مجلة المستقل-العدد الخامس عشر

Page 1

‫شعوب خلف حجاب‬ ‫الليل األسود‬ ‫السنة األولى ‪ -‬العدد اخلامس عشر ‪ -‬األحد ‪ 17‬مايو ‪2015‬‬ ‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫ورثة قابيل‪ ..‬والغربان اجلدد‬ ‫أسر في ليبيا تهب بناتها لداعش‬ ‫إيرادا‬

‫خصصة لذو‬

‫يا‬ ‫الحت‬ ‫ياجا‬

‫ت‬

‫إيرا‬

‫دا ت‬

‫هذا‬

‫ال‬

‫القضية‬ ‫الجنائية األولى!‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫عد‬

‫خصصة لذوي ا‬ ‫دم‬ ‫الحت‬

‫ي‬ ‫اجا‬

‫ت‬

‫إي‬ ‫ال رادا‬ ‫ت‬ ‫لذ عدد مخ هذا‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫االحتي صة‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫لخاصة جات‬

‫دم‬ ‫عد‬ ‫ل‬

‫صة‬ ‫لخا‬ ‫ا‬

‫ته‬ ‫ذا ا‬


‫‪02‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬


‫‪03‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫كاريكاتير‬

‫داعشيــــــات‬


‫‪04‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫احملتويات‬

‫‪www.almostaqil.com‬‬

‫‪15‬‬

‫في هذا العدد‬

‫‪06‬‬ ‫‪08‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪28‬‬

‫القضية الجنائية األولى‬

‫ما األسباب التي أدت إلى إنشاء «مؤسسة العدالة‬ ‫ً‬ ‫أوال»؟‪ ..‬وماذا تستطيع هذه املؤسسة أن تقدم اآلن؟‬ ‫اإلجابة على ذلك هي إجابة على أسئلة الوطن كما‬ ‫يعرضها األستاذ حسن طاطاناكي‪.‬‬

‫ليبيا في صحافة اإلسبوع‬

‫األحداث الساخنة التي تعيشها ليبيا حالي ًا مازالت‬ ‫تستقطب اهتمام الصحف العربية واألجنبية‪ ..‬في‬ ‫هذا العدد نستعرض أهم ما جاء في تلك الصحف حول‬ ‫متدد داعش في ليبيا‪ ..‬إضافة إلى أخبار وتقارير ال تقل‬ ‫خطورة عن ذلك‪.‬‬

‫سياسية أسبوعية شاملة‬

‫رئيس مجلس اإلدارة‬

‫حسن طاطاناگي‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫عبداملنعم احملجوب‬ ‫مدير التحرير‬

‫حسن الفيتوري‬ ‫املدير الفني‬

‫سامح الكاشف‬

‫هيئة التحرير‬ ‫مرمي عبدالله‬ ‫إياد بن علي‬ ‫علي خويلد‬ ‫منصور عمارة‬ ‫عبداحلكيم الورفلي‬ ‫الشؤون اإلدارية‬

‫طارق مصباح علي‬ ‫تصدر عن‪:‬‬

‫املنظمة الليبية للصحافة‬ ‫وحيادية املعلومات‬

‫تنفيذ‪:‬‬ ‫دار تانيت للنشر والدراسات‬

‫تعبر آراء الكتّ اب بالضرورة عن وجهة‬ ‫ال ّ‬ ‫نظر املجلة‬

‫تقرير الصحفيين العرب‬

‫االحتاد العام للصحفيني العرب يطلق تقريره عن حالة‬ ‫احلريات الصحفية في الوطن العربي ‪2015- 2014‬‬ ‫حتت عنوان‪ :‬حرية الصحافة بني السلطة واإلرهاب‬ ‫ أزمة احلريات في العالم العربي بني مطرقة اإلرهاب‬‫وضرورات احلفاظ على األمن القومي‪.‬‬

‫ورثة قابيل‪ ..‬والغربان الجدد‬

‫يرى الكاتب عبد الواحد حركات أن سوسة‬ ‫الشيطان حاضرة في التفاسير‪ ،‬وأن يوسف‬ ‫القرضاوي يتزعم مشروع الكراهية وتأصيل العنف‬ ‫في اإلسالم ‪ ..‬مقال حتليلي يحاول اإلجابة على‬ ‫سؤال الزج باإلسالم في الصراعات السياسية‪.‬‬

‫«شيطان أبوهم يبقى إيه»؟‬

‫عنوان إلحدى قصائد الشاعر املصري العامي‬ ‫أحمد بخيت يبني عليه الكاتب الصديق‬ ‫بودوارة مقالة ساخرة وعنيفة موجهة ضد «أهل‬ ‫السياسة»‪.‬‬

‫ليلة الهجوم الغادر‪..‬‬ ‫وطعنة السونكي البريئة‬

‫مازال الكاتب املصري براء اخلطيب يواصل سرد‬ ‫ذكرياته عن حرب اليمن أيام الزعيم الراحل جمال‬ ‫عبدالناصر‪ ..‬في هذه احللقة تفاصيل مؤملة عن‬ ‫الهجوم الغادر الذي تعرضت له كتيبتهم في جبل‬ ‫التيتمان‪.‬‬

‫املكتب الرئيسي ‪ -‬طبرق‪ :‬املكتب اإلعالمي مبجلس النواب‪ .‬هاتف‪ - 0925242135 – 0925783941 :‬مكتب القاهرة ‪ -‬شيراتون‪ ،‬مربع‬ ‫‪ ،1177‬مقابل األكادميية العربية للعلوم‪ ،‬هاتف‪ - 019057782 :‬مكتب طرابلس‪ :‬زاوية الدهماني‪ ،‬بالقرب من وزارة اخلارجية‬ ‫‪ -‬مكتب تونس‪ :‬الفاييت‪ 35 ،‬نهج مصر‪ ،‬تونس‪ ،‬هاتف‪ - 21902022 :‬مكتب املغرب‪ 69 :‬شارع الوحدة االفريقية‪ ،‬هاتف‪662869513 :‬‬


‫‪34‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪54‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪76‬‬

‫ّ‬ ‫يكتظ بالتحوالت‬ ‫خمسة وجوه لعالم‬

‫في اجلزء الثاني واألخير من هذا املقال يستعرض‬ ‫الكاتب خالد احلراري ما تبقى من وجوه العالم‬ ‫حتسنت‬ ‫اخلمسة مشير ًا إلى أن االقتصادات سواء‬ ‫ّ‬ ‫أو عانت من متاعب بنيوية فإن النتائج نتكون‬ ‫دائم ًا هي املزيد من تصاعد التنافس واخلالفات‪.‬‬

‫شعوب تلتقي خلف حجاب الليل األسود‬

‫مناطق كانت فيما مضى تتميز بوفرة األمطار وغزارة‬ ‫احلياة النباتية والغنى احليواني ‪ ،‬وكانت صاحلة ملعيشة‬ ‫اإلنسان األول‪ ،‬ومن هذا املوطن األصلي انتشر اإلنسان‬ ‫في كل اجتاه ‪ ..‬لكن من بقي إفريقيا ما زال يعاني أزمة‬ ‫هوية حادة‪.‬‬

‫الشعر ليس هو المعنى ولكنه حالة المتلقي‬

‫أراد الشاعر إدريس علوش أن يكون حواره مع الشاعر حميد‬ ‫سعيد حول القصيدة‪ ،‬وبداياتها‪ ،‬وزمانها‪ ،‬والوعي بها‪ ،‬ونقدها‪.‬‬ ‫يقول‪ :‬ليس سهال أن حتاور شاعر ًا يدرك شأن القصيدة‪،‬‬ ‫يدركها بحواسه وافتتانه بها مبنى ومعنى‪ ،‬وبهيامه بها‬ ‫باعتبارها قصيدة حاملة‪ ،‬فاتنة‪ ،‬وهاربة دائم ًا‪.‬‬

‫لهفة‪ ..‬قضية مسكوت عنها‬

‫السيناريست الشاب أنيس بوجواري في حواره مع‬ ‫املستقل يوجه نقدا عنيفا لوزير الثقافة السابق‪،‬‬ ‫ويتحدث عن فيلمه اجلديد الذي يناقش فيه‬ ‫قضية شائكة مازالت تداعياتها املؤملة تنخر جسد‬ ‫املجتمع الليبي‪ ،‬دون أن ينسى سرد إجنازاته‬ ‫الفردية في زمن قصير‪.‬‬

‫بحر من الماء العذب تحت عباءة‬ ‫صفراء‬

‫الكفرة رمز احلوض اجلنوبي الشرقي من ليبيا‪،‬‬ ‫هي حوض وواحة في وكانت تسمى في السابق‬ ‫باسم «تازر»‪ ،‬باإلضافة إلى هذه املدينة ميتلئ هذا‬ ‫الركن بالواحات واجلبال وعيون املاء الكبريتية‪.‬‬

‫إفران‪ ..‬رحلة إلى األطلس األوسط‬ ‫بمحض الصدفة‬

‫غادر مختار اجلدال باماكو دون أن يعرف ملاذ؟ وصل‬ ‫إلى جبال األطلس األوسط واتخذ طريقه إلى‬ ‫إفران وآزرو واملناطق احمليطة بها والتي يعرفنا عليها‬ ‫تاريخي ًا وجغرافي ًا وبيئي ًا وسياسي ًا كذلك‪.‬‬

‫على سطح األرض‬

‫‪98‬‬

‫مييز الدولة هي منعتها ككيان‪،‬‬ ‫ما ّ‬ ‫وعلى األخص حتقيق أدوار‬ ‫التنموية‬ ‫تكاملية بني مشاريعها‬ ‫ّ‬ ‫وبني اختياراتها االستراتيجية‪.‬‬ ‫أي قدرتها على إحداث الصلة بني‬ ‫الواقع واملمكن‪ ،‬فإذا غابت هذه‬ ‫السمة من وصف الدولة‪ ..‬نكون‬ ‫أمام «دولة رخوة»‪.‬‬

‫األسعار‪ :‬ليبيا‪ 5 ،‬دنانير‪ ،‬مصر‪ 5 :‬جنيهات‪ ،‬تونس‪ 5 :‬دينار‪ ،‬املغرب‪ 20 :‬درهم‪ ،‬السعودية‪ 12:‬ريال‪ ،‬الكويت‪ 1000 :‬فلس‪،‬‬ ‫البحرين‪ 1000 :‬فلس‪ ،‬االمارات‪ 15 :‬دراهم‪ُ ،‬عمان‪ 1000 :‬بيسة‪ ،‬اليمن‪ 150 :‬ريال‪ ،‬سوريا‪ 100 :‬ليرة‪ ،‬لبنان‪ 3000 :‬ليرة‪،‬‬ ‫األردن‪ 3 :‬دينار‪ ،‬غزة والضفة‪ 2 :‬دوالر‪.‬‬


‫‪06‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا أو ًال ‪..‬ودائما‬

‫بقلم‪ :‬حسن طاطاناكي‬

‫«العدالة أو ً‬ ‫ال» مؤسسة من أجل ضحايا اإلرهاب‬

‫القضية الجنائية األولى‬ ‫انتظر الليبيون كثيراً لكي يتدخّ ل القضاء احمللّي والدولي‬ ‫فيضع ح��داً للمأساة ال�ت��ي يعيشونها بسبب التنظيمات‬ ‫اإلرهابية الدخيلة على املجتمع الليبي‪ ،‬ولكن‪ ..‬ال حياة ملن‬ ‫تنادي‪.‬‬ ‫انتظر املصابون واليتامى واألرامل وأولياء الدم واملتضررون‬ ‫واملهجرون‬ ‫واملكلومون والسجناء واملظلومون وال�ن��ازح��ون‬ ‫ّ‬ ‫والذين ُسلبت ممتلكاتهم وش ّرد أبناؤهم ولكن‪ ..‬ال حياة ملن‬ ‫تنادي‪.‬‬ ‫املنظمات واملؤسسات الدول ّية لم تُقدِ م على خطوة عمل ّية‬ ‫واح��دة تشير إلى أنها تهت ّم مبأساة الليبيني أو ترغب في‬ ‫استقرار وانتعاش وع��ودة احلياة إل��ى ه��ذه البالد‪ ،‬ال أحد‬ ‫يدري‪ :‬ملاذا استشرى الصمت ع ّما يحدث في ليبيا وكأنها‬ ‫ليست جزءا من العالم؟‪.‬‬ ‫املنظمات وامل��ؤس�س��ات احملل ّية ت�ب��دو وكأنها مغلوبة على‬ ‫أمرها‪ ،‬وغير قادرة على فعل شيء‪ ،‬فهي لم تقم بأكثر من‬ ‫اإلدان��ة واالستنكار وإص��دار البيانات واخل�ط��ب‪ ،‬وك��أن ما‬ ‫يحدث في ليبيا هو مج ّرد ظاهرة إعالمية ميكن الر ّد عليها‬ ‫بالعمل اإلعالمي وحده؟‪.‬‬ ‫أم��ام ه��ذا الصمت وال�لاج��دوى ب��ادرت نخبة من املواطنني‬ ‫الليبيني إل ��ى إن �ش��اء م��ؤس�س��ة ج��دي��دة أط �ل��ق عليها اس��م‬ ‫«مؤسسة العدالة أوالً» لتكون قادرة على املطالبة أمام العالم‬

‫بإرساء العدالة وحماية احلقوق ووضع ح ّد نهائي للمليشيات‬ ‫اإلرهابية واملرتزقة الذين يعيثون في األرض فساداً‪.‬‬ ‫الذين بادروا إلى القيام بهذه اخلطوة يدركون جيداً أن عملهم‬ ‫يجب أن ينتهي إلى مخرجات جديدة حت ّرك قضية حقوق‬ ‫اإلنسان ومقاومة اإلرهاب‪ ،‬ويعرفون متاماً أنهم مقبلون على‬ ‫«ح��رب قانونية» يجب أن يخوضوا غمارها منذ البداية‪..‬‬ ‫إن القضية أكبر من أن نوجزها في كلمات بسيطة‪ ،‬ألنها‬ ‫قضية وطن بأسره‪ ،‬ولكن ما يدفعنا إلى املضي قدماً في‬ ‫هذا اخليار هو إمياننا املطلق بأن األسباب التي كانت وراء‬ ‫إنشاء هذه املؤسسة هي أسباب وطن ّية ال ميكن إغفالها أو‬ ‫التغاضي عنها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لهذه األسباب ُولدت «مؤسسة العدالة أوال»‪.‬‬ ‫> لكي تغ ّذي اإلميان بضرورة العمل على إقامة دولة مدنية‬ ‫حتتكم إل��ى القانون‪ ،‬وتستلهم قيم احل��ق والعدالة‪ ،‬وتلتزم‬ ‫بحقوق اإلنسان التي تلتقي حولها املنظومة األممية على‬ ‫اختالف توجهاتها السياسية ومشاربها القومية‪.‬‬ ‫> ل �ك��ي ت��دع��م اجل��ه��ود امل �ض �ن �ي��ة م��ن أج���ل ت��رس �ي��خ قيم‬ ‫الدميقراطية واحل��داث��ة‪ ،‬وع��ودة ليبيا إل��ى مصاف ال��دول‬ ‫القادرة على النهوض والتنمية وبناء املستقبل‪.‬‬ ‫ال مو ّثقاً‬ ‫> لكي تضع أم��ام للعالم – بكل وض��وح – سج ً‬ ‫باجلرائم اإلرهابية واالنتهاكات الدامية التي ارتكبت في حق‬


‫الليبيات والليبيني‪ ،‬حتى ال يفلت مرتكبو هذه الفظائع من‬ ‫القصاص‪ ،‬وحتى يقتص منهم كل ذي حق مبا تق ّره الشرائع‬ ‫والقوانني‪.‬‬ ‫> لكي يتم إرس��اء بنية قانونية قو ّية ال تقبل التعطيل أو‬ ‫التأجيل‪ ،‬بل تبادر إلى استنفار جميع املنظمات واملؤسسات‬ ‫القانونية والقضائية والعدل ّية لكي تقف صفاً واحداً متراصاً‬ ‫ضد جرائم اإلرهاب‪.‬‬ ‫> لكي تكون عقب ًة كأداء في وجه اإلرهاب الذي يعتقد منفّذوه‬ ‫أنهم سيفلتون من املسؤولية‪ ،‬وحتى ال يف ّكر أحد في ارتكاب‬ ‫عمليات إرهابية أو اخلروج عن الشرعية‪ ،‬أو التحالف مع‬ ‫العصابات واملليشيات في الداخل أو في اخلارج‪.‬‬ ‫> لكي تكون سنداً قوياً للوطنيني من احملامني والقضاة‬ ‫واحلقوقيني واملثقفني واإلعالميني الذين يل ّبون نداء الوطن‬ ‫ويبذلون قصارى جهدهم حتى تستعيد ليبيا أمنها املفقود‪.‬‬ ‫لهذه األسباب املباشرة قامت نخبة من أبناء الوطن بإقامة‬ ‫«م��ؤس �س��ة ال �ع��دال��ة أوالً»‪ ،‬وه��ي ال �ن �ق��اط ال �ت��ي ت�ق��ف وراء‬ ‫مشروعيتها‬ ‫ضمن مسارين متكاملني‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫األول‪ :‬جوهر العدالة ال��ذي ال يختلف عليه اث�ن��ان مهما‬ ‫كان اختالف القاعدة السياسية أو العرقية أو الثقافية أو‬ ‫اجلغرافية‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬اآللية القضائية الكفيلة بتت ّبع جميع االنتهاكات‬ ‫واجلرائم التي يقترفها اإلرهابيون واخلارجون عن الشرعية‬ ‫والقانون‪.‬‬ ‫وبعبارة أخرى‪ ،‬فإن مرجعية هذه املؤسسة تستمد أصولها‬ ‫من املبادئ واملعايير السائدة في القانون الدولي‪ ،‬وعلى رأسها‬ ‫وثيقة حقوق اإلنسان‪ ،‬والقوانني اجلنائية الدولية‪ ،‬واملواثيق‬ ‫اإلقليمية احلقوقية السارية‪ ،‬واألنظمة والتشريعات احمللية‬ ‫الليبية الشبيهة‪.‬‬

‫لقد مت اختيار اسم «مؤسسة العدالة أوالً»‪ ،‬ألن العدالة هي‬ ‫الفيصل احلقيقي بني احلق واإلره��اب‪ ،‬بني الظلم والعدل‪،‬‬ ‫بني اجلناة ور ّد االعتبار‪ ،‬بني العدوان والقصاص ‪ ..‬أي بني‬ ‫ّ‬ ‫والتقدم‪ ..‬وبني من يعمل على‬ ‫يصطف مع احلياة واألمن‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫وأد احلياة وإثارة االضطراب والدفع باآلخرين إلى مجاهل‬ ‫التخلّف والدون ّية واإلرهاب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة لعمل «مؤسسة‬ ‫هذا هو – تقريباً – مجمل القواعد‬ ‫العدالة أوالً»‪ ..‬على أنها لن تكون مؤسسة مؤقتة تنتهي‬ ‫بانتهاء أطياف اإلرهاب وتنظيماته وعصاباته من ليبيا‪ ،‬بل‬ ‫سيستمر عملها دائماً‪ ،‬ألن حقوق اإلنسان ليست مؤقتة‪،‬‬ ‫وألن ضرورة األمن واألمان ليست مؤقتة‪ ،‬وألن استمرار سنّة‬ ‫احلياة مبا تعنيه من تضامن وتوافق وهدوء هي أيضاً شرط‬ ‫من شروط البقاء اإلنساني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ختام ًا‪ ..‬إن ّ‬ ‫املنظمة لعمل‬ ‫كل من يؤمن بهذه القواعد‬ ‫ً‬ ‫وطني ينظر إلى‬ ‫شخص‬ ‫هو‬ ‫»‬ ‫أوال‬ ‫العدالة‬ ‫«مؤسسة‬ ‫ّ‬ ‫األح�����داث ب��ع�ين امل��ص��ل��ح��ة ال��ع��ام��ة ل��ل��ب�لاد‪ ،‬وال يؤمن‬ ‫بالتشفّ ي أو االن��ت��ق��ام‪ ،‬أو األخ��ذ بالشبهة وال��ظ��ن‪ ،‬أو‬ ‫الهوية السياسية أو اجلهوية‪.‬‬ ‫اإلدانة على‬ ‫ّ‬ ‫أعضاء هذه املؤسسة – ً‬ ‫أوال وقبل كل شيء آخر – هم‬ ‫وطنيون يؤمنون بأن املصاحلة الوطنية تبقى‬ ‫ليبيون‬ ‫ّ‬ ‫فوق كل اعتبار‪ ،‬وأنها وقاية ضمنية للدولة من مخاطر‬ ‫التفكّ ك واالنقسام‪ ،‬كما يؤمنون بأن ثقافة القانون‬ ‫يجب أن تكون أساس ًا بنيوي ًا راسخ ًا في املجتمع لكي‬ ‫تنجح فيه مبادرات العفو والتسامح والتضامن‪.‬‬


‫‪08‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫داعش يعتمد على حرب األنفاق في بنغازي‬ ‫العالم اليوم ‪ :‬بعد إع�لان مت��دده في شرق ليبيا قبل ‪ 6‬أشهر‬ ‫مضت‪ ،‬يبدو أن تنظيم “داعش”‪ ،‬دخ��ل في حالة من التضييق‬ ‫اخلانق‪ ،‬فرضتها قوات اجليش الليبي خالل األسابيع املاضية‪،‬‬ ‫وبعد أن كانت معركته يتنقل فيها من ضاحية إلى أخرى ومن حي‬ ‫ألخر‪ ،‬ومن شارع إلى الذي يليه‪ ،‬ابتكر عناصر التنظيم طريقة‬ ‫جديدة للقتال‪ ،‬أال وهي (حرب االنفاق)‪.‬‬ ‫ص�ف�ح��ات ع�ب��ر م��واق��ع ال �ت��واص��ل االج �ت �م��اع��ي‪ ،‬م�ح�س��وب��ة على‬ ‫التنظيم‪ ،‬نشرت ص��وراً تظهر مقاتلي داع��ش‪ ،‬وهم يتنقلون عبر‬ ‫أنفاق حتت األرض في مدينة بنغازي‪ ،‬ويحملون كميات كبيرة‬ ‫من السالح والذخائر‪ ،‬وحملت هذه الصور عنواناً ب��ارزاً “جنود‬ ‫اخلالفة يتسللون عبر األنفاق وينفذون عمليات نوعية في منطقة‬ ‫الصابري”‪ ،‬في إشارة إلى احلي الذي يشهد منذ شهور طويلة‪،‬‬ ‫اشتباكات مع قوات اجليش الليبي‪.‬‬ ‫ي �ف �س��ر ال �ع �م �ي��د‬ ‫حمد احلسناوي‬ ‫اخلبير العسكري‬ ‫الليبي‪ ،‬تغير نهج‬ ‫عمليات التنظيم‪،‬‬ ‫بأنه ج��اء نتيجة‬ ‫ض��غ��ط اجل �ي��ش‬ ‫عليهم‪ ،‬وتضييق‬ ‫اخل� �ن ��اق عليهم‬ ‫داخ� ��ل األح��ي��اء‪،‬‬ ‫وه��و أم��ر متوقع‬ ‫من تنظيم يائس‪.‬‬ ‫ويواصل‬ ‫العيساوي حديثه‬ ‫مع شبكة “إرم”‪:‬‬ ‫“اجلميع يشاهد‬ ‫التنظيمات‬ ‫اإلرهابية كيف تقاتل في تونس ومصر واجلزائر أيضا‪ ،‬فنتيجة‬ ‫لتضييق اخلناق عليهم‪ ،‬وعدم متتعهم مبساحة واسعة للقتال‪ ،‬كما‬ ‫هو احلال في العراق وسوريا‪ ،‬يضطر التنظيم إلى اللجوء لألنفاق‬ ‫واملخابئ‪ ،‬وهو يدل على ضعفهم وقلة عددهم‪ ،‬وبالتالي األمر‬ ‫يحمل مؤشرا إيجابيا على قرب القضاء عليهم خالل فترة أقرب‬ ‫مما توقعنا”‪.‬‬ ‫ومتكنت شبكة “إرم” وعبر جهود ووساطات مضنية‪ ،‬من إقناع‬ ‫أحد القادة امليدانيني في تنظيم الدولة‪ ،‬باحلديث عن معاركهم في‬ ‫بنغازي عبر الهاتف‪ ،‬وعن يوميات القتال في املدينة التي شهدت‬ ‫انطالق شرارة ثورة الـ ‪ 17‬فبراير قبل أربعة أعوام‪.‬‬ ‫ويصف لنا القائد امليداني في تنظيم الدولة ويدعى (أبو البراء الليبي)‪،‬‬ ‫بعضا من يوميات املعركة قائ ً‬ ‫ال “نحن نقوم بعمليات دك معاقل جند‬

‫الطاغوت حفتر يومياً‪ ،‬وكبدناهم خسائر في األرواح والعتاد”‪.‬‬ ‫وغ��ال�ب��ا م��ا يشير تنظيم “داعش”‪ ،‬إل��ى ق��وات اجل�ي��ش الليبي‬ ‫التي يقودها القائد العام الفريق أول خليفة حفتر‪ ،‬بأنها قوات‬ ‫الطاغوت‪ ،‬كما يشير للقوات املساندة من شباب األحياء‪ ،‬بأنهم‬ ‫“صحوات ومرتدين”‪.‬‬ ‫وأردف في حديثه‪“ ،‬سنواصل التمدد في دولة اخلالفة‪ ،‬حتى يعم‬ ‫ليبيا اإلسالم وننتقل لدول شمال أفريقيا‪ ،‬ونكسر احلدود التي‬ ‫صنعها الطواغيت”‪.‬‬ ‫وعن سؤالنا ألسباب انتقالهم لقتال األنفاق‪ ،‬أجاب القائد امليداني‬ ‫في صفوف تنظيم الدولة‪“ :‬نحن نتبع طرق وأساليب عديدة‪ ،‬نقوم‬ ‫بتنويع القتال ونباغت قوات الطاغوت وصحواته املرتدين”‪.‬‬ ‫وردا على تساؤل حول طريقة تعويضهم للمقاتلني الذين يفقدونهم‬ ‫في املعارك‪“ :‬نعم خسرنا الكثير‪ ،‬لكننا ودعنا إخوتنا في اإلسالم‬ ‫شهداء طاهرين‪،‬‬ ‫والي� � ��زال الكثير‬ ‫م ��ن اإلخ� � ��وة من‬ ‫ت� ��ون� ��س وم��ص��ر‬ ‫واليمن والسودان‪،‬‬ ‫ي� �ص� �ل���ون إل��ي��ن��ا‬ ‫وكلهم رغبة كبيرة‬ ‫في االنضمام إلى‬ ‫ق��واف��ل الشهادة‪،‬‬ ‫ع� � � �ل � � ��ى أرض‬ ‫اإلسالم ليبيا”‪.‬‬ ‫وي� �ت� �ف ��ق م �ح �م��د‬ ‫اخلوجة الباحث‬ ‫الليبي في شؤون‬ ‫اجلماعات‬ ‫نفق داعشي في بنغازي اإلسالمية‬ ‫واجل� �ه��ادي ��ة‪ ،‬مع‬ ‫العميد احلسناوي‪ ،‬بأن عناصر داعش باتوا محاصرين‪ ،‬وفقدوا‬ ‫الكثير من قدراتهم القتالية‪.‬‬ ‫ويفسر اخلوجة أسباب نشر التنظيم صور األنفاق‪ ،‬قائ ً‬ ‫ال “التنظيم‬ ‫يحاول من خالل الصور‪ ،‬خلق حالة من التعبئة املعنوية في نفوس‬ ‫مقاتليه‪ ،‬مفادها أنهم قادرون على القتال بأي طريقة ممكنة‪ ،‬وهو‬ ‫أمر عهدناه على التنظيمات اجلهادية‪ ،‬التي تتبع في نهاية األمر‬ ‫أساليب التفخيخ والهجمات االنتحارية‪ ،‬في حال شعورها أنها‬ ‫فقدت كل شيء”‪.‬‬ ‫ويشير‪ ،‬إل��ى أن التحدي األب��رز الستمرار ضغط اجليش على‬ ‫داعش‪ ،‬هو محاولة مراقبة السواحل الليبية‪ ،‬حيث يصل مقاتلني‬ ‫من دول عديدة عبر البحر‪ ،‬لالنضمام إلى التنظيم في كال من‬ ‫درنة وبنغازي‪ ،‬وبالتالي وجب التضييق على هذا املنفذ”‪.‬‬


‫دواعش درنة يجبرون فتيات ُقصر على الزواج بهم‬

‫أسر في ليبيا تهب بناتها‬ ‫لتنظيم داعش مقابل الحماية‬ ‫التاميز‪ :‬نشرت التاميز حتقيقا صحفيا‬ ‫كتبته من ليبيا بيل ترو حتت عنوان «أسر‬ ‫مت�ن��ح بناتها لتنظيم ال��دول��ة اإلس�لام�ي��ة‬ ‫مقابل احلماية»‪.‬‬ ‫تقول ت��رو إن مسلحي الدولة اإلسالمية‬ ‫«داعش» في معقلهم مبدينة درنة الليبية‬ ‫ي�ج�ب��رون فتيات ص�غ�ي��رات‪ ،‬بعضهن في‬ ‫الثانية عشرة‪ ،‬على ال��زواج مقابل توفير‬ ‫احلماية ألسرهن‪ ،‬حسبما قال أطباء في‬ ‫املدينة‪.‬‬ ‫وت �ض �ي��ف أن� ��ه ف ��ي ع� ��ام ‪ 2013‬سجل‬ ‫االط �ب��اء حالة واح��دة ل��زواج القصر كل‬ ‫ثالثة أسابيع‪ ،‬ولكن منذ انتشار املقاتلني‬ ‫األجانب في مدينتهم وإعالن اجلهاديني‬ ‫ال � � ��والء ل �ت �ن �ظ �ي��م ال� ��دول� ��ة اإلس�ل�ام� �ي ��ة‪،‬‬ ‫تضاعفت األع��داد إلى ‪ 15‬مثال‪ .‬وقالت‬

‫أسماء سعيد الناشطة في مجال حقوق‬ ‫املرأة في ليبيا ـ التي تقيم في ليبيا ولكن‬ ‫خارج درنة ‪ -‬للصحيفة إن «املشكلة بدأت‬ ‫عندما استولت اجلماعات اجلهادية على‬ ‫امل��دي �ن��ة ع ��ام ‪ 2013‬واخ �ت �ف��ى اجل�ي��ش‬ ‫والشرطة واحملاكم»‪.‬‬ ‫وت �ق��ول ت ��رو إن س�ع�ي��د جت�م��ع معلومات‬ ‫وبيانات في السر من فريق من األطباء‬ ‫والناشطني في درنة وإنه وفقا للمعلومات‬ ‫التي جمعتها‪ ،‬شهدت املدينة ارتفاعا كبيرا‬ ‫في زواج القصر واألجهاض وموت األجنة‬ ‫واألمراض التناسلية‪.‬‬ ‫وأضافت سعيد للصحيفة إن الكثير من‬ ‫املراكز الصحية في درن��ة يسيطر عليها‬ ‫تنظيم الدولة اإلسالمية‪ ،‬مما جعل معرفة‬ ‫احلجم الكامل للمشكلة مستحيال‪ .‬وتقول‬

‫إن أصغر حالة مت تسجيلها كانت لفتاة في‬ ‫الثانية عشرة تعرضت لالغتصاب مرارا‬ ‫من قبل زوجها اجلهادي وفقدت حملها‪.‬‬ ‫وق��ال��ت سعيد للصحيفة إن «األع �ض��اء‬ ‫التناسلية للفتاة تعرضت ألض��رار بالغة‬ ‫وال ميكنها أن حتمل بعد ذل��ك كما أنها‬ ‫أصيبت باالكتئاب املزمن»‪.‬‬ ‫وقال عبد الرحمن‪ ،‬وهو ناشط في درنة‬ ‫لم يرغب في ذكر اسمه كامال‪ ،‬للصحيفة‬ ‫إن األسر تزوج بناتها للجهاديني للحصول‬ ‫على احلماية وال�ق��وة‪ .‬وأض��اف «تالحظ‬ ‫تغيرا في مكانة األسر‪.‬قبل تزويج بناتهن‬ ‫ل�ل�ج�ه��ادي�ين ك��ان��وا يختبئون ول �ك��ن بعده‬ ‫أصبحوا يتنقلون ف��ي املدينة ف��ي يسر‪.‬‬ ‫ويحصل بعضهم على س �ي��ارات وم�ن��ازل‬ ‫فارهة»‪.‬‬


‫‪10‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫أمين عام «الناتو»‪:‬‬

‫دور الحلف في ليبيا قادم‬

‫احلدث ‪ :‬شدد أمني عام حلف «الناتو»‪ ،‬ينس ستولتنبرج‪ ،‬على أن‬ ‫«احللف سيدافع عن احللفاء سواء تعرضوا لهجوم من اجلنوب‬ ‫أو من الغرب»‪ ،‬تعليقاً على إمكانية تدخل احللف في ليبيا قبالة‬ ‫السواحل األوروبية للتصدى ملهربي املهاجرين‪.‬‬ ‫وأكد في حوار أجرته معه صحيفة «لوفيجارو»‪ ،‬اإلثنني املاضي‪،‬‬ ‫أن «احللف يدعم جهود وسعى االحتاد األوروب��ى للحصول على‬ ‫تفويض بالتدخل العسكرى من مجلس األم��ن»‪ ،‬وق��ال إن «تلك‬ ‫املسألة تُدار بني أوروبا واألمم املتحدة‪ ،‬فمنح أساس شرعى مع‬ ‫حتديد طبيعة التفويض بالقيام بتدخل عسكرى أمر معقد‪ ،‬ولكننا‬ ‫نتمناه جميعاً»‪.‬‬ ‫وأش ��ار إل��ى أن «(ال �ن��ات��و) على اس�ت�ع��داد ملساعدة ليبيا لتحمل‬ ‫مسؤوليتها األم�ن�ي��ة‪ ،‬ومب �ج��رد ح��دوث وق��ف إلط�ل�اق ال �ن��ار بني‬ ‫الفصائل‪ ،‬وفى ظل وجود حل سياسي وحكومة وحدة وطنية‪ ،‬لن‬ ‫يكون لنا دور»‪.‬‬

‫وقال تعليقاً على استخدام روسيا حلق «الفيتو» في مجلس األمن‬ ‫ضد مشاريع االحت��اد األوروب ��ى اخلاصة بالتدخل في ليبيا إن‬ ‫«(الناتو) يحمى ‪ 28‬دولة‪ 28 ،‬حليف في حالة الهجوم‪ ،‬وبالطبع‬ ‫هو يدافع عن كل دولة وحليف ولكن هناك فرقاً بني االحتياط‬ ‫ألى هجوم وبني املشاركة في عملية عسكرية خارج محيط احللف‬ ‫بهدف تدمير سفناً على السواحل الليبية»‪.‬‬ ‫وأض ��اف أن «امل�س��ال��ة أك�ب��ر م��ن ذل��ك وتتعلق بإمكانية مواجهة‬ ‫عدم االستقرار‪ ،‬والعنف في املنطقة كلها‪ ،‬ولهذا السبب يرحل‬ ‫املهاجرين‪ ،‬والبد من التصدى لألسباب احلقيقية‪ ،‬ويتعني حتقيق‬ ‫االستقرار في هذه الدول وليس بالضرورة بنشر قوات فيها‪ ،‬وفى‬ ‫هذا الشأن يلعب (الناتو) دوراً أساسياً ولديه جتربة اكتسبها في‬ ‫أفغانستان منذ سنوات»‪.‬‬ ‫وقال‪« :‬بدأنا بالعراق‪ ،‬ونتعاون مع األردن‪ ،‬ونحن مستعدون لفعل‬ ‫ذلك في ليبيا في املرحلة املقبلة‪ ،‬هذا طريقنا في املستقبل»‪.‬‬

‫حلف الناتو‬


‫انقطاع الكهرباء يدوم أحيانا ‪ 12‬ساعة متواصلة‬

‫عاصمة ليبيا تغرق‬ ‫في الظالم‬

‫العربي اجلديد‪ :‬تفاقمت أزمة الكهرباء في العاصمة الليبية‬ ‫طرابلس‪ ،‬بعدما زاد العجز في الشبكة الكهربائية في البالد‪ ،‬ما‬ ‫أدى إلى انقطاع الكهرباء لنحو ‪ 12‬ساعة يوميا وسط طرابلس‪،‬‬ ‫وحرمان ضواحيها من التيار ملدة ‪ 23‬ساعة يومياً‪ ،‬األمر الذي فاقم‬ ‫األوضاع املعيشية واالقتصادية‪.‬‬ ‫وقال أشرف املرميي‪ ،‬الناطق الرسمي باسم الشركة العامة للكهرباء‬ ‫في تصريح لـ»العربي اجلديد»‪ ،‬إن هناك عجزا يصل إلى ‪800‬‬ ‫ميغاوات يومياً في طرابلس واملناطق املجاورة‪ ،‬نتيجة فصل دوائر‬ ‫التيار الكهربائي في منطقة ال��زه��راء جنوب العاصمة‪ ،‬بسبب‬ ‫االشتباكات املسلحة‪ .‬وأشار املرميي إلى أن طرابلس حتتاج وحدها‬ ‫إلى حوالى ألف ميغاوات‪ ،‬الفتا إلى أن هناك مشكلة في نقل الطاقة‬ ‫من محطات اإلنتاج إلي محطات التوزيع ومن ثم املستهلك‪.‬‬ ‫وتعاني شبكة الكهرباء في ليبيا من أعطال متكررة‪ ،‬ما يؤدي إلى‬ ‫انقطاع التيار الكهربائي بشكل يومي‪ ،‬ج��راء استهداف األب��راج‬ ‫واحمل�ط��ات الكهربائية الرئيسية بقذائف صاروخية ناجتة عن‬ ‫االشتباكات املسلحة بني فصائل متقاتلة‪ ،‬ما دفع املؤسسة احلكومية‬ ‫للكهرباء إلى التحذير من انهيار وشيك سيصيب الشبكة الكهربائية‪،‬‬ ‫خاصة في شرق البالد‪.‬‬ ‫وتكبدت الشركة العامة للكهرباء خسائر ضخمة بلغت نحو مليار‬ ‫دينار (‪ 769‬مليون دوالر) حتى نهاية ‪ ،2013‬بسبب حالة عدم‬ ‫االستقرار األمني‪ ،‬مما أدى إلى تعرض مقارها ومواقعها للسرقة‬ ‫وعمليات التخريب‪.‬‬ ‫وتصرف ليبيا سنوياً ‪ 800‬مليون دينار (‪ 615‬مليون دوالر)‪ ،‬لدعم‬ ‫يسدد‬ ‫الكهرباء في البالد‪ ،‬بحسب تقديرات حكومية‪ ،‬في حني ال ّ‬ ‫املواطنون فواتير الكهرباء‪.‬‬ ‫ويقول سكان محليون إن األوضاع املعيشية سيئة‪ ،‬في ظل انقطاع‬ ‫الكهرباء لساعات طويلة‪ ،‬في ظل ارتفاع درجات احلرارة إلى ‪40‬‬ ‫درجة مئوية‪ ،‬حيث تعرضت متاجر السلع الغذائية خلسائر نتيجة‬ ‫تلف البضائع التي حتتاج إلى تبريد‪ ،‬فضال عن توقف العديد من‬ ‫النشاطات االقتصادية‪.‬‬ ‫جتارة املولدات باتت رائجة في طرابلس‬

‫شعار سوناطراك اجلزائرية‬

‫عتاد جزائري بــ ‪ 25‬مليون دوالر‬ ‫محتجز في غدامس الليبية‬ ‫اخلبر اجلزائرية‪ :‬أكدت مصادر موثوقة‪ ،‬في تصريح لـ”اخلبر”‪،‬‬ ‫أن استثمارات سوناطراك بحقلني في غدامس جت��اوزت ‪110‬‬ ‫مليون دوالر‪ ،‬منذ فوزها بعقد الكشف والتنقيب عن البترول والغاز‬ ‫في حقلني متواجدين بحوض غدامس بليبيا‪ ،‬لتجمد حاليا في‬ ‫انتظار استقرار املنطقة‪.‬‬ ‫وإلى جانب االستثمارات التي خصصتها اجلزائر لتطوير حقولها‬ ‫في ليبيا‪ ،‬اليزال عتاد حفر الشركة محتجزا في منطقة غدامس‬ ‫ج�ن��وب غ��رب ليبيا‪ ،‬ف��ي ظ��ل ال�ع�ج��ز ع��ن ترحيله ع�ب��ر احل��دود‬ ‫اجلزائرية الليبية التي تبقى غير مؤمنة‪ ،‬نتيجة انتشار املليشيات‬ ‫املسلحة‪ .‬وتقدر قيمة عتاد احلفر املتواجد في غدامس‪ ،‬حسب‬ ‫ذات امل�ص��ادر‪ ،‬مبا قيمته ‪ 25‬مليون دوالر‪ ،‬غابت عنه الصيانة‬ ‫خالل السنوات األخيرة‪ ،‬ما ميكن أن يتطلب إنفاق أموال أخرى‬ ‫إلعادة تشغيله مستقبال‪.‬‬ ‫وما يؤكد أهمية االستثمارات اجلزائرية في ليبيا‪ ،‬حسب نفس‬ ‫املصادر‪ ،‬عودتها املبكرة في صيف ‪ 2012‬إلى مواقعها النفطية‬ ‫بليبيا‪ ،‬حيث كانت السباقة إلى ذلك‪ ،‬لتكون الوحيدة في شركات‬ ‫التنقيب التي وافقت على الرجوع إل��ى ليبيا‪ ،‬بعد سقوط نظام‬ ‫العقيد معمر القذافي‪ ،‬لتعود وترحل ثانية بعد نشوب احلرب‬ ‫األهلية بني مجموعات مسلحة ومليشيات‪.‬‬ ‫وفي انتظار استتباب األمن في ليبيا‪ ،‬استبعدت مصادر موثوقة‪،‬‬ ‫في تصريح لـ«اخلبر”‪ ،‬ع��ودة إط��ارات سوناطراك إل��ى مواقعها‬ ‫ب�غ��دام��س‪ ،‬معتبرة أن ذل��ك م�خ��اط��رة بحياة ال�ع�م��ال ف��ي الوقت‬ ‫الراهن‪ ،‬ومؤكدة أن سوناطراك لن تتخلى عن استثماراتها في‬ ‫غ��دام��س‪ ،‬وأن عودتها ستكون مباشرة بعد استقرار األم��ن في‬ ‫ليبيا‪ .‬للتذكير‪ ،‬كانت سوناطراك قد ف��ازت بعقد للتنقيب عن‬ ‫النفط بليبيا سنة ‪ ،2005‬لتستثمر فيه على األق��ل ‪ 750‬مليون‬ ‫دوالر‪ .‬وجنحت في اكتشاف ثالثة مواقع في أبريل ‪ 2009‬ومايو‬ ‫‪ 2010‬ومارس ‪ ،2013‬وقد قدرت سوناطراك املخزون في منطقة‬ ‫الزنتان القريبة من احلدود اجلزائرية الليبية بحوالي ‪ 45‬مليون‬ ‫برميل‪ .‬وكانت سوناطراك قد برمجت استغالل الكتل واحلقول‬ ‫اجلديدة بصورة فعلية في غضون سنة إلى سنة ونصف‪ ،‬إال أن‬ ‫تدهور الوضع األمني ح��ال دون ذل��ك‪ ،‬في وق��ت يستبعد العودة‬ ‫إل��ى موقع اإلن �ت��اج إل��ى غاية توفر ال �ش��روط األمنية الضرورية‬ ‫واملوضوعية ملباشرة نشاط اإلنتاج واالستكشاف أيضا‪.‬‬


‫‪12‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫أقام في سرت وفشل في حل الخالفات بين مبايعي البغدادي وأنصار الظواهري‬

‫البنعلي يضغط لتوسيع نفوذ «داعش»‬ ‫في ليبيا رغم تزايد العراقيل على األرض‬ ‫مستشار عسكري ليبي‪ :‬ميناء مصراتة هو المنفذ لدخول المتطرفين األجانب‬ ‫الشرق األوسط ‪ -‬عبد الستار حتيتة ‪ :‬كشفت مصادر ليبية في العاصمة‬ ‫املصرية القاهرة‪ ،‬متخصصة مبتابعة نشاط تنظيم داع��ش‪ ،‬عن أن تركي‬ ‫البنعلي ‪ -‬البحريني األصل ‪ -‬القيادي املهم في التنظيم األم بالعراق والشام‪،‬‬ ‫يضغط على «داع��ش ليبيا» لإلسراع في التصالح مع باقي املجموعات‬ ‫املتطرفة‪ ،‬وذلك لبسط النفوذ على مزيد من املدن الليبية‪ ،‬إال أنه يواجه‬ ‫صعوبات في هذا األمر ألسباب تتعلق بتوازنات بني اجلماعات املتشددة في‬ ‫البالد التي تعاني من الفوضى منذ مقتل العقيد معمر القذافي في ‪.2011‬‬ ‫مصادر اجليش الليبي تقول إنه ال توجد معلومات مؤكدة عن انتقال البنعلي‬ ‫لقيادة «داع��ش» في ليبيا‪ ،‬وأوض��ح املستشار في اجليش الوطني الليبي‪،‬‬ ‫صالح الدين عبد الكرمي‪ ،‬قائال لـ«الشرق األوسط» حول ما أفادت به مصادر‬ ‫أخرى عن انتقال البنعلي لليبيا‪ ،‬إن «مثل هذه األنباء أصبحت منتشرة‪ ،‬لكن‬ ‫ال توجد معلومات تؤكدها على األرض»‪ .‬وكشف عن قيام اجليش قبل يومني‬ ‫بتوجيه ضربات ألربعة مراكب كانت حتمل متط ّرفني وأسلحة متجهة من‬ ‫املتشددين في بنغازي‪.‬‬ ‫مدينة مصراتة لدعم املقاتلني‬ ‫ّ‬ ‫ولكن وفقا للمصادر‪ ،‬يسعى البنعلي‪ ،‬ال��ذي عمل بالقرب من «اخلليفة»‬ ‫املزعوم أبو بكر البغدادي‪ ،‬كرئيس جلهاز احلسبة في تنظيم داعش‪ ،‬لشق‬ ‫طريق للتعاون بني املقاتلني املتط ّرفني‪ ،‬خاصة في مدن درنة وسرت وبنغازي‬ ‫شماال‪ ،‬ومدينتي سبها وأوباري جنوبا‪ ،‬وحل اخلالفات بني مبايعي البغدادي‬ ‫من جانب وأنصار زعيم «القاعدة» أمين الظواهري من جانب آخر‪ .‬إال أن‬ ‫األوضاع املعقدة على األراضي الليبية‪ ،‬وتزايد قدرة اجليش الوطني على‬ ‫ضرب مواقع املتطرفني‪ ،‬تعرقل من مهمة البنعلي‪.‬‬ ‫وعما إذا كان «داعش» قد ولَّى البنعلي ‪ -‬البالغ من العمر ‪ 31‬سنة ‪ -‬على‬ ‫ليبيا‪ ،‬قالت مصادر مطلعة إن تر ّدد الرجل على البالد «يأتي على ما يبدو في‬ ‫إطار إشرافه على شؤون التنظيم في عدة بلدان خاصة في أفريقيا‪ ،‬بعدما‬ ‫بايعت حركة (بوكو حرام) النيجيرية املتطرفة (داعش) في الفترة األخيرة»‪.‬‬ ‫وأوضحت أنه على رأس أهداف البنعلي توسيع قاعدة التنظيم في ليبيا‬ ‫ألهميتها في املنطقة وفي البحر املتوسط وقربها من أوروبا‪ ،‬وأنه بحث مع‬ ‫أتباعه االستعانة بـ«بوكو حرام» لتعضيد معارك «داعش» ليبيا‪ ،‬بعد تع ّرض‬ ‫التنظيم للحصار ولعدة هزائم خالل األسابيع األخيرة‪.‬‬ ‫في هذه األثناء‪ ،‬يراقب سالح اجلو في اجليش الليبي عدة موانئ‪ ،‬منها درنة‬ ‫وسرت وبنغازي‪ ،‬مما أصبح يزيد من صعوبة دخول املتطرفني األجانب من‬ ‫أمثال البنعلي للبالد‪ .‬لكن املستشار عبد الكرمي يقول‪ ،‬ر ًدا على أسئلة «الشرق‬ ‫األوسط»‪ ،‬إن «املشكلة تكمن في ميناء مصراتة البحري الذي تدخله سفن‬ ‫ترفع العلم التركي‪ ،‬ونحن في اجليش الليبي ال نريد أن نتع ّرض لها كي ال‬ ‫ندخل في مواجهة عسكرية مع تركيا العضو في حلف الناتو (حلف شمال‬ ‫األطلسي)‪ ..‬نحن نعلم أن العدو ينتظر أي خطأ من جانبنا»‪.‬‬ ‫من جهة ثانية‪ ،‬تشير جهات ترصد حتركات «داعش» إلى أن تركي البنعلي‬ ‫يتخذ من مدينة سرت مق ًرا إلقامته حني ي��زور ليبيا‪ ،‬ويتحرك انطال ًقا‬ ‫منها إلى عدة مواقع توجد للتنظيم سيطرة فيها‪ ،‬من بينها درنة وصبراتة‬ ‫وسبها وأوباري‪ .‬وللعلم‪ ،‬فإن سرت هي مسقط رأس القذافي ومكان مقتله‪.‬‬ ‫ويتح ّرك البنعلي‪ ،‬وفق هذه اجلهات‪ ،‬حتت حراسة مجموعة من املتط ّرفني‬

‫الذين يحتلون مباني حكومية في املدينة الواقعة بشمال وسط ليبيا‪ ،‬وتطل‬ ‫على البحر املتوسط‪ ،‬وتع ّد معب ًرا مه ًما للمقاتلني في أرجاء البالد‪.‬‬ ‫وتشير إجابات املستشار عبد الكرمي عن األسئلة إلى أن قيادات من تنظيم‬ ‫«اجلماعة الليبية املقاتلة» املوالية لتنظيم القاعدة‪ ،‬ويشتبه في تسهيلها ظهور‬ ‫«داعش» في ليبيا‪ ،‬ما زالت تقف وراء فتح األبواب للمقاتلني األجانب لنشر‬ ‫مزيد من الفوضى في البالد‪ .‬وحال ًيا تقود عناصر من «اجلماعة الليبية‬ ‫املقاتلة» بالتحالف مع جماعة اإلخوان قوات ما يعرف باسم «فجر ليبيا»‬ ‫احملسوبة على مدينة مصراتة الساحلية‪ ،‬وتنفذ عمليات ضد اجليش‪.‬‬ ‫ويقول عبد الكرمي إن «املنفذ املتبقي لدخول املتطرفني األجانب‪ ،‬مثل البنعلي‪،‬‬ ‫هو غال ًبا ميناء مصراتة الذي يستقبل سفنًا حتمل العلم التركي بعيدًا عن‬ ‫إشراف الدولة الليبية وسلطاتها الشرعية»‪ .‬ويضيف أن «املتطرفني اآلن‬ ‫يدخلون من مصراتة كغطاء لهم‪ ،‬ألنهم يخشون الدخول من املوانئ األخرى‬ ‫التي أصبحت حتت أعني رجال اجليش الليبي»‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن تركي البنعلي يحظى بشهرة واسعة في أوساط املتط ّرفني‬ ‫في املنطقة بعدما كان طر ًفا في مفاوضات جرت العام املاضي بشأن اإلفراج‬ ‫عن الرهينة األميركي وعامل اإلغاثة بيتر كاسيغ‪ ،‬الذي نحره التنظيم الح ًقا‪.‬‬ ‫كذلك يعرف عنه حب اخلطابة وإص��دار املطو ّيات التي تتضمن تعليمات‬ ‫وشروحا جلنود التنظيم في مسائل العقيدة والقتال والتكفير وغيرها‪.‬‬ ‫وتستبعد املصادر أن يكون الرجل ق ّرر اإلقامة الدائمة في ليبيا‪ ،‬وتشير‬ ‫إلى أن زياراته نفسها‪ ،‬حتى اآلن‪ ،‬حتاط بالكتمان ألن األوضاع داخل ليبيا‪،‬‬ ‫خاصة أن عملية التنقل تتم عبر املدن والطرق الطويلة‪ ،‬أصبحت حتت أعني‬ ‫اجليش الوطني ومتثل خطرا‪« ..‬وهذا‪ ،‬على الرغم من أن للبنعلي عالقات‬ ‫خاصة وقدمية مع عدد من قيادات اجلماعة املقاتلة‪ ،‬وذلك حتى من قبل أن‬ ‫املتشددين في درنة وسرت عن مبايعة البغدادي»‪.‬‬ ‫تعلن جماعات‬ ‫ّ‬ ‫ويوضح املستشار عبد الكرمي أن اجليش متكن أخي ًرا من السيطرة على‬ ‫الطريق الساحلي‪ ،‬وذلك من غرب طرابلس‪ ،‬حتى قرب الزاوية‪ .‬ويوضح‬ ‫أن «عمليات اجليش أصبحت غير متوقعة بالنسبة للجماعات املتطرفة‪،‬‬ ‫ول��ذل��ك ف��إن حتركاتهم محفوفة باملخاطر‪ ،‬خاصة بالنسبة للمتطرفني‬ ‫األجانب‪ .‬أما في البحر‪ ،‬فقد قام اجليش قبل يومني بتوجيه ضربات ألربع‬ ‫جرافات (مراكب) محملة بإرهابيني وأسلحة ودعم‪ ،‬كانت آتية من مصراتة‬ ‫إلى املجموعات التي تقاتل اجليش في بنغازي‪ .‬وجرى ضرب هذه املراكب‬ ‫في البحر بني منطقتي القوارشة والترية‪ ،‬بعدما اكتشفتها البحرية الليبية‪،‬‬ ‫ومن ثم أغرقتها جميعا»‪.‬‬ ‫وحسب مصادر عسكرية ليبية أخرى فإنه حتى لو متكن البنعلي من دخول‬ ‫البالد فإن تأثيره سيكون محدو ًدا بعد أن تعرض التنظيم ومعاونوه خلسائر‪.‬‬ ‫ومن جانبه يوضح املستشار عبد الكرمي أن هذا األمر ال توجد دالئل عليه‪،‬‬ ‫ألن الوضع لم يعد في صالح املتطرفني‪ ،‬فـ«اجليش يتقدم ويدحر مواقعهم‪.‬‬ ‫وجهنا ضربات شديدة لإلرهاب‪..‬‬ ‫وباألمس حققنا انتصا ًرا رهي ًبا‪ .‬لقد ّ‬ ‫واستولى اجليش على أكبر معسكر وهو املعسكر املعروف باسم ‪ ،27‬وكان‬ ‫تابعا ألحد قيادات (اجلماعة الليبية املقاتلة) واسمه شعبان هدية‪ .‬وكذلك‬ ‫استرد اجليش آليات وأسلحة وقتل الكثيرين من التكفيريني»‪.‬‬


‫تركي البنعلي‬

‫املقاتلون األجانب ‪ ..‬والء للمال والعقيدة الفاسدة‬ ‫من جانب آخ��ر‪ ،‬تشير املصادر نفسها إلى أن عمليات الدخول واإلقامة‬ ‫والتنقالت للبنعلي تتولّى تنظيمها‪ ،‬بشكل س��ري‪ ،‬مجموعة تعرف باسم‬ ‫«جماعة التوحيد» تتخذ من سرت مق ًرا لها‪ .‬وقامت خالل الفترة األخيرة‬ ‫متشددين منتمني لتنظيم القاعدة ولم يبايعوا‬ ‫بترتيب عدة لقاءات له مع‬ ‫ّ‬ ‫البغدادي صراحة‪ ،‬من بينهم الليبي سفيان بن جومة‪ ،‬أحد أكبر قيادات‬ ‫املتط ّرفني في درن��ة‪ ،‬واجلزائري مختار بلمختار‪ ،‬القيادي ملجموعات من‬ ‫املتط ّرفني في سبها‪.‬‬ ‫ووفقا جلهات على عالقة باجلماعات املتطرفة‪ ،‬يبحث البنعلي خالل زيارته‬ ‫لليبيا أيضا فتح قنوات اتصال على األرض بني اجلنوب الليبي وتنظيم «بوكو‬ ‫حرام» ومقره نيجيريا‪ ،‬من خالل رجل مالي اجلنسية يقيم بالقرب من مدينة‬ ‫أوباري بجنوب ليبيا‪ ،‬ويدعى انتهمدين األنصاري‪ ،‬ويبلغ من العمر ‪ 48‬سنة‪،‬‬ ‫ويترأس جماعة «أنصار احلق» (أو ما يعرف باسم «أزواد مالي») املوالية‬ ‫لـ«داعش» أيضا‪.‬‬ ‫على صعيد آخر‪ ،‬كانت مملكة البحرين قد ج� ّردت البنعلي من اجلنسية‬ ‫البحرينية مع اثنني من أشقائه‪ ،‬على خلفية تقارير ظهر فيها وهو يطلب‬ ‫البيعة للبغدادي وتوليه مواقع عليا في التنظيم‪ ،‬وترؤسه جلهاز احلسبة‪.‬‬ ‫ووفقا لقائمة إسقاط اجلنسية التي تضم ‪ 72‬شخصا وأعلنتها وزارة‬ ‫الداخلية البحرينية‪ ،‬جاء اسم البنعلي حتت الرقم ‪ 17‬وشقيقه علي حتت‬ ‫الرقم ‪ 50‬وشقيقه الثاني محمد حتت الرقم ‪.60‬‬ ‫وحسب املصادر الليبية يستعني البنعلي في حتركاته واتصاالته في املنطقة‬ ‫أيضا بعالقاته القدمية مع فروع تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا‪ ،‬والتي‬ ‫تعود إلى نحو سبع سنوات مضت‪ ،‬ومن بينها «اجلماعة الليبية املقاتلة»‪،‬‬ ‫و«القاعدة في بالد املغرب»‪ ،‬واملجموعات التي كانت تتّخذ من شمال مالي‬ ‫مسرحا لعملياتها ضد الشركات الفرنسية واجلزائرية‪.‬‬ ‫وفي املقابل‪ ،‬يتميز نشاط «جماعة التوحيد»‪ ،‬وهي مجموعة من الشبان‬ ‫املقاتلني في سرت ممن أصبحوا موالني لـ«داعش» منذ العام املاضي‪ ،‬في‬ ‫العمل الدعوي والتجنيد عبر احملطة اإلذاعية احمللية التي يحتلها التنظيم‬ ‫قدم‬ ‫حني كان يحمل اسم «أنصار الشريعة» منذ أواخر عام ‪ .2013‬ولقد ّ‬ ‫البنعلي العديد من الدروس واخلطب عبر هذه اإلذاعة‪ ،‬وكذلك من خالل‬ ‫مسجدي «التوحيد» و«الرباط» باملدينة على مرات متفرقة طوال الشهور‬ ‫املاضية‪ ،‬وحسب املصادر لوحظ في األسابيع األخيرة كثرة تردد الرجل على‬ ‫سرت‪ ،‬حيث يعقد أيضا لقاءات مع متطرفني من جنسيات مختلفة‪.‬‬ ‫واملالحظ أن االسم نفسه الذي تطلقه «جماعة التوحيد» على نفسها وعلى‬ ‫مسجدها في سرت تطلقه أيضا على إذاعتها احمللية التي كانت تابعة‬ ‫للحكومة في عهد القذافي قبل أن يسيطر عليها املتطرفون الليبيون‪ .‬ووفقا‬ ‫ملصادر اإلذاع��ة باملدينة فقد بدأ البنعلي إلقاء اخلطب وال��دروس من هنا‬ ‫منذ سنتني‪ ،‬وواصل بعد ذلك التر ّدد على ليبيا على فترات متباعدة‪ ،‬ومن‬

‫ميناء مصراتة منفذ رئيسي لدخول املتطرفني‬ ‫بني اخلطب التي ألقاها حينذاك خطب عما سماه « ُغربة الدين»‪ ،‬و«نواقض‬ ‫اإلسالم» و«االنقياد للشرع»‪.‬‬ ‫مجددا في سرت أكثر من مرة وبشكل‬ ‫ولكن‪ ،‬منذ مطلع هذا العام‪ ،‬ظهر‬ ‫ّ‬ ‫مك ّثف‪ .‬واقترنت زياراته بترتيب لقاءات مع ق��ادة ميدانيني من «داع��ش»‬ ‫وشدد في الكلمات التي ألقاها في عدة مناسبات وسط عدد‬ ‫و«القاعدة»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫من عناصر املتشددين على العمل على تطبيق الشريعة‪ .‬وتض ّمنت خطبه هذه‬ ‫املرة الدعوة لـ«مبايعة اخلليفة (البغدادي)» قائال إن «من ال يبايع اخلليفة‬ ‫ميوت على اجلاهلية»‪ ،‬إضافة لتقدميه دروسا عن «شروط وموانع التكفير»‪،‬‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫ومن جانبها‪ ،‬أضافت املصادر أن مهمة البنعلي ليست سهلة ألن اجلماعات‬ ‫الليبية املتطرفة معروف عنها االنقياد للعمل حتت إمرة قيادات محلية‪ ،‬ال‬ ‫أجنبية‪ ،‬وأن هذا األمر يعد من أهم العراقيل التي تواجه «داعش ليبيا»‪،‬‬ ‫مشيرة إلى حتفّظ بن قمو‪ ،‬القيادي الكبير في درن��ة‪ ،‬على مبايعة بعض‬ ‫املجموعات التي كانت تعمل حتت إمرته من «أنصار الشريعة» للبغدادي العام‬ ‫املاضي‪ ،‬مع أن بن قمو لم يص ّرح أو يعلن أنه على خصومة مع «داعش» الذي‬ ‫ينخرط فيه كثير من السوريني واملصريني والتونسيني واجلزائريني وغيرهم‬ ‫ممن وفدوا إلى ليبيا خالل الشهور املاضية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وللعلم‪ ،‬تهيمن على درنة‪ ،‬في األساس‪ ،‬مجموعات متباينة من املتطرفني‪،‬‬ ‫وكانت الكلمة العليا في هذه املدينة منذ سقوط نظام القذافي لسفيان بن‬ ‫قمو‪ ،‬وهو سجني سابق في غوانتانامو‪ .‬ولقد حاول قياد ّيون جدد وفدوا من‬ ‫دول عربية سحب البساط من حتت أقدام بن قمو‪ ،‬مما تسبب في غضب‬ ‫الرجل وهجره للمدينة لعدة أشهر‪ ،‬واعتكافه في مدينة صبراتة (أحد معاقل‬ ‫املتطرفني قرب احلدود الليبية التونسية)‪ ،‬قبل أن يعود في محاولة إلعادة‬ ‫ترتيب األوضاع في درنة‪ ،‬وهو أمر يبدو أنه يقلق تنظيم داعش‪ ،‬ودفع البنعلي‬ ‫لتكثيف زياراته لليبيا‪.‬‬ ‫وتقول مصادر على عالقة باملتطرفني الليبيني إن بن قمو لم يشعر باالرتياح‬ ‫بعدما فتح الباب لدخول من سماهم «املجاهدين» الذين اندفعوا لتولي القيادة‬ ‫بدال منه‪ ،‬بعد أن كانوا محاصرين في سوريا والعراق‪ ،‬أو بعد أن فروا من‬ ‫بالدهم إلى درنة‪ ،‬مثل املصريني‪ ،‬الذي جاءوا إلى هنا بعد اإلطاحة بنظام‬ ‫حكم محمد مرسي‪ .‬ومن بني الشخصيات التي زاحمت بن قمو على الزعامة‬ ‫في درنة رجل خليجي يلقب بـ«أبو حبيب»‪ .‬تضيف املصادر أنه‪ ،‬مع ذلك‪،‬‬ ‫كانت هناك اتصاالت بني بن قمو و«داعش»‪ ،‬وأن التنظيم يتعامل معه على‬ ‫أنه «أكبر من اخلالفات التي يتس ّبب فيها بعض القادة الصغار»‪.‬‬ ‫ول��م يظهر ب��ن قمو م��رة أخ��رى ف��ي ال �ص��ورة أث�ن��اء وق��وع ه��ذه اخلالفات‬ ‫والتحذيرات األخيرة من جانب املتمردين على «داعش» في معقله في درنة‪.‬‬ ‫وتقول املصادر إن الرجل البالغ من العمر نحو خمسني سنة يحاول أن تكون‬ ‫له الكلمة العليا على الفصائل املتطرفة في املدينة‪ ،‬دون أن يعلن االنحياز ألي‬ ‫منها‪ ،‬سوا ًء ملبايعي «اخلليفة» أو من أنصار الظواهري‪ ،‬حيث ما زال يوفر‬ ‫جلميع األط��راف «امل��أوى والغطاء للتحرك داخل املدينة أو بني املدن التي‬ ‫ينشط فيها التنظيم»‪ ،‬وأنه لهذا السبب يحظى مبكانة وأهمية لدى البنعلي‬ ‫و«داعش»‪ ،‬رغم ما قد يراه البعض من حالة جفاء بينهم‪.‬‬ ‫وحسب املعلومات املتواترة بعد وصول البنعلي إلى سرت في الفترة األخيرة‪،‬‬ ‫فإنه اجتمع بعدد من قادة «داعش» في درنة من دون أن يكون بينهم بن جومة‪،‬‬ ‫أجج اخلالفات بني زعماء «داعش» وفريق من زعماء «القاعدة» في‬ ‫وهو ما ّ‬ ‫درنة‪ ،‬وترتب على هذا األمر اإلعالن عن تأسيس ما س ّموه «مجلس شورى‬ ‫مجاهدي درن��ة»‪ ،‬وهجوم هذا املجلس على عناصر «داع��ش» في املدينة‪،‬‬ ‫ووصفهم بـ«غالة التكفيريني»‪ ،‬ورفض ما سبق أن أعلنته هذه العناصر من‬ ‫مبايعتها للبغدادي‪ ،‬قائلة إنهم ا ّدعوا مبايعة «اخلليفة» دون مشورة املسلمني‪،‬‬ ‫وبالتالي تكون هذه اخلالفة باطلة‪ .‬واعتبر معلق متابع أن «هذه التطورات‬ ‫ضد طموحات البنعلي سواء أتى إلى ليبيا أو لم يأت»‪.‬‬


