مجلة المستقل-العدد الثاني عشر

Page 1

‫مسطرة الموارد‬ ‫والسكان في إفريقيا‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد الثاني عشر ‪ -‬األحد ‪ 26‬أبريـل ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬ ‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫ت‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫ت‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫مطالب الشعب‬ ‫خارج التغطية‪:‬‬

‫الديكتاتورية‬ ‫تعود إلى ليبيا!!‬


‫‪02‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬


‫‪03‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫كاريكاتير‬

‫داعشيــــــات‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪12‬‬

‫في هذا العدد‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫أحمد وطني‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬

‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪32‬‬

‫الديكتاتورية تعود إلى ليبيا !!‬

‫مستقرة أم‬ ‫هل قام الليبيون بثورتهم ليصبحوا دولة آمنة‬ ‫ّ‬ ‫ليتركوا املجال مفتوح ًا أمام االنقالبيني وطالّب السلطة؟‪.‬‬ ‫بني الدميقراطية والديكتاتورية معادلة صعبة‪ ..‬يقول‬ ‫األستاذ حسن طاطاناكي أن هذه املعادلة هي الغائبة من‬ ‫ليبيا اآلن‪ ..‬فماذا على الليبيني أن يفعلوا؟‬

‫مفارقات األزمة الليبية‬

‫ملاذا حتفّ ظ مجلس األمن على القيام بعمليات‬ ‫عسكرية لضرب تنظيم داعش في ليبيا؟ أجوبة‬ ‫عديدة ولكن ال أحد منها يخبرنا مبا حتت السطور‪..‬‬ ‫التصريحات الرسمية الصادرة عن املجلس غير مقنعة‬ ‫ينبه للجانب املظلم في‬ ‫على اإلطالق‪ ..‬هذا املقال ّ‬ ‫ملف مجلس األمن‪.‬‬

‫أحذر من مرحلة «النفط مقابل‬ ‫عميش‪ّ :‬‬ ‫الغذاء»‬

‫حوار مع األستاذ احملامي إبراهيم عميش رئيس جلنة‬ ‫العدل واملصاحلة الوطنية مبجلس النواب‪ ،‬حول العديد‬ ‫احملاور‬ ‫من امللفات والقضايا التي تهتم بها هذه اللجنة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫يعتقد أن «األطراف السياسية» في ليبيا هي التي تعمل‬ ‫على «تعميق األزمة»!‪.‬‬

‫الجيل الداعشلوجي األخير‬

‫في اجلزء الثالث من «داعشلوجيا» يستكمل الكاتب‬ ‫مبحثه في اجلذور التاريخية لظاهرة داعش‪،‬‬ ‫ويتوقف عند منهج اإلسالم السياسي وفتاوى‬ ‫التكفير املصاحبة له مستعرضا أهم األسماء‬ ‫األسماء التي دعت إلى العنف حتت دعوى اجلهاد ‪.‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫الهجرة غير الشرعية «بزنس» ميليشيات ليبيا ‪..‬‬ ‫تونس حتمي نفسها من ليبيا بسياج إلكتروني ‪..‬‬ ‫الثني في لقاء خاص مع روسيا اليوم يتهم تركيا‬ ‫بدعم اإلرهاب في ليبيا ‪ ..‬وعدد آخر من العناوين‬ ‫نطالعها في هذا الباب األسبوعي‪.‬‬

‫موت «عزت إبراهيم الدوري»‬

‫في مقاله األسبوعي يكتب الصديق بودوارة عن‬ ‫موت نائب صدام حسني مستعينا بالمية الشاعر‬ ‫بن الوردي في حتليل شخصية رجل قتل في حرب‬ ‫داعش‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬عبدالناصر محجوب ‪ -‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب ‪ -‬مكتب القاهرة ‪ -‬شيراتون‪ ،‬مربع ‪ ،1177‬مقابل األكادميية‬ ‫العربية للعلوم ‪ -‬مكتب طرابلس‪ :‬عبداحلكيم الدرباشي ‪ -‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة اخلارجية ‪ -‬مكتب تونس‪ :‬وليد الزريبي ‪ -‬الفاييت‪،‬‬ ‫‪ 35‬نهج مصر‪ ،‬تونس ‪ -‬مكتب الدار البيضاء‪ :‬محمد احلاج ‪ 69 -‬شارع الوحدة األفريقية‪.‬‬


‫‪34‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪72‬‬ ‫‪86‬‬

‫خطاب عبد الناصر «دليلنا» إلى الحديدية‬

‫يواصل الكاتب براء اخلطيب سرد مذكراته راوي ًا‬ ‫تفاصيل مثيرة عاشها في حرب اليمن أيام الزعيم‬ ‫العربي الراحل جمال عبدالناصر‪.‬‬

‫الديمقراطية والمضمون األخالقي للسياسة الخارجية‬

‫عودة إلى معادالت القوة والدميقراطية في املوازين‬ ‫السياسية‪ ..‬مفهوم الدميقراطية يعني أنها أسلوب حياة‬ ‫يعتمد على احلرية الفردية واإلرادة الشخصية في صنع‬ ‫القرار‪ ..‬فهل هي حقا كذلك في السياسات اخلارجية‬ ‫للدول الكبرى؟‪.‬‬

‫مسطرة الموارد والسكان في إفريقيا‬

‫يتزايد سكان قارة إفريقيا بنسبة كبيرة وملحوظة‪ ..‬حيث‬ ‫ُيضاف من عدد السكان حوالي ‪ 21‬مليون نسمة كل سنة‬ ‫منذ ‪ 1994‬ويتوقع أن يبلغ عددهم ‪ 1.7‬مليار نسمة بحلول‬ ‫سنة ‪ 2034‬و‪ 3.6‬مليار نسمة في آفاق ‪ .2100‬ما انعكاس ذلك‬ ‫اقتصادي ًا؟‬

‫المواطنة والمساهمة والمجاورة‬

‫اجلزء األول من النص الكامل حملاضرة املفكر‬ ‫واملؤرخ املغربي عبد الله العروي التي ألقيت في‬ ‫الدورة الثامنة من ملتقيات التاريخ التي تنظمها‬ ‫اجلمعية املغربية للمعرفة التاريخية‪ ،‬حول ثالثة‬ ‫مفاهيم أساسية في الفكر السياسي احلديث‪.‬‬

‫الشيخ‪ :‬انتظر «الشريمة»‬ ‫حوار مطول مع الفنان الكوميدي الشاب مصطفى‬ ‫الشيخ يتحدث فيه عن البدايات‪ ،‬وما يواجهه‬ ‫الفن إجماال من صعوبات جمة حتول دون تقدمي‬ ‫أعمال مسرحية أو درامية هذه األيام‪ ،‬كاشفا في‬ ‫اللقاء عن طمعه في جتسيد شخصية متشرد‬ ‫ومسكني ومتسول‪.‬‬

‫تقنية‬

‫اجلديد في عالم التطورات التقنية اجلديدة‪،‬‬ ‫يعدها املهندس امرؤ القيس وهو يعرفنا على الصراع‬ ‫ّ‬ ‫بني أشهر املتصفحات وكيف أن شركة بيو تكنولوجي‬ ‫«حسية» لطائرتها‬ ‫قد جتاوزت احلدود بإضافات‬ ‫ّ‬ ‫بدون طيار‪ ..‬ومعلومات أخرى‪.‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫تدوير األبجدية منذ أسطورة‬ ‫قدموس هو أساس ًا لعبة ال قواعد‬ ‫لها‪ ،‬ال أخالق عظيمة لها‪ .‬يحاول‬ ‫الكاتب أن يجيب على السؤال‬ ‫اخلالد‪ :‬ملاذا نكتب؟ يقول أيض ًا‬ ‫ً‬ ‫سؤاال غير‬ ‫أنه سيكون على الدوام‬ ‫ُمجاب‪.‬‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 10 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫مطالب الشعب خارج التغطية‪:‬‬

‫الديكتاتورية تعود إلى ليبيا !!‬ ‫االنتقال من الديكتاتورية إلى الدميقراطية هو انتقال من األقوال‬ ‫إل��ى األف �ع��ال‪ ..‬ففي األنظمة الديكتاتورية يتم جتاهل مطالب‬ ‫الشعب الذي يقبل ما يُق َّدم له أو يُفرض عليه دون أن يعترض‪..‬‬ ‫أما في األنظمة الدميقراطية فإن الشعوب تبادر إلى املشاركة في‬ ‫جميع البرامج واخلدمات التي يتم تنفيذها‪ ،‬ومتارس حق املتابعة‬ ‫واملراقبة على أداء احلكومة‪ ..‬بل إن هذه املمارسة هي جزء أصيل‬ ‫من مفهوم املواطنة‪.‬‬ ‫دميقراطياً كل فرد من أفراد املجتمع هو مواطن كامل السيادة‪،‬‬ ‫أما في املجتمعات التي تتحكم فيها األنظمة الديكتاتورية فإن‬ ‫املواطنني هم مج ّرد رع ّية ال متلك إال الطاعة واخلضوع‪ ،‬حتى‬ ‫متسكوا بصفة املواطنني‪ ،‬ألن الفرق اجلوهري هو أن املواطن‬ ‫إذا ّ‬ ‫يبقى في دائرة املسؤولية دائما‪ً.‬‬ ‫نضال الشعوب من أج��ل أن يُس َمع صوتها‪ ،‬وم��ن أج��ل أن تكون‬ ‫سيد ًة على أرضها‪ ،‬وتنتقل من دور الرعية إلى دور املواطن يلخّ ص‬ ‫لنا تقريباً تاريخ الثورات والتغييرات السياسية في العالم‪.‬‬ ‫لقد ُول��د اإلن�س��ان ليكون ح� � ّراً‪ ..‬وم��ا لم تتحقّق حريته فإنه لن‬ ‫يكون إنساناً أب��داً‪ ..‬ألن احلرية هي شرط وجود اإلنسان‪ .‬هذا‬ ‫هو مبدأ الدميقراطية التي تسعى من أجلها الشعوب في ثوراتها‬ ‫وانتفاضاتها‪ ..‬وهذا هو جوهر احلياة الكرمية‪.‬‬ ‫الثورات ال تقوم إال إذا شعرت الشعوب بأنها أصبحت تفقد جزءا‬ ‫وسلبت سيادتها‪ ،‬و ّ‬ ‫مت حتويلها إلى مج ّرد أدوات‬ ‫من إنسانيتها‪ُ ،‬‬ ‫خلدمة املستبدين وال�ط�غ��اة‪ ..‬أي مت استعبادها وحتويلها إلى‬ ‫تقدم فروض الوالء والطاعة‪ ..‬ولقد كانت الثورات‬ ‫رع ّية عليها أن ّ‬ ‫واالنتفاضات دائماً هي نقطة العودة إلى األصل‪ ،‬إلى احلرية التي‬

‫ُفطر عليها اإلنسان منذ أن ُولد‪.‬‬ ‫هذا هو السياق الذي ينتظم فيه تاريخ البشر‪ ،‬وهذا هو املسار‬ ‫يفسر لنا ث��ورات الشعوب عبر التاريخ القدمي واحلديث‪..‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫فهل سأل الليبيون أنفسهم‪ :‬ماذا حتقّق على األرض منذ أن قامت‬ ‫الثورة؟‬ ‫لقد ثار الليبيون وانتفضوا ضد كل أشكال الطغيان واجلبروت‪،‬‬ ‫السياسي واالقتصادي والثقافي‪ ..‬بل وضد الكبت النفسي أيضاً‪..‬‬ ‫أرادوا أن يعيشوا أح��راراً في دولة يبادرون إلى بنائها بأنفسهم‬ ‫ويكونون مسؤولني عنها‪ ،‬دون أن يسمحوا ألح��د ب��أن يستأثر‬ ‫مبواردها‪ ،‬أو يستغ ّل شعبها لتمرير رغباته وأجندته الغريبة‪ ،‬أو‬ ‫يجعل من ليبيا مكاناً غريباً عنهم وهم يعيشون فيه‪ ..‬لهذا ثار‬ ‫الليبيون وانتفضوا‪.‬‬ ‫قاموا بعد مرحلة قصيرة انتهت فيها الفترة امل �ق � َّررة للمجلس‬ ‫االنتقالي بتسليم السلطة إلى مؤمتر عام اعتقدوا أنه سيكون وفياً‬ ‫لهم‪ ،‬كما كانوا أوفياء له‪ ،‬دون أن يدروا بأن املؤمتر العام قد تس ّرب‬ ‫إليه املتستّرون باإلسالم السياسي‪ ،‬وعلى رأسهم اإلخوان املسلمني‪،‬‬ ‫وأن�ه��م ق��د سيطروا على إدارة ه��ذا امل��ؤمت��ر متهيداً للعودة إلى‬ ‫االستئثار والطغيان واالستبداد‪ ،‬ولكن حتت غطاء الدين هذه امل ّرة‪.‬‬ ‫لقد انتهز الليبيون أول ف��رص��ة انتخابية لكي ي�ع�ي��دوا ترتيب‬ ‫أوضاعهم‪ ،‬وف��ي ه��ذه امل��رة نبذوا املتسترين باإلسالم الذين ال‬ ‫ينف ّكون ميارسون الدجل والتزوير والكذب على اآلخرين‪ ،‬وكانت‬ ‫النتيجة املاحقة‪ ،‬وهي أن الناخبني لم يدلوا بأصواتهم إلى هؤالء‪..‬‬ ‫كانت تلك ضربة قاضية ُو ّجهت لتنظيم اإلخ��وان املسلمني ومن‬ ‫حالفهم‪ ،‬وانتخب الليبيون كياناً تشريعياً ج��دي��داً ه��و مجلس‬


‫ً‬ ‫تشريعية فقط‪،‬‬ ‫ليست مهمة مجلس النواب‬ ‫بل يقع على عاتقه اإلشراف والتوجيه العام‪..‬‬ ‫وليست مهمة احلكومة املؤقتة إداري��ة فقط‪،‬‬ ‫بل يقع على عاتقها إعادة ترتيب األوضاع في‬ ‫ليبيا خطوة خ��ط��وة‪ ..‬وليست مهمة اجليش‬ ‫خوض العمليات امليدانية فقط‪ ،‬بل تقع على‬ ‫عاتقه مهمة حماية ك��ي��ان ال��دول��ة ككل ضد‬ ‫ك��ل م��ن يسعى إل��ى إش��اع��ة الفوضى واإلره���اب‬ ‫والعودة إلى الديكتاتورية واالستبداد‪.‬‬

‫النواب الذي سادت فيه أغلبية وطنية ال ه ّم لها إال خدمة الوطن‬ ‫واملواطن‪ ،‬وليفرز هذا املجلس بعد ذلك حكومة تنفيذية توخّ ى‬ ‫فيها أن تكون خير أداة تنفيذية للسلطة التشريعية التي اختارها‬ ‫الليبيون‪.‬‬ ‫هذا ما حدث‪ ..‬ولكن هل نفّذ املجلس وحكومته املؤقتة بعد ذلك‬ ‫مطالب الشعب؟‬ ‫هذا سؤال ير ّدده املواطنون الليبيون وهم يراجعون هذه املراحل‬ ‫القصيرة من عمرهم السياسي اجلديد‪ ..‬إنه سؤال مشرو ٌع متاماً‪،‬‬ ‫وله ما يب ّرره‪ ،‬بعد أن الحظوا الحظوا أن النخبة السياسية التي‬ ‫تش ّكلت حتت غطاء الشرعية جتاهلت تلك املطالب ولم تخرج بعد‬ ‫من سلوكيات أي نظام ديكتاتوري متخلّف‪ ،‬خاصة وأن الكثيرين‬ ‫منهم يتصارعون اآلن ويكيلون االتهامات لبعضهم البعض‪.‬‬ ‫> ه��ل ّ‬ ‫مت انتخاب ه��ؤالء ليقوموا بوضع احل��واج��ز بينهم وبني‬ ‫الشعب الذي انتخبهم؟‬ ‫> هل مت انتخابهم ليصبحوا مجرد واجه ًة سياسية تلتفت إلى‬ ‫اخلارج فقط دون أن تشعر مبا يجري حتت أقدامها؟‬ ‫> هل مت انتخابهم ليبحثوا عن مآرب وأغراض خاصة حتقق لهم‬ ‫املكاسب على حساب دماء الليبيني وأبنائهم البررة؟‬ ‫> هل مت انتخابهم ليتسامحوا مع اخلوارج واملجرمني واملنقلبني‬ ‫على الشرعية ويتغاضوا عن جرائمهم وما يرتكبونه من أفعال‬ ‫شنيعة في حق الشعب الليبي؟‬ ‫> هل مت انتخابهم ليجلسوا في حوار ال معنى له مع أعداء الشعب‬ ‫الليبي ب�ه��دف احمل��اص�ص��ة السياسية وتقسيم غنائم السلطة‬ ‫ومنحها لرؤساء ورعاة املليشيات اإلرهابية؟‬ ‫> أهذه هي الدميقراطية التي ناضل الليبيون من أجلها فقاموا‬ ‫بثورتهم وب��ذل��وا كل ثمني وغالي من دمائهم وقوتهم ومكانتهم‬ ‫وبذلوا ما يستطيعون في سبيل أن يروا بالدهم بلداً دميقراطياً‬ ‫مستقراً آمناً؟‬ ‫ً‬ ‫أوجه هذا النداء لليبيني جميعا‪ :‬عليكم أن‬ ‫أمام كل هذه النقاط‪ّ ..‬‬ ‫تسألوا أنفسكم‪ ..‬هل نحن أه ٌل للدميقراطية أم ال؟‬ ‫إذا كان الليبيون أهال للدميقراطية ومسؤوليتها عليهم أن يضعوا‬

‫ح� ّ�داً ملا يحدث اآلن من عبث س��وف ي��ؤدي إل��ى نتائج ال حتمد‬ ‫عقباها‪ ،‬فعندما يكون املندوبون غير قادرين على إقناع املجتمع‬ ‫الدولي بحقيقة األوضاع في ليبيا‪ ،‬فلن نلوم املجتمع الدولي الذي‬ ‫ج ّمع في احلوار الذي يعقده أطرافاً بعضها محسوب على الكيانات‬ ‫اإلرهابية‪ ،‬ألنه رمبا يجهل الواقع الليبي‪ ،‬ولكن نلوم بالتأكيد أولئك‬ ‫املندوبني الذين فشلوا في إيصال الصورة احلقيقية ع ّما يحدث‬ ‫على أرض الواقع‪.‬‬ ‫من هنا‪ ..‬على الشعب أن يتّخذ أحد طريقني ال ثالث لهما‪:‬‬ ‫> إما أن يغ ّير املندوبني الذين يتحدثون باسمه نياب ًة عنه‪.‬‬ ‫> وإم��ا أن يدعو ممثلي املجتمع الدولي ألن يقفوا على حقيقة‬ ‫األوضاع بأنفسهم وعلى أرض الواقع‪.‬‬ ‫قتَ‬ ‫إن الدم يسيل ويهدر دون رحمة أو شفقة‪ ،‬وأمام من ُي ل‬ ‫سجن لم يعد أحد ينتبه إلى أولئك املندوبني‬ ‫هجر أو ُي َ‬ ‫أو ُي َّ‬ ‫ال���ذي���ن ي��ت��ص��ارع��ون ف���ي م���ا ب��ي��ن��ه��م وي��ك��ي��ل��ون االت��ه��ام��ات‬ ‫لبعضهم البعض‪ ..‬ه��ذه هي حقيقة ما يحدث اآلن‪ ،‬ومن‬ ‫ً‬ ‫وحكومة‪ ،‬وجيش ًا)‬ ‫واجب الليبيني جميع ًا (شعب ًا‪ ،‬ومجلس ًا‪،‬‬ ‫يكرروا‬ ‫أن‬ ‫واخلوارج‬ ‫وهم يواصلون حربهم ضد اإلرهابيني‬ ‫ّ‬ ‫على أسماع العالم أن ما يحدث في ليبيا ليس حرب ًا أهلية‬ ‫يسوق لها البعض‪ ،‬بل هي ح��رب ضد اإلره���اب‪ ،‬وعلى‬ ‫كما‬ ‫ّ‬ ‫املجتمع ال��دول��ي ال���ذي ي��ري��د أن ي��ت ّ‬ ‫��دخ��ل ف��ي أس��س بناء‬ ‫الدولة وشكلها السياسي أن يدعم الليبيني في حربهم ضد‬ ‫اإلرهابيني واخلوارج القتلة قبل كل شيء آخر >‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫نشر تنظيم «الدولة االسالمية» تسجيال مصور ًا يظهر‬ ‫إع���دام ‪ 30‬ش��خ��ص�� ًا ع��ل��ى االق���ل‪ ،‬يعتقد أن��ه��م اثيوبيون‬ ‫مسيحيون ف��ي ليبيا‪ .‬وأظ��ه��ر ال��ف��ي��دي��و ال���ذي ن��ش��ر على‬ ‫«م��واق��ع ج��ه��ادي��ة» حت��ت ع��ن��وان «ح��ت��ى تأتيهم البينة»‪،‬‬ ‫إع���دام ‪ 12‬ش��خ��ص�� ًا ع��ل��ى ش��اط��ئ ع��ب��ر ق��ط��ع رؤوس��ه��م عن‬ ‫أجسادهم‪ ،‬و‪ 16‬آخرين في منطقة صحراوية عبر إطالق‬ ‫النار على رؤوسهم‪.‬‬ ‫وظهر في الفيديو املختطفون وهم ميشون على شاطئ‬ ‫البحر وي��رت��دون ب��دالت برتقالية وك��ل واح��د منهم كان‬ ‫مصحوبا مبسلح يخفي مالمح وجهه ثم حتولت الصور‬ ‫إل���ى عملية إط�ل�اق ال��رص��اص ع��ل��ى رؤوس اآلخ��ري��ن في‬ ‫منطقة صحراوية‪.‬‬ ‫وقبل مشاهد القتل‪ ،‬عرض الفيديو تسجيل ملسيحيني‬ ‫خيرهم عناصر التنظيم‬ ‫في سوريا يقصون يروون كيف ّ‬ ‫ب�ين التحول إل��ى اإلس�ل�ام أو دف��ع اجل��زي��ة وأن��ه��م اخ��ت��اروا‬ ‫اخليار األخير‪.‬‬ ‫وق��د حمل املقطع امل��ص��ور نفس ال��ش��ع��ار ال��ت��ي ظ��ه��رت في‬ ‫فيديو بثته جماعة تابعة لتنظيم «الدولة اإلسالمية»‬ ‫لعمليات إعدام جماعية لـ‪ 21‬من مسيحيي مصر اختطفوا‬ ‫في ليبيا في مدينة سرت في يناير املاضي‪.‬‬

‫عبدالعزيز املكي‬

‫مفارقات‬ ‫األزمة الليبية‬

‫مجلس األمن يسعى‬ ‫لتمكين داعش من السيطرة‬

‫تأتي هذه الفاجعة أثناء زيارة يقوم بها أسقف الكنيسة البريطانية‬ ‫في كانتربري جاستني ويلبي إلى مصر لتقدمي «واجب العزاء» في‬ ‫مقتل األقباط في ليبيا‪ ..‬وكانت مصر طالبت املجتمع الدولي‬ ‫بضرورة التدخل ضد توسع نفوذ اجلماعات اجلهادية في ليبيا‬ ‫لكن مجلس األمن حتفظ على القيام بعمل عسكري؟‬ ‫ملاذا حتفّظ مجلس األمن على القيام بعمليات عسكرية لضرب‬ ‫تنظيم داعش في ليبيا؟‬ ‫�رج��ح التوصل‬ ‫التصريحات الرسمية تقول أن مجلس األم��ن «ي� ّ‬ ‫إلى حلول سياسية»‪ ..‬إلنهاء الفوضى في ليبيا‪ .‬لكن أح��داً من‬ ‫املتابعني ال يتو ّقف عند هذا التصريح البالغ الغباء والالمباالة‪.‬‬

‫فأن ينتهي احل��وار بحل سياسي يتم بعده إه�لان حكومة وفاق‬ ‫وطني ليبية لن مينع مت ّدد تنظيم داعش وإراقته للمزيد من الدماء‬ ‫وقطع الرؤوس‪ .‬ثم أن الدولة الليبية – بافتراض التوصل إلى حل‬ ‫سياسي يرضي اجلميع – س��وف تستغرق شهور طويلة‪ ،‬ما لم‬ ‫تكن سنوات‪ ،‬للعمل على إنشاء أجهزتها األمنية اجلديدة وتنظيم‬ ‫جيشها والسعي من أجل استتباب األمن واالستقرار‪ ،‬ذلك يعني أن‬ ‫يسيطر تنظيم داعش في األثناء على املزيد من األراضي ومناطق‬ ‫النفوض ويبسط سيطرته على رقعة واسعة من الدولة الليبية‪..‬‬ ‫وبعبارة أخرى‪ :‬فإن أي حكومة حديدة لليبيا سوف جتد نفسها‬ ‫ما أن تنتهي من الترتيبات محاصصة السياسية وتقاسم التركة‬


‫والعمل على النهوض بالدولة من جديد‪ ..‬ستجد نفسها أمام حرب‬ ‫جديدة أمام تنظيم داعش واملليشيات املتحالفة معه وعلى رأسها‬ ‫تنظيم أنصار الشريعة‪ ،‬وعليها أن تخوض هذه احلرب ابتداء من‬ ‫الدرجة صفر‪.‬‬ ‫بافتراض تسلسل هذا السيناريو فعلياً جند أن مجلس األمن قام‬ ‫في الواقع بعرقلة وتعطيل بناء ليبيا كدولة‪ ،‬كما سمح في الوقت‬ ‫نفسه بتمكني اإلرهابيني من تنظيم داعش وحلفائه من السيطرة‬ ‫على رقعة شايعة من خريطة ليبيا‪ ،‬وهو بذلك يتع ّمد أن يعيد‬ ‫الليبيني وجيرانهم إلى بداية األزمة التي رفض التدخّ ل إلنهائها‪.‬‬ ‫هل علينا إذن أن نص ّدق أن مجلس األمن قد حتفّظ عن توجيه‬ ‫ضرباته لداعش في انتظار احلل السياسي الليبي الذي يشارك‬ ‫فيه بعض األعضاء السابقني في تنظيم القاعدة؟!‬ ‫أي عاقل ميكنه أن «يبلع» هذه التبرير السخيف؟‬ ‫إن بعض األطراف املتحاورة اآلن كان عضواً في تنظيم القاعدة‬ ‫ومكلّفاً مباشرة من أسامة بن الدن بالعديد من املهام والعمليات‬ ‫امليدانية‪ ،‬كما أن بعضهم كانوا قد أعلنوا في ما سبق تأييدهم‬ ‫ودعمهم لتنظيم أنصار الشريعة ومجلس ث��وار بنغازي‪ ،‬والبقية‬

‫الباقية ه��م م��ن اإلخ ��وان املسلمني ال��ذي��ن ل��م يعلنوا حتى اآلن‬ ‫إدانتهم أو رفضهم للمليشيات اإلرهابية املسلّحة بل قاموا جهاراً‬ ‫نهاراً بدعمها باألسلحة واألم��وال ومتهيد الطريق أمامها‪ .‬هذه‬ ‫هي حقيقة املتحاورين الذين ترعاهم األمم املتحدة والتي كلّفت‬ ‫ممثلها األسباني برناردينو ليون بإدارة وتنسيق احلوار بينهم وبني‬ ‫مجلس النواب‪.‬‬ ‫إن أبسط ما ميكن أن نصف به ممثل األمم املتحدة اآلن هو أحد‬ ‫امرين‪:‬‬ ‫‪ -1‬العمل حلساب أجندة مح ّددة تواصل السعي لتمكني تنظيم‬ ‫اإلخوان املسلمني كواجهة سياسية‪ ،‬ومن ورائه املليشيات اإلرهابية‬ ‫كجسم فعلي‪ ،‬للسيطرة على حكم ليبيا وحتويلها إلى بؤرة دولية‬ ‫ونقطة استقطاب مرئية جلميع املتطرفني في العالم اإلسالمي‪،‬‬ ‫األم��ر ال��ذي يحقق ع��دة أه��داف متناقضة ولكنها متناغمة مع‬ ‫بعضها البعض في نفس الوقت وخاصة بالنسبة للدول الكبرى من‬ ‫أعضاء مجلس األمن (الواليات املتحدة وبريطانيا وفرنسا)‪ ،‬وذلك‬ ‫من خالل استطاعتها السيطرة الكاملة على هذه القوة‪ ،‬أو القضاء‬ ‫عليها في حال انفالتها وعدم خضوعها‪.‬‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫أمام األوضاع التي ال يبدو أن أحد ًا يأخذها على‬ ‫محمل اجلد فإن تطورات األوضاع تنذر باملزيد‬ ‫من الكوارث والفواجع‬ ‫‪ -2‬العمل دون معرفة بتفاصيل ما يحدث على األرض الليبية‪ ،‬بل‬ ‫واجلهل املطبق بحقيقة األوضاع وعناصرها وانتماءاتهم‪ ..‬األمر‬ ‫الذي يجعل من ليون هذا أغبى مم ّثل لألمم املتحدة في تاريخها‬ ‫ّ‬ ‫املكتظ ببرامج التدخّ ل واجتراح احللول‪ ،‬بل إن غباءه هذا‬ ‫الطويل‬ ‫ً‬ ‫يجعله كذلك مثاال في ج ّر املآسي على شعب بأكمله‪ ،‬والتسبب في‬ ‫تهجيره وتشريده وضياع موارده‪.‬‬ ‫أمام هذا الوضع الذي ال يبدو أن أحداً يأخذه على محمل اجلد‬ ‫م��ن الليبيني ف��إن ت�ط��ورات األوض ��اع تنذر باملزيد م��ن ال�ك��وارث‬ ‫وال�ف��واج��ع‪ ،‬وال يبدو ان عملية قتل األثيوبيني ستكون األخيرة‬ ‫ب��ل ستتك ّرر أم��ام م��ا يحدث م��ن فوضى سياسية انهمك فيها‬ ‫االنقالبيون والشرعيون على السواء‪ ،‬وأمام األجندات املتناقضة‬ ‫حول ليبيا التي حتاول عدة أطراف دولية أن تنفّذها‪ ،‬بغض النظر‬ ‫ع ّما يحث لليبيني أنفسهم‪.‬‬ ‫لقد أحجم مجلس األم��ن (وم��ن ورائ��ه هيئة األمم املتحدة) عن‬ ‫اإليفاء بالتزاماته (وهي التزامات اصطنعها لنفسه منذ ‪،)2011‬‬ ‫وفضل أن يترك املجال مشرعاً أمام األجندات الغربية لالستفادة‬ ‫ّ‬ ‫إلى أبعد ح ّد من الفوضى احلالية واالرجتال وقصر الرؤية وهي‬ ‫سمات تنطبق متاماً على الساسة الليبيني الذين يتناحرون على‬ ‫مرأى ومسمع العالم‪.‬‬ ‫نتحدث عن مجلس األمن بشكل مج ّرد‪ ،‬فما‬ ‫إننا في احلقيقة ال‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق بليبيا يعني غالباً التحالف الغربي ممث ً‬ ‫ال في مندوبي كل‬ ‫من الواليات املتحدة وبريطانيا وفرنسا‪ ،‬وهي دول لها أطماعها‬ ‫القدمية واجلديدة في ليبيا‪.‬‬ ‫لقد حت ّولت ليبيا بفعل هذه الفوضى واالرجتال وقصر الرؤية إلى‬ ‫بؤرة غير مسبوقة جتتمع فيها املليشيات والتنظيمات اإلرهابية‬

‫ستتكرر أمام‬ ‫عملية يبدو أنها‬ ‫قتل األثيوبيني ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما يحدث من فوضى سياسية وأمام األجندات‬ ‫املتناقضة حول ليبيا‬ ‫رئيس حزب االستقالل البريطاني‪ :‬تعصب كاميرون‬ ‫حول ليبيا إلى حالة من الهمجية‬ ‫وساركوزي ّ‬ ‫املتحاورون الليبيون ال يخجلون من االنهماك في‬ ‫تؤجج مأساة الليبيني وتزيد‬ ‫مناظرات سياسية رخيصة ّ‬ ‫من عمق األزمة التي تغرق فيها ليبيا يوم ًا بعد يوم‬

‫لم يذهب مهاجرون أفارقة غير شرعيني من ليبيا إلى‬ ‫أوربا بهذا القدر قبل أن يتم توجيه ضربات أوروبية إليها‬ ‫أحجم مجلس األمن (ومن ورائه هيئة األمم املتحدة)‬ ‫عن اإليفاء بااللتزامات التي اصطنعها لنفسه عام ‪2011‬‬ ‫املجال مشرع أمام األجندات الغربية لالستفادة إلى أبعد‬ ‫حد من الفوضى احلالية واالرجتال وقصر الرؤية‬ ‫ّ‬


‫سواء املصنعة محلياً أو الوافدة‪ ،‬كما حتولت من ناحية أخرى إلى‬ ‫بوابة يومية تتدفق منها الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا‪ ..‬رمبا‬ ‫كانت الواليات املتحدة هي الوحيدة غير املتضررة من هذا التدفق‪،‬‬ ‫ورمبا كانت فرنسا وبريطانيا غير متضررتني بشكل مباشر‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه الفوضى التي يتع ّمدها احللف الغربي الضمني في مجلس‬ ‫األمن تلقي بتبعاتها املباشرة على دول الشاطئ اجلنوبي ألوروبا‪،‬‬ ‫وعلى األخص إيطاليا التي أصبحت أكثر دول العالم تضرراً من‬ ‫هجرة األفارقة عبر ليبيا‪ .‬ولعل هذا هو األمر الذي حدا مؤخراً‬ ‫بالسياسي البريطاني نايجل ف ��اراغ‪ ،‬رئ�ي��س ح��زب االستقالل‬ ‫امل�ع��ارض‪ ،‬إل��ى القول ب��أن توجيه ضربات إل��ى ليبيا ع��ام ‪2011‬‬ ‫زعزع استقرارها‪ ،‬وكان سب ًبا مباش ًرا لتفاقم أزمة الهجرة غير‬ ‫الشرعية التي تشهدها أوروبا‪.‬‬ ‫قال فاراغ في لقاء ببرنامج على شبكة «بي بي سي» البريطانية‪،‬‬ ‫إن التحرك العسكري الذي قاده رئيس ال��وزراء البريطاني ديفيد‬ ‫كاميرون‪ ،‬والرئيس الفرنسي السابق نيكوال س��ارك��وزي‪ ،‬أدى إلى‬ ‫هجرة جماعية وزعزعة استقرار ليبيا‪ .‬وإن��ه لم ي��أت مهاجرون‬ ‫بهذا القدر من ليبيا قبل أن يتم توجيه ضربات أوروب�ي��ة إليها‪،‬‬ ‫فـ»تعصب كاميرون وساركوزي» على حد قوله‪ ،‬قد ح ّول إلى حالة‬ ‫من «الهمجية» التي لم يشهد لها العالم مثي ً‬ ‫ال‪ ،‬بينما تصر األمم‬ ‫املتحدة‪ ،‬مدعومة بأجندة مجلس األمن املريبة‪ ،‬على دعم حوار أكثر‬ ‫ريبة للمحاصصة السياسية التي تر ّد ليبيا مئات من السنني إلى‬ ‫الوراء عندما كانت منقسمة إلى مربعات للنفوذ القبلي واجلهوي‪،‬‬ ‫وفي األثناء ال يخجل املتحاورون ط��وال الوقت من االنهماك في‬ ‫تؤجج مأساة الليبيني‪ ،‬بإصرار غريب‬ ‫مناظرات سياسية رخيصة ّ‬ ‫على الضحالة وعدم فهم الصورة الكاملة للوضع احلالي‪ ..‬ضحال ٌة‬ ‫تزيد من عمق األزمة التي تغرق فيها ليبيا يوماً بعد يوم‪.‬‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫رئيس لجنة العدل والمصالحة الوطنية‪:‬‬

‫أحذر من مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫«النفط مقابل الغــــ‬


‫األس���ت���اذ احمل��ام��ي إب��راه��ي��م ع��م��ي��ش رئ��ي��س جل��ن��ة ال��ع��دل‬ ‫واملصاحلة الوطنية مبجلس النواب‪ ،‬هو أحد أبناء الوطن‬ ‫ً‬ ‫تسترد ليبيا‬ ‫طويال من أج��ل أن‬ ‫املخلصني الذين ناضلوا‬ ‫ّ‬ ‫مستقبلها بعيد ًا عن االستبداد واالستئثار واإلق��ص��اء‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫همه األساسي اآلن هو املساهمة في تأسيس حياة‬ ‫ولعل ّ‬ ‫سياسية دميقراطية سلمية يسودها التفاعل اإليجابي‪.‬‬ ‫ك��ان��ت جل��ن��ة ال��ع��دل وامل��ص��احل��ة ال��وط��ن��ي��ة ه��ي آخ���ر جل��ان‬ ‫مجلس ال��ن��واب ال��ت��ي ل��م «ي��ب��ادر» الكثيرون إل��ى االهتمام‬ ‫بعضويتها وانطالق عملها‪ ،‬فمعظم النواب كانوا في الواقع‬ ‫«يتسابقون» من أج��ل عضوية أو رئاسة ثالثة وعشرين‬ ‫فاعلية» مثل جلنة االقتصاد‬ ‫جلنة أخ��رى يرونها «أكثر‬ ‫ّ‬ ‫(‪ 45‬نائب ًا) أو جلنة اخلارجية (أكثر من ‪ 40‬نائب ًا)‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫ف���ي األث���ن���اء اجت����ه األس���ت���اذ إب���راه���ي���م ع��م��ي��ش – بحكم‬ ‫تخصصه – مباشرة إلى جلنة العدل واملصاحلة الوطنية‬ ‫ليبادر بالنهوض بها إمي��ان�� ًا منه بأهمية دوره���ا ف��ي خلق‬ ‫البيئة السياسية السليمة التي يعتمد عليها بناء ليبيا‬ ‫وأمنها واستقرارها‪ ..‬ومع بدء عمليات احلوار في غدامس‬ ‫(‪ ،)1‬وغدامس (‪ )2‬وجنيف ثم املغرب‪ ،‬زاد االهتمام بعمل‬ ‫هذه اللجنة التي أصبحت اآلن تصاحب وتساعد على خلق‬ ‫محددة للحوار بعيدة عن االرجتال واألجندات غير‬ ‫آليات‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫األس����ت����اذ ع��م��ي��ش م���ن ال���ذي���ن ي��ع��ت��ق��دون أن «األط������راف‬ ‫السياسية» في ليبيا هي التي تعمل على «تعميق األزمة»‪..‬‬ ‫أم���ا ال��ل��ي��ب��ي��ون أن��ف��س��ه��م ف��ه��م ق�����ادرون ع��ل��ى اجل��ل��وس على‬ ‫احلصير من أجل ّ‬ ‫حل جميع مشاكلهم وبناء وتأمني الوطن‬ ‫من أج��ل أبنائهم وم��ن أج��ل األجيال القادمة‪ ..‬في طبرق‬ ‫كان لنا معه هذا احلوار‪..‬‬

‫حوار‪ :‬عبدالناصر محجوب‬

‫ـــــــــــذاء»‬

‫المصالحة تعني‬ ‫االستقرار وبناء أجهزة‬ ‫الدولة وهذا كفيل‬ ‫بحماية السيادة‬ ‫الوطنية‬ ‫لنجلس على الحصير‬ ‫ّ‬ ‫ونحل مشاكلنا من أجل‬ ‫األجيال القادمة‬ ‫املستقل‪ :‬في البداية سيادة النائب دعنا نتعرف على «جلنة‬ ‫ال��ع��دل وامل��ص��احل��ة ال��وط��ن��ي��ة» ون��ت��ب�ين مالمحها اإلداري����ة‬ ‫والتأسيسية؟‬ ‫عميش‪ :‬نعم‪ ..‬عندما تقرر في مجلس ال�ن��واب تشكيل اللجان‬ ‫وحتدد عدد اللجان بثالثة وعشرين جلنة تقدم النواب لهذه اللجان‬ ‫وكان القرار ينص على أن اللجنة تتشكل من سبعة إلى خمسة عشر‬ ‫عضوا تنتخب فيما بينها الرئيس ونائب الرئيس واملقرر وتبدأ‬ ‫عملها‪ ،‬فتقدم النواب بالقيد كل في اللجنة التي يريد‪ ..‬أنا شخصياً‬ ‫بحكم تخصصي قيدت في اللجنة التشريعية الدستورية التي وصل‬ ‫عدد أعضائها إلى أربعة عشر عضواً‪ ،‬وأصبحت مز ّكاة‪ ،‬ولكن إذا‬ ‫زاد العدد عن خمسة عشر يحتكم املترشحون لالنتخابات داخل قبة‬ ‫البرملان‪ ،‬فما حدث أن اللجنة الدستورية تعتبر شبه مستوفية بعدد‬ ‫األعضاء وأغلب اللجان قد استوفت‪ ،‬ولألسف فإن جلنة االقتصاد‬ ‫مث ً‬ ‫ال تقدم لها حوالي خمسة وأربعني نائبا‪ ،‬وجلنة اخلارجية تقدم‬ ‫لها أيضا عدد جتاوز األربعني شخصا من السادة النواب‪ ،‬لذلك كان‬ ‫البد من االنتخابات‪ ،‬ومع األسف الشديد فإن جلنة العدل واملصاحلة‬ ‫الوطنية لم يقيد بها أحد غيري‪ ،‬ثم بعد ذلك قيد بها السيد الهادي‬ ‫الصغير فأصبح بها عضوان فقط وال يجوز أن تتشكل‪ ،‬فكانت غير‬ ‫موجودة ولم تتشكل في البداية‪ ،‬وبعد أن مت تشكيل اللجان ومتت‬ ‫االنتخابات في اللجان التي زاد عددها عن العدد املطلوب ومع‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫هناك أسرار كثيرة حول الثورة رمبا ستبقى‬ ‫طي الكتمان لعشرة أو خمس عشرة سنة‪..‬‬ ‫ولكنها ستظهر‬

‫بدء عملية احلوار في غدامس‬ ‫(‪ ،)1‬وغدامس (‪ )2‬وجنيف ثم‬ ‫املغرب‪ ،‬ومع املطالبات شعرت‬ ‫ب��أن��ه م��ن امل �ه��م ج ��دا ف��ي ه��ذا‬ ‫ال��وق��ت أن تتشكل ه��ذه اللجنة‬ ‫كي تصاحب وتساعد في خلق‬ ‫آليات احلوار والدعم اللوجستي‬ ‫ل��ه‪ ،‬وخاصة فيما يعنيه قانون‬ ‫العدالة االنتقالية‪ ،‬وقضية تفعيل‬ ‫القضاء‪ ،‬وقضية تفعيل الشرطة‬ ‫القضائية‪ ..‬هذه القضايا كلها‬ ‫سوف تساهم في جناح اللجنة‬ ‫وف��ي جن��اح احل��وار وجن��اح هذا‬ ‫املسار املهم‪.‬‬ ‫سعيت ف�ع� ً‬ ‫لا بصفة شخصية‬ ‫للتواصل م��ع ع��دد م��ن ال�ن��واب‬ ‫اجل�ي��دي��ن وامل�ه�ت�م�ين‪ ،‬وبالتالي‬ ‫دعوتهم واستطعت بفضل الله‬ ‫أن أحظى بتعاونهم واجتمعنا‬ ‫ألج� ��ل ذل� ��ك وك� �ن ��ا أح� ��د عشر‬ ‫عضوا‪ ،‬وتشكلت اللجنة وانتُخبت‬ ‫رئيساً لها‪ ،‬والسيد أبوبكر سعيد نائباً‪ ،‬والسيد محمد دومة مقرراً‪،‬‬ ‫وبدأنا في أعمال اللجنة واتضح لنا أنها جلنة مهمة جداً وحتتاج إلى‬ ‫تفعيل وعمل كثير‪ ،‬وبدأنا بلقاء مع رجال القضاء والنيابة ملناقشة‬ ‫قانون إع��ادة تشكيل مجلس القضاء األعلى ال��ذي تقدم به وزير‬ ‫العدل‪ ،‬وكان في قلب هذا القانون أن يترأسه وزير العدل‪ ،‬فعارضت‬ ‫ذلك مباشرة حتى ال يكون للسلطة التنفيذية أي هيمنة على السلطة‬ ‫القضائية‪ ،‬ووقفت بشدة وبحدة ضد ه��ذا امل��وض��وع إللغاء هذا‬ ‫املشروع وإعادة صياغته بشكل يتناسب وطبيعة املرحلة التي نحن‬ ‫بصددها اآلن‪ ،‬وتأكيد استقاللية السلطات أو الفصل بني السلطات‪،‬‬ ‫وأنا من الناس الذين يدعون للفصل املرن بني السلطات والسلطة‬ ‫القضائية بالذات يجب أن ال يتدخل بشأنها أياً كان من السلطات‬ ‫أو األشخاص أو من املسئولني وبهذا الشكل ب��إذن الله ميكن أن‬ ‫تسير األمور بشكل أفضل وحتقق ما ميكن أن نحققه خلدمة هذه‬ ‫املرحلة احلساسة سواء بالنسبة للحوار الوطني ولم شمل قطاعات‬ ‫من الليبيني أو قضايا التعويض وجبر الضرر وغيرها من القضايا‬ ‫التي سنهتم بها إنشاء الله في هذه اللجنة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬على مدى أربعة سنوات تشكلت مجموعة من جلان‬ ‫املصاحلة وغير ذل��ك على مستوى ال��دول��ة والقبائل أيض ًا‬ ‫بدون أن نرى نتائج على أرض الواقع‪ ..‬ما تفسيرك لهذا؟ وما‬ ‫وجه االختالف بني تلك اللجان السابقة وبني هذه اللجنة‬ ‫التي تقومون بالعمل من خاللها اآلن؟‬ ‫عميش‪ :‬احلقيقة أن هذه اللجنة طبعاً منبثقة عن مجلس النواب‬ ‫ويتحمل النواب فيها املسئولية ومجلس النواب هو السلطة التشريعية‬ ‫املعترف بها اآلن‪ ،‬وبالتالي فهي متلك سلطات بهذا اخلصوص‪،‬‬ ‫تخاطب املسئولني تخاطب دوائ��ر االختصاص وتخاطب عناصر‬ ‫قيادات منظمات املجتمع املدني وتسعى ألن يكون لهم دور في‬

‫هذا األمر‪ ،‬ومتلك حق التدخل‬ ‫ف ��ي ب �ع��ض امل� �ش ��اري ��ع امل�ع�ن�ي��ة‬ ‫بقضية املصاحلة الوطنية وفي‬ ‫ه��ذا اجل��ان��ب ن�ح��اول أن نكون‬ ‫موجودين على أرض الواقع‪.‬‬ ‫أم ��ا خ�ل�ال األرب� ��ع س �ن��وات لم‬ ‫تتحقق نتائج ف��ي ه��ذه األم��ور‬ ‫ف �ه �ن��اك أم ��ر الب ��د أن نسجله‬ ‫وكنت دائماً أقوله‪ ،‬أنا شخصياً‬ ‫ضد تسييس القبيلة أو أن جنعل‬ ‫م��ن ق��ي��ادات ال�ق�ب��ائ��ل ق �ي��ادات‬ ‫س�ي��اس �ي��ة أو جن �ع��ل مايسمى‬ ‫أحياناً باحلكماء أو غير ذلك‬ ‫من املسميات‪ ..‬أنا في احلقيقة‬ ‫أرفضها وال أنتظر منها موقفاً‬ ‫مي �ك��ن أن ي �ح �ق��ق ش �ي �ئ �اً على‬ ‫م �س �ت��وى ال �س �ل��م االج �ت �م��اع��ي‬ ‫واألمن الوطني في ليبيا‪.‬‬ ‫القبيلة رك��ن أس��اس��ي وعنصر‬ ‫جيد في العالقات االجتماعية‬ ‫وع�ل�اق ��ات ال �ق �ب��ائ��ل وع�لاق��ات‬ ‫ال��ود بني الناس‪ ،‬أي حل املنازعات القبلية‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال أذك��ر في سنة‬ ‫‪ 62‬أو ‪ 63‬إبان النظام امللكي كان هناك محافظات‪ ،‬وفي محافظة‬ ‫بنغازي كانت هيئة أو محكمة مشكلة من زعماء وشيوخ القبائل‪،‬‬ ‫وكانت معنية بحل املنازعات القبلية‪ ،‬مثل املشاكل التي حتدث على‬ ‫األراضي أو على مياه الري أو غيرها من الصراعات التي تقوم ما‬ ‫بني القبائل في بعض األوقات‪ ،‬وكان لهذه الهيئة دور عظيم في هذا‬ ‫الشأن‪ ،‬وأيضاً مع عدم إنكارنا أن هناك بعض املشايخ واألعيان لهم‬ ‫دور وطني‪ ،‬وهم يفضلون أن يلعبوا هذا الدور الوطني من خالل‬ ‫وجودهم كزعامات وتأثيرهم في الشباب وفي الرأي العام وهذا أمر‬ ‫يتجاوز القبيلة أص ُ‬ ‫ال‪ ،‬وأنا معهم في ذلك ولكن أن يكون املنطلق هو‬ ‫القبيلة وقوانينها ففي احلقيقة نحن ضد تسييس القبيلة‪.‬‬ ‫وبالتالي‪ ..‬معظم اللجان التي تشكلت خالل املرحلة املاضية كانت‬ ‫مجرد إرضاء ألطراف معينة‪ ،‬وهي تشبه في معظمها تلك اللجان‬ ‫التي كانت تشكل في عهد القذافي‪ ،‬من مثل ما كانوا يسمونها‬ ‫القيادات الشعبية وغيرها‪ ،‬نحن ال نرفضهم بل نرحب بهم ولكن‬ ‫على أن يكون دورهم دوراً وطنياً بالفعل في ل ّم شمل ليبيا باملساهمة‬ ‫في حل النزاعات العشائرية والقبلية في هذا اخلصوص فقط‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل ترتبط املصاحلة الوطنية بإقرار قانون العفو‬ ‫العام؟‬ ‫عميش‪ :‬دعني أقول لك شيئا مهما‪ ،‬وهو قانوني ودستوري‪ ..‬أال‬ ‫وهو أنه ال يوجد شيء اسمه عفو عام‪ ،‬العفو العام يصدر على ناس‬ ‫صدرت عليهم أحكام‪ ،‬أي محكومني وموجودين حتت سلطة ميكن‬ ‫أن تصدر عليهم العفو العام‪ ..‬وهو يصدر عادة في ظل حكومات‬ ‫مستقرة ورئاسة دولة تعني العفو عن شخصية أو شخصيات بعينها‬ ‫محكوم عليها أو مبعدة بقرار أو شيء من هذا القبيل‪ ،‬فيصدر‬ ‫عليها عفو أو أن��اس موجودين في سجون ومحكومني‪ ،‬والكارثة‬

‫أنا من الذين يدعون للفصل املرن بني السلطات‬

‫ال يجب أن يتدخّ ل أحد في السلطة القضائية أي ًا كان‬ ‫أنا شخصي ًا ضد تسييس القبيلة أو أن جنعل من‬ ‫قيادات القبائل قيادات سياسية أو ما يسمى‬ ‫أحيان ًا باحلكماء أو غير ذلك من املسميات‬


‫املوجودة عندنا ناس موجودين في سجون غير رسمية وال تخضع‬ ‫للدولة‪ ،‬سجون فيها الكثير مما تنتهك به قضايا حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫ومن أبسط حقوق اإلنسان أن يقدم إلى التحقيق في فترة زمنية‬ ‫محددة وأن ال يبقى رهن االعتقال أو السجن بل يقدم إلى احملاكمة‬ ‫و أمام قاضيه الطبيعي دون خلط لألمور‪ ،‬أو أن نقدم مدني أمام‬ ‫محكمة عسكرية‪ ،‬أو أن نقيم محاكم استثنائية كما كان في العهد‬ ‫السابق‪ ..‬هذه أمور مرفوضة متاماً‪ ،‬وبالتالي قضية العفو العام هي‬ ‫مطروحة ألن يصدر من مجلس‬ ‫النواب قانون بالعفو العام ولكن‬ ‫ماذا يعني هذا القانون‪ ..‬أنا ال‬ ‫أعتقد أن له معنى صحيح اللهم‬ ‫إال إذا كان ورد مبعناه املقصود‪،‬‬ ‫وهو أن هناك أشخاص يجب أن‬ ‫ال يبعدوا من العمل السياسي‪،‬‬ ‫وي �ج��ب أن ي�ك��ون��وا م��وج��ودي��ن‪،‬‬ ‫فاحلقيقة أعتقد أن هذا املعنى‬ ‫أيضاً انتهى بإلغاء قانون العزل‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬مل��ش��روع املصاحلة‬ ‫الوطنية خيارين أو مسارين‬ ‫ع��م��ي��ش‪ :‬م��ش��روع امل�ص��احل��ة‬ ‫ال��وط�ن�ي��ة ي��واك��ب ه��ذه املرحلة‬ ‫ويعالج ما ترتب على انتهاكات‬ ‫مبادئ وأهداف ثورة ‪ 17‬فبراير‪،‬‬ ‫أي االنتهاكات التي متت خاللها‬ ‫والتدخالت من أطراف أخرى‪،‬‬

‫أو أن بعض األطراف ترى أنها صاحبة الثورة وصاحبة الشرعية‪..‬‬ ‫وتعالج أيضاً ما سوف يترتب على املراحل القادمة‪ ،‬تعالج أيضاً‬ ‫قضية العدالة االنتقالية وكيف ميكن أن نحقق العدالة‪ ،‬وكيف ميكن‬ ‫أن ننتقل انتقاالً سلمياً لتحقيق العدالة من خالل تفعيل القضاء‪،‬‬ ‫ومن خالل جعل األطراف التي قد تختلف أو تتنازع في العديد من‬ ‫القضايا عليها أن تلجأ إلى القضاء وأن تقبل بحكم القضاء‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما هي املعوقات والعراقيل احلقيقية التي حالت‬ ‫دون إجن�����������اح امل����ص����احل����ة‬ ‫الوطنية في ليبيا؟‬ ‫عميش‪ :‬أعتقد أن��ه لم تطرح‬ ‫ق �ض �ي��ة امل� �ص ��احل ��ة ال��وط �ن �ي��ة‬ ‫مبعناها الصحيح طيلة األرب��ع‬ ‫س� �ن���وات ع��ل��ى اإلط � �ل ��اق‪ ،‬بل‬ ‫ب��ال �ع �ك��س ف �ف��ي ف��ت��رة امل��ؤمت��ر‬ ‫ال ��وط� �ن ��ي خ �ل �ق��ت ص���راع���ات‬ ‫كثيرة سواء بالتكتالت احلزبية‬ ‫وال �ف �ك��ري��ة وال �س �ي��اس �ي��ة ال�ت��ي‬ ‫ك��ان��ت ف �ع� ً‬ ‫لا حت��رك ك�ث�ي��راً من‬ ‫ال� �ص ��راع ��ات داخ � ��ل امل ��ؤمت ��ر‪،‬‬ ‫وخاصة من خالل أط��راف لها‬ ‫أج �ن��دات خ��اص��ة أو ق��د تعمل‬ ‫ل �ص��ال��ح ال �غ �ي��ر‪ ..‬ه ��ذه عمقت‬ ‫ع�م�ل�ي��ة االب �ت �ع��اد ع��ن م �ش��روع‬ ‫املصاحلة الوطنية بشكل كبير‪،‬‬ ‫وأح��دث��ت وع�م�ق��ت ال �ن��زاع��ات‪،‬‬ ‫ولكن مشروع املصاحلة الوطنية‬

‫كان الليبيون يراهنون على أن ليبيا مبجرد أن‬ ‫تنتهي سلطات الفرد والدكتاتورية فإنهم لن‬ ‫يختلفوا مع أحد‪ ،‬وسوف يكون مسارهم وطني ًا‬ ‫دميقراطي ًا‪ ،‬ويعرفون التبادل السلمي للسلطة‪،‬‬ ‫لكن لألسف تدخلت أجندات وأطراف متثل‬ ‫وجهات نظر لها حتالفات إقليمية ودولية سيئة‬ ‫تعيق هذا املسار‬


‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫مبعناه احلقيقي ال أعتقد أنه‬ ‫بدأ فعلياً على أرض الواقع‪ ..‬أنا‬ ‫أعتقد أن بداية املرحلة لتحقيق‬ ‫املصاحلة الوطنية وأول خطوة‬ ‫فيها هي عملية احل��وار القائم‬ ‫اآلن‪ ،‬وأن� ��ا مقتنع مت��ام��ا ب��أن‬ ‫ه��ذا احل��وار ب�ين ك��ل األط��راف‬ ‫املتنازعة في ليبيا البد منه‪ ،‬وأنه‬ ‫مهما ب��رزت كثير من العناصر‬ ‫ال�ت��ي تشكك ف��ي ه��ذا احل��وار‬ ‫أو التي ترفض احلوار أص ً‬ ‫ال ‪-‬‬ ‫سواء من داخل مجلس النواب‬ ‫أو من أطراف أخرى ‪ -‬إال أنني‬ ‫أؤكد أنه البد من احل��وار حتى‬ ‫وإن طال الزمن‪ ،‬وحتى ال نغرق‬ ‫بقضايا مستقبل سيئ ملجتمعنا‪،‬‬ ‫س��واء في قضايا تقسيم ليبيا‬ ‫أو أجندات دول�ي��ة‪ ..‬وحتى من‬ ‫ال�ن��اح�ي��ة االق �ت �ص��ادي��ة‪ ،‬أخشى‬ ‫أن ن �ص��ل إل� ��ى م��رح �ل��ة ي�ك��ون‬ ‫فيها النفط مقابل الغذاء‪ ،‬نحن‬ ‫نعاني اآلن‪ ،‬شعبنا يعاني اآلن‪،‬‬ ‫مدننا تعاني اآلن‪ ..‬الدماء التي‬ ‫سالت كثيرة واملفروض أن هذا‬ ‫ال يحدث في ليبيا‪ ،‬كنا نراهن‬ ‫ط� ��وال ع �م��رن��ا ع �ل��ى أن ليبيا‬ ‫مبجرد أن ينتهي فيها القذافي‬ ‫كشخص وتنتهي سلطات الفرد‬ ‫والدكتاتورية الفردية فإننا لن‬ ‫نختلف مع أحد‪ ،‬وسوف يكون مسارنا املسار الوطني الدميقراطي‪،‬‬ ‫والتبادل السلمي للسلطة‪ ،‬لكن لألسف تدخلت أجندات وأطراف‬ ‫متثل وجهات نظر لها حتالفات إقليمية ودولية سيئة تعيق هذا‬ ‫املوضوع‪ ،‬وأنا أعتقد إننا في حالة نضال وكفاح ونأمل أن تكون‬ ‫البداية هي احلوار وتفتح كل القلوب لهذا احلوار بشكله املنطقي‬ ‫والطبيعي والصحيح‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل نستطيع أن نحدد هذه األطراف التي تشتغل‬ ‫من خ�لال أجندات خارجية أو حت��اول أن تدخل أسافينها‬ ‫لتمزيق نسيج املجتمع الليبي وخ��ل��ق ح��ال��ة م��ن الفوضى‬ ‫واإلرباك في عملية االنتقال الدميقراطي والتداول السلمي‬ ‫للسلطة؟‬ ‫عميش‪ :‬أستطيع أن أقول من هذا املنطلق أن هناك أطرافاً هي‬ ‫فع ً‬ ‫نحدد تلك األط��راف نقول أن‬ ‫ال كما ذك��رت‪ ،‬ولكن لو أردن��ا أن ّ‬ ‫الشبهة والتهمة كانت موجهة بشكل مباشر ومازالت إلى جماعة‬ ‫اإلخ ��وان املسلمني‪ ،‬وجماعة اإلخ ��وان املسلمني لها ح��زب وكنت‬ ‫أخاطبهم أن يلعبوا سياسياً‪ ،‬أي بعيداً عن األج�ن��دات األخ��رى‪.‬‬ ‫بعيداً عن أي شيء‪ ،‬مع يقيني ‪ -‬وأنا رجل تخصصت في دراسة‬ ‫اجلماعات اإلسالمية في املنطقة ككل ‪ -‬أن حزب العدالة والبناء‬

