بمفردها لتقطف ثمار الحرب ولتحقق‬

‫العهد‪ ..‬ويبدأ موسم البناء متزامنًا مع موسم الحساب والعقاب أو‬

‫موسم العفو والمصالحة‪ ..‬وهنا تكمن األفاعي جوار األتقياء ويجلس‬ ‫المنتمون جوار الالمنتمين وتتشابك الرؤي بالمصالح‪ ..‬ويتسامى‬ ‫‪97‬‬


‫الجميع في الوطن دون أن يلقوا حقائقهم وأطماعهم ألنها منطقية‬ ‫ومبررة للتجار‪ ..‬لذا أتساءل‪!...‬‬

‫المنَ ِّظ ُرون‬ ‫اليوم‪ ..‬زمن الحرب هو أو ان السياسة‪ ..‬فأين اختفى ُ‬ ‫وفرسان الفضائيات وقراصنتها‪ ..‬أين اختفى‪ ..‬نزار كعوان‪ ..‬سليمان‬ ‫دوغة‪ ..‬عزالدين عقيل‪ ..‬توفيق الشهيبي‪ ..‬مختار الجدال‪ ..‬هاجر‬ ‫القايد‪ ..‬وكثر سواهم‪!..‬‬ ‫كيف تبخر‪ ..‬مصطفى عبدالجليل‪ ..‬محمد المقريف‪ ..‬جمعة‬ ‫عتيقة‪ ..‬محمود جبريل‪ ..‬عمر حميدان‪ ..‬علي العيساو ي‪ ..‬عبدالحفيظ‬ ‫غوقة‪ ..‬محمود شمام‪ ..‬عبدالرحيم الكيب‪ ..‬علي الصالبي‪ ..‬وكل‬ ‫من كان يمثل ليبيا خالل سنواتها الثالث‪!!..‬‬

‫أين سنجد حقائق اغتياالت‪ ..‬اللواء عبدالفتاح يونس‪ ..‬عبدالسالم‬ ‫المسماري‪ ..‬مفتاح أبوزيد‪ ..‬سلوى بوقعيقيص‪ ..‬حسن الدروعي‪..‬‬ ‫ومئات من ضحايا السجون السرية وضحايا االنتهاكات واالعتقاالت‬ ‫التعسفية‪!..‬‬ ‫قد ال يعرف كثر من الليبيون‪ ..‬أن بناهم السياسية قائمة تنتظر‬ ‫في الظالم لتنقض على السلطة « المدنية « بلمح البصر‪ ..‬وهنالك‬ ‫حيث يجلس تحالف القوى الوطنية وجبهة اإلنقاذ متربصين يجلس‬ ‫بجوارهم حزب التغيير وستة عشر «‪ « 16‬حز ًبا آخر يحملون صفة‬ ‫سياسي‪ ..‬ولها زعماء مكللون برغبات السلطة ومجهزون بأشياء‬ ‫كثيرة منها أموال ليبيا ومزايا السلطة وصفات « سرابية « جعلتهم‬ ‫سفراء ومليونيرات وفتحت األبواب ويسرت المصالح‪ ..‬وتجمعه «‬ ‫‪98‬‬


‫هم «ا مطامع شبيهة بتلك التي أو صلت اإلخوان في المؤتمر الوطني‬ ‫بشراكة التحالف‪ ..‬وتلك التي أبعدت اإلخوان عن البرلمان‪ ..‬فال عداء‬ ‫ما دامت الوطنية سلعة ومشروع بناء الدولة سراب نثر مرات ومرات‬ ‫وسط القاعات‪!..‬‬

‫ما بعد الحرب موسم أشد قساوة منها‪ ..‬وإظهار حقائق تفاصيل‬ ‫األحداث وخبايا الصفقات السياسية مدفوعة الثمن‪ ..‬وكشف‬ ‫مستور المجلس الوطني االنتقالي وكل ما تقرر عنه وتأسيس‬ ‫األحزاب‪ ..‬وتكوين المؤتمر الوطني والحكومات المنبتقة عنه‪..‬‬ ‫وأشياء كثيرة ينبغي جالءها من زمرة السلطويين المعاصرين لها‬ ‫أو منفذيها‪! ..‬‬

‫العودة إلى الوراء والحساب ال يجب أن يكونا بدافع العقاب أو‬ ‫اإلقصاء‪ ،‬بل لتصحيح األخطاء وتدارك الزلل وتعميق الثقة وإرساء‬ ‫الشفافية‪ ..‬واألهم منع إيداع مشوهين وملوثين في ذاكرة تاريخ الوطن‬ ‫وتمريرهم إلى المستقبل مضرجين بالشبهات كسابقيهم فنورث‬ ‫ألبنائنا هوية مشوهة مطموسة المالمح مفتوحة على احتماالت‬ ‫الخيانة والتدلييس‪! ..‬‬

‫مستقبل الوطن رهين بوضع موازين العدل واإلنصاف‪ ..‬وهوية‬ ‫الوطن معلقة بصدق وجوده‪ ..‬والشفافية دعامة المستقبل وضمانه‪،‬‬ ‫وهي على الجميع فرض عين وقضاؤها واجب من أهملها أو‬ ‫غفلها‪!!..‬‬ ‫يجب أن يطأطِ َئ للوطن كل من مثلوا السلطة فيه ويبوحوا لكل‬ ‫‪99‬‬


‫الليبيين بتفاصيل لعبة السياسة التي أوصلتنا إلى الحرب والدماء‪..‬‬ ‫ً‬ ‫مستقبل العودة لها ونستبعد كل من يمهد لحدوثها‪!!..‬‬ ‫لنتقي‬

‫كان تقرير اغتيال السفير‪ -‬كريستوفر ستيفنز «‪ »11000‬صفحة‪..‬‬ ‫فكم سيقدم لنا سلطويو السنوات الثالث صفحة في تقريرهم عن‬ ‫محاولة اغتيال الوطن‪!!!...‬؟؟؟‬

‫‪100‬‬


‫هويات �سقيفة « طورابورا»‪!!...‬‬ ‫نشر ‪ 17‬نوفمبر ‪.2014‬‬

‫األزمة ليست بسيطة كما تتصورونها‪ ..‬إنها «كوكتيل ثورات‬ ‫فكرا وحيا ًة‬ ‫متسلسلة» على مستوى الوجود الـ«عربي‪ /‬إسالمي» ً‬ ‫وبكامل شموليت«ها» هـ« اجتماعي ‪ -‬سياسي ـ اقتصادي ـ ديني ـ‬ ‫ثقافوي»‪.‬ويحتمل أن تكون هذه مرحلة تموضع مصيرنا الـ«عربي ‪/‬‬ ‫إسالمي»‪! ..‬‬

‫األزمة بدأت في سقيفة بني ساعدة‪ ..‬هناك تشيأ الخالف وتصدع‬ ‫الوفاق واستخرجت الهويات‪ ..‬فلم يحسم األمر وتنتهي أزمة خالفة‬ ‫«حكم» العرب‪ /‬المسلمين بعد «محمد‪ -‬عليه سالم الله وصالته»‬ ‫في السقيفة يومها‪ ..‬بل الزالت لتفاصيل الحادثة وحروف وكلمات‬ ‫وإحياء « وما‬ ‫ذاك الجمع بتلك السقيفة ترديد وبرمجة وتفسير وتأو يل ْ‬ ‫شابه « في كل يوم وبكل مكان انتصبت فيه مأذنة‪ ..‬وتعددت السقائف‬ ‫كتعدد األهواء‪ ..‬وتعدد المنقطعين عنه «هن» ا كراهة لنتائجها أو‬ ‫ً‬ ‫وتفصيل‪!!..‬‬ ‫اعتراض على « مونولوج « اتها جملة‬ ‫‪101‬‬


‫حوار السقيفة كان بداية تشيأ منهج « دستور « حكم «عربي ‪/‬‬

‫إسالمي»‪ ..‬ذو نكهة ديمقراطية خاصة « مع التحفظ»‪ ،‬أخذتنا تأو‬

‫يالت حادثتها عبر أزمان وأوطان إلى حيث نقف اليوم‪..‬وظل سؤالها‬

‫« باألمس « سؤالنا « اليوم « ومحور قضيتها هو محور قضيتنا « لم‬ ‫يتغير شيء‪ ..‬فقط إكسسوارات للمزامنة»‪!! ..‬‬

‫سيان أمر السقيفة وأمرنا اليوم‪ ...‬من يحكم « أبو بكر أم سعد ـ‬

‫عليهم رضي الله»‪ ..‬ومن ولي األمر « انتما ًء ‪ /‬صفة»‪ ..‬وكيف يطاع‬

‫ومتى‪ ..‬وكيف يأتي‪ ..‬وكيف يغادر‪ ..‬وبيد من يسقط‪!!..‬؟‪.‬‬

‫ورثنا الفرقة وحشوناها « أهواء وأغالط وتآمر وخيانات وأطماع‬

‫وفهم سيئ»‪ ...‬هذا ما حدث ويحدث‪!!..‬‬

‫سقيفة بني ساعدة ُح ِشرت وتمركزت بساحة الفكر ال» عربي‬

‫‪ /‬إسالمي « وتجايلت فيه‪ ..‬وسقائف جيلها السادس عشر التي‬ ‫نعايشها اليوم مقامة على أساسات ذات سقيفة بني ساعدة « العتيقة»‪،‬‬

‫وروادها مبرمجون على ذات النسق ألو ائلهم « نفس ويندوز التفكير‬ ‫مع اإلضافات»‪ ..‬والشقاق الذي َخ َبأ حينها بسبب التراحم واإليثار‬ ‫واجتناب نشوء الفرقة « حينها «وقلة المكاسب وقلة الطمع الدنيوي‬

‫وكثرة الطمع األخروي تجلي اليوم وتجسد مطال ًبا بالحكم باسم الله‬

‫إلحياء الشريعة « حسب الهوى والفهم»‪!!..‬‬

‫وقف على تذكر درب السقيفة‪ ..‬وتكرار العودة إليها‬ ‫كل براعتنا ٌ‬

‫عميانًا‪!!..‬‬

‫‪102‬‬


‫أيضا‪ ..‬حوار السقيفة كان منطلق تقسيم ونشوء وإصدار هويات‬ ‫ً‬ ‫متباينة‪ ..‬مسلمون وراء أبي بكر الصديق « قرشيون « ومسلمون وراء‬ ‫سعد بن عبادة « أنصار»‪ ..‬وكان ازدواج الهويات متعادل بين هوية‬ ‫إسالم قرشي وهوية إسالم أنصاري‪ ..‬وتجاور رؤية ومزايا وزعامات‬ ‫ومثالب قرشية مع رؤية مزايا وزعامات ومثالب أنصارية كان واق ًعا منع‬ ‫االندماج واستبعد االنصهار‪ ..‬ورغم البيعة ألبي بكر « عليه الرضى‬ ‫« ظلت الهويات تركض في الفكر وفي األنفس وتتناسل وتتوالد في‬ ‫كل المواسم متدثرة بمنطق يناسبها ويوجدها وسط الشعاب الوعرة‬ ‫للفكر‪! ..‬‬

‫سقيفة زمن « طورابورا « وشعابه الفكرية أنتجت هويات «‬ ‫طورابورية « متسقة ومنطبقة عليه ومعه‪!!..‬‬

‫طفت هويات سقيفة طورابورا « طالبان ـ القاعدة ـ أنصار الشريعة‬ ‫ـ التكفيروالهجرة ـ التبلغ ـ بوكوحرام ‪ -‬داعش « على سطح الوجود‬ ‫ال» إسالمي ‪ /‬عربي « مختزلة له « الوجود « ومتحدثة باسم الله‬ ‫والشريعة واحتكر حملتها اإلسالم وسط مسلمين وحازوه عنهم‪..‬‬ ‫وبعدما تجهزت فكر ًيا بخارطة السقيفة وقضيتها األولى وتموضعت‬ ‫في نفوس ألفت صعاب « طورابورا « أطلقت العنان لدعاة حروب‬ ‫ردة « نوعية « ضد الهويات المضادة أو المختلفة أو بدواعي العودة‬ ‫إلسالم زمن السقيفة األولى « سقيفة بني ساعدة « وإحيائه ليس بذات‬ ‫الرؤى بل باجتهادات توافق الهوى الطورابوري‪!!..‬‬ ‫غياب الشيخ « أسامة من الدن ـ رحمه الله « فتح السبيل إلى‬ ‫‪103‬‬


‫تكوين الهويات الطورابورية ونشوء فكر « طورابوري « متشدد حد‬ ‫التطرف‪ ،‬يمتهن العنف ويتخذ من االنغالق ورفض الحوار وسائل‬ ‫دعم لوجوده المنقطع عن كافة المذاهب اإلسالمية المعروفة ويوجه‬ ‫سخطه إلى السلطات المدنية ويتدثر بعداء أمريكا ويحتج به ويتخذ‬ ‫منه دعاية لتحقيق غاياته بتكوين سلطات طائفية على حساب وحدة‬ ‫اإلسالم وتماسكه وقوة عقائده وقدسيتها‪!..‬‬

‫الطورابوريون جمي ًعا يحاولون مشادة اإلسالم‪ ..‬ويعمدون‬ ‫إلى تجميده وقتل جوهره « الحسنى والرحمة والوفاق واالقتناع «‬ ‫وتمظهره « تحويله إلى هوية مظهرية وشعارات»‪ ..‬ويفتحون درب‬ ‫غربته ليعود غري ًبا كما بدأ‪!!!..‬‬

‫‪104‬‬


‫�أيان ‪ -‬طارق ‪ -‬بارناردينو‪..‬‬ ‫ثالثي الأمل والخيبة‪!!...‬؟؟‬ ‫نشر ‪ 10‬ديسمبر ‪.2014‬‬

‫خالفة «طارق متري» لـ«أيان مارتن» كارثة إنسانية منيت‬

‫بها ليبيا وأسلمت الليبيين لضياع مؤقت‪ ..‬وسبق «طارق متري»‬

‫لـ«برناردينو ليون» مأساة فظيعة وقعت على رأس « برناردينو « دون‬

‫سواه‪!...‬‬

‫« أيان مارتن « محنك « هارفاردي ـ نسبة لهارفارد أرقى جامعات‬

‫أمريكا‪ ،‬درس بها أغلب رؤساء الواليات المتحدة وساستها‪،‬‬ ‫ولم يدرس بها عرب»‪ ..‬وخريج تجارب ميدانية متنوعة مشبع بالتاريخ‬ ‫واقتصاد التنمية‪ ،‬وصقلته تجارب حرب استقالل « بنجالديش «‬

‫وعمله ومعايشته‪ ..‬ومارس العمل الحقوقي الميداني أثناء رئاسته‬

‫لمجلس رعاية المهاجرين وجمعية فابيان‪ ..‬وحين أمسى رئيس إدارة‬ ‫البحوث لمنطقة آسيا في منظمة العفو الدولية وأدى الكثير خالل عمله‬ ‫‪105‬‬


‫بشبه القارة الهندية أثناء أزمة كشمير واشتعال المماحكات الهندية ‪/‬‬ ‫الباكستانية‪ ..‬وظل من بعدها سبع سنوات أمينًا عا ًما لمنظمة العفو‬ ‫الدولية‪ ،‬وكان لسياساته دور في فاعلية هذه المنظمة وازدياد عدد‬ ‫أعضائها‪ ..‬وبعد مغادرته لمنظمة العفو الدولية أضحى ً‬ ‫بارزا‬ ‫زميل ً‬ ‫في مؤسسة كارنيجي للسالم الدولي‪!..‬‬ ‫التحق « أيان « بالجمعية العامة لألمم المتحدة باالضافة لعمله‬ ‫في مؤسسة كارنيجي‪ ..‬و شغل منصب المدير التنفيذي للبعثة المدنية‬ ‫لألمم المتحدة ‪ /‬منظمة الدول األمريكية الدولية في هايتي‪ ..‬وبعدها‬ ‫أصبح رئيس العملية الميدانية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان في‬ ‫رواندا‪ ..‬وفي أحداث البوسنة والهرسك كان نائب الممثل السامي‬ ‫لحقوق اإلنسان بهما‪ ..‬وانتقل إلى تيمور الشرقية ثم أثيوبيا ومن بعدها‬ ‫نيبال حيث كان يرتفع صوت السالح على صوت السالم‪.‬‬

‫و باتفاق الحكومة السريالنكية ونمور التاميل كلف « أيان «‬ ‫كمستشار لحقوق اإلنسان ووسيط ومشارك في محادثات السالم‪.‬‬ ‫أثناء الحرب األهلية السريالنكية‪ ..‬واشتهر تقريره عن ضحايا العدوان‬ ‫اإلسرائيلي على غزة « ‪ « 2008‬حين ترأس مجلس مقر األمم المتحدة‬ ‫المستقلة للتحقيق بحرب غزة‪!!..‬‬

‫وقد قام « بان كي مون « باختيار « أيان « لرئاسة بعثة األمم المتحدة‬ ‫للدعم في ليبيا من « ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2011‬حتى ‪ 17‬أكتوبر ‪..»2012‬‬ ‫وكانت سنته بليبيا مليئة بزيارات ميدانية ومسا ٍع لمنع العنف‪ ،‬وأكد‬ ‫في تقاريره وجود حوادث قتل وتعذيب وسوء معاملة في السجون‬ ‫‪106‬‬


‫الليبية البعيدة عن سلطة المجلس االنتقالي‪ ..‬وقد تعرض في النهاية‬ ‫إلى محاولة تفجير سيارته واغتيال بطرابلس‪!!..‬‬

‫رئيسا لبعثة األمم المتحدة‬ ‫جاءت صدمة تعيين «طارق متري» ً‬ ‫للدعم في ليبيا‪ ،‬شبه إعالن عن وقف النشاطات األممية وتجميدها‬ ‫لفترة‪ ،‬وتحول رئيسها «متري» إلى ساعي بريد مبتدئ بين أطراف‬ ‫« الحوار السياسي المسلحين»‪ ..‬واعتكف في طرابلس مكتف ًيا‬ ‫بالتصريحات واللقاءات المكتبية والهاتفية‪!!...‬‬