‫‪14‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ليبيا في صحافة األسبوع‬

‫ابن أبوزيد وبلمختار يغرقان ليبيا بالمخدرات‬ ‫بوابة الوسط ‪ :‬تفصل محكمة اجلنايات مبجلس قضاء‬ ‫اجل��زائ��ر العاصمة ف��ي أح��د أكبر ملفات اإلره ��اب املتهم‬ ‫فيه أق��ارب عبداحلميد أبوزيد بالتورط في العمل املسلح‬ ‫واملتاجرة باملخدرات مع ليبي‪ ،‬واإلرهابي اجلزائري مختار‬ ‫بلمختار أين استخدموا األم��وال فيما بعد لشراء األسلحة‬ ‫والذخيرة‪.‬‬

‫وأعلنت جنايات اجلزائر العاصمة تاريخ ‪ 19‬مايو اجلاري للنظر‬ ‫في ملف أقارب عبداحلميد أبوزيد أمير كتيبة طارق ابن زياد بعد‬ ‫تأجيلها ثالث مرات في ملف متورط فيه ‪ 12‬مته ًما‪ ،‬بينهم ابنه‬ ‫وشقيقاه وثالثة من أبناء عمومته لتورطهم في العمل اإلرهابي‬ ‫املسلح وحيازة الذخيرة احلربية وتبييض األم��وال واملتاجرة في‬ ‫املخدرات ومخالفة حركة رؤوس األموال‪.‬‬

‫ومت تفكيك الشبكة اإلرهابية عندما كانوا ينشطون في مدينة‬ ‫اخلليل مبالي ومبدينة ليبية قرب احلدود ومت توقيف جنل «أبو‬ ‫زيد» بتاريخ ‪ 17‬يوليو ‪ ،2010‬بعد ورود معلومات لدى مصالح‬ ‫األم��ن اجلزائرية عن صفقات أبرمها عبداحلميد أبوزيد أمير‬ ‫كتيبة طارق ابن زياد مع عدة شركات أجنبية مختصة في املجال‬ ‫البترولي ولها قواعد بالصحراء اجلزائرية وأخرى وطنية‪ ،‬معتمدًا‬ ‫على شبكة إجرامية منظمة عابرة للحدود اختصت في جتارة‬ ‫املخدرات وتهريب الوقود‪ ،‬مما مكنه من جمع مبالغ مالية طائلة‬ ‫استغلها القتناء األسلحة والذخيرة احلربية لدعم العمل اإلرهابي‬ ‫املسلح وتنفيذ االع �ت��داءات على ممتلكات ال��دول��ة واستهداف‬ ‫السياح األجانب‪.‬‬

‫وحسب امللف القضائي‪ ،‬وتصريحات املتهمني‪ ،‬ف��إن أمير‬

‫ضبط تشكيل عصابي لتسفير العمالة إلى ليبيا‬ ‫ال��وف��د امل��ص��ري��ة‪ :‬متكن ضباط مباحث‬ ‫بشرطة مطروح من ضبط تشكيل عصابي‬ ‫لتسفير العمال املصريني إلى ليبيا بطرق‬ ‫غير شرعية عبر الدروب الصحراوية‪.‬‬

‫وردت م�ع�ل��وم��ات ل �ل �س��اده ض �ب��اط وح��دة‬ ‫م �ب��اح��ث ق �س��م ش��رط��ة ب ��ران ��ى م �ف��اده��ا‬ ‫قيام امل��دع��و أن��ور ق ح ر س��ن ‪ 38‬عامل‬ ‫زراع��ى مقيم أم��ام محطة تا أوي��ل برانى‬

‫جتار العمالة يخشون املرور عبر املنفذ‬

‫وباالشتراك مع املدعو رزق أ ا … بتسفير‬ ‫العمالة املصرية إل��ى دول��ة ليبيا بطريقه‬ ‫غير شرعيه نظير مبلغ مالى‪.‬‬ ‫وعقب تقنني اإلجراءات واستئذان النيابة‬ ‫العامة متكن الساده ضباط وحدة مباحث‬ ‫قسم شرطة ب��ران��ى وال�ق��وة املرافقة لهم‬ ‫من ضبط ك ً‬ ‫ال من ‪ – 1‬مصطفى م ع س‬ ‫مواليد ‪ 1996‬عامل زراع��ى مقيم ههيا‬ ‫مركز املنيا – املنيا ‪ 2-.‬عبد القادر ص ع‬ ‫س مواليد ‪ 1993‬عامل زراعى مقيم ذات‬ ‫العنوان ‪ 3-.‬عدلى ف م ح مواليد ‪1989‬‬ ‫طالب مقيم ذات العنوان ‪ 4-.‬حربى س‬ ‫م ح مواليد ‪ 1988‬عامل زراع��ى ومقيم‬ ‫ذات ال�ع�ن��وان …‪ .‬وذل��ك ح��ال إستقاللهم‬ ‫السيارة رقم ‪ 4236‬ج هـ ص تويوتا هاى‬ ‫لوكس قيادة أن��ور ق ح ر بكمني أع��د له‬ ‫أمام منزله ‪.‬‬ ‫بسؤال املتهمني عن سبب تواجدهم قرروا‬ ‫أن املتهم األول والثانى قاما باإلتفاق معهم‬ ‫على تسفيرهم خارج البالد عبر الدروب‬ ‫ال �ص �ح��راوي��ه م�ق��اب��ل مبلغ م��ال��ى ع��ن كل‬ ‫شخص ‪.‬‬ ‫كلفت إدارة البحث اجلنائى بالتحرى عن‬ ‫ظ��روف ومالبسات ال��واق�ع��ة‪ ،‬وحت��رر عن‬ ‫ذلك احملضر الالزم وجارى العرض على‬ ‫النيابة‪.‬‬


‫عبد احلميد أبوزيد ومختار بلمختار‬

‫كتيبة طارق ابن زياد وشقيقه متهمان بالتعاون مع الشركات‬ ‫البترولية األجنبية ألجل تبييض أموال اجلماعات اإلرهابية‪،‬‬ ‫حيث أبرم معها عدة عقود مقابل كشراء لها عدة مركبات‬ ‫ع��ادت أموالها ب��أرب��اح طائلة للجماعات اإلره��اب�ي��ة فاقت‬ ‫سقف عشرة ماليني دوالر‪.‬‬ ‫ومت القضاء على اإلرهابي عبداحلميد أبوزيد قبل سنتني‬ ‫من قبل القوات الفرنسية بشمال مالي‪.‬‬ ‫وأق��دم ً‬ ‫أيضا على نهب ممتلكات الغير وتهريب املخدرات‬ ‫والوقود إلى جانب األموال العائدة من الفديات التي كانت‬ ‫تدفع ع��ن املختطفني وغالبيتهم م��ن ال�س�ي��اح‪ ،‬مم��ا ساهم‬ ‫وبشكل كبير في توسيع سيولته املالية وتوظيفها في االستثمار‬ ‫اعتما ًدا على ابنه وأقاربه‪ ،‬من خالل تكليفهم بشراء العقار‬

‫في مختلف واليات اجلنوب اجلزائري وهكتارات من بساتني‬ ‫النخيل وكذا أع��داد هائلة من رؤوس اإلب��ل‪ ،‬كما كان يقوم‬ ‫بتبييض األموال ليتم استغاللها فيما بعد في تنفيذ العمليات‬ ‫اإلجرامية لتنظيمه‪ ،‬حيث جاء في اعترافات ابن أبوزيد أنه‬ ‫كان ينشط في مجال تهريب املخدرات مما سمح له بنقل‬ ‫كميات معتبرة لفائدة رعية من جنسية ليبية نظير جمع‬ ‫أم��وال معتبرة‪ ،‬كان يحولها لشراء املركبات رباعية الدفع‬ ‫والوقود واملؤونة لصالح أفراد التنظيم اإلرهابي الذي كان‬ ‫يقوده والده مبعية عبدالرزاق البارا املعتقل باجلزائر ومختار‬ ‫بلمختار التي تتحدث مصادر فرنسية عن تواجده جنوب‬ ‫ليبيا الذين سبق أن التقى بهم بالناحية الشرقية حلاسي‬ ‫مسعود جنوب البالد العام ‪.2004‬‬

‫«فجر ليبيا»‪ ..‬تسليح بمليارات الدوالرات‬ ‫أبوظبي ‪ -‬سكاي نيوز عربية ‪ :‬كشف‬ ‫تقرير دي ��وان احمل��اس�ب��ة الليبي ال�ص��ادر‬ ‫م��ؤخ��را‪ ،‬أن امل��ؤمت��ر ال��وط�ن��ي ال�ع��ام أنفق‬ ‫م��ل��ي��ارات ال��دن��ان �ي��ر ع �ل��ى ت�س�ل�ي��ح ع��دة‬ ‫مجموعات تصنفها احلكومة املعترف بها‬ ‫دوليا «إرهابية»‪ ،‬أهمها «فجر ليبيا» التي‬ ‫باتت الحقا الذراع العسكرية للمؤمتر‪.‬‬ ‫وف ��ي ال �ف �ت��رة م��ا ب�ين ع��ام��ي ‪ 2012‬إل��ى‬ ‫‪ ،2014‬حني كان املؤمتر الوطني مسؤوال‬ ‫عن حكم ليبيا‪ ،‬قبل انتهاء واليته ورفضه‬ ‫لنتائج االنتخابات التي أتت مبجلس النواب‬ ‫املنتخب حاليا‪ ،‬أنفقت الدولة الليبية أكثر‬ ‫من ‪ 17‬مليار دينار (نحو ‪ 14‬مليار دوالر)‬ ‫على وزارة الدفاع‪ ،‬بحسب التقرير‪.‬‬ ‫وذه �ب��ت ه��ذه األم� ��وال إل��ى ع��دة كتائب‪،‬‬ ‫س��اه �م��ت ف �ي �م��ا ب �ع��د في‬ ‫ت �ش �ك �ي��ل «ف� �ج���ر ل �ي �ب �ي��ا»‪،‬‬ ‫لتنتهي والي ��ة امل��ؤمت��ر في‬ ‫‪ 2014‬لكنه ي�ت��رك للبالد‬ ‫ذراعا عسكرية تسيطر في‬ ‫أغ�س�ط��س م��ن ال �ع��ام ذات��ه‬ ‫ع�ل��ى ال�ع��اص�م��ة ط��راب�ل��س‪،‬‬ ‫ث��م تبث ال��روح ف��ي املؤمتر‬ ‫ل� �ي� �ك ��ون مب� �ث ��اب ��ة ح �ك��وم��ة‬ ‫موازية‪.‬‬ ‫بيد أن املؤمتر الوطني لم‬ ‫يحظ باعتراف دول��ي بعد‬

‫إع��ادة تكوينه‪ ،‬في أعقاب سيطرة «فجر‬ ‫ليبيا» على طرابلس‪.‬‬ ‫وتعد قوات «فجر ليبيا»‪ ،‬بحسب حكومة‬ ‫عبد الله الثني الشرعية‪ ،‬التي تعمل من‬ ‫ش��رق ال �ب�لاد‪ ،‬أه��م امل �ع��وق��ات ف��ي طريق‬ ‫حتقيق اتفاق سالم بني الفرقاء الليبيني‪،‬‬ ‫برعاية األمم املتحدة‪.‬‬ ‫وف �ض�لا ع��ن تسليح «ف �ج��ر ل�ي�ب�ي��ا»‪ ،‬ق��ال‬ ‫وكيل وزارة ال��دف��اع ف��ي حكومة املؤمتر‪،‬‬ ‫خالد الشريف‪ ،‬إن هناك أسلحة ومعدات‬ ‫وس� � �ي � ��ارات س �ل �م��ت جل��م��اع��ة «أن� �ص ��ار‬ ‫الشريعة» في بنغازي عن طريق اخلطأ‪.‬‬ ‫و»أن� �ص ��ار ال �ش��ري �ع��ة» امل��رت �ب �ط��ة بتنظيم‬ ‫القاعدة‪ ،‬مصنفة إرهابية على املستويني‬ ‫الليبي والدولي‪.‬‬

‫كما أن حكومة طرابلس أصدرت بيانا قبل‬ ‫أسابيع‪ ،‬قالت فيه إنها تدعم ما يسمى‬ ‫مبجلس ش��ورى ث��وار ب�ن�غ��ازي‪ ،‬املجموعة‬ ‫التي أعلنت رفضها للدميقراطية‪ ،‬وتقاتل‬ ‫اجليش الليبي التابع للحكومة املعترف بها‬ ‫دوليا‪.‬‬ ‫وت �ق��ول م �ص��ادر محلية ليبية إن روات��ب‬ ‫«ال �ث��وار» املنضوين حت��ت ل���واءات كتائب‬ ‫«فجر ليبيا»‪ ،‬تصل إلى نحو ‪ 2500‬دينار‬ ‫شهريا‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 5‬أضعاف متوسط‬ ‫راتب املعلم‪.‬‬ ‫وي��ؤك��د اخلبير االق�ت�ص��ادي الليبي عمر‬ ‫فركاش‪ ،‬أن روات��ب املسلحني كانت تسلم‬ ‫إلى قادة الكتائب‪ ،‬ثم يوزعونها مبعرفتهم‪،‬‬ ‫دون محاسبة أو مراجعة‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫تضخم ثروات بعضهم‪.‬‬ ‫ويضيف فركاش لـ»سكاي‬ ‫نيوز عربية»‪ ،‬أن احلكومة‬ ‫كانت ترسل رواتب ملسلحني‬ ‫«وهميني» أو «متوفني»‪.‬‬ ‫ويقول اخلبير االقتصادي‬ ‫إن امل �ج �م��وع��ات املسلحة‪،‬‬ ‫وعلى رأسها «فجر ليبيا»‪،‬‬ ‫م� ��ازال� ��ت مت �ت �ل��ك م��خ��ازن‬ ‫أسلحة مت متويلها من طرف‬ ‫املؤمتر الوطني‪ ،‬تستخدمها‬ ‫لقتال اجليش الليبي‪.‬‬

‫أموال الليبيني أنفقت في تسليح اإلرهابيني‬


‫‪16‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫أطلق االحتاد العام للصحفيني العرب تقريره عن حالة احلريات الصحفية في الوطن العربي ‪ 2015 2014-‬حتت عنوان‬ ‫حرية الصحافة بني السلطة واإلرهاب ‪ -‬أزمة احلريات في العالم العربي بني مطرقة اإلرهاب وضرورات احلفاظ على األمن‬ ‫القومي‪.‬‬

‫تقرير «حالة الحريات الصحفية في الوطن العربي»‬ ‫يحذر من سيناريوهات الفوضى‪..‬‬ ‫ّ‬

‫حرية الصحافة‬ ‫بين السلطة واإلرهاب‬

‫وقال االحتاد في تقريره أن العالم العربي واجه خالل السنوات السابقة‬ ‫واقعا شديد االرتباك وااللتباس جراء حالة الفوضى املزرية التي باتت‬ ‫تشهدها الكثير من دول��ه ومجتمعاته بعد تفجر أوضاعها الداخلية‬ ‫واضطرابها‪ ،‬س��واء ج��اء ذل��ك كنتاج حلالة احل��راك الشعبي والسيولة‬ ‫السياسية واالجتماعية واإلعالمية‪.‬‬ ‫وبذلك فاحملصلة النهائية أن الصحافة والصحفيني في العالم العربي‬ ‫أصبحوا يواجهون القمع واالستبداد من قبل السلطة وأنظمة احلكم في‬ ‫جانب واإلره��اب من قبل اجلماعات التكفيرية واإلرهابية في اجلانب‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫وأعرب االحتاد عن إميانه بأن التوسع في سياسات اإلصالح والتغيير‬ ‫وتلبية احتياجات ومطالب الشعوب املشروعة‪ ،‬والتوسع في هوامش‬ ‫ومساحات احلريات السياسية واالجتماعية واإلعالمية السائدة كفيل‬ ‫مبجابهة أية أخطار‪ ،‬وكفيل بتحقيق حلمة الصف الوطني واالصطفاف‬ ‫حول مشروع الوطن ذاته‪ ،‬وليس أية مشروعات أيديولوجية أخرى‪.‬‬ ‫واستند التقرير في إلى منهجية منضبطة ومحددة تتبلور هذه املنهجية‬ ‫في رصد وتقييم حالة احلريات الصحفية من واقع رؤى ثالثة أطراف‬ ‫مختلفة‪ :‬تتمثل األول��ى في تقرير جلان احلريات الصحفية بالنقابات‬ ‫املهنية وتقارير بعض منظمات املجتمع املدني احمللية حول هذه األوضاع‬ ‫والثانية فى رصد وحتليل املؤشرات والنتائج التي انتهت إليها تقرير‬ ‫املنظمات الدولية ذات املصداقية مثل منظمة اللجنة الدولية حلماية‬ ‫الصحفيني‪ ،‬ومنظمة املادة رقم ‪ ،19‬وغيرها‪ ،‬والثالثة وتتمثل في رؤية‬ ‫القيادات النقابية في العالم العربي ملؤشرات حالة احلريات الصحفية‪.‬‬ ‫واشتمل التقرير وفق ما سبق على ثالثة محاور أساسية‪ ،‬احملور األول‪:‬‬ ‫تقارير التنظيمات النقابية الصحفية عن حالة احلريات فى العالم العربي‪،‬‬ ‫واحملور الثاني‪ :‬استعراض بعض املؤشرات والنتائج عن حالة احلريات‬ ‫الصحفية في العالم العربي من واقع تقارير املنظمات الدولية‪ ،‬والثالث‪:‬‬ ‫نتائج الدراسة حول رؤي��ة القيادات النقابية ملؤشرات حالة احلريات‬ ‫الصحفية في العالم العربي‪ ،‬ثم خامتة تفسيرية مقارنة يتم من خاللها‬ ‫استخالص واستعراض النتائج العامة واملؤشرات العامة حلالة احلريات‬ ‫الصحفية في العالم العربي‪.‬‬ ‫ولفت االحتاد في تقريره إلى أن تصاعد موجهات اإلرهاب والعنف املسلح‬


‫‪‎‬وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني‬

‫الذي متارسه كثير من التنظيمات اإلرهابية التكفيرية‪ ،‬في كثير من دول‬ ‫املنطقة‪ ،‬جعل الكثير من هذه احلكومات تقدم اعتبارات األمن الداخلي‬ ‫واألم��ن القومي‪ ،‬على غيرها من االعتبارات األخ��رى‪ ،‬وف��ي مقدمتها‬ ‫اعتبارات حقوق اإلنسان واحلريات العامة والسياسية واإلعالمية‪.‬‬ ‫ورد في ختام التقرير‪:‬‬ ‫ال شك أن حالة احلريات الصحفية في العالم العربي قد تأثرت إلى‬ ‫حد كبير بطبيعة الظروف واالضطرابات والتحوالت السياسية التي‬ ‫تشهدها العديد من دول املنطقة‪ ،‬حيث باتت منظومة احلريات العامة‬ ‫و السياسية واإلعالمية أكثرعرضة للتضييق والتقييد مقارنة ببعض‬ ‫السنوات السابقة‪ ،‬خاصة السنتني اللتني أعقبتا حدوث ثورات الربيع‬ ‫العربي‪ ،‬واللتني شهدتا ارتفاعا ملحوظا في معدالت احلريات السياسية‬ ‫واإلعالمية‪ .‬ولعل القلق واخلوف الشديد من سيادة مناخ االضطراب‬ ‫والفوضى ف��ي املنطقة‪ ،‬ووج��ود مخطط أصبح واض�ح��ا للعيان بقوة‬ ‫يستهدف ضرب اإلستقرار ووح��دة الدولة القومية‪ ،‬بالنسبة لكثير من‬ ‫الدول العربية‪ ،‬أصبح من أهم العوامل التي جعلت كثيرا من احلكومات‬ ‫ونظم احلكم العربية متارس نوعا من التضييق على املجال العام وعلى‬ ‫ممارسة حرية الرأي والتعبير‪ ،‬وحرية الصحافة ووسائل اإلعالم‪ .‬يضاف‬ ‫إلى ذلك أن تصاعد موجهات اإلرهاب والعنف املسلح الذي متارسة كثير‬ ‫من التنظيمات اإلرهابية التكفيرية‪ ،‬في كثير من دول املنطقة‪ ،‬جعل الكثير‬ ‫من هذه احلكومات تقدم إعتبارات األمن الداخلي واألمن القومي‪ ،‬على‬ ‫غيرها من اإلعتبارات األخرى‪ ،‬وفي مقدمتها اعتبارات حقوق اإلنسان‬ ‫واحلريات العامة والسياسية واإلعالمية‪.‬‬ ‫وال شك أن الصحافة والصحفيني في الكثير من دول العالم العربي قد‬ ‫واجهوا خالل العام املاضي وحتى اآلن‪ ،‬الكثير من الصعوبات والتحديات‪،‬‬ ‫ج��راء ه��ذه األوض��اع وال�ظ��روف امللتبسة واملعقدة‪ ،‬إذ أصبحوا بحكم‬ ‫ض��رورات الواقع‪ ،‬ومسارات األح��داث بني شقي رحى‪ ،‬أو بني مطرقة‬ ‫السلطة وسندان حالة الفوضى واالضطراب‪ ،‬واإلره��اب الذي متارسه‬

‫جماعات العنف ومؤامرات الكثير من القوى واألط��راف اخلارجية‪ ،‬و‬ ‫أصبح الصحفيون في كثير من دول العالم العربي يتعرضون للكثير من‬ ‫أوجه اإلعتداءات واإلنتهاكات التي تترواح في حدتها ما بني حرمانهم من‬ ‫تغطية األحداث واألخبار وتضييق هامش حرية الرأي والتعبير أمامهم‪،‬‬ ‫وصوال الستهدافهم املباشر بالقتل واإلغتيال واخلطف القسري‪ ،‬األمر‬ ‫الذي أصبحت معه حرية الصحافة والصحفيني على احملك‪ ،‬نتيجة لكل‬ ‫هذه الظروف واالضطرابات‪ ،‬ونتيجة أيضا حلالة القلق والتضييق املتعمد‬ ‫من قبل بعض أنظمة احلكم في العالم العربي على املجال العام ومناخ‬ ‫السياسية واإلعالمية‪.‬‬ ‫ولكن بالرغم من ذلك‪ ،‬فإن احلديث عن حالة احلريات الصحفية في العالم‬ ‫العربي ال يكتمل دون اإلحاطة الكاملة بعناصره ومؤشراته التفصيلية‪،‬‬ ‫سواء على مستوى مؤشرات التطور – إن وجدت – ومؤشرات التراجع‬ ‫– إن وجدت ‪ ،-‬حتى يصبح احلكم على حالة احلريات الصحفية في‬ ‫العالم العربي حكما موضوعيا ومتوزانا‪ ،‬إذ أن حالة احلريات الصحفية‬ ‫واحلكم عليها ال تتصل فقط بطبيعة مناخ احلريات الصحفية السائدة‪،‬‬ ‫وال بعالقة الصحافة بالسلطة ونظم احلكم‪ ،‬وإمنا متتد وتتسع لتشمل‬ ‫أبعادا ومقاييس أخرى ال تقل في أهميتها عن طبيعة املجال العام ومناخ‬ ‫احلريات السائدة‪ ،‬ومن هنا فإننا سوف نركز في استخالص نتائج هذه‬ ‫اخلامتة على مؤشرين عامني إجماليني‪ ،‬من واقع نتائج املؤشرات اخلمسة‬ ‫الرئيسية التي عمل عليها هذا التقرير وهي‪( :‬مؤشر حرية الصحفيني –‬ ‫مؤشر حرية الصحف – مؤشر تأثير اجلوانب االقتصادية واإلدارية على‬ ‫حرية الصحافة والصحفيني‪ ،‬وسياسات حترير الصحف – مؤشر حرية‬ ‫التنظيم النقابي في العالم العربي ودور نقابات الصحفيني في الدفاع عن‬ ‫املهنة وحمايتها – مؤشر التطور في القوانني والتشريعات املنظمة للعمل‬ ‫الصحفي) وهي املؤشرات التي استعرضنا نتائجها تفصيال في املباحث‬ ‫والفصول السابقة‪ ،‬في الوقت الذي سوف جنملهم جميعا في إطار هذه‬ ‫اخلامتة في هذين املؤشرين أو احملورين التاليني‪ :‬األول ويتطرق إلى‬ ‫مظاهر ومؤشرات التطور في حالة احلريات الصحفية في العالم العربي‪،‬‬


‫‪18‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫ليبيا‬

‫في تقرير االحتاد العام للصحفيني‬ ‫العرب‬

‫‪‎‬وفد ليبيا‬

‫والثاني‪ :‬ويتطرق إلى مظاهر ومؤشرات تراجع حالة احلريات الصحفية‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬وفيما يلي سوف نستعرض أهم النتائج العامة في إطار‬ ‫كل محور على النحو التالي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬مؤشرات التطور في حالة احلريات الصحفية في العالم‬ ‫العربي‬ ‫انتهت نتائج الدراسة امليدانية فيما يتعلق مبدى ما يتمتع به الصحفيون‬ ‫في دول العالم العربي من حرية في ممارستهم مهام عملهم بال أدنى قيود‬ ‫أن النسبة الغالبة من قيادات التنظيمات النقابية الذين شملتهم الدراسة‪،‬‬ ‫والتي قد بلغت (‪ )66.7%‬من إجمالي ه��ذه القيادات قد أك��دت أن‬ ‫الصحفيني في مجتمعاتهم ميارسون عملهم الصحفي بحرية وبال أدنى‬ ‫قيود‪ ،‬وذكرت نسبة ‪ 55.6%‬منهم أن الصحفيني في بلدانهم يستطيعون‬ ‫التعبير عن أرائهم بحرية دون أدنى خوف أو أية مشاكل‪.‬‬ ‫كما انتهت نتائج الدراسة امليدانية إلى أن نسبة ‪ 83.3%‬من إجمالي‬ ‫القيادات النقابية عينة الدراسة قد ذكرت أن الصحفيني في كثير من‬ ‫ال��دول العربية أصبحوا يستطيعون احلصول على الصحف واملجالت‬ ‫والدوريات املختلفة التي تصدر خارج البالد‪ ،‬وأنه لم تعد توجد رقابة على‬ ‫حرية تداول هذه الصحف كما كان في فترات تاريخية سابقة‪ ،‬األمر الذي‬ ‫ميكن الصحفيني من متابعة ما يدور حولهم وعلى وجهات النظر املختلفة‬ ‫املطروحة في الصحف حول ما يتعلق بالشئون الداخلية واخلارجية‪.‬‬

‫أورد تقرير االحت���اد ال��ع��ام للصحفيني ال��ع��رب أن عام‬ ‫يعد م��ن أس��وأ األع���وام على حرية الصحافة‬ ‫‪ّ 2014‬‬ ‫واإلع�لام في ليبيا‪ ،‬مما يؤكد تراجع مؤشر احلريات‬ ‫ً‬ ‫مقارنة باألعوام السابقة‪ ،‬وقد جتلى ذلك‬ ‫اإلعالمية‬ ‫في ع��دد من امل��ؤش��رات التي استعرضها التقرير على‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫> ً‬ ‫أوال‪ :‬في هذا العام شهدت البالد مقتل ‪ 8‬صحافيني‪.‬‬ ‫> ث��ان��ي�� ًا‪ :‬ت��ع��رض ‪ 17‬ح��ال��ة ش���روع ف��ي القتل العمد أو‬ ‫التهديد املباشر‪.‬‬ ‫> ثالث ًا‪ :‬شهد ع��ام ‪ 2014‬العديد من ح��االت التعدي‬ ‫بالضرب أو منع املراسلني عن أداء أعمالهم‪.‬‬ ‫> رابع ًا‪ :‬شهد هذا العام ‪ 50‬انتهاك ًا طالت مقار وسائل‬ ‫إع�لام��ي��ة وص��ح��اف��ي��ة وت��ل��ف��زي��ون��ي��ة ووك�����االت محلية‬ ‫ودولية‪.‬‬ ‫> خامس ًا‪ :‬مع مالحظة أن القتل العمد ال��ذي تعرض‬ ‫له الضحايا لم يدفع األجهزة القضائية إلى التحقيق‬ ‫بجدية مما زاد ظاهرة اإلف�لات من العقاب وازدي��اد‬ ‫ح���االت االع���ت���داء‪ .‬مم��ا أدى إل���ى ت��وق��ف ال��ع��دي��د من‬ ‫الصحف ع��ن ال��ص��دور وه���روب صحف وق��ن��وات أخ��رى‬ ‫للعمل من خارج البالد‪.‬‬ ‫وتوصلت نتائج ال��دراس��ة إل��ى أن��ه بالرغم م��ن أن نسبة ‪ 83.3%‬من‬ ‫إجمالي القيادات النقابية املدروسة قد ذكرت أن ثمة شروطا ومعايير‬ ‫تنظم العمل في مهنة الصحافة وتضع قيودا وقواعد محددة لإلنضمام‬ ‫إل��ى ه��ذه املهنة‪ ،‬إال أن ال��دراس��ة في اجلانب اآلخرقد أك��دت أن هذه‬ ‫املعايير والقواعد تختص بوضعها ‪ -‬وبنسبة كبيرة ‪ -‬التنظيمات النقابية‬ ‫واملؤسسة الصحفية نفسها‪ ،‬وتركز على اإلعتبارات العلمية واملهنية‬ ‫مثل طبيعة املؤهل الدراسي وسنوات اخلبرة‪ ،‬في الوقت الذي تتراجع‬ ‫فيه كثيرا املعايير السياسية واألمنية كمعايير حاكمة وأساسية للعمل‬ ‫الصحفي مقارنة بالفترات واملراحل التاريخية السابقة‪.‬‬ ‫كما توصلت الدراسة إلى أن نسبة ‪ 55.6%‬من إجمالي القيادات النقابية‬


‫‪‎‬اجتماع جلنة احلريات ‪ -‬بيروت‬

‫املدروسة قد ذكرت أن ثمة اجتاها متزايدا في كثير من دول العالم العربي‬ ‫إلصدار القوانني والتشريعات التي تكفل للصحفيني احلق في احلصول‬ ‫على املعلومات والبيانات من مصادرها الرئيسية‪ ،‬وذكرت نسبة ‪70%‬‬ ‫من إجمالي هذه العينة أن مثل هذه القوانني والتشريعات أصبحت متثل‬ ‫ضمانة رئيسية متكن الصحفيني من ممارسة مهام عملهم ومتكنهم من‬ ‫احلصول على األخبار والبيانات واملعلومات مقارنة بالفترات السابقة‪.‬‬ ‫وانتهت نتائج ال��دراس��ة امليدانية إل��ى أن النسبة الغالبة من القيادات‬ ‫النقابية قد أكدت أن ثمة إجتاهات سياسية وفكرية متعددة ومتنوعة‬ ‫بني الصحفيني العاملني في الصحيفة أو املؤسسة الصحفية الواحدة‪،‬‬ ‫وأن هذه احلالة من التعددية والتنوع يتم ممارستها بحرية ودون أية قيود‪،‬‬ ‫األمر الذي يؤدي إلى إثراء حرية الصحافة ودعم حرية الرأي والتعبير بني‬ ‫التيارات املختلفة وبني الصحفيني‪.‬‬ ‫وأك��دت نتائج التحليل اإلحصائي فيما يتعلق مب��دى بحرية إص��دار‬ ‫الصحف في العالم العربي‪ ،‬أن النسبة الغالبة من قيادات التنظيمات‬ ‫النقابية عينة الدراسة (‪ )66.7%‬قد أكدت أن الطريق في بلدانهم أصبح‬ ‫مفتوحا إلصدار الصحف دون أدنى قيود حتول دون ذلك‪ ،‬وذكرت نفس‬ ‫النسبة ‪ 66.7%‬أنه بالرغم ن وجود بعض القواعد والقيود املنظمة لعملية‬ ‫إصدار الصحف‪ ،‬إال أن هذه القيود والقواعد واإلجراءات ال حتول دون‬ ‫ذلك بالفعل‪ ،‬وهو األمر الذي يؤدي في النهاية إلى تعزيز حرية إصدار‬ ‫الصحف وإلى حرية الصحافة والصحفيني‪.‬‬ ‫وذكرت نسبة ‪ 66.7%‬من إجمالي القيادات النقابية املدروسة – تدليال‬ ‫على ما سبق – أنه أصبح اآلن من حق األفراد والشركات اخلاصة في‬ ‫كثير من دول العالم العربي حرية إصدار الصحف ومتلكها‪ ،‬وأنه رغم‬ ‫وجود قيود إدارية وتنظيمية تنظم هذا احلق‪ ،‬إال أن ثمة تزايدا مضطردا‬ ‫في أعداد هذه الصحف – مقارنة بالفترات التاريخية السابقة ‪ -‬مبا يعني‬ ‫أنه ال توجد قيود حقيقية حتول دون ذلك‪ ،‬وهو األمر الذي يعزز أيضا من‬ ‫حرية الصحافة والصحفيني‪ ،‬ويؤشر على تطور حالة احلريات الصحفية‬ ‫في العالم العربي على هذا املستوى‪.‬‬ ‫كما انتهت نتائج الدراسة امليدانية إلى أن نسبة ‪ 72.2%‬من قيادات‬ ‫التنظيمات النقابية الصحفية عينة الدراسة‪ ،‬قد أكدت أنه ال توجد ثمة‬

‫تدخالت أمنية أو سياسية في توجيه سياسات حترير الصحف في كثير‬ ‫من دول العالم العربي‪ ،‬وأن الصحف قد أصبحت تتمتع بحرية واستقاللية‬ ‫عن السلطة وأجهزة الدولة واألمن مقارنة بالفترات السابقة‪ ،‬وهي نتيجة‬ ‫تشير إلى تزايد هامش احلريات الصحفية في العالم العربي وفقا ملا‬ ‫ذكرته القيادات النقابية املدروسة‪.‬‬ ‫وانتهت نتائج ال��دراس��ة امليدانية إل��ى أن نسبة ‪ 88.9%‬من إجمالي‬ ‫القيادات النقابية عينة الدراسة قد أكدت أن الصحف التي تصدر في‬ ‫مجتمعاتهم تعبرعن اجتاهات سياسية وفكرية متنوعة‪ ،‬وأن هذه الصحف‬ ‫ على اجتاهاتها املختلفة ‪ -‬تعكس برامج وتوجهات متباينة‪ ،‬مبا يؤدي‬‫في النهاية إلى تكريس حالة من التعددية والتنوع في املجتمعات العربية‪،‬‬ ‫متارس الصحافة ووسائل اإلعالم دورا مهما فيها‪ .‬وتوصلت النتائج أيضا‬ ‫إلى أن نسبة ‪ 100%‬من قيادات التنظيمات النقابية املدروسة قد أكدت‬ ‫أيضا أن احملررين والصحفيني الذين يعملون في الصحيفة الواحدة‬ ‫يستطيعون التعبير عن أرائهم واجتاهاتهم بحرية ودون أية قيود‪ ،‬وهو‬ ‫األمر الذي يشير في التحليل األخير إلى تطور حالة احلريات الصحفية‬ ‫في العالم العربي على هذا الصعيد‪.‬‬ ‫وانتهت نتائج الدراسة امليدانية أيضا حول مدى احلرية التي تتمتع بها‬ ‫الصحف في العالم العربي‪ ،‬إلى أن نسبة ‪ 61%‬من إجمالي القيادات‬ ‫النقابية املدروسة قد أكدت أن الصحف في مجتمعاتهم ال تتعرض ألي‬ ‫شكل من أشكال الرقابة عليها من قبل السلطة أو أجهزتها املختلفة‪ ،‬وان‬ ‫هذا التوجه قد بدا ينحسر في كثير من ال��دول والنظم العربية خالل‬ ‫السنوات القليلة املاضية مقارنة بالفترات السابقة‪ ،‬وهو األمر الذي يؤكد‬ ‫في التحليل األخير على تطور حالة احلريات الصحفية مقارنة باملراحل‬ ‫والفترات السابقة‪.‬‬ ‫وانتهت نتائج الدراسة امليدانية إلى أن النسبة الغالبة من القيادات النقابية‬ ‫قد أكدت أن هناك تراجعا كبيرا في مسألة تدخل الدولة في توجيه‬ ‫سياسات حترير الصحف من خالل تقدمي املساعدات االقتصادية واملنح‬ ‫والدعم والتيسيرات لها‪ ،‬وأن الصحف في كثير من هذا البلدان أصبحت‬ ‫تتمتع بقدر أكبر من االستقاللية عن السلطة‪ ،‬حتى لو كانت حتصل على‬ ‫مساعدات منها‪.‬‬


‫‪20‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون عربية‬

‫ وتوصلت نتائج الدراسة امليدانية إلى أن النسبة الغالبة من القيادات‬‫النقابية في دول العالم العربي قد أكدت على أن هناك قدرا كبيرا من‬ ‫احلرية‪ ،‬تتمتع به التنظيمات النقابية املهنية (نقابات الصحافة) في كثير‬ ‫من دول العالم العربي‪ ،‬وأن هذه التنظيمات النقابية متارس دورا ال بأس‬ ‫به في الدفاع عن حرية الصحافة والصحفيني‪ ،‬وفي حماية آداب املهنة‬ ‫وأخالقياتها‪ ،‬وانتهت نتائج الدراسة امليدانية إلى أن النسبة األكبر من‬ ‫قيادات التنظيمات النقابية عينة الدراسة‪ ،‬قد اتفقت على أن أسلوب‬ ‫تشكيل هذه التنظيمات ومجالسها يتم بأساليب وط��رق درميقراطية‬ ‫تتسم بالنزاهة‪ ،‬وأن هذه التنظيمات تلعب دورا مهما في إصدار وتطوير‬ ‫وتفعيل لوائح آداب املهنة إلتزاما منها برسالتها في حماية هذه اآلداب‬ ‫وفي الدفاع عن حقوق املجتمع ومسئوليتها املهنية والنقابية واإلجتماعية‬ ‫إزاء اجلمهور‪.‬‬ ‫كما انتهت النتائج إلى أن نسبة كبيرة (‪ )66.7%‬من القيادات النقابية في‬ ‫العالم العربي قد أشارت إلى أن عملية التطور التشريعي الذي أصاب‬ ‫قوانني الصحافة وتشريعاتها في الكثير من هذه الدول ميكن اعتبارها‬ ‫(جيدة – وجيدة ج��داً) بدرجة كبيرة‪ ،‬حيث أك��دت ه��ذه القيادات أن‬ ‫التطور الذي شهدتهم مجتمعاتهم‪ ،‬على قوانني الصحافة وتشريعاتها قد‬ ‫ترتب عليه الكثير من املؤشرات اإليجابية التي تتمثل في‪ :‬إصدار قوانني‬ ‫وتعديالت قوانني تتعلق بحرية الصحفيني في احلصول على البيانات‬ ‫واملعلومات من مصادرها‪ ،‬تخفيف العقوبات السالبة للحريات أو الغائها‪،‬‬ ‫التخفيف من قيود وشروط إصدار الصحف ومتلكها‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مؤشرات تراجع حالة احلريات الصحفية في العالم العربي‬ ‫كما انتهى التقرير إلى أنه بالرغم من وجود الكثير من مظاهر ومؤشرات‬ ‫التطور في حالة احل��ري��ات الصحفية في العالم العربي‪ ،‬إال أن ثمة‬ ‫مجموعة أخرى من املؤشرات التي تدل وبوضوح على أن ثمة حالة من‬ ‫التراجع والتدهور الذي يصيب هذه احلالة على كثير من املستويات التي‬ ‫ميكن أن جنملها على النحو التالي‪:‬‬ ‫حيث انتهت نتائج الدراسة امليدانية إلى أن النسبة األكبر من القيادات‬ ‫النقابية املدروسة في دول العالم العربي‪ ،‬قد ذكرت أن األجور واملرتبات‬ ‫التي يحصل عليها الصحفيون في مجتمعاتهم‪ ،‬ال تضمن لهم مستوى‬ ‫اق �ت �ص��ادي وإج�ت�م��اع��ي يليق ب �ه��م‪ ،‬وأن ه ��ذه ال �ظ��روف االق�ت�ص��ادي��ة‬ ‫واإلجتماعية الضاغطة التي يعيشها نسبة ال يستهان بها من الصحفيني‬ ‫في الكثير من دول العالم العربي‪ ،‬قد تؤثر في درجة استقاللية الصحفيني‬ ‫ومدى قدرتهم على مواجهة الضغوط واإلغراءات املالية‪.‬‬ ‫وذك��رت نسبة ال يستهان بها من قيادات التنظيمات النقابية – عينة‬ ‫ال��دراس��ة ‪ )33.3%( -‬أن الصحفيني في مجتمعاتهم ال يستطيعون‬ ‫التعبير عن رأيهم بحرية كاملة‪ ،‬وأن ثمة قيودا وضغوطا متارسها السلطة‬ ‫وغيرها من اجلهات والهيئات حتول دون ذلك‪.‬وقد انتهت نتائج الدراسة‬ ‫امليدانية إلى أن نسبة ‪ 33.3%‬من إجمالي القيادات النقابية قد أكدت‬ ‫أن التشريعات والقوانني احلالية املعمول بها في بعض دول العالم العربي‬ ‫ال توفر الضمانات الكافية التي تكفل للصحفيني حرية العمل الصحفي‬ ‫وحرية الرأي والتعبير دون قيود‪.‬‬ ‫كما انتهت النتائج إلى أن النسبة األكبر من القيادات الصحفية النقابية‬ ‫عينة الدراسة‪ ،‬والتي بلغت (‪ )44.4%‬قد أكدت أن نسبة ال يستهان بها‬ ‫من الصحفيني في املجتمعات التي يعبرون عنها يتعرضون لضغوط إدارية‬ ‫ومهنية من قبل رؤساء مجالس إدارات ورؤساء حترير الصحف‪ ،‬وأن هذه‬ ‫الضغوط تؤثر سلبا في مدى ما ميتعتون به من حرية في التعبير عن‬ ‫أنفسهم وأرائهم وتصوراتهم‪ ،‬وفي ممارسة مهام عملهم الصحفي‪ .‬كما‬ ‫توصلت الدراسة إلى أن نسبة ‪ 66.7%‬من إجمالي العني قد ذكرت أنهم‬ ‫يتعرضون للكثير من الضغوط التي متارسها عليهم املنظومة اإلجتماعية‪،‬‬

‫‪‎‬احمد يوسف بهبهانى‪..‬‬ ‫رئيس اإلحتاد‬

‫‪‎‬حامت زكريا‪..‬‬ ‫األمني العام‬

‫ومنظومة التقاليد واملورثات واملعايير والقيم السائدة‪ ،‬وهو األمر الذي‬ ‫يؤثر في كثير من احلاالت على درجة حريتهم في التعبير عن أنفسهم‬ ‫وفي ممارسة مهام عملهم‪.‬‬ ‫كما انتهت نتائج الدراسة أيضا إلى أنه بالرغم من وجود توجه متزايد نحو‬ ‫إصدار القوانني والتشريعات التي تكفل حرية تداول املعلومات بالنسبة‬ ‫للصحفيني في بعض دول العالم العربي‪ ،‬إال أن نسبة كبيرة قد تصل إلى‬ ‫نصف هذه الدول أو يزيد ليس لديها مثل هذه القوانني والتشريعات حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬بل أن الدول التي أصبحت لديها بالفعل قوانني تكفل وتنظم حق‬ ‫احلصول على املعلومات مازالت تواجه إشكاليات واضحة في تطبيق هذه‬ ‫القوانني على أرض الواقع‪ ،‬وهي املسألة التي تنتقص من قدرة الصحفيني‬ ‫على العمل بكفاءة‪ ،‬وتنتقص من درجة حرياتهم وضماناتهم في احلصول‬ ‫على البيانات واملعلومات من مصادرها الرسمية‪.‬‬ ‫كما انتهت نتائج التقرير إلى أن الصحفيني في كثير من دول العالم العربي‬ ‫مازالوا يتعرضون في ظل استمرار نفس منظومة التشريعات والقوانني‬ ‫السائدة وعدم تطورها‪ ،‬وفي ظل سيادة مناخ من القمع واالستبداد الذي‬ ‫متارسه بعض أنظمة احلكم وبعض التيارات واجلماعات والقوى السياسية‬ ‫إلى أشكال متعددة من العقوبات والضغوط والقيود‪ ،‬التي تتراوح بني «‬ ‫التوبيخ « و « اإلهانة « و « التضييق عليهم في العمل «‪ ،‬والفصل « أو «‬ ‫املنع اجلزئي من مزاولة العمل « مرورا باالعتقال دون محاكمة‪ ،‬واملنع من‬ ‫الكتابة‪ ،‬واالستدعاء من قبل أجهزة األمن واملخابرات‪ ،‬والتعرض للحبس‬ ‫والسجن وليس انتهاء بالتعرض ألعمال القتل واالغتياالت والتصفيات‬ ‫اجلسدية‪ ،‬وهو األمر الذي يؤثر في درجة احلرية التي ميتعتون بها‪.‬‬ ‫وتوصلت نتائج الدراسة امليدانية إلى أنه بالرغم من أن النسبة الغالبة‬ ‫من الصحفيني من القيادات النقابية في العالم العربي قد اتفقت على‬ ‫أن الطريق نحو حرية إصدار الصحف في بالدهم أصبح مفتوحا بال‬ ‫قيود حتول دون حرية إصدار الصحف ومتلكها‪ ،‬إال أن نسبة ‪83.3%‬‬ ‫قد ذكرت في اجلانب املقابل أن « ضرورة احلصول على ترخيص رسمي‬ ‫من السلطة واجلهات الرسمية « مازال في مقدمة القواعد والشروط‬ ‫الالزمة ل��ذك‪ ،‬وهو ما ميكن اعتباره تضييقا من السلطة على حرية‬ ‫إصدار الصحف‪ ،‬في وقت تأخذ فيه جميع الدول الديقراطية بأسلوب «‬ ‫اإلخطار « وليس بأسلوب «الترخيص»‪.‬‬ ‫كما انتهت الدراسة إلى أن نسبة ‪ 33.3%‬من إجمالي القيادات النقابية‬ ‫قد أكدت أن الصحف في بعض املجتمعات العربية تتعرض لبعض أشكال‬ ‫الرقابة والتضييق عليها‪ ،‬سواء جاء ذلك نتيجة تدخالت جهات سياسية‬ ‫أو أجهزة أمنية أو حتى مؤسسات دينية في توجيه سياسات حترير‬ ‫الصحف‪ ،‬وذكرت نسبة ‪ 83.3%‬أن إجمالي هذه القيادات أن ثمة قوائم‬


‫محضورات قاتلة واعتبارات فضفاضة‬

‫انتهت نتائج الدراسة إلى أن معظم احلكومات ونظم‬ ‫احلكم في العالم العربي تستند في قيامها بتطبيق‬ ‫ق���وائ���م احمل���ظ���ورات ال���ض���ارة ب��ال��ع��م��ل ال��ص��ح��ف��ي على‬ ‫مجموعة متعددة ومتنوعة من األسانييد واملبررات‪،‬‬ ‫يأتي في مقدمتها «اعتبارات احلفاظ على الوحدة‬ ‫الوطنية» و»اعتبارات حماية األمن القومي وحماية‬ ‫أم���ن ال���دول���ة م��ن ال���داخ���ل» ث��م «م��ن��ع امل��س��اس بهيبة‬ ‫واعتبارات احلكام وكبار املسئولني» و»احل��ف��اظ على‬ ‫ال��ع�لاق��ات م��ع ال���دول الصديقة وع��دم امل��س��اس بهيبة‬ ‫رؤسائها وحكامها»‪ ،‬وليس انتهاء باعتبارات «دواع��ي‬ ‫سرية املعلومات» و»احلفاظ على سير التحقيقات»‪،‬‬ ‫وه��ي اع��ت��ب��ارات فضفاضة ف��ي معظمها‪ ،‬يغلب عليها‬ ‫طابع العمومية وعدم التحديد في كثير من األحيان‪،‬‬ ‫األم����ر ال����ذي تستغله ك��ث��ي��ر م��ن احل��ك��وم��ات وال��ن��ظ��م‬ ‫ف��ي كثير م��ن األح��ي��ان ف��ي التضييق على الصحافة‬ ‫والصحفيني في بلدانهم‪.‬‬

‫‪‎‬طارق املومني‪ ..‬نائب رئيس‬ ‫اإلحتاد‬

‫‪‎‬عبد الله البقالي‪ ..‬النائب‬ ‫الثانى لرئيس اإلحتاد‬

‫معروفة حتدد بعض القضايا واملجاالت احملظور النشر فيها واالقتراب‬ ‫منها‪ ،‬يأتي على رأسها «احملظورات املتعلقة بالشئون العسكرية واألمنية»‬ ‫و»الشئون الدينية» ثم «الشئون السياسية»‪ ،‬وهي نتيجة تشير في حتليلها‬ ‫األخير ‘إلى أن ثمة أشكال من الرقابة املباشرة وغير املباشرة مازالت‬ ‫متارس ضد الصحافة والصحفيني في العالم العربي وتؤثر في درجة‬ ‫احلرية التي يتمتعون بها‪.‬‬ ‫وانتهت نتائج الدراسة أن معظم احلكومات ونظم احلكم في العالم العربي‬ ‫تستند في قيامها بتطبيق مثل هذه القوائم واحملظورات على مجموعة‬ ‫متعددة ومتنوعة من االسأنييد واملبررات‪ ،‬يأتي في مقدمتها «اعتبارات‬ ‫احلفاظ على الوحدة الوطنية» و «اعتبارات حماية األمن القومي وحماية‬ ‫أم��ن ال��دول��ة من ال��داخ��ل» ثم «منع املساس بهيبة واع�ت�ب��ارات احلكام‬ ‫وكبار املسئولني» و»احلفاظ على العالقات مع ال��دول الصديقة وعدم‬ ‫املساس بهيبة رؤسائها وحكامها»‪ ،‬وليس انتهاء باعتبارات «دواعي سرية‬ ‫املعلومات» و «احلفاظ على سير التحقيقات»‪ ،‬وهي اعتبارات فضفاضة‬ ‫في معظمها‪ ،‬يغلب عليها طابع العمومية وعدم التحديد في كثير من‬

‫األحيان‪ ،‬األمر الذي تستغله كثير من احلكومات والنظم في كثير من‬ ‫األحيان في التضييق على الصحافة والصحفيني في بلدانهم‪.‬‬ ‫كما توصلت نتائج الدراسة إلى أن ثمة مؤشرا رئيسيا آخر من مؤشرات‬ ‫تراجع حرية الصحف في العالم العربي‪ ،‬يتمثل في إصرار معظم نظم‬ ‫احلكم القائمة على اإلب�ق��اء على منط ملكية ال��دول��ة وإشرافها على‬ ‫الصحف اململوكة لها والتدخل في شئون إدارتها دون محاولة حقيقية‬ ‫لتحويل هذه الصحف إلى منط صحف اخلدمة العامة املستقلة عن‬ ‫تدخالت السلطة‪ ،‬حيث مازالت كثير من احلكومات العربية تتدخل في‬ ‫اإلشراف على الصحف من خالل وزارات اإلعالم بها‪ ،‬ومازالت كثير من‬ ‫هذه النظم واحلكومات تتدخل في اجلوانب االقتصادية واإلدارية لهذه‬ ‫املشروعات‪ ،‬رغم أن ثمة قدرا كبيرا من التطور أيضا قد شهدته هذه‬ ‫املجتمعات‪ ،‬فيما يتعلق بتعددية وتنوع أمناط وأشكال امللكية املسموح بها‬ ‫في هذه الدول‪ ،‬بدءا من منط ملكية الدولة‪ ،‬وملكية الشركات‪ ،‬وملكية‬ ‫األحزاب‪ ،‬وامللكية املختلطة‪ ،‬وليس انتهاء مبلكية األفراد‪.‬‬ ‫وتوصلت نتائج التقرير إلى أنه بالرغم من أن تزايد واتساع هوامش‬ ‫احلريات الصحفية في كثير من دول العالم العربي‪ ،‬إال أن ثمة قيود‬ ‫قانونية وتشريعات مازالت تواجه الصحف وتعرضها للكثير من أشكال‬ ‫العقوبات واملؤاخذات التي تتراوح ما بني «املثول أمام احملاكم» و»الغرامات‬ ‫املالية» و»التعرض للتعطيل» و»املصادرة» و»اإللغاء»‪ ،‬وهي نتائج ومؤشرات‬ ‫بالرغم من ضآلة نسبتها في كثير من األح�ي��ان‪ ،‬وتباينها بني ال��دول‬ ‫املختلفة‪ ،‬إال أنها تؤكد بشكل أو بآخر أن الصحافة والصحفيني في‬ ‫العالم العربي مازالوا يواجهون كثيرا من أشكال القيود والضغوط التي‬ ‫حتد من حرياتهم‪.‬‬ ‫كما توصلت نتائج الدراسة فيما يتعلق بتأثير املتغيرات االقتصادية‬ ‫واإلدارية على حرية الصحافة والصحفيني في العالم العربي‪ ،‬إلى أن ثمة‬ ‫مجموعة من املؤشرات السلبية املتعددة واملتنوعة يأتي في مقدمتها‪ ،‬تزايد‬ ‫مسألة قبول عمل الصحفيني في مهنة جلب اإلعالنات في كثير من الدول‬ ‫العربية‪ ،‬باملخالفة للقانون ومواثيق الشرف املهنية‪ ،‬وتزايد تدخل املعلنني‬ ‫في توجيه سياسات حترير الصحف مبا ال يتعارض مع مصاحلهم‪ ،‬نتيجة‬ ‫للضغوط االقتصادية التي تتعرض لها صناعة الصحافة ونتيجة لتزايد‬ ‫االعتماد على اإلي��رادات اإلعالنية كمصدر رئيسي في التمويل‪ ،‬وهي‬ ‫مسألة تؤثر ال شك في حرية الصحف وحرية الصحفيني واستقالليتهم‬ ‫ومدى قدرتهم على ممارسة دورهم الرقابي والنقدي‪.‬‬ ‫وانتهت نتائج التقرير إلى أن كثيرا من احلكومات ورجال األعمال في‬ ‫بعض ال��دول العربية‪ ،‬يقدمون أشكاال من الدعم‪ ،‬و مساعدات مالية‬ ‫وتيسيرات ومزايا اقتصادية للكثير من الصحف‪ ،‬سواء التي ميتلكونها‬ ‫أوالتي ترتبط معهم بدرجة والء‪ ،‬وأنهم يتدخلون في توجيه سياسات‬ ‫حترير هذه الصحف من خالل الضغوط االقتصادية التي ميارسونها‬ ‫عليهم‪.‬‬ ‫وانتهت نتائج التقرير إلى أن النسبة األكبر من القيادات النقابية املدروسة‬ ‫(‪ ،)55.6%‬ق��د اتفقت على أن عملية التطوير التشريعي للقوانني‬ ‫والتشريعات املنظمة للعمل الصحفي في كثير من الدول العربية مازالت‬ ‫محدودة وحتتاج إلى كثير من اجلهد لتنقية هذه القوانني والتشريعات‬ ‫من كافة القيود القانونية واإلدارية املبالغ فيها‪ ،‬لضمان حتقيق مزيد من‬ ‫احلرية للصحافة والصحفيني في العالم العربي‪ ،‬حيث ذكرت النسبة األكبر‬ ‫من القيادات النقابية أن هذه القوانني والتشريعات ال تزال مليئة بالكثير‬ ‫من القيود القانونية واإلداري��ة التي حتد من حرية األف��راد في إصدار‬ ‫الصحف‪ ،‬وانها ماتزال مليئة بالقيود القانونية والتشريعية التي حتد من‬ ‫حرية الشركات في تأسيس الصحف وإصدارها‪ ،‬وكذلك لكونها تبيح‬ ‫للحكومات وأجهزة السلطة التدخل في شئون الصحافة وفي سياساتها‬ ‫االقتصادية واإلدارية واملهنية‪ ،‬يضاف إلى ذلك غياب قوانني حرية تداول‬ ‫املعلومات في كثير من الدول العربية‪ ،‬واستمرار األخذ بنظام الترخيص‬ ‫وليس بنظام اإلخطار في تأسيس الصحف وإصدارها‪ ،‬يضاف إلى ذلك‬ ‫استمرار كثير من قوانني الصحافة وقوانني العقوبات في كثير من الدول‬ ‫في األخذ بالعقوبات السالبة للحريات‪ ،‬وفي تغليظ العقوبات والغرامات‬ ‫املالية على الصحف‪ ،‬وهي مؤشرات تدل رغم محدوديتها على أن ثمة‬ ‫قيود مازالت حتد من حرية الصحافة والصحفيني في العالم العربي‪.‬‬


‫‪22‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫داعشلوجيا‬

‫ورثة‬ ‫قابيل‪..‬‬ ‫والغربــــان الجدد!!‬ ‫‪ ..‬واملال وسيلتهم للقتل أيض ًا‬

‫حادثة القتل األولى‬

‫الواقع مكفهر ‪ ..‬وصوت الدماء صارخ من األرض آناء الليل‬ ‫وآناء النهار ‪!..‬‬ ‫إن ملقتل «هابيل» ألف تفسير وتأويل ‪ ..‬وقد قيل أن سبب‬ ‫القتل ام��رأة «إقليما»‪ ..‬وتأكد أن السبب مرتبط باإلله ‪..‬‬ ‫بالرضى والوصل بالقرب والبعد ‪ ..‬وسبحت من بعد حادثة‬ ‫المتناه‪,‬‬ ‫القتل املفجعة املخيالت في فضاء سباعي األبعاد‬ ‫ٍ‬ ‫فصاغت سيناريوهات عديدة وفق رؤى واجتاهات الفكر‬ ‫وزمنه ‪ ..‬وص��ار لـــ»قايبل» أع��داء كارهون من بنيه وبني‬ ‫إخوته ‪!!..‬‬

‫عبدالواحد حركات‬

‫وسوسة الشيطان حاضرة في التفاسير‪ ,‬وآالعيب إبليس محشورة‬ ‫بوصفه املدبر للحادثة واملعلم لطريقتها‪ ..‬فقد تهيأ لـــ»قابيل»‬ ‫وعلمه أن يشدخ رأس أخيه بحجر أو يرضخه بني حجرين‪ ,‬وكان‬ ‫«هابيل» مستسلماً ألخيه «حسب الرواية «‪ ,‬وقد حدث القتل وسال‬ ‫الدم وانهال الندم واخلوف في حلظات‪ ..‬وارتعدت فرائص»قابيل»‬ ‫القاتل‪ ,‬وراح يجوب األرض ويطوف بأنحائها وجثة أخيه بني‬ ‫يديه باردة‪ ,‬والوساوس تفترسه والغرائز تأمره بإخفاء جرميته‪,‬‬ ‫والتخلص من جثة أخيه ‪!..‬‬ ‫قابيل‪ ..‬مبتكر القتل عجز عن ابتكار وسيلة للتخلص من جثة‬ ‫ضحيته ‪ ..‬وظل هائماً حتى ُس ِخر له غراب «قاتل» مثله‪ ,‬يتقن‬ ‫ما لم يتقنه‪ ,‬ويعرف كيف يواري جثة ضحيته‪ ,‬فتعلم منه ودس‬ ‫باألرض أول جسد آدمي‪ ,‬ومذ ذاك اليوم واألرض تلتهم األجساد‬ ‫واإلخ ��وة يقتتلون‪ ,‬وأم�س��ت القابيلية فعل متذبذب ب�ين اإلكبار‬ ‫واالستهجان‪ ,‬وصار لطقوسها وأسبابها وغاياتها تأثير يأخذها‬ ‫من املقت إلي االشتهاء ‪!!..‬‬ ‫يقولون لعن «آدم‪ /‬وال��د القاتل والقتيل» األرض التي شربت دم‬ ‫ابنه‪ ,‬ومذ ذاك لم تشرب دماً ‪ ..‬وقد شهق جبل «قاسيون» من هول‬ ‫ما اقترفت يدا «قابيل» ‪ ..‬وبقت دماء «هابيل» تصبغ أحجاره‪,‬‬ ‫والزالت دموعه بــ»مغارة الدم» تنهمر بسخاء‪ ,‬وتبرهن تضاريس‬ ‫املغارة وتفاصيلها ومحتوياتها صدق شهادتها على ما حدث حينها‬ ‫‪ ..‬وقد تغيرت أشياء كثيرة بعدها‪ ,‬ورمب��ا ُفـجعت ح��واء وتعالى‬ ‫صراخها ونواحها وتوافقت مع نواح «قاسيون»‪ ,‬أو رمبا ألتهمتها‬ ‫صدمة الفاجعة‪ ,‬وأسكتها احل��زن كحال أمي وح��ال أمهات كثر‬ ‫فجعن ‪!!..‬‬ ‫العنف الذي ابتكره «قابيل» محشو بنمط العالقة مع اإلله وشكلها‪,‬‬


‫القرضاوي والغراب ‪ ..‬وجهان لعملة واحدة‬

‫سوسة الشيطان حاضرة في التفاسير ‪ ..‬وآالعيب‬ ‫ابليس محشورة بوصفه املدبر حلادثة القتل‬ ‫األولى واملعلم لطريقتها‬ ‫قابيل مبتكر القتل عجز عن ابتكار وسيلة‬ ‫للتخلص من جثة ضحيته‬

‫ابتكرت احلروب املقدسة وحتولت إلى طريق‬ ‫مباشر ومختصر إلى اجلنان !!‬

‫عصرنا احلالي ال يعدو في حقيقته سوى اقتباسات‬ ‫ومحاكاة بائسة لعصور سابقة ‪ ..‬وعنفنا الذي‬ ‫منتهنه يشكل مرحلة تطور ملراحل حياتية سابقة‬ ‫يوسف القرضاوي يتزعم مشروع الكراهية‬ ‫وتأصيل العنف في اإلسالم‬