‫ك��ان ميكن أن مي��ارس العملية‬ ‫السياسية بشكل جيد‪ ،‬ولكن أنا‬ ‫على يقني أنه لو كنا في مرحلة‬ ‫استقرار أو إذا بدأنا في مرحلة‬ ‫استقرار‪ ،‬ف��إن حتالفاتهم التي‬ ‫أقاموها مع قوى متلك السالح‬ ‫وق� ��وى م�ت�ط��رف��ة ه��م أنفسهم‬ ‫متهمون من ه��ذه القوى بأنهم‬ ‫ق��د م�ي�ع��وا ال��دي��ن اإلس�لام��ي‪،‬‬ ‫وسيواجهونهم في يوم من األيام‬ ‫وستكون هناك حدة في الصراع‬ ‫ب�ي�ن�ه��م‪ ،‬ول��ذل��ك ن �ق��ول ل�ه��م من‬ ‫اآلن عليكم أن تتبعوا األجندة‬ ‫الوطنية في حتقيق ما وعدمت‬ ‫به في يوم من األيام‪،‬‬ ‫ك��ان اإلخ��وان املسلمون يق ّرون‬ ‫لكثير م��ن ال� ��دول أن �ه��م س��وف‬ ‫ي�ق�ب�ل��ون ب�ن�ت��ائ��ج االن �ت �خ��اب��ات‪،‬‬ ‫وي �ق �ب �ل��ون بنتيجة ال �ص �ن��دوق‪،‬‬ ‫وي �ق �ب �ل��ون ب��ال��ت��ب��ادل ال�س�ل�م��ي‬ ‫للسلطة‪ ،‬ويقبلون بحرية التعبير‬ ‫وح��ري��ة ال ��رأي وح��ري��ة العقيدة‬ ‫وح��ري��ة االن��ت��م��اء‪ ،‬ول�ك�ن�ه��م لو‬ ‫ال بهذه األشياء بعيداً‬ ‫قبلوا فع ً‬ ‫عن األجندات‪ ..‬فأنا من الذين‬ ‫يقولون أن مكانهم موجود في‬ ‫العمل الوطني في ليبيا‪.‬‬ ‫امل���س���ت���ق���ل‪ :‬امل���ه���ج���ري���ن ف��ي‬ ‫اخل��ارج هم في قلب مشروع‬ ‫املصاحلة الوطنية‪ ..‬كيف تتعاملون م��ع ذل��ك م��ن منظور‬ ‫سياسي أم اجتماعي ?‬ ‫عميش‪ :‬أوالً دعنا نقسمهم تقسيماً واضحاً وصريحاً‪:‬‬ ‫> هناك مجموعات كثيرة خرجت إلى اخل��ارج وخاصة إلى دول‬ ‫اجلوار سواء تونس أو مصر أو بعض البلدان القريبة منا‪ ،‬هؤالء‬ ‫كانوا قد فروا بجلودهم في فترة ما باعتبار أنهم مطلوبني وأنهم من‬ ‫أعوان النظام السابق أو من العناصر التي كانت لها يد طولى رمبا‬ ‫في كثير من املمارسات التي متت إبان العهد املنتهي‪.‬‬ ‫> وهناك أيضاً مجموعات أخ��رى ب��دأت تهاجر ليبيا وتنزح مع‬ ‫تصاعد ح��دة الصراع في البالد وباتت معرضة للهالك‪ ،‬هناك‬ ‫من تهدمت بيوتها وهناك من أصبح مطارداً‪ ،‬هناك مجموعات‬ ‫أخرى خرجت عائالتهم عندما استهدفت عناصر منها كأبنائها أو‬ ‫ولي أمرها‪ ،‬وخاصة في مدينة بنغازي مث ً‬ ‫ال عندما بدأ استهداف‬ ‫ضباط اجليش والنشطاء املدنيني واإلعالميني بالقتل واالغتيال‬ ‫فخرج كثير من العائالت من هذا النوع‪.‬‬ ‫> وهناك مجموعات أخرى خرجت بصراحة لتلعب لعبة سياسية من‬ ‫اخلارج‪ ،‬من بعد تشكيل مجلس النواب هناك أشخاص محسوبني‬ ‫على املؤمتر ومحسوبني على صراعات داخل املؤمتر انتهت‪ ،‬هذه‬

‫من أبسط حقوق اإلنسان أن يقدم املتهم إلى‬ ‫التحقيق في فترة زمنية محددة وأال يبقى رهن‬ ‫االعتقال أو السجن بل يقدم إلى احملاكمة أمام‬ ‫قاضيه الطبيعي دون خلط لألمور‬

‫كل خبرة كانت في عهد النظام السابق ولم تتلطخ‬ ‫بالدم ولم ترتكب انتهاكات ضد حقوق اإلنسان‬ ‫نحن بحاجة إليها واملرحلة بحاجة إليها‬

‫أنا ضد تسييس القبيلة وأن جنعل من قيادات القبائل قيادات سياسية‬ ‫فهي ال ميكن أن حتقق شيئ ًا على مستوى السلم االجتماعي واألمن‬ ‫الوطني‪ ...‬القبيلة ركن أساسي في العالقات االجتماعية وحل‬ ‫املنازعات القبلية فقط‬


‫املجموعات أيضاً خرجت اعتقاداً منها بأن أعمالها داخل املؤمتر‬ ‫تشكل خطورة على حياتها خ�لال وج��وده��ا في ليبيا‪ ،‬أو صدور‬ ‫مجموعة من القوانني والقرارات التي قد تستهدفها مع التفعيل‪.‬‬ ‫نحن في احلقيقة عندنا مجموعات مختلفة وه��ذه املجموعات‬ ‫املوجودة في اخلارج بدأت في الفترة األخيرة تلتف حول بعضها‬ ‫فتشكل نوعني‪ ،‬وأنا من الذين يقولون أنه ليس كل املهجرين إلى‬ ‫اخلارج فقراء أو ال ميلكون املال‪ ،‬فهناك من ميلك الكثير من املال‬ ‫في اخلارج ويريد أن يكون له دوراً في الداخل من اخلارج‪ ،‬أعتقد أن‬ ‫العملية صعبة وخطيرة بالنسبة لهم وأنا أدعوهم سواء أن كانوا من‬ ‫رموز النظام السابق أو أولئك الذين تلقوا دعم من القذافي وحسبوا‬ ‫في يوم من األيام من املعارضة‪ ،‬وكانوا من جماعة ليبيا الغد وخاصة‬ ‫من األسماء املعروفة والتي متلك املال‪ ،‬أنا شخصياً أدعوهم من‬ ‫هذا املنبر أدعوهم أن يبتعدوا اآلن عن املشهد السياسي‪ ،‬من أجل‬ ‫ليبيا‪ ،‬ومن أجل قبائلهم‪ ،‬ومن أجل ناسهم‪ ،‬ومن أجل القذاذفة‪ ،‬ومن‬ ‫أجل املقارحة‪ ،‬ومن أجل بنغازي‪ ،‬ومن أجل كل ليبيا‪ ..‬عليهم أن‬ ‫يبتعدوا عن املشهد السياسي اآلن ألنهم متهمون بأنهم يذكون من‬ ‫حدة الصراع القائم في ليبيا من خالل دعمهم لبعض اجلماعات‬

‫األخرى‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل لديكم اتصال مثمر مع أولياء ال��دم نريد أن‬ ‫نعرف هذه التفاصيل؟‬ ‫عميش‪ :‬نحتاج إلى حتديد معايير كثيرة لتحديد من هم أولياء‬ ‫ال��دم‪ ..‬فهناك ث��وار ماتوا وفخّ خ بهم وضاعوا‪ ..‬أيضاً لهم أولياء‬ ‫دم‪ .‬هناك ناس هم من خيرة ضباط اجليش الليبي قتلوا‪ ..‬أنا من‬ ‫الذين يقولون كل من له ضحية وكل من ته ّدم بيته‪ ،‬فالكل تضرر‪،‬‬ ‫وعلينا أن نترك املوضوع للقضاء وللعدالة االنتقالية‪ ،‬وفي املرحلة‬ ‫القادمة عندما يبدأ تفعيل القانون على كل متضرر أن يلجأ إلى‬ ‫القضاء‪ ،‬وعلى كل متهم أن يخضع للتحقيق ويبقى داخل السجن‬ ‫ما دام متهماً بارتكاب جرائم فع ً‬ ‫ال‪ ،‬سواء في حق أولياء الدم أو في‬ ‫حق الوطن بشكل عام‪ ،‬عليه أن يبقى ويقدم إلى القضاء وأن يصدر‬ ‫القضاء احلكم فيه وعلينا أن نقبل بهذا جميعاً‬ ‫املستقل‪ :‬باعتباركم جلنة من داخل مجلس النواب‪ ..‬يعني‬ ‫م��ن أعلى سلطة وجسم تشريعي بليبيا‪ ..‬ل��و تسألنا عن‬ ‫طبيعة عملكم ما عالقتكم العملية مع احلكومة التنفيذية‬ ‫ووزاراتها؟‬


‫‪18‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫ننسى أن اللجنة تشكلت مؤخراً وعليها أعباء كثيرة‪ ،‬واآلن نريد أن‬ ‫عميش‪ :‬طبيعة مهام ه��ذه اللجنة تربطنا باتصاالت مع وزارة‬ ‫نشارك وأن نهدئ األمور بني كل األطراف وندفع بعض األطراف‬ ‫العدل‪ ،‬وهناك اتصاالت مع وزارة العمل والشؤون االجتماعية‪ ،‬والبد‬ ‫امل��وج��ودة للتحرك وخاصة بعض قيادات املجتمع املدني وبعض‬ ‫أن تكون مثل هذه االتصاالت موجودة‪ ،‬ومع اخلارجية أيضاً لتحديد‬ ‫اللجان التي تشكلت حتت ظروف‬ ‫األطراف املوجودة في اخلارج‬ ‫قاسية نتيجة املعاناة التي يعانونها‪،‬‬ ‫وسبل التحاور معها‪ ،‬وهناك‬ ‫م �ث��ل ال �ل �ج �ن��ة ال��ت��ي ت�ش�ك�ل��ت في‬ ‫ات �ص��االت حقيقية وعملية‬ ‫بنغازي وعقدت مؤمتراً في قاعة‬ ‫على أرض ال��واق��ع م��ع هذه‬ ‫أبو سهمني خلق قوة عسكرية له وأعطاها األموال‪،‬‬ ‫الصوجلان ببنغازي‪ ،‬حضره حوالي‬ ‫اجلهات باحلكومة التنفيذية‪،‬‬ ‫ثمامنائة مواطن مهتم ميثلون كل‬ ‫وهناك أشياء كثيرة‬ ‫معروضة وجماعة اإلخوان املسلمني أو حزب العدالة والبناء لهم‬ ‫قبائل ليبيا واخ�ت��اروا جلنة بدأت‬ ‫ع�ل��ى أرض ال��واق��ع نساهم‬ ‫ت �ت �ح��رك‪ ،‬وق���د ط�ل�ب��ت م�ن�ه��م أن‬ ‫فيها‪ ،‬وف��ي ال�ف�ت��رة األخ�ي��رة قوة عسكرية متلك املال والسالح‪ ..‬وعلي زيدان نفسه‬ ‫يتحركوا باسم املناطق ال القبائل‬ ‫تناولت قضية وزارة العدل‬ ‫ف��ي ه��ذا اخل�ص��وص وبعض شكّ ل في يوم من األيام في رئاسة الوزراء قوة عسكرية‬ ‫حتى تكون العملية عملية سياسية‬ ‫صحيحة ومن ثم نبدأ في تشكيل‬ ‫ال �ق��وان�ين‪ ،‬منها على سبيل‬ ‫وأغدق عليها األموال‪ ..‬وهناك مجموعة من الثوار‬ ‫قيادات منها متثل كل املناطق ثم‬ ‫املثال صياغة قانون العدالة‬ ‫أيض ًا هم الذين شكلوا الدروع عندما كانوا محتاجني‬ ‫نسعى لعقد مؤمتر عام للمصاحلة‬ ‫االنتقالية وتفعيله ليكون أحد‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫اخلطوات التي متهد‬ ‫ملشروع وفقراء وميثلون جزءا من البطالة في املجتمع الليبي‪..‬‬ ‫املستقل‪ :‬ه��ل ح��ددمت موعد ًا‬ ‫احل��وار الوطني ليطمئن كل‬ ‫األط� ��راف على قضية جبر وهناك املجموعات واجلماعات اإلسالمية املتطرفة التي مل������ؤمت������ر ع���������ام ل���ل���م���ص���احل���ة‬ ‫الوطنية؟‪.‬‬ ‫ال �ض��رر وال �ع��دال��ة االنتقالية‬ ‫تستعمل العنف القاتل‪ ،‬العنف املر‬ ‫عميش‪ :‬ال لم يتحدد بعد‪ ،‬فهو‬ ‫وتفعيل القضاء‪.‬‬ ‫يحتاج إلى كثير من العمل والعناء‬ ‫ف��ي احل�ق�ي�ق��ة وزارة ال�ع��دل‬ ‫في هذا اخلصوص والتوفيق بني‬ ‫مستعدة للتعاون معنا‪ ،‬وال‬


‫ك��ل األط� ��راف بحيث ت��أت��ي إلى‬ ‫امل��ؤمت��ر وه��ي متفقة بالكامل‬ ‫على ما يجب‪ ،‬يعني اآلن مث ً‬ ‫ال‬ ‫استقبلنا األيام املاضية شيوخا‬ ‫وممثلني ع��ن قبائل ال �ط��وارق‪،‬‬ ‫وأي �ض �اً نحن اآلن ف��ي انتظار‬ ‫وص� ��ول ع�ن��اص��ر وم �ش��اي��خ من‬ ‫ق�ب��ائ��ل ال�ت�ب��و‪ .‬وه ��ذا سيُحدث‬ ‫اللقاء والتوفيق بينهم في حل‬ ‫كثير م��ن امل�ن��ازع��ات والقضايا‬ ‫القائمة في منطقة اجلنوب‪ ،‬ثم‬ ‫بعد ذل��ك سننتقل إل��ى جماعة‬ ‫أخ��رى تعاني ص��راع��ات أو لها‬ ‫م��واق��ف م��ن ه��ذه املجموعات‪،‬‬ ‫وال ي �غ �ي��ب ع �ن��ا أن امل �ش��اك��ل‬ ‫والصراعات بالذات في بعض‬ ‫املناطق احل��دودي��ة ه��ي ليست‬ ‫ص� ��راع� ��ات م ��ن أج� ��ل ق�ض��اي��ا‬ ‫وطنية أو اجتماعية واضحة‬ ‫أو م��ن أج��ل أن ي�ك��ون لها دور‬ ‫س �ي��اس��ي وس �ي �ط��رة ول �ك��ن في‬ ‫م �ع �ظ �م �ه��ا ي �ح �ك �م �ه��ا ال �ع�لاق��ة‬ ‫بالدولة املجاورة كعمليات التهريب والتجارة وغيرها‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬كان حلزب التحالف الذي على ما أعتقد تنتسبون‬ ‫إليه رؤية مبكرة‪..‬‬ ‫عميش‪ :‬أي حتالف تعني؟‬ ‫املستقل‪ :‬حتالف القوى الوطنية‪.‬‬ ‫ع��م��ي��ش‪ :‬ال س �ي��دي‪ ،‬أن��ا شخصياً ‪ -‬ال��دك �ت��ور م�ح�م��ود جبريل‬ ‫صديقي وتعاملنا معه كثيراً ‪ -‬ولكننا ننتمي حلزب التحالف الوطني‬ ‫الدميقراطي الذي أنشئ سنة ‪ 87‬بالقاهرة بقيادة املرحوم املختطف‬ ‫املغيب منصور رشيد الكيخيا‪ ،‬وكان اسمه التحالف الوطني الليبي‬ ‫وكان هدفه السعي إلى توحيد جهود املعارضة الوطنية الليبية جميعاً‪،‬‬ ‫ثم أختطف منصور في محاولة من النظام السابق للقضاء على هذا‬ ‫املشروع الوطني‪ ،‬ثم سعينا إلى أن نظل موجودين ومتحالفني من أجل‬ ‫الوطن‪ ،‬فكنا ممثلني في املؤمتر الوطني للمعارضة الليبية في ذلك‬ ‫الوقت ثم بعد ذلك انتقلنا إلى ليبيا بعد الثورة والتقينا بكل رفاقنا‬ ‫الذين داخل السجون والذين خارج السجون والذين كانوا أعضاء‬ ‫وشكلنا منهم استمراراً لنفس التحالف الوطني الدميقراطي‪ ،‬وبدأ‬ ‫يعمل في هذا اخلصوص‪ ،‬والتشابه في األسماء حدث في احلقيقة‬ ‫ورمبا واجهتها أنا والدكتور محمود جبريل أيضاً‪ ،‬وكان هو مقترح‬ ‫حتالف القوى الوطنية اسم يعبر عن طبيعة املرحلة التي أنشئ فيها‬ ‫هذا احلزب بعد الثورة‪ ،‬ونحن احتفظنا باسم احلزب كما هو أي‬ ‫حزب التحالف الوطني الدميقراطي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬حسن ًا‪ ..‬كان حلزب حتالف القوى الوطنية رؤية‬ ‫مبكرة للمصاحلة االجتماعية‪ ..‬هل ت��رى أن ه��ذه الرؤية‬ ‫مازالت صاحلة ملعاجلة تشابكات املرحلة اآلن؟‬ ‫عميش‪ :‬ن �ع��م‪ ..‬مم �ك��ن‪ ..‬ولكنها ع��رض��ت ف��ي ف�ت��رة ك��ان��ت حدة‬

‫ال �ص��راع وح ��دة امل�ش��اك��ل أخف‬ ‫مم ��ا ه ��ي ع�ل�ي��ه اآلن‪ ،‬وك��ان��ت‬ ‫ه�� ��ذه اخل �ل��اف � ��ات امل� ��وج� ��ودة‬ ‫وال �ص��راع��ات كانت تعني قوى‬ ‫أخ ��رى‪ ،‬تعني م �ش��روع جماعة‬ ‫اإلخوان املسلمني‪ ،‬وفي مقابلها‬ ‫مشروع حتالف القوى الوطنية‪..‬‬ ‫كانت تعني بعض املناطق التي‬ ‫تعاني من ص��راع��ات قد تكون‬ ‫قدمية أيضاً وفي يوم من األيام‬ ‫ع� َم�ق�ه��ا ال �ق��ذاف��ي ث��م ح� َدث�ه��ا‬ ‫مب �ح��اوالت ك�ث�ي��رة‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال كان‬ ‫ال�س�ع��ي إلص�ل�اح امل�ش��اك��ل بني‬ ‫الزاوية وورشفانة وحدة الصراع‬ ‫بني الزاوية وورشفانة مث ً‬ ‫ال لم‬ ‫تكن بهذا الشكل الذي هي عليه‬ ‫اآلن‪ ،‬ف� ��ازدادت ح��دة وخاصة‬ ‫م��ع ام��ت�ل�اك ال��س�ل�اح وت��دخ��ل‬ ‫قوى أخ��رى متلك السالح ولها‬ ‫أج �ن��دات أخ ��رى‪ ..‬وه�ك��ذا فإن‬ ‫األم ��ور تتغير وت���زداد تعقيداً‪,‬‬ ‫فالقذافي ك��ان يعقد اتفاقات‬ ‫قبلية وعشائرية مع بعض األط��راف ليخلق بينها ن��زاع‪ ،‬ففي يوم‬ ‫من األيام كانت مصراتة حليفة للقذافي‪ ،‬وكان القذافي يستغل في‬ ‫مثل هذه األمور ويزرع الصراعات مع بني وليد‪ ،‬ثم بعد ذلك تغيرت‬ ‫اخلارطة بعد انقالب احمليشي وتغير دعم القذافي لبني وليد‪ ،‬ثم‬ ‫بعد ذلك قامت محاولة بني وليد املعروفة فاتخذ القذافي موقفاً‬ ‫من بني وليد وأغدق على مصراتة‪ ،‬وفي كل األحيان كان القذافي‬ ‫هو املستفيد‪ ،‬واملجتمع الليبي ونسيجه االجتماعي هو اخلاسر عن‬ ‫قصد من النظام السابق‪ .‬ولكن في بداية الثورة أو بداية عرض‬ ‫مشروع حتالف القوى الوطنية كان من املمكن جداً‪ ،‬وكانت هناك‬ ‫نوايا صادقة ل��دى كل األط ��راف لتجاوز مشاكلهم وحلها‪ ،‬ولكن‬ ‫لألسف كانت هناك أطراف أو أشخاص ليس لديهم هذه النوايا‬ ‫الصادقة‪ ،‬وكانت تريد أن تتزعم املرحلة فمارسوا كثير من الضغوط‬ ‫وكانوا حجرة عثر وحاولوا حتويل املصاحلة إلى تصاحلات وهمية‬ ‫وكتبت حتى بعض الوثائق في هذا اخلصوص لكنها ذهبت أدراج‬ ‫الرياح أو هكذا كان ي��راد لها‪ ،‬ألنها لم تبنى على قواعد وأسس‬ ‫صحيحة للمصاحلة الوطنية مبعناها الصحيح‪.‬‬ ‫ترؤسك للجنة املصاحلة‪ ..‬ما الرسالة‬ ‫املستقل‪ :‬من خ�لال‬ ‫ّ‬ ‫التي تهتم بإيصالها للمجتمع الليبي أو لشريحة منه؟‬ ‫عميش‪ :‬من خ�لال حديثي قلت أن��ه على األط��راف التي تدعي‬ ‫ب��أن هناك أزالم للنظام السابق يعملون اآلن من خ�لال أي قوة‬ ‫سياسية موجودة في الداخل عليهم أن يتأكدوا بأن ليس كل من‬ ‫عمل في نظام القذافي هو «زل��م» أو ميثل النظام السابق‪ .‬علينا‬ ‫أن نتيقن بشكل صحيح ونؤمن بأن كل خبرة كانت في عهد النظام‬ ‫السابق ولم تتلطخ بالدم ولم ترتكب انتهاكات ضد حقوق اإلنسان‬ ‫فنحن بحاجة إليها واملرحلة بحاجة إليها‪ ،‬وفي نفس الوقت أطالب‬

‫أطالب كل مواطن ليبي وكل مسئول‪ ..‬بل وكل نائب‬ ‫في مجلس البرملان‪ ..‬أن يتصالح مع النفس أو ًال‪..‬‬ ‫وأن نخلق حالة سالم مع أنفسنا‪ ..‬وأن نحاسب‬ ‫أنفسنا من أجل الوطن‬ ‫بنغازي التي يعرفها كل الليبيني بـ«رباية الذايح»‬ ‫أصبح اآلن كل سكانها «ذوايح»‪ ..‬إنها رمز لكل ليبيا‬ ‫ألن أهالي كثير من املناطق واملدن الليبية أصبحوا‬ ‫مهجرين و«ذايحني» في اخلارج‬ ‫ّ‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون ليبية‬

‫اجلماعات احملسوبة على النظام‬ ‫السابق والتي هي مشبوهة بأنها‬ ‫كانت قريبة من النظام وتطالب‬ ‫أن يكون لها دور فاعل‪ ،‬ورمبا‬ ‫هي متهمة بأنها تذكي الكثير‬ ‫م ��ن اخل�ل�اف ��ات أدع ��وه ��ا ب��أن‬ ‫تبتعد ع��ن امل�ش�ه��د السياسي‬ ‫اآلن م��ن أج��ل ليبيا وم��ن أجل‬ ‫الليبيني‪ ،‬وأيضا أنا أطالب كل‬ ‫م��واط��ن ليبي وك��ل مسئول‪ ،‬بل‬ ‫وك��ل نائب في مجلس البرملان‬ ‫أن يتصالح مع النفس أوالً‪ ،‬أن‬ ‫نخلق حالة س�لام م��ع أنفسنا‪،‬‬ ‫علينا أن نحاسب النفس من‬ ‫أج��ل ال��وط��ن‪ ..‬ه��ل م��ا أمارسه‬ ‫من عمل بشكل سياسي يخفي‬ ‫ما أضمره بداخلي؟ أو يعبر عنه‬ ‫بشكل صحيح‪.‬‬ ‫إذا استطعنا أن ن�ح�ق��ق ه��ذا‬ ‫الصلح والتصالح مع النفس‪ ،‬ثم‬ ‫التصالح مابني القوى السياسية‬ ‫ال �ت��ي مت �ل��ك أج� �ن ��دات خ��اص��ة‬ ‫وترى بأن هناك خالفات فيما‬ ‫ب �ي �ن �ه��ا‪ ..‬عليها أن تلتقي مع‬ ‫بعضها وتضع أجنداتها لصالح ليبيا من أجل ليبيا‪ ،‬وأنا ال أدعوها‬ ‫أن تتخلى عن مبادئها وأهدافها املشروعة والوطنية الصحيحة‪،‬‬ ‫ولكن يظل كل ذلك في مجموعة من املبادئ الوطنية واأله��داف‪،‬‬ ‫وعندما نقول مبادئ وأهداف ثورة ‪ 17‬فبراير كثير ممن يواجهونني‬ ‫بالقول ما هي أه��داف ثورة ‪ 17‬فبراير؟ إنها التي ال يستطيع أن‬ ‫يدعي أحد أو مجموعة أنها صاحبة الفضل فيها‪.‬‬ ‫أن��ا أق��ول اآلن أن هناك أس��رار كثيرة رمب��ا ستبقى طي الكتمان‬ ‫رمبا عشرة أو خمس عشرة سنة ولكنها ستظهر‪ ،‬ورمبا بعض منا‬ ‫ميلك بعض هذه األسرار لقيام هذه الثورة‪ ،‬ولكن علينا أن نعي اآلن‬ ‫أن املرحلة تستدعي وبحدة وبشكل صحيح أن نؤكد بأن مبادئ‬ ‫وأه��داف ث��ورة ‪ 17‬فبراير هي املعني بها كل ما افتقده املواطن‬ ‫الليبي من حقوق املواطنة من الدميقراطية من العدالة من كرامة‬ ‫من حرية ال��رأي والتعبير من فصل السلطات من قانون من قيام‬ ‫الدولة ومؤسساتها احلقيقية‪ ،‬هذه كلها وغيرها من القيم اإلنسانية‬ ‫التي كان يفتقدها املواطن الليبي هي التي تشكل أهداف الثورة التي‬ ‫تقدم لها الشباب وضحوا من أجلها وكانوا يطالبون بهذه األهداف‪،‬‬ ‫فما كانوا يفقدونه كانوا يطالبون به وما كانوا يطالبون به هو ما‬ ‫ميثل أهداف الثورة‪.‬‬ ‫هناك أيضاً من يدعي بأنه ليس هناك ث��وار وليس هناك ث��ورة‪،‬‬ ‫وهذا خلط في احلقيقة‪ ،‬خلط لألمور ال ميكن قبوله‪ ..‬ال‪ ..‬كان‬ ‫هناك ثوار حقيقيون‪ ،‬هناك من مات‪ ،‬هناك من رجع لطبيعة عمله‪،‬‬ ‫وهناك ثوار بدأت تلعب عليهم األجندات األخرى سواء بشكل ديني‬ ‫أو من حتت إغراء األم��وال‪ .‬ال ننسى على اإلطالق يا سيدي بأن‬

‫أبو سهمني خلق قوة عسكرية له‬ ‫ميولها ويعطيها أم��وال‪ ،‬وهناك‬ ‫أيضاً جماعة اإلخوان املسلمني‬ ‫أو ح��زب العدالة والبناء كانت‬ ‫ل��ه ق ��وة ع�س�ك��ري��ة مت �ل��ك امل��ال‬ ‫والسالح وهي موجودة حلد اآلن‬ ‫هناك أيضاً علي زي��دان نفسه‬ ‫في رئاسة الوزراء شكل في يوم‬ ‫من األيام قوة عسكرية وأغدق‬ ‫م�ج�م��وع��ة م��ن ال� �ث ��وار ب��أم��وال‬ ‫ره �ي �ب��ة‪ ..‬والن �ن �س��ى أي��ض��اً ان‬ ‫مجموعة كبيرة من الثوار الذين‬ ‫شكلوا ال��دروع كانوا محتاجني‬ ‫إل��ى أشياء كثيرة وكانوا فقراء‬ ‫وغ �ي��ر م��وظ�ف�ين ومي�ث�ل��ون ج��زء‬ ‫كبير من البطالة باملجتمع الليبي‬ ‫ووج���دوا امل �ك��ان ال��ذي ي��وف��رون‬ ‫منه ليس املال فقط بل السلطة‬ ‫س��واء ك��ان بامتالك السالح أو‬ ‫االن �ض��واء حت��ت سلطة حتركه‬ ‫بسالحه لتنفيذ أجنداتها أيضاً‪.‬‬ ‫وهناك املجموعات واجلماعات‬ ‫اإلس�ل�ام� �ي ��ة امل��ت��ط��رف��ة ال �ت��ي‬ ‫تستعمل العنف القاتل‪ ،‬العنف‬ ‫املر‪ ,‬الفكر الذي يقطع كل حبال التواصل مع اآلخرين واستطاعوا‬ ‫أن يدجنوا حتت عباءاتهم مجموعة من الثوار وهذا األمر يشكل‬ ‫خطورة وأنشأ حتالف غير صحيح و غير طبيعي وشكل خطورة‬ ‫على مجمل ليبيا وخلق اإلرهاب في ليبيا‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬إذ ًا كيف ت��رون املستقبل الليبي‪ ..‬ه��ل باإلمكان‬ ‫ً‬ ‫(فعال) خلق مصاحلة وطنية كفيلة بتمهيد األرض الليبية‬ ‫للشعب الليبي وإرجاع الوطن ألبنائه؟‬ ‫عميش‪ :‬أخي العزيز أنا في احلقيقة أقول لك نعم‪ ،‬البد أن نتمسك‬ ‫بهذا األمل وأن نكافح من أجله وإال فماذا نفعل‪ ..‬أنا مسكون بكل‬ ‫هموم ليبيا‪ ،‬بكل ما يحدث في كل منطقة في ليبيا‪ ،‬وأعتقد أن كل‬ ‫ما يحدث في ليبيا الصورة الظاهرة له هو ما يحدث في بنغازي‬ ‫اآلن‪ ،‬بنغازي التي دم��رت‪ ،‬بنغازي عمرها ما كانت تخضع لقبيلة‬ ‫أو لعشيرة بعينها بقدر ما كانت تضم كافة قبائل ومناذج ليبيا من‬ ‫الغرب ومن اجلنوب ومن الشرق وكل األعراق مسكونني ببنغازي‪،‬‬ ‫وأنا أعتقد أن بنغازي هي مفتاح احلل لكل اخلالفات والصراعات‬ ‫القائمة وآمل أن ينعقد البرملان في أقرب وقت مبدينة التشريع في‬ ‫بنغازي‪ ..‬بنغازي التي يعرفها كل الليبيني بـ»رباية الذايح» أصبح اآلن‬ ‫كل سكانها «ذوايح»‪ ،‬وهذا رمز لكل ليبيا أيضاً الن أهالي كثير من‬ ‫املناطق واملدن الليبية أصبحوا مهجرين و»ذايحني» في اخلارج‪.‬‬ ‫إننا نحتاج فع ً‬ ‫ال للم الشمل وصدق النوايا وإذا حتقق هذا األمر‬ ‫سنحقق حرية الوطن واملواطن‪ ،‬وإذا غادرنا هذا األمل فقد انتهينا‬ ‫ومتنا‪ .‬وأحذر أيضاً أنه يجب أن ننتبه للمؤامرات الدولية وأن ال‬ ‫نعتقد بأن األمريكان يسعوا فع ً‬ ‫ال لتحقيق الدميقراطية في منطقتنا‬

‫كل ما يحدث في ليبيا جتد صورته الظاهرة ما‬ ‫يحدث في بنغازي اآلن‪ ..‬بنغازي لم تكن أبد ًا‬ ‫خاضعة لقبيلة أو لعشيرة بعينها بقدر ما كانت‬ ‫تضم كافة قبائل ومناذج ليبيا من الغرب ومن‬ ‫اجلنوب ومن الشرق‪ ..‬أعتقد أن بنغازي هي مفتاح‬ ‫احلل لكل اخلالفات والصراعات القائمة‬

‫األمريكان ال يسعون فع ًال لتحقيق الدميقراطية‬ ‫في منطقتنا العربية أو حتقيق العدالة في‬ ‫ليبيا‪ ..‬أبد ًا‬


‫العربية أو حتقيق العدالة في ليبيا‪ ،‬أب��داً‪ ،‬ه��ؤالء الناس تاريخهم‬ ‫واضح‪ ،‬ونحن ال نريد أن نكون صومال وال نريد أن نكون عراق وال‬ ‫نريد أن نكون حتى مين ألننا نحن في ليبيا نختلف عن كل هذه‬ ‫املناطق في احلقيقة‪ ،‬لألسف ماذا فعل األمريكان بدءاً من قضية‬ ‫أفغانستان وصنعهم للتيار الديني املتطرف‪ ،‬وأعتقد أن هدفهم‬ ‫لم يكن ضرب الكرملني والشيوعية منذ ذلك الوقت بقدر ما كان‬ ‫هدفهم تفتيت املنطقة وجتزئة املجزأ‪ ،‬وخلق الصراعات في املنطقة‬ ‫العربية وحتقيق سيطرتهم على املفتت مبنطقتنا العربية‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل ميكن أن يكون لألمم املتحدة دور في حتقيق‬ ‫املصاحلة بني الليبيني فيما بينهم؟‬ ‫عميش‪ :‬أنا أؤمن بأن األمم املتحدة لها دور‪ ،‬وهذه قضية دولية‬ ‫والبد أن نكون منخرطني في هذا األمر ونتابعه بدقة‪ ،‬ولكن نحن‬ ‫ال نريد أن تضغط أمريكا وتدعم قوة بعينها في ليبيا أو تدعم تيار‬ ‫بعينه أو تدفع باجتاه معني وخاصة أن جماعة اإلخوان املسلمني‬ ‫متهمون بأنهم مدعومون من األمريكان منذ سنني طويلة‪ ،‬خاصة‬ ‫عندما ع��دل اإلخ ��وان املسلمني وأعلنوا أنهم تخلوا ع��ن العنف‬ ‫وعن السالح فقبلوا بهم األمريكان وأصبحوا هم الداعمون لهم‬

‫وساعدوهم لتحقيق أشياء كثيرة وخلقوا ه��ذه الصراعات رمبا‬ ‫لضرب الدين اإلسالمي نفسه‪ ،‬منذ أن خلقوا االنشقاق في الساحة‬ ‫الفلسطينية عبر حماس وامتد إلى ما نحن فيه اآلن‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل تريد أن نعود ملوضوع املصاحلة الليبية رمبا‬ ‫إلضافة شيء نختتم به؟‬ ‫عميش‪ :‬كما قلت علينا أن نفتح ص��دورن��ا وقلوبنا لبعض وأن‬ ‫نصدق النوايا‪ ،‬وأدعو الذين يدعون لرفض احلوار أن يركنوا جانباً‬ ‫وينتظروا م��اذا يحدث‪ ،‬أيضاً الب��د أن ننطلق من الشرعية التي‬ ‫أفرزتها نتائج االنتخابات متمثلة في مجلس النواب صاحب السلطة‬ ‫التشريعية املعترف بها‪ .‬وأعتقد إذا نحن استطعنا بناء أجهزة‬ ‫الدولة‪ ،‬بناء أجهزة األمن الداخلي‪ ،‬بناء جهاز مخابرات وطني يعتبر‬ ‫العمود الفقري حلماية الدولة من مؤامرات اخل��ارج‪ ،‬نستطيع أن‬ ‫نحمي سيادتنا الوطنية ونستطيع أن نقف في وجه كل التدخالت‬ ‫اخلارجية‪ ،‬أما نحن فنستطيع أن جنلس على حصير مع بعضنا‪..‬‬ ‫كلنا ليبيون نستطيع أن نحل قضايانا مبنتهى الود والصدق واحلب‬ ‫إذا أردن��ا فع ً‬ ‫ال أن نعيش في بالدنا ليبيا آمنة مستقرة من أجل‬ ‫أجيالنا القادمة‪.‬‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫داعشلوجيا‬

‫الزمن واآلفات ‪ ..‬رديفان عاركهما اإلنسان مذ جاء وكان ‪ ..‬والزال يعاركهما حتى يخرج من احلياة مدان ًا بجهالته‬ ‫وقبح سيرته ‪ ,‬أو شهيد ًا إلجل مكرمته ‪!!...‬‬ ‫لو ‪ ..‬ظل أبناء من طفوا مع « نوح « على اللوح مؤمنني كآبائهم ‪ ,‬لكان للوجود واحلياة سيرة أخرى أزكى وأروع‬ ‫ً‬ ‫سبيال لبلوغ نهاية ‪ ,‬تبدو على كل‬ ‫وأثمن ‪ ...‬ولكان للفكر اإلنساني توجه مختلف عن املنزلق اخلطر الذي اتخذه‬ ‫األصعدة والتوقعات مؤملة وفظيعة ‪ ,‬فيضع العلم نبوءات الفيضان أواالنفجار أواالرتطام أو االحتراق خيارات‬ ‫ختامية ونهايات محتملة ملسكننا األرضي ‪ ,‬وجتزم الشرائع بحدوث القيامة والبعث بزمن فساد ويأس ‪!!...‬‬

‫عبدالواحد حركات‬

‫الجيل الداعشلوجي األخير!!‬

‫التهجير فعل داعشلوجي موروث‬


‫البنا وقطب ‪ ..‬والتنظير للعنف‬

‫البحث عن العنف فقط‬ ‫بن الدن من جيل الداعشلوجيا الثالث‬

‫جيل الداعشلوجيني الثالث ابتكر ضحاياه‬ ‫وخسف باجلميع في هاوية الكفر‬ ‫املودودي ‪ ..‬مفتتح الداعشلوجيا األخيرة‬

‫الداعشلوجيون مكمل أساسي لرحلة اآلدميني على درب الشرائع‪,‬‬ ‫ووج��وده��م أو تصدرهم للمشهد الشرائعي مزامن ملوسم التحول‬ ‫والتقول في الشريعة التي يتقولون باسمها ويجلدون بسياطها‪ ,‬وكما‬ ‫أظهرت اليهودية داعشلوجيوها الذين ترصدوا للمسيح « عيسى «‬ ‫وأمه وحوارييه ‪ ,‬وأشعلوا العنف وأفرجوا عن جينات االفتراس باسم‬ ‫الشريعة بعد « موسى « بحوالي ‪ 1400‬سنة ‪ ,‬وافتتحوا الدرب لتلحقهم‬ ‫ثان من الداعشلوجيني وشحذت‬ ‫املسيحية بعدما أسرجت عقول جيل ٍ‬ ‫فيهم اإلفتراس الصدئ ‪ ,‬وأوكلت لهم مهمة إضطهاد املوريسكيني في‬ ‫إسبانيا ‪ ,‬فابتكروا منهج ومفاهيم ومسميات معجمية مكللة بأشواك‬ ‫العنف والعداء ‪ ,‬وباركت لهم الكنيسة التي لم ت َر النور حتى عهد «‬ ‫قسطنطني « بعد عشرة أجيال من املسيح فعلهم وذئبيتهم ‪ ,‬فجسدوا‬ ‫بزعامة « تركيمادا و بيلدا « لوحة داعلوجشية مسيحية املظاهر ‪,‬‬ ‫مثلت بعد « ‪ 1400‬سنة « من املسيح نضج فظيع للداعشلوجيا مقنع‬ ‫مبثل املسيحية واإلجنيل ومتكأ على كنيستها ‪!!.. .‬‬ ‫جتلي الداعشلوجيتان اليهودية واملسيحية مت بتدرج مراحلي ‪ ,‬خالل‬ ‫زمن مهيأ بخامات بـُـــــنَى الداعشلوجيا ومنطلقاتها وبواعثها وبيئتها‬ ‫الفكرية ‪ ,‬وكما تعهد الزمن مبحتوياته وسكب عوامل التحلل بدرب‬ ‫شريعة « موسى‪ /‬عليه السالم « ‪ ,‬وأع��اد الكرة ثانية مع شريعة «‬ ‫عيسى‪ /‬عليه السالم « ‪ ,‬جاء بذات العوامل لعيد الكرة وللمرة الثالثة‬ ‫مع شريعة « محمد ‪ /‬عليه السالم «‪ ,‬ويعلن عن جتلِ ثالث وموسم‬ ‫أخير للداعشلوجيا املرتدية ألقنعة اإلسالم ‪ ..‬ومكنها من إسراج عقول‬

‫أبو األعلى املودودي يقارع املهامتا غاندي ويجعل‬ ‫من اإلسالم مصارعا سياسيا داخل احللبات‬ ‫البرملانية‬ ‫املواجهة بني الهندوس واملسلمني كانت حتمل‬ ‫مالمح الداعشلوجيا‬ ‫وضمائر جيل داعشلوجي ثالث ‪ ,‬بعدما تزود ومتنطق وتفقه بذات‬ ‫اإلكسسوارات الداعشلوجية ‪ ,‬لتجسيد لوحة داعشلوجية محمدية‬ ‫املظاهر ‪ ,‬معلنة حلول املوسم الداعشلوجي بعد « ‪ 1400‬سنة « من‬ ‫بعثة نبي العرب اخلامت ‪!!!..‬‬ ‫نزول القرآن في مكة حدد موعد الداعشلوجيا األخيرة ‪ ,‬ورغم‬ ‫فقد الضحية وفق النسق التقليدي املعتاد ‪ ,‬وبسبب عدم وجود‬ ‫ن�ب��ي أو شريعة ج��دي��دة ‪ ,‬ابتكر جيل الداعشلوجيني الثالث‬ ‫ضحاياه ‪ ,‬وخ�س��ف باجلميع ف��ي ه��اوي��ة الكفر ‪ ,‬وأح�ل��ل بهم‬ ‫ط�ق��وس االف �ت��راس امل�س�ن��د للشريعة احمل�م��دي��ة ‪ ,‬وج�ع�ل��وا من‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫داعشلوجيا‬ ‫املهامتا غاندي‬

‫جاهليتهم واجهة عصرية للشريعة ‪!!!...‬‬ ‫« أبو األعلى املودودي « مفتتح الداعشلوجيا احملمدية الفعلي ‪ ,‬فبعدما‬ ‫اقتات مخرجات احلركة الديوباندية في الهند ‪ ,‬سعى ملقارعة «‬ ‫املهامتا غاندي « باسم اإلسالم وجعله عدواً معتقدياً ‪ ,‬ودافعاً لتأليف‬ ‫كتاب « اجلهاد في اإلسالم « ضمن احلراك العام املشحون بالبغضاء‬ ‫والطائفية في الهند ‪ ,‬ونادى بتطبيق الشريعة ‪ ,‬وجعل من اإلسالم‬ ‫مصارع سياسي داخل احللبات البرملانية ‪ ,‬وخصص له جماعة وفئة‬ ‫ضيقة متثله وتتحدث باسم شريعته ‪ ,‬وتصنف بها اآلخر وتدينه ‪,‬‬ ‫وجعلها وسيلته التي يعبر بها عن وجوده وشخصيته ‪ ,‬التي درجت على‬ ‫مخاصمة اآلخر ‪ ,‬وتشربت القطيعة والعداء منذ الطفولة ‪ ,‬وكان منعه‬ ‫من اإللتحاق باملدارس اإلجنليزية بحجة الشريعة املغايرة أو املناقضة‬ ‫واملكتفية عن ذاك اآلخر ‪,‬الذي مثلته تلك امل��دارس ‪ ,‬حجر أساس‬ ‫لهيكل الداعشلوجيا الفظيع ‪!!...‬‬ ‫البيئة الفكرية التي حملت « امل��ودودي « من منطلقات الديوباندية‬ ‫املشتهرة بالتسامح إل��ي إحياء اجلهاد ‪ ,‬كانت مكتظة مبواجهات‬ ‫فردية وجماعية بني أتباع الهندوسية واملسلمني في الهند ‪ ,‬وبزوغ‬ ‫« سوامي شردهانند « وتزعمه حلركة « «حركة اكراه املسلمني على‬ ‫اعتناق الهندوسية» ومقتله ‪ ,‬وحدوث املواجهات املتسمة بالعنف سنة‬ ‫« ‪1926‬م « ‪ ,‬أتاح الفرصة لتأسيس حركة مضادة تتوشح باإلسالم‬ ‫وتقترف الفعل باسم الشريعة احملمدية ‪ ,‬فكانت « اجلماعة االسالمية‬ ‫– ‪ « 1941‬السيف الذي أستل لتمثيل الشريعة في ساحات العنف‬ ‫حيث ال شيئ عدا املوت ‪!!!. ..‬‬ ‫املواجهة ب�ين الهندوس واملسلمني ف��ي الهند كانت حتمل مالمح‬ ‫الداعشلوجيا وتشرب من ينابيعها بشراهة مرعبة ‪ ,‬وكان « قرار الهور‬ ‫« الداعي لتكوين دولة إسالمية مستقلة شرارة البدء ملعركة العقائد‬ ‫الدامية‪ ,‬التي تساقطت فيها جثث املسلمني والهندوس ‪ ,‬وتزعم‬ ‫مسلميها « محمد علي جناح « ليظفر بــ « باكستان ‪ /‬األرض الطاهرة‬ ‫« ويؤسس دولة دينية إسالمية لم تنتهي « املعركة « ‪ ,‬فباكستان تعيش‬ ‫حالة مواجهة وترقب وحرب معتقدية دائمة مع جارتها الهند « دولة‬ ‫الهندوس ‪ /‬غالباً « ‪ ,‬وسطوة املؤسسني « املودودي وإقبال وجناح «‬ ‫وتوجههم إلي مشروع اخلالفة الزال قائماً ورائجاً ‪ ,‬وقد جتاوز الهند‬ ‫واقتنى تاريخ وثقافة تؤهالنه للتعولم ‪!!!...‬‬ ‫الفكر الشرقي وفلسفاته املشبعة املتمحورة على الذات أثر على تكوين‬ ‫الفكر اإلسالمي ‪ ,‬وصبغ منهج الفكر ومخرجاته بصباغ شرقية جنوب‬ ‫آسيوية ’ جعلت من اجلنوب اآلسيوي مرتكز الثقافة « اإلسالموية «‬ ‫ومعسكراً عقائدياً أثرت ميثولوجيات الشرق القدمي في نتاج مفكريه‬ ‫وزعمائه ‪ ,‬فصار للذات وللشخصنة أسبقية ولها تأثير في موضوعات‬ ‫الشريعة ومناهج الفلسفات التتي تتغذي على أصولها ‪!!...‬‬ ‫سقط « غاندي « وسط أتون معركة الهندوس واملسلمني ‪ ,‬وسقطت‬ ‫معه آخر أماني الوفاق والتعايش السلمي بني طوائف الهنود ‪ ,‬وصارت‬ ‫العقائد مخرج لألماني وعقبة ك��أداء في سبيل األمن بذات الوقت‬ ‫واملكان ‪ ..‬وانتشرت أصداء الدعوة للخالفة وتأسس منهج اإلسالم‬ ‫السياسي بالتقارب والتوافق بني رؤى وأط��روح��ات وف�ت��اوى « أبي‬ ‫األعلى املودودي وأبي احلسن الندوي ومحمد طفيل وسيد قطب « ‪..‬‬ ‫فاصبحوا بالتقادم والتداول مدرسة فكرية ومنهج سياسي وقادة فكر‬ ‫ودعاة حرب مقدسة باسم الشريعة احملمدية ‪ ,‬جتمهرت ألفكارهم‬ ‫األدمغة وتقاطرت على نهجهم اجلموع ‪ ,‬وحتولت مواطنهم إلي مدارس‬

‫منهج اإلسالم السياسي تأسس بالتقارب والتوافق‬ ‫بني رؤى وأطروحات وفتاوى املودودي والندري‬ ‫وطفيل وقطب‬ ‫األمريكان واإلجنليز وحلفاؤهم شركاء أساسيون‬ ‫في تكوين جيل الداعشلوجيني اإلسالميني‬ ‫دحرجة الرؤوس على تراب درنة أو على شاطىء‬ ‫البحر يدلل على حقيقة انهيار اجلناة روحي ًا‬ ‫نهاية الداعشلوجيا ليست بعيدة ‪ ..‬لكنها ستكون‬ ‫فظيعة ومكلفة !!‬ ‫ووجهة ملريديهم ومعتنقي مبادئهم وآرائهم ‪!!..‬‬ ‫فترة املخاض أو مرحلة التكوين والتنشئة والتربية والتدريب توفرت‬ ‫لها ظروف عنف استثنائية ‪ ,‬فصار ألحداث املواجهات بني الهندوس‬ ‫واملسلمني في الهند ومضاعفاتها ‪ ,‬واألحداث الدموية التي عايشها‬ ‫مسلمو اجل �ن��وب اآلس �ي��وي ف��ي ال�ص�ين والفلبني وت��اي�لاد وب��ورم��ا‬ ‫وسيريالنكا وأندونيسيا وافغانستان تاريخ يستشهد به دعاة العنف‬ ‫وأص�ح��اب ال�ن��زوع الداعشلوجي ‪ ,‬وب��ات لكل ح��دث دم��وي تفسير‬ ‫معتقدي وتأويل معطوف على الشرائع ‪ ..‬وخلف اجليل املؤسس جيل‬ ‫جديد مشبع بالعنف كوسيلة نشر وتعبير وحماية للشريعة ومتدرب‬ ‫على معايشة العنف ومساكنته وتشريعه والتعامل به وامتهانه ‪!!! ..‬‬ ‫ال ميكن نكران وجود دعاة السلم بني ظهراني احلركات اإلسالمية‬ ‫الناشئة باجلنوب اآلسيوي ‪ ..‬وإن كان الرواج والتعاطي العاملي ملمتهني‬ ‫العنف ومقترفيه قد رسم لإلسالم وللمطالبني باحلقوق والعدالة من‬ ‫معتنقيه صورة دموية مرعبة ‪ ,‬وبات اإلسالم ‪،‬وألسباب كثيرة ال تخلو‬ ‫من دسائس املخابرات وأعداء اإلسالم التقليديني ‪،‬مثاالً ورمزاً للعنف‬ ‫عند البسطاء ومقتاتي املعرفة من الوسائل التي أدمنت معاداة كل‬ ‫«محمدي « ‪!!! ..‬‬ ‫بعد النضج وتكون السند واملؤسسة ‪ ,‬وبعد اغتيال « أسامة بن الدن‬ ‫« جتلت الداعشلوجيا اإلسالمية ‪ ,‬وباتت خالفة « بن الدن « مشروع‬ ‫خالفة إسالمية ‪ ,‬فقد أضحت هنالك دولة اسالمية افتراضية لها‬ ‫اتباع ومريدين وال ينقصها سوى دار للخالفة ‪ ,‬وأمسى البحث عن‬ ‫دار للخالفة وخليفة مطلباً أساسي ‪ ,‬وسيلة حتقيقه العنف املوجه‬ ‫ٍ‬ ‫ألعداء الشريعة احملمدية ‪ ,‬حسب رؤى محتكريها احململني بأحمال‬


‫من يدعم داعش ليبياعسكريا وماليا؟‬

‫هذه اجلرمية تعبير عن انهيار اجلناة روحيا أيضا‬

‫الداعشلوجيا املوروثة ‪!!!...‬‬ ‫األمريكان واإلجنليز وحلفاؤهم شركاء أساسيون في تكوين جيل‬ ‫جتلي الداعشلوجيني اإلسالمويني ‪ ,‬وضخ الدماء بعروق احلركات‬ ‫اإلسالمية احملتضنة لفكر العنف مكيدة مخابراتية انقلبت على‬ ‫مصمميها ورعاتها األساسيني ‪ ,‬ولعب التوافق الرهيب واملريب مع‬ ‫موعد وموسم الداعشلوجيا ‪ ,‬بعد « ‪ 1400‬سنة « من بعثة نبي العرب‬ ‫خ��امت االنبياء دوراً أساسي في ما يفعل باسم اإلس�لام والشريعة‬ ‫احملمدية ‪.!!..‬‬ ‫العشرية السوداء في اجلزائر ‪ ,‬واألحداث الدموية التي تعيشها منطقة‬ ‫الشرق األوسط جتسد داعشلوجيا اجليل األخير بأقسى صورها ‪,‬‬ ‫واالرتكاز على الشريعة لتبرير القتل وانتهاك احلرمات والتعذيب أو‬ ‫القتل والذبح يُعد انحرافاً رهيباً في تاريخ اإلسالم ‪ ,‬وإن كان مفتتح‬ ‫التغيير مت حتت شعارات مطلبية وبدعاوى اجلوع واحلاجة إلي ترسيم‬ ‫الدميقراطية وتوطني العدالة اإلجتماعية وصيانة كرامة اإلنسان‬ ‫الشرق أوسطي ’ إال أن بروز وارتقاء احلركات اإلسالموية والزعماء‬ ‫اإلسالمويني لساللم السلطة السياسية وحيازتهم للحكم ’ أحدث‬ ‫انحرافاً وان��زالق�اً مرعباً في التغيير ‪ ,‬فتحولت صراعات التغيير‬ ‫السياسية إلي حرب مقدسة معلنة باسم الشريعة احملمدية على غير‬ ‫احملمديني أو احملمديني الغير ممتهني للعنف املعارضني ملشروعات‬ ‫اإلسالم السياسي السلطوية امللوثة ‪!!..‬‬ ‫تكفير األنظمة وذبح املسيحيني وتهجيرهم من العراق أو سوريا بذريعة‬ ‫الشريعة فعل داعشلوجي موروث ‪ ,‬ومقترفي هذا الفعل يشكلون مرحلة‬ ‫أخيرة ونهائية ستفضي بأبناء آدم إلي « ُدهيماء « منتظرة ‪ ..‬وحالة‬ ‫الهرب واحلرب التي ميارسها الليبيون منذ سنوات جتسد بطريقة ما‬ ‫« فتنة األحالس « التي وصفها النبي ‪ ,‬ويبدو تشبت الداعشلوجيني‬ ‫بالعنف واستمرارهم في تعاطي احلقائق امللوثة خيار تدميري بالنسبة‬ ‫لإلسالم والشريعة احملمدية ‪!!...‬‬ ‫إن دحرجة الرؤوس على تراب « درنة « بالشرق الليبي أو على شاطئ‬ ‫البحر وهدر الدماء اآلدمية عنوة يدلل على حقيقة أنهيار اجلناة روحياً‪,‬‬

‫العشرية السوداء في اجلزائر‬

‫العشرية السوداء في اجلزائر واألحداث الدموية‬ ‫التي تعيشها منطقة الشرق األوسط جتسد‬ ‫داعشلوجيا اجليل األخير‬ ‫«قرار» الهور شرارة بدء معركة العقائد الدامية‬ ‫تكفير األنظمة وذبح املسيحيني وتهجيرهم‬ ‫من العراق أو سوريا بذريعة الشريعة فعل‬ ‫داعشلوجي موروث‬ ‫والتشبت بالتعصب وحتميل الشرائع السماوية ما ينافي سنن الله في‬ ‫خلقه يشي بالتشوه القيمي واملعتقدي لرواد هذا الفعل الالنساني ‪,‬‬ ‫ولعل وجهة داعشلوجيي شبة جزيرة العرب املسيطرين على اإلمارات‬ ‫اإلسالمية املعلنة في ليبيا هي مكة ’ إذ يسعى الداعشلوجيون إلي‬ ‫اع��ادة سيناريوا اخلالفة اإلسالمية ’ وينادون بدخول مكة فاحتني‬ ‫وجتديد الفتوحات وتطبيق الشريعة حتت رايتهم وحكمهم ‪!!...‬‬ ‫نهاية الداعشلوجيا ليست بعيدة ‪ ,‬ولكنها ستكون فظيعة ومكلفة‬ ‫وستحدث تغير قيمي في احلياة البشرية وستفضي باجلميع الي‬ ‫مرحلة بناء جديدة تتعامل مع الشرائع بصرامة أكثر وأكبر ‪!!..‬‬


‫‪26‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫بلدي بنغازي يطالب نواب‬ ‫ّ‬ ‫الموقتة‬ ‫المدينة الضغط على الحكومة‬

‫بنغازي ‪ ..‬الكورنيش‬

‫جريدة البرهان‪ :‬طالب املجلس البلدي ملدينة بنغازي أعضاء مجلس‬ ‫النواب عن املدينة بـ«استخدام صالحياتهم كسلطة عليا» في الضغط‬ ‫على احلكومة املوقتة لتحمل مسؤولياتها القانونية واألدبية‪ ،‬وإيجاد‬ ‫حلول عاجلة للنازحني واألوضاع املعيشية الصعبة للمواطنني‪.‬‬ ‫جاء ذلك خالل اجتماع عميد املجلس البلدي بنغازي عمر البرعصي مع‬ ‫أعضاء مجلس النواب عن بنغازي ُعقد السبت» ‪ 18‬أبريل «‬ ‫كما طالب املجلس البلدي خالل االجتماع‪ ،‬نواب املدينة ً‬ ‫أيضا بالضغط‬ ‫ِّ‬ ‫املتأخرة لكافة املواطنني‬ ‫على احلكومة من أجل سرعة صرف املرتبات‬ ‫العاملني في مختلف اجلهات‪ ،‬والبدء الفعلي في أعمار املدينة بالكامل‬ ‫مخصصات مالية لألسر النازحة باملدينة وخارجها وميزانية‬ ‫وصرف‬ ‫ّ‬ ‫طوارئ لبلدية بنغازي ملعاجلة األزمات بالقطاعات العاملة باملدينة‪.‬‬ ‫وأ ّكد عميد بلدية بنغازي خالل اللقاء على ضرورة سرعة التنفيذ نظ ًرا‬ ‫للوضع الراهن الذي متر به املدينة‪.‬‬ ‫وسلّم البرعصي أعضاء مجلس النواب عن مدينة بنغازي ملف يحوي‬ ‫قدمت من البلدية إلى احلكومة املوقتة‪.‬‬ ‫جميع املستندات التي ّ‬ ‫وحضر االجتماع أعضاء مجلس النواب عن بنغازي وهم‪ :‬سعيد خالد‬ ‫عمر وسعد عبدالقادر البدري وإبراهيم بوبكر الدرسي وسهام سرقيوة‬ ‫وجالل صالح الشويهدي وآمال محمد بعيو وعائشة يوسف العقوري‪.‬‬