‫حقيقة «طارق متري» ال تخفى علي أحد‪ ..‬ونزوعه إلى الفلسفة‬ ‫ً‬ ‫مسئول عن العالقات اإلسالمية ـ المسيحية‪ ..‬ومشاركاته في‬ ‫وكونه‬ ‫تأسيس « اللقاء اللبناني للحوار»‪ ..‬وتداخالته الخجولة في القضايا‬ ‫اللبنانية والفلسطينية‪ ..‬أطرته في المحيط اللبناني وتداعيات أحداث‬ ‫لبنان فبات يرى كل القضايا والنزاعات ويفسرها وفق أسس وأنماط‬ ‫قضايا لبنان‪ ..‬وكان البد له أن يفشل في ليبيا‪ ...‬ألن ليبيا ليست لبنان‪..‬‬ ‫ونزاعات الهويات والمصالح في ليبيا أبعد ما تكون عن نزاعات‬ ‫الطائفية والمصالح في لبنان‪!!...‬‬ ‫مفلسا من أي نجاح أو قيمة‪ ..‬وتبين أنه سقط‬ ‫غادر «متري» صامتًا ً‬ ‫متاع مقارنة بسابقه « أيان»‪ ..‬وربما بالحقه « برناردينو» المكنوب‬ ‫بوارثة سوءات «متري» وأخطائه وتأثيراتها على فاعلية األمم المتحدة‬ ‫وسطوتها بعدما وضعها «متري» بالحضيض‪ ..‬وجعلها بانظار الليبيين‬ ‫مجرد مدرسة ابتدائية أو شركة يمكن طردها وإسقاط رؤسائها متى‬ ‫تعارضت والمصالح لذوي النفوذ‪!!..‬‬ ‫‪107‬‬


‫أوضاع مصر ترتب‪ ..‬والمحيط اإلقليمي بدت له مالمح « ما بعد‬ ‫الربيع»‪ ..‬وأمست الضرورة ملحة لوضع حد للفوضى في ليبيا‪...‬‬ ‫وجمع السالح أهم ما ينبغي على « برناردينو « تحقيقه بأي وسيلة‪..‬‬ ‫فبوجوده لن تقف األطماع وطموحات المغامرين وطالب السلطة‬ ‫بعدما جمعوا المال وحازوه‪ ..‬وتهيأت لهم القدرة على الزعزعة‬ ‫وإدامة حالة اللبننة وتوجيه التهديد لدول لجوار‪ .‬ولجنوب أو روبا‬ ‫وألمريكا‪!!...‬‬

‫‪108‬‬


‫�إمالءات ال�شارع الليبي على البرلمان‪!..‬‬ ‫نشر ‪ 30‬ديسمبر ‪.2014‬‬

‫قد يقبل المواطن الليبي بأنصاف الحلول بهذه المرحلة الحرجة‪..‬‬ ‫ً‬ ‫مستقبل لرفض أنصاف الحلول التي‬ ‫دائما وسيعود‬ ‫ولكنه لن يقبل بها ً‬

‫فرضت عليه ويطالب بحلول كامله لمشاكله وقضاياه‪ ..‬لذا‪!!....‬‬

‫ال يفترض‪ ..‬أن يظل البرلمان الليبي يلعب دور المعلق على‬

‫أحداث الصراع والمشجع ألحد أطرافه‪ ..‬وال يقبل منه « البرلمان‬

‫« أن يظل رهين حالة الصراع ويغفل مصالح ومشاكل المواطنين‬

‫بمختلف أطيافهم‪ ..‬بل عليه البدء الفعلي في ترسيخ حالة االستقرار‬ ‫وتوطيد دعاماتها وأسسها دون إبطاء‪ ..‬فأحداث الحرب والنزاع ال‬

‫ينبغي أن تبيح الموت « المعنوي والمادي « خارج أرض المعركة‪!!..‬‬ ‫مهمة البرلمان اتخاذ قرارات جرئية وسريعة تعالج مشكالت‬

‫المواطنيين وتضمن حقوقهم‪ ،‬إذا لم يمتلك السلطة والقدرة لضمان‬

‫أمنهم وكرامتهم في الوقت الراهن‪ ..‬فإن واجبه إدانة الجرائم وتوثيقها‬ ‫‪109‬‬


‫ً‬ ‫مستقبل وإرجاع الحقوق إلى مستحقيها قبل أن‬ ‫لمحاسبة مقترفيها‬ ‫تضيع وتلوكها األيام جراء سياسة األمر الواقع والتقادم‪ ..‬فالبرلمان‬ ‫مطالب بالتأسيس لدولة القانون ورعاية مصالح المواطنيين‬ ‫بالتساوي‪ ..‬ولعل أهم القرارات التي على البرلمان اتخاذها بأسرع‬ ‫وقت للمحافظة على استقرار ليبيا والحد من الشقاق وانتشار الفوضى‬ ‫تتمثل في تصحيح أخطاء المجلس االنتقالي والمؤتمر الوطني ووضع‬ ‫أيدلوجيا وطنية واضحة وبيان حقيقة السلطة والمسئولية ومرجعياتها‬ ‫األساسية واالفصاح القانوني عن مفاهيم الشرعية والوطنية ومحاذير‬ ‫العمل السياسي وخروقاته‪ ..‬وعلى البرلمان اتخاذ‪...‬‬

‫• قرار بحل جميع األحزاب السياسية ومنعها إلى حين صدور‬ ‫دستور الدولة الذي يبين هيكلة السلطات وأصول العمل‬ ‫السياسي‪ ..‬ولعل تكوين األحزاب ساهم في زيادة حدة الصراع‬ ‫السياسي المسلح وأنتج المكائد السياسة التي أو صلت البالد إلى‬ ‫الحرب بدعاوى الثورة والوطنية والشرعية والديمقراطية‪ ..‬فإلغاء‬ ‫األحزاب سيسهم في الحد من تجاذبات المصالح وتأثيراتها على‬ ‫السلطة‪ ،‬وسيمنع وجود سلطات أو جوقة العبيين سياسيين تؤثر‬ ‫على الرأي العام وتعوق عمليات توطين السالم وإعالء سلطة‬ ‫خصوصا بعدما ثبت‬ ‫القانون وتبحث عن أطماع سلطوية عابثة‪..‬‬ ‫ً‬ ‫فشلها أيدلوج ًيا وتراجعت أمام الثقافات العشائرية الموروثة‪.‬‬ ‫• قرار بشأن إعادة أهالي تاورغاء وتشكيل قوة وطنية لحمايتهم‬ ‫وتوفير احتياجاتهم وتعويضهم عما لحقهم من أذى ومالحقة‬ ‫‪110‬‬


‫المعتدين على مخيماتهم قانون ًيا‪ ..‬وتشكيل لجان تحقيق‬ ‫ومحكمة وطنية استثنائية لمعالجة قضية تاورغاء داخل ًيا حماية‬ ‫لألمن القومي‪.‬‬

‫• قرار بشأن مراجعة قرارات المجلس االنتقالي والمؤتمر الوطني‬ ‫الخارجية بداية بقرار الدعم المالي لحكومة اإلخوان المسلمين‬ ‫بجمهورية مصر العربية إلى دعم المعارضة السورية وتكليفات‬ ‫السفراء والملحقين العسكريين بالسفارات الليبية‪ ..‬ولجان‬ ‫العالج بالخارج وكسر حالة تبادل المواقع بين الوزراء والسفراء‬ ‫والحد من سياسة المؤسسات النجوعية أو العائلية‪ ..‬واالهتمام‬ ‫بالكفاءات والجودة بالعمل‪.‬‬

‫• قرار بإيقاف مرتبات أعضاء المؤتمر الوطني وموظفيه وإلزامهم‬ ‫بإعادة المبالغ من تاريخ انتهاء مدته القانونية « ‪ 7‬فبراير ‪،»2014‬‬ ‫وإحالتهم إلى لجان تحقيق خاصة لتحديد مدى مسئوليتهم عن‬ ‫ما يحدث من جرائم بحق الشعب الليبي وإبراء ذممهم المالية‬ ‫بشكل قانوني صريح وعادل‪.‬‬

‫• تشكيل لجان تحقيق بشأن قرار المؤتمر الوطني رقم « ‪ « 7‬وتبعاته‬ ‫وإحالة المسئولين عن اتخاذه للقضاء‪ ..‬وإصدار مذكرة قبض‬ ‫بحق « عمر حميدان « الرتكابه جريمة الخيانة لوطنه ومهنته‬ ‫والقسم القانوني الذي أ َّداه‪ ..‬وقيامه بالتضليل بشكل صريح أثناء‬ ‫إدالئه بتصريحات كاذبة أدت إلى تهجير عشرات اآلالف من‬ ‫ٍ‬ ‫مآس إنسانية ال حصر لها منها حاالت إجهاض‬ ‫المدنيين ووقع‬ ‫‪111‬‬


‫وموت ألجنة وأطفال‪ ..‬وتأكيد صرف تعويضات للمتضريين‬ ‫من هذا القرار ماد ًيا ومعنو ًيا‪ ،‬والتحقيق بشأن وقف الصرف‬ ‫وعرقلته من قبل الجهات المحلية المسئولة‪ ..‬والتحقيق بشأن‬ ‫قرار المؤتمر رقم « ‪ « 42‬بشأن إسناد مهام القائد األعلي للجيش‬ ‫الليبي لرئيس المؤتمر ومدى صالحياته ومدته‪ ..‬وقانونية قرار‬ ‫تكليف درع الوسطى بحماية مدينة طرابلس‪.‬‬

‫• قرار بشأن تنظيم العمل اإلعالمي الليبي ووضع الئحة تنظيمية‬ ‫تضمن االلتزام بأهم بنود حرية التعبير وتمنع المتاجرة بقضايا ليبيا‬ ‫ومواطنيها وممارسة ديمقراطية الكذب والتدجيل‪ ..‬والعمل على‬ ‫إقفال أي وسيلة إعالمية غير مرخص لها من قبل السلطات الليبية‬ ‫أو تجريم القائمين عليها وممويليها‪ ،‬فجرائم اإلعالم ترتكب‬ ‫بحق الموطن الليبي عالنية تحت دعاوي الحرية والوطنية‬ ‫والثورة‪ ..‬وتتيح لغير الليبيين فرصة التضليل ونشر االدعاءات‬ ‫واإلشاعات الضارة وتمس بهيبة الدولة الليبية ومواطنيها‪.‬‬

‫• قرار جرئ بشأن ترخيص السالح الشخصي « البندقية والمسدس‬ ‫« وتجريم امتالك األسلحة المتوسطة والثقيلة والمتاجرة بجميع‬ ‫أنواع األسلحة أو استخدامها في األماكن العامة‪ ..‬وتجريم كل‬ ‫صنوف اإلرهاب البصري والمعنوى في شوارع المدن الليبية‬ ‫للحد من تفاقم أزمة العنف وتوريثها لألجيال‪.‬‬

‫• قرار سريع وجرئ بشأن تفعيل المحاكم الليبية وضبط المخالفات‬ ‫والجرائم القانونية المدنية والجنائية بين المواطنين وتوثيقها‬ ‫‪112‬‬


‫والبدء الفعلي بعمليات التحقيق وتوجيه االتهام وإجراء عقوبات‬ ‫معلنة للمتخلفين عن المثول أمام الجهات القضائية‪ ،‬وإلغاء‬ ‫معلن لسقوط الحق بالتقادم في أي جريمة مهما صغرت‪..‬‬ ‫للحد من جرائم القتل والسرقة واغتصاب األراضي العامة‬ ‫والخاصة واستغالل المناصب اإلدارية والتزوير واالعتداءات‬ ‫على الموظفين الحكوميين وجميع المخالفات القانونية‪.‬‬

‫أعتقدُ أن أهم ما ينبغي على البرلمان الليبي اتخاذه هو رفع كفاءته‬ ‫وإعالن حالة طوارئ بإدارته واالستعانة بمستشاريين وخبراء أصحاب‬ ‫تجارب ورؤى سواء من الدول ذات التجارب المشابهة مثل جنوب‬ ‫أفريقيا أو الدول الرائدة في مجال السياسات الداخلية‪ ..‬فليبيا في‬ ‫حاجة إلى استثمار الوقت وتجاوز المحنة والتوطين للخيارات‬ ‫الصائبة والحد من االنزالقات غير اآلمنة في تجارب ومراهقات لها‬ ‫تأثيراتها المستقبلية على األو ضاع األمنية واالجتماعية واالستقرار‬ ‫وتحدُّ من فرص المصالحة والسالم‪.‬‬ ‫خيارات البرلمان قليلة‪ ..‬فإما أن يعمل بجد ويتجنب المهاترات‬ ‫مباشرا باتجاه المستقبل والسالم ويتخلى‬ ‫السياسية ويرسم خ ًطا وطن ًيا‬ ‫ً‬ ‫عن كل المراهقات الداخلية المدعومة بالجهويات واإليديولوجي‬ ‫ات العشائرية الضيقة ويسعى إلى تحقيق المساواة والعدالة برؤية‬ ‫وأسس إنسانية‪ ..‬وإما أن يكرر أخطاء المجلس االنتقالي والمؤتمر‬ ‫الوطني ويمارس الخداع والتضليل ويعبث بأمن ليبيا ومصالحها‬ ‫ويستنزف ثرواتها ويشعل النيران وسطها ويرفع بعض الليبيين على‬ ‫‪113‬‬


‫بعض بدعاوى احتكار الثورة ومجاراة لسفاهة المطالبين بأثمان‬ ‫تضحياتهم ووطنيتهم المزعومة‪!..‬‬

‫شبكية البرلمان عليها أن تحس فعل ًيا بوجود‪ ..‬المواطن البسيط‪..‬‬ ‫معلم المدرسة‪ ..‬موظف البلدية‪ ..‬ممرض المستشفى‪ ..‬مهندس‬ ‫الكهرباء‪ ..‬اإلعالمي‪ ..‬سائق الشاحنة‪ ..‬المزارعين والباعة‪ ..‬أصحاب‬ ‫الحرف وأئمة المساجد‪ ..‬طلبة المدارس والمعاقين والعاطلين عن‬ ‫العمل والمرضى‪ ..‬وأبناء الليبيات من غير الليبيين والعمالة العربية‬ ‫واألجنبية‪ ..‬وليس عليها أن تحصر إحساسها بالليبيين المتقاتلين‬ ‫على لترات البترول وكراسى السلطة‪ ..‬فالثروة الحقيقة التي تستحق‬ ‫االهتمام والقتال من أجلها هي اإلنسان‪!!..‬‬

‫‪114‬‬


‫محرك ال�صراع‪ ..‬ال�سالح والهوية‬ ‫والزمن القديم‪!!!...‬‬ ‫نشر ‪ 29‬فبراير ‪..2015‬‬

‫المسلحون يحكمون ليبيا فعل ًيا وإرجاعهم إلى ذيل قائمة الفاعلين‬ ‫على الساحة الليبية أمر عسير‪ ..‬ولكنه غير مستحيل وسيحدث عما‬ ‫قريب‪!!...‬‬ ‫سيادة المجتمع المدني في ليبيا ليست سهلة المنال « كما توقع‬ ‫محمود جبريل وآخرون»‪ ..‬و الوعي وتنوع اآلراء وقبول اآلخر‬ ‫والتعايش السلمي مقدمات ضرورية الزالت عصية وبعيدة عن إدراك‬ ‫جموع الليبيين الباحثين عن العيش بسالم ولكن بصمت الموتى‬ ‫وسلبيتهم‪!..‬‬ ‫الصراعات المسلحة المحلية بليبيا « الحروب األهلية « تستند‬ ‫ظاهر ًيا على علل وأسباب حدثية « من حدث « ولكنها في جوهرها‬ ‫صراعات بين نخب متنوعة مستغلة الهوية « الضيقة « ومتنافسة‬ ‫‪115‬‬


‫على السلطة بوصفها وسيلة إقرار وتملك وتوجيه‪ ،‬مدعمة بالقوى‬ ‫المعنوية « الشرعية « والمادية « المال والسالح»‪ ..‬وغايات الصراعات‬ ‫بدائية « مدعمة بمبادئ بدائية « تسعى للقضاء على اآلخر أو وضعه‬ ‫بمكانة أدنى وإجباره على اإلذعان وتقبل اإلذالل‪ ..‬ويفترض المنتصر‬ ‫بالصراع استمرار امتالكه للقوة وقدرته على استعباد اآلخر‪ ..‬وهذه‬ ‫افتراضية غاشمة وغير متوافقة مع النواميس اإللهية أو القيم اإلنسانية‬ ‫المستخلصة من مسيرة الحضارة البشرية‪!..‬‬ ‫صراعات الليبيون يمكن أن نسميها «بسابيس ‪ /‬جمع بسوس»‬ ‫الجيل األخير‪! ..‬‬

‫المستوى المعيشي لليبيون مرتفع « نسب ًيا « والناتج القومي جيد‬ ‫وبشكل عام تعتبر العمالة الليبية عمالة مؤهلة وأعداد غير المتعلمين‬ ‫ضئيلة ونسب خريجي الجامعات وحملة الشهادات العليا « ماجستير‬ ‫‪ /‬دكتوراة « بات مالح ًظا ويشكلون نسبة كبيرة « من الجنسين»‪..‬‬ ‫ومستحدثات التقنيات وتكنولوجيا االتصاالت ووسائل اإلعالم‬ ‫متقدمة ورخيصة الثمن‪ ،‬واألسواق الليبية تستقبل أرقى وأجود‬ ‫السلع العالمية رغم فوضوية األسواق وغياب ثقافة اإلستهالك‬ ‫والضوابط المهنية « أخالق المهنة « والقانونية « الرقابة والعقاب»‪..‬‬ ‫وعلى المستوى االقتصادي ليبيا تعيش العصر وتتنفس هواءه وتفقه‬ ‫بوسائله‪ ..‬ولكن‪!!..‬‬ ‫الليبيون « سواء « منقطعون كل ًيا عن فكر العصر « السياسي ‪/‬‬ ‫اإلجتماعي « ويعيشون بعض طقوس « البارانويا « برغبة وبراعة‬ ‫‪116‬‬