‫ومحشوا بتفاصيل الوجود اآلدمي الساعي إلي رضى اإلله‪ ,‬وقد‬ ‫امتاز العنف القابيلي بشمولية تفرعت‪ ,‬وتنامت حتى أمست للعنف‬ ‫سيرة موازية لسيرة احلياة‪ ,‬وظهر للعنف وجه مقدس مشتهى‬ ‫يضمن الرضى اإللهي‪ ,‬ويرمي إليه كجائزة مستحقة الرتكاب‬ ‫العنف باسم اإلله أو باسم شريعته‪ ..‬وحبلت احلياة على مداها‬ ‫بأشكال للعنف معطوفة أو مسيجة باحلث اإللهي‪ ,‬حتى اتسم‬ ‫ٍ‬ ‫جانب من العنف املقصود واملؤدلج بالوسم الديني أو الشرائعي‪,‬‬ ‫وابتكرت احلروب املقدسة وحتولت إلي طريق مباشر ومختصر‬ ‫إلي اجلنان‪!!..‬‬ ‫البشرية مذ كانت تعزف بوحشية على أوتار االختالف ‪ ..‬وتصور‬ ‫العالم كفسيفساء غير متناسقة جلماعات وأمم وحضارات وأديان‬ ‫متخالفة ‪!..‬‬ ‫عصرنا احلالي بطريقة ما ‪ ..‬ومبا فيه ال يعدو في حقيقته سوى‬ ‫اقتباسات ومحاكاة بائسة لعصور سابقة ‪ ..‬وعنفنا الذي منتهنه‬ ‫يشكل مرحلة تطور ملراحل حياتية سابقة‪ ,‬امتألت طوال الزمن‬ ‫بشوائب الفكر وشيطناته‪ ,‬تدربنا خاللها على إنتاج أيدلوجيات‬ ‫منطقية وغير منطقية‪ ,‬واعية وغير واعية‪ ,‬مقدسة أو منبوذة‬ ‫حتتوي العنف وتشرعنه‪ ,‬وتدعو له وفق رؤى إنسانية متذبذبة‬ ‫ديدنها االختالف واالزدراء‪ ,‬وغايتها جتديد القابيلية وإحيائها‬ ‫بكل زم��ان وم �ك��ان‪ ,‬وي�ظ��ل ح��دث اغ �ت��راب البشرية املتكرر عن‬ ‫اإلله‪ ,‬ونزوحها إلي مفازات فكرية مقفرة مبعث أساسي لتشكل‬ ‫العنف‪ ,‬ومحور تلف حوله األيدلوجيات ال ُعـصابية‪ ,‬ومنجم طبيعي‬ ‫للطائفية والفئوية وجميع أصناف وأشكال التعصب ‪!!.‬‬ ‫لم تدعو أي ديانة إلي التعصب‪ ,‬وإن كان اليهود قد جعلوا جوهر‬ ‫ديانتهم ونواتها التعصب العرقي‪ ,‬وأنتجوا بعزم وقصد التعصب‬


‫‪24‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫داعشلوجيا‬

‫بأفعال هؤالء حتول اإلسالم إلى مرادف للقتل والعنف‬

‫الديني وابتدعوا فكرة الدولة الدينية وجسدوها‪ ,‬ودسوا بأنوية‬ ‫الفكر اإلنساني وأسسه بذور التفريق واالزدراء واإلقصاء‪ ,‬وصاروا‬ ‫بهمة أئمة املفسدين‪ ,‬ورواد تقديس العنف والكراهية واألحقاد‪,‬‬ ‫وجعلوا من تلمودهم كتالوج عنصري مدعم مبفاهيم النرجسية‬ ‫واالحتقار لآلخر‪ ,‬وك��ان��وا والزال ��وا ي�ن��ادون بامتهان سواهم من‬ ‫أبناء آدم‪ ,‬وميتهنون القتل واغتصاب احلقوق بأسانيد شرائعية‪,‬‬ ‫تسربت منهم إلي األمم األخرى‪ ,‬وبات لوجودها صور مماثلة أو‬ ‫مقاربة في شرائع غيرهم من األمم ‪!!..‬‬ ‫أمة اإلسالم منيت مبمتهني التكفير ودعاة عنف ‪!..‬‬ ‫املفهوميات امل�ل��وث��ة ألس��س وش��ري�ع��ة اإلس�ل�ام‪ ,‬خلقت بأسلوب‬ ‫راديكالي معركة مشحونة داخ��ل اإلس�لام‪ ,‬وأنتجت مضاعفات‬ ‫املعركة طوائف ورؤى متفرقة‪ ,‬انتهجت مع الزمن سبل متباينة‬ ‫جعلتها مع تقدم املراحل تصل إلي حالة التناقض أو التعارض‪,‬‬ ‫وجعلت لإلسالم هويات فئوية ومقاصد دنيوية‪ ,‬وحتول إلي خصم‬ ‫تقليدي ف��ي حلبات السياسة‪ ,‬رفعت باسمه ال��راي��ات وأقيمت‬ ‫الدول‪ ,‬وقطعت الرؤوس وسلبت األموال‪ .‬وأضحت شريعته وسيلة‬ ‫ارت ��زاق للبعض‪ ,‬ووسيلة إذالل وإه��ان��ة للبعض اآلخ��ر‪ ,‬وبفعال‬ ‫اإلسالمويني حتول اإلسالم من دين رحمة وتسامح وعفو «اذهبوا‬ ‫فانتم الطلقاء» إلي مرادف للعنف والقتل واإلرهاب ‪!..‬‬ ‫إن سجن اإلس�لام في أصولية ضيقة وضمن مفاهيم محددة‬ ‫مؤامرة ُدبرت بليل‪ ,‬جنى أعداء اإلسالم ثمارها‪ ,‬واقتاتوا محصولها‬ ‫بنهم ولذة‪ ,‬واستطاعوا أن يحملوا املسلمني على خوض معاركهم‬ ‫اجلهادية املقدسة وسط ديار اإلسالم‪ ,‬وحتت راياته وضد أهله‪,‬‬ ‫وسفكت دماؤهم‬ ‫وكان للقابيلية املقيتة دورها‪ ,‬فاقتتل املسلمون ُ‬ ‫بحراب اإلسالم وسيوفه‪ ,‬حتى وصلنا إلي زمن وحال يتعارض فيه‬ ‫املسلم مع املسلم حتى في جوهر العقيدة‪ ,‬وفي احلدود وحرمة‬

‫لم تدعو أية ديانة إلى التعصب ‪ ..‬وإن كان‬ ‫اليهود قد جعلوا جوهر ديانتهم ونواتها‬ ‫التعصب العرقي‬ ‫املفهوميات امللوثة ألسس وشريعة اإلسالم‬ ‫خلقت بأسلوب راديكالي معركة مشحونة‬ ‫داخل اإلسالم وأنتجت مضاعفات املعركة‬ ‫طوائف ورؤى متفرقة‬

‫رصاصة االغتيال تستأذن أبليس دائما‬


‫صناعة التعصب والكراهية عند اليهود‬

‫بأفعال «اإلسالمويني» حتول اإلسالم من‬ ‫دين رحمة وتسامح وعفو إلى مرادف للعنف‬ ‫والقتل واإلرهاب‬ ‫سجن اإلسالم في أصولية ضيقة وضمن‬ ‫مفاهيم محددة مؤامرة دبرت بليل ‪ ..‬وجنى‬ ‫أعداء اإلسالم ثمارها‬ ‫التيارات اإلسالموية التي استغلت اخللو‬ ‫اإليدلوجي وغياب النخب احلداثية أعطت‬ ‫للصهيونية فرصة حتقيق مشروعها‬

‫الدماء واألعراض‪ ,‬وعاد اإلسالمويون بنا إلي زمن السبي ‪!..‬‬ ‫أن جت��ار ال�ف�ت��اوى ي�ج��رون اإلس�ل�ام وأه�ل��ه إل��ي جاهلية مربكة‪,‬‬ ‫ورغبتهم املريبة في توريط اإلسالم بصراعات سياسية حقيرة‬ ‫تنذرنا بــ» ّ ُد َهيْ َماءُ»مظلمة‪ ,‬ولعل حتوير التغيير السياسي في‬ ‫املنطقة العربية إلي فتح إسالموي‪ ,‬وصبغ أحداث التغيير بصباغ‬ ‫اإلسالم وعطفها عليه‪ ,‬يفصح عن رغبات متخفية تسعى مبجملها‬ ‫لتشويه اإلس�ل�ام‪ ,‬ولتعطيل التغيير السياسي ال��رام��ي لتحقيق‬ ‫العدالة وإيقاف الفساد‪ ,‬وحتمل بني الطيات عملية إنقاذ حقيقية‬ ‫مستعجلة ألوروب��ا‪ ,‬التي شارفت على اإلف�لاس امل��ادي واملعنوي‪,‬‬ ‫والتي استبدت بها اإلسالموفوبيا‪ ,‬وب��ات متشددوها املعادين‬ ‫لإلسالم يخشون من انتشاره في أوروب��ا‪ ,‬ويرتعدون خوفاً من‬ ‫هاجس حتول دولها إلي دول ذات غالبية إسالمية‪ ,‬األمر الذي‬ ‫لن يروق أبداً للجماعات اليهودية واللوبي الصهيوني املسيطر على‬ ‫أوروبا وأمريكا ‪!..‬‬ ‫تزعم «يوسف القرضاوي» لبناء الكراهية وتأصيل العنف في‬ ‫اإلس�ل�ام حقيقة مخيفة‪ ,‬وم��ا يضفيه على أح��ادي�ث��ه م��ن دع��وة‬ ‫الج�ت��رار العنف بني املسلمني‪ ,‬ومجانية التكفير التي اعتادها‬ ‫تدعو للريبة‪ ,‬واستخدامه للشريعة كوسيلة دعم ومساندة للتيارات‬ ‫اإلس�لام��وي��ة التي سرقت التغيير ميثل تفريغ قيمي لإلسالم‪,‬‬ ‫فالتيارات اإلسالموية التي استغلت اخللو األيدلوجي‪ ,‬والغياب‬ ‫املفجع لنخب احلداثيني القادرة على استكمال مسيرة التغيير‪,‬‬ ‫وصعدت على الدماء واألشالء واألجساد احملترقة‪ ,‬لتحوز السلطة‬ ‫وحتقق غاياتها وأحالمها في إحياء دولة اخلالفة‪ ,‬تخدم بطريقة‬ ‫ما الصهيونية وتعطيها فرصة حتقيق مشروعها‪ ,‬وذلك بتحييد‬ ‫القضية الفلسطينية أو تأخيرها‪ ,‬وتعويد العرب على تداولها‬ ‫كقضية ثانوية‪!..‬‬


‫‪26‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫قبل أن أنسى‬

‫شيطان أبوهم يبقى إيه؟؟‬ ‫الصديق بودوارة‬ ‫أوالً‪ ،‬ساعتذر من الشاعر املصري الكبير «أحمد بخيت» وأنا‬ ‫استعير إسماً إلحدى أروع قصائده الرائعات‪ ،‬والتي اسماها‪« ،‬دين‬ ‫ابوهم يبقى إيه «‪ ،‬فقد أجبرني توالي أحداث هذا الزمن «األغبر»‬ ‫وبإحلاح كبير‪ ،‬على رسم ألف عالمة استفهام لم‬ ‫على التساؤل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أعثر لهن على جواب ‪.‬‬ ‫ببشر‬ ‫استفهام واحتجاج وشكوى ووجع‪ ،‬ومشهد مختلط مزدحم‬ ‫ٍ‬ ‫ال وضوح لهم والهوية‪،‬والمنهج لهم وال مبدأ‪ ،‬وال لسان لهم وال‬ ‫أمان‪ ،‬وال معالم لهم وال مالمح‪ ،‬وال معنى لهم وال جدوى ‪.‬‬ ‫بش ٌر لم أجد ما يشفي الغليل أكثر من الصراخ في وجوههم بأعلى‬ ‫صوت‪ ،‬وباملصري الفصيح مقلداً أحمد بخيت في صراخه ذات‬ ‫يوم‪ ،‬مغيراً كلمة «دين» بكلمة «شيطان»‪ ،‬موجوعاً بحقيقة عجز‬ ‫هائل عن الفهم واالستيعاب‪ ،‬باكياً مع جمله «الباكني حولي»‪،‬‬ ‫مستنكراً‪ ،‬هاتفاً‪ ،‬صائحاً بأعلى الصوت ‪:‬‬ ‫شيطان أبوهم يبقى إيه ؟‬ ‫لكن البداية ليست من هنا‪ ،‬ألن��ي سأبدأ معكم من أول حكاية‬ ‫جواب مختصر حلكاية البشر ‪.‬‬ ‫الشياطني‪ ،‬لعلنا نصل إلى‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مشهد مات كل أصحابه منذ مئات السنني‪.‬‬ ‫لكننا سنقف أوالً على‬ ‫إن رج� ً‬ ‫لا من بني «متيم»‪ ،‬يقبل على الفرزدق‪ ،‬وينشده بيتاً من‬ ‫الشعر ‪:‬‬ ‫اخلواتيم «‬ ‫ني‬ ‫ط‬ ‫رأسه‬ ‫كأمنا‬ ‫‪..‬‬ ‫ه‬ ‫نائل‬ ‫د‬ ‫احملمو‬ ‫عمر‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫« ومنه ُ‬ ‫ِ‬ ‫إن الرجل يحاول أن يعرض موهبته الفقيرة على باب مدرسة‬ ‫ال �ف��رزدق ذائ�ع��ة الصيت‪،‬فاحشة ال �ث��راء‪ ،‬لكن ال �ف��رزدق يتحفنا‬ ‫ٍ‬ ‫بحكمة تعيده إلى‬ ‫بجوهرةٍ ن��ادرة امل�ث��ال‪ ،‬إن��ه ي��رد على التلميذ‬ ‫صوابه ‪:‬‬ ‫(( ــ يا أخ��ي‪ ،‬إن للشعر شيطانني‪ ،‬أحدهما يُقال له « الهوبر»‪،‬‬ ‫والثاني يُقال له «الهوجل»‪ ،‬فمن انفرد به «الهوبر» جاد شعره‬ ‫وصح كالمه‪ ،‬ومن انفرد به «الهوجل» ساء شعره وفسد كالمه‪،‬‬ ‫وقد اجتمع لك االثنان في هذا البيت‪ ،‬فكأن الهوبر كان معك في‬ ‫أول البيت فأجدت‪ ،‬وخالطك الهوجل في آخره فافسدت ))‬ ‫إل��ى هنا ينتهي ك�لام ال �ف��رزدق‪ ،‬ليبدأ بعده م��ا أري��د أن أوصله‬ ‫حلضراتكم من ك�لام‪ ،‬فهل كنا موفقني حقاً في اختيار اجلن‬ ‫املناسب لهذه املرحلة املجنونة ؟‬

‫هذا فقط س��ؤال واح��د‪ ،‬لكن أسئلة غيره تتربص بنا‪ ،‬وتتظاهر‬ ‫ولكل‬ ‫مطالب ًة بالرواتب واملنح واجلواب أيضاً‪ ،‬فلكل جنه اخلاص‪ٍ ،‬‬ ‫عفريت قارورته الذي يسكن مؤخرة جمجمته متحكماً مبقاليد‬ ‫كل شيء فيه‪ ،‬فهل تسمحون لي اآلن أن أحدثكم قلي ً‬ ‫ال عن اجلن‪،‬‬ ‫كمدخل مناسب للكالم عن السياسة ؟‬ ‫« لكل شاعر جني خاص به «‪ ،‬تقول العرب في قدميها‪ ،‬حتى أن‬ ‫الفرزدق نفسه كان يُقال عنه إن له جناً اسمه «املخّ بل» ينفث على‬ ‫لسانه الشعر‪ ،‬فهل لكل سياسي في هذا الزمن عفريت مصباحه‬ ‫اخلاص ؟‬ ‫وكان العرب يقولون عن الشعر نفسه أنه « رقية الشيطان «‪ ،‬فهاهو‬ ‫«جرير» ينشد ذات مرة ‪:‬‬ ‫رأيت رقي الشيطان ال تستفزه ‪ ..‬وقد كان شيطاني من اجلن‬ ‫«‬ ‫ُ‬ ‫راقيا «‬ ‫فهل يجوز لنا أن نقول اآلن عن السياسة إنها «رقية الشيطان»‪،‬‬ ‫ولكن‪ ،‬أي شيطان ميكن أن ينتج لنا هذا الكم الهائل من البلهاء‬ ‫والسفهاء واملغفلني ؟‬ ‫وكان بعض العرب يطلقون على الشعراء اسماً مثيراً للجدل‪ ،‬هو‬ ‫مديح في باطنه‪ ،‬غامض مخيف في ظاهره‪ ،‬لقد كانوا يسمونهم‬ ‫«كالب اجلن» كما أنشد «عمرو بن كلثوم» في معلقته الشهيرة ‪:‬‬ ‫« وقد هرت كالب اجلن منا ‪ ..‬وشذبنا قتادة من يلينا «‬ ‫فإذا كان هذا وصف ابن كلثوم للشعراء‪ ،‬فكيف ميكن أن يصف‬ ‫قدر له أن يعود إلى احلياة بعد ‪ 1100‬سنة من‬ ‫ساسة اليوم‪ ،‬لو ّ‬ ‫موته ؟‬ ‫لهم صواحبهم من اجلن‪ ،‬أولئك الشعراء األماجد‪ ،‬طوراً يقولون‬ ‫هم‪ ،‬وط��وراً يتكلم اجلن شعراً على ألسنتهم‪ ،‬ألم تسمعوا ببيت‬ ‫«حسان بن ثابت» الشهير ؟‬ ‫صاحب من بني الشيصبان ‪ ..‬فطوراً أقول‪ ،‬وطوراً هو «‬ ‫« ولي‬ ‫ٌ‬ ‫لهم شياطينهم‪ ،‬وق��د اعترفوا بوجودها على رؤوس األش�ه��اد‪،‬‬ ‫وجادوا حتى بأسمائها شعراً ونثراً‪ ،‬فلماذا يختبيء ساستنا وراء‬ ‫غموضهم املريب‪ ،‬ويرفضون ولو مجرد التلميح بأسماء شياطينهم‬ ‫اخلفية ؟‬ ‫ٍ‬ ‫بشجاعة بوجود‬ ‫إننا نشكر « أب��ي النجم ال��راج��ز» وه��و يعترف‬


‫شياطينه ‪:‬‬ ‫شاعر من البشر ‪ ..‬شيطانه أنثى وشيطاني ذكر «‬ ‫« إني وكل‬ ‫ٍ‬ ‫هذا الذي أقر بشيطانه‪ ،‬هو أشجع وأكثر واقعية من كل ساسة‬ ‫هذه البالد التي ينكرون شياطينهم‪ ،‬لكنهم ينصاعون لهم في نهاية‬ ‫املطاف ‪.‬‬ ‫فهل يحق لنا اآلن أن نسأل النشطاء السياسيني‪ ،‬والعبي سيرك‬ ‫السياسة املبتدئني‪ ،‬وجحافل احملليني «االستراتيجيني»‪ ،‬واخلبراء‬ ‫واحلكماء ومختصي معامل السياسة العربية الرديئة‪ ،‬هل يحق لنا‬ ‫اآلن أن نسألهم واملرارة تستبد بنا‪ ،‬والتهجير يضرب اآلالف في‬ ‫مقتل‪ ،‬واخلوف والقتل والرحيل املر يتالعب بالوجوه البائسة‪ ،‬هل‬ ‫يحق لنا أن نسأل عنهم اآلن صارخني ‪:‬‬ ‫شيطان ابوهم يبقى إيه ؟‬ ‫يحق لنا أن نسأل‪ ،‬كما يحق لنا أن منوت‪ ،‬أليست هذه خيارات‬ ‫لنا ؟ أم أن املوت سهل متاح‪ ،‬لكن السؤال حجر عثرةٍ ينبغي لنا‬ ‫أال نتعثر فيه ؟‬ ‫يحق لنا أن نسأل‪ ،‬واألخبار تطالعنا بأن كل ترشيح ملنصب‪ ،‬وراءه‬ ‫دولة تناصره وتصر عليه‪ ،‬وأن كل رأي يُقال‪ ،‬وراءه جهاز مختص‬ ‫خارجي يدعمه‪ ،‬وأن كل اجتماع يُعقد‪ ،‬وراءه حزب ينفق عليه‪ ،‬وأن‬ ‫كل حزب يُعلن عن تأسيسه‪ ،‬وراءه قوى اقليمية تسانده من وراء‬ ‫الستار‪ ،‬وأن كل سياسي يتشدق بحب وطنه‪ ،‬وراءه وط ٌن آخر ميد‬ ‫له يد العون واملساندة‪ ،‬وإن كل مقترح يُقدم‪،‬وراءه جهة سيادية هي‬ ‫صاحبته وولية أمره‪ ،‬وأن كل خطاب يُلقى‪ ،‬وراءه يد خفيه كتبته‬ ‫ومنقته وأجنزت حروفه وخلقت معانيه‪ ،‬وأن كل حوار يتم‪ ،‬وراءه‬ ‫متحاورون ال يراهم أحد‪ ،‬وال تشاهد وجوههم قاعة مؤمترات‪،‬‬ ‫لكنهم هم من يديرون دفة احلوار‪ ،‬وهم من يسيرون به إلى حيث‬ ‫يريدون ‪.‬‬ ‫أال يحق لنا بعد كل هذا أن نسأل هذه الوجوه التي نراها على‬ ‫الشاشات حتلل وتشرح وتفسر‪ ،‬وهي المتلك من أمر عقولها شيئاً‪،‬‬ ‫أال يحق لنا أن نسألها وبأعلى مامنلك من مقدرةٍ على الصراخ ‪:‬‬ ‫شيطان أبوكم يبقى إيه ؟‬ ‫على األق��ل‪ ،‬نريد أن نعرف من يحرككم ؟ نريد أن نعرف من‬ ‫ميسك بخيوطكم ؟ نريد أن نعرف من بيده قراركم‪ ،‬ونريد أن‬

‫نعرف على األقل إلى متى سنظل منوت بال حساب ‪.‬‬ ‫أال يحق لنا أن نعرف اآلن ؟ أم أنكم تريدون املزيد من اجلثث حتى‬ ‫حتصلون على االذن بالكالم ؟‬ ‫أخبرونا على األقل كم يلزمكم من املوتى‪ ،‬وأخبرونا على األقل كم‬ ‫تريدون من األيتام واملشوهني وأصحاب العاهات واملشردين في‬ ‫خيام لم توفروها لهم بعد‪ ،‬لعلنا نطلق حملة تبرع عربية هائلة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫جتمع لكم ما تريدونه من ضحايا وجثث‪ ،‬لعلنا نصل إلى الرقم‬ ‫املناسب ونستريح ‪.‬‬ ‫على األقل‪ ،‬أخبرونا عن شياطينكم‪ ،‬هل يريدون التقسيم ؟ واذا‬ ‫كانوا يريدون التقسيم فلماذا ال يسرعوا به لكي ينتهي على األقل‬ ‫ٍ‬ ‫بكرامة في زمن الوحدة‬ ‫هذا العبث‪ ،‬وهل نحن بشر عشنا احلياة‬ ‫حتى نفتقد الكرامة في عهد التقسيم ؟‬ ‫لعنكم الله موحدين ومقسمني‪ ،‬اجن��زوا م��ا ي��ري��ده شياطينكم‪،‬‬ ‫قسموا هذا الوطن الكبير إلى ألف دولة‪ ،‬أو اجعلوا لكل شارعني‬ ‫مملكة‪ ،‬لم يعد يهمنا شيء‪ ،‬ولم تعد تعنينا التفاصيل‪ ،‬لقد فاض‬ ‫بنا أيها السادة السياسيون‪ ،‬كل ما نريده اآلن أن يسرع شياطينكم‬ ‫باجناز ما يريدونه‪ ،‬قس ّموا‪ ،‬أو وحدواً‪ ،‬املهم أن يتوقف القتل‪ ،‬وأن‬ ‫يعود الناس الى مساكنهم‪ ،‬وأن يتوقف هذا الدم وهذا الرعب الذي‬ ‫لم يبق لنا مشاعر وال أبقى لنا على أحاسيس‪ ،‬وال وطن ‪.‬‬ ‫أيها الساسة‪ ،‬ساسة مسرح العرائس ال�ق��دمي‪ ،‬لقد اعترف لنا‬ ‫الفرزدق بشيطانه‪ ،‬وباح لنا جرير بسر وحيه‪ ،‬وأعلن حسان بن‬ ‫ثابت عن اسم شيصبانه‪ ،‬وكشف الراجز عن هوية اجلني الذي‬ ‫ينفث على لسانه الشعر‪ ،‬لقد عرفنا شياطينهم واسترحنا‪ ،‬فهل‬ ‫ميكن أن نعرف اآلن أسماء شياطينكم ؟ وهل يجوز لنا بعد كل‬ ‫هذا اخلراب أن نصرخ في وجوهكم بال خوف ‪:‬‬ ‫شيطان أبوكم يبقى إيه ؟‬


‫‪28‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫دائرة المذلة وزمن النكسة والحرب في اليمن «‪»4‬‬

‫ليلة الهجوم الغادر‪..‬‬ ‫وطعنة «السونكي» البريئة!‬ ‫براء الخطيب‬ ‫ألم تر كيف مات اجلنود‪ ،‬فال أقسم باليوم املشهود‪ ،‬تسمع اآلن أحزان‬ ‫احلصى‪ ،‬وصوت البكاء اجلريء‪ ،‬والفرح امليت‪ ،‬فتشمم قمصانهم‬ ‫املبتلة باخلوف والفزع‪ ،‬فاسجد واقترب‪ ،‬فال أقسم باليوم املشهود‪،‬‬ ‫ووال��د وم��ول��ود‪ ،‬ه��ذه مملكة عرضة للوشاة‪ ،‬وامل�خ��اوف الشاحبة‪،‬‬ ‫والهفوات املثيرة‪ ،‬ورموز اجلمر‪ ،‬فاسجد واقترب‪ ،‬فال أقسم باليوم‬ ‫املشهود‪ ،‬ه��ذه حدائق من امل��اء‪،‬‬ ‫وسماء من احلجر‪ ،‬وريح ساخنة‪،‬‬ ‫وعراء مهاجر‪ ،‬فاسجد واقترب‪،‬‬ ‫فال أقسم باليوم املشهود‪ ،‬هذه‬ ‫سحابات مفتونة بالريح واملطر‪،‬‬ ‫والرمل املشتعل‪ ،‬فل ّوح للنوارس‬ ‫امل� �س ��اف ��رة‪ ،‬واإلب � ��ل ال�ع�ط�ش��ى‪،‬‬ ‫س� ��وف ي� �غ ��دو امل � ��دى م �ب��ارك��ا‪،‬‬ ‫فاسجد واق�ت��رب‪ ،‬إنها عاصفة‬ ‫رب اجلنود‪ ،‬ولكل رحلة بداية‪،‬‬ ‫تولد حتت قدمي املرحتل حفر‬ ‫ال �ط��رق��ات وزه� ��ور ال �ع��واص��ف‪،‬‬ ‫وب �ع��ض احل��رائ��ق ي��زي��د لهيبها‬ ‫اص�ط�ف��اق ال��ري��ح‪ ،‬أم� ��واج بحر‬ ‫حتمل البهجة وتغرد العصافير‬ ‫بنشوة األل ��م والتمسك بحياة‬ ‫تراوغ طلقات الصيادين‪ ،‬أحالم‬ ‫مرة‪ ،‬ورؤى عذبة تشرب من ماء‬ ‫املسرات القدمية‪ ،‬يكمل الرحلة‬ ‫من يكملها بني أنقاض األرواح‬

‫املد ّماة وضجة االنفجارات غير املتوقعة‪ ،‬يسقط من يستسلم ويعلن‬ ‫منذ السقطة األولى هزميته فرحا باخلالص والعجز‪ ،‬معلنا موته‪،‬‬ ‫ألم تر كيف مات اجلنود‪ ،‬فال أقسم باليوم املشهود‪ ،‬تسمع اآلن‬ ‫أح��زان احلصى‪ ،‬وص��وت البكاء اجل ��ريء‪ ،‬وال�ف��رح امليت‪ ،‬فتشمم‬ ‫قمصانهم املبتلة باخلوف والفزع‪ ،‬فاسجد واقترب‪.‬‬ ‫ون�ح��ن نستعد لنمأل اجل��راك��ن‬ ‫ب��امل��اء م��ن البئر دفعني فضول‬ ‫ال أدري سببه إل��ى أن أقترب‬ ‫م� ��ن ال� �ع� �ج���وز «اجل� ��وه� ��ري� ��ة»‬ ‫لتبني مالمحها؛ ف��رأي��ت معها‬ ‫ث�لاث فتيات ص�غ�ي��رات ميألن‬ ‫قدورهن النحاسية فيما كانت‬ ‫«اجل��وه��ري��ة» حت�م��ل «ج�ي��رك��ن»‬ ‫حت � � ��اول م��ل��ئ��ه وه�� ��ي ت�ن�ح�ن��ي‬ ‫بصعوبة‪ ،‬تركت «اجليركن» الذي‬ ‫كنت أحمله على األرض وقد‬ ‫وق��ف زميلي «ب��وش��ي» يتابعني‬ ‫وأن ��ا أق �ت��رب م��ن «اجل��وه��ري��ة»‬ ‫وأتناول منها «اجليركن» وأمأله‬ ‫ل �ه��ا وع �ل��ى م �ق��رب��ة م �ن��ي رأي��ت‬ ‫«بوشي» ميأل «اجلركنني»‪ ،‬بعد‬ ‫أن م�لأت جيركن «اجلوهرية»‬ ‫ب ��امل ��اء ن ��ادي ��ت ع �ل��ى «ب��وش��ي»‬ ‫وطلبت منه أن يساعدني في‬ ‫رف��ع جيركن «اجل��وه��ري��ة» على‬

‫يسقط من يستسلم ويعلن منذ السقطة األولى‬ ‫هزميته فرحا باخلالص والعجز ‪ ..‬معلن ًا موته !‬

‫ألول ّمرة رأيت وجه اجلوهرية مبتسم ًا ‪ ..‬لم تقل‬ ‫أية كلمة ‪ ..‬فقط ربتت بكفّ ها فوق صدري عدة‬ ‫مرات كانت كافية ألن اشعر باالمتنان‬

‫طعنة السونكي لم تهز ذيل كلب املقبرة‬


‫اجلبل والليل تواطآ معهم في الهجوم علينا‬

‫كتفي األيسر‪ ،‬ففعل‪ ،‬واقتربت من اليد احلديدية للجيركن املخصص‬ ‫لي وقبضت عليها بقوة وحملته فيما كان «بوشي» يحمل اجليركن‬ ‫اآلخر املخصص له‪ ،‬ثم اجتهنا للدرج الصخري صاعدين إلى أعلى‬ ‫بحيث كنت أنا أحمل اجليركن بيدي اليمنى فيما كنت أسند جيركن‬ ‫«اجلوهرية» ف��وق كتفي باليد اليسرى‪ ،‬كانت «اجلوهرية» تتبعنا‬ ‫ص��اع��دة خلفنا ومعها فتياتها‬ ‫ال �ث�لاث حتمل ك��ل منهن القدر‬ ‫الذي مألته فوق رأسها‪ ،‬وعندما‬ ‫وصلنا إلى الفتحة التي كنا قد‬ ‫هبطنا م�ن�ه��ا وض �ع��ت جيركن‬ ‫«اجلوهرية» على األرض وألول‬ ‫م ��رة رأي� ��ت وج ��ه «اجل��وه��ري��ة»‬ ‫مبتسما‪ ،‬لم تقل أية كلمة‪ ،‬فقط‬ ‫ربتت بكفها ف��وق ص��دري عدة‬ ‫م ��رات ك��ان��ت كافية ألن أشعر‬ ‫شعورا عميقا بامتنانها‪.‬‬ ‫عندما وصلنا إلى موقع فصيلتنا‬ ‫على قمة جبل «التيتمان» وجدنا‬ ‫احل� ��زن م�خ�ي�م��ا ع �ل��ى اجلميع‬ ‫وعرفنا أن أحد جنود الفصيلة‬ ‫ال �ث��ان �ي��ة ق��د ق �ت��ل ف��ي امل�ع��رك��ة‬ ‫التي نشبت ب�ين األه��ال��ي وبني‬ ‫أف��راد قواتنا وقد فقد سالحه‬ ‫الشخصي ال ��ذي ك��ان يحمله‪،‬‬ ‫وان��ده �ش��ت م��ن كيفية وص��ول‬

‫هذا اخلبر قبل أن نعرفه نحن الذين شاهدنا هذه اخلناقة‪ ،‬وبعد‬ ‫مدة قصيرة عرفنا أنه مت اختفاء جنديني من أفراد مقر قيادة الكتيبة‬ ‫ومن احملتم أن يكونا قد مت اختطافهما بسالحهما من بعض األهالي‬ ‫اليمنيني من أنصار «اإلم��ام البدر» وأن اخلناقة التي حدثت كانت‬ ‫خناقة مفتعلة من القوات املوالية ألعداء الثورة اليمنية كغطاء خلطف‬ ‫اجل� �ن ��ود امل��ص��ري�ي�ن وأس ��ره ��م‬ ‫واالستيالء طبعا على سالحهم‪،‬‬ ‫في نفس هذا اليوم وفي طابور‬ ‫ال�ت�م��ام وت��وزي��ع خ��دم��ات املوقع‬ ‫املسائي مت تعييني «برجني» أي‬ ‫أنني س��وف أك��ون ف��رد اخلدمة‬ ‫في النوبة األول��ى أم��ا «بوشي»‬ ‫ف�ق��د ك ��ان «ال �ك �ن �ج��ي» أي ف��رد‬ ‫خدمة النوبة الثانية فيما جاء‬ ‫تعيني «س�م�ي��ر ال�ط��وب�ج��ي» في‬ ‫نوبة «الشينجي» أي فرد خدمة‬ ‫النوبة الثالثة‪ ،‬ومبا أن «بوشي»‬ ‫غ�ي��ر معجب بزميلنا ودفعتنا‬ ‫«سمير الطوبجي» خلالف سابق‬ ‫بينهما فقد تصورت أن «بوشي»‬ ‫ق��د ي�ح��اول الصلح م��ع «سمير‬ ‫الطوبجي» لكن ذلك لم يحدث‪،‬‬ ‫وانتهت الليلة على خير وبدون‬ ‫أي��ة اح�ت�ك��اك��ات بينهما لدرجة‬ ‫أنهما لم يتبادال كلمة واحدة مع‬

‫كانت «اخلناقة» مفتعلة من القوات املوالية‬ ‫ألعداء الثورة كغطاء خلطف اجلنود املصريني‬ ‫واالستيالء على سالحهم !‬

‫متّ تعييني «برجني» أما بوشي فقد كان «الكنجي»‬ ‫فيما جاء تعيني سمير الطوبجي في نوبة‬ ‫«السينجي»‬

‫مينيون يرفعون صور عبدالناصر‬


‫‪30‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫اإلمام البدر مع بعض مقاتليه‬

‫بعضهما وحتى عندما وصلنا تعيني العشاء فإن كل منهما قد أكل‬ ‫طعامه بعيدا عن اآلخر‪ ،‬وفي صباح اليوم التالي وفي طابور الصباح‬ ‫قرأ العريف متطوع «فتحي األكتع» األوامر من دفتر األحوال‪ ،‬وكان‬ ‫أه��م ما ق��رأه هو التنبيه على كل أف��راد القوات املسلحة جليشنا‬ ‫الباسل في اليمن في كل املواقع عدم السير إال في جماعة ال يقل‬ ‫عدد أفرادها عن خمسة أفراد في شوارع القرى وأسواقها‪ ،‬سواء‬ ‫كان لتنفيذ مهمة ما أو شراء شيء أو إحضار املاء‪ ،‬وفي املساء وأنا‬ ‫أخلع بنطلون األف��رول اكتشفت احلجاب الذي كان قد أعطاه لي‬ ‫«رمضان العزي» وقال عنه أنه يحمل كل تاريخ اليمن‪ ،‬وأنه يعطيني‬ ‫أغلى ما ميلك انتابتني رغبة حقيقية في معرفة ما هو مكتوب في‬ ‫هذه الورقة‪ ،‬في ضوء الفانوس اخلافت في اخليمة‪ ،‬فضضت الورقة‬ ‫املطوية كاحلجاب وأخ��ذت أق��رأ الكلمات املكتوبة‪« :‬ف��ي العصور‬ ‫القدمية كان اجلزء الشمالي الذي ولدنا ونشأنا فيه وسط قبائلنا‬ ‫العظيمة من أهم أجزاء بر اليمن السعيد‪ ،‬قبل العهد املسيحي قامت‬ ‫مملكة «سبأ» اخلالدة‪ « ...‬وعندما أنهيت قراءة الورقة كان العريف‬ ‫«سعيد الكومي» حكمدار الفصيلة قد وقف فوق فرشته قرب باب‬ ‫اخليمة وزعق في اجلميع‪:‬‬ ‫»امنع الكالم يا عسكري منك له‪ ،‬كله يؤ ّمن على سالحه‪ ،‬كله ينام‬‫وهو مستعد لتلقي أي هجوم‪ ،‬النوم في وضع االستعداد يا وحوش‬ ‫اليمن‪ ،‬نحن هنا في حالة ح��رب‪ ،‬عندنا عمل ش��اق في الصباح‪،‬‬ ‫وسوف نستيقظ باكرا جدا حتى تنهى الفصيلة من عمل كل املتاريس‬ ‫قبل صالة اجلمعة‪ ،‬سوف نصلي اجلمعة معا غدا إن شاء الله‪ ،‬كله‬ ‫ينام يا وحوش»‪.‬‬ ‫قال العريف «سعيد الكومي» هذا ومد يده وأطفأ شعلة الفانوس‬ ‫الواهية‪ ،‬فحل الظالم إال من خيط ضوء رفيع تسلل من ثقب كان‬ ‫في سقف اخليمة‪ ،‬وقبل أن يجلس العريف «سعيد الكومي» مستعدا‬ ‫للنوم رفع يديه أمام وجهه في سقف اخليمة متمتما بقراءة الفاحتة‪،‬‬ ‫وبعد أن أمت قراءتها مسح وجهه بكفيه وجلس فوق فرشته ثم متدد‬


‫السالل مع رفاقه ومقاتليه‬

‫أمام مدخل القبر انتفض الكلب األسود واقف ًا لكنه‬ ‫لم يهزّ ذيله الستقبالي في هذه املرة كما كان‬ ‫يفعل دائم ًا‬ ‫فجأة انغرس في فخذي سونكي بندقية رضوان‬ ‫‪ ..‬فسقطت على األرض فيما سحب «الدليل»‬ ‫بندقيته وهرول مبتعد ًا‬

‫كانت التعليمات صارمة ‪ ..‬أالمنشي فرادى في الشوارع‬

‫على جانبه األمين طلبا للنوم في هدوء فيما كنت أنا أنظر باجتاهه‬ ‫على البعد‪ ،‬فرفع العريف «سعيد الكومي» ذراعه عاليا ثم خفضه‬ ‫ووض��ع كفه حت��ت خ��ده ف��ي حركة ه��ادئ��ة حتى أفهم أن��ا إش��ارت��ه‪،‬‬ ‫وبالفعل فهمت إشارة حكمدار الفصيلة بأنه يأمرني بالنوم‪ ،‬فجذبت‬ ‫حرف البطانية التي أتغطى بها وغطيت وجهي وأنا أجذب شهيقا‬ ‫طويال وناعما مستمتعا بالرائحة الطازجة التي كانت تأتي مع هواء‬ ‫اخليمة بعد عبورها فوق قمم اجلبال احمليطة بقرية «اللكمة» وليلتها‬ ‫في احللم‪ :‬جاءني وجه أمي األبيض املستدير منتشيا بفرح غامض‪،‬‬ ‫هل كان يختلط بشماتة أكثر غموضا؟ شجرة التوت بحبات التوت‬ ‫البيضاء املنتفخة بالعسل كانت منتصبة على قبر جدتي «عيوشة»‪،‬‬ ‫وعندما وصلت – في احللم‪ -‬أمام مدخل القبر انتفض الكلب األسود‬ ‫القابع أمام القبر واقفا لكنه لم يهز ذيله الستقبالي في هذه املرة كما‬ ‫كان يفعل دائما‪ ،‬غير أن مجموعة الكالب‪ -‬التي ال تغادر مقابر‬ ‫القرية‪ -‬حتلّقت خلفه تلحس طرف اجلالبية‪ ،‬وعندما رفعت طرف‬ ‫اجلالبية‪ -‬حتى ال يلوثه طني األرض الذي تكون بفعل املطر‪ -‬بدأت‬ ‫مجموعة الكالب تلحس كعبي وساقي؛ فأحسست بلزوجة ألسنتها‬ ‫واستشعرت برودة في ساقي دفعت بداخلي متعة غريبة لها طعم‬ ‫غريب‪ ،‬تداخلت بيوت قريتنا مع املقابر واختفى قبر جدتي لتحل‬ ‫محله مجموعة هياكل املراكب اخلشبية‪ -‬في منطقة «القزق» على‬ ‫شاطئ األنفوشي‪ -‬حيث ينهمك النجارون في صناعة قوارب الصيد‬ ‫محدثني ضجة شديدة حيث تتعالى أص��وات الدق على املسامير‪،‬‬ ‫تعالت أص��وات النجارين وهم يدقون املسامير في ج��دران هياكل‬


‫‪32‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شنو اجلو‬

‫في احلديدية كانت مقبرة الشهداء املصريني‬

‫القوارب اخلشبية باملدقات احلديدية‪ ،‬حتولت األصوات العالية إلى‬ ‫صرخات رهيبة بني الهلع وطلب النجدة فيما تتابعت أصوات دقات‬ ‫املدقات احلديدية وتالحقت في سرعة وبدت كما لو كانت أصوات‬ ‫طلقات رصاص تتدافع من البنادق اآللية‪ ،‬داست بعض األقدام على‬ ‫ص��دري – في احللم ‪ -‬فاندفعت واق�ف��ا‪ ،‬لم يكن ص��وت طلقات‬ ‫الرصاص حلما‪ ،‬لم يكن الصراخ ال��ذي كنت أسمعه حلما‪ ،‬فركت‬ ‫عيني بكفي حتى أتخلص من بقايا النعاس وحتى أستطيع أن أرى‬ ‫ما يحدث‪:‬‬ ‫اجل �ن��ود ي�ت��داف�ع��ون ل�ل�خ��روج من‬ ‫اخليمة وه��م ي�ش�ه��رون البنادق‬ ‫ومنهم من كان يطلق الرصاص‬ ‫في سقف اخليمة حتى يوقظ‬ ‫ال�ن�ي��ام‪ ،‬سمعت ص��وت طلقات‬ ‫رصاص تختلط بأصوات تصرخ‬ ‫بقوة‪:‬‬ ‫»ه� �ج ��وم ع�ل�ي�ن��ا‪ ،‬داف� �ع ��وا عن‬‫املوقع»‪.‬‬ ‫وبالنسبة لي فقد تبينت بصعوبة‬ ‫أن األم ��ر ل��م ي�ك��ن ح�ل�م��ا‪ ،‬وق��د‬ ‫حدث األم��ر لدقيقتني أو ثالث‬ ‫على األك �ث��ر‪ ،‬فجأة ح��ل صمت‬ ‫ره �ي��ب‪ ،‬ل��م يعد ه�ن��اك ص��راخ‪،‬‬ ‫وعندما التقط بندقيتي اآللية‬ ‫وان��دف �ع��ت خ��ارج��ا م��ن اخليمة‬

‫اكتشفت أني لم أكن أرتدي احلذاء عندما داست قدمي فوق حصاة‬ ‫صخرية حادة انغرست في قدمي فأحدثت أملا رهيبا في جسدي‪،‬‬ ‫حلظتها شعرت بأن هناك من ضربني على رأسي من شدة األلم‪،‬‬ ‫مع أن اإلصابة كانت في قدمي؛ سقطت البندقية من يدي وانحنيت‬ ‫بسرعة اللتقاطها لكني لم أستطع االعتدال مرة أخرى؛ وفي تدافع‬ ‫اجلنود من اخليمة كانوا يع ّدلون من أوضاع بنادقهم‪ ،‬للحظة رأيت‬ ‫الدليل اليمني «رض��وان العزي البكاري» وهو ميد بندقيته مفرودة‬ ‫السونكي أمامه وهو يندفع خارجا من باب اخليمة‪ ،‬وفجأة انغرس‬ ‫في فخذي سونكي بندقية «رضوان» دون قصد منه بالطبع‪ ،‬فسقطت‬ ‫على األرض في مكاني فيما سحب «رضوان» بندقيته وهرول مبتعدا‬ ‫عني؛ فأحدث «سونكي» بندقيته جرحا كبيرا في فخذي األمين‬ ‫وقد اندفع منه الدم وغطى نصفي األسفل فجلست على مؤخرتي‬ ‫ووضعت البندقية بني فخذي وأمسكت بفخذي التي كانت تؤملني‪،‬‬ ‫وحاولت أن أتبني ماذا حدث بها‪ ،‬لكن الدم كان يغطي مكان الطعنة‬ ‫وقد شق بنطلون «األفرول» الذي كنت أرتديه فتملكني خوف رهيب‬ ‫من أن يهاجمني أحد األعداء في حالتي هذه؛ حتاملت على نفسي‬ ‫ووقفت على قدمي اليسرى وحجلت عليها باجتاه صخرة كبيرة‬ ‫حتى أختفي خلفها‪ ،‬لكن قبل وصولي إليها كان كل شيء قد انتهى‪،‬‬ ‫فقد تالشى صوت طلقات الرصاص واختفت أص��وات االستغاثة‬ ‫واالستنفار فيما ب��دأ اجلميع في جتميع القتلى واملصابني‪ ،‬جاء‬ ‫أفراد من جماعة «اخلدمات الطبية» امللحقة على الفصيلة وحملوني‬ ‫ونقلوني إلى خيمة اخلدمات الطبية وأناموني على األرض فأخذت‬ ‫أتفحص املكان حولي فرأيت بعض زمالئي اجلنود املصابني‪ ،‬سألني‬ ‫فرد اخلدمات الطبية عن إصابتي فأجبته بأنها طعنة بالسونكي‪،‬‬ ‫تفحص اجل ��رح ون�ظ��ف ح��ول��ه ببعض امل�ط�ه��رات وج ��اء ف��رد آخر‬ ‫وحقنني بحقنة في إليتي ثم ساعد زميله في االنتهاء من تطهير‬ ‫اجل��رح وتضميده‪ ،‬جاء امل�لازم أول «أسامة األدور» ومعه العريف‬ ‫«سعيد الكومي» والعريف «فتحي األكتع» الذي أخذ يكتب ما ميليه‬ ‫عليه املالزم أول «أسامة األدور» بعد أن يسأل كل فرد من املصابني‬ ‫عن اسمه‪ ،‬كان هناك خمسة جنود مصابني بطلقات الرصاص في‬ ‫أماكن متفرقة من أجسادهم‪ ،‬غير أن جندي واحد فقط كانت إصابته‬ ‫خ� �ط ��رة ف��ق��د أص� �ي ��ب ب�ط�ل�ق��ة‬ ‫رصاص في بطنه حيث اخترقته‬ ‫الرصاصة وخ��رج��ت م��ن ظهره‬ ‫فيما يبدو أنها خرمت معدته‬ ‫وأص��اب��ت ع��ام��وده الفقري‪ ،‬أما‬ ‫إصابة الصول «عبد اللطيف»‬ ‫فقد كانت بالغة بالرغم من أنها‬ ‫ل��م ت�ك��ن ف��ي م�ك��ان ق��ات��ل‪ ،‬فقد‬ ‫أصيب في مقعدته برصاصتني‬ ‫فوق بعضهما مما جعل اإلصابة‬ ‫ك�ب�ي��رة ب�ث�ق��ب غ��ائ��ر ف��ي الشق‬ ‫األمي��ن من إليته‪ ،‬عرفنا أنه مت‬ ‫قتل ك��ل أف ��راد املجموعة التي‬ ‫هاجمت موقعنا وكانت مكونة‬ ‫من اثنتي عشر فردا من القبائل‬ ‫املوالية لإلمام البدر‪ ،‬وقد أصيب‬

‫إصابة الصول «عبداللطيف» كانت في معدته‬ ‫برصاصتني فوق بعضهما‬

‫قائد املجموعة املهاجمة أصيب بطلقة فوق قلبه‬ ‫مباشرة وتبني أنه «خواجة» ‪ ..‬مقاتل أبيض ذو‬ ‫شعر أصفر ناعم‬


‫قائد املجموعة بطلقة رصاص في صدره أسفل رقبته وفوق قلبه‬ ‫مباشرة ومت القبض عليه وتبني أنه «خواجة» مقاتل أبيض وشعر‬ ‫أصفر ناعم‪ ،‬ولم تعرف جنسيته‪ ،‬وقالوا أنه أحد الضباط األجانب‬ ‫من «القوات املرتزقة» الذين يقاتلون باألجر مع قوات «اإلمام البدر»‪،‬‬ ‫وعرفنا أن املالزم أول «أسامة األدور» قائد فصيلتنا وموقعنا فوق‬ ‫جبل «التيتمان» قد أصدر أمره بنقل املصابني واخلواجة األسير‬ ‫الليلة إلى قيادة السرية املتواجدة في «قرية اللكمة» في أسفل جبل‬ ‫«التيتمان»‪ ،‬وأخذ اجلميع في االستعداد لنقل املصابني واألسير بعد‬ ‫أن تبني لنا انتهاء الهجوم متاما بحيث لم تعد له أية توابع‪ ،‬لكني لم‬ ‫أذك��ر ألي أحد أن إصابتي في فخذي ج��اءت من سونكي بندقية‬ ‫الدليل اليمني الذي كان ينام بجواري في اخليمة‪.‬‬ ‫ومات اجلندي الذي كانت الرصاصة قد اخترقت بطنه‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فإن قائد فصيلتنا أمر بتسليمه معنا إلى قيادة السرية‪ ،‬بالرغم‬ ‫من أنه كان قد أصدر أوامره بإلقاء جثث قتلى املهاجمني من فوق‬ ‫قمة اجلبل بعد مصادرة أسلحتهم‪ ،‬فقام أفراد الفصيلة بإلقائهم‬ ‫جميعا من فوق قمة جبل «التيتمان»‪ ،‬وجاء الدليل اليمني «رضوان‬ ‫البكاري»‪ -‬الذي لم يذكر مطلقا أنه هو الذي أصابني في فخذي‬ ‫دون قصد منه‪ -‬بحميره اخلمسة‪ ،‬وخصص األول حلملي فوق‬ ‫ظهره ومعي جندي مصاب وكلفني بأن أسنده ألن إصابته كانت‬ ‫أشد مني‪ ،‬واحلمار الثاني حلمل الضابط األجنبي – اخلواجه‬ ‫بوجهه األبيض جدا وشعره األصفر الناعم ‪ -‬املصاب في صدره‬ ‫قرب القلب‪ ،‬أما احلمار الثالث فقد وضع فوقه جسد اجلندي‬ ‫زميلنا الذي مات بتأثير إصابته بالرصاصة التي اخترقت بطنه؛‬ ‫فاجلنود املصريون‪ -‬كما عرفنا‪ -‬الذين يقتلون يتم تسليمهم لقيادة‬ ‫السرية التي ترسلهم مبعرفتها ليتم دفنهم في «مقبرة الشهداء‬ ‫املصريني» في مدينة «احلديدة»‪ ،‬أما احلمار الرابع فقد خصصه‬ ‫للصول «عبد اللطيف» املصاب في إليته لدرجة أنه لم يستطع‬ ‫اجللوس على ظهر احلمار؛ فنام على بطنه فوق ظهر احلمار فيما‬ ‫ركب معه اجلندي رابع املصابني فوق ظهر نفس احلمار وبالرغم‬ ‫من إصابته بطلقة رصاص في ذراعه األمين إال أنه استطاع أن‬ ‫يسند الصول «عبد اللطيف» بذراعه األيسر حتى ال يسقط من‬ ‫ف��وق ظهر احلمار‪ ،‬س��ار موكب‬ ‫اخل��م��س��ة ح �م �ي��ر ب��امل �ص��اب�ين‬ ‫واألسير املرتزقة فوق ظهورها‬ ‫ف�ي�م��ا ك���ان «رض� � ��وان ال �ع��زي»‬ ‫يسحب احلمار األول الذي كان‬ ‫يركب فوق ظهره الصول «عبد‬ ‫ال�ل�ط�ي��ف» واجل��ن��دي امل�ص��اب‬ ‫ال � ��ذي ي��س��ن��ده‪ ،‬وك � ��ان يتبعه‬ ‫احلمار الذي كان يحملني فوق‬ ‫ظهره مع اجلندي اآلخر بحيث‬ ‫كان احلمار الثالث الذي يسير‬ ‫ف��ي امل��ؤخ��رة ي�ح�م��ل ال�ض��اب��ط‬ ‫امل��رت��زق وق��د ق�ي��دت ي ��داه من‬ ‫خلف ظ�ه��ره‪ ،‬كما رب��ط طرف‬ ‫احلبل ال��ذي يقيده ف��ي قدمه‬ ‫ومت رب� �ط ��ه ب��رق �ب��ة احل� �م ��ار‪،‬‬

‫قرأت في احلجاب تاريخ اليمن السعيد‬

‫مشهد اليمنيات اليوم ال يختلف عن مشهدهن باألمس‬

‫وقد كان جسد اجلندي زميلي امليت والذي كانت الرصاصة قد‬ ‫اخترقت بطنه ممدا على بطنه أمام ضابط املرتزقة بحيث كانت‬ ‫رأسه تتدلى من اجلانب األمين لظهر احلمار‪ ،‬فيما كانت قدماه‬ ‫تتدليان إل��ى اجلانب األمي��ن‪ ،‬وق��د ارتبط كل حمار من احلمير‬ ‫اخلمسة باحلمار الذي يسبقه بحبل رفيع نوعا ما‪ ،‬وسار موكب‬ ‫احلمير باجتاه أسفل جبل «التيتمان» في املمر الضيق‪ ،‬وقد بدا‬ ‫على احلمار الذي يقود املوكب أنه يعرف طريقه جيدا‪.‬‬ ‫خلفنا موقع الفصيلة خلفنا واستدار بنا الطريق فالتفت خلفي‬ ‫ف�ل��م أر م��وق��ع فصيلتنا ال��ذي‬ ‫ك��ان ق��د اختفى خلف صخور‬ ‫اجلبل‪ ،‬ورأيت ضابط املرتزقة‬ ‫امل� �ق� �ي ��د ف � ��وق ظ� �ه ��ر احل� �م ��ار‬ ‫وعندما أدرت رأس��ي وج��دت‬ ‫دل �ي �ل �ن��ا «رض � � ��وان ال��ب��ك��اري»‬ ‫ي��س��ي��ر إل � ��ى ج� � ��وار احل� �م ��ار‬ ‫ال��ذي يحملني‪ ،‬مد «رض��وان»‬ ‫ي��ده جت��اه��ي وه��و يطلب مني‬ ‫أن أن ��اول ��ه س �ي �ج��ارة مصرية‬ ‫بفلتر‪ ،‬وضعت يدي في جيبي‬ ‫وأخرجت علبة السجاير وعلبة‬ ‫الكبريت وناولتهما له‪ ،‬وطلبت‬ ‫منه أن يحتفظ بهما لنفسه‬ ‫ألن ��ي ل��م أك ��ن أن ��وي ال�ت��دخ�ين‬ ‫هذه الليلة‪.‬‬

‫يتم تسليمهم لقيادة‬ ‫اجلنود الذين يقتلون ّ‬ ‫السرية التي ترسلهم بدورها إلى «مقبرة الشهداء‬ ‫املصريني باحلديدية»‬ ‫كان احلمار الثالث الذي يسير في املؤخرة يحمل‬ ‫الضابط املرتزق وقد ق ّيدت يداه من خلف ظهره‬


‫‪34‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫ّ‬ ‫يكتظ بالتحوالت (‪)2–2‬‬ ‫خمسة وجوه لعالم‬

‫تكتالت تزيد الصـــــ‬ ‫كيف نصف عاملنا؟ هناك خمسة وجوه أساسية‪ ،‬أو باألحرى خمسة مضامني‪ ..‬يبرز‬ ‫أحدها على سطح األحداث في بعض األحيان ثم يختفي ليفسح املجال لوجه ‪/‬‬ ‫تتغير املعادالت‬ ‫مضمون آخر‪ ..‬وهكذا‪ .‬وفي كل دورة من دورات الظهور واالختفاء‬ ‫ّ‬ ‫والنتائج التي تؤثر – سلبا أو إيجاب ًا – على ماجريات األحداث الدولية‪.‬‬

‫خالد احلراري‬


‫ـــــراع تفاقم ًا!‬

‫بلقنة القوميات أولى خطوات سيطرة القطب الواحد‬

‫ثالث ًا‪ :‬املضمون االقتصادي‬ ‫مي ّثل املضمون االقتصادي املضمون األكثر وضوحاً وب��روزاً في الظاهرة‬ ‫السياسية الدولية ف��ي النظام ال��دول��ي اجل��دي��د‪ ،‬حيث ص��ارت املتغ ّيرات‬ ‫االقتصادية تلعب دوراً محورياً في ظاهرة الصراع الدولي منذ انتهاء احلرب‬ ‫الباردة‪ ،‬وقد أعطى واقع انهيار النظام الدولي ثنائي القطبية (سلمياً) أهمية‬ ‫قصوى للعامل االقتصادي باعتباره العامل املباشر في الوصول بالصراع‬ ‫الدولي إبان مرحلة احلرب الباردة إلى تلك النتيجة‪ ،‬حيث أن حقيقة انهيار‬ ‫االحتاد السوفيتي كأحد قطبي القوة في النظام الدولي السابق هي حقيقة‬

‫اقتصادية بالدرجة األول��ى‪ ،‬وفي املقابل فإن فعل القوة الذي أدى إلى هذا‬ ‫االنهيار هو فعل اقتصادي بالدرجة األولى كذلك‪.‬‬ ‫بالتزامن مع التحوالت السياسية الكبرى التي شهدها العالم أواخر القرن‬ ‫العشرين تك ّرست مجموعة ظواهر اقتصادية جديدة ش ّكلت في مجموعها‬ ‫اإلطار العام للظاهرة السياسية الدولية في بعدها االقتصادي‪ ،‬وميكن رصد‬ ‫أهم هذه الظواهر على النحو التالي‪:‬‬ ‫الظاهرة األولى‪ :‬تفاقم املشاكل االقتصادية العاملية مثل األزمة االقتصادية‬ ‫العاملية بجوانبها املتعددة والتي أبرزها موجة الركود االقتصادي العاملي‬


‫‪36‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫العامل القومي كان وراء تفكيك االحتاد السوفييتي‬ ‫واالنهيارات املتكررة في أس��واق البورصات العاملية‪ ،‬وتنامي واتساع الهوة‬ ‫االقتصادية بني الشمال واجلنوب‪ ،‬وتنامي حجم املديونية بالنسبة لدول عالم‬ ‫اجلنوب‪ ،‬وزيادة حدة وخطورة املشكالت املهددة للبيئة بفعل التقدم الصناعي‬ ‫والتقني الذي خلق أخطاراً حقيقية ذات طابع عاملي متمثلة في مشكالت‬ ‫التلوث واالحتباس احلراري‪ ،‬ومشاكل ثقب األوزون‪ ،‬ومخاطر اإلشعاع النووي‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى مشكلة تناقص املوارد‬ ‫الطبيعية ونضوبها بحكم (ال�ن��درة)‬ ‫كحقيقة اقتصادية تستوجب وقفة‬ ‫(عاملية) إليجاد صيغة أكثر كفاءة‬ ‫في استغالل املوارد الطبيعية(‪.)1‬‬ ‫الظاهرة الثانية‪ :‬النزوع نحو نظام‬ ‫اقتصادي عاملي واح��د يعتمد على‬ ‫اق�ت�ص��اد ال �س��وق وق��وان�ين العرض‬ ‫وال��ط��ل��ب واحل���ري���ة االق �ت �ص��ادي��ة‬ ‫ب �ع��د ان �ه �ي��ار االحت�� ��اد ال�س��وف�ي�ت��ي‬ ‫واالشتراكية كمنهج اقتصادي يعتمد‬ ‫ع �ل��ى ال�ت�خ�ط�ي��ط امل���رك���زي‪ ،‬وخ�ل��و‬ ‫الساحة االقتصادية العاملية من أي‬ ‫صيغة للتعامل االقتصادي العاملي‬ ‫س ��وى ال�ص�ي�غ��ة ال��رأس �م��ال �ي��ة فيما‬ ‫يتعلق باملعامالت املالية والتجارية‬ ‫ونظم اإلن�ت��اج والتصنيع والتسويق‬ ‫س � � ��وا ًء ع �ل��ى م �س �ت��وى ال �ت �ع��ام��ل‬ ‫الثنائي بني األط��راف الدولية‪ ،‬أو‬ ‫في نطاق التكتالت االقتصادية‪،‬‬ ‫أو على مستوى املؤسسات املالية‬ ‫واالقتصادية العاملية(‪.)2‬‬ ‫ال��ظ��اه��رة الثالثة‪ :‬ال��دخ��ول فيما يس ّمى‬ ‫بعصر الثورة الصناعية الثالثة والتي تستند‬ ‫على ما حدث من تقدم هائل على املستوى‬ ‫العلمي والتقني‪ ،‬وانعكاس ذلك (تطبيقياً)‬ ‫في مجاالت مختلفة من بينها مجال االتصاالت‬ ‫والفضاء واحلاسوب‪ ،‬والهندسة الوراثية‪ ،‬وغير ذلك‪،‬‬ ‫والتي تقود ها الواليات املتحدة واليابان وبعض دول‬ ‫أوربا الغربية‪ ،‬هذه الثورة الصناعية الثالثة ستنعكس‬ ‫على العالقات والتوازنات االقتصادية مبا تعنيه من‬ ‫أبعاد جديدة لعناصر قوة الدولة االقتصادية ومبا‬

‫ستفتحه من ميادين ومجاالت جديدة للتنافس (صراعاً وتعاوناً) بني الدول‬ ‫الصناعية الكبرى‪ ،‬وكذلك ما سيكون لها من أثر (سلبي) على دول عالم‬ ‫اجلنوب(‪.)3‬‬ ‫الظاهرة الرابعة‪ :‬تنامي االعتمادية الدولية املتبادلة في ظل عالم صار يتم ّيز‬ ‫بأنه عالم تتشابك فيه املصالح وتتن ّوع فيه احلاجات وتتداخل لدرجة أصبح‬ ‫من املستحيل على أي وح��دة دولية‬ ‫أن تعيش مبعزل عن االعتماد على‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫وبالرغم أن املعنى الظاهر في تنامي‬ ‫االع�ت�م��ادي��ة امل�ت�ب��ادل��ة ب�ين أط��راف‬ ‫املجتمع الدولي يعني اتساع نطاق‬ ‫التعاون وتنامي النشاط الوظيفي‬ ‫ال ��دول ��ي‪ ،‬إال أن ذل ��ك ال يعني أن‬ ‫االهتمامات ستكون متطابقة بني‬ ‫وح ��دات ال�ن�ظ��ام ال��دول��ي‪ ،‬فارتفاع‬ ‫درجة التفاعل ال يؤدي إلى اختفاء‬ ‫املصالح املتعارضة‪ ،‬قد يؤدي إلى نوع‬ ‫من التعديل والتح ّول مبا يكفيها (أي‬ ‫املصالح) وفق متطلبات بعينها‪ ،‬بينما‬ ‫تبقى االختالفات املوضوعية مهمة‬ ‫ومتأصلة‪ ،‬باإلضافة إلى االختالفات‬ ‫ف��ي القيم واألول��وي��ات ومب��ا يحمل‬ ‫قدراً من التضارب بني تلك املصالح‪.‬‬ ‫احلقيقة األخرى في واقع االعتمادية‬ ‫املتبادلة أنها غير متكافئة‪ ،‬وهي‬ ‫م �ن �ح��ازة وغ��ي��ر ح��ي��ادي��ة‪ ،‬فهي‬ ‫إذا ك��ان��ت متكافئة نسبياً على‬ ‫مستوى عالقات الشمال‪ -‬الشمال‪،‬‬ ‫فإنها متفاوتة وبشكل مطلق على مستوى‬ ‫ع�لاق��ات ال �ش �م��ال‪ -‬اجل �ن��وب‪ ،‬مم��ا يعني‬ ‫أن نظرة اجلنوب وموقفه من االعتمادية‬ ‫س والريبة مبا‬ ‫املتبادلة ستحمل الكثير من‬ ‫َ‬ ‫التوج ّ‬ ‫تعنيه من منط غير متكافئ للتعامل الدولي سيؤدي‬ ‫إلى اختراقات خارجية للبنى االقتصادية في دول‬ ‫عالم اجلنوب مما يضعف مق ّومات القرار السياسي‬ ‫واالقتصادي لديها ويقود بالتالي إلى التبعية بشقيها‬ ‫السياسي واالقتصادي‪.‬‬