‫وزارة االقتصاد‪:‬‬

‫احتياطي الدقيق كافٍ وال يوجد عجز‬

‫بوابة الوسط‪ :‬طمأنت وزارة االقتصاد‬ ‫ب��احل �ك��وم��ة امل ��وق� �ت ��ة امل ��واط� �ن�ي�ن‪ ،‬ب��أن‬ ‫احتياطي الدقيق ٍ‬ ‫كاف‪ ،‬وليس هناك أي‬ ‫عجز في هذه السلعة‪.‬‬ ‫ونقلت وكالة األنباء الليبية في البيضاء‬ ‫ع��ن ال �ن��اط��ق ب��اس��م احل �ك��وم��ة امل��وق�ت��ة‪،‬‬ ‫حامت العريبي‪ ،‬قوله إن احلبوب ترد إلى‬ ‫املطاحن وج��اري عمليات الطحن‪ ،‬رغم‬ ‫الصعوبات التي ت��واج��ه ال���وزارة‪ ،‬وع��دم‬ ‫وجود موازنة للحكومة حتى اآلن‪ ،‬وف ًقا‬ ‫لوكالة األنباء الليبية بالبيضاء‪.‬‬ ‫وأضاف العريبي أن احلكومة قادرة على‬ ‫توفير املخزون السلعي من هذه امل��ادة‪،‬‬ ‫وتوزيعها باملعدل السابق نفسه‪.‬‬ ‫وك� � ��ان وزي� � ��ر االق� �ت� �ص���اد وال �ص �ن��اع��ة‬ ‫باحلكومة املوقتة‪ ،‬منير عصر‪ ،‬قد حذر‬ ‫الشهر امل��اض��ي‪ ،‬م��ن دخ ��ول ال �ب�لاد في‬ ‫أزمة غذائية حادة خالل أسابيع‪.‬‬ ‫وكشف عصر عن وجود نقص حاد في‬ ‫املخزون السلعي‪ ،‬مطال ًبا مجلس النواب‬ ‫بسرعة التدخل لتفادي األزمة املنتظرة‬ ‫في السلع التموينية‪ ،‬باإلضافة إلى مادة‬ ‫الدقيق‪.‬‬

‫هل تشهد ليبيا أزمة دقيق ؟‬


‫ليون‬

‫ليون‪ :‬أنجزنا ‪ 80%‬من وثيقة االتفاق‬

‫داعش ليبيا يعدم ‪ 30‬إثيوبي ًا والميليشيات تقتحم فشلوم‬

‫اخلليج‪ :‬أقدم تنظيم «داعش» اإلرهابي على ذبح ‪ 30‬إثيوبياً مسيحياً‪،‬‬ ‫وطبق حد السرقة بقطع يد شاب ليبي في درنة‪ ،‬فيما متكنت ميليشيا‬ ‫«فجر ليبيا» املتشددة في طرابلس ليلة السبت املوافق ‪ 18‬أبريل من‬ ‫اقتحام حي فشلوم وسط العاصمة‪ ،‬بعد عدة محاوالت فاشلة‪ ،‬ما أسفر‬ ‫عن سقوط ‪ 7‬قتلى و‪ 20‬جريحاً‪ ،‬في وقت أكد املبعوث األممي إلى ليبيا‬ ‫أن طرفي األزمة اتفقا على ‪ 80%‬مما ورد في الوثيقة املقدمة لهما‪،‬‬ ‫كاشفاً أن البعثة تخطط لعقد لقاء للقيادات العسكرية في األيام املقبلة ‪.‬‬ ‫ونشر تنظيم «داعش» اإلرهابي تسجيل فيديو‪ ،‬أمس األحد‪ ،‬يعتقد أنه‬ ‫يظهر مقاتليه وهم يذبحون ويقتلون بالرصاص نحو ‪ 30‬مسيحياً إثيوبياً‬ ‫في ليبيا على ما يبدو ‪.‬‬ ‫ويظهر الفيديو ذبح نحو ‪ 15‬رج ً‬ ‫ال على شاطئ‪ ،‬وإعدام مجموعة أخرى‬ ‫بنفس العدد بإطالق الرصاص على الرأس في منطقة أخرى ‪.‬‬ ‫ونشر موقع م��وال للتنظيم ص��ورة ملا وصفه ب»تنفيذ حد من حدود‬ ‫الله»‪ ،‬يظهر فيها شاب ليبي يقف أمام طاولة ومن خلفه يبدو مسلحون‪،‬‬ ‫وبجانبه رجل ملثم يستعد لقطع يده بتهمة السرقة ‪ .‬وذكر املوقع أن‬ ‫تنفيذ «حد السرقة» مت أول أمس السبت مبدينة درنة ‪.‬‬ ‫وت��داول��ت وس��ائ��ل إع�ل�ام محلية تنصيب أب��و ال �ب��راء األزدي‪ ،‬اليمني‬ ‫اجلنسية‪ ،‬والياً على درنة من قبل التنظيم ‪.‬‬ ‫على صعيد آخر متكنت ميليشيا «فجر ليبيا» املتشددة في طرابلس‬ ‫من اقتحام حي فشلوم وسط العاصمة‪ ،‬بعد عدة محاوالت فاشلة‪ ،‬ما‬ ‫أسفر عن سقوط ‪ 7‬قتلى و‪ 20‬جريحاً‪ ،‬وق��ال شهود‪ :‬إن امليليشيات‬ ‫بقيادة عبدالرؤوف كارة قصفت احلي باألسلحة املتوسطة‪ ،‬ما أسفر عن‬ ‫سقوط قتلى وجرحى في صفوف املدنيني ‪.‬‬ ‫وذكرت مصادر «سكاي نيوز عربية» أن مسلحي «فجر ليبيا»‪ ،‬شنوا حملة‬ ‫اعتقاالت في صفوف الناشطني في فشلوم وتاجوراء‪ ،‬حيث احتجزوا‬ ‫العشرات‪ ،‬من بينهم صحفيون ‪.‬‬ ‫وأدى انفجار لغم أرضي أثناء مرور سيارة عسكرية بالقرب من بوابة‬ ‫ال‪ 200‬على طريق طبرق ‪ -‬إجدابيا‪ ،‬السبت‪ ،‬إلى وفاة جندي وجرح‬ ‫أربعة آخرين ‪.‬‬ ‫في غضون ذلك أعلن رئيس بعثة األمم املتحدة للدعم في ليبيا‪ ،‬برناردينو‬ ‫ليون‪ ،‬أن مفاوضات على مستوى املسؤولني العسكريني في ليبيا يجري‬ ‫التحضير لها لتعقد خالل فترة قريبة‪ ،‬معرباً عن أمله في أن جتمع‬ ‫جوالت احلوار اجلديدة زعماء القبائل الليبية ‪ .‬جاء ذلك خالل مؤمتر‬ ‫صحفي عقده ليون بقاعة املؤمترات في الصخيرات باملغرب‪ ،‬لعرض‬ ‫ما أجنز في جولة احلوار األخيرة بني األط��راف السياسية في ليبيا ‪.‬‬ ‫وقال ليون خالل املؤمتر‪« :‬أنهينا جولة جديدة من املفاوضات الليبية‪،‬‬ ‫ولدينا نسخة جديدة من الوثيقة السياسية‪ ،‬الوثيقة جاهزة بنسبة ‪80‬‬ ‫إلى ‪ ،90%‬ووافقت عليها األطراف الليبية»‪ ،‬وأضاف‪« :‬بقي ما نسبته‬ ‫‪ ،20%‬وهي نسبة مهمة جداً من االتفاق‪ ،‬وسيعود أطراف احلوار إلى‬ ‫ليبيا للتشاور خالل األي��ام املقبلة‪ ،‬وفي األسبوع ما بعد املقبل سنعود‬ ‫الستكمال احلوار» ‪.‬‬ ‫وأك��د ليون‪« :‬بذلنا جهداً جيداً خ�لال األي��ام املاضية‪ ،‬وال ت��زال لدينا‬ ‫صعوبات ف��ي ه��ذه امل �ف��اوض��ات‪ ،‬حيث ال ي��زال ه�ن��اك ن�ش��اط إره��اب��ي‬ ‫متصاعد في ليبيا‪ ،‬ومعلومات أولية عن تنامي تنظيم «داع��ش» في‬ ‫البالد‪ ،‬واملفاوضات السياسية الليبية تواجه مقاومة ورفضاً من نشاط‬ ‫املجموعات املسلحة‪ ،‬وسنواصل املفاوضات» ‪ .‬ودان ليون ب»قوة» جتدد‬ ‫اندالع أعمال العنف في ضواحي طرابلس !‬

‫جرمية شنيعة أخرى لداعش ليبيا‬

‫البيت األبيض‬

‫واشنطن تدين المجزرة‬ ‫«الوحشية» بحق المسيحيين‬ ‫اإلثيوبيين فى ليبيا‬ ‫اليوم السابع‪ :‬دان البيت األبيض بقوة االح��د ما وصفه بـ»املجزرة‬ ‫الوحشية» فى ليبيا حيث أعدم حوالى ‪ 30‬مسيحيا قيل أنهم اثيوبيون‬ ‫فى شريط فيديو بثه تنظيم داعش على مواقع جهادية‪ .‬وقالت املتحدثة‬ ‫باسم مجلس األمن القومى برناديت ميهن في بيان أن «الواليات املتحدة‬ ‫تدين بأقصى العبارات املجزرة الوحشية بحق املسيحيني االثيوبيني‬ ‫املفترضني على يد إرهابيني فى ليبيا ينتمون الى تنظيم داعش»‪.‬‬


‫‪28‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫الهجرة غير الشرعية‪..‬‬ ‫«بيزنس» ميليشيات ليبيا‬ ‫رينزي‬

‫رئيس وزراء‬ ‫إيطاليا‪ :‬لن نتدخل‬ ‫ً‬ ‫عسكريا في ليبيا‬ ‫لوقف الهجرة‬ ‫غير الشرعية‬ ‫ال��ت��ح��ري��ر‪ :‬أك ��د رئ �ي��س ال � ��وزراء‬ ‫اإليطالي‪ ،‬ماثيو رينزي‪ ،‬أن الوضع‬ ‫ف��ي ليبيا م� ��ازال ب��ال��غ اخل �ط��ورة‪،‬‬ ‫مشي ًرا إلى ضرورة العمل املشترك‬ ‫األوروبي للقضاء على املهربني‪.‬‬ ‫واستبعد «رينزي» التدخل العسكري‬ ‫ف��ي ليبيا ملواجهة مهربي الهجرة‬ ‫غير الشرعية عبر البحر املتوسط‬ ‫إلي إيطاليا‪ ،‬وذلك علي الرغم من‬ ‫أن الوضع مازال بالغ اخلطورة‪.‬‬ ‫ودع��ا رئيس ال��وزراء اإليطالي إلى‬ ‫ال�ت�ح�ل��ي ب��اإلن�س��ان�ي��ة إزاء ح��ادث‬ ‫غرق ق��ارب املهاجرين األخير في‬ ‫املتوسط‪ ،‬والذي أودى بحياة مئات‬ ‫األشخاص‪.‬‬ ‫وكانت احلكومة الليبية قد قامت‬ ‫بعرض إمكانية البحث اإليطالي‬ ‫في قاع البحر عن السفينة الغارقة‬ ‫م��ع اس �ت �م��رار مت �ك��ن ق� ��وات خفر‬ ‫ال�س��واح��ل املالطية م��ن نقل جثث‬ ‫املهاجرين‪ ،‬حيث أنها قريبة نسب ًيا‬ ‫من موقع احلادث‪.‬‬

‫سماسرة الهجرة غير‬ ‫الشرعية يرغمون كل فرد على‬ ‫دفع ألف دوالر‬

‫سكاي نيوز عربية‪ :‬أثارت كارثة غرق قارب به حوالى ‪ 700‬من املهاجرين غير الشرعيني قبالة السواحل‬ ‫الليبية‪ ،‬موجة من االنتقادات للدول األوروبية التي ال تهتم بحياة الناس بقدر ما هي معنية بإبعاد املهاجرين‪،‬‬ ‫لكن هناك جذر لألزمة ال يتحدث عنه اإلعالم‪ ،‬هو استفادة امليليشيات غير الشرعية في ليبيا من تلك الكوارث‪.‬‬ ‫تسيطر ميليشيات فجر ليبيا‪ ،‬املتمردة على الشرعية والذراع العسكري للمؤمتر الوطني املنتهية واليته وحكومته‬ ‫غير الشرعية في طرابلس‪ ،‬على القسط األكبر من «بزنس» الهجرة غير الشرعية عبر األراضي الليبية‪.‬‬ ‫ويدخل األغلبية عن طريق التسلل من دول اجلوار‪ ،‬لكن اجلنوب الليبي هو الطريق الرئيسي للقادمني من دول‬ ‫اجلوار اإلفريقي‪.‬‬ ‫مطار معيتيقة‬ ‫كما يأتي عدد كبير من السوريني والفلسطينيني عن طريق مطار معيتيقة (الواقع حتت سيطرة ميليشيات فجر‬ ‫ليبيا) في العاصمة طرابلس‪ ،‬ومن ثم ينتقلون الى املدن املجاورة كزوارة وصرمان وصبراته ومصراته‪.‬‬ ‫وإذا عرفنا أن الشخص الواحد يضطر إلى دفع ما يعادل ‪ 1000‬دوالر ليغادر األراضي الليبية‪ ،‬فإن ذلك يعني‬ ‫ماليني الدوالرات شهريا لهذه امليليشيات‪.‬‬ ‫وال يخفى على أحد وجود ميليشيات متشددة ضمن ميليشيات فجر ليبيا‪ ،‬ال تتورع في استغالل هذه العائدات‬ ‫في التسليح ومتويل عملياتها اإلرهابية‪.‬‬ ‫ويقول البعض داخل ليبيا إن جيوب أنصار الشريعة وتنظيم الدولة (داعش) في صرمان وزوارة يستغالن هذه‬ ‫التجارة لدعم مسلحيها‪.‬‬ ‫بو سهمني‬ ‫كان املؤمتر الوطني املنتهية واليته قد أمر الدروع بحماية احلدود في السابق‪ ،‬لكن يبدو أن ذلك حتول إلى جتارة‬ ‫أكثر منها حماية‪ ،‬إذ أن هذه الدروع تابعة مليليشيات فجر ليبيا‪.‬‬ ‫وحسب مصادر ليبية محلية‪ ،‬فإن هذه امليليشيات تتعاون مع ميليشيات فجر ليبيا في الساحل الغربي الليبي‬ ‫إليصال املئات من الذين يريدون الهجرة إلى أوروبا‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬رئيس املؤمتر الوطني املنتهية واليته نوري‬ ‫بو سهمني من مدينة ازوارة‪ ،‬التي تعتبر أهم مراكز انطالق الهجرة غير الشرعية من ليبيا‪.‬‬ ‫وتقول مصادر ليبية بأن أفراد عائلة نوري بو سهمني أصبحوا مليونيرات بسبب عملهم في هذا املجال‪.‬‬ ‫نقاط جتمع املهاجرين‬ ‫وحتاول قبائل التبو والزوية وقبائل مدينة الكفرة تأمني احلدود‪ ،‬لكنها ال جتد أي دعم من قبل السلطات الليبية‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 2011‬حاول القذافي استخدام الهجرة غير الشرعية للضغط على الدول األوروبية لوقف مشاركتها‬ ‫في عمليات الناتو ضد نظامه‪ ،‬ويقول البعض بأن ميليشيات فجر ليبيا تقوم باألمر ذاته وذلك لفرض ضغوط‬ ‫على إيطاليا لدعمها‪ .‬وقد وقع القذافي اتفاقية مع إيطاليا تتضمن دعم جهاز حرس احلدود وخفر السواحل‬ ‫ملكافحة الهجرة غير الشرعية‪ ،‬وأرس�ل��ت إيطاليا أرب��ع طائرات‬ ‫استطالع‪ .‬وأسقط اجليش الليبي إحدى هذه الطائرات التي كانت‬ ‫تستخدمها ميليشيات فجر ليبيا في أمور عسكرية‪.‬‬

‫بوسهمني ‪ ..‬عائلته حتصد‬ ‫املاليني من وراء الهجرة غير‬ ‫الشرعية‬

‫حدود الغرب‬ ‫وإذا كانت السلطات املصرية تؤمن احلدود الشرقية لليبيا‪ ،‬فإنه‬ ‫إلى جانب اجلنوب ومنافذ الشمال اخلاضعة مليليشيات فجر ليبيا‬ ‫هناك حدود الغرب‪.‬‬ ‫احلدود التونسية تؤمنها السلطات التونسية والتهريب منها قليل‬ ‫جدا‪ ،‬أما الشريط احل��دودي مع اجلزائر (وهو األط��ول من جهة‬ ‫ال � �غ� ��رب) ف �ت��ؤم �ن��ه ال �س �ل �ط��ات‬ ‫اجلزائرية من جهتها‪.‬‬ ‫ل� �ك ��ن ال � �ق� ��ادم �ي�ن م � ��ن م��ال��ي‬ ‫والسنغال يأتون عبرها للوصول‬ ‫إلى ليبيا ومن ثم االنطالق إلى‬ ‫أوروبا‪.‬‬


‫تونس تحمي نفسها من ليبيا بسياج إلكتروني‬

‫فرنسا ستمول المشروع‬ ‫العسكري بـ‪ 60‬مليون يورو‬ ‫السبسي‪ :‬مقاتلون تونسيون انضموا‬ ‫لطرفي النزاع في ليبيا‬

‫جريدة البالد‪ :‬قالت مصادر مطلعة إن السلطات التونسية أطلقت مشروعا عسكريا‬ ‫دفاعيا لتعزيز حدودها مع ليبيا بسياج الكتروني هو األول من نوعه في تاريخ البالد‪،‬‬ ‫وذلك للتصدي للتهديدات اإلرهابية واملخاطر األمنية املتزايدة على ضوء متدد تنظيم‬ ‫«داعش» في ليبيا‪ ،‬واقترابه من احلدود التونسية‪.‬‬ ‫وكشفت املصادر التي رافقت الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي خالل زيارته‬ ‫األخ�ي��رة لباريس‪ ،‬أن فرنسا أب��دت استعدادها لتمويل ه��ذا امل�ش��روع ال��ذي وصفه‬ ‫مراقبون بـ»الضخم والفريد من نوعه»‪ .‬ونقلت صحيفة «العرب» اللندنية عن املصادر‬ ‫قولها إن مبلغ الـ‪ 60‬مليون ي��ورو من دي��ون فرنسا لدى تونس‪ ،‬ال��ذي أعلن الرئيس‬ ‫الفرنسي فرنسوا هوالند‪ ،‬عن حتويله إلى مشاريع استثمارية في تونس‪ ،‬سيخصص‬ ‫لتمويل هذا املشروع‪.‬‬ ‫وأكدت مصادر سياسية وعسكرية تونسية أن املشروع الذي ستموله فرنسا يتضمن‬ ‫إقامة سياج إلكتروني لرصد حركة األفراد واآلليات‪ ،‬وسواتر ترابية‪ ،‬وخنادق قتالية‬ ‫على طول احلدود مع ليبيا‪ ،‬وذلك ملنع تسلل اإلرهابيني‪ ،‬وإلحكام السيطرة على احلدود‬ ‫يحد من عمليات التهريب‪ ،‬وخاصة تهريب السالح والذخائر احلربية واملتفجرات‪.‬‬ ‫مبا ّ‬ ‫وأعلن وزير الدفاع التونسي فرحات احلرشاني‪ ،‬عن البدء في تنفيذ هذا املشروع‪،‬‬ ‫قائال إنه يستهدف «تأمني وحماية احلدود اجلنوبية الشرقية» لبالده‪ ،‬عبر منع تسلل‬ ‫اإلرهابيني إل��ى تونس‪ ،‬واحل��د من ظاهرتي تهريب السلع وال�س�لاح‪ .‬وق��ال إن هذا‬ ‫املشروع يهدف أيضا إلى دعم وتعزيز املنظومة الدفاعية للقوات التونسية املتمركزة‬ ‫في املناطق الواقعة بني معبري «الذهيبة‪ /‬وازن» في أقصى اجلنوب‪ ،‬و»رأس جدير»‬ ‫في اجلنوب الشرقي‪ ،‬وهما املعبران الرئيسيان اللذان يربطان تونس بليبيا‪.‬‬ ‫وتعتبر ليبيا التي ينتشر فيها السالح بكثافة‪ ،‬مصدرا اساسيا لألخطار اإلرهابية التي‬ ‫تهدد تونس‪ ،‬وهو أمر تؤكده جميع الدوائر األمنية والعسكرية التونسية‪.‬‬ ‫كما أن تدهور األوضاع األمنية في ليبيا ساهم في اتساع رقعة املناطق التي يسيطر‬ ‫عليها تنظيم «داعش» الذي ال يخفي رغبته في التمدد نحو التراب التونسي‪ .‬وبحسب‬ ‫احلرشاني فإن السياج االلكتروني «سيُقلل من دخول السالح إلى البالد التونسية‪ .‬وقال‬ ‫إن السالح الذي استخدمه اإلرهابيون الذين نفذوا في ‪ 18‬مارس الهجوم الدموي على‬ ‫املتحف الوطني التونسي بضاحية باردو غرب تونس العاصمة «دخل البالد من ليبيا»‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬قال الرئيس التونسي‪ ،‬الباجي قائد السبسي‪ ،‬إ َّن ‪ 5‬آالف تونسي‬ ‫انضموا إلى تنظيم «داعش»‪ .‬وأضاف السبسي‪ ،‬في مقابلة مع قناة «احلدث» اإلخبارية‬ ‫السعودية أ َّن مقاتلني تونسني انضموا إلى طرفي النزاع في ليبيا‪ ،‬مشيرا إلى أ َّن هناك‬ ‫استغالالً للتونسيني في العمليات اإلرهابية‪.‬‬ ‫وتابع الرئيس التونسي أن «أمن ليبيا من أمن تونس»‪ ،‬مؤكدًا أ َّن «هناك خطوات تونسية‬ ‫حملاولة ِ ّ‬ ‫حل األزمة الليبية لن يتم اإلعالن عنها في الوقت الراهن»‪ .‬وسبق للسبسي‬ ‫القول إ َّن تونس أكثر البلدان عرضة لتداعيات األزمة في ليبيا‪.‬‬

‫هوالند‬

‫السبسي‬

‫الثني في لقاء خاص مع‬ ‫‪ :RT‬تركيا تدعم اإلرهاب‬ ‫في ليبيا بأموال قطرية‬ ‫روسيا اليوم‪ :‬وجه رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني في‬ ‫حوار خاص مع ‪ RT‬األربعاء ‪ 15‬أبريل أصابع االتهام إلى‬ ‫تركيا وقطر قائال «إن تركيا تدعم اإلرهاب في ليبيا بأموال‬ ‫قطرية»‪ .‬وأشار إلى أن بعض الدول تسعى إلى فرض التيار‬ ‫اإلسالمي املتطرف على ليبيا‪.‬‬ ‫وقال رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني إن بالده جلأت إلى‬ ‫روسيا بعدما تخلى عنها داعموها في أشد أوقات احلاجة‪.‬‬ ‫وأض��اف عبد الله الثني أن ب�لاده طلبت من روسيا دعمها‬ ‫في رفع حظر التسليح الدولي املفروض على ليبيا‪ ،‬مشددا‬ ‫على أن فرض حظر على تسليح احلكومة الليبية جاء بسبب‬ ‫تدخل عدد من الدول على رأسها بريطانيا‪.‬‬ ‫وأف ��اد الثني ب��أن حكومته تسعى إل��ى تفعيل االتفاقيات‬ ‫العسكرية مع روسيا في ظل الظروف الراهنة التي تعيشها‬ ‫ليبيا‪ ،‬مؤكدا أن السياسة الروسية ال تتغير بتغير املصالح‪.‬‬ ‫وأب���رز رئ�ي��س احل�ك��وم��ة امل�ع�ت��رف بها دول �ي��ا أن العالقات‬ ‫العسكرية م��ع روس �ي��ا ق��وي��ة‪ ،‬م��ؤك��دا أن ‪ 90‬ف��ي امل�ئ��ة من‬ ‫الترسانة العسكرية الليبية روسية الصنع‪.‬‬ ‫وأش��ار الثني في سياق حديثه‪ ،‬إلى أن ال��دول الغربية تكيل‬ ‫مبكيالني فيما يخص النزاع في ليبيا والوضع شبيه باليمن‪.‬‬ ‫وأوض ��ح رئيس ال���وزراء الليبي أن زي��ارت��ه إل��ى روس�ي��ا كان‬ ‫مخططا لها منذ مدة لكن ش��اءت األق��دار أن تتم في هذه‬ ‫الفترة‪ ،‬قائال إن العالقة ب�ين روس�ي��ا وليبيا ليست وليدة‬ ‫اللحظة‪ ،‬مبرزا أنها تعود إلى خمسينات القرن املاضي في‬ ‫عهد امللك إدريس السنوسي‪.‬‬ ‫وب�ّي�نّ عبد الله الثني أن روسيا كانت لها عالقات مميزة‬ ‫مع ليبيا توطدت في سبعينات القرن املاضي وخاصة في‬ ‫اجلانب العسكري‪ ،‬مشيرا إلى أن حوالي ‪ 17‬ألف ضابط‬ ‫وضابط صف تخرجوا من األكادمييات الروسية في السابق‬ ‫وهو ما يدعم العالقة القوية بني البلدين‪.‬‬ ‫وقال الثني إن القاعدة األساسية للتعاون موجودة في العديد‬ ‫م��ن امل �ج��االت كالتدريب والتسليح م��ن ط��ائ��رات ودب��اب��ات‬ ‫وأساطيل بحرية ومنظومة الدفاع اجلوي‪.‬‬ ‫وشدد رئيس ال��وزراء الليبي على أن زيارته احلالية لروسيا‬ ‫من شأنها أن تزيد من تفعيل االتفاقيات املوقعة عام ‪2008‬‬ ‫وسارية املفعول إلى ‪.2020‬‬ ‫وفي اجلانب االقتصادي صرح عبد الله الثني بأن ليبيا تعمل‬ ‫على تعزيز االتفاقيات املبرمة مع موسكو وإع��ادة تفعيلها‬ ‫وبرمجتها مب��ا يتماشى ومصلحة البلدين أخ��ذا ف��ي عني‬ ‫االعتبار األوضاع الراهنة‪.‬‬ ‫وبشأن األموال املجمدة بقرار من مجلس األمن الدولي والتي‬ ‫تخص نظام القدافي أفاد الثني بأن ليبيا لم تسترجعها حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬قائال «نتمنى أال تعود األموال في هذه الظروف حتى‬ ‫يستغلها الشعب الليبي بعد استقرار األوضاع»‪.‬‬


‫‪30‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫داعش ليبيا يدرب مغاربة لتنفيذ عمليات‬ ‫في إيطاليا‬

‫حبيب أفرام‬ ‫يطالب بتدخل‬ ‫أممي الجالء‬ ‫المسيحيين من‬ ‫ليبيا‬ ‫ال��ن��ش��رة‪ :‬ط��ال��ب رئ �ي��س ال��راب�ط��ة‬ ‫السريانية حبيب أف��رام باجتماع‬ ‫ع ��اج ��ل مل �ج �ل��س األم� � ��ن إلع � ��داد‬ ‫خطة إنسانية سريعة إلج�لاء كل‬ ‫املسيحيني م��ن ليبيا ب�ع��د تفاقم‬ ‫االعتداءات والقتل والذبح ضدهم‬ ‫من األصوليات التكفيرية وآخرها‬ ‫إعدام ‪ 28‬اثيوبياً أمام أعني العالم‬ ‫الذي يتفرج بغباء مذهل وتهمتهم‬ ‫الوحيدة أنهم مسيحيون لم يقبلوا‬ ‫تغيير دينهم حتت وطأة السيف‪.‬‬ ‫وس� ��أل أف�� ��رام أ ّال ي �س �ت��دع��ي ما‬ ‫يحصل م��ؤمت��راً إس�لام�ي�اً عاج ً‬ ‫ال‬ ‫أيضا مع خطة عمل واضحة في‬ ‫الفكر واإلع�ل�ام والتربية واألم��ن‬ ‫والعسكر‪ ،‬يكون له « عاصفة حزم‬ ‫ما» تردع هذا اإلرهاب الذي يلبس‬ ‫الدين واإلسالم ويكفّر باسم الدين‬ ‫واإلسالم ويذبح باسم الله‪.‬‬ ‫واس �ت �غ��رب أف� ��رام ك�ي��ف يتصرف‬ ‫املسيحيون جتاه ما يجري وكأنهم‬ ‫غير معنيني‪ ،‬ب��األم��س أق�ب��اط في‬ ‫ليبيا‪ ،‬اليوم أثيوبيون في ليبيا قبلها‬ ‫مسيحيون طالب في كينيا‪ ،‬قبلها‬ ‫في نيجيريا‪ ،‬ودائ �م �اً في املوصل‬ ‫ونينوى واخلابور؟ هل نحن شعوب‬ ‫معدة للذبح احلالل؟‬

‫الوطن العربي‪ :‬ذكرت تقارير إعالمية إيطالية‪ ،‬أن تقريراً مخابراتياً إيطالياً‪ ،‬أكد وجود تهديدات‬ ‫إرهابية حقيقية‪ ،‬مصدرها ليبيا‪ ،‬حيث يتم تدريب إرهابيني مغاربة ينتمون لداعش‪ ،‬على القيام‬ ‫بعمليات انتحارية في أوروب��ا عامة وإيطاليا خاصة‪ ،‬باستخدام طائرات مدنية اختفت من مطار‬ ‫طرابلس منذ مدة‪.‬‬ ‫وحصلت «إيسبريسو» اإليطالية‪ ،‬على وثائق سرية صادرة عن املخابرات العسكرية‪ ،‬تكشف وجود‬ ‫تخوف لدى أجهزة املخابرات األوروبية كلها من إمكانية إعادة سيناريو هجمات‪ 11‬سبتمبر عبر ليبيا‪.‬‬ ‫وأكدت األجهزة املخابراتية معلومات تخص وقوف عناصر من داعش في ليبيا وراء تدريب مقاتلني‬ ‫مغاربة على تنفيذ هجمات انتحارية‪ ،‬باستعمال طائرات مدنية اختفت من مطار طرابلس بعد سيطرة‬ ‫فجر ليبيا على العاصمة‪ ،‬وفقاً ملوقع ليبيا املستقبل‪ .‬ووفق املصدر نفسه‪ ،‬فإن األجهزة األمنية األوروبية‬ ‫قامت بإجناز تقرير عن التهديدات اإلرهابية‪ ،‬التي تواجه دوالً أوروبية وأخرى في شمال أفريقيا من‬ ‫بينها املغرب‪ ،‬مشيرة إلى إمكانية حترك الهجمات اإلرهابية لتطال أهدافاً مدنية وعسكرية على حد‬ ‫سواء‪.‬‬ ‫وأكدت الوثيقة أنه يتم تدريب مجموعة من عناصره على كيفية التحليق بالطائرات‪ ،‬واستعمالها في‬ ‫استهداف منشآت حساسة‪ ،‬من بينهم عدد من حملة اجلنسية املغربية‪.‬‬

‫أصحاب المنشآت السياحية يطالبون بتدخل‬ ‫الحكومة لدى ليبيا لتسديد مستحقاتها‬ ‫الدستور األردنية‪ :‬اعتصم‬ ‫ال� � �ع� � �ش � ��رات م � ��ن أص� �ح���اب‬ ‫امل� �ن� �ش ��آت ال �س �ي��اح �ي��ة أم��س‬ ‫أم� ��ام م�ب�ن��ى رئ��اس��ة ال� ��وزراء‬ ‫في العاصمة األردن�ي��ة عمان‬ ‫‪،‬ح � �ي� ��ث ط���ال� �ب���وا احل��ك��وم��ة‬ ‫بسرعة التدخل الن�ه��اء ملف‬ ‫مستحقات املنشآت السياحية‬ ‫م��ن احل �ك��وم��ة الليبية وال�ت��ي‬ ‫تقدر بثالثني مليون دينار‪.‬‬ ‫ون��اش��د املعتصمون احلكومة‬ ‫اي �ج��اد س�ب��ل س��ري�ع��ة وعملية‬ ‫النقاذهم من خسائر ضخمة‬ ‫ت��رت �ب��ت ع�ل�ي�ه��م ن�ت�ي�ج��ة ل�ع��دم‬ ‫دفع مطالباتهم من احلكومة‬ ‫ال�ل�ي�ب�ي��ة م�ن��ذ ث�ل�اث س �ن��وات‪،‬‬ ‫األم��ر ال��ذي نتج عنه اغ�لاق‬ ‫عدد من املنشآت فيما يهدد‬ ‫ج� ��زء ك �ب �ي��ر م �ن �ه��ا ب��االغ�ل�اق‬ ‫نتيجة الزمتهم املالية‪.‬‬ ‫وب� �ح� �س ��ب امل� �ت� �ح ��دث ب��اس��م‬ ‫امل � � �ن � � �ش� � ��آت س� � ��ام� � ��ي ب� �ك ��ر‬ ‫ل��ـ»ال��دس��ت��ور» ف ��إن اص �ح��اب‬ ‫امل� �ن� �ش ��آت ل���ن ي��ت��وق��ف��وا ع��ن‬ ‫إج ��راءات� �ه ��م ال ��ى ح�ي�ن ان �ه��اء‬ ‫امل �ل��ف ب�ش�ك��ل اي �ج��اب��ي‪ ،‬ذل��ك‬

‫ان ه�� ��ذه امل� �ن� �ش ��آت وق �ف��ت‬ ‫إل��ى ج��ان��ب األش �ق��اء الليبيني‬ ‫وق��دم��ت ل�ه��م ك��ل م��ا يلزمهم‬ ‫وقت ضائقتهم‪ ،‬فحان الوقت‬ ‫أن ي�ق�ف��وا معنا وي �ع �ي��دوا لنا‬ ‫ح�ق��وق�ن��ا‪ ،‬م��ن خ�ل�ال تسديد‬ ‫التزاماتهم‪.‬‬ ‫وب �ي��ن ب��ك��ر أن � ��ه مت ت�ن�ف�ي��ذ‬

‫اعتصام أمام رئاسة الوزراء‪،‬‬ ‫م �ط��ال �ب�ين ب �ت��دخ��ل احل �ك��وم��ة‬ ‫ب� �ع ��دم ��ا أغ� �ل� �ق ��ت ف� ��ي أوج� ��ه‬ ‫ال�ق�ط��اع ال�ك�ث�ي��ر م��ن األب ��واب‬ ‫ال ��رس� �م� �ي ��ة‪ ،‬ب ��ال� �ت ��ال ��ي ق�م�ن��ا‬ ‫بتنفيذ االعتصام‪ ،‬وسنواصل‬ ‫إجراءاتنا إلى حني احلصول‬ ‫على كامل حقوقنا‪.‬‬


‫صحافة المنفى!!‪ ‬‬ ‫ناصر الدعيسي‬ ‫ألن الصحافة صوت قوى يلهب أقوى األنظمة ويجعلها ال تلتقط‬ ‫أنفاسها السياسية‪ .‬ويقلق مضاجعها‪ .‬ويربك آلياتها السياسية وال‬ ‫يريح كرسي الدولة من فوق الهرم وحتى نهايته‪.‬‬ ‫ال�ص�ح��اف��ة سلطة راب �ع��ة ألن �ه��ا ال��رص��اص ال ��ذي ال ي �ع��ود إل��ى‬ ‫البنادق‪ .‬قال كاستروا‪« :‬أحتسس مسدسي كلما قابلت صحفياً»‪.‬‬ ‫والصحافة الليبية عاشت محطات صعبة من العهد العثماني‬ ‫وحتى اآللفية الثانية بكل مخاضاتها‪ .‬عاش الصحفيون الليبيون‬ ‫م��رارة االحتالل في وطنهم‪ .‬هاجروا للمنافي زمن العثمانيني‪.‬‬ ‫أس��س السيد حسونة الدغيس صحيفة الوقائع في اسطنبول‬ ‫ّ‬ ‫باللغة الفرنسية ‪ ،1835‬ومن ثم السيد سليمان الباروني صحيفة‬ ‫األسد ‪ .1908‬وحلق بهم الصحفي عبدالوهاب عبدالصمد الذي‬ ‫خرج مع بداية االحتالل االيطالي ليؤسس ثالث صحف باللغتني‬ ‫التركية والعربية‪ .‬وعاصرت الصحافة فتره شفافة وهادئة من‬ ‫اخلمسينيات حتى سقوط امللكية‪.‬‬ ‫عرفت الصحافة جت��ارب مثيره ج��داً‪ 14 .‬صحيفة وإرهاصات‬ ‫لبداية قوية من أبرزها جتربة احلقيقة في بنغازي‪ .‬تغيرت الرؤية‬ ‫نهائياً بعد مجيء العقيد القذافي للسلطة ألن جتربته الشعبية لها‬ ‫رؤية مغايرة في الصحافة احلرة‪ ،‬ومن ميلك الصحف واملؤسسات‬ ‫االعالمية‪ .‬وبالتالي عاشت الصحافة متوضعاً هابطاً جداً‪.‬‬ ‫حاولت صحافة الغد أن تعيد الصحافة ملكانتها الطبيعية لكن‬ ‫احل��رب لم تتركها من قبل احل��رس القدمي‪ .‬ماتت احملاولة في‬ ‫مهدها‪ .‬في هذه األربعينية الرمادية للصحافة بالذات خرج كثير‬ ‫من الصحفيني إلى املنافى‪ .‬واستقر املقام باإلذاعي املرموق عمر‬ ‫رمضان في البي بي سي في لندن‪ ،‬ودفع ثمن خروجه االغتيال‬ ‫آن��ذاك ف��ي حملة الثمانينيات ال�ث��وري��ة‪ ،‬وك��ان��ت صحيفة العرب‬ ‫اللندنية أول اخلارجني‪ ..‬حاول محمد الهوني توطينها في روما‬ ‫ثم استقرت في لندن على يد أحمد الهونى‪.‬‬ ‫وهرب الصحفى محمد القزيري ليستقر في لندن مع مجلة املجلة‪،‬‬

‫ومحمود شمام في ال��والي��ات املتحدة‪ ،‬ه��دى ال�س��راري ومجاهد‬ ‫البوسيفي وعمر الكدي في هولندا‪ ،‬وفاطمة محمود وفرج العشة‬ ‫في أملانيا‪ .‬جتارب صغيره لكن لها ضاللها على املنفى لصحفيني‬ ‫لم يتمكنوا في وطنهم من العمل الصحفي‪.‬‬ ‫بعد انتفاضة فبراير خرج صحفيون أيضا للمنفى آلن الوضع لم‬ ‫يعد مينحهم فرص العمل الصحفي‪ .‬يتواجدون في مصر ولبنان‬ ‫واخلليج وتركيا‪ ..‬منهم حكيم معتوق‪ ،‬محمود البوسيفى‪ ،‬أحمد‬ ‫إبراهيم الفقيه‪ ،‬عبداملنعم احملجوب‪ ،‬محمود املصراتي‪ ،‬جابر نور‪،‬‬ ‫زينب شاهني‪ ،‬ويظل املنفى جزءا من جتربة الصحافة الليبية في‬ ‫عهود مختلفة‪ .‬وقد عانى هؤالء الصحفيون مرارة الغربة واملنفى‬ ‫لسنوات طويلة من أجل مواقفهم السياسية‪ .‬ولم حتاول جهة ما‬ ‫استيعاب رؤيتهم السياسية التي يريدونها لوطنهم الذي يريدون‬ ‫له االزده��ار والنماء بعيداً عن رؤيتهم الذاتية من تلك احملطات‬ ‫السياسية خاصة وأن غياب عمل نقابي صحفي جاد في ليبيا‬ ‫ساهم في هذا الوضع االستثنائي‪ .‬وحتى تقف ليبيا على أقدامها‬ ‫من جديد كدولة قانون‪ ..‬نأمل أن تنتهي أزمة املنفى واالغتراب‬ ‫الذي كتب على الصحفيني الليبيني في كل مكان‪.‬‬


‫‪32‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫موت «عزت إبراهيم الدوري»!!‬ ‫بقلم‪ :‬الصديق بودوارة‬ ‫ُ‬ ‫جنون من َع َق ْل ؟!‬ ‫ٍ‬ ‫فتى ‪ ..‬كيف يسعى في‬ ‫«‬ ‫أترك اخلمرةَ إن ُك َ‬ ‫نت ً‬ ‫إنه « عمر بن الوردي» ينص ُح أحد « الغاوون» في الميته الشهيرة‬ ‫التي مطلعها ‪:‬‬ ‫« اعتزل ذِ كر األغاني والغزل ‪ ..‬وقل الفص َل وجانب من َهز ْل «‬ ‫يدعي التعقل وينصح بالواقعية ويدعو‬ ‫ولكن ‪ ،‬ما عالقة شاعر ّ‬ ‫برجل اسمه « عزت ابراهيم الدوري» عاش‬ ‫إلى الرصانة والتجهم‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بعد موت «ابن الوردي» بأكثر من ثمامنئة سنة بالتمام والكمال ؟‬ ‫إن « ابن ال��وردي» يدعو إلى ترك اخلمر ‪ ،‬ويستغرب في الوقت‬ ‫ذاته أن يسعى من متتع بعقله إلى نيل مرتبة اجلنون ‪ ،‬ودون أن‬ ‫يشعر ينتج لنا عجز ٍ‬ ‫بيت هو من أروع ماقالته العرب ‪« ..‬كيف‬ ‫جنون من عقل ؟ «‬ ‫ٍ‬ ‫يسعى في‬ ‫كشاعر بهذا العجز‬ ‫إن «ابن الوردي» يخسر الكثير من مصداقيته‬ ‫ٍ‬ ‫الذي صيغ من ذهب الكالم ‪ ،‬لكن « عزت ابراهيم الدوري» يخسر‬ ‫عمره بأكمله بالتزامه بعجز بيت رجل مات قبله بأكثر من ثمامنئة‬ ‫ٍ‬ ‫سنة أو يزيد ‪.‬‬ ‫قبل أن نوغل في التفاصيل ‪ ،‬رمبا يتحتم علينا أن نتعرف على‬ ‫الرجل عن قرب ‪ ،‬لعل املزيد من بصيص املعرفة ينير لنا بعضاً‬ ‫من دهاليز اجلهل ‪.‬‬ ‫إنه « عزت ابراهيم ال��دوري» ‪ ،‬املولود عام ‪ ، 1942‬أحد رجال‬ ‫الديكتاتور العراقي «صدام حسني» ‪ ،‬ولكي ال يحسبني أحد على‬ ‫أي تيار سياسي أنوه هنا إلى أن كلمة « ديكتاتور» ليست شتيمة‬ ‫عربية أصيلة كغيرها ‪ ،‬وال هي أداة ازدراء ‪ ،‬وال ب��ادرة ع��داوة‬ ‫‪ ،‬إنها مصطلح سياسي ابتكره الرومان منذ ماقبل امليالد بعد‬ ‫أن اقتبسوه كعادتهم من أسالفهم االغريق الذين سبقوهم إليه‬ ‫مبصطلح ابن عم له هو مصطلح « الطغاة» ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫إن الرغبة في ممارسة الدميقراطية قد جتبرك أحياناً على‬ ‫ابتكار مصطلحات تشرعن حلكم الفرد إذا كانت اجلماعة في‬ ‫ٍ‬ ‫حاجة إلى عصا الراعي كي تلتزم مبباديء القطيع ‪.‬‬ ‫سأعود إلى صلب املوضوع ‪ ،‬ألقول إن « ال��دوري» كان أحد أهم‬ ‫رجال « صدام حسني» بل أنه شغل مناصب في غاية األهمية منها‬ ‫«نائب رئيس مجلس قيادة الثورة» ــ وهو املجلس األكثر انتهاكاً في‬ ‫تاريخ الثورات العربية على مر التاريخ ــ وكذلك شغل منصب «وزير‬

‫الداخلية» ــ وإذا شغلت منصب وزير داخلية في عهد دكتاتور ‪،‬‬ ‫فهذا يعني إنك خزانة اس��رار الكون ‪،‬وك��امت صوت السلطة بال‬ ‫منازع ‪ ،‬فمنصب وزي��ر الداخلية ب��ال��ذات في عصر طاغية هو‬ ‫منصب ال ينتهي بصاحبه إال إلى أحد أمرين ‪ ،‬أن ميوت وهو في‬ ‫منصبه ‪ ،‬أو أن ميوت بعد عزله عنه بأقل من دقيقة ‪ ،‬فالطغاة ال‬ ‫يفرطون في العادة بخزائن أسرارهم اخلاصة ‪.‬‬ ‫مات « ال��دوري» ‪ ،‬أو أعلن عن مقتله في مواجهات مع اجليش‬ ‫العراقي واحلشد الشعبي ضمن قتالهم لتنظيم داعش ‪ ،‬والواقع‬ ‫أن مسألة وجود رجل مخضرم كعزت الدوري وهو يقاتل مع تنظيم‬ ‫متطرف ‪،‬كانت من مهام سيده القدمي أن يتفنن في القضاء عليه‬ ‫‪ ،‬هو تناقض صارخ ‪ ،‬وموضوع يستحق مناقشته بروية ‪ ،‬ورمبا‬ ‫يستلزم األم��ر أن نستشير رج� ً‬ ‫لا م��ات قبل صاحبنا « ال��دوري»‬ ‫بأكثر من ثمامنئة سنة ‪ ،‬إننا سنجد أنفسنا جنبرين اآلن على‬ ‫طلب العون من « عمر بن الوردي» قبل أن يغادرنا عائداً إلى قبره‬ ‫البعيد ‪.‬‬ ‫جنون من َع َق ْل « ‪ ،‬هنا يكمن اجل��واب ‪ ،‬في‬ ‫ٍ‬ ‫« كيف يسعى في‬ ‫تساؤل «ابن الوردي» ‪ ،‬وفي عالمة استفهامه القدمية ‪ ،‬والواقع أن‬ ‫اخلروج من الواقع هو أمر محزن للطاعنني في السن ‪ ،‬لكنه كارثة‬ ‫حقيقية للطاعنني في ممارسة السياسة ‪ ،‬لذلك سوف نكتشف‬ ‫وبقراءة سريعة لتاريخ الرجل أنه عجز متاماً عن استيعاب الزلزال‬ ‫العنيف ال��ذي أودى بحكم «ص��دام حسني» ‪ ،‬وعلى خالف بقية‬ ‫زم�لاءه ‪ ،‬كالصحاف وط��ارق عزيز وغيرهما ‪ ،‬استمر يوغل في‬ ‫حالة رفض متشددة لألمر الواقع ‪ ،‬وانكفأ على ذاته ميارس العمل‬ ‫الوحيد الذي تدرب طيلة حياته على القيام به ‪ ،‬إنه ميارس فعل‬ ‫الطاعة لزعيمه اخلالد الركن املهيب «صدام حسني» ‪ ،‬أطال الله‬ ‫عمره ‪ ،‬متناسياً أن السيد الديكتاتور قد شبع موتاً منذ عدة‬ ‫سنوات ‪ ،‬وإن��ه نال شرف االع��دام على رؤوس األشهاد صبيحة‬ ‫ٍ‬ ‫مشهد رفعه فجأة من درك‬ ‫عيد األضحى وهو يوبخ جالديه ‪ ،‬في‬ ‫القتلة إلى مصاف األبطال‪.‬‬ ‫إن «ص ��دام ح�س�ين» يحيا طاغي ًة ومي��وت ب�ط� ً‬ ‫لا ‪ ،‬لكن « عزت‬ ‫ال��دوري» يحيا خزانة أس��رار ومي��وت خزانة أس��رار ‪ ،‬فاخلزائن‬ ‫احلديدية ال تعرف لها عم ً‬ ‫ال آخر سوى كونها خزائن من حديد ‪.‬‬


‫(( وقال العامري‪ ،‬القيادي في احلشد الشعبي لـ «السومرية نيوز»‪،‬‬ ‫إن قوة من اللواء اخلامس في احلشد الشعبي باالشتراك مع قوة‬ ‫من أبناء بلدة العلم (شرق تكريت) متكنت من قتل ال��دوري بعد‬ ‫رصده في موكب مؤلف من ثالث سيارات‪ ،‬في املنطقة بني العلم‬ ‫وجبال حمرين‪)) .‬‬ ‫هذا لم يكن « ابن ال��وردي» ‪ ،‬إنه اقتباس من خبر عاجل ‪ ،‬لكن‬ ‫اقتباس يفتقر إلى األهمية ألنه يزدحم فقط بالتفاصيل ‪ ،‬ويحتمل‬ ‫اخلطأ والصواب ‪ ،‬فقد يكون اخلبر ملفقاً أو نتيجة تسرع في‬ ‫عمل مراسل ح��روب مبتديء ‪ ،‬ولكن ‪ ،‬ما أهمية أن ندقق في‬ ‫مالمح خبر عاجل مادام صاحب اخلبر قد مات فع ً‬ ‫ال قبل أكثر‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات من اآلن ؟‬ ‫من عشر‬ ‫إن « الدوري» مات فعلياً منذ أكثر من عشر سنوات من هذا اخلبر‬ ‫العاجل ‪ ،‬لكنه لم ميت ألن نظام «صدام حسني» مات ‪ ،‬بل ألنه لم‬ ‫يستوعب هذا احلدث اجللل ‪ ،‬وظل سادراً في ردة فعل مفاجئة‬ ‫أغلقت عليه عاملاً خاصاً عزله متاماً عن الواقع ‪ ،‬وظل في قرارة‬ ‫نفسه ذلك اجلندي الوفي اخلاضع ألوام��ر سيده اجلبار ‪ ،‬وألن‬ ‫هذا السيد قد اختفى من حياته فجأة ‪ ،‬فقد وجد نفسه ملزماً‬ ‫بالتقوقع في صور املاضي الذي صار يبتعد عنه كل يوم ‪.‬‬ ‫إن « عزت ابراهيم الدوري» ميوت منذ اليوم األول الذي سقط فيه‬ ‫متثال سيده في أكبر ساحات بغداد ‪ ،‬لكن أحداً لم يتطوع بإعالن‬ ‫لسبب بسيط ‪ ،‬وهو أن املتوفي رفض أن يذهب إلى‬ ‫حالة الوفاة‬ ‫ٍ‬ ‫بوهم يقاتل في سبيل حتقيقه إلى أن‬ ‫يستبدلها‬ ‫أن‬ ‫وقرر‬ ‫املقبرة‬ ‫ٍ‬ ‫يُقتل ذات يوم‪.‬‬ ‫واآلن ‪ ،‬ال يهم إن كان اخلبر صحيحاً ‪ ،‬وال يهم إن كان « الدوري»‬ ‫لقى حتفه برصاصة مسدس أو قذيفة «أربي جي» ‪ ،‬ما تتحدث‬ ‫عنه وكاالت األنباء ‪ ،‬هو مجرد جسد ‪ ،‬وما تتمعن فيها عدسات‬ ‫املصورين هي مالمح وجه حزين ‪ ،‬لكن املتوفى ليس هنا ‪ ،‬إنه «‬ ‫ٍ‬ ‫سنوات‬ ‫عزت ابراهيم الدوري» الذي شبع موتاً منذ أكثر من عشر‬ ‫من اآلن ‪ ،‬ألنه مات فع ً‬ ‫ال مبوت قدرته على استيعاب ما حدث‬ ‫‪ ،‬ومات فع ً‬ ‫ال باصراره على أن التاريخ ميكن أن يرجع إلى الوراء‬ ‫خطوتني ليعود التمثال إل��ى مكانه منتصباً شامخاً ‪ ،‬وليمارس‬ ‫الزعيم هوايته الشهيرة في اطالق رصاص بندقيته الفاخرة أثناء‬

‫خطابه الرسمي املشحون ‪.‬‬ ‫لقد م��ات « ال ��دوري» بالفعل ‪ ،‬ليس ألن رص��اص� ًة اصابته ‪ ،‬بل‬ ‫ألنه أصر على أن زمنه لم ينته بعد ‪ ،‬وألنه أصر على أن يسمع‬ ‫أهازيج النصر في زمن الهزمية ‪ ،‬وألنه ظل ميارس وظيفة اليد‬ ‫اليمنى لسيده املهيب ‪ ،‬حتى وإن كان هذا السيد قد غادر الدنيا‬ ‫إلى األبد ‪.‬‬ ‫مات «الدوري» كغيره من الذين شبعوا موتاً اآلن ‪ ،‬وإن لم يدفنوا‬ ‫بعد ‪ ،‬أولئك الذين الزالوا يعيشون الوهم بكافة تفاصيله ‪ ،‬أولئك‬ ‫ال��ذي��ن ال زال��وا يحلمون بالزمن يركض إل��ى اخللف ويحضنهم‬ ‫كاأليام اخلوالي ‪ ،‬وبدالً من أن يشاركوا أبناء جلدتهم في انقاذ‬ ‫الوطن مما هو فيه ‪ ،‬هاهم يتقوقعون مغلقني شرانقهم احلجرية‬ ‫ٍ‬ ‫حلقة إلى الوراء‬ ‫عليهم ‪ ،‬حاملني بعودة املسلسل التلفزيوني ألف‬ ‫ٍ‬ ‫هاوية خطرة ‪ ،‬مكتفني بالشماتة في‬ ‫‪ ،‬تاركني الوطن ينحدر إلى‬ ‫أهلهم ‪ ،‬وباألمل في أن ينتصب التمثال من جديد ‪ ،‬متجاهلني‬ ‫عجز بيت «ابن الوردي» القدمي ‪ ،‬ذلك الذي تساءل فيه بال أمل‬ ‫في جواب مقنع ‪:‬‬ ‫جنون من َع َق ْل «‬ ‫ٍ‬ ‫« كيف يسعى في‬


‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن «‪»2‬‬

‫خطاب عبدالناصر «دليلنا»‬ ‫إلى الحديدية!!‬ ‫براء الخطيب‬ ‫في هذه الليلة التي عدت بها قرب الفجر ألثبت ألبي أني لست‬ ‫مخمورا‪ ،‬حتدثت في لعثمة واعوجاج كان أبي قد استيقظ كعادته‬ ‫كل ليلة للوضوء وصالة الفجر‪ ،‬وكان قد حسم أمره‪ ،‬جذبني أبي‬ ‫من طوق قميصي باجتاه باب الشقة فسرت معه في ه��دوء‪ ،‬فتح‬ ‫أبي الباب وأخرجني خارج باب الشقة وراح يحدثني بصوت حاسم‬ ‫خفيض معلنا بأن ما سوف يقوله لي اآلن هو الكالم النهائي طأطأ‪،‬‬ ‫وتابع الكالم بصوت مفعم بحشرجة ألم داخلي ال حدود لها قائال‬ ‫‪»:‬هذه هي آخر ليلة تبيت فيها في هذا البيت‪ ،‬اسمع يا ولدي‪ ،‬أنا‬ ‫لست غاضبا منك وال حتى عليك‪ ،‬فأنا أعلم أن هذه هي إرادة الله‬ ‫التي ش��اءت أن يكون ق��دري معك وق��درك معي هكذا‪ ،‬وأن��ت اآلن‬ ‫أصبحت كثمرة اجلوافة التي عطبت‪ ،‬وأنا أخاف علي إخوتك‪ ،‬أنا‬ ‫رج��ل فقير وال أملك إال راتبي ألع��ول به إخوتك وأم��ك وعمتيك‬ ‫وجدتك‪ ،‬ويعلم الله كم أحبك وك��م أتعذب اآلن‪ ،‬لكن أن��ا مسئول‬ ‫أمام الله عن تسعة أبناء وأمهم‪ ،‬وبعد رحيلك سوف أكون مسئوال‬ ‫عن ثمانية أوالد وأمهم‪ ،‬ثمانية أوالد كلهم يدرسون في اجلامعات‬ ‫واملدارس‪ ،‬وأنا لن أغلب في إطعامك فاللقمة الواحدة تكفي اثنني‬ ‫ورمبا ثالثة كما أنك لن جتوع‪ ،‬فالكالب الضالة في الشوارع جتد‬ ‫طعامها‪ ،‬وأنت تعرف كالب الشوارع خيرا مني‪ ،‬كما أن الله ال ينسي‬ ‫عباده‪ ،‬أنا أخاف منك على إخوتك‪ ،‬ولذلك فسوف تغادر هذا البيت‬ ‫نهائيا وميكنك بعد فترة كافية أن تزور أمك من حني إلى آخر»‪.‬‬ ‫تلقفتني مقاهي الكورنيش وراقصات الكباريهات والفتوات وتعرفت‬ ‫على مجموعات من زبائن الكباريهات وبعض صغار جتار العملة‬

‫وانقضت بعض األسابيع في لعب القمار في شاليهات «سيدي بشر»‪،‬‬ ‫وفي ليلة عاصفة صاحبت مجموعة من زبائن كباريه «األمباسادور»‬ ‫إلكمال السهرة ولعب القمار في واحد من شاليهات سيدي بشر‪.‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫حينما تتداخل األصوات تختلط املعاني‪ ،‬وتتشقق قشرة الدحية على‬ ‫يد من دحاها‪ ،‬تتفتت الكتلة األرضية إلى خمس متاهات‪ ،‬ويقول‬ ‫املغني في أغنيته املكتئبة عن الغالب واملغلوب‪ ،‬وعن الشمس امليتة في‬ ‫نعش من البيارق‪ ،‬وعن األصابع التي تفككت بعد أن نسيت مالمسات‬ ‫الطني واحلجارة‪ ،‬عن املدن املراوغة التي حتلم بقيام اجلثث املستسلمة‬ ‫للبحر من بني ط ّيات املرارة وتشظي الضغائن فال تتبقى إال شظيات‬ ‫الضغائن والضحكات البريئة‪ ،‬تتساقط اخلطى بحثا عن زمن مفتقد‪،‬‬ ‫وينتهي األفق في وهج الشمس وبرودة ضوء القمر فوق املاء‪ ،‬يخلّف‬ ‫املساء زحمة الطريق ومتوت رغبات وتلتهب رغبات‪ ،‬تغرق األجساد‬ ‫في جلة الشهوات التي تقطر بالوجع واحلنني؛ فمن يسأل املواجع‬ ‫عن تاريخها؟ ومن يجرؤ على محاكمة التواريخ التي ترسمها دموع‬ ‫احملاصرين في الهلع والرغبة غير املرئية في اخلالص؟ ومن الذي‬ ‫رأى السحب الصيفية تنشب أظفارها في أجساد بعضها فال يسيل‬ ‫منها املطر؛ فيختفي الدم في عروقها ويحل مكانه النزق والبكاء؟‬ ‫إنا أعطيناك احللم‪ ،‬فال أقسم بالوجع‪ ،‬نتعاتب اآلن‪ ،‬ووالد وما ولد‪،‬‬ ‫فافرش ثوبك حلدا ملوتك‪ ،‬فتسير العصافير املكتئبة في اجلنازة‪،‬‬ ‫وتضل الرياح فوق الشجر‪ ،‬ويندى الليل بوحشة النجوم‪ ،‬والرمل بدم‬ ‫الضحايا‪ ،‬وما أدراك ما الضحايا‪ ،‬نتعاتب اآلن‪ ،‬فمن يأكل جسد‬