‫رهيبة‪ ..‬وهم « إال ما نذر « تبع لعقل جماعي مثخن بطقوس الماضي‬ ‫ومتشابك مع القديم إلى حد التوحد‪ ..‬مما يجعل ليبيا « كتلة اجتماعية‬ ‫« ماضوية الثقافة والفكر والتفكير‪ ..‬وكل ما فيها منسوب للماضي‬ ‫ومكمل تقليدي له‪ ..‬فالعقل الجماعي « القبيلة ‪ /‬العشيرة « الزال‬ ‫يمارس العسف واالضطهاد ضد العقول الفردية « األشخاص»‪..‬‬ ‫والزال يؤمن « ويفرض اإليمان « بقداسات وأبطال ومواثيق وثأرات‬ ‫قديما « حاضرة في الفكر ومحركة‬ ‫غابرة في حدوثها « حدثت‬ ‫ً‬ ‫للتفكير‪ ..‬وتكاد تكون الوسيلة المثلي التي يتم بها خداع البسطاء‬ ‫واألبرياء المنخرطين في الصراعات الجهوية المتدثرة بأقنعة الوطنية‬ ‫الملوثة من قبل طالب سلطة أو ريادة أو مال أو متمسكين بمزايا‬ ‫سابقة أو مغامرين يسعون إلى إعادة موروثات السيادة االجتماعية‬ ‫قديما‪.‬أو الكتساب الوجاهة‪!!..‬‬ ‫التي كانت بعائالتهم ً‬ ‫تشريح الواقع الليبي اليوم سيعيدنا قرنًا من الزمان‪ ..‬وتتكوم‬ ‫على الرؤوس وقائع ال» بسابيس « الليبية التي حدثت سنوات «‬ ‫‪ 1912‬إلى ‪ ..»1935‬ونتأكد حينما نتحسس تفاصيل الصراعات‬ ‫ونرتبها ونبحث في ماهية القائمين عليها والمحركين لها « بالمال‬ ‫والسطوة االجتماعية»‪ ..‬ونستعرض القوة المحركة بالمؤتمر الوطني‬ ‫والصانعة لقراراته والمهيمة على نواة أي صراع مسلح أو ميليشيا‬ ‫جهوية مؤججة للصراع وسابحة بالدماء‪ ..‬سنجد جينات وقناعات‬ ‫ومواقف المتناحرين القدماء « ‪ 1912‬إلى ‪ « 1935‬ذاتها تحكم واقع‬ ‫اليوم وتصنعه‪ ..‬وتجبرنا على االعتراف بأن ليبيا « ‪ 2011‬ـ ‪2015‬‬ ‫‪117‬‬


‫« إعادة مدبلحة لليبيا « ‪ ..»1935 1912-‬مع اختصار شديد للزمن‬ ‫نظرا لتطور األسلحة والتكنولوجيا ووفرة‬ ‫واستعار شديد للدموية ً‬ ‫المال وازدياد أعداد المنخرطين في الصراع‪!!..‬‬

‫الهدوء المصطنع الذي سيفرضه « برناردينو ليون « « أراهن على‬ ‫إذعان جميع األطراف وانسالل تجار الدماء والمخادعين وهروبهم»‪..‬‬ ‫سيكون فترة انقطاع مرحلية عن حالة الصراع المسلح «الحرب»‬ ‫لوالدة سلطة هزيلة وضعيفة « محل ًيا « وظيفتها تحقيق الحد األدنى‬ ‫من السلم األهلي‪ ،‬وتمثيل ليبيا خارج ًيا لتحقيق المصالح المتبادلة‬ ‫«يراها البعض مؤامرة»‪ ..‬وتحمل ليبيا أكتر على إذابة القبائل وطمس‬ ‫القبلية « الفكر القبلي « إلرساء الديمقراطية « الحزبية « بعد حين‪!..‬‬ ‫مجبرا‪..‬‬ ‫العقل الجماعي « القبلي « ينظر إلى الوراء ويمشي لألمام ً‬ ‫لذا‪!!..‬‬

‫حدث خلل التغيير وتمت عسكرته وتوجيهه إلى غايات سيئة‬ ‫عذرا‬ ‫بأساليب أسوأ‪ ..‬وأضحي « جبريل وأمثاله « «جردان وعمالء ـ ً‬ ‫هذا مصطلح العقل الجماعي « بالنسبة للعقل الجماعي المسيطر‪..‬‬ ‫وتساووا مع المجرمين والجهويين الذين انضموا للتغيير وتصدروه‬ ‫ونظرا إلتقانهم‬ ‫بسبب اعتراف الجموع بهم تحت تهديد السالح‬ ‫ً‬ ‫لإلجرام وقدرتهم على إعالن العداء لخصومهم وألغلب الليبيين‬ ‫« السلبيين»‪ ،‬وسرعتهم في حيازة قوة الدولة « المال والسالح‬ ‫وكرها « الدولة والثورة‪!!...‬‬ ‫طوع‬ ‫ً‬ ‫والشرعية»‪ ..‬ليكونوا منطقي ُا « ً‬ ‫كان لبعثة األمم المتحدة نصيب كبير في إفشال عملية إحالل‬ ‫‪118‬‬


‫السلم وإقامة سلطة الدولة‪ ..‬وتعاملها مع الميليشيات المسلحة‬ ‫وصمتها عن الجرائم واالنتهاكات الصارخة لحقوق اإلنسان دليل‬ ‫قصور أو تواطؤ‪ ..‬واختيارها لشخصيات ضعيفة لتمثيلها «طارق‬ ‫حصرا» وغموض غاياتها ومشاريعها وتقاعصها عن توجيه‬ ‫متري ـ‬ ‫ً‬ ‫السلطات الليبية ومنع سلبها ورهنها للمسلحين‪ ..‬أمور ال تحمل‬ ‫على منهج العدل والخير‪!!..‬‬

‫صحوة الليبيون‪ ..‬ضرورية أكتر من أي وقت مضى‪ ..‬فهم‬ ‫المصلحون لحالهم وهم المفسدون‪ ..‬واجترار التخادع « خداع‬ ‫بعضهم بعضا « والتعلق بالماضي ونفخ الحياة بأو هامه‪ ،‬وإعادة‬ ‫ورثة « قائمي مقام الباب العالى « السابقين أو أشباههم إلى الواجهة‬ ‫والتعسكر خلفهم بطبول الحرب منادين بالثأرات متمسكين باحتكار‬ ‫القداسة والحق‪ ،‬وصارخين بشعارات قتل اآلخر «الليبي المختلف»‬ ‫ثأرا‪ ..‬ال يجدي شيء ولن يحقق السلم وال التعايش‬ ‫ظلما أو ً‬ ‫أو إقصائه ً‬ ‫ألحد أبدً ا‪!!..‬‬

‫ليبيا تعاني أزمة وعي مؤلمة‪ ..‬واستبدال نخبة الفكر وحوار الرؤى‬ ‫بنخبة المال والسالح وأزيز الرصاص ولون الدماء‪ ..‬مأساة كبرى‬ ‫صنعت بأيدي الليبيين‪ ..‬وعليهم أن يقلبوا معادلتها إذا أرادوا الخير‬ ‫لبلدهم وأبنائهم‪!!..‬‬

‫‪119‬‬



‫فايرو�س الزير‪!!...‬‬ ‫كثيرا‪!..‬؟؟‬ ‫لماذا نسينا قيس بن الملوح وكثير عزة ونزار قباني ً‬

‫أمزجتنا وأهواءنا أدمنت مسامرة «الزير ‪ /‬مهلهل ربيعة» والتفجع‬ ‫بصحبته على ترانيم بكائيات ومراثي وحسرات عديدة‪ ..‬واشتعلت‬ ‫بنا وفينا ذكريات الحرب والثأر والهجاء والتفاخر وأشياء ذات نكهة‬ ‫جاهلية كثيرة‪!!...‬‬ ‫ُعدنا إلي زمن المضارب‪ ..‬لنحيي الذكريات ونبعثها فقط‬ ‫بموديالت جديدة وعصرية وبنظام «ديجيتال» فظيع‪!!..‬‬

‫تعلمون‪ ..‬الزير رجل مدلل ومسرف في كل شيئ‪ ..‬الخمر والنساء‬ ‫والحب والشعر والبكاء والعويل والتعجرف وكذلك الصمم والغرور‬ ‫والخيالء‪ ..‬خسر أخاه «الديكتاتور‪ /‬وائل ربيعة» في جولة عنطزة‬ ‫وساذجا‬ ‫«تافهة» مع صهره الغرير «جساس ُمرة»‪ ،‬الذي كان مراه ًقا‬ ‫ً‬ ‫وحسو ًدا ومشابه لـ«الزير» في دالله وخيالئه «الفارغة»‪.! ..‬‬ ‫قتل ملك بناقة‪ ..‬يا لها من تفاهة‪ ..‬والنتيجة‪.!!!...‬‬ ‫‪121‬‬


‫حرب ل” ‪ “ 40‬سنة‪ ..‬وقطع أرحام وعناءات نساء وأطفال وأرث‬ ‫سخيف لمنجم “ أفيون فكري “ لم ينفق بل يتزايد ويطاردنا‪ ..‬يأسرنا‬ ‫داخل “ باستيله “ الفريد داخل متاهة الشعر‪ ..‬أليس “ مهلهل ربيعه‬ ‫“ أول من هلهل الشعر “ نظمه “‪ ..‬وأني أشك بهذا وأرفضه‪.!!..‬‬

‫َم ْن ُينكر‪ ..‬أن المفجوعين رواد الشعر وآباطرته‪ ..‬مهلهل بن ربيعة‬ ‫مفجوع بأخاه الملك‪ ..‬عنترة بن شداد مفجوع بنسبه‪ُ ..‬أمروء القيس‬ ‫مفجوع بأباه وعرشه‪ ..‬عمرو بن كلثوم مفجوع بملكه وميراثه‪ ..‬طرفة‬ ‫بن العبد مفجوع بملكه‪ ..‬وزهير بن أبي سلمي المفجوع بوحدته‬ ‫والناقم على الحياة‪ ..‬وقافلة المفجوعين نزالء التاريخ المعتقين‬ ‫تطول وتتضخم مع كل استدارة للحياة وتبدل للوقائع ومع كل ظهور‬ ‫جديدة لفاجعة‪!!..‬‬ ‫المفجوعون خلدتهم بذاكرتنا “ ذاكرة األمة “ كلمات ليست‬ ‫كالكلمات‪ ،‬وحالة إغواء فاخرة‪!..‬‬ ‫ضاع كليب وغسان والنعمان ومعدي يكرب وزيد ِ‬ ‫وحجر‪..‬‬

‫وممالك األمة “ الطامحة للتمدن “ وملوكها وبقى المفوجوعون‬ ‫يتوسدون أدمغتنا ويراودوننا عن أنفسنا‪ ..‬ولما جاء «أسالفنا» هم‬ ‫“ نبي “ ظنوه شاعر وطردوه من جوار البيت‪ ..‬وفي المدينة “ دار‬ ‫الهجرة “ عكف بعض أهلها “ وبين ظهرانيهم الرسول “ على “ قيس‬ ‫بن األسلت “ يتسمعون لشعره ويسامرونه حتى عام الخندق‪.!!!..‬‬ ‫لم ننجو من المفجوعين بعد‪ ..‬وظهر “ أزيرة ‪ /‬جمع الزير “ كثر‬ ‫ومعلقات جديدة‪ ..‬وكلما مات لنا “ كليب “ أو ُقتل جالت «بسوس»‬ ‫‪122‬‬


‫في شوارع مدائننا وشوارع أدمغتنا واستعرت حروب‪ ..‬وأعدنا نسخ‬ ‫ذات «السيناريو» القديم وتزعمنا “ زير “ وفارقنا العطور والماء ونفشنا‬ ‫شعر رؤوسنا وكذا لحانا “ ذقوننا “ وأ ْعزبنا نساؤنا وتهنا عن مقاصدنا‬ ‫وولجنا الجاهلية “ دون إذن‪.!!!..»!..‬‬

‫أجاهر بكرهي وإزدرائي ل “ الزير “‪ ..‬وأعلم أنه الكاركتر األكثر‬ ‫نفو ًذا وسطوته وال يطاق شتمه‪ ..‬وال اعتقد أن “ أنطوني كوين العرب ‪/‬‬ ‫خيرا بإعادته إلي الواجهة وسكبه باألذهان بروعة‬ ‫سلوم حداد “ فعل ً‬ ‫حكرا على مدمني الشعر ومتعاطي‬ ‫ومجانية آسرة‪ ..‬بعدما كان تعاطيه ً‬ ‫كتب التاريخ‪ ..‬وأتعجب عن عزوف أباطرة “ االنيميشن والجرافيك‬ ‫“ عن دخول فضاءات المفجوعين والوقوع تحت طائلتهم‪.!!...‬‬

‫فايروس “ الزير “ وفئته من المفجوعين مختص باألدمغة العربية‪..‬‬ ‫وال يمكن مكافحته “ جذوره عميقة ومدعوم براوخ السلطة‪»!!..‬‬ ‫وخطره يكمن في اإلرتهان للماضي وتقديسه وتكراره والمقام فيه‬ ‫ومناهضة سواه‪.!!..‬‬

‫الفاجعة الكبرى‪ ..‬أصبح “ الزير “ أمة‪ ..‬والسعادة التي يوفرها‬ ‫الـ«تزير ‪ /‬التحول إلي زير» ال تضاهيها سعادة بالنسبة للمفجوعين‪..‬‬ ‫وليس باإلمكان توفير أصابع وأيادي لعد “ ُمتزيري “ عصرنا‪ ..‬فماذا‬ ‫نفعل‪!!..‬؟؟؟!‪..‬‬

‫‪123‬‬



‫تفا�صيل عبث و�أزمة‬ ‫احتماالت ومؤشرات انزالق منطقة الشرق األو سط في صراعات‬ ‫طائفية ودينية وقبلية كانت جلية منذ أمد‪ ..‬ولكن‪!!..‬‬

‫قصور وعجز األنظمة العربية عن اإلتيان بالتغيير وفق طبيعتها‬ ‫وإذعانها الرهيب لقوى االستبداد المحلية وعزوفها عن إحداث تنمية‬ ‫اقتصادية ومدنية جعلها ضحية لتغيير قسري استوحى من أخطائها‬ ‫وتخشبها وتخلفها أسسه وأهدافه واقتحمها مباغتة ونشر سطوته‬ ‫بعدما خسف بها وأو دعها الحضيض‪!!..‬‬

‫ملهما للتغيير‪ ،‬بل كان‬ ‫جسد « البوعزيزي « المشتعل لم يكن‬ ‫ً‬ ‫شعلته التي تدحرجت قاصدة قصور الرياض وممالك الخليج‪..‬‬ ‫وبرغم ما حدث من تقولب للتغيير في أقطار « الربيع العربي « وما‬ ‫يعانيه من مقاومات فئوية متفرقة‪ ،‬إال أنه اجتاح الجميع « على مستوى‬ ‫األفراد « وحقق جز ًءا من مضامينه‪!!..‬‬ ‫مقاومة التغيير عبث عروبي‪ ..‬وإرشاده إلى طريق العودة وإعادة‬ ‫‪125‬‬


‫خلق الماضي وبعثه بثياب جديدة لن تجدي نف ًعا‪ ..‬ولن يجدي‬ ‫العابثين بمصائر الشعوب المراهنة على إحياء ُمثل أو بعث نُظم‬ ‫مستهلكة من قبورها « « وأن راقت للعوام وفقراء الشوارع وبسطائها‬ ‫ورقصوا لها برهة‪ ،‬ألن األزمة التي يواجهها الجميع « بال استثناء «‬ ‫هي أزمة فكر اجتماعي محملة بأيدلوجيات متنوعة ومتناقضة وغير‬ ‫متجانسة مع الواقع‪!..‬‬ ‫بروز مشروع الخالفة وتواجدها كإمبراطورية افتراضية محصنة‬ ‫بالدين والعقائد وساعية إلى التموضع يحاكي كنتيجة معطيات الفراغ‬ ‫كثيرا مع اإليديولوجي ات السائدة منذ عقود‬ ‫والتبعية والفساد ويتوافق ً‬ ‫في عموم منطقة الشرق األو سط‪ ..‬وقد مهدت األنظمة االستبداية‬ ‫الطريق لنشأتها عبر حالة العداء واإلقصاء والعسف التي استخدمتها‬ ‫ضد مواطنيها وضد فئات المجددين وحاالت النبوغ الفكري أو‬ ‫التفوق أو االختالف‪ ..‬مضاف إليها إصرار األنظمة االستبدادية‬ ‫على مركزية الحكم وتقديس الحاكمين واالستثمار في مواطنيها‬ ‫وسجنهم بالمستويات المعيشية المتدنية وتشريع القمع‪ ..‬بعدما‬ ‫خلقت طبقة عازلة من التجار ورؤوس األموال وأصهار السلطة‬ ‫وخدامها وراقصاتها وجوقة منشديها ومخبريها‪ ،‬وابتعدت عن حقائق‬ ‫وجودها كسلطات منظمة ومدبرة لشئون أقطارها « وباتث إدارات‬ ‫مغلقة لألموال وألجهزة قمع غاشمة غايتها تحقيق حالة السكون‬ ‫واالحتفاظ بمجتمعاتها في غرفة إنعاش معلقة بين مخاوف الموت‬ ‫وآمال الحياة‪!...‬‬ ‫‪126‬‬


‫التغيير الذي جاءنا معل ًبا ويحمل ماركة « الربيع العربي « دفعت‬ ‫ثمنه أنظمتنا االستبدادية المنهارة أمامه‪ ..‬وأردناه جمي ًعا بطريقة ما‪..‬‬ ‫غير أن عجزنا عن توجيهه وفسادنا الفاضح وتشظينا وسوء نشوءنا‬ ‫السياسي وتدني مدنيتنا وتشوهها وغرقنا المشبوه في تقديس السلطات‬ ‫أو ردنا المهالك‪ ..‬وظهرت سماتنا وتجلت جذور معاناتنا االجتماعية‬ ‫وانفضحت ضآلتنا كمنظومات سياسية واجتماعية واقتصادية عصرية‪..‬‬ ‫ووقفنا عراة أمام التغيير كفئات مصالح وتجار سلطة والمنتمين‬ ‫ومقاولي هدم مجتمعي ومقاومين أسطوريين للتجديد تحت شعارات‬ ‫عتيقة تفوح منها روائح الماضي وعفن سوء التخزين‪!..‬‬ ‫أشهر أكاذيبنا‪ ..‬عداء الواليات المتحدة األمريكية والغرب‬ ‫واالنتماء للعروبة‪!! ..‬‬