‫األمم املتحدة ولدت من رحم احلرب العاملية‬ ‫الثانية لتأطير العالقات الدولية وإيجاد سلطة‬ ‫عليا في العالم‬

‫الندرة حقيقة اقتصادية تستوجب وقفة عاملية‬ ‫إليجاد صيغة أكثر كفاءة في استغالل املوارد‬ ‫الطبيعية‬

‫مرة لم تنم بعد‬ ‫اليابان ‪ ..‬ذكريات ّ‬


‫من ناحية أخرى فإن مفهوم االعتمادية املتبادلة قد يثير بعض الهواجس‬ ‫األمنية حتى لدى ال��دول الصناعية املتقدمة فلهذه ال��دول (نقاط ضعف)‬ ‫تخلقها االعتمادية املتبادلة وميكن أن تُستثمر متى توافرت ظروف وإمكانيات‬ ‫مح ّددة لغير صاحلها‪ ،‬ويأتي في مقدمة ذلك‪ ،‬مصادر الطاقة واملواد األولية‬ ‫التي بحوزة البعض من دول اجلنوب‪ ،‬ومبا يجعلها سالحاً يه ّدد مصالح الدول‬ ‫الصناعية احليوية ويضعف مق ّوماتها األمنية(‪.)4‬‬ ‫لقد أحدث املضمون االقتصادي للظاهرة السياسية الدولية تغيرات جذرية‬ ‫في منطق الصراع الدولي وأدوات��ه وأهدافه‪ ،‬فقد كانت التهديدات األمنية‬ ‫خالل احلرب الباردة من الشدة بحيث احتلت املرتبة األول��ى في مدركات‬ ‫صنّاع القرار السياسي‪ ،‬وخمدت في ظل ذلك اخلالفات االقتصادية (خاصة‬ ‫في دول التحالف الغربي‪ ،‬أوربا‪ ،‬أمريكا‪ ،‬اليابان) لصالح جبهة أمنية متحدة‪،‬‬ ‫ولكن بعد زوال التهديدات طفحت تلك اخلالفات على السطح لتأخذ شك ً‬ ‫ال‬ ‫اقتصادياً مقترناً باألمن بصيغة جديدة وغير مباشرة‪ ،‬فقد شهدت املرحلة‬ ‫السابقة لنهاية احلرب الباردة تغ ّيراً في مركز اجلذب في االقتصاد العاملي‪،‬‬ ‫وأصبحت اقتصادات دول جنوب شرق أسيا بقيادة االقتصاد الياباني منافساً‬ ‫شديداً لالقتصاد األمريكي‪ ،‬فالغرب وال��والي��ات املتحدة خاصة –اللذين‬ ‫استمرا منذ احلرب العاملية األولى ممسكني برسن التطور الصناعي والتقني‬ ‫واالزدهار االقتصادي صارا شيئاً فشيئاً يفقدان السيطرة على التقنية والعلم‬ ‫والصناعة لتستوطن بيئة جديدة غير غربية وتتفاعل معها‪ ،‬وخسر الغرب‬ ‫والواليات املتحدة االستئثار بالقوة االقتصادية(‪.)5‬‬ ‫حتسن اقتصاد كل بلد سينتهي إلى عافية االقتصاد العاملي‬ ‫قد يرى البعض أن ّ‬ ‫ووآد اخلالفات والصراع بني االقتصاديات الكبرى‪ ،‬في حني أن وجود متاعب‬ ‫تأجج اخلالفات الشديدة ورمبا‬ ‫في االقتصادات الكبرى سيكون باعثاً على ّ‬ ‫املواجهات‪ ،‬الواقع أنه في احلالني يكون احتمال الصراع واملواجهة قائماً‪،‬‬ ‫تتحسن االقتصادات فإن التنافس سيكون شديداً على تدفق رأس املال‬ ‫فعندما‬ ‫ّ‬ ‫العاملي والسعي وراء حصة أكبر في السوق العاملي‪ ،‬وعندما تعاني االقتصادات‬ ‫الكبرى من متاعب بنيوية فإن اخلالفات ستزداد ح ّدة كما هي احلال حالياً‬ ‫بني الواليات املتحدة واليابان‪ ،‬وبينها وبني االحتاد األوربي كانعكاس حلالة‬ ‫الضعف البنيوي القتصاد الواليات املتحدة ومتاعبه الداخلية‪ ،‬مما جعلها في‬ ‫بعض األحيان تل ّوح بالورقة األمنية كنوع من الضغط االقتصادي على اليابان‬ ‫واالحتاد األوربي‪ ،‬ومبا يشير إلى أن املواقف السياسية ستصبح املالذ األخير‬ ‫في تصحيح االختناقات‪ ،‬ومبا أن السياسة لم تعد تخضع لهاجس التهديد‬ ‫األمني اخلارجي‪ ،‬فإن اخلالف والصراع مرشحاً للتصاعد‪.‬‬ ‫كانت الدولة ومازالت هي احملور األساسي للسياسة الدولية‪ ،‬لكن احلدود‬ ‫السياسية ال�ت��ي حتيط ب��ال��دول��ة لم‬ ‫تعد تق ّيد سلوك الدولة وانتقال هذا‬ ‫السلوك‪ ،‬في ظل االعتمادية املتبادلة‬ ‫ال �ت��ي حملت ال��دول��ة إل ��ى ال�ت�ج��ارة‬ ‫الدولية ليس بصفتها وحدة سياسية‬ ‫دولية أمنية متم ّيزة‪ ،‬وإمنا بوصفها‬ ‫(كوربورتارية عمالقة تتنافس في‬ ‫السوق العاملي) – على حد تعبير‬ ‫الرئيس األمريكي السابق كلينتون(‪)6‬‬ ‫– وأن املضمون االقتصادي للظاهرة‬ ‫السياسية الدولية في النظام الدولي‬ ‫اجل��دي��د أوج��د شك ً‬ ‫ال آخ��ر لصراع‬ ‫ال �ق��وى االق�ت�ص��ادي��ة يتمح ّور حول‬ ‫ظاهرة الكتل والكيانات االقتصادية‬ ‫العمالقة‪ ،‬فقد شهد الواقع الدولي‬ ‫ال� ��راه� ��ن ظ� ��اه� ��رة ت��ن��ام��ي ال �ك �ت��ل‬ ‫وال �ف �ض��اءات االقتصادية الكبرى‪،‬‬ ‫ف��االحت��اد األورب��ي حتقّق في العام‬

‫هنتنغتون‪ -‬انتصار الغرب يعني خضوع الشرق‬ ‫‪ 1993‬وهو يزداد اتساعاً يوماً بعد يوم بانضمام دول أوربا الشرقية تباعاً‬ ‫إليه‪ ،‬واليابان كقوة اقتصادية عمالقة لم تكتفي بقوتها الذاتية بل تزعمت‬ ‫تكت ً‬ ‫ال اقتصادياً حتت اس��م التجمع االقتصادي الدولي الشرق األقصى‬ ‫(األس�ي��ان ‪ )Asian‬خشية أن يتكاتف الغرب األورب��ي وال��والي��ات املتحدة‬ ‫وينحازون ضدها‪ ،‬أما الواليات املتحدة والتي ما زالت متسك بيدها القوة‬ ‫األمنية إال أنها ال متسك بيدها األخرى القوة االقتصادية في وقت تتكافأ‬ ‫فيه القوتان اآلخرتيان معها تقريباً‪ ،‬فقد اجتهت إلى انتهاج ما يشبه سياسية‬ ‫(االحتواء) االقتصادي فاختارت منطقة (النافتا)‪ ،‬باإلضافة إلى دعم الكتل‬ ‫االقتصادية اإلقليمية البازغة في منطقة الشرق األوسط وأمريكا اجلنوبية‪،‬‬ ‫سعياً لتعزيز موقفها جتاه خصومها االقتصاديني التقليديني في االحتاد‬ ‫األوربي واليابان‪.‬‬ ‫إن القطبية االقتصادية املتع ّددة واملت ّمثلة في محاورها األساسية ‪-‬الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬االحت��اد األورب��ي‪ ،‬اليابان‪ -‬وطبيعتها عبر القومية تشير إل��ى أن‬ ‫منطلقات الصراع الدولي في ظل النظام اجلديد ستكون إل��ى حد كبير‬ ‫ذات طابع اقتصادي‪ ،‬وإذا كانت معادلة الصراع واملواجهة في ظل القطبية‬ ‫الثنائية صفرية احملصلة‪ ،‬فإن ما مي ّيز الصراع في ظل القطبية االقتصادية‬ ‫املتعددة هو أن املباريات سيغلب عليها طابع املباريات ذات القيمة املتغ ّيرة‪،‬‬ ‫وإذا ك��ان��ت اإليديولوجية واضحة‬ ‫املعالم في صراع القطبية الثنائية‪،‬‬ ‫فإن البعد اإليديولوجي للصراع في‬ ‫ظل القطبية االقتصادية املتع ّددة‬ ‫يستند إلى حقيقة اختالف األساس‬ ‫األي��دي��ول��وج��ي ألط � ��راف ال �ص��راع‬ ‫والذي يبدو في الظاهر أنه أساس‬ ‫واح��د يتمثل في (الرأسمالية)‪ ،‬إال‬ ‫أن الرأسمالية في اليابان ال مت ّثل‬ ‫رأسمالية باملعنى األجنلوسكسوني‪،‬‬ ‫ف��ال �ط��اب��ع اجل �م��اع��ي وال�ت�ض��ام�ن��ي‬ ‫ي�غ�ل��ب ع �ن��د ال �ي��اب��ان �ي�ين أك �ث��ر مما‬ ‫ه���و ع �ل �ي��ه احل�� ��ال ف���ي ال���والي���ات‬ ‫امل �ت �ح��دة وب��ري �ط��ان �ي��ا م��ث�ل ً‬ ‫�ا‪ ،‬حيث‬ ‫تغطي الرأسمالية الفردية‪ ،‬فالربح‬ ‫محصلة‬ ‫واخل �س��ارة وال�ت�ق��دم ليس‬ ‫ّ‬ ‫إب � ��داع ف� ��ردي ف��ي ن �ظ��ر التقاليد‬ ‫اليابانية‪ ،‬وإمن��ا ه��و ثمرة حتشيد‬

‫تتحسن االقتصادات فإن التنافس يكون‬ ‫عندما ّ‬ ‫شديد ًا على تدفق رأس املال العاملي والسعي وراء‬ ‫حصة أكبر في السوق‪ ،‬وعندما تعاني االقتصادات‬ ‫الكبرى من متاعب بنيوية فإن اخلالفات تزداد‬ ‫حدة كما هي احلال حالي ًا بني الواليات املتحدة‬ ‫ّ‬ ‫وبني االحتاد األوربي‬


‫‪38‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫اجلهود ومحصلة جمعية للجهود الفردية مبا يعني وج��وداً ما للتخطيط‬ ‫والتوجيه في الرأسمالية اليابانية‪ ،‬كما أن الرأسمالية األوربية –وخاصة‬ ‫خارج الدائرة األجنلوسكسونية‪ -‬حتمل مضامني اجتماعية تتعلّق باالهتمام‬ ‫بالرفاه االجتماعي وأنظمة الضمانات االجتماعية في الصحة والتعليم‪ ،‬كما ال‬ ‫ترفض الرأسمالية األملانية والفرنسية مث ً‬ ‫ال املركزية من خالل أنظمتها املالية‬ ‫واملصرفية واالجتماعية‪ ،‬وهو بعد غير حاضر في الرأسمالية األمريكية‪،‬‬ ‫لذلك فإن الصراع بني هذه القوى االقتصادية القطبية لن يكون خاضعاً‬ ‫املوحدة(‪.)7‬‬ ‫لقواعد اللعبة الرأسمالية ّ‬ ‫رابع ًا‪ :‬املضمون احلضاري والثقافي(‪)8‬‬ ‫مي ّثل املضمون احلضاري والثقافي للظاهرة السياسية الدولية في النظام‬ ‫الدولي اجلديد‪ ،‬املضمون الشامل لكافة املضامني األخرى للظاهرة السياسية‬ ‫الدولية‪ ،‬فاملك ّونات االقتصادية واالجتماعية والتقنية والعلمية واأليديولوجية‬ ‫هي عبارة عن أجزاء من املكون احلضاري العام ألي مجتمع أو أي أمة من‬ ‫األمم‪ ،‬لذلك فإن الباحث في تناوله للمضمون احلضاري والثقافي للظاهرة‬ ‫انتصار روسيا على النازية لم يشفع لها عند الغرب‬ ‫السياسية الدولية ال يرى غضاضة في التماس والتقاطع مع املضامني األخرى‬ ‫املناطق في أفريقيا (روندا‪ ،‬الصومال)‪ ،‬وانتها ًء إلى التصاعد امللحوظ للتيار‬ ‫التي سبق تناولها‪ ،‬لكن مع التركيز على ما لم يتم تناوله متمث ً‬ ‫ال في املضمون‬ ‫اإلسالمي كتيار سياسي مناهض للغرب وقيمته احلضارية والثقافية(‪،)10‬‬ ‫الثقافي العام مبا يحمل من قيم وعقائد وخصائص اجتماعية مختلفة‪.‬‬ ‫بدأ يفرض وج��وده على الساحة السياسية الدولية من خالل وصوله إلى‬ ‫تفجرت فيه صراعات املصالح االقتصادية والتجارية‬ ‫في ذات الوقت الذي ّ‬ ‫السلطة في عدد من األنظمة السياسية العربية واإلسالمية‪ ،‬وشيء من الثقل‬ ‫مع تط ّور املعرفة العلمية واالكتشافات والتقنية بعد انهيار نظام القطبية‬ ‫السياسي على األنظمة السياسية األخرى‪ ،‬واألهم من ذلك تبنيه في بعض‬ ‫الثنائية وقيام النظام الدولي اجلديد‪ ،‬فإن صراعات وخالفات أخرى فج ّرتها‬ ‫أشكاله وتنظيماته للصراع املسلح واملواجهة املباشرة مع الغرب ومحاوالته‬ ‫االختالفات والتمايزات واخلصوصيات والهو ّيات القومية والعرقية والدينية‪،‬‬ ‫في الهيمنة والسيطرة‪ ،‬واملواجهة املباشرة مع األنظمة السياسية اإلقليمية‬ ‫لقد عمل التقدم العلمي على اختصار الزمان واملكان في العالم مبا أدى إلى‬ ‫املوالية للغرب والواقعة حتت تأثيره‪ ،‬في شكل جديد للصراع الدولي صار‬ ‫كثافة التبادل اإلنساني للسلع وألخبار والعلوم واألفكار وأدى ذلك إلى تأجيج‬ ‫يوصف بظاهرة اإلرهاب‪ ،‬والتي ارتبطت بشكل كبير بالتيارات والتنظيمات‬ ‫مشاعر الوعي بالذات والهو ّية احلضارية في كثير من بقاع العالم‪ ،‬حيث أن‬ ‫اإلس�لام�ي��ة (اجل �ه��ادي��ة) وارتبطت‬ ‫الشعور بالذات يتزايد حني تتعرض‬ ‫– مب�ن�ط��ق ال� �ص ��راع احل� �ض ��اري –‬ ‫الهو ّية لتغ ّيرات اجتماعية كبرى(‪،)9‬‬‫ب��اإلس�لام كمنافس وض��د حضاري‬ ‫ففي االحتاد السوفيتي السابق وشرق‬ ‫للحضارة الغربية‪.‬‬ ‫أوربا كانت النزعات القومية والعرقية‬ ‫ات�س��م ال�ت��اري��خ البشري على طول‬ ‫والدينية قد جت ّمدت وخمدت‪ ،‬لكنها‬ ‫ام �ت��داده ال��زم�ن��ي ب��ال�ت�ن� ّوع وال�ت�ع� ّدد‬ ‫سرعان ما ع ّبرت عن نفسها مبجرد‬ ‫احلضاري‪ ،‬وفي الراهن من الزمن‬ ‫انزياح الغطاء الشيوعي عنها‪ ،‬وعلى‬ ‫ت�س��ود احل �ض��ارة األورب �ي��ة الغربية‬ ‫غرار النزعات العرقية والقومية التي‬ ‫وال �ت��ي مت� ّك�ن��ت م��ن ن�ش��ر أمناطها‬ ‫شهدتا دول ش��رق أورب ��ا واالحت��اد‬ ‫املختلفة في الكثير من بقاع العالم‪،‬‬ ‫السوفيتي السابق فإن بقاعاً كثيرة‬ ‫مم��ا دف��ع بالبعض إل��ى ال�ق��ول‪« :‬إن‬ ‫من العالم اجتاحتها موجه من الوعي‬ ‫الزمن احلاضر مي ّثل زمن احلضارة‬ ‫بالذات احلضارية والثقافية ليظهر‬ ‫اإلنسانية الواحدة‪ ،‬وأن العالم يتم ّيز‬ ‫صراع من نوع آخر بدأ يجتاح العالم‪.‬‬ ‫ب��وح��دة حضارية شاملة م��ن أدن��ى‬ ‫إن واقع وجود هذا النوع من الصراع‬ ‫األرض إلى أقصاها»(‪.)11‬‬ ‫جتسد في مجموعة من األح��داث‬ ‫ّ‬ ‫بيد أن س�ي��ادة احل �ض��ارة األورب�ي��ة‬ ‫وال �ن��زاع��ات ب ��دأت م��ن ردة الفعل‬ ‫على العالم ال ميكن أن ينفي واقع‬ ‫(القومية) التي شهدتها جمهوريات‬ ‫التم ّيز واخل�ص��وص�ي��ة احلضارية‬ ‫االحتاد السوفيتي السابق ودول شرق‬ ‫ألمم األرض املختلفة‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫أوربا بإعادة تشكيلها سياسياً على‬ ‫احل� �ض ��ارة األورب� �ي���ة ال �غ��رب �ي��ة قد‬ ‫أس��اس عرقي وقومي‪ ،‬وم��ا صحب‬ ‫أكسبت التاريخ املعاصر لإلنسانية‬ ‫هذا التحول من صراعات وحروب‬ ‫طابعاً م��ادي �اً م��ن خ�لال جملة من‬ ‫عرقية ودينية في البلقان (البوسنة‬ ‫اإلجنازات واملكتسبات (املدنية) التي‬ ‫والهرسك‪ ،‬كوسوفو) وفي الشيشان‬ ‫أفرزتها مستندة على بعد ثقافي‬ ‫وفي أرمينا وأذربيجان‪ ،‬ومروراً بعدد‬ ‫�رس��خ امل��ادي��ة‪ ،‬وم��ا ص��اح��ب ه��ذا‬ ‫من الصراعات ذات الطابع العرقي‬ ‫ي� ّ‬ ‫االنتشار للحضارة الغربية من انتشار‬ ‫وال��دي�ن��ي ف��ي ش��رق أس�ي��ا (الفلبني‬ ‫(نسبي) للقيم الثقافية املرتبطة بها‪،‬‬ ‫أندونسيا‪ ،‬كشمير) وف��ي كثير من‬ ‫اللقاء بني االسالم والكنفوشيوسية ميثل خطر ًا قائم ًا بالنسبة للغرب‬

‫الثورة الصناعية الثالثة انعكست على العالقات‬ ‫والتوازنات االقتصادية مبا تعنيه من أبعاد‬ ‫جديدة لعناصر قوة الدولة االقتصادية وفتحت‬ ‫ميادين ومجاالت جديدة للتنافس بني الدول‬ ‫الصناعية الكبرى‬


‫فإن البشرية التي قبلت وأقبلت بنهم على النتاج املادي للحضارة األوربية‬ ‫الغربية وتعاطته وتعاملت معه‪ ،‬هي التي وجدت نفسها ال تستطيع –بنفس‬ ‫يخصها‬ ‫البساطة‪ -‬قبول القيم التي تقع خلف هذا النتاج املادي‪ ،‬ارتباطاً مبا‬ ‫ّ‬ ‫من قيم وثقافات‪ ،‬بعضها موغل في التاريخ‪ ،‬وبعضها اآلخر يستند إلى أبعاد‬ ‫عقائدية ودينية ال تنسجم – بل وتتعارض متاماً – مع القيم الثقافية الغربية‪.‬‬ ‫من هنا برز ص��راع جديد أو باألحرى بعد جديد للصراع الدولي يكتسي‬ ‫مالمح حضارية وثقافية‪ ،‬فاحلضارة الغربية التي سادت العالم بنتاجها املادي‬ ‫أوهمت أصحابها بأن قيمها وثقافتها البد أن تسود‪ ،‬وفي املقابل فإن املتلقي‬ ‫ملاديات احلضارة الغربية كان من السهل عليه قبول هذه املاديات‪ ،‬لكنه وجد‬ ‫صعوبة بالغة‪ ،‬وأحياناً استحالة في استقبال ما يصاحبها من قيم‪ ،‬وانقسم‬ ‫على ذاته بني تيارين‪ :‬أحدهما يرى أنه ال مناص من قبول احلضارة الغربية‬ ‫مبا لها وما عليها من ماديات وقيم‪ ،‬ومبا يعني ذلك من ضرورة تغيير واستبعاد‬ ‫ما يجب تغييره واستبعاده من القيم واخلصوصيات الذاتية‪ ،‬وتيار أخر يرى‬ ‫أنه ليس شرطاً أن يقترن القبول باملاديات الغربية بالقبول مبا وراءها من‬ ‫قيم وثقافة‪ ،‬ألنه – وإن كان ال ميلك ما للحضارة الغربية من ماديات – فهو‬ ‫ميلك (الكثير) من القيم التي ال تقبل إحالل واستبدال قيم أخرى محلها‪،‬‬ ‫وأنه بإمكانه احلفاظ على هو ّيَة وخصائصه املتميزّة مع جتاوبه وتفاعله مع‬ ‫ماديات احلضارة الغربية(‪.)12‬‬ ‫فيما قبل انهيار نظام القطبية الثنائية كانت قضية العالقة مع احلضارة‬ ‫الغربية تأخذ بشكل أساسي بعداً «جدلياً» في حتديد طبيعة العالقة‪ ،‬هل‬ ‫يخص بشكل أكبر‬ ‫هي عالقة تغريب أم عالقة حتديث؟ وك��ان ذل��ك أم��ر‬ ‫ّ‬ ‫الطرف املتلقي‪ ،‬في حني كان الطرف املص ّدر يكتفي مبجرد وجوده ليكون‬ ‫موضوعاً يح ّير الطرف اآلخر مع دفعه ودعمه ملا يؤ ّيد ويؤ ّكد التغريب دون‬ ‫التحديث وتوظيفه لإلمكانيات والوسائل املختلفة التي تفضي إلى قبوله (قيم ّة‬ ‫ومادة) من الطرف اآلخر‪ ،‬ومع التغير الكبير (انهيار نظام القطبية الثنائية)‬ ‫حدث حت ّول كبير في هذه املعادلة فقد صار (الطرف الغربي) هو املعنى‬ ‫أكثر مبسألة التأثير احلضاري‪ ،‬ليمنحه االنتصار على املنافس العسكري‬ ‫والسياسي واالقتصادي واأليديولوجي السابق نوعاً من الزهو واإلحساس‬ ‫بالعظمة واكتمال الذات‪ ،‬واالعتقاد الراسخ في صواب منهجه احلضاري بكل‬ ‫أبعاده‪ ،‬ومن ثم – وحتى تكتمل الصورة – البد من العمل على االنتقال بهذا‬ ‫املنهج احلضاري الشامل لفرضه على اآلخرين‪ ،‬وحتقيق السيادة العاملية له‬ ‫يكمل قيمة ومادياته‪ ،‬خاصة بعد أن مت ّثلت له الساحة العاملية ساحة مقهورة‬ ‫عسكرياً واقتصادياً ولم يعد ما مينع من قهرها حضارياً وثقافياً الستكمال‬ ‫البناء واستكمال إحساسه بالعظمة والتفوق‪ ،‬مدفوعاً بأن تلك (رسالة إنسانية‬ ‫سامية) وأن العناية اإللهية اختارته‬ ‫ملهمة نشر هذه الرسالة لتعم البشرية‬ ‫جمعاء‪.‬‬ ‫ه�ك��ذا ب��رز ال �ص��راع بشكل واض��ح‬ ‫ف��ي ظ��ل ال �ن �ظ��ام ال��دول��ي اجل��دي��د‬ ‫ب�ين احل �ض��ارة ال�غ��رب�ي��ة كمضمون‬ ‫يجب أن يسود العالم‪ ،‬وبني التم ّيز‬ ‫واخلصوصية احلضارية والثقافية‬ ‫ألمم األرض األخ��رى التي ال تقبل‬ ‫ه��ذا الفعل ال��ذي يستهدف فرض‬ ‫قيم ثقافية وحضارية عليها‪.‬‬ ‫�س ��د أح � ��د ط ��رف ��ي ال�ق�ط�ب�ي��ة‬ ‫جت � ّ‬ ‫احل �ض��اري��ة وال�ث�ق��اف�ي��ة ف��ي ال�غ��رب‬ ‫الليبرالي الرأسمالي بزعامة أمريكا‬ ‫وأورب ��ا ليعتبر اآلخ��ر أو الضد هو‬ ‫القطب املنافس أو امل �ص��ارع لهذا‬ ‫القطب احلضاري والثقافي‪ ،‬وبدأت‬ ‫مظاهر الصراع ومؤشراته تبرز على‬

‫فوكوياما‪ -‬انتصار الغرب يعني خضوع العالم‬ ‫الساحة السياسية الدولية‪ :‬القطب الغربي في هذا الصراع يستهدف اكتساب‬ ‫القوة بفرض هيمنته وسيطرته من خالل العمل على الوصول إلى سيادة‬ ‫منوذجه احلضاري والثقافي لكافة أرجاء املعمورة كإطار ضامن ملصاحله‬ ‫االقتصادية والعسكرية والسياسية‪ ،‬وبالتالي تأكيد تفوقه وتفّرده في الوصول‬ ‫إلى هذا الهدف بتوظيف كافة مق ّومات القوة التي أوجدها التوزيع الراهن‬ ‫للقوة خاصة العسكرية واالقتصادية‪ ،‬ليصل إلى االنفراد مبق ّومات القوة‬ ‫في طابعها احلضاري بقهر وحتطيم إمكانيات القوة احلضارية والثقافية‬ ‫احملتملة لدى الطرف املضاد‪ ،‬والعمل على إلغاءها وطمسها‪)13(.‬‬ ‫لكي تستطيع القوة احلضارية والثقافية الغربية حتقيق انتصارها على الضد‬ ‫لها في الواقع الراهن‪ ،‬أخذت تعمل على املعطيات العرقية والقومية والدينية‬ ‫بعد أن حققّت لها التغ ّيرات الدولية الكثير من التفوق والغلبة على صعيد‬ ‫املعطيات االقتصادية والعسكرية والتقنية‪ ،‬ليصبح الدين والقومية الساحة‬ ‫التي يتم فيها توظيف إمكانيات القوة األخرى خلدمة الصراع في هذا امليدان‬ ‫وما يرتبط به من أهداف(‪.)14‬‬ ‫يصرخ (هنتنغتون) عالياً‪« :‬إن احلروب القادمة ستكون حضارية نتيجة لصدام‬ ‫الكتل احلضارية املختلفة وليست املتشابهة‪ ،‬وليس من املستبعد أن يكون‬ ‫الغرب وحده ضد اآلخرين»(‪.)15‬‬ ‫بالرغم من أن هنتنغتون في أطروحته حول (صدام احلضارات) يوحي بالبعد‬ ‫الشامل للصراع احلضاري أو الصراع بني احلضارات‪ ،‬إال أنه ينتهي إلى‬ ‫الدين كتعبير وحيد عن هذا الصراع‪،‬‬ ‫حيث يرى في املسيحية الكاثولكية‬ ‫التي مت ّثلها أوربا الغربية باستيعابها‬ ‫واحتواءها للوجوه األخرى للمسيحية‬ ‫ال �ب��روت �س �ت��ان �ت �ي��ة واالرث��وذوك��س��ي��ة‬ ‫(فاحلضارات ذات القواسم املشتركة‬ ‫ستتحاشى امل��واج �ه��ة ال�ص��راع�ي��ة‬ ‫وت��أخ��ذ بالتوافقية وال�ت�ع��اون) أحد‬ ‫أه��م أط ��راف ال �ص��راع ال��دول��ي في‬ ‫مقابل التحدي احل �ض��اري القائم‬ ‫جتاهها والذي يحصره هنتنغتون في‬ ‫اإلسالم والكونفوشيوسية(‪.)16‬‬ ‫ي� � ��رى ه �ن �ت �ن �غ �ت��ون أن ال�� �ف� ��وارق‬ ‫واالختالفات واملسافات احلضارية‬ ‫والثقافية هي مكمن الصراع أكثر‬ ‫من أي مصدر آخ��ر‪ ،‬فاحلضارات‬ ‫لها إرث م��ن احل���روب كتلك التي‬

‫القوة احلضارية والثقافية الغربية تعمل على‬ ‫املعطيات العرقية والقومية والدينية بعد أن‬ ‫حققّ ت لها التغ ّيرات الدولية الكثير من التفوق‬ ‫والغلبة على صعيد املعطيات االقتصادية‬ ‫والعسكرية والتقنية‬


‫‪40‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫بني اإلسالم والغرب‪ ،‬وهذا اإلرث الضارب في التاريخ ليس من املق ّدر له‬ ‫أن ينحسر بانتشار الغرب واحلضارة الغربية‪ ،‬فاملراهنة ليست على التغريب‬ ‫والتمحور حول الذات‬ ‫بل على التحديث الذي سيحتم النفور من التغريب‬ ‫ّ‬ ‫والتحضر املستند على التحديث ينطوي على قابلية تنافسية‬ ‫احلضارية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تدفع إلى حتدي الغرب ورفض التغريب مبا قد يصل إلى مرحلة املجابهة‬ ‫والصدام‪ ،‬فاحلضارة من منظور جيوحضاري كما هي الدولة من منظور‬ ‫جيوبولتيكي تنتشر عبر احلدود وتتكون لها أرضية تتالقى عليها مجتمعات‬ ‫احلضارة ال��واح��دة‪ ،‬فالصني ذات التعداد السكاني الهائل تتحرك باجتاه‬ ‫جيوحضاري سيغطي منطقة الهند الصينية وهوجن كوجن وتايوان وسنغافورة‪،‬‬ ‫وعندما تكتمل نهضة الصني االقتصادية سيكون للوعي والشعور بالوحدة‬ ‫والتماسك احلضاري للكونفوشيوسية أثره اخلطير على السياسة الدولية‪،‬‬ ‫ليس من مدخل اقتصادي أو سكاني ولكن من مدخل حضاري‪ ،‬كما أن‬ ‫املجتمعات اإلسالمية يتنامى فيها عدد السكان وتعمل على إقامة عالقات‬ ‫تكتلية اقتصادية فيما بني الكثير منها ما سيجعل لإلسالم دوراً ال يقل خطورة‬ ‫عن الكونفوشيوسية على السياسة الدولية‪)17(.‬‬ ‫ويرى هنتنغتون أن على الغرب أن يعي أن الصينيني واملسلمني هم شعوب‬ ‫وحضارات ال يرون وال رغبة لهم في االنضمام إلى الغرب‪ ،‬كما أنهم ليسو‬ ‫سلبيني وعاجزين‪ ،‬وإن اقتراب الغرب نحوهم حضارياً سينهض عندهم إرادة‬ ‫التحدي‪ ،‬وإذا كان الغرب ال ميكن أن يتحالف مع احلضارتني األساسيتني‬ ‫املتحديتني له وهما اإلس�لام والكونفوشيوسية‪ ،‬فإن احتمال تعاونهما في‬ ‫حتديهما للغرب ومصاحله وقيمة قائماً‪ ،‬وه��ذا التحدي سيقود إلى عدم‬ ‫التمسك واالعتصام إلى اله ّوية احلضارية‪ ،‬دون إقفال‬ ‫االستقرار من خالل‬ ‫ّ‬ ‫الباب على أسباب التط ّور والتق ّدم‪ ،‬مبا يعني رف��ض التغريب بالتصدي‬ ‫للمصالح الغربية االقتصادية والوقوف أمام محاوالت‬ ‫أن تكون القوة العسكرية الغربية حاضرة بتفوق أو‬ ‫هيمنة على بعض جيوب احلضارات غير الغربية أو‬ ‫بالقرب من حوافها األمنية(‪.)18‬‬ ‫لذلك جند هنتنغتون في الوقت ال��ذي يدعو الغرب‬ ‫وال��والي��ات امل�ت�ح��دة إل��ى احل ��ذر م��ن ظ��اه��رة حتدي‬ ‫احلضارتني اإلسالمية والكونفوشيوسية للغرب ومن‬ ‫احتمال تعاونهما‪ ،‬جنده يحث الغرب على رصد ما يقع‬ ‫في ساحتيهما من تط ّورات على األصعدة العسكرية‬ ‫واالقتصادية والتقنية‪ ،‬وينصح مخططي السياسة‬ ‫واإلستراتيجية الغربية بإتباع ما يشبه (االح�ت��واء)‬ ‫للحضارات احلديثة غير الغربية والتي ترمي قوتها‬ ‫إلى ما لدى الغرب‪ ،‬ولكن قيمها ومصاحلها تختلف‬ ‫بصورة كبيرة عنه‪ ،‬وي��ؤ ّك��د على العمل على صيانة‬ ‫القوة العسكرية واالقتصادية الالزمة حلماية املصالح‬ ‫الغربية‪ ،‬كما يرى أن أسلوب (فرق تسد) ميكن أن يكون‬ ‫أسلوباً ف ّع ً‬ ‫ال في الصراع مع هاتني احلضارتني باعتبار‬ ‫أنهما ليست تركيباً أحادياً مثل حضارة اليابان‪ ،‬وإمنا‬ ‫هما مزيج من شعوب وثقافات‪ ،‬وبالتالي فإن تأليب‬ ‫األقليات وإثارة اخلالفات الداخلية سيضعف اجلبهة‬ ‫الداخلية لتلك احلضارة‪ ،‬كما أن اخلالفات البادية على‬ ‫العالقات الكونفوشيوسية اإلسالمية مجال آخر ميكن‬ ‫للحضارة الغربية أن تستثمره(‪.)19‬‬ ‫بالرغم مما حتمله أطروحة هنتنغتون ح��ول صدام‬ ‫احل �ض��ارات م��ن ث�غ��رات ف��ي جوانبها العلمية‪ ،‬وما‬ ‫تعرضت له من انتقادات‪ ،‬إال أنه من املمكن التعويل‬ ‫عليها في استشراق أفق الصراع الدولي القادم من‬ ‫حيث أن جوهره سيكون حضارياً وأن أوجهه العسكرية‬ ‫واالقتصادية واأليديولوجية تدور بشكل أو بآخر على‬

‫الكونفوشيوسية تظل خصم ًا شرس ًا للغرب أكثر من أي وقت مضى‬ ‫محور حضاري يرسم حركتها وخطوط سيرها ويح ّدد غاياتها وأهدافها‪.‬‬ ‫خامس ًا‪ :‬املضمون النظامي (القانوني)‬ ‫اعتقد الكثيرون أن التغيرات الدولية الكبرى التي شهدتها نهاية القرن املاضي‬ ‫مهيئة لالجتاه بالبشرية نحو تأكيد نظامية العالقات الدولية وتأطيرها والسير‬ ‫بها في اجتاه تدعيم سلطة القانون الدولي وسلطة التنظيم الدولي(‪.)20‬‬ ‫األمم املتحدة التي ولدت من رحم احلرب العاملية الثانية كانت محاولة لتأطير‬ ‫العالقات الدولية وإيجاد سلطة عليا في العالم تكون قادرة على حتقيق السلم‬ ‫واألمن والتعاون بدالً من احلروب والصراعات‪ ،‬في ظل االعتراف بسيادة‬ ‫كل دول��ة وحقها في ممارسة سلطانها في نطاقها‬ ‫اإلقليمي ورفض فكرة التدخل في الشؤون الداخلية‬ ‫للدول األخ��رى‪ ،‬والسعي حلل املشاكل بني األطراف‬ ‫الدولية سلمياً مع حق كل دولة في الدفاع عن نفسها‬ ‫ضد أي عدوان‪)*(.‬‬ ‫شهد الواقع الدولي منذ احلرب العاملية األولى تنامياً‬ ‫كبيراً في االتفاقيات واملعاهدات اجلماعية والثنائية‬ ‫التي ّ‬ ‫نظمت وأط ّرت كافة مجاالت العالقات الدولية‬ ‫تقريباً ومبا خلق رصيداً ضخماً من القواعد القانونية‬ ‫الدولية صارت حتكم عمليات التفاعل والتعامل بني‬ ‫األط ��راف الدولية وتنظ ّمها‪ ،‬فقد شهدت مجاالت‬ ‫الصحة وال �غ��ذاء والتعليم والثقافة والبيئة وحقوق‬ ‫اإلن�س��ان‪ ،‬واستغالل مياه البحار واحمليطات ومياه‬ ‫األنهار الدولية‪ ،‬واستغالل الفضاء اخلارجي وغيرها‬ ‫متخصصة‬ ‫تنظيماً قانونياً في شكل منظمات دولية‬ ‫ّ‬ ‫يتمتع بعضويتها أغلب األطراف الدولية‪ ،‬أو في شكل‬ ‫معاهدات دخلت أطراف دولية عديدة حتت مظلتها‪،‬‬ ‫ناهيك عن العدد الهائل من االتفاقيات واملعاهدات‬ ‫محدودة األطراف واملتعلقة مبجاالت وأوضاع إقليمية‬ ‫مختلفة‪.‬‬ ‫التحضر اإلن �س��ان��ي وتنامي‬ ‫وإذا ك��ان��ت ض� ��رورات‬ ‫ّ‬ ‫االعتمادية املتبادلة وب��روز ع��دد م��ن القضايا ذات‬ ‫الصبغة العاملية ه��ي ال�ع��وام��ل امل�س��ؤول��ة ع��ن كثافة‬ ‫التنظيم القانوني للمعامالت والعالقات الدولية‪ ،‬فإن‬ ‫القوة واملصلحة في إطار العالقات الدولية استمرتا‬ ‫مح ّددين أساسيني في عالقة األطراف الدولية بهذا‬ ‫الزخم من القواعد القانونية الدولية وذلك من حيث‬ ‫إبرامها والدخول فيها أص�لا‪ ،‬أو من خالل االلتزام‬ ‫مبا ينتج عنها من قواعد وأحكام‪ ،‬في ظل احتفاظ‬

‫بدأت تنتشر في الغرب‬ ‫بفعل إحساسه بالعظمة‬ ‫والتفوق رسالة مفادها أن‬ ‫العناية اإللهية اختارته‬ ‫ملهمة نشر النمط الليبرالي‬ ‫ليعم البشرية جمعاء‬

‫آسيان‪ ..‬تكتل بديل صنعته الصراعات‬


‫نافتا‪ ..‬تكتل جغراسي نائي‬ ‫كل طرف دولي بسيادته (التامة) وغياب قوة اإللزام (الفوقية) التي تفرض‬ ‫االلتزام بهذه األحكام والقواعد القانونية‪.‬‬ ‫كان من املتص ّور بعد نهاية احلرب الباردة أن الصراع بني القوى واألطراف‬ ‫الدولية لم يعد له ما يب ّرره وما يستوجب استمراره‪ ،‬وأن البشرية في مجموعها‬ ‫يجب أن تتحد ملواجهة حتديات من نوع جديد‪ ،‬تتم ّثل في األخطار التي‬ ‫ص��ارت محدقة بالبيئة‪ ،‬فمشاكل التلوث واالحتباس احل ��راري واألوبئة‬ ‫واألم��راض واجل��وع واملخدرات تفرض وقفة عاملية واح��دة‪ ،‬وبرنامج عمل‬ ‫أممي للتصدي لها‪ ،‬واجتهت األنظار إلى األمم املتحدة كإطار يضم شعوب‬ ‫العالم أجمع للقيام بهذا الدور(‪.)21‬‬ ‫كان ميثاق األمم املتحدة عام ‪ 1945‬والذي وضعته األطراف املنتصرة في‬ ‫احلرب العاملية الثانية‪ ،‬وبرغم أنه فتح آفاقاً واسعة للتعاون في املجاالت‬ ‫االجتماعية واالقتصادية واإلنسانية بني األطراف الدولية‪ ،‬إال أنه من منظور‬ ‫سياسي جاء تعبيراً عن عالقات القوة في املجتمع الدولي‪ ،‬فقضايا السلم‬ ‫واألم��ن الدوليني أُنيطت مبجلس األم��ن ال��ذي عكست تركيبته واق��ع توزيع‬ ‫القوة على املستوى الدولي‪ ،‬واستمر بصورة أخرى تعبيراً عن توازن القوى‬ ‫بني األطراف الفاعلة في الساحة الدولية من خالل العضوية الدائمة وحق‬ ‫االعتراض (الفيتو) الذي متتعت به أطراف دولية محدودة‪ ،‬هي في الواقع‬ ‫أط��راف القوة الفاعلة على املستوى الدولي‪ ،‬ومن ثم أصبح مجلس األمن‬ ‫امتداداً إلرادة األطراف الدولية الكبرى مما ش ّل حركته وفاعليته متاماً‪ ،‬ألن‬ ‫قضايا السلم واألمن الدولي التي متس مصالح وأهداف األطراف الدولية‬ ‫الكبرى تصطدم بالضرورة بحق (النقض) وتفضي نتيجة الصراع حولها إلى‬ ‫ال فعالية للنظام الدولي في جانبه النظامي حيالها‪ ،‬ويستمر الصراع فيها‬ ‫محكوماً بتوازنات القوى واملصالح بني تلك األطراف الكبرى‪ ،‬وقليل فقط‬ ‫من قضايا السلم واألمن الدوليني وجدت طريقها نحو البث فيها من خالل‬ ‫مجلس األمن‪ ،‬واقتصرت على تلك القضايا التي تتفق مصالح الدول الكبرى‬ ‫على صيغة جتمعها في اتخاذ موقف حيالها‪ ،‬وعادة ما كانت هذه القضايا‬ ‫قضايا هامشية في الصراع الدولي‪ ،‬وصار هامشها ضيق جداً مع اشتداد‬ ‫أوار احلرب الباردة بني القطبني‪ ،‬مما يدفع إلى القول‪« :‬أن مظاهر السالم‬ ‫واالستقرار النسبي خالل الثنائية القطبية ال يعود إلى األداء الفاعل واحليادي‬ ‫ل�لأمم املتحدة وإمن��ا يعود لرغبة القوتني العظميني وإدراكهما العقالني‬ ‫لضرورة ضبط آلية الصراع سوا ًء على املستوى املباشر أو في مناطق ثالثة‬ ‫من العالم حتى ال تقود إلى مواجهة عسكرية مباشرة بينها‪ ،‬كما أن العديد‬ ‫من القضايا واملشاكل التي واجهت دول العالم الثالث لم تكن محكومة مببادئ‬ ‫الشرعية الدولية وعدالة القواعد القانونية الدولية بقدر ما كانت محكومة‬ ‫بقواعد لعبة التوازنات واملصالح الدولية»(‪.)22‬‬ ‫بعد انهيار نظام القطبية الثنائية وانتفاء‬ ‫مبررات الصراع الدولي بشكله احلاد‪ ،‬توقع‬ ‫الكثيرون أن النظام الدولي دخل في زمن‬ ‫املنظمة الدولية التي هي األمم املتحدة‪،‬‬ ‫حيث ميكن إدارة العالقات الدولية من‬ ‫خالل هذا اجلهاز األممي‪ ،‬ولوحظ بالفعل‬ ‫تغ ّيرات واضحة في الدور املناط باألمم‬ ‫املتحدة جتاه القضايا الدولية التي برزت‬ ‫على الساحة الدولية مع بدايات النظام‬ ‫الدولي اجلديد‪ ،‬فهل مثلّت هذا التغي ّرات‬ ‫حت���والً حقيقياً ف��ي دور ه ��ذه املنظمة‬ ‫ال��دول�ي��ة مب��ا ح� ّم��ل ال�ظ��اه��رة السياسية‬ ‫الدولية مضموناً (قانونياً) كما كان يتوقع‬ ‫وي�ع� ّول الكثيرون؟ أم أن ه��ذه التغ ّيرات‬ ‫ك��ان��ت م�ج��رد وج��ه آخ��ر لتلك التغيرات‬ ‫التي أصابت عالقات القوة وتوازناتها بعد‬ ‫التحول إلى واقع دولي جديد؟‪.‬‬ ‫ّ‬

‫شمال ‪ -‬جنوب معادلة سياسية ذات بعد اقتصادي ‪ -‬عسكري‬ ‫هوامش‪:‬‬ ‫‪ 1‬عبد الواحد الناصر‪ ،‬خصائص الدول في محيط العالقات الدولية‪( ،‬مرجع‬‫سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.282‬‬ ‫‪ 2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.283‬‬‫‪ 3‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.283‬‬‫‪ 4‬عبد القادر محمد فهمي‪ ،‬النظام السياسي الدولي‪( ،‬مرجع سبق ذك��ره)‪،‬‬‫ص‪.123‬‬ ‫‪ 5‬كاظم هاشم نعمة‪ ،‬الوجيز في اإلستراتيجية‪( ،‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.89‬‬‫ً‬ ‫نقال عن املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.90‬‬ ‫‪6‬‬‫‪ 7‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.95‬‬‫‪ 8‬يستند ال��ب��اح��ث إل���ى ال��ت��ع��ري��ف األن��ث��رب��ول��وج��ي ال��ش��ام��ل مل��ف��ه��وم احل��ض��ارة‬‫ب��اع��ت��ب��اره��ا «ال��ن��م��ط ال��ع��ام للحياة ال���ذي يتمثل ب��ع�لاق��ات السلطة والتنظيم‬ ‫االجتماعي بدء ًا من العمل واإلنتاج وامللكية واملعرفة والسلوك العلمي والقيمي‬ ‫واإلبداع الفني الثقافي عامة» باعتبار أن مفهوم احلضارة هنا جنمع بني اجلانب‬ ‫املوضوعي املادي واجلانب الثقافي القيمي لها وبذلك تكون (احلضارة) ً‬ ‫كال متثّ ل‬ ‫الثقافة اجلزء القيمي منه‪ ...‬محمود أمني العالم «ندوة صراع حضارات أم تعدد‬ ‫ثقافات» املستقبل العربي العدد ‪ ،)1998/12( 238‬ص‪.76‬‬ ‫‪ 9‬محمد يعقوب عبد الرحمن‪ ،‬التدخل اإلنساني ف��ي العالقات الدولية‪،‬‬‫(مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.140‬‬ ‫‪ 10‬عبد الواحد الناصر‪ ،‬خصائص الدول في محيط العالقات الدولية‪( ،‬مرجع‬‫سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.‬ص‪.285 284-‬‬ ‫‪ 11‬محمود أم�ين العالم‪« ،‬ن��دوة ص��راع ح��ض��ارات أم تعدد ثقافات» املستقبل‬‫العربي‪ ،‬العدد ‪( ،238‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.77‬‬ ‫‪ 12‬السيد باسني‪« ،‬ندوة‪ :‬صراع حضارات أم تعدد ثقافات»‪ ،‬املستقبل العربي‬‫العدد ‪« 268‬مرجع سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.82‬‬ ‫‪ 13‬محمد سالم ول��د محمد األم�ين‪« ،‬العوملة الثقافية»‪ ،‬ف��ض��اءات العدد ‪،8‬‬‫(ناصر ‪ 1‬يوليو ‪ ،)2003‬ص‪.‬ص‪.23-22‬‬ ‫‪ 14‬ج��وزي��ف س‪.‬ن���اي‪.‬االب���ن‪ ،‬امل��ن��ازع��ات ال��دول��ي��ة‪ ،‬ترجمة أحمد أم�ين اجلمل‬‫وم����ج����دي ك���ام���ل (م����رج����ع س���ب���ق ذك������ره)‪،‬‬ ‫ص‪.268‬‬ ‫‪ 15‬ن���ق� ً‬‫ل�ا ع���ن د‪ .‬ك���اظ���م ه���اش���م ن��ع��م��ة‪،‬‬ ‫الوجيز في اإلستراتيجية‪( :‬مرجع سبق‬ ‫ذكره)‪ ،‬ص‪.78‬‬ ‫‪ 16‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.79‬‬‫‪ 17‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.81‬‬‫‪ 18‬املرجع نفسه‪ ،‬الصفحة نفسها‪.‬‬‫‪ 19‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.‬ص‪.83 82-‬‬‫�������ص‪« ،‬أي ن���ظ���ام ع��امل��ي‬ ‫‪ 20‬س��ل��ي��م احل ّ‬‫جديد» الفكر العربي‪ ،‬العدد ‪( 66‬أكتوبر‪/‬‬ ‫ديسمبر‪ ،)1991 ،‬ص‪.‬ص ‪.27-26‬‬ ‫(*) وفق ًا أله��م ما ينص عليه امليثاق من‬ ‫مبادئ‪.‬‬ ‫‪ 21‬عبد الواحد الناصر‪ ،‬خصائص الدول‬‫ف���ي م��ح��ي��ط ال��ع�لاق��ات ال���دول���ي���ة‪( ،‬م��رج��ع‬ ‫سبق ذكره)‪ ،‬ص‪.282‬‬ ‫‪ 22‬ع��ب��د ال��ق��ادر محمد ف��ه��م��ي‪ ،‬النظام‬‫ال��س��ي��اس��ي ال���دول���ي‪( ،‬م��رج��ع س��ب��ق ذك���ره)‪،‬‬ ‫ص‪.116‬‬

‫االعتمادية املتبادلة حملت الدولة إلى التجارة‬ ‫بصفتها وحدة سياسية مت ّثل كوربورتارية‬ ‫عمالقة تتنافس في السوق العاملي‬ ‫«فرق تسد» ما زالت مت ّثل أسلوب ًا ّفعا ًال‬ ‫سياسة ّ‬ ‫لدي الغرب في الصراع مع العرب واملسلمني‬


‫‪42‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫تلتقي خلــــ‬ ‫محمد الساعدي *‬ ‫يعتقد أن الوطن األصلي لسالالت إفريقيا يرتبط‬ ‫ب��امل��وط��ن األص��ل��ي ل�لإن��س��ان ال���ذي ي��رج��ح أن��ه ك��ان في‬ ‫شمال شرق إفريقيا وجنوب غرب آسيا‪ ،‬تلك املناطق‬ ‫التي كانت فيما مضى تتميز بوفرة األمطار وغ��زارة‬ ‫احل��ي��اة النباتية وال��غ��ن��ى احل��ي��وان��ي «وب��ال��ت��ال��ي كانت‬ ‫ص��احل��ة مل��ع��ي��ش��ة اإلن���س���ان األول‪ ،‬وم���ن ه���ذا امل��وط��ن‬ ‫األص��ل��ي ان��ت��ش��ر اإلن��س��ان ف��ي ك��ل اجت���اه ع��ب��ر املعابر‬ ‫البرية التي كانت تصل بني قارات العالم القدمي»‪)1(.‬‬

‫لقد اختلطت ال�س�لاالت اإلفريقية ببعضها في مناطق عديدة‬ ‫خصوصاً في نطاق السافانا االستوائية بحيث يصعب القول بأن‬ ‫هناك سالالت نقية متاماً في القارة ومع ذلك فإن االختالفات‬ ‫الساللية من الوضوح بحيث ميكننا تقسيم سكان إفريقيا على‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫• األقزام‪.‬‬ ‫• البوشمن والهنتوت‪.‬‬ ‫• الزنوج‪.‬‬ ‫• القوقازيون‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬األقزام‬ ‫وه��م كما ي��دل االس��م قصار القامة يعيشون ف��ي داخ��ل الغابة‬ ‫االستوائية اإلفريقية ويحترفون الصيد واجلمع وأدوات الصيد‬ ‫ه��ي القسي والسهام املسمومة‪ ،‬وه��م يسكنون أك��واخ �اً صغيرة‬ ‫مخروطية الشكل ويتبادل األق��زام منتجات الصيد مع الزنوج‬ ‫باحملصول الزراعي فيما «يعرف بالتبادل الصامت»‪)2(.‬‬


‫الشخصية األفريقية‬ ‫ّ‬ ‫والتفتت الساللي‬ ‫بين الزنوجة‬

‫شعوب‬ ‫ــــــــف حجاب الليل‬ ‫األسود‬ ‫ثاني ًا‪ :‬البوشمن والهونتوت‬ ‫يوجدون اآلن في صحارى كلهاري‪ ،‬ولهم لغة خاصة بهم‪ ،‬وهم‬ ‫كاألقزام قصار القامة ويعيشون كاألقزام على صيد احليوانات‬ ‫البرية بالقسي وال�س�ه��ام املسمومة‪ ،‬وه��م يفضلون العزلة فال‬ ‫صلة وال جتارة تربطهم بجيرانهم لهذا فإن مستواهم احلضاري‬ ‫منخفض جداً‪.‬‬ ‫والهونتوت رعاة بقر ويبدو أنهم قد اختلطوا بعناصر زجنية في‬ ‫املوطن األصلي قبل هجرتهم إلى الصحراء‪.‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬الزنوج‬ ‫يعيشون اآلن في إفريقيا السوداء على اجلنوب من الصحراء‬ ‫ال�ك�ب��رى‪ ،‬إذ يعيش بها م��ا ي�ق��رب م��ن ث�لاث��ة أرب ��اع ال��زن��وج في‬ ‫العالم‪ ،‬ويسكنون في أكواخ ذات أسقف هرمية‪ ،‬وجتمعهم أيضا‬ ‫عادات واحدة مثل أنواع األسلحة واملجتمعات السرية والطقوس‬ ‫الغامضة واحلاسة الفنية واالستعداد للتضحية اإلنسانية‪ ،‬وهذه‬ ‫الشعوب الزجنية هي التي أنشأت ممالك واسعة األرجاء ومنهم‬

‫زنوج السودان وزنوج البانو وزنوج النيل‪.‬‬

‫رابع ًا‪ :‬القوقازيون‬ ‫ينتشرون في إفريقيا الشمالية وهضبة احلبشة وشرق إفريقيا‬ ‫وينقسمون – وف �ق �اً للتنصيف التقليدي – إل��ى مجموعتني‪:‬‬ ‫املجموعة احلامية واملجموعة السامية‪ ،‬على النحو التالي‪:‬‬ ‫املجموعة احلامية‪:‬‬ ‫احلاميني شعوب بيضاء البشرة‪ ،‬وهم بدو محاربون ويتميزون‬ ‫باإلباء واأللفة‪ ،‬وقد لعبوا دوراً في تاريخ إفريقيا‪ ،‬ويتميزون بطول‬ ‫القامة والبشرة البيضاء والوجه الضيق واألنف املستقيم والشعر‬ ‫الداكن املموج وهم ينقسمون إلى فرعني‪:‬‬ ‫• احلاميني الشماليني‪ :‬ويشملون جماعات البربر في ليبيا‬ ‫واملغرب والصحراء الكبرى وجماعة الفوالني بالسودان‪.‬‬ ‫• احلاميني الشرقيني‪ :‬ويشملون املصريني والبجة والصوماليني‬ ‫وكثير من سكان إثيوبيا‬


‫‪44‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫املجموعة السامية‪:‬‬ ‫الساميني هم العرب الذين وفدوا إلى شمال إفريقيا من الشرق‬ ‫كفاحتني في القرن السابع امليالدي لكن غزواتهم الرئيسية كانت‬ ‫فيما بني القرنني احلادي عشر والقرن الرابع عشر امليالدي‪ ،‬وقد‬ ‫نشروا معهم اللغة العربية واإلسالم‪ ،‬واختلطوا في بعض األماكن‬ ‫بالبربر لدرجة أن أصول القبائل أصبحت ملتبسة‪ ،‬إذ يستحيل‬ ‫اآلن متييز العربي م��ن ال�ب��رب��ري بالصفات اجلسمية وحدها‪،‬‬ ‫والواقع أن تعبير (عربي) ال يستخدم اآلن في موضعه للداللة‬ ‫على ساللة‪ ،‬وإمن��ا ليدل على املسلم أو على مواطن من شمال‬ ‫إفريقيا أو على أي شخص يتكلم العربية‪ ،‬وبالتالي فإن التعبير‬ ‫أصبح تعبيراً ثقافياً أكثر منه للتعبير عن ساللة‪.‬‬ ‫وال يرتبط العرب بطريقة واحدة في احلياة فعلي الرغم من أن‬ ‫الغزاة األوائل لشمال إفريقيا كانوا في الغالب بدو رعاة‪ ،‬فإن من‬ ‫أحفادهم من يتمسك بالبداوة ومنهم أنصاف بدو وزراع وسكان‬ ‫مدن‪ ،‬وعلى الرغم من أن البدوي األصيل مييل إلى البداوة إال أن‬ ‫كثيرين من العرب كانوا جتار ناشطني على طول ساحل إفريقيا‬ ‫الشرقي ولعبوا دوراً بارزاً في معارك إخضاعه في القرن السادس‬ ‫عشر والسابع عشر والثامن عشر وال شك أنهم تركوا آثاراً ساللية‬ ‫في التراكيب أجلنسيه لسكانه‪.‬‬ ‫الشخصية اإلفريقية‪:‬‬ ‫الب��د لنا ف��ي ه��ذا امل �ق��ام أن ن�ح��دد بطريقة أك�ث��ر دق��ة ال�ف��روق‬

‫خريطة السالالت اإلفريقية‬


‫اجلغرافية اخلاصة «والبد من اعتبارها فروقاً جوهرية وعقلية‬ ‫في مقابل تنوع الظروف العرضية وهناك في هذا الصدد ثالثة‬ ‫فروق أساسية على وجه اخلصوص»‪)3(.‬‬ ‫• األرض املرتفعة القاحلة بسهولها الواسعة‪.‬‬ ‫• السهول الوديانية أرض االنتقال التي تتخللها وترويها أنهار‬ ‫عظيمة‪.‬‬ ‫• املنطقة الساحلية التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالبحر‪.‬‬ ‫هذه العناصر اجلغرافية الثالثة هي عناصر جوهرية وسوف نرى‬ ‫أن كل جزء من العالم ينقسم بالتالي ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫القسم األول‪ :‬هو املنطقة املرتفعة الصلبة املعدنية‪ :‬وهي مغلقة‬ ‫على نفسها بطريقة صلبة ال تلني لكنها رمبا كانت ق��ادرة على‬ ‫إرسال نبضات منها إلى بقية أنحاء العالم‪،‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬يشكل مراكز للحضارة وهو ميثل االستقالل الذي‬ ‫لم يتطور بعد للبشرية‪.‬‬ ‫القسم الثالث‪ :‬وسائل ربط العالم بعضه مع بعض ودعم هذا‬ ‫الربط‪.‬‬ ‫يقول هيجل‪« :‬إن البحر يعطينا فكرة الالمتعني والالمحدود‬ ‫والالمتناهي وعندما يشعر اإلنسان باالتناهي اخلاص في ذلك‬ ‫الالمتناهي الذي يقدمه له البحر يجد ذلك حافزاً ومشجعاً على‬ ‫جت��اوز نطاق احمل��دود‪ :‬فالبحر يدعو اإلنسان إلى الغزو والفتح‬ ‫وإلى النهب والقرصنة‪ ،‬لكنه يدعوه أيضا إلى التجارة والكسب‬ ‫الشريف‪ ،‬أما األرض وسهول الوادي في حد ذاتها فتربط اإلنسان‬

‫بالتربة وتشده إليها وجتعله خاضعاً ملجموعة ال نهاية لها من‬ ‫التبعيات‪ ،‬لكن البحر يخرجه من هذه املجاالت احمل��دودة للفكر‬ ‫والسلوك‪ ،‬صحيح أن أولئك الذين يجوبون البحار يستهدفون‬ ‫الربح لكل الوسائل في هذه احلالة تتضمن لوناً من املفارقة من‬ ‫حيث إنهم يجازفون بثروتهم وحياتهم لكي يحصلوا عليها ومعنى‬ ‫ذلك أن الوسائل هي بالضبط عكس الغاية التي يستهدفونها»‪)4(.‬‬ ‫وذلك ما يرفع شأن كسبهم وعملهم ويجعله شيئاً شجاعاً ونبي ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫فالشجاعة ت��دخ��ل ب��ال �ض��رورة ف��ي م�ح�ف��زات ال �ت �ج��ارة‪ ،‬وفيها‬ ‫ترتبط اجل��رأة باحلكمة‪ ،‬ذلك ألن اجل��رأة في مواجهة البحر‬ ‫البد أن تشمل احلذر واالحتراس بل والدهاء‪ ،‬ما دام عليها أن‬ ‫تتعامل مع أكثر العناصر غ��دراً وخداعاً‪ ،‬فهذا السهل املمتد‬ ‫إل��ى غير ح��د يستسلم على نحو مطلق وال ي�ق��اوم أي ضغط‬ ‫وال حتى لفحة الريح‪ ،‬كما يبدو بريئاً إلى أقصى حد خاضعاً‬ ‫مستسلماً صديقاً متملقاً على أن االستسالم بعينه هو الذي‬ ‫يحول البحر إل��ى أخطر العناصر وأقساها ويواجه اإلنسان‬ ‫هذا الغدر والعنف بقطعة خشب بسيطة فحسب واثقاً متاماً‬ ‫في شجاعته وحضور ذهنه‪ ،‬وعلى هذا النحو ينتقل اإلنسان‬ ‫من أساس صلب ثابت هو األرض إلى دعامة غير مستقرة هي‬ ‫البحر حام ً‬ ‫ال معه أرضه الصناعية وهي السفينة‪.‬‬ ‫السفينة أو بجعة البحر هذه التي تقطع السهل املائي بحركات‬ ‫رشيقة وسريعة هي آلة يسجل اختراعها أعظم قدر من الفخر‬ ‫جل��رأة اإلن �س��ان وش�ج��اع�ت��ه ك�م��ا يسجل أي �ض �اً أك�ب��ر ق��در من‬


‫‪46‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫البوشمن‪ ..‬يعزلون أنفسهم ويقتاتون على الطبيعة‬

‫الشرف لذكائه‪.‬‬ ‫واتساعاً مع هذه املعطيات ميكننا أن نتناول بالدراسة أجزاء الكرة‬ ‫األرضية الثالثة التي لها أهمية من حيث التاريخ وفيها تتجلى‬ ‫املبادئ الثالثة املميزة بطريقة ملحوظة‪ ،‬ولكن بدرجات متفاوتة‪:‬‬ ‫فالسمة ال�ب��ارزة لتضاريس إفريقيا هي األرض املرتفعة ينبغي‬ ‫تقسيم إفريقيا إلى ثالثة أقسام‪:‬‬ ‫القسم األول‪ :‬يقع جنوب الصحراء الكبرى وهي إفريقيا على‬ ‫األصالة وهي املناطق اجلبلية التي تكاد تكون مجهولة لنا مع أرض‬ ‫ساحلية ضيقة على طول البحر‪.‬‬ ‫القسم الثاني‪ :‬يقع شمالي الصحراء «وهو إفريقيا األوروبية (إن‬ ‫شئنا أن نسميها كذلك) وهو أرض ساحلية‪.‬‬ ‫القسم الثالث‪ :‬فهو منطقة نهر النيل وهي أرض الوادي الوحيدة‬ ‫وهي تتصل بآسيا‪.‬‬ ‫وقد ظلت إفريقيا على األصالة مغلقة أمام جميع أنواع االتصال‬ ‫مع بقية أنحاء العالم (إنها أرض الذهب املنضغط داخل ذاته)‬ ‫أرض الطفولة التي ترقد فيما وراء نهار التاريخ الواعي لذاته‬ ‫يلفها حجاب الليل األسود‪ ،‬هكذا يقول هيجل ولكن مترجم كتابه‬ ‫(محاضرات في فلسفة التاريخ) إمام عبد الفتاح إمام يعلق على‬ ‫قول هيجل هذا بقوله‪« :‬الحظ أن هيجل يتحدث هنا عن إفريقيا‬ ‫قبل عصر الكشوف اجلغرافية‪ ،‬ول�ه��ذا ن��راه يتحدث ع��ن قلب‬ ‫إفريقيا بوصفه أرضاً مجهولة وفي ذلك احلني لم يكن االستعمار‬ ‫األوروبي إلفريقيا قد بدأ بصورة واضحة»‪)5(.‬‬ ‫والح��ظ أيضا أوص��اف هيجل الرومانتيكية إلفريقيا ال�س��وداء‬ ‫وسيطرة املنظور األوروب��ي على وصفه النعزالها وبدائيتها‪ ،‬مع‬ ‫أن التاريخ األوروب��ي األصل قد أثبت فيما بعد وجود حضارات‬ ‫مزدهرة في إفريقيا خالل العصور الوسطي س��واء في غانا أو‬