‫احلديدية كانت شاهدة على رسو سفينتنا‬

‫أخيه حيا‪ ،‬وم��ن يفتح قميصه للريح فيبتل مب��اء ال��وط��ن‪ ،‬نتعاتب‬ ‫اآلن‪ ،‬ومن يحمل قمصان اجلرحى‪ ،‬ورايات الشهداء‪ ،‬نتعاتب اآلن‪،‬‬ ‫فاجلس في راحة الوحشة وافتح أوجاعك بابا لطيور الكآبة‪ ،‬وروحك‬ ‫توعر الطريق ضاقت مساحات اخلالص‪،‬‬ ‫بابا لوجع العتاب؛ فإذا ّ‬ ‫وابتعدت ضفاف النهر‪ ،‬وغصت املنحنيات باحلفر التي ال تلد إال‬ ‫املصادفات الغامضة‪ ،‬وفي الغربة ال شيء يخيف وال لون لأللم‪ ،‬يفطم‬ ‫الوليد على لنب االشتباك واملرارة‪ ،‬لكن سوف يبقى باب األمل اخلفي‬ ‫باقيا لألبد يخايلنا بوعد اخلالص وحلظات من السرور املطارد‪،‬‬ ‫تتساقط اخلطى بحثا عن زمنها‬ ‫خ �ل��ف ب�ه�ج��ة آخ ��ر ال �ع �م��ر وب�ين‬ ‫اشتهاء الثمر الساقط من نخيل‬ ‫يرسمه الدمع املتحجر في مآقي‬ ‫ال �ع �ي��ون‪ ،‬وك��ال �س �ح��ب ال�ب�ع�ي��دة‪،‬‬ ‫كأيام الطفولة التي ول��ت وعبر‬ ‫الفراغ يعبر احلنني متخطيا كل‬ ‫امل�س��اف��ات‪ ،‬و لكل رحلة بداية‪:‬‬ ‫تولد حتت قدمي املرحتل حفر‬ ‫ال �ط��رق��ات وزه� ��ور ال �ع��واص��ف‪،‬‬ ‫وب �ع��ض احل��رائ��ق ي��زي��د لهيبها‬ ‫اص �ط �ف��اق ال��ري��ح‪ ،‬أم� ��واج بحر‬ ‫حتمل البهجة وتغرد العصافير‬ ‫ب�ن�ش��وة األل ��م وال�ت�م�س��ك بحياة‬

‫ت��راوغ طلقات الصيادين‪ ،‬أح�لام م��رة‪ ،‬ورؤى عذبة تشرب من ماء‬ ‫املسرات القدمية‪ ،‬يكمل الرحلة من يكملها بني أنقاض األرواح املد ّماة‬ ‫وضجة االنفجارات غير املتوقعة‪ ،‬يسقط من يستسلم ويعلن منذ‬ ‫السقطة األولى هزميته فرحا باخلالص والعجز‪ ،‬معلنا موته األبدي‪،‬‬ ‫ألم تر كيف مات اجلنود‪ ،‬فال أقسم باليوم املشهود‪ ،‬تسمع اآلن أحزان‬ ‫احلصى‪ ،‬وصوت البكاء اجل��ريء‪ ،‬والفرح امليت‪ ،‬فتشمم قمصانهم‬ ‫املبتلة باخلوف والفزع‪ ،‬فاسجد واقترب‪ ،‬فال أقسم باليوم املشهود‪،‬‬ ‫ووال��د وم��ول��ود‪ ،‬ه��ذه مملكة عرضة للوشاة‪ ،‬وامل �خ��اوف الشاحبة‪،‬‬ ‫والهفوات املثيرة‪ ،‬ورموز اجلمر‪،‬‬ ‫ف��اس �ج��د واق� �ت ��رب‪ ،‬ف�ل�ا أقسم‬ ‫باليوم املشهود هذه حدائق من‬ ‫امل��اء‪ ،‬وسماء من احلجر‪ ،‬وريح‬ ‫ساخنة‪ ،‬وعراء مهاجر ‪ ،‬فاسجد‬ ‫واق � �ت� ��رب‪ ،‬ف�ل�ا أق� �س ��م ب��ال �ي��وم‬ ‫املشهود‪ ،‬هذه سحابات مفتونة‬ ‫بالريح واملطر‪ ،‬والرمل املشتعل‪،‬‬ ‫فل ّوح للنوارس املسافرة‪ ،‬واإلبل‬ ‫ال �ع �ط �ش��ى‪ ،‬س ��وف ي �غ��دو امل��دى‬ ‫مباركا‪ ،‬فاسجد واق �ت��رب‪ ،‬إنها‬ ‫عاصفة رب اجلنود‪.‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫ف ��ي ه���ذه ال�ل�ي�ل��ة ق �ب��ض علينا‬

‫سمعت ضابط التوجيه املعنوي يتحدث مع الصول‬ ‫«جهيني» بأن «إسرائيل» أسقطت ست طائرات سورية‬ ‫امللك حسني يأمر قواته بتسليم الط ّيارين‬ ‫الثالثة إلى دولة سوريا‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫عبد الناصر ‪ ..‬خطابه يسافر مع اجلنود إلى اليمن‬

‫البوليس ورحلني مع شابني في مثل سني إلى مديرية األمن وانتهى‬ ‫بنا األمر نحن الثالثة إلى املنطقة الشمالية للتجنيد‪ ،‬متت عملية‬ ‫جتنيدنا وتوزعنا على سالح املشاة‪.‬‬ ‫‪.................‬‬ ‫حملت الرقم العسكري « ‪»3752126‬جندي مجند‪ ،‬وعرفت أن‬ ‫مدة التدريب األساسي كان مقرر لها أن تستغرق خمسة وأربعني يوما‬ ‫وال بد من اختصار هذه املدة إلى خمسة عشر يوم فقد كان البد إذن‬ ‫من تكثيف جرعات الطوابير املخصصة للتعليم األولي حتى تنتهي‬ ‫مدة التدريب األساسية في يوم ‪ 19‬إبريل ‪ 1976‬والتي سوف تبدأ‬ ‫اليوم وهو يوم األحد املوافق ‪ 31‬مارس وللمصادفة العجيبة فقد كان‬ ‫هذا هو نفس يوم مولدي سنة ‪ 1946‬وبذلك سوف أكون قد أمتيت‬

‫عامي العشرين ألبدأ اليوم األول لعامي الواحد والعشرين في هذه‬ ‫احلياة الصعبة‪ ،‬وفي مدة التدريب األساسي تعلمت املشية العسكرية‪،‬‬ ‫وكل احلركات الالزمة ببندقيتي‪ ،‬فأقبلت على طابور تعليم البندقية‬ ‫بشغف وهمة مما لفت نظر معلمي‪ ،‬فحفظت عن ظهر قلب كل ما‬ ‫يخص «البندقية اآللية ‪ « 39 × 7،62‬بل أن األمر وصل بي إلى عشق‬ ‫هذه البندقية‪ ،‬فكنت أسرع من يقوم بفك وتركيب كل أجزاء البندقية‬ ‫من أول «السونكي» حتى «الديبشك» مرورا باخلزنة و»كتلة الترباس»‬ ‫وبرعت متاما في تطبيق كل قواعد التنشني من بداية تعمير البندقية‬ ‫بالذخيرة واالل �ت��زام ال�ت��ام بالثالث نقاط األساسية التي مي��ر بها‬ ‫شعاع البصر الصادر من العني حتى الهدف املطلوب إصابته حيث‬ ‫مير الشعاع من العني ومير من خالل «فتحة الشيز» املوجودة في‬


‫رئيس وزراء الكيان اإلسرائيلي األسبق ليفي أشكول‬

‫امللك الراحل حسني بن طالل‬

‫«الناشينكاه» اخللفي ثم مير من فوق «سن منلة الدبانة» إلى الهدف‪،‬‬ ‫وب��دأت أستعد لليوم املوعود لنهاية تدريبنا في املرحلة األساسية‬ ‫والذي يتم فيه ضرب النار حيث تتم مرحلة التدريب األساسي بحيث‬ ‫تستكمل بقية املدة التي مت ضغطها في التدريب التخصصي سواء‬ ‫على «البندقية اآللية ‪ « 39 × 7،62‬أو «رشاش املاكينة ‪59 × 7،62‬‬ ‫« أو مدفع «الهاون‪ ،« B10‬وفي هذا اليوم‪ -‬في ‪ 12‬أبريل ‪1967-‬‬ ‫سمعت ضابط التوجيه املعنوي يتحدث مع الصول «جهيني» بأن‬ ‫إسرائيل قد أسقطت منذ عدة أيام ‪ 6‬طائرات سورية من طراز «ميج‬ ‫‪ « 21‬منهم اثنتني داخل سوريا و ثالث طائرات آخرين منهم داخل‬ ‫أراضي األردن الشقيق‪ ،‬بعد ذلك عرفنا في طابور التوجيه املعنوي‬ ‫أن التوتر ق��د ب��دأ يتصاعد بني‬ ‫اجلانبني‪ :‬القطر العربي السوري‬ ‫ال�ش�ق�ي��ق وال �ك �ي��ان اإلس��رائ�ي�ل��ي‬ ‫الصهيوني القذر‪ ،‬وأنه قد حدث‬ ‫تبادل إلطالق النار والقصف بني‬ ‫اجل��ان�ب�ين ‪،‬وأن امل�ل��ك «حسني»‬ ‫قد أمر قواته بتسليم الطيارين‬ ‫الثالثة إلى دولة «سوريا» العربية‬ ‫ال �ش �ق �ي �ق��ة وق� � ��ال ل��ن��ا ض��اب��ط‬ ‫ال�ت��وج�ي��ه امل�ع�ن��وي ف��ي ال�ط��اب��ور‬ ‫أن ه ��ؤالء ال�ط�ي��اري��ن السوريني‬ ‫األبطال كانوا هم النقباء «علي‬ ‫عنتر» و «محي الدين داوود» و‬ ‫أحمد القوتلي» وك��ان األبطال‬ ‫الثالثة ق��د هبطوا بالبارشوت‬ ‫داخل األردن‪ ،‬وشرح لنا ضابط‬ ‫ال �ت��وج �ي��ه امل��ع��ن��وي أن� ��ه ط ��وال‬ ‫الشهور األول��ى من ع��ام ‪1967‬‬

‫كانت اجلبهة «السورية» مع «الكيان الصهيوني» عميلة االستعمار‬ ‫مشتعلة بنيران متقطعة بني اجلانبني‪ ،‬بسبب االشتباكات املدفعية‬ ‫بني اجلانبني و تسلل وحدات من الفدائيني الفلسطينيني إلى داخل‬ ‫«إسرائيل» و تسلل وحدات «كوماندوز إسرائيلية» إلى داخل «سوريا»‬ ‫وأن االجت��اه العام داخ��ل «دول��ة إسرائيل» املزعومة مييل للتصعيد‬ ‫العسكري مع الشقيقة «سوريا» العربية إال أن «ليفي أشكول» رئيس‬ ‫ال��وزراء الصهيوني ال يستطيع إال أن يستجيب لطلبات العسكريني‬ ‫من اجليش الصهيوني وكذلك شكاوي املستوطنات اإلسرائيلية على‬ ‫احلدود بينها وبني «سوريا» العروبة ففي يوم ‪ 5‬أبريل املاضي كان‬ ‫قد أعلن «ليفي أشكول» في الكنيست‪« :‬أن إسرائيل قررت أن ترد‬ ‫بالطريقة ال�ت��ي ت��راه��ا مالئمة‬ ‫على «سوريا»‪ ،‬وأن الطريق إلى‬ ‫ال �ع��اص �م��ة ال��س��وري��ة «دم �ش��ق»‬ ‫م�ف�ت��وح ع�ل��ى م �ص��راع �ي��ه‪ ،‬وف��ي‬ ‫هذا اليوم كان نهاية فترة تدريبنا‬ ‫امل�ك�ث�ف��ة وب��ذل��ك ت �ك��ون مرحلة‬ ‫ال��ت��دري��ب األس ��اس ��ي بالنسبة‬ ‫للمجندين املستجدين قد انتهت‬ ‫في أق��ل من خمسة عشر يوما‬ ‫بعد أن ك��ان مقررا لها دائما–‬ ‫ف��ي ال �ظ��روف العادية– خمسة‬ ‫وأرب �ع�ين ي��وم��ا‪ ،‬ووج ��دت نفسي‬ ‫مع كل أف��راد كتيبتي على ظهر‬ ‫سفينة نقل اجلنود في طريقها‬ ‫لليمن‪ :‬جمعوا كل أفراد الكتيبة‬ ‫ف��وق سطح السفينة وأم��روه��م‬ ‫باجللوس في صفوف متراصة‬ ‫ف��اخ �ت �ل��ط ال� �ض� �ب ��اط وض �ب��اط‬

‫فترة تدريبنا تنتهي في ‪ 15‬يوم ًا ‪ ..‬وكان مقررا‬ ‫لها ‪ 45‬يوم ًا‬ ‫وبراية وأم ّلوا علينا‬ ‫وزعوا علينا كراسة وقلم ًا ّ‬ ‫خطاب عبد الناصر‬ ‫ما قاله عبد الناصر في اليمن هو ما قالته‬ ‫األمم املتحدة وجلنة تصفية االستعمار‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫صنعاء ‪ ..‬ذكريات وجروح‬

‫الصف واجلنود ببعضهم البعض وجلسوا متزاحمني ومتالصقني‪،‬‬ ‫ومت توزيع كراسة وقلم رصاص وبراية على كل فرد في الكتيبة ووقف‬ ‫الرائد «شهدي» قائد فصيلة التوجيه املعنوي بالكتيبة أمامهم وهو‬ ‫يزعق‪ :‬طبعا أنتم تعرفون أننا في طريقنا لليمن لنصرة الشعب اليمني‬ ‫وتدعيم ثورته‪ ،‬وقد وزعنا علي كل منكم كراسة وقلما وسوف تكتبون‬ ‫ما أمليه عليكم فهو خير زاد لكم في رحلتكم املنتصرة بإذن الله أال‬ ‫وهو أول خطاب للزعيم القائد العظيم وبطل األمة العربية وقائدها‬ ‫املنتصر يلقيه على أرض اليمن في الشعب اليمني البطل وعلى كل‬ ‫منكم أن يحافظ على هذه الكراسة كما يحافظ على سالحه وشرفه‬ ‫وشرف أمته ألنها سوف تكون الزاد والسالح الفكري لكل منا فاكتبوا‬ ‫ما منليه عليكم‪ ،‬وكتبت‪« :‬أيها اإلخوة األعزاء‪ ..‬أيها اإلخوة األحرار‪..‬‬ ‫أيها اإلخوة الثوار‪ ،‬رأيت الشعب اليمنى فيكم اليوم في تعز كما رأيته‬ ‫باألمس في «صنعاء» تتمثل فيه القوة والعزة والثورة واحلرية‪ ،‬هذا‬ ‫الشعب اليمنى الذى صمم على احلرية فثار ونصره الله وحقق له‬ ‫العزة والكرامة واحلرية‪ ،‬أيها اإلخوة األعزاء‪ :‬كان اليمنى دائماً رافعاً‬ ‫لواء اإلسالم ورافعا لواء احلرية في مشارق األرض ومغاربها حتى‬ ‫تكتل عليه األئمة وأذاقوه ثوب الذل والعذاب‪ ،‬وحبسوه بني حدوده‪،‬‬ ‫ومنعوه من أن ينشر رسالة احلرية واإلسالم في العالم‪ ،‬فهل استكان‬ ‫الشعب اليمنى؟ أبداً‪ ،‬لم يستكن الشعب اليمنى‪ ،‬بل ثار دائماً على‬ ‫الذل وعلى العبودية وعلى حكم االستبداد وعلى حكم اإلرهاب‪ ،‬ثار‬ ‫دائماً ولم يرهبه تقطيع الرؤوس ولم يرهبه املوت‪ ،‬ولم ترهبه السجون‪،‬‬ ‫ث��ار ألن��ه الشعب األب��ي احلر‪،‬‬ ‫والشعب األب��ي احلر ال ميكن‬ ‫بأي حال من األحوال أن يقبل‬ ‫الذل والعبودية‪.»...‬‬ ‫وق� �ض� �ي ��ت األي� � � ��ام ال��ث�ل�اث��ة‬ ‫والسفينة ف��ي طريقها إل��ى‬ ‫ميناء «احلديدة» باليمن وأنا‬ ‫أعيد وأزيد في قراءة خطاب‬ ‫زعيم األمة العربية وبدا لو أن‬ ‫عاملا جديدا يتخلق بداخلي‬ ‫في تداخله مع عالم قدمي كان‬ ‫قد استقر في أعماقي‪ ،‬لكن‬ ‫سفينة نقل اجلنود كانت في‬ ‫طريقها إلى ميناء «احلديدة»‬ ‫ول��م ي�ك��ن يفهم مل ��اذا تغالط‬ ‫بريطانيا؟ فإن ما قاله «جمال‬ ‫عبد الناصر» في اليمن هو ما‬ ‫قالته األمم املتحدة‪ ،‬إن ما قاله‬

‫«عبد الناصر» هو ما قررته األمم املتحدة وجلنة تصفية االستعمار‬ ‫في األمم املتحدة‪ ،‬لقد قررت األمم املتحدة أن تستقل عدن واجلنوب‬ ‫احملتل وأن يعلن فيها تقرير املصير»‪ .‬كنت أنا راسب ثانوية عامة‬ ‫للمرة الثانية وها هو عامي الثالث في الثانوية العامة وكنت أحاول‬ ‫تخطي االمتحان للمرة الثالثة من منازلهم فأنا حتى لم أعد طالبا في‬ ‫مدرسة «إسكندرية» الثانوية‪ ،‬وفي مدرسة املشاة استكتبوني استمارة‬ ‫التقدم المتحان الثانوية العامة هذا العام لكني اآلن في طريقي إلى‬ ‫اليمن وضاع حلم الثانوية العامة‪ ،‬لقد أعلنت األمم املتحدة وجلنة‬ ‫تصفية االستعمار أن تستقل عدن واجلنوب احملتل‪ ،‬وأن يطبق فيها‬ ‫مبدأ تقرير املصير‪ ،‬وأن تصفى قاعدة االستعمار البريطاني في‬ ‫ع��دن‪ ،‬وأن ترسل جلنة من األمم املتحدة إلى عدن وال��ى اجلنوب‬ ‫احملتل لكي تستقصى احلقائق‪ ،‬فماذا كان تصرف بريطانيا؟ رفضت‬ ‫بريطانيا توصيات األمم املتحدة‪ ،‬ورفضت بريطانيا استقبال اللجنة‬ ‫التي قررتها األمم املتحدة‪ ،‬وباألمس تتناسى بريطانيا كل ذلك‪،‬‬ ‫وتفقد كل شيء حتى احلياء‪ ،‬وحت��اول أن تخدع العالم أجمع بأن‬ ‫تقول أن ما قاله عبد الناصر في اليمن يتنافى مع ما قالته األمم‬ ‫املتحدة»‪ .‬وها هم لصوص املرافئ وقتلة البشر يقتتلون فوق جيفة‬ ‫لفظها املوج‪ ،‬وموج متالطم يحتضر‪ ،‬وشاطئ بعيد للنجاة‪ ،‬فمددنا‬ ‫لك بصرك وال مف ّر‪ ،‬وال جناة للمظلومني وال الظاملني‪ ،‬إال من رحمت‬ ‫الشياطني‪ ،‬اللهم آمني‪ ،‬اللهم آمني‪ ،‬إنا أعطيناك احللم‪ ،‬فال أقسم‬ ‫بالوجع‪ ،‬نتعاتب اآلن‪ ،‬ووال��د وما ول��د‪ ،‬فافرش ثوبك حلدا ملوتك‪،‬‬ ‫ف�ت�س�ي��ر ال�ع�ص��اف�ي��ر امل�ك�ت�ئ�ب��ة في‬ ‫اجلنازة‪ ،‬وتضل الرياح فوق الشجر‪،‬‬ ‫وي� �ن ��دى ال �ل �ي��ل ب��وح �ش��ة ال �ن �ج��وم‪،‬‬ ‫والطني بدم الضحايا‪ ،‬وما أدراك‬ ‫م��ا الضحايا‪ ،‬نتعاتب اآلن‪ ،‬فمن‬ ‫يأكل جسد أخيه ميتا‪ ،‬ومن يفتح‬ ‫قميصه للريح فيبتل مباء الوطن‪،‬‬ ‫نتعاتب اآلن‪ ،‬ومن يحمل قمصان‬ ‫اجلرحى‪ ،‬ورايات الشهداء‪ ،‬نتعاتب‬ ‫اآلن‪ ،‬أخيرا وصلنا إلى داخل ميناء‬ ‫«احلديدة» في يوم األح��د املوافق‬ ‫‪ 16‬إب��ري��ل س�ن��ة ‪ ،1967‬وم ��ا أن‬ ‫رس ��ت ال�س�ف�ي�ن��ة ح �ت��ى ب��دأن��ا في‬ ‫تنفيذ األوام��ر بنقل كل ما حملته‬ ‫السفينة إلى أماكن التخزين التي‬ ‫كانت قد أع��دت مسبقا‪ :‬خرجت‬ ‫أوال من جوف السفينة تسع دبابات‬ ‫ليست تابعة لكتيبتنا بالطبع بل‬

‫نتعاتب اآلن ‪ ..‬ومن يحمل قمصان اجلرحى‬ ‫ورايات الشهداء‬ ‫في السيارة عرفنا أننا نسير في إجتاه‬ ‫العاصمة صنعاء‬

‫علي البوليس ورح ّلني إلى‬ ‫في هذه الليلة قبض ّ‬ ‫مديرية األمن وانتهى األمر بتجنيدي‬


‫هل كانت احلرب في اليمن فيتنام مصر؟‬

‫كانت تابعة للواء مدرع قالوا أنه متمركز حول العاصمة «صنعاء»‪،‬‬ ‫كانت السفينة حتمل في جوفها كل هذه الدبابات ومدافع امليدان‬ ‫يدفعها أطقمها فوق عجالتها‪ ،‬كان منظرها بديعا فلم أكن قد سبق‬ ‫لي ورأيت مثل هذا العدد من املدافع وال هذا العدد من الدبابات‬ ‫وهي تئز فوق اجلنازير الالمعة‪ ،‬ومألني الفخر وأنا أتذكر كلمات‬ ‫زعيم األمة العربية وهو يؤكد على أنني من ضمن هؤالء األبطال‬ ‫الذين جاؤوا إلى هنا للدفاع عن شرف األمة العربية‪ ،‬وسألت نفسي‪:‬‬ ‫ملاذا لم يلحقوني بسالح املدرعات؟ هل كنت أستطيع أن أسوق هذه‬ ‫الدبابة؟ ترى كيف يجلس السائق بداخل الدبابة؟ كيف يقودها؟‬ ‫كيف يطلق منها الدانات املدمرة؟ أفقت من أسئلتي لنفسي على‬ ‫صوت الصول «عبد اللطيف الفالح» وهو يجمع «السرية األولى»‬ ‫التي كنت فردا فيها‪ ،‬جتمعت الفصائل الثالث التي تشكل سريتنا‬ ‫وقد وقف أمامها الرقيب متطوع «فتحي األكتع» حكمدار الفصيلة‬ ‫وكان العريف مجند «سعيد احلوفي» هو حكمدار اجلماعة التي كنت‬ ‫منتميا إليها‪ ،‬أيها اإلخوة ‪ ،‬هذا هو واجبنا جميعاً نحو األمة العربية‪،‬‬ ‫وكانت فصيلتنا تتكون من ثالث جماعات ليصبح عدد جنود فصيلتنا‬ ‫ثالثني جندي مجند ويقود الفصيلة ضابط برتبة امل�لازم‪ ،‬وبذلك‬ ‫يصل عدد أفراد سريتنا إلى تسعني فردا يقودهم ضابط برتبة نقيب‬ ‫هو النقيب «فتحي عبد املعبود» ‪ ،‬وبعد «صفا» و»انتباه» و»شد نفسك‬ ‫يا عسكري»‪ ،‬كان الصول «عبد اللطيف» قد أخذ التمام من كل رقباء‬ ‫الفصائل الذين كانوا قد أخذوا التمام من حكمدارية اجلماعات‪،‬‬ ‫وم ��ا ه��ي إال حل �ظ��ات م �ع��دودة‬ ‫حتى ك��ان��ت تصطف إل��ى ج��وار‬ ‫سريتنا السريتان األخريان‪ ،‬كل‬ ‫منها تتكون من ث�لاث فصائل‪،‬‬ ‫وب��ذل��ك ف��إن الكتيبة رق��م ‪500‬‬ ‫م ��ن ال� �ل ��واء ‪ 118‬م ��ن ال�ف��رق��ة‬ ‫الثالثة مشاه مبلحقاتها يصل‬ ‫ع���دد أف���راده���ا إل���ى أك �ث��ر من‬ ‫خمسمائة ف��رد تقريبا يقودها‬ ‫املقدم «على حسنني» وقد كان‬ ‫ملحقا على كتيبتنا عدة فصائل‬ ‫من األفرع األخرى من «خدمات‬ ‫ط� �ب� �ي ��ة» و»ت� ��وج � �ي� ��ه م��ع��ن��وي»‬ ‫و»م��درع��ات» و»مدفعية ميدان»‬ ‫و»إش � � ��ارة» و»م �ه �م��ات وش �ئ��ون‬ ‫إداري��ة وأشغال عسكرية»‪ ،‬وقد‬ ‫ج ��اؤوا إل��ى هنا لنصرة أشقاء‬ ‫لهم في العروبة واإلس�لام‪ ،‬وقد‬

‫أخذ سيادة العقيد «على حسنني» قائد الكتيبة متام كل السرايا‬ ‫الثالث باإلضافة إلى القوات األخرى من الفصائل املسلحة امللحقة‬ ‫على كتيبتنا وهذه امللحقات املعاونة كانت عبارة عن «سرية الهاون‬ ‫‪ 82‬مليمتر» املكونة من ستة أطقم باإلضافة إلى «فصيلة رشاش‬ ‫خفيف» يحمل أفرادها ست رشاشات «جارينوف» وكذلك «فصيلة‬ ‫اإلشارة» التي كانت مهمتها هي مد أسالك التليفونات بني الفصائل‬ ‫والسرية وبني السرايا وقيادة الكتيبة وبني الكتيبة والكتائب األخرى‬ ‫وبني قيادات الكتائب و املستوى األعلى‪ ،‬باإلضافة طبعا إلى «فصيلة‬ ‫الشئون اإلداري��ة» املسئولة عن التأمني اإلداري والطعام والصحة‬ ‫واملالبس والوقود ونقطة طبية يقودها طبيب الكتيبة فيما كانت‬ ‫هناك أيضا «فصيلة احلملة» التي تضم كل مركبات الكتيبة من‬ ‫سيارات نقل وجيب ومالكي وسيارة السلكي‪ ،‬وبذلك يكون عدد‬ ‫أفراد الكتيبة مبلحقاتها ما يقارب اخلمسمائة فرد أو رمبا كان يزيد‬ ‫عن هذا العدد‪ ،‬هذه اللحظات يتسع قلبك ليشمل الوطن‪ ،‬كل الوطن‪،‬‬ ‫من احمليط إلى اخلليج‪ ،‬وتدخل اآلن منطقة للكرامة والكبرياء‪،‬‬ ‫كل املشاعر مؤجلة‪ ،‬كل الطموحات مؤجلة‪ ،‬فقد خصصت خمس‬ ‫سيارات نقل «زل» خلدمة كل سرية من سرايا الكتيبة بامللحقات‬ ‫التي انضمت إليها‪ ،‬وأمر سيادة النقيب «فتحي عبد املقصود» السادة‬ ‫الضباط قادة السرايا بتوزيع فصائل سراياهم على سيارات النقل‬ ‫حيث مت تخصيص سيارة لكل فصيلة مبلحقاتها‪ ،‬وعندما تلقينا ‪-‬‬ ‫نحن جنود «الفصيلة الثالثة» من «السرية األولى» األوامر من الصول‬ ‫«ع�ب��د اللطيف ال �ف�لاح» بحمل‬ ‫م�خ�ل�ن��ا ورك � ��وب س� �ي ��ارة ال�ن�ق��ل‬ ‫املخصصة ل �ن��ا‪ ،‬ف�ق��د أسرعنا‬ ‫ب��رك��وب ال �س �ي��ارة‪ ،‬حت��رك ق��ول‬ ‫ال �س �ي��ارات ال ��ذي يحمل جنود‬ ‫وم��ع��دات الكتيبة خ��ارج��ا من‬ ‫ميناء «احلديدة» باجتاه الشرق‪،‬‬ ‫في السيارة عرفنا أننا نسير في‬ ‫اجتاه «صنعاء» عاصمة «اليمن»‬ ‫عبر الطريق األسفلتي الضيق‬ ‫الذي يتلوى بني سلسلة اجلبال‬ ‫ال�لان�ه��ائ�ي��ة ف�ي�م��ا ك ��ان اجل�ن��ود‬ ‫ي�غ�ن��ون أح� ��دث أغ��ان��ي مطرب‬ ‫ال��ث��ورة «ع �ب��د احل�ل�ي��م ح��اف��ظ‪:‬‬ ‫«صورة‪/‬صورة‪ /‬كلنا كدة عايزين‬ ‫صورة‪ /‬صورة للشعب الفرحان‪/‬‬ ‫حتت الراية املنصورة‪ /‬صورنا يا‬ ‫زمان»‪.‬‬

‫ضابط التوجيه املعنوي يطلب منا احلفاظ على‬ ‫هذه الكراسة كما نحافظ على سالحنا وشرفنا‬ ‫بريطانيا ترفض توصيات األمم املتحدة ‪..‬‬ ‫وحتاول خداع العالم‬

‫خرجت من جوف السفينة تسع دبابات ليست‬ ‫تابعة لكتيبتنا‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫توحي كثرة استعمال لفظ (الدميقراطية) في الكالم العام وفي الكالم السياسي أن اجلميع متفقون على معناها‬ ‫وداللتها‪ ،‬وبرغم أن ما ميكن تسميته باإلجماع العام ميكن أن يكون متحقق ًا حول اإلطار العام ملفهوم الدميقراطية‬ ‫املتمثّ ل في أنها «أس��ل��وب حياة يعتمد على احلرية الفردية واإلرادة الشخصية في صنع ال��ق��رار (السياسي‬ ‫االقتصادي االجتماعي) وصنع األدوات واألجهزة واملؤسسات املرتبطة بهذا القرار» إال أن احلقيقة وكما يراها‬ ‫منظري‬ ‫أساتذة النظريات السياسة هي أن الدميقراطية كلمة غارقة في بحر من اجل��دل‪ ،‬وينتهي أحد أكبر‬ ‫ّ‬

‫معادالت األخالق والقوة (‪)3-2‬‬ ‫خالد احلراري‬

‫نشر الديمقراطية‬ ‫والمضمون األخالقــــــــــ‬


‫الدميقراطية (روبرت دال) إلى أنه ليس ثمة نظرية دميقراطية بل هناك فقط نظريات دميقراطية(‪.)1‬‬

‫وتعدد النظريات املتعلقة بها للوصول‬ ‫ال أنوي خوض غمار اجلدل القائم حول مفهوم الدميقراطية‬ ‫ّ‬ ‫محدد ًا لهذا املفهوم يكون أساس ًا للتعامل معه في إطار هذه اجلزئية من البحث‪ :‬بل أكتفي‬ ‫إلى معنى‬ ‫ّ‬ ‫باالستناد إلى املعنى الليبرالي للدميقراطية القائم على التعددية والنيابية ومبا يقيم نظام ًا سياسي ًا‬ ‫يحقّ ق نوع ًا من التكافؤ في حقوق كافة املواطنني في التصويت والترشيح واالنتخاب‪.‬‬

‫خيط رفيع بني الدميقراطية واالخالق‬

‫ــــــي للسياسة الخارجية‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫املنتخبني الرسميني ف��ي ظل‬ ‫م��ن ال �ق �ض��اي��ا األخ� ��رى وال �ت��ي‬ ‫حرية التعبير واالنتقاد لسلوك‬ ‫ت �ب��دو وك��أن �ه��ا م�س�ل��م ب �ه��ا من‬ ‫احلكومة وال�ن�ظ��ام السياسي‪،‬‬ ‫اجلميع ه��و أن للدميقراطية‬ ‫واحل��ق في تشكيل اجلمعيات‬ ‫صالحية ك ّونية شاملة‪ ،‬وهذا‬ ‫والروابط والتنظيمات مبا فيها‬ ‫أي �ض �اً م��وض��وع آخ ��ر للنقاش‬ ‫األح���زاب وج�م��اع��ات املصالح‬ ‫ي�ن�ط�ل��ق م��ن إش �ك��ال �ي��ة ال ت��رى‬ ‫واالنتساب لها(‪.)4‬‬ ‫في الدميقراطية سوى صيغة‬ ‫ت � �ب � �ق� ��ى م� � �س � ��ال � ��ة ت� �ص ��دي ��ر‬ ‫غ��رب�ي��ة للحكم وأن ��ه مي�ك��ن أن‬ ‫ي �ك��ون ل�ل��دمي�ق��راط�ي��ة أش �ك��االً‬ ‫ال��دمي �ق��راط �ي��ة ه ��ي االن �ت �ق��ال‬ ‫ب� �ه ��ذا ال��ن��م��ط م� ��ن ال �ت �ن �ظ �ي��م‬ ‫مختلفة ومتباينة تبعاً للتاريخ‬ ‫السياسي لنشره في مجتمعات‬ ‫وال� �ث� �ق ��اف ��ة وال� �ق� �ي ��م وال��ب��ن��ى‬ ‫أخ��رى لم تألف هذا النوع من‬ ‫االج �ت �م��اع �ي��ة واالح��ت��ي��اج��ات‬ ‫ال �ت �ن �ظ �ي��م ال �س �ي��اس��ي‪ ،‬بحيث‬ ‫اخلاصة لكل أمة أو شعب من‬ ‫ت�ش�م��ل عملية االن �ت �ق��ال ه��ذه‬ ‫ش�ع��وب األرض(‪ ،)2‬وف��ي ظل‬ ‫ع �ن �ص��ري��ن أس ��اس� �ي�ي�ن ه �م��ا‪:‬‬ ‫هذا التباين واالختالف يكون‬ ‫الشكل الدميقراطي واملضمون‬ ‫إص���رار الليبراليني الغربيني‬ ‫املصالح السياسية حتول الدميقراطية إلى نقيضها الدميقراطي‪ ،‬ففي حني يعني‬ ‫ع �ل��ى ك � ّون �ي �ت �ه��ا (ص�لاح �ي �ت �ه��ا‬ ‫اجلانب الشكلي للدميقراطية‬ ‫ل �ل �ك��ون) ت �ن��اق �ض �اً م��ع امل �ب��ادئ‬ ‫مجموعة االجرائيات الالزمة‬ ‫الليبرالية القائمة على احترام‬ ‫للسلوك الدميقراطي واملتمثلة‬ ‫وحب التن ّوع الثقافي‪.‬‬ ‫ف� ��ي ال� �ت ��داب� �ي ��ر ال ��دس� �ت ��وري ��ة‬ ‫«إن مفكري التنوير مثل توماس‬ ‫واالن � �ت � �خ� ��اب � �ي� ��ة وال � �ق� ��وان �ي�ن‬ ‫ج �ي �ف��رس��ون وت� ��وم ب�ي�ن وج��ون‬ ‫وامل��ؤس �س��ات وك��اف��ة األدوات‬ ‫سيتورات مل وكارل ماركس لم‬ ‫وال �ه �ي��اك��ل (ال �ق��ان��ون �ي��ة) ال�ت��ي‬ ‫تساورهم أب��داً أي شكوك في‬ ‫م��ن ش��أن�ه��ا ت��دع�ي��م احل��ري��ات‬ ‫أن مستقبل كل أمة في العالم‬ ‫املدنية وس�ي��ادة ال�ق��ان��ون‪ ،‬وكل‬ ‫ه��و أن تقبل ص��ورة م��ن صور‬ ‫هذه اإلجرائيات أو الشكليات‬ ‫املؤسسات والقيم الغربية‪ ،‬فهم‬ ‫ميكن أن تكون قابلة للتصدير‪،‬‬ ‫ي��رون أن ت�ن� ّوع الثقافات ليس‬ ‫وب��رغ��م أهميتها ف��ي العملية‬ ‫م��ن األوض� ��اع ال��دائ�م��ة للحياة‬ ‫ال��دمي�ق��راط�ي��ة إال أن�ه��ا ليست‬ ‫البشرية وإمنا هي مرحلة على‬ ‫ك ��اف� �ي ��ة ل� �ض� �م ��ان «ع��م��ل��ي��ة»‬ ‫ال �ط��ري��ق إل ��ى ح �ض��ارة عاملية‬ ‫دميقراطية راسخة وحقيقية‪،‬‬ ‫واحدة يحل فيها مجتمع عاملي‬ ‫وحتى يتكامل ويتحقّق اجلانب‬ ‫�ؤس ��س ع �ل��ى ال�ع�ق��ل‬ ‫ج��دي��د م � ّ‬ ‫«العملي» للدميقراطية البد من‬ ‫محل أعراف املاضي وثقافاته‬ ‫وجود سلسلة معايير وتوقعات‬ ‫املتن َّوعة](‪.)3‬‬ ‫وات � �ف� ��اق� ��ات ب �ي�ن امل ��واط� �ن�ي�ن‬ ‫ي �ك��ون امل �ط �ل��وب إذاً لتأسيس‬ ‫والسلطات حول الضوابط التي‬ ‫دميقراطية ليبرالية متثيلية هو‬ ‫يتعينّ على منهم في السلطة أن‬ ‫نظام يكون فيه التحكم بسياسة‬ ‫يراعوها في مقابل االلتزامات‬ ‫احلكومة ع��ائ��داً دستورياً إلى‬ ‫ال � �ت� ��ي ي� �ج ��ب ع� �ل ��ى م � ��ن ه��م‬ ‫رسميني منتخبني يتم اختيارهم‬ ‫يسلموا بها‪ ،‬وبرغم أن بعض هذه «العمليات»‬ ‫وإزاحتهم سلمياً في ظل انتخابات نزيهة وحرة ودوري��ة يشارك‬ ‫خاضعون للسلطة أن َّ‬ ‫م �ق��رره مب��وج��ب ال�ق��ان��ون إال أن أغلبها تنشأ ف��ي قلب ال��واق��ع‬ ‫فيها اجلميع (من بلغوا سن الرشد من املواطنني رجاالً ونسا ًء)‬ ‫االجتماعي مستند ًة إلى التاريخ والثقافة والعادات وإلى شبكات‬ ‫ويكون لهم احلق في الترشيح للمناصب العامة‪ ،‬وتكون بعد ذلك‬ ‫غير رسمية (مجتمع مدني ف ّعال) ومدى توافر رأس املال والثقة‬ ‫املعلومات ليست خاضعة الحتكار احلكومة أو أي جماعة منفردة‬ ‫االجتماعيني مما يجعل منها أشياء غير قابلة لالستيراد(‪.)5‬‬ ‫أخرى‪ ،‬ومبا يتيح (للمواطنني) احملاسبة والنقد والتقييم لسلوك‬

‫الدميقراطية كلمة غارقة في بحر من‬ ‫اجلدل‪ ..‬ليس ثمة نظرية دميقراطية بل‬ ‫هناك فقط نظريات دميقراطية‬

‫تأسيس الدميقراطية الليبرالية التمثيلية‬ ‫نظام يكون فيه التحكم بسياسة احلكومة‬ ‫عائد ًا دستوري ًا إلى منتخبني يتم اختيارهم‬ ‫وإزاحتهم سلمي ًا بحرية وبشكل دوري‬ ‫ونساء‬ ‫ومبشاركة جميع املواطنني رجا ًال‬ ‫ً‬


‫أخالق القوة ال تنتصر دائم ًا على قوة األخالق‬

‫في إطار محاولة استكشاف الدوافع واألسباب التي جتعل أحد‬ ‫أهداف السياسات اخلارجية للدول الدميقراطية الليبرالية الغربية‬ ‫هو العمل على تصدير الدميقراطية ونشرها في مجتمعات أخرى‪،‬‬ ‫ميكن حتديد الدوافع واألسباب التالية‪:‬‬ ‫> تعتقد احل �ك��وم��ات ال�ل�ي�ب��رال�ي��ة أن��ه م��ن األس �ه��ل ال�ت�ع��ام��ل مع‬ ‫احلكومات األجنبية التي تتقاسم معها القيم واملصالح‪ ،‬حيث‬ ‫تشكل القيم املشتركة روابط إيجابية بني املجتمعات واحلكومات‬ ‫تظهر في شكل ردود فعل متوافقة ومتشابهة جتاه القضايا التي‬ ‫تطرح على الساحة الدولية(‪.)6‬‬ ‫> الهواجس األمنية املنطلقة من االعتقاد بأن الدول الدميقراطية‬ ‫مساملة أكثر م��ن نظيراتها الالدميقراطية‪ ،‬حيث أن م��ن شأن‬ ‫قيام نظام دولي ليبرالي جديد أن تكون فيه الدميقراطية داخل‬ ‫الدول مصحوبة بالسلم فيما بينها ويتحقق السلم الدميقراطي‬ ‫في العالقات الدولية بني الدول الدميقراطية‪ ،‬ومبا ال يؤدي إلى‬ ‫استبعاد احلرب بني الدول غير الدميقراطية‪ ،‬ولذلك صار نشر‬ ‫الدميقراطية والعمل على تصديرها واحداً من أهداف السياسة‬ ‫اخل��ارج �ي��ة م��ن أج��ل حتقيق األم ��ن وامل �ص��ال��ح األم �ن �ي��ة‪ ،‬إال أن‬ ‫الواقعيني يرون أن احتمال احلرب كامن في صلب النظام الدولي‬ ‫الفوضوي (الذي تغيب فيه السلطة اإللزامية العليا) وال عالقة له‬ ‫بالترتيبات الداخلية في إطار الدول‪ ،‬لذلك ّ‬ ‫حذر البعض من أن‬ ‫من شأن الدول السائرة في الطريق الدميقراطي أن تكون أكثر‬ ‫مي ً‬ ‫ال للحرب برغم احتمال بقاء الدميقراطيات الراسخة مساملة‬ ‫فيما بينها(‪.)7‬‬ ‫> املجتمعات الدميقراطية تكون اقتصادياً أكثر كفاءة من الدول‬ ‫واملجتمعات الالدميقراطية وبالتالي فإن تشجيع الدميقراطية‬

‫واتساعها ف��ي مجتمعات أخ��رى م��ن شأنه أن يكون مصحوباً‬ ‫مبصلحة اقتصادية ذاتية للدول «الراسخة في الدميقراطية» حيث‬ ‫تكون الدميقراطية مبثابة القيد والضامن لعدم حصول تغ ّيرات‬ ‫مباغته في السياسة والتخطيط‪ ،‬وفي االجتاه املعاكس ميكن أن‬ ‫يكون لالزدهار االقتصادي دور مهم في ت ّعزيز الدميقراطية(‪.)8‬‬ ‫على امتداد سنوات احلرب الباردة ظل احتواء الشيوعية هدفاً‬ ‫يتقدم بالنسبة للغرب األوربي والواليات املتحدة على هدف إعالء‬ ‫شأن الدميقراطية‪ ،‬فكل من القوتني العظميني قامت بصياغة‬ ‫معنى للدميقراطية مبا يتناسب مع موقفها األيديولوجي‪ ،‬فإلى‬ ‫جانب الدميقراطية الليبرالية الغربية كانت هناك «الدميقراطية‬ ‫االش �ت��راك �ي��ة» وال �ت��ي ت�ت�ق��اط��ع ف��ي ب�ع��ض احل �ق��وق ال �ت��ي تق ّرها‬ ‫دستورياً مع تلك احلقوق املقترنة بالدميقراطية الليبرالية‪ ،‬وإذا‬ ‫كانت احلكومات االشتراكية كثيراً ما تشعر بأنها ليست ملزمة‬ ‫بدساتيرها فإن احلكومات الغربية وصنّاع القرار بها كانوا –‬ ‫خالل تلك الفترة‪ -‬يولون أهمية أكبر للمصالح القومية في ظل‬ ‫واقعية سياسية كثيراً ما كانت تتجنب اخللط بني القيم واملصالح‬ ‫وال تنزع إلى االجتاه املثالي املتضمن محاوالت تصدير القيم ومن‬ ‫بينها الدميقراطية‪ ،‬وبرزت هذه التوجهات الغربية في الكثير من‬ ‫املواقف كان من بينها املوقف األمريكي واألوروبي من نظام امليز‬ ‫العنصري في جنوب أفريقيا خالل تلك الفترة‪ ،‬والدعم للنظام‬ ‫العسكري الذي قام في اليونان خالل فترة ما من سنوات احلرب‬ ‫ال �ب��اردة‪ ،‬وجت��در اإلش���ارة إل��ى أن��ه خ�لال امل��رح�ل��ة االستعمارية‬ ‫لم تكن أي من القوى االستعمارية األوروب�ي��ة تقيم وزن �اً ملسألة‬ ‫التعامل الدميقراطي خالل فترات احلكم االستعماري الراسخ‬ ‫والصريح في مستعمراتها‪ ،‬واعتمدت بدالً من ذلك على اإلداريني‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫االستعماريني والزعماء والشيوخ واألمراء احمللّني‪ ،‬ومع انحصار‬ ‫امل��د االس�ت�ع�م��اري األورب ��ي ب��دأ األورب �ي��ون ع��ازم�ين على توريث‬ ‫مستعمراتهم السابقة أنظمة دميقراطية ليبرالية بغض النظر عما‬ ‫إذا كانت قابلة للتطبيق على تلك املجتمعات باختالف ثقافاتها‬ ‫وأوضاعها أم ال‪ ،‬كما أن الغرب لم يكن مهتماً كثيراً ببقاء وسقوط‬ ‫أي نظام حكم تسلطي طاملا كان يقاسمه العداء للشيوعية(‪.)9‬‬ ‫بنظرة إجمالية على الواقع الدميقراطي في العالم حتى نهاية‬ ‫احل� ��رب ال� �ب ��اردة مي �ك��ن ال �ق��ول‬ ‫أن� ��ه ك� ��ان م �ه �ي �ئ �اً – مب ��ا ميثل‬ ‫�ج �ع��ة ‪ -‬الن �ت �ه��اج‬ ‫أرض� �ي ��ة م �ش� ّ‬ ‫س �ي��اس��ة ت �س �ع��ى إل���ى تشجيع‬ ‫القيم الدميقراطية الليبرالية‬ ‫وت �ص��دي��ره��ا‪ ،‬ف��ال��دمي�ق��راط�ي��ة‬ ‫االشتراكية في أوربا الشرقية‬ ‫وال � ��دول ال�ش�ي��وع�ي��ة ال�س��اب�ق��ة‬ ‫متث ّل ما ميكن اعتباره أساساً‬ ‫ل �ت �ح��وي �ل �ه��ا إل� ��ى دمي �ق��راط �ي��ة‬ ‫ل�ي�ب��رال�ي��ة‪ ،‬خ��اص��ة م��ن مدخل‬ ‫االرت � � �ب� � ��اط ب �ي��ن ال� �ت� �ح ��والت‬ ‫االق �ت �ص��ادي��ة ب��اجت��اه اقتصاد‬ ‫ال� �س ��وق وال� �ن� �م ��ط ال �ل �ي �ب��رال��ي‬ ‫ل� �ل ��دمي� �ق ��راط� �ي ��ة‪ ،‬وامل� � � ��وروث‬ ‫االس� �ت� �ع� �م ��اري ال��دمي �ق��راط��ي‬ ‫ف���ي امل��س��ت��ع��م��رات ال �س��اب �ق��ة‬ ‫مت ّكن في ع��دد من ال��دول من‬ ‫حتقيق جناحات على الصعيد‬ ‫الدميقراطي تقترب كثيراً من‬ ‫النهج الليبرالي الدميقراطي‬ ‫األوروب� � ��ي‪ ،‬وامل��ث��ال ع�ل��ى ذل��ك‬ ‫ح���ال���ة «ال � �ه � �ن� ��د»‪ ،‬أم � ��ا ب�ق�ي��ة‬ ‫األنظمة السياسية في العالم‬ ‫والتي أخفقت في الكثير منها‬ ‫املشاريع الدميقراطية وحت ّولت‬ ‫إل ��ى ح �ك��وم��ات دك �ت��ات��وري��ة أو‬ ‫تسلّطية أو ف��اش�ي��ة عسكرية‬ ‫ل��م جت��رؤ على إع�ل�ان عدائها‬ ‫ال �ص��ري��ح ل �ل��دمي �ق��راط �ي��ة‪ ،‬بل‬ ‫ك� ��ان ال �ك �ث �ي��ر م �ن �ه��ا ي �ع �ت �ب��رون‬ ‫أن �ف �س �ه��م م��ؤق �ت�ي�ن وع ��ازم�ي�ن‬ ‫على العودة إلى احلكم املدني‬ ‫والدميقراطي(‪.)10‬‬ ‫دخل الغرب األوربي والواليات‬ ‫امل��ت��ح��دة األم��ري �ك �ي��ة خ��اص � ًة‬ ‫مرحلة ما بعد احلرب الباردة‬ ‫في ظل شعور بالزهو واالنتصار‬

‫منحها اإلحساس بس ّمو القيم الرأسمالية والليبرالية التي مكنتها‬ ‫من قهر الشيوعية‪ ،‬ومبا م ّثل عودة للثقة بالنفس‪ ،‬وانبعاث جديد‬ ‫للقوة األمريكية في ظل بيئة عاملية صارت صاحلة ملمارسة النفوذ‬ ‫والقوة األمريكية‪ ،‬فاقتنصت الواليات املتحدة الفرصة وكأنها تلك‬ ‫الفرصة التي متناها «ودورول�س��ون» قبل ثالثني عاماً حني قال‪:‬‬ ‫«إذا شاء الرب فإن أمريكا ستمسك بفرصة أخرى لتبرهن للعالم‬ ‫أنها ول��دت خلدمة اإلنسانية»‪ ،‬وبنفس املضمون اإليديولوجي‬ ‫ع �ب��ر «ج� � ��ورج ب� ��وش (األب)»‬ ‫عن ذات التطلعات حني قال‪:‬‬ ‫«ن �ح��ن أم��ري �ك �ي��ون مسئوليتنا‬ ‫ال��وح�ي��دة ه��ي العمل م��ن أجل‬ ‫احلرية»(‪.)11‬‬ ‫كان هذا االنقالب في السياسة‬ ‫اخلارجية األمريكية بالتح ّول‬ ‫م��ن ح��ال��ة س�ي��اس�ي��ة ك �ث �ي��راً ما‬ ‫وصفت بأنها «نزعة انعزالية‬ ‫ج��دي��دة» خ�لال أواخ��ر احلرب‬ ‫الباردة وخاصة منذ اإلخفاقات‬ ‫األمريكية في فيتنام إلى حالة‬ ‫س �ي��اس �ي��ة م �ت �ص �ف��ة ب��ال �ن��زع��ة‬ ‫ال� �ت ��دخ� �ل� �ي ��ة وم� �ن� �ط� �ل� �ق ��ة م��ن‬ ‫اإلح�س��اس باملسؤولية العاملية‬ ‫وال��رغ �ب��ة ف��ي تكييف وتغيير‬ ‫وإصالح كافة األوضاع العاملية‬ ‫وف �ق �اً ل �ل��رؤي��ة واإلي��دي��ول��وج �ي��ة‬ ‫األم��ري�ك�ي��ة ي��رج��ع أس��اس �اً إلى‬ ‫ج �م �ل��ة امل� �ك ��اس ��ب وامل� �ص ��ال ��ح‬ ‫األمريكية البحتة التي صارت‬ ‫قابلة للتحقيق واإلجناز في ظل‬ ‫بيئة م��ا بعد احل��رب ال �ب��اردة‪،‬‬ ‫سوا ًء على صعيد تأكيد التف ّرد‬ ‫والتف ّوق بالقوة العسكرية من‬ ‫خ�لال إق�ن��اع اآلخ��ري��ن بسطوة‬ ‫وق��درة ال��والي��ات املتحدة على‬ ‫أن تفعل ما تشاء في ظل فراغ‬ ‫القوة الناشئ عن انهيار االحتاد‬ ‫ال �س��وف �ي �ت��ي‪ ،‬أو ع �ل��ى صعيد‬ ‫امل �ك��اس��ب االق��ت��ص��ادي��ة ال�ت��ي‬ ‫من شأنها أن تتعاظم في ظل‬ ‫منو النظام الرأسمالي الدولي‬ ‫وف��ي ظل إمكانيات اقتصادية‬ ‫أمريكية الزال��ت حتتفظ بقدر‬ ‫ال بأس به من القوة(‪.)12‬‬ ‫إال أن م ��ا ي �ع �ن �ي �ن��ا ف ��ي ه��ذا‬ ‫االن � � �ق� �ل��اب ف � ��ي ال� �س� �ي ��اس ��ة‬

‫التحول إلى اقتصاد‬ ‫اللبرلة أصبحت تعني ّ‬ ‫السوق ولو جاء على حساب اإلصالح األمر‬ ‫الذي يؤدي إلى تهاوي مستويات املعيشة لدى‬ ‫األكثرية الساحقة وتصاعد معدالت البطالة‬ ‫والتضخم وتركز الثروة في يد حفنه قليلة من‬ ‫الناس وانتشار الفساد‬

‫األنظمة السياسية في العالم التي أخفقت في‬ ‫حتولت إلى حكومات‬ ‫املشاريع الدميقراطية ّ‬ ‫دكتاتورية أو تس ّلطية أو فاشية عسكرية ولم‬ ‫جترؤ على إعالن عدائها الصريح للدميقراطية‬


‫التنوع ليس قدراً!‬ ‫جيفرسون‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫العالم ينتقد ضحالة احللم األمريكي‬

‫ماركس‪ ..‬احللم الكوسموبوليتي‬

‫اخلارجية األمريكية حتديداً واألوربية عموماً هو ّ‬ ‫توغل األخالق‬ ‫في عمق االنبعاث اجلديد للقوة األمريكية حني صار الساسة‬ ‫األم��ري�ك�ي��ون واألوروب� �ي ��ون يتحدثون لغة األخ�ل�اق أك�ث��ر فأكثر‪،‬‬ ‫وصارت األهداف ترسم مبضامني أخالقية تشير باجتاه العمل‬ ‫من أجل اآلخرين في العالم وصوالً إلى األمن والسالم‪ ،‬وحتقيقاً‬ ‫للحرية من خالل أمتاعهم بالدميقراطية وباحلرية االقتصادية‬ ‫والدفاع عن حقوقهم اإلنسانية وحمايتها والتدخل ألجلها‪.‬‬ ‫«الب��د لسياستنا اخلارجية من أن تتمتع ببعد أخالقي‪ ،‬ويجب‬ ‫عليها أن تدعم مطالبات الشعوب األخرى باحلقوق الدميقراطية‬ ‫ال �ت��ي ن �ص � ّر ع�ل�ي�ه��ا ألن�ف�س�ن��ا‪،‬‬ ‫نصر على وضع حقوق‬ ‫وسوف ّ‬ ‫اإلن �س��ان ف��ي ق�ل��ب سياساتنا‬ ‫اخلارجية»(‪.)13‬‬ ‫ظ � ��ل ال� ��واق � �ع � �ي� ��ون ي� ��ؤك� ��دون‬ ‫ب� ��اس � �ت � �م� ��رار أن اخل � �ط� ��اب‬ ‫السياسي «امل�ب��ادئ��ي» ليس إال‬ ‫قناعاً إلضفاء مصالح أخرى‪،‬‬ ‫فاخلطاب املبدئي يطلع عاد ًة‬ ‫ب�� ��دور غ ��ائ ��ي ف ��ي ال �ت��أس �ي��س‬ ‫لسلطة ال��دول��ة م��ن أن تفعل‪،‬‬ ‫لكن مل��اذا حت��رص ال��دول على‬ ‫ال��ب��ح��ث ع���ن م� �ب� � ّرر ل�ت�س��وي��غ‬ ‫س �ي��اس �ت �ه��ا إذا ك��ان��ت ق��ائ�م��ة‬ ‫على املصالح اخلالصة؟ تكمن‬ ‫اإلجابة عن هذا السؤال في أن‬ ‫قدرة الدولة على الفعل متوقفة‬ ‫على مواطنيها الذين يوفرون‬ ‫امل � ��وارد ال�ل�ازم ��ة الس �ت �ع��راض‬ ‫القوة والذين البد من إقناعهم‬ ‫مبشروعية ال�ق�ي��ام مبثل هذا‬ ‫االس�ت�ع��راض للعضالت‪ ،‬وهنا‬

‫تكون سلطة الفعل متوقفة على توفير مسوغات أخالقية(‪.)14‬‬ ‫الواقع الدولي بعد انتهاء احلرب الباردة هو الذي فرض «املسوغ‬ ‫األخ�لاق��ي» كمبرر وح�ي��د مل�م��ارس��ة س�ي��اس��ات ال �ق��وة ف��ي غياب‬ ‫املبررات األخرى التي كانت متوفرة إبان مرحلة احلرب الباردة‪.‬‬ ‫ظلت الواليات املتحدة األمريكية منذ بداية وجودها كدولة مستقلة‬ ‫حتلم بأن يش ّكل منوذجها تشجيعاً للدميقراطية في اخلارج‪ ،‬وقبل‬ ‫انخراطها في احلرب العاملية األول��ى كانت عاكفة على تصدير‬ ‫الدميقراطية إلى أمريكا الالتينية مستخدمة سلسلة من األدوات‬ ‫السياسية واالقتصادية والعسكرية‪ ،‬غير أن معاداة الشيوعية‬ ‫م��ع ب��دء احل ��رب ال��ب��اردة أب��اح‬ ‫دعم النظم التسلطية امللتزمة‬ ‫مبعارضتها للشيوعية‪ ،‬إال أن‬ ‫تصدير ال��دمي�ق��راط�ي��ة أصبح‬ ‫م �ن��ذ ان �ت �ه��اء احل� ��رب ال��ب��اردة‬ ‫وانهيار النظام الشيوعي هدفاً‬ ‫م�ت��زاي��د األه�م�ي��ة م��ن أه��داف‬ ‫السياسة اخلارجية األمريكية‬ ‫وال �ق��وى األورب �ي��ة التي ظهرت‬ ‫على الساحة السياسية الدولية‬ ‫كقوى فاعلة(‪.)15‬‬ ‫م� � ��ن ب� �ي��ن ال� � �ب�� ��رام�� ��ج ال� �ت ��ي‬ ‫اعتمدتها احلكومات الغربية‬ ‫وامل�ن�ظ�م��ات ال��دول �ي��ة م��ن أج��ل‬ ‫دعم الدميقراطية كان برنامج‬ ‫يعرف مب�ب��ادرة «ي��و‪ .‬أس‪ .‬أيد‬ ‫‪ »USAID‬األم��ري �ك �ي��ة‪ ،‬وه��و‬ ‫برنامج يستهدف رعاية أنظمة‬ ‫سياسية تنافسية وتقوية سيادة‬ ‫القانون واحترام حقوق اإلنسان‬ ‫وتعزيز املجتمع املدني‪ ،‬والعمل‬ ‫ع �ل��ى حت �ق �ي��ق أك��ب��ر ق� ��در من‬