‫نكران حقيقة الفصام التي تعيشها سلطاتنا وسلطويونا ويعيشها‬ ‫الفرد منا وال غائية وجودنا سذاجة‪ ..‬وسوء معاشرتنا للقوى العالمية‬ ‫الرائدة ومراهقاتنا المفجعة أمراض مستعصية ال يمكن اجثتاتها‬ ‫بسهولة‪ ،‬وليست لدينا فرص واقعية لالستقالل والندية وأجسادنا‬ ‫وتفكيرنا مستعبدة لماضي مموه غير مسئول وغير نزيه وغير مسيج‬ ‫بالدالئل ومفعم بالشبهات وحصيلته تكاد تكون مكللة على الدوام‬ ‫بالال يقين‪!!!...‬‬ ‫واقعنا اليوم حصيلة ميراث األمس وما قبله‪ ..‬وكل ما نقترف من‬ ‫أفعال واجترارات بائسة وأخيليات موهومة للحد من التغيير أو لكبحه‬ ‫بدعاوى الوطنية والتدين والقبلية وتحت أقنعتها‪ ،‬ال يعدو كونه وقوف‬ ‫‪127‬‬


‫نسع لمزامنة التغيير وتوجيهه من‬ ‫نملة بوجه ريح عاصف‪ ..‬فان لم َ‬ ‫داخله فسيجرفنا إلى حيث يشاء كما يحدث اآلن‪!! ..‬‬

‫التغيير الذي حدث ويحدث نقض كل شيء فينا‪ ،‬ووضعنا في‬ ‫مواجهة حقائقنا وفواجعنا وهشاشتنا ورفع ورقة التوت التي تسترنا‪،‬‬ ‫وخسف بالسلطات الكاتمة ليظهر ما تحتها من ركام وصوليين‬ ‫ومطحونين ومظلومين ومفرغين والمنتمين وقراصنة ومجرمين‪..‬‬ ‫استلموا راية استبدادها وتابعوا المسير بأمر جيناتهم المهووسة‬ ‫بالعظمة‪!!..‬‬ ‫لنعي جيدً ا‪ ..‬التغيير ليس حادثة أو مؤامرة بل نتيجة لمعطيات‬ ‫وجود فاسد « جزئ ًيا « ومتخلف « كل ًيا « كنا عليه واستطابه بعضنا‬ ‫وأنكره البعض اآلخر‪ ،‬والزال يعبث بنا حتى اللحظة‪!!!...‬‬

‫‪128‬‬


‫�أزمة الهوية‪ ..‬خلفاء «بن الدن»‬ ‫و الرايات ال�سود‪!!..‬‬ ‫المدارس الديوبندية افتتحت رحلة المسير باتجاه السلف بدوافع‬ ‫إصالحية وضمن فضاءات فكرية أفغانية محلية متنازعة‪ ..‬وأخذتها‬ ‫غصات محيطها وتقلبات الزمن إلي انتهاج العنف‪ ،‬وتبدلت هنالك‬ ‫متوالية « حسن البنا « وغدا اإلسالم « سيف‪ ،‬وعمل‪ ،‬وجنسية‪،‬‬ ‫وعقيدة»‪ ..‬وساد السيف « العنف « الموقف وصار هوية لإلسالم‬ ‫وطابع وانطباع مالزم لماهيته‪!!..‬‬

‫حينما كون المال « محمد عمر « تشكيالت طالبان األولى من‬ ‫طالب مدارس قرية ديوبند الهندية‪ ،‬وانطلق سري ًعا باتجاه أفغانستان‬ ‫يصلح ما أمكن من فساد واهتراء داخل مجتمع األفغان الفقير البائس‬ ‫المكتظ بالمآسي المثخن بالعناءات التي خلفتها سني الحرب‪ ،‬لم‬ ‫يهدف الي اختزال اإلسالم برؤيته أو يرمي إلي « أفغنة « المسلمين‪..‬‬ ‫بل كانت أهدافه صريحة معلنة عندما تمت له البيعة في قندهار عام‬ ‫«‪ ..»1994‬وتمثلت في محاربة الفساد األخالقي ونشر األمن وإعادة‬ ‫‪129‬‬


‫االستقرار ألفغانستان بعد خروج السوفييت وحدوث الحروب األهلية‬ ‫وازدياد الفقر والظلم في أوساطها‪!!..‬‬

‫« رباني ومسعود ودوستم وخان « كانوا خلطة ساسة ومغامرون‬ ‫أفغان جزأوا أفغانستان وعملوا على تقسيمها وانفصال والياتها‬ ‫نتيجة الخالفات بين فصائلهم ووالءاتهم المختلفة وتصارعهم على‬ ‫السلطة‪ ..‬وبفوضاهم جعلوا من حركة طالبان ً‬ ‫أمل وطن ًيا لألفغان‬ ‫ً‬ ‫وسبيل للحفاظ على وحدة البالد وهوية الوطن‪!!..‬‬ ‫كانت لحركة « طالبان « هوية أفغانية وهموم وطنية واعية‪...‬‬ ‫ولكن‪!..‬‬

‫تداخل األفغان العرب الذي قاتلوا ضد السوفييت مع مجاهدي‬ ‫األفغان‪ ،‬جعل منها مشروع عالمي لخالفة إسالمية راشدية « األسس»‪،‬‬ ‫وحملوها الي خارج أفغانستان بعدما تلقت الدعم وتأطرت لها‬ ‫أيدلوجيات عابرة للحدود‪ ،‬وكان لمقتل « احمد شاه مسعود « وبزوغ‬ ‫دورا في نشر مشروع طالبان وتطويره بعدما‬ ‫نجم «أسامة بن الدن» ً‬ ‫حدث تمازج بينها وبين تنظيم القاعدة الذي تأسس عام « ‪« 1988‬‬ ‫الداعي لجمع مختلف الفصائل اإلسالمية بهدف االنتصار لإلسالم‬ ‫وإعالء كلمة الله في األرض‪ ..‬وكانت أفغانستان قاعدة أساسية‬ ‫النطالق تنظيم القاعدة ودعمه بالمجاهدين العرب وغيرهم الذين‬ ‫تقاطروا على أفغانستان وانضموا للتنظيم خالل سنواته األولى‪!!..‬‬

‫الحرب األفغانية ضد السوفييت كانت بوتقة انصهار للمنادين‬ ‫والداعيين للجهاد وإقامة الخالفة ومحاربة الصليبيين من مختلف‬ ‫‪130‬‬


‫أقطار األرض‪ ،‬والذين أتاح لهم مكتب الخدمات في « بيشاور ‪1984‬‬ ‫« فرصة التقارب والحوار واالمتزاج إلنتاج أيدلوجيا مشروعهم‬ ‫العالمي‪ ..‬وكانت لهم فرصة في استقطاب رؤوس األموال العربية‬ ‫وكذا النخب المالصقة لهم بعدما تصدر الشيخ « عبدا لله عزام «‬ ‫المشهد وتواصل مع الداعمين له‪ ،‬وابلغ الدعاة أنه « ال قيمة لكم‬ ‫تحت الشمس إال إذا امتشقتم أسلحتكم وأبدتم خضراء الطواغيت‬ ‫موضحا « الناس كلهم آثمون‬ ‫والكفار والظالمين»‪ ..‬وأكد بفتواه‬ ‫ً‬ ‫بسبب ترك الجهاد سواء كان في فلسطين أو أفغانستان أو أية بقعة‬ ‫من بقاع األرض ديست من الكفار ودنست بأرجاسهم»‪ ..‬ورفع العذر‬ ‫عن الجميع وبين بأن التكليف على جميع المسلمين فقال «ال إذن‬ ‫ألحد اليوم في القتال والنفير في سبيل الله‪ ،‬ال إذن لوالد على ولده‪،‬‬ ‫وال زوج على زوجته‪ ،‬وال دائن على مدينه‪ ،‬وال لشيخ على تلميذه‪،‬‬ ‫وال ألمير على مأموره»‪ ..‬وأطلق صيحة الجهاد باسم اإلسالم ضد‬ ‫أمريكا والغرب واليهود وكل من خالف اإلسالم باألرض‪!!..‬‬ ‫أفكار « عبد الله عزام « دعمتها األموال وتجندت لها إمكانيات‬ ‫الدول الراعية للجهاد ضد السوفييت‪ ..‬واستقطبت لها الكثيرين‪..‬‬ ‫وعندما خرج السوفييت افلت تلك األفكار من عقالها وتحولت‬ ‫إلي « قوة كوابيس « تهدد العالم وتقحمه في مالحم حروب طائفية‬ ‫ودينية « كهوفية « المنشأ والهدف‪!!..‬‬ ‫تصدعات الرؤى وخالفات التوجه التي نشأت بين « عبد الله‬ ‫عزام « وزعيم « منظمة الجهاد اإلسالمي « أيمن الظواهري « وزعيم‬ ‫‪131‬‬


‫تنظيم القاعدة «أسامة بن الدن» حول توجيه الجهاد الي فلسطين «‬ ‫رأي عزام « أو توجيه الجهاد للحكومات العربية والواليات المتحدة‬ ‫« رأي الظواهري وبن الدن»‪ ..‬احدث فجوة أساسية في صفوف «‬ ‫األفغان العرب « ما كان لها أن تنتهي لوال حادثة اغتيال « عبد الله‬ ‫عزام « « ‪ « 1989‬واجتماع « األفغان العرب « تحت الراية السوداء‬ ‫التي يرفعها تنظيم القاعدة ومبايعتهم الشيخ «أسامة بن الدن» على‬ ‫الوالء والطاعة متوجهين إلي مرحلة جهادية جديدة وجهتها الواليات‬ ‫المتحدة األمريكية الشيطان األكبر‪!!..‬‬

‫« حكم قتل األمريكيين وحلفائهم مدنيين وعسكريين‪ ،‬فرض عين‬ ‫على كل مسلم في كل بلد متى تيسر له ذلك‪ ،‬حتى يتحرر المسجد‬ ‫األقصى والمسجد الحرام من قبضتهم‪ .‬وحتى تخرج جيوشهم من‬ ‫كل أرض اإلسالم‪ ،‬مسلولة الحد كسيرة الجناح‪ .‬عاجزة عن تهديد‬ ‫أي مسلم»‪ ..‬فتوى أطلقها « أسامة بن الدن وأيمن الظواهري « في‬ ‫أوائل « ‪ « 1998‬جاءت كإعالن حرب مقدسة على أمريكا وحلفائها‪،‬‬ ‫ومبدأ أصيل وتجلي صريح لظاهرة « أفغنة اإلسالم « التي أصبحت‬ ‫ً‬ ‫وتداول في المجتمعات الغير إسالمية‬ ‫رواجا‬ ‫هوية اإلسالم األكثر‬ ‫ً‬ ‫ومؤخرا بالمجتمعات اإلسالمية‪!!..‬‬ ‫ً‬

‫أمريكا خاضت حر ًبا بالوكالة ضد السوفييت في أفغانستان‪..‬‬ ‫واستغلت المجاهدين « األفغان» والمجاهدين « األفغان العرب «‬ ‫في دحر السوفييت وإيقاع الهزيمة بهم‪ ،‬لتكون حرب أفغانستان ضربة‬ ‫أمريكية أولى تحت حزام العمالق السوفييتي األجدب‪ ،‬و فاتحة‬ ‫‪132‬‬


‫ضربات خاطفة سرعان ما قضت على الوجود السوفييتي وحولته‬ ‫إلي رماد ذكرى‪ ..‬ولكنها « أمريكا « تورطت في دعم كيمياء فكرية‬ ‫خطرة وخصبت أنوية « عقائدية « منشطرة في أوساط تحوطها المعاناة‬ ‫وتسودها الديكتاتورية وسياسات العنف والقهر وحياة اجتماعية‬ ‫تسيجها الطقوس ويحتلها الفقر عنوة‪! ..‬‬

‫ربما كانت ألمريكا رغبة في القضاء على المجاهدين األفغان «‬ ‫العرب وسواهم»‪ ،‬وقد يكون « عبد الله عزام « قد أحس بهذا وتوقعه‪..‬‬ ‫لذا أطلق فتواه وأوصى بالجهاد وطالب أطفال المسلمين بأن ي «‬ ‫تربوا على نغمات القذائف ودوي المدافع وأزيز الطائرات وهدير‬ ‫الدبابات‪ ..»..‬وكأنه قد خطط لمستقبل بعيد وبذر بذوره‪ ..‬وكان على‬ ‫خلفائه « الظواهري وبن الدن « أن يشرعوا بتجسيده‪ ..‬بعدما أعلنوا‬ ‫عداء أمريكا وتجهزوا لحربها‪!..‬‬

‫كانت هجمات « ‪ 11‬سبتمبر ‪ « 2001‬وإسقاط برج مركز التجارة‬ ‫الدولية ب « مانهاتن ‪ /‬نيويورك « ومقر البنتاجون األمريكي بداية‬ ‫فعلية للحرب على أمريكا‪ ..‬وسرعان ما استجابة أمريكا وحلفاؤها‬ ‫لهذا‪ ..‬وغزت أفغانستان ب» أكتوبر ‪ ..»2001‬وبحجة القبض على‬ ‫«أسامة بن الدن» والقضاء على تنظيم القاعدة الذي أعلن مسئوليته‬ ‫عن هجمات « سبتمبر « وإقصاء حركة طالبان من حكم أفغانستان‪..‬‬ ‫وتورط األفغان في دفع ثمن الحرب الشرسة التي دارت على أراضيهم‬ ‫وربت أطفالهم على نغمات القذائف كما أراد لهم المجاهدين وساقت‬ ‫األقدار‪!!..‬‬ ‫‪133‬‬


‫تم عزل تنظيم القاعدة في أقصى األرض‪ ..‬وتحقق ألمريكا هدف‬ ‫القضاء على زعيمه «أسامة بن الدن» بعدما رصده الوشاة وداهمه‬ ‫المسلحون غيلة في « مايو ‪ « 2011‬بأبيت آباد بباكستان وقتلوه‪..‬‬ ‫ولكن‪!!..‬‬

‫لم يتحقق ألمريكا طوي صفحة القاعدة كما اعتقدت بموت « بن‬ ‫الدن « وإلقائه من على متن حاملة الطائرات األمريكية « كارل فينسون‬ ‫« في لجة البحر‪ ..‬بل انشطر هذا التنظيم وتحولت حادثة اغتيال « بن‬ ‫الدن « إلي دافع وحجة للمجاهدين لتكثيف عملياتهم الجهادية في‬ ‫مختلف األقطار ضد األمريكان وحلفاؤهم حسب فتوى « ‪..»1998‬‬ ‫وتباينت رؤى خلفاء « بن الدن « وحدث االنشطار القطري لتنظيم‬ ‫القاعدة وتكاثرت الرايات السود وخفقت بأقطار عديدة على رؤوس‬ ‫مجاهدي تنظيمات جديدة تجمعها فتوى الجهاد وعداء أمريكا‪!!..‬‬ ‫ظاهرة « أفغنة اإلسالم « أحدثت إرتكاسة فكرية عقائدية في‬ ‫المجتمعات اإلسالمية التي خاضت تجربة « الشيوعية « وتجربة‬ ‫« الرأسمالية « على استحياء‪ ..‬والتي ولجت مرحلة التغيير « الربيع‬ ‫العربي « مكرهة‪ ،‬وتنفست هواء فضاء جديد‪ ،‬وقفزت في طقس‬ ‫سياسي مختلف‪ ،‬أوجد فرص مناسبة لبروز سطوة التنظيمات‬ ‫اإلسالمية المتشددة‪ ،‬وتصدرها للمشهد بعد دفن الديكتاتوريات‬ ‫تحت الرماد‪ ،‬واالنجراف في تجربة اقتراف الحرية وتناولها ثمارها‬ ‫باألظافر واألسنان‪!!..‬‬ ‫‪134‬‬


‫خلفاء « بن الدن « يشكلون مرحلة انتقال في فهم اإلسالم‪ ،‬والعنف‬ ‫يعد وسيلتهم األنجع في تحقيق أهدافهم وترسيم رؤاهم‪ ..‬ووسيلة‬ ‫تعبير موازية للعنف الذي اقترفته أمريكا في أفغانستان والعراق‪..‬‬ ‫وغياب المرجعيات الدينية الموثوقة في األقطار العربية أفسح المجال‬ ‫للمتطرفين والمتشددين لتمثيل اإلسالم واحتكاره‪ ..‬وهي مرحلة‬ ‫صراع أيدلوجيات وقيم شرسة تحدث داخل امة اإلسالم‪ ..‬وتسعي‬ ‫إلي تدجين األدمغة واستعباد األجيال لخدمة التطرف وامتهانه‪!..‬‬

‫قد يكون « اإلرهاب « مصطلح فراغي مموه وغير دقيق لوصف‬ ‫حالة الصراع التي يخوضها اإلسالم ضد اإلسالم وضد أعدائه في آن‬ ‫واحد‪ ..‬ولعل المعركة اإلسالمية األكثر ضراوة هي معركة اإلسالم‬ ‫الداخلية بين معتنقيه المشبعين بالسلف من جهة والراغبين في عصرنته‬ ‫من جهة أخرى‪ ..‬وفئات كثيرة من الجموع التائهة التي تحاول العبور‬ ‫إلي وعي متماسك ومقدس وتتجهز لقيامتها‪! ..‬‬

‫كثيرا إذا لم يفق العرب والمسلمون من‬ ‫االستقرار سيتأخر ً‬ ‫هذيانهم‪ ،‬ويلجئوا إلي وعي مغاير يبحث في معضالت الهوية‪،‬‬ ‫ويركز على تدارك فشل مشاريع التنمية الوطنية ووقف حاالت التخبط‬ ‫السياسي المضيع للهوية‪ ..‬وعدم تعاطي فوبيا الرايات السود وحملتها‬ ‫باألسلوب األنجلوساكسوني المريب‪!!!...‬‬