‫ساحل الذهب أم في مالي أم في داهومي‪ ...‬الخ‪.‬‬ ‫هذا ولم تنشأ شخصية إفريقيا عن طبيعتها االستوائية فحسب‬ ‫وإمن��ا م��ن تكوينها اجل�غ��راف��ي أس��اس �اً‪ ،‬ول�ق��د ح��دث ف��ي القرن‬ ‫السادس عشر أن جاءت من أماكن عديدة وبعيدة جداً موجات‬ ‫من الغزو قام بها البدو الرحل واجتهوا في اجتاه سكان املنحدرات‬ ‫املساملني‪ ،‬ويقول هيجل في طبيعة البدو‪« :‬ونحن ال نعرف ما إذا‬ ‫كانت قد حدثت حركة في الداخل أم ال‪ ،‬وإذا كانت قد حدثت‬ ‫فما نوعها‪ ،‬وكل ما نعرفه عن قبائل البدو هذه هو التضاد بني‬ ‫سلوكهم في حروبهم وغزواتهم ذاتها التي يتجلى فيها أعظم قدر‬ ‫من الإلنسانية الوحشية والهمجية البغيضة‪ ،‬وبني سلوكهم عندما‬ ‫زال غضبهم أعني في أوق��ات السالم التي ظهروا فيها أناساً‬ ‫طيبني يبدون الود نحو األوروبيني عندما عرفوهم عن كتب»‪)6(.‬‬ ‫هذا القسم من إفريقيا هو منطقة وادي النيل (أعني مصر) التي‬ ‫كانت مهيأة ألن تصبح مركزاً قوياً للحضارات املستقلة‪ ،‬ولذلك‬ ‫فهي تبدو معزولة ومنفردة في إفريقيا في القسم الشمالي من‬ ‫إفريقيا وال��ذي ميكن أن يطلق عليه بصفة خاصة اسم (أرض‬ ‫الساحل) يقع على البحر املتوسط وعلى احمليط األطلنطي‪ ،‬وهو‬ ‫إقليم رائ��ع كانت توجد فيه قرطاج فيما مضى وتوجد به اآلن‬ ‫مراكش احلديثة واجلزائر وتونس وطرابلس‪ .‬ويذهب هيجل إلى‬ ‫قوله‪« :‬ولقد كان من الواجب ربط هذا اجلزء من إفريقيا بأوروبا‬ ‫والبد بالفعل أن يرتبط بها ولقد بذل الفرنسيون أخيراً جهوداً‬ ‫ناجحة في هذا االجتاه»‪)7(.‬‬ ‫وهناك صعوبة في فهم الطابع اإلفريقي اخلاص‪ ،‬فالسمة البارزة‬ ‫في احلياة الزجنية فيما يذهب إليه هيجل « هي أن الوعي لم يبلغ‬ ‫بعد مرحلة التحقيق الفعلي ألي وجود موضوعي جوهري مثل‪:‬‬ ‫الله أو القانون اللذين ترتبط بهما حياة اإلنسان»‪)8(.‬‬


‫لهيجل فيقول‪« :‬قد تبدو أحكام هيجل هنا وكأنها تؤلف متهيداً‬ ‫غير أننا نالحظ على كالم هيجل هذا عدم املوضوعية واالنحياز‬ ‫فكرياً حلركة االستعمار األوروب��ي في إفريقيا وتبريراً عقلياً‬ ‫ل�لأوروب �ي�ين ض��د إفريقيا وي�ب��ال��غ هيجل ف��ي ك�لام��ه ه��ذا حيث‬ ‫ممتازاً لها‪ ،‬مع أن هيجل (وهذا أمر غريب حقاً) يحذر في مكان‬ ‫يقول‪« :‬اإلفريقي في وجوده العيني املوحد الذي يتسم بالتجانس‬ ‫آخر من روايات املبشرين التي يعتمد عليها هو نفسه هنا فيقول‬ ‫والتخلف لم يبلغ بعد تلك املرحلة التي مييز فيها بني ذاته بوصفه‬ ‫هيجل‪ :‬لذلك فإن بعض الروايات املتأخرة ينبغي أن نتناولها مع‬ ‫فرداً وبني كلية وجوده اجلوهري بحيث إنه يفتقر متاماً إلى معرفة‬ ‫شيء من احلذر خصوصاً وأن‬ ‫أن هناك وج ��وداً مطلقاً آخر‬ ‫املبشرين يكنون عداء طبيعياً‬ ‫أعلى من ذاته الفردية»‪)9(.‬‬ ‫للسحر وهو الديانة الطبيعية‬ ‫ويذهب هيجل إل��ى أن الرجل‬ ‫للزنوج»‪)11(.‬‬ ‫الزجني ميثل اإلنسان الطبيعي‬ ‫وكانت العقيدة اإلسالمية هي‬ ‫م� ��ن ح ��ال� �ت ��ه ال �ه �م �ج �ي��ة غ�ي��ر‬ ‫ال �ع��ام��ل ال��وح �ي��د ال���ذي أدخ��ل‬ ‫املروضة متاماً وال يقف هيجل‬ ‫ال ��زن ��وج ف��ي ن �ط��اق احل �ض��ارة‬ ‫ع �ن��د ه���ذا احل���د م ��ن ازدراء‬ ‫ومي��ك��ن أن ن��ق��در ع �ل��ى نحو‬ ‫الزجني وقذفه بنعيم الصفات‬ ‫أف�ض��ل درج ��ة احل �ض��ارة التي‬ ‫فيقول‪« :‬والبد لنا إذا أردنا أن‬ ‫ميثلها ال��زن��وج إذا م��ا تأملنا‬ ‫نفهمه فهماً حقيقياً أن نضع‬ ‫امل��رح �ل��ة ال �ت��ي مي�ث�ل�ه��ا ال��دي��ن‬ ‫ج��ان�ب�اً ك��ل ف�ك��رة ع��ن التبجيل‬ ‫عندهم‪ ،‬إن م��ا يشكل أس��اس‬ ‫واألخ � �ل ��اق وك � ��ل م���ا ن�س�م�ي��ه‬ ‫التصورات الدينية هو الوعي‬ ‫ش �ع��وراً أو وج��دان �اً ف�لا شيء‬ ‫م� ��ن ج���ان���ب اإلن� � �س � ��ان ب �ق��وة‬ ‫مما يتفق مع اإلنسانية ميكن‬ ‫عليا حتى على الرغم من أن‬ ‫أن جن��ده ف��ي ه��ذا النمط من‬ ‫اإلنسان قد يتصور هذه القوة‬ ‫الشخصية وال��رواي��ات الغزيرة‬ ‫على أنها قوة طبيعية فحسب‪،‬‬ ‫واملفصلة التي يرويها املبشرون‬ ‫ي�ش�ع��ر أم��ام �ه��ا ب��أن��ه م��وج��ود‬ ‫تؤكد ذلك متاماً»‪)10(.‬‬ ‫ضعيف متواضع فالدين يبدأ‬ ‫وي� � �ع� � �ل � ��ق م� � �ت � ��رج � ��م ك � �ت� ��اب‬ ‫م��ن ال��وع��ي ب ��أن ه �ن��اك شيئا‬ ‫(محاضرات في فلسفة التاريخ‬ ‫كشف إفريقيا‬ ‫أعلى من اإلنسان‪.‬‬ ‫ل �ه �ي �ج��ل) ع��ل��ى ه� ��ذا ال��ك�ل�ام‬


‫‪48‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬ ‫النقيضان‪ ..‬املاء واجلفاف‬

‫يأمر العواصف واملياه والسحب‪ ...‬الخ فتنصاع ألمره وذلك هو‬ ‫واملفروض في الديانة املتطورة أنها تفصل بني العقل الكلي الذي‬ ‫السحر»‪)12(.‬‬ ‫هو الله وبني العقل اجلزئي الذي هو اإلنسان‪ ،‬بحيث يصبح هدف‬ ‫«وق��د ذه��ب هيجل إل��ى أن��ه حتى ه �ي��رودوت ق��د سمي الزنوج‬ ‫الدين كله هو عبور هوة االنفصال هذه والتوفيق بني الله واإلنسان‪،‬‬ ‫ب��ال �س �ح��رة ع �ل��ى أن اإلن �س��ان‬ ‫وح�ي�ث�م��ا ال ي �ك��ون ع �ب��ور ه��وة‬ ‫في حالة السحر ال يكون لديه‬ ‫االنفصال ال يكون دين إال في‬ ‫ف �ك��رة ال �ل��ه وال ف �ك��رة اإلمي��ان‬ ‫ص��ورة فجة‪ ،‬وي��رى إم��ام عبد‬ ‫األخ�ل�اق��ي‪ ،‬ذل��ك ألن السحر‬ ‫ال �ف �ت��اح‪« :‬أن ال��ص��ورة األول ��ى‬ ‫ينظر إل��ى اإلن �س��ان ع�ل��ى أن��ه‬ ‫املباشرة للدين عند هيجل هي‬ ‫ال�ق��وة العليا وع�ل��ى أن��ه يشعل‬ ‫السحر وهي التي جندها عند‬ ‫هو وحده مركز األمر املسيطر‬ ‫ال��زن��وج كما ذه��ب هيجل‪ ،‬وال‬ ‫ع �ل��ى ق���وة ال�ط �ب�ي�ع��ة وم���ن ثم‬ ‫يوجد ف��ي ه��ذه الديانة فصل‬ ‫ف �ل �س �ن��ا ه �ن��ا أم � ��ام ش� ��يء من‬ ‫بني الكلي (وهو الله) واجلزئي‪،‬‬ ‫العبادة الروحية لله»‪)13(.‬‬ ‫وال �ك �ل��ي ل�ي��س م ��وج ��وداً وإمن��ا‬ ‫غير أن هناك مظهراً واح��داً‬ ‫يصبح كل ش��يء جزئياً فليس‬ ‫(عند الزنوج) يشير إلى شيء‬ ‫ثمة سوى هذه الشجرة وهذا‬ ‫فيما وراء ال��واق��ع وه��و عبادة‬ ‫النهر وهذا اإلنسان‪..‬الخ ومن‬ ‫املوتى التي ينظرون فيها إلى‬ ‫ه�ن��ا ال يستطيع اإلن �س��ان أن‬ ‫أس�لاف�ه��م وأج��داده��م امل��وت��ى‪،‬‬ ‫مييز نفسه ع��ن الطبيعة لكن‬ ‫على أن لهم ق��وة م��ؤث��رة على‬ ‫سمو الروح البد أن يظهر إلى‬ ‫األحياء وفكرتهم في ذلك هي‬ ‫ال��وع��ي ب�ع��ض ال �ش��يء فيشعر‬ ‫أن ه��ؤالء األس�لاف ميارسون‬ ‫اإلنسان أنه يعلو على األحجار‬ ‫االن�ت�ق��ام وأل��وان��اً مختلفة من‬ ‫وال �ص �خ��ور وال�س�ح��ب وم��ن ثم‬ ‫األذى ع �ل��ى اإلن� �س ��ان مت��ام �اً‬ ‫فهو يسيطر عليها بحيث متتد‬ ‫التحوالت السياسية خلريطة إفريقيا‬ ‫ب �ن �ف��س امل��ع��ن��ى ال� � ��ذي ك��ان��ت‬ ‫إرادته فيكون في استطاعته أن‬


‫يرجح أن اسم إفريقيا مشتق من «آف��ري»‪،‬‬ ‫اس���م ال��س��ك��ان ال��ق��دم��اء ل��ت��ون��س الشمالية‪،‬‬ ‫ومنه «آفريكا» أي بالد اآلفري بالالتينية‪.‬‬ ‫وكان العرب املسلمون يقصدون بـ«إفريقية»‬ ‫م���دي���ن���ة ق����رط����اج وض���واح���ي���ه���ا أو ت��ون��س‬ ‫الشمالية‪.‬‬ ‫إفريقية‬ ‫وهناك من كان يرى إطالق تسمية‬ ‫ِّ‬ ‫(ب��ال��ت��ش��دي��د) على ال��ق��ارة كلها‪ ،‬وم��ن دون‬ ‫تشديد على األج��زاء العربية ـ اإلسالمية‬ ‫م��ن��ه��ا‪ ،‬أي ع��ل��ى إف��ري��ق��ي��ة ش��م��ال ال��ص��ح��راء‬ ‫الكبرى في القرون الوسطى‪ .‬وبسبب غلبة‬ ‫العنصر األس��ود‪ ،‬وكونها مصدر الرقيق في‬ ‫عصر االستعمار األورب��ي‪ ،‬عرفت إفريقية‬ ‫ب���اس���م «ال����ق����ارة ال�����س�����وداء» ف���ي األوس�����اط‬ ‫واملصادر االستعمارية‪.‬‬ ‫ومت��ت��از إف��ري��ق��ي��ة ب��أن��ه��ا م��رك��ز ث��ق��ل ال��ع��رب‬ ‫وامل��س��ل��م�ين‪ .‬ففيها أك��ث��ر م��ن ث��ل��ث��ي ال��ع��رب‬ ‫ف��ي العالم‪ ،‬كما كانت مم��ر ًا سلكه اإلس�لام‬ ‫وال��ع��رب إل��ى أورب��ة عن طريق شبه جزيرة‬ ‫إي���ب���ري���ا وج����زي����رة ص��ق��ل��ي��ة وج������زر ال��ب��ح��ر‬ ‫امل���ت���وس���ط األخ�������رى‪ ،‬ون���ق���ل���وا إل��ي��ه��ا أس��س‬ ‫احل��ض��ارة واملعرفة مباشرة أو بطريق غير‬ ‫مباشرة‪.‬‬

‫العصور الوسطي تخلعه على السحرة والعرافني‪ ،‬ومع ذلك فهم ال‬ ‫يعتبرون قوة املوتى أعلى من قوة األحياء ألن الزنوج يتحكمون في‬ ‫املوتى ويضعون لهم سحراً ورقياً وعلى هذا النحو تظل هذه القوة‬ ‫على الدوام وبطريقة جوهرية خاضعة لسيطرة ألذات احلية‪.‬‬ ‫ولم ينظر الزنوج إلى املوت على أنه قانون طبيعي كلي بل اعتقدوا‬ ‫أن��ه يأتي م��ن سحرة أش ��رار وتتضمن عقيدتهم ه��ده بالتأكيد‬ ‫االعتقاد بأن اإلنسان يعلو على الطبيعة‪.‬‬ ‫وهناك خاصية أساسية أخ��رى تتعلق بالزنوج هي ال��رق فلقد‬ ‫استبعد األوروبيون الزنوج وباعوهم ألمريكا وإذا كان ذلك أمراً‬ ‫سيئاً ف��إن مصيرهم في بالدهم ذاتها أش��د س��وءاً حيث توجد‬ ‫عبودية مطلقة بنفس امل�ق��دار «ذل��ك ألن املبدأ اجل��وه��ري للرق‬ ‫أو العبودية هو أال يكون اإلنسان قد وص��ل إل��ى مرحلة الوعي‬ ‫بحريته وينحدر بالتالي إلى مرتبة الشيء احملصن أعني أن يصبح‬ ‫موضوعاً بغير قيمة «‪)14(.‬‬ ‫ويستطرد هيجل في حديثه عن الزنوج حيث يقول‪ :‬واملشاعر‬ ‫األخالقية عند ال��زن��وج ضعيفة للغاية ف��اآلب��اء يبيعون أبناءهم‬ ‫واألبناء يبيعون آباءهم كلما سنحت لهم الفرصة ألولئك أو هؤالء‬ ‫ويقول أيضاً «ولقد اختفت عندهم بتأثير من العبودية املنتشرة‬ ‫بينهم جميع روابط االحترام األخالقي‪ ،‬وكثيراً ما يكون الهدف‬ ‫من ممارسة نظام تعدد الزوجات عند الزنوج احلصول على عدد‬ ‫كبير من األطفال ليباعوا جميعاً كرقيق «‪)15(.‬‬ ‫والواقع كما يقول إمام عبد الفتاح «إن الغالبية العظمى من اآلراء‬ ‫التي يسوقها هيجل ع��ن ال��زن��وج إن ل��م نقل كلها‪ ،‬تثير احلقد‬ ‫والسخط فحتى شجاعتهم في مواجهة األوروبيني جعل هيجل‬

‫منها رذيلة «‪)16(.‬‬ ‫ويقرر هيجل أن الرابطة السياسية عند الزنوج ال ميكن أن يكون‬ ‫طابع القوانني احلرة التي توحد اجلماعة فليس ثمة رابطة بينهم‬ ‫على اإلطالق وال تقييد لإلرادة العشوائية وال شيء ميكن أن يربط‬ ‫الدولة حلظة واح��دة سوى القوة اخلارجية فاحلاكم يتربع على‬ ‫رأس الدولة ذلك ألن الهمجية احلية ال ميكن أن تكبح جماحها‬ ‫سوى القوة املستبدة‪.‬‬ ‫ويلخص هيجل من ذل��ك كله إل��ى أن الشخصية الزجنية تتميز‬ ‫باالفتقار إلى ضبط النفس وتلك حالة تعجز عن أي تطور أو أي‬ ‫ثقافة ويقرر هيجل أن الرابطة الوحيدة التي وجدت ودامت بني‬ ‫الزنوج وهي رابطة الرق «وال يرى الزنوج في هذه الرابطة شيئا‬ ‫مشيناً ال يليق بهم»‪)17(.‬‬ ‫غير أن األف��ارق��ة ليسوا كلهم زن��وج‪ ،‬وال��زن��وج اآلن غير الزنوج‬ ‫القدامى في معظم أحوالهم‪ ،‬فقد انتهى ال��رق ومناطق الزنوج‬ ‫ليست كل إفريقيا‪ ،‬ويعود هيجل إل��ى احلديث فيقول علينا أن‬ ‫نترك إفريقيا عند هذه النقطة وال نعود إلى ذكرها مرة أخرى‬ ‫ألنها ليست جزءاً من تاريخ العالم وال تكشف عن حركة أو تطور‬ ‫وما فيها من حركات تاريخية (وهي التي تقع في اجلزء الشمالي)‬ ‫تنتمي إلى العالم اآلسيوي والعالم األوروبي «ولقد لعبت قرطاجه‬ ‫هناك دوراً انتقالياً هاماً في احلضارة لكنها بوصفها مستعمرة‬ ‫فينيقية لهذا تنتمي إلى آسيا وسوف ندرس مصر بوصفها مرحلة‬ ‫انتقال ال��روح البشري من مرحلته الشرقية إل��ى مرحلة غربية‬ ‫لكنها ال تنتمي إل��ى ال��روح اإلفريقي‪ ،‬وال��واق��ع إن ما نفهمه من‬ ‫اسم إفريقيا هو ال��روح غير املتطور الذي ال تاريخ له وال تطور‬


‫‪50‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫شؤون دولية‬

‫وال منو»‪)18(.‬‬ ‫وهنا نرى أن ما يعتبره هيجل من مناطق تنوير ومراكز حضارة‬ ‫وإشعاع مثل قرطاجه ينسبها إلى آسيا ومصر ينسبها إلى الغرب‬ ‫أي أوروبا ويعبر عن رأي نعتبره في منتهى السخف حيث يقول‬ ‫باستهتار حيث يقول في النص السابق (والواقع أن ما نفهمه من‬ ‫اسم إفريقيا هو الروح غير املتطور الذي ال تاريخ له )‪.‬‬ ‫فاألفارقة في رأيه زنوج سحرة ألهوا اإلنسان عبدوا املوتى وال توجد‬ ‫لديهم أي حضارة ونحن بدورنا نلفت نظر الباحثني إلى انحياز‬ ‫هيجل وعدم موضوعيته في أقواله تلك التي أشرنا إليها أنفا‪.‬‬ ‫أل��م ت��وج��د ف��ي إفريقيا ح �ض��ارات زاه ��رة م��زده��رة كثيرة مثل‬ ‫احلضارة الفرعونية التي شيدت األه��رام وعرفت سر حتنيط‬ ‫املوتى ذلك الذي لم يتوصل إليه العلماء بعد‪ ،‬ولم يتوصلوا أيضا‬ ‫إلى طريقة بناء األهرام !!وغير الفرعونية ألم توجد حضارات في‬ ‫مناطق مختلفة من إفريقيا؟‪.‬‬ ‫د‪ -‬اللغات اإلفريقية‪:‬‬ ‫يوجد في القارة اإلفريقية ما يزيد على (‪ )800‬لغة ولقد اهتم‬ ‫كثير من الباحثني بدراسة املجموعات اللغوية اإلفريقية نظراً ألنها‬ ‫ذات أهمية خاصة في إلقاء الضوء على نشوء وتطور االستقرار‬ ‫في إفريقيا وهذه املجموعات هي‪:‬‬ ‫• مجموعة لغات النيجر‪ :‬وتشمل لغات البانتو ولغات ساحل غانا‬ ‫وإفريقيا بصفة عامة‪.‬‬ ‫• مجموعة اللغات األفروآسيوية‪ :‬وتشمل اللغات احلامية ومنها‪:‬‬ ‫الصومالية واجلاال والبجه ومجموعة تشاد والهوسا‪ ،‬ثم اللغات‬ ‫السامية وهي األجهرية التي دخلت إثيوبيا قبل اإلسالم وانتشرت‬ ‫فيه بانتشاره أخيراً لغة مالجاش‪.‬‬ ‫• املجموعة السودانية‪ :‬وتشمل السودان الشرقي أو النيلي في‬

‫السودان األوسط‪.‬‬ ‫• مجموعة الصحراء الوسطي‪ :‬وتشمل النوبيني والتبو‪.‬‬ ‫• املجموعة الصوتية‪ :‬تشمل لغات البوشمن والهونتوت‪.‬‬ ‫أم��ا املجموعات السبع األخ��رى فهي «السنغاي‪ ،‬امل��اب��ان‪ ،‬الفور‪،‬‬ ‫الكومان‪ ،‬كروفان‪ ،‬بتمانيه‪ ،‬ونياجنيا «(‪.)18‬‬ ‫وال غرو أن توزيع هذه املجموعات اللغوية يساعد في االستدالل‬ ‫على املجموعات الثقافية واألقاليم اللغوية في إفريقيا‪.‬‬ ‫هوامش‪:‬‬ ‫( ) د‪ .‬محمد الساعدي‪ ،‬رئيس جامعة سرت سابقاً‪.‬‬ ‫‪ 1‬ج��ودة حسنني ج��وده‪ .‬جغرافيا إفريقيا االقليميه‪ .‬االسكندرية‪ ،‬املكتب‬‫اجلامعى احلاديث‪ ،1988 ،‬ص ‪. 107‬‬ ‫‪ 2‬جودة حسنني جوده‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬‫‪ 3‬جودة حسنني جوده‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.108‬‬‫‪ 4‬كارل هيجل‪.‬محاضرات في فلسفة التاريخ‪ .‬تعريب‪.‬إمام عبد الفتاح إمام‪،‬‬‫القاهرة‪ ،‬مطبعة دار نشر الثقافية‪ 1974 ،‬م‪ ،‬ص ‪.193‬‬ ‫‪ 5‬هيجل‪ ،‬نفس املرجع سابق‪ ،‬ص ‪.197‬‬‫‪ 6‬هيجل‪ ،‬نفس املرجع سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬‫‪ 7‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬‫‪ 8‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬‫‪ 9‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬‫‪ 10‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬‫‪ 11‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202‬‬‫‪ 12‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬‫‪ 13‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬‫‪ 14‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.201‬‬‫‪ 15‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.208‬‬‫‪ 16‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.208‬‬‫‪ 17‬يجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.208‬‬‫‪ 18-‬هيجل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.208‬‬

‫*‬

‫األقاليم اللغوية في إفريقيا‬


‫صحراء كالهاري‬ ‫متتد صحراء كالهاري على مساحة ‪ 900,000‬م‪ ،2‬وتغطي أغلب أراضي‬ ‫بتسوانا باإلضافة ألج���زاء م��ن ناميبيا وج��ن��وب أفريقيا‪ ،‬حتيط بها‬ ‫منخفضات كالهاري في مساحة ‪ 2.5‬مليون كم‪ ،2‬وتغطي املنخفضات‬ ‫أيضا أغلب أراض���ي بتسوانا‪ ،‬ب��اإلض��اف��ة ألج���زاء م��ن جنوب أفريقيا‪،‬‬ ‫ناميبيا‪ ،‬أجنوال‪ ،‬زامبيا وزميبابوي‪.‬‬ ‫النهر الرئيسي الذي مير بها هو نهر أوكفاجنو‪ ،‬الذي يتدفق خالل دلتا في‬ ‫الشمال الغربي للصحراء‪ ،‬مكونا العديد من املستنقعات الغنية باحلياة‬ ‫البرية‪ .‬وفي اللغة السيستوانية احمللية لبتسوانا‪ ،‬أتى اسم كاليهاري من‬ ‫ّ‬ ‫كلمة كير ‪ Keir‬وهي تعني «العطش العظيم»‪ ،‬على مساحات كبيرة دخل‬ ‫الصحراء متتد الرمال احلمراء دون وجود أي مصدر أساسي للماء‪ ،‬وعلى‬ ‫حقيقية‪ ،‬ألن ـ في بعض‬ ‫الرغم من ذلك ال يعتبر البعض كالهاري صحراء‬ ‫ّ‬ ‫أجزائها ـ تهطل األمطار بكثافة تصل إلى ‪ 250‬مم سنويا‪ ،‬على أنها تعتبر‬ ‫الغربي‪ ،‬حيث ال تزيد نسبة األمطار عن ‪175‬‬ ‫جافة فعال في جنوبها‬ ‫ّ‬ ‫مم سنويا‪.‬‬ ‫صيفً ا‪ ،‬ت��ت��راوح درج���ة احل����رارة ف��ي ال��ص��ح��راء م��ا ب�ين ‪ 20°‬و‪ 40°‬درج��ة‬ ‫جو جاف‪ ،‬بارد مكسو بالصقيع ليال‪..‬‬ ‫سيليزية‪ ،‬أما في الشتاء فيسودها ّ‬ ‫حتى تصل درجة احلرارة أحيانا إلى الصفر‪.‬‬ ‫ويعيش داخل الصحراء مجموعة من قبائل البوشمن‪ ،‬وهم مجموعة من‬ ‫القبائل البدائية‪ ،‬وال يسمون أنفسهم اسما محددا‪ ،‬يطلق عليهم البعض‬ ‫لفظ «سان» أو «باساروا» إال أن العديد منهم يعتبرون هذه األلفاظ إهانة‪،‬‬ ‫حيث أن «سان» يعني في لغة اخلوي خوي «الغريب»‪ ،‬و»بساروا» تعني‬ ‫«من ال ميلك شيئا»‪ ،‬لذلك يفضل أغلبهم لفظ «البوشمن» ‪Bushmen‬‬ ‫اإلجنليزية‪ ،‬التي أطلقها عليهم املستوطنون األوائ���ل بهذه املنطقة‪.‬‬ ‫لغتهم اخلاصة تسمى «اخلوسيان» وهي تعتمد على الطرقعات بالفم‪.‬‬ ‫البوشمن عبدة ألرواح املوتى‪ ،‬غير أنهم يؤمنون كذلك‬ ‫وإلى حد ما يعتبر‬ ‫ِ‬ ‫قوي خلق نفسه ثم خلق األرض وامل��اء والصحراء‪ ،‬وهو إله‬ ‫بوجود إله ّ‬ ‫خير على األرجح‪ ،‬إال أن غضبته مخيفة ويسمونه «هارا»‪ ،‬كما يؤمنون‬ ‫ِّ‬ ‫األسود‪.‬‬ ‫بوجود إله أصغر مسئول عن الشر والسحر‬ ‫َ‬ ‫ويوجد باملنطقة مناجم كبيرة للفحم والنحاس والنيكل واليورانيوم‪،‬‬ ‫شرقي‬ ‫كما يوجد أحد أغنى مناجم املاس بالعالم في منطقة أورابا شمال‬ ‫ّ‬ ‫الصحراء‪.‬‬


‫‪52‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫في فرع جامعة عمر المختار بطبرق‬

‫اإلعالن عن تخريج الدفعة األولى من اإلعالميين‬

‫متابعة وتصوير ‪ :‬عبدالرحمن سالمة‬ ‫أق��ام قسم اإلع�لام بفرع جامعة عمر املختار بطبرق احتفاالً‬ ‫كبيراً بتخريج الدفعة األول��ى والتي بلغت ‪ 28‬خريجاً مقسمني‬ ‫على شعبتي اإلذاعة والعالقات العامة بحضور عدد من أعضاء‬ ‫مجلس ال�ن��واب ولفيف م��ن املسؤولني وأع�ض��اء هيئة التدريس‬ ‫باجلامعة وعدد من أولياء أمور الطالب ‪.‬‬ ‫تخلل احلفل إلقاء عدة كلمات أثنت على املجهودات التي قدمها‬ ‫أعضاء هيأة التدريس بالقسم‪ ،‬وق��د أك��د رئيس جلنة اإلع�لام‬ ‫مبجلس النواب السيد جالل الشويهدي في كلمته على الدور املهم‬ ‫لإلعالم معربا عن أمله الكبير في هؤالء اخلريجني أن يسهموا‬ ‫في النهوض بقطاع اإلعالم في هذه املنطقة ‪.‬‬ ‫في ختام االحتفال مت توزيع شهادات التقدير على الطالب وعلى‬

‫اخلريجون‬

‫كلمة رئيس جلنة االعالم مبجلس النواب جالل الشويهدي‬

‫بعض أعضاء هيأة التدريس واجلهات التي ساهمت في إجناح‬ ‫هذا االحتفال ‪.‬‬

‫«العرب والسياسة‪ :‬أين الخلل» في طبعة ثالثة‬ ‫أصدرت دار الساقي مؤخرا الطبعة الثالثة من كتاب املفكر البحريني‬ ‫محمد جابر األنصاري حتت عنوان «العرب والسياسة ‪ :‬أين اخللل ‪.‬‬ ‫الساقي في معرض تصديرها للكتاب كتبت على موقعها األلكتروني‬ ‫الكلمات التالية ‪:‬‬ ‫على الرغم من التألق ال��روح��ي والعقلي للحضارة‬ ‫العربية اإلس�لام�ي��ة‪ ،‬ف��إن تاريخها السياسي ميثل‬ ‫أضعف عناصرها إطالقاً‪ .‬فقد ظلّت تعاني «فقر‬ ‫دم» سياسياً في التطبيق والنظم‪ ،‬منذ التأزّم املبكر‬ ‫للخالفة الراشدة إلى اإلجهاض السياسي ملشروعات‬ ‫«النهوض» العربي في عصرنا‪.‬‬ ‫وإلى يومنا تبدو األمة العربية جسماً عمالقاً برأس‬ ‫بد من االعتراف‬ ‫سياسي في منتهى الصغر‪ .‬وال ّ‬

‫بأن احلالة بدأت قبل ظهور «اإلمبريالية» و«الصهيونية» بقرون‪ ،‬ولم‬ ‫تقتصر على أنظمة بعينها‪ .‬ولكي يستعيد العرب «قدرهم السياسي»‬ ‫معرفي» لهذا احلاجز السياسي‪ :‬ذلك ما‬ ‫«اختراق‬ ‫بيدهم ال بد من‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫يهدف إليه هذا الكتاب‪.‬‬ ‫يشار هنا إلى أن محمد جابر األنصاري يعمل أستاذا‬ ‫ل��دراس��ات احل �ض��ارة اإلس�لام�ي��ة وال�ف�ك��ر املعاصر‪،‬‬ ‫وعميدا لكلية الدراسات العليا في جامعة اخلليج في‬ ‫البحرين‪ ،‬ويحظى بعضوية املجلس الوطني للثقافة‬ ‫واآلداب والفنون في البحرين‪ .‬وقد سبق وأن حاز‬ ‫األنصاري على جائزة الدولة التقديرية في البحرين‪،‬‬ ‫وج��ائ��زة سلطان ال�ع��وي��س ف��ي ال��دراس��ات القومية‬ ‫واملستقبلية وجائزة منيف الرزاز للدراسات والفكر‪.‬‬


‫الشاعر الفرنسي شارل بودلير‬

‫كاظم جهاد‬

‫في مشروع «كلمة» للترجمة‬

‫الباحثة الليبية فاطمة غندور‬

‫في بحث وثقه ملتقى‬ ‫االسكندرية لمرويات الحج‬

‫فاطمة غندور ترصد‬ ‫عادات وتقاليد واحة‬ ‫براك الشاطئ‬

‫شاركت الباحثة في الفلكلور الشعبي فاطمة غندور ممُ ثلة‬ ‫لليبيا في امللتقى األول لتوثيق احتفالية احلج‪ ،‬في إطار‬ ‫أول برنامج علمي توثيقي للشراكة بني مكتبة اإلسكندرية‬ ‫ومركز محمد بن الدن للعلم والتعليم‪.‬‬ ‫ورص��دت الباحثة فاطمة غندور ع��ادات وتقاليد واحة‬ ‫ب��راك الشاطي جنوب ليبيا‪ ،‬وه��ي ال��واح��ة التي خصتها‬ ‫بدراستها العليا للماجستير‪ ،‬وأصدرت حولها كتابني عن‬ ‫احلكايات وراوياتها‪.‬‬ ‫ون��وه��ت الباحثة إل��ى ال�ظ��روف التي شابت فترة جمعها‬ ‫للمادة املرتبطة مبوضوع بحثها‪ ،‬حيث اكتنفت مدينة براك‬ ‫أثناءها أجواء من االشتباكات املسلحة امتدت لشهر‪.‬‬ ‫ووجهت الشكر لكل من اإلخباريات الالتي تواصلن معها‬ ‫صوتًا لتسجيل ما حملته ذاكرتهن‪ ،‬وختمت بحثها بسؤال‬ ‫عما متثله عوملة اليوم من وح��دة وتشابه لتقاليد احلج‬ ‫الشعبية تقارب أن تكون ذاتها حتى وإن باعدت اجلغرافيا‬ ‫الشعوب هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ملا يشهده العالم‬ ‫من تطور من ذلك وسائل املواصالت واالختزال االجتماعي‬ ‫لكثير من املناسبات كس ًبا للوقت واجلهد‪ .‬وذلك ال ينفي‬ ‫أن هناك تقاليد ارتبطت بشعائر دينية فقدت الكثير من‬ ‫احلميمية والتواصل اإلنساني الذي كان يتمازج بني أهل‬ ‫املناسبة ومحيطهم ومن ذلك اضمحالل بل وغياب الكثير‬ ‫من الشواهد التي لم يجر توثيقها ومثلت عالمات فارقة‬ ‫لكل طقس وشعيرة كانت مت��ارس بالتوازي مع تفاصيل‬ ‫متعددة جتري باالتساق معها‪.‬‬ ‫وق��د أص ��درت مكتبة اإلس�ك�ن��دري��ة وب��دع��م م��ن مؤسسة‬ ‫زه��ران بن الدن كتا ًبا يوثق لكل األب�ح��اث املُشاركة في‬ ‫ملتقى توثيق احتفالية احلج مرفقة بالصور واملعلومات‬ ‫واملراجع وقد مت توزيعها أثناء امللتقى الذي يشار هنا إلى‬ ‫عقده مبكتبة االسكندرية الشهر املاضي ‪.‬‬

‫شعراء اللغة الفرنسية‬ ‫في مائة كتاب‬ ‫تُ �ص��در سلسلة األدب ال�ف��رن�س� ّ�ي ف��ي م�ش��روع‬ ‫«كلمة» للترجمة‪ ،‬التابع لهيئة أبوظبي للسياحة‬ ‫وال �ث �ق��اف��ة‪ ،‬ت��رج �م��ات ج��دي��دة ألع �م��ال س��ردي��ة‬ ‫عدة‪ ،‬كالسيكية ومعاصرة‪ .‬كما‬ ‫ونقدية فرنسية ّ‬ ‫أعلنت إدارة املشروع عن بدء التحضير لترجمة‬ ‫منتخبات واسعة من أعمال أه��م شعراء اللغة‬ ‫الفرنسية تتوزع على ‪ 100‬كتاب‪ ،‬سيشارك في‬ ‫نقلها إلى اللغة العربية نخبة من أجود املترجمني‬ ‫العرب‪ .‬وستحمل هذه السلسلة الفرعية داخل‬ ‫السلسلة الكبرى املخصصة ل�ل�أدب الفرنسي‬ ‫عنوان «شعراء اللغة الفرنسية في مائة كتاب»‪،‬‬ ‫وليس «الشعر الفرنسي في مائة كتاب»‪ .‬ذلك أن محتويات مجلداتها لن تقتصر على‬ ‫منتخبات واسعة من أعمال الشعراء الفرنسيني بل ستضم أيضاً منتخبات من أعمال‬ ‫أكبر الشعراء غير الفرنسيني الذين كتبوا أشعارهم باللغة الفرنسية‪ ،‬سواء كانوا من‬ ‫أبناء األقطار الغربية األخرى الناطقة بالفرنسية‪ ،‬مثل كيبيك وبلجيكا وسويسرا‪ ،‬أو‬ ‫من أبناء املستعمرات الفرنسية السابقة كأقطار إفريقيا السوداء واملغرب العربي‬ ‫ولبنان‪ ،‬أو من أبناء مقاطعات فرنسا ملا وراء البحار‪ ،‬جزر األنتيل خصوصاً‪.‬‬ ‫و قال مدير إدارة البرامج في دار الكتب الوطنية في الهيئة‪ ،‬الدكتور علي بن متيم في‬ ‫تصريحات صحفية أن «سلسلة الترجمات هذه تأتي لتكمل خطوات جادة وطموحة‬ ‫سبق أن بادر إليها املشروع في التعريف بالشعر العاملي‪ ،‬نذكر منها ترجمة منتخبات‬ ‫من الشعر األميركي املعاصر في ‪ 15‬مجلّداً‪ ،‬قام بها سامر أبوه ّواش‪ ،‬وترجمة كاظم‬ ‫جهاد ألشعار راينر ماريا ريلكه في ثالثة مجلدات‪ ،‬وترجمة محمد عناني مللحمة‬ ‫(الفردوس املفقود) جلون ميلتون‪ ،‬وملحمة الهند (الراميانة) التي كان قد ترجمها إلى‬ ‫اللغة العربية نظماً وديع البستاني ونشرها مشروع (كلمة) ألول م ّرة بتحقيق الدكتور‬ ‫خليل الشيخ وتقدميه‪ ،‬هذا باإلضافة إلى العديد من الترجمات ملجموعات شعرية‬ ‫ودراسات في نقد الشعر آتية من مختلف اللّغات»‪ ،‬وأضاف الدكتور علي بن متيم أن‬ ‫هذا كله إمنا يثبت أن االهتمام املتواصل واملكثف بالشعر يشكل جزءاً ال يتجزأ من‬ ‫فلسفة مشروع (كلمة) ورسالته الثقاف ّية»‪.‬‬ ‫وأوضح الشاعر واألكادميي العراقي املقيم في باريس‪ ،‬كاظم جهاد‪ ،‬الذي يشرف على‬ ‫ّ‬ ‫ترجمات األدب الفرنسي‪ ،‬التي تصدر عن املشروع ويقوم مبراجعتها‪ ،‬أن كتب السلسلة‬ ‫الـ‪ 100‬تبدأ بفرانسوا ف ّيون‪ ،‬كبير الشعراء الفرنسيني في القرن الـ‪ ،15‬الذي تش ّكل‬ ‫أشعاره ما يشبه توديعاً للعصر الوسيط وللكتابة بالالتينية والفرنسية القدمية‪ .‬وإلى‬ ‫جانبه يبرز شارل دورليان وآالن شارتييه ومجموعة الشعراء املعروفني بـ«البالغيني‬ ‫العظام»‪ .‬ث ّم تعنى السلسلة بشعراء القرن الـ‪ ،16‬حيث أصبح الشعر الفرنسي أكثر‬ ‫مي ً‬ ‫ال إلى الغنائية وأكثر احتفاالً باملشاعر واالنفعاالت‪.‬‬

‫غراميات الخطيب تصدر في القاهرة‬ ‫«غ��رام��ي��ات ب��ائ��ع م �ت �ج��ول»‪ ،‬رواي � ��ة ج��دي��دة‬ ‫للكاتب العراقي برهان اخلطيب‪ ،‬صدرت في‬ ‫القاهرة عن جمعية «نوافذ» للترجمة والتنمية‬ ‫واحل��وار‪ ،‬وهي اخلامسة عشرة في مسيرته‬ ‫اإلبداعية‪ .‬تتسم الرواية‪ ،‬شأنها شأن أعمال‬ ‫املؤلف‪ ،‬بالبناء احملكم ومضمون متنوع غني‬ ‫بتفاصيل وإيحاء أكثر من ثمانية عشر عاما‬

‫قضاها في روسيا عامال دارسا‪ ،‬هو «الرجل‬ ‫الذي يعرف كثيرا» عن بلد الكافيار والنساء‬ ‫اجلميالت والسياسات املعقدة‪ .‬في روايتني‬ ‫سابقتني ظل يتابع تطور أوضاعه عن كثب‪،‬‬ ‫وأخي ًرا يكشف ما هو أعمق من مستور في‬ ‫هذه الرواية القائمة على الواقعية‪ ،‬متناولة‬ ‫قصة ح��ب رج��ل شرقي الم��رأة روس�ي��ة على‬

‫منعطف للعالم‪ ،‬جد خطير‪ .‬احلب‪ ،‬احلرب‪،‬‬ ‫العنصرية‪ ،‬ازدواجية الشخصية‪ ،‬متزق احلياة‬ ‫العائلية‪ ،‬وغيرها من تفاصيل العصر‪ ،‬تطرحه‬ ‫ال��رواي��ة القائمة على خ�ب��رات حياتية حية‪.‬‬ ‫يُ��ذك��ر أن امل��ؤل��ف ب��ره��ان اخلطيب‪ ،‬ل��ه كذلك‬ ‫مجموعة من املترجمات‪ ،‬تضاف إلى رصيده‬ ‫ككاتب له ‪ 15‬رواية‪.‬‬


‫‪54‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫ولد الشاعر حميد سعيد هادي في مدينة (احللة) بالعراق عام ‪ ،1941‬من دواوينه‪ :‬شواطئ ال تعرف الدفء‬ ‫(‪ ،)1964‬لغة األب��راج الطينية (‪ ،)1970‬ق��راءة ثامنة (‪ ،)1972‬دي��وان األغاني الفخرية (‪ ،)1975‬حرائق‬ ‫احلضور (‪ ،)1978‬طفولة املاء (‪ ،)1985‬مملكة عبد الله (‪ ،)1987‬باجتاه أفقي أوسع (‪ ،)1992‬فوضى في غير‬ ‫أوانها (‪ ،)1996‬من احلدائق التسع (‪.)1997‬‬ ‫أردن��ا لهذا احل��وار أن يكون حول القصيدة‪ ،‬وبداياتها‪ ،‬وزمانها‪ ،‬والوعي بها‪ ،‬ونقدها‪ .‬وليس سهال أن حتاور‬ ‫شاعر ًا ي��درك شأن القصيدة‪ ،‬يدركها بحواسه وافتتانه بها مبنى ومعنى‪ ،‬وبهيامه بها باعتبارها قصيدة‬ ‫حاملة‪ ،‬فاتنة‪ ،‬وهاربة دائم ًا‪ .‬هي اخلالصة التي خرجت بها من محاورة شاعر مثل حميد سعيد‪ ،‬فإجاباته‬ ‫تفتح شهية تعدد األسئلة وتفرعها وانشطارها إلى قضايا متنوعة تصب في منابع الشعر وتستمد قدرتها‬ ‫اخلالقة من جذوره‪.‬‬

‫أجرى احلوار‪ :‬إدريس علوش‬

‫حوار مع الشاعر العراقي حميد سعيد‬

‫الشعر ليس هو المعنى‬

‫إنه الحالة التي ُ َّ‬ ‫يعبرُ عنها‬ ‫فتصل إلى المتلقي ويعيشها‬

‫املستقل‪ :‬اقتربت من جتارب شعرية عدة‪ ،‬كيف كان هذا‬ ‫االقتراب والتماس وإلى أي حد كان حارق ًا مثل األسئلة؟‬ ‫سعيد‪ :‬من دون ادعاء‪ ،‬وآمل أن يقبل هذا القول على عواهنه‪ ،‬إذ‬ ‫بعد كل هذه التجربة الوجودية الثمينة‪ ،‬حيا ًة ومعرف ًة‪ ،‬ال أظن إنني‬ ‫بحاجة إلى أي ادعاء‪ ،‬وما أردت قوله‪ ،‬إن جتربة شعرية رافقها‬ ‫مقومان‪ ،‬األول هو هذا التواصل مع القراءة التي لم تنقطع منذ‬ ‫العاشرة من العمر حتى اآلن‪ ،‬والثاني اقتران هذه القراءة بشيء‬ ‫من التفتح والوعي النقدي‪.‬‬

‫وفي ظل ما أشرت إليه‪ ،‬ليس من اقتراب أو متاس دائمني‪ ،‬وليس‬ ‫من قطيعة دائمة أيضاً‪،‬وليس كل التجارب املهمة التي تستقبل‬ ‫باهتمام وتفاعل متاحة للمتلقّي دائماً‪ ،‬وفي وقتها‪ ،‬فقد تطلّع على‬ ‫جتربة ما في وقت متأخر‪ ،‬وبخاصة أن ليس في حياتنا الثقافية‪،‬‬ ‫دوري��ات مختصة مبا ينشر من جت��ارب شعرية تلفت النظر إلى‬ ‫ما هو جديد ومهم‪ ،‬كما أن مؤسسات توزيع الكتاب في الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬لم تنجح في توزيع حيوي للكتاب املطبوع أو الدوريات‪،‬‬ ‫بني القراء العرب في أقطارهم ومهاجرهم‪ ،‬بل تراجعت عما كانت‬


‫عليه في العقود السابقة‪.‬‬ ‫لذا يفوتني كما يفوت غيري‪ ،‬ما يستحق القراءة من جتارب شعرية‬ ‫جديدة‪ ،‬ورمبا اطلعت عليها واقتربت منها مصادفة أو بعد حني‪.‬‬ ‫لقد قرأت الشعر العربي القدمي واملعاصر قراءة متأنية‪ ،‬وتعمقت‬ ‫هذه القراءة في مرحلة الدراسة اجلامعية‪ ،‬إذ انتسبت إلى قسم‬ ‫تاريخ األدب العربي في كلية اآلداب‪،‬حيث تتيح املناهج الدراسية‬ ‫على امتداد أربعة أعوام فرصة اإلطالع على الشعر العربي في‬ ‫حتوالته ومتغيراته‪.‬‬

‫ولم أكن حتى في هذه املرحلة محاصراً بحدود املنهج الدراسي‪،‬‬ ‫بل كنت أقترب مما أحب وال أبتعد عما أجد فيه ما ال يقربني‬ ‫إليه‪.‬‬ ‫وفي هذه املرحلة كنت أقرب إلى ما اختاره أبو متام من الشعر‬ ‫العربي في كتابه «احلماسة» وظل يرافقني حيث أكون‪ ،‬وإلى شعر‬ ‫العذريني‪ ،‬وسحرتني لغة جرير ال��ذي أع��ده أح��د مصادر لغتي‬ ‫بنى ومعجماً‪.‬‬ ‫الشعرية‪ً ،‬‬ ‫أم��ا املتنبي‪ ،‬فهو الشاعر ال��ذي م��ا فارقته ي��وم�اً‪ ،‬وكلما قرأته‬


‫‪56‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫ص��رت أكثر قرباً إليه‪ ،‬أم��ا أب��و نواس‬ ‫هذا الشاعر االستثنائي‪ ،‬فقد اكتشفته‬ ‫متأخراً بعد قطيعة طويلة نسبياً‪ ،‬وهو‬ ‫عندي من أه��م شعراء العالم املهمني‬ ‫في جميع العصور‪.‬‬ ‫وكلما ك��ان��ت ح��داث��ة الشعر حقيقية‪،‬‬ ‫الب� ��د أن مت ��د ج���ذوره���ا ب��ع��ي��داً في‬ ‫املاضي بقدر ما تنفتح على احلاضر‪،‬‬ ‫وب��ه��ذا ال��وع��ي جت��دن��ي أق� ��رأ ف��ي آن‬ ‫واح��د‪ ،‬مجموعة شعرية لشاعر شاب‬ ‫ولزوميات أبي العالء مث ً‬ ‫ال‪ ،‬وقد أقرأ‬ ‫ب��ودل �ي��ر أو اخل��ي��ام‪ ،‬ف��ي ذات ال��وق��ت‬ ‫ال��ذي أق��رأ فيه شوقي أو اجلواهري‪،‬‬ ‫ومثل ه��ذه ال �ق��راءات‪ ،‬هي التي تنفتح‬ ‫بتجربتي الشعرية على أفق أوسع‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ف��ي محتوى العديد من‬ ‫ومبنى‪،‬‬ ‫معنى‬ ‫نصوصك الشعرية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تظل األسئلة مفتوحة وك��أن��ك ال‬ ‫تعير اع��ت��ب��ار ًا ل�لأج��وب��ة‪ ،‬ه��ل هذا‬ ‫يعني إنك ال تريد لهذي القصيدة أن تنتهي؟‬ ‫سعيد‪ :‬إذا كنت قد أدركت ما يذهب إليه السؤال بدقة ميكنني‬ ‫ال�ق��ول‪ ،‬بأنه يطرح قضيتني متداخلتني‪ ،‬فكرية وجمالية‪،‬فعلى‬ ‫صعيد الفكر‪ ،‬منذ بداية وعينا باحلياة‪ ،‬جند أنفسنا محاصرين‬ ‫باإلجابات‪ ،‬تربوياً واجتماعياً ودينياً وفكرياً‪،‬حتى قبل أن تسأل‬ ‫يسبقك اجل��واب‪ ،‬وجميع مصادر األجوبة‪ ،‬تعد أجوبتها قاطعة‬ ‫ونهائية‪ ،‬وإن أي تشكيك بها وأي تساؤل بشأنها‪ ،‬خ��روج على‬ ‫مقدس ما‪،‬ينبغي محاصرته وقمعه‪.‬‬ ‫ول��و تأملنا بعمق‪ ،‬طبيعة عالقتنا باألجوبة التي أش��رت إليها‪،‬‬ ‫لوجدنا إنها هي التي حتدد األسئلة مسبقاً‪ ،‬وكثيرة هي املصادر‬ ‫التي ُفرضت علينا وتعايشنا معها‪ ،‬التي تفترض سؤاالً‪ ،‬بل تفرضه‪،‬‬ ‫لتقدم اجلواب احلاضر والنهائي‪.‬‬ ‫ومن خالل جتربتي الثقافية واحلياتية في آن‪ ،‬وجدت إن ثقافة‬ ‫األسئلة هي املؤهلة ملواجهة اجلمود والتعصب‪ ،‬والسؤال ليس هو‬ ‫الصياغة التي تبحث عن معلومة ما وتنتهي بعالمة اإلستفهام‪،‬بل‬ ‫هو محاولة للتوسع في املعرفة أو لإلعتراض أو لهز ثابت ما‪.‬‬ ‫التوجه أح��اول اإلع�ت��راض على كل ما م � َّر بي من تغييب‬ ‫وبهذا‬ ‫ّ‬ ‫األسئلة‪ ،‬في البيت واحمليطني اإلجتماعي والسياسي‪ ،‬بل حتى‬ ‫في محيط التعليم بكل مراحله‪ ،‬لقد كنت طالباً هادئاً بعيداً عن‬ ‫اإلث��ارة‪ ،‬وفي الصف األول من دراستي اجلامعية‪ ،‬سألت أستاذ‬ ‫علم احلديث‪ ،‬سؤاالً بريئاً‪ ،‬لم أقصد منه املشاكسة‪ ،‬فما كان من‬ ‫األستاذ إ ّال أن طلب منّي مغادرة الدرس‪ ،‬ثم بعد أيام أجرى لنا‬ ‫امتحاناً‪ ،‬فحصلت على أعلى درجة بني الطلبة املمتحنني‪ ،‬فكان‬ ‫ذلك األستاذ وهو رجل ط ّيب‪ ،‬في حيرة من أمره بشأني! ألنه لم‬ ‫واملس مبقدساته هو‪ ،‬المقدسات املعرفة‪.‬‬ ‫يفرق بني السؤال‬ ‫ِّ‬ ‫أما على الصعيد اجلمالي‪ ،‬فإن السؤال‪ ،‬فعل جتديد في مجموع‬

‫بنى القصيدة‪ ،‬وليس في بنيتها الفكرية‬ ‫حسب‪ ،‬ونحن نعرف إن الشعر العربي‬ ‫ظ� َّل يشتغل حتى في مناذجه العالية‪،‬‬ ‫على املعنى‪ ،‬حتى كأن الشعر هو املعنى‪،‬‬ ‫وما زال الشعراء‪ ،‬وبخاصة أولئك الذين‬ ‫أدمنوا منابر املناسبات واملهرجانات‪،‬‬ ‫يبحثون عن معنى يداهنون به املتلقّي‪،‬‬ ‫ويكرسون هذا املعنى في نهاية املورد‬ ‫ّ‬ ‫ح �ي��ث ي �ت��وق �ف��ون ب��ان �ت �ظ��ار التصفيق‬ ‫وصيحات املطالبة باإلعادة‪.‬‬ ‫ولهذا السبب‪ ،‬جند إن بعض الشعراء‪،‬‬ ‫قد اتسم شعرهم بالتكرار والبعد عن‬ ‫ال �ت �ح��والت‪ ،‬ف��إن ك��ان ث�م��ة متغير م��ا‪،‬‬ ‫فهو ال يتجاوز أن يكون ف��ي موضوع‬ ‫القصيدة‪.‬‬ ‫وإذا كان السؤال‪ ،‬يشير في ما ورد فيه‪،‬‬ ‫إن كنت ال أري��د للقصيدة أن تنتهي؟‬ ‫مبعنى أن ال تنتهي عند ح��دود معينة‬ ‫ومواصفات معينة‪ ،‬فأقول‪ :‬نعم‪ ،‬فما‬ ‫زلت حتى اآلن‪،‬أحاول أن ال أكرر قصيدة وال أقف عند مواصفات‬ ‫مرحلة‪ ،‬من املراحل التي عرفتها جتربتي الشعرية‪.‬‬ ‫وم��ا زل��ت أج��دد ف��ي جملة بنى قصيدتي‪،‬وفي م��ا أت �ن��اول فيها‬ ‫من قضايا‪ ،‬ولهذا السبب كان انقطاعي عن كتابة الشعر حني‬ ‫انتهي من مرحلة أو ألقل حني أنتهي من كتابة مجموعة شعرية‪،‬‬ ‫فهذا اإلنقطاع مينحني مجاالً واسعاً‪ ،‬للتأمل والبحث والتجاوز‬ ‫واإلضافة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ترتبط كتابتك الشعرية‪ ،‬بالتأمل واالنتظار‪ ،‬ما‬ ‫الذي تتأمل في هذه القصيدة‪ ،‬وما الذي تنتظره منها؟‬ ‫سعيد‪ :‬أنت تعرف‪ ،‬أخي إدريس‪ ،‬كم هي كثيرة أحاديث الشعراء‬ ‫عن طقوس الكتابة‪ ،‬وبعضهم مينحها مواصفات متخيلة‪،‬حتى لو‬ ‫كان ميارسها فع ً‬ ‫ال‪،‬أي أنه يتخيلها حني يكتب قصيدته أكثر مما‬ ‫ميارسها‪.‬‬ ‫لكن طقوس الكتابة‪ ،‬مهما كانت هذه الطقوس‪ ،‬ليس سوى عادات‬ ‫الشاعر وهو يكتب قصيدته‪ ،‬ولذلك حني أُس َأ ُل عن طقوس الكتابة‬ ‫عندي‪ ،‬يكون اجل��واب‪ :‬ال طقوس عندي في الكتابة‪ ،‬ثم أحاول‬ ‫احلديث عن عاداتي في الكتابة‪،‬وكأنني أريد أن أقول‪ :‬إن الشعراء‬ ‫الذين يتحدثون عن طقوس الكتابة الشعرية عندهم‪ ،‬كان األجدر‬ ‫بهم أن يتحدثوا عن عاداتهم في الكتابة الشعرية‪ ،‬وسأحتدث‬ ‫باختصار عن عاداتي في الكتابة الشعرية‪،‬ذلك ألنني حتدثت من‬ ‫قبل عنها كثيراً‪ ،‬وألن السؤال يقودني إلى هذا احلديث‪.‬‬ ‫كل ما أحتاجه‪ ،‬أوراق صغيرة بحجم الكف‪ ،‬تزيد أو تنقص قلي ً‬ ‫ال‪،‬‬ ‫وح�ب��ذا ل��و كانت ال��ورق��ة أنيقة‪،‬وقلم سهل اإلن ��زالق على سطح‬ ‫الورقة‪ ،‬وحبذا لو كان أكثر من قلم وبأكثر من لون‪ ،‬فأكتب في أي‬ ‫وقت وفي أي مكان‪.‬‬ ‫لكن هذه الكتابة‪ ،‬مرحلة متأخرة في كينونة القصيدة إذ تبدأ قبل‬


‫الكتابة‬ ‫ب��ال �ت �ش � ّك��ل ف��ي‬ ‫امل��دى الوهمي املمتد بني‬ ‫ال ��ذه ��ن وامل��خ��ي��ل��ة‪ ،‬وف��ي‬ ‫م��رح �ل��ة ال �ت �ش � ّك��ل ال �ت��ي‬ ‫تطول حيناً وتقصر حيناً‬ ‫آخر‪،‬أكاد أراها في كل‬ ‫حني وأنتظرها حيث‬ ‫أك� � � � ��ون‪،‬أدرك حلظة‬ ‫ال��وح��دة بني اإلي�ق��اع الداخلي‬ ‫واإلي� �ق ��اع اخل��ارج��ي ال �ت��ي مت�ه��د ألن يكون‬ ‫النص في الكتابة متماث ً‬ ‫ال مع النص ال��ذي تش ّكل في‬ ‫ما وصفته باملدى الوهمي املمتد بني الذهن واملخيلة‪.‬‬ ‫أي إن التأمل هو فعل إنضاج املثال‪ ،‬واإلنتظار هو‬ ‫البحث ع��ن حلظة اق�ت��راب النص ف��ي الكتابة من‬ ‫املثال‪ ،‬حيث أمسك بالقلم وابدأ الكتابة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬الشعر فتح ل��ي بابا على جوهره‪،‬‬ ‫هذه املقولة لك‪ ،‬ماذا لو شرحت القصد منها‪،‬‬ ‫ألنها تبدو غامضة وملتبسة مثل القصيدة متام ًا‪.‬‬ ‫سعيد‪ :‬هل هي مقولة غامضة إلى هذا احلد؟ فتحتاج إلى شرح‬ ‫القصد منها!‬ ‫إن ك��ل م��ا حتدثت عنه ف��ي إجاباتي السابقة ع��ن الشعر يؤكد‬ ‫معنى ه��ذه املقولة التي ص��درت عني ليس ف��ي مجال التنظير‬ ‫وإمنا للكشف عن عالقتي بالشعر وإحساسي به‪ ،‬فالشعر ليس‬ ‫املعنى‪ ،‬بل هو احلالة التي يُع َّب ُر عنها أوالً‪ ،‬والتي تصل إلى املتلقي‬ ‫فيعيشها‪.‬‬ ‫إن الشعر منذ طفولته ومع بداياته األولى‪ ،‬في غناء إنسان الغابة‬ ‫ومن ثم في األساطير التي رافقت حضارات املدن األول��ى‪ ،‬ومع‬ ‫أناشيد املعابد وترانيم املالحني وأهازيج العمل‪ ،‬كان له فضاؤه‬ ‫ال��ذي يتجاوز فضاء اللغة اإلدائ�ي��ة‪ ،‬وف��ي جميع املتغيرات التي‬ ‫رافقت تاريخ الشعر في العالم‪ ،‬ظ� َّل هذا اإلختالف بني فضاء‬ ‫الشعر وفضاء اللغة اإلدائية‪ ،‬وهذا ما يتكرر في الرسم أيضاً‪،‬‬ ‫حتى في الرسم الواقعي فإن فضاء اللوحة في الرؤية أوسع من‬ ‫مربعها‪ ،‬لذا كانت متغيرات الرسم دائماً‪ ،‬باجتاه التحرر من ثوابت‬ ‫الواقع‪ ،‬حتى وصل إلى التجريد الذي يكاد أن يكون هو الرسم‪،‬‬ ‫وكذلك املوسيقى‪ ،‬ورغم إيقاعاتها الدقيقة وتناظر البنى اللحنية‬ ‫فيها‪،‬فإن تلقيها ال يتجاوز أفق التجريد‪.‬‬ ‫وليس م��ن إب��داع حقيقي‪ ،‬ومنه اإلب ��داع الشعري إ ّال وك��ان في‬ ‫انفتاحه على احلياة يتجاوز التشخيص إلى التجريد‪ ،‬وهذا هو‬ ‫جوهر اإلبداع‪.‬‬

‫املستقل‪ :‬إلى أي حد ميكن اإلعتقاد استناد ًا إلى جتربتك‪،‬‬ ‫إن الشعر ٌ‬ ‫أفق الستيعاب تناقضات الكون؟‬ ‫سعيد‪ :‬رمبا‪ ..‬لكنني غير مؤهل‪ ،‬ألن أجيب على سؤالك‬ ‫هذا باإليجاب‪ ،‬ذلك إن اإلجابة ينبغي أن تعتمد على معرفة‬ ‫بتناقضات الكون‪ ،‬وهذا أم ٌر ج ّ ُد عسير‪ ،‬بالنسبة لي‪.‬‬ ‫ال أدري ملاذا‪ ،‬تبادر إلى ذهني منذ اللحظة التي حاولت أن‬ ‫أقترب من ال�س��ؤال‪ ،‬ما قاله « نوفاليس»‪ :‬إن شطراً شعرياً‬ ‫واح��داً‪ ،‬هو محصلة كثير من ح��االت ومواقف‪ ،‬ونتاج زي��ارات‬ ‫مدن ومدن‪.‬‬ ‫فهل في مقولة «نوفاليس» هذه‪ ،‬ما يع ّ ُد‬ ‫إجاب ًة على ما ورد في السؤال‪،‬‬ ‫وم �ه �م��ا ك��ان��ت اإلج ��اب ��ة على‬ ‫ال �س��ؤال‪ ،‬ف��إن الشعر يعبر عن‬ ‫ح ��االت وق�ض��اي��ا‪ ،‬تعجز وسائل‬ ‫التعبير األخرى عن حتقيقها‪.‬‬ ‫ل��ذا جن��د إن ك��ل أج �ن��اس الكتابة‪،‬‬ ‫فكرية وإبداعية‪ ،‬تقترب من الشعر‬ ‫وتُ� ِ‬ ‫�دخ �ل��ه ف��ي األم� ��داء ال�ت��ي تتحرك‬ ‫وحتقق فعلها فيها‪.‬‬ ‫أن�����ت‪ ،‬ف���ي خ��ض��م ال��ق��ص��ي��دة‪ ،‬منذ‬ ‫م��ا يقرب م��ن خمسة ع��ق��ود‪ ،‬ق��راءة‬ ‫وك���ت���اب���ة‪،‬ه���ل م����ن خ�ل�اص���ة روح���ي���ة‬ ‫م���س���ت���م���دة م����ن ص�����ي�����رورة اإلن���ت���م���اء‬ ‫للقصيدة‪ ،‬وتاريخ اإلنتساب إليها؟‬ ‫سعيد‪ :‬لقد سبقني إلى هذه اإلجابة‪ ،‬على‬ ‫س ��ؤال ��ك ال ��ذي أقل ما ميكن أن يشار إلى ما فيه من أهمية‬ ‫بالقول‪ :‬إنه سؤال مثير‪.‬‬ ‫أقول‪ :‬لقد سبقني احلالج الصوفي إلى اإلجابة في قوله‪:‬‬ ‫شيئ من احليف‬ ‫حبيبي غير‬ ‫منسوب ‪ ...‬إلى ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سقاني مثلما يشرب ‪ ...‬فعل الضيف بالضيف‬ ‫فلما دارت الكأس ‪ ...‬دعا بالنطع والسيف‬ ‫كذا من يشرب اخلمر ‪ ...‬مع التنني في الصيف‬ ‫يحدر من رفقة أبي زيد الهاللي‪ ،‬إذ ال‬ ‫أو كما كان املثل الشعبي ّ‬ ‫تنتهي معاركه‪ ،‬كذلك هي القصيدة‪ ،‬حني تخلص لها تخاصمك‪،‬‬ ‫وحني حتبها تعذبك‪ ،‬تظهر لك في بهائها األسطوري‪ ،‬بعد طراد‬ ‫صعب وطويل‪ ،‬تدخلها في حبائلك‪ ،‬لكن بعد حني تكتشف إنها‬ ‫غير التي راودت��ك‪ ،‬وتظل تبحث عنها‪ ،‬وقد ينتهي العمر ذوأنت‬ ‫تطاردها في كل وقت وفي كل مكان وأنت في بحث ال ينتهي‪ ،‬وكما‬ ‫العاشق املتصوف يدخل في شجن عذاباته حني يشاركه اآلخرون‬ ‫في عشفه‪ ،‬فهو ال يرى املعشوق فحسب‪،‬بل ال يريد أن يراه غيره‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬هل هذا يعني‪ ،‬إنك لم تكتب قصيدتك بعد؟‬ ‫سعيد‪ :‬أكتب قصيدتي منذ البدايات لكنها تفارقني كلما كتبت‬ ‫قصيدة غيرها‪ ،‬ويتكرر هذا مع كل قصيدة جديدة‪ ،‬لكنني سأكتب‬ ‫قصيدتي يوماً‪ ،‬كما كتبها القبطان «إيهاب» في لقائه األخير مع‬ ‫موبي ديك‪.‬‬