‫الدميقراطية صيغة غربية للحكم وميكن أن يكون‬ ‫لها أكثر من شكل مختلف تبع ًا للتاريخ والثقافة‬ ‫والقيم والبنى االجتماعية واالحتياجات اخلاصة‬ ‫لكل أمة أو شعب من شعوب األرض‬ ‫يرى الواقعيون أن احتمال احلرب كامن في‬ ‫صلب النظام الدولي الفوضوي الذي تغيب‬ ‫فيه السلطة اإللزامية العليا وال عالقة له‬ ‫بالترتيبات الداخلية في إطار الدول‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫محاسبة املؤسسات السياسية ومعايير احلكم األخالقية وكذلك‬ ‫ك��ان ال�ب��رن��ام��ج األورب� ��ي (االحت� ��اد األورب� ��ي) امل �ع��روف ببرنامج‬ ‫(فيرووتاكيس‪ )PHARE AND TACIS ،‬ال��ذي يهدف إلى‬ ‫املساهمة في تعزيز اإلجراءات واملمارسات الدميقراطية التعددية‬ ‫جنباً إل��ى جنب م��ع س�ي��ادة ال�ق��ان��ون م��ن خ�لال تدعيم فعاليات‬ ‫الهيئات غير احلكومية وتأييد امتالك وتطبيق املعارف والتقنيات‬ ‫ذات العالقة باملمارسة والتنظيم البرملاني(‪.)16‬‬ ‫يركز البرنامجان املُشار إليهما على دول االحتاد السوفيتي السابق‬ ‫ودول أورب��ا الشرقية كمناطق مستهدفة بتنمية الدميقراطية‬ ‫وتشجعيها‪ ،‬برغم أن كال البرنامجني ير ّكز بشكل أساسي على‬ ‫توفير الدعم إلقامة اقتصادات السوق كهدف يأتي قبل هدف‬ ‫تطوير أنظمة سياسية تعددية‪ ،‬ويتضح ذل��ك من خ�لال املبالغ‬ ‫املخصصة لتشجيع الدميقراطية (في إطار برنامج فيرو‬ ‫املالية‬ ‫ّ‬ ‫ت��اك �ي��س –مث ً‬ ‫ال‪ -‬ل ��م ت�ت�ج��اوز‬ ‫امل �ب��ال��غ امل �خ �ص �ص��ة ل�ب��رن��ام��ج‬ ‫ال��دمي�ق��راط�ي��ة م��ا قيمته ‪1%‬‬ ‫من إجمالي ميزانية البرنامج)‬ ‫(‪.)17‬‬ ‫ب�� ��دأت احل� �ك ��وم ��ات ال �غ��رب �ي��ة‬ ‫مقتنعة ب��أن إص�ل�اح األنظمة‬ ‫االق� �ت� �ص���ادي���ة ف� ��ي ال� �ب� �ل ��دان‬ ‫االش�ت��راك�ي��ة السابقة سيكون‬ ‫متبوعاً بالدميقراطية بصورة‬ ‫ط �ب �ي �ع �ي��ة‪ ،‬وب� ��رغ� ��م أن ه ��ذه‬ ‫احل��ك��وم��ات ك��ان��ت ت �ع �ل��ن عن‬ ‫رغ �ب �ت �ه��ا ف���ي ت �ش �ج �ي��ع ت �ط��ور‬ ‫الدميقراطية إال أن سياساتها‬ ‫وخططها بقية اقتصادية في‬ ‫امل��ق��ام األول‪ ،‬وك��ان��ت نتيجة‬ ‫ذل � ��ك ال��ت��رك��ي��ز ع��ل��ى إق��ام��ة‬ ‫صرح اقتصاد سوق جاء على‬ ‫ح� �س ��اب ج���وان���ب أخ�� ��رى م��ن‬ ‫عملية اإلص�لاح‪ ،‬وبفعل النقلة‬ ‫االقتصادية للدول االشتراكية‬ ‫ال �س��اب �ق��ة س ��رع ��ان م ��ا لبثت‬ ‫م�س�ت��وي��ات امل�ع�ي�ش��ة لألكثرية‬ ‫ال �س��اح �ق��ة م��ن م��واط �ن��ي تلك‬ ‫البلدان أن تهاوت مع تصاعد‬ ‫م��ع��دالت ال �ب �ط��ال��ة وال�ت�ض�خ��م‬ ‫وتركز الثروة في يد حفنه قليلة‬ ‫من الناس وانتشار الفساد‪ ،‬وكل‬ ‫ذلك أدى إلى انخفاض التأييد‬ ‫الذي كان من احملتمل أن يوفره‬ ‫مواطنو تلك البلدان لبرنامج‬ ‫التحول الدميقراطي(‪ ،)18‬كما‬

‫أدى تسامح أمريكا والغرب األوربي مع املمارسات الدميقراطية‬ ‫الفاضحة إل��ى زع��زع��ة إمي��ان ال�ن��اس بالدميقراطية ح�ين كانت‬ ‫القوى الغربية تعمل على احليلولة دون ع��ودة ف��وز الشيوعيني‬ ‫أو القوميني املتطرفني في االنتخابات‪ ،‬ومبضي الوقت بدأت‬ ‫تتصاعد موجة من الشك –خاصة جتاه اإلدارة األمريكية‪ -‬حول‬ ‫مصداقية الرسول «رسول الدميقراطية» في ظل تقارير تكشف‬ ‫عن خطط أمريكية تهدف في املقام األول حلماية وخدمة املصالح‬ ‫األمريكية‪ ،‬ومبا يشير إلى أن احللم األمريكي لم يعد له معجبون‪،‬‬ ‫ففي إحصاء أجرته هيئة اإلذاع��ة البريطانية في ٍ‬ ‫عدد من دول‬ ‫العالم خ�لال العام ‪ 2004‬أظهر تنامي املشاعر العدائية جتاه‬ ‫«احللم األمريكي» حيث يرى ‪ 77%‬من األملان و‪ 64%‬من اإلجنليز‬ ‫و‪ 82%‬من األتراك أن أمريكا فقدت صورتها املثالية التي كانت قد‬ ‫اكتسبتها خالل احلرب العاملية الثانية باعتبارها النموذج األمثل‬ ‫للدميقراطية واحلرية(‪.)19‬‬ ‫منذ نهاية احلرب الباردة ثمة‬ ‫ن��وع م��ن ال�ن��زوع ل��دى ال��والي��ات‬ ‫املتحدة وال�غ��رب نحو تصعيد‬ ‫اس �ت �خ��دام ال �ق��وة ف��ي التعامل‬ ‫مع اآلخرين (وبشكل انتقائي)‬ ‫وك� � � ��ان ذل� � ��ك م� ��راف � �ق � �اً ل �ك��ل‬ ‫اإلدع��اءات الهادفة إلى حتقيق‬ ‫السالم واخلير والدميقراطية‬ ‫ل �ل �ع��ال��م‪ ،‬مب �ع �ن��ى أن���ه ف ��ي ظل‬ ‫ال ��واق ��ع ال ��دول ��ي ال ��راه ��ن ف��إن‬ ‫ال �ن��زع��ة األخ�لاق �ي��ة للسياسة‬ ‫ال��دول �ي��ة اع�ت�م��دت ع�ل��ى نزعة‬ ‫القوة والتفوق كأداة لها‪ ،‬وهذا‬ ‫يجعل من األول��ى موضع شك‪،‬‬ ‫ف��امل�ب��ال�غ��ة ع�ل��ى ال�ت�ع��وي��ل على‬ ‫جن��اح ال �ق��وة ف��ي ال��وص��ول إلى‬ ‫األه� ��داف يحجب ال��رؤي��ة عن‬ ‫جملة م��ن اآلل �ي��ات اإلنسانية‬ ‫ال��ك��ام��ن��ة وراء ال� �ص ��راع ��ات‬ ‫امل �س �ت �ع �ص �ي��ة‪ ،‬وت �ع �م��ل ع �ق��دة‬ ‫(التفوق املبدئي للغرب) على‬ ‫طمس كل آليات احلوار املمكنة‬ ‫مع اآلخر ولم يبقى للحوار في‬ ‫ظل القوة إال معنى واح��د هو‬ ‫أن تقبل وتتبنى موقف الطرف‬ ‫القوي(‪.)20‬‬ ‫إذا كانت القوة قادرة على دك‬ ‫اآلخ ��ري ��ن وق �ه��ره��م ب��ال�س�لاح‬ ‫فإنها ال ميكن ب��أي شكل من‬ ‫األش � �ك� ��ال أن ت� �ك ��ون ط��ري �ق �اً‬ ‫لكسب قلوبهم‪ ،‬ب��ل ق��د ي��زداد‬

‫السياسيون الواقعيون يؤكدون أن اخلطاب‬ ‫السياسي املبدئي هو مجرد قناع إلضفاء‬ ‫الشرعية على مصالح أخرى ال عالقة لها‬ ‫بالدميقراطية‬

‫يرى ‪ %77‬من األملان و‪ %46‬من اإلجنليز‬ ‫و‪ %28‬من األتراك أن أمريكا فقدت صورتها‬ ‫املثالية التي كانت قد اكتسبتها خالل احلرب‬ ‫العاملية الثانية باعتبارها النموذج األمثل‬ ‫للدميقراطية واحلرية‬

‫القتل والسيارات املفخخة واملقاومة والكفر‬ ‫بالدميقراطية واحلرية األمريكية كانت نتيجة‬ ‫منطقية لواقع القوة والهيمنة األمريكية التي‬ ‫تسببت في دمار واستنزاف العراق‬


‫سلسلة اإلرهاب لم تتوقف منذ أن غزت الواليات املتحدة العراق‬

‫دعمهم للطرف املضاد واملستهدف بالتدمير عن طريق القوة‬ ‫سوا ًء كان حكومة دكتاتورية أو نظاماً تسلطياً أو حركة وتنظيماً‬ ‫إرهابياً‪ ،‬وتكون النتيجة هي تنامي ما تراه الواليات املتحدة خطراً‬ ‫يهدد السلم واألمن الدوليني وفي املقابل رفضاً للنموذج الليبرالي‬ ‫الغربي في صيغه االقتصادية والسياسية ما دام ال يحقق للشعوب‬ ‫–بعد جترية حوالي عشرون عاماً وفي أكثر من مكان في العالم‪-‬‬ ‫سوى القتل والدمار والتهجير والفقر والالأمن‪ ،‬ولعل املثال الواضح‬ ‫ما جرى ويجري في العراق حني تص ّور األمريكيون أن الشعب‬ ‫العراقي سيستقبلهم بباقات الزهور ترحيباً بالقيم األخالقية التي‬ ‫وعدوا بها من حرية ودميقراطية وإزاح ًة لنظام دكتاتوري إال أن‬ ‫واقع القوة والقتل والدمار األمريكي للعراق كان من الطبيعي أن‬ ‫يكون في استقباله القتل املضاد والسيارات املفخخة واملقاومة‬ ‫والكفر بالدميقراطية واحلرية األمريكية التي هذه هي أشكالها‬ ‫وأدواتها‪.‬‬ ‫هوامش‪:‬‬ ‫(‪ )1‬م��ارغ��وت الي��ت «تصدير الدميقراطية» في «األخ�ل�اق والسياسة‬ ‫اخل��ارج��ي��ة»‪ ،‬حت��ري��ر ك���ارن أي سميث وم��ارغ��وت الي���ت‪ ،‬تعريب فاضل‬ ‫جتكر(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص ‪.131 130-‬‬ ‫(‪ )2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.132‬‬ ‫(‪ )3‬أحمد ف���اروق عبد العظيم‪« ،‬ال��ن��م��وذج األمريكي للدميقراطية‪:‬‬ ‫قراءة في فلسفة اخلطاب» السياسة الدولية‪ ،‬العدد ‪( ،153‬مرجع سبق‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.157‬‬ ‫(‪ )4‬أح��م��د عبد احلميد اخل��ال��دي‪ ،‬أزم���ة ال��دمي��ق��راط��ي��ة‪( ،‬ط��راب��ل��س‪:‬‬ ‫املنشأة العامة للنشر والتوزيع واإلعالن‪ ،)1984 ،‬ص‪.‬ص ‪ ،88-79‬انظر‬ ‫كذلك جوزيف س‪ .‬ناي‪ ،‬االبن‪ ،‬املنازعات الدولية‪( ،‬مرجع سبق ذكره)‪،‬‬ ‫ص‪.‬ص‪.64-63‬‬ ‫(‪ )5‬مارغوت الي��ت‪« ،‬تصدير الدميقراطية» في «األخ�لاق والسياسة‬ ‫اخلارجية»‪ ،‬حترير ك��ارن سميث ومارغوت البن تعريب فاضل جتكر‪،‬‬

‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص‪.135 134-‬‬ ‫(‪ )6‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.138‬‬ ‫(‪ )7‬جوزيف س‪ .‬ناي‪ .‬االبن‪ ،‬املنازعات الدولية‪ ،‬ترجمة عالء أبو زيد‪،‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص‪.68 67-‬‬ ‫(‪ )8‬عبد القادر محمد فهمي‪ ،‬النظام السياسي الدولي‪( ،‬مرجع سبق‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص ‪.124 ،123‬‬ ‫(‪ )9‬مارغويت اليت «حتديد الدميقراطية» في «األخ�لاق والسياسة‬ ‫اخلارجية»‪ ،‬حترير كارن سميث ومارغويت اليت‪ ،‬تعريب فاضل جتكر‪،‬‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.145-143‬‬ ‫(‪ )10‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.148‬‬ ‫(‪ )11‬كرمستوفر كوكر «ال��والي��ات املتحدة وأخ�لاق ما بعد احلداثة»‬ ‫في األخالق والسياسة اخلارجية‪ ،‬حترير كارن سميث ومارغوت اليت‪،‬‬ ‫تعريب فاضل جتكر (مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.238‬‬ ‫(‪ )12‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص‪.241 238-‬‬ ‫(‪ )13‬مقتطف من خطاب لوزير اخلارجية البريطاني السابق «روبن‬ ‫كوك» لدى إطالق احلكومة البريطانية لبيان «رسالة وزارة اخلارجية‬ ‫والكومونولث» عند بداية تولي حكومة حزب العمال ملهامها في ‪ /1‬مايو‬ ‫‪ً ...1997‬‬ ‫نقال عن كارن‪.‬أي‪.‬سميث ومارغوت اليت‪« ،‬األخالق والسياسية‬ ‫اخلارجية» تعريب فاضل جتكر‪( ،‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.30‬‬ ‫(‪ )14‬أحمد ف��اروق عبدالعظيم‪« ،‬النموذج األمريكي للدميقراطية‪:‬‬ ‫قراءة في فلسفة اخلطاب»‪ ،‬السياسة الدولية العدد ‪ ،153‬ص‪.151‬‬ ‫(‪ )15‬رت��ش��ارد نيكسون‪ ،‬أمريكا والفرصة التاريخية‪ ،‬ترجمة محمد‬ ‫زكريا إسماعيل (بيروت‪ :‬مكتبة بيسان‪ ،)1992 ،‬ص‪.274‬‬ ‫(‪ )16‬مارغوت الي��ت‪« ،‬تصدير الدميقراطية» في األخ�لاق والسياسة‬ ‫اخلارجية‪ ،‬حترير ك��ارن سميث وم��ارغ��وت الي��ت تعريب‪ ،‬فاضل جتكر‬ ‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.136‬‬ ‫(‪ )17‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬ ‫(‪ )18‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.41‬‬ ‫(‪ )19‬ع��ص��ام عبدالشافي‪« ،‬السياسة اخل��ارج��ي��ة األم��ري��ك��ي��ة‪ :‬قضايا‬ ‫وإش��ك��ال��ي��ات» ال��س��ي��اس��ة ال��دول��ي��ة‪ ،‬ال��ع��دد ‪( ،160‬م��رج��ع س��ب��ق ذك���ره)‪،‬‬ ‫ص‪.‬ص‪.157 156-‬‬ ‫(‪ )20‬ك��ي‪ .‬أم‪ .‬فيركه «بناء ص��رح سياسة خارجية أخالقية‪ :‬حتليل‬ ‫ومم��ارس��ة من األس��ف��ل»‪ ،‬في «األخ�ل�اق والسياسة اخلارجية» تعريب‪،‬‬ ‫فاضل جتكر‪( ،‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.228‬‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫القارة األكثر شباب ًا في العالم‬

‫مسطرة الموارد‬ ‫والسكان في‬ ‫إفريقيا‬

‫تحدث‬ ‫القارة السمراء ُ‬ ‫تغيراً خطيراً في المؤشرات‬ ‫ّ‬ ‫الديموغرافية العالمية‬ ‫ي��ت��زاي��د س��ك��ان ق���ارة إف��ري��ق��ي��ا بنسبة ك��ب��ي��رة وملحوظة‪،‬‬ ‫وميكننا هنا التفكير في أن نسبتهم إلى سكان العالم والتي‬ ‫كانت عام ‪ 1920‬تصل إلى ‪ % 7.5‬أصبحت اآلن ‪ .%11‬وبينما‬ ‫ك��ان ُيضاف من ع��دد السكان حوالي ‪ 21‬مليون نسمة كل‬ ‫سنة منذ ‪ 1994‬يتوقع أن يبلغ عددهم ‪ 1.7‬مليار نسمة‬ ‫بحلول سنة ‪ 2034‬و‪ 3.6‬مليار نسمة في آفاق ‪.2100‬‬

‫محمد الساعدي *‬


‫ثلث سكان العالم سيكونون أفارقة‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬ ‫حتدد املعطيات السكانية إلى حد كبير موقع‬ ‫ّ‬ ‫إفريقيا في األسواق العاملية للعمل والتجارة‬ ‫ورؤوس األموال‬ ‫نصف أطفال العالم سيكونون أفارقة‬ ‫في العام ‪2100‬‬ ‫تتمتع إفريقيا بأكثر سكان العالم شباب ًا‪ .‬وهو وضع‬ ‫سيستمر لعقود قادمة في عالم يشهد سكانه‬ ‫شيخوخة سريعة‬ ‫شهدت إفريقيا تناقص ًا كبير ًا في عدد السكان في‬ ‫القرون املاضية بسبب جتارة الرقيق‪ ..‬ثم اشتد‬ ‫النمو خالل القرن العشرين بعد استقرار األوضاع‬ ‫السياسية ووضع نهاية للحروب واملنازعات القبلية‬ ‫ترجع بعض الكثافات السكانية املنخفضة إلى‬ ‫عوامل بشرية داخلية أهمها عدم االستغالل‬ ‫الكثيف لألرض‬

‫توزيع السكان‬ ‫يعيش سكان إفريقيا فوق رقعة من األرض مساحتها توازي ‪22%‬‬ ‫من مساحة يابس العالم‪ ،‬ويبلغ متوسط الكثافة السكانية أكثر من‬ ‫‪ 22‬شخص في الكيلومتر امل��رب��ع‪« .‬ودراس ��ة السكان في إفريقيا‬ ‫تقابلها صعاب كثيرة منها عدم توفر البيانات الدقيقة ألسباب كثيرة‬ ‫منها انتشار األمية بني السكان وقلة الوعي الثقافي وعدم اقتناع‬ ‫السكان باإلحصائيات وأهدافها‪ ،‬بل واخلوف والشك من أهداف‬ ‫اإلحصاء خشية أن يكون متعلقاً بفرض الضرائب على األشخاص‬ ‫أو على مصادر الثروة أو االستدعاء خلدمة عسكرية»‪)1(.‬‬ ‫وهذه اإلحصاءات ليست على درجة كافية من الدقة بحيث ميكن‬ ‫االعتماد عليها ألغ��راض البحث والتخطيط ولهذا فإن خريطة‬ ‫إفريقيا السكانية يجب أن تصل على عال تها فهي تقريبية إلى‬

‫حد ويظهر التحليل بعضاً من الصالت العامة بني توزيع السكان‬ ‫وعوامل البيئات الطبيعية وتبدو هذه الصالت واضحة في أقاليم‬ ‫خ��اص��ة م�ث��ال ذل��ك‪ :‬امل�س��اح��ات ال�ص�ح��راوي��ة ال��واس�ع��ة والغابات‬ ‫املطيرة واملستنقعات ال تناسب حياة اإلنسان‪.‬‬ ‫وميكن تفسير التشتت في التوزيع السكاني وتركيزه في مناطق‬ ‫خاصة بإفريقيا بالرجوع إل��ى العوامل االجتماعية والتاريخية‬ ‫والسياسة مثال ذلك كانت احلاجة إلى االلتجاء إلى مناطق منيعة‬ ‫محمية‪ ،‬وراء الكثافات السكانية العالية في هضبة فوتاجالوية‬ ‫وفي مرتفعات أطلس وقد ساعد االستقرار السياسي على منو‬ ‫السكان في أجزاء إثيوبيا وأوغندا وجنوب نيجيريا‪.‬‬ ‫وهناك ميزة تتميز بها قارة إفريقيا وهي التشتت السكاني فإن‬ ‫هناك بعض مناطق أشبه باجلزر كثيرة السكان وتعاني من قلة‬


‫املوارد احمللية ومن ضعف نظم الزراعة وبالتالي ليست قادرة على‬ ‫إعالة هذا العدد املتزايد من السكان‪ ،‬ويبدو التضخم السكاني‬ ‫واضحاً في وادي النيل مبصر وقد ضعفت خصوبة التربة في‬ ‫بعض ه��ذه امل�ن��اط��ق وانخفضت إنتاجياتها بسبب االستغالل‬ ‫الكثيف وهنا ال منفذ لتخفيف‬ ‫الضغط السكاني سوى بالهجرة‬ ‫إلى مناطق أخرى‪.‬‬ ‫ول��م تضع احل ��دود السياسية‬ ‫احل��ال �ي��ة ب�ي�ن م�خ�ت�ل��ف ال ��دول‬ ‫اإلفريقية في اعتبارها التوزيع‬ ‫وال ال �ت��رك �ي��ب ال �س �ك��ان��ي فهي‬ ‫تخترق جهات مأهولة بالسكان‬ ‫وأخ � ��رى ع��دمي��ة ال �س �ك��ان بل‬ ‫هي تقطع أحيانا املجموعات‬ ‫ال��ق��ب��ل��ي��ة‪ ،‬وت� �ش� �ط ��ره ��ا ع�ل��ى‬ ‫جانبيها وال��دول اإلفريقية في‬ ‫معظمها قليلة السكان بالقياس‬ ‫إل��ى ال ��دول الكبيرة ف��ي آسيا‬ ‫فليس بالقارة دول��ة يزيد عدد‬ ‫سكانها على خميسني مليوناً‬ ‫سوى نيجيريا ومصر‪.‬‬

‫ال ش��ك أن ال�ق��ارة ف��ي جملتها غير مالئمة الستقرار اإلنسان‬ ‫فدائرة االستواء تتوسط القارة كما أن أكثر من ثلثي مساحتها‬ ‫يقع في النطاق املداري حيث ينعدم وجود أراضي جبلية تخفف‬ ‫من حدة احلرارة وتعدل من إجمالي املناخ القاسي‪.‬‬ ‫ون�ت�ي�ج��ة ل��ذل��ك ف ��إن أك �ث��ر من‬ ‫ث�ل��ث ال �ق��ارة ي�ق��اس��ى م��ن مناخ‬ ‫ح � ��ار رط � ��ب ح� �ي ��ث ال� �غ ��اب ��ات‬ ‫املدارية وحيث تتوطن األوبئة‬ ‫واألم� � � ��راض وح� �ي ��ث ت �ت��ده��ور‬ ‫خصوبة ال�ت��رب��ة وت�ت��م تعريتها‬ ‫عقب إزالة الغابات ولهذا يقل‬ ‫السكان بدرجة كبيرة‪.‬‬ ‫وبينما تعتبر غ ��زارة األم�ط��ار‬ ‫ال �ع��ام��ل األس ��اس ��ي ل�ل�ح��د من‬ ‫ال�ن�م��و ال�س�ك��ان��ي ف��ي ال�غ��اب��ات‬ ‫االس �ت��وائ �ي��ة ف ��إن ن� ��درة امل �ي��اه‬ ‫ه��ي ال�س�ب��ب ف��ي ق�ل��ة السكان‬ ‫ف��ي ص �ح��اري ال��ق��ارة فالغابة‬ ‫االس �ت��وائ �ي��ة ال�ك�ث�ي�ف��ة تصعب‬ ‫ف� �ي� �ه ��ا احل � ��رك � ��ة وال� �ن� �ش���اط‬ ‫وبالتالي يتشعث خاللها السكن‬ ‫وال� �س� �ك���ان‪ ،‬وحت�� ��دد أراض� ��ي‬ ‫الزراعة البدائية على هوامش‬ ‫ال �غ��اب��ة ح �ي��ث ت �ق��ل ال �ن �ب��ات��ات‬ ‫أم��ا ف��ي داخ��ل ال�غ��اب��ة فيعيش‬ ‫ال��س��ك��ان ال �ق �ل��ة ع �ل��ى اجل �م��ع‬

‫يبلغ سكان شمال إفريقيا نحو ربع سكان القارة‬ ‫ويعيشون فوق مساحة تبلغ ‪ %82‬من مساحتها‬

‫ما ال يقل عن عشرين مليون ًا من الزنوج جلبوا من‬ ‫إفريقيا إلى األمريكتني بني القرنني السادس عشر‬ ‫والتاسع عشر‪ ..‬وهلك عدة ماليني آخرين أثناء‬ ‫عمليات األسر والنقل عبر احمليطات‬

‫العوامل املؤثرة في توزيع‬ ‫السكان في إفريقيا‬ ‫‪ .1‬مؤثرات البيئة الطبيعية‬

‫مناطق السافانا واالستبس هي األكثر ازدحام ًا‬ ‫بالسكان ألنها تقدم فرص ًا أكبر للزراعة والرعي‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫احلماية االجتماعية على رأس أولويات تنمية السكان‬ ‫يستفاد من التقرير اإلقليمي إلفريقيا الذي يبحثه اخلبراء في‬ ‫املؤمتر اإلفريقي للسكان والتنمية في أديس أبابا أن عدد سكان‬ ‫إفريقيا املقدر بـ‪ 703‬ماليني نسمة سنة ‪ 1994‬وصل إلى ‪ 1.2‬مليار‬ ‫نسمة سنة ‪ 2014‬أي مبعدل منو قدره ‪ 21‬مليون نسمة سنوي ًا‪.‬‬ ‫كشف التقرير أن «حوالي ‪ 21‬مليون نسمة يضافون كل سنة منذ‬ ‫‪ 1994‬إلى سكان القارة الذين يتوقع أن يبلغ عددهم ‪ 1.7‬مليار‬ ‫نسمة بحلول سنة ‪ 2034‬و‪ 3.6‬مليار نسمة في آفاق ‪.»2100‬‬ ‫وتغير هذه األرق��ام حصة إفريقيا في إجمالي عدد سكان العالم‬ ‫حيث انتقلت من ‪ 12.5‬في املائة سنة ‪ 1994‬إلى ‪ 15.1‬في املائة سنة‬ ‫‪ 2014‬وستنتقل إلى ‪ 19.7‬في املائة سنة ‪ 2034‬وإلى ‪ 35.3‬في املائة‬ ‫سنة ‪ 2100‬عندما سيعيش أكثر من ثلث سكان العالم في القارة‪.‬‬ ‫وستحدد املعطيات السكانية إل��ى ح��د كبير موقع إفريقيا في‬ ‫األسواق العاملية للعمل والتجارة ورؤوس األموال‪.‬‬ ‫وتتمتع إفريقيا بأكثر سكان العالم شبابا‪ .‬وسيستمر هذا الوضع‬ ‫لعقود أخرى في عالم يشهد سكانه شيخوخة سريعة‪ .‬فمعدل‬ ‫أعمار سكان إفريقيا لسنة ‪ 2013‬يقارب ‪ 20‬عاما مقابل معدل‬ ‫عاملي من ‪ 30‬عاما‪ .‬وسيرتفع معدل أعمار القارة بحلول ‪ 2050‬إلى‬ ‫‪ 25‬عاما بينما سينتقل املعدل العاملي إلى ‪ 38‬عاما تقريبا‪.‬‬ ‫وستعزز إفريقيا على مر الزمن الوضع ال��ذي يجعل منها‬ ‫القارة األكثر شبابا في العالم‪.‬‬ ‫يذكر أن األطفال دون سن ‪ 14‬عاما مثلوا سنة ‪2000‬‬ ‫النسبة األكبر في إجمالي عدد السكان (‪ 42.2‬في‬ ‫امل��ائ��ة) مقابل ‪ 31.8‬ف��ي امل��ائ��ة بالنسبة ألمريكا‬ ‫الالتينية والكاريبي و‪ 30.6‬في املائة آلسيا‪.‬‬ ‫وتوقع التقرير أن تتراجع ه��ذه النسبة بحلول سنة‬

‫‪ 2050‬إلى ‪ 30.6‬في املائة بإفريقيا وإلى ‪ 17.2‬في املائة بأمريكا‬ ‫الالتينية والكاريبي وإلى ‪ 17.1‬في املائة بآسيا‪.‬‬ ‫وفي معرض مقارنتهم بني إفريقيا والبلدان املتقدمة يبرز اخلبراء‬ ‫بوضوح أن القارة ستمثل حالة خاصة نظرا لعدد األطفال دون سن‬ ‫‪ 15‬الذين يعيشون فيها نتيجة معدل خصوبتها املرتفعة نسبيا‬ ‫رغم توقع تراجع في نسبة األطفال دون ‪ 14‬عاما من ‪ 18.3‬في‬ ‫املائة سنة ‪ 2000‬إلى ‪ 16.6‬في املائة سنة ‪. 2050‬‬ ‫ويالحظ اخلبراء كذلك زيادة مضطردة لعدد السكان البالغني سن‬ ‫العمل (‪ 15‬إلى ‪ 64‬عاما) في إفريقيا حيث انتقل من حوالي ‪374‬‬ ‫مليون نسمة سنة ‪ 1994‬إلى ‪ 574‬مليون نسمة سنة ‪ 2010‬مع توقع‬ ‫ارتفاعه إلى ‪ 635‬مليون نسمة في ‪ 2014‬وإلى ‪ 1.4‬مليار نسمة في‬ ‫‪ 2050‬وإلى ‪ 2.3‬مليار نسمة في ‪. 2100‬‬ ‫وانتقل عدد السكان الذين تتراوح أعمارهم من ‪ 15‬إلى ‪ 24‬عاما في‬ ‫إفريقيا من ‪ 138‬مليون نسمة سنة ‪ 1994‬إلى ‪ 205‬ماليني نسمة‬ ‫سنة ‪ 2010‬مع توقع بلوغه ‪ 280‬مليون نسمة سنة ‪ 2014‬و‪391‬‬ ‫مليون نسمة ‪. 2050‬‬ ‫ويرى معدو التقرير أن هذه األرقام تبرز تغيرات سكانية‬ ‫لديها تأثيرات اقتصادية كبيرة مبا أن إنتاج العوائد‬ ‫واالس��ت��ه�لاك ي��ت��ف��اوت��ان ح��س��ب ال��ف��ئ��ات العمرية‪.‬‬ ‫فالبالغون س��ن العمل ينتجون اجل��زء األك��ب��ر من‬ ‫م��داخ��ي��ل اخل����واص ع��ب��ر ال��ع��م��ل واالدخ�����ار بينما‬ ‫يستهلك األط��ف��ال وكبار السن العوائد من خالل‬ ‫اخلدمات االجتماعية‪ .‬وعليه فإن هذه التغيرات‬ ‫ستؤثر على اإلنتاج واالستهالك وكذلك على أولويات‬ ‫التنمية االجتماعية السيما احلماية االجتماعية‪.‬‬

‫وااللتقاط والصيد‪.‬‬ ‫وتنتشر الصحارى وأشباه الصحارى في شمال القارة وجنوبها‬ ‫وشرقها (الصومال) أما مناطق السافانا واالستبس فإنها أكثر‬ ‫ازدحاماً بالسكان نظراً ألنها تقدم فرصاً أكبر للزراعة والرعي‪.‬‬ ‫وأكثر املناطق مالصقة للسكن والسكان تتمثل في وادي النيل األدنى‬ ‫وفي هوامش القارة الشمالية واجلنوبية «وحيث تتشابه الظروف‬ ‫املناخية باملناسبة وحيث يظهر أثر نوع استخدام لألرض بصورة‬ ‫واضحة خصوصاً في مصر حيث الزراعة الكثيفة الراقية «(‪)2‬‬

‫حدة معوقات التكاثر السكاني بها‪ ،‬خاصة في إقليم السفانا الذي‬ ‫يساعد على وجود فرص أفضل للزراعة والرعي ومن ثم النمو‬ ‫السكاني‪.‬‬ ‫« واملقصود باألثر البشري من خارج القارة الرق وجتارة الرقيق‬ ‫التي مارسها األوربيون أكثر من ثالثة قرون في ظهير الساحل‬ ‫الغربي للقارة ويتباين تقدير حجم جت��ارة الرقيق لكن يبدو أن‬ ‫عدداً ال يقل عن عشرين مليوناً من الزنوج قد جلبوا من إفريقيا‬ ‫إلي األمريكتني فيما بني القرنني السادس عشر والتاسع عشر‬ ‫فضال عن عدة ماليني أخرى هلكت أثناء عمليات األسر والنقل‬ ‫عبر احمليطات ولم تصل إلي املوطن اجلديد‪ ،‬كما خسرت القارة‬ ‫املاليني من أوالده��م وأحفادهم « وقد أثر ذلك تأثيراً واضحاً‬ ‫في إعاقة النمو السكاني وتدهوره في نطاق السفانا خاصة بني‬

‫‪ .2‬مؤثرات البشر‬ ‫كما ك��ان للبيئة الطبيعية آث��اره��ا السلبية ف��ي النمو السكاني‬ ‫بإفريقيا فقد ساهم البشر من خارج القارة ومن داخلها في زياد‬


‫الكثافة السكانية في إفريقيا‬ ‫الزنوج السودانيني وزنوج البانتو «‪)3(.‬‬ ‫الخ‪ .‬أن التوسع االستعماري الذي أعقب جتارة الرقيق متوغ ً‬ ‫ال من‬ ‫سواحل القارة إلى داخلها قد صحبه عمليات قمع للقبائل التي‬ ‫قاومته في أرضها وقد متثل القمع في صور متعددة منها حمالت‬ ‫التأديب ومصادرة مصادر الرزق للتجويع واملطاردة واالضطهاد‪،‬‬ ‫ثم احلروب واملعارك التي أزهقت خاللها أرواح مئات اآلالف مثل‬ ‫حرب املغاربة ضد األسبان وعمليات االضطهاد واإلبادة للشعب‬ ‫الليبي من قبل اإليطاليني‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫وترجع بعض الكثافات السكانية املنخفضة إلي عوامل بشرية‬ ‫داخلية أهمها عدم االستغالل الكثيف لألرض فال تستطيع أن‬ ‫تعول أعداد كبيرة من السكان‪ ،‬وليس أدل على ذلك من انخفاض‬ ‫الكثافة إلي نحو أربعة أشخاص فقط في نطاق السفانا بشرقي‬

‫القارة والهضبة الوسطي في زامبيا وأجنوال وإلي نحو شخصيني‬ ‫في جمهورية إفريقيا الوسطي‪.‬‬ ‫‪ .3‬مؤثرات طبيعية بشرية‬ ‫انخفاض اخلصوبة عند الزنوج يرجع ذلك لنظم الزواج ومفهوم‬ ‫األسرة فعلى غير ما يسود وجد أن تعدد الزوجات ذو تأثير ضار‬ ‫مخفض لإلنسان ال�ع��ام وت�ك��رر ال��زوج��ات نظام شائع ج��دا في‬ ‫إفريقيا خصوصاً جنوب الصحراء الكبرى‪.‬‬ ‫وف��ي مناطق البانتو بإفريقيا حيث ي�س��ود االن�ت�س��اب إل��ي األم‬ ‫تتناقص السلطة األب��وي��ة وبالتالي يقل اهتمام األب ب��األس��رة‬ ‫ومنوها‪ ،‬ويأتي املرض ونقص الدواء وسوء التغذية كعامل من هذه‬ ‫املؤثرات الطبيعية البشرية التي تؤثر في توزيع السكان بإفريقيا‪.‬‬


‫‪54‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫أنماط الحياة‬

‫شؤون دولية‬

‫األقاليم النباتية‬

‫منو السكان‬ ‫كان النمو السكاني بقارة إفريقيا متوقفاً عند ‪ 100‬مليون نسمة منذ‬ ‫قرنني من الزمان‪ ،‬بني عامي ‪ ،1850 1650-‬ثم تضاعف العدد في‬ ‫قرن واحد فأصبح ‪ 200‬مليون نسمة في عام ‪1950‬م‪ ،‬ومنذ بداية‬ ‫هذا القرن زاد العدد الكلي مبقدار ‪ 530‬مليون نسمة‪.‬‬ ‫ويرجع توقف النمو السكاني املشار إليه إلي جتارة الرقيق التي بلغت‬ ‫ذروتها خالل القرن الثامن عشر وبعد أن هدأت حدة الهجرة اجلبرية‬ ‫بدأ النمو السكاني يزداد ثم أشتد خالل القرن العشرين بسبب استقرار‬ ‫األوضاع السياسية بعد تقسيم القارة من القوى األوروبية املستعمرة‬ ‫التي وضعت نهاية للحروب وامل �ن��ازع��ات القبلية «كما وأن ال��دول‬ ‫املستعمرة قامت مبشروعات تنمية اقتصادية في املجال الزراعي‬ ‫إلنتاج احمل�ص��والت النقدية وف��ي املجال التعديني مما ساعد على‬ ‫استقرار مجموعات من السكان األفارقة في املدن وأشباه املدن «‪)4(.‬‬

‫األقاليم المناخية‬

‫أنماط التصريف المائي‬

‫ويهتم السكان في املناطق اجلديدة بالتمتع باألمن وبشيء من مظاهر‬ ‫احلياة احلديثة السيما اخلدمات الصحية‪ ،‬كما وأن حتسني وسائل‬ ‫النقل واملواصالت أعطى فرصاً طيبة للوصول بهذه اخلدمات إلى‬ ‫جهات متباعدة باإلضافة إلى إمكانية محاصرة األوبئة قبل استفحال‬ ‫أمرها‪.‬‬ ‫كل هذا وغيره ساعد على انخفاض نسبة الوفيات وبالتالي تزايد‬ ‫معدل النمو السكاني بدرجة كبيرة فقد أصبحت نسبة الوفيات أوائل‬ ‫السبعينات (‪ )%2.1‬بعد أن كانت (‪ )%2.7‬أوائل الستينيات بينما‬ ‫بقيت نسبة املواليد على حالها (‪.)% 5 - 4.5‬‬ ‫وتتميز دول شمال إفريقيا بنمو سكاني مرتفع يفوق الشمالية‪.‬قي دول‬ ‫القارة خاصة خالل ربع القرن األخير فمتوسط النمو السكاني يزيد‬ ‫على (‪ )%3‬وهو أعلى معدل للنمو في إفريقيا‪ ،‬وقد سجل السودان‬ ‫أعلى معدل بني دول شمال إفريقيا وتضاهي السودان في هذا املعدل‬


‫القارة األكثر شباب ًا في العالم‬

‫االنقالب الدميوغرافي القادم‪ ..‬والفخ املالتوسي‬ ‫تشير دراس���ة حديثة أصدرتها منظمة اليونيسيف التي تعنى‬ ‫باألطفال‪ ،‬إلى أن نصف أطفال العالم سيكونون أفارقة في العام‬ ‫‪ .2100‬وس��ي��ك��ون ذل���ك إذا ح���دث حت ً‬ ‫���وال خ��ط��ي��ر ًا ف��ي امل��ؤش��رات‬ ‫الدميوغرافية للعالم‪ .‬وإذا استمرت معدالت اخلصوبة في افريقيا‬ ‫كما هي عليها اليوم‪ ،‬ف��إن ع��دد السكان األف��ارق��ة في نهاية القرن‬ ‫احل��ال��ي‪ ،‬سيبلغ ‪ 4,2‬م��ل��ي��ارات نسمة‪ ،‬ف��ي ح�ين أن ع��دده��م اليوم‬ ‫يبلغ ‪ 1,1‬مليار نسمة‪ .‬وفي نيجيريا‪ ،‬البلد االفريقي الذي متاثل‬ ‫مساحته مساحة باكستان أو فنزويال‪ ،‬فإن عدد السكان سيقفز من‬ ‫‪ 180‬مليون نسمة اليوم‪ ،‬إلى ‪ 910‬ماليني نسمة في أواخر القرن‪.‬‬ ‫تقول دراسة اليونيسيف إن مستقبل اإلنسانية سيكون افريقي ًا‬ ‫بامتياز‪ ،‬وحالي ًا متثل نسبة الشباب أكثر من ثلثي عدد السكان‪.‬‬ ‫وسيبلغ عددهم مليار ًا في العام ‪ .2050‬ويقول اخلبراء أن النمو‬ ‫االقتصادي في القارة االفريقية كان جيداً‪ .‬وقد استقرت نسبة‬ ‫اخلصوبة في معظم البلدان االفريقية‪ ،‬ول��م تنخفض كما كان‬ ‫األمر في شرق آسيا‪.‬‬ ‫أم��ا معهد واشنطن للدراسات السكانية‪ ،‬فإنه في دراس��ة‬ ‫أخ��ي��رة‪ ،‬يشير إل��ى أن ع��دد السكان االف��ارق��ة سيبلغ ‪2,4‬‬ ‫مليار نسمة في العام ‪ ،2050‬وأن عدد سكان البلدان‬ ‫األف��ري��ق��ي��ة ال��واق��ع��ة ج��ن��وب ال��ص��ح��راء سيرتفع‬ ‫بصورة مذهلة‪.‬‬ ‫ت��ث��ي��ر ه����ذه ال��ت��وق��ع��ات اخل�����وف م���ن وق�����وع ال���ق���ارة‬ ‫االفريقية في الفخ املالتوسي‪ .‬إن القارة االفريقية‬ ‫تكافح من أج��ل توفير الطعام ملليار من سكانها اليوم‪.‬‬

‫فكيف سيكون األمر عندما يصل عدد السكان إلى أربعة مليارات؟‬ ‫ومتر األحداث السياسية بهدوء في افريقيا اليوم‪ .‬ولكن الطفرة‬ ‫السكانية فيها قد تسبب الصراعات في املستقبل‪ .‬كما ان مساحات‬ ‫األب��ن��ي��ة ستقلص م��س��اح��ات ال��غ��اب��ات وامل���راع���ي وتخفض أع���داد‬ ‫احليوانات التي تتكاثر فيها‪ ،‬وسينخفض كذلك عدد احملميات‬ ‫الطبيعية التي تعيش فيها تلك احليوانات‪.‬‬ ‫تعد ه���ذه األف��ك��ار املتشائمة مبالغ ًا فيها على م��ا ي��ق��ول بعض‬ ‫اخلبراء‪ ،‬إذ برغم عدم انخفاض نسبة اخلصوبة‪ ،‬إال أن مساحات‬ ‫الغابات االستوائية في وسط افريقيا لم تتراجع‪ .‬وتبقى القارة‬ ‫االفريقية األكثر انخفاض ًا لنسبة السكان عند أخ��ذ املساحة‬ ‫اجلغرافية باحلسبان‪.‬‬ ‫ومتثل افريقيا رب��ع مساحة العالم وال يسكنها اال ‪ 15‬باملئة من‬ ‫مجموع السكان في العالم‪ .‬لكن ذلك ال مينع من القول‪ ،‬ان القارة‬ ‫االفريقية بحاجة إلى البنية التحتية والتعليم والعناية الصحية‪،‬‬ ‫وحت��ت��اج أي��ض�� ًا إل��ى خطط تعنى ب ُ‬ ‫��األ َس ِ��ر‪ ،‬وع��دد األوالد‬ ‫املسموح بإجنابهم‪.‬‬ ‫ويعود ال��س��ؤال األصعب إل��ى ال��ب��روز‪ :‬هل سيتماشى‬ ‫خلق الثروة مع زي��ادة عدد السكان؟ لقد تضاعف‬ ‫ال��ن��اجت احمللي ف��ي بعض البلدان االفريقية ثالث‬ ‫مرات‪ ،‬وفي بعض البلدان تخطى النمو االقتصادي‬ ‫نسبة ال���زي���ادة ف��ي أع����داد ال��س��ك��ان‪ .‬تبقى الطفرة‬ ‫السكانية في افريقيا استثنائية‪ .‬لكن األمل كبير في‬ ‫تخطي القارة لهذا اخلطر‪.‬‬

‫كل من ليبيا واجلزائر‪ ،‬بينما تقل عن ذلك في املغرب ومصر وهبطت‬ ‫إلى نحو (‪ )%2.2‬وتسجل تونس أدنى منو سكاني بني دول إفريقيا‬ ‫الشمالية‪.‬‬ ‫وترجع أسباب ارتفاع معدل النمو السكاني في دول شمال إفريقيا‬ ‫إلى أن هذه الدول أكثر دول القارة تقدماً «وقد أخذ معظمها بأسباب‬ ‫التقدم والتنمية االقتصادية في شتى املجاالت الزراعية والصناعية‬ ‫يضاف إلى ذلك الثروة البترولية الكبيرة والغاز الطبيعي في كل من‬ ‫ليبيا واجلزائر والثروة املعدنية في تونس واملغرب‪ ،‬كل ذلك يوفر‬ ‫رؤوس األم��وال الالزمة للتنمية فض ً‬ ‫ال عن اإلنفاق على مشروعات‬ ‫اإلسكان والصحة والتعليم «‪)5(.‬‬ ‫«ويبلغ سكان شمال إفريقيا نحو ربع سكان القارة ويعيشون فوق‬ ‫مساحة تبلغ (‪ )%28‬من مساحتها وتتميز إفريقيا بأنها قارة شابة‬

‫ترتفع نسبة سكانها من صغار السن (دون العشرين) بينما تنخفض‬ ‫نسبة سكانها ممن هم في سن الكهولة»‪)6(.‬‬ ‫هذا وعلى الرغم من أن النمو السكاني في إفريقيا قد بدأ يدخل‬ ‫مرحلة جديدة ميكن أن تؤدي إلى ضغط سكاني على املوارد‪ ،‬إال أننا‬ ‫نتوقع أن النمو لن يكون ضخماً في املستقبل القريب‪.‬‬ ‫هامش‬ ‫( ) د‪ .‬محمد الساعدي‪ ،‬رئيس جامعة سرت سابق ًا‪.‬‬ ‫‪ 1‬جودة حسنني جوده‪ ،‬ص ‪115‬‬‫‪ 2‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪121‬‬‫‪ 3‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪122‬‬‫‪ 4‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ‪122‬‬‫‪ 5‬م‪ .‬س‪ ،‬ص ص ‪127 :126‬‬‫‪ 6‬ص��ن��دوق األمم امل��ت��ح��دة ل��ل��س��ك��ان‪ ،‬ت��ق��دي��رات م��ي��زان��ي��ات ال��دع��م‬‫إلفريقيا‪.‬‬

‫*‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫وزيرة الثقافة النرويجية‬

‫البديل‪ ..‬البث الصوتي الرقمي‬

‫النرويج أول دولة تنهي‬ ‫التعامل براديو «إف‪.‬إم»‬ ‫تعتزم وزارة الثقافة النرويجية التوقف عن استعمال تقنية‬ ‫البث اإلذاع��ي «إف‪.‬إم» في ع��ام ‪ ،2017‬وحت��دي��دا ي��وم ‪11‬‬ ‫يناير‪ ،‬لتكون بذلك أول دولة تقدم على هذه اخلطوة‪.‬‬ ‫وتنوي النرويج استعمال تقنية البث الصوتي الرقمية «‪»DAB‬‬ ‫كمعيار وطني للبث اإلذاعي‪ ،‬بحسب بيان وزارة الثقافة‪.‬‬ ‫وتعتمد ‪ 22‬محطة إذاع�ي��ة وطنية ف��ي النرويج على تقنية‬ ‫«‪ »DAB‬في الوقت احلالي‪ ،‬مقابل ‪ 5‬فقط على تقنية «إف‪.‬‬ ‫إم»‪.‬‬ ‫ومي�ك��ن إض��اف��ة ‪ 20‬محطة إض��اف�ي��ة ع�ل��ى تقنية «‪»DAB‬‬ ‫مستقبال‪ ،‬علما أن تكلفة تشغيل احملطات اإلذاعية بتقنية‬ ‫«إف‪.‬إم» أكبر بنحو ‪ 8‬أضعاف من تقنية «‪.»DAB‬‬ ‫ووفقا لتقارير صحفية‪ ،‬فإن وزارة الثقافة ستمنح احملطات‬ ‫اإلذاعية إمكانية االختيار بني تقنيتي «‪ »DAB‬و»‪،»+ DAB‬‬ ‫والتي ظهرت عام ‪ 2007‬كتحديث لألولى‪.‬‬ ‫وتفكر بالفعل العديد م��ن ال��دول األوروب �ي��ة واآلس�ي��وي��ة في‬ ‫االنتقال كليا إل��ى تقنية «‪ ،»DAB‬ولكنها لم حت��دد موعدا‬ ‫محددا لذلك كما فعلت النرويج‪.‬‬ ‫ومت �ت��از تقنية ‪ DAB‬ب �ج��ودة ص��وت أف �ض��ل أك �ث��ر وض��وح��ا‬ ‫باملقارنة مع ‪ ،FM‬كما أنها توفر قنوات إذاعية أكثر‪.‬‬

‫في اليوم العالمي‬ ‫للمعالم والمواقع األثرية‬

‫الكنوز الليبية تحــــــــــ‬

‫أحيت ليبيا اليوم العاملي للمعالم واملواقع األثرية‪ ،‬السبت املوافق‬ ‫‪ 18‬إبريل ‪ ،‬في ظل تعرض التراث الثقافي في البالد إلى شتى‬ ‫أنواع التدمير والسرقة واالعتداءات‪ ،‬بعد انتشار السالح والفوضى‬ ‫عقب اندالع ثورة ‪ 17‬فبراير‪.‬‬ ‫ومنذ العام ‪ 2011‬لم تتمكن اجلهات الرسمية من السيطرة على‬ ‫خصوصا بعد أن متكنت‬ ‫امل��واق��ع األث��ري��ة واألم��اك��ن التاريخية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫التشكيالت املسلحة من السيطرة على مساحات جغرافية في‬ ‫البالد‪ ،‬مع ازدياد وتيرة االعتداء على التراث الثقافي‪ ،‬والفوضى‬ ‫وغياب األمن في عدة مدن ليبية‪.‬‬ ‫أبرز االعتداءات‬ ‫تدمير مقبرة إغريقية وزي� ��ادة ال��زح��ف ال�ع�م��ران��ي ف��ي قورينا‬ ‫(ش �ح��ات)‪ ،‬وت�خ��ري��ب منحوتات صخرية ف��ي ج�ب��ال «أك��اك��وس»‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬واالعتداء ً‬ ‫أيضا على عدة مساجد ومدارس أضرحة في‬ ‫طرابلس‪ ،‬كمنبر جامع «شايب العني» األثري‪ ،‬ومسجدي درغوث‬ ‫باشا وأحمد باشا‪ ،‬باإلضافة إلى تدمير مدرستي عثمان باشا‬ ‫والشيخ اصباكة‪ ،‬وسرقة متثال الغزالة‪.‬‬ ‫وفي الشرق الليبي مت جرف مقبرة إغريقية مبنطقة ماسة غرب‬ ‫البيضاء‪ ،‬ومسح بقعة أثرية كاملة لغرض بناء عمراني‪.‬‬ ‫يقول ُمراقب آث��ار شحات‪ ،‬أحمد الصابر سعدون‪ ،‬إن االعتداء‬ ‫على احلرم األثري «ازداد من ُذ العام ‪ 2011‬خاصة احلرم الثالث‪،‬‬ ‫جراء البناء العمراني العشوائي في ظل غياب الدولة واالنفالت‬ ‫األمني‪ ،‬كما تعرضت املواقع األثرية لالعتداء من جرف وكتابة‬


‫تهديدات بتدمير السرايا احلمراء‬

‫ـــــــــــت خط الخطر‬ ‫عبارات عليها»‪.‬‬ ‫وأضاف سعدون لـ «بوابة الوسط» اإللكترونية أ َّن ُمراقبة اآلثار‬ ‫أعدت قائمة حتمل أسماء املعتدين على التراث الثقافي‪ ،‬ستتم‬ ‫إحالتها للجهات الضبطية واالختصاص خالل الفترة املُقبلة‪.‬‬ ‫وقال املتخصص في إدارة وحماية التراث‪ ،‬أحمد عيسى‪ ،‬لـ «بوابة‬ ‫الوسط» إ ّنَ��ه يجب التفريق بني حاالت االعتداء ودوافعها‪ ،‬فهي‬ ‫تختلف من مكان آلخ��ر‪ ،‬فمث ً‬ ‫ال هناك من ميتلك أراض��ي حول‬ ‫املقبرة اإلغريقية في شحات‪ ،‬حيث ق��ام م�لاك ه��ذه األراض��ي‬ ‫بجرف املوقع والبناء عليه»‪.‬‬ ‫في حني يتم االع�ت��داء على املساجد واألض��رح��ة في العاصمة‬ ‫طرابلس وغيرها‪ ،‬حتت ذرائع دينية‪ ،‬نتيجة لفكر متطرف‪ ،‬ومع‬ ‫أننا طلبنا من دار اإلفتاء الليبية إط�لاق حملة توعية وخطاب‬ ‫فكري للمجتمع‪ ،‬للتأكيد على أن مثل هذه األضرحة تعد ترا ًثا‬ ‫ً‬ ‫وتاريخا يجب أال يدمر‪ ،‬إال أننا تفاجأنا بأن دار اإلفتاء لديها‬ ‫الفكر نفسه»‪.‬‬ ‫وعن تدمير منحوتات صخرية في جبال «أكاكوس» أفاد عيسى‬ ‫قائ ً‬ ‫ال‪« :‬بحسب معلومات لدينا فإ َّن سائق سيارة سياح حني ُمنِع‬ ‫من دخول املنطقة‪ ،‬رد بتدميراملنحوت الصخري‪ ،‬وهذا يدل على‬ ‫عدم وجود حماية للمواقع األثرية وغياب اجلهات املسؤولة عنها‬ ‫بشكل تام»‪.‬‬ ‫«السرايا احلمراء»‬ ‫حذر كثير من خُ براء اآلثار في ليبيا من زيادة وتيرة االعتداءات‬

‫على املواقع األثرية‪ ،‬وعبروا عن مخاوفهم من استهداف متحف‬ ‫«السرايا احلمراء» في طرابلس‪ ،‬وعن ذلك يؤكد الدكتور أحمد‬ ‫عيسى خبير اآلث��ار أن هناك تهديدات حقيقية م��ن مجهولني‬ ‫بتدمير «السرايا احلمراء» ‪ ،‬لكنه لم يستطع معرفة اجلهة التي‬ ‫وراء ه��ذا التهديد‪ ،‬مطال ًبا اجل �ه��ات الرسمية بسرعة اتخاذ‬ ‫إجراءات حلمايتها‪.‬‬ ‫تنديد دولي‬ ‫بعد أن تعرضت عدة مواقع أثرية في ليبيا للتخريب والتدمير‪،‬‬ ‫سارعت املديرة العامة ملنظمة «اليونيسكو»‪ ،‬إيرينا بوكوفا‪ ،‬للتنديد‬ ‫مبا يتعرض ل ُه التراث الثقافي في ليبيا‪ ،‬داعي ًة جميع األطراف‬ ‫إل��ى حماية التراث الثقافي الفريد من نوعه في البالد‪ ،‬وذلك‬ ‫في أعقاب التقارير املثيرة للقلق بشأن تزايد أعمال التخريب‬ ‫واالجت��ار غير امل�ش��روع‪ ،‬واالع �ت��داءات التي يتعرض لها التراث‬ ‫الثقافي الليبي‪.‬‬ ‫وقالت املديرة العامة لـ «اليونيسكو» إيرينا بوكوفا‪« :‬إن التراث‬ ‫الثقافي الليبي إمنا هو تعبير عن ذاكرة مشتركة للبالد‪ ،‬كما أن‬ ‫احترام هذا التراث ميثل حجر الزاوية ملصاحلة وطنية طويلة‬ ‫األمد»‪.‬‬ ‫وي��رى املُتخصص ف��ي إدارة وحماية اآلث ��ار‪ ،‬أحمد عيسى‪ ،‬أ َّن‬ ‫الصمت احمللي ل ُه أص��ول متجذرة من النظام السابق‪ ،‬فالنظام‬ ‫السابق «خلق فجوة بني الناس والتراث‪ ،‬وزرع بهم اعتقادات بأن‬ ‫اآلث��ار ليست لليبيني‪ ،‬وهي دليل على االستعمار‪ ،‬فهو نقلها عن‬ ‫موسليني الذي حاول أن يثبت إليطاليا بأن لديها ح ًقا في اآلثار‬ ‫الرومانية في ليبيا وعليها أن حتتلها‪ ،‬ببساطة هذا االعتقاد أرث‬ ‫استعماري‪ ،‬وهي مسألة جوهرية ومشكلة كبيرة‪ ،‬لكون املسؤولني‬ ‫اآلن ال يزالون يرون أن اآلثار كالم تافه‪ ،‬بدليل أن مصلحة اآلثار‬ ‫كجهة من ُذ تأسيسها تتبع الوزارات ولم تكن يو ًما ما جهة ُمستقلة»‪.‬‬ ‫وتابع‪« :‬نحن كمهتمني باآلثار ليس في استطاعتنا اتخاذ قرارات‬ ‫وإج��راءات حيال االعتداءات‪ ،‬فهذا تخصص اجلهات الرسمية‪،‬‬ ‫ومع ذلك لم نتوقف عن إرسال خطابات ورسائل إلقناع الوزارات‬ ‫خصوصا خالل‬ ‫بالتحرك لوقف االعتداءات ومنع زيادة وتيرتها‪،‬‬ ‫ً‬ ‫امللتقى الوطني الذي أقيم في شحات»‪.‬‬ ‫وأض��اف أنهم خاطبوا ً‬ ‫أيضا املؤسسات الدولية بسرعة اتخاذ‬ ‫إج��راءات حلماية التراث الثقافي‪ ،‬ومساعدة اخلبراء في منع‬ ‫األساليب املختلفة لتدمير الكنوز الليبية الفريدة‪ ،‬وحتى تتحرك‬ ‫املؤسسات الدولية واجل�ه��ات الرسمية يظل االع�ت��داء مستم ًرا‬ ‫بشكل يومي‪ ،‬ويظل مصير التراث الثقافي مجهوالً‪.‬‬ ‫املصدر ‪ :‬بوابة الوسط‬


‫‪58‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ثقافة‬ ‫طالب من مختلف اجلنسيات‬

‫اإلمارات رائدة في التنوع الثقافي‬ ‫ك�ش�ف��ت دراس � ��ة ب��ري �ط��ان �ي��ة أج��رت �ه��ا م �ج �م��وع��ة « إي ت�ي�ت��ش»‬ ‫البريطانية أن اإلم ��ارات أصبحت عالمة رائ��دة ب�ين األس��واق‬ ‫التعليمية العاملية في مجال التنوع الثقافي في القطاع التعليمي‪،‬‬ ‫من حيث عدد اجلنسيات التي تلتحق باملدارس ذاتها‪ ،‬بالرغم‬ ‫من البعدين الثقافي والنطقي‪ ،‬خصوصا باملراحل االبتدائية مع‬ ‫أكثر من ‪ 180‬جنسية من الطلبة الذين يلتحقون مبدارس في‬ ‫أنحاء الدولة‪.‬‬ ‫وقالت « إي تيتش» «التعليمية املؤسسة البريطانية املتخصصة في‬ ‫توظيف وتدريب املعلمني عبر اإلنترنت ومقرها دبي» إن الدوائر‬ ‫احلكومية تبذل جهدا كبيرا لتلبية احتياجات تنوع القطاع‪.‬‬ ‫وأشارت إلى أن املؤسسات التعليمية املعتمدة للمنهاج البريطاني‬