‫‪135‬‬



‫جذور الـ«داع�شلوجيا»‪..‬‬ ‫معتقدات و�أ�س�س تطور الإرتكا�س‪!!..‬‬ ‫الالمنتمون يدمرون االنتماء‪ ..‬والدنيويون يسجنون الديانات‪..‬‬ ‫والمرابون يرثون البؤس‪!!..‬‬ ‫داعش ذات أصول موروثة عن المسيحية الوارثة لليهودية‪!!..‬‬

‫فكر الدواعش « داعشلوجيا « ليس غري ًبا وال جديدً ا‪ ..‬فقد تكرر‬ ‫باألمم وتحور وتجلي بين البشر على فترات متقطعة من التاريخ‪ ،‬وأن‬ ‫اختلفت تجلياته وأثوابه ومظهره‪ ،‬إال أن جوهره ظل محتف ًظا بذات‬ ‫ومتمحورا على ذات األفكار‪ ،‬ومعتنق لذات العقائد والقواعد‪،‬‬ ‫البنى‬ ‫ً‬ ‫ومتمسكًا بنفس النهج واألسلوب‪!!..‬‬ ‫ولد « موسى بن عمران ‪ /‬عليه السالم « في مصر « يقولون يوم‬ ‫السبت ‪ 5-‬سبتمبر‪ 1278 -‬أو ‪ 1265‬قبل الميالد ‪ -‬في قرية قنتير‬ ‫بمدينة فاقوس في محافظة الشرقية بدلتا مصر»‪ ..‬وعاش في كنف‬ ‫فرعون « رمسيس الثاني ‪ /‬االسرة الفرعونية التاسعة عشر « متمت ًعا‬ ‫‪137‬‬


‫بنفوذه حتى قتل ً‬ ‫رجل بوكزة‪ ..‬وفر من مصر إلى « مدين» حيث‬ ‫وجد النبي العربي « شعيب « فتروج « صفورا بنت شعيب»‪ ،‬وأقام‬ ‫بمدين حتى كلمه الله وكلفه بالعودة إلي فرعون‪ ،‬ودعوته الي عبادة‬ ‫الله والسماح لبني إسرائيل بعبادته‪ ،‬فجمع « موسى « أهله وعاد‬ ‫لمصر‪ ،‬ليفعل بصبحة أخيه « هارون « ما أمره الله به‪ ،‬وكلما « فعل‬ ‫كالم « فرعون فاتهمهما بالسحر‪ ،‬وواعدهم وسحرته بلقاء أول «‬ ‫مواجهة « يوم الزينة ‪ /‬عيد الربيع « ‪ 6‬ابريل ‪ 1225‬قبل الميالد «‬ ‫والناس حضور‪ ..‬وكانت مواجهة حاسمة وهزيمة مذلة للفرعون‪،‬‬ ‫ظلت آثارها عالقة بتراث الفراعنة ومصورة بنقوش آثارهم‪ ،‬إال أن‬ ‫الفرعون تكبر وكابر‪ ،‬وكانت ل « فرعون « ه جولة أخرى مع عصا‬ ‫موسى التي بضربتها حولت النهر إلى د ٍم ٍ‬ ‫آن ولم يؤمن‪..‬فكانت النقمة‬ ‫اإللهية جزا ًءا‪!...‬‬

‫تسلسلت على فرعون وقومه كبائر المصائب‪ ..‬فهاجمت جموع‬ ‫الضفادع البيوت وغزت مملكة فرعون واجتاحتها‪ ،‬ولم يجد بدً ا من‬ ‫الرضوخ « الكاذب « لموسى ليكف بالء الضفادع فرضخ‪ ..‬وبرغم‬ ‫موت الضفادع نكث فرعون عهده‪ ،‬ودخل وقومه دهاليز عذابات‬ ‫دنيوية من البعوض إلي الذباب إلى موت المواشي والغبار والمطر‬ ‫والبرد وأسراب جراد وظالم دامس مدلهم « ليل طويل طويل طويل»‪،‬‬ ‫وضربة قاسمة أماتت األبكار‪ ،‬وأجبرت الفرعون على الرضوخ التام‬ ‫لمطالب « موسى»‪ ،‬فكان الفصح وكان الخروج ألكثر من «‪»14400‬‬ ‫إنسان يقودهم « موسى « باتجاه الخالص‪!.‬‬ ‫‪138‬‬


‫لحقهم فرعون وأدركهم‪ ،‬وكان البحر أمامهم وفرعون وجنودهم‬ ‫ورائهم واليقين الحق لنبي مخلص معهم وبين ظهرانيهم‪ ،‬فشق «‬ ‫موسى « البحر ومنحهم النجاة ومنح فرعون وجنوده الغرق بيوم‬ ‫عاشوراء « ‪ 1224‬قبل الميالد»‪ ،‬ورغم نجاة بنو إسرائيل وبلوغهم‬ ‫مأمنهم على شاطئ بحر يقابله شاطئ آخر قذفت عليه جثة الفرعون‬ ‫« رمسيس الثاني»‪ ..‬إال أن لعقدهم تجليات سرعان ما أفضت بهم‬ ‫إلى تيه عظيم وطويل‪!!..‬‬

‫نجا بنو إسرائيل من فرعون وعلقوا بشباك « السامري « وغوايته‪،‬‬ ‫بعدما غاب عنهم « موسى « أربعين ليلة‪ ،‬فرجعوا لعبادة عجل من‬ ‫ذهب‪ ،‬ولقوا غضب نبيهم وغضب الله‪ ،‬وساروا مكللين بالخزي‪،‬‬ ‫حتى اشرفوا على الكنعانيين بأرضهم فبعثوا أثنى عشر نقي ًبا ليأتوا بخبر‬ ‫سكان المدينة ويتجسسوا‪ ،‬فلقيهم من الجبارين « عوج بن عناق «‬ ‫ولم يخرجوا من عنده أحياء إال برجاء زوجته‪ ..‬وعادوا إلى قومهم‬ ‫منكسرين وجلين‪ ،‬وألقوا في قلوبهم الرعب وأخافوهم من قتال‬ ‫الجبارين فقعدوا‪ ،‬وقالوا لنبيهم « موسى « لن نقاتل معك فأغضبوه‬ ‫فدعا عليهم بالتيه‪ ..‬وتاهوا بأرض سيناء أربعين عام‪!!..‬‬

‫مات في التيه « موسى ‪ /‬عليه السالم»‪ ..‬يقولون ـ كان يمشي مع‬ ‫فتاه « يوشع بن نون « فأقبلت عليهم ريح سوداء أخافت « يوشع «‬ ‫واستلت « موسى « من قميصه وأخذته‪ ،‬ولم يبقى مع « يوشع « إال‬ ‫قميص النبي‪ ،‬الذي دفع بني إسرائيل للشك فيه واتهامه بقتل « موسى»‪،‬‬ ‫لوال أن عرفهم الله أنه رفع « موسى ‪ /‬عليه السالم» وأماته‪!! ..‬‬ ‫‪139‬‬


‫أعوام التيه أخذت بني إسرائيل واحدً ا تلو اآلخر‪ ..‬وأخذت «‬ ‫هارون « وعدد من النقباء‪ ..‬ولقد أخذ التيه أنفس جيل ً‬ ‫كامل‪ ،‬عاش‬ ‫بمصر وعايش الذل وانكسر آالف المرات تحت سياط المهانة وتجرع‬ ‫العبودية واتقنها حد التوحد‪ ،‬جيل عاجز عن التغيير مرهون لعقائد و‬ ‫نستالوجيات مقيدة ومجرثمة بالعجز والقصور‪ ،‬مشدودة لذاكرة زمن‬ ‫الضعف والذل والدونية والخنوع إلرادة اآلخر القوى المتجبر‪!!..‬‬ ‫التائهون‪ ..‬اختاروا مصيرهم وشكلوا مستقبلهم وفق معطيات‬ ‫ومعارف وادراكات مرتكزة إلي وجودهم السابق كعبيد مستباحين‬ ‫ونسائهم من الفرعون وأمته‪ ..‬وبرغم وجود « موسى‪ /‬المخلص «‬ ‫ومعايشتهم له‪ ،‬ورؤيتهم للمعجزات الواحدة تلو األخرى‪ ،‬وبرغم تأييد‬ ‫الله المتجلي وسطوع الحقيقة‪ ،‬إال أن ظالمهم الداخلي وشخصياتهم‬ ‫المهزوزة المسكونة والمؤسسة على الضعف‪ ،‬وعقد النقص التي‬ ‫كانت تحركهم وتدفعهم إلى مقاومة التغيير وقبوله ومساكنته‪ ،‬جعلتهم‬ ‫يركنون الي مصير الضعفاء ويقنعون بالتيه في الصحراء‪ ،‬ويعيشون‬ ‫«موتى وجود « يتوسلون من نبيهم الذي كان قائد خالصهم وزعيم‬ ‫رحلتهم األكل والشرب‪ ،‬ومقتضيات حياة الدواب بعدما رفضوا‬ ‫حياة اإلنسان والحرية الواعية‪ ،‬وامتنعوا عن قبول وجودهم الجديد‬ ‫انحيازا إلي وجودهم القديم‪!..‬‬ ‫ً‬ ‫ماذا حدث‪!!..‬؟ ولماذا‪!..‬؟‬

‫المدمنون لفرعنة الفرعون والمرهونون للضعف من بني إسرائيل‬ ‫لم يستوعبوا حضور « موسى ‪ /‬المخلص»‪ ،‬ولم يكونوا بمستوى‬ ‫‪140‬‬


‫التغيير الذي أحدثه حضوره ك « نبي»‪ ،‬تدعمه قوة إلهية تفوق قوة‬ ‫قهرا»‪ ،‬وقيدتهم رواسب نشأتهم في‬ ‫الفرعون « إله الضعفاء المتجسد ً‬ ‫بيئة مذلة‪ ،‬ووراثتهم للضعف والفقر والعبودية‪ ،‬وفقدهم لبواعث قوى‬ ‫التغيير وصناعته‪ ،‬ولم يمتلكوا وعي يمكنهم من تلقف المعجزات‬ ‫وأخذها والتحزب لها‪ ،‬بشكل يحدث في ذواتهم تغيير داخلي «‬ ‫نفساني»‪ ،‬ويستبدل قناعاتهم وأنماط تفكيرهم الضعيفة « وليدة حياة‬ ‫الضعف « بقناعات جديدة باعثة للقوة تناسب التغيير وتماشي مراحله‬ ‫وتستكمله لتحقيق أهدافه السامية‪!!..‬‬

‫المخلص « موسى ‪ /‬عليه السالم « لم يكن منتم ًيا إلي بيئة الضعف‬ ‫التي ألفها بنو إسرائيل‪ ،‬كان المنتم ًيا لنمط أفكارهم وقناعاتهم وليست‬ ‫به ذات رواسب عبوديتهم‪ ،‬ولعل اختالف بيئة نشأته وتفاصيل حياته‬ ‫بكنف الفرعون‪ ،‬والتركيب المتجانس لشخصيته وتآلف قوته الجسدية‬ ‫وسمرته وقوته النفسية ونقاء سريرته‪ ،‬وهروبه واغترابه في «مدين»‪..‬‬ ‫وكذا قوة تجربته الروحانية في «واد طوى»‪ ،‬صقلته وأهلته بمنة من‬ ‫الله واختيار وتأييد لمواجهة الفرعون وإحداث التغيير بجماعة أدمنت‬ ‫الضعف واستطابت العبودية « ‪ 430‬سنة»‪!..‬‬

‫« موسى « فكر ًيا ينتمي إلي الفرعون‪ ،‬وجين ًيا ينتمي إلي اإلسرائيليين‬ ‫الضعفاء العبيد‪!..‬‬

‫الفرعون رأى في « موسى « ند وعدو مكافئ‪ ،‬المتالكه السحر «‬ ‫قوة الفراعنة « وبراعته بالكيمياء‪ ،‬فالتزم اتجاهه بمواجهة صريحة وندية‬ ‫مضادة بطريقة ما‪ ..‬ورأى اإلسرائيليون العبيد « موسى « مجرد عبد «‬ ‫‪141‬‬


‫مختلف ً‬ ‫قليل « يفوقهم بأشياء‪ ،‬ولكنه ينتمي إليهم ويتساوى معهم في‬ ‫المنزلة‪ ،‬ولم يكونوا أصحاب مشروع مضاد لعبوديتهم‪ ،‬وال راغبين‬ ‫في تغيير واقعهم المعتاد والموروث والمؤدلج منذ عقود طويلة‪،‬‬ ‫مما أجبرهم وساقهم التخاذ موقف سلبي اتجاهه والتعلق به كأمل‬ ‫ضعيف لم ينل االقتناع الكافي ليوطن بهم الحماسة ويحملهم على‬ ‫مجاراة الخوارق والمعجزات اإللهية‪ ،‬التي جاءت على يد « موسى‬ ‫« أو بعصاه لصالحهم‪!!...‬‬ ‫« موسى « رجل أحيا أمة ميتة‪ ..‬ولكنها ظلت طريحة فراش الموت‬ ‫برغبتها فماتت وجود ًيا‪!!..‬‬

‫عاجزا روح ًيا ونفس ًيا عن تلقف‬ ‫جيل الخروج اإلسرائيلي كان‬ ‫ً‬ ‫عطاءات الله ومنحه الجزيلة‪ ،‬وكان ممان ًعا للتغيير ومقاو ًما له‪ ..‬وظل‬ ‫متمسكًا بخنوعه وذله حتى نال غضب الله وعقابه ومات وأمات نبيه‬ ‫المخلص بالتيه‪ ..‬جيل جعل من خالصه متاهة ونهاية وجود ونهاية‬ ‫تاريخ فعلية‪ ..‬ولكن‪!!..‬‬

‫الجيل التائه فقد تواصله مع الزمن‪ ،‬ووقف على تخوم ذاكرة‬ ‫العبودية ملئ بالعقد النفسية محطم‪ ،‬وكان معزول حضار ًيا مفرغ‬ ‫من الوجود القيمي في بيئة قاحلة عاجزة عن كل شيء عدا التأمل‬ ‫والروحانية واليأس‪ ،‬بيئة طبيعية واجتماعية قاسية مليئة بموجبات‬ ‫الخلق األسطوري والكفر بالسلف المنعدم والبحث عن ثقوب‬ ‫األمل لعبور التيه إلي الحياة والوجود‪ ..‬بيئة كانت محورها وثقافتها‬ ‫وقوتها « موسى « وتوراته‪!!..‬‬ ‫‪142‬‬


‫التائهون لم يفعلوا شيئ عدا حفظ تعاليم « موسى « وتحريفها‬ ‫بصياغتها وفق أمانيهم وتحت سلطان عقدهم ونرجسيتهم الساذجة‬ ‫ومن منطلق حقدهم على ماضيهم ومضطهديهم‪ ،‬فترسخت في‬ ‫األذهان ثقافة الوحدة واالنعزال والتضخم الوجودي وأشياء مرضية‬ ‫طوعا‬ ‫كثيرة‪ ،‬صارت مع الزمن هوية ألولئك التائهون في سيناء‬ ‫ً‬ ‫واختيارا بعدما خالفوا أمر نبيهم وجحدوا عطاء الله ومنته‪!..‬‬ ‫ً‬ ‫جيل ما بعد التائهون لم يجد ما يتلقفه سوى أحاديث أسطورية‬ ‫عن العناءات والمعجزات وهوية مجتمعية مفخخة بالعداء لآلخر‬ ‫الغير منتمي‪ ،‬إن هذه البذرة األيدلوجية السيكولوجية الفاسدة صنعت‬ ‫المستقبل ودامت فيه حتى اليوم‪!!..‬‬

‫مات جيل التيه وجاء جيل آخر قادر على صناعة التغيير وتحقيق‬ ‫أهداف «موسى ‪ /‬زعيم الخالص»‪ ..‬جيل إسرائيلي منعزل مشحون‬ ‫بطاقات العداء وناقم على وجوده البائس في صحاري التيه‪ ،‬جيل يريد‬ ‫الخالص ومستعد نفس ًيا وروح ًيا لدفع ثمن تذاكره وصعود مراكبه‬ ‫باتجاه األمل والحياة‪ ،‬جيل لم تكن له نستالوجية مرضية أو ذاكرة‬ ‫مسيجة بأسالك العبودية منتصبة لتلقي سياط القهر واإلذالل‪ ،‬ومتجرد‬ ‫من مخاوف الوقوع بالحرية والءات الوجود الحقيقي‪ ..‬جيل هويته‬ ‫مقولبة في قناعات وطقوس الوجود الضروري على حساب وجود‬ ‫اآلخر وفوقه‪ ،‬وبدعاوى االنتماء لله والتمثيل إلرادته واالصطفاء منه‬ ‫بشواهد ودالئل ماضية فصلت عن زمنها وجذورها وسكبت بقوالب‬ ‫حاضر مستمر إلضفاء الشرعية على أسس هوية ذاك الجيل القوي‬ ‫‪143‬‬


‫العابر للتيه مكان ًيا ونفس ًيا الملتحف بشريعة « موسى» والتوراة « الدين‬ ‫« والمتدثر باالنتماء إلي الله‪!!...‬‬

‫أؤلئك العابرون للتيه دخلوا األرض المقدسة‪ ،‬وأسسوا دولتهم‬ ‫الدينية وقيدوا الجميع إلي توراتهم وأجبروهم على قبولها كمنهج‬ ‫حياة وقانون‪ ..‬وبرعوا بالتقادم في صقل هويتهم‪ ،‬وفرضها ونجحوا‬ ‫في تكوين نخب متسلطة ومتحدثة بالتوراة في آناء الجزاء والعقاب‪..‬‬ ‫حتى صارت لهم مرجعيات دينية وحاخامات وكنيست تقدس وتقدس‬ ‫رواده منطق ًيا‪ ،‬وصار للتوراة حجاب ول « موسى « ورثة ولشريعته‬ ‫مشرعين‪ ،‬فحكمتهم تفاصيل هويتهم وطقوسهم وأكاذيبهم بممارسة‬ ‫موجباتها حتى ضد ضعاف وفقراء الشعب اليهودي‪ ،‬وخاضوا مراحل‬ ‫تجارب ومعارك بناء الدولة مع داوود وسليمان « عليهما السالم»‪!! ..‬‬ ‫رغم دخول روما لمسرح الوجود وقضائها على دولة اليهود‪،‬‬ ‫ظل اليهود بداخلها بهويتهم وتحت سلطة حاخاماتهم وكنيستهم‪..‬‬ ‫وازدادوا تمسكًا بجوهر عدائهم لآلخر المختلف والغير منتمي‬ ‫لشريعتهم‪!!..‬‬