‫‪58‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫ثقافة‬

‫اإلصدار اجلديد عن مجلة املستقل والذي حمل الرقم ‪ 13‬كان كتاب اليد الواحدة للشاعر والكاتب الليبي عبدالباسط‬ ‫بوبكر محمد‪ .‬وج��اء الكتاب في ‪ 104‬صفحة من القطع املتوسط‪ ..‬وفي هذا الكتاب ال يقدم لنا عبدالباسط بوبكر‬ ‫مجموعة من قصائده اجلميلة‪ ،‬ولكنه ميارس نوعا من النقد والتحليل ملجموعة من الدواوين الشعرية لنخبة من‬ ‫االصوات الشعرية الليبية الشابة والتي شكلت ما يشبه التيار الشعري في تسيعينيات القرن املاضي حتى مت تسميتهم‬ ‫بالتسعينيني‪ ..‬مع إعطاء قراءته اخلاصة حلالة احلراك الشعري الليبي منذ الستينات وحتى نهاية القرن املاضي‪.‬‬

‫سالم مصطفى‬

‫كتاب‬

‫اليد الواحدة‬

‫التسعينيين‬ ‫في أثر‬ ‫ّ‬ ‫يفتتح الكاتب كتابه بقصيدة للشاعر الليبي محمد الشلطامي يعتبرها مدخال‬ ‫أوال للكتاب ليتحدث في املدخل الثاني قائال‪« :‬هذه القراءات ليست اال محاولة‬ ‫صغيرة ملواكبة هذه التجربة الشعرية املتدفقة‪ ..‬وهي نتيجة مكثفة لقراءات‬ ‫متواصلة لبعض التجارب الشابة في جتربة الشعر الليبي احلديث‪ ..‬هذه‬ ‫القراءات كنت مدفوعا لها في ظل غياب النقد ال��ذي ظل بعيدا عن هذه‬ ‫التجارب لفترة طويلة» (ص ‪.)12‬‬ ‫ثم يقدم الكاتب لكتابه موضحا في مقدمته ان جتربة الشعر الليبي ظلت‬ ‫جتربة أص��وات منفردة وتأثرت بعدد كبير من امل��ؤث��رات العربية والعاملية‬ ‫وتشكلت عبر تنوعات مختلفة منها القومية والوطنية والذاتية‪.‬‬ ‫ففي فترة الستينات كان الهم القومي هو املسيطر ولكنه بدأ يخف في أواخر‬ ‫السبعينات وبدأت بعض األصوات الشعرية تؤكد حضورها اخلاص واملتميز‬ ‫كاجليالني طريبشان والسنوسي حبيب ومحمد الفقيه صالح‪ ..‬أما عقد‬ ‫الثمانينات وبعد مخاض عنيف لصنع حالة متميزة بعيدة عن أي ثأثيرات عربية‬ ‫أو غربية وفي ظل تنظيرات ادونيس وقصيدة املاغوط نضجت مجموعة من‬ ‫االصوات وأخذت شكال مناسبا وقبضت على منطية خاصة بها متيز فيها كل‬ ‫صوت عن آخر‪ ..‬ومع غياب أي مرجعية تراثية لقصيدة النثر جاءت االصوات‬ ‫الشعرية اجلديدة يحمل كل منها تفاعالته وتأثراته وأرائه اخلاصة‪ .‬موضحا‬ ‫أن الساحة الليبية غنية باالنواع الشعرية فنقرأ القصيدة العمودية بأصوات‬ ‫شعراء شباب‪ ،‬وجند قصيدة التفعيلة‪ ،‬وكذلك قصيدة النثر ‪..‬‬ ‫ويلخص لنا الكاتب السمات العامة لهذه االصوات الشعرية في عدة نقاط ‪:‬‬ ‫‪1‬ـ هذه االص��وات اص��وات منفردة‪ ،‬ليس بينها أي قواسم مشتركة أو رؤية‬ ‫واحدة‪ ،‬لكنها تتلمس طريقها كل على حده‪.‬‬ ‫‪2‬ـ سعي كل صوت ليشكل بعدا في التجربة ‪.‬‬ ‫‪3‬ـ تلمس الواقع من خالل بوابة الذات والنكوص الى الداخل ‪ .‬لذلك الحتمل‬ ‫الكثير من االفكار الكبيرة بل هي تعبير عن كيان انساني صغير‪.‬‬ ‫‪4‬ـ يتقاطع كل صوت مع عدد من املؤثرات الفكرية والتراثية‪ ،‬فحالة البحث‬ ‫لديهم محمومة خللق جتربة لها خصوصيتها ‪.‬‬ ‫قصيدة أم شاعر ؟‪..‬‬ ‫عنوان آخر يضعه الكاتب ليدخل بنا إلى مستوى آخر من مستويات التحليل‬ ‫للقصيدة احلديثة في ليبيا والتي يرى الكاتب انها قصيدة ذات مرهقة ومنتهكة‬ ‫ولكنها حاضرة عند اجلميع وجتعل من ال��ذات مركزا للعالم وتنحاز دائما‬

‫خلصوصيتها‪ ..‬ويالحظ الكاتب ان جتربة الشعر الليبي في حالة مخاض‬ ‫مستمر كون الكثير من شعراءها مسكون بهم التجريب‪ ..‬حتى بدأ النص‬ ‫الشعري الليبي يركن في بداية التسعينات الى هدوءه وبساطته واقترابه من‬ ‫اليومي واملعاش ويقترب من الذات أكثر‪ ..‬ويضع لنا الكاتب في ختام هذا‬ ‫الفصل بعض من سمات القصيدة احلديثة الليبية جنملها فيما يلي‪:‬‬ ‫‪1‬ـ انفتاح الشعر الليبي علي التجارب الشعرية العربية اعطاه االتساع ولم يعطيه‬ ‫العمق ‪.‬‬ ‫‪2‬ـ القصيدة احلديثة في ليبيا ال تركن الي اساطير ذات خصوصية ليبية وال‬ ‫تستند الي مخزون اسطوري كبير لذلك نالحظ تناثر االشارات االسطورية‬ ‫املستوردة من اساطير عربية ‪.‬‬ ‫‪3‬ـ الشعر في ليبيا ينتج قصيدة وليس شاعراً‪ .‬أي مبفهوم الشاعر الظاهرة‬ ‫الذي يتبنى مشروعا شعريا متكام ً‬ ‫ال‪.‬‬ ‫‪4‬ـ قصيدة الشباب تتنوع بتنوع االصناف االدبية‪ ،‬فالشعر العمودي والتفعيلة‬ ‫وقصيدة النثر تتجاور وتتداخل مع بعضها ‪.‬‬ ‫‪ 5‬في الشعر الليبي تنعدم التيارات واالجيال الشعرية التي تستمد شرعيتها‬‫من واقع ثقافي متقارب ‪ .‬فالشعر الليبي جتربة انقطاع وليس اتصال ‪.‬‬ ‫‪6‬ـ القصيدة العمودية احلديثة في ليبيا تقترب من الذات كثيرا مما أدى الختفاء‬ ‫بعض اغراض الشعر العمودي ( كالهجاء واملديح والرثاء ‪. )..‬‬ ‫‪7‬ـ تسعينات القرن العشرين كانت مرحلة تطور نوعي في النص الليبي ‪.‬‬ ‫‪8‬ـ النص الشعري الليبي احلالي نص ذات��ي متناهي الشفافية ال يركن الى‬ ‫الغموض بل يقترب من املتلقي ويتفاعل مع اليومي ‪.‬‬ ‫ينطلق الكاتب بعدها الى تناول الشعراء محل الدراسة من خالل اصدار واحد‬ ‫لكل منهم ‪ ..‬وحتى ال نضيع على القارئ متعة ق��راءة ق��راءات الكاتب لهذه‬ ‫االصدارات سنحاول هنا ان نقدم عرضا سريعا وموجزا لكل منهم ‪.‬‬ ‫عشر أفكار على الشجرة مقابل فكرة في اليد‬ ‫ قراءة في ديوان (قريبا من ناصية البئر والتحول)‪ ،‬للشاعر (صالح عجينة)‪.‬‬‫يرى الكاتب ان الديوان به خصوصية ليبية في بعض قصائده‪ ،‬واالفكار التي‬ ‫يطرحها الشاعر تبدو غير واضحة مع جراءة في استخدام اللغة مع التركيز‬ ‫على تفاعل الكلمات مع بعضها‪ ،‬ومحاولة الشاعر االستفادة من االرث اللغوي‬ ‫الصوفي ‪ ..‬واعتمد الشاعر على شكل القصيدة وطريقة تقطيعها كأحدى‬ ‫دالالت إكمال املعنى في القصيدة ‪ ..‬والشاعر في ديوانه هذا يهمل الفكرة‬


‫املتاحة التي تقدمها القصيدة‪،‬بل يظل مسكون بافكار قصائد اخرى االمر‬ ‫الذي يضعف افكاره بشكل عام ‪.‬‬ ‫ نصوص ملبدة بالغيوم‪ ..‬ق��راءة في (زقزقة الغراب فوق رأس احلسني)‬‫للشاعرخالد درويش‬ ‫يري عبدالباسط بوبكر ان الشكل السردي الطويل هو الغالب في هذا الكتاب‬ ‫دون اي اشارة فيه ان كاتبه شاعر بالدرجة االولى‪ ،‬ويضيف ان الديوان ملخصا‬ ‫ملجموعة من االفكار واالراء جتاه التاريخ العربي وجاءت افكار الشاعر فيه‬ ‫بعيدة عن املتلقي ‪ « ..‬فافكار القصائد يغلب عليها االرتباك امام الكم الهائل‬ ‫من التدافع اللفظي النغمي والتاريخي فليس هناك فكرة واضحة جتمع‬ ‫االتساع اللغوي والفكرة ضبابية متناثرة وكأن الشاعر يبحث عن الفكرة أساسا‬ ‫‪ ..‬أو أنه يبحث عن ما يؤكد خصوصيته ككاتب « ص‪. 45‬‬ ‫ورغم ان اغلب النصوص جاءت في تعامل واضح ومباشر مع التراث التاريخي‬ ‫اال ان الشاعر عجز عن استنطاق احلوادث كون النص يحتوي فكرة مشوشة‬ ‫ودون رؤية فنية للحوادث التاريخية التي تعامل معها الشاعر في نصه‪ .‬ويرى‬ ‫الكاتب ان مجمل نصوص الكتاب تشكل نصا واحدا لتقاربها من حيث اللغة‬ ‫والصور واالستلهامات النغمية واللفظية وتسيطر عليها فكرة واحدة وهي‬ ‫فكرة القمع في التاريخ العربي ‪.‬‬ ‫ عباءة اآلنا أو حاالت الذات ‪ ..‬قراءة في ديوان (جدوي املواربة) للشاعرة‬‫سميرة البوزيدي‬ ‫يتلمس الكاتب هنا جتليات الذات لدي الكاتبة في ديوانها ويصنفها الي ذات‬ ‫مكتفية وذات جماعية وذات مشاهدة في حاالت منفردة او امتزاج لذاتني‬ ‫منهما او اكثر ويلخص لنا الديوان انه يرسم حالة انسانية عامة وتأتي الصورة‬ ‫فيه على الغالب على حساب الفكرة‪ ..‬ويقول في صفحة ‪ « : 65‬التنوع الذي‬ ‫تصنعه الشاعرة في ح��االت ال��ذات لديها مير من خالله عمق جتربتها‪،‬‬ ‫التي التخلو من هم وثقافة شعرية عالية نراها واضحة في عناية الشاعرة‬ ‫بنصوصها من ناحية اللغة والصور ‪.‬‬ ‫ حضن ال��ذات الوثير‪ ..‬ق��راءة في دي��وان (آث��ار طفل في الرمال) للشاعر‬‫(عبدالدائم أكواص)‬ ‫يقسم كاتبنا ديوان عبد الدائم اكواص الى اجتاهني االول هو االجتاه القريب‬ ‫من ذات الشاعروالذي يحاور فيه مجموعة من مشاغله واهتماماته اخلاصة‬ ‫وهو الغالب على نصوصه واالجت��اه الثاني هو اهتمامه بقضايا خارج ذاته‬ ‫القريبة ليكون علي صلة بقضايا امته املعاصرة ويوجز الكاتب اجلو العام‬ ‫للديوان بان هناك اهتمام واضح عند الشاعر لكتابة القصيدة امللحمية ويتضح‬ ‫اهتمام الشاعر بقصائده من حيث وضوحها وعنايته بصورها ‪ ..‬ويضيف‬ ‫ان قصائد الديوان يغلب عليها االيقاع‪ ،‬وكذلك تنطبق افكار القصائد على‬ ‫االلفاظ بدون حشو او زوائد ‪ ..‬مشيرا الي ان الشاعر يكتب قصيدة التفعيلة‬ ‫بحرفية عالية جدا وهو بهذا يرتكب أثما في زمن طوفان قصيدة النثر ‪.‬‬

‫ السرد احملموم ‪ ..‬قراءة في ديوان (أراك تهطل في القلب) للشاعرة نعيمة‬‫الزني‬ ‫يشير الكاتب هنا الى كون قصائد نعيمة الزني تتميز بقصر اجلمل للمكونة‬ ‫للقصيدة وهي تفعل مساحة االفعال في بحث محمموم عن ص��ورة تسع‬ ‫حالة البوح الهائلة مما يعطي الصور نوعا من احلركية او احلياة‪ ،‬ويضيف‬ ‫« ان قصيدة نعيمة الزني مسكونة بهاجس السرد‪ ،‬سرد محموم تفعله الذات‬ ‫وينسجم معها انسجاما تاما‪ ،‬القصيدة هنا آلية للبوح املتسع‪ ،‬جتاهر الشاعرة‬ ‫من خاللها بعواطفها وهمومها‪ ،‬وايضا الكثير من متردها « ص‪. 85‬‬ ‫ مغامرة التجريب‪ ..‬قراءة في ديوان (التأويل الوردي لبياض الكوكب) للشاعر‬‫صالح قادربوه‬ ‫يحلل الكاتب ديوان الشاعر قادربوه منطلقا من دواوينه السابقة فيقول مثال ان‬ ‫الشاعر هنا تخلى نهائيا عن االيقاع الذي كان بصورة واضحه في ديوانه االول‬ ‫وبشكل مخفف في الثاني وفي التأويل الوردي لبياض الكوكب تعامل الشاعر‬ ‫مع ذاته القريبةواهتم بصياغة قصيدته عبر انتاج مجموعة من الصور لتحل‬ ‫محل االيقاع املغيب‪،‬جاءت اغلب قصائد الديوان في جرعة واحدة متصلة‬ ‫غير قابلة للتجزئة فاكتمال النص مقرون باكتمال قراءته كامال‪ ..‬ويستشهد‬ ‫الكاتب ببعض النصوص واملقاطع ليظهر لنا افتتان الشاعر باللعب وتبديل‬ ‫العالقات بني االلفاظ ويبني لنا الكاتب من خالل قراءته لديوان صالح قادربوه‬ ‫أن الشاعر دائم الشطب سواء علي مستوى التجربة ككل أو من خالل ردته‬ ‫على الشكل القدمي بشكل عام كما انه دائم الشطب لنفسه من خالل القصيدة‬ ‫ويختتم قائال ‪ « :‬دي��وان ( التأويل ال��وردي لبياض الكوكب ) مغامرة يراها‬ ‫الشاعر ( صالح قادربوه ) ضرورية في سياق جتربته الشعرية التي تقوم‬ ‫اساسا علي القفز على جميع جتاربه السابقة دون النظر الى الوراء‪ ،‬القصيدة‬ ‫في نظره لعبة مفتوحة على التجريب الى ابعد احلدود‪ ،‬وفي جميع االجتاهات‬ ‫« ص‪. 95‬‬ ‫ القصيدة بلحاف األنثى‪ ..‬قراءة في ديوان (حلاف الضوء) للشاعرة آم اخلير‬‫الباروني‬ ‫يري كاتبنا ان القصيدة في ديوان حلاف الضوء تقع علي مقربة من تفاصيل‬ ‫الشاعرة األنثى وهي تعول كثيرا على الفكرة التي تشغل حيزا مهما في قولبة‬ ‫القصيدة وقصائد الشاعرة تتميز بوضوح فكرتها وبتفجيرها اجلميل وال‬ ‫حتمل الكثير من املفارقات اللغويةوال متيل للتعقيد وتتمترس فيها الشاعرة‬ ‫بذاتها ‪ ..‬هذا الوضوح منح القصائد قوة االيجاز‪.‬‬ ‫« قصيدة ام اخلير الباروني ترسم في الغالب حدودها ومحيطها كأنثى وهي‬ ‫ايضا قصيدة هادئة ‪ ..‬هامسة تختبئ وراء ذات غير منجزة ‪ ..‬تراها الشاعرة‬ ‫كل مرة بشكل مغاير « ص‪.104‬‬ ‫لعلكم ال حظتم معي انني اعتمدت في عرض كتاب (اليد ال��واح��دة) على‬ ‫اقتباس مقاطع عديدة منه‪ ،‬ذلك ان الكتاب مصاغ باسلوب رشيق ومكثف‬ ‫ميارس فيه عبدالباسط بوبكر محمد قراءته للدواوين محل الدراسة بتأني‬ ‫ومتكن ال يخلو من شغف مما ال يدع مكان ألحد لكي يضع تعليقا عليه‪ ،،‬وهذا‬ ‫رمبا ما أستوجب االطالة في هذا العرض فال يوجد في الكتاب ماميكن‬ ‫االستغناء عنه او حذفه وال ارغب ان يعتمد احد على عرضي هذا بديال عن‬ ‫اقتنائه وقراءته فقد بدل الكاتب فيه جهدا عظيما ‪ ..‬ولعله من امتع واهم‬ ‫الكتب النقدية التي تناولت الشعر احلديث في ليبيا حتى االن وهي قليلة‬ ‫ايضا‪ ،‬ولعل هذا الكتاب يكون مفتتحا لكتب اخرى تتناول بالنقد والدراسة‬ ‫الشعر الليبي احلديث‪ ،‬او لعله يستحث النقاد لنفض الكسل واالشتغال على‬ ‫احلديث من االدب الليبي الغني باشكاله وتنوعاته‪ ،‬بدال من ترك هذه املهمة‬ ‫للشعراء كعبد الباسط بوبكر محمد والذي اعتقد انه اجاد وابدع في صياغة‬ ‫نص ابداعي موازي للنصوص والدواوين التي تناولها بالبحث في كتابه هذا‬ ‫‪ ..‬مع اشتغاله ايضا على اعطاء صورة شبه متكاملة عن الشعر الليبي منذ‬ ‫الستينات حتى نهاية القرن العشرين مستعينا مبجموعة من املراجع واملقاالت‬ ‫واللقاءات ليمنح مكتبتنا اضافة واضاءة هي بامس احلاجة لها ‪.‬‬ ‫والله من وراء القصد‬


‫‪60‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫السينارست أنيس بوجواري‬ ‫يفرغ مؤخراً من كتابة فيلمين‬

‫«لهفة»‪ ..‬قضيــــــــــ‬


‫ً‬ ‫طفال ل��م يتجاوز الثامنة م��ن عمره عندما بدأ‬ ‫ك��ان‬ ‫كتابة القصص القصيرة‪ ,‬وس��رع��ان م��ا س��رح بأفكاره‬ ‫مع مرور السنوات تارك ًا طفولته ليدخل عالم اخليال‬ ‫ال��واس��ع خ��ص��وص�� ًا ب��أن��ه يعشق ال��درام��ا االجتماعية‬ ‫وال��ق��ص��ص البوليسية وك��ذل��ك ال��ك��وم��ي��دي��ا ‪ ..‬محب ًا‬ ‫للمسرح كمشاهد وع��اش��ق�� ًا للسينما ك��ك��ات��ب‪ ,‬ط��ور‬ ‫نفسه باملثابرة والعمل واملشاهدة إلى أن اصبح ضمن‬ ‫أهم ُكتاب السيناريو في ليبيا ولن نُ بالغ لو وضعناه في‬ ‫القائمة العربية ضمن ُكتاب اجلرأة‪ ..‬الكاتب الصغير‬ ‫ً‬ ‫وخياال‪.‬‬ ‫سن ًا والكبير فكر ًا‬ ‫السينارست الليبي «أنيس ابوجواري» ضيف املستقل‬ ‫الفني في هذا العدد التقيناه وكان لنا معه هذا احلوار‬ ‫السريع‪:‬‬

‫أجرى احلوار‪ :‬علي خويلد‬

‫املستقل‪ :‬كيف لطبيب أسنان يعتمد تفكيره على التقنية‬ ‫العلمية الدقيقة أن يدخل لعالم اخليال ال��ذي الح��دود‬ ‫وال منطق يحكمه ‪ ..‬هل ميكن توخي عالقة ما بني طب‬ ‫األسنان والسيناريو ؟‬ ‫بوجواري‪ :‬عالم طب االسنان في حد ذاته فن علمي يعتمد على‬ ‫إعادة السن ملا كانت عليه قبل األضرار الذي تعرضت لها‪ ,‬وعالم‬ ‫كتابة السيناريو يعتمد على تسليط الضوء على أضرار ومشاكل‬ ‫املجتمع العربي بجميع فئاته‪ ,‬وبالنسبة لي شخصياً طب االسنان‬ ‫في حياتي الميثل سوى شهادة جامعية مبعنى أنها شيء عيني‬ ‫فقط ‪ ،‬بعكس الفن وكتابة السيناريو الذي أعتبره حاجة كبيرة‬ ‫في نفسي‬ ‫املستقل‪ :‬في أحد تصريحاتك الصحفية قلت بأن القنوات‬ ‫الفضائية التهتم إال بالركام الفني القدمي ال��ذي خلقه‬ ‫النظام البائد‪ ,‬فهل ترى بأن الفن القدمي يعتبر ركام ًا؟‬ ‫بوجواري‪ :‬أوالً أنا لم أقل بأنه نظام بائد‪ ،‬فالنظام البائد من‬ ‫املفترض أن يأتي بعده نظام جديد ومختلف‪ ,‬ولكن إل��ى هذه‬ ‫اللحظة الزال النظام السابق قائم بكل فساده وتفكيره ومنهجه‬ ‫البائس‪ ,‬أما لكون اعتباري للماضي هو مجرد ركام فاملقصد هنا‬ ‫أن الكبار في السن املصنوعني من ذلك النظام يرون أنه يجب أن‬ ‫ارتدي بدلة تفصيل اخلمسينات ونظارة (قعر الشيشة) حتى يقال‬ ‫عني كاتب مخضرم‪ ,‬واحلقيقة أن الناس ملت القدماء ويحتاجون‬ ‫لنا كشباب‪ ,‬مع كامل احترامي للفن الليبي القدمي ال��ذي يحمل‬ ‫رسالة قيمة عكس البعض منها‪ ،‬والتي كانت تخدم أف��راداً دون‬ ‫غيرهم‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ما رأي��ك فيما ع��رض على القنوات الليبية في‬ ‫شهر رمضان املاضي؟‬ ‫ب��وج��واري‪ :‬ل��م اش��اه��د شيئاً باستثناء ماشاهدته م��ن حلقات‬ ‫أصابني فيها بتلبك م�ع��وي‪ ,‬فكيف ل��ي أن أت��رك أع�م��االً قيمة‬ ‫مصرية وسورية وأشاهد ذلك اإلسفاف‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ُ :‬ك��ت��ب ف��ي إح���دى ال��ص��ح��ف ح���ول فيلم ‪60x50‬‬ ‫مقالة بعنوان (في الصميم ‪ 60x50‬جتربة فاشلة) وتطرق‬

‫فيلم لهفة‬

‫ـــــة مسكوت عنها‬


‫‪62‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫طب األسنان في حياتي ال ميثل سوى شهادة‬ ‫جامعية فقط‬

‫أثناء تصوير أحد األعمال‬

‫الكبار يرون أنه يجب أن ارتدي بدلة تفصيل‬ ‫اخلمسينات ونظارة «قعر الشيشة» حتى‬ ‫يقال عني كاتب‬ ‫مع املخرج ربيع الطرابلسي‬

‫اهتمام بالتفاصيل الصغيرة‬

‫ما شاهدته في رمضان املاضي على شاشة‬ ‫التلفزيون الليبي أصابني بتلبك معوي‬ ‫من هاجم ‪ x 5o60‬محسوب على تيار اإلخوان‬ ‫أصحاب الثرثرة «يروننا» أعمالهم بدال من‬ ‫نومهم في املنازل‬ ‫فيلم واحد خمسة وعشرون يناقش قضية‬ ‫االنقسامات التي حدثت بعد االنتفاضات‬

‫الكاتب إلى ضعف السيناريو وكذلك اإلخ��راج مما جعلك‬ ‫تهاجم الصحفيني على صفحتك اخلاصة في الفيس بوك‪,‬‬ ‫فهل هذا يعود لعدم تقبلك النقد؟‬ ‫بوجواري‪ :‬حتدثني عن موضوع قارب السنتني‪ ,‬وصاحب تلك‬ ‫املقالة محسوب على تيار إسالمي فاشل هو اإلخ��وان املسلمني‬ ‫وينتمي لقناة ال يشاهدها س��وى هو وجيرانه اسمها (أجيال)‬ ‫وتعامل مع املوضوع بشكل شخصي‪ ,‬وأنا هاجمت ذلك الشخص‬ ‫والصحيفة التي نشرت اخلبر ألنه ليس صحفياً والميث للصحافة‬ ‫بصلة ولو كل شخص مسك قلماً أُطلق عليه صحفي فليبيا كلها‬ ‫صحفيون أما أن اتقبل النقد فمرحباً بأي نقد فني قائم على‬ ‫توضيح وجهات النظر ومكان اخللل في العمل من وجهة نظر‬ ‫الناقد ال على مسائل شخصية‪ ,‬واحلمدلله الفيلم جنح جماهيرياً‬ ‫بشهادة العديدين سواء من الفنانني أو اإلعالميني او حتى من‬ ‫املواطنني العاديني‪ ,‬ومت عرضه في تونس‪ ،‬ولألمانة هو الفيلم‬ ‫الوحيد الذي ُقدم بعد ثورة فبراير‪ ,‬أما أصحاب الثرثرة فليروننا‬ ‫إبداعهم بدالً من نومهم في املنازل‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬حتصلت على جائزة افضل سيناريو في مهرجان‬ ‫الدار البيضاء عن فيلم «واحد وخمسة وعشرون» عن ماذا‬ ‫يتحدث الفيلم؟ وملاذا لم تستلم اجلائزة بنفسك؟‬ ‫بوجواري‪ :‬الفيلم يتحدث عن انقسامات حدثت بعد االنتفاضات‬ ‫وع��دم اح �ت��رام وج�ه��ات النظر م��ن خ�لال اس�ق��اط غير مباشر‪,‬‬ ‫وحتصلت على اجل��ائ��زة عن ه��ذا الفيلم ال��ذي ك��ان من بطولة‬ ‫النجمة امي��ان اي��وب وإنتاج مجدي أبو سنة ال��ذي كان سببا في‬ ‫ظهور العمل للنور وإخراج رامي نصيف وحصلت بطلته على عدة‬ ‫تكرميات عن دورها وحصل أشرف فؤاد عن جائزة احسن ممثل‬ ‫عن فيلم في راس البر‪ ,‬إضافة لوضعي كعضو جلنة حتكيم في‬ ‫مهرجان «همسة الدولي» في سبتمبر املاضي مع املخرج عمر‬ ‫عبدالعزيز لتقييم ال�ن�ص��وص وك ��ان ه��ذا ش��رف ل��ي‪ ,‬أم��ا عدم‬ ‫استالمي للجائزة فراجع لتعقيد االج��راءات من قبل السفارتني‬


‫الصورة هاجسه األول‬

‫الليبية واملغربية ‪..‬وهذا ما أخ ّرني عن السفر‪.‬‬ ‫امل��س��ت��ق��ل‪ :‬م��ا ه��و س��ب��ب خ�لاف��ك م��ع ح��ب��ي��ب األم��ي�ن وزي��ر‬ ‫الثقافة السابق؟‬ ‫ً‬ ‫بوجواري‪ :‬هذا الشخص اليعلم شيئا عن الثقافة ويجب أن يثقف‬ ‫بتعال وكأنه‬ ‫نفسه أوالً ثم يكون وزير ثقافة‪ ,‬فهو يتعامل مع الناس‬ ‫ٍ‬ ‫الوريث لليبيا‪ ,‬وبالنسبة لي لو‬ ‫اخترعوا وزارة للجهل فأنا أول‬ ‫املرشحني له لذاك املنصب‪.‬‬ ‫املستقل‪« :‬سعيكم مشكور»‬ ‫ب����رن����ام����ج س���ي���اس���ي س���اخ���ر‬ ‫مسموع أش��اد به الكثيرون‪,‬‬ ‫فهل هناك جتربة اخ��رى؟‬ ‫وك������ي������ف ت�����ص�����ف س���ع���ي���ك���م‬ ‫مشكور؟‬ ‫ب��وج��واري‪ :‬س��أق��دم برنامجاً‬ ‫ج��دي��داً «ي��ا دول��ة ما مت��ت» من‬ ‫نوعية «س�ت��ان��د آب كوميدي»‬ ‫وهو سياسي ساخر عن الوضع‬ ‫احلالي‪ ,‬أما «سعيكم مشكور»‬ ‫فهو جتربة مهمة على مدار ‪6‬‬ ‫شهور و‪ 50‬حلقة حققت نسبة‬ ‫اس�ت�م��اع غ�ي��ر متوقعة قدمها‬ ‫مبهارة ربيع الطرابلسي‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬فنانة ليبية عملت‬ ‫معك في أحد افالمك قالت‬ ‫ف��ي ص��ف��ح��ات ال��ف��ي��س ب��وك‬ ‫بأنها ن��ادم��ة على املشاركة‬ ‫ف��ي ال��ف��ي��ل��م ألن���ه الي��رت��ق��ي‬ ‫مب���س���ت���واه���ا؟ ب����رأي����ك مل����اذا‬

‫قالت هذا الكالم؟‬ ‫بوجواري‪ :‬عزيزي ‪ ..‬حدثني عن أشخاص ذوي قيمهة فمكانتي‬ ‫الفنية احلالية التسمح لي بالتقليل من نفسي واحلديث عن كل‬ ‫من هب ودب‪ ,‬ولو كنت طبيب نفسي ألجبتك عن هذا السؤال‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬سمعنا بأنك انتهيت من كتابة سيناريو لفيلمني‬ ‫‪ :‬األول «أخ������ر ال���رس���ال���ة»‬ ‫باللهجة امل��ص��ري��ة وال��ث��ان��ي‬ ‫«ل��ه��ف��ة» باللهجة الليبية‪,‬‬ ‫أعطنا نبذة مختصرة عن‬ ‫هذين الفيلمني ومتى سيتم‬ ‫تصويرهما ومن هو املخرج؟‬ ‫ب�����وج�����واري‪ :‬اع� �ت ��رض ع�ل��ى‬ ‫ت �ص �ن �ي��ف األف� �ل ��ام ب��ال �ل �ه �ج��ة‬ ‫ف �ك�لاه �م��ا ف �ي �ل��م ع��رب��ي وأن ��ا‬ ‫اف��ت��خ��ر ك ��ون ��ي ل �ي �ب��ي واع��ت��ز‬ ‫ب �ت��واج��دي احل��ال��ي ف��ي مصر‬ ‫وأتشرف بعروبتي بصفه عامة‬ ‫‪ ..‬فيلم أخر الرسالة فيلم ناعم‬ ‫يعتمد على أحاسيس ومشاعر‬ ‫ويرمي إسقاطا سياسياً بعيداً‪،‬‬ ‫لكنه جتربة مهمة بالنسبة لي‪،‬‬ ‫وأبطاله األغلبية من العنصر‬ ‫النسائي وهو من إخ��راج هيثم‬ ‫عبداحلميد‪ ,‬أما بالنسبة لفيلم‬ ‫«لهفه» فهو فيلم جريء الفكر‬ ‫ألبعد احل��دود ويناقش قضية‬ ‫ش��ائ�ك��ة ج ��داً وم�س�ك��وت عنها‬ ‫في ليبيا وهي قضية الليبيني‬ ‫امل �ه �ج��ري��ن ف ��ي اخل� � ��ارج بعد‬

‫السبب في عدم استالمي جائزة مهرجان‬ ‫الدار البيضاء يعود إلى تعقيدات السفارتني‬ ‫املغربية والليبية‬ ‫لو اخترعوا وزارة للجهل لرشحت لها وزير‬ ‫الثقافة السابق‬

‫سأقدم برنامج «يا دولة ما متت» ‪ ..‬وهو سياسي‬ ‫ساخر عن الوضع احلالي‬

‫أغلبية ابطال «آخر رسالة» من العنصر النسائي ‪..‬‬ ‫والفيلم ال يخلو من اإلسقاط السياسي‬


‫‪64‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫حوار فني‬

‫قضية التواصل هاجس في أعماله‬

‫اشتعال األحداث هناك من خالل عائلتني إحداهما هاجرت ملصر‬ ‫في ‪ 2011‬رفضا لثورة فبراير واألخ��رى عائلة وقفت مع الثورة‬ ‫ولكن االرهاب احلالي أجبرها على الرحيل ليكتشف الطرفان أن‬ ‫ليبيا لم تعد ارضهم ‪ ..‬الفيلم‬ ‫م��ن إخ� ��راج رب �ي��ع ال�ط��راب�ل�س��ي‬ ‫وب �ط��ول��ة م�ح�م��د ام�ط�ل��ل ون��ور‬ ‫ال�ك��ادي�ك��ي ووف ��اء نبيل وعبير‬ ‫الترهوني وحسني الشارف‪.‬‬ ‫امل���س���ت���ق���ل‪ :‬ه����ل س��ن��ش��اه��د‬ ‫ب����وج����واري ي��ك��ت��ب ل��ل��درام��ا‬ ‫ال��ل��ي��ب��ي��ة وامل����س����رح ال��ل��ي��ب��ي‬ ‫قريب ًا؟‬ ‫بوجواري‪ :‬أنا موجود للدراما‬ ‫ول �ك��ن ال ��درام ��ا ال�ل�ي�ب�ي��ة يجب‬ ‫أن تخرج م��ن النمطية وتقدم‬ ‫الواقع كما هو وإال فستتحول‬

‫من أعمال درامية إلى أعمال إجرامية‪ ,‬أما املسرح فأنا أحبه‬ ‫كمشاهد أكثر من الكتابة‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬م��ن ه��و امل��خ��رج ال���ذي تطمح ف��ي التعامل معه‬ ‫على امل��س��ت��وى احمل��ل��ي؟ ومن‬ ‫ال��س��ي��ن��ارس��ت ال���ذي تعتبره‬ ‫نقطة من أول السطر؟‬ ‫ب��وج��واري‪ :‬أن��ا أح��ب التعامل‬ ‫م��ع رب�ي��ع الطرابلسي لتقارب‬ ‫التفاهم بيننا والكيمياء التي‬ ‫جت �م �ع �ن��ا ف���ي ال��ت��ف��اع��ل‪ ,‬أم��ا‬ ‫املخرجون الكبار فرمبا نختلف‬ ‫معهم في الفكر ولن نقدم شيئاً‬ ‫يرضينا وال يرضي املشاهد‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬ه��ل الفن يساهم‬ ‫ف������ي ح������ل ب����ع����ض االم��������ور‬ ‫السياسية؟‬

‫الدراما الليبية يجب أن تخرج من النمطية ‪..‬‬ ‫واملسرح أشاهده وال أكتبه‬

‫أحب العمل مع املخرج ربيع الطرابلسي ‪ ..‬وأحتاشى‬ ‫ّ‬ ‫العمل مع املخرجني الكبار‬


‫حفل التكرمي في مهرجان همسة الدولي لالدب والفنون بالقاهرة‬

‫دقيق في رسم مشاهده‬

‫كتاباته تستدعي استخدام تقنية الكرين والشاريو‬

‫ب��وج��واري‪ :‬ه��ذا ش��ئ مؤكد فالناس ستميل ملشاهدة مشاكل‬ ‫السياسة عبر عمل فني أكثر من البرامج السياسية التي تصيب‬ ‫املشاهد باالكتئاب وامللل وأحياناً اإلحباط‪.‬‬ ‫املستقل‪ :‬برأيك ماذا ينقص‬ ‫الفنان الليبي ليكون فنانا‬ ‫عربيا متكامال في إبداعه‬ ‫ومتقن ًا للشخصية؟‬ ‫ب��وج��واري‪ :‬ينقصه االهتمام‬ ‫واالحترام من اجلهات املختصة‬ ‫وينقصه أن يُعامل كفنان وال‬ ‫يُ�ع��ام��ل باستخفاف خصوصاً‬ ‫داخ � � ��ل ب � �ل� ��ده‪ ,‬ك� �م ��ا ي�ن�ق�ص��ه‬ ‫التخصص فنحن ن��رى ممثلي‬ ‫امل �س��رح ف��ي ال��درام��ا وممثلي‬ ‫ال �ك��وم �ي��دي��ا ف ��ي ال �ت��راج �ي��دي��ا‬ ‫والعكس‪.‬‬

‫املستقل‪ :‬لك احلرية في ختم احلوار برسالة ملن توجهها؟‬ ‫ب���وج���واري‪ :‬أوج��ه رس��ال��ة شكر لكل م��ن يشجعني ويدعمني‬ ‫فالناس م��ؤخ��راً ب��دأت تهتم باسمي بشكل يشجعني‪ ,‬وأوج��ه‬ ‫الشكر اخل��اص لوالدتي فلوال‬ ‫دع��اؤه��ا م��ا ك�ن��ت ال �ي��وم محل‬ ‫ث �ق��ة ل���دى ال �ك �ث �ي��ري��ن‪ ,‬وش�ك��ر‬ ‫مخصوص لكل اصدقائي في‬ ‫الوسط الفني املصري الذين‬ ‫يعاملوني ك��واح��د منهم وب�لا‬ ‫ش��ك ال�ش�ك��ر م��وص��ول ملجلة‬ ‫امل�س�ت�ق��ل ‪ ..‬ه ��ذه امل�ط�ب��وع��ة‬ ‫اإلع�لام �ي��ة اجل��دي��دة املتابعة‬ ‫ل �ل �ف �ن��ان ال �ل �ي �ب��ي أي �ن �م��ا وج��د‪،‬‬ ‫وع �ل��ى اه�ت�م��ام�ه��ا ب��ال��رف��ع من‬ ‫مستوى املسيرة الفنية الليبية‬ ‫ودعمها معنوياً‪.‬‬

‫الناس متيل ملشاهدة مشاكل السياسة في العمل‬ ‫الفني أكثر من البرامج السياسية‬ ‫أصدقائي في الوسط الفني املصري يعاملونني‬ ‫كواحد منهم‬ ‫ٍ‬


‫‪66‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬


‫الجنوب‬ ‫الشرقي‬ ‫بحرٌ من الماء العذب‬ ‫تحت عباءة صفراء‬

‫الكفرة‪ ،‬هي حوض وواح��ة في محافظة الكفرة جنوب شرق برقة‪ ،‬وكانت تسمى‬ ‫في السابق باسم «ت��ازر»‪ ،‬وك��ان كل سكانها من القبائل التبو الليبية وال يعرف متى‬ ‫مت تغيرها باسم الكفرة احلالية‪ .‬تتبع مدينة الكفرة لشعبية الكفرة‪ ،‬عبارة عن واحة‬ ‫صغيرة نسبي ًا يبلغ عدد سكانها ‪ 60‬ألف نسمة‪ ،‬وتعتبر من أهم املناطق التي حاول اجليش اإليطالي‬ ‫ أثناء احتاللها لليبيا ‪ -‬أن تسيطر عليها وتخضعها حلكمها على الرغم من بعدها عن الساحل ووجودها‬‫في منطقة مهملة على حافة ليبيا‪.‬‬ ‫عاش فيها شخصيات معروفة مثل عمر املختار ال��ذي عمل بها مدرس ًا للقرآن وكذلك زاره��ا املستشرق‬ ‫البريطاني جون هوليدي وفي األربعينات من القرن العشرين‪.‬‬


‫‪68‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫لوكليرك‪ :‬ال تلقوا بسالحكم من الكفرة حتى ترفرف‬ ‫ألوان رايتنا الجميلة على كاتدرائية ستراسبورغ‬ ‫ومن أشهر املجاهدين فيها‪ ،‬أبو مطاري الذي قاتل ضد االستعمار‬ ‫اإليطالي وكان من أقرب املجاهدين لعمر املختار وكان معه من‬ ‫التبو الشيخ منكوني كوكي و كدا تدمى‪ .‬وكذلك املجاهد «صالح‬ ‫بوكرمي» الذي قاتل الفرنسيني في جمهورية تشاد وقاتل الطليان‬ ‫في «معركة الكوز» وهى معركة شهيرة جرت يوم ‪ 19‬يناير ‪1931‬‬ ‫واستمرت ثالثة أيام متكن اإليطاليون بعدها من احتالل الكفرة‬ ‫بعد معركة شارك فيها الطيران احلربي اإليطالي‪.‬‬ ‫كما شهدت املدينة أثناء احلرب العاملية الثانية في العام ‪1941‬‬ ‫معركة الكفرة الشهيرة بني القوات اإليطالية من جهة والقوات‬ ‫البريطانية وق ��وات فرنسا احل��رة م��ن جهة أخ ��رى‪ .‬وق�ب��ل تلك‬ ‫املعركة‪ ،‬ألقى الكولونل فيليپ لوكليرك الفرنس «قسم الكفرة»‪،‬‬ ‫وهو‪ :‬اقسموا معي أال تلقوا بسالحكم حتى ترفرف ألواننا‪ ،‬رايتنا‬ ‫اجلميلة‪ ،‬على كاتدرائية ستراسبورغ‪.‬‬ ‫والتزمت تلك القوات بالقسم حتى ح� ّررت ستراسبورغ في ‪23‬‬ ‫نوفمبر ‪ 1944‬على يد الفرقة املدرعة الثانية‪.‬‬ ‫دميوغرافيا الكفرة‬ ‫تتكون التركيبة السكانية في مدينة الكفرة من أغلبية من قبيلة‬ ‫زوية وقبائل التبو املنتشرة في كل من ليبيا وتشاد و بعض األواجلة‬ ‫واملجابرة واألفارقة‪.‬‬ ‫فيها قبائل كثيرة من أهمها وأقدمها قبيلة التبو املعرفون بتدا‪،‬‬ ‫وهم السكان األصليون في منطقة الكفرة قدميا حيث كانت تعرف‬

‫باسم «تازر» قبل أن تغير إلى الكفرة بعد مجيء القبائل العربية‬ ‫بدعم الفتوحات اإلسالمية في أفريقيا‪.‬‬ ‫ومن هذه القبائل العربية زويه ‪.‬حيث سيطرت هذه القبيلة على‬ ‫مدينة الكفرة التي كان ميلكها قبيلة التبو (تدا) وحدثت معارك‬ ‫عديدة للسيطرة عليها من أي��دي التبو السكان األصليني لهذه‬ ‫املدينة‪ .‬ومدينة الكفرة تعتير من أغني وأشهر الواحات من حيث‬ ‫إنتاجها للتمر واملاجنو وذلك لطقسها احلار جداً‪.‬‬ ‫مالمح الكُ فرة‬ ‫تعتبر الكفرة أكبر محافظة في ليبيا‪ ،‬فمساحتها أكبر من حوالي‬ ‫مساحة ليبيا‪ .‬وهي مركز اجلنوب الشرقي‪ ،‬وتعتبر هي املدينة‬ ‫الوحيدة في ليبيا التي حتد ‪ 3‬دول مبئات الكيلومترات‪ .‬وهي‬ ‫الرابط بني ال�س��ودان وتشاد وليبيا‪ .‬واملمر اآلم��ن إل��ى إفريقيا‪.‬‬ ‫ومركز حركة االستيراد والتصدير من ليبيا وإليها‪.‬‬ ‫الكفرة تضم أكبر حقول النفط والغاز الليبية املمتدة من السرير‬ ‫وحتى جبال العوينات‪ .‬وتضم أكبر حوض جوفي للمياه العذبة في‬ ‫العالم في تازربو واجلوف‪.‬‬ ‫السطوع‬ ‫بلد ّ‬ ‫الكفرة بها أكبر نسبة سطوع شمسي في ليبيا (حسب مركز‬ ‫بحوث الطاقة الشمسية) مما جعلها من أول��ى امل��دن في العالم‬ ‫لتوليد الطاقة الشمسية النظيفة‪ .‬وبها خامات طبيعية متنوعة‬


‫ورم��ال السيكا والنحاس والذهب واليوارينيم وغيرها في جبال‬ ‫العوينات وجبل عبداملالك (وفقاً لدراسات قام بها مركز البحوث‬ ‫الصناعية سابقاً)‪.‬‬ ‫سياحة نادرة‬ ‫وتوجد بالكفرة أيضاً م��زرات سياحية حلضارة ما قبل التاريخ‬ ‫وش��واه��ده��ا وآث��اره��ا ف��ي بزميه والعوينات حية باقية‪ ،‬وكذلك‬ ‫س�ي��اح��ة ال �س �ف��اري وال �ص �ي��د وال �ب �ح �ي��رات ف��ي وس��ط ال�ص�ح��راء‬ ‫والسياحة (النظيفة)‪.‬‬ ‫حملة تاريخية‬ ‫تؤكد أغلب امل�ص��ادر التاريخية إن تاريخ أول استيطان ملدينة‬ ‫الكفرة هو تاريخ موغل في القدم لكنه غير معروف حتديدا ‪.‬‬ ‫والنقوش املوجودة في واحة بزمية وكذلك في جبل العوينات أجمع‬ ‫كل علماء اآلثار على أنها قبل عصر الفراعنة أي حوالي ‪5000‬‬ ‫آالف سنه بدليل إن النقوش املوجودة في هذه األماكن تبني رسوم‬ ‫حليوانات فقط أي قبل اكتشاف العربة‪.‬‬

‫من تاريخ القبائل‬ ‫في العصر احلديث وبعد االستعمار العثماني لليبيا اضطرت‬ ‫العديد من القبائل للنزوح إلى اجلنوب خاصة في ظل الوصاية‬ ‫باسم اإلسالم التي حتولت إلى ظلم صارخ وجتهيل متعمد وجزية‬ ‫(ميري) يدفعها الليبي غصباً عنه للتركي املستعمر وتذهب أمواله‬ ‫إلى اسطنبول‪.‬‬ ‫ومن القبائل التي رفضت جور التركي (وميريه) كانت قبيلة زوية‬ ‫التي ترجع أصولها إلى بني سليم ثم استوطنت في برقة البيضا‬ ‫(اجدابيا) إل��ى واح��ة اجخرة ثم إل��ى واح��ة تازربو ثم إل��ى واحة‬ ‫الكفره‪ ،‬حيث كانت تقيم قبائل التبو‪.‬‬ ‫انتشار السنوسية‬ ‫بعد ظهور احلركة السنوسية في ليبيا ومتركزها في اجلغبوب‬ ‫وانتشارها في شرق ليبيا انتقلت احلركة الى مناطق اخرى لنشر‬ ‫االسالم وقد رحب الليبيون بكل قبائلهم بها وبشيوخها ومعلميها‬ ‫في أي مدينة دخلوها خاصة بعد عصور الظالم التركية ‪.‬‬ ‫وكان الليبيون يحملون االحترام والتقدير للحركة السنوسية وقاموا‬


‫‪70‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫بنصرتها واالنضمام لها وايفاد ابناءهم للنهل من منابع العلم في‬ ‫زاوية اجلغبوب والتي كانت مركز اشعاع علمي واسالمي في ذلك‬ ‫الوقت وليعودوا بعد ذلك الى مناطقهم يعلمون القران ويشرحون‬ ‫تعاليم االسالم ويصححون املعتقدات التركية اخلاطئة واملشوهة ‪.‬‬ ‫وكانت مدينة الكفرة إحدى املدن التي رحبت بالسنوسيني وعلى‬ ‫رأسهم الشيخ املهدي السنوسي وال��د امللك ادري��س وال��ذي نقل‬ ‫مركز احلركة السنوسية الى الكفرة ملا وجده من ترحيب ومساعدة‬ ‫من سكان مدينة الكفرة وحتى االن توجد االراضي التي اعطاها‬ ‫وتبرع بها سكان الكفرة الى احلركة السنوسية تبركا واحتراما‬ ‫ودعما لها ‪.‬‬ ‫ول��م تكن قبيلة ازوي��ة وحدها من دع��م احلركة السنوسية‪ ،‬لكن‬ ‫هناك أيضا قبائل املجابرة واألواجلة واألش��راف وكذلك قبائل‬ ‫التبو التي اهتمت بها احلركة السنوسية اهتماماً خاصاً‪ ،‬والتي‬ ‫عاشت في املدينة في جو من التسامح والسلم االجتماعي‪.‬‬ ‫بعد انتشار زوايا حتفيظ القران حتت رعاية احلركه السنوسيه‬ ‫وبترحيب ومساعدة القبائل مت االنتقال إلى مرحلة جديدة وهي‬ ‫نشر اإلسالم في إفريقيا خاصة السودان وتشاد والنيجر‪ .‬وكذلك‬ ‫نصرة األف��ارق��ة في احل��رب ضد املستعمر الفرنسي في تشاد‬ ‫واإلجنيلزي في السودان‪.‬‬ ‫بعد أن قامت تركيا بتسليم ليبيا إلى ايطاليا الفاشية وانطالق‬ ‫املقاومة في كل أنحاء ليبيا وتصاعدها قرر غريساني احتالل‬ ‫الكفرة ليقطع اخر خطوط إمداد املقاومة عن برقه وجهز حملة‬ ‫عسكرية ضخمة انطلقت من ‪ 3‬محاور لتلتقي كلها في الكفرة يوم‬ ‫‪ 1931-01-19‬وتكون معركة الكفرة الشهيرة (الهوارية) والتي‬ ‫ردد فيها املجاهدين وهم يقاومون تلك الكلمات التي ظلت نبراساً‬ ‫وفخراً لكل ليبي (مرحب باجلنة جت تدنى)‪.‬‬ ‫ف��ي تلك االث �ن��اء وعند خ��روج املجاهدين مل�لاق��اة الطليان على‬ ‫مشارف الكفرة خرجت جموع النساء واألطفال وكبار السن في‬ ‫(الهجة) ومنهم من هج (رحل) إلى واحة الداخلة (مصر) ومنهم‬ ‫إلى وداي هور ومليط (السودان) ومنهم إلى وجنقة وفايا (تشاد)‪.‬‬ ‫وسبب هروبهم هو خوفهم من االعتداء عليهم والتنكيل بهم خاصة‬ ‫وان الطليان يعاقبون كل مدينة تقاومهم باستباحتها ملدة ‪ 3‬أيام‬ ‫ويفعلون في أهلها األفاعيل‪.‬‬ ‫بعد ذلك متركزت احلامية االيطالية في (التاج) وهو جبل يطل‬ ‫على الكفرة من الشرق وبه الزوايه السنوسية وقبر الشيخ املهدي‬ ‫السنوسي وكذلك املسجد‪ .‬وهي كلها موجودة إلى اآلن‪ .‬وبعد عدة‬ ‫سنوات ب��دأت رحلة ال�ع��ودة ملن كتب الله له النجاة في غياهب‬ ‫الصحراء ول��م ميت عطشا في رحلة الهجة من ليبيا أو رحلة‬ ‫العودة إليها‪.‬‬ ‫عندما عاد سكان الكفرة من مصر ومن السودان ومن تشاد بعد‬ ‫عدة سنوات‪ .‬وتعرفوا على هذه املناطق أصبحت هناك خطوط‬ ‫للتجارة خاصة مع السودان وتشاد ومن ضمن التجارة كان هناك‬ ‫جتارة الرقيق التي كانت رائجة في افريقيا‪ .‬بدوأ من جديد وكانت‬ ‫زراعة النخيل وتربيه املاشية هي مصدر عيشهم ورزقهم بسبب‬ ‫توفر املياه اجلوفيه باإلضافه إلى جتارة القوافل‪.‬‬

‫إدريس فــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫الكفرة ذات قيمة روحية وثقافية كونها كانت يوما ما‬ ‫عاصمة احلركة السنوسية وتضم رفات السيد املهدي‬ ‫السنوسي ومسجده وزاوي���ة لتحفيظ ال��ق��ران الكرمي‬ ‫التي كانت مصدر إشعاع إسالمي للقارة اإلفريقية‪.‬‬ ‫ويعود نسب محمد إدريس بن محمد املهدي السنوسي‬ ‫إل���ى محمد ب��ن ع��ل��ي ال��س��ن��وس��ي اخل��ط��اب��ي اإلدري��س��ي‬ ‫احل��س��ن��ي ال��ع��ل��وي ال��ه��اش��م��ي ال���ق���رش���ي‪ ،‬وق����د ول����د في‬ ‫اجلغبوب جنوب ش��رق طبرق بشرق ليبيا (‪ 20‬رجب‬ ‫‪ 1307‬ه‪ 12/‬مارس ‪ 1890‬م‪.‬‬ ‫نشأ في كنف أبيه ال��ذي ك��ان قائما على أم��ر الدعوة‬ ‫السنوسية في ليبيا‪ ،‬وعلى يديه وصلت إلى ذروة قوتها‬ ‫وانتشارها‪.‬‬ ‫التحق إدري��س السنوسي بالكتاب‪ ،‬فأمت حفظ القرآن‬ ‫الكرمي بزاوية «الكفرة»‪ ،‬مركز الدعوة السنوسية‪ ،‬ثم‬ ‫واص��ل تعليمه على يد العلماء السنوسيني‪ ،‬ثم رحل‬ ‫إل��ى ب��رق��ة سنة (‪ 1320‬ه ‪1902 -‬م)‪ ،‬وت��وف��ي ف��ي ذات‬ ‫العام وال��ده «السيد املهدي» بعد أن بلغت الدعوة في‬ ‫عهده الذروة واالنتشار‪ ،‬ووصل عدد «الزوايا» إلى ‪146‬‬ ‫زاوية موزعة في برقة وطرابلس وفزان والكفرة ومصر‬ ‫وال��س��ودان وب�لاد ال��ع��رب‪ ،‬وانتقلت رئ��اس��ة ال��دع��وة إلى‬ ‫السيد أحمد الشريف السنوسي‪ ،‬وصار وصيا على ابن‬ ‫عمه إدريس وجعله حتت عنايته ورعايته‪.‬‬ ‫وأصبحت الكفرة بعد االحتالل اإليطالي هي املدينة‬ ‫التي انخرطت في أح��داث املقاومة وفيها استخدمت‬ ‫الدبابة والطائرة ألول مرة في تاريخ احلروب‪ ،‬وقد قاد‬ ‫أحمد الشريف السنوسي في فترة من فترات إمارته‬ ‫للحركة السنوسية املجاهدين الليبيني وبعد هزميته‬ ‫في املعركة التي قادها ضد اإلجنليز في مصر تنازل‬ ‫البن عمه محمد إدريس السنوسي‪.‬‬ ‫وبعد قيام احلرب العاملية األولى سحبت إيطاليا كثيرا‬ ‫م��ن قواتها بليبيا بسبب اشتراكها ف��ي ه��ذه احل��رب‪،‬‬ ‫وفي الوقت نفسه رأى السنوسيون أن يساعدوا الدولة‬ ‫العثمانية التي دخلت احلرب أيضا‪ ،‬فقام السيد أحمد‬ ‫ال��ش��ري��ف بحملة ع��س��ك��ري��ة ع��ل��ى م��ص��ر‪ ،‬ك���ان ال��غ��رض‬ ‫منها إرغ����ام ب��ري��ط��ان��ي��ا ع��ل��ى ال��ق��ت��ال ف��ي ح���دود مصر‬ ‫الغربية‪ ،‬ومن ثم شغلها عن احلملة التركية األملانية‬ ‫على قناة السويس‪ ،‬غير أن هذه احلملة فشلت‪ ،‬وعاد‬ ‫السيد أحمد شريف إل��ى ب�لاده منهزما‪ ،‬ت��ارك��ا مهمة‬ ‫قيادة الدعوة السنوسية إلى ابن عمه محمد إدريس‬


‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي الكفرة‬ ‫السنوسي وحتت إحلاح مشايخ وزعماء برقة‪ ،‬فاستطاع‬ ‫أن يقبض على األمور بيد قوية ويضرب على أيدي‬ ‫امل��ف��س��دي��ن ف��أن��ق��ذ ال��ب�لاد م��ن خ��ط��ر ال��ت��ش��رذم‬ ‫واحل���رب االه��ل��ي��ة ‪ -‬وب��ع��د أن أف��ن��ت احل��رب‬ ‫واالوب����ئ����ة ث��ل��ث س��ك��ان ب���رق���ة‪ ،‬وات��خ��ذ‬ ‫م��ن م��دي��ن��ة اج��داب��ي��ا م��ق��را إلم��ارت��ه‬ ‫الناشئة‪.‬‬ ‫ت��ول��ى إدري�����س ال��س��ن��وس��ي إم���ارة‬ ‫����ي����ة ف��ي‬ ‫احل������رك������ة ال����س����ن����وس ّ‬ ‫ع����ام ‪1916‬م م���ن اب����ن عمه‬ ‫ال���س���ي���د أح����م����د ال���ش���ري���ف‪.‬‬ ‫دخ������ل إدري��������س ب����ن امل���ه���دي‬ ‫السنوسي في النصف الثاني‬ ‫م��ن عشرينات ال��ق��رن املاضي‬ ‫ف��ي م��ف��اوض��ات م��ع إي��ط��ال��ي��ا‪.‬‬ ‫م��ن��ه��ا م��ف��اوض��ات ال��زوي��ت��ي��ن��ة‬ ‫(م�����ن ي���ول���ي���و إل�����ى س��ب��ت��م��ب��ر‬ ‫‪1916‬م)‪ ..‬م���ف���اوض���ات في‬ ‫ض�����واح�����ي م����دي����ن����ة ط���ب���رق‬ ‫م��ن��ط��ق��ة ع��ك��رم��ة (م����ن ي��ن��اي��ر‬ ‫إل��ى أب��ري��ل ‪1917‬م)‪ ،‬مفاوضات‬ ‫ال����رج����م����ة (‪ )1914‬وك�����ان‬ ‫أه������م ش����روط����ه����ا ه��و‬ ‫االعتراف‬ ‫بالسيد‬ ‫إدريس‬ ‫السنوسي‬ ‫كأمير‬ ‫سنوسي إلدارة‬ ‫احل���ك���م ال���ذات���ي‬ ‫ب����ح����ي����ث ي��ش��م��ل‬ ‫ن���ط���اق���ه���ا واح�������ات‪:‬‬ ‫اجل�����غ�����ب�����وب وج�����ال�����و‬ ‫والكفرة ويكون مقرها في‬ ‫إجدابيا‪ ،‬واتفاقية أبو مرمي‬ ‫واج��ت��م��اع إدري���س السنوسي بوزير‬ ‫املستعمرات اإليطالية أمندوال في عام ‪ 1922‬م‬ ‫في منطقة غوط الساس بالقرب من جردس العبيد‪.‬‬ ‫ل��م تستمر حكومة إج��داب��ي��ا ط��وي� ً‬ ‫ألن إيطاليا أرادت‬ ‫لا ّ‬

‫ال��ت��خ��ل��ص م���ن ات��ف��اق��ات��ه��ا وذل����ك ب��ع��د زح����ف ارت����ال‬ ‫الفاشيني على روما‪ .‬فقرر إدريس السنوسي‬ ‫ال��رح��ي��ل إل����ى م��ص��ر وك��ل��ف شقيقه‬ ‫محمد الرضا السنوسي‬ ‫األصغر‬ ‫ّ‬ ‫وك�����ي�� ً‬ ‫ل��ا ع����ن����ه ع����ل����ى ش�����ؤون‬ ‫احل����رك����ة ال���س���ن���وس ّ���ي���ة ف��ي‬ ‫ب��رق��ة‪ ،‬وع�ين عمر املختار‬ ‫نائب ًا ل��ه وق��ائ��د ًا للجهاد‬ ‫ال���ع���س���ك���ري ف�����ي ش��ه��ر‬ ‫نوفمبر ‪1922‬م‬ ‫مل�������ا ق������ام������ت احل�������رب‬ ‫ال��ع��امل��ي��ة ال��ث��ان��ي��ة في‬ ‫ع����ام ‪1939‬م راه���ن‬ ‫األم�������ي�������ر إدري���������س‬ ‫ال���س���ن���وس���ي ع��ل��ى‬ ‫احل���ل���ف���اء وأع��ل��ن‬ ‫ف�������ي�������م�������ا ب����ع����د‬ ‫انضمامه إليهم‬ ‫وع����ق����د ات���ف���اق���ا‬ ‫مع البريطانيني‪.‬‬ ‫ودخ�������ل إل������ى ل��ي��ب��ي��ا‬ ‫ب��ج��ي��ش أس���س���ه ف��ي‬ ‫املنفى (اجليش‬ ‫السنوسي)‬ ‫ف�������������������������������ي ‪9‬‬ ‫أغسطس‬ ‫‪1940‬م متحالفاً‬ ‫مع البريطانيني لطرد‬ ‫ال�����غ�����زاة اإلي���ط���ال���ي�ي�ن‪.‬‬ ‫ومل��ا انتهت احل���رب بهزمية‬ ‫إيطاليا‪ ،‬وخروجها من ليبيا‪،‬‬ ‫ع����اد إدري������س ال��س��ن��وس��ي إل��ى‬ ‫ليبيا في (شعبان ‪ 1364‬ه املوافق‬ ‫يوليو ‪ 1944‬م)‪ ،‬وأصبحت ليبيا منذ‬ ‫البريطانية‬ ‫ذلك التاريخ حتت حكم اإلدارة‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حتصل في نوفمبر ‪1920‬م‬ ‫والفرنسية (احللفاء)‪.‬‬ ‫على حكم ذات��ي (حكومة إج��داب��ي��ا)‪ ،‬ث��م أعلن استقالل‬ ‫والية برقة في ‪ 11‬أكتوبر ‪1949‬م‪ ،‬وانتقلت سلطات اإلدارة‬ ‫العسكرية البريطانية إلى حكومة برقة‪.‬‬ ‫ّ‬


‫‪72‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫ّ‬ ‫تتغذى على احلرب‬ ‫من ذاكرة الصحراء‪ ..‬عندما كانت الكفرة‬ ‫كتب‪ :‬فرح أمبدة‬