‫في اإلم��ارات‪ ،‬تصل إلى ‪ 100‬مدرسة‪ ،‬ليكون بذلك األكثر بني‬ ‫املناهج الدولية املتاحة في الدولة‪ ،‬حيث تعد املرحلة االبتدائية‬ ‫األكبر بـ‪ 42‬في املائة من الطالب امللتحقني في دبي وحدها‪.‬‬ ‫وت�ق��دم اإلم ��ارات ‪ 16‬منهاجا مختلفا بتغطية م��ا ي�ق��ارب ‪350‬‬ ‫مدرسة في أبوظبي ودبي مجتمعتني ‪ ،‬كما توقع مجلس أبوظبي‬ ‫للتعليم مؤخرا تسجيل ‪ 100‬مدرسة جديدة تفتح أبوابها لـ ‪40‬‬ ‫ألف طالب مستجد مع حلول عام ‪.2020‬‬ ‫ووفقا لإلدارة العليا في «إي تيتش» الدولية‪ ،‬فقد مت اختيار دبي‬ ‫كأول مكتب للشركة لتقدمي اخلدمات‪ ،‬التي ميكن أن تدعم بشكل‬ ‫مباشر التوسع واالستثمار في قطاع التعليم في دولة اإلم��ارات‬ ‫واملنطقة ‪.‬‬

‫«فى عقل كل رجل عشيقة لبنانية»‪ ..‬جديد عدوى‬ ‫صدر عن دار رهف الديوان األول للكاتب الصحفى محمد عدوى‪ ،‬بعنوان «فى‬ ‫عقل كل رجل عشيقة لبنانية» وهى جتربة كتابة جديدة يقدم فيها عدوى عددا‬ ‫من قصائد النثر‪.‬‬ ‫«فى عقل كل رجل عشيقة لبنانية» جتربة عاشها املؤلف فى بيروت منذ سنوات‬ ‫وسجلها فى كتابه األول‪ ،‬ويتضمن الديوان مجموعة من القصائد منها «بني‬ ‫الشك واليقني ‪ ،‬لسان طويل دون خطأ‪ ،‬بوفيه مفتوح‪ ،‬أربعة عيون التفيد‪ ،‬شهيد‪،‬‬ ‫شال أمى»‪ .‬جدير بالذكر أن محمد عدوى ناقد فنى وصحفى يشغل منصب‬ ‫نائب رئيس حترير مجلة أخبار النجوم وله العديد من الكتابات النقدية الفنية‪.‬‬



‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫كتاب جديد من سلسلة كتاب املستقل للكاتب والباحث الدكتور عبد املنعم احملجوب‬ ‫م��ن القطع امل��ت��وس��ط ف��ي ‪ 77‬ص��ف��ح��ة‪ ..‬ك��ت��اب صغير ف��ي حجمه كبير ف��ي قيمته‪..‬‬ ‫ويعتبر تكملة ملشروع راهنية التأويل والذي استهله الكاتب بكتاب سابق صدر سنة‬ ‫‪ 2004‬وهو «ورثة اللوغوس»‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫سؤال الكيان‬

‫كتاب يمنحنا منهج ًا للتفكير وطريق ًا لتحرير العقل‬ ‫ولعل املتتبع لكتابات عبداملنعم احملجوب يتفق معي في أنها تنبع من‬ ‫معرفة عميقة باألساطير وبالتاريخ وتستند إلى تبحر في اللسانيات‬ ‫وعلوم اللغة وترتكز على اشتغال متج ّدد للكاتب على النظريات الفلسفية‬ ‫القدمية واجلديدة‪ ..‬مما يجعل مجرد التفكير في عرض كتاب سؤال‬ ‫الكيان هو أشبه بالسير في صحراء مزروعة بااللغام دون بوصلة لتحديد‬ ‫االجتاهات أو خرائط توضح أماكن األلغام ودون دراية بالنجوم‪ ..‬فحتى‬ ‫إن اسعفك احلظ وجنوت من الدوس على لغم فلن تنجو من الضياع في‬ ‫مجاهل الكتاب لدخولك إليه دومنا دليل ينير لك الطريق‪ ...‬هذا مايتبادر‬ ‫إلى ذهنك في مطالعتك األولى لكتاب سؤال الكيان‪ ..‬لذا فالكتاب يحتاج‬ ‫منك إلى قراءة متأنية وصبورة‪ ..‬ألن الكتاب مبجمله هو طرح لسؤال‬ ‫كبير وهو سؤال الكيان واملربك فيه أن الكاتب كلما وضع إجابة لسؤال‬ ‫من أسئلة الكيان كلما نسفها في السطر التالي ليطرح اسئلة أخرى‪ ..‬لذا‬ ‫فيمكن أن أقول أن الكتاب هو حوار ذاتي للكاتب مع أفكاره حيث يطرح‬ ‫لنا فكرة ليحطمها ويبني على أنقاضها فكرة جديدة‪ ..‬وكل فكرة هي‬ ‫حجر أساس لفكرة أخرى‪.‬‬ ‫فالكاتب ال مينحنا كتاباً يزخر باملعلومات أو باملعارف بل هو أهم من‬ ‫ذلك‪ ...‬هو مينحنا منهجاً للتفكير ورؤية للتحليل وطريقاً للبحث وحترير‬ ‫العقل من الكسل‪.‬‬ ‫يقول الكاتب في خامتة الكتاب (لست في احلقيقة أفجر أسئلة دون عناء‬ ‫البحث عن إجاباتها‪ ،‬ولكنني ـ بهذا القدر أو ذاك ـ أرتب اجتهاداتي التي‬ ‫آمل من خاللها أن أكون قد قاربت حداً أدنى للقول واجتراح املناقشة‬ ‫بالتحررمن التمدرس‪ ،‬وبرفض الركون إلى احللول التلفيقية واملشاريع‬ ‫اإلصالحية املرقعة‪ ،‬دومن��ا حاجة إل��ى مواصلة التأكيد على أن هذا‬ ‫النص إمنا ينهض من احلرية وحدها كشرط ممكن الستمرار اخلطاب‬ ‫وتواصله) ص‪.66‬‬ ‫قسم الكاتب كتابه إلى مجموعة من العناوين‪ ،‬وكل فصل من فصول‬ ‫الكتاب قدمه لنا الكاتب في مجموعة من النقاط‪ ،‬وابتدأ الكتاب بفصل‬ ‫بعنوان «تقدمي» وقد يتبادر إلى الذهن أن هذا التقدمي هو مدخل لفهم‬ ‫الكتاب أو توضيح ملا فيه بل أننا سنجد أن التقدمي دخل مباشرة في‬ ‫صلب املوضوع وابتدأه الكاتب بطرح مجموعة من االسئلة لينطلق منها‬ ‫في رحلة البحث عن أجوبة ويناقش مع ذاته ومع القارئ اشكالية املفاهيم‬

‫حيث يقول‪( :‬إننا في احلقيقة في حاجة إلى توطني املفهوم أكثر مما‬ ‫تعوزنا مفهمة الكيان)‪ ،‬لذا يرى الكاتب أن (الزدوجة املعتادة في توضيع‬ ‫هذه املسألة إمنا تعود إلى أسباب متهيدية وتوصيفية‪ ،‬أكثر مما تقتضيها‬ ‫الضرورة الفكرية اجلادة‪ ،‬وإني ألرجو أن ينسحب هذا التنويه على مجمل‬ ‫ما سيطلع عليه القارئ في الصفحات القادمة التي تعتمد على التوازن‬ ‫بني املفهمة والتوطني في رؤية الكيان) ص‪.11‬‬ ‫الفص األول ولعل األجدر أن نقول السؤال األول الذي دخل به الكاتب إلى‬ ‫موضوعه كان «ما الكيان» ‪ -‬الترسيس شبه املتعالي للتخوم بني الوجود‬ ‫واحلضور‪.‬‬ ‫إج��اب��ة ه��ذا ال�س��ؤال طرحها الكاتب م��ن خ�لال ع��دة نقاط سنحاول‬ ‫تلخيصها في عناوين فرعية كما استطعت فهمها وأرجو أن أكون اقتربت‬ ‫مما يود الكاتب قوله‪:‬‬ ‫> الكيان كتاريخ ‪.‬‬ ‫> عالقة الوجود باحلضور في محاولة لتحديد حلظة الكيان‪.‬‬ ‫> استباق التسويغ واألحقية ونفي حضور اآلخر في فهم الكيان ‪.‬‬ ‫> الوجود في العالم احتياز أما احلضور في العالم فهو تفعيل‪.‬‬ ‫> العوملة‪.‬‬ ‫> مشهدية الكيان‪.‬‬ ‫> إحاالت الكيان‪.‬‬ ‫> فاعلية الكيان‪.‬‬ ‫> حتوالت الكيان‪.‬‬ ‫> أشكال الكيان‪.‬‬ ‫> الكيان مجال ال ميكن االستحواذ عليه‪ ،‬ولكن باإلمكان امتالك رموزه‬ ‫وتوظيف دالالته‪.‬‬ ‫> الكيان مجال ال ميكن االستحواذ عليه‪ ،‬ولكن باإلمكان تدميره‪.‬‬ ‫> الكيان هو مجموع أجزائه‪.‬‬ ‫> صحراء الكيان ـ مع ذلك ـ تضمر حديقة قدمية‪.‬‬ ‫وليعبر لنا الكاتب عن احلديقة القدمية الذي تضمرها صحراء الكيان‬ ‫خصص لها عنواناً خاصاً أسماه «حاشية» وفيها كانت الصحراء هي‬ ‫الفكرة واحلدث والداللة وهو من أمتع فصول الكتاب حيث تتمازج فيه‬ ‫شاعرية الكاتب مع عقالنيته‪ ،‬ولعله أراده مدخال لكتاب عن الصحراء‬


‫برؤية فلسفية جديدة استحضر فيها هنا مقطعا للشاعر الليبي محمد‬ ‫الدنقلي من قصيدته الصحراء أراه رمبا يلخص لنا ما أراد احملجوب‬ ‫قوله عن الصحراء‪ ،‬يقول الدنقلي‪:‬‬ ‫والباين الصحراء‪..‬‬ ‫صح‪ ..‬روئ‪..‬‬ ‫في ما وراء الشوف‪..‬‬ ‫الصحراء فيلسوف‪.‬‬ ‫العنوان الثاني كان (الكيان بوصفه إرادة)‪ ،‬وفيه ينطلق الكاتب من توضيح‬ ‫أن هناك طريقتني لتداول مفهوم الكينونة احداهما من خالل استعادة‬ ‫األمثلة التاريخية والثانية تطابق بني الواقع وراهنيته وبني مفهوم الكيان‪.‬‬ ‫ويرى أن االثنان ال يختلفان كثيرا كون الكيان يعيد تشكيل نفسه ولديه‬ ‫توسط بني املثال وإرادة‬ ‫القدرة على اعتواء شبه املتعاليات التي هي ّ‬ ‫املثال‪ ،‬ليصل إلى أن الكيان هو ال حيادية الكينونة وهو الكينونة متم ّثلة‬ ‫عبر التاريخ‪ ،‬كما يطرح بعد ذلك سؤاالً عن العالقة بني التمثل واإلرادة‬ ‫ويضع مستويني لإلرادة أحدهما الرغبة واإلرادة واألخر الرغبة والقرار‪..‬‬ ‫موضحاً أنه ال ينشد وصف الكيان بالركون إلى متظهراته‪ ..‬بل البحث في‬ ‫متعال مما‬ ‫مكوناته كمفهوم أوال ثم شروط مأسسته وحتويله إلى وجود‬ ‫ٍ‬ ‫يستوجب البحث في إحاالت الكيان وفضاءات اشتغالها ومجال تبيئتها‬ ‫في اللغة والعمل‪.‬‬ ‫العنوان الثالث (الكيان وال�ت��اري��خ) ويطرح الكاتب حتت ه��ذا العنوان‬ ‫مجموعة من األفكار سنحاول تلمسها هنا بشكل مختصر وسريع‪:‬‬ ‫(‪ )1‬إن مفهوم الكيان يستوجب وجود فاعلية ومجال وهو ما يعطي الكيان‬ ‫شك ً‬ ‫ال وحضوراً‪ .‬واألهم هو متوضع الكيان بالنسبة إلى كيانات أخرى‪.‬‬ ‫(‪ )2‬فكرة الكيان عبر التاريخ يتم حتويلها إلى مبدأ مؤسس للتصورات‬ ‫والتي تتحول بدورها إلى محفزات للواقع لتشكل آخر األمر جزء من‬ ‫تاريخية الكيان وهو ما أسماه الكاتب «ميتافيزيقيا الكيان»‪.‬‬ ‫(‪ )3‬من الناحية التاريخية ال ميكن نزع الكيان عن مجاله‪ ،‬فالكيان هو‬ ‫إدراك ألبعاد املجال الذي يحتضن فاعلية الكيان وحضوره‪.‬‬ ‫(‪ )4‬ليس قِ ��دم مكونات الكيان هو ال��ذي ينفي حضور الكيان بل انتفاء‬ ‫الفعالية التي تستطيع جعل هذه املكونات تواصل تغذيتها االرجتاعية‬ ‫للكيان‪.‬‬ ‫(‪ )5‬كيان ب��دون تاريخ هو كيان غفل‪ .‬لكن كياناً في التاريخ هو أيضا‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫(‪ )6‬ال ينشأ كيان لذاته بل من أجل أن يوجد بني آخرين تنتهي أطراف‬ ‫مجاالتهم إلى الفراغ فالكيان الهرم سوف يقبل االن��دراج واالمتصاص‬ ‫وإعادة التم ّثل في كيان جديد‪.‬‬ ‫(‪ )6‬يضرب الكاتب مث ً‬ ‫ال عن االيكومني اليوناني املبني على ثالث كلمات‬ ‫للتعبيرعن جدل الكيان في التاريخ وهي (توسع ـ سيطرة ـ خضوع) ليوضح‬

‫لنا العالقة بني الكيان واملجال (بني وجود الكيان وحضوره) ويستخلص‬ ‫لنا النقاط التالية‪:‬‬ ‫> إن التوسع قد مي ّد مجال الكيان دون أن يصنع حضوراً‪.‬‬ ‫> السيطرة قد تعيد ترتيب أبعاد املجال دون أن تصنع كياناً جديداً‪.‬‬ ‫> اخلضوع قد يحيل مركزية الكيان إلى مجال الرتباطات األط��راف‬ ‫وتأثيرها‪ .‬األمر الذي يحيلنا إلى حقيقة أن األمم امله ّددة عادة ما تلجأ‬ ‫إلى سؤال الهوية عبر التاريخ بدالً عن سؤال الكيان وممكناته في الواقع‬ ‫بسبب االح�لال املتواصل للدولة كبديل عن األمة وبهذا لم تعد األمة‬ ‫مرجعية وحيدة لفكرة الكيان‪ ..‬ليعود الكاتب ليؤكد أن ال بديل أمام الكيان‬ ‫القومي إال إعادة تفعيل عوامل التكوين االجتماعي والثقافي إلنقاذ الكيان‬ ‫واحملافظة عليه‪.‬‬ ‫(‪ )7‬في بطن الكيان يوجد انهدامه وهو ما يعبر عن نفسه باسم التداول‪.‬‬ ‫العنوان الرابع (سوق الكيان) وهو أقصر فصول الكتاب طرح فيه الكاتب‬ ‫أفكاره عن املوضوع في النقاط التالية‪:‬‬ ‫> فكرة تداولية مفهوم الكيان تعنى بالضرورة أن الكيان قابل لإلنتاج‬ ‫واالستهالك مثلما هو قابل إلعادة اإلنتاج‪.‬‬ ‫> ال يشغر اآلخر احليز الذي يدعي احتالله إال بقدر ما يستطيع األنا‬ ‫مضاهاته بدعوى مقابلة‪.‬‬ ‫شيئي دائماً‪ ..‬مبعنى أن كيان اآلخر مشروط بترويج‬ ‫> حضور اآلخر‬ ‫ّ‬ ‫املؤسس على مترين التمثالت‪.‬‬ ‫بضاعته القابلة للتبادل ّ‬ ‫> اآلخر مفهوم سلبي‪ ..‬أي أن نفيه هو أساس حتققه ويتمظهر اآلخر في‬ ‫ثالث أشكال منطية هي (النقيض‪ /‬الغريب‪ /‬املختلف)‪.‬‬ ‫> ينجح تسويق الكيان بقدر ما ينجح اجلحر الثقافي في إنتاج صورة‬ ‫أصلية غير مقتبسة أو مشتركة‪.‬‬ ‫صوري في األساس‪ ،‬وحتوله‬ ‫> حضور اآلخر بالنسبة إلى األنا حضور‬ ‫ّ‬ ‫إلى واقع رهني بأمناط التواصل التي تعمل على تذويب املسافة التي يقع‬ ‫على طرفيها موقعا الرؤية والتعيني‪.‬‬ ‫> الكيان ليس عرضا حياً‪ ،‬ولكنه ليس متحفا للفعالية كذلك‪.‬‬ ‫في خامتة الكتاب يدعونا الكاتب إلى الدخول في مناقشة حرة والتخلص‬ ‫من رهاب املفاهيم ونبذ االستبداد الفكري واأليدلوجي والذي يؤدي الى‬ ‫نهاية الكيان‪ ،‬ألن الكيان الذي ال يظهر إال براديكاليته قد يكون األضعف‬ ‫في صون خطابه واستشراف مستقبله مستعيرا حكمة الطاويني‪« :‬البد‬ ‫للنظام من أعدائه‪ ،‬إذا شاء أن يستمر»‪ ،‬وبهذه املقولة املثيرة للتفكير‬ ‫املستحثة للعقل أحببت أن أنهى هذا العرض لكتاب سؤال الكيان الذي‬ ‫امتعتني قراءته بقدر ما أرهقني عرضه عليكم كونه ينفض غبار األفكار‬ ‫املترسبة في العقل ومينح فرصة إلعادة تشغيل آليات التفكير والتحليل‬ ‫لديه‪ ،‬وهذا ما أرجو آن أكون قد متكنت منه ووصلت إليه‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫محاضرة‪:‬‬

‫المواطنة والمساهمة والمجاورة‬

‫(‪)2–1‬‬

‫النص الكامل لمحاضرة المفكر والمؤرخ عبداهلل العروي ( *)‬

‫اخ���ت���رت ل���ه���ذه احمل���اض���رة ع���ن���وان «امل���واط���ن���ة وامل��س��اه��م��ة‬ ‫وامل���ج���اورة»‪ ،‬وس��أح��اول أن أب�ين ال��ف��رق ب�ين ه��ذه املفاهيم‬ ‫الثالثة‪.‬‬ ‫ف��ي االس��ت��ع��م��ال احل��ال��ي‪ ،‬لفظة «م��واط��ن» ت���رادف الكلمة‬ ‫الفرنسية ‪ citoyen‬أو اإلجنليزية ‪ citizen‬لكن املعنى‬ ‫االشتقاقي مختلف‪ ،‬ولهذا داللة يجدر بنا أن نقف قليال‬ ‫ع��ن��ده��ا‪ .‬ف��ي ال��ل��غ��ة ال��ع��رب��ي��ة‪ ،‬ال��وط��ن رق��ع��ة أرض��ي��ة واض��ح‬ ‫املعالم‪ ،‬مواطنها ‪ -‬أو مستوطنها – ساكنها‪ ،‬وامل��واط��ن من‬ ‫يقاسم هذا القاطن الوطن نفسه‪.‬‬ ‫أم��ا لفظ ‪ ،citoyen‬وكذلك لفظ ‪ ،citizen‬فمشتقان من‬ ‫لفظ ‪cité‬؛ أي مدينة باملعنى السياسي‪ .‬يقول روس��و إن‬ ‫الفرنسيني ‪ -‬في زمنه ‪ -‬ال يعرفون معنى كلمة ‪،citoyen‬‬ ‫وال يفرقون بينها وبني كلمة «بورجوا»‪ ،‬األولى تطلق على‬ ‫املساهم في احلياة السياسية‪ ،‬فيما تصف الثانية حالة‬ ‫املقيم في املدينة‪ ،‬أي املواطن باملعنى االشتقاقي العربي‬ ‫للكلمة‪.‬‬ ‫عبدالله العروي‬

‫رحال‪،‬‬ ‫وهنا‪ ،‬وجب التنبيه إلى مفارقة‪ .‬يقال عادة إن العربي بدوي ّ‬ ‫وإن احلضري مستقر في مكان واحد‪ ،‬لكن كلمة «وطن» تشير إلى‬ ‫األرض‪ /‬القارة‪ .‬في حني أن كلمة ‪ citoyen‬تعني صفة قانونية‬ ‫مرتبطة باإلنسان‪ ،‬إن ح ّل أو ارحتل‪ .‬في استعمالنا اليومي‪ ،‬نضمن‬ ‫لفظ «م��واط��ن» معنى ‪ ،citoyen‬دون التفات إل��ى م��ا يوحي به‬ ‫االشتقاق‪ .‬فمن الطبيعي أن ينشأ قدر ما من الغموض‪ ،‬كما سنوضح‬ ‫ذلك بعد قليل‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬قلت‪ ،‬في مناسبات عدة‪ ،‬إنه ال يستقيم منهجيا أن ننطلق‬ ‫من االشتقاق فقط‪ ،‬كما يفعل كثيرون‪ .‬بالعكس‪ ،‬يجب االنطالق‬ ‫من الوضع الذي يحتم استعمال هذه الكلمة أو تلك‪ .‬يجب التحومي‬ ‫حول املوضوع من عدة مراقب‪ ،‬حتى يتبني املقصود من استعمال‬ ‫هذه الكلمة‪ ،‬وليس غيرها‪ .‬ال نفع البتة دون االنطالق من املقابلة‬ ‫بني مفهوم ناشئ‪ ،‬دخيل للمواطنة‪ ،‬ومفهوم أصيل‪ ،‬أعني الوالء‪،‬‬ ‫ثم استحسان األول‪ ،‬واستبشاع الثاني‪ .‬هذه الطريقة املغالية في‬ ‫التبسيط ال تزيد األمور إال استشكاال‪.‬‬ ‫يشاهد بعضنا‪ ،‬على الشاشة‪ ،‬نقل حفل ال ��والء‪ .‬فيقول‪ :‬هؤالء‬ ‫�وال‪ ،‬وليسوا مواطنني‪ .‬هذا الشعور هو الذي يجب أن‬ ‫املبايعون َم� ٍ‬ ‫ننطلق منه‪ ،‬بحثا عن ظروف نشأته‪ .‬هل هو طبيعي؟ نعم‪ ،‬بدون‬ ‫أدنى شك‪ .‬توجد جماعات كثيرة جتربه يومياً‪ .‬كل عضو في هذه‬ ‫اجلماعات يشعر بأنه آفاقي‪ ،‬خارج السرب‪ ،‬أنه مساكن‪ ،‬مجاور‪،‬‬ ‫غير مشارك‪ ،‬غير مساهم‪ ،‬ال يتمتع بحقوق‪ ،‬يتمتع بها غيره‪ ،‬الذي‬ ‫يحتل مكانة أعلى من مكانته‪ .‬يجد أن وضعه ناقص‪ ،‬محتاج إلى‬ ‫تزكية‪ ،‬حتى يتخيل واقعا مناقضا للواقع الذي يعيشه‪ .‬يحاول أن‬ ‫يكيف‪ ،‬فيعثر على كلمة «مواطنة» مبعناها املستحدث‪ .‬يتيقن أنها‬ ‫حق لكل إنسان مبا هو إنسان‪ .‬لو لم يجد ه��ذه الكلمة جاهزة‪،‬‬ ‫الستعار لفظة أجنبية‪ ،‬كما استعار من قبل لفظة «دميقراطية»‬ ‫ولفظة «برملان»‪.‬‬ ‫احلاصل هو أن املرء ال يستعير الكلمة‪ ،‬بقدر ما يستحضر املفهوم‬ ‫املعبر عن وضع ما‪ ،‬ناشئ بدوره عن جتربة أليمة‪.‬‬ ‫والتجربة التي نتكلم عنها الزمة للمفهوم الذي نبحث فيه‪ .‬ونستدل‬ ‫على ذلك ببعض املقاالت التاريخية‪ .‬نبدأ باليونان‪ .‬يقول أرسطو‬ ‫في نص مشهور‪ :‬املواطن هو املساهم في إق��رار القوانني‪ .‬ومن‬ ‫مجموع هؤالء املساهمني تتكون املدينة ‪ ،cité‬أي الهيئة السياسية‪.‬‬ ‫والتعريف ذاته جنده عند سبينوزا‪.‬‬ ‫يقول روس��و‪ ،‬ال��ذي يفتخر بأنه مواطن بجنيف‪ ،‬إن ج��ان ب��ودان‪،‬‬ ‫مؤسس نظرية السيادة‪ ،‬وهو فرنسي‪ ،‬لم يعرف الفرق بني املواطن‬ ‫‪ citoyen‬واملساكن‪ ،‬وأن دالومبير وح��ده أدرك الفرق في املقال‬ ‫الذي خصصه ملدينة جنيف‪ ،‬والذي قسم فيه سكان املدينة إلى أربع‬


‫توماس هوبز‬

‫أرسطو‬

‫طبقات‪ ،‬قليل منهم فقط يساهمون في احلياة السياسة‪ ،‬ويعتبرون‬ ‫إذن مواطنني‪.‬‬ ‫نصل إلى التجربة األساسية‪ ،‬أعني جتربة إجنلترا‪.‬‬ ‫نشأ املجتمع اإلجنليزي احلديث عن الغزو‪ ،‬حيث ظلت آثار التمييز‬ ‫بني الغالب واملغلوب بادية في احلياة العامة لعدة قرون‪ ،‬كما تدل‬ ‫على ذلك رواي��ات والتر سكوت‪ ،‬واهتمام منظري السياسة‪ ،‬مثل‬ ‫توماس هوبز وجون لوك‪ ،‬مبسألة الغزو‪ ،‬وما يترتب عليه من حقوق‪.‬‬ ‫احلقوق املسطرة في املواثيق اإلجنليزية‪ ،‬ابتداء من الوثيقة الكبرى‬ ‫لسنة ‪ ،1215‬هي امتيازات أبناء الغزاة املنتزعة بالقوة من امللك‪،‬‬ ‫الذي هو واحد منهم‪ ،‬ويحاول باستمرار االنفراد بالسلطة‪ .‬التاريخ‬ ‫الدستوري اإلجنليزي هو تاريخ تثبيت هذه احلقوق ومتتيع جماعات‬ ‫جديدة بها‪ ،‬إما عبر ثورة دموية‪ ،‬مثل ثورة القرن السابع عشر التي‬ ‫عارضها هوبز ونظر لها لوك‪ ،‬وإما عبر تطور سلمي أثناء القرنني‬ ‫التاليني‪.‬‬ ‫لهذا السبب‪ ،‬ال جند تعارضا‪ ،‬كما سيحدث فيما بعد‪ ،‬بني كلمتي‬ ‫‪ citizen‬و‪ ،subject‬ألن حقوق الفرد مضمونة في وثيقة تنص‬ ‫على سلطة قضائية مستقلة حتد من سلطة امللك‪ .‬ومبا أن احلق‬ ‫يخص شخصا بعينه‪ ،‬ال توجد عالقة بينية بني احلرية واملساواة‪،‬‬ ‫كما هو احلال عند روسو وأتباعه‪.‬‬ ‫عند املنظرين اإلجنليز‪ ،‬جند إم��ا م�س��اواة بال حرية‪ ،‬كما عند‬ ‫هوبز‪ ،‬وإما حرية بال مساواة‪ ،‬عند لوك‪ .‬ابتداء من القرن الثامن‬ ‫ع�ش��ر‪ ،‬مت��ازج��ت طبقة ال�ن�ب�لاء وطبقة أث��ري��اء ال�ت�ج��ار‪ .‬حتولت‬ ‫الطبقة احل��اك�م��ة م��ن طبقة أرس�ت�ق��راط�ي��ة إل��ى بلوتوقراطية‪،‬‬ ‫فأصبح أعضاؤها يتمتعون تلقائيا باحلقوق التي كانت مقصورة‬ ‫على النبالء‪ .‬ثم تكاثرت طبقة العامة ونظمت صفوفها‪ ،‬وطالبت‬ ‫باحلقوق ذاتها‪ ،‬ونالت تدريجيا ما أرادت‪ .‬ألغي ال��رق‪ .‬اكتسبت‬ ‫املرأة بعض حقوقها‪ .‬حتسنت وضعية الفقراء‪ .‬وأصبحت لكل فرد‬

‫حقوق مضمونة في إيثار والء اجلميع للعرش‪.‬‬ ‫وجدنا أمام تطور تاريخي‪ ،‬وليس أمام حتليل نظري مسحوب على‬ ‫واقع غريب‪ ،‬كما حصل في فرنسا أيام الثورة الكبرى‪ .‬تطور يعني‬ ‫االنطالق من وضع معني ميثل مجموعة من احلقوق منتزعة من‬ ‫امللك‪ ،‬وممنوحة لطبقة محددة مكونة من ورث��ة الغزاة‪ ،‬ثم رصد‬ ‫تعميم تلك احلقوق في ث��ورات الحقة على السكان الساكسونيني‬ ‫األصليني‪ ،‬دون الكلتيني والولش والسكوتس‪ ،‬فباألحرى دون اليهود‪.‬‬ ‫ملا حدث اإلصالح الديني‪ ،‬انقسم املجتمع اإلجنليزي إلى أجنليكان‬ ‫وكاثوليك‪ ،‬قبل أن تبرز طبقة البوليتان‪ ،‬أي الغالة‪ .‬عندما انتهت‬ ‫ثورة القرن السابع‪ ،‬وعاد النظام امللكي‪ ،‬أقصي الغالة من املجال‬ ‫السياسي‪ ،‬وصاروا في منزلة الكاثوليك كاليهود‪ .‬ال تقبل شهادتهم‬ ‫في احملاكم‪ .‬ال يدرسون في اجلامعات العريقة‪ .‬ال يتقلدون مناصب‬ ‫قيادية في اجليش أو اإلدارة‪ .‬بالطبع‪ ،‬هذا الوضع الذي دام إلى‬ ‫أواسط القرن التاسع عشر‪ ،‬شبيه متاما بوضع الذمة في البلدان‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫هنا‪ ،‬ن��رى ب��وض��وح ارت �ب��اط امل��واط�ن��ة ب��ال��والء‪ .‬األجنليكاني كامل‬ ‫املواطنة‪ ،‬ألن��ه مؤمتن‪ ،‬في حني أن غيره متهم في والئ��ه للعرش‬ ‫وللدولة‪ .‬وهذه هي النقطة التي سيركز عليها فيما بعد املدافعون‬ ‫عن حق الكاثوليك‪ ،‬كالوزير األول غالدستون‪ ،‬ثم حق اليهود كاللورد‬ ‫ماكويل‪ ،‬في التمتع باملواطنة الكاملة‪ .‬سيقولون إن اختالف العقيدة‬ ‫ال يتنافى مع صحة الوالء السياسي‪ .‬فلم يصادق البرملان اإلجنليزي‬ ‫على إعطاء اليهود حقوقهم‪ ،‬بعد أن أعطى الكاثوليك حقوقهم‬ ‫السياسية من قبل‪ ،‬إال سنة ‪ ،1858‬مبعنى أنه ملا جاء إلى املغرب‬ ‫لورد إجنليزي وطالب السلطان محمد الرابع سنة ‪ 1864‬بأن يعطي‬ ‫يلب في إجنلترا‬ ‫اليهود املغاربة احلقوق نفسها‪ ،‬كان يتكلم عن حق لم ّ‬ ‫إال قبل ست سنوات‪.‬‬ ‫نستخلص من هذا العرض أن الوضع الذي كان قائما في إجنلترا‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫صامويل بوفندورف‬

‫مهد النظام الدستوري احلديث‪ ،‬ك��ان يتصف بوجود نوعني من‬ ‫احلقوق‪ :‬حقوق عامة يتمتع بها كل مقيم‪ ،‬أي كل مجاور‪ ،‬أو مواطن‬ ‫حسب تعبيرنا‪ ،‬نسميها حقوقا إنسانية؛ وح�ق��وق خاصة بفئة‬ ‫صغيرة‪ ،‬وهي احلقوق املعروفة باحلقوق السياسية أو املدنية‪ .‬وهذه‬ ‫احلقوق املدنية ال تعارض الوالء‪ ،‬بقدر ما تستدعيه‪.‬‬ ‫تكلمنا عن احلالة اإلجنليزية‪ ،‬ألنها منوذجية في العالم‪ .‬ما قلناه عن‬ ‫الكاثوليك والبوليتان الغالة في إجنلترا‪ ،‬نقوله عن الهنود والزنوج‬ ‫واآلسيويني في أمريكا‪ ،‬رغم أن الدستور األمريكي يؤكد أن اآلدمي‬ ‫يولد حرا ومساويا ألي آدمي آخر‪.‬‬ ‫ال أحد يعيش في عزلة تامة‪ .‬قد ينعزل امل��رء‪ ،‬لكن بعد أن يكون‬ ‫قد عاش فترة من الزمن‪ ،‬قصيرة أو طويلة‪ ،‬بني مجموعة بشرية‪:‬‬ ‫أسرة‪ ،‬قبيلة‪ ،‬مدينة‪ .‬وفي كل حال‪ ،‬يوجد متييز بني وضع األصيل‬ ‫ووضع الطارئ‪ ،‬وابن الدار املساهم في املدينة واملجاور أو املعاهد‬ ‫الذي قد يكون مملوكا أو مولى أو معاهدا ذميا أو ضيفا عابرا‪ ،‬بل‬ ‫عدوا مهادنا‪ .‬هل لنا أن نقول إن هذه هي حقوق اإلنسان‪ ،‬كما تفهم‬ ‫اليوم‪ ،‬وتلك هي احلقوق املدنية؟‬ ‫هذا ما توحي به‪ ،‬ألول وهلة‪ ،‬وثيقة حقوق اإلنسان واملواطن‪ ،‬التي‬ ‫صادق عليها املجلس التأسيسي الفرنسي سنة ‪.1789‬‬ ‫تتعلق احلقوق اإلنسانية بالنفس واملال والعرض‪ ،‬وتتعلق احلقوق‬ ‫املدنية باألنشطة اجلماعية كالتصويت والترشح وتقلد مناصب‬ ‫قيادية‪ .‬لكن عندما نتمعن في الوثيقة املذكورة‪ ،‬وما سبقها من وثائق‬ ‫إجنليزية وأمريكية‪ ،‬نرى أن األم��ر ليس كذلك‪ .‬هل يجب الكالم‬ ‫عن اإلنسان أوال‪ ،‬ثم عن املواطن؟ ال تتكلم الوثيقة عن شخصيتني‬ ‫منفصلتني‪ ،‬عن ال��واف��د أوال‪ ،‬ثم عن اب��ن البلد ثانيا‪ .‬نتكلم عن‬ ‫شخصية واحدة موصوفة من وجهني‪.‬‬ ‫ما تعنيه الوثيقة الفرنسية في الواقع هو أن احلقوق املسجلة تهم‬ ‫كلها املواطن املساهم (‪ ،)citoyen‬ليس املواطن املجاور‪ ،‬وتؤكد في‬ ‫الوقت نفسه أن احلقوق متأصلة في طبيعة اإلنسان‪ ،‬أي إنسان‪،‬‬ ‫غير الناشئة عن ائتالف أو تنازل‪ .‬هي إذن حقوق اإلنسان‪ ،‬الذي هو‬ ‫مواطن‪ .‬هذا عكس ما تقوله الوثائق اإلجنليزية التي تعدد احلقوق‬ ‫املنزوعة من يد امللك‪ ،‬واخلاصة مبجموعات محددة‪ :‬رجال الدين‪،‬‬ ‫املزارعني األحرار‪ ،‬الخ‪ .‬كل فئة تعتقد أن حقوقها معتبرة من طرف‬ ‫كل فئة على حدة‪ ،‬عكس ما يوحي به ظاهر العبارة‪.‬‬ ‫احلقوق املضمنة في الوثيقة الفرنسية‪ ،‬واألمريكية كذلك‪ ،‬تخص‬ ‫املواطن‪ ،‬ال غير‪ .‬أما حقوق املجاور‪ ،‬وهي حقوق إنسانية بالفعل‪،‬‬ ‫فهي متولدة عن معاهدة مبرمة بني هيئتني سياسيتني‪ .‬ونذكر‬ ‫باملناسبة أن عبارة «اإلنسان املواطن» صدرت أول مرة عن األملاني‬ ‫صامويل بوفندورف‪ ،‬أحد مؤسسي القانون الدولي‪.‬‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬حصل تطور ‪ -‬حتى ال نقول قطيعة‬ ‫ في هذا املجال‪ .‬ال ميكن اعتبار وثيقة سنة ‪ ،1948‬الصادرة‬‫عن منظمة األمم املتحدة‪ ،‬مجرد تعميم ملا تضمنته وثائق سابقة‪.‬‬ ‫اجلديد فيها أنها تتجاهل ضمنيا سيادة الدولة الوطنية‪.‬‬

‫هناك حقوق سياسية كانت محصورة في الوثائق السابقة على أبناء‬ ‫الوطن‪ ،‬وعمم بعضها على كل املواطنني‪ ،‬أو املجاورين‪ ،‬ثم حقوق‬ ‫اقتصادية واجتماعية‪ ،‬كالشغل والتعليم والعناية الصحية والرعاية‪،‬‬ ‫ثم حقوق خاصة بفئات مهملة كالنساء واألطفال واملعاقني والعجزة‪،‬‬ ‫ثم حقوق ثقافية تهم األقليات والشعوب األصيلة‪ .‬كل مرة تضاف‬ ‫إلى قائمة أصحاب احلقوق جماعة جديدة‪ ،‬وإلى قائمة احلقوق‬ ‫حقوق ج��دي��دة‪ ،‬وذل��ك باسم االش �ت��راك ف��ي اإلنسانية‪ ،‬ب��ل وفي‬ ‫احليوانية‪.‬‬ ‫حصل التوسيع بكيفية آلية‪ ،‬دون تنظيم مسبق‪ .‬لذلك نالحظ‬ ‫هذه األيام معارضة قوية‪ ،‬حتى في البالد الدميقراطية‪ ،‬ضد هذا‬ ‫االستخفاف املتزايد بالسيادة الوطنية‪ .‬كان التركيز في الوثائق‬ ‫السابقة على شرعية الثورة ضد الظلم‪ ،‬أي جتاهل حقوق املواطنة‪.‬‬ ‫اآلن نرى توجها نحو تبرير الثورة على الدولة الوطنية غير اإلنسانية‪،‬‬ ‫حتى ولو كانت عادلة‪ ،‬خاضعة لقوانني صارمة‪ ،‬لكنها مقصورة على‬ ‫أبناء الوطن‪.‬‬ ‫هناك‪ ،‬إذن‪ ،‬تطور جديد‪ ،‬يخلق مشاكل كثيرة ملفهوم املواطنة‪.‬‬ ‫إذ لم تعد املواطنة مرتبطة بوطن‪ ،‬بدولة وطنية‪ ،‬بل االجت��اه هو‬ ‫ربطها باملجموعات اإلنسانية‪ .‬هذه النقطة تنبه إليها‪ ،‬ونبه إليها‪،‬‬ ‫الفيلسوف «كانت» أيام الثورة الفرنسية‪.‬‬ ‫عندما نقول إن «كانت فيلسوف كبير»‪ ،‬ملاذا فيلسوف كبير؟ ألنه‬ ‫أيام الثورة الفرنسية وإعالن حقوق اإلنسان‪ ،‬رأى أن هذا اإلعالن‬ ‫يتجاوز ح��دود الدولة الوطنية‪ ،‬مع أنها كانت في بدايتها‪ .‬ولهذا‬ ‫بالضبط ت��رون أن هناك اعتمادا كبيرا على حتليالت كانت في‬ ‫كل األدبيات املتعلقة بالقانون أو باملواطنة أو بحقوق اإلنسان‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫كان مثال حق التنقل واإلقامة والشغل واحلماية محصورا في حدود‬ ‫الوطن‪ ،‬ألن احلرية كانت مغيبة‪ .‬كان اإلنسان ال يستطيع التنقل من‬ ‫بلد إلى آخر بحرية‪.‬‬ ‫اليوم ما نالحظه هو أن التوسيع لكل إنسان‪ ،‬واالعتراف لكل فرد‪،‬‬ ‫أينما ح��ل‪ ،‬ب��أن يتصرف كجميع مواطني العالم‪ .‬وال��رف��ض لهذا‬ ‫التوسيع ‪ -‬مهما يكن حكمنا عليه أخالقيا ‪ -‬ي��دل على أن هذا‬ ‫أصل بعد تأصيال‬ ‫التطور املفهومي‪ ،‬مفهوم اإلنسان املواطن‪ ،‬لم يُ َّ‬ ‫واضحا وصريحا؛ أي ال أحد يقول إن هذا التوسيع حلق من حقوق‬ ‫املواطن املساهم إلى املواطن املجاور يتحدى حدود الدولة الوطنية‪.‬‬ ‫ال أحد يقولها صراحة‪ ،‬مع أن هذا األمر موجود ضمنيا في الئحة‬ ‫احلقوق الدولية‪ .‬والدليل على ذلك أن إعالن احلقوق اإلنسانية‬ ‫للدول األوربية‪ ،‬أي اعتبار أن كل مواطن‪ ،‬من أي دولة كانت‪ ،‬إذا‬ ‫انتقل من دولة إلى أخرى‪ ،‬تكون له احلقوق نفسها‪ .‬هذا اإلعالن‪ ،‬مع‬ ‫أنه هو األساس في بناء املنظومة األوربية‪ ،‬يرفضه عدد ال يستهان‬ ‫به من القادة السياسيني‪ .‬ال يقولونها صراحة‪ ،‬ولكنهم يتخذون‬ ‫مواقف ويطالبون بكثير من املطالب في هذا االجتاه‪.‬‬ ‫اآلن‪ ،‬بعد هذا الكالم عن املواطنة وحقوق اإلنسان‪ ،‬نعود إلى ما كنا‬ ‫بصدده‪ ،‬أي املواطنة في إطار الدولة الوطنية‪.‬‬


‫اميانويل كانط‬

‫يقول أح��دن��ا‪ :‬ال أرض��ى لنفسي أق��ل من أن أك��ون مواطنا كامل‬ ‫املواطنة‪ ،‬دون أن يعي أن النظرية‪ ،‬التي يستند إليها‪ ،‬تلغيه مسبقا‬ ‫من املجال السياسي‪ .‬النظرية‪ ،‬من أرسطو إل��ى كانت وهيغل‪،‬‬ ‫مرورا بروسو‪ ،‬ال تهتم إال بفرض من له مؤهالت محددة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫أن يكون ذكرا ال أنثى‪ ،‬حرا ال مملوكا‪ ،‬عاقال ال معتوها‪ ،‬راشدا ال‬ ‫قاصرا‪ ،‬فاضال ال دنيئا‪ ،‬تقيا ال فاجرا‪ ،‬أمينا ال خائنا‪ .‬من يتحلى‬ ‫بهذه الصفات‪ ،‬فينعت بالشيخ ‪ sénateur‬أو األب‪ ،‬أو السيد‪ ،‬هو‬ ‫الفرد املؤسس الذي ميلك سهما في الشركة التي تسمى الدولة‬ ‫الوطنية‪.‬‬ ‫كل ه��ؤالء املنظرين‪ ،‬باخلصوص املنظرون اإلجنليز‪ ،‬نظروا إلى‬ ‫الدولة على أنها شركة جتارية‪ .‬بعضهم يستعمل في الغالب ‪stock-‬‬ ‫‪ ،holder‬صاحب سهم‪ ،‬مساهم‪ .‬هنا نتكلم عن مفهوم املساهمة‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬الفرد املؤسس ال��ذي ميلك سهما في الشركة‪ ،‬التي تسمى‬ ‫الدولة الوطنية‪ ،‬هذا هو املواطن املساهم‪ .‬حقوقه هي مؤهالته‪.‬‬ ‫متى فصلت احلقوق عن املؤهالت‪ ،‬فقدت النظرية متاسكها‪.‬‬ ‫أبرز مثال على النظرية السوية املتماسكة جنده في كتاب جان جاك‬ ‫روسو «العقد االجتماعي»‪ .‬يضع املؤلف نصب عينيه ذلك الفرد‬ ‫احلر‪ ،‬املستقل عن كل ما حوله‪ ،‬ويستدمج املفهوم كل مستتبعاته‬ ‫بطريقة منطقية على شاكلة سبينوزا الرياضية‪ .‬يتقدم من معادلة‬ ‫إلى أخرى‪ ،‬دون أدنى ميل أو زيغ‪ .‬من فكرة التجمع يستخرج روسو‬ ‫مفهوم اجلمهورية‪ ،‬ومنه الدميقراطية‪ ،‬ثم األم��ة‪ ،‬ثم ال��دول��ة‪ ،‬ثم‬ ‫اإلرادة العامة‪ ،‬ثم إرادة الفرد العاقل‪ ،‬ثم املصلحة‪ ،‬ثم القانون‪ ،‬الخ‪.‬‬ ‫كل مفهوم ينعكس في الذي يليه انعكاسا جامعا مانعا‪ ،‬يكشف‬ ‫وجها من أوجه عدة تخص كلها املوضوع‪ ،‬أي الفرد احلر‪ ،‬العاقل‪،‬‬ ‫أس األس‪ ،‬وهو وعي الفرد‬ ‫الفاضل‪ ،‬الخ‪ ،‬إلى أن يقف على األس‪ّ ،‬‬ ‫بذاته‪ ،‬بحريته وسلطته املطلقة على نفسه‪ .‬من لم ِيع هذا الكشف‬ ‫ إذ يتعلق بكشف فعلي ‪ -‬من لم يع هذه احلقيقة اجلوهرية‪،‬‬‫من لم يستشعرها في سر س��ره‪ ،‬فهو غير معني بكالم روس��و‪.‬‬ ‫هذه التجربة النظرية يعيشها كل فرد‪ .‬ال تعارض‪ ،‬إذن‪ ،‬في هذا‬ ‫التحليل بني احلرية واملساواة‪ .‬والضامن لهذه وتلك العقل القاهر‬ ‫لكل شهوة مضرة‪ ،‬الهادي إلى العفة والفضيلة‪ .‬كل ناقص عقل‬ ‫لعدم اكتمال كالطفل‪ ،‬أو بسبب وضع عرفي كاملرأة‪ ،‬أو قانون‬ ‫كاململوك‪ ،‬أو طارئ كاملعتوه أو الشيخ الهرم‪ ،‬أو اعوجاج في الفكر‬

‫جان جاك روسو‬

‫كالزائغ‪ ،‬أو عجز عن العبارة كاألعجم‪ ،‬فهذا ال يدركه نظر روسو‪.‬‬ ‫وبصدد وعي اإلنسان بطبيعته‪ ،‬نشدد على نقطة مهمة‪ :‬طبيعة‬ ‫اإلنسان عند روس��و هي السر واآلي��ة‪ ،‬ختم اخلالق على وجدان‬ ‫البشر‪ ،‬كما أوض��ح ذل��ك في عقيدته‪ .‬كل التناقضات التي نبه‬ ‫عليها احملللون‪ ،‬تعود إلى هذا التوحيد الذي يجمع روسو بسبينوزا‬ ‫وهيغل‪ .‬عند هؤالء املفكرين الثالثة‪ ،‬ال تعارض بني الروح واملادة‪،‬‬ ‫تعال‪ .‬كل الصفات املنسوبة إلى الباري يضيفها روسو‬ ‫ال ثنائية‪ ،‬وال ٍ‬ ‫لإلنسان‪ ،‬منشئ املدينة‪ ،‬أي املؤسسة السياسية‪ .‬انظروا‪ ،‬مثال‪،‬‬ ‫إل��ى قوله في اإلرادة العامة‪ ،‬كونها ال تفوض‪ ،‬ال تتجزأ ‪ -‬في‬ ‫الكالم القدمي يقال إنه ال تتب ّعض ‪ -‬ال تخطئ‪ ،‬ال تتعارض مع‬ ‫اإلرادة الفردية‪ .‬هذه هي األص��ول النظرية ملفهوم املواطن‪ ،‬أن‬ ‫العضو املؤسس لهيئة سياسية هي املدينة ‪polis، respublica‬‬ ‫‪ ،‬املواطن املساهم سيد نفسه‪ ،‬يحكم نفسه بنفسه‪ ،‬بواسطة إرادة‬ ‫جماعية‪ ،‬سلطة ناموس موافقة‪ ،‬طوعا وحكما إلرادة الفرد‪ .‬وهذا‬ ‫ألنه عاقل‪ ،‬كابح لنزوات نفسه‪ ،‬مستقيم في سلوكه‪ ،‬غير زائغ‪ .‬هو‬ ‫املشرع‪ .‬هو املتصرف‪ .‬هو احلكم‪ .‬وهو في عني املنظر اإلنسان‬ ‫الطبيعي‪ ،‬أي قبل أن يفسده التاريخ‪ ،‬حسب عبارة روسو‪ .‬لكن هذا‬ ‫اإلنسان يبدو لنا نحن غير طبيعي‪ ،‬مناقضا متاما‪ ،‬لم جنربه يوميا‬ ‫في تصرفنا وتصرف غيرنا‪ .‬من يش ّرع؟ من يقضي؟ بالتأكيد‪،‬‬ ‫ليس اإلنسان املستقيم‪ ،‬التقي‪ ،‬الفاضل‪.‬‬ ‫(يتبع اجلزء الثاني)‬

‫*‬

‫( ) ألقيت هذه احملاضرة في ال��دورة الثامنة من ملتقيات التاريخ التي‬ ‫تنظمها اجلمعية املغربية للمعرفة التاريخية‪ ،‬وذل��ك يوم ‪ 07‬ديسمبر‬ ‫‪.2014‬‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫مقابلة‬

‫الفنان الشاب حمزة بليبلو كان مولع ًا بالفن منذ صغره ‪ ،‬أحب التمثيل وتقمص العديد من األدوار بعفوية في‬ ‫فصول الدراسة ‪ ،‬أحبه زمالءه ألنه كان بخفة دمه قادر ًا على أن يدير كفة احلوار «البيزنطي» بني الطالب وينقله‬ ‫إلى جلسة ال تخلو من الفن والفكاهة واملتعة والفائدة ‪ ،‬كان يرى منذ صغره أن الفن هو مفتاح حقيقي لكي‬ ‫يخرج ما لديه من أحاسيس صادقة جتاه عامله الصغير ‪ ،‬اجته إلى املسرح الوطني ببنغازي ‪ ،‬أحب عمله وأخلص‬ ‫وتفرد في رسم خط كوميدي ال يشبه اآلخرين ‪ ،‬ساهم في العديد من األعمال الفنية على خشبة املسرح وعلى‬ ‫الشاشة الصغيرة كما اجته إلى األعمال السينمائية وقام بلعب األدوار الفنية وكذلك اإلخراج ‪ ،‬فنان مجتهد‬ ‫وأيضا محب للدراسة ومواصلة مشواره العلمي حيث حتصل على دبلوم عالي في الهندسة النفطية ‪ ،‬التقيته‬ ‫األيام املاضية في طبرق عندما قام بعرض فيلمه اجلديد « احتب تفهم ادوخ « من إخراجه وبطولته ودار بيني‬ ‫وبينه هذا احلوار السريع ‪..‬‬

‫حاوره‪ :‬عبدالرحمن سالمة‬

‫حمزة بليبلو يحذر من لغة التخوين وسياسة اإلقصاء‬

‫ليبيا ال تقبل القسمة‬ ‫على ثالثة!‬


‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ال��ف��ن��ان ح��م��زة بليبلو ب��ع��دم��ا ش��اه��دن��ا ه��ذا‬ ‫ال��ع��رض لفيلمك اجل��دي��د « احت���ب تفهم ادوخ « أم��ام‬ ‫نخبة من الفنانني واألساتذة املتخصصني كيف رأيت‬ ‫خطواتك في هذا العمل؟‬ ‫بليبلو‪ :‬بداية أشكرك أخي عبدالرحمن وأشكر شركة الكتاب‬ ‫العربي للتعليم واالستشارات على إتاحتها الفرصة «وتهيأتها»‬ ‫ألجواء هذا العرض والذي أضاف لي الكثير واحلمد لله أن‬ ‫هناك العديد من اآلراء واملالحظات التي وجهها الفنانون‬ ‫لكنهم أيضاً استدركوا أن قلة االمكانيات والظروف احمليطة‬ ‫بالعمل هي التي كانت سبباً في وجود الصعوبات التي حاولنا‬

‫تذليلها والتغلب عليها‪ ،‬وهذا العمل أردت وزمالئي وكذلك‬ ‫صاحب النص الفنان القدير سليمان الدينالي أن نقول من‬ ‫خالله أننا إذا أردن��ا بناء ليبيا علينا نحن الليبيني جميعاً‬ ‫أن نضع أيدينا في أيدي بعض بعيداً عن لغة التخوين وعن‬ ‫سياسة اإلق�ص��اء ‪ ،‬كما حاولنا أن نوجه رسالة مهمة جداً‬ ‫مفادها أن اخليرات التي حباها الله لهذا الوطن بإمكانها‬ ‫إسعاد الليبيني على اختالف مشاربهم وأفكارهم وأن التنازع‬ ‫واالقتتال والفرقة ليست في صالح الليبيني جميعاً ‪ ،‬وهذا‬ ‫العمل قمنا به بإمكانيات محدودة وكنا نود أيضاً أن نقوم‬ ‫بالتصوير في أماكن كثيرة كالصحراء الليبية ولكن اكتفينا‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫مقابلة‬

‫الظروف الصعبة التي نعيشها كان لها تأثير‬ ‫سلبي على أداء الفنانني‬ ‫أبرز محطاتي الفنية تنفيذ اجلزء األول من‬ ‫مسلسل «ديروا حل»‬ ‫تعلمنا من املسرح كيف نهمس في أذن املسؤول‬ ‫ونقول له ‪ :‬صح النوم‬ ‫بهذه اخلطوات وفقاً إلمكانياتنا ‪ ،‬واسمح لي أن أحيي كل‬ ‫طاقم العمل الذين ساهموا معنا وب��إذن الله سيتم عرضه‬ ‫للمشاهدين قريباً بعد التعاقد مع إح��دى الشركات والتي‬ ‫ستجري عليه معاجلات فنية تتعلق بجودة الصورة وغيرها ‪،‬‬ ‫وقبل أن أنسى أسمح لي أيضاً أن أشكر أخي صابر الطيب‬ ‫الشاعري على اهتمامه واستقباله لنا في طبرق ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما هى أبرز احملطات الفنية في حياتك؟‬ ‫بليبلو‪ :‬بغض النظر عن األعمال التي قدمتها للتلفزيون‬ ‫أو حتى الفيلمني اللذين قدمتهما‪ ،‬إال أنني أح��س أنني لم‬ ‫أق��دم للجمهور ما بداخلي فأنا لدي الكثير ألقوله وأقدمه‬ ‫في الفن وللفن غير أن اإلمكانيات والظروف التي نعيشها‬ ‫جميعاً منذ سنوات لها تأثيرها السلبي على األداء والعطاء‬ ‫ومع ذلك نحاول أن نبذل اجلهد لكي نكون في املشهد ونسهم‬ ‫في بث روح احلياة من جديد لدى الليبيني ‪ ،‬ورمبا من أبرز‬ ‫محطاتي الفنية هي تنفيذ اجل��زء األول من مسلسل ديرو‬ ‫حل‪ ،‬لكي اثبت وجودي في الوسط الفني ولكي أحتدى نفسي‬ ‫والظروف ‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ماذا يعني لك املسرح؟‬ ‫بليبلو‪ :‬املسرح يعني لي راحتي ‪ ،‬ويعني لي كل شئ ‪ ،‬تأتي‬ ‫بهموم الدنيا إلى املسرح ولكن عندما تضع قدميك على الركح‬ ‫تنسى كل شئ وتهيم في عالم الفن ‪ ،‬املسرح هو احلياة كلها‬ ‫وهو استاذ تعلمنا منه كل شئ ‪ ،‬تعلمنا منه كيف نخلص للعمل‬ ‫‪ ،‬تعلمنا منه العطاء ‪ ،‬تعلمنا منه املثابرة ‪ ،‬تعلمنا منه كيف‬ ‫نصنع البسمة في قلوب اجلمهور ونداوي جراحهم ‪ ،‬تعلمنا‬ ‫منه كيف نكون إيجابيني ‪ ،‬تعلمنا منه كيف نحب العمل ونسهم‬

‫لو وجدت املخرج صاحب الرؤية اجلميلة‬ ‫سأكتفي بالتمثيل‬ ‫الفنان الليبي يعمل دون بنية حتتية !‬ ‫الفن الليبي لم يخرج من كنف احمللية بسبب‬ ‫عدم وجود شركات إنتاج‬ ‫لو أسعفنا الوقت سنقدم اجلزء الثالث من‬ ‫«ديرو حل» في رمضان‬ ‫على الدولة أن تنشئ املعاهد الفنية و تهتم‬ ‫باجلانب الفني األكادميي‬


‫في إرسال حزمة من الرسائل الوطنية ‪ ،‬وتعلمنا من املسرح‬ ‫كيف نهمس في أذن املسؤول ونقول له ‪ :‬صح النوم ‪ ،‬انتبه‬ ‫لنفسك وإال ‪ ، ...‬تعلمنا من املسرح كيف نبث احلياة في‬ ‫مدينة ميتة ‪ ،‬وكيف نواصل العطاء بدون إمكانيات‪ ،‬املسرح‬ ‫هو احلياة بكل تفاصيلها‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬أن���ت مم��ث��ل وأي��ض��ا م��خ��رج ه��ل إج����ادة ال���دور‬ ‫وتقدمي العمل كما تريده حتققه بشكل أفضل عندما‬ ‫ً‬ ‫ممثال أم مخرج ًا؟‬ ‫تكون‬ ‫بليبلو‪ :‬إج ��ادة ال ��دور حتسها عندما يُ�ق��دم ل��ك ن��ص جيد‬ ‫وعندما حتب الشخصية وتعيشها وتخلص العمل في أدائها‬ ‫وأنا أخرجت أكثر من عمل إلى جانب التمثيل وبصراحة لو‬ ‫وجدت املخرج الذي ينفذ ما يريده العمل برؤية جميلة فأنا‬ ‫سأهتم بجانب التمثيل وسيكون عطائي منصباً على األداء‬ ‫ولن أثقل كاهلي باالهتمام بكل شخصيات العمل‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬م��ا ه��ى أب��رز الصعوبات التي ت��واج��ه الفنان‬ ‫الليبي؟‬ ‫بليبلو‪ :‬الصعوبات التي تواجه املواطن الليبي لكي يقدم كل‬ ‫ما لديه تكمن في االمكانيات املادية وكذلك األمر ينسحب‬ ‫على الفنان الليبي فهو أوالوأخ �ي��راً مواطن قبل أن يكون‬ ‫فناناً‪ ،‬وهو يعاني قلة االمكانات وال توجد أية حوافز لديه‬ ‫ويعمل بدون بنية حتتية فنية ‪ ،‬الفنان الليبي يحتاج إلى الدعم‬ ‫املادي واملعنوي وبشكل فوري حتى يستطيع أن يقدم كل ما‬ ‫لديه ويكون في املوعد دائماً‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬مل����اذا ف��ي راي����ك ال��ف��ن ال��ل��ي��ب��ي ل��م ي��رت��ق إل��ى‬ ‫املستوى املطلوب مقارنة ب��دول عربية ب��دأت حديث ًا‬