‫عقد التفوق التي امتاز بها اليهود مذ عبروا التيه بتوراتهم‬ ‫وعيشهم وسط اآلخر‪ ،‬أنتج ثقافة البغضاء وفكر العنف واالزدراء‬ ‫ودعم النرجسية ووطن للعزلة الفكرية وممانعة الحوار أو مراجعة‬ ‫التابوهات واألفكار المقدسة بالوراثة‪ ،‬وأنتج أفظع تصور عن اآلخر‬ ‫المختلف « المسخ « عدو اليهود أي عدو الله‪ ،‬والمباح للقتل‬ ‫واالغتصاب والتعذيب والمحروم من الحقوق والمساواة لفقدانه‬ ‫‪144‬‬


‫االنتماء البيولوجي إلسرائيل والعقائدي لشريعة « موسى»‪ ..‬هذه‬ ‫كانت أولى بذور وتجليات الـ« داعشلوجيا « في الزمن القديم‪!!...‬‬

‫بعد « موسى ‪ /‬عليه السالم « وفي شعب اليهود وباألرض المقدسة‬ ‫وعلى فترة منه قد تقارب « ‪ 1220‬الي ‪ 1400‬سنة « بعث « عيسى ابن‬ ‫مصححا لشريعة «‬ ‫مريم ‪ /‬عليهما السالم»‪ ..‬جاء « عيسى المسيح «‬ ‫ً‬ ‫موسى « التي عبثت بها أجيال اليهود المتعاقبة وحولت توارتها إلي‬ ‫سفر هوية دنيوية‪! ..‬‬

‫حضر « عيسى « فاستقبله الداعشلوجيون اليهود‪ ،‬وقاوموا‬ ‫بهويتهم وقواهم التغيير الذي جاء به « عيسى المسيح»‪ ..‬ووقعوا‬ ‫بذات عقد أسالفهم التائهون القدامى‪ ،‬وعجزوا فكر ًيا وروح ًيا عن‬ ‫استيعاب وجود «عيسى المسيح» المخلص لهم من شيطنتهم المتلبسة‬ ‫بالقداسة‪!!..‬‬

‫لقد كان على « عيسى ‪ /‬عليه السالم « أن يواجه فكر مفخخ‬ ‫بالنرجسية والعنف والعداء المدعي للقداسة في مجتمع خانع وخاضع‬ ‫وداجن ومصفح ضد الحوار‪ ..‬واجه فئة « داعشلوجية « متسلطة‬ ‫ومتحالفة مع القوى السيادية المتمثلة في روما‪!!!..‬‬

‫‪145‬‬



‫داع�شلوجيو اليهود حاكموا الم�سيح‪..‬‬ ‫با�سم ال�شريعة وبمباركة روما‪!!!...‬‬ ‫نسف حقائق التقادم‪ ،‬وإعادة هندسة التاريخ من وجهة نظر‬

‫المهزوم‪ ،‬أو تجريد المنتصر من هاالته الغير مؤكدة يعد عمل جنوني‬ ‫ونزق غير محمود‪ ،‬ولكنه مطلب ضروري وهدف خفي لكل تغيير‬

‫حدث مذ كانت الخليقة إلي يوم البعث‪!!..‬‬

‫كل الثورات « المحمودة والمذمومة « تمثل حاالت قلب لطاولة‬

‫الواقع بشكل مميز‪!..‬‬

‫كانت األجيال الوارثة لشريعة «موسى ‪ /‬عليه السالم « تحكم‬

‫قبضتها على الرقاب بعدما خاضت حروب التأسيس وصاغت هويتها‬

‫على مدى قرون طويلة‪ ،‬وعاشت فترات متناوبة بين الرخاء والعسر‪،‬‬ ‫وبين القوة والضعف‪ ،‬وبين صعود وهبوط كعادة الدول‪ ..‬وقد ساهم‬

‫الزمن واالنغالق الثقافي لقدماء اليهود في ترسيخ أيدلوجيات العداء‬

‫لآلخر والعنف كوسيلة للبقاء والتعبير عن الوجود‪!..‬‬ ‫‪147‬‬


‫بعد زمن‪ ..‬وبعدما أصبحت اليهودية هوية والعنف والعداء منهج‪،‬‬ ‫جاءت « مريم بنت عمران « عالمة فارقة في زمن ومكان متخم‬ ‫بالمرارات والعقد والهوس‪ ،‬ومسكون باضطرابات ورفض معلن‬ ‫للنبي « زكريا ‪ /‬عليه السالم»‪ ،‬وجهابذة نفاق مدثرون بشريعة وتوراة‬ ‫« موسى « التي حرفوها‪ ،‬وأخرجوها بعد سني تيههم بصيغة مطابقة‬ ‫لهواجسهم ورؤاهم وعقدهم‪!..‬‬

‫جاءت « مريم « وكفلها « زكريا « وأحاط بهم العداء واألعداء من‬ ‫بني إسرائيل‪ ..‬وظلت سنوات طويلة عاكفة على محبة ربها وعبادته‪،‬‬ ‫فلما جاءتها البشارة وحبلت ازداد عداء اليهود لها واتهموها بالبغي‪،‬‬ ‫ولكنها ظلت صابرة حتى أتمت حملها ووضعت « المسيح ‪/‬عليه‬ ‫السالم « وسط غضب واحتقان اليهود وحنقهم‪!..‬‬ ‫يعلم اليهود جيدً ا حقيقة « المسيح « وقدومه‪ ،‬ولكنهم بعدما مات‬ ‫عنهم « موسى « بالتيه‪ ،‬وقادهم « يوشع « إلي بيت المقدس وأسسوا‬ ‫دولتهم‪ ،‬وصارت للكهان واألحبار والمعبد سلطة موازية ومشاركة‬ ‫لسلطة قيصر روما‪ ،‬لم يشاءوا أو يرغبوا بقدوم نبي جديد مصحح‬ ‫لشريعة « موسى»‪ ،‬وبعدما أحاطوا حياتهم بالطقوس والتابوهات‬ ‫وانغمسوا في الرذيلة والفساد بات وجودهم وهويتهم كأمة مصاغة‬ ‫وفق التعاليم المحرفة ال يحتمل أي تغيير أو تصويب‪!.‬‬ ‫مجتمع اليهود الذي استقبل « المسيح « موسوم بثقافات العنف‬ ‫والعداء‪ ،‬ومسلح بالخرافات المقدسة التي ترسبت خالل عقود‬ ‫وسنوات امتدت من زمن « موسى « وسني التيه حتى مولد المسيح «‬ ‫‪148‬‬


‫‪ 1400 1220‬سنة»‪ ..‬ولقد كانت والزالت تلك الطقوس والمعارف‬‫التي تأسست على التوراة بعد تحريفها وانبثقت منها‪ ،‬المنبع األساسي‬ ‫لكل المقدسات والمرجع األول للتاريخ‪ ،‬ولعل التوراة التي سكب بها‬ ‫يهود جيل التيه وما بعد التيه بعض أمانيهم ورؤاهم وعقدهم حددت‬ ‫توجه الفكر‪ ،‬وشكلت أهم أنوية األيدلوجيات اإلنسانية وأسست‬ ‫قواعد الالهوت وحكمت نمط وتصور عالقة اإلنسان « المخلوق‬ ‫« بربه « الخالق»‪!!...‬‬ ‫بال ريب‪ ..‬التوراة تمثل الدستور العقائدي األول لجميع الديانات‬ ‫اإلبراهيمية « السماوية»‪ ..‬ولكن‪!...‬‬

‫ظهور « المسيح « شكل صدمة ألحبار اليهود‪ ،‬ودليل إلهي على‬ ‫اقترافهم للرذيلة وتشويههم لشريعة « موسى»‪ ،‬وابتعادهم عن الله‬ ‫الذي أحسن إليهم وأعزهم‪ ،‬وأخرجهم من التيه‪ ،‬ومكن لهم في‬ ‫األرض‪ ،‬واحتجاج « المسيح « على أفعالهم ومواجهته لهم تم بأمر‬ ‫الله وتأييده‪ ،‬وكانت حجج المسيح وأفعاله وما جاء به مخيبة لليهود‬ ‫وطاعنة في افتراءاتهم على الله وعلى عباده من عامة الشعب اليهودي‬ ‫ومن األمم األخرى‪ ..‬فقد أوقع المسيح هزائم عقائدية كبيرة بأحبار‬ ‫وكهان معبد اليهود‪ ،‬وسلبهم قداستهم الزائفة واحدث تغيير كبيير في‬ ‫مجتمعهم وسحب من تحت أرجلهم بساط السلطة‪!!...‬‬ ‫كان « المسيح « عطو ًفا مح ًبا للخلق منتم ًيا إلي البسطاء والمطحونين‬ ‫داخل مجتمع اليهود‪ ،‬وكانت عالنيته وصدق قوله وبيان حججه‬ ‫ومعجزاته قاهرة لمكائد األحبار ومفحمة لهم‪ ،‬وكانت منقذة للبسطاء‬ ‫‪149‬‬


‫من سياط الكهنة ومحاكمهم بشكل جمع على « المسيح « العديد من‬ ‫المريدين واألحباء‪ ،‬وحشد له األعداء والمعارضين من أحبار معبد‬ ‫اليهود وخدامهم‪ ،‬وباتت معركة السلطة محتمة على ساحة المعتقد‬ ‫والشريعة بدوافع ومحركات وجودية للطرفين‪ ،‬فانتصر المسيح‬ ‫بالسالم في مواقف ومواقع كثيرة‪ ،‬ودخل معبد اليهود يقود الجموع‬ ‫الهاتفة بسلطانه‪ ،‬فطرد الذين يبيعون ويشترون داخل المعبد وقلب‬ ‫مناضد صيارفة النقود وهز مجتمع اليهود بهذا االنتصار الكبير‪!..‬‬

‫الداعشلوجيا المفترسة بكامل عتادها كانت متوثبة ومعدة لإليقاع‬ ‫بالمسيح ومحاصرته وإدانته‪ ،‬والداعشلوجيون من أحبار وكهان معبد‬ ‫اليهود يتقنون صناعة الوهم وتزييف الحقائق ومدربون على التحالف‬ ‫مع أي شيطان يضمن لهم تحقيق أهدافهم ويمدهم بما يقهر عدوهم‪..‬‬ ‫وكانت حقيقة الداعشلوجيا تتجلى كسموم ومضادات قاتلة للحقيقة‬ ‫ومناصرة للظالم ومعول هدم منهجها العنف واإلقصاء‪!...‬‬

‫احتشد أعداء المسيح الداعشلوجيون وصادقتهم وحالفتهم الخيانة‬ ‫وانضم لهم الغاسقون‪ ..‬واعد كل شيء للقضاء على المسيح وطمس‬ ‫النور ومكافحة الحقيقة واالنتصار للخداع‪ ،‬وتحتم على الطرفين «‬ ‫المسيح والداعشلوجيون « خوض معركة أخيرة‪ً ،‬‬ ‫كل وفق قناعاته‬ ‫ومعتقداته ويقينه‪!..‬‬ ‫افتتحت خيانة « يهوذا اإلسخريوطي « المعركة فوشى بالمسيح‬ ‫مقابل ثالثين قطعة فضية‪ ،‬ودلهم عليه واخذ أحبار اليهود وخدامهم‬ ‫وجند الرومان إلى البستان وبقبلة سلمه لهم‪ ،‬وكان كل شيئ معد‬ ‫‪150‬‬


‫إلدانة المسيح من قبل الداعشلوجيون في محكمة صورية رخيصة‬ ‫غير نزيهة محشوة بكل ُبنى ومفردات الداعشلوجيا الملوثة‪ ،‬وبعد‬ ‫ضرب المسيح في البستان من قبل متعصب متشيطن أخذوه‬ ‫مقيدً ا إلي كهنتهم « حنانيا وقيافا « فحكموا عليه بالموت كعادة‬ ‫الداعشلوجيون‪ ،‬وألنه اآلخر والمعارض والمختلف لمبادئهم‬ ‫ورؤاهم كانوا مجتهدين في إقصائه والقضاء عليه‪ ،‬فحاكموه بعد‬ ‫منتصف الليل رغم مخالفة ذلك لعقائدهم وطقوسهم‪ ،‬واقروا‬ ‫بتجديفه على الله‪ ،‬وكان وفق شريعتهم المحرفة كذلك‪ ،‬ألنهم‬ ‫لم يصدقوا نبوته ولم يؤمنوا برسالته ولم يقنعوا بمعجزاته‪ ،‬كانوا‬ ‫صما ال يبصرون مسلحون بالظالم في وجه النور وبالعنف في وجه‬ ‫ً‬ ‫السالم وبالضالل والزيف ضد الحق والحقيقة‪!..‬‬ ‫إسقاط موقف كهان اليهود وأحبار « السنهدرين‪ /‬مجمع أحبار‬ ‫اليهود « على واقع اليوم‪ ،‬وتفحص تفاصيل مكائدهم ومواقفهم‬ ‫يوضح لجوء أصحاب عقيدة العنف ومنهج اإلقصاء األعمى على‬ ‫التجاهل الكامل لمبادئ شرائع الله‪ ،‬وتغافلهم عن أي حق أو حقيقة‬ ‫ال تطابق أهوائهم وال تنبثق من معتقداتهم أو تالئم تفاسيرهم‪ ،‬فاإلدانة‬ ‫للجميع تنبع من رؤى وقناعات الداعشلوجيون وال تحتاج الي منطق‪،‬‬ ‫ومحاكماتهم وإداناتهم تنطلق وتعمل وتجري وتتم في الظالم المادي‬ ‫والمعنوي‪ ،‬فوراثة الظالم مسألة وجودية للداعشلوجيون عبر الزمن‬ ‫والحضارات‪!!..‬‬ ‫يجب أن نركن لحقائق أساسية ومطلقة‪ ..‬وكما أن سراج النور‬ ‫‪151‬‬


‫ومنبع الديانات واحد فإن ما يحدث من تشويه للمعتقدات وما يطرأ‬ ‫على مناهجها متناقل ومتوارث ال يمكن تجاهل ارتباطه واستمراره‬ ‫في األمم‪ ..‬ولعل الداعشلوجيا « بجميع تفاصيلها « تعد مرحلة‬ ‫عمرية أو حضارية للعقائد تمر بها األمم في فصل أو موسم فكري‬ ‫وجودي محدد‪!!! ..‬‬

‫أراد داعشلوجيو اليهود تجريم المسيح أمام سلطات الرومان‬ ‫فاتهموه بمنع إعطاء الجزية لقيصر روما‪ ،‬وانه يعتقد أنه ملك اليهود‬ ‫ويشكل تهديد لسلطة روما‪ ،‬وصاحوا أمام الحاكم الروماني « بيالطس‬ ‫« مطالبين بصلبه‪ ،‬ودفعوه إلي الموافقة وتحقيق مطلبهم بعدما اصدر‬ ‫بحقه أحبارهم حكم الموت‪ ،‬واتفقوا على أن هالك رجل واحد‬ ‫من الشعب أفضل هالك األمة‪ ..‬هذا ألنهم رأوا في وجودهم وبقاء‬ ‫سلطتهم بقاء األمة‪!..‬‬

‫صباحا‬ ‫المحاكمات الست التي تمت بحق المسيح بعد الثانية‬ ‫ً‬ ‫وقبل منتصف اليوم وإدانته‪ ،‬هدفت لمنع نور الحقيقة من التسرب‬ ‫إلي قلوب العوام وسعت جاهدة لقتل التغيير والتصحيح واغتياله‬ ‫في المسيح‪ ،‬بعدما رصدوا له صفات اآلخر المناقض المخرب عدو‬ ‫األمة‪ ..‬وصار هذا ديدن الداعشلوجيا مذ ذاك الحين‪!..‬‬

‫الوهم والتلوث العقائدي الذي أسس له ورسخ جيل اليهود‬ ‫الخارج من التيه‪ ،‬وأدلجة شعب اليهود وكل من اعتنق ديانة « موسى‬ ‫« عليه‪ ،‬كان والزال يشكل محرك المعارك العقائدية والحروب‬ ‫المقدسة المعلنة باسم الدين‪ ..‬والزلنا حتى اليوم نشعر بظالل أحبار «‬ ‫‪152‬‬


‫السنهدرين «الذين حاكموا المسيح‪ ،‬والزال لإلسخريوطي ولبيالطس‬ ‫ورثة يفعلون فعلهم ويخوضون معركتهم‪!!...‬‬

‫أحداث محاكمة « المسيح « الدينية التي أقامها األحبار والكهان‬ ‫وخدامهم تجاوزت المكان‪ ،‬وعبرت الزمان‪،‬وألقت بظاللها على‬ ‫العالم‪ ،‬وقد انتقل تأثيرها سري ًعا مع الحواريين إلي أمكان كثيرة‪،‬‬ ‫وحضور الليبيون لذاك الحدث الرهيب عالمة فارقة في التاريخ‪،‬‬ ‫فوجود «مرقس وسمعان « أبناء قورينا‪ ،‬ومشاركة « سمعان القوريني «‬ ‫في حمل صليب المسيح يدلل على وجود الليبيون وتالحمهم مع ذاك‬ ‫المجتمع الذي ظهر فيه المسيح‪ ،‬وهي حقيقة وارفة ألقت بظاللها على‬ ‫ارض ليبيا ودست تأثيراتها في فكر المنطقة المحيطة بالقدس‪!!...‬‬ ‫اعتقد أن محاكمات المسيح تمثل جزء أساسي من الداعشلوجيا‬ ‫الغازية لألمم‪ ..‬وأن رواسبها تسربت عبر الفكر والزمن ووجدت‬ ‫لها ورثة مهيأين ومتحفزون لحمل أعبائها والقتال باسمها وتحت‬ ‫شعاراتها وراياتها‪ ..‬وكان المسيحيون ورثتها الالحقون لمؤسسيها‬ ‫من بني إسرائيل‪!!...‬‬