‫ف����ي ال����رك����ن اجل���ن���وب���ي ال���ش���رق���ي من‬ ‫ليبيا حتتضن رمال الصحراء مدينة‬ ‫صغيرة ال يتعدى سكانها ال ‪ 60‬ألف‬ ‫نسمة وه��ي ع��ب��ارة ع��ن واح���ة فقيرة‬ ‫تسمي مبدينة الكفرة‪ ،‬وكانت حتمل‬ ‫حتى م��ج��يء القبائل العربية إليها‬ ‫اس��م ت���ازر (وه���ي تعني امل��دي��ن��ة بلغة‬ ‫التبو)‪ ،‬ورغم بعد الكفرة عن الساحل‬ ‫الليبي حيث املناطق احلضرية ورغم‬ ‫وج��وده��ا ف��ي منطقة مهملة إال أنها‬ ‫ظ��ل��ت ع��ل��ى ال������دوام ت��ش��ك��ل أهميتها‬ ‫وحتتل مكانها في املنطقة التي تضم‬ ‫ال��س��ودان وت��ش��اد ول��ي��س فقط ليبيا‪،‬‬ ‫وهذا ما يقود إلى احلديث عن دورها‬ ‫التاريخي في النزاعات التاريخية في‬ ‫هاتني الدولتني‪.‬‬ ‫قبل تفجر الثروة النفطية في ليبيا‬ ‫قبل أرب��ع��ة ع��ق��ود ك��ان س��ك��ان الكفرة‬ ‫وه���م ب��ج��ان��ب ال��ت��ب��و‪ ،‬م��ن��ح��درون من‬ ‫ق��ب��ائ��ل ال����زوي وامل��ج��اب��رة‪ ،‬يعتمدون‬ ‫على م��ا ينتجونه م��ن ال��ت��م��ور وعلى‬ ‫التجارة املتواضعة مع دارفور وأقاليم‬ ‫تشاد املوازية‪ ،‬ولكن املواشي السودانية‬ ‫التي متر عبر مدينتهم في طريقها‬ ‫إل����ى م����دن أج���داب���ي���ا وب���ن���غ���ازي وب��ن��ي‬ ‫جواد‪ ،‬مصدر حياة مهم بالنسبة لهم‪،‬‬ ‫لذلك ظلت املدينة على الدوام تشكل‬ ‫املدخل ألي «عالقة طبيعية» تربط‬ ‫ليبيا وال���س���ودان مثلما ه��ي «خميرة‬ ‫عكننة» عند أي منعطف‪.‬‬ ‫ن��ه��اي��ة ال��س��ت��ي��ن��ات ذاق����ت ليبيا طعم‬ ‫النفط وانتعشت مدنها البائسة وبدأ‬ ‫سكانها يتعرفون على وس��ائ��ل حياة‬ ‫ج��دي��دة‪ ،‬ومنذ وق��ت مبكر م��ن ظهور‬ ‫ال��ن��ف��ط ك����ان ن��ص��ي��ب ال��ك��ف��رة ك��ب��ي��را‪،‬‬ ‫فهي من جهة قريبة من مواقع إنتاج‬ ‫ال��ن��ف��ط وت��ق��ع ف���ي اجل�����وار م���ع إقليم‬ ‫دارفور الكثيف السكان والغني بثروته‬ ‫احليوانية والزراعية‪ ،‬فضال عن أن من‬ ‫يقطنونها سبقوا غيرهم م��ن سكان‬ ‫ال���ب�ل�اد ف���ي ال��ت��ع��رف ع��ل��ى ج��ي��ران��ه��م‬ ‫ولديهم معرفة بالطرق التي تربطهم‬ ‫بتشاد وب��ال��س��ودان وميلكون شجاعة‬ ‫ن��ادرة في ممارسة جتارة احل��دود غير‬ ‫املقننة‪.‬‬ ‫هذه الصفات النادرة جعلت من سكان‬ ‫الكفرة األكثر مقدرة على معاونة من‬

‫‪‎‬بحيرات اجلنوب الشرقي‬

‫‪‎‬مجاهدون من اجلنوب الشرقي‬

‫يلجأ إليهم م��ن املعارضني التشاديني‬ ‫أو ال�����س�����ودان�����ي��ي��ن‪ ،‬ف����ف����ي م��ن��ت��ص��ف‬ ‫ال��س��ب��ع��ي��ن��ات‪ ..‬ع��ن��دم��ا ق����ررت أح���زاب‬ ‫اجل��ب��ه��ة ال��وط��ن��ي��ة «ب��ق��ي��ادة ال��ص��ادق‬ ‫املهدي‪ ،‬الشريف حسني الهندي‪ ،‬حسن‬ ‫ال��ت��راب��ي» ش��ن احل��رب ض��د نظام حكم‬ ‫الرئيس جعفر منيري لم يكن أمامها‬

‫غير صحراء ليبيا اجلنوبية الشرقية‬ ‫لتدريب من انضموا إليها‪.‬‬ ‫وكانت مدينة الكفرة ومعسكرات تازربو‬ ‫والسرير التي من حولها املأوى املناسب‬ ‫لهؤالء الثوار وكان سكانها هم يدلونهم‬ ‫على مداخل ومخارج املنطقة‪ ..‬نفس‬ ‫ال���ش���يء ف��ع��ل��وه م���ع ال���ث���وار امل��ع��ارض�ين‬


‫‪‎‬في سفح جبل العوينات‬

‫جبل العيونات‬ ‫سر األزل‬ ‫ماغما اجلرانيت ّ‬ ‫حتمي ّ‬

‫جبل العوينات (‪ 1934‬مترا) هو سلسلة جبلية‬ ‫ف��ي منطقة ح ��دود ليبيا‪ -‬م�ص��ر‪ -‬ال �س��ودان‪،‬‬ ‫ويغطي جبل العوينات مساحة قدرها ‪1500‬‬ ‫كيلومتر مربع ومعظم مساحته تقع في ليبيا‪.‬‬ ‫املنطقة معروفة مبجموعة رسوماتها البدائية‬ ‫ال�ق��دمي��ة على ال�ص�خ��ور اجلبلية‪ ،‬م��ن أوائ��ل‬ ‫االستكشافات في املنطقة متت من قبل أحمد‬ ‫باشا حسنني وال��ذي رس��م أول��ى خرائطه في‬ ‫‪.1932‬‬ ‫املنطقة جافة في معظمها إال أن الرسومات‬ ‫املجسدة على صخورها والتي حتكي أشكال‬ ‫احلياة منذ زمن بعيد تخبر عن كون املنطقة‬ ‫شهدت زمنا مطيرا مبا كان يحوي من نعام‪،‬‬ ‫زراف‪ ،‬غ ��زالن وأش �ج��ار األك��اس�ي��ا (السنط)‬ ‫وأشجار املرو‪ .‬رغم هذا فان عدد أنواع النباتات‬ ‫احلالية في املنطقة اليقل عن ‪ 55‬نوعا من‬ ‫النباتات‪ ،‬كما يوجد في املنطقة حيوانا من بني‬ ‫قائمة احليوانات املهددة عامليا باالنقراض أال‬ ‫وهو الكبش األروي‪.‬‬ ‫في اجل��زء الغربي من اجلبل تتكون مجموعة‬ ‫من اجلبال اجلرانيتية التي تكونت من الصخور‬ ‫النارية التي تكونت نتيجة انصهار ماغما حتت‬ ‫سطح األرض‪ ،‬مرتبة على هيئة طوق يصل قطر‬ ‫بعضها إلى ‪ 25‬كيلومتراوتنتهي بثالثة وديان‬

‫‪‎‬من رسومات جبل العوينات‬

‫لنظام حكم الرئيس التشادي األسبق‬ ‫فرانسيس تامبلبي والرؤساء السابقني‬ ‫ج��ي��ك��ون��ي ع���وي���دي وح��س�ين ه��ب��ري‪..‬‬ ‫لقد كانت املدينة الصحراوية تشكل‬ ‫دائما خط اإلم��داد األول للمعارضني‬ ‫السودانيني والتشاديني وما تزال‪.‬‬ ‫واح��ة الكفرة الصغيرة هي آخر مكان‬ ‫م��أه��ول ب��ال��س��ك��ان ق��ب��ل ال���دخ���ول إل��ى‬ ‫حدود السودان والى دولة تشاد‪ ،‬لذلك‬ ‫ع��ن��دم��ا ان��دل��ع��ت احل���رب ف��ي دارف����ور‪،‬‬ ‫كانت مبثابة مركز الداعم للخطوط‬ ‫اخللفية للمقاتلني‪ ،‬وي��ع��رف السكان‬ ‫ف���ي م��ن��اط��ق وم�����دن ال���ف���اش���ر وم��ل��ي��ط‬ ‫وك��ت��م وال��ط��ي��ن��ة واحل���م���رة وأم سياال‬ ‫وامل���احل���ة وال���وخ���امي واحل�����وش‪ ،‬فضال‬ ‫ع��ن ال��ب��دو امل��ت��ج��ول�ين ف��ي امل��ن��ط��ق��ة‪..‬‬ ‫أن مقاتلي دارف��ور كانوا يستخدمون‬ ‫س��ي��ارات حتمل ل��وح��ات ليبية وكانوا‬ ‫ع��ل��ى ع��ل��م م��ن أن متويلهم ي��أت��ي عن‬ ‫ط��ري��ق ال��ك��ف��رة‪ .‬وي���درك���ون أن سكان‬ ‫امل��دي��ن��ة ال��ذي��ن ك��س��دت جت��ارت��ه��م في‬ ‫بداية األزم��ة ع��ادت لتنتعش بصورة‬ ‫غير مسبوقة بعد أن مكنتهم احلرب‬ ‫م��ن تأجير س��ي��ارات��ه��م للمتمردين أو‬ ‫التعامل م��ع امل��ن��اط��ق ال��ت��ي تقع حتت‬ ‫سيطرتهم ونقل املؤمن واملواد الغذائية‬ ‫للمقاتلني‪ .‬على مدى ثالثة أعوام من‬ ‫عمر احلرب وعندما كان املدنيون في‬ ‫دارف��ور وسكان األري��اف يصارعون من‬ ‫أجل البقاء بعد أن شردهم القتال كان‬ ‫آخ��رون في مدينة الكفرة ال يفكرون‬ ‫إال ب��ح��ج��م امل���ك���اس���ب ال���ت���ي س��ت��ن��ه��ال‬ ‫عليهم‪ ،‬فهناك الكثيرون من الليبيني‬ ‫وم����ن ال���س���ودان���ي�ي�ن ال���ذي���ن أدخ��ل��ت��ه��م‬ ‫احلرب الدامية ضمن زمرة األثرياء‪،‬‬ ‫وي��ق��ول ق��ادم��ون م��ن ليبيا ان املدينة‬ ‫ان��ت��ع��ش��ت خ��ل��ال ال���ع���ام�ي�ن امل��اض��ي�ين‬ ‫ب����ص����ورة ل����م ت���ك���ن م��ت��وق��ع��ة وح��س��ب‬ ‫قولهم ف��إن ك��ل ت��داع��ي��ات احل��رب في‬ ‫دارف�������ور ح��ص��دت��ه��ا ال���ك���ف���رة أرب���اح���ا‪.‬‬ ‫أم��ا «ازي����رق» وه��و م��واط��ن م��ن دارف���ور‬ ‫ي��ع��م��ل ف���ي ال���ت���ج���ارة احل����دودي����ة بني‬ ‫ليبيا والسودان قال لي قبل مدة «ان‬ ‫فقراء الكفرة أصبحوا أغنياء بسبب‬ ‫احلرب في دارف��ور»‪ ،‬وهم حسب قوله‬ ‫ال يجرون وراء ش��يء غير «الفلوس»‬ ‫يؤجرون سياراتهم ملجموعات معروفة‬ ‫تقوم مبد معسكرات املتمردين باملؤن‬ ‫ال��غ��ذائ��ي��ة وب���امل�ل�اب���س وب��ق��ط��ع غ��ي��ار‬ ‫السيارات «تخرج محملة بهذه املواد‬ ‫وتعود محملة باملواشي»‪.‬‬

‫‪‎‬جبل العوينات‬

‫باجتاه الغرب هي كركور حميد»‪ ،‬كركور إدريس»‬ ‫و»كركور إبراهيم»‪ ،‬يتكون جزئها الشرقي من‬ ‫حجر رم�ل��ي ينتهي ب»ك��رك��ور ط�ل��ح» «ك��رك��ور‬ ‫مور»‪ ،‬كما توجد واحة دائمة تعرف باسم عني‬ ‫البرنس» أو «بير مور»‪.‬‬


‫‪74‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫أمكنة لها تاريخ‬

‫بحيرة بــــــــزمية‬

‫واح��ة تتميز بعني مياه كبريتية ساخنة‪ ،‬يعتقد ال��زوار أنها‬ ‫تشفي م��ن األم����راض‪ ،‬وي��ت��واف��د عليها ال��س��ي��اح فيما سكانها‬ ‫مهجرون منها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تقع بحيرة بزمية جنوب ش��رق ليبيا وس��ط الصحراء قرب‬ ‫مدينة الكفرة‪ ،‬وهي عبارة عن بحيرة وجبل مكسو بأشجار‬ ‫النخيل يسمى «جبل النخل»‪ ،‬وال شيء حولها من كل جانب‬ ‫إال الرمال‪ .‬ومما مييز البحيرة أن بعض أجزائها ال يستطيع‬ ‫االن��س��ان السباحة فيه بسبب سخونتها إل��ى درج��ة الغليان‪،‬‬ ‫ومتتاز مبلوحتها إلى درج��ة كبيرة ج��داً‪ ،‬ومن غرائبها أن بها‬ ‫عينان إحداهما باردة واألخرى ساخنة‪.‬‬ ‫وواح����ة ب��زمي��ة جت���ذب ع����دد ًا ك��ب��ي��ر ًا م��ن ال��س��ي��اح‪ ،‬وك���ان ع��دد‬ ‫سكانها ال يتجاوز الثالثمائة (‪ )300‬ولكنها خالية من السكان‬ ‫منذ عام ‪ ،1976‬حيث هاجر سكانها إلى مدينة الكفرة (التي‬ ‫تبعد عنها مسافة ‪ 150‬كم باجتاه اجلنوب الشرقي)‪.‬‬ ‫وي��رى مدير مكتب مصلحة اآلث���ار بالكفرة أن ال��واح��ة كانت‬ ‫مسكونة منذ آالف السنني‪ ،‬ويروي أنه قام بزيارتها مع العديد‬ ‫من املؤرخني من داخل وخارج ليبيا‪ ،‬حيث مت اكتشاف رسومات‬ ‫ونقوش في جبل النخل قدر املؤرخون عمرها بآالف السنني‪.‬‬ ‫وك��ان الرحالة جيرالد رول��ف��س‪ ،‬وه��و أول رحالة أوروب���ي يزور‬ ‫الواحة‪ ،‬قد ذكر في كتابه «ثالثة أشهر في الصحراء الليبية»‬ ‫واح��ة بزمية ووصفها بأنها «سحر من خيال الصحراء‪ ،‬وبها‬ ‫غابة من القصب وال��غ��اب غاية في الكثافة‪ ،‬وغالب ًا ما تصل‬ ‫أح����راش النخيل ح��ت��ى أط����راف امل���اء م��ب��اش��رة» وي��ض��ي��ف ب��أن‬ ‫الواحة «مأوى ألنواع كثيرة من الصقور»‪.‬‬ ‫وتبلغ مساحة عني واحة بزمية األكبر حوالي ‪ 1500‬متر مربع‬ ‫وتسمى بعني «األرباع»‪ ،‬كما توجد في البحيرة عدة عيون هي‬ ‫سبب بقائها رغم جفاف مساحات واسعة من أطرافها‪ ،‬حيث‬ ‫تعوض في الشتاء ما فقدته في فصل الصيف‪.‬‬ ‫وم��ن أه��م عيون بحيرة بزمية نبع م��اء كبريتي ساخن تبلغ‬ ‫درج��ة ح��رارت��ه م��ن ‪ 70‬إل��ى ‪ 80‬درج��ة مئوية‪ ،‬يسمى بـ»عني‬ ‫الشفاء» و يأتيه الناس من كل مكان بقصد العالج‪ ،‬وهو السبب‬ ‫في إطالق هذا االسم على الواحة بالكامل‪.‬‬ ‫أم��ا اجل��ب��ل امل��ج��اور ل��ه��ذه ال��واح��ة فهو م��ن أغ��ن��ى م��واق��ع الفن‬ ‫الصخري في جنوب شرق ليبيا‪ .‬ويقسم مدير مكتب اآلثار‬ ‫النقوش التي وجدت في الواحة إلى فترتني «هما فترة األبقار‬ ‫وفترة اجلمال‪ ،‬وتوجد بها مقابر ومباني دائرية‪ ،‬هذه املباني‬ ‫نوعان منها ما هو مبني مبونة (الدعم األرض��ي باألعمدة)‪،‬‬ ‫واآلخ���ر مبني بحجارة مرصوفة ف��وق بعضها البعض ب��دون‬ ‫مونة»‪ ،‬وهو ما يدعم نظريته بوجود فترتني من االستيطان‬ ‫للواحة‪.‬‬ ‫ويضيف‪ :‬في هذا اإلطار أن أشهر املواقع األثرية في الواحة‬ ‫«هو موقع اجلمال وهو موقع مفتوح وقريب جد ًا من البحيرة‪،‬‬ ‫وج���ل م��واض��ي��ع��ه ح��ي��وان��ي��ة وه���ي مت��ث��ل ف��ت��رة اجل��م��ال حيث‬ ‫األشكال اآلدمية قليلة الظهور‪ ،‬وإن ظهرت فهي تظهر بشكل‬ ‫رديء ما يدل علي أهمية اجلمل بالنسبة لإلنسان وقيمته في‬ ‫تلك احلقبة»‪.‬‬ ‫ويتابع‪« :‬ث��م هناك النقوش التى رسمت على اجلبل‪ ،‬والتي‬ ‫مت��ث��ل م��ج��م��وع��ة م��ن امل���واش���ي وال����زراف����ات وب��ع��ض احل��ي��ون��ات‬ ‫رسمت وكأنها ُتطارد من قبل صيادين‪ ،‬وترجع جميع الصور‬ ‫والرسومات إلى عصر الرؤوس قبل آالف السنني»‪.‬‬

‫‪‎‬مشاهد من بحيرة بزمية‬


‫مناخ اجلنوب الشرقي‬ ‫الشهر‬

‫يناير‬ ‫فبراير‬ ‫مارس‬ ‫أبريل‬ ‫مايو‬ ‫يونيو‬ ‫يوليو‬ ‫أغسطس‬ ‫سبتمبر‬ ‫اكتوبر‬ ‫نوفمبر‬ ‫ديسمبر‬ ‫العام‬

‫العظمى‬

‫الصغرى‬

‫هطول ‪ mm‬‬

‫املتوسطة ‪°‬س‬

‫املتوسطة ‪°‬س‬

‫)‪(inches‬‬

‫(‪°‬ف)‬

‫(‪°‬ف)‬

‫‪20.6‬‬

‫‪5‬‬

‫‪3‬‬

‫(‪)69‬‬

‫(‪)41‬‬

‫)‪(0.1‬‬

‫‪23.3‬‬

‫‪6.7‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)74‬‬

‫(‪)44‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪27.8‬‬

‫‪10‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)82‬‬

‫(‪)50‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪32.8‬‬

‫‪15‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)91‬‬

‫(‪)59‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪36.1‬‬

‫‪19.4‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)97‬‬

‫(‪)67‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪38.9‬‬

‫‪22.2‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)102‬‬

‫(‪)72‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪37.8‬‬

‫‪22.8‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)100‬‬

‫(‪)73‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪38.3‬‬

‫‪23.3‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)101‬‬

‫(‪)74‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪35.6‬‬

‫‪20.6‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)96‬‬

‫(‪)69‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪32.2‬‬

‫‪16.7‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)90‬‬

‫(‪)62‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪27.2‬‬

‫‪11.7‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)81‬‬

‫(‪)53‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪22.8‬‬

‫‪7.2‬‬

‫‪0‬‬

‫(‪)73‬‬

‫(‪)45‬‬

‫)‪(0‬‬

‫‪31.11‬‬

‫‪15.05‬‬

‫‪3‬‬

‫(‪)88‬‬

‫(‪)59.1‬‬

‫)‪(0.1‬‬

‫‪‎‬صورة القمر الصناعي للكُ فرة ويبدو مطار املدينة‬ ‫ومزارع الري احلوري‬

‫‪‎‬صورة من الفضاء حلقول الري املركزي في واحة الكفرة‬


‫‪76‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫رحلة‬

‫رحلة إلى‬ ‫األطلس األوسط‬ ‫‪ ..‬بمحض الصدفة‬

‫إفران‬

‫سياحية وتاريخ عريق‬ ‫‪ِ ..‬قبلة‬ ‫ّ‬


‫مختار اجلدال‬ ‫وصلت املغرب قادم ًا من باماكو بجمهورية مالي‪ ،‬أحمل معي خيبة أمل في زيارة مالي لفترة أطول من ثمانية‬ ‫وأربعني ساعة هي كل الوقت الذي قضيته هناك‪ ،‬ثم غادرت على عجل في منتصف الليل وبناء على رغبة‬ ‫ملحة من املسؤول عن احلراسة بالسفارة الليبية هناك‪.‬‬


‫‪78‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫رحلة‬

‫ذهبت هناك بدعوى من جامعة مالي للمشاركة في مؤمتر عن‬ ‫اإلرهاب مقدماً ورقة علمية عن عالقة اجلماعات اإلسالمية في‬ ‫ليبيا بجماعة آزواد بشمال مالي‪ .‬اعتمدت الورقة على معلومات تفيد‬ ‫بأن القوات الفرنسية قصف مجموعة من السيارات مبنطقة متبكتو‬ ‫وعندما مت الكشف على بقايا اآلليات املدمرة وجد أن أرقام هياكلها‬ ‫تعود إلى صفقة سيارات مت استيرادها من دولة اإلمارات وسلمت‬ ‫لوكيل وزارة الدفاع الليبية‪.‬‬ ‫ومن هناك مت تسليمها أو بيعها إلى جماعة آزواد‪ ،‬لذا مت القبض على‬ ‫رجال أعمال ليبيني كانوا وراء الصفقة دون علمهم بأنها ستساهم‬ ‫في إرهاب األمنيني شمال مالي وبالتأكيد إنه هناك صفقات أخرى‬ ‫غير السيارات‪.‬‬ ‫وصلت باماكو بجمهورية مالي صباح االثنني قادماً من تونس وعن‬ ‫طريق أبيدجان عاصمة ساحل العاج‪ ،‬وعندما وصلت مطار باماكو‬ ‫تخلفت حقيبتي في مطار قرطاج ولم تصل إال بعد عشرة أيام‪.‬‬ ‫كانت إقامتي بفندق ريدسون بلو‪ .‬في املساء التقيت القائم باألعمال‬ ‫ال��ذي ع��رف أن��ي مقيم هناك‪ .‬ك��ان يرافقه رئيس ح��رس السفارة‬ ‫وأخذوني في جولة سريعة في ش��وارع باماكو‪ ،‬وفي الصباح كان‬ ‫موعدي مع جامعة باماكو حلضور املؤمتر موضوع الزيارة‪.‬‬ ‫عدت إلى الفندق متأخراً‪ ،‬ومنت قبل العاشرة‪ .‬كنت مرهقاً ومتوجساً‬ ‫من الناموس الذي كان ميأل الغرفة‪ ،‬وبعد أن استدعيت عمال الفندق‬ ‫ثالث مرات للتخلص من تلك احلشرة التي كنت أتصور أنها حتمل‬ ‫مالريا العالم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫في منتصف الليل متاما دق باب الغرفة بقوة ورن جرس التليفون‪،‬‬ ‫وعندما رددت على التليفون حتدث معي موظف االستقبال وقال‬ ‫لي هناك شخص يريد مقابلتك‪ ،‬فتحت باب الغرفة فوجدته رئيس‬ ‫احلرس بالسفارة وطلب مني املغادرة فوراً دون أن يخبرني باألسباب‪.‬‬ ‫قال لي‪ :‬هناك طائرة مغربية ستغادر إلى الدار البيضاء عند الثالثة‬ ‫صباحاً‪ ،‬سأحجز لك على متنها‪ .‬أخذ جواز سفري وغادر مسرعاً‪،‬‬ ‫وهو يقول‪ :‬سأعود إليك‪ .‬غاب عني حولي ساعة ثم عاد ليصطحبني‬ ‫إلى املطار ورافقني في الطائرة إلى الدار البيضاء التي وصلتها عند‬ ‫السابعة صباحاً‪.‬‬ ‫إذاً أنا اآلن في املغرب ودون ترتيبات‪ ..‬الصدفة وحدها هي التي‬ ‫أوجدتني هناك‪ ،‬وال أعلم حتى هذه اللحظة األسباب التي جعلت‬ ‫رئيس حرس السفارة يطلب مني املغادرة ويرافقني في الرحلة‪ ..‬أمر‬ ‫ال يزال يحيرني‪ ،‬ولكن قررت أن أستغل هذه الصدفة في زيارة جبال‬ ‫األطلس املتوسط خاصة وإن بعض األصدقاء عرضوا مساعدتهم‬ ‫في التبرع مبكان اإلقامة واإلعاشة فذهبت إلى هناك‪.‬‬ ‫متتد سلسلة جبال األطلس املتوسط وس��ط القسم الشمالي من‬ ‫املغرب األقصى‪ ،‬وهي ترتبط في حدودها اجلنوبية مع األطلس‬ ‫الكبير وتنفصل شماالً عن الريف مبمر تازة وهضبة سايس حيث‬ ‫يطل على مدينة فاس شماالً هذان املمران ويعدان منطقتي عبور‬ ‫بني غرب املغرب األقصى وشرقه‪ ،‬وتعتبر جبال األطلس املغربية من‬ ‫أكبر السالسل اجلبلية في العالم‪.‬‬ ‫على قمة ه��ذه السلسة تنتشر العديد م��ن امل��دن اجلميلة وتنبع‬ ‫منها معظم أنهار املغرب (سبو‪ ،‬أم الربيع‪ ،‬ملوية‪ ،‬امليس كيكو‪ ،‬أبي‬ ‫رقراق) وتعتبر أكبر خزان مائي في املغرب العربي‪ ،‬وينقسم األطلس‬

‫‪ ‎‬الكاتب الرحالة مختار اجلدال‬

‫السفارة الليبية في باماكو تطلب مني املغادرة فور ًا‬ ‫دون أن تخبرني باألسباب‬ ‫عندما مت الكشف على بقايا اآلليات املدمرة في‬ ‫أزواد وجد أن أرقام هياكلها تعود إلى صفقة سيارات‬ ‫مت استيرادها من دولة اإلمارات وسلمت لوكيل وزارة‬ ‫الدفاع الليبية‬ ‫على قمة سلسة األطلس األوسط تنتشر مدن‬ ‫جميلة وتنبع منها معظم أنهار املغرب وهي أكبر‬ ‫خزان مائي في املغرب العربي‬ ‫هنا توجد أكبر غابة أرز في العالم وهو األرز‬ ‫األطلسي الذي يعتبر أجود أنواع هذه الفصيلة‬


‫‪‎‬شجرة معمرة في منتجعات األطلس األوسط‬

‫‪‎‬في الشتاء تتحول إفران إلى منتجع للتزلج‬

‫املتوسط لقسمني‪ ،‬القسم الشرقي وهو يرتفع عن سطح البحر ثالثة‬ ‫اآلف متر‪ ،‬والقسم الغربي وهو عبارة عن مجموعة من الهضاب‬ ‫ويتراوح ارتفاعه بني ألف وألفي متر‪.‬‬ ‫أغلب سكان ه��ذه السلسلة من األم��ازي��غ‪ ،‬ويعيشون على الرعي‪،‬‬ ‫باستثناء بعض املناطق التي تعرف نشاطاً زراعياً عصرياً منذ فترة‬ ‫تواجد الفرنسيني‪ ،‬حيث تنتشر به العديد من مزارع الفاكهة خاصة‬ ‫التفاح واإلجاص والكرز واملشمش واخلوخ‪.‬‬ ‫ويغطيه غطاء نباتي يتكون من أشجار البلوط األخضر (السنديان)‬ ‫والعرعار في املناطق املتوسطة االرتفاع واألرز في املناطق املرتفعة‬ ‫حيث توجد به أكبر غابة أرز في العالم‪ ،‬ويس ّمى هذا النوع باألرز‬ ‫األطلسي الذي يعتبر من أجود أنواع األرز‪.‬‬ ‫أهم مدن سلسلة األطلس املتوسط‪ ،‬ميدلت‪ ،‬بني مالل‪ ،‬خنيفرة‪،‬‬ ‫إفران‪ ،‬أزرو‪ ،‬إميوزار كندر‪ ،‬أمليس مرموشة‪ ،‬كيكو‪ ،‬صفرو‪ ،‬بوملان‪،‬‬ ‫ميسور‪ ،‬مريرت‪.‬‬ ‫ويعود تاريخ أول استقرار لإلنسان في املنطقة إلى القرن السادس‬ ‫عشر‪ ،‬قرية سيدي عبد السالم‪ ،‬واملسماة زاوية سيدي عبد السالم‪،‬‬ ‫املؤسس ملجتمع هذه املنطقة في وادي «تزقويت» الواقع على بعد‬ ‫سبع كيلومترات من مصب نهر البلدة احلالية‪.‬‬ ‫تكونت في البداية من مساكن كهفيه محفورة في احلجر اجليري‬ ‫جل��دار ال��وادي‪ .‬وفي السنوات اخلمسني األخيرة بدأ سكانها في‬ ‫بناء مساكن فوق أرض الكهوف التي تقع اآلن حتت هذه املنازل‬ ‫والتي الزالت تستخدم كحضائر للحيوانات وأماكن للتخزين‪ ،‬وبحلول‬ ‫منتصف القرن السابع عشر بدت زاوي��ة سيدي عبد السالم في‬ ‫التوسع بعد حصولها على منح وتبرعات لألرضي من السلطان‬ ‫الرشيد بن علي الشريف‪.‬‬ ‫أنشئت مدينة إف��ران احلديثة من قبل اإلدارة الفرنسية في عام‬ ‫‪ 1929‬على أراض صودرت من «سكان زاوية سيدي عبدالسالم»‪،‬‬


‫‪80‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫رحلة‬

‫سيدي عبدالسالم في معجم آمون‬

‫مدينة مغربية على أن��ق��اض مستوطنة قرطاجية‬ ‫تأسست في القرن األول ق‪.‬م‪ .‬عثر فيها على مدفن‬ ‫ّ‬ ‫ولقى أثرية‪ ،‬ويعود البعض بزمن إنشائها إل��ى القرن‬ ‫اخلامس ق‪.‬م‪ .‬وال ُيدرى اسمها القرطاجي‪.‬‬

‫‪‎‬الثلج يغطي نباتات إفران في الشتاء‬

‫وك��ان الغرض أن تكون املدينة «محطة على ال�ت��ل»‪ ،‬ومكاناً ب��ارداً‬ ‫تقضي فيه األسر املستعمرة فصل الصيف‪ ،‬وقد صممت أصال وفق‬ ‫النموذج احلضري مدينة احلدائق «جاردن سيتي» السائد حينذاك‪،‬‬ ‫ودعت اخلطة إلنشاء شاليهات صيفية على طراز منازل جبال األلب‬ ‫احملاطة باحلدائق والشوارع املنحنية احملفوفة باألشجار‪ .‬كما بني‬ ‫قصر ملكي للسلطان محمد اخلامس بن يوسف‪ ،‬وكانت أول املباني‬ ‫العامة للمدينة هي مكتب للبريد وكنيسة‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬مت بناء‬ ‫سجن أصبح بعدها معسكر ألسرى احلرب خالل احلرب العاملية‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫وهي تقع قرب مدينتي فاس ومكناس بإقليم إفران‪ ،‬ويبلغ عدد سكانها‬ ‫قرابة ‪ 30‬ألف نسمة‪ ،‬وتعتبر إفران من املدن اجلبلية والتي تقع على‬ ‫ارتفاع ‪ 1655‬متراً فوق سطح البحر إذ مييزها البرد القارس والثلوج‬ ‫التي تغطي سفوح جبالها في اخلريف والشتاء واعتدال اجلو في‬

‫يعود تاريخ أول استقرار لإلنسان في املنطقة إلى‬ ‫قرية «سيدي عبد السالم» في وادي تزقويت‬ ‫أنشئت إفران سنة ‪ 1929‬ثم أصبحت معسكر ًا‬ ‫لألسرى خالل احلرب العاملية الثانية‬ ‫«اميوزار كندر» أنشئت عام ‪ 1812‬وكانت منتجع ًا‬ ‫سياحي ًا للمستوطنني الفرنسيني وهي اآلن أكبر‬ ‫منتج للتفاح باململكة املغربية‬


‫الصيف والربيع هذا جعلها جتتذب الزوار بشالالتها املائية والطبيعة‬ ‫اخلضراء‪.‬‬ ‫وإف��ران «كلمة أمازيغية» وتعني الكهوف‪ ،‬والتسمية مستوحاة من‬ ‫املغارات املنتشرة حول محيطها الطبيعي‪ ،‬قدميا كان يطلق عليها‬ ‫لقب «أورتي» باللهجة احمللية أي البستان أو احلديقة بالعربية‪ ،‬وتلقّب‬ ‫بسويسرا الصغرى لطابعها األوروبي‪.‬‬ ‫أما «آزرو» وأصل التسمية أمازيغي فتعني احلجر‪ ،‬وتقع في موقع‬ ‫استراتيجي يربط بني األطلس املتوسط وارتفاع أطلس ميدلت مروراً‬ ‫بتمحضيت وسهل تادلة وخنيفرة وكذلك مكناس واحلاجب‪ ،‬وارتفاع‬ ‫مدينة آزرو عن سطح البحر يبلغ ‪ 1508‬متراً واملدينة تقع بني اجلبال‬ ‫اخلضراء والسهل الواسع التي تعطيها جماالً ال مثيل له‪ ،‬كما تكثر في‬ ‫غاباتها مجموعات من القردة وأنوع فريد من الفراشات اجلميلة‪.‬‬ ‫مدينة «اميوزار كندر» تقع على سفح جبال األطلس املتوسط وتطل‬ ‫على كامل هضبة سايس من اجلهة الشمالية والشمالية الغربية‬ ‫كما يطل عليها جبل كندر من اجلهة الشرقية تقع على الطريق‬ ‫الرابط بني فاس و مراكش‪ .‬أنشئت عام ‪ 1812‬وعرفت ازده��اراً‬ ‫في عهد احلماية الفرنسية حيث كانت منتجعاً سياحياً للمستوطنني‬ ‫الفرنسيني‪ ،‬معظم سكانها من األمازيغ املنتمون إلى قبيلة «أيت‬

‫سغروشن» ويبلغ عدد سكانها ‪ 22‬ألف نسمة تقريباً‪ ،‬تعتبر أكبر‬ ‫منتج للتفاح باململكة املغربية وتتميز مبناخها البارد شتاء حيت تعرف‬ ‫تساقط الثلوج‪ ،‬طقسها املعتدل صيفاً‪ ،‬إضافة لقربها من العديد من‬ ‫املواقع السياحية اجلبلية كـ»بحيرة عوا» وبحيرة حشالف» وبحيرة‬ ‫«يفر» ومدينتي فاس وإف��ران‪ .‬هذا املوقع جعلها قبلة للعديد من‬ ‫السياح الذين يتضاعفون عن عدد سكانها خمس مرات‪ .‬وينضم بها‬ ‫سنوياً مهرجان سينما الشعوب األصلية ومهرجان التفاح‪.‬‬ ‫أما خنيفرة فهي حاضرة إقليم يحمل اسمها‪ ،‬تقع في جهة مكناس‬ ‫تافياللت بني جبال األطلس املتوسط على ارتفاع ‪826‬م فوق سطح‬ ‫البحر وحتيط بها أربعة جبال‪ .‬وتعتبر عاصمة قبائل زيان األمازيغية‪،‬‬ ‫إذ يشهد لها التاريخ مبقاومتها ضد املستعمرين الفرنسيني في بداية‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬وإحلاقها الهزمية بالفرنسيني في معركة لهري سنة‬ ‫‪ 1914‬م‪ ،‬ويعود اسم خنيفرة في بعض الروايات إلى اسم راعي غنم‬ ‫كان يعيش قدمياً في هده املنطقة يدعى خنفر‪ .‬يبلغ عدد سكان‬ ‫املدينة ‪ 75,000‬نسمة‪.‬‬ ‫في الرحلة القادمة سأحكي عن ثقافة اإلنسان املغربي‪ ..‬عن حضارة‬ ‫هذا البلد ال��ذي تقدم عن باقي شعوب املنطقة بسنوات طويلة‪..‬‬ ‫وإلى لقاء‪.‬‬


‫‪82‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫سينما‬

‫المنتقمون‬

‫عصر ألترون‪ ..‬مثير وخارق‪..‬‬ ‫زيادة عن الحد!‬

‫اجلزء اجلديد لفيلم «املنتقمون» الذي القى جناحاً عام ‪ 2012‬هو‬ ‫األكثر ترقباً من جانب اجلمهور لهذا الصيف‪ .‬فهل يرقى الفيلم‬ ‫امللحمي إلى مستوى الضجة التي أثيرت حوله؟ هذا ما يحاول أن‬ ‫يجيب عنه الناقد السينمائي نيكوالس باربر‪.‬‬ ‫هناك العديد من النكات اجليدة في فيلم «املنتقمون‪ :‬عصر الترون»‪،‬‬ ‫لكن أفضلها يكمن في املشاهد االفتتاحية املتتالية املليئة باحلركة‪.‬‬ ‫«الرجل احلديدي» (الدور الذي يقوم به «روبرت داوني جونيور»)‪،‬‬ ‫«كابنت أمريكا» (ال��ذي يؤديه «كريس إي�ف��ان��ز»)‪ ،‬و»ث ��ور» («كريس‬ ‫هيمزورث»)‪ ،‬و»هالك» («م��ارك روف��الّ��و) وباقي شخصيات الفيلم‬ ‫يندفعون جميعاً في أنحاء إحدى الغابات وهم في طريقهم إلى قمة‬ ‫تلة حيث يقع معقل األشرار «هايدرا»‪.‬‬ ‫وبينما يتناوب كل واح��د منهم في عرض قدراته املتميزة‪ ،‬نراهم‬ ‫يقضون على جحافل من األش��رار الذين يرتدون زيا موحدا‪ .‬لكن‬ ‫القائد األوحد لـ»هايدرا»‪« ،‬بارون ستركر» (وهو الدور الذي يؤديه‬ ‫«توماس كريتشمان») يحث قواته صارخاً فيهم بعبارة «ال تستسلموا‬ ‫أبداً!» وبعد حلظة فقط‪ ،‬يلتف إلى الرجل على ميينه وهو يهمهم‪:‬‬ ‫«سأستسلم»‪.‬‬

‫َم��ن ميكن أن يلومه على ذل��ك؟ ج��اء وص��ف ه��ؤالء األب �ط��ال في‬ ‫القصص املصورة األصلية لشركة «مارفل كوميكس» في ستينيات‬ ‫القرن املاضي باعتبارهم «عتاة أبطال األرض»‪.‬‬ ‫أما على الشاشة‪ ،‬فيبدو «املنتقمون» أكثر ق��وة‪ .‬أحدهم هو اإلله‬ ‫«ن��ورس»؛ واآلخ��ر يوجد في قفازيه املصفحني ما ال ميلكه جيش‬ ‫نظامي‪ ،‬وثالث‪ ،‬نعرفه جميعاً وهو «هالك»‪ .‬حتى أصحابهم‪ ،‬الذين‬ ‫يفترض أن يكونوا بشراً‪ ،‬ليسوا بنفس الثقل بتاتاً‪.‬‬ ‫ف��ي مشهد رائ��ع م��ن مشاهد ال� ��ذروة‪ ،‬تُ�س��رع «األرم �ل��ة ال �س��وداء»‬ ‫بدراجتها عكس اجتاه السير على أحد الطرق السريعة‪ ،‬تلتقط درع‬ ‫«كابنت أمريكا» من على قارعة الطريق‪ ،‬ثم تنزلق أسفل شاحنة لتلقي‬ ‫بالدرع بيد «الكابنت» في نفس اللحظة التي كان يريد فيها أن يسحق‬ ‫رأس أحد خصومه‪.‬‬ ‫رمبا ليس من املستغرب أن يقضي «املنتقمون» أوقاتاً طويلة وهم‬ ‫يتشاجرون فيما بينهم‪ .‬من هم اآلخرون الذين ميكنهم أن يتجرأوا‬ ‫عليهم ويعادونهم؟‬ ‫اللقطتان املذكورتان آنفاً تلخصان فيلم «املنتقمون‪ :‬عصر ألترون»‬ ‫وجتعالن منه فيلما مثيراً لإلعجاب‪ ،‬ولكن في نفس الوقت مثيرا‬


‫دون أي خلل بسيط‪ .‬وإذا أرادوا حتطيم ناطحة سحاب تقع في‬ ‫مركز املدينة دون أن ي��ؤذوا أح��داً‪ ،‬فإنهم ميكنهم ذلك بكل سهولة‬ ‫وبروح مرحة‪.‬‬ ‫رمبا يبدو للقاريء أنه من الغرابة التذمر من فيلم عن أبطال خارقني‬ ‫يقومون بأشياء غير محتملة احل ��دوث‪ ...‬والنتيجة النهائية لكل‬ ‫هذه القدرات اخلارقة املثيرة لإلعجاب دون بذل أي جهد هو عدم‬ ‫الشعور بتاتا بأن «املنتقمون» يكافحون من أجل حياتهم هم‪.‬‬ ‫يشعر املرء وكأن هؤالء األبطال يقومون بعروض جمباز أو يؤدون‬ ‫متارين رقصات بقرع األقدام باستخدام تقنية متطورة للغاية‪.‬‬ ‫وبقدر إعجابك بهذا األداء الترفيهي املتميز املصمم بدقة‪ ،‬فإنك ال‬ ‫تشعر باإلثارة التي حتركك عند مشاهدة بطل الفيلم املعرض للخطر‬ ‫وهو يعاني بشدة في ظروف غير مواتية‪.‬‬

‫للملل‪ .‬فمؤلف ومخرج الفيلم‪« ،‬جوس ويدن»‪ ،‬غير مهتم بأن يظهر‬ ‫شخصيات أبطاله وه��م يحلون األل�غ��از أو يذللون الصعاب‪ ،‬إنه‬ ‫ببساطة يريد أن يُظهرهم وهم يعاقبون األشرار ويطلقون النكات‬ ‫بأروع أسلوب ميكن أن نتصوره‪.‬‬ ‫يطلب من كل فرد أن يطلق مزحة قصيرة في جملة واحدة‪ ...‬ويقوم‬ ‫بحركات خاطفة مثيرة أمام أعضاء الفريق‪ ...‬إضافة إلى القيام‬ ‫بحركات بهلوانية‪ ...‬لينتهي األمر وهم ينجزون مهماتهم دون مجهود‬ ‫يُذكر‪ ،‬حسبما تصوره لنا القصص املصورة واملشاهد التي نفذت‬ ‫باستخدام الكمبيوتر‪.‬‬ ‫هؤالء اخلارقون باستطاعتهم االنتقال من أمريكا إلى أفريقيا بلمح‬ ‫البصر‪ .‬وإذا احتاجوا لقفص حصني والنزول بسرعة الصاروخ من‬ ‫الفضاء إلى نقطة في األرض وبدقة متناهية‪ ،‬ميكنهم ذلك يحدث‬

‫إثارة روبوت‬ ‫ما ليس في صالح الفيلم‪ ،‬مثل اجلزء األول من «املنتقمون» قبل ثالث‬ ‫سنوات‪ ،‬أن عدوهم الرئيسي هو أقل منهم قوة بكثير‪.‬‬ ‫وعموماً‪ ،‬فإن حبكة «عصر ألترون» هي نفسها تقريباً نفس حبكة‬ ‫فيلم عام ‪ .2012‬يجتمع املنتقمون ويتبادلون األحاديث؛ وقتذاك‬ ‫واآلن‪ ،‬يتناطحون مع بعضهم البعض‪ ،‬يهددهم غرمي شرير مريض‬ ‫نفسياً دون أن يفعل في احلقيقة أي شيء‪ ،‬وهناك في النهاية معركة‬ ‫ضد حشود مندفعة من جنود مشاة ليست لهم معالم وجه واضحة‬ ‫صنعوا باستخدام الكمبيوتر‪.‬‬ ‫في هذه املعركة تدمر األرض متاما‪ ،‬وما يحدث بالضبط هو أن «توني‬ ‫ستارك» (املعروف أيضاً بالرجل احلديدي) يستعمل تقنية غريبة‬ ‫(حسبما أعتقد) لتصميم برنامج على الكمبيوتر يتصف بالذكاء‬ ‫الصناعي يدعى «ألترون» (يجسد صوته املمثل «جيمس سبيدر»)‬ ‫في املقر الرئيسي لـ»املنتقمون» في حي مانهاتن (بنيويورك)‪.‬‬ ‫لسوء احل��ظ‪ ،‬ال يُك ّ ُن «أل�ت��رون» تقديراً عاليا لساللة الشخص‬ ‫الذي ابتكره‪ ،‬وبالتالي فحاملا يتعرض جسم معدني يحوي عقله‬


‫‪84‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫سينما‬

‫االفتراضي للتدمير‪ ،‬فإنه يقرر أن ميحو البشرية من الوجود‪.‬‬ ‫وهو ال يقوم بذلك بنفسه فقط‪ ،‬بل يساعده توأمان من أوروبا‬ ‫الشرقية لهما قوة خارقة ويحقدان على «ستارك»‪ :‬إنهما كويك‬ ‫سيلفر (يقوم بهذا بالدور «آرون تايلور‪-‬جونسن») وسكارلت‬ ‫ويتش (تقوم بهذا الدور «اليزابيث أولسن»)‪.‬‬ ‫ث��م ن��رى «املنتقمون» وه��م يوجهون لكمات وض��رب��ات متتابعة‬ ‫أللترون وأذنابه من اآلليني‪ .‬وهنا تأتي النهاية‪.‬‬ ‫إذا أين هي املخاطر التي قد جتعل أبطالنا يتصببون عرقاً؟ قيل‬ ‫لنا إن «ألترون» يخطط الحلاق أنواع األذى والدمار بالعالم‪ ،‬لكن‬ ‫نادرا ما يوضح لنا الفيلم أيا من أفعاله سوى تسلله في اخلفاء‪.‬‬ ‫إنه يظهر كلعبة غاضبة متحولة الشكل بدالً من الظهور كخطر‬ ‫محدق‪ .‬بالتأكيد إنه ليس تهديداً كافياً ليوقف املنتقمني وهم‬ ‫ي�ق�ض��ون وق �ت �اً مم�ت�ع�اً م��ع «ع�ي�ن ال�ص�ق��ر» (ال� ��دور ال ��ذي ي��ؤدي��ه‬ ‫«جيرمي رينر») في منزله الريفي عند منتصف الفيلم‪ .‬وبفضل‬ ‫موهبة «وي��دن» وشخصياته احملببة ومزحهم احلمقاء‪ ،‬يصبح‬ ‫هذا الفاصل الريفي ممتعاً جداً‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬أليس لنا أن نقلق بشأن مصير اإلنسانية املتجه إلى الزوال‬ ‫عندما يخلد أعظم أبطاله املدافعني عنه للراحة واالسترخاء في‬ ‫الريف‪ ،‬وهم يقطعون احلطب ويعبثون باجلرارات؟‬ ‫جت��در اإلش� ��ارة إل��ى أن��ه ف�ق��ط ع�ن��دم��ا ي �ك��ون «امل�ن�ت�ق�م��ون» في‬ ‫استراحتهم الريفية القصيرة نرى سلطتهم املطلقة وهي تواجه‬ ‫حتديها الكبير الوحيد‪ .‬ففي إح��دى املشاهد امل��ؤث��رة‪ ،‬تتحدث‬ ‫«األرملة السوداء» التي اعتصرها احلب مع الشخصية البديلة‬ ‫لـ»هالك» («بروس بانر»)‪ ،‬بشأن إذا كان ال يزال ممكنا العيش‬ ‫معاً‪.‬‬ ‫هنا‪ ،‬وملرة واحدة‪ ،‬يطرح سؤال رمبا يكون شائكاً‪ .‬لعله من غير‬ ‫املمكن اإلجابة عليه بنكات مثيرة أو بحركة مطرقة سحرية‪.‬‬ ‫ألول مرة في الفيلم‪ ،‬يُترك املشاهد في حيرة ملا ستؤول إليه‬ ‫األمور‪ ،‬كما أنها املرة األخيرة أيضاً‪.‬‬


‫عمر‪..‬‬

‫على شاشـــــــــات العرض‬ ‫ينتظر أن يتم طرح الفيلم الفلسطيني «عمر» للمخرج الكبير هاني أبو أسعد‪،‬‬ ‫في دور العرض في خمس دول عربية‪ ،‬ابتداء من ‪ 20‬من شهر مايو اجلاري‪.‬‬ ‫فقد أعلنت شركة «‪ »MAD Solutions‬ع��ن إط�لاق «ع��م��ر» مل��دة أسبوعني‬ ‫فقط على أن تكون البداية من مصر‪ ،‬لينطلق في اليوم التالي من اإلم��ارات‪،‬‬ ‫والكويت‪ ،‬وعمان والعراق‪ ،‬يأتي عرضة بالتزامن مع نفس املوعد الذي عرض‬ ‫فيه الفيلم للمرة األولى عاملي ًا مبهرجان كان السينمائي‪ .‬وقال عالء كركوتي‬ ‫رئيس مجلس إدارة الشركة املوزعة إن الشهر احلالي هو املوعد األنسب إلطالق‬ ‫الفيلم‪ ،‬خاصة وأنه يأتي بعد جوالت ناجحة في أكبر املهرجانات الدولية من‬ ‫بينها جوائز األوسكار‪ ،‬وقبل أن ينغمس مخرجه هاني أبو أسعد في تصوير‬ ‫فيلمه اجلديد‪.‬‬ ‫م��ن جهته أع���رب أب��و أس��ع��د ع��ن س��ع��ادت��ه بحصول «ع��م��ر» على فرصته في‬ ‫االنطالق داخ��ل العالم العربي‪ ،‬ما يعني الكثير بالنسبة إليه‪ .‬كما اعتبر أن‬ ‫الفيلم هو مبثابة حتية إجالل لألفالم املصرية‪.‬‬ ‫ويحكي الفيلم قصة «عمر» شاب عشريني يضطر يومي ًا إلى عبور جدار الفصل‬ ‫العنصري الذي بنته قوات االحتالل اإلسرائيلي ليزور حبيبته السرية نادية‪،‬‬ ‫متجنب ًا خطر املوت حتت رصاص قناصة إسرائيل‪.‬‬ ‫لكن املأساة تقع حني يتم أسره بعد إحدى عمليات املقاومة‪ .‬فيتحول الفيلم‬ ‫من قصة حب إلى ارتباط بالوالء للوطن واخليانة‪ ،‬من خالل تطرقه لقضية‬ ‫املتعاونني مع إسرائيل‪ .‬فتمثل تعقيدات عالقة عمر بالعميل اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫رامي‪ ،‬محور األحداث‪.‬‬


‫‪86‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫إعداد‪ :‬امرؤ القيس‬

‫جدل قضائي جديد بين إريكسون وآبل‬ ‫قدمت شركة «إريكسون» للهواتف النقالة دعوى قضائية في ثالث‬ ‫دول‪ ،‬زاعم ًة أن «أبل» لم تواكب مدفوعات ترخيص التكنولوجيا‪.‬‬ ‫وقالت الشركة السويدية «إريكسون» لصناعة معدات االتصاالت‬ ‫أن «أبل» ال تزال تستخدم تقنيات إريكسون على براءة اختراع على‬ ‫الرغم من أنه لم يكن لديها ترخيص الستخدامها‪ .‬وذكرت كذلك‬ ‫أنها عرضت إلجراء محادثات مع «أبل» ولكن هذا العرض انتهت‬ ‫صالحيته اآلن‪ .‬وقد ُرفعت دع��اوى قضائية في اململكة املتحدة‬ ‫وأملانيا وهولندا‪.‬‬ ‫ال يزال على «أب��ل» حتى اآلن التعليق على اإلج��راءات القانونية‬ ‫حول هذه اإلدعاءات‪.‬‬ ‫ق��ال «ق��اس��م ال�ف�لاح��ي» رئيس‬ ‫ا ِمل �لْ��كِ �ي��ة ال��فِ �ك��ري��ة ف��ي ش��رك��ة‬ ‫«إري� �ك� �س ��ون» ف��ي ب��ي��ان‪« ،‬ي�ت��م‬ ‫استخدام التكنولوجيا اخلاصة‬ ‫ب��ن��ا ف� ��ي ك �ث �ي��ر م� ��ن امل� �ي ��زات‬ ‫والوظائف ألجهزة االتصاالت‬ ‫ال� � �ي � ��وم»‪ ،‬وأض�� � ��اف أن ه ��ذا‬ ‫اخل�ل�اف مستمر منذ سنتني‬ ‫وأن� ��ه واث� ��ق م��ن أن احمل��اك�م��ة‬ ‫س�ت�س��اع��د ع �ل��ى ح��ل امل�س��أل��ة‬ ‫«بعدل»‪.‬‬ ‫ي � ��دور ال� �ن���زاع ح� ��ول ت�ق�ن�ي��ات‬ ‫«إريكسون» لشبكات احملمول‬ ‫م��ن اجل �ي��ل ال �ث��ان��ي وال ��راب ��ع‪.‬‬

‫ويعتقد أن ب��راءات االخ�ت��راع منازع عليها‪ ،‬فهنالك العديد من‬ ‫الشركات التي تستخدم تقنيات وتطبييقات شركة «إريكسون»‬ ‫فضال عن تصميمات الرقاقات والتقنيات األخ��رى‪« .‬إريكسون»‬ ‫متلك حتى اآلن أك�ث��ر م��ن ‪ 35,000‬ب ��راءة اخ �ت��راع ف��ي مجال‬ ‫تكنولوجيات الهواتف احملولة‪.‬‬ ‫في عام ‪ ،2014‬قام عمالق صناعة الهواتف «سامسوجن» بدفع‬ ‫‪ 650‬مليون دوالر لصالح شركة «إريكسون» إلنهاء ن��زاع بشأن‬ ‫براءة اختراع تكنولوجيا‪.‬‬ ‫أخر إج��راءات قانونية حتى اآلن التي قامة بها «إريكسون» هي‬ ‫ه��ذه ال��دع��اوى القضائية ضد‬ ‫«أب� ��ل» ف��ي ال ��والي ��ات امل�ت�ح��دة‬ ‫األم��ري�ك��اي��ة ف��ي ش�ه��ر فبراير‬ ‫املاضي وذلك كرد على شكوى‬ ‫ش��رك��ة «أب� ��ل» ال �ت��ي إدع ��ت أن‬ ‫تكنولوجيا براءات االختراع من‬ ‫«إريكسون» معقدة جداً‪.‬‬ ‫وي� �ق ��در م �ح �ل �ل��ون ان���ه إذا أن‬ ‫احل��ك��م واف� ��ق ع �ل��ى ال��دع��وى‬ ‫ال� �ق� �ض ��ائ� �ي ��ة ال � �ت� ��ي رف �ع �ت �ه��ا‬ ‫«إري��ك��س��ون» ع �ن��ده��ا سيكون‬ ‫على شركة «أب��ل» دفع دفعات‬ ‫سنوية تصل إل��ى ‪725‬مليون‬ ‫دوالر أم��ري�ك��ي سنويا لصالح‬ ‫شركة «إريكسون»‪.‬‬


‫تويتر اآلن‪:‬‬ ‫رسائلك الخاصة‬ ‫بدون متابعة‬ ‫يبدو أننا على وشك أن تصبح الرسائل اخلاصة‬ ‫�اج ��ا! في‬ ‫ع�ل��ى ت��وي�ت��ر أك �ث��ر ف��ائ��دة‪ ،‬أو أك �ث��ر إزع � ً‬ ‫السابق‪ ،‬كان ميكنكم أن تتلقوا الرسائل املُباشرة‬ ‫– اخلاصة – من املستخدمني الذين تُتابعونهم‬ ‫ويُتابعونكم‪ ،‬ولكن أدرجت تويتر اآلن ميزة اختيارية‬ ‫تسمح لكم بفتح الرسائل اخلاصة ألي شخص كان‪،‬‬ ‫دون ُمتابعة منكم أو منه‪.‬‬ ‫تأتي إعدادات امليزة اجلديدة غير ُم َف َّعلة افتراض ًيا‬ ‫– أظ��ن ملنع التح ّ ُرش – لكن ميكنكم تفعيلها من‬ ‫قائمة إعداداتكم كما هو في الصورة‪.‬‬ ‫كما تعمل اخلاصية اجلديدة ً‬ ‫أيضا بصورة أكثر‬ ‫فائدة لكم – ميكنكم اآلن ُمراسلة أي شخص‬ ‫يُتابعكم‪ ،‬دون احلاجة إلى ُمتابعته – وهذه‬ ‫امليزة مفيدة للغاية حلسابات دعم العمالء‬ ‫على املنصة‪ .‬حتى أن الشركات ميكنها‬ ‫إض��اف��ة زر ال��رس��ائ��ل اخل��اص��ة لكل‬ ‫م��ن ُمستخدمي أن��دروي��د و‪iOS‬‬ ‫لتشجيعهم على استخدام هذه‬ ‫امليزة‪.‬‬ ‫امليزة ليست جديدة بالضبط‪،‬‬ ‫حيث سمحت تويتر بتوفيرها‬ ‫لالختبار لبعض احلسابات في‬ ‫أكتوبر ‪ ،2013‬قبل أن توقفها‬ ‫متا ًما بعد شهر‪.‬‬ ‫أظ� ��ن أن ه� ��ذه اخل� �ط ��وة في‬ ‫م �ح��اول��ة م��ن ت��وي�ت��ر ل ��درء منو‬ ‫تطبيقات ال��رس��ائ��ل على غ��رار‬ ‫وات�س��اب‪ ،‬وفيسبوك ماسينجر‪.‬‬ ‫حيث أعلنت تويتر مؤخ ًرا عن دعم‬ ‫الرسائل اخلاصة اجلماعية‪ ،‬لذلك‪،‬‬ ‫م��ن ال��واض��ح أن ال�ش��رك��ة ت��رغ��ب في‬ ‫وض��ع بصماتها في ه��ذا السوق‪ ،‬ويبدو‬ ‫أنها تقترب كثي ًرا نحو هدفها‪.‬‬


‫‪88‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫تقنية‬

‫بعد ويندوز ‪10‬‬ ‫مايكروسوفت تتوقف عن إنتاج المزيد‬ ‫كان إطالق نسخة جديدة من «الويندوز» يعتبر حدثا كبيراً‪ ،‬لكن‬ ‫«ويندوز‪ »10‬سيكون أخر نظام تشغيل من شركة «ميكروسفت»‪.‬‬ ‫ق��ال «ج �ي��ري ن�ي�ك�س��ون» وه��و م��دي��ر تنفيذي ف��ي ق�س��م تطوير‬ ‫«مايكروسوفت» في خطاب مؤمتر هذا األسبوع أن «ويندوز‪»10‬‬ ‫سيكون «اإلصدار األخير» من برامج التشغيل من «ميكروسفت»‬ ‫ألجهزة احلاسوب‪.‬‬ ‫و»مايكروسوفت» أكدت تصريحاته وقالت أنها سوف تقوم بتحديث‬ ‫ويندوز في املستقبل «بطريقة مستمرة» من دون أي إص��دارات‬ ‫جديدة‪ .‬وقالت «ميكروسفت» بدالً من إصدارات مستقل اجلديدة‬ ‫كل مرة‪ ،‬سيتم حتسني ويندوز ‪ 10‬في بطريقة منتظمة‪.‬‬ ‫ق��دم السيد «نيكسون» تصريحاته خ�لال مؤمتر مايكروسوفت‬ ‫ال ��ذي عقد ف��ي شيكاغو ه��ذا األس �ب��وع‪ .‬وف��ي ب�ي��ان ل�ه��ا‪ ،‬قالت‬ ‫«م��اي�ك��روس��وف��ت» أن تصريحات «نيكسون» تعكس تغييراً في‬ ‫الطريقة التي تصنع بها «ميكروسفت» برامجها‪.‬‬ ‫وق��ال��ت ميكروسفت‪« :‬سيتم تطوير (ال��وي �ن��دوز) كخدمة جتلب‬ ‫االب�ت�ك��ارات اجل��دي��دة والتحديثات بطريقة مستمرة»‪ ،‬مضيف ًة‬ ‫أنه من املتوقع أن يكون هناك «مستقبل طويل» لنظام التشغيل‬ ‫«ويندوز‪ ،»10‬لن يكون هناك «ويندوز‪.»11‬‬ ‫وقالت الشركة إنها لم تقرر بعد‬ ‫م��اذا ستسمي ن�ظ��ام التشغيل‬ ‫«ال ��وي� �ن ��دوز ‪ »10‬ب� ��دون ه��ذا‬ ‫االسم‪.‬‬ ‫وح� � ��ذر «س� �ت� �ي ��ف ك �ل �ي �ن �ه��ان��ز»‬ ‫ن���ائ���ب ال ��رئ� �ي ��س ف� ��ي ش��رك��ة‬ ‫«غ ��ارت� �ن ��ر» ل�ت�ح�ل�ي��ل وم��راق �ب��ة‬ ‫(م��اي �ك��روس��وف��ت)‪« ،‬ل ��ن يكون‬ ‫هناك (ويندوز‪.»)11‬‬ ‫وأض�� � � � � � � � � ��اف أي� � � � �ض � � � ��ا ان‬ ‫«م��اي �ك��روس��وف��ت» ف��ي امل��اض��ي‬ ‫جت� �ن� �ب ��ة ع� � �م � ��داً إس� �ت� �خ���دام‬ ‫اس ��م «وي� �ن ��دوز ‪ »9‬واخ��ت��ارت‬ ‫«ويندوز‪ »10‬ك��وس �ي �ل��ة ل�ت��دل‬ ‫ع�ل��ى م�ق��اط�ع��ة امل��اض��ي ال��ذي‬ ‫ش �م��ل اإلص � � ��دارات املستقلة‬ ‫املتتالية لنظام التشغيل‪ .‬ومع‬

‫ذل��ك‪ ،‬وق��ال‪ :‬العمل بهذه الطريقة قد يخلق العديد من املشاكل‬ ‫«ملايكروسوفت» وزبائنها‪ .‬وقال‪« :‬كل ثالث سنوات أو نحو ذلك‬ ‫«مايكروسوفت» تبدء بتصميم «نظام التشغيل القادم‪ ،‬املطورين‬ ‫ومصمموا «الوندوز» يصنعون إصدار جديد وراء األبواب املغلقة‬ ‫ويأتون مبنتج كان يريده الزبناء منذ ثالث سنوات»‪.‬‬ ‫ووضح أيضاً أن «مايكروسوفت» تنفق مبلغ طائلة من املال في‬ ‫التسويق‪ ،‬وه��ذا م��ن أج��ل إق�ن��اع ال�ن��اس بأنهم بحاجة إل��ى هذا‬ ‫اإلصدار اجلديد‪ ،‬وأنه أفضل من أي شيء قد جاء من قبل‪ ..‬لكن‬ ‫هذا كله كان في املاضي‪.‬‬ ‫انتقلت «ميكروسفت» اآلن إلى احلالة التي يتم تطوير «الويندوز»‬ ‫نفسه واخل��روج ال��دوام��ة التي كانت فيها الشركة في السابق‪،‬‬ ‫وهذا يسمح «ملايكروسوفت» بالتركيز أكثر على البرامج وامليزات‬ ‫اجلديدة وترى إن كان الزبائن راضون بذلك أم ال‪ ،‬وبهذه الطريقة‬ ‫يبقى «ال��ون��دوز» في حالة تطوير مستمرة وم��ع الوقت سيصبح‬ ‫نظام التشغيل هذا خالي من األخطاء والشوائب تقريباً‪.‬‬ ‫وأشار السيد «ستيف كلينهانز» أن معظم العائدات الناجتة عن‬ ‫الويندوز لـ»مايكروسوفت» هي من بيع أجهزة الكمبيوتر اجلديدة‬ ‫ول�ه��ذا م��ن امل��رج��ح أن��ه ل��ن تتأثر م��دخ��والت الشركة كثيراً بهذا‬ ‫التغيير‪ ،‬وأضاف «عموما هذه‬ ‫خ�ط��وة إي�ج��اب�ي��ة‪ ،‬ول�ك��ن هناك‬ ‫بعض املخاطر»‪.‬‬ ‫ع �ل��ى ك ��ل ح� ��ال‪ ،‬س���وف ي�ك��ون‬ ‫على «ميكروسفت» العمل بجد‬ ‫للحفاظ على مستوى جيد من‬ ‫التحديثات وامليزات اجلديدة‪،‬‬ ‫ول�ك��ن األس�ئ�ل��ة ال ت��زال قائمة‬ ‫حول كيفية تتكيف العمالء مع‬ ‫التغيير‪ ،‬وكيف مايكروسوفت‬ ‫سوف تقدم الدعم لهم‪.‬‬ ‫وق��ال «ستيف كلينهانز» لهيئة‬ ‫اإلذاعة البريطانية الـ(‪،)BBC‬‬ ‫«في الواقع نحن على وشك أن‬ ‫نرى سرعة حتديثات «الوندوز»‬ ‫تتحول لتصبح في حالة تأهب‬ ‫قصوى»‪.‬‬