‫لكنها سبقتنا فني ًا؟‬ ‫بليبلو‪ :‬الفن في ليبيا لم يخرج من كنف احمللية ولم يصل‬ ‫إلى احمليط اإلقليمي على األقل بسبب عدة عوامل منها عدم‬ ‫وج��ود شركات انتاج ‪ ،‬وأيضاً نعاني من أزم��ة نص متكامل‬ ‫وسيناريو وح��وار والدولة منذ زمن غير مهتمة بهذا املجال‬ ‫‪ ...‬على الدولة أن تنشئ املعاهد الفنية وأن تهتم باجلانب‬ ‫الفني األكادميي وأن تبني املسارح ودور العرض وأن تدعم‬ ‫الفنان الليبي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬رم��ض��ان على األب���واب ه��ل سنشاهد حمزة‬ ‫بليبلو في هذا الشهر الفضيل؟‬ ‫بليبلو‪ :‬لو حالفنا الوقت أنا وزمالئي لدينا مسلسل ديرو حل‬ ‫في جزئه الثالث سنحاول أن نقدم هذا العمل الذي سيسلط‬ ‫الضوء ح��ول العديد من املشاكل التي يعاني منها املواطن‬ ‫الليبي سواء املوجود في مدينته أو الضيف على مدينة أخرى‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما ال��ذي ي��ود أن يحققه حمزة بليبلو على‬ ‫الصعيد الفني ؟‬ ‫بليبلو‪ :‬لدي طموح كبير في حتقيق ذاتي فنياً وأن أسهم في‬ ‫إثبات وجود السينما الليبية في الساحة العربية ‪ ،‬كما أريد‬ ‫ان أنبه املسؤول إلى ض��رورة حتمل مسؤوليته جتاه الوطن‬ ‫وأداء واجبه دون تقصير‪ ..‬أري��د أن أق��وم بتجربة إخراجية‬ ‫لي اإلمكانيات‪..‬‬ ‫ثالثة علی التوالي لو توفرت ّ‬ ‫املستقل ‪ :‬كلمة أخيرة‪:‬‬ ‫بليبلو‪ :‬أشكرك وفي اخلتام أقول بصوت عالي وبدون خوف‬ ‫«للناس املسؤولة» أن ليبيا واحدة وال تقبل القسمة علی ثالثة‪.‬‬


‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫ثقافة‬ ‫‪‎‬فدوى ومرفت‪..‬‬ ‫«اتنين في واحد»‬

‫‪‎‬رصد الوجه‬

‫‪‎‬متابعة‪ :‬علي خويلد‬

‫فدوى رمضان‬

‫مرفت شاذلي‬


‫‪‎‬حتت عنوان «اتنني في واحد» تستضيف‬ ‫قاعة «جرانت» للفنون بشارع اجلمهورية‬ ‫معرضا جديدا للفنانتني «فدوى رمضان»‬ ‫و «مرفت شاذلي» حيث تقدم كل فنانة‬ ‫جت��رب��ة ل��ون�ي��ة ج��دي��دة ف��ي ف��ن التصوير‬ ‫لتتكامل الرؤى داخل معرض فني واحد‪.‬‬ ‫‪‎‬تقدم الفنانة ف��دوى رم �ض��ان مجموعة‬ ‫من اللوحات التي تهتم خاللها بالعنصر‬ ‫االنساني (الوجه) بحيث تعكس حاالت‬ ‫م �ت �ن��وع��ة م ��ن االن� �ف� �ع ��االت ل ��وج ��ه ف �ت��اة‬ ‫صغيرة تتسم مالمحها بالبراءة والهدوء‬ ‫مستخدمة أل��وان �اً مشرقة م��ن األصفر‬

‫واألزرق في درجات متفائلة‪.‬‬ ‫‪‎‬تعد هذه التجربة هي الثانية لفدوى في‬ ‫رص��د امل�لام��ح وال�ل��ون بعد م�ش��وار طويل‬ ‫لها مع التجريد والرسم (أبيض وأسود)‪,‬‬ ‫وح��ول ه��ذه التجربة تقول الفنانة‪ :‬الفن‬ ‫ميدان للتجارب والكشف واالكتشاف من‬ ‫خالل تقنيات وثقافات متنوعة‪ ،‬وال يجب‬ ‫أن يقتصر الفنان على اجتاه واحد طيلة‬ ‫حياته‪ ,‬يجب أن يكون مرناً بحيث ينهل‬ ‫ويصب في وم��ن بقية الفنون والثقافات‬ ‫‪ ..‬على ال�ف�ن��ان أن يبحث وي �ج��رب حتى‬ ‫يجد نفسه في مسار بعينه ‪ ..‬لقد بدأت‬ ‫التصوير عام ‪ 2009‬بعدما أقمت العديد‬ ‫من املعارض الفردية في الرسم (جتريد)‪,‬‬ ‫ك�م��ا ش��ارك��ت ف��ي ال �ع��دي��د م��ن امل �ع��ارض‬ ‫القومية وال��دول�ي��ة وح�ص��دت العديد من‬ ‫اجل ��وائ ��ز ال��ه��ام��ة‪ ,‬وه� ��ذه ه ��ي ال�ت�ج��رب��ة‬ ‫الثانية لي على مستوى رص��د الوجوه ‪..‬‬ ‫وعلى مستوى العرض الثنائي مع الفنانة‬ ‫«مرفت شاذلي» حيث كان العرض األول‬ ‫ل�ن��ا ب��ال�ت�ش��ارك ف��ي ن�ف��س ال�ق��اع��ة بنفس‬ ‫امل��وع��د م��ن ال �ع��ام امل��اض��ي‪ ,‬وق��د اخترنا‬ ‫«اتنني في واحد» عنواناً حيث لكل فنانة‬ ‫رؤية مستقلة عن األخري‪ ,‬أنا أختار الوجه‬ ‫في اطار تعبيري جتريدي في حني تلتزم‬ ‫هي باجتاهها في التعبيرية الشعبية‪ ,‬كالنا‬ ‫يلتزم بطرحه ليحدث حالة من التكامل‬ ‫االبداعي في اطار واحد من املشاهدة‪.‬‬ ‫‪‎‬بينما ت �ت �ج��ه أع� �م ��ال ال �ف �ن��ان��ة «م��رف��ت‬ ‫املنحى األكادميي بني ما هو‬ ‫شاذلي» ذات‬ ‫َ‬ ‫موروث من التراث وبني معاجلات خاصة‬

‫ابتكرتها الفنانة لتضفي إليها مزيدا من‬ ‫الثراء التشكيلي‪ ,‬فهي ترصد لنا عددا‬ ‫من احلواديت أو احلكايات املستلهمة من‬ ‫التراث الشعبي والنوبي‪ ,‬كأنها حتيلنا إلى‬ ‫مسلسل من حلقات تفصيلية توظف لها‬ ‫أبطاال وعناصر بشكل بالغ اخلصوصية‪,‬‬ ‫فنالحظ أشخاصا وعناصر (السمكة_‬ ‫الطائر_ ال��رج��ل_ امل��رأة_ الثعبان)‬ ‫وه� ��ى ع �ن��اص��ر اس �ت �خ��دم��ت ف ��ي أغ �ل��ب‬ ‫لوحاتها مع اختالف التوظيف‪.‬‬ ‫‪‎‬كما اع�ت�م��دت ال�ف�ن��ان��ة ع�ل��ى ال�ب�ح��ث في‬ ‫أغ���وار احل�ك��اي��ة ح�ي��ث ت�ت��داخ��ل ال�ع��وال��م‬ ‫لديها وكأنها أشبه مبحاولة دائمة منها‬ ‫الستدعاء املوروث واسترجاعه من خالل‬ ‫سلسلة أعمال متتالية‪ ...‬قد تبدو مكررة‬ ‫فى ظاهرها‪ ,‬لكن هذا التكرار يعد مبثابة‬ ‫محاولة جديدة لتوطيد وترسيخ املوروث‬ ‫ل��دي �ه��ا ب �ش �ك��ل أك �ث��ر إي� �ج���ازاً وس��رع��ان‬ ‫م��ا ي�ت�ح��ول ه��ذا امل� ��وروث إل��ى معاصرة‬ ‫وحتديث من خ�لال مجموعتها األخيرة‬ ‫ال �ت��ي أح �ت��ل ال��رج��ل ف�ي�ه��ا دور البطولة‬ ‫‪ ..‬إنها فنانة ت�ق��اوم النسيان واإله�م��ال‬ ‫باإلصرار واإلحلاح على حضور رموزها‬ ‫ف��ى معاجلات لونية شكلية حتيلنا ت��ارة‬ ‫إل��ى رص��ان��ة الفنان ع�ب��دال�ه��ادي اجل��زار‬ ‫في تكوينه‪ ,‬وتارة أخرى إلى رقة الفنان‬ ‫حامد ندا وتبسيطه ودراميته في توظيف‬ ‫العناصر مع احتفاظها بخصوصيتها فى‬ ‫اختيار املشاهد وترتيبها بالشكل الذي‬ ‫ي��ؤك��د ل �ه��ا ح �ض��ورا م�ت�م�ي��زا ف��ي ب ��اديء‬ ‫ونهاية األمر‪.‬‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫الفنان «مصطفى الشيخ» ينفي سرقة‬ ‫مسرحية هدرزة‬

‫انتظر «الشريمة»‬ ‫فنان جمع بني الهواية واالحتراف و النضال املسرحي ليقدم‬ ‫كل ماهو مفيد ويخدم محيطه ‪ ..‬استطاع التقلب بني أدواره‬ ‫في األعمال املسرحية و التلفزيونية املختلفة ‪ ..‬تعامل مع‬ ‫مخرجني وممثلني كبار على الساحة احمللية ‪ ..‬يعمل في‬ ‫صمت و ال يحب األض���واء ‪ ..‬يعتبر أح��د املمثلني الشباب‬ ‫ال��ذي��ن استطاعوا مب��ه��ارة وجت��رب��ة أن يجعلوا م��ن انفسهم‬ ‫وسيلة ات��ص��ال فعالة وم��ؤث��رة على خشبة امل��س��رح‪ ,‬تربط‬ ‫املشاهد بهم‪ ،‬ملا يقدمونه من رسالة حقيقية حتمل معاناة‬ ‫وه��م��وم ك��ل م��ن جلس أمامهم أث��ن��اء ال��ع��رض أو حتى خلف‬ ‫الشاشات‪.‬‬ ‫ه���ذا ه��و ال��ف��ن��ان ال��ش��اب «مصطفى ال��ش��ي��خ» م��وال��ي��د ‪1980‬‬ ‫متحصل على درجة البكالوريوس من كلية الفنون واإلعالم‬ ‫قسم امل��س��رح ‪ ..‬دخ��ل الكلية لغرض احل��ص��ول على شهادة‬ ‫تخرج لعلها تنقذه في احلصول على وظيفة وليس لغرض‬ ‫التمثيل ‪ ..‬ف��ي السنة الثانية بقسم امل��س��رح ب��دأ يكتشف‬ ‫موهبته وحبه لهذا الفن‪ ,‬فبمساعدة ونصائح أساتذته زاد‬ ‫شغفه ملعرفة امل��زي��د ع��ن ه��ذا العالم خصوص ًا وأن ك��ل من‬ ‫شاهده أثنى على قدراته وموهبته في التمثيل ‪ ..‬بدأ احللم‬ ‫يكبر معه في فترة الدراسة إلى أن وصل للسنة الرابعة حيث ألتحق بالفرقة الوطنية للتمثيل‬ ‫واملوسيقى ووجد كل ترحاب من اعضائها متيحني له فرصة االنضمام للفرقة‪،‬مع إسناد أول‬ ‫دور له في عالم املسرح‪ ،‬وجنح في املهمة وكان محط انتباه العديد منهم‪ ,‬ومن خاللهم كانت‬ ‫االنطالقة‪ ،‬حيث شارك في العديد من األعمال املسرحية وفي املهرجانات احمللية والعربية‬ ‫باإلضافة ملشاركته في أعمال درامية مسموعة ومرئية وكذلك املنوعة منها (منا وفينا‪-‬وسع‬ ‫بالك ـ الكاميرا اخلفية ‪ -‬دبير وتبيعت ‪-‬شوف وتعلم ‪-‬على اخلير يابالدي‪-‬ابتسامات مرئية‪-‬‬ ‫مسلسل قبل فوات اآلوان‪-‬مسلسل رياح العواطف‪-‬مسلسل الصراع‪-‬ليبيات‪-‬يومياتي‪-‬سهرة‬ ‫مرئية «أمل» وعادل سهرة مرئية‪ ،‬صورة طبق االصل)‪ ,‬أما األعمال املسرحية للشيخ (هجم‬ ‫التتار‪-‬القاتالت‪-‬ربيع متأخر‪-‬شن فيه ش��ن صار‪-‬حتية فنية ج��دا‪-‬ه��ذا اللي صار‪-‬ليله‬ ‫بالطبيلة‪-‬داك ودواك)‪ ,‬كما ألف وأخ��رج بعض املسرحيات منها مسرحية (ه��درزة ‪ -‬ليلة‬ ‫وفراقها صبح ‪ -‬كل شي في الطبق) ‪ُ ..‬توج كأفضل ممثل سنة ‪ 2005‬بكلية الفنون واإلعالم‪,‬‬ ‫وحتصل على جائزة ثاني أفضل ممثل في املهرجان اجلامعي لسنتني على التوالي‪.‬‬ ‫الفنان مصطفى الشيخ ضيف املستقل الفني في هذا العدد لنتعرف عنه أكثر وعن احلركة‬ ‫املسرحية بشكل عام‪.‬‬

‫حوار‪ :‬علي خويلد‬


‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬ح��دث��ن��ا ق��ل ً‬ ‫��ي�لا ع��ن مصطفى ال��ش��ي��خ وك��ي��ف دخ��ل‬ ‫التمثيل ومن صاحب الفضل في استمراره؟‬ ‫الشيخ‪ :‬بدايتي كانت من كلية الفنون واإلعالم قسم املسرح وأنا في‬ ‫بداية السنة األولي من دراستي لم أكن احب املسرح وحتى دخولي للكلية‬ ‫كان ملجرد احلصول على شهادة فقط‪ ,‬ولكن في السنة الثانية بدأت‬ ‫الرغبة في الدراسة وحالة العشق للمسرح‪ ,‬وكان األساتذة في الكلية‬ ‫حريصني جداً على املنهج وعلى تعليم الطالب وهم الذين حببوني في‬ ‫املسرح وهم أول الناس الذين قالوا لي (يا مصطفى أنت ستصبح ممثل‬ ‫كويس في املسرح) ألن التلقائية واملوهبة موجودة‪ ,‬وفي بداية األمر‬ ‫أخذت املوضوع ببساطة ولكن في السنة الثالثة أصبحت أدرك موهبتي‬ ‫أكثر ومت ترشيحي من قِ بل االساتذة للمشاركة في عرض مسرحي مع‬ ‫طلبة السنة رابعة واحلمد لله كنت موفقاً في أدائي‪ ,‬وعندما انتقلت‬ ‫للسنة الرابعة التحقت بالفرقة الوطنية للتمثيل واملوسيقى‪ ،‬هذه الفرقة‬ ‫العريقة التي تأسست عام ‪ ،1951‬وعندما دخلت أول يوم للفرقة ‪،‬‬ ‫وجدت نخبة من الفنانني منهم الفنان الفاضل سالم الشريف والفنان‬ ‫أنور البلعزي‪ ،‬سالم العقيلي‪ ،‬عبد الرزاق الفرجاني‪ ،‬الصادق قصيعة‬ ‫والصحفى فوزي املصباحي ووجدتهم يعملون على مسرحية بعنوان‬ ‫«حتية فنية جداً» كانت من بطولة ساملة الدكتور وسالم العقيلي وعبد‬ ‫الرزاق الفرجاني وعفاف وعلي بهيج وأسند لي دور في هذا العمل‪,‬‬ ‫وبصراحة وجدت ترحاباً كبيراً منهم وعندما عرفوا بأنني طالب في‬ ‫قسم املسرح في السنة الرابعة ‪ ،‬زادت الفرحة عندهم‪ ,‬واما بالنسبة‬ ‫لصاحب الفضل في استمراري بعد الله سبحانه وتعالى هي الفرقة‬ ‫الوطنية للتمثيل واملوسيقى واألستاذ الفاضل سالم الشريف والفنان‬ ‫أنور البلعزي‪.‬‬ ‫املستقل‪« :‬ربيع متأخر» و «حتية فنية جدا» كانا اول عملني‬ ‫تشارك فيهم‪ ,‬األول اكادميي والثاني للمهرجان‪ ,‬كيف تصف‬ ‫هاتني التجربتني خصوص ًا بأنهما كانا امام حضور عمالقة الفن‬ ‫الليبي وجمهور غفير وجلنة تقييم؟‬ ‫الشيخ‪ :‬فع ً‬ ‫ال هو أول ظهور لي أمام اجلمهور كان مبسرحية «ربيع‬ ‫متأخر» وهذه املسرحية كانت مشروع تخرجي‪ ,‬وفي اليوم الثاني كانت‬ ‫مسرحية «حتية فنية جداً» وبصراحة بالنسبة ملسرحية ربيع متأخر‬ ‫كانت هناك رهبة من كل النواحي من ناحية اللغة العربية ومن ناحية‬ ‫وقوفي ألول مرة على خشبة مسرح الكشاف وهو مسرح احملترفني‬ ‫باإلضافة للجمهور الذي كان ميأل املكان‪ ,‬واألكثر صعوبة هم الفنانني‬ ‫العمالقة املوجودين أمامك وكانت مسؤولية بالنسبة لي‪ ,‬أما مسرحية‬ ‫«حتية فنية جداً» كان العرض باللهجة العامية «الدارجة» ودوري فيها كان‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫في سنتي األولى بكلية الفنون لم أحب املسرح‬ ‫الفرقة الوطنية وسالم الشريف وأنور البلعزي‬ ‫أصحاب الفضل في استمراري بالفن‬ ‫أول ظهور أمام اجلمهور كان في مسرحية‬ ‫«ربيع متأخر»‬ ‫أنا ضد االرجتال إذا كان الغرض منه إبراز قدراتي‬ ‫على حساب ممثل أخر‬ ‫احلركة الفنية في الوقت احلالي متراجعة جد ًا‬ ‫في اإلخراج تعلمت كثير ًا من البلعزي‬ ‫والورشفاني والزنتاني‬

‫شخصية رجل مسن وفي نهاية عمره وكان عم ً‬ ‫ال كوميدياً‪ ،‬وبصراحة‬ ‫اعتبره ٍ‬ ‫حتد كبير في تلك الفترة والكل صفق في نهاية العرض‪ ،‬والتهاني‬ ‫التوصف‪ ،‬والثناء على أدائي اعطاني حافزاً كبيراً لالستمرار‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬في بعض مسرحياتك ترجتل‪ ,‬واملعروف بأن االرجتال‬ ‫فن من فنون إشادة العرض املسرحي‪ ,‬فهل برأيك االرجتال له‬ ‫عالقة بطبيعة احلوار والتدريب وكثرة مالحظات املخرج أم‬ ‫بقوة شخصية املمثل وثقته بنفسه أم هو موهبة ؟‬ ‫الشيخ‪ :‬بالنسبة لالرجتال ضروري أن يكون في محله أثناء العرض‪,‬‬ ‫مبعنى انقاذ موقف معني أو سرعة البديهة والتلقائية عند املمثل اثناء‬ ‫مغالطة أحد زمالئه سواء كان اخلطأ في احلوار أو احلركة أو تأخر‬ ‫دخ��ول ممثل أخر في وقته احمل��دد ألي ظ� ٍ‬ ‫�رف ك��ان‪ ,‬فاملسرح يوجد‬ ‫به أخطاء واجلميل أن املشاهد العادي ال يعرف مكان اخلطأ أثناء‬ ‫العرض إال احملترفني طبعاً‪ ,‬وأنا من وجهة نظري أو من خالل دراستي‬ ‫لالرجتال فعندما تكون في فترة تتدرب مع زمالئك على حوارات معينة‬ ‫وفي يوم العرض ترجتل!! فهذا اعتبره خطأ فادح وضعف واضح أو أنك‬ ‫تتفوه بعبارات ساخرة على زميلك لتضحك اجلمهور وهذه العبارات‬ ‫ليست من ضمن النص‪ ,‬فهذا تهريج وسخرية وال يستحق كلمة فنان‬ ‫ألنه على حساب زميله يريد أن يبرز نفسه ‪ ..‬ولكن االرجتال احلقيقي‬ ‫هو انقاذ موقف معني اثناء العرض وهذا يدل على قوة شخصية املمثل‬ ‫وموهبته وأخالقه كفنان‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬بعض األعمال املسرحية كنت املؤلف واملخرج واملمثل‪,‬‬ ‫فهل تشاركني الرأي لو قلت بأن هذا األسلوب جزء من تردي‬ ‫احل��رك��ة املسرحية ف��ي ليبيا ل��و استمر؟ مبعني ن��ت��رك لكل‬ ‫شخصتخصصه!‬ ‫الشيخ‪ :‬بالنسبة للفنان أن يكون املؤلف واملمثل واملخرج اعتقد هذا‬ ‫صعب جداً واملفترض أن ال يكون‪ ,‬وأما بالنسبة لي كنت مؤلفاً ومخرجاً‬

‫ولست ممث ً‬ ‫ال في األع�م��ال التي اكتبها وأخرجها‪ ,‬فلو ك��ان كل من‬ ‫يكتب ويخرج وميثل فهذا بالتأكيد سيؤدي إلى التأخر وعدم التقدم‬ ‫الن االفكار وامل��دارس مختلفة فإذا كتب وخرج ومثل يعني رأيه هو‬ ‫الصح وكل اآلراء األخرى ال يقتنع بها ألنه يرى رائه هو الصائب‪ ,‬والكن‬ ‫احياناً الكاتب رأيه يختلف عن املخرج واملخرج كذلك وأيضاً حتى املمثل‬ ‫له رأي في بعض األحيان ‪ ..‬واملفروض الكاتب كاتب واملخرج مخرج‬ ‫واملمثل ممثل ولكن المينع من جتربة أو اثنتني؛ أن تكتب وتخرج عم ً‬ ‫ال‬ ‫أنت وفنانني أصدقاءك‪ ,‬فالتجربة ليست مشكلة فكلها جتارب تصب‬ ‫في اخلبرة واالستمرارية واالستفادة‪ ,‬ورغم كل هذا أنا معك في رأيك‬ ‫فلو استمر هذا سيؤدي لرجوع احلركة الفنية للخلف بالرغم أنها في‬ ‫الوقت احلالي متراجعة جداً نتيجة االحداث داخل البالد‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬قدمت العديد من املسرحيات اجليدة ولكل بالتأكيد‬ ‫ه��ن��اك ع ً‬ ‫��م�لا ت��ش��ع��ر ب��أن��ه األق�����رب ملصطفى ال��ش��ي��خ وأي��ض�� ًا‬ ‫للجمهور؟‬ ‫الشيخ‪ :‬الكثير من االعمال أعتز بها ألن كل مسرحية بشخصية‬ ‫معينة وبعيدة كل البعد عن الشخصية األخرى وألن لكل كاتب ومخرج‬ ‫رؤية وخيال الينطبق مع اآلخرين وبهذا تكون دائماً الشخصيات في‬ ‫العمل مختلفة‪ ,‬فمث ً‬ ‫ال مسرحية «هذا اللي صار» تأليف الصيد النايلي‬ ‫وإخراج أنور البلعزي والعمل االخر بعنوان «داك ودواك» تأليف وإخراج‬ ‫نصر الدين الورشفاني والعمل الثالث «ليلة وفراقها صبح» تأليف عبد‬ ‫احلميد الشتيوي وإخراج عصام الزنتاني‪ ,‬فهذه املسرحيات لن تنسى‬ ‫من ذاكرتي‪ ,‬أما بالنسبة للجمهور‪ ،‬فقد تفاعل مع كل هذه املسرحيات‬ ‫بشكل كبير واحلمد لله‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬تتعاقب على خشبة امل��س��رح أج��ي��ال م��ن املمثلني‬ ‫واملخرجني واملؤلفني‪ ،‬فمن هم الذين ترى نفسك امتداد ًا لهم؟‬ ‫وكيف تقارن املسرح زمان بالوقت احلالي؟ وأيهما اصدق؟‬


‫الشيخ‪ :‬بالنسبة ملوضوع االمتداد ألشخاص معينني ال أعلم بصراحة‪,‬‬ ‫ولكن في مجال االخراج املسرحي تعلمت كثيراً من أنور البلعزي وناصر‬ ‫الورشفاني وعصام الزنتاني الن كل واحد منهم يعطيك رؤية مختلفة‪،‬‬ ‫تستطيع التعلم منها وتبني عليها رؤيتك اخلاصة‪ ,‬أما بالنسبة للممثلني‬ ‫هناك العديد بصراحة منهم عياد الزليطني ومصطفى املصراتي‬ ‫وسعد اجلازوي وفتحي كحلول وعبداملجيد امليساوي وباسط بوقندة‬ ‫وخالد كافو وغيرهم الكثير‪ ,‬وبصراحة جميعهم قدموا للفن الليبي ك ً‬ ‫ال‬ ‫حسب استطاعته وقدرته‪.‬‬ ‫وفيما يخص املقارنة مابني املسرح زمان واملسرح احلالي فالفرق واضح‬ ‫آلن املسرح في فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات كان مسرحاً‬ ‫مملوءاً باألعمال واملهرجانات واملشاركات الداخلية واخلارجية وكان‬ ‫يضم اعداد كبيرة من املمثلني والفرق املسرحية مثل الفرقة القومية‬ ‫والفرقة الوطنية واملسرح احلر واملسرح اجلديد وفرقة األنوار وفرقة‬ ‫اجليل الصاعد وغيرها‪ ,‬فجميعهم كانوا منشغلني بإنتاج األعمال‬ ‫واملنافسة الشريفة وكانت منافسات بريئة وصادقة وك��ان اجلمهور‬ ‫على تواصل مع هذه األعمال‪ ,‬أما في السنوات األخيرة‪ ،‬بدأ املسرح‬ ‫في التراجع وحصلت فجوة كبيرة مابني املسرح واجلمهور والسبب‬ ‫قلة األعمال املسرحية ورمبا يكون السبب من املمثل أو إدارة الفرق‬ ‫املسرحية أو ال ُكتاب باإلضافة لقلة الدعم املادي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل بإمكان الفنان تغيير مفاهيم الغرب عن العرب‬ ‫بواسطة املسرح؟ وكيف؟‬ ‫الشيخ‪ :‬بالتأكيد يستطيع املمثل على خشبة املسرح تغيير مفاهيم‬ ‫الغرب عن العرب سواء على مستوى الديانات أو التاريخ أو العبادات أو‬ ‫غيرها وذلك بتنفيذ أعمال مسرحية توضيحية بلغة املسرح عن طريق‬ ‫عمل يكون محبوك حبكة فنية جميلة ومنطقية س��واء كان باحلوار‬ ‫املباشر أو غير املباشر أو عن طريق احلركات اجلسدية لتوصيل فكرة‬

‫معينة أو موضوع معني‪ ,‬وما احوجنا ملثل هذه األعمال لتغيير بعض‬ ‫املفاهيم اخلاطئة عند الغرب وتوضيح الشكل احلقيقي للدول العربية‬ ‫عام ًة واإلسالمية بشكل خاص‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬بعيد ًا عن املعنى الديني‪ ,‬يقال باملعنى االجتماعي‬ ‫أن املسرح مقدس! هل ُتفسر لنا كيف يستطيع املمثل ان يجعل‬ ‫املسرحمقدس ًا؟‬ ‫الشيخ‪ :‬املسرح مقدس فع ً‬ ‫ال ‪ ..‬واملمثل يستطيع ان يجعل املسرح‬ ‫مقدساً فمث ً‬ ‫ال على املمثل ان يحافظ على نظافة قاعاته بشكل يومي‬ ‫وعدم التدخني فوق اخلشبة‪ ,‬وعدم الصعود على الركح عندما التكون‬ ‫هناك تدريبات ألن املسرح رسالة سامية لكل شخص‪ ,‬وألن كل عمل‬ ‫مسرحي هو عبارة عن فكرة وموضوع تود إرساله للمشاهد بشكل‬ ‫مباشر أو غير مباشر‪ ,‬وهو «أستاذ الشعوب» و منبر يستطيع املمثل من‬ ‫خالله ان يقوم بتوصيل صوت الشعب أويعبر عن آالمه ضد أصحاب‬ ‫القرار في احلكومات أو األحزاب وغيرهم‪ ,‬فعندما نحافظ على مبدأ‬ ‫الثقافة والرسالة التي نحملها من خالل املسرح يكون فع ً‬ ‫ال املسرح‬ ‫مقدساً عند اجلميع‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هناك فنان شاب قال بأن مسرحية «هدرزة» مقتبسة‬ ‫من فكرة إحدى مسرحياته التي كان قد كتبها ملخرج معروف‪,‬‬ ‫مباذا ترد؟‬ ‫الشيخ‪ :‬بالنسبة ملسرحية «ه��درزة» هي من تأليفي وإخراجي صح‪,‬‬ ‫ولكن ان يأتي أحد ويقول بأنها مقتبسة أو (خانبها) فهذا كالم غير‬ ‫صحيح (واللي عنده اثبات ايجيني بيه) ولكن هي مجموعة أفكار منها‬ ‫من مخيلتي ومنها من بعض الشباب املشاركني في العمل‪ ,‬واستطعت‬ ‫جتميع كل هذا االفكار وربطها وترتيبها سواء بالكتابة أو باإلخراج‬ ‫وليس من أخالقي أخذ أو سرقة فكرة غيري وأنسبها لصاحلي فهذا‬ ‫مستحيل‪ ،‬ألن اخالق الفنان أكبر من كل هذه التصرفات الصبيانية‪.‬‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫حوار‬

‫املستقل‪ :‬كيف ترى اختيار الفنان القدير «فتحي كحلول» على‬ ‫رأس إدارة املسرح الوطني طرابلس؟‬ ‫الشيخ‪ :‬اختيار الفنان القدير فتحي كحلول اعتبره اختياراً موفقاً بكل‬ ‫معنى الكلمة‪ ،‬فالرجل املناسب في املكان املناسب‪ ,‬وأنا متأكد بأننا‬ ‫سنشهد نهوض للحركة املسرحية داخل طرابلس واألستاذ فتحي كانت‬ ‫له جتربة في االدارة فيما سبق والكل أثنى على التاريخ الذي صنعه‬ ‫طيلة فترة إدارت��ه‪ ,‬وكنت امتنى لو كان القرار منذ سنتني ولكن حتى‬ ‫هذه الفترة تعتبر مهمة جداً ونتمنى للقدير فتحي كحلول كل التوفيق‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬من املسرح للدراما ‪ ..‬كان لك أول ظهور تلفزيوني من‬ ‫خالل مسلسل «قبل فوات اآلوان» حدثنا عن العمل؟ وما هي‬ ‫الصعوبات التي واجهتك خصوص ًا وأنها التجربة األول��ى لك‬ ‫درامي ًا؟‬ ‫الشيخ‪ :‬طبعا كان أول عمل درامي كبير أشارك فيه وهو من تأليف‬ ‫الفنان القدير مصطفى املصراتي وإخ ��راج محمد الزنتاني‪ ,‬ومن‬ ‫رشحني لشخصية «عادل» في املسلسل األستاذ مصطفى املصراتي‪,‬‬ ‫واتصل بي الفنان اجلميل أي��وب القيب وق��ال ب��أن الفنان مصطفى‬ ‫يريدني‪ ,‬وعندما ذهبت له استقبلني بشكل رائع وقال هذه فرصتك وأنا‬ ‫أراهن بك أنت وبعض الشباب‪ ,‬إما (ترفعوا الراس أو الفرصة راحت)‬ ‫قلت له إن شاء الله خير وطلبت منه ان اكون في اخلدمات االنتاجية‬ ‫قال لي ملاذا؟ قلت اوالً لكي أحضر تصوير كل حلقات املسلسل وثانياً‬ ‫اشاهد كل املمثلني سواء الكبار أو الشباب وأتعلم من أخطاء اآلخرين‪,‬‬ ‫وثالثاً اتعود على الكاميرا وأع��رف أن��واع اللقطات وال أري��د مقاب ً‬ ‫ال‬ ‫مادياً‪ ,‬فضحك الفنان مصطفى املصراتي وقال (حيصير منك ياولد)‬ ‫والتحقت بالعمل وبصراحة تعلمت منه الكثير سواء في التمثيل أو تفريغ‬ ‫املشاهد (والراكورات) والتفاصيل‬ ‫البسيطة‪ ,‬وك��ان مساعد املخرج‬ ‫األستاذ شاكر بوجراد والذي هو‬ ‫أيضاً تعلمت منه أشياء أفادتني‬ ‫كثيراً في مسيرتي‪ ,‬أم��ا املخرج‬ ‫محمد ال��زن �ت��ان��ي ف �ك��ان األك�ث��ر‬ ‫ن�ص�ح�اً س� ��واء ف��ي االخ � ��راج أو‬ ‫االلتزام أو األداء‪ ,‬وطبعاً مصطفى‬ ‫امل �ص��رات��ي ك ��ان دائ��م��اً املشجع‬ ‫واملساند لنا‪ ,‬وال أنسى املصور‬ ‫ال��راق��ي محمد امل�ص��رات��ي ال��ذي‬ ‫كان دائما يعلمني كيفية الصورة‬ ‫وكيفية التعامل مع الكاميرا وزوايا‬ ‫التصوير ف��ي امل�ش�ه��د‪ ,‬واحلمد‬ ‫لله ع��رض املسلسل ون��ال نسبة‬ ‫م �ش��اه��دة ك�ب�ي��رة ون���ال إع�ج��اب‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫وبالنسبة للصعوبات في مسلسل‬ ‫قبل ف��وات االوان كانت بسيطة‬ ‫ب �ص��راح��ة ألن� ��ك داخ � ��ل ك��وك�ب��ة‬ ‫فنية مخضرمة في هذا املجال‬ ‫ولم أشعر بأنني غريب عنهم أو‬ ‫أش�ع��رون��ي بأنني الزل��ت مبتدئاً‬ ‫وه��ذا العمل األول ال��ذي اشارك‬ ‫فيه بل على العكس فحتى عندما‬

‫أُخطئ لم اشعر بانزعاجهم وكنا مبثابة اآلسرة الواحدة وهذا رمبا هو‬ ‫سبب جناح العمل‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬البعض يقول بأن غياب الدراما سببه عدم وجود‬ ‫النص اجليد بينما البعض األخ��ر يرى بأن الدعم امل��ادي هو‬ ‫السبب الرئيسي لنجاح أي عمل‪ ,‬فما رأيك؟‬ ‫الشيخ‪ :‬سبب غياب األعمال الدرامية أوالً نقص ُكتاب القصة الواقعية‬ ‫(اللي الناس محتاجتها) مثل مسلسل العمارة والتيار فاألعمال الليبية‬ ‫البسيطة اجلميلة بصورة درامية تلمس أوجاع املواطن وحياته‪ ,‬واألمر‬ ‫االخر الدعم املادي ضروري جداً فأى عمل درامي ضخم ضروري من‬ ‫الدعم امل��ادي لتغطية مصاريفه‬ ‫ب �ص��ورة كاملة ليصل للمشاهد‬ ‫بالشكل املطلوب واملفيد‪ ,‬وأم��ا‬ ‫إذا قارنا مابني ال ُكتاب او الدعم‬ ‫املالي فأرى انا الدعم املادي ألنه‬ ‫هو من يدفع الكاتب إلى الكتابة‬ ‫واملثابرة‪.‬‬ ‫امل���س���ت���ق���ل‪ :‬م����ن ال��ش��خ��ص��ي��ة‬ ‫ال��درام��ي��ة ال��ت��ي تشعر بأنها‬ ‫مقنعة في أدائها وتختلف عن‬ ‫غيرها؟ من اجلنسني أقصد؟‬ ‫ال��ش��ي��خ‪ :‬بالنسبة للشخصيات‬ ‫الدرامية من وجهة نظري املقنعة‬ ‫هم (مهيبة جنيب ‪ -‬زبيدة قاسم‬ ‫ م�ح�م��د ب ��ن ي��وس��ف ‪ -‬ع�ي��اد‬‫ال��زل�ي�ط�ن��ي ‪ -‬محمد ع�ث�م��ان ‪-‬‬ ‫مصطفى املصراتي ‪ -‬لبنى عبد‬ ‫احلميد) ورمب��ا قد أك��ون نسيت‬ ‫بعضاً منهم أرجو ان يلتمسوا لي‬ ‫العذر‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬من أفضل املخرجني‬ ‫ال����ذي����ن وج�������دت راح�������ة ف��ي‬ ‫التعاملمعهم؟‬ ‫ال��ش��ي��خ‪ :‬ال��ذي��ن ت�ع��ام�ل��ت مهم‪،‬‬ ‫جميعهم مبدعون وتعلمت منهم‬

‫املسرح في السبعينات والثمانينات والتسعينات‬ ‫كان عامر ًا باألعمال واملهرجانات واملشاركات‬

‫الفجوة بني املسرح واجلمهور سببها قلة األعمال‬ ‫في الوقت احلالي‬ ‫أعمال مسرحية تساهم في‬ ‫ما أحوجنا إلى ٍ‬ ‫تصحيح املفاهيم اخلاطئة عن العرب‬

‫املصراتي رشحني لشخصية عادل ‪ ..‬والزنتاني‬ ‫األكثر نصح ًا في اإلخراج وااللتزام واألداء‬


‫الكثير ومنهم من اشتغلت معه مساعد مخرج‪ ..‬تعاملت مع املخرج‬ ‫محمد عاشور ومحمد الزنتاني ومحمد بلعم وعبد الرزاق بورونية وعبد‬ ‫السالم رزق وأبنه أسامة رزق‪ ,‬وبالنسبة ملساعد مخرج هو تشجيع من‬ ‫املخرج الكبير محمد بلعم واملخرج الفنان عبد الرزاق بورونية‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما بعد فترة الثورة كان هناك هجوم كبير من بعض‬ ‫الفنانني على شخصك وأيض ًا على الفنان محمد ك��ارة وفاحت‬ ‫املصراتي راف��ض�ين رجوعكم للمجال الفني‪ ,‬ولكن أعمالكم‬ ‫واجتهادكم فرض وجودكم‪ ,‬فمن هم الذين رفضوا مصطفى‬ ‫الشيخ فني ًا ما بعد فبراير؟‬ ‫الشيخ‪ :‬عذراً ‪ ..‬ليس لدي إجابة على هذا السؤال‪ ,‬ولننتقل إلى السؤال‬ ‫الذي يليه‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬أليس من ال��ض��روري عقد مصاحلة فنية لنبذ كل‬ ‫اخل�لاف��ات ب�ين الفنانني وط���وي صفحة امل��اض��ي إلج���ل بناء‬ ‫الدولة؟‬ ‫الشيخ‪ :‬من املفروض هذا الشيء ‪ ..‬ومن املخجل ان يتخاصم الفنان مع‬ ‫زميله الفنان وتصبح هناك فرقة وقطيعة بينهما بدالً من أن يكونوا‬ ‫يداً واحدة في كل احملن شرقاً وغرباً وشماالً وجنوباً‪ ,‬خصوصاً بأننا‬ ‫نحن املمثلني الليبيني عددنا بسيط جداً والبد من نبذ كل خالفاتنا‪,‬‬ ‫واحلمدلله الفترة األخيرة بدأت االمور تسير بشكل جيد بني الفنانني‪,‬‬ ‫واعتقد بأنهم تناسوا كل األمور املاضية واآلن همهم هو بناء الدولة‬ ‫ومؤسساتها والنهوض بالفن الليبي العريق‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما هي الشخصية التي تطمح بتجسيدها درامي ًا؟‬ ‫الشيخ‪ :‬أطمع في جتسيد شخصية متشرد ومسكني ومتسول‪ ,‬فهذه‬ ‫شخصية مركبة بالنسبة لي واملمثل أي دور يجسده‪ ,‬ولكن فع ً‬ ‫ال أي‬ ‫ممثل كان دائماً في ذهنه شخصية يتمنى لو تأتي له الفرصة لتجسيدها‬ ‫ويحقق إجنازاً لنفسه‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬حتصلت على العديد م��ن اجل��وائ��ز والتراتيب في‬ ‫مهرجانات مختلفة‪ ,‬فماذا أضافت لك تلك التتويجات ؟‬ ‫الشيخ‪ :‬شهائد التقدير واجل��وائ��ز والتراتيب التي حتصلت عليها‬ ‫اضافت لي دفعة معنوية لالجتهاد أكثر وتقدمي كل ما هو مفيد ويخدم‬ ‫الشارع الليبي‪ ,‬وكل مهرجان شاركت فيه حتصلت خالله على ترتيب‬ ‫أو شهادة تقدير‪ ،‬واحلمد لله أنا‬ ‫راض على نفسي‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫املستقل‪ :‬العدسة اخلفية ‪..‬‬ ‫ه��ذا البرنامج يحتاج لوجوه‬ ‫غ��ي��ر م��ع��روف��ة وت��خ��ت��ل��ف في‬ ‫كل موسم خصوص ًا تلك التي‬ ‫ت��ك��ون مشاهدها ف��ي ال��ش��ارع‬ ‫ال��ع��ام‪ ,‬أال تخشى ب���أن ُتتهم‬ ‫ف��ي��ه��ا ب��ال��ت��م��ث��ي��ل وال��ض��ح��ك‬ ‫على املشاهد مثلما حصل مع‬ ‫العديد من الفنانني؟‬ ‫الشيخ‪ :‬ك�لام سليم ‪ ..‬بالنسبة‬ ‫للكاميرا اخلفية هناك اشخاص‬ ‫قالوا ل��ي (معقولة ماعرفوكش‬ ‫ال �ن��اس ف��ي ال �ك��ام �ي��را اخل�ف�ي��ة)‬ ‫ف��امل��وض��وع ح�س��ب ال�ف�ك��رة اللي‬ ‫ستنفذها على الشخص س��واء‬ ‫مني أو م��ن أح��د زمالئي وهو‬

‫ليس بالضحك على املشاهد بالعكس فأنا احترق من أجله ومن أجل‬ ‫احلصول على ابتسامة منه! وفي احلقيقة يجب احترام املهنة ولهذا‬ ‫السبب اعتذرت في املوسم الرابع‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما جديدك هذه الفترة ؟‬ ‫الشيخ‪ :‬اجلديد هو عمل درامي لم ير النور بعد بعنوان «الشرمية»‬ ‫ومت تصويره العام املاضي من إخراج محمد بلعم وهذا العمل يشارك‬ ‫فيه أغلب الفنانني من مدينة طرابلس وهو عمل درامي يحاكي الشارع‬ ‫الليبي ومعاناته ويدخل للبيوت‬ ‫الليبية لينقل واقع احلياة اليومية‬ ‫مب�ش��اك�ل�ه��ا وه�م��وم�ه��ا وضحكة‬ ‫شبابها وأهاليها‪ ,‬وح��ال�ي�اً رمبا‬ ‫يكون هناك عمل لشهر رمضان‬ ‫املبارك ولكن لم تتضح الرؤية إلى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬مباذا تود أن نختم‬ ‫احلوار؟ وملن توجه رسالتك؟‬ ‫الشيخ‪ :‬رسالتي لكل الليبيني أن‬ ‫يحبون بالدهم وينسون أحقادهم‬ ‫ويلتفتون لليبيا احلبيبة‪ ,‬وع��ودة‬ ‫ك ��ل ال� �ن ��اس أله �ل �ه��م وب�ل�اده ��م‬ ‫وف��ي النهاية كلنا ليبيون س��واء‬ ‫كنا داخلها أو خارجها‪ (,‬نتمنى‬ ‫«اي�ح�ن��و»ا على بعضهم وينسوا‬ ‫املاضي ويحطوا ايديهم في ايدين‬ ‫بعض من أجل ليبيا ) ‪.‬‬

‫ما ينقص الدراما الليبية هم كتاب القصة الواقعية‬ ‫بورونية وبلعم هما من شجعاني على القيام‬ ‫مبهمة مساعد مخرج‬

‫أطمع في جتسيد شخصية متشرد ومسكني ومتسول‬ ‫اعتذرت عن الكاميرا اخلفية في املوسم الرابع‬


‫‪078‬‬ ‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫قرزة ‪ Girza‬مدينة أثرية ليبية عرفت بكونها مركز ًا حيوي ًا‬ ‫وشريان اتصال بني جنوب وشمال أويا (طرابلس)‪ .‬تقع على‬ ‫بعد ساعتني ونصف جنوب شرق العاصمة‪ ،‬و‪ 130‬كيلومتر‬ ‫جنوب شرق مدينة بني وليد‪.‬‬ ‫ي��ق��ع ف��ي اجل���زء ال��ش��م��ال��ي م��ن وادي ق����رزة‪ ،‬ب�ين احلصنيني‬ ‫ال��روم��ان��ي�ين الكبيرين‪ ،‬حصن أب��ي جنيم وح��ص��ن القريات‬ ‫الغربية‪ ،‬وقد عرفت كونها مركزا جتاريا وزراعيا على طريق‬ ‫ال��ق��واف��ل ب�ين ج��ن��وب ليبيا وشمالها خ�لال ال��ق��رن�ين ال��راب��ع‬ ‫واخلامس امليالديني‪ ،‬كما احتوت عددا من سدود املياه‪.‬‬

‫قــرزة‪..‬‬

‫المدينة المسخوطة‬


‫يعتقد أن ظهور قبيلتي لوساي ولواته في أواخ��ر القرن الرابع‬ ‫امليالدي وبدايات القرن اخلامس امليالدي قد عجل بانهيار هذه‬ ‫املستوطنة‪.‬‬ ‫ويحتمل أن تكون التسمية ق��رزة قد أت��ت من التسمية غريزيا‬ ‫‪ Geris‬وه��ي مستوطنة ذك��ره��ا امل��ؤرخ بطليموس ضمن قائمة‬ ‫«م� � ��دن م �ن �ط �ق��ة س� � ��رت» ول��م‬ ‫ت��ذك��ر ف��ي أي م��راج��ع قدمية‬ ‫أخ��رى‪ .‬كما ذكرها اجلغرافي‬ ‫األن��دل �س��ي ال�ب�ك��ري ف��ي كتابه‬ ‫املسالك واملمالك‪.‬‬ ‫يرجع تأسيس املستوطنة إلى‬ ‫ال� �ق ��رن ال �ث��ان��ي امل� �ي�ل�ادي في‬ ‫عصر اإلم�ب��راط��ور سبتيموس‬ ‫سيفيروس‪ ،‬ويعد معمار املدينة‬ ‫ذا صيغة محلية متأثرة بالطرز‬ ‫املعمارية التي كانت سائدة في‬ ‫أواخر العصر الهلينستي والذي‬ ‫اعتبر خليطا من الفن املعماري‬ ‫الليبي والفرعوني واإلغريقي‪.‬‬ ‫ك �م��ا مت االس �ت �ي �ط��ان ب��امل��دي�ن��ة‬ ‫ف��ي ال �ف �ت��رة اإلس�لام �ي��ة خ�لال‬ ‫القرنني العاشر واحلادي عشر‬ ‫للميالد حيث عثر على عمالت‬ ‫م �ع��دن �ي��ة وق��ط��ع م ��ن اخل ��زف‬ ‫ف��ي منزل ح��ول م��ن معبد إلى‬ ‫مسكن ف��ي العصر الفاطمي‪.‬‬ ‫بالنسبة لألضرحة وشواهدها‬ ‫ف��ي امل��دي �ن��ة ف�م��ا ت���زال هناك‬ ‫مجموعة من املساكن واملقابر‬ ‫تشمل ‪ 30‬مسكنا ومقبرتني‬ ‫هما املقبرة الشمالية واملقبرة‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬واألخيرة يوجد بها‬ ‫س �ب �ع��ة م �ق��اب��ر حت� ��وي أس �م��اء‬ ‫ش �خ �ص �ي��ات ل�ي �ب �ي��ة م ��ن قبيل‬ ‫ن��اص�ي��ف ومن �ي��را نقشت على‬ ‫املقبرة الشمالية‪ .‬وق��د نقلت‬ ‫مصلحة اآلث� ��ار ال�ل�ي�ب�ي��ة أح��د‬ ‫ه ��ذه األض ��رح ��ة ل �ك��ي ت�ع��رض‬ ‫ف��ي م�ج�م��ع م �ت��اح��ف ال �س��راي��ا‬ ‫احلمراء‪.‬‬ ‫ك �م��ا أن� ��ه ق �ب��ل ذل� ��ك مت نهب‬ ‫م �ج �م��وع��ة ك �ب �ي��رة م ��ن اآلث� ��ار‬ ‫والصور واألض��رح��ة التذكارية‬ ‫املنحوتة نحتا بارزا ونقلت إلى‬ ‫إس�ط�ن�ب��ول ف��ي أواخ� ��ر ال�ق��رن‬ ‫ال� �ت ��اس ��ع ع��ش��ر ل��ت��ع��رض ف��ي‬ ‫متحفها ه�ن��اك ال��ذي ك��ان قد‬ ‫تأسس حديثا (املتحف الوطني لآلثار في إسطنبول)‪.‬‬ ‫وتشكل مستوطنة قرزة رأس املثلث الذي يتكون من ثالثة مواقع‬ ‫أثرية مهمة هي قرزة وبوجنيم والقريات الغربية‪ ،‬وتعد قرزة من‬ ‫أهم املستوطنات الليبية في منطقة ما قبل الصحراء في العصر‬

‫الروماني وال تكمن أهميتها بسبب احلالة اجليدة آلثارها التي‬ ‫لم تتعرض للدمار بسبب جفاف اجل��و‪ ،‬واألساطير التي حاكها‬ ‫السكان احملليون حولها مما أدى إلى عدم حدوث استقرار بها في‬ ‫العصر احلديث‪ ..‬كل هذا ساعد على بقاء آثارها بحالة جيدة‪،‬‬ ‫ولكن تكمن أهميتها في املنحوتات البارزة التي تزخرف الكثير‬ ‫م ��ن ع �م��ائ��ره��ا وال� �ت ��ي تعكس‬ ‫احل� �ض���ارة ال �ل �ي �ب �ي��ة ال �ق��دمي��ة‬ ‫ف��ي أزه���ى ص��وره��ا‪ ،‬زد على‬ ‫ذل ��ك احل �ف��ري��ات وامل �س��وح��ات‬ ‫املنظمة التي أجريت باملدينة‬ ‫بواسطة بروجان وسميث في‬ ‫اخلمسينيات م��ن ه��ذا القرن‬ ‫والتي متخض عنها عمل علمي‬ ‫متكامل نشر عن تلك املدينة‪.‬‬ ‫ب �ن �ي��ت ه���ذه امل �س �ت��وط �ن��ة على‬ ‫ج� � ��زء م ��رت� �ف ��ع م � ��ن ال �ض �ف��ة‬ ‫اليسرى من وادى قرزة ومتتد‬ ‫مبانيها وبقايا عمائرها على‬ ‫م�س��اح��ة ت �ق��در ب �ح��وال��ي ‪500‬‬ ‫× ‪ 300‬م �ت��ر ‪ ،‬ك �م��ا اس�ت�غ��ل‬ ‫مستوطني ق��رزة ‪ 122‬هكتار‬ ‫م��ن األراض� � ��ي ال��زراع��ي��ة في‬ ‫الوادي لتأمني حياتهم املعيشية‬ ‫واالقتصادية‪ .‬وقد دلت أعمال‬ ‫امل �س��ح وال �ت �ح��ري ب �ه��ذا امل��وق��ع‬ ‫ع �ل��ى وج � ��ود ع� ��دد ك �ب �ي��ر من‬ ‫املباني من أهمها أربعون مبنى‬ ‫تقريباً منها ستة حصون كبيرة‬ ‫لعل أبرزها احلصنان رقم ‪31‬‬ ‫و‪ 34‬اللذان يقعان في منتصف‬ ‫امل� �ن� �ط� �ق ��ة ال��س��ك��ن��ي��ة حت �ي��ط‬ ‫ب �ه �م��ا ح��ص��ون أخ� ��رى أص�غ��ر‬ ‫منها حجماً م��ن بينها منازل‬ ‫صغيرة وك�ب�ي��رة ي�ت�ف��اوت عدد‬ ‫حجراتها من حجرة ال��ى ست‬ ‫ح �ج��رات‪ ،‬ومعبد وث�ن��ي يحمل‬ ‫رق��م ‪ ،32‬كما ت��وج��د باملدينة‬ ‫خمس جبانات منها جبانتان‬ ‫رئيسيتان تنتشر بهما أع��داد‬ ‫كبيرة من القبور وطرز متعددة‬ ‫ل �ع��ل م��ن أه �م �ه��ا أرب��ع��ة عشر‬ ‫ض��ري�ح��ا (ق �ب��ر ت ��ذك ��اري) تقع‬ ‫سبعة منها في اجلبانة رقم ‪4‬‬ ‫وسميت باملقبرة الشمالية وهي‬ ‫تقع على الطرف اجلنوبي من‬ ‫املستوطنة غير بعيدة عن احلي‬ ‫السكني‪ ،‬وتقع بقية األضرحة‬ ‫وع��دده��ا سبعة ف��ي اجلبانة رق��م ‪ 3‬بعيدة ع��ن املستوطنة في‬ ‫اجلانب املقابل لوادي قرزة وسميت باملقبرة اجلنوبية‪.‬‬ ‫لقد دلت النقوش التي عثر عليها بهذه املستوطنة سواء الليبية أم‬ ‫الالتينية – البونيقية أن قرزة كانت مركزاً كبيراً لبعض القبائل‬


‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫الليبية املتأثرة باحلضارة الكالسيكية في أواخر العصر الروماني‬ ‫وحت��دي��داً م��ا ب�ين أواخ ��ر ال�ق��رن الثالث وأوائ ��ل ال�ق��رن السادس‬ ‫امليالدي وإن هذه املستوطنة في أصولها األول��ى تعد مستوطنة‬ ‫زراعية للسكان احملليني أكثر من كونها مستوطنة رسمية للجنود‬ ‫املزارعني أو املسرحني من اجليش الروماني ثم أصبحت لها مكانة‬ ‫عسكرية مميزة إلى جانب حصنا بوجنيم والقريات الغربية‪ ،‬ويدل‬ ‫على ذلك انتشار احلصون والقالع العسكرية بها‪.‬‬ ‫مت االستيطان بقرزة أيضا في العصر االسالمي وحتديداً ما بني‬ ‫القرنني العاشر واحلادي عشر للميالد استدل على ذلك من خالل‬ ‫اخلزف والعملة االسالمية التي عثر عليها في املعبد الوثني (املبنى‬ ‫رقم ‪ )32‬الذي يظهر أنه ح ٌول إلى منزل في العصر الفاطمي‪ .‬و‬ ‫لقد متيزت األضرحة التذكارية مبجموعة من اللوحات املنحوتة‬ ‫نحتاً ب ��ارزاً‪ ،‬وق��د مت نهب مجموعة منها ونقلت إل��ى اسطنبول‬ ‫لتعرض في متحفها األثري منذ القرن التاسع عشر‪.‬‬

‫التفسير الذي توصل إليه األهالي وأشبع‬ ‫فضولهم ومتاشى مع بساطة تفكيرهم هو‬ ‫أن قرزة مدينة سخطها الله بعد أن غضب‬ ‫وحول سكانها إلى أصنام‬ ‫عليها ٌ‬

‫اخلوف من االقتراب من مدينة قرزة كان‬ ‫سبب ًا في حماية آثارها ومنحوتاتها‪..‬‬ ‫ولكن األتراك سرقوا هذه اآلثار ومت‬ ‫تهريبها إلى اسطنبول‬


‫‪‎‬منحوتات قرزة ‪ -‬اسطنبول‬

‫ً‬ ‫شماال‪ ،‬وعلى مسافة ‪ 130‬كم‬ ‫تقع قرزة على خط طول ‪ 14.33‬درجة شرق ًا وعلى خط عرض ‪ 30.57‬درجة‬ ‫من خليج السدرة و‪ 250‬كم جنوب شرق طرابلس في املنطقة املعروفة باسم ما قبل الصحراء التي تنتشر‬ ‫بها مجموعة من األودي��ة التي كانت منطقة استيطان وحضارة مزدهرة أثناء االستعمار الروماني‪ ،‬أما‬ ‫مستوطنة قرزة فتقع جنوب غرب وادي زمزم مبسافة ‪ 10‬كم شمال وادي صغير يحمل اسمها‪.‬‬

‫األميرال البحري البريطاني وليام هنري سميث نقل عام ‪ 1817‬عشرين‬ ‫صندوق ًا من املنحوتات واآلثار إلى بريطانيا‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫إعادة اكتشاف قرزة وتهريب منحوتاتها إلى متحف اسطنبول‬ ‫خالد محمد الهدار‬ ‫إن قصة اكتشاف لوحات قرزة املنحوتة في العصر احلديث‬ ‫ج��دي��رة بالتنويه وينبغي التعرض لها حتى يتم التعرف‬ ‫على كيفية وصولها إلى ذلك املتحف (املتحف الوطني لالثار‬ ‫في اسطنبول)‪ .‬والالفت لالنتباه في هذا الشأن أن السكان‬ ‫احملليني املقيمني قرب قرزة كانوا على اطالع بقرزة وآثارها‬ ‫بحكم سكناهم قربها أو مرورهم بجانبها بيد أنهم لم يدركوا‬ ‫إدراك�� ًا صحيح ًا ماهية تلك اآلثار حيث أن خيالهم البسيط‬ ‫حاك حولها الكثير من األساطير واخلرافات لتفسير املشاهد‬ ‫التي حتملها النحوت ال��ب��ارزة التي تظهر على مباني ق��رزة‬ ‫خاصة إن تلك النحوتات جتسد مشاهد من احلياة اليومية‬ ‫كالرعي وال��زراع��ة تظهر بها اش��ك��ال آدم��ي��ة وحيوانية غير‬ ‫بعيدة عن حياتهم التي يعيشونها‪ ،‬فيبدو أنهم تساءلوا أين‬ ‫ذهب أولئك وملاذا بقيت أشكالهم على تلك املباني؟‬ ‫وكان التفسير الذي توصلوا إليه وتنقلوه من جيل إلى آخر‬ ‫وأشبع فضولهم ومتاشى مع بساطة تفكيرهم أن قرزة مدينة‬ ‫حول سكانها‬ ‫مسخوطة سخطها الله بعد أن غضب عليهم و ٌ‬ ‫إلى أصنام أو متاثيل لذا فإنهم جتنبوا السكن بقربها أو نقل‬ ‫حجارتها املسخوطة خ��وف��ا م��ن وق���وع اللعنة عليهم وك��ان‬ ‫ه��ذا مدعاة حلماية آث��ار ه��ذه املدينة‪ ،‬وق��د سمع األميرال‬ ‫البحري البريطاني وليام هنري سميث (‪)W .H.Smyth‬‬ ‫ف��ي ع��ام ‪ 1817‬الكثير م��ن ه��ذا عند اعتزامه زي���ارة مدينة‬ ‫ق��رزة األثرية بعد أن سمع أنها مليئة بالتماثيل واستطاع‬ ‫أن يجلب منها بعض املنحوتات البارزة منها لوح يحمل نحت‬ ‫بارز لفارس وميدالية نحاسية رومانية عليها صورة فاوستينا‬