‫‪153‬‬



‫الداع�شلوجيا في محاكم التفتي�ش‬ ‫اإلنسانية ينالها التآكل‪ ،‬ويغطيها الصدأ عنوة‪!!...‬‬

‫مات آخر األنبياء ودفن‪ ..‬ومات من قبله أنبياء كثر وصديقين‬ ‫وقديسون‪ ،‬والزال الموت يقتات األنفس الطاهرة بلذة مربكة‪،‬‬ ‫ويقتات األنفس النجسة بلذة مربكة أخرى‪ ..‬والزالت األعين‬ ‫تجحظ وتغرورق بالدموع وأعين أخرى تنافق وتشم البصل‬ ‫الستدرار دموعها إمعانًا في النفاق أو ربما إتقانًا للتمثيل وتطبي ًقا‬ ‫لحبكة المخرج الخفي‪!!...‬‬ ‫أبناء آدم ليسوا طيبون‪ ،‬وال هم أطهار وال أبرار‪ ،‬وليسوا روا ًدا‬ ‫صادقون وأوفياء للرحمة‪!..‬‬ ‫ٍ‬ ‫موقف ال يحسد عليه‬ ‫قد يكون آدم « أبونا « العاقل‪ ،‬قد تورط في‬ ‫« بعدما عرف اللذة « وتزوج من « ليليث « ً‬ ‫فعل‪ ،‬وأنجب منها أخوة‬ ‫لنا أو أنجبنا منها‪ ،‬وأصبح هنالك شياطين أبالسة وشياطين آدميون «‬ ‫شياطين جن وشياطين أنس»‪ ،‬وامتهنوا وفق ما تحمل سالسل وأغالل‬ ‫‪155‬‬


‫الـ« ‪ ،»DNA‬التي ورثوها أفعال الشيطنة‪ ،‬وحافظوا على مواصفاتهم‬ ‫والتزموا ال إراد ًيا بكتالوجاتهم األصلية‪!..‬‬ ‫العقيدة تقتل وكذا الحب « لفظ سقط عمدً ا»‪!!!...‬‬

‫أبناء آدم منحرفون « إال ما نذر « ومحرفون للحقائق‪ ،‬وبارعون جدً ا‬ ‫في التضليل‪ ،‬وعمالة مؤهلة ورخيصة لممارسة الضالل وتشريعه‪..‬‬ ‫ويكاد يكون أؤلئك المتشيطنون الذين اضطهدوا المسيح «عليه‬ ‫السالم»‪ ،‬وأذاقوا « مريم العذراء « ويالت القهر وجرعوا «زكريا‬ ‫وابنه يحي ‪ /‬يوحنا» مرارة العيش الموت‪ ..‬رواد ومبتكري أساليب‬ ‫حرب العقيدة بالعقيدة المضادة‪ ،‬ومهندسو خطط حرب ومكافحة‬ ‫عقائد الحقيقة الكبرى بعقائد الحقائق الصغرى المعقلنة أو المهضومة‬ ‫بالعادة والتآلف والمساكنة‪!!..‬‬

‫صدقوا‪ ..‬أن الحقيقة هي الفقيد األكبر في هذه الحياة‪ ..‬وثقوا‪..‬‬ ‫أن الحياة دائرة مغلقة تبدأ بنقطة وتنتهي عند ذات النقطة‪ ..‬والمتفوق‬ ‫فيها من يظل مكانه متمت ًعا بجهالته أو فطريته إلي أقصى حد‪!..‬‬

‫قديما أقنع أحبار اليهود بال» سنهدرين « في القدس الرومان‬ ‫ً‬ ‫وبسطاء اليهود أن المسيح جدف على الله‪ ،‬وأن الكلمة الطاهرة‬ ‫التي ألقاها اإلله برحم «مريم بنت عمران « خالف شريعة « موسى‬ ‫« وتطاول على القيصر‪ ،‬واجترحوا بحقه من القول والفعل ما يذهل‬ ‫الحجر األصم‪ ،‬وهتفت ورائهم الجموع آنذاك وصنعوا ما أرادوا‪،‬‬ ‫وعادوا مكللين بالفخار منتصرين في معركتهم‪ ،‬وصاحوا كالديوك‬ ‫على دمناتهم‪ ،‬وواصلوا الصيحات لعقود وأزمان وأجيال حتى بات‬ ‫‪156‬‬


‫صياحهم عقيدة متوارثة ومقدسة ومحصنة وسد ورائها ألف باب‬ ‫وباب‪!..‬‬ ‫ً‬ ‫تلميذا‪ ،‬تشتتوا بأقطار األرض وفروا‬ ‫كان مع المسيح أثنى عشر‬ ‫بعقيدتهم من أتون االضطهاد اليهودي والروماني‪ ،‬وتحولوا إلي طرائد‬ ‫ضعيفة تطاردها ظالل الخوف‪ ،‬وتدل عليهم أصابع الليل‪ ،‬وتشي بهم‬ ‫غمازات الشمس في الصباح‪!..‬‬

‫ما كان لحواريي المسيح رفع أعباء العقيدة والتبشير لوال عناية‬ ‫الله وفتحه‪ ،‬فقد كان الحواريون بسطاء وغرباء‪ ،‬ال سبيل لهم وال‬ ‫قدرة على مواجهة اضطهاد أحبار اليهود‪ ،‬فقد كانوا (أناس الطريق)‬ ‫كما وصفهم أعدائهم اليهود الفريسيين‪ ،‬ولم يكن أمامهم سوى‬ ‫الفرار ومغادرة « القدس « طل ًبا للنجاة بأبدانهم من العذابات‬ ‫والصلب والقتل‪!! ..‬‬

‫االنتقال الرهيب من عداء المسيحيين ومطاردتهم ورجمهم إلي‬ ‫مناصرتهم ورفع عقيدتهم الذي حدث مع « شاؤول الطرسوسي ‪/‬‬ ‫بولس « أحدث تغيير كبير في المسيحية‪ ،‬وأمدها بزخم استثنائي‬ ‫ونشرها وسط أمم أخرى بعدما كانت حبيسة اليهود‪ ،‬وجعل عبر‬ ‫رسائله منهج لعقيدة المسيح سرعان ما تطور‪ ،‬واستقطب األنصار‬ ‫واألتباع من بقاع الدنيا‪ ،‬وتحولت أقوال المسيح ووصاياه إلي‬ ‫قراطيس تتناقلها األيدي ويهتف بها دعاة المسيحية في المدائن‬ ‫وقرى األرياف‪!!..‬‬ ‫همسا وفي‬ ‫هتاف الدعوة للمسيحية كان خافتًا‪ ،‬ويعبر األنفس ً‬ ‫‪157‬‬


‫الخفاء خو ًفا من االضطهاد اليهودي واالضطهاد الروماني‪ ،‬فأوائل‬ ‫المسيحيون ظلوا طوال قرون ضحايا لالضطهاد والعداء‪ ،‬فكان‬ ‫اليهود جمي ًعا أعداء معتقد وشريعة‪ ،‬وكان الرومان أعداء معتقد‬ ‫وسلطة‪ ،‬فوقع المسيح وتالميذه ضحايا للعداء اليهودي‪ ،‬وظل أتباع‬ ‫المسيحية ضحايا و طرائد للرومان‪ ،‬فاتهمهم اإلمبراطور « نيرون‬ ‫« بإحراق روما « ‪ 97‬م»‪ ،‬وعذبهم وزج بهم في الحلبات بعدما‬ ‫ألبسوا جلود الحيوانات لتمزقهم األسود والكالب‪ ،‬وطاردهم‬ ‫اإلمبراطور « تراجان « وأمر بقتلهم وإعدامهم بطرق وأساليب‬ ‫وحشية‪!!...‬‬

‫البواعث الفكرية لما نال المسيحيون من اضطهاد وتشريد‬ ‫وإعدامات جماعية وحرق وتقديمهم كقرابين لآللهة الرومانية‬ ‫الوثنية‪ ،‬كان ورائها فكر إقصائي مشوه مدعم بالعنف ومشدو ًدا‬ ‫إلي نزعات معتقدية مصلدة ضد النقض أو التصحيح أو االنفتاح‪،‬‬ ‫وممتهنو العنف من سلطويي الشرائع أو الحكام درجوا على ازدراء‬ ‫المجددين واتخذوا من عقائدهم الموروثة وسائل ترسيخ لمبادئهم‬ ‫ومنطلقات أساسية ألفعالهم الموسومة بالعنف‪ ،‬فاكتست أزمان‬ ‫طويلة عقب ظهور المسيح بحملة أنماط مزامنة من الداعشلوجيا‬ ‫ووجهوها باسم العقيدة الموروثة إلي رواد التغيير في زمانهم‬ ‫ومكانهم‪!...‬‬ ‫ظلت عقيدة المسيح مطاردة ومشردة طيلة ثالثة قرون‪ ،‬وحينما‬ ‫صدر مرسوم «ميالنو ـ ‪ 313‬م»‪ ..‬واعتنق اإلمبراطور الروماني «‬ ‫‪158‬‬


‫قسطنطين « المسيحية وجعل السلطات الرومانية تتعامل بحياد مع‬ ‫شؤون العبادة‪ ،‬فأتيحت للمسيحية وأتباعها فرصة العلن والترسخ‬ ‫كعقيدة بديلة للوثنية التي سادت إمبراطورية الرومان‪ ،‬إال أن المسيحية‬ ‫لم تنل ح ًظا ولم تجد ً‬ ‫سبيل في األوساط اليهودية‪.‬بل ظلت مطاردة‬ ‫بالنمط الداعشلوجي اليهودي‪ ،‬وملعونة من قبل أعداء المسيح‬ ‫األوائل‪ ،‬واستطاعت المسيحية أن تقهر الوثنية وتقصيها‪ ،‬وتصبح‬ ‫الديانة الرسمية لإلمبراطورية الرومانية في عهد (ثاوذو سيوس)‪،‬‬ ‫والتحمت مذ ذاك العهد بسلطات الحكم وصارت مكملة لها وأداة‬ ‫سياسية بيدها‪ ،‬وقد أقيمت كنيسة القيامة في القدس و كنيسة « آجيا‬ ‫صوفيا «في القسطنطينية بأمر السلطات التي حاكمت المسيح ‪/‬‬ ‫عليه السالم‪!!...‬‬

‫تعملق المسيحية وسطوعها لم يفلح في القضاء على اليهودية‪،‬‬ ‫وبرغم االضطهاد الذي نال المسيح وأتباع عقيدته من اليهود على‬ ‫مر أزمان‪ ،‬لم تحدث معارك أو نزاعات شرائعية تحت رايات‬ ‫مسيحية ضد أتباع اليهودية‪ ،‬ولكن ظهور اإلسالم في شبه جزيرة‬ ‫العرب ونبوة عربي من نسل «إسماعيل بن إبراهيم « لم يرق‬ ‫ً‬ ‫سبيل‬ ‫لليهود‪ ،‬ولم يرق للمسيحيين‪ ،‬واتخذ التصحيح للشرائع‬ ‫مختل ًفا‪ ،‬وجابهه دواعش مصلدين بالشرائع السابقة بعد العبث‬ ‫بها وتطويعها‪!!...‬‬ ‫ظهور اإلسالم ومواجهته العلنية والسريعة من قبل عبدة األصنام‪،‬‬ ‫وتعرض النبي « محمد ‪ /‬عليه السالم « لألذى والتهجير ومقاتلته‬ ‫‪159‬‬


‫وأتباعه في معارك محشوة بالجاهلية والسلطوية‪ ،‬مثلت مفتتح‬ ‫لصدامات عميقة من قبل أعداء متنوعين ومتقاربين أو متوافقين‬ ‫في داعشلوجيتهم المظلمة‪ ،‬وإن اختلفت ذرائعهم أو عقائدهم أو‬ ‫ألسنتهم وأمكنتهم وانتماءاتهم‪!!...‬‬

‫إن أوضح صورة وأكثر حاالت الداعشلوجيا تجلي التي واجهها‬ ‫أتباع اإلسالم تمثلت في حقبة محاكم التفتيش اإلسبانية في القرن‬ ‫السادس عشر‪ ،‬وكان البكاء المخزي ل «أبو عبد الله الصغير» بعدما‬ ‫سلم غرناطة للقشتاليين « ‪ 1492‬م « صافرة البداية إلطالق أيدي‬ ‫الداعشلوجيين المسيحيين‪ ،‬لتبتكر وترتكب أشنع المجازر‪ ،‬وتوطن‬ ‫لمسيرة إذالل مريعة تحت ذرائع العقيدة وتحت مسمى الحرب‬ ‫المقدسة ومباركة البابا وزعامة الملكيين القشتاليين «فرناندو‬ ‫وايزابيال»‪ ،‬وقد كانت خسارة المسلمين لحكم الممالك األندلسية‬ ‫بداية خروج اإلسالم الحقيقية من إسبانيا‪!!..‬‬

‫كانت أكاذيب التسامح واالحترام تتالشى يو ًما بعد يوم أمام واقع‬ ‫يواجهها بالبغض واالزدراء وبميراث كبير من الكراهية والمناقضة‪،‬‬ ‫وكان مسلمو إسبانيا يتحركون باتجاه الفناء بسالسة مريبة‪ ،‬فازدادت‬ ‫ضغوط وإمالءات الفئة الغالبة‪ ،‬وأضحوا طرائد ضعيفة لمحاكم‬ ‫التفتيش التي ُأقيمت في القرن الثاني عشر بأمر الكنيسة الكاثوليكية‬ ‫ووجهت ضد « الكاثاريين « وطالت بأمر الملكة « إيزابيال‪1477 -‬م‬ ‫« اليهود المتحولين إلي المسيحية طم ًعا في أموالهم‪ ،‬والتي صارت‬ ‫غنائم وأمالك تابعة للكنيسة الكاثوليكية بعدما تحولت إسبانيا إلي‬ ‫‪160‬‬


‫مملكة دينية مسيحية كاثوليكية‪ ،‬لسلطات الكنيسة اليد الطولى واألمر‬ ‫األول والفصل في كل أمر ٍ وحين‪!!!...‬‬

‫انتهت الكنيسة الكاثوليكية ورهبانها من اليهود المتحولين‬ ‫إلي المسيحية‪ ،‬وبدأت حملتها األكبر واألشنع ضد المسلمين‪،‬‬ ‫فشرعت في تضييق الخناق عليهم وأصدر الملك الكاثوليكي‬ ‫مرسو ًما يقضي بإجبار المسلمين على التنصر‪ ،‬وبدأت بأسلوب‬ ‫دراماتيكي تنمو ثقافة العداء المفخخة باأللفاظ واألوصاف‬ ‫المهينة والمحبطة‪ ،‬فوصف المسيحيون وأبنائهم الذين اعتنقوا‬ ‫اإلسالم بال « علوج»‪ ،‬وأصبح جموع المسلمين الذين انضموا‬ ‫تحت األلوية النصرانية وحافظوا على شرائعهم يسمون‬ ‫«بالمدجنين»‪ ،‬وقد منعوا من تداول اللغة العربية وأحرقت‬ ‫كتبهم ومكتباتهم‪ ،‬وفرضت عليهم في مملكة قشتالة اإلقامة‬ ‫بأحياء خاصة وارتداء مالبس تحمل عالمات مميزة‪ ،‬وألغيت‬ ‫تراخيص حمل السالح التي بحوزتهم‪ ،‬ومنع مدجنو غرناطة‬ ‫من حق شراء األراضي بسهولها‪ ،‬واستمر ت المواجهة صماء‬ ‫بين مملكة إسبانيا الكاثوليكية وبين من كانوا مسلمين وصاروا‬ ‫مدجنين ثم موريسكيين‪!!...‬‬ ‫المسيحية التي عانت االضطهاد وظل أتباعها األوائل مطاردون‬ ‫من حملة مناهج الداعشلوجيا من أتباع روما الوثنية ومن أتباع‬ ‫«السنهدرين» اليهود‪ ،‬استطاعت خالل قرون إفراز داعشلوجيون‬ ‫مسيحيون‪ ،‬جعلوا من عقيدتهم وكنيستهم وصليبهم وسائل إذالل‬ ‫‪161‬‬


‫وتشريد لمعتنقي عقيدة « محمد ‪ /‬عليه السالم « التي جاءت لتصحح‬ ‫ما اقترفوا من أخطاء بحق شريعة المسيح‪!!..‬‬

‫دائرة الحياة المقفلة تتناظر فيها المحطات وتتوافق فيها النقاط‬ ‫وتتقارب علي محيطها األحداث‪ ..‬واختالفات التفاصيل أو العلل‬ ‫يعبر عن تجسيد متزامن مع واقعه ألفكار أو رؤى أصيلة‪ ،‬قد تكون‬ ‫أسسها أو مساربها وإشراقاتها متمكنة من طبيعة اإلنسان أو متداخلة‬ ‫فيه منذ البدء‪!!..‬‬

‫‪162‬‬


‫الجيل الداع�شلوجي الثالث‪ ...‬والأخير‪!!...‬‬ ‫الزمن واآلفات‪ ..‬رديفان عاركهما اإلنسان مذ جاء وكان‪ ..‬والزال‬

‫يعاركهما حتى يخرج من الحياة مدانًا بجهالته وقبح سيرته‪ ،‬أو شهيدً ا‬

‫ألجل مكرمته‪!!...‬‬

‫لو‪ ..‬ظل أبناء من طفوا مع « نوح « على اللوح مؤمنين كآبائهم‪،‬‬

‫لكان للوجود والحياة سيرة أخرى أزكى وأروع وأثمن‪ ...‬ولكان‬ ‫للفكر اإلنساني توجه مختلف عن المنزلق الخطر التي اتخذه ً‬ ‫سبيل‬ ‫لبلوغ نهاية‪ ،‬تبدو على كل األصعدة والتوقعات مؤلمة وفظيعة‪ ،‬فيضع‬