‫بين «ميني أوبرا» و»كروم»‪..‬‬

‫المتصفح األكثر كفاءة في توفير البيانات‬

‫انتم بالطبع تعلمون أن حتميل أو تنزيل‬ ‫(‪ )Upload or Download‬املرفقات‬ ‫الكبيرة باإلنترنت عبر الشريحة (‪3G-‬‬ ‫‪ )4G‬ليس ف�ك��رة ج�ي��دة‪ ،‬إ ْذ مب�ج��رد فتح‬ ‫ال��رس��ائ��ل مي�ك�ن�ك��م اس �ت �ه�لاك ال�ب�ي��ان��ات‬ ‫القيمة بسرعة‪ ،‬وخاصة إذا كانت الرسائل‬ ‫محملة بالصور واألش�ي��اء األخ��رى والتي‬ ‫سوف تأخذ حصة كبيرة من باقة اإلنترنت‬ ‫خ ��اص� �ت ��ك‪ .‬مي��ك��ن مل �س �ت �خ��دم��ي ج��وج��ل‬ ‫تنزيل تطبيق علبة بريد دروببوكس‬ ‫(‪ )Dropbox's Mailbox‬على‬ ‫األن ��دروي ��د أو أب ��ل‪ ،‬وه ��ذا التطبيق‬ ‫جيد لعدة أسباب ومنها التوفير في‬ ‫اس�ت�ه�لاك اإلن �ت��رن��ت‪ .‬ه��ذا التطبيق‬ ‫يجمع لك كل إمييالتك ذات الصور‬ ‫والكتابة الغنية والزخرفة في صندوق‬ ‫بريد فيه الكتابة سوداء مملة ال تأخذ‬ ‫إال ب�ض��ع ك�ي�ل��وب��اي�ت��ات‪ ،‬ول �ك��ن س��وف‬ ‫يظهر لك رسائل الـ‪( HTML‬صور)‬ ‫واملرفقات‪.‬‬ ‫أحياناً املتصفح الذي تستخدمه ميكن‬ ‫أن يستهلك حصتك م��ن اإلن�ت��رن��ت‬ ‫بسرعة‪ ،‬لهذا عليك أن تكون ح��ذراً‬ ‫في هذه املسألة‪ ،‬إذا كنت ترغب في‬ ‫تصفح الويب واحلفاظ على البيانات‬ ‫اخلاصة بك‪ ،‬عليك أن حتمل متصفح‬ ‫أك�ث��ر ك �ف��اءة‪ .‬متصفح «أوب ��را ميني»‬

‫(‪ )Opera Mini‬وه ��و م �ت��واف��ر على‬ ‫هواتف األندرويد‪ ،‬األبل والوندوز‪ ،‬سوف‬ ‫ي �س��اع��دك ع�ل��ى ح�ف��ظ ال �ب �ي��ان��ات بشكل‬ ‫ممتاز عن طريق ضغط مواقع اإلنترنت‬ ‫قبل أن يتم إرسالها إلى هاتفك اخلاص‪،‬‬ ‫وكذلك لديه بعض امليزات املوفرة للبيانات‬ ‫مثل «فيديو بوست» (‪)Video Boost‬‬ ‫وه� ��ذا ي�ق�ل��ل ف��ي وق ��ت حت�م�ي��ل ال�ف�ي��دي��و‬ ‫ويحسن املقاطع‪ ،‬واخليار أيضا لتخفيض‬

‫ج ��ودة ال��ص��ورة أو ح�ت��ى إي �ق��اف حتميل‬ ‫الصور متاما‪.‬‬ ‫وف��ي ت�ل��ك األوق� ��ات ع�ن��دم��ا ي �ك��ون لديك‬ ‫الكثير من البيانات أو كنت تستخدم واي‬ ‫ف��اي‪ ،‬ف��إن أوب��را يتيح لك إيقاف ميزات‬ ‫التوفير ه��ذه حتى تتمكن م��ن احلصول‬ ‫على جتربة تصفح كاملة‪ .‬للوصول إلى‬ ‫خيارات توفير البيانات في أوب��را ميني‪،‬‬ ‫ف��ق��ط اض� �غ ��ط ع��ل��ى ح � ��رف «‪ »O‬ف��ي‬ ‫اجلزء األسفل من الشاشة‪ ،‬ثم انقر‬ ‫ع�ل��ى «تشغيل ال�ت��وف�ي��ر» (‪Saving‬‬ ‫‪.)Enabled‬‬ ‫م �ت �ص �ف��ح «ك� � � ��روم» (‪)Chrome‬‬ ‫م��ن ال�ن��اح�ي��ة األخ���رى ال ��ذي م��وج��ود‬ ‫األن� ��دروي� ��د وأب� ��ل ول �ك��ن ل �ي��س على‬ ‫الهواتف ذات نظام الوندوز‪ ،‬هو كذلك‬ ‫يساعد على توفير ال�ب�ي��ان��ات أثناء‬ ‫التصفح‪ .‬لتفعيل ذل��ك‪ ،‬اضغط على‬ ‫النقاط الثالث في أعلى الصفحة لفتح‬ ‫القائمة الرئيسية‪ ،‬انقر فوق إعدادات‬ ‫(‪ ،)Settings‬ث��م ان�ق��ر ف��وق توفير‬ ‫البيانات (‪ )Data Saver‬وميكنك‬ ‫من هناك أن تختار أن تشغل توفير‬ ‫البيانات‪ .‬عندما يكون ه��ذا الوضع‬ ‫مف ّع ً‬ ‫ال‪ ،‬سوف يضغط كروم صفحات‬ ‫اإلنترنت أوال من خالل جوجل قبل أن‬ ‫يقوم بتحميل الصفحات إلى هاتفك‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫لكن ماذا عن تصحيح واقع الكرة؟!!‬

‫الحكومة تستفيق وتقرر دعم المنتخب بالمال فقط‬

‫أخيراً استفاقت حكومتنا املوقرة من غفوتها‪ ،‬واكتشفت أن لنا منتخبا‬ ‫وطنيا سيخوض في القريب العاجل مباريات هامة في تصفيات‬ ‫الشان والكان‪ ،‬وال مال لديه حتى يقيم معسكراته التحضيرية أو يفي‬ ‫بالتزاماته املتأخرة جتاه مدربه العجوز خافيير كليمنتي‪.‬‬ ‫لقد وافق مجلس الوزراء برئاسة عبدالله الثني قبل أيام قليلة‪ ،‬على‬ ‫املذكرة املقدمة من رئيس الهيئة العامة للرياضة‪ ،‬واملتضمنة تخصيص‬ ‫موازنة لالحتاد الليبي لكرة القدم‪ ،‬تُصرف على التزامات املنتخب األول‬ ‫لهذا املوسم‪ ،‬وتقدر القيمة بثالثة ماليني و‪ 796‬ألف دينار ليبي‪.‬‬ ‫وبات‪ ،‬وفقا لهذا اخلبر الذي تناقلته وسائل اإلعالم في حينه‪ ،‬سؤال‬ ‫دعم املنتخب األول مجابا‪ ،‬ولم يتبق أمام احتاد الكرة سوى تسريع‬ ‫اخلطى ألجل التعجيل باستدعاء الالعبني وجتميعهم في معسكر‬ ‫إعدادي نتوقع أن حتتضنه تونس كما جرت العادة في معسكرات‬ ‫سابقة ‪.‬‬ ‫ولكن هل تفي فترة الشهر التي تفصلنا عن مباراة املنتخب مع نظيره‬ ‫املغربي في تصفيات بطولة أفريقيا للمحليني «الشان»‪ ،‬الستخراج‬ ‫منتخب قوي يستطيع مجاراة أبناء البادو الزاكي الذين شرعوا منذ‬ ‫فترة طويلة في االستعداد ولعب املباريات الودية ‪..‬‬ ‫سؤال له مشروعيته في ظل الوضع املتأزم الذي متر به كرتنا الوطنية‪،‬‬ ‫ووقوع احتاد الكرة حتت نير فوضى إدارية‪ ،‬شجعت سكرتيره في وقت‬ ‫سابق على مخاطبة الكاف وإبالغه بانسحاب املنتخب األوملبي من‬ ‫تصفيات ريو ‪ 2016‬دون علم رئيس االحتاد‪.‬‬ ‫رمبا املبلغ املخصص لدعم املنتخب األول سيقيه من مغبة االعتذار‬ ‫عن عدم املشاركة في التصفيات‪ ،‬وسيخلق أمامه فرصة التنافس‬ ‫على املالعب العربية واألفريقية مجددا‪ ،‬ولكن هل سنظن أن الفلوس‬ ‫وحدها ستدفع باألكسجني في رئيتي كرتنا املصابة بضيق التنفس‪ ..‬؟‬ ‫في مقالة العدد املاضي التي حملت عنوان «املليشيات حتصد ما تبقى‬ ‫من حب للكرة» كان التحذير واضحا وشفافا من املليشيات التي حتتل‬ ‫العاصمة‪ ،‬وتنظر إلى أية مؤسسة حكومية أو مدنية على أنها مشروع‬ ‫غنيمة إذا أخبرتها العيون املتآمرة أن هناك بعض األموال قد وصلتها‪،‬‬ ‫ولعل احتاد الكرة من بني تلك املؤسسات املستهدفة بالغزو املليشاوي ‪.‬‬ ‫مخطىء من يظن أن تصحيح واقع الكرة الليبية يكمن في ضخ‬

‫العبو املنتخب ال ينقصهم احلماس والغيرة الوطنية‬

‫بضعة ماليني في خزينة االحتاد‪ ،‬ومخطىء أيضا من يعتقد أن حل‬ ‫مشكلة كليمنتي املالية‪ ،‬أو توفير مستلزمات معسكر إعدادي للمنتخب‬ ‫سيرفعان الكرة الوطنية إلى مركز متقدم في التصنيف الدولي‪.‬‬ ‫التصحيح يبدأ من حترير العاصمة‪ ،‬وتوفير البيئة اآلمنة التي تستطيع‬ ‫األندية واملنتخبات من خاللها ممارسة الكرة دون أدنى إحساس‬ ‫باخلوف والفزع‪ ،‬وال ينتهي إال بتنقية الوسط اإلداري الرياضي من‬ ‫املتطفلني وسارقي املال العام ‪ ..‬إذ ذاك ميكن احلديث عن عملية‬ ‫تصحيح حقيقية‪ ،‬ال ترقيعية ‪.‬‬ ‫ومع ذلك حتى ال نتهم بتصدير التشاؤم‪ ،‬أو مبعاداة املنتخب نقول‬ ‫الحتاد الكرة والالعبني واملدرب ‪:‬‬ ‫لن نطالبكم بالنتائج‪ ،‬فهناك مائة مبرر ميكن أن تقدم في حالة اإلخفاق‬ ‫في التصفيات‪ ،‬أهمها مت ذكره في السياق ‪ ..‬ولكن هناك ليبيني عاشقون‬ ‫ملنتخبهم ينتظرون منكم بذل أقصى اجلهد والطاقة ألجل الظهور‬ ‫مبستوى مشرف في املباريات املقبلة‪ ،‬وهناك شبه إجماع من الليبيني‬ ‫على رفع راية الوطن في احملافل اإلقليمية والدولية‪ ،‬فعسى الكرة‬ ‫تصلح بعضا مما أفسدته السياسة‪ ،‬وعسى الليبيون عندما يشاهدون‬ ‫علم بالدهم يرتفع في أول مباراة دولية قادمة ملنتخبهم‪ ،‬ويستمعون إلى‬ ‫نشيدهم الوطني يتذكرون أن هناك وطنا واحدا يجمعهم‪.‬‬

‫ّ‬ ‫تعجل برحيل بيل!!‬ ‫اللغة األسبانية‬ ‫هل أزف موعد رحيل الويلزي غاريث بيل عن النادي امللكي‬ ‫األسباني ؟ !‬ ‫سؤال بات يتردد بقوة في وسائل اإلعالم الرياضية األوروبية بعد‬ ‫التدني الكبير في املردود الفني لالعب ‪.‬‬ ‫لقد نال بيل النصيب األكبر من انتقادات (السواد االعظم)‬ ‫جلماهير ريال مدريد‪ ،‬بعدما فشل في تقدمي أي اضافة‬ ‫استثنائية تذكر مع اللوس بالنكوس باملوسم احلالي‪ ،‬بينما برر‬ ‫وكيل أعماله تراجع أداء بيل إلى اعتماد العبي ريال مدريد على‬ ‫(سياسة التجويع) بعدم مترير الكرة إليه‪.‬‬ ‫صحيفة (ديلي ميل) البريطانية في عددها االلكتروني الصادر‬ ‫االثنني املاضي ‪ ،‬سلطت الضوء على مشكلة جديدة يعاني منها‬

‫النفاثة الويلزية في غرف خلع املالبس لريال مدريد‪ ،‬اال وهي‬ ‫صعوبة تعلم اللغة االسبانية‪.‬‬ ‫ويعاني بيل من صعوبة استقبال األوامر بالشكل الكامل‬ ‫والصحيح‪ ،‬ألنها تعطى باللغة االسبانية‪ ،‬وهي اللغة التي لم‬ ‫يتقنها بعد‪ ،‬حيث فشل في احراز تقدم كبير مفضال االعتماد‬ ‫على لغته االجنليزية‪.‬‬ ‫وتعرض بيل ملوقف محرج مؤخرا بعدما عجز عن احلوار باللغة‬ ‫االسبانية في مقابلة مع محطة إذاعية اسبانية‪ ،‬حيث بادر في‬ ‫احلوار باللغة االجنليزية بينما تكفل مترجم بترجمة احلوار إلى‬ ‫اللغة االسبانية‪.‬‬ ‫ويعتبر اجلناح الويلزي مطلبا اساسيا للمدرب الهولندي لويس فان‬


‫بوريس بيكر‬

‫شتيفي غراف‬

‫ألمانيا في انتظار بيكر جديد‬ ‫ال جدال حول الريادة األملانية في رياضة‬ ‫التنس بفضل األسطورتني بوريس بيكر‬ ‫وشتيفي غراف‪ ،‬لكن بعد اعتزال اجليل‬ ‫القدمي لم يعد هناك أثر لالعبني األملان‬ ‫خاصة الرجال منهم ‪.‬‬ ‫غابت جميع أسماء األملان عن قائمة‬ ‫التنصنيف العاملي‪ ،‬عدا اسم أو اثنني على‬ ‫غرار بنيامني بيكر ‪ 34‬عاماً‪ ،‬ويان ليناغرد‬ ‫ستروف ‪ 24‬عاماً وميشا سفيريف ‪27‬‬ ‫عاماً‪ .‬وجميع هؤالء أخفقوا في التأهل‬ ‫إلى األدوار النهائية ألي مسابقة دولية في‬ ‫املواسم األخيرة‪ .‬أما لدى السيدات‪ ،‬فإن‬ ‫األمر يختلف‪ .‬والفضل يعود باألساس إلى‬ ‫زبينه ليزيسكي‪ ،‬التي أعادت األملانيات‬ ‫إلى نهائي دورة وميبلدون على األقل حني‬ ‫تأهلت في موسم ‪.2013‬‬ ‫ميكن تلخيص الوضع القائم باإلشارة إلى‬ ‫أنه ومنذ العصر الذهبي لبوريس بيكر‬ ‫وميشائيل شتيش‪ ،‬تهاوى جنم األملان في‬ ‫سماء التنس‪ .‬ويعود السبب األول إلى املال‪،‬‬ ‫حسب سوزان كرميي‪ ،‬مديرة الكرة بنادي‬ ‫روت‪-‬فايس لكرة املضرب بكولونيا‪ .‬وفي‬ ‫حوار مع موقع شبيغل أونالين األملاني‬ ‫في أبريل طالب الالعبون األملان بأضعاف‬ ‫األجور التي يطالب بها باقي الالعبني‪ ،‬ما‬ ‫يجعل األندية تركز على العبني من خارج‬

‫أملانيا للتعاقد معهم‪ .‬وهذا ما يفسر أيضا‬ ‫كيف أن نادي املتحدثة يضم محترفني من‬ ‫إيطاليا (ماركو بيدريني)‪ ،‬ومن السويد‬ ‫(فيليب بربيك) وفرنسا (بونوا بير)‪ .‬وعلى‬ ‫مستوى الناشئني يفضل أيضاً التعاقد مع‬ ‫األجانب على زمالئهم احملليني‪.‬‬ ‫يضاف إلى ذلك أن نفقات االستعدادات‬ ‫للبطولة اجلارية تكلف العب التنس األملاني‬ ‫نحو ‪ 700‬يورو شهرياً‪ ،‬ونصف هذا املبلغ‬ ‫فقط يحتاجه زميله في إسبانيا ملواصلة‬ ‫تدريباته ويساعده في ذلك الطقس اجلميل‪،‬‬ ‫الذي يعفيه من دفع نفقات القاعات املغطاة‬ ‫لتجنب األمطار‪ .‬وال يخفى على اجلميع‬ ‫النجاحات التي حققتها إسبانيا في هذا‬ ‫املجال‪ ،‬فيكفي أنها فازت للعام السابع‬ ‫على التوالي ببطولة ديفيس للتنس‪ .‬غير‬ ‫أن السبب احلقيقي يعود حسب محترفني‬ ‫سابقني إلى االحتاد األملاني لكرة املضرب‬ ‫نفسه‪ ،‬الذي قلص امليزانيات املخصصة‬ ‫لدعم وتربية الناشئني‪ ،‬وليس هذا فقط بل‬ ‫ذهب الالعب السابق مارك‪-‬كيفني غولنر‬ ‫في حوار صحفي إلى اتهام االحتاد بأنه‬ ‫شاهد على اختفاء بطوالت عديدة «دون‬ ‫أن يحرك ساكناً»‪ .‬حتى بوريس بيكر نفسه‬ ‫ح ّمل االحتاد مسؤولية غياب األملان عن‬ ‫املنافسة الدولية للرجال حتديداً‪ ،‬موضحاً‬

‫غال لتعزيز خياراته الهجومية مع مانشستر يونايتد االجنليزي‬ ‫باملوسم املقبل‪ ،‬وتعتبر انتقادات اجلماهير وصعوبة اتقان اللغة‬ ‫االسبانية من أبرز االسباب التي ستدفع غاريث بيل لعزف حلن‬ ‫الرحيل عن ريال مدريد في يونيو املقبل‪.‬‬ ‫وإذا رحل بيل حتت مبرر هبوط مستواه الفني هل يستطيع ريال‬ ‫مدريد تعويض الرقم الفلكي الذي دفعه عام ‪ 2013‬من أجل ضم‬ ‫الالعب لصفوفه ‪.‬‬ ‫سؤال آخر يدور داخل أروقة النادي امللكي حاليا بقوة‪ ،‬وهناك من‬ ‫يعتقد جازما أن مبلغ املائة مليون يورو املدفوع في صفقة بيل لن‬ ‫يسترده النادي كامال حتى ولو استعان بأمهر املفاوضني في سوق‬ ‫االنتقاالت الصيفية‪.‬‬

‫أنه ولسنوات يفتقد «ملسة وجهود االحتاد‬ ‫في هذا املجال»‪.‬‬ ‫في سبعينات القرن املاضي كانت أملانيا‬ ‫تخصص مبلغ ‪ 50‬إلى ‪ 70‬ألف مارك‬ ‫للالعب الواحد حتى يتمكن من االستعداد‬ ‫للبطوالت الدولية‪ ،‬وأمام متلص املؤسسة‬ ‫الرسمية من القيام مبهامها‪ ،‬يجد الالعب‬ ‫الناشئ نفسه مجبراً على اتخاذ القرار بني‬ ‫االحتراف واملجازفة وبني العدول عن حلمه‬ ‫في أن يصبح جنم تنس عاملياً‪.‬‬ ‫مثال على ذلك الالعب ألكسندر سفيريف‬ ‫(‪ 18‬عاماً)‪ ،‬األخ األصغر مليشا سفيريف‪،‬‬ ‫الذي ترك املدرسة من أجل احتراف‬ ‫التنس‪ ،‬وبفضل جهوده الشخصية فاز‬ ‫بدورة أستراليا املفتوحة للناشئني‪ .‬وقد‬ ‫انطلق من املركز ‪ 665‬في الترتيب العاملي‬ ‫ليصل إلى املركز ‪ 161‬بعد أن تأهل إلى‬ ‫نهائي دورة هامبورغ الدولية وهزم عدداً‬ ‫من الالعبني املصنفني ضمن املائة األوائل‬ ‫في الترتيب العاملي‪ .‬حالياً تُعلّق آمال محبي‬ ‫التنس على ألكسنار سفيريف لعله يعيد‬ ‫لهذه الرياضة شعبيتها في أملانيا بعد أن‬ ‫ضاق صبر اجلمهور من مشاهدة خلف‬ ‫لبوريس بيكر على ملعب وميبلدن‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬دوتشيه فيليه‬

‫بيل ‪ ..‬موعد مع الرحيل‬


‫‪92‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫صاحب اآلراء الجريئة‬ ‫في المدرسة الكروية الشاملة‬

‫الطائر‬ ‫«السلفادور»‬


‫م��ن املناسب حالي ًا تصدير ك��روي��ف املثقف صاحب‬ ‫اآلراء اجل��ري��ئ��ة‪ ،‬وال��ت��ح��ل��ي�لات العميقة ف��ي قضية‬ ‫تطوير ك��رة ال��ق��دم بشقيها اإلداري وال��ف��ن��ي‪ ،‬ولعل‬ ‫املتابعني ملقاالته اإلسبوعية بجريدة دي تيليغراف‬ ‫اليومية الهولندية ي��درك��ون قيمة امل��ادة الصحفية‬ ‫ال��ت��ي يكتبها ه���ذا اخل��ب��ي��ر ال���ك���روي‪ ،‬وي��ع��ل��م��ون ق��وة‬ ‫تأثيرها في الوسط الرياضي األوروبي‪.‬‬ ‫ك���ان ك���روي���ف م��ن أوائ����ل امل��ن��ت��ق��دي��ن جل��ائ��زة الفيفا‬ ‫الذهبية عندما وص��ف حصول كريستيانو رونالدو‬ ‫عليها العام باملاضي باحلدث السخيف‪ ،‬مبرر ًا قوله‬ ‫بالتحدث عن أداء رونالدو مع املنتخب البرتغالي في‬ ‫نهائيات كأس العالم بالبرازيل الصيف املاضي‪ ،‬والذي‬ ‫مخيبا ل�لآم��ال‪ ،‬حيث اكتفى بتسجيل هدف‬ ‫ج��اء‬ ‫ً‬ ‫وصناعة آخر‪ ،‬في حني‪ ،‬حسب وجهة نظره‪ ،‬أن الالعب‬ ‫األفضل في العالم يجب أن يكون على أعلى مستوى‬ ‫ف��ي ك��ل ش��يء‪ ،‬يجب أن يجمع ب�ين امل��ه��ارات الفردية‬ ‫واألداء وحتقيق اإلجن���ازات اجلماعية‪ ،‬وواص���ل في‬ ‫ذل��ك املقال ‪« :‬ف��ي ع��ام ‪ ،2014‬ك��ان لتوني ك��روس دور‬ ‫رئيسي في تتويج منتخب بالده بكأس العالم‪ ،‬لكنه‬ ‫لم يكن حتى بني الثالثة املرشحني للقائمة النهائية‬ ‫ً‬ ‫مجهوال‬ ‫ألفضل العب في العالم‪ ،‬وكان رونالدو العب ًا‬ ‫متاما في كأس العالم»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وطالب كرويف جماهير كرة القدم باسقاط الكرة‬ ‫الذهبية م��ن حساباتهم وال��ك��ف ع��ن التحدث عنها‬ ‫وأال نتخذها بعد اآلن على محمل اجلد ألنها باتت‬ ‫ف��ي ن��ظ��ره م��ج��رد لعبة صحفية ال حتكمها ش��روط‬ ‫موضوعية ‪.‬‬

‫مقال ثان طالت سهام نقده مواطنه مدرب مانشستر يونايتد فان‬ ‫في ٍ‬ ‫غال‪ ،‬الذي بات يشتكي من ضغط املباريات في الدوري اإلجنليزي‪ ،‬عندما‬ ‫طالبه القبول بالطريقة البريطانية في إدارة الدوري احمللي القائم على‬ ‫ع��دم وج��ود إج��ازة شتوية‪ ،‬مذكرا أي��اه بالقول ‪« :‬إذا ما اخترت (شغل‬ ‫وظيفة) في إجنلترا‪ ،‬فإنك تختار نظاما ناجحا يقوم على افتراض أن‬ ‫املالعب ستفتح مبجرد توفر املشجعني الذين سيتابعون املباريات‪ ،‬وهو ما‬ ‫يحدث خالل فترة األعياد»‪.‬‬ ‫وف��ي تصريحات لقناة راي سبورت اإليطالية أك��د يوهان كرويف أن‬ ‫حتسني مستوى التعليم الذى يتلقاه العبو كرة القدم يساعد فى حتسني‬ ‫سلوكياتهم ‪.‬‬ ‫وقال ‪« :‬إذا حصل العبو كرة القدم أمثال اإليطالي األسمر بالوتيلى على‬ ‫تعليم أفضل ملا كنا قد شاهدنا منهم مثل تلك التصرفات الغريبة التى‬ ‫تثير الكثير من اجلدل « ‪.‬‬ ‫مقاالت وتصريحات وأفكار كرويف حتتاج إلى قراءة متأنية‪ ،‬وخاصة‬ ‫فيما يتعلق مبشروعه في تطوير كرة القدم الهولندية‪ ،‬وثورته اجلديدة في‬ ‫بيته القدمي أجاكس الذي يرى أن تركيزه على تكوين وتطوير الالعبني‬ ‫على التكتيكات اجلماعية فقط بات أمراً ال يتماشى مع تطور اللعبة‬ ‫احلديثة‪ ،‬ألنه يؤمن بأن مستقبل اللعبة سيكون في االهتمام بتطوير‬ ‫األفراد بالدرجة األولى ‪ ،‬ليس أي أفراد بل الالعبني فقط الذين ميلكون‬ ‫موهبة استثنائية‪.‬‬ ‫الالعب امللهم‬ ‫كثيرة هي املواقف الكروية املتميزة التي تفصح عن ما كان يتمتع به الطائر‬ ‫الهولندي من فكر عال في طرق تعاطيه مع الكرة‪ ،‬وإذا قيض لنا في هذه‬ ‫العجالة التذكير بأحد تلك املواقف فحتما سنلجأ إلى حادثة ركلة اجلزاء‬ ‫الشهيرة التي نفذها كرويف بطريقة أثارت استغراب كل من كان متواجدا‬ ‫في امللعب أو متابعا للمباراة عبر شاشات التلفاز ‪.‬‬ ‫لقد تقدم كرويف لتسديد ركلة جزاء احتسبت لفريقه أجاكس ضد فريق‬ ‫هيلموت سبورت في املباراة التي جمعتهما في موسم ‪ ،1982‬وعوضا‬ ‫أن يركل الكرة باجتاه املرمى كما جرت العادة‪ ،‬فاجأ اجلميع‪ ،‬ومررها‬ ‫بطريقة ذكية إلى اجلناح الدمناركي احملترف جيسبر أولسن الذي أودعها‬ ‫الشباك بسهولة وضمان أكثر‪.‬‬ ‫مشهد تنفيذ الركلة الشهيرة م��ازال يحصد نسب مشاهدة عالية على‬ ‫اليوتيوب حيث سجل في العام املاضي أكثر من ‪ 2.5‬مليون مشاهدة‪ ،‬وفي‬ ‫تعليق سابق للنجم الدمناركي على تلك اللعبة مبوقع الفيفا قال ‪« :‬دائماً ما‬ ‫يسأل الناس عن صاحب الفكرة‪ ،‬وأر ّد عليهم ‘ماذا تعتقدون؟‘ كان عمري‬ ‫آنذاك ‪ 21‬عاماً ويوهان ‪ 37‬عاماً عندما عاد من أمريكا‪ ،‬لذا من الواضح‬ ‫أنها فكرته‪ .‬رمبا حتدثنا حول هذه اللعبة في شهر سبتمبرمن ذلك العام‪،‬‬ ‫كما تدربنا عليها العديد من امل� ّرات‪ .‬وكان هناك أيضاً بعض اللحظات‬ ‫املرحة التي كان الناس يسألون فيها ‘هل هذا مسموح؟‘«‬ ‫سيرة من ضوء‬ ‫في العام القادم يحتفل يوهان كرويف بعيد ميالده السبعني إذا أم ّد الله‬ ‫في عمره‪ ،‬وال يلوح في األفق أدنى مؤشر على أن األسطورة الهولندية‬ ‫سيرمي عشقه املتجدد لكرة القدم خلف ظهره أو أن القلم سيصدأ بني‬ ‫أصابعه‪ ،‬فيتقاعد عن كتابة آرائ��ه وحتليالته املثيرة لالنتباه واجل��دل‪،‬‬ ‫ولكن ماذا قدم كرويف لكرة القدم حتى يحظى بهذا احلجم الواسع من‬ ‫االهتمام ‪.‬‬ ‫سؤال تقتضي اإلجابة عليه الذهاب مباشرة إلى سيرته الرياضية ‪.‬‬ ‫ولد هندريك يوهاناس كرويف املشهور بيوهان كرويف بتاريخ ‪ 25‬أبريل‬ ‫‪ 1947‬بالعاصمة الهولندية أمستردام وسط عائلة متواضعة حيث كان‬


‫‪94‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬

‫جلب األلقاب لبرشلونة كالعب وكمدرب‬

‫وال��ده بقاال‪ ،‬ك��ان يوهان كرويف بقامة متر و‪ 78‬سنتميترا ووزن ‪68‬‬ ‫كيلوغراما العبا في مركز مهاجم كما كان بإمكانه اللعب كوسط ميدان‬ ‫هجومي برز بشكل واضح خالل سنوات السبعينيات والثمانينيات وفجر‬ ‫موهبته باألخص في فريقي أجاكس أمستردام الهولندي وبرشلونة‬ ‫االسباني ‪ ..‬لقب بالهولندي الطائر لقوته كما لقب خالل لعبه لبرشلونة‬ ‫بالسلفادور أو املخلص ‪.‬‬ ‫دمعة وابتسامة‬ ‫طفولة يوهان كرويف لم تكن سعيدة البتة‪ ،‬فوالده الذي كان بقاال توفي‬ ‫تاركا يوهان طفال صغيرا في سن الثانية عشرة‪ ،‬وألن حال عائلته كان‬ ‫تعيسا حلد ما فقد اضطرت والدته لالشتغال كعاملة نظافة في فريق‬ ‫أجاكس أمستردام ال��ذي يقرب ملعبه من منزلهم بغية تغطية تكاليف‬ ‫معيشة أبنائها بعد وفاة زوجها‪ ،‬وهنا بدأت حياة كرويف في التغير وأصبح‬ ‫حلمه في االنضمام إلى فريقه احملبب أجاكس أمستردام يدنو ويقترب‬ ‫أكثر فأكثر ‪.‬‬ ‫الفقر والنجومية‬ ‫ك��ان��ت ك��ل ال �ظ��روف م��وات�ي��ة لكي‬ ‫ي �ك��ون ي��وه��ان ك��روي��ف ق��ري�ب��ا من‬ ‫فريقه املفضل أجاكس أمستردام‪،‬‬ ‫إذ وزيادة على جوار منزله للملعب‬ ‫اخلاص بالفريق‪ ،‬كان لعمل والدته‬ ‫التي تشتغل منظفة داخل الفريق‬ ‫أثر في حتويل حلم ابنها إلى حقيقة‬ ‫بحيث كانت تصطحبه معها عدة‬ ‫م��رات للملعب‪ ،‬وف��ي الوقت الذي‬ ‫كانت وال��دت��ه تقوم بأشغالها في‬ ‫امللعب ك��ان كرويف يداعب الكرة‬ ‫رف�ق��ة أق��ران��ه م��ن األط �ف��ال وهنا‬ ‫شاهده أحد مسئولي الفريق وملس‬ ‫مدى موهبته فتم ضمه للفريق في‬ ‫سن العاشرة حيث بدأت خطواته‬ ‫نحو عالم النجومية بسرعة ولم‬ ‫يكد يبلغ سن السابعة عشرة حتى‬ ‫أص �ب��ح الع �ب��ا ف��ي ال �ف��ري��ق األول‬

‫ألعرق األندية الهولندية أجاكس أمستردام ‪.‬‬ ‫اخلطوات األولى‬ ‫تدرج كرويف في مختلف الفئات السنية لفريق أجاكس أمستردام من‬ ‫األصاغر إلى األواس��ط إلى أن وصل لفئة األكابر سنة ‪ 1964‬وحينها‬ ‫سجل هدفا في أول مباراة له مع الفريق األول رغم أن فريقه انهزم‬ ‫خاللها بثالثية لواحد‪ ،‬وم��ع ذل��ك لم يتحصل على مكانة أساسية في‬ ‫الفريق إال مع املوسم الذي تال ذلك أي املوسم ‪ 1966 – 1965‬وحينها‬ ‫بدأ في جلب أنظار الصحافة الرياضية في بالده كما أثار اهتمام منتخب‬ ‫بالده بعدما متكن من تسجيل ‪ 25‬هدفا خالل ‪ 23‬مباراة فقط‪ ،‬وقد كان‬ ‫ذلك رصيدا كبيرا ومفاجئا بالنظر إلى سنه الصغير آنذاك ‪.‬‬ ‫بداية املجد‬ ‫أفضل موسم ليوهان كرويف مع أجاكس أمستردام كالعب كان املوسم‬ ‫‪ 1967 – 1966‬بقيادة املدرب الشهير رينوس ميكلز حيث متكن كرويف‬ ‫من تسجيل ‪ 33‬هدفا توجته على‬ ‫عرش هدافي بالده وقاد بها فريقه‬ ‫إلى إحراز ثنائية البطولة الهولندية‬ ‫والكأس وعاود الكرة أيضا املوسم‬ ‫‪ 1970 - 1969‬قبل أن يتعرض‬ ‫إلص��اب��ة خطيرة ف��ي ذات املوسم‬ ‫ويبتعد لوقت طويل عن املالعب‪،‬‬ ‫وخ�لال تسع سنوات لعبها يوهان‬ ‫كرويف في البطولة الهولندية أحرز‬ ‫كما هائال من األلقاب متثلت في‬ ‫ستة ألقاب للبطولة احمللية وأربعة‬ ‫ألقاب لكأس هولندا إضافة إلى‬ ‫ثالث كؤوس أوروبية ‪.‬‬

‫اعتبر جائزة الفيفا الذهبية مجرد لعبة صحفية‬ ‫‪ ..‬وطالب اجلماهير بإسقاطها من حساباتهم‬ ‫سهام نقده تطال مواطنه فان غال مذكر َا أياه بأن‬ ‫الدوري اإلجنليزي يختار نظاما ناجحا للكرة‬ ‫تصرفات األسمر بالوتيلي الغريبة يعزوها إلى‬ ‫إهمال األندية في تعليم الالعبني‬

‫صوت أجاكس‬ ‫قبل إح��رازه أول ألقابه األوروبية‬ ‫كان لكرويف وأجاكس ذكرى سيئة‬ ‫من آخر مباراة أوروبية لهما بسبب‬ ‫خ �س��ارة ق��اس�ي��ة ع�ل��ى ي��د م�ي�لان‪،‬‬ ‫إال أن كرويف وزم�لاءه لم يفقدوا‬


‫األم� ��ل ف��ي اع �ت�ل�اء ع ��رش ال �ك��رة‬ ‫األوروبية وهذا ما كان لهم ابتداء‬ ‫من سنة ‪ 1971‬حيث متكن الفريق‬ ‫حينها م��ن ال �ف��وز ب �ك��أس أوروب ��ا‬ ‫لألندية البطلة محتفظا بها ثالث‬ ‫مواسم متتالية أي ‪1972 – 1971‬‬ ‫– ‪ ،1973‬ح �ي��ث أص��ب��ح ف��ري��ق‬ ‫العاصمة الهولندية حينها رائد كرة‬ ‫القدم احلديثة في العالم عندما‬ ‫أصبح يطبق طريقته الشهيرة ‪..‬‬ ‫طريقة الكرة الشاملة والتي عرفت‬ ‫بها الكرة الهولندية عموما وحتى‬ ‫يومنا ه��ذا ‪ ،‬واستمرت جناحات‬ ‫كرويف لفترة منتصف السبعينيات‬ ‫حينما أفلح في قيادة منتخب بالده‬ ‫لنهائي ك��أس العالم لسنة ‪1974‬‬ ‫غير أنه خسر أمام البلد املضيف‬ ‫أملانيا رغم أن منتخب الطواحني‬ ‫كان األفضل ‪.‬‬

‫السياسة تتدخل في انتقاله إلى برشلونة ‪..‬‬ ‫والكامب نيو يشهد جلبه لقب الليغا للكتالونيني‬ ‫بعد غياب طويل‬ ‫كان أبوه بقاال ‪ ..‬وأمه كانت تشتغل عاملة‬ ‫نظافة في نادي أجاكس‬ ‫ستون ألفا من مشجعي برشلونة يتظاهرون ضد‬ ‫املدرب فايسمولر ألنه قام باستبدال كرويف في‬ ‫إحدى املباريات‬

‫ال الريال وال فرانكو‬ ‫ق��دوم كرويف إل��ى فريق برشلونة‬ ‫مب �ل �ي��ون دوالر ع ��ام ‪ 1973‬ك��ان‬ ‫ع �ل��ى ح �س��اب ال��غ��رمي التقليدي‬ ‫للكاتاالن فريق ري��ال مدريد وقد‬ ‫ت��دخ �ل��ت األم � ��ور ال �س �ي��اس �ي��ة في‬ ‫املسألة حينها‪ ،‬ففريق ريال مدريد‬ ‫ك ��ان مي �ث��ل احل �ك��وم��ة االس�ب��ان�ي��ة‬ ‫وك ��ان أش �ه��ر م�ن��اص��ري��ه وق �ت��ذاك‬ ‫الديكتاتور فرانكو ف��ي ح�ين كان‬ ‫إقليم كاتالونيا يطالب باالنفصال‬ ‫ع��ن اسبانيا وق��د كانت مباريات‬ ‫البارشا فرصة ألنصارها إلطالق‬ ‫الهتافات املناهضة حلكومة فرانكو‬ ‫وامل�ط��ال�ب��ة ب��االس�ت�ق�لال وم��ن هنا‬ ‫أطلقوا على يوهان كرويف تسمية‬ ‫السلفادور أو م��ا يعني املخلص‪،‬‬ ‫وما زاد في شعبية كرويف حينها‬ ‫وجعله الالعب رقم واحد في ملعب‬ ‫نيوكامب قيادته لفريق برشلونة‬ ‫إلح��راز لقب الليغا االسبانية بعد‬ ‫غياب طويل مقدما اللقب هدية‬ ‫ألن �ص��ار ف��ري�ق��ه مب�ن��اس�ب��ة ذك��رى‬ ‫تأسيس البارشا ‪.‬‬ ‫تظاهرات ألجله‬ ‫تعدت شعبية يوهان كرويف في أوس��اط مشجعي فريق برشلونة كل‬ ‫احلدود إلى درجة إقامة التظاهرات احتجاجا على تغييره أثناء املباريات‬ ‫وه��ذا ما حدث فعال خالل شهر فبراير من سنة ‪ 1976‬عندما نزل‬ ‫حوالي ‪ 60‬ألفا من مشجعي فريق برشلونة إلى الشوارع مطالبني بإقالة‬ ‫مدرب الفريق آنذاك األملاني هانس فايسمولر على خلفية تغييره ليوهان‬

‫خ�ل�ال إح ��دى م �ب��اري��ات البطولة‬ ‫االسبانية أم��ام اشبيلية‪ ،‬وحينها‬ ‫ق ��ال ك��روي��ف ال� ��ذي ك ��ان يعتبره‬ ‫البعض العبا متعجرفا ومتكبرا‬ ‫‪« :‬أن��ا ال أتلقى األوام��ر من أحد‪،‬‬ ‫قد يعتبر املدرب نفسه جنما ولكن‬ ‫النجم األول للفريق هو أنا» ‪.‬‬ ‫بطاقة حمراء‬ ‫ك��ان أول ظ �ه��ور ل�ي��وه��ان ك��روي��ف‬ ‫رف �ق��ة امل�ن�ت�خ��ب ال �ه��ول �ن��دي شهر‬ ‫أكتوبر ‪ 1966‬وك��ان أول أهدافه‬ ‫بعد شهر في املباراة التي خاضها‬ ‫منتخب ال �ط��واح�ين أم ��ام نظيره‬ ‫امل� �ج ��ري‪ ،‬ك �م��ا ك ��ان ك��روي��ف أول‬ ‫العب هولندي يتلقى بطاقة حمراء‬ ‫وك��ان ذل��ك خ�لال م �ب��اراة منتخب‬ ‫بالده أمام منتخب تشيكوسلوفاكيا‬ ‫ون �ت��ج ع��ن ذل ��ك أن ق ��رر االحت ��اد‬ ‫الهولندي لكرة القدم حرمان جنمه‬ ‫األول م��ن امل�ش��ارك��ة ف��ي صفوف‬ ‫املنتخب الهولندي ملدة سنة كاملة‬ ‫وهذا ما يفسر قلة ظهوره باأللوان‬ ‫البرتقالية ‪.‬‬

‫نهائي املونديال‬ ‫كان عام ‪ 1974‬أحد أبرز السنوات‬ ‫الذهبية في تاريخ يوهان كرويف‬ ‫إذ جنح حينها في قيادة منتخب‬ ‫ب�ل��اده إل���ى ن �ه��ائ��ي ك���أس ال�ع��ال��م‬ ‫متخطيا منتخبات ذات وزن ثقيل‬ ‫على الساحة الكروية العاملية‪ ،‬ومن‬ ‫ال �ع��وام��ل ال �ت��ي س��اع��دت ك��روي��ف‬ ‫حينها على قيادة هولندا للنهائي‬ ‫تواجد عدد من زمالئه السابقني‬ ‫في أجاكس أمستردام في املنتخب‬ ‫الهولندي أمثال نيسكنز وكرول‪ ،‬كان‬ ‫كرويف وقتها قائدا للمنتخب وقاده‬ ‫للنهائي مكتسحا ع��دة منتخبات‬ ‫عريقة في طريقه فكانت البداية‬ ‫ب��األرج �ن �ت�ين ال �ت��ي تلقت شباكها‬ ‫رباعية من الفريق البرتقالي منها‬ ‫متصدرا أغلفة الصحف واملجالت ثنائية لكرويف ثم البرازيل بهدفني‬ ‫منها ه��دف لنفس الالعب ليصل‬ ‫إلى النهائي حيث واجه أملانيا بقيادة القيصر فرانز بيكمباور ‪.‬‬ ‫املواجهة املؤملة‬ ‫دخل كرويف وزمالئه النهائي بقوة ولم يتركوا للمانشافت بقيادة بكمباور‬ ‫أية فرصة للمناورة‪ ،‬حيث قاد كرويف هجمات منتخب بالده منذ البداية‬ ‫وكانت أخطرها تلك التي انتهت بتسديدة من العب برشلونة آنذاك والتي‬ ‫تصدى لها احلارس األملاني سيب ماير بصعوبة بالغة‪ ،‬غير أن الكرة ارتدت‬


‫‪96‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫رياضة‬ ‫ورغم مناشدات ملكة هولندا وجماهير الكرة الهولندية له بالتراجع عن‬ ‫ذلك القرار إال أنه رفض التراجع حيث اكتفى بلعب ‪ 48‬مباراة فقط رفقة‬ ‫منتخب بالده سجل خاللها ‪ 33‬هدفا وهو معدل تهديفي جد كبير ‪.‬‬ ‫الرقم السحري‬ ‫عرف عن يوهان كرويف حمله للرقم ‪ 14‬سواء مع األندية التي لعب لها‬ ‫أو مع املنتخب الهولندي‪ ،‬ويقال أن السبب الذي جعله يحمل هذا الرقم‬ ‫ابتداء من سنة ‪ 1970‬هو أن زميله جيري ميرين استغل إصابة كرويف‬ ‫سنة ‪ 1970‬ودخوله في فترة نقاهة وخطف منه الرقم ‪ 9‬الذي كان يحمله‬ ‫حينها كرويف‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت أصبح الرقم ‪ 14‬الرقم املفضل له إلى‬ ‫درجة أن قررت إدارة فريق أجاكس أمستردام قبل حوالي سنتني أن تلغي‬ ‫الرقم ‪ 14‬من أقمصة فريقها األول تكرميا ألسطورة الرقم ‪ 14‬يوهان‬ ‫كرويف ‪.‬‬

‫إجنازات مدوية مع برشلونة‬

‫للهجوم الهولندي مما دفع دفاع األملان لعرقلة املهاجم هونيس وبالتالي‬ ‫حتصل الهولنديون على ضربة جزاء نفذها نيسكنز معلنا تقدم الفريق‬ ‫البرتقالي بهدف نظيف‪ ،‬هدف كان له أثر عكسي على زمالء كرويف‬ ‫الذين تراجعوا كثيرا حيث لم يبرز يوهان بشكل جيد بسبب الرقابة التي‬ ‫فرضها عليه املدافع األملاني بيرتي فوكس‪ ،‬وتواصلت السيطرة األملانية‬ ‫لتتوج بهدف التعادل عن طريق برايتنر من ضربة جزاء قبل أن يقضي‬ ‫هداف كأس العالم لكل األوقات غيرد مولر على أحالم كرويف ورفاقه‬ ‫بالهدف األملاني الثاني الذي حرم هولندا من اعتالء عرش الكرة العاملية ‪.‬‬ ‫سؤال االنسحاب‬ ‫رغم أنه كان مير بأحسن فترات مشواره الكروي ورغم كل ما قدمه رفقة‬ ‫املنتخب الهولندي في مونديال ‪ ،1974‬إال أن يوهان كرويف انسحب‬ ‫م��ن املنتخب ال�ه��ول�ن��دي امل�ش��ارك‬ ‫في كأس العالم لسنة ‪ 1978‬مما‬ ‫جعله عرضة ملوجة م��ن الغضب‬ ‫الشعبي في ب�لاده بعد أن اتهمته‬ ‫اجل �م��اه �ي��ر ب��اخل �ي��ان��ة‪ ،‬غ �ي��ر أن‬ ‫احلقيقة لم تتضح إال سنة ‪2008‬‬ ‫حينما اعترف كرويف باألسباب‬ ‫احلقيقية التي حالت دون مشاركته‬ ‫في مونديال ‪ 1978‬حيث ذكر في‬ ‫تصريح إلحدى القنوات اإلذاعية‬ ‫االس�ب��ان�ي��ة ب��أن��ه ت�ع��رض للتهديد‬ ‫ب�ع��دم��ا اق�ت�ح��م م�ج�ه��ول��ون شقته‬ ‫ووج� �ه ��وا ل��ه ت �ه��دي��دات ب��واس�ط��ة‬ ‫سالح ناري أمام مرأى من زوجته‬ ‫وأبنائه ‪.‬‬

‫كرويف املدرب‬ ‫بعد تقاعده كالعب سنة ‪ 1984‬خاض كرويف جتربة دراسية ملدة سنتني‬ ‫�دى‪ ،‬بل‬ ‫تعلم فيها أصول مهنة التدريب‪ ،‬سنتني من التعلم لم تذهبا س� ً‬ ‫تخرج كرويف مدربا وك��ان الفريق األول ال��ذي منحه الفرصة ملمارسة‬ ‫مهنته اجلديدة فريقه األصلي ال��ذي ترعرع فيه وه��و صغير أجاكس‬ ‫أمستردام‪ ،‬وكما كان العبا لم يختلف كرويف املدرب كثيرا إذ قاد فريقه‬ ‫مرة أخرى لنيل األلقاب كمدرب بعدما قاده سابقا كالعب‪ ،‬وتوج كرويف‬ ‫مسيرته مع أجاكس كمدرب بنيل كأس هولندا سنتي ‪ 1986‬و‪1987‬‬ ‫إضافة إلى كأس أوروبا لألندية احلائزة على الكؤوس سنة ‪ ،1987‬ومع‬ ‫ذلك لم ينل لقب البطولة الهولندية ليرحل سنة ‪ 1988‬إلى اسبانيا عائدا‬ ‫إلى فريق برشلونة الذي لعب له سابقا ‪.‬‬ ‫فريق األحالم‬ ‫كان انضمام كرويف كالعب بداية لتشكل أول فريق أحالم لبرشلونة سنة‬ ‫‪ 1973‬حيث كانت قمة املستوى الذي وصل له الفريق فوزه أمام غرميه‬ ‫ريال مدريد بخماسية نظيفة‪ ،‬ثم عاد كرويف ولكن كمدرب لصنع فريق‬ ‫أح�ل�ام ج��دي��د بعد إش��راف��ه على‬ ‫البارشا سنة ‪ ،1988‬ثمانية مواسم‬ ‫ك��ام �ل��ة ق �ض��اه��ا ي��وه��ان ك��روي��ف‬ ‫كمدرب في فريق البلوغرانا قاده‬ ‫فيها إل ��ى حتقيق ك��م ه��ائ��ل من‬ ‫األل� �ق ��اب ب�ف�ض��ل ف��ري��ق األح�ل�ام‬ ‫الذي ضم حينها البلغاري خريستو‬ ‫ستويشكوف والبرازيلي روماريو‬ ‫وص��اح��ب ال�ق��ذف��ات الصاروخية‬ ‫الهولندي كومان إضافة إلى الشاب‬ ‫الصغير حينها جوزيب غوارديوال‪،‬‬ ‫وهو الفريق الذي نال حتت قيادة‬ ‫امل� ��درب ال�ه��ول�ن��دي أرب �ع��ة أل�ق��اب‬ ‫للبطولة االسبانية ورابطة أبطال‬ ‫أوروب � ��ا إض��اف��ة إل ��ى ك ��أس ملك‬ ‫اسبانيا وكأس السوبر االسبانية‬ ‫ليصل مجموع ما حققه إل��ى ‪11‬‬ ‫لقبا كما حقق م��ا ه��و أغ�ل��ى من‬ ‫األلقاب حينما أكرم ريال مدريد‬ ‫بخماسية جديدة ولكن على ملعب‬ ‫نيو كامب هذه املرة ‪.‬‬

‫ثمانية مواسم قضاها كمدرب في فريق البلوغرانا‬ ‫أحرز خاللها ‪ 11‬لقب ًا‬ ‫في العام ‪ 2008‬يعترف كرويف باألسباب‬ ‫احلقيقية التي كانت وراء عدم مشاركته في‬ ‫مونديال األرجنتني‬

‫اعتزال مبكر‬ ‫اعتزل كرويف اللعب مع املنتخب‬ ‫الهولندي مبكرا وك��ان ذل��ك سنة‬ ‫‪ 1977‬أي قبيل مونديال ‪1978‬‬ ‫ال��ذي أقيم حينها ف��ي األرجنتني‬

‫أكرم ريال مدريد بخماسية كالعب ‪ ..‬وخماسية‬ ‫أخرى كمدرب‬


‫انتقد فوز رونالدو بالكرة الذهبية‬

‫إجنازات وألقاب‬

‫مع أجاكس أمستردام ‪:‬‬ ‫> البطولة الهولندية‪1967 – 1966 :‬‬ ‫– ‪– 1973 – 1972 – 1970 – 1968‬‬ ‫‪.1983 1982‬‬‫> كأس هولندا ‪– 1970 – 1967 :‬‬ ‫‪. 1983 – 1972 – 1971‬‬ ‫> كأس األندية األوروبية البطلة‪1971 :‬‬ ‫– ‪. 1973 – 1972‬‬ ‫> كأس العالم لألندية‪. 1972 :‬‬ ‫> الكأس األوروبية املمتازة‪– 1972 :‬‬ ‫‪.1973‬‬ ‫> كأس االنتيرتوتو‪.1968 :‬‬

‫الداعم األول خلط الوسط‬

‫وقت االنسحاب‬ ‫سنة ‪ 1996‬انتهى مشوار كرويف كمدرب لكرة القدم وذلك بعد أن‬ ‫نصحه األطباء باعتزال مهنة التدريب إن أراد احلفاظ على حياته‬ ‫بعد إصابته مبرض القلب نتيجة إدمانه على التدخني‪ ،‬حيث أصبحت‬ ‫حياته مهددة في حالة واصل أسطورة الكرة الشاملة املشوار نتيجة‬ ‫لعدم قدرة جسمه على التحمل وبذلك كان التدخني ونتائجه السبب‬ ‫الذي أنهى مشوار يوهان كرويف مع الساحرة املستديرة كمدرب ليتفرغ‬ ‫بعدها لألعمال اخليرية واإلدارية التي ال تخرج عن نطاق كرة القدم‪،‬‬ ‫كما قام بحمالت ضد التدخني من بينها شريط إعالني يدعو لإلقالع‬ ‫عن هذه اآلف‪.‬‬ ‫معهد كرويف‬ ‫لم يكتف كرويف بدوره اإلداري في‬ ‫فريق برشلونة بل أراد أن يتميز‬ ‫أك�ث��ر ف�ق��ام سنة ‪ 1999‬بإنشاء‬ ‫معهد يوهان كرويف للدراسات‬ ‫الرياضية والذي توجد مقراته في‬ ‫مدن برشلونة أمستردام ومكسيكو‬ ‫إض��اف��ة إل��ى ف��رع�ين ف��ي ك��ل من‬ ‫ساوباولو بالبرازيل وكيتو عاصمة‬ ‫اإلكوادور‪ ،‬يُعنى هذا املعهد بتلقني‬ ‫منتسبيه فنون التدريب على مدى‬ ‫سنة من التكوين مقابل مبلغ مالي‬ ‫ي �ت��راوح م��ا ب�ين ‪ 1120‬و‪1500‬‬ ‫يورو‪ ،‬ويشرف على املعهد إضافة‬ ‫إلى يوهان كرويف عدد من أشهر‬ ‫الوجوه الكروية العاملية‪ ،‬ويحصل‬ ‫طلبة ه��ذا املعهد بعد تخرجهم‬ ‫ع �ل��ى ش��ه��ادة م��اس �ت��ر دول� ��ي في‬ ‫ال�ت�س�ي�ي��ر ال��ري��اض��ي أو تسيير‬ ‫أعمال كرة القدم‪ ،‬ومن بني أشهر‬ ‫طلبة املعهد أسطورة ك��رة السلة‬

‫مع برشلونة‪:‬‬ ‫> البطولة االسبانية‪.1974 :‬‬ ‫> كأس ملك اسبانيا‪.1978 :‬‬ ‫> مع فينورد روتردام‪:‬‬ ‫> البطولة الهولندية‪.1984 :‬‬ ‫> كأس هولندا‪.1984 :‬‬ ‫ألقاب يوهان كرويف املدرب‪:‬‬ ‫> مع أجاكس أمستردام‪:‬‬ ‫> كأس هولندا‪.1988 – 1986 :‬‬ ‫> كأس األندية أبطال الكؤوس‪.1987 :‬‬ ‫> مع برشلونة‪:‬‬ ‫> البطولة اإلسبانية‪– 1992 – 1991 :‬‬

‫‪.1994 – 1993‬‬ ‫> كأس األندية أبطال الكؤوس‪.1989 :‬‬ ‫> كأس ملك اسبانيا‪.1990 :‬‬ ‫> كأس رابطة أبطال أوروبا‪.1992 :‬‬ ‫> الكأس األوروبية املمتازة‪.1992 :‬‬ ‫اجنازاته الفردية ‪:‬‬ ‫> أفضل العب في أوروبا‪– 1971 :‬‬ ‫‪.1974 – 1973‬‬ ‫> الكرة الذهبية ألحسن العب في العالم‪:‬‬ ‫‪.1974‬‬ ‫> احلذاء الذهبي‪.1984 :‬‬ ‫> مدرب السنة‪.1994 – 1992 :‬‬

‫ضد بيكنباور في مونديال ‪1974‬‬

‫االسباني فران مارتينيز والعب كرة القدم املكسيكي رافا ماركيز ‪.‬‬

‫اجلانب اإلنساني‬ ‫من العالمات االيجابية في تاريخ يوهان كرويف إنشاؤه سنة ‪1995‬‬ ‫ملؤسسة خيرية تعنى باألطفال ذوي االحتياجات اخلاصة واملعوزين‬ ‫حتت اسم مؤسسة يوهان كرويف اخليرية‪ ،‬وقد قامت هذه املؤسسة‬ ‫سنة ‪ 2003‬وبالتعاون مع السلطات احمللية لبعض ال��دول في بناء‬ ‫امليادين ملمارسة كرة القدم لألطفال وهي متواجدة في حوالي ‪ 80‬دولة‬ ‫ومن بني مناطق نشاطها الرئيسية إفريقيا اجلنوبية اجنلترا وإقليم‬ ‫كاتالونيا االسباني‪ ،‬كما توفر هذه املؤسسة الرعاية حلوالي ‪3000‬‬ ‫طفل كل سنة وال يقتصر نشاطها على كرة القدم فقط بل تشمل عدة‬ ‫رياضات أخرى ‪.‬‬

‫طريقته املبتكرة في تنفيذ ركلة اجلزاء حتصد‬ ‫ماليني املشاهدة على اليوتيوب‬ ‫أنشأ معهد كرويف للدراسات الرياضية ‪ ..‬وقام‬ ‫بتأسيس مؤسسة خيرية لألطفال من ذوي‬ ‫االحتياجات اخلاصة‬ ‫األطباء يجبرونه على اعتزال التدريب بعد إصابته‬ ‫مبرض القلب نتيجة إدمانه التدخني‬

‫أندية لعب لها‬ ‫لعب يوهان كرويف منذ احترافه‬ ‫لفريق أجاكس أمستردام من سنة‬ ‫‪ 1967‬إل��ى غاية ‪ 1973‬أي��ن شد‬ ‫ال��رح��ال إل��ى اسبانيا حيث لعب‬ ‫لفريق برشلونة خلمسة مواسم‬ ‫انتهت به في فريق لوس أجنلوس‬ ‫األم��ري��ك��ي ح �ي��ث م �ك��ث م��وس�م��ا‬ ‫وح� �ي ��دا ف��ق��ط‪ ،‬رح� ��ل ب��ع��ده إل��ى‬ ‫فريق أمريكي آخ��ر هو واشنطن‬ ‫دميبلوماتس أين لعب له من سنة‬ ‫‪ 1980‬إلى ‪ 1981‬أين مكث سنة‬ ‫واحدة فقط اجته بعدها إلى فريق‬ ‫ليفانتي االسباني في مرور قصير‬ ‫ق�ب��ل أن ي �ع��ود إل ��ى ف��ري�ق��ه األول‬ ‫أج��اك��س أم �س �ت��ردام سنة ‪1981‬‬ ‫واستمر معه إلى غاية ‪ 1983‬أين‬ ‫اجته إلى غرميه التقليدي فينورد‬ ‫روت � � ��ردام وب �ق��ي م �ع��ه إل���ى غ��اي��ة‬ ‫اعتزاله سنة ‪.1985‬‬


‫‪98‬‬

‫على سطح األرض‬

‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬

‫الدولة الرخوة‬ ‫عبدالمنعم المحجوب‬

‫ما مي ّيز الدولة هي منعتها ككيان‪ ،‬وعلى األخص حتقيق أدوار‬ ‫تكاملية بني مشاريعها التنمو ّية وبني اختياراتها االستراتيجية‪.‬‬ ‫أي قدرتها على إحداث الصلة بني الواقع واملمكن‪ ،‬أو بني الراهن‬ ‫واملستقبل‪ .‬فإذا غابت هذه السمة من وصف الدولة نشهد تفكك‬ ‫أوصال هذا الكيان‪ ،‬ونكون حتديداً أمام الدولة الرخوة‪.‬‬ ‫الدولة العربية اآلن هي دولة مف ّككة األوصال‪ ،‬تغيب فيها األدوار‬ ‫التكاملية بني مشاريع التنمية‪ ،‬وهي دولة ال تهت ّم مبراكمة‬ ‫جتاربها من أجل جناعة احللول ومعاجلة اإلشكاليات‪ ،‬وهي‬ ‫دولة مرتبطة بنيوياً باقتصاد يقع خارج حدودها‪ ،‬وهي دولة‬ ‫مرتبطة كذلك في اختياراتها السياسية مبرجعية تقع خارج‬ ‫حدودها أيضاً‪ ..‬بل إنها على هذا املستوى بالذات ال تُقبِل‬ ‫على املشاريع‪ ،‬أو تتبنى احللول‪ ،‬إال عبر أجندات اآلخرين وما‬ ‫(يبتكرونه) خصيصاً لها‪.‬‬ ‫الدولة العربية هي اآلن دولة رخوة ألنها رضيت أن تكون أدا ًة من‬ ‫أدوات العوملة‪ ،‬بعض أجزاء هذه الدولة يعمل كتروس في ماكينة‬ ‫النظام الدولي‪ ،‬وبعضها اآلخر يعمل كوقود في تنكها‪ ،‬انسجاماً‬ ‫مع اشتراطات العوملة‪.‬‬ ‫العوملة في حقيقتها هي موجة جديدة من موجات الصراع‬

‫تهدف إلى تسخير موارد اآلخرين واستغاللها من خالل العمل‬ ‫على تفكيك الدولة القومية‪ ،‬فالعوملة تد ّمر اقتصادات الشعوب‬ ‫لتح ّل أدوات العوملة من شركات ومصارف كبديل عن األدوات‬ ‫الوطنية والقومية‪ ،‬وفي أقل األحوال كارث ّي ًة فإن هذه الدول ترتبط‬ ‫بنيوياً بالغرب بحيث تكون عاجزة عن تسيير مواردها وحتقيق‬ ‫اختياراتها وامتالك مصيرها‪.‬‬ ‫والعوملة ال تقبل بحكم آلياتها االستحواذية أن تكون دول‬ ‫العالم أطرافاً فاعلة في العمل ّية الكون ّية إلدارة موارد األرض‪.‬‬ ‫هي ال تقبل إال دوالً رخوة‪ ..‬ألن كياناً قوياً واحداً‪ ،‬سواء كان‬ ‫دولة قوية‪ ،‬أو حتالفاً من الدول القوية‪ ،‬هو من يلبي شروط‬ ‫العوملة في توحيد إدارة املوارد وتوجيهها‪.‬‬ ‫الدولة العربية اآلن هي دولة رخوة بفعل غياب املشروع‬ ‫القومي‪ ،‬سواء تلك التي وقعت في فخ املديون ّية الكارث ّية‪،‬‬ ‫محصنة منه‪ ،‬وهذا ليس لغزاً ألن‬ ‫تتوهم أنها‬ ‫أو تلك التي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االرتباط االستراتيجي باالختيارات السياسية واالقتصادية‬ ‫بنيوي ال مجال في للتعاقدات‬ ‫للرأسمالية الدولية‪ ،‬هو ارتباط‬ ‫ّ‬ ‫احل ّرة‪ ،‬بل هو حزمة إجرائية واحدة تكون أو ال تكون‪ .‬وال يتاح‬ ‫االختيار بني هذا وذاك إال مل ّرة واحدة‪> .‬‬


‫سلسلة‬

‫كتـــاب‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪15‬‬

‫مع هذا العدد‪ :‬كتاب «داعشلوجيا» (أحاديث الزمن)‬

‫تأليف‪ :‬عبد الواحد حركات‬


‫‪100‬‬ ‫األحد ـ العدد ‪15‬‬ ‫‪ 17‬مايو ‪2015‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.