‫الكبرى أعطاها له أحد األهالي‪ ،‬أي إن سميث يعد أول من نقل‬ ‫إحدى منحوتات قرزة خارجها وأول منحوتة تصل الى أوروبة‬ ‫من ق��رزة حيث نقلها بواسطة الفرقاطة البريطانية التي‬ ‫تدعى وامي��اوث (‪ )H. M S . Weymouth‬في شهر نوفمبر‬ ‫عام ‪ 1817‬وذل��ك ضمن اآلث��ار التي حتصل عليها سميث من‬ ‫لبدة و طرابلس والتي وضعت في عشرين صندوق ًا أرسلت الى‬ ‫بريطانيا ‪.‬‬ ‫كما اه��ت��م ال��رح��ال��ة ديكسون دن��ه��ام (‪ )D. Denham‬عند‬ ‫زيارته لقرزة في ‪ 1825 / 1 /13‬مبنحوتاتها حيث قام بعمل‬ ‫رسوم مبدئية (رسم كروكي) لبعض الطنف (االفاريز) وما‬ ‫حتمله من مشاهد خاصة االفريز اجلنوبي في الضريح (ب)‬ ‫باملقبرة الشمالية‪ ،‬واالفريزان الشرقي والغربي للضريح ج من‬ ‫نفس املقبرة‪.‬‬ ‫وعمله هذا يعد وثيقة مهمة ساعدت الباحثني على إعادة‬ ‫تركيب املشاهد أو لوحات االفريز بعد سقوطها من أماكنها‬ ‫األصلية ونقل بعضها إلى متحف اسطنبول األثري‪.‬‬ ‫وي��ب��دو ان��ه ف��ي منتصف ال��ق��رن التاسع عشر ل��م ت��ب َ��ق بعض‬ ‫اللوحات في مكانها حيث تعرضت بعض األضرحة لسقوط‬ ‫أجزائها العلوية أو أنها انتزعت أفاريزها مما أدى إلى انهيار‬ ‫اجلزء العلوي من بعض األضرحة‪ ،‬ومن بينها األفاريز التي‬ ‫حت��م��ل امل��ش��اه��د امل��ن��ح��وت��ة خ��اص��ة ف��ي ال��ض��ري��ح ب باملقبرة‬ ‫الشمالية‪ ،‬أي ان��ه أصبح م��ن السهل نقلها وبالفعل مت نقل‬ ‫مجموعة من املنحوتات إلى طرابلس ثم إلى اسطنبول متثلت‬ ‫في ثالث عشرة لوحة حجرية انتزعت من الضريحني (ب‪،‬‬


‫ج) باملقبرة الشمالية والضريح (و) باملقبرة اجلنوبية‪ ،‬ويبدو‬ ‫إن املسؤولني عن هذا العمل مجموعة من املوظفني األتراك‬ ‫الذين كانوا يرتادون تلك املناطق جلمع األعشار والضرائب من‬ ‫السكان وصادفوا تلك اللوحات فنقلوها إلى طرابلس خاصة‬ ‫أن اخلرافات التي كانت حتاك على قرزة قد انتهت بعد زيارة‬ ‫الرحالة األوربيني لها ونقل جزء من منحوتاتها‪ ،‬عموما قد‬ ‫يكون الهدف من نقل املنحوتات هو إرسالها إلى اسطنبول التي‬ ‫بدأ التفكير في إنشاء متحف أثري بها وقد ينسب ما حدث‬ ‫في قرزة إلى ما قام به سكرتير الوالي علي رضا باشا املدعو‬

‫كارابيال أفندي بني عامي ‪ 1869 - 1868‬بتجميع مجموعة‬ ‫م��ن األع���م���دة وامل��ن��ح��وت��ات وغ��ي��ره��ا م��ن آث����ار م��دي��ن��ة لبدة‬ ‫وصبراتة ومنطقة طرابلس‪ ،‬عموما مت االستحواذ خالل هذه‬ ‫الفترة على عدد ثالث عشرة لوحة حجرية من أضرحة قرزة‬ ‫رمبا بواسطة موظفني أت��راك ووفقا ألوام��ر كارابيال أفندي‬ ‫الذي أرسلها إلى اسطنبول مع املجموعات السابقة‪ ،‬وما تزال‬ ‫منحوتات قرزة تعرض في املتحف الوطني لالثار باسطنبول‪،‬‬ ‫وبصورة عامة وصلت تلك املنحوتات إلى اسطنبول قبل عام‬ ‫‪ 1873‬حيث تذكر بروجان أن نقشا من ق��رزة كان معروضا‬ ‫ف��ي ذل��ك املتحف ق��د نسخ م��ن قبل شخص يدعى ديثييه‬ ‫‪ Dethier‬قبل السنة املذكورة آنفا ونشره ضمن مجموعة‬ ‫النقوش الالتينية ‪ CIL‬إضافة إل��ى نقش التيني من قرزة‬ ‫ومن الضريح (ب) باملقبرة الشمالية حتديدا قد وصل إلى‬ ‫اسطنبول في عام ‪ ، 1868‬ويبدو أن هذين النقشني قد وصال‬ ‫إلى اسطنبول برفقة منحوتات ق��رزة مع مجموعة كاربيال‬ ‫اف��ن��دي ‪ ،‬واجل��دي��ر بالذكر ان��ه عند وص��ول تلك املنحوتات‬ ‫الى اسطنبول لم تذكر عنها اية معلومات تتعلق مبصدرها‬ ‫ويرجع الفضل الى االستاذ ميندل ‪ G .Mendel‬في نسبتها‬ ‫إلى قرزة عند إعداده كتالوج منحوتات املتحف املذكور وذلك‬ ‫بعد مقارنتها مبا نشره الرحالة الفرنسي ماثزويلكس من‬ ‫صور ضوئية لبعض منحوتات قرزة بعد زيارته لها في عام‬ ‫‪ ،1904‬واستنادا على نصف نقش من قرزة يعرض في ذلك‬ ‫املتحف يؤكد ميندل ان��ه ات��ى من نفس املكان ال��ذي وصلت‬ ‫منه املنحوتات‪ ،‬ولقد استطاعت االنسة اولوين بروجان ان‬ ‫تثبت مبا ال يدع مجاال للشك انها تنسب الى قرزة بناء على‬ ‫مالحظات ميندل السابقة اض��اف��ة ال��ى االستعانة بالرسم‬ ‫ال��ك��روك��ي لبعض امل��ن��ح��وت��ات ال���ذي اع���ده ال��رح��ال��ة دن��ه��ام زد‬ ‫على ذلك العثور على النصف الثاني من النقش املذكور سلفا‬ ‫ومالحظات ترتبط مبا تبقى من لوحات االفاريز ومقارنتها‬ ‫مبنحوتات متحف اسطنبول‪ ،‬واستنادا على ما سبق يؤكد‬ ‫نسبة تلك املنحوتات الى قرزة‪.‬‬


‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬

‫نظارات جوجل‬

‫بقوة ‪ 5‬ميجا بكسل‪ ،‬ووضوح ‪ ..720p‬ولكنها ناقصة‬ ‫نظارات جوجل تباع اآلن بـ‪ 1500‬دوالر‪ ،‬ولكن حتى لو كنت حقاً‬ ‫تريد واحدة من هذه النظارات فيجب أن تتغاضى عنها هذه املرة‪،‬‬ ‫مل��اذا؟ ألن ما تقدمه نظارت جوجل غير مكتمل والبرمجة غير‬ ‫مستوفية بعد‪.‬‬ ‫نظارات جوجل مزودة بكاميرا بقوة ‪ 5‬ميجا بكسل‪ ،‬تصور الفيديوات‬ ‫بوضوح ‪ 720p‬وتستطيع أن تشارك الصور والفيديوات مباشرة‬ ‫على مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬مثل جوجل بلس أو اليوتيوب أو‬ ‫غيره‪ ،‬وهي كذلك مزودة بتقنية لوتوث‪ ،‬ووايفاي‪ ،‬وخرائط جوجل‪،‬‬ ‫كما تزن ‪ 42‬جرام‪.‬‬ ‫لكي توصل النظارات باإلنترنت يجب أن يكون ذلك عبر الهاتف‬ ‫أو احلاسوب أو أي جهاز وايفاي‪ .‬ولكن هناك سلبيات أيضاً‪ ،‬عمر‬ ‫البطارية رديء جداً بحيث ال تستطيع استخدامها ليوم كامل من‬ ‫دون أن تشحنها‪ ،‬والتجربة أيضا بشكل عام غير مكتملة للمستخدم‪.‬‬

‫مت البحث في موضوع تكلفة صنع نظارات جوجل من أكثر من‬ ‫طرف‪ ،‬ومت التوصل إلى أن تكلفة البناء تتراوح بني ‪ 80‬دوالر و‪152‬‬ ‫دوالر‪ .‬والتكلفة النهائية التي تتضمن جميع التكاليف كالشحن‬ ‫والتغليف وغيرها ترفع السعر إلى حوالي ‪ 500 300-‬دوالر‪.‬‬ ‫من غير االعتيادي أن تبيع شركة منتجاً إلكترونياً للمستهلك بتكلفة‬ ‫تفوق ثالث م��رات تكلفة الصنع‪ ،‬ويرجح أن جوجل اختارت هذا‬ ‫السعر للحفاظ على طلب منخفض حتى تتمكن من التعامل مع‬ ‫أع��داد صغيرة نسبياً من العمالء‪ ،‬لكي تستفيد من مالحظاتهم‬ ‫وآرائهم حتى تعمل على حتسني النظارة‪.‬‬ ‫قد يكون ه��ذا مغرياً‪ ،‬ولكن ب��دالً من اإلس��راع وش��راء نظارة من‬ ‫ج��وج��ل‪ ،‬تذكر أن اإلص ��دار ال�ع��ام م��ن ه��ذه النظارة ال ي��زال غير‬ ‫مكتمل‪ ،‬ولكن جوجل على الطريق نحو إص��دار ن�ظ��ارات جيدة‬ ‫تستحق الشراء‪ ،‬وكذلك يرجح أنها سوف تكون أرخص بكثير‪.‬‬


‫«ا س اس دي»‬ ‫في األسواق بعد عام‬

‫حان الوقت ألن ينام‬ ‫القرص الصلب بعين‬ ‫مفتوحة‬ ‫مت اختراع العتاد الصلب (‪ )Solid state driver‬أو الـ‪ SSD‬سنة‬ ‫‪ 1991‬بسعة ‪ 16‬جيجا بايت‪ ،‬وهو ذاكرة للحاسوب أسرع بعشرات‬ ‫املرات من محرك القرص الصلب (‪ )Hard disk driver‬أو الـ‬ ‫‪ HDD‬العادي‪ ،‬وأصغر‪ ،‬وبدون مراوح‪ ،‬ويستهلك طاقة أقل‪ ..‬األمر‬ ‫الذي يجعله مثالياً للحواسيب احملمولة‪ ،‬ولكن الـ‪ SSD‬برز أكثر في‬ ‫سنة ‪ 2007‬بسعة قدرها ‪ 320‬ججا بايت‪ ،‬وكان سعره مرتفعاً جداً‬ ‫بحيث يستعصي ش��راؤه من عامة الناس‪ ،‬ولكن مع م��رور الوقت‬ ‫أصبح رخيصاً نسبيا‪ ،‬وإن كان ال يزال أغلى من الـ‪ HDD‬بكثير‪.‬‬ ‫إل��ى األن‪ ،‬أعلنت شركة توشيبا ع��ن ‪ SSD‬ذا سعة أكبر وسعر‬ ‫منخفض ج ��داً‪ .‬كما كشفت ال�ش��رك��ة أي �ض �اً ع��ن رق��ائ��ق ال��ذاك��رة‬ ‫اجلديدة «‪ »3D NAND‬التي يتم تركيبها في طبقات لتخزن‬ ‫املزيد من البيانات في حجم أقل‪ ،‬على عكس الرقائق ذات الطبقة‬ ‫الواحدة املستخدمة حالياً‪.‬‬ ‫الشركة اليابانية توشيبا اخترعت أول ذاك��رة ف�لاش في العالم‪،‬‬ ‫ولديها أيضاً أصغر ‪ SSD‬في العالم‪ .‬واآلن ف��إن توشيبا تعطي‬ ‫عينات للمصنعني‪ ،‬ولكن املنتجات التي ستستخدم هذه الرقائق‬ ‫اجلديدة لن تصبح متوافرة إلى بعد عام آخر أو نحو ذلك‪.‬‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬كشفت إنتل وشريكتها ميكرون األن عن تصنيع‬ ‫‪ SSD‬أيضاً وهو أفضل وأسرع من الذي ستصنعه توشيبا‪ .‬وتوقع‬ ‫اخلبراء أن مبيعات إنتل ستفوق مبيعات توشيبا ولكن منتج إنتل‬ ‫كذلك سيكون في األسواق بعد حوالي العام‪.‬‬ ‫قالت شركة ميكرون إنه ميكن لهذه التقنية أن جتعل ‪ SSD‬بحجم‬ ‫علكة صغيرة‪ ،‬وأن يكون بسعة تصل حتى ‪ ،3.5TB‬و‪ SSD‬بحجم‬ ‫‪ 2.5‬بوصة سيكون بسعة وقدرها ‪ .10TB‬وهذا سوف ينهي احتكار‬ ‫سامسوجن لسوق الـ‪ SSD‬ألنها هي املسيطرة اآلن في هذا املجال‪.‬‬ ‫ستكون النتيجة جيدة للمستهلكني‪ :‬قدرات أعلى بسعر أقل‪ ،‬وهذا‬ ‫سوف يجعل الـ‪ HDD‬التقليدي ينام بعني مفتوحة‪.‬‬


‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫ّ‬ ‫تتخطى الحدود‪..‬‬ ‫«بيو تكنولوجي»‬

‫طيار مزودة بجهاز‬ ‫طائرات بدون ّ‬ ‫عصبي وتتجنب العقبات‬

‫الطائرات الصغيرة أصبحت م��زودة بجهاز عصبي لكي تتجنب‬ ‫العقبات‪ ،‬فقد تطورت تكنولوجيا الطائرات بدون طيار بسرعة‬ ‫خالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬ولكنها ال تزال تتطلب مشغالت‬ ‫كثيرة لتكون مجهزة ملنع التصادم‪.‬‬ ‫كان لدينا منذ فترة طويلة أجهزة الكمبيوتر التي ميكن أن تتعرف‬ ‫على األشياء وتتفاداها في الوقت املناسب‪ ،‬ولكن جعلت املتطلبات‬ ‫من طاقة هذه التكنولوجيا غير صاحلة للتركيب على طائرة بدون‬ ‫طيار خفيفة الوزن‪.‬‬ ‫البحوث لكي حتصل الطائرات ب��دون طيار على جهاز حساس‬ ‫يتجنب العقبات لم تكن كثيرة‪ ،‬بحيث ركزت على التكنولوجيا قصيرة‬ ‫املدى مثل الرادار‪ ،‬ولكن في كثير من األحيان هذا ال يعطي حتذيراً‬ ‫كافياً للطائرات بدون طيار لكي تتحرك بسرعة تكفي لكي تتجنب‬ ‫العقبات بشكل سريع‪ .‬بدالً من ذلك‪ ،‬قامت الشركة األمريكية‬ ‫بيو تنكنولوجي انسبيرد ‪Bio‬‬ ‫‪Technology Inspired‬‬ ‫باتخاذ نهج مختلف‪ ،‬أال وهو‬ ‫محاكاة الدماغ البيولوجي‪.‬‬ ‫البشر واحليوانات هم عموماً‬ ‫سيؤون جداً في مهام احلوسبة‬ ‫التقليدية مثل إضافة األرقام‬ ‫وغ �ي��ره��ا‪ ،‬ول �ك��ن ل��دي�ه��م ق��درة‬ ‫كبيرة ف��ي معاجلة املدخالت‬ ‫م� � ��ن احل� � � � � ��واس امل � �ت � �ع� ��ددة‬

‫واالستجابة لها‪ .‬شركة بيو تكنولوجي املشار إليها قامت ببناء‬ ‫«دماغ» من دائرة كهربائية مزودة بذاكرة‪ .‬وهذه الذاكرة موصلة‬ ‫باخلاليا العصبية في دماغ بيولوجي‪ ،‬وهذه الطريقة تعطي نظاما‬ ‫بحجم رقاقة صغيرة احلجم القدرة على التعرف وتذكر األجسام‬ ‫مثل الغيوم‪ ،‬والطيور‪ ،‬واملباني‪ ،‬وأبراج الراديو وطائرات بدون طيار‬ ‫أخرى ‪ -‬وكذلك باستخدام كاميرا لتقدير كم بعد هذه األشياء‪.‬‬ ‫قال تيري جافرون‪ ،‬الرئيس التنفيذي لشركة بيو تكنولوجي‪« :‬‬ ‫ميكن للنظام ال أن يطير بشكل مستقل فقط‪ ،‬ولكن أيضاً أن يحدد‬ ‫الفرق مث ً‬ ‫ال بني الغزالن والذئاب من اجلو»‪ .‬وميكن بعد ذلك أن‬ ‫تستخدم الطائرات تلك املعلومات مسار رحلة جديد‪.‬‬ ‫وتشمل التطبيقات لتكنولوجيا أسطول األم ��ازون من طائرات‬ ‫بدون طيار للتسليم‪ ،‬والزراعة بشكل دقيق‪ ،‬و‪ ..‬بالطبع اجليش‪.‬‬ ‫يقول جافرون حتى أنها ميكن أن تطير في جميع أنحاء املدينة‬ ‫بحثا ع��ن املساحات الفارغة‬ ‫لوقوف السيارات وإرسال تلك‬ ‫املعلومات لك في احلال‪.‬‬ ‫ب �ي��و ت �ك �ن��ول��وج��ي ت �ع �م��ل على‬ ‫من�� ��وذج أول�� ��ي م���ن ال��ط��ائ��رة‬ ‫ب � ��دون ط��ي��ار امل��ج��ه��زة ب �ه��ذه‬ ‫ال�ت�ك�ن��ول��وج�ي��ا‪ ،‬وال��ت��ي تعتقد‬ ‫الشركة أن�ه��ا ستكون جاهزة‬ ‫ألول رحلة لها في نهاية هذا‬ ‫العام‪.‬‬


‫األوائل في اختبارات السرعة‬

‫أفضل برامج تصفح الويب‪ ..‬واألكثر شعبية‬

‫موزيال فايرفوكس‬ ‫التحديثات املستمرة‪ ،‬اإلضافات واألداء العالي‪ ،‬وخصوصا على‬ ‫نظام الويندوز‪...‬هذا كله يجعل موزيال فايرفوكس أح��د أفضل‬ ‫برامج التصفح على الويب واألكثر شعبية على اإلطالق‪.‬‬ ‫واجهة بسيطة وسهلة االستخدام يفسح املجال للمبتدئني‪ ،‬في حني‬ ‫أن مستوى عال من التخصيص يؤكد أن املستخدمني املتقدمني‬ ‫ميكنهم أن ينظموا ويعدلوا البرنامج إلى أقصى درجة‪.‬‬ ‫يتم احلفاظ على مستوى عال من األمن وذلك بفضل ارتفاع كبير‬ ‫لعدد التحديثات التي يتم دائما توفيرها للمستخدمني‪ ،‬العمل‬ ‫عليه واختبار السرعة العام املاضي أظهر أنه هو الثاني فقط بعد‬ ‫‪ Internet Explorer‬من‬ ‫حيث السرعة‪.‬‬ ‫أح��د م��زاي��اه أي �ض �اً أن��ه ميكن‬ ‫تشغيله حتى على أقدم أنظمة‬ ‫ال�ت�ش�غ�ي��ل‪ ،‬م �ث��ل وي� �ن ��دوز ‪XP‬‬ ‫‪ 2003‬مث ً‬ ‫ال‪ .‬‬ ‫جوجل كروم‬ ‫ج��وج��ل ك ��روم ي��وف��ر التصفح‬ ‫جل �م �ي��ع أن��ظ��م��ة ال �ت �ش �غ �ي��ل‪،‬‬ ‫وه��و ف��ي امل��رت�ب��ة الثانية من‬ ‫ح �ي��ث م��زام��ن��ة امل �ع �ل��وم��ات‪.‬‬ ‫وم� �ث ��ل ف ��اي ��رف ��وك ��س‪ ،‬ك� ��روم‬ ‫ي��أت��ي ‪ ‬مبجموعة واس �ع��ة من‬ ‫ال�ت�ط�ب�ي�ق��ات واإلض� ��اف� ��ات من‬ ‫متجر ك��روم والتي تضيف قدراً‬

‫كبيراً لتجربة التصفح وفاعليته‪.‬‬ ‫ك��روم أفضل بشيء واح��دة م��ن فايرفوكس ه��و سرعة التحميل‬ ‫‪ HTML5‬أو الصور وهو في أعلى مستوى في هذا من أي متصفح‬ ‫ويندوز آخر‪ .‬كروم يعمل فقط على نظام التشغيل‪Windows XP‬‬ ‫‪ SP2‬أو أفضل‪ ،‬والدعم سيتم إيقافه لويندوز ‪ XP‬في شهر أبريل‬ ‫‪ 2015‬أي هذا الشهر‪ .‬وبكل مصداقية فإنه من الصعب جداً أن‬ ‫تختار بني فايرفوكس وكروم كما أنهما على حد سواء مماثل في ما‬ ‫يقدمانه للمستخدم‪ ،‬في النهاية اختر أيهما يناسبك أكثر ولن تسيء‬ ‫االختيار ألنهما أفضل برامج تصفح الويب حتى اآلن‪.‬‬ ‫انترنت اكسبلورر‬ ‫لقد تغير متصفح مايكروسوفت على شبكة اإلنترنت مع‬ ‫ال��وق��ت وتبنى ن�ظ��رة مشابهة جلميع املتصفحات‬ ‫األخرى في الكثير من األشياء‪ .‬وهناك إضافات‬ ‫أق��ل متاحة لإلنترنت إكسبلورر باملقارنة‬ ‫مع تلك املوجودة على عرض فايرفوكس‬ ‫وك� ��روم‪ ،‬اإلن �ت��رن��ت إك �س �ب �ل��ورر تقتصر‬ ‫م��زي��اه على توفير بعض احلاجيات‬ ‫التي جتعل من السهل ال��وص��ول إلى‬ ‫م��واق��ع أو خ��دم��ات معينة‪ .‬كما انه‬ ‫بعيد ج��داً خلف فايرفوكس وك��روم‬ ‫عندما يتعلق األمر بسرعة حتميل‬ ‫‪ .HTML5‬امليزة الوحيدة هي‬ ‫أن��ه ق��اب��ل للتشغيل على أق��دم‬ ‫أنظمت التشغيل‪ ،‬مثل ويندوز‬ ‫‪ XP‬إصدار ‪.1997‬‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫من احملتمل أن يبدأ منتخبنا الوطني سباق التأهل إلى‬ ‫نهائيات كأس أفريقيا باجلابون يوم ‪ 13‬من الشهر املقبل‬ ‫من يونيو بلقاء يجمعه معه الفريق املغربي القوي‪ ،‬لكن‬ ‫الشكوك مازالت حتوم حول مشاركته بالتصفيات في ظل‬ ‫فشل االحت��اد الليبي لكرة القدم في إدارة البيت الليبي‬ ‫ال��ك��روي‪ ،‬والتي ظهرت جلية في حالة التخبط اإلداري‬ ‫التي وصلت إلى حد قيام سكرتير االحتاد بإبالغ الكاف‬ ‫عن انسحاب املنتخب األوملبي من تصفيات ريو ‪ 2016‬دون‬ ‫علم رئيس االحتاد ‪..‬‬

‫االنسحاب واردٌ من‬ ‫التصفيات األفريقية‬

‫مايسترو االحتاد فيصل البدري‬

‫أربع أزمات‬ ‫تحاصر المنتخب الوطني‬

‫قضية مشاركة املنتخب من عدمها باتت تطفو على الوسائط اإلعالمية‪،‬‬ ‫وخاصة على املواقع اإللكترونية ‪ ،‬فهذا موقع كورة الشهير يكتب تقريرا‬ ‫مطوال عن منتخبنا معددا فيه أربع نقاط رئيسية قد تعصف مبشاركة‬ ‫املنتخب األمر الذي سيترتب عليه في حالة حدوثه تسليط عقوبات‬ ‫قاسية على ليبيا من االحتادين األفريقي والدولي ‪.‬‬ ‫أولى النقاط التي يضعها موقع كورة هي قضية كليمنتي إذ يرى مسؤولو‬ ‫احتاد الكرة الليبي أن كليمنتي ال يحق له املطالبة مبستحقات مالية عن‬ ‫فترة لم يتو َل خاللها تدريب املنتخب ‪ ،‬وهذه نقطة خالف جوهرية قد‬ ‫تنهي عالقته باملنتخب الليبي على الرغم من تصريحاته األخيرة التي‬ ‫أبدى فيها نيته لتجديد عقده مع احتاد الكرة الليبي ومواصلة مشواره‬ ‫مع املنتخب ‪ ،‬وهو الذي أكد‬ ‫ف��ي أك�ث��ر م��ن مناسبة بأنه‬ ‫سيعمل على إع��داد منتخب‬ ‫للمستقبل ‪ ،‬وبالتالي فمن‬ ‫امل�ت��وق��ع أن ي�ت�ن��ازل العجوز‬ ‫اإلسباني عن جزء من هذه‬ ‫املستحقات أو يقبل بتأجيل تسلمها لوقت آخر في سبيل حتقيق‬ ‫طموحاته ‪.‬‬ ‫طموحات قد تصطدم برغبة احتاد الكرة الذي بات يفكر في بدي ً‬ ‫ال‬

‫شكوك قوية حتوم حول مشاركة منتخبنا في‬ ‫تصفيات اجلابون‬ ‫احتاد الكرة لم يحسم قضية العجوز كليمنتي ‪ ..‬ويفكر‬ ‫في استبداله مبدرب االحتاد الفرنسي لوشنتير‬

‫هل أضحى االعتماد على احملترفني ضرورة ملحة في ظل‬ ‫توقف الدوري ؟!‬ ‫تبعات أزمة معسكر البرتغال مازالت تلقي‬ ‫بظاللها على املنتخب الليبي‬


‫هل يبقى تتويج الشان فرحة يتيمة ؟‬

‫احملترف الليبي أمين زايد‬

‫وعود تلفزيونية تطلق هنا وهناك بدعم‬ ‫املنتخب ‪ ..‬وال جديد على أرض الواقع‬

‫له بسبب تكلفته املالية التي لم يعد بوسعه الوفاء بها ‪ ،‬واألنظار باتت‬ ‫تتوجه ملدرب االحتاد الفرنسي بيار لوشانتير األقرب حالياً خلالفة‬ ‫كليمنتي في حال لم يتوصل الطرفان التفاق نهائي يقضي بتمديد العقد‬ ‫وتسوية مالية مرضية ‪ ،‬بحسب مصادر مقربة من االحتاد الليبي لكرة‬ ‫القدم ‪ ،‬ولكن تبقى قضية كليمنتي قائمة وقد تطيح باملنتخب الليبي‬ ‫بعيداً عن هذه التصفيات إذا ما سلطت الفيفا عقوبات على ليبيا على‬ ‫خلفية الشكوى التي تقدم بها كليمنتي مطالباً بحقوقه املالية ‪ ،‬وهذه‬ ‫القضية لرمبا سيستخدمها كليمنتي كورقة يضغط بها على احتاد‬ ‫الكرة من أجل االستمرار على رأس اإلدارة الفنية لفرسان املتوسط ‪.‬‬ ‫النقطة الثانية هي مسألة توقف ال��دوري وأثاه السلبية على مستوى‬ ‫املنتخب‪ ،‬وه��ذه اجلزئية بالذات لم تعد ت��ؤرق االحت��اد الليبي لكرة‬ ‫القدم ‪ ،‬بعد تيقنه من أن الصراع الدائر في ليبيا لن يسمح بتنظيم‬ ‫دوري أو حتى مسابقة تنشيطية على املدى القريب ‪ ،‬وبالتالي أضحى‬ ‫االعتماد على احملترفني ضرورة ملحة نظراً جلاهزيتهم الفنية والبدنية‬ ‫‪ ،‬باإلضافة إلى العبي أهلي طرابلس واالحتاد اجلاهزين نسبياً بعد‬ ‫جتربة أفريقية قصيرة سرعان ما انتهت بتوديعهما مسابقتي دوري‬ ‫األبطال والكونفدرالية من أدوارهما التمهيدية ‪.‬‬ ‫وال �س��ؤال امل �ط��روح هنا ه��ل سينجح احت��اد ال�ك��رة ف��ي إق�ن��اع بعض‬ ‫احملترفني في اخل��ارج من أجل متثيل املنتخب في هذه التصفيات‬ ‫‪ ،‬أمثال املهاجم أمين زايد املتألق في ال��دوري املاليزي وأحمد فهيم‬ ‫بن علي العب بريشيا اإليطالي الناشط في «السيريا ‪ « B‬والصادق‬ ‫الفيتوري احملترف في رديف مانشستر يونايتد ‪ ،‬والقائمة تطول وهناك‬ ‫الكثير من الطيور الليبية املهاجرة في مالعب العرب و أوروب��ا التي‬ ‫ميكن االستفادة من خبرتها ‪ ،‬ولكن يبقى أن نشير إلى أن االحتاد‬ ‫الليبي ال يجيد التعامل مع مثل هذه األمور ‪ ،‬فهو سبق وأن فشل في‬ ‫إقناع بعض احملترفني من أجل اللعب في صفوف املنتخب في وضع‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫احملترف فهيم بن علي‬

‫أفضل بكثير من وضعه احلالي املتأزم مالياً وإدارياً ‪ ،‬فهل تراه قادرا‬ ‫حالياً على لم شمل هوالء احملترفني في ظل االنقسام والتخبط اللذين‬ ‫أصبحا سمة من سماته البارزة ‪.‬‬ ‫أما النقطة الثالثة فيذهب بها التقرير إلى مكافآت الالعبني مذكرا‬ ‫بتبعات أزمة معسكر البرتغال التي مازالت تلقى بظاللها على املنتخب‬ ‫الليبي ‪ ،‬حيث أظهرت هذه األزم��ة الكثير من احلقائق واملغالطات‬ ‫وأوضحت مدى الشجع الذي أصاب بعض املتطفلني على احتاد الكرة‬ ‫و بعض العاملني فيه ‪ ،‬و هؤالء ال هم لهم سوى عقد الصفقات والتربح‬ ‫من وراء هذا املنتخب املغلوب على أمره ‪.‬‬ ‫هذا املعسكر ألغي بعد أن رفض العبو املنتخب السفر قبل أن يتسلموا‬ ‫مستحقاتهم املالية نظير الفوز ببطولة الشان ‪ ، 2014‬بعد أن علموا‬ ‫أن هناك أطرافاً من داخل االحتاد وخارجه تخطط مللء جيوبها على‬ ‫حسابهم ‪ ،‬وبدهاء كبير متكن احتاد الكرة من توجيه بوصلة االتهامات‬ ‫نحو العبي املنتخب ‪ ،‬وشنت وسائل اإلعالم هجوماً غير مسبوق على‬ ‫هذا املنتخب الشاب إلى حد وصل للتخوين مما أثر على نفسية العبيه‬ ‫‪ ،‬فكانت النتيجة اخلروج املبكر من سباق تصفيات أمم افريقيا ‪2015‬‬ ‫بعد اخلسارة املدوية من منتحب رواندا في العاصمة كيغالي بثالثية‬

‫نظيفة ‪ ،‬أجبرت املنتخب على الدخول في سبات كروي طويل حتى‬ ‫يوماً هذا ‪.‬‬ ‫النقطة الرابعة يحصرها التقرير في الدعم املادي الذي يراه املخرج‬ ‫الوحيد ألزمة مالية خانقة تطوق احتاد الكرة حاليا‪ ،‬لكن كاتب التقرير‬ ‫يقع هنا في التسلل عندما يأخذ وعود وزارة وهمية‬ ‫ف��ي ط��راب�ل��س ب��رع��اي��ة املنتخبات الليبية ع�ل��ى محمل املعلومة‬ ‫الصحيحة‪ ،‬ويستعيد ما ذك��ره امل�ب��روك املصراتي ح��ول تكفل ما‬ ‫يسمى بوزارة االتصاالت واملعلوماتية بكافة املصاريف والتنقالت‬ ‫واملكافآت للمنتخب ‪.‬‬ ‫يبقى التنويه إلى أن الوقت املتبقي عن انطالق التصفيات املؤهلة‬ ‫لبطولة اجلابون قريب جداً ‪،‬‬ ‫وحتى هذه اللحظة لم يتم جتميع الالعبني وحتديد مكان معسكر‬ ‫اإلعداد وال يلوح في الواقع أي إجراء ملموس يشير إلى أن املنتخب‬ ‫سيخوض فعال التصفيات ‪.‬‬ ‫للعلم أن القرعة أوقعت منتخبنا في مجموعة املغرب والرأس األخضر‬ ‫وساوتومي ‪ ..‬واألخير سبق وأن سحقه منتخبنا بنتيجة ‪ 8‬ـ ‪ 0‬في‬ ‫تصفيات مونديال أملانيا ‪2006‬‬


‫أحمد سعد غادر املنتخب معتزال‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫رياضة‬


‫الليبيرو‬ ‫األنيق‬

‫صديق‬ ‫التكنولوجيا‬

‫اإلمبراطور‬


‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫رفيق األضواء‬ ‫مازالت األضواء تبحث عن القيصر األملاني فرانز بيكنباور رغم ابتعاده‬ ‫عن اللعب والتدريب سنوات طويلة ‪ ،‬ومازالت الكاريزما التي يتمتع بها‬ ‫تفرض حضورها الواثق في أي بطولة قارية أو عاملية بالرغم من مطاردة‬ ‫الشيخوخة له ووصوله سن السبعني‬ ‫في كل مناسبة رياضية أو اجتماعية كبيرة يتسابق املنظمون إلى دعوته‬ ‫واالحتفاء به‪ ،‬فهو مصدر دائم الجتذاب اإلعالن والصحافة‪.‬‬ ‫باألمس القريب حل رفقة النجم العاملي بيليه كضيفني هامني على‬ ‫فريقهما السابق كوزموس في نيويورك‪ ،‬كي يعلنا عن انطالقة الدوري‬ ‫األمريكي اجلديد في احتفالية عامرة بالبذخ اإلعالمي خاصة عند قيام‬ ‫األسطورتني بإضاءة مبنى كوزموس الشهير «إمباير ستايت» باللون األخضر‬ ‫في إشارة عن استعداد فريقهما السابق للموسم الكروي اجلديد‪ ،‬ولعل ما‬ ‫لفت احلضور أو املتابعون على شاشات الفضائيات أن حتركات النجمني‬ ‫الكبيرين كانت محط متابعة دقيقة من الصحفيني إلى غاية إسدال الستار‬ ‫عن فعاليات هذه التظاهرة الكبيرة‪ ،‬باملقابل قامت إدارة كوزموس بتكرمي‬ ‫هذين الالعبني الفذين اللذين مرا على الفريق أيام كانت كرة القدم في‬ ‫أمريكا ال حتظى مبتابعة ملفتة كما يحدث حاليا‪ ،‬وأرادت في احتفال هذه‬ ‫السنة على ما يبدو رد جميل األسطورتني على كل ما قدماه للفريق في‬ ‫حقبة السبعينيات‪ ،‬وما بذاله من جهد ألجل التعريف بهذا النادي خارج‬ ‫تراب الواليات املتحدة األمريكية ‪.‬‬ ‫هذا بيكنباور العاشق للكرة حد الثمالة‪ ،‬يسافر إلى أقصى األماكن ملبياً‬ ‫دع��وة ن� ٍ�اد لعب له وأحبه‪ ،‬أو دع��وة دول��ة ترنو إلى صناعة تاريخ في كرة‬ ‫القدم‪ ،‬ولم جتد سوى القيصر كي يرشدها إلى وصفة النجاح‪ ،‬لكنه عندما‬ ‫يعود إلى أملانيا ال يقوى على مقاومة حبه القدمي نادي بايرن ميونيخ الذي‬ ‫أصبح رئيسا شرفيا له‪ ،‬وال يستطيع السيطرة على مشاعره حني يخسر‬ ‫أو يفوز البافاري‬ ‫عندما خسر البايرن قبل أيام من بورتو البرتغالي في ذهاب الربع نهائي‬ ‫من دوري أبطال أوروبا خرج القيصر عن طوعه صابا غضبه على العبي‬ ‫الفريق الذين خذلوا اجلماهير‪ ،‬وقدموا مباراة كارثية بحسب وصفه‪ ،‬ولم‬ ‫يكتف بذلك بل اتهم الالعبني في مقابلة تلفزيونية أجريت معه عقب‬ ‫اللقاء بأنهم لعبوا املباراة كما‬ ‫لو أنهم تناولوا احلبوب املنومة‬ ‫م �ح��ذرا أي��اه��م م��ن التراخي‬ ‫في مباراة األي��اب‪ ،‬فالقيصر‬ ‫يتحمل خ�س��ارة ك��ل ش��ىء إال‬ ‫خسارة البايرن‬

‫بيكنباور املدرب‬

‫األضواء مازالت تطارده رغم ابتعاده عن‬ ‫اللعب والتدريب وبلوغه سن السبعني‬ ‫يضىء رفقة بيليه «إمبرانت ستايت» في نيويورك‬ ‫ويحظى بتكرمي استثنائي من كوزموس‬

‫العاشق للكرة حتى الثمالة ليس لغضبه حد إذا خسر‬ ‫البايرن‬

‫القائدالناصح‬ ‫الراصدون لتصريحات وآراء بيكنباور حول البايرن يخلصون إلى أن الرجل‬ ‫متابع دقيق ألداء وتصرفات كل العب في الفريق‪ ،‬وهو صاحب الكلمة‬ ‫الفصل حتى وإن كان حاليا ال يحمل صفة رسمية بالفريق إذا استثنينا‬ ‫صفة الرئيس الشرفي ‪.‬‬ ‫في برنامج «سكاي ‪ »90‬ال��ذي يبث على قناة سكاي الرياضية ‪ ،‬خص‬ ‫بيكنباور باالنتقاد املهاجم الفرنسي فرانك ريبيري وقلب الدفاع جيروم‬ ‫بواتينغ قائال بأن تصرفات ريبيري تضر بالفريق وإذا كان الالعب يتعرض‬ ‫لتدخالت خشنة من طرف اخلصوم‪ ،‬فليس ذلك مبررا ألن يفقد أعصابه‬ ‫واحلال ينطبق على جيروم بواتينغ‪ ،‬الذي «يكون طرفاً في كل الشجارات‬ ‫اجلانبية» التي تندلع بني الالعبني‪ ،‬والتي غالباً ما تنتج عن أسباب تافهة‬ ‫مطالبا مسؤولي نادي بايرن ميونيخ بلفت انتباه ريبيري وبواتينغ إلى ما‬ ‫ميكن أن يتسببا فيه من أضرار للفريق في حالة تعرض أحدهما للطرد‪،‬‬ ‫وأيضاً في خدش صورة النادي بشكل عام‪ ،‬بحسب تعبيره‬

‫ينتقد الفرنسي ريبيري بقسوة ثم ما يلبث أن يحزن‬ ‫لعدم حصول الالعب على الكرة الذهبية عام ‪2013‬‬ ‫ملاذا يتكرر دائما هجوم بيكنباور على‬ ‫الالعب املغربي بن عطية ؟!‬ ‫يدافع باستماتة عن تطبيق التكنولوجيا في كرة‬ ‫القدم ‪ ..‬ويتوقع لها أن تزيح احلكام‬


‫املدربون واخلبراء يرصدون اللمسات‬ ‫واإلضافات التي وقعها على مركز الليبيرو‬ ‫الفيفا توقفه تسعني يوما لعدم تعاونه في قضية‬ ‫حصول قطر على حق تنظيم مونديال ‪2022‬‬ ‫ثاني مدرب عاملي بعد البرازيلي زاجالو يظفر بكأس‬ ‫العالم كالعب وكمدرب‬ ‫يثأر من األرجنتني في نهائي مونديال ‪.. 1990‬‬ ‫ويرغم مارادونا على البكاء‬

‫في ميونيخ‬

‫هذا االنتقاد لريبيري أو بواتينغ لم مينع بيكنباور من اإلش��ادة بأدائهما‬ ‫في مناسبات صحفية أخ��رى‪ ،‬وخاصة الالعب الفرنسي ريبيري الذي‬ ‫يرى القيصر أنه كان األجدر بنيل الكرة الذهبية عام ‪ ،2013‬لكن ما بات‬ ‫عصيا على التفسير هو ذلك االنتقاد املستمر من طرف بيكنباور ضد‬ ‫الالعب املغربي بن عطية منذ مقدم الثاني إلى النادي البافاري‪ ،‬في حني‬ ‫مازال مدرب الفريق جوارديوال ينال فائضا من التقدير حتى بعد عودته‬ ‫مؤخرا من البرتغال مهزوما بالثالثية‪ ،‬ولعلنا مازلنا نتذكر تصريح بيكنباور‬ ‫لصحيفة بيلد األملانية و الذي قال فيه بأنه يتمنى أن يظل املدرب األسباني‬ ‫عشرة أعوام في النادي البافاري‬ ‫مغرمبالتكنولوجيا‬ ‫بيكنباور مدافع مستميت عن تطبيق التكنولوجيا في كرة القدم‪ ،‬والشواهد‬ ‫على ذلك كثيرة ‪ ،‬يكفي هنا استعادة حديثه األخير للشركة اليابانية املصنعة‬ ‫لكاميرات املراقبة كي نقف على حقيقة وقوف بكنباور مع قضية تطوير‬ ‫اللعبة الشعبية األولى‪ ،‬فقد توقع أن حتل التكنولوجيا محل احلكام في كرة‬ ‫القدم‪ ،‬إذ من املمكن في املستقبل أن تكون كل زاوية في امللعب مراقبة‬ ‫ويصبح احلكم بال فائدة بحسب رأيه الذي يسعى إلى تداوله ومناقشته‬ ‫داخ��ل الفيفا‪ ،‬وهناك من يقول بأن بيكنباور كان وراء موافقة االحتاد‬ ‫األملاني على تطبيق تكنولوجيا خط املرمى في ال��دوري احمللي بدءاً من‬ ‫املوسم القادم ‪.‬‬ ‫هاجس التطوير سكن بيكنباور مذ كان العباً ‪ ،‬ولعلنا مبراجعة سيرته‬ ‫الرياضية نتوقف عند قضية األداء التي شغلته منذ حتوله من مركز العب‬ ‫خط الوسط إلى الالعب احلر في اخلطوط اخللفية أو ما يعرف بالليبيرو‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫رياضة‬ ‫أرقام وأحصائيات‬ ‫ـ لعب مع املنتخب األملانى ‪ 103‬مباراة دولية‪ ،‬كان قائدا‬ ‫خالل ‪ 50‬مباراة ‪،‬وسجل ‪ 14‬هدف ‪..‬‬ ‫ـ نال املركز الثانى فى بطولة كأس العالم ‪1966‬‬ ‫ـ نال املركز الثالث مع املانيا فى بطولة كأس العالم ‪1970‬‬ ‫ـ قاد املانيا للفوز بكأس العالم عام ‪1974‬‬ ‫ـ فاز مع املانيا ببطولة اوروبا عام ‪1972‬‬ ‫ـ لعب مع نادى ميونيخ ‪ 06‬من ‪1958 - 1954‬‬ ‫ـ لعب مع بايرن ميونيخ من ‪1977 - 1958‬‬ ‫ـ لعب مع كوزموس األمريكى من ‪80 - 77‬‬ ‫ـ لعب مع هامبورج من ‪82 - 80‬‬ ‫ـ نال بطولة الدورى األملانى خمس مرات مواسم ‪,1969‬‬ ‫‪.. 1982 ,1974 ,1973 ,1972‬‬ ‫ـ نال بطولة كأس املانيا اربع مرات أعوام ‪,1967 ,1966‬‬ ‫‪1971 ,1969‬‬ ‫ـ توج بكأس الكؤوس األوربية عام ‪1972‬‬ ‫ـ توج بلقب ال��دورى األمريكى عام ثالث م��رات ‪,1977‬‬ ‫‪1980 ,1978‬‬ ‫ـ لعب فى البوندزليجا ‪ 424‬م��ب��اراة وسجل ‪ 44‬هدف ًا ـ‬ ‫لعب فى البطوالت األوروبيه لألندية ‪ 78‬مباراة سجل‬ ‫خاللها ‪ 6‬أهداف‬ ‫ـ قام بتدريب مارسيليا الفرنسى ‪1991 - 1990‬‬ ‫ـ درب بايرن ميونيخ عام ‪1996 ، 1994‬‬ ‫ـ درب املانيا من ‪1990 - 1984‬‬ ‫ـ نال كمدرب مركز الوصيف مع املانيا عام ‪ 86‬باملكسيك‬ ‫ـ قاد كمدرب املانيا للفوز بكأس العالم عام ‪ 90‬بأيطاليا‬ ‫ـ قاد كمدرب بايرن ميونيخ للقب بطل املانيا عام ‪1994‬‬ ‫ـ قاد كمدرب بايرن ميونيخ لبطولة األحتاد األوروبى‬ ‫عام ‪. 96‬‬

‫بعد كأس العالم ‪1966‬‬ ‫لقد عمل على الرفع من مكانة هذا املركز في الفريق‪ ،‬وبات الليبيرو على‬ ‫يديه هو الالعب الذي يصنع بداية الهجمة‪ ،‬وكان التتويج األملاني بكأس‬ ‫العالم ‪ 1974‬فرصة ليتحقق املدربون واحملللون الكرويون من جناح بيكنباور‬ ‫في فرض أسلوب الليبيرو اجلديد في كرة القدم ‪.‬‬ ‫عقوبة مستحقة‬ ‫بحكم موقعه في اخللف‪ ،‬واحتكاكه املتوقع مع املهاجمني تعرض الالعب‬ ‫بيكنباور إلى إن��ذارات من احلكام‪ ،‬ولكن مجموع البطاقات امللونة التي‬ ‫تعرض لها تعد قليلة جدا إذا قورنت بالبطاقات التي رفعت في وجوه‬ ‫العبني آخرين يلعبون في نفس مركزه‪ ،‬ومرد ذلك أن بيكنباور كان يؤدي‬ ‫الواجب الدفاعي بفنيات عالية متحاشيا إيذاء خصومه عند استخالص‬ ‫الكرة منهم أو عند إفشال هجمة على مرماه‪ ،‬لكنه عندما اعتزل اللعب‬ ‫والتدريب وتفرغ للعمل اإلداري والدعائي وقع في التسلل مرات عديدة‪،‬‬ ‫ولعلنا نتذكر حادثة إيقافه من الفيفا يوم ‪ 13‬يونيو ‪ 2014‬ومنعه من مزاولة‬

‫أي نشاط له عالقة بكرة القدم ملدة ‪ 90‬يوما على خلفية عدم تعاونه مع‬ ‫التحقيقات التي كانت جترى بشأن التصويت الختيار قطر كمنظم ملونديال‬ ‫‪2022‬‬ ‫سيرة باذخة‬ ‫يعد الالعب واملدرب فرانز بيكنباور واحدا من أبرز األسماء التى شهدها‬ ‫كأس العالم عبر تاريخه فقد جنح بيكنباور كالعب فى قيادة املانيا إلى لقب‬ ‫كأس العالم عام ‪ 1974‬بأملانيا ثم نال اللقب كمدرب عام ‪ 1990‬بأيطاليا ‪..‬‬ ‫ولد بيكنباور فى ‪ 1945/09/11‬مبدينة ميونيخ األملانية‪ ..‬بدأ حياته‬ ‫الرياضيه بعمر ‪ 9‬س�ن��وات ف��ى فريق الشباب ب�ن��ادى ميونيخ ‪ 06‬قبل‬ ‫األنضمام إلى نادى بايرن ميونيخ عام ‪.. 1958‬‬ ‫ظهر بيكنباور ألول مرة مع بايرن ميونيخ فى مركز اجلناح األيسر وحتديدا‬ ‫يوم ‪ ، 1964/6/6‬وأحتفل مبشاركته الدوليه األولى يوم ‪1965/9/26‬‬ ‫بعمر ‪ 20‬عاما ‪..‬‬ ‫لعب مع املانيا ثالث كؤوس عاملية وكانت أول مشاركة له فى تاريخ كأس‬


‫مستعرضا أحذيته‬

‫الليبرو الفنان‬ ‫بيكنباور القائد‬

‫العالم عام ‪ 66‬بأجنلترا حيث أحرز هدفني فى أول مباراة له أمام سويسرا‬ ‫والتى انتهت ملصلحة املانيا ‪ 0/5‬على الرغم من أن املانيا فقدت اللقب أمام‬ ‫منتخب البلد املضيف اجنلترا ‪..‬‬ ‫فى البطولة الثانية لبيكنباور عام ‪ 1970‬باملكسيك عانى بيكنباور من‬ ‫إصابه فى كتفه ولم تخرج أملانيا سوى باملركز الثالث بعد خروجها فى‬ ‫النصف نهائى أمام ايطاليا ‪..‬‬ ‫وفى البطولة الثالثة لبيكنباور والتى اقيمت فى املانيا عام ‪ 74‬قضى القيصر‬ ‫أفضل أوقاته حيث قاد املانيا بقوه الى النصر والظفر باللقب وأول نسخة‬ ‫من الكأس اجلديد بعد أن أحتفظت البرازيل بكأس جول رمييه عام ‪70‬‬ ‫وقد أحسن بيكنباور فى هذه البطولة قيادة منتخب بالده حيث كان مدافعا‬ ‫صلبا يساند بقوه زمالءه فى الهجوم ‪..‬‬ ‫وف��ى ع��ام ‪ 77‬ت��رك بيكنباور بايرن ميونيخ وأنضم ال��ى فريق كوزموس‬ ‫نيويورك األمريكى ‪ ،‬وعقب هذه التجربه وضع بيكنباور حدا ملشواره الدولى‬ ‫مع املنتخب األملانى والذى تواصل لنحو ‪ 103‬مباراة ‪..‬‬ ‫فى عام ‪ 1982‬عاد الى املانيا ولعب مع فريق هامبورج ثم رجع الى كوزموس‬ ‫األمريكى من جديد قبل ان يعلن أعتزاله اللعب عام ‪.. 1983‬‬ ‫فى عام ‪ 1984‬وبعد فشل املدرب جوب ديروال مع املنتخب األملانى عني‬ ‫بيكنباور مدربا ألملانيا ‪ ،‬وحقق بيكنباور أول جناح له فى عالم التدريب‬ ‫بعد أن قاد املانيا إلى املباراة النهائية لكأس العالم التى أقيمت عام ‪86‬‬ ‫باملكسيك ولكن املانيا خسرت املباراة أم��ام األرجنتني بقيادة مارادونا‬ ‫وخسرت الكأس ‪..‬‬ ‫وفى عام ‪ 1990‬بأيطاليا كان بيكنباور على موعد أخر مع املجد حيث‬ ‫قاد املانيا كمدرب للفوز باللقب مرة أخرى بعد أن ثأر من األرجنتني فى‬ ‫املباراة النهائية ليكون بيكنباور أول املانى يحرز كأس العالم كقائد للمنتخب‬ ‫وكمدرب ‪ ..‬وثاني مدرب عاملي بعد البرازيلي زاجالو الذي أحرز الكأس‬ ‫العاملية كالعب عام ‪ ، 1958‬وكمدرب عام ‪1970‬‬ ‫تولى بيكنباور عدة مناصب قيادية فقد كان رئيسا لنادى بايرن ميونيخ‬ ‫حتى عام ‪ 1998‬كما تولى نائب رئيس األحتاد األملانى وقيادة حملة املانيا‬ ‫الستضافة كأس العالم ‪.. 2006‬‬


‫‪98‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬

‫على سطح األرض‬

‫التفكير في الكتابة‬ ‫(‪)3 – 1‬‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬ ‫(‪)1‬‬

‫الكتابة عابرةٌ‪.‬‬ ‫إن ما يتبقى هو رغباتنا اجلارفة وأُخذتنا بتشيؤ واحدة من أفكار‬ ‫ّ‬ ‫مسطح ميكن الهبوط عليه‪ ،‬وبدء ممارسة‬ ‫عابرات‪ ،‬حتويلها إلى‬ ‫جديدة‪ .‬لكن ما اجلديد إذا كان التاريخ‪ ،‬مبا ال نعرف كيف‪ ،‬قاد ٌر‬ ‫دائما على أن يبدو كآلة رهيبة إلعادة اإلنتاج؟‬ ‫تدوير األبجدية منذ قدموس هو أساساً لعبة ال قواعد لها‪ ،‬ال‬ ‫أخالق عظيمة لها‪ .‬ملاذا نكتب؟ سيكون على ال��دوام س��ؤاالً غير‬ ‫ُمجاب‪.‬‬ ‫إذ يف ّكر الكاتب في تلك الـ ملاذا فإنه يبدأ من ذاته‪ ،‬و‪ ..‬ضد ذاته‪،‬‬ ‫ليمنح قارئه االنطباع بأن صراعاً ما ينشأ‪ ،‬وأنه من املوقع السهل‬ ‫للقراءة سوف يساهم في جعل هذا الصراع ممكناً و‪ ..‬إيجابياً‪.‬‬ ‫الكتابة بهذا املعنى هي فعل تضامن‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫الكتابة كعمل تقوم على نسيج عالقات اعتماد وإسناد متبادلة‪ ،‬ما‬ ‫يدعوه فوكو حقل املمكنات االستراتيجية‪ ،‬أي أنها ال تكون خارج‬ ‫اشتراطات وتقاطعات محتومة‪.‬‬ ‫الكلمات منتجات تاريخية‪ ،‬صفتها التداولية تت ّكون كاستحقاق‬ ‫عبر العالقة باآلخرين‪ .‬لكن‪ ،‬وإذ يبدو أداء املعنى شرعياً إلى‬ ‫هذا احلد‪ ،‬وطبيعياً فإن الكتابة تتميز اآلن بقدرتها الفائقة على‬ ‫ّ‬ ‫مسطح إلى آخر‪.‬‬ ‫االنزالق من‬ ‫�رب بني الكلمات‪ .‬من هنا يتبدى العمل‬ ‫الكتابة بهذا املعنى ح� ٌ‬ ‫كـ«ضرورة إحراز النصر على الكلمات‪ ،‬ففي كلمة واحدة تعيش‬ ‫عدة كائنات‪ ،‬متكاملة أو متناقضة‪ ،‬ذات أبعاد عديدة‪ ،‬أو ممهورة‬ ‫مبظاهر وأزمنة مختلفة‪ ،‬وإزاء حياة الكلمة كل نتيجة يصل إليها‬ ‫الكاتب تكون خطأ على األرج��ح» ومن سيالنات األخطاء‪ ،‬يولد‬ ‫نص جديد هو مظهر جديد لذات كاتبة ال تعترف بتراجعها أمام‬ ‫تناتل الكلمات‪ ،‬وتضافرها أيضاً‪ ،‬بل تُقبل عليها بخدر ول��ذة‪.‬‬ ‫توحد‪.‬‬ ‫الكتابة بهذا املعنى هي فعل ّ‬ ‫بتبدالت احلنني إلى‬ ‫الكاتب صورة أخرى من كلماته‪ ،‬مثلها يُصاب ّ‬ ‫هذا املعنى أو ذاك‪ ،‬مثلها يتأرجح بني أزمنة ومسطحات عديدة‪،‬‬ ‫أين ميكن أن تهبط‪ /‬يهبط من سماء املج ّرد إلى أعطاب الراهن‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫املسافة من املجرد إلى الشغل االجتماعي هي التاريخ كله‪ ،‬وهي‬ ‫في نفس الوقت حلظة كتابة ملؤها التناتل واالحتماالت‪ ،‬إلى هذا‬ ‫احلد من الاليقني ميكن أن منضي‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫إذا بني االس��م والنص‪ ،‬فإن الكاتب يسعى ألن ي َؤ ّبَد نصه‪ .‬على‬

‫حساب االس��م ما هو األش��د إبهاجاً من حتويل األخ�ط��اء‪ ،‬التي‬ ‫هي الكتابة‪ ،‬إلى حقائق‪ ،‬إلى واقع‪ ،‬إلى دليل للحاملني كذلك بنص‬ ‫جديد‪ ،‬وبعالم جديد يرت ّد في النهاية ليكون البداية نفسها؟‬ ‫(‪)5‬‬ ‫في احتكاك الكتابة وتأدياتها‪ ،‬يبدو النص في ذاته تأ ّوالً يُعتمد‬ ‫طرفي‪ ،‬وم َع ّد مسبقاً‪ ،‬إن أهم صفات التأويل‬ ‫عليه‪ ،‬تأ ّول محدود‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال نهائيته وقابليته الدائمة لالنشطار أو االنضمام‪ .‬ذلك يضعنا‬ ‫أم��ام عمليتني‪ :‬ت��أ ّول الكاتب وت��أوي��ل ال �ق��ارئ (ال�ن��اق��د)‪ .‬إننا ال‬ ‫نصادف إال نصوصاً منقضية‪ .‬هل هي كذلك فع ً‬ ‫ال؟‬ ‫للتشجن‪ ،‬للدوران‪ ،‬لالنبثاث‪ ،‬قابل‬ ‫إن التأويل قابل لالستمرار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لالختالج دائماً‪.‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫ميكن متثيل النص باملوشور الذي ينح ّل عبره الضوء إلى مكوناته‬ ‫املتعددة األلوان‪ ،‬في النص مترر الذات الكاتبة حزم خطاباتها التي‬ ‫تنفك بدورها إلى حزم أخرى ميكن استقبالها من مواقع مختلفة‪.‬‬ ‫النص بذلك هو مرجع ومآل‪ ،‬أضويته تنح ّل إلى أضوية تنح ّل إلى‬ ‫أضوية تنح ّل‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫األصل األعمى‪ ،‬تعبير لدريدا‪ ،‬للخروج عن العالم‪ ،‬للغياب‪ ،‬لنوع من‬ ‫العدم ميكن لكل شيء أن ينبثق منه‪ ،‬وأن ينتج نفسه داخل اللغة‪،‬‬ ‫فهل ميكن تفادي الوعي بالكتابة أثناء الكتابة؟ إن ذلك يفضح‬ ‫متاوه األصل؛ يبدأ الوعي من أصل ما‪ ،‬مبا في ذلك غير احملدد‬ ‫واملمتنع وغير القابل للترئية‪ ،‬ومع ذلك غير املتف ّرد‪ .‬إن أصوالً‬ ‫تتبادل مواقعها وتترادف دون ما توقف‪ ،‬وكل اقتفاء إمنا ينشد‬ ‫أثراً ينمحي تدريجياً ويتالشى‪.‬‬


‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫يوزع هذا الكتاب مجان ًا‬ ‫مع العدد ( ‪ )10‬من مجلة املستقل‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫مع هذا العدد‪:‬‬

‫كتاب «من الذاكرة»‬ ‫تأليف‪ :‬حسني نصيب المالكي‬


‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪12‬‬ ‫‪ 26‬أبريـــــل ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.