‫العلم نبوءات الفيضان أو االنفجار أو االرتطام أو االحتراق خيارات‬

‫ختامية ونهايات محتملة لمسكننا األرضي‪ ،‬وتجزم الشرائع بحدوث‬ ‫القيامة والبعث بزمن فساد ويأس‪!!...‬‬

‫الداعشلوجيون مكمل أساسي لرحلة اآلدميين على درب‬

‫الشرائع‪ ،‬ووجودهم أو تصدرهم للمشهد الشرائعي مزامن لموسم‬

‫التحول والتقول في الشريعة التي يتقولون باسمها ويجلدون‬ ‫‪163‬‬


‫بسياطها‪ ،‬وكما أظهرت اليهودية داعشلوجيوها الذين ترصدوا‬ ‫للمسيح « عيسى « وأمه وحوارييه‪ ،‬وأشعلوا العنف وأفرجوا عن‬ ‫جينات االفتراس باسم الشريعة بعد « موسى « بحوالي ‪ 1400‬سنة‪،‬‬ ‫وافتتحوا الدرب لتلحقهم المسيحية بعدما أسرجت عقول جيل ثاني‬ ‫من الداعشلوجيين وشحذت فيهم االفتراس الصدئ‪ ،‬وأوكلت لهم‬ ‫مهمة اضطهاد الموريسكيين في إسبانيا‪ ،‬فابتكروا منهج ومفاهيم‬ ‫ومسميات معجمية مكللة بأشواك العنف والعداء‪ ،‬وباركت لهم‬ ‫الكنيسة التي لم ترى النور حتى عهد « قسطنطين « بعد عشرة أجيال‬ ‫من المسيح فعلهم وذئبيتهم‪ ،‬فجسدوا بزعامة « تركيمادا و بيلدا «‬ ‫لوحة داعلوجشية مسيحية المظاهر‪ ،‬مثلت بعد « ‪ 1400‬سنة « من‬ ‫المسيح نضج فظيع للداعشلوجيا مقنع بمثل المسيحية واإلنجيل‬ ‫ومتكأ على كنيستها‪!!...‬‬ ‫تجلي الداعشلوجيتان اليهودية والمسيحية تم بتدرج مراحلي‪،‬‬ ‫خالل زمن مهيأ بخامات بنَى الداعشلوجيا ومنطلقاتها وبواعثها‬ ‫وبيئتها الفكرية‪ ،‬وكما تعهد الزمن بمحتوياته وسكب عوامل التحلل‬ ‫بدرب شريعة « موسى‪ /‬عليه السالم»‪ ،‬وأعاد الكرة ثانية مع شريعة «‬ ‫عيسى‪ /‬عليه السالم»‪ ،‬جاء بذات العوامل لعيد الكرة وللمرة الثالثة‬ ‫مع شريعة « محمد ‪ /‬عليه السالم»‪ ،‬ويعلن عن ِ‬ ‫تجل ثالث وموسم‬ ‫أخير للداعشلوجيا المرتدية ألقنعة اإلسالم‪ ..‬ومكنها من إسراج عقول‬ ‫وضمائر جيل داعشلوجي ثالث‪ ،‬بعدما تزود وتمنطق وتفقه بذات‬ ‫اإلكسسوارات الداعشلوجية‪ ،‬لتجسيد لوحة داعشلوجية محمدية‬ ‫‪164‬‬


‫المظاهر‪ ،‬معلنة حلول الموسم الداعشلوجي بعد « ‪ 1400‬سنة «‬ ‫من بعثة نبي العرب الخاتم‪!!!..‬‬

‫نزول القرآن في مكة حدد موعد الداعشلوجيا األخيرة‪ ،‬ورغم‬ ‫فقد الضحية وفق النسق التقليدي المعتاد‪ ،‬وبسبب عدم وجود‬ ‫نبي أو شريعة جديدة‪ ،‬ابتكر جيل الداعشلوجيون الثالث ضحاياه‪،‬‬ ‫وخسف بالجميع في هاوية الكفر‪ ،‬وأحلل بهم طقوس االفتراس‬ ‫المسند للشريعة المحمدية‪ ،‬وجعلوا من جاهليتهم واجهة عصرية‬ ‫للشريعة‪!!!...‬‬

‫« أبو األعلى المودودي « مفتتح الداعشلوجيا المحمدية الفعلي‪،‬‬ ‫فبعدما اقتات مخرجات الحركة الديوباندية في الهند‪ ،‬سعى لمقارعة‬ ‫عدوا معتقدي‪ ،‬وداف ًعا‬ ‫« المهاتما غاندي « باسم اإلسالم وجعله ً‬ ‫لتأليف كتاب « الجهاد في اإلسالم « ضمن الحراك العام المشحون‬ ‫بالبغضاء والطائفية في الهند‪ ،‬ونادى بتطبيق الشريعة‪ ،‬وجعل من‬ ‫اإلسالم مصارع سياسي داخل الحلبات البرلمانية‪ ،‬وخصص له‬ ‫جماعة وفئة ضيقة تمثله وتتحدث باسم شريعته‪ ،‬وتصنف بها اآلخر‬ ‫وتدينه‪ ،‬وجعلها وسيلته التي يعبر بها عن وجوده وشخصيته‪ ،‬التي‬ ‫درجت على مخاصمة اآلخر‪ ،‬وتشربت القطيعة والعداء منذ الطفولة‪،‬‬ ‫وكان منعه من االلتحاق بالمدارس اإلنجليزية بحجة الشريعة المغايرة‬ ‫أو المناقضة والمكتفية عن ذاك اآلخر‪،‬الذي مثلته تلك المدارس‪،‬‬ ‫حجر أساس لهيكل الداعشلوجيا الفظيع‪!!...‬‬ ‫البيئة الفكرية التي حملت « المودودي « من منطلقات الديوباندية‬ ‫‪165‬‬


‫المشتهرة بالتسامح إلي إحياء الجهاد‪ ،‬كانت مكتظة بمواجهات فردية‬ ‫وجماعية بين أتباع الهندوسية والمسلمين في الهند‪ ،‬وبزوغ « سوامي‬ ‫شردهانند « وتزعمه لحركة « “حركة إكراه المسلمين على اعتناق‬ ‫الهندوسية” ومقتله‪ ،‬وحدوث المواجهات المتسمة بالعنف سنة «‬ ‫‪1926‬م»‪ ،‬أتاح الفرصة لتأسيس حركة مضادة تتوشح باإلسالم‬ ‫وتقترف الفعل باسم الشريعة المحمدية‪ ،‬فكانت « الجماعة اإلسالمية‬ ‫ـ ‪ « 1941‬السيف الذي أستل لتمثيل الشريعة في ساحات العنف‬ ‫حيث ال شيء عدا الموت‪!!!...‬‬

‫المواجهة بين الهندوس والمسلمون في الهند كانت تحمل مالمح‬ ‫الداعشلوجيا وتشرب من ينابيعها بشراهة مرعبة‪ ،‬وكان « قرار الهور‬ ‫« الداعي لتكوين دولة إسالمية مستقلة شرارة البدء لمعركة العقائد‬ ‫الدامية‪ ،‬التي تساقطت فيها جثث المسلمين والهندوس‪ ،‬وتزعم‬ ‫مسلميها « محمد علي جناح « ليظفر ب « باكستان ‪ /‬األرض الطاهرة‬ ‫« ويؤسس دولة دينية إسالمية لم تنتهي « المعركة»‪ ،‬فباكستان تعيش‬ ‫حالة مواجهة وترقب وحرب معتقدية دائمة مع جارتها الهند « دولة‬ ‫الهندوس ‪ /‬غال ًبا»‪ ،‬وسطوة المؤسسين « المودودي وإقبال وجناح‬ ‫« وتوجههم إلي مشروع الخالفة الزال قائم ورائج‪ ،‬وقد تجاوز الهند‬ ‫واقتنى تاريخ وثقافة تؤهالنه للتعولم‪!!!...‬‬ ‫الفكر الشرقي وفلسفاته المشبعة المتمحورة على الذات أثر‬ ‫على تكوين الفكر اإلسالمي‪ ،‬وصبغ منهج الفكر ومخرجاته بصباغ‬ ‫شرقية جنوب آسيوية‪ ،‬جعلت من الجنوب اآلسيوي مرتكز الثقافة‬ ‫‪166‬‬


‫« اإلسالموية « ومعسكر عقائدي أثرت ميثولوجيات الشرق القديم‬ ‫في نتاج مفكريه وزعمائه‪ ،‬فصار للذات وللشخصنة أسبقية ولها‬ ‫تأثير في موضوعات الشريعة ومناهج الفلسفات التتي تتغذي على‬ ‫أصولها‪!!...‬‬

‫سقط « غاندي « وسط أتون معركة الهندوس والمسلمين‪ ،‬وسقطت‬ ‫معه آخر أماني الوفاق والتعايش السلمي بين طوائف الهنود‪ ،‬وصارت‬ ‫العقائد مخرج لألماني وعقبة كأداء في سبيل األمن بذات الوقت‬ ‫والمكان‪ ..‬وانتشرت أصداء الدعوة للخالفة وتأسس منهج اإلسالم‬ ‫السياسي بالتقارب والتوافق بين رؤى وأطروحات وفتاوى « أبي‬ ‫األعلى المودودي وأبي الحسن الندوي ومحمد طفيل وسيد قطب»‪..‬‬ ‫فأصبحوا بالتقادم والتداول مدرسة فكرية ومنهج سياسي وقادة فكر‬ ‫ودعاة حرب مقدسة باسم الشريعة المحمدية‪ ،‬تجمهرت ألفكارهم‬ ‫األدمغة وتقاطرت على نهجهم الجموع‪ ،‬وتحولت مواطنهم إلي‬ ‫مدارس ووجهة لمريديهم ومعتنقي مبادئهم وآرائهم‪!!..‬‬

‫فترة المخاض أو مرحلة التكوين والتنشئة والتربية والتدريب‬ ‫توفرت لها ظروف عنف استثنائية‪ ،‬فصار ألحداث المواجهات بين‬ ‫الهندوس والمسلمين في الهند ومضاعفاتها‪ ،‬واألحداث الدموية التي‬ ‫عايشها مسلمو الجنوب اآلسيوي في الصين والفلبين وتايالند وبورما‬ ‫وسيريالنكا واندونيسيا وأفغانستان تاريخ يستشهد به دعاة العنف‬ ‫وأصحاب النزوع الداعشلوجي‪ ،‬وبات لكل حدث دموي تفسير‬ ‫معتقدي وتأويل معطوف على الشرائع‪ ..‬وخلف الجيل المؤسس جيل‬ ‫‪167‬‬


‫جديد مشبع بالعنف كوسيلة نشر وتعبير وحماية للشريعة ومتدرب‬ ‫على معايشة العنف ومساكنته وتشريعه والتعامل به وامتهانه‪!!! ..‬‬

‫ال يمكن نكران وجود دعاة السلم بين ظهراني الحركات اإلسالمية‬ ‫الناشئة بالجنوب اآلسيوي‪ ..‬وإن كان الرواج والتعاطي العالمي‬ ‫لممتهني العنف ومقترفيه قد رسم لإلسالم وللمطالبين بالحقوق‬ ‫والعدالة من معتنقيه صورة دموية مرعبة‪ ،‬وبات اإلسالم وألسباب‬ ‫كثيرة ال تخلو من دسائس المخابرات وأعداء اإلسالم التقليديين‬ ‫مثال ورمز للعنف عند البسطاء ومقتاتي المعرفة من الوسائل التي‬ ‫أدمنت معاداة كل «محمدي»‪!!! ..‬‬

‫بعد النضج وتكون السند والمؤسسة‪ ،‬وبعد اغتيال «أسامة بن‬ ‫الدن» تجلت الداعشلوجيا اإلسالمية‪ ،‬وباتت خالفة « بن الدن «‬ ‫مشروع خالفة إسالمية‪ ،‬فقد أضحت هنالك دولة إسالمية افتراضية‬ ‫لها أتباع ومريدين وال ينقصها سوى دار للخالفة‪ ،‬وأمسى البحث‬ ‫عن ٍ‬ ‫دار للخالفة وخليفة مطل ًبا أساسي‪ ،‬وسيلة تحقيقه العنف الموجه‬ ‫ألعداء الشريعة المحمدية‪ ،‬حسب رؤى محتكريها المحملون بأحمال‬ ‫الداعشلوجيا الموروثة‪!!!...‬‬ ‫األمريكان واإلنجليز وحلفائهم شركاء أساسيون في تكوين جيل‬ ‫تجلي الداعشلوجيون اإلسالمويون‪ ،‬وضخ الدماء بعروق الحركات‬ ‫اإلسالمية المحتضنة لفكر العنف مكيدة مخابراتية انقلبت على‬ ‫مصمميها ورعاتها األساسين‪ ،‬ولعب التوافق الرهيب والمريب مع‬ ‫موعد وموسم الداعشلوجيا‪ ،‬بعد « ‪ 1400‬سنة « من بعثة نبي العرب‬ ‫‪168‬‬


‫دورا أساسي في ما يفعل باسم اإلسالم والشريعة‬ ‫خاتم األنبياء ً‬ ‫المحمدية‪.!!..‬‬

‫العشرية السوداء في الجزائر‪ ،‬واألحداث الدموية التي تعيشها‬ ‫منطقة الشرق األوسط تجسد داعشلوجيا الجيل األخير بأقسى‬ ‫صورها‪ ،‬واالرتكاز على الشريعة لتبرير القتل وانتهاك الحرمات‬ ‫والتعذيب أو القتل والذبح يعد انحراف رهيب في تاريخ اإلسالم‪ ،‬وإن‬ ‫كان مفتتح التغيير تم تحت شعارات مطلبية وبدعاوى الجوع والحاجة‬ ‫إلي ترسيم الديمقراطية وتوطين العدالة االجتماعية وصيانة كرامة‬ ‫اإلنسان الشرق أوسطي‪ ،‬إال أن بروز وارتقاء الحركات اإلسالموية‬ ‫والزعماء اإلسالمويين لساللم السلطة السياسية وحيازتهم للحكم‪،‬‬ ‫أحدث انحراف وانزالق مرعب في التغيير‪ ،‬فتحولت صراعات‬ ‫التغيير السياسية إلي حرب مقدسة معلنة باسم الشريعة المحمدية‬ ‫على غير المحمديين أو المحمديين الغير ممتهني للعنف المعارضين‬ ‫لمشروعات اإلسالم السياسي السلطوية الملوثة‪!!..‬‬ ‫تكفير األنظمة وذبح المسحيين وتهجيرهم من العراق أو سوريا‬ ‫بذريعة الشريعة فعل داعشلوجي موروث‪ ،‬ومقترفي هذا الفعل‬ ‫يشكلون مرحلة أخيرة ونهائية ستفضي بأبناء آدم إلي « ُدهيماء»‬ ‫منتظرة‪ ..‬وحالة الهرب والحرب التي يمارسها الليبيون منذ سنوات‬ ‫تجسد بطريقة ما “ فتنة األحالس “ التي وصفها النبي‪ ،‬ويبدو تشبث‬ ‫الداعشلوجيين بالعنف واستمرارهم في تعاطي الحقائق الملوثة خيار‬ ‫تدميري بالنسبة لإلسالم والشريعة المحمدية‪!!...‬‬ ‫‪169‬‬


‫إن دحرجة الرؤوس على تراب «درنة» بالشرق الليبي أو على‬ ‫شاطئ البحر وهدر الدماء اآلدمية عنوة يدلل على حقيقة انهيار‬ ‫الجناة روح ًيا‪ ،‬والتشبث بالتعصب وتحميل الشرائع السماوية ما‬ ‫ينافي سنن الله في خلقه يشي بالتشوه القيمي والمعتقدي لرواد‬ ‫هذا الفعل الإلنساني‪ ،‬ولعل وجهة داعشلوجيو شبة جزيرة العرب‬ ‫المسيطرين على اإلمارات اإلسالمية المعلنة في ليبيا هي مكة‪ ،‬إذ‬ ‫يسعى الداعشلوجيون إلي إعادة سيناريو الخالفة اإلسالمية‪ ،‬وينادون‬ ‫بدخول مكة فاتحين وتجديد الفتوحات وتطبيق الشريعة تحت رايتهم‬ ‫وحكمهم‪!!...‬‬ ‫نهاية الداعشلوجيا ليست بعيدة‪ ،‬ولكنها ستكون فظيعة ومكلفة‬ ‫وستحدث تغير قيمي في الحياة البشرية وستفضي بالجميع الي مرحلة‬ ‫بناء جديدة تتعامل مع الشرائع بصرامة أكثر وأكبر‪!!..‬‬

‫‪170‬‬


‫صدر في هذه السلسلة‬ ‫‪ 1‬ـ (قراءات في السلم والحرب)‪ ،‬عبدالمنعم المحجوب‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ (حبر المنفى)‪ ،‬عمر الكدي‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ (خاليا نائمة)‪ ،‬محمود البوسيفي‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ (أوراق تاريخية)‪ ،‬مختار الجدال‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ (ما وراء الحجاب)‪ ،‬فتحي بن عيسى‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ (منفى)‪ ،‬ديوان شعر ـ عمر الكدي‪.‬‬

‫‪ 7‬ـ (مفهوم القوة في السياسة الدولية)‪ ،‬خالد الحراري‬

‫جو ْك)‪ ،‬قصائد محكية بلهجة ليبية‪ ،‬سالم العالم‪.‬‬ ‫‪ 8‬ـ ( َعلى ّ‬ ‫‪ 9‬ـ (موسوعة الجهل النسبي)‪ ،‬مقاالت‪ ،‬الصدِّ يق بودوارة‪.‬‬

‫‪ 10‬ـ (راهنية التأويل (‪-)2‬سؤال الكيان)‪ ،‬عبد المنعم المحجوب‪.‬‬ ‫‪ 11‬ـ (الدولة البيزنطية في ضوء إصداراتها القانونية)‪ ،‬خيرية فرج َحفالِش‪.‬‬ ‫‪ 12‬ـ (من الذاكرة)‪ ،‬حسين نصيب المالكي‪.‬‬

‫‪ 13‬ـ (اليد الواحدة)‪ ،‬عبدالباسط أبوبكر محمد‪.‬‬ ‫‪ 14‬ـ (أصحاب المغيب)‪ ،‬سالم الهنداوي‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.